e
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أَنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له.
((ونشهد أَنَّ مُحَمَّداً عبده ورسوله، وأمينه على وحيه، وخيرته من خلقه، وسفيره بينه وبين عباده، المبعوث بالدين القويم، والمنهج المستقيم، أرسله الله رحمة للعالمين، وإماماً للمتقين، وحجة على الخلائق أجمعين)) (1).
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}.
[آل عمران:102].
{? يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}. [النساء: 1].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}. [الأحزاب 70 - 71]. أما بعد:
فقد جَعَلَ الله القرآن العظيم هدى من الضلالة، ونوراً للقلوب وشفاءاً لما فِي الصدور، ورحمة للمؤمنين، أخرج به من شاء من ظلمات الغي والجهل إلى نور الإيمان والعلم.
والقرآن الكريم حبل الله المتين من أخذ بأمره وترك نهيه اهتدى، ومن تركه وخالفه ضل ضلالاً بعيداً ..
والقرآن الكريم آخر الكِتَب؛ لذا فقد اشتمل على العلوم والمعارف النافعة الماتعة، وإن من تلك العلوم علم التفسير الْذَّي نشأ منه علم أسباب نزول القرآن، وهو أحد أنواع العلوم التي بحثت فِي مباحث علوم القرآن.
__________
(1) من مقدمة زاد المعاد 1/ 34 للعلامة ابْنُ القيم.(1/7)
وهذا النوع من العلوم كبير المقدار وله أهمية كبيرة؛ لأنه يعين عَلَى تفسير الآية. وقد أُلِّفَتْ في هذا الفن كتب كثيرة متعددة كَانَ أهمها وأكثرها شيوعاً كِتَاب الواحدي.
والإمام الواحدي
أول من ألف كتاباً شاملاً يضم أكثر ما قيل فِي تفسير الآية من سبب النزول وَهُوَ أكثر كَتَبَ الباب شيوعاً وانتشاراً وتداولاً بَيْنَ أهل العِلْم والمختصين، وَقَدْ اعتنى بِهِ أهل العِلْم قديماً وحديثاً.
طبعات الكتاب
وعلى الرغم من أهمية الكتاب ونفاسته فإنه لم يطبع طبعة علمية محققةً تجلى نص الكتاب وتجعله سليماً قويماً، ويكون تحقيقه تحقيقاً علمياً رصيناً رضياً عَلَى الرغم من أَنَّ الكتاب قَدْ طبع طبعات عديدة لكنها كلها كَانَتْ غير جيدة بل ملفقة لعدة روايات. إذ إنَّ الكتاب لم يطبع عَلَى رواية واحدة. من هنا شمرنا عَنْ ساعد الجد فبحثنا فِي خزائن المخطوطات.
جوهرة نفيسة
حتى وقفنا على ثلاث من النسخ أحدها جوهرة نفيسة عتيقة مضبوطة متقنة فِي خزانة مكتبة أوقاف بغداد حرسها الله، برقم (2369) وهي رواية الأرغياني.
الأرغياني وروايته
وإن من نعم الله علينا وعميم إحسانه إلينا أن وقفنا عَلَى النسخ الخطية لإحدى أهم روايات الكتاب. وهي رواية الشيخ الإمام بدر الإسلام أبي نصر مُحَمَّد بن عبد الله الأرغياني (1).
وهي رواية نفيسة نعتقد أنها أحسن الروايات عن الواحدي فهي سماع كامل من الإمام الواحدي، أخذها عَنْهُ جماعة؛ ومما يدلنا عَلَى أفضلية هذه الرواية وجودتها أَنَّ الإمام الحافظ ابنُ حجر العسقلاني قَد اعتمد الرواية عنها حينما ألف كتابه النافع الماتع،
__________
(1) ترجمته فِي الأنساب3/ 35 (4254)، ومعجم البلدان 2/ 742، وطبقات الشافعية الكبرى6/ 108 (639) للسبكي، وطبقات الشافعية 2/ 309 (279) لابن قاضي شهبة، وشذرات الذهب 4/ 89.(1/8)
" العجاب فِي بيان الأسباب " (1) وهذا دليل عَلَى جودة النسخة وأصالتها واهتمام أهل العلم بها قديماً وحديثاً.
أسباب نزول القرآن
واشتهر كِتَاب الواحدي فِي طبعاته السابقة باسم كِتَاب: " أسباب النزول " وَهُوَ من بَاب التجوز، ونحن لا نشك أَنَّ الاسم الْذَّي سماه بِهِ مؤلفه هُوَ: " أسباب نزول القرآن " هكذا سماه بِهِ مؤلفه الواحدي نفسه فِي مقدمة الكِتَاب وخاتمته وَهَكَذَا جاء العنوان مجود الضبط فِي طرة الكِتَاب لنسخة الأصل (رِوَايَة الأرغياني) وَهِيَ بنفس خط الأصل، وَهَكَذَا سمى الكِتَاب صديق حسن خان فِي أبجد العلوم (2).
دراسة أسانيد الكتاب
__________
(1) إن مما يؤسف له أَنَّ محقق الكتاب وَهُوَ الفاضل الدكتور عبد الحكيم الأنيس قَدْ انتقد الحافظ ابْنُ حجر انتقادات لاذعة ووصفهُ بأنه يتساهل فِي النصوص ويغير فيها ولا يلتزم حرفية النص، وذلك أَنَّ الدكتور الفاضل كَانَ يقابل ما ينقله ابْنُ حجر عَن الواحدي معتمداً فِي ذَلِكَ عَلَى الطبعات السقيمة الملفقة وعند تتبعنا ذَلِكَ، وجدنا جميع ما انتقص به الدكتورُ ابْنَ حجر موافق لرواية الأرغياني التي طبعنا عليها الكتاب وأردنا أَنَّ نشير إلى ذَلِكَ فِي كل موضع، لكن أغفلنا ذَلِكَ خشية تضخم الكتاب، وربما سيكون لنا بحث مستقل فِي ذَلِكَ.
(2) أبجد العلوم 3/ 146.(1/9)
وعلى الرغم من المكانة التي تبوأها الإمام الواحدي فِي علوم شتى، إلا أنه لم يكن من أحلاس علم الحديث النبوي الشريف، وسبب النزول علم يعتمد عَلَى الْحَدِيْث النبوي الشريف. والإسناد فِي الْحَدِيْث من أهم المرتكزات فِي جانب النقد الحديثي، إذ من خلاله يُتَبَيَّنُ الخطأ وتستخرج من الْحَدِيْث كوامن العلل وخفايا الْمَتْن والسند، زيادة عَلَى أَنَّ أسانيد الْحَدِيْث تحتاج إِلَى مَعْرِفَة وافرة بعلم الجرح والتعديل والنقد والتعليل. من هنا حصلت هفوات كبيرة فِي كِتَاب الواحدي من الجانب الحديثي ووقعت فِي الكِتَاب طائفة كثيرة من الأسانيد الضعيفة والواهية، وَقَدْ أخذنا عَلَى عاتقنا تتبع الروايات الواردة فِي الكِتَاب ونقدها جميعاً وبيان ما فِيْهَا من صحة أو ضعف أو ما أشبه ذَلِكَ من علل حديثية أو نكت علمية تخص السند والمتن، وَلَمْ نألوا جهداً فِي ذَلِكَ، وَلَمْ نؤثر العاجل عَلَى الآجل فحكمنا عَلَى جَمِيْع أسانيد الكِتَاب بِمَا منَّ الله بِهِ علينا من مَعْرِفَة بالسنة
النبوية، والحمد لله عَلَى توفيقه، وقد تضاعف علينا الجهد حتى زاد عملنا فِي الكتاب عَلَى أربع سنين، لم نبخل فيهنَّ عَلَى الكتاب بجهد أو وقت أو مال حتى خَرَجَ بهذه الحلة.(1/10)
وقد قدمنا بين يدي الكتاب دراسة ضمناها ثلاثة فصول: الفصل الأول: وتضمن الكلام عَلَى اسمه ونسبه وولادته ووفاته وأسرته وطلبه للعلم ورحلاته، وتكلمنا في الفصل الثاني: عَن ثقافته وشيوخه وتلاميذه وعلومه ومصنفاته ومكانته العلمية وثناء العلماء عَلَيْهِ. وفي الفصل الثالث: تكلمنا عَن سبب النزول وتناولنا تعريفه وأنواعه والحكمة من معرفته، وكيفية مَعْرِفَة أسباب النزول وصيغه، والكلام فِي تعدد السبب والنازل واحد، وتعدد النازل والسبب واحد، وَقَد تكلمنا في الفصل الرابع: عَن دراسة الكتاب. وتناولنا الكلام فيه عَنْ أهمية الكتاب، ومنهج الواحدي فِي كتابه، ومصادره، ثُمَّ شرحنا تحقيق الكتاب ومنهج التحقيق، وتناولنا فيه اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى مؤلفه ووصف النسخ المعتمدة فِي التحقيق.
وبعد: فهذا كتاب " أسباب نزول القرآن " للإمام الواحدي قَدْ خدمناه الخدمة الَّتِي توازي تعلقنا بكتاب الله وسنة الحبيب المصطفى عَلَيْهِ أفضل الصَّلاة والسلام. نقدمه لمحبي كِتَاب الله وعشاق السُّنَّة النبوية، ونسأل الله أَنَّ يَكُوْن شافعاً لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون وآخر دعوانا أَنِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام عَلَى سيدنا مُحَمَّد وعلى آله وصحبه والتابعين لَهُمْ بإحسان إِلَى يوم الدين.
الإمام الواحدي
وكتابه " أسباب نزول القرآن "
الفصل الأول / سيرته
المبحث الأَوَّل
اسمهُ ونسبهُ (1)
__________
(1) ترجمة الواحدي عِنْدَ كثير مِن العلماء. انظر:
دمية القصر للباخرزي: 203 - 204.
معجم الأدباء 4/ 1659 - 1664.
الكامل في التاريخ 10/ 101.
إنباه الرواة عَلَى أنباء النحاة 2/ 223.
وفيات الأعيان 3/ 303.
سير أعلام النبلاء 18/ 339.
العبر في خبر مِنْ غبر 3/ 267.
طبقات الشافعية الكبرى 5/ 240.
البداية والنهاية 12/ 114.
غاية النهاية 1/ 523.
النجوم الزاهرة 5/ 104.
بغية الوعاة 2/ 144.
طبقات المفسرين للسيوطي: 66.
طبقات المفسرين للداودي 1/ 387.
شذرات الذهب 3/ 330.
كشف الظنون 1/ 76.
هداية العارفين 5/ 692.
معجم المؤلفين 7/ 26.(1/11)
:
هُوَّ أبو الحسن عَلِيّ بن أحمد بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن مَتُويه، الواحدي المتويي النيسابوري الشَّافِعِيّ (1).
هكذا اتفقت أكثر المصادر عَلَى سوق نسبه، ولكن وقع في إنباه الرواة (2) أن كنيته
((أبو الحسين)) ولعلها مِنْ تحريف الطبع. ووقع في ترجمته عند ابن كثير (3) تسمية جده
((بويه))، ولعلها أيضاً مِنْ تحريف الطبع.
ونسبته الوَاحدِي: قَالَ عنها ابن خلكان: ((لم أعرف هذه النسبة إلى أي شىءٍ
هي، ولا ذكرها السمعاني، ثُمَّ وجدت هَذِهِ النسبة إِلَى الواحد بن الدين بن مهرة، ذكره أبو أحمد العسكري)) (4)، ونسبته ((المَتُّوْيي)): بفتح الميم وضم التاء المشددة وسكون الواو بعدها ياء آخر الحروف، هذه النسبة إلى جده ((متويه)) وعلى هذا النحو ذكرها السمعاني في الأنساب (5) إلا أنه لم يذكرالواحدي فيمن ينسب بهذه
النسبة، فاستدركه عَلِيهِ ابن الأثير (6).
ونسبته النيسابوري: بفتح النون وسكون الياء المنقوطة، وفتح السين بعدها ألف ثُمَّ باء فهاء (7) إلى مدينة نيسابور، وَهِيَ أحسن مدن خراسان وأجمعها للخيرات خرج مِنْهَا كَثِيْر من الْعُلَمَاء والصلحاء (8).
المبحث الثاني
ولادته ووفاته:
لم نقف فيما بين أيدينا مِن المصادر عَلَى تعيين لولادة الواحدي، لكننا نجد الذهبي (9) يذكر أنه عند وفاته كَانَ مِنْ أبناء السبعين، وعلى هَذَا تَكُوْن ولادته مابين (388 - 398 ه -) (10).
__________
(1) انظر: سير أعلام النبلاء 18/ 339، والبداية و النهاية 12/ 114، وشذرات الذهب 3/ 330.
(2) 2/ 223.
(3) البداية والنهاية 12/ 114.
(4) وفيات الأعيان 3/ 304.
(5) 5/ 74.
(6) اللباب 3/ 163.
(7) الأنساب 5/ 0452
(8) انظر: الأنساب 5/ 452، ومعجم البلدان 5/ 331، ومراصد الاطلاع 3/ 1411.
(9) العبر 3/ 267.
(10) انظر: كتاب أسباب نزول القرآن للواحدي دراسة وتحليل: 20.(1/12)
أما وفاته فَقَد اتفق منْ ترجم لَهُ عَلَى أنه توفي في بلده نيسابور بعد مرض طويل في جمادى الآخر سَنَة (468ه - - -) (1).
المبحث الثالث
أسرته:
أسرة الواحدي أصلها مِنْ ((ساوه)) (2) وهي مدينة تقع بين الري وهمذان (3) وهم مِنْ أولاد التجار (4) فلم يشتهروا بالعلم، ولم نقف عَلَى ذكر لخبر أبيه أو أمه أو زوجته وأولاده، إلا أنه ورد ذكر لاثنين مِنْ أخوانه هما:
(1) أبو القاسم عَبْد الرحمان بن أحمد بن مُحَمَّد الواحدي، سمع وأسمع وحدّث وأملى وكان ثقة. توفي سنة (487 ه -) (5).
(2) أبو بَكْر سعيد بن أحمد بن مُحَمَّد الواحدي السمسار، قِيْلَ عَنْهُ: ((شيخ ثقة مستور صائن عفيف كَانَ يحترف بالسمسرة سَمِعَ مِنْ أصحاب الأصم)) (6) وَلَمْ يذكروا تاريخ وفاته.
المبحث الرابع
طلبه للعلم ورحلاته:
كَانَ الواحدي - - رحمه الله - - أُستاذ زمانه في التفسير واللغة والنحو، وهاهو يحدِّثنا عَن نفسه فيقول: ((وأظنني لم آلُ جهداً في إحكام أصول هذا العلم حسب مايليق بزمننا هذا، وتسعه سنو عمري عَلَى قلة أعدادها، فَقَدْ وفَّق الله وله الحمد، حتى اقتبست كل ما احتجت إليه في هذا الباب مِنْ مظانه وأخذته مِنْ معادنه، ... )) (7).
ثُمَّ قَالَ: ((ولو أثبت المشايخ الذين أدركتهم واقتبست عنهم هذا العلم مِنْ مشايخ نيسابور وسائر البلاد الَّتِي وطأتها،طال الخطب ومل الناظر)) (8).
__________
(1) الكامل في التاريخ 10/ 101، وغاية النهاية 1/ 523، وكشف الظنون 1/ 76.
(2) تاريخ الإسلام (وفيات 468ه): 258.
(3) معجم البلدان 3/ 179.
(4) معجم الأدباء 12/ 257.
(5) تاريخ الإسلام (وفيات 487ه): 213.
(6) المنتخب مِن السياق: 327.
(7) معجم الأدباء 12/ 262 - 263.
(8) المصدر السابق 12/ 268.(1/13)
ومن هذا نسطيع أن نلمح أن الواحدي قد رحل إلى عدة مِنْ البلدان يسمَع ويطلب، ومع هَذَا كله فإن من ترجم لَهُ لَمْ يذكر سفره إِلَى تِلْكَ البلدان، إلا أننا وجدناه - ومن خلال كتابه هَذَا - يصرح باسم بعض المدن التي دخلها وسمع بها.
الفصل الثاني / ثقافته
المبحث الأول
شيوخه:
سبق وأن تحدثنا عن ثقافة الواحدي، وقد بان لنا من خلالها جوانب ثقافته
المتنوعة، وهي بلاشك إنما جاءت نتيجة تواصله في طلب العلم على أيادي شيوخ متعددين، كَانَ لهم أثر بالغ في إثراء المادة العلمية عند الواحدي.
وقد ارتأينا - من أجل تقديم خدمة أوسع للكتاب -، أن نسرد شيوخه الذين روى عنهم في كتابه هذا " أسباب نزول القرآن "، وهم:
1. أحمد بن الحسن بن أبي عَمْرُو أحمد بن مُحَمَّد، أبو بَكْر الحرشي الحيري النيسابوري.
2.أحمد بن الحسن بن محمد، أبو حامد الشروطي الأزهري.
3.أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق، أبو نعيم الأصفهاني الحافظ.
4. أحمد بن عبيد الله بن أحمد بن محمد، أبو نصر بن أبي بكر المخلدي الشيباني النيسابوري.
5.أحمد بن محمد بن إبراهيم، أبو إسحاق الثعلبي النيسابوري.
6.أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن الحارث، أبو بكر التميمي الحارثي الأصبهاني.
7.أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف، أبو الفضل السهيلي الصفار النيسابوري.
8.إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن محمويه، أبو إبراهيم بن أبي القاسم النصر آباذي.
9.إسماعيل بن الحسن بن محمد بن الحسين، أبو المعالي الطبري.
10.إسماعيل بن عبد الرحمان بن أحمد، أبو عثمان الصابوني النيسابوري.
11. الحسن بن محمد بن الحسن، أبو محمد الصفار الفارسي النيسابوري.
12.سعيد بن أحمد بن محمد بن نعيم، أبو عثمان بن أبي سعيد النيسابوري الإشكابي.
13.سعيد بن العباس بن محمد، أبو عثمان القرشي الهروي.(1/14)
14. سعيد بن مُحَمّد بن أحْمَد بن مُحَمّد بن جعفر، أبو عثمان بن أبي عمرو البحيري النيسابوري.
15. سعيد بن مُحَمّد بن مُحَمّد بن إبْرَاهيم، أبو عثمان الثقفي الزعفراني الحيري.
16. عَبْد الرحمان بن أحْمَد بن مُحَمّد بن عبدان، أبو القاسم العطار الصيدلاني.
17. عَبْد الرحمان بن الحسن بن عليك، أبو سعيد النيسابوري.
18.عَبْد الرحمان بن حمدان بن مُحَمّد، أبو سعد السعدي النصرويي النيسابوري.
19.عَبْد الغافر بن مُحَمّد بن عَبْد الغافر، أبو الحسين الفارسي.
20.عَبْد القاهر بن طاهر بن مُحَمّد، أبو منصور البغدادي.
21.عَلِيّ بن مُحَمّد بن عَبْد الله، أبو الحسين الفارسي المقرئ.
22.عمر بن أحْمَد بن عمر، أبو حفص الماوردي.
23.مُحَمّد بن إبْرَاهيم بن أحْمَد بن مُحَمّد، أبو بكر الفارسي الحاكم.
24. مُحَمّد بن إبْرَاهيم بن مُحَمّد يَحْيَى بن سختويه، أبو عَبْد الله بن أبي إسحاق النيسابوري.
25.مُحَمّد بن أحْمَد بن جعفر، أبو حسان المولقاباذي النيسابوري.
26.مُحَمّد بن أحمد بن مُحَمّد بن جعفر، أبو عَبْد الرحمان الفامي الشاذياخي الحاكم.
27.مُحَمّد بن أحمد بن مُحَمّد بن الفضل، أبو الحسن بن أبي حامد الخزفي النيسابوري.
28.مُحَمّد بن عَبْد الله بن عَبْد الله بن باكويه، أبو عَبْد الله الشيرازي.
29. مُحَمّد بن عَبْد الله بن عَلِيّ بن عمران، أبو الحسن السرخسي.
30.مُحَمّد بن عَبْد الرحمان بن أحْمَد بن مُحَمّد بن جعفر، أبو سعد بن أبي بكر الكنجروذي.
31.مُحَمّد بن عَبْد الرحيم بن الحسن، أبو الحارث الخبوشاني.
32.مُحَمّد بن عَلِيّ بن مُحَمّد بن أحْمَد، أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري الصفار الخشاب.
33.مُحَمّد بن مُحَمّد بن أحْمَد بن أبي بكر، أبو منصور المنصوري الطوسي البغدادي الحاكم.
34.مُحَمّد بن مُحَمّد بن عَبْد الله بن مُحَمّد بن زكريا، أبو نصر بن أبي بكر الشيباني الجوزقي.(1/15)
35.مُحَمّد بن مُحَمّد بن محمش ، أبو طاهر الزيادي النيسابوري .
36.مُحَمّد بن موسى بن الفضل بن شاذن ، أبو سعيد النيسابوري الصيرفي .
37.منصور بن الحسين بن مُحَمّد ، أبو نصر بن أبي منصور النيسابوري .
38.منصور بن عَبْد الوهاب بن أحْمَد بن عَبْد الله ، أبو صالح الشالنجي البزاز.
39. نصر بن بَكْر بن أحْمَد بن الحسين ، أبو منصورالمهراني النيسابوري .
وهناك تسعة مِن الشيوخ الذين روى عنهم الواحدي فِي كتابه هذا لَمْ نستطع الوقوف عَلَى تراجم لهم ، وهم :
1. أحْمَد بن إبْرَاهيم ، أبو الحسن النجار.
2. أحْمَد بن مُحَمّد بن إبْرَاهيم ، أبو نصر المهرجاني .
3. أحْمَد بن مُحَمّد بن أحمد بن جعفر.
4. عقيل بن مُحَمَّد ، أبو حكيم الجرجاني .
5. عمرو بن أبي عمرو المزكي .
6. الفضل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الصوفي .
7. مُحَمَّد بن عَبْد العزيز ، أبو عمرو المروزي القنطري .
8. مُحَمَّد بن عُمَر ، أبو بكر الخشاب .
9. أبو معمر بن إسماعيل الإسماعيلي.
ويجدر بنا هنا أن ننبه إلى أن هؤلاء ليسوا كل شيوخ الواحدي ،بل كَانَ لَهُ شيوخ في كل فن ، فنجده يأخذ اللغة عَن ثلاثة مِنْ مشايخه الذين كانوا أساطين اللغة حينذاك وهم:(1)
أبو الفضل أحمد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن يوسف السهلي النيسابوري الشَّافِعِيّ الأديب العروضي. ويحدثنا الواحدي عَنْهُ فيقول : (( وله المصنفات الكبار والاستدراكات عَلَى الفحول مِن العلماء باللغة والنحو ، وقد كُنْتُ لازمته سنين ، أدخل عَلِيهِ عند طلوع الشمس، وأخرج لغروبها ، أسمع وأقرأ وأعلق وأحفظ وأبحث وأذاكر أصحابه ما بين طرفي النهار ، وقرأت عَلِيهِ الكثير مِن الدواوين واللغة ))(2) .
__________
(1) انظر : معجم الأدباء 4/1661 .
(2) معجم الأدباء 4/1662.(1/16)
أبو الحسن علي بن مُحَمَّد بن إبراهيم الضرير القهندزي النيسابوري . قَالَ الواحدي عَنْهُ : (( وكان مِن أبرع أهل زمانه في لطائف النحو وغوامضه ، وأعلمهم بمضائق طرق العربية وحقائقها ، ولعله تفرّس فيّ وتوسم الخير فتجرد لتخريجي وصرف وكده (1) إلى تأديبي…وقرأت عَلِيهِ جوامع النحو والتصريف والمعاني، وعلقت عَنْهُ قريباً مِن مئة جزء من المسائل المشكلة ، وسمعت مِنْهُ أكثر مصنفاته في النحو والعروض والعلل ، وخصني بكتابه الكبير في علل القراءة المرتبة في كتاب
" الغاية " لابن مهران )) (2) .
أبو الحسن عُمَران بن موسى المغربي المالكي .
قَالَ عَنْهُ تلميذه الواحدي : ((وكان واحد دهره وباقة عصره في علم النحو ، ولم يلحقه أحد ممن سمعنا شأوه في مَعْرِفَة الإعراب ، ولقد صحبته مدة في مقامه عندنا حتى استنزفت غررما عنده )) (3) .
ولقد آثر صاحبنا أن يأخذ كُلّ علم مِن أصحابه ، ومن ذَلِكَ علم القراءات والتفسير، فنجده يأخذه عَن أربعة مِن أعلامه ، يحدثنا عَنْهُمْ هُو فَيَقُوْلُ : (( وأما القرآن وقراءات الأمصار واختيارات الأئمة فإني اختلفت أولاً إِلَى الأستاذ أبي القاسم عَلِيّ بن مُحَمَّد البستي -رَحِمَهُ اللهُ - ، وقرأت عَليهِ القرآن ختمات كثيرة لا تحصى ،حَتَّى قرأت عَلِيهِ أكثر طريقة الأستاذ أبي بَكْر أحمد بن الْحُسَيْن بن مهران - - رَحِمَهُ اللهُ -. ثُمَّ ذهبت إِلَى الإمامين أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد الحيري وأبي الحسن عَلِيّ بن مُحَمَّد الفارسي
__________
(1) وَكْدُهُ : قَصْدُهُ .
(2) معجم الأدباء 4/1662 .
(3) المصدر نفسه.(1/17)
-رحمهما الله -. وكانا قَدْ انتهت إليهما الرئاسة فِي هَذَا العِلْم وأشير إليهما بالأصابع فِي علو السن ورؤية المشايخ وكثرة التلاميذ وغزارة العلوم وارتفاع الأسانيد والوثوق فيهما، فقرأت عَلَيْهما وأخذت مِن كُلّ واحد مِنْهم حظاً وافراً بعون الله وحسن توفيقه ، وقرأت عَلَى الأستاذ سَعِيد مصنفات ابن مهران ، وروى لنا كتبَ أبي عَلِيّ الفسوي عَنْهُ، وقرأت عَلَيْهِ بلفظي كِتَاب الزجّاج فِي المعاني ، وروايته عَن ابن مقسم عَنْهُ ، وسمع بقراءتي الخلق
الكثير ، ثُمَّ فرغت للأستاذ الإمام أبي إسحاق أحمد بن مُحَمَّد إبراهيم الثعلبي
- رَحِمَهُ اللهُ - ، وكان حبر العلماء، بل بحرهم، ونجم الفضلاء بل بدرهم ، وزين الأمة بل فخرهم ، وواحد الأمة بل صدرهم ، وله التفسير الملقب بـ" الكشف والبيان عَن تفسير القرآن "… وقرأت عَلِيهِ مِن مصنفاته أكثر مِن خمس مئة جزء ، وتفسيره الكبير ، وكتابه المعنون بـ " الكامل في علم القرآن " وغيرها )) (1) .
بَعْدَ هَذَا كله نرى الواحدي قَدْ استفرغ وسعه في تحصيل العلوم عَن المشايخ الَّذِيْنَ أدركهم ،وَقَدْ كَانَ لَهُمْ أثر مهم في تكوين شخصيته الثقافية والعلمية ،وبهذا لايعدُّ
جزافاً قَوْل معاصره الباخرزي فِيهِ : (( وَقَد خبط ما عِنْدَ أَئِمَّة الأدب من أصول كلام العرب خبط عصا الراعي فروع الغرب، وألقى الدلاء في بحارهم حَتَّى نزفها ومد البنان إِلَى ثمارهم إِلَى أن قطفها )) (2) .
المبحث الثاني
تلاميذ الواحدي :
بعد أن أحسَّ الواحدي أنه مؤهل لإفادة الطلبة ، أخذ في تدريس تلك العلوم الَّتِي أخذها عَن مشايخه ، وظل عَلَى هذا الحال سنين متوا صلة (3) ، فلاغرابة في أن يتكاثر عَليهِ طلبة العلم ينهلون منه.
__________
(1) معجم الأدباء 4/1662-1663
(2) دمية القصر : 203
(3) انظر : معجم الأدباء 4/1660، وبغية الوعاة 2/143.(1/18)
وقد وقفنا عَلَى ذكرٍ لبعض تلامذته ، نوردهم تباعاً مرتبين عَلَى حروف الهجاء ، مَعَ تعريف بسيط بكلٍ منهم :
أبو الفضل أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الميداني النيسابوري .
العلاَّمة اللغوي البارع ، شيخ الأدب ، كَانَ عارفاً باللغة ، قَالَ ابن خلكان :
(( اختص بصحبة أبي الحسن الواحدي صاحب التفسير )) (1) ، لَهُ مِن المصنفات كتاب "الأمثال" ، وكتاب "السامي في الأسامي" وغيرها .
توفي سَنَة (518ه - ) (2) .
أبو محمد عبد الجبار بن محمد بن أحمد الخواري البيهقي .
سمع مَن الواحدي الحديث ، وأخذ عنه كتابه " أسباب نزول القرآن " ، وتوجد نسخة خطية من الكتاب بروايته محفوظة في مكتبة أوقاف بغداد (3). توفي سنة (536ه - ) (4).
أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر النيسابوري الملقب بمجد الدين ، وهو من سبط الأستاذ أبي القاسم القشيري، وقد أخذ عن الواحدي جميع مصنفاته، وأجاز له الواحدي روايتها عنه ، ورواية ما يجوز للواحدي روايته (5) .
توفي سنة (529 ه - ) (6).
أبو المحاسن عبد الواحد بن إسماعيل بن محمد الروياني الطبري ، أحد أئمة الشافعية، وهو منْ أصحاب الوجوه عندهم ، كان الوزير نظام الملك يبالغ في تعظيمه وإجلاله .
أخذ عن الواحدي التفسير ، وروى عنه تفسير الثعلبي " الكشف والبيان " (7).
__________
(1) وفيات الأعيان 1/148 .
(2) انظر: ترجمته في : معجم الأدباء 2/511 ، وإنباه الرواة 1/121 ، وسير أعلام النبلاء 19/489 ، والبداية والنهاية 12/194 .
(3) انظر : فهرس مخطوطات الأوقاف العامة 1/43 .
(4) انظر: سير أعلام النبلاء 20/71 ، وطبقات الشافعية الكبرى 7/144 ، وشذرات الذهب 4/113 .
(5) انظر: المنتخب من السياق : 91 .
(6) انظر: المصدر السابق ، وطبقات الشافعية الكبرى 7/173-174 .
(7) انظر: فهرس ابن خير 9/76 .(1/19)
توفي سنة (501 ه - ) (1) .
أَبُو العباس عُمَر بن عبد الله بن أحمد الأرغياني الرَّاونِيري ، كَانَ شيخاً صالحاً عفيفاً ، قَالَ السمعاني : (( سَمِعْت مِنْهُ أسباب النزول للواحدي ))(2) توفي سنة
( 534 ه - ) (3) 0
أَبُو نصر مُحَمَّد بن عبد الله بن أحمد الأرغياني الرَّاونِيري ، مفتي نيسابور ، كَانَ سديد السيرة جميل الامر تاركاً لما لا يعنيه .
وَهُوَ الأخ الأصغر لأبي العباس المذكور قبله .
أخذ عَن الواحدي الحديث وروى عَنْهُ كتابه " أسباب نزول القرآن " وعلى روايته نطبع كتابنا هَذَا .
توفي سنة (529 ه - )(4).
أَبُو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي اليشكري المغربي الرَّحال ، طوّف الدنيا شرقها وغربها فِي تحصيل القراءات ، أخذ عَن الواحدي القراءات والتفسير فِي رحلته إِلى نيسابور (5) توفي سنة ( 465ه - ) (6).
المبحث الثالث
علومه وثقافته :
من خلال ما تقدم يمكننا أن نلمس وجوه ثقافة الواحدي التي تنوعت أشكالها واختلفت أنواعها ، فاللغة وعلومها فارسها هُوَ ، ونستدل على ذلك من خلال ذكر الكتب التي ترجمت لعلماء اللغة العربية له ، مثل " إنباه الرواة " و " بغية الوعاة " ، ومن يلق نظرة متفحصة في تفاسيره - لاسيما البسيط منها - يتجلى له علم الرجل بالعربية على اختلاف فنونها (7) .
__________
(1) انظر: المنتخب من السياق : 340 ، وطبقات الشافعية الكبرى 4/264،وشذرات الذهب 4/4 .
(2) الأنساب 3/35 .
(3) انظر: الأنساب 3/35 ، ومعجم البلدان 2/742
(4) انظر : ما سبق .
(5) انظر : غاية النهاية 1/523 و 2/399 .
(6) انظر : المنتخب من السياق : 490 ، ومعرفة القراء الكبار 1/429 ، وبغية الوعاة 2/359 .
(7) إنباه الرواة 2/223 .(1/20)
وكذا كان الرجل شاعراً مجيداً ، وله شعر رائق على حد تعبير الحافظ الذهبي (1) ، الأمر الذي وفر غطاءاً علمياً لياقوت الحموي ليترجم له في كتابه الماتع " معجم الأدباء" ، ويذكر له من شعره قوله :
- - - 0تشوهت الدنيا وأبدت عوارها
?
?
وضاقت عليَّ الأرض بالرحب والسعه
??
?وأظلم فِي عيني ضياء نهارها
?
?
لتوديع مَنْ قد بان عني بأربعه
??
?فؤادي وعيشي والمسرة والكرى
?
?
فإن عاد عاد الكلُّ والأنس والدعه(2)
- - -
ولقد كانت له معرفة جيدة بالتاريخ والأخبار يدلنا على ذلك أنه ألف كتاباً أسماه
" المغازي "(3) ولعله تناول فيه مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بالكلام والحديث عنها .
أما الفقه فقد كانت له يد طولى فيه ، وكان حسن المعرفة بالخلاف ، شافعي المذهب لا يحيد عنه حتى في النادر ، ونجد صديقنا الدكتور محسن عبد الحميد - أمد الله في عمره - يقول عنه ما نصه : (( ولذلك فإنه يرجح في المسائل المختلف عليها رأي مذهبه ، ويرد كل رأي يؤول إلى الاصطدام مع مذهبه ، فهو مثلاً يرد على الفرَّاء ؛ لأَنَّهُ قَالَ : إن قوله تَعَالَى : { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى } (4) نسخ بقوله تَعَالَى فِي سورة المائدة : { وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } (5)، ولما كَانَ هَذَا يخالف مذهبه إذ يؤول إلى تجويز قتل الحر بالعبد كَمَا هو مذهب الحنفية، رد عَلَيْهِ فَقَالَ: والصَّحِيْح أن هَذِهِ الآية غَيْر منسوخة؛ لأن حكم الآية ثابت ، ولم تدل على أن الذكر لايقتل بالأنثى )) (6).
__________
(1) سير أعلام النبلاء 18 /341 .
(2) معجم الأدباء 12/262 .
(3) المصدر السابق .
(4) البقرة : 178 .
(5) المائدة : 45 .
(6) الواحدي ومنهجه في التفسير ، د. محسن عبد الحميد ، مجلة الرسالة الإسلامية : 57 .(1/21)
وأما التفسير ومتعلقاته من علوم القرآن وأسباب نزول القرآن والقراءات فهو ابن بجدتها وفارسها الذي لايشق له غبار .
كل هذا وذاك دفع كثيراً من العلماء لأن يطلقوا فيه عبارات الثناء التي تنم عن شخصيته العلمية ، فهذا الحافظ الذهبي مؤرخ الإسلام يقول فيه : (( الإمام العلامة الأستاذ - - وإمام علماء التأويل )) (1) .
وقال ابن خلكان : (( صاحب التفاسير المشهورة ، كان أستاذ عصره في النحو والتفسير ))(2) .
وقال السيوطي : (( إمام مصنف مفسر نحوي أستاذ عصره وواحد دهره )) (3).
وقال الأستاذ عمر رضا كحالة فيه: (( مفسر نحوي لغوي فقيه شاعر أخباري ))(4).
وهكذا نجد المؤرخين يحسنون الثناء عليه ، ولكننا نلحظ أن أحداً منهم لم يصفه بالمعرفة في علم الحديث ، وهو أمر حق ، إذ لم يكن له فيه باع من خلال النقد والتمحيص ، نعم كانت له معرفة بالسماع والتحصيل والطلب والرواية بالأسانيد ، إلا أنه لم يكن ذا معرفة قوية بالمعلّ والباطل والموضوع والضعيف ونحوها (5)، قال الشيخ محمد بن جعفر الكتاني : (( ولم يكن له ولا لشيخه الثعلبي كبير بضاعة في الحديث ، بل في تفسيريهما -وخصوصاً الواحدي - أحاديث موضوعة وقصص باطلة ))(6).
المبحث الرابع
مصنفات الواحدي :
حاز الواحدي قصب السبق في علوم شتى ، أدت إلى تنوع مصنفاته تبعاً لتنوع معارفه ، فألَّف في اللغة والتفسير والنحو والأدب والتأريخ وغيرها .
وكانت تلك المصنفات موطن إعجاب النَّاس ، فنجد ابن خلكان يقول عنه :
(( ورزق السعادة في تصانيفه وأجمع على حسنها وذكرها المدرسون في دروسهم )) (7) .
وها نحن نسرد ما وقفنا عليه من كتبه مخطوطها ومطبوعها ومفقودها :
الكتب المطبوعة :
__________
(1) سير أعلام النبلاء 18/339 .
(2) وفيات الأعيان 3/303 .
(3) بغية الوعاة 2/145 .
(4) معجم المؤلفين 7/26 .
(5) انظر : الواحدي ومنهجه في التفسير : 55-56 .
(6) الرسالة المستطرفة : 79 .
(7) وفيات الأعيان 3/303 .(1/22)
أسباب نزول القرآن ، وسيأتي الحديث عَنْهُ مفصلاً .
شرح ديوان المتنبي ، ذكره ابن خلكان ووصفه بقوله : (( وَلَيْسَ فِي شروحه مَعَ كثرتها مثله )) (1) .
طبع في بومباي بالهند سنة 1271 ه - ، ثم نشر في برلين سنة 1858م .ثم صوَّرته مكتبة المثنى في بغداد بالأوفسيت .
الوجيز في التفسير ، طبع بهامش " التفسير المنير لمعالم التنزيل " للشيخ محمد نووي الجاوي سنة 1305 ه - .
الوسيط في تفسير القرآن المجيد ، طبع في دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1994 م ، بتحقيق عادل أحمد عبد الموجود ، وعلي محمد معوض ، و د. أحمد محمد صبرة ، و د. أحمد عبد الغني الجمل ، و د. عبد الرحمان عويس . تقديم وتقريض
أ.د. عبد الحي الفرماوي .
الوسيط في الأمثال ، طبع في الكويت بتحقيق د. عفيف محمد عبد الرحمان ، سنة 1975م .
ب- الكتب المخطوطة :
1. البسيط في تفسير القرآن ، وهو تفسير موسع للقرآن أبرز فيه الواحدي مقدرته اللغوية والفنية (2) ، توجد نسخة خطية منه في مكتبة تشستربيتي (3) . وأخرى في دار الكتب المصرية ( الخزانة التيمورية)(4) .
ج.الكُتُب التي فِي عداد المفقودات :
1- الإعراب فِي علم الإعراب .
2- التحبير فِي شرح الأسماء الحسنى .
3- تفسير النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - .
4- كتاب الدعوات .
5- كتاب المحصول .
6- مختصر فِي فضائل القرآن .
7- المغازي .
8- نفي التحريف عن القرآن الشريف .
المبحث الخامس
مكانته العلمية وثناء العلماء عَلَيْهِ :
بعد كل ما قلناه لا نجد غرابة إذا قلنا أن الواحدي تبوأ مكانة سامية فِي علوم شتى لاسيما اللغة وعلومها والأدب ، والتفسير ، والقراءات ، وعلوم القرآن . ونستطيع أن نبرهن عَلَى هذا القول مِنْ خلال أقوال العلماء فِيهِ:
__________
(1) المصدر نفسه .
(2) انظر : الواحدي ومنهجه في التفسير : 45 .
(3) انظر : المخطوطات العربية في مكتبة تشستربيتي 1/439 .
(4) انظر : الواحدي ومنهجه في التفسير : 44 .(1/23)
قَالَ عَبْد الغافر الفارسي : (( الإمام المصنف المفسر النحوي ،أستاذ عصره وواحد دهره ، أنفق صباه وأيام شبابه في التحصيل ، فأتقن الأصول عَلَى الأئمة ، وطاف عَلَى أعلام الأمة )) (1) .
وَقَالَ معاصره الباخرزي : (( الشيخ أبو الحسن عَلِيّ بن أحْمَد الواحدي مشتغل بما يعنيه ، وإن كَانَ استهدافه للمختلفة يغنيه ،ولقد خبط ما عِنْدَ أئمة الأدب مِنْ أصول كلام العرب خبط عصا الراعي فروع الغرب ،وألقى الدلاء فِي بحارهم حَتَّى نزفها ، ومد البنان إلى ثمارهم إلى أن قطفها ،وله فِي علم القرآن وشرح غوامض الأشعار تصنيفات بيده لأعنتها تصريفات ))(2).
وَقَالَ القفطي : (( الإمام المصنف المفسر النحوي أستاذ عصره ، قرأ الحَدِيْث عَلَى المشايخ، وأدرك الإسناد العالي، وسار الناس إلى علمه ، واستفادوا مِنْ فوائده ))(3).
وَقَالَ ابن خلكان : (( كَانَ أستاذ عصره في النحو والتفسير ورزق السعادة فِي تصانيفه ، وأجمع الناس عَلَى حسنها ،وذكرها المدرسون فِي دروسهم )) (4).
وَقَالَ الذهبي : (( الإمام العلامة الأستاذ …صاحب التفسير وإمام علماء
التأويل)) (5).
وَقَالَ عَنْهُ فِي العبر(6): (( وأبو الحسن الواحدي المفسر …وأحد من برع فِي العلم … وكان رأساً فِي العربية )).
وَقَالَ أيضا : ((كَانَ الأستاذ أبو عَلِيّ واحد عصره فِي التفسير … ودأب فِي العلوم … وكان مِنْ أئمة العربية واللغة … وكان معظماً محترماً )) (7).
وَقَالَ السبكي : (( الإمام الكبير … كَانَ الأستاذ أبو الحسن واحد عصره فِي التفسير )) (8).
__________
(1) نقله عَنْهُ ياقوت فِيْ معجم الأدباء 4/1659 ، وانظر: المنتخب من السياق : 387 .
(2) دمية القصر : 203 .
(3) إنباه الرواة 2/223 .
(4) وفيات الأعيان 3/303 .
(5) سير أعلام النبلاء 18/339-340 .
(6) 3/267 .
(7) تاريخ الإسلام وفيات سنة (468 ه) : 258 .
(8) طبقات الشافعية الكبرى 5/ 240 .(1/24)
وَقَالَ ابن قاضي شهبه : (( كَانَ فقيهاً إماماً فِي النحو واللغة وغيرهما ، شاعراً ، وأما التفسير فهو إمام عصره )) (1).
وينبغي أن نعلم أن آراءه واختياراته كانت محط إعجاب اللاحقين له،وإذا أخذنا أحد تلك التفاسير التي جاءت بعده وليكن تفسير "روح المعاني " للآلوسي لوجدنا أنه نقل عَنْهُ قرابة مئة وتسعة وعشرين نصاً مصرحاً باسمه فيها،سوى ما لم يعزه إليه .
الفصل الثالث / سبب النزول
المبحث الأول
تعريفه :
أصح ما قيل فِي تعريف سبب النزول أنه : ما نزلت الآية أو الآيات متحدثة عَنْهُ أو مبينة لحكمه أيام وقوعه (2).
والقيد الأخير مهم جداً فِي توضيح المراد ، ويقصد بأيام وقوعه :صلاحية الوقت والزمن لأن يوجد فِيهِ تشريع ، وعلى هذا نستطيع أن نقول أنه يمتد طيلة أيام نزول القرآن والتي استمرت حَتَّى وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
المبحث الثاني
أنواعه :
مِن المعروف بديهة أن القرآن ينقسم الى قسمين (3) :
الأول : ما نزل ابتداءً غير متعلق بحادثة أو سؤال ،وَهُوَ أكثر القرآن مِنْ آيات العقائد والخلق وغيرها .
الثاني : ما نزل عقب واقعة أو سؤال ،وهذا القسم هُوَ المعني بهذه الدراسة. وبهذا نعلم أن سبب النزول ينقسم إلى قسمين :
أ- أن تقع الحادثة أو تحصل واقعة فِي المجتمع المسلم فيرتبط بها سبب نزول مبيناً حكم الله فِي ذَلِكَ ، أو توجيه المسلمين لما يفعلون حيالها.
ب-أن يُسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أمرٍ فينزل الملك بشيءٍ مِن القرآن جواباً عَلَى ذَلِكَ السؤال .
المبحث الثالث
الحكمة مِنْ معرفة سبب النزول .
__________
(1) طبقات الشافعية 2/256-257 .
(2) مناهل العرفان 1/106 .
(3) الإتقان فِيْ علوم القرآن 1/29 .(1/25)
حكى السيوطي - رَحِمَهُ اللهُ - فِي الإتقان (1) عَن أحدهم أَنَّهُ لا فائدة فِي مَعْرِفَة أسباب النزول وإنها فرع مِنْ علم التأريخ أو تاريخ نزول القرآن . وهذا القول خطأ بلا ريب ممن قاله ،إذ إن لسبب النزول دوراً فعالاً فِي الاهتداء إلى المعنى الأقرب لمراد الباري - عز وجل - ، ولهذا نجد ابن دقيق العيد يقول : ((بيان سبب النزول طريق قوي فِي فهم معاني القرآن )) (2) .
وَقَالَ ابن تيمية: (( معرفة سبب النزول يعين عَلَى فهم الآية ، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب )) (3).
وَقَالَ الواحدي : (( لا يمكن تفسير الآية دُوْنَ الوقوف عَلَى قصتها وبيان نزولها))(4)، وأهم تلك الفوائد (5) :
معرفة حكمة الله تعالى عَلَى التعيين فِي تشريعه .
الاستعانة عَلَى فهم الآية ودفع الإشكال عنها .
ومثاله : أنه أشكل على مروان بن الحكم قوله تعالى : { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا } (6) وَقَالَ : لئن كَانَ كل امرئ فرح بما أوتى، وأحب أن يحمد بما لَمْ يفعل معذباً ،لنعذبن أجمعين. فأرسل إلى ابن عَبَّاس، فأخبره ابن عَبَّاس أنها نزلت فِي اليهود لما سألهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن شيء فكتموه إياه ، وأخبروه بغيره، وأظهروا لَهُ أنهم أخبروه بسؤاله ، واستحمدوا إليه بذلك ، وفرحوا بكتمانهم ما عرفوا (7).
ومنها دفع توهم الحصر عمّا يفيد بظاهره الحصر .
__________
(1) 1/29 .
(2) الإتقان 1/29 .
(3) مجموعة الفتاوى 13/181 .
(4) أسباب نزول القرآن طبعتنا هَذِهِ .
(5) انظر : الإتقان 1/29 ، ومناهل العرفان 1/109 –114 .
(6) آل عمران : 188 .
(7) انظر: أسباب نزول القرآن طبعتنا هَذِهِ .(1/26)
مثاله قوله تعالى: { قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ } (1).
فالشافعي - رضي الله عنه -يرى أن الحصر فِي هَذِهِ الآية غير مراد ، فَقَالَ : (( إن الكفار لما حرّموا ما أحلّ الله وأحلّوا ما حرّم الله وكانوا عَلَى المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قَالَ: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه ، نازلاً منزلة من يَقُول : لا تأكل اليوم حلاوة فَتَقُول : لا آكل اليوم إلا الحلاوة ، والغرض المضادة لا النفي والإثبات عَلَى الحقيقة، فكأنه قَالَ: لا حرام إلا ما احللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله بِهِ، ولم يقصد حلّ ما وراءه إذ القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل)) (2).
تخصيص الحكم بالسبب عِنْدَ مَن يرى أن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ.
معرفة من نزلت فِيهِ الآية عَلَى التعيين حَتَّى لا يشتبه بغيره .
تيسير الحفظ وتسهيل الفهم ، ولا ريب أن ربط الحكم بحادثة يسهّل حفظها وحفظ حكمها وفهمه أكثر مِنْ غيرها .
المبحث الرابع
كيفية معرفة أسباب النزول وصيغه
الطريق إِلَى مَعْرِفَة أسباب النزول هُوَ النقل الصَّحِيْح لَيْسَ غير ، ومن هنا يقول الواحدي : (( ولا يحل القول فِي أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا عَلَى الأسباب ، وبحثوا عن علمها وجدّوا فِي الطلاب، وَقَد ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العثار فِي هذا العلم بالنار )) (3).
__________
(1) الأنعام : 145 .
(2) البرهان في علوم القرآن 1/23 .
(3) أسباب نزول القرآن .(1/27)
وقول الصحابي فِي شيء مِنْ هذا العلم مِنْ المرفوع حكماً ،وَهُوَ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الحافظ أبو عمرو بن الصلاح فَقَالَ: (( ما قيل مِنْ أن تفسير الصحابي حديث مسند فإنما ذَلِكَ فِي تفسير يتعلق بسبب نزول آية يخبر بِهِ الصحابي أو نحو ذَلِكَ )) (1).
وسبقه الحاكم أبو عَبْد الله ، فبعد أن ساق حديثاً عن جابر فِي سبب نزول آية قَالَ: (( هذا الحَدِيْث وأشباهه مسندة عن آخرها وليست بموقوفة ، فإن الصحابي الَّذي شهد الوحي والتنزيل فأخبر عَن آية من القرآن أَنَّهَا نزلت فِي كَذَا وكذا، فإنه حَدِيث مسند)) (2). وعقب الزَّرْكَشِيّ عَلَى كلام ابن الصَّلاَح قائلاً : (( ما اختاره فِي تفسير الصَّحَابِيّ سبقه إِلَيْهِ الْخَطِيْب وكَذَلِكَ الأستاذ أبو مَنْصُور البغدادي ،قَالَ :إذا أخبر الصَّحَابِيّ عَن سبب وقع فِي عهد النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - أو أخبر عَنْ نزول آية فِيهِ فذلك مسند)) (3).
وإن كَانَ سبب النزول مرسلاً أي لَمْ يذكر فِيهِ الصحابي ،فاشترط السيوطي لقبوله شرطين بعد صحة سنده :
الأول : أن يكون راويه معروفاً بأن لا يروي إلا عن الصحابة .
الثاني : أن يرد لَهُ شاهد مرسل أو متصل ولو ضعيفاً (4) .
أما صيغ التعبير عن سبب النزول فقد اختلفت أساليبهم فِي التعبير عَنْهُ فتارة يعبرون بقولهم:(( سبب نزول الآية كذا ))،وهذا التعبير نَصٌّ فِي السببية ولا يحتمل غيره(5).
__________
(1) مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث : 124 بتحقيقنا .
(2) معرفة علوم الحَدِيْث : 20 .
(3) نكت الزَّرْكَشِيّ على ابن الصلاح 1/434.
(4) التحبير فِيْ علم التفسير :174 .
(5) مناهل العرفان 1/114 .(1/28)
وتارة لا تأتي العبارة صريحة بلفظ السببية، ولكن يؤتى بفاءٍ داخلةٍ عَلَى مادة نزول الآية عقب سرد الحادثة، وحكم هذا التعبير حكم الَّذيْ قبله . وَقَدْ يأتي بصيغة سؤال يسأل عَنْهُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - فينزل عَلَيْهِ الوحي بجوابه من غَيْر تعبير بلفظ النزول ولا دخول الفاء ، غَيْر أن السببية واضحة من المقام . وحكمها حكم ما قبلها . وأخرى لا يؤتى بشيء مِمَّا سبق ، بَلْ يقال : نزلت هَذِهِ الآية فِي كَذَا ، وهذه العبارة ليست نصاً
فِي السببية ، بَلْ تحتمل السببية وتحتمل غيرها وَهُوَ أن هَذَا داخل فِي الآية وإن لَمْ يَكُنْ السبب ، كَمَا يقال: عني بهذه الآية كَذَا (1). وَهِيَ موطن نزاع بَيْنَ الْعُلَمَاء ، هَلْ لَهَا حكم الرفع أم لَهَا حكم الوقف (2) ؟
المبحث الخامس
تعدد السبب والنازل واحد
قَد يرد للآية أكثر مِنْ سبب لنزولها ، ويختلف الحال عِنْدَ المفسر تبعاً لعدة مرجحات ، ولهذا تعددت صوره عَلَى النحو الآتي (3) :
الأولى : أن يكون أحد الأسباب صحيحاً والأخر غير صحيح ، فيكون الاعتماد حينها عَلَى الصحيح فِي معرفة سبب النزول .
الثانية : أن تكون كلا الروايتين صحيحة، ولكن لأحديهما مرجح دُوْنَ الأخرى، فحكمها الأخذ بالراجحة وترك المرجوحة.
الثالثة : أن تكون كلٌّ مِن الروايتين صحيحة ، ولا مرجح لأحديهما ، ولكن
يمكن الأخذ بهما معاً ، وحكمها أن يؤخذ بكلا الروايتين .
الرابعة : أن تكون كلا الرِّوَايَتَيْنِ صحيحة ، ولا مرجح لأحديهما ، ولا يمكن الأخذ بِهِمَا معاً ، فحكمها ان تحمل عَلَى تكرار النزول لتعدد السبب .
المبحث السادس
تعدد النازل والسبب واحد
__________
(1) مجموعة الفتاوى 13 / 182 .
(2) المصدر نفسه .
(3) انظر : الإتقان 1/4 ، ومناهل العرفان 1/116-121 .(1/29)
قَالَ الزرقاني : (( قَد يكون أمر واحد سبباً لنزول آيتين أو آيات متعددة - عَلَى عكس ما سبق - ولا مانع من ذَلِكَ ، لأنه لا ينافي الحكمة فِي إقناع الناس ، وهداية الخلق ، وبيان الحق عِنْدَ الحاجة، بل أنه قَد يكون أبلغ فِي الإقناع وأظهر فِي البيان)) (1).
ومثال ذَلِكَ ما رَوَاه الترمذي(2) والحاكم(3) عن أم سلمة أنها قالت: يا رسول الله: لا أسمع الله ذكر النساء فِي الهجرة بشيء ، فأنزل الله : (( فاستجاب لهم ربهم…عنده حسن الثواب )) .
وأخرج الحاكم(4) عنها أنها قالت : قلت يا رسول الله ، تذكر الرجال ولا تذكر النساء فأنزلت : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات… } (5) وأنزلت { أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى } (6) .
وأخرج الحاكم (7) عنها أنها قالت : (( تغزو الرجال ولا تغزو النساء ، وإنما لنا نصف الميراث ، فأنزل الله : { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } (8)
وأنزل : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَات } .
الفصل الرابع / دراسة الكتاب
المبحث الأول : أهمية الكتاب
تبرز أهمية كتاب الواحدي فِي أسباب نزول القرآن من حيث كونه أجمع الكُتُب فِي هَذَا الباب، إذ جمع فِيهِ أسباب النزول لأكثر من (500) آية ما بَيْنَ سبب مسند أو معلق .
قَالَ السيوطي : (( وَمن أشهر كتب الأسباب كتاب الواحدي عَلَى ما فِيهِ من
اعواز )) (9) .
__________
(1) مناهل العرفان 1/121 .
(2) التِّرْمِذِيّ ( 3023 ) .
(3) الحَاكِم 2/300 .
(4) الحَاكِم 2/416 .
(5) الأحزاب : 35 .
(6) آل عمران : 195 .
(7) الحَاكِم 2/305 .
(8) النساء : 32 .
(9) الإتقان 1/140 .(1/30)
ولعل الإعواز الَّذي عناه السيوطي هُوَ بعض ما فاته من الأسباب التي وقعت للحافظ ابن حجر فجمعها فِي كتابه "العجاب" ، ورغم هذا وذلك فلا مناص من القول بأن الَّذيْ حققه الواحدي في هذا الكتاب إنجاز ليس بالهين - عَلَى أنه مسبوق بمحاولات لعدة من الأئمة حاولوا جمع أسباب النزول لآيات القرآن الكريم ، وَمن تِلْكَ المحاولات:
تفصيل لأسباب التنزيل عَنْ ميمون بن مهران ( ت 117 ه - ) (1) .
أسباب النزول للإمام عَلِيّ بن المديني ( ت 234 ه - ) (2) .
القصص والأسباب التي نزل من أجلها القرآن، للمحدث القاضي عَبْد الرَّحمَان بن مُحَمّد بن عيسى بن فطيس ( ت 402 ه - ) ، قرابة مئة جزء ونيف (3) .
ثم تلاه جمع ممن نسج عَلَى منواله ، كَانَ أبرزهم :
أسباب النزول والقصص الفرقانية ، لأبي المظفر مُحَمّد بن أسعد العراقي الحنفي الحكيمي ( ت 567ه - ) (4).وَهُوَ كتاب خالٍ من الأسانيد .
الأسباب والنزول عَلَى مَذْهَب آل الرسول، لأبي جعفر مُحَمّد بن عَلِيّ بن شهر آشوب الطبري الشيعي ( ت 588 ه - ) (5) .
أسباب النزول للإمام أبي الفرج ابن الجوزي ( ت 597ه - ) (6) .
أسباب نزول الآي للملك الصالح أبي الفتح محمود بن مُحَمّد بن قراسلان الأرتقي (ت 619ه - ) (7) . وَهُوَ اختصار لكتاب الواحدي .
عجائب النقول فِي أسباب النزول ، لأبي إسحاق إبْرَاهيم بن عُمَرَ الجعبري
( ت 732 ه - ) (8) وَهُوَ اختصار لكتاب الواحدي .
__________
(1) انظر : العجاب 54 .
(2) انظر : الإتقان 1/28 .
(3) انظر :طبقات المفسرين للداودي 1/291 – 293 .
(4) حققه الأستاذ مُحَمّد عَبْد الكريم الراضي .
(5) انظر : بغية الوعاة 1/181 .
(6) انظر : كشف الظنون 1/120 .
(7) توجد مِنْهُ نسخ خطية ، انظر : الفهرس الشامل 1/242 .
(8) وله نسختان خطيتان الأولى فِيْ دار الكُتُب المصرية والثانية فِيْ برلين ، انظر : الفهرس الشامل 1/373 .(1/31)
سبب النزول فِي تبليغ الرسول ، لابن الفصيح فخر الدين أحْمَد بن عَلِيّ بن أحْمَد الكوفي ( ت 755 ه - ) (1) .
رسالة فِي أسباب النزول ، لعلي بن شهاب الدين حسن بن مُحَمّد الهمذاني
(ت 786ه - ) (2) .
العجاب فِي بيان الأسباب ، للحافظ ابن حجر العسقلاني ( ت 852 ه - )(3) .
مدد الرحمان فِي أسباب نزول القرآن ، للقاضي زين الدين عَبْد الرحمان بن
علاء الدين عَلِيّ بن إسحاق الميمي الداءي الخليلي المقدسي الشَّافِعِيّ (ت876ه - )(4).
لباب النقول فِي أسباب النزول ، للحافظ جلال الدين السيوطي
(ت911ه - ) (5) .
إرشاد الرحمان لأسباب النزول والنسخ والمتشابه وتجويد القرآن، لعطية الله بن عطية البرهاني الشَّافِعِيّ الأجهوري ( ت 1190ه - ) (6) .
لب التفاسير فِي معرفة أسباب النزول والتفسير ، لمحمد بن عَبْد الله القاضي الرومي الحنفي المعروف بلُبيّ الحافظ ( ت 1195ه - ) (7) .
أسباب التنزيل ، لأحمد بن عَلِيّ بن أحْمَد بن مَحْمُوْد (ت ؟ ) (8) .
أسباب النزول ، لعبد الجليل النقشبندي ( ت ؟ ) (9) .
المبحث الثاني
منهج الواحدي فِي كتابه " أسباب نزول القرآن "
يمكننا أن نتبصر منهج الواحدي فِي كتابه " أسباب نزول القرآن " من خلال جملة من الأمور نستطيع أن نوجزها بما يأتي :
أولاً: ترتيب أسباب النزول للآيات عَلَى حسب ترتيب السور ، ثم عَلَى حسب ترتيب الآيات فِي تلك السورة .
__________
(1) انظر: الفهرس الشامل 1/410 .
(2) انظر المصدر السابق 1/424 .
(3) حققه د.عَبْد الحكيم الأنيس رسالة دكتوراه مِنْ كلية العلوم الإسلامية –جامعة بغداد . وطبع فِيْ الكويت وحققه غيره .
(4) انظر : إيضاح المكنون 2/455 .
(5) مطبوع متداول .
(6) انظر : الفهرس الشامل 2/778 .
(7) انظر : إيضاح المكنون 2/400 .
(8) انظر : الفهرس الشامل 2/835 .
(9) انظر : معجم الدراسات القرآنية للدكتورة ابتسام مرهون الصفار :57 .(1/32)
فهو يجعل عنواناً كبيراً باسم السورة ثم يجعل تحتها عناوين فرعية، مصدّراً كلاً منها بقوله : (( قوله - عز وجل - …)) . فيورد جزءاً من الآية ثم يقول : (( الآية )) .إشارة إلى تتمتها .
ثانياً: جعل الآية عنواناً فرعياً ثمَّ إيراد ما روي فِي سبب نزولها :
والواحدي حين يذكر الآية عنواناً فرعياً يسرد تحتها ما روي فِي سبب نزولها ، وفي الآيات التي يروى فِيهَا أكثر مِنْ سبب للنزول فَهُوَ يورد هَذِهِ الأقوال المختلفة أو أكثرها، وربما أورد أحدها وأغفل البقية ، ولربما صرح بوجود الاختلاف فِي سبب النزول بقوله : (( واختلفوا فِي سبب نزولها )) ثم يسوق الأقوال ، ولربما ساقها من غير تصريح بوجود الاختلاف. وَهُوَ فِي هذا كله لا يلتزم بإيراد أصح الأقوال أو أرجحها ، وما ترجح عنده هُوَ .
ولربما كانت تلك الأقوال غير مختلفة بل معناها واحد ، فهو يكرر ذكر القول لاحتمال وجود فائدة للباحث أو للمفسر تتعلق بدلالة الآية .
وفي بعض الأحيان يذكر الواحدي ما لا تعلُّق للآية به، إتماماً للفائدة ، أو حرصاً عَلَى نفع القارئ ، بكم معرفي متنوع الجوانب .
ثالثاً: كَانَ موقف الواحدي مِنْ نسبة الأقوال إلى مؤلفيها متبايناً عَلَى ثلاثة أشكال:
الأول: ما نسبه إلى صاحب القول .
الثاني: ما نسبه إلى المفسرين بصورة عامة .
الثالث: ما لَمْ ينسبه إلى أحد .
وقد أكد الواحدي فِي مقدمة كتابه عَلَى أنه : (( لا يحلُّ القول فِي أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية و السماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا عَلَى الأسباب وبحثوا عن علمها وجدّوا فِي الطلاب )) (1) .
__________
(1) أسباب نزول القرآن :(1/33)
وَهُوَ بهذا يحصر معرفة أسباب نزول القرآن بالصحابة رضوان الله تَعَالَى عَلَيْهِمْ أجمعين ، إذ هم الَّذِينَ شاهدوا التنزيل وعرفوا الأسباب ، ولذا وغيره انصب جهد الواحدي عَلَى الإكثار مِنْ إيراد أقوال الصَّحَابَة، لا سيما من أكثر مِنْهُمْ من ذَلِكَ كابن عَبَّاس وغيره.وفيما يتصل بنقله لأقوال ابن عَبَّاس نجد أنَّهُ يورد أقواله المتعارضة في سبب نزول إحدى الآيات إذا كَانَ لَهُ أكثر من قَوْل ، ويؤكد فِي هَذِهِ الحالة عَلَى تعيين من رَوَى عَنْهُ ذَلِكَ ، فَيَقُوْلُ: (( قَالَ ابن عَبَّاس فِي رِوَايَة فُلاَن عَنْهُ )) ويسوق السبب، ثُمَّ يَقُوْل (( وَقَالَ فِي رِوَايَة فُلاَن )) ثُمَّ يسوق السبب الآخر. وَقَد يورد القول الأول بإسناده، ثُمَّ يعقبه بقوله : ((ويروى عن ابن عَبَّاس …)) ويذكر خلاف ما ذكره فِي القول المُسْنَد ، وربما عكس الأمر .
وإلى جانب ذَلِكَ اهتم الواحدي بأقوال التابعين، كونهم أخذوا ذَلِكَ عن الصحابة الكرام، ولغلبة الظن بأن ذَلِكَ التابعي إنما حكى تلك الحادثة بعد أخذه لها عن الصحابة، وَهُوَ الَّذي دعا العلماء إلى قبول رواية التابعي فِي أسباب النزول بشروط معينة .
وَمن الَّذِيْنَ أكثر الواحدي من نقل أسباب نزول القرآن عَنْهُمْ : مجاهد وعكرمة
والضحاك وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وكذلك الزهري وقتادة والمُقَاتِلَينِ.
بل أبعد فضمّ أقوال أتباع التابعين ممن كانت لَهُ عناية بجمع التفسير كمحمد بن السائب الكلبي وإسماعيل بن عَبْد الرحمان السدي الكبير ، ومحمد بن مروان السدي الصغير . وكذلك لَمْ يغفل النقل عن كتب المغازي التي أوردت تلك الأسباب لا سيما كتاب المغازي لمحمد بن إسحاق صاحب السيرة.
وفي كل ذَلِكَ نجد الواحدي ينقل تلك الأقوال بسنده إلى أصحابها ، وتارة ينقلها معلقة مِنْ غير ذكر للسند.(1/34)
أما الأقوال التي اكتفى بنسبتها إلى المفسرين، فهي فِي الغالب مجموعة من عدة آثار وأقوال يجمعها الواحدي ويسوقها مساقاً واحداً، وفي أكثر الأحيان يكون المراد بقوله هذا شيخه الثعلبي، وَقَد نبّه عَلَى كثير من ذَلِكَ الحافظ فِي العجاب، وكان ذَلِكَ ديدن شيخه الثعلبي، فتناوله الحافظ وعدَّ ذَلِكَ مما عيب عَلَيْهِ، فَقَالَ: (( وهذا من عيوب كتابه ، وَمن تبعه عَلَيْهِ ، يجمعون الأقوال عن الثقات وغيرهم ويسوقون القصة مساقاً واحداً عَلَى لفظ من يرمى بالكذب أو الضعف الشديد، ويكون أصل القصة صحيحاً والنكارة فِي ألفاظ زائدة ))(1) .
أما ما أغفل نسبته إلى شخص ما مِنْ أسباب النزول ، فَهُوَ فِي أغلب مادته مأخوذ من كلام شيخه الثعلبي .
المبحث الثالث
مصادر الواحدي
فِي كتاب أسباب نزول القرآن
فيما تقدم أكدنا عَلَى أن الواحدي كَانَ واسع الرواية استفرغ شطر عمره فِي التحصيل والسماع ، فاجتمع عنده عدد لا يستهان بِهِ مِن الكُتُب المسموعة ، ونجد مصداق ذَلِكَ فِي كتابه " أسباب نزول القرآن " عَلَى صغر حجمه فَقَدْ تضمن النقل
من عدة كتب ، أرتأينا أن نقسمها عَلَى حسب موضوعاتها عَلَى النحو الآتي :
أولاً: كتب التفسير وما يتعلق بالقرآن :
تفسير السدي ، للإمام أبي مُحَمّد إسْمَاعِيل بن عَبْد الرحمان بن أبي كريمة الحجازي ثم الكوفي ، المشهور بالسدي الكبير (ت 127 ه - ) .
وَقَد اقتبس الواحدي مِنْ هذا التفسير أربعين نصاً عَلَى النحو الآتي :
أولاً : خمسة نصوص مسندة ذكرها بإسناده إلى السدي مِنْ طرق هي :
- شيخه الثعلبي ، عن عَبْد الله بن حامد الأصبهاني ، عن مُحَمّد بن إسْمَاعِيل الفارسي، عن أحْمَد بن موسى الجماز ، عن عمرو بن حماد بن طلحة ، عن أسباط بن نصر ، عن السدي .
__________
(1) العجاب : 474 .(1/35)
- شيخه أبو عثمان سعيد بن مُحَمّد بن أحْمَد المؤذن ، عن جده ، عن أبي عمرو أحْمَد بن مُحَمّد بن حمدان الحيري عن مُحَمّد بن يَحْيَى ، عن عمرو بن حماد بن طلحة ، عن أسباط بن نصر ، عن السدي .
- شيخه مُحَمّد بن أحْمَد الشاذياخي ، عن مُحَمّد بن عَبْد الله بن زكريا ، عن مُحَمّد بن عَبْد الرحمان الدغولي ، عن أبي بكر بن أبي خيثمة ، عن عمرو بن حماد ، عن أسباط ، عن السدي .
-شيخه مُحَمّد بن عَبْد العزيز القنطري ، عن أبي الفضل الحدادي ، عن مُحَمّد بن يَحْيَى بن خالد ، عن إسحاق بن راهويه ، عن عمرو بن طلحة ، عن أسباط ، عن السدي .
ثانياً : خمسة وثلاثون نصاً معلقة لَمْ يذكر فِيهَا سنده إلى السدي ، وَقَدْ مضى بنا القول أن أغلب مادة الواحدي مما أبهم سنده فِيهَا قَدْ أخذها عن شيخه الثعلبي، وعليه فيشبه أن يكون سنده فِي هَذِهِ النصوص هُوَ نفس السند الأول ، والله أعلم .
2- تفسير الربيع بن أنس : للإمام الربيع بن أنس البكري البصري الخراساني
(ت139ه - ) وأغلب مادته روايات عن شيخه أبي العالية الرياحي.
وكانت حصة هذا التفسير من أسباب نزول القرآن ثمانية نصوص، عَلَى النحو الآتي:
أولاً : نصان ساقهما بإسناده إلى الربيع بن أنس ، مِنْ طريقين :
- من طريق شيخه أحْمَد بن مُحَمّد بن إبْرَاهيم المهرجاني ، عن عُبَيد الله بن
مُحَمّد بن بطة ، عن أبي القاسم البغوي ، عن جده أحْمَد بن منيع ، عن أبي سعد
الصغاني ، عن أبي جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس .
- مِنْ طريق شيخه إسْمَاعِيل بن الحسن النقيب ، عن أحْمَد بن سعيد الدارمي ، عن عَلِيّ بن الحسين بن واقد ، عن أبيه ، عن الربيع بن أنس .
ثانياً : ستة نصوص ذكرها من غير إسناد ، اثنان منها ذكرهما من قول الربيع ، واثنان منها عن الربيع عن أبي العالية، واثنان ذكرهما عن أبي العالية من غير ذكر للربيع.
3-تفسير الكلبي : لأبي نصر مُحَمّد بن السائب بن بشر الكلبي ( ت146ه - ) .(1/36)
وَقَد كَانَ لهذا التفسير جانب مهم حيث أخذ مِنْهُ الواحدي تسعين نصاً عَلَى النحو الآتي :
أولاً: سبعة نصوص ساقها الواحدي بسنده إلى الكلبي مِنْ الطرق الآتية :
- من طريق شيخه الثعلبي، عن شيبة بن محمد، عن عَلِيّ بن مُحَمّد بن قرة ، عن أحْمَد بن مُحَمّد بن نصر ، عن يوسف بن بلال ، عن مُحَمّد بن مروان ، عن الكلبي.
- شيخه أبو بكر أحْمَد بن مُحَمّد بن أحْمَد الأصبهاني ، عن أبي الشيخ ، عن الحسين ابن مُحَمّد بن أبي هريرة ، عن عَبْد الله بن عَبْد الوهاب ، عن مُحَمّد بن الأسود ، عن مُحَمّد بن مروان ، عن الكلبي .
- شيخه أبو عثمان سعيد بن مُحَمَّد بن أحْمَد المؤذن ، عن أبي عَلِيّ الفقيه ، عن عَلِيّ بن عَبْد الله بن مبشر الواسطي ، عن أبي الأشعث أحْمَد بن المقدام ، عن يزيد بن زريع ، عن الكلبي .
- شيخه مُحَمّد بن عَبْد الرحمان بن مُحَمّد ، عن أبي عمرو مُحَمّد بن أحْمَد الحيري ، عن أبي يعلى الموصلي ، عن أحْمَد بن الأحمس ، عن مُحَمّد بن فضيل ، عن الكلبي .
ثانياً : ثلاثة وثمانون نصاً معلقة من غير ذكر للسند .
4- تفسير شبل بن عباد : لأبي داود شبل بن عباد المكي المقرئ (ت 148ه - ) .
اقتبس مِنْهُ الواحدي ثلاثة نصوص أسندها من طريقين :
- من طريق شيخه أبي منصور عَبْد القاهر بن طاهر، عن أبي عمرو بن مطر، عن أبي عَبْد الله جعفر بن مُحَمّد بن الليث الزيادي ، عن أبي حذيفة النهدي ، عن شبل .
- من طريق شيخه أبي عثمان سعيد بن مُحَمّد بن مُحَمّد الزعفراني الحيري ، عن أبي عمرو بن مطر ، عن أبي عَبْد الله الزيادي ، عن أبي حذيفة النهدي ، عن شبل .
5- تفسير مقاتل بن حيان : لأبي بسطام مقاتل بن حيان النبطي البلخي المتوفى في حدود (150 ه - ) .
اقتبس مِنْهُ الواحدي خمسة نصوص عَلَى النحو الآتي :(1/37)
أولاً: نَص واحد ساقه بسنده مِنْ طريق شيخه أبي عثمان بن أبي عمرو الحافظ ، عن جده ، عن أبي عمرو أحْمَد بن مُحَمّد الجرشي ، عن إسْمَاعِيل بن قتيبة ، عن أبي خالد ، عن بكير بن مَعْرُوف ، عن مقاتل بن حيان .
ثانياً: أربعة نصوص ذكرها الواحدي معلقة مِنْ غير إسناد .
6- تفسير مقاتل بن سليمان : لأبي الحسن مقاتل بن سليمان بن كثير الأزدي الخراساني البلخي (ت 150ه - ) وَقَدْ نسب إلى الكذب .
واقتبس الواحدي مِنْهُ أربعة وثلاثين نصاً لم يسند واحداً منها .
7-تفسير الضحاك : لأبي مُحَمّد الضحاك بن مزاحم بن الهلالي .
وَقَدْ اقتبس الواحدي سبعة وعشرين نصاً مِنْ هذا التفسير ، عَلَى النحو الآتي :
أولاً: خمسة نصوص ساقها الواحدي بإسناده إلى الضحاك من الطرق الآتية :
- من طريق شيخه الثعلبي ، عن أحْمَد بن أبي الفرات، عن عَبْد الله بن مُحَمّد بن يعقوب البُخَارِيّ ، عن مُحَمّد بن حميد بن فرقد، عن إسحاق بن بشر، عن جويبر ، عن الضحاك.
- شيخه أبو بكر أحْمَد بن مُحَمّد بن أحْمَد الأصبهاني ، عن أبي الشيخ ، عن أبي يَحْيَى الرازي، عن سهل بن عثمان، عن عَبْد الله بن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك.
- شيخه أبو بكر أحْمَد بن مُحَمّد بن أحْمَد الأصبهاني ، عن أبي الشيخ ، عن أبي يَحْيَى الرازي ، عن سهل بن عثمان ، عن أبي مالك ، عن جويبر ، عن الضحاك .
- شيخه الثعلبي، عن أبي الحسين عَلِيّ بن مُحَمّد الجرجاني،عن أبي بكر مُحَمّد بن عَبْد الرحمان الجوهري ، عن مُحَمّد بن يَحْيَى بن منده، عن أبي كريب ، عن عثمان بن سعيد، عن أبي روق ، عن الضحاك .
ثانياً: اثنان وعشرون نصاً معلقة من غير ذكر الإسناد .
8- تفسير روح بن عبادة : لأبي مُحَمّد روح بن عبادة بن العلاء القيسي البصري
( ت 205 ه - ).
اقتبس الواحدي مِنْ هذا التفسير سبعة نصوص ، كلها مسندة مِنْ طريقين :(1/38)
- من طريق شيخه الثعلبي، عن أبي صالح شعيب بن مُحَمّد البيهقي، عن أبي حاتم مكي بن عبدان ، عن أبي الأزهر ، عن روح بن عبادة .
- من طريق شيخه أبي عثمان سعيد بن مُحَمّد بن أحْمَد المؤذن ، عن شعيب بن مُحَمّد ، عن مكي بن عبدان ، عن أبي الأزهر ، عن روح بن عبادة .
9-تفسير عَبْد الرزاق : لأبي بكر عَبْد الرزاق بن همام الحميري الصنعاني
(ت 211ه - ) .
وَقَد اقتبس الواحدي مِنْ هذا التفسير ستة نصوص أسندها جميعها من ستة طرق هي:
- من طريق شيخه الثعلبي ، عن عَبْد الله بن حامد الأصبهاني ، عن أحْمَد بن مُحَمّد بن الحسن ابن الشرقي ، عن مُحَمّد بن يَحْيَى ، عن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه أبي مُحَمّد الحسن بن مُحَمّد الفارسي ، عن مُحَمّد بن
عَبْد الله بن الفضل التاجر، عن ابن الشرقي، عن مُحَمّد بن يَحْيَى ، عن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه أبي عثمان سعيد بن مُحَمّد بن أحْمَد المؤذن ، عن أبي سعيد بن حمدون، عن ابن الشرقي ، عن مُحَمّد بن يَحْيَى ، عن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه مُحَمّد بن أحْمَد الشاذياخي ، عن مُحَمّد بن عَبْد الله بن
زكريا ، عن مُحَمّد بن عَبْد الرحمان الدغولي ، عن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه مُحَمّد بن عَبْد العزيز القنطري ، عن أبي الفضل مُحَمّد بن الحسن الحدادي، عن مُحَمّد بن يَحْيَى بن يزيد، عن إسحاق بن راهويه، عن عَبْد الرزاق.
- من طريق شيخه أبي القاسم عَبْد الرحمان بن أحْمَد، عن الحاكم، عن مُحَمّد بن عَلِيّ الصاغاني ، عن إسحاق بن إبْرَاهيم الدبري ، عن عَبْد الرزاق .
10 - تفسير إسحاق بن راهويه : لأبي يعقوب إسحاق بن إبْرَاهيم بن مخلد الحنظلي المروزي (ت 238ه - ) .
اقتبس الواحدي مِنْهُ أحد عشر نصاً كلها من طريق شيخه أبي عمرو مُحَمّد بن
عَبْد العزيز القطري ، عن أبي الفضل مُحَمّد بن الحسين الحدادي ، عن مُحَمّد بن يَحْيَى ابن خالد ، عن إسحاق بن راهويه .(1/39)
11- قراءات النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - : لأبي عمر حفص بن عمر بن عَبْد العزيز الدوري البغدادي ( ت 246ه - ) .
اقتبس الواحدي مِنْهُ نصاً واحداً مِنْ طريق شيخه أبي الحسن أحْمَد بن إبْرَاهيم النجار، عَن الطبراني ، عَن مُحَمَّد بن أحمد بن يزيد النرسي ، عَن أبي عُمَر الدوري .
12- تفسير أبي سَعِيد الأشج : لأبي سَعِيد عَبْد الله بن سَعِيد بن حصين الأشج الكندي الكوفي ( ت 257 ه - ) .
أخذ الواحدي منه خمسة نصوص ، أسندها جميعاً من طريقين :
- من طريق شيخه أبي حامد أحمد بن الحسن الكاتب ، عَن مُحَمَّد بن أحمد بن شاذان الرَّازِي ، عَن عَبْد الرحمان بن أبي حاتم الرَّازِي ، عَن أبي سَعِيد الأشج .
- من طريق شيخه أبي منصور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد، عَن أبي عَبْد الله مُحَمَّد ابن يزيد الخوزي ، عَن إبراهيم ابن مُحَمَّد بن سفيان ، عَن أبي سَعِيد الأشج .
13- فضائل القرآن : لأبي بكر جعفر بن مُحَمَّد بن الحسن بن المستفاض الفريابي
( ت301ه - ) .
اقتبس الواحدي مِنْهُ نصاً واحداً كرره ثلاث مرات في كتابه ، مرتين مطولاً ومرة مختصراً ، وجميعها بإسناد واحد مِنْ طريق شيخه أبي منصور عَبْد القاهر بن طاهر ، عَن أبي عمرو بن مطر ، عَن جعفر الفريابي .
14- جامع البيان عَن تأويل آي القرآن : لأبي جعفر مُحَمَّد بن جرير بن يزيد الطبري ( ت310 ه - ) .
اقتبس الواحدي مِنْ هذا التفسير ثلاثة نصوص رواها بسنده مِنْ طريق شيخه أبي حكيم عقيل بن مُحَمَّد الجرجاني ، عَن أبي الفرج المعافى بن زكريا ، عَن مُحَمَّد بن جرير الطبري .
15- معاني القرآن وإعرابه : لأبي إسحاق إبراهيم بن مُحَمَّد بن السري الزجاج البغدادي (ت 311ه - ) .
وقد اقتبس الواحدي منه نصاً واحداً من طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد ابن مُحَمَّد ، عَن أبي الحسن بن مِقسم ، عَن الزجاج .(1/40)
16- تفسير ابن أبي حاتم: لأبي مُحَمَّد عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن إدريس الحنظلي التميمي الرَّازِي ، الحافظ ابن الحافظ ( ت 327ه - ) .
اقتبس الواحدي مِنْ هذا التفسير أربعة نصوص ، أسندها جميعاً مِنْ طريق شيخه أبي حامد أحمد بن الحسن الكاتب ، عَن مُحَمَّد بن أحمد بن شاذان الرَّازِي عَن ابن أبي حاتم .
17-تفسير أبي الشَّيْخ:لأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُحَمَّد بن جعفر بن حيان الأصبهاني ( ت 369 ه - ) .
اقتبس الواحدي منه اثنين وستين نصاً من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن مُحَمَّد الأصبهاني ، عن أبي الشَّيْخ .
ثانياً : كتب الحَدِيْث :
الموطأ : لأبي عَبْد الله مَالِك بن أنس بن مَالِك الحميري الأصبحي ( ت 179 ه - ).
اقتبس الواحدي من الموطأ ثلاثة نصوص مِنْ ثلاثة طرق هي :
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري ، عَن مُحَمَّد بن يعقوب
الأصم ، عَن الربيع بن سليمان المرادي ، عَن مُحَمَّد بن إدريس الشَّافِعِيّ ، عَن مَالِك .
- مِنْ طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد المؤذن ، عَن أبي علي الفقيه، عَن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز ، عَن مصعب بن عَبْد الله الزبيري ، عَن مَالِك .
- من طريق شيخه أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد ، عَن أبي عمرو بن مطر، عَن إبراهيم بن علي ، عَن يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي ، عَن مَالِك .
كتاب الزهد والرقائق : لأبي عَبْد الرحمان عَبْد الله بن المبارك بن واضح المروزي الحنظلي التميمي مولاهم ( ت 181ه - ) .
اقتبس الواحدي منه نصين مِنْ طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد المؤذن ، عَن أبي علي الفقيه ، عَن مُحَمَّد بن معاذ الماليني ، عَن الحسن بن الحسن المروزي، عَن عَبْد الله بن المبارك .
المسند : لأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن وهب الفهري المصري ( ت 197ه - ) . اقتبس الواحدي منه ثلاثة نصوص من الطرق الآتية :(1/41)
- من طريق شيخه عَبْد الرحمان بن أحمد بن مُحَمَّد، عَن الحَاكِم أبي عَبْد الله ، عَن أبي العباس الأصم ، عَن بحر بن نصر ، عَن عَبْد الله بن وهب .
-من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري ، عَن أبي العباس الأصم ، عَن بحر ابن نصر ، عَن عَبْد الله بن وهب .
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن الحسن ، عَن أبي العباس الأصم ، عَن
مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد الحكم ، عَن عَبْد الله بن وهب .
المسند : لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إدريس بن العباس المكي القرشي الشَّافِعِيّ
( ت 204ه - ) .
اقتبس الواحدي منه ثلاثة نصوص من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن الحسن
الحيري ، عَن أبي العباس الأصم ، عَن الربيع بن سليمان ، عَن الشَّافِعِيّ .
المصنف : لأبي بكر عَبْد الرزاق بن همام الصنعاني ( ت 211 ه - ).
اقتبس الواحدي منه ستة نصوص مِنْ الطرق الآتية :
- من طريق شيخه الثعلبي ، عَن عَبْد الله بن حامد الأصبهاني ، عَن أبي حامد بن الشرقي ، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، عَن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري ، عَن حاجب بن أحمد الطوسي ، عَن مُحَمَّد بن حماد الأبيوردي ، عَن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه إسماعيل بن الحسن بن مُحَمَّد النقيب ، عَن جده ، عَن أبي حامد بن الشرقي ، عَن عَبْد الرحمان بن بشر ، عَن عَبْد الرزاق .
- من طريق شيخه أبي مُحَمَّد الحسن بن مُحَمَّد الفارسي، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله ابن الفضل التاجر ، عَن ابن الشرقي ، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، عَن عَبْد الرزاق .
السنن : لأبي عُثْمَان سَعِيد بن منصور بن شعبة المروزي الخراساني
( ت 227 ه - ).
اقتبس الواحدي منه نصين من طريق شيخه سَعِيد بن العباس الهروي ، عَن العباس ابن الفضل بن زكريا ، عَن أحمد بن نجدة ، عَن سَعِيد بن منصور .
المسند : لأبي الحسن مسدد بن مسرهد بن مسربل الأسدي البصري
( ت 228 ه - ) .(1/42)
اقتبس الواحدي منه نصاً واحداً من طريق شيخه أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد ، عَن أبي عمرو بن مطر ، عَن أبي خليفة الفضل بن الحباب ، عَن مسدد بن مسرهد .
المسند : لأبي الحسن علي بن الجعد بن عبيد البغدادي الجوهري ( ت 230ه - ).
اقتبس الواحدي مِنْهُ ثلاثة نصوص من ثلاثة طرق :
- من طريق شيخه أحمد بن مُحَمَّد العدل، عَن زاهر بن أحمد، عَن أبي القاسم البغوي، عَن علي بن الجعد .
- من طريق شيخه أبي إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم ، عَن إسماعيل بن نجيد ، عَن مُحَمَّد بن عَبْدوس ، عَن علي بن الجعد .
- من طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد المؤذن ، عَن أبي علي بن أبي بكر الفقيه ، عَن أبي القاسم البغوي ، عَن علي بن الجعد .
9- المصنف : لأبي بكر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن إبراهيم العبسي الكوفي المَعْرُوف بابن أبي شيبة ( ت 235ه - ) .
اقتبس الواحدي منه نصاً واحداً مِنْ طريق شيخه أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد ، عَن أبي الهيثم أحمد بن مُحَمَّد بن غوث الكندي ، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سليمان الحضرمي ، عَن ابن أبي شيبة .
10- المسند : لأبي عَبْد الله أحمد بن مُحَمَّد بن حَنْبل الذهلي الشيباني المروزي ثُمَّ البغدادي ( ت 241ه - ) . اقتبس منه عشرة نصوص مِنْ طريقين :
- من طريق شيخه عَبْد الرحمان بن حمدان، عَن أبي بكر القطيعي، عَن عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبل ، عَن أبيه .
- من طريق شيخه إسماعيل بن إبراهيم النصر آباذي ، عَن أبي بكر القطيعي، عَن عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبل ، عَن أبيه .
الجامع الصحيح المختصر المسند مِنْ حَدِيْث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسننه وأيامه : لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إسماعيل بن إبراهيم الجعفي مولاهم البخاري ( ت 256 ه - ).
اقتبس الواحدي منه سبعة نصوص مِنْ طريقين :(1/43)
- من طريق شيخه عمرو بن أبي عمرو المزكي، عَن الكشميهني ، عَن الفربري، عَن البخاري.
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن أحمد الشاذياخي ، عَن الكشميهني، عَن الفربري ، عَن البخاري .
12-الزهريات : لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن يَحْيَى بن عَبْد الله الذهلي مولاهم النيسابوري (ت 258 ه - ).
اقتبس الواحدي منه ثلاثة عشر نصاً :
- من طريق شيخه أبي مُحَمَّد الحسن بن مُحَمَّد الفارسي، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله ابن الفضل التاجر ، عَن أبي حامد بن الشرقي ، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى الذهلي .
13- الصحيح : لأبي الحسين مُسْلِم بن الحجاج بن مُسْلِم القشيري النيسابوري
( ت 261ه - ) .
اقتبس الواحدي منه أربعة نصوص :
- من طريق شيخه أبي بكر مُحَمَّد بن إبراهيم بن أحمد، عَن مُحَمَّد بن عيسى بن عُمَرويه ، عَن إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان ، عَن مُسْلِم .
14-المسند : لأبي العباس الحسن بن سفيان بن عامر الشيباني الخراساني النسوي
( ت 303 ه - ).
اقتبس الواحدي منه سبعة نصوص مِنْ طريقين :
- من طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد المؤذن ، عَن أبي عمرو الحيري ، عَن الحسن بن سفيان .
- من طريق شيخه أبي بكر مُحَمَّد بن عُمَر الزاهد، عَن أبي عُمَر الحيري ، عَن الحسن بن سفيان .
15-المسند : لأبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى التميمي الموصلي (ت 307 ه - ) .
اقتبس الواحدي منه تسعة عشر نصاً مِنْ أربعة طرق :
- من طريق شيخه أبي الحسن علي بن مُحَمَّد المقريء ، عَن أبي عمرو الحيري ، عَن أبي يعلى .
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن أحمد الشاذياخي ، عَن أبي عمرو الحيري ، عَن أبي يعلى.
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد، عَن أبي عمرو الحيري، عَن أبي يعلى .
- من طريق شيخه منصور بن عَبْد الوهاب، عَن أبي عمرو الحيري، عَن أبي يعلى.
16- المعجم الكبير والأوسط : لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني ( ت 360ه - ).(1/44)
اقتبس من كل واحد مِنْهُمَا نصاً واحداً ، وكلاهما من طريق شيخه أبي الحسن
أحمد بن إبراهيم النجار ، عَن الطبراني .
17- السنن: لأبي الحسن علي بن أحمد الدارقطني البغدادي ( ت385 ه - ) .
اقتبس الواحدي منه اثني عشر نصاً كلها مِنْ طريق شيخه أبي منصور مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد ، عَن الدارقطني .
18-المسند المتفق الصحيح عَلَى كتاب مُسْلِم : لأبي بكر مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد ابن زكريا الشيباني الخراساني الجوزقي ( ت 388 ه - ) .
اقتبس الواحدي منه أربعة عشر نصاً مِنْ طريق شيخه مُحَمَّد بن أحمد الشاذياخي، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله الجوزقي .
19-المستدرك عَلَى الصحيحين : لأبي عَبْد الله مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الضبي الطهماني النيسابوري المَعْرُوف بالحاكم أبي عَبْد الله ابن البيع ( ت 405 ه - ).
اقتبس الواحدي منه سبعة عشر نصاً مِنْ طريقين :
- من طريق شيخه أبي القاسم عَبْد الرحمان بن أحمد بن مُحَمَّد بن عبدان ، عَن الحَاكِم.
من طريق شيخه أبي بكر بي أبي الحسين المسيبي ، عَن الحَاكِم .
ثالثاً : كَتَبَ المغازي والتاريخ :
المغازي : لأبي مُحَمَّد موسى بن عقبة بن أبي عياش القرشي مولاهم الأسدي المطرقي ( ت 141 ه - ) .
اقتبس الواحدي منه ثلاثة نصوص مِنْ ثلاثة طرق :
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الأصبهاني ، عَن أبي الشَّيْخ ، عَن أبي يَحْيَى الرَّازِي، عَن سهل بن عُثْمَان، عَن عَبْد الله بن المبارك، عَن موسى بن عقبة.
- من طريق شيخه سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد الإشكابي، عَن الحسن بن أحمد بن علي ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق الثقفي ، عَن قتيبة بن سَعِيد ، عَن يعقوب بن عَبْد الرحمان ، عَن موسى بن عقبة .(1/45)
- من طريق شيخه عَبْد الرحمان بن أحمد بن مُحَمَّد، عَن الحَاكِم، عَن إسماعيل بن مُحَمَّد بن الفضل ، عَن جده ، عَن إبراهيم بَن المنذر الحزامي، عَن مُحَمَّد بن فليح ، عَن موسى بن عقبة .
المغازي : لأبي المعتمر سليمان بن طرخان التيمي البصري (ت 143ه - ).
اقتبس الواحدي منه أربعة نصوص من الطرق الآتية :
- من طريق شيخه إسماعيل بن إبراهيم ، عَن مُحَمَّد بن أحمد بن حامد العطار ، عَن أحمد بن الحسين بن عَبْد الجبار ، عَن الحارث بن شريح ، عَن المعتمر بن سليمان ، عَن أبيه .
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان، عَن أبي عمرو الحيري، عَن عمران بن موسى، عَن عَبْد الأعلى بن حماد النرسي ، عَن المعتمر بن سليمان ، عَن أبيه .
- من طريق شيخه منصور بن عَبْد الوهاب بن الحسين ، عَن عَبْد الله بن مُحَمَّد الفامي ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق الثقفي ، عَن أبي الأشعث ، عَن المعتمر بن سليمان، عَن أبيه .
- من طريق شيخه منصور بن عَبْد الوهاب، عَن أبي عمرو الحريري، عَن أحمد بن الحسين بن عَبْد الجبار ، عَن إبراهيم بن عرعرة ، عَن المعتمر بن سليمان ، عَن أبيه .
المغازي : لأبي بكر مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار القرشي المطلبي مولاهم
(ت150 ه - ) أو حدودها .
اقتبس الواحدي منه ثمانية وعشرين نصاً عَلَى النحو الآتي:
أولاً: عشرون نصاً ذكرها الواحدي بإسناده من الطرق الآتية :
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الأصبهاني ، عَن أبي الشيخ ، عَن أبي يَحْيَى الرَّازِي ، عَن سهل بن عُثْمَان ، عَن يَحْيَى بن أبي زائدة ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي بكر أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الأصبهاني ، عَن أبي الشَّيْخ ، عَن الوليد بن أبان ، عَن مُحَمَّد بن إدريس، عَن منصور بن أبي مزاحم، عَن ابن أبي الوضاح ، عَن يونس بن بكير ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .(1/46)
- من طريق شيخه الثعلبي ، عَن أبي عَبْد الله الحسين بن مُحَمَّد الدينوري، عَن أبي بكر بن خزيمة، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن سليمان، عَن مُحَمَّد بن العلاء ، عَن يونس بن بكير ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه إسماعيل بن إبراهيم النصرآباذي، عَن القطيعي، عَن عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبل ، عَن أبيه ، عَن يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه إسماعيل بن إبراهيم النصرآباذي ، عَن أبي الحسن مُحَمَّد بن أحمد بن حامد العطار، عَن أحمد بن الحسن بن عَبْد الجبار ، عَن أبي القاسم عَبْد الله بن سعد الزهري ، عَن أبيه وعمه ، عَن أبيهما ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق.
- من طريق شيخه إسماعيل بن الحسن النقيب ،عَن جده ، عَن أبي حامد بن الشرقي، عَن عَبْد الرحمان بن بشر ، عَن سفيان بن عُيَيْنَة ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي عُثْمَان إسماعيل بن عَبْد الرحمان بن أحمد الصابوني ، عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الفقيه ، عَن مُحَمَّد بن الحسين القطان، عَن إسحاق بن عَبْد الله بن زرير، عَن حفص بن عَبْد الرحمان ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي عَبْد الرحمان مُحَمَّد بن أحمد الشاذياخي ، عَن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن زكريا ، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدغولي ، عَن عَبْد العزيز بن يَحْيَى بن يوسف ، عَن أبي الأصبع الحراني ، عَن مُحَمَّد بن سلمة ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي القاسم عَبْد الرحمان بن أحمد ، عَن الحَاكِم ، عَن مُحَمَّد بن يعقوب الأصم ، عَن أحمد بن عَبْد الجبار ، عَن يونس بن بكير ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي سَعِيد عَبْد الرحمان بن حمدان ، عن القطيعي ، عَن عَبْد الله ابن أحمد بن حنبل، عَن أحمد بن مُحَمَّد بن أيوب ، عَن إبراهيم بن سعد، عَن مُحَمَّد بن إسحاق.(1/47)
- من طريق شيخه أبي سَعِيد عَبْد الرحمان بن حمدان، عَن القطيعي ، عَن عَبْد الله ابن أحمد بن حنبل، عَن أبيه، عَن الأسود بن عامر ، عَن حماد بن سلمة ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق.
-من طريق شيخه أبي عَبْد الله مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن إسحاق السراج ، عَن الحسن بن أحمد، عَن ابن أبي شعيب الحراني، عَن مُحَمَّد بن سلمة ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد ، عَن أبيه ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق السراج ، عَن سَعِيد بن يَحْيَى الأموي ، عَن أبيه ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن إبْرَاهِم بن مُحَمَّد ، عَن أبي عمرو بن نجيد ، عَن أبي مُسْلِم إبراهيم بن عَبْد الله ، عَن ابن حجاج ، عَن حماد بن سلمة، عَن مُحَمَّد بن إسحاق.
- من طريق شيخه مُحَمَّد بن موسى بن الفضل ، عَن مُحَمَّد بن يعقوب الأصم ، عَن أحمد بن عَبْد الجبار ، عَن يونس بن بكير ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
-من طريق شيخه أبي مُحَمَّد الحسن بن مُحَمَّد الفارسي، عَن مُحَمَّد بن عَبْد الله ابن حمدون ، عَن أحمد بن الحسن الحافظ، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، عَن عياش بن الوليد ، عَن عبد الأعلى ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه الحسن بن مُحَمَّد الفارسي ، عن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الفضل التاجر ، عَن أبي حامد بن الشرقي ، عَن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، عَن حسن بن الربيع بن الخشاب ، عَن ابن إدريس ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد بن أحمد ، عَن جده ، عَن مُحَمَّد ابن إسحاق السراج، عَن مُحَمَّد بن حميد الرَّازِي، عَن سلمة بن الفضل ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق .
- من طريق شيخه أبي عُثْمَان سَعِيد بن مُحَمَّد، عَن أبي علي الفقيه، عَن أبي لبابة مُحَمَّد بن المهدي الميهني ، عَن عمار بن الحسن ، عَن سلمة بن الفضل ، عَن مُحَمَّد بن إسحاق.(1/48)
- من طريق شيخه أبي نصر أحمد بن مُحَمَّد المزكي ،عَن عبيد الله بن مُحَمَّد بن بطة، عن أبي القاسم البغوي ، عَن سَعِيد بن يَحْيَى الأموي ، عَن أبيه ، عن مُحَمَّد بن إسحاق .
ثانياً : سبعة نصوص ذكرها الواحدي معلقة مِنْ غير إسناد .
أخبار مكة : لأبي الوليد مُحَمَّد بن عَبْد الله بن أحمد الأزرقي الغساني المكي
(ت 223ه - ) .
اقتبس الواحدي منه ثلاثة نصوص :
- من طريق شيخه أبي حسان المزكي ، عَن هارون بن مُحَمَّد الإسترآباذي ، عَن إسحاق بن أحمد الخزاعي ، عَن أبي الوليد الأزرقي .
5- الأوراق في أخبار آل العباس وأشعارهم : لأبي بكر مُحَمَّد بن يَحْيَى بن
عَبْد الله الصولي البغدادي ( ت 335ه - ).
اقتبس الواحدي منه نصاً واحداً :
- من طريق شيخه عبد الرحمان بن حمدان النصرويي ، عَن أبي العباس أحمد بن عيسى الوشاء ، عَن الصولي .
المبحث الرابع
تحقيق الكتاب ومنهج التحقيق
المطلب الأول : اسم الكتاب
اشتهر كتاب الواحدي باسم " أسباب النزول "، وشاع وانتشر بَيْنَ النَّاس قدماء ومحدثين بهذا الاسم ، ولكننا آثرنا تسميته بِمَا أسماه بِهِ مؤلفه ، وهو " أسباب نزول القرآن " . وَهُوَ اسم دال عَلَى مضمون الكِتَاب أولاً ، ثُمَّ إنه الاسم المثبت عَلَى طرة نسخة (ب) ، وإنه المصرح به خاتمته حيث قَالَ: (( آخر كِتَاب أسباب نزول القرآن )) . وبهذا الاسم سماه صديق حسن خان فِي كتابه " أبجد العلوم "(1) فَقَالَ فِي معرض كلامه عَن كتب الواحدي : (( وله كِتَاب " أسباب نزول القرآن " )) .
أما ماشاع وانتشر واشتهر بَيْنَ النَّاس فهو من بَاب التجوز والاختصار وَهُوَ بَابٌ واسع لايصح التعويل عَلَيْهِ بمرة من غَيْر استناد لأدلة تدعمه أو تنفيه، والله أعلم بالصواب.
المطلب الثاني : توثيق نسبته إلى مؤلفه
__________
(1) 3 / 146(1/49)
لم نجد فيما بين أيدينا مِن المصادر شكاً في نسبة كتاب " أسباب نزول القرآن " إلى مؤلفه أبي الحسن الواحدي، بل إن العلماء والمؤرخين مطبقون عَلَى نسبة هذا الكتاب إلى مؤلفه ، ونقولهم الَّتِيْ لا تحصى منه أكبر شاهد عَلَى ذَلِكَ ، ولو ذهبنا نستقصي ذَلِكَ لطال بنا المقام، وكنا كمن يقيم الأدلة عَلَى أن الشمس شمس وكان يكفيه أن يسأل أحد العوام عنها فضلاً عَن العلماء .
المطلب الثالث : وصف النسخ المعتمدة في التحقيق
اعتمدنا في تحقيقنا لكتاب أسباب نزول القرآن عَلَى ثلاث نسخ خطية ومطبوعتين . أما المطبوعتان فهي النسخة الَّتِي قام بتحقيقها السَّيِّد أحمد صقر وطبعت في مؤسسة علوم القرآن/بيروت ، الطبعة الثالثة ، سَنَة 1987م ، ورمزنا لها بالحرف (س)، وأما المطبوعة الأخرى فهي الطبعة القديمة المطبوعة في دار ومكتبة الهلال / بيروت ، بإشراف لجنة تحقيق التراث ، الطبعة الثالثة ، عام 1985 ، وَقَدْ رمزنا لها بالحرف (ه - ).
أما النسخ الخطية فَقَد اعتمدنا عَلَى ثلاث نسخ فيما يأتي وصف لكل منها :
1- نسخة خطية من محفوظات مكتبة الأوقاف العامة في بغداد تحت الرقم [2374] وهي نسخة واضحة ومقروءة خطها نسخي عادي ، تقع في [243] ورقة ، نسخت في القرن السادس الهجري ، وهي نسخة جيدة ، إلاّ أن ناسخها أهمل بَعْض الأسانيد اختصاراً ، وَهِيَ من موقوفات الوزير سليمان باشا ، وَهِيَ مخرومة الآخر تنتهي بأول سورة الزلزلة ، ورمزنا لها بالرمز (ص) .(1/50)
2- نسخة خطية من محفوظات مكتبة الأوقاف العامة في بغداد تحت الرقم [2369] ، تقع في (124) ورقة ، بمعدل (22) سطراً في الصفحة وبواقع (15) كلمة في السطر الواحدخطها نسخي واضح ومقروء ، مشكولة في بعض المواطن ، وعليها آثار المقابلة والتصحيح ، انمحى منها قرابة ثلاثة أسطر من مقدمتها فأتمت بخط مغاير قبل صفحة العنوان ، أصابت النسخة رطوبة ابتداءاً من الورقة (119) فانمحت بعض الكلمات إلى الورقة (122) فما بعدها فهي غير مقروءة تماماً .
وقد ثبت عَلَى عنوان النسخة ما صورته : (( أسباب نزول القرآن تأليف الشَّيْخ الإمام الأوحد أبي الحسن علي بن أحمد الواحدي، رِوَايَة الشَّيْخ الإمام بدر الإسلام أبي نصر مُحَمَّد بن عَبْد الله الإرغياني عَنْهُ ، رحمة الله عَلِيهِ )).
إلا أن سند النسخة المثبت عَلَى طرتها يلفت النظر إِلَى أنها روايةعبد الجبار البيهقي، فَقَد جاء سند النسخة عَلَى النحو الآتي: (( قرأ عليَّ هذا الكتاب صاحبه الشَّيْخ الإمام الأجل الفاضل محب الدين أبو بكر عَبْد الله بن مُحَمَّد بن علي العلاف الدينوري، وسمعه ولدي أبو الفرج مُحَمَّد - جعله الله من الصالحين - ، وأخبرتهما أني سمعته عَلَى شيخي الشَّيْخ الفقيه أبي الفضل منصور بن أبي الحسن بن إسماعيل الطبري المخزومي - رضي الله عنه - ، وأخبرني أنه سمعه عَلَى الشَّيْخ عَبْد الجبار البيهقي ، عَن المصنف -رحمه الله -، وقد أجزت لهما أن يروياه عني. وكتب مُحَمَّد بن أبي الفرج بن معالي بن بركة الفقيه الموصليّ ببغداد في يوم الخميس الموفِّي العشرين من صفر من سَنَة اثنتين وست مئة حامداً لله تعالى ومصلياً عَلَى سيدنا مُحَمَّد النبي وآله وصحبه ومُسَلِّماً )).
وكانت المقابلة والتصحيح بيد العلاف .
ترجمة رجال السند :
عَبْد الجبار البيهقي :(1/51)
هُو الإمام المفتي المعمّر الثقة أبو مُحَمَّد عَبْد الجبار بن مُحَمَّد بن أحمد الخُواري البيهقي ، مولده سَنَة (445ه - ) سمع مِنْ أبي بكر البيهقي فأكثر عنه ، ومن أبي الحسن الواحدي المفسر ، وأبي القاسم القشيري وغيرهم .
حدّث عَنْهُ السمعاني ، وابن عساكر وغيرهما، وكان متواضعاً خيّراً بصيراً بمذهب الشَّافِعِيّ ، توفي سَنَة (533ه - ) أو ( 534ه - ).
وأرّخ وفاته السمعاني في " التحبير " سَنَة (536ه - ) وتبعه الذهبي عَلَى ذَلِكَ في السير وتاريخ الأسلام (1) .
منصور بن أبي الحسن :
هُو أبو الفضل منصور بن أبي الحسن بن إسماعيل بن المظفر المخزومي الطبري الصوفي الواعظ ، كَانَ مولده في آمل طبرستان ونشأ بمرو وتفقه فيها وفي نيسابور، وكان جيد الكلام في المناظرة ، ثُمَّ اشتغل بالوعظ والتصوف .
سمع من زاهر بن طاهر، وعبد الجبار بن مُحَمَّد الخواري، وحدَّث ببغداد والموصل والشام وبلاد خراسان وما وراء النهر ، وأخذ منه : الحازمي وإلياس بن جامع الأربلي ، والضياء المقدسي وخلق .
وقد ضعف في روايته لصحيح مُسْلِم عَن الفراوي، توفي سَنَة (595ه - ) بدمشق(2).
ابن بركة :
__________
(1) انظر ترجمته في : الأنساب 5/196 ، والتحبير 1/423 ، ومعجم البلدان 2/394 ، والعبر 4/99 ، وسير أعلام النبلاء 20 /71 ، وتاريخ الإسلام ، وفيات سَنَة (536):413 ،وطبقات الشافعية الكبرى 7/144 ، وتبصير المنتبه 2/553 ، والنجوم الزاهرة 5/270 .
(2) انظر ترجمته في : التقييد لابن نقطة : 453 ، والتكملة 2/160 ، وتاريخ إربل 1/191 ، وتكملة إكمال الإكمال : 134 ، والتدوين 4/116 ، والعبر 4/288 ، وتاريخ الإسلام وفيات سَنَة (595 ) : 208 ، وطبقات الشافعية الكبرى 4/313 ، ولسان الميزان 6/ 92 ، وشذرات الذهب 4/321 .…(1/52)
هُو مُحَمَّد بن أبي الفرج بن أبي المعالي معالي ، فخر الدين أبو المعالي الموصلي المقريء الشَّافِعِيّ . مولده سَنَة (539ه - ) وقرأ القراءات عَلَى يَحْيَى بن سعدون القرطبي والشيخ عَبْد الصمد بن أبي الجيش ، وغيرهما ، وسمع من خطيب الموصل أبي الفضل الطبري ، قرأ العربية عَلَى الكمال بن الأنباري ، ثُمَّ قدم بغداد سَنَة (572 ه - - ) فتفقه بها وأقام بها ، وأعاد بالمدرسة النظامية وقرأ القراءات وحدّث .
قَالَ ابن النجار : لَهُ مَعْرِفَة تامّة بوجوه القراءات وعللها وطرقها ، وله في ذَلِكَ مصنفات ، وكان فقيهاً فاضلاً حسن الكلام في مسائل الخلاف ، ويعرف النحو مَعْرِفَة حسنة . وكان كيّساً متودداً متواضعاً لطيف العشرة صدوقاً . توفي سَنَة (621ه - )
ببغداد (1) .
العلاف :
لم نقف عَلَى ترجمة لَهُ ، والظاهر مِنْ وصف ابن بركة لَهُ بـ(( الشَّيْخ الإمام الأجل الفاضل ))أنَّهُ كَانَ عَلَى شأوٍ بعيد مِن الطلب والإتقان والله أعلم (2)
__________
(1) انظر ترجمته في : التكملة 3/128 ، وتلخيص مجمع الآداب 4/2406 ، ومعرفة القراء الكبار 2/613 ، وتاريخ الإسلام وفيات سنة (621 ه) ص: 78، والعبر 5/86،والوافي بالوفيات 4/319 ، وطبقات الشافعية الكبرى 5/46، والبداية والنهاية 13/105، وغاية النهاية 2/248 ، والنجوم الزاهرة 6/259 ، وشذرات الذهب 5/96 .
(2) قَالَ ماهر : الَّذِي يبدو لي من خلال مكثي مَعَ تحقيق كتاب " أسباب نزول القرآن " قرابة أربع سنوات أن هَذِهِ النسخة هِيَ نسخة الأرغياني ، وَهِيَ الرِّوَايَة المتقنة والأحسن عن الإمام الواحدي ، وَهَكَذَا جاء عَلَى طرة الكِتَاب بنفس خط الأصل الَّذِي هُوَ خط الكِتَاب من أوله إِلَى آخره .
أما سند النسخة عَلَى طرة الكِتَاب فَهُوَ بخط مغاير يخالف خص الأصل ، مِمَّا يرجح لنا أن هَذِهِ النسخة تملكها العلاف ، وسمعها عن شيوخه بسند رِوَايَة عَبْد الجبار البَيْهَقِيّ ، وَكَانَ عَلَيْهِ أن يروي الكِتَاب من رواية البَيْهَقِيّ لا من رِوَايَة أخرى ، والله أعلم .(1/53)
.
وقد رمزنا لهذه النسخة بالرمز ( ب ) ، وَقَد اعتمدناها أصلاً في التحقيق لَمْ نحد عَنْهَا إلاّ لضرورة .
3- نسخة خطية ثالثة تحتفظ بها مكتبة الأوقاف العامة في بغداد أيضاً ، ورقمها
[2/2410]، تقع في (128) ورقة ، خطها نسخي عادي واضح ومقروء ، وهي نسخة ناقصة تنتهي عند سورة الزلزلة، وَهِيَ نسخة فِيْهَا خطأ غَيْر قليل . وقد رمزنا لها بالرمز (ث) (1).
المطلب الرابع : منهج التحقيق
سرنا في تحقيقنا لكتاب "أسباب نزول القرآن" عَلَى ضوء المنهج الآتي :
1- حاولنا ضبط النص قدر المستطاع مِنْ خلال مقابلة النسخ الخطية عَلَى بعضها ثُمَّ مقابلتها عَلَى النسختين المطبوعتين ، وثبتنا ما تدعو إليه الحاجة مِنْ فروقات النسخ .
2- خرّجنا الآيات الكريمة من مواطنها في المصحف ،مَعَ الإشارة إلى اسم السورة ورقم الآية .
3- خرجنا الأحاديث النبوية والآثار تخريجاً مستوعباً وحسب الطاقة .
4- عزونا ما نقله الواحدي من غير إسناد إلى مصادر التفسير .
5- ترجمنا لرجال بَعْض الإسناد لا سيما المتأخرون لأنهم ممن يصعب الوقوف عَلَى ترجمة لهم خدمة للقاريء .
6- قدمنا للكتاب بدراسة وافية نراها كافية كمدخل إليه.
7-لم نألُ جهداً في تقديم أي عمل يخدم الكتاب ، وهذا يتجلى في الفهارس المتنوعة الَّتِيْ ألحقناها بالكتاب ، بغية توفير الوقت والجهد عَلَى الباحث .
8- قمنا بشكل ما يحتاج إلى شكل في نَصِّ الكتاب .
9- علّقنا عَلَى المواطن التي اعتقدنا أنها بحاجة إلى مزيد إيضاح وبيان .
__________
(1) وَلَمْ نحاول الحصول عَلَى نسخ خطية أخرى للكتاب مَعَ توفرها في مكتبات العالم الإسلامي ؛ لأننا آثرنا أن يَكُوْن الكِتَاب عَلَى رِوَايَة واحدة ، وَهِيَ رِوَايَة الأرغياني ، ومن خلال البحث والتتبع والنظر والمقارنة ؛ تبين أنها أفضل الروايات عن الإمام الواحدي ، فهي سَمَاع عن الواحدي نفسه ، وَقَد اعتمدها الحَافِظ ابن حجر ؛ لجودتها .(1/54)
10- جعلنا الكتاب عَلَى رِوَايَة واحدة ، وَهِيَ رِوَايَة الأرغياني ، وَهِيَ الرِّوَايَة عينها الَّتِي اعتمدها الحَافِظ ابن حجر في كتاب " العجاب " .
11- رقمنا أحاديث الكِتَاب المسندة .
وبعد هذا كله فلسنا ندعي العصمة لعملنا ،ولكن حسبنا أننا بذلنا جهدنا فيه ،
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .(1/55)
e
قَالَ} (1) {?الشيخ الإمام أبو الحسن علي بن أحمد الواحدي النيسابوري - رضي الله عنه -? - ?الحمد لله الكريم الوهاب، هازم الأحزاب، ومفتح الأبواب} (2) {?، ومنشىء السحاب، ومرسي الهضاب} (3) {?، ومنزل الكِتَاب، في حوادث مختلفة الأسباب، أنزله مفرقاً نجوماً} (4) {، وأودعه أحكاماً وعلوماً. فقال} (5) {?عزَّ من قائل: {?وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً?} ??} الإسراء: 106].
__________
(1) في (ص): ((أخبرنا الشيخ الإمام الأوحد أبو العباس عمر بن عبد الله بن أحمد الأرغيناني، قال: قال…)).
(2) سقطت من (ه).
(3) في حاشية (ب): ((أي: الجبال)). وانظر: لسان العرب 1/ 583 (هضب).
(4) التنجيم: الأداء مفرّقاً، يقال: نجّم الدين أداه أقساطاً، والنجم: الوقت المعيّن لأداء دَين أو عمل، ومن ثَمَّ سمي به الشيء الَّذِي يؤدّى في ذَلِكَ الوقت المعيّن. والمراد: أنزله مفرّقاً دفعات. انظر: لسان العرب 12/ 570، والمعجم الوسيط: 904 - 905 (نجم).
(5) في (س): ((قال)).(1/56)
(1) أخبرنا الشيخ أبو بكر أحمد بن محمد الأصبهاني (1) ، قَالَ : أخبرنا عبد الله ابن محمد بن حيان (2) ، قَالَ : حدثنا أبو يحيى الرازي (3) ، قَالَ : حدَّثَنا سهل بن عثمان العسكري (4)، قَالَ: حدَّثَنا يزيد بن زريع ، قَالَ: حدَّثَنا أبو رجاء ، قال : سمعتُ الحسن يقول في قوله تعالى: { وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ } [الاسراء: 106]: ذكر لنا أنه كان بين أوله وآخره } (5) { ?ثماني عشر سنة؛ أُنزل عَلَيْهِ بمكة ثماني سنين قَبْلَ أن يهاجر ، وبالمدينة عشر سنين } (6) { - ?
} صفر { ?أخبرنا أحمد } (7) { ?، قَالَ : أخبرنا عبدالله ، قَالَ : أخبرنا أبو يحيى الرازي } (8) { ?، قَالَ: حدَّثَنا سهل، قَالَ: حدَّثَنا يحيى بن أبي كثير } (9) { ، عن هشيم، عن داود، عن الشعبي ، قال : فرق الله تنزيله، فكان بَيْنَ أوله وآخره عشرون أو نحو من عشرين } (10) { ?سُنَّةُ } (11)
__________
(1) هو أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الأصبهاني أبو بكر التميمي ، ت ( 430 ه) . انظر : تذكرة الحفاظ 3/1097 .
(2) هو أبو مُحَمَّد الأصبهاني ، المعروف بأبي الشيخ الحافظ صاحب التصانيف ، ت ( 369 ه) . انظر : تذكرة الحفاظ 3/947 .
(3) هو عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن سلم الرازي ثُمَّ الأصبهاني ، لَهُ " المسند " و " التفسير " ، ت (291 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 13/530 .
(4) هو سهل بن عثمان أبو مسعود العسكري الثقة المجوّد ، ت ( 235 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 11/454 .
(5) في ( ص ) : (( إلى آخره )) .
(6) رواه ابن الضريس في فضائل القرآن ( 126 ) ، والطبري في تفسيره 15/179 و 180 . وانظر : الدر المنثور 5/346 .
(7) هو السند السابق بعينه حتى سهل بن عثمان .
(8) ليست في ( ب ) .
(9) في ( س ) : (( يحيى بن أبي بكير )) ، خطأ .
(10) أو نحو من عشرين )) ، ليست في ( ص ) .
(11) لَمْ نقف عَلَى رِوَايَة الشعبي .
وورد معناه من حديث ابن عباس موقوفاً عَلَيْهِ .
أخرجه النسائي في الكبرى ( 11372 ) ، وفي تفسيره المفرد ( 392 ) ، والطبري في تفسيره 15/178 ، وابن منده في الإيمان ( 703 ) ، والحاكم في المستدرك 2/222 .
ورواه أحمد 1/296 ، وعبد بن حميد ( 1521 ) ، والبخاري 6/19 ( 4464 ) و ( 4465 ) و6/223 ( 4978 ) و ( 4979 ) ، والنسائي في الكبرى ( 7977 ) ، والطبراني في الكبير (10726) من حديث ابن عباس وعائشة –مقرونين– موقوفاً عليهما . وانظر: تفسير الطبري 15/179 – 180 ، والدر المنثور 5/346 .(1/57)
{ - ?
أنزله قرآناً عظيماً وذكراً حكيماً ؛ وحبلاً ممدوداً ، وعهداً ومعهوداً ؛ وظلاً عميماً ، وصراطاً مستقيماً ؛ فيه معجزاتٌ باهرةٌ ، وآياتٌ ظاهرةٌ ، وحجج
صادقة ، ودلالات ناطقة ؛ دحض } (1) { ?به حجج المبطلين ، ورد به كيد الكائدين } (2) { ، وقوي } (3) { ?به الإسلام والدين ؛ فَلَحَبَ } (4) { ?منهاجه ، وثَقُب } (5) { ?سراجه ، وشملت } (6) { ?بركته، وبلغت حكمته - على خاتم الرسالة والصادع بالدلالة ؛ الهادي للأمة ، الكاشف للغمة ، الناطق بالحكمة ، المبعوث بالرحمة . فرفع أعلام الحق } (7) { ، وأحيا معالم الصدق ؛ ودمغ الكفر } (8) { ?ومحا آثاره ، وَقَمَع الشرك وهدم مناره ؛ ولم يزل يُعارض ببيناته أباطيل المشركين حتى مهد الدين ، وأبطل شبه الملحدين . صلى الله عليه صلاة لا ينتهي أَمدها، ولا ينقطع مددها وعلى آله وأصحابه الذين هداهم وطهَّرهم، وبصحبته خصهم وآثرهم؛ وسلم } (9) { ?كثيراً .
__________
(1) في ( س ) : (( أدحض )) .
(2) في ( ص ) : (( الكاذبين )) .
(3) في ( ه) : (( أيّد )) .
(4) في (ب) : (( فلمح )) ، وفي (ه): (( فلمع )) ، وفي (ص): (( فلمحت مناهجه )) ، وما أثبتناه من (س) ، واللحب : الطريق الواضح ، ولَحب يَلْحُبُ لُحُوباً : وضح . انظر : لسان العرب 1/533 (لحب) .
(5) في ( ص ) : (( وثبت )) .
(6) في ( ه) : (( لمعت )) .
(7) ليست في ( ص ) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( الكذب )) .
(9) في ( ص ) : (( وسلّم تسليماً )) .(1/58)
وبعد } (1) { ?فإن علوم القرآن غزيرةٌ وضروبها جمّة كثيرة، يقصرعنها القول وإن كَانَ بالغاً، ويتقلص عَنْهَا / 2 أ / ذيله وإن كَانَ سابغاً . وَقَدْ سبقت لي - ولله الحمد - مجموعات تشتمل عَلَى أكثرها، وتنطوي عَلَى غررها ؛ وفيها لِمَنْ رام الوقوف عَلَيْهَا مَقْنَعٌ وبلاغٌ ،وعمَّا عداها مِنْ جَمِيْع المصنفات غُنْيةٌ وفراغٌ ؛ لاشتمالها عَلَى عُظْمِها مُحَقِّقاً } (2) { ، وتأديته إلى مُتَأملهِ مُتّسقاً، غَيْر أَن الرغبات اليوم عن علوم القرآن صادفةٌ } (3) { ?كاذبةٌ
فيها ، قَدْ عجزت قوى الملامة } (4) { ?عن تلافيها ؛ فآل الأمر بنا إلى إفادة المبتدئين بعلوم الكتاب ، إبانة ما أُنزل فيه من الأسباب . إذ هي أوفى ما يجب الوقوف عليها ، وأولى ما تُصرَف العناية إليها ؛ لإمتناع معرفة تفصيل } (5) { ?الآية وقصدِ سبيلها ، دون الوقوف عَلَى قصتها } (6) { ?وبيان نزولها .
ولا يحل القول في أسباب نزول الكتاب ، إلا بالرواية والسماع مِمَّنْ شاهد } (7) { ?التنزيل ووقف } (8) { ?عَلَى الأسباب ، وبحث } (9) { ?عن العِلْم } (10) { ?وجدَّ } (11) { ?في الطِّلاب .
وَقَدْ ورد الشرع بالوعيد للجاهل ذي العِثار، في هَذَا العِلْم بالنار .
__________
(1) في ( س ) : (( بَعْدَ هَذَا )) .
(2) في ( س ) : (( متحققاً )) .
(3) الصَّدْف : الإعراض عن الشيء ، تقول : صدف عن الرجل صَدْفاً وصُدُوفاً : أعرض عنه ، ومنه قوله تعالى : { سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا } . الأنعام : 157 . مقاييس اللغة 3/338 ( صدف ) .
(4) في ( س ) : (( الملام )) .
(5) في ( س ) و ( ص ) : (( تفسير )) .
(6) في هامش ( ب ) : (( قضيتها )) .
(7) في باقي النسخ : (( شاهدوا )) .
(8) في باقي النسخ : (( ووقفوا )) .
(9) في باقي النسخ : (( وبحثوا )) .
(10) في باقي النسخ : (( علمها )) .
(11) في باقي النسخ : (( وجدّوا )) .(1/59)
} ربيع أول { ?أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ } (1) { ?، قَالَ : أخبرنا أبو الحسين [مُحَمَّد بن أحمد بن حامد] } (2) { ?العطار، قَالَ: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار } (3) { ، قَالَ : حدَّثَنا ليث بن حماد ، قَالَ : حدَّثَنا أبو عَوَانة ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -? - } } ?اتقوا الحديث } عني { ? } (4) { ?إلا ما علمتم، فإنه مِنْ كذب عليَّ متعمداً فَلْيَتَبَوَّأْ مقعده من النار، ومن كذب عَلَى القرآن من غير علمِ فَلْيَتَبَوَّأ مقعده مِنَ النار { { ? } (5)
__________
(1) النيسابوري النصرآبادي الثقة ، ت ( 428 ه) . انظر : المنتخب من السياق : 129 ، وتاريخ الإسلام ( وفيات : 428 ) : 214 .
(2) ما بَيْنَ المعكوفتين ليس في ( ب ) .
(3) هو أبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار البغدادي،ت (306ه).انظر:سير أعلام النبلاء 14/152.
(4) ليست في ( ص ) و ( ب ) ، وهي من ( س ) و ( ه) وأكثر الروايات .
(5) إسناده ضعيف ؛ لضعف عبد الأعلى ، وهو ابن عامر الثعلبي .
أخرجه أحمد 1/293 و 323 و 327 ، والترمذي ( 2951 ) ، وأبو يعلى ( 2338 ) و ( 2721 ) ، والبغوي في شرح السنة ( 117 ) .
وأخرج بعضه : ابن أبي شيبة ( 26244 ) ، وأحمد 1/233 و 269 ، والدارمي ( 238 ) ، وأبو داود كَمَا في تحفة الأشراف (5543) ، والترمذي (2950) ، والنسائي في الكبرى (8084) و (8085) ، والطبراني في الكبير ( 12392 ) و ( 12393 ) و ( 12394 ) ، والطبري في تفسيره 1/34 ، والبغوي في شرح السنة ( 118 ) و ( 119 ) .
كلهم من طريق عبد الأعلى بن عامر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، به .
وأخرجه : الطبري في تفسيره 1/34 من طريق عبد الأعلى موقوفاً .
وتابعه عَلَى وقفه ليث بن أبي سليم ، عن سعيد بن جبير ، عند الطبري 1/35 .
وانظر : تعليق السيد حسين سليم أسد عَلَى مسند أبي يعلى .(1/60)
{ ? -
فالسلف } (1) { ?الماضون - رحِمَهُم الله - كانوا في أبعد الغاية إحترازاً عن القول في نزول الآية .
} ربيع ثان { ?أخبرنا أبو نصر أحمد بن عُبيد الله الْمَخْلَدِي } (2) { ?، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن نُجَيد } (3) { ?، قَالَ : أخبرنا أبو مسلم } (4) { ?، قَالَ : حدَّثَنا عبد الرحمان بن حماد } (5) { ?، قَالَ :?حدَّثَنا ابن عون } (6) { ، عن مُحَمَّد بن سيرين ، قال: سألت عَبِيدة السلماني } (7) { ??عن آية من القرآن فَقَالَ : اتَّقِ اللهَ وقل سَداداً ؛ ذهب الَّذِينَ يعلمون فِيْمَا أنزل القرآن } (8) { ?.
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( والسلف )) .
(2) الشيباني النيسابوري العدل ، ت ( 427 ه) . انظر : المنتخب من السياق : 90 ، وتاريخ الإسلام ( وفيات : 427 ) : 188 .
(3) هو أبو عمرو إسماعيل بن نجيد –بتقديم النون عَلَى الجيم– بن أحمد السلمي النيسابوري ،ت (365 ه). انظر : سير أعلام النبلاء 16/146 .
(4) هو أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله بن مسلم البصري الكجّي – ويقال : الكشي ، بالشين المعجمة – صاحب السنن ، ت ( 292 ه) . انظر : الأنساب 4/592 ، وسير أعلام النبلاء 13/423 .
(5) ابن شعيث الشعيثي ، أبو سلمة العنبري البصري ، ت (212 ه) . انظر : تهذيب الكمال 4/393 (3790) .
(6) في ( ب ) و ( ه) : (( أبو عمير )) ، خطأ .
(7) سقطت من ( س ) .
(8) أخرجه الطبري في تفسيره 1/38 ، وذكره ابن كثير في تفسيره 1/6 .(1/61)
وأما اليوم فكل أحدٍ يخترع للآية } (1) { ?سبباً ويختلق إفكاً وكذباً ، ملقياً زمامه إِلَى الجهالة ، غَيْر مفكرٍ في الوعيد للجاهل بسبب } (2) { ?الآية . وذلك الَّذِي حدا } (3) { ?بي إِلَى إملاء هَذَا الكِتَاب ، الجامع للأسباب ، لينتهي إِلَيْهِ طالبوا هَذَا الشان ، والمتكلمون في نزول } (4) { ?القرآن؛ فيعرفوا الصدق ، ويستغنوا عن التمويه والكذب / 2 ب / ويَجِدُّوا في تحفظه بَعْدَ السماع والطلب .
ولا بدَّ من القول أولاً في مبادئ الوحي ، وكيفية نزول القرآن ابتداءً عَلَى
رسول الله?- صلى الله عليه وسلم -?، وهجوم (5) جبريل إياه بالتنزيل والكشف عن تِلْكَ الأحوال ، والقول فيها عَلَى طريق الإجمال .
ثم نُفَرِّعُ القَوْلَ (6) مفصلاً في سبب نزول كل آية روي لها سبب مَقولٌ ؛ ومعنى(7) مرويٌّ منقولٌ . والله تَعَالَى الموفق للصواب والسدد ، والآخذ بنا عن العاثور إِلَى الجَدَد . ???
القولُ في أَوَّلِ ما نَزَلَ من القرآن
(5) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن إبراهيم المُقرئ (8)
__________
(1) ليست في ( ص ) و ( س ) و ( ه) .
(2) أقحم محقق ( س ) هنا لفظة : (( نزول )) ، ولا ورود لَهَا في شيء من نسخ الكتاب .
(3) في ( ص ) : (( جدَّ )) .
(4) أقحم محقق ( س ) هنا لفظة : (( هذا )) ، ولا ورود لَهَا في شيء من نسخ الكتاب .
(5) في ( س ) : (( وتعهد )) .
(6) في ( س ) : (( نفرغ للقول )) . وفي ( ص ) : (( نفرع القول )) .
(7) ليست في ( س ) .
(8) هو شيخه الثعلبي ، نسبه إلى جدّه وغيّر نسبته .
وهو أبو إسحاق أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المقرئ المفسر ، ت ( 427 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/435 .(1/62)
، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن حامد الاصبهاني،?قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ } (1) { ، قَالَ: حدَّثَنا محمد بن يحيى } (2) { ?، قَالَ : حدَّثَنا عبد الرزاق } (3) { ?، عن مَعْمَرٍ ، عن ابن شهاب الزُّهري ، قَالَ : أخبرني عروة ، عن عائشة - رضي الله عَنْهَا - ، أنها قالت : } } ?أول ما بُدِئَ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -?من?الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلاَّ جاءت مثل فلق الصبح، ثم حُبِبَ إليه الخلاء ، فكان يأتي حِراء فَيَتَحَنَّثُ فِيْهِ } (4) { ? ذو القعدة ?وهو التعبد - الليالي ذوات العدد ، ويتزود لِذَلِكَ . ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها، حتى فَجَأَه } (5) { ?الحق وهو في غار حِراء ، فجاءه الملك فَقَالَ: اقرأ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فقلت لَهُ : ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فَغطَّني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فَقَالَ : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فَغطَّني الثانية حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني ، فَقَالَ : اقرأ فقلت :
ما أنا?بقارئ ، فأخذني فَغطَّني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ، فَقَالَ : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } ?حتى بلغ - ? { مَالَمْ يَعْلَمْ } ? } ?العلق: 1 - 5 ] - ?فرجع بها تَرْجُف بَوَادِرُهُ } (6) {
__________
(1) هو أبو حامد بن الشرقي النيسابوري ، ت ( 325 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 15/37 .
(2) ابن عبد الله الذهلي، مولاهم أبو عبد الله النيسابوري، ت (258ه). انظر: سير أعلام النبلاء 12/273.
(3) المصنَّف ( 9719 ) .
(4) في ( ب ) : (( فيها )) .
(5) أي : داهمه بغتة من غَيْر تقديم ممهد . انظر : لسان العرب 1/143 ( فجأ ) .
(6) في ( ص ) و ( ه) : (( يرجف فؤاده )) .(1/63)
حتى دخل على خديجة - رضي الله عنها - فَقَالَ: زَمِّلُوني (1). فَزَمَّلُوه حتى ذهب عنه الرّوع ، فَقَالَ : يا خديجة ! ما لي ؟ وأخبرها (2) الخبر ، وَقَالَ : قَدْ خَشِيتُ عليَّ ، قالت لَهُ: كلا، أبشر فوالله لا يُخزيك الله أبداً؛ إنك لَتَصِل الرَحِمَ ، وتصدُقُ الحديث، وتحمل الكَلَّ ، وتقري (3) الضيفَ ، وتُعين عَلَى نوائب الحق (4) )) . رواه البخاري
عن يحيى بن بُكَير (5)
__________
(1) أي : لفوني بثوب وغطوني ، ومنه قوله عز شأنه : { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ } . المزمل : 1 . انظر : المعجم الوسيط : 400 ( زمل ) .
(2) في ( س ) ومصنف عَبْد الرزاق : (( فأخبرها )) .
(3) أي : تُكْرِم . انظر : المعجم الوسيط : 732 ( قرى ) .
(4) في ( ب ) : (( الدهر )) .
(5) هَذَا أحد أوهام المصنف – رَحِمَهُ اللهُ – ؛ وذلك أن البخاري لَمْ يروه عن يحيى بن بكير ، عن عبد الرزاق البتة ، والحديث عنده من طريق عبد الرزاق مروياً عنه في موضعين في التعبير 9/37 ( 6982 ) ، وفي التفسير 6/216 ( 4956 ) عن عبد الله بن مُحَمَّد ، عن عبد الرزاق .
أما رواية يحيى بن بكير فهي في أربعة مواطن من صحيحه 1/3 ( 3 ) و 6/214 ( 4953 ) و 6/215 (4955) و 9/37 ( 6982 ) عن يحيى بن بكير ، عن الليث بن سعد ، عن عقيل ، عن الزهري ، به .
فتبين أن المصنف قَدْ حصل لَهُ خلط بَيْنَ الطريقين ، والله أعلم .(1/64)
، ورواه مسلم (1) عن مُحَمَّد بن رافع ؛ كلاهما عن عبد الرزاق (2) / 3 أ / .
(6) أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن بن مُحَمَّد بن الحُسين الطبَري (3)، قَالَ : أخبرنا جدي (4) ، قَالَ : حدَّثَنا أبو حامد أحمد بن الحسن الحافظ (5) ، قَالَ : حدَّثَنا
__________
(1) 1/98 ( 160 ) ( 253 ) .
(2) وأخرجه الطيالسي ( 1467 ) ( 1469 ) ، وعبد الرزاق ( 9719 ) ، وابن سعد في طبقاته 1/194 ، وأحمد 6/153 و 223 و 232 و 1/98 (160) ( 254 ) ، والترمذي ( 3632 ) ، وابن أبي عاصم في الأوائل (99) و (100) ، والطبري في تفسيره 30/251 و 252 ، وأبو عوانة 1/110 و 113 ، وابن حبان (33) ، والطبراني في الأوائل ( 16 ) ، والآجري في الشريعة : 439 ، وابن منده في الإيمان (681) و ( 683 ) و ( 685 ) ، والحاكم في المستدرك 3/183 – 184 ، واللالكائي في أصول الاعتقاد ( 1408 ) ( 1409 ) ، وأبو نعيم في الدلائل (99) ( 100 ) ، وفي المستخرج ، لَهُ ( 405 ) ( 406 ) ( 407 ) ، والبيهقي 7/51 و 9/605 وفي الدلائل ، لَهُ 2/135 – 137 و 137 ، والمصنف في الوسيط 4/527 ، والبغوي في شرح السُّنَّة ( 3735 ) وفي تفسيره (2369) ( 2370 ) . وانظر : صَحِيْح التِّرْمِذِيّ للعلاّمة الألباني ( 2872 ) ، والروايات مطولة ومختصرة ، وألفاظها متقاربة .
(3) أبو المعالي نقيب العلويين في خراسان ، ت ( 448 ه) . انظر : المنتخب من السياق : 136 – 137 ، وتاريخ الإسلام ( وفيات : 448 ) : 171 .
(4) هو أبو الحسن مُحَمَّد بن الحسين بن داود العلوي النيسابوري ، ت ( 401 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/98 .
(5) هو أبو حامد بن الشرقي . انظر : ( 5 ) .(1/65)
عبد الرحمان بن بشر (1) ، قَالَ : حدَّثَنا سفيان بن عيينة ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن الزهري ، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عَنْهَا - قالت: إن أول ما نزل من القرآن: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ? } ? } العلق:1]. رواه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه" } (2) { ، عن أبي بكر بن إسحاق } (3) { ?الصِّبْغِيّ } (4) { ، عن بشر بن موسى، عن الحميدي عن سفيان } (5) { - ?
(7) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ(6)، قَالَ: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد الجرجانيّ، قَالَ: حدَّثَنا نصر بن محمد الحافظ (7)، قَالَ: أخبرنا محمد بن مخلد(8):
__________
(1) ابن الحكم العبدي ، أبو مُحَمَّد النيسابوري ،ت (260 ه). انظر: تهذيب الكمال 4/375 ( 3753 ).
(2) المستدرك 2/220 و 2/529 ، وصححه عَلَى شرط مسلم ، ولَمْ يتعقبه الذهبي .
(3) ابن إسحاق )) لَم ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) بكسر الصاد المهملة وسكون الباء ، نسبة إلى الصبغ ، وهو ما يصبغ به . الأنساب 3/531 .
(5) وأخرجه الطبري في تفسيره 30/252 ، والبيهقي في الكبرى 9/6 ، وفي دلائل النبوة 2/155 ، والمصنف في الوسيط 4/528 ، والبغوي في تفسيره ( 2371 ) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 8/561 لابن مردويه .
(6) هو شيخه الثعلبي . انظر : ( 5 ) .
(7) هو أبو الفضل نصر بن أبي نصر مُحَمَّد بن أحمد الطوسي العطار ، ت ( 383 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/6 .
(8) هو مُحَمَّد بن مخلد بن حفص الدوري ، أبو عبد الله البغدادي العطار ، ت ( 331 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 15/256 .(1/66)
أن محمد بن إسحاق حدثهم، قال: حدَّثَنا يعقوب الدَّوْرَقي، قَالَ:حدَّثَنا أحمد بن نصر بن زياد (1) ، قَالَ : حدَّثَنا على بن الحسين بن واقد ، قَالَ : حَدَّثني أبي ، قَالَ : حَدَّثني
يزيد النحوي ، عن عكرمةَ والحسن ، قالا: أول ما أنزل الله تَعَالَى من القرآن (2):
{ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ? } (3) { ? -
فهو أول ما نزل من القرآن بمكة ، وأول سورة : { ?اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } ? } العلق:1].
__________
(1) كذا في جَمِيْع النسخ ، ولعل الصواب: (( أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي )) ، فهو المعروف بالرواية عن علي بن الحسين بن واقد، حدّث عنه يعقوب بن إبراهيم الدورقي وغيره، أما ابن زياد فلا تعرف لَهُ رِوَايَة عن علي بن الحسين بن واقد ، زيادة عَلَى تفاوت طبقتيهما . وانظر : ترجمتهما في : تهذيب الكمال 1/84 ( 114 ) و 1/86 ( 116 ) .
(2) في ( س ) : (( أول ما نزل من القرآن )) .
(3) لَمْ نقف عَلَيْهِ .
وله شاهد من قول ابن عباس موقوفاً عَلَيْهِ ، أخرجه : الطبري في تفسيره 1/50 – 51 و 52 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/25 ( 1 ) و ( 4 ) و 1/26 ( 6 ) .(1/67)
} شعبان { ?أخبرنا الحسن بن مُحَمَّد الفارسي } (1) { ?، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ } (2) { ، قَالَ : حدَّثَنا محمد بن يحيى } (3) { ?، قَالَ : حدَّثَنا أبو صالح } (4) { ?، قَالَ: حَدَّثني الليث ، قَالَ: حَدَّثني عُقيل ، عن ابن شهاب ، قَالَ : أَخْبَرَنِي } (5) { ?محمد بن عباد بن جعفر المخزومي : أنه سمع بعض علمائهم يقول : كان أول ما أَنزل اللهُ على رسوله - صلى الله عليه وسلم - { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ - خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ - اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ - الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ - عَلَّمَ الأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } [العلق : 1 - 5] فقالوا : هذا صدرها الذي أُنزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حِراء ، ثم أُنزل آخرها بعد ذلك بما شاء الله (6) .
__________
(1) الحسن بن مُحَمَّد بن الحسن الصفار الفارسي ، أبو مُحَمَّد النيسابوري ، ت ( 448 ه) .انظر : المنتخب من السياق : 184 ، وتاريخ الإسلام ( وفيات : 448 ) : 175 .
(2) ابن الشرقي . انظر : ( 5 ) .
(3) الذهلي . انظر : ( 5 ) .
(4) هو كاتب الليث عبد الله بن صالح ، أبو صالح الجهني ، ت ( 222 ه) . انظر : تقريب التهذيب (3388 ).
(5) في ( س ) : (( حَدَّثَنِي )) .
(6) رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ 1/374 ، والبيهقي في الدلائل 2/157 .(1/68)
(9) وأما الحديث الصحيح الذي روي أن أول ما أنزل(1) سورة "المدَّثِّر"، وهو (2) ما أخبرناه إيّاه الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن حامد ، قَالَ : حدَّثَنا محمد بن يعقوب ، قَالَ : حدَّثَنا أحمد بن عيسى بن زيد التِّنِّيسي (3) ، قَالَ : حدَّثَنا عمرو بن أبي سَلَمَة ، عن الاوزاعي ، قَالَ : حَدَّثني يحيى بن أبي كثير ، قال : سألت أبا سَلَمَةَ بن عبد الرحمان : أيُّ القرآن أُنزِل قَبْل ؟ قَالَ : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } [المدثر : 1] ، قَالَ (4) : قُلْتُ : أو { اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ } [العلق : 1] ؟ قَالَ : سألتُ جابر بن عَبْد الله الأنصاري : أيُّ القرآن أُنزل قَبْل ؟ قال : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } ، قال : قلت أو { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } ، قال جابر : أُحَدِّثُكم ما حدَّثَنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( إني جاورت بحراء شهراً ، فلما قَضيت جواري ، نزلتُ فاسْتَبْطَنْتُ بطن الوادي ، فنوديتُ فنظرتُ أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ، ثُمَّ نظرت إلى السماء فإذا هو عَلَى العرش في الهواء / 3 ب / - يعني جبريل - فاخذتني رجفةٌ ، فأتيت خديجةَ ، فامرتهم فدثروني ، ثم صبوا عليَّ الماء ، فأنزل الله تعالى عليَّ : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ } . رواه مسلم (5)
__________
(1) في ( س ) : (( نزل )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فهو )) .
(3) الخشاب، متهم كذّبه بعضهم. انظر: المجروحين 1/314 ، والكامل 1/160،وميزان الاعتدال 1/126 ، والحديث مروي من غَيْر طريقه فانظر تخريجه الآتي .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) صَحِيْح مسلم 1/99 ( 161 ) ( 257 ) ، وإنما اقتصر عَلَى مسلم ؛ لأَنَّ هَذَا لفظه . =
= وأخرجه الطيالسي ( 1688 ) ، وأحمد 3/306 و 392 ، والبخاري 6/200 ( 4922 ) و 6/201 ( 4923 ) و ( 4924 ) ، والنسائي في الكبرى ( 11632 ) ، وفي التفسير المفرد ، لَهُ ( 652 ) ، والطبري في التفسير 29/143 ، وأبو يعلى ( 1948 ) و ( 1949 ) و ( 2225 ) ، وأبو عوانة 1/113 و 114 و 115 ، وابن حبان (34) و ( 35 ) ، وابن منده في الإيمان ( 687 ) و ( 688 ) ، وأبو نعيم في المستخرج (411) و ( 412 ) ، والبيهقي في دلائل النبوة 2/155 ، والبغوي في التفسير (2289) من طرق عن يحيى بن أبي كثير ، بهذا الإسناد .
وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير 1/312 ، والنسائي في الكبرى ( 11633 ) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ، عن جابر في (( أن أول شيء نزل من القرآن : { يَا أَيُّهَا المُدَّثِرُ } … )) .
قال ابن حبان : (( في خبر جابر هَذَا : إن أول ما أنزل من القرآن : { يَا أَيُّهَا المُدَّثِرُ } ، وفي خبر عائشة : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } ، وليس بَيْنَ هذين الخبرين تضاد ، إذ الله عز وجل أنزل عَلَى رسوله - صلى الله عليه وسلم -: { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } ، وهو في الغار بحراء ، فلما رجع إلى بيته دثرته خديجة وصبت عَلَيْهِ الماء البارد ، وأنزل عَلَيْهِ في بيت خديجة: { يَا أَيُّهَا المُدَّثِرُ قُمْ } من غَيْر أن يَكُون بَيْنَ الخبرين تهاتر أو تضاد ))، والذي يثبت كلام ابن حبان هَذَا ما سيأتي من حديث جابر من طريق الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر، به، والله أعلم .(1/69)
عن زهير بن حرب ، عن الوليد بن مسلم ، عن الأوزاعي .
وهذا ليس بمخالف لما ذكرناه أولاً ؛ وذلك : أَنَّ جابراً سَمِعَ من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -
القصة (1) الأخيرة ولَمْ يسمع أولها، فتوهم أن سورة المدثر أول ما نَزَل ؛ وليس كَذَلِكَ ، ولكنها أول ما نزّل (2) عَلَيْهِ بَعْدَ سورة : { اقْرَأْ } .
والذي يدل على هَذَا ما :
__________
(1) في ( س ) و ( ه - ) : (( هَذِهِ القصة )) .
(2) في ( ص ) : (( أنزل )) .(1/70)
(10) أخبرنا أبو عبد الرحمان بن أبي حامد (1)، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن زكريا (2) ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الدَّغُولي (3) ، قَالَ : حدَّثَنا محمد بن يحيى (4)، قَالَ : حدَّثَنا عَبْد الرزاق (5)، عن معمر ، عن الزهري ، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمان ، عن جابر (6) ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهويحدث عن فترة الوحي - فقال في حديثه: (( فَبَينَا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت رأسي فإذا المَلَك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فَجثثتُ (7)
منه رعباً ، فرجعت ، فقلت : زمِلوني زمِلوني . فدثروني ، فأنزل الله تَعَالَى : : { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } [ المدثر: 1] )). رواه البخاري (8)، عن عبد الله بن مُحَمَّد ، ورواه مسلم (9)
__________
(1) هو أبو عبد الرحمان مُحَمَّد بن أحمد بن مُحَمَّد الشاذياخي الحاكم ، ت ( 440 ه) . انظر : المنتخب من السياق : 39 ، وتاريخ الإسلام ( وفيات : 440 ) : 488 .
(2) الشيباني الجوزقي ، أبو بكر ، صاحب الصَّحِيْح المتفق المخرج عَلَى صحيح مسلم ، ت ( 388 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/493 .
(3) هو شيخ خراسان مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن مُحَمَّد ، أبو العباس السرخسي ، ت ( 325 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/557 .
(4) الذهلي . مضى في ( 5 ) .
(5) مصنفه ( 9719 ) ، في أثناء الحديث .
(6) في ( ص ) ومصنف عبد الرزاق : (( جابر بن عبد الله )) .
(7) في بعض روايات الحديث : (( فجئثت )) بهمزة بَعْدَ الجيم ، ومعناها واحد ، وهو الفزع . انظر : فتح الباري 8/722 ، وتاج العروس 5/190 ( جأث ) ، و 1/194 ( جثث ) .
(8) صحيح البخاري 6/201 ( 4925 ) .
(9) صحيح مسلم 1/98 ( 161 ) ( 256 ) .
وأخرجه الطيالسي ( 1693 ) ، وعبد الرزاق في التفسير ( 3377 ) ، وابن أبي شيبة ( 36547 ) ، وأحمد 3/325 و 377 ، والبخاري 1/ 4 ( 4 ) ، و 4/141 ( 3238 ) ، و 6/202 ( 4926 ) و6/215 ( 4954 ) و 8/58 ( 6214 ) ، ومسلم 1/98 (161) (255) ، والترمذي (3325) ، والنسائي في الكبرى ( 11631 ) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (651) ، والطبري 29/143 ، والفاكهي في أخبار مكة (2428) ، والآجري في الشريعة : 440 ، وابن منده في الإيمان (682) و(684) و(686) ، واللالكائي في أصول الاعتقاد (1411) ، وأبو نعيم في دلائل النبوة 1/278 وفي المستخرج، لَهُ (408) و( 409 ) و ( 410 ) ، والبيهقي في دلائل النبوة 2/138 و 156 وفي السنن الكبرى 9/6 ، والبغوي في التفسير ( 2290 ) من طرق ، عن الزهري ، بهذا الإسناد .(1/71)
، عن محمد بن رافع ؛ كلاهما عن عَبْد الرزاق .
وبان (1) بهذا الْحَدِيْث أن الوحي كَانَ قَدْ فَتَرَ بَعْدَ نزول : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } ، ثُمَّ نزل { يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ } ، والذي يوضح ما قُلْنَا: إخبار النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أن المَلَك الَّذِي جاء بحراء جالس ، فدل عَلَى أن هَذِهِ القصة إِنَّمَا كَانَتْ بَعْدَ نزول : { اقْرَأْ } .
(11) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد المُقرئ (2) ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسين
علي بن محمد المُقرئ ، قَالَ : حدَّثَنا أبو الشيخ (3) ، قَالَ : حدَّثَنا أحمد بن سليمان بن أيوب ، قَالَ : حدَّثَنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قَالَ: حدَّثَنا علي بن الحسين بن واقد ، قَالَ: حَدَّثني أبي ، قَالَ: سمعت علي بن الحسين يقول: أول سورة نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ } . وآخر سورة نزلت (4) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة: "المؤمنون". ويقال: "العنكبوت". وأول سورة نزلت بالمدينة : { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ } [المطففين: 1]، وآخر سورة نزلت بالمدينة(5) "براءة". وأول سورة أعلنها (6) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة : { وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى } [النجم :1] . وأشدُ آية على أهل النار : { فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَابا } [النبأ : 30] . وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد
__________
(1) في ( س ) : (( فبان )) .
(2) هو الثعلبي . تقدم ( 7 ) .
(3) تقدم ( 2 ) .
(4) في ( س ) : (( أنزلت )) .
(5) في ( س ) : (( في المدينة )) .
(6) في ( ب ) : (( علمها )) .(1/72)
/ 4 أ /: { إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ... الآية } [النساء: 48]. وآخر آية نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَىاللَّهِ } [البقرة : 281] ، و(1) عاش النبي - صلى الله عليه وسلم - بعدها (2) تسعَ ليالٍ (3) .
القولُ في آخر ما نَزَلَ من القرآن
(12) أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الواعظ (4) ، وحدَّثَنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يحيى (5) ، قالا : أخبرنا أبو عمرو بن مطر (6) ، قَالَ : أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحُباب الجُمَحِي (7) ، قَالَ : حدَّثَنا أبو الوليد (8) ، قَالَ : حدَّثَنا شعبة ، قَالَ : حدَّثَنا أبو إسحاق ، قَالَ : سمعت البراء بن عازب يقول : آخر آية نزلت : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ } [النساء : 176] ، وآخر سورة نزلت :
__________
(1) في ( ص ) : (( ثُمَّ )) .
(2) في ( ب ) : (( وعاش بعده - صلى الله عليه وسلم - )) .
(3) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً ، وذكره البغوي في تفسيره 1/643 عن علي ، وهو موهم أَنَّهُ ابن أبي طالب ، وإنما هو علي بن الحسين حفيده .
واقتصر السيوطي في الإتقان 1/25 عَلَى عزوه إلى الواحدي .
(4) تقدم في ( 3 ) .
(5) هو مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن سختويه ، أبو عبد الله بن أبي إسحاق النيسابوري ، ت (427 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/551 .
(6) هو مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن مطر النيسابوري ، العدل المتقن ، ت (360 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/162 .
(7) الأديب الأخباري الإمام العلاّمة البصري الضرير ، ت ( 305 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/7 .
(8) الطيالسي هشام بن عبد الملك الباهلي ، مولاهم البصري الحافظ ، ت (227 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 10/341 .(1/73)
" براءة ". رواه البخاري في التفسير (1) عن سليمان بن حرب ، عن شعبة ،ورواه في موضع آخَر (2) عن أبي الوليد، ورواه مسلم (3) عن بُنْدار ، عن غُنْدَر ، عن شعبة (4) .
(13) أخبرنا أبو بكر التَّميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو محمد الحَيَّاني ، قَالَ : حدَّثَنا أبو يحيى الرازي ، قَالَ : حدَّثَنا سهل بن عثمان (5) ، قَالَ : حدَّثَنا عبد الله بن المبارك ، عن جُوَيْبِر ، عن الضحاك ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ : آخر آية نزلت : { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ } [البقرة :281] (6)
__________
(1) 6/63 ( 4605 ) .
(2) 6/80 ( 4654 ) .
(3) 5/61 ( 1618 ) ( 11 ) .
(4) أخرجه ابن أبي شيبة ( 30204 ) و ( 30207 ) ، وأحمد 4/298 ، وأبو داود (2888) ، والترمذي ( 3041 ) ، وابن الضريس في فضائل القرآن (20) ، والنسائي في الكبرى ( 6327 ) و ( 11133 ) و( 11212 ) ، وفي التفسير ، لَهُ (153) ، وأبو يعلى (1723) ، والطبري في تفسيره 6/41 – 42 ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار ( 5232 )، والبيهقي 6/224 ، وفي دلائل النبوة ، لَهُ 7/136 ، والمصنف في تفسيره 2/145 من طرق عن البراء بن عازب - رضي الله عنه - .
وذكره ابن عطية في تفسيره 4/308 ، والقرطبي 3/2024 ، والخازن 1/630 ، وابن كثير 1/806 ، والثعالبي 2/333 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/759 وزاد نسبته لابن المنذر ، وفي الإتقان ، لَهُ 1/27 .
(5) رجال هَذَا الإسناد من شيخ الواحدي حتى هنا تقدّموا في (1) .
(6) أخرجه النسائي في الكبرى ( 11057 ) ، وفي التفسير المفرد ، لَهُ (77) و (78) ، والطبري في تفسيره 3/76 ، والطبراني في الكبير (12040) ، والبيهقي في دلائل النبوة 7/137 من طريق الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .
وذكره : السمرقندي في تفسيره 1/236 ، والبغوي 1/392 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/334 ، وابن كثير في تفسيره 1/451 – 452 ، والثعالبي 1/544 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/116 ، وزاد نسبته إلى أبي عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري وابن مردويه ، عن ابن عباس .(1/74)
.
(14) وأخبرنا أبو بكر ، قَالَ: أخبرنا [ أبو ] (1) مُحَمَّد ، قَالَ: حدَّثَنا أبو يَحْيَى ، قَالَ : حدَّثَنا سهل بن عثمان (2) ، قَالَ: حدَّثَنا يحيى بن أبي زائدة ، عن مالك بن مغول ، سمعت عطية العوفي يقول: آخر آية نزلت : { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَىاللَّهِ } [البقرة: 281] (3) .
(15) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان النحوي (4)، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن سنان المُقرئ (5) ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن علي الموصلي (6) ، قَالَ : حدَّثنا أحمد بن
الأحمس (7)
__________
(1) ليست في ( ب ) .
(2) رجال إسناده حتى هنا تقدموا في (1) .
(3) أخرجه ابن أبي شيبة ( 30206 ) ، والطبري في تفسيره 3/115 من طرق عن عطية العوفي .
(4) هو مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن مُحَمَّد النيسابوري ، أبو سعد بن أبي بكر الكنْجَروذي ، ت ( 453 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 18/101 .
(5) هو أبو عمرو مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان بن علي بن سنان الحيري ، ت ( 376 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/356 .
(6) مسند أبي يعلى ( 2668 ) .
(7) في ( ص ) : (( أحمد بن عمران الأحمس )) . والمثبت من باقي الأصول ، وفيه أمران :
أما اسمه : فالأشهر فِيْهِ : (( أحمد بن عمران )) ، وقيل : مُحَمَّد ، وقيل : هما اثنان .
وما فعله الأستاذ حسين سليم أسد في تعليقه عَلَى مسند أبي يعلى ، وتخطئة ( أحمد ) التي جاءت في الأصلين المعتمدين عنده وإثبات ( مُحَمَّد ) ، مجانب للصواب .
وقد أجاد محققا المطالب العالية في بيان الصواب ، ومما يدلل عَلَى ما قدمنا قول الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 3/132 بَعْدَ أن أورده في المحمدين : (( وقد قيل : اسمه أحمد بن عمران ؛ وذلك أشهر عندنا ، ونحن نذكره في باب أحمد إن شاء الله )) .
وأما نسبته : (( فالأحمس )) ! هَكَذَا لا ندري من أين جاءت إلا أن يَكُون تحرّف عن (( الأحمسي )) المصحف عن (( الأخنسي )) . وهو الأصح في نسبته ، حيث قيده ابن ماكولا 1/135 بالخاء المعجمة والنون ، وعلى هَذَا نَصَّ السمعاني وغيره .
وانظر : الأنساب 1/97 ، والمطالب العالية ( 3539 ) ، وميزان الاعتدال 1/123 و 3/673 .(1/75)
، قَالَ : حدَّثَنا مُحَمَّد بن فَضَيْل ، قَالَ : حدَّثَنا الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس في قوله : { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَىاللَّهِ } [البقرة : 281] قَالَ : ذكروا أن هذه الآية وآخر آية من سورة النساء نزلتا آخر القرآن (1) .
__________
(1) رواه البيهقي في الدلائل 7/137 ، وزاد السيوطي في الدر 2/216 نسبته إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، كلهم من طريق الكلبي ، وهو كذّاب .
وأخرجه الطبري في التفسير 3/115 عن ابن عباس ، من طريق عطية العوفي ، وهو ضعيف .
ورواه الطبراني في الكبير ( 12357 ) من طريق سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، وفي سنده ضعف .
ورواه النسائي في الكبرى ( 11057 ) و ( 11058 ) ، وفي التفسير ( 77 ) و ( 78 ) ، والطبري في التفسير 3/114 – 115 ، والطبراني في الكبير ( 12040 ) ، والبيهقي في الدلائل 7/137 من طرق
عن الحسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .
ورجال النسائي ثقات .
وانظر : تفسير ابن كثير 1/451 – 452 ، والدر المنثور 2/116 .(1/76)
(16) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الصوفي (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن يعقوب ، قَالَ : حدَّثَنا الحسن بن عَبْد الله العبدي ، قَالَ : حدَّثَنا مسلم بن إبراهيم ، قَالَ: حدَّثَنا شعبة ، عن علي بن يزيد ، عن يوسف بن مِهْرَان ، عن ابن عَبَّاس، عن أُبَيّ بن كعب ، أنه قال : آخر آية أُنزلت (2) على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ } [التوبة : 128]، وقرأها إلى آخر السورة . رواه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه" (3)، عن الأصم ، عن بكَّار بن قتيبة ، عن أبي عامر العَقَدي ، عن شعبة (4) .
__________
(1) تقدم في (3) .
(2) في ( ص ) : (( نزلت )) .
(3) المستدرك 2/338 ، وصححه عَلَى شرط الشيخين ، ولَمْ يتعقبه الذهبي .
(4) ورواه عبد الله بن أحمد في زوائده عَلَى المسند 5/ 117 ، والطبري في تفسيره 11/78 ، والبيهقي في الدلائل 7/139 ، والمصنف في الوسيط 2/536 .
وزاد السيوطي في الدر 4/330 نسبته إلى ابن أبي شيبة ، وإسحاق بن راهويه ، وابن منيع ، وابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه .
وفي طرق من أخرجه علي بن زيد بن جدعان : ضعيف . انظر : التقريب ( 4734 ) .
وأخرجه عبد الله في زياداته على المسند 5/134 ، وابن الضريس في فضائل القرآن ( 27 ) ، وابن أبي داود في المصاحف ( 29 ) ، وابن أبي حاتم في التفسير 6/1919 ( 10172 ) ، والبيهقي في الدلائل 7/138 – 139 ، والضياء في المختارة (1155) و ( 1156 ) ، وزاد السيوطي في الدر 4/331 نسبته إلى أبي الشيخ وابن مردويه والخطيب في تلخيص المتشابه ، من طريق أبي جعفر ، عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية ، عن أُبَيّ بن كعب ، به .
وأبو جعفر : صدوق سيء الحفظ ، التقريب ( 8019 ) . واختلف في اتصال سنده إلى أبي بن كعب . وانظر : تفسير البغوي 2/408 ، وتفسير القرطبي 4/3142 ، وتفسير ابن كثير 2/551 .(1/77)
(17) أخبرني (1) أبو عمرو محمد بن عبد العزيز (2) في كتابه : أن محمد بن
الحُسين الحدّادي (3) أخبرهم ، عن محمد بن يزيد (4) ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن
إبراهيم (5)، قَالَ: حدَّثَنا وكيعٌ ، عن / 4 ب / شعبة ، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مَاهَك ، عن أبي بن كعب قال : أحدثُ القرآن بالله عهداً : { لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ ... الآية } [التوبة : 128]. وأول يوم أُنزل فِيْهِ القرآن عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - (6) فيه يوم الاثنين (7) .
__________
(1) كذا في ( ب ) و ( ه) ، وهو الأصح ، وفي ( س ) و ( ص ) : (( أخبرنا )) .
(2) هو أبو عمرو مُحَمَّد بن عبد العزيز القنطري المروزي الحاكم . هَذَا ما وقفنا عنه من مجموع روايات الواحدي عنه البالغة أحد عشر موطناً ، هَذَا أولها .
(3) هو أبو الفضل مُحَمَّد بن الحسين بن مُحَمَّد المروزي الحدادي ، ت ( 388 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/470 .
(4) هو أبو يزيد مُحَمَّد بن يحيى بن خالد بن يزيد الخالدي المروزي الميرماهاني ، ت ( 313 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/531 .
(5) هو ابن راهويه الحنظلي المروزي الإمام الحافظ العلاّمة ، ت ( 238 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 11/358 .
(6) في ( ب ) و ( ه) : (( القرآن فِيْهِ يوم )) .
(7) إسناده ضعيف ، علي بن زيد بن جدعان ، ضعيف كَمَا تقدم في الحديث السابق .
ولَمْ نقف عَلَيْهِ من هذه الطريق ؛ ولكن أخرج ابن الضريس في فضائل القرآن ( 124 ) ، ونسبه السيوطي في الدر 4/330 إلى ابن الأنباري وابن مردويه من طريق الحسن أن أُبَيّ بن كعب كَانَ يقول : … ، بنحو هذه الرواية . وانظر : ما تقدم في الحديث السابق .(1/78)
(18) أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن زكريا الشيباني ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدَّغُولي (1)، قَالَ: أخبرنا ابن أبي خيثمة ، قَالَ : حدَّثَنا موسى بن إسماعيل ، قَالَ: حدَّثَنا مهدي بن ميمون ، قَالَ : حدَّثَنا غيلان بن جرير ، عن عَبْد الله بن مَعْبَد الزِّمَّاني (2)، عن أبي قتادة : أن رجلاً قال يا رَسُوْل (3) الله: أرأيت صوم يوم الاثنين ؟ قَالَ : (( فِيْهِ أُنزل عليَّ القرآن )) (4) .
وأول شهر أُنزل فِيْهِ القرآن : شهر رَمَضَان ، قَالَ الله تَعَالَى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ } [البقرة : 185] .
__________
(1) الشيباني والدغولي تقدما (10) .
(2) كذا ضبطه السمعاني في أنسابه 3/181 .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( لرسول )) .
(4) هو جزء من حديث مطول .
أخرجه عبد الرزاق ( 7865 ) ،وأحمد 5/297 و 299، ومسلم 3/167 (1162) (196) و(197) و168 (1162) (198) ، وأبو داود (2426) ، والنسائي في الكبرى ( 2777 ) ، والطبري في تاريخه 2/203 ، وابن خزيمة (2117) ، وابن حبان ( 3642 ) ، والحاكم في المستدرك 2/602 ، وأبو نعيم في المستخرج (2545) و(2546)و( 2547 )، والبيهقي في السنن الكبرى 4/286 ، وفي شعب الإيمان ( 1386 ) ، والبغوي في شرح السنة ( 1789 ) من طريق غيلان بن جرير بهذا الإسناد .(1/79)
(19) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان النَّصْروييُّ (1) ، قال : أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن إبراهيم بن مَاسِي (2) ، قَالَ : حدَّثنا أبو مسلم إبراهيم بن عَبْد الله (3)، قَالَ : حدَّثَنا عبد الله بن رجاء (4) بن عمر (5) الغُدَاني ، قَالَ : حدَّثَنا عمران ، عن قتادة ، عن أبي المَلِيْح ، عن واثلة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( نَزَلتْ صحف إبراهيم أول ليلة من رمضان ، وأُنزلت التوراة لستٍّ مضيْن من رمضان، وأُنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان، وأُنزل الزبور لثمان عشرة خلت من رمضان، وأُنزل القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان )) (6) .
القَول في آية التَّسْميَة وَبَيان نزولها
__________
(1) هو أبو سعد عبد الرحمان بن حمدان بن مُحَمَّد بن نَصْرُويه النيسابوري ، ت ( 433 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/553 .
(2) وقع اضطراب بَيْنَ النسخ في هَذَا الاسم ، والصواب ما أثبتناه ، وهو أبو مُحَمَّد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ماسي البغدادي البزاز ، ت ( 369 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/252 .
(3) هو الكجي . تقدم في ( 4 ) .
(4) في ( ب ) و ( ص ) : (( جابر )) ، وهو خطأ . انظر : الهامش بعده .
(5) في جَمِيْع الأصول التي بَيْنَ أيدينا : (( الهيثم )) ، وهو خطأ ، صوابه ما أثبتناه ، وهو الأشهر . ويقال :
ابن المثنى ، كنيته : أبو عمر ، ويقال : أبو عمرو ، البصري . انظر : تهذيب الكمال 4/129 (3250) ، وتقريب التهذيب ( 3312 ) .
(6) رواه أحمد 4/107 ، والطبري في التفسير 2/145 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/310 ( 1649 ) ، وأبو القاسم الأصبهاني في الترغيب والترهيب (1791) ، والبيهقي في الكبرى 9/188 ، وفي شعب الإيمان ( 2248 ) .
وفي إسنادهم جميعاً عمران بن دوار القطان ، صدوق يهم . انظر : تقريب التهذيب ( 5154 ) .(1/80)
(20) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم المُقرئ، قَالَ: أخبرنا أبو الحسين علي بن مُحَمَّد الجرجاني ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن عبد الرحمان الجوهري (1) ، قَالَ : حدَّثَنا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن مَنْده (2) ، قَالَ : حدَّثَنا أبو كُرَيْب ، قَالَ : حدَّثَنا عثمان بن سعيد، قَالَ: حدَّثَنا بشر بن عمارة ، عن أبي رَوْق، عن الضحاك ، عن ابن عَبَّاس أَنَّهُ (3) قال: أول ما نَزَل به جبريل على النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : يا مُحَمَّد ؛ استعذ بالله (4) ، ثُمَّ قل : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ???(5)?.
__________
(1) هو مُحَمَّد بن عبد الرحمان بن الفضل التميمي ، أبو بكر الجوهري الخطيب . قال أبو نعيم : توفي بَعْدَ الستين ، أي : (360 ه) . انظر : ذكر أخبار أصفهان 2/264 ( 1650 ) .
(2) هو أبو عبد الله مُحَمَّد بن يحيى بن منده العبدي ، مولاهم الأصبهاني ، ت ( 301 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/188 .
(3) سقطت من ( ص ) .
(4) في ( س ) و ( ه) والعجاب : 154 : (( استعذ )) .
(5) رواه الطبري في التفسير 1/50 – 51 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/25 – 26 (1) و (4) و (6) .
وفي أسانيدهم جميعاً أبو رَوْق وبشر بن عمارة ، وكلاهما ضعيف .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 1/19: (( وهذا الأثر غريب ، وإنما ذكرناه ؛ ليعرف فإن في إسناده ضعفاً وانقطاعاً )) .
وَقَالَ الحافظ ابن حجر في العجاب: 154: (( والراوي لَهُ عن أبي رَوْق ضعيف ، فلا ينبغي أن يحتج به )).(1/81)
} صفر محرم { ?أخبرنا أبو عَبْد الله بن أبي إسحاق } (1) { ?، قَالَ : أخبرنا إسماعيل بن أحمد الخلاَّلي } (2) { ?، قَالَ : أخبرنا أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن زيدان } (3) { ?البجلي } (4) { ?، قَالَ : حدَّثَنا
أبو كُرَيب ، قَالَ : حدَّثَنا سفيان بن عيينة ، عَن عمرو بن دينار ، عَن سَعِيد بن جُبَير ، عَن ابن عَبَّاس قَالَ : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يعرف ختم السورة حتى ينزل عَلَيْهِ :
{ ?بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } ? } (5) { -
__________
(1) تقدم في (12) .
(2) هو أبو سعيد إسماعيل بن أحمد بن مُحَمَّد التاجر الخلالي الجرجاني ، ت ( 364 ه ) . انظر : الأنساب 2/483 ( 3740 ) .
(3) في ( س ) : (( زيد )) ، تحريف .
(4) هو أبو مُحَمَّد عبد الله بن زيدان بن بريد البجلي الكوفي ، ت ( 313 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/436 .
(5) رواه الحميدي (528) ، وأبو داود (788) ، وابن حبان – كَمَا في إتحاف المهرة ( 7365 ) ، والحاكم في المستدرك 1/231 ، والبيهقي في الكبرى 2/42 ، وفي معرفة السنن والآثار 1/513 (705) ، والضياء في المختارة 10/315 ( 336 ) .
ورواية الحميدي، وأبي داود ، عن أحمد بن مُحَمَّد المروزي وابن سرح ، مرسلة لَمْ يذكر فيها ابن عباس.(1/82)
} صفر صفر { ?أخبرنا عَبْد القاهر بن طاهر البغدادي } (1) { ، / 5 أ / قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن جعفر بن مطر، قَالَ: أخبرنا إبراهيم بن علي الذُّهْلي، قَالَ: حدَّثَنا يَحْيَى } (2) { ?بن يَحْيَى (3)، قَالَ: أخبرنا عُمَر } (4) { ?بن الحجاج العبدي } (5) { ،عَن عَبْد الله بن أبي حسين، ذكر عَن عَبْد الله ابن مسعود قال : كنا لا نعلم فصل ما بَيْنَ السورتين حتى تنزل : ? { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } (6).
__________
(1) هو أبو منصور عبد القاهر بن طاهر البغدادي ، نزيل خراسان ، ت (429 ه) .انظر : سير أعلام النبلاء 17/572 .
(2) في ( ب ) : (( مُحَمَّد )) ، وهو خطأ ، والتصويب من شعب الإيمان ( 2333 ) ، والوسيط 1/62 ، وتهذيب الكمال 8/102 ( 7538 ) .
