كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)
وجملة: «لن يقبل منه» في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة: «هو ... » من الخاسرين في محلّ جزم معطوفة على جملة جواب الشرط.
الصرف:
(يبتغ) فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفتع.
[سورة آل عمران (3) : آية 86]
كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86)
الإعراب:
(كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال وهو بمعنى الإنكار والاستبعاد (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (قوما) مفعول به منصوب (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل () ظرف زمان منصوب متعلّق ب (كفروا) ، (إيمان) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف اليه (الواو) عاطفة (شهدوا) مثل كفروا (أنّ) حرف مشبّهة بالفعل للتوكيد (الرسول) اسم أنّ منصوب (حقّ) خبر أنّ مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أنّ الرسول حقّ) في محلّ جرّ بباء محذوفة متعلّق ب (شهدوا) .
(الواو) عاطفة (جاء) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (البيّنات) فاعل مرفوع. (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (القوم) مفعول به منصوب (الظالمين) نعت للقوم منصوب مثله وعلامة النصب الياء.
جملة: «يهدي الله» لا محلّ لها استئنافيّة.(3/239)
وجملة: «كفروا» في محلّ نصب نعت ل (قوما) .
وجملة: «شهدوا» في محلّ نصب معطوفة على جملة كفروا «1» .
وجملة: «جاءهم البيّنات» في محلّ نصب معطوفة على جملة شهدوا «2» .
وجملة: «الله لا يهدي..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يهدي..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الفوائد
2- كيف، هي كيف الاستفهامية، وهي اسم مبهم غير متمكن يستفهم به عن حالة الشيء مبنيّ على الفتح. والاستفهام بها على نوعين:
حقيقي: نحو «كيف حالك؟» أو غير حقيقي ويكون لعدة اعتبارات. وهو في هذه الآية للنفي، وقد يكون للتعجب والاستنكار كقوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ؟» أما إعرابها فهو كما يلي:
- تقع خبرا عن مبتدأ نحو «كيف أنت» » ؟ أو خبرا مقدما لكان نحو «كيف كنت» أو مفعولا ثانيا مقدما ل «ظنّ» وأخواتها نحو «كيف ظننت أخاك» أو مفعولا ثالثا، «أعلم» وأخواتها نحو «كيف أعلمت فرسك» لأن ثاني مفعولي ظنّ وثالث مفعولات أعلم خبر أنّ في الأصل.
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة صلة الموصول لحرف مصدريّ مقدّر.. والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ معطوف على المصدر الصريح إيمان.. أي بعد إيمانهم وشهادتهم بأنّ الرسول حقّ.. أمّا عطف جملة شهدوا على جملة كفروا فتقدير ذلك: كيف يهديهم بعد اجتماع الأمرين الكفر والشهادة بصدق الرسول.. هذا وأجاز بعضهم أن تكون الجملة حاليّة بتقدير قد.
(2) أو الواو حاليّة والجملة حال بتقدير قد.(3/240)
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)
وقد تدخل على الباء من حروف الجر فتكون حرف جر زائد، فتقول «كيف بخالد» فكيف في محل رفع خبر مقدم، وبخالد: الباء زائدة وخالد مبتدأ مرفوع محلا مجرور لفظا وقد تكون في محل نصب مفعولا مطلقا، كما في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ وتقع حالا نحو «كيف مضى أخوك» أي على أي حال مضى ... ؟
[سورة آل عمران (3) : آية 87]
أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87)
الإعراب:
(أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (جزاء) مبتدأ ثان مرفوع و (هم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم ل (أنّ) ، (لعنة) اسم أنّ مؤخّر منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) حرف عطف في الموضعين (الملائكة، الناس) اسمان معطوفان على لفظ الجلالة مجروران مثله (أجمعين) توكيد معنويّ لما سبق مجرور وعلامة الجرّ الياء «1» والمصدر المؤوّل (أنّ عليهم لعنة الله) في محلّ رفع خبر المبتدأ جزاء.
جملة: «أولئك جزاؤهم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «جزاؤهم أنّ عليهم لعنة الله» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
__________
(1) انظر الآية (161) من سورة البقرة.(3/241)
خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)
[سورة آل عمران (3) : آية 88]
خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (88)
الإعراب:
(خالدين) ، حال منصوبة من الضمير في (عليهم) - الآية السابقة- وعلامة النصب الياء (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخالدين، والضمير يعود إلى اللعنة أو النار المدلول بها عليها (لا) نافية (يخفّف) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع (عنهم) مثل فيها متعلّق ب (يخفّف) ، (العذاب) نائب فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (لا) نافية مكرّرة لتأكيد النفي (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ، (ينظرون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب فاعل.
جملة: «لا يخفّف عنهم العذاب» في محلّ نصب حال من الضمير في خالدين أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هم ينظرون» في محلّ نصب معطوفة على جملة لا يخفّف.. أو لا محلّ لها.
وجملة: «ينظرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
[سورة آل عمران (3) : آية 89]
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (89)
الإعراب:
(إلّا) أداة استثناء (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب على الاستثناء (تابوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تابوا) ، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في(3/242)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)
محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الواو) عاطفة (أصلحوا) مثل تابوا (الفاء) تعليليّة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (غفور) خبر إنّ مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «تابوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «أصلحوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «انّ الله غفور» لا محلّ لها تعليل لمقدّر أي فالله يغفر لهم إنّ الله غفور رحيم.
[سورة آل عمران (3) : آية 90]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ (90)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبنيّ على الفتح في محلّ نصب اسم إنّ (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (كفروا) ، (إيمان) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (ازدادوا) مثل كفروا (كفرا) تمييز منصوب (لن) حرف نفي ونصب (تقبل) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب (توبة) نائب فاعل مرفوع و (هم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (أولئك هم الضالّون) مثل أولئك هم الفاسقون «1» .
جملة: «إنّ الذين كفروا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
__________
(1) في الآية (82) من هذه السورة.(3/243)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91)
وجملة: «ازدادوا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «لن تقبل توبتهم» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أولئك هم الضالون» في محلّ رفع معطوفة على جملة لن تقبل.
الصرف:
(توبة) ، مصدر سماعيّ لفعل تاب يتوب باب نصر، وزنه فعلة بفتح فسكون، وثمّة مصادر أخرى هي توب من غير تاء مربوطة وتابة ومتابا- هو مصدر ميميّ- وتتوبة بكسر الواو.
الفوائد
1- وقف المفسرون وقفة طويلة أمام قوله تعالى لن تقبل توبتهم مع أن الله قد فتح باب التوبة لعباده مهما أساؤوا وأذنبوا، وقد خرج بعضهم من هذا المأزق بحمل هذه الآية على ساعة الوفاة «لورود النص بهذا الخصوص فتوبة المحتضر لا تقبل بنص القرآن الكريم» .
2- واو العطف التي تسبق الشرط تعطف هذا الشرط على شرط آخر للعلم- به كقولك «أكرم فلانا ولو أساء» فإكرام المسيء يستدعي إكرام المحسن، إذا هو أولى بالإكرام.
[سورة آل عمران (3) : آية 91]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (91)
الإعراب:
(انّ الذين كفروا) مرّ اعرابها في الآية السابقة (الواو) عاطفة (ماتوا) مثل كفروا، (الواو) حاليّة (هم) ضمير منفصل في محلّ(3/244)
رفع مبتدأ (كفّار) خبر مرفوع (الفاء) زائدة لدخولها على الخبر (لن) حرف ناصب (يقبل) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب (من أحد) جارّ ومجرور متعلّق ب (يقبل) «1» و (هم) ضمير مضاف إليه (ملء) نائب فاعل مرفوع (الأرض) مضاف إليه مجرور (ذهبا) تمييز منصوب (الواو) حاليّة (لو) حرف امتناع لامتناع متضمّن معنى الشرط (افتدى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (افتدى) (أولاء) اسم اشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت لعذاب مرفوع مثله (الواو) عاطفة (ما) نافية مهملة (لهم) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم (من) حرف جرّ زائد لاعتماده على النفي (ناصرين) مجرور لفظا مرفوع محلّا مبتدأ مؤخّر.
جملة: «إنّ الذين كفروا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ماتوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة كفروا.
وجملة: «هم كفّار» في محلّ نصب حال.
وجملة: «لن يقبل.. ملء» في محلّ رفع خبر انّ.
وجملة: «افتدى به» في محلّ نصب حال.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فلن يقبل منه.
وجملة: «أولئك لهم عذاب» لا محل لها استئنافيّة.
وجملة: «لهم عذاب» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة: «ما لهم من ناصرين» في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم عذاب.
__________
(1) أو متعلّق بمحذوف حال من (ملء الأرض ذهبا) - نعت تقدّم على المنعوت-(3/245)
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)
الصرف:
(ملء) اسم جامد مما يأخذه الإناء إذا امتلأ، والجمع أملاء بفتح الهمزة، وزنه فعل بكسر الفاء.
(افتدى) ، فيه إعلال بالقلب أصله افتدي بالياء، جاءت الياء متحركة بعد الفتح قلبت ألفا. وزنه افتعل.
(ناصرين) ، جمع ناصر، اسم فاعل من نصر ينصر الباب الأول، وزنه فاعل (انظر الآية 22- آل عمران) .
[سورة آل عمران (3) : آية 92]
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)
الإعراب:
(لن) حرف نفي ونصب (تنالوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (البرّ) مفعول به منصوب (حتّى) حرف غاية وجرّ (تنفقوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد حتّى، والواو فاعل (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (تنفقوا) ، والعائد محذوف (تحبّون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن تنفقوا) في محلّ جرّ ب (حتّى) ، والجارّ والمجرور متعلّق ب (تنالوا) .
(الواو) عاطفة (ما) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب مفعول به مقدّم (تنفقوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون..
والواو فاعل (من شيء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ما «1» ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة
__________
(1) أو هو تمييز (ما) .(3/246)
اسم إنّ منصوب (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (عليم) (عليم) خبر إنّ مرفوع.
جملة: «لن تنالوا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تنفقوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «تحبّون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «ما تنفقوا..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «إنّ الله به عليم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.(3/247)
كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (93)
الجزء الرابع
بقية سورة آل عمران
من الآية 93- إلى الآية 200
[سورة آل عمران (3) : آية 93]
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائِيلَ إِلاَّ ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (93)
الإعراب:
(كلّ) مبتدأ مرفوع (الطعام) مضاف إليه مجرور (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (حلّا) خبر كان منصوب (لبني) جارّ ومجرور متعلّق ب (حلّا) ، وعلامة الجرّ الياء (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف (إلا) أداة استثناء (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب على الاستثناء (حرّم) فعل ماض (إسرائيل) فاعل مرفوع (على نفس) جارّ ومجرور متعلّق ب (حرّم) و (الهاء) ضمير مضاف إليه (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (حرّم) ،(4/248)
(أن) حرف مصدري ونصب (تنزّل) مضارع منصوب مبنيّ للمجهول (للتوراة) نائب فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن تنزّل التوراة) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) رابطة لجواب مقدّر (ائتوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (بالتوراة) جارّ ومجرور متعلّق ب (ائتوا) ، (الفاء) عاطفة (اتلوا) مثل ائتوا و (ها) ضمير مفعول به (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير اسم كان (صادقين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «كلّ الطعام كان حلّا..» في محلّ نصب مقول القول لفعل مقدّر «1» .
وجملة: «كان حلّا..» في محلّ رفع خبر المبتدأ كلّ.
وجملة: «حرّم إسرائيل..» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ائتوا ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر مقترنة بالفاء «2» .
وجملة: «اتلوها» في محلّ جزم معطوفة على جملة ائتوا.
وجملة: «إن كنتم صادقين» لا محلّ لها تفسيريّة.
الصرف:
(حلّا) ، مصدر سماعي لفعل حلّ يحلّ باب ضرب وزنه
__________
(1) أي قالت اليهود: كلّ الطعام ...
(2) أي: إن كنتم صادقين بقولكم فأتوا بالتوراة فاتلوها ... وجملة الشرط المقدّر في محلّ نصب مقول القول.(4/249)
فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)
فعل بكسر فسكون، وهو ممّا يوصف به فيلتقي مع الصفة المشبّهة بالوزن.
الفوائد
1- كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ.
سبب نزول هذه الآية تعنت اليهود وجدالهم للنبي صلى الله عليه وسلّم. فمن الأسئلة التي وجهها اليهود للرسول قولهم «أخبرنا عن الطعام الذي حرمه يعقوب على نفسه فأخبرهم أنه نذر إذا شفاه الله من مرضه فلسوف يحرم على نفسه أشهى الطعام لديه، وكان لحم الإبل ولبنها هو المقصود، فحرّم ذلك على نفسه قبل نزول التوراة على موسى عليه السلام.
2- «أن تنزّل» أن والفعل يؤولان بمصدر في محل جر بإضافته إلى الظرف «قبل» و «قبل» مضاف والمصدر المؤول في محل جر بالإضافة.
[سورة آل عمران (3) : آية 94]
فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (94)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (افترى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف في محلّ جزم فعل الشرط (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (افترى) ، (الكذب) مفعول به منصوب (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (افترى) «1» ، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أولاء) اسم إشارة مبنيّ على
__________
(1) وأجاز أبو البقاء تعليقه بالكذب أي الكذب الواقع بعد ذلك.(4/250)
قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)
الكسر في محلّ رفع مبتدأ (هم) ضمير فصل «1» لا محل له (الظالمون) خبر المبتدأ أولئك مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «من افترى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قل في السابقة «2» .
وجملة: «افترى ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة: «أولئك ... » الظالمون: في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(افترى) ، فيه إعلال بالقلب، أصله افتري بالياء، جاءت الياء متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا، وزنه افتعل.
[سورة آل عمران (3) : آية 95]
قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (95)
الإعراب:
(قل) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت والخطاب موجّه إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم (صدق) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (اتّبعوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون والواو فاعل (ملّة) مفعول به منصوب (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة (حنيفا) حال من إبراهيم منصوبة «4» ،
__________
(1) يجوز أن يكون ضميرا منفصلا مبتدأ خبره الظالمون، والجملة الاسمية خبر المبتدأ أولئك.
(2) أو هي استئنافية لا معطوفة.
(3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا. [.....]
(4) أو حال من ملّة وهي بمعنى الدين.(4/251)
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ (96)
(الواو) عاطفة (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من المشركين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «صدق الله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «اتّبعوا» في محل نصب معطوفة على جملة صدق الله «1» .
وجملة: «ما كان من المشركين» في محلّ نصب معطوفة على الحال (حنيفا) .
[سورة آل عمران (3) : آية 96]
إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ (96)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (أول) اسم إنّ منصوب (وضع) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (وضع «2» (اللام) المزحلقة تفيد التوكيد (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع خبر إن «3» ، (ببكّة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول، وعلامة الجرّ الفتحة ممنوع من الصرف (مباركا) حال من نائب الفاعل منصوبة «4» ، (هدى) معطوفة بالواو على
__________
(1) يجوز أن تكون جوابا لشرط مقدّر أي فان أردتم رضاء الله فاتّبعوا ملّة إبراهيم.
(2) وهو اختيار أبي حيّان، ويجوز أن يتعلّق بمحذوف حال من النائب الفاعل أي وضع متعبّدا للناس.
(3) الذي سوّغ مجيء الخبر اسم موصول معرفة أنّ الاسم جاء نكرة مضافا موصوفا بالجملة ...
(4) ونائب الفاعل هو لفعل مقدّر لا للفعل المذكور حتّى لا يفصل بين الحال وصاحبها أجنبيّ وهو خبر أنّ ويجوز أن يكون العمل في الحال هو العامل في (ببكة) أي استقرّ أو وجد في حال بركته.(4/252)
فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ (97)
الحال منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (للعالمين) جارّ ومجرور متعلّق بهدى لأنه مصدر.
جملة: «إنّ أول بيت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «وضع للناس» في محلّ نصب نعت لأول.. أو في محل جرّ نعت لبيت.
الصرف:
(بكّة) اسم جامد، والباء منقلبة عن ميم لغة فيها، وقيل سمّيت بكة لأنها تبكّ أعناق الجبابرة أي تدقّها، وفعل بكّ يبكّ من باب نصر.
(مباركا) ، اسم مفعول من بارك الرباعيّ، وزنه مفاعل بضم الميم وفتح العين.
[سورة آل عمران (3) : آية 97]
فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ (97)
الإعراب:
(في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (آيات) مبتدأ مؤخّر (بينات) نعت لآيات مرفوع مثله (مقام) بدل اشتمال من آيات مرفوع مثله «1» ، والرابط مقدّر أي منها (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة ممنوع من الصرف (الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (دخل)
__________
(1) يجوز أن يكون مبتدأ مؤخّرا خبره محذوف أي منها مقام ... والجملة إما حال من آيات أو نعت لها. كما يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره هي.(4/253)
فعل ماض في محلّ جزم فعل الشرط و (الهاء) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (كان) فعل ماض ناقص في محلّ جزم جواب الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (آمنا) خبر كان منصوب.
جملة: «فيه آيات ... » في محلّ نصب حال من الموصول في الآية السابقة «1» .
وجملة: «من دخله كان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «دخله» في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة: «كان آمنا» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
(الواو) استئنافيّة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (على الناس) جارّ ومجرور متعلّق بالخبر المحذوف (حجّ) مبتدأ مؤخّر مرفوع (البيت) مضاف إليه مجرور (من) بدل بعض من كلّ وهو الناس، اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ، والرابط مقدّر أي استطاع منهم «3» ، (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من (سبيلا) - نعت تقدّم على المنعوت- (سبيلا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (من كفر) مثل من دخل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) اسم إنّ منصوب (غنيّ) خبر مرفوع (عن العالمين) جارّ ومجرور متعلّق بغنيّ وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «لله على الناس حجّ» لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو لا محلّ لها استئنافيّة.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(3) لا يجوز أن يكون (من) فاعلا للمصدر حج لفساد المعنى.(4/254)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ (98)
وجملة: «استطاع» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «من كفر ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» ..
وجملة: «إنّ الله غنيّ ... » في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء أو هي تعليل للجواب المحذوف أي فالله مستغن عنه إنّ الله غنيّ عن العالمين.
الفوائد
قوله تعالى: «وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» .
ذكر علماء النحو معان تدل عليها أخوات كان وهي: (آ) - ما يدل على التوقيت:
1- أصبح وهي للتوقيت الصباحي مثال (أصبح الطير منتشرا في الحقل) .
2- أضحى- هي للتوقيت بالضحى- مثال (أضحى الجوّ صحوا) 3- أمسى- هي للتوقيت بالمساء: مثال (أمسى الفلاح عائدا إلى بيته) .
(ب) ما يدل على التحويل، نحو: صار مثل (صار البرتقال عصيرا) .
(ج) ما يدل على النفي، نحو: ليس: مثل (ليس الشجر مثمرا) .
(د) - ما يدل على الاستمرار: نحو (ما زال- ما برح- ما فتى- ما انفك) مثال (ما زال القمر منيرا) . (هـ) ما يدل على بيان المدة وهي (ما دام) مثل (ينجح الطالب ما دام مجدا) أي (مدة دوامه مجدا) .
[سورة آل عمران (3) : آية 98]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلى ما تَعْمَلُونَ (98)
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (اللام) حرف جرّ و (ما) اسم استفهام مبنيّ على السكون في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (تكفرون) وهو مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بآيات) جارّ
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(4/255)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)
ومجرور متعلّق ب (تكفرون) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) حاليّة- أو استئنافيّة- (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (شهيد) خبر مرفوع (على) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بشهيد (تعملون) مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعل.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يا أهل الكتاب» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تكفرون» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «الله شهيد» في محلّ نصب حال، أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
[سورة آل عمران (3) : آية 99]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (99)
الإعراب:
(قل يا أهل ... سبيل الله) مرّ إعراب نظيرها في الآية السابقة مفردات وجملا.. (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (آمن) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (تبغون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (ها) ضمير مفعول ب (عوجا) مصدر في موضع الحال «1» ، (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (شهداء) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (ما) نافية عاملة عمل ليس (الله)
__________
(1) قيل: البغي هنا هو التعدّي أي يتعدّون عليها أو فيها ... وقال الزّجاج والطبري يبغون: يطلبون لها اعوجاجا.. ف (عوجا) على هذا مفعول به.(4/256)
لفظ الجلالة اسم ما مرفوع (الباء) حرف جرّ زائد (غافل) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما (عن) حرف جرّ (ما) اسم موصول «1» مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بغافل (تعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «آمن» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «تبغونها ... » في محلّ نصب حال من فاعل تصدون أو من السبيل أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنتم شهداء» في محلّ نصب حال من فاعل تبغون.
وجملة: «ما الله بغافل ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة الحال «2» .
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
الصرف:
(عوجا) ، مصدر سماعيّ لفعل عاج يعوج باب نصع وزنه فعل بكسر فسكون، وقد يأتي المصدر مفتوح الفاء ولكنّ العرب فرّقوا بينهما فخصّوا المكسور الفاء بالمعاني والمفتوح الفاء بالأعيان.. تقول في دينه وكلامه عوج بالكسر، وفي الجدار عوج بالفتح.
الفوائد
1- قوله تعالى: «وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ» .
هذه «ما» النافية الحجازية. وهي لا تعمل عمل ليس إلا في لغة أهل الحجاز الذين جاء القرآن الكريم بلغتهم، وبلغة أهل تهامة ونجد، ولذلك سميت «ما النافية الحجازية» . أما في لغة تميم فهي مهملة وما بعدها مبتدأ وخبر.
__________
(1) أو نكرة موصوفة، والجملة صفة لها ... ويجوز أن تكون مصدريّة والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ.
(2) أو استئنافيّة لا محلّ لها.(4/257)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ (100)
و «ما الحجازية» لا تعمل عمل ليس إلّا بأربعة شروط:
أ- أن لا يتقدم خبرها على اسمها.
ب- أن لا يتقدم معمول خبرها على اسمها.
ج- أن لا تزاد بعدها «إن» .
د- أن لا ينتقض نفيها ب «إلا» .
فإن فقد شرط من هذه الشروط بطل عملها كقوله تعالى: وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ.
[سورة آل عمران (3) : آية 100]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ (100)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضم في محلّ نصب و (ها) للتنبيه، (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب- على المحلّ- بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (إن) حرف شرط جازم (تطيعوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (فريقا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (فريقا) ، (أوتوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ ... والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (يردّوا) مثل تطيعوا وهو جواب الشرط (الكاف) ضمير مفعول به (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يردّوكم) «1» ، (إيمان) مضاف إليه مجرور و (كم) مضاف إليه (كافرين) حال منصوبة وعلامة النصب الياء «2» .
__________
(1) أو متعلّق بكافرين. [.....]
(2) أو هو مفعول به ثان لفعل ردّ إذا كان من أفعال التحويل.(4/258)
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)
جملة النداء: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «ان تطيعوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «أوتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «يردّوكم» لا محلّ لها جواب شرط غير مقترنة بالفاء.
[سورة آل عمران (3) : آية 101]
وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال «1» ، (تكفرون) مضارع مرفوع والواو فاعل (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (تتلى) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تتلى) ، (آيات) نائب فاعل مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (فيكم) مثل عليكم متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (رسول) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يعتصم) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعتصم) (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (هدي) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى
__________
(1) والاستفهام جاء للتوبيخ وحمل المؤمنين على التعجّب.(4/259)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)
(من) ، (إلى صراط) جارّ ومجرور متعلّق ب (هدي) ، (مستقيم) نعت لصراط مجرور مثله.
جملة: «تكفرون» لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء في الآية السابقة.
وجملة: «أنتم تتلى» في محلّ نصب حال.
وجملة: «تتلى ... آيات» في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم.
وجملة: «فيكم رسوله» في محلّ نصب معطوفة على جملة الحال.
وجملة: «من يعتصم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعتصم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «هدي ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الفوائد
1- من تاريخ اليهود.
لا ينفك اليهود- كلما حانت لهم الفرصة- يلقون بذور الفتنة بين أفراد المجتمع، كوسيلة لاضعاف شأن الناس وعلوّ شأن اليهود، وقد كثر هذا النوع من الفساد في عصر الرسول، وقد سعى أحد رجالاتهم في إفساد ذات البين في صفوف الأنصار بين الأوس والخزرج حتى كادوا يقتتلون لولا خروج الرسول إليهم وردهم إلى حظيرة المحبة والألفة ونبذ دعوى الجاهلية وراء ظهورهم.
[سورة آل عمران (3) : آية 102]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(4/260)
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ اعرابها «1» ، (اتّقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (حقّ) مفعول مطلق منصوب (تقاته) مضاف إليه.. والهاء مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تموتنّ) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل والنون نون التوكيد لا محلّ لها (الّا) أداة حصر (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (مسلمون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة النداء: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «اتّقوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «لا تموتنّ» لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة: «أنتم مسلمون» في محلّ نصب حال.
[سورة آل عمران (3) : آية 103]
وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)
__________
(1) في الآية (100) من هذه السورة.(4/261)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اعتصموا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (بحبل) جارّ ومجرور متعلق ب (اعتصموا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (جميعا) حال منصوبة من الفاعل في (اعتصموا) (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تفرّقوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل، وحذف من الفعل إحدى التاءين (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (اذكروا) مثل اعتصموا (نعمة) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من نعمة (إذ) ظرف للماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بنعمة- لتضمّنها معنى المصدر- أو بدل من نعمة (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون (وتم) ضمير متّصل اسم كان في محلّ رفع (أعداء) خبر كنتم منصوب، (الفاء) عاطفة (ألّف) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (ألّف) (قلوب) مضاف إليه مجرور و (كم) مضاف إليه (الفاء) عاطفة (أصبحتم) مثل كنتم (بنعمة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من (إخوانا) «1» ، و (الهاء) مضاف إليه (إخوانا) خبر أصبح منصوب.
جملة: «اعتصموا ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء في السابقة.
وجملة: «لا تفرّقوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعتصموا.
وجملة: «اذكروا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعتصموا أو هي استئنافيّة لا محلّ لها.
__________
(1) أجاز العكبريّ أن يكون التعليق بمحذوف خبر أصبح و (إخوانا) حال من ضمير المخاطب، أي أصبحتم متلبّسين بنعمته.. إخوانا.. أما تقريره بأن الفعل (أصبح) يجوز أن يكون تاما فبعيد.(4/262)
وجملة: «كنتم أعداء» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «ألّف» في محلّ جرّ معطوفة على جملة كنتم.
وجملة: «أصبحتم ... إخوانا» في محلّ جرّ معطوفة على جملة ألّف.
(الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (كنتم) مثل الأول (على شفا) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كنتم، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (حفرة) مضاف اليه مجرور (من النار) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لحفرة (الفاء) عاطفة (أنقذ) مثل ألّف و (كم) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنقذ) ، (الكاف) حرف جرّ «1» ، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمفعول مطلق محذوف أي: يبيّن الله لكم آياته بيانا كذلك، و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب، يبيّن مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (لكم) مثل عليكم متعلّق ب (يبيّن) ، (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تهتدون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
وجملة: «كنتم على شفا ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة كنتم الأولى ... أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أنقذكم» معطوفة على جملة كنتم على شفا تأخذ محلّها.
وجملة: «يبيّن الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لعلّكم تهتدون» لا محلّ لها تعليليّة.
__________
(1) يجوز أن يكون الكاف اسما بمعنى مثل، فهو نعت للمفعول المطلق المحذوف في محلّ نصب.(4/263)
وجملة: «تهتدون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(تفرّقوا) ، أصله تتفرّقوا، حيث حذفت من الفعل إحدى التاءين تخفيفا.
(شفا) ، أصل الألف فيه واو، مثنّاه شفوان ويجمع على أشفاء ...
وفي المصباح: شفا كلّ شيء حدّه، وهو اسم من شفا يشفو باب نصر، وزنه فعل بفتحتين.
(حفرة) ، اسم لما يحفر من الأرض، وزنه فعلة بضم فسكون، جمعه حفر بضمّ ففتح.
البلاغة
1- في الكلام استعارة تمثيلية: بأن شبهت الحالة الحاصلة للمؤمنين في استظهارهم بأحد ما ذكر، ووثوقهم بحمايته، بالحالة الحاصلة في تمسك المتدلي من مكان رفيع بحبل وثيق مأمون الانقطاع من غير اعتبار مجاز في المفردات، وأستعير ما يستعمل في المشبّه به من الألفاظ للمشبّه.
2- الطباق: بين أعداء واخوان.
الفوائد
1- العصام والعصمة: الملاذ والملجأ. وقد ورد في فقه اللغة، إذا وردت العين والصاد، فاء وعينا للكلمة فهما تدلان على الشدة والمنعة وما هو على غرار ذلك، مثل رجل عصامي وذو عصبية قوية ومن العصا والعصيان والعصر والمعصرة، وعصفت الريح فهي عاصفة. وهذه إحدى أسرار لغتنا الفصحى لغة التنزيل ولغة جوامع الكلم.
2- حَقَّ تُقاتِهِ، وردت الصفة مضافة إلى موصوفها لتمكّن الصفة والمبالغة بها من جهة وللجرس الموسيقي من جهة ثانية، ولا ينكر التعبير بالجرس في آياته(4/264)
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)
تعالى لأن الله أراد أن يكون كتابه مشفوعا بسائر عناصر التأثير في قلب السامع وعقله فجعل الجرس الموسيقي أحد عناصر وعوامل هذا التأثير.
3- شَفا حُفْرَةٍ «الشفا» يجوز تذكيره وتأنيثه، وقد ورد العائد عليها مؤنثا «فأنقذكم منها» فإذا اعتبرنا «الشفا» مؤنثا فيكون العائد مطابقا لما عاد عليه وإذا اعتبرنا الشفا مذكرا فيكون قد اكتسب التأنيث مما أضيف إليه وهو «الحفرة» وهذا وجه مطرد في عالم النحو واللغة، فقد يكتسب المضاف المذكر التأنيث من المضاف إليه المؤنث كما يكتسب المضاف المؤنث التذكير من المضاف إليه المذكر، فمن الأول قول الشاعر:
وما حب الديار شغفن قلبي ... ولكن حب من سكن الديارا
[سورة آل عمران (3) : آية 104]
وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)
الإعراب:
(الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (اللام) لام الأمر (تكن) مضارع ناقص مجزوم- أو تام- (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من أمة- نعت تقدّم على المنعوت- «1» ، (أمّة) اسم تكن الناقص- أو فاعل تكن التام- (يدعون) مضارع مرفوع ...
والواو فاعل (إلى الخير) جارّ ومجرور متعلّق ب (يدعون) ، (الواو) عاطفة (يأمرون) مثل يدعون (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأمرون) ، (الواو) عاطفة (ينهون عن المنكر) مثل يدعون إلى الخير (الواو) استئنافيّة
__________
(1) أو متعلّق ب (تكن) إن كان تامّا ... وأجاز بعضهم تعليقه بمحذوف خبر مقدّم لفعل تكن الناقص.(4/265)
أو حاليّة (أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (هم) ضمير فصل «1» ، (المفلحون) خبر المبتدأ أولئك مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «لتكن منكم أمّة» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعتصموا «2» ... أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يدعون» في محلّ نصب خبر تكن الناقص- أو في محلّ رفع نعت لأمة إن أعرب (تكن) تامّا «3» .
وجملة: «يأمرون ... » معطوفة على جملة يدعون تأخذ محلّها.
وجملة: «ينهون ... » معطوفة على جملة يدعون تأخذ محلّها.
وجملة: «أولئك ... المفلحون» لا محلّ لها استئنافيّة ... أو في محلّ نصب حال.
الصرف:
(الخير) ، مصدر سماعيّ لفعل خار يخير باب ضرب وزنه فعل بفتح فسكون وهو ضدّ الشرّ، جمعه خيور بضمّ الخاء.
(المنكر) ، اسم مفعول من أنكر الرباعي بمعنى عابه ونهاه عنها، وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين جمعه منكرات ومناكر.
البلاغة
1- «وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ» العطف في الآية من باب عطف الخاص على العام لإظهار فضلهما على سائر الخيرات كعطف جبريل وميكال على الملائكة عليهم السلام.
__________
(1) أو ضمير منفصل مبتدأ خبره المفلحون، وجملة هم المفلحون خبر أولئك.
(2) في الآية (103) من هذه السورة.
(3) وكذلك هي نعت لأمة إن جعل الخبر الجارّ والمجرور (منكم) .(4/266)
وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (105)
وتفصيل ذلك أن الدعوة إلى الخير عامة، وإردافها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤذن باختصاصهما بمزيد من العناية، وإظهار فضلهما على سواهما من الخيرات.
- المقابلة: فقد طابق بين الأمر والنهي وبين المعروف والمنكر.
الفوائد
1- «وَلْتَكُنْ» لام الأمر مكسورة في الأصل ولكنها إذا وقعت بعد الواو والفاء فالأكثر تسكينها، نحو «فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي» وقد تسكّن بعد ثمّ وتدخل لام الأمر على الفعل المخصوص به الغائب معلوما ومجهولا وعلى المخاطب غيره، فدخولها عليه أهون وأيسر نحو: «وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ» وذلك لأن الواحد لا يأمر نفسه، فإن كان معه غيره هان الأمر لمشاركة غيره فيما يأمر به، وأقل من ذلك دخول اللام على فعل المخاطب المعلوم لأن له صيغة خاصة وهي «افعل» .
ثمّ طلب الفعل أو تركه إذا كان من الأدنى إلى الأعلى سمي دعاء للتأدب وسميت «اللام أو لا» حرفي دعاء نحو «لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ» ونحو: «لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا» وكذلك الأمر بصيغة الأمر يسمّى فعل «دعاء» نحو: «رَبِّ اغْفِرْ لِي» وهذا الوجه من آداب التحدث وخصوصا مع الله.
[سورة آل عمران (3) : آية 105]
وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (105)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تكونوا) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو ضمير اسم كان (الكاف) حرف جرّ «1» ، (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلق بمحذوف
__________
(1) أو اسم بمعنى مثل في محلّ نصب خبر تكونوا.(4/267)
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)
خبر تكونوا (تفرّقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (اختلفوا) مثل تفرّقوا (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تفرّقوا أو اختلفوا) ، (ما) حرف مصدريّ (جاء) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (البيّنات) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (ما جاءهم البيّنات) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(الواو) استئنافيّة (أولاء) اسم اشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (عظيم) نعت لعذاب مرفوع مثله.
جملة: «لا تكونوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لتكن منكم أمّة «1» .
وجملة: «تفرّقوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «اختلفوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «جاءهم البيّنات» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: «أولئك لهم عذاب» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لهم عذاب» في محلّ رفع خبر المبتدأ أولئك.
[سورة آل عمران (3) : آية 106]
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (106)
__________
(1) في الآية السابقة (104) .(4/268)
الإعراب:
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بالخبر المحذوف للعذاب في الآية السابقة (تبيض) مضارع مرفوع (وجوه) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (تسود وجوه) مثل تبيضّ وجوه (الفاء) تفريعيّة استئنافيّة (أمّا) حرف شرط وتفصيل (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (اسودّت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث (وجوه) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه.. وخبر المبتدأ محذوف تقديره فيقال لهم ... (الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ (كفرتم) فعل وفاعل (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (كفرتم) ، (إيمان) مضاف إليه مجرور و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (ذوقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ...
والواو فاعل (العذاب) مفعول به منصوب (الباء) حرف جرّ للسببيّة (ما) حرف مصدريّ (كنتم) فعل ماض ناقص واسمه (تكفرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما كنتم تكفرون) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (ذوقوا) .
وجملة: «تبيضّ وجوه» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تسودّ وجوه» في محلّ جرّ معطوفة على جملة تبيضّ.
وجملة: «الذين اسودّت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اسودّت وجوههم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «أكفرتم ... » في محلّ نصب مقول القول لمقدّر هو الخبر ... أي: فيقول الله لهم أو تقول الملائكة أكفرتم.
وجملة: «ذوقوا» جواب شرط مقدّر أي: إن كفرتم فذوقوا.(4/269)
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)
وجملة: «كنتم تكفرون» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «تكفرون» في محلّ نصب خبر كنتم.
البلاغة
1- وبياض الوجه وسواده كنايتان عن ظهور بهجة السرور وكآبة الخوف فيه، وهذا أيضا فن من فنون البلاغة يدعى فن التدبيج، وهو فن دقيق المسلك، حلو المأخذ، رشيق الدلالة وحده أن يذكر الشاعر أو الناثر لونين أو أكثر، يقصد بذلك الكناية أو التورية عما يريد من أغراض، وقد لا يقصد غير الوصف.
2- الاستعارة: في «ذوق العذاب» فقد شبهه بالمر مما يؤكل، ثمّ حذف المشبّه به وأبقى شيئا من لوازمه وهو الذوق. ولا يخفي ما فيه من الشعور بالمرارة، وذلك على طريق الاستعارة التبعية المكنية.
[سورة آل عمران (3) : آية 107]
وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (107)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (أمّا الذين ابيضّت وجوههم) مثل أمّا الذين اسودّت وجوههم في الآية السابقة (الفاء) واقعة في جواب أمّا (في رحمة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (الذين) «1» (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خالدون) وهو خبر المبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
__________
(1) أشار بعض المعربين إلى أن الجارّ متعلّق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم ... وهذه الجملة هي خبر المبتدأ (الذين) .(4/270)
تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ (108)
جملة: «الذين ابيضّت وجوههم» لا محلّ لها معطوفة على جملة اسودّت ... «1» .
وجملة: «ابيضّت وجوههم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «هم فيها خالدون» لا محلّ لها استئنافيّة «2» .
البلاغة
1- «فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ» أي الجنة والنعيم المخلد، عبر عنها بالرحمة تنبيها على أن المؤمن وإن استغرق عمره في طاعة الله تعالى فإنه لا يدخل الجنة إلا برحمته تعالى وهذا على سبيل المجاز المرسل والعلاقة فيه الحالية، لأن الرحمة لا يحل فيها الإنسان وإنما يحل في مكانها، وهو الجنة.
الفوائد
1- في هاتين الآيتين تتجلّى البلاغة القرآنية بأجلى صورها، فقد اشتملت على عدة فنون من الإعجاز ففيها الطباق المركب، بين البياض والسواد، وفيها التفصيل بعد «أمّا» ، وفيها المقابلة بالجزاء، وفيها الإيجاز الذي هو من أصل سمات القرآن الكريم، وأخيرا هذا الوضوح بواسطة تجسيم الأمور المعنوية وتجسيدها وإضفاء الحركة المشفوعة بالألوان عليها.
[سورة آل عمران (3) : آية 108]
تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (108)
الإعراب:
(تي) اسم إشارة مبنيّ على السكون الظاهر على الياء
__________
(1) في الآية السابقة. [.....]
(2) يجوز أن تكون خبرا ثانيا للمبتدأ الذين..(4/271)
المحذوفة لالتقاء الساكنين في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (آيات) خبر مرفوع «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (نتلو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو و (ها) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (على) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نتلوها) ، (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل نتلو (الواو) استئنافيّة (ما) نافية عاملة عمل ليس (الله) لفظ الجلالة اسم ما (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل هو (ظلما) مفعول به منصوب (اللام) زائدة للتقوية (العالمين) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به للمصدر (ظلما) .
جملة: «تلك آيات الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نتلوها ... » في محلّ نصب حال من آيات.
وجملة: «ما الله يريد ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يريد ظلما» في محلّ نصب خبر ما.
الصرف:
(ظلما) ، مصدر سماعيّ لفعل ظلم يظلم باب ضرب وزنه فعل بضمّ فسكون، وثمّة مصادر أخرى هي ظلما بفتح أوّله، ومظلمة بفتح الميم وكسر اللام.
البلاغة
1- «تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ» اسناد ذلك إليه تعالى مجاز، إذ التالي جبريل عليه السلام بأمره سبحانه وتعالى. وفي عدوله عن الحقيقة مع الالتفات إلى التكلم بنون العظمة ما لا يخفي من العناية بالتلاوة والمتلو عليه.
__________
(1) يجوز أن تكون بدلا من اسم الإشارة ... وجملة نتلوها خبر.(4/272)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)
2- «وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ» الالتفات إلى الاسم الجليل إشعارا بعلة الحكم بيان لكمال نزاهته عزّ وجلّ عن الظلم بما لا مزيد عليه، أي ما يريد فردا من أفراد الظلم لفرد من أفراد العالمين.
[سورة آل عمران (3) : آية 109]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (109)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر (في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما الأول (الواو) عاطفة (ما) مثل الأول ومعطوف عليه (في الأرض) مثل في السموات، متعلّق بصلة ما الثاني (الواو) عاطفة (إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (ترجع) وهو فعل مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع (الأمور) نائب فاعل مرفوع.
جملة: «لله ما في السموات ... » لا محلّ لها معطوفة على الجملة الاستئنافيّة في الآية السابقة.
وجملة: «ترجع الأمور» لا محلّ لها معطوفة على جملة لله ما في السموات.
البلاغة
- «وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ» الإظهار في مقام الإضمار لتربية المهابة.
[سورة آل عمران (3) : آية 110]
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (110)(4/273)
الإعراب:
(كنتم) فعل ناقص واسمه (خير) خبر كان منصوب (أمّة) مضاف إليه مجرور (أخرجت) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هي (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (أخرجت) (تأمرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأمرون) ، (الواو) عاطفة (تنهون عن المنكر) مثل تأمرون بالمعروف والتعليق ب (تنهون) ، (الواو) عاطفة (تؤمنون بالله) مثل تأمرون بالمعروف، والتعليق ب (تؤمنون) . (الواو) استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (آمن) فعل ماض (أهل) فاعل مرفوع (الكتاب) مضاف إليه مجرور (اللام) واقعة في جواب لو (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الإيمان (خيرا) خبر منصوب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خيرا) ، (منهم) مثل لهم متعلّق بخبر محذوف (المؤمنون) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (أكثر) مبتدأ مرفوع- أو خبر مقدّم- و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاسقون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو- أو مبتدأ مؤخّر- جملة: «كنتم خير أمّة» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أخرجت للناس» في محلّ جرّ نعت لأمة «1» .
وجملة: «تأمرون بالمعروف» في محلّ نصب خبر ثان للفعل الناقص «2» .
وجملة: «تنهون ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة تأمرون.
__________
(1) أو في محلّ نصب نعت لخير ... ، ويجوز أن تكون في محلّ نصب خبرا ثانيا للفعل الناقص.
(2) أو في محلّ نصب حال من (خير أمة) - لأن النكرة هنا وصفت بالجملة- أو نعت ل (خير أمّة) أو استئناف بياني.(4/274)
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)
وجملة: «تؤمنون..» في محلّ نصب معطوفة على جملة تأمرون ...
وجملة: «آمن أهل الكتاب» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان خيرا لهم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «منهم المؤمنون» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «أكثرهم الفاسقون» لا محلّ لها معطوفة على جملة منهم المؤمنون.
الصرف:
(الفاسقون) ، جمع الفاسق، اسم فاعل من فسق يفسق من البابين الأول والثاني، ومن الباب الخامس، وزنه فاعل.
البلاغة
1- المقابلة: في الآية فن المقابلة، فقد تعدّد الطباق بين «تأمرون» و «تنهون» وبين «المعروف» و «المنكر» وبين «المؤمنون» و «الفاسقون» .
الفوائد
1- «لكان» اللام واقعة في أول جواب شرط «لو» الشرطية، فكما أن الفاء تقع في جواب أدوات الشرط الجازمة فإن اللام تقع في جواب لو ولولا غير الجازمتين وهي تفيد التوكيد.
[سورة آل عمران (3) : آية 111]
لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (111)
الإعراب:
(لن) حرف نفي ونصب (يضرّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (إلّا) أداة حصر «1» (أذى) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر أي إلّا
__________
(1) أجاز بعضهم أن (إلّا) أداة استثناء و (أذى) مستثنى من مفعول مطلق مقدّر أي:
لن يضرّوكم ضررا الّا ضرر أذى.(4/275)
ضرر أذى، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (ان) حرف شرط جازم (يقاتلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (يولّوكم) مثل يقاتلوكم، جواب الشرط (الأدبار) مفعول به ثان منصوب (ثمّ) حرف استئناف «1» ، (لا) نافية (ينصرون) مضارع مرفوع مبنيّ للمجهول ... والواو نائب فاعل.
جملة: «لن يضرّوكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إن يقاتلوكم ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يولّوكم الأدبار» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «لا ينصرون» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الأدبار) جمع دبر بضمّتين، اسم جامد وزنه فعل بضمّتين أو بضمّ فسكون والفعل من باب نصر.
البلاغة
1- في هذه الآية فن يقال له «فن الإيضاح» وهو أن يذكر المتكلم كلاما في ظاهره لبس ثمّ يوضحه في بقية كلامه، والإشكال الذي يحله الإيضاح يكون في معاني البديع من الألفاظ وفي إعرابها، فإن في ظاهر الآية إشكالين:
أحدهما: من جهة الإعراب، والآخر من جهة المعنى.
فأما الذي من جهة الإعراب فعطف ما ليس بمجزوم على المجزوم،
__________
(1) ليس بعيدا أن يكون (ثمّ) حرف استئناف، كما سنرى ذلك في سورة العنكبوت، لأن الكلام مستأنف ... أو هي حرذ عطف، عطفت الجملة بعدها على جملة الشرط والجواب المعطوفة على جملة لن يضرّوكم(4/276)
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)
والذي من جهة المعنى أن صدر الآية يغني عن فاصلتها، لأن توليهم عند المقاتلة دليل على الخذلان، والخذلان والنصر لا يجتمعان، والجواب أن الله سبحانه أخبر المؤمنين بأن عدوهم هذا إن قاتلهم انهزم، ثمّ أراد تكميل العدة بإخبارهم أنه مع توليه الآن لا ينصر أبدا في الاستقبال فهو مخذول أبدا ما قاتلهم.
2- ونرى في الآية «فن التعليق» وهو أن يتعلق الكلام إلى حين، ولذلك اختير لفظ «ثمّ» دون حروف العطف، لأنه يدل على المهلة الملائمة لدلالة الفعل المضارع على الاستقبال.
3- فن المطابقة المعنوية بين نصر المؤمنين وخذلان الكافرين.
[سورة آل عمران (3) : آية 112]
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (112)
الإعراب:
(ضربت) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. والتاء للتأنيث (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ضربت) ، (الذلّة) نائب فاعل مرفوع (أينما) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة المكانيّة متعلّق ب (ثقفوا) أو بالجواب المقدّر (ثقفوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ.. والواو نائب فاعل (إلا) أداة استثناء (بحبل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل جواب الشرط، وهو مستثنى من جميع الأحوال، أي: ذلّوا في كل الأحوال إلا في حالهم(4/277)
متمسّكين بعهد الله (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لحبل (الواو) عاطفة (باءوا) فعل ماض مبنيّ على الضم.. والواو فاعل (بغضب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الفاعل في (باءوا) أي:
متلبّسين بغضب من الله (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لغضب (الواو) عاطفة (ضربت عليهم المسكنة) مثل ضربت عليهم الذلّة، (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جرّ (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (كانوا) فعل ناقص ... والواو اسم كان (يكفرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق ب (يكفرون) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (يقتلون) مثل يكفرون (الأنبياء) مفعول به منصوب (بغير) جارّ ومجرور متعلّق ب (يقتلون) «1» ، (حقّ) مضاف إليه مجرور.
والمصدر المؤوّل (أنّهم كانوا ... ) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
(ذلك) مثل الأول (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ (عصوا) مثل باءوا (الواو) عاطفة (كانوا) مثل الأول (يعتدون) مثل يكفرون.
والمصدر المؤوّل (ما عصوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك (الثاني) .
جملة: «ضربت عليهم الذلّة» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ثقفوا» لا محلّ لها استئناف بيانيّ ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: أينما ثقفوا ذلّوا.
وجملة: «باءوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ضربت ...
__________
(1) أو متعلّق بمحذوف حال من الأنبياء أي ظالمين أو جائرين.(4/278)
وجملة: «ضربت.. المسكنة» لا محلّ لها معطوفة على جملة ضربت (الأولى) .
وجملة: «كانوا يكفرون ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «يكفرون ... » في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة: «يقتلون ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يكفرون.
وجملة: «ذلك بأنّهم (في المرّتين) » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «عصوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: «كانوا يعتدون» لا محلّ لها معطوفة على جملة عصوا.
وجملة: «يعتدون» في محلّ نصب خبر كانوا.
الصرف:
انظر الآية (61) من سورة البقرة ففيها معظم حالات الصرف للكلمات الواردة في هذه الآية.
البلاغة
1- «ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ» هذا من ضرب الخيام والقباب.
ففيه استعارة مكنية تخييلية وقد يشبه إحاطة الذلة واشتمالها عليهم بذلك على وجه الاستعارة التبعية.
2- «إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ» أي لا يسلمون من الذلة بحال من الأحوال إلا في حال أن يكونوا معتصمين بالله تعالى أو كتابه الذي أتاهم وذمة المسلمين فإنهم بذلك يسلمون.
فقد شبه التمسك بأسباب السلامة بالتمسك بالحبل الوثيق وقد تدلى من مكان عال. وهذا على سبيل الاستعارة التمثيلية.
