فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
قِيلَ: وَيُقْرَأُ بِضَمَّتَيْنِ؛ مِثْلُ: كِتَابٍ وَكُتُبٍ، وَرَسُولٍ وَرُسُلٍ؛ وَالتَّقْدِيرُ: هُمْ فِي عَمَدٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الْمَجْرُورِ؛ أَيْ مُوَثَّقِينَ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لِمُؤْصَدَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1304)
وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)
سُورَةُ الْفِيلِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَبَابِيلَ) : قِيلَ: هُوَ جَمْعٌ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ. وَقِيلَ: وَاحِدُهُ إِبَّوْلٌ كَعِجَّوْلٍ. وَقِيلَ: وَاحِدُهُ إِبَّيْلٌ؛ وَقِيلَ: إِبَّالٌ. وَ (تَرْمِيهِمْ) : نَعْتٌ لِطَيْرٍ. وَالْكَافُ مَفْعُولٌ ثَانٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1304)
لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
سُورَةُ قُرَيْشٍ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
هُوَ تَصْغِير التَّرْخِيم لِأَن القرش الْجمع وَالْفَاعِل على قارش فقياسه قويرش فرخم وَصغر
قَالَ تَعَالَى: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)) .
«اللَّامُ» مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: (فَلْيَعْبُدُوا) : أَيْ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ تَعَالَى مِنْ أَجْلِ إِلْفِهِمْ، وَلَا تَمْنَعُ [الْفَاءُ] مِنْ ذَلِكَ.
وَقِيلَ: تَتَعَلَّقُ بِـ «جَعَلَهُمْ» مِنَ السُّورَةِ قَبْلَهَا؛ لِأَنَّهُمَا كَالسُّورَةِ الْوَاحِدَةِ.
وَقِيلَ: التَّقْدِيرُ: اعْجَبُوا لِإِيلَافٍ. وَفِيهِ قِرَاءَاتٌ: إِحْدَاهَا: إِلْفٌ، وَهُوَ مَصْدَرُ أَلِفَ يَأْلَفُ. وَالثَّانِيَةُ: إِلَافٌ، مِثْلُ كِتَابٍ وَقِيَامٍ. وَالثَّالِثَةُ: إِيلَافٌ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ آلَفَ مَمْدُودًا.
وَالرَّابِعَةُ: إِئْلَافٌ - بِهَمْزَتَيْنِ أُخْرِجَ عَلَى الْأَصْلِ، وَهُوَ شَاذٌّ فِي الِاسْتِعْمَالِ [وَالْقِيَاسِ] . وَالْخَامِسَةُ: بِهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَكْسُورَةٌ، وَهُوَ بَعِيدٌ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ أَشْبَعَ الْكَسْرَةَ، فَنَشَأَتِ الْيَاءُ، وَقَصَدَ بِذَلِكَ الْفَصْلَ بَيْنَ الْهَمْزَتَيْنِ كَالْأَلِفِ فِي أَأَنْذَرْتَهُمْ.
وَ (إِيلَافِ) بَدَلٌ مِنَ الْأُولَى. وَ (رِحْلَةَ) : مَعْمُولُ الْمَصْدَرِ.
قَالَ تَعَالَى: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ جُوعٍ) : وَ (مِنْ خَوْفٍ) أَيْ مِنْ أَجْلِ جُوعٍ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَالًا؛ أَيْ أَطْعَمَهُمْ جَائِعِينَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ(2/1305)
فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)
سُورَةُ الْمَاعُونِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَذَلِكَ) : الْفَاءُ جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٌ، تَقْدِيرُهُ: إِنْ تَأَمَّلْتَهُ، أَوْ إِنْ طَلَبْتَ عِلْمَهُ. وَ (يَدُعُّ) - بِالتَّشْدِيدِ: يَدْفَعُ.
وَقُرِئَ بِفَتْحِ الدَّالِ وَتَخْفِيفِ الْعَيْنِ؛ أَيْ يُهْمِلُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ(2/1306)
فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
سُورَةُ الْكَوْثَرِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (فَصَلِّ) : الْفَاءُ لِلتَّعْقِيبِ؛ أَيْ عَقِبَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ. وَ (هُوَ) : مُبْتَدَأٌ، أَوْ تَوْكِيدٌ، أَوْ فَصْلٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1306)
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)
سُورَةُ الْكَافِرُونَ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا تَعْبُدُونَ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ؛ وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً وَلَا حَذْفَ. وَالتَّقْدِيرُ: لَا أَعْبُدُ مِثْلَ عِبَادَتِكُمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1307)
وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)
سُورَةُ النَّصْرِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (يَدْخُلُونَ) : حَالٌ مِنَ النَّاسِ. وَ (أَفْوَاجًا) : حَالٌ مِنَ الْفَاعِلِ فِي «يَدْخُلُونَ» .(2/1307)
تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
سُورَةُ تَبَّتْ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1))
قَوْلُهُ تَعَالَى: (أَبِي لَهَبٍ) : يُقْرَأُ بِفَتْحِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِهَا؛ وَهُمَا لُغَتَانِ.