(3) هو يحيى بن يحيى الحنظلي النيسابوري، أبو زكريا، ت (226ه). انظر: تهذيب الكمال 8/102(7538).
(4) في ( ب ) و ( س ) و ( ص ) : (( عمرو )) خطأ ، والتصويب من الوسيط ومصادر الترجمة .
(5) هو عمر بن أبي خليفة حجاج بن عتاب العبدي ، أبو حفص البصري ، ت ( 189 ه) . انظر : تهذيب الكمال 5/345 ( 4817 ) .
(6) رواه البيهقي في الشعب(2333)، ووقع فِيْهِ: (( عثمان بن حجاج )) محرف، والمصنف في الوسيط1/62.(1/83)
(23) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر (1) ، قَالَ : أخبرنا جدِّي (2) ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الحَرَشيَّ (3) ، قَالَ : حدَّثَنا مُحَمَّد بن يحيى، حدَّثَنا مُحَمَّد بن إسماعيل (4) ابن أبي فُدَيْك ، عن عَبْد الله بن نافع ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : نزلت (5) : { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } في كُلّ سورة (6) .
القول في نزول (7) سورة الفاتحة
اختلفوا فيها : فعند الأكثرين : هي مكية من أوائل ما نزل من القرآن .
__________
(1) أبو عثمان سعيد بن مُحَمَّد بن أبي الحسين أحمد البحيري النيسابوري ، ت ( 451 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 18/103 .
(2) هو أبو الحسين أحمد بن مُحَمَّد بن جعفر البحيري النيسابوري ، ت ( 375 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/366 .
(3) هو أبو عمرو أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الحرشي النيسابوري، ت(317ه).انظر: تذكرةالحفاظ3/798.
(4) في جَمِيْع الأصول : (( عيسى )) ، والتصويب من كتب التراجم .
(5) في ( ب ) : (( أنزلت )) .
(6) لَمْ نقف عَلَيْهِ ، ونقله السيوطي في الدر 1/20 ، واقتصر عَلَى عزوه للواحدي .
(7) سقطت من ( س ) و ( ه) .(1/84)
(24) أخبرنا أبو عثمان سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد ، قَالَ : أخبرنا جدِّي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو أحمد بن مُحَمَّد (1) الحِيري (2) ، قَالَ : حدَّثَنا إبراهيم بن الحارث وعلي بن سهل بن المغيرة ، قالا : حدَّثَنا يحيى بن أبي بكير ، قَالَ : حدَّثَنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي مَيْسَرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا برز سمع منادياً يناديه : يا مُحَمَّد (3) ، فإذا سمع الصوت انطلق هارباً ، فقال له ورقة بن نوفل: إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك. قال: (( فلما برز سمع النداء: يا مُحَمَّد ، فَقَالَ: لبيك ، قال : قل : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ، ثم قَالَ : قل : { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ } [الفاتحة:1-4] حتى فرغ مِنَ فاتحة الكتاب )) (4) .
وهذا قول علي بن أبي طالب .
__________
(1) أحمد بن مُحَمَّد )) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(2) انظر : الَّذِي قبله .
(3) لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) في ( ب ) : (( القرآن )) ، والمثبت من بقية النسخ ، وهو الموافق لرواية المصنف في الوسيط .
والحديث أخرجه : ابن أبي شيبة ( 365 ) ، والبيهقي في الدلائل 2/158 ، والمصنف في الوسيط 1/57 – 58 ، وزاد السيوطي في الدر 1/10 نسبته إلى أبي نعيم في الدلائل والثعلبي .
قال ابن حجر : (( هو مرسل ، ورجاله ثقات )) . العجاب : 155 .
وَقَالَ ابن كثير : (( هو مرسل ، وفيه غرابة وهو كون الفاتحة أو ل ما نزل )) . البداية والنهاية 3/9 .(1/85)
(25) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن مُحَمَّد المفسر، قَالَ : أخبرنا الحسن بن جعفر المفسر، قال: أخبرنا أبو الحسن بن(1) مُحَمَّد بن محمود المَرْوَزِيّ ، قَالَ: حدَّثَنا عبد الله بن محمود السعدي ، قَالَ : حدَّثَنا أبو يحيى القَصْرِي (2)، قَالَ : حدَّثَنا مروان بن معاوية (3)، عن العلاء بن المسيب ، عن الفُضيل بن عمرو ، عن علي بن أبي طالب ، قال : نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تَحْتَ العرش (4) .
(26) وبهذا الإسناد عَن السعدي ؛ حدَّثَنا عَمْرو (5) بن صالح ، قَالَ: حدَّثَنا أبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : قام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فَقَالَ : { بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } ، فقالت قريش : دق الله فاك و(6) نحو هَذَا ، قاله الحسن وقتادة .
وعند مجاهد : أن الفاتحة مدنية (7) .
قَالَ الحسين بن الفضل (8) : لكل عالم هفوةٌ وهذه بادرةٌ من مجاهد ؛ لأنَّهُ تفرد
__________
(1) في ( ص ) : (( أبو الحسن مُحَمَّد بن محمود )) .
(2) لَمْ ترد في ( ص ) .
(3) في ( ص ) : (( بن صعصعة )) .
(4) نقله السيوطي في الدر 1/10 ، وزاد نسبته إلى الثعلبي في التفسير .
(5) في ( ص ) : (( عمر )) .
(6) في ( س ) : (( أو )) .
(7) رَوَى هَذَا القول عن مجاهد أبو الشيخ في العظمة : 428 ( 1135 ) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 3/299 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر 1/11 إلى وكيع والفريابي في تفسيريهما ، وأبي عبيد في فضائل القرآن ، وابن أبي شيبة في المصنف ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر في تفسيريهما ، وأبي بكر الأنباري في المصاحف من طرق عن مسرهد ، قال : نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة .
(8) انظر : تفسير الرازي 1/93 .(1/86)
بهذا القول ، والعلماء عَلَى خلافه . ومما يقطع بِهِ عَلَى أنها مكيةٌ قوله تَعَالَى : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ / 5 ب / سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } [الحجر: 87] يعني الفاتحة .
(27) أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان النحوي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن علي الحِيري ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى (1)، قَالَ: حدَّثَنا يحيى بن أيوب ، قَالَ : حدَّثَنا إسماعيل بن جعفر ، قَالَ : أخبرني العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقرأ عليه أبي بن كعب أُم القرآن فَقَالَ : (( والذي نفسي بيده ، ما
أَنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها ، إنها لهيَ السبعُ المثاني والقرآن العظيم الذي أُوتيته )) (2).
__________
(1) مسند أبي يعلى ( 6482 ) .
(2) إسناده صحيح .
أخرجه أحمد 2/357 و 412 ، والدارمي (3376) ، والترمذي (2875) وَقَالَ عقيبه : (( هَذَا حديث حسن صحيح )) ، وأبو يعلى ( 6531 ) ، والطبري في تفسيره 14/58 و 59 ، وابن خزيمة (861) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 1208 ) و ( 1209 ) ، والحاكم في المستدرك 1/557 ، والبيهقي 2/375 – 376،وابن عبد البر في التمهيد 2/218 ، والبغوي في شرح السنة ( 1186 ) و(1188) ، وفي التفسير لَهُ ( 31 ) ، والمقدسي في المختارة ( 1234 ) من طريق أبي صالح ، عن أبي هريرة ، به .
وأخرجه أحمد 2/448 ، والدارمي ( 3377 ) ، والبخاري 6/102 وفي القراءة خلف الإمام (149) ، وأبو داود (1457) ، والترمذي (1324) ، والطبري في تفسيره 14/9 ، والطحاوي في شرح المشكل (1210) ، والبيهقي 2/376 ، والبغوي ( 1187 ) من طريق سعيد المقبري ، عن أبي هُرَيْرَةَ ، بلفظ :
(( الحمد لله رب العالمين أم القرآن ، وأم الكتاب ، والسبع المثاني )) . وانظر: تفسير ابن كثير 1/11 .(1/87)
وسورة "الحجر" مكيةٌ بلا خلاف (1) ، ولم يكن الله تعالى ليمتنَّ عَلَى رَسُوله - صلى الله عليه وسلم - بإتيائه فاتحة الكتاب وَهُوَ بمكة ، ثُمَّ ينزلها بالمدينة ، ولا يسعنا القول : بأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام بمكة بضع عشرة سنة يصلي بلا فاتحة الكتاب . هَذَا مِمَّا لا تقبله العقول (2) ، والله أعلم بالصواب (3) .
سورة البقرة
F
مدنيةٌ بلا خلاف .
(28) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم (4) ، قَالَ : أخبرنا عَبْد الله بن حامد ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن يوسف ، قَالَ : حدَّثَنا يعقوب بن سفيان الصغير ، قَالَ : حدَّثَنا يعقوب بن سفيان الكبير (5)، قَالَ: حدَّثَنا هشام بن عمار ، قَالَ : حدَّثَنا الوليد بن مسلم ، قَالَ : حدَّثَنا شعيب بن رُزَيق (6) ، عن عطاءٍ الخراساني ، عن عكرمة ، قال : أول سورة نزلت (7) بالمدينة سورة البقرة (8)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( اختلاف )) .
(2) في ( ص ) : (( يقبله العقل )) .
(3) والله أعلم بالصواب )) من ( ب ) فقط .
(4) هو الثعلبي المفسر شيخ المصنف . تقدم (5)
(5) هو الفسوي صاحب " المعرفة والتاريخ " ، ت (277 ه). انظر: تهذيب الكمال 8/168 ( 7683 ) .
(6) بتقديم المهملة المضمومة عَلَى المعجمة المفتوحة ، أبو شيبة الشامي ، هَكَذَا نصت كتب المشتبه . انظر : الإكمال 4/51 ، وتبصير المنتبه 2/600 . إلا أنهما ذكرا اسمه : سفيان بن رزيق ، يروي عن عطاء الخراساني ، ونحوه في القاموس وشرحه تاج العروس 25/339 .
وضُبِّب عَلَى سفيان في إحدى نسخ التبصير ، والمعروف : (( شعيب )) هَكَذَا ذكره أبو الفضل الهروي في مشتبه أسامي المحدّثين : 163 . وتحت هَذَا الاسم ترجمه المزي في تهذيبه 3/397 ( 2737 ) ، وابن حجر في التقريب ( 2801 ) ، وغيرهما .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( أنزلت )) .
(8) ذكره السيوطي في الدر المنثور 1/46 ، ونسبه لأبي داود في الناسخ والمنسوخ .
ونُقِل هَذَا القول عن ابن عباس ، والحسن ، ومجاهد ، وجابر بن زيد ، وقتادة ، ومقاتل . انظر : زاد المسير 1/19 – 20 .(1/88)
.
قوله تعالى (1) : { الم - ذَلِكَ الْكِتَابُ } [البقرة : 1،2]
(29) أخبرنا أبو عثمان الثقفي (2) الزَّعفراني، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن
مطر (3) ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن محمد بن الليث (4) ، قَالَ : حدَّثَنا أبو
حذيفة (5) ، قَالَ : حدَّثَنا شِبْل ، عن (6)
__________
(1) لَمْ ترد لفظة (( تعالى )) في (ب)، وأثبتناها من باقي النسخ، وسنثبتها فيما يأتي من المواضع من غَيْر إشارة.
(2) زيادة من ( س ) ، وهو سعيد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الحيري الحافظ ، ت ( 427 ه) . انظر : طبقات الشافعية الكبرى 3/23 .
(3) تقدم (12) .
(4) هو أبو عبد الله جعفر بن مُحَمَّد بن الليث الزيادي البصري . ت ( 300 ه) تقريباً . انظر : تاريخ الإسلام ( وفيات : 300 ) : 117 .
(5) هو موسى بن مسعود النهدي . انظر : تهذيب الكمال 7/277 ( 9895 ) .
(6) قَبْلَ هَذَا في كُلّ النسخ عدا ( س ) زيادة : (( حدثنا سفيان )) .
والذي نميل إليه –من غَيْر جزم– أَنَّهَا خطأ لذا لَمْ نثبتها في المتن رغم ورودها في الأصل ، فقد روى هَذَا الأثر الطبري في تفسيره 1/103من طريق المثنى بن إبراهيم ، عن موسى بن مسعود ( أبي حذيفة ) ، عن شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، به .
ولكنه رواه أيضاً من طريق سفيان بن وكيع ، عن أبيه وكيع بن الجراح ، عن سُفْيَان ، عن رجل ، عن مجاهد ، به .
والأثر في تفسير الثوري : 41 من غَيْر إسناد مِنْهُ ؛ لذا يظهر للقارئ أَنَّهُ من قَوْل سُفْيَان .
وَقَدْ وجدنا أن أبا حذيفة ( موسى بن مسعود ) معروف بالرواية ، عن الثوري مكثر عَنْهُ ، ومعروف بالرواية عن شبل بن عباد . تهذيب الكمال 7/277 ( 6895 ) ، فلعله رَوَاهُ عنهما ، وسقط حرف العطف من الرِّوَايَة ، والتقدير : (( حَدَّثَنَا شبل ، وحدثنا سُفْيَان )) ؛ إلاّ أَنَّهُ يخدش في هَذَا التقدير أن
سفيان يرويه ، عن رجل ، عن مجاهد ، هَكَذَا وقعت الرواية عِنْدَ الطبري ، وسفيان معروف بالرواية ، عن عبد الله بن أبي نجيح. تهذيب الكمال 3/218 (2391)، فقد يَكُون ذَلِكَ الرجل المبهم هو ابن أبي نجيح ، والله أعلم .(1/89)
ابن أبي نَجِيح ، عن مجاهد ، قال : أربع آيات من أول (1) هذه السورة نزلت في المؤمنين ، وآيتان بعدها نزلتا (2) في الكافرين ، وثلاث عشرة بعدها نزلت في المنافقين (3) .
قوله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ } [البقرة : 6].
قال الضحاك : نزلت في أبي جهل وخمسة من أهل بيته (4) .
وقال الكلبي (5): يعني اليهود (6) .
قوله تَعَالَى : { وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا… الآية } [ البقرة : 14 ] .
__________
(1) في ( ص ) : (( أوائل )) .
(2) في ( ص ) : (( نزلت )) .
(3) تفسير مجاهد: 69 ، وانظر: تفسير الثوري : 41 ، وتفسير الطبري 1/103 ، وتفسير القرطبي 1/167، وتفسير ابن كثير 1/61 .
(4) انظر : الوسيط 1/83 ، وزاد المسير 1/27 .
(5) في ( ب ) : (( الكلبي عن أبي صالح )) ، ثُمَّ ضرب الناسخ عَلَى (( أبي صالح )) .
والقول منسوب للكلبي نفسه في : الوسيط 1/83 ، وتفسير البغوي 1/86 ، وتفسير القرطبي 1/160.
(6) ورواه الطبري من قول ابن عباس . انظر : تفسير الطبري 1/108 .(1/90)
(30) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم ، قَالَ: أخبرنا شيبة بن مُحَمَّد(1) ، قَالَ: حدَّثَنا علي بن محمد بن قرّة (2) ، قَالَ : حدَّثَنا أحمد بن محمد بن نصرٍ ، قَالَ : حدَّثَنا يوسف بن بلال (3)، قَالَ: حدَّثَنا مُحَمَّد ابن مروان (4)، عن الكلبي ، عن أبي صالح، عن ابن عباس، قَالَ (5): نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه ، وذلك : أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفرٌ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عبد الله بن أُبَيّ : انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء / 6 أ / عنكم ، فذهب فأخذ بيد أبي بكر (6) - رضي الله عنه - فَقَالَ : مرحباً بالصِّديق سيد بني تيم ، وشيخ الإسلام ، وثاني رسول الله في الغار ، الباذل نفسه وماله . ثم أخذ بيد عمر - رضي الله عنه - فَقَالَ: مرحباً بسيد بني عَديّ بن كعب، الفاروق القوي في دين الله، الباذل نفسه وماله لرسول الله . ثم أخذ بيد علي - رضي الله عنه - فَقَالَ : مرحباً بابن عم رسول الله وَخَتِنَهُ (7) ، سيد بني هاشم ما خلا رسول الله . ثم افترقوا ، فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت ؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا كَمَا فعلت .
__________
(1) هو شيبة بن مُحَمَّد بن أحمد الشعيبي ، ت (395ه). انظر: تاريخ الإسلام (وفيات: 395): 315 .
(2) كذا في ( س ) ، وفي ( ب ) : (( قود )) ، وفي ( ص ) : (( ثور )) . ولَمْ نقف لَهُ عَلَى ترجمة .
(3) انظر : الإكمال 7/61 ، وتهذيب الكمال 6/501 .
(4) هو السدي الصغير ، متهم . انظر : ميزان الاعتدال 4/32 .
(5) لَيْسَت في : ( ب ) و ( ص ) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( أبي بكر الصديق )) .
(7) قَالَ في الصحاح 5/2107 ( ختن ) : (( الخَتَنُ – بالتحريك –: كُلّ مَنْ كَانَ من قِبَلِ المرأة مثل الأب والأخ ، وهم الأخْتَان ، هَكَذَا عِنْدَ العرب ، وأما عِنْدَ العامة ، فختن الرجل : زوج ابنته )) . وانظر : اللسان 13/138 ، والمعجم الوسيط : 218 .(1/91)
فأثْنَوا عَلَيْهِ خيراً . فرجع المسلمون إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأخبروه بذلك ، فأنزل الله هَذِهِ الآية (1) .
قوله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ } [ البقرة : 21 ] .
(31) أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر الزاهد ، قَالَ: أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه(2)، قَالَ:أخبرنا أبو تراب القُهُسْتَاني(3)، قَالَ:حدَّثَنا عبد الرحمان بن بشر، قَالَ: حدَّثَنا رَوْح، قَالَ: حدَّثَنا شعبة،عن سفيان الثوري،عن الأعمش، عن إبراهيم،عن علقمة، قَالَ: كل شيءٍ نزل فيه يا أيها الناس ، فهو مكيٌّ ، ويا أيها الذين آمنوا ، فهو مدنيٌّ (4).
__________
(1) انظر : تفسير السمرقندي 1/97 ، وتفسير الكشاف 1/184 ، وتفسير الخازن 1/34 .
ونسبه السيوطي في الدر المنثور 1/78 إلى الثعلبي . وَقَالَ في لباب النقول : 17 – 18 : (( هَذَا الإسناد واهٍ جدّاً ، فإن السدي الصغير كذاب ، وكذا الكلبي ، وأبو صالح : ضعيف وهذه هي سلسلة الكذب )) .
وَقَالَ ابن حجر في العجاب : 165 : (( آثار الوضع لائحة عَلَى هَذَا الكلام )) .
(2) هو زاهر بن أحمد بن مُحَمَّد، أبو علي السرخسي ، ت (389 ه). انظر: سير أعلام النبلاء 16/476 .
(3) هو مُحَمَّد بن سهل بن عبد الله ، أبو تراب القُهُسْتَاني ، ت ( 314 ه - ) . انظر : الأنساب 4/544 .
(4) رواه ابن الضريس في فضائل القرآن (26)، وزاد السيوطي في الدر1/84 نسبته إلى أبي عبيد ، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ. وصحّح الحافظ ابن حجر سند هَذَا الأثر.العجاب: 167.
وَقَدْ روي موصولاً من طرق عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود . أخرجه الحاكم في المستدرك 3/18 ، والبيهقي في دلائل النبوة 7/144 ، وزاد السيوطي في الدر 1/84 نسبته إلى البزار ، وابن مردويه .
وانظر : تفسير القرطبي 1/194 ، وتفسير الثعالبي 1/195 .(1/92)
يعني أن (( يا أيها الناس )) خطاب أهل مكة، و(( يا أيها الذين آمنوا )) خطاب أهل المدينة.
فقوله : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ } [البقرة : 21] خطاب لمشركي مكة إلى قوله : { وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } [البقرة 25] . وهذه الآية نازلةٌ في المؤمنين ، وذلك : أن الله تعالى لمَّا ذكر جزاء الكافرين بقوله : { وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [البقرة : 24] ذَكَرَ جزاءَ المؤمنين .
قوله : { إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا }
[ البقرة : 26 ] .
قال ابن عباس في رواية أبي صالح : لمَّا ضرب الله سبحانه هذين المثلين للمنافقين ، يعني قوله : { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً } ، وقوله: { أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ } [البقرة : 19] قالوا : الله أجلُّ وأعلى من أن يضرب الأمثال. فأنزل الله هذه الآية (1).
__________
(1) أخرجه الطبري في التفسير 1/177 ، وانظر : تفسير ابن كثير 1/88 ، والدر المنثور 1/103 ، ولباب النقول : 19 .(1/93)
وقال الحسن (1) وقتادة (2) : لمَّا ذكر الله الذباب والعنكبوت في كتابه ، وضرب للمشركين به المثل ، ضحكت اليهود وقالوا : ما يشبه هذا كلامَ الله ، فأنزل الله هذه الآية .
(32) أخبرنا أحمد بن عبد الله بن إسحاق الحافظ (3) في كتابه ، قَالَ : أخبرنا سليمان بن أيوب الطبراني (4) ، قَالَ : حدثنا بكر بن سهل ، قَالَ: حدثنا عبد الغني بن سعيد، عن موسى بن عبد الرحمان، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاس في قوله تَعَالَى : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوْضَةً فَمَا فَوْقَهَا } [البقرة : 26] ، قَالَ : وذلك أن الله تَعَالَى ذكر آلهة المشركين / 6 ب / فَقَالَ: { وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ } [الحج : 73] . وذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، فقالوا: أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على مُحَمَّد ، أيُّ شيءٍ كَانَ (5) يصنع بهذا ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (6) .
__________
(1) ذكره ابن أبي حاتم في التفسير 1/69 عقب ( 273 ) . وعزاه لَهُ أبو حيان في البحر المحيط 1/120 ، وانظر : الدر المنثور 1/103 .
(2) رواه عَنْهُ عبد الرزاق في تفسيره (27) ، والطبري في التفسير 1/177 – 178 ، وابن أبي حاتم
1/ (273) ، وزاد السيوطي في الدر 1/103 نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر . وانظر : تفسير ابن كثير 1/88 – 89 .
(3) هو الإمام المسند البحر أبونعيم الأصبهاني ، ت ( 430 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/453 .
(4) لَمْ نقف عَلَيْهِ في معاجمه الثلاثة ولا في مسند الشاميين ، فلعله في أحد مصنفاته الأخرى .
(5) لَمْ ترد في ( س ) و ( ص ) و ( ه) .
(6) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً . وذكر السيوطي في الدر 1/103 نسبته إلى عبد الغني بن سعيد الثقفي ، وإسناده ضعيف جداً ؛ فإن عبد الغني بن سعيد متروك . وانظر : العجاب : 171 ، واللباب : 19 .(1/94)
قوله : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ } [البقرة : 44] .
قَالَ ابن عَبَّاس في رواية الكلبي عن أبي صالح بالإسناد الذي ذكر(1) : نزلت في يهود أهل المدينة، كان الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه وبَيْنَهُمْ (2) رضاعٌ من المسلمين: اثبت عَلَى (3) الذي أنت عَلَيْهِ ، وما يأمرك به هذا الرجل - يعنون مُحَمَّداً- صلى الله عليه وسلم - - فإن أمره حق . فكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه (4) .
قوله : { وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ } [البقرة : 45].
عند أكثر أهل العلم: أن هذه الآية خطاب لأهل الكتاب (5)، وهو مع ذلك أدبٌ لجميع العباد. وقال بعضهم : رجع بهذا القول (6) إلى خطاب المسلمين (7). والقول (8) الأول أظهر .
… قوله : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا... الآية } [البقرة : 62].
__________
(1) يعني : رقم (26) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( بَيْنَهُمْ وبينه )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( عَلَى الدين الذي )) .
(4) نسبه السيوطي في الدر المنثور 1/156 إلى الثعلبي والواحدي .
(5) انظر : زاد المسير 1/75 .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( الخطاب )) .
(7) انظر : تفسير الخازن 1/55 .
(8) سقطت من ( ص ) .(1/95)
(33) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد الحافظ، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر الحافظ، قَالَ: حدثنا أبو يَحْيَى الرازي، قَالَ: حدثنا سهل بن عثمان العسكري (1)، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بن أبي زائدة قَالَ : قال ابن جريج ، عن عَبْد الله بن كَثِيْر ، عن مجاهد قَالَ : لمَّا قصَّ سلمان عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قصة أصحاب الدير (2) ، قَالَ : هم (3) في النار . قال سلمان: فأظلمت عليَّ الأرض، فنزلت (4) : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا } إِلَى قوله : { وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } [البقرة : 62] ، قَالَ : فكأنما كُشِف عني جبلٌ (5) .
__________
(1) تقدم هَذَا الإسناد في (1) ، والمصنف غيّر أوصافهم وأنسابهم ، ونسبهم إلى أجدادهم ، ولا ندري علامَ ذا ؟؟ وهذا ديدنه ، والله المستعان .
(2) الدَّيْر : دار الرهبان . انظر : متن اللغة 2/472 .
(3) في ( ص ) : (( لهم )) .
(4) في ( ص ) : (( فنزل قوله تَعَالَى )) .
(5) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً . واقتصر السيوطي في الدر 1/179 عَلَى نسبته إِلَى الواحدي . وانظر في معنى
هَذَا : تفسير الطبري 1/321 فما بعدها ، وتفسير ابن كثير 1/142 ، والدر المنثور 1/179 .(1/96)
(34) أخبرني مُحَمَّد بن عبد العزيز المَرْوَزِيّ ، قَالَ : أخبرنا محمد بن الحسين الحَدَّاديّ ، قَالَ : أخبرنا أبو يزيد (1) ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم (2)، قَالَ: أخبرنا عمرو، عن أسباط، عن السُّدِّيّ في قوله(3): { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا... الآية } [البقرة 62] ، قَالَ : نَزَلَت في أصحاب سلمان الفارسي ، لما قَدِمَ سلمان عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل يخبر عن عبادة أصحابه واجتهادهم ، وَقَالَ : يا رسول الله (4) ، كانوا يصلون ويصومون ، ويؤمنون بك، ويشهدون أنك تبعث نبيّاً. فلما فرغ سلمان مِنْ ثنائه عَلَيْهِمْ ، قَالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم - : (( يا سلمان هم مِنْ أهل النار )) ، فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا } ، وتلا إلى قوله : { وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ } (5).
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : (( فرقد )) خطأ ، وصوابه ما أثبت . وانظر : الهامش الآتي .
(2) هو الإسناد المتقدم نفسه برقم (17) .
(3) في قوله )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) و ( ص ) .
(4) في ( ص ) : (( لرسول الله )) .
(5) رواه الطبري في تفسيره 1/321 – 323 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/ (636) . وانظر : الدر المنثور 1/179 – 181 ، وقوّى الحافظ ابن حجر إسناده إلى السدي . انظر : العجاب : 180 .(1/97)
(35) أخبرنا مُحَمَّد/ 7 أ / بن أحمد بن مُحَمَّد بن جعفر، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن زكريا ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدَّغُولي (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة ، قَالَ : حدَّثنا عمرو بن حماد ، قَالَ : حدثنا أسباط ، عن السدي ، عن أبي مالك ، وعن أبي صالح (2) ، عن ابن عباس ، وعن مُرَّة (3)، عن ابن مسعود ، وعن ناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا... } [البقرة : 62] نزلت هذه الآية في سلمان الفارسي ، وكان من أهل جُنْدَ يسَابور من أشرافهم ، وما بعد هذه الآية نازلةٌ في اليهود (4) .
قوله : { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ } [البقرة : 79].
نزلت في الذين غيّروا صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبدلوا نعته.
__________
(1) انظر : رقم (10) .
(2) سقطت من ( ص ) .
(3) أي السدي عن مرة ، فعلى هذا يكون للسدي في هذا الحديث ثلاثة شيوخ ، وهم : أبو مالك ، وأبو صالح ، ومرة . ولمرة في روايته ثلاثة شيوخ : ابن عباس ، وابن مسعود ، وناس من أصحاب رسول الله ( . وانظر : العجاب : 180 .
(4) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً ، وانظر : العجاب : 180 .(1/98)
(36) قال الكلبي بالإسناد الذي ذكرنا (1) : إنهم غيّروا صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كتابهم ، فجعلوه (2) آدَم (3) سَبْطاً (4) طويلاً ، وكان رَبْعَةً (5) أسمر . وقالوا لأصحابهم وأتباعهم : انظروا إلى صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي يُبعث في آخر الزمان، ليس يشبه نعت هذا. وكانت للأحبار والعلماء مَأكَلةٌ من سائر اليهود، فخافوا أن تذهب مَأكَلتهم إن بَيَّنوا الصفة؛ فمِن ثَمَّ غيَّروا (6).
قوله : { وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً } [البقرة : 80] .
__________
(1) انظر : رقم (26) .
(2) في ( س ) و ( ه - ) : (( وجعلوه )) .
(3) الآدَم : الشديد السمرة ، والأُدْمَةُ : شدة السَّمارِ . انظر : المعجم الوسيط : 10 ( أدم ).
(4) السَّبْط : المسترسل ، ويقال : رجل سَبْطٌ : إذا كَانَ شعره مسترسلاً لا جعودة فِيْهِ . انظر : معجم متن اللغة 3/94 - 95 (سبط) .
(5) أي : مربوع ، وهو الَّذِي لَيْسَ بالطويل ولا القصير . انظر : الصحاح 3/1214 ( ربع ) .
(6) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً .
وانظر : الوسيط 1/163 ، ورواه ابن أبي حاتم 1/154 (805) ، والمصنف في الوسيط 1/164 من طريق أخرى غَيْر طريق الكلبي ، عن ابن عباس .
وأخرجه الطبري في تفسيره 1/379 بنحوه مختصراً من قول أبي العالية .
وقال الحافط ابن حجر في العجاب : 191 : (( الكلبي تقدم وصفه ، وقد وجدت هذا من وجه آخر أقوى أخرجه ابن أبي حاتم من طريق شبيب بن بشر ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، وفيه مغايرة لسياق الكلبي )) . ثم ساق الحافظ شواهد له من قول أبي العالية والسدي ومعمر .(1/99)
(37) أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسين مُحَمَّد بن أحمد ابن حامد العطار ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن سعد الزهري (2) ، قَالَ : حدثنا أبي وعمّي (3) قالا : حدثنا أُبيّ ، عن ابن إسحاق (4)، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد ابن أبي مُحَمَّد ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ : قَدِمَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة ، واليهود تقول : إنما هذه الدنيا سبعة آلاف سنةٍ ، وإنما يُعَذَّب الناس في النار لكل ألف سنة من أيام الدنيا يوماً واحداً في النار من أيام الآخرة ، وإنما هي سبعة أيامٍ ثم ينقطع العذاب. فأنزل الله تعالى في ذلك من قولهم : { وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً } [البقرة:80] (5)
__________
(1) انظر : رقم (3 ) .
(2) العوفي البغدادي ، مات بالمِصِّيصة سنة ( 238 ه - ) . انظر : تاريخ الإسلام ( وفيات : 238 ) : 216 .
(3) أما أبوه : فهو سعد بن إبراهيم بن سعد .
وأما عمه : فهو يعقوب بن إبراهيم بن سعد .
(4) انظر : تهذيب سيرة ابن إسحاق لابن هشام 2/186 . وفيه : (( حدثني مولى لزيد بن ثابت ، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس )) .
(5) رواه الطبري في تفسيره 1/382 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/155 (813) .
ورواه الحاكم 2/598 وجزم في إسناده بأنه من رِوَايَة سعيد بن جبير ، والمصنف جعله من رِوَايَة عكرمة ، وابن إسحاق شك بَيْنَهُمَا ولَمْ يجزم بشيء .
ومُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد هَذَا : هو الأنصاري مولى زيد بن ثابت. انظر: تهذيب الكمال 6/499 (6181).
وذكر هَذَا الأثر : المصنف في الوسيط 1/164 ، والبغوي في التفسير 1/138 ، وابن عطية 1/361 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/107 ، وابن كثير في تفسيره 1/163 ، والسيوطي في لباب النقول : 20 - 21 ، وفي الدر المنثور 1/207 ، وزاد فِيْهِ نسبته لابن المنذر .
ورواه الطبراني في الكبير ( 11160 ) من طريق مجاهد ، عن ابن عباس .(1/100)
.
(38) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد التّميمي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد بن حيّان ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان الرازي ، قَالَ: حدثنا سهل بن عثمان ، قَالَ: حدثنا مروان بن معاوية ، قَالَ : حدثنا جُويبر ، عن الضَحَّاك ، عن ابن عَبَّاس (1) : في قوله : { وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَعْدُودَةً } [البقرة : 80] ، قَالَ : وجد أهل الكتاب ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين يوماً (2) ، فقالوا : لن نعذب في النار إلا ما وجدنا في التوراة . فإذا كان يوم القيامة اقتحموا في النار ، فساروا في العذاب / 7 ب / حَتَّى انتهوا إلى سقر، وفيها شجرة الزَّقوم ، إلى آخر يوم من الأيام المعدودة ، قَالَ: فقال لهم خزنة النار (3) : يا أعداء الله ، زَعَمْتم أنكم لن تُعَذَبوا في النار إلا أياماً معدودةً، فقد انقضى العدد (4)، وبقيَّ الأبد (5) .
قوله : { أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } [البقرة : 75].
__________
(1) سقط الإسناد كله من ( ه - ) ، وورد بدله : (( وَقَالَ ابن عباس في رِوَايَة الضحاك )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ه - ) ، وجاء سيد صقر بكلمة : (( عاماً )) موافقة لما في تفسير الطبري ، وأثبتنا ما في العجاب ؛ لأنَّهُ يعتمد نَصَّ الواحدي .
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( أهل النار )) .
(4) في ( ص ) : (( الأجل )) ، وفي ( ه - ) : (( الأمد )) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 1/381 ، وابن أبي حاتم 1/156 (817) .
وذكره : ابن عطية 1/368 ، وابن الجوزي في الزاد 1/107 ، وابن كثير في التفسير 1/163 ، والسيوطي في الدر المنثور 1/207 . وزاد نسبته إلى ابن المنذر .(1/101)
قال ابن عَبَّاس ومقاتلٌ:نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى ليذهبوا معه إلى الله فلما ذهبوا معه إلى الميقات وسمعوا كلام الله - عز وجل - وهو يأمره وينهاه رجعوا إلى قومهم ، فأما الصادقون فأدَّوا كما سمعوا . وقالت طائفة مِنْهُمْ : سمعنا من الله (1) في آخر (2) كلامه يَقُوْل : إن استطعتم أن تفعلوا هذه الأشياء فافعلوا ، وإن شئتم فلا تفعلوا ولا
بأس (3) .
وعند أكثر المفسرين : نزلت (4) في الذين غيّروا آية الرجم وصفة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - (5).
قوله : { وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } [ البقرة : 89] .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( سمعنا الله )) .
(2) في ( ه) : (( لفظ )) .
(3) انظر : الوسيط 1/160 ، وتفسير البغوي 1/135 .
(4) في ( س ) و ( ه - ) : (( نزلت الآية )) .
(5) وهو قول عكرمة ومجاهد وقتادة والسدي .
انظر : تفسير مجاهد: 80 ، وتفسير الطبري 1/366 ، وتفسير السمرقندي 1/131، والوسيط 1/160، وتفسير البغوي 1/135 ، والكشاف 1/219 ، وتفسير ابن كثير 1/158 – 159 .(1/102)
قَالَ ابن عَبَّاس : كَانَ (1) يهود خيبر تقاتل غطفان ، فكلما التقوا هُزمت يهود خيبر ، فعاذت اليهود بهذا الدعاء ، وقالت : اللهم إنا نسألك بحق النبي الأُميّ الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلاّ نصرتنا عَلَيْهِمْ . قَالَ : فكانوا إذا التقوا دعوا بهذا الدعاء ، فهزموا غطفان . فلما بُعِثَ النبي - صلى الله عليه وسلم - كفروا به ، فأنزل الله : { وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا } ، أي : بك يا مُحَمَّد إلى قوله : { فَلَمَّا جَاءهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ } (2) .
وقال السديّ : كانت العرب تمر بيهود فيلقى (3) اليهود منهم أذًى ، وكانت اليهود تجد نعت مُحَمَّد في التوراة فيسألون (4) الله أن يبعثه ، فيقاتلون معه العرب ، فلما جاءهم مُحَمَّد كفروا به حسداً ، وقالوا : إنما كانت الرسل من بني إسرائيل ، فما بال هذا من بني إسماعيل (5) ؟!
قوله : { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ } [البقرة : 97] .
__________
(1) في ( ه) : (( كَانَتْ )) .
(2) أخرجه ابن إسحاق في سيرته 2/196 ( بتهذيب ابن هشام ) ، والطبري في تفسيره 1/410 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/172 ( 905 ) ، والحاكم 2/263 ، والبيهقي في الدلائل 2/76 ، وانظر : الدر المنثور 1/217 .
(3) في ( س ) و ( ص ) : (( فيلقون )) .
(4) في ( س ) : (( ويسألون )) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 1/411 – 412 ، وزاد السيوطي في الدر 1/216 نسبته إلى البيهقي .(1/103)
(39) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد (1)، قَالَ : أخبرنا الحسن بن أحمد الشيباني ، قَالَ : أخبرنا المؤمل بن الحسن بن عيسى ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن إسماعيل بن سالم (2) ، قَالَ : حدثنا أبو نعيم ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن بُكَير بن شهاب ، عن سعيد بن جبير، عن ابن عَبَّاس، قَالَ: أقبلت يهود(3) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا أبا القاسم نسألك عن أشياء فأن أجبتنا فيها اتبعناك، أخبرنا من الذي يأتيك من /8 أ/ الملائكة؟ فإنه لَيْسَ نبيٌّ (4) إلا يأتيه ملك مِنْ عِنْدَ ربه - عز وجل - بالرسالة وبالوحي ، فمن صاحبك ؟ قَالَ: "جبريل"، قالوا: ذلك(5) الَّذِي ينزل بالحرب وبالقتال، ذاك عدونا، لو قلت: ميكائيل الَّذِي ينزل بالقطر والرحمة تابعناك. فأنزل الله تَعَالَى: { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ } إلى قوله : { فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ } [البقرة : 97-98] (6).
قوله : { مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ … الآية } [البقرة : 98] .
__________
(1) تقدم في (23) .
(2) الصائغ . انظر : الجرح والتعديل 7/190 ، والثقات 9/133 .
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( اليهود )) .
(4) في ( س ) : (( من نبي )) .
(5) في ( س ) و ( ه - ) : (( ذاك )) في هَذَا الموضع والذي يليه .
(6) أخرجه أحمد 1/274 ، والترمذي (3117) وحسّنه، والنسائي في الكبرى (9072) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/179 - 180(952) ، والطبراني في الكبير (12429) ، وأبو نعيم في الحلية 4/304 - 305 .
وأخرجه الطيالسي (2731) ، وابن سعد في الطبقات 1/174 – 176 ، وأحمد 1/278 ، والطبري في تفسيره 1/431–432 ، والطبراني في الكبير (13012) ، والبيهقي في دلائل النبوة 6/266 – 267
من طرق عن ابن عباس ، به . مرفوعاً .(1/104)
(40) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد (1) الأصبهاني ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان (2)، قَالَ : حدثنا علي بن مُسْهر ، عن داود ، عن الشعبي ، قَالَ : قَالَ عُمَر بن الخطاب - رضي الله عنه - : كنت آتي اليهود عند دراستهم التوراة، فأعْجَبُ من موافقة القرآن التوراة، وموافقة التوراة القرآن . فقالوا : يا عُمر ، ما أحدٌ أحب إلينا منك ، قُلْتُ : وَلِمَ ؟ قالوا : لأنك تأتينا وتغشانا ، قُلتُ : إِنَّمَا أجيء لأعجب مِنْ تصديق كتاب الله بعضه بعضاً ، وموافقة التوراة القرآن ، وموافقة القرآن التوراة . فبينا أنا عندهم ذات يوم إذ مَرَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خلف ظهري ، فقالوا : إن (3) هَذَا صاحبك فقم إِلَيْهِ ، فالتفت إِلَيْهِ فإذا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَدْ دخل خَوْخَة مِنْ المدينة، فأقبلت عَلَيْهِمْ فقلت: أنشدكم الله (4) وما أنزل عليكم مِنْ كتاب، أتعلمون أَنَّهُ رَسُول الله ؟ فَقَالَ سيدهم : قَدْ نشدكم الله فأخبروه . فقالوا : أنت سيدنا فأَخْبِرْه ، فَقَالَ سيدهم : إنا نعلم أَنَّهُ رَسُول الله ، قَالَ : قُلتُ : فأنت أهلَكهُمْ (5) إن كنتم تعلمون أَنَّهُ رَسُول الله ، ثُمَّ لَمْ تتبعوه . فقالوا : إن لنا عدواً مِنْ الملائكة ، وسلماً مِنْ الملائكة . فقلت: مَنْ عَدوكُمْ ؟ ومن سلمكمْ ؟ قالوا: عدونا جبريل، وهو مَلَكُ الفظاظة والغلظة ، والآصار والتشديد . قلت : ومن سلمكم ؟ قالوا (6): ميكائيل ، وهو مَلَكُ الرأفة واللين والتيسير.قلت: فإني أشهد (7) ما يحل لجبريل أن يعادي سلم ميكائيل ، ولا (8)
__________
(1) أحمد بن مُحَمَّد )) من ( ب ) فقط .
(2) انظر : (1) .
(3) من ( ب ) فَقَطْ .
(4) في ( ب ) و ( ه) : (( بالله )) .
(5) في ( ب ) : (( فإني أهلككم )) .
(6) في ( س ) : (( قَالَ )) .
(7) في ( ه) : (( أشهدكم )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( ما )) .(1/105)
يحل لميكائيل أن يسالِم عدو جبريل ؛ وإنهما (1) جميعاً ومن معهما أعداءٌ لمن عادوا ، وسلمٌ لمن سالموا . ثم قمت فدخلت الخَوخَة التي دخلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاستقبلني فقال (2) : (( يا ابن الخطاب ، ألا أُقْرِئُكَ آياتٍ أُنزلت عليَّ قبل ؟ قُلتُ : بلى .
فَقَرأ (3): { قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ …الآية } حَتَّى بلغ { وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلاَّ الْفَاسِقُونَ } [البقرة : 98- 99] . قُلتُ : والذي بعثك بالحق نَبِيّاً (4) ما جئت إلا لأُخبرك (5) بقول اليهود ، فإذا اللطيف الخبير قَدْ سبقني بالخبر )) . قَالَ عُمَر : فلقد (6) / 8 ب / رأيتني أشدّ في دين الله من حجر (7) .
وَقَالَ ابن عَبَّاس : إن حَبْراً من أحبار اليهود من " فَدَك " يقال لَهُ : عبد الله بن صُوْرِيا (8)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فإنهما )) .
(2) في ( س ) : (( وقال )) .
(3) في ( س ) : (( قَالَ : فقرأ )) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(5) كذا في ( ب ) ، وفي بقية الأصول : (( أخبرك )) من غَيْر لام .
(6) في ( س ) و ( ه - ) : (( فقد )) .
(7) أخرجه الطبري في تفسيره 1/433 - 434 .
وزاد السيوطي في الدر المنثور 1/222 نسبته إلى إسحاق بن راهويه ، وقال السيوطي عقبه : (( صحيح الإسناد ، ولكن الشعبي لم يدرك عمر )) .
(8) ذكره ابن هشام في تهذيبه لسيرة ابن إسحاق 3/103 ، والسهيلي في الروض الأنف 4/397 . وهو
عبد الله بن صوريا الأعور ، كَانَ أعلم اليهود بالتوراة .(1/106)
، حاجَّ النبي- صلى الله عليه وسلم - فسأله عَن أشياء، فلما اتجهت الحجة عليه قَالَ : أيُّ مَلَكٍ يأتيك من السماء ؟ قَالَ : ((جبريل ، ولَمْ يبعث الله نَبِيّاً إلا وَهُوَ وَلِيُّهُ )) . قَالَ : ذَلِكَ عدونا مِنْ الملائكة ، ولوكان ميكائيل مكانه لآمنا بك ؛ إن جبريل ينزل بالعذاب والقتال والشدة ، وإنه عادانا مراراً كثيرةً ، وكان أشَدّ ذلك علينا أن الله أنزل على نبينا : أن بيت المقدس سيخرب على يدي رجلٍ يُقال له: بُخْتُنصَّر ، وأخبرنا بالحين الذي يخرب فيه ، فلما كان وقته بَعَثنا رجلاً من أقوياء بني إسرائيل في طلب بُخْتُنْصَّر ليقتله ، فانطلق يطلبه حتى لقيه ببابل غلاماً مسكيناً ليست له قوةٌ ، فأخذه صاحبنا ليقتله، فدفع عنه جبريل ، وقال لصاحبنا : إن كان ربكم هو (1) الذي أذن في هلاككم فلن تسلط عليه ، وإن لم يكن هذا فعلى أيِّ حقٍّ (2) تقتله ؟ فصدقه صاحبنا ، ورجع إلينا ، وكبر بُخْتُنْصَّر وقوي، وغزانا وخرب بيت المقدس؛ فلهذا نتخذه عدواً ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (3).
وَقَالَ مقاتلٌ : قَالَتْ اليهود : إنَّ جبريل عدونا ، أُمِرَ أن يجعل النبوةَ فينا ، فجعلها في غيرنا . فانزل الله هَذِهِ الآية .
قوله : { وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ } [البقرة : 99].
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه - ) .
(2) في ( س ) : (( شيء )) .
(3) ذكره البغوي في تفسيره 1/144 - 145 .
قَالَ ابن حجر في العجاب : 211 : (( يتعجب من جزمه بهذا عن ابن عباس مَعَ ضعف طريقه ، فإنه من تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي ، وَقَدْ قدمت أَنَّهُ هالك )) .(1/107)
قال ابن عباس : هذا جوابٌ لابن صُورِيا حيث قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا محمد ما جئتنا بشيءٍ نعرفه ، وما أُنزل عليك من آيةٍ بيِّنةٍ فنتبعك بِهَا . فأنزل الله هذه الآية (1).
__________
(1) رواه ابن إسحاق 2/196 ( تهذيب سيرة ابن إسحاق لابن هشام ) ، والطبري 1/441 ، وابن أبي حاتم 1/183 ( 970 ) . وانظر : الدر المنثور 1/232 .
ملاحظة: وقع في مطبوع تهذيب السيرة: (( أبو صلوبا الفطيوني )). وما في بقية المصادر موافق لما أثبتناه.(1/108)
قوله : { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ } [البقرة : 102].
(41) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد العزيز القَنْطَري ، قَالَ : أخبرنا أبو الفضل الحدادي ، قَالَ : أخبرنا أبو يزيد الخالدي ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ : حدثنا جرير ، قَالَ : أخبرنا حُصَين بن عَبْد الرحمان ، عن عمران بن الحارث قَالَ : بينما نحن عند ابن عَبَّاس إذ قَالَ : إن الشياطين كانوا يَسْتَرقون السمع من السماء ، فيجئُ أحدهم بكلمة حقٍ ، فإذا جُرِّب من أحدهم الصدق كَذَبَ معها سبعين كذبةً ، فيشربها قلوب الناس . فاطلع على ذلك سليمان فأخذها فدفنها / 9 أ / تحت الكرسي ، فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فَقَالَ : ألا أدلكم على كنز سليمان المنيع (1) الَّذِي لا كنز لَهُ مثله ؟ قالوا : نعم ، قال: هو (2) تحت الكرسي ، فأخرجوه ، فقالوا: هذا سحرٌ. فتناسختها (3) الأُمم ، فأنزل الله تعالى عذر سليمان { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } (4) [البقرة : 102] .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( الممنع ))
(2) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فتناسخته )) ، والمثبت من ( ب ) و ( ص ) ، وهو الموافق للطبري والحاكم .
(4) أخرجه : سعيد بن منصور في سننه 2/595 ( 207 ) ، والطبري في التفسير 1/449 – 450 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/187 (989 ) ، والحاكم في المستدرك 2/265 . وزاد السيوطي في الدر المنثور 1/233 نسبته إلى سفيان بن عيينة ، وابن المنذر .(1/109)
وقال الكلبي : إن الشياطين كتبوا السحر والنِّيْرَنْجِيَّات (1) على لسان آصف: هذا ما علم آصفُ بن برخيا سليمان الملك ، ثم دفنوها تحت مصلاه حِيْنَ نزع الله ملكه وَلَمْ يشعر بِذَلِكَ سليمان ، فَلَمَّا مات سليمان استخرجوها من تَحْتَ مصلاه ، وقالوا للناس : إنما ملككم سليمان بهذا فتعلموه. فأما علماء (2) بني إسرائيل فقالوا : معاذ الله أن يكون هذا علم سليمان. وأما السفلة فقالوا: هذا علم سليمان، وأقبلوا على تَعَلُّمه، ورفضوا كتب أنبيائهم . ففشت الملامة (3) لسليمان ، فلم تزل هذه حالهم حتى بعث الله مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - فانزل الله عذر سليمان على لسانه، وأظهر (4) براءته مما رمي به، فقال: { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ } [البقرة : 102] (5) .
__________
(1) وهي : رقى تعمل عمل السحر ، وليست منه. انظر: اللسان 2/376 ، وتاج العروس 6/236 (نرج) ، ومفتاح السعادة 1/302 .
(2) في ( ه) : (( فلما علم علماء )) .
(3) في ( ه) : (( الملامة بعدها )) .
(4) في ( ه) : (( ونزّل )) .
(5) ذكره القرطبي في تفسيره 1/432 .(1/110)
(42) أخبرني (1) سعيد بن العباس القرشي (2) من كتابه (3)؛ أنَّ العباس بن الفضل ابن زكريا (4)، حدثهم عَن أحمد بن نجدة (5)، قَالَ : أَخْبَرَنَا سَعِيد بن مَنْصُوْر (6) ، قَالَ : حَدَّثَنَا عتاب بن بشير ، قَالَ : أَخْبَرَنَا خصيف ، قَالَ : كَانَ سليمان إذا نبتت الشجرة ، قَالَ : لأيِّ داءٍ أنتِ ؟ فتقول : لكذا وكذا . فَلَمَّا نبتت شجرة الخرنوب (7)
__________
(1) في ( س ) و ( ه - ) : (( أخبرنا )) .
(2) هو سعيد بن العباس بن مُحَمَّد عثمان القرشي الهروي ، ت ( 433 ه - ) . انظر : تاريخ بغداد 9/113 .
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( كتابة )) .
(4) في ( س ) و ( ه - ) : (( الفضل بن زكريا )) ، وهو خطأ ؛ إنما هو أبو منصور العباس بن الفضل بن زكريا ابن نضرويه النضروي الهروي ، ت ( 372 ه - ) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/331 .
(5) هو أحمد بن نجدة بن العريان ، أبو الفضل الهروي ، راوي السنن عن سعيد بن منصور ، ت (296 ه - ) . انظر : سير أعلام النبلاء 13/571 .
(6) سنن سعيد بن منصور 2/576 ( 204 ) .
(7) في ( س ) : (( الخروبة )) ، وفي المطبوع من السنن : (( الخرنوب الشامي )) .
والخرنوب : شجر ينبت في جبال بلاد الشام لَهُ حب كحب الينبوت ، يسميه صبيان أهل العراق : القثاء الشامي ، وهو يابس أسود . انظر : اللسان 1/145 ( خرنب ) .(1/111)
قَالَ : لأيِّ شيءٍ أنتِ ؟ قالت : لمسجدكَ أخربه (1) ، فَقَالَ (2) : تخربينه ؟! قالت : نعم ، قال : بئس الشجرة أنتِ . فلم يلبث أن توفي سليمان (3) ، فجعل الناس يقولون في مرضاهم: لو كان لنا مثل سليمان . فأخذت الشياطين فكتبوا كتاباً فجعلوه في مصلى سليمان وقالوا (4) : نحن ندلكم على ما كان سليمان يداوي به. فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فإذا فيه سِحْرٌ ورُقىً. فأنزل الله تعالى : { وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ ومَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ } إلى قوله تعالى: { حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ } [البقرة : 102] (5) .
قال السديّ: إن الناس في زمن سليمان اكتتبوا (6) السحر فاشتغلوا بتعلمه ، فأخذ سليمان تلك الكتب وجعلها في صندوق ودفنها تحت كرسيه ، ونهاهم عن ذَلِكَ . فلما مات سليمان وذهب الذين كانوا يعرفون دفن(7) الكتب، تمثل شيطان على صورة إنسان، فأتى نفراً من /9 ب/ بني إسرائيل فَقَالَ: هل أدلكم على كنزٍ لا تأكلونه أبداً ؟ قالوا : نعم ، قَالَ: فاحفروا تحت الكرسي، فحفروا فوجدوا تِلْكَ الكتب ، فلما أخرجوها قَالَ الشيطان : إنَّ سليمان كَانَ يضبط الجن والإنس والشياطين والطير بهذا . فأخذ (8) بنو إسرائيل تِلْكَ الكتب ، فلذلك أكثر ما يوجد السحر في اليهود . فبرَّأ الله - عز وجل - سليمان من ذَلِكَ ، وأنزل هَذِهِ الآية (9) .
قوله : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا } [البقرة : 104].
__________
(1) في ( ه) : (( لخراب بيتك )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( قَالَ )) .
(3) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(4) ليست في ( ب ) .
(5) لَمْ نقف عَلَيْهِ مسنداً إلا في سنن سعيد بن منصور . وانظر : الدر المنثور 1/235 .
(6) في ( س ) و ( ه) : ((كتبوا )) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( دفنه )) .
(8) في ( س ) : (( فاتخذ )) .
(9) انظر : الوسيط 1/182 .(1/112)
قَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة عطاءٍ: وذلك أن العرب كانوا يتكلمون بها، فلما سمعهم(1) اليهود يقولونها للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، أعجبهم ذَلِكَ ، وكان راعنا في كلام اليهود السب القبيح (2) فقالوا : إنا كنا نسبُ مُحَمَّداً سراً ، فالآن أعلنوا السب لمحمدٍ لأنه من كلامهم . فكانوا يأتونَ نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - فيقولون: يا مُحَمَّد ، راعنَا ويضحكون. ففطن بها رجل من الأنصار ، وهو سعد بن عبادة (3)، وكانَ عارفاً بلغة اليهود، فَقَالَ: يا أعداء الله ، عليكم لعنةُ الله ، والذي نفس مُحَمَّد بيده ، لئن سمعتها من رجلٍ منكم لأضربنَ عنقه . فقالوا : ألستم تقولونها لَهُ (4)؟ فأنزل الله تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا } [البقرة : 104] (5).
قوله : { مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ } [البقرة : 105].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( سمعتهم )) .
(2) في ( ه) : (( سباً قبيحاً )) .
(3) كَذَا في جَمِيْع الأصول المعتمدة وفي العجاب: 246 . وفي: الوسيط 1/186 ، وتفسير البغوي 1/152، والقرطبي 1/447 ، والبحر المحيط 1/339 ، ولباب النقول : 24 : (( معاذ )) .
(4) ليست في ( ب ) .
(5) ذكرهُ المصنف في الوسيط1/186، والبغوي في تفسيره 1/152، والقرطبي 1/447،وأبو حيان في البحر 1/339، والسيوطي في لباب النقول: 24، وفي الدر المنثور1/252وزاد فِيْهِ نسبته إلى أبي نعيم في الدلائل –ولَمْ نجده في المطبوع مِنْهُ فهو ناقص– وضعّف ابن حجر في العجاب :246 إسناده، وانتقد الواحدي عَلَى حذفه للسند . وَقَالَ في فتح الباري 8/163 : (( وروى أبو نعيم في الدلائل بسند ضعيف جداً )) .(1/113)
قالَ المُفسرون : إن المسلمين كانوا إذا قالوا لحُلفائهم منَ اليهود : آمِنوا بمُحَمَّدٍ قالوا : ما (1) هذا الذي تدعوننا إليه (2) بخير مما نحنُ عَلَيْهِ ، ولوَدَدنا لو كانَ خيراً. فأنزلَ الله تعالى هذهِ الآية تكذيباً لهم (3) .
قوله تَعَالَى : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا } [البقرة : 106].
قالَ المُفسرون : إن المشركين قالوا: ألا ترون إلى مُحَمَّد يأمرُ أصحابهُ بأمرٍ ثم ينهاهم عنهُ ويأمرهم بخلافهِ ، ويقول اليوم قولاً ويرجع عنهُ غداً ؟! ما هَذَا القرآن إلا كلام مُحَمَّد يقولهُ مِنْ تلقاء نفسهِ ، وَهُوَ كلام يناقض بعضهِ بعضاً . فأنزل الله تَعَالَى :
{ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَة } [النحل : 101] ، وأنزل أيضاً : { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } [البقرة : 106] (4) .
قوله - عز وجل - : { أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ } [البقرة : 108].
قال ابن عباس : نزلت (5) في عبد الله بن أبي أمية ورهطٍ من قريش ، قالوا :
__________
(1) ساقطة من ( س ) و ( ه - ) .
(2) في ( س ) : زيادة (( لَيْسَ )) .
(3) في ( س ) : (( تكذيباً لهم هَذِهِ الآية )) .
وَقَالَ ابن حجر في العجاب : 248 : (( سبقه الثعلبي ولَمْ ينسبه لقائله )) . وذكره البغوي في تفسيره 1/152 – 153 ، وأبو حيان في البحر 1/339 .
(4) ذكره المصنف في وسيطه 1/187 ، والبغوي في التفسير 1/153 ، والخازن في تفسيره 1/93 ، وَقِيْلَ : نزلت في اليهود . انظر : تفسير القرطبي 1/451 ، والبحر المحيط 1/341 .
قَالَ ابن حجر في العجاب : 249 : (( وهذا أيضاً تبع فِيْهِ الثعلبي فإنه أورده هَكَذَا )) .
(5) في ( س ) و ( ه - ) : (( نزلت هَذِهِ الآية )) .(1/114)
يا مُحَمَّد ، اجعل لنا الصفا ذهباً ، ووسع لنا أرض مكة ، وفجِّر (1) الأنهار خلالها (2) تفجيراً نؤمِن بك . فانزل الله هذه الآية (3) / 10 أ / .
وَقَالَ المفسرون : إن اليهود وغيرهم من المشركين تمنوا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فمن قائلٍ يقول: ائتنا بكتابٍ من السماء جملةً كما أتى موسى بالتوراة، ومن قائلٍ يقول – هو عَبْد الله بن أبي أُمية المخزومي –: ائتنا بكتاب من السماء فِيْهِ: (( من رب العالمين إلى ابن أبي أُمية ، اعلم أنني قد أرسلت مُحَمَّداً إلى الناس )) (4) . ومن قائلٍ يقول : لن نؤمن
لَكَ (5) أو تأتيَّ بالله والملائكة قبيلاً ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (6) .
قوله : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب } [البقرة : 109].
قَالَ ابن عَبَّاس : نزلت في نفرٍ من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أُحدٍ : ألم تَرَوا إلى ما أصابكم ؟ وَلَوْ كنتم عَلَى الحق ما هُزِمْتم ، فارجعوا إِلَى ديننا فَهُوَ خيرٌ لكم (7) .
__________
(1) في ( س ) : (( وفجر لنا )) .
(2) سقطت من ( س ) .
(3) أخرجه ابن أبي حاتم 1/202 (1074) .
وذكره المصنف في الوسيط 1/190 - 191 ، وأبو حيان في البحر 1/345 - 346 .
وَقَالَ ابن حجر في العجاب : 251 : (( ذكره الثعلبي ولعله من تفسير الكلبي ، عن أبي صالح ، عن
ابن عباس ، فإني وجدته عن ابن عباس بسند جيد – [ يعني : رِوَايَة ابن أبي حاتم ] – لكنه مغاير
لَهُ )) .
(4) انظر : تفسير الفخر الرازي 1/447.
(5) ليست في ( ب ) .
(6) ذكره المصنف في الوسيط 1/190 – 191 ، وأبو حيان في البحر المحيط 1/346 .
(7) قَالَ الحَافِظ في العجاب : 254 : (( هَذَا لعله من تفسير الكلبي )) .(1/115)
(43) أَخْبَرَنَا الحسن بن مُحَمَّد الفارسي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الفضل (1)، قَالَ : أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى (2)، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو اليمان ، قَالَ : أَخْبَرَنَا شعيب ، عَن الزهري ، أَخْبَرَنِي عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله بن كعب بن مَالِك ، عَن أبيه : أن كعب بن الأشرف اليهودي كَانَ شاعراً ، وكَانَ يهجو النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ، ويحرض عَلَيْهِ كفار قريش في شعره ، وكَانَ المشركون واليهود مِنْ أهل المدينة حِيْنَ قَدِمَها رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يؤذون النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أشد الأذى ، فأمر اللهُ تَعَالَى نَبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر عَلَى ذَلِكَ والعفو عَنْهُمْ ، وفيهم أُنزلت : { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَاب } إلى قوله : { فَاعْفُوا وَاصْفَحُواْ } [البقرة : 109] (3) .
قوله - عز وجل -: { وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ ... } [البقرة: 113] .
__________
(1) تقدما في (8) .
(2) تقدما في (5) . وهذا النص منقول من الزهريات لِمُحَمَّد بن يحيى الذهلي ، وهو ضمن ما فُقِدَ من تراث الأمة .
(3) أحرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/204 (1083) ، والطبراني في الكبير 19/(154)، والبيهقي في الكبرى 9/183 ، وفي دلائل النبوة 3/196–197 ، وزاد السيوطي في الدر 1/261 نسبته لابن المنذر .(1/116)
نزلت في يهود أهل المدينة ونصارى أهل نَجْرَان، وذلك أن وفد نَجْرَان لمّا قَدِموا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاهم أحبارُ اليهود فتناظروا حتى ارتفعت أصواتهم ، فقالت اليهود ما أنتم عَلَى شيءٍ من الدين ، وكفروا بعيسى والإنجيل ، وقالت لهم النصارى: ما أنتم عَلَى شيءٍ من الدين ، وكفروا بموسى والتوراة . فأنزل الله تعالى هذه الآية (1).
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ … الآية } [البقرة : 114].
نزلت في طَطُوس (2) الرّومي وأصحابه من النصارى ، وذلك أنهم غزوا بني
إسرائيل فقتلوا مقاتِلَتَهم ، وَسَبَوْا ذَرارِيّهم ، وحَرَّقوا التوراة وخَرَّبوا بيت المقدس ، وقذفوا فيه الجيف . وهذا معنى (3) قول ابن عَبَّاس في رواية الكلبي (4).
وَقَالَ قتادة والسديّ : هو بُخْتُنَصَّر وأصحابه ، غزوا اليهود وخَرَّبوا بيت المقدس ، وأعانتهم على ذَلِكَ / 10 ب / النصارى من أهل الروم (5)
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 1/495 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/208 ( 1103 ) ، عن ابن عباس . وذكره المصنف في الوسيط 1/193 ، والقرطبي في تفسيره 1/464 .
(2) في ( ه) : (( ططلوس )) ، وفي تفسير البغوي 1/156 : (( طيطوس )) ، وفي تفسير القرطبي 1/465 :
(( بطوس ، وتطوس ، وبطوش )) ، وفي تفسير البحر المحيط 1/356 : (( نطوس )) .
(3) سقطت من ( ب ) ، وقد نقل ابن حجر في العجاب : 258 كلام الواحدي هَذَا .
(4) تفسير الطبري 1/498، وتفسير ابن أبي حاتم 1/210 ( 1111 ) ، وتفسير البغوي 1/156 ، وتفسير ابن كثير 1/214 . وذكر الحافظ ابن حجر في العجاب : 257 – 258 : أن مصدر الواحدي هنا هو الثعلبي ، فَقَالَ عندما ذكر هذا النص بقوله : (( قال الواحدي تبعاً للثعلبي )) .
(5) أخرج قول قتادة عبد الرزاق في تفسيره ( 109 ) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/210 ( 1113 ) .
وأخرج قول السدي الطبري في تفسيره 1/498 – 499 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/211 (1116)، وفي تفسير الفخر الرازي 1/458 عن أبي بكر الرازي: (( لا خلاف بين أهل العلم بالسير أن عهد بختنصر كان قبل مولد المسيح بدهر طويل ، والنصارى كانوا بعد المسيح ، فكيف يكونون مع بختنصر في تخريب بيت المقدس ؟… )) .(1/117)
.
وَقَالَ ابن عَبَّاس في رواية عطاء : نزلت في مشركي مكة (1) وَمَنْعِهِم المسلمين من ذكر الله تعالى في المسجد الحرام (2).
قوله : { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِب ... الآية } [البقرة : 115] .
اختلفوا في سبب نزول هَذِهِ الآية (3) :
__________
(1) في ( س ) و ( ص ) : (( أهل مكة )) .
(2) يريد يوم الحديبية ، انظر : تفسير الطبري 1/499 . وذكر ابن أبي حاتم في تفسيره 1/210 (1110) : عن ابن عباس : أن قريشاً منعوا النبي ( الصلاة عِنْدَ الكعبة في المسجد الحرام ، فأنزل الله: ? وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ? .
(3) في (س ) : (( سبب نزولها )) .(1/118)
(44) فأخبرنا أبو منصور المنصوري (1) ، قَالَ : أخبرنا علي بن عمر الحافظ (2) ، قَالَ: حدثنا أبو مُحَمَّد إسماعيل بن علي، قَالَ: حدثنا الحسن بن علي بن شبيبٍ المعمري، قَالَ: حدثنا أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري، قَالَ: وجدت في كتاب أبي : (( حدثنا عبد الملك العَرْزَميّ، قَالَ: حدثنا عطاء بن أبي رَبَاح، عن جابر بن عبد الله، قَالَ: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّة كنتُ فِيْهَا ، فأصابتنا ظلمةٌ فلم نعرف القبلة ، فقالت طائفةٌ منا: قد عرفنا القبلة، هي ها هنا قِبَلَ الشمال، فصلَّوا وخَطَّوا خطوطاً. وقال بعضنا: القبلة ها هنا قِبَلَ الجنوب ، وخطوا (3) خطوطاً. فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما قَفَلنا (4) من سفرنا سألنا النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فسكت، فأنزل الله تَعَالَى :
{ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة : 115] (5) .
__________
(1) هو مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أحمد بن أبي بكر ، أبو منصور المنصوري الطوسي البغدادي ، ت ( 448 ه - ) . انظر : المنتخب من السياق : 41 .
(2) هو إمام المعللين الحافظ الهمام الجهبذ عمر بن علي الدارقطني البغدادي ، ت ( 385 ه - ) . انظر : سير أعلام النبلاء 16/449 ، والحديث في سننه 1/271 .
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( فصلوا وخطوا )) ، وما أثبتناه موافق لما في سنن الدَّارَقُطْنِيّ ، والعجاب .
(4) في ( ص ) : (( قدمنا )) .
(5) رواه الحاكم 1/206 ، والبيهقي 2/10 ، والمصنف في الوسيط 1/194 - 195 .
وذكره: ابن كثير في تفسيره 1/217–218 ، وزاد نسبته إلى ابن مردويه. وانظر: الدر المنثور 1/266 .(1/119)
(45) وأخبرنا أبو منصور، أخبرنا عليٌّ(1)، قَالَ: حدثنا يحيى بن صاعد، قَالَ:حدثنا مُحَمَّد بن إسماعيل الأحْمَسِي ، قَالَ : حدثنا وكيعٌ ، قَالَ: حدثنا أشعث السَّمَّان ، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، قَالَ:كنا نصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في السفر في ليلةٍ مظلمةٍ، فلم ندرِ كيف القبلة، فصلى كل رجلٍ منا على حِيَالِهِ، فلما أصبحنا ذكرنا ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه } [البقرة:115](2).
ومذهب ابن عُمَر : أن الآية نازلةٌ في التطوع عَلَى الراحلة بالنافلة (3) .
__________
(1) كلاهما في الإسناد السابق . وانظر : سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/272 .
(2) أخرجه : الطيالسي ( 1145 ) ، وعبد بن حميد ( 316 ) ، والترمذي ( 345 ) و ( 2957 ) ، وابن ماجه ( 1020 ) ، والطبري في تفسيره 1/503 ، وأبو نعيم في الحلية 1/179 ، والبيهقي 2/11 .
(3) في ( س ) : (( في التطوع بالنافلة )) .(1/120)
(46) أخبرنا أبو القاسم بن عبدان (1)، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن عَبْد الله الحافظ (2)، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب (3) ، قَالَ : حدثنا أبو البختري عَبْد الله بن مُحَمَّد بن شاكر (4) ، قَالَ : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الملك بن أبي (5) سليمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر ، قَالَ : أنزلت : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّه } . أن تصلي (6) حيثما توجهت بك راحلتك ، في التطوع (7) .
__________
(1) هو عبد الرحمان بن أحمد بن مُحَمَّد بن عبدان العطار ، أبو القاسم الصيدلاني ، ت ( 450 ه) . انظر : المنتخب من السياق : 310 .
(2) هو مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد النيسابوري ،أبو عبد الله الحاكم المشهور بـ(( ابن البّيع )) ، ت(405ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 17/162 ، وحديثه في المستدرك 2/266 .
(3) هو أبو العباس مُحَمَّد بن يعقوب بن يوسف الأموي ، مولاهم ، النيسابوري الأصم ، ت ( 346 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 15/452 .
(4) هو عبد الله بن مُحَمَّد بن شاكر العنبري ، أبو البختري البغدادي المقرئ ، ت ( 270 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 13/33 .
(5) سقطت من ( س ) و ( ه) فتحرف الاسم . وانظر : التقريب ( 4184 ) .
(6) في ( ب ) : (( أي : صلِّ )) .
(7) رواه أحمد 2/20 و 41 ، والترمذي ( 2958 ) ، والنسائي 1/244 ، وفي الكبرى (10997)، وفي التفسير ، له (17)، وأبو يعلى (5647)، والطبري في تفسيره 1/503 ، وابن خزيمة (1267) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/212 (1121) ، والبيهقي 2/4 .(1/121)
وقال ابن عباس في رواية عطاء : أن النجاشي تُوفي فأتى جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أن النجاشي تُوفي فصلِّ عليه، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابهُ أن يحضروا ، وصفهم ثم تقدم رسول الله- صلى الله عليه وسلم - ، وقال لهم: (( إن الله أمرني أن أصلي على النجاشي وقد تُوفي ، فصلوا عَلَيْهِ )) . فصلى رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهم عَلَيْهِ . فَقَالَ أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنفسهِم :
/11 أ/ كيف نصلي عَلَى رجلٍ مات وهو يصلي لغير قِبلتنا ؟ وكَانَ النجاشي يُصلي إِلَى بيت المقدس حَتَّى مات ، وَقَدْ صرفت القبلة إِلَى الكعبة . فأنزل الله :: { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة 115] (1) .
ومذهب قتادة : أن هذه الآية منسوخةٌ بقوله تَعَالَى : { وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ } [البقرة: 144] (2)
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 1/504 عن قتادة قوله ، وانظر : العجاب : 261 – 262 .
(2) رواه عَنْهُ الترمذي ( 2958 ) م1 ، والطبري 1/502 ، وزاد السيوطي في الدر 1/267 نسبته إلى
عبد بن حميد .(1/122)
، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء الخراساني . قَالَ (1) : أول ما نُسخ من القرآن شأن القبلة ، قال الله تَعَالَى : { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } ، قال: فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نحو بيت المقدس ، وترك البيت العتيق ، ثُمَّ صرفه الله تَعَالَى إلى البيت العتيق (2) .
وقال في رواية علي بن أبي طلحة الوَالبيّ : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هاجر إلى المدينة - وكان أكثر أهلها اليهود - أمره الله تَعَالَى أن يستقبل بيت المقدس . ففرحت اليهود ، فاستقبلها بضعة عشر شهراً . وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب قبلة إبراهيم فلما صرفه الله تَعَالَى إليها ارتاب من ذلك اليهود ، وقالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عَلَيْهَا ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } (3) .
قوله - عز وجل -: { وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً... } [البقرة : 116].
نزلت في اليهود حيث قالوا : عُزَيرٌ ابن الله ، وفي نصارى نجران حيث قالوا : المسيح ابن الله ، وفي مشركي العرب حيث قالوا : الملائكة بنات الله (4) .
قوله - عز وجل -: { وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } [البقرة : 119].
__________
(1) كذا في ( ب ) و ( ص ) ، وفي ( س ) و ( ه) : (( وَقَالَ )) .
(2) في إسناده ابن جريج ، مدلس وقد عنعن . والحديث أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/212 (1123) ، والحاكم في المستدرك 2/267 ، والبيهقي في السنن الكبرى 2/12 . ومن طريق أبي عبيد ذكره ابن كثير في تفسيره 1/216 . وقَالَ عَنْهُ الحاكم : صحيح على شرط الشيخين .
(3) تفسير الطبري 2/20 ، والوسيط 1/194 ، وتفسير ابن كثير 1/217 .
(4) انظر : الوسيط : 1/195 ، وتفسير البغوي 1/158 ، وتفسير القرطبي 1/472 ، وتفسير ابن كثير 1/219 .(1/123)
قال ابن عَبَّاس : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذات يوم : (( ليت شعري ما فعل أبواي ! )) (1) ، فنزلت هَذِهِ الآية (2). وهذا عَلَى قراءة من قرأ: { وَلا تَسْأَلْ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } جزماً (3) .
وَقَالَ مقاتل : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( لو أن الله أنزل (4) بأسه باليهود لآمنوا )) . فأنزل الله تَعَالَى : { وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ } (5) .
قوله : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى … الآية } [البقرة :120] .
قَالَ المفسرون : إنهم كانوا يسألون النبي- صلى الله عليه وسلم - الهدنة، ويطمعونه أنه إن هادنهم وأمهلهم اتبعوه ووافقوه . فأنزل الله تعالى هذه الآية (6) .
__________
(1) في ( ص ) : (( ما فعل بأبواي )) .
(2) تفسير البغوي 1/160 ، وتفسير القرطبي 1/479 - 480 ، وله شاهد من حديث مُحَمَّد بن كعب القرضي الَّذِي أخرجه الطبري في تفسيره 1/515 - 516 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/217 (1151).
وأورده السيوطي في الدر المنثور 1/271 وزاد نسبته لسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر ، وَقَالَ : هذا مرسل ضعيف الإسناد .
(3) وهي قراءة نافع ، ويعقوب ، ومحمد الباقر ، وابن عباس .
وقرأ أُبَيّ وابن مسعود : (( وما تُسْأَلُ )) . انظر : تفسير الرازي 1/471 ، والبحر المحيط 1/368 ، ومعجم القراءات القرآنية 1/107 .
(4) في ( ب ) : (( لَوْ أنزل الله )) .
(5) مقاتل لم يدرك النبي ( . وقال ابن حجر في العجاب: 265: (( لم أرَ هذا في تفسير مقاتل بن سليمان ، فينظر في تفسير مقاتل بن حيان )) . وانظر : الوجيز للمصنف 1/32 ، والوسيط 1/198 ، وتفسير القرطبي 2/92 . وللإمام الفخر الرازي تعقيب عَلَى هَذِهِ الرواية فانظر : تفسيره 4/30 .
(6) انظر : الوسيط 1/200 ، وتفسير البغوي 1/161 .(1/124)
قَالَ ابن عَبَّاس : هذا في القبلة (1) ؛ وذلك أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلِّي النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى قبلتهم ، فلما صرف الله تَعَالَى القبلة إلى الكعبة شق ذَلِكَ عَلَيْهِمْ ويئسوا مِنْهُ أن يوافقهم عَلَى دينهم ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2).
قوله : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ } [البقرة :121].
قَالَ ابن عَبَّاس /11 ب/ – في رِوَايَة عطاء والكلبي –: نزلت في أصحاب السفينة الذين أقبلوا مَعَ جعفر بن أبي طالب مِن أرض الحبشة ؛ كانوا أربعين رجلاً مِنْ الحبشة وأهل الشام (3) .
قَالَ الضحاك : نزلت فيمن آمن مِنْ اليهود (4) .
وَقَالَ قتادة وعكرمة : نزلت في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - (5) .
قوله - عز وجل - : { أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْت … الآية } [البقرة: 133].
نزلت في اليهود حين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ألست تعلم أن يعقوب يوم مات أوصى بنيه باليهودية (6) ؟
قوله - عز وجل -: { وَقَالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا } [البقرة :135].
__________
(1) في ( ب ) : (( شأن القبلة )) .
(2) سبقه شيخه الثعلبي بذكره ، فانظر : العجاب : 268 ، والدر المنثور 1/272 ، ولباب النقول : 28 .
(3) انظر : الوسيط 1/200 ، والبحر المحيط 1/369 ، والعجاب : 268 – 269 .
(4) انظر : ما سبق .
(5) أسنده الطبري عن قتادة 1/518.
(6) أخرجه الطبري في التفسير 1/562 .(1/125)
قَالَ ابن عَبَّاس : نزلت في رؤوس يهود المدينة : كعب بن الأشرف ، ومالك بن الصيف ، ووهب بن يهوذا ، وأبي ياسر بن أخطب ، وفي نصارى أهل نجران ، وذلك أنهم خاصموا المسلمين في الدين ، كلُ فرقةٍ تزعُمُ أنها أحق بدين الله من غيرها . فقالت اليهود : نبينا موسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا التوراة أفضل الكتب ، وديننا أفضل الأديان . وكفرت بعيسى والإنجيل ومُحَمَّد والقرآن .
وقالت النصارى : نبينا عيسى أفضل الأنبياء ، وكتابنا الإنجيل أفضل الكتب ، وديننا أفضل الأديان ، وكَفَرَتْ بمُحَمَّدٍ والقرآن . وَقَالَ كلُ واحدٍ من الفريقين للمؤمنين : كونوا عَلَى ديننا فلا دين إلا ذَلِكَ . ودَعَوْهُمْ إلى دينهم (1) .
قوله - عز وجل - : { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً … الآية } [البقرة: 138].
قَالَ ابن عَبَّاس: إنَّ النصارى كَانَ إذا وُلِدَ لأحدِهم ولد ، فأتى عليه سبعة أيام صبغوهُ في ماءٍ لهم يقال لَهُ : المعمودي ، ليطهروه بذلك ، ويقولون : هذا طهور مكان الختان . فإذا فعلوا ذلك قالوا : الآن صار نصرانياً حقاً . فأنزل الله تَعَالَى : { صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً } (2) .
قوله - عز وجل -: { سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاس … الآية } [البقرة : 142].
نزلت في تحويل القبلة (3) .
__________
(1) انظر : الوسيط 1/218 ، وتفسير البغوي 1/171 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( هَذِهِ الآية )) ، وذكر ما يقارب مِنْهُ الطبري في تفسيره 1/570 ، وانظر : تفسير البغوي 1/173 ، وزاد المسير 1/151 ، والعجاب : 275 – 276 .
(3) جاء في حاشية نسخة ( ب ) قوله : (( بلغ مقابلة )) وَهُوَ دليل عَلَى صحة النسخة وإتقانها .(1/126)
(47) أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر (1)، قَالَ: أخبرنا زاهر بن أحمد (2)، قَالَ: أخبرنا الحسين بن مُحَمَّد بن مصعب (3)، قَالَ: حدثنا يحيى بن حكيم (4) ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن رجاء (5) ، قَالَ : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، قَالَ : لَمَّا قَدِم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة صلَّى (6) نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ، أو سبعة عشر شهراً ، وكان رَسُول الله يحب أنْ يُوَجَّه (7) نحو الكعبة ، فأنزل الله تَعَالَى : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } إلى آخر الآية . فَقَالَ (8) السفهاء - وهم اليهود -: ما ولاهم عَن قبلتهم التي كانوا عَلَيْهَا ، قَالَ الله تَعَالَى (9): { قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ /12 أ/ وَالْمَغْرِب } [البقرة:142]. إلى آخر الآية. رواه البخاري (10) عَن عَبْد الله بن رجاء (11).
__________
(1) الشاذياخي ، تقدم في (10) .
(2) تقدم في (31) .
(3) هو الحسين بن مُحَمَّد بن مصعب بن رزيق المروزي، أبو علي السَّنْجي،ت (315 ه)، وَقِيْلَ : (316 ه). انظر : سير أعلام النبلاء 14/413 .
(4) يحيى بن حكيم المُقَوِّم ، ويقال : المُقَوِّمِيّ ، أبو سعيد البصري ، ت ( 256 ه) . انظر : تهذيب الكمال 8/26 ( 7409 ) .
(5) تقدم في (19) .
(6) كذا في ( ص ) ، وفي ( ب ) و ( س ) و ( ه) : (( فصلّى )) .
(7) في ( ب ) و ( ص ) : (( يتوجه )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( وقال )) .
(9) قَالَ الله تَعَالَى )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(10) 1/110 ( 399 ) .
(11) ورواه أحمد 4/283 و 288 و 304 ، والبخاري 1/16 (40) و 6/25 (4486) و 9/108 (7252) ، ومسلم 2/65 (525) (11) و (12) ، وابن ماجه (1010) ، والترمذي (340) و(2962) ، والنسائي 1/242 و 243 ، وفي الكبرى (11000) ، وابن خزيمة (428) و (433) و(437) ، كلهم من حديث البراء بن عازب .(1/127)
قوله - عز وجل -: { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم... } [البقرة : 143].
قَالَ ابن عَبَّاس – في رواية الكلبي –: كَانَ رجالٌ مِنْ أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنَ المُسْلِمِيْنَ (1) قد ماتوا على القبلة الأولى منهم أسعد بن زُرَارةَ ، وأبو أمَامَةَ أحَدُ بَني النَجار، والبَرَاء بن مَعْرور أحد بني سلمة ، في أُناسٍ آخرين (2) جاءت عشائرهم فقالوا : يا رَسُول الله توفيَّ إخواننا وهم يصلون إلى القبلة الأولى ، وقد صرفك الله تعالى إلى قبلة إبراهيم ، فكيف بإخواننا ؟ فأنزل الله : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُم } (3) [البقرة : 143].
ثُمَّ قَالَ : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ } [البقرة : 144].
__________
(1) من المسلمين )) لَمْ ترد إلا في ( ب ) . وهي واردة في هَذَا النص الَّذِي نقله ابن حجر في العجاب : 282 ، ولا عَلَيْكَ بتعليق محققه !!
(2) في ( س ) و ( ه) : (( وأناس آخرون )) ، والمثبت من ( ب ) و ( ص ) والعجاب .
(3) أخرجه الطيالسي (2673) ، وأحمد 1/295 و 304 و 322 و 347 ، والدارمي (1238) ، وأبو داود (4680) ، والترمذي (2964) ، والطبري في تفسيره 2/17 ، وابن حبان (1717) ، والطبراني في الكبير (11729) ، والحاكم 2/269.(1/128)
وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لجبريل - عليه السلام - : (( وَدِدْتُ أنَّ الله تعالى صرفني عن قبلة اليهود إلى غيرها )) ، وكان يريد الكعبة ؛ لأنها قبلة إبراهيم ، فَقَالَ لَهُ جبريل: إنما أنا عبدٌ مثلك لا أملك شيئاً ، فسل ربك أن يحولك عنها إلى قبلة إبراهيم . ثُمَّ ارتفع جبريل وجعل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بما سأله . فأنزل الله تَعَالَى : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ … الآية } (1) .
(48) أخبرنا أبو منصور مُحَمَّد بن مُحَمَّد المنصوري ، قَالَ : أخبرنا عليُّ بن عمر الحَافِظ (2)، قَالَ : حدثنا عَبْد الوهاب بن عيسى ، قَالَ : حدثنا أبو هشام (3) الرفاعي ، قَالَ : حدثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، قَالَ : حدثنا أبو إسحاق ، عَن البَرَاء ، قَالَ : صلينا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد قدومه المدينة ستة عشر شهراً نحو بيت المقدس ، ثُمَّ عَلِمَ الله - عز وجل - هوى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فنزلت : { قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا … الآية } [البقرة : 144]. رواه مُسْلِم (4) عَن أبي بكر بن أبي شيبة ، عَن أبي الأحوص . ورواه البخاري (5) عَن أبى نعيم ، عَن زهير كلاهما ، عَن أبي إسحاق (6) .
__________
(1) في (س) و ( ه - ) : لَمْ تذكر الآية ، والسياق المثبت موافق لنقل ابن حجر في العجاب : 284 - 285 .
وهذا السبب المذكور منتزع من قول مقاتل بن سليمان في تفسيره 1/72 – 73 ، وللحافظ ابن حجر مناقشات حول هَذَا القول ، وانظر : تفسير الطبري 2/19 .
(2) تقدما في (44) . وانظر : سنن الدارقطني 1/273 – 274 .
(3) وقع في المطبوع من سنن الدارقطني (( هاشم )) محرف ، وانظر : تهذيب الكمال 6/565 ( 7295 ) .
(4) 2/65 (525) (11) .
(5) 6/25 (4486) .
(6) تقدم تخريجه .(1/129)
قولهُ تَعَالَى : { الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ } [البقرة : 146]
نزلت في مؤمني أهل الكتاب : عَبْد الله بن سَلاّم وأصحابهِ ، كانوا يعرفون رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - بنعتهِ وصفتهِ ومبعثه في كتابهِم كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مَعَ الغلمان.
قَالَ عَبْد الله بن سلام : لأنا كُنْتُ أشد معرفةً برَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مني بابني . فَقَالَ لَهُ عُمَر بن الخطاب : وكيف ذاك يا ابن سلام ؟ قَالَ : لأني أشهد أن مُحَمَّداً رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حقاً يقيناً ، وأنا لا أشهد بذلك عَلَى ابني ؛ لأني لا أدري ما أَحْدَثَ النساءُ . فقال عمر : وفقك الله يا ابن سلام (1) .
قوله / 12 ب / تَعَالَى : { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ } [البقرة : 154].
نزلت في قتلى بدر مِنَ المسلمين ، وكانوا بضعة عشر رجلاً ؛ ثمانية مِنْ الأنصار ، وستة مِنَ المهاجرين ؛ وذلك أن الناس كانوا يقولون للرجل يُقتل في سبيل الله : مات فلان وذهب عنه نعيم الدنيا ولذتها. فأنزل الله هذه الآية (2) .
قوله تَعَالَى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ … الآية } [البقرة : 158].
__________
(1) انظر: الوسيط 1/231 ، وتفسير القرطبي 1/545 ، والبحر المحيط 1/435 ، وتفسير ابن كثير 1/265، وزاد السيوطي في الدر 1/357 نسبته للثعلبي . وانظر : العجاب : 287 وتعليق المحقق .
(2) هو قول مقاتل بن سليمان في تفسيره 1/78 ، وذكره الثعلبي - شيخ المصنف - من غَيْر إسناد ، وانظر : العجاب : 290 ، والدر المنثور 1/357 .
وذكره الماوردي في تفسيره 1/173 ، والمصنف في الوسيط 1/236 ، والزمخشري في كشافه 1/323 ، والخازن 1/127 ، وأبو حيان 1/448 .(1/130)
(49) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه (2) ، قَالَ : أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَبْد العزيز (3)، قَالَ : حدثني مصعب بن عَبْد الله الزُّبَيري ، قَالَ : حدثنا مالك (4) ، عَن هشام ، عَن أبيه ، عَن عَائِشَة قالت : أُنزلت هذه الآية في الأنصار ، كانوا يحجون لِمِناة ، وكانت مناة حَذْوَ قُدَيْدٍ (5)، وكانوا يتحرَّجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة . فلما جاء الإسلام سألوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن ذَلِكَ فأنزل الله تعالى هذه الآية . رواه البخاري (6) عن عَبْد الله بن يوسف ، عن مالك (7) .
__________
(1) تقدم في (23) .
(2) تقدم في (31) .
(3) هو أبو القاسم البغوي والمعروف (( بابن منيع )) . انظر: سير أعلام النبلاء 14/440 .
(4) الموطأ ( 1092 برواية الليثي ) ، و (545 رِوَايَة سويد بن سعيد )، و (1316رِوَايَة أبي مصعب
الزهري ) .
(5) قديد : اسم موضع قرب مكة . انظر : مراصد الاطلاع 3/1070 .
(6) 2/193 ( 1643 ) ، و3/7 ( 1790 ) ، و 6/28 ( 4495 ) .
(7) أخرجه الحميدي (219) ، وأحمد 6/144 و 162 و 227 ، ومسلم 4/68 (1277)( 259 ) و(260 ) و ( 262 ) ، وأبو داود (1901) ، وابن ماجه (2986) ، والترمذي (2965) ، والنسائي 5/237 و 238 ، وفي التفسير (29) و (568) ، وابن خزيمة (2766) و (2767) و (2769) ، وأبو يعلى (4730) ، وابن حبان (3839) و (3840) ، والطبراني في الأوسط (5048) ، والبيهقي في الكبرى 5/96 ، والبغوي في شرح السنة (1920) .(1/131)
(50) وأخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل العسكري (1) ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى وعبد الرحيم ، عَن هشام ، عَن أبيه ، عَن عَائِشَة – رضي الله عَنْهَا – ، قالت: أُنزلت هذه الآية في ناسٍ مِنَ الأنصار كانوا إذا أهلوا أهلوا لمناة في الجاهلية ، ولا (2) يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة . فلما قَدِموا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في (3) الحج ذكروا ذلك لَهُ . فأنزل الله تعالى هذه الآية . رواه مُسْلِم (4) عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أُسامة ، عن هشام (5) .
وَقَالَ أنس بن مَالِك : كنا نكره الطواف بين الصفا والمروة ؛ لأنهما كانا مِنْ مشاعر (6) قريش في الجاهلية ، فتركناه في الإسلام . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (7) .
__________
(1) تقدم هَذَا الإسناد (1) .
(2) في ( س ) و ( ه) (( لم )) ، والمثبت من ( ب ) و ( ص ) ، وَهُوَ الموافق لما في العجاب .
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .
(4) 4/68 – 69 ( 1277 ) ( 260 ) .
(5) في ( س ) و ( ه) (( عن أبيه ، عن عائشة )) وَلَيْسَ من منهج المصنف ذكر الإسناد عَلَى هَذِهِ الصورة ؛ بَلْ يقتصر عَلَى موطن الاتفاق بَيْنَ الأسانيد . وانظر : التخريج السابق .
(6) في ( ص ) : (( شعائر )) .
(7) أخرجه عبد بن حميد (1226) ، والبخاري 2/195 (1648) و 6/28 (4496) ، ومسلم 4/70 (1278) (264) ، والترمذي (2966) ، وابن خزيمة (2768) ، والطبري في التفسير 2/46 ، والطحاوي في شرح المشكل (3939) و (3940) و (3941) والحاكم 2/270 ، وابن أبي داود في المصاحف (100) ، والبيهقي 5/97.(1/132)
وَقَالَ عمرو بن حُبْشِي (1): سألت ابن عُمَر عَن هذه الآية ، فَقَالَ : انطلق إلى ابن عَبَّاس فسله ، فإنه أعلم مَنْ بقي بما أنزل (2) عَلَى مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - . فأتيته فسألته فَقَالَ : كَانَ عَلَى الصفا صنمٌ عَلَى صورة رجلٍ يقال لَهُ: إسَافٌ ، وعَلَى المروة صنمٌ عَلَى صورة امرأةٍ تدعى نائلة ؛ زعم أهل الكتاب أنهما زنيا في الكعبة فمسخهما الله تَعَالَى حجرين، فَوضِعا عَلَى الصفا والمروة لِيُعْتَبَرَ بِهِمَا . فلما طالت المدة عُبِدا مِنْ دون الله تَعَالَى . فكان أهل الجاهلية إذا طافوا بَيْنَهُمَا مسحوا عَلَى (3) الوثنين . فلما جاء الإسلام وكُسرت الأصنام ، كره المسلمون الطواف بَيْنَهُمَا لأجل الصنمين . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (4) .
وَقَالَ السُّدِّي : كَانَ في الجاهلية تَعْزِفُ (5) / 13 أ / الشياطين بالليل بين الصفا والمروة ، وكانت بينهما آلهةٌ. فلما ظهر الإسلام قَالَ المسلمون: يا رَسُول الله ، لا نطوف بين الصفا والمروة ، فإنه شركٌ كنا نصنعه في الجاهلية . فأنزل الله تعالى هذه الآية (6) .
__________
(1) بضم المهملة وسكون الموحدة . تقريب التهذيب (5006) .
(2) في ( س ) و ( ه) (( أنزل الله ))
(3) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(4) رواه الطبري في تفسيره 2/46 ، وانظر : الدر المنثور 1/159 .
(5) من هنا يبدأ السقط من ( ب ) .
(6) رواه الطبري في التفسير2/46 ، والحاكم2/271 من طريق السدي، عن أبي مالك، عن ابن عباس، قوله.(1/133)
(51) أخبرنا منصور بن عَبْد الوهاب البزّاز (1)، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن سنان (2)، قَالَ: أخبرنا حامد بن مُحَمَّد بن شعيب (3)، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن بكار (4)، قَالَ: حدثنا إسماعيل بن زكريا ، عن عاصم ، عن أنس بن مَالِك ، قَالَ: كانوا يمسكون عن الطواف بين الصفا والمروة ، وكانا مِنْ شعائر الجاهلية ، وكنا نتقي الطواف بِهِمَا . فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا…الآية } . رواه البخاري (5) عن أحمد بن مُحَمَّد ، عن
عَبْد الله بن المبارك (6)، عن عاصم (7) .
قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى } [البقرة : 159] .
نزلت في علماء أهل الكتاب وكتمانهم آية الرجم وأمر مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - (8) .
قوله تَعَالَى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } [البقرة : 164].
__________
(1) هو منصور بن عبد الوهاب بن أحمد الشالنجي ، أبو صالح البزاز ، توفي سنة بضع وثمانين وأربع مئة . انظر : المنتخب من السياق : 440 .
(2) تقدم في (15) .
(3) هو حامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي ، ثُمَّ البغدادي ، أبو العباس المؤدب ، ت ( 309 ه) . انظر : سير أعلام النبلاء 14/291 .
(4) هو مُحَمَّد بن بكار بن الريان الهاشمي مولاهم ، أبو عبد الله البغدادي الرصافي ، ت (238 ه). انظر : تهذيب الكمال 6/251 ( 5679 ) .
(5) 2/195 (1648) .
(6) عن عبد الله بن المبارك )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(7) تقدم تخريجه ، ورواه المصنف بالسند نفسه في الوسيط 1/242 .
(8) انظر : تفسير الطبري 2/53 ، والوسيط 1/244 ، والعجاب : 297 .(1/134)
(52) أخبرنا عَبْد القاهر (1) بن طاهر التميمي ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا أبو عَبْد الله الزيادي ، قَالَ: حدثنا موسى بن مسعود النَهْدّي ، قَالَ: حدثنا شبلٌ ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قَالَ : أُنزل بالمدينة عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : { وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ } [البقرة : 163] . فقالت كفار قريش بمكة : كيف يسعُ الناس إلهٌ واحدٌ ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ } حَتَّى بلغ : { لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (2) [البقرة : 164].
(53) أخبرنا أبو بكر الأصبهاني ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد الحافظ (3) ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري ، قَالَ : حدثنا أبو الأحوص ، عن سعيد بن مسروق ، عن أبي الضُّحى قَالَ : لَمَّا نزلت هذه الآية :
{ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ } [البقرة : 163] تعجب المشركون وقالوا : إلهٌ واحدٌ ! إنْ كان صادقاً فليأتنا بآية. فأنزل الله تعالى: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } إلى آخر
الآية (4).
__________
(1) في ( س ) : (( العزيز )) محرّف . وهو البغدادي الأصولي ، تقدم في (22) .
(2) أخرجه الطبري في التفسير 2/61 ، وابن أبي حاتم 1/272 ( 1462 ) ، وزاد السيوطي في الدر 1/395 نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ . وهو مرسل .
(3) العظمة (31) .
(4) رواه الثوري في تفسيره (51) ، وسعيد بن مَنْصُوْر في سننه 2/639 (239) ، والطبري في تفسيره 2/61 – 62 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/272 ( 1461 ) ، والبيهقي في الشعب ( 104 ) . وزاد السيوطي في الدر 1/395 نسبته إلى وكيع ، والفريابي ، وآدم بن أبي إياس .(1/135)
قوله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأرْضِ حَلالاً طَيِّباً } [البقرة : 168].
قَالَ الكلبي ، عن أبي صالح : نَزَلت في بني (1) ثقيف ، وخُزَاعَة ، وعامر بن صَعْصَعَة حرَّموا عَلَى أنفسهم من الحَرث والأنعام ، وحرَّموا البَحيِرَة والسَّائِبةَ والوَصيلَةَ والحام (2).
قوله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ... } [البقرة : 174].
قَالَ الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس : نزلت في رؤساء اليهود وعلمائهم ، كانوا يصيبون في سِفْلَتهم الهدايا والفُضُول ، وكانوا يرجون أن يكون النبيُّ المبعوث منهم. فلما بُعِث من غيرهم خافوا ذهاب مَأكَلَتِهم ، وزوال رياستهم. فعمدوا إلى صفة مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فغيروها ، ثُمَّ أخرجوها إليهم وقالوا : هذا نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبِه نعت هذا النبي الذي بمكة. فإذا نظرت السفلة إلى النعت المُغير وجدوه مخالفاً لصفة مُحَمَّدٍ ، فلا يتبعونهُ (3) .
قوله تَعَالَى : { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ } . [ البقرة : 177 ] .
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه - ) .
(2) ذكره المصنف في الوسيط 1/252 ، والبغوي في تفسيره 1/198 .
وذكر معناه : مقاتل بن سليمان 1/82 ، وابن عطية في المحرر الوجيز 2/61 ، وغرائب القرآن : 147 – 148 ، وانظر : العجاب : 301 .
(3) واقتصر السيوطي في الدر 1/409 عَلَى عزوه للثعلبي والواحدي . انظر : الوسيط 1/259 ، وتفسير الثعالبي 1/361 .(1/136)
قَالَ قتادة: ذُكِرَ لنا أن رجلاً سأل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - عن البر، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قَالَ: وقد كَانَ الرجل قبل الفرائض إذا شَهِدَ أن لا أله إلا الله وأن مُحَمَّداً عبده ورسولهُ، وصلّى الصلاة إلى أي ناحية كَانَتْ (1) ، ثُمَّ مات عَلَى ذَلِكَ . وجبت لَهُ الجنة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (2) .
قوله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى } [البقرة : 178] .
قَالَ الشعبي: كَانَ بين حَيَّين من أحياء العرب قتال، وكان لأحد الحيّين طَولٌ عَلَى الآخر ، فقالوا : نقتل بالعبد منا الحر منكم ، وبالمرأة الرجل . فنزلت هَذِهِ الآية (3) .
قوله تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلى نِسَائِكُم... } [البقرة : 187 ].
قَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة الوَالبي : وذَلِكَ أن المسلمين كانوا في شهر رمضان إذا صلوا العشاء حَرُمَ عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة . ثُمَّ أن ناساً من المسلمين أصابوا من الطعام والنساء في شهر رمضان بعد العشاء ، مِنْهُمْ : عُمَر بن الخطاب ، فشكوا ذَلِكَ إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله هذه الآية (4)
__________
(1) هَذِهِ الجملة من ( ص ) فقط ، وهي موافقة لكلام المصنف في الوسيط 1/261 .
(2) أخرجه الطبري في التفسير 2/94 ، وذكره القرطبي 1/615 ، وزاد السيوطي في الدر 1/411 نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر .
وذكر المصنف في الوسيط 1/261 نحوه عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وعطاء.وانظر: العجاب: 304.
(3) رواه الطبري في التفسير 2/103 ، وذكره المصنف في الوسيط 1/264 - 265 ، وابن عطية في المحرر 2/84 ، والسيوطي في الدر 1/418 وزاد نسبته لعبد بن حميد . وانظر : العجاب : 306 .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 1/165 . وذكر سفيان الثوري في تفسيره ( ) أن الآية نزلت في عمر .
وأخرجه عبد الرزاق في التفسير 1/310 (185) عن قتادة ، وَلم يسمِّ الصَّحَابِيّ ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/315 ( 1673 ) عن معاذ بن جبل ،وفي 1/316( 1677) عن كعب بن مالك .
وذكر هَذَا السمرقندي في بحر العلوم 1/186 ، وابن كثير في تفسيره 1/304 ، وابن حجر في العجاب : 315 ، والثعالبي في تفسيره 1/391 ، والسيوطي في لباب النقول : 34 ، وفي الدر 1/476 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/137)
.
(54) أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قَالَ : أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قَالَ : حدثنا عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري (1) ، قَالَ : حدثنا يَحْيَى بن أبي زائدة ، قَالَ : حدثني أبي وغيره ، عن أبي إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قَالَ : كَانَ المسلمون إذا أفطروا يأكلون ويشربون ويمسون النساء ما لم يناموا ، فإذا ناموا لا يفعلون شيئاً مِنْ ذَلِكَ إلى مثلها من القابلة (2) ، وإن قيس بن صِرمَة الأنصاري كَانَ صائماً ، فأتى أهله عند الإفطار فانطلقت امرأته تطلب شيئاِ وغلبته عينه فنام، فلما انتصف النهار مِنْ غد غشي عَلِيهِ، قَالَ : واتى عُمَر امرأته وقد نامت ، فذكر ذَلِكَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فنزل : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } [البقرة : 187] إلى قوله : { مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة : 187] ففرح المسلمون بذَلِكَ(3) .
__________
(1) تقدم هَذَا السند في (1) ، وسيتكرر كثيراً من غَيْر تنبيه منا عَلَيْهِ مكتفين بما تقدم .
(2) من القابلة )) لَمْ ترد في ( ص ) .
(3) يأتي تخريجه في الحديث الَّذِي بَعْدَه ، عدا قوله : (( قَالَ : وأتى عمر امرأته وَقَدْ نامت )) ، وتقدمت في تخريجات السابق .(1/138)
(55) أخبرنا أبو عَبْد الرحمان بن أبي حامد ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الشيباني، قَالَ:أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدَّغولي، قَالَ:حدثنا الزعفراني، قَالَ: حدثنا شبابة ، قَالَ : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن البَرَاء ، قَالَ : كَانَ أصحاب مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - إذا كَانَ الرجل صائماً فحضر الإفطار فنام قبل أن يطعم لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي ، وإن قيس (1) بن (2) صِرْمَة الأنصاري كَانَ صائماً ، فلما حضر الإفطار أتى امرأته فَقَالَ : هل (3) عندكِ طعامٌ ؟ قَالَتْ : لا ، وَلَكِنْ أنطلق فأطلب لكَ ؛ وَكَانَ يومه يعمل ، فغلبته عيناه وجاءت امرأته فَلَمَّا رأته قالت: خيبةً لَكَ ؛ فأصبح صائماً (4)، فلما انتصف النهار غُشِيَ عليه؛ فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية :
{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ } [البقرة: 187] ففرحوا بها فرحاً شديداً. رواه البخاري (5) عن عبيد الله بن موسى ، عن إسرائيل (6) .
__________
(1) في ( ص ) : (( ابن قيس )) ، وفي اسمه خلاف . انظر : فتح الباري 4/130 ، وتفسير الطبري 3/494 ، والمحرر الوجيز 2/122 .
(2) إلى هنا ينتهي السقط في ( ب ) .
(3) لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) في صحيحه 3/36 ( 1915 ) و 6/31 ( 4508 ) .
(6) وأخرجه : أحمد 4/295 ، والدارمي (1700) ، وأبو داود (2314) ، والترمذي (2968) ، والنسائي 4/147 ، وفي الكبرى (11023) ، وفي التفسير (43) ، وابن خزيمة (1904) ، والطبري في التفسير 2/164 ، وابن حبان (3460) ، والنحاس في الناسخ والنسوخ (29) ، والبيهقي 4/201 ، وابن الجوزي في النواسخ (167) ، وزاد السيوطي في الدر 1/475 نسبته إلى وكيع ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر .(1/139)
(56) أخبرنا الحسن بن مُحَمَّد الفارسي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن الفضل (1) ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يحيى ، قَالَ: حدثنا هشام بن عمار ، قَالَ: حدثنا يحيى بن حمزة ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن أبي فَرْوَة ، عن الزهري أَنَّهُ حدثه عن القاسم بن مُحَمَّد قال : إن بدء الصوم (2) : كان يصوم الرجل من عشاءٍ إلى عشاء ، فإذا نام لم يصل إلى أهله بعد ذلك ولم يأكل ولم يشرب . حتى جاء عمر إلى امرأته فقالت : إني قد نمت ، فوقع بِهَا . وأمسى صِرْمَة بن قيس (3) صائماً فنام قبل أن يفطر- وكانوا إذا ناموا لم يأكلوا ولم يشربوا- فأصبح صائماً وكاد الصوم يقتله (4)، فأنزل الله - عز وجل - الرخصة، قال: { فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ } (5) [البقرة : 187].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( مُحَمَّد بن الفضل )) .
(2) في ( ب ) : (( الإسلام )) .
(3) كذا في ( ب ) ، وفي ( س ) و ( ه) و ( ص ) : (( أنس )) ، وهو أحد الأقوال في اسمه . انظر: الإصابة2/183 ( 4062 ) و 3/251 ( 7185 ) ، والعجاب : 322 – 324 .
(4) في ( ص ) : (( أن يقتله )) ، وفي ( س ) و ( ه) : (( يقتلهم )) .
(5) إسناده ضعيف لضعف ابن أبي فروة ، قال الحافظ ابن حجر في العجاب : 322 : (( وهذا الحديث مع إرساله ضعيف السند ؛ من أجل إسحاق بن أبي فروة ، ولولا أني التزمت أن استوعب ما أورده الواحدي لاستغنيت عَنْهُ )) .(1/140)
(57) أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد ، قَالَ: أخبرنا جدي ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو الحيري ، قَالَ: حدثنا محمد بن يحيى، قَالَ: حدثنا ابن أبي مريم ، قَالَ: أخبرنا أبو غَسّان ، قَالَ : حدثني أبو حازم ، عن سهل بن سعد ، قَالَ: نزلت هذه الآية : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ } ، ولم ينزل { مِنَ الْفَجْرِ } فكان رجال(1) إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود(2)، فَلاَ يزال يأكل ويشرب حَتَّى يتبين لَهُ زيهما(3) فأنزل الله تَعَالَى بَعْدَ ذَلِكَ: { مِنَ الْفَجْرِ } [البقرة : 178]، فعلموا أَنَّهُ إِنَّمَا يعني بِذَلِكَ الليل والنهار. رواه البخاري (4) عَن ابن أبي مريم ، ورواه مسلم (5)، عن مُحَمَّد بن سهل ، عن ابن أبي مريم (6) .
قوله - عز وجل -: { وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ … الآية } [البقرة : 188].
__________
(1) في ( ب ) : (( الرجل )) .
(2) في ( ب ) : (( الخيط الأسود والخيط الأبيض )) بالتقديم والتأخير .
(3) في ( س ) : (( رؤيتهما )) .
في صحيح مسلم : (( رنيهما )) ، وَقَالَ المحقق : (( هَذِهِ اللفظة ضبطت عَلَى ثلاثة أوجه : … ، والثاني : زيهما ، ومعناه : لونهما )) . واللفظة في صحيح البخاري من هَذَا الطريق : (( رؤيتهما )) . انظر : فتح الباري 4/134 .
(4) 3/36 (1915) و 6/31 (4508) .
(5) 3/128 (1091) (35) .
(6) وأخرجه النسائي في الكبرى (11022) وفي التفسير (42) ، والطبري في تفسيره 2/172 ، وأبو عوانة – كَمَا في إتحاف المهرة 6/107 (6204) – ، والطحاوي في شرح المعاني 2/53 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/318 (1687) ، والطبراني في الكبير (5791) ، والجصاص في أحكام القرآن 1/228 ، وأبو نعيم في المستخرج (2451 ) ، والبغوي في تفسيره 1/187 .(1/141)
قَالَ مقاتل بن حَيَّان : نزلت هذه الآية في امرئ القيس بن عابس الكندي وفي عيدان (1) بن أشوع الحَضْرَمي، وذلك أنهما اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في أرض ، وكان امرؤ القيس المطلوب وعيدان الطالب ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فحكَّم عيدان في أرضه ولم يخاصمه (2) .
قوله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ ... الآية } [البقرة : 189] (3).
قَالَ معاذ بن جبل : يا رسول الله / 13 ب / إنَّ اليهود تغشانا ويكثرون مسألتنا عن الأهلة . فأنزل الله تعالى هذه الآية (4) .
وَقَالَ قتادة : ذُكر لنا أنهم سألوا نبيَّ الله - صلى الله عليه وسلم - : لِمَ خلقت هَذِهِ (5) الأهلة ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (6) : { قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجّ } (7) [البقرة : 189] .
__________
(1) في ( س ) و ( ه - - ) : (( عبدان )) ، وكذا في بقية المواضع الآتية . وهو أحد القولين في اسمه . انظر : التبصير 3/904 .
(2) قَالَ ابن حجر في العجاب: 326: ((كذا رأيت فِيْهِ - [يعني: الواحدي] - (( ابن حيان )) - [ يعني: مقاتل ابن حيان] - وَقَدْ وجدته في تفسير مقاتل بن سليمان )). وانظر: تفسير مقاتل بن سليمان 1/91 - 92.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1/321 (1702) عن سعيد بن جبير نحو قول مقاتل .
(3) كتب ناسخ (ب) هنا : (( بلغ مقابلة )) ، مِمَّا يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة الأم المنقولة عَنْهَا ، وهو يؤكد جودة النسخة وأصالتها .
(4) قال الحافظ ابن حجر في العجاب : 328 : (( لم أرَ له سنداً إلى معاذ ، ويحتمل أن يَكُون اختصره أولاً ، ثُمَّ أورده مبسوطاً )) .
(5) لَمْ ترد في ( ص ) .
(6) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(7) أخرجه : الطبري في التفسير 1/185 ، وزاد السيوطي في الدر 1/490 نسبته لعبد بن حميد .(1/142)
وَقَالَ الكلبي : نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن عنمة (1) وهما رجلان من الأنصار، قالا : يا رَسُول الله ما بال الهلال يبدو فيطلع دقيقاً مثل الخيط ، ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ، ثم لا يزال ينتقص ويدق حتى يعود (2) كما كان ، لا يكون على حال واحدة ؟ فنزلت هَذِهِ الآية (3) .
قوله - عز وجل -: { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } [البقرة: 189].
__________
(1) في ( ص ) : (( غنمة )) تحريف ، وتحرف أيضاً في تفسير الزمخشري 1/340 ، وتفسير الرازي 5/129 إلى (( غنم )) ، وانظر : الإكمال 6/143 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( يَكُون )) .
(3) أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة 3/269 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 1/25 من طريق السدي الصغير ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس . وهذا السند قمة الوهاء .(1/143)
(58) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم المُزكي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا أبو خليفة ، قَالَ : حدثنا أبو الوليد والحوضي (1) قالا : حدثنا شُعبة ، قَالَ : أنبأنا أبو إسحاق ، قَالَ : سمعت البَرَاء (2) يقول: كانت الأنصار إذا حجوا فجاؤوا لا يدخلون من أبواب بيوتهم ولكن مِنْ ظهورها ، فجاء رجلٌ فدخل من قِبَلِ بابه (3) ، فكأنه عير بذلك ، فنزلت هَذِهِ الآية . رواه البخاري (4) عن أبي الوليد ، ورواه مسلم (5) عن بُنْدَار ، عن غُنْدَر ، عن شعبة (6) .
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) و ( ه) : (( الأحوض )) وهو خطأ ، وهذه النسبة إلى الحوض ، وهو موضع بالبصرة عِنْدَ الإطلاق . انظر : الأنساب 2/336 ، ومراصد الاطلاع 1/436 ، وَهُوَ أبو عمر حفص بن عمر بن الحارث .
(2) في ( ص ) : (( البراء بن عازب )) ، والمثبت موافق لرواية المصنف في الوسيط .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( باب )) ، وفي ( ص ) : (( باب بيته )) .
(4) 3/9 ( 1803 ) .
(5) 8/243 ( 3026 ) .
(6) وأخرجه أيضاً : الطيالسي (717) ، والبخاري 6/32 (4512) ، والنسائي في الكبرى (4251) و(11024)و (11025 ) وفي التفسير (44) و (45) ، وأبو يعلى (1732) ، والطبري في التفسير 2/186 ، وابن خزيمة وأبو عوانة – كَمَا في إتحاف المهرة 2/498 (2124) – ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/323 (1709) ، وابن حبان (3947) ، والبيهقي 5/261 ، والمصنف في الوسيط 1/291 .(1/144)
(59) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : حدثنا أبو الشَّيْخ ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عبيد (1) ، قَالَ : حدثنا عبيدة ، عن الأعمش ، عن أبي سفيان ؛ عَن جابر قَالَ : كَانَتْ قريش تدعى الحُمْس (2) ، وكانوا يدخلون مِنْ الأبواب في الإحرام ، وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون مِنْ باب في الإحرام (3)؛ فبينما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بستان إذا خرج مِنْ بابه، وخرج مَعَهُ قطبة بن عامر الأنصاري ،
فقالوا: يا رَسُول الله ، إن قطبة بن عامر رجلٌ فاجرٌ ، وإنه خرج معك مِنْ الباب . فَقَالَ لَهُ رَسُوْل الله : (( ما حملك عَلَى ما صنعتَ )) ، فقَالَ : رأيتك فعلته ففعلت كَمَا فعلت ، فَقَالَ : (( إني أحمسي )) ، قال : فإن ديني دينك ، فأنزل الله : { وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا } (4) [البقرة: 189].
__________
(1) كذا في ( س ) و ( ص ) ، وفي ( ب ) و ( ه) : (( عبيدة )) . والذي وقفنا عَلَيْهِ في مصادر ترجمته أَنَّهُ : سهل بن عثمان ، فلعل الخطأ فِيْهِ من الواحدي نفسه .
(2) هو لقب لقريش وبعض قبائل العرب . انظر تفصيلاً وافياً عن هَذَا في تاج العروس 15/555 ( حمس ) .
(3) من قوله : (( وكانت الأنصار … )) إلى هنا سقط من ( ص ) .
(4) أخرجه : بقي بن مخلد في مسنده وابن خزيمة – كَمَا في إتحاف المهرة 3/184 (2786) – وابن أبي حاتم في التفسير 1/323 (1710) ، وأبو الشيخ في تفسيره – كَمَا في الإتحاف – ، والحاكم في مستدركه 1/483 .(1/145)
قَالَ (1) المفسرون: كَانَ الناس في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا أحرم الرجل منهم بالحج أو العمرة ، لم يدخل حائطاً ولا بيتاً ولا داراً من بابه ، فإن كَانَ مِنْ أهل المدر (2) نَقَب نَقْباً في ظهر بيته منه يدخل ويخرج، أو يتخذ سلماً فيصعد(3) فيه، وإن كَانَ مِنْ أهل الوبر خرج من خلف الخيمة والفسطاط، ولا يدخل مِنَ الباب(4) حَتَّى يحل مِنْ إحرامه، ويرون ذلك برّاً ديناً (5) إلا أن يكون من الحمْس وهم قريش، وكنانة /14 أ/ وخزاعة ، وثقيف ، وخَثعَم (6)، وبنو عامر بن صعصعة، وبنو النَّضر بن معاوية؛ سموا حمْساً لشدتهم في دينهم ، قالوا : فدخل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ بيتاً لبعض الأنصار ، فدخل رجلٌ مِنْ الأنصار عَلَى أثره مِنْ الباب وَهُوَ محرمٌ ، فأنكروا عَلَيْهِ ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لِمَ دخلت مِنْ الباب وأنت محرم )) ؟ فَقَالَ : رأيتك دخلت (7) فدخلت عَلَى أثرك ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إني أحمسِي )) ، قال الرجل : إن كنتَ أحمسيّاً فإني أحمسيٌّ ، ديننا واحد، رضيت بهديك وَسَمْتُك ودينك ؛ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (8) .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( وَقَالَ )) . والمثبت موافق لنقل العجاب : 330 .
(2) تحرفت في ( س ) إلى (( المدن )) .
(3) في ( س ) : (( ويصعد )) .
(4) في ( ص ) والعجاب هنا زيادة : (( ولا يخرجه مِنْهُ )) ، وهو تكرار ، فإنه ذكر قَبْلَ الخروج من خلف الخيمة والفسطاط .
(5) كذا في (ص) ، وفي (س) و (ب) : (( ديناً )) فقط ، وفي (ه): (( ذماً )) ، وفي العجاب : (( براً )) فقط.
(6) في العجاب : (( جشعم )) ، ووقع في ( س ) : (( خثععم )) خطأ مطبعي .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( دخلت من الباب )) .
(8) قَالَ الحافظ في العجاب : 331 : (( هَذَا جمعه من آثار مفرقة ، ولَمْ أجده عن واحد معين )) .(1/146)
قوله - عز وجل -: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ … الآية } [البقرة:190] .
قَالَ الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عَبَّاس: نزلت هذه الآية (1) في صلح الحديبية ، وذلك أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا صُدَّ عن البيت هو وأصحابه نحر(2) الهدي بالحديبية، ثُمَّ صالحه المشركون على أن يرجع عامه (3) القابل على أن يُخلوا له مكة ثلاثة أيام فيطوف بالبيت ويفعل ما شاء (4) ، وصالحهم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - (5)، فلما كَانَ العام المقبل تجهز رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -(6)وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش بذلك، وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم، وكره أصحابه قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل الله تعالى: { وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ } [البقرة:190]يعني قريشاً(7).
__________
(1) كَذَا في ( ب ) و ( ص ) . وفي ( س ) و ( ه) : (( الآيات )) .
(2) في ( ب ) و ( ص ) : (( نحروا )) ، والمثبت موافق لما في العجاب .
(3) وفي ( س ) و ( ه) : (( عامة ثُمَّ يأتي )) . والمثبت من ( ب ) و ( ص ) وَهُوَ الموافق لنقل ابن حجر في العجاب : 237 ، وأخطأ محقق العجاب في استدراكه .
(4) في ( س ) : (( يشاء )) .
(5) في ( ص ) زيادة : (( عَلَى ذَلِكَ )) ولَمْ ترد في ( ب ) و ( س ) و ( ه) ، وهي ثابتة في نَصَّ العجاب .
(6) في ( س ) و ( ه) : زيادة (( هو )) بعد الصلاة ، ولَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) والعجاب ، ولا معنى لإثباتها إلا التوكيد ولا حاجة لَهُ هنا .
(7) قال الحافظ في العجاب : 237 : (( الكلبي ضعيف لو انفرد ، فكيف لو خالف ؟ وَقَدْ خالفه الربيع بن أنس ، وهو أولى بالقبول مِنْهُ )) . وَقِيْلَ : إنها منسوخة ، وَقَدْ حاول الحافظ الجمع بَيْنَ القولين ، فانظر : كتابه الآنف الذكر .(1/147)
قوله - عز وجل -: { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ } [البقرة : 194].
قَالَ قتادة : أقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه في ذي القعدة ، حتى إذا كانوا بالحديبية صدَّهم المشركون، فلما كان العام المقبل دخلوا مكة فاعتمروا في ذي القعدة، وأقاموا بها ثلاثَ ليالٍ ، وكان المشركون قد فخروا عليه حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله منهم ، فأنزل الله (1): { الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ } (2) [البقرة : 194].
قوله - عز وجل -: { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة : 195].
(60) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الزاهد ، قَالَ : حدثنا أبو عليّ بن أبي بكر الفقيه، قَالَ : أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن أيوب ، قَالَ : حدثنا هشيم ، عن داود ، عن الشعبي ، قَالَ: نزلت في الأنصار أمسكوا عن النفقة في سبيل الله تعالى فَنَزَلت هذه الآية (3) .
وبهذا الإسناد عن هشيم ، قَالَ: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عكرمة ، قال : نزلت في النفقات في سبيل الله (4).
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) أخرجه الطبري في التفسير 2/197 ، وزاد السيوطي في الدر 1/497 نسبته لعبد بن حميد ، وانظر : المحرر الوجيز 2/143 ، والعجاب : 339 .
(3) أخرجه الطبري 2/201 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 1/332 (1750) ، وزاد الحَافِظ في العجاب : 342 نسبته إِلَى البغوي في معجم الصَّحَابَة ، وأبي عَلِيّ بن السكن ، وزاد السيوطي في الدر 1/500 نسبته إِلَى عَبْد بن حميد وابن المنذر .
(4) أخرجه الطبري في التفسير 2/201 ، وذكره ابن عطية في المحرر 2/148، وابن كثير في التفسير 1/316. وزاد السيوطي في الدر 1/499 نسبته لعبد بن حميد .(1/148)
(61) أخبرنا /14ب/ أبو بكر المهْرَجَاني (1)، قَالَ: حدثنا عبيد الله (2) بن بَطَّة(3)، قَالَ: أخبرنا أبو القاسم البَغَويّ (4)، قَالَ : حدثنا هُدبة بن خالد ، قَالَ : حدثنا حماد بن سلمة ، عن داود ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك (5)، قال : كانت الأنصار يتصدقون ويطعمون ما شاء الله ، فأصابتهم سنةٌ فأمسكوا ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية (6).
__________
(1) هُوَّ أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم ، أبو نصر المهرجاني العدل ، هذا ما عرفناه عَنْهُ مِنْ مجموع روايات الواحدي عَنْهُ البالغة (11) موضعاً .
(2) في ( س ) و ( ه - ) : (( أبو عَبْد الله )) ، وكلاهما صَحِيْح ، فهذه كنيته وذاك اسمه .
(3) هُوَّ عبيد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد العكبري ، أبو عَبْد الله الحنبلي ، المشهور بـ(( ابن بطة )) ، توفي سَنَة (387 ه - ) . سير أعلام النبلاء 16/529.
(4) تقدم (49) .
(5) في (س ) : (( الضحاك عن أبي حبيرة )) .خطأ ، وفي (ه - ) : (( الضحاك عَن أبي بن جبير )) . وفي (ب) : (( عن الضحاك عن ابن جبير )) خطأ قَالَ الإمام الترمذي في الجامع الكبير 5/308 عقب (3268) :
(( أبو جبيرة هُوَّ : أخو ثابت بن الضحاك بن خليفة ، أنصاري )) .
والأقرب للصواب ما أثبتنا ، انظر : المعجم الأوسط 6/314 ، وصحيح ابن حبان 13/17 ، ومجمع الزوائد 6/317 ، وتهذيب التهذيب 2/405 .
قال الحافظ ابن حجر في العجاب : 343 : (( الصواب رواية شعبة ووهيب وغيرهما ، عن داود ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك. قاله أبو نعيم )) .
(6) رواه البغوي في معجم الصَّحَابَة ( ورقة/162/ب)، وأبو نعيم في مَعْرِفَة الصَّحَابَة (ج1/ورقة/329/ب) ، والطبراني في الكبير 22/(970) ، وفي الأوسط (5667) .(1/149)
(62) أخبرنا أبو منصور البغدادي (1)، قَالَ : حدثنا أبو الحسن السرّاج (2)، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الحضرمي (3)، قَالَ: حدثنا هدبة ، قَالَ: حدثنا حماد بن سلمة ، عن سِمَاك بن حرب، عن النعمان بن بَشِير في قول الله تعالى : { وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة : 195] قال : كان الرجل يذنب الذنب ، فيقول : لا يُغفر لي ، فأنزل الله هذه الآية (4).
__________
(1) تقدم (22) .
(2) هُوَّ مُحَمَّد بن الحسن بن أحمد النيسابوري ، أبو الحسن المقرئ السراج ، توفي سَنَة (366 ه - ) .
سير أعلام النبلاء 16/161 .
(3) أبو جعفر محدّث الكوفة المشهور بـ ( مطيِّن ) ، توفي سَنَة (297 ه - ) .سير أعلام النبلاء 14/41 .
(4) أخرجه الطبراني في الأوسط (5672) ، وفي الكبير كما في المجمع 6/317 ، وَقَالَ فِيهِ : (( ورجالهما رجال الصحيح )) .
وزاد السيوطي في الدر 1/501 نسبته لابن مردويه وعبد بن حميد وابن المنذر ، وذكره الحافظ مَعَ جملة وافية مِنْ شواهده في العجاب : 344-346 .(1/150)
(63) أخبرنا أبو القاسم بن عبدان ، قَالَ : حدثنا محمد بن حمدويه (1)، قَالَ : حدثنا محمد بن صالح بن هانئ ، قال : حدثنا أحمد بن محمد بن أنس القرشي ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، قَالَ : حدثنا حيوة بن شريح ، قَالَ: أخبرني يزيد بن أبي حبيب، قَالَ: أخبرني أسلم أبو عمران ، قال: كنّا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عُقْبَةُ بن عامر الجُهَنيِّ،صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى أهل الشام فضالة بن عبيد صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج من المدينة صفٌ عظيمٌ من الروم ، وصففنا لهم صفَّاً عظيماً من المسلمين ، فحمل رجلٌ من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، ثم خرج إلينا مقبلاً، فصاح الناس فقالوا : سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : أيها الناس إنكم تتأولون هذه الآية على غير تأويلها (2) ، وإنما أُنزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار ، إنا لَمَّا أعزّ الله تعالى دينه (3) وكثّر ناصريه ، قلنا بعضنا لبعض سراً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إن أموالنا قد ضاعت ، فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله تعالى في كتابه يرد علينا ما هممنا به ، فقال : { وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ } [البقرة : 195] في الإقامة التي أردنا أن نقيم في الأموال فنصلحها فأمرنا بالغزو . فما زال أبو أيوب (4) غازياً في سبيل الله حتى قبضه الله - عز وجل
__________
(1) المستدرك 2/275 ، وصححه عَلَى شرط الشيخين ، ولم يتعقبه الذهبي .
(2) في (س) و ( ه) : (( التأويل )) ، وفي المطبوع مِنْ المستدرك وتلخيصه للذهبي : (( عَلَى هذا التأويل )) .
(3) كذا في (ب) و(س) و(ه) والمطبوع مِنْ المستدرك وتلخيصه ، وفي (ص) والعجاب : (( نبيه )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( أبو أيوب الأنصاري )) .(1/151)
- (1).
قوله - عز وجل -: { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ } [البقرة : 196].
(64) أخبرنا الأُستاذ أبو طاهر الزيادي(2)، قَالَ: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسن المحمد آباذي (3)، قَالَ: حدثنا العباس الدوري ، قَالَ: حدثنا عبيد الله بن موسى ، قَالَ : حدثنا إسرائيل، عن عبد الرحمان الأصفهاني/15أ/، عن عبد الله بن معقل، عن كعب بن عُجْرَةَ ، قال : فيَّ نزلت هذه الآية { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ } [البقرة: 196]،وقع القمل في رأسي فذكرت ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( احلق وافده صيام ثلاثة أيام، أو النسك ، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكينٍ نصف (4) صاع )) (5).
__________
(1) أخرجه: الطيالسي (599)، وأبو داود (2512)، والترمذي (2972)، والنسائي في الكبرى (11028) و(11029)وفي التفسير،له(48)، والطبري في التفسير 2/204، وابن حبان(4711) ، وابن عَبْد الحكم في فتوح مصر (269) ، والطبراني في الكبير (4060) ، والحاكم 2/84 ، والبيهقي 9/45 و99 .
(2) هُوَّ مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مَحْمَش النيسابوري ، أبو طاهر الزيادي الشَّافِعِيّ ، توفي سَنَة (410ه - ) . سير أعلام النبلاء 17/276 .
(3) هُوَّ مُحَمَّد بن الحسن بن مُحَمَّد النيسابوري ، أبو طاهر المُحَمَّدآباذي، توفي سَنَة (336 ه - ). سير أعلام النبلاء 15/304 و 329 .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه - ) .
(5) لم نقف عليه مِنْ طريق إسرائيل ، عَن عَبْد الرحمان الأصفهاني .
وسيأتي تخريجه موسعاً مِنْ طريق شعبة ، عَن عَبْد الرحمان الأصفهاني ، في الحَدِيْث الذي بعده .(1/152)
(65) أخبرنا محمد بن إبراهيم المزكي ، قَالَ : حدثنا أبو عمرو بن مطر إملاءً ، قَالَ : أخبرنا أبو خليفة ، قَالَ : حدثنا مسدد ، عن بشر ، قَالَ : حدثنا ابن عون ، عن مجاهد ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى قال : قال كعب بن عجرة: فيّ أُنزلت هذه الآية ، أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ((ادنه )) ، فدنوت (1)مرتين أو ثلاثاً ، فَقَالَ : (( أيؤذيك هَوَامُّك ؟ ))- قَالَ ابن عون : وأحسبه قَالَ : نعم ، - فأمرني بصيامٍ أو صدقةٍ أو نسك ، ما تيسر. رَوَاهُ البُخَارِيّ (2) عَن أحمد بن يونس، عن أبي شهاب، ورَوَاهُ مُسْلِم(3) عَن أبي موسى ، عَن ابن أبي عدي ؛ كلاهما عَن ابن عون (4)
__________
(1) في (ص) : (( فدنوت منه )) .
(2) صحيح البخاري 8/179(6708) .
(3) صحيح مُسْلِم 4/20 (1201)(81) .
(4) وأخرجه النسائي في الكبرى (4111) و(11030) وفي التفسير ، له (50)،والطبري في تفسيره
2/231 ، وابن حبان (3982) ، والطبراني في الكبير 19/(230) و(231) ، والبيهقي 5/169 مِنْ طريق ابن عون ، عَن مجاهد بهذا الإسناد .
وأخرجه مالك في الموطأ (1251) برواية الليثي ، وعبد الرزاق في تفسيره (207) ، والحميدي (709) ، وأحمد 4/241 و243 و244 ،والبخاري 3/12(1814) و3/13(1815) و5/164(4190) و(4191) و7/154(5665) و7/162(5703) ، ومسلم 4/20(1201)(80) و4/21 (1201) (82)(83) ، والترمذي (953) و(2973) و(2974) ، والنسائي 5/194 وفي الكبرى ،له (3834) و(4112) ،وابن الجارود (450) ، والطبري 2/231 و232 ،وابن أبي حاتم في تفسيره (1783) و(1785) ، وابن حبان (3978) و(3980) و(3983) ، والطبراني في الكبير 19/(215) و(216) و(217) و(218) و(219) و(220) و(221) و(222) و(233) و(234) و(235) و(237) و(238) و(239) و(240) ، والدارقطني 2/298-299 ، والبيهقي 5/54 و 55 و 169 ، والبغوي في شرح السنة (1994) مِنْ طرق عَن مجاهد ، عَن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى ، عَن كعب ، به . =
= وأخرجه مالك في الموطأ (1250) برواية الليثي ، وأحمد 4/242 و243، ومسلم 4/21(1201)(84)، وأبو داود (1856) و(1857) و(1860) و(1861) ، والطبري 2/231 ، وابن خزيمة (2676)،وابن حبان (3984) و(3986) ،والطبراني في الكبير 19/(243) و (244) و (245) و (246) و (247) و(248)و(249)و(250)و(251)و(252) و(253) و(254) و(255) و(257) و(258)، والبيهقي 5/185 مِنْ طرق عَن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وسيأتي بيان تخريج طرقه الأخرى .(1/153)
.
(66) أَخْبَرَنَا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المخلدي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو الحسن السراج ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن سليمان المروزي (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا عاصم بن عَلِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شعبة، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَان الأصفهاني، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْد الله بن معقل قَالَ : قعدت (2) إِلَى كعب بن عُجْرَة في هَذَا المسجد-مسجد الكوفة-فسألته عَن هَذِهِ الآية : { فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } [البقرة : 196] قَالَ : حُملت إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والقمل يتناثر عَلَى وجهي ، فَقَالَ : (( ما كُنْتُ أرى أنَّ الجهد بلغ منك هَذَا ، أما (3) تجد شاةً )) ؟ قُلتُ: لا، فنزلت هذه الآية : { فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } قَالَ: (( صم ثلاثة أيام ، أو أطعم ستة مساكين ، لكل مسكين نصف صاع مِنْ طعام )) ، فنزلت فيَّ خاصةً ولكم عامة. رواه البخاري عن آدم بن أبي إياس (4) ، وأبي الوليد (5)،ورواه مسلم (6) عن بُنْدار ، عن غُنْدَر ؛ كلهم عَن شعبة (7)
__________
(1) هُوَّ مُحَمَّد بن يَحْيَى بن سليمان المروزي ، أبو بكر الوراق .توفي سَنَة (298ه - ). تهذيب التهذيب 9/510 .
(2) في ( ب ) : (( وقفت )) .
(3) في (س) و(ه - ) : (( ما )) .
(4) صحيح البخاري 6/33( 4517) .
(5) صحيح البخاري 3/13(1816) .
(6) صحيح مسلم 4/21 (1201)(85) .
(7) وأخرجه المصنف في الوسيط 1/298-299 بإسناده ومتنه .
وأخرجه الطيالسي (1062) ، وأحمد 4/242 ، ومسلم 4/21(1201)(85) ، وابن ماجه (3079) ، والنسائي في الكبرى (4113) و(11031) وفي التفسير ، له(51) ، والطبري2/230 ، وابن أبي حاتم في تفسيره (1781) ، وابن حبان (3985) و(3987) ، والطبراني في الكبير 19/(299) ، والبيهقي 5/55 مِنْ طريق شعبة بهذا الإسناد . =
= وأخرجه أحمد 4/242 و243 ،ومسلم 4/21(201)(86) ، والطبري 2/230 و231 ، والطبراني 19/(300) و(301) و(302) مِنْ طريق عَبْد الرحمان الأصفهاني ، عَن عَبْد الله بن معقل ، عَن كعب ، به .
وأخرجه أحمد 4/243 ، والترمذي (2973) ، والطبري 2/230 ، والطبراني في الكبير 19/(303) مِنْ طريق عامر بن شراحيل الشَّعْبِيّ ، عَن عَبْد الله بن معقل ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وأخرجه الترمذي (2973) ، والطبري 2/231 و232 و233 . من طريق مجاهد ، عَن كعب بن
عجرة ، به .
وأخرجه أحمد 4/243 ،وأبو داود (1851) ، والطبري 2/230 مِنْ طريق عامر بن شراحيل الشَّعْبِيّ ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وأخرجه أحمد 4/241 مِنْ طريق أبي قلابة ، عَن كعب ، به .
وأخرجه مالك في الموطأ (1252) رِوَايَة الليثي ، ومن طريقه الطبري في تفسيره 2/233 ، والطبراني في الكبير 19/(256) عَن عطاء بن عَبْد الله الخراساني أنه قَالَ : حدثني شيخ بسوق البرم بالكوفة ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وأخرجه أحمد 4/242 مِنْ طريق يَحْيَى بن جعدة ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وأخرجه ابن ماجه (3080) ، والطبري 2/233 مِنْ طريق مُحَمَّد بن كعب ، عَن كعب بن عجرة ، به .
وأخرجه النسائي 5/195 ، والطبري 2/233 مِنْ طريق أبي وائل ، عَن كعب ، به .(1/154)
.
(67) أَخْبَرَنَا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الصوفي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَلِيّ الغفاري ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إسحاق بن مُحَمَّد الرسعني ، قَالَ : حَدَّثَنَا جدي ، قَالَ : حَدَّثَنَا المغيرة الصقلابي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عُمَر بن بشر المكي ، عَن عطاء ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ : لما نزلنا الحديبية (1) جاء كعب بن عجرة ينتثر هَوَام رأسه عَلَى جبهته (2) ، فَقَالَ : يا رَسُول الله ، هَذَا القمل قَدْ أكلني قَالَ : (( احلق وافده )) ، قَالَ : فحلق كعب فنحر بقرة ، فأنزل الله تَعَالَى في ذَلِكَ الموقف : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ … الآية } (3) [البقرة : 196].
قال ابن عباس : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( الصيام ثلاثة أيام ، والنسك شاةٌ ، والصدقة الفَرْقُ بين ستة مساكين ، لكل مسكين مدان )) (4).
__________
(1) في (ب) : ((بالحديبية )) .
(2) في ( س ) ولباب النقول : (( وجهه )) .
(3) اقتصر السيوطي في لباب النقول: 38 عَلَى عزوه إِلَى الواحدي ، وأورده في الدر المنثور 1/515 بسياق أقصر وزاد نسبته إِلَى ابن مردويه .
(4) ذكره السيوطي في الدر 1/515 ، وزاد نسبته لابن مردويه .(1/155)
(68) أخبرنا مُحَمَّد بن مُحَمَّد / 15ب/ المنصوري ، قَالَ : أخبرنا علي بن عمر الحافظ (1)، قَالَ : حدثنا أبو (2)عبد الله بن المهتدي ، قَالَ : حدثنا طاهر بن عيسى بن إسحاق التميمي ، قَالَ : حدثنا زهير بن عباد ، قَالَ : حدثنا مصعب بن ماهان ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح (3)، عن مجاهد (4)، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، عن كعب بن عجرة ، قَالَ : مرّ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يوقد تحت قدرٍ له بالحديبية ، فَقَالَ :
(( أيؤذيك هَوَمُ رأسك ))؟ قَالَ : نعم ، قَالَ : (( احلق )) ، وأنزلت (5) هَذِهِ الآية : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } [البقرة : 196].
قَالَ : فالصيام : ثلاثة أيام ، والصدقة : فرقٌ بين ستة مساكين ، والنسك :
شاةٌ (6).
__________
(1) سنن الدارقطني 2/298 .
(2) سقطت مِنْ (س) و (ه) فتحرف الاسم . وانظر : إتحاف المهرة 13/22 (16381) .
(3) قُرِنَ مَعَ أيوب وسيف المكي في رِوَايَة الدارقطني .
(4) انظر : تفسير مجاهد : 100 ، وابن أبي حاتم في تفسيره (1784) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( فأنزل الله )) ، والمثبت موافق لما في سنن الدَّارَقُطْنِيّ .
(6) أخرجه الطيالسي (1065) ، والحميدي (710) ، وأحمد 4/242 و243 ، والبخاري 3/13(1817) و(1818) و5/157(4159) و7/154(5665) ، ومسلم 4/20(1201)(83) ، والترمذي (953) ، والطبري في التفسير 2/232، وابن خزيمة(2677) و(2678) ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/339 (1784) ، وابن حبان (3979) ، والطبراني في الكبير 19/(223) و (224) و (225) و (226) و(227) و (229) و (236) ، والبيهقي 5/55 و87 ، والبغوي في تفسيره 1/248 مِنْ طريق ابن أبي نجيح ، عَن مجاهد ، به .(1/156)
(69) أخبرنا سَعِيد بن العباس (1) القرشي (2) فيما كتب إليَّ : أن العباس بن الفضل بن زكريا حدثهم ، عن أحمد بن نجدة ، قَالَ : حدثنا سعيد بن منصور (3) ، قَالَ: حدثنا أبو عوانة ، عن عَبْد الرحمان بن الأصفهاني ، عن عَبْد الله بن معقل ، قَالَ : كنا جلوساً في المسجد ، فجلس إلينا كعب بن عجرة فَقَالَ : فيَّ أُنزلت هذه الآية : { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ } [البقرة : 196] قَالَ : قلت : كيف كَانَ شأنك ؟ قَالَ : خرجنا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - محرمين ، فوقع القمل في رأسي ولحيتي وشاربي حَتَّى وقع في حاجبي ، فذكرت ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( ما كُنْتُ أرى أن الجهد بلغ منك هَذَا ، ادعوا الحالق )) ، فجاء الحالق فحلق رأسي ، فَقَالَ : (( هَلْ تجد نَسِكَةً ؟ )) قُلتُ : لا ، وَهِيَ شاةٌ ، قَالَ : (( فصم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصُع بَيْنَ ستة
مساكين )) . قَالَ : فأنزل الله (4) فيَّ خاصة ، وهي للناس عامة(5).
قوله تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } [البقرة : 197].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( عَبْد الله بن عَبَّاس )) خطأ . وانظر : رقم (42) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( الهروي )) ، وكلاهما صَحِيْح . انظر : في رقم ( 42 ) .
(3) سنن سَعِيد بن منصور 2/716 (289) .
(4) في (ب) : (( فأنزل الله )) .
(5) لم نقف عليه مِنْ طريق أبي عوانة ، عَن عَبْد الرحمان الأصفهاني . إلاّ عند سَعِيد بن منصور . وتقدم تخريجه مِنْ غير هذه الطريق .(1/157)
(70) أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المُزَكِّي (1)، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المكي (2)، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن يوسف (3)، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن إسماعيل (4)، قَالَ : حدثنا يَحْيَى بن بشر ، قَالَ: حدثنا شبابة ، عن ورقاء ، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس ،قَالَ : كَانَ أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ، و(5)يقولون : نحن المتوكلون ، فإذا قدموا مكة سألوا الناس ، فأنزل الله - عز وجل - : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } (6) [البقرة : 197].
وَقَالَ عطاء بن أبي رباح: كَانَ الرجل يخرج فيحمل كَلَّهُ عَلَى غيره ، فأنزل الله تعالى: { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى } .
قوله - عز وجل -: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ…الآية } [البقرة: 198].
__________
(1) لم نقف عَلَى ترجمته ، وبلغت روايات الواحدي عَنْهُ ست روايات .
(2) هُوَّ أبو الهيثم مُحَمَّد بن مكي بن مُحَمَّد المروزي الكُشْمِيْهَني ، توفي سَنَة (389ه) . سير أعلام النبلاء 16/491.
(3) هُوَّ أبو عَبْد الله محمد بن يوسف بن مطر الفَِرَبْري ، توفي سَنَة (320ه) .
سير أعلام النبلاء 15/10 .
(4) هُوَّ البخاري ، انظر : صحيحه 2/164 (1523) .
(5) سقطت الواو مِنْ (س) و(ه) ، وما أثبتناه موافق لما في صحيح البخاري .
(6) أخرجه أبو داود(1730)، والنسائي في الكبرى(11033)، وابن حبان(2691)، والبيهقي4/332، والمصنف في الوسيط1/302 بإسناده ومتنه،وزاد السيوطي في الدر1/531 نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر.(1/158)
(71) أخبرنا منصور بن عَبْد الوهاب /16 ب/ البزاز ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن مُحَمَّد بن أحمد الحيري، عن شعيب بن علي الزَّرّاع، قَالَ: أخبرنا عيسى بن مُساورٍ، حدثنا مروان بن معاوية الفزاري، قَالَ: حدثنا العلاء بن المسيب، عن أبي أمامة التيمي ، قَالَ : سألت ابن عُمَر فقلت : إنا قومٌ نُكْرى في هذا الوجه ، وإن قوماً يزعمون أنه لا حج لنا ، قَالَ : ألستم تلبون ، ألستم تطوفون ، ألستم تسعون (1) بين الصفا والمروة ؟ ألستم ألستم ؟ قَالَ: قُلْتُ (2): بلى ، قَالَ : إن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عما سألت عَنْهُ فلم يدرِ ما يرد عَلِيهِ ، حتى نزلت (3) : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ } [البقرة : 198] فدعاه فتلا عَلِيهِ حين نزلت ، فَقَالَ : (( أنتم الحجاج ))(4).
__________
(1) ألستم تسعون )) لم ترد في (ب) و (ص) ، وهي ثابتة في العجاب .
(2) لم ترد (( قلت )) في (ب) و(ص) .
(3) في (ص) : (( حتى نزل قوله تعالى )) .
(4) أخرجه سَعِيد بن منصور في سننه 3/820 (352) ، وابن أبي شيبة (15135) ، وأحمد 2/155 ، وأبو داود (1733) ، وابن خزيمة (3051) و(3052) ، والطبري في تفسيره 2/282 ،وابن أبي حاتم في تفسيره 1/351(1845) ، والدارقطني 2/292 ، والحاكم 1/449 ، والبيهقي 4/333 .
وزاد السيوطي في الدر 1/535 نسبته لعبد الرزاق وعبد بن حميد .(1/159)
(72) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن حيان (1) ، قَالَ : حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ: حدثنا سهل بن عثمان ، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بن أبي زائدة ، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار، عن ابن عَبَّاس قَالَ: كَانَ ذو المجاز وعكاظ متجر الناس (2) في الجاهلية ، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذَلِكَ حتى نزلت : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ } [البقرة : 198] في موسم الحج (3).
وروى مجاهد عن ابن عَبَّاس، قَالَ: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الحج يقولون : أيام ذكر الله - عز وجل - : فأنزل الله تعالى : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ } فاتجروا (4) .
قوله - عز وجل -: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البقرة : 199].
__________
(1) في (س) و(ه) : (( خشنام )) .
(2) في (س) : (( متجرا للناس )) ، وفي (ه) : ((متجر ناس)) .
(3) رواه سَعِيد بن منصور في سننه 3/817 (350) ، والبخاري 2/222 (1770) و3/69 (2050) و3/81 (2098) و6/34 (4519) ، وأبو داود (1734) ، والطبري في تفسيره 2/283 ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/351 (1846) ، والحاكم 2/276-277 ،والبيهقي 4/333 ، والبغوي في التفسير 1/253 (197) . وزاد نسبته السيوطي في الدر 1/34 لسفيان بن عيينة وابن المنذر.
(4) أخرجه سَعِيد بن منصور 3/819 (351) ، وأبو داود (1731) ، والطبري في التفسير 2/283 . وزاد نسبته في الدر المنثور 1/535 لوكيع وعبد بن حميد .
وأخرجه ابن أبي شيبة ( 13366 ) عن مجاهد قوله ، وَلَمْ ينسبه لابن عَبَّاسٍ .(1/160)
(73) أخبرنا التميمي بالإسناد(1)الذي ذكرناه،عن يَحْيَى بن هشام بن عروة، عن أبيه،عن عَائِشَة قالت:كانت العرب تفيض من عرفات،وقريش ومن دان بدينها تفيض من جَمْع من المشعر الحرام ، فأنزل الله تعالى: { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } (2).
(74) أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر المزكي، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله ابن زكريا ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان السَّرْخَسِيِّ (3)، قَالَ: حدثنا أبو بكر بن أبي خَيْثَمَةَ ، قَالَ : حدثنا حامد بن يَحْيَى ، قَالَ : حدثنا سفيان بن عيينة ، قَالَ : أخبرني عمرو بن دينار ، قَالَ: أخبرني مُحَمَّد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، قَالَ : أضللت بعيراً يوم عرفة ، فخرجت أطلبه بعرفة فرأيت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - واقفاً مَعَ الناس بعرفة ، فقلت : هذا من الحمس ماله هاهنا –قَالَ سفيان : الأحمس : الشديد الشحيح على دينه – وكانت قريشٌ تُسَمّى الحُمْسَ ، فجاءهم الشيطان فاستهواهم ، فَقَالَ لهم : إنّكم إن عظمتم غير حَرَمِكُم استخف الناس بحرمكم ، فكانوا لا يخرجون من الحرم ، ويقفون بالمزدلفة ، فلما جاء الإسلام أنزل الله تَعَالَى : { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ } [البقرة : 199] يعني عرفة . رواه مُسْلِم(4) عن عمرو الناقد ، عن ابن عيينة (5)
__________
(1) في ( س ) : (( بالإسناد المتقدم )) .
(2) أخرجه البخاري 6/34 (4519) ، وأبو داود (1910) ، وابن ماجه (3018) ، والترمذي (884) ، والنسائي 5/254 ، وابن خزيمة (3058) ، وابن حبان (3856) ، والبيهقي 5/113 ، والبغوي (1925). وزاد السيوطي في الدر 1/545 نسبته لابن المنذر وأبي نعيم .
(3) رجال هذا الإسناد تقدموا . انظر (10) .
(4) في صحيحه 4/44 (1220)(153) . وسياقه أخصر .
(5) وأخرجه الحميدي (559) ، وأحمد 4/80 ، والدارمي (1885) ، والبخاري 2/199 (1664) ، والنسائي 5/255 .
وكذلك أخرجه ابن أبي عُمَر العدني في مسنده – كما ذكر الحافظ في العجاب :365 ، وفي الفتح 3/516 وعبد بن حميد – كما في العجاب : 366 -.(1/161)
.
قوله - عز وجل -: { فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } [البقرة : 200].
قَالَ مجاهد : كان أهل الجاهلية إذا اجتمعوا بالموسم ذكروا فعل آبائهم في الجاهلية (1) ، وأيامهم وأنسابهم فتفاخروا ، فأنزل الله تعالى : { فَاذْكُرُوا اللَّهَ / 16 ب / كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً } (2) [البقرة : 200].
وَقَالَ الحسن : كانت الأعراب إذا حدثوا أو تكلموا يقولون : وأبيك إنهم لفعلوا كذا وكذا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (3).
قوله تعالى : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا … الآية } [البقرة : 204].
__________
(1) في الجاهلية )) لم ترد في (ص) .
(2) رواه : الطبري في التفسير 2/295 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/355 (1870) ، وزاد السيوطي في الدر 1/557 لعبد بن حميد .
(3) لم نقف عليه وتفرد به الواحدي .(1/162)
قَالَ السدي : نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي ، وهو حليف بني زهرة أقبل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة (1) فأظهر له الإسلام ، وأعجبَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ منه ، وَقَالَ : إنما جئت أريد الإسلام ، والله يعلم إني لصادق (2)، وذَلِكَ قوله : { وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ } [البقرة : 204] ثُمَّ خرج مِنْ عند رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَمَرَّ بزرعٍ لقومٍ من المسلمين وحُمُرٍ ، فأحرق الزرع وَعَقَرَ الحمر ، فأنزل الله تعالى فيه : { وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ } (3)[البقرة : 205].
قوله - عز وجل -: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّه } [البقرة : 207].
__________
(1) في (ص) : (( بالمدينة )) .
(2) في (ص) : (( صادق )) ، وفي العجاب : (( إنني لصادق )) .
(3) أخرجه الطبري في التفسير 2/312 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/364 (1913) . وزاد السيوطي في الدر 1/572 نسبته لابن المنذر . وانظر : تفسير مقاتل 1/102 ، والعجاب : 375 .(1/163)
قَالَ سعيد بن المسيب : أقبل صُهَيبٌ مهاجراً نحو النبي - صلى الله عليه وسلم - فاتبعه نفرٌ من قريش من المشركين ، فنزل عَن راحلته ونثر ما في كنانته وأخذ قوسه ، ثُمَّ قَالَ : يا معشر قريش، لقد علمتم أني مِنْ أرْمَاكم رجلاً، وأيم الله لا تَصِلون إليَّ حتى أرمي بما في كنانتي، ثُمَّ أضرب بسيفي ما بقي في يدي منه شيءٌ ، ثُمَّ افعلوا ما شئتم ، فقالوا : دلنا عَلَى بيتك ومالك بمكة ونخلّي عنك، وعاهَدُوهُ إن دلّهم أن يدَعُوه، ففعل. فلما قَدِمَ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( أبا يَحْيَى ربح البيع ، ربح البيع )) (1)، وأنزل الله : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّه } (2)[البقرة : 207].
__________
(1) كذا في جميع النسخ ، ووقع في العجاب : (( ربح البيع أبا يَحْيَى ربح البيع )) . والمثبت موافق لما أورده المصنف في الوسيط، وإن كَانَت في بعض طرقه موافقة لما أورده ابن حجر .
(2) أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/228 ، ومن طريقه ابن عساكر في تأريخ دمشق 24/228 ، وأخرجه الحارث بن أبي أسامة في مسنده (679 بغية الباحث ) ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/368 (1939) ، وأبو نعيم في الحلية 1/151 .
وذكره الحافظ في العجاب :376 ، وعزاه لابن أبي خيثمة ، ومن طريقه أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 24/228 ، وزاد السيوطي في الدر 1/575 نسبته لابن المنذر .(1/164)
وَقَالَ المفسرون : أخذ المشركون صهيباً فَعَذَّبوه ، فَقَالَ لهم صهيبٌ : إني شيخٌ كبيرٌ لا يضركم أمِنْكُم كنت أم من غيركم ، فهل لكم أن تأخذوا مالي وتَذَروني وديني ؟ ففعلوا ذَلِكَ ، وكان قد شرط عليهم راحلةً ونفقةً ، فخرج إلى المدينة فتلقاه أبو بكر وعُمَر في رجال ، فَقَالَ لَهُ أبو بكر : ربح بيعك أبا يحييى ، فَقَالَ صهيبٌ : وبيعك فلا يخسر(1) ما ذاك ؟ فَقَالَ : أنزل الله فيك كَذَا ، وقرأ عَلِيهِ هَذِهِ الآية (2).
وَقَالَ الحسن : أتدرون /17أ/ فيمَ (3) نزلت هَذِهِ الآية ، نزلت (4) في
أن (5) المسلم لقيَ (6) الكافر فَقَالَ (7) لَهُ : قل : لا إله إلا الله ، فإذا قلتها عصمت مالك ودمك (8) ، فأبى أن يقولها ، فَقَالَ المسلم : والله لأشرين نفسي لله ، فتقدم فقاتل حَتَّى
قتل (9).
وقيل : نزلت في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (10)
__________
(1) في ( ه) : (( يبخس )) .
(2) قَالَ الحافظ في العجاب : 380 : (( هُوَّ سياق مقاتل ؛ لكن في آخره : أن الذي لقبه أبو بكر 0000 إلى آخر كلامه )) . وانظر : تفسير مقاتل 1/103-104 ، وتفسير البغوي 1/266 .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فيمن )) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) ، وَهِيَ ثابتة في نَصَّ العجاب .
(5) ساقطة من ( ب ) .
(6) في ( س) و(ه) وتفسير البغوي : (( يلقى )) . والمثبت مِنْ (ب) و(ص) ، وهو الموافق لما جاء في تفسير الطبري والعجاب والدر المنثور .
(7) في (س) و(ه) والبغوي : (( فيقول )) .
(8) مالك ودمك )) ليستا في العجاب .
(9) أخرجه الطبري في التفسير 2/322 ، وزاد السيوطي في الدر 1/587 نسبته لابن المنذر .
(10) في (س) و(ه) : (( فيمن أمر بالمعروف ونهى عَن المنكر )) ، والمثبت مِنْ (ب) و(ص) ، وهو الموافق لما في العجاب . ولم نقف عَلَى تخريجه. وهو أولى المعاني الَّتِيْ دلت عَلَيْهَا الآية في قول الطبري وغيره مِنْ المفسرين.
انظر : تفسير الطبري 2/322 ، وتفسير البغوي 1/266 .(1/165)
.
قَالَ أبو الخليل: سمع عُمَر بن الخطاب إنساناً يقرأ هذه الآية ، فَقَالَ عُمَر: إنا لله قام رجلٌ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فقتل (1).
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً } [البقرة : 208].
(75) أخبرني أبو نُعَيم الأصفهاني فيما أذن في روايته عنه : أخبرنا سليمان بن
أحمد ، قَالَ : حدثنا بكر بن سهل ، قَالَ : حدثنا عَبْد الغني بن سعيد ، عن موسى بن
عَبْد الرحمان الصنعاني ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ : نزلت هذه الآية في عَبْد الله بن سلام وأصحابه ، وذَلِكَ أنهم حين آمنوا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - قاموا (2) بشرائعه وشرائع موسى - عليه السلام - ، فعظَّموا السبت ، وكرهوا (3) لُحْمان الإبل وألبانها بعدما أسلموا ، فأنكر ذَلِكَ عليهم المسلمون فقالوا : إنا نَقوى عَلَى هذا وهذا ، وقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن التوراة كتاب الله فدعنا فلنعمل بها فأنزل الله تعالى هذه الآية (4) .
قوله تعالى : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا } [البقرة : 214].
__________
(1) أخرجه الطبري2/322، وزاد السيوطي في الدر 1/578 نسبته لوكيع وعبد بن حميد. واقتصرالحافظ في العجاب : 381 ، عَلَى عزوه لعبد بن حميد ، وَقَالَ : (( وفي السند انقطاع )) ولم يتعرض لرواية الطبري .
(2) في (ب) : (( وآمنوا )) ، وفي (ه) : (( فآمنوا )) .
(3) في (ص) : (( وحرّموا )) .
(4) ذكره المصنف في الوسيط 1/312 ، والبغوي في التفسير 1/267 .
وانظر : تفسير مقاتل 1/104 ، وتفسير الطبري 2/324 ، وتفسير ابن أبي حاتم 2/369 (1944) .(1/166)
قَالَ قتادة والسُّدي : نزلت هذه الآية في غزوة الخندق حين أصاب المسلمين ما أصابهم من الجهد والشدة والحر والخوف والبرد وسوء (1) العيش وأنواع الأذى ، وكان كما قَالَ الله تعالى : { وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ } (2)[الأحزاب : 10].
وَقَالَ عطاءٌ : لما دخل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة اشتد الضر عليهم ؛ لأنهم خرجوا بغير (3) مالٍ ، وتركوا ديارهم وأموالهم بأيدي المشركين ، وآثروا رضا الله ورسوله ، وأظهرت اليهود العداوة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأسرَّ قومٌ مِنْ الأغنياء النفاق ، فأنزل الله تعالى تطييباً لقلوبهم : { أَمْ حَسِبْتُمْ } الآية (4).
قوله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ … الآية } [ البقرة : 215 ] .
قَالَ ابن عَبَّاس في رواية أبي صالح : نزلت في عمرو بن الجموح الأنصاري ، وكان شيخاً كبيراً ذا مالٍ كثيرٍ ، فَقَالَ: يا رَسُول الله بماذا نتصدق ؟ وعلى مِنْ ننفق ؟ فنزلت هَذِهِ الآية (5)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( ضيق )) .
(2) أثر قتادة أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 1/332 (250) ، ومن طريقه الطبري في التفسير 2/341 ، وزاد السيوطي في الدر 1/584 نسبته لابن المنذر .
وأثر السُّدي أخرجه الطبري في تفسيره 2/341 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/379 (2000) .
(3) في ( س ) و ( ه) والعجاب : (( بلا )) .
(4) لم نقف عليه مسنداً . وذكره البغوي في تفسيره 1/272 .
(5) قَالَ الحافظ في العجاب :385 : (( كذا ذكره –يعني الثعلبي –بغير إسناد ، وعزاه الواحدي لرواية الكلبي ، عَن أبي صالح ، عَن ابن عَبَّاس ، وذكره ابن عسكر في ذيل الأعلام بلفظ : نزلت في عمرو بن الجموح سأل عَن مواضع النفقة فنزلت: { يَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ } ، ثمَّ سأل بَعْدَ ذَلِكَ كم النفقة ؟ فنزلت الآية الأخرى { قُلِ الْعَفْوَ } ، ونسبه إلى ابن فطيس )) .
وعزاه السيوطي في الدر 1/585 بلفظ آخر إلى ابن المنذر .(1/167)
.
وَقَالَ في رِوَايَة عطاء :نزلت (1) الآية في رجلٍ أتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إن لي ديناراً ، فَقَالَ: (( أنفقه عَلَى نفسك )) ، فَقَالَ: إن لي دينارين ، فَقَالَ: (( أنفقهما عَلَى أهلك )) ، فَقَالَ: إن لي ثلاثةً ، فَقَالَ: (( أنفقها عَلَى خادمك ))، فَقَالَ: إن لي أربعةً، فَقَالَ: (( أنفقها عَلَى والديك )) ، فَقَالَ : إن لي خمسةً ، فَقَالَ : (( أنفقها عَلَى قرابتك )) ، فَقَالَ : أن لي ستةً ، فَقَالَ : (( أنفقها في سبيل الله ، وَهُوَ أحسنها )) (2) .
قوله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ…الآية } [البقرة: 217] /17ب/
__________
(1) في ( س ) : (( هَذِهِ الآية )) .
(2) قال الحافظ ابن حجر في العجاب : 386 : (( أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي بسنده الواهي ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاس )) ثم ساق المَتْن هذا . وَقَالَ عقبه : (( وهذا سياق منكر ، والمعروف في هذا المَتْن غير هذا السياق ، وهو ما أخرجه أحمد 2/215 و 471 ، وأبو داود (1691) ، والنسائي 5/62 وصححه ابن حبان (3337) ، والحاكم 1/415 عن أبي هريرة : أن رجلاً جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ، معي دينار ؟ قَالَ : أنفقه عَلَى نفسك ، قَالَ : يا رَسُول الله ، عندي آخر ، قَالَ : أنفقه عَلَى ولدك ، قَالَ : عندي آخر ، قَالَ : أنفقه عَلَى زوجتك قَالَ : عندي آخر ، قَالَ : تصدق به عَلَى خادمك قَالَ : عندي آخر ، قَالَ : أنت أبصر )) .(1/168)
(76) أخبرنا أبو عَبْد الله مُحَمَّد بن عبد الله الشيرازي(1)، قَالَ : حدثنا أبو الفضل مُحَمَّد بن عَبْد الله بن خميْروَيْهِ الهروي (2)، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن علي بن مُحَمَّد الخزاعي (3)، قَالَ : حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، قَالَ: أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قَالَ : أخبرني عروة بن الزبير أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث سريةً مِنَ المسلمين وأمّر عليهم عَبْد الله بن جَحْشٍ الأسدي، فانطلقوا حتى هبطوا نَخْلَة فوجدوا بها عمرو بن الحضرمي في عِيرِ تجارة لقريش ، في يوم بقي من الشهر الحرام ؛ فاختصم المسلمون فَقَالَ قائلٌ منهم : لا نعلم هذا اليوم إلا مِنَ الشهر الحرام ، ولا نرى أن تستحلوه لطمعٍ أشْفَيتمْ عليه. فغلب عَلَى الأمر الذين يريدون عرض الدنيا ، فشدوا عَلَى ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا عيره ، فبلغ ذَلِكَ كفار قريش ، وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين وبين المشركين ، فركب وفدٌ مِنْ كفار قريش حتى قدموا عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أيَحِلُّ القتال في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ } إلى آخر الآية (4) [البقرة : 217].
__________
(1) هُوَّ مُحَمَّد عَبْد الله بن عبيد الله بن باكويه الصوفي ، أبو عَبْد الله الشيرازي ، توفي سَنَة (428ه) . سير أعلام النبلاء 17/544 .
(2) مُسْنِدُ هراة ، توفي سَنَة (372ه) . سير أعلام النبلاء 16/311 .
(3) هُوَّ علي بن مُحَمَّد بن عيسى الخزاعي ، أبو الحسن الهروي الحكّاني ، توفي سَنَة (292ه) . سير أعلام النبلاء 13/454 .
(4) رواه المصنف في الوسيط 1/320 بنفس الإسناد مَعَ اختلاف بسيط في المَتْن .
وأخرجه البيهقي في الدلائل 3/17-18 مِنْ طريق أبي اليمان بإسناد هذا الحَدِيْث ومتنه .(1/169)
(77) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد الحارثي، قَالَ: أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن جعفر ، قَالَ: حدثنا عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد الرازي ، قَالَ: حدثنا سهل بن عثمان ، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بن أبي زائدة، عن مُحَمَّد بن إسحاق(1)، عن الزهري، قَالَ: بعث رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَبْد الله ابن جحش ومعه نفرٌ من المهاجرين ، فقَتَلَ عَبْد الله بن وَاقِد الليثيُّ عمرو بن الحضرمي، في آخر يومٍ من رجبٍ وأسروا رجلين ، واستاقوا العير ، فوقف ذَلِكَ (2) النبي - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ : (( لم آمركم بالقتال في الشهر الحرام )) . فقالت قريش : استحل مُحَمَّد الشهر الحرام ، فنزلت : { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ } إلى قوله : { وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْل } [البقرة : 217] أي قد كانوا يفتنونكم (3) وأنتم في حرم الله بعد إيمانكم ، وهذا أكبر عند الله من أن تقتلوهم في الشهر الحرام مع كفرهم بالله .
قَالَ الزهري : لما نزل هذا قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير وفَادَى الأسيرين . ولما فرَّج الله تعالى عن أهل تلك السرية ما كانوا فيه من غمٍّ ، طمعوا فيما عند الله من ثوابه ، فقالوا : يا نبي الله أنطمع أن تكون غزوة ولا نعطى فيها أجر المجاهدين في سبيل الله ، فأنزل الله تعالى فيهم : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا … الآية } (4) [البقرة : 218].
__________
(1) سيرة ابن إسحاق بتهذيب ابن هشام 2/252-256 .
(2) في (س) و(ه) : ((عَلَى ذَلِكَ )) . وما أثبتناه مِنْ (ب) و(ص) وسيرة ابن هشام ومصادر التخريج ، ومعناه أنه توقف فيها فلم يبت بشيء .
(3) في (ب) و(ص) : (( يقتلونكم )) .
(4) أخرجه الطبري في التفسير 2/347 ، وفي التأريخ 2/15 . وأخرج ابن أبي حاتم مقاطع منه 1/385 (2024) ، و1/386 (2034) .(1/170)
قَالَ المفسرون : بعث رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَبْد الله بن جحش ، وهو ابن عمة النبي - صلى الله عليه وسلم -
/ 18 أ / في جمادى الآخرة ، قبل قتال بدرٍ بشهرين ، عَلَى رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة ، وبعث معه ثمانية رهطٍ من المهاجرين : سعد بن أبي وقاص الزهري ، وعُكَّاشَة بن محصَن الأسدي ، وعتبة بن غزوان السلمي ، وأبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة ، وسُهَيل بن بيضاء ، وعامر بن ربيعة ، وواقد بن عَبْد الله ، وخالد بن بُكَير ، وكتب لأميرهم عَبْد الله بن جحش كتاباً وَقَالَ : سر عَلَى اسم الله ، ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين ، فإذا نزلت مِنْزلين فافتح الكِتَاب واقرأه عَلَى أصحابك ، ثُمَّ امض لما أمرتك ، ولا تستكرهن أحداً مِنْ أصحابك عَلَى المسير معك ، فسار عَبْد الله يومين ، ثُمَّ نزل وفتح الكِتَاب فإذا فِيهِ : (( بسم الله الرحمن الرحيم . أما بَعْدَ ، فسر عَلَى بركة الله بمن معك (1) مِنْ أصحابك حَتَّى تنزل بطن نَخْلَةَ ، فترصَّد بِهَا عير قريش لعلك أن تأتينا مِنْهُ بخبر )) . فَلَمَّا نظر عَبْد الله الكِتَاب (2) قَالَ : سمعاً وطاعةً ، ثُمَّ قَالَ لأصحابه ذَلِكَ وَقَالَ: إنَّهُ قَدْ نهاني أن أستكره أحداً منكم، فمن كَانَ منكم يريد الشهادة فلينطلق ، ومن كره ذَلِكَ فليرجع فإني ماض لأمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ مضى ومضى مَعَهُ أصحابه (3) ، حَتَّى إذا كَانَ بِمَعْدن فَوْقَ الفُرُع ، وَقَدْ أضل سعد بن أبي وقاص وعُتْبَة بن غزوان بعيراً لهما كانا يَتَعَقَبانِه ، فأستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما، فأذن لهما ، فتخلفا في طلبه ، ومضى عَبْد الله ببقية أصحابه حَتَّى وصلوا بَطنَ نخلة بَيْنَ مكة والطائف، فبينما هم كَذَلِكَ إذ مرت
__________
(1) في ( ب ) : (( تبعك )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( في الكتاب )) .
(3) من قوله : (( فمن كَانَ … )) إِلَى هنا لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/171)
بهم عيرٌ لقريش تحمل زبيباً وأدَمَاً وتجارةً مِنْ تجارة الطائف ، فيهم عَمْرو بن الحضرمي ، والحكم بن كَيْسَان ، وعثمان بن عَبْد الله بن المغيرة، ونوفل بن عَبْد الله المَخْزُومِيان. فَلَمَّا رأوا أصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - هابوهم ، فَقَالَ عَبْد الله بن جحش: إن القوم قد ذعروا منكم ، فاحلقوا رأس رجلٍ منكم فليتعرض لهم ، فإذا رأوه محلوقاً أمنوا ، وقالوا : قومٌ عُمَّارٌ ، فحلقوا رأس عُكَّاشة ، ثم أشرف عليهم فقالوا : قومٌ عُمَّار لا بأس عليكم. فأمنوهم ، وكان ذَلِكَ في آخر يوم مِنْ جمادى الآخرة ، وكانوا يرون أنه مِنْ جمادى أو هُوَّ رجب ، فتشاور القوم فيهم وقالوا : لئن تركتموهم هذه الليلة ليَدخلن الحرم (1) فليمتنعن منكم ، فَأجْمَعُوا أمرهم في مُوَاقَعة القوم ، فرمى واقد بن عَبْد الله التَّمِيمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله، فكان أول قتيل من المشركين ، واستأسر الحكم وعثمان ، فكانا أول أسيرين في الإسلام. وأفلت نوفل وأعجزهم. واستاق المؤمنين العِيرَ والأسيرين /18ب / حتى قدموا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، فقالت قريش : قد استحل مُحَمَّد الشهر الحرام ، شهراً يأمن فيه الخائف ويَبْذَعرُّ الناس (2) لمعايشهم ، فسفك فيه الدماء وأخذ فيه الحَرَائب (3) ، وعيّر بذلك أهلُ مكة من كَانَ بها مِنَ المسلمين ، فقالوا : يا معشر الصُّبَاة ، استحللتم الشهر الحرام فقاتلتم فيه. وتفاءلت اليهود بذلك وقالوا: واقد وقدت الحرب (4)، وعمرو : عمرت الحرب ، والحضرمي: حضرت
__________
(1) لم ترد في (ب) .
(2) أي : يتفرق ، وأبذعر : تفرق ، وفي حَدِيْث عَائِشَة : (( ابذعر النفاق : أي تفرق وتبدد )) . وانظر لسان العرب 5/115 (بذعر) .
(3) الحرائب : جمع حريبة ، وهي مال الرجل الذي يسلبه. انظر لسان العرب 1/100 .
(4) في (ه) : (( وقالوا : قد وقدت الحرب نارها سعرت الحرب )) . وهو كلام غير مستقيم .(1/172)
الحرب ، وبلغ ذَلِكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لابن جحش وأصحابه: (( ما أمرتكم بالقتال في الشهر الحرام )) ، ووقّف العِيرَ والأسيرين ، وأبى أن يأخذ مِنْ ذَلِكَ شيئاً ،فعظم ذَلِكَ عَلَى أصحاب السرية ، وظنوا أن قد هلكوا ، وسقط في أيديهم ، وقالوا : يا رَسُول الله ، إنا قتلنا ابن الحضرمي ثُمَّ أمسينا فنظرنا إلى هلال رجب ، فلا ندري أفي رجب أصبناه أو في جمادى ؟ وأكثر الناس في ذَلِكَ ، فأنزل الله تَعَالَى : { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ … الآية } [البقرة : 217]. فأخذ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - العِيرَ فعزل منها الخمس ، فكان أول خمسٍ في الإسلام ، وقسم الباقي بين أصْحَاب السَّريَّة فكان أول غنيمة في الإسلام. وبعث أهل مكة في فداء أسيريهم فَقَالَ : بل نقفهما(1) حتى يقدم سعد وعتبة ، فإن لم يقدما قتلناهما بهما. فلما قَدِما فاداهما.