الفوائد
1- قوله تعالى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ لا يستقيم الكلام إلا بواسطة التقدير، إذ(4/279)
لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
لا بد لنا أن نتساءل عن سبب وجود الباء وعلة هذا الاستثناء، ورغم أن علماء النحو قد أكثروا من الكلام في هذا الشأن فإن وجود الباء يستقيم بمجرد هذا التقدير «إلا إذا ثقفوا معصومين بحبل من الله أو داخلين في ذمة من المسلمين» ففي هذا الحالة ترفع عنهم الذلة والمسكنة وينجون من غضب الله.
[سورة آل عمران (3) : آية 113]
لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113)
الإعراب:
(ليس) فعل ماض ناقص جامد و (الواو) ضمير في محلّ رفع اسم ليس «1» ، (سواء) خبر ليس منصوب (من أهل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (الكتاب) مضاف إليه مجرور (أمّة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (قائمة) نعت لأمة مرفوع مثله (يتلون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (آناء) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يتلون) ، (الليل) مضاف إليه مجرور، (الواو) حاليّة (هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يسجدون) مثل يتلون.
جملة: «ليسوا سواء» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من أهل الكتاب أمّة» لا محلّ لها استئناف بيانيّ أو تفسيريّة «2» .
__________
(1) والضمير يعود على أهل الكتاب المتقدّم ذكرهم.
(2) تبيّن كيفيّة عدم تساويهم.(4/280)
وجملة: «يتلون» في محلّ رفع نعت لأمّة أو في محلّ نصب حال.
وجملة: «هم يسجدون» في محلّ نصب حال من الواو في يتلون.
وجملة: «يسجدون» في محلّ رفع خبر المبتدأ هم.
الصرف:
(قائمة) ، مؤنّث قائم، اسم فاعل من قام يقوم باب نصر، وفيه إبدال حرف العلّة همزة بعد ألف فاعل اطرادا. (انظر الآية 18 سورة آل عمران) .
(آناء) ، جمع أنى بفتح الهمزة والنون، زنة عصا أو إنى بكسر الهمزة وفتح النون زنة معى أو أني بفتح فسكون زنة ظبي أو إني بكسر فسكون زنة حمل أو إنو بكسر والسكون مع الواو زنة جرو ... ففي آناء إعلال بالقلب حيث قلبت الياء- أو الواو- همزة لمجيئها متطرّفة بعد ألف ساكنة، وهو اسم جامد يدلّ على وقت أو زمن.
البلاغة
1- المجاز المرسل: في قوله تعالى «أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ» أي: وهم يصلون لأن التلاوة منهي عنها في السجود الحقيقي، فلا يصح المدح بما نهى عنه فعبّر بالجزء وهو السجود، وأراد الكل وهو الصلاة. فعلاقة المجاز هنا جزئية.
الفوائد
1- ليسوا سواء: يخبر ب «سواء» عن الواحد فما فوق، وهي بمعنى مستو، وتأتي «سواء» للتسوية وتأتي بعدها همزة التسوية نحو «سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» ويؤول ما بعد الهمزة بمصدر وتقديره هنا: إنذارك وعدمه سواء عليهم، فالمصدر مبتدأ وسواء خبر وتكون «سواء» بمعنى مستو إذا وصف بها المكان، والأفصح بها في هذه الحالة أن تقصر فتقول: فكان «سوى» على وزن «فعل» مثل ماء روى وقوم عدى.(4/281)
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)
[سورة آل عمران (3) : آية 114]
يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114)
الإعراب:
(يؤمنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يؤمنون) ، (الواو) عاطفة (اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (الآخر) نعت لليوم مجرور (الواو) في المواضع الثلاثة عاطفة (يأمرون بالمعروف، ينهون عن المنكر، يسارعون في الخيرات) مثل يؤمنون بالله وحروف الجرّ متعلّقة بالأفعال قبلها. (الواو) استئنافيّة (أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (من الصّالحين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ أولئك، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «يؤمنون بالله» في محلّ رفع نعت آخر لأمّة في الآية السابقة، أو في محلّ نصب حال من أمّة ...
وجملة: «يأمرون بالمعروف» معطوفة على جملة يؤمنون بالله تأخذ محلّها.
وجملة: «ينهون عن المنكر» معطوفة على جملة يؤمنون بالله تأخذ محلّها.
وجملة: «يسارعون في الخيرات» معطوفة على جملة يؤمنون بالله تأخذ محلّها.
وجملة: «أولئك من الصّالحين» لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 115]
وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (115)(4/282)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (116)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب مفعول به مقدّم (يفعلوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (من خير) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من (ما) ، أو هو تمييز له (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف نفي ونصب (يكفروا) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو ضمير في محلّ رفع نائب فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به بتضمين الفعل معنى يحرموا جزاءه. (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عليم) خبر مرفوع (بالمتّقين) جارّ ومجرور متعلّق بعليم.
جملة: «يفعلوا من خير» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافية في السابقة.
وجملة: «لن يكفروه» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «الله عليم» لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 116]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (116)
الإعراب:
(إن) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إن (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضم ... والواو فاعل (لن) حرف نفي ونصب (تغني) مضارع منصوب (عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تغني) ، (أموال) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (أولاد) معطوف على أموال مرفوع مثله و (هم) مثل السابق (من الله) جارّ ومجرور متعلّق(4/283)
مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)
بمحذوف حال من أموال أو أولاد بتقدير مضاف محذوف أي: بديلا من عذاب الله (شيئا) مفعول به منصوب «1» ، (الواو) عاطفة (أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (أصحاب) خبر مرفوع (النّار) مضاف إليه (هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خالدون) وهو الخبر المرفوع.
جملة: «إنّ الذين كفروا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لن تغني» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «أولئك أصحاب ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة لن تغني.
وجملة: «هم فيها خالدون» في محلّ نصب حال من أصحاب، والعامل فيه الإشارة.
[سورة آل عمران (3) : آية 117]
مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (117)
الإعراب:
(مثل) مبتدأ مرفوع (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (ينفقون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في) حرف جرّ (ها)
__________
(1) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته أي: لن تغني عنهم من الله إغناء يسيرا أو كثيرا.(4/284)
حرف تنبيه (ذه) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (ينفقون) ، (الحياة) بدل من ذه أو صفة له مجرور مثله (الدّنيا) نعت للحياة مجرور مثله وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (كمثل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (ريح) مضاف إليه مجرور (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (صرّ) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أصاب) فعل ماض و (التاء) للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (حرث) مفعول به منصوب (قوم) مضاف إليه مجرور (ظلموا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاء) حرف عطف (أهلك) مثل أصاب و (الهاء) مفعول به، والفاعل هي أي الريح (الواو) استئنافيّة- أو حاليّة- (ما) نافية (ظلمهم) فعل ماض ومفعوله (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك (أنفس) مفعول به مقدّم و (هم) ضمير مضاف إليه (يظلمون) مثل ينفقون.
جملة: «مثل ما ينفقون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ينفقون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «فيها صرّ» في محلّ جرّ نعت لريح.
وجملة: «أصابت ... » في محلّ جرّ نعت ثان لريح.
وجملة: «ظلموا ... » في محلّ جرّ نعت لقوم.
وجملة: «أهلكته» في محلّ جرّ معطوفة على جملة أصابت.
وجملة: «ما ظلمهم الله» لا محلّ لها استئنافيّة- أو في محلّ نصب حال من فاعل ظلموا.
وجملة: «يظلمون» معطوفة على جملة ما ظلمهم الله تأخذ محلها من الإعراب.(4/285)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)
الصرف:
(صرّ) حرّ شديد محرق أو برد شديد مهلك أو صوت لهيب النار تكون في الريح، من صرّ الشيء يصرّ باب ضرب، فهو اسم على وزن فعل بكسر فسكون، وقد يستعمل استعمال الصفة فيقال ريح صرّ أي ريح باردة.
البلاغة
1- التشبيه التمثيلي: فقد شبه ما أنفقوا في ضياعه وذهابه بالكلية من غير أن يعود إليهم نفع ما بحرث كفار ضربته صر فاستأصلته ولم يبق لهم فيه منفعة ما بوجه من الوجوه وهو من التشبيه المركب.
2-ِيها صِرٌّ»
صفة بمعنى بارد إلا أن موصوفه محذوف أي برد بارد فهو من الاسناد المجازي كظل ظليل.
3- التتميم: وهو أن يأتي المتكلم بكلمة إذا طرحت من الكلام نقص معناه في ذاته أو صفاته، والتتميم هنا في كلمةِيها صِرٌّ»
فإنها أفادت المبالغة كما أفادت التجسيد والتشخيص، كما تقول برد بارد وليلة ليلاء.
الفوائد
1- مرّ معنا ذكر التمثيل المشتمل على الحركة والتشخيص ويبدو هنا على أشده في قوله تعالى: َثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ»
وهكذا نجد أن الأسلوب القرآني قد استخدم وسائل كثيرة تخاطب عقول الناس مرة وحواسهم مرة وقد تجمع بين سائر ملكات السامع فذلك أدعى للاقناع وأقوى في التأثير، وهذا وجه يحسن تخصيصه ببحث ضاف يجلي فضائله ويوضح تأثيره.
[سورة آل عمران (3) : آية 118]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (118)(4/286)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض وفاعله (لا) ناهية جازمة (تتّخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (بطانة) مفعول به منصوب (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لبطانة و (كم) ضمير مضاف إليه، والمفعول الثاني محذوف، والتقدير أصفياء (لا) نافية (يألون) مضارع مرفوع. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به بتضمين يألونكم معنى يمنعونكم «1» ، (خبالا) مفعول به ثان منصوب بحسب التضمين السابق «2» ، (ودّوا) مثل آمنوا (ما) حرف مصدريّ (عنتّم) فعل ماض وفاعله.
والمصدر المؤول (ما عنتّم) في محلّ نصب مفعول به عامله ودّوا.
(قد) حرف تحقيق (بدت) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين والتاء للتأنيث (البغضاء) فاعل مرفوع (من أفواه) جارّ ومجرور متعلّق ب (بدت) ، و (هم) ضمير مضاف إليه، (الواو) عاطفة أو حالية (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
__________
(1) ألا في الأمر: إذا قصّر فيه، ثمّ استعمل متعدّيا إلى مفعولين في قولهم: لا آلوك نصحا أو جهدا على تضمين الفعل معنى أمنعك أو أنقصك.. (عن الزمخشري) .
(2) إذا لم يضمّن الفعل معنى الفعل المتعدّي فضمير الخطاب في يألونكم منصوب على نزع الخافض، وكذلك (خبالا) ، والتقدير: لا يألون لكم في الخبال ...
وأجازوا نصب (خبالا) على التمييز أو هو مصدر في موضع الحال، والفعل متعدّ لواحد وهذا اختيار العكبريّ.(4/287)
(تخفي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة (صدور) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (أكبر) خبر مرفوع (قد) مثل الأول (بيّنا) فعل ماض وفاعله (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (بيّنا) ، (الآيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط، والضمير (تم) اسم كان (تعقلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة النداء: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تتّخذوا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «لا يألونكم خبالا» لا محلّ لها استئنافيّة «1» .
وجملة: «ودّوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة «2» .
وجملة: «عنتّم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «بدت البغضاء ... » لا محلّ لها استئنافيّة «3» .
وجملة: «ما تخفي صدورهم» أكبر لا محلّ لها معطوفة على جملة بدت ... «4» .
__________
(1، 2، 3) هذا الإعراب اختيار أبي حيّان ... وأجازوا في هذه الجمل ومنهم ابن هشام أن تكون نعتا أو حالا بحسب ما يعود عليه الضمير فيها، ولكنّ أبا حيّان ردّ هذا التخريج فقال: ومن ذهب إلى أنها صفة للبطانة أو حال ممّا تعلّقت به (من) فبعيد عن فهم الكلام الفصيح لأنهم نهوا عن اتّخاذ بطانة كافرة، والتقييد بالوصف أو الحال يؤذن بجواز الاتخاذ عند انتفاء الأشياء التي نبّه إليها في الجمل.
(4) يجوز أن تكون الواو حالية والجملة في محلّ نصب حال بعدها. [.....](4/288)
وجملة: «تخفي صدورهم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «قد بيّنا لكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة- أو تعليلية-.
وجملة: «كنتم تعقلون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تعقلون في محلّ نصب خبر كنتم ... وجواب الشرط محذوف تقديره فلا توالوهم أو فلا تتّخذوا منهم أصدقاء.
الصرف:
(بطانة) ، الخاصة الذين يباطنهم المرء في الأمور، مشتقّة من البطن والباطن دون الظاهر وفعله من باب نصر وزنه فعالة بكسر الفاء، اسم جامد وهو اسم جمع لا مفرد له من لفظه.
(خبالا) ، مصدر بمعنى الفساد، وأصله ما يلحق الحيوان من مرض وفتور فيورثه فسادا أو اضطرابا، وفعله خبل يخبل من باب ضرب وهو بالتخفيف على وزن فعال بفتح الفاء أو بالتشديد.
(البغضاء) ، مصدر كالسرّاء والضرّاء من بغض يبغض باب نصر وباب كرم وباب فرح، وزنه فعلاء بفتح الفاء.
(أفواه) ، جمع فم وأصله فوه فلامه هاء، يدلّ على ذلك جمعه على ذلك وتصغيره فويه، وزنه فعل بضمّ فسكون ووزن أفواه أفعال.
(صدور) ، جمع صدر، اسم ذات جامد، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
1- «لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً» بطانة الرجل ووليجته من يعرفه أسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب كما شبه بالشعار قال صلى الله عليه وسلم: الأنصار شعار والناس دثار.
2- الانفصال: وهو أن يقول المتكلم ما يوهم أنه معلوم ظاهر، ولكنه ينطوي على أمر وراء ذلك، وهو أبعد غاية، وأسمى متناولا وذلك في قوله «مِنْ(4/289)
هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (119)
أَفْواهِهِمْ»
فإن المعلوم أن المرء يعبر عما يكنه بفمه، والانفصال في ذلك التسجيل عليهم بأنهم لا يتمالكون أن تند عن ألسنتهم ألفاظ تنم على الشعور بالبغضاء والموجدة.
3- الطباق: بين بدت وتخفي.
الفوائد
قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ» .
1- تقدم معنا أنه يتوصل ب «أي» إلى نداء المعرف بأل والأسماء الموصولة فتصبح أي هي المنادي والاسم الذي يليها يعرب بدلا منها، وتجوز البدلية على اللفظ كما تجوز على المحل، وأما فحوى الآية، فهو التحذير من موالاة اليهود لما كانوا يضمرون من الشر والكيد للمؤمنين ولعلّ هذه الآية تنطبق على حال المؤمنين في كل عصر، وهم بحاجة للعمل بمضمونها حيال كل معتد أثيم أو مغتصب دخيل. وقليل هم الذين يعملون بفحوى كلام الله ويعملون بمقتضاه.
[سورة آل عمران (3) : آية 119]
ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (119)
الإعراب:
(ها) حرف تنبيه (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (أولاء) اسم إشارة منادى معرفة مبنيّ على الضمّ المقدّر على آخره منع ظهوره حركة البناء الأصليّ في محلّ نصب «1» ، (تحبّون) مضارع
__________
(1) انظر الآية (85) من سورة البقرة، فثمّة أوجه أخرى في إعراب اسم الإشارة والجمل التي تليه.(4/290)
مرفوع ... والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (لا) نافية (يحبّونكم) مثل تحبّونهم (الواو) عاطفة (تؤمنون) مثل تحبّون (بالكتاب) جرّ ومجرور متعلّق ب (تؤمنون) ، (كلّ) توكيد معنوي للكتاب مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب قالوا في محلّ نصب (لقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (قالوا) مثل لقوا (آمنّا) فعل ماض وفاعله (الواو) عاطفة (إذا خلوا) مثل إذا لقوا.. والضمّ مقدّر على الألف المحذوفة قبل الواو لالتقاء الساكنين (عضّوا) مثل لقوا (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل عضوا أي حانقين عليكم (الأنامل) مفعول به منصوب (من الغيظ) جارّ ومجرور متعلّق ب (عضّوا) ومن للسببيّة. (قل) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (موتوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (بغيظ) جارّ ومجرور متعلّق ب (موتوا) والباء للسببيّة «1» ، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (عليم) خبر إنّ مرفوع (بذات) جارّ ومجرور متعلّق بعليم (الصّدور) مضاف إليه مجرور.
وجملة: «أنتم ... تحبّونهم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء: «أولاء» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «تحبّونهم» في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم.
وجملة: «لا يحبّونكم» في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: «تؤمنون ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة
__________
(1) يجوز أن يتعلّق بمحذوف حال تقديره متلبّسين بغيظكم.(4/291)
تحبّونهم.
وجملة: «لقوكم» في محلّ جرّ مضاف إليه.. وأداة الشرط وفعل الشرط وجوابه في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: «قالوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «آمنّا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «خلوا» في محلّ جرّ مضاف إليه.. وأداة الشرط وفعل الشرط وجوابه في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبّونهم.
وجملة: «عضّوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «موتوا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ الله عليم» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الأنامل) ، جمع أنملة، اسم جامد رأس الأصبع وزنه أفعلة بضمّ الهمزة وضمّ العين أو بفتحهما أو بكسرهما، وبضمّ الهمزة وفتح العين أو كسرها، وبفتح الهمزة وضمّ العين أو كسرها، وبكسر الهمزة وفتح العين- أي بتثليث الهمزة والعين- ويجوز جمعه على أنملات أيضا بتثليث الحرفين.
(الغيظ) ، مصدر سماعيّ لفعل غاظ يغيظ باب ضرب، واسم مصدر لفعل غيظ الرباعي المشدّد العين وأغاظ الرباعيّ وغايظ، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
1- «عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ» عض الأنامل عادة النادم الأسيف العاجز،(4/292)
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)
ولهذا أشير به إلى حال هؤلاء وليس المراد أن هناك عضا بالفعل وهذا على سبيل الكناية عن صفة.
(2) وفي الآية خروج الأمر عن معناه الحقيقي إلى معنى الدعاء عليهم بدوام الغيظ وزيادته بتضاعف قوة الإسلام وأهله إلى أن يهلكوا به أو باشتداده إلى أن يهلكهم.
الفوائد
- من غريب الإعراب ما ذهب إليه الكوفيون أن أسماء الإشارة إذا أريد منها التقريب أصبحت من أخوات كان ترفع الاسم وتنصب الخبر فيعربون اسم الإشارة اسما ناقصا والمرفوع اسم التقريب والمنصوب خبر التقريب، وقد يكون الحق في جانبهم إذ لكل مجتهد نصيب فاختر ما تراه أقرب إلى الحق.
[سورة آل عمران (3) : آية 120]
إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (تمسس) مضارع مجزوم فعل الشرط و (كم) ضمير مفعول به (حسنة) فاعل مرفوع (تسؤ) مضارع مجزوم جواب الشرط و (هم) ضمير متّصل مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الواو) عاطفة (تصبكم سيّئة) مثل تمسسكم حسنة (يفرحوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يفرحوا) ، (الواو) حرف عطف (إن تصبروا) حرف شرط جازم وفعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (تتّقوا) مثل تصبروا ومعطوف عليه (لا) نافية(4/293)
(يضرّ) مضارع مرفوع «1» والفاء مقدّرة و (كم) ضمير مفعول به (كيد) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (شيئا) مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب أي شيئا من الضرر (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول»
مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحيط (يعملون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (محيط) خبر إنّ مرفوع.
جملة: «تمسسكم حسنة» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تسؤهم» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «تصبكم سيّئة» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يفرحوا بها» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «تتّقوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة تصبروا.
وجملة: «لا يضرّكم كيدهم» في محلّ جزم جواب الشرط بتقدير الفاء «3» .
وجملة: «إنّ الله ... محيط» لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) هذا الإعراب هو خير ما نأخذ به في مثل هذا التعبير حين يأتي المضارع مرفوعا وهو جواب الشرط- وهو قول المبرّد- لأن هذه الفاء قد ترد في مواضع أخرى، كقوله تعالى: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً [الجنّ- 13] . أمّا سيبويه فيجعله مرفوعا لأنه دليل جواب الشرط على نيّة التقديم.
(2) أو حرف مصدريّ، المصدر المؤوّل في محلّ جرّ بالباء.
(3) الذي سوّغ جعل الجملة في محلّ جزم لا في محلّ رفع خبرا لمبتدأ محذوف كما هو المألوف- أنّ الجملة مسبوقة بحرف النفي (لا) ، وهذا يقارب سبق الفعل ب (لن) أو (ما) النافيتين حين اقتران الجملة بالفاء.(4/294)
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)
وجملة: «يعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ (ما) .
الصرف:
(كيد) مصدر سماعيّ لفعل كاد يكيد باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
(محيط) ، اسم من أحاط الرباعيّ وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين وسكّن حرف العلّة للثقل، وفي اللفظ إعلال، أصله محوط بسكون الحاء وكسر الواو، استثقلت الكسرة على الواو فنقلت حركتها إلى الحاء فأصبح محوط بكسر الحاء وسكون الواو، ثمّ قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها فأصبح (محيط) (انظر البقرة- 19) .
البلاغة
1- التعبير هنا بالمسّ مع الحسنة وبالإصابة مع السيئة لمجرد التفنن في التعبير على سبيل الاستعارة المكنية. وهذا من بديع الكلام الذي تتقطع دونه الأعناق.
الفوائد
1- قوله تعالى «لا يَضُرُّكُمْ» فهو مجزوم بجواب الشرط وقاعدة الفعل المضعف إذا جزم فلحركته ثلاثة أوجه: الأول أن يحرك حركة موافقة لحركة عين الفعل، الثاني أن يتحرك بالفتح لخفة الفتحة، وهناك قراءة ثالثة للفعل «يضركم» بكسر الضاد وظهور السكون على آخر الفعل. وهذه القراءة على «فك إدغام الفعل المضعف لدى جزمه» .
[سورة آل عمران (3) : آية 121]
وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (121)(4/295)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إذ) اسم ظرفيّ مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر. (غدوت) فعل ماض مبنيّ على السكون (التاء) فاعل، (من أهل) ، جارّ ومجرور متعلّق ب (غدوت) و (الكاف) ضمير مضاف إليه (تبوّئ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (المؤمنين) مفعول به أوّل منصوب «1» (مقاعد) مفعول به ثان منصوب (للقتال) جارّ ومجرور متعلّق ب (تبوّئ) «2» ، (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (سميع) خبر مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «غدوت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تبوّئ ... » في محلّ نصب حال من فاعل غدوت «3» .
وجملة: «الله سميع» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(مقاعد) ، جمع مقعد وهو اسم مكان من قعد يقعد باب نصر، وزنه مفعل بفتح الميم والعين لأن العين في مضارع مضمومة.
الفوائد
1- هناك بعض الأفعال يمكن أن تأتي ناقصة فترفع الاسم وتنصب الخبر ويمكن أن تأتي تامة فتكتفي بفاعلها ومنها الفعل «غد» فيمكن أن يستعمل بمعنى الذهاب بالصباح فيكون فعلا تاما. وقد يأتي بمعنى صار كقولك «لقد غدا فلان صديقا» «فيكون فلان اسمها وصديقا خبرها» .
__________
(1) أو هو منصوب على نزع الخافض وهو اللام، وقد ورد في قوله تعالى: وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ.
(2) أو بمحذوف نعت لمقاعد.
(3) وهي حال مقدّرة لاختلاف زمني الغدوّ والتبوّء، وقد تكون مقارنة أي قاصدا تبوّء المؤمنين مقاعد.(4/296)
إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)
[سورة آل عمران (3) : آية 122]
إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122)
الإعراب:
(إذ) اسم ظرفيّ في محلّ نصب بدل من إذ الوارد في الآية السابقة «1» ، (همّت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث (طائفتان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (طائفتان) ، (أن) حرف مصدري ونصب (تفشلا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... و (الألف) ضمير مبنيّ في محلّ رفع فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن تفشلا) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف هو الباء، والجارّ متعلّق ب (همّت) .
(الواو) استئنافيّة أو حاليّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (وليّ) خبر مرفوع و (هما) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (الواو) عاطفة (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتوكّل) «2» ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر «3» .
(اللام) لام الأمر (يتوكّل) مضارع مجزوم وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (المؤمنون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «همّت طائفتان» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تفشلا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
__________
(1) أو هو ظرف للزمن الماضي متعلّق بعليم في الآية السابقة.
(2) قدّم الجارّ هنا للاهتمام به.
(3) والتقدير: إن فشل بعض الناس فليتوكّل المؤمنون على الله.(4/297)
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)
وجملة: «الله وليّهما» لا محلّ لها استئنافيّة- أو في محلّ نصب حال-.
وجملة: «يتوكّل المؤمنون» جواب شرط مقدّر «1» ، وجملة الشرط المقدّرة معطوفة على جملة الله وليّهما.
[سورة آل عمران (3) : آية 123]
وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (123)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) واقعة في جواب قسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (نصر) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ببدر) جارّ ومجرور متعلّق ب (نصركم) والباء بمعنى في «2» (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (أذلّة) خبر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اتّقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجي و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تشكرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: «نصركم الله ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «أنتم أذلّة» في محلّ نصب حال.
وجملة: «اتّقوا الله» جواب شرط مقدّر «3» .
__________
(1) والتقدير: إن فشل بعض الناس فليتوكّل المؤمنون على الله.
(2) يجوز أن يتعلّق الجارّ بمحذوف حال من مفعول نصر أي: نصركم موجودين ببدر.
(3) أي: إن فعل الله بكم ذلك فاتّقوه. [.....](4/298)
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)
وجملة: «لعلّكم تشكرون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «تشكرون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(أذلّة) ، جمع ذليل، صفة مشبّهة من ذلّ يذلّ باب ضرب، وزنه فعيل، وثمّة جمعان آخران له هما: أذلّاء وذلال بكسر الذال.
البلاغة
1- «وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ» الكلام كناية عن قلة عددهم وعدتهم وما كان بهم من ضعف الحال، وذلك أنهم خرجوا على النواضح يعتقب النفر منهم على البعير الواحد، وما كان معهم إلا فرس واحد.
[سورة آل عمران (3) : آية 124]
إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ (124)
الإعراب:
(إذ) اسم ظرفيّ مبنيّ متعلّق ب (نصركم) في الآية السابقة «1» ، (تقول) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
__________
(1) يجوز أن يكون بدلا من قوله إِذْ هَمَّتْ في الآية (122) لأن القصّة فيهما واحدة على هذا الرأي ... وثمّة خلاف كبير بين المفسّرين في تفسير هذه الآية أنقل ملخّصا له من البحر المحيط لأبي حيّان، قال: ظاهر هذه الآية اتصالها بما قبلها لأنّها من قصة بدر وهو قول الجمهور فيكون (إذ) معمولا ل (نصركم) ، وقيل هذا من تمام قصة أحد فيكون قوله: ولقد نصركم الله ببدر معترضا بين الكلامين لما فيه من التحريض على التوكّل والثبات للقتال، وحجة هذا القول أنّ يوم بدر كان المدد فيه من الملائكة ألفا وهنا بثلاثة آلاف وخمسة آلاف ... وقال:
يأتوكم من فورهم أي الإمداد- يعني إمداد الكفار- ويوم بدر ذهب المسلمون إليهم.(4/299)
(للمؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق ب (تقول) وعلامة الجرّ الياء (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (لن) حرف نفي ونصب (يكفي) مضارع منصوب و (كم) ضمير مفعول به (أن) حرف مصدريّ ونصب (يمدّ) مضارع منصوب و (كم) ضمير مفعول به (ربّ) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يمدّكم ربّكم) في محلّ رفع فاعل يكفي.
(بثلاثة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يمدّكم) ، (آلاف) مضاف إليه مجرور «1» ، (من الملائكة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت للتمييز المقدّر وهو ملك (منزلين) حال من الملائكة منصوبة وعلامة النصب الياء «2» .
جملة: «تقول ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «لن يكفيكم ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يمدّكم ربّكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
الصرف:
(منزلين) ، جمع منزل- بفتح الزاي- اسم مفعول من أنزل الرباعيّ وزنه مفعل بضمّ الميم وفتح العين، وفي اللفظ حذفت الهمزة من أوله كما حذفت من الفعل.
الفوائد
- قوله تعالى: «أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ» الهمزة للاستفهام الاستنكاري وقد أحالت النفي إلى إيجاب وقد مرّ معنا أن الهمزة تخرج عن معناها الأصلي الذي وضعت له وهو
__________
(1) المعروف ان تميز المائة والألف ومضاعفاتهما هو مفرد مجرور بالاضافة، فلفظ العدد لا يكون منونا الّا بحذف المضاف اليه كهذه الآية، والتمييز المقدّر في هذه الآية: ثلاثة آلاف ملك من الملائكة.
(2) أي يمدّكم الله بالعون في حال هبوط الملائكة الى الأرض ...(4/300)
بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)
الاستفهام، ولتمكين ذلك من أذهان القراء نعود لتقرير ذلك بالتفصيل فهي ترد لثمانية معان:
1- همزة التسوية: وهي التي تكون ما بعد كلمة سواء أو ما في معناها يقع بعدها جملة يصح حلول المصدر محلها نحو: «سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ» 2- الإنكار الابطالي: وهي تقضي أن ما بعدها- إذا أزيل الاستفهام- غير واقع كقوله تعالى: أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً.
3- الإنكار التوبيخي وهي التي ما بعدها واقع وفاعله ملوم نحو: «أَتَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ» .
4- التقرير: وهو حملك المخاطب على الإقرار الاعترافي بأمر قد استقر عنده ثبوته أو نفيه.
5- التهكم نحو «قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا» 6- الأمر نحو: «أَأَسْلَمْتُمْ» أي أسلموا.
7- التعجب نحو: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ؟ 8- الاستبطاء نحو: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ؟!
[سورة آل عمران (3) : آية 125]
بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ (125)
الإعراب:
(بلى) حرف جواب إيجاب السؤال المنفيّ: ألن يكفيكم.. (إن) حرف شرط جازم (تصبروا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (تتّقوا) مثل تصبروا ومعطوف عليه (الواو) عاطفة (يأتوا) مثل تصبروا ومعطوف عليه و (كم) ضمير مفعول به (من فور) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتوا) ، و (هم)(4/301)
وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)
ضمير مضاف إليه (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جر نعت لفور أو عطف بيان له (يمدد) مضارع مجزوم جواب الشرط و (كم) ضمير مفعول به (ربّ) فاعل مرفوع و (كم) مضاف إليه (بخمسة آلاف من الملائكة) مثلها في الآية السابقة (مسوّمين) حال منصوبة من الملائكة، وعلامة النصب الياء.
جملة: «إن تصبروا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تتقوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تصبروا.
وجملة: «يأتوكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تصبروا.
وجملة: «يمددكم ربّكم» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
الصرف:
(الفور) ، مصدر سماعيّ لفعل فار يفور باب نصر بمعنى أسرع وعجل ومنه فارت القدر أي اشتدّ غليانها وسارع ما فيها إلى الخروج.. أو هو اسم بمعنى الوقت الآنيّ أو الحال التي لا بطء فيها، وزنه فعل بفتح فسكون.
(مسوّمين) ، جمع مسوّم- بكسر الواو- اسم فاعل من سوّم الرباعيّ المشدّد العين، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
الفوائد
1- بلى حرف جواب مثل نعم وأحرف الجواب هي:
«لا، نعم، بلى، إي، أجل، جلل، جير، إنّ» .
ولكل من هذه الأحرف خصائص يمكن أن نتعرض لها افراديا كلما حان حين اداة منها.
[سورة آل عمران (3) : آية 126]
وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (126)(4/302)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) نافية (جعل) فعل ماض، و (الهاء) ضمير مفعول به وهو الإمداد (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إلا) أداة حصر (بشرى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف «1» ، (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لبشرى (الواو) عاطفة (اللام) للتعليل (تطمئن) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام (قلوب) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من القلوب «2» .
والمصدر المؤوّل (أن تطمئنّ قلوبكم) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف دلّ عليه فعل جعل المذكور، أو معطوف على بشرى وقد جرّ باللام لاختلال شرط النصب.
(الواو) استئنافيّة (ما) نافية (النصر) مبتدأ مرفوع (إلّا) أداة حصر (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (العزيز) نعت لله مجرور مثله ومثله الحكيم.
جملة: «ما جعله الله ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة: «تطمئنّ قلوبكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «جعل المقدّرة» لا محلّ لها معطوفة على جملة جعله الظاهرة.
وجملة: «ما النّصر إلّا» لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو مفعوله لأجله إذا كان (جعل) متعدّيا لواحد.
(2) أو متعلّق ب (تطمئنّ) .(4/303)
لِيَقْطَعَ طَرَفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خَائِبِينَ (127)
[سورة آل عمران (3) : آية 127]
لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ (127)
الإعراب:
(اللام) للتعليل (يقطع) مضارع منصوب ب (إن) مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (طرفا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (طرفا) ، (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يقطع) في محلّ جرّ باللام متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به (من عند) في الآية السابقة، أي النّصر كائن من عند الله لقطع طرف من الذين كفروا «1» .
(أو) حرف عطف (يكبت) مثل يقطع ومعطوف عليه و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) عاطفة (ينقلبوا) مضارع منصوب معطوف على (يكبتهم) وعلامة النصب حذف النون..
والواو فاعل (خائبين) حال منصوبة وعلامة النصب الياء.
جملة: «يقطع ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ المقدّر (أن) .
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يكبتهم لا محلّ لها معطوفة على جملة يقطع وجملة: «ينقلبوا لا محلّ لها معطوفة على جملة يكبتهم.
الصرف:
(طرفا) ، اسم بمعنى طائفة أو قسم، وزنه فعل بفتحتين.
__________
(1) يجوز تعليقه بالمصدر (النصر) في الآية السابقة، أو بفعل مقدّر أي نصركم ليقطع أو أمدّكم أو بالفعل نصركم المذكور في الآية (123) وما بينهما اعتراض.(4/304)
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128)
(خائبين) ، جمع خائب، اسم فاعل من خاب يخيب باب ضرب وزنه فاعل، وفيه قلب حرف العلّة همزة بعد ألف فاعل اطّرادا.
البلاغة
«لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي ليهلك طائفة منهم بالقتل والأسر، فقد شبه من قتل منهم وتفرق بالشيء المقتطع الذي تفرقت أجزاؤه واختل نظامه وهذا من قبيل الاستعارة التصريحية التبعية.
[سورة آل عمران (3) : آية 128]
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (128)
الإعراب:
(ليس) فعل ماض ناقص جامد (اللام) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم للناقص (من الأمر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من شيء- نعت تقدّم على المنعوت- (شيء) اسم ليس مؤخّر مرفوع (أو) حرف عطف بمعنى إلى (يتوب) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد أو، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يتوب) ، (أو) عاطفة (يعذّب) مضارع منصوب معطوف على (يتوب) ، و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل هو (الفاء) تعليليّة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (ظالمون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّل (أن يتوب ... ) في محلّ رفع معطوف على شيء والتقدير: ليس شيء من أجلهم منك أو توبة عليهم من الله.(4/305)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)
جملة: «ليس لك من الأمر شيء» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يتوب ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ المقدّر (أن) .
وجملة: «يعذّبهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة يتوب.
وجملة: «إنّهم ظالمون» لا محلّ لها تعليليّة.
الفوائد
1- قوله تعالى: «أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ» منصوب بأن مضمرة جوازا بعد «أو» وقد اختصت «أن» من بين نواصب الفعل المضارع بأنها تنصب ظاهرة ومضمرة ونصبها مضمرة على وجهين «جائز وواجب» فأما الجائز فهو في ست مواضع أو بعد ستة أحرف، الأول لام كى وهي لام التعليل، والثاني لام العاقبة التي يكون ما بعدها علة لما قبلها، وتسمى لام الصيرورة ولام النتيجة، والثالث والرابع والخامس والسادس هي «الواو والفاء وثمّ وأو العاطفات» وشرط نصبه بعدهن بأن مضمرة: إذا لزم عطفه على اسم محض أي جامد غير مشتق. وأما كونها مضمرة وجوبا فهو بعد خمسة أحرف:
الأول: لام الجحود وسماها بعضهم لام النفي. والثاني فاء السببية. والثالث واو المعية. والرابع: حتى الجارة التي بمعنى إلى أو لام التعليل. الخامس أو التي يصح في موضعها «إلى أو إلّا» كقول الشاعر:
لاستسهلنّ الصعب أو أدرك المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر.
وكان بودّي أن استشهد لكل موضع من مواضع الجواز والوجوب لولا أن ذلك قد يخرجنا عن القصد والاعتدال فيما نحن بصدده.
[سورة آل عمران (3) : آية 129]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (129)(4/306)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر (في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما (الواو) عاطفة (ما في الأرض) مثل ما في السّموات ومعطوف عليه (يغفر) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يغفر) ، (يشاء) مثل يغفر (الواو) عاطفة (يعذّب من يشاء) مثل يغفر لمن يشاء، ومن مفعول به (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (غفور) خبر مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «لله ما في السّموات» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة: «يغفر ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يشاء (الأولى) » لا محلّ لها صلة الموصول (من) الأول.
وجملة: «يعذّب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يغفر.
وجملة: «يشاء (الثانية) لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة: «الله غفور» لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 130]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب ... وها التنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لأي- على المحلّ- أو بدل منه (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة(4/307)
الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الرّبا) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (أضعافا) مصدر في موضع الحال منصوبة (مضاعفة) نعت لأضعاف منصوب مثله (الواو) عاطفة (اتّقوا) أمر وفاعله (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (كم) ضمير اسم لعلّ (تفلحون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: يأيّها الذين ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: آمنوا ... لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تأكلوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «اتّقوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تأكلوا.
وجملة: «لعلّكم تفلحون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «تفلحون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(مضاعفة) ، مؤنّث مضاعف، اسم مفعول من ضاعف الرباعيّ وزنه مفاعل بضمّ الميم وفتح العين.
البلاغة
1- المجاز المرسل: في قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا» .
ومعنى لا تأكلوا الربا: لا تأخذوا الربا فعبّر بالأكل لأنه مسبب عن الأخذ فعلاقة المجاز هنا المسببية.
الفوائد
1- نبذة تاريخية: كان العرب في الجاهلية يقولون إذا حلّ أجل الدين إما أن تقضي وإما أن تربى فإن قضاه والا زاده في المدة وزاده الآخر في قدر الفائدة، وهكذا كل عام فربما تضاعف القليل حتى يصبح كثيرا مضاعفا.
وقد حارب الإسلام كل وسيلة تجعل المال دولة بين الأغنياء، مرة بتحريم الربا ومرة بتشجيع الإحسان والصدقات، ومرة بتحريم الاحتكار، إلى آخر ما هنالك من(4/308)
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
الوسائل التي تكون سببا للعدل وتحقيق المساواة بين أفراد المجتمع.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 131 الى 133]
وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ (131) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (132) وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اتّقوا النار) مثل اتّقوا الله في الآية السابقة (الّتى) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للنار (أعدّت) فعل ماض مبنيّ للمجهول ... والتاء للتأنيث، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هي (للكافرين) جار ومجرور متعلّق ب (أعدّت) وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «اتّقوا النّار» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تأكلوا الرّبا في الآية السابقة.
وجملة: «أعدّت ... » لا محلّ لها صلة الموصول (التي) .
(الواو) عاطفة (أطيعوا الله) مثل اتّقوا الله «1» ، (الواو) عاطفة (الرّسول) معطوفة على لفظ الجلالة منصوب مثله (لعلّكم ترحمون) مثل لعلّكم تفلحون «2» ، والفعل مبنيّ للمجهول ... والواو نائب فاعل.
جملة: «أطيعوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تأكلوا «3» .
وجملة: «لعلّكم ترحمون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «ترحمون» في محلّ رفع خبر لعلّ.
(الواو) عاطفة (سارعوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (إلى مغفرة) جارّ ومجرور متعلّق ب (سارعوا) ، (من ربّ) جارّ
__________
(1، 2، 3) في الآية (130) من هذه السورة.(4/309)
ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمغفرة و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (جنّة) معطوف على مغفرة مجرور مثله (عرض) مبتدأ مرفوع و (ها) ضمير مضاف إليه (السّموات) خبر مرفوع على حذف مضاف أي سعة السموات أو عرض السموات (الواو) عاطفة (الأرض) معطوف على السموات مرفوع مثله (أعدّت للمتّقين) مثل أعدّت للكافرين.
جملة: «سارعوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تأكلوا «1» .
جملة: «عرضها السموات..» في محلّ جرّ نعت لجنّة.
وجملة: «أعدّت..» في محلّ جرّ نعت ثان لجنّة «2» .
الصرف:
(عرضها) اسم ضد الطول أو مقابله وزنه فعل بفتح فسكون.. وانظر الآية (21) من سورة الحديد.
البلاغة
1- اشتملت هذه الآية الكريمة على فن جليل القدر وهو التنكيت في التشبيه، وحدّه أن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسد مسده لأجل نكتة، وإذا وقع في التشبيه فقد بلغ الغاية، وهو هنا في قوله تعالى «عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ» والمراد كعرض السموات والأرض والعرض أقصر الامتدادين، وفي ذكره دون ذكر الطول مبالغة، وزاد في المبالغة بحذف أداة التشبيه وتقدير المضاف.
الفوائد
(و) الجماعة: واو تتصل بالفعل للدلالة على الجمع. فتكون ضميرا متّصلا مبنيا على السّكون في محلّ رفع. لأنّها إمّا فاعل أو نائب فاعل، مثل: كتبوا يكتبون.
__________
(1) في الآية (130) من هذه السورة.
(2) أو في محلّ نصب حال من جنّة لأنها وصفت ... أو هي استئنافيّة لا محلّ لها.(4/310)
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
اكتبوا. سارعوا. ضربوا. ينصرون.
[سورة آل عمران (3) : آية 134]
الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
الإعراب:
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ نعت للمتّقين «1» ، (ينفقون) مضارع مرفوع. والواو فاعل (في السرّاء) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينفقون) على حذف مضاف أي في حال اليسر (الضرّاء) معطوف على السرّاء بحرف العطف مجرور مثله (الواو) عاطفة (الكاظمين) معطوف على اسم الموصول تبعه في إحدى حالتي الجرّ والنصب والياء علامة لهما (الغيظ) مفعول به لاسم الفاعل الكاظمين منصوب (الواو) عاطفة (العافين) معطوف على الكاظمين- أو على الموصول- مجرور أو منصوب (عن النّاس) جارّ ومجرور متعلّق بالعافين (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المحسنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «ينفقون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «الله يحبّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحبّ المحسنين» في محلّ رفع خبر المبتدأ الله.
__________
(1) يجوز أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره هم لأنه نعت مقطوع للمدح أو في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره أمدح.(4/311)
وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
الصرف:
(السرّاء) ، مصدر سماعيّ بمعنى المسرّة، والهمزة زائدة للتأنيث، وزنه فعلاء، والفعل سرّ يسرّ باب نصر.
(الكاظمين) ، جمع الكاظم، اسم فاعل من كظم يكظم باب ضرب، وزنه فاعل.
(العافين) ، جمع العافي، اسم فاعل من عفا يعفو باب نصر، وزنه فاعل، وفي الكلمة إعلال، أصلها العافو، جاءت الواو ساكنة- الحركة مقدّرة عليها- مكسور ما قبلها قلبت ياء، وفي لفظ العافين إعلال آخر هو حذف حرف العلّة لالتقاء الساكنين، سكون حرف العلّة الياء وسكون الياء علامة الإعراب.
[سورة آل عمران (3) : آية 135]
وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (الذين) معطوف على الموصول في الآية السابقة يأخذ محلّه من الإعراب (إذا) ظرف شرطيّ متعلّق بالجواب ذكروا (فعلوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (فاحشة) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (ظلموا) مثل فعلوا (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (ذكروا) مثل فعلوا (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (استغفروا) مثل فعلوا (لذنوب) جارّ ومجرور متعلّق ب (استغفروا) ، و (هم) مضاف إليه ضمير (الواو) اعتراضيّة أو حاليّة (من) اسم استفهام في معنى النفي في محلّ رفع مبتدأ (يغفر) مضارع مرفوع،(4/312)
والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الذنوب) مفعول به منصوب (إلا) أداة حصر (الله) لفظ الجلالة بدل من الضمير المستتر في (يغفر) مرفوع (الواو) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم وقلب (يصرّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (على) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يصرّوا) ، (فعلوا) مثل الأول (الواو) حاليّة) (هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يعلمون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «الشرط وفعله وجوابه.» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «فعلوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «ظلموا..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة فعلوا.
وجملة: «ذكروا..» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «استغفروا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب.
وجملة: «من يغفر..» لا محلّ لها اعتراضيّة «1» .
وجملة: «يغفر ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة: «لم يصرّوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب «2» .
وجملة: «فعلوا (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «هم يعلمون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «يعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
الصرف:
(فاحشة) ، مؤنّث الفاحش، وكذلك هي بمعنى الفحشاء..
وزنها فاعلة.
__________
(1) أو في محلّ نصب حال، لأن الاستفهام في معنى النفي فالجملة خبريّة لا إنشائيّة.
(2) يجوز أن تكون هذه الجملة حالا من الواو في (استغفروا) ، أي: استغفروا غير مصرّين.(4/313)
أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)
[سورة آل عمران (3) : آية 136]
أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (136)
الإعراب:
(أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (جزاء) مبتدأ ثان مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (مغفرة) خبر المبتدأ جزاء (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمغفرة و (هم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (جنّات) معطوف على مغفرة مرفوع مثله (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة (من تحت) جارّ ومجرور متعلّق ب (تجري) ، و (ها) ضمير مضاف إليه (الأنهار) فاعل مرفوع، (خالدين) حال من الضمير في (جزاؤهم) لأنه المفعول في المعنى، وعلامة النصب الياء (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخالدين (الواو) استئنافيّة (نعم) فعل ماض جامد لإنشاء المدح (أجر) فاعل نعم مرفوع (العاملين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره الجنّة.
جملة: «أولئك جزاؤهم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «جزاؤهم مغفرة» في محلّ رفع خبر المبتدأ أولئك.
وجملة: «تجري ... » الأنهار في محلّ رفع نعت لجنّات.
وجملة: «نعم أجرّ العاملين» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(العاملين) ، جمع العامل، اسم فاعل من عمل يعمل باب فرح، وزنه فاعل.
[سورة آل عمران (3) : آية 137]
قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُروا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (137)(4/314)
الإعراب:
(قد) حرف تحقيق (خلت) فعل ماض.. والتاء للتأنيث (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (خلت) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (سنن) فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (سيروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (سيروا) ، (الفاء) عاطفة (انظروا) مثل سيروا (كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب خبر مقدّم (كان) فعل ماض ناقص (عاقبة) اسم كان مرفوع (المكذّبين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «خلت سنن..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «سيروا..» جواب شرط مقدّر أي: إن شككتم فسيروا.
وجملة: «انظروا..» معطوفة على جملة سيروا..
وجملة: «كان عاقبة المكذّبين» في محلّ نصب مفعول به لفعل انظروا المعلّق بالاستفهام (كيف) ، وهذا المفعول مقيّد بالجار «1» .
الصرف:
(سنن) ، جمع سنّة بمعنى الطريقة والعادة من فعل سنّ يسنّ باب نصر وهو اسم على وزن فعلة بضمّ الفاء وسكون العين.
(عاقبة) ، مؤنّث عاقب بلفظ اسم الفاعل ومعنى المصدر أي الجزاء، وزنه فاعل من عقب يعقب باب نصر وباب ضرب وهو مصدر سماعيّ للفعل، وثمّة مصادر أخرى هي عقب بفتح فسكون وعقوبة بضمّ العين.
__________
(1) أي أن معنى الجارّ ملاحظ فيها لأنك تقول: فكّرت فيه وسألت عنه ونظرت فيه.. (انظر إعراب الجمل في المغني لابن هشام..) .(4/315)
هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)
البلاغة
1- إن الأمر بالسير والنظر وإن كان خاصّا بالمؤمنين لكن العمل بموجبه غير مختص بواحد دون واحد ففيه حمل للمكذبين أيضا على أن ينظروا في عواقب من قبلهم من أهل التكذيب ويعتبروا وهذا من قبيل المجاز والعلاقة في هذا المجاز ما يؤول إليه أمر السير في الأرض.
[سورة آل عمران (3) : آية 138]
هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)
الإعراب:
(ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (بيان) خبر مرفوع (للناس) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لبيان «1» ، (الواو) عاطفة في الموضعين (هدى، موعظة) معطوفان على بيان مرفوعان مثله، وعلامة الرفع في هدى الضمّة المقدّرة على الألف (للمتّقين) جارّ ومجرور متعلّق ب (هدى) أو بموعظة فهما مصدران.
والجملة ... لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(بيان) مصدر سماعيّ لفعل بان يبين باب ضرب وزنه فعال بفتح الفاء، وثمّة مصادر أخرى هي تبيان بفتح التاء وكسرها.
[سورة آل عمران (3) : آية 139]
وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تهنوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (لا تحزنوا) مثل لا تهنوا (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (الأعلون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون في محلّ جزم
__________
(1) أو متعلّق ببيان فهو مصدر. [.....](4/316)
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)
فعل الشرط ... و (تم) ضمير اسم كان (مؤمنين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «لا تهنوا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا تحزنوا» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «أنتم الأعلون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «كنتم مؤمنين» لا محلّ لها استئنافيّة ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله. أي: فلا تهنوا ولا تحزنوا ...