قَالَ تَعَالَى: (مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مَا أَغْنَى) : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ نَفْيًا، وَأَنْ يَكُونَ اسْتِفْهَامًا؛ وَلَا يَكُونُ بِمَعْنَى الَّذِي.
قَالَ تَعَالَى: (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (وَامْرَأَتُهُ) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الضَّمِيرِ فِي «يَصْلَى» ؛ فَعَلَى هَذَا فِي «حَمَّالَةَ» وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: هُوَ نَعْتٌ لِمَا قَبْلَهُ. وَالثَّانِي: تَقْدِيرُهُ: هِيَ حَمَّالَةُ. وَ «فِي جِيدِهَا حَبْلٌ» : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي «حَمَّالَةَ» . وَيُقْرَأُ (حَمَّالَةَ) - بِالنَّصْبِ - عَلَى الْحَالِ؛ أَيْ تَصْلَى النَّارَ مَقُولًا لَهَا ذَلِكَ، وَالْجِيدُ أَنْ يَنْتَصِبَ عَلَى الذَّمِّ؛ أَيْ أَذُمُّ أَوْ أَعْنِي. وَالْوَجْهُ الْآخَرُ: أَنْ تَكُونَ «امْرَأَتُهُ» مُبْتَدَأً، وَ «حَمَّالَةُ» خَبَرَهُ، وَ «فِي جِيدِهَا حَبْلٌ» : حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي حَمَّالَةَ، أَوْ خَبَرٌ آخَرُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يَرْتَفِعَ «حَبْلٌ» بِالظَّرْفِ؛ لِأَنَّهُ قَدِ اعْتَمَدَ، وَمَنْ نَصَبَ حَمَّالَةَ جَعَلَ الْجُمْلَةَ بَعْدَهُ خَبَرًا.(2/1308)
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
سُورَةُ الْإِخْلَاصِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ (1)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (هُوَ) : فِيهِ وَجْهَانِ؛ أَحَدُهُمَا: هُوَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ، وَ «اللَّهُ أَحَدٌ» : مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ فِي مَوْضِعِ خَبَرٍ «هُوَ» .
وَالثَّانِي: هُوَ مُبْتَدَأٌ بِمَعْنَى الْمَسْئُولِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: أَرَبُّكَ مِنْ نُحَاسٍ أَمْ مِنْ ذَهَبٍ؟ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «اللَّهُ» خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ، وَ «أَحَدٌ» بَدَلٌ، أَوْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «اللَّهُ» بَدَلًا، وَ «أَحَدٌ» الْخَبَرَ. وَهَمْزَةُ «أَحَدٍ» بَدَلٌ مِنْ وَاوٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَإِبْدَالُ الْوَاوِ الْمَفْتُوحَةِ هَمْزَةَ قَلِيلٌ جَاءَ مِنْهُ امْرَأَةٌ أَنَاةٌ؛ أَيْ وَنَاةٌ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَنَى.
وَقِيلَ: الْهَمْزَةُ أَصْلٌ، كَالْهَمْزَةِ فِي أَحَدٍ الْمُسْتَعْمَلِ لِلْعُمُومِ، وَمَنْ حَذَفَ التَّنْوِينَ مِنْ أَحَدٍ فَلِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ.
قَالَ تَعَالَى: (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (كُفُوًا أَحَدٌ) : اسْمُ كَانَ. وَفِي خَبَرِهَا وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: كُفُوًا؛ فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ «لَهُ» حَالًا مِنْ «كُفُوًا» لِأَنَّ التَّقْدِيرَ: وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ كُفُوًا لَهُ، وَأَنْ يَتَعَلَّقَ بِـ «يَكُنْ» .
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْخَبَرُ لَهُ، وَ «كُفُوًا» حَالٌ مِنْ أَحَدٍ؛ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ كُفُوًا، فَلَمَّا قَدَّمَ النَّكِرَةَ نَصَبَهَا عَلَى الْحَالِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1309)
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)
سُورَةُ الْفَلَقِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) : يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ «مَا» بِمَعْنَى الَّذِي، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، وَأَنْ تَكُونَ مَصْدَرِيَّةً.
وَالْخَلْقُ بِمَعْنَى الْمَخْلُوقِ. وَإِنْ شِئْتَ كَانَ عَلَى بَابِهِ؛ أَيْ مِنْ شَرِّ خَلْقِهِ؛ أَيِ ابْتِدَاعِهِ.