وأما (2) الحكم بن كَيْسَان فأسلم وأقام مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة فقتل يوم بئر معونة شهيداً .
وأما عثمان بن عَبْد الله فرجع إلى مكة ومات بها كافراً.
وأما نوفل فضرب بطن فرسه يوم الأحزاب ليدخل الخندق عَلَى المسلمين فوقع في الخندق مَعَ فرسه فتحطما جميعاً ، فقتله الله تعالى وطلب المشركين جيفته بالثمن(3)، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( خذوه فإنه خبيث الجيفة ، خبيث الدية )) (4)
__________
(1) في (ب) و(ه) : (( لم نفدهم)) .
(2) في البغوي : (( فأما )) وهي أولى . والمثبت مِنْ جميع النسخ .
(3) قَالَ ابن هشام : (( أعطوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بجسده عشرة آلآف درهم ، فيما بلغني عَن الزهري )) . سيرة ابن هشام 3/265 .
(4) قَالَ ابن إسحاق : (( وكان اقتحم الخندق وتوّرط فِيهِ فقتل ، فغلب المسلمون عَلَى جسده ، فَقَالَ
رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا حاجة لنا في جسده ولا بثمنه ، فخلّى بينهم وبينه )). سيرة ابن هشام 3/265 .(1/173)
.
فهذا سبب نزول قوله تعالى : { يَسْأَلونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ } والآية التي
بعدها (1).
قوله تَعَالَى: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ } [البقرة : 219].
نزلت في عُمَر بن الخطاب ، ومعاذ بن جبل ، ونفرٍ من الأنصار أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبةٌ للعقل مَسْلَبَةٌ للمال ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
قوله - عز وجل - : { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى } [البقرة : 220].
(78) أخبرنا أبو منصور عبد القاهر بن طاهر ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن مُحَمَّد بن الحسن /19أ/ السرّاج ، قَالَ : حدثنا الحسن بن المثنى بن معاذ (3)، قَالَ : حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ، قَالَ : حدثنا سفيان الثَّوري (4)، عن سالم الأفْطَس ، عن سعيد بن جُبَير ، قَالَ لما نزلت : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً } [النساء : 10] عزلوا أموالهم عَن أموالهم (5)فنزلت : { قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ } [البقرة : 220] فخلطوا أموالهم بأموالهم (6).
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 1/274-275 .
(2) نسبه الحافظ في العجاب : 393 إلى الثعلبي .
وذكره البغوي في التفسير 1/276 ، والمصنف في الوسيط 1/322 ، ولكنه أبهم الأسماء .
(3) العنبري ، أبو مُحَمَّد ، مِنْ النبلاء الثقات . توفي سَنَة ( 294 ه) . سير أعلام النبلاء 13/526 .
(4) تفسيره : 91(203) .
(5) عَن أموالهم )) ليست في (ب) و(ص) ، وفي المطبوع مِنْ تفسير الثوري : ((مِنْ أموالهم )) .
(6) أفاض الحافظ ابن حجر في العجاب : 395-396 في تخريج هذا الحَدِيْث ، وترجيح الرواية المرسلة عَلَى الموصولة .(1/174)
(79) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد، قَالَ: أخبرنا أبو عليٍّ الفقيه، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن مُحَمَّد البَغَوِي، قَالَ: حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، قَالَ: حدثنا جريرٌ ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس قَالَ :لما أنزل الله - عز وجل -: { وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [الأنعام:152] و { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً } [النساء: 10] انطلق كُلّ (1) من كان مَعَهُ (2) مال يتيمٍ فعزل طعامه من طعامه، وشرابه من شرابه ، وجعل يَفضُلُ الشيء من طعامه فَيُحْبَس (3) له حتى يأكله أو يَفسُد ، واشتد ذلك عليهم، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فأنزل الله تَعَالَى: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ } [البقرة:220] فَتَخلِطوا (4) طعامهم
بطعامكم (5) وشرابهم بشرابكم (6) .
قوله - عز وجل -: { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنّ } [البقرة :221].
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( عنده )) .
(3) في (ه) والدر : (( فيجلس )) وليس بشيء .
(4) في (ه) والدر : (( فخلطوا )) .
(5) في (ه) والدر : (( بطعامهم )) . وكذا (( بشرابكم )) .
(6) أخرجه أحمد 1/325 ، وأبو داود (2871) ، والنسائي 6/256 ، والطبري في التفسير 2/369 ، وابن أبي حاتم في التفسير2/395(2081) ،والحاكم 2/278 ، والبيهقي 5/258 و6/5 و6/284 . وزاد السيوطي في الدر 1/612 نسبته لابن المنذر وأبي الشَّيْخ وابن مردويه.(1/175)
(80) أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو الحافظ ، قَالَ : أخبرنا جدي ، قَالَ : أخبرنا أبو عَمْرو أحمد بن مُحَمَّد الحرَشي ، قَالَ : حدثنا إسماعيل بن قتيبة ، قَالَ : حدثنا أبو خالد، قَالَ : حدثنا بُكَير بن معروف ، عن مقاتل بن حيَّان ، قَالَ : نزلت في أبي مرْثَد الغَنَوي استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في (عَنَاق) أن يتزوجها ، وهي امرأةٌ مسكينةٌ من قريش ، وكانت ذات حظٍ من جمال ، وهي مشركةٌ ، وأبو مرثد مسلم ، فَقَالَ: يا نبي الله ، إنها لتعجبني ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنّ } (1)[البقرة :221].
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 2/398 (2100) ، وزاد السيوطي في الدر 1/614 نسبته لابن المنذر .(1/176)
(81) أخبرنا أبو عثمان ، قَالَ : أخبرنا جدّي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: حدثنا عمرو بن حماد، قَالَ: أخبرنا أسباط ، عن السُّدِّي ، عن أبي مالك، عن ابن عَبَّاس في هذه الآية قَالَ: نزلت في عَبْد الله بن رَوَاحة ، وكانت له أمَةٌ سوداء ، وإنه غضب عليها فلطمها ، ثم إنه فزع فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبرها ، فَقَالَ لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ما هي يا عبد الله ؟ فَقَالَ : يا رَسُول الله ، هِيَ تصوم وتصلي وتحسن الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله. فَقَالَ : (( يا عَبْد الله هِيَ (1) مؤمنة )) . فَقَالَ عَبْد الله : فو الَّذِي بعثك بالحق نبياً لأعْتِقَنَّها ولأتَزَوجنها. ففعل ، فطعن عَلِيهِ ناسٌ مِنْ المُسْلِمِيْنَ فقالوا : نكَحَ أمَةً! وكانوا يريدون أن ينكحوا إِلَى المشركين وينكحوهم رغبةً في أحسابهم /19ب/ ، فأنزل الله - عز وجل - فيهم (2): { وَلأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ } (3)[لبقرة : 221].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( هَذِهِ )) .
(2) في ( ب ) : (( فِيْهِ )) .
(3) رواه الطبري في التفسير 2/378 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/398(2102).كلاهما عَن السدي قوله ، لم يوصله إلى ابن عَبَّاس .(1/177)
وَقَالَ الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس : إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلاً من غني يقال لَهُ : مرثد بن أبي مرثد ، حليفاً لبني هاشم ، إلى مكة ليخرج ناساً من المسلمين بها أُسَرَاء ، فلما قَدِمها سمعت به امرأة يقال لها : عَنَاق ، وكانت خليلةً له في الجاهلية ، فلما أسلم أعرض عنها ، فأتته فقالت: ويحك يا مرثد ألا نخلو ؟ فَقَالَ لها: إن الإسلام قَدْ حال بيني وبينك وحرّمه علينا ، وَلَكِنْ إن شئت تزوجتك ، إذا رجعت إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنته في ذَلِكَ ثمَّ تزوجتك ، فقالت لَهُ : أبي (1) تتبرم ؟ ثم استغاثت عليه فضربوه ضرباً شديداً ، ثم خلوا سبيله. فلما قضى حاجته بمكة انصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - راجعاً وأعلمه الذي كان من أمره وأمر عناق وما لقي في سببها (2)، فقال : يا رسول الله أيحل لي أن أتزوجها ؟ فأنزل الله ينهاه عن ذلك قوله(3): { وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنّ } (4)
__________
(1) في ( ه) : (( أنت )).
(2) كذا في جميع الأصول ، وفي العجاب : (( بسببها )) . ولم ينبه المحقق عَلَى هذا رغم حرصه عليه .
(3) في ( ب ) : (( فأنزل الله تَعَالَى )) .
(4) قَالَ الحافظ في الكاف الشاف 1/264 : (( نزولها في هذه القصة ليس بصحيح ، فقد رواه أبو داود (2051) ، والترمذي (3177)، والنسائي 6/66 مِنْ رِوَايَة عُمَر بن شعيب ، عَن أبيه ، عَن جده. قَالَ: كَانَ رجل يقال له مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، وكان رجلاً شديداً يحمل الأسارى مِنْ مكة حتى يأتي بهم المدينة 000الحَدِيْث بطوله ،وفيه :حتى نزلت { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ } قَالَ : فدعاني رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأها عليَّ وَقَالَ : ((لا تنكحها )) . وكذلك أخرجه أحمد وإسحاق والبزار وَقَالَ : لا نعلم لمرثد بن أبي مرثد حديثاً أسنده إلاّ هذا )) وانظر : الفتح السماوي 1/262 – 263 ، وأخرجه أيضاً الطحاوي في شرح المشكل (4552) ، والحاكم 2/116 ، والبيهقي 1/313 ، وابن عَبْد البر في التمهيد 3/163 ، والبغوي في شرح السُّنَّة (314) ، وفي التفسير ، لَهُ 1/196 .(1/178)
[البقرة :221].
قوله - عز وجل -: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيض … الآية } [البقرة : 222].
(82) أخبرنا أبو عَبْد الرحمان مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن زكريا ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الدَّغُولي ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن مِشْكان ، قَالَ: حدثنا حيّان ، قَالَ: حدثنا حماد ، قَالَ: حَدَّثَنَا ثابت ، عن أنس : أن اليهود كانت إذا حاضت منهم امرأة أخرجوها من البيت ، فلم يُؤَاكِلوها ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت ، فسئل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذَلِكَ، فأنزل الله تَعَالَى: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ } [البقرة : 222] إلى آخر الآية. رواه مُسْلِم (1) عن زهير بن حرب، عن عَبْد الرحمان بن مهدي ، عن حماد (2).
__________
(1) صحيح مُسْلِم 1/169(302)(16) .
(2) وأخرجه الطيالسي (1933) ، وأحمد 3/132 ، والدارمي (1058) ، وأبو داود (258) و(2165) ، وابن ماجه (644) ، والترمذي (2977) ، والنسائي 1/152و187 وفي الكبرى ، له (273) ، وأبو يعلى (3533) ، وأبو عوانة 1/311 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/38 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/400، وابن حبان (1362) ، والبيهقي 1/313 ، وابن عَبْد البر في التمهيد 3/163 ، والبغوي في شرح السنة (314) وفي التفسير ، له 1/196 .(1/179)
(83) أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن عُمَر الخَشَّاب (1)، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قَالَ : أخبرنا أبو عِمْرَان موسى بن العباس الجُويْني (2) ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن عبيد الله (3) بن يزيد القَرْدُواني (4) الحَرَّاني ، قَالَ : حدثني أبي ، عن سابق بن عَبْد الله الرّقّي ، عن خُصيفٍ ، عن مُحَمَّد بن المنكَدِر ، عن جابر بن عَبْد الله (5)، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله - عز وجل -: { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً } قَالَ : إن اليهود قالت : من أتى امرأتَهُ من دبرها كان ولده أحول، فكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن (6)
من أدبارهن ، فجاؤا إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض ،
__________
(1) لم نقف عَلَى ترجمته ، ومجموع روايات الواحدي عَنْهُ هنا أربعة مواطن .
(2) الإمام الحافظ ، صاحب المسند الصحيح الذي خرّجه عَلَى صحيح مُسْلِم . توفي سَنَة (323ه) . سير أعلام النبلاء 15/235 .
(3) في (ص) : (( عبد الله )) .
(4) في (ه) : ((ابن عَبْد الله 0000 الفردواني )) .
(5) بن عَبْد الله )) لم ترد في (ص) .
(6) في (ب) : (( يأتوهن )) .(1/180)
وما (1) قالت اليهود ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ } ، يعني : الاغتسال { فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ } ، يعني : القُبُل { إِنَّ اللَّهَ /20 أ / يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ - نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } [البقرة: 222-223] وإنما (2) الحرث حيث ينبت الولد ويخرج مِنْهُ (3) .
وَقَالَ المفسرون : كانت العرب في الجاهلية إذا حاضت المرأة (4)لم يُؤاكلوها ولم يشاربوها ، ولم يساكنوها في بيتٍ ، كفعل المجوس ، فسأل أبو الدَّحْداح رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عن ذلك فَقَالَ : يارسول الله ما (5) نصنع بالنساء إذا حضن ؟ فأنزل الله هَذِه
__________
(1) في (س) و(ه) : ((عما)) ، وهي في الأصل الذي اعتمده محقق العجاب (ما) فغيرها إلى (عما) معتمداً عَلَى مطبوعة الواحدي فما أصاب .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فإنما )) ، وما أثبت موافق للعجاب .
(3) إسناده صَحِيْح .
أخرجه الحميدي (1263) ، وابن أبي شيبة (16656) ، والدارمي (2220) ، والبخاري 6/36 (4528) ، ومسلم 4/156 (1435) (117) ، وأبو داود (2163) ، وابن ماجه (1925) ، والترمذي (2978) ، والنسائي في التفسير (58) و(59) ، وأبو يعلى (2024) ، والطبري في التفسير 2/396 و397 ، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (1739) ، والطحاوي في شرح المعاني 3/40 و 41 ، وفي شرح مشكل الآثار (6119) ، وابن حبان (4166) و (4197) ، والطبراني في الأوسط (575) و(8031) ، وأبو نعيم في الحلية 3/198.
(4) في ( س ) و ( ه) : (( المرأة مِنْهُمْ )) .
(5) في ( ص ) : ((كيف)) .(1/181)
الآية (1) .
قوله - عز وجل -: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ … الآية } [البقرة : 223].
(84) أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن (2) القاضي، قَالَ: أخبرنا حاجب بن أحمد، قَالَ : حدثنا عَبْد الرحيم (3) بن مُنيب ، قَالَ: حدثنا سفيان بن عيينة ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع جابر ابن عَبْد الله يقول : كانت اليهود تقول في الذي يأتي امرأته من دبرها في قبلها : إن الولد يكون أحول ، فنزل قوله تَعَالَى (4) : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } . رَوَاهُ البُخَارِيّ (5) عَن أبي نُعَيْم ، ورواه مُسْلِم عن أبي بكر بن أبي شيبة ؛ كلاهما عَن سُفْيَان (6) .
__________
(1) أخرجه الطبري في التفسير 2/381 عن السدي قال: إن السائل الذي سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ثابت بن الدحداح الأنصاري ، وأخرجه ابن أبي حاتم في التفسير 2/400 ، وذكره البغوي في التفسير 1/285 ، ولم يصرح بَاسِم السائل ، وذكره السيوطي في الدر 1/619 وزاد نسبته لابن المنذر .
(2) في (ب) : (( الحسين)) .
(3) في (ب) : ((عَبْد الرحمان)) .
(4) في ( ص ) و ( ه) : (( فنزل )) فَقَطْ .
(5) صحيح البخاري 6/36 (4528) .
(6) لقد خلط المؤلف-رحمه الله تعالى-في روايات الصحيحين إذ إن الحَدِيْث أخرجه البخاري
6/36 (4528) عَن أبي نعيم عَن سفيان الثوري، وأخرجه مسلم4/156 (1435)(119)عن مُحَمَّد بن المثنى ، عن عبد الرحمان بن مهدي، عن سفيان الثوري. وأخرجه أيضاً في 4/156 (1435) (117) عن قتيبة بن سعيد وأبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد ، عن سفيان بن عيينة. والحديث تقدم تخريجه آنفاً.(1/182)
(85) [ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو سَعِيد إسماعيل ابن أحمد الخلالي ](1) ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن زيدان البجلي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو كُرَيب ، حَدَّثَنَا المُحَارِبي، عَن مُحَمَّد بن إسحاق ، عَن أبان بن مُسْلِم ، عَن مجاهد (2) قَالَ : عرضت المصحف عَلَى ابن عَبَّاس ثلاث عرضات مِنْ فاتحته (3) إِلَى خاتمته ، أُوقِفه عِنْدَ كُلّ آيةٍ مِنْهُ فأسأله عَنْهَا حَتَّى انتهى إِلَى هَذِهِ الآية : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } فَقَالَ ابن عَبَّاس : إن هَذَا الحيّ مِنْ قريش كانوا يشرحون (4) النساء بمكة ، ويتلذذون بهن مقبلاتٍ ومدبراتٍ فَلَمَّا قدموا المدينة تزوجوا مِنْ الأنصار ، فذهبوا ليفعلوا بهن كَمَا كانوا يفعلون بمكة ، فأنكرن ذَلِكَ وقلن : هَذَا شيءٌ لَمْ نكن نُؤتى عَلِيهِ. فانتشر الحَدِيْث حَتَّى انتهى إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله تَعَالَى في ذَلِكَ: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ : إن شئت مقبلة وإن شئت مدبرة ، وإن شئت باركة (5)، وإنما يعني بذلك موضع الولد للحرث. يقول: أئت الحرث حيث شئت. رواه الحَاكِم أبو عَبْد الله في " صحيحه" (6)
__________
(1) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ب) و(ص) .
(2) الدر المنثور 1/263 ، وتفسير الطبري 4/409 ، وآداب الشافعي لابن أبي حاتم 215-217 ، وتفسير القرطبي 3/92.
(3) في (ص) و(ه) : (( مِنْ فاتحة الكتاب )) .
(4) في ( ص ) و ( ه) و ( ب ) : (( يتزوجون )) ، والشرح : وطء المرأة نائمة عَلَى قفاها .
(5) في ( ب ) : (( فباركة )) .
(6) المستدرك 2/279 ، واخرجه أبو داود (2164) ، والطبري في التفسير 2/393 ، والطبراني في الكبير (11097) كلهم مِنْ طريق مُحَمَّد بن إسحاق به. وأخرجه البغوي في التفسير 1/290(244) ، وذكره السيوطي في الدر 1/629 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/183)
، عَن أبي زكريا العَنبَري ،عَن مُحَمَّد بن
عبد السلام، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن المُحارِبي.
(86) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الحيّاني ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو القاسم البغوي ، قَالَ: حدثنا علي بن الجَعْد (1)، قَالَ: حدثنا شُعْبة ، عن مُحَمَّد بن المُنكَدر ، قَالَ: سمعت جابراً يَقُوْل (2): قالت اليهود: إن الرجل إذا أتى امرأته باركةً كَانَ الولد أحول ، فأنزل الله تَعَالَى : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ … الآية } (3) [البقرة : 223].
(87) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الحيّاني، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الله /20ب/ بن حمدون ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن الحسن بن الشرقي ، قَالَ : أخبرنا أبو الأزهر ، قَالَ : حدثنا وهب بن جرير ، قَالَ: حدثنا أبو كريب ، قَالَ: سمعت النعمان بن راشد يحدث ، عن الزُّهري ، عن مُحَمَّد بن المنكدر ، عن جابر بن عَبْد الله ، قَالَ : قالت اليهود : إذا نكح الرجل امرأته مُجَبيِّةً (4) جاء ولدها أحول ، فنزلت : { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } [البقرة: 223] إن شاء مُجَبية وإن شاء غَيْر مُجَبية، غَيْر أن ذَلِكَ في صمام واحد. رَوَاهُ مُسْلِم (5) عَن هارون بن عَبْد الله ، عَن وهب بن جرير (6).
قَالَ الشَّيْخ أبو حامد بن الشرقي : هذا حديثٌ جليلٌ يساوي مئة حديث ، لم يروه عن الزهري إلا النعمان بن راشد.
__________
(1) في (ه) : ((جعد)) .
(2) في (س) : (( قال )) .
(3) تقدم تخريجه .
(4) مجبية : أي باركة كأنها ساجدة.
(5) صحيح مسلم 4/156 (1435)(119) .
(6) وأخرجه البخاري 6/36 (4528) ، والنسائي في تفسيره 1/254 (58) ، وابن أبي حاتم في التفسير 1/404(2133) ، وذكره السيوطي في الدر 1/627 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/184)
(88) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان المُطَوِّعِيُّ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قَالَ : أخبرنا أبو عليٍّ ، قَالَ : حدثنا زهير ، قَالَ : حدثنا يونس بن مُحَمَّد ، قَالَ : حدثنا يعقوب القُمّي ، قَالَ : حدثنا جعفر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس قَالَ: جاء عُمَر ابن الخطاب إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: هلكت ، فَقَالَ : وما الذي أهلكك ؟ قَالَ: حوّلت رحلي الليلة ، قَالَ: فَلَمْ يرد عَلِيهِ (1) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - شيئاً، فأوحيَّ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - هَذِهِ الآية: { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } [البقرة : 223] يَقُوْل: أقبل وأدبر، واتق الدبر والحيضة (2) .
(89) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد الأصفهاني، قَالَ: أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد الحافظ ، قَالَ: حدثنا أبو يَحْيَى الرازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان ، قَالَ : حدثنا المُحاربي ، عن ليث ، عن أبي صالح ، عن سعيد بن المسيب : أنه سئل عن قوله : { فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } قَالَ نزلت في العزل (3) .
__________
(1) عَلَيْهِ )) لم ترد في (ص) و(ه) .
(2) أخرجه أحمد 1/297 ، والترمذي (2960) ، والنسائي في الكبرى (11040) وفي التفسير ، له (60) ، وأبو يعلى (2736) ، والطبري في تفسيره 2/397 ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (6127) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/405 (2134) ،والخرائطي في مساوئ الأخلاق (465) ، وابن حبان (4202) ، والطبراني في الكبير (12317) ، والبيهقي 7/198 ، والبغوي في التفسير 1/290 (242) ، وذكره السيوطي في الدر 1/629 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر .
(3) أخرجه الطبري في التفسير 2/395 ، وذكره السيوطي في الدر1/639 وزاد نسبته لابن أبي شيبة .(1/185)
وَقَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة الكلبي : نزلت في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم ، والأنصار واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن ، إذا كَانَ المأتي واحداً في الفرج، فعابت اليهود ذَلِكَ إلا مِنْ بين أيديهن خاصةً ، وقالوا: إنا لنجد في كتاب الله في التوراة : إن كل إتيان يؤتى النساء غير مستلقياتٍ دَنَسٌ عند الله ، ومنه يكون الحول والخبل. فذكر المسلمون ذَلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : إنا كنا في الجاهلية وبعد ما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا ، وإن اليهود عابت علينا ذَلِكَ وزعمت لنا كذا وكذا. فأكذب الله تعالى اليهود ونزل عَلِيهِ يرخص لهم { نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ } يقول : الفرج مزرعةٌ للولد { فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ } يقول : كيف شئتم مِنْ بين يديها ومن خلفها في الفرج.
قوله - عز وجل -: { وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ } [البقرة : 224].
قَالَ الكلبي : نزلت في عَبْد الله بن رواحة ينهاه عن قطيعة ختنه /21أ/ بشير بن النعمان وذَلِكَ أن ابن رواحة حلف أن لا يدخل عليه أبداً ، ولا يكلمه ، ولا يصلح بينه وبين امرأته ، ويقول : قد حلفت بالله أن لا أدخل (1) ولا يحل لي إلا أن أبرَّ في يميني فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
قوله - عز وجل -: { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِم … الآية } [البقرة : 226].
__________
(1) في (ص) و(ه) : (( أفعل)) .
(2) أخرجه الطبري بسنده عَن القاسم قَالَ : حدثنا الحسين ، قَالَ : حدثني الحجاج ، عَن ابن جريج قَالَ حُدّثْتُ إن قوله : { وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ } نزلت في أبي بكر في شأن مسطح . وقول الكلبي هذا ذكره المصنف في الوسيط 1/330 ، وابن عطية في تفسيره 2/260 .(1/186)
(90) أخبرنا مُحَمَّد بن موسى (1) بن الفضل ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب ، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن مرزوق ، قَالَ: حدثنا مُسْلِم بن إبراهيم ، قَالَ: حدثنا الحارث بن عبيد ، قَالَ : حدثنا عامر الأحول ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاس قَالَ : كَانَ إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر مِنْ ذَلِكَ ، فَوَقَّت الله أربعة أشهر ، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء (2) .
وَقَالَ سعيد بن المسيب: كَانَ الإيلاء مِنْ ضرار أهل الجاهلية: كَانَ الرجل لا يريد المرأة ولا يحب أن يتزوجها غيره ، فيحلف أن لا يقربها أبداً، وكان يتركها بِذَلِكَ (3) لا أيِّماً ولا ذات بعلٍ ، فجعل الله تعالى الأجل الذي يعلم به ما عند الرجل في المرأة أربعة أشهر ، وأنزل الله تعالى : { لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِم … الآية } (4) [البقرة : 226].
قوله تعالى : { الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوف } [البقرة : 229].
(91) أخبرنا أحمد بن الحسن (5) الْقَاضِي ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب ،
__________
(1) في (ب) و (ص) و (ه) : (( ابن يونس )) .
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف عامر الأحول وَهُوَ عامر بن عَبْد الواحد .
أخرجه سَعِيد بن منصور (1884) ، والطبراني في الكبير (11365) ، والخطيب البغدادي في تالي التلخيص (311) ، والبيهقي 7/381. وَقَالَ الهيثمي في المجمع 5/10 : ((رجاله رجال الصحيح)). وزاد نسبته في الدر المنثور 1/647 لعبد بن حميد.
(3) في ( س ) و (ه) : (( كذلك )) .
(4) نسبه الحافظ في العجاب : 419 للثعلبي .
(5) فِي ( ص ) : (( الحسين )) .(1/187)
قَالَ : أخبرنا الربيع ، قَالَ : أخبرنا الشَّافِعِيّ (1) ، قَالَ : أخبرنا مَالِك (2) عن هشام بن عروة ، عن أبيه (3): كَانَ الرجل إذا طلَّق امرأته ثُمَّ ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها
كَانَ ذَلِكَ لَهُ ، وإن طلقها ألف مرة ، فعمد رجل إلى امرأة لَهُ فطلقها ثُمَّ أمهلها
حَتَّى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ، وَقَالَ : والله لا آويك إليَّ ولا تحلين
أبداً .
__________
(1) في مسنده : 192 ط. العلمية ، و(1277) طبعتنا .
(2) في موطئه برواية الليثي (1721)
(3) فِي ( ص ) : (( قَالَ )).(1/188)
فأنزل الله - عز وجل - : { الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان } (1) [البقرة : 229].
(92) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو جعفر أحمد بن مُحَمَّد بن
__________
(1) إسناده ضعيف لإرساله ، فإن عروة بن الزبير لَمْ يدرك عهد التنْزيل وَهُوَ تابعي .
وَقَدْ أخرجه مرسلاً هكذا الطبري فِيْ تفسيره 2/456 مِنْ طريق جرير ،عن هشام.ورواه يعلى بن شبيب، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت فذكره . وأخرجه الترمذي فِيْ الجامع (1192) وفي علله الكبير (305) ، والحاكم 2/279 ، والمزي فِي تهذيب الكمال 32/386 .
ثم ساقه الترمذي فِيْ الجامع (1192) عن أبي كريب ، عن عَبْد الله بن إدريس ، عن هشام مثل رواية مالك مرسلاً ، ولم يذكر فِيهِ (عن عائشه) وَقَالَ : (( هذا صح مِنْ حَدِيْث يعلى بن شبيب )) . هَذَا أصح كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ ؛ لأن رِوَايَة مالك وعبد الله بن إريس وجرير بن عَبْد الحميد أولى من رِوَايَة يعلى بن شبيب ، ويعلى هَذَا لين الْحَدِيْث . التقريب (7842) .
وأخرجه ابن أبي حاتم فِيْ تفسيره 2/418 (2206) . وذكره البغوي فِيْ تفسيره 1/304 ، وذكره الثعالبي فِيْ تفسيره 1/458 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 1/662 وزاد نسبته لعبد بن حميد .(1/189)
المرزبان (1) الأبهري (2) ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن إبراهيم الحَزْوَّري (3)، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن سليمان ، قَالَ : حدثنا يعلى المكي (4) مولى آل الزبير ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عَائِشَة : أنها أتتها امرأة تسألها (5) عن شيءٍ من الطلاق. قالت : فذكرت ذَلِكَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6) فنَزلت : { الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَان } .(7)
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنّ … الآية } [البقرة : 232] .
__________
(1) فِي (( ب )) : المرزباني .
(2) لَمْ ترد فِيْ ( ص ) .
(3) في (ب) : (( المروزي )) ، وفي (ه) : (( الخوري )) . وهو خطأ .
(4) فِيْ (ب ) و(ص) : (( المقرى )) ، وفي (ه) : ((حدثنا أبو ليلى المقرى مولى )) وَهُوَ خطأ . وَهُوَ يعلى بن شبيب الأسدي . انظر : تهذيب التهذيب 11/401 .
(5) فِي ( س ) و ( ه) : (( فسألتها )) .
(6) بعد هذا في (ص) و(ه) : (( قالت )) .
(7) إسناده ضعيف : لضعف يعلى وهذا السند معلول والصواب مرسل وانظر تخريج الحَدِيْث الَّذيْ قبله .(1/190)
(93) أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر بن الغازي ، قَالَ : أخبرنا أبو أحمد مُحَمّد (1) ابن مُحَمَّد بن إسحاق الحافظ ، قَالَ : أخبرني أحمد بن مُحَمَّد بن الحسين ، قَالَ : حدثنا أحمد بن حفص(2) بن عَبْد الله ، قَالَ: حدثنا أبي، حدثنا إبراهيم بن طهمان ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن أنه قَالَ في قوله تَعَالَى (3) : { فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا … الآية } [البقرة : 232]. قَالَ : حدثني /21ب/ معقل بن يسار أنها نزلت فِيهِ . قَالَ : كنت زوجت أُختاً لي من رجل ، فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها ، فقلت لَهُ : زوَّجتك وأفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها ، لا والله لا تعود إليها أبداً. قَالَ : وكان رجلاً لا بأس به ، فكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية ، فقلت: الآن أفعل يا رَسُول الله ، فزوجتها إياه. رواه البُخَارِي(4) عن أحمد بن حفص (5).
__________
(1) لَمْ ترد فِيْ (ص) .
(2) فِيْ (ه) : (( ابن جعفر)) ، وَهُوَ خطأ راجع المستدرك2/174.
(3) فِي ( س ) و ( ه) : (( قَوْل الله عز وجل )) .
(4) صحيح البُخَارِيّ 7/21(5130) .
(5) وأخرجه الطيالسي (930) ، والبخاري 6/36 (4529) و7/75(5331) ، وأبو داود(2087) ، والترمذي (2981) ، والنسائي فِيْ الكبرى (11041) وفي التفسير ،له (61)و(62) والطبري فِيْ التفسير 2/484 ، وابن حبان (4071) ، والطبراني فِيْ الكبير 20/(467) و(468) و(475) و(477) ، والدارقطني 3/224 ، والحاكم 2/174 و280 ،والبيهقي 7/103-104،والبغوي (2263) وفي التفسير ، له 1/210. وأخرجه البخاري 6/36(4529) مِنْ الطريق نفسه مرسلاً .(1/191)
(94) أخبرنا الحَاكِم أبو منصور مُحَمَّد بن مُحَمَّد المنصوري ، قَالَ: أَخْبَرَنَا (1) علي بن عمر بن مهدي، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن عمرو بن البختري، قَالَ: حدثنا يحيى بن جعفر ، قَالَ: حدثنا أبو عامر العقدي، قَالَ: حدثنا عَبّاد بن راشد ، عن الحسن ، قَالَ : حدثني معقل بن يسار ، قَالَ : كانت لي أُختٌ فَخُطِبت إليّ ، وكنت أمنعها الناس ، فأتاني ابن عم لي فخطبها فأنكحتها إياه ، فاصطحبها ما شاء الله ، ثُمَّ طلقها طلاقاً (2) رجعياً (3) ، ثُمَّ تركها حتى انقضت عدتها ، فخطبها مَعَ الخطاب فقلت : منعتها الناس وزوجتك إيّاها ، ثُمَّ طلقتها طلاقاً رجعياً (4) ، ثُمَّ تركتها حَتَّى انقضت عدتها ، فلما خطبت إليّ أتيتني تخطبها ، لا أُزوجك أبداً. فأنزل الله تعالى : { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنّ } [البقرة : 232]. فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه (5) .
(95) أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم النَّصر آباذيّ، قَالَ: أخبرنا أبو مُحَمَّد عبد الله ابن إبْرَاهيم بن ماسي البزَّاز ، أخبرنا أبو مسلم إبراهيم بن عَبْد الله البصري ، قَالَ: حدثنا حجاج بن مِنهال ، قَالَ: حدثنا مبارك بن فضالة ، عن الحسن : أن مَعقِل بن يسار زوَّج أخته من رجل من المسلمين ، فكانت (6) عنده ما كانت ، فطلقها تطليقةً ثم تركها ومضت العدة وكانت أحق بنفسها ، فخطبها مع الخطّاب فرضيت أن ترجع إليه ، فخطبها إلى مَعْقِل بن يسار ، فغضب معقل وقال : أكرمتك بها فطلقتها ، لا والله لا ترجع إليك بعدها.
__________
(1) في (ص) و(ه) : ((حدثنا)) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في ( س ) و ( ص ) و ( ه) : (( له رجعة )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( لَهُ رجعة )) .
(5) تخريجه في الذي قبله .
(6) فِي ( س ) و ( ه) : (( وكانت )) ، وما أثبت أولى .(1/192)
قال الحسن : علم الله حاجة الرجل إلى امرأته وحاجة المرأة إلى بعلها ، فأنزل الله تعالى في ذلك قوله تَعَالَى (1): { وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ } إلى آخر الآية [البقرة : 232].
قال : فسمع ذلك مَعقِل بن يسار فقال : سمعاً لربي وطاعة ، فدعا زوجها فقال : أزوجك وأكرمك. فزوجها إياه (2).
(96) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الشاهد ، قَالَ : أخبرنا جدي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو الحيري ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: حدثنا عمرو بن حماد ، قَالَ: حدثنا أسباط، عن السُّدي، عن رجاله قَالَ: نزلت في جابر بن عبد الله الأنصاري، كانت له بنت عم فطلقها زوجها تطليقةً ، فانقضت عدتها ثُمَّ رجع يريد رجعتها فأبى جابر ، وقال: طلقت ابنة عمنا ثُمَّ تريد أن تنكحها (3) ؟ وكانت المرأة تريد زوجها قَد رضيته (4) / 22 أ / ، فنزلت هَذِهِ (5) الآية (6).
قوله - عز وجل - : { وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ…الآية } [البقرة : 240].
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( القرآن )) .
(2) تخريجه في الحَدِيْث الذي قبله .
(3) بعد هذا في ( س ) ( ه) : (( الثانية )) .
(4) في (ص) : (( ورضيت )) ، وفي (ه) : ((رضيت به )) .
(5) فِي ( س ) و ( ه) : (( فيهم )) .
(6) أخرجه الطبري فِيْ تفسيره 2/486 وذكره السيوطي فِيْ الدر المنثور 1/686 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/193)
(97) أخبرنا أبو عمر مُحَمَّد بن عبد العزيز المروزي في كتابه ، قَالَ : أخبرنا أبو الفضل مُحَمَّد بن الحسين الحدادي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن خالد ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قَالَ : حدثت عن ابن حيّان (1) في هذه الآية قَالَ (2): ذاك أن رجلاً من أهل الطائف قدم المدينة وله أولادٌ رجالٌ ونساءٌ ، ومعه أبواه وامرأته ، فمات بالمدينة ، فَرُفِعَ ذَلِكَ إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطى الوالدين ، وأعطى أولاده بالمعروف، ولم يعطِ امرأته شيئاً ، غير أنه أمرهم أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحول(3).
قوله - عز وجل -: { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } [البقرة : 256].
(98) أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر المزكي ، قَالَ : أخبرنا زاهر بن أحمد،
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( مقاتل بن حبان )) .
(2) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(3) هذا الأثر ساقه المصنف بسنده إلى إسحاق بن راهويه وهو في تفسيره كَمَا عزاه إليه الحافظ فِيْ العجاب: 434 ، وعليه اقتصر السيوطي في الدر 1/739 .(1/194)
قَالَ: أخبرنا الحسين بن مُحَمَّد بن مصعب، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بن حكيم، قَالَ: حدثنا بن أبي عدي ، عن شُعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جُبَير ، عن ابن عَبَّاس قَالَ : كانت المرأة من نساء الأنصار تكون مِقْلاةً (1) فتجعل على نفسها إن عاش لها ولد أن تُهَوِّدَهُ، فلما أُجلِيت النَّضير كان فيهم من أبناء الأنصار، فقالوا: لا ندع أبنائنا. فأنزل الله تعالى : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ } (2)[البقرة : 256].
(99) أخبرنا مُحَمَّد بن موسى بن الفضل ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب ، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن مرزوق، قَالَ: حدثنا وهب بن جرير، عن شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس في قوله تعالى : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } قَالَ : كانت المرأة من الأنصار لا يكاد يعيش لها ولد، فتحلف لئن عاش لها ولدٌ لَتُهَوِّدَنَّه ، فلما أُجلِيت بنو النَّضير إذا فيهم أُناسٌ من أبناء الأنصار ، فقالت الأنصار : يا رَسُول الله ، أبناؤنا ، فأنزل الله تعالى : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } .
قَالَ سعيد بن جبير : فمن شاء لحق بهم ، ومن شاء دخل في الإسلام (3) .
وَقَالَ مجاهدٌ : نزلت هذه الآية في رجلٍ من الأنصار كان له غلامٌ أسودٌ يقال له : صُبَيحٌ ، وكان يكرهه على الإسلام.
__________
(1) المقلاة : الَّتِيْ لا يعيش لها ، وأصله مِنْ القلت وهو الهلاك .
(2) صَحِيْح أخرجه أبو داود (2682) ، والنسائي في الكبرى (11047) وفي التفسير ،له 1/273 (68) ، والطبري في التفسير 3/14 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/493(2609) ، والنحاس في ناسخه :76 ، وابن حبان (140) ، والبيهقي 9/186 من طرقٍ : عن شعبة ، به. وذكره السيوطي في الدر 2/20 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه .
(3) تقدم تخريجه في الذي قبله .(1/195)
وَقَالَ السدي : نزلت في رجلٍ من الأنصار يكنى أبا الحُصين ، وكان له ابنان ، فقدم تجار الشام إلى المدينة يحملون الزيت ، فلما أرادوا الرجوع من المدينة أتاهم ابنا أبي الحصين فدعوهما إلى النصرانية ، فتنصرا وخرجا مِن المدينة (1) إلى الشام ، فأخبر أبو الحصين رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك (2) فقال : (( اطلبهما )) ، فأنزل الله - عز وجل - : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أبعدهما الله ، هما أول من كفر )). قَالَ : وكان هذا قبل أن يُؤمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتال أهل الكتاب ، ثم نسخ قوله : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة (3).
وَقَالَ مسروق : كان لرجلٍ من الأنصار من بني سالم بن عوف ابنان ، فتنصرا قبل /22ب/ أن يُبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قدما المدينة في نفرٍ من النصارى يحملون الطعام ، فأتاهما أبوهما ، فلزمهما وقال : والله لا أدعكما حتى تسلما ، فأبيا أن يسلما ، فاختصموا إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، أيدخل بعضي النار وأنا أنظر ؟ فأنزل الله - عز وجل - :
{ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيّ } [البقرة : 256] فخلى سبيلهما (4).
__________
(1) مِن المدينة )) لم ترد في (ص) و(ه) .
(2) لم ترد في (ص) و(ه) .
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 3/15 ، وذكره السيوطي في الدر 2/21 وزاد نسبته لأبي داود في ناسخه
وابن المنذر ، وزاد الحَافِظ في العجاب : 442 نسبته لإسماعيل الْقَاضِي في أحكام القرآن .
(4) ذكره البغوي في التفسير 1/349(299) .(1/196)
(100) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن مُحَمَّد (1) بن إبراهيم المقرئ ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن عبْدوس ، قَالَ : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محفوظ ، قَالَ : حدثنا عبد الله ابن هاشم ، قَالَ: حدثنا عبد الرحمان بن مهدي ، عن سفيان ، عن خصيف ، عن مجاهد ، قَالَ: كَانَ ناسٌ مسترضعين في اليهود : قُرَيضَةَ والنَّضير ، فلما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإجلاء بني النظير ، قَالَ أبناؤهم من الأوس الذين كانوا مسترضعين فيهم : لنذهبن معهم ، ولَنَديننَّ بدينهم. فمنعهم أهلهم وأرادوا أن يكرهوهم عَلَى الإسلام ، فنزلت : { لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ … الآية } (2) [البقرة : 256] .
قوله تَعَالَى : { وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى … الآية } [البقرة : 260].
ذكر المفسرون السبب في سؤال إبراهيم رَبَهُ أن يريه إحياء الموتى :
(101) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر، قَالَ: أخبرنا شعبة بن مُحَمَّد، قَالَ: أخبرنا مكي بن عبدان ، قَالَ: حدثنا أبو الأزهر، قَالَ : حدثنا روح ، قَالَ : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قَالَ : ذُكِرَ لنا أن إبراهيم أتى على دابةٍ ميتةٍ وقد توزعتها دواب البر والبحر ، فَقَالَ : ربِ أرني كيف تحي الموتى (3) ؟
__________
(1) بن مُحَمَّد )) لم ترد في (ص) و(ه) .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 3/15 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/493(3611) ، وذكره البغوي في التفسير 1/349(298) ، والسيوطي في الدر 2/20 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر .
(3) تفسير الطبري 5/485 ، وحياة الحيوان 1/300.(1/197)
وَقَالَ الحسن ، وعطاء الخراساني ، والضحاك، وابن جريج (1): إن إبراهيم الخليل مرَّ عَلَى دابةٍ ميتةٍ. قَالَ ابن جريج: كَانَتْ جيفة خَمَّار بساحل البحر. قَالَ عطاء : بحيرة طبرية. قالوا : فرآها وَقَدْ توزَّعتها دواب البر والبحر ، فكان إذا مدَّ البحر جاءت الحيتان ودواب البحر فأكلت مِنْهَا ، فما وقع مِنْهَا يصير في الماء (2) ؛ وإذا جزر البحر جاءت السباع فأكلت منها ، فما وقع منها يصير تراباً ؛ فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها ، فما سقط قطعته الريح في الهواء . فلما رأى ذلك إبراهيم تعجب منها ، وقال :
يا رب قد علمت لَتَجمعنَّها ، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك .
وقال ابن زيد: مرَّ إبراهيم بحوتٍ ميتٍ ، نصفه في البر ونصفه في البحر، فما كان في البحر فدواب البحر تأكله ، وما كان منه في البر فدواب البر تأكله ؛ فَقَالَ لَهُ الخبيث إبليس (3): متى يجمع الله هَذِهِ الأجزاء المتفرقة (4) مِنْ بطون هؤلاء ؟ فقال : { رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي } [البقرة : 260] بذهاب وسوسة إبليس منه (5).
__________
(1) انظر : تفسير الطبري 3/47-48 ، والعجاب : 446 .
(2) في ( ب ) : (( فما وقع يقع في الماء )) .
(3) في ( ص ) و( ه) : (( إبليس الخبيث )) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) أخرجه الطبري في التفسير 3/48 .(1/198)
(102) أخبرنا أبو نعيم الأصفهاني فيما أذن لي بروايته (1)، قَالَ: حدثنا عبد الله بن مُحَمَّد بن جعفر، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن سهل ، قَالَ: حدثنا سلمة بن شبيب ، قَالَ: حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان / 23 أ / ، قَالَ : حدثنا أبي قَالَ : كنت جالساً مَعَ عكرمة عند الساحل ، فَقَالَ عكرمة: إن الذين يغرقون في البحار تَقَسَّم الحيتان لحومهم ، فلا يبقى منهم شيء إلا العظام ، فتلقيها الأمواج على البر فتصير حائلةً نَخِرَةً ، فتمر بها الإبل فتأكلها فتبعر ، ثم يجيء قومٌ فيأخذون ذلك البعر فيوقدون فتخمد تلك النار ، فتجيء ريحٌ فتسفي ذَلِكَ الرماد على الأرض ، فإذا جاءت النفخة خرج أولئك وأهل القبور سواء ، وذلك قوله تعالى : { فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ } (2) [الزمر : 68].
وَقَالَ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار : إن إبراهيم لما احتج على نمروذ فقال :
ربي الذي يحيى ويميت. قَالَ (3) نمروذ : أنا أُحيي وأُميت ؛ ثُمَّ قتل رجلاً وأطلق رجلاً ، وقَالَ (4) : قَدْ أمت ذَلِكَ وأحييت هَذَا . قَالَ لَهُ إبراهيم : فإن الله يَحْيَى بأن يرد الروح إِلَى جسد ميت ، فَقَالَ لَهُ نمروذ : هَلْ عاينت هَذَا الَّذِي تقوله ، فَلَمْ يقدر أن يَقُوْل: نعم رأيته ، فانتقل(5) إِلَى حجة أُخرى ، ثُمَّ سأل ربه أن يريه إحياء الموتى لكي يطمئن قلبه عِنْدَ الاحتجاج ، بأن (6) يَكُوْن مخبراً عن مشاهدة وعيان (7).
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( في روايته )) .
(2) عزاه السيوطي في الدر7/225 لعبد بن حميد .
(3) فِي ( س ) و ( ه) : (( وقال )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( قال )) .
(5) في (ه) : (( فتنقل )) .
(6) فِي ( س ) و ( ه) : (( فإنه )) .
(7) حياة الحيوان 1/300.(1/199)
وَقَالَ ابن عَبَّاس ، وسعيد بن جبير ، والسدي : لما اتخذ الله إبراهيم خليلاً استأذن ملك الموت ربه أن يأتي إبراهيم فيبشره بذلك ، فأتاه وقال : قَد (1) جئتك أُبشرك بأن الله تعالى اتخذك خليلاً ، فحمد الله تَعَالَى ، وقال: ما علامة ذَلِكَ ؟ فَقَالَ : أن يجيب الله دعاءك ، ويحيى الله (2) الموتى بسؤالك . ثُمَّ انطلق وذهب ، فَقَالَ إبراهيم : رب أرني كيف تحيى الموتى ؟ قال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي بعلمي أنك تجيبني إذا دعوتك ، وتعطيني إذا سألتك واتخذتني (3) خليلاً (4).
قوله - عز وجل -: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ … الآية } [البقرة : 262].
قَالَ الكلبي (5) : نزلت في عثمان بن عفان ، وعبد الرحمان بن عوف ، أما
عبد الرحمان بن عوف فإنه جاء إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بأربعة آلاف درهم صدقة ، فَقَالَ : كَانَ عندي ثمانية آلاف درهم فأمسكت منها لنفسي وعيالي أربعة آلاف درهم ، وأربعة آلاف أقرضتها ربي . فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بارك الله لك فيما أمسكت ، وفيما أعطيت )).
وأما عثمان (6) - رضي الله عنه - فَقَالَ : عليَّ جِهازُ من لا جِهازَ له في غزوة "تبوك" ، فجهز المسلمين بألف بعير بأقْتَابها وأحْلاسِها ، وتصدق بِرُومَة-رَكيَّة كانت له- على المسلمين ،
فنَزلت فيهما هذه الآية .
__________
(1) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(2) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(3) فِي ( س ) و ( ه) : (( إنك اتخذتني )) .
(4) أخرجه الطبري 3/48-49 ، وابن أبي حاتم 2/507 – 508 (2689) من حَدِيْث السدي ، وانظر : الدر المنثور 2/33 .
(5) ذكره البغوي في التفسير 1/360 ، والسمرقندي 1/228 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/316 ، ونسبه لابن السائب ومقاتل . وزاد الحافظ في العجاب : 450 نسبته إلى الثعلبي .
(6) في ( ب ) : (( عثمان بن عفان )) .(1/200)
وَقَالَ أبو سعيد الخُدري (1) رأيت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رافعاً يده يدعو لعثمان ، ويقول : ((يا رب، عثمان(2)بن عفان رضيت عنه فارض عَنْهُ)).فما زال رافعاً يده حتى طلع الفجر فأنزل الله تعالى فِيهِ : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [البقرة : 262].
قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ … الآية } [البقرة : 267].
(103) أخبرنا أبو القاسم (3) عَبْد الرحمان بن أحمد الصَّيْدلاني ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن نعيم ، قَالَ : حدثنا أحمد بن سهل بن حمدويه ، قَالَ : حدثنا قيس بن أنيف (4) ، قَالَ : حدثنا قتيبة بن سعيد ، قَالَ : حدثنا حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن مُحَمَّد ، عن أبيه ، عن جابر ، قَالَ : أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر بصاع من تمرٍ ، فجاء رجلٌ بتمرٍ رديءٍ فنَزل القرآن : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُون } (5)[البقرة : 267].
__________
(1) أخرجه الطبراني في الكبير 17/220(694) ، وفي الأوسط (7251) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 9/85 .
(2) فِي ( س ) و ( ه) : (( إن عثمان )) .
(3) أبو القاسم )) لم ترد في ( ص ) و ( ه) .
(4) في ( ب ) و ( ه) : (( أسيف )) .
(5) إسناده ضعيف ؛ لضعف حاتم بن إسماعيل المدني . أخرجه الحَاكِم في المستدرك 2/283 ،وذكره ابن الجوزي في زاد المسير 1/322 ، وابن حجر في العجاب : 452 ، والسيوطي في الدر 2/59 .(1/201)
(104) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن مُحَمَّد الواعظ، قَالَ:أخبرنا عبد الله بن حامد الأصفهاني ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن إسماعيل الفارسي ، قَالَ : حدثنا أحمد بن موسى الجماز (1)، قَالَ : حدثنا عُمَر (2) بن حماد بن طلحة ، قَالَ : حدثنا أسباط بن نصر ، عن السدي ، عن عدي بن ثابت ، عن البراء قَالَ (3): نزلت هذه الآية في الأنصار ، كانت تُخْرِج إذا كان جذَاذُ النخل من حيطانها أقناء من التمر والبُسر ، فيعلقونها على حبل بين اسطوانتين في مسجد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فيأكل منه فقراء المهاجرين، وكان الرجل يعمد فيدخل(4) قنو الحشف وهو يظن أنه جائزٌ عنه في كثرة ما يوضع من الأقناء ، فنزل فيمن فعل ذَلِكَ : { وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُون } [البقرة: 267] يعني القِنْوَ الَّذِي فِيْهِ حَشَفٌ وَلَوْ أُهدي إِلَى أحدكم (5) ما قبلتموه .
قوله تعالى : { إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَات فَنِعِمَّا هِي … الآية } [البقرة : 271].
قَالَ الكلبي : لما نزل قوله تعالى (6): { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ } [البقرة: 270].
قالوا: يا رسول الله صدقة السر أفضل أم صدقة العلانية ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (7).
قوله - عز وجل -: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ … الآية } [البقرة : 272].
__________
(1) في (ب) : (( الحماد )) ، وفي (ص) : (( الخباز )) .
(2) في (س) : (( عمرو)) .
(3) صَحِيْح ، أخرجه ابن أبي شيبة (10787) ، ابن ماجه (1822) ، والترمذي (2987) ، والحاكم 2/285 ، والطبري في تفسيره 3/82 .
(4) في (ص) : (( فيخرج )) .
(5) في بقية النسخ : ((إليكم )) .
(6) قوله تَعَالَى )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(7) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/232،وابن الجوزي في زاد المسير1/325،وابن حجر في العجاب:454.(1/202)
(105) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن الحارث ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد بن جعفر ، قَالَ: حدثنا عبد الرحمان بن مُحَمَّد بن مسلم ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري ، قَالَ : حدثنا جرير ، عن أشعث بن إسحاق ، عن جعفر بن أبي
المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، قَالَ (1) : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تَصَدَّقوا إلاَّعلى أهل دينكم )) ، فأنزل الله - عز وجل -: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ } [البقرة : 272]، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تصدقوا على أهل الأديان )) .
(106) أخبرنا أحمد ، قَالَ : حدثنا عبد الله ، قَالَ : حدثنا عبد الرحمان ، قَالَ: حدثنا سهل ، قَالَ: حدثنا ابن نمير، عن الحجاج ، عن سلمان المكي ، عن ابن الحنفية ، قَالَ(2): كَانَ المسلمون يكرهون أن يتصدّقوا على فقراء المشركين حتى نزلت هذه الآية، فأُمروا بالتصديق (3) عليهم / 24 أ /.
__________
(1) مرسل ضعيف ، وجعفر بن المغيرة ضعيف . أخرجه ابن أبي شيبة (10398) ، والمصنف في تفسيره 1/386 . وذكره ابن الجوزي في زاد المسير 1/327 ، وابن حجر في العجاب :456 ، والسيوطي في الدر 2/87 .
(2) مرسل ، أخرجه ابن أبي شيبة (10399)، والمصنف في تفسيره 1/386 . وذكره ابن حجر في العجاب: 457 ، والسيوطي في الدر 2/87 .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( أن يتصدقوا )) .(1/203)
وَقَالَ الكلبي (1): اعتمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمرة القضاء ، وكانت معه في تلك العمرة أسماء بنت أبي بكر ، فجاءتها أمها قُتيلة وجدَّتها يسألانها ، وهما مشركتان ،فقالت: لا أعطيكما شيئاً حتى أستأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فإنكما لستما على ديني، فاستأمرته في ذلك، فأنزل الله تعالى هذه الآية. فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد نزول هذه الآية، أن تتصدَّق عليهما، فأعطتهما ووصلتهما .
قال الكلبي (2): ولها وجه آخر ، وذلك أن ناساً من المسلمين كانت لهم قرابةٌ وأصهارٌ ورضاعٌ في اليهود ، وكانوا ينفعونهم قبل أن يسلموا ، فلما أسلموا كرهوا أن ينفعوهم وأرادوهم على أن يسلموا ، فاستأمروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذَلِكَ (3) فَنَزَلت هذه الآية ، فأعطوهم بعد نزولها .
قوله - عز وجل -: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً … الآية } [البقرة : 274].
__________
(1) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/233، ولم ينسبه لأحد ، ورواه المصنف في تفسيره 1/387 ونسبه للمفسرين .
(2) ذكره البغوي في تفسيره :1/376 ، والسيوطي في الدر المنثور :2/87.
(3) في ذَلِكَ )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/204)
(107) أخبرنا أبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم النَّصرآبَاذي ، قَالَ: أخبرنا أبو (1) عمرو بن نجيد (2) ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن الحسن بن الخليل ، قَالَ : حدثنا هشام بن عمار، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن شعيب، عن ابن مهدي، عن يزيد بن عبد الله بن عَريب(3)، عن أبيه ، عن جده ، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ (4) : نزلت هذه الآية : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ولاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ ولاَ هُمْ يَحْزَنُوْنَ } [البقرة : 274] في أصحاب الخيل ، وَقَالَ- صلى الله عليه وسلم - : (( إن الشياطين لا تخبل أحداً في بيته فرسٌ عتيقٌ من الخيل )) .
وهذا قول أبي أمامة ، وأبي الدَّرداء ، ومكحول ، والأوزعي ، ورباح بن زيد (5) قالوا (6) : هم الذين يربطون الخيل في سبيل الله تعالى ، ينفقون عليها بالليل والنهار سراً وعلانية نزلت فيمن لم يرتبطها خيلاء ولا لِمضَمار (7) .
__________
(1) سقطت من ( س ) و ( ه) فتحرف الاسم .
(2) في ( ه) : (( ابن مُحمَّد )) .
(3) في ( ه) : (( ابن عَبْد الله عن شعب عن أبيه )).
(4) أخرجه ابن سعد في الطبقات 7/433 ، وابن أبي حاتم في تفسيره2/542 (2880) ، والطبراني في الكبير 17/(504) ، وفي الأوسط (1087) ، والمصنف في الوسيط 1/392 . وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 6/324 . وَقَالَ : (( يزيد بن عَبْد الله وأبوه لا يعرفان )) .
(5) في (ه) : (( ابن يزيد )) ، وَهُوَ خطأ انظر تهذيب التهذيب 3/233.
(6) ذكره البغوي في تفسيره 1/380 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/329، والسيوطي في الدر 2/100 .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( لضمار )) .(1/205)
(108) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الثعلبي ، قَالَ : أخبرني الحسين بن مُحَمَّد الدِّينوري، قَالَ: حدثنا عُمَر بن مُحَمَّد بن عَبْد الله النَّهرواني، قَالَ: حدثنا علي بن مُحَمَّد بن مهرويه القزويني، قَالَ: حدثنا علي بن داود القَنطَريّ، قَالَ: حدثنا عَبْد الله بن صالح ، قَالَ : حدثني أبو شريح ، عن قيس بن الحجاج ، عن حَنَش (1) بن عَبْد الله الصنعاني ، أنه قَالَ : حدث ابن عَبَّاس في هذه الآية : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً } [البقرة : 274] قَالَ (2) : في علف الخيل . ويدل على صحة ذَلِكَ (3) :
(109) ما أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن أحمد بن عبدوس ، قَالَ : أخبرنا أبو العباس عبد الله بن يعقوب الكرماني ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن زكريا بن أبي بكر الكرماني (4) ، قَالَ : حدثنا وكيع (5) ، قَالَ : حدثنا عبد الحميد بن بهرام ، عن شهر بن حوشب ، عن أسماء بنت يزيد ، قالت : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من ارتبط فرساً /42ب/ في سبيل الله فأنفق عليه احتساباً ، كان شِبعه وجوعه وريه وظَمؤه وبوله وروثه ، في ميزانه يوم القيامة ))(6).
__________
(1) في ( ب ) : (( حسن )) ، وفي ( ه) : (( عَن خيثم بن عَبْد الله )) وَهُوَ خطأ . انظر : تهذيب التهذيب : 3/57 .
(2) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره2/543(2881) . وذكره المصنف في تفسيره1/392 ، والسيوطي في الدر 2/100 .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( هذا )) .
(4) بن زكريا بن أبي بكر لَمْ ترد في (ص) و(ه).
(5) في (ب) : ((حدثنا وكيع بن عَبْد الحميد )).
(6) إسناده ضعيف ؛ لضعف شهر بن حوشب عِنْدَ التفرد وَقَدْ تفرد . أخرجه أحمد 6/455 و458 ،
وعبد بن حميد (1583) ، وأبو نعيم في الحلية 9/43 ، والخطيب في تأريخه 11/59 .(1/206)
(110) وأخبرنا أبو إسحاق ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو الفراتي ، قَالَ : أخبرنا أبو موسى عمران ابن موسى ، قَالَ: حدثنا سعيد بن عثمان الجزري ، قَالَ: حدثنا فارس بن عمر ، قَالَ : حدثنا صالح بن مُحَمَّد ، قَالَ : حدثنا سليمان بن عمرو ، عن عَبْد الرحمان ابن يزيد ، عن مكحول ، عن جابر قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( المنفق في سبيل الله على فرسه كالباسط كفيه بالصدقة )) (1).
(111) أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الكاتب، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن شاذان الرَّازي ، قَالَ : أخبرنا عبد الرحمان بن أبي حاتم (2) ، قَالَ : حدثنا أبو سعيد الأشج ، قَالَ: حدثنا زيد ابن الحباب، قَالَ: أخبرني رجاء بن أبي سلمة ، عن سليمان بن موسى الدمشقي، عن عجلان ابن سهل الباهلي، قَالَ: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول (3): من ارتبط فرساً في سبيل الله لم يرتبطه رياءً ولا سمعةً ، كَانَ من { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ… الآية } [البقرة : 274].
قولٌ آخر :
(112) أخبرنا أبو بكر التميمي، قَالَ : أخبرنا أبو مُحَمَّد بن حيان ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن يحيى بن مالك الضَّبّي ، قَالَ : حدثنا محمد بن إسماعيل الجرجاني ، قَالَ: حدثنا عبد الرزاق (4)، قَالَ : حدثنا عبد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، عن ابن عَبَّاس في قوله: { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً } [البقرة: 274] قَالَ (5)
__________
(1) لَمْ نجده من حَدِيْث جابر ، وَهُوَ جزء من حَدِيْث طويل لسهل بن الحنظلية .
أخرجه أحمد 4/180 ، وأبو داود (4089) ، والطبراني في الكبير (5617) .
(2) تفسيره 2/543(2881).
(3) أخرجه ابن عساكر في تاريخه :40/45
(4) لَمْ نقف عَلَيْهِ في تفسيره ولا في مصنفه .
(5) إسناده ضعيف جداً ؛ فعبد الوهاب بن مجاهد بن جبر المكي : متروك ، وكذبه الثوري .
أخرجه الطبراني في الكبير (11164) ، والمصنف في تفسيره 1/392. وذكره البغوي في تفسيره 1/380، وابن الجوزي في زاد المسير 1/330 ، والسيوطي في الدر2/100.(1/207)
: نزلت في علي بن أبي طالب ، كان عنده أربعة دراهم فأنفق درهماً بالليل ، ودرهماً في النهار ، ودرهماً في السِّرِ ، ودرهماً في العلانية (1) .
(113) أخبرنا أحمد بن الحسن الكاتب ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن شاذان ، قَالَ : أخبرنا عبد الرحمان بن أبي حاتم (2)، قَالَ : حدثنا أبو سعيد الأشجّ ، قَالَ : حدثنا يحيى بن يمان ، عن عَبْد الوهاب بن مجاهد ، عن أبيه ، قال (3): كَانَ لعليّ بن أبي طَالِب - رضي الله عنه - أربعة دراهم ، فأنفق درهماً بالليل ، ودرهماً بالنهار ، ودرهماً سراً ، ودرهماً علانية ؛ فنزلت فِيْهِ هَذِهِ الآية (4) : { الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً } [البقرة : 274].
__________
(1) في (ه) و(ص) و(س) : ((فأنفق بالليل واحداً ،وبالنهار واحداً ،وفي السر واحداً ،وفي العلانية واحداً )) .
(2) تفسيره 2/543 (2883) .
(3) إسناده ضعيف جداً ؛ لضعف عَبْد الوهاب كَمَا مَرَّ .
أخرجه ابن أبي حاتم 2/543(2883) ، والمصنف في تفسيره 1/392 . وذكره ابن الجوزي في زاد المسير 1/330 ، وأبو حيان في البحر المحيط 2/330 ، وضعّف إسناده السيوطي في لباب النقول : 51 .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( فنزلت )) فَقَطْ . وكذا في تفسير ابن أبي حاتم .(1/208)
وَقَالَ الكلبي(1): نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -،لم يكن يملك سوى(2) أربعة دراهم ، فتصدق بدرهمٍ ليلاً ، وبدرهمٍ نهاراً ، وبدرهمٍ سراً ، وبدرهمٍ علانيةً ، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ما حملك عَلَى هذا ؟ )) . قَالَ : حملني أن أستوجب عَلَى الله الذي وعدني ، فقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا إن ذَلِكَ لك )) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا } [البقرة : 278].
(114) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان (3) بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قَالَ: أخبرنا أبو يعلى (4)، قَالَ: حدّثنا أحمد بن الأخنس (5)، قَالَ: حدّثنا مُحَمَّد بن فضيل، قَالَ: حدّثنا الكلبي، عَن أبي صالح، عَن ابن عَبَّاس (6):
__________
(1) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/234 ، والمصنف في تفسيره 1/391 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/330 ، وأبو حيان في البحر المحيط 2/330 .
(2) كَذَا في ( ب ) و ( ص ) ، وفي ( س ) و ( ه) : (( غير )) .
(3) في ( ب ) و ( ه) : (( عَبْد الله )) .
(4) مسنده (2668) .
(5) انظر : حَدِيْث رقم ( 15 ) .
(6) قَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 4/119 : (( أخرجه أبو يعلى ، وفيه الكلبي وهو كذاب )) ، قُلْنَا : وَهُوَ في مسند أبي يعلى (2668) .(1/209)
بلغنا – والله أعلم – أنَّ هذه الآية نزلت في بني عَمْرو بن عمير بن عوف، مِنْ ثقيف، وفي بني المغيرة (1) ، مِنْ بني مخزوم ، وكانت /25أ/ بنو المغيرة يربون لثقيف ، فَلَمَّا أظهر الله تَعَالَى رسوله (2) عَلَى مكة وضع يومئذٍ الربا كله فأتى بنو عمرو بن عمير ، وبنو المغيرة إلى عتاب بن أسيد ، وَهُوَ عَلَى مكة ، فَقَالَ بنو المغيرة : ما جعلنا أشقى الناس بالربا ؟ وضع عَن الناس غيرنا . فَقَالَ بنو عَمْرو بن عمير : صولحنا عَلَى أن لنا ربانا. فكتب عتَّاب في ذَلِكَ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية والتي بعدها : { فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [البقرة :279 ] فعرف بنو عمرو أن لايَدَانِ (3) لهم بحرب مِنْ الله ورسوله . يقول الله تعالى : { وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ } فتأخذون أكثر { وَلا تُظْلَمُونَ } [ البقرة :279 ] فَتُبْخِسون منه .
__________
(1) في ( ب ) : (( وفي المغيرة )) .
(2) سقطت من ( ب ) .
(3) في ( ص ) : (( أن لا بد )) ، أو معنى (( لا يدان )) ، أي : لا قدرة ولا طاقة . انظر : النهاية 5/293 .(1/210)
وَقَالَ عطاء وعكرمة (1) : نزلت هذه الآية في العباس بن عَبْد المطلب وعثمان بن عفان ، وكانا قد أسلفا في التمر ، فلما حظر الجذاذ قَالَ لهما صاحب التمر : لايبقى لي ما يكفي عيالي إن (2) أنتما أخذتما حقكما (3) كله، فهل لكما أن تأخذا النصف وتؤخرا النصف وأضعف لكما ؟ ففعلا . فلما حلَّ الأجل طلبا الزيادة ، فبلغ ذَلِكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فنهاهما وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فسمعا وأطاعا وأخذا رؤوس أموالهما .
وَقَالَ السّدي(4): نزلت في العباس وخالد بن الوليد ، وكانا شريكين في الجاهلية ، يسلفان في الربا، فجاء الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا إن كل رباً من ربا (5) الجاهلية موضوعٌ وأول رباً أضَعُهُ ربا العباس ابن عبد المطلب ))(6).
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ } [البقرة : 280].
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 1/386 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/332 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( إذا )) ، وما أثبت موافق لما في العجاب .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( حظكما )) ، وما أثبت موافق لما في العجاب .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 3/106 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/548(2913) . وذكره البغوي في تفسيره 1/386 .
(5) من ربا )) ساقطة من ( ب ) .
(6) الشطر المرفوع من هَذَا الْحَدِيْث ورد في حَدِيْث سليمان بن عَمْرو بن الأحوص ، عن أبيه .
أخرجه أبو داود (3334) ، وابن ماجه (3055) ، والترمذي (3087) .(1/211)
قَالَ الكلبي (1): قالت بنو عمرو بن عمير لبني المغيرة : هاتوا رؤوس أموالنا ولكم الربا ندعه لكم، فقالت بنو المغيرة: نحن اليوم أهل عسرةٍ فأخرونا إلى أن تدرك الثمرة، فأبوا أن يؤخروهم، فأنزل الله تعالى: { وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ…الآية } [البقرة: 280].
قوله - عز وجل -: { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ … الآية } [البقرة : 285].
(115) أخبرنا الإمام أبو مَنْصُوْر : عبد القاهر بن طاهر ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الله ابن علي بن زياد ، قَالَ : حدثنا مُحَمَّد بن إبراهيم البُوشنجِي ، قَالَ: حدثنا أُمية ابن بسطام، قَالَ: حدثنا يزيد بن زُريع ، قَالَ: حدثنا رَوْح بن القاسم ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هُريرة قَالَ: لَمَّا أنزل (2) عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ … الآية } [البقرة : 284] ، اشتد ذَلِكَ عَلَى أصحاب رَسُول الله ، ثم أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : كُلِّفْنَا من الأعمال ما نُطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة ، وقد أنزل (3) عليك هذه الآية ولا نُطيقها . فقَالَ (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( أتُريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم- أراهُ قَالَ (5)- : { سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا } [البقرة : 93 ] قولوا : { سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } [البقرة: 285] فلما اقترأها القوم فذلّت بها ألسنتهم، أنزل /25ب/ الله هَذِهِ الآية (6) :
__________
(1) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 1/334 ، وأبو حيان في البحر المحيط2/340 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( أنزل الله )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( أنزل الله )) .
(4) في ( ب ) : (( قال )) .
(5) في (ص) : (( قالوا )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( تَعَالَى في إثرها )) .(1/212)
{ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِليْهِ مِنْ رَبِّه } الآية كلها [البقرة: 285]، ونسخها الله تعالى فأنزل (1) : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } الآية إلى آخرها [ البقرة : 286 ]. رواه مسلم(2) عن أُمية بن بسطام .
(116) أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، قَالَ: حدثنا والدي ، قَالَ: حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي، قَالَ: حدثنا عبد الله بن عمر ويوسف بن موسى ، قالا : حدثنا وكيعٌ، قَالَ: حدثنا سُفْيَان، عن آدم بن سليمان، قَالَ: سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عَبَّاس قَالَ : لما نزلت هذه الآية : { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ } [البقرة: 284] دخل قلوبهم منها شيءٌ لم يدخله من شيء(3)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( قولوا : سمعنا وأطعنا وسلَّمنا )). فألقى الله تعالى في قلوبهم (4) الإيمان ، فقالوا : سمعنا وأطعنا.فأنزل الله تَعَالَى : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا } حتى بلغ : { أَوْ أَخْطَأْنَا } [البقرة : 286] ، فَقَالَ: قد فعلت ، إلى آخر البقرة ، كل ذلك يَقُوْل: قد فعلت . رواه مُسْلِم (5)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فأنزل الله )) .
(2) صحيح مسلم 1/80 (199)(125) .
وأخرجه أحمد 2/412 ، والطبري في التفسير 3/143 ، وأبو عوانة 1/76 و 77 ، وابن حبان (139).
(3) بعد هذا في (ص) : (( قبله )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( الإيمان في قلوبهم )) بالتقديم والتأخير .
(5) صحيح مُسْلِم 1/81 (200) (126) .
وأخرجه أحمد 1/332 و333 ، والترمذي (2992) ، والنسائي في الكبرى (11059) ، وفي التفسير المفرد ، لَهُ (79) ، والطبري في التفسير 3/143 و144 و160 ، وأبو عوانة 1/76 ، والطحاوي في شرح المشكل (1630) ، وابن حبان (5069) ، والطبراني في الأوسط (9304) ، والحاكم 2/286 ، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/337 ، وابن الجوزي من نواسخ القرآن : 229 .(1/213)
عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع.
قال المفسرون ، لما نزلت هذه الآية : { وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ } [البقرة : 284] جاء أبو بكر ، وعمر ، وعبد الرحمان بن عوف ، ومعاذ بن جبل، وناسٌ من الأنصار إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَجَثوا على الركب، وقالوا: يا رسول الله والله ما نزلت آية أشد علينا من هذه الآية ، إن أحدنا لَيُحَدِّثُ نفسه بما لا يحب أن يثبت في قلبه وأن له الدنيا وما (1) فيها ؛ وإنا لمآخذون بِمَا نحدِّث بِهِ أنفسنا ، هلكنا والله . فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( هكذا أنزلت )) ، فقالوا : هلكنا وكلفنا مِنْ العمل ما لا نطيق . قَالَ : (( فلعلكم تقولون كَمَا قالت بنو إسرائيل لموسى : سمعنا وعصينا ، قولوا : سمعنا وأطعنا )) [ فقالوا: سمعنا وأطعنا ] (2) واشتد ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فمكثوا بِذَلِكَ حولاً ، فأنزل الله تَعَالَى الفرج والراحة بقوله : { لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلا وُسْعَهَا } [البقرة : 286] فنسخت هذه الآية ما قبلها (3).
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( بما )) .
(2) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ب) و(ص) .
(3) ورد هَذَا الْحَدِيْث من حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ . أخرجه أحمد 2/412 ، ومسلم 1/80 ( 125 ) ( 199 ) ، وأبو عوانة 1/76 ، وابن حبان ( 139 ) ، والبغوي في التفسير 1/398 . وذكره المصنف في تفسيره 1/408 ، والسيوطي في الدر2/127 .(1/214)
قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إن الله قد تجاوز لأمتي ما حَدَّثوا به أنفسهم ما لم يعملوا (1) أو يتكلموا به ))(2) (3) .
سورة آل عمران (4)
__________
(1) في (ص) : (( يعملوا به )) .
(2) ورد هَذَا الْحَدِيْث من حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ ، وحديث أبي ذر . أما حَدِيْث أبي هُرَيْرَةَ فقد أخرجه أحمد 2/255 ، والبخاري 3/190 (2528) ، ومسلم 1/81 (201)(127) ، وأبو داود (2209) ، وابن ماجه (2040) ، والترمذي (1183) ، وأبو يعلى (6389) ، وأبو عوانة 1/78 ، وابن حبان (4334) ، وأبو نعيم في الحلية 2/259 ، والبيهقي 7/298 ، والخطيب في تاريخه 9/435 .
أما حَدِيْث أبي ذر فأخرجه ابن ماجه ( 2043 ) ، وإسناده ضعيف جداً ؛ ففيه أبو بكر الهذلي وَهُوَ متروك .
(3) كَتَبَ ناسخ الأصل في هَذَا الموقع (بلغ مقابلة ) ، وهذا يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة مِنْهَا وَهُوَ دليل على جودتها وحسنها وأصالتها .
(4) بعد هذا في ( ه) و ( ص ) و ( س ) وردت البسملة ، ولم ترد في الأصل .(1/215)
قَالَ المفسرون : قَدِمَ وفد نَجرَان ، وكانوا ستين راكباً ، عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وفيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم ، وفي الأربعة عشر ثلاثةُ نفر إليهم يؤول أمرهم ؛ العَاقِب (1): أمير القوم وصاحب مشورتهم الَّذِي (2) لا يُصدِرون إلا عَن رأيه ، واسمه : عَبْد المسيح . والسيد : ثِمَالُهُمْ وصاحب رَحْلِهم ، واسمه الأيهم . وأبو حارثة بن علقمة أسقفهم وحَبرهم ، وإمامهم وصاحب مِدرَاسِهِمْ ، وَكَانَ قَدْ شرف فيهم ودرس كُتبهم ، حَتَّى حَسُن علمه في دينهم ، وكانت ملوك الروم قَدْ شرَّفوه وموَّلوه ، وبَنوا لَهُ الكنائس لعلمه واجتهاده ، فقدموا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخلوا مسجده حِيْنَ صلى العصر ، وعليهم (3) ثياب الحِبرات جِبابٌ وأردية ، في جمال رجال بني (4) الحارث بن كعب ،
__________
(1) في ( ب ) : (( والعاقب )) .
(2) في ( ب ) و ( ص ) : (( الذين )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( عَلَيْهِمْ )) .
(4) لم ترد في ( ب ) .(1/216)
يَقُوْل بَعْض مَنْ رآهم مِنْ أصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما رأينا وفداً مثلهم وَقَدْ حانت صلاتهم، فقاموا وصلوا (1) في مسجد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( دعوهم )). فصلوا إلى المشرق فكلم السيد والعاقب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لهما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أسلما)) فقالا : قد أسلمنا قبلك ، قَالَ : (( كذبتما ؛ منعكما مِنْ الإسلام : دعائكما لله ولداً ، وعبادتكما الصليب ، وأكلكما الخنزير )) ، قالا : إن لَمْ يَكُنْ عيسى ولداً لله ، فمن أبوه ؟ وخاصموه جميعاً في عيسى ، فَقَالَ لهم (2)النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ألستم تعلمون أنه لا يكون ولدٌ إلا وهو يشبه أباه ؟)) ، قالوا : بلى (3) ، قَالَ : (( ألستم تعلمون أن ربنا حيٌّ لا يموت ، وأن عيسى يأتي عَلِيهِ الموت والفناء (4) ؟ )) قالوا : بلى ، قال : (( ألستم تعلمون أن ربَّنا قيِّمٌ على كل شي يحفظهُ ويرزقهُ ؟ )) ، قالوا: بلى ، قال : (( فهل يملكُ عيسى من ذلك شيئاً ؟ )) ، قالوا : لا ، قال : (( فإن ربنا صوَّر عيسى في الرحم كيف شاء ، وربنا لا يأكل ولا يَشرب ولا يُحدث )) ، قالوا : بلى ، قال : (( ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل النساء (5)، ثم وضعتهُ كما تضعُ المرأة ولدها ، ثم غُذيَ كما يُغذى الصبي ، ثم كان يطعم (6) ويشرب ويحدث ؟ )) ، قالوا : بلى ، قال :
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فصلوا )) .
(2) في ( س ) : (( لهما )) .
(3) في ( ب ) : (( نعم )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( عَلَيْهِ الفناء )) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( المرأة )) .
(6) في ( ص ) : (( يأكل )) .(1/217)
(( فكيف يكون هذا كما زعمتم ؟ )) . فسكتوا عند ذلك (1) فأنزل الله تعالى فيهم صدر سورة آل عمران إلى بضعٍ وثمانين آية منها (2) .
قوله - عز وجل -: { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ } [آل عمران : 12].
قَالَ الكلبي، عن أبي صالح، عن ابن عَبَّاس : إن يهود أهل المدينة قالوا لما هزم الله المشركين يوم بدرٍ : هذا والله النبي الأمي الذي بشرنا به موسى ، ونجده في كتابنا بنعته وصفته ، وإنه لا ترد له رايةٌ. وأرادوا (3) تصديقه واتباعه ، ثُمَّ قَالَ بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتى ننطر إلى وقعة له أخرى . فلما كان يوم أحدٍ ونُكِبَ أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - شَكُّوا وقالوا : لا والله ما هُوَّ بِهِ. وغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا ، وكان بينهم وبين رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عهدٌ إلى مدةٍ ، فنقضوا ذَلِكَ العهد ، وانطلق كعب بن الأشرف في ستين راكباً إلى أهل مكة أبي سفيان وأصحابه ، فَوافقوهم ، وأجمعوا أمرهم ، وقالوا : لتكونن كلمتنا واحدةٌ. ثم رجعوا إلى المدينة ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (4) .
__________
(1) عند ذَلِكَ )) لم ترد في (س) و(ه) .
(2) أخرجه الطبري في التفسير 3/162 ،وابن أبي حاتم في التفسير 2/585 ، وأورده البغوي في التفسير 1/406-407 ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/141 وزاد نسبته لابن المنذر وابن إسحاق من حَدِيْث مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فأرادوا )) .
(4) إسناده ضعيف جداً ؛ الكلبي كذاب ، وأبو صالح ضعيف ، وقال الكلبي لسفيان الثوري : "كل ما حدثتك عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، فهو كذب".
انظر : تفسير الطبري 3/192 ، وسيرة ابن هشام 2/47 ، والبيهقي في الدلائل 3/173 ، وتفسير القرطبي 1/224 ، والعجاب : 482 .(1/218)
وَقَالَ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار (1) : لما أصاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشاً ببدر ، فقدم المدينة ، جمع اليهود فَقَالَ : يا معشر اليهود،احذروا مِنَ الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر ، وأسلموا قبل أن ينْزل بكم ما نزل بهم ، فقد عرفتم أني نبيٌ مرسلٌ ، تجدون ذَلِكَ في كتابكم وعهد الله إليكم. فقالوا : يا مُحَمَّد ، لا يغرَّنك أنك لقيت قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب فأصبت فيهم فرصة ، أما والله لو قاتلناك لعرفت أنّا نحن الناس. فأنزل الله تعالى : { قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا } [ آل عمران : 12] يعني اليهود : { سَتُغْلَبُونَ } تهزمون
{ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ } [آل عمران: 12] في الآخرة. وهذه رواية عكرمة ، وسعيد ابن جبير ، عن ابن عَبَّاس (2).
قوله - عز وجل -: { شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ … الآية } [آل عمران : 18].
قَالَ الكلبي: لما ظهر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة قَدِمَ عَلِيهِ حَبْرَان من أحبار أهل الشام ، فلما أبصر المدينة ، قَالَ أحدهما لصاحبهِ : ما أشبه هذه المدينة بصفة مدينة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -الذي يخرج في آخر الزمان . فلما دخلا عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - عرفاه بالصفة والنعت ، فقالا لهُ : أنت مُحَمَّد ؟ قَالَ : (( نعم )) ، قالا : وأنت أحمد ، قَالَ : (( نعم )) ، قالا : إنا نسألك عَن شهادةٍ ، فإن أنت أخبرتنا بِهَا آمنا بِك وصدَّقناك . فَقَالَ لهما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) انظر : تهذيب سيرة ابن إسحاق ، لابن هشام 3/50 – 51 .
(2) أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (53) ، وأبو داود (3001) ، والطبري في التفسير 3/192 ، والبيهقي في الدلائل 3/174 من طريق مُحَمَّد بن إسحاق ، عن مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد ، عن سعيد بن جبير وعكرمة ، عن ابن عَبَّاسٍ ، فذكره ، ومحمد بن أبي مُحَمَّد : مجهول .(1/219)
(( سلاني )) ، فقالا لَهُ (1): أَخْبَرَنَا عَن أعظم شهادة في كتاب الله . فأنزل الله تَعَالَى (2):
{ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ … الآية } . [آل عمران : 18] فأسلم الرجلان وصدَّقا برَسُول (3) الله - صلى الله عليه وسلم - (4) .
قوله - عز وجل - : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَاب … الآية } [آل عمران : 23].
اختلفوا في سبب نزولها فَقَالَ السدي : دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - اليهود إلى الإسلام ، فقال (5) النعمان بن أوفى : هَلُمَّ يا مُحَمَّد ، نخاصمك إلى الأحبار ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بل إلى كتاب الله )) ، فَقَالَ : لا (6) بل إلى الأحبار . فأنزل الله تعالى هذه الآية (7).
__________
(1) لَهُ )) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) في ( س ) و ( ه) بعد هذا : (( عَلَى نبيه )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( رسول )) .
(4) نسبه الحافظ ابن حجر في العجاب : 484 للثعلبي .
(5) بعد هذا في ( س ) و ( ه) : (( له )) .
(6) لا)) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(7) نسبة الحافظ ابن حجر في العجاب : 488 للطبري ، ولم نجده في تفسيره .(1/220)
وروى سعيد بن جبير وعكرمة (1) ، عن ابن عَبَّاس قَالَ (2) : دخل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت المِدْرَاس (3) عَلَى جماعةٍ من اليهود فدعاهم إلى الله ، فَقَالَ لَهُ نُعيم بن عمرو ، والحارث بن زيد: عَلَى أي دين أنت يا مُحَمَّد؟ فَقَال: (( عَلَى ملةِ إبراهيمَ حنيفاً (4))) ، قالا : إنَّ إبراهيم كَانَ يهودياً ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( فهلمُّوا إلى التوراة فَهِيَّ بيننا وبينكم )) . فأبيا عليه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وَقَالَ الكلبي : نزلت في قصة اللذين زنيا من خيبر وسؤال اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - عن حد الزانيين . وسيأتي بيان ذَلِكَ في / 27 أ / سورة المائدة إن شاء الله تَعَالَى (5) .
قوله تعالى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ … الآية } [آل عمران : 26].
__________
(1) هكذا في جميع المصادر ، بدون حرف الشك ، وقد انتقد الحافظ ابن حجر في العجاب:487 هذا بقوله : (( والصواب أن هذه الرواية ترد دائماً بالشك،وهو من ابن إسحاق أو من شيخه مُحَمَّد بن أبي مُحَمَّد)).
(2) أخرجه الطبري في التفسير 3/217 ، وابن أبى حاتم في تفسيره 2/622 (3340) ، وانظر : سيرة ابن هشام 2/201 ، وتفسير البغوي 1/424 ، وتفسير القرطبي 2/1292 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/170 لابن المنذر .
(3) في (س) : (( المدارس )) .
(4) حنيفاً )) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) انظر : تفسير البغوي 1/424 ، وأورده الحافظ ابن حجر في العجاب : 489 وَقَالَ : (( قَالَ ابن الكلبي عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس )) .(1/221)
قَالَ ابن عَبَّاس وأنس بن مَالِك : لما افتتح (1) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة ، ووعد أمته ملك فارس والروم ، قالت المنافقون واليهود : هيهات ! هيهات ! من أين لمحمدٍ ملك فارس والروم ؟ هم أعز وأمنع مِنْ ذَلِكَ ، ألم يكفِ مُحَمَّداً مكة والمدينة حَتَّى طمع في ملك فارس والروم ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2).
(117) أَخْبَرَنِي مُحَمَّد بن عَبْد العزيز المروزي في كتابه ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو الفضل مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الحدادي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ : أَخْبَرَنَا روح بن عبادة ، قَالَ : حَدَّثَنَا سَعِيد ، عَن قتادة ، قَالَ : ذَكَرَ لنا أنَّ نبي(3) الله - صلى الله عليه وسلم - سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته ، فأنزل الله تَعَالَى : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ … الآية } (4) [آل عمران : 26].
__________
(1) في ( س ) : (( فتح )) .
(2) تفسير البغوي 1/425 ، وَقَالَ الحافظ في تخريج الكشاف 1/350 : (( ولم أجد لَهُ إسناداً فالخبر ليس بحجة ، بل هُوَّ لاشيء لخلوه عَن الإسناد )) .وانظر : تفسير القرطبي 2/1294 .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( رسول )) ، والمثبت موافق لنص العجاب .
(4) إسناده صعيف لإرساله .
أخرجه الطبري 3/222 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/624 (3352) ، وذكره البغوي في تفسيره 1/425 ، وأورده السيوطي في الدر 2/171 وزاد نسبته لعبد بن حميد.(1/222)
(118) حدثنا الأستاذ أبو إسحاق الثعالبي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن حامد الوزان، قَالَ: أخبرنا محمد بن جعفر المطيري ، قَالَ: حدثنا حماد بن الحسن، قَالَ: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة (1) ، قَالَ: حدثنا كَثِيْر (2) بن عبد الله بن عمرو بن عوف ، قَالَ : حدثني أبي عن أبيه : خط (3) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى الخندق عام (4) الأحزاب ، ثم قطع لكل عشرةٍ أربعين ذراعاً. قَالَ عمرو بن عوف: كُنْتُ أنا وسلمان الفارسي(5)، وحذيفة، والنعمان بن مقرن المزني ، وستةٌ من الأنصار في أربعين ذراعاً فحفرنا حتى إذا كنا تحت "ذوناب" (6)، أخرج الله من بطن الخندق صخرة مدورة (7) كسرت حديدنا وشقت علينا ، فقلنا: يا سلمان ، أرقَ إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره خبر هذه الصخرة، فإما أن نعدل عنها ، وإما أن يأمرنا فيها بأمره ، فإنا لا نحب أن نجاوز خطه. قَالَ : فرقى سلمان إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ضاربٌ عليه قبةً تركيةً ، فَقَالَ : يا رَسُول الله خرجت صخرةٌ بيضاء مدورة (8) من بطن الخندق ، فكسرت (9) حديدنا وشقت علينا حتى ما يحيك فيها قليلٌ ولا كثير ، فمرنا فيها
__________
(1) في ( ه) : (( عتمة )) ، وهو تحريف ، وعثمة اسم أمه ، راجع : تهذيب التهذيب 9/142.
(2) قال الشافعي عنه : إنه أحد أركان الكذب. وقال ابن حبان : روي عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب ولا الرواية عنه إلا على جهة التعجب. وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه. مات فيما قال البخاري فيما بين الخمسين ومئة إلى الستين. راجع تهذيب التهذيب 8/421-423.
(3) في (ه) : (( خطب رسول الله )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( يوم )) .
(5) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(6) في ( ص ) : (( ذي ناب )) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( مدورة )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( مدورة )) .
(9) في (ب) : (( وكسرت )) .(1/223)
بأمرٍ(1)، فإنا لا نحب أن نجاوز خطك. قَالَ : فهبط رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مَعَ سلمان الخندق ، والتسعة عَلَى شفة الخندق ، فأخذ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المِعْوَل من (2) سلمان فضربها ضربةً صدعها ، وَبَرَقَ منها برقٌ أضاء ما بين لابَتَيها - يعني المدينة - حتى لكأن مصباحاً في جوف بيتٍ مظلمٍ . وكَبَّر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتحٍ ، فَكبَّر المسلمون ، ثُمَّ ضربها رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الثانية (3) فبرق (4) منها برقٌ أضاء ما بين لابَتَيها ، حتى لكأن مصباحاً في جوف بيتٍ مظلمٍ ، فكبَّر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتحٍ ، وكبر المسلمون (5)، ثُمَّ ضربها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكسرها وَبَرَقَ منها برقٌ أضاء ما بين / 27 ب / لابتيها حتى لكأن مصباحاً في جوف بيت مظلم ، وكبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تكبير فتحٍ ، وكبر المسلمون ، وأخذ بيد سلمان ورقى ، فَقَالَ سلمان : بأبي أنت وأمي يا رَسُول الله ، لقد رأيت شيئاً ما رأيت مثله قط ، فالتفت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى القوم فَقَالَ : (( رأيتم ما يقول سلمان ؟)) قالوا:نعم يا رَسُول الله.
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( بأمرك )) .
(2) بعد هذا في ( ص ) : (( يد )) .
(3) في ( ه) : (( عليه فكسرها )).
(4) في ( س ) و ( ه) : (( وبرق )) .
(5) في (ب) هنا زيادة : (( لتكبيره )) .(1/224)
قَالَ : (( ضربت ضربتي الأولى فَبَرَقَ الَّذِي رأيتم ، أضاءت لي مِنْهَا قصور الحيرة ومدائن كسرى ، كأنها أنياب الكلاب ، وأخبرني (1) جبريل - عليه السلام - أن أمتي ظاهرةٌ عَلَيْهَا، ثُمَّ ضربت ضربتي (2) الثانية فبرق (3) لي (4) الَّذِي رأيتم ، أضاءت لي مِنْهَا القصور الحمر مِنْ أرض الروم ، كأنها أنياب الكلاب ، وأخبرني جبريل - عليه السلام - أن أمتي ظاهرةٌ عَلَيْهَا ، ثُمَّ ضربت ضربتي الثالثة ، فبرق الَّذِي رأيتم ، أضاءت لي مِنْهَا قصور صنعاء كأنها أنياب الكلاب، وأخبرني جبريل - عليه السلام - أن أمتي ظاهرةٌ عَلَيْهَا ، فابشروا )). فاستبشر المسلمون ، وقالوا : الحمد لله موعد صدقٍ ، وعدنا النصر بَعْدَ الحفر. فَقَالَ المنافقون : ألا تعجبون (5) يمنيكم ويعدكم الباطل ، ويخبركم أنَّهُ يبصر مِنْ يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى ، وإنها تفتح لكم ، وأنتم إِنَّمَا تحفرون الخندق مِنْ الفرق ، لا (6) تستطيعون أن تبرزوا للقتال (7) ! قَالَ : فأنزل الله تَعَالَى القرآن (8) : { وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً } [الأحزاب : 12]، وأنزل الله تَعَالَى في هَذِهِ القصة، قوله (9): { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ…الآية } (10)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( وأخبرني )) .
(2) لم ترد في (ب) .
(3) في ( ص ) : (( البرق البرق )) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) بعد هذا في (ص) : (( مِنْ رجل )) .
(6) في (س) و(ه) : (( ولا )) .
(7) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( فنزل القرآن )) .
(9) في ( ب ) : (( وأنزل الله هَذِهِ الآية )) .
(10) إسناده ضَعِيف جداً ؛ بسبب كَثِيْر بن عَبْد الله بن عَمْرو بن عوف المزني ، وانظر : تهذيب الكمال 24/137-140 ، والجامع الكبير للترمذي 4/410 ، وتهذيب التهذيب 8/421-423 .
والحديث رَوَاهُ الحَاكِم في المستدرك 3/598 بلفظ مختصر ، ومن طريقه أخرجه البَيْهَقِيّ في دلائل النبوة 3/418 بسياق نحو ما ذكره الواحدي .(1/225)
[آل عمران : 26] .
قوله - عز وجل -: { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ... الآية } [آل عمران : 28].
قال ابن عباس (1) : كان الحجّاح بن عمرو ، وكهمس بن أبي الحقيق ، وقيس بن زيد-وهؤلاء كانوا من اليهود-يباطنون نفراً من الأنصار ليفتنوهم عن دينهم فقال رفاعة ابن المنذر ، وعبد الله بن جبير ، وسعيد بن خيثمة لأولئك النفر : اجتنبوا هؤلاء اليهود ، واحذروا لزومهم ومباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم. فأبى أولئك النفر إلا مباطنتهم وملازمتهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وَقَالَ الكلبي : نزلت في المنافقين : عبد الله بن أُبيّ وأصحابه ، كانوا يتولون اليهود والمشركين ، ويأتونهم بالأخبار ، ويرجون أن يكون لهم الظفر عَلَى رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - . فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن فعلهم (2).
__________
(1) أخرجه الطبري في التفسير 3/228 ، وابن أبي حاتم في التفسير 2/629 (3377) ، والبغوي في التفسير 1/427 ،وزاد السيوطي في الدر 2/16 نسبته لابن إسحاق ونسبه الحافظ في العجاب :490 للثعلبي .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( مِثْل فعلهم )) . والحديث أورده الحافظ ابن حجر في العجاب :490 بقوله :
(( قال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس )).(1/226)
وَقَالَ جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عَبَّاسٍ (1) : نزلت في عبادة بن الصامت الأنصاري ، وكان بدرياً نقيباً ، وكان لَهُ حلفاء من اليهود ، فلما خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم الأحزاب قَالَ عبادة / 27 أ / : يا نبي الله ، إن معي خمس مئة رجل من اليهود ، وقد رأيت أن يخرجوا معي فاستظهر بهم (2) عَلَى العدو. فأنزل الله تعالى : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ } [آل عمران : 28].
قوله - عز وجل -: { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ … الآية } [آل عمران : 31].
قَالَ الحسن، وابن جريج (3)
__________
(1) تفسير القرطبي 2/1300 ، والبغوي في التفسير 1/427-428 ، وجويبر هو ابن سعيد الأزدي ، ضعيف جداً .
(2) في (ب) : (( فاستظهرهم )) .
(3) أثر الحسن : أخرجه الطبري 3/232 من طريق عباد بن منصور (وهو ضعيف) عن الحسن ، بِهِ .
وأثر ابن جريج : أخرجه الطبري 3/232 ، وعزاه الحافظ في العجاب :491 لسنيد.(1/227)
: زعم أقوام عَلَى عهد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم يحبون الله ، فقالوا : يا مُحَمَّد ، إنا نحب ربنا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية. وروى جويبر ، عن الضحاك ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ : وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قريش ، وهم في المسجد الحرام ، وقد نصبوا أصنامهم ، وعلّقوا عليها بيض النعام ، وجعلوا في آذانها الشُّنُوفَ (1)، وهم يسجدون لها ؛ فَقَالَ : (( يا معشر قريش ، لقد خالفتم ملة أبيكم إبراهيم وإسماعيل ، ولقد كانا عَلَى الإسلام )) . فقالت قريش : يا مُحَمَّد إِنَّمَا نعبد هَذِهِ حباً لله ليقربونا (2) إِلَى الله زُلفى . فأنزل الله تَعَالَى : { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ } [آل عمران : 31] وتعبدون الأصنام لتقربكم إِلَيْهِ { فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ } [آل عمران : 31] فأنا
رَسُوْل الله (3) إليكم وحجته عليكم وأنا أولى بالتعظيم من أصنامكم (4) .
وروى الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس: أن اليهود لما قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه، أنزل الله تعالى هذه الآية. فلما نزلت عرضها رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - على اليهود، فأبوا أن يقبلوها (5).
__________
(1) كَذَا في ( ب ) و ( ص ) وتفسير البغوي والعجاب . وفي ( س ) و ( ه) : (( الشنوف والقرطة )) . .
(2) في (ب) : (( ليقربنا )) .
(3) في ( س ) و ( ه) وتفسير البغوي : (( رسوله )) .
(4) تفسير البغوي 1/429 . ضعيف جداً ؛ لضعف جويبر. وَقَالَ الحافظ في العجاب : 492 : (( وهذا مِنْ منكرات جويبر ؛ فإن آل عمران مدنية ، وهذه القصة إنما كانت قبل الهجرة. ولعل الذي نزل فيها في أوائل الزمر )) .
(5) انظر العجاب : 491.(1/228)
وروى مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار ، عن مُحَمَّد بن جعفر بن الزبير ، قَالَ : نزلت في نصارى نجران ، وذلك أنهم قالوا : إنما نعظِّم المسيح ونعبده حباً لله وتعظيماً لَهُ . فأنزل الله تعالى هذه الآية رداً عَلَيْهِمْ (1).
قوله - عز وجل -: { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ…الآية } [آل عمران: 59]
قَالَ المفسرون : إن وفد نجران قالوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مالك تشتم صاحبنا ؟ قَالَ : (( وما أقول ؟)) ، قالوا : تقول : إنَّهُ عَبْد (2)، قَالَ : (( أجل هُوَ (3) عَبْد الله ورسوله ، وكلمته ألقاها إِلَى العذراء البتول )) . فغضبوا وقالوا : هَلْ رأيت إنساناً قط من غَيْر
أب ؟ فإن كنت صادقاً فأرنا مثله . فأنزل الله تعالى هذه الآية (4).
__________
(1) بمعناه أخرجه الطبري 3/233 من طريق محمد بن إسحاق ، وانظر : سيرة ابن هشام 1/578 ، والدر المنثور 2/178 .
(2) في ( ب ) : (( عَبْد الله )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( إنه )) .
(4) تفسير الطبري 3/295 ، وقد عزاه الحافظ في العجاب : 493 لسنيد ، عن حجاج ، عن ابن
جريج .(1/229)
(119) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمَّد الحارثي ، قَالَ: أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد ابن جعفر ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى (1) الرازي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ، قَالَ : أخبرنا يَحْيَى ووكيع ، عن مبارك ، عن الحسن (2) ، قَالَ جاء راهبا نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فعرض عليهما الإسلام ، فَقَالَ أحدهما : إنا قد أسلمنا قبلك ، فَقَالَ : (( كذبتما ، إنه يمنعكما عَن (3) الإسلام ثلاثةٌ (4) : عبادتكما (5) الصليب ، وأكلكما (6) الخنزير ، وقولكم: لله ولد )) . قالا: مِنْ أبو عيسى ؟ وَكَانَ لا يعجل حَتَّى يأمره ربه ، فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ … الآية } [آل عمران : 59] / 28 ب / .
قوله - عز وجل - : { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ … الآية } [آل عمران : 61].
__________
(1) تحرف الاسم في (س) و(ه) إِلَى : (( سهل أبو يَحْيَى )) .
(2) إسناده ضعيف ؛ لإرساله .
(3) في (ب) و(ص) : (( مِنَ )) .
(4) في (ه) : (( ثلاث)) .
(5) في (س) و(ه) : ((عبادتكم )) .
(6) في (س) و(ه) : (( وأكلكم )) .(1/230)
(120) أخبرنا أبو سَعِيد عبد الرحمان بن مُحَمَّد الزِّمجاري ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قَالَ : حدثنا أبي (1) ، قَالَ : حدثنا حسين (2) ، قَالَ : حدثنا حماد بن سلمة ، عن يونس ، عن الحسن ، قَالَ : جاء راهبا نجران إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لهما (3): (( أسلما تسلما )) . فقالا قد أسلمنا قبلك ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (4) : (( كذبتما يمنعكما من الإسلام ثلاث : سجودكما للصليب ، وقولكما : اتخذ الله ولداً ، وشربكما الخمر )) ، فقالا : ما تقول في عيسى ؟ قَالَ : فسكت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ونزل القرآن : { ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآياتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ - إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ } [آل عمران : 58-59] إِلَى قوله تَعَالَى : { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ…الآية } [آل عمران:61]، فدعاهما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الملاعنة ، قَالَ: وجاء بالحسن والحسين وفاطمة وأهله وولده عَلَيْهِمْ السلام. قَالَ: فَلَمَّا خرجا مِنْ عنده(5)، قَالَ أحدهما لصاحبه (6) : أَقرِرْ بالجزية ولا تلاعنه ، فأقر بالجزية (7) . قَالَ: فرجعا ، فقالا : نقرُّ بالجزية ولا نلاعنك. فأقرا بالجزية.
__________
(1) هُوَ في فضائل الصَّحَابَة لأحمد بن حنبل 2/776 ( 1374 ) ، وهذا إسناده ضعيف ؛ لإرساله .
(2) في فضائل الصَّحَابَة : (( حسين هُوَ ابن موسى )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فَقَالَ لهما رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - )) .
(4) ليست في ( س ) و ( ه) .
(5) في (ص) : (( مِنْ عند رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( للآخر )) .
(7) فأقر بالجزية )) ليست في ( ب ) .(1/231)
(121) أخبرني عبد الرحمان بن الحسن الحافظ فيما أذن لي في روايته ، قَالَ : أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد الواعظ، قَالَ: حدثنا عَبْد الرَّحْمَان (1) بن سليمان بن الأشعث، قَالَ: حدثنا يَحْيَى بن حاتم العسكري، قَالَ:حدثنا بشر بن مِهران، قَالَ:حدثنا مُحَمَّد بن دينار، عن داود بن أبي هند، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قَالَ : قدم وفد أهل نجران عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - : العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا: أسلمنا قبلك ، قال : (( كذبتما أن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام )) ، فقالا : هات أنبئنا ،
قَالَ : (( حب الصليب ، وشرب الخمر ، وأكل لحم الخنزير )) . فدعاهما إِلَى الملاعنة فواعداه عَلَى أن يُغادياه بالغداة، فغدا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ بيد عليٍّ وفاطمة ، وبيد الحسن والحسين ، ثُمَّ أرسل إليهما فأبيا أن يجيبا ، وأقرا (2) لَهُ بالخراج ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - :
(( والذي بعثني بالحق لَوْ فعلا لَمُطِر الوادي ناراً )) . قَالَ جابر : فَنَزَلت فيهم هَذِهِ
الآية(3): { فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ } [آل عمران : 61] قَالَ الشعبي : أبناءنا الحسن والحسين ، ونساءنا فاطمة ، وأنفسنا : علي بن أبي طالب - رضي الله عنهم - (4)
__________
(1) كَذَا في ( ب ) و ( ص ) و ( ه) ، وفي ( س ) فَقَطْ : (( عَبْد الله )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فأقرا )) .
(3) بَعْدَ هَذَا في ( ب ) : (( قوله تَعَالَى )) .
(4) حسين، مُحَمَّد بن دينار:ضعيف يعتبر بِهِ،وَقَدْ تابعه عَلِيّ بن مسهر دُوْنَ قَوْل الشعبي، فهذه الزيادة ضعيفة.
أخرجه الحَاكِم 2/593-594 ، وصححه عَلَى شرط مُسْلِم ، وأبو نعيم في الدلائل (244) ، وابن كثير 1/499 .
وزاد السيوطي نسبته في الدر2/230 لابن مردويه،وزاد ابن حجر في العجاب: 495 نسبته لابن شاهين.(1/232)
.
قوله - عز وجل -: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ…الآية } [آل عمران: 68].
قَالَ ابن عَبَّاس:قَالَ رؤساء اليهود:والله يا مُحَمَّد، لقد علمت أنا أولى بدين إبراهيم منك ومن غيرك ، وأنه كان يهودياً ، وما بك إلا الحسد ! فأنزل تعالى الله هذه الآية (1) .
وروى الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، وروى أيضاً عبد الرحمان بن غَنْم عن أصحاب رسول الله / 29 أ / - صلى الله عليه وسلم - وذكره محمد بن إسحاق بن يسار ، وقد دخل حديث بعضهم في بعض.
__________
(1) عزاه الحافظ ابن حجر في العجاب : 500 للثعلبي .(1/233)
قالوا : لَمَّا هاجر جعفر بن أبي طالب وأصحابه إلى الحبشة ، واستقرت بهم الدار، وهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة ، وكان من أمر بدر ما كَانَ ، –اجتمعت قريش في دار الندوة وقالوا : إن لنا في أصحاب محمد الذين عند النجاشي ثأراً بمن قُتِل منكم ببدر ، فأجمعوا مالاً وأهدوه إلى النجاشي لعله يدفع إليكم مَن عنده من قومكم ؛ ولينتدب لِذَلِكَ رجلان من ذوي آرائكم. فبعثوا عَمْرو بن العاص ، وعمارة بن أبي مُعَيْط ، مَعَ الهدايا : الأدَم وغير ذَلِكَ (1)، فركبا البحر وأتيا الحبشة ، فَلَمَّا دخلا عَلَى النجاشي سجدا لَهُ وسلما عَلَيْهِ وقالا لَهُ : إن قومنا لَكَ ناصحون شاكرون ، ولصلاحك محبون ؛ وإنهم بعثونا إليك لنحذِّرَك هَؤُلاَءِ القوم الَّذِيْنَ قدموا عليك ؛ لأنهم قومُ رجلٍ كذابٍ ، خرج فينا يزعم أنه رسول الله ولم يتابعه (2) منا إلا السفهاء ، وإنّا (3) كنا قد ضيقنا عليهم الأمر ، وألجأناهم إلى شِعب بأرضنا ، لا يدخل عليهم أحدٌ ، ولا يخرج منهم أحدٌ ، قد قتلهم الجوع والعطش ، فلما اشتد عليهم (4) الأمر بعث إليك ابن عَمه ليفسد عليك دينك ومُلكك ورعيتك ، فاحذرهم وادفعهم إلينا لنكفيكهم.
قالوا : وآية ذلك أنهم إذا دخلوا عليك لا يسجدون لك ، ولا يحيونك بالتحية التي يحييك بها الناس ، رغبةً عن دينك وسنتك.
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( وغيره )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( أحد منا )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في (ب) : (( عَلِيهِ )) .(1/234)
قال : فدعاهم النجاشي ، فلما حضروا صاح جعفر بالباب : يستأذن عليك حزبُ الله ، فقال النجاشي : مروا هذا الصائح فليعد كلامه ، ففعل جعفر ، فقال النجاشي : نعم فليدخلوا بأمان الله وذمته. فنظر عمرو بن العاص إلى صاحبه ، فقال : ألا تسمع كيف يَرطُنُون بحزب الله، وما أجابهم به النجاشي. فساءهما ذلك. ثم دخلوا عليه ولم يسجدوا له، فقال عمرو بن العاص (1): ألا ترى أنهم يستكبرون أن يسجدوا لك ؟ فَقَالَ لَهُمْ النجاشي: ما يمنعكم أن تسجدوا لي وتحيّوني بالتحية الَّتِيْ يحييني بِهَا من أتاني (2) مِنْ الآفاق ؟ قالوا : نسجد لله الَّذِي خلقك وملكك ، وإنما كَانَتْ تِلْكَ التحية لنا ونحن نعبد الأوثان ، فبعث الله فينا نبياً صادقاً ، وأمرنا بالتحية الَّتِيْ رضيها (3) الله لنا وَهِيَ السلام تحية أهل الجنة . فعرف النجاشيُّ أن ذَلِكَ حق ، وأنه في التوراة والإنجيل . قَالَ : أيكم الهاتف : يستأذن عليك / 29 ب / حزب الله ؟ قَالَ جعفر : أنا ، قَالَ : فتكلم ، قَالَ : إنك مَلكٌ مِنْ ملوك أهل الأرض ، ومن أهل الكِتَاب ، ولا يصلح عندك كثرة الكلام ، ولا الظلم ، وأنا أحب أن أجيب عَن أصحابي ، فمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما ولينصت الآخر ، فتسمع (4) محاورتنا. فَقَالَ عَمْرو لجعفر : تكلم. فَقَالَ جعفر للنجاشي : سل هَذَا الرجل : أعبيد نحن أم أحرار. فإن كنا عبيداً أبقنا من أربابنا ، فارددنا إليهم. فَقَالَ النجاشي: أعبيد هم أم أحرار ؟ فَقَالَ: بَلْ أحرار كرام ، فَقَالَ النجاشي : نجوا من العبودية. قَالَ جعفر : سلهما : هَلْ أهرقنا دماً بغير حق فيقتص منا ؟ فقال عمرو : لا ، ولا قطرة. قال جعفر : سلهما : هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاءها ؟ قال النجاشي : يا عمرو
__________
(1) في ( س ) و ( ه) زيادة : (( وعمارة بن أبي معيط )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( أتى )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( يرتضيها )) .
(4) في (ص) : (( وتسمع )).(1/235)
وإن كان قنطاراً فعليَّ قضاؤه . فقال عمرو : لا ولا قيراطاً ، قال النجاشي : فما تطلبون منهم ؟ قال عمرو : كنا وهم على دينٍ واحد وأمرٍ واحد ، على دين آبائنا ، فتركوا ذلك الدين واتبعوا غيره ، ولزمناه نحن ، فبعثنا إليك قومهم لتدفعهم إلينا. فقال النجاشي : ما هذا الدين الذي كنتم عليه ، والدين الذي اتبعتموه ؟ أصدقني. قال جعفر : أما الدين الذي كنا عليه وتركناه فهو دين الشيطان (1) وأمره ، كنا نكفر بالله - عز وجل - ، ونعبد الحجارة ؛ وأما الدين الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام ، جاءنا به من الله (2) رسولٌ وكتابٌ مثل كتاب ابن مريم موافقاً له.
فقال النجاشي : يا جعفر ، لقد تكلمت بأمرٍ عظيم فعلى رسلك. ثم أمر النجاشي فضرب بالناقوس فاجتمع إليه كل قسيس وراهب ، فلما اجتمعوا عنده قال النجاشي : أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى ، هل تجدون بين عيسى وبين القيامة نبياً مرسلاً ؟ فقالوا: اللَّهُمَّ نعم ، قَدْ بشرنا بِهِ عيسى ، وَقَالَ: مِنْ آمن بِهِ فَقَدْ آمن بي ، ومن كفر بِهِ فَقَدْ كفر بي. فَقَالَ النجاشي لجعفر : ماذا يَقُوْل لكم هَذَا الرجل وما يأمركم
بِهِ (3)، وما ينهاكم عَنْهُ ؟ قَالَ: يقرأ علينا كتاب الله، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويأمر بحسن الجوار ، وصلة الرحم ، وبر اليتيم ، ويأمرنا أن نعبد الله وحده لا شريك له.
فَقَالَ : اقرأ علينا شيئاً مما كَانَ يقرأ عليكم. فقرأ عليهم سورة " العنكبوت "
__________
(1) في (ص) : (( الشياطين )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( رَسُوْل من الله )) بالتقديم والتأخير .
(3) سقطت من ( س ) و ( ه) .(1/236)
و" الروم ". ففاضت عينا النجاشي وأعين (1) أصحابه مِنَ الدمع ، وقالوا : يا جعفر زدنا مِنْ هذا الحَدِيْث الطيب . فقرأ عليه سورة (2) " الكهف " ، فأراد عمرو أن يغضب النجاشي فقال : إنهم يشتمون عيسى وأمه ، فَقَالَ النجاشي : ماتقول (3) في / 30 أ / عيسى وأمه ؟ فقرأ عَلَيْهِمْ جعفر سورة " مريم " ، فَلَمَّا أتى عَلَى ذَكَرَ مريم وعيسى رفع النجاشي نفثة مِنْ سواكه قَدَر ما يقذى العين ، وَقَالَ : والله ما زاد المسيح عَلَى ما
تقولون (4). هَذَا ثُمَّ أقبل عَلَى جعفر وأصحابه فَقَالَ: اذهبوا فأنتم سيومٌ بأرضي . يَقُوْل : آمنون ، مِنْ سبكم أوآذاكم غرم ، ثُمَّ قَالَ: أبشروا ولا تخافوا ، ولا دهورة اليوم (5) عَلَى حزب إبراهيم. قَالَ عَمْرو : يا نجاشي ومن حزب إبراهيم ؟ قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي (6)جاءوا من عنده ومن اتبعهم. فأنكر ذلك المشركون وادعوا في دين إبراهيم ، ثم ردَّ النجاشي على عمرو وصاحبه المال الذي حملوه ، وقال: إنما هديتكم إليَّ رشوة فاقبضوها ، فإن الله ملَّكني ولم يأخذ مني رشوة.
قَالَ جعفر : فانصرفنا (7) فكنا (8) في خير دار ، وأكرم جوار. وانزل الله - عز وجل - ذلك اليوم في خصومتهم في إبراهيم، على رَسُوْل الله (9) - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة، قوله تَعَالَى: { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه } [آل عمران : 68] أي (10) عَلَى ملته وسنته ،
__________
(1) لم ترد في (ص) و(س) و(ه) .
(2) سورة )) لم ترد في (ص) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( يقولون )) .
(4) في (ص) : (( يقول )) .
(5) دهورة اليوم )) لم ترد في (ب) .
(6) في (ص) : (( وأصحابهم الذين )) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( وانصرفنا )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( وكنا )) .
(9) في ( س ) و ( ه) : (( رسوله )) .
(10) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/237)
{ وَهَذَا النَّبِي } [آل عمران : 68] يعني : محمداً - صلى الله عليه وسلم - { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ } (1) [آل عمران : 68].
__________
(1) أخرجه عَبْد بن حميد كما في الدر المنثور 2/237 من رِوَايَة عَبْد الرَّحْمَان بن غنم ، وانظر : سيرة ابن هشام 2/362.
قَالَ الحافظ في العجاب :501 : (( قلت : وقصة عمرو بن العاص و جعفر بن أبي طالب عند النجاشي مروية مِنْ طرق متعددة ، منها في السيرة لابن إسحاق مِنْ طريق مُحَمَّد بن مُسْلِم الزهري ، ومنها في الثعلبي مطولة مِنْ طريق الكلبي ، عَن أبي صالح ، عَن ابن عَبَّاس ، ومنها في الطبراني مِنْ طريق جعفر بن أبي طالب . وليس في شيء منها نزول هذه الآية في هذه القصة ، وقد خلط الثعلبي رِوَايَة الكلبي برواية شهر مَعَ رِوَايَة ابن إسحاق وساقها بطولها مساقاً واحداً وَهُوَ مِنْ عيوب كتابه حيث يخلط الصادق بالكاذب المحتمل ، فيوهم أن الجميع مِنْ رِوَايَة الصادق وليس كذلك )) ، فعلى هَذَا يَكُوْن المصنف قد تلفق هَذَا التلفيق من شيخه الثعلبي ، والله أعلم .
فعلى هَذَا يَكُوْن المصنف قَدْ تلقف هَذَا التلفيق من شيخه الثعلبي ، والله أعلم .…(1/238)
(122) أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الوراق ، قَالَ : أخبرنا أبو أحمد مُحَمَّد ابن أحمد الجزري ، قَالَ : أخبرنا عبد الرحمان بن أبي حاتم (1) ، قَالَ : حدثنا أبو سعيد الأشج ، قَالَ : حدثنا وكيع ، عن سفيان بن سعيد ، عن أبيه ، عن أبي الضحى ، عن عَبْد الله ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إن لكل نبيٍّ ولاةً من النبيين ، وأنا أولى منهم بأبي خليل (2) ربي إبراهيم )) . ثُمَّ قرأ : { إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوه وَهَذَا النَّبِي … الآية } (3) [آل عمران : 68].
قوله - عز وجل -: { وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يُضِلُّونَكُمْ…الآية } [آل عمران: 69].
نزلت في معاذ بن جبل وحذيفة وعمار بن ياسر ، حين دعاهم (4) اليهود إلى دينهم. وقد مضت القصة في سورة البقرة .
قوله - عز وجل -: { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا } [آل عمران : 72].
__________
(1) في تفسيره 2/674 (3656).
(2) كَذَا جاء السياق في (ب) و (ص) ، وفي المصادر الَّتِي خرجت الْحَدِيْث : (( وإن وليي أبي خليل … )).
(3) إسناده ضعيف لانقطاعه بين أبي الضحى- مسلم بن صبيح-وعبد الله بن مسعود.
أخرجه أحمد 1/400 و 429 ، والترمذي (2995م) ، والطبري في التفسير 3/308 .
وقد روي موصولاً. أخرجه الترمذي (2995) ، والطبري في التفسير 3/308 ، والطحاوي في شرح المشكل (1009) ، والشاشي (406) ، والحاكم 2/292 و 553 من طريق أبي الضحى ،عن مسروق ، عن عبد الله.
وقد رجَّح الترمذي الرواية المنقطعة حيث قال بعد أن ساقها : (( هذا أصح من حديث أبي الضحى ، عن مسروق )) . وقد ذكر ابن أبي حاتم عن أبيه وأبي زرعة في كتاب " علل الحديث " (1677) أن الرواية المنقطعة هي المحفوظة .
(4) في (ه) : (( دعاهما )) .(1/239)
قَالَ الحسن والسدي : تواطأ اثنا عشر حَبراً من يهود خيبر وقرى عُرَينة وقال بعضهم لبعض : ادخلوا في دين مُحَمَّد أول النهار باللسان دون الاعتقاد ، واكفروا به في آخر النهار ، وقولوا : إنا نظرنا في كتبنا ، وشاورنا علماءنا ،فوجدنا مُحَمَّداً ليس بذلك ، وظهر لنا كذبه ، وبطلان دينه ؛ فإذا فعلتم ذَلِكَ شك أصحابه في دينهم وقالوا: إنهم أهل كتاب ، وهم أعلم بِهِ منا ؛ فيرجعون عن دينهم إلى دينكم. فأنزل الله - عز وجل -هذه الآية ، وأخبر به (1) نبيه محمداً - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين (2).
وَقَالَ مجاهدٌ (3)، ومقاتلٌ (4)، والكلبي (5) / 30 ب /: هذا في شأن القبلة ؛ لما صرفت إِلَى الكعبة ، شق ذَلِكَ عَلَى اليهود لمخالفتهم ، فَقَالَ كعب بن الأشرف
لأصحابه (6) : آمنوا بالذي أنزل عَلَى مُحَمَّد مِنْ أمر الكعبة ، وصلّوا إليها أول النهار،ثُمَّ اكفروا بالكعبة آخر النهار ، وارجعوا إِلَى قبلتكم الصخرة ؛ لعلهم يقولون : هَؤُلاَءِ أهل كتاب وهم أعلم منا . فربما (7) يرجعون إِلَى قبلتنا. فحذَّر الله تَعَالَى نبيه مكر هَؤُلاَءِ ، وأطلعه عَلَى سرهم ، وأنزل : { وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ … الآية }
[آل عمران : 72].
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً … الآية }
[آل عمران : 77].
__________
(1) لم ترد في (ص) .
(2) أثر السدي : أخرجه الطبري 3/311 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/679 (3681) ، والبغوي 1/456 من طريق أسباط ، عن السدي. وأثر الحسن لم نجده.
(3) تفسيره :128-129 ، والبغوي 1/456 .
(4) تفسير البغوي 1/456 .
(5) تفسير البغوي 1/456 .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( وأصحابه )) .
(7) في (ب) : (( وربما )) .(1/240)
(123) أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قَالَ: حَدَّثَنَا حاجب بن أحمد الفقيه(1)، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن حماد، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق ، عن عَبْد الله ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مِنْ حَلفَ عَلَى يمينٍ وَهُوَ فيها فاجرٌ ليقتطع (2)
بها مال امرئٍ مسلمٍ ، لقيَ الله وَهُوَ عَلِيهِ غضبان )) . فَقَالَ الأشعث بن قيس:فيَّ والله نزلت ؛ وذَلِكَ (3) كَانَ بيني وبين رجلٍ مِنْ اليهود أرضٌ فجحدني ، فقدمته إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: (( ألك بينةٌ ؟)) ، قُلْتُ: لا. فَقَالَ لليهودي: (( أتحلف ؟ )) ، فقلت: يا رسول الله ، إذن يحلف فيذهب بمالي. فأنزل الله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً ... الآية } [آل عمران: 77]. رواه البخاري (4)
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) في ( س ) و ( ص ) : (( ليقطع )) .
(3) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) صحيح البخاري 3/145( 2356 ) و ( 2357 ) .
وأخرجه الشافعي 2/51 ، والطيالسي (262) و (1050) ، والحميدي (95) ، وأحمد 1/377 و 416 و 442 ، ومسلم 1/86 ( 138 ) ( 222 ) ، وابن ماجه (2333) ، والترمذي (1269) ، والطبري في التفسير (8282) ، وأبو يعلى (5114) و (5197) ، وابن حبان (5084) و (5086) ، وأبو عوانة 1/39 ، والطحاوي في شرح المشكل (442) ، والشاشي (561) و (562) و (563) ، والبيهقي 10/178 ، والبغوي في شرح السنة (500) ، وفي معالم التنزيل ، لَهُ 1/318.
أما حَدِيْث الأشعث بن قيس لوحده : فأخرجه أحمد 1/460 و 5/211 و 212 ، والبخاري 3/145 (2356) و (2357) و 159 (2416) و (2417) و 3/187 (2515) و (22516) و3/232 (2666) و (2667) و 3/234 (2673) و (2676) و ( 2677 ) و 6/42 (4549) و (4550) و8/167(6659) و8/171 (6676) و9/90 (7183)، ومسلم 1/85 (138)(220) و1/86 (138) و ( 220 ) ، وأبو داود(3243) و (3621) ، وابن ماجه (2322) ، والترمذي (2996).(1/241)
عن عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش.
(124) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم المهرجاني ، قَالَ : أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الزاهد ، قَالَ : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قَالَ : حدثني مُحَمَّد بن سليمان ، قَالَ : حدثني صالح بن عمر ، عن الأعمش ، عن شقيق ، قَالَ : قَالَ عَبْد الله : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مِنْ حلف عَلَى يمينٍ هُوَّ فيها فاجرٌ ليقتطع (1) بها مالاً ، لقيَ الله وَهُوَ عَلِيهِ غضبانٌ )). فأنزل الله - عز وجل - هَذِهِ الآية (2): { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً… الآية (3) } [آل عمران : 77]. فأتى (4)الأشعث بن قيس ، فَقَالَ: ما يحدثكم أبو عَبْد الرحمان ؟ قُلْنَا كَذَا وكذا. قَالَ : لَفِيَّ نزلت، خاصمت رجلاً إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: (( ألك بينةٌ ؟ )) قُلتُ: لا. قَالَ: (( فيحلف )) قُلتُ: إذن يحلفُ. قَالَ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - (5): (( مِنْ حلف عَلَى يمينٍ هُوَّ فِيْهَا فاجر ، ليقتطع بِهَا مالاً، لقيَ الله وَهُوَ عَلِيهِ غضبانٌ )) ، فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً … الآية } [آل عمران : 77]. رواه البخاري (6) عن حَجَّاج بن مِنْهال، عن أبي عوانة ، ورواه مسلم (7) عن أبي بكر بن أبي شيبة، عن وكيع ، وعن ابن نمير ، عن أبي معاوية ؛
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( ليقطع )) .
(2) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( إلى آخر الآية )) .
(4) في ( ب ) : (( فأما )) .
(5) في (س) و(ه) : (( قَالَ - عليه السلام - )) .
(6) صحيح البخاري 6/42 ( 4549 ) و ( 4550 ) . وقد تقدم تخريجه في الذي قبله.
(7) صحيح مسلم 1/85 ( 138 )( 220 ) . وقد تقدم تخريجه في الذي قبله.(1/242)
كلهم عَن الأعمش.
(125) أَخْبَرَنَا الحَاكِم (1) أبو عَبْد الرَّحْمَان الشَّاذياخي، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد بن زكريا ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَان الفقيه ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق ، قَالَ : حَدَّثَنَا سُفْيَان ، عَن مَنْصُوْر والأعمش، عَن أبي وائل ، قَالَ: قَالَ عَبْد الله : قَالَ (2) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يحلف رجل عَلَى يمين صبرٍ، ليقتطع بِهَا مالاً فاجراً ، إلا لقيَ الله وَهُوَ عَلِيهِ غضبانٌ )). قَالَ: فأنزل الله تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } [آل عمران : 77].
قَالَ: فجاء الأشعث ، وعَبْد الله يحدثهم ، فقَالَ : فيَّ نزلت وفي رجلٍ خاصمته في بئر ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ألك بينة ؟ )) ، قُلتُ : لا ، قَالَ : (( فليحلف لَكَ )) ، قُلتُ : إذن يحلف ، قَالَ: فنزلت : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } (3) [آل عمران : 77].
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) إسناده صَحِيْح ، وَقَدْ تقدم تخريجه في الَّذِي قبله .
(3) تفسير الطبري 3/321 .(1/243)
(126) أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المُزَكِّي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد (1) بن المكي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن يوسف ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن إسماعيل البُخَارِيّ (2) ، قَالَ : حدثنا علي بن أبي هاشم (3) ، سمع هشيماً يقول: أخبرنا العَوَّام (4) بن حوشب ، عَن إبراهيم بن عَبْد الرحمان ، عَن عَبْد الله بن أبي أوفى : أنَّ رجلاً أقام سلعةً في السوق
فحلف لقد أعطي بها مالم يعطه ؛ ليوقع فِيْهَا رجلاً مِنَ المُسْلِمِيْنَ ، فَنَزلت : { إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً } [آل عمران : 77] إِلَى آخر الآية (5) .
__________
(1) في (ص) : (( عُمَر بن مُحَمَّد )) .
(2) صحيح البخاري 6/43 ( 4551 ) .
(3) أبي هاشم )) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) ، وفي ( س ) و ( ه) : (( عَبْد الله )) . والتصويب من صَحِيْح البُخَارِيّ ، وتحفة الأشراف 4/150 ( 5151 ) ، وفتح الباري .
(4) في (ص) : (( أبو العوام )) .
(5) وأخرجه البخاري أيضاً 3/78 ( 2088 ) و 234 ( 2675 ) من طريق العوام بن حوشب ، بِهِ .
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/245 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، وانظر : تفسير البغوي 1/461 .(1/244)
وَقَالَ الكلبي : إنَّ ناساً مِنَ علماء اليهود أولي فاقة ، أصابتهم سَنة ، فاقتحموا (1) إلى كعب بن الأشرف بالمدينة ، فسألهم كعب: هل تعلمون أن هذا الرجل رَسُول الله في كتابكم ؟ قالوا : نعم (2)، وما تعلمه أنت ؟ قَالَ (3): لا ، قالوا : فإنا نشهد أنه عَبْد الله ورسوله ، قَالَ كعب (4): لقد حَرَمَكم (5)الله خيراً كثيراً ، لقد قَدِمتم عليَّ وأنا أريد أن أميركم (6) وأكسو عيالكم ، فحرمكم الله وحرم عيالكم ، قالوا : فإنه شُبِّهَ لنا ، فَرُويداً حتى نلقاه . فانطلقوا فكتبوا صفةً سوى (7) صفته ، ثم انتهوا إلى نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فكلموه وسألوه، ثم رجعوا إلى كعب، فقالوا(8): لقد كنا نرى أنه رسول الله ، فلما أتيناه إذا(9) هو ليس بالنعت الذي نُعِتَ لنا، ووجدنا نعته مخالفاً للذي عندنا. وأخرجوا الذي كتبوا ، فنظر إليه كعبٌ ففرح ومارَهُم وأنفق عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (10).
__________
(1) في (ص) : (( فاجتمعوا )) .
(2) في (ص) : (( نعم نعلم )) .
(3) في (ب) : (( فَقَالَ )) .
(4) لم ترد في (ص) .
(5) في(ب) : (( حرمكما )) .
(6) في ( ص ) : (( أخبركم )) ، وفي ( س ) و ( ه) : (( أبركم )) ، وما أثبتناه من (ب) : وَهُوَ الموافق للعجاب ، وَهُوَ من الميرة . والميرة : ما يتمون بِهِ الإنسان .
(7) في (ص) : (( غَيْر )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( وقالوا )) .
(9) في (ص) : (( رأياه إذ )) .
(10) أورده الحافظ ابن حجر في العجاب : 509 بقوله : (( قال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس )) . وقال في فتح الباري عقيب (4552) : (( وقص الكلبي في تفسيره في ذلك قصةً طويلةً ، وهي محتملة أيضاً. لكن المعتمد في ذَلِكَ ما ثبت في الصحيح )) .(1/245)
وَقَالَ عكرمة : نزلت في أبي رافع ، وكِنانَة بن أبي الحقيق ، وحيي بن أخطَب ، وغيرهم من رؤساء اليهود ، كتموا ما عهد الله إليهم في التوراة ، من شأن مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - وبدَّلوه وكتبوا بأيدهم غيره ، وحلفوا أنه من عند الله لئلا يفوتهم الرّشا والمآكل التي كانت لهم (1) عَلَى أتباعهم (2).
قوله - عز وجل -: { مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَاب … الآية } [آل عمران : 79].
قَالَ الضحاك ومقاتلٌ : نزلت في نصارى نجران / 31 ب / حين عبدوا عيسى . وقوله : { لِبَشَرٍ } يعني عيسى { أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَاب } يعني : الإنجيل (3).
وَقَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة الكلبي وعطاء : إنَّ أبا رافع اليهودي والرِّبِّيس (4) من نصارى نجران ، قَالا : يا مُحَمَّد ، أتريد أن نعبدك ونتخذك رباً ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -:
(( معاذ الله أن يُعبد غَيْر الله أو نأمر بعبادة غَيْر الله، ما بِذَلِكَ بعثني، ولا بِذَلِكَ أمرني )). فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (5).
__________
(1) لم ترد في (ص) .
(2) أخرجه الطبري في التفسير 3/321 ، والبغوي في التفسير 1/459 من طريق ابن جريج ، عن عكرمة ، قال : حدثني سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس. وانظر الدر المنثور 2/245.
(3) تفسير البغوي 1/463 .
(4) في (ه) : (( والرئيس )) ، وفي (ص) : (( الرويس )) ، وفي الدر المنثور : (( فَقَالَ رجلٌ مِنْ أهل نجران نصراني يقال لَهُ :الرئيس )) . والربيس : الكثير المال . انظر : المعجم الوسيط : 322 .
(5) أخرجه الطبري في التفسير 3/325 ، والبيهقي في الدلائل 5/384 .من طريق محمد بن أبي محمد ، عن سعيد بن جبير أو عكرمة ، عن ابن عباس ، ومحمد بن أبي محمد مجهول. وأورده السيوطي في الدر 2/250 وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم .(1/246)
وقال الحسن (1): بلغني أن رجلاً قَالَ: يارسول الله، نسلم عليك كما يسلم بعضنا عَلَى بعض ، أفلا نسجد لك ؟ قَالَ : (( لا ينبغي أن يُسْجَدَ لأحدٍ مِنْ دُوْنَ الله ، وَلَكِنْ أكرموا نبيكم ، واعرفوا الحق لأهله )) ، فأنزل الله هَذِهِ الآية.
__________
(1) أورده السيوطي في الدر 2/250 ونسبه لعبد بن حميد . وهو مرسل.(1/247)
ولما أردت أن أبتني بفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وَاعَدْت رجلاً صَواغاً من بني قينقاع أن يرتحل معي (1) فَنَأتي بإذْخَر أردت أن أبيعه من الصوَّاغين فأستعين به في وليمة عرسي ، فبينا (2) أنا أجمع لشارفيَّ متاعاً من الأقتاب والغرَائِر والحبال ، وشارفاي مناختان إلى جنب حجرة رجلٍ من الأنصار أقبَلتُ فإذا أنا بشارفيّ قد أُجِبَّتْ(3) أَسنِمَتُها وبُقِرَت خواصرها وأُخذت من أكبادها ، فلم أملك عيَنَيَّ حين رأيت ذَلِكَ المنظر ، وقلت من فعل هذا ؟ فقالوا : فعله حمزة بن عَبْد المطلب (4) وَهُوَ في البيت في شَربٍ من الأنصار غنَّت قينةٌ فقالت في غنائِها :
ألا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواءِ ... وهنَّ مُعقَّلاتٌ بالفِنَاءِ
ضع السكين في اللَّبَّاتِ منها ... فَضَرِّجْهُنَّ حمزةُ بالدِّمَاءِ
وأطعم مِنْ شرائحها كباباً ... مُلَهْوَجَةً على وَهَجِ الصِّلاءِ
فأنتَ أبا عُمَارةٍ المُرَجِّى ... لِكَشْفِ الضُّرِّ عَنَّا والبَلاَءِ (5)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فبينما )) .
(3) جاء في حاشية ( ص ) : (( انقطعت )) .
(4) عبد المطلب )) لم ترد في ( ص ) .
(5) الشعر لعبد الله بن السائب المخزومي ، جد أَبِي السائب المخزومي المدني ، كَمَا ذَكَرَ ابن حجر في الفتح 6/200، وفيه البيت الأول والثاني، وفي إكمال المعلم 6/439 ، وإرشاد الساري للقسطلاني في 4/209، وعمدة القاريء للعيني 12/218 مَعَ الثالث وَهُوَ :
وعجل من أطايبها لشرب
قديداً من طبيخ أو شواء
وانظر : معالم السنن للخطابي 3/26 ، واللسان 15/349 ، وحياة الحيوان 2/48-49 .
والشرف : جمع شارف ، وَهِيَ : الناقة المسنة . والنواء : السمان .
انظر : تاج العروس 23/498 ( شرف ) ، و 1/471 ( نوأ ) .(1/248)
فوثب إلى السيف فاجتبَّ أسْنِمَتَهما ، وبقر خواصرهما ، وأخذ من أكبادهما. قال عليٌّ : فانطلقت حتى أدخل على النبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيدُ بن حارثة. قال : فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أتيت/57ب/ لَهُ ، فقال: (( ما لك؟ )) ، فقلت: يا رَسُول الله ، ما رأيت كاليوم ، عدا حمزة عَلَى ناقَتَيَّ فاجتبَّ أسنمتها ، وبقر خواصرها ، وها هو ذا في بيتٍ معه شَرْبٌ.
قال : فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بردائه ، ثُمَّ انطلق يمشي ، فأتبعت أثره أنا وزيد بن حارثة ، حتى جاء البيت الذي هو فيه، فاستأذن فأُذِن له، فإذا هم شَرْبٌ ، فطفق رَسُول الله يلوم حمزة في ما فعل ، فإذا حمزة ثَمِلٌ مُحَمَّرةٌ عيناه ، فنظر حمزة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثُمَّ صَعَّد النظر[ فنظر إلى ركبته ثُمَّ صعَّد النظر فنظر ](1) إلى وجهه ، ثُمَّ قال : وهل أنتم إلا عبيد أبي ؟ فعرف رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ ثَمِل ، فنكص عَلَى عَقِبيه القَهقري فخرج وخرجنا. رَوَاهُ البُخَارِيّ(2) عن أحمد بن صالح. وكانت هذه القصة من الأسباب الموجبة لنزول تحريم الخمر.
قوله - عز وجل - : { لَيْسَ عَلى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا ... الآية } [المائدة : 93].
__________
(1) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(2) صَحِيْح البُخَارِيّ 5/105 (4003) .
وأخرجه أَحْمَد 1/142 ، والبخاري 3/78 (2089) و149 (2375) و4/95 (3091) و7/184 (5793)، ومسلم 6/85 (1989)(1) و6/87 (1979) (2) ، وأَبُو داود (2986).
وذكره ابن عطية في تفسيره 5/28 ، و أَبُو حيان في تفسيره 4/13.(1/249)
(232) أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان المُطَّوِّعي، قال: أَخْبَرَنَا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، قال : أخبرنا أبو يعلى(1) ، قال : حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود العَتَكي، عن حماد ، عن ثابت، عن أنس، قال: كنت ساقي القوم يوم حرمت الخمر في بيت أبي طلحة ، وما شرابهم إلا الفضيخ(2) والبُسْرُ والتمر، وإذا منادٍ ينادي ألا إن الخمر قد حُرِّمت ، قال : فَجَرتْ في سكك المدينة. فقال أبو طلحة : اخرج فارقها،قَالَ : فأرقتها، فقالوا : أو قَالَ بعضهم :قتل فلان وقتل فلان وهي في بطونهم ؛ قَالَ : فأنزل الله تَعَالَى : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا … الآية } [المائدة : 93]. رَوَاهُ البُخَارِيّ(3) عن أبي نعمان ، ورواه مُسْلِم(4) عَن أبي الربيع ، كلاهما عن حمّاد.
(233) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المزكي ، قال : أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن مطر ، قال : أَخْبَرَنَا أبو خليفة ، قال : حَدَّثَنَا أبو الوليد ، قال : حَدَّثَنَا شُعبة ، قال : أَخْبَرَنَا أبو إسحاق ، عن البراء بن عازب ، قال(5)
__________
(1) مسنده (3362) و (3462) .
(2) الفضيخ : هُوَ عصير العنب ، وَهُوَ أيضاً شراب يُتخذ من البسر المفضوخ ( المشدوخ ) وحده من غَيْر أن تمسه النار . انظر : لسان العرب 3/45 ( فضخ ) .
(3) صَحِيْح البُخَارِيّ 3/173 (2464) ،و أحمد 3/227، وأبو داود (3673) ،و الطحاوي في شرح المعاني 4/213 ، والبيهقي في الكبرى 8 / 286 من طرق عن حماد بن زيد ، عن ثابت بِهِ.
(4) صَحِيْح مُسْلِم 6/87 (1980) (3) .
(5) إسناده صَحِيْح ، وسماع شعبة من أَبِي إسحاق جيد ، وَقَدْ تابعه إسرائيل .
…أخرجه الطيالسي (715) ، والترمذي (3050) و (3051) ، و أَبُو يعلى (1719) و (1720) ، والطبري في التفسير 7/37 ، وابن أَبِي حاتم في التفسير 4/1201 (6775) ، وابن حبان (5350) و(5351) ، وذكره البغوي في التفسير 2/83 ، وَلَمْ ينسبه لأحد .(1/250)
مات أُناس من أصحاب رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وهم يشربون الخمر ، فلما حرمت قال أُناسٌ : كيف بأصحابنا(1) ؟ ماتوا وهم يشربونها ؟ فَنَزَلت هذه الآية : { لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا … الآية } [المائدة : 93] .
قوله - عز وجل - : { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ … الآية } [المائدة :100]
(234) أخبرنا الحَاكِم أبو عبد الرحمان الشَّاذياخي ، قال : أخبرنا الحَاكِم أبو
عبد الله محمد بن عبد الله البيِّع . قال : أخبرني محمد بن القاسم المؤدب ، قال : حَدَّثَنَا محمد بن يعقوب الرازي . قال : حَدَّثَنَا إدريس بن علي الرازي ، قال : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن الضُّريس ، قال : حَدَّثَنَا سفيان ، عن محمد بن سوقة ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر، قال (2)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( لأصحابنا )) .
(2) إسناده حسن ؛ يَحْيَى بن الضريس : صدوق حسن الْحَدِيْث ، وهذا الْحَدِيْث مِمَّا تفرد بِهِ المؤلف
– رَحِمَهُ اللهُ – فإنا لَمْ نجده إلا ما عزاه السيوطي فِي لباب المنقول : 98 للأصفهاني فِي الترغيب . والحديث ذكره المصنف فِي الوسيط 2/233 ، والسمرقندي فِي بجر العلوم 1/461 وقال : (( فِي رواية الكلبي : نزلت فِي شأن حجاج اليمامة …)) .(1/251)
: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إن الله - عز وجل - /58 أ/حرَّم عليكم عبادة الأوثان ، وشرب الخمر، والطعن في الأنساب ، ألا إن الخمر لُعن شاربها وعاصرها وساقيها وبائعها وآكل ثمنها )) . فقام إليه أعرابي ، فقال :يا رسول الله ، إني كنت رجلاً كانت هذه تجارتي فاعْتَقَبْتُ (1) من بيع الخمر مالاً، فهل ينفعني ذَلِكَ المال إن عملت فيه بطاعة الله ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( إن أنفقته فِي حج أو جهاد أو صدقة (2) لم يعدل عند الله جناح بعوضة ، إن الله لا يقبل إلا الطيب )) . فأنزل الله - عز وجل - تصديقاً لقول رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : { قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } [المائدة :100] فالخبيث الحرام .
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة : 101]
(235) أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكّي ، قال : أخبرنا مُحَمَّد بن مكي (3) ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يوسف ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسماعيل البخاري(4) ، قال : حَدَّثَنَا الفضل بن سهل ، قال : حَدَّثَنَا أبو النضْر ، قال : حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَة ، قال : حَدَّثَنَا أبو جُوَيْرِيَة ، عن ابن عباس ، قَالَ (5) :كان قوم يسألون رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - استهزاءً ، فيقول الرجل: من أبي ؟ ويقول الرجل تضل ناقته: أين ناقتي؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية(6):
__________
(1) في ( ص ) : (( واستفدت )) .
(2) لم ترد في ( ص ) .
(3) في ( ب ) : (( مُحَمَّد بن مكي بن يوسف )) .
(4) صحيح البخاري 6/68 (4622) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 7/80 ، والطبراني في الكبير (12695) ، والبغوي في تفسيره 2/92 .
وذكره السيوطي في الدر المنثور3/205 .
(6) فِي ( س ) و ( ه) :(( تعالى فيهم )) .(1/252)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة : 101]
حتى فرغ من الآية كلها .
(236) أخبرنا أبو سعيد النصرويي ، قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي ، قال: حَدَّثَنَا عبد الله ابن احمد بن حنبل ، قال: حدثني أبي(1) ، قال : حدثنا منصور بن وَردَان الأسدي، قال حدثنا علي بن عبد الأعلى، عن أبيه ، عن أبي البختري ، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، قال(2) لما نزلت هذه الآية: { وَلِلهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبيْتِ } [آل عمران: 97] قالوا : يا رسول الله أفي كل عام ؟ فسكت ثُمَّ قالوا: أفي كل عام ؟ فسكت ، ثُمَّ قَالَ في الرابعة : (( لا ، ولو قُلتُ : نعم لوجبت )) . فأنزل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ } [المائدة : 101].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ... الآية } [المائدة : 105] .
__________
(1) فِي مسنده 1/113 .
(2) إسناده ضعيف ؛ فِيْهِ علتان: الأولى: ضعف عَبْد الأعلى بن عامر الثعلبي والد عَلِيّ . والثانية : الانقطاع ، فإن أبا البختري واسمه سَعِيد بن أبي عمران ويسمى سَعِيد بن فيروز لَمْ يدرك علياً . أخرجه ابن ماجه (2884) ، والترمذي (814) و (3055)، والبزار (913) ،وأبو يعلى (517) و (542) ، وابن حاتم فِي تفسيره 4/1217 (6875) ، والحاكم 2/293 .
وذكره البغوي في تفسيره 2/92 .(1/253)
قال الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس (1) : كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أهل هَجَر – وعليهم مُنذر بن ساوى – يدعوهم إلى الإسلام ، فإن أبوا فليؤَدُّوا الجزية. فلما أتاه الكتاب عرضه على من عنده من العرب واليهود والنصارى والصابئين والمجوس ، فأقروا بالجزية ، وكرهوا الإسلام. فكتب(2) إليه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أما العرب فلا تقبل منهم إلا الإسلام أو السيف ، وأما أهل الكتاب والمجوس فاقبل منهم الجزية )) . فلما قرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلمت العرب ، وأما أهل الكتاب والمجوس فأعطوا الجزية/58ب/ ، فَقَالَ منافقوا العرب : عجباً من محمدٍ ، يزعم أن الله بعثه ليقاتل الناس كافة حتى يسلموا ، ولا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب ، فلا نراه إلا قد(3) قبل من مشركي أهل هجر ما ردَّ على مشركي العرب ! فأنزل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ } [المائدة : 105] يعني من ضلَّ من أهل الكتاب .
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُم... الآية } [المائدة : 106].
(237) أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر الغازي ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قال : أخبرنا أبو يعلى(4) ، قال : حَدَّثَنَا الحارث بن سريج ، قال: حَدَّثَنَا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أبي القاسم ، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس(5)
__________
(1) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/463 ، وابن الجوزي في زاد المسير 2/441 .
(2) فِي ( س ) و ( ه): (( وكتب )) .
(3) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(4) مسنده ( 2453 ) 0
(5) إسناده ضعيف ؛ لضعف الحارث بن سريج فَقَدْ ضعفه ابن مَعِيْنٍ ، والنسائي وموسى بن هارون وابن عدي . انظر : الكامل 2/468 ، والميزان 1/433 (1619).
لكن تابعه جمع من الثقات كما هو فِي مصادر التخريج فصح الحديث والحمد لله .
أخرجه البخاري 4/16( 2780 ) ، وفي التاريخ الكبير ، له 1/215(676) ، وأبو داود (3606) ، والترمذي (3059) و (3060) ، والطبري فِي التفسير 7/115 ، وابن أبي حاتم فِي التفسير 4/1230(6941) ، وأبو جعفر النحاس فِي الناسخ والمنسوخ : 164 ، والطحاوي فِي شرح المعاني (4546) و (4547) ، والطبراني فِي الكبير (12509) و 17/(268) ، والدارقطني 4/168و 169 ، والسمرقندي فِي تفسره 1/465 ، والبيهقي 10/165 ،والمزي فِي تهذيب الكمال 18/312 .
وذكره ابن الجوزي فِي زاد المسير 2/44 ، والثعالبي فِي تفسيره 2/431 .(1/254)
، قال : كان تميم الداري وعَدِي بن بَدَّاء يختلفان إلى مكة : فصحبهما رجلٌ من قريش من بني سهمٍ ، فمات بأرضٍ ليس بها أحد من المسلمين ، فأوصى إليهما بتركته ، فلما قدما دفعاها إلى أهله، وكتما جاماً(1) كان معه من فضةٍ مُخَوَّصاً بالذهب، فقالا : لم نره. فَأُتِىَ بهما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فاستحلفهما بالله ما كتما ولا أطلعا وخلى سبيلهما، ثم إن الجام وجد عند قومٍ من أهل مكة ، فقالوا: ابتعناه من تميم الدَّاري وعدي بن بَدَّاء. فقام أولياء السَّهمي فأخذوا الجام وحلف رجلان منهم بالله إنَّ هذا الجام جام صاحبنا ، وشهادتنا أحق من شهادتهما ، وما إعتدينا. فَنَزَلت هاتان الآيتان : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْت } [المائدة : 106] إلى آخرها(2) والله أعلم بالصواب (3) .
سورة الأنعام
e
قوله - عز وجل - : { وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ... الآية } [الأنعام : 7].
قَالَ الكلبي (4)
__________
(1) الجام : إناء من فضة . انظر لسان العرب (12/112 ، جوم ).
(2) كتب ناسخ (ب) في هذا الموضع ( بلغ مقابلة ) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة منها وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها .
(3) الجملة الأخيرة لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(4) ذكره البغوي في تفسيره 2/ 110 ، وابن الجوزي في زاد المسير 3/7 ولم ينسبهُ لأحد ، والقرطبي
في تفسيره 3/2390 وقال : (( قَالَ الكلبي : نزلت فِي النضر بت الحارث وعبد الله بن أمية ونوفل بن خويلد ، قالوا : { لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً } [الإسراء : 90] .(1/255)
: إن مشركي مكة قالوا : يا مُحَمَّد ، لن(1) نؤمن لَكَ حتى تأتينا بكتابٍ من عند الله ، ومعه أربعةٌ من الملائكة يشهدون أنه من عند الله وأنك رسوله. فَنَزَلت هذه الآية .
قوله - عز وجل - : { وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَار ... الآية } [الأنعام : 13].
قَالَ الكلبي عن ابن عباس (2): إن كفار مكة أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا مُحَمَّد، إنا قد علمنا أنه إنما يحملك على هذا الأمر الذي تدعو إليه الحاجة، فنحن نجعل لك نصيباً في أموالنا حتى تكون من(3) أغنانا رجلاً، وترجع عما أنت عَلَيْهِ. فَنَزلت هَذِهِ الآية.
قوله - عز وجل - : { قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً ... الآية } [الأنعام : 19] ./59أ/
قَالَ الكلبي (4): إن رؤساء مكة قالوا : يا مُحَمَّد ، ما نرى أحداً يصدِّقك بما تقول من أمر الرسالة ، ولقد سألنا عنك اليهود والنصارى فزعموا أن ليس لك عندهم ذكرٌ ولا صفةٌ ، فأرنا من يشهد لك أنك رسول كما تزعم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْك... الآية } [الأنعام : 25].
قال ابن عباس في رواية أبي صالح (5) : إن أبا سفيان بن حربٍ ، والوليد بن
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( والله لا )) .
(2) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 3/9 ، والقرطبي في تفسيره 3/2393 .
(3) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(4) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/ 477 ولم ينسبهُ لأحد ، والبغوي في تفسيره 2/115، وابن الجوزي في زاد المسير3/13، وأبو حيان في البحر المحيط 4/89 .
(5) ذكره البغوي في تفسيره 2/117 ، وابن الجوزي في زاد المسير 3/ 18 ، والقرطبي في تفسيره 3/2402.(1/256)
المغيرة ، والنَّضر ابن الحارث، وعُتبة وشيبة ابنا ربيعة ، وأمية وأُبيَّاً ابنا خلف؛ استمعوا إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا للنضر: يا أبا قُتيلة ، ما يَقُولُ محمدٌ ؟ فقال: والذي جعلها بيته ما أدري ما يقول ، إلا إني أرى تحريك شفتيه يتكلم بشيءٍ ، وما يقول إلا أساطير الأولين مثل ما كنت أحدثكم عن القرون الماضية. وكان النضر كثير الحديث عن القرون الأولى ، وكان يحدّث قريشاً فيستملحون(1) حديثه. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ... الآية } [الأنعام : 26].
(238) أخبرنا عبد الرحمان بن عبدان، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن نُعَيْم(2)، قال: حَدَّثَنَا علي بن حَمشاذ (3) ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مَنْدَه الأصفهاني ، قال : حَدَّثَنَا بكر بن بكَّار ، قال : حَدَّثَنَا حمزة بن حبيب ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس في قوله : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } [الأنعام : 26] قال(4)
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( فيستمعون )) .
(2) هُوَ أبو عَبْد الله الحَاكِم ، والحديث في المستدرك 2/315 .
(3) اللباب : 1 /389 .
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف بكر بن بكار .
أخرجه الحاكم 2/315 من هذا الوجه .
وأخرجه الطبري فِي التفسير 7/173 عَنْ طريق سفيان ، عَنْ حبيب بن أبي طلحة ، عمن سمع ابن عباس . وَهُوَ ضعيف لإبهام شيخ حبيب .
وأخرجه الطبراني فِي الكبير (12682) من طريق قيس بن الربيع ، وَهُوَ ضعيف ؛ لضعف قيس بن
الربيع .
وقد أخرج الطبري فِي التفسير 7/172 بسند منقطع من طريق علي بن أبي طلحة، عَن ابن عباس فِي قوله تعالى : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ } ، قَالَ: يعني : ينهون الناس عَنْ مُحَمَّد أن يؤمنوا به ، وينأون عَنْهُ ، يعني ، يتباعدون منه . وهذا التفسير الثاني لابن عباس هو الذي اختاره الطبري ورجحة . وقال عَنْهُ الحافظ ابن كثير 3/242:(( وهذا القول أظهر )) .
وأخرجه أبو حاتم فِي تفسيره 4/1276(7199) ، والبغوي 2/118 ، وابن الجوزي فِي زاد المسير 3/20 ، وأبو حيان فِي البحر المحيط 4/99 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 3/260 .(1/257)
: نزلت في أبي طالب ، كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتباعد عن ما جاء به.
وهذا قول عطاء (1) بن دينار ، والقاسم بن مُخيمَرة (2) .
قال مقاتل (3): وذلك أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ عند أبي طالب يدعوه إلى الإسلام ، فاجتمعت قريش إلى أبي طالب يريدون سوءاً بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أبو طَالِب (4) :
والله لَن يَصلوا إليك بِجَمعهم ... حتَّى أوسَّد في التراب دفينا
فاصدَع بأمرك ما عليك غَضاضةٌ ... وأبشِر وقر بذلك منك عيونا
وعرضت ديناٍ لا محالة أنَّهُ ... من خير أديان البريَّة دينا
لولا الملامة أو حِذاري سُبَّةً ... لوجدتني سَمْحاً بذاك مُبينا (5)
فأنزل الله تعالى هذه الآية فيهم(6) : { وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْه... } [الأنعام : 26].
وَقَالَ مُحَمَّد بن الحنفية والسُّدِّي والضَّحّاك (7) : نزلت في كفار مكة ، كانوا ينهون الناس عن اتباع مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - ويتباعدون بأنفسهم عَنْهُ. وهو قول ابن عباس في رواية الوالبي/59ب/ .
قوله - عز وجل - : { قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ ليحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ... الآية } [الأنعام : 33].
__________
(1) فِي ( ب ) : (( عمرو )) ، ونقل ابن الجوزي هذا القول عَنْ عمرو وعطاء ابني دينار كليهما .
(2) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير3/20 ، والسيوطي في الدر المنثور3/260 .
(3) ذكره البغوي في تفسيره : 2 / 118 ، وابن الجوزي في زاد المسير : 3/21 ، وأبو حيان في البحر المحيط 4/100 .
(4) ديوان أبي طالب 176-177، والبغوي 2/118، وأبو حيان في البحر 4/100 ، والقرطبي 3/2403، والخازن 2/127 .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( متينا )) .
(6) هذه الآية فيهم )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(7) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/479،والبغوي في تفسيره 2/ 118،وأبو حيان في البحر المحيط4/100 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/261 .(1/258)
قال السُّدِّي (1): التقى الأخْنَس بن شُرَيق (2)، وأبو جهل بن هشام، فَقَالَ الأخنس لأبي جهل : يا أبا الحكم ، أخبرني عن مُحَمَّد أصادقٌ هو أم كاذبٌ ؟ فإنه ليس هاهنا أحدٌ يسمع كلامك غيري. فقال أبو جهل: والله إن محمداً لصادق، وما كذب محمدٌ قط، ولكن إذا ذهب بنو قُصَيٍّ باللواء والسِّقاية والحِجابة والنَّدوة والنُّبُوَّة فماذا يكون لسائر قريش ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية.
وَقَالَ أبو ميسرة (3): إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مرَّ بأبي جهلٍ وأصحابه،فقالوا : يا مُحَمَّد ، إنا والله ما نكذبك ، وإنك لصادق عندنا (4) ، ولكن نكذب ما جئت بِهِ . فَنَزَلت هذه الآية (5) : { فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ } [الأنعام : 33].
وقال مقاتلٌ: نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف بن قُصَي بن
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 7/ 181، وذكره البغوي في تفسيره 2/120 ، وابن الجوزي في زاد المسير 3/28 .
(2) في ( ص ) : (( بن أبي شريك )).
(3) أخرجه الترمذي (3064) والحاكم 2/315 ، والدارقطني فِي العلل 4/143-144 ، والضياء فِي المختارة (748) بسند ضعيف عَن علي بن أبي طالب: أن أبا جهل قَالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إنا لا نكذبك )) ثُمَّ ساقه مرسلاً فِي (3064م) وقال :(( وهذا أصح )) وأخرجه مرسلاً أيضاً عبد بن حميد وابن المنذر كما ذكره الشوكاني فِي فتح القدير 2/113، وذكره السمرقندي في تفسيره 1/481 ، والبغوي في تفسيره2/121، والسيوطي في الدر المنثور3/264 وزاد نسبته لابن أبي حاتم، وأبي الشَّيْخ، وابن مردويه.
(4) فِي ( س ) و ( ه) :(( عندنا الصادق )) .
(5) هذه الآية )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .(1/259)
كِلاب ، كان يكذب النبي - صلى الله عليه وسلم - في العلانية ، فإذا خلا مع أهل بيته ، قال : ما محمدٌ من أهل الكذب ، ولا أحسبه إلا صادقاً. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ... الآية } [الأنعام : 52].
(239) أخبرنا أبو عبد الرحمان مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا الحسين بن محمد بن مُصعب ، قال : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حكيم ، قال: حَدَّثَنَا أبو داود ، قال : حَدَّثَنَا قيس بن الربيع ، عن المِقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن سعد ، قَالَ : نزلت هذه الآية فينا ستة : فيَّ ، وفي ابن مسعود ، وصُهَيب ، وعمَّار، والمِقداد ، وبلال ؛ قالت قريش لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنا لا نرضى أن نكون أتباعاً لهؤلاء فاطردهم عنك(1). فدخل قلب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - مِنْ ذَلِكَ ما شاء الله أن يدخل. فأنزل الله تعالى هذه الآية(2) : { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ… الآية } [الأنعام : 52]. رواه مسلم(3) عَنْ زهير بن حرب ، عَنْ عبد الرحمان ، عَن سفيان ، عَنْ المقدام .
__________
(1) لم ترد في ( ص ) .
(2) فِي ( س ) و ( ه) : (( عَلَيْهِ )) فقط .
(3) صحيح مُسْلِم : 7 /127(2413) (45) ، وأخرجه عبد بن حميد (131) ،وابن ماجه (4128) ، والنسائي فِي فضائل الصحابة (116) و (133) و (160) و (162)، وفي سننه الكبرى (8220) و(8237) و (8264 ) ، وأبو يعلى (826) ، وابن حبان (6573) والحاكم 3/319 ( وذكر أنهم خمسة ) . وذكره السمرقندي في تفسيره 1/486 ، وأبو حيان في البحر المحيط 4/135 .(1/260)
(240) أخبرنا أبو عبد الرحمان ، قال : أخبرنا أبو بكر بن أبي (1) زكريا الشيباني، قال : أخبرنا أبو العباس مُحَمَّد بن عبد الرحمان ، قال : حَدَّثَنَا أبو صالح الحسين بن الفرج، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن مقاتل المَرْوَزي ، قال: حَدَّثَنَا حكيم بن زيد ، قال: حدثنا السُّدّي ، عن أبي سعيد ، عن أبي الكنود ، عن خبّاب بن الأرتّ ، قال (2): فينا نزلت ، كنا ضعفاء عند النبي - صلى الله عليه وسلم - بالغداة والعشي، يعلّمنا (3) القرآن والخير ، وكان يخوفنا
بالجنة(4) والنار، وما ينفعنا، وبالموت والبعث، فجاء الأقرع بن حابس التميمي وعُيَيْنَة بن حِصن الفَزَاري، فقالا: إنا من أشراف/60 أ/ قومنا، وإنا نكره أن يرونا معهم، فاطردهم إذا جالسناك. قال: نعم، قالوا: لا نرضى حتى نكتب بيننا كتاباً فأتى بأدِيمِ ودواةٍ، فَنَزَلت هؤلاء الآيات : { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ } [الأنعام : 52] إلى قوله تعالى : { وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ } [الأنعام : 53] .
(241) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ : أخبرنا أبو مُحَمَّد بن حيان ، قَالَ :
__________
(1) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(2) إسناده ضعيف ؛ أبو سَعِيد الأزدي مقبول حَيْثُ يتابع وإلا فضعيف ، وَلَمْ يتابع وَهُوَ حَدِيْث غريب فِي تفسير هَذِهِ الآية فإن الآية مكية والأقرع بن حابس وعيينة إِنَّمَا اسلما بَعْدَ الهجرة .أخرجه ابن ماجه (4127) ، والطبري في تفسيره 7/201 ، والطحاوي في شرح المشكل الآثار ( 367 ) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1297(7331) ، والبيهقي في دلائل النبوة 1/352 ، والمصنف في تفسيره 2/274 .
(3) فِي ( س ) و ( ه): (( فعلّمنا )) .
(4) لم ترد في ( ص ) .(1/261)
حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى الرازي (1) ، قَال : حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أسباط بن مُحَمَّد ، عن أشعث، عن كُرْدُوس، عن ابن مسعود ، قال (2): مرَّ الملأ من قريش عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه(3) خباب (4)وصهيب وبلال وعمار ، فقالوا يا محمد رضيت بهؤلاء ؟ أتريد أن نكون تبعاً لهؤلاء ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ } [الأنعام : 52]
(242) وبهذا الإسناد قَالَ (5): حَدَّثَنَا عبيد الله ، عَن أبي جعفر ، عَن الربيع ،
قَالَ (6): كَانَ رجالٌ يسبقون إلى مجلس رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - منهم بلال وعمار(7) وصهيب وسلمان، فيجيء أشراف قومه وسادتهم وقد أخذ هؤلاء المجلس فيجلسون إليه ، فقالوا : صهيبٌ روميٌّ ، وسلمانٌ فارسيٌّ ، وبلالٌ حبشيٌ ، يجلسون عنده ونحن نجيءُ فنجلس ناحيةً ! وذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : إنا سادة قومك وأشرافهم ، فلو أدنيتنا منك إذا جئنا ، فَهَمَّ أن يفعل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
__________
(1) لم ترد في (ب) .
(2) إسناده ضعيف ، لضعف أشعث وَهُوَ ابن سوار الكندي ، أخرجه أحمد 1/420 ، والطبري في تفسيره 7/200، والطبراني في الكبير (10520) من طرق عَنْ أشعث ، به .
(3) فِي ( س ) و ( ه) : (( وعنده )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( خباب بن الأرت )) .
(5) في ( ب ) و ( ص ) : (( عَن سهل )) .
(6) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4/ 1298 (7332) .
وذكره السمرقندي في تفسيره 1/487 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/274 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد، وأبي الشَّيْخ .
(7) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) .(1/262)
وقال عكرمة (1):جاء عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، ومُطْعِم بن عَدِي ، والحارث ابن نوفل ، في أشراف بني عبد مناف من أهل الكفر ، إلى أبي طالب فقالوا :
لو أن ابن أخيك محمداً يطرد عَنْهُ موالينا وعبيدنا وعُسَفَائنا (2) كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا ، وأدنا لإتباعنا إياه وتصديقنا لَهُ . فأتى أبو طالب النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثه بالذي كلموه ، فقال عُمَر بن الخطاب : لو فعلت ذلك حتى ننظر ما الذي يريدون ؟ وإلامَ يصيرون مِنْ قولهم ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية . فَلَمَّا نزلت أقبل عمر بن الخطاب يعتذر من مقالته .
قوله - عز وجل - : { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ …الآية } [الأنعام : 54] .
قَالَ عِكرمة (3) : نزلت في الذين نهى الله تعالى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عن طردهم ، فكان إذا رآهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بدأهم السلام ، وقال : " الحمد لله الذي جعل في أُمتي من أمرني أن أبدأهم بالسلام " .
وقال ماهان الحنفي (4)
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 7/202 ، وانظر : تفسير الخازن 2/ 137 .
(2) في ( ص ) : (( عتقائنا )) .
(3) أخرجه الطبري 7/202 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 3/272 – 273 نسبته لابن المنذر مطولاً بذكر قصة . وذكره المصنف في الوسيط 2/276 ، والبغوي 2/127 دون إسناد وقد قرن المصنف في الوسيط مَعَ عكرمة الحسن ، وانظر : تفسير الخازن 2/ 138 .
(4) أخرجه سفيان الثوري في تفسيره ( 266 ) عَن مجمع عَن ماهان بِهِ ومن طريقه مسدد كما في المطالب العالية ( 3613 ) ، والطبري في تفسيره 7/207 ، وابن أبي حاتم في تفسيره ( 7345 ) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/276 وزاد نسبته إلى الفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وأبي الشَّيْخ.
والظاهر أنه متصل إلا أن الإمام البخاري ذكر أن هذا الإسناد منقطع .راجع : التاريخ الكبير 7/409 (1794) .(1/263)
: أتى قومٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنا أصبنا ذنوباً عِظاماً ، أخاله ردَّ عليهم بشيء ، فلما ذهبوا وتولوا نزلت هذه الآية : { وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنَا … الآية } [الأنعام : 54] .
قوله - عز وجل - : { قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي… الآية } [الأنعام : 57]
قَالَ الكلبي (1): نزلت في النضر بن الحارث ، ورؤساء /60ب/قريش ، كانوا يقولون : يا مُحَمَّد ، ائتنا بالعذاب الذي تعدنا به . استهزاءً منهم ، فَنَزَلت هذه الآية.
قوله - عز وجل -: { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ...الآية } [الأنعام :91] .
قال ابن عَبَّاس في رواية الوالبي(2) : قالت اليهود : يا مُحَمَّد ، أنزل الله عليك
كتاباً ؟ قَالَ: (( نعم )) ، قالوا: والله ما أنزل الله مِن السماء من كِتَاب(3)، فأنزل الله تَعَالَى: { قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاس } [الأنعام :91] .
__________
(1) الكلبي كذاب ، وهذا لا شيء .
(2) أخرجه الطبري 7/268 ، وابن أبي حاتم (7951) مِنْ طريق معاوية ، عَن علي بن أبي طلحة ، عَن ابن عَبَّاس ، بِهِ وزاد السيوطي في الدر المنثور 7/313 نسبته لابن المنذر وأبي الشَّيْخ ، وابن مردويه وذكره الخازن فِي تفسيره 2/ 158 .
(3) فِي ( س ) و ( ه) : (( كتاباً )) .(1/264)
وقال مُحَمَّد بن كعب القرظي (1) : أمر الله مُحَمَّداً - صلى الله عليه وسلم - أن يسأل أهل الكتاب عن أمره وكيف يجدونه مكتوباً(2) في كتبهم ؟ فحملهم حسد محمدٍ أن كفروا بكتاب الله ورسوله(3) ، وقالوا : ما أنزل الله عَلَى بشرٍ من شيء ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية .
وقال سعيد بن جبير(4) : جاء رجل من اليهود يقال له : مالك بن الضيف ، فخاصم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لَهُ(5) النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى ، أما تجد في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين ؟ )) وكان حبراً سميناً ، فغضب وَقَالَ: والله ما أنزل الله عَلَى بشرٍ مِنْ شيء ، فَقَالَ لَهُ أصحابه الذين مَعَهُ : ويحك ولا عَلَى موسى ؟ فقال: والله ما أنزل الله على بشر من شيء فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيّ…الآية } [الأنعام : 93] .
نزلت في مسيلمة الكذاب الحنفي ، كان يسجع ويتكهن ، ويدعي النبوة ، ويزعم أن الله أَوحى إليه (6).
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ ... } [الأنعام : 93] .
__________
(1) ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/315 ، وعزاه إلى أبي الشَّيْخ ، وأخرجه الطبري في تفسيره 7/267، وذكره الخازن فِي تفسيره 2/ 158 ، بنحوه مطولاً .
(2) لم ترد فِي ( ب ) .
(3) فِي ( ب ) : (( رسله )) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 7/267 ، وابن أبي حاتم في تفسيره (7597) مِنْ طريق يعقوب القمي عَن جعفر بن أبي المغيرة ، عَن سَعِيد بن جبير ، بِهِ ، وذكره الخازن فِي تفسيره 2/ 158 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 3/ 314 نسبته لابن المنذر ، وَهُوَ مرسل .
(5) سقطت من ( ب ) .
(6) وهذا منقول مِنْ قول قتادة وعكرمة . انظر : تفسير الطبري7 /273، والخازن 2/ 160 ، والدر المنثور 3/317.(1/265)
نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح،كان قد تكلم بالإسلام، فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فكتب(1) له شيئاً ، فلما نزلت هذه الآية التي في المؤمنين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ } [المؤمنون : 12] أملاها عليه فلما انتهى إلى قوله: { ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ } [المؤمنون: 14] عجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان فَقَالَ: { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ } [المؤمنون : 14] فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هكذا أُنزلت عليَّ )) ، فَشكَ عدو(2) الله حينئذٍ، وقال: لئن كَانَ محمدٌ صادقاً لقد أُوحي إليَّ كما أوحي إليه(3)، ولئن كان كاذباً لقد قلتُ كما قال. وذلك قوله: { سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّه } [الأنعام: 93] وارتد عن الإسلام . وهذا قول ابن عباس في رواية الكلبي(4) .
(243) أخبرنا عبد الرحمان بن عبدان ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( يكتب )) .
(2) فِي ( س ) : (( عبد )) .
(3) كما أوحي إليه )) .
(4) ذكره البغوي ( 884 ) ، والقرطبي في تفسيره 3/2476 . والكلبي معروف حاله .(1/266)
نعيم ، قال : حدثني مُحَمَّد بن يعقوب الأموي ، قال: حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، قال: حَدَّثَنَا يونس ابن بكير ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، قال :حدثني شرحبيل بن سعد ، قال : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، قال : سأُنزل مثل ما أنزل الله ، وأرتد عن الإسلام ، فلما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة فرَّ إلى عُثْمَان/61أ/ وكان أخاه من الرضاعة فغيبه عنده ، حتى(1) اطمأن أهل مكة ثُمَّ أتى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأمن له(2) (3).
قوله - عز وجل - : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ ... } [الأنعام : 100] .
قال الكلبي (4): نزلت هذه الآية في الزنادقة ، قالوا: إن الله تعالى وإبليس أخَوَان ، والله خالق الناس والدواب والأنعام(5)، وإبليس خالق الحيَّات والسباع والعقارب، فذلك قوله : { وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ } [الأنعام : 100] .
قوله - عز وجل - : { وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ …الآية } [الأنعام: 108].
قال ابن عَبَّاس في رِوَايَة الوالبي(6)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( حتى إذا )) .
(2) فِي ( س ) و ( ه) وردت العبارة هكذا : (( أتى به عُثْمَان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستأمن له )) .
(3) إسناده ضَعِيف، لضعف شرحبيل بن سعد ،ثُمَّ هُوَّ مرسل أخرجه الحَاكِم 3/45-46 وَلَمْ يحكم عَلِيهِ.
(4) ذكره البغوي في تفسيره 2/ 147 ، والقرطبي فِي تفسيره 3/ 2488 ، والخازن فِي تفسيره 2/ 165 ، دون إسناد .
(5) لم ترد فِي ( ب ) .
(6) أخرجه الطبري 7 /309 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1366 (7760 ) ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 3/ 338 نسبته إلى ابن المنذر ، وابن مردويه ، وانظر تفسير القرطبي 3/ 2497 ، والخازن
2/170، وابن كثير 2/ 224 .(1/267)
: قالوا : يا محمد ، لتنتهينَّ عن سبك آلهتنا أو لنهجونَّ ربك ، فنهاهم(1) الله أن يسبوا أوثانهم فيسبوا الله عدواً بغير علم.
وقال قتادة (2): كان المسلمون يسبون أوثان الكفار فيردون ذلك عليهم ، فنهاهم الله تعالى أن يستَسبُّوا لربهم قوماً جهلة لا علم لهم بالله .