الصرف:
(تهنوا) ، فيه إعلال بالحذف، أصله توهنوا جرى فيه الحذف مجرى وجد ووصل في المضارع وزنه تعلوا.
(الأعلون) ، فيه إعلال بالحذف، حذف حرف العلّة الألف لمجيئه ساكنا قبل الواو الساكنة ثمّ فتح ما قبل الواو دلالة على الألف المحذوفة، وزنه الأفعون بفتح العين.
[سورة آل عمران (3) : آية 140]
إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (140)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (يمسس) مضارع مجزوم فعل الشرط و (كم) ضمير مفعول به (قرح) فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (مسّ) فعل ماض (القوم) مفعول به مقدّم منصوب (قرح) فاعل مرفوع (مثل) نعت لقرح مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه. (الواو) استئنافيّة (تي) اسم اشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الأيام) بدل من تلك تبعه في حال(4/317)
الرفع (نداول) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم، و (ها) ضمير مفعول به (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (نداول) ، (الناس) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (اللام) للتعليل (يعلم) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام (الله) فاعل مرفوع (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يعلم الله) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (نداولها) ، وهذا الجارّ معطوف على جارّ مقدّر أي: ليتّعظوا وليعلم الله ...
(الواو) عاطفة (يتّخذ) مضارع منصوب معطوف على فعل يعلم، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يتّخذ) «1» ، (شهداء) مفعول به منصوب (الواو) اعتراضيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الظالمين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «يمسسكم قرح» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قد مسّ القوم قرح» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء «2» .
__________
(1) أو متعلّق بمحذوف حال من شهداء- نعت تقدّم على المنعوت-
(2) قال أبو حيّان في البحر: «جواب الشرط محذوف تقديره فتأسّوا فقد مسّ.. لأن الماضي معنى يمتنع أن يكون جوابا للشرط، ومن زعم أن جواب الشرط هو فقد مسّ.. فهو ذاهل» أهـ. هذا الاعتراض لا مسوّغ له لأن الجملة قد اقترنت بالفاء وسبق الفعل بقد التي تقرّبه من الحال القريب من الاستقبال.(4/318)
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (141)
وجملة: «تلك الأيام نداولها» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نداولها ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ تلك «1» .
وجملة: «يعلم الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول، (الذين) .
وجملة: «يتّخذ ... » في محلّ لها معطوفة على جملة يعلم.
وجملة: «الله لا يحبّ الظالمين» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «لا يحبّ الظالمين» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(قرح) ، مصدر سماعيّ لفعل قرحته أقرحه باب فرح، وزنه فعل بفتح فسكون.
الفوائد
1- وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ.
أجاز بعضهم إعراب «الأيام» خبرا لاسم الاشارة «تلك» التي هي في محلّ رفع مبتدأ. والخطأ بيّن في هذا الاتجاه، لأن الاسم المعرف ب «ال» بعد اسم الإشارة لا يعرب إلا عطف بيان أو بدل وفي ذلك يقول ابن مالك:
وكل اسم معرّف بأل ... بعد اسم إشارة فعطف أو بدل
وفي هذه الآية إعراب الأيام على البدلية هو الوجه الواضح والصحيح وفيه انسياق المعنى ووضوحه.
[سورة آل عمران (3) : آية 141]
وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكافِرِينَ (141)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ليمحّص ... آمنوا) مثل ليعلم الله الذين آمنوا في الآية السابقة.
__________
(1) يجيز بعضهم أن تكون الجملة حالا، وخبر المبتدأ لفظ الأيام.(4/319)
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)
والمصدر المؤوّل (أن يمحص الله) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به ليعلم في الآية السابقة فهو معطوف عليه.
(الواو) عاطفة (يمحق) مضارع منصوب معطوف على يمحّص، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الكافرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «يمحّص الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يمحق ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يمحّص.
[سورة آل عمران (3) : آية 142]
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142)
الإعراب:
(أم) هي المنقطعة بمعنى بل (حسبتم) فعل ماض مبنيّ على السكون و (تم) ضمير فاعل (أن) حرف مصدريّ ونصب (تدخلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (الجنّة) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن تدخلوا ... ) في محلّ نصب مفعول به أوّل لفعل حسب «1» . أمّا المفعول الثاني فمحذوف، والتقدير حسبتم دخولكم الجنّة حاصلا.
(الواو) حاليّة (لمّا) حرف نفي وجزم وقلب (يعلم) مضارع مجزوم وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (جاهدوا) فعل ماض مبنيّ
__________
(1) أو سدّ مسدّ مفعولي حسب- على رأي سيبويه.-(4/320)
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)
على الضمّ ... والواو فاعل (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من الفاعل (الواو) واو المعيّة (يعلم) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد واو المعيّة «1» ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الصابرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّل (أن يعلم) معطوف على مصدر متصيّد من الكلام قبله، أي ... وليس ثمّة علم بمن جاهد وعلم بمن صبر.
جملة: «حسبتم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تدخلوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يعلم الله ... » في محلّ نصب حال أي أحسبتم أن تدخلوا الجنّة وحالكم هذه الحالة «2» .
وجملة: «جاهدوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يعلم الصابرين» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المقدّر.
[سورة آل عمران (3) : آية 143]
وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (143)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اللام) واقعة في جواب قسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون.. وتم ضمير اسم كان (تمنّون) مضارع مرفوع- حذف منه احدى التاءين-
__________
(1) شذور الذهب لابن هشام ... وخرّج بعضهم الفتحة بقوله: ان الفعل مجزوم- ليس منصوبا- عطفا على يعلم الأول، وحرّك بالفتح لالتقاء الساكنين لأن الفتحة أخفّ الحركات.
(2) انظر شذور الذهب لابن هشام ص 375 طبعة ثالثة.(4/321)
والواو فاعل (الموت) مفعول به منصوب (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (تمنّون) ، (أن) حرف مصدريّ ونصب (تلقوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن تلقوه) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(الفاء) عاطفة (قد) مثل الأول (رأيتم) فعل ماض وفاعله- والرؤية بصريّة أو قلبيّة- «1» ، و (الواو) زائدة من إشباع ضمّة الميم و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) حاليّة «2» ، (أنتم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (تنظرون) مثل تمنّون.
جملة: كنتم تمنّون ... لا محلّ لها جواب قسم مقدّر ... والقسم معطوف على الاستئنافيّة في الآية السابقة.
وجملة: «تمنّون الموت» في محلّ نصب خبر كنتم.
وجملة: «تلقوه» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «رأيتموه» لا محلّ لها معطوفة على جملة كنتم تمنّون.
وجملة: «أنتم تنظرون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «تنظرون» في محلّ رفع خبر المبتدأ أنتم.
الصرف:
(تمنّون) ، فيه حذف إحدى التاءين تخفيفا وأصله تتمنّون، وفيه إعلال بالحذف أيضا، حذف منه لامه وهو الألف لمجيئه ساكنا قبل واو الجماعة الساكن، وفتح ما قبل الواو دلالة على الألف.
__________
(1) قال أبو حيّان: قوله تنظرون بعد قوله رأيتموه أن الرؤية هنا قلبيّة، والمفعول الثاني محذوف تقديره حاضرا. والرؤية البصريّة للموت تكون برؤية آثاره، والفعل ينصب مفعولا واحدا.
(2) إن كان المعنى: تنظرون في فعلكم الآن بعد انقضاء الحرب فالواو استئنافيّة والجملة مستأنفة بعده(4/322)
وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)
وزنه تفعّون.
(تلقوه) ، فيه اعلال بالحذف جرى فيه مجرى (تمنّون) (انظر الآية 37 من سورة آل عمران) .
[سورة آل عمران (3) : آية 144]
وَما مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (144)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (ما) نافية مهملة (محمّد) مبتدأ مرفوع (إلّا) أداة حصر (رسول) خبر المبتدأ مرفوع (قد) حرف تحقيق (خلت) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والتاء للتأنيث (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (خلت) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الرسل) فاعل مرفوع (الهمزة) للاستفهام الإنكاري (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (مات) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أو) حرف عطف (قتل) ماض مبنيّ للمجهول في محلّ جزم معطوف على مات، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (انقلب) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم جواب الشرط و (تم) ضمير فاعل (على أعقاب) جارّ ومجرور متعلّق ب (انقلبتم) و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (ينقلب) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على عقبي) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينقلب) وعلامة الجرّ الياء و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف نفي ونصب (يضرّ)(4/323)
مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (شيئا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر أي لن يضرّه شيئا من الضرر. (الواو) استئنافيّة (السين) حرف استقبال (يجزي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الشاكرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «ما محمّد إلّا رسول» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلت ... الرسل» في محلّ رفع نعت لرسول.
وجملة: «إن مات ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «قتل ... » لا محلّ لها معطوفة على مات.
وجملة: «انقلبتم..» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «من ينقلب ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة- أو استئنافيّة.
وجملة: «ينقلب ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «لن يضرّ الله» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «سيجزي الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(محمّد) ، اسم علم مشتق من الحمد على وزن اسم المفعول من (حمّد) الرباعي وزنه مفعّل بضمّ الميم وفتح العين المشددة.
البلاغة
1- في قوله تعالى «وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ» فن القصر وهو في اللغة الحبس، وفي الاصطلاح تخصيص أحد أمرين على الآخر ونفيه عما عداه وهو يقع للموصوف على الصفة وبالعكس والآية من النوع الأول أي
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا(4/324)
وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)
قد خلت من قبله أمثاله فسيخلو كما خلوا. والقصر قلبي فإنهم لما انقلبوا على أعقابهم فكأنهم اعتقدوا أنه عليه الصلاة والسلام رسول لا كسائر الرسل في أنه يخلو كما خلوا، ويجب التمسك بدينه بعده كما يجب التمسك بدينهم بعدهم فرد عليهم بأنه ليس إلا رسولا كسائر الرسل، فسيخلو كما خلوا، ويجب التمسك بدينه كما يجب التمسك بدينهم وقيل هو قصر إفراد فإنهم لما استعظموا عدم بقائه عليه الصلاة والسلام لهم نزلوا منزلة المستبعدين لهلاكه، كأنهم يعتقدون فيه وصفين الرسالة والبعد عن الهلاك، فرد عليهم بأنه مقصور على الرسالة لا يتجاوزها إلى البعد عن الهلاك.
[سورة آل عمران (3) : آية 145]
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلاً وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الدُّنْيا نُؤْتِهِ مِنْها وَمَنْ يُرِدْ ثَوابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْها وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ (145)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (لنفس) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان مقدم (أن) حرف مصدري ونصب (تموت) مضارع منصوب والفاعل ضمير مستتر تقديره هي.
والمصدر المؤوّل (أن تموت) في محلّ رفع اسم كان.
(الّا) أداة حصر (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل تموت «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (كتابا) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره كتب ذلك (مؤجلا) نعت منصوب (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يرد) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ثواب) مفعول به منصوب
__________
(1) أي تموت منتهيا أجلها بإذن الله.(4/325)
(الدنيا) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (نؤت) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نؤته) (الواو) عاطفة (من يرد ... نؤته منها) مثل المتقدّمة (الواو) عاطفة (السين) حرف استقبال (نجزي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل نحن للتعظيم (الشاكرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «ما كان لنفس أن تموت» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة: «تموت» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «من يرد» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يرد ثواب ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «نؤته منها» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «من يرد (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة من يرد (الأولى) .
وجملة: «يرد ثواب (الثانية) » في محلّ رفع خبر (من) «2» .
وجملة: «نؤته (الثانية) » لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «سنجزي ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
الصرف:
(كتابا) ، مصدر سماعيّ فعله كتب يكتب باب نصر بمعنى فرض وقضى، وزنه فعال بكسر الفاء.
(مؤجلا) ، اسم مفعول من فعل أجّل الرباعيّ، وزنه مفعّل بضمّ
__________
(1، 2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(4/326)
وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
الميم وفتح العين المشدّدة.
(ثواب) ، اسم مصدر من فعل أثاب أو ثوّب الرباعيين، وزنه فعال بفتح الفاء، أو هو اسم لما يثاب به.
(يرد) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم وأصله يريد، والياء منقلبة عن واو لأن مجرّده راد يرود، مضارعه في الرباعيّ أصله يرود بسكون الراء وكسر الواو، استثقلت الحركة على الواو ونقلت إلى الراء، أصبح ما قبل الواو مكسورا فقلبت الواو إلى الياء فقيل يريد.. ووزن يرد يفل بضمّ ياء المضارعة.
(نؤته) ، فيه حذف الهمزة من أوّله للتخفيف، جرى فيه مجرى ننفق، وأصله نؤأته كما كان نؤنفق، وفيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم وأصله نؤتيه، وزنه نفعه بضمّ النون وكسر العين (البقرة- 247) .
[سورة آل عمران (3) : آية 146]
وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (كأيّ) اسم كناية عن عدد مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (من نبيّ) جارّ ومجرور تمييز (قاتل) فعل ماض (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (قاتل) و (الهاء) ضمير مضاف إليه (ربّيّون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو «1» ، (كثير) نعت ل (ربّيّون) مرفوع مثله «2» ، (الفاء) عاطفة (ما) نافية (وهنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.
__________
(1) يجوز أن يكون فاعل قاتل ضميرا مستترا تقديره هو يعود على نبيّ، وحينئذ يكون (ربّيّون) مبتدأ مؤخّر خبره الظرف معه، والجملة في محلّ نصب حال من الضمير الفاعل في قاتل.
(2) بقي (كثير) مفردا لأنه صفة على وزن فعيل يستوي فيه الأفراد والجمع.(4/327)
والواو فاعل (اللام) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (وهنوا) «1» ، (أصاب) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، (هم) ضمير في محلّ نصب مفعول به (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أصابهم) «2» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما ضعفوا) مثل ما وهنوا (الواو) عاطفة (ما استكانوا) مثل ما وهنوا (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الصابرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «كأيّ من نبيّ قاتل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قاتل معه ربّيّون» في محلّ رفع خبر المبتدأ كأيّ «3» .
وجملة: «ما وهنوا» في محلّ رفع معطوفة على جملة قاتل «4» .
وجملة: «أصابهم ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «ما ضعفوا» في محلّ رفع معطوفة على جملة ما وهنوا.
وجملة: «ما استكانوا» في محلّ رفع معطوفة على جملة ما وهنوا.
وجملة: «الله يحبّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) يجوز أن تكون (ما) نكرة موصوفة في محلّ جرّ والجملة بعدها نعت لها. [.....]
(2) أو متعلّق بمحذوف حال من ضمير الغائب في (أصابهم) ، أي أصابهم مجاهدين في سبيل الله.
(3) يجوز أن تكون الجملة نعتا لنبيّ في محلّ جرّ، وخبر كأيّ جملة معه ربّيّون ... أو الخبر محذوف تقديره مضى أو صبر ... إلخ وجملة معه ربّيّون تصبح نعتا ثانيا لنبيّ.
(4) هذه الجملة تأخذ محلا من الإعراب، كما تأخذ الجملة المعطوف عليها وهي جملة قاتل في الحالة الأخرى الواردة في الحاشية رقم (5) .(4/328)
وجملة: «يحبّ الصابرين» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(كأيّ، كأيّن) ، من غير نون أو بنون، كناية عن عدد يرجع إلى أحوالها المختلفة والآراء الكثيرة حولها إلى كتب النحو ومراجع اللغة.
(ربّيّون) ، جمع ربّي منسوب إلى الربّ، وقيل هو منسوب إلى الربة بكسر الراء وهي الجماعة.
(وانظر الآية 79 من هذه السورة) .
(استكانوا) ، فيه إعلال بالقلب أصله استكينوا بفتح الياء ثمّ نقلت حركتها إلى الكاف ثمّ قلبت ألفا لتحركها في الأصل.
الفوائد
1- «كأي» مثل كم الخبرية معنى، نحو «وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» وهي في الأصل مركبة من كاف التشبيه و «أيّ» ولأن التنوين صار جزءا من تركيبها كتبت بالنون، فهي الآن كلمة واحدة، ويجوز أن تكتب «كأيّ» بحسب أصلها وفيها لغة اخرى حيث تلفظ «كأين» كقول الشاعر:
وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
وهي بمعنى «كم» وتوافقها في خمسة أمور: الإبهام، ولافتقار إلى التمييز، والبناء، ولزوم التصدير، وإفادة التكثير وهو الغالب كقوله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ وتخالفها في خمسة أمور:
إحداها: إن كأين مركبة وكم بسيطة. الثاني: أن مميزها مجرور ب «من» غالبا كما مرّ في الآية وقبلها «وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا» الثالث: أنها لا تقع استفهامية عند الجمهور. الرابع: أنها لا تقع مجرورة. الخامس: أن خبرها لا يقع مفردا بل جملة كما مرّ في الآيات المذكورة.(4/329)
وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147)
[سورة آل عمران (3) : آية 147]
وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (قول) خبر كان مقدم منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (إلّا) أداة حصر (أن) حرف مصدريّ (قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن قالوا ... ) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
(ربّ) منادى مضاف منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه (اغفر) فعل أمر دعائيّ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (اغفر) (ذنوب) مفعول به منصوب (نا) مضاف إليه (الواو) عاطفة (إسراف) معطوف على ذنوب منصوب مثله و (نا) مضاف إليه (الواو) عاطفة (ثبّت أقدامنا) مثل اغفر ... ذنوبنا (الواو) عاطفة (انصر) مثل اغفر و (نا) ضمير مفعول به (على القوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (انصرنا) ، (الكافرين) نعت للقوم مجرور مثله وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «ما كان قولهم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة ما وهنوا في الآية السابقة.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «النداء وما في حيّزها» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ثبّت» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «انصرنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
الصرف:
(إسراف) ، مصدر قياسيّ لفعل أسرف الرباعيّ وزنه إفعال بكسر الهمزة.(4/330)
فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
الفوائد
1- وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا» في إعراب هذه الفقرة قولان:
أحدها: أن «قولهم» خبر كان المقدم. واسم كان هو المصدر المؤول من أن والفعل والثاني: هو العكس، فقولهم هو المبتدأ «اسم كان» ، والمصدر المؤول من «أن والفعل» في محلّ نصب خبرها، ولا أدري ما الذي جعل الجمهور باستثناء ابن كثير وعاصم أن يتجهوا إلى الرأي الأول مع لزوم التقديم والتأخير، مع أن الرأي الثاني في غناء عن التقديم والتأخير، وعليه يتسق المعنى ويزداد وضوحا.
[سورة آل عمران (3) : آية 148]
فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة تربط السبب بالمسبّب (آتى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و (هم) ضمير متّصل مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ثواب) مفعول به ثان منصوب (الدنيا) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (حسن) معطوف على ثواب منصوب مثله (ثواب) مضاف إليه مجرور (الآخرة) مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (المحسنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «آتاهم الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله يحبّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحبّ المحسنين» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
[سورة آل عمران (3) : آية 149]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (149)(4/331)
بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (وها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل من أيّ- تبعه في المحلّ- أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (إن) حرف شرط جازم (تطيعوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الذين) في محلّ نصب مفعول به (كفروا) مثل آمنوا (يردّوا) مضارع مجزوم جواب الشرط، وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (على أعقاب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يردّوكم) ، (كم) مضاف إليه (الفاء) عاطفة (تنقلبوا) مضارع مجزوم معطوف على يردّوا ...
والواو فاعل (خاسرين) حال منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إن تطيعوا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «يردّوكم» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «تنقلبوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
[سورة آل عمران (3) : آية 150]
بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ (150)
الإعراب:
(بل) حرف إضراب (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (مولى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ(4/332)
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
(خير) خبر مرفوع (الناصرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة: «الله مولاكم» لا محل لها استئنافيّة.
وجملة: «هو خير الناصرين» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 151]
سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ (151)
الإعراب:
(السين) حرف استقبال (نلقي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق ب (نلقي) ، (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ...
والواو فاعل (الرعب) مفعول به منصوب (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ (أشركوا) مثل كفروا (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (أشركوا) .
والمصدر المؤوّل (ما أشركوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (نلقي) .
(ما) اسم موصول «1» مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (لم) حرف نفي وقلب وجزم (ينزّل) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ينزّل) ، (سلطانا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (مأوى) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف و (هم) ضمير مضاف إليه (النار) خبر مرفوع (الواو) استئنافيّة (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ (مثوى) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (الظالمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء، والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره النار.
__________
(1) أو نكرة موصوفة، والجملة في محلّ نصب نعت لها.(4/333)
جملة: «سنلقي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «أشركوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «ينزّل ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «مأواهم النار» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «بئس مثوى الظالمين» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الرعب) ، مصدر سماعيّ لفعل رعب يرعب باب فتح وزنه فعل بضمّ الفاء، وثمّة مصدر آخر بفتحها.
(سلطان) ، قد جرى مجرى المصدر فلم يجمع فهو اسم بمعنى الحجّة والبرهان، واشتقاقه من السليط وهو ما يضاء به ... وكلّ سلطان في القرآن حجّة، وزنه فعلان بضمّ الفاء.
(مأوى) ، اسم مكان على وزن مفعل بفتح الميم والعين لأنه ناقص، وفيه إعلال أصله مأوي.
(مثوى) ، اسم مكان على وزن مفعل بفتح الميم والعين لأنه ناقض وفيه إعلال أصله مثوي.
البلاغة
1- الالتفات: في قوله تعالى «سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا» حيث عبر بنون العظمة على طريق الالتفات من الغيبة إلى التكلم، جريا على سنن الكبرياء لتربية المهابة.
2- الاستعارة: في قوله «سنلقي» حيث ألقى الله في قلوبهم الرعب يوم أحد فانهزموا إلى مكة من غير سبب، ولهم القوة والغلبة فاستعير الإلقاء هنا للرعب تجسيدا وتشخيصا بتنزيل المعنوي منزلة المادي.(4/334)
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)
الفوائد
1-
ورد في الأثر: عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي. نصرت بالرعب مسيرة شهر، وجعلت الأرض لي مسجدا وطهورا، وأحلّت لي الغنائم، وأعطيت الشفاعة، وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة، وبعثت إلى الناس عامة. «رواه الشيخان» البخاري ومسلم.
[سورة آل عمران (3) : آية 152]
وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) واقعة في جواب قسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (صدق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به أوّل (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (وعد) مفعول به ثان منصوب والهاء) ضمير مضاف إليه (إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة متعلّق ب (صدقكم) ، (تحسّون) مضارع مرفوع والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق ب (تحسّون) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (حتّى) حرف ابتداء «1» ، (إذا) ظرف للزمن للزمن المستقبل متضمّن
__________
(1) أجازوا أن يكون حرف غاية وجرّ متعلّق بمحذوف تقديره دام، أو بفعل تحسّونهم أي: تحسّونهم إلى وقت فشلكم أو دام لكم ذلك إلى وقت فشلكم.. وإذا في هذه الحال بمعنى إذ.(4/335)
معنى الشرط «1» متعلّق بالجواب «2» ، (فشلتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (تنازعتم) مثل فشلتم (في الأمر جارّ ومجرور متعلّق ب (تنازعتم) ، (الواو) عاطفة (عصيتم) مثل فشلتم (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (عصيتم) (ما حرف مصدريّ (أرى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر و (كم) ضمير مفعول به أوّل والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به ثان (تحبّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما أراكم ... ) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (الدنيا) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (منكم من يريد الآخرة) مثل نظيرتها المتقدّمة، (ثمّ) حرف عطف (صرفكم) مثل صدقكم (عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (صرفكم) ، (اللام) للتعليل (يبتلي) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل هو.
والمصدر المؤوّل (أن يبتليكم) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (صرفكم) .
__________
(1) يجوز أن يكون إذا بمعنى إذ ولا جواب حينئذ لها.
(2) في تقدير الجواب أقوال: قيل هو انهزمتم، وقيل منعكم نصره، وقيل امتحنتم، وقيل بان لكم أمركم.. واختار أبو حيّان أن يكون الجواب المحذوف انقسمتم إلى قسمين.. ويدلّ عليه ما بعده.(4/336)
(الواو) استئنافيّة (لقد) مثل الأول (عفا) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عنكم) مثل عنهم متعلّق ب (عفا) ، (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (ذو) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (فضل) مضاف إليه مجرور (على المؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق بفضل، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «صدقكم الله ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «تحسّونهم» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «فشلتم..» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تنازعتم..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة فشلتم.
وجملة: «عصيتم» في محلّ جرّ معطوفة على جملة فشلتم.
وجملة: «أراكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «تحبّون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «منكم من يريد..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو اعتراضيّة.
وجملة: «يريد الدنيا» لا محلّ لها صلة الموصول (من) الأول.
وجملة: «منكم من يريد (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على الجملة الأولى.
وجملة: «يريد الآخرة» لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة: «صرفكم عنهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط المقدّرة.
وجملة: «عفا عنكم» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، وهذا القسم معطوف على القسم الوارد في مفتتح الآية.. أو مستأنف.(4/337)
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153)
وجملة: الله ذو فضل.. لا محلّ لها استئنافيّة فيها معنى التعليل.
الصرف:
(وعد) ، مصدر سماعيّ لفعل وعد يعد باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
الفوائد
1- «حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ» يمكن أن تحمل «حتى» على معنيين، الأول اعتبارها حرف غاية وجر، وهو الأقوى، ولدى أصحاب هذا الرأي يمكن استبدالها ب «إلى» ولا يتغير المعنى، أي إلى أن فشلتم وتنازعتم. وعلى هذا الرأي يجوز تعليقها مع مجرورها بفعل تحسونهم، كما يجوز تعليقهما بفعل «صدقكم» . والوجه الأول أقوى لأن استمرار نصر المسلمين إلى وقت فشلهم ومنازعتهم أقرب للمنطق والعقل من أن نقول إن استمرار وعد الله لهم توقف عند فشلهم ونزاعهم فتأمل.
وأما الرأي الثاني في معنى «حتى» : أن تكون ابتدائية تقدمت الجملة الشرطية «إذا فشلتم» . ويبدو أن الرأي الأول أقوى ويغنينا عن الرأي الثاني ولو كان جائزا..
2- «لكيلا» ذهب النحاة بشأن «كي» إلى مذهبين:
الأول: انها تنصب الفعل بنفسها، فهي في قوة «أن» في نصب الفعل المضارع، الثاني: أن تكون حرف جرّ بمنزلة اللام، وينصب الفعل بعدها ب «أن» مضمرة كما تضمر «أن» بعد اللام وتنصب الفعل المضارع.
ملاحظة هامة: إذا اعتبرناها بمنزلة «أن» جاز دخول اللام عليها نحو «لكيلا تحزنوا على ما فاتكم» وإذا اعتبرناها حرف جرّ جاز دخولها على الأسماء كدخول حرف الجر، مثال ذلك دخولها على «ما» الاستفهامية نحو «كيمه» ؟ على غرار «لم وبم وعمّ» فتحذف الألف في حالة الاستفهام وتدخل عليها الهاء في حال السكت.
[سورة آل عمران (3) : آية 153]
إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (153)(4/338)
الإعراب:
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق ب (عفا) «1» ، (تصعدون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (لا) نافية (تلوون) مثل تصعدون (على أحد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تلوون) (الواو) حاليّة (الرسول) مبتدأ مرفوع (يدعو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة و (كم) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في أخرى) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل يدعو، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة لربط السبب بالمسبّب (أثاب) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (غمّا) مفعول به ثان منصوب (بغمّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (غمّا) أي غمّا ملتبسا بغمّ (اللام) تعليليّة جارّة (كي) حرف مصدريّ ونصب (لا) «2» نافية (تحزنوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (على) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (تحزنوا) ، (فات) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد.
والمصدر المؤوّل (كيلا تحزنوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (عفا) «3» .
(الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (ما) اسم موصول مبنيّ في
__________
(1) أو ب (صرفكم) ، ويجوز أن يكون ظرفا ل (عصيتم، أو تنازعتم، أو فشلتم) .
(2) أو زائدة بحسب ما يعلّق به الجارّ وهو لام التعليل.
(3) أو متعلّق ب (أثابكم) ، وحينئذ تكون (لا) زائدة.(4/339)
محلّ جرّ معطوف على الموصول الأول (أصابكم) مثل فاتكم. (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (خبير) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (خبير) «1» ، (تعملون مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «تصعدون» في محلّ جرّ بإضافة (إذ) إليها.
وجملة: «لا تلوون» في محلّ جرّ معطوفة على جملة تصعدون.
وجملة: «الرسول يدعوكم» في محلّ نصب حال.
وجملة: «يدعوكم..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الرسول) .
وجملة: «أثابكم..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة تصعدون.
وجملة: «تحزنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (كي) .
وجملة: «فاتكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) الأول.
وجملة: «أصابكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «الله خبير» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
الصرف:
(غمّا) مصدر غمّ يغمّ باب نصر، وزنه فعل بفتح فسكون.
(فاتكم) ، فيه إعلال بالقلب، فالألف منقلبة عن واو لأن مضارعه يفوت، وهو من باب نصر، أصله فوت جاءت الواو متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا.
(أصابكم) ، فيه إعلال بالقلب جرى فيه مجرى فاتكم، والألف قد تكون منقلبة عن واو أو عن ياء.
__________
(1) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ بالباء متعلّق بخبير.(4/340)
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)
[سورة آل عمران (3) : آية 154]
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (154)
الإعراب:
(ثمّ) حرف عطف (أنزل) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) ، (الغمّ) مضاف إليه مجرور (أمنة) مفعول به منصوب «1» ، (نعاسا) بدل من أمنة منصوب مثله «2» ، (يغشى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي النعاس (طائفة) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لطائفة. (الواو) استئنافيّة «3» (طائفة) مبتدأ مرفوع (قد) حرف تحقيق
__________
(1) أجاز العكبري جعله حالا- ونعاسا مفعول به- فهو نعت تقدّم المنعوت والأصل:
نعاسا ذا أمنة.
(2) لا يصحّ أن يكون عطف بيان على رأي جمهور البصريين لأنه يشترط أن يكون من المعارف.
(3) اختار أبو حيّان أن تكون الواو حاليّة، والجملة بعدها حال.. قال: «وجاز الابتداء [.....](4/341)
(أهمّت) فعل ماض.. والتاء للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به (أنفس) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (يظنون) مضارع مرفوع. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق بفعل يظنون «1» ، (غير) مفعول مطلق نائب عن المصدر لتأكيد معنى الظنّ «2» ، أي يظنون ظنّا غير صحيح، (ظنّ) مفعول مطلق لبيان النوع منصوب (الجاهلية) مضاف إليه مجرور (يقولون) مثل يقولون (هل) حرف استفهام (اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من الأمر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من شيء (من) حرف جرّ زائد (شيء) مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ (قل) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الأمر) اسم إنّ منصوب (كلّ) توكيد معنوي للأمر منصوب مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ (يخفون) مثل يظنّون (في أنفس) جارّ ومجرور متعلّق ب (يخفون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (ما) اسم موصول مبنيّ في محل نصب مفعول به «3» ، (لا) نافية (يبدون) مثل يظنون (اللام) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يبدون) ، (يقولون) مثل يظنّون (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص (لنا) مثل لك متعلّق
__________
بالنكرة هنا إذ فيه مسوغان أحدهما واو الحال وقد ذكرها بعضهم في المسوغات ... والمسوّغ الثاني أنّ الموضع موضع تفصيل إذ المعنى يغشى طائفة منكم وطائفة لم يناموا ... » اه.
(1) الباء ظرفيّة هنا والفعل يظنون لا ينصب مفعولين والمعنى: يوقعون ظنّهم في الله أي في حكم الله (البحر 3/ 7) .
(2) يجعل أبو البقاء العكبري (غير) مفعولا أوّلا لفعل الظنّ و (بالله) المفعول الثاني.
(3) أو نكرة موصوفة، والجملة في محلّ نصب نعت ل (ما) .(4/342)
بمحذوف خبر مقدّم (من الأمر) مثل الأول (شيء) اسم كان مؤخّر مرفوع (ما) نافية (قتلنا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على السكون..
و (نا) ضمير نائب فاعل (ها) حرف تنبيه (هنا) اسم إشارة مبنيّ على السكون في محلّ نصب ظرف مكان متعلّق ب (قتلنا) ، (قل) مثل الأول (لو) مثل الأول (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير اسم كان (في بيوت) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كنتم، و (كم) ضمير مضاف إليه (اللام) واقعة في جواب لو (برز) فعل ماض (الذين) اسم موصول في محلّ رفع فاعل (كتب) فعل ماض مبنيّ للمجهول (عليهم) مثل عليكم متعلّق ب (كتب) ، (القتل) نائب فاعل مرفوع (إلى مضاجع) جارّ ومجرور متعلّق ب (برز) و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة «1» ، (اللام) للتعليل (يبتلي) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (في صدور) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (ليمحّص ما في قلوبكم) مثل ليبتلي.. صدوركم. (الواو) استئنافيّة (الله عليم) مبتدأ وخبر مرفوعان (بذات) جارّ ومجرور متعلّق بعليم (الصدور) مضاف إليه مجرور.
والمصدر المؤوّل (أن يبتلي الله) في محلّ جرّ متعلّق بفعل مقدّر تقديره: فعل ذلك بأحد.. ليبتلي.
والمصدر المؤوّل (أن يمحص) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّل السابق.
__________
(1) أو تعطف العلّة المذكورة على علّة مقدّرة أي: فعل ذلك ليقضي (الله) أمره وليبتلي.. أو هي زائدة وليس ثمّة مقدّر.(4/343)
جملة: أنزل ... لا محلّ لها معطوفة على جملة أثابكم في السابقة.
وجملة: «يغشى ... » في محلّ نصب نعت ل (نعاسا) .
وجملة: «طائفة قد أهمّتهم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أهمّتهم أنفسهم..» في محلّ رفع نعت لطائفة.
وجملة: «يظنون بالله..» في محلّ رفع خبر المبتدأ طائفة «1» .
وجملة: «يقولون..» في محلّ رفع بدل من جملة يظنّون «2» .
وجملة: «هل لنا من الأمر..» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة أو اعتراضيّة.
وجملة: «إنّ الأمر كلّه لله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يخفون..» في محلّ نصب حال من فاعل يقولون أو لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا يبدون لك» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «يقولون..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لو كان لنا من الأمر شيء» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما قتلنا هاهنا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كنتم في بيوتكم» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «برز الذين..» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «كتب عليهم القتل» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر محذوفا والجملة نعت ثان لطائفة والتقدير: منكم طائفة قد ... ويجوز أن تكون جملة يظنّون في محلّ نصب حال من الضمير في أهمّتهم ...
(2) أو في محلّ نصب حال من فاعل يظنّون.(4/344)
وجملة: «يبتلي الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يمحّص ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
وجملة: «الله عليم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(أمنة) ، اسم للأمن وهو المصدر من أمن يأمن باب فرح، أو مصدر آخر للفعل، وثمّة مصادر أخرى هي أمن بفتحتين وأمان.
وزن أمنة فعلة بفتح الفاء والعين واللام.
(نعاسا) ، مصدر سماعيّ لفعل نعس ينعس باب نصر أو باب فتح، وزنه فعال بضمّ الفاء ومصدر آخر هو نعس بفتح فسكون.
(يخفون) ، فيه إعلال بالحذف أصله يخفيون حذفت الياء بعد تسكينها لالتقائها مع الواو الساكنة، وزنه يفعون كما حذفت الهمزة في أوله.
(مضاجع) ، جمع مضجع، اسم مكان على وزن مفعل بفتح الميم والعين لأن عينه في المضارع مفتوحة.
البلاغة
1- قوله «ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ» التصريح بتأخر الانزال عنه، مع دلالة ثمّ عليه، وعلى تراخيه عنه لزيادة البيان والتذكير بعظم المنة.
2- قوله «هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ» أي يقول بعضهم لبعض على سبيل الإنكار: هل لنا من النصر والفتح والظفر نصيب، أي ليس لنا من ذلك شيء لأن الله سبحانه وتعالى لا ينصر محمدا (ص) ، أو يقول الحاضرون منهم لرسول الله (ص) على صورة الاسترشاد: هل لنا من أمر الله تعالى ووعده بالنصر شيء.(4/345)
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)
3- الكناية: فقد كنى بالمضاجع عن المصارع، حيث لاقوا حتفهم وصافحوا مناياهم.
4- المضاجع جمع مضجع فإن كان بمعنى المرقد فهو استعارة للمصرع، وإن كان بمعنى محلّ امتداد البدن مطلقا للحي والميت فهو حقيقة.
الفوائد
1- في هذه الآية تصوير لحالة المسلمين يوم أحد، وهي تصور نفوسهم وخفايا صدورهم، سالكة لتحقيق الغرض المقصود طريقة الإيجاز بأسلوب الحوار، يعرض أقوال ذوي النفوس الضعيفة ثمّ يرد عليها على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) وأسلوب الحوار أدعى لتحقيق الغرض المطلوب وأشد تأثيرا في النفوس.
[سورة آل عمران (3) : آية 155]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) موصول في محلّ نصب اسم إنّ (تولّوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعل (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (تولّوا) ، (التقى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (الجمعان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (إنّما) كافّة ومكفوفة (استزل) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (الشيطان) فاعل مرفوع (ببعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (استزل) ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (كسبوا) فعل ماض وفاعله. (الواو) استئنافيّة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (عفا) فعل ماض مبنيّ(4/346)
على الفتح المقدّر على الألف (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عنهم) مثل منكم متعلّق ب (عفا) ، (إنّ) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (غفور) خبر مرفوع (حليم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «إنّ الذين تولّوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تولّوا منكم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «التقى الجمعان» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «استزلّهم الشيطان» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «كسبوا» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «عفا الله..» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «إنّ الله غفور» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
الصرف:
(الجمعان) :، مثنّى الجمع، وهو اسم لجماعة الناس، فعله جمع يجمع باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون.
الفوائد
1- إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ، من المتفق عليه أن «ما» الزائدة تكف إن وأخواتها عن العمل، فيعود ما بعدها مبتدأ وخبرا. ولكن عند ما تكون «ما» المتصلة ب «إن وأخواتها» اسما موصولا أو حرفا مصدريا لا تكفها عن العمل بل تبقى ناصبة للاسم رافعة للخبر.
فإن كانت «ما» اسما موصولا كانت في محلّ نصب اسمها كقوله تعالى: «ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ» أي إن الذي عندكم ينفد، وإذا كانت «ما» مصدرية كانت ما وما بعدها بتأويل مصدر في محلّ نصب اسم إنّ نحو «إن ما تستقيم حسن» أي إن استقامتك حسنة. وفي هاتين الحالتين تكتب «ما» منفصلة، بخلاف «ما» الكافة فإنها تكتب متصلة كما في الآية. وقد اجتمعت ما المصدرية وما الكافة في قول امرئ القيس:(4/347)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)
فلو أن ما أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
ولكنما أسعى لمجد مؤثّل ... وقد يدرك المجد المؤثّل أمثالي
[سورة آل عمران (3) : آية 156]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) موصول مبنيّ في محلّ نصب بدل من أيّ- تبعه في المحلّ- أو نعت له (آمنوا) فعل وفاعله (لا) ناهية جازمة (تكونوا) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو اسم كان (الكاف) حرف جرّ (الذين) موصول في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر تكون (كفروا) مثل آمنوا (الواو) عاطفة (قالوا) مثل آمنوا (لإخوان) جارّ ومجرور متعلّق ب (قالوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (إذا) ظرف للزمن المستقبل، ومستعار هنا للماضي وينتظم الحال والمستقبل، وهو مجرّد من الشرط متعلّق ب (قالوا) ، (ضربوا) مثل آمنوا (في الأرض) جارّ ومجرور ومتعلّق ب (ضربوا) ، (أو) حرف عطف (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ ... والواو اسم كان (غزّى) خبر كانوا منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (لو) شرط غير جازم(4/348)
(كانوا) مثل الأول (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر كانوا و (نا) ضمير مضاف إليه (ما) نافية (ماتوا) مثل آمنوا (الواو) عاطفة (ما قتلوا) ما نافية، وفعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ والواو نائب فاعل. (اللام) للتعليل- أو لام العاقبة- (يجعل) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب مفعول به أوّل و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (حسرة) مفعول به ثان منصوب (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لحسرة و (هم) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يجعل.) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (قالوا) .. أي قالوا ذلك ليدخل الحسرة في قلوبهم.. أو قالوا ذلك فكان عاقبة قولهم ومصيره إلى الحسرة والندامة.
(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحيي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة (يميت) مثل يحيي والضمّة ظاهرة (الواو) عاطفة (الله) مثل الأول (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ببصير «1» ، (تعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بصير) خبر المبتدأ، مرفوع.
جملة النداء «يأيّها ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا تكونوا..» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
__________
(1) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ بحرف الجرّ.(4/349)
وجملة: «قالوا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة كفروا.
وجملة: «ضربوا» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «كانوا غزّى» في محلّ جرّ معطوفة على جملة ضربوا.
وجملة: «لو كانوا عندنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما ماتوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «ما قتلوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة ما ماتوا.
وجملة: «يجعل الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «الله يحيي..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحيي» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة: «يميت» في محلّ رفع معطوفة على جملة يحيي.
وجملة: «الله..» بصير لا محلّ لها معطوفة على جملة الله يحيي.
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ (ما) .
الصرف:
(غزّى) ، جمع غاز، وقياسه أن يجمع على غزاة، كرام جمعه رماة، ولكن حمل المعتلّ على الصحيح كضارب ضرّب ...
وغاز أصله الغازي والياء منقلبة عن واو لسكونها وانكسار ما قبلها، وحذفت الياء للتنوين.. وأصل غزّى هو غزّو، قلبت الواو ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها، ثمّ حذفت الألف لفظا لمناسبة التنوين.
البلاغة
1- «إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ» إيثار إذا المفيدة لمعنى الاستقبال على إذ المفيدة لمعنى المضي لحكاية الحال الماضية إذ المراد بها الزمان المستمر المنتظم للحال الذي عليه يدور أمر استحضار الصورة. وهذا فن رائع من فنون البلاغة.(4/350)
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)
2- الطباق: بين يحيي ويميت، وهو من أوجز الحديث وأصدقه وأبعده في الدلالة على المعنى المراد.
3- «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» إظهار الاسم الجليل في موقع الإضمار، لتربية المهابة وإلقاء الروعة والمبالغة في التهديد والتشديد في الوعيد.
الفوائد
1- في هذه الآية استشراف إلى أن الآجال مقطوع بها، وأن الشجاعة لا تقرب الآجال والجبن لا يبعدها، وقد عكس المنفلوطي هذا النوع من تفكير الجبناء فقال:
«إن الموت في الإدبار أكثر منه في الإقبال» وألمح إلى هذا المعنى سيف الله خالد بن الوليد بقوله وهو على فراش الموت ما معناه: «لقد خضت من المعارك ما خضت حتى لم يبق في جسمي موضع شبر الا وفيه طعنة رمح أو ضربة سيف، وها أنا أموت على فراشي كما يموت البعير فلا نامت أعين الجبناء» .
2- لام الصيرورة ليست سوى إحدى لامات التعليل، إلا أنها تدل على مآل الشيء وعقباه، وحكمها في الاعراب كحكم لام التعليل، فهي تنصب الفعل المضارع ب «أن» مضمرة بعدها جوازا.
[سورة آل عمران (3) : آية 157]
وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) موطئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (قتلتم) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير نائب فاعل (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (قتلتم) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أو) حرف عطف (متّم) مثل قتلتم (اللام) واقعة في جواب قسم (مغفرة) مبتدأ(4/351)
وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)
مرفوع «1» ، (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمغفرة (الواو) عاطفة (رحمة) معطوف على مغفرة مرفوع مثله (خير) خبر مرفوع (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول «2» مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بخير (يجمعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: «قتلتم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «متّم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة قتلتم.
وجملة: «مغفرة..» خير لا محلّ لها جواب قسم.
وجملة: «يجمعون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
الصرف:
(متمّ) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون أصله موتّم، حذف حرف العلّة لالتقاء الساكنين وزنه فلتم بضمّ الفاء.
الفوائد
1- اللام الموطّئة للقسم: هي غالبا ما تدخل على أداة الشرط «إن» إيذانا بأن الجواب بعدها مبنيّ على قسم قبلها وليس على الشرط، نحو «لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ» وإذا كان القسم مذكورا لا تلزم اللام قبل أداة الشرط نحو «والله إن أكرمتني لأكرمنّك» وتلزم غالبا لدى حذف القسم، ويندر حذفها مع حذف القسم مثل «وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» وقيل انها عفوية في مثل ذلك.
[سورة آل عمران (3) : آية 158]
وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لئن متّم أو قتلتم) مثل الآية السابقة (اللام) واقعة في جواب قسم (إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (تحشرون)
__________
(1، 2) الذي سوّغ الابتداء بالنكرة أنها وصفت.(4/352)
فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)
وهو مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب فاعل.
جملة: «متّم» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة: «قتلتم» لا محلّ لها معطوفة على جملة متّم.
وجملة: «تحشرون» لا محلّ لها جواب قسم.
البلاغة
1- في هذه الآية والتي قبلها فن منتظم في باب التقديم والتأخير، فقد ورد الموت والقتل فيهما ثلاث مرات، وتقدم الموت على القتل في الأول والأخير منها، وتقدم القتل على الموت في المتوسط، تبعا لتقديم الأهم والأشرف.
[سورة آل عمران (3) : آية 159]
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (الباء) حرف جرّ (ما) زائدة (رحمة) مجرور بالباء متعلّق ب (لنت) ، (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لرحمة (لنت) فعل ماض مبنيّ على السكون. و (التاء) فاعل (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (لنت) ، (الواو) عاطفة (لو) شرط غير جازم (كنت) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون.
و (التاء) ضمير اسم كان (فظّا) خبر كان منصوب (غليظ) خبر ثان منصوب (القلب) مضاف إليه مجرور (اللام) واقعة في جواب لو (انفضّوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (من حول) جارّ ومجرور متعلّق ب (انفضّوا) ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه.
جملة: «لنت..» لا محلّ لها استئنافيّة.(4/353)
وجملة: «كنت..» لا محلّ لها معطوفة على جملة لنت.
وجملة: «انفضّوا» لا محلّ لها واقعة في جواب شرط غير جازم.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اعف) فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عنهم) مثل لهم متعلّق ب (اعف) ، (الواو) عاطفة (استغفر لهم) مثل اعف عنهم، (الواو) عاطفة (شاور) مثل اعف و (هم) ضمير مفعول به (في الأمر) جارّ ومجرور متعلّق ب (شاورهم) ، (الفاء) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلق بمضمون الجواب في محلّ نصب (عزمت) مثل لنت (الفاء) رابطة لجواب الشرط (توكّل) مثل اعف (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (توكّل) (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (المتوكّلين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «اعف عنهم» لا محلّ لها جواب شرط مقدّر أي: إن أساؤوا فاعف عنهم.
وجملة: «استغفر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف.
وجملة: «شاورهم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة اعف.
وجملة: «عزمت» في محلّ جرّ مضاف إليه.. والشرط وفعله وجوابه معطوف على الشرط المقدّر.
وجملة: «توكّل ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «إنّ الله يحبّ ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «يحبّ المتوكّلين» في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(لنت) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون، أصله لينت، اجتمع سكونان- سكون الياء وسكون النون-(4/354)
فحذفت الياء. وزنه فلت بكسر الفاء، والكسرة دلالة على الحرف المحذوف.
(فظّا) ، صفة مشبّهة من فظّ يفظّ باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون.
(غليظ) ، صفة مشبّهة من غلظ يغلظ باب نصر وباب ضرب وباب كرم.
(المتوكّلين) ، جمع المتوكّل، اسم فاعل من توكّل الخماسيّ، فهو على وزن متفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
الفوائد
1- ليست «ما» نكرة تامة بمعنى شيء كما ذهب إلى ذلك بعض النحاة، وليست استفهامية مفادها التعجب كما نوّه به الفخر الرازي. وليست زيادتها في القرآن الكريم موضع انتقاص لبلاغة القرآن وبراءة كلام الله من اللغو، ذلك أن زيادة الحرف في العربية ليست اعتباطية وإنما لها أغراض وفوائد، بعضها يدق عن التصور وبعضها لا يحتاج إلى إيضاح. و «ما» في هذه الآية وردت زائدة في الإعراب وليست زائدة أو فارغة من المعنى. فهي تفيد التوكيد وتزيد المعنى وضوحا وتقريرا. هذا وقد لا نجانف الحق إذا أضفنا لذلك أنها تفيد الإيقاع الصوتي، والجرس اللفظي في نظم القرآن الكريم الذي زاوج بين إعجازه اللفظي وإعجازه المعنوي سواء بسواء.
ولابن الأثير نظر في زيادة «ما» فهو ينكر أن تكون زائدة لا معنى لها، وإنما يرى أنها وردت لتعظيم النعمة التي أسداها الله لرسوله وأفرغها عليه فلان بسببها للقوم.
وفي حذفها منقصة للمعنى وركاكة للمبنى. وهو يصم من يزعم بوجود زيادة في القرآن الكريم بدون فائدة بأنه أحد رجلين: إما جاهل في بلاغة العرب وإما متحرف عن جادة الدين.