وَقُرِئَ: مِنْ شَرِّ - بِالتَّنْوِينِ، وَ «مَا» عَلَى هَذَا بَدَلٌ مِنْ شَرِّ، أَوْ زَائِدَةٌ؛ وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نَافِيَةً؛ لِأَنَّ النَّافِيَةَ لَا يَتَقَدَّمُ عَلَيْهَا مَا فِي حَيِّزِهَا؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ: مَا خَلَقَ مِنْ شَرِّ؛ ثُمَّ هُوَ فَاسِدٌ، فِي الْمَعْنَى.
وَ (النَّفَّاثَاتِ) : وَالنَّافِثَاتُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.(2/1310)
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
سُورَةُ النَّاسِ.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ.
قَالَ تَعَالَى: (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)) .
لَقَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ أَنَّ أَصْلَ نَاسٍ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ: أُنَاسٌ، فَحُذِفَتْ فَاؤُهُ؛ وَعِنْدَ غَيْرِهِ لَمْ يُحْذَفْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَأَصْلُهُ نَوْسٌ؛ لِقَوْلِهِمْ فِي التَّصْغِيرِ: نُوَيْسٌ.
وَقَالَ قَوْمٌ: أَصْلُهُ نَيْسٌ، مَقْلُوبٌ عَنْ نَسِيَ، أَخَذُوهُ مِنَ النِّسْيَانِ؛ وَفِيهِ بُعْدٌ.
قَالَ تَعَالَى: (مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5)) .
وَ (الْوَسْوَاسِ) بِالْفَتْحِ: اسْمٌ، وَبِالْكَسْرِ الْمَصْدَرُ، وَالتَّقْدِيرُ: مِنْ شَرِّ ذِي الْوَسْوَاسِ. وَقِيلَ: سُمِّيَ الشَّيْطَانُ بِالْفِعْلِ مُبَالَغَةً. وَ (الْخَنَّاسِ) : نَعْتٌ لَهُ. وَ (الَّذِي يُوَسْوِسُ) : يَحْتَمِلُ الرَّفْعَ وَالنَّصْبَ وَالْجَرَّ.
قَالَ تَعَالَى: (مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)) .
قَوْلُهُ تَعَالَى: (مِنَ الْجِنَّةِ) : هُوَ بَدَلٌ مِنْ «شَرِّ» بِإِعَادَةِ الْعَامِلِ؛ أَيْ مِنْ شَرِّ الْجِنَّةِ. وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنْ ذِي الْوَسْوَاسِ؛ لِأَنَّ الْمُوَسْوَسَ مِنَ الْجِنِّ.
وَقِيلَ: هُوَ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي يُوَسْوِسُ؛ أَيْ يُوَسْوِسُ وَهُوَ مِنَ الْجِنِّ.
وَقِيلَ: هُوَ بَدَلٌ مِنَ النَّاسِ؛ أَيْ فِي صُدُورِ الْجِنَّةِ.
وَجَعَلَ (مِنَ) تَبْيِينًا، وَأَطْلَقَ عَلَى الْجِنِّ اسْمَ النَّاسِ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَحَرَّكُونَ فِي مُرَادَاتِهِمْ.
وَالْجِنُّ وَالْجِنَّةُ بِمَعْنًى. وَقِيلَ: (مِنَ الْجِنَّةِ) : حَالٌ مِنَ النَّاسِ؛ أَيْ كَائِنَيْنِ مِنَ الْقَبِيلَيْنِ. وَأَمَّا (النَّاسِ) الْأَخِيرُ فَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى ذِي الْوَسْوَاسِ؛ أَيْ مِنْ شَرِّ الْقَبِيلَيْنِ.
وَقِيلَ: هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْجِنَّةِ(2/1311)
وَجَاء فِي آخر (أ)
تمّ الْكتاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآل سيدنَا مُحَمَّد أَجْمَعِينَ
وَهَذَا آخر مَا تيَسّر من إملاء كتاب التِّبْيَان فِي إِعْرَاب الْقُرْآن ونسأل الله أَن يوفقنا لشكر آلائه وللعمل بِمَا علمنَا والعصمة من الزلل فِي القَوْل وَالْعَمَل بمنه وَكَرمه
وَفِي آخر (ب)
تمّ الْكتاب وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين وصلواته على سيدنَا مُحَمَّد نبيه وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ وَسلم تَسْلِيمًا وَهُوَ حَسبنَا وَنعم الْوَكِيل
قوبلت على الأَصْل الَّذِي نقلت عَنهُ وكملت الْمُقَابلَة إِلَى آخِره بِحَسب الْإِمْكَان(2/1312)