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( فنهى )) .
(2) أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره (840)، والطبري 7/ 309 ، وابن أبي حاتم 4/1366 (7761) ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 3/339 نسبته إلى عَبْد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشَّيْخ وانظر تفسير الخازن 2/170 .(1/268)
وقال السّديّ (1) : لما حضرت أبا طالب الوفاة ، قالت قريش : انطلقوا فلندخل على هذا الرجل ، فلنأمرنه (2) أن ينهى عنا ابن أخيه ، فإنا نستحي أن نقتله بعد موته ، فتقول العرب : كان يمنعه فلما مات قتلوه ! فانطلق أبو سفيان ، وأبو جهل ، والنَّضر بن الحارث ، وأُمية وأُبيّ ابنا خلف ، وعقبة بن أبي مُعيْط ، وعمرو بن العاص ، والأسود بن البَختري ؛ إِلَى أبي طالبٍ فقالوا: أنت كبيرنا وسيدنا ،وإن مُحَمَّداً قَدْ آذانا وآذى آلهتنا ، فنحب أن تدعوه فتنهاه عَن ذَكَرَ آلهتنا، ولندعه وإلهه ، فدعاه فجاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ أبو طَالِب : هَؤُلاَءِ قومك وبنو عمك ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ماذا تريدون ؟ )) قالوا : نريد أن تدعنا وآلهتنا وندعك وإلهك . فَقَالَ أبو طالب : قد أنصفك قومك فاقبل منهم . فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أرأيتم إن أعطيتكم هذا هل أنتم مُعْطِيَّ كلمةً إن تكلمتم بها ملكتم العرب ودانت لكم بها العجم؟ )) قال أبو جهل: نعم وأبيك لنعطينكها(3) وعشر أمثالها فما هي ؟ قال : ((قولوا :" لا إله إلا الله ")) . فأبوا واشمأزوا . فقال أبو طالب : قل غيرها يا ابن أخي ؛ فإن قومك قد فزعوا منها. فقال : (( يا عم ، ما أنا بالذي أقول غيرها ، ولو أتوني بالشمس فوضعوها في يدي ما قلت غيرها )) ، فقالوا : لتكفن عن شتمك آلهتنا أو لنشتمنك ونشتم من يأمرك . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 7 / 309 ـ 310 ، وابن أبي حاتم في تفسيره ( 7762 ) ، وانظر : تفسير الخازن 2/ 170 ، وتفسير ابن كثير 2/ 224 .
(2) فِي ( س ) و ( ه) : (( فلنأمره )) .
(3) فِي ( ب ) : (( لنعطينكها وأبيك )) بالتقديم .(1/269)
قوله - عز وجل -: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا…الآية } [الأنعام : 109] إلى قوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } [الأنعام : 111].
(244) أخبرنا مُحَمَّد بن موسى بن الفضل ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب /61ب/ الأموي ، قال : حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حَدَّثَنَا يونس بن بكير ، عن أبي مَعشر ، عن محمد بن كعب ، قال : كلمت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قريشٌ ، فقالوا: يا محمد، إنك(1) تخبرنا أن موسى كانت معه عصى ضربَ بها الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً، وأن عيسى كان يحي الموتى ، وأن ثمود كانت لهم ناقةٌ ، فأتنا ببعض تلك الآيات حتى نصدقك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أيُّ شيءٍ تحبون أن آتيكم بِهِ ))؟ ، فقالوا : تجعل لنا الصفا ذهباً. قَالَ : (( فإن فعلت تصدقوني ))؟ ، قالوا : نعم ، والله لئن فعلت لنتبعنك أجمعين. فقام(2) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ، فجاءه جبريل - عليه السلام - فقَالَ : إن شئت أصبح الصفا ذهباً ، ولكني لم(3) أرسل آية فلم يُصَدَّق بها إلا أنزلت العذاب ، وإن شئت تركتهم حتى يتوب تائبهم. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اتركهم حتى يتوب تائبهم )). فأنزل الله تعالى: { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا } [الأنعام: 109] إلى قوله : { مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ } (4)
__________
(1) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فقدم )) .
(3) فِي ( ب ) : (( ولكن لو )) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 7 / 312 ، وذكره المصنف فِي الوسيط 2 / 311 ، وابن عطية في تفسيره 5/314 ، والقرطبي فِي تفسيره 3/ 2498 ، وأبو حيان في تفسيره 4 / 200 ، والخازن فِي تفسيره 2/170 ـ 171 ، وابن كثير فِي تفسيره 2/ 226 وقال الحافظ ابن كثير : (( وهذا مرسل وله شواهد من وجوه أخرى )) ، والسيوطي فِي الدر المنثور 8/340 ،(1/270)
[الأنعام : 111].
قوله - عز وجل -: { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ... الآية } [الأنعام: 121]
قال المشركون : يا محمد ، أخبرنا عن الشاة إذا ماتت من قتلها ؟ قَالَ : الله قتلها قالوا:
فتزعمُ أن ما قتلت أنت وأصحابك حلالٌ ، وما قتل الكلبُ والصقر(1) حلال، وما قتله الله حرام ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2)
__________
(1) فِي ( ب ) : (( الصقر والكلب )) بالتقديم .
(2) بهذا المعنى وردت عدة روايات عَنْ ابن عباس .
مِنْهَا : ما أَخْرَجَهُ النسائي 7/ 237 ، والطبري فِي تفسيره 8/ 17 ، والحاكم 4/ 233 ، بسند حسن من طريق هارون بن أَبِي وكيع ، عَنْ أَبِيْه ، عَنْ ابن عباس فِي قوله تعالى : { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } قَالَ: خاصمهم المشركون فقالوا: ما ذبح الله فلا تأكلوه ، وما ذبحتم أنتم أكلتموه !! =
= ومنها : ما أَخْرَجَهُ أبو داود ( 2818 ) ، والطبري فِي تفسيره 8/ 17 ، والبيهقي 9/ 241 ،
والسمرقندي فِي تفسيره 1/ 510 من طريق عكرمة ، عَنْ ابن عباس فِي قوله تعالى { وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ } يقولون : ما ذبح الله فلا تأكلوا ، وما ذبحتم فكلوا فأنزل الله - عز وجل - { وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ } .
ومنها : ما أخرجه الترمذي ( 3069 ) من طريق سَعِيد بن جبير ، عَنْ عبد الله بن عباس قَالَ : أتى الناس النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا رَسُول الله أنأكل مما نقتل ولا نأكل مما يقتل الله ؟ فأنزل الله { فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ ـ إِلَى قوله ـ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ } .
ومنها : ما أخرجه أبو داود ( 2819 ) ، والبيهقي 9/ 240 ، من طريق سَعِيد بن جبير ، عَنْ ابن عباس قَالَ: جاءت اليهود إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : نأكل مما قتلنا ولا نأكل مما قتل الله )) فأنزل الله (( وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ )) .
وانظر البغوي فِي تفسيره 2/ 156 ، وابن عطية فِي تفسيره 5/ 333 ، وابن الجوزي فِي تفسيره
3/ 114 ، والثعالبي فِي تفسيره 2/ 511 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 8/ 348 .(1/271)
.
وَقَالَ عكرمة : إن المجوس من أهل فارس لما أنزل الله تَعَالَى تحريم الميتة كتبوا إِلَى مشركي قريش – وكانوا أوليائهم في الجاهلية ، وكانت بَيْنَهُمْ مكاتبةٌ – إن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله ، ثُمَّ يزعمون أن ما ذبحوا فَهُوَ حلال، وما ذبح الله فَهُوَ حرامٌ فوقع في أنفسِ ناسٍ من المُسْلِمِيْنَ من ذَلِكَ شيءٌ ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية(1).
قوله - عز وجل -: { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ ... الآية } [الأنعام : 122].
قال ابن عباس : يريد حمزة بن عبد المطلب وأبا جهل ، وذلك أن أبا جهل رمى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بفرثٍ ، وحمزة لم يؤمن بعد ، فأُخبِرَ حمزة بما فعل أبو جهل ، وهو راجعٌ من قَنصه وبيده قوسٌ ، فأقبل غضبان حتى علا أبا جهلٍ بالقوس وهو يتضرع إليه ويقول: يا أبا يعلى ، أما ترى ما جاء به : سفه عقولنا ، وسب آلهتنا ، وخالف آبائنا ؟ ! قَالَ حمزة : ومن أسفه منكم ؟ تعبدون الحجارة من دُوْنَ الله ، أشهد أن لا إله إلا الله وحده(2) لا شريك لَهُ ، وأن محمداً عبده ورسوله. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (3) .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 8/16 ، وابن أبي حاتم في تفسيره4/1379( 7842) ، وذكره ابن عطيه في تفسيره 5/335 ، وابن الجوزي في تفسيره 3/114 ، والثعالبي في تفسيره 2/ 512 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/348 .
(2) سقطت من ( ب ) .
(3) ذكره البغوي في تفسيره 2/156(890) ، وابن الجوزي في تفسيره 3/116 .(1/272)
(245) أخبرنا أبو بكر /62أ/ الحارثي ، قال : أخبرنا أبو مُحَمَّد بن(1) حيَّان ، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن محمد بن يعقوب، والوليد بن أبان ، قالا: حدثنا أبو حاتم ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو تقيٍّ ، قال : حدثنا بقية بن الوليد ، قال : حدثني مُبَشِّر بن عُبيد ، عن زيد بن أسلم ، في قوله - عز وجل - : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ } [الأنعام : 122] قال عُمَر بن الخطاب - رضي الله عنه - : { كَمَنْ مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا } [الأنعام : 122] قال : أبو جهل بن هشام (2).
سورة الأعراف (3)
F
قوله - عز وجل -: { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف: 31].
__________
(1) لم ترد في ( ص ) .
(2) موضوع آفته .
مبشر بن عبيد ، قَالَ عَنْهُ الإمام أحمد : (( روى عَنْهُ بقية وأبو المغيرة أحاديث موضوعة كذب )) ، وقال مرة : (( ليس بشيء يضع الحديث )) ، وقال ابن حبان : (( روى عَنْ الثقات الموضوعات )) ، وقال الدارقطني : (( متروك يضع الحديث ويكذب )) .
ميزان الاعتدال 3/ 433 ـ 434 ( 7052 ) . أخرجه ابن أبي حاتم فِي تفسيره 4/ 1381
( 7853 ) ، وذكره المصنف فِي التفسير الوسيط 2/ 319 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 3/ 352 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ .
وأخرجه الطبري فِي التفسير 8/ 22 ، وابن أبي حاتم فِي تفسيره 4/ 1381 ( 7852 ) ، عن
الضحاك .
وأخرجه أبو الشيخ عَنْ ابن عباس كما ذكر السيوطي فِي لباب النقول : 104 .
وأخرجه أبو الشيخ عَنْ أبي سفيان كما ذكر السيوطي ذلك فِي الدر المنثور 3/ 352 .
(3) كتب ناسخ الأصل فِي هذا الموقع ( بلغ مقابلة ) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة مِنْهَا هو دليل عَلَى جودتها وحسنها وأصالتها ،(1/273)
(246) أخبرنا سعيد بن محمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حَدَّثَنَا الحسن بن حماد الوراق ،قال: أخبرنا أبو يَحْيَى الحِمَّاني ، عن نصر بن الحسن الحداد(1) ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كان ناسٌ(2) من الأعراب يطوفون بالبيت عراةٌ ، حتى إن كانت المرأةُ لتطوف بالبيت وهي عريانةٌ ، فتعلق على سفلها(3) سُيوراً مثل هذه السيور التي تكون على وجوه الحُمُر من الذباب ، وهي تقول:
اليومَ يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أُحِله
فأنزل الله - عز وجل - على نبيه - صلى الله عليه وسلم - : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف : 31](4) قَالَ : فأُمروا أن يلبسوا (5) الثياب.
(247) أخبرنا عبد الرحمان بن أحمد العطار ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد(6) الحافظ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يعقوب المَعقَلي، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن مرزوق، قال: حَدَّثَنَا أبو داود الطيالسي ، قال: حَدَّثَنَا شُعبة، عن سَلمة بن كُهيل ، قال: سمعت مسلماً البَطين يحدِّث عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عَريانةٌ ، وعلى فرجها خرقةٌ ، وهي تقول :
اليومَ يبدو بعضه أو كله (7) ... وما بدا منه فلا أُحِله
__________
(1) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(2) فِي ( ب ) : (( أناس )) .
(3) كذا فِي ( ب ) وفي ( س ) : (( سفلتها )) ، وفي ( ه) : (( سفلاها )) .
(4) في (ب): (( قَالَ )) .
أخرجه الطبري في تفسيره 8/160، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1464 ،وذكره البغوي في تفسيره
2/ 188 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/440 وزاد نسبته لابن مردويه .
(5) فِي ( س ) و ( ه) : (( بلبس ) .
(6) بن مُحَمَّد )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(7) جاء في حاشية نسخة ( ص ) : (( أي ما يظهر مِنْ عورة )) .(1/274)
فَنَزَلت { خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف : 31] ونزلت { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ } [الأعراف : 32] رواه مُسْلِم(1) عن بُندار ، عن غُندر ، عن شعبة .
(248) أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون ، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن (2) الحافظ ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قال : حَدَّثَنَا إسماعيل بن أبي أويس ، قال : حدثني أخي ، عن سليمان بن بلال ، عن محمد بن أبي عتيق ، عن ابن شهاب ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمان ، قال : كانوا إذا حجوا فأفاضوا من منىً لا يصلح لأحدٍ منهم في دينهم الذي اشترعوا أن يطوف في ثوبيه ، فأيهم طاف ألقاهما حتى يقضي طوافه ، وكان أتقى فأنزل الله تعالى فيهم : { يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } [الأعراف : 31] إلى قوله تعالى : { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } /62ب/ [الأعراف : 32] أنزلت في شأن الذين يطوفون بالبيت عراةً (3) .
قال الكلبي : كان أهل الجاهلية لا يأكلون من الطعام إلا قوتاً ، ولا يأكلون دَسَماً في أيام حجهم. يعظمون بذلك حجهم ،فقال المسلمون : يا رسول الله،نحن أحق بذلك ، فأنزل الله تعالى : { وَكُلُواْ } أي اللحم والدسم { وَاشْرَبُوا } (4) [الأعراف : 31].
__________
(1) صحيح مُسْلِم 8/243 (3028) (25) ، وأخرجه النسائي في المجتبى 5/233 وفي الكبرى،لَهُ (3947) وفي التفسير لَهُ (202) ، والطبري في تفسيره 8/160 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1464 (8375) و4/1466 (8389) ، والمصنف في الوسيط 2/362 ،وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/438 وزاد نسبته لابن مردويه وابن المنذر .
(2) في ( ص ): (( الحسين )) .
(3) إسناده ضعيف ، لضعف إسماعيل بن أبي أويس ، فهو ضعيف فِي خارج الصحيح ، وهذا مِنْهَا . وهذا الحديث مما تفرد به المؤلف . والله أعلم .
(4) ذكره البغوي في تفسيره 2 / 188 ، والمصنف في الوسيط 2 / 363 .(1/275)
قوله - عز وجل - : { وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا...الآية } [الأعراف: 175].
قال ابن مسعود : نزلت في بَلعم بن إبرهه(1) – رجلٌ من بني إسرائيل(2) – وقال ابن عَبَّاسٍ (3) وغيره من المفسرين (4) : هو بَلعم بن باعورا .
وقال الوالبي : هو رجلٌ من مدينة الجبارين يقال له : بَلعم ، وكان يعلم اسم الله الأكبر(5)، فلما نزل بهم موسى، أتاه بنو عمه وقومه وقالوا: إن موسى رجلُ حديدٍ، ومعه جنودٌ كثيرة، وإنه إن يظهر علينا يهلكنا، فادعُ الله أن يردَّ عنا موسى ومن معه. قال: إني إن دعوت الله أن يرد موسى ومن معه ذهبت دنياي وآخرتي. فلم يزالوا به حتى دعا عليهم فسلخه (6) مما كان عليه. فذلك قوله { فَانْسَلَخَ مِنْهَا } (7) [الأعراف : 175].
__________
(1) كذا فِي ( ب ) وفي ( س ) : (( إبره )) ، وفي ( ه) : (( عاعورا )) .
(2) صحيح موقوف .
أخرجه عبد الرزاق فِي تفسيره 2/ 99(957)، والنسائي فِي الكبرى(11193) ، وفي التفسير المفرد (213) ، والطبري فِي التفسير 9/119 و120، وابن أبي حاتم فِي التفسير 5/1616 (8541) ، والطبراني فِي الكبير(9064)، والحاكم فِي المستدرك2/225 من طريق مسروق، عن عبد الله بن مسعود.
وأورده السيوطي في الدر المنثور 3/608 وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه .
(3) أخرجه ابن أبي حاتم 5/ 1616 ( 8545 ) ، والطبري فِي التفسير 9/120 و121 ، وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 3/ 608 وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن مردويه .
(4) وبه قَالَ مجاهد وعكرمة والسدي . انظر زاد المسير 3/ 287 ، وتفسير ابن كثير 2/ 361 .
(5) فِي ( س ) و ( ه) : (( الأعظم )) ، والمثبت موافق لنقل المصنف فِي الوسيط .
(6) في ( ب ) : (( فسلخه الله تعالى )).
(7) ذكر المصنف في الوسيط 2 /427 .(1/276)
وقال عبد الله بن عمرو بن العاص(1) وزيد بن أسلم : نزلت في أُمية بن أبي
الصلت الثقفي ، وكان قد قرأ الكتب ، وعلم أن الله مرسِلٌ رسولاً في ذلك الوقت ، ورجا أن يكون هو ذلك الرسول ، فلما أُرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - حسده وكفر به.
__________
(1) قول عبد الله بن عمرو أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 2/100 (958) ، والنسائي فِي الكبرى
(11194) ، وفي التفسير المفرد (214) ، والطبري في تفسيره 9/122 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1616 (8542) والطبراني فِي الكبي كما فِي مجمع الزوائد 7/25 ، وقال الهيثمي: (( رجاله رجال= = الصحيح )) ، وذكره البغوي في تفسيره 2/250 (951) ، وابن الجوزي في تفسيره 3/287 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/609 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه وأبي الشَّيْخ .
تنبيه : تحرف (( عَبْد الله بن عَمْرو )) في الدر المنثور إِلَى (( عَبْد الله بن عمر )) . وجاء عَلَى الصواب في بقية المصادر ، ومثل قَوْل هَذَا القول روي عن ابن مسعود عِنْدَ النسائي في الكبرى (11192) ، وفي التفسير المفرد (212) وسنده حسن .(1/277)
وروى عِكرمة عن ابن عباس في هذه الآية ، قال : هو رجلٌ أُعطيَ ثلاث دعواتٍ يستجاب له فيها ، وكانت له امرأةٌ يقال لها : البَسوس ، وكان له منها ولدٌ وكانت لَها محبة ، فقالت : اجعل لي منها دعوة واحدة ، قَالَ : لكِ واحدة ، فماذا تأمرين ؟ فقالت : ادعُ الله أن يجعلني أجمل امرأةً فِي بني إسرائيل. فَلَمَّا علمت أن لَيْسَ فيهم مثلها رَغِبت عَنْهُ، وأرادت شيئاَ آخر، فدعا الله عَلَيْهَا أن يجعلها كلبةً نَبَّاحةً، فذهبت فِيْهَا دعوتان(1)، وجاء بنوها فقالوا:لَيْسَ لنا عَلَى هَذَا قرارٌ، قَد صارت أمنا كلبةً نباحةً يعيرنا بِهَا الناس،فادعُ الله أن يردها إِلَى الحال الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهَا. فدعا الله، فعادت كَمَا كَانَتْ ، وذهبت الدعوات الثلاث . وَهِيَ البسوس(2) ، وبها يُضرب المثل فِي الشؤم فيقال:" أشأم من البسوس" (3) .
قوله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا … } [الأعراف : 187].
قال ابن عباس : قال جَبَل بن أبي قُشير وسَمْول(4) بن زيدٍ(5)- وهما من اليهود – يا محمد ، أخبرنا /63أ/ متى الساعة إن كنت نبيّاً ، فإنا نعلم متى هي ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) لم ترد فِي ( ب ) .
(2) أخرجه مجاهد في تفسيره : 250 والطبري في تفسيره 9 / 122 وابن ابي حاتم في تفسيره 4/1617(8549) ، وذكره البغوي في تفسيره 2 /250 (951) ، وابن الجوزي في تفسيره
3/387 ، والسيوطي في الدر المنثور 3 / 608 وزاد السيوطي نسبته لأبي الشَّيْخ .
(3) انظر : المستقصى للزمخشري 1/ 178 ( 724 ) .
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( شموال )) .
(5) سيرة ابن هشام 2/218 ، والطبري في تفسيره 9/137.وذكره الجوزي في تفسيره 3/397 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/619 وزاد نسبته لأبي الشيخ .(1/278)
وقال قتادة(1): قالت قريشٌ لمحمدٍ : إن بيننا وبينك قرابةٌ ، فأسِرَّ إلينا متى تكون(2) الساعة ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { يَسْأَلونَكَ عَنِ السَّاعَةِ } [ الأعراف : 187] .
(249) أَخْبَرَنَا أبو سَعِيد بن أبي بكر الوراق، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحمد (3)بن حمدان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَعْلَى(4)، قَالَ : حَدَّثَنَا عُقْبَة بن مكرم ، قَالَ : حَدَّثَنَا يونس ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الغفار بن القاسم ، عَن إياد (5) بن لقيطٍ ، عَن قرظة بن حسان ، قَالَ : سَمِعْتُ أبا موسى في يوم جمعةٍ عَلَى منبر البصرة يَقُوْل : سئل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَن الساعة وأنا شاهدٌ ، فَقَالَ : (( لا يعلمها إلا الله لا يُجَلَّيِها لوقتها إلا هُوَّ ؛ ولكن سأحدثكم بأَشْرَاطِها وما بين يديها ، إن بين يديها ردماً مِنْ الفِتَن وهَرْجاً )) فقيل : وما الهَرْج يا رَسُول الله ؟ قَال: (( هُوَّ بلسان الحبشة : القتل ، وأن تحصر(6) (7) قلوب الناس، وأن تلقى بينهم التناكر (8) فلا يكاد أحدٌ يعرف أحداً ، ويرفع ذوو الحجى ، وتبقى
__________
(1) أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 2/102 (967) ، والطبري في تفسيره 9/137 ، والبغوي في تفسيره 2/256 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/619 وزاد نسبته لعبد بن حميد .
(2) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(3) في ( ص ) : (( مُحَمَّد بن حمدان )) .
(4) مسند أبي يعلى ( 7228 ) .
(5) في ( ب ) و ( ص ) : (( ابان )) .
(6) فِي ( س ) فقط : (( تجف )) .
(7) في ( ب ) و ( ص) و ( ه ) : (( وأن تحضر )) .
(8) في ( س ) فقط : (( المناكرة )) .(1/279)
رَجَاجَةٌ (1) مِن الناس فلا تعرف معروفاً ولا تُنْكِرُ منكراً )) (2).
قوله - عز وجل -: { قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرّاً …الآية } [الأعراف : 188].
قال الكلبي(3): إن أهل مكة قالوا : يا محمد ، ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلوا فتشتري فتربحَ ؟ وبالأرض التي يريد أن تجدَب فترحل عنها إلى ما قد أخصبَ ؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله - عز وجل - : { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ } [الأعراف : 189] إلى قوله تعالى : { وَهُمْ يُخْلَقُونَ } [الأعراف : 191].
قال مجاهد : كان لا يعيش لآدم وامرأته ولدٌ ، فقال لهما الشيطان : إذا ولد لكما ولد فسمياه عبد الحارث ، وكان اسم الشيطان قبل ذلك الحارث ، ففعلا فذلك قوله تعالى : { فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ …الآية } (4)
__________
(1) رجاجة : أي جماعة ضعفاء .
(2) إسناده ضَعِيف لضعف عَبْد الغفار بن القاسم ، ولجهالة قرظة بن حسان ، وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/324 : ((رواه الطبراني وفيه مِنْ لم يسم )) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 3/620 لابن
مردويه .
(3) ذكره المصنف في الوسيط 2 / 434 ، والبغوي في تفسيره 2 / 256 .
(4) أثر مجاهد : أخرجه مجاهد في تفسيره :198 ، والطبري في تفسيره 9/47 .
وقد روي معناه مرفوعاً مِنْ طريق عُمَر بن مُحَمَّد بن إبراهيم ، عَن قتادة ، عَن الحسن ، عَن سمرة ، عَن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : ((لما حملت حواء طاف بها ابليس وكان لا يعيش لها ولد فَقَالَ : سميه عَبْد الحارث ، فسمته عَبْد الحارث فعاش وكان ذَلِكَ مِنْ وحي الشيطان وأمره )) .
أخرجه أحمد 5/11 ، والترمذي (3077) ، وابن عدي في الكامل 6/87 ، والحاكم 2/545 ،وقال الترمذي : ((حسن غريب )) ، وقال الحاكم : ((صحيح الإسناد )) .
قلنا : وهو حديث لا يصح ، فيه أربع علل:
الأولى : تفرد عمر بن إبراهيم البصري وهو ضعيف في روايته عن قتادة خاصة ، وقال عنه أبو حاتم : (( لا يحتج به )) .
الثانية : إنه معلول بالوقف فقد روي من قول سمرة كما ذكر ابن كثير 2/374 .
الثالثة : إن الحسن لم يسمع جميع ما رواه عن سمرة ، فالثابت أنه سمع بعض الأحاديث ولم يسمع البعض ، ثم إنه مدلس وقد عنعن ، وعنعنته عن الصحابة تقدح في روايته .
الرابعة : إن الحسن البصري قد فسر الآية بغير هذا التفسير ، كما في تفسير الطبري9/146، وتفسيرابن كثير 2/374 لقوله : (( هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولاداً فهودوا ونصّروا )) .
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره 2/374 : (( وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية ولو كان هذا الحديث عنده محفوظاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عدل عنه هو ولا غيره ولا سيما مع تقواه وورعه فهذا يدلك عَلَى أنه موقوف على الصحابي ويحتمل أنه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب أو وهب بن منبه وغيرهما )) .(1/280)
[الأعراف : 190].
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا …الآية } [الأعراف: 204].
(250) أخبرنا أبو منصور المَنْصُورِي ، قال : أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قَالَ : حدثنا عبد الله ابن سليمان بن الأشعث، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن الوليد بن مزيد (1)، قَالَ: أخبرني أبي ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأوْزَاعِي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن عامر، قال: حدثني زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن أبي هريرة في هذه الآية : { وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ } [الأعراف : 204] قال : نزلت في رفع الأصوات وهم خلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة(2).
وقال قتادة (3): كانوا يتكلمون في صلاتهم في أول ما فُرِضت ، كان الرجل يجيء فيقول لصاحبه (4) : كم صليتم ؟ فَيَقُوْلُ كَذَا كَذَا . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
وَقَالَ الزُّهْرِي (5): نزلت (6) في فتىً مِنْ الأنصار كَانَ رَسُول الله/63ب/ - صلى الله عليه وسلم -كلما قرأ شيئاً قرأ مَعَهُ (7) ، فَنَزَلت هذه الآية .
__________
(1) في (ب) : (( مرثد )) .
(2) إسناده حسن ، العباس بن الوليد صدوق حسن الحديث .
أخرجه الطبري في التفسير 9/163 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 5/1645(8726) ، وذكره السمرقندي في تفسيره 2/591 ، والبغوي في تفسيره 2/263 ، والقرطبي في تفسيره 4/2789 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/634 وزاد نسبته لابن مردويه وأبي الشيخ .
(3) أخرجه الطبري 9/163 ، وذكره السمرقندي في تفسيره 2/591 ، والقرطبي في تفسيره 4/2789 ، والسيوطي في الدر المنثور3/636 وزاد نسبته لعبد بن حميد وأبي الشَّيْخ .
(4) لم ترد فِي ( ب ) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 9/164 ، وذكره البغوي في تفسيره 2/263 ، والقرطبي في تفسيره 4/2789 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/635 .
(6) في (ب): ((نزلت هذه الآية )) .
(7) فِي ( س ) و ( ه): (( هو )) .(1/281)
وقال ابن عباسٍ (1): إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ في الصلاة المكتوبة ، وقرأ أصحابه
وراءه رافعين أصواتهم ، فخلطوا عليه . فَنَزَلت هذه الآية .
وقال سعيد بن جبير ومجاهدٌ وعطاءٌ وعمرو بن دينار وجماعةٌ : نزلت في الإنصات للإمام في الخطبة يوم الجمعة (2).
سُورة الأنفال
e
قوله - عز وجل - : { يَسْأَلونَكَ عَنِ الأنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ … الآية } [الأنفال: 1].
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 9/16 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 5/1646(8736) ، وذكره السمرقندي في تفسيره 2/591 ، والقرطبي في تفسيره 4/2789 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/634 وزاد نسبته لابن مردويه .
(2) أخرجه الطبري فِي تفسيره 9/165 ، والبغوي فِي تفسيره 2/263 ، والقرطبي فِي تفسيره 4/2789 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 3/637 .(1/282)
(251) أخبرنا أبو سَعْد(1) النَّصْرُوييُّ (2) ، قال : أخبرنا أبو بكر القطيعي ،قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي(3)، قال: حَدَّثَنَا أبو معاوية، قال:حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد(4) الله الثَّقفِي، عن سعد بن أبي وقَّاص ، قال (5): لما كان يوم بدرٍ قتل أخي عُمَير ، وقَتَلْتُ (6) سعيد بن العاص، فأخذت سيفه ، وكان يسمى ذَا الكَتِيفة (7) ، فأتيت بِهِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( اذهب فاطرحه في القَبَضِ )) (8)، قال: فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله ، من قتل أخي ، وأخذ سَلَبي ، فما جاوزت إلا قريباً حتى نزلت سورة " الأنفال " ، فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اذهب فخذ سيفك )).
وقال عكرمة ، عن ابن عباسٍ(9)
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( سَعِيد )) وَهُوَ تحريف .
(2) في (ص) : ((المنصوري)) .
(3) المسند 1/180 .
(4) فِي ( ب ) و ( ه): (( عَبْد الله )) وَهُوَ خطأ انظر تهذيب التهذيب : 9 / 322 .
(5) إسناده ضعيف ؛ لانقطاعه مُحَمَّد بن عبيد الله الثقفي لَمْ يدرك سعداً . أخرجه سَعِيد بن مَنْصُوْر فِي سننه ( 2689 ) ، وأبو عبيد فِي كِتَاب الأموال (756) وابن زنجويه فِي الأموال (1126) ، وابن أبي شيبة (33075) ، والطبري فِي التفسير 9/173 من طريق أي معاوية به .
(6) في ( ه): ((قتل )) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( الكيفة )) .
(8) جاء في لسان العرب : 7 / 214 : القبض بالتحريك ، بمعنى المقبوض ، وَهُوَ ما جمع مِنْ الغنيمة قبل ان يقسم . ومنه الحَدِيْث (( كَانَ سلمان عَلَى قبض مِنْ قبض المهاجرين )) .
(9) حديث صحيح أخرجه أبو داود ( 2737 ) و (2738 ) و (2739) ، والنسائي في الكبرى
( 11197) وفي التفسير ،لَهُ (217) ، والطبري في تفسيره 9/171، والبيهقي في الكبرى 6/291 وفي الدلائل ،لَهُ 3/135.
وذكره البغوي في تفسيره 2/266 ونسبه لاهل التفسير، وابن الجوزي في زاد المسير3/316 ، والسيوطي في الدر المنثور4/6 .(1/283)
: لما كان يوم " بدرٍ " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( مَنْ فَعَلَ كذا وكذا فله كذا وكذا )) ، فذهب شبان الرجال وجلس الشيوخ تحت الرايات ، فلما كانت الغنيمة جاء الشبان يطلبون نَفَلَهُم ، فقال الشيوخ : لا تستأثروا علينا فإنا كنا تحت الرَّايات ، ولو انهزمتم لكنا لكم رِدْءاً (1) فأنزل الله تعالى هذه
الآية (2) : { يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ } [الأنفال : 1] فقسمها بينهم بالسوية.
(252) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حَدَّثَنَا أبو يحيى ، قال : حدثنا سهلُ بن عثمان ، قال : حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن ابن أبي الزَّناد ، عن عبد الرحمان بن الحارث ، عن سليمان بن موسى الأشْدق،عن مَكْحُول ، عن أبي(3) سلام الباهلي ، عن أبي أمَامَة البَاهِلي ، عن عُبَادَة بن الصَّامِت ، قال(4)
__________
(1) فِي ( ب ) :(( ردءاً لكم )) .
(2) هذه الآية )) من ( ب ) فقط .
(3) في ( ب ) : (( ابن )) .
(4) إسناده ضَعِيف :لضعف عَبْد الرحمان بن الحارث عند التفرد ، وقد تفرد به .
أخرجه سَعِيد بن منصور 5/186(82)، وعبد الرزاق (9334)، وأحمد 5/322 ، وابن ماجه(2852)، والترمذي (1561)، وفي علله الكبير (463)، والنسائي 7/131، والطبري في تفسيره 9/172 ، وابن أبي حاتم فِي تفسيره 5/1653(8768) ، وابن حبان (4855)، والحاكم 2/135، والبيهقي في الكبرى 9/57 ، وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 4/5 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردوية.(1/284)
: لما هزِم العدو يوم " بدر " واتبعتهم طائفةٌ يقتلونهم ، وأحدقت طائفةٌ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واستولت طائفةٌ على العسكر(1) والنهب . فلما نفى الله العدو ورجع الذين طلبوهم، قالوا : لنا النفل نحن(2) طلبنا العدو وبنا نفاهم الله وهزمهم ، وقال الذين أحْدقُوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - : والله ما أنتم بأحق به منا، نحن أحدقنا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا ينال العدو منه غرَّة ، فهو لنا ؛ وَقَالَ الَّذِيْنَ/64 أ/ استولوا عَلَى العسكر والنهب: والله ما أنتم بأحقَّ بِهِ منا نحن أخذناه واستولينا عَلَيْهِ فَهُوَ لنا. فأنزل الله تَعَالَى: { يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ … الآية } [الأنفال : 1] فقسمه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم بالسواء(3) .
قوله - عز وجل - : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } [الأنفال : 17].
(253) أخبرنا عبد الرحمان بن أحمد العطار، قال: حدثنا محمد بن عبد الله(4) بن محمد البيَّاع(5)، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الشَّعْرَاني، قال: حدثني جدي ، قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامي(6)، قال:حدثنا محمد بن فُليحٍ، عن موسى بن عُقْبَة، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبيه ، قال(7)
__________
(1) فِي ( ب ) : (( بالعسكر )) .
(2) في ( ه) : (( بحسن)) وفي ( ب ) : (( فنحن )) .
(3) فِي ( س ) و ( ه) :(( بالسوية ))
(4) في (ص): ((عبيد الله )) .
(5) هو الحاكم أبو عبد الله ، والحديث فِي المستدرك 2/327 . وصححه عَلَى شرط الشيخين ، وسكت عَنْهُ الذهبي فِي التلخيص .
(6) في (ص): ((الخزامي )) .
(7) إسناده ضَعِيف ،لضعف مُحَمَّد بن فليح .
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 5/1673 (8910) .
وذكره السمرقندي في تفسيره :2 / 11 ، وابن الجوزي في زاد المسير 3/333 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/41 وزاد نسبته لعبيد الله بن حميد والطبري ، وقال الحافظ ابن كثير فِي تفسيره 2/404 بعد أن أثبت آن ألآية نزلت فِي رمية النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - المشركين يوم بدر (( وهذا القول عَنْ هذين الإمامين غريب أيضاً جداً ، ولعلهما أرادا أن الآية تتناوله بعمومها لا أنها نزلت فيه خاصته )) .(1/285)
:أقبل أُبيّ بن خَلَفٍ يوم "أحدٍ" إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يريده ، فاعترض لَهُ رجالٌ من المؤمنين،فأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخلوا سبيله، فاستقبله مُصْعَب بن عُمَيْر - أخو (1)بني عبد الدَّار - ورأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترقوة أبيّ من فُرْجَة بين سابِغَة البَيْضَة والدرع، فطعنه بحربته ، فسقط أبيّ عن فرسه ، ولم يخرج من طعنته دمٌ ، وكسرَ ضلعاً من أضلاعه ، فأتاه أصحابه ، وهو يخور خوار الثور، فقالوا له: ما أعجزك ! إنما هو خدشٌ ، فقال: والذي نفسي بيده، لو كان هذا الذي بي بأهل ذِي المجازِ لماتوا أجمعين . فمات أُبيٌّ إلى النار ، فسحقاً لأصحاب السعير ،قبل أن يقدم مكة . فأنزل الله تعالى في ذلك : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } [الأنفال : 17].
__________
(1) في (ص ) : ((أخو)) .(1/286)
وروى صَفْوَان بن عمرو عن عبد الرحمان (1)بن جُبَير: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم "خيبر" دعا بقوسٍ، فأتيَ بقوسٍ طويلة، فقال: (( جيئوني بقوسٍ غيرها )) فجاءوه بقوسٍ كبداء (2) فرمى النبي - صلى الله عليه وسلم - على (3) الحصن فأَقبل السهم يهوي حتى قتل كِنَانة بن أبي الحُقَيق وهو على فراشه (4)
__________
(1) في (ب) و(ه) : (( عَبْد العزيز))، وَهُوَ خطأ .
(2) في (ص) : (( كندانة )) ، وجاء في حاشيتها (( يعني صفراء)) والقوس الكبداء : هي التي يملأ الكف مقبضها . انظر : لسان العرب 3/376 .
(3) لم ترد في ( ب ) .
(4) قَالَ القرطبي 4/2821 : (( وهذا أيضاً فاسد ، وخيبر وفتحها أبعد مِنْ أحد بكثير . والصحيح في صورة قتل ابن أبي حقيق غير هذا )) وَهُوَ ما ذكره ابن هشام 3/351 : (( أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتيَّ بكنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير ، فسأله عَنْهُ فجحد أن يكون يعرف مكانه ، فأتى رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - رجل مِنْ يهود ، فَقَالَ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كل غداة ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنانة : ((أرأيت إن وجدناه عندك ، أأقتلك ))؟ قَالَ : نعم . فأمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخربة فحفرت ، فأخرج مِنْهَا بَعْض كنزهم ثُمَّ سأله عما بقي فأبى أن يؤديه فأمر بِهِ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام ، فَقَالَ : عذبه حَتَّى تستأصل ما عِنْدَهُ ، فكان الزبير يقدح بزند فِي صدره حَتَّى أشرف عَلَى نفسه ، ثُمَّ دفعه
رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم -إلى مُحَمَّد بن مسلمة ، فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة )) .(1/287)
، فأنزل الله تعالى : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } (1)
[الأنفال : 17].
وأكثر أهل التفسير على(2)أن الآية نزلت في رمي النبيَّ- صلى الله عليه وسلم - القَبْضَةَ من حَصْبَاءِ الوادي يوم " بدر " حين قال للمشركين : شاهت الوجوه ، ورماهم بتلك القبضة ، فلم تبق عين مشرك إلا دخلها منه شيءٌ(3).
قال حَكَيِم بن حِزَام : لما كان يوم " بدرٍ " سمعنا صوتاً وقع من السماء إلى الأرض كأنه صوت حصاة وقعت في طَسْتٍ ، ورمى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الحصيات(4) فانهزمنا . فذلك قوله تعالى : { وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى } (5)[الأنفال : 17].
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم 5/1673 (8911) ،وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/41 وعزاه إلى الطبري وابن أبي حاتم ،وذكره ابن كثير في تفسيره2/403 بسند الطبري ، ولم نقف عَلِيهِ في المطبوع مِنْ تفسيرالطبري ،ولعله مما سقط من المطبوع ، وقال ابن كثير 2/404 بعد أن ساقه : (( وهذا غريب وإسناده جيد إلى عبد الرحمان بن جبير بن نفير ، ولعله اشتبه عليه أو أنه أراد أن الآية تعم هذا كله ، وإلا فسياق الآية في سورة الأنفال في قصة بدر لا محالة وهذا مما لا يخفى على أئمة العلم )) .
(2) لم ترد في (ص ).
(3) وهو الذي عليه المحققون من أهل العلم ، وحديث رمي النبي - صلى الله عليه وسلم - المشركين بالقبضة من الحصباء روي عن عدة من الصحابة.
منهم ، سلمة بن الأكوع ، أخرجه مسلم 5/169 ( 1777) (81) .
وعبد الله بن عباس ، أخرجه أحمد 1/303 و 368 .
وأبو عبد الرحمان الفهري ، أخرجه أحمد 5/286 ، والدرامي (3456) ، وأبو داود (5233) .
(4) فِي ( س ) و ( ه) :(( الحصاة )) .
(5) أخرجه الطبري 9/204 ، وابن أبي حاتم في التفسير 5/1672( 8906) ، والطبراني في الكبير (3127) و (3128) . وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 6/84 : ((إسناده حسن )) .(1/288)
قوله - عز وجل - : { إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ } [الأنفال : 19].
(254) أخبرنا الحسن (1)بن محمد الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، قال : حدثنا محمد بن يحيى ، قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : حدثنا /64ب/أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب ، قال : حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صُعَيْر(2) ، قال : كان المستفتح أبا جهل ، وإنه قال حين التقى بالقوم : اللهم أينا كان أقطع للرحم ،وأتانا بما لم نعرف- فأَحِنْه(3) الغداة . وكان ذلك استفتاحه ، فأنزل الله تعالى في ذلك : { إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ } إلى قوله : { وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ } [الأنفال : 19]. رواه الحاكم أبو عبد الله في "صحيحه " (4) عن القطيعي ، عن ابن ابن (5) حنبل ، عن أبيه (6) ، عن يعقوب .
وقال السُّدَّي والكَلْبي (7): كان المشركون حين خرجوا إلى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة ، أخذوا بأستار الكعبة وقالوا : اللهم انصر أعلى الجندين ، وأهْدَى الفئتين ، وأكرم
الحزبين ، وأفضل الدينين . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
__________
(1) في ( ص ): (الحسين ) .
(2) في (ه) : (( صغير )) .
(3) في (ب) و(ه) : ((لم نعرف فافتح له الغداة )) . أحنه : أهلكه .
(4) المستدرك 2/328 .
(5) في ( س ) : (( ابن ابن )) وهو الصواب ، أما في النسخ الخطية فقد سقطت إحداهما .
(6) المسند 5/431 .
وأخرجه النسائي في الكبرى (11201) وفي التفسير المفرد (221) ، ومحمد بن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 2/270 ، والطبري في تفسيره 9/138 ، والبيهقي في الدلائل 3/74 ؛ كلهم من طريق الزهري ، به . وهو سند صحيح .
(7) ذكره البغوي في تفسيره 2/280 .(1/289)
وقال عكرمة (1): قال المشركون : اللهم لا نعرف ما جاء به محمدٌ ، فافتح بيننا وبينه بالحق . فأنزل الله تعالى : { إِنْ تَسْتَفْتحُوا … الآية } [ الأنفال : 19] .
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ…الآية } [الأنفال:27].
نزلت في أبي لُبَابَة بن عبد المُنْذِر الأنصاري(2) ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاصر يهود قُرَيْظَة إحدى وعشرين ليلةً ، فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصُّلْحَ على ما صالح عليه إخوانهم من بني النضير ، على أن يسيروا إلى إخوانهم بأذْرِعَاتٍ وأرِيحا من أرض الشام . فأبى أن يعطيهم ذلك إلا أن ينْزلوا على حكم سعد بن مُعَاذٍ ، فأبوا وقالوا: أرسل إلينا أبا لُبَابَة ، وكان مناصحاً لهم لأن ماله وعياله(3) وولده كانت عندهم ، فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتاهم ، فقالوا: يا أبا لبابة ، ما ترى ؟ أننْزل عَلَى حكم سعد بن معاذٍ ؟ فأشار أبو لبابة بيده إلى حلقه : إنه الذبح فلا تفعلوا . قَالَ أبو لبابة : والله ما زالت قدماي حتى علمت أني(4) قَدْ خنتُ الله ورسوله . فَنَزَلت فِيهِ هذه الآية. فَلَمَّا نزلت شدّ نفسه عَلَى سَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي المسجد وَقَالَ : والله لا أذوق طعاماً ولا شراباً حتى أموت أو يتوب الله علي . فمكث سبعة أيام لا يذوق فيها طعاماً ولا شراباً (5) حتى خر مَغْشِيّاً عَلِيهِ ، ثُمَّ تاب الله تعالى عَلِيهِ فقيل لَهُ : يا أبا لُبَابَة ، قَدْ تِيبَ عليك ، فَقَالَ : لا والله لا أحل نفسي حتى
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 2/280.
(2) الإصابة 4/168 ، وسيرة ابن هشام 3/247-248 ، والروض الأنف 2/196 ، وتفسير الطبري 9/221 ، وتفسير ابن كثير 2/410 ، والخازن 3/24 ، والدر المنثور 4/48 .
(3) فِي ( ب ) :(( عياله وماله )) بالتقديم .
(4) فِي ( س ) و ( ه) : (( أن )) .
(5) لم ترد فِي ( س ) و ( ه) .(1/290)
يكون رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - هُوَّ الذي يحلني ، فجاءه فحله بيده ، ثُمَّ قَالَ أبو لبابة : إن مِنْ تَمَامِ توبتي أن أهجر دار قومي الَّتِيْ أصَبْتُ فيها الذنب وأن أنْخَلع مِنْ مالي ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( يجزيك الثلث أن تتصدق بِهِ ))(1).
قوله - عز وجل - : { وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِك … الآية } [الأنفال : 32].
قال أهل التفسير/65أ/ (2) : نزلت في النَّضْر بن الحارث ؛ وَهُوَ الذي قال : إن كان ما يقوله محمد حقاً ، فأمطر علينا حجارةً من السماء .
__________
(1) أخرجه الدرامي(1665) من طريق الزهري، عن عبد الرحمان بن أبي لبابة، أن أباه حدثه، فذكره بمعناه.
وأخرجه أحمد 3/452 و 502 من طريق الزهري أن الحسين بن السائب بن أبي لبابة أخبر : أن أبا لبابة ابن المنذر لما تاب ، فذكر بنحوه وهو مرسل .
وأخرجه أبو داود (3319) و (3320) من طريق الزهري ، قال : أخبرني ابن كعب بن مالك ، قال : كان أبو لبابة ، فذكره بمعناه .
(2) الطبري 9/232 ذكره السمرقندي في تفسيره : 2 / 16 ونسبه لأبي عبيدة ، والبغوي في تفسيره 2/288 ، وابن الجوزي في زاد المسير : 3 / 348 والدر المنثور 4/55 .(1/291)
(255) أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ، قال : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد (1) ابن الحكم(2) ، قال : حدثنا محمد بن يعقوب الشَّيْباني ، قال : حدثنا أحمد بن النضر بن عبد الوهاب ، قال : حَدَّثَنَا عُبَيْد الله بن مُعاذٍ ، قال : حدثنا أبي ، قال: حدثنا شعبة ، عن عبد الحميد صاحب الزيادي ، سمع أنس بن مالك يقول: قال أبو جَهلٍ : { اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } [الأنفال : 32] فَنَزلت : { وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ } [الأنفال : 33]. رواه البخاري(3) عن أحمد بن النضر ، رواه مُسْلِم(4) عن عبيد الله بن معاذ .
قوله - عز وجل - : { وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْت … الآية } [الأنفال : 35].
__________
(1) لم ترد في (ب) .
(2) في (ه) : ((ابن عَبْد الله بن عَبْد الحكم)) .
(3) صحيح البخاري 6/78 (4648) .
(4) صحيح مسلم 8/130(2796) (37).
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 5/1689 (9007) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/55 وزاد نسبته إِلَى أبي الشَّيْخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل .(1/292)
(256) أخبرنا أبو إسماعيل(1) بن أبي عمرو النَّيْسَابُوري،قال: أخبرنا حمزة بن شعيب المعموري (2)، قال : أخبرنا عبيد(3) الله بن إبراهيم بن بالويه ، قال : حدثنا أبو المثنى (4) معاذ بن المثنى ، قال : حدثنا عمرو ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا قُرَّة ، عن عطية ، عن ابن عمر ، قال:(5) كانوا يطوفون بالبيت ويصفقون- ووصف الصفق بيده- ويصفرون ، ووصف صفيرهم ، ويضعون خدودهم بالأرض . فَنَزَلت هذه الآية .
قوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ…الآية } [الأنفال: 36] .
__________
(1) في ( ب ) : (( أبو سعيد )) .
(2) في ( ب ) : (( المغربي )) .
(3) فِي ( ب ) : (( عبد )) .
(4) في ( ه) : ((أبو المنبئ معاذ بن المنبئ )).
(5) إسناده ضعيف ؛ فِيْهِ عطية وَهُوَ ابن سعد العوفي: ضعيف الْحَدِيْث. أخرجه الطبري في التفسير 9/241 ، وابن أبي حاتم في التفسير 5/1695 (9040) وزاد السيوطي فِي الدر نسبته لابن أبي شيبة ، و عبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه .(1/293)
وَقَالَ أبو العالية (1) : سأل المؤمنون أن يعطوا علامةً يفرقون بها بين المؤمن والمنافق فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ … الآية }
[آل عمران: 180].
جمهور(2) المفسرين عَلَى أنها نزلت في مانعي الزكاة (3).
وروى عطية العوفي (4) عن ابن عَبَّاس(5) : أن الآية نزلت في أحبار اليهود الذين كتموا صفة مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - ونبوته ، وأراد بالبخل : كتمان العلم الذي آتاهم الله تعالى .
قوله - عز وجل -: { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ...الآية } [آل عمران: 181].
قال عكرمة والسدي ومقاتلٌ ومحمد بن إسحاق (6)
__________
(1) ذكره ابن حجر في العجاب :576 ، وذكر أن الثعلبي نقله.
(2) في ( س ) و ( ه) : (( أجمع جمهور )) .
(3) قال الحافظ في الفتح عقيب (4565) : (( في صحة هذا النقل نظر ، فقد قيل : إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة محمد ، قاله ابن جريج ،واختاره الزجاج. وقيل فيمن يبخل بالنفقة في الجهاد ، وقيل على العيال ، وذوي الرحم المحتاج ، نعم الأول هو الراجع وإليه أشار البخاري )) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) أخرجه الطبري في التفسير 4/190، وابن أبي حاتم في تفسير 3/826 (4575) .
(6) أثر عكرمة أخرجه الطبري 4/194-195 وزاد السيوطي في الدر المنثور2/396 نسبه إِلَى ابن المنذر.
وأثر السدي أخرجه الطبري 4/195.
وأثر مقاتل ذكره البغوي في تفسيره 1/547(500).
وأثر محمد بن إسحاق في سيرة ابن هشام 2/207-208.
وهذه القصة بهذا السياق هي من قول عكرمة ، عن ابن عباس . أخرجه الطبري 4/194،وابن أبي حاتم في تفسيره 3/828 (4589) وزاد السيوطي في الدر 2/396 نسبته إلى ابن المنذر.(1/294)
: دخل أبو بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - ذات يومٍ بيت مِدْرَاس اليهود ، فوجد ناساً من اليهود قد اجتمعوا على رجلٍ منهم يقال له: فِنْحَاص بن عَازُورا ،وكان من علمائهم، فقال أبو بكرٍ لفنحاص: اتق الله، وأسلم، فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول الله ، قد جاءكم بالحق من ربكم(1) ، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة ، فآمن وصدِّق ، واقرض الله قرضاً حسناً يدخلك الجنة ، ويضاعف لك الثواب. فقال فنحاص : يا أبا بكرٍ ، تزعم أن ربنا يستقرض(2) أموالنا ، وما يستقرض إلا الفقير من الغني، فإن كان ما تقول حقاً فإن الله إذن لفقير ونحن أغنياء، ولو كان غنياً ما استقرض أموالنا ، قَالَ(3) :فغضب أبو بكرٍ - رضي الله عنه - وضرب وجه فنحاصٍ ضربةً شديدةً ، وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله . فذهب فنحاص إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد، انظر إلى ما صنع بي صاحبك ؟ فَقَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر : (( ما الَّذِي حملك عَلَى ما صنعت )) ؟ فَقَالَ : يا رَسُوْل الله ، إن عدو الله ، قَالَ قولاً عظيماً ، زعم أن الله /37 ب/ فقير وأنهم أغنياء (4)، فغضبت لله وضربت وجهه. فجحد ذَلِكَ فنحاص ، فأنزل الله تَعَالَى رداً عَلَى فنحاص وتصديقاً لأبي بكر : { لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء… الآية }
[آل عمران : 181].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( عِنْدَ الله )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( يستقرضنا )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( عَنْهُ أغنياء )) .(1/295)
(152) أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ،قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن مطر ،قَالَ: أخبرنا جعفر بن الليث الزِّيادي(1)، قَالَ: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ،قَالَ: حَدَّثَنَا شبلٌ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال(2) : نزلت في اليهود ، صكَّ أبو بكرٍ - رضي الله عنه - وجه رجلٍ منهم ، وهو الذي قال : إن الله فقير ونحن أغنياء. قال شبلٌ: بلغني أنه فنحاص اليهودي ، وهو الذي قال : يد الله مغلولة (3).
قوله - عز وجل - : { الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا...الآية } [آل عمران : 183].
قال الكلبي: نزلت في كعب بن الأشرف، ومالك بن الضيف، ووهب بن يهوذا ، وزيد بن التابوه ، وفنحاص بن عازورا ، وحُيَيِّ بن أخطب ؛ أتوا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : أتزعم(4) أن الله بعثك إلينا رسولاً ، وأنزل عليك كتاباً ، وأن الله قَدْ عهد إلينا في التوراة أن لا نؤمن برسولٍ(5) يزعم أنَّهُ من عِنْدَ الله حَتَّى يأتينا بقربانٍ تأكله النار ، فإن جئتنا بِهِ صدقناك. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (6).
قوله - عز وجل -: { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً } [آل عمران : 186].
__________
(1) في ( ه) : (( الروذباري )) ، وهو خطأ ، راجع : اللباب 1/515.
(2) هذا مرسل . أخرجه الطبري 4/195، وزاد السيوطي في الدر 2/397 نسبته إلى عبد بن حميد ، وابن المنذر .
(3) وردت العبارة في ( ب ) هكذا : (( أن فنحاس اليهودي هُوَ الَّذِي قَالَ : إن يد الله مغلولة )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( تزعم )) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( الرَّسُوْل )) .
(6) ذكره ابن حجر في العجاب :583، وعزاه للثعلبي .(1/296)
(153) أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الله ابن حمدون ،قَالَ:أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن ،قَالَ:حدثنا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ:حدثنا أبو اليمان ، قَالَ:حدثنا شعيب ، عن الزهري ، قَالَ: أخبرني عبد الرحمان بن عبد الله بن كعب بن مالك ، عن أبيه - وكان من أحد الثلاثة الذين تِيبَ عَلَيْهِمْ -: أن كعب بن الأشرف اليهودي كان شاعراً ، وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - ويحرض عليه كفار قريش في شعره. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة وأهلها أخلاطٌ ؛ مِنْهُمْ المسلمون ، ومنهم المشركون ، ومنهم اليهود. فأراد النَّبِيّ أن يستصلحهم كلهم ، وَكَانَ المشركون واليهود يؤذونه ويؤذون أصحابه أشد الأذى ، فأمر الله تَعَالَى نبيه - صلى الله عليه وسلم - بالصبر عَلَى ذَلِكَ وفيهم أنزل الله تَعَالَى : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ …الآية } (1)
[آل عمران : 186].
__________
(1) إسناده صحيح.أخرجه أبو داود (3000) عن محمد بن يحيى ، بهذا الإسناد.(1/297)
(154) أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزَكِّي ، قَالَ: أخبرنا محمد بن مكي ، قَالَ: أخبرنا محمد بن يوسف ،قَالَ: أخبرنا محمد بن إسماعيل (1)، قَالَ: حدثنا أبو اليمان ،قَالَ: أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، قال : أخبرني عروة بن الزبير : أن أسامة بن زيد أخبره : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركب على حمار على قطيفةٍ فَدَكيَّة ، وأردف أسامة بن زيد وراءه(2)، وسار يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج ، قبل وقعة بدرٍ ، حتى مر بمجلس فيه عبد الله بن أبي ، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أُبي ، فإذا في المجلس أخلاطٌ من المسلمين /38 أ / والمشركين عبدة الأوثان واليهود ، وفي المجلس عبد الله بن رواحة ، فلما غشيت المجلس عَجَاجَة الدابة خَمَّرَ عَبْد الله ابن أبيّ أنفه بردائه ثُمَّ قَالَ : لا تغبروا علينا. فسلم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ وقف ، فنزل ودعاهم إِلَى الله ، وقرأ عَلَيْهِمْ القرآن ، فَقَالَ عَبْد الله بن أبيّ : أيها المرء إنَّهُ لا أحسن مِمَّا تقول ، إن كَانَ حقاً فَلاَ تؤذنا بِهِ في مجالسنا ، ارجع إِلَى رحلك فمن جاءك فاقصص عَلِيهِ. فَقَالَ عَبْد الله بن رواحة : بلى يا رَسُول الله فاغشنا بِهِ في مجالسنا ، فإنا نحب ذَلِكَ. واستب المسلمون والمشركون واليهود حَتَّى كادوا يتساورون ، فَلَمْ يزل النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - يُخَفِّضُهم حَتَّى سكتوا ، ثُمَّ ركب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - دابته ، فسار(3)حَتَّى دخل عَلَى سعد بن عبادة ، فَقَالَ لَهُ : (( يا سعد ، ألم تسمع ما قَالَ أبو حباب –يريد عَبْد الله بن أبيّ- قَالَ كَذَا وكذا ؟!)) فَقَالَ سعد بن عبادة: يا رَسُوْل الله اعف عَنْهُ واصفح ، فوالذي أنزل عليك
__________
(1) هو الإمام البخاري ، والحديث في الصحيح 6/49 (4566) و 8/56 (6207) ، وفي الأدب المفرد (1108).
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( وسار )) .(1/298)
الكِتَاب لقد جاء الله بالحق الَّذِي نزل عليك، ولقد(1) اصطلح أهل هَذِهِ البحيرة (2) عَلَى أن يتوجوه ويُعَصِّبوه بالعصابة ، فَلَمَّا رد الله ذَلِكَ بالحق الَّذِي أعطاك شَرِق بِذَلِكَ ، فذلك فعل بِهِ ما رأيت. فعفا عَنْهُ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تَعَالَى : { وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً…الآية } (3)[آل عمران : 186].
قوله - عز وجل -: { ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا…الآية } [آل عمران: 188].
__________
(1) في ( ب ) : (( وَقَدْ )) .
(2) البحيرة : البلدة ، والبحيرة : مدينة سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تصغير ، البحرة ، راجع اللسان 5/107.
(3) أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 2/236-238 ، وعبد الرزاق (9784) ، وأحمد 5/203 ، والبخاري 4/67(2987)و 7/153(5663)و 217(5964) و 8/69 (6254)وفي الأدب المفرد،لَهُ (846) ، ومسلم 5/182(1798)(116) و 5/183 (1798)عقب(116) ، والترمذي (2702)، والنسائي في الكبرى (7502) .(1/299)
(155) أخبرنا أبو عَبْد الرَّحْمَان (1) مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ،قَالَ: أخبرنا أبو الهيثم المروزي، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن يوسف،قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن إسماعيل البُخَارِيّ(2)، قَالَ:حدثنا سعيد بن أبي مريم ،قَالَ:حدثنا محمد بن جعفر ، قال :حدثنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخُدْري: أن رجالاً من المنافقين عَلَى عهد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ (3) إذا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الغزو تخلفوا عَنْهُ ،فإذا قدم رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - (4) اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن يُحمدوا بما لم يفعلوا ؛ فَنَزَلت هَذِهِ الآية(5) :
{ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا…الآية } [آل عمران: 188]. رواه مُسْلِم (6) عن الحسن بن عليٍّ الحلواني ، عن ابن أبي مريم.
__________
(1) في(ب)و(ه) : (( ابن محمد )) وهو خطأ.
(2) صحيح البخاري 6/50 (4567).
(3) في ( س ) و ( ه) : (( كانوا )) .
(4) رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - )) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(6) صحيح مسلم 8/121 (2777) .
وأخرجه الطبري 4/205 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/839 (4646) ، والبغوي في التفسير 1/553 (506) من طرق عن ابن أبي مريم بهذا الإسناد.(1/300)
(156) أخبرنا أبو عبد الرحمان الشاذياخي،قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن مُحَمَّد بن زكريا ،قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان الدَّغولي ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جهم(1)، قَالَ: أخبرنا جعفر بن عون ،قَالَ:حَدَّثَنَا هشام بن سَعْد(2)، قَالَ : حدثنا زيد بن أَسّلَم : أن مروان بن الحكم كَانَ يوماً وَهُوَ أمير عَلَى المدينة عنده أبو سعيد الخدري ، وزيد بن ثابت ، ورافع بن خديج ؛ فَقَالَ مروان : يا أبا سَعِيد ، أرأيت قوله تَعَالَى : { لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا } [آل عمران : 188] والله أنا لنفرح بِمَا أتينا ، ونحب أن نحمد بِمَا لَمْ نفعل ؟ فَقَالَ أبو سعيد : لَيْسَ هَذَا من(3) هَذَا ، إِنَّمَا كَانَ /38 ب/ رجالٌ في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخلفون عنه وعن أصحابه في المغازي ، فإذا كانت فيهم النكبة وما يكرهون فرحوا بتخلفهم ، و إذا (4) كان فيهم ما يحبون حلفوا لهم ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.(5)
__________
(1) في (ه) : (( ابن جهل )).
(2) كَذَا في ( ب ) مجودة الضبط وَهُوَ الصَّحِيْح ، وتحرف في ( س ) إِلَى (( سعيد )) .
(3) في (س) و(ه) : (( في )) .
(4) في ( س ) : (( فإذا )) .
(5) ذكره ابن حجر في العجاب :584-585 وعزاه إلى ابن مردويه في تفسيره.(1/301)
(157) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الزاهد ، قَالَ : أخبرنا أبو سعيد بن حمدون ، قَالَ: أخبرنا أبو حامد ابن الشرقيّ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو الأزهر ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق(1) ، قَالَ : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي ملكية : أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لرافع بوابه: اذهب إلى ابن عباس ، وقل لَهُ : لئن كَانَ كل امرئٍ منا فرح بما أُتي، وأحب أن يحمد بما لم يفعل عُذِّب-لَنُعَذَّبَنَّ أجمعين. فَقَالَ ابن عَبَّاس: ما لكم ولهذا ؟ إِنَّمَا دعا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - اليهود(2) فسألهم عَن شيءٍ ، فكتموه إياه وأخبروه بغيره ، فأروه أن قَدْ استحمدوا إِلَيْهِ بِمَا أخبروه عَنْهُ(3) فيما سألهم، وفرحوا بما أتوا مِنْ كتمانهم إياه.ثُمَّ قرأ ابن عَبَّاس: { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاس } [آل عمران: 187] رواه البخاري(4) عَن إبراهيم ابن موسى ، عَن هشام ، ورواه مُسْلِم(5) ، عن زهير بن حرب ، عن حجاج ؛ كلاهما عن ابن جريج.
__________
(1) تفسير عبد الرزاق (493) .
(2) في ( ب ) : (( يهود المدينة )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) صحيح البخاري 6/50 (4568) .
(5) صحيح مسلم 8/122 (2778) .
وأخرجه أحمد 1/298 ، والبخاري6/51عقب(4568) ، والترمذي (3014) ، والنسائي في الكبرى (11089) وفي التفسير المفرد ، له (106) ، والطبري في تفسيره 4/207 ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (1829) ، والطبراني في الكبير (10730) ، والحاكم 2/299 ، والبيهقي في شعب الإيمان (7019) ، والبغوي في تفسيره 1/553 (507) .(1/302)
وَقَالَ الضحاك(1) : كَتَبَ يهود المدينة إِلَى يهود العراق واليمن ومن بلغهم كتابهم مِن اليهود في الأرض كلها : أن مُحَمَّداً لَيْسَ بنبيَّ (2) الله ، فأثبتوا عَلَى دينكم ، وأجمِعوا كلمتكم عَلَى ذَلِكَ . فأجمعت كلمتهم عَلَى الكفر بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - والقرآن . ففرحوا بِذَلِكَ. وقالوا : الحمد لله الَّذِي جمع كلمتنا ، وَلَمْ نتفرق ، وَلَمْ نترك ديننا ؛ وقالوا : نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله. وذلك قوله تَعَالَى : { يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا } أي (3): بِمَا فعلوا ، { وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا } [آل عمران : 188] يعني بما ذكروا من الصوم والصلاة والعبادة.
قوله - عز وجل - : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...الآية } [آل عمران : 190].
__________
(1) هذا الأثر عزاه الحافظ في العجاب :587 لعبد بن حميد من طريق جويبر ، عن الضحاك ؛ فالأثر ضعيف جداً ؛ لأنَّهُ مِنْ رِوَايَة جويبر.
(2) في ( س ) و ( ه) : (( نبي )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/303)
(158) أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ،قَالَ: أخبرنا أحمد بن محمد ابن يَحْيَى العنبري(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن نجدة ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن عَبْد الحميد الحماني، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ : أتت قريش اليهود ، فقالوا : ما جاءكم به موسى من الآيات ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا : كيف كَانَ عيسى فيكم ؟ قالوا : يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى. فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا /39 أ/ ذهباً. فأنزل الله تعالى : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِأُولِي الأَلْبَابِ } (2)[آل عمران : 190].
قوله - عز وجل - : { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ...الآية } [آل عمران : 195].
__________
(1) في ( ص ) و ( ه) : (( العبيدي )) .
(2) إسناده ضعيف ، ومتنه منكر ؛ يَحْيَى بن عَبْد الحميد قَالَ فِيهِ الإمام أحمد : (( كَانَ يكذب جهاراً ))
وضعفه البخاري ومحمد بن عبد الله بن نمير. ويعقوب القمي هو أبو عبد الله بن سعد الأشعري ، وجعفر ابن أبي المغيرة ضعيفان ؛ لسوء حفظهما.
أخرجه ابن أبي حاتم 3/841 (4655) ، و الطبراني في الكبير (12322) مِنْ طريق يَحْيَى الحماني ، بهذا الإسناد ، وزاد نسبته في الدر المنثور 2/407 لابن المنذر وابن مردويه. وَقَالَ الحَافِظ ابن كَثِيْر 2/159 :
(( وهذا مشكل فإن الآية مدنية ، وسؤالهم أن يكون الصفا ذهباً كَانَ بمكة )) .(1/304)
(159) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصراباذي، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد ، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن سوار ،قَالَ:أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سلمة بن عمر(1) بن أبي سلمة - رجلٌ من ولد أم سلمة-قال: قالت أم سلمة: يا رَسُول الله ، لا أسمع الله ذَكَرَ النساء في الهجرة بشيءٍ. فأنزل الله تعالى: { فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ...الآية } [آل عمران : 195]. رواه الحَاكِم أبو عبد الله في "صحيحه"(2)، عن أبي(3) عونٍ مُحَمَّد بن أحمد بن ماهان ، عن مُحَمَّد بن عليّ بن زيد ، عن يعقوب بن حميد ، عن سفيان.
قوله - عز وجل - : { لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ } [آل عمران : 196].
نزلت في مشركي مكة ، وذلك أنهم كانوا في رخاءٍ ولينٍ من العيش ، وكانوا يَتَّجرون ويتنعمون . فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد. فَنَزَلت هذه الآية.(4)
قوله - عز وجل - : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ …الآية } [آل عمران : 199].
__________
(1) في (ه) : (( ابن عمرو )) ، وهو خطأ ، راجع تهذيب التهذيب 4/148 ، 7/455.
(2) المستدرك 2/300 وهو حديث صحيح.
وأخرجه الحميدي (301) ، والترمذي (3023) ، وأبو يعلى (6958) ، والطبري في التفسير 4/215 ، والطبراني في الكبير 23/(651).
(3) في ( ص ) و ( ه) : (( ابن عون )) وهو خطأ.
(4) ذكره البغوي في تفسيره 1/558 .(1/305)
قال جابر بن عبد الله، وأنس، وابن عباس، وقتادة: نزلت في النجاشي؛ وذلك أنَّهُ لما مات نعاه جبريل - عليه السلام - إِلَى رَسُوْل(1) الله - صلى الله عليه وسلم - في اليوم الَّذِي مات فِيهِ. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: (( اخرجوا فصلوا عَلَى أخٍ لكم مَاتَ بغير أرضكم )). فقالوا: ومن هُوَّ ؟ فَقَالَ : (( النجاشي )) ، فخرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى البقيع، وكُشف لَهُ مِن المدينة إِلَى أرض الحبشة ، فأبصر سرير النجاشي ، وصلى عَلِيهِ ، وكبر أربع تكبيراتٍ ، واستغفر لَهُ ،
وَقَالَ لأصحابه : (( استغفروا الله (2) لَهُ )) . فَقَالَ المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي عَلَى عِلجٍ حبشي نصراني ، لم يره قط ، وليس عَلَى دينه. فأنزل الله تعالى هذه الآية(3).
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( لرسول )).
(2) سقطت لفظة الجلالة من ( س ) و ( ه) .
(3) حديث جابر : أخرجه الطبري في التفسير 4/218 من طريق سعيد بن المسيب ، عن جابر. وانظر الدر المنثور 2/415.
وحديث أنس :سيأتي مسنداً . وحديث ابن عباس : أخرجه أحمد 1/254 من طريق علي بن زيد ، عن رجلٍ ، عن ابن عباس.
ومرسل قتادة : أخرجه الطبري في التفسير 4/218. وزاد نسبته في الدر المنثور 2/415 لعبد بن حميد.(1/306)
(160) أخبرنا أبو الفضل أحمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن يوسف ،قَالَ:حَدَّثَنَا أبو عمرو مُحَمَّد ابن جعفر بن مطر إملاءً ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن مُحَمَّد (1) بن سنان الواسطي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو هانئ مُحَمَّد بن بكار الباهلي ،قَالَ: حَدَّثَنَا المُعتَمِر بن سليمان، عن حميد ، عن أنس ، قال : قَالَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : (( قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي )) ، فَقَالَ بعضهم لبعض(2) : يأمرنا أن نصلي عَلَى عِلجٍ من الحبشة ! فأنزل الله تعالى : { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ …الآية } (3) [آل عمران : 199].
وَقَالَ مجاهد وابن جريج وابن زيد : نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلهم.(4)
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا...الآية } [آل عمران:200].
__________
(1) في ( ب ) : (( أَحْمَد )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) إسناده صحيح.
أخرجه النسائي في الكبرى (11088) ، وفي التفسير المفرد ، له (108) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/846 (4682)، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/415 وزاد نسبته للبزار وابن المنذر وابن مردويه.
(4) انظر : تفسير الطبري 4/219 ، والدر المنثور 2/416 .(1/307)
(161) أَخْبَرَنَا سعيد بن أبي عمرو الحافظ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عليٍّ /39ب/ الفقيه، قَالَ:حدثنا مُحَمَّد بن معاذ الماليني(1) ،قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابن المبارك ،قَالَ: أخبرنا مصعب بن(2) ثابت بن عبد الله بن الزبير ، قَالَ:حدثني داود بن صالح ، قَالَ : قال أبو سلمة بن عبد الرحمان : يا ابن أخي ، هل تدري في أي شيءٍ نزلت هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا } [آل عمران : 200] قال : قلت : لا ، قال : إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - غزو(3) يُرابط فيه ، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة. رواه الحَاكِم أبو عبد الله في "صحيحه" (4)، عن أبي مُحَمَّد المزني ، عن أحمد بن نجدة ، عن سعيد بن منصور ، عن ابن المبارك (5).
سورة النساء
F
قوله - عز وجل - : { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ } [النساء : 2].
__________
(1) في (ه) : (( الباليني )).
(2) في (ب) : (( عن )) .
(3) في (ه) : (( ثغر )).
(4) المستدرك 2/301.وصححه على شرط مسلم ، وإسناده ضعيف ؛ لضعف مصعب بن ثابت.
وأخرجه الطبري في التفسير 4/222 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/416 نسبته لابن المبارك وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان.
(5) وردت في هامش (ب) عبارة (( بلغ مقابلة )) وَهُوَ دليل عَلَى إتقان النسخة و ضبطها .(1/308)
قَالَ مقاتل والكلبي : نزلت في رجلٍ من غطفان كَانَ عنده(1) مالٌ كثيرٌ (2) لابن أخٍ له يتيمٌ ، فلما بلغ اليتيم طلب المال فمنعه عمه ، فترافعا إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَنَزلت هذه الآية. فلما سمعها العم قَالَ: أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحُوبِ الكبير. فدفع إليه ماله، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( من يُوقَ شُحَّ نفسه ورجع به هكذا فإنه يَحُلُّ داره )) يعني جَنَّتَهُ. فلما قبض الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى: فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ثبت الأجر وبقي الوزر )) ، فقالوا: يا رسول الله ، قد عرفنا أنه ثبت الأجر، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله ؟ فَقَالَ: (( ثبت الأجر للغلام ، وبقي الوزر عَلَى والده )) .(3)
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا…الآية } [النساء: 3].
__________
(1) في (ب) : (( مَعَهُ )) .
(2) في (ب) : (( كبير )) .
(3) قَوْل مقاتل في تفسيره 1/222، ولم نجده مسنداً بهذا السياق عند أحد من المخرجين الإما عزاه الحافظ في العجاب: 593، والسيوطي في الدر المنثور 2/425 لابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير بنحوه، وهذا مرسل ضعيف.انظر: تفسير القرطبي 2/1578، والبحر المحيط 3/159.(1/309)
(162) أخبرنا أبو بكر التميمي ،قَالَ:أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد ،قَالَ:حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى ،قَالَ:حدثنا سهل بن عثمان ،قَالَ:حدثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عَائِشَة في قوله تعالى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى...الآية . } [النساء: 3] ، قالت: أنزلت هذه الآية في الرجل يكون لَهُ اليتيمة وَهُوَ وليها ، ولها مالٌ، وليس لها أحدٌ يخاصم دونها ، فَلاَ (1) يُنكِحُها حباً لِمَالِها (2) ويَضُرُّ بها ويسيء صحبتها ؛ فَقَالَ الله تَعَالَى : { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ } [النساء : 3] يَقُوْل : ما أحللت لَكَ (3) ودع هَذِهِ . رَوَاهُ مُسْلِم (4) عن أبي كريب ، عن أبي أسامة ، عن هشام.
وَقَالَ سعيد بن جبير، وقتادة، والربيع، والضحاك ، والسدي (5)
__________
(1) في (ص) : (( و )) .
(2) في (ب) وردت العبارة هكذا : (( ينكحها إلا لمالها )).
(3) في (س)و (ه): (( لكم )) .
(4) صحيح مسلم 8/240-241 (3018) (9).
وأخرجه البخاري 6/53 (4573) ، ومسلم 8/239 (3018) (6) و 8/240(3018)(7)و (8)، والنسائي في الكبرى (11090)وفي التفسير، لَهُ (110)، والطبري في تفسيره 4/232، وابن أبي حاتم 3/857(4744)، والبيهقي 7/142,141، مِنْ طرق عن عَائِشَة رضى الله عنها. وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/427 لعبد بن حميد وابن المنذر .
(5) أثر سعيد بن جبير : أخرجه الطبري في التفسير 4/233 ، وابن أَبِي حاتم في تفسيره 3/859 (4757) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/428 إِلَى سعيد بن مَنْصُوْر ، و عَبْد بن حميد ، وابن المنذر .
وأثر قتادة : أخرجه الطبري في التفسير 4/234 .
وأثر الربيع : أخرجه الطبري في التفسير 4/235 .
وأثر الضحاك: أخرجه الطبري كَمَا في الدر المنثور2/428، وَلَمْ نقف عَلَيْهِ في المطبوع من تفسير الطبري.
…وأثر السدي : أخرجه الطبري في التفسير 4/233 .
أما أثر ابن عَبَّاسٍ : فَقَدْ أخرجه ابن أَبِي حاتم في التفسير 3/857 (4747) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/428 إِلَى عَبْد بن حميد ، انظر : الوسيط للمصنف 2/8 .(1/310)
: كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى، ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاءوا ، فربما عدلوا ، وربما لم يعدلوا؛ فَلَمَّا سألوا عن اليتامى ونزل(1): { وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ…الآية } [النساء: 2] أنزل الله تعالى أيضاً : { وَإِنْ خِفْتُمْ ألاَّ تُقْسِطُوا فِي/40 أ/ الْيَتَامَى } [النساء: 3].
يقول (2): وكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى(3)، فكذلك خافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ، فَلاَ (4) تتزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن ، لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز. وهذا قول ابن عباس في رواية الوالبي(5).
قوله - عز وجل - : { وَابْتَلُوا الْيَتَامَى...الآية } [النساء : 6].
نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه وذلك أن رفاعة تُوفي وترك ابنه ثابتاً وهو
صغير، فأتى عم ثابت(6) إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَهُ (7): إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ومتى أدفع إليه ماله ؟ فأنزل الله (8)تَعَالَى هَذِهِ الآية .(9)
قوله - عز وجل -: { لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ…الآية } [النساء :7].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( و نزلت آية اليتامى )) .
(2) لم ترد في ( ص ) .
(3) من (( يَقُوْل )) إِلَى هنا سقط من ( ب ).
(4) في (ص) : (( ولا )) .
(5) انظر : المصنف في تفسيره 2/8.
(6) في (ص) : ((فأتى عمه )) .
(7) لَهُ )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(8) لم ترد في (ص) .
(9) ذكره البغوي في تفسيره :1/567، والخازن في تفسيره :1/478، والبحر المحيط :3/171 .(1/311)
قال المفسرون (1): إن أوس بن ثابت الأنصاري تُوفي وترك امرأةً يقال لها أُمُ كُجَّة(2) وثلاث بنات له منها فقام رجلان : هما ابنا عم الميت ووصياه ، يقال لهما : سويد وعَرْفَجَة(3) ، فأخذا مالهُ ولم يُعطيا امرأته ولا بناته شيئاً ، وكانوا في الجاهلية لايُرِّثُونَ النِساء ولا الصغير(4) وإن كان ذكراً ، إنما يُورِّثون الكبار ، وكانوا يقولون :
لا يُعطى إلا من قاتل(5) على ظهر الخيل وحاز الغنيمة. فجاءت أُمُّ كُجَّة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن أوس بن ثابت مات وترك عليَّ بناتٍ وأنا امرأته ، وليس عندي ما أُنفق عليهن ، وقد ترك أبوهنَّ مالاً حسناً وهو عند سُوَيد وعَرفَجَة ، و(6)لم يُعطياني ولا بناته من المال شيئاً ، وهن في حجري ، ولا يُطعماني(7) ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأساً. فدعاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالا : يا رسول الله ، ولدها لا يركب فرساً ، ولا يحمل كَلاًّ، ولا ينكي(8) عدواً. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( انصرفوا حتى انظر ما يحدث الله لي فيهن)). فانصرفوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية(9)
__________
(1) انظر : بحر العلوم :1/334، والبغوي في تفسيره :1/571،والقرطبي في تفسيره:2/1616.
(2) في( ه): (( أم كحة )) ، وما أثبتناه من بقية النسخ ، وَهُوَ موافق لضبط الحافظ ابن حجر. ولها ترجمة في الإصابة 4/487.
(3) ذكرهما الحَافِظ ابن حجر في الإصابة 2/98 ، و 3/165.
(4) في (ب) : ((ولا الصغار)).
(5) في (ب) : (( ظهور )).
(6) ليست في ( س ) و ( ه) .
(7) في (ه) : (( ولا يطعمن ولا يسقين ولا يرفع بهن )) .
(8) في (ص) :((ولاينكل )) .
(9) الحديث موضوع .
أخرجه أبو الشَّيْخ مِنْ طريق الكلبي ، عَن أبي صالح ، عَن ابن عَبَّاس. انظر الإصابة :1/80، والدر المنثور 2/438 ، والكلبي : هُوَّ مُحَمَّد بن السائب الكلبي ،كذاب ، قَالَ لسفيان الثوري: (( كُلّ ما حدثتك عَن أبي صالح ، عَن ابن عَبَّاس فَهُوَ كذب )) .وأبو صالح باذان أو باذام مولى أم هانئ ، ضعيف، وَلَمْ يلق ابن عَبَّاسٍ .(1/312)
.
قوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً …الآية } [النساء : 10].
قال مقاتل بن حيان : نزلت في رجلٍ من غطفان يقال لَهُ : مَرْثَد بن زيد ، وَليَّ
مالَ ابن أخيه وهو يتيمٌ صغيرٌ فأكله ؛ فأنزل الله تَعَالَى فِيْهِ هَذِهِ الآية (1).
قوله - عز وجل - : { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ للذَّكَرِ … الآية } [النساء :11 ]
(163) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر ،قَالَ: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي ،قَالَ: أخبرنا المؤمَّل بن الحسن(2) بن عيسى، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن(3) بن مُحَمَّد بن الصباح ، قَالَ : حَدَّثَنَا حجاج ، عن ابن جريج ، قَالَ: أخبرني ابن المُنكدر ، عن جابر ، قال : عادني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكرٍ في بني سلمة وهما(4) يمشيان ، فوجداني(5) لا أعقل ، فدعا /40ب/ بماءٍ فتوضأ ثُمَّ رشَّ عليَّ منه فأفقت ، فقلت : كيف أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فَنَزَلت (6) : { يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ } [النساء: 11]. رَوَاهُ البُخَارِيّ(7) عَن إبراهيم بن موسى، عَن هشام ؛ ورواه مسلم(8)
__________
(1) ذكرهُ البغوي في تفسيره :1/573، و انظر :البحر المحيط :3/178، والعجاب :605.
(2) في (ب)و(ه) : (( الحسين )) .
(3) و(ه) : (( الحسين )) .
(4) في ( ب ) سقطت لفظة (( هما )) .
(5) في ( ه) و ( س ) : ((فوجدني)) .
(6) في ( ص ) : (( فَنَزَل )) .
(7) صحيح البخاري 1/60(194) و 6/54(4577) و7/150 (5651) و 8/184 (6723) و8/190
(6743) و 9/124(7309) وفي الأدب المفرد ، لَهُ (5011) .
(8) صحيح مُسْلِم 5/60 (1616) (6) .
وأخرجه الحميدي (1229) ، وأحمد 3/298 و 307 و 373 ، والدارمي (739) ، وأبو داود (2886) ، وابن ماجه (1436)، و (2728) ، والترمذي (2096) و (2097) و (3851) وفي الشمائل (338) ، والنسائي 1/87 وفي الكبرى ، له (71) ، وانظر : تهذيب الكمال 1/427.(1/313)
عن محمد بن حاتم ، عن حجاج ، كلاهما عَن ابن جريج.
(164) أَخْبَرَنَا أبو مَنْصُوْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد المنصوري ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَلِيّ بن عُمَر بن مهدي، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن صاعد، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن المقدام، قَالَ: حَدَّثَنَا بشر بن المفضل(1) ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عقيل ، عَن جابر بن عَبْد الله ، قَالَ(2) : جاءت امرأةٌ إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بابنتين لها فقالت : يا رَسُول الله ، هاتان بِنْتَا ثابت بن قيس-أو قالت سعد بن الربيع-قتل معك يوم أحد ، وَقَدْ استفاء عمهما مالهما وميراثهما، فَلَمْ يدع لهما مالاً إلا أخذه ، فما ترى يا رَسُول الله ؟ فوالله ما ينكحان أبداً إلا ولهما مالٌ. فَقَالَ: (( يقضي الله في ذَلِكَ )) ، فَنَزَلت سورة النساء وفيها :
{ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ } [النساء : 11] إلى آخر الآية، فَقَالَ لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ادع لي المرأة وصاحبها )) ، فَقَالَ لعمهما : (( أعطهما الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك )) .
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً… الآية } [النساء : 19].
__________
(1) في (ه) : (( ابن الفضل )) ، وهو خطأ ، انظر : تهذيب الكمال 1/357 (695) .
(2) إسناده ضعيف ؛ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عقيل ضَعِيف عِنْدَ التفرد وقد تفرد .
…أخره أَحْمَد 3/352 ، و أَبُو داود (2891) ، وابن ماجه (2720) ، والترمذي (2092) ، وأَبُو يعلى (2039) ، والطحاوي في شرح المعاني 4/395 ، والدارقطني 4/78 و79 ، والحاكم 4/333 و342، والبَيْهَقِيّ 6/216و 229 .
…وذكر السمرقندي في تفسيره 1/336 ، والقرطبي في تفسيره 2/1627 ، والسيوطي في الدر 2/445.(1/314)
(165) أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن مُحَمَّد الأصفهاني ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا سهل بن عثمان، قال: حَدَّثَنَا أسباط بن مُحَمَّد ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس، قَالَ أبو إسحاق الشيباني : وذكره عطاء أبو الحسن(1) السُّوَائي ولا أظنه إلا ذكره(2) عن ابن عَبَّاس في هذه الآية { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً … الآية } [النساء : 19] قَالَ: كانوا إذا مات الرجل كَانَ أولياؤه أحق بامرأته، إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجها ، وهم أحق بها من أهلها. فَنَزَلت هذه الآية في ذَلِكَ . رواه البُخَارِيّ (3) في التفسير عن محمد بن مقاتل ، ورواه في كتاب الإكراه (4) عن حسين بن منصور ، كلاهما عن أسباط.
قَالَ المفسرون (5)
__________
(1) تحرف الاسم في (س) و (ه) إِلَى : (( عطاء بن الْحُسَيْن )) . وانظر : تهذيب الكمال 5/180.
(2) كَذَا في (ب) و ( ص) ، وفي (س) و (ه) : (( ذكره إلا )) بالتقديم .
(3) صحيح البخاري 6/55 (4579).
(4) صحيح البخاري 9/27 (6948).
وأخرجه أبو داود (2089) ، والنسائي في الكبرى (11094) وفي التفسير المفرد ، له (114)، والطبري في تفسيره 4/305 ، وابن أَبِي حاتم في تفسيره 3/902 (5079) ، والبيهقي في الكبرى 7/138، وذكره القرطبي في تفسيره 2/1664 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر 2/462 لابن المنذر .
(5) انظر : البغوي 1/587-588.
وأخرج النسائي في تفسيره 1/369 ، والطبري في تفسيره 4/305 ، وابن أَبِي حاتم 3/902 (5030) من طريق أَبِي أُمامة سهل بن حنيف . وانظر : فتح الباري 8/247 ، الدر المنثور 2/462 .
وأخرجه بنحوه الطبري في تفسيره 4/306 من حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ في قوله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهاً … الآية } .(1/315)
: كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأةٌ جاء ابنه من غيرها أو قريبه(1) من عَصَبَتِه ، فألقى ثوبه عَلَى تلك المرأة فصار أحق بها من نفسها ومن غيره ، فإن شاء أن يتزوجها تزوجها بغير صداقٍ إلا الصداق الذي أصدقها الميت ، وإن شاء زوجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً ، وإن شاء عَضَلها وضارَّها لتفتدي منه بما ورثت من الميت ، أو تموت هي فيرثها فتوفي أبو قيس بن الأسلت الأنصاري(2)، وترك / 41أ/ امرأته كُبيشة(3) بنت معن الأنصارية فقام ابنٌ له من غيرها يقال لَهُ : حصن ، وقال مقاتل : اسمه قيس بن أبي قيس ، فطرح ثوبه عليها فورث نكاحها ، ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها ، يضارها لتفتدي منه بمالها ، فأتت كبيشة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي ، وقد أضرَّ بي وطوَّل عليَّ ، فلا هو ينفق عليَّ ولا يدخل بي ، ولا هو يخلي سبيلي. فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله )). قَالَ : فانصرفت ، وسمعت بذلك النساء في المدينة ، فأتين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقلن : ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحنا الأبناء ، ونكحنا بنو العم. فأنزل الله تعالى هذه الآية(4)
__________
(1) في (ه) : (( أو قرابته )) .
(2) ترجمته في الإصابة 4/161-162.
(3) ويقال لها كبشة كَمَا في (ب) ، وانظر : الإصابة 4/395.
(4) هذا مما تلقفه المصنف من شيخه الثعلبي، ولم ينسبه إليه كما في العجاب:610 إذ قال الحافظ ابن حجر : (( وقد جمع الثعلبي ما تقدم. فنظمه في سياق واحد بزيادة ونقص، فقال...)) ثُمَّ قال الحافظ: (( وفي قوله: إن المرأة كانت ترث زوجها مخالفة لما تقدم في قوله : إنهم كانوا لا يورثون النساء )) .
وَقَدْ نقل الحَافِظ في الفتح 8/247 أول ما أورده الواحدي ثُمَّ قَالَ : (( وكأنه نقله من تفسير الثعلبي )).(1/316)
.
قوله - عز وجل -: { وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ …الآية } [النساء: 22].
نزلت في حصن بن أبي قيس ، تزوج امرأة أبيه: كبيشة بنت معن. وفي الأسود بن خلف، تزوج امرأة أبيه. وصفوان بن أمية بن خلف، تزوج امرأة أبيه فَاخِتَة بنت الأسود ابن المطلب . وفي منظور بن زبّان (1) تزوج امرأة أبيه مليكة بنت خارجة (2).
وقال أشعث بن سوّار : توفي أبو قيس - –وكان من صالحي الأنصار - فخطب ابنه قيس امرأة أبيه ، فقالت : إني أعدك ولداً ، ولكني آتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، استأمره. فأتته فأخبرته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية(3).
قوله - عز وجل - : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء: 24].
__________
(1) في( ه) : ((منصور بن ماذن )) وهو خطأ.
(2) هذا النص في تفسير مقاتل 1/229 ، وتفسير الطبري 4/312 ، وتفسير القرطبي 2/1673 ، وتفسير ابن كَثِيْر 1/637 ، و العجاب :612 ، و الدر 2/469 .
(3) أخرجه ابن أَبِي حاتم في تفسيره 3/909 (5073) ، والطبراني 22/(978) ، والبيهقي 7/161 من طريق أشعث بن سوار ، عن عدي بن ثابت .
وذكره البغوي في تفسيره 1/589 ، وابن كَثِيْر في تفسيره 1/637 ونسبه الحَافِظ في العجاب :612 لابن
أَبِي حاتم من طريق أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت ، عن رجل من الأنصار ، وَهُوَ سند ضعيف ؛ لضعف أشعث بن سوار ؛ ولجهالة شيخ عدي بن ثابت .
وَقَدْ ذَكَرَ الحَافِظ ابن حجر في الإصابة 3/251-252 ، أن الرَّاوِي عن أشعث ، قيس بن الربيع ، وَهُوَ
ضعيف ، فعلى هَذَا يَكُوْن السند مسلسلاً بالعلل .
ونسبه السيوطي في الدر المنثور 2/468 للفريابي وابن المنذر .…(1/317)
(166) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان البناني(1) ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان ، قَالَ : أخبرنا أبو يعلى(2) ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو الناقد ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد الزبيري ، قَالَ : حَدَّثَنَا سفيان ، عن عثمان البتي ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد الخدري، قَالَ : أصبنا سبايا يوم أُوطاس لهنَّ أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ، فسألنا
النبي - صلى الله عليه وسلم - فنَزَلت : { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء : 24] فاستحللناهن(3).
(167) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد (4) بن الحارث ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن مُحَمَّد ابن جعفر ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبدالرحيم ، عن أشعث بن سوار، عن عثمان البتي ، عن أَبِي الخليل ، عن أبي سعيد قَالَ(5) : لما سبا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل أوطاس قلنا : يا نبي الله ، كيف نقع على نساءٍ قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن؟ فَنَزَلت هذه الآية: { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } [النساء: 24].
__________
(1) في (ه) :(( الوراق )) .
(2) في مسنده (1148).
(3) إسناده ضعيف ؛ لانقطاعه ، أبو الخليل وهو صالح بن أبي مريم ، لم يدرك أبا سعيد. لكنه جاء موصولاً. انظر ما سيأتي .
أخرجه هكذا : عَبْد الرزاق في تفسيره 1/446،و أَحْمَد 3/72 ، ومسلم 4/171 (1456)(35) ، والترمذي (1132) و(3017) ، والنسائي في الكبرى (5491) ، وفي التفسير المفرد ، له (117)، والطبري في التفسير 5/2، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (3927) و (3928).
(4) في ( س ) و ( ه) : (( أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد )) .
(5) تقدم تخريجه ، وإسناده ضعيف ؛ لضعف أشعث بن سوار ، ولانقطاعه بَيْنَ أبي الخليل وأبي سعيد . وسيأتي في الذي بعده موصولاً بسندٍ صحيح.(1/318)
(168) أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن إبراهيم الفارسي (1)،قَالَ :أخبرنا مُحَمَّد بن عيسى بن عمرويه، قَالَ: حَدَّثَنَا إبراهيم بن مُحَمَّد بن سفيان ،قَالَ:حَدَّثَنَا مُسْلِم بن الحجاج (2)، قَالَ:حدثني عبيد الله بن عمر القواريري ، قَالَ:حَدَّثَنَا يزيد بن زريع ،قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد بن أبي عروبة(3) ، عن قتادة ، عن صالح أبي الخليل(4) ، عن أبي علقمة
الهاشمي ، عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطاس /41ب/، فلقي (5) عدواً فقاتلوهم فظهروا (6) عليهم وأصابوا لهم سبايا ، فكأنَّ (7)
ناساً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تحرَّجوا من غِشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين ،
فأنزل الله تعالى في ذَلِكَ { وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ } (8) [النساء : 24].
__________
(1) في (ه) : (( أخبرنا أبو مكي الفارسي )) ، وفي (ص) : (( أَبُو بكر الفارسي )).
(2) صحيح مسلم 4/170 (1456) (33) .
(3) في (ه) : ((سعيد بن عروة )).
(4) في (س) : (( عن أَبِي صالح أَبِي الخليل )) ، وفي (ه) : ((عن صالح بن أبي الخليل )) وكلاهما خطأ.
(5) في ( س ) و ( ه) : (( ولقي )) .
(6) في (ه) : (( فظفروا )) وَهُوَ خطأ.
(7) في ( س ) و ( ه) : (( وَكَانَ ناس )) .
(8) إسناده صحيح متصل وقد توبع سعيد بن أبي عروبة على وصله، تابعه همام بن يحيى عند أحمد 3/84 ، والترمذي (1132) و (3016) ، وشعبة بن الحجاج عند مسلم 4/171 (1456) عقب (34).
وأخرجه الطيالسي (2239) ، وأحمد 3/84 ، ومسلم 4/170 و 171 ، وأبو داود (2155) ، والنسائي 6/110 ، وفي الكبرى ، لَهُ (11096) وفي التفسير المفرد (116) ، وأبو يعلى (1318) ، والطبري في تفسيره 5/2 ، والطحاوي في شرح المشكل (3930) ، والبيهقي 7/167.(1/319)
قوله - عز وجل - : { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } [النساء : 32].
(169) أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصوفي ، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قَالَ: حَدَّثَنَا جعفر بن مُحَمَّد بن سوار ، قَالَ: حدثنا قتيبة ،قَالَ: حدثنا سفيان بن عُيَينة ، عن ابن أبي نُجَيح ، عن مجاهد ، قَالَ : قالت أم سلمة : يا رَسُول الله ، يغزو الرجال
ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله تعالى : { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ (1) بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } (2) [النساء : 32].
(170) أخبرنا مُحَمَّد بن عبد العزيز، أن مُحَمَّد بن الحسين أخبرهم(3) ، عن مُحَمَّد بن يَحْيَى بن يزيد ، قَالَ: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ: أخبرنا عتَّاب بن بشير الجزري(4)، عن خصيف ، عن(5) عكرمة(6): أن النساء سألن الجهاد فقلن: وَدِدنا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال. فأنزل الله تعالى: { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } [النساء : 32].
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) قَالَ التِّرْمِذِيّ : (( هَذَا حَدِيْث مرسل ، رَوَاهُ بعضهم عن ابن أَبِي نجيح ، عن مجاهد مرسلاً أن أم سلمة قالت : كَذَا وكذا )).
وأخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 1/450 (563)، و أحمد 6/322 ، والترمذي (3022) ، وأبو يعلى (6959) ، و الطبري في تفسيره 5/46 و 47 ، وابن أَبِي حاتم في التفسير 3/935 (5224) ، والطبراني في الكبير 23/ (609) ، والحاكم 2/305 – 306 .
وذكره البغوي في التفسير 1/608 (584) .
(3) في (ب) : (( أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن )) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) في (ه) : (( ابن عكرمة )) ، وهو خطأ.
(6) الدر المنثور 2/507 : وعزاه لسعيد بن منصور وابن المنذر ، وعتاب بن بشير وخصيف ضعيفان.(1/320)
وَقَالَ قتادة والسدي(1) : لما نزل قوله تعالى : { لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ } [النساء : 11] قال الرجال : إنا لنرجوا أن نفضلَّ على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فُضِّلنا عليهن في الميراث، فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء. وقالت النساء: إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة ، كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا. فأنزل الله تعالى : { وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ } [النساء : 32].
قوله - عز وجل - : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِي … الآية } [النساء : 33].
(171) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الفارسي ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن خَمِيْرويه (2) الهرويّ ، قال : أخبرنا علي بن مُحَمَّد الخُزاعي(3) ، قال: حدثنا أبو اليمان الحكم ابن نافع ، قال : أخبرني شعيب بن أبي حمزة ، عن الزهري ، قال :
قال سعيد بن المسيب : نزلت هذه الآية : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ } [النساء : 33]. في الذين كانوا يتبنَّون رجالاً غير أبنائهم ويورِّثونهم. فأنزل الله تعالى فيهم أن يُجعل لهم نصيب في الوصية، وردَّ الله تعالى الميراث إلى الموالي من ذوي الرحم والعَصَبةِ ، وأبى أن يجعل للمُدَّعين ميراثاً ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن جعل لهم نصيباً في الوصية (4)
__________
(1) أثر قتادة أخرجه الطبري 5/48 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/508 نسبته لعبد بن حميد، وأثر السدي أخرجه الطبري 5/47-48 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/936 ( 5229) .
وذكره ابن الجوزي في تفسيره 2/68-69 .
(2) في (س) :(( حمويه )) خطأ .
(3) في (ه) : ((أخبرنا محمد بن محمد الموافي )) ، وفي (ص) : (( الرفاعي )) .
(4) أخرجه الطبري5/54-55 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/511 نسبته للنحاس ، وَهُوَ مرسل.
وذكره ابن الجوزي في زاد المسير 2/72 ، والبغوي في تفسيره 1/610 .(1/321)
.
قوله - عز وجل - : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ... الآية } [النساء : 34].
قال مقاتل(1) : نزلت هذه الآية في سعد بن الربيع وكان من النقباء ، وامرأته حبيبة بنت زيد بن أبي زهير(2) وهما من الأنصار ، وذلك أنها نشزت عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أَفرَشتُهُ كريمتي فلطمها !فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لتقتص من زوجها )) . وانصرفت مع أبيها لتقتص منه (3)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((ارجعوا ، هذا جبريل أتاني )) . وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - /41أ/ : (( أردنا أمراً وأراد الله أمراً ، والذي أراد الله خيرٌ )) ؛ ورفع القصاص .
(172) أَخْبَرَنَا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد الزاهد، قَالَ: أَخْبَرَنَا زاهر بن أحمد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن الْحُسَيْن بن الجنيد ، قَالَ : حَدَّثَنَا زياد بن أيوب ، قَالَ : حَدَّثَنَا هشيم ، قَالَ : حَدَّثَنَا يونس ، عن الحسن(4) : أن رجلاً لطم امرأته فخاصمته إِلَى رَسُوْل الله(5)- صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) تفسيره 1/234-235 .
(2) في ( ص ) و ( ه) : (( ابن أبي هريرة )) ، وهو خطأ . راجع الإصابة 1/566 .
(3) من قوله : (( فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - )) … إِلَى هنا سقط من ( ب ) .
(4) في ( ه): (( عن الجهني )) ، في ( ب ) : (( يونس عن الجهني عن الحسن )) ، وفي ( ص ) : (( عن الحسن الجهني )) .
والحديث أخرجه الطبري 5/58 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/512 نسبته لعبد بن حميد وهذا
مرسل .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( النَّبِيّ )) .(1/322)
فجاء معها أهلها فقالوا (1) : يا رسول الله ، إن فلاناً لطم صاحبتنا ، فجعل
رسول الله يقول : (( القصاص القصاص ولا يقضي قضاء )) ، فَنَزَلت هذه الآية :
{ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ... } [النساء : 34] فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((أردنا أمراً وأراد الله غيره )).
(173) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قال : حَدَّثَنَا أبو يحيى الرازي ، قال : حَدَّثَنَا سهل العسكري ، قال : حَدَّثَنَا علي بن هاشم(2) ، عن إسماعيل ، عن الحسن ، قال : لما نزلت آية القصاص بين المسلمين لطم رجلٌ امرأته ، فانطلقت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت : إن زوجي لطمني فالقصاص ، قال : (( القصاص )) ، فبينا هُو كذلك أنزل الله تعالى : { الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ } [النساء : 34] فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أردنا أمراً فأبى الله تعالى إلا غيره(3) خذ أيها الرجل بيد امرأتك ))(4).
قوله - عز وجل - : { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْل } [النساء : 37].
قَالَ أكثر المفسرين : نزلت في اليهود حين (5)كتموا صفة مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - ولم يبينوها للناس ، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم.
__________
(1) في ( ص ) : (( فقال )) .
(2) في (ه) : (( ابن هشام )) .
(3) لم ترد في ( ب ) .
(4) مرسل.
أخرجه الطبري في التفسير 5/58 من طريق جرير بن عبد الحميد ، عن الحسن ، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3/940 (5246) من طريق أشعث بن عَبْد الملك ، عن الحسن .
وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/512 –513 وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
(5) لم ترد في ( ب ) .(1/323)
وَقَالَ الكلبي : هم اليهود ، بخلوا أن يصدقوا من أتاهم بصفة (1) مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - ونعته في كتابهم.
وقال مجاهد(2) : الآيات الثلاث إلى قوله : { عَلِيماً } نزلت في اليهود .
وقال ابن عَبَّاس، وابن زيد (3): نزلت في جماعة من اليهود، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ، فأنزل الله تعالى { الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْل } [النساء : 37].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى … الآية } [النساء : 43].
نزلت في أناسٍ من أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يشربون الخمر ويحضرون
الصلاة وهم سكارى (4) ، فلا يدرون كم يصلون ولا ما يقولون في صلاتهم.
(174) أخبرنا أبو بكر الأصفهاني، قال: أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قال: حَدَّثَنَا أبو يحيى ، قال : حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ، قال : حَدَّثَنَا أبو عبد الرحمان الأفريقي(5) قال : حدثنا عطاء ، عن أبي(6) عبد الرحمان ، عن علي بن أبي طَالِب (7) ، قال : صنع
__________
(1) في ( ب ) : ((صفة)) .
(2) أخرجه الطبري 5/85 ، وذكره السمرقندي في تفسيره 1/354
(3) حَدِيْث ابن عَبَّاس : أخرجه الطبري في التفسير 5/86 برواية مطولة وبسياق أحسن من هَذَا ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/538 وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم.
أما حَدِيْث ابن زيد فأخرجه الطبري 5/86 .
(4) في( س ) و ( ه) : (( نشاوى )) .
(5) الأفريقي )) لَمْ ترد في (ب). وهو عبد الله بن عمر بن غانم الرعيني ، قاضي أفريقية (128-190ه) . انظر : تهذيب التهذيب 5/331.
(6) لم ترد في ( ب ) .
(7) عن علي بن أبي طالب ))لم ترد في ( ب ) .(1/324)
عبد الرحمان بن عوف طعاماً ، ودعا أناساً من أصحاب مُحَمَّد (1) - صلى الله عليه وسلم - فطعموا وشربوا ، وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب(2) فقرأ : { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ } [الكافرون : 1] فلم يُقمها ، فأنزل/42ب/ الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ } (3)[النساء : 43].
قوله - عز وجل - : { ...فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً } [النساء: 43].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( رَسُوْل الله )) .
(2) قيل هو علي بن أبي طالب ، انظر تفسير سفيان الثوري : 96 ، تفسير الطبري 5/95 ، وتفسير السمرقندي 1/356 ، وَهُوَ مصرح بِهِ في رِوَايَة أبي داود والترمذي .
(3) إسناده صحيح ، وقد سمعه حماد بن زيد من عطاء ، وسماعه قديم قبل الاختلاط.
أخرجه عبد بن حميد (82) ، وأبو داود (3671) ، والترمذي (3026) والبزار (598) ، والنسائي كما في تحفة الأشراف ، حديث (10175) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/958( 5352) ،والحاكم 2/307.
وذكره الثوري في تفسيره :96، والطبري في تفسيره 5/95، وانظر تفسير السمرقندي 1/356، وتفسير البغوي 1/226.(1/325)
(175) أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال: أخبرنا أبو عمرو بن مطر، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن علي الذُّهلي ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن يَحْيَى ، قال: قرأت على مالك بن أنس(1)، عن عبد الرحمان بن القاسم ، عن أبيه ، عن عَائِشَة ، أنها قالت (2): خرجنا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء (3) أو بذات الجيش ، انقطع عقدٌ لي فأقام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى التماسه ، وأقام الناس مَعَهُ ، وليسوا عَلَى ماءٍ وليس معهم ماءٌ ، فأتى الناسُ إلى أبي بكرٍ ، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عَائِشَة ؟ أقامت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبالناس مَعَهُ وليسوا عَلَى ماء وليس معهم ماء(4) فجاء أبو بكر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واضع رأسه عَلَى فخذي قد نام ، فَقَالَ : أحَبَسْتِ(5) رَسُول الله والناس مَعَهُ وليسوا عَلَى ماء وليس معهم ماء ؟ قالت (6)
__________
(1) انظر : الموطأ (134)، برواية الليثي .
(2) أخرجه الشافعي في مسنده : 160 ط العلمية و(85) طبعتنا ، وعبد الرزاق (880)، والحميدي (165)، وإسحاق بن راهويه (966) ، وأحمد 6/179، والبخاري 1/91(334)و1/92(336)و(337) ، ومسلم 1/192(367)و(108)و(109)، وأبو داود (317) ، والنسائي 1/163 وفي الكبرى (299) ، وفي التفسير، له (127) ، والطبري في تفسيره 5/106، 107، وابن خزيمة (261)، (262) ، وأبو عوانة 1/302، 303، وابن المنذر في "الأوسط " (504) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/962(5370) ، وابن حبان (1300) ، والطبراني في الكبير 23/(129)، (131) ، والبيهقي 1/214، 223 ، وفي معرفة السنن (315)و(316)، والمصنف في تفسيره 2/59، والبغوي في "شرح السنة" (307)، من طرق عَن عائشة رضى الله عنها .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( في البيداء)) .
(4) هذا مؤخر في ( ص ) بعد قوله : ((قد نام )) .
(5) في ( ه) : ((أجلست )) .
(6) من قوله : (( فَقَالَ : أحبست )) … إِلَى هنا ، سقط من ( ب ) .(1/326)
: فعاتبني أبو بكر ، وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلاّ مكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي ، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا ، فقال أسيد ابن حضير- وهو أحد النقباء-: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت عائشة: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته. رواه البخاري(1) عن إسماعيل بن أبي أويس ، ورواه مسلم(2)عن يحيى بن يحيى ؛ كلاهما عَن مَالِك.
(176) أَخْبَرَنَا أبو مُحَمَّد الفارسي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن الفضل ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن الحَافِظ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي (3)، عَن صالح(4)، عَن ابن شهاب ، قَالَ : حَدَّثَنِي عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة ، عَن ابن عَبَّاس ، عَن عمار بن ياسر ، قَالَ: عرَّس رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بذات الجيش ، ومعه عَائِشَة زوجته ، فانقطع عقدٌ لها مِنْ جذع
__________
(1) صحيح البخاري 6/63 و 64 (4607) و (4608).
(2) صحيح مسلم 1/191-192(367) (108).
(3) لم ترد في ( ص ) .
(4) هو صالح بن كيسان ، وفي ( ب ) : (( عن أبي صالح )) ، وَهُوَ خطأ . انظر تهذيب الكمال 6/510 .(1/327)
ظفار (1) فحبس الناس ابتغاء عقدها ذَلِكَ حَتَّى أضاء الفجر ، وَلَيْسَ مَعَهم (2) ماء فتغيض عَلَيْهَا أبو بكر وَقَالَ : حبست الناس (3) عَلَى غَيْر ماء (4) . فأنزل الله تَعَالَى عَلَى رسوله - صلى الله عليه وسلم - رخصة (5) التطهر بالصَّعيد الطَّيب ، فقام المسلمون(6) فضربوا بأيدهم الأرض ثُمَّ رفعوا أيديهم، فَلَمْ يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بِهَا وجوههم وأيديهم إِلَى المناكب ، ومن (7) بطون أيديهم إِلَى الآباط (8)
__________
(1) في ( ب ) و ( ه) : (( أظفار )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( مَعَ الناس )) .
(3) لم ترد في ( ص ).
(4) عَلَى غَيْر ماء )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) في ( س ) : (( قصة )) ، وفي ( ص ) : (( فأنزل الله رخصة التطهير على رسول الله )) .
(6) في ( ص ) : (( رسول الله )).
(7) لَمْ ترد في ( س ) .
(8) إسناده فيه مقال ؛ لأنَّهُ من رِوَايَة عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة ، عن ابن عَبَّاسٍ ، وَهِيَ الرِّوَايَة الَّتِي أخرجها أحمد 4/263-264 ، وأبو داود (320) ، والنسائي 1/167 وفي الكبرى ، لَهُ (300) ، وأبو يعلى (1609) ، والطحاوي 1/111 ، والبيهقي 1/208 ، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/284 ؛ ذَلِكَ أن أبا حاتم وأبا زُرْعَة الرازيين غلطاها وذكرا أن الصواب هي رِوَايَة مَالِك وسفيان بن عيينة اللذين روياه عَن الزهري،عَن عبيد الله ، عَن أبيه ، عَن عمار. كما في نصب الراية 1/155 – 156 ، لكن النسائي ساق الروايتين في الكبرى (300) و (301) ، وَقَالَ : (( وكلاهما محفوظ )) .
ورواية الزهري ، عن عبيد الله ، عن أبيه ، عن عمار ، أخرجها الشافعي في المسند : 160 ط. العلمية ، و( 86 ) و ( 87 ) طبعتنا ، والحميدي (143)، وابن ماجه (566) ، والنسائي 1/167 وفي الكبرى ، لَهُ ( 301 ) ، والطحاوي 1/110 ، وابن حبان (1310) ، والبيهقي 1/208 ، وابن عبد البر في التمهيد 19/283-284 ، وهي الرواية المحفوظة كما قال الرازيان.
على أن عدداً من ثقات أصحاب الزهري ، مثل ابن أبي ذئب ومعمر ويونس والليث ، قد رووه عنه، عن عبيد الله، عن عمار، ليس فيه "أبيه" كما عند الطيالسي (637)، وعبد الرزاق (827) ، وأحمد 4/320 و321 ، وأبي داود (318) و(319) ، وابن ماجه (565) و(571) ، وأبي يعلى (1632) و(1633)، والطحاوي 1/111، والبيهقي 1/208. وهي رواية محفوظة، لكن عبيد الله لم يسمع من عمار .
كَمَا إن هَذَا الْحَدِيْث روي من طرق أخرى عن عمار بن ياسر وبلفظ مخالف لما هُوَ عَلَيْهِ في هَذِهِ الرِّوَايَة . انظر : ذَلِكَ مفصلاً في : كتابنا " أثر اختلاف المتون والأسانيد في اختلاف الفقهاء : 348 .(1/328)
.
قال الزهري : وبلغنا أن أبا بكر قال لعائشة : والله إنك ما علمتُ لمباركةٌ.
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ...الآية } [النساء : 49].
قال الكلبي : نزلت في رجالٍ من اليهود أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأطفالهم ، فقالوا :
يا مُحَمَّد ، هل على أولادنا هَؤُلاَءِ / 43 أ / من ذنب ؟ قَالَ : (( لا )) ، فقالوا: والذي نحلف بِهِ ، ما نحن إلا كهيئتهم ، ما من ذنبٍ نعمله بالنهار إلا كُفِّرَ عنا بالليل ، وما من ذنب نعمله بالليل إلا كُفِّر عنا بالنهار . فهذا الَّذِي زكوا بِهِ أنفسهم (1) .
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } [النساء :51].
__________
(1) انظر : الوسيط 2/65 ، وتفسير البغوي 1/644 ، والعجاب : 635.(1/329)
(177) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى، قال: أخبرنا والدي ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق الثقفي ، قال : حَدَّثَنَا عبد الجبار بن العلاء ، قال : حَدَّثَنَا سفيان ، عن عمرو ، عن عكرمة ، قَالَ: جاء حُيَيّ بن أخطَب ، وكعبُ بن الأشرف إلى أهل مكة، فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب، وأهل العلم القديم، فأخبرونا عنا وعن مُحَمَّدٍ(1). فقالوا : ما أنتم وما مُحَمَّد ؟ قالوا : نحن ننحر الكوماء ، ونسقي اللبن عَلَى الماء ، ونفك العنُاة ، ونصل الأرحام ، ونسقي الحجيج ، وديننا القديم ودين مُحَمَّد الحَدِيْث. قالوا : بَلْ أنتم خير مِنْهُ وأهدى سبيلاً ، فأنزل الله تَعَالَى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ } [النساء : 51] إِلَى قوله تَعَالَى : { وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } (2) [النساء : 52].
__________
(1) في ( ص ) : (( فأخبرونا عن مُحَمَّد )) .
(2) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره (603)، والطبري في تفسيره 5/134، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/974 (5441) من طريق عكرمة .
وأخرجه الطبراني في الكبير (11645) ، والبيهقي في الدلائل 3/193 من طريق سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس.
وَقَالَ الحافظ ابن كثير في تفسيره 1/699 : (( وروي من غير وجه عن ابن عَبَّاسٍ ، وعن جماعة من السلف )) .(1/330)
قَالَ المفسرون (1) : خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد ، ليحالفوا قريشاً عَلَى(2) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وينقضوا العهد الذي كَانَ (3) بينهم وبين رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - . فَنَزَل كعب على أبي سفيان ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فقال(4) أهل مكة : إنكم أهل كتاب ، ومحمد صاحب كتاب ، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين، وآمن بهما. فذلك قوله:
{ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } ثُمَّ قَالَ كعب لأهل مكة : ليجيء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة فنعاهد رب البيت لنجهدن عَلَى قتال مُحَمَّدٍ.ففعلوا ذَلِكَ فلما فرغوا قَالَ أبو سفيان لكعب : إنك امرٌ تقرأ الكتاب وتعلم ، ونحن أميون لا نعلم ، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق، أنحن أم مُحَمَّد ؟ فَقَالَ كعب: اعرضوا عليَّ دينكم ، فَقَالَ أبو سُفْيَان: نحن ننحر للحجيج الكوماء، ونسقيهم الماء واللبن (5)، ونَقْرِي الضيف ، ونفك العاني ، ونصل الرحم ؛ ونعمر بيت ربنا ، ونطوف به ، ونحن أهل الحرم ؛ ومحمد فارق دين آبائه ، وقطع الرحم ، وفارق الحرم ؛ وديننا القديم ودين محمدٍ الحديث. فقال كعب : أنتم والله أهدى سبيلاً مما هو عليه. فأنزل الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ } [النساء : 50] يعني كعباً وأصحابه.
قوله - عز وجل -: { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّه … الآية } [النساء : 52].
__________
(1) انظر : تفسير البغوي 1/645 .
(2) في ( ه) : (( على غدر )) .
(3) لم ترد في ( ب ).
(4) في ( ص ) : ((فقال لَهُ )) .
(5) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/331)
(178) أخبرنا أحمد بن /43 ب/ إبراهيم المقرئ ، قَالَ : أخبرنا سفيان(1) بن مُحَمَّد ، قال : أخبرنا مكي بن عبدان ، قال : حَدَّثَنَا أبو الأزهر ، قال : حدثنا روحٌ ، قال: حَدَّثَنَا سعيد ، عن قتادة ، قال : نزلت هذه الآية في كعب بن الأشرف وحُيَيِّ بن أخطب - رجلين من اليهود من بني النَّضير-لقيا قريشاً بالموسم فَقَالَ لهما المشركون : أنحن أهدى أم محمدٌ وأصحابه ، فإنا أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم ؟ فقالا : بَلْ أنتم أهدى من محمدٍ ، وهما يعلمان أنهما كاذبان ، إِنَّمَا حملهما عَلَى ذَلِكَ حسد النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2) وأصحابه ، فأنزل الله تَعَالَى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } (3)[النساء : 52] فَلَمَّا رجعا إِلَى قومهما قَالَ لهما قومهما : إن محمداً يزعم أنَّهُ قَدْ (4) نزل فيكما كَذَا وكذا ، فقالا: صدق، والله ما حملنا عَلَى ذَلِكَ إلا بغضه وحسده.
قوله - عز وجل -: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء : 58].
__________
(1) في ( ب ) : ((شعيب )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( مُحَمَّد )) .
(3) أخرجه الطبري في التفسير 5/135 ، وابن أبي حاتم 3/977 (5459) . ونسبه السيوطي في الدر المنثور 2/564 لعبد بن حميد وابن المنذر .
(4) لم ترد في ( ص ).(1/332)
نزلت في عثمان بن طلحة (1) الحجبيّ ، من بني عبد الدار، كان سادِن الكعبة، فلما دخل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - مكة يوم الفتح ، أغلق عثمان باب البيت وصعد السطح ، فطلب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح ، فقيل : إنه مع عثمان ، فطلب منه ، فأبى وقال: لو علمت أنه رَسُول الله لَمْ أمنعه(2) المفتاح، فلوى عليُّ بن أبي طالب يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب فدخل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - البيت وصلى فيه ركعتين ، فلما خرج سأله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع (3) لَهُ بَيْنَ السقاية والسِّدَانة فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علياً أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر إليه ، ففعل ذَلِكَ عليٌّ ، فقال لَهُ عثمان :
يا عليُّ، أكرهت وآذيت ثم جئت ترفق ! فقال: لقد أنزل الله تعالى في شأنك، وقرأ عَلِيهِ هذه الآية فَقَالَ عثمان: أشهد أن مُحَمَّداً رسول الله ؛ وأسلم ، فجاء جبريل - عليه السلام - وَقَالَ: (( ما دام هَذَا البيت فإن المفتاح والسدانة في أولاد عُثْمَان )). وَهُوَ اليوم في أيدهم (4)
__________
(1) في ( ص ) : (( بن أبي طلحة )) ، والصواب كما في ( ب ) : انظر : تقريب التهذيب (4482).
(2) في ( س ) و ( ه) : (( لما منعته )) .
(3) في ( س ) : (( ليجمع )) ، وفي العجاب : (( فيجمع )) .
(4) انظر : الوسيط 2/69 ، وتفسير البغوي 1/648 . =
= قال ابن حجر في الإصابة 2/452 : (( أسلم عثمان بن طلحة بن أبي طلحة في هدنة الحديبية ، وهاجر مع خالد بن الوليد وشهد الفتح مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه مفتاح الكعبة... وقد وقع في تفسير الثعلبي بغير سند في قوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ } أن عثمان إنما أسلم يوم الفتح ، بعد أن دفع لَهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح البيت. وهذا منكر. والمعروف أنه أسلم وهاجر مَعَ عمرو بن العاص وخالد بن الوليد... )) .
وَقَالَ في العجاب : 642 : (( أورده الثعلبي بغير سند جازماً به ، وتلقاه عنه غير واحد منهم الواحدي.وفيه زياداتٌ منكرة منها أن المحفوظ أن إسلام عثمان بن طلحة كان قبل الفتح بمدة قدم هو وعمرو بن العاص وخالد بن الوليد فأسلموا جميعاً بين الحديبية والفتح.ومنها أنه أغلق الباب ، وصعد السطح ، والمعروف في كتب السير أن المفتاح كان عند أمه ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما طلب منه المفتاح امتنعت أمه من دفعه فدار بينهما في ذلك كلام كثير ، ثم كيف يلتئم قوله لوى عليٌّ يده مع كونه فوق السطح! ثم قد أسند الطبري ، عن مكحول في قوله تعالى : { وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } قال هم أهل الآية التي قبلها { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } إلى آخر الآية )) .(1/333)
.
(179) أخبرنا أبو حسان المزكي ، قال : أخبرنا هارون بن محمد الإسْتِرَاباذي ، قال : حَدَّثَنَا أبو محمد الخزاعي ، قال : حَدَّثَنَا أبو الوليد الأزرقي ، قال : حَدَّثَنَا جدي ، عن سفيان ، عن سعيد بن سالم ، عن ابن جريج ، عن مجاهد في قول الله تعالى :
{ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا } [النساء : 58] قال(1) : نزلت في عثمان بن طلحة ، قبض النبي - صلى الله عليه وسلم - مفتاح الكعبة ، فدخل الكعبة يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع إليه المفتاح ، وقال : (( خذوها يا بني أبي طلحة بأمانة الله ، لا يَنْزَعهَا منكم إلا ظالم )) .
(180) أخبرنا أبو نصر المهرجاني ، قال: أخبرنا عبيد الله بن مُحَمَّد الزاهد ، قال: أخبرنا أبو القاسم المقرئ (2)، قال : حدثني أحمد بن زهير ، قال : أخبرنا مصعب ، قال : حَدَّثَنَا شيبة بن عثمان بن أبي / 44 أ / طلحة ، قَالَ : دفع رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - المفتاح إليَّ وإلى عثمان ، وقال : (( خذوها يا بني أبي طلحة خالدةً تالدةً ، لا يأخذها منكم إلا ظالم )) .
فبنو أبي طلحة : هم (3) الذين يَلُون سِدانة الكعبة دُوْنَ (4) بني عبد الدار (5).
__________
(1) أخرجه المصنف في تفسيره 2/70 وله شاهد من حديث ابن جريج أخرجه الطبري في تفسيره 5/145. ونسبه السيوطي في الدر المنثور 2/570 لابن المنذر، وَهُوَ مرسل ، وابن جريج مدلس وَقَدْ عنعن.
(2) في ( ب ) : (( البغوي )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( من )) .
(5) أخرجه الطبراني في الكبير (11234) والأوسط (492) من حديث ابن عباس مرفوعاً : وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد 3/285 وقال : رواه الطبراني في الكبير والأوسط ، وفيه عبد الله بن المؤمل :وثقه ابن حبان ، ووثقه ابن معين في رواية وضعفه جماعة .وانظر الدر المنثور 2/571.(1/334)
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ... الآية } [النساء : 59].
(181) أخبرنا أبو عبد الرحمان بن أبي حامد العدل ، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي زكريا الحافظ ، قال: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قال: حَدَّثَنَا حَجَّاج بن مُحَمَّد ، عن ابن جُريج ، قال : أخبرني يعلى بن مسلم ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عَبَّاس ، في قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ } [النساء : 59]. قال : نزلت في عبد الله بن حُذافة بن قيس بن عَدِي ، بعثه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَرِيَّة .
رواه البُخَارِيّ (1) عن صدقة بن الفضل ، ورواه مُسْلِم (2) عن زهير بن حرب ؛ كلاهما عَن حجاج .
وَقَالَ ابن عَبَّاس في رِوَايَة بَاذَان (3)
__________
(1) صَحِيْح البُخَارِيّ 6/57 (4584).
(2) صحيح مسلم 6/13 (1834) (31).
وأخرجه أحمد 1/337 ، وأبو داود (2624) ، والترمذي (1672) ، والنسائي 7/154 وفي الكبرى ، له (8726) ، وابن الجارود (1040) ، وأبو يعلى (2746) ، والطبري في تفسيره 5/148 ، والطحاوي في شرح المشكل (1525) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/987 (5529) ، والحاكم 2/114 ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/311 ، والبغوي في تفسيره 1/652 (651). ونسبه السيوطي في الدر المنثور 2/573 لابن المنذر.
(3) أخرجه ابن عساكر 43/400 من طريق السدي، عن أبي صالح ، عن ابن عباس .
وأخرجه الطبري في تفسيره 5/148 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/988 (5531) من طريق السدي .
وذكره السيوطي في الدر المنثور 2/573-574.(1/335)
: بعث رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد في سَرِية ، إلى حيٍّ مِنْ أحياء العرب ، وكان مَعَهُ عمَّار بن ياسر، فسار خالد حتى إذا دنا مِن القوم عرَّس(1) لكي يُصَبِّحهم ، فأتاهم النذير فهربوا غير رجلٍ(2) قد كَانَ أسلم ، فأمر أهله أن يتأهَّبوا للمسير ، ثُمَّ انطلق حتى أتى عسكر خالد ، ودخل عَلَى عمار فَقَالَ : يا أبا اليقظان ! إني مسلم(3)، وإن قومي لما سمعوا بكم هربوا، وأقمت لإسلامي، أفَنافِعي ذَلِكَ، أم (4) أهرب كما هرب قومي ؟ فَقَالَ : أقم (5) فإن ذَلِكَ نافعك . وانصرف الرجل إِلَى أهله وأمرهم بالمقام ، وأصبح خالدٌ فأغار عَلَى القوم ، فَلَمْ يجد غَيْر ذَلِكَ الرجل، فأخذه وأخذ ماله ، فأتاه عمار فَقَالَ: حل سبيله (6) فإنه مُسْلِم، وَقَدْ كنت أمَّنتهُ وأمرته بالمقام ، فَقَالَ خالد : أنت تَجير عليَّ وأنا الأمير ؟ فَقَالَ عمار (7) : نعم ، أنا أجير عليك وأنت الأمير. فكان في ذلك بينهما (8) كلام ، فانصرفوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه خبر الرجل ، فأمَّنه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأجاز أمان عمّار ، ونهاه أن يجير بعد ذلك على أميرٍ بغير إذنه.
__________
(1) التعريس : نزول المسافرين من آخر الليل للاستراحة الخفيفة.
(2) في ( ه) : (( عن رجل )) .
(3) في ( س ) : (( منكم )).
(4) في ( ب ) : (( أو )) .
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( سبيل الرجل )) .
(7) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(8) لم ترد في ( ص ).(1/336)
قَالَ : واستَبَّ عمار وخالد بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأغلظ عمار لخالد ، فغضب خالد ، وقال : يا رسول الله أتدع هذا العبد يشتمني ؟ فوالله لولا أنت ما شتمني عمار (1) - وَكَانَ عمار مولىً لهاشم بن المغيرة - فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا خالد ،كفَّ عَن عمار؛ فإن من يسب عماراً يسبّه الله ،ومن يبغض عماراً يبغضه الله )) . فقام عمار ، فتبعه خالد فأخذ بثوبه وسأله أن يرضى عنه ، فرضي عنه. فأنزل الله تعالى هذه الآية ، وأمر بطاعة أولي الأمر .
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ … } [النساء : 60].
(182) أخبرنا/44 ب/ سعيد بن مُحَمَّد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال: حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعيد الجوهري ، قال : حَدَّثَنَا أبو اليَمَان ، قال: حَدَّثَنَا صفوان بن عمرو ، عن عكرمة ، عن ابن عباس(2)، قال: كان أبو برزة (3)
__________
(1) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(2) أخرجهُ ابن أبي حاتم في تفسيره:3/991 (5547)، والطبراني في الكبير(12045). وذكره ابن حجر في العجاب: 646، و السيوطي في لباب النقول :72، والدر المنثور 2/580 ، وَقَالَ السيوطي : (( أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صَحِيْح ، عن ابن عَبَّاسٍ )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( بردة )) .
قَالَ الحَافِظ في العجاب : 647 : (( كَذَا وقع في هَذِهِ الرِّوَايَة : أبو برزة – براء ثُمَّ زاي منقوطة – ووقع في غيرها : أبو بردة – بدال بدل الزاي وضم أوله – وَهُوَ أولى ، فما أظن أبا برزة الأسلمي : الصَّحَابِيّ المَشْهُوْر إلاّ غَيْر هَذَا الكاهن )) .(1/337)
الأسلميّ كاهناً يقضي بين اليهود فيما يتنافرون إِلَيْهِ (1)، فتنافر إليه أناسٌ من أسْلَم ، فأنزل الله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ } [النساء : 60] إلى قوله تعالى : { وَتَوفِيقاً } [النساء : 62].
(183) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : أَخْبَرَنَا أبو صالح شُعَيب (2) بن مُحَمَّد، قال: أَخْبَرَنَا أبو حاتم (3) التَّميمي، قال: حَدَّثَنَا أبو الأزهر ، قال: حدثنا رُوَيْمٌ (4)، قال : حَدَّثَنَا سعيد ، عن قتادة (5) ، قال : ذُكِر لنا أن هذه الآية أُنزلت في رجلٍ من الأنصار يقال لَهُ : قيس ، وفي رجل من اليهود - في مُدَارَأة (6) كَانَتْ بينهما في حق تَدَارآ فيه ، فتنافرا إلى كاهنٍ بالمدينة ليحكم بينهما ، وتركا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فعاب الله تَعَالَى(7) ذَلِكَ عليهما(8)، وكان اليهودي يدعوه إلى نبي الله لعلمه أن النَّبِيّ لا(9) يجور عليه،وجعل الأنصاري يأبى عليه ، وَهُوَ يزعم أنه مُسْلِم ، ويدعوه إلى الكاهن . فأنزل الله - عز وجل -ما تسمعون ، وعاب عَلَى الذي يزعم أنه مسلم ، وعلى اليهودي الذي هو من أهل الكتاب فَقَالَ : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [النساء :60] إِلَى قوله تَعَالَى : { يَصُدُّونَ عَنْكَ
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فِيْهِ )).
(2) في ( ه) : (( ابن شعيب )) .
(3) في ( ه) : (( أبو حامد )) .
(4) في ( ب ): ((روح)) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 5/153، وذكره ابن حجر في العجاب : 648، والسيوطي في الدر المنثور : 2/581 ، وزاد نسبته لعبد بن حميد .
(6) في ( ه) : (( في مُماراة )).
(7) الله تَعَالَى )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(8) في ( ص ): (( عليهما ذلك )) .
(9) في ( ب ) و ( س ) : (( وَقَدْ علم أنَّهُ لن )) .(1/338)
صُدُوداً } .
(184) أخبرني مُحَمَّد بن عبد العزيز المَرْوَزِيّ في كتابه،قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد(1) بن الحسين ، قَالَ : أخبرنا محمد بن يحيى (2)، قال : أخبرنا إسحاق الحنظَلي ، قال : أخبرني المُؤَمَّل (3)، قَالَ: حَدَّثَنَا يزيد بن زُرَيع ، عن داود ، عن الشعبي، قال (4): كان بين رجلٍ من المنافقين ورجلٍ من اليهود خصومة، فدعا اليهودي المنافق إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأنَّهُ علِمَ أنَّهُ لا يقبل الرشوة ، ودعا المنافق اليهودي إِلَى حكامهم ، لأنَّهُ علم أنهم يأخذون الرشوة في أحكامهم ، فَلَمَّا اختلفا اجتمعا عَلَى أن يُحكِّمَا كاهناً من جُهَيْنَة ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية(5): { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } [النساء:60] يعني: المنافق (6) { ومَا أُنْزِلَ مِن قَبْلِكَ } [النساء: 60] يعني (7) اليهودي { يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوت } [النساء:60] إِلَى قوله: { وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [النساء: 65].
__________
(1) في ( ص ) : (( قال أخبرني المؤمل )).
(2) في ( ص ) : (( بن يحيى الحافظ )).
(3) في ( ب ) : (( المؤملي )).
(4) إسناده ضعيف ؛ لسوء حفظ مؤمل بن إسماعيل ولإرساله ، وأخرجه الطبري في تفسيره: 5/152.
وذكره البغوي في تفسيره 1/654 ، والقرطبي في تفسيره 2/1833 ، وابن حجر في العجاب : 646 .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( في ذَلِكَ )) .
(6) في ( ب ) : (( المنافقون )) .
(7) لم ترد في ( ص ).(1/339)
وَقَالَ الكلبي ،عن أبي صالح ،عن ابن عَبَّاس(1) : نزلت في رجلٍ من المنافقين كان بينه وبين يهودي خصومة ، فقال اليهودي : انطلق بنا إلى محمدٍ ، وقال المنافق : بل نأتي(2) كعب بن الأشرف - وهو الذي سماه الله تعالى الطاغوت - - فأبى اليهودي إلاَّ أن يُخاصمه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فلما رأى المنافق ذَلِكَ أتى مَعَهُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختصما إليه، فقضى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهودي. فلما خرجا من عنده لَزِمَهُ المنافق ، وقال ننطلق إلى عُمَر بن الخطاب . فأقبلا إلى عُمَر (3)، فقال اليهودي : اختصمتُ أنا وهذا إلى مُحَمَّد فقضى لي عَلِيهِ ، فلم يرض بقضائه / 45 أ / ، وزعم أنه مُخاصمٌ إليك ، وتعلق بي فجئتُ مَعَهُ (4). فقال عُمَر للمنافق: أكذلك (5) ؟ قَالَ: نعم ، فَقَالَ لهما : رويدكما (6) حَتَّى أخرج إليكما ، فدخل عُمَر البيت وأخذ السيف فاشتمل عَلِيهِ ، ثُمَّ خرج إلَيْهِمَا ، فضرب (7) المنافق حَتَّى بَرَدَ ، وَقَالَ: هكذا أقضي بَيْنَ (8) مَنْ لم يرضَ بقضاء الله وقضاء رسوله. وهرب اليهودي ، ونزلت هذه الآية.وَقَالَ جبريل- عليه السلام - : إن عُمَر فرَّق بين الحق والباطل . فسُمي الفاروق .
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 1/654 ، وابن الجوزي في زاد المسير 2/811 ، وابن حجر في العجاب: 648 والكلبي : كذاب .
(2) في ( ب ): ((بل إلى كعب )) ،وفي ( ص ): ((بل تأتي إلى )).
(3) في ( ب ) : (( عمر بن الخطاب )).
(4) في ( ص ) :(( معه إِلَيْهِ )).
(5) في ( ب ) : (( أكذلك كان )).
(6) في ( س ) و ( ه) : (( رويداً )).
(7) في ( س ) : (( وضرب )).
(8) في ( س ) : (( لمن )).(1/340)
وقال السُّدِّي (1) : كان ناسٌ من اليهود أسلموا ونافق بعضهم ، وكانت قُريظة والنضير في الجاهلية إذا قَتَل رجلٌ من بني قُريظة رجلاً من بني النضير قُتِلَ به وأخذ دَيَّتِهِ
مئة وسْقٍ من تمر، وإذا قتل رجلٌ من بني النضير رجُلاً من قُريظة لم يقتل بهِ، وأعطى ديتهُ ستين وسقاً من تمر ، وكانت النضير حُلفاء الأوس ،وكانوا أكثر (2) وأشرف من قُريظة ، وهم حُلفاء الخزرج . فقتل رجلٌ من النضير رجلاً من قُريظة (3) ، واختصموا في ذلك ، فقالت بنو النضير : إنَّا وأنتم كنا (4) اصطلحنا في الجاهلية عَلَى أن نقتل منكم ولا تقتلوا منا ، وعلى أن ديَّتِكم ستون وَسقاً - والوَسْق :ستون صاعاً - وديَّتِنا مئة وسْق ، فنحن نعطيكم ذَلِكَ . فقالت الخزرج : هذا شيءٌ كنتم فعلتموه في الجاهلية ؛ لأنكم كَثُرتُم وقلَلنا فقهرتمونا ، ونحنُ وأنتم اليوم إخوة وديننا ودينكم واحد ، وَلَيْسَ لكم علينا فضلٌ فَقَالَ المنافقون: انطلقوا إِلَى أبي بُردة الكاهن الأسلمي ، وَقَالَ المسلمون: لا بَلْ إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - . فأبى المنافقون وانطلقوا إِلَى أبي بُردة ليحكم بَيْنَهُمْ ، فَقَالَ : أعظموا (5) الّلقمة
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3/991 (5549) ، وذكره البغوي في تفسيره 1/655 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/581.
(2) في ( س ) : (( أكبر )).
(3) في ( ص ): (( من بني قريظة )).
(4) في ( ب ) : (( كنا وأنتم )).
(5) في ( ب ) : (( اعطوا )).(1/341)
-يعني الرشوة- فقالوا : لَكَ عشرة أوسقٍ ، قَالَ : لا بل مئة وسق ديَّتي ؛ فإني أخافُ إن نَفرتُ النضيريَّ قتلتني قُرَيظة ، وإن نَفَّرتُ القُرَيظي قتلتني النضير . فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوسق ، وأبى أن يحكم بينهم . فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - كاهن أسلم إلى الإسلام ، فأبى وانصرف ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - لابنيه: (( أدركا أباكما فإنه إن جاوَزَ عَقَبة كذا لم يسلم أبداً )) ، فأدركاه فلم يزالا بِهِ حتى انصرف وأسلم ، وأمر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -? مُنادياً فنادى : (( ألا إن كاهِنَ أسلم قد أسلم )).
قولهُ - عز وجل -: { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } [النساء : 65].
نزلت في الزُّبير بن العوَّام وخصمه حاطِب بن أبي بَلتَعَة ، وقيل : ثعلبة (1) بن حاطب .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( هُوَ ثعلبة )) .(1/342)
(185) أخبرنا أبو سعد(1) عبد الرحمان بن حمدان، قال:أخبرنا أحمد بن جعفر بن مَالِك، قال : حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي(2) ، قال : حَدَّثَنَا أبو اليمان/45 ب/ قال : حَدَّثَنَا شعيب ، عن الزُّهري ، قال : أخبرني عروة بن الزُّبير ، عن أبيه : أنه كان يحدث : أنه خاصم رجلاً من الأنصار قد شهدَ بدراً ، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في شِراجٍ(3) الحَرَّة كانا يسقيان بها كلاهما ، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : للزبير : (( اسقَ ثم أرسل إلى جارك )) . فغضب الأنصاري وَقَالَ : يا رسول الله أن كان ابن عَمَّتَك(4)! فتلوَّن وجه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثُمَّ قَالَ للزبير : (( اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْرِ )) . فاستوفى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير حقَّه.وكان قبل ذَلِكَ أشار عَلَى الزبير برأي أراد فِيْهِ سعةً للأنصاري وله ؛ فَلَمَّا أحفظ الأنصاري رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - استوفى للزبير حقه في صريح الحكم.
قَالَ عروة : قَالَ الزبير : والله ما أحسب هَذِهِ الآية أنزلت إلا في ذَلِكَ : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [النساء : 65] رَوَاهُ البُخَارِيّ (5) عن عَلِيّ بن عَبْد الله ،
عن محمد بن جعفر ، عن مَعْمَر ، ورواه مُسْلِم(6)
__________
(1) في ( ب ) : (( أبو سعيد )) .
(2) المسند 1/165.
(3) في اللسان 3/131 " الشراج " : مجاري الماء من الحرار إلى السهل واحدها شرج.
(4) أم الزبير : صفية بنت عبد المطلب ، كما في المحبر لابن حبيب 172.
(5) صحيح البخاري 6/58(4585).
(6) صحيح مسلم 7/91(2357)(129).
وأخرجه عبد بن حميد (519) ، وأبو داود (3637) ، وابن ماجه (15) و (2480) ، والترمذي (1363) و (3027) وفي علله الكبير (373) ، والنسائي 8/245 وفي التفسير ،له 1/178، وابن الجارود (1021) ، والطبري في تفسيره 5/158،وابن أبي حاتم 3/993(5558)، وابن حبان (24) ، والحاكم 3/364 ، والبيهقي 6/153 و 10/106 ،و المصنف في تفسيره 2/75، والبغوي في شرح السنة (2194) ، وفي التفسير ، له 1/657.(1/343)
عن قتيبة عن الليث ؛ كلاهما عن الزُّهري.
(186) أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الرَّحْمَان بن أبي حامد، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الله بن مُحَمَّد الحَافِظ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو أحمد مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الحسن الشيباني ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بن حماد بن زُغبَةَ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا حامد (2) بن يَحْيَى بن هانئ البَلخي، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَان، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرو بن دينار(3)، عن أبي سَلَمَةَ، عن أم سلمة: أن الزبير بن العوام خاصم رجلاً فقضى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - للزبير ، فَقَالَ الرجل : إِنَّمَا قضى لَهُ أنَّهُ ابن عمته. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية(4): { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ…الآية } (5) [النساء:65].
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ … الآية } [النساء : 69].
__________
(1) في ( ص ) : (( بن عتبة )).
(2) في ( ه) : (( حماد )).
(3) في ( ه) : (( ابن زياد )) ، وهو تحريف ، انظر : تفسير الطبري 5/159.
(4) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) إسناده صَحِيْح. أخرجه الحميدي (300) عن سفيان، ومن طريقه الطبري في تفسيره 5/159 ، وأخرجه الطبراني في الكبير 23/(652) من طريق يعقوب بن حميد ، والسمرقندي في تفسيره 1/366.
وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/584 نسبته لسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر.(1/344)
قَالَ الكلبي (1): نزلت في ثَوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان شديد الحب لَهُ ، قليل الصبر عَنْهُ ؛ فأتاه ذات يومٍ وَقَدْ تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( يا ثَوبَان ، ما غَيَّرَ لونك )) ؟ فقال: يا رسول الله ، ما بي من مرض (2) ولا وجعٍ ، غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك، واستوحشت وحشةً شديدةً حتى ألقاك، ثم ذكرت الآخرة فأخاف أن لا أراك هناك ؛ لأني أعرف أنك تُرفع مع النبيين، وأني إن دخلت الجنة كنت في مَنْزلةٍ أدنى من مَنْزِلتك ، وإن لم أدخل الجنة فذاك حين (3) لا أراك أبداً. فأنزل الله تعالى هذه الآية .
(187) أخبرنا إسماعيل بن أبي نصر(4)، قَالَ: أخبرنا إبراهيم (5) النَّصراباذي، قال: أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي الجوهري ، قال : حدثنا عبد الله بن محمود السَّعدي ، قال : حَدَّثَنَا موسى بن يحيى ، قال : حَدَّثَنَا عبيدَةُ ،عن منصور(6)، عن مُسْلِم بن صُبَيح ، عن مسروق، قال(7)
__________
(1) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/367، والبغوي في تفسيره 1/659، والبحر المحيط 3/286.
(2) في ( س ) و ( ه) : (( ضر )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( أحرى أن )) .
(4) في ( ص ): ((بن نصر)) . و((ابن)) لم ترد في ( ب ).
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .
(6) في ( ه): (( منصور بن صبح )) ، وهو خطأ ، ومنصور : أبو عتاب ابن المعتمر السلمي ،انظر : تهذيب التهذيب 10/312.
(7) أخرجه الطبري في تفسيره 5/163، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/997 (5577)من طريق مسروق .
وذكره القرطبي في تفسيره 2/1842. ونسبة السيوطي في الدر المنثور 2/589 لعبد بن حميد .(1/345)
: قال أصحاب رسول الله: ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدنيا ، فإنك إذا فارقتنا رُفِعْتَ فوقنا. فأنزل الله تعالى/46أ/: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَم اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ … الآية } [النساء : 69].
(188) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال : أخبرنا شعيب ، قال : أخبرنا مكِّي ، قال : أخبرنا أبو الأزهر ، قال : حَدَّثَنَا رَوح ، عن سعيد(1) ، عن شعبة(2)، عن قتادة(3) ، قال : ذُكر لنا أن رجالاً قالوا : يا نبي الله ، نراك في الدنيا ، فأما في الآخرة فإنك ترفع عنا بفضلك فلا نراك. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) لم ترد في ( ب ) .
(2) لم ترد في ( ص ).
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 5/163-164، من طريق قتادة ، وذكره البغوي في تفسيره 1/659، وزاد السيوطي نسبتة في الدر المنثور 2/589 لعبد بن حميد و ابن المنذر.(1/346)
(189) أخبرني أبو نعيم الحافظ فيما أذن لي في روايته ، قال : أخبرنا سليمان بن أحمد اللَّخمي (1)، قال : حدثنا أحمد بن عمرو الخَلاّل ، قال : حَدَّثَنَا عبد الله بن عمران العابدي(2) ، قال : حَدَّثَنَا فُضيل بن عِياض ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عَائِشَة ، قالت : جاء رجلٌ إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله إنك لأحبُ إليَّ من نفسي وأهلي وولدي (3)، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رُفِعتَ مَعَ النبيين، وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك. فلم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَيْهِ (4) شيئاً ، حتى نزل جبريل - عليه السلام - بهذه الآية : { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ... } (5) [النساء : 69].
قوله - عز وجل - : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ... الآية } [النساء: 77].
قال الكلبي : نزلت هذه الآية في نفرٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ مِنْهُمْ :
__________
(1) هُوَ الطبراني ، والحديث في الأوسط (480) ،والصغير (52) .
(2) في (ه): ((ابن عمان العائذي )) ، وهو تحريف: انظر تهذيب التهذيب 5/342
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) إسناده صحيح.
أخرجه السمرقندي 1/367 عن الشعبي ، وذكره المصنف في تفسيره 2/77، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/7 : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/588 نسبته لابن مردويه وأبي نُعَيْم والضياء المقدسي .(1/347)
عَبْد الرَّحْمَان بن عَوف، والمِقداد بن الأسود، وقُدامة بن مَظعُون ، وسعد بن أبي وَقَّاص. كانوا يلقون من المشركين أذىً كثيراً، ويقولون: يا رَسُوْل(1) الله ائذن لنا في قتال هَؤُلاَءِ، فَيَقُوْلُ لَهُمْ : كفوا أيديكم عَنْهُمْ ، فإني لَمْ أومر بقتالهم. فَلَمَّا هاجر رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المدينة (2)، وأمرهم الله تَعَالَى بقتال المشركين ، كرهه بعضهم وشقَّ عليهم ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.(3)
(190) أخبرنا سعيد(4) بن محمد بن أحمد العدل ، قال : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قال : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قال : حَدَّثَنَا محمد بن علي ، قال : سمعت أبي يقول : أخبرنا الحسين بن واقد ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس: أن عبد الرحمان بن عوف وأصحاباً لَهُ (5) أتوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة ، فقالوا : يا رَسُوْل (6) الله ، كنا في عِزٍّ ونحن مشركون ، فلما آمنا صرنا أذلة ! فقال: (( إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم )). فلما حوَّلَهُ الله إلى المدينة أمره بالقتال فكفوا ، فأنزل الله - عز وجل - : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ … الآية } (7) [النساء : 77].
قوله - عز وجل -: { أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُّمُ الْمَوْتُ } النساء : 78].
__________
(1) في ( ص ) : (( لرسوله )) .
(2) لم ترد في ( ص ).
(3) انظر : الوسيط للمصنف 2/18-182 ، والبغوي في تفسيره 1/663 .
(4) في ( ص ) : ((سعد)) .
(5) في ( ص ) : ((وأصحابه)) .
(6) في (س ) و ( ه) : (( نبي )) .
(7) أخرجه النسائي 6/302 وفي التفسير، له (123)، والطبري في تفسيره 5/170، وابن أبي حاتم كما في تفسير ابن كثير 1/716، والحاكم 2/66، والبيهقي 9/11، من طريق ابن عباس . والحديث إسناده حسن ، الحسين بن واقد : صدوق حسن الحديث.(1/348)
قَالَ ابن عباس في رِوَايَة أبي صالح : لما استشهد الله من المسلمين مَنِ استشهد يوم أحدٍ ، قال المنافقون الذين تخلفوا عن الجهاد : لو كان إخواننا الذين قتلوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا. فأنزل الله تعالى هذه الآية(1).
قوله - عز وجل - : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ… الآية } [النساء : 88].
(191) أخبرنا/46ب/ مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قال: حَدَّثَنَا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد ، قال: حَدَّثَنَا يوسف بن يعقوب القاضي ، قال: حَدَّثَنَا عمرو بن مرزوق ، قال : حَدَّثَنَا شُعبة ، عن عدي بن ثابت ، عن عبد الله بن يزيد بن ثابت (2) ، عن زيد بن ثابت ، قال(3) : إن قوماً خرجوا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أُحدٍ ، فرجعوا. فاختلف فيهم المسلمون : فقالت فرقةٌ : نقتلهم ، وقالت فرقةٌ : لا نقتلهم . فَنَزَلت هذه الآية : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ … الآية } (4) . رواه البخاري (5) .عن بُنَدار ، عن غُنْدَر ، ورواه مُسْلِم (6) عن عُبيد الله (7) بن معاذ ، عن أبيه ؛ كلامها
عن شُعبة .
__________
(1) انظر : تفسير البغوي 1/664-665.
(2) لم ترد في ( ب ).
(3) من ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد الآية في ( س ) و ( ه) .
(5) صحيح البخاري 6/59 (4589).
(6) صَحِيْح مُسْلِم 8/121 ( 2776 ) ( 6 ) .
وأخرجه أحمد 5/184 و187 و188 و287 ، وعبد بن حميد (242) ، والبخاري 3/29 ( 1884 ) و5/122 (4050) ، والترمذي (3028) ،والفسوي في الْمَعْرِفَة 1/348 ، والنسائي في الكبرى (11113) ، وفي التفسير المفرد ، لَهُ (133) ، والطبري 5/192 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/1522 (5739)، الطبراني في الكبير(4804)، والبيهقي في الدلائل3/222، والبغوي في شرح السُّنَّة (3783).
(7) في ( س ) : (( عَبْد الله )) .(1/349)
(192) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان العدل ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر أحمد بن حعفر بن مَالِك ، قال : حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي (1) ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأسود (2) بن عامر ، قال :حَدَّثَنَا حماد بن سلمة ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن يزيد بن عبد الله بن قُسيط ، عَن أبي سلمة بن عَبْد الرحمان ، عَن أبيه (3) أن قوماً من العرب أتوا رسول الله- صلى الله عليه وسلم - (4) فأسلموا، وأصابوا وباء المدينة وحُمّاها فأُركِسُوا (5)،فخرجوا من المدينة ، فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : مالكم رجعتم ؟ قالوا : أصابنا وباء المدينة فاجْتَويْنَاهَا (6) فقالوا : مالكم في رَسُول الله أُسوة (7) ؟ فَقَالَ بعضهم : نافقوا ، وَقَالَ بعضهم :لَمْ ينافقوا ، وهم مسلمون ، فأنزل الله - عز وجل - : { فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِنَ فِئَتَيْنِ وَ اللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا … الآية } [النساء : 88] .
__________
(1) في مسنده 1/192 .
(2) في ( ب ) : (( إسماعيل بن عامر )) .
(3) إسناده ضعيف ، محمد بن إسحاق مدلس ، وقد عنعن.
أخرجهُ ابن أبي حاتم 3/1024(5742).
وذكره القرطبي في تفسيره 3/1876، والسيوطي في الدر المنثور 2/610، ولباب النقول : 75.
(4) في ( ص ) : (( المدينة فأسلموا )) .
(5) أركسوا : ارتدوا أورجعوا.
(6) اجتويناها : كرهناها .
(7) في ( س ) : (( أسوة حسنة )) .(1/350)
وَقَالَ مجاهد في هذه الآية (1): هم قوم خرجوا من مكة حتى جاءوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون،ثم ارتدوا بعد ذلك،فاستأذنوا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرجوع(2) إلى مكة حَتَّى يأتوا(3) ببضائع لهم يتجرون فيها ، فاختلف فيهم المؤمنون ، فقائل يقول : هم منافقون ، وقائل يقول : هم مؤمنون . فبين الله تعالى نفاقهم وأنزل هذه الآية، وأمر بقتلهم في (4) قوله:
{ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ واَقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتمُوهُمْ } [النساء : 89] فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال بن عوُيمر الأسلمي وَكَانَ (5)بينه وبين النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - حلف ، وَهُوَ الَّذِي حَصر صدره أن يقاتل المؤمنين ، فرفع عَنْهُمْ القتل بقوله تَعَالَى { إِلاّ الَّذينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْم … الآية } [النساء:90] .
قوله - عز وجل - : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إلاَّ خَطَأً … الآية } [النساء : 92].
(193) أَخْبَرَنَا أبو عَبْد الله بن أبي إسحاق، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن نجيد ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو مُسْلِم إبراهيم بن عَبْد الله ، قَالَ : حَدَّثَنَا(6) ابن حجاج ، قَالَ : حَدَّثَنَا حماد ، قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن إسحاق، عن عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم، عن أبيه(7)
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره : 1/672، والسيوطي في الدر المنثور :2/610،وفي لباب النقول :76.
(2) في ( س ) : (( أن يخرجوا )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( ليأتوا )) .
(4) في ( ب ) : (( وَهُوَ )) .
(5) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(6) في ( ب ) : (( عَبْد الله بن حجاج )) .
(7) إسناده ضعيف ؛ لعنعنة مُحَمَّد بن إسحاق .
أخرجه البيهقي 8/72.
وذكره البغوي في تفسيره 3/675، والقرطبي في تفسيره 3/1883ولم ينسبهُ لأحد ، والسيوطي في الدر المنثور 2/616 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/351)
: أن الحارث بن يزيد(1) كَانَ شديداً عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فجاء وَهُوَ يريد الإسلام ، فلقيه عَيَّاش بن أبي ربيعة، والحارث يريد الإسلام ، وعَيَّاش لا يشعر، فقتله ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَمَا كَانَ لمُؤمْنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً … الآية } [النساء: 92].
وشرح/47ب/ الكلبي هَذِهِ القصة (2)
__________
(1) في ( ب ) و ( ه) : (( ابن زيد )) وهو خطأ.
(2) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/375 ، والبغوي في تفسيره 3/675 ، وأبو حيان في البحر المحيط : 3/319.
وقد وردت قصة الكلبي في كتب التفسير ولا يوجد ذكر للكلبي .(1/352)
فَقَالَ : إن عياشاً بن أبي ربيعة المخزومي أسلم وخاف أن يظهر إسلامه ، فخرج هارباً إِلَى المدينة فقدِمَها ، ثُمَّ أتى أُطُماً مِنْ آطامها فتحَّصن فِيهِ. فجزعت أمه جزعاً شديداً ، وقالت لابنيها أبي جهل والحارث بن هشام- وهما أخواه لأمه-: والله لا يظلني سقف بيت ، ولا أذوق طعاماً ولا شراباً حَتَّى تأتوني بِهِ ، فخرجا في طلبه وخرج معهما (1) الحارث بن زيد بن أبي أنيسة ، حَتَّى أتوا المدينة، فأتوا عياشاً وَهُوَ في الأُطُم، فقالا لَهُ: انزل فإن أمَّك لَمْ يؤوها سقف بيتٍ بعدك ، وَقَدْ حلفت لا تأكل(2) طعاماً ولا تشرب (3) شراباً حَتَّى ترجع إليها ، ولك الله علينا أن لا نكرهك عَلَى شيءٍ، ولا نحول بينك وبين دينك. فَلَمَّا ذَكَرَ لَهُ جزع أمه وأوثقا لَهُ نزل إليهم، فأخرجوه مِنْ المدينة وأوثقوه (4) بنِسْعة (5)، وجلده كُلّ واحدٍ (6) مِنْهُمْ مئة جلدة ، ثُمَّ قدموا بِهِ إِلَى أمه فقالت : والله لا أحلك مِنْ وثاقك حَتَّى تكفر بالذي آمنت بِهِ ثُمَّ تركوه موثقاً في الشمس فأعطاهم بَعْض الَّذِي أرادوا ، فأتاه الحارث بن يزيد ، وَقَالَ :
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( معهم )) .
(2) في ( ص ): (( تذوق )).
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في ( ص ) : (( وأوثقوه حبل من أدم بنسعة )) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( بنسع )) .
(6) في ( ص ) : (( رجل )) .(1/353)
يا عياش ، والله لئن كَانَ الذي كُنْت عَلِيهِ هدىً لقد تركت الهدى، وإن كَانَ ضلالةً لقد كُنْت عَلَيْهَا ، فغضب عياش مِنْ مقالته ، وَقَالَ : والله لا ألقاك خالياً إلا قتلتك. ثُمَّ إن عياشاً أسلم بعد ذَلِكَ وهاجر إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة. ثُمَّ إن الحارث بن يزيد أسلم وهاجر بعد ذَلِكَ إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة (1) وَلَمْ يَكُنْ (2) عياشاً يومئذٍ حاضراً ، ولم يشعر بإسلامه . فبينما هو يسير بظهر قِباء إذ لقي الحارث بن يزيد فلما رآه حمل عَلِيهِ فقتله ، فقال الناس : أي شيءٍ صنعت ، إنه قد أسلم. فرجع عياشٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَ: يا رسول الله ، كان من أمري وأمر الحارث ما قد علمت ، وإني لم أشعر بإسلامه حتى(3) قتلته. فَنَزَل عَلِيهِ جبريل - عليه السلام - بقوله تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إلاَّ خَطَأً… الآية } [النساء: 92].
قوله - عز وجل -: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً... } [النساء : 93].
قَالَ الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاس (4)
__________
(1) في ( ب ) : (( وهاجر إِلَى المدينة )) .
(2) في ( س ) : (( لَيْسَ )) .
(3) في ( ه): (( حين )).
(4) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/377 ، ولم ينسبه لأحد ، وأبو حيان في البحر المحيط 3/362 ، والسيوطي في الدر 2/623 . وهذا كذب وآفته الكلبي ، لَكِنْ أخرجه الطبري 5/193 من طريق ابن
أبي نجيح، عن مجاهد. وذكره السيوطي 2/610 وزاد نسبته إِلَى عَبْد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.(1/354)
: إن مَقِيس بن صُبابَة (1) وجد أخاه هشام بن صبابة قتيلاً في بني النَّجار ، وكان مسلماً ، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذَلِكَ لَهُ (2)، فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه رسولاً من بني فِهر(3) فقال لَهُ: ((ائت بني النجار ، فاقرئهم السلام وقل لهم : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمركم إن علمتم قاتل هشام بن صبابة أن تدفعوه إلى أخيه فيقتصَّ منه ، وإن لم تعلموا له قاتلاً (4) أن تدفعوا إليه ديته )) . فأبلغهم الفهري (5) ذَلِكَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : سمعاً وطاعةً لله ولرسوله ، والله ما نعلم له قاتلاً ، ولكنا (6) نؤدي إليه ديته. فأعطوه مئةً من الإبل. ثُمَّ انصرفا راجعَين نحو المدينة ، وبينهما وبين المدينة /47ب/قريب ، فأتى الشيطان مَقِيساً فوسوس إليه فَقَالَ : أيّ شيءٍ صنعت ؟ تقبل دية أخيك فيكون عليك سبةٌ (7) ؟ اقتل الَّذِي معك فيكونَ نفسٌ (8) مكان نفسٍ وفضل الدية ! ففعل ذَلِكَ مقيسٌ (9)، فرمى الفهري بصخرةٍ فشدخ رأسه ، ثُمَّ ركب بعيراً مِنْهَا وساق بقيتها راجعاً إِلَى مكة كافراً ، وجعل يَقُوْل في شعره .
قَتَلتُ بهِ فهراً وحَمَّلْتُ عَقْلَهُ ... سَرَاةَ بَني النَّجَارِ أرْبَابِ فَارِعِ (10)
وأدْرَكْتُ ثأري واضطَجَعْتُ مُوسَّداً ... وَكُنْتُ إلى الأوثَانِ أولَ راجِعِ
__________
(1) في ( ص ) : (( ابن ضبابة )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( لَهُ ذلك )) .
(3) في (ه) :(( بني فهد )).
(4) في (ه) : (( قتيلاً )).
(5) في (ه) : (( الفهدي )) .
(6) في ( س ) : (( لَكِنْ )) .
(7) في ( ب ) : (( مسبة )) وإلى ذَلِكَ أشار ناسخ ( ص ) في الحاشية .
(8) سقطت من ( ب ) .
(9) في ( س ) و ( ص ) : (( مقيس ذَلِكَ )) .
(10) سيرة ابن هشام 3/306.(1/355)
فَنَزَلت هذه الآية فِيْهِ (1) ، ثُمَّ أهدر النبي - صلى الله عليه وسلم - دمه يوم فتح مكة ، فأدركه الناس بالسوق فقتلوه.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا } [النساء: 94].
(194) أخبرنا إسماعيل (2) بن إبراهيم الواعظ ، قال : أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن حامد (3)، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، قال : حدثنا محمد ابن عبَّاد ، قال: حدثنا سفيان ، عن عمرو ، عن عطاء ، عن ابن عباس، قَالَ: لحق المسلمون رجلاً في غُنَيمةٍ له ، فقال : السلام عليكم ، فقتلوه وأخذوا غنيمته. فنزلت هَذِهِ الآية : { وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } [النساء:94] أي تِلْكَ الغنيمة. رَوَاهُ البُخَارِيّ(4) عن عَلِيّ بن(5) عَبْد الله، ورواه مُسْلِم(6) عن أبي بكرٍ بن أبي شيبة ؛ كلاهما عَن سُفْيَان.
__________
(1) سقطت من ( س ) و ( ه) ، وذكرت فيهما بَعْدَ هَذَا الآية : { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً }
[النساء : 93] .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( أبو إبراهيم إسماعيل )) .
(3) لم ترد في ( ص ) .
(4) أخرجه البخاري 6/59 (4591).
(5) لم ترد في ( ص ) .
(6) صَحِيْح مُسْلِم 8/243 (3025)(22) ، وأخرجه أبو داود (3974) ، والنسائي في الكبرى (11116) وفي التفسير المفرد ، له (136)،والبيهقي 9/115 .وذكره السيوطي في الدر المنثور2/632 ، وزاد نسبته لعبد الرزاق ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم .(1/356)
(195) وأخبرنا إسماعيل ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو عَمْرو بن نجيد ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد ابن الحسن بن الخليل ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو كريب ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله (1)، عَن إسرائيل، عَن سِمَاك ، عَن عِكرمة ، عَن ابن عَبَّاس ، قَالَ (2): مرَّ رجلٌ مِنْ سُلَيم عَلَى نفرٍ مِنْ أصْحَاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه غنمٌ فسلم (3) عَلَيْهِمْ ، فقالوا : ما سلم عليكم إلا لِيَتَعوَّذَ منكم ، فقاموا إِلَيْهِ فقتلوه ، وأخذوا غنمه ، فأتوا بِهَا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأنزل الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا … الآية } [النساء : 94].
__________
(1) في ( ه) : (( عبد الله بن إسرائيل )) .
(2) إسناده ضعيف ؛ رِوَايَة سماك عَن عكرمة خاصة مضطربة ؛ لكن الحديث في الصحيحين من غير هذا الطريق.
أخرجه ابن أبي شيبة (28932) و (28933) و (33095) و (33096) ، وأحمد 1/229 و272 و324 ، والطبري في التفسير 5/223 ، وابن حبان (4752) ، والطبراني في الكبير (11731) ، والحاكم 2/235 ، والبيهقي 9/115 من طريق عكرمة ، عن ابن عباس.
وأخرجه البخاري 6/59 ، ومسلم 8/243 ، وأبو داود (3974) ، والنسائي في الكبرى كما في تحفة الأشراف 5/حديث (5940) ، والطبري في تفسيره 5/223 ، والبيهقي 9/115 من طريق عطاء ، عن ابن عباس.
وذكره البغوي في تفسيره 1/681 ، وابن الجوزي في زاد المسير 2/170 ، والسيوطي في لباب النقول :
77 .
(3) في ( س ) : (( لَهُ فسلم )) .(1/357)
(196) أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال: أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى الرازي ، قال: حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ، قال : حَدَّثَنَا وكيع ، عن سفيان ، عن حبيب (1) بن أبي عمرةَ ، عن سعيد بن جبير، قال(2): خرج المقداد بن الأسود في سَريَّةٍ، فمروا برجلٍ في غُنَيمةٍ له فأرادوا قتله ، فقال : لا إله إلا الله ، فقتله المقداد ، فقيل له : أقتلته وقد قال : لا إله إلا الله ؟ وولّوا (3) بأهله وماله . فَلَمَّا قدموا عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، ذكروا ذَلِكَ لَهُ ، فَنَزَلت هَذِهِ الآية (4) : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا … الآية } [النساء : 94].
__________
(1) في ( ه) : ((عن جبير بن أبي عمرو )) ، وهو خطأ ، انظر: تهذيب التهذيب 2/188.
(2) إسناده ضعيف ؛ لإرساله فإن سعيد لَمْ يلق المقداد . أخرجه ابن أبي شيبة (28931) و(33094) ، والطبري في تفسيره 5/225 . وذكره أبو حيان في البحر المحيط 3/328 وَلَمْ ينسبه لأحد ، والسيوطي في الدر المنثور 2/636 .
(3) في ( س ) : (( ود لَوْ فرّ )) ، وفي ( ص ) : (( وَهُوَ آمن في )) .
(4) هَذِهِ الآية )) سقطت من ( س ) و ( ه) .(1/358)
وَقَالَ الحسن(1): إن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجوا يطوفون فلقوا المشركين فهزموهم ، فشذ (2) منهم رجلٌ (3) فتبعه رجلٌ من المسلمين وأراد متاعه ، فلما غشيه بالسِّنان قال : إني /48 أ/ مُسْلِم ، إني مُسْلِم. فكذبه ثم أوجَرَهُ السنان(4) فقتله وأخذ متاعه وكان قليلاً، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : (( قتلته بعد ما زعم أنه مُسْلِم ))؟، فَقَالَ: يارَسُول الله إِنَّمَا قالها متعوِّذاً. قَالَ: (( فهلا شققت عَن قلبه (5) ! لتنظر أصادقٌ هُوَّ أم كاذبٌ ؟ )) ، قَالَ : وكنت أعلم ذَلِكَ يا رَسُول الله ؟ قال : (( ويك إنك لم تكن لتعلم ذلك ، إنما
كان ينبئ عنه لسانه (6) )) . قال : فما لبث القاتل أن مات فدفن ، فأصبح وقد وضع إلى جنب (7) قبره. قال (8): ثم عادوا فحفروا له وأمكنوا ودفنوه ، فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثاً . فلما رأوا أن الأرض لا تقبله ألقوه في بعض تلك الشعاب . قال : فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3/1039(5824) ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/310 ، وَهُوَ مرسل ، وذكره أبو حيان في البحر المحيط 3/328 ولم ينسبه لأحد ، والسيوطي في الدر المنثور 2/635 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فشد )) .
(3) سقطت من ( ب ) .
(4) في (ه) : (( أوجزه السنان )) ، ومعنى أوجره : طعنه في صدره.
(5) بَعْدَ هَذَا في ( س ) : (( قَالَ : لِمَ يا رَسُوْل الله )) .
(6) وردت العبارة في ( س ) : (( إنك إن لَمْ تَكُنْ تعلم ذَلِكَ ، إِنَّمَا كَانَ يبين عَنْهُ لسانه )) .
(7) بعد هذا في ( ص ) : (( قبر لم تقبله لمكان قبله مسلماً ، ولما مات القاتل ، وضع إلى جنب المقتول بعد ما دفن القاتل أخرجه بإذن الله ، قَالَ : ثُمَّ عادوا فحفروا لَهُ فأسكنوه )) .
(8) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/359)
قَالَ الحسن (1) : إن الأرض لتقبل (2) من هُوَّ أشر (3) مِنْهُ ، ولكن وُعِظَ القوم أن لا يعودوا .
(197) أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد المُزَكَّي ، قال أخبرنا عبيد الله بن محمد بن بطة : قال : أخبرنا أبو القاسم البَغَوِيّ ، قال : حَدَّثَني سعيد بن يحيى الأموي ، قال : حدثني أبي ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسحاق (4) ، عن (5) يزيد بن عبد الله بن قُسيط ، عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حَدْرَد ، عن أبيه ، قَالَ (6)
__________
(1) انظر : تفسير ابن أبي حاتم 3/1039 ، والدر المنثور 2/635 .
(2) في (ه): ((تحبس )) ، وفي ( ص ) و( س ) : (( تُجِنُّ)) .
(3) في ( ص ) : (( أحنث)) .
(4) سيرته 4/275 . تهذيب ابن هشام .
(5) في (ه): (( إسحاق ويزيد )) .
(6) إسناده قوي ؛ ابن إسحاق قَدْ صرّح بالسماع في رِوَايَة الإمام أحمد ، والقعقاع بن عَبْد الله بن أبي
حدرد ، رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بن سعيد الأنصاري ، ويزيد بن عَبْد الله بن قسيط .
وَقَدْ ذكره ابن حبان في الثقات 5/323 ، وَقِيْلَ : إنَّهُ صَحَابِيّ ، والصحيح : أنَّ الصحبة لأبيه وجده . الإصابة 3/64 .
أخرجه الإمام أحمد 6/11 ، وابن أبي شيبة (37013) ، وابن أبي عاصم في الديات : 188 – 189 ، وابن الجارود ( 777 ) ، والطبري 5/222 ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/305 .
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 4/282 عن مُحَمَّد بن عمر ( الواقدي ) عن عَبْد الله بن يزيد بن قسيط ، عن أبيه ، عن عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله بن أبي حدرد الأسلمي ، عن أبيه . والواقدي ضعيف في الْحَدِيْث متروك .(1/360)
: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سَريَّة إلى إضَم ، قبل مخرجه إلى مكة ، قال : فمر بنا عامر بن الأَضبط الأشجعي ، فحيانا تحية الإسلام ، قَالَ (1): فَنَزَعْنَا عَنْهُ ، وحمل عَلِيهِ محلِّم بن جَثامة لشر كَانَ (2) بينه وبينهِ في الجاهلية ، فقتله واستلب بعيراً لهُ ، ووطاءً ومُتَّيعاً كَانَ لَهُ . قَالَ : فأنهينا شأنه (3) إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرناه بخبره ، فأنزل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا } [النساء :94] إلىآخر الآية.
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) لم ترد في ( ب ) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( شأننا )) .(1/361)
وَقَالَ السدي(1): بَعَثَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُسامة بن زيد على سريَّة ، فلقيَ مرداس بن نهيك الضَّمْري فقتله ، وكان من أهل (2) " فَدَك " ولم يسلم من أهله (3) غيره ، وكان يقول : لاإله إلا الله محمد رسول الله ، ويسلم عَلَيْهِمْ (4) . قال أُسامة : فلما قدمت عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أخبرته فقال : (( قتلت رجلاً يقول لاإله إلا الله ))؟ فقلت: يارسول الله ، إِنَّمَا تَعَوَّذ مِنَ القتل. فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - (5): (( كيف أنت إذا خَاصمك يوم القيامة بلا إله إلا الله )) ، قَالَ : فما زال يرددها عليَّ : (( أقتلت رجلاً يَقُوْل لا إله إِلَى الله )) ؟ حَتَّى تمنيت لَوْ أن إسلامي كَانَ يومئذ ، فَنَزَلت: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا … الآية } [النساء : 94] . ونحو(6) هَذَا قَالَ الكلبي وقتادة .