ويسعدنا أن ابن الأثير يحاكي ما قلناه في زيادة «ما» في هذه الآية إذ يقول:
«إن قول النحاة في (ما) في هذه الآية إنها زائدة إنما يعنون به أنها لا تمنع ما قبلها عن العمل، ألا ترى أنها لم تمنع الباء عن العمل في خفض الرحمة» فتبصّر.(4/355)
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)
[سورة آل عمران (3) : آية 160]
إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (ينصر) مضارع مجزوم فعل الشرط و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) نافية للجنس (غالب) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر لا (الواو) عاطفة (يخذلكم) مثل ينصركم (الفاء) رابطة لجواب الشرط (من) اسم استفهام مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذي) موصول مبنيّ في محلّ رفع بدل من ذا (ينصر) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينصر) ، و (الهاء) مضاف إليه (الواو) عاطفة، (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتوكّل) وقدّم الجارّ لأهميّته (الفاء) رابطة لجواب مقدّر (اللام) لام الأمر (يتوكّل) مضارع مجزوم بلام الأمر وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (المؤمنون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة: «ينصركم الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا غالب لكم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يخذلكم» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «من ذا الذي ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ينصركم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «ليتوكّل المؤمنون» جواب شرط مقدّر أي: إن أراد المؤمنون(4/356)
وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (161)
النصر فليتوكّلوا على الله ... وجملة الشرط المقدّرة معطوفة على الاستئنافيّة.
الصرف:
(غالب) ، اسم فاعل من غلب يغلب باب ضرب، وزنه فاعل.
[سورة آل عمران (3) : آية 161]
وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (لنبيّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان مقدم (أن) حرف مصدريّ ونصب (يغلّ) مضارع منصوب، والفاعل هو.
والمصدر المؤوّل (أن يغلّ) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
(الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يغلل) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (يأت) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يأت) ، (غلّ) فعل ماض مبنيّ ... والفاعل هو (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل يأت، (القيامة) مضاف إليه مجرور (ثمّ) حرف عطف (توفّي) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (كلّ) نائب فاعل مرفوع (نفس) مضاف إليه مجرور (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (كسبت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (الواو) حاليّة (هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (لا) نافية(4/357)
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)
(يظلمون) مضارع مرفوع مبنيّ للمجهول ... والواو نائب فاعل.
جملة: «ما كان لنبيّ..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يغلّ» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «من يغلل» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يغلل» في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «يأت ... » لا محلّ لها من الإعراب جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «غلّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «توفّى كلّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من يغلل «2» .
وجملة: «كسبت» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «هم» لا يظلمون في محلّ نصب حال.
وجملة: «لا يظلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
البلاغة
1- المبالغة في النهي في قوله تعالى «وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ» والمراد تنزيه ساحة النبي (ص) على أبلغ وجه عما ظن به الرماة يوم أحد.
[سورة آل عمران (3) : آية 162]
أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَ اللَّهِ كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (162)
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) يجوز أن تكون (ثمّ) للاستئناف- كما سيأتي في سورة العنكبوت- وحينئذ الجملة استئنافيّة.(4/358)
هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (163)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام «1» ، (الفاء) استئنافيّة (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (اتّبع) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (رضوان) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الكاف) حرف جرّ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (باء) فعل ماض، والفاعل هو (بسخط) جارّ ومجرور متعلّق ب (باء) «2» ، (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت من سخط (الواو) عاطفة (مأوى) مبتدأ مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (جهنّم) خبر مرفوع (الواو) استئنافيّة (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ (المصير) فاعل مرفوع. والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هي أي جهنّم.
جملة: «من اتّبع رضوان» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اتّبع ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) الأول.
وجملة: «باء بسخط» لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة: «مأواه جهنّم» لا محلّ لها معطوفة على جملة باء بسخط.
وجملة: «بئس المصير» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(السخط) ، مصدر سخط يسخط باب فرح، وزنه فعل بفتحتين.
[سورة آل عمران (3) : آية 163]
هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (163)
الإعراب:
(هم) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع (درجات)
__________
(1) بمعنى النفي على رأي أبي حيّان.
(2) أو بمحذوف حال من فاعل باء أي ملتبسا بسخط.(4/359)
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (164)
خبر مرفوع بحذف مضاف أي ذوو درجات (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف نعت لدرجات (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (بصير) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ببصير «1» (يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة: «هم درجات» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله بصير ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يعملون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ.
البلاغة
1- «هُمْ دَرَجاتٌ» شبههم بالدرج في تفاوتهم علوا وسفلا، على سبيل الاستعارة، أو جعلهم نفس الدرجات مبالغة في التفاوت، فيكون تشبيها بليغا بحذف الأداة.
[سورة آل عمران (3) : آية 164]
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (164)
الإعراب:
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (منّ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على المؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق ب (منّ) ، وعلامة الجرّ الياء (إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب متعلّق ب (منّ) (بعث) فعل ماض، والفاعل
__________
(1) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ بالباء متعلّق ببصير. [.....](4/360)
ضمير مستتر تقديره هو (في) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (بعث) (رسولا) مفعول به منصوب (من أنفس) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (رسولا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (يتلو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو والفاعل هو (عليهم) مثل فيهم متعلّق ب (يتلو) ، (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (الهاء) مضاف إليه (الواو) عاطفة (يزكّي) مثل يتلو و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (يعلّمهم) مثل يزكيهم (الكتاب) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الحكمة) معطوف على الكتاب منصوب مثله (الواو) حاليّة (إن) مخفّفة من الثقيلة مهملة (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم كان (من) حرف جرّ (قبل) اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به الخبر (اللام) هي الفارقة التي تشعر بكون (إن) مخفّفة (في ضلال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كانوا (مبين) نعت لضلال مجرور مثله.
جملة: «منّ الله» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «بعث ... » في محلّ جرّ بإضافة (إذ) إليها.
وجملة: «يتلو ... » في محلّ نصب إمّا حال من (رسولا) أو نعت له.
وجملة: «يزكّيهم» في محلّ نصب معطوفة على جملة يتلو.
وجملة: «يعلّمهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يتلو.
وجملة: «كانوا ... » في محلّ نصب حال من ضمير النصب في يعلّمهم.
الصرف:
(ضلال) ، مصدر سماعيّ لفعل ضلّ يضلّ باب ضرب، وزنه فعال بفتح الفاء.(4/361)
أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)
البلاغة
1- في هذه الآية الكريمة فن من فنون البلاغة يعرف بفن التجريد، وهو أن ينتزع المتكلم من أمر ذي صفة أمرا آخر بمثاله فيها، مبالغة لكمالها فيه، كأنه أبلغ من الاتصاف بتلك الصفة. وهو هنا في قوله «من» الجارّة.
الفوائد
1- في هذه الآية فائدتان حريتان بالتنويه:
أولا: «وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ» هذه اللام في كلمة «لفي» هي اللام الفارقة، وأصلها لام الابتداء، وإنما سميت الفارقة لأنها تفرق ما بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين إن النافية، مثل «وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ» فإذا دخلت «إن» على الفعل أهملت وجوبا. والأكثر أن يكون الفعل ماضيا ناسخا كقوله تعالى: وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ. وقد يكون مضارعا ناسخا نحو «إِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ» . ودون ذلك أن يكون ماضيا غير ناسخ. وأقل منه أن يكون مضارعا غير ناسخ، ولا يقاس عليه بالإجماع نحو «إن يرينك لنفسك» .
ثانيا: في الآية فنّ التجريد وهو أن ينتزع المتكلم من نفسه آخر يمثله في القدرة أو غيرها كقول شوقي:
قم ناج جلّق وأنشد رسم من بانوا ... مشت على الرسم أحداث وأزمان
وكثيرا ما يلجأ الشعراء إليه في مطلع القصائد.
[سورة آل عمران (3) : آية 165]
أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (165)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ (الواو) استئنافيّة (لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق(4/362)
بالجواب قلتم (أصابت) فعل ماض.. والتاء للتأنيث و (كم) ضمير مفعول به (مصيبة) فاعل مرفوع (قد) حرف تحقيق (أصبتم) فعل ماض وفاعله (مثلي) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء و (الهاء) ضمير مضاف إليه (قلتم) مثل أصبتم (أنّى) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة المكانيّة متعلّق بمحذوف خبر مقدّم والمعنى (من أين هذا) ، (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم اشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (أنفس) مضاف إليه مجرور و (كم) ضمير مضاف إليه (ان) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (على كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بقدير (شيء) مضاف إليه مجرور (قدير) خبر انّ مرفوع.
جملة: «أصابتكم مصيبة.» في محلّ جرّ بإضافة (لمّا) إليها.
وجملة: «قد أصبتم.» في محلّ رفع نعت لمصيبة.
وجملة: «قلتم.» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «أنّى هذا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قل» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هو من عند ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّ الله.. قدير..» لا محلّ لها استئنافيّة.
الفوائد
1- «أو لمّا» في هذه الكلمة اجتمعت ثلاث كلمات همزة الاستفهام، وواو العطف، ولمّا الحينية. ويهمنا في شرح هذه الفائدة «لمّا» إذ لها ثلاثة اصطلاحات:
الأول: أن تكون جازمة، وتختص بدخولها على المضارع فتجزمه، وهي أحد الجوازم الأربعة التي تجزم فعلا مضارعا واحدا وهي «لم ولما ولام الأمر ولا الناهية» . ولها خاصة(4/363)
وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)
قلب زمن المضارع إلى الماضي مثل «لم» .
الثاني: تختص بالماضي. وللنحاة فيها رأيان: بعضهم يقول انها ظرف بمعنى «حين» ، والبعض الآخر يرى أنها حرف للربط بين جملتين نحو «لمّا جاءني أكرمته» الثالث: أن تكون حرف استثناء نحو «إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ» هذه تختص بدخولها على الجملة الاسمية.
[سورة آل عمران (3) : آية 166]
وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (أصاب) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (أصاب) ، (التقى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (الجمعان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (الفاء) زائدة في الخبر لشبه المبتدأ بالشرط (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر لمبتدأ مقدّر تقديره هو «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (اللام) لام التعليل (يعلم) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّل (أن يعلم..) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به بإذن الله لأنه معطوف عليه «2» .
__________
(1) هذا اختيار أبي حيّان.. ويجوز أن يكون الجار متعلّقا بخبر ما أي ما أصابكم ...
حاصل بإذن الله.
(2) يجوز التعليق بفعل محذوف أي فعل ذلك للاختبار وليعلم المؤمنين.(4/364)
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)
جملة: «ما أصابكم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أصابكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: « (هو) بإذن الله» في محلّ رفع خبر المبتدأ (ما) .
وجملة: «يعلم..» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «التقى الجمعان» في محلّ جرّ مضاف إليه.
الفوائد
1- «فَبِإِذْنِ اللَّهِ» توحي هذه الفاء أنها رابطة للجواب، ويعترض على ذلك بقول القائل: لا جواب إلا للشرط، ولا شرط في هذه الآية، لكننا نردّ هذا الاعتراض بأنّ قوله تعالى: «وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ» بأن «ما» وإن كانت أدنى إلى الموصولية، فإنها مشربة روح الشرط ومشابهة له، ولذلك كان من المستساغ مجيئ الفاء في جوابها وبذلك يتقرر أن الفاء رابطة للجواب.
2- قوله تعالى: «يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» دليل قاطع على أنّ الحديث نوعان، حديث اللسان، وحديث القلب وأن المنافق دائما وأبدا يبدي ما لا يخفي ويقول القول في لسانه وهو يعلم زور هذا القول وبهتانه وأنه مغاير كل المغايرة لما يضمر في قلبه، ولو آمن لعلم أن الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
[سورة آل عمران (3) : آية 167]
وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا قاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتالاً لاتَّبَعْناكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمانِ يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يَكْتُمُونَ (167)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ليعلم) مثل المتقدّم في الآية السابقة.
والمصدر المؤوّل مجرور باللام ومتعلّق بما تعلّق به المصدر المؤوّل السابق لأنه معطوف عليه.(4/365)
(الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (نافقوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (الواو) عاطفة- أو للاستئناف- (قيل) فعل ماض مبنيّ للمجهول (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قيل) ، (تعالوا) فعل أمر جامد ... والواو فاعل (قاتلوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون والواو فاعل (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (قاتلوا) «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أو) حرف عطف (ادفعوا) مثل قاتلوا (قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (لو) شرط غير جازم (نعلم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (قتالا) مفعول به منصوب (اللام) واقعة في جواب لو (اتّبعنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. (نا) فاعل و (كم) ضمير مفعول به (هم) ضمير منفصل مبتدأ في محلّ رفع (للكفر) جارّ ومجرور متعلّق ب (أقرب) (يوم) ظرف زمان منصوب «2» متعلّق ب (أقرب) (إذ) اسم ظرفيّ في محلّ جرّ مضاف إليه، والتنوين تنوين العوض عن جملة محذوفة (أقرب) خبر مرفوع (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أقرب) (للإيمان) مثل للكفر «3» ، (يقولون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (بأفواه) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل يقولون و (هم) ضمير مضاف إليه (ما) اسم موصول «4» ، في محلّ نصب مفعول به، (ليس) فعل ماض
__________
(1) أو بمحذوف حال من فاعل قاتلوا أي قاتلوا ماضين في سبيل الله.
(2) أو هو مبنيّ على الفتح- على بعض الأقوال- وقد اتّصف بالبناء من الظرف إذا أصح من نوع الظرف المركب صباح مساء- بين بين ...
(3) تعلّق حرفا الجرّ وهما متّحدان لفظا ومعنى بعامل واحد لأنه خاصّ بأفعل التفضيل فهو في قوة عاملين، وهما للكفر، وللإيمان.
(4) أو نكرة موصوفة والجملة نعت لها.(4/366)
جامد ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر ليس و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أعلم) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول «1» مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (أعلم) (يكتمون) مثل يقولون.
جملة: «يعلم الذين ... لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «نافقوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «قيل لهم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة «2» .
وجملة: «تعالوا ... » في محلّ رفع نائب فاعل «3» .
وجملة: «قاتلوا ... » في محلّ رفع بدل من جملة تعالوا.
وجملة: «ادفعوا» في محلّ رفع معطوفة على جملة قاتلوا.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لو نعلم..» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «اتّبعناكم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «هم ... أقرب» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يقولون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ليس» في قلوبهم لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «الله أعلم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يكتمون» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ.
__________
(1) أو حرف مصدريّ والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ.
(2) يجوز أن تكون استئنافيّة لا محلّ لها.
(3) لأنها في الأصل مقول القول ... وقال الجمهور إنّها تفسير لنائب الفاعل المقدّر أي قيل القول.(4/367)
الَّذِينَ قَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (168)
الصرف:
(أعلم) ، صفة على وزن أفعل، وليس للتفضيل، وهي بمعنى عليم أو عالم (انظر الآية 140- البقرة) .
البلاغة
1- المجاز المرسل: في قوله تعالى «يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» .
أي يقولون بألسنتهم، والأفواه مكان لها، فعبّر بالمكان وأراد ما يحل فيه. فالعلاقة محلية.
[سورة آل عمران (3) : آية 168]
الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (168)
الإعراب:
(الذين) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم «1» ، (قالوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (لإخوان) جارّ ومجرور متعلّق ب (قالوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) حاليّة (قعدوا) مثل قالوا (لو) شرط غير جازم (أطاعوا) مثل قالوا و (نا) ضمير مفعول به (ما) نافية (قتلوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ.. والواو نائب فاعل (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (ادرؤوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (عن أنفس) جارّ ومجرور متعلّق ب (ادرؤوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الموت) مفعول به منصوب (ان) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون. و (لم) ضمير اسم كان (صادقين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
__________
(1) أو بدل من (الذين) نافقوا- في الآية السابقة- أو نعت له.(4/368)
جملة: «قالوا..» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) ... والجملة الاسميّة (هم) الذين.. لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قعدوا» في محلّ نصب حال بتقدير (قد) .
وجملة: «أطاعونا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «ما قتلوا» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قل..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ادرؤوا..» جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم صادقين في دعواكم فادرؤوا ... وجملة الشرط المقدّرة مقول القول.
وجملة: «كنتم صادقين» لا محلّ لها تفسيريّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله..
الفوائد
1- قوله تعالى: «لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا» لو تأتي على خمسة أقسام:
أ- التقليل، نحو القول المأثور «تصدقوا ولو بظلف محرّق» وهي حرف تقليل لا جواب له.
ب- للتمني: كقوله تعالى: «فَلَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» وهي أيضا لا تحتاج إلى جواب كجواب الشرط ولكن قد تأخذ جوابا منصوبا كجواب «ليت» أي بمضارع منصوب بعد فاء السببية.
ج- للعرض، نحو: لو تنزل عندنا فتصيب خيرا، ولا جواب له، والفاء بعدها فاء السببية لأن العرض من الطلب.
د- لو المصدرية وهي ترادف «أن» وأكثر وقوعها بعد «ودّ» ، نحو ودّوا لو تدهن فيدهنون. أو بعد «يودّ» نحو «يودّ أحدهم لو يعمّر ألف سنة» .
هـ- لو الشرطية: وهي قسمان:
1- أن تكون للتعليق بالمستقبل فترادف «إن» الشرطية كقول أبي صخر الهذلي:(4/369)
وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبسب
لظلّ صدى صوتي وإن كنت رمّة ... لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب
2- أن تكون للتعليق في الماضي وهو أكثر استعمالاتها، وتقتضي هذه لزوم امتناع شرطها لامتناع جوابها، نحو «وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها» .
ومن خصائص لو «الشرطية» أنها تختص بالفعل، وقد يليها اسم معمول لفعل محذوف يفسره ما بعده، نحو قول الشاعر:
أخلاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدهر معتب
وقولهم في المثل: «لو غير ذات سوار لطمتني» .
2- جواب لو الشرطية: إما أن يكون ماضيا، وإما أن يكون مضارعا منفيا بلم (أي ماضيا في المعنى) نحو: «لو لم يخف الله لم يطعه» . وهو مقترن في غالب الأحوال باللام نحو «لَوْ نَشاءُ لَجَعَلْناهُ حُطاماً» وقد يأتى بدونها نحو «لو نشاء جعلناه أجاجا» وقد يحذف جوابها ويكتفي بما يدل عليه من الكلام نحو «لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ» .
[سورة آل عمران (3) : آية 169]
وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تحسبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت ...
و (النون) نون التوكيد الثقيلة لا محلّ لها (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به أوّل (قتلوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على(4/370)
الضمّ.. والواو نائب فاعل (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (قتلوا) «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أمواتا) مفعول به ثان منصوب (بل) للإضراب الانتقاليّ غير عاطفة (أحياء) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم (عند) ظرف مبنيّ متعلّق بمحذوف نعت لأحياء «2» (ربّ) مضاف إليه مجرور، و (هم) ضمير مضاف إليه (يرزقون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب فاعل.
جملة: «لا تحسبنّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قتلوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: « (هم) أحياء» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يرزقون» في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ هم «3» .
البلاغة
1- الطباق: بين أموات وأحياء أما الرفع وجعله جملة اسمية فهو أبلغ في الدلالة على الديمومة وطروء الذكر وتجدده كل يوم.
الفوائد
1- «لا تَحْسَبَنَّ» اعلم أنّ لنون التوكيد مع الفعل المضارع أحكام أهمّها:
أ- إذا وقعت نون التوكيد المشدّدة بعد ألف الضمير، ثبتت الألف وحذفت نون الرفع، دفعا لتوالي النونات، غير أن نون التوكيد سوف تكسر بعدها تشبيها لها بنون الرفع بعد ضمير المثنى نحو «يكتبان» .
ب- وإن وقعت بعد واو الجماعة أو ياء المؤنثة المخاطبة، حذفت نون الرفع تخلّصا من
__________
(1) أو متعلّق بمحذوف حال من نائب الفاعل، أي ماضين في سبيل الله.
(2) أو يتعلّق ب (يرزقون) ، أو بمحذوف خبر ثان للمبتدأ هم.
(3) أو في محلّ نصب حال من الضمير في أحياء والعامل الابتداء وهو ضعيف ... أو في محلّ رفع نعت لأحياء.(4/371)
فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)
توالي الأمثال. أما الواو والياء، فإن كانت حركة ما قبلهما الفتح ثبتتا وضمّت واو الجماعة وكسرت ياء المخاطبة، فنقول في «تخشون وترضين» «تخشون» و «ترضين» . وإن كان ما قبل الواو مضموما وما قبل الياء مكسورا حذفتا حذرا من التقاء الساكنين، وبقيت حركة ما قبلهما فنقول في «تكتبون وتكتبين وتغزون وتغزين» «تكتبنّ وتكتبنّ وتغزنّ وتغزنّ» .
ج- وإذا ولي نون النسوة نون التوكيد المشدّدة، وجب الفصل بينهما بألف، كراهية توالي الأمثال وهي النونات، نحو «يكتبنانّ» أما النون المخففة فلا تلحق نون النسوة.
وأخيرا إن جميع أحكام نوني التوكيد مع الفعل المضارع هي نفسها لدى توكيدها فعل الأمن.
بقيت نقطة يجدر التنويه بها، وهي أن فعل المضارع صحيح الآخر الذي تتصل به نون التوكيد، سواء الثقيلة أو الخفيفة، يبنى على الفتح لفظا وهو مرفوع محلا ومثل ذلك إذا اتصلت به نون النسوة فيبنى على السكون لفظا ويكون مرفوعا محلا.
[سورة آل عمران (3) : آية 170]
فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (170)
الإعراب:
(فرحين) حال منصوبة من الضمير في (يرزقون) ، أو في أحياء «1» في الآية السابقة (الباء) حرف جرّ و (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بفرحين (آتى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من فضل) جارّ ومجرور متعلّق ب (آتاهم) «2» ، (الواو) حاليّة «3» ،
__________
(1) يجوز- على ضعف- أن يكون منصوبا على المدح. [.....]
(2) أو بمحذوف حال من العائد المقدّر أي بما آتاهموه حاصلا من فضله.
(3) أجاز العكبري أن تكون عاطفة عطفت جملة يستبشرون على كلمة فرحين لأن الصفة المشتقّة تشبه المضارع أي فرحين بمنزلة يفرحون.(4/372)
(يستبشرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الباء) مثل الأول (الذين) في محلّ جرّ متعلّق ب (يستبشرون) ، (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يلحقوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون والواو فاعل (الباء) مثل الأول و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يلحقوا) ، (من خلف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الفاعل في (يلحقوا) أي كائنين من خلفهم أو باقين من خلفهم و (هم) ضمير مضاف إليه (أن) مخفّفة من الثقيلة والاسم ضمير الشأن محذوف (لا) نافية مهملة- أو عاملة عمل ليس- (خوف) مبتدأ مرفوع «1» ، (عليهم) مثل بهم متعلّق بمحذوف خبر (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (يحزنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: آتاهم الله ... لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: يستبشرون ... في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم «2» .
وجملة: «لم يلحقوا بهم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا خوف عليهم» في محلّ رفع خبر (أن) المخفّفة.
والمصدر المؤول أن (هـ) .. في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف أي بأن لا خوف ... ، والجارّ والمجرور متعلّق بما تعلّق به الجارّ (بالذين) .. أو أن المصدر المؤوّل في محلّ جرّ بدل اشتمال من الموصول (الذين) .
__________
(1) فهو معتمد على نفي ... أو هو اسم لا العاملة عمل ليس..
(2) والجملة الاسميّة في محلّ نصب حال من ضمير فرحين.. وقدّر المبتدأ (هم) لأن واو الحال لا تباشر المضارع المثبت.(4/373)
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
وجملة: «هم يحزنون» في محلّ رفع معطوفة على جملة لا خوف عليهم.
وجملة: «يحزنون» في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
الصرف:
(فرحين) ، جمع فرح وهو صفة مشبّهة مشتقّة من فرح يفرح الباب الرابع، وزنه فعل بفتح فكسر.
البلاغة
- مراعاة النظير وهو فن بديع جميل ورائع، ولقد سماه بعضهم التناسب والتوفيق، وحده أن يجمع الناظم والناثر بين امر وما يناسبه، سواء أكانت المناسبة لفظا أم معنى فقد ناسب سبحانه بين فرحين ويستبشرون، وبين عدم الخوف وعدم الحزن، وبين النعمة والفضل.
[سورة آل عمران (3) : آية 171]
يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171)
الإعراب:
(يستبشرون) مثل المتقدّم في الآية السابقة (بنعمة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يستبشرون) ، (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لنعمة (الواو) عاطفة (فضل) معطوف على نعمة مجرور مثله، (الواو) عاطفة (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (لا) نافية (يضيع) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أجر) مفعول به منصوب (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «يستبشرون..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ ... «1» .
والمصدر المؤوّل (أنّ الله لا يضيع ... ) في محلّ جرّ معطوف على
__________
(1) أو في محلّ رفع بدل من جملة يستبشرون في الآية السابقة.(4/374)
الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
نعمة ومتعلّق بما تعلّق به.
وجملة: «لا يضيع ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
[سورة آل عمران (3) : آية 172]
الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)
الإعراب:
(الذين) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم «1» ، (استجابوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (استجابوا) ، (الواو) عاطفة (الرسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (استجابوا) ، (ما) حرف مصدريّ (أصاب) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (القرح) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (ما أصابهم القرح) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(اللام) حرف جرّ (الذين) موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أحسنوا) مثل استجابوا (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من الضمير في (أحسنوا) ، (الواو) عاطفة (اتّقوا) ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعل (أجر) مبتدأ مؤخّر مرفوع (عظيم) نعت لأجر مرفوع مثله.
جملة: «استجابوا لله» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة: «أصابهم القرح» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
__________
(1) يجوز أن يكون مبتدأ خبره جملة «للذين أحسنوا منهم أجر....» ويجوز أن يكون نعتا للمؤمنين في الآية السابقة.(4/375)
الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
وجملة: «أحسنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «اتّقوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة أحسنوا.
والجملة الاسميّة: «للذين أحسنوا.. أجر» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
الفوائد
1- القائد الحكيم.
لم يكد يبزغ فجرّ اليوم الثاني لمعركة أحد حتى أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤمنين بالتأهب للخروج لحاقا بالمشركين، وجعل ذلك وقفا على من حضر المعركة بالأمس. وخرج رسول الله بالجيش حتى بلغ حمراء الأسد، على بعد ثمانية أميال من المدينة باتجاه مكة، فأقام بها ثلاثة أيام متحديا جيش المشركين. أما الكفرة فقد ألقى الله في قلوبهم الرعب، وحسبوا أن المسلمين جاءهم المدد، فلم يلووا على شيء حتى بلغوا مكة. وكان من نتيجة ذلك أن مكّن رسول الله هيبة المسلمين في قلوب أعدائهم، من الأعراب والمشركين خارج المدينة، ومن اليهود والمنافقين داخلها، ورفع من معنويات المؤمنين، وقد عادوا من هذه الغزوة موفورين، إذ لم يتعرض لهم أحد من المشركين.
[سورة آل عمران (3) : آية 173]
الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَقالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173)
الإعراب:
(الذين) موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره أمدح «1» ، (قال) فعل ماض (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قال) ، (الناس) فاعل مرفوع (إنّ) حرف
__________
(1) وأجاز بعضهم أن يكون بدلا من الذين استجابوا ولكنّ أولئك هم غير هؤلاء.
فالذين استجابوا هم أهل أحد، والذين قال لهم الناس هم بعض المؤمنين أو كلّهم.(4/376)
مشبّه بالفعل (الناس) اسم إنّ منصوب (قد) حرف تحقيق (جمعوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (لكم) مثل لهم متعلّق ب (جمعوا) ، (الفاء) عاطفة لربط السبب بالمسبّب (اخشوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الفاء) عاطفة (زاد) مثل قال و (هم) مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على التحذير المفهوم من سياق الآية (إيمانا) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة (قالوا) مثل جمعوا (حسب) مبتدأ مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه في محلّ جرّ (الله) لفظ الجلالة خبر مرفوع بحذف مضاف أي عون الله (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (نعم) فعل ماض جامد لإنشاء المدح (الوكيل) فاعل مرفوع، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره الله.
جملة: «قال لهم الناس» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إنّ الناس قد جمعوا..» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «جمعوا ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «اخشوهم» في محلّ رفع معطوفة على جملة جمعوا «1» .
وجملة: «زادهم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة قال ...
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة زادهم ...
وجملة: «حسبنا الله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «نعم الوكيل» في محلّ نصب معطوفة على جملة حسبنا الله ... أو لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الوكيل) ، صفة مشبّهة من وكل يكل باب ضرب، وزنه فعيل.
__________
(1) يجوز عطف الإنشاء على الخبر هنا لرابط السببيّة.(4/377)
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
(حسبنا) ، مصدر بمعنى اسم الفاعل أي محسبنا- بضمّ الميم وكسر السين أي كافينا، وزن حسب فعل بفتح فسكون (وانظر الآية 206 من سورة البقرة) .
البلاغة
- العموم والخصوص: في ذكر الناس عامة بعد ذكر الخاصة، وهم أبو سفيان ومن معه وهذا من إطلاق العام وإرادة الخاص.
[سورة آل عمران (3) : آية 174]
فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (انقلبوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (بنعمة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعل في انقلبوا (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لنعمة (الواو) عاطفة (فضل) معطوف على نعمة مجرور مثله (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يمسس) مضارع مجزوم و (هم) ضمير مفعول به (سوء) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (اتّبعوا) مثل انقلبوا (رضوان) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (ذو) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (فضل) مضاف إليه مجرور (عظيم) نعت لفضل مجرور مثله.
وجملة: «انقلبوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا في السابقة.
وجملة: «لم يمسسهم سوء» في محلّ نصب حال.
وجملة: «اتّبعوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة انقلبوا.
وجملة: «الله ذو فضل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.(4/378)
إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
البلاغة
- اللف والنشر المرتب: في قوله: «بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ» مع طي ذكر الملفوف والمنشور، وهما: السلامة بالأجسام التي تعود إلى النعمة والربح بالتجارة الذي يعود إلى الفضل.
[سورة آل عمران (3) : آية 175]
إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب و (الميم) حرف لجمع الذكور (الشيطان) خبر مرفوع «1» ، (يخوف) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو ... والمفعول الأول مقدّر أي يخوّفكم (أولياء) مفعول به ثان منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تخافوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (خافوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون، والواو فاعل و (النون) نون الوقاية و (الياء) المحذوفة للتخفيف ضمير مفعول به (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون ... و (تم) اسم كان (مؤمنين) خبر منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «ذلك الشيطان ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يخوّف أولياءه» في محلّ نصب حال من الشيطان «2» .
__________
(1) أو بدل من اسم الإشارة وجملة يخوّف خبر ... أو هو مبتدأ خبره جملة يخوّف، والجملة الاسميّة خبر اسم الإشارة.
(2) أو هي استئناف بيانيّ لا محلّ لها.(4/379)
وَلَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (176)
وجملة: «لا تخافوهم» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر «1» .
وجملة: «خافون» في محلّ جزم معطوفة على جملة الجواب.
وجملة: «كنتم مؤمنين» لا محلّ لها استئنافيّة أو تفسيريّة ... وجواب الشرط المذكور محذوف دلّ عليه ما قبله أي إن كنتم مؤمنين فخافوني.
[سورة آل عمران (3) : آية 176]
وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (176)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (يحزن) مضارع مجزوم و (الكاف) ضمير مفعول به (الذين) موصول مبني في محلّ رفع فاعل (يسارعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (في الكفر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ضمير يسارعون «2» (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير اسم إنّ في محلّ نصب (لن) حرف نفي ونصب واستقبال (يضرّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (شيئا) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه بعضه. (يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (يجعل) مضارع منصوب والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يجعل) (حظا) مفعول به منصوب (في الآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (حظّا) ، (الواو) عاطفة (لهم) مثل الأول متعلّق
__________
(1) أي: إن حثّوكم على المعصية فلا تخافوهم ... أو إن كنتم مؤمنين فلا تخافوهم.
(2) أو يتعلق بفعل يسارعون بتضمينه معنى يقعون فيه.(4/380)
بخبر محذوف (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (عظيم) نعت لعذاب مرفوع مثله.
والمصدر المؤوّل (ألا يجعل ... ) في محلّ نصب مفعول به عامله يريد.
جملة: «لا يحزنك الذين..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يسارعون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إنّهم لن يضرّوا ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «لن يضرّوا..» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يريد الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة أو اعتراضيّة.
وجملة: «لا يجعل ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «لهم عذاب ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة لن يضرّوا ...
الصرف:
(حظّا) الاسم بمعنى نصيب لفعل حظّ يحظّ باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون، يجمع على حظوظ بضم الحاء وحظاظ بكسر الحاء وأحظّ بفتح الهمزة وضمّ الحاء وتشديد الظاء.
البلاغة
1- «إِنَّهُمْ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً» التنكير في قوله «شيئا» لتأكيد ما فيه من القلة والحقارة وضالة الشأن.
الفوائد
1- «يُرِيدُ اللَّهُ أَلَّا يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا» «ألّا» مؤلفة من كلمتين مدغمتين، وهما: أن الناصبة ولا النافية، وإذا وقعت «لا» بعد أن الناصبة كهذا المثال فإنّ «لا» لا تحول دون «أن» وعملها، وتبقى ناصبة للفعل المضارع. ونحن نعلم أنّ «أن» هي حرف مصدر ونصب واستقبال، وهذه الخاصة الأخيرة «الاستقبال» ليست وقفا على «أن»(4/381)
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (177)
وإنما سائر النواصب تضطلع بهذه الخاصة، فجميعها يحول معنى الفعل المضارع من الحال إلى الاستقبال «وأن» لا تقع بعد فعل بمعنى اليقين والعلم الجازم فإن وقعت فهي مخففة من «أنّ» نحو «أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا» .
أما إذا وقعت بعد ما يدل على ظن أو شبهة جاز إعمالها وجاز إهمالها، والنصب أرجح. واعلم أنّ «أن الناصبة للمضارع لا تستعمل إلا في مقام الرجاء والطمع، وبعد ما لا يدلّ على يقين أو ظن» .
[سورة آل عمران (3) : آية 177]
إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (177)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) موصول في محلّ نصب اسم إنّ (اشتروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (الكفر) مفعول به منصوب (بالإيمان) جارّ ومجرور متعلّق ب (اشتروا) بتضمينه معنى بدّلوا (لن يضرّوا الله شيئا) مرّ اعرابها في الآية السابقة، (الواو) عاطفة (لهم عذاب أليم) مرّ إعراب نظيرها في الآية السابقة.
جملة: إنّ الذين اشتروا ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: اشتروا ... لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: لن يضرّوا ... في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لهم عذاب ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة لن يضرّوا.
البلاغة
- «إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْكُفْرَ بِالْإِيْمانِ» أي أخذوه بدلا منه، رغبة فيما أخذوه،(4/382)
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (178)
وإعراضا عما تركوه، والاشتراء على سبيل الاستعارة المكنية.
[سورة آل عمران (3) : آية 178]
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (178)
«1» .
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة «2» ، (يحسبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم ... والنون نون التوكيد الثقيلة (الذين) موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ..
والواو فاعل (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم أنّ «3» ، (نملي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نملي) ... وعائد الموصول محذوف تقديره نمليه (خير) خبر أنّ مرفوع (لأنفس) جارّ ومجرور متعلّق بخير و (هم) ضمير مضاف إليه (إنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (نملي لهم) مثل الأول (اللام) حرف تعليل (يزدادوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (إثما) تمييز منصوب.
والمصدر المؤوّل (أنّ ما نملي ... ) سدّ مسدّ مفعولي يحسب.
__________
(1) هكذا رسمت في المصحف، ولكنّ الصحيح إملائيّا أن ترسم منفصلة (أنّ ما) سواء أكانت ما موصولة أم مصدريّة حتى لا تلتبس مع ما الزائدة الكافّة.
(2) لأن ثمّة قراءة بالتاء (تحسبنّ) . [.....]
(3) أو هو حرف مصدريّ يؤوّل مع ما بعده بمصدر في محلّ نصب اسم أنّ أي:
أن إملاءنا لهم خير.(4/383)
مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)
والمصدر المؤوّل (أن يزدادوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (نملي) الثاني.
(الواو) عاطفة (لهم عذاب مهين) مرّ إعراب نظيرها «1» .
جملة: «لا يحسبنّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كفروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «نملي ... » لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ.
وجملة: «إنّما نملي ... » لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «لهم عذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة نملي الثانيّة.
البلاغة
1- «أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ» مستعار من أملى لفرسه إذا أرخى له الطول ليرعى كيف يشاء فقد شبه إمهالهم وترك الحبل لهم على غواربهم بالفرس الذي يملى له الحبل ليجري على سجيته فحذف المشبّه وهو الإمهال والترك وأبقى المشبّه به وهو الإملاء. وهذا من قبيل الاستعارة التصريحية.
الفوائد
1- قوله تعالى: «أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ» أنّ المشبّهة بالفعل و «ما» المصدرية أو الموصولة وكلتاهما جائز كان حقهما أن تكتبا مفصولتين ولكن بقيتا متصلتين حفاظا على رسم القرآن الكريم وإيثارا له من التغير ومثل ذلك كثير في رسم القرآن ولم يضره تغير الرسم فيما دون القرآن.
[سورة آل عمران (3) : آية 179]
ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ (179)
__________
(1) في الآية (176) من هذه السورة.(4/384)
الإعراب:
(ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (اللام) لام الجحود أو الإنكار (يذر) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد لام الجحود، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
والمصدر المؤوّل (أن يذر ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بخبر كان المحذوف أي ما كان الله مريدا لأن يذر المؤمنين.
(على) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يذر) ، (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (عليه) حرف جرّ وضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (حتّى) حرف غاية وجرّ (يميز) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الخبيث) مفعول به منصوب (من الطيّب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يميز) .
والمصدر المؤوّل (أن يميز ... ) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (يذر) .
(الواو) عاطفة (ما كان الله ليطلع) مثل ما كان الله ليذر و (كم) ضمير مفعول به (على الغيب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يطلع) ، (الواو) عاطفة (لكنّ) حرف مشبّه بالفعل للاستدراك (الله) لفظ الجلالة اسم لكنّ منصوب (يجتبي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من رسل) جارّ ومجرور متعلّق(4/385)
ب (يجتبي) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (يشاء) مضارع مرفوع والفاعل هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط (آمنوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة (رسل) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (تؤمنوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (تتّقوا) مضارع مجزوم معطوف على فعل تؤمنوا.. والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أجر) مبتدأ مرفوع (عظيم) نعت لأجرّ مرفوع مثله.
جملة: «ما كان الله ليذر ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يذر ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «أنتم عليه» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «يميز ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «ما كان الله ليطلعكم» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يطلعكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «لكنّ الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما كان..
الثانية.
وجملة: «يجتبي ... » لا محلّ لها خبر لكن.
وجملة: «يشاء ... » لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم مقدّر أي إذا جاءكم المجتبى من «الله فآمنوا به.
وجملة: «تؤمنوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.(4/386)
وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)
وجملة: «تتّقوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة تؤمنوا.
وجملة: «لكم أجر» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الفوائد
قوله تعالى: «حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ» .
ينصب الفعل المضارع ب «أن» مضمرة وجوبا بعد «حتى» التي هي حتى الجارة، وهي بمعنى (إلى أو لام التعليل) نحو «قالُوا: لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى» وقول القائل: «أطع الله حتى تفوز برضاه» وقد تكون بمعنى «إلّا» كقول الشاعر:
ليس العطاء من الفضول سماحة ... حتى تجود وما لديك قليل
وتشترط في نصب الفعل بعدها بأن مضمرة أن يكون مستقبلا إما بالنسبة إلى كلام المتكلم، وإما بالنسبة إلى ما قبلها.
فإن أريد بالفعل معنى الحال فلا تقدّر «أن» بل يرفع الفعل بعدها قطعا نحو «مرض فلان حتى ما يرجونه» وتكون حتى في هذه الحالة حرف ابتداء وما بعدها مرفوع لتجرده عن الناصب والجازم وهي حرف تبدأ به الجمل.
وعلامة كون الفعل للحال أن يصلح وضع الفاء في موضع «حتى» كقولك «مرض فلان فلا يرجونه» .
[سورة آل عمران (3) : آية 180]
وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (180)
الإعراب:
(الواو) عاطفة أو استئنافيّة (لا يحسبنّ الذين) مرّ(4/387)
إعرابها «1» ، (يبخلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يبخلون) ، (آتى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من فضل) جارّ ومجرور متعلّق ب (آتاهم) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (هو) ضمير فصل لا عمل له (خيرا) مفعول به ثان عامله يحسبنّ، أمّا المفعول الأول فمحذوف يدلّ عليه سياق الكلام وهو البخل (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خيرا) ، (بل) حرف إضراب مجرّد من العطف (هو) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (شرّ) خبر مرفوع (لهم) مثل الأول متعلّق بشرّ.
(السين) حرف استقبال (يطوّقون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع ... والواو نائب فاعل (ما) موصول في محلّ نصب مفعول به (بخلوا) فعل ماض وفاعله (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (بخلوا) ، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يطوّقون) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (الواو) اعتراضيّة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ميراث) مبتدأ مؤخّر مرفوع (السموات) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (الأرض) معطوف على السموات مجرور مثله (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (بما) مثل الأول متعلّق بخبير «2» ، (تعملون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (خبير) خبر المبتدأ الله، مرفوع.
جملة: «لا يحسبنّ الذين ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا
__________
(1) في الآية (178) من هذه السورة.
(2) يجوز أن يكون (ما) حرف مصدريّا ... والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ بالباء متعلّق بخبير.(4/388)
يحسبنّ الذين كفروا ... وما بين الجملتين في حكم الاعتراض «1» .
وجملة: «يبخلون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «آتاهم الله» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «هو شرّ لهم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «سيطوّقون ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «بخلوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «لله ميراث ... » لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «الله ... خبير» لا محلّ لها معطوفة على جملة سيطوّقون.
وجملة: «تعملون» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الاسميّ. أو الحرفيّ.
الصرف:
(ميراث) ، اسم لما يترك بعد الموت من ورث يرث باب وثق، وفي الكلمة إعلال بالقلب، أصله موراث زنة مفعال بكسر الميم، فلما جاءت الواو ساكنة بعد كسر قلبت ياء فأصبح ميراثا.
البلاغة
1- «وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» إظهار الاسم الجليل في موضع الإضمار لتربية المهابة.
والالتفات من الغيبة إلى الخطاب بقوله «تعملون» للمبالغة في الوعيد والإشعار باشتداد غضب الرحمن الناشئ من ذكر قبائحهم.
2- المقابلة: فقد طابق بين خير وشر وبين السموات والأرض.
الفوائد
1- اختلاف في القراءة:
في قوله تعالى: «ولا يحسبنّ» قراءتان الثانية منهما «ولا يحسبنّ» وينجم عن
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافيّة.(4/389)
لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ (181)
الاختلاف في القراءة حذف وتقدير في مفعولي حسب، ووراء ذلك بحث دقيق ومفيد في «مغنى اللبيب» في بابه الخامس وهو إن دل على شيء فإنما يدل على معاضلة النحاة وتمحلهم في أمور كان من الخير لهم وللقراء أن يبسطوها ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا. وقد يغني عن خلافهم الطويل الممل قول أحدهم:
يجوز حذف أحد مفعولي أفعال القلوب للاختصار إذا كان هنالك دليل يدل عليه. وقد أجاز ذلك الجمهور قياسا على الأفعال التي يحذف مفعولها كقوله تعالى:
«هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ» وقوله «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا» ومن له ضلع في هذه المعاناة فعليه بمغنى اللبيب.
[سورة آل عمران (3) : آية 181]
لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (181)
الإعراب:
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (سمع) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (قول) مفعول به منصوب (الذين) موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (قالوا) فعل ماض وفاعله (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (فقير) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (نحن) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (أغنياء) خبر مرفوع وامتنع من التنوين لأنه ملحق بالأسماء المؤنثة الممدودة (السين) حرف استقبال (نكتب) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (ما) حرف مصدريّ «1» (قالوا)
__________
(1) هذا الإعراب أولى ليعطف المصدر الصريح الآتي (قتل) على المصدر المؤوّل، ويجوز أن يكون ما اسما موصلا، مفعولا به، والعائد محذوف.(4/390)
مثل الأول.
والمصدر المؤوّل (ما قالوا) في محلّ نصب مفعول به عامله فعل الكتابة «1» .
(الواو) عاطفة (قتل) معطوف على المصدر المؤوّل منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الأنبياء) مفعول به للمصدر قتل منصوب (بغير) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير في قتلهم (حقّ) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (نقول) مثل نكتب (ذوقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (عذاب) مفعول به منصوب (الحريق) مضاف إليه مجرور.
جملة: «سمع الله ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إنّ الله فقير» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «نحن أغنياء» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: «سنكتب..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قالوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة: «نقول ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة سنكتب.
وجملة: «ذوقوا» في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(الحريق) الاسم من حرق يحرق باب نصر وهو بمعنى المحرق بكسر الراء، وزنه فعيل، وقد يقصد به المصدر وهو الحرق.
__________
(1) قيل الكتابة حقيقية تدوّن أعمال الإنسان في كتاب، وقيل مجازية بمعنى إحصاء عمل الإنسان.(4/391)
البلاغة
1- «وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ» الذوق وجود الطعم في الفم، وأصله فيما يقل تناوله دون ما يكثر فإنه يقال له: أكل، ثم اتسع فيه فاستعمل لإدراك سائر المحسوسات والحالات من قبيل الاستعارة المكنية.
2- الطباق: بين فقير وأغنياء.
الفوائد
2- قوله: «وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ» عقد علماء النحو فصلا حول عمل المصدر نوجزه بما يلي:
يعمل المصدر عمل فعله متعديا ولازما. فإن كان فعله لازما احتاج إلى الفاعل فقط، نحو: «يعجبني اجتهاد سعيد» وقد أضيف المصدر إلى فاعله في هذا المثال، فسعيد مجرور لفظا مرفوع محلا، وإن كان متعديا احتاج إلى فاعل ومفعول به.
وهو يتعدى إلى مفعوله، إما بنفسه نحو «ساءني عصيانك أباك. وإما بحرف الجر نحو «ساءني مرورك بمواضع الشبهة» ويجوز حذف فاعله من غير أن يتحمّل ضميره نحو «سرّني تكريم العاملين» فقد أضيف المصدر إلى مفعوله، والفاعل محذوف جوازا أي تكريم الناس العاملين.
ويجوز حذف مفعوله كقوله تعالى: «وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ» أي استغفار إبراهيم ربه.
والمصدر يعمل عمل فعله مضافا، أو معرفا بأل، أو مجردا من أل والإضافة.
فالأول كقوله تعالى «وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ» والثالث كقوله عزّ وجلّ: أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ. أما الثاني فكقول الشاعر:
لقد علمت أولى المغيرة أنني ... كررت فلم أنكل عن الضرب مسمعا(4/392)
ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)
وشرط عمل المصدر أن يكون نائبا عن فعله نحو: «ضربا اللصّ» أو أن يصحّ حلول الفعل مصحوبا بأن أو ما المصدريتين محلّه، فإذا قلت: سرّني فهمك الدرس صحّ أن تقول: سرني أن تفهم الدرس. وإذا قلت يسرني عملك الخير، صح أن تقول: يسرني أن تعمل الخير، وإذا قلت: يعجبني قولك الحق الآن، صحّ أن تقول: يعجبني ما تقول الحق الآن. فإذا أريد به المضيّ أو الاستقبال قدّر مصحوبا ب «أن» وإذا أريد به الحال قدّر مصحوبا بما كما مرّ.
[سورة آل عمران (3) : آية 182]
ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (182)
الإعراب:
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جر (ما) حرف مصدريّ «1» ، (قدّمت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (أيدي) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (كم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (ما قدّمت أيديكم) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك والباء سببيّة.
(الواو) عاطفة (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (ليس) فعل ماض ناقص جامد، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ زائد (ظلّام) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ليس (اللام) زائدة للتقوية «2» ، (العبيد) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به لصيغة المبالغة ظلّام.
والمصدر المؤوّل (أنّ الله ليس بظلّام ... ) في محلّ جرّ معطوف على المصدر المؤوّل ما قدّمت ...
__________
(1) يجوز أن يكون اسم موصول في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (ذلك) .
(2) يجوز أن يكون حرف جرّ متعلّقا بصيغة المبالغة (ظلّام) .(4/393)
جملة: «ذلك بما قدّمت أيديكم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قدّمت أيديكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) أو الاسميّ.
وجملة: «ليس بظلّام ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
الصرف:
(ظلّام) من صيغ المبالغة مشتقّ من ظلم يظلم باب ضرب، وزنه فعّال بتشديد العين، والظاهر أنه اسم منسوب إلى الظلم كحدّاد، ونجار، حتى لا يلزم في الآية نفي الكثرة وحدها دون الظلم من غير كثرة وهذا فاسد.
البلاغة
1- «بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ» أي بسبب أعمالكم التي قدمتموها كقتل الأنبياء.
والمراد من الأيدي الأنفس والتعبير بها عنها من قبيل التعبير عن الكل بالجزء.
وقيل المراد بالأيدي السيئات وهذا من قبيل المجاز المرسل والعلاقة هي السببية لأن اليد هي السبب فيما يقترفه الإنسان من أعمال.
الفوائد
- قوله «لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ» حرف الجرّ على ثلاثة أقسام: أصلي وزائد وشبيه بالزائد.
أ- الأصلي ما يحتاج إلى متعلّق، ولا يستغنى عنه معنى ولا إعرابا نحو «كتبت بالقلم» .
ب- الزائد هو ما يستغنى عنه إعرابا ولا يحتاج إلى متعلّق ولا يستغنى عنه معنى فقد جيء به لتوكيد مضمون الكلام، نحو «ما جاءنا من أحد» و «ليس سعيد بمسافر» .
وهي أربعة أحرف «من والباء والكاف واللام» .
ج- الشبيه بالزائد: وهو ما لا يمكن الاستغناء عنه لفظا ولا معنى غير أنه لا يحتاج إلى متعلّق وهو خمسة أحرف «ربّ وخلا وعدا وحاشا ولعلّ» لأنه شبيه بالزائد لعدم حاجته إلى تعليق، ويشبه الأصلي لعدم الاستغناء عن لفظه ومعناه»(4/394)
الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (183)
ومن شاء الاستزادة في التعرف على مواطن الزيادة لهذه الحروف فعليه مراجعة بابها في مظانه من مطولات النحاة.
[سورة آل عمران (3) : آية 183]
الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ قُلْ قَدْ جاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي بِالْبَيِّناتِ وَبِالَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (183)
الإعراب:
(الذين) موصول مبنيّ في محلّ جرّ نعت للموصول في الآية (181) أو بدل منه «1» ، (قالوا) فعل ماض وفاعله (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (عهد) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (عهد) ، (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (نؤمن) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (لرسول) جارّ ومجرور متعلّق ب (نؤمن) .
والمصدر المؤوّل (ألّا نؤمن ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف تقديره في، متعلّق ب (عهد) ، أي عهد إلينا في عدم الإيمان ...
(حتّى) حرف غاية وجرّ (يأتي) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد حتّى و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بقربان) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتينا) .
والمصدر المؤوّل (أن يأتينا ... ) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (نؤمن) .
(تأكل) مضارع مرفوع و (الهاء) ضمير مفعول به (النار) فاعل
__________
(1) أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، في محلّ رفع، والجملة مستأنفة.(4/395)
مرفوع ... (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (قد) حرف تحقيق (جاء) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به (رسل) فاعل مرفوع (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) «1» و (الياء) ضمير مضاف إليه (بالبيّنات) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) ، (الواو) عاطفة (الباء) حرف جرّ و (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (جاء) وهو معطوف على البيّنات بإعادة الجارّ (قلتم) فعل ماض مبنيّ على السكون و (تم) ضمير فاعل (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) حرف جرّ و (ما) اسم استفهام مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (قتلتموهم) ، (قتلتم) مثل قلتم و (الواو) زائدة لإشباع الضمّة في الميم و (هم) ضمير مفعول به (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص واسمه، (صادقين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة: «قالوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إنّ الله عهد» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «عهد إلينا» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «لا نؤمن» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الأول.
وجملة: «يأتينا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
وجملة: «تأكله النار» في محلّ جرّ نعت لقربان.
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «قد جاءكم» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قلتم» لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «قتلتموهم» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم صادقين فلم قتلتموهم
__________
(1) أو متعلّق بمحذوف نعت لرسل.(4/396)
وجملة: «كنتم صادقين» لا محلّ لها استئنافيّة- أو تفسيرية- وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.
الصرف:
(قربان) ، اسم لكلّ ما يتقرّب به إلى الله، وزنه فعلان بضمّ الفاء.
الفوائد
1- قوله «تَأْكُلُهُ النَّارُ» أعرب النحاة «آل» للعهد وهذا يقودنا إلى استعراض ما قاله النحاة وعلماء اللغة بشأن هذا الحرف «ال» ورغم أن أقوال العلماء بهذا الشأن كثيرة ومشتتة فسوف نقدم للقارىء موجزا مقتضبا وملما بجوانب هذا اللفظ لما فيه من فائدة للطّلعة وكل رائد علم.
فال التعريفية: تأتي جنسية، وزائدة، وعهدية، وهذه الثلاثة تصلح أن تكون علامة للاسم وإليك بيانها:
1- ال الجنسية: وهي ثلاثة أنواع أ- التي تذكر لبيان الحقيقة والماهية وهي التي لا تنوب عنها كلمة «كل» نحو «الكلمة قول مفرد» ب- التي تأتي لاستغراق الجنس حقيقة وتشمل أفراده نحو «وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً» وهي التي يحل محلها كلمة «كل» فيمكن أن نقول: وخلق كل إنسان ضعيفا ويكون الكلام صحيحا.
ج- التي تكون لاستغراق الجنس مجازا وللمبالغة: نحو «أنت الرجل علما وأدبا» .
3- ال الزائدة: نوعان: لازمة، وغير لازمة.
أ- اللازمة ثلاثة أقسام:
أ- التي لازمت علما منذ وضعه في النقل مثل «اللّات، والعزّى» أو في الارتجال مثل «السموأل» .
ب- التي في اسم للزمن الحاضر وهو «الآن» .
ج- التي في الأسماء الموصولة مثل «الذي والتي وفروعهما» من التثنية والجمع(4/397)
وهي زائدة في الثلاثة لأنه لا يجتمع على الكلمة الواحدة تعريفان.
أما غير اللازمة، وهي العارضة، فهي نوعان:
أ- واقعة في الشعر للضرورة أو في النثر شذوذا ففي الشعر كقول الرّماح بن ميادة:
رأيت الوليد بن اليزيد مباركا ... شديدا بأعباء الخلافة كاهله.
وأما شذوذها في النثر كقولك: «ادخلوا الأول فالأول» .
ب- التي تذكر في أول العلم مشيرة الى أصله: مثل: «الحارث» و «القاسم» و «الحسن والحسين» و «النعمان» وهي سماعية فلا يقاس عليها.
3- ال العهدية وهي ثلاثة أنواع:
أ- للعهد الذكري: وهي التي يتقدم للاسم المعرّف بها ذكر نحو «كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ» .
ب- للعهد العلمي: ويسمى أيضا «العهد الذهني» وهي التي يتقدم للاسم المعرّف بها علم نحو «إِذْ هُما فِي الْغارِ» .
ج- للعهد الحضوري، وهي التي يكون الاسم المعرف بها حاضرا نحو:
«الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ» ومنه صفة اسم الإشارة نحو: «إن هذا الرجل نبيل» وصفة «أي» في النداء نحو: «يا أيها الإنسان» .
4- ال الموصولة: وهي اسم في صورة حرف وهي تدخل على أسماء الفاعلين والمفعولين.
5- ال النائبة عن الإضافة: نحو «وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى» اي عن هواها.
6- كتابة «ال التعريف» إذا دخلت على الأسماء التي أولها لام.
أ- إذا دخلت ال التعريف على اسم أوله لام كتب بلامين نحو: اللحم اللبن، اللجين.
ب- الأسماء الموصولة سائرها تكتب بلام واحدة لكثرة استعمالها. إلّا مثنّى الذي «اللّذين» فتكتب بلامين فتأمّل.(4/398)
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (184)
[سورة آل عمران (3) : آية 184]
فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (184)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (كذّبوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم ... والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (كذّب) فعل ماض مبنيّ للمجهول (رسل) نائب فاعل (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لرسل و (الكاف) مضاف إليه (جاؤوا) مثل كذّبوا لا محلّ له (بالبينّات) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاؤوا) ، (الواو) عاطفة في الموضعين (الزبر، الكتاب) اسمان معطوفان بحرفي العطف على البيّنات مجروران مثله (المنير) نعت للكتاب مجرور.
جملة: «كذبوك» لا محلّ لها معطوفة على جملة قل في الآية السابقة، وجواب الشرط محذوف تقديره فاصبر كما صبر رسل من قبلك أو فتسلّ.
وجملة: «قد كذّب رسل» لا محلّ لها تعليل للمقدّر لأن الفعل ماض لفظا ومعنى.
وجملة: «جاؤوا ... » لا محلّ لها رفع نعت لرسل.
الصرف:
(زبر) ، جمع زبور، وأصله من الزبر أي الزجر، وسمي الكتاب الذي فيه الحكمة زبورا لأنه يزبر أي يزجرّ عن الباطل ويدعو إلى الحقّ.. وفي المختار: الزبر الزجرّ والانتهار وبابه نصر، والزبر أيضا الكتابة وبابه ضرب، وزبور وزنه فعول بفتح الفاء، والزبر فعل بضمّتين.
(المنير) ، اسم فاعل من أنار الرباعيّ، وزنه مفعل بضمّ الميم(4/399)
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (185)
وكسر العين وفيه إعلال بالتسكين.
[سورة آل عمران (3) : آية 185]
كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلاَّ مَتاعُ الْغُرُورِ (185)
الإعراب:
(كل) مبتدأ مرفوع (نفس) مضاف إليه مجرور (ذائقة) خبر مرفوع و (الموت) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (إنّما) كافّة ومكفوفة (توفّون) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع.. والواو نائب فاعل (أجور) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (توفّون) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (زحزح) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عن النار) جارّ ومجرور متعلّق ب (زحزح) ، (الواو) عاطفة (أدخل) مثل زحزح (الجنّة) مفعول به منصوب على السعة «1» (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (فاز) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو. (الواو) استئنافيّة (ما) نافية مهملة (الحياة) مبتدأ مرفوع (الدنيا) نعت للحياة مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (إلّا) أداة حصر (متاع) خبر الحياة مرفوع (الغرور) مضاف إليه مجرور.
جملة: «كلّ نفس ذائقة.» لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) الأصل في فعل (أدخل) أن يتعدّى بحرف الجرّ إلى مع المفعول الصريح، فلمّا بنيّ الفعل إلى المفعول بقيت التعدية بحرف الجرّ إلى، ثمّ حذف الجارّ لكثرة الاستعمال- أو السعة- فأصبح الاسم (الجنّة) منصوبا على المفعوليّة.(4/400)
وجملة: «توفّون أجوركم» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «من زحزح (الاسميّة) » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «زحزح ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «أدخل ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة زحزح.
وجملة: «قد فاز» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «الحياة ... متاع» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(ذائقة) ، مؤنث ذائق «2» ، وهو اسم فاعل من ذاق يذوق باب نصر، وقلب حرف العلّة همزة لمجيئه بعد ألف فاعل اطّرادا، والأصل ذاوق.
(توفّون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله توفّاون، بسكون الواو الثانية اجتمع ساكنان فحذفت الألف تخلّصا من ذلك وبقيت الفاء مفتوحة دلالة على الحرف المحذوف، وزنه تفعّون بضمّ التاء وفتح العين المشدّدة.
(فاز) ، فيه إعلال بالقلب أصله فوز تحرّكت الواو بعد فتح قلبت ألفا وزنه فعل بفتحتين.
البلاغة
- «إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ» تشبيه بليغ فقد شبه سبحانه وتعالى الدنيا بالمتاع الذي يدلس به على المستام ويغرر به حتى يشتريه ثمّ يتبين له فساده ورداءته. والشيطان
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا ...
(2) أنّث لفظ (ذائقة) ليعود إلى كلّ نفس وفيه معنى الجمع. وقيل معنى النفس هنا هو الجسم لا الروح، فالجسم هو الذي يموت وليست الروح.. وقيل النفس تموت بدليل هذه الآية ... وهو اختيار أبي حيّان، فقد جاء في البحر المحيط: «وقال محمد بن عمر الرازي في هذه الآية دلالة على أن النفس لا تموت بموت البدن وعلى أنّ النفس غير البدن- انتهى- وهذه مكابرة في الدلالة فإنّ ظاهر الآية يدلّ على أنّ النفس تموت» أهـ. [.....](4/401)
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذًى كَثِيرًا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)
هو المدلس الغرور. وهذا لمن آثرها على الآخرة فأما من طلب الآخرة بها فإنها متاع بلاغ.
الفوائد
1- قوله تعالى: «وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ» .
تعرّضنا فيما سبق ل «ما» إذا اتصلت بها «إنّ أو إحدى أخواتها» ، وأنها تعرب كافة ومكفوفة وعودة منا إليها نذكر هذه الفائدة.
إذا كانت «ما» المتصلة بهذه الأحرف اسما موصولا أو حرفا مصدريا فلا تكفّها عن العمل بل تبقى ناصبة للاسم رافعة للخبر كقوله تعالى: «ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ» ما هنا اسم موصول في محلّ نصب اسمها وجملة «ينفد» في محلّ رفع خبرها. أما قولك:
«إنّ ما تستقيم حسن» ف «ما» هنا مصدرية تؤول مع الفعل بمصدر وهذا المصدر في محلّ نصب اسم إن و «حسن» خبرها في إن استقامتك حسنة.
ولعلك لاحظت أن «ما» تكتب منفصلة عن «إنّ» إذا كانت اسما موصولا أو مصدرية.
وقد اجتمعت ما المصدرية وما الكافة في قول امرئ القيس.
فلو أن أسعى لأدنى معيشة ... كفاني ولم أطلب قليل من المال
فلو ان ما أسعى لمجد مؤثل ... وقد يدرك المجد المؤثل أمثالي
فما في البيت الأول مصدرية والتقدير «لو أنّ سعيي» وهي في البيت الثاني زائدة كافة اي «لكني أسعى لمجد مؤثّل، فتأمّل فإنّ فيه لمتاعا لذوي الاختصاص.
[سورة آل عمران (3) : آية 186]
لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (186)(4/402)
الإعراب:
(اللام) واقعة في جواب قسم مقدّر (تبلونّ) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون وقد حذفت لتوالي الأمثال ... والواو ضمير متّصل في محلّ رفع نائب فاعل ... والنون نون التوكيد لا محلّ لها (في اموال) جارّ ومجرور متعلّق ب (تبلونّ) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أنفس) معطوف على أموال مجرور مثله و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (تسمعنّ) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون المحذوفة لتوالي الأمثال ... والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل ... و (النون) نون التوكيد الثقيلة (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (تسمعنّ) ، (أوتوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ ... والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من نائب الفاعل و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (من الذين) مثل الأول متعلّق بما تعلق به الأول فهو معطوف عليه (أشركوا) فعل ماض ... وفاعله (أذى) مفعول به عامله تسمعنّ منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (كثيرا) نعت لأذى منصوب مثله. (الواو) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (تصبروا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (تتّقوا) مثل تصبروا ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب اسم إن و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (من عزم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ (الأمور) مضاف إليه مجرور.
جملة: «تبلون» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «تسمعنّ» لا محلّ لها معطوفة على جملة تبلونّ.
وجملة: «أوتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .(4/403)
وجملة: «أشركوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «إن تصبروا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تتّقوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة تصبروا.
وجملة: «إنّ ذلك من عزم..» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(تبلونّ) ، هذه الواو هي واو الضمير وليست لام الكلمة، وأصله تبلاون- بسكون الواو وقبل إدخال نون التوكيد على الفعل- فالتقى ساكنان فحذفت الألف فأصبح تبلون- بفتح اللام وسكون الواو، فلمّا دخلت نون التوكيد حذفت نون الرفع تخفيفا لتوالي الأمثال فأصبح تبلونّ- بسكون الواو وتشديد النون ثمّ حرّكت الواو بالضم تخلّصا من التقاء الساكنين وهما الواو، والنون الأولى من نون التوكيد- فأصبح تبلونّ. أمّا في (تسمعنّ) فإنّ ضمير الفاعل هو المحذوف ... وجرى في الفعل حالات الحذف لعلامة الرفع كما جرى في تبلونّ.
(عزم) ، مصدر سماعيّ لفعل عزم يعزم باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون، وثمّة مصادر أخرى هي عزم بضمّ العين، ومعزم بفتح الميم والزاي أو كسر الزاي، وعزيم وعزمة بفتح العين والزاي، وعزيمة وعزمان بضمّ العين.
الفوائد
1- ألمحنا فيما مضى أن نون رفع الفعل المضارع المتصل بواو الجماعة تحذف لدى اتصاله بنون التوكيد بسبب توالي الأمثال. ولعلّه من المفيد أن نعقب هنا على هذه الخاصة في لغتنا العربية- وما أكثر خواصها- فخاصة التخفيف على اللسان والتسهيل في اللفظ هي ظاهرة عامة وأصيلة تشمل نواحي كثيرة من جوانب لغتنا والحذف بسبب توالي الأمثال جانب من جوانب هذه الخاصة سواء توالي النونات في(4/404)
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ (187)
المثال «1» الآنف الذكر، أو توالي التاءات في أول الفعل المضارع المبدوء بتاء وتتبعها تاء المضارعة فتحذف إحداهما لتوالي الأمثال. ولو شئنا أن نتبع أماكن التسهيل في هذه اللغة لخرجنا عن مخطط البحث إذ أنها كثيرة ومن شاء التملّي منها والتعرف على مسارها فعليه أن يطلبها من مكانها في كتب النحو والصرف وفقه اللغة وهو بحث طريف ومفيد.
[سورة آل عمران (3) : آية 187]
وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ (187)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إذ) اسم ظرفيّ مبنيّ في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر (أخذ) فعل ماض (الله) فاعل مرفوع (ميثاق) مفعول به منصوب (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (أوتوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ.
والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (اللام) لام القسم (تبيّننّ) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون وقد حذفت لتوالي الأمثال، والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل ... والنون نون التوكيد و (الهاء) ضمير مفعول به (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (تبيّننّ) ، (الواو) عاطفة (لا) نافية (تكتمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل و (الهاء) مفعول به (الفاء) عاطفة (نبذوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل و (الهاء) مفعول به (وراء) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (نبذوه) ، (ظهور) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (اشتروا) ماض مبنيّ
__________
(1) كذلك حذف واو الجماعة بسبب التقاء الساكنين فإن غاية هذا الحذف تسهيل النطق والعدول عن العسر إلى اليسر.(4/405)
على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (اشتروا) ، (ثمنا) مفعول به منصوب (قليلا) نعت ل (ثمنا) منصوب مثله (الفاء) استئنافيّة (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو (ما) نكرة موصوفة في محلّ نصب تمييز للضمير الفاعل «1» (يشترون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة: «أخذ الله ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «أوتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «تبيّننّه..» لا محلّ لها جواب قسم.
وجملة: «لا تكتمونه» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم «2» .
وجملة: «نبذوه ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة أخذ الله.
وجملة: «اشتروا ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة نبذوه.
وجملة: «بئس ما يشترون» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يشترون» في محلّ نصب نعت ل (ما) .
البلاغة
1- «فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ» فإن النبذ وراء الظهر تمثيل واستعارة لترك
__________
(1) هذا أحد أوجه إعراب (ما) ، ويجوز أن يكون (ما) فاعل فهو حينئذ معرفة.
ويجوز أن يكون حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل تمييز للضمير المستتر أي:
بئس (هو) شراء هذا الشراء ... والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هذا الشراء.
(2) أجاز بعضهم أن تكون الجملة خبرا لمبتدأ محذوف تقديره أنتم ... والجملة الاسميّة في محلّ نصب حال بجعل الواو واو الحال، ولا يصحّ أن تكون الجملة الفعلية المنفيّة الحاليّة مسبوقة بواو الحال.(4/406)
الاعتداد وعدم الالتفات، وعكسه جعل الشيء نصب العين ومقابلها.
2- الالتفات: فقد انتقل الله سبحانه وتعالى من الغيبة في قوله «وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ» إلى الخطاب في قوله: «لتبيننه» ثمّ عاد إلى الغيبة، والحكمة من ذلك زيادة التسجيل المباشر عليهم.
3- «وَاشْتَرَوْا بِهِ» استعارة مكنية: حيث أن الاشتراء مستعار لاستبدال متاع الدنيا بما كتموه أي تركوا ما أمروا به وأخذوا بدله شيئا تافها حقيرا من حطام الدنيا.
الفوائد
1- قوله تعالى «فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ» .
لقد شغلت أفعال المدح والذم حيّزا كبيرا من جهود النحاة لما تشتمل عليه من أبحاث، سواء حول فاعلها أو تمييزها أو المخصوص بالمدح أو الذم فيها.
ويهمنا في هذه الآية بيان ما ورد حول «تمييزها» من أحكام، فقد أجمعت آراء النحاة أنه يجب في تمييز هذه الأفعال خمسة أمور.
1- يجب تأخير تمييزها عنها: فلا يقال: «رجلا نعم زهير» .
2- أن يتقدم التمييز على المخصوص بالمدح والذم نحو «نعم رجلا زهير» أما تأخيره فهو نادر.
3- أن يكون التمييز مطابقا للمخصوص، إفرادا وتثنية وجمعا وتذكيرا وتأنيثا نحو «نعم رجلا زهير» ونعم رجلين زهير وخالد، ونعم رجالا أنتم، ونعمت فتاة فاطمة، ونعمت فتاتين فاطمة وسعاد، ونعمت فتيات المجتهدات. ومن ذلك قول الشاعر:
نعم امرأين حاتم وكعب ... كلاهما غيث وسيف عضب
4- أن يكون قابلا ل «أل» لأنه محول عن فاعل مقترن بها فقولك: نعم رجلا زهير. فهو محوّل عن قولك: نعم الرجل زهير.(4/407)
لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)
وقد اختار المحققون في علم النحو أن «ما» في مثل قوله تعالى: «فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ» وقوله «فنعما هي» أنها نكرة تامة وتعرب تمييزا فهي في محلّ نصب ومثله قوله تعالى: «نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ» .
5- لا يجوز حذف تمييزها إذا كان فاعل هذه الأفعال ضميرا يعود على التمييز ونادرا ما يحذف. مثال ذلك: «إن قلت كذا فبها ونعمت» أي نعمت فعلة فعلتك.
وفي هذا الباب أبحاث وتفريع واستثناءات ليس من صالحنا التعرض لها في المختصر فعليك بكتب النحو إن كنت من أبطال هذا الميدان.
[سورة آل عمران (3) : آية 188]
لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (188)
الإعراب:
(لا) ناهية جازمة (تحسبنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ جزم.. والنون نون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الذين) موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (يفرحون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يفرحون) ، (أتوا) فعل ماض مبني على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (يحبّون) مثل يفرحون (أن) حرف مصدريّ ونصب (يحمدوا) مضارع مبني للمجهول منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو نائب فاعل (بما) مثل الأول «1» متعلّق ب (يحمدوا) ، (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يفعلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الفاء) زائدة (لا تحسبنّ) مثل الأول وهو تكرار له لطول الكلام المتّصل بالأول و (هم)
__________
(1) يجوز أن يكون نكرة موصوفة، والجملة بعدها نعت لها.(4/408)
ضمير مفعول به أول) . (بمفازة جارّ مجرور متعلّق بمحذوف هو المفعول الثاني ل (تحسبنّهم) «1» ، (من العذاب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لمفازة «2» ، (الواو) استئنافيّة (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت لعذاب مرفوع مثله.
والمصدر المؤوّل (أن يحمدوا ... ) في محلّ نصب مفعول به لفعل يحبون، أي يحبون حمد الناس لهم.
جملة: «لا تحسبنّ ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يفرحون» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «أتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: «يحبّون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يفرحون.
وجملة: «يحمدوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «لم يفعلوا» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «لا تحسبنّهم» لا محلّ لها استئناف مكرر.
وجملة: «لهم عذاب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(مفازة) مصدر ميميّ من فاز يفوز باب نصر وزنه مفعلة بفتح الميم والعين.. والتاء فيه زائدة للمبالغة لا للتأنيث ... وقد يكون اسم مكان من الفعل نفسه، وفي الآية يصحّ المعنيان معا.
__________
(1) أمّا المفعول الثاني ل (تحسبنّ) الأول فمحذوف دلّ عليه اللفظ المذكور (بمفازة) .
(2) يجوز أن يتعلّق بمفازة إذا كان مصدرا.(4/409)
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189) إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)
[سورة آل عمران (3) : آية 189]
وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (189)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ملك) مبتدأ مؤخر مرفوع (السموات) مضاف إليه مجرور (الواو) حرف عطف (الأرض) معطوف على السموات مجرور مثله (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (على كلّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (قدير) (شيء) مضاف إليه مجرور (قدير) خبر مرفوع.
جملة: «لله ملك السموات» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «الله ... قدير» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 190 الى 191]
إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ (191)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (في خلق) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم ل (إنّ) ، (السموات) مضاف إليه مجرور (الأرض) معطوف بالواو على السموات مجرور مثله (الواو) عاطفة (اختلاف) معطوف على خلق مجرور مثله (الليل) مضاف إليه مجرور (النهار) معطوف بالواو على الليل مجرور مثله (اللام) لام التوكيد (آيات) اسم إنّ منصوب وعلامة النصب الكسرة (لأولي) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف(4/410)
نعت لآيات، وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (الألباب) مضاف إليه مجرور.
والجملة ... لا محلّ لها استئنافيّة.
(الذين) موصول مبنيّ في محلّ جرّ نعت لأولي- أو بدل منه- «1» (يذكرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (قياما) مصدر في موضع الحال منصوب «2» ، (قعودا) معطوف بالواو على (قياما) منصوب مثله (الواو) عاطفة (على جنوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ضمير يذكرون وهو معطوف على الحال الصريحة الأولى أي ومضطجعين على جنوبهم و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يتفكّرون) مثل يذكرون (في خلق) مثل الأول متعلّق ب (يتفكّرون) ، (السموات والأرض) مثل الأول (ربّ) منادى مضاف محذوف منه أداة النداء منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه (ما) نافية (خلقت) فعل ماض وفاعله (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (باطلا) حال منصوبة «3» (سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره نسبح منصوب و (الكاف) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة لربط السبب بالمسبّب «4» ، (قنا) فعل أمر دعائي مبنيّ على حذف
__________
(1) يجوز قطعه عن الوصف وجعله خبرا لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره هم أو في محلّ نصب على المدح.
(2) وإذا ضمّن فعل يذكرون معنى يصلّون أي يقومون ويقعدون فإنّ قياما مفعول مطلق نائب عن المصدر أما إذا كان (قياما وقعودا) جمعا لقائم وقاعد فهما حالان ليس غير.
(3) أعربه الزمخشريّ مفعولا طلقا نائبا عن المصدر فهو صفته أي ما خلقت هذا خلقا باطلا ... أو هو على إسقاط الجارّ إما الباء أو اللام.
(4) يجوز أن تكون رابطة لجواب شرط مقدّر.(4/411)
حرف العلّة و (نا) مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عذاب) مفعول به ثان منصوب (النار) مضاف إليه مجرور.
وجملة: «يذكرون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يتفكّرون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة النداء: «ربنا ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر، وهذا القول حال من الفاعل في (يذكرون ويتفكرون) .
وجملة: «ما خلقت هذا باطلا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «سبحانك» لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: «قنا عذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ما خلقت «1» .
الصرف:
قياما، إمّا مصدر قام يقوم باب نصر، وزنه فعال بكسر الفاء، وإمّا جمع قائم اسم فاعل من قام يقوم، وقد قلبت الواو همزة لمجيئها بعد ألف فاعل، وأصله قاوم، وفي قيام إعلال بالقلب أصله قواما وهو مصدر أو بلفظ المصدر.
(قعودا) ، (إمّا) مصدر سماعيّ لفعل قعد يقعد باب نصر وزنه فعول بضمّتين، وإما جمع قاعد اسم فاعل من قعد على وزن فاعل.-
(جنوب) ، جمع جنب، اسم لشقّ الإنسان وغيره وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
1- الطباق: الذي جمع حالات الإنسان الثلاث في الصلاة وهي القيام والقعود والاضطجاع على الجنب أو الاستلقاء.
2- المجاز المرسل: فقد ذكر «السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» ، ومراده ما فيهما من أجرام
__________
(1) أو جواب شرط مقدّر أي: ان قصّرنا- أو أذنبنا- فقنا عذاب النار.(4/412)
عظيمة بديعة الصنع صالحة للاستغلال في سبيل النفع الإنساني، والعلاقة محلية.
3- الإيجاز: في قوله تعالى «وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ» .
حيث انطوى تحت هذا الإيجاز كل ما تمخض عنه العلم من روائع المكتشفات وبدائع المستنبطات.
الفوائد
1- الإيمان بين الفلسفة والقرآن.
لا تكاد تجد أعظم وأشمل من هذه الآيات في مناحي الإيمان عن طريق الفكر والقرآن ويكاد يجمع الفلاسفة أن لدى الإنسان أفكارا فطرية يمده بها عقله لإدراك الحقائق التي لا تطالها الأدلة العقلية والبراهين المنطقية. من هؤلاء الفلاسفة المؤلهة منهم المتقدمون مثل «أفلاطون وأرسطو» من فلاسفة الاغريق ومنهم المتأخرون مثل ديكارت وكانت وبرغثون وغيرهم كثير، كلهم يرون أنه بمقدور الإنسان أن يعتمد على أفكاره الفطرية لإدراكه وجود الله، فما عليه إلا أن ينظر في ملكوت الله وذلك الإتقان والإبداع الذي اتصفت به مخلوقات الله، من الذرة إلى المجرة، ومن النبتة الصغيرة إلى الدوحة الكبيرة، ومن ذرة الرمل إلى الطود الكبير، ومن قطرة الماء إلى المحيط العظيم. كل ذلك يدلنا دلالة فطرية على وجود مبدع عظيم وراء هذا الإبداع والاختراع ولم يجد الغزالي والفارابي وابن رشد وغيرهم من فلاسفة الإسلام ومفكريه مناصا من اللجوء إلى هذا الدليل على وجوده تعالى، إلى جانب البراهين العلمية المركبة الصعبة ولعلهم جميعا كانوا يقتبسون من نور هذه الآية رشدهم، فيقفون مليا أما قوله تعالى:
«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ» إلى آخر الآيات.(4/413)
رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (192)
[سورة آل عمران (3) : آية 192]
رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (192)
الإعراب:
(ربّنا) سبق إعرابه في الآية السابقة وهو تأكيد للنداء المتقدّم (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد و (الكاف) ضمير في محلّ نصب اسم (إن) (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ نصب مفعول به أوّل مقدّم (تدخل) مضارع مجزوم فعل الشرط، وعلامة الجزم السكون وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (النار) مفعول به ثان منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (أخزيت) فعل ماض مبنيّ على السكون. و (التاء) فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) استئنافيّة (ما) نافية (للظالمين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من) حرف جرّ زائد (أنصار) مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ مؤخّر.
جملة: «ربّنا إنك ... » لا محلّ لها اعتراضيّة استرحاميّة- أو استئنافيّة.
وجملة: «إنّك من تدخل ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «ندخل النار» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «قد أخزيته» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ما للظالمين من أنصار» لا محلّ لها استئنافيّة.
البلاغة
1- إظهار النار في موضع الإضمار: لتهويل أمرها وذكر الإدخال في مورد العذاب لتعيين كيفيته وتبيين غاية فظاعته.
2- في الآية فن الإطناب: وهو زيادة اللفظ على المعنى لفائدة بأمور، منها:
آ- ذكر الخاص بعد العام: للتنبيه على فضل الخاص.(4/414)
رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ (193)
ب- ذكر العام بعد الخاص: والغرض من ذلك إفادة الشمول مع العناية بالخاص.
ج- الإيضاح بعد الإبهام.
د- التكرير: فقد تكرر ذكر «ربّنا» وذلك للتضرع، وإظهار لكمال الخضوع، وعرض للاعتراف بربوبيته تعالى مع الإيمان به.
هـ- الاعتراض: وهو أن يؤتى خلال الكلام أو بين كلامين متصلين في المعنى بجملة لا محلّ لها من الإعراب لفائدة ثانوية.
والاحتراس: وهو كل زيادة تجيء لدفع ما يوهمه الكلام مما ليس مقصودا.
3- «وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ» في الآية فن وضع الظاهر موضع المضمر. فقد وضع الظالمين موضع ضمير المدخلين لذمهم والإشعار بتعليل دخولهم النار بظلمهم ووضعهم الأشياء في غير مواضعها.
[سورة آل عمران (3) : آية 193]
رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ (193)
الإعراب:
(ربّنا) مر إعرابه «1» ، (إننا) مثل إنك في الآية السابقة (سمعنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) فاعل (مناديا) مفعول به منصوب (ينادي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (للإيمان) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينادي) «2» ، (أن) حرف مصدريّ «3» ، (آمنوا) فعل أمر مبنيّ على حذف
__________
(1) في الآية (191) من هذه السورة.
(2) اللام بمعنى إلى وقيل هي للتعليل.. وقيل هي بمعنى الباء.
(3) والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف وهو الباء والجارّ والمجرور [.....](4/415)
النون ... والواو فاعل (بربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (آمنّا) مثل سمعنا (ربّنا) مرّ اعرابه، (الفاء) عاطفة تربط المسبّب بالسبب (اغفر) فعل أمر دعائيّ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (اغفر) ، (ذنوب) مفعول به منصوب و (نا) مضاف إليه (الواو) عاطفة (كفّر عنّا سيّئاتنا) مثل اغفر لنا ذنوبنا، والجارّ متعلّق ب (كفّر) ، وعلامة النصب في المفعول الكسرة (الواو) عاطفة (توفّ) أمر دعائيّ مبنيّ على حذف حرف العلّة و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل أنت (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (توفّنا) ، (الأبرار) مضاف إليه مجرور.
جملة: «ربّنا إننا ... » لا محلّ لها استئنافيّة مكرّرة للاسترحام.
وجملة: «إننا سمعنا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «سمعنا مناديا» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «ينادي ... » في محلّ نصب نعت ل (مناديا) «1» .
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «آمنّا» لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة: «ربّنا (الثانية) » لا محلّ لها اعتراضيّة استرحاميّة.
وجملة: «اغفر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنا «2» .
وجملة: «كفّر ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اغفر.
__________
(1) متعلّق ب (ينادي) ويجوز أن يكون (أن) حرف تفسير، والجملة بعده لا محلّ لها تفسيريّة.
(2) : جعلها أبو علي الفارسيّ مفعولا به ثانيا لفعل سمعنا.
يجوز أن تكون جوابا لشرط مقدّر أي: إن قبلت إيماننا فاغفر ...(4/416)
رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ (194)
وجملة: «توفّنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اغفر.
الصرف:
(مناديا) ، اسم فاعل من نادى الرباعيّ، وزنه مفاعل بضمّ الميم وكسر العين.
(توفّنا) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، كان في مضارعه: يتوفّاه الله- فحذف حرف العلّة في الأمر، وزنه تفعنا.
(الأبرار) ، جمع برّ من فعل برّ يبرّ باب نصر وباب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون، فهو صفة مشبّهة باسم الفاعل ... وأمّا بارّ اسم الفاعل من برّ فجمعه بررة وزنه فعلة بفتح الفاء والعين واللام.
[سورة آل عمران (3) : آية 194]
رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ (194)
الإعراب:
(ربّنا) مرّ إعرابه «1» ، (الواو) عاطفة (آتنا) مثل قنا في الآية السابقة (ما) اسم موصول «2» مبنيّ في محلّ نصب مفعول به (وعدت) فعل ماض مبنيّ على السكون. و (التاء) فاعل و (نا) ضمير مفعول به (على رسل) جارّ ومجرور متعلّق ب (وعدتنا) وهو على حذف مضاف أي على ألسنة رسلك و (الكاف) مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تخز) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت و (نا) ضمير مفعول به (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (تخزنا) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (إنّ) حرف مشبّه بالفعل
__________
(1) في الآية (191) من هذه السورة.
(2) يجوز أن يكون حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ نصب مفعول به على حذف مضاف أي: أثر وعدك.(4/417)
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195)
و (الكاف) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (لا) نافية (تخلف) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الميعاد) مفعول به منصوب.
جملة: «ربّنا» لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: «آتنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة توفّنا في الآية السابقة.
وجملة: «وعدتنا» لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ (ما) .
وجملة: «لا تخزنا» لا محلّ لها معطوفة على جملة آتنا..
وجملة: «إنّك لا تخلف ... » لا محلّ لها تعليليّة ...
وجملة: «لا تخلف ... » في محلّ رفع خبر إنّ..
البلاغة
1- في هذه الآية الكريمة فن «الإسجال» وهو فن منقطع النظير وحدّه أن يقصد المتكلم غرضا من الأغراض فيأتي بألفاظ تقرر ذلك الغرض:
فقد سجل المولى سبحانه وتعالى على ألسنة عباده تحقيق موعوده على لسان رسوله وذلك في قوله «ما وَعَدْتَنا» تجد أن هذا الوعد قد أصبح مبرما لا انفكاك لإبرامه.
[سورة آل عمران (3) : آية 195]
فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ (195)(4/418)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (استجاب) فعل ماض (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بفعل استجاب (ربّ) فاعل مرفوع و (هم) مضاف إليه (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (لا) نافية (أضيع) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (عمل) مفعول به منصوب (عامل) مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لعامل (من ذكر) جارّ ومجرور بدل من الجارّ والمجرور المتقدّم بإعادة الجارّ «1» ، (أو) حرف عطف (أنثى) معطوف على ذكر مجرور مثله، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (بعض) مبتدأ مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (من بعض) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ بعض.
والمصدر المؤوّل (أنّي لا أضيع ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق ب (استجاب ... ) أي استجاب لهم ربّهم بأنّي لا أضيع ...
(الفاء) استئنافيّة (الذين) موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (هاجروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ والواو فاعل (الواو) عاطفة (أخرجوا) فعل ماض مبنيّ للمجهول مبنيّ على الضمّ ... والواو نائب فاعل (من ديار) جارّ ومجرور متعلّق ب (أخرجوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أوذوا) مثل أخرجوا (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوذوا) ، و (الياء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (قاتلوا) مثل هاجروا (الواو) عاطفة (قتلوا) مثل أخرجوا (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (أكفرنّ) مضارع مبنيّ
__________
(1) أجاز بعضهم أن تكون (من) زائدة لاعتمادها على نفي و (ذكر) منصوب محلا على الحال ... أو الجارّ والمجرور تمييز لضمير الخطاب في (منكم) .(4/419)
على الفتح في محلّ رفع ... والنون نون التوكيد الثقيلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (عنهم) مثل له متعلّق ب (أكفّر) ، (سيّئات) مفعول به منصوب وعلامة نصبه الكسرة و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لأدخلنّهم) مثل لأكفّرنّ ... و (هم) مفعول به أوّل (جنّات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (من تحت) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الأنهار و (ها) ضمير مضاف إليه، وفيه حذف مضاف أي من تحت أشجارها (الأنهار) فاعل مرفوع (ثوابا) مفعول مطلق ناب عن المصدر «1» ، لأنه اسم مصدر أو اسم لما يثاب به (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (ثوابا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر مقدّم و (الهاء) ضمير مضاف إليه (حسن) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الثواب) مضاف إليه مجرور.
جملة: «استجاب ... » ربّهم لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا أضيع ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «بعضكم من بعض» في محلّ نصب حال من عامل، أو في محلّ جرّ نعت له «2» .
وجملة: «الذين هاجروا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) يجوز أن يكون في موضع الحال من الضمير المفعول به في (أدخلنّهم) أي مثابين ... أو حالا من جنّات أي مثابا بها ... أو بدلا من جنّات بتضمين الفعل معنى أعطينّهم.
(2) يجوز أن تكون استئنافيّة فلا محلّ لها ... أو اعتراضيّة وجملة الذين هاجروا معطوفة على الاستئنافيّة.(4/420)
وجملة: «هاجروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «أوذوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة هاجروا.
وجملة: «أخرجوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة هاجروا.
وجملة: «قاتلوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة هاجروا.
وجملة: «قتلوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة هاجروا.
وجملة: «أكفّرنّ ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر ... وجملة القسم المقدّرة مع جوابه في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) «1» .
وجملة: «أدخلنّهم..» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة: «تجري ... الأنهار» في محلّ نصب نعت لجنّات.
وجملة: «الله عنده حسن الثواب» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «عنده حسن الثواب» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(أوذوا) ، فيه إعلال بالحذف، أصله أوذيوا- بكسر الذال وضمّ الياء- استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت حركتها إلى الذال، فلمّا التقى ساكنان، الياء وواو الجماعة، حذفت الياء فصار أوذوا ... وفيه إعلال آخر بقلب الهمزة الثانية في المدّة إلى واو حين بنائه للمجهول، أصله آذى- من غير واو الجماعة- وفي المجهول أوذي بياء في آخره، ثمّ خفّفت الهمزة الثانية فصار أوذي، ثمّ لحقته واو الجماعة فصار أوذوا- بعد الإعلال بالحذف- وزنه أفعوا.
البلاغة
1- «فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ» في هذه الآية
__________
(1) وهذا ردّ من يقول: إنّ جملة القسم لا تكون خبرا لمبتدأ.(4/421)
لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196) مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)
الكريمة يوجد التفات من الغيبة إلى التكلم والخطاب. وذلك لإظهار كمال الاعتناء بشأن الاستجابة وتشريف الداعين بشرف الخطاب، والمراد تأكيدها ببيان سببها والإشعار بأن مدارها أعمالهم التي قدموها على الدعاء لا مجرد الدعاء.
2- لقد جاء ختام سورة آل عمران جميلا وحسنا، وكما جاء ختام سورة البقرة متضمنا ومشتملا على الدعاء جاء ختام سورة آل عمران متضمنا ومشتملا على عدد من الوصايا النافعة وهذا من حسن الختام، ليبقى راسخا في الأسماع.
[سورة آل عمران (3) : الآيات 196 الى 197]
لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ (196) مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ (197)
الإعراب:
(لا) ناهية جازمة (يغرّنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ جزم ... والنون نون التوكيد الثقيلة و (الكاف) ضمير مفعول به (تقلّب) فاعل مرفوع (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (في البلاد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تقلّب) (متاع) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أي التقلّب «1» (قليل) نعت لمتاع مرفوع مثله (ثمّ) حرف عطف (مأوى) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف و (هم) ضمير مضاف إليه (جهنّم) خبر مرفوع (الواو) استئنافيّة (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ (المهاد) فاعل مرفوع.. والمخصوص بالذمّ محذوف تقديره هي أي جهنّم.
جملة: «لا يغرّنّك تقلّب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) يجوز أن يكون مبتدأ- لأنه وصف- خبره محذوف تقديره تقلّبهم.(4/422)
لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)
وجملة: «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: « (هو) متاع» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «مأواهم جهنّم» لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
وجملة: «بئس المهاد» لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 198]
لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلاً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ (198)
الإعراب:
(لكن) حرف استدراك لا عمل له (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (اتّقوا) فعل ماض مبنيّ على الضم المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (ربّ) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (جنّات) مبتدأ مؤخّر مرفوع (تجري من تحتها الأنهار) مرّ إعرابها «1» ، (خالدين) حال منصوبة من الهاء في (لهم) ، وعلامة النصب الياء (فيها) مثل لهم متعلّق بخالدين (نزلا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي تنزلهم نزلا، (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (نزلا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (خير) خبر مرفوع (للأبرار) جارّ ومجرور متعلّق بخير.
جملة: «الذين اتّقوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) في الآية (196) من هذه السورة.(4/423)
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ لَا يَشْتَرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (199)
وجملة: «اتّقوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لهم جنّات..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة: «تجري ... » الأنهار في محلّ رفع نعت لجنّات.
وجملة: «ما عند الله خير..» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(نزلا) ، إمّا مصدر بمعنى العطاء والفضل وزنه فعل بضمّتين، وإمّا اسم لما هيّئ للضيف من طعام وإمّا جمع مفرده نازل ...
[سورة آل عمران (3) : آية 199]
وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (199)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (من أهل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ مقدّم (الكتاب) مضاف إليه مجرور (لام) لام التوكيد (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ مؤخّر (يؤمن) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يؤمن) ، (الواو) عاطفة (ما) موصول مبنيّ في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة (أنزل) فعل ماض مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (الواو) عاطفة (ما أنزل إليهم) مثل ما أنزل إليكم (خاشعين) حال منصوب من فاعل يؤمن العائد على من، وجمع مراعاة للمعنى (لله) جارّ ومجرور متعلّق بخاشعين (لا) نافية(4/424)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
(يشترون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق ب (يشترون) بتضمينه معنى يستبدلون (ثمنا) مفعول به منصوب (قليلا) نعت منصوب (أولاء) اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقّدم (أجر) مبتدأ مؤخر مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (عند) ظرف منصوب متعلّق بمحذوف حال من أجرهم، (ربّ) مضاف إليه مجرور و (هم) مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (سريع) خبر مرفوع (الحساب) مضاف إليه مجرور.
جملة: «إن من أهل ... لمن» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يؤمن بالله» لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة: «أنزل إليكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: «أنزل إليهم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «لا يشترون» في محلّ نصب حال من فاعل يؤمن.
وجملة: «أولئك لهم أجرهم» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لهم أجرهم» في محلّ رفع خبر المبتدأ أولئك.
وجملة: «إنّ الله سريع ... » لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
[سورة آل عمران (3) : آية 200]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب (و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبنيّ في(4/425)
محلّ نصب بدل- أو نعت- لأيّ على المحلّ (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ والواو فاعل (اصبروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ...
والواو فاعل (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة، (صابروا، رابطوا، اتّقوا) مثل اصبروا (الله) لفظ الجلالة مفعول به عامله اتّقوا (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تفلحون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
جملة النداء: «يأيّها الذين» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «اصبروا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «صابروا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «رابطوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «اتّقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة: «لعلّكم تفلحون» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «تفلحون» في محلّ رفع خبر لعلّ ...
الفوائد
1- حسن الختام يختتم سبحانه وتعالى هذه السورة بهذه الآيات التي تتضمّن نوعا من الابتهالات التي لا نكاد نجد لها مثيلا إلا في آخر سورة البقرة، فكل من السورتين تنتهي بهذا الضرب من التوسل. المشفوع بهذا الجرس الموسيقي الأخّاذ «رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا..»
وقوله تعالى «رَبَّنا وَآتِنا ما وَعَدْتَنا عَلى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعادَ»(4/426)
وحسن الختام هذا ظاهرة من ظواهر الكثير من سور التنزيل، وروعة من روائع القرآن الكريم ينتهي القارئ من سماع السورة وقد امتلأت نفسه وفكره وذوقه بهذه الروعة الأخاذة التي تضم في سياقها روعة المبنيّ وروعة المعنى سواء بسواء.
وحسن الختام بديعة من بدائع اللغة العربية وقد تكون خاصة من خصائص التعبير لدى سائر الشعوب، يرتفع بها أناس فيحلقون في آفاق البلاغة ويهبط لفقدها أناس فيمسخون بلاغة الحديث مسخا ...
2- إن أسلوب الابتهال وفكرة التوسل هي أحسن ما تختم بها سور القرآن ولا سيما الطويلة منها، فإنها تورث القلوب راحة والنفوس طمأنينة والعقول رضى واستسلاما وفي هذا ملاك السعادة في الحياة والاطمئنان لما بعد الممات.
[انتهت سورة آل عمران ويليها سورة النساء](4/427)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)
[سورة النساء]
من الآية 1- إلى الآية 23
[سورة النساء (4) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (1)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه، (الناس) بدل من أيّ تبعه في(4/428)
الرفع لفظا- أو نعت له- (اتّقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون..
والواو فاعل (ربّ) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لربّ (خلق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (من نفس) جار ومجرور متعلّق ب (خلقكم) ، (واحدة) نعت لنفس مجرور مثله (الواو) عاطفة (خلق) ، مثل الأول (من) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خلق) ، (زوج) مفعول به منصوب و (ها) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بثّ) مثل خلق (منهما) مثل الأول متعلّق ب (بثّ) ، (رجالا) مفعول به منصوب (كثيرا) نعت منصوب (الواو) عاطفة (نساء) معطوف على (رجالا) منصوب مثله (الواو) عاطفة (اتّقوا الله) مثل اتّقوا ربّ (الذي) موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة (تساءلون) مضارع مرفوع محذوف منه إحدى التاءين.. والواو فاعل (به) مثل منها متعلّق ب (تساءلون) ، (الواو) عاطفة (الأرحام) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله.. (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (رقيبا) وهو خبر كان منصوب.
جملة النداء: «يأيّها الناس» لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «اتّقوا ربّكم» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «خلقكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «بثّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلق.
وجملة: «اتّقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّقوا ربّكم.(4/429)
وجملة: «تساءلون» لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) الثاني.
وجملة: «إنّ الله كان ... » لا محلّ لها تعليلية.
وجملة: «كان عليكم رقيبا» في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(تساءلون) ، أصله تتساءلون، وقد حذفت إحدى التاءين تخفيفا.
(رقيبا) ، صفة مشبّهة من رقب يرقب باب نصر، وزنه فعيل.
البلاغة
1- في هذه الآية الكريمة فن براعة الاستهلال فقد استهل السورة بالإشارة إلى بدء الخلق والتكوين، وألمع إلى دور المرأة المهم، وأوصى بصلة الرحم.
الفوائد
1- إشارة بالغة الأهمية استهل سبحانه كلامه في هذه السورة مشيرا إلى أكثر الأمور إعجازا في خلقه سبحانه وهو الحياة، وقوامها الذكورة والأنوثة، وقد شغلت مشكلة «الزوجية» هذه الفلاسفة قديمهم وحديثهم وكثير منهم استدلوا على عظمة الله ووحدانيته من هذه الزاوية فقالوا يستحيل على المصادفة العمياء التي وصفت بها الطبيعة أن ترشد إلى اتخاذ الذكورة والأنوثة وسيلة لاستمرار النوع في مئات الأنواع بل آلافها وعلى قرار واحد، ولا بد من إله قادر ومريد يمسك بدفة الحياة ويوجهها وجهتها الحق ويضع لها نواميسها ويحكم صنعها وبرءها.