__________
(1) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 2/171 ، والسيوطي في الدر 2/634 ، وفي لباب النقول : 78 .
(2) لم ترد في ( ب ) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( قومه )) .
(4) ويسلم عَلَيْهِمْ )) لم يرد في ( ص ) .
(5) عبارة (( رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - )) مِنْ ( ب ) فَقَطْ .
(6) في (ه) : ((وعن هذا )) .(1/362)
(198) يدل عَلَى صحته الحَدِيْث الصَّحِيْح (1) الذي أخبرناه أبو بكر مُحَمَّد بن إبراهيم الفارسي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عيسى بن عمرويه (2)، قَالَ : حَدَّثَنَا إبراهيم بن سفيان ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِم (3)، قَالَ: حدثني يعقوب الدَّورَقي ، قَالَ: حَدَّثَنَا هشيم ، قَالَ: أخبرنا حصين (4) ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو ظبيان ، قَالَ: سمعت أُسامة بن زيد بن حارثة يُحدث ، قَالَ (5): بعثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة مِنْ جُهَينة ، فصبحنا القوم فهزمناهم. قَالَ: فلحقت أنا ورجلٌ مِنْ الأنصار رجلاً منهم ، فلما غشيناه قَالَ : لا إله إلا الله . قَالَ
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) في (ه) : (( عمرو )) .
(3) صَحِيْح مُسْلِم 1/68 ( 96 ) ( 159 ) .
(4) في ( س ) : (( ابن حصين )) خطأ .
(5) إسناده صحيح .
أخرجه أحمد 5/200 و207 ، والبخاري 5/83 (4269) و9/4(6872) ، ومسلم 1/67 (96) (158) ، وابن أبي عاصم في الديات : 34 ، وأبو عوانة ( 195 ) ، وابن حبان ( 4751 ) ، وابن منده في الإيمان ( 63 ) ، والبيهقي في الدلائل 4/297 من طريق هشيم بن بشير بهذا السند .
وأخرجه البزار (2612) ، والنسائي في الكبرى ( 8595 ) ، وأبو عوانة ( 195 ) و ( 196 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 3229 ) ، والخطيب في الأسماء المبهمة : 456 من طرق عن حصين بن عَبْد الرَّحْمَان ، بِهِ .
وأخرجه الطيالسي ( 626 ) ، وابن أبي عاصم في الديات : 35 ، والبزار ( 2611 ) ، والطبراني في الكبير ( 392 ) ، والبيهقي في الدلائل 4/297 ، والحاكم 3/116 ، والخطيب في الأسماء المبهمة : 457 ، وابن الأثير في أسد الغابة 1/80 ، والذهبي في سير أعلام النبلاء 2/505 من طريق أسامة بن زيد .(1/363)
/48 ب/ : فكفَّ عَنْهُ الأنصاري وطعنته (1) برمحي فقتلته ، فلما قدمنا بلغ ذَلِكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: (( يا أسامة ، أقتلته بعدما قَالَ: لا إله إلا الله ))؟ قُلتُ: يا رَسُول الله ، إِنَّمَا كَانَ متعوذاً. قَالَ : فَقَالَ (2): (( أقتلته بعدما قَالَ : لا إله إلا الله ))؟ قال : فما زال يكررها عليَّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم .
قوله - عز وجل -: { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ... } [النساء : 95].
(199) أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد العدل(3)، قال: أخبرنا جدي (4) ، قال : أخبرنا مُحَمَّد بن إسحاق السَّرّاج ، قال : حَدَّثَنَا محمد بن حميد الرازي ، قال : حَدَّثَنَا سلمة بن الفضل ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن الزُّهري ، عن سهل بن سعد (5)، عن مروان بن الحكم ، عن زيد بن ثابت ، قال : كنت عند النبي - صلى الله عليه وسلم - حين نزلت عَلِيهِ :
{ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [ النساء : 95] ولم يذكر { أُولِي الضَّرَرِ } ، فقال ابن أم مكتوم : فكيف وأنا أعمى لا أبصر ؟ قَالَ زيد : فتَغَشَّى النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلسه الوحي ، فاتكأ عَلَى فخذي، فوالذي نفسي بيده لقد ثقل عَلَى فخذي(6) حتى خشيت أن يَرُضها ، ثُمَّ سُرِّي عَنْهُ فَقَالَ : اكتب { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ } [النساء : 95] فكتبها. رواه البخاري(7)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فطعنته )) .
(2) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(3) في ( ب ) و ( ه) : (( المؤذن )) .
(4) قَالَ : أَخْبَرَنَا جدي )) لم ترد في ( ب ) .
(5) في ( ص ) : (( سَعِيد )) .
(6) لم ترد في ( ب ) .
(7) صحيح البخاري 6/59 (4592).
وأخرجه ابن سعد 4/211 و212 ، وأحمد 5/184، والبخاري 4/30 (2832)، والترمذي (3033)، والنسائي 6/9 ، وابن الجارود (1034) ، والطبري في التفسير 5/229 ، والطحاوي في شرح المشكل (1497) و(1498)، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/1043 (5845) ، وابن حبان (4713) ، والطبراني في الكبير (4814) و (4815) و(4816) و(4899)، والسمرقندي في التفسير 1/379 ، وأبو نعيم في الدلائل(175) ، والبيهقي 9/23 ، والبغوي في معالم التَّنْزيل 1/467 مِنْ طريق زيد بن ثابت .(1/364)
عن إسماعيل ابن عبد الله ، عن إبراهيم بن سعد ، عن صالح ، عن الزهري.
(200) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن جعفر بن مطر ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو خليفة ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو الوليد ، قال : حَدَّثَنَا شعبة ، قال : أنبأنا أبو إسحاق ، قَالَ : سمعت البَرَاء يقول (1): لما نزلت هذه الآية : { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ } [النساء : 95] دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيداً فجاء بِكَتِفٍ فكتبها ، فشكا ابن أمِّ مكتوم ضَرَارَته ، فَنَزَلت : { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ } [النساء : 95]. رواه البُخَارِيّ (2) عن أبي الوليد ، ورواه مُسْلِم (3) عن بُندار عن غُندَر ؛ كلاهما (4) عن شُعبَة.
__________
(1) انظر : تفسير الطبري 5/228 ، ونسبه السيوطي في الدر 2/639 لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه .
(2) صحيح البخاري 4/30 ( 2831 ) .
(3) صحيح مسلم 6/43 ( 1898 ) ( 141 ) .
وأخرجه الطيالسي (705) ، وابن سعد 4/210 ، وعلي بن الجعد (2605) ، وأحمد 4/282 و284 و290 و 299 و 301 ، والدارمي (2425) ، والبخاري 6/60 ( 4593 ) و ( 4594 ) و 227 (4990) ، والترمذي (1670) ، (3031) ، والنسائي 6/10،وفي الكبرى (11118)، وأبو يعلى (1725) ، والطبري في تفسيره 5/228 ، والطحاوي في شرح المشكل (1500) و (1501) و(1502) ، وابن حبان (40) و (41) و (42) ، والبيهقي 9/23.
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/365)
(201) [ أَخْبَرَنَا إسماعيل بن أبي القاسم النصر اباذي ، قَالَ:] (1) أَخْبَرَنَا إسماعيل ابن نجيد ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبدوس ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن الجعد(2) ، قَالَ: حَدَّثَنَا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن البراء ، عن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّهُ قَالَ : ادع لي زيداً [ وقل
لَهُ : ] (3) يجَيء بالكَتِف والدَّواة أو اللوح ، وَقَالَ: اكتب لي : { لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } أحسبه قَالَ : { وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } [النساء: 95] فَقَالَ ابن أُم مكتوم : يا رَسُوْل الله بعينيَّ ضرر. قَالَ : فَنَزَلت قَبْلَ أن يبرح : { غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ } [النساء: 95]. رَوَاهُ البُخَارِيّ(4) عن مُحَمَّد بن يوسف ، عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق.
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ... } [النساء : 97].
نزلت هذه الآية في ناسٍ من أهل مكة تكلموا بالإسلام ولم يهاجروا ، وأظهروا الإيمان وأسرُّوا النفاق ؛ فَلَمَّا كَانَ يوم بدرٍ خرجوا مَعَ المشركين إِلَى حرب المُسْلِمِيْنَ فقُتِلوا ، فضربت الملائكةُ وجوههم وأدبارهم ، وقالوا لَهُمْ: ما ذَكَرَ الله سبحانه /49 أ/.
__________
(1) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ) .
(2) مسند علي بن الجعد (2605) .
(3) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(4) وأخرجه البُخَارِيّ في صحيحه 6/60 ( 4594 ) ، والنسائي في الكبرى ( 11118 ) وفي تفسيره ( 138 ) ، والطبري في تفسيره 5 /228 ، وذكره المصنف في الوسيط 2/103 ، وابن الجوزي في زاد المسير 2/173 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/139 .(1/366)
(202) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ، قال : أخبرنا أبو يحيى ، قال : أَخْبَرَنَا سهل بن عثمان ، قال : أَخْبَرَنَا عبد الرحيم بن سليمان ، عن أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ... } [النساء : 97] وتلاها إلى آخرها ، قال : كانوا قوماً من المسلمين بمكة ، فخرجوا في قومٍ من المشركين في قتالٍ ، فقتلوا معهم. فَنَزَلت هذه الآية (1).
قوله - عز وجل - : { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ } [النساء: 100].
__________
(1) أخرجه البخاري 6/60 و 95 ، والنسائي في الكبرى (11119) وهو في التفسير المفرد (139)، والطبري في التفسير 4/234 ، والطبراني في الكبير (11505) و (11708).(1/367)
قال ابن عَبَّاس في رواية عطاء: كان عبد الرحمان بن عوف يخبر أهل مكة بما ينْزل فيهم من القرآن ، فكتب الآية التي نزلت : { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ... } [النساء : 97] فلما قرأها المسلمون قال حبيب(1) بن ضَمْرَةَ اللَّيثي لبنيه ، وكان شيخاً كبيراً : احملوني فإني لست من المستضعفين ، وإني لا أهتدي إلى الطريق. فحملوه (2) بنوه على سرير متوجهاً إلى المدينة فلما بلغ " التَّنْعِيمَ " أشرف على الموت فصفق يمينه على شماله وقال : اللهم هذه لك ، وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعتك يد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - . ومات حميداً. فبلغ خبره أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : لو وافى المدينة لكان أتم أجراً. فأنزل الله هذه الآية (3).
__________
(1) راجع اختلاف العلماء في اسم هذا المهاجر واسم أبيه ، في الإصابة 1/253 ، 2/204 ، وتفسير القرطبي 5/348-349 ، وتفسير ابن كثير 1/543.
(2) في ( ب ) : (( فحمله )) .
(3) أخرجه أبو يعلى (2679) ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/1051 ( 5889 ) ، والطبراني في الكبير (11709) من طريق أشعث بن سوار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس-وأشعث ضعيف-ومع ذلك فقد قال الهيثمي في مجمع الزوائد 7/10 : ((رجاله ثقات )).
وأخرجه الطبري في التفسير 5/240 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/1050 ( 5887 ) من طريق عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، مثله ، وذكره المصنف في الوسيط 2/107 ، وابن كَثِيْر في التفسير 1/740 ، وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/650 وزاد نسبته لابن أبي حاتم.(1/368)
(203) أخبرنا أبو حسان المُزَنيُّ ، قال: أخبرنا هارون بن محمد بن هارون ، قال: أخبرنا إسحاق بن محمد(1) الخزاعي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو الوليد الأزرقي ، قَالَ : حَدَّثَنَا جدّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا سفيان بن عُيَيْنة ، عن عمرو بن دينار ، عن عكرمة ، قَالَ (2) :
كان بمكة ناسٌ قد دخلهم الإسلام ولم يستطيعوا الهجرة ، فلما كان يوم بدرٍ وخُرِج بهم كرهاً قُتِلوا ؛ فأنزل الله تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيْمَ كُنْتُمْ…الآية … } [النساء: 97] فقرأ (3) إِلَى قوله تَعَالَى : { عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ } [النساء : } ] إِلَى آخر الآية. قَالَ : فكتب بِذَلِكَ مَنْ كَانَ بالمدينة إِلَى مَنْ كَانَ (4) بمكة مِمَّنْ أسلم ، فَقَالَ رجلٌ مِنْ بني بكر وَكَانَ مريضاً : أخرجوني إِلَى " الرَّوح " (5). فخرجوا بِهِ فخرج يريد المدينة، فَلَمَّا بلغوا (6) " الحَصْحَاص " (7) مات، فأنزل الله تَعَالَى: { وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ … الآية } [النساء : 100].
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ... الآية } [النساء : 102].
__________
(1) في ( ب ) و (ه) : (( ابن أحمد )) .
(2) أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 1/474 ( 630 ) ، والطبري في تفسيره 5/239 ، وذكره الثعالبي في تفسيره 2/287 وَلَمْ ينسبه لأحد .
(3) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( الروحاء )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( بلغ )) .
(7) في ( ب ) : (( الحضحاض )) ، وفي (ه) : (( الخضخاض )) ، وهو خطأ.(1/369)
(204) أخبرنا الأستاذ أبو عثمان الزَّعفراني المقرئ سنة خمسٍ وعشرين ، قال : أخبرنا أبو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن علي بن زياد السمذي (1) ، سنة ثلاثٍ وستين ، قال: أخبرنا أبو سعيد المفضل (2) بن مُحَمَّد الجزري بمكة في المسجد الحرام ، سنة أربع وثلاث مئة قال : حَدَّثَنَا علي بن زياد اللَّحْجِيّ (3) ، قال : حَدَّثَنَا أبو قُرَّة موسى بن طارق ، قال: ذكر سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد ، قال: أخبرنا أبو عيَّاش الزُّرَقي (4)، قال(5) : صلينا مع رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر ، فقال المشركون : قد كانوا على حالٍ لَوْ
كنا (6) أصبنا منهم غرة ، قالوا: تأتي /49 ب/ عليهم صلاةٌ هي أحبُّ إليهم من آبائهم. قال : وهي العصر ، قال : فَنَزَلَ جبريل - عليه السلام - بهؤلاء الآيات (7) بين الأولى والعصر :
{ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ... } [النساء : 102] وهم بِعُسْفان ، وعلى المشركين خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة. وذكر صلاة الخوف .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( السدي )) ، وفي ( ص ) : (( السبي )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( الفضل )) .
(3) في (ه) : (( أخبرنا يحيى بن زياد اللخمي )) ، وهو خطأ. راجع اللباب 3/129 .…
(4) في (ه) : (( الورقي )) ، وهو خطأ. راجع اللباب 1/499 والإصابة 4/143.
(5) إسناده صَحِيْح . وأخرجه أحمد 4/59 و60 ، وأبو داود ( 1236 ) ، والطبري في تفسيره 9/257 ، وابن أبي حاتم في التفسير 3/1052 (5893) ، وذكره البغوي في تفسيره 1/694 ، والخازن في تفسيره 1/588 ، وابن كَثِيْر في التفسير 1/746 ، وَقَالَ ابن كَثِيْر بَعْدَ أن ساقه بسند أبي داود : (( هَذَا إسناد صَحِيْح ، وله شواهد كثيرة )) .
(6) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(7) في (ه) : (( بهذه الآية )) .(1/370)
(205) أخبرنا عبد الرحمان بن عبدان ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن محمد الضَّبِّي ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يعقوب ، قال : حَدَّثَنَا أحمد بن عبد الجبار ، قال : حَدَّثَنَا يونس بن بكير ، عن النَّضْر أبي(1) عُمَر ، عن عِكرِمة ، عن ابن عَبَّاس ، قَالَ(2) : خرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزاة (3) فلقي المشركين بِعُسْفان ، فلما صلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر فرأوه يركع ويسجد هُوَّ وأصحابه، قَالَ بعضهم لبعض: كَانَ هذا فرصة لكم ، لو أغرتم عليهم ما علموا بكم حتى تُواقِعوهم. فَقَالَ قائلٌ منهم: فإن لهم صلاةً أخرى هِيَ(4) أحبُّ إليهم من أهليهم وأموالهم ، فاستعدوا حتى تغيروا عليهم فيها. فأنزل الله - عز وجل - عَلَى نبيه - صلى الله عليه وسلم - : { وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ } [النساء : 102] إلى آخر الآية ، وأعْلَمَ ما ائتمر به المشركون ، وذكر صلاة الخوف .
قوله - عز وجل -: { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ... الآيات } [النساء: 105] إلى قوله تعالى : { وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً } [النساء : 116].
__________
(1) في ( ب) : (( بن عُمَر )).
(2) إسناده ضعيف جداً ؛ النضر بن عَبْد الرَّحْمَان : ضعيف جداً منكر الْحَدِيْث . أخرجه البزار كَمَا في كشف الأستار ( 979 ) ، والطبري في التفسير 5/256 ، والحاكم في المستدرك 3/30 من طريق النضر بهذا الإسناد . وانظر : الدر المنثور : 2/664 .
(3) في غزاة )) لَمْ ترد ( س ) و ( ه) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .(1/371)
أنزلت كلها في قصة واحدة (1)
__________
(1) هَذِهِ الرِّوَايَة هِيَ في حَدِيْث قتادة بن النعمان الَّذِي أخرجه التِّرْمِذِيّ ( 3036 ) ، والطبري في التفسير 5/265 ، وابن أبي حاتم 4/1060 ( 5936 ) ، والطبراني في الكبير 19/ ( 15 ) ، والحاكم 4/385 من طريق مُحَمَّد بن سلمة الحراني ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة ، عن أبيه ، عن جده قتادة بن النعمان ، بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيّ : (( غريب لا نعلم أحداً أسنده غَيْر مُحَمَّد بن سلمة )) . صححه الحَاكِم عَلَى شرط مُسْلِم .
وَلَكِن للحديث ثلاث علل :
الأولى : مُحَمَّد بن إسحاق : (( مدلس )) ، وَقَدْ عنعن .
الثانية : عمر بن قتادة : (( مقبول )) عِنْدَ المتابعة ، وَلَمْ يتابع بنص الإمام التِّرْمِذِيّ .
الثالثة : الاضطراب في سنده الَّذِي أشار إِلَيْهِ التِّرْمِذِيّ ، وابن كَثِيْر في تفسيره 1/751 ، فَقَدْ أُعلّ بالإرسال فرواه يونس بن بكير ، وغير واحد ، عن مُحَمَّد بن إسحاق ، عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلاً ، لَمْ يذكروا فيهِ عن أبيه ، عن جده .
وأخرج الطبري في تفسيره 5/267 هَذِهِ القصة من طريق العوفي ، عن ابن عَبَّاسٍ ، بِهِ . وانظر : الوسيط 2/111 ، وتفسير البغوي 1/698 ، والدر المنثور 2/672 .(1/372)
، وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال لَهُ : طعمة (1) ابن أُبَيْرق ، أحد بني ظفر بن الحارث، سرق درعاً من جارٍ لَهُ يقال لَهُ:قتادة بن النعمان ؛ وكانت الدرع في جرابٍ فِيهِ دقيق، فجعل الدقيق ينتثر مِنْ خرق في الجراب، حَتَّى انتهى إِلَى الدار وفيها أثر الدقيق. ثُمَّ خبأها عِنْدَ رجلٍ مِن اليهود يقال لَهُ : زيد بن السمين ؛ فالتمست الدرع عِنْدَ طعمة فَلَمْ توجد عنده ، وحلف لَهُمْ والله ما أخذها وما لَهُ بِهَا (2) من علم ، فَقَالَ أصحاب الدرع : بلى والله لقد أدْلَجَ علينا فأخذها ، وطلبنا أثره حَتَّى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق. فَلَمَّا أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق حَتَّى انتهوا إِلَى منزل اليهودي ، فأخذوه فَقَالَ: دفعها إليَّ طُعْمَة بن أُبَيْرق ، وشهد لَهُ أناسٌ من اليهود عَلَى ذَلِكَ، فقالت بنو ظفر –وهم قوم طعمة -: انطلقوا بنا إِلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فكلموه في ذَلِكَ وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إنك (3) إن لَمْ تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي ، فهمَّ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذَلِكَ (4) -وَكَانَ هواه معهم- وأن يعاقب اليهودي ، حَتَّى أنزل الله تَعَالَى : { إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ } الآيات كلها . وهذا قول جماعةٍ من المفسرين.
قوله - عز وجل -:/50 ب/ { لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ } [ النساء: 123].
__________
(1) في ( ص ) : (( طعيمة )) مجوداً.
(2) في ( س ) و ( ه) : (( به )).
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/373)
(206) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قال: أخبرنا أبو مُحَمَّد بن حيان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى ، قال : حَدَّثَنَا سهلٌ ، قال: حَدَّثَنَا علي بن مسهر ، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي صالح، قال: جلس أهل الكِتَاب –أهل التوراة وأهل الإنجيل – وأهل الأديان كلها(1) كل صنفٍ يقول لصاحبه : نحن خيرٌ منكم. فَنَزَلت هذه الآية (2).
وَقَالَ مَسْروقٌ وقتادة (3) : احتج المسلمون وأهل الكتاب ، فَقَالَ أهل الكتاب : نحن أهدى (4) منكم: نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم. وَقَالَ المسلمون : نحن أهدى منكم ، وأولى بالله : نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله. فأنزل الله تعالى هذه الآية. ثم أفلَجَ الله تعالى حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان ، بقوله تعالى: { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ } [النساء:124]، وبقوله تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ } الآيتين [النساء : 125].
قوله - عز وجل -: { وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً... } [النساء : 125].
اختلفوا في سبب اتخاذ الله إبراهيم خليلاً :
__________
(1) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 5/289، وابن أبي حاتم 4/1073 ( 6001 ) ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/695 نسبته لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، عَن أبي صالح .
(3) أثر مسروق أخرجه : الطبري 5/288 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/693 لسعيد بن مَنْصُوْر، وابن المنذر .
أما أثر قتادة فأخرجه : الطبري 5/288 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/694 لعبد بن حميد ، وابن المنذر . وانظر : تفسير البغوي 1/704 .
(4) لم ترد في ( ص ) .(1/374)
(207) فأخبرنا أبو سعيد النَّصروييُّ (1) قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين السَّرَّاج (2) ،قال : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله الحضْرَميّ ، قال : حَدَّثَنَا موسى بن إبراهيم المَرْوَزِيِّ ، قال : حَدَّثَنَا ابن لَهيعَة ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عَمْرو ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا جبريلُ لم اتخذ الله إبراهيم خليلاً ؟ )) ، قَالَ : لإطعامه الطعام ،
يا مُحَمَّدُ (3).
وَقَالَ عَبْد الله بن عَبْد الرحمان بن أبْزَى: دخل إبراهيم(4) داره (5) فجأةً ، فرأى ملك الموت في صورة شابٍ لا يعرفه ، قَالَ لَهُ إبراهيم : بأذن مِنْ دخلت ؟ قَالَ : بإذن رب المنْزل. فعرفه إبراهيم - عليه السلام - ، فَقَالَ لَهُ ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلاً ، قَالَ إبراهيم : ومن ذَلِكَ ؟ قال: وما تصنع به ؟ قال: أكون خادماً له حتى أموت ، قال: فإنه أنت (6).
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : (( النصوري )) .
(2) في ( ب ) و( ص) : (( الحسن )) .
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف ابن لهيعة وأبي قبيل . أخرجه البَيْهَقِيّ في شعب الإيمان ( 9616 ) ، والمصنف في تفسيره 2/122 مِنْ طريق عَبْد الله بن عَمْرو ، وذكره ابن الجوزي في تفسيره 2/212 ، والقرطبي في تفيسره 3/1971 ، واقتصر السيوطي في الدر 2/706 عَلَى نسبته إلى البيهقي .
(4) لم ترد في ( ب ).
(5) في ( س ) و ( ه) : (( مَنْزِله )) .
(6) نسبه السيوطي في الدر المنثور 2/706 لابن المنذر .(1/375)
وقال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عَبَّاس (1): أصاب الناس سنةً جهدوا فيها فحشروا إلى باب إبراهيم - عليه السلام - يطلبون الطعام ، وكانت الميرة لهم كل سنةٍ من صديقٍ له بمصر ، فبعث غلمانه بالإبل إلى خليله بمصر يسأله الميرة ، فقال خليله : لو كان إبراهيم إنما يريده لنفسه احتملنا ذَلِكَ لَهُ (2) ، وقد دخل علينا ما دخل عَلَى الناس من الشدة (3). فرجع رُسُلُ إبراهيم فمروا بِبِطحاء فقالوا: لو احتملنا من هذه البطحاء ليرى الناس أنّا قد جئنا بميرة ، إنا نستحي (4) أن نمر بهم وإبلنا فارغةٌ. فملأوا تلك الغرائر رملاً (5). ثُمَّ إنهم أتوا إبراهيم - عليه السلام - وسَارةُ نائمة ، فأعلموه ذَلِكَ ، فاهتم إبراهيم - عليه السلام - لمكان (6) الناس ، فغلبته عيناه فنام ، واستيقظت سارة فقامت إلى تلك الغرائر ففتحتها (7) فإذا هو أجود (8) حُوَّارَى يكون ، فأمرت الخبازين فخبزوا /50 ب/ وأطعموا الناس واستيقظ إبراهيم - عليه السلام - فوجد ريح الطعام ، فَقَالَ : يا سارة ، من أين هذا (9) ، قالت : من عند خليلك المصري ، فَقَالَ : بل من عند الله خليلي ، لا من عند خليلي المصري . فيومئذٍ اتخذه الله خليلاً (10).
__________
(1) انظر : تفسير السمرقندي 1/391 ، وتفسير البغوي 1/705 ، وتفسير الخازن 1/603 .
(2) سقطت من ( ب ) .
(3) لم ترد في ( ص ).
(4) في ( س ) و( ه) : (( لنستحي )).
(5) لم ترد في ( ص ).
(6) في ( س ) و( ه) : (( بمكان )).
(7) في ( س ) و ( ه) : (( ففتقتها )).
(8) في ( س ) و ( ه) : (( دقيق أجود )) .
(9) في ( س ) و ( ه) : (( هَذَا الطعام )) .
(10) في ( س ) و ( ه) : (( اتخذ الله إبراهيم خليلاً )) .(1/376)
(208) أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم المُزكِّي ، قال : أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يزيد الجوزي قال : حَدَّثَنَا إبراهيم بن شريك ، قال : أخبرنا أحمد بن يونس ، قال : حَدَّثَنَا أبو بكر بن عيَّاش ، عن أبي المُهَلَّب الكِناني(1) ، عن عُبَيد(2) الله بن زحر ، عن علي بن يزيد (3) ، عن القاسم (4)، عن أبي أُمامة ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ، وإنه لم يكن نبيٌّ إلا لَهُ (5) خليلٌ ، ألا وإن خليلي أبو بكر ))(6) .
__________
(1) في ( ب ) : (( الكتاني )) .
(2) في ( ب ) : (( عَبْد الله )) .
(3) في ( ص ) : (( زيد )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( القاسم بن أبي أمامة)) .
(5) في ( ب ) : (( في أمته خليلاً )) .
(6) إسناده ضعيف جداً ؛ عبيد الله بن زمر : ضعيف لَيْسَ بالقوي ، وعلي بن يزيد الألهائي : متروك . أخرجه الطبراني في الكبير (7816) ، والمصنف في تفسيره 2/121، وذكره ابن كَثِيْر في تفسيره 1/762، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/45 وَقَالَ : إنه ضعيف ؛ لأن فِيهِ علي بن يزيد وَهُوَ ضَعِيف .(1/377)
(209) أَخْبَرَنَا الشريف أبو إسماعيل (1) بن الحسن النقيب ، قال : أخبرنا جَدي ، قال : حَدَّثَنَا أبو مُحَمَّد الحسن بن حماد (2) ، قال : حَدَّثَنَا أبو إسماعيل مُحَمَّد بن إسماعيل التّرمذي ، قال : حَدَّثَنَا سعيد بن أبي مَريم ، قال : حَدَّثَنَا سَلَمة (3) ، قَالَ: حدثني زيد بن واقد ، عن القاسم بن مُخَيمَرة ، عن أبي هريرة ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اتخذ الله إبراهيم خليلاً ، وموسى نجياً واتخذني حبيباً. ثُمَّ قَالَ: وعزتي وجلالي (4) لأوَثِرنَّ حبيبي على خليلي ونَجِيِّ )) (5).
قوله - عز وجل -: { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ … الآية } [النساء : 127].
(210) أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يعقوب، قال : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : أَخْبَرَنَا ابن وهب ، قال : أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عروة بن الزبير ، عن عَائِشَة – رضي الله عَنْهَا –، قالت : ثُمَّ إن الناس استفتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - [بعد هذه الآية فيهن](6) فأنزل الله تعالى هذه الآية : { وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ } [النساء : 127] ، قالت : التي تتلى عليكم (7) في الكتاب الآية الأولى التي قال فيها:
__________
(1) في ( ب ) : (( الشريف بن إ سماعيل )).
(2) في ( ب ) : (( حمشاذة )) .
(3) في( ص ) : (( مسلمة )).
(4) جلالي )) لَمْ ترد في ( ب ) و( ص) .
(5) انظر : الدر المنثور 2/706 ، وسلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة ( 1605 ) .
(6) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ) و( ص ).
(7) في ( س ) و ( ه) : (( والذي يتلى عَلَيْهِمْ )).(1/378)
{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى } [النساء: 3] قالت عَائِشَة – رضي الله عنها –: وَقَالَ الله تعالى في الآية الأخرى : { وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ } [النساء : 127] رغبة أحدكم في يتيمته (1) التي تكون في حِجْرِه حين تكون(2) قليلة المال والجمال ، فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا بالقِسط من أجل رغبتهم عنهن.رواه مُسْلِم عن حَرْمَلَة ، عن ابن وهب (3).
قوله - عز وجل -: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَت مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً ... الآية } [النساء : 128].
__________
(1) في ( ب ) : ((عن يمينه)).
(2) في ( ب ) : ((حَتَّى يكون )).
(3) صَحِيْح مُسْلِم 8/239 (3018) ( 6 ) ، و أخرجه البُخَارِيّ 3/182 ( 2494 ) و 4/10 ( 2763 ) و 6/53 ( 4574 ) و 6/61 ( 4600 ) و 7/2 ( 5064 ) و 7/10 (5092) و7/11 ( 5098 ) و 7/20 ( 5128 ) و 7/21 ( 5131 ) و 7/23 ( 5140 ) و 9/31 (6965) ، ومسلم 8/239 (3018) (6) و 8/240 ( 3018 ) عقب (6) و ( 7 ) و ( 8 ) و ( 9 ) ، وأبو داود ( 2068 ) ، والنسائي في الكبرى ( 11090 ) وفي التفسير ، لَهُ ( 110 ) ، والطبري في التفسير 5/301 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1076 ( 6020 ) ، والمصنف في الوسيط 2/123 من طريق عروة بن الزبير ، عن عائشة – رضي الله عَنْهَا – ، بِهِ . وانظر : الدر المنثور 2/708 .(1/379)
(211) أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن أحمد (1) بن الحارث ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى ، قال : حَدَّثَنَا سهلٌ ، قال : حَدَّثَنَا عبد الرحيم ابن سليمان ، عن هشام ، عن عروة(2)، عن عَائِشَة في قول الله - عز وجل -: { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أو إِعْرَاضاً } [النساء : 128] إلى آخر الآية : نزلت في المرأة تكون عند الرجل ولا يَستَكثر منها ويريد فراقها ، ولعلها أن تكون لها صحبةٌ، ويكون لها ولدٌ، فتكره فراقه (3) ، وتقول لَهُ : لا تطلقني وأمسكني وأنت في حلٍ من شأني. فأنزلت هذه الآية. رواه البُخَارِيّ (4) /51 أ/ عن مُحَمَّد بن مقاتل ، عن ابن المبارك ؛ ورواه مُسْلِم (5) عن أبي كُرَيب ، عن أبي أسامة ؛ كلاهما عَن هشام .
(212) أَخْبَرَنَا أبو بكر الحيري ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يعقوب ، قَالَ : حَدَّثَنَا الربيع ، قَالَ : أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيّ (6)
__________
(1) سقطت من ( ب ) .
(2) في ( ب ) : ((هشأَمْ بن عروة)) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فيكره فراقها )).
(4) في صحيحه 6/62 ( 4601 ) .
(5) في صحيحه 8/241 ( 3021 ) ( 14 ) .
وأخرجه البُخَارِيّ 3/240 ( 2694 ) ، ومسلم 8/241 ( 3021 ) (13) ، وابن ماجه ( 1974 )، والنسائي في الكبرى ( 11125 ) ، وفي التفسير ، لَهُ (145) ، والطبري في تفسيره 5/307 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1079 ( 6037 ) .
(6) هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيّ في الأم 5/189 ، وفي المسند : 260 و 374 ط . العلمية ، و (1215) و (1218)
طبعتنا ، وفي أحكام القران 1/205 .(1/380)
، قَالَ : أخبرنا(1) ابن عُيَيْنَة ، عَن الزُّهْرِي ، عَن ابن المُسيب : أن بنت مُحَمَّد بن مَسْلَمَة كانت عند رافع بن خَديج فكره منها أمراً إما كبراً وإما غيره ، فأراد طلاقها ، فقالت : لا تطلقني وأمسكني وأقسم لي ما بدا لك فأنزل الله تعالى : { وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً } (2)[النساء : 128].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْط...الآية } [النساء : 135].
رَوَى أسباط عن السُّدِّيِّ قال : نزلت في النبي - صلى الله عليه وسلم - ، اختصم إليه غنيٌّ وفقيرٌ ، فكان ضِلَعُهُ (3) مع الفقير، رأى أن الفقير لا يظلم الغني ، فأبى الله تعالى ، إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير ، فقال : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْط } حتى بلغ :
{ إِنْ يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا } (4)[النساء : 135].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ...الآية } [النساء : 136].
__________
(1) في ( ص ) : (( ابن أبي عيينة)) .
(2) إسناده صَحِيْح ، أخرجه ابن أبي شيبة (16469)، والطبري في تفسيره 5/309، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1081(6044) والبيهقي 7/75، والمصنف في الوسيط 2/124، وذكره البغوي في تفسيره 1/707، وابن عطية في تفسيره 4/244، والسيوطي في الدر المنثور 5/711، وزاد نسبته لسعيد بن مَنْصُوْر و البَيْهَقِيّ .
(3) في ( ب ) : ((ميله)) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 5/321 وذكره السيوطي في الدر المنثور 5/715.(1/381)
قَالَ الكلبي : نزلت في عبد الله بن سلام ، وأسد وأُسَيد ابني كعب ، وثعلبة بن قيس وجماعة من مؤمني أهل الكتاب ، قالوا : يا رسول الله ، إنا نؤمن بك وبكتابك ، وبموسى والتوراة وعُزَير ، ونكفر بما سوى ذلك(1) من الكتب والرسل ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (2).
قوله - عز وجل - : { لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ...الآية } [النساء: 148].
قَالَ مجاهد : إن ضيفاً تضيَّف قوماً فأساءوا قراه فاشتكاهم ، فَنَزَلت هذه الآية رخصةً في أن يشكو(3).
قوله - عز وجل - : { يَسْأَلُكَ أَهْل الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَاباً من السماء...الآية } [النساء : 153].
نزلت في اليهود ، قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن كنت نبياً فأتنا بكتابٍ جملة من السماء ، كما أتى به موسى . فأنزل الله تعالى هذه الآية (4).
قوله - عز وجل - : { لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك... الآية } [النساء : 166].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( سواه )) .
(2) ذكره المصنف في الوسيط2 /127، والبغوي في تفسيره 1/712(726)، والسمرقندي في تفسيره 1/396.
(3) أخرجه مجاهد في تفسيره : 179 ، وعبد الرزاق في تفسيره 1/483(654)، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1100(6168) وذكره السمرقندي في تفسيره 1/400، وَقَالَ السمر قندي :(( إنها نزلت في شأن أبي بكر عندما شتمه رجل فسكت أبو بكر مراراً ثم رد عَلَيْهِ )). وذكره ابن كثير في التفسير 5/776.
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 6/7، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1103(6186) من قَوْل السدي ، وذكره المصنف في الوسيط 2/135، والبغوي في تفسيره 1/718، والسيوطي في الدر المنثور 5/726.(1/382)
قال الكلبي : إن رؤساء أهل مكة أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا : سألنا عنك اليهود فزعموا أنهم لا يعرفونك ، فأتنا بمن يشهد لك أن الله(1) بعثك إلينا رسولاً. فَنَزَلت هذه الآية : { لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْك.. } (2) [النساء : 166].
قوله - عز وجل - : { لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ...الآية } [النساء : 171].
نزلت في طوائف من النصارى حين قالوا (3) : عيسى ابن الله ، فأنزل الله تَعَالَى : { لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقّ...الآية } [النساء : 171].
قوله - عز وجل -: { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيح...الآية } [النساء : 172].
قَالَ الكلبي : إن وفد نَجران/51ب/ قالوا : يا مُحَمَّد ، تعيب (4) صاحبنا ! قال : (( ومن صاحبكم ))؟ ، قالوا: عيسى ، قَالَ : (( وأيُّ شيءٍ أقول فِيهِ ))؟ ، قالوا: تقول:
إنه عَبْد الله ورسوله ،فَقَالَ لهم(5): (( إنه ليس بعارٍ لعيسى أن يكون عبداً لله )) ، قالوا : بلى. فَنَزَلت : { لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ } (6) [النساء : 172].
قوله - عز وجل -: { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَة...الآية } [النساء : 176].
__________
(1) في ( ب ) : (( انك رَسُول الله بعثك الله ألينا )) .
(2) ذكره السمرقندي في تفسيره 1/406، والمصنف في الوسيط 2/141.
(3) انظر : تفسير المصنف 2/142 .
(4) في ( ب ) : (( لِمَ تعيب )) .
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .
(6) ذكره السمرقندي 1/408، والبغوي في تفسيره 1/726(735) .(1/383)
(213) أخبرنا أبو عبد الرحمان بن أبي حامد ، قال: أَخْبَرَنَا زاهر بن أحمد ، قال: أَخْبَرَنَا الحسين بن مُحَمَّد بن مُصعب ، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى(1) بن حكيم ، قال: حَدَّثَنَا ابن أبي عَدي، عن هشام بن أبي(2) عبد الله ، عن أبي الزبير ، عن جابر قَالَ (3): اشتكيت فدخل علي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندي سبع أخوات ، فنفخ في وجهي فأفقت ، فقلت :
يا رسول الله ، أوصي لأخواتي بالثلثين قال : (( احبس )) ، فقلت : الشطر ، قَالَ :
__________
(1) في ( ص ) : (( عيسى )).
(2) أبي )) لَمْ ترد في ( ب ) و( ص ).
(3) إسناده صَحِيْح .
أخرجه الطيالسي (1742) ، و أَحْمَد 3/372 ، وعبد بن حميد (1064) ، و أَبُو داود (2887) ، والنسائي في الكبرى (11133) وفي التفسير المفرد لَهُ (154) ، والطبري في التفسير 6/48 ، و البَيْهَقِيّ 6/231 من طريق هشام ، بهذا الإسناد .
وأخرجه الحميدي (1229) ، وأحمد 3/298 و 307 و 373 ، و الدارمي (739) ، و البُخَارِيّ 1/60 (194) و 6/54 (4577) و 7/150 (5651) و 7/157 (5676) و 8/184 (6723) و8/190(6743) و 9/124(7309) وفي الأدب المفرد لَهُ (511) ، ومسلم 5/60 (1616) (5) و(6) و (7) و 5/61 (1616) (8) ، وأَبُو داود (2886) ، وابن ماجه (1436) و (2728) ، والترمذي (2097) و (3015) و (3851) ، وفي الشمائل لَهُ (338) ، والنسائي 1/87 وفي الكبرى ، لَهُ (71) من طريق مُحَمَّد بن المنكدر ، عن جابر ، بِهِ .(1/384)
(( احبس )) ثُمَّ خرج وتركني ، قَالَ : ثُمَّ دخل عليَّ ، فَقَالَ لي : (( يا جابر إني لا أراك تموت في وجعك هذا ، إن الله قد أنزل هَذِهِ الآية (1) وبيّن الذي لأخواتك ؛ جعل لأخواتك الثلثين )). فكان جابر يَقُوْل : نزلت هَذِهِ الآية فيَّ : { يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَة … } (2)[النساء : 176].
سورة المائدة
F
قوله - عز وجل - : { لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ... الآية } [المائدة : 2].
قَالَ ابن عَبَّاسٍ (3) : نزلت في الحُطَم (4) واسمه شريح بن ضُبَيعة (5) الكِندي أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - من اليمامة إلى المدينة ، فخلَّف خيله خارج المدينة ، ودخل وحده عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ لَهُ (6) : إلامَ تدعوا الناس ؟ قَالَ : (( إِلَى شهادة أن لا إله إلا الله ، وإقام الصَّلاَة ، وإيتاء الزكاة )) . فَقَالَ : حسنٌ ، إلا أن لي أمراً لا أقطع أمراً دونهم ، ولعلي أسلم وآتي بهم. وَقَدْ كَانَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ لأصحابه: (( يدخل عليكم رجلٌ يتكلم بلسان شيطان )) ثُمَّ خرج مِنْ عنده ، فَلَمَّا خرج قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لقد دخل بوجه كافر، وخرج بِعَقِبي غادر ، وما الرجل بمسلم )) . فمرَّ بِسَرح المدينة فاستاقه ، فطلبوه فعجزوا
__________
(1) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) كتب ناسخ الأصل في هذا الموقع ( بلغ مقابلة) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة منها وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها .
(3) ذكره المصنف في تفسيره 2/149، والبغوي في تفسيره 2/7 ، ولم ينسبهُ لأحد ، وابن الجوزي في زاد المسير 2/270.
(4) في ( ب ) و( ص ) : (( الحطيم )) .
(5) في ( ص ) : (( ضبيع )) .
(6) سقطت من ( س ) و ( ه) .(1/385)
عَنْهُ (1) ، فَلَمَّا خرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عام القَضيَّة ، سَمِعَ تلبية حُجَّاج اليمامة فَقَالَ لأصحابه : (( مه (2) هَذَا الحُطَم (3) وأصحابه )). وَكَانَ قَدْ قلَّد ما نهب من سرح المدينة وأهداه إِلَى الكعبة. فَلَمَّا توجهوا في طلبه ، أنزل الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ } [المائدة:2] يريد ما أُشْعِرَ لله ، وإن كانوا عَلَى غَيْر دين(4) الإسلام.
وَقَالَ زيد بن أسلم (5) : كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بالحُدَيْبية حين صدهم المشركون عن البيت ، وقد اشتد ذَلِكَ عليهم،فمرَّ بهم ناسٌ من المشركين يريدون العُمرة ، فقال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نصد هَؤُلاَءِ (6) كما صدَّنا أصحابهم. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (7) : { لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ /52 أ/ الْحَرَامَ } [المائدة : 2] أي فلا تعتدوا عَلَى هؤلاء العُمَّار ، أن صدَّكم أصحابهم.
قوله - عز وجل -: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُم... الآية } [المائدة : 3].
نزلت هذه الآية يوم الجمعة ، وكان يوم عرفة ، بعد العصر في حجة الوداع ، سنة عشرٍ والنبي - صلى الله عليه وسلم - واقفٌ بعرفاتٍ على ناقته العَضباء.
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) لَمْ ترد في ( س ) و( ه) .
(3) في ( ب ) و( ص ) : (( الحطيم )) .
(4) سقطت من ( ب ) .
(5) ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/9 ونسبه إِلَى ابن أبي حاتم ، وذكره القرطبي في تفسيره : 3/2034، ولم ينسبه لأحد .
(6) في ( ب ) : (( عن البيت )).
(7) هَذِهِ الآية )) سقطت من ( ب ) و( ص ) .(1/386)
(214) أخبرنا عبد الرحمان بن حَمدان العَدل (1)،قال : أخبرنا أحمد بن جعفر القَطيعي، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثني أبي ، قال:حَدَّثَنَا جعفر بن عون ، قال : أخبرني أبو عُمَيس(2) ، عن قيس بن مُسْلِم ، عن طارق بن شهاب ، قَالَ: جاء رجلٌ من اليهود إلى عُمَر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، قَالَ: يا أمير المؤمنين أنكم تقرأون أيةً في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذَلِكَ اليوم عيداً ، قَالَ : فأي أيةٍ هِيَ ؟ قَالَ: { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي } [المائدة : 3] قَالَ عُمَر : والله أني لأعلم اليوم الَّذِي نزلت (3) عَلَى رَسُول الله(4) - صلى الله عليه وسلم - ، والساعة الَّتِيْ نزلت (5) عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية (6) عرفة ، في يوم جمعة . رَوَاهُ البُخَارِيّ (7) عَن الحسن بن صباح ، ورواه مُسْلِم (8)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ).
(2) في ( ب ) : (( عميس)).
(3) في ( س ) و ( ه) : (( نزلت فيهِ )) .
(4) لَمْ ترد في ( ص ).
(5) في ( س ) و ( ه) : (( نزلت فيها )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( عشية يوم )) .
(7) صَحِيْح البُخَارِيّ 1/18 ( 45 ) .
(8) صَحِيْح مُسْلِم 8/239 ( 2017 ) ( 5 ) .
وأخرجه الحميدي ( 31 ) ، وأحمد 1/39 ، وعبد بن حميد ( 30 ) ، والبخاري 5/224 ( 4407 ) و6/63 ( 4606 ) و 9/112 ( 7268 ) ، ومسلم 8/238 ( 3017 ) ( 3 ) و ( 4 ) و 8/239 (3017) ( 5 ) ، والترمذي ( 3043 ) ، والنسائي 5/251 و 8/114 وفي الكبرى ، لَهُ ( 3997 ) و(11137) و ( 11743 ) وفي التفسير ، لَهُ ( 157 ) ، والطبري في التفسير 6/82 ، والطحاوي في شرح المشكل ( 2499 ) و ( 2500 ) ، وابن حبان ( 185 ) ، والآجري في الشريعة : 109 ، والبيهقي 5/118 ، والمصنف في تفسيره 2/153 ، والبغوي في تفسيره 2/12 .(1/387)
عن عَبْد (1) بن حميد ؛ كلاهما عَن جعفر بن عون.
(215) أَخْبَرَنَا الحَاكِم أبو عَبْد الرَّحْمَان الشَّاذياخي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا زاهر بن أحمد، قَالَ : أَخْبَرَنَا الْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن مُصعب ،قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن حكيم ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو قُتيبة ، قَالَ : حَدَّثَنَا حمّاد ، عَن عمار (2) بن أبي عمار، قَالَ(3): قرأ ابن عَبَّاس هَذِهِ الآية (4) ومعه يهودي : { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً } [المائدة : 3] فَقَالَ اليهودي : لو نزلت هذه الآية علينا(5) في يوم لاتخذناه عيداً ، فَقَالَ ابن عَبَّاس : فإنها نزلت في عيدين اتفقا في يوم واحدٍ : يوم جمعة وافَقَ ذَلِكَ يوم عرفة.
قوله - عز وجل -: { يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ...الآية } [المائدة : 4].
__________
(1) في ( ب ) : (( عَبْد الله بن حميد )).
(2) في ( ص ) : (( عبار )) .
(3) أخرجه الطيالسي (2709) ، والترمذي (3044) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (2502) و(2503)،والطبراني في الكبير(12835)، والبيهقي في الدلائل5/446، والسمرقندي في تفسيره 1/415.
قَالَ التِّرْمِذِيّ : (( حسن غريب من حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ )) .
قُلْنَا : ولعل التِّرْمِذِيّ قَالَ هكذا ؛ لأن المحفوظ في الْحَدِيْث أنَّهُ من حَدِيْث عمر كَمَا في الْحَدِيْث السابق .
(4) لَمْ ترد في ( ص ).
(5) في ( ص ) : (( علينا هَذِهِ الآية )).(1/388)
(216) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشَّيْخ الحافظ ،قال: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى، قال: حَدَّثَنَا سهل بن عثمان، قال: حَدَّثَنِي (1) يَحْيَى بن أبي زائدة، عن موسى بن عبيدة ، عن أبان بن صالح، عن القعقاع بن حكيم ، عن سلمى أم رافع ، عن أبي رافع ، قال: أمرني رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ، فقال الناس : يا رسول الله ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2) : { يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ } [المائدة : 4] رَوَاهُ الحَاكِم أبو عَبْد الله في "صحيحه " (3)، عن أبي بكر ابن بالَوَيه، عن مُحَمَّد بن شاذان، عن مُعَلى(4) ابن مَنْصُوْر ، عن ابن (5) أبي زائدة.
وذكر المفسرون شرح هذه القصة ، قالوا : قال أبو رافع : جاء جبريل - عليه السلام - إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - واستأذن عليه فأذن له فلم يدخل ، فخرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : ((قد أذنا لك يا جبريل ))(6) ، فَقَالَ /52 ب/ : أجل يا رسول الله ، ولكنا لا ندخل بيتاً فيه صورة ولا كلب. فنظروا فإذا في بعض بيوتهم جَرو.
__________
(1) لَمْ ترد في ( ص ).
(2) في ( س ) و ( ه) : (( الآية وَهِيَ )) .
(3) المستدرك 3/21 . وأخرجه الطبري في التفسير 6/88 ، والطحاوي في شرح المعاني 4/57 ، والطبراني في الكبير ( 971 ) من طريق موسى بن عبيدة الربذي بهذا الإسناد ، وموسى بن عبيد ضعيف. الروايات مطولة ومختصرة ، وستأتي رِوَايَة هَذَا الحديث كاملة ، انظر : ما بعده .
(4) في ( ص ) : (( يعلى )).
(5) لَمْ ترد في ( ص ) و( ب ).
(6) في ( ب ) : (( يا رَسُول الله )) ، وفي ( ص ) لَمْ ترد : (( يا جبريل )) .(1/389)
قَالَ أبو رافع : فأمرني أن لا أدع كلباً في المدينة إلا قتلته ،حتى بلغت " العَوالي " فإذا امرأةٌ عندها كلبٌ يحرسها ، فرحمتها فتركته ، فأتيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فأمرني بقتله ، فرجعت إلى الكلب فقتلته. فلما أمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلاب ، جاء ناسٌ فقالوا : يا رَسُول الله ، ماذا يَحِلُ لنا من هذه الأمَّة التي تقتلها ؟ فسكت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية. فَلَمَّا نزلت أذن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - في اقتناء الكلاب الَّتِي يُنتفع بِهَا، ونهى عن إمساك ما لا نفع فِيْهِ مِنْهَا ، وأمر بقتل الكَلْب الكَلِب (1) والعَقور وما يضر ويؤذي ، ورفع القتل عما سواهما (2) مِمَّا (3) لا ضرر فِيْهِ (4).
__________
(1) لَمْ ترد في ( ص ).
(2) في ( ب ) : (( سواها )).
(3) في ( س ) و ( ه) : (( وما )) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 6/88 – 89 بإسناد الْحَدِيْث الَّذِي قبله ، وانظر تخريج الْحَدِيْث الَّذِي قبله ، وانظر : تفسير البغوي 2/15 ، وتفسير ابن كَثِيْر 2/23 ، والدر المنثور 3/21 .(1/390)
وَقَالَ سعيد بن جبير (1) : نزلت هذه الآية في عَدي بن حاتم ، وزيد بن المُهَلهل الطائيين وهو زيد الخيل الذي سماه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير وذلك أنهما جاءا إلى النَّبِيّ(2) - صلى الله عليه وسلم - فَقَالا: يا رَسُول الله ، إنا قومٌ نصيد بالكلاب والبُزاة ، وإن كلاب آل ذريح (3) وآل أبي جُوَيرِية تأخذ البقر والحُمُر والظِّباء والضَّبّ ، فمنه ما ندرك ذكاته ، ومنه ما يُقتل فلا ندرك ذكاته ، وقد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها ؟ فَنَزَلت : { يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ } يعني : الذبائح { وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ } [المائدة:4] يعني : وصيد ما عَلَّمتم من الجوارح (4) ، وهي الكَواسِب من الكلاب وسباع الطير.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ
أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ... الآية } [المائدة : 11].
__________
(1) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير :2/291، والخازن في تفسيره : 2/12، والسيوطي في الدر المنثور : 3/21 ونسبه السيوطي لابن أبي حاتم .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( رَسُوْل الله )) .
(3) في ( ص ): (( آل درع )) .
(4) قوله : (( يعني : وصيد ما علمتم من الجوارح )) لَمْ يرد في ( ب ) .(1/391)
(217) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد بن جعفر المؤذن ، قال : أخبرنا أبو عليٍّ الفقيه ، قال : أخبرنا أبو لُبابَة محمد بن المهدي المِيهَني (1)، قال: حَدَّثَنَا عمّار بن الحسن ، قال: حَدَّثَنَا سَلَمَة بن الفضل ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إسحاق (2) ، عن عمرو بن عبيد ، عن الحسن البصري ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري: أن رجلاً من محارب ، يقال لَهُ : غَوْرَث (3) بن الحارث ، قال لقومه من بني(4) غَطَفان ومحارب : ألا أقتل لكم مُحَمَّداً ؟ قالوا : نعم وكيف تقتله ؟ قَالَ : أفتك بِهِ. قَالَ : فأقبل إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وَهُوَ جالسٌ وسيفه فِيْ حِجْرِه، فَقَالَ: يا مُحَمّد، انظر إِلَى سيفك هَذَا ؟ قَالَ: (( نعم )) ، فأخذه واستله، ثُمَّ جعل يَهُزُّه ويهم بِهِ فَيَكْبِتُه الله - عز وجل - ؛ ثم قال : يا محمد ، أما (5) تخافني ؟ قال: (( لا )) ، قال: ألا تخافني وفي يدي السيف؟ قال: (( يمنعني الله منك (6) ))، ثم أغمد السيف وردَّه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فأنزل الله - عز وجل -: { اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ
قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ ... الآية } [المائدة : 11].
__________
(1) في ( ص ) : (( المديني )) .
(2) كَمَا في سيرة ابن هشام 3/215–216 ، وأخرجه أبو نُعَيْم في الدلائل (145) . وَقَدْ صرح مُحَمَّد بن إسحاق بالسماع عن عَمْرو بن عبيد ؛ وَلَكِن الإسناد ضعيف ؛ لأن عَمْرو بن عبيد متروك كَمَا أن الحسن لَمْ يسمع من جابر كَمَا في المراسيل لابن أبي حاتم 36 – 37 (112) و (113) و (114) و (115) ؛ وَلَكِن الْحَدِيْث صَحَّ من طرق أخرى . انظر : الْحَدِيْث الَّذِي بعده .
(3) في ( ب) : (( غوث )) .
(4) لَمْ ترد في ( ص ) .
(5) في ( ب ) : (( ما )).
(6) في ( ص ) : (( الله يمنعني منك )) .(1/392)
(218) أخبرنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ،
قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ،قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْد/53 أ/ الرزاق ، عن مَعْمَر ، عن الزُّهري ، عن أبي سلمة ، عن جابر (1)
__________
(1) إسناده صَحِيْح . أخرجهُ عَبْد بن حميد ( 1082 ) ، والبخاري 5/148 ( 4139 ) ، ومسلم 7/62 (843)(13) ، والطبري في التفسير 6/146 ، والبَيْهَقِي في الدلائل 3/374 من طريق عَبْد الرزاق ، عن معمر بهذا الإسناد .
وأخرجه أحمد 3/311 ، والبخاري 4/47 ( 2910 ) و 4/48 ( 2913 ) و 5/146( 4134 ) ومسلم 7/62 ( 834 ) ( 14 ) ، والنسائي في الكبرى ( 8772 ) ، والبيهقي في السنن 6/319 وفي الدلائل 6/373 من طريق أبي اليمان الحكم بن نافع ، عن سعيد ، عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ، وأبي سلمة بن عَبْد الرَّحْمَان ، عن جابر ، بِهِ .
وأخرجه البُخَارِيّ 5/146 ( 4135 ) من طريق مُحَمَّد بن أبي عتيق ، وأخرجه البُخَارِيّ 4/48 (2913) ، ومسلم 7/62 ( 843 ) ( 13 ) ، والنسائي في الكبرى ( 8852 ) ، وأبو عوانة كَمَا في إتحاف المهرة 3/149 ، وابن حبان ( 4537 ) من طريق إبراهيم بن سعد ، كلاهما ( مُحَمَّد وإبراهيم ) عن الزهري ، عن سنان بن أبي سنان ، عن جابر ، وَلَمْ يذكرا أبا سلمة .
وأخرجه أحمد 3/364 ، ومسلم 2/214 ( 843 ) ( 311 ) و 7/62 ( 843 ) ( 14 ) ، وأبو عوانة 2/397 ، وأبو نُعَيْم في الدلائل (146) ، والبيهقي في السنن 3/259 ، والبغوي ( 1095 ) من طريق عفان ، عن أبان بن يزيد ، عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر ، عن أبي سلمة ، عن جابر ، بنحوه . وذكر فيهِ أن القصة كَانَتْ بذات الرقاع .
وأخرجه أحمد 3/364 و390 ، وعبد بن حميد (1096) ، وأبو يعلى ( 1778 ) ، والطبري في تفسيره 5/246 ، والطحاوي في شرح المعاني 1/317 ، وابن حبان (2882) و ( 2883 ) ، والحاكم 3/29 ، والبيهقي في الدلائل 3/375 – 376 من طريق سليمان اليشكري ، عن جابر بن عَبْد الله ، بِهِ.(1/393)
: أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - نزل منْزلاً ، وتفرق الناس في العِضاه يستظلون تحتها ، فعلَّق النبي - صلى الله عليه وسلم - سلاحه على شجرةٍ ، فجاء أعرابيٌّ إلى سيف (1) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثُمَّ أقبل (2) عَلِيهِ فَقَالَ (3) : من يمنعك مني ؟ قَالَ : (( الله )) ، قَالَ : الأعرابي مرتين أو ثلاثاً : مِنْ يمنعك مني والنبي - صلى الله عليه وسلم -
يَقُوْل: (( الله )). فَشَامَ (4) الأعرابيُّ السيف ، فدعا النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه ، فأخبرهم خبر الأعرابي وَهُوَ جالسٌ إِلَى جنبه لَمْ يعاقبه .
وَقَالَ مجاهد، والكلبي، وعِكرِمَة(5)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ص ) .
(2) لَمْ ترد في ( ص ) .
(3) في ( ص ) : (( فقال رسول الله )).
(4) جاء في حاشية ( ص ) : (( أي سلهُ مِنْ غمده )) .
(5) قَوْل مجاهد : أخرجه الطبري في التفسير 6/144 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 3/37 إِلَى
عَبْد بن حميد وابن المنذر .
وقول الكلبي : ذكره البغوي في تفسيره 2/29 .
وقول عكرمة : أخرجه الطبري 6/145 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 3/37 – 38 إِلَى ابن المنذر ورواية عكرمة مطولة .(1/394)
: قَتَل رجلٌ(1) من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين من بني سليم وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - (2) وبين قومها مُوادعَة ، فجاء قومهما يطلبون الدية ، فأتى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، وعبد الرحمان بن عوف؛ فدخلوا عَلَى كعب بن الأشرف وبني النضير يستعينهم في عقلهما ، فقالوا : نعم يا أبا القاسم ، قَدْ آن لَكَ أن تأتينا وتسألنا حاجةً ، اجلس حَتَّى نُطعمك ونعطيك الَّذِي تسألنا. فجلس هُوَّ وأصحابه فخلا (3) بعضهم ببعض وقالوا(4) : إنكم لَمْ تجدوا مُحَمَّداً أقرب مِنْهُ الآن ، فمن يظهر(5) عَلَى هَذَا البيت فيطرح عَلِيهِ صخرةً فيريحنا مِنْهُ ؟ فَقَالَ عمر(6) بن جِحَاش بن كعب: أنا ، فجاء إِلَى رحا عظيمة ليطرحها عَلَيْهِ ، فأمسك الله تَعَالَى يده ، وجاء جبريل - عليه السلام - ، وأخبره بِذَلِكَ . فخرج النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله - عز وجل -: { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ … الآية } [المائدة : 33].
(219) أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبيد الله المَخْلَدي ، قال : أَخْبَرَنَا أبو عمرو بن نجيد ، قال : أخبرنا أبو مُسْلِم (7) ، قال : حدثنا عبد الرحمان بن حماد ،قال :حدثنا
__________
(1) في ( ص ): (( رجلان )).
(2) قوله : (( وبين النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - )) لَمْ يرد في ( ب ).
(3) في ( ص ) : (( وجاء بعضهم )) .
(4) في ( ص ) : (( وَقَالَ )).
(5) زاد في ( ص ) : (( منكم )).
(6) في ( ب ): (( عمرو بن جحاش )).
(7) في ( س ) و ( ه) : (( مُسْلِم )).(1/395)
سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن أنس: أن رهطاً من عُكْلٍ وعُرَينَة أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله ، إنا كنا أهل ضَرع، ولم نكن أهل ريفٍ ، فاسْتَوخَمْنا المدينة. فأمر لهم رَسُول الله بِذَود وَراعٍ ، وأمرهم (1) أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها: [فلما صحوا ، وكانوا (2) بناحية الحَرّة](3) ، فقتلوا راعيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستاقوا الذَّودَ ، فبعث رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في آثارهم، فأتى بهم، فقَطَّعَ أيديهم وأرجلهم، وَسَمَلَ أعينهم. فَتُرِكوا (4) في الحَرَّةِ حتى ماتوا على حالهم .
قَالَ قتادة : ذُكِر لنا أن هذه الآية نزلت فيهم : { إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً } [المائدة : 33] إلى ختم (5) الآية. رواه مُسْلِم (6)
__________
(1) وراع وأمرهم )) لَمْ ترد في ( ب ).
(2) لَمْ ترد في ( ص ) .
(3) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ).
(4) في ( ب ): (( فتركهم )) .
(5) في ( ص ) تكملة الآية .
(6) صَحِيْح مُسْلِم :5/103(1671) عقيب (13) .
وأخرجه الطيالسي (2002) ، وعبد الرزاق (18538) ، وأحمد 3/63 و170 و177 و233 و290 ، والبخاري 5/164 (4192) و 7/160 (5686) و 7/167 (5727) ، ومسلم 5/103 ( 1671 ) عقب (13) ، وأبو داود (4368) ، والنسائي 1/158 و 7/97 وفي الكبرى (3495) و (7520) ، وأبو يعلى ( 3044 ) و ( 3170 ) ، وابن خزيمة ( 115 ) ، وابن حبان ( 1388 ) و ( 4472 ) ، والبيهقي 9/69 و10/4 من طريق قتادة ، عن أنس ، بِهِ . وفي رِوَايَة مُسْلِم الَّتِي أشار لها المصنف لَمْ يرد كلام قتادة .
وأخرجه أحمد 3/287 ، وأبو داود ( 4367 ) والترمذي ( 72 ) و ( 1845 ) و ( 2042 ) ، وأبو يعلى ( 3311 ) و ( 3508 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/108 وفي شرح المشكل ( 1815 ) من طريق حماد بن سلمة ، عن قتادة ، وحميد ، وثابت ، عن أنس ، بِهِ .
وأخرجه النسائي 7/97 وفي الكبرى (3497) من طريق حماد بن سلمة، عن قتادة ، وثابت ، عن أنس ، بِهِ ، وَلَمْ يذكر حميداً.
وأخرجه البُخَارِيّ 7/159 ( 5685 ) من طريق ثابت ، عن أنس . =
= وأخرجه أحمد 3/107 و 205 ، وابن ماجه ( 2578 ) ( 3503 ) ، والنسائي 7/95 و 96 وفي الكبرى ( 3491 ) و ( 3492 ) ( 3493 ) و ( 3494 ) و ( 7569 ) و ( 7570 ) ، والطحاوي 1/107 و 3/180 وفي شرح المشكل ( 1814 ) ، وابن حبان ( 4471 ) ، والبغوي ( 2569 ) من طريق حميد ، عن أنس .
وأخرجه مُسْلِم 5/101 ( 1671 ) ( 9 ) ، والنسائي في الكبرى ( 7571 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 1817 ) ، والدارقطني 1/131 من طريق عَبْد العزيز بن صهيب ، وحميد ، عن أنس .
وأخرجه أبو يعلى(3905)،والطحاوي3/180من طريق عَبْد العزيز بن صهيب،عن أنس وَلَمْ يذكر حميداً.
وأخرجه عَبْد الرزاق (17132) و ( 17133 ) ، وأحمد 3/161 و 186 و 198 ، والبخاري 1/67 ( 233 ) و 2/160 ( 1501 ) ، و 4 /75 ( 3018 ) و 5/165 ( 4193 ) و 6/65 ( 4610 ) و 8/201 (6802) و 8/202 (6803) و ( 6804 ) و ( 6805 ) و 9/11 ( 6899 ) ، ومسلم 5/102 ( 1671 ) ( 10 ) و( 11 ) و( 12 ) و 5/103 ( 1671 ) عقب ( 12 ) ، وأبو داود (4364) و ( 4365 ) و ( 4366 ) ، والنسائي 7/93 و 94 و 95 وفي الكبرى ( 3487 ) و(3488 ) و ( 3489 ) و ( 3490 ) و ( 11143 ) وفي التفسير ، لَهُ ( 163 ) ، وأبو يعلى (2816)، والطبري في التفسير 6/208 ، والطحاوي في شرح المشكل (1810) و(1812) و(1813) و ( 1816 ) ، وابن حبان ( 4467 ) و ( 4468 ) و ( 4469 ) و ( 4470 ) من طريق أبي قلابة ، عن أنس .
وأخرجه مُسْلِم 5/103 ( 1671 ) ( 13 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 3/180 و 4/311 وفي شرح المشكل ( 1818 ) ، وابن حبان ( 1387 ) من طريق معاوية بن قرة ، عن أنس .
وأخرجه النسائي 1/160 و 7/98 وفي الكبرى ( 295 ) و ( 3498 ) ، وابن حبان ( 1386 ) من طريق يَحْيَى بن سعيد ، عن أنس .
وأخرجه مُسْلِم 5/103 ( 1671 ) ( 14 ) ، والترمذي ( 73 ) ، والنسائي 7/100 وفي الكبرى (3506 ) ، وابن الجارود ( 837 ) ، وابن حبان ( 4474 ) ، والدارقطني 3/136 ، والحاكم 4/367، والبيهقي 9/62 و 70 من طريق سليمان التيمي ، عن أنس ، قَالَ : (( إِنَّمَا سَمَلَ النَّبِيّ أعين أولئك ؛ لأنهم سَمَلوا أعين الرِّعاء )) .
وأخرجه البَيْهَقِيّ 9/70 من طريق داود بن أبي هند ، عن أنس : (( أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّمَا مثّل بهم ؛ لأنهم مثّلوا بالراعي )) .(1/396)
عن مُحَمَّد (1) بن المثنى ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد ، إلى قول قتادة .
قوله - عز وجل -/53 ب/ : { وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا... } [المائدة : 38].
قَالَ الكلبي (2) : نزلت في طعمة بن أبيرق سارق الدرع (3) ، وقد مضت قصته(4).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر … الآيات } [المائدة : 41].
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) ذكره السمرقندي في تفسيره : 1/433، وأبو حيان في البحر المحيط :3/475 ونسبهُ للسائب بن يزيد .
(3) لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) انظر : تفسير الآية (105) من سورة النساء .(1/397)
(220) حَدَّثَنَا أبو بكر أحمد بن الحسن (1) الحيري إملاءً ، قال: أخبرنا أبو محمد حاجب ابن أحمد (2) الطوسي ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حماد الأبيوردي(3)، قال: حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مُرَّة ، عن البراء بن عازب ، قال : مرَّ عَلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - بيهودي مُحَمَّماً (4) مجلوداً ، فدعاهم فَقَالَ : هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ قالوا : نعم ، قَالَ : فدعا رجلاً مِنْ علمائهم ، فَقَالَ : أنْشُدُكَ الله الَّذِي أنزل التوراة عَلَى موسى ، هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قَالَ: لا ، ولولا أنك نشدتني لَمْ أخبرك ، نجد حد الزاني في كتابنا الرّجم ، ولكنه كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ، وإذا أخذنا الوضيع أقمنا عَلِيهِ الحدّ ، فقلنا : تعالوا نجتمع عَلَى شيءٍ نقيمه عَلَى الشريف والوضيع (5) ؛ فاجتمعنا على التَّحْميم والجلد ، مكان الرجم. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه )) ، فأمر به فرجم. فأنزل الله تعالى : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْر } إلى قوله : { إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوه } [المائدة : 41]. يقول(6) : ائتوا محمداً ، فإن أفتاكم بالتَّحميم والجلد فخذوا به ، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا. إلى قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا
__________
(1) في ( ص ) : (( الحسين )) .
(2) في ( ص ): ((مُحَمّد )).
(3) في ( ص) : ((الأنيوري )) .
(4) أي : قَدْ سُوِّدَ وجهُهُ بالحمم وَهُوَ الفحم .
(5) في ( ب ) : (( الوضيع والشريف )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( يقولون )) .(1/398)
أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة : 44] قال : في اليهود. إلى قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [المائدة : 45] قال في النصارى(1). إلى قوله تعالى : { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [المائدة : 47]. قال : في الكفار كلُّها. رواه مسلم(2) ، عن يحيى بن يحيى ، عن أبي معاوية.
(221) أخبرنا أبو عبد الله بن أبي(3) إسحاق ، قال : أخبرنا أبو الهيثم أحمد بن محمد بن غَوث الكندي ، قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضْرَمي ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شَيبَة ، قال: حدثنا أبو(4) معاوية ، عن الأعمش ، عن عبد الله بن مُرَّة ، عن البراء بن عازب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -(5) : أنه رجم يهودياً ويهودية ، ثم قال :
{ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ } [المائدة : 44] ، { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } [المائدة : 45] ، { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } [المائدة : 47] قال : نزلت كلها في الكفار. رواه مُسْلِم (6)
__________
(1) في ( ب ) : (( اليهود )) .
(2) صَحِيْح مُسْلِم 5/123 (1700) (28) وتتمة تخريجه في الَّذِي يليه .
(3) لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) أخرجهُ الطبري في تفسيره : 6/252، والمصنف في تفسيره : 2/191.
وذكره البغوي في تفسيره : 2/55 ، وأبو حيان في البحر المحيط : 3/492.
(6) صَحِيْح مُسْلِم 5/123 (1700) (28) .
أخرجه أَحْمَد 4/286 و 290و 300 ، ومسلم 5/123 (1700) (28) ، و أَبُو داود (4447) و(4448) ، وابن ماجه (2327) و (2558)، والنسائي في الكبرى (7218) و (11144) وفي التفسير لَهُ (164) ، و الطبري في التفسير 6/232 ، والطحاوي في شرح المعاني 4/142 ، وفي شرح المشكل (4541) من طريق الأعمش بهذا الإسناد .(1/399)
عن أبي بكر بن أبي شيبة.
قوله - عز وجل - : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ... } [المائدة : 44].
(222) أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله ابن حمدون ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن(1)، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدبن يَحْيَى ، قال : حَدَّثَنَا عَبْد/54أ/ الرزاق (2) ، قال : حَدَّثَنَا مَعْمَر ، عن الزُّهْري ، قال : حدثني رجلٌ من مُزَينة (3) ، ونحن عند سعيد بن المُسيب ، عن أبي هريرة ، قال : زنى رجلٌ من اليهود وامرأةٌ ، فقال بعضهم لبعضٍ: اذهبوا بنا إلى هذا النبي فإنه نبيٌّ بعث(4) للتخفيف ، فإن أفتانا بفتيا دون الرجم قبلناها واحتججنا بها عند الله ، وقلنا : فُتْيا نبي من أنبيائك ! فأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ جالس في المسجد مع أصحابه ، فقالوا : يا أبا القاسم ، ما ترى في رجلٍ وامرأةٍ زنيا ؟ فَلَمْ يكلمهم حَتَّى آتى بيت مِدْرَاسِهِم فقام عَلَى الباب فَقَالَ : ((أنشدُكم بالله الَّذيْ أنزل التوراة عَلَى موسى ، ما تجدون فِيْ التوراة عَلَى مِنْ زنى إذا أُحْصِن ))؟ قالوا : يُحَمَّم وجهه(5)، ويُجَبَّه ويجلد والتَجبيه : أن يحمل الزانيان عَلَى حمارٍ وتُقابَلَ أقفيتهما ويطاف بهما ، قَالَ : وسكت شابٌ منهم ، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - سكت ، ألَظَّ بِهِ في النِّشدَة، فَقَالَ: اللهم(6) إذ نشدتنا، فإنا نجد في التوراة الرَّجم. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((فما أول ما أرخصتم(7) أمر الله - عز وجل - ؟)) ، قَالَوا (8)
__________
(1) في ( ص ) : (( مُحَمّد بن احمد بن الحسن)).
(2) المصنف (13330) .
(3) في ( ب ) : (( مِنْ بني مزينة)) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( مبعوث )) .
(5) وجهه )) لَمْ ترد في ( ص ).
(6) اللهم )) لَمْ ترد في ( ص ) .
(7) في ( ب ) : (( ما أن رخصتم )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : (( قَالَ )) .(1/400)
: زنى رجلٌ ذو قرابةٍ مِنْ ملكٍ مِنْ ملوكنا ، فأخر عَنْهُ الرجم ، ثُمَّ زنى رجلٌ في أُسرَةٍ مِنْ الناس ، فأراد رجمه فحال قومه دونه ، فقالوا : لا ترجم(1) صاحبنا حتى تجيءَ بصاحبك فترجمه ، فاصطلحوا عَلَى هذه العقوبة بينهم. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( فإني أحكم بما في التوراة )) ، فأمر بهما فرُجِما .
قال الزُّهري : فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم : { إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا } [المائدة : 44]. فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم(2).
قال مَعْمَر: أخبرني الزُّهري ، عن سالم ، عن ابن عُمَر ، قال: شهدت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أمر برجمهما ، فلما رُجِما رأيته يَجْنَأُ(3) بيده عنها ليقيها الحجارة(4)
__________
(1) في ( ب ): ((نرجم)).
(2) إسناده ضعيف ؛ لإبهام الرجل الَّذِي من مزينة شيخ الزهري .
…أخرجه أَحْمَد 2/279 ، أبو داود (4450) ، وابن أَبِي حاتم 4/1138 (6401) ، والبيهقي في الدلائل 6/269 من طريق معمر ، بهذا الإسناد .
…وأخرجه مُحَمَّد بن إسحاق كَمَا في سيرة ابن هشام 2/213 ، وأبو داود (2625) و (4451) و الطبري في التفسير 6/232 و 233 ، والبيهقي 8/246 وفي الدلائل لَهُ 6/269 و 270-271 ، وابن عَبْد البر في التمهيد 14/399 و 400 من طرق عن الزهري ، بِهِ .
(3) في ( ب ) : (( يحال)).
(4) أخرجه عَبْد الرزاق (13330) ومن طريقه أَحْمَد 2/151 عن معمر بهذا الإسناد وَهُوَ جزء من حَدِيْث
طويل بقصة رجم اليهوديين الزانيين بنحو حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ أعلاه .
أخرجه مالك في الموطأ [ (694) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني ، و (2374) برواية يَحْيَى الليثي ] والشَّافِعِيّ في السنن المأثورة (552) ، و عَبْد الرزاق (13331) و (13332) ، والحميدي (696) ، وأَحْمَد 2/5 و17، والدارمي (2326)، والبخاري 4/251(3635) و6/46(4556) و8/205 (6819) و 8/213 (6841)و 9/129 (7332) و 9/193 (7543) ، ومسلم 5/121 (1699) (26) ، و5/122 (1699)(27) ، وأَبُو داود (4446) و(4449) ، وابن ماجه (2556) ، والنسائي
في الكبرى (7215) و (7334) ، و الطحاوي في شرح المشكل (4542) ، وابن حبان (4434) ، والطبراني في الكبير (13407)، والبيهقي 8/214و246 ، والبغوي (2583) من حَدِيْث ابن عمر ، بِهِ.(1/401)
.
قوله - عز وجل - : { وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ...الآية } [المائدة : 49].
قال ابن عَبَّاس : إن جماعةً من اليهود ، منهم كعب بن أسد وعبد الله بن صُوريا ، وشاس بن قيس ؛ قَالَ بعضهم لبعضٍ : اذهبوا بنا إلى محمدٍ لعلنا نَفْتِنْهُ عَن دينه. فأتوه فقالوا : يا مُحَمَّد ، قد عرفت أنّا أحبار اليهود وأشرافهم ، وأنّا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولن(1) يخالفونا ، وإن بيننا وبين قومٍ خصومةٌ ونُحاكمهم إليك فتقضي لنا عليهم ، ونحن نؤمن بك ونصدقك. فأبى ذَلِكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى فيهم : { وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } (2)[المائدة : 49].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى /54ب/ أَوْلِيَاءَ.. } [المائدة:51].
__________
(1) في (ب ) : (( ولم )).
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 6/273 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1154 (6498) . وذكره السمرقندي في تفسيره 1/441، و البغوي في تفسيره 2/58، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/96، وزاد نسبته لابن إسحاق ، و البَيْهَقِيّ في دلائل النبوة .(1/402)
قال عطية العَوفي: جاء عُبادة بن الصّامت، فَقَالَ: يا رَسُول الله ، إن لي موالي من اليهود ، كثيرٌ عددهم ، حاضرٌ نصرُهم ، وإني أبرأ إلى الله ورسوله(1) من ولاية اليهود وآوي إلى الله ورسوله ، فَقَالَ عَبْد الله بن أُبي: أني رجل أخاف(2) الدوائر ، ولا أبرأ مِنْ ولاية اليهود(3). فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا أبا الحباب ، ما بَخِلت به من ولاية اليهود(4) على عُبادة بن الصّامت فهو لك دونه ))، قَالَ: قد قبلت.فأنزل الله تعالى فيهما: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ } [المائدة : 51] إلى قوله تعالى : { فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ } يعني عبد الله بن أُبي { يُسَارِعُونَ فِيهِمْ } في ولايتهم { يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ...الآية } [المائدة : 52](5).
قوله تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا } [المائدة : 55].
__________
(1) في ( ب ) و( ص ) : ((وإلى رسوله )) .
(2) في ( ص ): ((أخاف الله ورسوله الدوائر )) .
(3) في ( ب ) و( ص ): ((يهود)).
(4) في ( ب ) و( ص ): ((يهود)).
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 6/275،وابن أبي حاتم في التفسير 4/1155 (6501) . وذكره البغوي في تفسيره2/59(801) والسيوطي في الدر المنثور 3/99، وزاد نسبته لابن أبي شيبة.(1/403)
قَالَ جابر بن عبد الله : جاء عبد الله بن سلام إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إن قوماً من قُرَيظة والنَّضير قد هجرونا وفارقونا ، وأقسموا أن لا يجالسونا، ولا نستطيع مجالسة أصحابك لبعد المنازل. وشكى ما يلقى من اليهود ، فَنَزَلت هذه الآية ، فقرأها عَلِيهِ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : رضينا بالله وبرسوله وبالمؤمنين أولياء (1) .
ونحو هذا قال الكلبي ، وزاد: أن(2) آخر الآيةٍ نزل(3) في علي بن أبي طالب ؛ لأنه أعطى خاتمه سائلاً وهو راكعٌ في الصلاة(4).
__________
(1) ذكره المصنف في الوسيط 2/201، والبغوي في تفسيره 2/63 (807).
(2) في ( س ) و ( ه) : (( بأن )) .
(3) نزل )). لَمْ ترد في ( ب ) و( ص ).
(4) أخرجه ابن مردويه من طريق الكلبي ، عن أَبِي صالح عن ابن عَبَّاسٍ كما في الدر المنثور 3/105.
ومثل هَذَا القول أخرجه الطبري عَن السديّ انظر تفسيرالطبري 6/288 وَقِيْلَ في سبب نزولها عدة آراء . انظر : السمرقندي في تفسيره 1/445، والبغوي في تفسيره 2/63، وابن كثير في تفسيره 6/97.(1/404)
(223) أخبرنا أبو بكر التميمي ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال: حَدَّثَنَا الْحُسَيْن(1) بن مُحَمَّد بن أبي هريرة ، قال : حَدَّثَنَا عبد الله بن عبد الوهاب ، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن الأسود ، عن مُحَمَّد بن مروان ، عن مُحَمَّد بن السَّائب ، عن أبي صالح، عن ابن عباس ،قال: أقبل عبد الله بن سلام ومعه نفرٌ من قومه مِمَّنْ (2) قد آمنوا ، فقالوا : يا رسول الله ، إن منازلنا بعيدةٌ وليس لنا مجلسٌ ولا متحدثٌ ، وإن قومنا لمَّا رأوا أنّا آمنا (3) بالله ورسوله وصَدَّقناه رفضونا وآلوا على أنفسهم أن لا يجالسونا ، ولا يناكحونا ولا يكلمونا ، فشقَّ ذَلِكَ علينا. فَقَالَ لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا…الآية } [المائدة : 55]. ثُمَّ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج إلى المسجد والناس بين قائمٍ وراكعٍ ، فنظر سائلاً فَقَالَ لَهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -(4) : (( هل أعطاك أحدٌ شيئاً ))؟ ، قَالَ : نعم خاتم (5) مِنْ ذهب ، قَالَ : ((مَنْ أعطاكَهُ ؟ )) قَالَ : ذَلِكَ القائم ، وأومأ بيده إِلَى
__________
(1) في ( ب ) و( ص ) : ((الحسن)).
(2) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( رأونا آمنا )) .
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) : (( فقال لَهُ النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - )) .
(5) في ( ب ) و( ص ) : ((خاتماً )) .(1/405)
عَلِيّ بن أبي طَالِب. فَقَالَ: (( عَلَى أيِّ حالٍ أعطاك ))؟ ، قال : أعطاني وهو راكعٌ. فَكَبَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قرأ : { وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ } (1)[المائدة : 56].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا/55أ/ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً … الآية } [المائدة : 57].
قال ابن عباس : كان رفَاعَةُ بن زيد وسُويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا ، وكان رجالٌ من المسلمين يُوادُّونَهما ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.(2)
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً...الآية } [المائدة : 58].
قَالَ الكلبي : كان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نادى إلى الصلاة وقام المسلمون إليها ، قالت اليهود : قاموا (3) لا قاموا ، صلوا لا صلوا ، ركعوا لا ركعوا ؛ على طريق الاستهزاء والضحك ، فأنزل الله تعالى هذه الآية(4).
__________
(1) موضوع ؛ مُحَمَّد بن مروان هُوَ السدي الصغير ، ومحمد بن السائب هُوَ الكلبي الكذاب ، وأبو صالح باذان أو باذام ضعيف ، وهذه السلسلة عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ تسمى سلسلة الكذب . وانظر حَدِيْث الكلبي السايق .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 6/290 ، وذكره السمرقندي في تفسيره 1/445 ، والمصنف في الوسيط 2/202 ، والبغوي في تفسيره 2/64 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/107 ، وزاد نسبته لابن
إسحاق ، وابن المنذر وأبي الشَّيْخ .
(3) في ( ب ): (( قَدْ قاموا )).
(4) انظر: السمرقندي في تفسيره 1/446، والمصنف في الوسيط 2/202، والبغوي في تفسيره 2/65، والسيوطي في الدر المنثور 3/107، ونسبه السيوطي للبيهقي في الدلائل .(1/406)
وقال السُّدِّيّ: نزلت في رجلٍ من النصارى بالمدينة (1)، كان إذا سمع المؤذن يقول: أشهد(2) أن محمداً رسول الله ، قال : حُرِّقَ الكاذب. فدخل خادمه بنارٍ ذات ليلةٍ وهو نائم وأهله نيامٌ ، فتطايرت منها شرارةٌ في البيت (3) فأحرقت(4) البيت فاحترق هُوَّ وأهله(5).
وَقَالَ آخرون : إن الكفار لما سمعوا الأذان حسدوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين على ذَلِكَ ، فدخلوا على رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : يا مُحَمَّد، لقد أبدعت شيئاً لم نسمع به فيما مضى من الأمم الخالية فإن كنت تَدَّعي النبوة فقد خالفت فيما أحدثت من هذا الأذان الأنبياء قبلك(6)، ولو كَانَ في هذا الأمر خيرٌ كان أولى الناس به الأنبياء والرسل قبلك(7)، فمن أين لك صياحٌ كصياح العير ؟ فما أقبح مِنْ صوتٍ وما أسمجَ مِنْ أَمر(8)! فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية، وأنزل { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً…الآية } (9) [فصلت : 33].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( نصارى المدينة )) .
(2) في ( ب ) : (( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن مُحَمّداً رَسُول الله )).
(3) جملة : (( في البيت )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد في ( ص ) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 6/290 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1163(6557) ، وذكره السمرقندي في تفسيره 1/446 ، والبغوي في تفسيره 2/65 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/107 ، وزاد نسبته لأبي الشَّيْخ .
(6) في ( س ) و ( ه) : ((من قبلك )) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( من قبلك )) .
(8) في ( س ) و ( ه) : ((كفرٍ)) .
(9) انظر: البغوي في تفسيره 2/65.(1/407)
قوله - عز وجل - : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ } (1)[المائدة : 59].
__________
(1) هَذِهِ الآية لَمْ ترد في (ب) و(ص) . وورد قوله تعالى: { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ } وما أثبتناه أصح ، وصنيعنا هَذَا هُوَ نفس صنيع الشَّيْخ سيد صقر في تحقيقه لهذا الكِتَاب حَيْثُ علق
في هَذَا الموضع قائلاً : (( كَانَ في م ، ط مكان هَذِهِ الآية الكريمة (( قوله تَعَالَى: { قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ..الآية } وَهُوَ خطأ لا شك فيهِ ، فإن السبب الَّذِي نقله المؤلف عن ابن عَبَّاسٍ في نزولها ، لَيْسَ سبباً لها وإنما هُوَ سبب للآية قبلها ، وَهِيَ قوله : { قل يا أهل الكِتَاب .. } كَمَا رَوَى ابن إسحاق ونقله ابن هشام في السيرة 2/216 ، والطبري في تفسيره 3/110-111 ، و 10/434 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/294 ، وذكر أن ابن المنذر وابن أَبِي حاتم وأبا الشَّيْخ ، أخرجوه عن ابن عَبَّاسٍ . وَلَكِنْ جاء في حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ (( فأنزل الله هَذِهِ الآية وما بعدها )) كَمَا في تفسير القرطبي 6/233 ، وتفسير الفخر الرازي 3/421 وسواء أكان هَذَا السبب خاصاً بالآية الَّتِي ذَكَرَتها أو مشتركاً بَيْنَهُمَا وبين الآية الَّتِي اقتصر عَلَيْهَا المؤلف فما فعله خطأ ، وما فعلته صواب إن شاء الله )) .(1/408)
قال ابن عَبَّاس : أتى نفرٌ من اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عمن يؤمن به من الرسل ، فقال : أومن { بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيل } إلى قوله { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } [البقرة : 136] ، فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : والله ما نعلم أهل دينٍ أقل حظاً في الدنيا والآخرة منكم ، ولا ديناً شَرَّاً من دينكم فأنزل الله تعالى : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا } (1) إلى قوله : { فَاسِقُونَ } (2)[المائدة : 59].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة : 67].
قال الحسن : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لما بعثني الله تعالى برسالته ضِقتُ بها ذَرعاً، وعرفت أن من الناس مَنْ يُكَذِّبَني )) ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهاب قريشاً واليهود والنصارى ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (3).
__________
(1) كَذَلِكَ .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 6/292، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1164(6559) بنحو هذا عن مُحَمّد بن مُحَمّد ، وذكره المصنف في الوسيط 2/203، والسيوطي في الدر المنثور 3/108، وزاد نسبته لابن إسحاق ، وأبي الشيخ وابن المنذر .
(3) ذكره السيوطي في الدر المنثور 3/116، و نسبه لأبي الشَّيْخ .(1/409)
(224) أخبرنا أبو سعيد مُحَمَّد بن علي الصَّفَّار ، قال: أخبرنا الحسن(1)بن أحمد المَخْلَدي ، قال : أخبرنا محمد بن حمدون بن خالد ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إبراهيم الحلْواني ، قال /55ب/: حَدَّثَنَا الحسن بن حماد سِجَّادة ، قال : أخبرنا علي بن عابس(2)، عن الأعمش وأبي الحَجَّاب(3) ، عن عطية ، عن أبي سعيد الخُدري ، قال : نزلت هذه الآية : { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ } [المائدة : 67]. يوم " غَدير خُمّ" في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (4).
قوله - عز وجل -: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس... } [المائدة : 67].
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : ((الحسين )).
(2) في ( ب ) و( ص ): ((عياش )).
(3) في ( ب ): (( أبي الحجاف ))، وفي ( ص ): (( ابن الحجاف )).
(4) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3/1172(6609) دُوْنَ ذكر "غدير خم". وأخرجه ابن عساكر في تاريخه 42/237 ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/117 زاد نسبته لابن مردويه.(1/410)
قالت عَائِشَة رضي الله عنها: سهر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ، فقلت: يا رسول الله ما شأنك ؟ قَالَ: (( ألا رجلٌ صالحٌ يحرسني(1) الليلة ))؟ ، قالت : فبينما نحن في ذَلِكَ سمعت صوت السلاح ، فَقَالَ : (( منْ هذا )) ؟ ، قال : سعد وحُذَيفَة ، جئنا نحرسك. فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى سمعت غَطيطه ، ونزلت هذه الآية ، فأخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأسه من قُبَّة أدَمٍ ، وقال : (( انصرفوا أيها الناس(2) فقد عصمني الله ))(3).
(225) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ ، قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن الحسن بن الخليل، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن العلاء ، قال: حدثنا الحَمَّاني، قال : حَدَّثَنَا النضر ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس ، قال : كَانَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحْرَسُ ، وكان يرسل معه أبو طالب كل يومٍ رجالاً من بني هاشم يحرسونه، حتى نزلت عليه هذه الآية: { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ } إلى قوله: { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس } [المائدة : 67] قال: فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه ، فقال: (( يا عماه(4) ، إن الله تعالى قد عصمني من الجن والإنس )) (5)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( يحرسنا )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( يا أيها )) .
(3) أخرجه التِّرْمِذِيّ (3046) ، و الطبري في التفسير 6/308 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1173(6615) ، والحَاكِم 2/213 ، والبَيْهَقِيّ في السنن 9/8 ، وفي الدلائل لَهُ 2/184 ، والبغوي في تفسيره 2/70 (813) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/118 وزاد نسبته إِلَى عَبْد بن حميد، وابن المنذر ، و أَبِي الشَّيْخ و أَبِي نُعَيْم في الدلائل . قَالَ التِّرْمِذِيّ (( غريب )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( عم )) .
(5) إسناده ضعيف ؛ ومتنه منكر ؛ النضر بن عَبْد الرَّحْمَان ضعيف .
…أخرجه الطبراني في الكبير (11663) ، وابن عساكر في تاريخه 66/324 ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/118 وزاد نسبته إِلَى أَبِي الشَّيْخ ، و أَبِي نُعَيْم في الدلائل ، وابن مردويه . قَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/17 (( فيهِ النضر بن عَبْد الرَّحْمَان ، وَهُوَ ضعيف )) .(1/411)
.
قوله - عز وجل - : { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ … الآيات } [المائدة : 82] إلى قوله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا } [المائدة : 86].
نزلت في النجاشي وأصحابه.
قال ابن عَبَّاس :كان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بمكة يخاف على أصحابه من المشركين ، فبعث جعفر بن أبي طالب ، وابن مسعود ، في رَهطٍ من أصحابه إلى النجاشي ، وقال :
(( إنه ملكٌ صالحٌ ، لا يَظلم ولا يُظلم عنده أحدٌ ، فاخرجوا إلِيهِ حتى يجعل الله للمسلمين فرجاً )) . فلما وردوا عَلِيهِ أكرمهم وقال لهم : هَلْ (1) تعرفون شيئاً مما أنزل عليكم ؟ قالوا: نعم ، قَالَ : اقرأوا. فقرأوا وحوله القسِّيسون والرهبان ، فكلما قرأوا آيةً انحدرت دموعهم مِمَّا عرفوا مِنْ الحق ، قَالَ الله تَعَالَى : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ - وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ… الآية … } (2) [المائدة : 82-83].
__________
(1) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 7/2، و ابن أَبِي حاتم في التفسير 4/1184 (6677) ، وذكره البغوي في تفسيره 2/74، والسيوطي فِي الدر المنثور 3/131 ،مطولاً وزاد نسبته لابن مروديه .(1/412)
(226) أخبرنا الحسن(1) بن مُحَمَّد الفارسي ، قال: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عبد الله بن حمدون بن الفضل ، قال: أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن ، قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قال : حَدَّثَنَا أبو صالح كاتب(2) الليث ، قال : حدثني الليث ، قال : حدثني يونس، عن(3) ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ، وعُروة بن الزبير وغيرهما ، قال(4) : بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - /56أ/ عمرو بن أمَيَّة الضَّمْري ، وكتب معه كتاباً(5) إلى النجاشي ، فقدم عَلَى النجاشي ، فقرأ كتاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم دعا جعفر بن أبي طالب والمهاجرين معه ، وأرسل إلى الرهبان والقسيسين فجمعهم ، ثم أمر جعفراً أن يقرأ عليهم القرآن ، فقرأ عَلَيْهِمْ جعفر سورة " مريم " كهيعص (6)، فآمنوا بالقرآن وفاضت أعينهم من الدمع، وهم الذين أُنزل فيهم : { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى } [المائدة : 82] إلى قوله تعالى : { فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ } (7) [المائدة : 83].
__________
(1) في ( ص ): ((الحسين )).
(2) في ( ب ) و( ص ): ((أبي الليث)).
(3) لَمْ ترد في ( ص ).
(4) في ( ب ) و ( ص ) : ((قالوا)) .
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( فقرأ سورة مريم عَلَيْهَا السلام )) .
(7) أخرجه الطبري في تفسيره 7/5 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1185(6678) . وذكره السيوطي في الدر المنثور 3/129، وزاد في نسبته لابن أَبِي شيبة ، و أَبِي نُعَيْم في الحلية ، وقرن معهم أبا بكر بن
عَبْد الرَّحْمَان بن الحارث بن هشام .(1/413)
وقال آخرون : قدِم جعفر بن أبي طالب من الحبشة هو وأصحابه ، ومعهم سبعون رجلاً ، بعثهم النجاشي وفداً إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليهم ثيابُ الصوف ، اثنان وستون من الحبشة ، وثمانية من أهل الشام ، وهم : بحيرا الراهب وأبرَهة(1) ، وإدريس ، وأشرف ، وتمام ، وقثيم ، ودريد ، وأيمن. فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة " يس " إلى آخرها ، فبكوا حين سمعوا القرآن وآمنوا وقالوا: ما أشبه هذا بما كان ينْزل على عيسى. فأنزل الله تعالى فيهم (2) هذه الآيات (3) .
(227) أخبرنا أحمد(4) بن مُحَمَّد العدل ، قال : أَخْبَرَنَا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال : حَدَّثَنَا علي بن الجَعْد (5) ، قال :حَدَّثَنَا شريك ، عن سالم ،عن سعيد بن جُبَير في قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً } [المائدة : 82] قال : بعث النجاشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيار أصحابه ثلاثين رجلاً ، فقرأ عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورة " يس " فبكوا ، فَنَزَلت فيهم (6) هذه الآية (7)
__________
(1) في ( ص ) : ((ابر أهيم )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 7/4 ، وذكره الثعالبي في تفسيره 2/412 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/130 ، وزاد نسبته لأبي الشَّيْخ وعبد بن حميد وابن المنذر ، وابن مردويه من قَوْل سعيد بن جبير .
(4) في ( ب ) : (( سَعِيد بن مُحَمّد المعدل )) .
(5) مسنده (2279) .
(6) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(7) إسناده ضعيف ؛ لضعف شريك بن عَبْد الله النخعي ، وَهُوَ مرسل أيضاً . =
= أخرجه الطبري في تفسيره 7/4 ، وَلَكِنْ عدد الوفد الَّذِيْنَ ذكرهم كانوا خمسين أو سبعين رجلاً . وأخرجه ابن أبي حاتم 4/1184(6673) ، وذكره ابن الجوزي في تفسيره 2/408 ، والسيوطي في الدر المنثور 3/130 ، وزاد السيوطي نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر وأَبِي الشَّيْخ وابن مردويه وذكر أن الوفد كانوا سبعين رجلاً و انظر ما تقدم .(1/414)
.
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم } [المائدة: 87].
(228) أخبرنا أبو عثمان بن أبي عمرو المؤذن(1) ، قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان ، قال : [أَخْبَرَنَا الحسين بن نصر بن سفيان ](2)، قال : حَدَّثَنَا إسحاق بن منصور، قال : حَدَّثَنَا أبو عاصم ، عن عثمان بن سعد ، قال : أخبرني عِكرِمة ، عن ابن عباس : أن رجلاً أتى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني إذا أكلت هذا اللحم انتشرت إلى النساء ، وإني حرَّمت عليَّ(3) اللحم. فَنَزَلت : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لكم } [المائدة : 87] ونزلت : { وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً } [المائدة : 88](4).
__________
(1) ساقطة من ( ب ) .
(2) في ( ب ) : (( الحسن بن سفيان )) ، وفي ( ص ) : (( الحسين بن نصر)) .
(3) في ( ب ) : (( حرمت عَلَى نفسي )).
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف عثمان بن سعد . قَالَ التِّرْمِذِيّ : (( رَوَاهُ بعضهم من غَيْر حَدِيْث عثمان بن
سعد مرسلاً ، لَيْسَ فيهِ عن ابن عَبَّاسٍ . ورواه خالد الحذاء ، عن عكرمة مرسلاً )) .
أخرجه التِّرْمِذِيّ (3054) ، و الطبري في التفسير 7/11 ، وابن أَبِي حاتم في التفسير 4/1186
(6687)، والطبراني في الكبير (11981) ، وابن عدي في الكامل 6/290 . وذكره السيوطي في الدر
المنثور 3/139 وزاد نسبته لابن مردويه .(1/415)
وقال المفسرون : جلس رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً ، فَذَكَّرَ الناس ، ووصف القيامة ، ولم يزدهم إلاّ (1) التخويف ، فرَقَّ الناس وبكوا ، فاجتمع عشرةٌ من الصحابة في بيت عثمان ابن مَظعون الجُمَحيّ ، وهم : أبو بكر الصديق ، وعلي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عمرو ، وأبو ذَرٍ الغِفاري ، وسالم مولى أبي حُذيفة ، والمقداد بن الأسود، وسلمان الفارسي، ومَعقِل بن مُقَرِّن . واتفقوا على أن يصوموا النهار ، ويقوموا الليل ، ولا يناموا عَلَى/56ب/ الفرش ، ولا يأكلوا اللحم ولا الوَدَكِ ولا يَقربوا النساء والطِّيب ، ويلبسوا المُسُوح ويرفضوا الدنيا ويسيحوا في الأرض ويترهبوا ويَجُبُّوا المذاكير. فبلغ ذَلِكَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فجمعهم (2) ، فَقَالَ لَهُمْ (3): (( ألم أُنَبَّأ أنكم اتفقتم على كذا وكذا ؟ )) فقالوا : بلى يا رَسُول الله وما أردنا إلا الخير ، فَقَالَ (4): (( إني لَمْ أؤمَر بِذَلِكَ، إن لأنفسكم عليكم حقاً ، فصوموا وأفطروا ، وقوموا وناموا ، فإني أقوم وأنام، وأصوم وأفطر ، وآكل اللحم والدَّسَم ، ومن رَغِب عَن سنتي فليس مني )) . ثُمَّ خرج إِلَى (5) الناس وخَطَبَهمْ فَقَالَ : (( ما بال أقوامٍ حرَّموا النساء والطعام ، والطِّيب والنوم ، وشهوات الدنيا ؟ أما إني لست آمركم أن تكونوا قسيسين ولا (6) رهباناً ، فإنه ليس في ديني تَرْك اللحم والنساء ، ولا اتخاذ الصوامع ؛ وإن سِياحَة أمتي الصوم ، ورهبانيتهم (7) الجهاد ؛ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وحُجُّوا واعتَمِروا ، وأقيموا الصلاة ، وآتوا الزكاة ، وصوموا رمضان ؛
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( عَلَى )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ).
(3) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(4) في ( س ) : (( فَقَالَ لَهُمْ )) .
(5) فيْ ( ب ) و ( ص ): (( فجمع )).
(6) سقطت من ( ب ) .
(7) في ( س ) و ( ه) : (( و رهبانيتها )) .(1/416)
فإنما هلك من كان قبلكم بالتشديد ، شَدَّدوا على أنفسهم فشَدَّد الله عليهم ، فأولئك بقاياهم في الدِّيارات والصَّوامع )) ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقالوا : يا رسول الله ، فكيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها ؟ وكانوا حلفوا على ما عليه اتفقوا ، فأنزل الله تعالى : { لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } (1)[البقرة : 225].
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ و الميسر... الآية } [المائدة : 90].
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 2/76 ( 818) بهذا السياق نقلاً عن أهل التفسير ،و أخرجه الطبري في التفسير 7/10 بنحوه عن السدي ، و أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 4/1187من حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ مختصراً بنحوه ، وانظر الدر المنثور 3/141 وما بعدها .
وأصل الْحَدِيْث في صَحِيْح البُخَارِيّ 7/2 (5063) من حَدِيْث أنس بن مالك .(1/417)
(229) أخبرنا أبو سعيد بن أبي بكر المُطَّوِّعي ، قال: أَخْبَرَنَا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، قال : أَخْبَرَنَا أحمد بن علي الموصلي (1) ، قال : حَدَّثَنَا أبو خَيثَمة ، قال: حَدَّثَنَا الحسن أبو(2) موسى ، قال : حَدَّثَنَا زُهَير ، قال : حَدَّثَنَا سِماك بن حَرب ، قال : حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقّاص ، عن أبيه ،قال : أتيت على نفرٍ من الأنصار والمهاجرين ، فقالوا : تعال نطعمك ونسقيك خمراً ، وذلك قبل أن تُحَرَّم الخمر ، فأتيتهم في حُشٍّ– - والحُشُّ : البستان -– فإذا رأس جَزور مشويّ عندهم ودَنٌّ من خمرٍ،فأكلت وشربت معهم ، وذكرت الأنصار والمهاجرين ، فقلت : المهاجرون خيرٌ من الأنصار ، فأخذ رجلٌ لَحْيَي الرأس فضربني (3) به فَجَدع أنفي ، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته ، فأنزل الله - عز وجل - فيَّ يعني (4)نفسه شأن الخمر: { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ …الآية } [المائدة : 90]. رواه مُسْلِم(5) ، عن أبي خَيثَمة.
__________
(1) مسند أَبِي يعلى (782) .
(2) في ( ب ) و ( ص ) : (( الحسن بن موسى )).
(3) لَمْ ترد في ( ص ).
(4) لَمْ ترد في ( ص ).
(5) صحيح مُسْلِم 7/125 (1748) (43) ..
وأخرجه الطيالسي (208) ، وأَحْمَد 1/181و185 ، وعبد بن حميد (132) ، والبخاري في الأدب المفرد (24) ، ومسلم 7/125 (1748) (43) و 7/126(1748) (44) ، و البزار (1149) ، و أَبُو يعلى (751) و (782) ،و الطبري في التفسير 7/34 ، وابن أبي حاتم 4/1200 (6767) ، وابن حبان (5349) و (6992) .(1/418)
(230) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان العدل ، قال : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مَالِك ، قال : حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي(1) ، قال : حَدَّثَنَا خلف بن الوليد ، قال : حَدَّثَنَا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي ميسرة /57أ /، عن عُمَر بن الخطاب ، قال: اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً. فَنَزَلت الآية التي في البقرة(2): { يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِر } [البقرة : 219] فدُعي عُمَر فقرأت عليه ، فقال : اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً ، فَنَزَلت الآية التي في النساء : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى } [النساء : 43] فكان منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أقام الصلاة ينادي : لا يقربن الصلاة سكران ، فَدُعي عُمَر فقرأت عَلِيهِ ، فقال : (( اللهم بَيِّن لنا في الخمر بياناً شافياً)) ، فَنَزَلت هذه الآية : { إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ…الآية } [المائدة: 90] فَدُعي عُمَر فقرأت عَلِيهِ فلما بلغ إِلَى قوله (3): { فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ } [المائدة : 91] قال عُمَر : انتهينا انتهينا. (4)
__________
(1) في مسنده 1/53.
(2) في ( ب ) : (( فنزلت هَذِهِ الآية )) .
(3) إِلَى قوله )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) إسناده صَحِيْح ، و رِوَايَة إسرائيل عن جده أَبِي إسحاق جيدة ، بَلْ هُوَ من أوثق الناس في جده .
أخرجه أَبُو داود (3670) ، و التِّرْمِذِيّ (3049) و (3049م ) ، والنسائي 8/86 ، والبزار (334) ، والطبري في تفسيره 7/33، وابن أبي حاتم في تفسيره 4/1200 (6769) ، والنحاس في الناسخ والمنسوخ : 52 ، و الحَاكِم 4/143 ، وأَبُو نُعَيْم في الحلية 4/144-145 ، والبَيْهَقِيّ 8/385.
وذكره ابن عطية في تفسيره 5/27، وابن الجوزي في تفسيره 2/417، وابن كثير في تفسيره
2/126.(1/419)
وكانت تحدث أشياء يكرهها رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، بسبب شرب الخمر قبل تحريمها ، منها قصة علي بن أبي طالب مَعَ عَمِّهِ حمزة رضي الله عنهما .
(231) وهي: ما أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي خالد ، قال : حَدَّثَنَا يوسف بن موسى المَرْوَزِيّ ، قال : حَدَّثَنَا أحمد بن صالح، قال : أخبرنا عَنْبَسَة ، قال : أخبرنا يونس (1) ، عن ابن شهاب ، قَالَ : أخبرني علي بن الحسين : أن حسين بن عليٍّ أخبره : أن علي بن أبي طالب قال : كانت لي شارِفٌ من نصيبي من المغنم يوم "بدر"، وكان رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أعطاني شارِفاً من الخمس ،
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( يوسف )) خطأ .(1/420)
قوله - عز وجل -: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} [آل عمران: 83].
قَالَ ابن عَبَّاس: اختصم أهل الكتابين إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما اختلفوا بينهم (1) مِنْ دين إبراهيم، كل فرقةٍ زعمت أنها أولى بدينه، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((كلا الفريقين بري مِنْ دين إبراهيم)). فغضبوا وقالوا: والله ما نرضى بقضاءك، ولا نأخذ بدينك. فأنزل الله تعالى: {أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ} (2) [آل عمران: 83].
قوله - عز وجل -: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ…الآية} [آل عمران:86].
(127) أخبرنا أبو بكر الحارثي، قَالَ: أخبرنا أبو مُحَمَّد بن حيان، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو يحيى عبد الرحمان بن مُحَمَّد، قَالَ: حدثنا سهل بن عثمان، قَالَ: حدثنا علي بن عاصم، عن خالد وداود، عن عكرمة، عَن ابن عَبَّاس (3): أن رجلاً مِنَ الأنصار ارتد فلحق بالمشركين، فأنزل الله تعالى: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيْمَانِهِمْ} [آل عمران: 86] إلى قوله: {إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} [آل عمران: 89] فبعث (4) بها قومه إليه، فلما قُرِئَت عَلِيهِ قَالَ: والله ما كذبني قومي عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا كذب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -عَلَى الله، والله - عز وجل - أصدق الثلاثة. فرجع تائباً. فقبل منه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -وتركه.
(128) وأخبرنا أبو بكر، قَالَ: أخبرنا أبو مُحَمَّد، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى،
__________
(1) في (ص): ((فِيهِ بينهم)).
(2) عزاه الحافظ في العجاب:511 للثعلبي.
(3) إسناده ضعيف؛ لضعف عَلِيّ بن عاصم. انظر: ما بعده، وتفسير الطبري 3/ 340.
(4) في (ص): ((فبعث رَسُول بها)).(1/421)
قَالَ: حدثنا سهل، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن أبي زائدة ، عَن داود بن أبي هند، عَن عكرمة ، عَن ابن عَبَّاس، قَالَ: ارتد رجل مِنَ الأنصار عَن الإسلام ولحق بالشرك (1)، فندم فأرسل إلى قومه أن يسألوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: هل لي مِنْ توبةٍ ، فإني قد ندمت ؟ فَنَزَلَت :
{ كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } [ آل عمران 86] حَتَّى بلغ { إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا } [آل عمران : 89] فكتب (2) بِهَا قومه إِلَيْهِ ، فرجع فأسلم (3) .
(129) أخبرنا أبو عَبْد الرحمان بن أبي حامد ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر بن زكريا ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان الفقيه ، قَالَ : حدثنا أحمد بن سيار (4) ، قَالَ : حدثنا مسَدد بن مسرهدٍ ، قَالَ: حدثنا جعفر بن سليمان ، عن حميد الأعرج (5) /32 أ/ عن مجاهد ، قال كان الحارث بن سوَيد قد أسلم ، وكان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم لحق بقومه وكفر ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (6) : { كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } [آل عمران : 86 ] إلى قوله : { فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ }
__________
(1) في (ص) : (( بالمشركين )) .
(2) في (ب) : (( وكتب )) .
(3) إسناده صَحِيْح . أخرجه أحمد 1/247 ، والنسائي 7/107 وفي الكبرى ، لَهُ (11065) وفي التفسير المفرد ، له (85) ، والطبري في التفسير 3/241 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/700 (3795) ، وابن حبان (4477) ، والحاكم 2/142 و 4/366 ، والبيهقي 8/197 من طريق داود بن أبي هند ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس . وانظر : الدر المنثور 2/256 .
(4) في (ص) : (( بشار )) .
(5) في (ب) : (( حميد عن الأعرج )) .
(6) كَذَا في ( س ) و ( ه) ، وَهُوَ الموافق لما في المطالب ، وفي (ب) : (( فأنزلت هَذِهِ الآية )) ، وفي (ص) : (( فأنزلت فِيْهِ هَذِهِ الآية )) .(1/422)
[آل عمران : 89 ] فحملها إليه رجل من قومه فقرأهنّ (1)عليه فقال الحارث : والله إنك ما علمت لَصَدوق ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصدَق منك ، وإن الله لأصدَق الثلاثة . ثم رجع فأسلم إسلاماً حسناً (2).
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِم … الآية } [آل عمران : 90].
قَالَ الحسن ، وقتادة ، وعطاء الخراساني: نزلت في اليهود،كفرو بعيسى والإنجيل ، ثم ازدادوا كفراً ببعثة محمد والقرآن (3) .
وَقَالَ أبو العالية : نزلت في اليهود والنصارى ، كفروا بمحمد - صلى الله عليه وسلم -?بعد إيمانهم بنعته وصفته ، ثم ازدادوا كفراً بإقامتهم على كفرهم } (4) { -
قوله - عز وجل -: { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيْلَ } [آل عمران : 93]
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فقرأها )) ، والمثبت موافق للمطالب .
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف حميد الأعرج ولإرساله.
وَهُوَ في مسند مسدد كَمَا في المطالب العالية 4/98 ( 3573 ) . وعزاه الحَافِظ في العجاب : 514 لمصنف عَبْد الرزاق ، وَهُوَ ليس في مصنفه بل في تفسيره 1/400 ( 426 ) ، كما عزاه هُوَّ إليه في الإصابة 1/280، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/249 لابن المنذر والباوردي في مَعْرِفَة الصَّحَابَة.
(3) أثر الحسن مقتصر على قوله : (( هم اليهود والنصارى )) أخرجه الطبري 6/578 من رواية عبّاد بن منصور ، عنه ، به. وعبّاد ضعيف ومدلس.
وأثر قتادة : أخرجه الطبري 6/579 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/701 ( 3801 ) ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 2/49 لابن المنذر .
وأثر عطاء : أخرجه الثعلبي كما في العجاب : 516.
(4) أخرجه الطبري 3/343 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/701 ( 3799 ) عن داود بن أبي هند، قال: سألت أبا العالية… وأورده السيوطي في الدر المنثور 2/258 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/423)
قال أبو رَوق والكَلبي: نزلت حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( إنا عَلَى ملة إبراهيم )) ، فقالت اليهود : كيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها! فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : ((كَانَ ذلك حلالاً لإبراهيم ، فنحن نحله )) . فقالت اليهود : كل شيءٍ أصبحنا اليوم نحرمه فإنه كان محرماً عَلَى نوحٍ وإبراهيم حتى انتهى إلينا. فأنزل الله - عز وجل - تكذيباً لهم : { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيْلَ … الآية } (1) [آل عمران : 93].
قوله - عز وجل -: { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ … الآية } [ آل عمران : 96].
قال مجاهد : تفاخر المسلمون واليهود ، فقالت اليهود: بيت المقدس أفضل وأعظم من الكعبة ، لأنه مهاجر الأنبياء ، وفي الأرض المقدسة. وقال المسلمون بل الكعبة أفضل. فأنزل الله هذه الآية (2).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً …الآية } [آل عمران: 100].
__________
(1) الكلبي وأبو روق هالكان. وهذا الأثر عزاه الحافظ في العجاب : 518 للثعلبي.
(2) ذكره الحافظ في العجاب : 519 وقدمه بقوله : (( ذكر الثعلبي وتبعه الواحدي ، وابن ظفر ، عن مجاهد…)) .(1/424)
(130) أخبرنا أبو عمرو القنطري(1) فيما أذن لي في روايته، قَالَ: أخبرني محمد بن الحسين الحداد ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن يَحْيَى بن خالد ، قَالَ : أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ : أخبرنا المؤمل بن إسماعيل ، قَالَ : حدثنا حماد بن زيد ، قَالَ : حدثنا أيوب ، عن عكرمة ، قَالَ : كَانَ بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في (2) الجاهلية، فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم ، فجلس (3) يهودي في مجلس فيه نفر من الأوس والخزرج، فأنشد شعراً قاله أحد الحيين في حربهم ، فكأنهم دخلهم من ذَلِكَ ، فَقَالَ الحي الآخرون : قد قَالَ شاعرنا في يوم كذا : كذا كذا ، فَقَالَ الآخرون : وقد قَالَ شاعرنا في يوم كذا : كذا كذا. قال : فقالوا : تعالوا نرد الحرب جذعاً كما كانت ، فنادى هؤلاء يا للأوس ، ونادى / 32 ب / هؤلاء يا للخزرج ، فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال، فَنَزَلت هذه الآية، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قام بين الصفين فقرأها ورفع صوته ، فلما سمعوا صوته أنصتوا له وجعلوا يستمعون إِلَيْهِ (4) فلما فرغ ألقوا السلاح ، وعانق بعضهم بعضاً. وجعلوا (5) يبكون (6).
__________
(1) في (ه) : (( أبو عمر العسكري )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( من )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( وجلس )) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( وجثوا )) .
(6) إسناده ضعيف ؛ لضعف مؤمل بن إسماعيل.
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 3/721 (3907) ، وإسحاق بن راهويه في تفسيره كَمَا في العجاب: 523.(1/425)
وقال زيد بن أسلم : مَرَّ شاس بن قيس اليهودي - وكان شيخاً قد غبر (1) في الجاهلية ، عظيم الكفر، شديد الضغن على المسلمين ، شديد الحسد لهم-على نفر من أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج في مجلس جمعهم (2) يتحدثون فيه ، فغاظه ما رأى من جماعتهم وَألفَتهم ، وصلاح ذات بينهم في الإسلام ، بعد الذي كان بينهم في الجاهلية من العداوة ، فَقَالَ : قد اجتمع ملأ بني قَيلَةَ بهذه البلاد ، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمعوا بها من قرارٍ . فأمر شاباً من اليهود كَانَ معه فَقَالَ : اعمد إليهم فاجلس معهم ، ثم ذَكرهم يوم (3) بعاثٍ وما كان قبله ، وأنشدهم بعض ما كانوا تَقَاوَلوا فيه من الأشعار. وكان بعاث يوماً اقتتلت فيه الأوس والخزرج ، وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج . ففعل فتكلم القوم عند ذَلِكَ فتنازعوا وتفاخروا، حتى تواثب رجلان من الحيين: أوس بن قَيظى (4) أحد بني حارثة من الأوس ، وجبار (5) بن صخرٍ ، أحد بني سلمة من الخزرج. فتقاولا ، ثُمَّ (6) قال أحدهما لصاحبه : إن شئت والله رددتها الآن جذعة ، وغضب الفريقان جميعاً وقالا (7) : ارجعاها (8) قد فعلنا ، السلاح السلاح موعدكم الظاهرة . وهي حرة، فخرجوا إليها. وانضمت الأوس والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين حتى جاءهم ، فَقَالَ : (( يا معشر المسلمين أبدَعوى(9)
__________
(1) في ( س ) فَقَطْ : (( عسا )) ، وغبر : مضى عَلَيْهِ وقت طويل .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( قَدْ جمعهم )) .
(3) في ( س ) : (( بيوم )) .
(4) في (ه) : (( ابن قبطي )) وهو تحريف.
(5) في (ه) : ((وجابر )) وهو خطأ.
(6) في ( س ) و ( ه) : (( و )) .
(7) في (ه) : (( وقالا أرجعا السلاح )) .
(8) سقطت من ( س ) ، وفي ( ه) : (( وقالا ارجعا السلاح )) .
(9) في (ه) : (( أتدعون )) .(1/426)
الجاهلية وأنا بين أظهركم ، بعد أن أكرمكم الله بالإسلام ، وقطع به عنكم أمر الجاهلية ، وألف بينكم ، ترجعون (1) إلى ما كنتم عليه كفاراً ؟ الله الله !)) . فعرف القوم أنها نَزغَة مِنْ الشيطان ، وكيد مِنْ عدوهم ، فألقوا السلاح مِنْ أيديهم ، وبكوا وعانق بعضهم بعضا ، ثُمَّ انصرفوا مَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - سامعين مطيعين ؛ فأنزل الله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا } يعني الأوس والخزرج { إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ } يعني : شاساً وأصحابه :
{ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } [آل عمران: 100].
قال جابر (2) بن عبد الله: ما كان من طالعٍ أكرهَ إلينا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأومى إلينا / 33 أ / بيده فكففنا (3) وأصلح الله تعالى ما بيننا ، فما كان شخص أحب إلينا من رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -؛فما رأيت قط يوماً أقبح ولا أوحش أولاً،وأطيب(4)آخراً مِنْ ذَلِكَ اليوم(5).
قوله - عز وجل -: { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ …الآية } [آل عمران : 101].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فترجعون )) .
(2) في (ب) و (ص) : ((جرير بن عبد الله )).
(3) في (ص) : (( فكففناه )) .
(4) في (ب) و (ص) : (( وأحسن )) .
(5) أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام 1/555 ، والطبري (7524) ط. شاكر ، وأبو الشيخ كما عزاه إليه ابن حجر في الإصابة 1/87 ، والسيوطي في اللباب : 55 ، والثعلبي كما في الفتح السماوي 1/391 . وانظر العجاب : 521 .(1/427)
(131) أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، قَالَ : حدثنا محمد بن يعقوب ، قَالَ : حدثنا العباس الدوري ، قَالَ : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكَين ، قَالَ : حدثنا قيس بن الربيع ، عن الأغر ، عن خليفة بن حصين ، عن أبي نصر ، عن ابن عباس ، قال : كان بين الأوس والخزرج شر في الجاهلية، فذكروا ما بينهم، فثار بعضهم إلى بعض بالسيوف ، فأُتِيَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فَذكرَ ذلك له ، فذهب إليهم ، فنزلت هذه الآية : { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ } [ آل عمران : 101] إلى قوله :
{ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا } (1) [ آل عمران : 103 ].
(132) أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسين مُحَمَّد بن الحسين النقيب ، قَالَ: أخبرنا جدي مُحَمَّد بن الحسين ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن الحافظ، قَالَ : حدثنا حاتم بن يونس الجرجاني، قَالَ:حدثنا إبراهيم بن أبي الليث، قَالَ:حدثنا الأشجعي، عن سفيان ، عن خليفة بن حصَين ، عن أبي نصرٍ ، عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ: كان الأوس والخزرج يتحدثون فغضبوا حتى كاد يكون بينهم حرب فأخذوا السلاح ، ومشى بعضهم إلى بعض (2)، فنزلت : { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ }
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ لضعف قيس بن الربيع ، ولانقطاعه إذ إن أبا نصر وهب الأسدي لا يعرف لَهُ سَمَاع من ابن عَبَّاسٍ ، كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ البُخَارِيّ في صحيحه 7/14 . وانظر : ميزان الاعتدال 4/(10664) .
وأخرجه الطبري في التفسير 4/27 ، وابن أبي حاتم 3/720 (3898) ، والطبراني في الكبير (12666) من طريق قيس بن الربيع بهذا الإسناد .
(2) عبارة : (( فأخذوا السلاح ومشى بعضهم إلى بعض))لم ترد في (ص) .(1/428)
[آل عمران : 101] إلى قوله تعالى : { فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا } (1)[آل عمران : 103].
قوله - عز وجل - : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ … الآية } [آل عمران : 110].
قَالَ عكرمة ومقاتل: نزلت في ابن مسعودٍ، وأبي بن كعبٍ، ومعاذٍ بن جبلٍ، وسالم مولى أبي حذيفة ؛ وذلك أن مالك بن الضيف ، ووهب بن يهوذا اليهوديين قالا لَهُمْ : إن ديننا خير مِمَّا تدعوننا إِلَيْهِ ، ونحن خير وأفضل منكم ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2) .
قوله - عز وجل -: { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى } [آل عمران :111].
قال مقاتل : إن رؤوس اليهود : كعب بن الأشرف (3) ، وبحرى ، والنعمان ، وأبو رافع ، وأبو ياسر، وابن صوريا ؛ عمدوا إِلَى مؤمنهم عَبْد الله بن سلام وأصحابه،فآذوهم
لإسلامهم ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (4).
__________
(1) إسناده ضعيف جداً ، إبراهيم بن أبي الليث متروك. ومن هذا الطريق أخرجه الطبراني في الكبير (12667).
(2) هذا مما نقله المصنف عن شيخه الثعلبي ، ولم ينسبه إليه كما في العجاب:530.
وقول مقاتل في تفسيره 1/187 ، ولفظه من قوله : (( وذلك أن مالك بن الضيف )) .
وقول عكرمة : أخرجه الطبري 4/43 ، وذكر الشطر الأول منه فَقَطْ .
وقال الحافظ في الفتح عقيب (4557) : (( وهذا موقوف ، فيه انقطاع )). ثم اعترض الحافظ ابن حجر في العجاب : 530 على هذا فقال : (( فنسبة الكلام إلى عكرمة ومقاتل المراد بها التوزيع ؛ فإن كلاً منهما ذكر النصف وهو خلاف ما يتبادر والله المستعان )).
وزاد السيوطي في الدر المنثور 4/293 نسبته إِلَى ابن المنذر .
(3) بن الأشرف )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) هُوَّ في تفسير مقاتل 1/188. وَقَالَ الحافظ في العجاب :531 : (( والمراد بالأذى : الطعن باللسان أو الدعاء إلى الضلال ؛ فإن المسلم يتأذى بسماع ذَلِكَ ، وأما لَوْ اتفق بَيْنَهُمْ قتال فإنهم يخذلون )) .(1/429)
قوله - عز وجل -: { لَيْسُوا سَوَاءً …الآية } [آل عمران : 113] .
قَالَ ابن عَبَّاس ومقاتلٌ : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية (1) ، وأسد (2) بن عبيد ، ومن أسلم من اليهود - قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمدٍ (3) إلا شرارنا ، ولو كانوا من خيارنا (4) لما تركوا دين آبائهم ، وقالوا لهم : لقد خسرتم (5) حين استبدلتم بدينكم ديناً غيره ، فأنزل الله تعالى : { لَيْسُوا سَوَاءً … الآية } [آل عمران : 113] (6) .
وَقَالَ ابن مسعودٍ (7) : نزلت الآية في صلاة العَتَمة يصليها المسلمون ، ومن سواهم من أهل الكتاب لا يصليها .
__________
(1) في ( ص ) و ( ب ) : (( شعبه )).
(2) في ( ب ) : (( أسيد )).
(3) في ( س ) و ( ه) :(( لمحمد )) .
(4) في ( س ) فقط : (( أخيارنا )) .
(5) في ( ه) : (( خنتم )) .
(6) هَذَا مِمَّا استفاده المصنف من شيخه الثعلبي ، وَلَمْ ينسبه إِلَيْهِ كَمَا في العجاب : 531 . وقول مقاتل في تفسيره 1/188 .
أما قَوْل ابن عَبَّاسٍ فأخرجه الطبري 4/52، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/737 (4003) والبيهقي في دلائل النبوة 2/534 ، ومن طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 29/115 .
وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/296 : وزاد نسبه لابن المنذر .
(7) تفسير الطبري 4/35 ، وابن أبي حاتم 3/737(4000) ، وأورد السيوطي في الدر المنثور4/297 وزاد نسبته للفريابي والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر.(1/430)
(133) أَخْبَرَنَا / 33 ب / أبو سعيد مُحَمَّد بن عبد الرحمان الغازي (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو عَمْرو مُحَمَّد بن أحمد الحيري ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى (2)، قَالَ: حدثنا أبو خيثمة ، قَالَ : حدثنا هاشم بن القاسم ، قَالَ : حدثنا شيبان ، عن عاصم ، عن زِر ، عن ابن مسعودٍ ، قَالَ : أخَّر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلةً صلاة العشاء ، ثُمَّ خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فَقَالَ: (( إنه ليس من أهل الأديان أحدٌ يذكر الله في هذه الساعة غيركم )) ، قال : وأنزلت هؤلاء (3) الآيات : { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ } [آل عمران : 113] إلى قوله : { وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ } (4)
[آل عمران : 115].
__________
(1) في( ص ) و ( ه) : (( الرازي )) .
(2) هُوَ أبو يعلى ، والحديث في مسنده ( 5306 ) .
(3) في ( س ) و ( ه) :(( فأنزلت هَذِهِ )) .
(4) إسناده حسن ، من أجل عاصم بن بهدلة . أخرجه أحمد 1/396، والنسائي في الكبرى (11073) ، والطبري 4/55 ، والبزار (375) ، والشاشي (631) ، وابن حبان (1530) ، وأبو نعيم في حلية الأولياء 4/187.(1/431)
(134) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد بن أحمد بن نوح ، قَالَ: أخبرنا أبو علي بن أحمد الفقيه ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن المسيب ، قَالَ : حدثنا يونس بن عبد الأعلى ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن وهب، قَالَ: أخبرني يَحْيَى بن أيوب ، عن ابن زَحر (1)، عن سليمان، عن زِرّ بن حُبيشٍ ، عن عَبْد الله بن مسعود ، قَالَ : احتبس علينا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلةٍ، وكان عند بعض أهله أو نسائه ، فلم يأتنا لصلاة العشاء حتى ذهب ثلث الليل . فجاء ومنا المصلي ومنا المضطجع ، فبشرنا فَقَالَ : (( إنه لا يصلي هذه الصلاة أحدٌ من أهل الكتاب )) ، وأنزلت { لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ } (2) [آل عمران:113].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ …الآية }
[آل عمران : 118].
__________
(1) في ( ص ) : (( أبي زحر )) ، وفي( ه) : (( ابن زجر )) وهو خطأ ، راجع ترجمة عبيد الله بن زحر في تهذيب التهذيب 7/12 .
(2) إسناده ضعيف ، ابن زحر هو عبيد الله ، وهو ضعيف .وسليمان الأعمش قد عنعن ، وهو مدلس ولا يعلم له سماع من زر بن حبيش ، وإن كان أدركه بالسن .
أخرجه الطبري في تفسيره 4/55 ، والطبراني في الكبير (10209) ، وأبو نعيم في الحلية 4/187 .
وأورده الحافظ ابن حجر في العجاب : 533 .(1/432)
قَالَ ابن عَبَّاس (1)ومجاهدٌ (2): نزلت في قوم من المؤمنين كانوا يُصَافُونَ المنافقين ، ويواصلون رجالاً من اليهود ، لما كان بينهم من القرابة والصداقة والحِلْف والجِوَار والرّضاع ، فأنزل الله تعالى فيهم (3) هذه الآية ينهاهم (4) عن مُبَاطَنَتِهِمْ خوفَ الفتنة منهم عليهم .
قوله - عز وجل -: { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِك …الآية } [آل عمران : 121] .
نزلت هذه الآية في غزاة (5) أحدٍ .
(135) أخبرنا سعيد بن مُحَمَّد الزاهد ، قَالَ : أخبرنا أبو عليًّ الفقيه ، قَالَ : أخبرنا أبو القاسم البغوي، قَالَ: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قَالَ: حدثنا عبد الله ابن جعفر المَخْرَمِيُّ، عن ابن أبي(6) عون، عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة، قَالَ: قلت لعبد الرحمان ابن عوف : أي خالي ، أخبرني عن قصتكم يوم أحدٍ ، فقال : اقرأ العشرين ومئة من آل عمران تجد قصتنا (7) { وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ (8) } الآيات (9)
[آل عمران : 121 - 154] .
__________
(1) رَوَاهُ ابن إسحاق كَمَا في سيرة ابن هشام 2/207 ، والطبري 4/61 ، وابن أبي حاتم3/742 (4033)، والبغوي في تفسيره 1/497 . وزاد السيوطي في الدر المنثور 2/299 نسبته لابن المنذر .
(2) أخرجه ابن أبي حاتم 3/742 (4034) ، والبغوي في التفسير 1/497 .
(3) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(4) في (ص) : (( فنهاهم )) .
(5) في (ب) : (( غزوة )) .
(6) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) فتحرف الاسم .
(7) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(8) بعد هذا في ( ص ) : (( مقاعد للقتال )) .
(9) كَذَا في ( ب ) و ( ص ) ، وسياق ( س ) و ( ه) يختلف في ذَكَرَ الآيات ، والحديث أخرجه أبو يعلى (836 ) وابن أبي حاتم في تفسيره 4/749 (4074) ، وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/302 وزاد نسبته لابن المنذر . وإسناده ضعيف ؛ لضعف يَحْيَى الحماني .(1/433)
قوله - عز وجل -: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ … الآية } [آل عمران : 128].
(136) أخبرنا أبو بكرٍ أحمد بن مُحَمَّد التميمي، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قَالَ : حدثنا عبد الرحمان بن محمد الرَّازي ، قَالَ : حدثنا سهل بن عثمان العسكري ، قَالَ : حدثنا عَبِيدة بن حُميد ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال: كسرت رَبَاعية / 34 أ / رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ ودمي وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه ويقول: (( كيف يفلح قومٌ خضَّبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ ))، قَالَ (1) : فأنزل الله تعالى : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } (2)[آل عمران : 128].
__________
(1) قال )) لم ترد في (ص)
(2) إسناده صحيح ، ولا تضر عنعنة حميد عن أنس ؛ لأن مالم يسمعه مِنْ أنس فَقَدْ سمعه مِنْ ثابت البناني
وهو ثقة .
أخرجه ابن سعد 2/44 ، وابن أبي شيبة ( 36557 ) ، وأحمد 3/99 ، 178 ،201 ،206 ، وابن ماجه (4027) ، والترمذي (3002) و ( 3003 ) ، والنسائي في الكبرى (11077) ، وفي تفسيره (97) ، وأبو يعلى (3738) ، والطبري في تفسيره 4/86 ، وفي التاريخ 2/5/5، وابن أبي حاتم في تفسيره 3/757 (4126) ، وابن حبان (6574) ، والحاكم 3/319 ، والبيهقي في الدلائل 3/262 ، والبغوي في شرح السنة (3748) ، وفي التفسير له 1/504 .(1/434)
(137) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الغازي(1)، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان، قَالَ: أخبرنا أحمد بن عليَّ بن المثنى (2)، قَالَ : حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ، قَالَ: حدثنا عبد العزيز بن محمد، قَالَ:حدثنا مَعْمَر، عن الزُّهري، عن سالم، عن أبيه، قَالَ:لعن رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الصبح فلاناً وفلاناً ناساً من المنافقين فأنزل الله - عز وجل -: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ } [آل عمران : 128] . رواه البخاري (3) عن حِبَّان ، عن ابن المبارك ، عن معمرٍ (4) ، ورواه مُسْلِم(5) من طريق ثابت ، عن أنس .
__________
(1) في ( ص ) و ( ه) : (( الرَّازِي )) .
(2) هُوَ أبو يعلى الموصلي ، والحديث في مسنده ( 5547 ) .
(3) صحيح البُخَارِيّ 6/47 ( 4559 ) .
(4) وأخرجه أحمد 2/147 ، والبخاري 5/127 ( 4069 ) و 9/131 ( 7346 ) ، والنسائي 2/203 ، وفي الكبرى ، لَهُ ( 665 ) و ( 11075 ) و ( 11076 ) وفي التفسير المفرد ، لَهُ ( 95 ) و ( 96 ) ، وابن خزيمة ( 622 ) من طريق معمر بهذا الإسناد .
(5) سيأتي تخريج هَذَا الطريق في الَّذِي بعده .(1/435)
(138) أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد بن إبراهيم الفارس ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عيسى ابن عَمْرَوَيه ، قَالَ: أخبرنا إبراهيم بن مُحَمَّد ، قَالَ: أخبرنا مُسْلِم بن الحجاج (1)، قَالَ: حدثنا القَعْنَبِيّ ، قَالَ : حدثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنسٍ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُسرت رَبَاعيته يوم أُحدٍ ، وشُجَّ في رأسه ، فجعل (2) يسلت (3) الدم عنه ، ويقول : ((كيف يفلح قومٌ شجوا نبيهم وكسروا رَبَاعِيته وهو يدعوهم إلى ربهم )) ؟ فأنزل الله - عز وجل -: { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ } (4) [آل عمران : 128].
(139) أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي(5)، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن حامد الوَزَّان، قَالَ: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي،قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: حدثنا عبد الرزاق (6)، قَالَ: أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه : أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في صلاة الفجر حين رفع رأسه من الركوع: (( ربنا لك الحمد ، اللهم العن فلاناً وفلاناً )). دعا عَلَى ناسٍ من المنافقين، فأنزل الله - عز وجل - : { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ… الآية }
[آل عمران : 128] رواه البخاري (7) من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وسياقه (8) أحسن من هذا .
(140) أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن الحسن (9) ، قَالَ :حدثنا أبو العباس
__________
(1) صحيح مسلم 5/179 ( 1791) ( 104 ) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( وجعل )).
(3) في ( س ) و ( ه) : (( يسيل )) ، ويسلت : يمسح .
(4) أخرجه أحمد 3/253 و 288 ، وعبد بن حميد (1204) .
(5) في (ص) : ((الثعلبي)).
(6) في مصنفه (4027).
(7) هَذَا الطريق سيأتي تخريجه في الَّذِي بعده ، أما حَدِيْث ابن عمر فَقَدْ تقدم تخريجه .
(8) في (ب) : (( بسياقه )).
(9) في (ص) : (( الحسين )).(1/436)
محمد بن يعقوب، قَالَ : حدثنا بحر بن نصر ، قال :قُرِىءَ عَلَى ابن وهبٍ : أخبرك يونس ابن يزيد(1)، عن ابن شهابٍ، قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمان ، أنهما سمعا أبا هريرة ، يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين يفرغ في(2) صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه ، يقول : (( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد )) ، ثُمَّ يقول وَهُوَ قائمٌ : (( اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسَلَمة بن هشام ، وعَيّاش بن أبي ربيعة ، والمستضعفين من المؤمنين ؛ اللَّهُمَّ اشدد(3) وَطأَتَك عَلَى مُضَرٍ ، واجعلها عَلَيْهِمْ سِنين كَسِني يوسف، اللَّهُمَّ العن لِحْيَان ورِعْلاً وذَكْوَان ، وعُصَيّةَ عصت الله ورسوله )) . ثُمَّ بلغنا أنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ(4) لما نزلت هَذِهِ الآية(5) { لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ … الآية /34ب/ } [آل عمران : 128]. رَوَاهُ البُخَارِيّ (6)
__________
(1) في (ص):(( ابن أبي زيد )).
(2) في (ب) :(( من )).
(3) في (ب) : (( شدد )).
(4) سقطت من (س) و (ه).
(5) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في (س) و ( ه) .
(6) صحيح البخاري 6/47 (4560).
وأخرجه أحمد 2/225 ، والدارمي (1603) ، ومسلم 2/134(675) (294) ، والنسائي 2/201 ، وابن خزيمة ( 619) و(1097) ، وأبو عوانة 2/280 و 283 ، والطحاوي في شرح المعاني 1/241 ، وابن حبان (1972) و(1983) ،والبيهقي 2/97 ، والبغوي (637) من طرق عن سعيد بن المسيب ، وأبي سلمة ، عن أبي هريرة . =
= وأخرجه الشافعي في مسنده :185 ط العلمية،و (236) طبعتنا ، والحميدي (939) ،وابن أبي شيبة (7045)، وأحمد2/239 والبخاري 8/54 ( 6200 )، ومسلم 2/135 (675) عقب (294)، وابن ماجه (1244)،والنسائي 2/201،وأبو يعلى (8573) ، وابن خزيمة (615) ، وأبو عوانة 2/283 ، والبيهقي 2/197 و 244 ، والبغوي (636) من طريق سعيد بن المسيب – وحده -، عن أبي هريرة .
وأخرجه أحمد 2/470 و471 و502 و521 ، والبخاري 6/61 (4598) و8/104 (6393) و9/25 (6940) ، ومسلم 2/135 (675)(295) ، و أبو داود (1442) ، وابن خزيمة (617) و(621)،وابن حبان ( 1969)،و الدارقطني2/38 ، والبيهقي 2/307 من طريق أبي سلمة – وحده - ، عن أبي هريرة.
وأخرجه أحمد 2/418 ، والبخاري 2/33 (1006) و 4/53 (2932) و4/182 (3386) من طريق الأعرج ، عن أبي هُرَيْرَةَ .
وأخرجه البخاري 1/202 (804) من طريق أبي بكرة بن عبد الرحمان بن الحارث بن هشام ، وأبي سلمة، عن أبي هريرة .(1/437)
عن موسى بن إسماعيل ، عن إبراهيم بن سعد ، عن الزُّهري .
قوله - عز وجل - : { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً …الآية } [آل عمران : 135].
قَالَ ابن عَبَّاسٍ(1) في رواية عطاء : نزلت الآية في نبهان التَّمَّار أتته امرأةٌ حسناء تبتاع منه تمراً ، فضمها إلى نفسه وقبّلها ثُمَّ ندم عَلَى ذَلِكَ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وذكر ذَلِكَ لَهُ، فَنَزَلت هذه الآية .
__________
(1) تفسير البغوي 1/509. قال الحافظ بن حجر في العجاب:545: ((وهو من رواية موسى بن عبدالرحمان الصنعاني ، وهو كذاب . والمشهور في هذه القصة نزول { إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ } وسيأتي في تفسير هود )) . وانظر فتح الباري 8/356-357، والإصابة 3/520 .(1/438)
وَقَالَ في رِوَايَة الكلبي(1) : إن رجلين - أنصارياً وثقفياً - آخى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهما ، فكانا لا يفترقان ، فخرج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مَغَازِيه، وخرج معه الثَّقفي وخلف الأنصاري في أهله وحاجته ، فكان(2) يتعاهد أهلَ الثقفي، فأقبل ذات يومٍ فأبصر امرأة صاحبه قد اغتسلت وهي ناشرةٌ شعرها، فوقعت في نفسه، فدخل ولم يستأذن حتى انتهى إليها ، فذهب ليلثمها فوضعت كفها عَلَى وجهها فقبَّل ظاهر كفها ، ثُمَّ ندم واستحيا ، فأدبر راجعاً ، فقالت: سبحان الله ! خنت أمانتك، وعصيت ربك ، ولم تصب حاجتك (3). قَالَ : فندم عَلَى صنيعه ، فخرج يَسِيحُ في الجبال ويتوب إلى الله تعالى من ذنبه ، حتى وَافَى الثقفي فأخبرته أهله بفعله ، فخرج يطلبه حتى دُلَّ عَلِيهِ ،فَوَافَقَهُ ساجداً ، وَهُوَ يقول: رب ذنبي ذنبي ! قد خنتُ أخي. فَقَالَ لَهُ: يا فلان، قم (4) فانطلق إلى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فاسأله عن ذنبك ، لعل الله أن يجعل لك فرجاً وتوبةً. فأقبل معه حتى رجع إلى المدينة ، وكان ذات يوم عند صلاة العصر نزل جبريل عليه السلام بتوبته ، فتلا عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (5): { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً } إلى قوله : { وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } [آل عمران : 135-136] فَقَالَ عُمَر : يا رسول الله ، أخاصٌّ هَذَا (6) لهذا الرجل ، أم للناس عامةً . قَالَ : (( بل للناس عامةً في التوبة (7) )) .
__________
(1) تفسير البغوي 1/509،وانظر العجاب 546.
(2) في (س) و (ه) : (( وَكَانَ )) .
(3) في (ب) : (( ولم تصل إلى حاجتك )).
(4) في (ب) : (( قم يا فُلاَن )) بالتقديم.
(5) عَلَيْهِمَا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - )) لَمْ ترد في (ب).
(6) سقطت من (ب) .
(7) في التوبة )) لَمْ ترد في (ب) .(1/439)
(141) أخبرنا أبو عمرو مُحَمَّد بن عبد العزيز المَرْوَزي إجازةً ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الحَدَّادي ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ: أخبرنا رَوْح ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد ، عن أبيه، عن عطاء (1): أن المسلمين قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أَبَنُو إسرائيل أَكْرَمُ على الله منا ؟ كانوا إذا أذنب أحدهم أصبحت كفارة ذنبه مكتوبةً في عتبة بابه: اجدع أذنك ، اجدع أنفك ، افعل كَذَا. فسكت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَنَزَلت: { وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً } [آل عمران : 135] فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( ألا أخبركم بخيرٍ مِنْ ذَلِكَ ؟ )) ، فقرأ هذه الآيات .
قوله - عز وجل - : { وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا …الآية } [آل عمران : 139] .
قَالَ ابن عَبَّاس(2)
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 4/95.وذكره ابن حجر في العجاب: 544 ، وزاد نسبته لإسحاق بن راهويه، وعبد بن حميد وَقَالَ (( وهذا سند قوي إِلَى عطاء )) .
وذكره البغوي في تفسيره :1/135 . ونسبهُ لابن مسعود ، وذكره أيضاً ابن الجوزي في زاد المسير 1/462.
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 4/103.
وذكره البغوي في تفسيره 1/513 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/465 ، وابن حجر في العجاب : 547 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/330 .(1/440)
: انهزم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ ، فبينا هم/35 أ/ كذلك إذ أقبل خالد بن الوليد بِخَيلِ المشركين يريد أن يعلو عليهم الجبل، فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( اللهم لا يعلُون (1) علينا ، اللهم لا قوة لنا إلا بك ، اللهم ليس يعبدك بهذه البلدة غير هؤلاء النفر )) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (2) ، وثاب نفرٌ من المسلمين رماةً ، فصعدوا الجبل ورموا خيل المشركين حتى هزموهم فذلك قوله تعالى: { وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ }
[آل عمران : 139] .
قوله - عز وجل - : { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ …الآية } [آل عمران:140].
قال راشد بن سعدٍ(3): لما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ كئيباً حزيناً(4)، جعلت المرأة تجيء بزوجها وابنها مقتولين وهي تَلْتَدِم(5) فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( أهكذا تفعل برسولك؟ ))، فأنزل الله تَعَالَى: { إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ…الآية } [ آل عمران: 140].
قوله : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ … الآيات } [آل عمران : 144] .
__________
(1) في (ب) : (( لاتعلى )) .
(2) في (س ) و (ه) : (( الآيات )) .
(3) ذكره ابن حجر في العجاب :548 وعزاه للثعلبي .
(4) في (س) و (ه) : (( كئيباً حزيناً يوم أحد)) بالتقديم و التأخير .
(5) تلتدم : تلطم ، وفي (ه) : (( تلدم )) .(1/441)
قَالَ عطية العَوْفِي (1): لما كَانَ يوم أحدٍ انهزم الناس ، فَقَالَ بعض الناس: قد أصيب مُحَمَّدٌ فأعطوهم بأيديكم ، فإنما هم إخوانكم . وَقَالَ بعضهم : إن كَانَ مُحَمَّدٌ قد أصيب، ألا تمضون عَلَى ما مضى عَلِيهِ نبيكم حتى تلحقوا بِهِ ؟ فأنزل الله تَعَالَى في ذَلِكَ : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ …الآية } [آل عمران: 144] إِلَى { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا } [آل عمران : 146] لقتل نبيهم ، إِلَى قوله: { فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا }
[آل عمران : 148].
قوله - عز وجل -: { سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْب… } [آل عمران :151].
قال السدي(2): لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحدٍ متوجهين إلى مكة ، انطلقوا حتى بلغوا بعض الطريق ، ثم إنهم ندموا وقالوا: بئس ما صنعنا ! قتلناهم حتى إذا لم يبق منهم إلا الشرذمة (3) تركناهم ، ارجعوا فاستأصلوهم. فلما عزموا على ذلك ألقى الله تعالى في قلوبهم الرعب حتى رجعوا عما همّوا به(4)، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَه …الآية } [آل عمران :152].
__________
(1) ذكره السيوطي في الدر 2/336 و عزاه لعبد ابن حميد و ابن المنذر وعطية ضعيف ، وهذا مرسل .
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 4/124 .
وذكره المصنف في الوسيط1/503 ، والبغوي في تفسيره 1/521 ، وابن الجوزي في زاد المسير 1/474، وابن حجر في العجاب : 552 ، والسيوطي في الدر 2/342 .
(3) في (س) فَقَطْ : (( الشريد)) .
(4) في (س) فَقَطْ : ((عزموا)) .(1/442)
قَالَ مُحَمَّد بن كعب القُرَظي (1) : لما رجع رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وقد أصيبوا بما أصيبوا يوم أحدٍ ، قَالَ ناسٌ من أصحابه : من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ؟ فأنزل الله تَعَالَى: { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِه } إلى قوله: { مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا } [آل عمران :152] يعني الرماة الذين فعلوا ما فعلوا يوم أحدٍ .
…قوله - عز وجل - { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ…الآية } [آل عمران :161].
(142) أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الرحمان المطوعي، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو مُحَمَّد بن أحمد الحيري،قَالَ: أخبرنا أبو يعلى(2)، قَالَ: حدثنا عبد الله (3) بن عُمَر بن أبان ، قَالَ: حدثنا ابن المبارك ، قَالَ: حدثنا شريكٌ ، عن خصيفٍ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس(4)، قَالَ : فقدت قطيفة حمراء يوم بدرٍ مما أصيب من /35ب/ المشركين ، فَقَالَ أناسٌ : لعل النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أخذها ، فأنزل الله - عز وجل - : { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ } [آل عمران :161] قَالَ خصيفٌ : فقلت لسعيدٍ بن جبيرٍ : ما كان لنبيًّ أن يُغَلّ ؟ فَقَالَ : بَلْ يُغَلّ ويُقْتَل .
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 1/522 ،وابن الجوزي في زاد المسير 1/475 ، والقرطبي في تفسيره 2/1475.
(2) في مسنده (2438) .
(3) في (س) و (ه) : (( أَبُو عَبْد الله )) .
(4) إسناده ضعيف ، لضعف شريك بن عَبْد الله النخعي ، وخصيف بن عَبْد الرَّحْمَان .
أخرجه أبو داود (3971)، والترمذي (3009)، وأَبُو يعلى (2651) ، والطبري في تفسيره 4/155 ، والطحاوي في شرح المشكل (5601) ، وابن أَبِي حاتم في تفسيره 3/803 (4429) ، والطبراني في الكبير (12028) و (12029) .(1/443)
(143) أَخْبَرَنَا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو القاسم سليمان بن أيوب الطبراني(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن يزيد النَّرْسِي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو عُمَر حفص بن عمر الدُّورِي ، عَن أبي مُحَمَّد اليزيدي(2) ، عَن أبي عَمْرو بن العَلاء ، عَن مجاهدٍ ، عَن ابن عَبَّاس(3): أنَّهُ كَانَ ينكر عَلَى مِنْ يقرأ (( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أنْ يُغلّ )) ، ويقول :كيف لا يَكُوْن لَهُ أن يُغَلّ وَقَدْ كَانَ يقتل؟ قال الله تعالى : { وَيَقْتُلُونَ الأَنْبِيَاءَ } [آل عمران :112] ولكن المنافقين اتهموا النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيءٍ من الغنيمة فأنزل الله - عز وجل - :
{ وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ } [آل عمران :161].
(144) أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الأصفهاني ،قَالَ: أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قَالَ: حدثنا أَبُو يَحْيَى الرازي، قَالَ: حَدَّثَنَا سهل بن عثمان ،قَالَ: حَدَّثَنَا وكيعٌ ، عن سلمة ، عن الضحاك ، قَالَ(4) : بعث رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - طلائع ، فغنم النبي - صلى الله عليه وسلم - غنيمةً ، فقسمها (5) بين الناس ، ولم يقسم للطلائع شيئاً ، فلما قدمت الطلائع قالوا : قسم الفيء ولم يقسم لنا ، فنزلت { وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلّ } [آل عمران :161].
قَالَ سلمة : قرأها الضحاك : (( يغُلَّ )) (6) .
__________
(1) المعجم الكبير (11174) ، والصغير (803) .
(2) في (ب) : (( التِّرْمِذِيّ)) .
(3) أخرجه الْخَطِيْب في تاريخه 1/372 ، و المصنف في الوسيط 1/514 .
(4) أخرجه ابن أَبِي شيبة (33220) ، والطبري في تفسيره 4/156 ، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير
1/490 ، والقرطبي في تفسيره 2/1496 ، والسيوطي في الدر المنثور 2/362.
(5) في ( س ) و ( ه): (( وقسمها )) .
(6) قال الحافظ في العجاب :562 : (( بضم الغين )) .(1/444)
وَقَالَ ابن عَبَّاسٍ في رواية الضحاك: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما وقع في يده غنائم هَوَازِن يوم حُنَين ، غلَّه رجلٌ بمخيطٍ ، فأنزل الله تعالى هذه الآية(1).
وَقَالَ قتادة (2) نزلت وقد غَلَّ طوائفٌ من أصحابه .
وَقَالَ الكلبي ومقاتل(3): نزلت حين تركت الرماة المَرْكَز يوم أحدٍ طلباً للغنيمة وقالوا : نخشى أن يقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : ((من أخذ شيئاً فهو لَهُ )) ، وأن لايقسم الغنائم كما لم يقسم يوم بدرٍ. فَقَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( ظننتم أنا نَغلُّ ولا نقسم لكم )) ، فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وروي عن ابن عباسٍ(4) : أن أشرافَ الناس استدعوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخصصهم بشيءٍ من الغنائم ؛ فَنَزَلت هذه الآية .
قوله - عز وجل - : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ…الآية } [ آل عمران : 165].
قَالَ ابن عَبَّاسٍ : حدثني عُمَر بن الخطاب قَالَ : لما كَانَ يوم أحدٍ من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدرٍ من أخذهم الفداء ، فقتل منهم سبعون ، وفر أصحاب النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته، وهشمت البَيْضَةُ على رأسه ، وسال الدم على وجهه ، فأنزل الله تعالى : { أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ } إلى قوله : { قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُم }
__________
(1) ذكر الحافظ ابن حجر هذا الأثر في العجاب: 562 ثُمَّ قَالَ: (( وهذا تخليط جويبر ؛ فإن هذه الآية نزلت يوم أحد اتفاقاً )) .
(2) أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره (475) ، والطبري في التفسير 4/157.
(3) ذكره البغوي في تفسيره 5/28-529 .
(4) لَمْ نقف عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة .(1/445)
[آل عمران : 165] قال : بأخذكم الفداء (1).
قوله - عز وجل -: { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً } [آل عمران : 169].
(145) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: أخبرنا أبو سعيد إسماعيل(2) بن أحمد الخلالي ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن زيدان البجلي(3)، قَالَ: حدثنا أبو كريب ،قَالَ : حدثنا عبد الله ابن إدريس ، عن محمد بن إسحاق، عن إسماعيل /36 أ / ابن أبي أمية ، عن أبي الزبير ، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عَبَّاس، قال: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لما أُصيب إخوانكم بِأُحد ، جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وَمِقيلهم ، قالوا من يبلغ إخواننا عنا إنَّا في الجنة نُرزق؛ لئِلا يزهدوا في الْجِهَاد ولا يَنكُلوا(4) في الحرب ؟ فقال الله - عز وجل - : أنا أُبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى : { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } [آل عمران : 169].
رواه الحَاكِم أبو عَبْد الله في " صحيحه " (5)
__________
(1) أخرجه- مطولاً- ابن أبي شيبة (36673) ، وأحمد 1/30 و32 ، وعبد بن حميد (31) ، ومسلم 5/156(1763)(58) ، وأبو داود (2690) ، والترمذي (3081) ، والبزار (196) ، وأبو عوانة 4/152 و155 و156و157 ، وابن حبان (4793) ، وأبو نعيم في الدلائل (408) ، والبيهقي في السنن 6/321، وفي الدلائل 3/51-52 من طريق أبي زميل سماك الحنفي ، عن عبد الله بن عباس . وقال الترمذي : (( حسن صحيح غريب )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في (س) و (ه) : ((زيدان بن يزيد البجلي )) .
(4) في ( ب ) : (( يتكلوا )) .
(5) المستدرك 2/88 وإسناده ضعيف ؛لعنعنة أَبِي الزبير .
وأخرجه أَحْمَد 1/265 ، و أَبُو داود (2520) ، وابن أَبِي عاصم في الْجِهَاد (52) و (193) ، و أَبُو يعلى ( 2331 )، والآجري في الشريعة (392)، والبيهقي في الكبرى 9/163 ، وفي الدلائل 3/304 ، من طرق عن عَبْد الله بن إدريس بهذا الإسناد .
وأخرجه ابن أَبِي شيبة (19325) ، و أَحْمَد 1/265 ، وعبد بن حميد (679 ) ، وابن أَبِي عاصم في الْجِهَاد ( 194 ) و ( 195 ) ، والطبري 4/170-171 ، من طريق أبي الزبير ، عن ابن عَبَّاس ، بِهِ . دُوْنَ ذَكَرَ سعيد بن جبير فِيْهِ ،وانظر : الدر المنثور 2/371.(1/446)
مِنْ طريق عثمان بن أبي شيبة .
(146) أخبرنا مُحَمَّد بن عَبْد الرحمان الغازي ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن أحمد بن حمدان ،قَالَ: أخبرنا حامد بن مُحَمَّد بن شعيب البلخي ،قَالَ:حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الله بن إدريس ، فذكره .
رَوَاهُ الحَاكِم (1) عن عَلِيّ بن عيسى الحيري ، عن مسدد، عن عثمان بن أَبِي شيبة.
(147) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن الحسين الحذَّاء ، قَالَ: أخبرنا علي بن المديني ، قَالَ:حدثنا موسى بن إبراهيم بن كثير(2) بن الفاكه الأنصاري : أنه سمع طلحة بن خِرَاش ، قال : سمعت جابر بن عبد الله قَالَ : نظر إليَّ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( مالي أراك مهتماً )) ؟ قُلتُ : يا رَسُول الله ، قتل أبي وترك دَيناً وعيالاً . فَقَالَ : (( ألا أُخبرك ما كلم الله أحداً قط إلا مِنْ وراء حجاب ، وإنه كلم أباك كِفاحاً(3) فَقَالَ : يا عبدي سلني أُعطك ، قَالَ : أسألك أن تردني إِلَى الدنيا فأُقتل فيك ثانيةً ، فَقَالَ: إنَّهُ قَدْ سبق مني أنهم إليها (4) لا يرجعون. قَالَ : يا رب فأبلغ من ورائي )) ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً …الآية } (5)
__________
(1) المستدرك 2/297.
(2) في (ب): ((بشير)) وهو خطأ ، والتصحيح من كتب الرجال ومصادر التخريج .
(3) في اللسان 2/413 (( وفي حديث جابر ؛ إن الله كلم أباك كفاحاً : أي مواجهة لَيْسَ بَيْنَهُمَا حجاب
ولا رَسُول )) .
(4) في (ه) : (( إلينا )) .
(5) إسناده حسن ، طلحة بن خراش صدوق حسن الحديث ، ولا يضر فيه قول الأزدي فهو نفسه متكلم فيه.
… أخرجه ابن ماجه (190)و(2800)، والترمذي(3010)، وابن أَبِي عاصم في السُّنَّة (615)، والبيهقي في الدلائل 3/298 وزاد السيوطي في الدر 2/371 نسبته لابن خزيمة والطبراني والحاكم وابن مردويه .
…وأخرجه الحميدي (1265) ، وأحمد 3/361 ، وعبد بن حميد (1039) ، والطبري في التفسير 4/172 من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر.(1/447)
[آل عمران: 169] .
(148) أخبرني أبو عمرو القنطري فيما كتب إلي ،قَالَ:أخبرنا محمد بن الْحُسَيْن، قال: أخبرنا محمد بن يَحْيَى(1) ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ:حدثنا وكيعٌ ، عن سفيان، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن جبير { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ } [آل عمران:169] قال(2): لما أصيب حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير يوم أحد ، ورأوا ما رزقوا من الخير ، قالوا : ليت إخواننا يعلمون ما أصبنا(3) من الخير كي يزدادوا في الجهاد رغبةً ، فقال الله تعالى : أنا مبلغهم(4) عنكم ، فأنزل الله تعالى : { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ…الآية } [آل عمران:169] إلى قوله تعالى: { لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ } [آل عمران: 171].
وَقَالَ أبو الضحى : نزلت { وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتاً … الآية(5) } في أهل أحدٍ خاصةً (6) / 36 ب /.
وقال جماعةٌ من أهل التفسير : نزلت الآية في شهداء بئر معونَةَ ، وقصتهم مشهورةٌ ذكرها محمد بن إسحاق بن يسار في المغازي(7).
__________
(1) من ابتداء السند حَتَّى هنا سقط من ( ب ) .
(2) إسناده ضعيف؛ لإرساله وعزاه الحَافِظ ابن حجر في العجاب:566 لإسحاق بن راهويه.وذكره السيوطي في الدر 2/373 وعزاه إِلَى ابن أبي شيبة والطبراني . وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 6/328-329 :
(( رَوَاهُ الطبراني ورجاله ثقات إلا أنَّهُ مرسل )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( أصابنا )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( أبلغهم )) .
(5) في ( س ) و ( ص ) مكان الآية قوله (( هَذِهِ )) .
(6) أخرجه الفريابي كما في العجاب : 566.
(7) سيرة ابن هشام 3/193-195 ، وساق الحافظ ابن حجر في العجاب :568 الخبر بطوله.(1/448)
وقال آخرون : إن أولياء الشهداء كانوا إذا أصابتهم نعمةٌ أو سرورٌ تحسروا وقالوا: نحن في النعمة والسرور وآباؤنا وأبناؤنا وإخواننا في القبور ، فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية تنفيساً عنهم ، وإخباراً عن حال قتلاهم(1).
قوله - عز وجل - : { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ...الآية } [آل عمران : 172].
(149) أخبرنا أحمد بن إبراهيم المقرئ ، قَالَ:أخبرنا شعيب بن محمد ، قَالَ:أخبرنا مكي بن عبدان حدثنا أبو الأزهر ، قَالَ:حدثنا رَوح ، قَالَ: حدثنا أبو(2) يونس القشيري،عن عمرو بن دينار : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استنفر الناس بعد أحدٍ حين انصرف المشركون ، فاستجاب له سبعون رجلاً ؛ فطلبهم(3) ، فلقي أبو سُفْيَان عيراً من خُزَاعة فَقَالَ لهم : إن لقيتم محمداً يطلبني فأخبروه أني في جمعٍ كثيرٍ. فلقيهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فسألهم عن أبي سُفْيَان فقالوا : لقيناه في جمعٍ كَثِيْر ، ونراك في قلَّةٍ ، ولا نأمنه عليك. فأبى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن يطلبه ، فسبقه أبو سُفْيَان فدخل مكة ، فأنزل الله تَعَالَى فيهم : { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ } [آل عمران : 172] حَتَّى بلغ { فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ } (4)[آل عمران : 175].
__________
(1) أورده ابن حجر في العجاب :569 ونسبه للثعلبي ، عن بعضهم.
(2) في ( ب ) : (( شعبة أَبُو )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( قَالَ : فطلبهم ))
(4) إسناده ضعيف لإرساله.(1/449)
(150) أخبرنا عمرو بن أبي عَمْرو(1) ،قَالَ: أخبرنا محمد بن مكيٍّ ،قَالَ: أخبرنا محمد بن يوسف ،قَالَ: أخبرنا محمد بن إسماعيل(2) ،قَالَ:حدثنا محمد ، قَالَ:حدثنا أبو معاوية ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة رضي الله عنها ، في قوله تعالى : { الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ } [آل عمران : 172] إلى آخرها ، قال : قالت لعروة : يا ابن أختي كان أبواك منهم ، الزبير وأبو بكرٍ ، لمَّا أصاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحدٍ ما أصاب ، وانصرف عنه المشركون ، خاف أن يرجعوا ، فَقَالَ : (( من يذهب في أثرهم ))؟ فانتدب مِنْهُمْ سبعون رجلاً ، كَانَ فيهم(3) أبو بكرٍ والزبير(4) .
قوله - عز وجل - : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاس… الآية } [آل عمران : 173].
__________
(1) لَمْ يرد هَذَا الاسم في ( ب ) .
(2) هو الإمام البخاري ، والحديث في صحيحه 5/130(4077).
(3) في ( س ) و ( ه) : (( مِنْهُمْ )) .
(4) أخرجه الحميدي (250) ، وابن ماجه (124) ، والطبري في التفسير 4/177 و178.(1/450)
(151) أَخْبَرَنَا أبو إسحاق الثعالبي ،قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو صالح شعيب بن محمد ،قَالَ: أَخْبَرَنَا أبو حاتم التميمي ،قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن الأزهر ،قَالَ:حَدَّثَنَا روح بن عبادة ،قَالَ: حَدَّثَنَا سعيد ، عن قتادة ، قال(1): ذاك يوم أحدٍ بعد القتل والجراحة وبعد ما انصرف المشركون : أبو سفيان وأصحابه ، قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه : ((ألا عصَابةٌ تَشَدَّدُ لأمر الله فتطلب عدوها ، فإنه أنكى للعدو ، وأبعد للسمع )) ؟ فانطلق عصابة عَلَى مايعلم الله تَعَالَى من الجهد ، حَتَّى إذا كانوا بذي الحُلَيفة جعل الأعراب / 37 أ / والناس يأتون عَلَيْهِمْ فيقولون : هَذَا أبو سُفْيَان مائلٌ عليكم بالناس ، فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ، فأنزل الله تَعَالَى فيهم قوله : { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ … الآية(2) } [آل عمران : 173] .
قوله - عز وجل - : { مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْه...الآية }
[آل عمران : 179].
قَالَ السدي (3): قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( عرضت عليَّ أمتي في صورها كما عرضت على آدم ، وأعلمت من يؤمن بي ومن يكفر )) . فبلغ ذَلِكَ المنافقين ، فاستهزؤا وقالوا : يزعم مُحَمَّدٌ أنه يعلم مِنْ يؤمن بِهِ ومن يكفر ، ونحن مَعَهُ ولا يعرفنا. فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) أخرجه الطبري 4/180 . وزاد نسبته في الدر المنثور 2/388-389 لعبد بن حميد ، وهذا مرسل قتادة لم يدرك التنْزيل .
(2) في ( س ) و ( ه) خلاف في سياق ذكر الآية .
(3) أخرجه الطبري 4/188،وابن أبي حاتم في تفسيره 3/824(4559).(1/451)
وَقَالَ الكلبي(1): قالت قريش : تزعم يا مُحَمَّد ، أن مِنْ خالفك فهو في النار والله عَلِيهِ غضبان ، وأن مِنْ اتبعك عَلَى دينك فهو من أهل الجنة والله عَنْهُ راضٍ ؛ فأخبرنا بمن يؤمن بك ومن (2) لا يؤمن بك (3). فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) ذكره ابن حجر في العجاب :575 قال الكلبي ،عن أبي صالح، عن ابن عَبَّاس ، به.ولم يعزه لأحد.
(2) في ( س ) و ( ه) : (( وبمن )) .
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/452)
قال مقاتلٌ والكلبي (1): نزلت في المُطْعِمِينَ يوم " بدرٍ " وكانوا اثني عشر رجلاً : أبو جهلٍ بن هشامٍ ، وعُتْبة وشَيْبة ابنا ربيعة، ونُبَيْه ومُنَبِّه ابنا حجَّاج ، وأبو البَخْتَرِي بن هشام ، والنَّضْر بن الحارث ، وحَكِيم بن حِزَام ، وأُبيّ بن خَلَف ، وزمعة بن الأسود ، والحارث بن عامر بن نَوْفَل ، والعباس بن عبد المطلب ؛ وكلهم من قريشٍ ، وَكَانَ يطعم كلّ واحدٍ مِنْهُمْ كُلّ يوم عشر جزائر (2).
وقال سعيد بن جُبَيْر وابن أبْزَى: نزلت في أبي سفيان بن حرب، استأجر يوم أحدٍ ألفين من الأحَابِيش يقاتل بهم النبي - صلى الله عليه وسلم - سوى من استجاب (3) له (4) من العرب، وفيهم يقول كَعْبُ بن مالك :
فجئنا إِلَى مَوْجٍ مِنْ البَحْرِ وَسْطَهُ ... أحَابِيشُ منهم حَاسِرٌ ومُقَنَّعُ
ثَلاَثةُ آلافٍ ونَحْنُ نَصِيَّةٌ (5) ... ثَلاَثُ مِئِينَ إنْ كَثُرْنَا فَأَرْبَعُ (6)
وقال الحكم بن عُتَيبة : أنفق أبو سفيان على المشركين يوم أحدٍ أربعين أوقيةً من الذهب (7) ، فَنَزَلت فيه هذه الآية (8).
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 2/291 .
(2) في ( ب ) و ( ه) : (( عشرة جزور )) .
(3) في ( ب ) : ( استجاش ).
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) في ( ب ) : (( بقية )).
(6) هذان البيتان جزء مِنْ ما أنشده كعب بن مَالِك رداً عَلَى هبيرة بن أبي وهب . انظر : سيرة ابن هشام 3/ 139 -142
(7) لَمْ ترد في ( ب ) .
(8) أثر سعيد بن جبير ، أخرجه الطبري في تفسيره 9/244 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر 4/63 لابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن عساكر .
وأثر ابن أبزى أخرجه الطبري في تفسيره 9/245 .
وأثر الحكم بن عتبة . أخرجه الطبري 9/245 ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/63 وزاد نسبته لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشَّيْخ .(1/453)
وقال محمد بن إسحاق عن رجاله (1): لما اصيبت قريشٌ يوم بدرٍ فرجع فَلُّهُم (2) إلى مكة، ورجع أبو سفيان بعيرهم ، مشى عبد الله بن أبي ربيعة، وعِكْرِمة بن أبي جهل، وصَفْوان بن أمَيّة ، في رجالٍ من قريشٍ أُصيبَ آباؤُهم /65ب/ وأبناؤهم وإخوانهم ببدرٍ (3) ، فكلّموا أبا سفيان بن حربٍ ، ومن كانت له في تلك العير تجارةٌ ، فقالوا :
يا معشر قريشٍ ، إن محمداً قد وَتَرَكُم وقتل خياركم، فأعينونا بهذا المال الذي أفْلَتَ على حربه ، لعلنا ندرك منه ثأراً بمن أُصيب منا ، ففعلوا ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية (4).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } [الأنفال:64].
__________
(1) أخرجه ابن إسحاق كَمَا في سيرة ابن هشام 3/64 ، والطبري في تفسيره 9/245 ، وذكره السيوطي في الدر 4/63 وزاد نسبته إِلَى ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل ، جميعهم عن ابن إسحاق، قَالَ: حَدَّثَنِي الزهري ، ومحمد بن يَحْيَى بن حيان ، وعاصم بن عمر بن قتادة ، والحصين بن عَبْد الرَّحْمَان بن عمر وغيرهم من علمائنا .
(2) في ( ب ): (( كلهم )).
(3) لم ترد في ( ب ) .
(4) في ( ص ) : { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ… الآية } .(1/454)
(257) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدثنا أحمد ابن عَمرو بن عبد الخالق ، قال : حدثنا صفْوَان بن المغلس ، قَالَ : حدثنا إسحاق بن بشر ، قال : حَدَّثَنَا خلف بن خليفة ، عن أنس بن أبي هاشم الرّماني (1)، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : أسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعةٌ وثلاثون رجلاً ، ثم إن عمر اسلم فصاروا أربعين ، فَنَزَل جبريل عليه السلام بقوله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } (2)[الأنفال : 64].
قوله - عز وجل -: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض…الآية } [الأنفال : 67].
قال مجاهدٌ : كان عُمَر بن الخطاب يرى الرأي فيوافق رأيه ما يجيء من السماء ، وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استشار في أسَارَى بدر، فقال المسلمون: يا رسول الله ، بنو عمك فافدهم . فقال عمر : لا يا رسول الله ، اقتلهم . قال فنزلت هذه الآية : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض } (3) [الأنفال : 67].
__________
(1) ه) : (( عن ابن هشام الزماني )) .
(2) موضوع ؛ آفته إسحاق بن بشر ، وَهُوَ كذّاب .
أخرجه الطبراني في الكبير (12470) مِنْ طريق إسحاق بن بشر ، بهذا الإسناد . وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/101 وزاد نسبته لأبي الشَّيْخ وابن مردويه .
(3) أخرجه أبو نعيم في الحلية 1/43 .(1/455)
وقال ابن عمر (1): استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأسارى أبا بكرٍ ، فقال: قومك وعشيرتك ، خلِ سبيلهم . واستشار عمر فقال : اقتلهم . فَفَادَاهُم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض } [الأنفال : 67] إلى قوله تعالى : { فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً } [الأنفال : 69] قال: فلقي النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عمرَ ، فقالَ : كاد أن يصيبنا في خِلاَفِكَ بلاءٌ .