2- ألمحنا فيما مضى من الكتاب إلى اعراب «أي» وأنه يتوصل بها إلى نداء الاسم المعرف ب «ال» . ونشير هنا إلى أن لها استعمالات أخرى نرى في ذكرها تمام الفائدة فنقول:
3- أي الاستفهامية ويطلب بها تعيين الشيء نحو «أي رجل جاء» ؟ وأية امرأت جاءت؟(4/430)
وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (2)
ب- وقد تتضمن معنى الشرط فتجزم فعلين مضارعين نحو «أي رجل يستقم ينجح» .
ج- وقد تأتي للدلالة على معنى الكمال وتسمّى «أيّا الكمالية» نحو «خالد رجل أيّ رجل» ولا تستعمل إلا مضافة، وتعرب صفة بعد النكرة وحالا بعد المعرفة.
د- وتأتى وصلة لنداء ما فيه «ال» كما مرّ معنا وتتبعها هاء التنبيه نحو «يا أيها الناس» .
هـ- وقد تكون اسما موصولا.
وهي في جميع حالاتها معربة بالحركات الثلاث باستثناء أي الموصولية عند ما تضاف ويحذف صدر صلتها كقوله تعالى «ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا» ففي هذه الحالة يجوز بناؤها وإعرابها والبناء أفصح.
[سورة النساء (4) : آية 2]
وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ إِنَّهُ كانَ حُوباً كَبِيراً (2)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (آتوا) مثل اتّقوا في الآية السابقة (اليتامى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (أموال) مفعول به ثان منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تتبدلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون..
والواو فاعل (الخبيث) مفعول به منصوب (بالطيّب) جارّ ومجرور متعلّق ب (تتبدّلوا) ، (الواو) عاطفة (لا تأكلوا) مثل لا تتبدّلوا (أموالهم) مثل الأول (إلى أموال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من أموالهم «1» أي مضمومة إلى أموالكم و (كم) ضمير مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل
__________
(1) يجوز أن يتعلّق بفعل تأكلوا على أن يتضمّن معنى تضمّوا أو تجمعوا.(4/431)
و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ يعود إلى المنهىّ عنه من التبديل والأكل (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي هذا العمل (حوبا) خبر كان منصوب (كبيرا) نعت منصوب.
جملة: «آتوا اليتامى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّقوا الله في الآية السابقة.
وجملة: «تتبدّلوا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة آتوا اليتامى.
وجملة: «تأكلوا..» لا محلّ لها معطوفة على جملة آتوا اليتامى.
وجملة: «إنّه كان..» لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «كان حوبا..» في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(حوبا) ، مصدر حاب يحوب باب نصر، وزنه فعل بضمّ فسكون.. وثمّة مصدر آخر بفتح الفاء.
البلاغة
1- «وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ» المراد بإيتاء أموالهم تركها سالمة غير متعرض لها بسوء، فهو مجاز مستعمل في لازم معناه، لأنها لا تؤتى إلا إذا كانت كذلك، والنكتة في هذا التعبير الإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الغرض من ترك التعرض إيصال الأموال إلى من ذكر لا مجرد ترك التعرض لها. وعلى هذا يصح أن يراد باليتامى الصغار على ما هو المتبادر، والأمر خاص بمن يتولى أمرهم من الأولياء والأوصياء.
وإذا كان المراد إعطاء الأموال من بلغوا سن الرشد، بعد أن كانوا يتامى تكون كلمة «يتامى» هنا مجازا مرسلا، لأنها استعملت في الراشدين.
والعلاقة اعتبار ما كانوا عليه.
2- «وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ» استعارة مكنية:
فقد شبه أموالهم بطعام يؤكل، ثمّ استعار لها ما هو من أبرز خصائص(4/432)
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (3)
الطعام وهو الأكل، وفي هذه الاستعارة سرّ من أدق الأسرار:
فأهل البيان يقولون: المنهي متى كان درجات، فطريق البلاغة النهي عن أدناها، تنبيها على الأعلى، كقوله تعالى: «فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ» وإذا اعتبرت هذا القانون بهذه الآية وجدته ببادئ الرأى مخالفا لها، إذ أعلى درجات أكل مال اليتيم في النهي أن يأكله وهو غني عنه، وأدناها أن يأكله وهو فقير إليه، فكان مقتضى القانون المذكور أن ينهى عن أكل مال اليتيم من هو فقير إليه، حتى يلزم نهي الغني عنه من طريق الأولى. ولا شك أن النهي عن الأدنى وإن أفاد النهي عن الأعلى إلا أن للنهي عن الأعلى أيضا فائدة أخرى جليلة لا تؤخذ من النهي عن الأدنى، وذلك أن المنهي كلما كان أقبح كانت النفس عنه أنفر، والداعية إليه أبعد، ولا شك أن المستقر في النفوس أن أكل مال اليتيم مع الغنى عنه أقبح الصور الأكل، فخصص بالنهي تشنيعا على من يقع فيه.
4- الطباق: بين الخبيث وهو الحرام من المال والطيب وهو الحلال المستساغ.
[سورة النساء (4) : آية 3]
وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلاَّ تَعُولُوا (3)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (خفتم) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير فاعل (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (تقسطوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (في اليتامى) جارّ ومجرور متعلّق ب (تقسطوا) وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف وفيه حذف مضاف أي في نكاح اليتامى «1» .
__________
(1) ونزلت الآية في حقّ أولياء اليتامى.(4/433)
والمصدر المؤوّل (ألّا تقسطوا ... ) في محلّ نصب مفعول به..
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (انكحوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به «1» ، (طاب) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (طاب) ، (من النساء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الضمير الفاعل في طاب «2» ، (مثنى) حال منصوبة من ما «3» ، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف وامتنع من التنوين لعلّتي الوصف والعدل (الواو) حرف عطف للتخيير (ثلاث) معطوف على مثنى منصوب ممنوع من الصرف (رباع) مثل ثلاث منصوب (الفاء) عاطفة (إن خفتم ألّا تعدلوا) مثل خفتم ألّا تقسطوا، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (واحدة) مفعول به لفعل محذوف تقديره انكحوا (أو) حرف عطف للتخيير (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب معطوف على واحدة «4» ، (ملكت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث (أيمان) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه.. (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى نكاح الأربعة أو الواحدة أو التسرّي و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (أدنى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (تعولوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
__________
(1) استعملت (ما) هنا للنساء- وهنّ عواقل- لأنها واقعة على النوع، أي فانكحوا النوع الذي طاب لكم من النساء.
(2) وهنّ الأجنبيّات غير اليتامى. [.....]
(3) وقال أبو البقاء: حال من النساء وهو ضعيف على رأي أبي حيّان.
(4) انظر الحاشية رقم (1) أعلاه. ف (ما) هنا مثل تلك.(4/434)
والمصدر المؤوّل (ألّا تعدلوا) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف تقديره إلى أن أو لأن، متعلّق بأدنى.
جملة: «إن خفتم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «تقسطوا..» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «انكحوا ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «طاب لكم..» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «إن خفتم (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة إن خفتم (الأولى) .
وجملة: « (انكحوا) واحدة» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «ملكت أيمانكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «ذلك أدنى..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا تعولوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
الصرف:
(طاب) فيه إعلال بالقلب أصله طيب تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا..
(مثنى) ، صفة مشتقّة على وزن مفعل بفتح الميم والعين، وهو معدول عن لفظ آخر وهو اثنتان اثنتان أو ثنتان ثنتان.
(ثلاث) ، صفة مشتقّة على وزن فعال بضمّ الفاء.. وهو معدول عن لفظ آخر هو ثلاث ثلاث بفتح الثاء.
(رباع) ، مثل ثلاث.
(تعولوا) ، ماضيه عال، باب نصر وهو بمعنى جار.
البلاغة
1- فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ» في هذه الآية فن التغليب.
حيث أوثرت «ما» على «من» ذهابا إلى الوصف من البكر أو الثيب(4/435)
وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (4)
مثلا، و «ما» تختص- أو تغلب- في غير العقلاء فيما إذا أريد الذات، وأما إذا أريد الوصف فلا، كما تقول: ما زيد؟ في الاستفهام أي أفاضل أم كريم؟
وأكرم ما شئت من الرجال تعني الكريم أو اللئيم.
الفوائد
1- القاعدة أنّ «من» للعاقل و «ما» لغير العاقل ولكن هناك تجوزا لكل منهما ففي هذه الآية قد استعملت «ما» للعاقل. على غير القاعدة. وقد ذهب النحاة إلى أن ذلك قليل، وأكثر منه إذا اقترن العاقل بغير العاقل في حكم واحد كقوله سبحانه «يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ» فقد دخل تحت هذا الحكم ما يعقل وما لا يعقل على حد سواء..
2- رفع الحيف عن اليتيمة.
كان من عادة العرب في الجاهلية أن يضنّ وليّ اليتيمة بها عن غيره إذا كان جميلة وغنية، فيتزوجها. وقد تكون كارهة فأراد الله تحريرها من هذا الغبن المقيت فأنزل هذه الآية.
3- ورد في كتب النحو في باب الممنوع من الصرف، أن المعدول عن العدد من واحد إلى عشرة يمنع من الصرف وسبب العدل تكرار العدد، فقيل إنه استعيض بهذه الصيغة عن تكرار العدد. وعلة المنع من الصرف، قيل: إنها «العدل والوصف» وقيل إنها بسبب العدل والتعريف بنية الألف والكلام المحذوفتين، لنية الإضافة.
وثمة رأي أن العلتين هما العدول عن التكرار والتأنيث.
ولا يجوز العدل ما لم يتقدمه جمع، نحو جاء القوم مثنى وثلاث ورباع.
وثمة خلاف مفاده: هل العدل يشمل الاعداد من واحد إلى عشرة، أم أنه وقف على ما ورد في القرآن الكريم فقط وهو مثنى وثلاث ورباع؟
ومن شاء المزيد فعليه بمغني اللبيب، ففيه غناء لذي الغلة الصادي.
[سورة النساء (4) : آية 4]
وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4)(4/436)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (آتوا) مثل انكحوا في الآية السابقة (النساء) مفعول به منصوب (صدقات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة و (هنّ) ضمير متّصل في محلّ جرّ مضاف إليه (نحلة) حال منصوبة من ضمير الفاعل أى ناحلين، أو من النساء أي منحولات «1» . (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (طبن) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (النون) ضمير فاعل (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (طبن) بتضمينه معنى تنازلن (عن شيء) جارّ ومجرور متعلّق ب (طبن) (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لشيء (نفسا) تمييز منصوب محوّل عن فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (كلوا) مثل انكحوا في الآية السابقة و (الهاء) ضمير مفعول به (هنيئا) مصدر في موضع الحال «2» إمّا من الواو أي هانئين أو من الهاء أي مهنّأ (مريئا) مصدر في موضع الحال كذلك.
جملة: «آتوا النساء..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة الأولى في الآية السابقة.
وجملة: «إن طبن لكم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كلوه هنيئا» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(صدقاتهنّ) ، جمع صدقة اسم للمهر، وزنه فعلة بفتح فضمّ، وثمّة أسماء أخرى للمهر هي صدقة بفتحتين، وبفتح فسكون
__________
(1) أو هو مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه ملاقيه في الاشتقاق أي أنحلوهن صدقاتهنّ نحلة.
(2) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته أي أكلا هنيئا، ومثله مريئا.(4/437)
وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (5)
وصداق بفتح الصاد وبكسرها.
(نحلة) ، مصدر سماعيّ لفعل نحلتها أنحلها باب فتح أي أعطيتها المهر، وزنه فعلة بكسر الفاء.
(طبن) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون لأنه فعل معتلّ أجوف، وأصله طيبن، فلمّا التقى سكونان حذفت الياء تخلّصا من التقاء الساكنين، وزنه فلن بكسر فسكون.
(هنيئا) ، الغالب في هذا اللفظ أنّه مشتقّ من هنؤ يهنؤ باب كرم على وزن فعيل، وقال العكبري: هو مصدر جاء على وزن فعيل.
(مريئا) ، اشتقاقه يطابق اشتقاق (هنيئا) ، فهو مثله، وفعله مرأ يمرأ باب فتح، ومرئ يمرأ باب فرح، ومرؤ يمرؤ باب كرم.
[سورة النساء (4) : آية 5]
وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً وَارْزُقُوهُمْ فِيها وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تؤتوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (السفهاء) مفعول به منصوب (أموال) مفعول به ثان منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (التي) موصول مبنيّ في محلّ نصب نعت لأموال (جعل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع، والعائد المحذوف مفعول به أوّل أي جعلها (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من (قياما) - نعت تقدّم على المنعوت- (قياما) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة (ارزقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل (وهم) ضمير مفعول به (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ارزقوهم)(4/438)
وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (6)
أي منها (الواو) عاطفة في الموضعين (اكسوا، قولوا) ، مثل ارزقوا و (هم) ضمير الغائب مفعول به (لهم) مثل لكم متعلّق ب (قولوا) ، (قولا) مفعول به منصوب (معروفا) نعت منصوب جملة: «لا تؤتوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آتوا النساء في الآية السابقة.
وجملة: «جعل الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول (التي) .
وجملة: «ارزقوهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تؤتوا ...
وجملة: «اكسوهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة ارزقوهم.
وجملة: «قولوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة ارزقوهم.
الصرف:
(تؤتوا) ، فيه إعلال بالحذف وإعلال بالتسكين، أصله تؤتيوا، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت حركتها إلى التاء، فلمّا التقى ساكنان حذفت الياء تخلّصا من التقاء الساكنين.
(السفهاء) ، جمع سفيه، صفة مشبّهة وزنه فعيل. (انظر الآية 13 من سورة البقرة، و282 من سورة البقرة) .
(اكسوهم) ، فيه إعلال بالحذف أصله اكسووهم أو اكسيوهم، استثقلت الحركة على حرف العلّة لام الفعل، فسكّن، ونقلت حركة حرف إلى الحرف الذي قبله.. ثمّ حذف حرف العلّة لالتقاء الساكنين.
[سورة النساء (4) : آية 6]
وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (6)(4/439)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ابتلوا) مثل ارزقوا «1» (اليتامى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (حتّى) حرف ابتداء (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب «2» ، (بلغوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (النكاح) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب إذا (إن) حرف شرط جازم (آنستم) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط ... و (تم) ضمير فاعل (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (آنستم) ، (رشدا) ، مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب إن (ادفعوا) مثل ابتلوا (إليهم) مثل منهم متعلّق ب (ادفعوا) ، (أموال) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... و (ها) مفعول به (إسرافا) مصدر في موضع الحال «3» ، (الواو) عاطفة (بدارا) معطوف على (إسرافا) منصوب مثله (أن) حرف مصدريّ ونصب (يكبروا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يكبروا) في محلّ نصب مفعول به عامله المصدر بدار «4» ، أي مبادرين كبرهم أي مسرعين في تبذيرها قبل أن يكبروا.
__________
(1) في الآية السابقة.
(2) أي: إذا بلغوا النكاح راشدين فادفعوا ...
(3) أو مفعول لأجله، ومثله (بدارا) .
(4) أو هو مفعول لأجله على حذف مضاف أي مخافة أن يكبروا.(4/440)
(الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (كان) فعل ماض ناقص في محلّ جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو يعود على من (غنيّا) خبر كان منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) لام الأمر الجازمة (يستعفف) مضارع مجزوم بلام الأمر، والفاعل هو (الواو) عاطفة (من ... فليأكل) مثل من كان غنيّا فليستعفف (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل يأكل أي عادلا «1» (الفاء) استئنافيّة (إذا دفعتم) مثل إذا بلغوا (إليهم) مثل الأول متعلّق ب (دفعتم) ، (أموالهم) مرّ اعرابها في الآية (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أشهدوا) مثل ابتلوا (عليهم) مثل إليهم متعلّق ب (أشهدوا) (الواو) استئنافيّة (كفى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (الباء) حرف جرّ زائد (الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل كفى (حسيبا) حال منصوبة «2» .
جملة: «ابتلوا اليتامى» لا محلّ لها معطوفة على استئناف متقدّم.
وجملة: «بلغوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «إن آنستم..» لا محلّ لها جواب إذا.
وجملة: «ادفعوا ... » في محلّ جزم جواب إن مقترنة بالفاء.
وجملة: «لا تأكلوها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ابتلوا «3» .
__________
(1) ويجوز أن يكون الجارّ متعلّقا بمحذوف مفعول مطلق أي: أكلا بالمعروف.
(2) أو تمييز منصوب.
(3) أو هي استئنافية، وهو اختيار أبي حيّان ... قال: «وهذه الجملة مستقلّة ... وليست معطوفة على جواب الشرط لأن الشرط مترتب على بلوغ النكاح وهو معارض لقوله وبدارا أن يكبروا ... وبهذا يتّضح خطأ من جعل (ولا تأكلوها) عطفا على (فادفعوا) ... » اه.(4/441)
وجملة: «يكبروا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة: «من كان غنيّا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان غنيّا ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «ليستعفف» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «من كان فقيرا» لا محلّ لها معطوفة على جملة من كان غنيّا.
وجملة: «كان فقيرا» في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) الثاني «2» .
وجملة: «ليأكل بالمعروف» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «دفعتم ... » في محلّ جرّ بإضافة (إذا) إليها.
وجملة: «أشهدوا عليهم لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «كفي بالله حسيبا» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(بدارا) ، مصدر سماعيّ لفعل بادر الرباعيّ، أمّا القياسيّ فهو مبادرة، وزنه فعال بكسر الفاء.
(حسيبا) صفة مشبّهة لفعل حسب يحسب باب نصر، وزنه فعيل، وهو بمعنى المحاسب.
البلاغة
1- «وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ» في هذه الآية نوع من أنواع البيان الطريف يطلق عليه اسم «قوة اللفظ لقوة المعنى» وذلك في قوله «فليستعفف» .
فإن «استعفّ» أبلغ من «عف» كأنه يطلب زيادة العفة من نفسه هضما لها وحملا على النزاهة.
__________
(1، 2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(4/442)
الفوائد
1- من التشريع الاجتماعي هاتان الآيتان تحضان على الحفاظ على أموال اليتامى، وتبيان متى يجوز للوصي القيّم على اليتيم أن ينتفع من خلال إشرافه وإدارته مال اليتيم الذي في حوزته.
ومتى عليه أن يستعفف ويتورع عن الدنو منه، وبالتالي متى يجب أن يدفع الوصي مال اليتيم إليه، ووجوب الاشهاد على ذلك.
وهكذا نجد الإسلام دائما يقف إلى جانب الضعيف ليقوى، وإلى جانب صاحب الحق لينال حقه.
2- «كفى» لها ثلاثة معان، الأول تكون لتأكيد الاكتفاء والمبالغة فيه.
والثاني تكون بمعنى «أجزأ» والثالث تكون بمعنى «وقى» .
أما الأول فيكثر دخول الباء على فاعله ويقل دخولها على مفعوله، كالآية الآنفة الذكر، وكقول الشاعر:
كفي بجسمي نحولا أنني رجل ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني
وأما الثاني والثالث فيمتنع دخول الباء في فاعلها أو مفعولها فتأمّل.
(3) الفاء الرابطة لجواب الشرط: تدخل على جواب الشرط، سواء أكان جوابا لشرط جازم أو لشرط غير جازم، فإن كان الأول فالجملة في محلّ جزم جواب الشرط وإن كان الثاني فالجملة لا محلّ لها من الأعراب، لأنها جواب لشرط غير جازم.
كما أنها تدخل على جواب الشرط إذا كان فعلا مضارعا، وفي هذه الحالة يجب أن يتقدم لام الأمر على الفعل، كقوله تعالى: «وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ» فيكون الفعل مجزوما ب «لام الأمر» وتكون الجملة في محلّ جزم جواب الشرط.(4/443)
لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (7)
[سورة النساء (4) : آية 7]
لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (7)
الإعراب:
(للرجال) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (نصيب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول «1» ، في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لنصيب (ترك) فعل ماض (الوالدان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (الواو) عاطفة (الأقربون) معطوف على (الوالدان) مرفوع مثله وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (للنساء نصيب ...
والأقربون) مثل للرجال ... والأقربون (ممّا) مثل الأول متعلّق بما تعلّق به الأول لأنه بدل منه بإعادة الجارّ «2» ، (قلّ) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قلّ) ، (أو) حرف عطف (كثر) مثل قلّ (نصيبا) حال مؤكّدة عاملها الاستقرار في قوله للرجال نصيب «3» ، (مفروضا) نعت ل (نصيبا) منصوب مثله.
جملة: «للرجال نصيب ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ترك الوالدان» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: «للنساء نصيب» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
__________
(1) أو نكرة موصوفة ... والجملة بعده نعت له في محلّ جرّ.
(2) هذا البدل هو بدل من قوله: للنساء نصيب ممّا ترك ... [.....]
(3) وردت آراء مختلفة حول إعراب هذا اللفظ.. قيل هو حال من فاعل قلّ أو كثر، وقيل هو مفعول به لفعل مقدّر أي أوجب لهم نصيبا أو جعله الله نصيبا، وقيل هو منصوب على المصدر المؤكّد كما تقول: له عليّ كذا وكذا حقّا واجبا، وقيل هو مفعول مطلق لفعل محذوف أي نصيبه نصيبا ...(4/444)
وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (8)
وجملة: «ترك الوالدان (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «قلّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة: «كثر» لا محلّ لها معطوفة على جملة قلّ.
الصرف:
(مفروضا) ، اسم مفعول من فرض الثلاثيّ باب ضرب، وزنه مفعول.
[سورة النساء (4) : آية 8]
وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (8)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبنيّ في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب (حضر) فعل ماض (القسمة) مفعول به مقدّم منصوب (أولوا) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (القربى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (اليتامى) معطوف على الفاعل مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (المساكين) معطوف على الفاعل بحرف العطف مرفوع مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ارزقوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ارزقوا) ، وقد جاء الضمير مذكّرا لأنه يعود على المقسوم المفهوم من قوله (القسمة) ، (الواو) عاطفة (قولوا ... معروفا) مرّ إعرابها «1» .
جملة: «حضر ... » أولوا ... في محلّ جرّ مضاف إليه.
__________
(1) في الآية (5) من هذه السورة.(4/445)
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (9)
وجملة: «ارزقوهم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «قولوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الجواب
الصرف:
(القسمة) ، اسم من الاقتسام، وزنه فعلة بكسر فسكون.
[سورة النساء (4) : آية 9]
وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (9)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) لام الأمر (يخش) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة (الذين) موصول مبنيّ على الفتح في محلّ رفع فاعل (لو) شرط غير جازم (تركوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل (من خلف) جارّ ومجرور متعلّق ب (تركوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (ذرّيّة) مفعول به منصوب (ضعافا) نعت منصوب (خافوا) مثل تركوا (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خافوا) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) لام الأمر (يتّقوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به عامله ليتّقوا ... أمّا مفعول ليخش فمحذوف يفسّره لفظ الجلالة المذكور (الواو) عاطفة (ليقولوا) مثل ليتّقوا (قولا) مفعول به منصوب (سديدا) نعت منصوب.
جملة: «ليخش الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لو تركوا..» خافوا لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «خافوا عليهم» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «ليتقوا الله» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن دخلت(4/446)
الخشية قلوبهم من الله فليتقوا الله.
وجملة: «ليقولوا ... » معطوفة على جملة ليتّقوا الله.
الصرف:
(يخش) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفع.
(سديدا) ، صفة مشبّهة من سدّ يسدّ باب ضرب وباب فتح أي استوى قولا وفعلا، وهو في معنى الفاعل ومعنى المفعول، وزنه فعيل.
الفوائد
1- لو الشرطية: المحنا فيما سبق إلى بعض أحكام «لو» هذه ولتمام الفائدة نرى أن نستوفي بعض أحكامها التي لم نتعرض لها سابقا. وللنحاة جهود خيرة حول أحكام هذا الحرف، فقد اشتهر لدى النحاة بأنها حرف امتناع لامتناع، ثمّ عمدوا إلى تفصيل ذلك فقالوا: إنها تنقسم إلى قسمين:
الأول أن تختص بزمن المستقبل فتكون بمثابة «إن» الشرطية كقول أبي صخر الهذلي:
ولو تلتقي أصداؤنا بعد موتنا ... ومن دون رمسينا من الأرض سبب
لظل صدى صوتي وإن كنت رمّة ... لصوت صدى ليلى يهشّ ويطرب
فإذا وليها ماض أوّلناه بالمستقبل نحو قوله تعالى: «وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً خافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ» .
الثاني أن تتعلق بالماضي، وهو أكثر استعمالاتها، وتستلزم امتناع شرطها لامتناع جوابها وقد وضع النحاة قاعدة لشرطها وجوابها لا تخلو من الطرافة، كما لا تخلو من فائدة:
فإذا دخلت على فعلين ثبوتيين كانا منفيين نحو «لو جاءني لأكرمته» فمفاده أنه ما جاءني ولا أكرمته. وعلى عكس ذلك إذا دخلت على فعلين منفيين كانا(4/447)
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا (10)
«ثبوتيين» نحو لو لم يجدّ في العلم لما نال منه شيئا والمراد أنه جدّ ونال من العلم، وأطرف من ذلك أنها إذا دخلت على نفي وثبوت كان النفي ثبوتا والثبوت نفيا نحو: «لو لم يهتم بأمر دنياه لعاش عالة على الناس» والمعنى أنه اهتم بأمر دنياه ولم يعش عالة على الناس.
وتختص لو الشرطية مطلقا بالفعل، وقد يليها على قلة اسم معمول لفعل محذوف وجوبا يفسره ما بعده، كقول الشاعر:
اخلّاي لو غير الحمام أصابكم ... عتبت ولكن ما على الدهر معتب
وللبحث تتمة حول اختصاصها وجوابها. نجتزئ بما قلناه، وندع ما بقي لمن كان طلعة في علم النحو، فليرجع إليه في مظانه من كتب المطولات.
[سورة النساء (4) : آية 10]
إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (10)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم إنّ (يأكلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أموال) مفعول به منصوب (اليتامى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (ظلما) مصدر في موضع الحال أي ظالمين «1» ، (إنّما) كافّة ومكفوفة (يأكلون) مثل الأول (في بطون) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من (نارا) - نعت تقدّم على المنعوت- و (هم) ضمير مضاف إليه (نارا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (السين) حرف استقبال (يصلون) مثل يأكلون (سعيرا) مفعول به منصوب.
__________
(1) يجوز أن يكون مفعولا لأجله.(4/448)
جملة: «إنّ الذين يأكلون..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يأكلون..» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «إنّما يأكلون ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «سيصلون سعيرا» في محلّ رفع معطوفة على جملة إنّما يأكلون.
الصرف:
(سيصلون) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت الألف- لام الكلمة- لمجيئها ساكنة قبل واو الجماعة الساكنة، وفتح ما قبل الواو دلالة على الألف المحذوفة، وزنه سيفعون بفتح العين.
(سعيرا) ، اسم جامد للهب النار، من سعر يسعر النار باب فتح أي أشعلها، وزنه فعيل.
البلاغة
1- وذكر «البطون» للتأكيد والمبالغة كما في قوله تعالى: «يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ» والقول لا يكون إلا بالفم. وقوله سبحانه: «وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ» والطير لا يطير إلا بجناح.
2- المجاز المرسل: في قوله «نارا» .
«فالنار» مجاز مرسل من ذكر المسبب وإرادة السبب وجوّزوا في ذلك الاستعارة على تشبيه ما أكل من أموال اليتامى بالنار لمحق ما معه.
3- «وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً» إن أصل الصلي القرب من النار، وقد استعمل هنا في الدخول مجازا.
الفوائد:
1- «إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً» كانت لنا وقفة حول «إنما» الكافة والمكفوفة والآن لنا عودة إلى «ما» المتصلة ب «إنّ» وأخواتها وخصوصا حول كتابتها: «فما» هذه على ثلاثة أقسام:(4/449)
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (11)
ما الزائد وهي التي تكف عن العمل، وما الموصولة، وما المصدرية التي تؤول مع ما بعدها بمصدر فالكافة تكتب متصلة بالحرف الذي يسبقها نحو «إنما وكأنما ولعلّما» وأما الموصولة والمصدرية فتكتب منفصلة عما قبلها مثل قوله تعالى: «ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ» ونحو، إن ما تستقيم حسن فالأولى موصولة والثانية مصدرية. وذو لفطنة يدرك ما بينها من فروق.
[سورة النساء (4) : آية 11]
يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (11)
الإعراب:
(يوصي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (في أولاد) جارّ ومجرور متعلّق ب (يوصيكم) وفيه حذف مضاف أي شأن أولادكم و (كم) ضمير مضاف إليه (للذكر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدم (مثل) مبتدأ مؤخّر مرفوع «1» ، (حظّ) مضاف إليه مجرور (الأنثيين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (الفاء) استئنافيّة- أو عاطفة- (إن) حرف شرط جازم (كنّ) فعل ماض ناقص مبنيّ على
__________
(1) بحذف موصوف حيث نابت الصفة منابه أي: حظّ مثل حظّ الأنثيين.(4/450)
السكون في محل جزم فعل الشرط ... و (النون) اسم كان (نساء) خبر كان منصوب (فوق) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف نعت لنساء (اثنتين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) حرف جرّ و (هنّ) ضمير متّصل مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ثلثا) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الألف (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (ترك) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الميت، والعائد محذوف أي تركه (الواو) عاطفة (إن) مثل الأول (كانت) فعل ماض ناقص في محلّ جرم فعل الشرط ... و (التاء) للتأنيث، واسم كان ضمير مستتر تقديره هي أي:
المولودة (واحدة) خبر كان منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لها النصف) مثل لهنّ ثلثا. (الواو) استئنافيّة (لأبوي) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم وعلامة الجرّ الياء و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لكلّ) جارّ ومجرور بدل من المجرور أبويه بإعادة الجارّ (واحد) مضاف إليه مجرور «1» (السدس) مبتدأ مؤخّر مرفوع (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من السدس (ترك) مثل الأول (إن كان) مثل إن كانت (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر كان مقدّم (ولد) اسم كان مرفوع «2» ، (الفاء) عاطفة (إن) مثل الأول (لم) حرف نفي فقط (يكن) مضارع ناقص مجزوم فعل الشرط «3» . (له ولد) مثل الأول (الواو) اعتراضيّة (ورث) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به (أبوا) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف
__________
(1) منهما: جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لواحد.
(2) أو فاعل كان التام و (ل) متعلّق بالفعل.
(3) وعلى رأي بعض النحاة مجزوم ب (لم) لأنه الأقوى.(4/451)
وحذفت النون للإضافة و (الهاء) مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لأمّ) جارّ ومجرور خبر مقدّم و (الهاء) مضاف إليه (الثلث) مبتدأ مؤخّر. (الفاء) استئنافيّة (إن كان له إخوة) مثل إن كان له ولد (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لأمّه السدس) مثل لأمه الثلث (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بأعمال القسمة المتقدّمة أي ب (يوصيكم) وما يليه «1» ، (وصية) مضاف إليه مجرور (يوصي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الميت (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يوصي) ، (أو) حرف عطف (دين) معطوف على وصيّة مجرور مثله.
جملة: «يوصيكم الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «للذكر مثل..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تفسيريّة- وجملة: «إن كنّ نساء ... » لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «لهنّ ثلثا ... » في محلّ جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
وجملة: «ترك» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «إن كانت واحدة» لا محلّ لها معطوفة على جملة إن كنّ ...
وجملة: «لها النصف» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «لأبويه ... السدس» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ترك (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثانية.
__________
(1) أو متعلّق بفعل محذوف تقديره يستحقّون ذلك من بعد وصيّة ...(4/452)
وجملة: «كان له ولد» لا محلّ لها استئنافيّة ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فلأبويه ... السدس.
وجملة: «لم يكن له ولد» لا محلّ لها معطوفة على جملة كان له ولد.
وجملة: «ورثه أبواه..» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة: «لأمه الثلث» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «كان له إخوة» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لأمه السدس» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يوصي بها» في محلّ جرّ نعت لوصيّة.
(آباء) مبتدأ مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أبناء) معطوف على آباء مرفوع مثله و (كم) مضاف إليه (لا) نافية (تدرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أيّ) اسم موصول «1» ، مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب مفعول به عامله تدرون و (هم) مضاف إليه (أقرب) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بأقرب (نفعا) تمييز منصوب (فريضة) مفعول مطلق مصدر مؤكّد لمضمون الجملة السابقة، إذ معنى يوصيكم الله فرض الله عليكم «2» ، (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بفريضة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عليما) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
__________
(1) وهو اختيار أبي حيان.. ويجعله بعضهم اسم استفهام مبتدأ مرفوع خبره أقرب، والجملة مفعول به لفعل تدرون المعلّق بالاستفهام.
(2) فهو إمّا نائب عن المصدر لترادف الفعلين، أو مفعول مطلق لفعل محذوف أي فرض الله ذلك فريضة.(4/453)
وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)
وجملة: «آباؤكم ... » لا تدرون لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «لا تدرون..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (آباء) .
وجملة: « (هم) أقرب» لا محلّ لها صلة الموصول (أيّهم) .
وجملة: « ... فريضة من الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ الله كان..» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «كان عليما ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(السدس) اسم للعدد الدال على واحد من ستّة أقسام وزنه فعل بضمتين.
(أمّ) اسم أحد الوالدين وهو جامد، وزنه فعل بضمّ الفاء، وقد أدغم عينه ولامه لأنهما حرف واحد ...
الفوائد
1- هذه الآية «1» تعد واحدة من آيات علم المواريث الذي اضطلع في تفصيله أحكام القرآن الكريم، وقد نشأ عن هذا التشريع علم إسلامي صرف يدعى «علم الفرائض» وقد عنى العلماء به عناية خاصة وأصبح له فيما بعد علماء مختصون بتقسيم التركة وفق هذه الآيات.
[سورة النساء (4) : آية 12]
وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12)
__________
(1) والآية التي بعدها.(4/454)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (نصف) مبتدأ مؤخّر مرفوع (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (ترك) فعل ماض (أزواج) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (إن) حرف شرط جازم (لم) حرف نفي فقط (يكن) مضارع ناقص- أو تام- مجزوم فعل الشرط، (لهنّ) مثل لكم متعلّق بمحذوف خبر يكن- أو متعلّق ب (يكن) - (ولد) اسم يكن- أو فاعله- مرفوع (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (كان) فعل ماض ناقص- أو تام- في محلّ جزم فعل الشرط (لهنّ ولد) مثل الأول (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لكم الرّبع) مثل لكم النصف (من) حرف جرّ ما اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من الربع (تركن) فعل ماض مبنيّ على السكون ... و (النون) فاعل (من بعد وصيّة) مرّ اعرابها «1» ، (يوصين) مضارع مبنيّ على السكون لاتصاله بنون النسوة ... و (النون) فاعل (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق ب (يوصين) ، (أو) حرف عطف (دين) معطوف على وصيّة مجرور مثله (الواو) عاطفة (لهنّ الربع ممّا تركتم) مثل لكم ... تركن (إن لم يكن لكم ولد) مثل إن لم يكن لهنّ ولد (الفاء) عاطفة (إن كان لكم ولد فلهنّ الثمن مما تركتم من بعد وصية) مثل إن كان لهنّ ولد فلكم الربع مما
__________
(1) في الآية السابقة (11) .(4/455)
تركن من بعد وصيّة (توصون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أو دين) مثل الأول.
جملة: «لكم نصف ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ترك أزواجكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: «لم يكن لهنّ ولد» لا محلّ لها استئنافيّة ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فلكم نصف ما ترك ...
وجملة: «كان لهنّ ولد» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «لكم الربع» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «تركن» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «لهنّ الرّبع» لا محلّ لها معطوفة على جملة لكم نصف ... «1» .
وجملة: «تركتم لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة: «لم يكن لكم ولد لا محلّ لها استئنافيّة ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: فلهنّ الربع.
وجملة: «كان لكم ولد» لا محلّ لها معطوفة على جملة لم يكن لكم ...
وجملة: «لهنّ الثمن» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «تركتم (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الرابع.
(الواو) استئنافيّة (إن كان) مثل الأول (رجل) اسم كان- أو فاعل- مرفوع (يورث) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره
__________
(1) يجوز أن تكون استئنافيّة من غير عطف.(4/456)
هو (كلالة) حال منصوبة «1» ، (أو) حرف عطف (امرأة) معطوف على رجل مرفوع مثله (الواو) حاليّة (له) مثل لكم متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (أخ) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أخت) معطوف على أخ بحرف العطف (أو) مرفوع مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لكلّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (واحد) مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ (هما) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لواحد (السدس) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط (كانوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ ...
والواو اسم كان (أكثر) خبر منصوب (من) حرف جرّ (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بأكثر و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (شركاء) خبر مرفوع (في الثلث) جارّ ومجرور متعلّق بشركاء (من بعد وصيّة يوصى بها أو دين) مثل نظيرتها المتقدّمة في الآية السابقة و (يوصى) مبنيّ للمجهول وفيه ضمير مستتر نائب فاعل (غير) حال منصوبة من الموصي المفهوم من
__________
(1) في إعراب كلالة توجيهات كثيرة بحسب معنى الكلمة المختلف وتفسيرها، ونورد فيما يلي ما جاء في تفسير البحر المحيط لأبي حيّان من هذه التوجيهات والتخريجات، قال: «.... ومعنى الكلالة أنه الميّت أو الوارث فانتصاب الكلالة على الحال من الضمير المستكنّ في يورث، وإذا وقع على الوارث احتيج إلى تقدير ذا كلالة ... وإن كان معنى الكلالة القرابة فانتصابها على أنّها مفعول لأجله أي يورث لأجل الكلالة ... ويجوز إذا كانت (كان) ناقصة والكلالة بمعنى الميت أن يكون يورث صفة وينتصب كلالة على أنّه خبر كان، بمعنى الوارث فيجوز ذلك على حذف مضاف أي وإن كان رجل موروث ذا كلالة. وقال عطاء: الكلالة المال، فينتصب كلالة على أنه مفعول ثان سواء بني الفعل للفاعل أو المفعول. وقال ابن زيد: الكلالة الوراثة، وينتصب على الحال أو على النعت لمصدر محذوف تقديره وراثة كلالة ... إلخ» اه. [.....](4/457)
قوله يوصى بها (مضار) مضاف إليه مجرور (وصيّة) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لوصيّة (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عليم) خبر مرفوع (حليم) خبر ثان مرفوع.
وجملة: «إن كان رجل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يورث كلالة» في محلّ رفع نعت لرجل.
وجملة: «له أخ ... » في محلّ نصب حال من ضمير يورث.
وجملة: «لكلّ واحد منهما السدس» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «كانوا أكثر ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
الأخيرة.
وجملة: «هم شركاء» في محلّ جزم جواب الشرط.
وجملة: «يوصى بها» في محلّ جرّ نعت لوصيّة.
وجملة: «وصيّة من الله» لا محلّ لها استئنافيّة- أو اعتراضيّة.
وجملة: «الله عليم ... » لا محلّ لها استئنافيّة أو معطوفة على الاستئنافيّة.
الصرف:
(يوصين) ، فيه إعلال بالحذف أصله يوصيين ويجري الحذف فيه كما في (توصون) الآتي.
(توصون) ، فيه إعلال بالحذف أصله توصيون ... استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الصاد- إعلال بالتسكين- ولالتقاء الساكنين- الياء والواو- حذفت الياء، لأنها جزء من كلمة والواو كلمة كاملة، فأصبح توصون وزنه تفعون بضمّ التاء. وبالإضافة إلى هذا فثمّة حذف الهمزة من أوّله تخفيفا جرى فيه مجرى ينفقون (انظر الآية 3 من(4/458)
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)
سورة البقرة) .
(كلالة) ، اسم لمن يموت وليس له ولد أو أب، وقد يكون اسما للمال الموروث، أو الوارث أو الوراثة، أو القرابة ... وزنه فعالة. وهو أيضا من المصادر السماعيّة لفعل كلّ يكلّ باب ضرب بمعنى تعب.
(شركاء) ، جمع شريك، هو صفة مشبّهة من شرك يشرك باب فرح، وزنه فعيل.
(مضار) ، اسم فاعل من (ضارّ) الرباعيّ وزنه مفاعل- بضمّ الميم وكسر العين- إنّما سكن الحرف الذي قبل الأخير لمناسبة التضعيف، ولو فكّ الإدغام لظهرت الكسرة.
الفوائد
(ذا) اسم إشارة للمفرد المذكّر. يسبق اسم الإشارة بهاء الّتي هي حرف للتنبيه.
فيقال: هذا وهي إشارة للقريب. تلحق ذا الكاف التي هي حرف خطاب- فيقال: ذاك. وهي إشارة البعيد. وقد تلحقها هذه الكاف مع اللام. فيقال:
ذلك وهي إشارة البعيد أيضا، وإذ ذاك تحذف الألف من ذا.
[سورة النساء (4) : آية 13]
تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13)
الإعراب:
(تي) اسم إشارة مبنيّ على السكون الظاهر على الياء المحذوفة لالتقاء الساكنين في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (حدود) خبر مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور(4/459)
(الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يطع) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (رسول) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (يدخل) مضارع مجزوم جواب الشرط و (الهاء) مفعول به أوّل (جنّات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، (من تحت) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الأنهار- أو بفعل تجري- و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الأنهار) فاعل مرفوع (خالدين) حال منصوبة من مفعول يدخل، وجاء جمعا لمعنى المفعول، وقد يفرد كما سيأتي، وعلامة النصب الياء (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخالدين (الواو) استئنافيّة (ذلك) مثل الأول (الفوز) خبر مرفوع (العظيم) نعت للفوز مرفوع مثله.
جملة: «تلك حدود الله» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «من يطع ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يطع الله ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «يدخله» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «تجري ... الأنهار» في محلّ نصب نعت لجنّات.
وجملة: «ذلك الفوز ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الفوز) ، مصدر سماعيّ لفعل فاز يفوز باب نصر، وزنه فعل بفتح فسكون.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(4/460)
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14)
[سورة النساء (4) : آية 14]
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ (14)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من يعص الله ورسوله) مثل من يطع الله ورسوله في الآية السابقة وعلامة الجزم لفعل (يعص) حذف حرف العلّة (الواو) عاطفة (يتعدّ) مضارع مجزوم معطوف على (يعص) ، وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (حدود) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (يدخله نارا خالدا فيها) مثل يدخله جنّات ... خالدين فيها في الآية السابقة (الواو) عاطفة (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدم (عذاب) مبتدأ مؤخّر (مهين) نعت لعذاب مرفوع مثله.
جملة: «من يعص الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من يطع الله.
وجملة: «يعص الله ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة: «يتعدّ ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يعص.
وجملة: «يدخله» لا محلّ لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «له عذاب ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يدخله ...
أو استئنافيّة.
الصرف:
(يعص) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفع.
(يتعدّ) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم. وزنه يتفعّ بفتح العين المشدّدة، وفيه إعلال بالقلب أصله يتعدي في حال الرفع.
__________
(1) في الآية السابقة (13) .(4/461)
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا (15)
البلاغة
1- الإفراد والجمع: في قوله تعالى: «خالِدِينَ فِيها» وقوله: «خالِداً فِيها» ولعل إيثار الإفراد هاهنا نظرا إلى ظاهر اللفظ، واختيار الجمع هناك نظرا إلى المعنى للإيذان بأن الخلود في دار الثواب بصفة الاجتماع أجلب للأنس، كما أن الخلود في دار العذاب بصفة الانفراد أشد في استجلاب الوحشة.
الفوائد
1- في هاتين الآيتين نكتة بلاغية، قلما يتعرض لها علماء البلاغة، ولكن لا يتجاوزها علماء التفسير، فقد ورد وصف أهل الجنة في الآية الأولى بصيغة الجمع «خالدين» بينما ورد وصف أهل النار في الآية الثانية بصيغة الإفراد «خالدا» وفي تعليل ذلك قولان:
أحدهما: أن أهل الجنة ذوو مراتب متفاوتة، ولذلك اقتضى وصفهما بصيغة الجمع، وأن أهل النار لا يتفاوتون في العقاب، فكلهم في النار، ولذلك وصفهم بصيغة المفرد.
الثاني: ذهب بعض المفسرين إلى تعليل الاختلاف في وصف أهل الجنة بالجمع ووصف أهل النار بالإفراد، إلى أن الإفراد لأهل النار زيادة في الوحشة وقساوة في العقاب، والجمع لأهل الجنة يقتضي الأنس بالاجتماع والسعادة بالتعارف واللقاء.
وكلا الوجهين حسن فاختر منها ما يرجح لديك قبوله.
[سورة النساء (4) : آية 15]
وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللاتي) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ (يأتين) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ رفع ... والنون(4/462)
فاعل (الفاحشة) مفعول به منصوب (من نساء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل يأتين و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) زائدة في الخبر لمشابهة المبتدأ للشرط (استشهدوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعل (على) حرف جرّ و (هنّ) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق بفعل استشهدوا (أربعة) مفعول به منصوب (منكم) مثل عليهنّ متعلّق بنعت لأربعة، وتمييز العدد محذوف تقديره شهداء أو رجال (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (شهدوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط ... والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أمسكوا) مثل استشهدوا و (هنّ) ضمير مفعول به (في البيوت) جارّ ومجرور متعلّق ب (أمسكوهنّ) ، (حتّى) حرف غاية وجرّ (يتوفّى) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (هنّ) ضمير مفعول به (الموت) فاعل مرفوع على حذف مضاف أي ملائكة الموت.
والمصدر المؤوّل (أن يتوفّاهنّ الموت) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (أمسكوهنّ) .
(أو) حرف عطف (يجعل) مضارع منصوب معطوف على يتوفى (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) حرف جرّ و (هنّ) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يجعل) «1» ، (سبيلا) مفعول به منصوب.
جملة: «اللاتي يأتين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يأتين ... » لا محلّ لها صلة الموصول (اللاتي) .
وجملة: «استشهدوا» في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللاتي) «2» .
__________
(1) أو بمحذوف حال من (سبيلا) ، أو بمحذوف مفعول به ثان لفعل يجعل.
(2) زيدت الفاء في الجملة لمشابهة الموصول للشرط- على رأي الجمهور- أو يجوز زيادة الفاء في الخبر إطلاقا من غير قيد على رأي الأخفش.(4/463)
وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا (16)
وجملة: «إن شهدوا» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أمسكوهنّ» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «يتوفّاهنّ الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «يجعل الله..» لا محلّ لها معطوفة على جملة يتوفّاهنّ.
[سورة النساء (4) : آية 16]
وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (16)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اللذان) اسم موصول مبنيّ على الألف في محلّ رفع مبتدأ (يأتيان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون..
و (الألف) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل و (ها) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من ضمير الفاعل (الفاء) زائدة في الخبر «1» ، (آذوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هما) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (تابا) فعل ماض مبنيّ على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط.. و (الألف) فاعل (الواو) عاطفة (أصلحا) مثل تابا ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أعرضوا) فعل أمر مثل آذوا (عن) حرف جرّ و (هما) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أعرضوا) ، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (توّابا) خبر كان منصوب (رحيما) خبر ثان منصوب.
__________
(1) زيدت الفاء في الجملة لمشابهة الموصول للشرط- على رأي الجمهور أو يجوز زيادة الفاء في الخبر إطلاقا من غير قيد على رأي الأخفش.(4/464)
جملة: «اللذان يأتيانها ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة اللاتي يأتين في الآية السابقة.
وجملة: «يأتيانها..» لا محلّ لها صلة الموصول (اللذان) .
وجملة: «آذوهما» في محلّ رفع خبر المبتدأ (اللذان) .
وجملة: «تابا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أصلحا» لا محلّ لها معطوفة على جملة تابا.
وجملة: «أعرضوا ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «إنّ الله كان..» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة: «كان توّابا..» في محلّ رفع خبر إنّ.
الفوائد
1- هاتان الآيتان منسوختان بحكم الزانية والزاني في سورة «النور» ، وهو الجلد والرجم. وقد كان الحكم عليهما في ابتداء الإسلام أن المرأة إذا ثبت زناها بالبينة العادلة تحبس في بيت فلا تخرج منه إلى أن تموت أو يجعل الله لها سبيلا. وقد كان السبيل هو النسخ.
2- ورد في هذه الآية اسمان موصولان وهما «اللاتي لجمع المؤنث، واللذان للمثنى المذكر» وقد ورد رسمهما في المصحف ب «لام واحدة» وهما يكتبان ب «لامين» .
وقد حوفظ على رسم الكلمات في المصحف ولم يتناولها تغيير أو تبديل حفاظا على قداسة المصحف. وهذا لا يمنعنا أن نذكر أن أربعة من الأسماء الموصولة تكتب بلام واحدة وهي: الذي والذين والتي والألى وما سوى هذه الأربعة تكتب بلامين.
وهي «اللذان واللذين، واللتان واللتين، واللّاتي واللواتي واللائي» .