(258) أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحِيرِي ، قال : أخبرنا حاجب بن أحمد ، قال : حَدَّثَنَا محمد بن حماد ، قال : حَدَّثَنَا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن
مُرَّة، عن أبي عُبيدة (2)، عن عبد الله ، قَالَ : لما كان يوم بدرٍ وجيء بالأسارى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما تقولون في هؤلاء (3) الأسرى ؟ )) .
فَقَالَ أبو بكرٍ : يا رَسُول الله قومك وأهلك ، استبقهم واسْتَأْنِ بهم ، لعل الله - عز وجل - يتوب (4) عَلَيْهِمْ . وَقَالَ عمر : كذّبوك وأخرجوك ، قدمهم فاضرب أعناقهم.
وقال عبد الله بن رَوَاحَة : يا رسول الله انظر وادياً كثيرَ الحطب فأدخلهم فيه ،
ثم أضرم عليهم ناراً . فقال العباس : قطعت رحمك .
__________
(1) ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/107 ونسبه لابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه .
(2) هو : عامر بن عبد الله بن مسعود ، راجع تهذيب التهذيب 5/75 .
(3) لم ترد في ( ص) .
(4) في ( س ) : (( أن يتوب )) .(1/456)
فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يجبهم ثم دخل ، فقال ناسٌ : يأخذ بقول أبي بكرٍ ، وقال ناسٌ : يأخذ بقول عمر ، وقال ناسٌ : يأخذ بقول عبد الله (1) ، ثم خرج عليهم فَقَالَ : (( إن الله - عز وجل - لَيُلِينُ قلوبَ رجالٍ فيه حتى تكون ألينَ من اللَّبَن ، وإن الله - عز وجل - لَيُشَدِّدُ قلوبَ رجالٍ فيه حتى تكون أشدَّ من الحجارة ، وإن مثلك يا أبا بكر ، كمثل /66 أ/ إبراهيم ، قال : { فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [إبراهيم : 36] وإن مثلك يا أبا بكرٍ ، كمثل عيسى ، قَالَ : { إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } [المائدة : 118] ، وإن مثلك يا عُمَر ، كمثل موسى ، قَالَ : { رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ } [يونس : 88]، ومثلك يا عُمَر، كمثل نوح، قال: { وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً } [نوح: 26] . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أنتم اليوم عَالةٌ ، أنتم اليوم عَالةٌ (2)، فلا يَنْقَلِبَنَّ منهم أحدٌ إلا بفداءٍ أو ضربِ عنقٍ )) ، قال: فأنزل الله - عز وجل - : { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض } [الأنفال: 67] إلى آخر الآيات الثلاث (3)
__________
(1) في (ب ) و ( ص ) : (( بن رواحة )).
(2) لم ترد في ( ص ) .
(3) إسناده ضعيفٌ ؛ لانقطاعه ، فإن أبا عبيدة لَمْ يسمع من أبيه عَبْد الله .
أخرجه أبو عبيد في الأموال (306) ، وابن أبي شيبة ( 36679 ) ، وأحمد 1/383 و 384 ، والترمذي (1714) و (3084) ، وأبو يعلى (5187) ، والطبري في التفسير 10/43 ، وفي التاريخ 2/476 ، وابن أبي حاتم 5/1731 (9151) ، والطبراني في الكبير (10258) و (10259) و (10260) ، والحاكم 3/21-22 ، والبغوي في تفسيره 309 ، وأبو نُعَيْم في الحلية 4/207 و208 ، والبيهقي 6/321 ، وفي الدلائل 3/138 ؛ وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/105 وزاد نسبته لابن المنذر ، وابن مردويه ، كلهم من طريق أبي عبيدة، عن عَبْد الله . وللحديث شواهد سيأتي أحدها من حَدِيْث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .(1/457)
.
(259) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان العدل ، أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : حدثني أبي (1) ، قال : حدثنا أبو نُوح قُرَاد ، قال : حدثنا عِكْرِمة بن عمار ، قال : حدثنا سِمَاكٌ الحنَفِي أبو زُمَيْل ، قَالَ : حدثني ابن عباسٍ ، قال : حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما كان يوم بدرٍ والتقوا ، فهزم الله المشركين وقُتِلَ منهم سبعون رجلاً وأسر منهم (2) سبعون رجلاً، استشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكرٍ وعمر وعلياً - رضي الله عنهم - ، فقال أبو بكر : يا نبي الله ، هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان، وإني أرى أن تأخذ منهم الفِدْية، فيكونَ ما أخذنا منهم قُوّةً لنا على الكفار(3)، وعسى أن يَهْديَهمْ الله (4) ، فيكونوا لنا عضداً . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما ترى يا ابن الخطاب ؟ )) قَالَ : قُلتُ : والله ما أرى ما رأى أبو بكرٍ وَلَكِنْ أرى أن تمكنني مِنْ فلانٍ
__________
(1) المسند 1/30 .
(2) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(3) العبارة في ( ص ) : (( فيكون لنا عضداً على الكفار )).
(4) في ( س ) و ( ه) : (( أن الله يهديهم للإسلام )) .(1/458)
– قريبٌ لعمر- فأضرب عنقه ، وتمكن علياً مِنْ عَقِيل فيضرب عنقه ، وتمكن حمزة مِنْ فُلاَن (1)- أخيه- فيضرب عنقه ، حَتَّى يعلم الله - عز وجل - أنَّهُ لَيْسَ في قلوبنا هَوَادَةٌ للمشركين ، هَؤُلاَءِ صَنَاديدُهم وأئمتهم وقادتهم . فَهَوِىَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قَالَ أبو بكر ، وَلَمْ يهو ما قُلتُ ، فأخذ مِنْهُمْ الفداء . فَلَمَّا كَانَ مِنْ الغد قَالَ عُمَر : غدوت إِلَى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فإذا هُوَّ قاعدٌ وأبو بكرٍ الصديق وإذا هما يبكيان ، فقلت : يا رَسُول الله ، أَخْبَرَنِي ما يبكيك أنت وصاحبك ؟ فإن وجدت بكاءً بكيت ، وإن لَمْ أجد بكاءً تباكيت لبكائكما (2). فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( أبكي للذي عَرَضَ عليّ أصحابُك مِن الفداء ، لقد عُرِضَ عليَّ عذابُكم أدنى مِنْ هَذِهِ الشجرة )) –لشجرةٍ قريبةٍ- وأنزل الله تَعَالَى: { مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْض } [الأنفال : 67] إلى قوله : { لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ } من الفداء { عَذَابٌ عَظِيمٌ } [الأنفال : 68] .
رواه مسلم في الصَّحِيْح (3) عن هَنّاد بن السَّرِيّ، عن ابن المبارك، عن عكرمة بن عمار(4).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى … الآية } [الأنفال : 70] .
__________
(1) في ( ص ): (( في اخيه بني العباس )).
(2) لم ترد في ( ب )و(ص ) .
(3) صحيح مسلم 5/156 – 157 (1763) (58) .
وأخرجه وأحمد 1/30 و32 ، وعبد بن حميد (31) ، وأبو داود (2690) ، والترمذي (3081) ، والبزار (196)، والطبري في تفسيره 10/44 ، وأبو عوانة 4/152 و155 و156 و157 ، وابن حبان (4793) ، وأبو نعيم في الدلائل (408) ، والبيهقي 6/321 وفي الدلائل 3/51- 52 .
(4) ه) : (( عمارة )). وهو خطأ .(1/459)
قال الكلبي : نزلت في العباس بن عبد المطلب ، وعَقِيل بن أبي طالب ، ونوفل بن الحارث. وكان العباس أُسِرَ يوم بدر ومعه عشرون أوقية من الذهب /65ب/ كان خرج بها مَعَهُ إلى بدر ليطعم بها الناس ، وكان أحد العشرة الذين ضَمِنُوا إطعام أهل (1) بدر ، وَلَمْ تكن بلغته النَّوْبَة حتى أُسر ، فأُخذتْ معه فأخذها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منه . قال فكلمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل لي العشرين الأوقية الذهب التي أخذها مني في فدائي (2) فأبى
عليَّ وقال : أما شيءٌ خرجت بِهِ (3) تستعين به علينا فلا . وكلفني فداء ابن أخي عَقِيل ابن أبي طالب عشرين أوقيةً من فضةٍ فقلت له : تركتني والله أسأل قريشاً بكفي والناس
ما بقيت ، قال : فأين الذهب الذي دفعته إلى أمَّ الفَضْل حِيْنَ (4) مخرجك إلى بدرٍ ، وقلت لها : إن حدث بي حدثٌ في وجهي هذا فهو لك ولعبد الله والفضل وقُثَم ؟
فقلت (5): وما يدريك ؟ قَالَ : أَخْبَرَنِي الله بِذَلِكَ . قُلْتُ : أشهد إنك لصادقٌ ، وإني قَدْ دفعت إليها بالذهب وَلَمْ يطلع عَلَيْهِ أحدٌ إلا الله ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رَسُوْل الله. قَالَ العباس: فأعطاني الله خيراً مِمَّا أخذ مني- كَمَا قَالَ- عشرين عبداً كلُّهم يَضْرِبُ بمالٍ كثيرٍ مكان العشرين الأوقية ، وأنا أرجو المغفرة من ربي (6)
__________
(1) في ( ص ) : (( ابل بدر )).
(2) ه) : (( مني من فجائي )) .
(3) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( قبل )) ، ولم ترد في ( ص ) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( قَالَ : قُلْتُ )) .
(6) أخرج قصة الأسر ابن سعد 4/12 ، عن ابن عَبَّاسٍ .
وأخرج قصة الفداء ابن سعد 4/15 من طريق الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاسٍ .
وأخرجها البَيْهَقِيّ في دلائل النبوة 3/142 – 143 عن عروة بن الزبير والزهري وجماعة سماهم ، وذكرها السيوطي في الدر 4/112 وزاد نسبتها لأبي جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه .
وأخرج الطبراني في الكبير ( 11398 ) من طريق عطاء ، عن ابن عَبَّاسٍ : { قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الأَسْرَى } حَتَّى بلغ : { أخذ منكم } قَالَ : كَانَ العباس يَقُوْل : (( فِيَّ والله أنزلت … )) .
وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/28 : (( رَوَاهُ الطبراني في الأوسط والكبير باختصار ورجال الأوسط رجال الصَّحِيْح غَيْر ابن إسحاق ، وَقَدْ صرح بالسماع )) .
وأخرج الحَاكِم 3/324 ، وَعَنْهُ البَيْهَقِيّ في السنن 6/322 من قَوْل عائشة - رضي الله عَنْهَا - بمعناه وذكره البغوي في التفسير 2/311 ( 1027 ) .
وَقَد كَتَبَ ناسخ ( ب ) بهذا الموضع : (( بلغ السماع )) ، وَهُوَ دليل عَلَى سَمَاع مالكها – العلاّف – عَلَى شيخه – ابن بركة – ، وهذا دال عَلَى جودة النسخة ونفاستها .(1/460)
.
سُورة براءة (1)
F
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ (2) } [التوبة : 12] .
قال ابن عباسٍ (3) نزلت في أبي سفيان بن حرب ، والحارث بن هشام وسُهَيل بن عمرو ، وعكرِمة بن أبي جهل ، وسائر رؤساء قريشٍ الذين نقضوا العهد ، وهم الذين هَمُّوا بإخراج الرسول .
قوله - عز وجل -: { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّه } [التوبة : 17] .
قال المفسرون : لما أسر العباس يوم بدرٍ أقبل عليه المسلمون (4) يعيرونه (5) بكفره بالله وقطيعته الرحم ، وأغلظ عَلِيٌّ له القولَ . فَقَالَ لَهُ (6) العباس : ما لكم تذكرون مساوَئنا ولا تذكرون محاسننا ؟ فَقَالَ لَهُ عليٌّ : ألكم محاسنٌ ؟ قَالَ : نعم ، إنا
لنعمر المسجد الحرام، ونَحْجُبُ الكعبة، ونسقي الحاج ، ونفك العَاني ، فأنزل الله - عز وجل -
ردّاً عَلَى العباس : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّه …الآية } [التوبة : 17] .
قوله - عز وجل -: { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَام (7)…الآية } [التوبة: 19] .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( التوبة )) .
(2) في ( ص ) : تكملة الآية .
(3) تفسير الخازن 3/53 . وانظر : تفسير الطبري 13/154-155 ، والدر المنثور 3/214 . وما روي عن ابن عمر في المستدرك 2/332 .
(4) ذكر ذلك في تفسير الخازن 3/55 ، والدر المنثور 3/219 عن ابن عباس .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( فعيروه )) .
(6) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(7) في (ص ) تكملة الآية.(1/461)
(260) أَخْبَرَنَا أبو إسحاق الثعالبي – رَحِمَهُ اللهُ – ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن حامد الوزان ، قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن جعفر بن مُحَمَّد بن عَبْد الله المنادي ، قَالَ : أخبرنا أبو داود سُلَيمان ابن الأشْعَث ، قال : حَدَّثَنَا أبو تَوبَةَ الربيع بن نافع الحَلَبِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِية بن سَلام، عن زَيْد بن سلام ، عن أبي سلام ، قال: حَدَّثَنَا النُّعْمَان بن بشير ، قَالَ: كنت عند مِنْبَر رَسُوْل /67 أ/ الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجلٌ : لا (1) أُبَالي أنْ لا أَعملَ عَمَلاً بعد أن أسقي الحاج ، وقال الآخر: ما أبالي أن لا أعمل عملاً بعد أنْ أعْمُرَ المسجد الحرام ، و(2) قال آخر : الجهاد في سبيل الله أفضل مِمَّا قلتم ، فَزجرهم ، عمر وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - وهو يوم الجمعة -، ولكني إذا صليتُ دخلت فاستفيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما اختلفتم فيه . ففعل ، فأنزل الله تعالى :
{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } إلى قوله تَعَالَى : { وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } . رواه مُسْلِم (3)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( ما )) .
(2) في الأصل : (( قال آخر )) ، والمثبت من النسخ .
(3) صَحِيْح مُسْلِم 6/36 (1879) ، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره (1060) ، والطبري في تفسيره 10/95، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1767 ، وابن حبان في صحيحه ( 4591 ) ، والطبراني في الأوسط ( 423 ) ، والمصنف في الوسيط 2/ 485 ، والبغوي في تفسيره ( 1039 ) .
وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/ 144-145 وزاد نسبته إلى ابن المنذر ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه .
ونسبه ابن كثير في تفسيره 2/ 468 ، والسيوطي في لباب النقول 1/ 115 إلى أبي داود ، ولم نجده في سننه ولا في تحفة الأشراف ، و المصنف أيضاً رَوَاهُ هنا من طريق أبي داود .
وأفاد القرطبي في تفسيره 4/ 2931 : (( أن بعض الرواة تسامح في قوله ؛ فأنزل الله الآية . وإنما قرأ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - الآية علَى عمر حِيْنَ سأله فظن الرَّاوِي أنها نزلت حينئذٍ )) .(1/462)
عن الحسن بن علي الحَلَوَانِي ، عن أبي توبة .
وقال ابن عَبَّاس(1) في رواية الوالِبي: قال العباس بن عبد المطلب حين أُسر يومَ بدرٍ: لئنْ كنْتُم سبقتمونا (2) بالإسلام والهجرة والجهاد ، لقد كنا نعمر المسجد الحرام ، ونسقي الحاج ، ونفك العاني . فأنزل الله - عز وجل - : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ … الآية } .
وقال الحسن والشعبي والقرظي (3) : نزلت الآية في عليٍّ ، والعباس ، وطلحة بن شيبة، وذلك أنهم أفتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفتاحه ، ولو أشاء بتُّ فِيْهِ [ وإليَّ ثيابُ بيتهِ ] (4). وقال العباس: أنا صاحب السِّقاية والقائم عليها ، وقال عليٌّ: ما أدري ما تقولان ، لقد صليت ستة أشهرٍ قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد. فأنزل الله تعالى هذه الآية .
وقال ابن سيرين (5)
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 10/95 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1768 (10066) ، وذكره الخازن في تفسيره 3/68- 69 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/ 145 وزاد نسبته إلى ابن المنذر .
(2) في ( ب ) : (( سقيتمونا )) ، مجودة الضبط .
(3) قَوْل الحسن : أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 2/138 (1061) ، والطبري في تفسيره 10/96 .
وقول الشعبي : أخرجه عَبْد الرزاق 2/138 (1062) ، وابن أبي شيبة (32115) ، والطبري في تفسيره 10/96 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/1767 (10064) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/145 وزاد نسبته لابن المنذر ، وأبي الشَّيْخ .
وقول مُحَمَّد بن كعب القرظي : أخرجه الطبري في تفسيره 10/96 .
وانظر : تفسير البغوي 2/326 ، والمحرر الوجيز 6/441 ، وتفسير ابن كَثِيْر .
(4) ما بَيْنَ المعكوفين لَمْ يرد في ( ب ) .
(5) رَوَاهُ الفريابي – فِيْمَا ذَكَرَ السيوطي في الدر 4/146 .
…وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 6/1769 (10072) ، و نَسَبهَ في الدر 4/146 إِلَى ابن أبي شيبة وأبي الشَّيْخ وابن مردويه ، كلهم عن عَبْد الله بن عبيدة قوله .(1/463)
، ومُرّة الهمداني : قال عليٌّ للعباس : ألا تهاجر ؟ ألا تلحق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : ألست في شيءٍ (1) أفضل من الهجرة ؟ ألست أسقي حاج بيت الله وأعمر المسجد الحرام ؟ فأنَزَل الله تَعَالَى هَذِهِ (2) الآية . ونزل قوله تَعَالَى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا … الآية } [التوبة : 20] .
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَ كُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ…الآية } . [التوبة : 23] .
قال الكلبي(3): لما أُمِرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهجرة إلى المدينة، جعل الرجل يقول لأبيه(4) وأخيه وامرأته : إنا قد أمرنا بالهجرة ، فمنهم من يسرع إلى ذلك ويعجبه ، ومنهم من تتعلق به زوجته وعياله وولده ويقولون (5) : ننشدك الله أن تدعنا إلى غير شيء فنضيع ، فيرق فيجلس معهم ويدع الهجرة . فنزل قَوْل الله تَعَالَى يعاتبهم(6) : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا آبَاءَ كُمْ … الآية } [التوبة : 23].
ونزل في الذين تخلفوا بمكة ولم يهاجروا قوله تعالى : { قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ } إلى قوله (7): { فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ } [التوبة: 24]. يعني القتال وفتح مكة (8) .
__________
(1) لَمْ يرد في ( ب ) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فنزلت هَذِهِ )) .
(3) ذَكَرَ مثله عن ابن عَبَّاسٍ في تفسير الخازن 3/58 .
(4) في ( ب ) و ( ص ) : (( لابنه )) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( فيقولون )) .
(6) عبارة (( قَوْل الله تَعَالَى يعاتبهم )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(7) في ( ص ) تكملة الآية .
(8) ذكر نحو هذا عن مجاهد ، ومقاتل انظر : تفسير مجاهد : 275 ، وتفسير الطبري 10/ 99 ، وتفسير الخازن 3/ 71 .(1/464)
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ } [التوبة :34] .
نزلت في العلماء والقرّاء من أهل الكتاب ، كانوا يأخذون الرِّشَا (1) من سِفْلَتهم ، وهي : المآكل التي كانوا يصيبونها من عوامهم(2) .
قوله /67ب/- عز وجل - : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ …الآية } [التوبة :34].
__________
(1) وتقال بضم الراء ، جمع رشوة . انظر: المعجم الوسيط : 348 .
(2) انظر : تفسير البغوي 2/341 – 342 ، والوسيط 2/491- 492 ، وتفسير القرطبي 4/2961 .(1/465)
(261) أخبرنا أبو إسحاق المقريء ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ، قال : أخبرنا أحمد ابن محمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن نصير(1)، قال: حدثنا عمرو بن زرارة ، قال: حدثنا هشيم ، قال: حدثنا حصين ، عن زيد بن وهب ، قال : مررت بالرَّبذةِ (2) فإذا أنا بأبي ذرٍّ ، فقلت له (3): ما أنزلك منْزلك هذا ؟ قَالَ : كنت بالشام فاختلفت أنا ومعاوية في هَذِهِ الآية : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ } ، فَقَالَ معاوية: نزلت في أهل الكِتَاب ، فقلت : نزلت فينا وفيهم ؛ وَكَانَ بيني وبينه كلام في ذَلِكَ، فكتب إِلَى عثمان يشكوني؛ فكتب إليَّ عثمان: أن أقدم المدينة. فقدمتها فكثر الناس عليَّ حَتَّى كأنهم لَمْ يروني قَبْلَ ذَلِكَ، فذكرت ذَلِكَ لعثمان، فَقَالَ : إن شئتَ تنحيتَ وكنتَ قريباً ؛ فذاك الذي أنزلني هذا المنْزل ، ولو أمَّروا عَلَيَّ حبشياً لسمعت وأطعت. رواه البخاري(4) عن قتيبة (5)، عن جرير، عن حصين. ورواه أيضاً (6) عن علي ، عن هشيم .
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : (( نصر )).
(2) الرَّبَذَة : بفتح أوله ، وثانيه ، وذال معجمة مفتوحة : من قرى المدينة ، عَلَى ثلاثة أميال مِنْهَا قريبة من ذات عِرْق ، عَلَى طريق الحجاز إذا رحلت من فيد تريد مكة ، بِهَا قبر أبي ذر ، خربت في سنة تسع عشرة وثلاثمئة بالقرامطة . مراصد الاطلاع 2/601 .
(3) له )) لم ترد في ( ص ) .
(4) صحيح البخاري6/ 82 ( 4660 )
(5) في ( ب ) و ( ص ) : (( قيس )) .
(6) صحيح البخاري 2/ 133 ( 1406 ) .
وأخرجه ابن أبي شيبة ( 10696 ) و ( 30601 ) ، والنسائي في الكبرى ( 11218 ) ، وفي التفسير ، له (238) ، والطبري في تفسيره 10/121- 122 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1789 (10085).(1/466)
والمفسرون أيضاً مختلفون: فعند بعضهم: أنها نزلت (1) في أهل الكتاب خاصة (2).
وقال السُّدِّي: هي في أهل القبلة(3). وقال الضحاك: هي عامة في أهل الكتاب وفي(4) المسلمين(5) .
قال عطاء عن ابن عَبَّاس في قوله تعالى : { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ }
قال : يريد من المؤمنين (6).
__________
(1) من ( ص ) فَقَطْ .
(2) تفسير البغوي 2/ 344 ، تفسير الخازن 3/ 86 . وهو قَوْل معاوية - رضي الله عنه - كما صرح بذلك صاحب تفسير الخازن ، وَهُوَ الَّذِي نصت عَلَيْهِ الرِّوَايَة .
(3) تفسير ابن أبي حاتم 6/1789 (10086) .
(4) في )) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) ذكره السيوطي في الدر المنثور 4/178 وعزاه لأبي الشَّيْخ ، وهو قول الأكثرين من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، كما صرح بذلك البغوي في تفسيره ، ونسبه أيضاً إلى أبي ذر - رضي الله عنه - .
(6) تفسير الخازن 3/ 86 ، والدر المنثور 4/ 177 ، وما روي عن ابن عَبَّاس ما يؤيد ذلك ويؤكده ، وبمعناه أخرجه أبو داود ( 1664 ) من طريق مجاهد عن ابن عَبَّاس .(1/467)
(262) أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم النجار ، قال: حدثنا سليمان بن أيوب الطبراني ،قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن داود بن صدقة ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الله(1) بن معافى، قال: حدثنا محمد بن داود بن صدقة ، قال : حدثنا عَبْد الكبير (2) بن معافى ، قال: حدثنا شريك، عن محمد بن عبد الله المرادي ، عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي لجعد ، عن ثوبان ، قال : لما نزلت: { وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ } (3) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( تباً للذهبِ والفضة ))، قالوا: يا رسول الله فأي المال يكنز(4) ؟ قَالَ: (( قلباً شاكراً ، ولساناً ذاكراً ، وزوجةً صالحةً )) (5).
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا…الآية } [التوبة: 38].
نزلت في الحث على غزوة " تبوك " ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمّا رجع من الطائف وغزوة حنين، أمر بالجهاد لغزو الروم، وذلك في زمن عسرة من الناس، وجدب من البلاد ، وشدة من الحر ، حين أخرفت(6)
__________
(1) في ( ص ) : (( الكريم )) ، وفي ( ب ) : (( الكثير )) .
(2) في (ص ) : (( الكريم )) ، وفي (س ) : (( عَبْد الله )) .
(3) التوبة : 34 .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( نكنز )) .
(5) إسناده ضعيف لانقطاعه ، فإن سالم بن أبي الجعد لم يسمع من ثوبان ، وقد نص على ذلك الإِمَام البخاري كما نقله عنه الترمذي 5/ 173 .
والحديث أخرجه احمد 5/ 278 و 282 ، وابن ماجه (1856) ، والترمذي (3094) ، والطبري في تفسيره 10/ 119 ، وأبو نعيم في الحلية 1/ 182 ، والمزي في تهذيب الكمال 4/ 225 (3443) ، البوصيري في مصباح الزجاجة 2/ 96 .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( أخرقت )) .
ومعنى (( أخرفت النخل )) : أي جنى ثمرها . انظر المعجم الوسيط : 228 .(1/468)
النخل ، وطابت الثمار . فعظم على الناس غزو الروم، وأحبوا الظلال ، والمقام في المساكن والمال ، وشق عليهم الخروج إلى القتال. فلما علم الله تثاقل الناس (1) أنزل (2) هذه الآية (3).
قوله - عز وجل - : { انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً } [ التوبة : 41 ].
نزلت في الذين اعتذروا /68أ/ بالضيعة والشغل وانتشار الأمر ، فأبى الله تعالى أن يعذرهم دون أن ينفروا ، على ما كان منهم (4).
__________
(1) في ( ص ) : (( القوم )) .
(2) في ( ص ) : أنزل : { يا أيها الذين آمنوا … إلى قليل } .
(3) أخرجه الطبري 10/ 133- 134، وزاد السيوطي في الدر المنثور 4/190 نسبته لسنيد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشَّيْخ من حَدِيْث مجاهد . وانظر : الوسيط 2/ 495 ، وتفسير البغوي 2/ 348 ، والمحرر الوجيز 6/493 ، والخازن 3/ 93 ، وتفسير ابن كثير 2/ 489 .
(4) قال ابن زيد : الثقيل الذي له ضيعة ، فهو ثقيل يكره أن يضيع ضيعته ، والخفيف الذي لا ضيعة له .
ويروى عن ابن عَبَّاس قال : خفافاً أهل الميسرة من المال ، وثقالاً أهل العسرة .
انظر : الوسيط 2/ 499، و البغوي 2/ 353- 354 ، و القرطبي 4/ 2989 ، والخازن 3/ 93 ، وابن كثير 2/ 491- 492 .(1/469)
(263) أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا أبو عمر(1) بن مطر ، قال: حدثنا إبراهيم بن عليٍّ ، قال : حدثنا يحيى بن يحيى ، قال : أخبرنا سفيان بن عيينة ، عن ابن جدعان - وهو علي بن زيد بن جدعان (2) - عن أنس ، قال : قرأ أبو طلحة { انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً } [التوبة : 41] فقال : ما أسمع الله عَذَر أحداً ؛ فخرج مجاهداً إلى الشام حتى مات (3).
__________
(1) في ( س ) : (( عمرو )) .
(2) بن جدعان )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(3) أخرجه ابن سعد في الطبقات 3/ 507 ، وأبو يعلى (3413) ، والطبري في تفسيره 10/ 137-138 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/ 1802 (10055) ، وابن حبان ( 7184 ) ، والحاكم 3/ 353 ، وابن الأثير في أسد الغابة 5/ 235 .
وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/ 209 وزاد نسبته إلى أبي عمر العدني في مسنده وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردويه.
وعلي بن زيد بن جدعان ضعيف . انظر تهذيب الكمال 5/ 249 ( 4659 ) ، والتقريب ( 4734 ) .(1/470)
وقال السُّدّيُّ (1): جاء المقداد بن الأسود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان عظيماً سميناً ، فشكا إليه وسأله أن يأذن له، فنزل(2)فِيْهِ: { انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً } فَلَمَّا نزلت هَذِهِ الآية اشتد شأنها عَلَى الناس؛ فنسخها الله تَعَالَى وأنزل: { لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى …الآية } [التوبة: 91]. ثُمَّ نزل (3) في المتخلفين عن غزوة تبوك من المنافقين قوله - عز وجل -: { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً } ، وقوله - عز وجل -: { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالاً } [التوبة: 47] ؛ وذلك أنَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لما خرج ضرب عسكره عَلَى ثنية الوداع، وضرب عَبْد الله بن أُبَيّ (4) عَلَى ذي جُدَّة أسفل من ثنية الوداع ، وَلَمْ يَكُنْ بأقل العسكرين ؛ فَلَمَّا سار رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - تخلف عَنْهُ عَبْد الله بن أبي فيمن تخلف من المنافقين وأهل الريب. فأنزل الله تَعَالَى يعزي نبيه - صلى الله عليه وسلم - : { لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالاً … الآية } [التوبة: 47](5).
قوله - عز وجل - : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي…الآية } [التوبة : 49 ].
__________
(1) أخرجه ابن أبي حاتم 6/ 1803- 1804 (10063) ، وذكره ابن كثير 2/ 492 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/208 وزاد نسبته إلى أبي الشيخ .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( فنزلت )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( أنزل )) .
(4) في ( س ) : (( عسكره )) .
(5) سيرة ابن هشام 4/162 ، و تفسير البغوي 2/355 .(1/471)
نزلت في جَدّ بن قيس المنافق ، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لَمّا تجهز لغزوة تبوك قال له: (( يا أبا وَهْب، هل لك في جهاد(1) بني الأصفر (2) تتخذ منهم سراري ووصفاء ))، فقال : يا رسول الله ، لقد عرف قومي أني رجلٌ مغرمٌ بالنساء، وإني أخشى إن رأيت بنات بني(3) الأصفر أن لا أصبر عنهن، فلا تفتني بهن، وائذن لي في القعود عنك فأعينك(4) بمالي ؛ فأعرض عَنْهُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَالَ : (( قَدْ أذنت لَكَ )) . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (5) .
فلما نزلت هَذِهِ الآية قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - لبني سلمة -وَكَانَ الجد مِنْهُمْ-: (( من سيدكم يا بني سلمة ؟ )) قالوا : الجد بن قيس ، غَيْر أنَّهُ بخيلٌ جبانٌ .
__________
(1) في ( س ) و (ه) : (( جلاد )) .
(2) في حاشية ( ص ) : يعني ملوك الروم .
(3) سقطت من ( ب ) .
(4) في ( ب ) (( وأعينك )) والمثبت من النسخ .
(5) بمعناه أخرجه الطبراني في الكبير ( 11052 ) من حَدِيْث ابن عَبَّاسٍ مرفوعاً وفيه " جبارة بن المغلس " وَهُوَ ضعيف .
انظر التقريب ( 890 ) . وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/213 وزاد نسبته إِلَى ابن المنذر وابن مردويه وأبي نُعَيْم في الْمَعْرِفَة . انظر الدر المنثور 4/ 213 . وبمعناه ايضاً أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 6/1809 (9600) من حَدِيْث جابر بن عَبْد الله مرفوعاً . وزاد السيوطي نسبته إِلَى ابن مردويه . انظر : الدر المنثور 4/ 213 .
وبمعناه أيضاً أخرجه ابن مردويه من حَدِيْث عَائِشَة مرفوعاً . انظر : الدر المنثور4/ 213. وأخرجه الطبري في تفسيره 10/148-149 عن الزهري ويزيد بن رومان وعبد الله بن أبي بكر وعاصم بن عمر وغيرهم.(1/472)
فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( وأي داءٍ أدوى من البخل ، بَلْ سيدكم الفتى الأبيض (1) الجعْدُ : بِشْرُ بن البراءِ بن معْرورٍ )) (2). فَقَالَ فِيْهِ حسان بن ثابت :
وَقَالَ رَسُوْل الله والحق (3) لاحقٌ ... بِمن قَالَ منا : من تعدون سيدا
فقلنا لَهُ : جدُّ بن قيس عَلَى الَّذِي ... نبخله فينا وإن كَانَ أنكدا/68ب/
فَقَالَ : وأي الداء أدوى من الَّذِي ... رميتم بِهِ جدَّاً وعالى بِهَا يدا
وسوّد بشر بن البراء بجودهِ ... وحُقَّ لبشرٍ ذي الندا ان يسوَّدا
إذا ما أتاه الوفد أنهب ماله ... وَقَالَ : خذوه إنَّهُ عائد غدا
وما بعد هَذِهِ الآية كله في المنافقين (4) إلَى قوله تَعَالَى : { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ
لِلْفُقَرَاء } .
قوله - عز وجل - : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ …الآية } [التوبة :58].
__________
(1) في ( ب ) : (( الأبيض الفتى )) .
(2) أخرجه البُخَارِيّ في الأدب المفرد ( 296 ) من طريق حجاج الصواف ، عن أبي الزبير ، عن جابر بن عَبْد الله فذكره . وذكر فِيْهِ أن الرَّسُوْل - صلى الله عليه وسلم - سوَّد عَمْرو بن الجموح . وأخرجه الطبراني في الكبير 19/(163) و(164) من طريق الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه فذكره.وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 9/315 : (( رَوَاهُ الطبراني بإسنادين ، رجال أحدهما رجال الصَّحِيْح غَيْر شيخي الطبراني وَلَمْ أر من ضعفهما )) .
وأخرجه الحَاكِم في المستدرك 3/ 219 من طريق عَمْرو بن علقمة ، عن أبي سلمة ، عن أبي هُرَيْرَةَ ، فذكره ، وَقَالَ : صَحِيْح عَلَى شرط مُسْلِم .وَقَال َالحافظ ابن حجر في الفتح 5/ 178 : (( ورواه ابن عَائِشَة في نوادره من طريق الشعبي مرسلاً )) .
(3) في ( س ) : (( والحق )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( كلها للمنافقين )) .(1/473)
(264) أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن إبراهيم الثَّعْلَبي ، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن حامد، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن مُحَمَّد بن الحسن الحَافِظ (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْد الرزاق(2)، قَالَ:حَدَّثَنَا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة بن عَبْدالرَّحْمَان عن أبي سعيد الخدري ، قَالَ : بينا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقسم قسماً ، إذ جاءه ابن ذي الخويصرة التَّميمي ، وَهُوَ حرقوص بن زهير أصل الخوارج (3) ، فَقَالَ : اعدل فينا
يا رسول الله ، فَقَالَ : (( ويلك ، ومن يعدل إذا لَمْ أعدل ؟ )) فَنَزلت قوله تَعَالَى (4) : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ … الآية } .
رَوَاهُ البُخَارِيّ (5) عن عَبْيد الله(6) بن مُحَمَّد ، عن هشام ، عن معمر .
__________
(1) لَمْ ترد في (ب) .
(2) مصنفه (18649)
(3) انظر : الإصابة 2/411 .
(4) قوله تَعَالَى )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ص ) .
(5) صَحِيْح البُخَارِيّ 9/ 21 (6933) .
أخرجه أحمد 3/ 33 و56 و 60 و 65 ، والبخاري 4/ 243 (3610) و 8/47(6163) في خلق أفعال العباد ، لَهُ ( 22 ) ، ومسلم 3/ 112 (1064) ،والنسائي في فضائل القرآن ( 114 ) ، وفي التفسير ، لَهُ ( 240 ) ، وابن حبان ( 6737 ) ، والبيهقي في دلائل النبوة 6/ 427 ، والمصنف في الوسيط 2/ 505 ، والبغوي في شرح السنة (2552) و (2553) ، وفي التفسير ، لَهُ ( 1078 ).
وأورده الطبري في تفسيره 10/ 156 ، والسمرقندي في بحر العلوم 2/ 56 ، والقرطبي في تفسيره 4/3005 ، والخازن في تفسيره 3/ 107 ، وابن كَثِيْر في تفسيره 2/ 497 . وأورد السيوطي في الدر المنثور 4/219 وزاد نسبته إِلَى ابن المنذر و ابن أبي حاتم و أبي الشَّيْخ و ابن مردويه .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( عَبْد الله )) .(1/474)
وَقَالَ الكلبي (1): نزلت في المؤلفة قلوبهم ، وهم المنافقون ، قَالَ رجلٌ مِنْهُمْ يقال لَهُ: أبو الخواصر (2) ؛ للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لَمْ تقسم بالسوية ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ } [التوبة : 58].
قوله - عز وجل - : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ … الآية }
[ التوبة : 61 - 62 ] .
نزلت في جَمَاعَة من المنافقين ،كانوا يؤذون الرَّسُوْل(3) - صلى الله عليه وسلم - ويقولون فِيْهِ ما لا ينبغي ؛ فَقَالَ بعضهم: لا تفعلوا فإنا نخاف أن يبلغه ما تقولون فيقع بنا ، فَقَالَ الجلاس بن سويد (4) : نقول ما شئنا ثُمَّ نأتيه فَيُصَدِّقَنا بِمَا نقول فإنما مُحَمَّدٌ أذنٌ سامعةٌ ، فأنزل الله
تَعَالَى هَذِهِ الآية (5).
وَقَالَ مُحَمَّد بن إسحاق بن يسار وغيره : نزلت في رجل من المنافقين يقال لَهُ : نبتل بن الحارث (6) ، وَكَانَ رجلاً أدم أحمر العينين ، أسفع الخدين (7)، مشوه الخلقة . وَهُوَ الَّذِي قَالَ فِيْهِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فيه: (( من أراد أن ينظر إِلَى (8) الشيطان فلينظر إِلَى نبتل
__________
(1) انظر : تفسير البغوي 2/ 359 ، و تفسير الخازن 3/ 107 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( الجواظ )) .
(3) في ( ص ) : (( النَّبِيّ )) .
(4) انظر : الإصابة 1/ 243 .
(5) تفسير ابن أبي حاتم 6/ 1826 ، وانظر الدر المنثور 4/227 .
(6) نبتل بن الحارث : نبتل بَعْدَ النون باء معجمة بواحدة وتاء معجمة باثنتين من فوقها ، من بني لوذان بن عَمْرو بن عوف من المنافقين . انظر الإصابة 6/ 418 ، والإكمال 7/ 245 .
(7) أسفع الخدين : أي سواد مشفع بالحمرة . اللسان 8/ 157 .
(8) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/475)
ابن الحارث )) (1). وَكَانَ ينم (2) حديث (3) النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى المنافقين ، فقيل لَهُ : لا تفعل ، فَقَالَ: إنما مُحَمَّدٌ أذنٌ سامعةٌ (4) مَن حدَّثه شيئاً صدَّقه ، نقول ما شئنا ثُمَّ نأتيه فنحلف لَهُ فيصدقنا . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (5) .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 10/116 بسنده عن ابن إسحاق ، فذكره بلاغاً ، واخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم كَمَا في الدر المنثور 4/227 عن ابن عَبَّاسٍ موصولاً .
(2) نَمَّ الْحَدِيْث: سعى بِهِ ليوقع فتنة بَيْنَ الناس، ونمَّ في الكلام: زيّنه بالكذب . انظر: المعجم الوسيط: 956.
(3) في ( س ) و ( ه) : (( بحَدِيْث )) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) تفسير الطبري 6/ 168 ، و تفسير البغوي 2/ 364، والمحرر الوجيز 6/ 547 ، و تفسير القرطبي 4/3031 ، و تفسير الخازن 3/ 115 .(1/476)
وَقَالَ السدي (1): اجتمع ناسٌ من المنافقين – فيهم جلاس بن سويد بن الصامت، ووديعة بن ثابت – فأرادوا أن يقعوا في النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وعندهم غلامٌ من الأنصار يُدْعَى عامر ابن قيس ، فحقروه و تكلموا ، وقالوا : واللهِ (2) لئن كَانَ ما يقوله مُحَمَّدٌ حقاً لَنَحْنُ شَرٌّ/69أ/ مِنَ الحَمِيرِ . فغضِب الغلام وقَالَ : واللهِ إنّ ما يَقُوْل مُحَمَّدٌ حَقّاً (3) وإنّكم لَشَرٌّ مِنَ الحميرِ ، ثُمَّ أتى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فدعاهم فسألهم فحَلَفوا أنّ عامراً كاذب (4) ، وحلف عامر أنهم كَذَبَةٌ ، وَقَالَ : اللَّهُمَّ لا تفرِّقْ بيننا حَتَّى تُبَيِّنَ صِدْقَ الصادق مِنْ كَذِب الكاذب ، فنَزلتْ فيهم : { وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ … الآية } ، ونزل قوله تَعَالَى : { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُم } [ التوبة : 62 ].
قوله - عز وجل - : { يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ …الآية } [التوبة : 64 ] .
قَالَ السُّدِّيُّ (5): قَالَ بَعْض المنافقين: واللهِ لودِدْتُ أني قُدِّمتُ فَجُلدتُ مِئةً جلدة(6)، ولا يَنْزل فينا شيء يفضحنا ، فأنْزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
__________
(1) تفسير البغوي 2/ 364-365 ، وتفسير القرطبي 4/ 3032 ، وتفسير الخازن 3/ 115 ، وتفسير ابن كَثِيْر 2/ 501 ، ولباب النقول : 118 .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في ( س ) و ( ص ) : (( حَقٌّ )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( كذّاب )) .
(5) انظر : بحر العلوم 2/59 ، وتفسير الثعالبي 3/193 ، وابن كَثِيْر 2/502 ، والقرطبي 4/3034 .
(6) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/477)
وَقَالَ مجاهد (1) : كانوا يقولون القول بَيْنَهُمْ ، ثُمَّ يقولون : عسى الله أن لا يفشي علينا سرَّنا .
قوله - عز وجل -: { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَب…الآية } [التوبة: 65]
قَالَ قتادة (2) : بَيْنَمَا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك وبين يديه ناس من المنافقين ،
إِذْ قالوا : أيرجو هَذَا الرجل أن يفتح قصور الشام وحصونها هيهات هيهات (3) لَهُ ذَلِكَ فأطلع الله نبيه على ذلك فقال نبي الله: - صلى الله عليه وسلم - (( احبسوا عليَّ الركب)) . فأتاهم فقال :
(( قلتم كذا وكذا )) فقالوا: يا رسول الله، إنما كنا نخوض ونلعب . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال زيد بن أسلم ، ومحمد بن كعب (4)
__________
(1) هُوَ في تفسير مجاهد : 283 ، وأخرجه ابن أبي حاتم 6/1829 (10044) ، وذكره المصنف في الوسيط 2/507 ، وابن كَثِيْر 2/501 ، والثعالبي 3/193 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 4/221 نسبته إِلَى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشَّيْخ .
(2) أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره 2/157 (1105) ، و الطبري في جامع البيان 10/172، وابن أبي حاتم 6/1830 (10049) ، وذكره السمرقندي في بحر العلوم 2/59 ، والمصنف في الوسيط 2/507 ، والبغوي في معالم التنْزيل 2/366 ، وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/230 وزاد نسبته إِلَى ابن المنذر وأبي الشَّيْخ .
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .
(4) أخرجه الطبري في جامع البيان 10/172، وابن ابي حاتم 6/1829(10047)،وذكره ابن عطية في المحرر الوجيز 6/555، و أَبُو حيان في البحر المحيط 5/66،وابن كثير 2/502 .
وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/ 230 وزاد نسبته إِلَى أَبِي الشيخ وابن مردويه.(1/478)
: قال رجلٌ من المنافقين في غزوة تبوك: ما رأيت مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطوناً ،ولا أكذب ألسُناً ، ولا أجبن عند اللقاء -يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه -، فقال لهُ عوفُ بن مالك : كذبت، ولكنك منافقٌ ، لأخبرنَّ(1/479)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذهب عوف ليخبره ، فوجد القرآن قد سبقه ، فجاء ذلك الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ارتحل وركب ناقته، فقال: يا رسول الله ، إنما كنا نخوض(1) ونلعب، ونتحدث بحديث الركب نقطع به عنا الطريق.
(265) أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن عبد الله الجوزقي ، قَالَ : أخبرنا بشر ابن أحمد بن بشر ، قَالَ :حدثنا أبو جعفر محمد بن موسى الحلواني ،قَالَ: حدثنا محمد بن ميمون الخياط، قَالَ: حدثنا إسماعيل بن داود المهرجاني، حدثنا مالك بن أنس، عن نافع ، عن ابن عمر قال: رأيت عبد الله بن أبي، يَسيرُ قدَّام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - والحجارة تنكُبه وهو يقول: يا رسول الله إنا (2) كنا نخوض ونلعب ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يَقُوْل { أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ } (3) [ التوبة : 65] .
قوله - عز وجل -: { يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا…الآية } [التوبة : 74].
__________
(1) سقطت من ( ب ) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( إِنَّمَا )) .
(3) ما ذكر المصنف هنا من أن المتعلق كان عبد الله بن أُبَي بن سلول باطل وخطأ؛ لأن ابن سلول كان رأس المنافقين وكونه لم يشهد تبوك .
وإسناد الْحَدِيْث ضعيف ؛ لضعف إسماعيل بن داود ، قَالَ البُخَارِيّ : (( منكر الْحَدِيْث )) .
أخرجه العقيلي في الضعفاء الكبير 1/94 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/108 (10401) ، وذكره السيوطي في الدر 4/230 وزاد نسبته لابن المنذر، وأبي الشَّيْخ ، وابن مردويه ، والخطيب في رُوَاة مالك.
وأخرجه الطبري في التفسير10/172،وابن أبي حاتم في تفسيره 6/1829(10047)وزاد السيوطي نسبته في الدر4/230 لأبي الشَّيْخ،وابن مردويه من طريق آخر عن ابن عمر وَلَمْ يذكر فِيْهِ عَبْد الله بن أبي سلوك.
تنبيه: إسماعيل بن داود لَمْ تذكر المصادر الَّتِي ترجمته أنَّهُ المهرجاني ، وما أثبت من النسخ جميعها .(1/480)
قال الضحاك: خرج المنافقون مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك/69ب/وكانوا إذا خلا بعضهم ببعض(1) سبوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وطعنوا في الدين ، فنقلَ ما قالوا حذيفةُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهم(2) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا أهل النفاق ما هذا الذي بلغني عنكم ؟ )) فحلفوا ما قالوا شيئاً من ذلك فأنزل الله تعالى هذه الآية إكذاباً لهم (3).
وقال قتادة : ذكر لنا أن رجلين اقتتلا ، رجلٌ من جُهينة ورجلٌ من غفار، فظهر الغِفَاريّ على الجُهيَنيّ ، فنادى عبد الله بن أبي : يا بني الأوس ، انصروا أخاكم فوالله ما مثلُنا ومثلُ محمدٍ إلا كما قال القائل : سَمن كَلبَكَ يأكلك (4)، والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعزُ منها الأذل ، فسعى(5) بها رجلُ من المسلمين ، فجاء(6) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره(7) فأرسل إليه ، فجعل يحلف بالله ما قال فأنزل الله تعالى هذه الآية (8).
قوله - عز وجل - : { وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } [ التوبة:74 ].
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( إِلَى بَعْض )) .
(2) ليست في ( ب ) و ( ص ) .
(3) نسبه السيوطي في الدر المنثور 4/242. إِلَى أَبِي الشيخ وابن ابي حاتم .
(4) انظر : جمهرة الأمثال : 119 ، ومجمع الأمثال 1/ 423 ، والمستقصى 2/121.
(5) في ( س ) و ( ه) : (( فسمع )) .
(6) لَمْ ترد في ( ب ) .
(7) لَمْ ترد في ( ب ) .
(8) أخرجه الطبري 10/186 ، وابن أبي حاتم 6/1843 (10403) ، وانظر: المحرر الوجيز 6/570 ، وتفسير القرطبي4/3045، وتفسير الخازن 3/123، وزاد السيوطي نسبته في الدر4/241 إلى ابن المنذر.(1/481)
قال الضحاك : هموا أن يدفعوا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة(1) ، وكانوا قوماً قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم معه .فجعلوا يلتمسون غرته ، حَتَّى إِذَا (2) أخذ في عقبةِ ، فتقدَّم بعضهم ، وتأخر بعضهم ، وذلك كان ليلاً ، قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي ، وكان قائده في تلك الليلة عمار بن ياسر، وسائقه حُذيفة، فسمع حُذيفة وقع أخفاف الإبل، فالتفت فإذا هو بقوم متلثمين، فقال: (( إليكم يا أعداء الله إليكم (3) )) ، فأمسكوا ، ومضى النبيُ - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل منزله الَّذِي أراد، فأنزل الله تَعَالَى قوله : { وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا } (4) [ التوبة : 74 ].
قوله - عز وجل - : { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا…الآية } [التوبة : 75].
__________
(1) في ( ب ) : (( ليلة العقبة من العقبة )) .
(2) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( إليكم إليكم يا أعداء الله )) .
(4) رواه البيهقي في دلائل النبوة 5/260 و261 . وانظر الوسيط 2/ 512 ، وبحر العلوم 2/62 ، وتفسير ابن كثير 2/509 ، والبداية والنهاية 5/20 .(1/482)
(266) أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن الفضل، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو عمرو محمد ابن جعفر بن مطر، قال:أَخْبَرَنَا أبو عمران موسى بن سهل الجوني، قال:حدثنا هشام بن عمار قَالَ : حدثنا محمد بن شعيب ، قَالَ : حدثنا معان(1) بن رفاعة السلامي ، عن أبي عبد الملك علي بن يزيد (2)، أنه أخبره عن القاسم بن عبد الرحمان ، عن أبي أمامة الباهلي: أن ثعلبة بن حاطب الأنصاري(3) أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله ادع الله أن يرزقني مالاً فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ويحك يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خيرٌ من كثيرٍ لا تطيقه )) .ثم قال مرة أخرى: (( أما ترضى أن تكون مثل نبي الله فوالذي نفسي بيده لو شئت أن تسيل معي الجبال ذهباً أو فضة (4) لسالت )) .فقال: والذي بعثك بالحق نبياً (5) لئن دعوت الله أن يرزقني مالاً لأوتين كل ذي حق حقه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : (( معاذ )) .
(2) في ( ب ) : (( زيد )) .
(3) يرى ابن حجر أن هذه القصة لا تصح عن ثعلبة بن حاطب الأنصاري الذي شهد بدراً واستشهد بأحد ؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال : لا يدخل النار أحداً شهد بدراً والحديبية ، وحكى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لأهل بدر : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ، فمن يكون بهذه المثابة كيف يعقبه الله نفاقاً في قلبه وينزل فيه ما نزل ؟ فالظاهر انه غيره . الإصابة 1/199 . قال القرطبي في تفسيره 4/3049 : (( وثعلبة بدري أنصاري وممن شهد الله له ورسوله بالإيمان … فما روي عنه غير صحيح )).
(4) في ( س ) و ( ه) : (( فضة وذهباً )).
(5) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/483)
(( اللهم ارزق ثعلبة مالاً )) .فاتخذ غنماً فنمت /70أ/ كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها ونزل وادياً من أوديتها حَتَّى جعل يصلي الظهر والعصر في جماعةٍ ويترك ما سواهما ، ثُمَّ نميت وكثرت حَتَّى تَرَكَ الصلوات إلا الجمعة ، وَهِيَ تنمو كَمَا ينمو الدود حَتَّى تَرَكَ الجمعة فسأل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( ما فعل ثعلبة ؟ )) قالوا : اتخذ غنماً وضاقت عَلَيْهِ المدينة ، وأخبروه بخبره ، فَقَالَ: (( يا ويح ثعلبة )) - ثلاثاً- فأنزل الله تَعَالَى { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا } [التوبة:103] وأنزل فرائض الصدقة ،فبعث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - رجلين عَلَى الصدقة - رجلاً من جُهينة ورجلاً من بني سليم(1) - وكتب لهما كيف يأخذان الصدقة، وَقَالَ لهما: (( مُرا بثعلبة وبفلان )) - رجلٌ من بني سليم (( فخذا صدقاتهما )). فخرجا حَتَّى أتيا ثعلبة فسألاه الصدقة وأقرآه كتاب رَسُوْل - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ ثعلبة (2): ما هَذِهِ إلا جزيةٌ ! ما هَذِهِ إلا أخت الجزية ! ما أدري ما هَذَا ! انطلقا حَتَّى تفُرغا ثُمَّ تعودا إلي فانطلقا وأخبرا السلمي، فنظر إِلَى خيار أسنان إبله فعزلها للصدقة ، ثُمَّ استقبلهم بِهَا ، فَلَمَّا رأوها قالوا : ما يجب هَذَا عليك ، وما نريد أن نأخذه هَذَا منك . قَالَ: بلى خذوه ، فإن نفسي بِذَلِكَ طيبة، وإنما هِيَ إبلي(3) . فأخذوها مِنْهُ، فَلَمَّا فرغا من صدقتهما رجعا حَتَّى مرا بثعلبة، فَقَالَ: أروني كتابكما أنظر فِيْهِ ، فَقَالَ: ما هَذِهِ إلا أخت الجزية ! انطلقا حَتَّى أرى رأيي ، فانطلقا حتى أتيا النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رآهما قال: (( يا ويح ثعلبة ))،قبل أن يكلمهما ،ودعا للسُلمي بالبركة وأخبروه بالذي صنع
__________
(1) في ( ص ) : (( سلمة )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) في ( ب ) : (( لي )) .(1/484)
ثعلبة ، والذي صنع السلمي ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ } إلى قوله تعالى : { وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ } [التوبة: 77]. وعند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من أقارب ثعلبة ، فسمع ذلك فخرج حتى أتى ثعلبة ، فقال: ويحك يا ثعلبة، قد أنزل الله تَعَالَى فيك كذا وكذا .فخرج ثعلبة حتى أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسأله أن يقبل منه صدقته ، فقال: (( إن الله قد منعني أن أقبل منك صدقتك)) ، فجعل يحثوُ الترابَ على رأسه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( هذا عملك ! قد أمرتك فلم تطعني )). فلما أبى أن يقبل منه شيئاً رجع إلى منزله . وقُبضَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يقبل مِنْهُ شيئاً ، ثُمَّ أتى أبا بكر حِيْنَ استخلف فَقَالَ: قَدْ علمت منزلتي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وموضعي من الأنصار ، فاقبل صدقتي (1) . فقال : لم يقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا
أقبلها ؟ فقبض أبو بكر وأبى أن يقبلها (2). فَلَمَّا ولي عمر بن الخطاب أتاه فَقَالَ: يا أمير المؤمنين ، اقبل صدقتي فَقَالَ: لَمْ يقبلها رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولا أبو بكر وأنا أقبلها /70ب/ منك ؟ فلم يقبلها . وقبض عمر ثم ولي عثمان فأتاه فسأله أن يقبل صدقته ، فقال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقبلها ولا أبو بكر ولا عمر وأنا أقبلها منك ؟ فَلَمْ يقبلها عثمان ، وهلك ثعلبة في خلافة عثمان (3)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ص )
(2) في ( ص ) :(( وَلَمْ يقبلها )) .
(3) القصة أخرجها الطبري في تفسيره 10/189 –190، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/1847 (10406) و(10408) ،والطبراني في الكبير (7873)،والمصنف في الوسيط 2/513،والبغوي في تفسيره (1094).
وذكرها السيوطي في الدر المنثور 4/246 وزاد نسبتها الى الحسن بن سفيان وابن المنذر وابي الشيخ والعسكري في الأمثال وابن منده والباوردي وابي نعيم في معرفة الصحابة والبيهقي في الدلائل وابن مردويه وابن عساكر .
وهي –أي القصة – موضوعة مكذوبة لا اصل لها وسندها مسلسل بالعلل وكما يأتي :
العلة الأولى : معان بن رفاعة السلامي ، ضعفه ابن معين وابو حاتم والجوزجاني ويعقوب بن سفيان وابن حبان العلة الثانية : علي بن يزيد الألهاني متروك ، قال عنه البخاري منكر الحديث وقال النسائي والدارقطني متروك .
العلة الثالثة : القاسم بن عبد الرحمان .قال عنه الإمام أحمد : روى عنه علي بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم .وقال ابن حبان : كان يروي عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المعضلات.
العلة الرابعة : التفرد ،فلم يروه عن ابي أمامة سوى القاسم بن عبد الرحمان ولم يروه عن القاسم سوى علي، ولم يروه عن علي سوى معان ولا يقبل تفرد واحد من هؤلاء لضعفهم فالإسناد مظلم.وقال العلامة الكبير أحمد شاكر في تعليقه على تفسير الطبري 14/373 من طبعته (( وهو ضعيف كل الضعف ليس له شاهد من غيره ،وفي بعض رواته ضعف شديد )).
وقال ابن حزم في المحلى 11/208 : (( وهذا باطل بلا شك لأن الله أمر بقبض زكوات أموال المسلمين وأمر عليه السلام عند موته أن لايبقى في جزيرة العرب دينان فلا يخلو ثعلبة من أن يكون مسلماً ففرض على أبي بكر وعمر قبض زكاته ولا بد ولا قسمة في ذلك ، وإن كان كافراً ففرض أن لا يقر في جزيرة العرب ، فسقط هذا الأثر بلا شك ، وفي رواته معان بن رفاعة ، والقاسم بن عبد الرحمان ، وعلي بن يزيد وهو ابو عبد الملك الألهاني ، وكلهم ضعفاء )).(1/485)
.
قوله - عز وجل - : { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ…الآية } [التوبة: 79].
(267) أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، قَالَ : أخبرنا أبو علي الفقيه ، قَالَ : أخبرنا أبو علي مُحَمَّد (1) بن سليمان المالكي ، قال : حَدَّثَنَا أبو موسى محمد بن المثنى، قَالَ : حدثنا أبو النعمان الحكم بن عبد الله العجلي ، قَالَ : حَدَّثَنَا شعبة ، عن سليمان (2)، عن أبي وائل ،عن ابن(3) مسعود ،قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل(4) فجاء رجل [فتصدق بشئ كَثِيْر ، فقالوا : مرائي ، وجاء رجل فتصدق ](5)بصاع فقالوا: إن الله تَعَالَى لغني عن صاع هذا فنزلت { الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إلاَّ جُهْدَهُمْ } [التوبة : 79]. رواه البُخَارِيّ (6) عن أبي قدامة : عبيد الله بن سعيد عن أبي النعمان .
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) في ( س ) :(( سلمان )) .
(3) في ( س ) و ( ه):(( أبي )) .
(4) كنا نحامل )) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(6) أخرجه البخاري 2/136(1415) و6/84 (4668) ، ومسلم 3/88 (1018) (72) ، والنسائي 5/59-60 ، وابن حبان (3338)،وكلهم من طريق شعبة عن الأعمش .(1/486)
وقال قتادة وغيره (1): حث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصدقة ، فجاء عبد الرحمان بن عوف بأربعة آلاف درهم ،وقال: يا رسول الله، مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها فاجعلها في سبيل الله ، وأمسكت نصفها لعيالي فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت )). فبارك الله في مال عبد الرحمان حتى أنه خلف امرأتين يوم مات فبلغ ثُمنُ ماله لهما مئةً وستين ألف درهم - وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بن العجلان بمئة وسق من تمر ،وجاء أبو عقيل الأنصاري بصاع من تمرٍ وقال: يا رسول الله بت ليلتي أجر بالجرير الماء حتى نلت صاعين من تمر فأمسكت أحدهما لأهلي وأتيتك بالآخر. فأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ينَثُرهُ في الصدقات. فلمزهم المنافقون وقالوا: ما أعطى عبد الرَّحْمَان بن عوف (2) وعاصم إلا رياءً ، وإن كان الله ورسوله غنيين عن صاع أبي عقيل ، ولكنه أحب أن يذكر نفسه . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً…الآية } [التوبة : 84].
__________
(1) تفسير مجاهد : 284،وتفسير عبد الرزاق 2/159(1112)،والنسائي 1/550(243)والطبري في جامع البيان 1/194 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 2/204، والبغوي في معالم التنزيل 2/374 (1096)، والزمخشري في الكشاف 2/204،وابن غطية في التفسير 6/577،والخازن في لباب التأويل 3/128، وأبو حيان في البحر المحيط 5/75 ، وابن كثير 1/512 ، والثعالبي 3/200 ، والسيوطي في لباب النقول : 121 ، وفي الدر المنثور 4/249 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ وأبن مردويه وأبي نعيم في المعرفة .
(2) بن عوف )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/487)
(268) أَخْبَرَنَا إسماعيل بن عبد الرحمان بن أحمد الواعظ إملاء سُنَّةُ ثلاثين (1) ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عبد الله بن محمد بن نصر ، قَالَ : أَخْبَرَنَا يوسف بن عاصم الرازي ، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس بن الوليد النرسي، قَالَ :حَدَّثَنَا يحيى بن سعيد القطان ،قَالَ: حَدَّثَنَا عبيد الله ابن عمر، عن نافع ،عن ابن عمر قال : لما توفي عبد الله بن أبي ،جاء ابنه إلى رسول الله صلوات الله عليه ، فقال: أعطني قميصك حتى أكفنه فيه ، وصل عليه ، واستغفر له ، فأعطاه قميصه ، ثم قَالَ : آذني حتى أصلي عَلَيْهِ ، فآذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبهُ عمرُ بن الخطاب ، وقال (2): أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين /71 أ/ ؟ فَقَالَ: (( أنا بَيْنَ خيرتين ، أستغفر لَهُمْ أو لا أستغفر )) . فصلى عَلَيْهِ(3)
__________
(1) سُنَّةُ ثلاثين )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(2) إن قال قائل فكيف قال عمر : أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه، ولم يكن تقدم النهي عن الصلاة عليهم .قيل له : يحتمل أن يكون ذلك وقع له في خاطره ، ويكون من قبيل الإلهام والتحدث الذي شهد له النبي - صلى الله عليه وسلم - ،وقد كان ينزل على مراده ،ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله تعالى : ((اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ )) [سورة التوبة: الآية 80] انظر : تفسير القرطبي 4/3058.
(3) قال الزجاج:إنما أجاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة عليه ؛ لأن ظاهره كان الإسلام فأعلمه الله أنه إذا علم منه النفاق فلا صلاة عليه. انظر :معاني القرآن للزجاج 2/464.
وقال الخازن في تفسيره :كل ذلك إكراماً لابنه عبد الله وإسعافاً له. انظر: تفسير الخازن 3/131-132.(1/488)
، ثُمَّ نزلت(1) هَذِهِ الآية { وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنْهُمْ مَّاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ } [ التوبة : 84]. فترك الصَّلاَة عَلَيْهِمْ. رَوَاهُ البُخَارِيّ (2) عن مسدد ، ورواه مُسْلِم (3) عن أبي قدامة عبيد الله بن أبي سعيد ، كلاهما عن يحيى بن سعيد.
__________
(1) في ( س ) و ( ه) :(( نزلت عَلَيْهِ )) .
(2) صحيح البخاري 2/96(1269).
(3) صحيح مسلم 7/116(2400)(25)،و8/120(2774)(3)(4).
وأخرجه احمد 2/18،والبخاري 6/86(4672) و7/185(5796) ، وابن ماجه (1523) ، والترمذي (3098) ، والنسائي 4/36 ، وفي التفسير المفرد (244) ، وفي الكبرى (2027) ، والطبرى في تفسيره 10/204-205 ، وابن أبي حاتم 6/1857 حديث (10206) ، وابن حبان ط الرسالة (3175) ، وفي ط فكر (3171) ، والبيهقي في دلائل النبوة 5/287 ، وفي السنن الكبرى 8/199 ، والمصنف في الوسيط 2/516.(1/489)
(269) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النصرَآباذي ،قَالَ: أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قَالَ : حدثني أبي، قال : حدثنا يعقوب بن ابراهيم بن سعد ،قَالَ: حدثني أبى ، عن محمد بن إسحاق،قَالَ: حدثني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود ، عن ابن عباس ، قَالَ : سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، يقول: لما توفي عبد الله بن أبي دُعيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للصلاة عليه، فقام إليه فلما وقف عَلَيْهِ يريد الصلاة(1) تحولت حتى قمت في صدره فقلت:يا رسول الله، أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كَذَا كذا وكذا ؟ - أعددّ أيامه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبسّم ،حَتَّى إذا أكثرت عَلَيْهِ ،قَالَ: (( أخر عَني يا عمر، إني خُيرت فاخترت، قَدْ قِيْلَ لي { اِستَغفِر لَهُم أَو لا تَستَغفِر لَهُم إِن تَستَغفِر لَهُم سَبعينَ مَرَّةً فَلَن يَغفِرَ اللهُ لَهُم } [التوبة:80] لَوْ أعلم أني إن (2) زدت عَلَى السبعين غفر لَهُ، لزدت )). قَالَ: ثُمَّ صلى عَلَيْهِ(3) - صلى الله عليه وسلم - ، ومشى مَعَهُ ،فقام عَلَى قبره حَتَّى فرغ مِنْهُ . قَالَ: فعجبت لي وجراءتي عَلَى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - والله ورسولهُ أعلم ، قَالَ: فوالله ما كَانَ إلا يسيراً حَتَّى نزل { وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِّنهُم مّاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبرِهِ … الآية } [التوبة: 84]. قَالَ(4):فما صلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - بعده عَلَى منافقٍ ولا قام عَلَى قبره،حَتَّى قبضه الله تعالى(5)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) :(( يريد الصَّلاَة ، فَلَمَّا وقف عَلَيْهِ )) .
(2) في ( ص ) :(( لَوْ )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) وذكره السمرقندي في بحر العلوم 2/66 ، والزمخشري في الكشاف 2/606 ، والخازن في تفسيره 3/130-132، وأبو حيان في البحر المحيط 5/81 ، وابن كَثِيْر في تفسيره 2/517 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/285 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشَّيْخ وابن مردويه وفي لباب النقول : 122 .
أخرجه احمد 1/16 ،وعبد بن حميد (19)، والبخاري 2/121(1366)، و6/85(4671)، والترمذي (3097)، والبزار (193)والنسائي 4/67،وفي تفسيره : 245 ، وفي الكبرى (2093)، والطبري في تفسيره 10/205، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/1857 (10206) ، وابن حبان ط الرسالة ( 3176) ، والبيهقي 8/199 ، والبغوي في تفسيره 2/376 ، من طريق ابن عباس عن عمر .
وذكره السمرقندي في بحر العلوم 2/66 ، وابن عطية في تفسيره 6/590 ، والخازن في تفسيره 3/130، وابن كثير في تفسيره 2/517 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/258.(1/490)
.
قال المفسرون (1): وكُلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما فُعِل بعبد الله بن أبي ، فقال: (( وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله ، والله إني كنت أرجو أن يُسلمَ به ألف من قومه)).
قوله - عز وجل -: { وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ … الآية } [التوبة : 92].
نزلت في البكائين وكانوا سبعة (2): معقل بن يسار، وصخر بن خنيس(3) وعبد الله ابن كعب الأنصاري، [وعلبة بن زيد الأنصاري](4)، وسالم بن عمير، وثعلبة بن غنمة(5)، وعبدالله بن مغفل ، أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا نبي الله إن الله عز وجل قد ندبنا للخروج معك ، فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة ،فنغزوا(6) معك.فقال:
(( لا أجد ما أحملكم عَلَيْهِ )) فتولوا وهم يبكون. وقال مجاهد (7): نزلت في بني مقرن معقل وسويد والنعمان.
قوله - عز وجل - : { الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً … الآية } [التوبة: 97].
__________
(1) انظر : تفسير الطبري 10 /206 ، وتفسير البغوي 3 /377 ، والدر المنثور 4/259 وزاد نسبته إلى أبي الشيخ من حديث قتادة بن دعامة مرسلاً .
(2) راجع الخلاف في أسمائهم في تفسير الطبري 10/ 212، وفي تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم 6/1864، وفي تفسير البغوي 2/379 ، وفي تفسير ابن عطية 6/ 599،وفي القرطبي 4/3067 ، وفي تفسير الخازن 3/136، وفي تفسير البحر المحيط 5/85 ، وفي تفسير ابن كثير 2/521 ، وفي تفسير الثعالبي 3/205 ، وفي الدر المنثور 4/ 263.
(3) في تفسير البغوي2/ 379،وفي القرطبي 4/ 3067،وفي الخازن 3/136 وفي (ب): ((صخر بن خنساء )).
(4) لَمْ يرد في ( ب ) .
(5) في ( س ) و ( ه) :(( عنمة )) .
(6) في ( س ) و ( ه) :(( نغزوا )) .
(7) انظر :الخازن 3/136 .(1/491)
نزلت في أعاريبَ من أسد وغطفان ، وأعاريبَ من أعراب حاضري المدينة (1).
قوله/71 ب/ - عز وجل - : { ومِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ … الآية } [التوبة: 101] .
__________
(1) انظر : الطبري في التفسير 7/ 3 ، وابن ابي حاتم في التفسير 6/1866(10209) ، والسمرقندي في بحر العلوم 2/ 69 ، والبغوي في تفسيره 2/ 380 ، والزمخشري في الكشاف 2/209 ، وابن عطية في التفسير 7/ 6 ، والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن 4/3071 ، والخازن في تفسيره 3/ 137 ، وأبو حيان في التفسير 5/ 90 ، وابن كثير في التفسير 2/ 523 ، والثعالبي في التفسير 3/ 207 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/ 266 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشيخ من قول الكلبي .(1/492)
قال الكلبي: نزلت في جهينة ، ومزينة ،وأشجع ، وأسلم، وغفار: { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ } [ التوبة 101] يعني عبد الله بن أبي ، وجد بن قيس ، ومُعتَب(1) بن قشير والجُلاس بن سويد ، وأبا عامر الراهب (2).
قوله - عز وجل -: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِم - …الآية } [التوبة: 102] .
قال ابن عباس في رواية الوالبي (3) : نزلت في قوم كانوا تخلفوا (4) عن
__________
(1) في ( ب ) :(( معبث )) .
(2) انظر : تفسير عبد الرزاق 2/161 ، والطبري 7/ 9 ، وابن أبي حاتم 6/1869 ، والمصنف في الوسيط 2/ 521 ، والسمرقندي في بحر العلوم 2/ 71 ، والبغوي في معالم التنزيل 2/382 ، والزمخشري في الكشاف 2/211 ، وابن عطية في المحرر الوجيز 7/15-16 ، والقرطبي في التفسير 4/ 3081 ونقل قَوْل ابن عَبَّاسٍ إنها نزلت في عشرة تخلفوا عن غزوة تبوك فاوثق سبعة مِنْهُمْ أنفسهم في سواري المسجد …. وَقَالَ زيد بن اسلم كانوا ثمانية وَقِيْلَ كانوا ستة وَقِيْلَ كانوا خمسة . انظر : تفسير الخازن وما اعترض بِهِ عَلَى ذَلِكَ 3/ 141 وهذا الشطر أخرجه ابن المنذر من قَوْل عكرمة كَمَا في الدر 4/ 277 ، وأبو حيان في البحر المحيط 5/94 ، وابن كَثِيْر في تفسيره 2/524 ، والثعالبي في التفسير 3/208 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/273 وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه وأبي الشيخ .
(3) في ( س ) و ( ه) :(( ابن الوالبي )) .
(4) في ( س ) و ( ه) :(( قَدْ تخلفوا )) .(1/493)
رسول الله- صلى الله عليه وسلم - في غزوة (( تبوك )) ثم ندموا على ذلك وقالوا: نكون في الكن والظلال مع النساء ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الجهاد والله لنوثقن أنفسنا بالسواري فلا نطلقها حتى يكون الرسول هُوَّ الَّذِي (1) يطلقها (2) ويعذرنا . وأوثقوا أنفسهم بسواري المسجد فلما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بهم فرآهم فقال: (( من هؤلاء ؟)) قالوا: هَؤُلاَءِ تخلفوا عنك فعاهدوا الله أن لا يطلقوا أنفسهم حَتَّى تَكُوْن أنت الَّذِي تطلقهم وترضى عَنْهُمْ ، فَقَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا اعذرهم(3) حَتَّى أؤمر بإطلاقهم،[ولا أعذرهم حَتَّى يَكُوْن الله هُوَّ يعذرهم، وَقَدْ تخلفوا عني ورغبوا بأنفسهم](4) عَنْ الغزو مَعَ المُسْلِمِيْنَ . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية فَلَمَّا نزلت أرسل إليهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأطلقهم وعذرهم ، فَلَمَّا أطلقهم قالوا : يا رَسُول الله هَذِهِ أموالنا الَّتِيْ خلفتنا عنك ، فتصدق بِهَا عنا وطهرنا واستغفر لنا .فَقَالَ: (( ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً )) ، فأنزل الله - عز وجل - { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا…الآية } (5)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(2) في ( س ) و ( ه) :(( يطلقنا )) .
(3) ولا اعذرهم )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) ما بَيْنَ المعكوفتين جاء موضعها في ( ب ) قوله :(( رغبوا عني وتخلفوا )) .
(5) انظر : تفسير مجاهد : 286، وعبد الرزاق في التفسير 2/163(1122) ، والنسائي في تفسيره 1/555، وابن أبي حاتم في تفسيره 6/172(10303 ) ، والسمرقندي في بحر العلوم 2/71 ، والواحدي في الوسيط 2/522.
وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة مسنداً عَن ابن عَبَّاس 5/271-272، والبغوي في التفسير 2/383 (1110)، والزمخشري في الكشاف 2/211، وابن عطية في المحرر الوجيز 7/17، والقرطبي في التفسير 4/3080، والخازن في التفسير 3/142، وأبو حيان في التفسير 5/94، وابن كثير في تفسيره 2/526، والثعالبي في التفسير 3/209، والسيوطي في الدر المنثور 4/275.(1/494)
[التوبة : 103].
و[قال ابن عَبَّاسٍ](1) : كانوا عشرة رهط(2).
قوله - عز وجل -: { وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لأَمْرِ اللَّهِ … الآية } [ التوبة : 106 ] .
نزلت في كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، أحد بني عمرو بن عوف ، وهلال ابن أمية من بني واقف ، خلفوا عن غزوة تبوك ، وهم الذين ذكروا في قوله تعالى :
{ وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا … الآية } (3) [التوبة: 118].
قوله - عز وجل - : { وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْرا ً… الآية } .[التوبة:107]
قال المفسرون (4)
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ب ) .
(2) وَقَالَ زيد بن اسلم كانوا ثمانية وقيل كانوا ستة وقيل كانوا خمسة وقيل غير ذَلِكَ انظر تفصيل الأقوال في تفسير الطبري 7/12 ، وابن عطية 7/17 ، والكشاف 2/211 ، والقرطبي في التفسير 4/3080.
(3) أخرجه ابن أَبِي حاتم في التفسير 6/1878 (10057)، وذكره السيوطي في الدر المنثور 4/284 وزاد نسبته لابن المنذر وأبي الشَّيْخ بمعنى هَذَا من قَوْل مجاهد . =
= وقصة كعب بن مالك في توبته وتوبة رفاقه في حَدِيْث كعب بن مالك. أخرجه أَحْمَد 3/456و459 ، والبخاري 4/9(2757) و 4/58(2947)و4/229 (3556) و5/69(3889) و5/92(3951) و6/3(4418) و6/86(4673) و6/87(4676)و6/88(4677)و6/89(4678) و8/70(6255) و8/175(6690) وفي الأدب المفرد (944) ، ومسلم 8/105(2769)(53)و8/112(2769)(53)، وأَبُو داود (2202) و(2773) و(3317) و(3321)و(4600) ، والنسائي 2/53و6/152 و153 و7/22 و23 من طريق الزهري عن عَبْد الرَّحْمَان بن عبدالله بن كعب بن مالك عن أبِيْهِ ، عن كعب بن مالك ، بِهِ .
(4) ذكره البغوي في تفسيره 2/386-387 (1114) و (1115) ، وأخرجه الطبري من طريق الزهري ويزيد ابن رومان وعبدالله بن أَبِي بكر وعاصم بن عمر بن قتادة وغيرهم .
وانظر : الدر المنثور 4/284-285 .(1/495)
: إن بني عمرو بن عوف ، اتخذوا مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم، فأتاهم فصلى فِيهِ ، فحسدهم إخوتهم بنو غُنمِ (1) بن عوف ، وقالوا: نبني مسجداً ونرسل إِلَى رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم -? ليصلي فيه كما صلّى في مسجد إخواننا ، وليصل فيه أبو عامر الراهب إذا قدم من الشام ، وكان أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ولبس المسُوح ، وأنكر دين الحنيفية لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وعاداه ، وسماه النبيُ - صلى الله عليه وسلم - : أبا عامر الفاسق ، وخرج إلى الشام ، وأرسل إلى المنافقين أن أعدوا واستعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا لي مسجداً فإني/72 أ/ ذاهبٌ إلى قيصر فآتي بجند الروم، فأخرج محمداً وأصحابه. فبنوا لَهُ(2) مسجداً إلى جنب مسجد قباءُ وكان الذين(3) بنوه اثنا عشر رجلاً: خذام (4) بن خالد ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق (5) وثعلبة بن حاطب (6) ومعُتب بن قُشير ، وأبو حبيبة بن الأزعر (7) وعباد بن حنيف وجارية ابن عامر (8) وابناه مجمع وزيد ونبتل بن الحارث وبحزج وبجاد (9) بن عثمان ، ووديعة بن ثابت .فلما فرغوا منه أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنا قَدْ (10)بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة
__________
(1) في (ب) :(( عَمْرو بن عَمْرو )) ، وفي ( ص ) :(( عَمْرو بن عوف ))) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(3) في ( ه) : ((الذي)).
(4) في (ب) و(ه):((حزام )) ، وفي (ص) :((حرام )) .
(5) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(6) قَالَ ابن عَبْد البر كما في القرطبي 4/3093 : (( وفِيهِ نظر ؛ لأنَّهُ شهد بدراً )) وَقَدْ اشتبه عَلِيهِ بثعلبة بن حاطب بن عَمْرو الأنصاري ، راجع الإصابة 1/199.
(7) في ( ه): (( ابن الأرعد )) وَهُوَ تحريف .
(8) في (ب) و (ص ) : ((حارثة بن عامر )) .
(9) في (ب) : (( مخرح )) .
(10) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .(1/496)
والليلة المطيرة والليلة الشاتية، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم فنزل عليه القرآن ، وأخبره الله عز وجل خبر مسجد الضرار وما هموا به فدعا رسول - صلى الله عليه وسلم - مالك بن الدُخشُم ،ومعن بن عدي ، وعامر بن السكن (1)، ووحشياً قاتل حمزة ، وقال لَهُمْ : (( انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله ،فاهدموه واحرقوه)). فخرجوا ، وانطلق مالك وأخذ سعفاً من النخل فأشعل فيه ناراً ، ثم دخلوا المسجد وفيه أهله ، فحرقوه وهدموه ، وتفرق عنه أهله . وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة . ومات أبو عامر بالشام وحيداً غريباً .
(270) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يحيى ، قَالَ : أَخْبَرَنَا أبو العباس بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال، قَالَ: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى الأهوازي، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن زكريا ، قَالَ : حَدَّثَنَا داود بن الزبرقان عن صخر بن جويرية عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، عن أبيها ، قَالَ : إن المنافقين عرضوا المسجد (2) يبنونه ليُضاهُون(3) به مسجد قُباء، وهو قريب منه،لأبي عامر الراهب، يرصُدُوُنُه إذا قدمَ ليكون إمامهم فيه فلما فرغوا من بنائه(4) أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا(5): إنا بنينا قَد مسجداً فصل فيه حتى نتخذه مصلى فأخذ ثوبه ليقوم معهم فنزلت هذه الآية : { لا تَقُم فيهِ أَبَداً } (6). [التوبة : 108].
__________
(1) في ه((ابن يشكر ))وهو خطأ.
(2) في ه((بمسجد يبنونه يضاهون به)) .وفي تفسير الخازن 3/120: ((يضارون)) .
(3) في ( س ) و ( ه) :(( ليضاهئوا )) .
(4) في ( ص ) :(( بنيانه )) .
(5) في ( س ) و ( ه):(( فقالوا : يارسول الله )) .
(6) إسناد ضعيف جداً ؛ داود الزبرقان متروك ، وكذبه الأزدي .(1/497)
قوله - عز وجل -: { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ … الآية } [التوبة : 111 ].
قال محمد بن كعب القرظي (1): لما بايعت الأنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة العقبة بمكة، وهم سبعون نفساً - قال عبد الله بن رواحة: يا رسول الله ، اشترط لربك ولنفسك ما شئت ، فقال: (( أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم )). قالوا : فإذا فعلنا ذلك فماذا لنا ؟ قَالَ : (( الجنة )) ، قالوا : ربِحَ البيعُ لا نقيلُ ولا نستقيلُ ، فَنَزَلت هذه الآية (2).
قوله - عز وجل - : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ /72ب/ … الآية } [ التوبة : 113 ] .
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 11/35-36 ، وذكره الواحدي في الوسيط 2/526 ، والبغوي في تفسيره 2/391 ، وابن كَثِيْر في تفسيره 2/534 ، والخازن في تفسيره 3/151 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/294 .
(2) راجع : بقية الروايات في تفسير ابن أَبِي حاتم 6/1886 ، والبحر المحيط 5/102 ، و الدر المنثور 4/294 .(1/498)
(271) أخبرنا أبو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الله الشيرازي ، قَالَ: أخبرنا مُحَمَّد بن عبد الله (1) بن حميرويه الهروي ،قَالَ :أخبرنا أبو الحسن علي بن مُحَمَّد الخزاعي ،قَالَ : حدثنا أبو اليمان ، قال: أخبرني شعيب عن الزهري، عن سعيد بن المسيب ،عن أبيه ، قال: لما حضر أبا طالب الوفاةُ دخل عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم ، قل معي: لا إله إلا الله كلمةً أحاج لك بها عند الله)). فقال أبو جهل وابن أبي أمية: يا أبا طالب ، أترغب عن ملة عبد المطلب ؟فَلَمْ يزالا يكلمانه حَتَّى قَالَ آخر شيء كلمهم بِهِ: عَلَى ملة عَبْد المطلب ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( لأستغفرن لَكَ ما لَمْ أنَّهُ عنك )) فَنَزَلت : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ } [التوبة:113] . رَوَاهُ البُخَارِيّ (2) عَنْ إسحاق بن إبراهيم ، عَنْ عَبْد الرزاق ، عَنْ معمر ، عن الزهري (3) ، ورواه مُسْلِم (4) ، عَنْ حرملة ، عَن ابن وهب ، عَنْ يونس (5)
__________
(1) في ( ه) : (( ابن عبد الرَّحْمَان )).
(2) صحيح البخاري 6/87(4675).
(3) عن الزهري )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) صحيح مسلم 1/40 (24) . وأخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره ( 1132 ) ، وأحمد 5/433 ، والبخاري 2/119 (1360) و5/65 (3884) و 6/141 (4772) و 8/173 (6681) ، والنسائي 4/90، والطبري في التفسير 11/41 ، والبيهقي في الدلائل 2/342 ، والمصنف في الوسيط 2/527 ، والبغوي في تفسيره 2/392 (1123) من طريق ابن شهاب الزهري ،عن سعيد بن المسيب ، فذكره . وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/299 وزاد نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه .
(5) في ( س ) و ( ه) زيادة (( كلاهما )) .(1/499)
عَن الزهري .
(272) أخبرنا أبو سعيد بن أبي عمرو النيسابوري ، قَالَ : أخبرنا الحسن بن علي ابن مؤمل ، قَالَ : أخبرنا عمرو بن عبد الله النصري (1) ، قَالَ : حَدَّثَنَا محمد بن
عبد الوهاب ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن عون ، قَالَ : أخبرنا موسى بن عبيدة ، قَالَ : أخبرنا محمد بن كعب القرظي ، قَالَ : بلغني أنه لما اشتكى أبو طالب شكواه التي قبض فِيْهَا ، قالت لَهُ قريشٌ : يا أبا طالب ، أرسل إلى ابن أخيك فيرسل إليك من هذه الجنة التي ذكرها ليكون (2) لك شفاءاً ! فخرج الرسول حتى وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر جالساً مَعَهُ ، فَقَالَ : يا مُحَمَّد ، إن عمك يقول لَكَ : إني كبيرٌ ضعيفٌ سقيمٌ فأرسل إلي من جنتكَ هذه التي تذكر ، من طعامها وشرابها شيئاً حَتَّى (3) يكون لي فيه شفاء . فقال أبو بكر : إن الله تَعَالَى حرمهما على الكافرين. فرجع إليهم الرسول فَقَالَ: بلغت محمداً الذي أرسلتموني بِهِ ، فلم يُحر إليَّ شيئاً ، وقال أبو بكر : إن الله حرمهما على الكافرين . فحملوا أنفسهم عَلِيهِ ، حتى أرسل رسولاً من عنده فوجده الرسول في مجلسه فقال له مثل ذلك فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إن الله حرمهما (4) على الكافرين طعامها وشرابها )). ثم قام في إثر الرسول حتى دخل معه بيت أبي طالب فوجده مملوءاً رجالاً ، فَقَالَ : (( خلوا بيني وبين عمي )) فقالوا : ما نحن بفاعلين ، ما أنت أحق به منا ،إن كانت لك قرابةٌ فلنا قرابةٌ مثل قرابتك فجلس إليه فَقَالَ: (( يا عم جُزيت عني خيراً كفلتني صغيراً وحُطتني(5) كبيراً جزيت عني خيراً يا عم، أعني على نفسك بكلمةٍ واحدةٍ أشفع لك بها عند الله يوم القيامة )) قَالَ: وما هي يا
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( البصري )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( ما يكون )) .
(3) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( حرم )) .
(5) في ( ب ) : (( حضنتني )) .(1/500)
ابن أخي؟ قَالَ: (( قل لا إله إلا الله وحده لا شريك لَهُ )). فَقَالَ : إنك لي (1) ناصحٌ ، والله لولا أن أُعَيَّر بِهَا (2) فيقال : جزع عمك من الموت ، لأقررت بِهَا عينك . قَالَ : فصاح القوم : يا أبا طَالِب أنت رأس / 73 أ / الحنيفية ملة الأشياخ فَقَالَ : لا تحدث نساء قريش أن عمك جزع عِنْدَ الموت ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لا أزال أستغفر لَكَ ربي حَتَّى يردني (3) وأستغفر لَهُ بَعْدَ ما مات )) ، فَقَالَ المسلمون : ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا ؟ قَد استغفر إبراهيم لأبيه ، وهذا مُحَمَّد- صلى الله عليه وسلم - يستغفر لعمه ، فاستغفروا للمشركين حتى نزلت (4): { ما كانَ لِلنَّبيِّ وَالَّذينَ آَمَنوا أَنْ يَستَغفِروا لِلمُشرِكينَ وَلَو كانوا أُولِى قُربى } (5).[التوبة : 113].
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) في ( س ) : (( تعيرني في قريش عنه )) . وفي ( ه) : (( أن تعير بها )).
(3) في ( ب ) : (( تردني )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( نزل )) .
(5) أخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ –مختصراً – . انظر : الدر المنثور 4/300 .(1/501)
(273) أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن أحمد الحراني ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن عبد الله بن نُعيم ، قَالَ: حدثنا مُحَمَّد بن يعقوب الأموي، قَالَ: حدثنا بحر(1) بن نصير ، قَالَ: حدثنا ابن وهب ، قَالَ: أخبرنا ابن جريج ، عن أيوب بن هانيء ، عن مسروق بن الأجدع، عن عبد الله بن مسعود ، قال (2): خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر في المقابر وخرجنا مَعَهُ ، فأخذنا مجلسنا (3) ثم تخطى القبور حتى انتهى إلى قبر منها فناجاه طويلاً ، ثُمَّ ارتفع نحيب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باكياً فبكينا لبكاء رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - (4) ، ثُمَّ إنه أقبل إلينا فتلقاه عمر بن الخطاب فَقَالَ: يا رسول الله ما الذي أبكاك فقد أبكانا وأفزعنا ؟ فجاء فجلس إلينا فَقَالَ : (( أفزعكم بكائي ))، فقلنا: نعم(5)، فَقَالَ: (( إن القبر الَّذِي رأيتموني أناجي فِيهِ قبر آمنة بنت وهب وإني استأذنت ربي في زيارتها فأذن لي فِيْها (6) واستأذنت ربي(7) في الاستغفار لها فَلَمْ يأذن لي فِيهِ ونزل عليَّ (8) : { مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ } حَتَّى
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ) : (( يَحْيَى )) ، وفي ( ه) : (( الحر بن نصير )) . راجع ترجمة بحر بن نصير المصري (180-263ه) في تهذيب التهذيب 1/420.
(2) أخرجه ابن أبي حاتم 6/1893 (10051) ، والحاكم 2/336 ، والسيوطي في الدر المنثور 4/302 – 303 وزاد نسبته لابن مردويه والبيهقي في الدلائل . وانظر : مسند أحمد 2/441 و 5/355 – 359 .
(3) في ( س ) : (( فأمرنا فجلسنا )) ، و ( ه) : (( مَعَهُ فأخذنا مجلسنا ثُمَّ )) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( لبكائه )) .
(5) في ( س ) و ( ه) : (( نعم يا رَسُوْل الله )) .
(6) في ( س ) و ( ه) : (( فيه )) .
(7) في ( س ) : (( واستأذنته )) .
(8) مكانها في ( س ) و ( ه) : (( قوله تَعَالَى )) .(1/502)
ختم الآية(1): { وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ } [التوبة: 133-144]، فأخذني ما يأخذ الولد للوالدة مَنْ الرقة، فذلك الَّذِي أبكاني ))(2) .
قوله - عز وجل - : { وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً …الآية } - [التوبة : 122] .
قال ابن عباس في رواية الكلبي (3): لما أنزل الله تعالى عيوب المنافقين لتخلفهم عن الجهاد ، قال المؤمنون : والله لا نتخلف عن غزوة يغزوها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا سرية أبداً ، فلما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسرايا إلى العدو، نفر المسلمون كافة(4) وتركوا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وحده بالمدينة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية (5).
سورة يونس
قوله - عز وجل - : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ …الآية - } [يونس : 2].
قال ابن عباس (6) : لما بعث الله تعالى محمداً - صلى الله عليه وسلم - رسولاً ، أنكرت عَلَيْهِ (7)
__________
(1) مكان هَذِهِ الجملة في ( س ) و ( ه) : تكملة الآية .
(2) قال الحاكم في المستدرك 2/336: ((صحيح على شرطهما ولم يخرجاه هكذا بهذه السياقة ،إنما خرج مسلم حديث يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن ابي هريرة فيه مختصراً )) ، وقال الذهبي : (( أيوب بن هانئ ضعفه ابن مَعِيْنٍ )).
(3) تفسير البغوي 3/136.
(4) في ( ص ) : (( جميعاً )) .
(5) راجع الأقوال الأخرى في تفسير الطبري 24/566-570 ، والخازن 3/136 ، والدر المنثور 3/292-293 .
(6) انظر : تفسير الطبري 11/ 81 ، وتفسير ابن أبي حاتم 6/1922 (10193) ، وتفسير القرطبي 4/3145 ، والخازن 3/ 173 ، وتفسير ابن كثير 2/ 553 ، والدر المنثور 4/340 ، وزاد السيوطي نسبته لأبي الشيخ وابن مردويه .
(7) سقطت من ( ب ) و ( ص ) .(1/503)
الكفار وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسولهُ بشراً مثل محمدٍ . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءنَا…الآية } [يونس : 15] .
قال مجاهد: نزلت في مشركي مكة (1).
قال مقاتل (2): وهم (3) خمسة نفرٍ عبد الله بن أبي أُمية /73ب/ المخزومي ، والوليد بن المغُيرة ، ومُكرز بن حفص ، وعمرو بن عبد الله بن أبي قيس العامري ، والعاص بن عامر قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ائت بقرآن ليس فيه ترك عبادة اللات والعُزى.
وقال الكلبي (4): نزلت في المستهزئين ، قالوا: يا محمد ائت بقرآن غير هذا فيه ما نسألك.
سورة هود
F
قوله - عز وجل - : { أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ …الآية } [هود: 5].
__________
(1) انظر : البحر المحيط. 5/131.
وهو قول قتادة انظر : تفسير ابن ابي حاتم 6/ 1934(10269) وتفسير البغوي 2/ 413،وتفسير القرطبي 4/ 3158، وتفسير الخازن 3/ 178 وتفسير البحر المحيط 5/131.
(2) انظر : تفسير البغوي 2 /413 ،وتفسير الخازن 3/ 179،وتفسير البحر المحيط 5/ 131.
وروى عن ابن عباس، أن الخمسة هم الوليد، والعاصي، والأسود بن المطلب ، والأسود بن عبد يغوث ، والحارث بن حنظلة .
(3) في ( ب ) و ( ص ) : (( في )) .
(4) انظر : تفسير البحر المحيط 5/ 131.
وروي عن ابن عباس مثل هذا القول انظر : المصدر السابق .قال الإمام فخر الدين الرازي :(( اعلم أن إقدام الكفار على هذا الالتماس يحتمل وجهين :
أحدهما : أنهم ذكروا ذلك على سبيل السخرية والاستهزاء .
والثاني : أن يكونوا قالوا ذلك على سبيل التجربة والامتحان حتى أنه لو فعل ذلك علموا أنه كان كاذباً في قوله إن هذا القرآن ينزل عليه من عند الله )) .
انظر : تفسير الخازن 3/ 179.(1/504)
نزلت في الأخنس بن شريق (1) ، وكان رجلاً حلو الكلام ، حلو المنظر يلقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما يحب ، وينطوي بقلبه عَلَى (2) ما يكره . وقال الكلبي : كان يجالس النبي - صلى الله عليه وسلم - ويظهر(3) له أمراً حسناً (4)يسره ويضمر في قلبه خلاف ما يظهر، فأنزل الله تَعَالَى : { أَلا إِنَّهُم يَثنونَ صُدورَهُم } [هود :5 ] يقول يُكمنُون (5) ما في صدورهم من العداوة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - .
قوله - عز وجل - : { وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ … الآية } [هود: 114] .
(274) أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : حدثنا إبراهيم بن عَلِيّ ، قَالَ : حدثنا يحيى بن يَحْيَى ، قَالَ : حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن إبراهيم عن علقمة والأسود ، عن عبد الله قَالَ: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يا رسول الله إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن آتيها ، فأنا هذا فاقض فيَّ ما شئت . قَالَ : فقال عمر : لقد سترك الله لو سترت نفسك فَلَمْ (6) يرد عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئاً ، فانطلق الرجل فأتبعه رجلاً فدعاه ، فتلا عليه هذه الآية ،
__________
(1) كما قال ابن عباس . انظر تفسير البغوي 2/439 وتفسير القرطبي 4/3232-3233، وتفسير الخازن 3/217-218 ، والبحر المحيط 5/202.
وَقَالَ السدي : ( يثنون : أي يصرفون بقلوبهم ) . وتفسير البغوي 2/439.
(2) في ( س ) و ( ه ) :(( ويطوي بقلبه )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( فيظهر )).
(4) لَمْ ترد في ( ص ) و ( ه) .
(5) في ( ب ) و ( ص ) : (( يكتمون )) .
(6) في ( ب ) : (( وَلَمْ )) .(1/505)
قَالَ (1) رجل : يا رسول الله هَلْ (2) له خاصة ؟ قَالَ : (( بَلْ (3) للناس كافة )). رَوَاهُ
مُسْلِم (4) عن يَحْيَى بن يَحْيَى .
ورواه البُخَارِيّ (5) مِن طريق يزيد بن زريع .
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( فَقَالَ )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( هَذَا )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( لا بَلْ )) .
(4) صحيح مسلم 8/102 (2763)(42) . وأخرجه الطيالسي (285) ، وعبد الرزاق (13829) ، وأحمد 1/445 و449 ، ومسلم 8/102 (2763)(42) ، وأبو داود (4468) ، والترمذي (3112) ، والنسائي في الكبرى (7323) ، والطبري في التفسير 12/134 و 135 ، وابن خزيمة (313) ، وأبو يعلى (5343) و(5389) ، وابن حبان (1730) ، والبيهقي 8/241 من طرق ، عن سماك ، بهذا الإسناد .
وأخرجه أحمد 1/452 ، ومسلم 8/102 (2763)(43) ، والنسائي في الكبرى (7319) و(7320) و(7322) ، والطبري 12/135 من طريق سماك ، عن إبراهيم ، عن خاله الأسود ، عن عَبْد الله ، بِهِ وَلَمْ يذكر ( علقمة ) .
(5) صحيح البخاري 6/94 وهو من طريق أبي عثمان النهدي ، عن ابن مسعود . وسيأتي في الَّذِي بعده .(1/506)
(275) أخبرناه (1) عمرو بن أبي (2) عمرو ، قَالَ : أخبرنا محمد بن مكي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن يوسف ، قَالَ : أخبرنا محمد بن إسماعيل (3)، قَالَ : حَدَّثَنَا مسدد ، قَالَ حَدَّثَنَا يزيد بن زريع ، قَالَ : حدثنا سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي ،عن ابن مسعود أن رجلاً أصاب من امرأة قبلة، فأتى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له ، فأنزلت (4): { وأَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ } إلى آخر الآية فقال الرجل : ألي هذه ؟ قَالَ : (( لِمَنْ عمل بِهَا من أمتي )) (5) .
(276) أخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، قَالَ: حدثنا محمد بن يعقوب الأموي ، قَالَ: حَدَّثَنَا العباس الدوري، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن حنبل المروزي، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن المبارك (6)، قال: حدثنا سويد ، قَالَ: أخبرنا عثمان بن موهب (7)
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( وأخبرنا )) .
(2) لَمْ ترد في ( ب ) .
(3) هو الإمام البخاري ، والحديث في صحيحه 6/94 ( 4687 ) .
(4) في ( س ) و ( ه) : (( فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية )) .
(5) إسناده صَحِيْح .
أخرجه عبد الرزاق (13830)، وأحمد 1/385 و430 ، والبخاري 1/140 (526) ، ومسلم 8/101 و102 ، وابن ماجه (1398) و (4253) ، والترمذي (3114) ، والنسائي في الكبرى (318) و(7326) و (11247) ، وفي التفسير المفرد (267) ، وابن خزيمة (312) ، والطبري في تفسيره 12/135 ، وابن حبان (1729) ، والطبراني في الكبير (10560) ، والبيهقي 8/231 ، والبغوي (346) من طريق سليمان التيمي ، بهذا السند .
(6) في ( ب ) و ( ص ) : (( عن ابن المبارك )) .
(7) في ( ه) : (( ابن مؤمن )) وهو خطأ . وهو عثمان بن عبد الله بن موهب التيمي ، نسب إلى جده .
انظر : تهذيب الكمال 5/121 ( 4424 ) .(1/507)
عن موسى بن طلحة ، عن أبي اليسر (1) بن عمرو قَالَ : أتتني امرأة - وزوجها بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - في بعث (2) - فقالت : بعني بدرهم تمراً ، قَالَ : فأعجبتني فقلت : إن في البيت تمراً هو أطيب من هذا فالحقيني ، فغمزتها وقبلتها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقصصت عليه الأمر ، فقال : (( أخنت (3) رجلاً غازياً / 74 أ / في سبيل الله في أهله بهذا )). وأطرق عني فظننت أني من أهل النار وأن الله لا يغفر لي أبداً وأنزل الله تَعَالَى : { وأَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ … الآية } ، فأرسل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلاها علي (4).
__________
(1) في ( ب ) : (( القيس )) .
(2) في ( ص ) : (( بعث النَّبِيّ زوجها )) .
(3) في ( س ) و ( ه) : (( خنت )) .
(4) حَدِيْث حسن كَمَا قَالَ التِّرْمِذِيّ ، وفي سند الواحدي سقط ظاهر . أخرجه التِّرْمِذِيّ (3115) ، والنسائي في الكبرى (11248) وفي التفسير المفرد (268) ، والطبري في تفسيره 12/137 ، والطبراني في الكبير 9/(371) .(1/508)
(277) أخبرنا نصر بن بكر بن أحمد الواعظ ، قَالَ: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن أحمد (1) السجزي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن أيوب الرازي ، قَالَ : أخبرنا علي بن عثمان وموسى بن إسماعيل وعبيد الله (2) بن العاصم - واللفظ لعلي - قالوا : أخبرنا حماد بن سلمة ، قَالَ : حدثنا علي زيد (3) عن يوسف بن مهران (4) عن ابن عَبَّاسٍ: أن رجلاً أتى عمر فَقَالَ لَهُ: إن امرأة جاءتني تبايعني فأدخلتها الدولج(5) فأصبت منها كل شيء إلا الجماع. فَقَالَ: ويحك بعلها (6) مغيب في سبيل الله ؟ قُلْتُ : أجل ، قَالَ : ائت أبا بكر، فأتاه فَقَالَ مِثْل(7) ما قَالَ لعمر، ورد عَلَيْهِ مِثْل ذَلِكَ، وَقَالَ: ائت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله (8). فأتاه ، فَقَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( بعلها (9) مغيب في سبيل الله ؟ )). فسكت (10) عَنْهُ ، ونزل القرآن : { وأَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَناتِ يُذهِبنَ السَيِّئاتِ } ، فقال الرجل : ألي خاصة (11) أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال :
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( محمد )) .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( عبيد )) .
(3) في ( ه) : (( ابن يزيد )) وهو خطأ.
(4) في ( ه) : (( ابن ماهان )) وهو خطأ . انظر : تهذيب الكمال 8/200 ( 7753 ) .
(5) الدولج : المخدع ، وهو البيت الصغير داخل البيت الكبير . انظر : اللسان 3/99 .
(6) في ( ه) : (( ويحك لعلها مغيب )).
(7) لَمْ ترد في ( ب ) .
(8) لَمْ ترد في ( ب ) .
(9) في ( ه) : (( لعلها مغيب )).
(10) في ( س ) و ( ه) : (( فَقَالَ : نعم ، فسكت )) .
(11) بَعْدَ هَذَا في ( س ) و ( ه) : (( يا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - )) .(1/509)
لا ولا نعمة عين ولكن للناس عامة فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: (( صدق عمر )) (1).
(278) أخبرنا أبو منصور (2) محمد بن محمد الطوسي ، قال: أَخْبَرَنَا علي بن عمر الحافظ ، قَالَ : حدثنا الحسين (3) بن إسماعيل المحاملي ، قَالَ: حدثنا يوسف بن موسى ، قَالَ : حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل أنه كان قاعداً عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل فَقَالَ : يا رسول الله ، ما تقول في رجل أصاب من امرأة ما (4) لا يحل له ، فلم يدع شيئاً يصيبه الرجل من امرأته إلا قد أصابه منها ، إلا أنَّهُ لم يجامعها ؟ فَقَالَ: (( توضأ وضوءاً حسناً ثُمَّ قم فصل )). قَالَ: فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية: { أَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ } [هود : 114] إِلَى آخرها فَقَالَ معاذ بن جبل : أهي لَهُ خاصةً أم للمسلمين عامة ؟ فقال : (( بل هي للمسلمين عامة ))(5).
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ لضعف عَلِيّ بن زيد بن جدعان . أخرحه أحمد 1/245 و269 من طريق حماد بن سلمة ، بِهِ .
(2) في ( ه) : (( أبو نصر )).
(3) في ( ه) : (( الحبر )).
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) إسناده ضعيف ؛ لانقطاعه ، عَبْد الرَّحْمَان بن أبي ليلى لَمْ يسمع من معاذ ، ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر ، وقتل عمر وعبد الرَّحْمَان بن أَبِي ليلى غلام صغير ابن ست سنين . أخرجه أحمد 5/244، والترمذي (3113) ، والطبري في تفسيره 12/136 ، والطبراني في الكبير 20/(277) و ( 278) ، والدارقطني 1/134، والحاكم 1/135، والبيهقي 1/125.(1/510)
(279) أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي (1) قَالَ: أخبرنا حاجب بن أحمد ، قَالَ: أخبرنا الأستاذ أبو عبد الرحيم بن منيب (2) ، قَالَ : حدثنا الفضل بن موسى السيناني (3) قَالَ : حدثنا سفيان الثوري ، عن سماك بن حرب ، عن إبراهيم عن عبد الرحمان بن
يزيد (4) ، عن ابن مسعود ، أنه قَالَ : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يا رسول الله إني قَد أصبت من امرأة غير أني لم آتها فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآية (5). { وأَقِمِ الصَلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبْنَ السَيِّئاتِ } (6).
سورة يوسف
F
قوله - عز وجل -: { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ … الآية } [يوسف: 3] .
__________
(1) في ( ه) : (( أبو طاهر الرزباري )) وهو خطأ .
(2) في ( ب ) : (( مالك )) .
(3) في ( ب ) و ( ه) : (( الشيباني )) وهو خطأ ، والسيناني نسبة إلى (( سينان )) : إحدى قرى خراسان ، كما في تهذيب الكمال 6/43 (5339) .
(4) في ( ه) : (( ابن سويد )) وهو خطأ ؛ لأن المراد : عَبْد الرَّحْمَان بن يزيد بن قيس النخعي ، الَّذِي رَوَى عن ابن مسعود ، وروى عَنْهُ ابن أخته إبراهيم بن يزيد النخعي ، كَمَا في تهذيب الكمال 4/490 (3982).
(5) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه) .
(6) إسناده حسن سماك بن حرب صدوق حسن الحديث .
أخرجه أحمد 1/406 ، والترمذي (3112) ، والنسائي (7317) و(7318) من طريق سماك بن حرب ، بهذا الإسناد . وانظر : ما تقدم من حَدِيْث عَبْد الله بن مسعود .(1/511)
(280) أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض، قَالَ: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، قَالَ: حدثنا عمرو بن محمد القرشي، قال: حدثنا خلاد بن مسلم الصفار ، عن عمرو بن قيس الملائي ، عن عمرو بن مرة ، عن مصعب بن سعد ، عن أبيه سعد بن أبي وقاص في قوله - عز وجل - : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ } [يوسف : 3 ] قَالَ : أنزل القرآن على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتلاه عليهم زماناً ، فقالوا : يا رسول الله لو قصصت . فأنزل الله تعالى : { الر - تِلكَ آياتُ الكِتابِ المُبينِ } [يوسف: 1-2] إلى قوله : { نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحْسَنَ القَصَصِ … الآية } [يوسف: 3] فتلاه عليهم زماناً ،فقالوا: يا رسول الله، لو حدثتنا. فأنزل الله تَعَالَى : { اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَدِيْثِ كِتاباً مُّتَشابِهاً } قال: كل ذلك تؤمرون (1) بالقرآن، رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه (2) عن أبي بكر العنبري ، عن محمد بن عبد السلام ، عن إسحاق بن إبراهيم.
__________
(1) في ( ه) : (( ليؤمنوا )) ، وفي المستدرك : (( يؤمر )).
(2) المستدرك 2/345 .وأخرجه الطبري في التفسير 12/150 ، وأبو يعلى (740) ، وابن حبان (6209)، والبزار (3218) من طريق عمر بن محمد القرشي ، بهذا الإسناد . وذكره الحافظ ابن حجر في العالية (3652) وقال : ((حسن)) ونسبه لابن راهويه وأبي يعلى والبزار . وأورده السيوطي في الدر المنثور 4/496 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه .(1/512)
وقال عون بن عبد الله : مل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملة فقالوا: يا رسول الله ، حدثنا . فأنزل الله تعالى { اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الحَدِيْثِ … الآية } [الزمر: 23] قَالَ : ثم إنهم ملوا ملة أخرى فقالوا: يا رسول الله فوق الحديث ودون القرآن -يعنون القصص- فأنزل الله تعالى : { نَحنُ نَقُّصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ } فأرادوا الحديث فدلهم على أحسن الحديث وأرادوا القصص فدلهم على أحسن القصص (1) .
سُورة الرعد
F
قوله - عز وجل - : { وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ … الآية } [الرعد:13]
__________
(1) هكذا ذكره معلقاً بدون إسناد ،وقد روي موصلاً . أخرجه أبو عبيد في الأموال (13) عن حجاج بن محمد بن الأعور ، وأخرجه أبو نعيم في الحلية 4/248 من طريق وكيع بن الجراح ، كلاهما ( ((حجاج ، ووكيع )) ) عن المسعودي، عن عون بن عبد الله، بِهِ. وسماع وكيع مَنْ المسعودي – وَهُوَ : عبد الرحمان ابن عبد الله بن عتبة – بالكوفة قديم قبل الاختلاط كما في ((التحرير )) بخلاف سماع حجاج بن محمد . لكن هذا الأثر ضعيف ؛ لإعضاله ، فإن روايه عون بن عبد الله ، عن الصحابة مرسلة ،كما في تهذيب الكمال 22/454.(1/513)
(281) أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ ، قَالَ: أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن محمد بن نصر(1)، قَالَ : أخبرنا محمد بن أيوب الرازي(2)، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن عبد الوهاب قَالَ : حَدَّثَنَا علي بن أبي سارة الشيباني(3) ، قَالَ : حدثنا ثابت ، عن أنس بن مالك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -بعث رجلاً مرة إلى رجل من فراعنة العرب ، فقال: (( اذهب فادعه لي )) فَقَالَ : يا رسول الله إنه أعتى من ذَلِكَ . قَالَ : (( اذهب فادعه
لي )) ، قال: فذهب إليه فقال: يدعوك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : وما الله ؟ أمن ذهب
__________
(1) في ( ب ) و ( س ) : (( ابن نصير )) . وما أثبتاه هو الموافق لمصادر ترجمته انظر : السير 16/427 0
(2) الرازي )) لَمْ ترد في (ب) 0
(3) قَالَ البُخَارِيّ في التاريخ الكبير 6/278: (( فِيْهِ نظر))، وَقَالَ ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل 6/189 : ((شيخ ضعيف الحَدِيْث)) ، وَقَالَ العقيلي في الضعفاء الكبير: ((عَلِيّ بن أبي سارة عن ثابت لا يتابع عَلَيْهِ0ثُمَّ رَوَى لَهُ عن ثابت في قوله تعالى((ويرسل الصواعق)) ، ثُمَّ قَالَ : أو لا يتابعه الا من هو مثله أو قريب مْنْهُ ))، وَقَالَ ابن حبان في المجروحين 2/79 : ((كَانَ ممن يروي عن ثابت ما لا يشبه حَدِيْث ثابت حَتَّى غلب عَلَى روايته المناكير الَّتِيْ يرويها عن المشاهير فاستحق الترك ))، وَقَالَ الآجري في سؤالاته 1/248 : عن أبي داود قَالَ : (( قد ترك الناس حديثه )) 0(1/514)
هُو(1) أو من فضة أو من نحاس ، قَالَ : فرجع إِلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبره وَقَالَ : وَقَدْ أخبرتك أنَّهُ أعتى من ذَلِكَ فَقَالَ لي كَذَا وكذا ، فَقَالَ: (( ارجع إِلَيْهِ الثانية )) فادعه فرجع إِلَيْهِ فعاد عَلَيْهِ مِثْل الكلام الأول فرجع إِلَى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فَقَالَ : (( ارجع إِلَيْهِ )) فرجع الثالثة (2) فأعاد عَلَيْهِ ذَلِكَ الكلام (3) فبينا هُوَ يكلمني (4) إذ بعث الله إِلَيْهِ(5) سحابة حيال رأسه فرعدت فوقعت مِنْهَا صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله تَعَالَى :
{ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ
الْمِحَالِ } (6) [الرعد : 13 ] .
__________
(1) هُو )) لَمْ ترد في (ب) 0
(2) في (ب) : (( فرجع إليه الثالثة ))0
(3) لم ترد في ( ب ) .
(4) في ( ص ) : (( يكلمه ))0
(5) لم ترد في ( س ) و ( ه) .
(6) إسناده ضعيف ؛ لضعف عَلِيّ بن أبي سارة ، لكن رواه عن ثابت ديلم بن غزوان ، وَهُوَ صدوق حسن الحَدِيْث فالحديث حسنٌ من طريقه0
أخرجه النَّسَائيّ في الكبرى (11259) وفي تفسيره (279) ، والطبري في تفسيره 13/125 ، والطبراني في الأوسط (2623)، والعقيلي في الضعفاء 3/232 ، وأبو يعلى (3342) من طريق عَلِيّ بن أبي سارة.
وأخرجه ابن أبي عاصم في السنة (692)، والبزار كما في كشف الأستار (2221) ، وأبو يعلى (3341)، والبيهقي في دلائل النبوة 6/283 ، والمقدسي في المختارة (1710) (1711)0 وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 4/625 إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه0(1/515)
وقال ابن عباس في رِوَايَة أبي صالح وابن جريج وابن زيد : نزلت هذه الآية والتي قبلها في عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة وذلك أنهما أقبلا يريدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رجل من أصحابه: يا رسول الله/75أ/ هذا عامر بن طفيل قد أقبل نحوك فَقَالَ : (( دعه فإن يرد الله به خيراً يهده )) فأقبل حتى قام عليه فَقَالَ : يا محمد ما لي إن أسلمت؟ فقَالَ: (( لَكَ ما للمسلمين وعليك ما عَلَيْهِمْ ))،قَالَ: تجعل لي الأمر مِنْ(1) بعدك، قَالَ: لا لَيْسَ ذَلِكَ إلي إِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الله يجعله حَيْثُ يشاء قَالَ: فتجعلني عَلَى الوبر وأنت عَلَى المدر قَالَ: لا قَالَ: فماذا تجعل لي قَالَ: أجعل لَكَ أعنة الخيل تغزو عَلَيْهَا (2) قَالَ : أوليس ذَلِكَ إلي اليوم ؟ وَكَانَ أوصى (3) إلَى(4) أربد بن ربيعة إذا رأيتني أكلمه فدر مِنْ خلفه واضربه بالسيف فجعل يخاصم رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ويراجعه فدار أربد خلف النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - ليضربه فاخترط مِنْ سيفه شبراً ثُمَّ حبسه الله - عز وجل - فَلَمْ يقدر عَلَى سله وجعل عامر يومئ إِلَيْهِ فالتفت
رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى أربد بن ربيعة (5) وما يصنع بسيفه فَقَالَ : (( اللَّهُمَّ اكفنيهما بِمَا شئت )) فأرسل الله تَعَالَى عَلَى أربد صاعقة فِي يوم صائف صاح فأحرقته وولى عامر هارباً وَقَالَ : يا مُحمَّد دعوت ربك فقتل أربد والله لأملأنها عليك خيلاً جرداً وفتياناً
__________
(1) من)) لَمْ ترد في (ب) و(ص) 0
(2) تغزو عَلَيْهَا )) لَمْ ترد في ( ص ) 0
(3) في ( ص ) : ((قد أوصى )) 0
(4) لم ترد في ( ب ) .
(5) بن ربيعة )) لم يرد في ( س )و ( ه) .(1/516)
مرداً ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( يمنعك الله تَعَالَى مِنْ ذَلِكَ وابنا قيلة )) – يريد الأوس والخزرج – فَنَزَل عامر بيت امرأة سلولية فَلَمَّا أصبح ضم عَلَيْهِ سلاحه فخرج وَهُوَ
يَقُولُ : واللات والعزى (1) لئن أصحر (2) مُحمَّد إلي وصاحبه يعني –ملك الموت- لأنفذنهما برمحي فَلَمَّا رأى الله تَعَالَى ذَلِكَ مْنْهُ أرسل ملكاً فلطمه بجناحيه فأذراه فِي
التراب وخرجت عَلَى (3) ركبته غدة فِي الوقت عظيمة كغدة البعير (4) فعاد إلَى بيت السلولية وَهُوَ يَقُولُ: غدة كغدة البعير وموت فِي بيت السلولية ثُمَّ مات عَلَى ظهر فرسه ، وأنزل الله تَعَالَى فِيْهِ هَذِهِ القصة: { سَواءٌ مِّنكُم من أَسَرَّ القَولَ وَمَن جَهَرَ بِهِ } حتى بلغ: { وَما دُعَاءُ الكَافِرِيْنَ إِلاَّ في ضَلاَلٍ } (5) [الرعد : 14].
قوله - عز وجل - : { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ … } [الرعد :30] .
__________
(1) لم ترد في ( ب )و ( ه) .
(2) في ( ب ): ((أضحى)) ، وفي ( ص ): ((ظهر لي مُحمَّد وصاحبه)) 0
(3) عَلَى )) لَمْ ترد في ( ص ) 0
(4) كغدة البعير )) لم ترد في ( ب ) .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 13/126 من طريق حجاج ، عن ابن جريج ، قوله . =
= وأخرجه ابن أبي حاتم 7/2230 (12193) من طريق أصبغ بن الفرج ، عن عَبْد الرحمان بن زيد بن أسلم قوله .
وأخرجه الطبراني في الكبير (10760) وفي الأوسط ، لَهُ (9127) ط العلمية و(9123) ط الطحان وفي الأحاديث الطوال ، لَهُ (37) عن طريق عطاء بن يسار . وَقَالَ الهيثمي 7/ 42 : (( وفي إسنادهما
عَبْد العزيز بن عمران ، وَهُوَ ضعيف))0وانظر : تفسير السمرقندي 2/188 ، وتفسير الوسيط للمصنف 3/10 ، وتفسير البغوي 3/11-12 ، وتفسير الخازن 4/10-11 ، وتفسير ابن كثير 2/689 0(1/517)
قال أهل التفسير: نزلت في صلح الحديبية حين أرادوا كتاب الصلح ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لعليّ : (( اكتب : بسم اللَّهِ الرحمن الرحيم )) ، فقال سهيل بن عمرو والمشركون : ما نعرف الرحمان إلا صاحب اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - اكتب باسمك اللَّهُمَّ . وهكذا كان أهل (1) الجاهلية يكتبون ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه
الآية (2) .
__________
(1) أهل )) لَمْ ترد في ( ص ) 0
(2) أخرجه أحمد 4/86 ، والنسائي في الكبرى (11511) وفي تفسيره (531)،والحاكم في المستدرك 2/460-461 عن طريق حسين بن واقد ، عن ثابت بن أسلم البناني، عن عبدالله بن مغفل المزني قَالَ ((كنا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية في أصل الشجرة الَّتِيْ قَالَ الله تعالى فيها القرآن ، وكان يقع من أغصان تلك الشجرة عَلَى ظهر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه ، فَقَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي رضي الله عَنْهُ :(( اكتب بسم الله الرحمن الرحيم )) ، فأخذ سهيل بن عمرو بيده فَقَالَ ما نعرف بسم الله الرحمن الرحيم000)) الحَدِيْث0
وأخرجه الطبري في تفسيره 13/150 ، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ كما في الدر المنثور 4/650 .
وأخرجه الطبري في تفسيره 13/150، وابن المنذر كما في الدر المنثور 4/650 من قَوْل مجاهد مرسلاً0
وانظر : تفسير البغوي 3/22 ، وزاد المسير في علم التفسير 4/ 31 ، وتفسير القرطبي 4/3546 - 3547 ، وتفسير الخازن 4/ 22 .(1/518)
وقال ابن عباس في رواية الضحاك (1) : نزلت في كفار قريش حين قال لهم النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: { اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا… الآية } [الفرقان:60] ، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وقال: { قُلْ } [الرعد30] لَهُمْ : إن الرحمان الذي أنكرتم معرفته هو(2) { رَبِّي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ } [الرعد30]
قوله - عز وجل -: { ولو أنَّ قرءاناً سيرت بِهِ الجبالُ…الآية } [الرعد : 31] .
(282) أخبرنا/75ب/ محمد بن عبد الرحمان النحوي ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحيري ، قَالَ : أخبرنا أبو يعلى(3) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن سلمة(4) الأنصاري ، قَالَ: حدثنا خلف بن تميم ، عن عبد الجبار بن عمر الأيلي(5)
__________
(1) تفسير الخازن 4/ 22 - 23 .
(2) هو)) لَمْ ترد في ( ب ) 0
(3) مسند أبي يعلى (679) 0
(4) في ( ص ) و( ه) : ((ابن ثملة)) ، وفي مسند أبي يعلى ، والمقصد العلي (907) ، والمطالب العالية
(1894) : (( علي ))
(5) في (ه): ((الأبلي )) محرفة ، وَهُوَ ضعيف عنده مناكير كما قَالَ البُخَارِيّ ، راجع تهذيب الكمال
4/342 ، وتهذيب التهذيب 6/103 0(1/519)
، عن عبد الله بن عطاء ، عن جدته أم عطاء مولاة الزبير ، قالت : سمعت الزبير بن العوام يقول: قالت قريش للنبي - صلى الله عليه وسلم -: تزعم أنك نبي يوحى إليك وأن سليمان سخر (1) له الريح وأن موسى سخر له البحر وأن عيسى كان يحيي الموتى فادع الله أن يسير عنا هذه الجبال ويفجر لنا في الأرض أنهاراً فنتخذها محارث فنزرع ونأكل(2) وإلا فادع الله أن يحيي لنا موتانا فنكلمهم ويكلمونا وإلا فادع الله أن يصير هذه الصخرة التي تحتك ذهباً فننحت منها وتغنينا عن رحلة الشتاء والصيف فإنك تزعم أنك كهيئتهم فبينا(3) نحن حوله إذ نزل عَلِيهِ الوحي فلما سري عَنْهُ قَالَ: ((والذي نفسي بيده لقد أعطاني ما سألتم ، ولو شئت لكان ولكنه خيرني بين أن تدخلوا في باب الرحمة فيؤمن مؤمنكم،وبين أن يكلكم إلى ما اخترتم لأنفسكم فتضلوا عن باب الرحمة فاخترت باب الرحمة ؛ وأخبرني إن أعطاكم(4) ذَلِكَ ثُمَّ كفرتم أنَّهُ معذبكم عذاباً لا يعذبه أحداً مِنْ العالمين )) فَنَزَلت(5): { وَما مَنَعَنا أَن نُّرسِلَ بِالآَياتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِها الأَوَّلونَ وءاتينا ثمودَ الناقةَ مُبصرةً فظلموا بِهَا }
__________
(1) في ( س ) و (ه) : (( سخرت )) . 0
(2) فِي ( ب ) : (( محارث ومزارع فنزرع فنأكل )) .
(3) فِي ( س ) و (ه) : (( فبينما )) .
(4) بعد هَذَا في ( ص ) : (( ماسألتم)) 0
(5) فِي ( ب ) : (( فنزلت هذه الآية )) .(1/520)
[ الإسراء : 59 ] حَتَّى قرأ ثلاث آيات(1) ، ونزلت : { وَلَو أَنَّ قُرآَناً سُيِّرَت بِهِ الجِبالُ أو قطعت بِهِ الأَرْضُ أو كُلمَ بِهِ الموتى … } (2) [ الرعد: 31 ] .
قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّة } [الرعد: 38] .
قال الكلبي : عيرت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالت(3): ما نرى لهذا الرجل همة (4) إلا النساء والنكاح ولو كان نبياً كما زعم لشغله أمر النبوة عن النساء فأنزل الله تعالى هذه الآية.(5)
سورة الحجر
F
قوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَئْخِرِينَ } [الحجر:24] .
(283) أخبرنا نصر بن أبي نصر الواعظ ، قَالَ : أخبرنا أبو سعيد عبد الله بن
__________
(1) حتى قرأ ثلاث آيات )) لم ترد فِي ( ب ) .
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف عَبْد الجبار بن عُمَر الأيلي وعبد الله بن عطاء . وأوراده الهيثمي في مجمع الزوائد 7/85 وَقَالَ : (( رَوَاهُ أبو يعلى من طريق عَبْدالجبار بن عُمَر الأيلي ، عن عبدالله بن عطاء بن إبراهيم ؛ وكلاهما وثق . وَقَد ضعفهما الجمهور )) وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 4/652 إلى أبي نعيم في الدلائل ، وابن مردويه 0
(3) لَمْ ترد في ( ب ) 0
(4) في (ه) : (( مهمة)) وَهُوَ خطأ وتصحيف 0
(5) تفسير السمرقندي 2/196، والوسيط 3/19، وتفسير البغوي 3/25-26، وتفسير القرطبي 4/3556.(1/521)
محمد بن نصير الرازي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمَّد بن أيوب الرازي ، قال : أخبرنا سعيد بن منصور ، قَالَ : حَدَّثَنَا نوح بن قيس الطاحي (1) ، قَالَ : حَدَّثَنَا عمرو(2) بن مالك ، عن أبي الجوزاء (3) ، عن ابن عباس قَالَ : كانت تصلي خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - امرأة حسناء في آخر النساء (4) وكان بعضهم يتقدم إلى الصف الأول لئلا يراها وكان بعضهم يَكُوْن (5) في الصف المؤخر فإذا ركع قَالَ (6) هكذا ونظر من تحت إبطه فَنَزَلت : { وَلَقَدْ عَلِمْنَا المُسْتَقْدِمِيْنَ مِنْكُمْ وَلَقَد عَلِمنا المُستَئْخِرينَ } (7)
__________
(1) في ( ص ) و(ه) الطائي وَهُوَ خطأ0راجع تهذيب الكمال 7/368 ، وتهذيب التهذيب 10/485 وطاحيه الَّتِيْ نسب اليها محله بالبصرة0كما في اللباب 2/267 0
(2) ه): ((عُمَر)) وَهُوَ خطأ 0
(3) هو أوس بن عبدالله الربعي قتل في الجماجم سنة(83ه) 0قَالَ البُخَارِيّ : في إسناده نظر، وإنما قَالَ ذَلِكَ عقب حَدِيْث رواه لَهُ في التاريخ ،من رِوَايَة عمرو بن مالك البكري، والبكري عنده ضعيف. وَقَالَ ابن عدي: ((حدث عَنْهُ عمرو بن مالك قدر عشرة أحاديث غير محفوظة … )) راجع تهذيب التهذيب 1/384 .
(4) في مصادر التخريج : (( حسناء من أحسن الناس ))0وفي رِوَايَة أخرى عَنْهُ في الطبري : ((امرأة لا والله ما إن رأيت مثلها قط ))
(5) في (ه) : (( يتأخر في الصف الآخر))0
(6) قَالَ : أي مال0
(7) حَدِيْث معلول ؛ أعله التِّرْمِذِيّ بالارسال فَقَالَ عقب تخريجه للحديث : ((وروى جعفر بن سليمان هَذَا الحَدِيْث عن عَمْرو بن مالك عن أبي الجوزاء نحوه، وَلَمْ يذكر فِيْهِ : عن ابن عَبَّاس وهذا أشبه أن يَكُوْن أصح من حَدِيْث نوح)) .
أخرجه الطيالسي (2712)، وأحمد 1/305 ، وابن ماجه (1046)، والترمذي (3122)، والنسائي 2/118 وفي الكبرى ، له (942) (11273)وفي تفسيره (293)، والطبري في تفسيره 14/26 ، وابن خزيمة (1696)و(1697)، وابن حبان(401)، والطبراني في الكبير (12791) ، والحاكم في المستدرك 2/353 ، والبيهقي 3/98 ، والمصنف في الوسيط 3/43 0وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 5/73 إلى سعيد بن منصور ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه 0وانظر : تفسير ابن أبي حاتم 7/2261 (12361)، وزاد المسير في علم التفسير 4/396 ، وتفسير القرطبي 4/3635 ، وتفسير الخازن 4/63 ، وتفسير ابن كثير 2/748 0(1/522)
[ الحجر : 24 ] .
وَقَالَ الربيع بن أنس (1) : حرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصف الأول في الصَّلاَة
/76 أ/ فازدحم (2) الناس عَلَيْهِ ، وكان بنو عذرة دورهم قاصية عن المسجد ، فقالوا : نبيع دورنا ونشتري دوراً قريبة من المسجد فأنزل الله تعالى هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِنْ غِلٍّ } [الحجر: 47] .
(284) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان العدل ، قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال: حدثني محمد بن سليمان بن خالد الفحام ، قال: حدثنا علي بن هاشم ، عن كثير النوَّاء أنَّهُ(3) قال: قلت لأبي جعفر: إن فلاناً حدثني عن علي بن الحسين رضي الله عنهما أن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعلي(4) - رضي الله عنهم - { وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ } قال: والله إنها لفيهم أنزلت وفيمن تنْزل الإ فيهم ؟ (5) ، قُلْتُ: وأي غل هُوَّ ، قَالَ: غل الجاهلية إن بني تيم وعدي وبني هاشم، كَانَ بَيْنَهُمْ في الجاهلية غل، فَلَمَّا أسلم هَؤُلاَءِ القوم تحابوا(6) فأخذت(7) أبا بكر الخاصرة فجعل عَلِيّ - رضي الله عنه - يسخن يده فيكمد بِهَا خاصرة أبي بكر فَنَزَلت هَذِهِ الآية (8) .
__________
(1) قول الربيع بن أنس لم نقف عَلَيْهِ ، والذي وجدناه عَنْ ابن عباس ، انظر : زاد المسير 4/396 ، وتفسير الخازن 4/64 .
(2) في ( ص ): ((وازدحم))0
(3) أنَّهُ )) لَمْ ترد في ( ب ) 0
(4) عَلِيّ )) لَمْ ترد في ( ب )و( ص ) 0
(5) في (ه): ((وفيهم نزلت الآية )) ، ولم ترد في ( ص ) 0
(6) فِي (ه) : (( القوم وأجابوا ))0
(7) ه): ((أخذ))0
(8) أخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 30/337-338 ،وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره 7/2267 (12403)، وتفسير القرطبي 4/3649، وأبو حيان الأندلسي في البحر المحيط 5/457 0(1/523)
قوله - عز وجل - : { نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } [الحجر: 49] .
روى ابن المبارك بإسناده عن رجل من أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قَالَ: طلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الباب الذي يدخل (1) منه بنو شيبة ونحن نضحك ، فَقَالَ :
(( ألا(2) ، أراكم تضحكون !)) ثم أدبر حتى إذا كان عند الحجر رجع إلينا القهقرى فقال: (( إني لما خرجت جاء جبريل عليه السلام ، فَقَالَ : يا محمد يقول الله تَعَالَى : لم تقنط عبادي : { نَبِّيء عِبادِي أَنِّي أَنا الغَفُورُ الرَحِيْمُ } (3) [الحجر : 49 ] .
قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } [الحجر: 87] .
قال الْحُسَيْن (4) بن الفضل : إن سبع قوافل وافت من بصرى وأذرعات وليهود قريظة والنضير في يوم واحد فيها أنواع من البز وأوعية الطيب والجواهر وأمتعة
__________
(1) في ( ص ): ((تدخل))0
(2) في ( ب ) : ((لا)) ، ولم ترد في ( ص )0
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 14/39 ، والسمرقندي في تفسيره 2/220-221 ، من طريق ابن المبارك قَالَ : أخبرنا مصعب بن ثابت ، قَالَ : حَدَّثَنَا عاصم بن عبيدالله ، عن أبي رباح ، عن رجل من أصحاب النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره0وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 5/86 لابن مردويه . وانظر : تفسير البغوي 4/60 ، وتفسير الخازن 4/68 ، والبحر المحيط 5/457 0
(4) في ( ص ): ((الحسن))0(1/524)
البحر ، فقال المسلمون: لو كانت هذه الأموال لنا لتقوينا بها وأنفقناها في سبيل الله. فأنزل الله تعالى هذه الآية(1). وقال: لقد(2) أعطيتكم سبع آيات هي خير لكم من هذه السبع القوافل0 ويدل على صحة هذا قوله تعالى على أثرها { لا تَمُدَّنَّ عَينَيكَ إلَى ما متَّعنَا بِهِ أزواجاً منهم } [الحجر الآية: 88].
سورة النحل
F
__________
(1) ذكره: ابن الجوزي في زاد المسير 4/412، والقرطبي في تفسيره 4/3672، والخازن في تفسيره 4/72 .
(2) في ( ب ) : ((قد))0(1/525)
قوله - عز وجل -: { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ } [النحل:1].قَالَ ابن عباس لما أنزل الله تعالى { اِقتَرَبَتِ الساعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ } [القمر:1] قال الكفار بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن القيامة قد قربت، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى ننظر ما هو كائن . فلما رأوا أنه لا(1) ينْزل شيء قالوا: ما نرى شيئاً فأنزل الله - عز وجل - : { اقتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُم وَهُم في غَفلَةٍ مُّعرِضُونَ } [الأنبياء : 1] فأشفقوا وانتظروا قرب الساعة فلما امتدت الأيام قالوا: يا/76ب/ مُحَمَّد ما نرى شيئاً مما تخوفنا به فأنزل الله - عز وجل - : { أَتَى أَمرُ اللهِ } [النحل :1] فوثب النبي - صلى الله عليه وسلم - ورفع الناس رؤوسهم فنْزل { فَلا تَستَعجِلُوهُ } [النحل : 1] فاطمأنوا فلما نزلت هذه الآية قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) -وأشار بإصبعه-((إن كادت لتسبقني))(2)
__________
(1) في ( ص ): ((ما))0
(2) لَمْ نجده مسنداً من قَوْل ابن عَبَّاس ؛لَكِنْ عزاه ابن الجوزي فِي زاد المسير 4/426 ، والخازن فِي تفسيره 4/79 لابن عَبَّاس ، وَقَد أخرجه الطبري فِي تفسيره 14/75 مِنْ قَوْل ابن جريج بمعناه . وقوله - صلى الله عليه وسلم - : ((بعثت أنا والساعة كهاتين)) حَدِيْث صَحِيْح ، ورد عَن جَمَاعَة مِن الصَّحَابَة :مِنْهُمْ:أنس بن مَالِك: أخرجه مُسْلِم 8/209 مِنْ طريق معبد ابن هلال العنزي ، عَن أنس ، فذكره0وجابر بن سمرة : أخرجه أحمد 3/310و319و337و371 والدرامي(212)، ومسلم 3/58، وأبو داود (2954) ،والنسائي 3/188، وابن خزيمة (1785) مِن طرق عَن جعفر بن مُحمَّد ، عَن أبيه ، عَن جابر ، بِهِ وأبو هُرَيْرَةَ : أخرجه البُخَارِيّ 8/131،وابن ماجه (4040) مِنْ طريق أبي صالح ذكوان السمان ، عَن أبي هُرَيْرَةَ0
وسهل بن سعد: أخرحة الحميدي(925)، وأحمد 5/330و331و335و338، والبخاري 6/206 (4936) و 7/68(5301 ) و 8/131( 6504 ) ، ومسلم 8/208( 2950 ) ( 132 ) من طرقٍ عن أبي حازم عنه0(1/526)
.
وقال الآخرون: الأمر هاهنا العذاب بالسيف وهذا جواب للنضر بن الحارث حين قال: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء ، يستعجل العذاب . فأنزل الله تعالى هذه الآية (1) .
قوله - عز وجل - : { خَلَقَ الأِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } [النحل:4] نزلت الآية في أبي بن خلف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رم ؟ (2) .
نظير هذه الآية قوله تعالى فِي سورة يس(3) { أَوَلَم يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُّطفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيْمٌ مُّبِيْنٌ } [يس :77-83] إلى آخر السورة نازلة فِي هذه القصة.(4)
قوله - عز وجل - : { وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ... الآية } [النحل : 38] قال الربيع بن أنس عن أبي العالية : كان لرجل من المسلمين على رجل من المشركين دين فأتاه يتقاضاه فكان فيما تكلم به :والذي أرجوه بعد الموت؛ فَقَالَ المشرك: وإنك لتزعم أنك تُبعث بَعْدَ الموت: فأقسم بالله لا يبعث الله من يموت.فأنزل الله تعالى هذه الآية.(5)
قوله - عز وجل -: { وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا…الآية } [النحل:41].
__________
(1) انظر : تفسير القرطبي 4/3681-3682 ، وتفسير الخازن 4/79 .
(2) انظر : تفسير البغوي 3/71 ، وزاد المسير 4/428-429 ، وتفسير القرطبي 5/3684 ، وتفسير المخازن 4/79 .
(3) فِي ( ب ) : (( فِي آخر سورة )) .
(4) انظر : تفسير البغوي 4/23 .
(5) أخرجه الطبري في تفسيره 14/105،وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 5/130 لعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم . وانظر : تفسير القرطبي 5/3721 ، وتفسير الخازن 4/90 .(1/527)
نزلت في أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة : بلال ، وصهيب ، وخباب ، وعمّار(1) ، وأبي جندل بن سُهيل ؛ أخذهم المشركون بمكة (2) فعذبوهم وآذوهم فبوأهم الله تَعَالَى المدينة بَعْدَ ذَلِكَ(3) قوله - عز وجل - : { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ…الآية } [النحل: 43] .
نزلت في مشركي مكة (4)، أنكروا نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : الله أعظم من أن يكون رسوله بشراً ، فهلاّ (5) بعث إلينا ملكاً! (6) .
قوله - عز وجل -: { ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَمَنْ رَزَقْنَاهُ مِنَّا رِزْقاً حَسَناً فَهُوَ يُنْفِقُ مِنْهُ سِرّاً وَجَهْراً هَلْ يَسْتَوُونَ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ - وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلاهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهْهُ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [النحل:75-76] .
__________
(1) زاد في ( ب ) و( ص ) : ((عابس))0
(2) بمكة)) لَمْ ترد في ( ب ) 0
(3) انظر : تفسير السمرقندي 2/236 ، والوسيط 3/63 ، وتفسير البغوي 3/79 ، وزاد المسير 4/448 ، وتفسير القرطبي 5/3723 .
(4) في ( ص ) : ((أهل مكة))0
(5) في ( ص ): ((فهل))0
(6) أخرجه الطبري في تفسيره 14/109 عن ابن عَبَّاس 0مما يدل عَلَى أنه من قَوْل ابن عَبَّاس. انظر: تفسير ابن أبي حاتم 7/2284 (12521) ، وتفسير السمرقندي 2/236 ، والمصنف في الوسيط 3/63 ، وتفسير البغوي 3/80 ، وزاد المسير في علم التفسير 4/449، وتفسير الخازن 4/92 0(1/528)
(285) أخبرنا مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى ، قَالَ : أخبرنا أبو بكر بن الأنباري(1)، قال: حَدَّثَنَا جعفر بن محمد بن شاكر(2)، قال: حَدَّثَنَا عفان ، قال: حَدَّثَنَا وهيب، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم، عن إبراهيم، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: نزلت هذه الآية: { ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوْكاً لاَ يَقْدِرُ عَلَى شَيءٍ } [النحل: 75] في هشام بن عمرو وهو الذي ينفق ماله سراً وجهراً، ومولاه أبو الجوزاء(3) الذي كان ينهاه0 ونزلت(4) { وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلَينِ/77أ/ أَحَدُهُما أَبكَمُ لايَقدِرُ عَلَى شَيءٍ } [النحل: 76] فالأبكم منهما الكل على مولاه هُوَ : أسيد (5) بن أبي العيص والذي : { يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } [النحل: 76] عُثْمَان (6) ابن عفان - رضي الله عنه -.(7)
قوله - عز وجل - : { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ …الآية } [النحل: 90] .
__________
(1) بن)) لَمْ ترد في ( ص )0
(2) في ( ص ) : ((جعفر بن شاكر))0
(3) في ( ب ) : (( أبو الجواز )) وَهُوَ خطأ 0
(4) في ( ب ) و (ه) : ((فنزلت)) الخ0
(5) فِي ( ب ) و ( ص ) : (( السيد ))0
(6) فِي ( س ) و( ه): (( هو عُثْمَان )) .
(7) أخرجه الطبري في تفسيره 14/151، وابن عساكر في تاريخ دمشق 39/218، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 5/151 لابن أبي حاتم وابن مردويه0 في حَدِيْث الطبري قَالَ الرجلين من قريش السيد والمملوك ولم يصرح باسمهما 0وأخرج المُصَنِّف في الوسيط 3/75 عن ابن عَبَّاس 0وذكر قصة سيدنا عثمان بن عفان مَعَ عبده فقط0وانظر: تفسير ابن أبي حاتم 7/2293 (12601)،وتفسير السمرقندي 2/243، وزاد المسير في علم التفسير 4/472-473، وتفسير القرطبي 5/3765، وتفسير ابن كثير 2/789 0(1/529)
(286) أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قال: أخبرنا شعيب بن محمد البَيْهَقِيّ ، قَالَ : أخبرنا مكي بن عبدان ، قَالَ : حدثنا أبو الأزهر ، قَالَ : حدثنا روح بن عبادة ، عن عبد الحميد بن بهرام ، قال: حدثنا شهر بن حوشب ، قال: حدثنا عبد الله بن عباس ، قال: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بفناء بيته بمكة جالساً إذ مر به عثمان بن مظعون ، فَكَشَرَ (1) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لَهُ : ((ألا تجلس؟)) فَقَالَ : بلى فجلس إِلَيْهِ مستقبله ؛ فبينما هُوَ يحدثه إذ شخص بصره إلَى السماء فنظر ساعة وأخذ يضع بصره حَتَّى وضع عَلَى يمينه في الأرض ؛ ثُمَّ تحرف عن جليسه عثمان إلَى حيث وضع بصره ، فأخذ ينغض رأسه كأنه يستفقِه (2) ما يقال لَهُ؛ ثُمَّ شخص بصره إلَى السماء كما شخص أول مرة ، فأتبعه بصره حَتَّى توارى في السماء وأقبل عَلَى (3) عثمان كجلسته الأولى فَقَالَ: يا مُحمَّد فيما كنت أجالسك وآتيك ما رأيتك تفعل فعلتك الغداة ، قَالَ: ((وما رأيتني فعلت؟)) قَالَ: رأيتك شخص بصرك إلَى السماء، ثُمَّ وضعته حين وضعته عَلَى يمينك، فتحرَّفت إليه وتركتني، فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئاً يقال لك0 قَالَ: (( أوفطنت إلَى ذَلِكَ؟ )) قال عثمان: نعم قال: (( أتاني رسول الله جبريل(4) - عليه السلام - وسلم آنفاً وأنت جالسٌ)) قال:رسول الله؟ قال: ((نعم))، فماذا قال لك؟ قال: (( قال لي : { إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [النحل:90] قال عثمان : فذلك حين استقر الإيمان في قلبي
__________
(1) كشر : أبدى أسنانه يكون في الضحك وغيره0 معجم متن اللغة 5/69، وانظر: لسان العرب 5/142 .
(2) في ( ب ) : (( يستنقه ))0
(3) فِي ( ص ) : (( إلى )) .
(4) جبريل)) من ( ص ) و (ه)0(1/530)
وأحببت محمداً - صلى الله عليه وسلم - (1) .
قوله - عز وجل -: { وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ } [النحل:101] .
نزلت حين قال المشركون : إن محمداً - صلى الله عليه وسلم - يسخر بأصحابه ؛ يأمرهم اليوم بأمر وينهاهم عَنْهُ غداً ، أو يأتيهم بِمَا هُوَ أهون عَلَيْهِمْ ؛ وما هو إلا مفترٍ (2) يقوله من تلقاء نفسه فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي بعدها (3) .
قوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِي … الآية } [النحل : 103] .
__________
(1) إسناده ضعيف؛ لضعف شهر بن حوشب، وعبد الحميد بن بهرام فِيْهِ كلام،ولا سيما فِي روايته عن شهر0
أخرجه ابن سعد فِي طبقاته 1/173-174، وأحمد 1/318، والبخاري فِي الأدب المفرد (893)، وابن أبي حاتم 7/2298 (12634)، والطبراني فِي الكبير (8322)،(10646)من طريق عَبْد الحميد بن بهرام عَنْ شهر بن حوشب.بِهِ وزاد السيوطي نسبته فِي الدر 5/159 لابن مردرية ، وانظر : تفسيره ابن كثير 2/795 .
(2) في ( ب ) : ((مفتنن))0
(3) انظر : الوسيط 3/84 ، وتفسير البغوي 3/96 ، وزاد المسير 4/491 ، وتفسير الخازن 4/114 .(1/531)
(287) أخبرنا أبو نصر أحمد بن إبراهيم المزُكَّي ، قَالَ : أخبرنا أبوعبد الله بن حمدان الزاهد (1) ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قَالَ : حدثنا أبو هشام(2) الرفاعي ، قال: حَدَّثَنَا ابن(3) فضيل ، قَالَ : حدثنا حُصَين عن عَبْد (4) الله بن مسلم ، قَالَ : كان لنا غلامان نصرانيان من أهل عين التمر، اسم أحدهما يَسَار، والآخر جبر (5) وكانا صيْقَلَيْن (6) يقرآن كتباً لهم بلسانهما ، وَكَانَ /77 ب/ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمر بهما فيسمع قراءتهما، فكان المشركون يقولون: يتعلم منهما0 فأنزل الله تعالى فأكذبهم فقال(7): { لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ } [النحل:103](8).
قوله - عز وجل - : { مَن كَفَرَ بِاللهِ مِن بَعدِ إِيمانِهِ000الآية } [النحل: 106].
__________
(1) فِي ( س ) و(ه): (( أبو عبدالله مُحمَّد بن حمدان الزاهد ))0
(2) فِي (ب ) و ( ص ) و ( ه) : ((أبو هاشم)) وَهُوَ خطأ 0واسم أبي هاشم: مُحمَّد بن يزيد بن مُحمَّد بن كثير بن رفاعة . تُوُفِّي سنة ( 248ه) ، راجع : تهذيب التهذيب 9/5260 .
(3) في ( ب ) و ( ص ) و (ه) : ((أبو فضيل)) وهوخطأ، راجع ترجمة مُحمَّد بن فضيل بن غزوان فِي تهذيب التهذيب 9/405 0
(4) في ( ب ) و(ه) : (( عبيد الله )) وهما قولان ، راجع ترجمة عبدالله أو عبيدالله بن مُسْلِم الحضرمي، في تهذيب التهذيب 6/31 و7/47 .
(5) فِي(ه) : ((خير000لهم بلسانهم))0
(6) صيقلين)) لَمْ ترد فِي ( ص ) ، الصيقل: صانع السيوف0
(7) لم ترد فِي ( س ) و (ه) .
(8) أخرجه مجاهد في تفسيره :352 ، والطبري في تفسيره 14/178 0وانظر:تفسير السمرقندي 2/251، والوسيط للمصنف 3/84-85 ، وتفسير البغوي 3/97 ، وزاد المسير في علم التفسير 4/493 ، وتفسير القرطبي 5/3794 ، وتفسير الخازن 4/115 0(1/532)
قال ابن عَبَّاسٍ : نزلت في عمار بن ياسر، وذلك أن المشركين أخذوه وأباه ياسراً، وأمه سمية، وصهيباً، وبلالاً، وخباباً، وسالماً- فعذبوهم(1) فأما سمية فإنها ربطت بين بعيرين وَوُجيءَ قُبُلُها بحربة ، وقيل لها : إنك أسلمت من أجل الرجال فقتلت ، وقتل زوجها ياسر، وهما أول قتيلين قتلا في الإسلام. وأما عمار فإنه أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً، فأخبر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن عماراً كفر، فقال النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (2): (( كلا إن عماراً مُليءَ إيماناً من قَرْنه إلى قدمه ، واختلط الإيمان بلحمه ودمه! )) فأتى عمار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يبكي، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح عينيه ويقول : (( إن عادوا لك فحدثهم(3) بما قلت )) فأنزل الله تعالى هذه الآية (4) .
__________
(1) فعذبوهم)) لَمْ ترد في ( ص )0
(2) النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - )) لم ترد فِي ( س ) و (ه) .
(3) في (ه) : (( فعد لهم ))0
(4) أخرجه الطبري فِي تفسيره 14/181 من قَوْل ابن عَبَّاس ، بنحوه0وأخرجه عبدالرزاق فِي تفسيره (1509)،وابن سعد فِي طبقاته 3/249،والطبري فِي تفسيره 14/182،وابن أبي حاتم فِي تفسيره 7/2304 (12667) ، والحاكم فِي المستدرك 2/357 0وزاد نسبته السيوطي فِي الدر المنثور 5/170 لابن مردويه والبيهقي فِي الدلائل من طريق أبي عبيدة بن مُحمَّد بن عمار بن ياسر قَالَ : ((أخذ المشركون عمار بن ياسر فعذبوه حَتَّى باراهم فِي بَعْض ما أراد فشكا ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - :((كيف تجد قلبك؟)) قَالَ: مطمئناً بالإيمان ، قَالَ النَّبْيّ- صلى الله عليه وسلم - :((فإن عادوا فعد )) 0(1/533)
وقال مجاهد (1): نزلت في ناس من أهل مكة آمنوا ، فكتب إليهم المسلمون بالمدينة: أن هاجروا، فإنا لا نراكم منا حتى تهاجروا إلينا . فخرجوا يريدون المدينة، فأدركتهم قريش بالطريق ففتنوهم مكرهين0 ففيهم نزلت هذه الآية.
قوله - عز وجل -: { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا…الآية } [النحل: 110]
قال قتادة (2): ذكر لنا أنه لما نزلت (3) هذه الآية : أن أهل مكة لا يقبل منهم إسلام حتى يهاجروا (4) ؛كَتَبَ بِهَا أهل المدينة إلَى أصحابهم من أهل مكة ؛ فَلَمَّا جاءهم ذَلِكَ خرجوا ، فلحقهم المشركون فردوهم0 فنزلت : { الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ } [العنكبوت :1-2] فكتبوا بها إليهم0 فتبايعوا بينهم عَلَى أن يخرجوا، فإن لحق(5) بهم المشركون من أهل مكة قاتلوهم حَتَّى ينجوا أو يلحقوا بالله؛ فأدركهم المشركون فقاتلوهم ،فمنهم من قتل ومنهم من نجا0فأنزل الله تعالى { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعدِ ما فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا } [النحل : 110].
قوله - عز وجل -: { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ … الآيات } [النحل: 125،126،127] .
__________
(1) تفسير مجاهد : 353 ، والطبري في تفسيره 14/183 ، وتفسير ابن أبي حاتم 7/2304 (12669)، وتفسير البغوي 3/98 ، وتفسير القرطبي 5/3797 وزاد السيوطي في الدر المنثور 5/171 نسبته لابن أبي شيبة وابن المنذر0
(2) أخرجه الطبري في تفسيره 14/184، وزاد نسبته السيوطي في الدر المنثور 5/172 لعبد بن حميد وابن المنذر0
(3) فِي ( س ) و (ه) : (( أنزل الله تعالى قبل ))
(4) إشارة الى قوله تعالى في سورة الأنفال : 72 : { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا } 0
(5) في ( ص ) : ((لحقهم))0(1/534)
…(288) أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال: أخبرنا علي بن عمر الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قَالَ : حدثنا الحكم بن موسى، قَالَ : حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عبد الملك بن أبي غَنيّة (1)، عن الحكم بن عُتَيْبَة(2)، عن مجاهد ، عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ (3): لما انصرف المشركون عن قتلى أحد ، انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأى منظراً ساءه ، ورأى حمزة : قد شق بطنه ، واصطلم أنفه ، وجُدعت أذناه/78 أ/ فقال: (( لولا أن يحزن النساء أو تكون سنة بعدي، لتركته حتى يبعثه الله تعالى من بطون السباع والطير؛ لأقتلن مكانه سبعين رجلاً مِنْهُمْ )). ثُمَّ دعا ببردة فغطى بِهَا وجهه، فخرجت رجلاه فجعل عَلَى رجليه شيئاً من الإذْخر، ثُمَّ قدمه فكبر عَلَيْهِ عشراً، ثُمَّ جَعَلَ يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حَتَّى صَلَّى عَلَيْهِ سبعين صلاة؛ وكان القتلى سبعين(4)؛ فَلَمَّا دفنوا وفرغ منهم، نزلت هذه الآية: { اُدعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ } إلَى قوله : { وَاِصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ باللهِ } [النحل:127] فصبر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُمثل بأحد (5)
__________
(1) في (ه) :((ابن أبي عيينة)) وَهُوَ خطأ، راجع تهذيب التهذيب6/392 0
(2) في (ه) : ((ابن عيينة)) وَهُوَ خطأ0راجع ترجمة الحكم بن عتيبة في تهذيب التهذيب 2/432 0
(3) تفسير القرطبي 5/3817 ، ومجمع الزوائد 6/120 0
(4) ستة من المهاجرين وأربعة وستون من الأنصار ،كما في حَدِيْث أُبي بن كعب عِنْدَ الترمذي ، المذكور في تفسير الخازن 4/125 0
(5) إسناده ضعيف ؛ لضعف إسماعيل بن عياش فِي روايته عَنْ غير أهل بلده0وهذا مِنْهَا؛ فان عبدالملك بن أبي غنية كوفي0
أخرجه الطبراني فِي الكبير(11051) من طريق أحمد بن أيوب بن راشد ، عَنْ عبد الأعلى ،عَنْ مُحمَّد بن إسحاق ، عن مُحمَّد بن كعب القرظي ، والحكم بن عتيبة عن مقسم ومجاهد ، عن ابن عَبَّاس . وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 6/120: (( وفيه أحْمَد بن أيوب بن راشد وَهُوَ ضعيف))0(1/535)
.
(289) أخبرنا إسماعيل ابن إبراهيم الواعظ ، قَالَ: حدثنا أبو العباس أحمد بن مُحمَّد بن عيسى الحَافِظ ، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن مُحمَّد بن عَبْد العزيز ، قَالَ: حدثنا بشر بن(1) الوليد الكندي، قَالَ: حدثنا صالح المُري (2)، قَالَ: حدثنا سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هُرَيْرَةَ، قَالَ: أشرف النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى حمزة فرآه صريعاً، فلم ير شيئاً كَانَ أوجع لقلبه منهُ، فَقَالَ: (( والله لأقتلن بك سبعين منهم )) فنزلت: { وَإِن عَاقَبتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثلِ ما عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِّلصَّابِرِينَ } (3)[النحل:126].
__________
(1) في (ه) ((يعقوب الوليد))0وانظر تهذيب التهذيب 1/462،467 0
(2) ضعيف الحديث،يحدث بأحاديث مناكير عن قوم ثقات0راجع ترجمته في تهذيب التهذيب 4/382 0
(3) إسناده ضعيف جداً؛ لشدة ضعف صالح المُري0 قَالَ عَنْهُ البُخَارِيّ: ((منكر الحَدِيْث))، وَقَالَ النَّسَائيّ:
((متروك))0 =
= أخرجه الطبراني في الكبير (2927) ، والحاكم في المستدرك 3/197 ، والبيهقي في دلائل النبوة 3/288 من طريق صالح المري بِهِ وسكت عَنْهُ الحاكم ،وتعقبه الذهبي بقوله : (( صالح واهٍ ))وَقَالَ الحافظ ابن كثير 4/533 : ((هَذَا إسناده ضعيف؛ لأن صالحاً هُوَ ابن بشير المري ضعيف عِنْدَ الأئمة))0(1/536)
(290) أخبرنا أبو حسان المزكي ، قَالَ : أخبرنا أبو العباس محمد بن إسحاق ، قَالَ : حدثنا موسى بن إسحاق ، قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: حدثنا قيس، عن أبن ليلى، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عَبَّاس، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم قُتل حمزة ومُثل به: ((لئن ظفرت بقريشٍ لأمثلن بسبعين رجلاً منهم)) فأنزل الله - عز وجل - { وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عُوقِبتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرتُم لَهُوَ خَيرٌ لِّلصابِرينَ } [النحل: 126] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((بل نصبر يارب)) (1) .
__________
(1) إسناده ضعيف؛ لضعف يَحْيَى بن عبدالحميد الحماني وقيس بن الربيع ومحمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى.
أخرجه الطبراني فِي الكبير(11051) ، والبيهقي 3/287 من طريق مقسم مقروناً بمجاهد0
وأخرجه في الكبير أيضاً(12096) من طريق مقسم- وحده – 0
وأورده السيوطي في الدر المنثور 5/179 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه0(1/537)
قال المفسرون: إن المسلمين لما رأوا ما فعل المشركون بقتلاهم يوم أحد من تبقير البطون وقطع المذاكير والمثلة السيئة، قالوا حين رأوا ذلك: لئن أضهرنا(1) الله عليهم لنزيدن عَلَى صنيعهم ، ولنمُثّلَنّ بهم مثلةً لَمْ يمثلها أحدٌ من العرب بأحدٍ قط ولنفعلن ولنمثلن (2) ، ووقف رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى عمه حمزة وَقَدْ جدعوا أنفه وأذنه(3) وقطعوا مذاكيره وبقروا بطنه، وأخذت هندُ بنت عتبة قطعة من كبده فمضغتها ثُمَّ استرطتها(4) لتأكلها، فَلَمْ تلبث في بطنها حَتَّى رمت بِهَا، فبلغ ذَلِكَ نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((أما إنها لَوْ أكلته لَمْ تدخل النار أبداً،حمزةُ أكرمُ عَلَى الله من أن يدخل شيئاً من جسده النار)).فَلَمَّا نظر رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَى حمزة،نظر إِلَى شيء لَمْ ينظر قط إِلَى شيءٍ مثله(5)كَانَ أوجع لقلبه منهُ ؛ فَقَالَ: (( رحمة الله عليك، إنك كنت ما علمت:/78ب/ وَصُولاً للرحم، فَعَّالاً للخيرات؛ ولولا حزنُ من بعدك عليك لسرني أن أدعك حَتَّى تُحشر من أجوافٍ
شتى ؛ أما والله لئن أظفرني الله تعالى بهم لأمثلن بسبعين منهم مكانك)) فأنزل الله تعالى { وَإِن عاقَبتُم فَعاقِبوا بِمِثلِ ما عُوقِبتُم بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ } [النحل:126]. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((بلى نصبر)). وأمسك عما أراد . وكَفَّرَ عن يمينه (6)
__________
(1) ) فِي ( س ) و (ه) : (( أضفرنا )) .
(2) سقطت من ( س ) و (ه)0
(3) أذنه )) لَمْ ترد في ( ص ) 0
(4) استرطتها: ابتلعتها 0
(5) سقطت من ( ب ) و(ه) 0
(6) أخرجه الطبراني في الكبير (11051) والبيهقي في الدلائل 3/288 كلاهما من طريق مقسم عن ابن عَبَّاس ( وزاد الطبراني :(ومجاهد) عن ابن عَبَّاس ) .
قَالَ الهيثمي : ((فِيْهِ أحْمَد بن أيوب بن راشد وَهُوَ ضعيف))انظر: مجمع الزوائد 6/120. وأخرجه الحاكم 3/197 ، والبزار (1795كشف الأستار ) ، والمصنف في تفسيره 3/91، والبيهقي في الدلائل 3/288و289 من طريق أبي عثمان النهدي عن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ ابن كثير : ((هَذَا اسناد فِيْهِ ضعف ؛ لأن صالحاً هُوَ ابن بشير المري ضعيف عِنْدَ الأئمة ، وَقَالَ البُخَارِيّ : (( منكر الحَدِيْث )) . انظر : تفسير ابن كثير 2/807 .
وذكر البغوي في تفسيره 3/103-104 ، وابن الجوزي في زاد المسير 4/507 ، والقرطبي 5/3817 ، وابن كثير 2/807 ، والسيوطي في الدر المنثور5/179 وزاد نسبته لابن سعد وابن المنذر وابن مردويه.(1/538)
.
قال الشيخ أبو الحسن((1): ونحتاج أن نذكر ههنا مقتل حمزة :
(291) أخبرنا عمرو بن أبي عمرو المزكي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن مكي ، قال: أخبرنا محمد بن يوسف ، قَالَ : حدثنا محمد بن إسماعيل الجعفي (2) ،قال: حدثنا أبو جعفرٍ محمد بن عبد الله ، قَالَ : حدثنا حُجَينُ بن المثنى ، قَالَ : حدثنا عبد العزيز بن
__________
(1) ) (( قَالَ الشيخ أبو الحسن ))لم ترد فِي ( ب ) .
(2) هو الإمام البُخَارِيّ ، والحديث في صحيحه 5/128(4072) 0(1/539)
عبد الله بن أبي سلمة (ح) وأخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يَحْيَى ، قَالَ : أخبرنا والدي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قَالَ : أخبرنا سعيد بن يحيى الأموي، قَالَ: حدثني أبي، عن محمد بن إسحاقٍ(1)، قالا:حدثنا عبد الله بن الفضل بن عبّاس(2) بن ربيعة ، عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال: خرجت أنا وعبيد الله بن عدي بن الخيار، فمررنا بحمص، فلما قدمناها قال لي عبيد الله ابن عدي: هل لك أن نأتي وحشياً فنسأله كيف كان قتل حمزة؟ قُلْتُ لَهُ: إن شئت . فخرجنا نسأل عَنْهُ، فَقَالَ لنا رجل: أما إنكما ستجدانه بفناء داره، وَهُوَ رجل قَدْ غلب عَلَيْهِ الخمر، فإن تجداه صاحياً تجدا رجلاً عربياً وتجدا عِنْدَهُ بَعْضَ ما تريدان0 فَلَمَّا انتهينا إِلَيْهِ سلمنا عَلَيْهِ فرفع رأسه، قُلْنَا : جئناك لتحدثنا عَنْ قتلك حمزة رحمة الله عَلَيْهِ ، فَقَالَ : أما إني سأحدثكما كَمَا حدثت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حِيْنَ سألني عَنْ ذَلِكَ : كنت غلاماً لجبير بن مطعم بن عدي بن نوفل، وَكَانَ عمه طعيمة بن عدي قَدْ أصيب يوم بدر، فَلَمَّا سارت قريش إلَى أحد قَالَ لي جبير بن مطعم : إن قتلت حمزة عمّ مُحمَّد بعمي طعيمة فأنت عتيق . قَالَ: فخرجت وكنت حبشياً أقذف بالحربة قذف الحبشة قلَّما أخطيءُ بِهَا شيئاً، فَلَمَّا التقى الناس خرجت أنظر حمزة وأتبصَّرُه (3) حَتَّى رأيته فِي عُرض الجيش مِثْل الجَملَ الأورَق يهد الناس بسيفه هداً ما يقوم لَهُ شيء، فوالله إني لأتهيأ لَهُ وأستتر مْنْهُ بحجر أو شجرٍ ليدنو مني ، إذ تقدمني إِلَيْهِ سبَاعُ بن عَبْد الُعزَّى ، فَلَمَّا رآه حمزة قَالَ : ها يا ابن مُقطَّعَةِ البُظُور . قَالَ : ثُمَّ ضربه فوالله ما أخطأ رأسه وهززت حربتي حَتَّى إذا ما رضيت مِنْهَا دفعتها
__________
(1) سيرة ابن هشام 3/74 0
(2) في ( س ) و (ب ) : (( عياش )) .
(3) ) لم ترد فِي ( ب ) .(1/540)
إِلَيْهِ ، فوقعت فِي ثُنَّتِه (1)، حتى خرجت من بين رجليه ، فذهب لِيَنُوءَ نحوي فغُلب وتركته حتى مات ، ثم أتيته فأخذت حربتي ، ثم رجعت إلى الناس فقعدت في العسكر ، ولم/79 أ/ يكن لي بغيره حاجةً ، إنما قتلته لأعتق . فلما قدمت مكة أُعتقتُ فأقمت بها حتى فشا فيها الإسلام ، ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسلاً (2)، وقيل لي: إن محمداً (3) لا يهيج الرسل . قال: فخرجت معهم حتى قدمت على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما رآني قَالَ (4): (( أنت وحشي؟)) قُلْتُ: نعم قَالَ: (( أنت قتلت حمزة )) قُلْتُ: قَدْ كَانَ من الأمر ما قَدْ بلغك، قَالَ: (( فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني )) فخرجت قَالَ: فَلَمَّا قُبِضَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج الناس إلَى مسيلمةَ الكذاب ، قُلْتُ: لأخرجن إلَى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئَ بِهِ حمزة فخرجت مَعَ الناس، فكان من أمره ما كَانَ (5) .
سُورة بني إسرائيل (6)
F
قوله - عز وجل -: { وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ …الآية } [الإسراء:29]
__________
(1) ) الثنة : أسفل البطن . انظر : اللسان 13/84 .
(2) ) فِي (ه) :(( رجالاً )) .
(3) ) فِي ( ب ) : (( إنه )) .
(4) ) فِي ( س ) و (ه) : (قَالَ لي )) .
(5) ) أخرجه الطيالسي (1314) ، وأحمد 3/501 ، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (483) و (484) ، والطبراني في الكبير (2947) و (2949) و (2950) ، وفي الأوسط ، لَهُ (1821) ، والبيهقي 9/97 و97 – 98 وفي الدلائل ، لَهُ 3/241 .
(6) وتسمى أيضاً : سورة الإسراء0(1/541)
(292) أخبرنا أبو الحسن (1) محمد بن عبد الله بن علي بن عِمرَان ، قَالَ : أخبرنا أبو علي أحمد الفقيه ، قَالَ : أخبرنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل المحامِلي ، قَالَ : حدثنا زكريا بن يحيى الضرير ، قَالَ : حدثنا سليمان بن سفيان الجُهنِيّ ، قَالَ : حدثنا قيس بن الربيع ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبدالله ، قَالَ : جاء غلامٌ إلى
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إن أمي تسألك كذا وكذا فَقَالَ : ((ما عندنا اليوم شيءٌ )) قال: فتقول لك اكسني قميصك، قال: فخلع قميصه فدفعه إليه وجلس في البيت حاسراً، فأنزل الله سبحانه وتعالى : { وَلا تَجعَلْ يَدَكَ مَغلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ … الآية } (2) [الإسراء: 29].
__________
(1) في ( ب ) (( أبو الحسين))0
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف قيس بن الربيع .
ذكره المصنف في تفسيره 3/105 ، والسيوطي في الدر المنثور 5/276 وعزاه لابن جرير وَلَمْ نجده في تفسيره، ولعله في غيره .(1/542)
وقال جابر بن عبد الله: بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاعداً فيما بين أصحابه(1)، أتاه صبيٌّ فقال: يا رسول الله، إن أمي تستكسيك دِرعاً. ولم يكن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قميصه، فقال للصبيّ: (( من ساعة إلى ساعة يظهر فَعُد(2)وقتاً آخر(3) )) ؛ فعاد إلَى أمه، فقالت:قل لَهُ: إن أمي تستكسيك القميصَ الَّذِي عليك؛ فدخل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - داره، ونزع قميصه وأعطاه إياه(4)، وقعد عرياناً؛ فأذن بلال للصلاة وانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب الصحابة، فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً، فأنزل الله تعالى هذه الآية (5) .
قوله - عز وجل - : { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ … الآية } [الإسراء: 53] .
نزلت في عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ؛ وذلك أن رجلاً من العرب شتمه ، فأمره الله تَعَالَى بالعفو (6) .
وقال الكلبي (7): كان المشركون يؤذون أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقول والفعل، فشكو ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى هذه الاية .
قوله - عز وجل - : { وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالآياتِ…الآية } [الإسراء : 59] .
__________
(1) فِي ( ب ) : (( الصحابة )) .
(2) في ( ه) ((يعد))0
(3) فِي ( س ) النص هكذا : (( يظهر كذا فعد إلينا وقتاً آخر )) .
(4) سقطت من ( س ) و ( ه) .
(5) انظر : تفسير البغوي 3/130-131 ،والكشاف 2/447،والقرطبي 5/3866-3867، وزاد المسير 5/29-30 ، والخازن فِي تفسيره 4/157 .
(6) في تفسير القرطبي 4/ 3892 - 3893 : ((ذكره الثعلبي والماوردي وابن عطية والواحدي )) وذكره أيضاً البغوي والخازن فِي التفسير 4/ 164 .
(7) تفسير البغوي 4/133 وورد غير معزو في الخازن 0(1/543)
(293) أخبرنا/79 ب/ سعيد بن محمد بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا زاهر بن أحمد، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي، قَالَ: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير ابن عبد الحميد،عن الأعمش، عن جعفر بن إياس(1)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباسٍ، قال: سأل أهل مكة النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - :أن يجعل لهم الصفا ذهباً، وأن يُنحّي عنهم الجبال فيزرعون. فقيل له: إن شئت أن تستأنيَ بهم لعلنا نجتبي منهم، وإن شئت ان تؤتيهم الذي سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلك من قبلهم، قال: (( لا، بل أستأني بهم)) فأنزل الله - عز وجل - { وَما مَنَعَنا أَن نُّرْسِلَ بِالآياتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِها الأَوَّلونَ…الآية } [الإسراء: 59](2).
وروينا قول الزبير بن العوام في سبب نزول هذه الآية، عند قوله : { وَلَو أَنَّ قُرآَناً سُيِّرَت بِهِ الجِبالُ } [الرعد : 31].
قوله - عز وجل -: { وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ 000 } [الإسراء: 60] .
__________
(1) في (ه) : (( ابن ياسر )) . راجع ترجمة أبي بشر: جعفر بن إياس اليشكري في تهذيب التهذيب 2/83 .
(2) إسناده صحيح . أخرجه أحمد 1/ 258 ، والبزار ( 2225 كشف الأستار ) ، والنسائي فِي الكبرى (11290) ، وفي التفسير المفرد (310) ، والطبري فِي تفسيره 15/108 ، والحاكم فِي المستدرك 2/362 ، والبيهقي فِي الدلائل 2/ 271 - 272 ، وانظر : تفسير الخازن 4/165 ، وتفسير ابن كثير 3/ 65 .(1/544)
(294) أخبرنا إسماعيل بن عبد الرحمان بن أحمد الواعظ، قال: أخبرنا محمد بن محمد الفقيه، قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان ، قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن زُرير(1)، قَالَ : حدثنا حفص بن عبد الرَّحْمَان ، عن محمد بن إسحاق ، عن حكيم بن عبَّاد بن حُنيف، عن عكرمةَ، عن ابن عباس، أنه قال: لما ذكر الله تعالى الزقوم في القرآن(2) خُوَّف به هذا الحي من قريش، فقال أبو جهلٍ:هل تدرون ما هذا الزقوم الذي يخوفكم به محمد ؟ قالوا: لا، قَالَ: الثريد بالزبد، أما(3) والله لئن أمكننا مِنْهَا لنتزقمنها(4) تزقماً! فأنزل الله تَعَالَى { وَالشَجَرَةَ المَلْعُونَةَ فِي القُرآنِ } يَقُولُ: المذمومة؛ { وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلا طُغياناً كَبيراً } (5) [الإسراء : 60] .
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ… } [الإسراء : 73].
__________
(1) فِي (ب) و(ه): (( زريق )) وَهُوَ خطأ راجح ترجمة عبد الله بن زرير الغافقي فِي تهذيب التهذيب5/216.
(2) في القرآن )) لَمْ ترد في ( ب )و ( ص )0
(3) في ( ص ) : ((الا والله))0
(4) في ( س ) فقط : (( منه لنتزقمنه )) .