ولا ندري علّة لذلك فمن شاء فليبحث في بطون المطولات لعله يحظى لهذا التفريق بصلة وسبب 3- نون النسوة قسمان: المخففة، وهي ضمير بإطلاق، والمشدّدة وفيها(4/465)
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (17)
رأيان الأول: أنها حرف يدل على النسوة، وما قبلها هو الضمير سواء كان هاء نحو «يتوفاهنّ» أو الكاف مثل «يجعلكنّ» . والثاني أنها جزء من الضمير.
[سورة النساء (4) : آية 17]
إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (17)
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة (التوبة) مبتدأ مرفوع على حذف مضاف أي قبول التوبة «1» ، (على الله) جارّ ومجرور على حذف مضاف أيضا أي: فضل الله، متعلّق بمحذوف خبر التوبة «2» ، (اللام) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال عاملها الاستقرار (يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (السّوء) مفعول به منصوب (بجهالة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال أي واقعين بجهالة أو الجارّ والمجرور حال أي جاهلين عملهم (ثمّ) حرف عطف (يتوبون) مثل يعملون (من قريب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتوبون) على حذف موصوف أي من زمان قريب (الفاء) عاطفة (أولاء) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (الكاف) للخطاب (يتوب) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يتوب) ، (الواو) استئنافيّة (كان الله عليما حكيما) مثل كان توابا رحيما- في الآية السابقة-.
__________
(1) لأن المصدر (التوبة) هو مصدر لفعل تاب الله على فلان.
(2) أي مترتّب على فضل الله لا على وجه الوجوب.. واختار أبو حيّان أن يتعلّق (للذين) بالاستقرار الذي تعلّق به الجارّ (على الله) ، وما جاء أعلاه اختيار العكبريّ.(4/466)
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (18)
جملة: «إنّما التوبة» على الله لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعملون السوء..» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «يتوبون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «أولئك يتوب الله..» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يتوب الله..» في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة: «كان الله عليما..» لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(جهالة) ، مصدر سماعيّ لفعل جهل يجهل باب فرح وزنه فعالة بفتح الفاء، وثمّة مصدر آخر هو جهل بفتح فسكون.
الفوائد
(أولاء) اسم إشارة للجمع المذكّر والمؤنث للعقلاء وغيرهم. يسبق اسم الإشارة بهاء هي حرف التنبيه. هؤلاء الطلاب مجتهدون. ها حرف تنبيه. أولاء اسم إشارة مبنيّ على الكسر في محلّ رفع مبتدأ، الطلاب بدل مرفوع. ومجتهدون خبر مرفوع بالواو لأنه جمع مذكر سالم. وقد تلحقه كاف الخطاب فيقال: أولئك.
[سورة النساء (4) : آية 18]
وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (18)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ليس) فعل ماض ناقص جامد و (التاء) للتأنيث (التوبة) اسم ليس مرفوع (للذين) سبق إعرابه في الآية السابقة(4/467)
متعلّق بمحذوف خبر ليس «1» ، (يعملون السيّئات) مثل يعملون السوء في الآية السابقة، وعلامة النصب الكسرة (حتّى) حرف ابتداء (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبنيّ متعلّق ب (قال) ، (حضر) فعل ماض (أحد) مفعول به مقدّم و (هم) ضمير مضاف إليه (الموت) فاعل مرفوع وهو على حذف مضاف أي أسباب الموت أو دواعيه (قال) مثل حضر والفاعل هو (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (تبت) فعل ماض مبنيّ على السكون ... و (التاء) فاعل (الآن) ظرف زمان مبنيّ على الفتح في محلّ نصب متعلّق ب (تبت) ، (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (الذين) موصول في محلّ جرّ معطوف على الموصول الأول (يموتون) مثل يعملون- في الآية السابقة- (الواو) حاليّة (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (كفّار) خبر مرفوع (أولئك) مرّ إعرابه- في الآية السابقة- (أعتدنا) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (نا) فاعل (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أعتدنا) ، (عذابا) مفعول به منصوب (أليما) نعت منصوب.
جملة: «ليست التوبة للذين..» لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّما التوبة.
وجملة: «يعملون السيّئات» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «حضر أحدهم الموت» في محلّ جرّ بإضافة (إذا) إليها «2» .
وجملة: «قال..» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «إنّي تبت ... » في محلّ نصب مقول القول.
__________
(1) يبدو من سياق الآية أن (التوبة) هنا مصدر تاب المذنب إلى الله أي رجع عن ذنبه.. ولهذا صحّ أن يكون الجارّ والمجرور (للذين) خبرا.
(2) والشرط (إذا) وفعله وجوابه جملة لا محلّ لها استئنافيّة.(4/468)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)
وجملة «تبت الآن» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يموتون» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة: «هم كفّار» في محلّ نصب حال.
وجملة: «أولئك اعتدنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أعتدنا ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ أولئك.
الصرف:
(اعتدنا) ، فيه إبدال، أصله أعددنا فأبدلت الدال الأولى تاء لأنهما من مخرج واحد، وكثيرا ما يبدلان من بعضهما، وزنه أفعلنا.
[سورة النساء (4) : آية 19]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (19)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول في محلّ نصب بدل من أيّ- أو نعت له- (آمنوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ...
والواو فاعل (لا) نافية (يحلّ) مضارع مرفوع (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يحلّ) ، (أن) حرف مصدريّ ونصب (ترثوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (النساء) مفعول به منصوب (كرها) مصدر في موضع الحال أي مكرهينهنّ على ذلك.(4/469)
والمصدر المؤوّل (أن ترثوا ... ) في محلّ رفع فاعل لفعل يحلّ.
(الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تعضلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (اللام) لام التعليل (تذهبوا) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (ببعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (تذهبوا) ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (آتيتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعل و (الواو) حرف زائد إسباع ضمّة الميم، و (هنّ) ضمير في محلّ نصب مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن تذهبوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (تعضلوهنّ) .
(إلّا) أداة استثناء (أن) حرف مصدريّ ونصب (يأتين) مضارع مبنيّ على السكون في محلّ نصب و (النون) نون النسوة- فاعل (بفاحشة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتين) ، (مبيّنة) نعت لفاحشة مجرور مثله.
والمصدر المؤوّل (أن يأتين ... ) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف، والتقدير: إلّا في إتيان الفاحشة، والجارّ والمجرور متعلّق بمحذوف حال مستثناة من عموم الأحوال «1» .
(الواو) عاطفة (عاشروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (بالمعروف) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من فاعل عاشروهنّ «2» ، (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (كرهتموهنّ) مثل آتيتموهنّ والفعل في محلّ جزم فعل الشرط (الفاء)
__________
(1) والمعنى: لا يحلّ عضل النساء في كلّ حال إلّا حال إتيان الفاحشة المبيّنة.
(2) يجوز أن يتعلّق بفعل عاشروا.(4/470)
رابطة لجواب الشرط (عسى) فعل ماض تام مبنيّ على الفتح المقدّر (أن تكرهوا) مثل أن ترثوا (شيئا) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن تكرهوا..) في محلّ رفع فاعل عسى التام.
(الواو) واو المعيّة (يجعل) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد واو المعيّة (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يجعل) «1» ، (خيرا) مفعول به منصوب (كثيرا) نعت منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يجعل ... ) معطوف على مصدر مسبوك من الكلام المتقدّم أي: قد يكون رجاء كره منكم وجعل خير من الله.
جملة النداء: «يأيّها الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة: «لا يحلّ» لكم لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «ترثوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «لا تعضلوهنّ» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا يحلّ «2» .
وجملة: «تذهبوا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «آتيتموهنّ» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «يأتين ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة: «عاشروهنّ» لا محلّ لها معطوفة على جملة لا يحلّ «3» .
وجملة: «إن كرهتموهنّ» لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو بمحذوف مفعول به ثان ل (يجعل) المتعدي لمفعولين.
(2، 3) جاز عطف الجملة على جملة (لا يحلّ) أي عطف الإنشاء على الخبر أنّ النفي هنا في حكم النهي، والمعنى: لا ترثوا النساء كرها.. وعطف الإنشاء على الخبر جائز عند سيبويه في كلّ حال.(4/471)
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20)
وجملة: «عسى أن تكرهوا ... » لا محلّ لها تعليل لجواب الشرط المقدّر أي: إن كرهتموهنّ فاصبروا لأنه عسى أن تكرهوا ...
وجملة: «تكرهوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) الرابع.
وجملة: «يجعل الله» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الخامس.
الصرف:
(مبيّنة) ، مؤنّث مبيّن، اسم فاعل من بيّن الرباعيّ، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
[سورة النساء (4) : آية 20]
وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (20)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (أردتم) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير فاعل (استبدال) مفعول به منصوب (زوج) مضاف إليه مجرور (مكان) ظرف مكان منصوب متعلّق بالمصدر استبدال (زوج) مضاف إليه مجرور (الواو) حاليّة (آتيتم) مثل أردتم والفعل لا محلّ له (إحدى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة (هنّ) ضمير مضاف إليه (قنطارا) مفعول به ثان منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) ناهية جازمة (تأخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تأخذوا) ، (شيئا) مفعول به منصوب. (الهمزة) للاستفهام الإنكاريّ التوبيخيّ (تأخذوا) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (بهتانا) مصدر في موضع(4/472)
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21)
الحال من الفاعل «1» ، (الواو) عاطفة (إثما) معطوف على (بهتانا) منصوب مثله (مبينا) نعت منصوب.
جملة: «إن أردتم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آتيتم ... » في محلّ نصب حال بتقدير (قد) .
وجملة: «لا تأخذوا ... » في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «تأخذونه ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(استبدال) مصدر قياسيّ لفعل استبدل السداسيّ وزنه استفعال.. على وزن ماضيه بكسر ثالثة واضافة ألف قبل آخره.
(مكان) ، اسم مكان من كان الثلاثيّ، وزنه مفعل بفتح العين لأن عين الفعل في المضارع مضمومة ... وفي الكلمة إعلال أصلها مكون بسكون الكاف وفتح الواو، قلبت الواو ألفا بعد تسكينها ونقل حركتها إلى الكاف..
(بهتان) ، مصدر سماعيّ لفعل بهت يبهت باب فتح، وزنه فعلان بضمّ الفاء، وللفعل مصدر آخر هو بهت بفتح فسكون.
[سورة النساء (4) : آية 21]
وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (21)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال وهو للإنكار والتوبيخ (تأخذون) سبق إعرابه في الآية السابقة
__________
(1) أو مفعول لأجله.. ومثله (إثما) . [.....](4/473)
وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا (22)
(الواو) حاليّة (قد) حرف تحقيق (أفضى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (بعض) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (إلى بعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (أفضى) ، (الواو) عاطفة (أخذن) فعل ماض مبنيّ على السكون. و (النون) فاعل (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أخذن) ، (ميثاقا) مفعول به منصوب (غليظا) نعت منصوب.
جملة: «تأخذونه..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أفضى بعضكم.» في محلّ نصب حال.
وجملة: «أخذن.» في محلّ نصب معطوفة على جملة الحال.
الصرف:
(أفضى) فيه إعلال بالقلب أصله أفضي تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا وزنه أفعل والياء أصلها واو.
البلاغة
- الكناية: في قوله تعالى «وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ» .
الكلام كناية عن الجماع، والعرب إنما تستعملها فيما يستحي من ذكره كالجماع.
الفوائد
1- من لطائف اللغة العربية استعمال كلمة الإفضاء كناية عن الجماع وذلك أدعى لأدب الاجتماع وأرفع في الذوق الذي ينبو عن المصارحة حيال الشؤون الجنسية. ومثل ذلك كثير في غضون القرآن الكريم.
[سورة النساء (4) : آية 22]
وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَمَقْتاً وَساءَ سَبِيلاً (22)(4/474)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لا) ناهية جازمة (تنكحوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به «1» ، (نكح) فعل ماض (آباء) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (من النساء) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ضمير المفعول (إلّا) أداة استثناء (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب على الاستثناء المنقطع «2» ، (قد) حرف تحقيق (سلف) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على ما «3» ، وهو العائد (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ، والإشارة إلى نكاح الأبناء نساء الآباء (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (فاحشة) خبر كان منصوب (الواو) عاطفة (مقتا) معطوف على فاحشة منصوب مثله (الواو) عاطفة (ساء) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو «4» ، (سبيلا) تمييز منصوب منقول عن فاعل.
جملة: «لا تنكحوا..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «نكح آباؤكم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة: «قد سلف» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة: «إنّه كان فاحشة» لا محلّ لها تعليل للنهي.
__________
(1) استعملت (ما) هنا للعاقل أي زوجات الآباء، وهو أسلوب قرآني يضع العاقل مكان غير العاقل وبالعكس لسبب بلاغي ومعنى عميق (انظر الآية 3 من هذه السورة) .
(2) لأن النهي للمستقبل، وما سلف ماض.
(3) قد يكون (ما) بمعنى النكاح، وقد يكون بمعنى الزوجات.
(4) يجوز في الضمير أن يكون ضمير الفعل الناقص أي ساء سبيله.. ويجوز أن يكون مبهما مميّزا بالتمييز (سبيلا) ، ف (ساء) حينئذ فعل جامد لإنشاء الذمّ..
والمخصوص بالذم محذوف تقديره سبيل ذلك النكاح.(4/475)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (23)
وجملة: «كان فاحشة» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «ساء سبيلا» في محلّ نصب مقول القول لمحذوف معطوف على خبر كان تقديره: مقولا فيه ساء سبيلا «1» .
الصرف:
(مقتا) ، مصدر سماعي لفعل مقت يمقت باب نصر، وزنه فعل بفتح فسكون.
(ساء) ، فيه إعلال بالقلب، أصله سوأ مضارعه يسوء، الواو متحرّكة بعد فتح قلبت ألفا.
البلاغة
- في هذه الآية فن المبالغة بقوله «إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ» .
مفيد للمبالغة في التحريم بإخراج الكلام مخرج التعليق بالمحال والمقصود سد طريق الإباحة بالكلية ونظيره قوله تعالى «حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ» .
[سورة النساء (4) : آية 23]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخالاتُكُمْ وَبَناتُ الْأَخِ وَبَناتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وَرَبائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلاَّ ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (23)
__________
(1) يجوز في جملة ساء سبيلا أن تكون استئنافيّة لا محلّ لها إذا جعل الفعل من أفعال الذمّ.(4/476)
الإعراب:
(حرّمت) فعل ماض مبنيّ للمجهول ... والتاء تاء التأنيث (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (حرّمت) ، (أمهات) نائب فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة في المواضع لسبعة (بناتكم....، أمهاتكم) أسماء مضافة إلى الضمائر أو إلى الأسماء الظاهرة معطوفة على أمهات بحروف العطف مرفوعة مثلها (اللاتي) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع نعت لأمّهات (أرضعن) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (النون) فاعل و (كم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (أخوات) معطوف على أمهات مرفوع مثله و (كم) ضمير مضاف إليه (من الرضاعة) جارّ ومجرور متعلّق بحال من أخوات (الواو) عاطفة (أمهات) معطوف على أمّهات الأول مرفوع مثله (نساء) مضاف إليه مجرور و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (ربائب) معطوف على أمّهات مرفوع مثله و (كم) ضمير مضاف إليه (اللاتي) مثل الأول نعت لربائب (في حجور) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول و (كم) ضمير مضاف إليه (من نساء) جارّ ومجرور متعلّق بحال من اللاتي (كم) مضاف إليه (اللاتي) مثل الأول نعت لنسائكم (دخلتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. (وتم) فاعل (الباء) حرف جرّ و (هنّ) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (دخلتم) . (الفاء) استئنافيّة (إن) حرف شرط جازم (لم) نافية فقط (تكونوا) مضارع مجزوم فعل الشرط «1» ، وعلامة الجزم حذف النون.. والواو ضمير في محلّ رفع اسم تكون (دخلتم) مثل الأول وكذلك (بهنّ) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) نافية للجنس (جناح) اسم لا مبنيّ على الفتح في محلّ نصب
__________
(1) والجازم على رأي جمهور المفسّرين هو (لم) لأنه الأقوى.(4/477)
(عليكم) مثل الأول متعلّق بمحذوف خبر لا. (الواو) عاطفة (حلائل) معطوف على أمّهات الأول مرفوع مثله (أبناء) مضاف إليه مجرور و (كم) مضاف إليه (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ نعت لأبنائكم (من أصلاب) جارّ ومجرور متعلّق بصلة الموصول المحذوفة و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (أن) حرف مصدري ونصب (تجمعوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (بين) ظرف مكان منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (تجمعوا) ، (الأختين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
(إلّا ما قد سلف) سبق إعرابها في الآية السابقة.
والمصدر المؤوّل (أن تجمعوا ... ) في محلّ رفع معطوف على أمهاتكم الأول.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (غفورا) خبر كان منصوب (رحيما) خبر ثان منصوب.
جملة: «حرمت عليكم أمهاتكم..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أرضعنكم لا» محلّ لها صلة الموصول (اللاتي) الأول.
وجملة: «دخلتم بهنّ» لا محلّ لها صلة الموصول (اللاتي) الثاني.
وجملة: «تكونوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة في حكم الاعتراض.
وجملة: «دخلتم بهنّ (الثانية) » في محلّ نصب خبر تكونوا.
وجملة: «لا جناح عليكم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «تجمعوا..» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة: «قد سلف» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة: «إنّ الله كان..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان غفورا..» في محلّ رفع خبر إنّ.(4/478)
الصرف:
(بناتكم) ، جمع بنت، التاء فيه بدل من لامه المحذوفة وهي إمّا واو، وهو الغالب، وإمّا ياء ووزن بنت فعت ووزن الجمع فعات بفتح الفاء.
(أخوات) ، جمع أخت، والتاء فيه بدل من الواو المحذوفة لأنها من الإخوة.
(خالات) ، جمع خالة، والألف فيه منقلبة عن واو لأنهم قالوا أخوال.
(ربائبكم) ، جمع ربيبة مؤنّث ربيب، فعيل بمعنى مفعول، صفة مشبهة من ربّى يربّي الرباعي ... والهمزة منقلبة عن ياء لمجيئها بعد ألف زائدة.
(حجور) ، جمع حجر اسم لمقدم الثوب، وكنّى به عن الوجود أصلا.
(حلائل) ، جمع حليلة، صفة مشبّهة في الأصل من حلّ يحلّ الثلاثي باب ضرب بمعنى الزوجة ثمّ أصبحت اسما، وزنه فعيلة.
(أصلاب) ، جمع صلب، اسم بمعنى الظهر، وزنه فعل بضمّ فسكون ... (وانظر الآية 7 من سورة الطارق) .
البلاغة
1- الكناية: في قوله تعالى «دَخَلْتُمْ بِهِنَّ» وهي كناية عن الجماع كقولهم بنى عليها وضرب عليها الحجاب وفي حكمه اللمس.
الفوائد
1- أخ وأخت وابن وبنت.
أصلهما، أخو وبنو حذفت واوه وأضيف التاء إليهما للتفرقة بين المذكر والمؤنث.(4/479)
وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (24)
الجزء الخامس
بقية سورة النساء
من الآية 24- إلى الآية 147
[سورة النساء (4) : آية 24]
وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلاَّ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (24)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (المحصنات) معطوف على أمهاتكم الأول في الآية السابقة (من النساء) جارّ ومجرور متعلق بحال من المحصنات (إلّا) أداة استثناء (ما) اسم موصول مبنيّ في محل نصب على الاستثناء «1» ، (ملكت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (أيمان) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (كتاب) مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره كتب أي فرض «2» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (على)
__________
(1) المتصل أو المنقطع بحسب التفسير وكلاهما يصح.
(2) أو مفعول به لفعل محذوف أي طبّقوا كتاب الله.(5/5)
حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بالفعل المحذوف. (الواو) استئنافية (أحل) فعل ماض مبني للمجهول (لكم) مثل عليكم متعلق ب (أحل) ، (ما) اسم موصول مبني في محل رفع نائب فاعل (وراء) ظرف منصوب متعلق بمحذوف صلة ما، (ذا) اسم إشارة مبني في محل جر مضاف إليه و (اللام) للبعد و (كم) لخطاب الجمع (أن) حرف مصدري ونصب (تبتغوا) مضارع منصوب وعلامة نصبه حذف النون ...
والواو فاعل (بأموال) جار ومجرور متعلّق بفعل تبتغوا و (كم) ضمير مضاف إليه (محصنين) حال منصوبة وعلامة النصب الياء (غير) حال ثانية منصوبة (مسافحين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء.
والمصدر المؤول (أن تبتغوا ... ) في محل رفع بدل من ما.. أو في محل جر بحرف جر محذوف «1» .
(الفاء) استئنافية (ما) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ «2» ، (استمتعتم) فعل ماض مبني على السكون ... و (تم) ضمير فاعل (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (استمتعتم) والضمير يعود على لفظ ما (من) حرف جر و (هنّ) ضمير في محل جر متعلق ب (استمتعتم) «3» ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (آتوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (أجور) مفعول به ثان منصوب و (هنّ) مضاف إليه (فريضة) مصدر في موضع
__________
(1) والتقدير: أحلّ لكم.. بأن تبتغوا أو لأن تبتغوا ... والجار والمجرور متعلق ب (أحل)
(2) يجوز أن يكون موصولا مبتدأ، والخبر آتوهن بزيادة الفاء، والرابط محذوف أي لأجله والجار والمجرور (منهنّ) متعلق بحال من الموصول.
(3) من هي تبعيضية أو بيانية بحسب إعراب ما.(5/6)
الحال من أجورهن منصوب «1» ، (الواو) استئنافية (لا) نافية للجنس (جناح) اسم لا مبني على الفتح في محل نصب (عليكم) مثل الأول متعلق بمحذوف خبر لا (في) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق بالخبر المحذوف (تراضيتم) فعل ماض مبني على السكون ...
و (تم) فاعل (به) مثل الأول متعلق ب (تراضيتم) ، (من بعد) جار ومجرور متعلق بحال من الضمير في (به) ، (الفريضة) مضاف إليه مجرور (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عليما) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «ملكت أيمانكم» لا محل لها صلة الموصول.
وجملة « ... كتاب الله» لا محل لها استئنافية.
وجملة «أحل لكم ما وراء ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تبتغوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «ما استمتعتم به» لا محل لها استئنافية.
وجملة «استمتعتم به» في محل رفع خبر المبتدأ (ما) «2» .
وجملة «آتوهن ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «لا جناح عليكم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تراضيتم به ... » لا محل له صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عليما ... » في محل رفع خبر إنّ.
__________
(1) أو مفعول مطلق لفعل محذوف ... أو مفعول مطلق نائب عن المصدر إمّا صفته أو مرادفه.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/7)
الصرف:
(المحصنات) ، جمع المحصنة مؤنث المحصن اسم مفعول من أحصن الرباعي، وزنه مفعل بضم الميم وفتح العين.
(كتاب) مصدر كتب يكتب باب نصر بمعنى فرض وزنه فعال بكسر الفاء، وثمّة مصادر أخرى للفعل هي كتب بفتح فسكون، وكتبة بكسر الكاف، وكتابة بكسر الكاف.
(محصنين) ، جمع محصن، اسم فاعل من أحصن الرباعي، وزنه مفعل بضم الميم وكسر العين.
(مسافحين) ، جمع مسافح، اسم فاعل من سافح الرباعي وزنه مفاعل بضم الميم وكسر العين.
البلاغة
1- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى غَيْرَ مُسافِحِينَ فقد شبه الزنا بصب الماء في الأنهار لأن الزاني لا غرض له إلا صب النطفة فقط لا النسل.
2- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فقد استعار لفظ الأجور للمهر.
الفوائد
عمل «لا» النافية للجنس.
أ- اسمها يبنى على ما ينصب به، فإذا كان مفردا يبنى على الفتح، ويبنى على الياء إذا كان مثنى أو جمع مذكر سالم.
ب- إذا كان مضافا أو شبيها بالمضاف فيكون معربا، منصوبا بالياء إذا كان مثنى أو جمعا لمذكر سالم.(5/8)
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)
[سورة النساء (4) : آية 25]
وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (25)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (لم) حرف نفي (يستطع) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف حال من فاعل يستطع (طولا) مفعول به منصوب «1» ، (أن) حرف مصدري ونصب (ينكح) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المحصنات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (المؤمنات) نعت منصوب وعلامة النصب الكسرة.
__________
(1) يجوز أن يكون المفعول هو المصدر المؤول- كما سيأتي- و (طولا) مفعول لأجله على حذف مضاف أي: من لم يستطع منكم النكاح عدم طول ... ويجوز أن يكون منصوبا على المصدر ونائبا عنه لأنه مردافه أي: من لم يستطع أن ينكح ... فالطول بمعنى الاستطاعة. [.....](5/9)
والمصدر المؤول (أن ينكح) في محل نصب بدل من (طولا) «1» .
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (من) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق بفعل محذوف تقديره انكحوا «2» ، (ملكت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (أيمان) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (من فتيات) جار ومجرور متعلق بحال من ضمير المفعول العائد على ما و (كم) مضاف إليه (المؤمنات) نعت لفتيات مجرور مثله (الواو) اعتراضية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أعلم) خبر مرفوع (بإيمان) جار ومجرور متعلق بأعلم و (كم) مضاف إليه (بعض) مبتدأ مرفوع و (كم) مضاف إليه (من بعض) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (الفاء) عاطفة (انكحوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق ب (انكحوا) (أهل) مضاف إليه مجرور و (هنّ) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (آتوهنّ) مثل انكحوهنّ (أجور) مفعول به منصوب و (هنّ) مضاف إليه (بالمعروف) جار ومجرور حال من فاعل آتوهن «3» (محصنات) حال منصوبة من ضمير المفعول في (انكحوهن) ، وعلامة النصب الكسرة (غير) حال ثانية منصوبة (مسافحات) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (متخذات) معطوف على غير منصوب مثله وعلامة النصب الكسرة (أخدان) مضاف إليه مجرور.
(الفاء) استئنافية (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط متعلق
__________
(1) أو هو مفعول به للفعل ... ويصح في (طولا) الحالتان الواردتان في الحاشية السابقة ويجوز أن يكون المصدر المؤوّل مجرورا بحرف جر هو إلى أو اللام متعلق ب (يستطع) أو بمحذوف نعت ل (طولا) .. كما يجوز أن يكون مفعولا به للمصدر (طولا) إذا كان هذا الأخير مفعولا للفعل.
(2) (ما) هنا بمعنى النوع الذي ملكته الأيمان.
(3) يجوز أن يتعلق ب (آتوهن) ، أو ب (انكحوهن) بإذن أهلهن.(5/10)
بمضمون الجواب (أحصن) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون و (النون) ضمير نائب فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط إذا (إن) حرف شرط جازم (أتين) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط ...
و (النون) فاعل (بفاحشة) جار ومجرور متعلق ب (أتين) بتضمينه معنى قمن (الفاء) رابطة لجواب إن (على) حرف جر و (هنّ) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر مقدم (نصف) مبتدأ مؤخر مرفوع (ما) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (على المحصنات) جار ومجرور متعلق بصلة ما المحذوفة (من العذاب) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير الفاعل في الصلة والعائد على ما. (ذا) اسم اشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (اللام) حرف جر (من) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذا (خشي) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (العنت) مفعول به منصوب (منكم) مثل الأول متعلّق بحال من فاعل خشي (الواو) استئنافية (أن) حرف مصدريّ ونصب (تصبروا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أن تصبروا ... ) في محل رفع مبتدأ.
(خير) خبر المبتدأ الذي هو المصدر المؤوّل مرفوع (لكم) مثل منكم متعلق بخير. (الواو) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (غفور) خبر مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة «من لم يستطع ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لم يستطع ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/11)
وجملة «ينكح ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «انكحوا» المقدرة في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «ملكت أيمانكم» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «الله أعلم ... » لا محل لها اعتراضية.
وجملة «بعضكم من بعض» في محل نصب حال من ضمير الخطاب في أيمانكم «1» .
وجملة «انكحوهنّ» في محل جزم معطوفة على جملة انكحوا المقدّرة.
وجملة «آتوهنّ ... » في محل جزم معطوفة على جملة انكحوهنّ.
وجملة «أحصّ ... » في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
وجملة «أتين..» لا محل لها جواب شرط غير جازم (إذا) .
وجملة «عليهن نصف ما ... » في محل جزم جواب الشرط (إن) مقترنة بالفاء.
وجملة «ذلك لمن خشي ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «خشي العنت ... » لا محل لها صلة الموصول.
وجملة الاسمية من المصدر المؤوّل وخبره لا محل لها استئنافية.
وجملة «تصبروا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «الله غفور ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(طولا) ، مصدر سماعي لفعل طال يطول، ومعناه القدرة (فتيات) ، جمع فتاة، والألف منقلبة عن ياء لأنها عادت في الجمع،
__________
(1) لأن المضاف (أيمان) بعض المضاف إليه وهو ضمير المخاطب.(5/12)
وجمع المذكر فتية وفتيان، جاءت متحركة بعد فتح قلبت ألفا.
(أعلم) ، صفة مشتقة ليست للتفضيل وإن جاءت على وزن أفعل، فهي بمعنى عالم أو عليم (البقرة- 40) .
(أخدان) ، جمع خدن، صفة مشبّهة من فعل خادن الرباعي، على غير القياس، وزنه فعل بكسر فسكون ... ووزن أخدان أفعال.
(متّخذات) ، جمع متخذة، مؤنث متخذ، اسم فاعل من اتخذ الخماسي، وزنه مفتعل بضم الميم وكسر العين.
(العنت) ، مصدر سماعي لفعل عنت يعنت باب فرح، وزنه فعل بفتحتين.
الفوائد
1- ثمة خلاف بين العلماء حول «من» في قوله تعالى فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ.
أ- فئة ترى أن «من» زائدة والتقدير «فلينكح ما ملكت» .
ب- وفئة ترى أنها ليست زائدة وانما حذف الفعل ومفعوله والتقدير «فلينكح امرأة مما ملكت ايمانكم» .
وعلى الوجه الثاني نعلق «الجار والمجرور» بصفة امرأة المحذوفة هي وصفتها وتقديرها «كائنة» .
2- الأحرار والعبيد بعضهم من بعض.
يجدر الوقوف أمام تعبير القرآن عن حقيقة العلاقات الإنسانية التي تقوم بين الأحرار والرقيق في الإسلام، وعن نظرة هذا الدين إلى هذا الأمر عند ما أقام المجتمع الاسلامي إنه لا يسمي الجواري رقيقات ولا إماء إنما يسميهن «فتيات» «فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ»(5/13)
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)
وهو لا يفرق بين الأحرار وغير الأحرار تفرقة عنصرية تتناول الأصل الانساني، كما كانت الاعتقادات والاعتبارات السائدة في الأرض كلها يومذاك وكما هي عليه الآن في بعض المجتمعات مثل جنوب افريقيا والولايات المتحدة، إنما يذكرنا بالأصل الواحد، ويجعل الآصرة الانسانية والآصرة الايمانية محور الارتباط «وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ» .
كما انه لا يسمي المالكين لهم سادة وإنما يسميهم أهلا «فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ» .
[سورة النساء (4) : آية 26]
يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (26)
الإعراب:
(يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) زائدة (يبيّن) مضارع منصوب ب (أن) مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يبيّن) .
والمصدر المؤوّل (أن يبيّن) في محل نصب مفعول به عامله يريد ... أما المحل القريب فهو الجر باللام «1» .
(الواو) عاطفة (يهدي) مضارع منصوب معطوف على فعل يبيّن و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (سنن) مفعول به ثان منصوب (الذين) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (من
__________
(1) يجعل بعضهم هذه اللام جارة للتعليل، ومفعول يريد مقدّر، أي يريد الله التبيين ليبين ... والإعراب الذي اعتمدناه هو الأقيس.(5/14)
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)
قبل) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة الموصول و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (يتوب) مثل يهدي (عليكم) مثل لكم متعلق ب (يتوب) ، (الواو) استئنافية (الله عليم حكيم) مثل الله غفور رحيم في الآية السابقة.
جملة «يريد الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يبين لكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يهديكم» لا محل لها معطوفة على جملة يبين لكم.
وجملة «يتوب عليكم» لا محل لها معطوفة على جملة يبين لكم.
وجملة «الله عليم ... » لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : الآيات 27 الى 28]
وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَواتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً (28)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أن) حرف مصدري ونصب (يتوب عليكم) مر إعرابها في الآية السابقة.
والمصدر المؤوّل (أن يتوب ... ) في محل نصب مفعول به عامله يريد.
(الواو) عاطفة (يريد) مثل الأول (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (يتبعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الشهوات)(5/15)
مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (أن) مثل الأول (تميلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (ميلا) مفعول مطلق منصوب (عظيما) نعت منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن تميلوا ... ) في محل نصب مفعول به عامله يريد الثاني.
جملة «الله يريد ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية في الآية السابقة.
وجملة «يريد أن يتوب» في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «يتوب عليكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الأول.
وجملة «يريد الذين ... » لا محل لها معطوفة على جملة الله يريد.
وجملة «يتبعون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «تميلوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
(يريد) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن يخفّف عنكم) مثل أن يتوب عليكم (الواو) استئنافية (خلق) فعل ماض مبني للمجهول (الإنسان) نائب فاعل مرفوع (ضعيفا) حال منصوبة.
وجملة «يريد الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يخفف عنكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «خلق الإنسان ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
الصرف:
(الشهوات) ، جمع الشهوة، مصدر سماعي لفعل شها(5/16)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29)
يشهو باب نصر وشهي يشهي باب فرح وزنه فعلة بفتح فسكون، ووزن الجمع فعلات بفتحتين.
(ميلا) ، مصدر مال يميل باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون، وثمة مصادر أخرى للفعل هي تميال بفتح التاء وميلان زنة فعلان بفتحتين، وميلولة وممال بفتحتين ومميل بفتح الأول.
[سورة النساء (4) : آية 29]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً (29)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادي نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (تأكلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (أموال) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (بين) ظرف منصوب متعلق بحال من أموال «1» (كم) مضاف إليه (بالباطل) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل تأكلوا «2» أي متلبسين بالباطل (إلّا) أداة استثناء (أن) حرف مصدري ونصب (تكون) مضارع ناقص منصوب واسمه ضمير مستتر تقديره هي الأموال (تجارة) خبر منصوب (عن تراض) جار ومجرور متعلق بنعت
__________
(1) يجوز أن يتعلق بفعل تأكلوا.
(2) أو بحال من أموال أي مستحلصة بالباطل ... أو متعلق بالفعل(5/17)
لتجارة، وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الياء المحذوفة بسبب التنوين فهو اسم منقوص (من) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف نعت لتراض.
والمصدر المؤوّل (أن تكون ... ) في محل نصب على الاستثناء المنقطع لأن التجارة غير الأموال المأكولة بالباطل.
(الواو) عاطفة (لا تقتلوا أنفسكم) مثل لا تأكلوا أموالكم (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (بكم) مثل منكم متعلق ب (رحيما) وهو خبر كان منصوب.
جملة النداء «يا ايها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تأكلوا ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «تكون تجارة» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «لا تقتلوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
وجملة «كان بكم رحيما» في محل رفع خبر (إنّ) .
الصرف:
(تراض) ، مصدر قياسي لفعل تراضى الخماسي، وفيه إعلال بالحذف لمناسبة التنوين، وزنه تفاعل، على وزن الماضي بقلب الألف ياء وكسر ما قبلها.(5/18)
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30)
البلاغة
المجازر المرسل: في قوله تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ أي لا تأخذوا أموالكم بالحرام كالربا والميسر ونحو ذلك فعبّر بالأكل لأنه مسبب عن الأخذ، فالعلاقة المسببية.
الفوائد
1- الكسب الحلال:
ينهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين عن أكل أموال بعضهم بعضا بالباطل أي بالوسائل غير المشروعة كالربا والقمار والغش والرشوة واحتكار السلع لاغلائها وكذلك جميع أنواع البيوع المحرمة الا أن تكون تجارة عن تراض منكم وهو استثناء منقطع كأنه يقول لا تتعاطوا الأسباب المحرمة في اكتساب الأموال لكن المتاجرة المشروعة التي تكون عن تراض من البائع والمشتري تلك تسببوا بها في تحصيل الأموال.
2- خيار المتبايعين:
ومن تمام التراضي التمتع بخيار المجلس كما ثبت في الصحيحين
قوله صلى الله عليه وسلم «إذا تبايع الرجلان فكل واحد فيهما بالخيار ما لم يتفرقا»
وذهب الى هذا القول بمقتضى هذا الحديث «أحمد والشافعي» وأصحابهما وجمهور السلف والخلف ومن ذلك مشروعية خيار الشرط بعد العقد إلى ثلاثة أيام.
[سورة النساء (4) : آية 30]
وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (30)(5/19)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يفعل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ذا) اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (عدوانا) مفعول لأجله منصوب «1» ، (الواو) عاطفة (ظلما) معطوف على (عدوانا) منصوب مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (سوف) حرف استقبال (نصلي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على الياء و (الهاء) ضمير مفعول به أول، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (نارا) مفعول به ثان منصوب (الواو) استئنافية (كان) ماض ناقص (ذلك) مثل الأول اسم كان والإشارة إلى الإصلاء (على الله) جار ومجرور متعلق ب (يسيرا) وهو خبر كان منصوب.
جملة «من يفعل ... » لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «يفعل ذلك ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «سوف نصليه نارا» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان ذلك ... يسيرا» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(يسيرا) ، صفة مشبهة من يسر ييسر باب كرم، وزنه فعيل.
الفوائد
1- اختلاف الصيغة بسبب همزة التعدية.
__________
(1) أو مصدر في موضع الحال أى معتديا وظالما.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/20)
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)
أ- الجمهور يقرأ «نصليه» بضم النون وسبب ذلك دخول «همزة التعدية على الفعل فأصبح حكمه حكم الرباعي.
ب- آخرون اعتبروا أن الفعل ثلاثي وقرءوا «نصليه» بفتح النون لأنه من صلى يصلي ...
2- بين فعل الشرط وجوابه:
اختلف النحاة حول الخبر عند ما يكون اسم الشرط مبتدءا أيهما هو الخبر فعل الشرط أم جوابه أم الاثنان معا.
ثمة ثلاثة أقوال: أرجحها أن فعل الشرط وجوابه هو الخبر، لأن الفائدة لا تتم الا بذكرهما معا، والخبر هو الكلام المتمم للمعنى.
[سورة النساء (4) : آية 31]
إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (31)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (تجتنبوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (كبائر) مفعول به منصوب (ما) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (تنهون) مضارع مبني للمجهول مرفوع ... والواو نائب فاعل (عن) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (تنهون) ، (نكفّر) مضارع مجزوم جواب الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (عنكم) مثل عنه متعلق ب (نكفّر) ، (سيئات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (ندخل) مثل نكفّر ومعطوف عليه، و (كم) ضمير مفعول به والفاعل نحن (مدخلا) مفعول مطلق منصوب «1» ، (كريما) نعت منصوب.
__________
(1) يجوز أن يكون مفعولا به بكونه اسم مكان لا مصدرا ميميا.. وبكونه مفعولا مطلقا فإن المفعول به مقدّر أي ندخلكم الجنة ...(5/21)
جملة «تجتنبوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تنهون عنه» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «نكفّر عنكم ... » لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «ندخلكم ... » لا محل لها معطوفة على جملة نكفر عنكم.
الصرف:
(كبائر) ، جمع كبيرة مؤنث كبير، صفة مشبهة وزنه فعيل وفعيلة.
(مدخلا) ، مصدر ميميّ من فعل أدخل الرباعي، وزنه مفعل بضم الميم وفتح العين ... وقد يكون اسم مكان في الآية على الوزن نفسه.
(كريما) ، صفة مشبهة من فعل كرم يكرم- الباب الخامس- وزنه فعيل.
الفوائد
1- الكبائر السبع:
ورد عن صهيب مولى «الصواري» انه سمع أبا هريرة وأبا سعيد يقولان: «خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال: «والذي نفسي بيده» ثلاث مرات ثم اكبّ فأكب كل رجل منا يبكي لا ندري ماذا حلف عليه ثم رفع رأسه وفي وجهه البشرى فكان أحب إلينا من حمر النعم فقال: «ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة ثم قيل له ادخل بسلام» .
وقد ورد في ذكر الكبائر السبع الأحاديث العديدة منها ما ثبت في الصحيحين(5/22)
وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (32)
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «اجتنبوا السبع الموبقات قيل يا رسول الله وما هن قال: «الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» .
[سورة النساء (4) : آية 32]
وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (32)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لا) ناهية جازمة (تتمنّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به «1» ، (فضل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (فضل) ، (بعض) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (على بعض) جار ومجرور متعلق ب (فضل) . (للرجال) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (نصيب) مبتدأ مؤخر مرفوع (من) حرف جر (ما) موصول مبني في محل جر متعلق بنعت لنصيب «2» (اكتسبوا) فعل ماض مبني على الضم.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (للنساء نصيب مما) مثل للرجال ... مما (اكتسبن) فعل ماض مبني على السكون.. و (لنون) ضمير فاعل. (الواو) عاطفة (اسألوا) فعل أمر مبني على حذف
__________
(1) أو نكرة موصوفة ... والجملة بعده نعت له.
(2) يجوز أن يكون حرفا مصدريا، والمصدر المؤول في محل جر.(5/23)
النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (من فضل) جار ومجرور متعلق ب (اسألوا) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (إن الله كان بكل شيء عليما) مر إعراب نظيرها «1» .
جملة «لا تتمنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «فضّل الله ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «للرجال نصيب ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «اكتسبوا» لا محل لها صلة الموصول الاسمي أو الحرفي ما.
وجملة «للنساء نصيب ... » لا محل لها معطوفة على جملة للرجال نصيب.
وجملة «اكتسبن» لا محل لها صلة الموصول الاسمي أو الحرفي ما.
وجملة «اسألوا الله ... » لا محل لها معطوفة على جملة لا تتمنّوا.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
وجملة «كان ... عليما» في محل رفع خبر إنّ.
الفوائد
1- التفاضل بين الناس:
قال الإمام أحمد: حدثنا سفيان بن أبي نجيح عن مجاهد، قال: قالت أم سلمة: يا رسول الله يغزو الرجال ولا نغزو، ولنا نصف الميراث، فأنزل الله «وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ»
والنص عام في التفاضل بين الناس سواء في الأمور الموهوبة أم المكسوبة، كالقابليات، والمكانة والمتاع وكل ما تتفاوت فيه الأنصبة في هذه الحياة وبدلا من إضاعة النفس حسرات وراء التفاوت وبدلا مما يرافق ذلك من الحسد والحقد، وما ينشأ عن ذلك من سوء الظن بالله وبعدالة
__________
(1) في الآية (29) من هذه السورة. [.....](5/24)
وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (33)
التوزيع وحيث تكون القاصمة التي تذهب بطمأنينة النفس وتورث النكد والقلق، بدلا من ذلك كله أن يتوجه المرء بالطلب الى الله، وبالسعي وتعاطي الأسباب المشروعة للوصول الى المبتغى ... !
[سورة النساء (4) : آية 33]
وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (33)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لكل) جار ومجرور متعلق ب (جعلنا) وهو فعل ماض مبني على السكون (ونا) فاعل (موالي) مفعول به منصوب (من) حرف جر (ما) موصول مبني في محل جر متعلق بفعل محذوف مفسر بكلمة موالي أي: يرثون «1» ، (ترك) فعل ماض (الوالدان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (الواو) عاطفة (الأقربون) معطوف على (الوالدان) مرفوع مثله وعلامة الرفع الواو. (الواو) عاطفة أو استئنافية
__________
(1) يحسن هنا أن أذكر التأويلات المختلفة في تفسير هذه الآية وإعرابها ... فكل المنون هو مضاف لمقدر بمعنى كل إنسان، فالضمير في ترك- بالوقف عليه- يعود على كل إنسان، ويتعلق (مما) بما في كلمة موالي من معنى الفعل، أو بمضمر يفسره المعنى أي يرثون مما ترك ... ويرتفع الوالدان على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم الوالدان والأقربون ... أو يكون المعنى: لكل قوم جعلناهم موالي نصيب مما ترك الوالدان والأقربون، فجملة جعلناهم نعت ل (كل) ، والضمير المفعول في الجملة محذوف، ونصب موالي على الحال ... وثمة تأويلات أخرى حول جعل المقدر هو المال أي: ولكل مال ... إلخ. وما أثبتناه أعلاه هو أوضح الأعاريب.(5/25)
الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (34)
(الذين) موصول مبني في محل رفع مبتدأ «1» ، (عقدت) فعل ماض ...
(والتاء) للتأنيث (أيمان) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) زائدة دخلت في الخبر لمشابهة اسم الموصول للشرط (آتوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (هم) ضمير في محل نصب مفعول به أول (نصيب) مفعول به ثان منصوب و (هم) مضاف إليه (إنّ الله كان على كل شيء شهيدا) مر إعراب نظيرها- الآية (29) -.
جملة «جعلنا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «ترك الوالدان ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «الذين عقدت أيمانكم (الاسمية) » لا محل لها استئنافية أو معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «عقدت أيمانكم» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «آتوهم نصيبهم» في محل رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان ... شهيدا» في محل رفع خبر إنّ.
[سورة النساء (4) : آية 34]
الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (34)
__________
(1) أو معطوف على (الوالدان والأقربون) في محل رفع ... والضمير في (فآتوهم) يعود على الموالي.(5/26)
الإعراب:
(الرجال) مبتدأ مرفوع (قوامون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (على النساء) جار ومجرور متعلق بالخبر (الباء) حرف جر و (ما) حرف مصدري (فضّل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بعض) مفعول به منصوب (على بعض) جار ومجرور متعلق ب (فضل) .
والمصدر المؤوّل (ما فضل الله) في محل جر بالباء متعلق بالخبر أيضا.
(الواو) عاطفة (بما) مثل الأول إعرابا وتعليقا «1» ، (أنفقوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (من أموال) جار ومجرور متعلق ب (أنفقوا) «2» ، و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (ما أنفقوا) في محل جر معطوف على المصدر المؤول الأول.
(الفاء) استئنافية (الصالحات) مبتدأ مرفوع (قانتات) خبر مرفوع (حافظات) خبر ثان مرفوع (اللام) لام التقوية زائدة «3» ، (الغيب) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به لاسم الفاعل حافظات (الباء) حرف
__________
(1) يجوز أن يكون (ما) موصولا في محل جر، والعائد محذوف أي بما أنفقوه.
(2) أو بمحذوف حال من ضمير النصب- إذا أعربت (ما) اسم موصول.
(3) يجوز أن يكون الجار أصليا فالجار والمجرور متعلقان بحافظات.(5/27)
جر و (ما) حرف مصدري «1» ، (حفظ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (ما حفظ الله) في محل جر متعلق بحافظات أو بقانتات ... أي هنّ كذلك بسبب حفظ الله لهن بنهيهنّ عن المخالفة.
(الواو) عاطفة (اللاتي) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ (تخافون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (نشوز) مفعول به منصوب و (هن) ضمير متصل في محل جر مضاف إليه (الفاء) زائدة في الخبر «2» ، (عظوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (اهجروهنّ) مثل عظوهن (في المضاجع) جار ومجرور متعلق ب (اهجروهنّ) ، (الواو) عاطفة (اضربوهن) مثل عظوهن. (الفاء) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (أطعن) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط و (النون) ضمير فاعل و (كم) ضمير مفعول به (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) ناهية جازمة (تبغوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (على) حرف جرّ و (هنّ) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تبغوا) «3» (سبيلا) مفعول به منصوب «4» ، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) اسم إن منصوب (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عليا) خبر كان منصوب (كبيرا) خبر ثان منصوب.
__________
(1) يجوز أن يكون موصولا أو نكرة موصوفة وكلاهما في محل جر، والعائد محذوف.
(2) الزيادة مضطردة في الخبر عند الأخفش، أو لمشابهة المبتدأ للشرط عند غيره.
(3) هذا التعليق على تفسير (تبغوا) بمعنى تطلبوا، أما على معنى تظلموا فإن الجار يتعلق بمحذوف حال من (سبيلا) - صفة تقدمت الموصوف-.
(4) أو منصوب على نزع الخافض على معنى تظلموا أي: لا تظلموا بسبيل ما عليهن.(5/28)
جملة «الرجال قوّامون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «فضل الله ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «أنفقوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) الثاني.
وجملة «الصالحات قانتات» لا محل لها استئنافية.
وجملة «حفظ الله» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) الثالث.
وجملة «اللاتي تخافون ... » لا محل لها معطوفة على جملة الرجال ...
وجملة «تخافون ... » لا محل لها صلة الموصول (اللاتي) .
وجملة «عظوهنّ» في محل رفع خبر المبتدأ (اللاتي) .
وجملة «اهجروهنّ ... » في محل رفع معطوفة على جملة عظوهن.
وجملة «اضربوهن» في محل رفع معطوفة على جملة عظوهن.
وجملة «أطعنكم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا تبغوا ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عليّا ... » في محل رفع خبر إنّ.
الصرف:
(قوّامون) ، جمع قوّام صيغة مبالغة اسم الفاعل، صفة (حافظات) ، جمع حافظة مؤنث حافظ، اسم فاعل من حفظ يحفظ باب فرح، وزنه فاعل.(5/29)
(نشوز) ، مصدر سماعي لفعل نشزت المرأة تنشز باب نصر وباب ضرب، بزوجها ومنه وعليه.. وزنه فعلول بضم الفاء والعين.