(5) إسناده ضعيف لعنعنة مُحَمَّد بن إسحاق . أخرج الطبري 15/ 113 بنحوه ، وأورده السيوطي فِي الدر المنثور 5/310 وزاد نسبته لابن المنذر .(1/545)
قال عطاءٌ عن ابن عَبَّاسٍ : نزلت في وفد ثقيف أتوا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوا (1) شططاً وقالوا : مَتّعْنا باللات سنةً ، وحرّم وادينا كما حرمت مكة : شجرها وطيرها ووحشها . [وأكثروا في المسألة] (2)؛ فأبى ذَلِكَ (3) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -وَلَمْ يجبهم . فأقبلوا يكررون(4) مسألتهم ، وقالوا : إنا نحب أن تعرف العرب فضلنا عَلَيْهِمْ، فإن كرهت ما نقول، وخشيت أن تقول العرب: أعطيتهم ما لَمْ تُعطنا، فقل: الله أمرني بِذَلِكَ. فأمسك رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَنْهُمْ، وداخلهم الطمع، فصاح عَلَيْهِمْ عمر(5): أما ترون رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أمسك عَنْ جوابكم كراهيةً لما (6) تجيئون بِهِ ؟ وقد همّ رسول الله- صلى الله عليه وسلم - أن يعطيهم ذلك. فأنزل الله تعالى هذه الآية(7).
وقال سعيد بن جبير: قال المشركون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا نكف عنك إلا بأن (8) تلم بآلهتنا ولو بطرف أصابعك فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما علي لو فعلت، والله يعلم أني كارهٌ (9) )) فأنزل الله تعالى هذه الآية(10): { وَإِن كادُوا/80 أ/ لَيَفتِنونَكَ عَنِ الَّذي أَوحَينا إِلَيكَ } [الإسراء: 73] إلى قوله: { نَصيراً } [الإسراء: 75] .
__________
(1) في ( ب) و( ص ) ((فسالوه))0
(2) ما بين المعكوفتين لم ترد في ( ب ) و( ص ) 0
(3) لم ترد فِي ( ب ) .
(4) في ( ب ) و( ص ) ((يكثرون))0
(5) عمر))لم ترد في ( ص ) 0
(6) فِي ( ب ) : (( ما )) .
(7) انظر : تفسير الطبري 15/ 130 ، وتفسير القرطبي 5/ 3915 ، وتفسير الخازن 4/ 171 ، والدر المنثور 5/ 319 وزاد نسبته لابن مردويه .
(8) بأن)) لم ترد في ( ص ) 0
(9) في ( ه) : ((أني بار))0
(10) هذه الآية )) لم ترد فِي ( ب ) .(1/546)
وقال قتادة: ذُكرَ لنا أن قريشاً خلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة إلى الصبح، يكلمونه ويفخمونه ويسودونه ويقاربونه، وقالوا: إنك تأتي بشيءٍ لا يأتي به أحدٌ من الناس، وأنت سيدنا وابن سيدنا (1) ، فما (2) زالوا به حتى كاد يُقاربُهم في بعض ما يريدون ؛ ثُمَّ عصمه الله من ذَلِكَ . وأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (3).
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ …الآية } [الإسراء : 76] .
قال ابن عباس: حسدت اليهود مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، فقالوا: إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام، فإن كنت نبياً فالحق بها، فإنك إن خرجت إليها صدَّقناك وآمنا بك0 فوقع ذلك(4) في قلبه لما يحب من إسلامهم(5)؛ فرحل من المدينة عَلَى مرحلة؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية (6) .
__________
(1) أخرجه الطبري 15/130 0وانظر تفسير أبي حاتم 7/ 2340 ، وتفسير البغوي 3/ 146 ، وزاد المسير 5/ 67 ، والقرطبي 5/ 3915 ، والدر المنثور 5/ 318 .
(2) في ( س ) و ( ه) : (( وما )) 0
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 15/130 0
وانظر: تفسير القرطبي 5/3915-3916 ، وزاد المسير 5/68 0
قال قتادة : ((كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول بعد ذلك: (( اللهم لا تكلني الى نفسي طرفة عين )). انظر : تفسير البغوي 3/147 .
(4) ذلك)) لم ترد في ( ص ) 0
(5) في ( ه) : (( من الاسلام ))0
(6) أخرجه الطبري 15/ 132 عن قتادة0
وذكره البغوي 3/ 147 عن الكلبي ، والقرطبي 5/3917 ، وابن الجوزي 3/72 . وقد ذكر ابن كثير هذه القصة في سبب النزول وقال: هذا قول ضعيف ؛لأن هذه الآية مكية وسكنى المدينة بعد ذلك0ثم ذكر رواية عبد الرحمان بن غنم الآتي بإسناد البيهقي ، وقال في هذا الإسناد نظر والأظهر أن هذا ليس بصحيح ثم ذكر ما قاله مجاهد وقتادة والحسن الآتي في سببها وجعله الأقرب للصحة انظر: ابن كَثِيْر 3/72 –73.(1/547)
وقال عبد الرحمان بن غَنْم(1): إن اليهود أتوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن كنت صادقاً أنك نبي الله (2) فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر والمنشر وأرض الأنبياء . فصدَّق ما
__________
(1) في ( ص ) ((عبد الرحمان بن عثمان ))0
(2) الله)) لم ترد في ( ب ) و ( ص ) 0(1/548)
قَالَ: أخبرنا عبد الله بن وهب، عن حُيَيِّ(1) بن عبد الله، عن أبي عبد الرحمان الحُبُليّ(2)، عن عبد الله بن عَمْرو ، قَالَ : نزلت : { إِذا زُلزِلَتِ الأَرضُ زِلزالَها } [الزلزلة: 1]. وأبو بكر الصدِّيقُ - رضي الله عنه - قاعدٌ، فبكى أبو بكر، فقال له رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( ما يُبْكيك يا أبا بكر؟ )) قَالَ: أبكاني هَذِهِ السورةُ. فقال لَهُ رَسُول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( لو أنكم لا تُخطِئُون ولا تُذنِبُون، لخلقَ الله أمةً مِنْ بعدِكم يُخطئُون ويُذنبُون فيغفرُ لهم ))(3).
قوله - عز وجل -: { فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ } [الزلزلة: 7-8].
__________
(1) فِي ( ه) :((حسين)) وَهُوَ تصحيف. انظر : تهذيب الكمال 2/329(1569) .
(2) فِي ( ه) : ((الجيلي)) وَهُوَ خطأ. انظر : تهذيب الكمال 4/326(3651) .
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف حيي بن عَبْد الله المعافري. قَالَ البُخَارِيّ : ((فِيهِ نظر))، وَقَالَ النسائي : ((ليس بالقوي))، وَقَالَ أحْمَد : ((أحاديثه مناكير)).
أخرجه ابن أبي الدنيا في البكاء(86)، والطبري 30/175 ، والطبراني في الكبير 13/(87)، والبيهقي فِي شعب الإيمان (7103) ، وذكره القرطبي 8/7236، والهيثمي في مجمع الزوائد 7/141، والسيوطي فِي الدر المنثور 8/594 وزاد نسبته لابن قدامة .(1/549)
قال مقاتل(1): نزلت في رجلين كان أحدهما يأتيه السائلُ فيستقلُّ أن يُعطيه التمرةَ والكِسْرةَ والجَوْزَةَ ، ويقول: ما هذا بشيءٍ(2)، وإنما نُؤْجَرُ على ما نُعطِي ونحن نحبُّه وكان الآخر يتهاونُ بالذنب اليسير: كالكِذْبة والغِيبة والنَظرِة، ويقول: ليس عليَّ من هذا شيءٌ، إنما أوعَدَ الله بالنار على الكبائر. فأنزل الله عز وجل- يُرغِّبهُم في القليل من الخير، فإنه يُوشِكُ أن يكْثُرَ. ويُحِّذُرهم اليسيرَ من الذنب، فإنه يُوشِك أن يكثُرَ: { فَمَن يَعمَل مِثقالَ ذَرَّةٍ خَيراً يَرَهُ } [الزلزلة: 7] إلى آخرها.
سُورة العاديات
F
قوله - عز وجل -: { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً… } [العاديات: 1] إلى آخر السورة.
قال مقاتلٌ: بعث رسول الله(3) - صلى الله عليه وسلم - سَرِيَّةً إلى حيٍّ من كِنانَة، واستعمل عليهم المُنذرَ ابن عمرو الأنصاريَّ . فتأخَّر خبرُهم ، فقال المنافقون : قُتلوا جميعاً . فأخبر الله تعالى عنها، فأنزل الله تَعَالَى : { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } [العاديات: 1] يعني : تلك الخيلَ.
__________
(1) ذكره البغوي فِي تفسيره 5/294، والقرطبي 8/7241.
(2) فِي ( ه): ((شيء)).
(3) ذكره السمرقندي فِي تفسيره 3/502 ، والقرطبي 8/7245 .(1/550)
(453) أخبرنا عبد الغافر بن محمد الفارسيُّ ، قَالَ : أخبرنا أحمد /122 أ/ بن محمد البسْتيُّ (1) ، قَالَ : حدثنا محمد بن مكيٍّ ، قَالَ : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن عَبْدَة ، قَالَ: حدثنا حفص بن جَمِيع ، قَالَ: حدثنا سِمَاكٌ، عن عِكْرِمةَ، عن ابن عَبَّاس: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث خيلاً، فأسْهَبَت شهراً لم يأته منها خبرٌ. فَنَزَلت: { وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } [العاديات: 1]: ضَبحَتْ بمَنَاخِرها ؛ إِلَى آخر السورة (2).
ومعنى ((أسهبتْ)): أمعنت في السُّهُوب، وَهِيَ: الأرض الواسعة، جمع ((سَهْب)).
سُورة التكاثر
F
قوله - عز وجل -: { أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ - حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ } [التكاثر: 2].
__________
(1) في (ه): ((البتي)) وَهُوَ تصحيف.
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف حفص بن جميع، ولضعف رِوَايَة سماك وَهُوَ: ابن حرب عَنْ عكرمة خاصة، فإنها مضطربة. ذكره ابن كثير 4/832. وَقَال : (( حديث غريب جداً )) .
قَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/142: (( رَوَاه البزار وفيه حفص بن جميع ، وَهُوَ ضعيف)) ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 8/599 وزاد نسبته إلى البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد. انظر : أطراف الغرائب والأفراد (2525) .(1/551)
قال مقاتل والكلبيُّ (1): نزلتْ في حيَّيَنِ من قريشٍ: بني عبد مَنَافٍ وبني سَهْمٍ،كان بينهما لِحَاء، فتعادُّوا(2) السادةَ والأشرافَ أيُّهم أكثرُ؟ فَقَالَ بنو عَبْد منافٍ: نحنُ أكثرُ سيداً، وأعزُّ(3) عزيزاً، وأعظمُ نَفَراً. وَقَالَ بنو سهم مثلَ ذَلِكَ، فكَثَرَهُم بنو عَبْد مناف.ثُمَّ قالوا: نَعُدُّ موتانا، حَتَّى زاروا القبورَ فعدُّوا موتاهم. فَكَثَرَهُم بنو سَهْم: لأنهم كانوا أكثر عدداً في الجاهلية.
وقال قتادةُ (4): نزلتْ في اليهود ، قالوا : نحن أكثر من بني فلانٍ ، وبنو فلانٍ أكثر من بني فلانٍ. ألْهاهُم ذلك حتى ماتوا ضُلالاً.
سُورة الفيل
F
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ… } [الفيل: 1]إلى آخر السورة.
نزلت في قصة أصحاب الفيل، وقَصْدِهم تَخريبَ الكعبة، وما فَعل الله تعالى بهم من إهلاكِهم وصَرفِهِم عن البيت ، وهي معروفة (5).
سُورة الإيلاف (6)
F
__________
(1) ذكره السمرقندي فِي تفسيره 3/506، والبغوي5/298، وابن الجوزي فِي زاد المسير9/217، والقرطبي 8/7258.
(2) في (ه): ((فتعاند)) وَهُوَ تصحيف .
(3) في (ه): ((وعزا)) وهو خطأ.
(4) هذا الأثر أصله أثران لفق بينهما المصنف .
الأول: أخرجه ابن أبي حاتم فِي تفسيره كما فِي الدر المنثور 8/610 عَنْ قتادة قَالَ:(( نزلت فِي اليهود )).
والثاني : أخرجه عبد الرزاق فِي تفسيره 3/456(3687) ، والطبري فِي تفسيره 30/283 ، وزاد السيوطي نسبته فِي الدر المنثور 8/610 لعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عَنْ قتادة قَالَ: (( قالوا : نحن اكثر من بني فلان وبنو فلان اكثر من بني فلان فألهاهم حتى ماتوا ضلالاً )) .
(5) انظر: تفسير الفراء 3/291، والطبري 30/193-196، والسمرقندي 3/512، والبغوي 5/304، والكشاف4/849، وزاد المسير9/231، والقرطبي8/7277، والخازن7/290، وابن كثير4/849.
(6) فِي ( س ) :(( إيلاف قريش )) .(1/552)
قوله - عز وجل -: { لإِيلافِ قُرَيْشٍ… } [قريش : 1] إلى آخر السورة.
نزلت في قُريشٍ ، وذِكْرِ مِنَّةِ الله تعالى عليهم.
(454) أخبرنا القاضي أبو بكرٍ الحِيرِيُّ ، قَالَ : أخبرنا أبو جعفرٍ عبدُ الله بن إسماعيلَ الهاشميُّ ، قَالَ : حدثنا سَوَادة (1) بن عليّ ، قَالَ : حدثنا أحمد بن أبي بكر الزُّهْريُّ، قَالَ : حدثنا إبراهيم بن محمد بن ثابتٍ ، قَالَ : حدثنا عثمان بن عبد الله بن عَتِيقٍ، عن سعيد بن عمرو بن جَعْدَةَ ، عن أبيه ، عن جدته أمِّ هانئ بنت أبي طالبٍ ، قالتْ: قال النبيُّ- صلى الله عليه وسلم - : (( إن الله فضَّل قريشاً بسبع خصالٍ- لم يُعطها أحداً قبلَهم (2) ، ولا يُعطيها أحداً بعدَهم- إن الخلافَة فيهم ، وإنَّ الحِجَابةَ فيهم ، وإن السِّقَايةَ فيهم ، وأنَّ النُّبوةَ فيهم، ونُصِرُوا على الفيل، وعبدوا الله سبعَ سنين لم يعبدْه أحدٌ غيُرهم )) ، ونزلت فيهم سورة لم يُذْكرْ فيها أحدٌ غيرُهم: { لإِيلافِ قُرَيشٍ } (3)
__________
(1) في (ه): ((سواد)).
(2) في (ه): ((قبلهم أحداً)).
(3) حديث ضعيف ، وسند المؤلف فِيهِ مِنْ لَمْ نعرفهم .
أخرجه: الحاكم في المستدرك2/536و4/54 مِنْ طريق يعقوب بن مُحَمّد الزهري، عن إبْرَاهيم بن مُحَمّد ابن ثابت بن شرحبيل، عن عثمان بن عَبْد الله بن أبي عتيق. قَالَ الحاكم:((صحيح))، وتعقبه الذهبي بقوله: ((يعقوب ضعيف، وإبراهيم صاحب مناكير هذا أنكرها)).
وَقَالَ الهيثمي في المجمع 10/24: ((فِيهِ مِنْ لَم أعرفهم)) .
وأخرج الخطيب في تاريخه7/195، وابن الجوزي في العلل المتناهية (477) مِنْ طريق إبْرَاهيم التيمي، عن
عَبْد الرحمان بن عياض،عن عمته عتيبة بنت عَبْد الملك،عن يَحْيَى، عن الزهري،عن سعيد بن المسيب فذكره-مرسلاً-
قَالَ ابن الجوزي: ((هذا حديث لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وعتيبة: مجهول الحال، وإبراهيم التيمي:ضعيف)).
وَقَالَ الذهبي في ترجمة عتيبة مِنْ الميزان 4/408: ((روت عن الزهري خبراً باطلاً)).
وأخرجه الطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن عساكر كَمَا في الدر المنثور 8/634 مِنْ حديث الزبير بن العوام، وَقَالَ الهيثمي في المجمع 10/25: ((وفيه مِنْ ضعف)).(1/553)
[قريش: 1].
سُورة أرأيت (1)
F
قوله - عز وجل -: { أَرَءَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ } [الماعون: 1].
قَالَ مقاتل والكلبيُّ(2): نزلت فِيْ العاص بن وائلٍ السَّهْميِّ.
وقال ابن جُرَيْجٍ(3): كان أبو سُفيان بنُ حربٍ يَنحرُ كلَّ أسبوع جَزُورَيْنِ، فأتاه /122ب/ يتيمٌ فسأله شيئاً، فقَرَعه بعصاً(4). فأنزل الله تعالى: { أَرءَيْتَ الَّذي يُكَذِّبُ بِالدينِ - فَذَلِكَ الَّذي يَدُعُّ اليَتيمَ } [الماعون: 1-2].
سُورة الكوثر
F
قوله - عز وجل -: { إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ … } [الكوثر: 1] إلى آخر السورة.
قال ابن عباس(5)
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( الماعون )) .
(2) ذكره المصنف فِي الوسيط 4/558 واقتصر عَلَى الكلبي ، وذكره البغوي فِي تفسيره 5/311، والقرطبي 8/7300، وَهُوَ قول ابن عَبَّاس. انظر: تفسير القرطبي 8/7300، وتفسير الثعالبي5/630.
(3) البحر المحيط8/516، وتفسير القرطبي 8/7300.
(4) في (ه): ((بعضاً)) ،وَهُوَ تصحيف. وفي تفسير القرطبي : ((بعصاه)).
(5) أخرجه ابن عساكر فِي تاريخ دمشق 3/ 125 و 126 من طريق الكلبي ، عَنْ أَبِي صالح ، عَنْ ابن عباس وهذه سلسلة الكذب .
وأخرجه ابن عساكر فِي تاريخ دمشق3/128من طريق ميمون بن مهران عَنْ ابن عباس، به. وانظر: الدر المنثور 8/652، وذكره البغوي5/316(2409)، والقرطبي 8/7312،والخازن7/305ولم يعزوه لأحد.(1/554)
: نزلتْ في العاص بن وائِل،ٍ وذلك أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرجُ من المسجد، وهو يدخل، فالتَقَيا عند باب بني سَهمٍ وتحدَّثا وأُناسٌ من صناديدِ قريشٍ في المسجد جلوسٌ . فلما دخل العاصِ قالوا له: مَن الذي كنتَ تحدِّثُ ؟ قَالَ : ذاك الأبْتَر، يعني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .وكان قَدْ تُوفيَ قبل ذَلِكَ عبدُ الله ابن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان مِنْ خَديجةَ، وكانوا يُسمُّون مَن ليس لَهُ ابنٌ: أبْتَرَ. فأنزل الله تعالى هَذِهِ السورة.
(455) وأخبرنا محمد بن موسى بن الفضل، قَالَ: حدثنا محمد بن يعقوب، قَالَ: حدثنا أحمد بن عبد الجبَّارِ، قَالَ: حدثنا يونُس بن بُكَيْرٍ، عن محمد بن إسحاقَ، قال: حدثني يزيد بن رُومان، قال(1): كان العاصِ بنُ وائلٍ السَّهْميُّ إذا ذُكِرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ دعُوه، فإنَّما هو رجلٌ أبْتَرُ لا عَقِبَ له، لو هلَك انقطع ذِكُره واسترحتُم مِنْهُ. فأنزل الله تعالى في ذَلِكَ: { إِنّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ } إلى آخر السورة.
وقال عطاء عن ابن عباس: كان العاص بن وائلٍ يمرُّ بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم - ويقول: إني لأَشنؤُك، وإنك لأَبْتَرُ من الرجال. فأنزل الله تعالى: { إِنَّ شانِئَكَ } يعني: العاص: { هُوَ الأَبتَرُ } [الكوثر: 3] من خير الدنيا والآخرة(2).
سُورة الكافُرون
F
قوله - عز وجل -: { قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ… } [الكافرون: 1]إلى آخر السورة.
__________
(1) أخرجه: الطبري في تفسيره 30/313 ، والمصنف في الوسيط 4/563.
وذكره البغوي في تفسيره 5/316(2410)، وابن كثير 4/867.
(2) أخرج الطبري في تفسيره 30/212 هذا الحَدِيْث بمعناه عن قتادة.(1/555)
نزلت في رَهْطٍ(1) من قريش قالوا: يا محمدُ! هَلُمَّ فاتَّبع(2) دينَنا ونتبع دينَك: تعبدُ آلهتنا سنةً، ونعبدُ إلهك سنةً. فإن كان الذي جئتَ به خيراً ممَّا بأيدينا ، قد شَرَكْناك فيه، وأخذنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيراً ممَّا في يَديْك ، قد شركتنا في أمرنا، وأخذتَ بحظك. فقال: ((معاذَ الله أن أُشركَ به غيرَه)) فأنزل الله تعالى: { قُل يا أَيُّها الكافِرونَ } [الكافرون: 1] إلى آخر السورة. فَغَدا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المسجد الحرام ، وفيه المَلأُ من قريشٍ، فقرأها عليهم حتى فَرغ من السورة. فأَيِسُوا منه عند ذلك(3).
سُورة النصر
F
قوله - عز وجل -: { إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ… } [النصر: 1]إلى آخر السورة.
نزلتْ في مُنصَرَف النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من غزوة حُنَيْنٍ، وعاش بعد نزولها سنتين(4).
__________
(1) هم الحارث بن قيس السهمي، والعاص بن وائل، والوليد بن المغيرة، والأسود بن عَبْد يغوث، والأسود ابن عَبْد المطلب بن أسد، وأمية بن خلف، وغيرهم. كَمَا في الطبري 30/214 ط الشعب ، والمصنف في الوسيط4/565، والسمرقندي في تفسيره 3/520، والخازن في تفسيره 7/306.
(2) في (ه): ((اتبع)).
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 30/214 ط الشعب ، وابن أَبِي حاتم كما فِي الدر المنثور 8/ 655 من قول سَعِيد بن ميناء مولى البختري ، وأخرجه الطبري 30/ 214 ، وابن أَبِي حاتم والطبراني كما فِي الدر المنثور 8/ 654 من قول ابن عباس ، وذكره السمرقندي في تفسيره 3/520، والمصنف في الوسيط 4/565 ، والبغوي 5/ 317 ( 2412 ) ، والخازن في تفسيره 7/306 .
(4) في (ه) : ((وعاش سنتين بعد نزولها)).(1/556)
(456) أخبرنا سعيد بن محمد المؤذِّنُ، قَالَ: أخبرنا أبو عُمَرَ بن أبي جعفر المقرئُ، قَالَ: أخبرنا الحسن بن سُفيانَ، قَالَ: حدثنا عبد العزيز بن سَلام، قَالَ: حدثنا إسحاق بن عبد الله بن كَيْسانَ، قال:حدثني أبي،عن عِكْرِمَةَ،عن ابن عباس،قال(1):لما أقبَلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - /123أ/ من غزوة حُنَيْنٍ، وأنزل الله تعالى: { إِذا جاءَ نَصرُ اللهِ والفتح } [النصر:1] قال: ((يا عليُّ بن أبي طالبٍ ويا فاطمةُ ! قد جاء نصرَ الله والفتحُ ، ورأيتُ الناسَ يدخلون في دين الله أفوَاجاً، فسُبحانَ ربِّي وبحمدِه وأستغفرُه إنه كان تواباً)) .(2)
سُورة تَبَّت
F
قوله - عز وجل -: { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } [تبت: 1]إلى آخر السورة.
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ لضعف إسحاق بن عَبْد الله.
ذكره المصنف في الوسيط 4/567 ، والسيوطي في الدر المنثور 30/660 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة.
(2) راجع ما روي مناسباً لذلك في تفسير الطبري 30/215-217، والحاكم في المستدرك 2/538-539، والقرطبي في تفسيره 8/7321 ، والفخر الرازي في تفسيره 32/160 ، وابن كثير في تفسيره 4/874 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/ 654 وما بعدها .(1/557)
(457) أخبرنا أحمد بن الحسن الحِيرِيُّ، قَالَ: أخبرنا حاجب بن أحمد، قَالَ:حدثنا محمد بن حمادٍ، قَالَ: حدثنا أبو مُعاويةَ، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرَّةَ، عن سعيد بن جُبَيْر، عن ابن عباسٍ، قال: صَعِدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذاتَ يومٍ الصَّفَا، فقال: ((يا صَبَاحاهُ!)) فاجتمعتْ إليه قُريشٌ فقالوا له: ما لك؟ فَقَالَ(1): ((أرأَيْتُم لَوْ أخبرتكم: أن العدوَّ مُصَبِّحُكم أو مُمَسِّيكم ؛ أما كنتم تصدقوني(2)؟!)) قالوا: بَلَى. قَالَ: ((فإني نَذِيرٌ لكم بَيْنَ يَدَيْ عذاب شَديدٍ)) فقال أبو لهب: تَبَّاً لكَ! لهذا دعوتَنا جميعاً؟! فأنزل الله- عز وجل -: { تَبَّت يَدا أَبي لَهَبٍ وَتَبَّ } [تبت: 1] إلى آخرها . رواه البخاري(3) عن محمد بن سَلاٍم، عن أبي معاويةَ
__________
(1) في (ه): (( قَالَ )).
(2) في (ه): (( تصدقون )).
(3) صحيح البُخَارِيّ 6/221(4971).
وأخرجه أحْمَد 1/281و307، والبخاري أيضاً2/129(1394) و4/224(3525) و6/140 (4770) و153(4801) و222(4973)، والترمذي(3363)، والنسائي في عمل اليوم والليلة(982) و(983) وفي الكبرى، لَهُ(10818)و(10819) وفي التفسير، لَهُ 2/198(446)، والطبري فِي تفسيره 30/120و121، وابن حبان(6550)، وابن منده في الإيمان(949)و(950)و(651) والبيهقي في الدلائل 2/181و182، والبغوي في تفسيره 5/327(2421).وذكره ابن أبي حاتم في تفسيره 10/3473 (19523)، والثعالبي في تفسيره 5/636، والسيوطي في الدر المنثور 8/666 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه.(1/558)
(458) أخبرنا سعيد بن محمد العدلُ، قَالَ: أخبرنا أبو عليّ بنُ أبي بكرٍ الفقيهُ، قَالَ: حدثنا علي ابن عبد الله بن مُبشر الواسِطيُّ، قَالَ: حدثنا أبو الأشّعَثِ أحمدُ بن الِمْقدام، قَالَ: حدثنا يزيد بن زُريع، عن الكلبيِّ، عن أبي صالح، عن ابن عباسٍ، قال: قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: ((يا آلَ غالِبٍ! يا آل لُؤَيِّ! يا آل مُرَّةَ! يا آلَ كِلابٍ! يا آل قُصيٍّ ! يا آل عبد منافٍ ! إنِّي لا أملكُ لكم من الله شيئاً (1) ولا من الدنيا نصيباً، إلا أن تقولوا : لا إله إلا الله )) فقال أبو لهبٍ : تبّاً لَكَ ! لهذا دعوتَنا ؟! فأنزل الله تَعَالَى : { تَبَّت يَدا أَبي لَهَبٍ } (2) [تبت: 1].
__________
(1) في (ه): ((منفعة)).
(2) إسناده ضعيف جداً، بل موضوع، والكلبي: هُوَ مُحَمّد بن السائب الكلبي كذاب، وَقَدْ قَالَ لسفيان الثوري: ((كل ما حدثتك عن أبي صالح عن ابن عَبَّاس فهو كذب)) وأبو صالح باذام ضعيف .(1/559)
(459) أخبرنا أبو إسحاق المقرئ، قَالَ: أخبرنا عَبْد الله بن حامدٍ، قَالَ: أخبرنا مكيُّ بن عَبْدانَ، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن هاشم، قَالَ : حدثنا عَبْد الله بن نُمَيْر، قَالَ : حدثنا الأعمش، عن عَبْد الله بن مُرَّةَ، عن سعيد بن جُبَيْرٍ، عن ابن عَبَّاس، قَالَ: لما أنزل الله تعالى: { وَأَنذِر عَشيرَتَكَ الأَقرَبينَ } [ الشعراء: 214] أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصفا، فصَعِدَ عَلَيْهِ، ثم نادَى: (( يا صباحاهُ! ))(1) فاجتَمَع إليه الناسُ: مِنْ بَيْنِ رجلٍ يجيء، ورجل يَبعثُ رسوله. فَقَالَ: (( يا بني عَبْد المُطَّلب! يا بني فهْرٍ يا بني لُؤَيّ! لو أخبرْتُكم: أنَّ خيلاً بسفح هذا الَجَبِل تُريدُ أن تُغِيرَ عليكم صدَّقتموني؟! )) قالوا: نعمْ : قَالَ : ((فإني نذيرٌ لكم بَيْنَ يَدَي عذابٍ شديدٍ )) فَقَالَ أبو لهبٍ : تبَّاً لَكَ سائرَ اليوم ! ما دَعَوْتَنا إلا لهذا ؟! فأنزل الله تَعَالَى: { تَبَّت يَدا أَبي لَهَبٍ وَتَبَّ } (2)[تبت: 1].
سُورة الإخلاص
F
قوله - عز وجل -: { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1] إلى آخر السورة.
__________
(1) قَالَ في النهاية 3/6: ((هَذِهِ كلمة يقولها المستغيث ، وأصلها إذا صاحوا للغارة ، لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون عِنْدَ الصباح ويسمون يوم الغارة يوم الصباح فكان القائل: يا صباحاه يقول: قَدْ غشينا العدو. وقيل إن المقاتلين كانوا إذا جاء الليل يرجعون عن القتال، فإذا عاد النهار عاودوه فكأنه يريد بقوله : ((يا صباحاه)) قَدْ جاء وقت الصباح فتأهبوا للقتال)). وَقَدْ ذكره في اللسان2/336.
(2) صحيح انظر تخريجه في الحَدِيْث الَّذيْ تقدم قبله بحديث .(1/560)
قال الضَّحَّاكُ وقَتادة ومُقاتِلٌ (1) : جاء ناسٌ من اليهود إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: صفْ لنا ربك فإن الله أنزل نَعْتَه في التَّوراة، فأخبِرْنا: من أي شيءٍ هو؟ ومن أيِّ /123ب/ جِنْسٍ هُوَ؟ من ذَهبٍ هو، أمْ نُحُاسٍ أم فِضّة؟ وهل يأكلُ ويشربُ؟ وممن وَرِثَ الدنيا؟ ومَنْ يُوَرِّثُها ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ السورة، وَهِيَ نِسْبةُ الله خاصَّةً (2).
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه) : (( قتادة والضحاك ومقاتل )) .
(2) أثر قتادة: أخرجه الطبري في تفسيره 30/343، وذكره البغوي في تفسيره 5/329 ، والسيوطي في الدر المنثور 30/671 وزاد نسبته لعبد الرزاق وابن المنذر .(1/561)
(460) أَخْبَرَنَا أبو نصر أحمدُ بن إبراهيم المِهْرجانيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا عُبيد الله بن مُحَمَّد الزاهدُ قَالَ: حَدَّثَنَا أبو القاسم بن بنت مَنِيعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَدِّي أحمدُ بن مَنيع، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو سعد الصَّغانيُّ (1) قَالَ: حَدَّثَنَا أبو جعفر الرازيُّ، عَنْ الرَّبيع بن أنَسٍ، عَنْ أبي العالية عَنْ أُبَيِّ بن كعب : أن المشركين قالوا لرسول الله- صلى الله عليه وسلم - : انْسُبْ لنا ربك فأنزل الله تَعَالَى : { قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ - اللهُ الصَمَدُ } [الإخلاص: 1-2]. قَالَ: فالصمد الَّذِي { لَمْ يلد وَلَمْ يولد } [الإخلاص: 3] ؛ لأنَّهُ لَيْسَ شيءٌ يولَدُ إلا سيموتُ، وَلَيْسَ شيءٌ يموتُ إلا سيورَثُ ؛ وإن الله تعالى لا يموتُ ولا يورَثُ { وَلَم يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَد } [الإخلاص: 4] قَالَ: لَمْ يكن لَهُ شَبيهٌ ولا عِدْلٌ، و { لَيْسَ (2) كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } (3) [الشورى : 11 ].
__________
(1) كذا في ( ه) وفي تفسير الطبري 30/223 ((الصنعاني)) وَهُوَ تحريف. وَهُوَ مُحَمّد بن ميسر الجعفي البلخي البغدادي الضرير كَمَا في التهذيب 9/484و12/107.
(2) كذا في الترمذي والطبري . وفي الأسماء ولصفات" ((ليس)). وَهُوَ اقتباس مِنْ سورة الشورى 11.
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف أبي سعد واسمه مُحَمّد بن ميسر . قَالَ البُخَارِيّ فِيهِ ((اضطراب)) وَقَدْ خولف.=
= أخرجه أحْمَد 5/133، والبخاري في تأريخه الكبير1/ الترجمة(778)، والترمذي (3364)، والطبري في تفسيره 30/342، وابن خزيمة في التوحيد : 41، والعقيلي في الضعفاء 4/141، وابن عدي في الكامل 7/460 ، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/419.
وَقَدْ رَوَاه عُبَيد الله بن موسى مرسلاً. قَالَ الترمذي: ((وهذا أصح مِنْ حديث أبي سعد)).
والرواية المرسلة: أخرجها الترمذي(3365)، والطبري30/343، والعقيلي في الضعفاء 4/141.(1/562)
(461) أخبرنا أبو منصورٍ البغداديُّ، قَالَ:أخبرنا أبو الحسن السَّرَّاجُ، قَالَ: أخبرنا محمد بن عبد الله الحَضْرَميُّ، قَالَ: أخبرنا سُرَيْج بن يونُسَ، قَالَ: أخبرنا إسماعيل بن مُجَالِدٍ(1) عن مُجَالِدٍ، عن الشَّعْبيِّ، عن جابر، قال: قالوا: يا رسولَ الله! انسُبْ لنا ربَّك فَنَزلت: { قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ } [الإخلاص: 1] إلى آخرها (2).
المعوِّذَتان
F
قوله - عز وجل -: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ… } [الفلق: 1] إلى آخر السورة.
قوله - عز وجل -: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ… } [الناس: 1] إلى آخر السورة.
قال المفسرون(3): كان غلامٌ من اليهود يخدُمُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فدَنَتْ إليه اليهودُ، ولم يزالوا به حتى أخَذ مُشَاطَةَ رأس النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وعدَّةَ أسنانٍ من مُشطِه، فأعطاها اليهودَ، فسحَرُوه فِيهَا.
__________
(1) في ( ه) : ((مخالد)) وَهُوَ تصحيف.وإسماعيل هُوَ: أبو عمرو الكوفي البغدادي. ومجالد هو: أبو عمرو أو أبو سعيد بن سعيد الكوفي المتوفي سنة ( 144ه) .راجع التهذيب 1/327 و10/39-40.
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف مجالد بن سَعِيد .
أخرجه أبو يعلى (2044) ، والطبري 30/343، والطبراني في الأوسط (5683) مِنْ طريق سريج بن يونس ، بهذا الإسناد.
قَالَ الهيثمي في المجمع 7/146: ((رَوَاه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى. وفيه مجالد بن سعيد)).
(3) انظر: معاني القرآن للفراء 3/301، وتفسير السمرقندي 3/527، والوسيط للمصنف 4/572، وتفسير البغوي 5/332-333.(1/563)
وكان الذي تولَّى ذلك لَبيدُ بن الأعْصَم(1) اليهودي(2). ثم دسها في بئر لبني زُرَيْقٍ، يقالُ لها : ذَرْوَان (3). فمرض رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وانْتَثَرَ شعرُ رأسه ، و[لَبِث ستةَ أشهر] (4) يُرَى أنه يأتي النساء (5) ولا يأتِيهِنَّ ، وجعلَ يَذُوبُ ولا يدري ما عَرَاه .
__________
(1) في طبقات ابن سعد 2/197 أن عَبْد الرحمان بن كعب قَالَ: (( إنما سحره بنات أعصم )) أخوات لبيد، وكن أسحر مِنْ لبيد وأخبث، وكان لبيد هُوَ الَّذيْ ذهب بِهِ فأدخله تحت ارعوفة البئر )). وفي تفسير ابن جزي : أن بنات لبيد بن الأعصم سحرن هن وأبوهن رسول الله، وفي الروض الأنف 2/25 أن زينب اليهودية أعانت لبيداً عَلَى ذَلِكَ السحر .
(2) راجع فتح الباري 10/176، وشرح الشفا للخفاجي 4/269،277.
(3) ويقال لها: ((ذو أروان)) راجع الروض الأنف 2/24، وشرح مُسْلِم للنووي 14/177، ومشارق الأنوار للقاضي عياض 1/117،275 ومعجم البلدان 1/207، 2/4، 4/193 ومعجم ما استعجم1/142، 2/612، وفتح الباري10/179، وكان سحره عَلَيْهِ السلام في المحرم مِنْ سنة سبع، بعد عودته مِنْ الحديبية .
راجع طبقات ابن سعد 2/197 وفتح الباري 10/176 وشرح الشفا للخفاجي 4/277.
(4) الزيادة مِنْ تفسير البغوي والخازن 2/267-268 ومسند أحمد6/63 ونوادر الأصول : 5 ، وفتح الباري 10/176. وقيل: أقام سنة، وقيل: أربعين ليلة، وقيل: أربعة أيام أو ثلاثة، راجع شرح الشفا للقاري 2/333 والمراجع السابقة.
(5) في ( ه) : ((نساءه)).(1/564)
فبينما هو نائمٌ ذاتَ يومٍ، إذْ أتاه مَلكان(1) فقعد أحدُهما عند رأسه، والآخَرُ عند رجلَيْه. فقال الذي عند رأسه: ما بالُ الَّرجُلِ؟ قَالَ: طُبَّ. قَالَ: وما الطُّبُّ(2)؟ قَالَ: سحرٌ. قَالَ: ومَن سحَرَه؟ قال: لَبيدُ بن الأعْصَم اليهوديُّ. قال: وبم طَبَّه؟ قال: بمُشْطٍ ومُشَاطَةٍ. قال: وأيْنَ هو؟ قَالَ: فِيْ جُفِّ طَلْعَةِ تحت راعُوفَةٍ فِيْ بئر ذَرْوَانَ.
و((الجُفُّ)): قشُر الطَّلْع. و((الرَّعُوفَة)): حجرٌ فِيْ أسفل البئر، يقوم عَلَيْهِ الماتِحُ(3).
فانتبَهَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((يا عائشةُ! أمَا شَعَرْتِ أن الله أخبرني بدائي؟!)) ثُمَّ بعث عليَّاً والزُّبيرَ وعَمَّارَ بن ياسِر، فنَزَحوا ماءَ تلكَ البئرِ كأنه نُقاعةُ الحِنَّاءِ، ثُمَّ رفعوا الصخرةَ وأخرجوا الجفَّ، فإذا فِيْهِ مُشاطَةُ رأسِه - صلى الله عليه وسلم - وأسنانُ مُشْطِه، وإذا وترٌ معقودٌ(4) /124 أ/ فِيهِ إحدى عشرةَ عُقْدَةً مغروزةً بالإبر.
__________
(1) هما: جبريل وميكائيل ، راجع طبقات ابن سعد 2/199، وفتح الباري 10/158،178 شرح الشفا للقاري 2/335 .
(2) قال أبو عُبَيد: (( إنما قَالوا للمسحور: مطبوب، لأنهم كنوا بالطب عن السحر، كما كنوا عن اللديغ فقالوا: سليم، تفاؤلاً بالسلامة)). راجع اللسان2/42، والنهاية 3/30، وفتح الباري 10/179، وشرح مُسْلِم للنووي 14/177، وزاد المعاد3/118، والطب النبوي 108.
(3) الماتح: المستقي مِنْ أعلى البئر . انظر: لسان العرب 2/453.
(4) في (ه): ((معقد)).(1/565)
فأنزل الله تعالى سورتَيْ المُعَوِّذَتَيِنِ ، فجعَل كلَّما قرأ آية انحلَّتْ عُقدةٌ ، ووجدَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - خِفَّةً، حتى انحلَّت العُقدةُ الأخيرة، فقام كأنَّما أُنْشِطَ من عِقَال. وجعل جبريلُ - عليه السلام - يَقُوْل : بسم الله أَرْقيك ، من كل شيءٍ يُؤذِيك ومن حاسدٍ وعينٍ الله يُشفيك!. فقالوا: يا رسول الله! أفَلا نَؤُمُّ الخبيثَ فنقتُلَه؟! فَقَالَ: ((أمَّا أنا فقد شفاني الله، وأكرهُ أن أُثيرَ عَلَى الناس شرَّاً ))(1).
(462) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان بن محمد بن جعفر، قَالَ: أخبرنا أبو عَمرو محمدُ بن أحمدَ الحِيرِيُّ، قَالَ: أخبرنا أحمد بن عليِّ المَوْصليُّ(2) ، قَالَ:أخبرنا مجاهد بن موسى، قَالَ: أخبرنا أبو أُسَامَة عن هشام بن عُرْوةَ، عن أبيه، عن عائشةَ- رضي الله عنها- قالت: سُحر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه فَعَل الشيءَ وما فَعَل. حتى إذا كان ذاتَ يومٍ- وهو عندي- دعا الله ودَعَا، ثم قال: ((أشعرت- يا عائشةُ!- أن الله قد أفتاني فيما اسْتفتَيْتُهُ فيه؟!)). قلت: وما ذاك يا رَسُول الله؟ قَالَ: ((أتاني ملكان)) . وذكر القصة بطولها .
رَوَاه البُخَارِيّ (3) عن عُبَيد بن إسْمَاعِيل عن أبي أسامة ولهذا الحَدِيْث طريق فِي الصحيحين(4)
__________
(1) انظر تخريجه في الذي بعده.
(2) فِي مسنده ( 4882 ) .
(3) صحيح البخاري 7/ 178 ( 5766 ) .
(4) صحيح البُخَارِيّ 4/123(3175) و4/148(3268) و7/176(5763) و7/177 عقب (5763) و(5765) و8/22(6063)و8/103(6391) ، وصحيح مسلم7/14(2189) (43) (44).
وأخرجه: الحميدي (259)، وابن سعد 2/196، وابن أبي شيبة(23509)، وأحمد6/50و57و63، وابن ماجه(3545) ، وابن حبان (6583)، والبيهقي8/135 وفي الدلائل، لَهُ 6/247، والبغوي في شرح السنة(3260) وفي التفسير، لَه 5/333 (2431).(1/566)
(1) . والله أعلم بالصواب(2) .
تم كتاب (( أسباب نزول القرآن )) ، والحمد لله الواحد المنان
وصلى الله عَلَى سيدنا مُحَمّد وآله
والتابعين لهم بإحسان (3) .
__________
(1) كتب ناسخ ( ب ) في هذا الموقع ((بلغ مقابلة)) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة منها وهو دليل على جودة النسخة وحسنها وأصالتها.
(2) جملة (( والله أعلم بالصواب )) من ( ب ) فقط .
(3) جاء فِي خاتمة نسخة ( ب ) ما نصه :
(( آخر كتاب أسباب النزول … في عشية الأحد خامس عشرين ( كذا ) ذي القعدة من سنة (( خمس .. وخمس مئة على يدي الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد بن حسن الأصفهاني المعروف برنْباس رحم الله من دعا له بالمغفرة و … والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي وآله وسلم كثيراً )) .
ثم كتب تحته بخط مغاير ما نصه :
(( بلغ مقابلة من أوله إلى آخره وصح الجميع بعد المعارضة والتصحيح . بحمد الله ومَنّه وفضله ، وفرغ من مقابلته جميعه أبو بكر بن محمد بن علي الدينوري العلاف فِي سنة اثنتي وخمسمائة حامداً لله تعالى ومصلياً على رسوله محمد النبي وآله وصحبه وسلم )) .(1/567)
سُورة النور (1)
F
قوله - عز وجل -: { الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً000 الآية } [النور: 3] .
قال المفسرون (2) : قدم المهاجرون المدينة (3) ، وفيهم فقراء ليست لهم أموال ، وبالمدينة نساءٌ بغايا مُسَافِحَاتٌ، يكرين أنفسهن، وهن يومئذ أخصَبُ أهل المدينة فرغب في كَسْبِهِنّ ناسٌ من فقراء المهاجرين، فقالوا: لو أنا تزوجنا منهن، فعشنا معهن، إلى أن يغنينا الله تعالى عنهن، واستأذنوا (4) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، فَنَزَلت هذه الآية وحُرَّم فيها نكاح الزانية صيانة للمؤمن عن ذلك.
__________
(1) كتب ناسخ ( ب ) في هذا الموقع (بلغ مقابلة) وهذا ما يدل على مقابلتها على النسخة المنسوخة منها وهو دليل على جودة النسخة وحسنها وأصالتها0
(2) ذكره المصنف فِي الوسيط 3/304 ، والبغوي فِي تفسيره 3/380 .
وأخرجه ابن أبي حاتم تفسيره 8/2522-2523(14128) من طريق مقاتل قَالَ : (( لما قدم المهاجرون قدموها وهم بجهد إلا قليل منهم والمدينة غالية السعر شديدة الجهد …)) . وانظر : الدر المنثور 6/127 .
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( إلى المدينة ))0
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : ((فاسأذنوا )) .(1/568)
وقال عكرمة(1):نزلت الآية في نساءٍ بغايا مُتَعالِنَاتٍ(2)بمكة والمدينة، وكُنَّ كثيرات، ومنهن تسعٌ صَوَاحِبُ راياتٍ لهنّ راياتٌ كرايات البيطار يُعرَفْن بِهَا (3): أم مهزولٍ(4) جارية السائب بن أبي السائب المخزُومي، وأم عليط جارية صفوان بن أمية، وحَنَّة(5) القبطية جارية العاص بن وائل، ومُزنة (6) جارية ابن(7) مالك بن عَمِيلَة (8) بن السباق(9)، وجلالة (10) جارية سهيلٍ بن عَمْرو ، وأم سويد جارية عمرو بن عثمان المخْزُومي ، وشريفة (11) جارية زمعة بن الأسود ، وفرسة (12) جارية هشام بن ربيعة، وفَرْتَنا (13) جارية هلال بن أنس ،وكانت بيوتهن تسمى : المواخير فِي الجاهلية (14) ، لا يدخل عليهن ولا يأتيهن إلا زان من أهل القبلة ، أو مشركٌ من أهل الأوثان ؛ فأراد ناسٌ من المُسْلِمِيْنَ نكاحهن ليتخذوهن مَأكَلة ؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية ، ونهى المؤمنين عن ذلك، وحرمه عليهم .
__________
(1) ذكره الطبري فِي تفسيره 18/73 تعليقاً قَالَ : قَالَ ابن جريج قَالَ عكرمة : به ، وذكره البغوي فِي تفسيره 3/380.
(2) في ( ب ) و ( ه - ) : (( متعالجات))، وفي (ص) : ((متعالمات، متعالجات، متعالنات)) وهو تحريف 0
(3) في ( ه - ) : (( يعرفونها )) وهو خطأ0
(4) في ( ه - ) : ((أم مهدون))0
(5) في ( ب ) : (( حية )) ، وفي ( ه - ) : ((حبة)) .
(6) في ( ه - ) والطبري 18/73 : ((ومرية)) .
(7) سقطت من ( س ) و ( ص ) .
(8) في ( ه - ) : (( عمثلة )) وهو تحريف .
(9) في ( ب ) : (( السياف )) .
(10) في الطبري 18/73 : (( وحلالة ))0
(11) فِي الطبري 18/73 : (( سريفة )) .
(12) في (ص): ((فرشة)) ، وفي (ه - ): ((وقربنة))0
(13) في الطبري 18/73 ((وقرياً)) وهو تحريف0
(14) فِي ( س ) و ( ه - ) :(( تسمى فِي الجاهلية : المواخير )) بالتقديم .(1/569)
(314) أخبرنا أبو صالح منصور بن عبد الوهاب البزار (1) ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن حمدان ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار ، قَالَ : حدثنا إبراهيم بن عرعرةٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا (2) معتمر ، عن أبيه ، عن الحَضْرَمِيِّ ، عن القاسم بن مُحَمَّد ، عن عبد الله بن عَمْرو (3):
أن امرأة كَانَ (4) يقال لها: أم مهزول(5) كانت تُسَافِح ، وكانت تشترط للذي يتزوجها أن تكفيه النفقة ؛ وأن رجلاً من المسلمين أراد أن يتزوجها، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فَنَزلت هذه الآية: { والزَانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زَانٍ/86أ/ أو مُشْرِكٌ } (6)[النور: 3].
قوله - عز وجل -: { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ … الآية } [النور : 6] .
__________
(1) في ( ص ) و( ه - ) : ((البراز)) 0
(2) عبارة: (( قال: حدثنا )) لم ترد في ( ص ) 0
(3) في ( ه - ) ، وتفسير ابن كثير 3/350، وفي الدر المنثور 6/128، ((ابن عمر)) وهو خطأ والتصويب من الطبري 18/71، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس 192، وفي تفسير القرطبي 5/4560، ومجمع الزوائد 7/73 .
(4) في (ص) : (( كانت )) ، ولم ترد في (ه - )0
(5) في (ص) : (( مهدون )) ، وفي(ه - ) : (( أم مهزور )) وهو خطأ . والتصويب من الطبري 18/73 ، والبغوي 3/380 .
(6) إسناده ضعيف ؛ لجهالة الحضرمي0
أخرجه أحمد 2/158 و225 ، والنسائي فِي الكبرى (11359) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (379) ، والطبري في تفسيره 18/71 ، والطبراني في الأوسط (1819) ، وابن عدي في الكامل 3/395 ، والحاكم 2/193-194 ، والبيهقي 7/153 .(1/570)
(315) أخبرنا أبو عثمان سعيد بن محمد(1) المؤذن، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي الحيري، قال: أخبرنا الحسن بن سفيان، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون ، قَالَ : حدثنا عباد بن مَنْصُوْر ، عن عكرمة ، عن ابن عباسٍ ، قال: لما نزلت { وَالَّذينَ يَرْمُونَ المُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَربَعَةِ شُهَدَاءَ } [النور : 4] إلى قوله { الفَاسِقُونَ } [النور: 4]. قال سعد بن عُبَادَة - وهو سيد الأنصار - : أهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( ألا تسمعون يا معشر الأنصار إِلَى ما يَقُولُ سيدكم ))، قالوا: يا رَسُول الله، إنَّهُ رجلٌ غيورٌ، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكراً، وما(2) طلّق امرأة قط فاجترأ رجلٌ منا عَلَى أن يتزوجها ، مِنْ شدة غيرته . فَقَالَ سعدٌ : والله يا رَسُول الله ، إني لأعلم أنها حقٌ ، وأنها مِنْ عِنْدَ الله ، وَلَكِنْ قَدْ تعجبت أن لَوْ وجدت لَكَاع قَدْ تَفَخَّذّها رجلٌ لَمْ يَكُنْ لي أن أُهِيجَهُ ولا أحَرَّكَه حَتَّى آتي بأربعة شهداءٍ، فوالله إني لا آتي بهم حَتَّى يقضي حاجته. قَالَ:(3) فما لّبِثُوا إلا يسيراً حَتَّى جاء هلال بن أمية مِنْ أرضه عشياً (4) فوجد عِنْدَ أهله رجلاً، فرأى بعينه وسمع بأذنه فَلَمْ يُهِيجْهُ حَتَّى أصبح ، فَغَدَا عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا رَسُول الله ، إني جئت أهلي عَشِيّاً فوجدت عندها رجلاً، فرأيت بعيني، وسمعت بأذني، فكره رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ما جاء بِهِ واشتدَّ عَلِيهِ ، فَقَالَ سعد بن عبادة : الآنَ يضربُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - هلالَ بن أمية، ويبطل شهادته فِي المُسْلِمِيْنَ ،
__________
(1) في ( ه - ): ((محمد بن المؤذن))0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( ولا )) .
(3) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( عشية ))(1/571)
فَقَالَ هلال : والله إني لأرجو أن يجعل الله لي مِنْهَا مَخْرَجاً ، فَقَالَ هلال: يا رَسُول الله إني قَدْ أرى ما قَد اشتد عليك مِمَّا جئتك بِهِ، والله يعلم إني لصادقٌ، فوالله إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُريد أن يأمر بضربه إذ نزل عَلَيْهِ الوحي، وكان إذا نزل عَلِيهِ الوحي عرفوا ذلك في تَرَبُّدِ جلده، فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي، فَنَزَلت: { وَالَّذينَ يَرمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءَ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ } [النور:6] الآيات كلها ، فَسُرَّي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( أبشر يا هلال، فقد جعل الله لك فرجاً ومَخْرَجاً )) ؛ فَقَالَ هلال: قَدْ كنت أرجو ذَلِكَ من ربي وذكر باقي الْحَدِيْث (1) .
__________
(1) إسناده حسن ، عباد بن منصور وأن كان فيه مقال ولكن قَدْ توبع عَلَيْهِ ، وقد صرح بالسماع فِي رواية الطيالسي أخرجه الطيالسي (2667) ، وأحمد 1/238و245 ، وأبو داود (2256) ، وأبو يعلى (2740)و(2741)، والطبري فِي التفسير 18/82-83 ، والبيهقي 7/349 من طريق عباد ين منصور ، بهذا الإسناد وقد توبع عَلَيْهِ عَنْ عكرمة ، عَنْ ابن عباس .
فأخرجه البخاري 3/233 (2671) و6/126(4747) و7/69(5307) ، وأبو داود (2254) ، وابن ماجه (2067) ، والترمذي (3179) ، والبيهقي 7/393-394 من طريق مُحَمَّد بن بشار عَن ابن أبي عدي ، عَنْ هشام بن حسان .
وأخرجه أحمد 1/273، والنسائي فِي الكبرى (8226) وفي فضائل الصحابة ، له(122)، والطبري في تفسيره 18/83-84، والحاكم 2/202 ،والبيهقي 7/395 من طريق أيوب كلاهما ( هشام بن حسان،
وأيوب ) عَنْ عكرمة ، عَن ابن عباس ، به .(1/572)
(316) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان بن محمد الفقيه ، قَالَ : أخبرنا محمد بن مُحَمَّد (1) بن سِنان المقرىء ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن علي بن المُثّنى (2)، قَالَ : حدثنا أبو خَيثَمة، قَالَ : حدثنا جريرٌ ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قال: إنا ليلة الجمعة في المسجد ، إذ دخل رجلٌ من الأنصار فَقَالَ: لو أن رجلاً وجد مع امرأته (3) رجلاً فإن تكلم جَلَدْتُموه ، وإن (4) قَتَلَ قتلتموه ، وإن (5) سكت/86ب/ سكت على غيظٍ، والله لأسألن عَنْهُ رسول الله- صلى الله عليه وسلم -، فلما كان من الغد أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فَقَالَ : لو أن رجلاً وجد مع امرأته رجلاً فتكلم جلدتموه ، وإن (6) قتل قتلتموه ، وإن (7) سكت سكت على غيظ ، - - فقال رَسُول الله (8): اللهم افتح ، وجعل يدعو ، فَنَزَلت آية اللعان : { وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلاَّ أَنْفُسُهُمْ … الآية } [النور:6]، فابُتلي به الرجل من بين الناس، فجاَء هو وامرأته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاعنا، فشهد الرجل أربع شهاداتٍ بالله إنه لمن الصادقين، ثم لعن الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين0 فذهبت لتلتعن فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((مه)) فَلَعنتْ. فلما أدبرت قال:(( لعلها أن تجيءَ به أسوداً جعداً )). فجاءت به أسود جعداً0 رواه مسلم(9)
__________
(1) في ( ب ): ((محمد بن أحمد بن سنان))0
(2) هو أبو يعلى الموصلي ، والحديث فِي مسنده (5161).
(3) في ( ب ): ((مع أهله))0
(4) فِي ( ب ) : (( أو )) .
(5) فِي ( ب ) : (( أو )) .
(6) فِي ( س ) و( ه - ) : (( أو )) .
(7) فِي ( س ) و( ه - ) : (( أو )) .
(8) فِي( س ) و ( ه - - ) : (( قَالَ)) فقط .
(9) صحيح مسلم 4/208 (1495) ( 10 ) .
وأخرجه أحمد 1/421، ومسلم 4/208 (1495)(10) و4/209 (1495)(10) ، وأبو داود (2253) وابن ماجه (2068)، والطبري في تفسيره 185/84، والطحاوي في شرح المشكل (5138)، وابن حبان (4281)، والبيهقي 7/405 0(1/573)
عن أبي خَيْثَمَة.
قوله - عز وجل - : { إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْأِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ …الآيات } [النور: 11].
(317) أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد المقرئ، قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن علي المقرئ، قال: حدثنا أبو يعلى(1) ، قال: حدثنا أبو الربيع(2) الزَّهْرَاني، قال: حَدَّثَنَا
فليح بن سليمان المدني ، عن الزهري ، عن عُروةَ بن الزبير ، وسعيد بن المسيب ،
__________
(1) مسند أبي يعلى(4927)0
(2) في ( ه - ): ((الوسيع)) وهو تحريف0(1/574)
وعلقمة بن وقَّاص، وعُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة، عن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - حين قال فيها أهل الإفك ما قالوا، فبرأها الله تعالى منه(1). قال الزهري: وكلهم حدثني طائفةً (2) من حديثها، وبعضُهم كان أوعى لحديثها من بعضٍ وأثبت اقتصاصاً، ووعيت ، عن كل واحدٍ الحديث الذي حدثني، وبعض حديثهم يصدقُ بعضاً. ذكروا أن عَائِشَة -رضي الله عنها- زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - (3)، قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفراً أقرعَ بين نسائه، فأيتهن خَرَجَ سَهْمُها خرجَ بها معه(4). قالت عَائِشَة -رضي الله عنها-: فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج فيها سهمي . فخرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك بعد ما نزلت آية الحجاب، فأنا أُحملُ في هودجي وأنزل فيه ، فَسِرْنا (5) ، حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوه(6) وقفل، ودنونا من المدينة، أذن ليلةً بالرحيل، فقمت حين آذنوا بالرحيل ومشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحلِ فلمست صدري فإذا عقدٌ من جَزِع ظَفَارٍ قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاءه، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي(7) فحملوا هَوْدجَي فرحَّلُوه على بعيري الذي كنت أركب، وهم يحسبون أني فيه. قالت عائشة (8): وكانت النساء إذ ذاك خفافاً لم يَهْبَلنَ (9)، ولم يَغْشَهُنَّ اللحم، إنما يأكلن/87 أ/ العُلْقَةَ (10)
__________
(1) في ( ص ): ((مما قالوا))0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( بطائفة )) .
(3) في ( ص ): (( حين قال لها أهل الإفك))0
(4) في (ب): (( خَرَجَ بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه ))0
(5) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( مسيرنا )) .
(6) في (ص): ((غزوته))0
(7) فِي ( ب ) : (( يرحلونني )) .
(8) فِي ( ب ) : (( قَالَ )) . فقط .
(9) معناه لم يكثر عليهن اللحم والشحم )) انظر : اللسان 11/688 .
(10) في (ب) و (ص): ((اللعقة)) . والعلقة : هو كل ما يتبلغ به من العيش . انظر لسان العرب 10/ 262 .(1/575)
من الطعام، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحّلُوه ورفعوه، وكنت جاريةً حديثة السن، فبعثوا الجمل وساروا، ووجدت عقدي بعد ما استمر الجيش، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فَتَيمَّمْتُ منزلي الذي كنت فيه، وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إليّ ، فبينا أنا جالسةٌ في منزلي غلبتني عيناي فنمت، وكان صفوان بن المعَطَّل السُّلَمي ثم الذكواني قد عرّس من وراء الجيش، فأدلج فأصبح عند منزلي، فرأى سوادَ إنسانٍ نائمٍ، فأتاني فعرفني حين رآني، وقد كان يراني قبل أن يضرب عليَّ الحجابُ، فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فَخَمَّرْتُ وجهي بجلبابي، والله ما كلمني بكلمةٍ ، ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه ، حتى أناخ راحلته فوطيءَ على يدها فركبتها، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد ما نزلوا موغرين في نحر الظهيرة(1)، وهلك من هلك فيَّ، وكان الذي تولى كِبرَهُ منهم عبد الله بن أبي بن سلول، فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمتها شهراً، والناس يُفِيضُون في قول أهل الإفك، ولا أشعر بشيء من ذلك، ويريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي، إنما يدخل فيسلم ثُمَّ يقول: ((كيف تِيكُم؟)) فذلك يحزنني ، ولا أشعر بالشر، حَتَّى خرجت بَعْدَ ما نَقهتُ وخرجت معي أم مِسْطَح قِبَلَ المنَاصِع وَهِيَ(2) مُتَبًرَّزنا، ولا نخرج إلا ليلاً إِلَى ليلٍ ، وذلك قَبْلَ أن نتخذ الكُنُفَ قريباً مِنْ بيوتنا ، وأمْرُنا أمر العرب الأول فِي التنزه وكنا نتأذى بالكُنُف أن نتخذها عِنْدَ بيوتنا، فانطلقت أنا وأمّ مِسْطَحٍ- وَهِيَ بنت أبي رُهم بن عَبْد المطلب بن عَبْد منافٍ، وأمها بنت صخر بن عامر، خالة أبي بكر الصديق وابنها مِسْطَح بن أثاثة بن عباد بن عَبْد المطلب، فأقبلت أنا وابنة أبي رهم قِبَلَ بيتي حِيْنَ فرغنا
__________
(1) في ( ص ): ((في حر الظهيرة))0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( وَهُوَ )) .(1/576)
مِنْ شأننا فعثرت أمُّ مِسطحَ فِي مِرْطِها فقالت: تَعِسَ مِسْطح، فقلت لها: بئسما قُلت ـ: أتَسُبين رجلاً قَدْ شهد بدراً ؟ قالت: أي هنتاه، أولم تسمعي ما قال؟ قلت : وماذا قال؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك ، فازددت مرضاً إلى مرضي، فلما رجعتُ إلى بيتي ودخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم ثم قال: ((كيف تِيكم))، قلت: تأذن لي أن آتي أبوي؟ قالت: وأنا أريد حِيْنَئِذٍ أن أتيقن الخبر من قِبَلِهِمَا، فأذن لي رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فجئت أبوي(1) ، فقلت: يا أماه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية، هوني عليك، فوالله لَقَلَّما كانت امرأةٌ قط وضيئةً عند رجلٍ/87ب/ ولها ضرائرٌ إلا أكثرن عليها، قالت: فقلت : سبحان الله أوقد تحدث الناس بهذا ؟ (2) قالت: فبكيت تِلْكَ اللَّيْلَة حَتَّى أصبحت لا يرقأُ لي دمع، ولا أكتحلُ بنومٍ، ثُمَّ أصبحت أبكي، ودعا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عَلِيّ بن أبي طَالِب وأسامة بن زيد، حِيْنَ استَلبَثَ الوحيُ، يستشيرهما فِي فِرَاقِ أهله، فأما أسامة بن زيد فأَشار عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم فِي نفسه لَهُمْ من الود، فَقَالَ: يا رَسُول الله هم أهلك، وما نعلم إلا خيراً. وأما عَلِيّ بن أبي طَالِب فَقَالَ : لَمْ يُضيق الله تَعَالَى عليك ، والنساء سواها كثيرٌ ، وإن تسأل الجارية تصْدقكَ ، قالت : فدعا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة فَقَالَ: (( يا بريرة، هَلْ رأيت شيئاً يريبك من عائشة ؟ )) قالت بريرة: والذي بعثك بالحق إن(3) رأيت عَلَيْهَا أمراً قط أغمِصُه(4) عَلَيْهَا أكثر مِنْ أنها جاريةٌ حديثة السن، تنام عَن
__________
(1) في ( ص ): ((أبواي)) 0
(2) أضاف محقق ( س ) بعد هذا زيادة من الطبري لا يقتضيها السياق ، وما فعل شيئاً .
(3) فِي ( ب ) : (( إني ما )) .
(4) أي : أعيبها به وأطعن به عليها0 اللسان 8/328 0(1/577)
عجين أهلها، فتأتي الدّاجنُ فتأكله . قالت: فقام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فاستعذرَ مِنْ عَبْد الله بن أبي ابن سلول، فَقَالَ وَهُوَ عَلَى المنبر: ((يا معشر المُسْلِمِيْنَ، مِنْ يَعْذرُني مِنْ رجل قَدْ بلغني أذاه فِي أهلي ، فوالله ما علمتُ عَلَى أهلي إلا خيراً ، ولقد ذكروا رجلاً ما علمتُ عَلِيهِ إلا خيراً ، وما كَانَ يدخل عَلَى أهلي إلا معي)) فقام سعد بن مُعاذ الأنصاري فَقَالَ : يا رَسُول الله ، أنا أعذرك مِنْهُ ، إن كَانَ مِنْ الأوس ضربت عنقه ، وإن كَانَ مِنْ إخواننا مِنْ الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك . قالت : فقام سعدُ بن عبادة وَهُوَ سيد الخزرج ، وَكَانَ رجلاً صالحاً وَلَكِنْ احتملته الحمية ، فَقَالَ لسعد بن معاذٍ: كذبت لعمر الله لا تقتله ولا تقدر عَلَى قتله، فقام أسيد بن حُضير ، وَهُوَ ابن عم سعد بن معاذ ، فَقَالَ لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتلنه ، فإنك(1) منافق تجادل عَن المنافقين. فثار الحيان مِنْ الأوس والخزرج حَتَّى هموا أن يقتتلوا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم عَلَى المنبر، فَلَمْ يزل يُخَفّضُهم (2)حَتَّى سكتوا وسكت.قالت: وبكيتُ يومي ذلك لا يرقأُ لي دمعٌ ولا أكتحل بنوم، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي. قالت: فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي استأذنت علي امرأة من الأنصار، فأذنتُ لها فجلست تبكي معي . قالت : فبينا نحن على ذلك، إذ دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسلم (3) ثم جلس ، ولم يجلس عندي(4) منذ قيل لي ما قيل، وقد لبث شهراً لا يوحى إليه في شأني شيءٌ. قالت: فتشهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين جلسَ، ثم قَالَ : (( أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا،
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( إنك )) .
(2) هنا فِي ( ب ) زيادة (( رَسُول الله )) ولم ترد فِي غيرها .
(3) لم ترد في (ه - )0
(4) فِي ( ب ) : (( قالت : ولم يجلس )) .(1/578)
فإن كنت بريئة فسيبرئك الله، وإن كنت ألممتِ بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب، تاب الله عَلِيهِ)) ، قالت: فلما قضى رسول الله/88أ/ - صلى الله عليه وسلم - مقالته، قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت لأبي: أجب عني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما قال، قال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت لأمي: أجيبي عني(1) رسول الله، قالت(2) : والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقلتُ: وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن: والله لقد عرفت أنكم سمعتم هذا، وقد(3) استقر في نفوسكم وصدقتم(4) به، ولئن قلت لكم: إني بريئة- والله يعلم إني بريئةٌ- لا تُصَدَّقوني بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمرٍ والله يعلم أني منه بريئةٌ- لَتُصَدِّقني(5)، والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا ما قال أبو يوسف: { فَصَبرٌ جَميلٌ وَاللهُ المُستَعانُ عَلى ما تَصِفونَ } [يوسف : 18] قالت : ثم تحولت واضطجعت على فراشي : قالت : وأنا والله حينئذ أعلم أني بريئةٌ ، وأن الله مُبْرئي ببراءتي ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل فِي شأني وحيٌ يُتلى، ولشأني كَانَ أحقر فِي نفسي من أن يتكلم الله تَعَالَى فيَّ بأمر يتلى، ولكني كنت أرجو أن يرى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤية يبرئني الله تَعَالَى بِهَا (6). قالت : فوالله
__________
(1) فِي (ب): (( أجيبي لرسول الله ))0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فقالت )) .
(3) فِي ( ب ) : (( حتى )) .
(4) فِي ( ب ) و ( ه - ) : (( فصدقتم )) .
(5) فِي ( ب ): ((لتصدقوني)0
(6) في (ب): ((يبرئني بها الله))0(1/579)
ما رام رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - منزله ، ولا خَرَجَ من أهل البيت أحدٌ حَتَّى أنزل الله تَعَالَى عَلَى نبيه - صلى الله عليه وسلم - فأخذه ما كَانَ يأخذه من البُرَحَاءِ عِنْدَ الوحي، حَتَّى إنَّهُ لَيَتَحدَّر مِنْهُ مِثْل الجُمانِ من العرقِ فِي اليوم الشاتي، من ثقل القول الَّذِي أنزل عَلَيْهِ من الوحي(1) . قالت: فَلَمَّا سُرَّي عَنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - سُرَّي عَنْهُ وَهُوَ يضحك،فكان(2) أول كلمة تكلم بِهَا أن قَالَ: (( أبشري (3) يا عَائِشَة ، أما والله لقد بَرَّأك الله )) فقالت لي أمي : قومي إِلَيْهِ ، فقلت : والله لا أقوم إِلَيْهِ ولا أحمد إلا الله هُوَ الَّذِي بَرَّأني. قالت: فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ الَّذينَ جاءُوا بِالإفكِ عُصبَةٌ مِنكُم } [النور:11] العشر الآيات. فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآيات فِي براءتي قَالَ أبو بكر الصديق- وَكَانَ يُنفق عَلَى مِسطَح لقرابته وفقره-: والله لا أنفق عَلَيْهِ شيئاً أبداً بَعْدَ الَّذِي قَالَ لعائشة. قالت فأنزل الله تَعَالَى: { وَلا يَأَتَلِ أُولُوا الفَضلِ مِنكُم وَالسِعَةِ أَن يُؤتوا أُولي القُربى } إِلَى قوله : { أَلا تُحِبّونَ أَن يَغفِرَ اللهُ لَكُم واللهُ غفورٌ رحيمٌ } [النور : 22] فقال أبو بكر: والله إني لأحب أن يغفر الله لي، فرجع إلى مِسْطَح النفقة التي كان ينفق عليه وقال: لا أنزعها منه أبداً، رواه البخاري(4) ومسلم(5)
__________
(1) من (ه - ) فقط0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( وكان )) .
(3) في (ه - ): ((البشرى))0
(4) صحيح البخاري 3/277 (2661)0
(5) صحيح مسلم 8/118(2770) (57) .
…أخرجه عبد الرزاق (9748)، وأحمد 6/194و197، والبخاري 3/219(2637)و227 (2661) و4/40 (2879) و5/110(4025) و148(4141)و6/95و96(4690) و8/168(6662)و172 (6679) ، 9/139(7369)و176 (7500)و193(7545)، ومسلم 8/112(2770) (56) و118 (2770) (57) ،وأبو داود (4735)، والنائي فِي الكبرى (11251) ، وفي النفسير (380) ، وابن حبان (7100) ، والطبراني في الكبير23/(133) (134) و (135) و (139) و (140) و(141) و(142) و(143) و (144) و (145) و(146) و(148) والبيهقي 7/302 من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعلقمة بن وقاص ، وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة ، عن عائشة. =
= وأخرجه الحميدي (284) من طريق الزهري ، عن سعيد بن المسيب، عن عائشة0
وأخرجه الشَّافِعِيُّ فِي المسند : 261 ط . العلمية ، و (1112) طبعتنا ومن طريقه النسائي فِي الكبرى (8930) من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عَنْ عائشة ، به و الروايات مطولة و مختصرة .
وأخرجه الطبراني 23/(144) من طريق الزهري ، عَنْ سَعِيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، وعبيد الله بن عتبة ، عَنْ عائشة ، به .
وأخرجه الطبراني 23/(140) من طريق الزهري عَنْ علقمة ، وعروة ، عَنْ عائشة ، به .
وأخرجه الطبراني 23/(138) من طريق الزهري ، عَنْ عروة ، وعبيد الله بن عدي ، وعلقمة بن وقاص ، عَنْ عائشة، به.
وأخرجه الطبراني 23/(147) من طريق الزهري ، عَنْ عبيد الله بن عبدالله ، وأبي سلمة بن عبد الرحمان وعلقمة ، وعروة ، عَنْ عائشة ، به .
وأورد الطبراني طرق أخرى لهذا الحديث ، عَنْ عائشة انظر : المعجم الكبير 23/54-105.(1/580)
؛ كلاهما عَن أبي الربيع الزهراني .
قوله - عز وجل - : { وَلَوْلاَ إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا … } [النور: 16].
(318) أخبرنا أبو(1) عبد الرحمان بن أبي حامد العدل ، قال: أخبرنا أبو بكر بن زكريا، قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمان الدَّغُولي، قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خَيثمَةَ، قال: حدثنا الهيثم بن خارجة، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمان(2) بن يزيد بن جابر ، قال: سمعت عطاء الخراساني، عن الزهري ، عن عروة ،أن عائشة رضي الله عنها حدثته بحديث الإفك ، وقالت فيه : وكان أبو أيوب الأنصاري حين أخبرته امرأته ، فقالت: يا أبا أيوب،/88ب/ ألم تسمع بما يتحدث الناس؟ قَالَ: وما يتحدثون؟ فأخبرته بقول أهل الإفك ، فَقَالَ : ما يَكُوْن لنا أن نتكلم بهذا ، سبحانك هَذَا بهتانٌ عظيم . قالت (3) : فأنزل الله - عز وجل - : { وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ } (4) [النور : 16].
__________
(1) لم ترد في ( ص ) 0
(2) في ( ص ): ((عبدالله بن عبد الرحمان بن عبدالله بن يزيد))0
(3) لم ترد في ( ص )0
(4) إسناده صَحِيْح .
…أخرجه أحمد 6/198 و 264 ، و البخاري 6/127 (4749) .والطبراني فِي الكبير 23/(140) من طريق الزهري بهذا الإسناد ، وأخرجه البخاري 3/231 عقب (2661) ، والطبراني فِي الكبير 23/(136) من طريق هشام بن عروة ، عَنْ أبيه عَنْ عائشة وعبد الله ابن الزبير ، به . =
=…وأخرجه أحمد 6/59 ، والبخاري 9/139 (7369) ، ومسلم 8/118 (2770) (58)، وأبو داود (5219) ، والترمذي (3180) ، وابن حبان (7099) ، والطبراني فِي الكبير 23/(149)و (150) والبيهقي 7/101 من طريق هشام بن عروة ، عَنْ أبيه ، عَنْ عائشة ، به . وانظر ما قبله .(1/581)
(319) أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمان بن حمدان (1)، قَالَ : أخبرنا أبو بكر أحمد ابن جعفر بن مالك ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قَالَ : حدثني أبي (2)، قال: حدثنا عبد الرزاق ، قَالَ: حدثنا معمر ، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم ، عن ابن أبي مُلَيْكة، عن ذكوان مولى عَائِشَة: أنه استأذن لابن عباسٍ على عَائِشَة - وهي تموت، وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمان- فقال: هذا ابنُ عباس يستأذن عليك، وهو من خير بنيك ؛ فقالت : دعني من ابن عَبَّاس ومن تزكيته ؛ فَقَالَ لها عَبْد الله بن
__________
(1) بعد هذا في (ب) : ((العدل))، ولم ترد في شيء من النسخ0
(2) المسند 1/349 0(1/582)
عَبْد الرَّحْمَان: إنَّهُ قاريءٌ لكتاب الله - عز وجل - فقيهٌ فِي دين الله ، فأذني لَهُ فليسلم عليك وليودعك، - - - قالت(1): فأذن لَهُ إن شئت0 فأذن لَهُ، فدخل ابن عباسٍ وسلم، ثُمَّ جلس(2) فَقَالَ: (( ابشرى يا أم المؤمنين فوالله ما بينك وبين أن يذهب عنك كُلّ أذىً ونَصَبٍ ، أو قَالَ وصبٍ ، فتلقي الأحبة محمداً وحزبه، أو قَالَ وأصحابه، إلا أن يفارق الروح جسدك (3)، كنتِ أحب أزواج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إِلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ ليحب إلا طيباً، وأنزل الله تَعَالَى براءتك من فَوْقَ سبع سماوات، فليس فِي الأرض مسجدٌ إلا وَهُوَ يتلى فِيْهِ آناء الليل والنهار، وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فاحتبس النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي المنْزل والناس مَعَهُ فِي ابتغائها، أو قَالَ[فِي](4) طلبها حَتَّى أصبح القوم(5) عَلَى غَيْر ماء، فأنزل الله تَعَالَى(6) { فَتَيَمَموا صَعيداً طَيّباً…الآية } [النساء: 43]، فكان فِي ذلك رخصة للناس عامة فِي سببك، فوالله إنك لمباركةٌ )). فقالت: دعني يا ابن عباسٍ من هذا، فوالله لوددت أني كنت نسياً منسياً(7).
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ … الآية } [النور: 27]
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فقالت )) .
(2) فِي ( ب ) : (( ثُمَّ سلم و جلس )) .
(3) فِي ( س ) : (( جسده )) .
(4) لم ترد في (ص) 0
(5) في ( س ) و (ه - ) : (( الناس ))، والمثبت من (ب)و(ص) 0
(6) في (ص): ((آية التيمم ))0
(7) إسناده صحيح 0
أخرجه ابن سعد في الطبقات 8/75، وأحمد 1/249و276وفي فضائل الصحابة، له(1436)و(1642)، والبخاري 6/132(4753)،وأبو يعلى(2648)، وابن حبان(7108)، وأبو نعيم في الحلية 2/45، والحاكم 4/8 0(1/583)
(320) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، قَالَ : أخبرنا الحسين بن مُحَمَّد ابن عبدالله (1) الدَّيَنَوَري ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن يوسف بن أحمد بن مالك ، قَالَ : أخبرنا الحسين بن سَختَويه(2)، قال: حدثنا عمر(3) بن ثور وإبراهيم بن سفيان، قالا: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي (4) ، قَالَ : حدثنا قيس ، عن أشعث بن سوار ، عن عدي بن ثابت ، قَالَ : جاءت امرأة من الأنصار ، فقالت : يا رسول الله ، إني أكون في بيتي على حالٍ لا أحب أن يراني عليها أحدٌ، لا والدٌ ولا ولدٌ، فيأتي الأب فيدخل علي، وإنه لا يزال ليدخل(5)عليَّ رجلٌ من أهلي وأنا على تلك الحال،فكيف أصنع؟ فَنَزَلت هَذِهِ الآية: { لا تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا…الآية } (6) [النور : 27].
قال المفسرون: فلما نزلت هذه الآية، قال أبو بكر الصديق - رضي الله عنه -: يا رسول الله، أفرأيت الخانات والمساكن في طرق الشام ليس فيها ساكنٌ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { لَيسَ /89أ/ عَلَيكُم جُناحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتاً غَيْرَ مَسْكُونَةٍ … الآية } (7)[النور: 29].
قوله - عز وجل - : { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ …الآية } [النور: 33] .
__________
(1) عبارة ،((بن عبدالله)) لم ترد في (ص) 0
(2) في (ص) و(ه - ): ((سحتويه ))0
(3) فِي ( ب ) : (( عمرو )) ، وفي (ه - ): ((عمرة))0
(4) عبارة :((محمد بن يوسف الفريابي))لم ترد في (ص)0
(5) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( يدخل )) .
(6) إسناده ضعيف ؛ لضعف أشعث بن سوار ، وَهُوَ مرسل ؛ لأن عدي بن ثابت لَمْ يدرك التنْزيل . التقريب (4539) .
أخرجه الطبري 18/110 من طريق أشعث، وذكره السيوطي في الدر 6/171 وزاد نسبته للفريابي0
(7) تفسير الطبري 18/113-114 0(1/584)
نزلت في غلام لحُويطب بن عبد العزى، يقال له صُبيح(1)، سأل مولاه أن يكاتبه، فأبى عليه0 فأنزل الله تعالى هذه الآية، فكاتبه حُويطب على مئة دينار ووهب له منها عشرين ديناراً، فأداها، وقتل يوم حُنين في الحرب.(2)
قوله - عز وجل - : { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً … } [النور: 33] .
(321) أخبرنا أحمد بن الحسن الْقَاضِي ، قَالَ : أخبرنا حاجب بن أحمد الطُّوسي(3)، قَالَ : حدثنا محمد بن حمدان ، قَالَ : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي سُفْيَان ، عن جابر ، قال: كان عبد الله بن أبي يقول لجاريةٍ لَهُ : اذهبي فابغينا شيئاً، فأنزل الله - عز وجل - : { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ } إلى قوله : { غَفُورٌ رَّحِيْمٌ } [النور: 33]. رواه مُسْلِم (4)
__________
(1) وقيل: صبح، راجع تفسير القرطبي 6/4636 0
(2) عبارة (( في الحرب ))لم ترد في (ص)، والحديث أخرجه ابن السكن في معرفة الصحابة كما في الدر المنثور 6/189 عن عبدالله بن صبيح عن أبيه فذكره0وذكر الحديث البغوي في تفسيره 3/411 0
(3) لم ترد في ( ب ) 0
(4) صحيح مسلم 8/244(3029) (26) .
…أخرجه مسلم 8/244 (3029) ( 26) (27) ، وأبو يعلى (2304) ، و الطبري فِي نفسيره 18/132، و أبو عوانة كما فِي اتحاف المهرة 3/حديث (2754)، وابن أبي حاتم فِي تفسيره 8/2588 (14522) ، والبيهقي 8/9 من طريق الأعمش بهذا الإسناد وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/192 وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، وسعيد بن منصور ، والبزار ، والدارقطني وابن المنذر ، وابن مردويه . =
=…وأخرجه أبو داود (2311) ، والنسائي فِي الكبرى (11365) ، وفي التفسير له (385) ، و الطبري فِي التفسير 18/132 و 133 ، والحاكم فِي المستدرك 2/397 من طريق الحجاج بن مُحَمَّد عَنْ ابن جريج قَالَ : أخبرني أبو الزبير ، أنه سمع جابر بن عبد الله قَالَ : (( جاءت مسيكة أمةٌ لبعض الأنصار ، فقالت : إن سيدي يُكْرهُني عَلَى البغاء …)) .
…وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/192 من طريق أبي الزبير عَنْ جابر . وزاد نسبته لابن مردويه .(1/585)
عن أبي كُرَيب ، عن أبي معاوية .
(322) أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن عمر بن ثابت: أن هذه الآية : { وَلا تُكرِهوا فَتَياتِكُم عَلى البِغاءِ } [النور :33] نزلت في معاذة، جارية عبد الله ابن أُبَيّ بن (1) سلول (2).
(323) وبهذا الإسناد عن محمد بن يحيى، قال: حدثنا عياش(3) بن الوليد، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد(4) بن إسحاق، قَالَ : حدثني الزهري، عن عمر بن ثابت، قال: كانت مُعَاذة جاريةً لعبد الله بن أبي بن سلول (5) وكانت مسلمةً، وكان(6) يستكرهها على البغاء ؛ فأنزل الله تَعَالَى : { وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ… } [النور : 33] إِلَى آخر الآية (7) .
__________
(1) لم ترد في ( ب ) 0
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف إسماعيل بن أبي أُويس خارج الصَّحِيْح وَهُوَ مرسل قَالَ ابن حجر فِي عمر بن ثابت : (( أخطأ من عده فِي الصحابة )) التقريب (4870) 0والحديث أخرجه الخطيب في الرواة عن مالك كما في الدر المنثور 6/193 ، وسيأتي قريباً من قول الزهري .
(3) في ( ه - ): ((عباس)) .
(4) في ( ه - ): ((أحمد بن إسحاق ))0
(5) عبارة: (( بن سلول )) لم ترد في ( ب )0
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فكان )) .
(7) مرسل كسابقه ، وانظر تخريجه في الذي قبله0(1/586)
(324) أخبرنا سعيد بن محمد المؤذن ، قَالَ : أخبرنا أبو علي الفقيه، قَالَ : أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قَالَ : حدثنا داود بن عَمْرو ، قَالَ : حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن الأعمش، عن أبي نَضْرَة(1)، عن جابر، قال: كان لعبد الله بن أبي جاريةٌ يقال لها مُسَيكَة، فكان يُكرهها على البغاء؛ فأنزل الله - عز وجل - : { وَلا تُكرِهوا فَتَياتِكُم عَلى البِغاءِ … } [النور : 33] إِلَى آخر الآية (2).
وقال(3) المفسرون(4): نزلت الآية (5) في مُعاذة ومُسيكة، جاريتي عبد الله بن أبي المنافق ، كان يُكرِهُهما على الزنا لضريبةٍ يأخذها مِنْهُمَا ، وكذلك كانوا يفعلون في الجاهلية يؤاجرون إماءهم ، فلما جاء الإسلام قالت معاذة (6) لمسيكة : إن هذا الأمر الذي نحن فيه لا يخلو من وَجْهَيْنِ : فإن يكُ خيراً فقد استكثرنا مِنْهُ ، وإن يكُ شراً فقد آن لنا أن نَدَعَه ، فأنزل الله تعالى : { وَلا تُكرِهوا فَتَياتِكُم … الآية } (7) .
__________
(1) اسمه : المنذر بن مالك، توفي سنة(108)هـ ،تهذيب الكمال 7/226 (6778) 0
(2) إسناده صحيح 0وقد تقدم قبل قليل من طريق أبي سفيان عن جابر0
(3) فِي ( ب ) : (( قَالَ )) .
(4) انظر :تفسير السمرقندي 2/439 ،وتفسير البغوي 3/414 (1534) ، وانظر ما تقدم .
(5) لم ترد فِي ( ب ) و ( ه - ) .
(6) في تفسير القرطبي 6/4646 : ((ومعاذة هذه :أم خولة التي جادلت النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - في زوجها))0
(7) فِي ( س ) و ( ه - ) مكان الآية لفظ (( هذه )) .(1/587)
وقال مقاتلٌ: نزلت في ست جوارٍ لعبد الله بن أبي- كان يكرهُهن على الزنا، ويأخذ أجورهن- وهُنّ: مُعاذة، ومُسيكة، وأميمة، وعَمرَة، وأروى ، وقُتَيلةُ. فجاءته إحداهن ذات يومٍ بدينارٍ، وجاءت أخرى ببردٍ(1) ، فقال لهما: ارجعا فازنيا، فقالتا والله/89ب/ لا نفعل ؛ قَدْ جاءنا الله بالإسلام ، وحرّم الزنا . فأتيا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، وشَكَتا إِلَيْهِ. فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (2) .
(325) أخبرنا الحاكم أبو عمرو محمد بن عبد العزيز- فيما كتبَ إلي- أن أحمد ابن الفضل الحدادي (3) أخبرهم، عن محمد بن يحيى، قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أخبرنا عبد الرزاق(4) ، قال: حدثنا معمر، عن الزهري : أن رجلاً من قريش أسِرَ يوم بدر، وكان عند عبد الله بن أبي أسيراً، وكانت لعبد الله جاريةٌ يقال لها: مُعاذة فكان القرشيُّ الأسير يُراودُها عن نفسها، وكانت تمتنع منه لإسلامها (5) . وكان ابن أبي يُكرِهُها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل من القرشيَّ، فيطلب فداء ولده فقال الله - عز وجل -: { وَلا تُكرِهوا فَتَياتِكُم عَلى البِغاءِ إِن أَردنَ تَحَصُّناً } إلى قوله: { غَفُوْرٌ رَّحِيْمٌ } [التوبة:33] قال: أغفر(6) لهن ما أكرهن عَلَيْهِ (7) .
__________
(1) في ( ه - ): ((بدونه))0
(2) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 8/ 2590(14529) من طريق مقاتل بن حبان قَالَ : (( إنها نزلت فِي رجلين يُكرهان أمَتي لهما عَلَى الزنا تسمى إحداهن مسيكة وكانت للأنصار ، وكانت أميمة أم مسيكة لعبد الله بن أبيّ .. )) . وانظر تفسير ابن كثير 3/382 0
(3) في (ص) و(ه - ): ((الحواري))0
(4) مصنف عبد الرزاق (2041) .
(5) لم ترد في ( ص ) 0
(6) في ( ص ): ((عفو))0
(7) الحديث مرسل0
أخرجه الطبري في تفسيره 18/ 133، وابن أبي حاتم في تفسيره 8/2589(14527) ، وفي
الدر المنثور 6/193 وعزاه السيوطي لابن المنذر 0(1/588)
قوله - عز وجل - : { وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ…الآية } [النور:48].
قال المفسرون (1) : هذه الآية والتي بعدها نزلتا (2) في بشرٍ المنافق وخصمِه اليهودي، حين اختصما في أرض، فجعل اليهودي يُجُره (3) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليحكم بينهما، وجعل المنافق يُجُره إلى كعب بن الأشرف ، ويقول : إن محمداً يحيفُ علينا. وقد مضت هذه القصة عند قوله : { يُريدونَ أَن يَتَحاكَموا إِلى الطّاغوتِ } في سورة النساء [النساء:60].
قوله - عز وجل -: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ … الآية }
[ النور: 55]
روى الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في هذه الآية، قال(4)
__________
(1) انظر تفسير البغوي 3/423، وتفسير القرطبي 6/4685 ، و تفسير البحر المحيط 6/467 0
(2) في (ب): ((نزلت))، وما أثبت من باقي النسخ0
(3) لم ترد فِي ( ب ) .
(4) أخرجه الطبري في تفسيره 18/159، وابن أبي حاتم 8/2627(14760)، والحاكم 2/401 0
وانظر تفسير البغوي 3/243، وتفسير القرطبي 6/4689 ، وذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/215 وزاد نسبته لعبد بن حميد .(1/589)
: مكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة عشر سنين- بعد ما أوحيَ(1) إليه- خائفاً هو وأصحابه، يدعون إلى الله سراً وعلانيةً0 ثم أمر بالهجرة إلى المدينة، وكانوا بها خائفين: يُصبحُون في السلاح، ويُمسُون في السلاح. فقال رجلٌ من أصحابه: يا رسول الله، ما يأتي علينا يومٌ نأمن فيه ونضع فيه السلاح؟ فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -:(( لن(2) تلبثوا إلا يسيراً حَتَّى يجلس الرجل منكم فِي الملإ العظيم محتبياً(3) لَيْسَ(4) فيهم حديدة0 فأنزل الله تَعَالَى: { وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آَمَنوا مِنكُم وَعَمِلوا الصالِحاتِ000 } [النور: 55]إِلَى آخر الآية. فأظهر الله تَعَالَى نبيه - صلى الله عليه وسلم - عَلَى جزيرة العرب ، فوضعوا السلاح وآمنوا. ثُمَّ قبض الله تَعَالَى نبيه- صلى الله عليه وسلم -، فكانوا آمنين كَذَلِكَ فِي إمارة أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، رضي الله عَنْهُمْ ، حَتَّى وقعوا فِيْمَا وقعوا فِيْهِ، وكفروا النعمة (5)؛ فأدخل الله عَلَيْهِمْ الخوف ، وغيروا فغير الله ما بهم (6).
__________
(1) في ( س ) و ( ه - ) : (( أوحى الله إليه )) .
(2) في ( ص ): ((لم))0
(3) في ( ه - ): ((محبباً))0
(4) في ( ه - ) : ((ليست))0
(5) فِي ( ب ) و ( ص ): ((بالنعمة))0
(6) فِي ( ب ) : (( فغيروا فغير ما بهم )) .(1/590)
(326) أَخْبَرَنَا إسماعيل بن الحسن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن النقيب ، قَالَ : أَخْبَرَنَا جدي، قَالَ : أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن مُحَمَّد بن الحسن النصرَآباذي ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بن سَعِيد الدارمي ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيّ بن الْحُسَيْن بن واقد ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبي ، عَن الربيع بن أنس، عَن أبي العالية، عَن أبي بن كعب، قَالَ(1): لما قدم رَسُول الله(2) - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة، وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عَن قوسٍ واحدةٍ، فكانوا/90أ/ لا يبيتون إلا في السلاح، ولا يصبحون إلا فِي لامتهم(3)، فقالوا: أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله عز وجل؟ فأنزل الله تعالى { وَعَدَ اللهُ الَّذينَ آَمَنوا مِنكُم وَعَمِلوا الصالِحاتِ } إلى قوله { وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفاسِقونَ } يعني بالنعمة.رواه الحاكم(4)في "صحيحه"(5) عن محمد بن صالح بن هانئ، عن أبي سعيد بن شاذانَ، عن الدارمي0
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ … الآية } [النور: 58]0
__________
(1) انظر : الوسيط 3/326، والدر المنثور 6/216 0
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( النَّبِيّ )) .
(3) في ( س ) : (( إلا فيه )) .
(4) بعد هذا في (ه - ) : ((أبو عبدالله))0
(5) المستدرك 2/401 ، وصححه، وهو ضعيف؛ لضعف علي بن الحسين0
وأخرجه الطبراني فِي الأوسط (7025)، والضياء فِي المختارة (1145) والبيهقي فِي الدلائل 3/6 0 وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/216 نسبته لابن المنذر وابن مردويه 0(1/591)
قال ابن عباس(1): وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غلاماً من الأنصار- يقال له مُدلج بن عمرو- إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، وقت الظهيرة، ليدعوه0 فدخل(2) فرأى عمر بحالة كرهَ عمرُ رؤيته ذلك، فقال: يا رسول الله، وددت لو أن الله تعالى أمرنا ونهانا في حال الاستئذان. فأنزل الله تَعَالَى (3) هذه الآية.
وقال مقاتلٌ (4): نزلت في أسماءَ بنت مَرثد، كان لها غلامٌ كبيٌر، فدخل عليها في وقت كرهته، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن خدمنا وغلماننا يدخلون علينا في حالٍ نكرهها. فأنزل الله - عز وجل - هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ … الآية } [النور : 61] .
قال ابن عباس(5): لما أنزل الله تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ } [النساء: 29]تحرج المسلمون عن مؤاكلة المرضى والزَّمنى والعمي والعرج ، وقالوا : الطعام أفضل الأموال ، وقد نهانا (6) الله تعالى عن أكل المال بالباطل ، والأعمى لا يبصر موضع الطعام الطيب والأعرج لا يستطيع المزاحمة على
__________
(1) انظر تفسير السمرقندي 2/448،وتفسير البغوي 3/428،وزاد المسير لابن الجوزي 6/60، وتفسير الخازن 5/87، وذكره ابو حيان في تفسيره 6/471 ولم يعزوه الى أحد 0
(2) لم ترد في (ص) 0
(3) عبارة ((الله تعالى)) من (س) و(ه - ) 0
(4) انظر تفسير البغوي 3/428، و زاد المسير لابن الجوزي 6/60،وتفسير ابن كثير 3/401 وورد في تفسير الخازن 5/87 غير معزو إليه0
(5) الحديث مخرج في تفسير الطبري 18/168، وانظر : تفسير البغوي 3/430، وتفسير القرطبي 6/4704 والخازن 5/89، والناسخ والمنسوخ لأبي جعفر النحاس 197، وفي الدر المنثور 6/224 و زاد السيوطي نسبته لابن أَبِي حاتم ، وابن المنذر.
(6) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( نهى )) .(1/592)
الطعام والمريض لا يستوفي الطعام . فأنزل الله تعالى هذه الآية.
وقال سعيد بن جبير والضحاك: كان العرجان والعميان يتنزهون عن مؤاكلة الأصحاء، لأن الناس يَتَقَذَّرونهم ويكرهون مؤاكلتهم، وكان أهل المدينة لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا أعرج ولا مريض، تَقَذُّراً؛ فأنزل الله تعالى هذه الآية.(1)
وقال مجاهد(2): نزلت هذه الآية (3) ترخيصاً للمرضى والزَّمنى فِي الأكل من بيوت من سمَّى الله تعالى فِي هذه الآية، وذلك أن قوماً من أصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا إذا لم يكن عندهم ما يُطعِمُونهم، ذهبوا بهم إلى بيوت آبائهم وأمهاتهم أو بعض من سمى الله تعالى في هذه الآية، فكان أهل الزَّمَانةِ يتحرجون من(4) أن يطعموا ذلك الطعام، لأنه أطعمهم غيرُ مالكيه، ويقولون: إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم0 فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) أثر سعيد بن جبير : أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 8/2643-2645 (14858) و (14865) و (14868) 0
وأثر الضحاك: أخرجه الطبري 18/168 وابن أبي حاتم في تفسيره 8/2643 (14860) انظر : الدر المنثور 6/223-224
(2) تفسير مجاهد : 444 .
وأخرجه عبدالرزاق في التفسير (2066)، والطبري 18/169، وابن أبي حاتم في التفسير 8/2645(14869)و(14870)، وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/223 نسبته الى ابن أبي شيبة، وإبراهيم ،وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي0
(3) من قوله : (( طعامهم أعمى ولا أعرج )) … إِلَى هنا سقطت من ( ب ) .
(4) لم ترد في (ص)0(1/593)
(327) أخبرنا الحسن بن محمد الفارسي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل التاجر، قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ، قال: حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثني(1) مالك ، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب: أنه كان يقول في هذه الآية: أنزلت في أناسٍ كانوا إذا خرجوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وضعوا مفاتيح/90ب/ بيوتهم عند الأعمى والأعرج والمريض وعند أقاربهم، وكانوا يأمرونهم أن يأكلوا مما في بيوتهم إذا احتاجوا إلى ذلك، فكانوا يقفون أن يأكلوا منها، ويقولون: نخشى أن لا تكون أنفسهم بذلك طيبةً0 فأنزل الله تعالى هذه الآية (2) .
قوله - عز وجل - : { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً } [النور: 61] .
قال قتادة والضحاك: نزلت في حي من كنانة، يقال لهم: بنو ليث بن عمرو، فكانوا يتحرّجون أن يأكل الرجل الطعام وحده، فربما قعد الرجل والطعام بين يديه من الصباح إلى الرواح والشول(3) حُفَّلٌ (4)، والأحوال منتظمة- تحرجاً من أن يأكل وحده ، فإذا أمسى ولم يجد أحداً أكل . فأنزل الله تعالى هذه الآية (5) .
__________
(1) في (ص)و(ه - ): ((حَدَّثَنَا))0
(2) إسناده ضعيف؛ لضعف إسماعيل بن أبي أويس خارج الصحيح . ذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/224، وعزاه لعبد بن حميد ، وقرن مع سَعِيد بن المسيب عبيدالله بن عبد الله .
(3) الشول : من النوق التي خف لبنها، وارتفع ضرعها ،وأتى عليها سبعة أشهر من يوم نتاجها أو ثمانية فلم يبق في ضروعها إلا شول من اللبن أي بقية ، انظر : لسان العرب 11/374-375 0
(4) حُفَّلٌ: هو اللبن في الضرع،وضرع حافل أي ممتلئ لبناً ، انظر : لسان العرب 11/157 0
(5) أثر قتادة :أخرجه الطبري 18/172، وابن أبي حاتم في تفسيره 8/2649(14888)،وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/225 نسبته إِلَى عبد بن حميد 0
أما أثر الضحاك : فقد أخرجه الطبري 18/172 0(1/594)
وقال عكرمة(1): نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلا مع ضيفهم، فرخص (2) لهم أن يأكلوا كيف شاءوا جميعاً: مُتحَلّقيَن(3) أو أشتاتاً متفرقين.
سُورة الفرقان
F
قوله - عز وجل - : { تَبَارَكَ الَّذِي إِنْ شَاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً من ذلك … الآية } [الفرقان:10]
(328) أخبرنا أحمد بن محمد(4) بن إبراهيم المقرئ، قال: أخبرنا أحمد بن أبي الفرات (5)، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن يعقوب البُخَارِيّ ، قَالَ : أخبرنا محمد بن حميد بن فرقَد (6)، قَالَ : حدثنا إسحاق بن بشر ، قَالَ : حدثنا جُويبر (7)، عن الضحاك، عن ابن عَبَّاسٍ (8)، قَالَ : لما عيَّر المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالفاقة وقالوا : { مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ } [الفرقان : 7](9) حزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لِذَلِكَ (10) فَنَزل جبريل - عليه السلام - من عند ربه معزياً لَهُ، فقال: السلام عليك يا رسول الله، رب العزة يقرئك السلام ويقول لك { وَما أَرسَلنا قَبلَكَ مِنَ المُرسَلينَ إِلا إِنَّهُم لَيَأكُلونَ الطَعامَ وَيَمشونَ في الأَسواقِ } [الفرقان :20] أي يبتغون المعاش في الدنيا.
__________
(1) أخرجه الطبري في تفسيره 18/172، وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/225 نسبته إِلَى ابن المنذر، وعند الطبري وفي الدر قرن مع عكرمة أبا صالح0
(2) فِي ( س ) : (( فرخص الله تعالى )) .
(3) في ( ب ): (( مجتمعين))0
(4) في ( ص ): (( أحمد بن أحمد بن إبراهيم ))0
(5) في ( ب ): ((الفراتي))0
(6) في ( ب ): (( فروة ))0
(7) في (ه - ): ((جوهر))!
(8) إسناده ضعيف؛ فجويبر ضعيف، والضحاك لَمْ يلق ابن عَبَّاسٍ0
ذكره السيوطي فِي الدر المنثور 6/237 ، وعزاه إِلَى الواحدي وابن عساكر ، وَلَمْ نقف عَلَيْهِ فِي تاريخ دمشق 0
(9) لم ترد في (ص) 0
(10) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - )0(1/595)
قال: فبينا جبريلُ عليه السلام والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتحدثان، إذ ذاب(1) جبريل - عليه السلام - حتى صار مثل الهُردَة (2) قِيْلَ : يا رسول الله، وما الهُردة ؟ قَالَ : العدسة فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما لَكَ ذُبت حَتَّى صرت مِثْل الهُردة ؟)) فَقَالَ: يا مُحَمَّد، فتحَ بابٌ مِنْ أبواب السماء لم(3) يكن فتح قبل ذَلِكَ اليوم، وإني أخاف أن يعذَّب قومُك عند تعييرهم إياك بالفاقة0 فأقبل النبيُ - صلى الله عليه وسلم - وجبريل ، يبكيان، إذ عاد جبريل - عليه السلام - إلى حاله، فَقَالَ: أبشر يا مُحَمَّد، هذا رضوانُ خازنُ الجنة قد أتاك بالرضا مِنْ ربك . فأقبل رضوان حتى سلَّم ، ثُمَّ قَالَ : يا محمدُ، ربُ العزة يُقْرِئُك السلام- ومعه سَفَط مِنْ نورٍ يتلألأ- ويقول لَكَ ربك: هذه مفاتيح خزائن الدنيا مَعَ ما لا ينتقص لَكَ مما عندي في الآخرة مثل جناح بعوضةٍ0 فنظر النبي - صلى الله عليه وسلم - /91أ/ إلى جبريل - عليه السلام -، كالمستشير لَهُ(4)، فضرب جبريل بيده إلى الأرض فَقَالَ: تواضع لله، فَقَالَ: يا رضوان لا حاجة لي فيها، الفقر أحب إلي، وأن أكون عبداً صابراً شكوراً، فَقَالَ رضوان - عليه السلام -: أصبت، أصاب الله بك، وجاء نداءٌ مِنْ السماء فرفع جبريل - عليه السلام - رأسه، فإذا السموات قد فتحت أبوابها إلى العرش، وأوحى الله تعالى إلى جنة عدنٍ أن تدلي غصناً مِنْ أغصانها عَلِيهِ عِذقٌ عَلِيهِ غُرْفَةٌ مِنْ زَبَرْجَدَةٍ خضراء، لها سبعون ألف باب مِنْ ياقوتة حمراء، فَقَالَ جبريل - عليه السلام -: يا مُحَمَّد ارفع بصرك، فرفع فرأى منازل الأنبياء وغُرَفهم، فإذا منازله فوق منازل الأنبياء فضلاً لَهُ خاصةً، ومُنَادٍ ينادي: أرضيت يا مُحَمَّد؟ فَقَالَ النَّبِيّ
__________
(1) في (ص): ((ذهب))0
(2) في (ه - ): ((الهدرة)) وهو تحريف0
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( و لم )) .
(4) في ( ب ): ((به))0(1/596)
- صلى الله عليه وسلم -: ((رضيت، فاجعل ما أردت أن تعطيني فِي الدنيا، ذخيرةً عندك فِي الشفاعة يوم القيامة)). ويرون(1) أن هَذِهِ الآية أنزلها رِضوَان وَهُوَ قوله(2): { تَبارَكَ الَّذي إِن شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذَلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً } [الفرقان: 10] .
قوله - عز وجل - : { وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ … الآية } [الفرقان : 27] .
قال ابن عباس- في رِوَايَة عطاء الخراساني-(3): كان أُبيُّ بن خلف يَحضُر النبي - صلى الله عليه وسلم - ويجالسه ويستمع إلى كلامه من غير أن يؤمن به، فزجره عُقْبَةُ بن أبي مُعيط عن ذَلِكَ. فَنَزَلت هذه الآية.
وقال الشعبي(4): وكان عُقْبَةُ خليلاً لأمية بن خلف، فأسلم عقبة ، فقال أمية(5): وجهي من وجهك حرام إن تابعت(6) محمداً0 فكفر(7) وارتد لرضا أمية، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) في ( س ) و ( ص ) : (( ويروى )) .
(2) وَهُوَ قوله )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(3) أخرجه الطبري في تفسيره 19/8،وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/251 نسبته الى ابن المنذر،وابن مردويه . وذكر من طرق أخرى عن ابن عباس ذكرها السيوطي 0راجع الدر المنثور 6/250-251 0
(4) أخرجه الطبري 19/8 عن ابن حميد ، عن جرير ، عن المغيرة، عن الشعبي ، به 0
(5) لم ترد في (ص) 0
(6) في (ب): ((بايعت))0
(7) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( و كفر )) .(1/597)
وقال آخرون: إن أبي بن خلف وعقبة بن أبي مُعيط كانا متحالفين(1)، وكان عقبة لا يقدم من سفر إلا صنع طعاماً فدعا إليه أشراف قومه، وكان يكثر مجالسة النبي - صلى الله عليه وسلم - فقدم من سفره ذات يومٍ فصنع طعاماً فدعا الناس ودعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى طعامه، فلما قُرِّبُوا(2) الطعام قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما أنا بآكلٍ من طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله )) ، فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من طعامه0 وكان أُبيُّ بن خلف غائباً، فلما أخبر بقصته ، قال: صبأت يا عقبة ؟ فَقَالَ: لا والله (3) وَلَكِنْ دَخَلَ عَلِيّ رجلٌ فأبى أن يطعم مِنْ طعامي إلا أن أشهد لَهُ، فاستحييت(4) أن يخرج مِنْ بيتي وَلَمْ يطعم، فشهدت لَهُ فطعم. فَقَالَ أُبي:ما أنا بالذي رضي عنك أبداً إلا أن تأتيه فَتَبْزُق فِي وجهه وتطأ عنقه،ففعل ذَلِكَ عُقْبَةُ فأخذ رحم دابةٍ فألقاها بَيْنَ كتفيه، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا ألقاك خارجاً مِنْ مكة إلا علوت رأسك بالسيف)) ، فقتل عقبةُ يوم بدرٍ صبراً0 وأما أُبي بن خَلَف فقتله النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - /91ب/ يوم أُحد في المبارزة، فأنزل الله تعالى فيهما هذه الآية(5)
__________
(1) في (ص): (( متخالين متحالفين))0
(2) في ( س ) و ( ه - ) : (( قُرِّب )) .
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( والله ما صبأت )) .
(4) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( فاستحيت )) .
(5) بنحو هذا، أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة (410) من طريق محمد بن مروان- السدي الصغير-، عن محمد بن السائب - الكلبي -، عن أبي صالح، عن ابن عباس 0
وهذا سندٌ ضعيف جداً ؛ بَلْ موضوع ؛ فإن محمد بن السائب الكلبي كذاب ، وقد قال لسفيان الثوري : ((كل ما حدثتك ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، فهو كذب)). وهي السلسلة المسماة بسلسلة الكذب، وهي من أضعف الأسانيد 0(1/598)
.
وقال الضحاك (1): لما بَزَقَ عقبة في وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عاد بُزَاقُهُ في وجهه فتشعب شعبين(2)، فأحرق خديه . وكان أثَرُ ذلك فيه حتى الموت.
قوله - عز وجل -: { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَر … } [الفرقان: من الآية68] إلى آخر الآيات .
(329) أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي، قال: أخبرنا الحسن بن أحمد المخلدي، قال: أخبرنا المؤمل بن الحسن (3) بن عيسى ، قَالَ : حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح الزَّعْفَرَاني ، قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قَالَ : أخبرني يعلى بن مُسْلِم ، عن سعيد بن جبير، سمعه يحدث، عن ابن عباس:أن ناساً من أهل الشرك قَتَلوا فأكثروا، وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسنٌ لو تخبرنا أنَّ لما عملنا كفارةً فَنَزَلت : { وَالَّذينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آَخَرَ … } [الفرقان: 68]الآيات إلى قوله : { غَفوراً رَّحيماً } رواه مسلم(4) عن إبراهيم بن دينار، عن حجاج.
__________
(1) ذكره البغوي في التفسير 3/443 0
(2) في (ب): ((شعبتين))0
(3) في (ص): ((الحسين))0
(4) رواه مسلم 1/79 (122)(193)0
وأخرجه البخاري 5/57 (3855) و 6/139(4766) و 6/157(4810)، ومسلم 1/79 (122) (193) ، وأبو داود (4273) و (4274) و (4275)، والنسائي 7/85و86 وفي الكبرى (11370) وفي التفسير المفرد (390)0(1/599)
(330) أخبرنا محمد بن إبراهيم بن يحيى المزكي(1) ،قال: حدثنا والدي، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، قال: حدثنا إسحاق بن(2) إبراهيم الحَنظَلي ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا جريرٌ، عن منصور، والأعمش، عن أبي وائل، عن عمرو بن شُرَحبيل، عن أبي مَيسَرة(3)، عن عبد الله بن مسعود، قال: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُ الذنب أعظم؟ قَالَ: (( أن تجعل لله نداً وَهُوَ خلقك )) ، قَالَ: قُلتُ ثُمَّ أي؟ قال:
(( أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك )) ، قال: قلت ثم أي؟ ، قال: ((أن تُزَانيَ حليلة(4) جارك)) فأنزل الله تعالى تصديقاً لذلك(5) { وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ } [الفرقان:68]0رواه البخاري(6)[عن مسدَّد عن يحيى ](7)، ومسلم(8)
__________
(1) فِي ( ب ) : (( مُحَمَّد بن إبراهيم بن مُحَمَّد بن يَحْيَى )) .
(2) إسحاق بن )) لم ترد فِي ( س ) و ( ه - ) .
(3) في ( ص ): ((بن أبي ميرة))0
(4) فِي ( ب ) : (( تزني بحليلة )) .
(5) فِي (ب) : (( فأنزل الله تعالى ذكره تصديقها )) .
(6) صحيح البخاري 6/137(4761)، وفي خلق أفعال العباد :100 0
(7) ما بين المعكوفتين لم ترد في (ب) و(ص) 0
(8) صحيح مسلم 1/63(141)(86) 0
وأخرجه عبدالرزاق (19719) و (19720)، وأحمد 1/434، والبخاري 6/22(4477) و 8/9 (6001) و 8/204(6811) و 9/2(6861) و 9/186(7520) و 9/190(7532)، ومسلم 1/63(141) (86)وما بعده ، وأبو داود (2310)، والترمذي(3182)، والنسائي 7/89، وفي الكبرى (3476) و (7124) و (10987) و (11369) وفي التفسير،له (389)، وأبو يعلى (5167)، والطبري في التفسير 19/41،وأبو عوانة 1/55 ، والطحاوي في شرح المشكل (888) و (889) و(890)، وابن حبان (4415) و (4416)، وأبو نعيم في الحلية 4/146، والبيهقي 8/18، والبغوي (42) .(1/600)
عن عثمان بن أبي شيبة، عن جرير.
(331) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم ، قَالَ : حدثنا إسماعيل بن إسحاق ، قَالَ : حدثنا الحارث بن الزبير ، قَالَ : حدثنا أبو راشد مولى اللَهبيين (1) ، عن سعيد بن سالم
القدَّاح، عن ابن جُريج ، عن عطاء ، عن ابن عَبَّاسٍ ، قَالَ : أتى وحشي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : يا محمد، أتيتك مستجيراً فأجرني حتى أسمع كلام الله0 فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قد كنتُ أحب أن أراك على غير جوارٍ، فأما إذ جئتني (2) مستجيراً فأنت في جواري حتى تسمع كلام الله)) قال: فإني أشركت بالله، وقتلت النفس التي حرم الله تعالى، وزنيت؛ فهل(3) يقبل(4) الله مني توبة؟ فصمت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى أنزلت هَذِهِ الآية(5): { وَالَّذينَ لا يَدعونَ مَعَ اللهِ إِلَهاً آَخَرَ وَلا يَقتُلونَ النَفسَ الَّتي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ وَلا يَزنونَ } [الفرقان:68]إِلَى آخر الآية0 فتلاها عَلَيْهِ، فَقَالَ: أرى شرطاً، فلعلي لا أعمل صالحاً، أنا فِي جوارك حَتَّى أسمع كلام الله تَعَالَى/92 أ/ فَنَزَلت : { إِنَّ اللهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذَلِكَ لَمَن يَشاءُ } [النساء : 48 ]فدعا بِهِ فتلاها عَلَيْهِ ، فَقَالَ : لعلي(6) مِمَّنْ لا يشاء، أنا فِي جوارك حَتَّى أسمع كلام الله فَنَزَلت : { قُل يا عِبادِيَ الَّذينَ أَسرَفوا عَلى أَنفُسِهِم لا تَقنَطوا مِن رَّحمَةِ
__________
(1) في ( ه - ): (( مولى المهرس عن سعد بن سالم )) وهو خطأ، انظر تهذيب الكمال 3/163(2263) .
(2) فِي ( س ) و ( ه - - ) : (( أتنيتي )) .
(3) فِي ( س ) و ( ه - - ) : (( هل )) .
(4) في ( ص ): (( هل لي من توبة))0
(5) فِي ( س ) و ( ه - - ) : (( نزلت )) فقط .
(6) فِي ( س ) و ( ه - - ) : ( فقال ولعلي )) .(1/601)
اللهِ …الآية } [الزمر : 53] ؛ فقال : نعم ، الآن لا أرى شرطاً ؛ فأسلم(1).
__________
(1) إسناده قوي، وإن لم يصرح ابن جريج بالسماع؛فقد روى ابن أبي خيثمة بسند صحيح عَنْ ابن جريج أَنَّهُ قَالَ:(( إذا قلت،قال عطاء، فإني سمعته منه،وان لم أقل سمعت)) انظر: إرواء الغليل 4/244 0
ولم نجده عند أحد من حديث ابن عباس،وبمعناه أخرجه الطبري في تفسيره 19/46 من قول سعيد بن جبير0 وانظر: الدر المنثور 6/278 0(1/602)
سورةُ القصص
F
قوله - عز وجل - : { إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ ...الآية } [ القصص:56]
(332) أخْبَرَنَا أبو عَبْد الله مُحَمّد بن عَبْد الله الشيرازي ، قَالَ: حدثنا مُحَمّد بن عَبْد الله بن مُحَمّد (1) بن خميرويه(2) ، قَالَ : أخْبَرَنَا عَلِيّ بن مُحَمّد الخزاعي ، قَالَ : حدثنا أبو اليمان [ الحكم بن نافع ](3) ، قَالَ : أخبرني شعيب ، عن الزهري ، قَالَ : أخبرني سعيد بن المسيب ، عن أبيه أنه قَالَ : لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله)) ، فقال أبو جهل وعبد الله ابن أبي أمية : (4) أترغب
عن ملة عبد المطلب ؟ فَلَمْ يزل بِهِ (5) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرضها عَلَيْهِ ويعاودانه (6) بتلك المقالة حَتَّى قَالَ أبو طَالِب آخر ما كلمهم بِهِ : أنا عَلَى ملة عَبْد المطلب وأبى أن يَقُول
__________
(1) سقطت من (ب ) .
(2) فِي ( س ) و(ه - ):((خمرويه )) .
(3) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ) ، وفي (ه - ): (( ابن رافع )) ، وَهُوَ خطأ . انظر ترجمته في تهذيب الكمال 2/252(1432) .
(4) زاد محقق ( س ) بَعْدَ هَذَا قوله : (( يا ابا طالب )) من صحيح مسلم ، ولا وجود لَهَا فِي شيء من النسخ الخطية لاسباب النزول ، لذا آثرنا عدم اثباتها .
(5) سقطت من ( س ) و (ه - ).
(6) فِي ( ص ) : (( ويعاوده)).(1/603)
لا إله إلا الله فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( واللهِ لأستغفرن لَكَ ما لَمْ أُنْهَ عنك ))، فأنزل الله - عز وجل - : { ما كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى …الآية } [التوبة : 113 ] ، وأنزل فِيْ أبي طَالِب (1) { إِنَّكَ ) لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } [ القصص :56] رَوَاه البُخَارِيّ (2) عَنْ أبي اليمان، عَن شعيب (3). ورواه مُسْلِم (4) عَنْ حرملة ، عَن ابن وهب ، عَن يونس ؛كِلاَهُمَا(5) ، عَن الزُّهْرِيّ.
__________
(1) في ( ب ) : ((وأنزل الله )) .
(2) صحيح البُخَارِيّ 6/141(4772) و8/173(6681).
(3) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(4) صحيح مُسْلِم 1/40(24)(39).
والحديث أخرجه عَبْد الرزاق في تفسيره (1132)، وابن سعد فِي الطبقات 1/122، وأحمد 5/433 ، والبخاري 2/119(1360) و5/65 (3884) و6/87 (4675) ، ومسلم 1/40(24) (40)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (720) و (721) ، والنسائي 4/90-91 وفي الكبرى ، لَهُ (2162) و(11230) و(11383) وفي التفسير، لَهُ (250) و(403) ، والطبري في تفسيره 11/41 و20/92 ، والطحاوي في شرح المشكل (2484)و (2485) ، وابن حبان (982) ، والطبراني فِي الكبير 20/(820) وفي مسند الشاميين ، لَهُ ( 3033) ، وابن منده في الإيمان ( 37 ) ، والبيهقي في الدلائل 2/342-343 وفي الأسماء والصفات ، لَهُ 97-98 و147 ، والبغوي في شرح السنة (1274) ، وابن الأثير في أسد الغابة 4/367 ، والحازمي فِي الاعتبار : 101.
(5) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ).(1/604)
(333) حَدَّثَنَا الأستاذ أبو إسحاق أحمد بن مُحَمّد بن إبراهيم ، قَالَ : حَدَّثَنَا الحسن بن مُحَمّد بن علي الشيباني ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن مُحَمّد بن الحسن الحافظ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبوعَبْد الرَّحمَان بن بشر ، قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بن سعيد ، عَن يزيد بن كيسان ، قَالَ: حدثني أبو حازم ، عَنْ أبي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمه: (( قل لا إله إلا الله أشهد لك بِهَا يوم القيامة )) ، قَالَ (1): (( لولا أن تعيرني نساء(2) قريش يقلن أَنَّهُ حمله عَلَى ذَلِكَ الجزع لأقررت بِهَا عينك)) ، فأنزل الله تَعَالَى: { إِنَّكَ لا تَهدي مَن أَحبَبتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهدي مَن يَشاءُ } [ القصص: 56].رواه مُسْلِم (3) عَن مُحَمّد بن حاتم ، عَن يَحْيَى بن سعيد.
قَالَ (4):سمعت أبا عثمان الحيري ، يقول : سمعت أبا الحسن بن مقسم ، يقول: سمعت أبا إسحاق الزجاج ، يقول في هذه الآية: أجمع المفسرون أنها نزلت في أبي طالب(5).
قوله - عز وجل -: { وقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا } [القصص: 57].
__________
(1) أي :أبو طالب .
(2) لَمْ ترد فِي ( س ) .
(3) صحيح مُسْلِم 1/41(24) (42) .
والحديث أخرجه أحْمَد 2/434 و 441 ، والترمذي (3188) ، والطبري في تفسيره 20/92 ، وابن حبان (6270) ، وابن منده في الإيمان (38) و (39) ، والبيهقي في الدلائل 2/344 و344-345 ، والبغوي في تفسيره (1124).
(4) القائل الواحدي .
(5) تفسير القرطبي 6/5015.(1/605)
نزلت في الحارث بن عثمان [بن نوفل ](1) بن عَبْد مناف ، وذلك أَنَّهُ قَالَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إنا لنعلم /92ب/ أن الَّذي تقول حق ، ولكن يمنعنا من اتباعك أن العرب تتخطفنا من أرضنا لإجماعهم على خلافنا ولا طاقة لنا بهم فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآية(2) .
قوله - عز وجل - : { أَفَمَن وَعَدْنَهُ وَعْداً حَسَناً فَهوَ لَقِيْهِ … الآية } [ القصص :61] .
(334) أخبرنا أبو بكر الحراثي قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ : أخبرنا مُحَمّد بن سليمان ، قَالَ :حَدَّثَنَا عَبْد الله بن حازم الأبلي، قَالَ : حَدَّثَنَا بدل بن المحبر ، قَالَ : حَدَّثَنَا شعبة ، عَنْ أبان ، عَنْ مجاهد(3) فِيْ هَذِهِ الآية قَالَ: نزلت فِيْ عَلِيّ وحمزة وأبي جهل.
وَقَالَ السدي(4): نزلت فِيْ عمار والوليد بن المغيرة.
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ص ).
(2) أخرجه النسائي في الكبرى (11385) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (450) مِنْ قول ابن عَبْاس . رَوَاه عَنْهُ عمرو بن شعيب . وَهُوَ لَمْ يلقه فالسند إليه منقطع ، وأخرجه الطبري في تفسيره 20/94 مِنْ طريق
عَبْد الله بن أبي مليكة عن ابن عَبْاس بِهِ ، وذكره القرطبي في تفسيره 6/5016 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 6/430 وعزاه لابن المنذر .
(3) أخرجه الطبري فِي التفسير 20/ 97، والمصنف في الوسيط 3/405 ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/431 ، وأخرجه الطبري 20/97 من كلام مجاهد قَالَ : (( نزلت فِي حمزة وأبي جهل )) .
(4) ذكره البغوي في تفسيره 3/541 واخرج ابن أَبِي حاتم فِي تفسيره 9/2998(17029) عَن السدي يَقُول: (( ( أَفَمَن وَعَدنهُ وَعداً حَسناً فَهو لقيه( ، قَالَ : حمزة بن عبد المطلب )) وفي 9/2999 (17029) يَقُول : (( ( كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( قَالَ :أَبُو جهل بن هِشَام )) .(1/606)
وقيل(1): نزلت فِي النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - وأبي جهل.
قوله - عز وجل -: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيختار… الآية } [القصص : 68 ] .
قَالَ أهل التفسير(2): نزلت جواباً للوليد بن المغيرة حين قال فيما أخبر الله تعالى عَنْهُ: { وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31](3) اخبر الله تَعَالَى أنه لا يبعث الرسل باختيارهم .
سورة العنكبوت
F
قوله - عز وجل - : { الم - أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا…الآيتان } .
قَالَ الشعبي (4) : نزلت في أناس كانوا بمكة قد أقروا بالإسلام فكتب إليهم أصحاب النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - من المدينة . أنه لا يقبل منكم إقرار ولا إسلام حتى تهاجروا فخرجوا عامدين إلى المدينة فاتبعهم المشركون فآذوهم فَنَزَلت فيهم هذه الآية فكتبوا إليهم أن قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا: نخرج فإن اتبعنا أحد قاتلناه فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله - عز وجل - فيهم : { ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا … الآية } [ النحل: 110 ] .
__________
(1) وَهُوَ قول مجاهد أخرجه الطبري في تفسيره 20/97 . وانظر الدر المنثور 6/431.
(2) ذكره البغوي في تفسيره 3/541.
(3) الآية لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) مقالة الشعبي أخرجها عَبْد الرزاق في تفسيره(2239)، والطبري في تفسيره 20/129، وابن أبي حاتم في تفسيره 9/3031(17131) ، وذكرها المصنف في الوسيط 3/412 ، والبغوي في تفسيره 3/549 ، والقرطبي في تفسيره6/5040، والسيوطي في الدر المنثور6/449وزاد نسبتها إلى عَبْد بن حميد وابن المنذر.(1/607)
وقال مقاتل(1): نزلت في مهجع مولى عمر بن الخطاب كان أول قتيل من المسلمين يوم بدر رماه عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فقال النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - يومئذٍ(2): ((سيد الشهداء مهجع وهو أول من يدعى إلى باب الجنة من هذه الأمة )) ، فجزع عَلَيْهِ أبواه
وامرأته فأنزل الله تعالى فيهم هَذِهِ الآية وأخبر أنه لا بد لهم من البلاء والمشقة في ذات
الله تعالى(3).
قوله - عز وجل - : { وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً …الآية } [العنكبوت:8].
قال المفسرون (4): نزلت في سعد بن أبي وقاص . وذلك أنه لما أسلم قَالَتْ
لَهُ(5) أمه حمنة (6): يا سعد بلغني أنك صبوت فوالله لا يظلني سقف بيت من الضح(7) والريح ولا آكل ولا أشرب حتى تكفر بمحمدٍ وترجع إلى ما كنت عليه وكان أحب ولدها إليها فأبى سعد وصبرت هي ثلاثة أيام لم تأكل ولم تشرب ولم تستظل بظل حتى خشي عَلَيْهَا (8)، فأتى سعد رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا ذلك إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية والتي في لقمان (9) /93أ/ والأحقاف (10).
__________
(1) ذكره البغوي فِي تفسيره 3/549 ، و القرطبي 6/5040 .
(2) لَمْ ترد في ( ص ) .
(3) وَقَالَ عُبَيد بن عمير ، وابن جريج نزلت في عمار بن ياسر كَانَ يعذب في الله(? . انظر : تفسير الطبري 20/129 ، وتفسير البغوي 3/549 ، والدر المنثور 6/450 .
(4) تفسير الطبري 20/131 ، وبحر العلوم 2/531 ، وتفسير البغوي 3/551 (1620) ، وتفسير القرطبي 6/5044.
(5) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(6) في (ه) : ((جميلة )) ، وفي المستدرك للحاكم 3/494 ، وتفسير البغوي (1620) ، وسير أعلام النبلاء 1/96 : ((حمنة)).
(7) أي: الشمس.
(8) حَتَّى خشي عَلَيْهَا )) لَمْ ترد فِي( س ).
(9) لقمان : 14.
(10) الأحقاف : 15.(1/608)
(335) أخبرنا أبو سعيد(1) بن أبي بكر الغازي ، قَالَ : أخبرنا مُحَمّد بن أحمد بن حمدان، قال:حدثنا أبو يعلى(2)، قَالَ:حَدَّثَنَا أبو خيثمة، قَالَ: حَدَّثَنَا الحسن بن موسى، قَالَ:حَدَّثَنَا زهير، قَالَ:حَدَّثَنَا سماك بن حرب، قَالَ:حدثني مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه أنه قَالَ : نزلت هذه الآية فيَّ ، قَالَ : حلفت أم سعد لا تكلمه (3) أبداً حتى يكفر بدينه ولا تأكل ولا تشرب ومكثت ثلاثة(4) أيام حتى غشي عليها من الجهد، فأنزل الله تعالى: { وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } [العنكبوت:8].رَوَاه مُسْلِم(5)عن أبي خيثمة.
قوله - عز وجل - : { وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي… الآية } [العنكبوت:8].
__________
(1) في ( ب ) و (ه - ) : ((أبو سعد)) .
(2) مسند أبي يعلى (782).
(3) في (ه - ) : (( لاتكلم)) .
(4) في ( ب ) و ( ص ) :(( ثلاثاً)) .
(5) صحيح مُسْلِم 7/125(1748) (43).
وأخرجه الطيالسي (208) ، وأحمد 1/178 ، 181 ، 185 ، وعبد بن حميد (132) ، وابن زنجويه فِي الأموال (1125) ، والبخاري فِي الأدب المفرد (24) ، وأبو داود (2740) ، والترمذي (3079) و(3189) ، والبزار (11499 ) ، والنسائي فِي الكبرى (11196) ، وفي التفسير ، لَهُ (216) ، وأبو يعلى (7299) و(735) و(751) ، والطبري فِي تفسيره 21/70، وابو عوانة 4/103 –104 ، والطحاوي في شرح المعاني 3/279 ، والشاشي (78) ، وابن حبان (5349) و(6992) ، والحاكم 2/132 ، وأبو نعيم فِي الحلية 8/312 ، والبيهقي 6/291 ، وفي شعب الإيمان ، لَهُ (7932) .(1/609)
(336) أخبرنا أحمد بن مُحَمّد بن عَبْد الله بن الحافظ ، قَالَ : أخبرنا عَبْد الله بن مُحَمّد بن جعفر ، قَالَ: أخبرنا أبو يعلى(1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن أيوب بن راشد الضبي، قَالَ : حَدَّثَنَا مسلمة بن علقمة ، قَالَ: حَدَّثَنَا داود بن أبي هند، عن أبي عثمان النهدي أن سعد بن مالك(2) قَالَ : أنزلت فيَّ هذه الآية : { وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا } [العنكبوت: 8 ] قَالَ : كنت رجلاً براً بأمي فلما أسلمت قالت: يا سعد ما هذا الدين الذي قد أحدثت لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي فيقال يا قاتل أمه قلت: لا تفعلي يا أمه(3) فإني لا أدع ديني هذا لشيء ، قَالَ : فمكثت يوماً(4) وليلة لا تأكل (5) فأصبحت قد جهدت(6) ، قَالَ : فمكثت يوماً آخر وليلة لا تأكل فأصبحت وقد اشتد جهدها ، قَالَ : فلما رأيت ذَلِكَ ، قلت: تعلمين والله يا أمه(7) لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني هذا لشيء إن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي . فلما رأت ذَلِكَ أكلت فأنزل الله هذه الآية : { وَإِن جاهَداكَ …الآية } (8)
__________
(1) ذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء 1/109 وَقَالَ : (( رَوَاه أبو يعلى فِي مسنده )) ولم نقف عَلَيْهِ مِن المطبوع مِن مسند أبي يعلى ، وعزاه السيوطي 6/521 إلى أبي يعلى أيضاً.
(2) هُوَ سعد بن مالك بن أهيب ويقال لَهُ وهيب بن عَبْد مناف بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري ، أبو إسحاق بن أبي وقاص ، أحد العشرة وآخرهم موتاً . انظر : الإصابة 2/33.
(3) في ( ص ) : ((يا أماه)) .
(4) في ( ص ) : ((يوماً آخر)).
(5) في ( ب ) : ((لاتأكل وليلة)).
(6) في ( ب ) : ((وَقَدْ اشتد جهدها)).
(7) في ( ص ) : ((يا أماه)).
(8) إسناده ضعيف ؛ لضعف أحْمَد بن أيوب ، وسلمة بن علقمة .
أخرجه : ابن عساكر في تاريخ دمشق20/331 من طريق أبي يعلى بهذا الإسناد وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/521 وزاد نسبته إِلَى أبي يعلى والطبراني وابن مردويه . وذكره ابن كَثِيْر في تفسيره 3/590 ، بسند الطبراني ،وَقَالَ : (( قَالَ الطبراني في كِتَاب العشرة : حَدَّثَنَا أبو عَبْد الرَّحمَان عَبْد الله بن أحْمَد بن حَنْبل ، قَالَ :حَدَّثَنَا أحمد بن أيوب بن راشد ، قَالَ :حدثنا مسلمة بن علقمة ، عن داود بن أبي هند ، أن سعد بن مالك …)) ولم يذكر أبا عثمان النهدي .(1/610)
[ العنكبوت : 8] .
قوله - عز وجل -: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّه…الآية } [العنكبوت :10].
قَالَ مجاهد (1): نزلت في أناس كانوا يؤمنون بألسنتهم فإذا أصابهم بلاء من الله ومصيبة في أنفسهم افتتنوا.
وقال الضحاك (2): نزلت في أناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون فإذا أوذوا رجعوا إلى الشرك .
وَقَالَ عكرمة ، عن ابن عَبَّاس(3): نزلت في المؤمنين الذين أخرجهم المشركون إِلى
__________
(1) أخرجه الطبري في التفسير 20/132 ، وابن أبي حاتم في التفسير 9/3037 (17171)، وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/452 نسبته إلى الفريابي ، وابن أبي شيبة ، وعبد بن حميد، وابن المنذر .
(2) أخرجه الطبري 20/132 .
(3) أخرجه الطبري 20/133 ، وابن أبي حاتم في تفسيره 9/3037 (17170) عن عكرمة عن ابن عَبْاس قَالَ : (( كَانَ قوم مِنْ أهل مكة أسلموا ، وكانوا يستخفون بإسلامهم ، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم، فأصيب بعضهم قبل بعض فقال المسلمون: كَانَ أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا، فاستغفروا لهم. فَنَزَلت: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ ( إلى آخر الآية.قال: فكتب إلى مِن بقي بمكة مِن المسلمين بهذه الآية أن لاعذر لهم ، فخرجوا فلحقهم المشركون فأعطوهم الفتنة ، فَنَزَلت فيهم هَذِهِ الآية: ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ( إلى آخر الآية، فكتب المسلمون إليهم بذلك، فخرجوا وأيسوا مِن كل خير. ثم نزلت فيهم:( ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( فكتبوا إليهم بذلك أن الله قَدْ جعل لكم مخرجاً.فخرجوا فأدركهم المشركون فقاتلوهم حَتَّى نجا من نجا وقتل من قتل)).(1/611)
بدرفارتدوا ، وهم(1) والذين نزلت فيهم : { إِنَّ الَّذِيْنَ تَوَفَّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمِي أَنفُسِهِمْ …الآية } [النساء:97].
قوله - عز وجل - : { وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا…الآية } [العنكبوت: 60].
(337) أخبرنا أبو بكر أحمد بن مُحَمّد التميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو مُحَمّد بن حيان (2) ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بن جعفر الجمال ، قَالَ : حدثنا عبد الواحد بن مُحَمّد البجلي ، قَالَ : حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، قَالَ: حَدَّثَنَا الجراح(3) بن منهال ، عن الزهري - وهو(4) عبد الرحيم (5)بن عطاء (6) - ، عن عطاء ، عن ابن عمر قَالَ (7)
__________
(1) فِي (ه) : ((المشركون عن الدين فارتدوهم والذين)) وَهُوَ تحريف .
(2) هُوَ أبو الشيخ ، والحديث في أخلاق النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - ، لَهُ :280 .
(3) في ( ب ) : ((الحجاج)).
(4) في (ه - ) : ((عن)). خطأ.
(5) في ( ب ) :(( عبد الرَّحمَان )) خطأ.
(6) كذا فِي جَمِيْع نسخ (( أسباب النزول )) ، إلا نسخة اعتمدها محقق ( س ) ورمز لَهَا بـ (م) جاء فيهَا
(( عطاف ))، وَهُوَ تاصواب كَمَا بينه الحافظ أَبُو الشيخ عقب روايته للحديث .
(7) إسناده ضعيف جداً ؛ لأَنَّ الجراح بن منهال وَهُوَ : أبو العطوف متهم بالوضع . =
= أخرجه : عَبْد بن حميد في المنتخب (816) ، وَمَنْ طريقه ابن عساكر في تاريخ دمشق 4/127 ورواه البَيْهَقِيّ كَمَا في تاريخ دمشق 4/127 عن يزيد بن هارون ، عن الجراح ، عن الزهري ، عن رجل ، عن ابن عمر ، بِهِ .
وأخرجه : ابن أبي حاتم في تفسيره 9/3078 (14714) مِنْ طريق يزيد بن هارون ، عن الجراح ، عن الزهري ، عن ابن عمر ، بِهِ ورواه ابن مردويه كَمَا في الدر المنثور 6/475 . قَالَ البَيْهَقِيّ : (( هذا إسناد مجهول ، والجراح بن منهال ضعيف )) . انظر : تاريخ دمشق 4/127 .
وَقَالَ ابن كثير في تفسيره 3/556 : ((هذا حديث غريب ، وأبو العطوف ضعيف )) ، وَقَالَ البوصيري في مختصر إتحاف المهرة 10/425 : ((رَوَاه عَبْد بن حميد ، وأبو الشيخ بن حيان في كتاب الثواب ، بسند فِيهِ راو لَمْ يسم )) .
وضعفه السيوطي أيضاً فِي الدر المنثور 6/475.(1/612)
: خرجنا مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل بعض حيطان الأنصار فجعل/93 ب/ يلقط من التمر ويأكل، فقال: (( يا ابن عمر ما لك لا تأكل )) ، فقلت: لا أشتهيه يا رسول الله، فقال: (( لكني اشتهيه وهذه صبيحة رابعة (1) لم أذق طعاما (2) ولو شئت لدعوت ربي فأعطاني مثل ملك كسرى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر إذا بقيت في قوم يخبئون رزق سنتهم ويضعف اليقين )) ، قَالَ : فوالله ما برحنا حتى نزلت : { وَكَأَيِّن مِّن دابَّةٍ لاّ تَحمِلُ رِزقَها اللهُ يَرزُقُها وَإِيّاكُم وَهُوَ السَميعُ العَليمُ } [العنكبوت: 60] .
سُورة الرُّوم
F
قوله - عز وجل - : { الم - غُلِبَتِ الرُّومُ - …الآية } [ الروم : 1-3 ] .
__________
(1) فِي ( ب ) :(( مذ لَمْ ))
(2) في ( ص ) : ((لَمْ أذق فِيهِ طعام)).(1/613)
قَالَ المفسرون(1): بعث كسرى جيشاً إلى الروم واستعمل عليهم رجلاً يسمى شهريراز (2) فسار إلى الروم بأهل فارس وظهر عليهم فقتلهم وخرب مدائنهم وقطع زيتونهم ، وكان قيصر بعث رجلاً يدعى يحنس فالتقى مع شهريراز (3) بأذرعات وبصرى وهي أدنى الشام إلى أرض العرب فغلب فارس الروم وبلغ ذلك النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم (4) بمكة فشق ذَلِكَ عليهم وكان النَّبيّ- صلى الله عليه وسلم - يكره أن يظهر الأميون من(5) المجوس عَلَى أهل الكتاب من الروم وفرح كفار مكة وشمتوا فلقوا أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقالوا: إنكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب ونحن أميون وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من الروم وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم فأنزل الله تَعَالَى : { الَمَ - غُلِبَتِ الرُومُ - في أَدْنَى الأَرْضِ… } إلى آخر الآيات [الروم : 1-3].
(338) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، قَالَ : أخبرنا مُحَمّد بن أحمد بن حامد العطار ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بن الحسين بن عبد الجبار ، قَالَ : حَدَّثَنَا الحارث بن شريح ، قَالَ : حَدَّثَنَا المعتمر بن سليمان ، عَنْ أبيه ، عَنْ الأعمش ، عَنْ عطية(6) العوفي(7) ، عَنْ أبي سعيد الخدري(8) قَالَ : لما كَانَ يوم بدر ظهرت الروم عَلَى فارس فأعجب بذلك المؤمنون(9) : { الم - غُلِبَتِ الرُّومُ - } [الروم:1-2] إلى قوله :
__________
(1) انظر : تفسير البغوي 3/568-569 ،وتفسير الخازن 5/201-202 رواه الطبراني 21/170من كلام عكرنة .
(2) في ( ب ) و ( ص ): ((شهرابراز)) ، وفي (ه) : ((شهرايران)) ، وفي الخازن5/201 ((شهرمان)).
(3) في (ه) :((شهريران)).
(4) لَمْ ترد فِي ( س ) و (ه) .
(5) في (ه) : ((مِنْ أهل )).
(6) في ( ص ) : (( علقمة )).
(7) لَمْ ترد في ( ب ).
(8) لَمْ ترد في ( ب ).
(9) في ( س ) و( ه - ) : (( المؤمنون بذلك )) بالتقديم .(1/614)
{ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ - بِنَصْرِ اللَّهِ } (1)[الروم : 4- 5] قَالَ:يفرح(2) المؤمنون بظهور الروم عَلَى فارس (3) .
سُورة لقمان
F
قوله - عز وجل - : { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيْثِ (4)…الآية } [ لقمان :6] .
قَالَ الكلبي ومقاتل (5): نزلت في النضر بن الحارث ، وذلك أنه كان يخرج تاجراً إلى فارس فيشتري أخبار الأعاجم فيرويها ويحدِّث بها قريشاً ويقول لهم: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن فنزلت فيه هَذِهِ /94 أ/ الآية.
وقال مجاهد : نزلت في شراء القيان والمغنيات (6) .
__________
(1) الآيات لَمْ ترد في ( ص ) .
(2) في ( ب ) :(( ففرح ))
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف عطية العوفي . ومع ذَلِكَ حسنه التِّرْمِذِيّ مِنْ وجه .
أخرجه التِّرْمِذِيّ ( 2935 ) و ( 3192 ) والطبري في تفسيره 21/20 و21.
(4) في ( ص ) : (( فيضل عن سبيل الله )).
(5) انظر :تفسير السمرقندي 3/19،و تفسير البغوي 3/ 584وتفسير الفرطبي 6/5134، وتفسير الخازن 5/213 .
(6) انظر : تفسير مجاهد 503، واخرجه الطبري فِي ثفسيره 21/62 ، وزاد السيوطي في الدر المنثور 6/505 نسبته للفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي الدنيا وابن المنذر .(1/615)
(339) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم المقرئ ، قَالَ: أخبرنا مُحَمّد بن الفضل ابن مُحَمّد بن إسحاق بن خزيمة ، قَالَ : حَدَّثَنَا جدي ، قَالَ : حَدَّثَنَا علي بن حجر ، قَالَ : حَدَّثَنَا مشمعل بن ملحان(1) الطائي ، عن مطرح(2) بن يزيد ، عن عبيد الله بن زحر، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة قَالَ: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام ))، وفي مثل هذا نزلت هذه الآية: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ } [لقمان:6] إلى آخر الآية.وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله تعالى عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب ؛ فَلاَ يزالان يضربانه بأرجلهما حَتَّى يَكُوْن هُوَ الَّذيْ يسكت )) (3).
وَقَالَ ثوير(4) بن أبي فاختة عن أبيه عن ابن عَبْاس(5): نزلت هَذِهِ الآية فِيْ رجل اشترى جارية تغنيه ليلاً ونهاراً(6).
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم …الآية }
[ لقمان : 15].
__________
(1) انظر : تهذيب التهذيب 10/157.
(2) في ( ص ) : ((مطروح)) .
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف عَلِيّ بن يزيد .، وعبيد الله بن زخر فيهِ كلام لَيْسَ باليسير . =
= أخرجه الحميدي (910)،وأحمد 5/252و264،والترمذي(1282)و(3195)وفي علله الكبير (335) ، والطبري في تفسيره 21/60 ، والطبراني في الكبير (7805) . وأخرجه ابن ماجه (2168) مِنْ طريق عُبَيد الله الأفريقي ، عن أبي أمامة وسنده ضعيف.
(4) في ( ب ) و( ص ) و( ه) : (( ثور )) وَهُوَ خطأ.
(5) بعد هذا في ( ص ) : (( أنه قَال َ)).
(6) أخرجه الطبري في تفسيره 21/63 ، وزاد السيوطي فِي الدر المنثور 6/504 نسبته للفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم .(1/616)
نزلت في سعد بن أبي وقاص على ما ذكرناه في سورة العنكبوت(1).
قوله - عز وجل - : { وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ… الآية } [لقمان :15]
نزلت في أبي بكر(2) - رضي الله عنه -.و قَالَ(3) عطاء ، عن ابن عَبَّاس : يريد أبا بكر بذلك وذلك أنه حين أسلم أتاه عبد الرحمان بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد(4) بن زيد وعثمان وطلحة والزبير ، فقالوا : لأبي بكر - رضي الله عنه -: آمنت وصدقت محمداً فقال أبو بكر : نعم . فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآمنوا وصدقوا فأنزل الله تعالى يَقُوْل لسعد : { وَاتَّبِع سَبيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ } [ لقمان : 15 ] يعني : أبا بكر - رضي الله عنه -.
قوله - عز وجل - : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ …الآية } [لقمان :27] .
قَالَ المفسرون (5): سألت اليهود رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الروح فأنزل الله بمكة:
__________
(1) انظر : صفحة
(2) ذكره البغوي في تفسيره 3/588.
(3) في ( س ) و ( ه) : (( قَالَ )) .
(4) في ( ص ) : (( سعد )).
(5) في تفسير الماوردي 3/285-286 ، وتفسير القرطبي 6/5158.(1/617)
{ وَيَسْئَلوُنَكَ عَنِ الرُوحِ قُلِ الرُّوحُ مِن أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلمِ إِلا قَلِيلاً } فلما هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا: يا محمد بلغنا عنك أنك تقول : { وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ العِلمِ إِلاّ قَلِيلاً } [الإسراء:85] أفتعنينا (1) أم قومك ؟ فَقَالَ:((كلاً قَدْ عنيت)) .قالوا : ألست تتلو فِيْمَا جاءك أنا قَدْ أوتينا التوراة وفيها علم كُلّ شيء . فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -:(( هِيَ فِيْ علم الله قليل وَقَدْ آتاكم الله تَعَالَى ما إن عملتم بِهِ انتفعتم بِهِ)) . فقالوا: يا مُحَمّد كَيْفَ تزعم هَذَا ،و أنت تَقُولُ : { وَمَن يُؤتَ الحِكمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثيراً } [ البقرة :269]،وكيف يجتمع هَذَا علم قليل وخير كَثِيْر.فأنزل الله تَعَالَى { وَلَوْ أَنَّما فِيْ الأَرضِ مِن شَجَرَةٍ أَقلامٌ .. الآية } [لقمان : 27 ]
قوله - عز وجل -: { إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ … الآية } [ لقمان : 34] .
نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن محارب بن حفصة /94ب/ من أهل البادية أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -فسأله عن الساعة ووقتها ، وقال: إن أرضنا أجدبت فمتى يَنْزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فماذا تلد ؟ وَقَدْ علمت أين ولدت فبأي أرض أموت؟ فأنزل الله - عز وجل - هَذِهِ الآية (2).
__________
(1) في ( س ) و ( ه) : (( أتعنينا )) .
(2) انظر : تفسير الطبري 21/87-88 ، وتفسير البغوي 3/593 ، والدر المنثور 6/530-531.(1/618)
(340) أخبرنا أبو عثمان سعيد بن مُحَمّد المؤذن ، قَالَ : أخبرنا مُحَمّد بن حمدون ابن الفضل ، قَالَ: أخبرنا أحْمَد بن الحسن (1) الحافظ ، قَالَ : حَدَّثَنَا حمدان السلمي ، قَالَ : حَدَّثَنَا النضر بن مُحَمّد ، قَالَ : حَدَّثَنَا عكرمة ، قَالَ : حَدَّثَنَا إياس بن سَلمَة ، قَالَ: حدثني أبي (2) أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - إذ جاء رجل بفرس لَهُ يقودها عَقُوق (3) ومعها مهرٌ لَهُ (4) يتبعها(5) فَقَالَ لَهُ: من أنت ؟ قَالَ: (( أنا نبي الله )). قَالَ: وَمَنْ نبي الله ؟ قَال: (( رسول الله )) . قَالَ: متى تقوم الساعة ؟ قَالَ النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( غيب، ولا يعلم الغيب إلا الله ))، قَالَ: ما في بطن فرسي هَذِهِ ؟ قَالَ: ((غيب ولا يعلم الغيب إلا الله ))، فقَالَ : أرني سيفك . فأعطاه النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - سيفه فهزه الرجل ثم رده إليه فقال لَهُ (6) النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - :(( أما إنك لَمْ تكن لتستطيع (7) الَّذيْ أردت )) . قَالَ : وَقَدْ كَانَ الرجل قَالَ : اذهب إليه فاسأله (8) عن هَذِهِ الخصال ثم اضرب عنقه .
(341) أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر، قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حَدَّثَنَا سفيان الثوري ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
__________
(1) في ( ب ) و( ص ) : (( الحسن بن الحافظ )).
(2) ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/532 ، وعزاه إلى ابن مردويه.
(3) فرس عقوق إذا انْعَعَقّ بطنها واتسع للولد . انظر : لسان العرب 10/259.
(4) في ( ب ) و( ص ) : ((مهرة لها)).
(5) في (ه) : ((مهرة لَهَا يبيعها)).
(6) لَمْ ترد في ( ب ).
(7) في ( ه) : (( تستطيع )).
(8) في ( س ) و ( ه) : (( فأسائل )) .(1/619)
(( مفاتيح(1) الغيب خمسة لا [يعلمهن إلا الله تعالى](2) لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله، ولا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا تعلم نفس بأي أرض تموت إلا الله، ولا يعلم متى يَنْزل الغيث إلا الله )).رواه البُخَارِيّ(3) عن مُحَمَّد بن يوسف ، [عن سفيان] (4).
سُورة السجدة
F
قوله - عز وجل - : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ(5) …الآية } [السجدة :16].
__________
(1) في ( ص ) : ((مفتاح)) .
(2) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ) وفي (ه - ) : ((خمسة لايعلمهم)).
(3) صحيح البُخَارِيّ 2/41(1039).
وأخرجه أحْمَد 2/24و52و58 ، وعبد بن حميد (791) ، والبخاري6/99(4697) و9/142 (7379) ، والنسائي في الكبرى (11258) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (278) ، والطبري في تفسيره 21/88 ، والطبراني في الكبير (13246) ، والبغوي في شرح السنة (1170) مِنْ طرق عن عَبْد الله بن دينار عن ابن عمر.
وأخرجه احمد 2/85 ، والبخاري 6/144 ( 4778 ) ، والطبري فِي تفسيره 21/88 ، والطبراني فِي الكبير ( 13344 ) من طريق مُحَمَّد بن زيد ، عَن ابن عُمَرَ .
وأخرجه أحْمَد 2/122 ، وعبد بن حميد (733) ، والبخاري 6/71(4627) ، والنسائي في الكبرى (7728) ، وأبو يعلى (5456) مِنْ طرق عن سالم بن عَبْد الله ،عن أبيه.
(4) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ).
(5) في ( ص ) : ((يدعون ربهم خوفا وطمعا)).(1/620)
قال مالك بن دينار : سألت أنس بن مالك عن هذه الآية فيمن نزلت ؟ فَقَالَ : كَانَ أناس مِنْ أصحاب رَسُوْل الله- صلى الله عليه وسلم - يصلون مِنْ صلاة (1) المغرب إِلَى صلاة العشاء الآخرة ، فأنزل الله تَعَالَى فيهم هَذِهِ الآية (2) .
(342) أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، قَالَ : أخبرني الْحُسَيْن (3) بن مُحَمّد الدينوري ، قَالَ : حَدَّثَنَا موسى بن مُحَمّد (4)، قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُسَيْن (5) بن علويه ، قَالَ: حَدَّثَنَا إسماعيل بن عيسى ، قَالَ : حَدَّثَنَا المسيب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك قَالَ(6): فينا نزلت معاشر الأنصار { تَتَجَافَى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ ... الآية } [السجدة : 16] كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء الآخرة (7) مَعَ النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - .
وقال الحسن ومجاهد: نزلت في المتهجدين الذين يقومون الليل إلى الصَّلاَة (8) .
__________
(1) لَمْ ترد في ( ص ).
(2) أخرجه الطبري فِي تفسيره 21/100 ، وذكره البغوي في تفسيره 3/597(1658) ، وأخرجه الترمذي (3196) ، وفي علله الكبير (657) ، والطبري في تفسيره 21/101 بسند صحيح مِنْ طريق يَحْيَى بن سعيد ، عن أنس بن مالك : (( أن هَذِهِ الآية (تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ ( نزلت في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة )) .
(3) في ( ص ) :(( الحسن )) .
(4) في ( ص ) : (( أحْمَد )) .
(5) في ( ب ) : (( الحسن )) .
(6) ذكره البغوي في تفسيره 3/597(1657) ، والخازن 5/224 ، والسيوطي في الدر المنثور 6/546 ، ونسبه لابن مردويه.
(7) لَمْ ترد في ( ب ) و( ص ).
(8) أثر الحسن :أخرجه الطبري في تفسيره 21/101 ،وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/548 ، وزاد نسبته لابن نصر .
وأثر مجاهد : أخرجه مجاهد في تفسيره 510 ، والطبري في تفسيره 21/101.(1/621)
(343) ويدل عَلَى صحة هذا ما أخبرنا أبو بكر مُحَمّد بن عمر الخشاب، قَالَ: أخبرنا إبراهيم بن(1) عَبْد الله الأصفهاني ، قَالَ : أخبرنا محمد بن إسحاق السراج ، قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد/95 أ/ ، قَالَ : حَدَّثَنَا جريرٌ (2) ، عن الأعمش ، عن الحكم ، عن ميمون بن أبي شبيب ، عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك وقد أصابنا الحر فتفرق القوم فنظرت (3) ؛ فإذا رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أقربهم مني فدنوت مِنْهُ فقلت : يا رَسُول الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار . قَالَ : (( لَقَدْ سَأَلْت عَنْ عظيم وإنه ليسير عَلَى من يسره الله تَعَالَى عَلَيْهِ: تعبد الله ولا تشرك بِهِ شيئاً ، وتقيم الصَّلاَة المكتوبة ، وتؤدي الزكاة المفروضة ، وتصوم(4) رَمَضَان ،(5)وإن شئت أنبأتك بأبواب الخير كلها(6) )) ، فَقَالَ : قُلْتُ أجل يا رَسُول الله . قَالَ:(( الصوم جنة ؟، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله تَعَالَى )) ، قَال َ: ثُمَّ قرأ هَذِهِ الآية (7): { تَتَجافى جُنوبُهُم عَنِ المَضاجِعِ } (8)
__________
(1) في ( ص ) : (( ابن أبي عَبْد الله )) .
(2) في ( ه - ) : (( جدي )) وَهُوَ خطأ . راجع ترجمة جرير بن حازم في تهذيب الكمال 1/443 (895) .
(3) في ( ص ) : (( فنظرت إلى )) .
(4) في ( ص ) : ((شهر رمضان)) .
(5) في ( ب ) : ((قَالَ وإن شئت)) .
(6) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ) .
(7) هَذِهِ الاية لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(8) إسناده ضعيف؛لانقطاعه؛لأَنَّ ميمون بن أبي شبيب لَمْ يثبت سماعه مِنْ معاذ.والمتن صَحِيْح بطرقه وشواهده أخرجه الحَاكِم في المستدرك 2/412من طريق الاعمش ، عَنْ حبيب والحكم بن عتبة،عَنْ ميمون ، عَنْ معاذ ، بِهِ . =
= وأخرجه عَبْد الرزاق (20303) ، وأحمد 5/231 ، وعبد بن حميد (112) ، وابن ماجه (3973) ، والترمذي (2616) ، والنسائي في الكبرى (11394) وفي تفسيره (414) ، والطبراني في الكبير 20/(266) والبيهقي فِي شعب الإيمان ( 3350 ) ، مِنْ طريق أبي وائل عن معاذ بن جبل .
وأخرجه أحْمَد 5/245 ، والطبراني في الكبير 20/(115) و (116) و (122) و (137) و (141) مِن طريق ابن غنم عن معاذ .
وأخرجه احمد 5/234 ، من طريق عطية بن قيس عَنْ معاذ .وأخرجه هناد في الزهد ( 1091) وابن الجعد (3528 ) ، البزار كَمَا فِي كشف الاستار (27) ، وابن حبان (214) ، والطبراني 20/ (122 ) من طريق مكحول ، عَنْ معاذ .
وأخرجه أحْمَد 5/237 ، مِنْ طريق عروة بن النَّزال ، عن معاذ بن جبل.(1/622)
[ السجدة :16] .
قوله - عز وجل - : { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُنَ …الآية } [السجدة: 18].
نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة.
(344) أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأصفهاني، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد الحافظ ، قَالَ: أخبرنا إسحاق بن بنان(1) الأنماطي ، قَالَ: حَدَّثَنَا حبيش بن مُبَشِّر الفقيه ، قَالَ : حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن سعيد بن جبير ،عن ابن عَبَّاس قَالَ :قَالَ الوليد بن (2) عقبة بن أبي معيط لعلي بن أبي طَالِب - رضي الله عنه -: أنا أحدُّ منك سناناً ، وأبسط منك لساناً ، وأملأ للكتيبة منك . فقال لَهُ عليٌ : اسكت فإنما أنت فاسق فَنَزَلَ(3) { أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كَانَ فَاسِقاً لا يَسْتَوُنَ } ، قَالَ: يعني بالمؤمن علياً وبالفاسق الوليد بن عقبة(4).
سُورة الأحزاب(5)
F
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ… الآية } [الأحزاب :1] .
__________
(1) في ( ص ) و (ه) : ((ابن بيان)) .
(2) في ( س ) و (ه) : (( دين أَبِي عقبة )) .
(3) في ( ب ) : (( فنَزَلت)) وعليها علامة التصحيح .
(4) إسناده ضعيف ، لضعف ابن أبي ليلى ،وَهُوَ : مُحَمّد بن عَبْد الرحمان بن أبي ليلى. والحديث أخرجه ابن عدي في الضعفاء 7/280 ، والخطيب في تاريخه 13/321 ، وذكره الواحدي في الوسيط 3/454 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 6/553 ، وزاد نسبته لأبي الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني وابن مردويه وابن عساكر مِنْ طرق عن ابن عَبْاس .
(5) كتب ناسخ ( ب ) فِي هذا الموقع ((بلغ مقابلة)) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة منها وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها.(1/623)
نزلت(1) في أبي سفيان وعكرمة بن أبي جهل وأبي الأعور عمرو بن سُفْيَان (2) السلمي(3) قدموا المدينة بعد قتال أحد فَنَزَلوا عَلَى عبد الله بن أبي ، وقد أعطاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمان عَلَى أن يكلموه فقام معهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح وطعمة بن أبيرق فقالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - وعنده عمر بن الخطاب : ارفض ذكر آلهتنا اللات والعزى ومنات ، وقل : إن لها شفاعة ، ومنفعة لمن عبدها وندعك وربك . فشق عَلَى النَّبْيّ - صلى الله عليه وسلم - قولهم فقال عُمَر بن الخطاب- رضي الله عنه -: ائذن لنا يا رسول الله في قتلهم ، فَقَالَ: ((إني قد أعطيتهم الأمان )) ، فقال عمر: اخرجوا في لعنة الله ، وغضبه . فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عُمَرَ أن يخرجهم من المدينة وأنزل الله عز وجل هذه الآية.
قوله - عز وجل - : { مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ } [ الأحزاب : 4].
نزلت في جميل بن معمر الفهري(4)
__________
(1) ذكره دُوْنَ إسناد الماوردي في تفسيره 3/301 ، والبغوي في تفسيره (1672) ، والخازن في تفسيره 5/229 ، وأورده القرطبي في تفسيره 6/5196 ونسبه إلى القشيري ، والثعلبي دُوْنَ إسناد.
(2) لَمْ ترد ( ب ) و ( ص ).
(3) في ( ب ) : (( الأسلمي )).
(4) ذكره بتمامه الماوردي في تفسيره 3/302 ، والبغوي في تفسيره (1673) دُوْنَ إسناد ، وذكره أيضاً القرطبي في تفسيره 6/5198 وزاد نسبته للقشيري دُوْنَ إسناد أيضاً ، وورد مسنداً مِنْ حديث ابن عَبْاس عِنْدَ الطبري في تفسيره 21/118 ، وابن مردويه كَمَا في الدر المنثور 6/561 مِنْ طريق ابن عَبْاس قَالَ : ((كَانَ رجلاً مِن قريش يسمى مِن دهيه ذا القلبين، فأنزل الله هذا في شأنه)) وفيه عطية العوفي وَهُوَ ضعيف. انظر : ميزان الاعتدال 3/79 (5667). =
= وذكرت هَذِهِ القصة مختصرة عن مجاهد كَمَا في تفسيره 513،وعن الطبري في التفسير
21/118 ، والفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر، وابن أبي حاتم كَمَا في الدر المنثور 6/561 ووردت
عن عدة تابعين. انظر : تفسير الطبري 21/118 ، وتفسير ابن أبي حاتم 9/3112 ، والدر المنثور 6/561.(1/624)
وكان رجلاً لبيباً حافظاً لما سمع، فقالت قريش:
ما حفظ هذه الأشياء إلا وله قلبان فِي جوفه(1)،وكان /95 ب/ يقول:إن لي قلبين أعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد فلما كان يوم بدر وهزم المشركون،وفيهم يومئذ(2) جميل بن معمر تلقاه أبو سفيان،وهو معلق إحدى نعليه بيده والأخرى في رجله ، فقال لَهُ : يا أبا معمر ما حال الناس ؟ قَالَ : قَدْ (3) انهزموا . قَالَ : فما بالك إحدى نعليك فِيْ يدك والأخرى فِيْ رجلك ؟ قال : ما شعرت إلا أنهما في رجلي . وعرفوا يومئذ أنه لو كان له قلبان لما نسي نعله في يده.
قوله - عز وجل - : { وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ… الآية } [ الأحزاب :4] .
نزلت في زيد بن حارثة كان عبداً (4) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعتقه وتبناه قبل الوحي
فلما تزوج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش ، وكانت تحت زيد بن حارثة قالت (5)
اليهود والمنافقون : تزوج محمد امرأة ابنه ، وَهُوَ ينهى الناس عنها فأنزل الله تعالى هذه الآيات(6).
__________
(1) فِي جوفه )) لَمْ ترد فِي ( س ) و (ه) .
(2) لَمْ ترد في ( ص ).
(3) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ).
(4) في (ه - ) : (( عِنْدَ الرسول )).
(5) في ( ب ) : (( قَالَ )) .
(6) ذكره بتمامه البغوي في تفسيره (1674) ، والخازن في تفسيره 5/230 بدون إسناد.
وروي عن مجاهد ( في تفسيره :513 ) إنه قَالَ : ((نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عَنْهُ )) أخرجه من قول مجاهد الطبري 21/119،وذكره السيوطي في الدر المنثور 6/562وعزاه إلى الفريابي ،وابن أبي شيبة، وابن المنذر . وانظر : تفسير القرطبي 6/5200.(1/625)
(345) أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد (1) بن نعيم الاشكابي (2)، قَالَ : أَخْبَرَنَا الحسن(3) بن أحمد بن مُحَمَّد (4) بن علي بن مخلد، قَالَ: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي، قَالَ: حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد ، قَالَ: حَدَّثَنَا يعقوب بن عبد الرحمان ، عن موسى بن عقبة ، عن سالم ،عن عبد الله بن عُمَرَ أنه كَانَ يقول: ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيداً بن مُحَمّد حتى نزل(5) في القرآن { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ } [الأحزاب:5] رواه البُخَارِيّ(6) عن معلى بن أسد ، عن عبد العزيز بن المختار(7) ، عن موسى بن عقبة .
قوله - عز وجل - : { مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ… الآية } [الأحزاب :23].
__________
(1) في ( ص ) : (( أبي )) .
(2) في ( ص ) : (( الإسكافي )).
(3) في ( ص ) : (( الحسين )).
(4) لَمْ يرد في ( ص ).
(5) فِي ( س ) و (ه - ) : (( نزلت ))
(6) صحيح البُخَارِيّ 6/145 (4785).
وأخرجه ابن سعد في الطبقات 3/43،وابن أبي شيبة في المصنف (32298)،وأحمد 2/77 ، ومسلم7/130 (2425) و 7/131 (2425) ، والترمذي (3209) و(3814) ، والنسائي في الكبرى (11396) و (11397) وفي التفسير ، لَهُ (416) و (417) ، وابن حبان (7042) ، والطبراني في الكبير (13170) ، والبيهقي في السنن 7/161 ، والبغوي في التفسير (1675) ، والمزي في تهذيب الكمال 3/70 ،وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 6/562 إلى ابن المنذر ،وابن أبي حاتم ،وابن مردويه.
(7) في (ه) : ((عَبْد الرحمان)) وَهُوَ خطأ.(1/626)
(346) أخبرنا أبو إسحاق(1) أحمد بن مُحَمّد بن إبراهيم، قَالَ: أخبرنا عَبْد الله بن حامد(2) ، قَالَ : أخبرنا مكي بن عبدان ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن هاشم ، قَالَ : حَدَّثَنَا بهز بن أسد ، قَالَ : حَدَّثَنَا سليمان بن المغيرة ، عن ثابت ، عن أنس قال: غاب عمي أنس بن النضر ، وبه سميت أنساً عن قتال بدر فشق عَلَيْهِ لما قدم ، وقال: غبت عن أول مشهد شهده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لئن أشهدني الله قتالاً ليرين الله ما أصنع فلما كان يوم أحد انكشف المسلمون ،فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء المشركون وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني : المُسْلِمِيْنَ - ثم مشى بسيفه فلقيه سعد بن معاذ فقال : أي سعد ، والذي نفسي بيده إني لأجد ريح الجنة دون أحد . فقاتلهم حتى قتل ،قال أنس: فوجدناه بين القتلى به بضع وثمانون جراحة من بين ضربة بالسيف ، وطعنة بالرمح ، ورمية بالسهم ، وقد مثلوا به ،فما عرفناه حتى عرفته أخته ببنانه(3) ، ونزلت هذه الآية : { مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ … الآية } [ الأحزاب : 23 ] ، قال: فكنا نقول : أنزلت هذه الآية فيه وفي أصحابه. رواه مُسْلِم(4)
__________
(1) في ( س ) : ((محمد)) .
(2) في (ه - ) : ((ابن خالد)) .
(3) اسمها : الربيع بنت النضر . انظر : أسد الغابة 5/425.
(4) صحيح مُسْلِم 6/45(1903)(148).
وأخرجه الطيالسي (2044) ، وأحمد 3/194 و 253 ، والترمذي (3200) ، والنسائي في الكبرى (8291) و (11402) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (422) وفي فضائل الصحابة ، لَهُ (186) ، والطبري في التفسير 21/146 ، وأبو عوانة 4/306 و 307 و 5/37 و 38 ، وابن حبان (4772) و (7023) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (783) مِنْ طرق عن ثابت عن أنس بِهِ.
وأخرجه ابن أبي شيبة (19393) و (36751) ، وأحمد 3/201 ، وعبد بن حميد (1396) ، والبخاري 4/23(2805) و 5/122(4048) ، والترمذي (3201) ، والنسائي في الكبرى (11403) وفي التفسير المفرد،لَهُ (423)،والطبري في التفسير 21/147،والطبراني في الكبير (769) ،وأبو نعيم في الحلية 1/121،والبيهقي 3/244 ، والبغوي في التفسير (1691)مِنْ طرق عن حميد الطويل،عن أنس ، بِهِ.(1/627)
عن محمد بن حاتم ، عن /96أَ/ بهز بن أسد.
(347) أخبرنا سعيد(1) بن أحمد بن جعفر المؤذن ، قَالَ: أخبرنا أبو علي بن أبي بكر الفقيه ، قَالَ : أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الزَّيِبيبي (2) ، قَالَ : حَدَّثَنَا بندار ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد بن عبد الله الأنصاري ، قَالَ : حدثني أبي ، عن ثمامة ، عن أنس بن مالك قَالَ(3): نزلت هَذِهِ الآية فِيْ أنس بن النضر { مِنَ المُؤمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقوا مَا عَاهَدوا اللهَ عَلَيه } [الأحزاب : 23] رَوَاه البُخَارِيّ (4) عن بندار.
قوله - عز وجل - : { فَمِنْهُمْ مَّنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَّنْ يَنْتَظِرُ… الآية } .
نزلت في طلحة(5) بن عبيد الله ثبت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد حتى أصيبت يده فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( اللهم أوجب لطلحة الجنة )) .
(348) أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله التميمي ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ
__________
(1) في (ه - ) : ((سعد)).
(2) في (ه - ) : ((ابن عَبْد الله الزيارجي)).
(3) في ( ص ) : ((نرى هَذِهِ الآية نزلت)).
(4) صحيح البُخَارِيّ 6/146 (4783).
وأخرجه : أبو نعيم في معرفة الصحابة (784) مِنْ طريق مُحَمّد بن عَبْد الله الأنصاري ، بهذا الإسناد وانظر ما قبله. وانظر : تفسير ابن كثير 3/632 ، والدر المنثور 6/586.
(5) انظر : تفسير ابن كثير 3/633.(1/628)
الحافظ ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن جعفر بن نصر الرازي ، قَالَ : حَدَّثَنَا العباس بن إسماعيل الرِّقِّي ، قَالَ : حَدَّثَنَا إسماعيل بن يَحْيَى البغدادي ، عن أبي سنان ، عن الضحاك ، عن النّزّال(1) بن سبرة ، عن عليٍّ ، قال(2): قالوا: حَدِّثْنَا عن طلحة . قال : ذَلِكَ امرؤ نزلت فيه آية من كتاب الله تعالى : { فَمِنهُم مَّن قَضى نَحبَهُ وَمِنهُم مَّن يَنتَظِرُ } طلحة ممن قضى نحبه لا حساب عليه فيما يستقبل.
(349) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قَالَ : حدثني أبي (3)، قَالَ: حَدَّثَنَا وكيع ، عن طلحة بن يَحْيَى ، عن عيسى بن طلحة ؛ أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - مَرَّ عَلَيْهِ طلحة ، فَقَالَ : (( هَذَا مِمَّنْ قضى نحبه ))(4).
قوله - عز وجل - : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ …الآية } [الأحزاب :33].
__________
(1) هُوَ النّزّال بن سبرة الهذلي الكوفي مختلف في صحبته والمعروف أنه مخضرم انظر : تهذيب الكمال 7/321 (6986) ، والإصابة 3/553.
(2) أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 25/85،وزاد السيوطي في الدر المنثور6/588نسبته إلى أبي الشيخ.
(3) فضائل الصحابة للإمام أحْمَد بن حَنْبل (1297).
(4) إسناده صحيح .
أخرجه : الترمذي (3203) و (3742) ، وابن أبي عاصم في السنة (1435) ، والبزار (943) ، وأبو يعلى (663) ، والطبري في تفسيره 21/147 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 25/85 ، والضياء المقدسي في المختارة 1/278.(1/629)
(350) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قَالَ: أخبرنا أبو مُحَمّد بن حيان ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن عمرو بن أبي عاصم ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو الربيع الزهراني ، قَالَ : حَدَّثَنَا عمار بن مُحَمّد ، عن(1) الثوري ، قال: أخبرنا سفيان ، عن أبي الجحاف ، عن عطية ، عن أبي سعيد : { إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيراً }
[ الأحزاب : 33] قال: نزلت في خمسة : في النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن ، والحسين رضوان الله عليهم أجمعين (2).
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف عطية بن سعيد بن جنادة العوفي ، وَهُوَ مَعَ ضعفه يدلس تدليس الشيوخ يروي عن الكلبي - وَهُوَ كذاب - ويكنيه بأبي سعيد يوهم بأنه الخدري .
أخرجه : الطبري في تفسيره 22/6 ، والطبراني في الأوسط (3480 ) مِنْ طريق عطية وفي رِوَايَة الطبري
(( عن أبي سعيد الخدري )) ، وذكره الهيثمي في المجمع 7/91 وَقَالَ : (( رَوَاه الطبراني وفيه عطية بن
سعيد ، وَهُوَ ضعيف )). وأورده السيوطي في الدر المنثور 6/604 وزاد نسبته لابن أبي حاتم .(1/630)
(351) أخبرنا أبو سعد النَّصْرُويي (1) ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي ، قَالَ :حَدَّثَنَا عَبْد الله بن أحمد بن حنبل،قَالَ: حدثني أبي (2) ،قَالَ :حَدَّثَنَا ابن نمير ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الملك ،عن عطاء بن أبي رباح ، قَالَ :حدثني من سمع أم سلمة (3) تذكر أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -كَانَ في بيتها فأتته فاطمة رضي الله عنها بِبُرْمَة فيها خزيرة(4) فدخلت بها عَلَيْهِ فقال لها: (( ادعي لي(5) زوجك وابنيك ))، قالت: فجاء علي والحسن والحسين فدخلوا فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة،وَهُوَ عَلَى مَنَامَةٍ لَهُ وكان تحته كساء(6) خَيْبَرِيّ(7) قالت: وأنا في الحجرة أصلي فأنزل الله تعالى هذه الآية { إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجْسَ أَهْلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطْهِيراً } [الأحزاب:33] قالت: فأخذ فضل الكساء فَغَشَّاهم بِهِ،ثم أخرج يديه فألْوَى بهما إلى السماء،ثم قَالَ:(( اللهم هَؤُلاَءِ (8) أهل بيتي وخاصتي(9) وحاميتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً))قَالَت: فأدخلت رأسي البيت،وقلت :وأنا معكم يا رسول الله قَالَ:(( إنك إلى خير إنك إِلَى/96 ب/خيرٍ
__________
(1) في (ه - ) : (( أبو سعيد النضوي )).
(2) المسند 6/292 ، وفي فضائل الصحابة (994).
(3) في (ه - ) : (( أم سليم )) ، وَهُوَ خطأ إِنَّما هي أم سَلمَة زَوْج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - انظر : تهذيب الكمال 8/582.
(4) الخزيرة :هي طعام مكون مِنْ لحم مقطع لقطع صغار توضع في قدر وتطبخ بالماء الكثير والملح فإذا نضجت قطع اللحم سكب عليها الدقيق لتعصد بِهِ،وبعدها تدمى عليها بأي إدام شئ،والخزيرة تكون باللحم فإذا كانت بدون اللحم سميت (عصيدة).انظر:لسان العرب 4/237،وتاج العروس 11/157 (خزر).
(5) لَمْ ترد في ( ص ) .
(6) في ( ص ) : ((كساة)) .
(7) في (ه - ) : ((حبري)) .
(8) لَمْ ترد في ( ب ) .
(9) لَمْ ترد في ( ب ) .(1/631)
))(1)
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ لجهالة شيخ عطاء .
أخرجه : أحْمَد 6/292 كَمَا مر.
وأخرجه : الطحاوي في شرح مشكل الآثار (766) ، والطبراني في الكبير (2668) مِنْ طريق عطاء ، عن أم سلمة ، بِهِ ولم يذكر الواسطة .
وورد هذا الحَدِيْث مِنْ طريق صحيح أخرجه : أحْمَد 6/292 وفي فضائل الصحابة، لَهُ (595) مِنْ طريق أبي ليلى ، عن أم سلمة ، بِهِ. وورد مِنْ عدة طرق ، عن أم سلمة فيما يلي ذكرها :
فقد أخرجه :أحْمَد 6/298و304و323وفي فضائل الصحابة،لَهُ(996)،والترمذي(3871)،وأبو يعلى (7021) و(7026)،والطبري في التفسير22/6،والطحاوي في شرح المشكل(766)و(767)و(769)
و(770)،والطبراني في الكبير(2664)و(2665)و(2666)و23/(768)و(769)و(770)و(771)
و(773)و(779)و(780)و(783)و(786)وفي الأوسط،له(2281)وفي الصغير،لَهُ (177) ، وابن عدي في الكامل 6/489 مِنْ طريق شهر بن حوشب ، عن أم سلمة ، بِهِ وشهر ضعيف.
وأخرجه : البُخَارِيّ في التاريخ الكبير 2/196-197 ، والطبري فِي التفسير 22/8 ، والطحاوي فِي شرح المشكل (762) ، والطبراني في الكبير 23/(750) مِنْ طريق حكيم بن سعد ، عن أم سلمة ، بِهِ .
وأخرجه : أبو يعلى (6888) ، والطبري 22/6و7 ، والطحاوي في شرح المشكل (768) ، والطبراني فِي الكبير (2662) مِنْ طريق عطية العوفي ، عن أبي سعيد ، عن أم سلمة ، بِهِ وعطية العوفي ضعيف .
وأخرجه : ابن أبي شيبة ( 32095) ، وأحمد 6/296 و 304 ، والدولابي في الكنى 2/121 ، والطبراني فِي الكبير (2667) و 23/(759) و (939) مِنْ طريق عطية الطفاوي ، عن أم سلمة .
وأخرجه : الطبري 22/7 ، والطبراني في الأوسط(7610)مِنْ طريق أبي هريرة ، عن أم سلمة ، بِهِ . =
= وأخرجه : الطبري 22/7-8 ، والطحاوي في شرح المشكل (763) ، والطبراني في الكبير (2663) عن عَبْد الله بن وهب بن زمعة ، عن أم سلمة ، بِهِ.
وأخرجه : الحاكم 2/416 و 3/146 ، والبيهقي في السنن الكبرى 2/150 ، والبغوي في التفسير (1709) مِنْ طريق عطاء بن يسار ، عن أم سلمة ، بِهِ.
وأخرجه : الطحاوي في شرح المشكل (765) و (772) مِنْ طريق عمرة الهمدانية ، عن أم سلمة ، بِهِ.(1/632)
.
(352) أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمان بن مُحَمّد السَّرَّاج ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد ابن يعقوب ، قَالَ : حَدَّثَنَا الحسن بن علي بن عفان ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو يَحْيَى الحماني ، عن صالح بن موسى القرشي ، عن خصيف (1) ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عَبَّاس قَالَ: أنزلت هذه الآية في نساء النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - { إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً } (2)[الأحزاب :33 ] .
(353) أخبرنا عقيل بن مُحَمّد الجرجاني(3) فيما أجاز لي لفظاً ، قَالَ : أخبرنا المعافى بن زكريا القاضي، قَالَ: أخبرنا مُحَمّد بن جَرِير(4)، قَالَ : حَدَّثَنَا ابن حميد ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن واضح ، قَالَ : حَدَّثَنَا الأصبغ ، عن علقمة ، عن عكرمة في قوله تعالى : { إِنَّما يُريدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُم الرِجسَ أَهلَ البَيتِ } [الأحزاب:33] قَالَ: ليس الَّذِي(5) تذهبون إليه إنما هي فِي أزواج النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: وكان عكرمة ينادي بهذا في السوق .
قوله - عز وجل - : { إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ … الآية } [الأحزاب :35].
__________
(1) في (ه - ) : ((حصيف)).
(2) إسناده ضعيف ؛ لضعف خصيف بن عَبْد الرَّحمَان.
ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/603 وعزاه لابن مردويه . وأخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق 69/150 وزاد السيوطي في الدر المنثور نسبته إِلَى ابن أبي حاتم مِنْ طريق عكرمة ، عن ابن عَباس ، بِهِ.
(3) في ( ب ) : (( الحراني )) .
(4) تفسير الطبري 22/8 ، وزاد السيوطي نسبته فِي الدر المنثور 6/603 لابن مردويه .
(5) في (ه) : ((الذين يذهبون)).(1/633)
[ قَالَ مقاتل بن حيَّان: بلغني أن أسماء بنت عميس(1) لما رجعت من الحبشة معها زوجها جعفر بن أبي طالب دخلت على نساء رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: هل نزل فينا شيء من القرآن ؟ قلن : لا . فأتت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَقَالَتْ : يا رَسُول الله إن النساء لفي خيبة وخسارة قَالَ : ((ومم (2) ذَلِكَ ؟)) . قالت: لأنهن لا يذكرن في الخير كَمَا يذكر الرجال فأنزل الله تَعَالَى { إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ… } [ الأحزاب : 35 ] إِلَى آخرها](3) .
وَقَالَ قتادة (4) : لما ذكر الله تعالى أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل نساء من المسلمات عليهن فقلن: ذكرتن ولم نذكر ولو كان فينا خير لذكرنا . فأنزل الله تَعَالَى : { إِنَّ المُسلِمينَ وَالمُسلِماتِ } (5)[الأحزاب : 35 ].
قوله - عز وجل - : { تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ … الآية } [ الأحزاب : 51 ] .
__________
(1) ذكره المصنف في الوسيط 3/471 ، والبغوي في التفسير (1710) ، والخازن في تفسيره 5/260 دُوْنَ إسناد ولم نقف عَلَيْهِ مسنداً.
(2) فِي ( ب ) : (( وفيم )) .
(3) ما بَيْنَ المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ).
(4) أخرجه : الطبري في تفسيره 22/10 وانظر : الدر المنثور 6/608.
(5) ورد هذا السبب مِنْ طرق أخرى انظر : تفسير ابن كثير 3/647-648 ، والدر المنثور 6/607-608.(1/634)
قال المفسرون (1) : حين غار بعض نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وآذينه بالغيرة وطلبن زيادة النفقة ، فهجرهن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شهراً حتى نزلت آية التخيير ، وأمر الله تعالى أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة ، وأن يخلي سبيل من اختارت الدنيا ، ويمسك منهن(2) من اختارت الله سبحانه ورسوله على أنهن أمهات المؤمنين ، ولا ينكحن أبداً ، وعلى أنه يؤوي إليه من يشاء ويُرْجِي منهن إليه من يشاء فيرضين بِهِ ، قَسَمَ لَهُنَّ أو لم يَقْسِم ، أو فضّل بعضهن على بعض بالنفقة والقسمة والعشرة ويكون الأمر في ذَلِكَ إليه يفعل ما يشاء فرضين بذلك كله ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَعَ ما جعل الله تعالى لَهُ من التَّوْسِعَة يُسَوي بينهن في القِسْمة.
(354) أخبرنا أبو عبد الله مُحَمّد بن إبراهيم المُزَكّي ، قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن بن يوسف السقطي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أحمد بن يَحْيَى الحلواني، قال: حَدَّثَنَا يَحْيَى بن معين ، قَالَ : حَدَّثَنَا عباد بن عباد ، عن عاصم الأحول ، عن مُعَاذَةَ ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - /97 أ / بعد ما نزلت { تُرجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَنْ تَشَاءُ } [الأحزاب: 51 ] يستأذننا إذا كَانَ في يوم المرأة منا قالت معاذة فقلت : ما كنت تقولين قالت : كنت أقول : إن كان ذلك إليّ (3)لم أوثر أحداً على نفسي.
رواه البُخَارِيّ (4) عن حيّان بن موسى ، عن ابن المبارك ، ورواه مُسْلِم (5)
__________
(1) نقله البغوي في تفسيره (1728) عن أبي رزين ، وابن زيد وانظر : تفسير ابن كثير 4/24-26 ، والدر المنثور 6/633-635.
(2) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ).
(3) الَّذيْ في البُخَارِيّ ((ذاك إلي فإني لا أريد يا رسول الله ، أن أوثر عليك أحداً)).
(4) صحيح البُخَارِيّ 6/147 (4789).
(5) صحيح مُسْلِم 4/186 (1476) (23).
وأخرجه أحمد 6/76، ومسلم 4/186(1476) عقب(23)بدون رقم، وأبو داود (2136)، والنسائي فِي الكبرى (8936) ، وأبو عوانة 3/134، وابن حبان ( 4206 ) ، والطبراني في الاوسط (6304)، والحاكم 2/187 ، وأبو نعيم في المستخرج (3480) ، والبيهقي في السنن الكبرى 7/74 والخطيب في تاربخ بغداد 4/286، وابن حجر فِي تغليق التعليق 4/286 مِنْ طرق عن عاصم الاحول ، بهذا الإسناد.(1/635)
عن شريح ابن(1) يونس ، عن عباد ؛كلاهما عن عاصم.
وَقَالَ قومٌ : لما نزلت آية التخيير أشفقن أن يطلقهن (2) ، فقلن : يا نبيَّ الله ، اجعل لنا من مالك ونفسك ما شئت ، ودعنا عَلَى حالنا فَنَزَلت هَذِهِ الآية (3).
(355) أخبرنا عبد الرحمان بن عبدان ، قَالَ : أخبرنا مُحَمّد بن عبد الله بن
مُحَمّد (4) بن نعيم ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد بن يعقوب الأخرم ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد بن عبد الوهاب ، قَالَ : حَدَّثَنَا محاضر بن المورع (5) ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة : أنها كانت تقول لنساء النَّبْيّ ?- صلى الله عليه وسلم -: أما تستحي المرأة أن تهب نفسها فأنزل الله - عز وجل - : { تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنهُنَّ وَتُؤوي إِلَيكَ مَن تَشَاءُ } [ الأحزاب : 51] فقالت عائشة للنبي - صلى الله عليه وسلم - : أرى ربَّك يُسارعُ لك في هواك . رواه البُخَارِيّ (6) عن زكريا بن يَحْيَى ورواه مُسْلِم (7)
__________
(1) فِي صحيح مُسْلِم ((سريج بن يونس)).
(2) فِي ( ب ) : (( يطلقن )).
(3) ورد ذَلِكَ مِنْ طريق أبي رزين ، أخرجه : الطبري في تفسيره 22/25 ، وذكره البغوي في تفسيره (1729) وزاد فِيهِ (( فكان ممن أرجأ منهن: سودة بنت زمعة ، وجويرية ، وصفية ،وأم حبيبة ،وميمونة ، وكان ممن أوى إليه : عائشة ، وأم سلمة ، وحفصة ، وزينب )) وانظر :مصنف ابن أبي شيبة (16471).
وورد مِنْ طريق مجاهد ، بِهِ . أخرجه : ابن مردويه كَمَا فِي الدر المنثور 6/633 وزاد أيضاً (( قَالَ : وكان المؤويات خمسة : عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة ، وزينب ، وأم حبيبة ، والمرجآت أربعة: جويرية، وميمونة ، وسودة ، وصفية )) .
(4) لَمْ ترد في ( ص ) .
(5) فِي ( س ) : (( المودع )) بالدال محرف ، انظر تهذيب الكمال 3/43 .
(6) صحيح البُخَارِيّ 6/174(4788).
(7) صحيح مُسْلِم 4/174(1464)(49).
وأخرجه : أحْمَد 6/134 و 158 و 261 ، والبخاري 7/15( 5113) ، ومسلم 4/174 (1464) (50) ، وابن ماجه (2000) ، والنسائي في الكبرى (5306) و (8927) و (11414) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (434)، وأبو عوانة 3/137-138 ، والطبري في تفسيره 22/26 ، وابن حبان (6367) ، والحاكم 2/436 ، والبيهقي 7/55 ، والبغوي في تفسيره (1731) ، وابن حجر في تغليق التعليق 4/411 مِنْ طريق هشام بن عروة بهذا الإسناد.(1/636)
، عن أَبِي كريب ، كلاهما ، عن أَبِي أسامة ، عن هشام .
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيّ…الآية } [الأحزاب:53].
قَالَ أكثر المفسرين : لما بنى(1) رسول الله- صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جَحْشٍ أوْلَمَ عليها بتمر وسويق وذبح شاة ، قَالَ أنس : وبعثت إليه أمي أم سُلَيم بِحَيْسٍ في تَوْرٍ(2) من حجارة فأمرني النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن أدعو أصحابه إلى الطعام فدعوتهم فجعل القوم يجيئون فيأكلون ويخرجون، ثم يجيء القوم فيأكلون ويخرجون (3)فقلت: يا نبي الله قد دعوت حتى ما أجد أحداً أدعوه فقال : ارفعوا طعامكم فرفعوا وخرج القوم وبقي ثلاثة نفر يتحدثون في البيت فأطالوا المكث وتأذى بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وكان شديد الحياء فَنَزَلت هذه الآية ، وضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيني وبينه ستراً .
__________
(1) انظر : تفسير عَبْد الرزاق 3/49 ، وتفسير الطبري 22/37 ، وتفسير البغوي 3/656-657.
(2) في ( ص ) : ((قعب)) وفي اللسان 5/164 في شرح هَذِهِ الكلمة مِن هذا الحَدِيْث : ((هُوَ إناء مِن صفر أو حجارة كالإجانة ، وَقَدْ يتوضأ مِنْهُ)).
(3) هَذِهِ الجملة لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه).(1/637)
(356) أخبرنا مُحَمّد بن عبد الرحمان الفقيه، قَالَ: أخبرنا أبو عَمْرو(1) مُحَمّد بن أحمد الحيري ، قَالَ : أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشعٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن حماد النّرْسي ، قَالَ : حَدَّثَنَا المعتمر بن سليمان ، عن أبيه ، عن أبي مجلز ، عن أنس بن مالك ، قَالَ : لما تزوج رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا ثم جلسوا يتحدثون . قَالَ : فأخذ كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذَلِكَ قام وقام منَ قام مِنَ القوم (2)وقعد ثلاثة نفر(3) وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - جاء فدخل فإذا القوم جلوس فرجع(4) وأنهم قاموا وانطلقوا فجئت فأخبرت النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قَدْ انطلقوا قَالَ(5) : فجاء حَتَّى دخل قَالَ : وذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله تَعَالَى: { يا أَيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيوتَ النَبِيِّ إِلاّ أَن يُؤذَنَ لَكُم إِلى طَعَامٍ … } [الأحزاب: 53] الآية إلى قوله /97ب/: { إِنَّ ذَلِكُمْ كانَ عِندَ اللهِ عَظيماً } [الأحزاب:53] رواه البُخَارِيّ(6)عن مُحَمّد ابن عَبْد الله الرّقاشي ، ورواه مُسْلِم(7)
__________
(1) في ( س) (( عمر )) وَهُوَ خطا ، والتصويب من بقية النسخ . وانظر : سير أعلام النبلاء 16/356.
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( من القوم من قام ))
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .
(4) لَمْ ترد في ( ب ) .
(5) لَمْ ترد فِي ( ب )
(6) صحيح البُخَارِيّ 6/148(4791).
(7) صحيح مُسْلِم 4/149(1428)(92).
وأخرجه: البُخَارِيّ 8/66(6239) و8/75(6271) ، ومسلم 4/149(1428) (92)، والنسائي في الكبرى (11420) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (440) ، والطحاوي في شرح المعاني 4/334 ، والطبراني في المعجم الأوسط (8523)، وأبو نعيم في المستخرج (3334)، والبيهقي 7/87 من طريق أَبِي مجلز أيضاً.
تنبيه : وقع فِي المطبوع من شرح المعاني ( عَنْ أَبِي مجالد عَنْ أَنَس ) وَهُوَ تحريف قبيح . =
= وأخرجه : ابن سعد فِي الطبقات 2/109و8/105 ، وأحمد 3/195و246 ، وعبد بن حميد(1206) ، ومسلم 4/148(1428)(89)و4/149(1428)(90) ، والفريابي في دلائل النبوة (9) ، والنسائي في المجتبى 6/79 وفي الكبرى ، لَهُ (5399) و (11410) وفي التفسير ، لَهُ (430) ، وأبو يعلى (3332) و(3349) و (3464) ، وأبو عوانة 3/57 ، وابن حبان (7212) ، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (869) و (870) ، وأبو نعيم في الدلائل (330) وفي المستخرج (3330) و ( 3331 ) و ( 3332 ) مِنْ طريق ثابت ، عن أنس ،
وأخرجه : ابن سعد في الطبقات 8/106و107 ، وأحمد 3/105و200و262 ، والبخاري 6/149 (4794) و 7/ 27 ( 5154 ) ، والنسائي فِي الكبرى (6908) و (10102) وفي عمل اليوم والليلة (272) ، والطبري 22/37 ، وابن حبان (4062) ، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (871)، والبغوي في شرح السنة (2313) مِنْ طريق حميد الطويل ، عن أنس ، بِهِ.
وأخرجه : ابن سعد فِي الطبقات 8/106 ، وأحمد 3/168و236 ، والبخاري 7/30(5166) و7/107(5466) و 8/65(6238) وفي الأدب المفرد (1051) ، ومسلم 4/150(1428) (93) ، والنسائي فِي الكبرى (6616) ، والطبري 22/37 ، والطحاوي 4/333 ، والطبراني فِي الكبير 24/(130) ، وأبو نعيم فِي المستخرج(3335) ، والبيهقي 7 /87 ، والبغوي فِي التفسير (1737) مِن طريق ابن شهاب عن أنس ، بِهِ.
وأخرجه : البُخَارِيّ 6/149(4793)، والنسائي في الكبرى(10101) وفي عمل اليوم والليلة (271)، وأبو نعيم فِي المستخرج (3333) مِنْ طريق عَبْد العزبز بن صهيب ، عَن أنس ، بِهِ.
وأخرجه : عَبْد الرزاق في التفسير (2368) ، وأحمد3/163 ، ومسلم4/105(1428) (94) و4/151 (1428) (95) ، والترمذي (3218) ، والنسائي 6/136 وفي الكبرى (11416) ، وابن أَبِي حاتم فِي التفسير 10/3149 (17759) ، والطبراني 24/ (125) ، والحاكم 4/417-418 ، وأبو نعيم فِي المستخرج (3336) و(3337) مِنْ طريق أبي عثمان الجعد بن دينار اليشكري ، عن أنس ، بِهِ.
وأخرجه : ابن سعد 8/106 ، وأحمد 3/226 ، والبخاري 9/152(7421) ، والنسائي 6/79 وفي الكبرى ، لَهُ (6603) (11421) ، والطبراني فِي الكبير 24/(127) و (129)مِنْ طريق عيسى بن طهمان ، عن أنس ، بِهِ.
وأخرجه : ابن سعد 8/105 ، وأحمد 3/241 ، والبخاري 6/149(4792) ، والطبري فِي التفسير 22/38 ، والطبراني 24/(128) مِنْ طريق أبي قلابة ، عن أنس ، بِهِ.
وأخرجه ابن عدي في الكامل 4/352 ، والمروزي في تعظيم قدر الصلاة (872) و(873) مِنْ طريق سلم العلوي ، عن أنس ، بِهِ .(1/638)
عن يَحْيَى بن حبيب الحارثي كلاهما عن المعتمر.
(357) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الواعظ، قَالَ: أخبرنا أبو عمرو بن نجيد ، قَالَ: أخبرنا مُحَمّد بن الحسن بن الخليل، قَالَ: حدثنا هشام بن عمار ، قَالَ: حدثنا الخليل بن موسى ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن عون(1) ، عن عمرو بن سعيد(2) ، عن أنس بن مالك قَالَ : كنت مَعَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ مر على حجرة من حجره فرأى فيها قوماً جلوساً يتحدثون ، ثم عاد فدخل الحجرة وأرخى الستر دوني فجئت أبا طلحة فذكرت ذَلِكَ لَهُ كله (3) فَقَالَ : لئن كان ما تقول حقاً لينزلنَّ الله تَعَالَى فِيهِ قرآناً ، فأنزل الله تَعَالَى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ …الآية } (4) [الأحزاب : 53] .
(358) أخبرنا أحمد بن الحسين الحيري ، قَالَ : حَدَّثَنَا حاجب بن أحمد ، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الرحيم بن منيب ، قَالَ : حَدَّثَنَا يزيد بن هارون ، قَالَ: حَدَّثَنَا حميد ، عن أنس قَالَ : قَالَ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قلت : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب . رواه البُخَارِيّ (5)
__________
(1) في ( ه ) : (( ابن عوف )).
(2) في ( ب ) : (( عمرو بن شعيب )).
(3) لَمْ ترد في ( ب ) .
(4) حسن ، كَمَا قَالَ الترمذي ، الخليل بن موسى ضعيف يعتبر بِهِ ، وَقَدْ تابعه أشهل بن حاتم عِنْدَ الترمذي وَهُوَ كذلك أيضاً ،أخرجه : الترمذي ( 3217 ) ، والطبري في التفسير22/38.
(5) صحيح البُخَارِيّ 6/24(4483).
وأخرجه : أحْمَد 1/23 و24و36 ، والبخاري 1/111(402) و6/148(4790) ، والبزار(220) و(221) ، والنسائي في الكبرى (11418) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (438) ، والطبري في تفسيره 22/38 و39 ، وابن حبان (6896) ، والطبراني في الصغير (868) ، والبيهقي 7/88 ، والبغوي في شرح السنة (3887) وفي التفسير ، لَهُ (1740) مِنْ طرق عَنْ حميد ، بهذا الإسناد.(1/639)
عن مسدد ، عن يَحْيَى [ بن أبي زائدة ](1) ، عن حميد .
(359) أخبرني أبو حكيم (2) الجرجاني فيما أجازني لفظاً ، قَالَ: أخبرنا أبو الفرج القاضي، قَالَ : حدثنا محمد بن جرير(3) ، قَالَ :حدثنا يعقوب بن إبراهيم ،قَالَ :حدثنا هشيم ، عن ليثٍ ، عن مجاهدٍ : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يطعم معه بعض أصحابه فأصابت يد رجل منهم يد عائشة وكانت معهم ، فكره ذَلِكَ النبي - صلى الله عليه وسلم - فنَزَلت آية الحجاب(4) ) .
قوله - عز وجل - : { وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً…الآية } [الأحزاب:53].
قَالَ ابن عَبَّاس في رواية عطاء: قَالَ (5) رجل من سادة قريش : لو توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتزوجت عائشة فأنزل الله تعالى ما أنزل.
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) في (ه) : ((أبو حكم)).
(3) هُوَ الإمام الطبري ، والحديث في تفسيره 22/39.
(4) إسناده ضعيف ؛ لضعف ليث وَهُوَ : ابن أبي سليم ولإرساله وَقَدْ وردت هَذِهِ القصة موصولة مِنْ حديث عائشة –رضي الله عنها- وفيه أن الرجل الَّذيْ مست يداه يد عائشة هُوَ عمر بن الخطاب ( ذكره السيوطي وَقَالَ : ((أخرج النسائي ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، وابن مردويه،بسند صحيح عن عائشة )) انظر : الدر المنثور 6/640-641. وانظر : تفسير ابن كثير 3/671.
(5) أخرجه البَيْهَقِيّ في السنن الكبرى 7/69 مِنْ طريق مهران بن أبي عمر ،عن سفيان الثوري ، عن داود بن أبي هند ، عن عكرمة، عن ابن عَبْاس، بِهِ وَقَالَ البَيْهَقِيّ: (( قَالَ سليمان: لَمْ يروه عن سفيان إلا مهران )) ومهران هذا هُوَ ((مهران بن أبي عمر الرازي العطار قَالَ ابن معين : كتبت عَنْهُ ، وكان شيخاً مسلماً ، وعنده خلط كثير في حديث سفيان)) انظر : ميزان الاعتدال 4/196(8828) ، وذكر الحَدِيْث السيوطي في الدر المنثور 6/643 وعزاه إلى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه.(1/640)
قوله - عز وجل - : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيّ…الآية } [الأحزاب:56].
(360) أخبرنا أبو سعيد ، عَن ابن (1) عَمْرو (2) النَّيْسَابُورٍي ، قَالَ: أخبرنا الحسن ابن أحمد(3) المخلدي(4) ، قَالَ : أخبرنا المؤمل بن الحسن(5) بن عيسى ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد بن يَحْيَى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو حذيفة ، قَالَ: حَدَّثَنَا سفيان ، عن الزبير بن عدي ، عن عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن كعب بن عُجْرَةَ ، قَالَ: قيل للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - قد عرفنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك فأنزل اللهُ : { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلى النَّبِيِّ يا أَيُّها الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } (6)[الأحزاب :56] .
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ).
(2) في ( ه - ) : (( عن ابن عُمَرَ )) .
(3) لَمْ ترد في ( ص ) .
(4) في ( ه - ) : (( الخلدي )).
(5) في ( ه - - - ) : (( الحسين )).
(6) إسناده صحيح . أخرجه:الشَّافِعِيّ (258) بتحقيقنا ، وعبدالرزاق (3105) ، والحميدي (711) و(712) ، وأحمد 4/241و243 و244، وعبد بن حميد (368) ، والدارمي(1348) ، والبخاري 4/178(3370) و 6/151 ( 4797 ) و8/95( 6357 ) ، ومسلم 2/16( 406) (66) (67) (68) ، وأبو داود (976) و (977) و (978) ، وابن ماجه (904) ، والترمذي (483)، والنسائي 3/47و48 وفي الكبرى (1119) و (1120) و (1121) ، وفي عمل اليوم والليلة (54) و (359) ، وابن الجارود (206) ، والطحاوي في شرح المعاني 3/72 ، وابن حبان (912) ، والطبراني في الأوسط (2389) ، والبيهقي 2/174 ، والبغوي (681). وفيه :
((أنه قلنا : يا رسول الله قَدْ علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ، قَال : فقولوا : اللهم صلِ عَلَى مُحَمّد وعلى آل مُحَمّد ، كَمَا صليت عَلَى آل إبْرَاهيم …))(1/641)
(361) أخبرنا عبد الرحمان بن حمدان العَدْل ، قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن يحيى الصولُّي ، قال: حَدَّثَنَا الرِّياشي ، عن الأصمعي ، قال: سمعت المهدي على منبر البصرة يقول: إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته ، فقال { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّها الَّذينَ /98 أ/ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً } [الأحزاب : 56] آثره - صلى الله عليه وسلم - بها من بين سائر (1) الرسل واختصكم بها من بين الأنام (2) ؛ فقابلوا نعمة الله بالشكر (3).
(362) سَمِعْت الأستاذ(4) أبا عثمان الواعظ (5) يَقُول(6): سَمِعْت الإمام سهل بن مُحَمّد بن سليمان يَقُول : هَذَا التشريف الَّذيْ شرف الله تَعَالَى بِهِ نبيه - صلى الله عليه وسلم - بقوله :
{ إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلى النَبِيِّ } [الأحزاب: 56] أبلغ وأتم مِنْ تشريف آدم بأمر الملائكة بالسجود لَهُ لأنَّهُ لا يجوز أن يَكُوْن الله مَعَ الملائكة في ذَلِكَ التشريف، وَقَدْ أخبر الله تَعَالَى عن نفسه بالصلاة عَلَى النبيِّ ، ثُمَّ عن الملائكة بالصلاة عَلَيْهِ(7) ، فتشريفٌ صَدَرَ عَنْهُ، أبلغ مِنْ تشريف تختص بِهِ الملائكة مِنْ غَيْر جواز أن يَكُوْن الله معهم في ذَلِكَ. وهذا الَّذيْ قَالَهُ سهلٌ منتزعٌ مِنْ قَوْل المهدي ، ولعله رآه ونظر إِلَيْهِ فأخذه مِنْهُ وشرحه ، وقابل ذَلِكَ بتشريف آدم ، فكان أبلغ وأتم مِنْهُ .
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب )و( ص ).
(2) في ( ب ): ((الأمم)).
(3) اقتبسه المصنف من كتاب الأوراق في أخبار آل العباس وأشعارهم.انظر:كتاب أسباب النزول للواحدي دراسة وتحليل – رسالة ماجستير – 152 ، والوسيط 3/481 .
(4) في ( ب ) : (( الإمام )) .
(5) في ( س ) : (( الحافظ )) .
(6) لَمْ ترد في ( ب ).
(7) لَمْ ترد في ( ب ).(1/642)
(363) وقد ذكر في الصحيح ما أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ،
قال: أخبرنا محمد بن عيسى بن عمرويه ، قَالَ : حَدَّثَنَا إبراهيم بن سفيان ، قَالَ : حدثنا مُسْلِم (1) ، قَالَ : حدثنا قتيبة وعلي بن حجر، قالا : حدثنا إسماعيل بن جعفر ، عن العلاء ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ؛ أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( من صَلَّى عَلِيّ مرة (2) واحدة صَلَّى الله عَلَيْهِ عشراً )) (3).
قوله - عز وجل - : { هُوَ الَّذي يُصَلِّي عَلَيْكُم وَمَلائِكَتُهُ… } .
قال مجاهدٌ: لما نزلت : { إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ… الآية } [الأحزاب: 56] قال أبو بكر: ما أعطاك الله تعالى من خير إلا أشركنا فِيهِ ، فَنَزَلت :
{ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيكُم وَمَلائِكَتُهُ… } الآية (4) [الأحزاب : 43].
قوله - عز وجل - : { وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا…الآية } [الأحزاب: 58] .
قال عطاءٌ : عن ابن عباس رأى عمر رضي الله عنه جارية من الأنصار متبرجةً فضربها ، وكره ما رأى من زينتها ، فذهبت إلى أهلها تشكو عمر فخرجوا إليه فآذوه فأنزل الله تعالى هذه الآية (5).
__________
(1) صحيح مسلم2/ 17( 408 ) ( 70 ).
(2) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ).
(3) صحيح.
أخرجه : أحْمَد 2/ 262 و 372 و 375 و 385 ، والدارمي (2775) ، والبخاري في الأدب المفرد (645) ، وأبو داود (1530)، والترمذي (485) ، والنسائي 3/50 وفي الكبرى (1128)، وأبو يعلى (6495) ، وابن حبان (906) ، والبغوي (684).
(4) أخرجه : عَبْد بن حميد وابن المنذر ، كَمَا في الدر المنثور 6/622 ، وذكره البغوي في التفسير (1725) عن أنس بن مالك دُوْنَ إسناد.
(5) ذكره القرطبي في تفسيره 6/5322 دُوْنَ إسناد ولم نقف عَلَيْهِ مسنداً .(1/643)
وقال مقاتلٌ : نزلت في عليِّ بن أبي طالب ، وذلك أن أناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويُسْمِعُونه (1).
وقال الضحاك والسدي والكلبي (2): نزلت في الزناة الذين كانوا يمشون في طرق المدينة يتبعون النساء إذا برزن بالليل لقضاء حوائجهن ، فيرون المرأة فيدنون منها فيغمزونها فإن سكتت اتبعوها ، وإن زجرتهم انتهوا عنها ، ولم يكونوا يطلبون إلا الإماء ، ولكن لم يكن يومئذٍ تعرف الحرة من الأمة ، إنما يخرجن في درْعٍ وخمارٍ . فشكون ذلك إلى أزواجهن ، فذكروا ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تَعَالَى هذه الآية . والدليل على صحة هذا قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِن … الآية } [الأحزاب: 59] .
(364) أخبرنا /98 ب/ سعيد بن محمد المؤذن قال:أخْبَرَنَا أبو عَلِيٍّ الفقيه قال: أخْبَرَنَا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا هشيمٌ، عَن حصين ، عن أبي مالكٍ ، قال(3): كانت النساء المؤمنات يخرجن بالليل إلى حاجاتهن وكان المنافقون يتعرضون لهن ويؤذونهن فنزلت هَذِهِ الآية .
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره 3/664 ، والقرطبي في تفسيره 6/5322 ، والخازن 5/276 دُوْنَ إسناد ولم نقف عَلَيْهِ مسنداً.
(2) ذكره البغوي في تفسيره (1754) ، عن الضحاك والكلبي بدون إسناد.
(3) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى 8/176 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 6/659
إِلَى سعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم . وفي الطبقات والدر (( كَانَ نساء النَّبْيّ ( …)).(1/644)
وَقَالَ السّدي(1): كَانَت المدينة ضيقة المنازل، وكانت النساء إذا كَانَ الليل خرجن يقضين الحاجة(2) ، وَكَانَ فسّاقٌ من فسّاق المدينة يخرجون ، فإذا رأوا المرأة عَلَيْهَا قناع قالوا : هَذِهِ حرة فتركوها ، وإذا رأوا المرأة بغير قناعٍ قالوا: هَذِهِ أمَةٌ فكانوا يراودونها(3) فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية.
سورة يس
F
قوله - عز وجل - : { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِ الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ … الآية } [يس:12].
قال أبو سعيد الخُدْرِي (4): كَانَتْ (5) بنو سَلمة في ناحيةٍ من المدينة ، فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فَنَزَلت هذه الآية [ { إِنّا نَحْنُ نُحي المَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآَثارَهُمْ } ](6) [ يس: 12] فقال لهم النبُّي- صلى الله عليه وسلم - : (( إن آثاركم تكتب فلم ينتقلوا(7) )).
__________
(1) ذكره السيوطي في الدر المنثور 6/661 وعزاه لابن أبي حاتم.
(2) في ( ص ): ((حاجتهن)).
(3) فِي ( ب ) : (( فكابروها )) و في الدر: (( فوثبوا عَلَيْهَا )).
(4) انظر : الدر المنثور 7/46.
(5) في ( ص ) و ( ه ): ((كَانَ )).
(6) مابين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ص ).
(7) في ( ص ) و (ه): ((تنتقلون)).(1/645)
(365) أخبرنا الشريف إسماعيل بن الحسن [ بن محمد بن الحسن ](1) الطبري ، قال: أَخْبَرَنَا جدي، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن الشرقي ، قال: حدثنا عبد الرحمان ابن بشر ، قال: حدثنا عبد الرزاق(2)، قال: أخبرنا الثوري، عن سعيد بن طريف(3)، عن أبي نَضْرَة ، عن أبي سعيد ، قَالَ : شكت بنو سَلمة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بُعْدَ منازلهم من المسجد ، فأنزل الله تعالى: { وَنَكتُبُ ما قَدَّموا وَآَثارَهُم } [يس : 12]فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( عليكم منازلكم فإنما تكتب آثاركم ))(4).
قوله - عز وجل - : { قَالَ مَنْ يُحِْي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ } [يس : 78 ] .
قَالَ المفسرون (5) : إن أبي بن خَلَفٍ أتى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعظم حائِلٍ قَدْ بلي فَقَالَ :
يا مُحَمّد ، أترى الله يحيي هَذَا بَعْدَ ما قَدْ رمَّ ؟ فقال : (( نعم ، ويبعثك ويدخلك فِي النار )) فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآيات { وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحِْي العِظَامَ } [يس : 78 ].
__________
(1) مابين المعكوفتين لَمْ ترد في ( ب ).
(2) مصنف عَبْد الرزاق (1982).
(3) في ( ب ) و ( ص ) و (ه - ): ((سعد بن الظريف)). وَهُوَ خطأ صوابه ما أثبتناه ، وَهُوَ طريف بن شهاب السعدي ، نَصَّ عَلَيْهِ الترمذي في جامعه ، وَهُوَ ضعيف .
(4) ضعيف : لضعف طريف بن شهاب السعدي .
أخرجه : الترمذي (3226) ، والطبري في التفسير 22/154 ، والحاكم 2/428 ، والمصنف في الوسيط 3/510 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/46 إلى البزار وابن المنذر ،وابن أبي حاتم، وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وَقَالَ السيوطي ((حسنه البزار … وصححه ابن مردويه)).
(5) انظر : تفسير البغوي (1792) ، والدر المنثور 7/74-75.(1/646)
(360) أخبرنا سعيد بن محمد(1)بن جعفر، قال: أخبرنا أبو عليِّ بن أبي بكر الفقيه، قَالَ: أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد، قَالَ: حدثنا زياد بن أيوب قَالَ: حدثنا هُشيمٌ ، قال: حدثنا حصين ، عن أبي مالك: أن أُبي بن خَلَف الجُمَحِيّ جاء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعظمٍ حائلٍ فَفَتَّهُ بين يديه ثم قَالَ : يا محمد يبعث الله هذا بعد ما أَرَمَّ(2)؟ فقَالَ : (( نعم ، يبعث الله هذا ويميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم )) فَنَزَلت هذه الآيات (3).
__________
(1) في ( ب ) و ( ص ): ((أحمد)).
(2) في ( ب )و ( ص ): ((بعد ما أرى)).
(3) فِي (س ) و ( ه) : (( الآية )) . أخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في البعث ، كَمَا في الدر المنثور 7/75.(1/647)
سُورة ص
F
[قوله - عز وجل - : { ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ …الاية } ](1)[ص : 1].
(367) أخبرنا أبو القاسم بن أبي نصر الخزاعي(2) قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن حمدويه ، قَالَ : أخبرنا أبو بكرٍ بن أبي (3) دارم الحافظ ، قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة /99 أ / ، قال: حدثنا أبي قَالَ : حدثنا محمد بن عبد الله الأسدي ، قَالَ : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن يحيى بن عمارة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباسٍ، قَالَ : مرض أبو طالبٍ ، فجاءت قريشٌ ، وجاء النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وعند رأس أبي طالب مجلس رجلٍ ، فقام أبو جهلٍ كي يمنعه ذلك ، فشكوه إلى أبي طالب فَقَالَ : يا ابن أخي ما تريد من قومك . قَالَ : (( يا عم إنما أريد منهم كلمةً تذل لهم بها العرب وتؤدي إليهم الجزية بها العجم(4))) ، [قَالَ : وما الكلمة ؟](5) ، قَالَ: (( كلمة واحدة )) قَالَ: ما هِيَ ؟ قَالَ: (( لا إله إلا الله )) فقالوا : أجَعَلَ الآلهة إلهاً واحداً ؟ قَالَ : فَنَزَل فيهم القرآن :
{ ص - وَالقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ } [ ص : 1 ] حتى بلغ (6) : { إِنْ هَذَا إِلاّ
اخْتِلاقٌ } [ص: 7 ](7) .
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في ( ص ).
(2) في (ب) و (ص) و (ه) : ((الحراني)).
(3) لَمْ ترد في (ص).
(4) في (ص) : ((وتؤدي العجم الجزية)).
(5) وما)) لَمْ يرد في (ب) ، وما بين المعكوفتين لَمْ ترد في (ص) .
(6) في (ص) ((أكمل الآية)).
(7) إسناده ضعيف لجهالة يَحْيَى بن عمارة .
أخرجه : عَبْد الرزاق (9924) ، وابن أبي شيبة (36553) ، وأحمد1/227و228و362 ، والترمذي (3232)و(3232م) ، والنسائي في الكبرى (8769)و(11436)و(11437) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (456)و(457) ، وأبو يعلى (2583) ، والطبري في التفسير 23/125 ، والطحاوي في شرح المشكل (2029) ، وابن حبان (6686) ، والحاكم2/432 ، والبيهقي 9/188.(1/648)
قَالَ المفسرون (1): لما أسلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - شق ذَلِكَ عَلَى قريش وفرح المؤمنون ، فَقَالَ : الوليد بن المغيرة للملأ مِنْ (2) قريشٍ -وهم الصَّنادِيدُ والأشراف- : امشوا إلى أبي طالبٍ . فأتوه فقالوا لَهُ : أنت شيخنا وكبيرنا وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، وإنا أتيناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك . فأرسل أبو طالب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعاه فَقَالَ لَهُ : يا ابن أخي ، هؤلاء قومك يسألونك ذا السَّواء (3) فلا تَمِلْ كلَّ الميل عَلَى قومك . فقَالَ: وماذا يسألوني ؟ قالوا : ارفضنا وارفض ذَكَرَ آلهتنا وندعك وإلهك ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( [ أتعطوني كلمةً واحدةً تملكون بِهَا العرب وتدين لكم بِهَا العجم ؟)) فَقَالَ أبو جهلٍ : لله أبوك لنعطينكها وعشر أمثالها ، فَقَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ](4): (( قولوا : لا إله إلا الله )) ، فنفروا مِنْ ذَلِكَ وقاموا فقالوا : أَجَعَلَ الآَلِهَةَ إِلَهاً واحِداً كَيْفَ يسع الخلق كلهم (5) إلهٌ واحدٌ ، فأنزل الله تعالى فيهم (6) هَذِهِ الآيات إلى قوله : { كَذَّبت قَبلَهُم قَومُ نُوحٍ } [ص :12] .
سُورة الزُمر
F
قوله تعالى : { أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ … الآية } [الزمر: 9 ] .
__________
(1) تفسير البغوي(1801)، والقرطبي 7/5594، وذكره الثعالبي دُوْنَ إسناد كَمَا في تخريج الكشاف4/72.
(2) في (ه) : ((ابن المغيرة لهلاص قريش !!!)).
(3) في (ه) : ((ذا السؤال)) ، و((ذا)) لَمْ ترد في (ب).
(4) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في (ص).
(5) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(6) سقطت من ( ب ) و ( ص ) .(1/649)
قَالَ ابن عَبَّاس(1) في رِوَايَة عطاء: نزلت في أبي بكرٍ الصديق - رضي الله عنه - . وَقَالَ ابن عمر: نزلت في عثمان بن عفان (2).
وَقَالَ مقاتلٌ : نزلت في عمار بن ياسر (3).
قوله - عز وجل -: { وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا…الآية } [ الزمر : 17].
قَالَ ابن زيد(4): نزلت في ثلاثة نفرٍ كانوا في الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله ، وهم(5) زيد بن عمرو ، وأبو ذَرٍّ الغفاري ، وسلمان الفارسي.
قوله - عز وجل - : { فَبَشِّرْ (6) عِبَادِ - الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ } [الزمر: 17-18 ].
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره4/81 دُوْنَ إسناد ولم نقف عَلَيْهِ مسنداً ، وعن ابن عَباس في رِوَايَة الضحاك عَنْهُ أنها نزلت في أبي بكر ، وعمر رضي الله عنهما . انظر :تفسير القرطبي 7/5683.
(2) أخرجه : أبو نعيم فِي الحلية 1/56 ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 39/231-232 وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/213-214 إلى ابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه.
(3) نحو هذا ورد مِنْ قول ابن عَبَّاس ، الدر المنثور 7/214.
(4) أخرجه : الطبري في تفسيره 23/207 مِنْ طريق ابن زيد عن أبيه ، بِهِ وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/217 وعزاه إلى ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم ، بِهِ. وانظر : تفسير البغوي 4/83.
(5) لَمْ ترد في (ب) و(ص) .
(6) في (ب) : ((عبادي)).(1/650)
قَالَ عطاءٌ عن ابن عَبَّاسٍ: إن أبا بكر الصديق (1) - رضي الله عنه - ، آمن بالنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وصدّقه /99 ب/ ، فجاء عثمان وعبد الرحمان بن عوف وطلحة والزبير وسعيد بن زيد وسعد ابن أبي وقاص ، فسألوه فأخبرهم بإيمانه فآمنوا ، ونزلت فيهم : { فَبَشِّر عِبادِ - الَّذِينَ يَستَمِعُوْنَ القَوْلَ } [ الزمر : 17 - 18 ] قَالَ : يريد من أبي بكر : { فَيَتَّبِعُوْنَ أَحْسَنَهُ } (2)[ الزمر : 18 ] .
قوله - عز وجل - : { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ للإِسْلامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّنْ رَّبِّه …الآية } [الزمر: 22 ].
نزلت في حمزة وعلي وأبي لهب وولده ، فعليٌّ وحمزة ممن شرح الله صدره
للإسلام (3) ، وأبو لهبٍ وأولاده الذين قست قلوبهم عن ذكرِ اللهِ ، [ وَهُوَ قوله تعالى : { فَويلٌ لِلّقاسِيَةِ قُلوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ … } ](4) الآية (5).
قوله - عز وجل - : { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ… الاية } [ الزمر: 23 ] .
(368) أخبرنا عَبْد القاهر بن طاهر البغدادي ، قَالَ : أخْبَرَنَا أبو عمرو بن مطر، قَالَ : أخْبَرَنَا جعفر بن مُحَمّد الفِرْيَابي ، قَالَ : حدثنا إسحاق بن رَاهَوَيْه (6) ، قَالَ : حدثنا عمرو بن مُحَمّد القرشي ، قَالَ: حدثنا خَلاّد الصّفّار، عن عمرو بن قيس المُلاَئي، عَنْ عَمْرُو بن مُرة ، عن مُصْعَب بن سعد ، عن سعد (7): قالوا : يا رسول الله لو حدثتنا فأنزل الله - عز وجل - : { اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ كتاباً… } [ الزمر: 23 ].
__________
(1) سقطت من ( ب ) .
(2) ذكره البغوي في تفسيره 4/83، وأبو جعفر الطبري في كتاب الرياض النضرة1/235(96)،بدون إسناد.
(3) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(4) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في (ص) .
(5) ذكره المصنف فِي الوسيط 3/577 .
(6) كَمَا في مختصر إتحاف السادة المهرة 8/382(6452) ، والمطالب العالية (4648).
(7) تقدم تخريجه في سورة يوسف.(1/651)
قوله - عز وجل - : { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ… الاية } [الزمر:53] .
قَالَ ابن عَبَّاس (1): نزلت في أهل مكة ، قالوا : يزعم مُحَمّدٌ أن من عَبْد الأوثان وقتل النفس التي حرم الله ،لم يغفر له ، فكيف نهاجر ونسلم ، وقد عبدنا مَعَ الله إلهاً
آخر ، وقتلنا النفس التي حرم الله ، فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآية .
وَقَالَ ابن عمر(2): نزلت هذه الآيات في عيَّاش بن أبي ربيعة ، والوليد بن الوليد ، ونفرٍ من المسلمين كانوا أسلموا ثم فُتِنُوا وعُذبوا فافتتنوا ؛ فكنا نقول: لا يقبل الله مِنْ هَؤُلاَءِ صَرْفاً ولا عَدْلاً أبداً ، قوم أسلموا ثُمَّ تركوا دينهم بعذاب عُذِّبوا بِهِ ، فَنَزَلت هَذِهِ الآيات . وكَانَ عُمَرَ كاتباً فكتبها إلى عَيّاش بن أبي ربيعة ، والوليد بن الوليد ، والى(3) أولئك النفر ، فأسلموا وهاجروا.
(369) أخبرنا عبد الرحمان بن مُحَمّد السراج، قَالَ: أخبرنا مُحَمّد بن مُحَمّد(4) ابن الحسن الكارزيّ (5)، قَالَ: أخبرنا علي بن عبد العزيز، قال: أخبرنا القاسم بن سلام
__________
(1) أخرجه : الطبري 24/14 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/236 إلى ابن مردويه.
(2) أخرجه : الطبري 24/15 عن ابن حميد ، عن سلمة ، عن مُحَمّد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر ، بِهِ. وسيأتي نحوه قريباً.
(3) لَمْ ترد فِي ( س ) و ( ه) .
(4) لَمْ ترد في (ب) .
(5) في (ه) : ((الكازروني)) وَهُوَ خطأ ، راجع : اللباب 3/74 .(1/652)
قال: حدثنا حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال: حدثني يَعْلَى بن مسلمٍ :أنه سمع سعيد بن جبيرٍ يحدث عن ابن عباس : أن ناساً من أهل الشرك كانوا قد(1) قتلوا فأكثروا ، وزَنَوا فأكثروا ، ثم أتوا محمداً - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: إن الذي تدعو (2) إليه لحسنٌ أن تخبرنا أن (3) لما عملناه كفارةً . فَنَزَلت هذه الآية : { يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ… الآية } [الزمر:53].رواه البخاري(4)عن إبراهيم بن موسى،عن هشام بن يوسف،عن ابن جُرَيج.
__________
(1) لَمْ ترد في (ص).
(2) فِي ( س ) و ( ه) : (( تَقُولُ وتدعو )) .
(3) لَمْ ترد في (ص).
(4) صحيح البُخَارِيّ 6/175(4810).
وأخرجه البُخَارِي أَيْضاً 5/57(3855) و6/59(4590) و138(4762) (4763) (4764) (4765) و139(4766) ، ومسلم 1/79 (122) (193) و8/241 (3023) (16)(17)(18)(19)(20) ، وأبو داود (4273)و(4275) ،والنسائي 7/85و86 وفي الكبرى ، لَهُ (11449) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (469)مِنْ طرق عن سعيد بن جبير،عن ابن عَبَّاس.الروايات متباينة باللفظ متفقة بالمعنى مطولة ومختصرة .(1/653)
(370) أخبرنا أبو إسحاق المقرئ ، قال: أخبرنا أبو عَبْد الله الحسين(1) بن محمد الدينوري ، قال: أخْبَرَنَا أبو بكر بن خُزَيمة(2) ،قَالَ حدثنا مُحَمّد بن عَبْد الله بن سليمان، قَالَ:حدثنا مُحَمّد /100 أ/ بن العلاء ، قَالَ: حدثنا يونس بن بكير قال: حدثنا محمد بن إسحاق ، قَالَ : حدثنا نافع ، عن ابن عمر ، عن عمر (3) ؛ أنَّهُ قَالَ : لما اجتمعنا إِلَى الهجرة اتعَدْت (4) أنا وعياش بن أبي ربيعة ، وهشام بن العاص بن وائل ، فقلنا : الميعاد بيننا المناصف - ميقات بني غفار - فمن حبس منكم لَمْ يأتها (5) فَقَدْ حبس فليمض صاحبه (6) . فأصبحت عندها أنا وعيَّاش وحبس عنا هشام وفتن فافتتن ، فقدمنا المدينة فكنا نقول: ما الله بقابلٍ من هَؤُلاَءِ توبةً، قوم عرفوا الله ورسوله ثم رجعوا عن ذلك لِبَلاءٍ أصَابهُمْ من الدنيا . فأنزل الله تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّه } [الزمر: 53 ] إلى قوله { أَلَيسَ فِي جَهَنَّمَ مَثوًى لِلّمُتَكَبِّرِيْنَ } [ الزمر: 60 ] قال عمر: فكتبتها بيدي ثم بعثت بها إلى هشام قال هشام: فلما قدمت عَلَيَّ خرجت بها إلى ذي طُوَىً ، فقلت: اللهم فهمنيها، فعرفت أنها نزلت فينا ، فرجعت فجلست على بعيري فلحقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - (7)
__________
(1) في (ص): ((أبو الحسن)).
(2) في جميع النسخ وفي المطبوع ((خرجة)) وَهُوَ خطأ.
(3) لَمْ ترد في (ص).
(4) في (ص) و (ه) : ((انبعثت)).
(5) في ( ه) : (( منكم لراياتها فَقَدْ ))!!!.
(6) في (ص): ((صاحبها)).
(7) إسناده حسن . فقد صرح ابن إسحاق بالسماع فانتفت علة تدليسه .
أخرجه : البزار (155) ، والطبري 24/15 ، والطبراني فِي الكبير 22/(462) ، والحاكم 2/435 و3/240-241 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/235 إلى ابن المنذر ، وابن مردويه ، والبيهقي في دلائل النبوة مِنْ طرق عن مُحَمّد بن إسحاق بهذا الإسناد.(1/654)
.
[ويروى : أن هذه الآية نزلت في وحشيِّ قاتل حمزة رحمة الله عليه ورضوانه ، وذكرنا ذلك في أخر سورة الفرقان](1).
قوله - عز وجل - : { وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ…الآية } [ الزمر: 67 ].
(371) أخبرنا أبو بكرٍ الحارثي ، قَالَ : أخْبَرَنَا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ : حدثنا ابن أبي عاصم ، قَالَ : حدثنا ابن نميرٍ ، قَالَ :حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن علقمة ، عن عبد الله ، قَالَ: أتى النبَّي - صلى الله عليه وسلم - رجلٌ من أهل الكتاب ، فَقَالَ: يا أبا القاسم ، بلغك أن الله يحمل الخلائق على إصبع ، والأرضينَ على إصبعٍ ، والشجر على إصبع والثرى على إصبع [ ثم يقول: أنا الملك؟](2) فضحك رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - حَتَّى بدت نَوَاجِذُهُ ، فأنزل الله تَعَالَى : { وَما قَدَروا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ … الآية } [الزمر : 67] ، ومعنى هَذَا: أن الله تَعَالَى يقدر عَلَى قبض الأرض وجميع ما فِيْهَا مِن الخلائق والشجر قدرة أحدنا عَلَى ما يحمله بأصبعه ، فخوطبنا بِمَا نتخاطب فِيْمَا بيننا لنفهم . ألا ترى أن الله تَعَالَى قَالَ :
{ وَالأَرضُ جَميعاً قَبضَتُهُ يَومَ القِيامَةِ } [الزمر:67] أي أنه يقبضها بقدرته(3)
__________
(1) ما بين المعكوفتين لَمْ يرد في (ب) ،و ((رحمة الله عليه ورضوانه)) لَمْ ترد في (ص) ، وما أثبتناه مِنْ (ه) وَقَدْ تقدم تخريجه في آخر سورة الفرقان.
(2) ما بين المعكوفتين لَمْ ترد في (ب)و (ص) وما أثبتناه مِنْ (ه).
(3) إسناده صحيح .
أخرجه : أحْمَد 1/378 ، والبخاري 9/151(7415) و164(7451) ، ومسلم 8 /125(2786) (21) و126(2786) (22) ، وابن أبي عاصم (543)و(544) ، وأبو يعلى (5160) ، والطبري في تفسيره 24/26 ، وابن حبان (7325) مِنْ طريق علقمة عن عَبْد الله .
وأخرجه : أحْمَد 1/429و457 ، والبخاري 6/157(4811)و9/150(7414)و181(7513) ، ومسلم 8/125(2786)(19)(20) ، وابن أبي عاصم (541)و(542) ، والترمذي (3238) ، والنسائي في الكبرى (7736)و(11450)و(11451) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (470)و(471) ، والطبري فِي تفسيره 24/26 ، وابن خزيمة في التوحيد 77و78 ، وابن حبان (7326) ، والطبراني في الأوسط (5853) ، والآجري في الشريعة 318و319 ، واللالكائي في شرح أصول الإعتقاد(706) ، والبيهقي في الأسماء والصفات 2/68و69.(1/655)
.
سُورة حم السجدة (1)
F
قوله - عز وجل - : { وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُم…الآية } .
(372) أخبرنا الأستاذ أبو منصور البغدادي، قال: أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد(2)، قال: حدثنا أمية بن بسطام ، قال: حدثنا يزيد بن زُرَيع، قَالَ : حدثنا روح ، عن القاسم ، عن منصور، عن مجاهد ، عن أبي معمر ، عن ابن مسعودٍ في هذه الآية: { وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلا أَبصارُكُم …الآية } [فصلت: 22]. قال: كان رجلان من ثَقٍيفٍ وخَتَنٌ لهما من قريش ، أو رجُلان من قريشٍ وخَتَنٌ لهما من ثَقِيفٍ في بيت فقال بعضهم: أترون الله(3) يسمع نجوانا أو حديثنا ؟ فَقَالَ بعضهم: قَدْ سَمِعَ بعضه ولَمْ يسمع بعضه ، قالوا: لئن كَانَ يسمع بعضه لَقَدْ سَمِعَ كله ، فَنَزَلت هَذِهِ الآية { وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم…الآية } [فصلت: 22]. رَوَاه البُخَارِيّ (4) عَن الحميدي (5) / 100 ب /. ورواه مُسْلِم (6) عَن ابن أبي عَمْرُو (7)؛ كلاهما عَن سُفْيَان بن (8) مَنْصُوْر .
__________
(1) في (ص): ((سورة السجدة)) ، وفي (ه): ((سورة فصلت)).
(2) في (ص) و(ه): ((ابن سعد)).
(3) في (ص): ((أن الله)).
(4) صحيح البُخَارِيّ 9/186(7521).
(5) مسند الحميدي (87).
(6) صحيح مُسْلِم 8/121(2775)(5).
وأخرجه : الطيالسي (363) ، وأحمد1/443 ، والبخاري 6/161(4816)(4817) ، ومسلم 8/121(2775) ، والترمذي (3248) ، والنسائي في الكبرى (11468) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (488)، وأبو يعلى (5246)، والطبري في تفسيره 24/109 ، والطحاوي في شرح المشكل (130) ، والبيهقي في الأسماء والصفات 1/291.
(7) في (ب) و (ه): ((عن أبي عمر)) وَهُوَ خطأ . وابن أبي عمر واسمه مُحَمّد ، كَمَا في صحيح مُسْلِم .
(8) فِي ( ب ) : ((عَنْ )).(1/656)
(373) أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَبْد الرَّحْمَان الفقيه قَالَ : أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن أحمد بن عليٍّ الحِيرِي ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أحمد بن عليِّ بن المثنى (1)، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو خَيْثَمَةَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن حازم ، قَالَ: حَدَّثَنَا الأعمش ، عَن عَبْد الرَّحْمَان بن يزيد ، عَن عَبْد الله قَالَ: كُنْتُ مستتراً بأستار الكعبة ، فجاء ثلاثة نفرٍ كَثِيرٌ شَحْمُ بطونهم ، قليلٌ فِقْهُ قُلُوبهم ، قرشيٌّ وَخَتَنَاه ثَقفِيَّان ، أو ثَقَفِيٌّ(2) وخَتَنَاه قرشيان ؛ فتكلموا بكلام لَمْ أفهمه، فَقَالَ بعضهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هَذَا ؟ فقال الآخر (3) : إذا رفعنا أصواتنا سمع (4)، وإذا لَمْ نرفع لَمْ يسمع. وَقَالَ الآخر(5): إن سمع مِنْهُ شيئاً سمعه كله. قَالَ: فذكرت ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فنَزل عَلَيْهِ : { وَما كُنتُم تَستَتِرونَ أَن يَشهَدَ عَلَيكُم سَمعُكُم وَلا أَبصارُكُم وَلا جُلودُكُم } [ فصلت : 22 ] إلى قوله تعالى : { فَأَصبَحتُم مِن
الخاسِرينَ } (6) [فصلت : 23].
__________
(1) مسند أَبِي يعلى ( 5204 ) .
(2) في تفسير القرطبي ((قَالَ الثعلبي : الثقفي : عَبْد ياليل ، وختناه : ربيعة وصفوان ابني أمية )).
(3) في (ص): ((الآخرون)).
(4) فِي ( ب ) : (( يسمعه )) .
(5) في (ص): ((الآخران)).
(6) حسن ، وفيه بعض الاختلاف عَلَى الأعمش ، لكنه لَمْ يقدح بصحته عِنْدَ العلماء .
أخرجه : أحمد1/381و426و442 ، والترمذي (3249) ، مِنْ هذا الوجه.
وأخرجه : أحمد1/408و442و443 ، ومسلم 8/121(2775) ، والترمذي (3249م) ، وأبو يعلى (5245) ، والطبري في تفسيره 24/109 ، وابن حبان (391) ، والطحاوي في شرح المشكل (129) مِنْ طريق الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن وهب بن ربيعة ، عن عَبْد الله.(1/657)
قوله - عز وجل - : { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا … الآية } [فصلت : 30].
قال عطاءٌ عن ابن عباسٍ(1): نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق(2) - رضي الله عنه - ، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا الله ، والملائكة بناته ، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله ، فلم يستقيموا. وقالت اليهود: ربنا الله ، وعزير ابنه ،ومحمد ليس بنبيٍّ فلم يستقيموا. وقال أبو بكر - رضي الله عنه -: ربنا الله وحده لا شريك لَهُ ، ومحمد - صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله(3) فاستقام(4).
سُورة عسق (5)
F
قوله - عز وجل - : { قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى … الآية } [الشورى: 23]
قال ابن عباس(6)
__________
(1) ذكره القرطبي في تفسيره 7/5801 بتمامه دُوْنَ إسناد وانظر: تفسير البغوي 4/132.
وورد مِنْ كلام ابن عَبَّاس عِنْدَ البَيْهَقِيّ في الأسماء والصفات كَمَا في الدر المنثور 7/322 ، وورد مِنْ كلام أبي بكر مِنْ غير طريق ابن عَبَّاس ومقتصراً عَلَى كلام أبي بكر عِنْدَ الطبري في تفسيره 4/114.
(2) لَمْ ترد في (ب) و (ص).
(3) في (ص): (( ومُحَمّد رسول الله عبده ورسوله)).
(4) كتب ناسخ ( ب ) في هذا الموقع: ((بلغ مقابلة)) وهذا ما يدل عَلَى مقابلتها عَلَى النسخة المنسوخة منها وَهُوَ دليل عَلَى جودة النسخة وحسنها وأصالتها.
(5) في (ص): ((سورة حم عسق)) ، وفي (ه): ((سورة الشورى)).
(6) ذكره القرطبي في تفسيره 7/5844 بتمامه دُوْنَ إسناد.
وأخرجه ابن جرير الطبري 25/25 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/347 إلى ابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، مِنْ طريق مقسم عن ابن عَبَّاس ، نحوه ، وروي عن سعيد بن جبير بنحو حديث ابن عَبَّاس هَذَا ، ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/348 وعزاه إلى الطبراني في الأوسط وابن مردويه وضعف سنده.(1/658)
: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة كانت تَنُوبهُ نوائب وحقوقٌ ، وليس في يده لذلك سعةٌ فقالت الأنصار : إن هذا الرجل قد هداكم الله تعالى بِهِ. وهو ابن أختكم (1)، وتنوبه نوائب وحقوقٌ ،وليس في يده لذلك سعةٌ ، فاجمعوا له من أموالكم ما لا يضركم ، فأتوهُ به ليعينه (2) على ما ينوبه. ففعلوا ثم أتوه (3) به فقالوا لَهُ : يا رسول الله، إنك ابن أختنا (4) وقد هدانا الله تعالى على يديك ، وتنوبك نوائب وحقوقٌ وليست لك عندها سعةٌ (5) ، فرأينا أن نجمع لك من أموالنا شيئاً (6) فنأتيك به فتستعين به على ما ينوبك ، وها هو ذا. فَنَزَلت هذه الآية.
وقال قتادة (7): اجتمع المشركون في مجمع لهم فقال بعضهم لبعض : أترون محمداً يسأل على ما يتعاطاه أجراً ؟ فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
قوله - عز وجل - : { ولَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الأَرْضِ … الآية } [الشورى : 27] . نزلت في قوم من أهل الصفة تمنوا سعة الدنيا والغنى (8).
قال خباب بن الأرت(9): فينا نزلت هذه الآية ، وذلك أنا نظرنا(10) إلى أموال قُرَيْظَةَ والنَّضِير فتمنيناها ، فأنزل الله هذه الآية.
(374) أَخْبَرَنَا (11)
__________
(1) في (ب) و (ص): ((ابن أخيكم))وَهُوَ تصحيف.
(2) في (ص): ((لنعينه)).
(3) في (ب): ((أتوا)).
(4) في (ص): ((ابن أخينا)) وَهُوَ تصحيف.
(5) في(ه): ((وليست لك عندنا)) ، وفي (س ) : ((وليس لك عندنا))
(6) شيئاً)) لَمْ ترد في (ب) و (ص).
(7) ذكره القرطبي في تفسيره 7/5844.
(8) انظر : تفسير الطبري 25/30 ، والدر المنثور 7/352.
(9) ذكره المصنف في الوسيط 4/54 ، والبغوي في تفسيره 4/147 دُوْنَ ذكر إسناد .
(10) في (ه): ((أنا بطرنا)).
(11) فِي ( س ) و ( ه) : (( قَالَ : أَخْبَرَنِي )) .
والضمير فِي (( قَال )) عائد إِلى الواحدي . َ(1/659)
أبو عثمان المؤذن ، قَالَ : أخبرنا أبو عليٍّ الفقيه ، قَالَ : أخبرنا أبو(1) محمد بن معاذ قَالَ : أخبرنا الحسين بن الحسن بن حرب قَالَ : أخبرنا ابن المبارك، قَالَ: حدثنا حَيْوَةُ /101 أ/ ، قال: أخبرني أبو هانئ الخولاني ،أنه سمع عمرو بن حُرَيث يقول: إنما نزلت هذه الآية في أصحاب الصُّفَّة { وَلَو بَسَطَ اللهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوا في الأَرْضِ } [الشورى: 27] وذلك أنهم قالوا: لو أن لنا الدنيا، فتمنوا الدنيا(2).
قوله - عز وجل -: { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاّ وَحْياً…الآية } [الشورى: 51]
وذلك(3) أن اليهود قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ألا تكلم الله وتنظر إليه إن كنت نبياً ،كما كلمه موسى ونظر إليه ؟ فإنا لن نؤمن بك حَتَّى تفعل ذَلِكَ . فَقَالَ : لَمْ ينظر موسى إِلَى الله - عز وجل - . وأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
سُورة الزّخْرف
F
قوله - عز وجل -: { وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً…الآية } [الزخرف: 57] .
(375) أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النَّصْرآباذِيّ ، قَالَ : أخبرنا إسماعيل بن نجيد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن الخليل قَالَ: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم ، قَالَ : حدثنا شيبان بن عبد الرحمان ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن
__________
(1) لَمْ ترد في (ب) و (ص).
(2) إسناده حسن ، أبو هانئ هُوَ : حميد بن هانئ صدوق حسن الحَدِيْث .
أخرجه الطبري في تفسيره 25/30 ، وأبو نعيم في الحلية 1/338 مِنْ طريق أبي هانئ.ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7/104 وَقَالَ : ((رَوَاه الطبراني ورجاله رجال الصحيح)). وَقَالَ السيوطي في الدر المنثور 7/352 : (( أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم فِي الحلية والبيهقي فِي شعب الإيمان بسند صَحِيْح )) فذكره.
(3) ذكره البغوي في تفسيره 4/153.(1/660)
أبي (1) رزين ، عن أبي يحيى مولى ابن عقيل (2) عن ابن عباس : أن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقريشٍ : (( يا معشر قريش لا خير في أحدٍ يُعْبَدُ من دون الله )) قالوا : أليس تزعم أن عيسى كان عبداً نبياً وكَانَ (3) عبداً صالحاً ؟ فإن كَانَ كَمَا تزعم فَهُوَ (4) كآلهتهم . فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية (5): { وَلَمّا ضُرِبَ اِبنُ مَريَمَ مَثَلاً… الآية } (6) [الزخرف: 57].
وذكرنا هذه القصة ومناظرة ابن الزِّبَعْرَي (7) مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في آخر سورة الأنبياء عند قوله - عز وجل -: { إِنَّكُم وَمَا تَعبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ …الآية } (8) [الأنبياء :98].
سُورة الدّخان
F
قوله - عز وجل - : { ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ } [الدخان : 49] .
قال قتادة (9) : نزلت في عدو الله أبي جهلٍ ، وذلك أنه قَالَ : أيوعدني محمدٌ ؟
والله إني (10) لأنا أعز مِنْ بَيْن جَبَلَيْهَا ، فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية .
__________
(1) في (ه): ((عن ابن رزين)).
(2) في (ب) والمطبوع: ((عفراء)).
(3) ليست فِي ( س ) و ( هَ ) .
(4) في (ب) : (( انه )) ، وفي القرطبي : (( كَمَا تزعم فقد كَانَ يعبد مِنْ دُوْنَ الله )).
(5) هَذِهِ الآية )) لَمْ ترد فِي ( س ) و (ه) .
(6) إسناده حسن مِنْ أجل عاصم ابن أبي النجود؛ فهو صدوق حسن الحَدِيْث .
أخرجه : أحْمَد 1/317 ، والطبراني في المعجم الكبير (12740)..
(7) في (ب): ((الزبعرا)).
(8) تقدم حديث الزبير بن العوام بمعناه.
(9) أخرجه الطبري في التفسير 25/134 ، وزاد السيوطي نسبته في الدر المنثور 7/419 إلى عَبْد بن حميد.
وأخرجه : عَبْد الرزاق في التفسير (2824)، والطبري 25/134 وزاد السيوطي نسبته إلى عَبد بن حميد وابن المنذر مِنْ طريق معمر ، عن قتادة ، نحوه.
(10) لَمْ ترد في (ب) و (ص).(1/661)
(376) أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال: أخبرنا عَبْد الله بن محمد(1) بن حيَّان،قال: حَدثنا أبو يحيى الرّازي ، قال: حدثنا سهل بن عثمان ، قال: حدثنا أسباط، عن أبي بكر الهُذَليّ ، عن عكرمة ، قال(2): لقي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أبا جهل ، فقال أبو جهل: لقد علمتَ أني أمنعُ أهل البطحاء ، وأنا العزيز الكريم. قال: فقتله الله يوم بدرٍ وأذَلَّه وعيّره بكلمته ، ونزلت فيه { ذُق إِنَّكَ أَنتَ العَزيزُ الكَريمُ } [الدخان:49].
سُورة الجاثية
F
قوله - عز وجل -: { قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ…الآية } (3) [الجاثية : 14].
قَالَ ابن عَبَّاس فِي رِوَايَة عطاء (4) : يريد عُمَر بن الخطاب خاصةً ، وأراد بالذين
__________
(1) بن مُحَمّد)) لَمْ ترد في (ص).
(2) إسناده ضعيف جداً ؛ فإن أبا بكر الهذلي متروك ، وَهُوَ مرسل أيضاً.
ذكره السيوطي في الدر المنثور7/418-419 وعزاه للأموي في مغازيه.
(3) قَالَ النحاس : ((قَالَ جَمَاعَة مِنْ العلماء هي منسوخة)) الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم :219 والآية التي نسختها { فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ } [التوبة: 5]
(4) ذكره القرطبي في تفسيره 7/5981 وعزاه إلى الواحدي والقشيري.(1/662)
لا يرجون أيام الله: عَبْد الله بن أُبَيْ وذلك أنهم نزلوا فِي غَزَاة بني المُصْطَلق عَلَى بئرٍ يقال لَهَا : المُرَيْسِيع ، فأرسل عَبْد الله غلامه ليستقيَ /101 ب / الماء فأبطأ عَلِيهِ ، فلما أتاه قَالَ لَهُ(1): ما حبسك؟ قَالَ: غلام عمر قعد عَلَى فصل(2) البئر فما ترك أحداً يستقي حَتَّى ملأ قِرَب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وقِرَبَ أبي بكر ، وملأ لمولاه. فقال عَبْد الله: ما مثلنا ومثل هؤلاء إلا كَمَا قيل: سَمِّن كَلبَكَ يأكُلْك. فبلغ قوله عمر - رضي الله عنه - فاشتمل بسيفه يريد التوجه إليه فأنزل الله تعالى هذه الآية.
(377) أخبرنا أبو إسحاق الثعالبي (3) ، قَالَ : أخْبَرَنَا الحسن (4) بن محمد بن
عبيد الله(5) ، قال: حدثنا موسى بن محمد بن علي ، قال: أخبرنا الحسن(6) بن علويه(7)، قَالَ : حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار ، قَالَ : حدثنا محمد بن زياد اليشكري ، عن ميمون بن مِهْرَان ، عن ابن عباس قال: لما نزلت هذه الآية : { مَن ذا الَّذي يُقْرِضُ اللهَ قَرضاً حَسَناً } [البقرة : 245] قال يهوديٌ بالمدينة يقال لَهُ : فنحاص : احتاج رب محمدٍ،قَالَ:فلما سمع عمر بذلك اشتمل على سيفه وخرج في طلبه،فجاء جبريل - عليه السلام - إلى
__________
(1) لَمْ ترد في (ص).
(2) في (ه): ((قف البئر)) ، وفي القرطبي : ((فم البئر)).
(3) في (ص): ((الثعلبي)).
(4) في (ب) و (ص) و(ه): ((الحسين)).
(5) في (ص) و (ه): ((عَبْد الله)).
(6) في (ص): ((الحسين)).
(7) في (ه): ((ابن عَلِيّ أنه قَالَ)).(1/663)
النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : إن ربك يقول لَكَ : { قُل لِّلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لا يَرجونَ أَيّامَ اللهِ } [الجاثية: 14] وأعلمه(1) أن عمر قد اشتمل على سيفه وخرج في طلب اليهودي . فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبه ، فلما جاء قَالَ : (( يا عمر ضع سيفك )) قَالَ : صدقت يا رسول الله أشهد أنك أرسلت بالحق ، قال: فإن ربك - عز وجل - يقول: { قُل لِلَّذينَ آَمَنوا يَغفِروا لِلَّذينَ لا يَرجونَ أَيّامَ اللهِ } [الجاثية : 14] قَالَ : لا جَرَم والذي بعثك بالحق
لا يرى الغضب في وجهي(2).
سُورة الأحقاف
F
قوله - عز وجل -: { وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُم…الآية } [الاحقاف: 9].
__________
(1) في (ص) و (ه): ((واعلم)).
(2) موضوع ، آفته: مُحَمّد بن زياد اليشكري ، وَهُوَ كذاب ، وذكره القرطبي 7/5981.(1/664)
قال الكلبي (1) ، عن أبي صالح ، عن ابن عَبَّاسٍ (2) : لما اشتد البلاء بأصحاب رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى في المنام أنه يهاجر إلى أرض ذات نخلٍ وشجرٍ وماءٍ ، فقصها على أصحابه فاستبشروا بذلك ، ورأوا فيها فرجاً مما هم فيه من أذى المشركين. ثم إنهم مكثوا بُرْهَةً لا يرون ذلك فقالوا : يا رسول الله متى نهاجر إلى الأرض التي أريت(3) فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله تَعَالَى : { وَما أَدري ما يُفعَلُ بي وَلا بِكُمِ } [الأحقاف: 9] يعني لا أدري أخرج إلى الموضع الذي رأيته في منامي أم لا ؟ ثُمَّ قَالَ : (( إِنَّمَا هُوَ شيء أريته (4) فِيْ منامي ، وما أتبع إلا ما يوحى إليَّ)).
قوله - عز وجل - : { حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَة…الآية } [الأحقاف: 15].
__________
(1) في (ه): ((قَالَ الثعلبي))وَهُوَ خطأ.
(2) هذا إسناد الكذب ؛ فالكلبي كذاب ، وأبو صالح ضعيف لَمْ يلق ابن عَبَّاس . ذكره البغوي في تفسيره (1913) ، والقرطبي في تفسيره 7/6006-6007 دُوْنَ إسناد وعزاه القرطبي إلى الواحدي وغيره.
(3) في (ص) و (ه): ((رأيتها)).
(4) في (ص) و (ه): ((رأيته)).(1/665)
قال ابن عَبَّاسٍ (1) في رواية عطاء : نزلت (2) في أبي بكر الصِّدِّيق - رضي الله عنه - ، وذلك أنه صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثمان عشرة سنةً، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عشرين سنةً، وهم يريدون الشام في التجارة ،فَنَزلوا مَنْزلاً فيه سِدْرَةٌ ، فقعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ظلها، ومضى أبو بكر إلى راهبٍ هناك يسأله عن الدين ، فقال له: من الرجل الذي في ظل السِّدْرة ؟ فَقَالَ: ذاك مُحَمّد بن عَبْد الله بن عَبْد /102 أ/ المطلب ، قَالَ: هَذَا والله نبيٌّ ، وما استظل تحتها أحدٌ بَعْدَ عيسى بن مريم إلا محمدٌ نبي الله. فوقع فِيْ قلب أبي بكر اليَقِيْن والتصديق ، فكان لا يفارق رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فِيْ أسفاره وحضوره. فَلَمَّا نُبِّئَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ ابن أربعين سَنَة ، وأبو بكر ابن ثمان وثلاثين سنةً - أسلم وصدق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فَلَمَّا بلغ أربعين سَنَة قَالَ { رَبِّ أَوزِعني أَن أَشكُرَ نِعمَتَكَ الَّتي أَنعَمتَ عَلَيَّ … الآية } [الأحقاف : 15].
سُورة الفتح
F
__________
(1) ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/443 مختصراً وعزاه إلى ابن مردويه وبنحوه ذكره البغوي في تفسيره 4/195 دُوْنَ إسناد.
(2) في (ص) و(ه): ((أنزلت)).(1/666)
(378) أخبرنا محمد بن إبراهيم المُزَكِّي(1) ، قَالَ : أخْبَرَنَا والدي ، قَالَ: أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قَالَ : حدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحَرَّاني ، قَالَ : حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق، عن الزُّهْرِي، عن عروة ، عن المِسْوَر بن مَخْرَمة ومروان بن الحكم، قالا: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة فِيْ شأن الحديبية ، مِنْ أولها إلى آخرها (2).
قوله - عز وجل -: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً … الآية } [الفتح : 1].
(379) أخبرنا منصور بن أبي منصور الساماني ، قَالَ : أخبرنا عبيد (3) الله بن محمد الفَامي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الأشعث ، قَالَ: حدثنا المُعْتَمِر ابن سليمان ، قال: سمعت أبي يحدث عن قتادة ، عن أنس ، قال: لما رجعنا من غزوة الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا ، فنحن بين الحزن والكآبة أنزل الله - عز وجل -
__________
(1) في ( ب ) و (ه) : ((الداركي)) وَهُوَ خطأ.
(2) إسناده ضعيف ؛ لعنعنة مُحَمّد بن إسحاق فهو مدلس . أخرجه : الطبراني 20/(16) ، والحاكم فِي المستدرك 2/459 مِنْ طريق مُحَمّد بن إسحاق بهذا الإسناد.
وورد حَدِيْث صحيح بهذا المعنى مِنْ طريق شعبة ، عَنْ أبي إياس معاوية بن قرة ، قَالَ: سمعت عَبْد الله بن مغفل قَالَ: ((رأيت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة عَلَى ناقته يقرأ سورة الفتح)).
أخرجه : أحْمَد 4/85و5/54و55و56 ، والبخاري 5/187(4281) و6/169(4835) و 6/238 (5034) 6/241 (5047) و9/192 (7540) ، ومسلم 2/193(794) (237) (238) (239)، وأبو داود (1467) ، والترمذي في الشمائل (319) مِنْ طرق عن شعبة .
(3) في ( ص ) و ( ه) : (( عَبْدالله )).(1/667)
{ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً } [الفتح: 1] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لقد أنزلت عليَّ آيةٌ هي أحب إليَّ من الدنيا وما فِيْهَا (1) كلها))(2).
وقال عطاءٌ عن ابن عَبَّاسٍ (3) : إن اليهود شتموا النبيَّ (4) - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين لمَاَّ نزل قوله تَعَالَى : { وَما أَدري ما يُفعَلُ بي وَلا بِكُمِ } [الأحقاف : 9] وقالوا : كيف نتبع رجلاً لا يدري ما يفعل به ؟ فاشتد ذَلِكَ عَلَى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - . فأنزل الله تَعَالَى : { إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبْيِناً - لِّيَغفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ } [الفتح: 1-2].
قوله - عز وجل -: { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جنَّاتٍ…الآية } [الفتح: 5].
(380) أخبرنا سعيد بن محمد المقري ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو بكرٍ محمد بن أحمد
__________
(1) وما فيهَا )) سقطت من ( ب ) و ( ص ) .
(2) إسناده صَحِيْح .
أخرجه :أحْمَد 3/ 122و 134و173و197و215و252 ، وعبد بن حميد ( 1188 ) ، ومسلم 5/176(1786) (97) ، والترمذي (3263) ، وأبو يعلى (2932) و (3045) و (3202) و(3204) ، والطبري في تفسيره 26/69 ، وابن حبان (370)و(6410) ، والبيهقي 5/217 وفي الدلائل4/158، والبغوي في شرح السنة (4019) وفي معالم التْزيل ،لَهُ 4/98 ( 1947 ) .
(3) ذكره القرطبي في تفسيره 7/6079.
(4) في (ه): ((شتموا رَسُول الله )).(1/668)
المديني ، قَالَ : حدثنا أحمد بن عبد الرحمان السَّقَطِي ، قَالَ : حدثنا يزيد بن هارون ، قَالَ: حدثنا همام عن قتادة ، عن أنس ، قال: لما نزلت : { إِنّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً - لِّيَغفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَما تَأَخَّرَ } [الفتح:1-2] قال أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: هنيئاً لك يا رسول الله ما أعطاك الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله تَعَالَى { لِّيُدخِلَ المُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحتِهَا الأَنْهَارُ…الآية(1) } [الفتح : 5].
(381) أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الفقيه ، قال: أخبرنا أبو عمر بن أبي حفص(2) ، قال: أخبرنا أحمد بن عَلِيّ بن المثنى الموصلي ، قال: حدثنا عبد الله بن عمر ، قال: حدثنا يزيد بن زريع ، قال: حدثنا سعيد ، عن قتادة ،عن أنس ، قال: أنزلت هذه الآية على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - /102ب/ { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً } [الفتح:1] مرجعه (3) من الحُدَيِبيَة. نزلت وأصحابه مخالطون الحزن، وقد حيل بينهم وبين نسكهم، ونحروا الهديَ بالحديبية . فلما نزلت (4) هذه الآية قال لأصحابه: لقد نزلت (5) علي آيةٌ خيرٌ من الدنيا
جميعها. فلما تلاها النَّبْيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال رجلٌ من القوم: هنيئاً مَريئاً يا رَسُوْل (6) الله ، قد بين الله ما يفعل بك ، فماذا يفعل بنا ؟ فأنزل الله تَعَالَى : { لِيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ…الآية } (7).
__________
(1) إسناده صحيح ، وَهُوَ جزء مِنْ الحَدِيْث السابق ، وانظر تخريجه هناك.
(2) في (ب): ((أبو عمرو بن أبي جعفر)).
(3) فِي (س) و (ه) : (( عِنْدَ مرجعه ) .
(4) في (ص) و (ه): ((أنزلت)).
(5) كذلك.
(6) فِي (ب) :(( النَّبيّ )) .
(7) إسناده صحيح ، وَهُوَ مكرر لما قبله.(1/669)
قوله - عز وجل -: { وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ…الآية } [الفتح: 24].
(382) أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسيُّ ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عيسى ابن عمرويه ، قَالَ : حدثنا إبراهيم بن محمد ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِم (1) ، قَالَ : حدثني عمرو الناقد ، قال: حدثنا يزيد بن هارون ، قال: حدثنا حماد(2) بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس : أن ثمانين رجلاً من أهل مكة هبطوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جبل التنعيم متسلحين يريدون غِرَّة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ، فأخذهم سلماً(3) ، فاستحياهم وأنزلت :
{ وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيدِيَكُم عَنهُم بِبَطنِ مَكَّةَ مِن بَعدِ أَن أَظفَرَكُم
عَلَيهِم } (4).
__________
(1) صحيح مُسْلِم 5/195(1808)(133).
(2) في (ه): ((أحْمَد بن سلمة)) وَهُوَ خطأ.
(3) في (ص) و (ه): ((أسراء)).
(4) إسناده صحيح .
أخرجه ابن أبي شيبة (36905) ، وأحمد3/122و124و290 ، وعبد بن حميد (1208) ، وأبو داود (2688) ، والترمذي (3264) ، والنسائي في الكبرى (8667)و(11510) وفي التفسير ، لَهُ (530) ، والطبري في تفسيره 26/94 ، والطحاوي في شرح المشكل (60) ، والبيهقي في دلائل النبوة 4/141.(1/670)
وقال عبد الله بن مغفل المُزَني(1): كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحُدَيْبِية في أصل الشجرة التي قال الله تعالى في القرآن ،فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شاباً عليهم السلاح ، فثاروا في وجوهنا ، فدعا عليهم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ، فأخذ الله تعالى بأبصارهم فقمنا إليهم ، فأخذناهم، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هل جئتم في عهد أحدٍ ؟ وهل جعل لكم أحدٌ أماناً ؟ )) ، قالوا: اللهُمَّ لا فخلى سبيلهم ، وأنزل الله تَعَالَى : { وَهُوَ الَّذي كَفَّ أَيدِيَهُم عَنكُم وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم…الآية } (2) [الفتح: 24].
سُورة الحجرات
F
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ … } [الحجرات :1].
__________
(1) في (ه): ((ابن مغفل الهوني)) وَهُوَ تحريف.
(2) أخرجه: أحْمَد 4/86 ، والنسائي في الكبرى (11511) وفي التفسير المفرد ، لَهُ (531) ، والحاكم فِي المستدرك 2/460، والبيهقي 6/319 مِنْ طريق حسين بن واقد، عن ثابت بن أسلم البناني ، عن عَبْد الله بن مغفل ، وَهُوَ حديث صحيح ، صححه الحافظ بن حجر في الفتح 5/351.(1/671)
(383) أخبرنا أبو نصر محمد بن إبراهيم ، قَالَ : أخبرنا عبيد الله بن محمد العكبري بِهَا (1) ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي ، قَالَ : حدثنا الحسن بن محمد ابن الصباح ، قَالَ : حدثنا حجاج بن محمد ، قَالَ : أخبرنا ابن جريج ، قَالَ : حدثني ابن أبي مُلَيكَة ، أن عبدالله بن الزبير أخبره: أنه قدم ركبٌ من بني تميمٍ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أبو بكر : أَمِّر القَعْقَاعَ بن مَعْبد ، وقال عمر: بل أمِّر الأَقْرع بن حَابِس ، فقال أبو بكر : ما أردت إلا خِلاَفِي ، وقال عمر: ما أردت خِلاَفَك ، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما، فَنَزَلت في ذلك قوله: { يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا لا تُقَدِّموا بَينَ يَدي اللهِ وَرَسولِهِ } [الحجرات: 1] إلى قوله سبحانه : { ولَو أََنَّهُم صَبَروا حَتّى تَخرُجَ إِلَيهِم لَكَانَ خَيْرَاً لَهُمْ } [الحجرات: 5] . رواه البُخَارِيّ (2) عن الحسن بن محمد بن الصباح /103 أ/.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ…الآية } [الحجرات: 2].
نزلت في ثابت بن قيس بن شمِاَس ، كان في أذنه وَقْرٌ ،وكان جَهْوَرِيَِ الصَّوت ، فكان إذا كلم إنساناً جهر بصوته ، فربما كان يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيتأذى بصوته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
__________
(1) لَمْ ترد فِي (س) و (ه)
(2) صحيح البُخَارِيّ 6/172(4847).
وأخرجه : أحْمَد 4/4و6 ، والبخاري أيضاً 5/213(4367)و6/171(4845)و9/120(7302) ، والترمذي (3266) ، والنسائي 8/226 وفي الكبرى ، لَهُ (5936)و(11514) وفي التفسير ، لَهُ (534) ، وأبو يعلى (6816) ، والطبري في التفسير 26/119 ، والطحاوي في شرح المشكل (335).(1/672)
(384) أخبرنا أحمد بن إبراهيم المُزَكِّي ، قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد الزاهد ، قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي ، قال: حدثنا قَطَن(1) بن نُسَيْر ، قال: حدثناجعفر بن سليمان الضُّبعيُّ ، قال: حدثنا ثابت ،عن أنس ، قال: لما نزلت هذه الآية: { لا تَرفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوقَ صَوْتِ النَّبِيِّ } [الحجرات : 2] قال ثابت بن قيس : أنا الذي كنت أرفع صوتي فوق صوت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، وأنا من أهل النار. فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( هو من أهل الجنة )). رواه مسلم(2) عن قطن بن نُسَير.
وقال ابن أبي مليكة: كاد الخَيِّران أن يهلكا: أبو بكرٍ وعمرٍ ، رفعا أصواتهما عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حين قدم عليه ركب بني تميم ، فأشار أحدهما بالأقْرَع بن حَابِسٍ ،وأشار الآخر برجلٍ آخر ، فقال أبو بكرٍ لعمرٍ: ما أردتَ إلا خلاَفي ، وقال عمر: ما أردت خلافك ، وارتفعت أصواتهما في ذلك ، فأنزل الله تعالى فِي ذَلِكَ (3): { لا تَرفَعُوا أَصواتَكُمْ …الآية } (4).
وقال ابن الزبير : فما كان عمر يَسْمَع رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - كلامه (5) بعد هذه الآية ، حتى يستفهمه (6).
__________
(1) في (ب): ((قطن بن بشير)) ، وفي (ه): ((قطر)) وَهُوَ تحريف.
(2) صحيح مُسْلِم 1/77(119)(188).
وأخرجه : أحْمَد 3/137 و145 و287 ، وعبد بن حميد (1209) ، والبخاري في خلق أفعال العباد : 70 ، ومسلم 1/77(119)(187) وعقب (188) ، وأبو عوانة 1/69 ، وأبو يعلى (3331) و(3427) ، وابن حبان (7168)و(7169) ، والبغوي (3996) وفي معالم التنزيل ، لَهُ (1992).
(3) في ذَلِكَ)) لَمْ ترد في (ب).
(4) صحيح البُخَارِيّ 6/171(4845) مِنْ طريق نافع ، عن ابن أبي مليكة ، وزاد السيوطي 7/547 نسبته لابن المنذر والطبراني .
(5) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(6) هُوَ جزء مِنْ الحَدِيْث السابق . وانظر : جامع الترمذي (3266).(1/673)
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ…الآية } [الحجرات: 3].
قال عطاء عن ابن عباس(1): لما نزل قوله تعالى: { لا تَرفَعُوا أَصْوَاتَكُم } [الحجرات: 2] تألَّى أبو بكر أن لا يكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا كأخي السِّرَار، فأنزل الله تعالى في أبي بكر: { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُم عِندَ رَسُولِ اللهِ } [الحجرات: 3].
(385) أخبرنا أبو بكر القاضي ، قَالَ : حدثنا محمد بن يعقوب ، قَالَ : حدثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، قَالَ : حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، قَالَ : حدثنا حُصَين (2) ابن عمر الأحْمَسِيّ ، قال: حدثنا مخُاَرِق ، عن طارق ، عن أبي بكر ، قَالَ : لما نزلت على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - { إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى } [الحجرات:3] قال أبو بكر: فآليت على نفسي أن لا أكلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا كأخي السِّرَارِ(3)
__________
(1) ذكره المصنف في الوسيط 4/151 ، وذكره البغوي في التفسير (1994) من طريق أبي هريرة ، وابن عَبَّاس مقرونين .
(2) في ( ه) : ((حسن بن عمر)).
(3) إسناده ضعيف جداً ؛ يَحْيَى بن عَبْد الحميد حافظ ، إلا أنَّهُ اتهم بسرقة الحَدِيْث ، وحصين بن عمر الأحمسي متروك . وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد 7/108 : (( رَوَاه البزار وفيه حصين بن عمر الأحمسي وَهُوَ متروك وَقَدْ وثقه العجلي ، وبقية رجاله رجال الصَّحِيْح )).
وأخرجه : البزار (56) ، وابن عدي في الكامل 3/300 ، والحاكم في المستدرك 3/74 ، والمصنف في الوسيط 4/151 مِنْ طرق عن حصين بن عمر الأحمسي ، بهذا الإسناد ، وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/548 وزاد نسبته إلى ابن مردويه.
وذكر هذا الحَدِيْث مِنْ طريق آخر صححه البَيْهَقِيّ عن أبي هريرة ، بِهِ : انظر : الدر المنثور
7/548 .(1/674)
.
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ…الآية } [الحجرات: 4].
(386) أخبرنا أحمد بن عبيد الله المَخْلَدِي ، قَالَ : أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن زياد الدّقّاق (1) ، قَالَ : حدثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة ، قَالَ : حدثنا محمد ابن يحيى العتكي ، قَالَ : حدثنا المعتمر بن سليمان ، قَالَ : حدثنا داود الطفاوي (2) ، قَالَ : حدثنا أبو مسلم البَجَليّ ، قال(3): سمعت زيد بن أرْقَم يقول: أتى ناسٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فجعلوا ينادونه وهو في حجرة يا محمد ، يا محمد ، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ } (4) [الحجرات: 4].
__________
(1) في (ب): ((أخبرنا أبو بكر مُحَمّد بن عَبْد الله بن مُحَمّد بن زياد)).
(2) في (ه): ((الطغواي)) وَهُوَ خطأ.
(3) لَمْ ترد في (ب).
(4) إسناده ضعيف ، داود الطفاوي هُوَ داود بن راشد الطفاوي لين الحَدِيْث ، وأبو مُسْلِم البجلي مقبول حيث يتابع وإلا فلين . ولم يتابع .
أخرجه الطبري 26/121 ، والطبراني في الكبير (5123) ، ومسدد وإسحاق كَمَا في المطالب العالية (3734/1) ، وأبو يعلى كَمَا في المطالب العالية(3734/2) مِنْ طريق المعتمر بهذا الإسناد . وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/552 ، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم.(1/675)
وقال محمد بن إسحاق (1) وغيره : نزلت في جُفَاة بني تميم ، قدم وفدٌ منهم على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : فدخلوا المسجد فنادَوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - من وراء حجرته : أن اخرج إلينا /103ب/ يا مُحَمّد ، فإن مدحنا زَيْنٌ ، وإن ذمنا شينٌ. فآذى ذلك مِنْ صياحهم(2) رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج إليهم فقالوا : إنا جئناك يا محمد ، نفاخرك ، ونزل فيهم القرآن : { إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلون } [الحجرات : 4] . وكان فيهم : الأقْرَع بن حَابِس ، وعُيَيْنَة بن حِصْن ، والزِّبْرِقَان بن بدر ، وقيس بن عاصم.
(387) وكانت قصة هذه المفاخرة على ما أخبرناه أبو إسحاق أحمد بن محمد المقريء ، قَالَ : أخبرنا الحسن بن محمد بن الحسن السّدُوسِي ، قَالَ : حدثنا الحسن (3) ابن صالح بن هانئ ، قَالَ : حدثنا الفضل بن محمد بن المسيب ، قَالَ : حدثنا القاسم بن أبي شيبة ، قَالَ: حدثنا مُعَلى بن عبد الرحمان ، قَالَ : حدثنا عبد الحميد بن جعفر ، عن عمر بن (4) الحكم ، عن جابر بن عبد الله ، قَالَ : جاء بنو تميم إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، فنادوا على الباب : يا مُحَمّد ، اخرج إلينا فإنَّ مدحنا زَيْن ، وإن ذَمَّنا شَيْنٌ . فسمعهم (5) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فخرج إليهم (6) وهو يقول: (( إنما ذلكم الله الذي مدحه زينٌ ، وذمه شينٌ )) فقالوا: نحن ناس من بني تميم ، جئنا بشاعرنا وخطيبنا نُشَاعِرك ونُفَاخرُك. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) سيرة ابن هشام 4/206-213 .
(2) مِنْ صياحهم))لَمْ ترد في (ب).
(3) في (ب) و(ه): ((مُحَمّد بن صالح)).
(4) في (ب) و(ه): ((عمرو)) وَهُوَ خطأ فيهما . راجع تهذيب التهذيب 6/111.
(5) في (ب): ((فسمعها)).
(6) في (ب) :(( عَلَيْهِمْ )) .(1/676)
(( ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار أمرت ، ولكن هاتوا )) فقال الزبرقان بن بدرٍ لشابٍ من شبانهم: قم فاذكر فضلك وفضل قومك ، فقام فقال(1): الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه ، وآتانا أموالاً نفعل فيها ما نشاء ، فنحن من خير أهل الأرض ، ومن أكثرهم عُدَّة ومالاً وسلاحاً ، فمن أنكر علينا قولنا فليأت بقولٍ هو أحسن من قولنا ، وفَعَال هو خير(2) من فعالنا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شِمَاس: قم فأجبه ، فقام فقال: الحمد لله أحمده وأستعينه ، وأومن به وأتوكل عَلَيْهِ ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، دعا المهاجرين(3) من بني عمه - أحسن الناس وجوهاً ، وأعظمهم أحلاماً - فأجابوه ، فالحمد لله الذي جعلنا أنصاره ، ووزراء رسوله ، وعِزاً لدينه ، فنحن نقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ، فمن قالها منع مِنّا نفْسَه وماله ، ومن أباها قتلناه ، وكان رغمه من الله تعالى علينا هيناً ،أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات. فقال الزبرقان بن بدر لشاب من شبانهم(4) قم يا فلان ، فقل أبياتاً تذكر فيها فضلك وفضل قومك ،فقام الشاب(5) فقال:
- - - 0نَحنُ الكِرامُ فلا حَيٌّ يُعادلنا
?
?
فينا الرُؤوسُ وَفينا يُقسِمُ الرُّبعُ (6)
??
?ونطعمُ الناسَ عِنْدَ القحطِ كلَّهم
?
?
مِنْ السّدِيفِ إذا لَمْ يؤنس القزَعُ (7)
??
?إِذا (8) أَبينا فلا يَأبى لَنا أَحدٌ
?
?
__________
(1) في سيرة ابن هشام 4/207 أن خطيبهم الأول عطارد بن حاجب.
(2) في (ه): ((هي خير)) . وفي (ص): ((هُوَ أحسن)).
(3) في (ه): ((المهاجرين والأنصار)).
(4) في (س) و (ه) : ((شبابهم)).
(5) في سيرة ابن هشام 4/208 : ((أن الشعر للزبرقان )).
(6) في (ه): ((حي يفاخرنا)) .
(7) قَالَ الخشني: ((القزع: جمع قزعة ، وَهُوَ سحاب رقيق يكون في الخريف)).
(8) في (ب): ((أنا أبينا)).(1/677)
إِنّا كَذَلِكَ عندَ الفخرِ نَرتَفِع /104أ/
- - -
قَالَ: فأرسل رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حسان بن ثابت ، فانطلق إليه الرسول فَقَالَ: وما يريد مني وَقَدْ كُنْتُ عنده، قَالَ: جاءت بنو تميم بشاعرهم وخطيبهم، فأمر رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ثابت بن قيس فأجابهم ، وتكلم شاعرهم فأرسل إليك تجيبه ، فجاء حسان ، فأمره رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبه ، فَقَالَ حسان (1) : يا رَسُول الله ؛ مره فليسمعني ما قَالَ ، فأنشده ما قَالَ ، فَقَالَ حسان (2) عِنْدَ ذَلِكَ :
- - - 0نَصرنا رَسولَ اللهِ وَالدينُ عَنْوَةٌ
?
?
عَلى رَغمِ باد (3) مِن مَعَدٍّ وَحاضِرِ
??
?أَلَسنا نَخوضُ الموتَ في حَومَةِ الوَغى
?
?
إِذا طابَ وِردُ الموتِ بَيْنَ العساكرِ
??
?وَنَضرِبُ هامَ الدارِعينَ وَنَنَتمِي
?
?
إِلى حَسَبٍ مِن جُذْمِ غَسَّانَ قاهِرِ(4)
??
?فَلَولا حَياءُ اللَهِ قُلنا تَكَرُّماً
?
?
عَلى الناسِ بالخَيفين(5) هَل مِن مُنافِرِ
??
?فَأَحياؤُنا مِن خَيرِ مَن وَطِئَ الحَصى
?
?
وَأَمواتنا مِن خَيرِ أَهلِ المَقابِرِ
- - -
قال: فقام الأقْرَع بن حابس فقال: إني والله لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء وقد قلت شعراً فاسمعه فقال: هات ، فقال:
- - - 0أَتَيناكَ كَيما يَعرِفُ الناسُ فَضلَنا
?
?
إِذا فاخَرونا عِندَ ذِكرِ المكارِمِ
??
?وَإِنّا رُؤوسُ الناسِ مِن كُلِّ مَعشَرٍ
?
?
وَأَن لَيسَ في أَرضِ الحِجازِ كَدارِمِ(6)
??
?وإنَ لَنَا المِرْباَعَ فِيْ كل غارةٍ
?
?
تكون بنجد أو بأرض التَّهَائمِ
__________
(1) لَمْ ترد في (ب) .
(2) عبارة : ((عِنْدَ ذَلِكَ)) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(3) لَمْ ترد هَذِهِ الأبيات في سيرة ابن هشام ولا في ديوان حسان وفي "ه" ((والدين عنوة عَلَى رغم سار)).
(4) في(ه): ((مِنْ جرم)).
(5) في (ب) ((بالجفين)) ، وفي (ه): ((بالحقين)) وَهُوَ تحريف.
(6) في (ه): ((كوارم)) .(1/678)
- - -
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( قم يا حسان فأجبه )) فقام حسان فقال:
- - - 0بَني دارِمٍ لا تَفخَروا إِنَّ فَخرَكُم
?
?
يَعودُ وَبالاً عِندَ ذِكرِ المَكارِمِ
??
?هَبَلتُم عَلَينا تَفخَرونَ وَأنتُمُ
?
?
لَنا خَولٌ (1) مِن بَينِ ظِئرٍ(2) وَخادِمِ
??
?وَأَفضَلُ ما نِلتُم مِن المَجدِ وَالعُلَى
?
?
رَدافَتُنا مِن بَعدِ ذِكرِ الأَكارِمِ (3)
??
?فَإِن كُنتُم جِئتُم لِحَقنِ دِمائِكُم
?
?
وَأَموالِكُم أَن تُقَسَموا في المَقاسمِ
??
?فلا تجعلوا لله نداً وأسلموا
?
?
ولا تفخروا عِنْدَ النبيِّ بدارم (4)
??
?وإلا وربِّ البيت مالت أكُفُّنَا
?
?
عَلَى هامِكم بالمُرْهَفَات الصَّوارِم (5)
- - -
قَالَ : فقام الأقْرَعُ بن حابس فَقَالَ : إن محمداً لمؤتى لَهُ (6) والله ما أدري ما هذا الأمر تكلم خطيبنا /104ب/ فكان خطيبُهم أحسن قولاً، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أشعر. ثُمَّ دنا مِنْ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رَسُول الله ، فَقَالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - : (( ما يَضُرُّكَ (7) ما كَانَ قبل هذا )) ، ثُمَّ أعطاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكساهم ، وارتفعت الأصوات ، وكثر الَّلغط عِنْدَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآيات :
__________
(1) الخول : هم العبيد والأماء وغيرهم مِن الحاشية والواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذَلِكَ سواء .
انظر: لسان العرب 11/224.
(2) الظئر : العاطفة عَلَى غير ولدها . المرضعة لَهُ مِن الناس والإبل . انظر : لسان العرب 4/514.
(3) فِي الديوان : (( ردافتنا عِنْدَ احتضار المواسم )).
(4) عجزه فِي السيرة والديوان :(( ولا تلبسوا زيا كزي الأعاجم )).
(5) ليس فِي السيرة ولا فِي الديوان .
(6) فِي (ه) : ((مُحَمّد المولى إنه)) وَهُوَ تحريف .
(7) فِي (ب) و (ه): ((ما نصرك)) !.(1/679)
{ لا تَرفَعوا أَصواتَكُم فَوقَ صَوتِ النَبِيِّ } [الحجرات: 2] إِلَى قَوْله { وَأَجرٌ عَظيمٌ } (1) [الحجرات: 3].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا…الآية } [الحجرات: 6].
نزلت في الوليد بن عقْبة بن أبي مُعَيْطٍ ، بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بني المُصْطَلِق مصدِّقاً ، وكان بينه وبينهم عداوةٌ في الجاهلية ، فلما سمع القوم به تلقوه تعظيماً لله تعالى ولرسوله ، فحدثه الشيطان أنهم يريدون قتله ، فهابهم فرجع من الطريق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: إن بني المُصْطَلِق قد منعوا صدقاتهم وأرادوا قتلي ، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهمَّ بغزوهم (2) ، فبلغ القومَ رجوعهُ ، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقالوا: سمعنا برسولك(3) فخرجنا نتلقاه ونكرمه ونؤدي إليه ما قِبَلَنَا من حقِّ الله تعالى ، فبدا له في الرجوع ، فخشينا أن يكون إنما رده من الطريق كتاب جاءه منك بغضبٍ غضبته علينا ، وإنا نعوذ بالله من غضبه وغضب رسوله. فأنزل الله تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأ } [الحجرات: 6] يعني : الوليد بن عقبة (4)
__________
(1) موضوع آفته معلى بن عَبْد الرحمان متهم بالوضع ، وعبد الحميد لَهُ أوهام . وهذا الحَدِيْث بهذا الطول لَمْ نجده عِنْدَ أحد.
(2) فِي ( س) و (ه) : (( أن يغزوهم )) .
(3) بعد هذا فِي (ب) : ((يا رسول الله)).
(4) هذا المعنى ورد مِنْ حديث أم سلمة . أخرجه : الطبري 26/123 ، والطبراني في الكبير 23/(960). وزاد السيوطي 7/556 نسبته لابن راهوية وابن مردويه وابن منده .
وورد مِنْ حديث ابن عَبَّاس . أخرجه: الطبري 26/124 وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر كَمَا في الدر المنثور 7/556.
وورد مِنْ حديث علقمة بن ناجية وجابر بن عَبْد الله وَمَنْ قول مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة . انظر : الدر المنثور 7/556-559.(1/680)
.
(388) أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الشَّاذِياخي ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن زكريا الشَّيبَاني ، قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمان الدَّغُولي ، قَالَ: حدثنا سعيد بن مسعود ، قَالَ : حدثنا محمد بن سابق ، قَالَ : حدثنا عيسى بن دينار ، قَالَ : حدثنا أبي، أنه سمع الحارث بن ضِرَار يَقُوْل : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاني إلى الإسلام ، فدخلت في الإسلام وأقررت ، ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها ، فقلت : يا رسول الله أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة ، فمن استجاب لي (1) جمعت زكاته، فترسل لأبَّانِ كذا وكذا ، لآتيك بما جمعت من الزكاة. فلما جمع الحارث بن ضرار ممن استجاب لَه (2) وبلغ الأبَّانَ الذي أراد أن يبعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتبس عليه الرسول فلم يأته. فظن الحارث أنَّه قد حدث فيه سخطةٌ من الله ورسوله فدعا سَرَوَاتِ قومه فقال لهم: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كان وقّت لي وقتاً ليرسل إليّ ليقبض ما كان عندي من
__________
(1) في ( ه): ((استجابني)).
(2) عبارة (( مم استجاب لَهُ )) لَمْ ترد فِي (ب) .(1/681)
الزكاة ، وليس مِنْ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخلفُ ، ولا أرى حَبْسَ رسوله إلا من سخطةٍ ، فانطلِقوا فنأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وبعثَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الوليدَ بن عقبة إلى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة ، فلما أن سار الوليد حتى بلغ/105 أ/ بعض الطريق فَرِقَ فرجع فقال: يا رسول الله إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي. فَضرَبَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - البعث إلى الحارث ، وأقبل الحارث بأصحابه فاستقبل البَعْثَ وقد فَصَلَ من المدينة ، فلقيهم الحارث ، فقالوا: هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم: إلى من بعثتم ؟ قالوا: إليك ، قَالَ: وَلَمْ ؟ قالوا: إن رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ بعث إليك الوليد بن عُقْبَةٍ ، فرجع إِلَيْهِ فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله. قَالَ:لا والذي(1) بعث محمداً بالحق ما رأيته ولا أتاني. فلما أن دخل الحارث عَلَى رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( مَنَعْتَ الزكاة وأردت قتل رسولي ))
فقَالَ : لا والذي بعثك بالحقّ ما رأيت رسولك ولا أتاني ، ولا أقبلت إلا حين احتبس عليّ رسولُك خشية أن يكون سخطةً مِنْ الله ورسوله . قَالَ : فَنَزَلت فيّ الحجرات:
{ يا أَيُّها الَّذينَ آَمَنوا إِن جاءكُم فاسِقٌ بِنَباءٍ فَتَبَيَّنوا أَن تُصيبوا قَوماً بِجَهالَةٍ فَتُصبِحوا عَلى ما فَعَلتُم نادِمينَ } [الحجرات: 6] إلى قوله تعالى: { فَضلاً مِّنَ اللهِ وَنِعمَةً واللهُ عَليمٌ حَكيمٌ } (2)
__________
(1) في (ب): ((والذي نفسي بيده)).
(2) إسناده ضعيف ؛ دينار والد عيسى مجهول ، تفرد بالرواية عَنْهُ ابنه عيسى .
أخرجه : أحْمَد 4/279 ، والطبراني فِي الكبير (3395) مِنْ طريق مُحَمّد بن سابق ، بهذا الإسناد .
قَالَ الهيثمي فِي مجمع الزوائد 7/109 : ((رجال أحمد ثقات)).
وَقَالَ السيوطي فِي الدر المنثور 7/555 : (( وأخرج أحْمَد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه بسند جيد ، عن الحارث بن ضرار الخزاعي )).
تنبيه : في مسند أحْمَد والدر المنثور: الحارث بن ضرار ، وفي معجم الطبراني : الحارث بن سرار.
وفي الإصابة1/281(1427) وتجريد أسماء الصحابة 1/102: الحارث بن أبي ضرار ، وساق لَهُ هذا الحَدِيْث بسند أحْمَد.(1/682)
[الحجرات: 8].
قوله - عز وجل -: { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا…الآية } [الحجرات: 9].
(389) أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر (1) النحوي ، قَالَ : أخبرنا محمد بن أحمد(2) بن سنان المقرىء ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن علي الموصلي (3) ، قَالَ : حدثنا إسحاق بن إسرائيل (4) ، قَالَ : حَدَّثَنَا معتمر بن سليمان ، قَالَ : سمعت أبي يحدث عن أنس ، قَالَ : قُلْتُ (5) يا نبي الله ، لو أتيت عبد الله بن أبيّ . فانطلق إليه النَّبْيُّ - صلى الله عليه وسلم - فركب حماراً وانطلق المسلمون يمشون ، وهي أرضٌ سَبِخَةٌ فلما أتاه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قال: إليك عني ، فوالله لقد آذاني نَتْنُ حمارك فقال رجلٌ من الأنصار: والله لَحِمَارُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطيب ريحاً منك. فغضب لعبد الله رجلٌ من قومه ، وغضب لكل واحد منهما أصحابه، فكان بينهم ضربٌ بالجريد والأيدي والنعال،فبلغنا أنه أنزلت فيهم: { وَإِن طائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنينَ
اِقتَتَلوا فَأَصلِحوا بَينَهُما } [الحجرات : 9]. رواه البُخَارِيّ (6) عن مسدَّد ، ورواه مسلم(7) عن محمد بن عبد الأعلى ، كلاهما عن المعتمر.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ…الآية } [الحجرات:11].
__________
(1) فِي (ب) :(( مُحَمَّد بن احمد بن جعفر )) .
(2) لَمْ ترد في (ب).
(3) وَهُوَ أبو يعلى ، والحديث في مسنده (4083).
(4) فِي (س) و (ه) : (( بن أَبِي اسرائيل )) .
(5) في (ب): ((قيل)).
(6) صحيح البُخَارِيّ 3/239(2691).
(7) صحيح مُسْلِم 5/183(1799)(117).
وأخرجه: أحمد 3/157 و219 ، والطبري فِي التفسير 26/128 ، وأبو عوانة 4/345 ، والبيهقي 8/172 ، والبغوي في تفسيره (2000).(1/683)
نزلت (1) في ثابت بن قيس بن شماس ، وذلك أنه كان في أذنيه وقرٌ ، فكان إذا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوسعوا له حتى يجلس إلى جنبه فيسمع ما يقول ، فجاء يوماً وقد أخذ الناس مجالسهم فجعل يتخطى رقاب الناس ، ويقول: تفسحوا تفسحوا ، فقال له(2) رجلٌ: قد أصبت مجلساً فاجلس ، فجلس ثابت مغضباً ، فغمز الرجل فقال: من هذا ؟ فَقَالَ: أنا فلانٌ ، فَقَالَ ثابتٌ : ابن فلانة ؟ وذكر أماً كانت لَهُ يعيَّر بها فِيْ الجاهلية، فنكس الرجل رأسه استحياءً ، فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآية (3).
قوله - عز وجل -:/105ب/ { وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ…الآية } [الحجرات: 11].
نزلت في امرأتين (4) من أزواج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - سَخرتا من أمّ سَلَمَة ، وذلك أنها ربطت حِقْوَيْها بِسَبِنيَّة- وهو خيطٌ أبيضٌ- وسدلت طرفها خلفها فكانت تجره ، فقالت عَائِشَة لحفصة : انظري إلى(5) ما تجر خلفها كأنه لسان كلب فهذا كان سخريتها.
وقال أنسٌ (6): نزلت في نساء النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عيرن أمّ سَلَمة بالقصر.
وقال عكرمة (7) عن ابن عباس : إن صفية بِنْت حُيَيّ بن أخطَب أتت
__________
(1) ذكره البغوي في تفسيره (2003) ، والقرطبي 7/6144-6145.
(2) لَمْ ترد فِي (ب) .
(3) راجع الأسباب الأخرى في تفسير الطبري 26/131 والدر المنثور 7/563-564.
(4) ذكره القرطبي 7/6146.
(5) لَمْ ترد في (ب).
(6) ذكره البغوي في التفسير 4/261.
(7) ذكره البغوي في تفسيره (2004) ، والقرطبي 7/6146 دُوْنَ إسناد. وَقَدْ ورد نحوه مِنْ حديث أنس عِنْدَ عبد الرزاق (20921)، والترمذي(3894) والنسائي فِي عشرة النساء (33)، وابن حبان (7211)، والطبراني فِي الكبير 24/(186) وَقَالَ الترمذي :((هذا حديث حسن صحيح غريب مِنْ هذا الوجه)).(1/684)
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت (1): إن النساء يعيرنني ويقلن : يايهودية بنت يهوديين ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( هَلا قلتِ : إن أبي هارون ، وإن عمي موسى ، وإن زوجي محمدٌ )) . فأنزل الله تعالى هذه الآية .
قوله - عز وجل -: { وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ … الآية } [الحجرات: 11].
(390) أخبرنا أحْمَد بن مُحَمّد بن إبْرَاهيم المهرجاني ، قَالَ : أخبرنا أبو عبد الله ابن بطة (2) ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم المَرْوَزِيّ ، قال: حدثنا حَفْصُ بن غِيَاث ، عن داود بن أبي هند ، عن الشعبي ، عن أبي جبيرة بن الضحاك ، عن أبيه وعمومته ، قالوا: قدم علينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - فجعل الرجل يدعو للرجل ينبزه ، فيقال يا رسول الله إنه يكرهه. فَنَزَلت: { وَلا تَنابَزوا بِالأَلقابِ } (3) [الحجرات: 11].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى…الآية } [الحجرات:13].
__________
(1) فِي (س) و (ه) :(( يا رَسُول الله )) .
(2) في (ه): ((ابن عطية)).
(3) إسناده صحيح.
أخرجه أحْمَد 4/69و5/380 مِنْ طريق الشعبي ، عن أبي جبيرة ، عن عمومة لَهُ.
وأخرجه: أحْمَد4/260 ، وأبو داود (4962) ، وابن ماجه (3741) ، والترمذي (3268) ، والنسائي فِي الكبرى (11516) وفي التفسير ، لَهُ(536) ، وأبو يعلى (6853) ، والطبري في تفسيره 26/132، وابن حبان (5709) ، والطبراني في الكبير 22/حديث(968)و(969) ، وابن السني (399) ،والحاكم 2/463 ، والمزي في تهذيب الكمال 8/272.(1/685)
قال ابن عباس: نزلت في ثابت(1) بن قيس وقولِهِ في الرجل الذي لم يفسح لَهُ: ابن فلانة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من الذاكِرُ فلانة ؟))، فقام ثابت فَقَالَ: أنا يا رَسُول الله ، فَقَالَ: ((انظر فِيْ وجوه القوم )) ، فنظر فَقَالَ: (( ما رأيتَ يا ثابت ؟ )) ، فَقَالَ: رأيتُ أبيض وأحمر وأسود (2)، قَالَ: (( فإنك لا تَفْضُلُهم إلا فِيْ الدين والتقوى ))، فأنزل الله تعالى هَذِهِ الآية .
وقال مقاتلٌ (3): لما كان يوم (4) فتح مكة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلالاً حتى أذن على ظهر الكعبة ، فقال عَتَّاب بن أَسِيد بن أبي العِيص: الحمد لله الذي قَبَض أبي حتى لم ير هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام: أما وجد محمدٌ غير هذا الغراب الأسود مؤذناً وقال سُهيل بن عَمْرو: إن يرد الله شيئاً يغيره. وقال أبو سفيان: إني لا أقول شيئاً أخاف أن يخبر بِهِ (5) رب السماء. فأتى جبريل - عليه السلام - النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بما قالوا ، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية وزجرهم عن التفاخر بالأنساب ، والتَكَاثُر بالأموال والإزْرَاءِ (6) بالفقراء.
__________
(1) ذكره البغوي فِي التفسير (2011) وَقَدْ تقدم مِنْ حديث ابن عَبَّاس بهذه القصة.
(2) في (ب): ((أبيض وأسود وأحمر)).
(3) ذكره البغوي في تفسيره (2012).
(4) لَمْ ترد في (ب).
(5) سقطت من (ب) .
(6) في (ب): ((الإزدراء)).(1/686)
(391) أخبرنا أبو حسان المُزَكِّي ، قال: أخبرنا هارون بن محمد الاسْتِرَابَاذِيّ ، قال: حدثنا أبو محمد إسحاق بن مُحَمَّد (1) الخُزَاعي ، قَالَ : حدثنا أبو الوليد الأزْرَقي قَالَ : حدثني جدي ، قَالَ : حَدَّثَنَا عبد الجبار بن الورد المكي ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابن أبي مُلَيْكَة ، قَالَ (2): لما كان يوم الفتح رقي بلالٌ عَلَى ظهر الكعبة فأذن فقال بعض الناس : يا عباد الله ، أهذا العبد الأسود/106 أ/ يؤذن على ظهر الكعبة ، فقال بعضهم: إن يَسْخَطِ الله هذا يُغَيِّره ، فأنزل الله تَعَالَى: { يا أَيُّها النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِّنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى } [الحجرات: 13].
وقال يزيد بن شَجَرَة (3): مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ببعض الأسواق بالمدينة ، وإذا غلامٌ أسودٌ قائمٌ ينادى عَلَيْهِ بياع : فمن يزيد ، وكان الغلام يَقُوْل : من اشتراني فعلى شَرْط ، قِيْلَ : ما هو ؟ قَالَ : لا يمنعني مِنْ الصلوات الخمس خلف رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -، فاشتراه رجلٌ عَلَى هَذَا (4)الشرط، فكان يراه رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ كُلّ (5) صلاةٍ مكتوبةٍ، ففقده ذات يومٍ فَقَالَ لصاحبه: أين الغلام ؟ فَقَالَ: محمومٌ يا رَسُول الله ، فَقَالَ رَسُول الله لأصحابه:(( قوموا بنا نعوده )) فقاموا مَعَهُ فعادوه ، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ أيامٍ قَالَ لصاحبه :
__________
(1) فِي (ب) :(( احمد )) .
(2) ذكره السيوطي في الدر المنثور 7/578 وعزاه لابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي فِي الدلائل وفي سنده ضعف لضعف عَبْد الجبار .
(3) في (ه): ((ابن الشخير)) وَهُوَ خطأ ، راجع الإصابة 3/621. وَهُوَ مختلف في صحبته ولم نقف عَلَى هذا الحَدِيْث مسنداً.
(4) لَمْ ترد فِي (ب) .
(5) لَمْ ترد فِي (ب) .(1/687)
(( ما حال الغلام ؟ )) فقال : يا رسول الله إنَّ الغلام (1) لِمَا بِهِ . فقام ودخل عَلَيْهِ وَهُوَ فِي بُرَحَائه (2) فقبض عَلَى تلك الحال ، فتولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسله وتكفينه ودفنه ، فدخل عَلَى أصحابه مِنْ ذَلِكَ أمرٌ عظيم ، فقال المهاجرون : هاجرنا من (3) ديارنا وأموالنا وأهلينا فلم ير أحدٌ منا(4) فِي حياته ومرضه وموته ما لقي هذا الغلام. وقالت الأنصار: آويناه ونصرناه وواسيناه بأموالنا فآثر علينا عبداً حبشياً. فأنزل الله تعالى { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى } [الحجرات: 13] يعني أن كلكم (5) بنو أبٍ واحدٍ وامرأةٍ واحدةٍ. وأراهم فضل التقوى بقوله: { إِنَّ أَكرَمَكُم عِندَ اللهِ أَتقاكُم } [الحجرات:13].
قوله - عز وجل -: { قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا…الآية } [الحجرات: 14].
نزلت (6) في أعراب من بني أسد بن خُزَيمة ، قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة في سنةٍ جدبةٍ ، وأظهروا الشهادتين ولم يكونوا مؤمنين في السر ، وأفسدوا طرق المدينة بالعَذَرَات وأغْلَوْا أسعارها ، وكانوا يقولون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أتيناك بالأثقال والعيال، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلانٍ ، فأعطنا من الصدقة . وجعلوا يمنون عَلَيْه ِ، فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
__________
(1) في (ه): ((الغلام قورب بِهِ)).
(2) في (ه): ((في نزعاته)).
(3) في (س) :(( هجرنا ديارنا )) .
(4) في (ب): ((منا أحدٌ)).
(5) فِي (س) و (ه) :(( أنكم )) .
(6) انظر: تفسير الطبري 26/148 ، وتفسير البغوي 4/268 ، والدر المنثور 7/582 مِنْ قول مجاهد وقتادة.(1/688)
سُورة ق
F
قوله - عز وجل -: { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُّغُوبٍ } [ق: 38].
قال الحسن وقتادة : قالت اليهود: إن الله خلق الخلق في ستة أيام ، واستراح يوم السابع ، وهو يوم السبت. وهم يسمونه يوم الراحة ، فأنزل الله تعالى هذه الآية(1).
(392) أَخْبَرَنَا أبو بَكْر (2) أحمد بن محمد التميمي، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن محمد ابن جعفر الحافظ ، قَالَ : أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قَالَ: حدثنا هنّاد (3) بن السَّرِي ، قال: حدثنا أبو بكر بن عَيَّاش ، عن أبي سعد البقال ، عن عكرمة ، عن ابن عَبَّاس : أن اليهود أتت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فسألت عن خلق السموات والأرض فَقَالَ :
__________
(1) أخرجه عبد الرزاق في التفسير3/232(2965) ، والطبري 26/179 مِنْ طريق معمر عن قتادة ، وأخرجه الطبري ايضاً 26/179 مِنْ طريق سعيد عن قتادة .
وانظر: تفسير السمرقندي 3/274 ، والوسيط للمصنف 4/171 ، والبغوي في التفسير 4/276-277 (2021) ، والكشاف 4/12 ، والقرطبي 7/6194 ، والبحر المحيط 8/129 ، وابن كثير 4/336 ، وفتح الباري 8/594، والثعالبي 5/293 ، والدر المنثور للسيوطي 7/609-610 وزاد في نسبته إلى ابن المنذر عن الضحاك وقتادة. وكل مِنْ نسبه مِنْ هَذِهِ الكُتُب فقد ذكره عن قتادة إلا ما ذكرنا عن الثوري والسيوطي عن الضحاك والقرطبي هُوَ أحدى الروايتين عن الكلبي .
(2) في ( س ) و (ه - ) : سقطت (( أَبُو بَكْر )) .
(3) في (ه - ): ((قتادة بن السري )) وَهُوَ خطأ ، راجع ترجمة هناد ، في تهذيب التهذيب11/70-71.(1/689)
(( خلق الله الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء وما فيهن مِنْ المنافع وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء وخلق يوم /106ب/الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر )) . قالت اليهود : ثُمَّ ماذا يا مُحَمَّد ؟ قَالَ : (( ثُمَّ استوى عَلَى العرش )) قالوا: قَدْ أصبت لَوْ تممت ثُمَّ استراح. فغضب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - غضباً شديداً ، فَنَزَلت : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ - فَاِصبِر عَلى ما يَقولونَ … الآية } (1) [ق : 38-39].
سُورة النجم
F
قوله - عز وجل -: { ِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْض…الآية } [النجم: 32] .
__________
(1) إسناده ضعيف ؛ أبو سعد البقال هُوَ سعيد بن مرزبان ، ضعيف مدلس وَقَدْ عنعن ، وأخرجه الحاكم 2/543 وَقَالَ : (( هَذَا حَدِيث صحيح الإسناد )) ، وَقَدْ جانب الصواب فِي هَذَا . وأخرجه أبو الشيخ في كِتَاب العظمة (890) مِنْ طريق عطاء عَنْ عكرمة عَنْ ابن عَبَّاس ، وذكره السيوطي في لباب النقول 199-200.(1/690)
(393) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قَالَ : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قَالَ : حَدَّثَنَا إبراهيم بن محمد بن الحسن ، قَالَ : حَدَّثَنَا أحمد بن سعد (1) ، قَالَ : حدثنا ابن وهب، قَالَ: أخبرني ابن لهَيِعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن ثابت بن الحارث الأنصاري ، قال: كانت اليهود تقول إذا هلك لهم صبيٌّ صغيرٌ: هو صدِّيق. فبلغ ذلك النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( كذبت يهود ، ما من نسمةٍ يخلقها الله تعالى في بطن أمه إلا أنه شقيٌ أو سعيدٌ )) وأنزل الله تعالى عند ذلك هذه الآية: { هُوَ أَعلَمُ بِكُم إِذ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرضِ وَإِذ أَنتُم أَجِنَّةٌ في بُطونِ أُمَهاتِكُم } [النجم: 32] إلى آخرها (2).
قوله - عز وجل -: { أَفَرَءَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى - وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى … الآيات } [النجم: 33-34].
قال ابن عباس والسدي والكلبي والمُسيَّب بن شَرِيك : نزلت في عثمان بن
__________
(1) في ( ب ) : ((سعيد)).…
(2) إسناده صحيح ، فإن رِوَايَة عَبْد الله بن وهب عن ابن لهيعة جيدة قبل احتراق كتبه ، وأخرجه الطبراني في الكبير (1368) ، وأبو نعيم في معرفة الصحابة (1334) مِنْ طريق الحارث بن يزيد ، عن ثابت بن الحارث الأنصاري. وذكره السيوطي في الدر المنثور 7/657-658 وفي لباب النقول ، لَهُ 201 وزاد نسبته لابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه.(1/691)
عفان ،كان يتصدق وينفق في الخير ، فقال له أخوه من الرضاعة عبد الله (1) بن أبي سَرْح: ما هذا الذي تصنع ؟ يوشك أن لا يبقى لَكَ شيء (2) ، فَقَالَ عُثْمَان: إن لي ذنوباً وخطايا ، وإني أطلب بِمَا أصنع رضا الله عَلِيّ(3) وأرجو عفوه. فَقَالَ لَهُ عَبْد الله: أعطني ناقتك برحلها وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها ، فأعطاه وأشهد عَلَيْهِ ، وأمسك عَن بَعْض ما كَانَ يصنع مِنْ الصدقة ، فأنزل الله تَعَالَى: { أَفَرَءَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى - وَأَعْطَى قَلِيلاً وَأَكْدَى } [النجم: 33،34]فعاد عُثْمَان إِلَى أحسن ذَلِكَ وأجمله(4) .
وقال مجاهد وابن زيد وابن عَبَّاس فِي رِوَايَة عطاء وغيره (5): نزلت في الوليد بن المُغِيرة ، وكان قد اتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دينه ، فَعَيَّرَه بعضُ المشركين وَقَالَ له: لِمَ تركت دين(6) الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار ،قال: إني خشيت عذاب الله. فضمن له إن هو أعطاه شيئاً من ماله ورجع إلى شركه- أن يتحمل عنه عذاب الله ، فأعطى الذي عاتبه بعض ما كان ضمن له ثم بخل ومنعه ، فأنزل الله تعالى هذه الآيات(7)
__________
(1) في ( ب ) : ((عَبْد الله بن سعد بن أبي سرح)).
(2) في (ه - ): ((شيئاً)).
(3) لَمْ ترد في ( ب ) و ( ص ).
(4) انظر: الكشاف 4/33 وذكر القصة بتمامها ولم يذكر فِي سبب النزول ول غيرها ، والقرطبي 7/6281 وزاد نسبتها للثعلبي ، والبحر المحيط 8/166-167 وَقَالَ: قَالَ ابن عطية: وذلك كله عِنْدِي باطل وعثمان رضي الله عَنْهُ منْزه عن مثله. انتهى.
(5) عبارة ((وابن عَبَّاس في رِوَايَة عطاء وغيره)) لَمْ ترد فِي ( س ) و (ه - ) .
(6) وفي ( ب ) : ((وَقَالَ: أتركت)).
(7) أخرجه: مجاهد في تفسيره (631) ، والطبري 27/70 مِنْ طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد.
وأخرج الطبري 27/7 بإسناده إلى ابن زيد ولم يذكر الوليد بن المغيرة بل ذكرها مبهمة بصيغة : ((رجل)). وذكره السمرقندي في تفسيره 3/294 ، والمصنف 4/203 ، والبغوي 4/312 ، وابن الجوزي في زاد المسير 8/77 ، والقرطبي 7/6281 ، والخازن 6/267 ، وأبو حيان الأندلسي 8/166 ، والثعالبي 5/329-330 ، والسيوطي في الدر المنثور 7/659 وزاد نسبته للفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.(1/692)
.
قوله - عز وجل - : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى } [النجم : 43].
(394) أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الواعظ ، قَالَ : أخبرنا أبو عَبْد الله الحسين بن مُحَمّد الثقفي(1) ، قَالَ : أخبرنا عبد الله بن الفضل ، قَالَ : حَدَّثَنَا محمد بن أبي بكر المقدمي /107 أ/ قال: حدثتنا دَلال بنت أبي المدل ، قالت: حدثتنا الصَّهْبَاء ، عن عَائِشَة - رضي الله عَنْهَا - قالت: مرَّ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بقومٍ يضحكون فقال:(( لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيراً ولضحكتم قليلاً )) فَنَزَل جبريل بهذه الآية (2) ، فقال: (( إن الله تعالى يقول )) : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى } [النجم: 43] فرجع إليهم فقال: (( ما خطوت أربعين خطوةً حَتَّى أتاني (3) جبريل فَقَالَ : إئت هؤلاء ، وقل لهم: إن الله - عز وجل - يَقُوْل : { وَأَنَّهُ هُوَ أَضحَكَ وَأَبكى } (4) [النجم: 43] .
سُورة القَمَر
F
قوله - عز وجل -: { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ } [القمر: 1].
__________
(1) في ( ب ) : (( حدثنا عُمَرَ ابن الخطاب )).
(2) في ( س ) و ( ه - ) : (( عَلَيْهِ جبريل )) فقط .
(3) في ( س ) و ( ه - ) : (( تلقاني )) .
(4) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير 8/82-83 ، والقرطبي في التفسير 7/6286،والسيوطي في الدر المنثور 7/663 ونسبه إلى ابن مردويه.(1/693)
(395) أخبرنا أبو حكيم (1) : عَقِيل بن محمد الجُرْجَاني إجازةً بلفظه ، أن أبا الفرج القاضي أخبرهم ، قَالَ : أخبرنا محمد بن جرير(2) ، قَالَ : حدثنا الحسين بن أبي يحيى المقدسي ، قَالَ : حَدَّثَنَا يحيى بن حماد ، قَالَ : حدثنا أبو(3) عوانة ، عن المغيرة ، عن أبي الضُّحَى ، عن مَسْرُوق ، عن عبد الله ، قَالَ : انشق القمر على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كَبْشَةَ سَحَرَكُم ، فاسألوا(4) السُّفَّارَ. فسألوهم فقالوا: نعم قد رأيناه(5)؛ فأنزل الله - عز وجل - : { اِقتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ القَمَرُ - وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ } (6)[القمر: 1-2].
قوله - عز وجل -: { إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 47] إلى قوله : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } [القمر: 49].?
__________
(1) في (ه - ): ((أبو حليم)).
(2) في تفسيره 27/85.
(3) في (ه - ): ((ابن عوانة)) ، وَهُوَ خطأ.
(4) في ( ب ) : ((فَنَزلوا)).
(5) في ( س ) و (ه - ) : ((قَدْ رأينا)).
(6) حديث انشقاق القمر أصله في الصحيحين لكنهما لَمْ يصرحا بسبب نزول الآيات. =
= وأخرج الحَدِيْث عَبْد الرزاق في التفسير(3059) ، والطبري 27/ 85، والحاكم 4/471 وَقَالَ هذا ((حديث صحيح عَلَى شرط الشيخين ولم يخرجاه )) ، والبيهقي في دلائل النبوة 2/266 مِنْ طرق عن عَبْد الله بن مسعود وذكره البغوي (2078) في تفسيره ، وابن الجوزي في زاد المسير8/88 ، والقرطبي 7/6897 ، والخازن 6/273 ، وأبو حيان الأندلسي 8/173 ، وابن كثير 4/388-389 ، والسيوطي في الدر المنثور 7/670 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن مردويه وابن المنذر.(1/694)
(396) حَدَّثَنَا أبو القاسم عبد الرحمان بن محمد السراج إملاءً ، قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن موسى الكَعْبي ، قال: حدثنا حمدان بن صالح الأشَجّ ، قال: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رَوّاد ، قال: حدثنا سفيان الثوري ، عن زياد بن إسْمَاعِيل المخزومي ، عن محمد بن عباد بن جعفر ، عن أبي هريرة ، قال: جاءت قريشٌ يختصمون في القدر ، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُرٍ - يَومَ يُسحَبونَ في النارِ عَلى وُجوهِهِم ذوقوا مَسَّ سَقَرَ - إِنّا كُلَّ شَيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ } [القمر : 47-49]. رواه مُسْلِم (1) عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن سفيان.
__________
(1) صحيح مُسْلِم 8/52(2656)(19).
وأخرجه: عَبْد الرزاق في التفسير (3074) ، وأحمد2/444 و476 ، والبخاري في خلق أفعال العباد : 49 ، وابن ماجه ( 83 ) ، والترمذي (2157) و(3290) وَقَالَ "حسن صحيح" ، والطبري في التفسير27/110 ، وابن حبان (6148) ، واللالكائي في شرح أصول الإعتقاد (946)و(947) ، والبيهقي في شعب الإيمان ( 183 ) وفي الإعتقاد ، لَهُ 135 ، والمصنف في التفسير 4/213-214 ، والبغوي في شرح السنة (81) وفي التفسير، لَهُ(2082) ، والمزي في تهذيب الكمال 3/40(2008) ، مِنْ طرق عن أبي هريرة . وانظر: زاد المسير لابن الجوزي 8/101 ، وتفسير القرطبي 7/6317 ، والخازن 6/278 ، والدر المنثور 7/682-683 وزاد نسبته لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.(1/695)
(397) قال الشَّيْخ (1) : أشهد بالله لقد أخبرنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم الحافظ بِجُرْجَان ، قال: أشهد بالله لقد أخبرنا أبو نُعيم أحمد بن محمد بن إبراهيم البزار، قال: أشهد بالله لسمعت (2) علي بن جندلٍ (3) يَقُوْل : أشهد بالله لسمعت أبا الحسن محمد بن أحمد بن أبي خراسان (4) يَقُوْل : أشهد بالله لسمعت عبد الله بن الصَّقْر(5) الحافظ يَقُوْل : أشهد بالله لسمعت عفير بن معدان يقول: أشهد بالله لسمعت سليم (6) ابن عامر يَقُوْل : أشهد بالله لسمعت أبا أمامة الباهلي يَقُوْل : أشهد بالله لسمعت
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُوْل : إن هذه الآية انزلت (7) في القدرية: { إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُر - يَومَ يُسحَبونَ في النارِ عَلى وُجوهِهِم ذوقوا مَسَّ سَقَرَ… } الآيات (8) [القمر: 47 - 48].
__________
(1) هو الواحدي ، وهذا التعبير من راوي الكِتَاب عَنْهُ .
(2) في ( ب ) : ((لسمعت)).
(3) في (ه - ): ((ابن حَنْبل)).
(4) بن أبيخراسان)).
(5) في ( ب ) : ((عُبَيد الله بن صقر)) وفي ( ص ): ((عَبْد الله بن صقر)) والصواب ما أثبتناه. انظر: سير أعلام النبلاء 14/173 ، وتاريخ بغداد 9/482-483.
(6) في (ه - ): ((سليمان)) وَقَدْ كتب فوق ((سليم)) ((لا)) وفوق تاء لسمعت ((إلى)) ولست أدري لَمْ ذَلِكَ مَعَ أن سليم بن عامر روى عن أبي أمامة ، كَمَا في تهذيب التهذيب4/420.
(7) كذا فِي ( ب ) و ( ص ) . وفي ( س ) و ( ه - ) : (( نزلت )) .
(8) إسناده ضعيف ، لضعف عفير بن معدان والمسلسلات أكثرها ضعيفة .
وأخرجه : المصنف في التفسير4/214 بنفس الإسناد ، وَقَالَ السيوطي في الدر المنثور 7/683:((أخرج ابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة)).(1/696)
(398) أخبرنا أبو بكر بن الحارث ، قال: أخبرنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قَالَ : حَدَّثَنَا جرير (1) بن هارون ، قَالَ : حَدَّثَنَا علي بن الطَّنَافِسِي ، قَالَ : حَدَّثَنَا
عبيد الله(2) /107ب/ بن موسى ، قَالَ : حدثنا بحر السقاء ، عن شيخ من قريشٍ ، عن عطاء، قال: جاء أسقف نَجْرَان إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمد ، تزعم أن المعاصي بقدَرٍ ، والبحار بقدرٍ ، والسماء بقدرٍ ، وهذه الأمور تجري بقدرٍ ، فأما المعاصي فلا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((أنتم خصماء الله ))، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ المُجرِمينَ في ضَلالٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 47]إلى قوله: { إنَّا كُلَّ شيءٍ خَلَقناهُ بِقَدَرٍ } (3) [القمر: 49].
(399) أخبرنا أبو بكر ، قال: أخبرنا عبد الله ، قال: حدثنا عمرو(4) بن عبد الله ابن الحسن ، قَالَ : حدثنا أحمد بن الخليل ، قَالَ : حدثنا عبد الله بن رجاء الأزْدي ،
قَالَ : حدثنا عمرو بن العلاء أخو أبي عمرو بن العلاء ، قال: حدثنا خالد بن سلمة القرشيُّ ، قَالَ : حدثني سعيد بن عمرو بن جعدة المخزومي ، عن ابن أبي زُرارةَ الأنصاري، عن أبيه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية: { إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 47] فقَالَ:(( أُنزلت (5) هذه الآية في أناسٍ من آخر هذه الأمة يكذِّبون بقدر الله تعالى ))(6)
__________
(1) في ( ب ) : ((جبير)).
(2) في (ه - ): (( الله )).
(3) إسناده ضعيف ؛ لضعف بحر بن كنيز السقاء ولجهالة شيخه ولإرساله ، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير 8/101.
(4) في (ه - ): ((عمر)).
(5) فِي ( س ) و( ه - ) : (( قَالَ : نزلت )) .
(6) إسناده ضعيف ؛ لجهالة بعض رجاله.
أخرجه: الطبراني في الكبير(5316) ، والخطيب في تالي التلخيص(65) مِنْ طريق سعيد بن عَمْرُو بن جعدة بِهِ واخرج ابن عساكر فِي تاريخ دمشق 46/12من طريق خالد بن سَلمَة بن عَمْرُو بن زرارة، عَن أَبِيه، به ، وَقَالَ الهيثمي في مجمع الزوائد: (( وفيه مِنْ لَمْ أعرفه)) ، والسيوطي في الدر المنثور 7/683 وزاد نسبته لابن أبي حاتم وابن مردويه وابن شاهين وابن منده والباوردي في الصحابة عن زرارة - رضي الله عنه -ُ.(1/697)
.
(400) أخبرنا أحمد بن الحسن الحيري ، قال: حدثنا محمد بن يعقوب المعقلي ، قال: حَدَّثَنَا أبو عتبة أحمد بن الفرج ، قال: حدثنا بقية ، قال: حدثنا ابن ثوبان ، عن بكير ابن أسيد ، عن أبيه ، قال: حضرت محمد بن كَعْب وهو يقول: إذا رأيتموني أنطق(1) في القدر فغلوني فإني مجنونٌ ، فوالذي نفسي بيده ما أنزلت هذه الآيات إلا فيهم. ثم قرأ { إِنَّ المُجرِمينَ في ضِلالٍ وَسُعُرٍ } [القمر: 47] إلى قوله { خَلَقناهُ
بِقَدَرٍ } (2)[القمر: 49].
سُورة الواقعة
F
قوله - عز وجل -: { فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ } [الواقعة : 28] .
قال أبو العالية والضحاك : نظر المسلمون إلى وجٍّ (3) - وهو واديٍ مخصبٌ بالطائف - فأعجبهم سِدْرُه ، فقالوا : يا ليت لنا مثلَ هذا فأنزل الله تعالى هذه الآية (4).
قوله - عز وجل -: { ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ - وَثُلَّةٌ (5) مِنَ الآخِرِينَ } [الواقعة: 39-40].
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( انطلق )) .
(2) نسبة السيوطي فِي الدر المنثور 7/684 لابي شاهين فِي السنة ، عَنْ مُحَمَّد بن كعب القرظي ، قَالَ : طلب هَذَا القدر فيما انزل الله عَلَى مُحَمَّد - صلى الله عليه وسلم - فوجدته فِي { اقتربت الساعة } .
(3) فِي ( ب ) : (( قزح )) ، وفي ( ص ) : (( فرح )) .
(4) انظر: تفسير القرطبي 7/6377 ، ولباب النقول للسيوطي 204 و الدر المنثور ، لَهُ 8/12 وزاد نسبته لسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي مِنْ طريق حصين عن عطاء وجاهد.
(5) في ( ص ) و(ه - ): ((قليل)) ، وَهُوَ خطأ.(1/698)
قال عُرْوَة بن رُوَيم : لما أنزل الله تعالى: { ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ - وَقَلِيلٌ مِنَ الآخِرِينَ } [الواقعة: 13،14] بكى عمر- رضي الله عنه - وَقَالَ : يا نبي (1) الله ، آمنا بك وصدقناك ، وينجو(2) منا قليلٌ. فأنزل الله تعالى: { ثُلَّةٌ مِّنَ الأَوَّلينَ - وَثُلَّةٌ مِّنَ الآَخِرينَ } [الواقعة: 39،40] فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرَ ، فَقَالَ : (( يا ابن الخطاب (3)، قد أنزل الله (4) عليَّ (5) فيما قُلْتُ )) فجعل (( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين )) فقال عمر: رضينا عن ربنا ، وتصديق (6) نبينا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مِن آدمَ إلينا ثُلةٌ ، ومني إلى يوم القيامة ثُلَّةٌ ، ولا يستتمها إلا سودانٌ مِنْ رُعاة الإبل ، ممن قَالَ: لا إله إلا الله ))(7) .
قوله - عز وجل -: { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } [الواقعة : 82].
__________
(1) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( رَسُول )) .
(2) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( ومع هَذَا كله من ينجو )) .
(3) فِي ( س ) و ( ه - ) : (( ياعمر بن الحطاب )) .
(4) لَمْ ترد فِي ( ب ) .
(5) لَمْ ترد في ( ص ) و (ه - ).
(6) في ( س ) : (( ونصدِّق)) .
(7) أخرجه: البغوي في تفسيره 5/13-14(2113) مِنْ طريق عيسى بن موسى عن عروة بن رويم ، وابن عساكر في تاريخ دمشق 40/229 مِنْ طريق عروة بن رويم عن جابر بن عَبْد الله وَقَالَ ابن كثير: في إسناده نظر. وذكره الخازن في تفسيره 7/20 ، وابن كثير 4/421 باسناد ابن عساكر ، والثعالبي مختصراً 5/362 ، والسيوطي فِي الدر المنثور 7/7-8 وزاد نسبته لابن مردويه مِنْ طريق عروة بن رويم عن جابر ابن عَبْد الله.(1/699)
(401) أخبرنا سعيد بن محمد /18أ/ المؤذن (1) ، قَالَ : أخبرنا محمد بن عبد الله ابن حَمْدُون ، قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الحافظ ، قال: حدثنا حَمْدان السلمي ، قال: حدثنا النّضْر بن محمد ، قال: حدثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثنا أبو زُمَيْل ، قال: حدثني ابن عبَّاس ، قال: مُطِر الناسُ على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النَّبيّ(2) ه- صلى الله عليه وسلم - :
(( أصبح من الناس شاكرٌ ، ومنهم كافرٌ. قالوا: هذه رحمةٌ وضعها الله تعالى وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا )). فَنَزَلت هذه الآيات : { فَلا أُقسِمُ بِمَواقِعِ النُجومِ } [الواقعة:75].حتى بلغ { وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ } [الواقعة: 82] . رواه مُسْلِم (3) عن عباس بن عبد العظيم ، عن النّضْر بن محمد.
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) فِي (س) و (ه): (( رَسُول الله )) .
(3) في صحيحه 1/60(73) ، وذكره الخازن في تفسيره7/27 ، والسيوطي في الدر 8/28 وزاد نسبته لابن المنذر وابن مردويه عن ابن عَبَّاس .(1/700)
وروى أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - خرج في سَفرٍ فَنَزَلوا مَنْزلاً(1) فأصابهم العطش وليس معهم ماءٌ، فذكروا ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( أرأيتم إن دعوت لكم فسُقيتم فلعلكم تقولون : سقينا هذا المطرِ بنوْءِ كذا )) فقالوا : يا رسول الله ما هذا بحين الأَنْوَاء . قال: فصلى ركعتين ودعا ربَّه (2) فهاجت ريحٌ ثم هاجت سحابةٌ فمطروا حتى سالت الأودية وملؤوا الأسْقِيَة، ثُمَّ مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجلٍ يغترف بقدحٍ له وَهُوَ يقول:سُقِينَا بنوء كذا ، ولم يقل : هذا من رزق الله سبحانه. فأنزل الله تَعَالَى : { وَتَجعَلونَ رِزقَكُم أَنَّكُم تُكَذِّبونَ (3) } [الواقعة: 82].
(402) أخبرنا أبو بكر مُحَمَّد (4) بن عمر الزاهد ، قَالَ : أخْبَرَنَا أبو عمرو مُحَمَّد ابن أحمد الجيزي ، قَالَ : أخبرنا الحسن بن سفيان ، قَالَ : حدثنا حَرْمَلة بن يحيى وعمرو ابن سَوّاد السّرحي (5) ، قالا : أخبرنا عبد الله (6) بن وهب ، قَالَ : أخبرني يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، قَالَ : أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، أن أبا هريرة ، قال: قَالَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ((ألم تَرَوا إلى ما قال ربكم ؟ قَالَ: ما أنعمتُ عَلَى عبادي مِنْ نعمةٍ إلا أصبح فريقٌ بِهَا كافرين ، يقولون الكواكب وبالكواكب )) رواه مسلم(7)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ) .
(2) فِي (س) و ( ه) : (( الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ))
(3) انظر: تفسير ابن أبي حاتم10/3335 (17807) ، والقرطبي 8/6399 ،والدر المنثور 8/43-44.
(4) لَمْ ترد في ( س ) و ( ه - ) .
(5) في (ه - ): ((السرجي)) وَهُوَ خطأ ، راجع اللباب2/12 ، وتهذيب التهذيب8/45 وآداب الشَّافِعِيّ 22.
(6) في (ه - ): ((عُبَيدالله )) وَهُوَ خطأ.
(7) صحيح مُسْلِم 1/59(125)(71)و(126)(72).
وأخرجه: أحمد2/362و368 ، والنسائي 3/164 وفي عمل اليوم والليلة ، لَهُ (923) ، والبيهقي 3/358.(1/701)
عَنْ حَرْمَلَة وعمرو بن سَوَّاد.
سُورة الحَديد
F
قوله - عز وجل -: { لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَّنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ …الآية } [الحديد:10]
روى محمد بن فُضيل ، عن الكلبي أن هذه الآية نزلت في أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -. (403) ويدل على هذا ما أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مُحَمّد بن عبدة(1) بن يحيى ، قَالَ: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن إبْرَاهيم بن عبدة (2) السَّلِيطِي ، قال: حدثنا عثمان ابن سليمان (3) البغدادي ، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم المخزومي ، قال: حدثنا عمرو(4) بن حَفْص الشَّيْبَاني ، قَالَ : حدثنا العلاء (5) بن عمرو ، قَالَ : حدثنا أبو إسحاق الفَزَارِي، عن سفيان الثَّوْرِي، عن آدم بن عليٍّ، عن ابن عمر،قال: بينا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - جالسٌ وعنده أبو بكرٍ الصديق (6)، وعليه عباءةٌ قد خلَّلها على صدره بِخِلالٍ ، إذ نزل عليه جبريل فأقرأه من الله السلام وَقَالَ : يا محمد ، ما لي أرى أبا بكر عليه عباءةٌ قد خلَّلها على صدره بخلالٍ ؟ فَقَالَ : (( يا جبريل ، أنفق ماله قَبْلَ الفتح عَلَيَّ )) قَالَ : فَأَقْرِئه مِنَ الله السلام ، وقل لَهُ : يَقُوْل لَكَ ربك : أراضٍ أنت عني/108ب/ فِيْ فقرك هَذَا أم ساخطٌ ؟ فالتفت النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر ، فقال: (( يا أبا بكر ، هذا جبريل يُقْرِئك مِنْ الله السلام ، ويقول لك: أراضٍ أنت عني فِيْ فقرك هذا أم ساخطٌ ؟)) فبكى أبو بكرٍ وَقَالَ: عَلَى ربي أغضب ؟ أنا عَن ربي راضٍ ، أنا عَنْ ربي راضٍ (7)
__________
(1) لَمْ ترد في ( ب ).
(2) في ( ص ) و(ه - ): ((مُحَمّد بن عَبْد الله السليطي)).
(3) في (ب) : (( عثمان )) وفي (ه - ): ((سلمان)).
(4) في (ه - ): ((عمر)).
(5) في (ه - ): ((عَبْد العلاء بن عمرو)) ، وَهُوَ خطأ.
(6) لَمْ ترد فِي (ب )
(7) موضوع والعلاء بن عَمْرُو هو المتهم بوضعه كذّبه أَبُو حاتم ، وَقَالَ ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به بحال ، انظر : ميزان الاعتدال 3/103 (5737) .
أخرجه المصنف في تفسيره 4/246 ، والبغوي في تفسيره 5/28(2130) ، والذهبي في ميزان الاعتدال 3/103(5737) وَقَالَ في الحَدِيْث : ((هُوَ كذب)). وذكره ابن كثير في تفسيره 4/454 وساقه بإسناد البغوي وَقَالَ: هذا الحَدِيْث ضعيف الإسناد مِنْ هذا الوجه.(1/702)
.
قوله - عز وجل - : { أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ…الآية } [الحديد: 16]
قال الكلبي ومقاتل: نزلت في المنافقين بعد الهجرة بسنةٍ ، وذلك أنهم سألوا سلمان الفارسي ذاتَ يومٍ فقالوا:حدثنا عما في التوراة فإنَّ فيها العجائب ،فنزلت هذه الآية(1).
وقال غيرهما: نزلت في المؤمنين(2).
(404) أخبرنا عبد القاهر بن طاهر ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو بن مطر ، قَالَ : أخبرنا جعفر بن محمد الفِرْيَابي ، قَالَ: حدثنا إسحاق بن رَاهَوَيْه ، قَالَ: حدثنا عمرو بن محمد القرشي، قال: حدثنا خلاد بن مُسْلِم(3) الصَّفَّار ، عن عمرو بن قيس المُلائي ، عن عمرو بن مُرَّة ، عن مُصْعَب بن سعد ، عن سعد ، قال: أنزل القرآن(4) على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلاه عليهم زماناً. فقالوا: يا رسول الله ، لو قصصت (5) . فأنزل الله تعالى: { نَحنُ نَقُصُّ عَلَيكَ أَحسَنَ القَصَصِ } [يوسف: 3] فتلاه عليهم زماناً. فقالوا: يا رسول الله ، لو حدثتنا. فأنزل الله تعالى: { اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الحَديثِ } [الزمر: 23] قال: كلُّ ذلك يُؤمَرُون بالقرآن. قال خلاد: وزاد فيه آخر: قالوا: يا رسول الله ، لو ذكَّرْتنا. فأنزل الله تعالى: { أَلَم يَأْنِ لِلَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكْرِ اللهِ } (6) [الحديد: 16].
سُورة المجُادلة
F
قوله - عز وجل -: { قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا…الآية } [المجادلة:1].
__________
(1) انظر: تفسير البغوي 5/30 ، وزاد المسير 8/167 ، والخازن 7/34.
(2) انظر: الطبري 28/228 ، والسمرقندي 4/250 ، وزاد المسير 8/167-168 ، والخازن7/34.
(3) بن مسلم )) لَمْ ترد فِي (ب) .
(4) في (ه - ): ((زماناً)).
(5) فِي (س) و (ه) : (( قصصت علينا )) .
(6) تقدم تخريجه في سورة يوسف.(1/703)
(405) أخبرنا أبو سعد (1) محمد بن عبد الرحمان الغازي(2) ، قَالَ : أخبرنا أبو عمرو محمد ابن أحمد الحِيرِي ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن عليِّ بن المثنَّى ، قَالَ : حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن أبي عبيدة ، قال: حَدَّثَنَا أبي، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة، عن عروة، قال: قالت عائشة: تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خَوْلَةَ بنت ثَعْلَبَة ، ويخفى عليّ بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول: يا رسول الله ، أبْلَى شَبَابي ، وَنَثَرْتُ له بَطْنِي ، حتى إذا(3) كبرَ سنِّي ، وانقطع ولَدِي ، ظاهر مني ؛ اللهُمَّ إني أشكو إليك قَالَت: فما برحت حَتَّى نزل جبريلُ - عليه السلام - بهذه الآيات : { قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ فِيْ زَوجِها وَتَشتَكي إِلى اللهِ } [المجادلة : 1]. رَوَاه الحَاكِم أبو عَبْد الله فِيْ "صحيحه" (4)
__________
(1) في ( ص ): ((سعيد)).
(2) في ( ص ): ((الرازي)).
(3) لَمْ ترد في ( ب ).
(4) المستدرك 2/481.
وأخرجه اسحاق بن راهوية (731) ، وأحْمَد 6/46 ، وعبد بن حميد(1514) ، وابن ماجه(188) و(2063) وابن أَبِي عاصم فِي السنة (625) ، والنسائي 6/186 وفي الكبرى / لَهُ (5654) و(11570) وفي التفسير (590) ، وابو يعلى (4780) ، والطبري فِي التفسير 28/605و6 ، والآجري فِي الشريعة :291 ، وابو الشيخ فِي العظمة (191) ، والاسماعيلي فِي معجمه 1/451-452 ، والحاكم 2/481 ، واللالكائي فِي شرح اعتقاد اهل السنة (689) ، والحاكم 2/481.
والبيهقي فِي السنن الكبرى 7/382 وفي السنن الصغير 3/138 ، وفي معرفة السنن والاثار ، لَهُ5/527 (4533) وفي الاسماء والصفات (385) وفي الاعتقاد :51 . كلهم من طريق عُرْوَة ، عَنْ عَائِشَة ، به. وَهُوَ حَدِيث صحيح.
وذكره الطبري 28/5 ، والبغوي 5/39 ، والقرطبي 7/6440.(1/704)
، عَن أبي مُحَمّد المزني عَن مُطير ، عَن أبي كُرَيب ، عَن مُحَمَّد بن أبي عبيدة.
(406) أخبرنا أبو بكرٍ بن الحارث(1)، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ الأصفهاني، قال: حدثنا عبدان بن أحمد ، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد ، قال: حدثنا يَحْيَى بن عيسى الرملي ، قال: حدثنا الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عُرْوَة، عن عَائِشَة ، قالت: الحمد لله الذي توسع لسمع الأصوات كلها/109أ/ لقد جاءت المجادلة فكلمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا في جانب البيت لا أدري ما تقول، فأنزل الله تَعَالَى : { قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ في زَوجِها } (2) [المجادلة: 1].
قوله - عز وجل -: { الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِم } الآية [المجادلة: 2].
__________
(1) فِي (ب) : (( أَبُو بَكْر الحارثي )) .
(2) سبق تخريجه في الَّذيْ قبله.(1/705)
(407) أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ ، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن زياد النَّيْسَابُوري،قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الأشعث ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن بكار ، قال: حَدَّثَنَا سعيد بن بشير ، أنه سأل قتادة عن الظِّهار ، قال: فحدثني : أن أنس بن مالك ، قال: إن أوس بن الصامت ظَاهَرَ من امرأته خُويلة(1) بنت ثَعْلَبة ، فشكت ذلك إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ، فقالت: ظاهر مني حين كَبِرَ سني ، ورقَّ عَظْمي. فأنزل الله تعالى آية الظهار ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأوسٍ: (( أعتق رقبة )) ، فَقَالَ : ما لي بذلك يدان ، قال: (( فصم شهرين متتابعين )) قَالَ : أما إني إذا أخطأني أن لا آكل(2) في اليوم كلَّ بصري ، قال: (( فأطعم ستين مسكيناً )) قال: لا أجد إلا أن تعينني منك بعونٍ وصلةٍ. قال: فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخمسةَ عشرَ صاعاً حتى جمع الله لَهُ ، والله رحيمٌ(3) ، وكانوا يرون أن عنده مثلها ؛ وذلك لستِّين(4) مسكيناً(5).
__________
(1) في ( ص ): ((خولة)).
(2) لَمْ ترد في ( ص ).
(3) في ( ص ): ((والله غفور رحيم)).
(4) في (ه - ): ((ستون))
(5) القرطبي7/6442 ، والدر المنثور8/72-73 ونسبه إلى ابن مردويه وسنده ضعيف فإن سعيد بن بشير مجهول .(1/706)
(408) أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّحْمَان بن أبي حامد العدل ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُحَمّد بن مُحَمّد ابن عَبْد الله بن زكريا ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمّد بن عَبْد الرَّحْمَان الدَّغُولي ، قَالَ: حَدَّثَنَا أبو الحسن أحْمَد بن سيار ، قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد العزيز بن يَحْيَى بن يوسف أبو الأصبع الحرّاني(1) قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمّد بن مَسْلَمةَ ، عن مُحَمّد بن إسحاق ،عن معمر بن عَبْد الله ابن حنظلة ، عن يوسف بن عَبْد الله بن سلام ، قَالَ: حدثتني خُويلة بنت ثعلبة، وكانت عِنْدَ أوس بن الصّامت ، أخي عُبَادَة بن الصّامت ، قالت: دخل عليَّ ذات يومٍ فكلمني بشيءٍ هُوَ فِيهِ كالضجر(2)، فرادَدْتُه فغضب ، فَقَالَ: أنت عَلِيّ كظهر أمي ، ثُمَّ خرج فِي نادي قومه ، ثُمَّ رجع إلي فراودني عن نفسي فامتنعت مِنْهُ ، فَشَادَّني فَشَادَدْتُه ، فغلبته بِمَا تغلب بِهِ المرأة الرجلَ الضعيف فقلت : كلا- والذي نفس خُوَيْلَة بيده - لا تصلُ إليّ حَتَّى يحكم الله تَعَالَى فيّ وفيك بحكمه : ثُمَّ أتيت النَّبْيَّ - صلى الله عليه وسلم - أشكو ما لقيت ، فَقَالَ :
(( زوجك وابن عمك اتقي الله وأحسني صحبته )) فما برحت حَتَّى نزل القرآن: { قَد سَمِعَ اللهُ قَولَ الَّتي تُجادِلُكَ فِيْ زَوجِها } إِلَى قوله : { إِنَّ اللهَ سَميعٌ بصيرٌ }
__________
(1) هَذَا هو الصواب ، وفي (س) و (ه) :(( عبد العزيز بن يَحْيَى بن يوسف ، قَالَ : أخْبَرَنَا أَبُو الاصبغ )) وَهُوَ خطأ ، فان ابا الاصبغ هو عبد العزيز الحراني . راجع الكنى للدولابي 1/110 .
(2) في ( ص ): ((كالصخر)).(1/707)
[المجادلة: 1] حَتَّى انتهى إلى الكفارة ، ثُمَّ(1) قَالَ: (( مريه فليعتق رقبةً )) قلت: يارَسُول(2) الله ، والله ما عنده رقبةٌ يعتقها ، قال: (( مرِيه فليصم شهرين متتابعين )) قلت: يارَسُول الله ، والله إنه(3) شيخٌ كبيرٌ ما به من صيام ، قال: (( فليطعم ستين مسكيناً )) قلت: يا نبيَّ الله والله ما عنده ما يطعم ، فقال: (( بلى سَنُعينه بعَرْق(4) من تمر ))- مِكْتلٌ يسع(5) /109ب/ ثلاثين صاعاً- قالت: قلت : وأنا أعينه بِعذْقٍ آخر ، قال: (( قد أحسنت فليتصدق ))(6).
قوله - عز وجل -: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى … الآية } [المجادلة: 8].
__________
(1) لَمْ ترد فِي (س) و (ه) .
(2) فِي (س) و (ه) : (( نبي )) فِي الموضعين .
(3) والله انه )) لَمْ ترد فِي (ب) .
(4) جاء بحاشية ( ص ): (( العرق ثلثي صاع)).
(5) فِي (ب) :(( تَسَع )) .
(6) إسناده ضعيف ؛ لعنعنة مُحَمّد بن إسحاق ، ولجهالة عُمَرَ بن عَبْد الله.
أخرجه : أحْمَد 6/410-411 ، وأبو داود (2214) و (2215) ، والطبري في تفسيره 28/5 ، والطبراني في الكبير24/194-195(633) ، وذكره ابن كثير 4/472-473 مِنْ طريق أحْمَد وَقَالَ: ورواه أبو داود في سننه وعنده خولة بنت ثعلبة ويقال فِيهَا خولة بنت مالك بن ثعلبة وَقَدْ تصغر فيقال: خويلة ولا منافاة بين هَذِهِ الأقوال ، فالأمر فِيهَا قريب. ثم قَالَ: هذا هُوَ الصحيح في سبب نزول هَذِهِ السورة.(1/708)
قال ابن عباس ومجاهد : نزلت في اليهود والمنافقين ، وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم ، فإذا رأى المؤمنون نجواهم ، قالوا: ما نراهم إلا وقد بَلَغهم عن أقربائنا وإخواننا الذين خرجوا في السَّرَايا قَتْلٌ أو موتٌ أو مصيبةٌ أو هزيمةٌ ، فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم ، فلا يزالون كذلك حتَّى يقدم أصحابهم وأقرباؤهم ، فلما طال ذلك وكثر شكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن لا يتناجوا دون المسلمين ، فلم ينتهوا عن ذلك ، وعادوا إلى مناجاتهم. فأنزل الله تعالى هذه الآية(1).
قوله - عز وجل - : { وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } [المجادلة: 8] .
(409) أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر الخشاب ، قَالَ : أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عبد الله الأصفهاني ،قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السَّرَّاج ، قال: حدثنا قتيبة بن سعيد ، قال: حدثنا جريرٌ ، عن الأعمش ، عن أبي الضُّحَى ، عن مَسْرُوق ، عن عائشة ، قَالَتْ : جاء ناسٌ من اليهود إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: السَّامُ عليك يا أبا القاسم ، فقلت: السَّامُ عليكم ، وفَعَلَ الله بكم (2) . فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : (( مَهْ يا عَائِشَة فإن الله تعالى
__________
(1) أخرجه: الطبري في تفسيره 28/13 وَقَالَ اليهود ولم يصرح بسبب نزولها ، وذكره المصنف في التفسير 4/263 ، والبغوي 5/42-43(2142) ، وابن الجوزي في زاد المسير 8/188 ، والسيوطي في الدر المنثور 8/79 مِنْ قول مجاهد فقط وزاد نسبته لابن المنذر.
(2) في ( ص ) زيادة ((وفعل)).(1/709)
لا يحب الفحش ولا التَّفَحُّشَ )) فقلت : يا رسول الله أَلَسْتَ تَرَى (1) ما يقولون ؟ قَالَ: (( ألست تَرَيْنَ أردُّ عَلَيْهِمْ ما يقولون. أقول: وعليكم )) قَالَتْ(2): ونزلت هَذِهِ الآية فِي ذَلِكَ : { وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ } (3) [المجادلة: 8].
(410) أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمان الغازي ، قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن أحمد الحِيرِي ، قَالَ : أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى (4)، قَالَ : حَدَّثَنَا زهير بن محمد ، قَالَ : حَدَّثَنَا يونس بن محمد ، قَالَ : حَدَّثَنَا شيبان ، عن قتادة ، عن أنس :
أن يهودياً أتى(5) النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: السام عليك ، فرد القوم ، فقال نبيُّ الله- صلى الله عليه وسلم - : (( هل تدرون ما قَالَ؟ )) قالوا: الله ورسوله أعلم سلم يا نبيَّ الله. قَالَ: ((لا ، وَلَكِنْ قَالَ كَذَا وكذا رُدُّوه عليَّ )) فردوه عَلَيْهِ ، فَقَالَ : (( قلتَ : السام عليكم ؟ )) قَالَ : نعم ، فقال نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ : (( إذا سلم عليكم أحدٌ مِنْ أهل الكتاب ، فقولوا : وعليك(6) أي عليك ما قلت )) فَنَزَل قوله تعالى: { وَإِذا جاءُوكَ حَيَّوكَ بِما لَم يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ } (7)
__________
(1) في (ه - ): ((اليست أدري)).
(2) لَمْ ترد في( ص ) و (ه - ).
(3) صحيح .
أخرجه: أحمد6/229 ، ومسلم 7/5 (2165) ، وابن ماجه (3698) ، والنسائي في التفسير(591) ، والطبري 28/14 ، والسمرقندي 3/335 ، وابن الجوزي في زاد المسير 8/189.
(4) هو أَبُو يعلى الموصلي ، والحديث فِي مسنده (2916) .
(5) في ( ب ) : ((أتى عَلَى)).
(6) في ( س) و (ه - ) : (( عليكم )).
(7) صحيح.
أخرجه: ابن أبي شيبة (25751) ، وأحمد3/140و144و192و214و234و262و289 ، والبخاري (1105) ، وابن ماجه (11571) ، والترمذي(3301) ، وأبو يعلى(2916) ، والطبري 28/14 ، وابن حبان(503).(1/710)
[المجادلة: 8].
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ } الآية [المجادلة: من 11].
قال مقاتل(1): كان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الصفَّة ، وفي المكان ضِيقٌ وذلك يوم الجمعة ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناسٌ من أهل بدرٍ وقد سُبِقوا إلى المجلس. فقاموا حِيَال النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - /110أ/على أرجلهم ينظرون أن يُوسّع لهم فلم يفسحوا لهم ، وشق ذلك على رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لمن حوله من غير أهل بدر:
(( قم يا فلان وأنت يا فلان )) فأقام مِن المجلس بقدر النفر الذين قاموا بين يديه من أهل بدر ، فشق ذلك على من أقيم من مجلسه وعرف النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - الكراهية في وجوههم ، فقال المنافقون للمسلمين: ألستم تزعمون أن صاحبكم يعدل بين الناس؟ فوالله ما عدل عَلَى(2) هَؤُلاَءِ: قوم أخذوا مجالسهم وأحبّو القرب مِنْ نبيهم ، أقامهم وأجلس مِنْ أبطأ عَنْهُمْ مقامهم فأنزل الله تَعَالَى هَذِهِ الآية.
قوله - عز وجل -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُول…الآية } [المجادلة: 12].
__________
(1) ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره10/3343-3344(18846) ، والمصنف في تفسيره 4/265 ، والبغوي 5/44(2145) ، والقرطبي 8/6466-6467 ، والخازن7/50 ولم يعزه لأحد ، وابن كثير 4/480 ، والدر المنثور 8/81.
(2) فِي (س) و (ه) :(( بَين )) .(1/711)