(عظوهنّ) ، فيه إعلال بالحذف فهو معتل مثال، تحذف فاؤه في المضارع والأمر إن جاءت عين الفعل في المضارع مكسورة، وزنه علوهنّ بكسر العين.
البلاغة
الكناية: في قوله تعالى وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ.
والكلام كناية عن ترك جماعهن.
الفوائد
2- قوامة الرجل على الأسرة:
إن الله قد جعل من فطرة الإنسان «الزوجية» شأنه شأن كل حي وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ثم شاء أن يجعل الزوجين في الإنسان شطرين لنفس واحدة يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها.
وأراد بالتقاء شطري النفس الواحدة فيما أراد أن يكون هذا اللقاء سكنا للنفس وطمأنينة للروح ثم سترا وصيانة ومزرعة للنسل وامتدادا وترقية للحياة وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً.
وبما أنه لا بد من قائد لهذه الأسرة وقائم عليها فقد حدّد القرآن القوامة للرجل، مراعيا بذلك الفطرة، والاستعدادات الموهوبة لكل من شطري النفس(5/30)
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)
لأداء الوظائف المنوطة بكل منهما ومراعيا العدالة في توزيع الأعباء.
3- توزيع مهام الأسرة:
خصّ الله المرأة بالرقة والعطف وسرعة الانفعال والاستجابة العاجلة لمطالب الطفولة وهي خصائص ليست سطحية بل هي غائرة في التكوين العضوي للمرأة وزود الرجل بالخشونة والصلابة وبطء الانفعال واستخدام الوعي والتفكير.
فكانت المرأة بخصائصها جديرة بتربية الأطفال. وتنشئتهم وهي مهمة جليلة وخطيرة.
وكان الرجل بخصائصه جديرا بتدبير شؤون المعاش والإنفاق على الأسرة وحمايتها والقوامة عليها.
صنع الله الذي أتقن كل شيء فتعالى الله أحسن الخالقين.
[سورة النساء (4) : آية 35]
وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (خفتم) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير فاعل (شقاق) مفعول به منصوب (بين) مضاف إليه مجرور «1» ، (هما) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ابعثوا) فعل أمر مبني على
__________
(1) (بين) هنا معناها الظرفية، والأصل شقاقا بينهما، ولكنه اتسع فيه فأضيف الحدث إلى ظرفه، وظرفيته باقية كقوله: مكر الليل والنهار (حاشية الجلالين: الجمل) ... ويجوز أن يكون استعمل اسما وزال معنى الظرفية ...(5/31)
حذف النون ... والواو فاعل، (حكما) مفعول به منصوب (من أهل) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت ل (حكما) ، (الهاء) مضاف إليه (الواو) عاطفة (حكما) معطوف على الأول منصوب مثله (من أهلها) مثل الأول (إن) مثل الأول (يريدا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... و (الألف) ضمير فاعل (إصلاحا) مفعول به منصوب (يوفّق) مضارع مجزوم جواب الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بين) ظرف منصوب متعلق ب (يوفق) ، و (هما) ضمير مضاف إليه (إنّ الله كان عليما خبيرا) مر إعراب نظيرها في الآية السابقة.
جملة «خفتم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «ابعثوا ... » في محل جزم جوابا للشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «إن يريدا ... » لا محل لها استئنافية في حكم التعليل.
وجملة «يوفّق الله ... » لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عليما ... » في محل رفع خبر إنّ.
الصرف:
(حكما) ، أصل اللفظ مشتق من فعل حكم يحكم باب نصر فهو صفة مشبّهة وزنه فعل بفتحتين، وقد ينقل إلى الاسم يدل على من يفصل بين متخاصمين أو مختلفين ... وهو يطلق على المفرد والجمع.
(إصلاحا) ، مصدر قياسي لفعل أصلح الرباعي وزنه إفعال بكسر همزة الماضي وإضافة ألف قبل الآخر.(5/32)
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا (36)
الفوائد
1- قال الفقهاء: إذا وقع الشقاق بين الزوجين معا، أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة ينظر في أمرهما ويمنع الظالم منهما من الظلم، فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة وثقة من أهل الرجل ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعلا ما فيه المصلحة سواء من التفريق أو التوفيق مع مراعاة تشوّف الشارع الى التوفيق ...
[سورة النساء (4) : آية 36]
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً (36)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (اعبدوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تشركوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر بالباء متعلق ب (تشركوا) ، (شيئا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (بالوالدين) جار ومجرور متعلق بفعل محذوف تقديره استوصوا، وعلامة الجر الياء، (إحسانا) مفعول به عامله الفعل المقدر منصوب «1» ، (الواو) عاطفة (بذي) مثل بالوالدين ويتعلق بما تعلق به ... وعلامة الجر الياء (القربى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف
__________
(1) انظر مزيدا من الشرح والتفصيل والتخريج للكلمة في حاشية الآية (83) من سورة البقرة.(5/33)
(الواو) عاطفة (اليتامى) معطوف على ذي القربى مجرور مثله وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف ... وكذلك (المساكين، الجار) معطوفان على ذي القربى مجروران (ذي) نعت للجارّ مجرور مثله وعلامة الجر الياء (القربى) مثل الأول (الواو) عاطفة (الجار) معطوف على ذي القربى مجرور مثله (الجنب) نعت للجار مجرور (الواو) عاطفة (الصاحب) معطوف على ذي القربى (بالجنب) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الصاحب (الواو) عاطفة (ابن) معطوف على ذي القربى مجرور مثله (السبيل) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محل جر معطوف على المجرور الأول (ملكت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (أيمان) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ (لا) نافية (يحب) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (مختالا) خبر كان منصوب (فخورا) خبر ثان منصوب.
جملة «اعبدوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا تشركوا ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة « (استوصوا) » بالوالدين» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «ملكت أيمانكم» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «إنّ الله لا يحب ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يحب من ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «كان مختالا» لا محل لها صلة الموصول (من) .(5/34)
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (37)
الصرف:
(الجار) ، صفة مشتقة من جاور الرباعي، وزنه فعل بفتح فسكون، وأصل الألف واو لأن المصدر جوار ومجاورة ولظهور الواو في الرباعي.
(الجنب) ، والجمع جنوب، اسم لشقّ الإنسان وغيره، وزنه فعل بفتح فسكون.
(مختالا) ، اسم فاعل من اختال الخماسي فهو على وزن مضارعه بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة وكسر ما قبل آخره، ولكن الكسرة لا تظهر قبل الآخر لأن الفعل معلّ في المضارع فتقدر الكسرة على الألف ...
ولهذا كان هذا اللفظ مطابقا لاسم المفعول أيضا. وفيه إعلال أصله مختيل تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
(فخورا) ، صفة مشبهة من فخر يفخر باب فرح وزنه فعول بفتح الفاء.
الفوائد
1- حق الله على عباده:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل: أتدري ما حق الله على العباد؟ قال:
الله ورسوله اعلم قال: «أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» ثم قال: أتدري ما حق العباد على الله؟ «إذا فعلوا ذلك ألّا يعذبهم الله» .
[سورة النساء (4) : آية 37]
الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (37)
الإعراب:
(الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من(5/35)
الموصول (من) في الآية السابقة «1» (يبخلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (يأمرون) مثل يبخلون (الناس) مفعول به منصوب (بالبخل) جار ومجرور متعلق ب (يأمرون) ، (الواو) عاطفة (يكتمون) مثل يبخلون (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (آتى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من فضل) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير النصب العائد (الهاء) ضمير مضاف إليه. (الواو) استئنافية (أعتدنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل (للكافرين) جار ومجرور متعلق ب (أعتدنا) ، (عذابا) مفعول به منصوب (مهينا) نعت منصوب.
جملة «يبخلون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يأمرون ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «يكتمون ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «آتاهم الله ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أعتدنا ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(البخل) ، مصدر سماعي لفعل بخل يبخل باب كرم، أما باب فرح فمصدره بخل بفتحتين وفي القاموس المحيط: البخل والبخول بضم الباء فيهما وكجبل ونجم وعنق ضد الكرم ... بخل كفرح وكرم بخلا بالضم والتحريك ... إلخ.
البلاغة
«وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً» وضع الظاهر موضع المضمر إشعارا بأن من هذا شأنه فهو كافر بنعمة الله تعالى ومن كان كافرا بنعمة الله تعالى فله عذاب
__________
(1) أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم ... أو مبتدأ خبره محذوف تقديره معذّبون.(5/36)
وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا (38)
يهينه كما أهان النعمة بالبخل والإخفاء.
[سورة النساء (4) : آية 38]
وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطانُ لَهُ قَرِيناً فَساءَ قَرِيناً (38)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (الذين ينفقون) مثل الذين يبخلون في الآية السابقة ومعطوف عليه (أموال) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (رئاء) مصدر في موضع الحال بتأويل مشتق أي مرائين منصوب «1» (الناس) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يؤمنون) ، (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (باليوم) جار ومجرور متعلق بما تعلق به بالله فهو معطوف عليه (الآخر) نعت لليوم مجرور مثله (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يكن) مضارع مجزوم ناقص، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الشيطان) اسم يكن مرفوع (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بحال من (قرينا) ، وهذا الأخير خبر يكن منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ساء) فعل ماض جامد «2» لإنشاء الذم، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الشيطان (قرينا) تمييز منصوب ميّز الضمير المستتر.
جملة «ينفقون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا يؤمنون ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
__________
(1) أو مفعول لأجله منصوب.
(2) وذلك لأن الجواب اقترن هنا بالفاء، ولو كان الفعل (ساء) متصرفا لما كان ثمة ضرورة للفاء. [.....](5/37)
وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا (39)
وجملة «من يكن الشيطان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يكن الشيطان ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «ساء ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(قرينا) ، صفة مشتقة من فعل قرن يقرن باب ضرب، وزنه فعيل إما بمعنى مفعول، وإما بمعنى فاعل، وقد يكون مبالغة اسم الفاعل أو صفة مشبهة لاسم الفاعل اشتق من المتعدي على غير قياس.
الفوائد
1- المراءاة:
جاء في حديث الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم النار وهم: العالم، والغازي، والمنفقون المراؤون بأعمالهم. يقول صاحب المال: «ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك فيقول الله: كذبت، إنما أردت أن يقال:
جواد فقد قيل: أي قد أخذت جزاءك في الدنيا وهو الذي أردته يعملك.
وقد حملهم الشيطان على أن يعدلوا بعملهم عن الإخلاص لوجه الله إلى النفاق والرياء، فكان جزاؤهم النار.
[سورة النساء (4) : آية 39]
وَماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً (39)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (ما) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ «2» ، (ذا) اسم موصول مبني في محل رفع خبر (على) حرف جر
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) يجوز إعراب (ماذا) - كلمة واحدة- اسم استفهام مبتدأ، والجار والمجرور (عليهم) متعلق بالخبر.(5/38)
و (هم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف صلة ذا (لو) حرف شرط غير جازم- حرف امتناع لامتناع «1» -، (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (بالله) جار ومجرور متعلق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة (اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (الآخر) نعت مجرور (الواو) عاطفة (أنفقوا) مثل آمنوا (من) حرف جر (ما) اسم موصول «2» مبني في محل جر متعلق ب (أنفقوا) ، (رزق) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع. (الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (الباء) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (عليما) وهذا الأخير خبر كان منصوب.
جملة «ماذا عليهم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها استئنافية ... وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي: لو آمنوا لم يضرهم.
وجملة «أنفقوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة «رزقهم الله» لا محل لها صلة الموصول الاسمي أو الحرفي (ما) .
وجملة «كان الله ... » لا محل لها استئنافية.
__________
(1) أو هو حرف مصدري، والمصدر المؤوّل في محل جر بحرف جر محذوف تقديره في أي: في أيمانهم.
(2) أو حرف مصدري، والمصدر المؤوّل في محل جر ب (من) متعلق ب (أنفقوا أي:
أنفقوا من رزق الله.(5/39)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (40)
[سورة النساء (4) : آية 40]
إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً (40)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يظلم) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، والفعل متضمن معنى ينتقص، والمفعول الأول مقدر أي أحدا «1» ، (مثقال) مفعول به ثان منصوب (ذرة) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (تك) مضارع مجزوم ناقص، وعلامة الجزم السكون الظاهرة على النون المحذوفة للتخفيف، واسم تكن ضمير مستتر تقديره هي أي الذرة (حسنة) خبر منصوب (يضاعف) مضارع مجزوم جواب الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (يؤت) مضارع مجزوم معطوف على فعل يضاعف، وعلامة الجزم حذف حرف العلة، والفاعل هو (من) حرف جر (لدن) اسم مبني على السكون في محل جر متعلق (يؤت) «2» (أجرا) مفعول به ثان منصوب، والمفعول الأول محذوف تقديره فاعلها (عظيما) نعت ل (أجرا) منصوب مثله.
جملة «إنّ الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يظلم ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «إن تك ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
__________
(1) يجوز إبقاء معنى الظلم على حاله، فيعرب مثقال حينئذ مفعولا مطلقا عن المصدر لأنه صفته أي لا يظلم ظلما وزن ذرّة.
(2) أو بمحذوف حال من (أجرا) - نعت تقدم على المنعوت-.(5/40)
فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا (41)
وجملة «يضاعفها» لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «يؤت ... » لا محل لها معطوفة على جملة يضاعفها.
الصرف:
(مثقال) ، اسم لما يوزن به ويتخذ قياسا، مشتق من ثقل (ذرّة) ، اسم جامد إما للهباءة أو لصغيرة النّمل، وزنه فعلة بفتح فسكون.
[سورة النساء (4) : آية 41]
فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً (41)
الإعراب:
(الفاء) استئنافية (كيف) اسم استفهام مبني في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره أمر الكافرين «1» ، (إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرد من الشرط مبني في محل نصب متعلق بأمر أو بالفعل المقدر عامل الحال (جئنا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) فاعل (من كل) جار ومجرور متعلق ب (جئنا) ، (أمّة) مضاف إليه مجرور (بشهيد) جار ومجرور متعلق ب (جئنا) . (الواو) عاطفة- أو حالية- (جئنا) مثل الأول (الباء) حرف جر (الكاف) ضمير في محل جر متعلق ب (جئنا) الثاني (على) حرف جر (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق ب (شهيدا) وهو حال من ضمير الخطاب في (بك) منصوب.
جملة «كيف أمر الكافرين» لا محل لها استئنافية.
__________
(1) أجاز ابن هشام- وقبله العكبري- أن تكون في محل نصب حال لفعل محذوف تقديره تصنعون.(5/41)
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا (42)
وجملة «جئنا ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «جئنا (الثانية) ... » في محل جر معطوفة على الجملة جئنا الأولى «1» .
الصرف:
(جئنا) ، في الفعل إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون، أصله جاءنا- بسكون الهمزة- التقى سكونان فحذفت الألف، ثم كسرت الجيم للدلالة على أصل الحرف المحذوف وهو الياء لأن المضارع يجيء، وزنه فلنا بكسر الفاء.
[سورة النساء (4) : آية 42]
يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً (42)
الإعراب:
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (يود) ، (إذ) اسم ظرفي مبني في محل جر مضاف إليه والتنوين عوض من جملة محذوفة أي:
يوم إذ جئنا ... (يود) مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (عصوا) مثل كفروا، والبناء على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين (الرسول) مفعول به منصوب (لو) حرف مصدري «2» ، (تسوّى) مضارع مبني لمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (الباء) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (تسوى) ، (الأرض) نائب فاعل مرفوع.
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة حالا بتقدير (قد) .
(2) يجوز أن يكون (لو) حرف امتناع لامتناع، وجوابه محذوف تقديره لسروا بذلك، ومفعول يود محذوف تقديره تسوية الأرض بهم: دل عليه قوله: لو تسوى بهم الأرض.(5/42)
والمصدر المؤوّل (لو تسوى بهم الأرض) في محل نصب مفعول به عامله يود.
(الواو) عاطفة- أو استئنافية- (لا) نافية (يكتمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به أول (حديثا) مفعول به ثان منصوب.
جملة «يود الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عصوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «تسوى ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (لو) .
وجملة «لا يكتمون ... » لا محل لها معطوفة على جملة يود «1» ، أو هي استئنافية.
الصرف:
(عصوا) ، فيه إعلال بالحذف، أصله عصاوا، التقى ساكنان لام الكلمة وواو الجماعة فحذفت الألف- لام الكلمة- وفتح ما قبلها دلالة عليها.
(تسوّى) ، في قراءة عاصم هو مضارع سوّى من غير حذف التاء- وفي قراءة غيره بتشديد السين فيه حذف إحدى التاءين- وفيه إعلال بالقلب أصله تسوّي تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا.
__________
(1) اختار العكبري وأبو حيان أن تكون الجملة حالية بعد واو الحال وصاحب الحال إما الضمير في بهم وعامل الحال فعل تسوى، وإما أن يكون الذين كفروا والعامل فيها فعل يود على أن تكون (لو) حرفا مصدريا فقط.(5/43)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43)
[سورة النساء (4) : آية 43]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلاَّ عابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً (43)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصود مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ...
والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (تقربوا) فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الصلاة) مفعول به منصوب (الواو) حالية (أنتم) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (سكارى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (حتى) حرف غاية وجر (تعلموا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به «1» ، (تقولون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل والعائد محذوف.
والمصدر المؤوّل (أن تعلموا ... ) في محل جر متعلق ب (تقربوا) .
__________
(1) أو حرف مصدري، والمصدر المؤوّل، في محل نصب مفعول به أي: تعلموا قولكم.(5/44)
(الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (جنبا) معطوف على جملة (أنتم سكارى) فهو حال أيضا (إلّا) أداة استثناء (عابري) مستثنى منصوب وعلامة النصب الياء «1» ، (سبيل) مضاف إليه مجرور (حتى تغتسلوا) مثل حتى تعلموا «2» .
والمصدر المؤوّل (أن تغتسلوا) في محل جر متعلق ب (تقربوا) .
(الواو) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط ... و (تم) ضمير اسم كان (مرضى) خبر كنتم منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة على الألف، (أو) حرف عطف (على سفر) جار ومجرور متعلق بمحذوف معطوف على خبر كنتم (أو) مثل الأول (جاء) فعل ماض (أحد) فاعل مرفوع (من) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف نعت لأحد (من الغائط) جار ومجرور متعلق ب (جاء) ، (أو) مثل لأول (لامستم) فعل ماض وفاعله (النساء) مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (لم) حرف نفي وقلب وجزم (تجدوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (ماء) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (تيمموا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (صعيدا) مفعول به منصوب «3» ، (طيبا) نعت منصوب (الفاء) عاطفة تفريعية (امسحوا) مثل تيمموا (بوجوه) جار ومجرور متعلق ب (امسحوا) «4» ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أيدي) معطوف على وجوه مجرور مثله وعلامة
__________
(1) يجوز أن تكون (إلّا) بمعنى غير، وحينئذ تصبح هي وما بعدها صفة لجنب، وقد ظهر أثر ذلك في كلمة عابري ... أي لا تقربوا الصلاة جنبا مقيمين غير عابري سبيل.
(2) (حتى) بمعنى إلى أو إلّا ...
(3) أي: اقصدوا صعيدا طيبا. [.....]
(4) مسح يتعدى بنفسه وبالحرف.. أي: مسح الوجه ومسح بالوجه.(5/45)
الجر الكسرة المقدرة على الياء و (كم) مضاف إليه (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عفوّا) خبر كان منصوب (غفورا) خبر ثان منصوب.
جملة النداء: «يأيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تقربوا ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «أنتم سكارى» في محل نصب حال من الواو في (تقربوا) .
وجملة «تعلموا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «تقولون» لا محل لها صلة الموصول (ما) الاسمي أو الحرفي.
وجملة «تغتسلوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة «كنتم مرضى» لا محل لها استئنافية.
وجملة «جاء أحد ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «لامستم ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «لم تجدوا ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «تيمموا ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «امسحوا ... » في محل جزم معطوفة على جملة تيمموا.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عفوا ... » في محل نصب خبر كان.
الصرف:
(سكارى) ، جمع سكران زنة فعلان بفتح الفاء، صفة مشبهة من سكر يسكر باب فرح، و (سكارى) بضم السين وقد تفتح.(5/46)
(جنبا) ، اسم جرى مجرى المصدر الذي هو الإجناب، فهو لفظ يطلق على المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث ... وبعضهم جمعه جمعا مذكرا سالما، قال قوم جنبون، وجمع تكسير فقالوا قوم أجناب، وفي تثنيته قالوا جنبان (وانظر الآية 191 من سورة آل عمران) .
(عابري) ، جمع عابر، اسم فاعل من عبر يعبر باب نصر وزنه فاعل.
(الغائط) ، على لفظ اسم الفاعل وليس بذاك، فعله غاط يغوط باب نصر، فهو اسم جامد لمكان أو شيء.
(صعيدا) ، اسم جامد بمعنى التراب.
(عفوا) ، صفة مشبهة من عفا يعفو باب نصر، وزنه فعول، أدغمت لام الكلمة مع واو فعول.
البلاغة
1- الكناية: في قوله تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ.
المجيء منه كناية عن الحدث لأن المعتاد أن من يريده يذهب إليه ليواري شخصه عن أعين الناس، وإسناد المجيء منه إلى واحد مبهم من المخاطبين دونهم للتفادي عن التصريح بنسبتهم إلى ما يستحيا منه أو يستهجن التصريح به.
2- الكناية: في قوله تعالى أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ.
يريد سبحانه أو جامعتم النساء إلا أنه كنى بالملامسة عن الجماع لأنّه مما يستهجن التصريح به أو يستحي منه.
الفوائد
1- حكمة التشريع:(5/47)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلَالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا (45)
روى المفسرون الحوادث التي صاحبت مراحل تحريم الخمر في المجتمع المسلم والرجال الذين كانوا موضوع هذه الحوادث، وفيهم: عمر وعلي وحمزة وعبد الرحمن بن عوف وكلها تشير إلى مدى تغلغل هذه الظاهرة في مجتمع الجاهلية فقد ظل عمر يشرب الخمر في الإسلام حتى إذا نزلت آية يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ، وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما قال:
اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر، واستمر حتى إذا نزلت الآية يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ قال: اللهم بيّن لنا بيانا شافيا في الخمر، إلى أن نزلت آية التحريم الصريحة إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ، إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ، وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ، فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ؟!. قال عمر: انتهينا انتهينا ... !
[سورة النساء (4) : الآيات 44 الى 45]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ (44) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً (45)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تر) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (إلى) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (تر) بتضمينه معنى تنظر (أوتوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو نائب فاعل (نصيبا) مفعول به منصوب (من الكتاب) جار ومجرور متعلق بنعت لنصيب (يشترون) مضارع مرفوع والواو فاعل (الضلالة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (يريدون) مثل يشترون(5/48)
(أن) حرف مصدري ونصب (تضلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (السبيل) مفعول به منصوب. (الواو) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أعلم) خبر مرفوع (بأعداء) جار ومجرور متعلق ب (أعلم) و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (كفى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر (الباء) زائدة (الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلّا فاعل كفى (وليا) تمييز منصوب- أو حال. (الواو) عاطفة (كفى بالله نصيرا) مثل المتقدمة.
جملة «لم تر إلى ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «أوتوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يشترون ... » في محل نصب حال من نائب الفاعل.
وجملة «يشترون ... » في محل نصب حال من نائب الفاعل، وهي على رأي ابن هشام تفسير لمقدّر عطفت عليها جملة يريدون فالمعنى:
ألم تر إلى قصة الذين أوتوا.
وجملة «يريدون ... » في محل نصب معطوفة على جملة يشترون.
وجملة «تضلوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «الله أعلم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفى بالله وليا» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية الأخيرة.
وجملة «كفى بالله نصيرا» لا محل لها معطوفة على جملة كفى السابقة «1» .
الصرف:
(أعلم) ، هذه الصيغة لم يقصد بها التفضيل وإنما قصد
__________
(1) جعل ابن هشام هذه الجمل اعتراضية على شرط أن يكون (من الذين هادوا ... )
عطف بيان على الذين أوتوا ويجوز أن يتعلّق الجارّ ب (نصيرا) .(5/49)
مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (46)
بها الوصف فأعلم بمعنى عليم أو عالم.
الفوائد
1- «لم عند النحاة» اتفق النحاة ان «لم» حرف نفي وجزم وقلب:
أ- حرف جزم أي أنها تجزم الفعل المضارع بواحدة من علامات الجزم الثلاث: السكون، أو حذف النون، أو حذف حرف العلة من آخر الفعل.
ب- حرف نفي بمعنى أن الفعل بعدها يكون منفيا وليس مثبتا.
ج- حرف قلب: أي أنها تقلب زمن الفعل المضارع الذي تدخل عليه من الحال والاستقبال الى الماضي.
[سورة النساء (4) : آية 46]
مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (46)
الإعراب:
(من الذين) مثل إلى الذين «1» متعلق بمحذوف خبر مقدم «2» لمبتدأ مقدر تقديره قوم (هادوا) فعل ماض مبني على الضم ...
والواو فاعل (يحرفون) مثل يشترون «3» ، (الكلم) مفعول به منصوب (عن مواضع) جار ومجرور متعلق ب (يحرفون) ، و (الهاء) ضمير مضاف
__________
(1، 3) في الآية (44) السابقة.
(2) أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم، وحينئذ تصبح جملة يحرفون في محل نصب حال من فاعل هادوا.(5/50)
إليه (الواو) عاطفة (يقولون) مثل يشترون، (سمعنا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (عصينا) مثل سمعنا (الواو) عاطفة (اسمع) فعل أمر دعائي، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (غير) حال منصوبة من فاعل اسمع (مسمع) مضاف إليه مجرور «1» ، (الواو) عاطفة (راع) فعل أمر دعائي مبني على حذف حرف العلة و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل أنت (ليا) حال منصوبة بتأويل مشتق أي لاوين ألسنتهم (بألسنة) جار ومجرور متعلق بالمصدر (ليا) و (هم) ضمير متصل في محل جر مضاف إليه (الواو) عاطفة (طعنا) معطوف على (ليّا) منصوب مثله «2» ، (في الدين) جار ومجرور متعلق ب (طعنا) . (الواو) استئنافية (لو) شرط غير جازم (أنّ) حرف مشبه بالفعل للتوكيد و (هم) ضمير في محل نصب اسم أنّ (قالوا) مثل هادوا (سمعنا وأطعنا واسمع) مثل سمعنا وعصينا واسمع (الواو) عاطفة (انظر) فعل أمر دعائي و (نا) ضمير مفعول به والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) واقعة في جواب لو (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى هذا التوجيه الإلهي (خيرا) خبر كان منصوب (اللام) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (خيرا) ، (أقوم) معطوف على (خيرا) بحرف العطف الواو منصوب مثله، ومنع من التنوين لأنه وصف على وزن أفعل.
والمصدر المؤوّل (أنهم قالوا ... ) في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: لو ثبت قولهم ...
__________
(1) هذا الكلام دعاء موجه، وهو بحسب الظاهر دعاء له وبحسب الباطن دعاء عليه ...
ففي الظاهر اسمع غير مسمع مكروها، وفي الباطن اسمع غير مسمع خيرا أو لا سمعت، دعوا عليه بالموت أو بالصمم.
(2) أجاز الزمخشري نصب (ليّا) على أنه مفعول لأجله ومثله (طعنا) .(5/51)
(الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك (لعن) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بكفر) جار ومجرور متعلق ب (لعن) والباء سببية و (هم) مضاف إليه (الفاء) تعليلية (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (إلّا) أداة حصر (قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته «1» أي: لا يؤمنون إلا إيمانا قليلا.
جملة «من الذين ... قوم» الاسمية لا محل لها استئنافية.
وجملة «هادوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يحرّفون» في محل رفع نعت للمبتدأ قوم.
وجملة «يقولون ... » في محل رفع معطوفة على جملة يحرفون.
وجملة «سمعنا ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «عصينا» في محل نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «اسمع» (الأولى) في محل نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «راعنا» في محل نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «ثبت قولهم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «سمعنا» (الثانية) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أطعنا» في محلّ نصب معطوفة على جملة سمعنا.
وجملة «اسمع (الثانية) في محلّ نصب معطوفة على جملة سمعنا.
وجملة «انظرنا» في محل نصب معطوفة على جملة سمعنا.
__________
(1) وجّه بعضهم الكلام على الاستثناء، ف (قليلا) مستثنى من الواو في يؤمنون، ولن الأولى في هذا النوع من الاستثناء الاتباع على البدلية أي برفع لفظ قليل.(5/52)
وجملة «كان خيرا لهم» لا محل لها جواب شرط غير جازم (لو) .
وجملة «لعنهم الله ... » لا محل لها معطوفة على جملة (ثبت) قولهم.
وجملة «لا يؤمنون ... » لا محل لها تعليلية.
الصرف:
(الكلم) ، جمع الكلام، وهو اسم مصدر لفعل كلّم الرباعي وزنه فعال بفتح الفاء، والكلم وزنه فعل بفتح فكسر.
(مواضعه) ، جمع موضع وهو اسم مكان من فعل وضع يضع، وزنه مفعل بفتح الميم وكسر العين لأن الفعل معتل مثال محذوف الفاء في المضارع.
(مسمع) ، اسم مفعول من فعل أسمع الرباعي، وزنه مفعل بضم الميم وفتح العين.
(ليّا) ، مصدر سماعي لفعل لوى المعتل اللفيف المقرون، وفي الكلمة إعلال بالقلب، اجتمعت الواو والياء في الكلمة وجاءت الأولى منهما ساكنة فقلبت الواو إلى ياء وأدغمت مع الياء الثانية، أصله لوى بفتح اللام وسكون الواو.
(طعنا) ، مصدر سماعي لفعل طعن يطعن باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون.
(أقوم) ، صفة مشتقة على وزن أفعل، هو اسم تفضيل من قام يقوم.
البلاغة
الإبهام أو الكلام الموجه: في قوله تعالى: اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ.
وهو كلام ذو وجهين- محتمل للشر والخير- ويسمى في البديع بالتوجيه.
واحتماله للشر بأن يحمل على معنى اسمع مدعوا عليك بألا سمعت، أو اسمع(5/53)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا (47)
غير مجاب الى ما تدعو إليه. واحتماله للخير بأن يحمل على معنى (اسمع) منا (غير مسمع) مكروها، من قولهم: أسمعه فلان إذا سبه. وقد كانوا لعنهم الله تعالى يخاطبون بذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استهزاء مظهرين (صلى الله عليه وسلم) المعنى الأخير وهم يضمرون سواه.
«وَراعِنا» أيضا كلام ذو وجهين كسابقه، فاحتماله للخير على معنى أمهلنا وانظر إلينا، أو انتظرنا نكلمك، واحتماله للشر بحمله على السب.
الفوائد
1- اليهود وتحريف الكلم عن مواضعه:
بلغ من التواء اليهود، وسوء أدبهم مع الله عز وجلّ، أن يحرفوا كلام التوراة عن المقصود منه، والأرجح أن ذلك يعني تأويلهم لعبارات التوراة بغير المقصود منها، وذلك كي ينفوا ما فيها من أدلة على رسالة الإسلام ومن أحكام وتشريعات يصدقها القرآن وتدل وحدتها في الكتابين على وحدة المصدر وهو الله تعالى، وبالتالي على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم. وتحريف الكلم عما قصد به، ليوافق الأهواء:
ظاهرة ملحوظة في رجال أي دين يحاولون الانحراف عن دينهم واتخاذه حرفة وصناعة. ولعل اليهود أبرع من عرف بهذا التحريف.
[سورة النساء (4) : آية 47]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47)
الإعراب:
(يأيها الذين) مرّ إعرابها «1» ، (أوتوا) فعل ماض مبني
__________
(1) في الآية (43) من هذه السورة.(5/54)
للمجهول مبني على الضم ... والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (آمنوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (الباء) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (آمنوا) ، (نزّلنا) فعل ماض وفاعله (مصدّقا) حال منصوبة من العائد (اللام) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (مصدّقا) «1» ، (مع) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف صلة ما و (كم) ضمير مضاف إليه (من قبل) جار ومجرور متعلق ب (آمنوا) ، (أن) حرف مصدري ونصب (نطمس) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (وجوها) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن نطمس ... ) في محل جر بإضافة قبل إليه.
(الفاء) عاطفة (نرد) مضارع منصوب معطوف على فعل نطمس و (ها) ضمير مفعول به، والفاعل نحن (على أدبار) جار ومجرور متعلق ب (نرد) ، و (ها) ضمير مضاف إليه (أو) حرف عطف (نلعنهم) مثل نردها (الكاف) حرف جر «2» ، (ما) حرف مصدري (لعنّا) مثل نزّلنا (أصحاب) مفعول به منصوب (السبت) مضاف إليه مجرور.
والمصدر المؤول (ما لعنّا ... ) في محل جر بالكاف متعلق بمحذوف مفعول مطلق أي نلعنهم لعنا كلعن أصحاب السبت.
(الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (أمر) اسم كان مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (مفعولا) خبر كان منصوب.
جملة «يأيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
__________
(1) أو اللازم زائدة للتقوية، والاسم الموصول في محل نصب مفعول به لاسم الفاعل (مصدّقا) .
(2) أو اسم بمعنى مثل، في محل نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته.(5/55)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48)
وجملة «أوتوا الكتاب ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «نزّلنا» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «نطمس ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «نردها ... » لا محل لها معطوفة على جملة نطمس.
وجملة «نلعنهم» لا محل لها معطوفة على جملة نطمس.
وجملة «لعنّا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «كان أمر الله مفعولا» لا محل لها استئنافية.
الصرف. (مفعولا) ، اسم مفعول من فعل يفعل باب فتح، وزنه مفعول.
البلاغة
1- «مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً» في تنكير الوجوه المفيد للتكثير تهويل للخطب وفي إبهامها لطف بالمخاطبين وحسن استدعاء لهم الى الإيمان.
2- المجاز المرسل: في قوله تعالى «وجوها» حيث ذكر وجوها وأراد أصحابها والعلاقة الكلية.
[سورة النساء (4) : آية 48]
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (48)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يغفر) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أن) حرف مصدري ونصب (يشرك) مضارع مبني للمجهول منصوب(5/56)
ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الإشراك أو الإله المعبود المفهوم من سياق الآية (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يشرك) .
والمصدر المؤوّل (أن يشرك به) في محل نصب مفعول به عامله يغفر، أي لا يغفر الإشراك به.
(الواو) عاطفة (يغفر) مثل الأول (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (دون) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف صلة ما (ذلك) اسم إشارة مبني في محل جر مضاف إليه ... و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (اللام) حرف جر (من) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (يغفر) ، (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) استئنافية- أو عاطفة- (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يشرك) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يشرك) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (افترى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إثما) مفعول به منصوب بتضمين افترى معنى اقترف (عظيما) نعت منصوب.
جملة «إنّ الله لا يغفر ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يغفر ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «يشرك به» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يغفر ... » في محل رفع معطوفة على جملة لا يغفر «1» .
وجملة «يشاء» لا محل لها صلة الموصول (من) .
__________
(1) رفض العكبري العطف كي لا يعطف مثبت على منفي، فهي عنده مستأنفة.(5/57)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49)
وجملة «من يشرك بالله (الاسمية) » لا محل لها استئنافية- أو معطوفة على الاستئنافية الأولى.
وجملة «يشرك بالله» في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «افترى ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(افترى) ، في الفعل إعلال بالقلب، أصله افتري- بياء في آخره- تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا. (آل عمران- 94) .
[سورة النساء (4) : آية 49]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً (49)
الإعراب:
(ألم تر إلى الذين) مر إعرابها «2» ، (يزكّون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (بل) حرف إضراب عن تزكيتهم أنفسهم، وابتداء (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يزكي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل هو (الواو) عاطفة (لا) نافية (يظلمون) مضارع مبني للمجهول مرفوع ... والواو نائب فاعل (فتيلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته أي ظلما قدر الفتيل، منصوب.
جملة «لم تر إلى الذين ... » لا محل لها استئنافية.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) في الآية (44) من هذه السورة.(5/58)
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُبِينًا (50)
وجملة «يزكون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «الله يزكي ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يزكّي ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «يشاء» لا محل لها صلة الموصول (من) .
الصرف:
(يزكون) ، فيه إعلال بالحذف أصله يزكّيون بضم الياء الثانية، نقلت حركتها الى الكاف ثم حذفت للساكنين، (الفتيل) ، اسم مشتقّ وزنه فعيل بمعنى مفعول إن أخذ معناه لما يفتل ... وهو اسم إن دلّ على الخط الطويل في شقّ النواة.
[سورة النساء (4) : آية 50]
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً (50)
الإعراب:
(انظر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كيف) اسم استفهام مبني في محل نصب حال (يفترون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (على الله) جار ومجرور متعلق ب (يفترون) «1» ، (الكذب) مفعول به منصوب «2» ، (الواو) استئنافية (كفى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف (الباء) حرف جر زائد و (الهاء) في محل جر في المحل القريب وفي محل رفع فاعل في المحل البعيد (إثما) تمييز منصوب «3» ، (مبينا) نعت منصوب.
__________
(1) أو بمحذوف حال من الكذب. [.....]
(2) لما كان الافتراء يلاقي الكذب بالمعنى أو قريب منه جاز أن يعرب (الكذب) مفعولا مطلقا نائبا عن المصدر لأنه مرادفه.
(3) أو حال منصوبة.(5/59)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا (51) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذًا لَا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيرًا (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا (55)
جملة «انظر ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يفترون ... » في محل نصب مفعول انظر المعلّق بالاستفهام.
وجملة «كفى به إثما ... » لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : الآيات 51 الى 55]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً (53) أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً (54) فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً (55)
الإعراب:
(ألم تر ... من الكتاب) مرّ إعرابها «1» ، (يؤمنون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو ضمير متصل في محل رفع فاعل (بالجبت) جار ومجرور متعلق ب (يؤمنون) ، (الواو) عاطفة (الطاغوت) معطوف على الجبت مجرور مثله (الواو) عاطفة (يقولون) مثل يؤمنون (اللام) حرف جر (الذين) موصول مبني في محل جر متعلق ب (يقولون) ، (كفروا) فعل ماض مبني على الضمّ ... والواو فاعل (ها)
__________
(1) في الآية (44) من هذه السورة.(5/60)
حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ (أهدى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (من الذين) مثل للذين، متعلق بأهدى (آمنوا) مثل كفروا (سبيلا) تمييز منصوب عامله أهدى.
جملة «لم تر إلى الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «أوتوا نصيبا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يؤمنون ... » في محل نصب حال من ضمير أوتوا «1» .
وجملة «يقولون ... » في محل نصب معطوفة على جملة يؤمنون.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «هؤلاء أهدى» في محل نصب مقول القول.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) الثالث.
(52) أولاء مثل الأول و (الكاف) حرف خطاب (الذين) موصول في محل رفع خبر (لعن) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل نصب مفعول به مقدم (يلعن) مضارع مجزوم فعل الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) مثل السابق (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف نفي ونصب (تجد) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (نصيرا) وهو المفعول الثاني لفعل تجد، أما الأول فمقدر أي أحدا.
وجملة «أولئك الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لعنهم الله» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يلعن الله» لا محل لها استئنافية.
__________
(1) يجوز أن تكون استئنافية بيانية، وكأنّها جواب سؤال مقدّر.(5/61)
وجملة «لن تجد ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
(53) (أم) منقطع بمعنى بل والهمزة (لهم) مثل له متعلق بخبر مقدم (نصيب) مبتدأ مؤخر مرفوع (من الملك) جار ومجرور متعلق بنعت لنصيب (الفاء) واقعة في جواب شرط مقدّر (إذا) بالتنوين، حرف جواب لا محل له (لا) نافية (يؤتون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الناس) مفعول به أول منصوب (نقيرا) مفعول به ثان منصوب.
وجملة «لهم نصيب» لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يؤتون ... » في محل رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم ... والجملة الاسمية لا محل لها جواب شرط مقدّر «1» غير جازم.
(54) (أم) مثل الأول (يحسدون) مثل يؤمنون (الناس) مفعول به منصوب (على) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (يحسدون) ، (آتاهم) مثل لعنهم (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من فضل) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من عائد الموصول المقدّر «2» ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) تعليلية (قد) حرف تحقيق (آتينا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) ضمير فاعل (آل) مفعول به أول منصوب (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة (الكتاب) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة (الحكمة) معطوف على الكتاب منصوب مثله (الواو) عاطفة (آتينا) مثل الأول و (هم) ضمير مفعول به أول (ملكا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت منصوب.
وجملة «يحسدون الناس» لا محل لها استئنافية.
__________
(1) والتقدير: إذا أعطوا الملك فهم لا يؤتون الناس نقيرا.
(2) أي: ما آتاهم إيّاه الله من فضله.(5/62)
وجملة «آتاهم الله» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «آتينا آل إبراهيم ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «آتيناهم ... » لا محل لها معطوفة على التعليلية.
(55) (الفاء) عاطفة (منهم) مثل لهم «1» (من) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ مؤخر (آمن) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد (به) مثل له متعلق ب (آمن) ، (الواو) عاطفة (منهم من صدّ عنه) مثل منهم من آمن به (الواو) استئنافية (كفى بجهنّم سعيرا) مثل كفى به إثما «2» .
وجملة «منهم من آمن ... » لا محل لها معطوفة على جملة يحسدون.
وجملة «آمن به» لا محل لها صلة الموصول (من) الأول.
وجملة «منهم من صدّ عنه» لا محل لها معطوفة على جملة منهم من آمن.
وجملة «صد عنه» لا محل لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة «كفى بجهنم ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(الجبت) ، اسم لما يعبد من دون الله صنما كان أم شيئا آخر، وزنه فعل بكسر فسكون.
(أهدى) ، اسم تفضيل من هدى يهدي باب ضرب، وزنه أفعل، وفيه إعلال بالقلب، أصله أهدي- بالياء- فلما تحركت الياء بعد فتح قلبت ألفا، ورسمت برسم الياء لأنها رابعة.
(نقيرا) ، هو فعيل بمعنى مفعول إمّا بمعنى النقرة في ظهر النواة، أو ما ينقر في الحجر أو الخشب.
__________
(1، 2) في الآية (50) من هذه السورة.(5/63)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا (56)
الفوائد
1- رأي النحاة ب «إذن» .
للنحاة آراء عديدة حولها نجملها بما يلي:
أ- تأتي حرفا ناصبا للفعل المضارع ويشترط الا يفصل بينها وبين الفعل المنصوب بفاصل سوى «القسم» كقول الشاعر:
إذن والله نرميهم بحرب ... تشيب الطفل من قبل المشيب
ب- إذا سبقت بواو أو فاء: فإذا اعتبرنا الواو والفاء عاطفتين تلغى ويكون الفعل الذي بعدها تابعا للفعل الذي قبلها.
أما إذا اعتبرنا الكلام مستأنفا خاليا من العطف فتكون عاملة والفعل بعدها منصوبا.
ج- إذا سبقت بعامل قبلها أهملت وقدم العامل عليها كقولك: إن تذهب إذن أذهب معك.
د- الأرجح أن تكتب بنون وليس بالألف وفي ذلك تفصيل.
[سورة النساء (4) : آية 56]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً (56)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب اسم إنّ (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (بآيات) جار ومجرور متعلق ب (كفروا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه (سوف) حرف استقبال (نصلي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء و (هم) ضمير مفعول به أول والفاعل نحن للتعظيم(5/64)
(نارا) مفعول به ثان منصوب (كلما) ظرف للزمان منصوب متضمن معنى الشرط متعلق ب (بدّلناهم) ... وما حرف مصدري «1» ، (نضجت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (جلود) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (ما نضجت جلودهم) في محل جر مضاف إليه.
(بدّلنا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) فاعل و (هم) ضمير مفعول به أوّل وهو على حذف مضاف أي بدّلنا جلودهم «2» (جلودا) مفعول به ثان منصوب (غير) نعت لجلود منصوب مثله و (ها) مضاف إليه (اللام) لام التعليل (يذوقوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (العذاب) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤوّل (أن يذوقوا) في محل جر باللام متعلق ب (بدّلناهم) .
(إنّ) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عزيزا) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «سوف نصليهم ... » في محل رفع خبر إنّ.
__________
(1) يجوز إعراب (كلّما) كلمة واحدة ظرفا للزمان متضمنا معنى الشرط متعلق ب (بدّلنا) .
(2) أو ثمة مقدر هو الجار والمجرور أي بدلناهم بجلودهم جلودا غيرها لتلحق الباء المتروك.(5/65)
وجملة «نضجت جلودهم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «بدّلناهم ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يذوقوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان عزيزا ... » في محل رفع خبر إنّ.
البلاغة
الاستعارة المكنية: في قوله تعالى لِيَذُوقُوا الْعَذابَ.
التعبير عن ادراك العذاب بالذوق من حيث انه لا يدخله نقصان بدوام الملابسة، أو للاشعار بمرارة العذاب مع إيلامه، أو للتنبيه على شدة تأثيره من حيث أن القوة الذائقة أشد الحواس تأثيرا فقد حذف المشبه به واستعار شيئا من لوازمه وهو الذوق.
الفوائد
1- قوله تعالى: كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ «كلما» من أدوات الشرط غير الجازمة، وهي: «إذا، لو، لولا، كلما» وهي تفيد معنى الشرط والظرفية، والجملة بعدها في محل جر بالاضافة ويشترط في فعل الشرط وجوابه الخاص بها أن يأتيا بصيغة الماضي لا غير.
وتحسن الإشارة حيال هذه الآية إلى أنه من الإعجاز الفني في القرآن أن يعرض الأفكار مجسّدة ضمن اطار من الحركة والحياة فيتمّلاها الحس والخيال والفكر والشعور وكأنها حياة قائمة مرئية أمام القارئ أو السامع.
ونحن نستحضر لدى سماعنا هذه الآية صور العذاب الدائمة التي لا تنقطع والجلد الذي لا يكاد ينضح حتى يتجدد وهكذا الى غير انقطاع أو انتهاء.(5/66)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا (57)
[سورة النساء (4) : آية 57]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلاًّ ظَلِيلاً (57)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ (آمنوا) فعل ماضي مبني على الضم ... والواو فاعل ومثله (عملوا) ، (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (سندخلهم جنّات) مثل سوف نصليهم نارا «1» ، وعلامة نصب جنّات الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء (من تحت) جار ومجرور متعلق ب (تجري) «2» ، و (ها) ضمير مضاف إليه (الأنهار) فاعل مرفوع (خالدين) حال منصوبة من ضمير المفعول في (ندخلهم) ، وعلامة النصب الياء (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بخالدين، (أبدا) ظرف زمان منصوب متعلق بخالدين (لهم) مثل فيها متعلق بخبر مقدّم و (فيها) الثاني متعلق بالخبر المحذوف (أزواج) مبتدأ مؤخر مرفوع (مطهرة) نعت مرفوع (الواو) عاطفة (ندخلهم) مثل نصليهم «3» ، (ظلّا) مفعول به ثان منصوب (ظليلا) نعت منصوب.
جملة «الذين آمنوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة إنّ الذين كفروا «4» .
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عملوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
__________
(1، 3، 4) في الآية (56) من هذه السورة.
(2) أو بمحذوف حال من الأنهار.(5/67)
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)
وجملة «سندخلهم ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «تجري» في محل نصب نعت لجنّات.
وجملة «لهم فيها أزواج» في محل نصب نعت ثان لجنات، أو حال من ضمير الغائب في (سندخلهم) .
وجملة «ندخلهم ... » في محل نصب معطوفة على جملة لهم فيها أزواج.
الصرف:
(ظلّا) ، اسم من ظلّ يظلّ ظلالة باب فتح، وزنه فعل بكسر فسكون.
(ظليلا) ، اسم مشتق صفة مشبهة باسم الفاعل وزنه فعيل.
[سورة النساء (4) : آية 58]
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (58)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (يأمر) مضارع مرفوع و (كم) ضمير في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أن) حرف مصدري ونصب (تؤدّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (الأمانات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (إلى أهل) جار ومجرور متعلق ب (تؤدّوا) ، و (ها) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن تؤدّوا) في محل نصب مفعول به «1» .
__________
(1) يجوز أن يكون في محل جر بحرف جر محذوف هو الباء أي بأن تؤدوا ... متعلق ب (يأمر) ، انظر الآية (67) من سورة البقرة.(5/68)
(الواو) استئنافية (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط متعلق ب (يأمركم) مقدّرا (حكمتم) فعل ماض وفاعله (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (حكمتم) ، (الناس) مضاف إليه مجرور (أن تحكموا) مثل أن (أن تؤدوا) (بالعدل) جار ومجرور متعلق ب (تحكموا) «1» .
والمصدر المؤوّل (أن تحكموا) في محل نصب مفعول به للفعل المقدر يأمركم.
(إنّ الله) مثل الأولى (نعم) فعل ماض جامد لإنشاء المدح، وفاعله ضمير مستتر وجوبا تقديره هو (ما) نكرة موصوفة مبني في محل نصب تمييز للضمير المستتر «2» ، (يعظ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يعظكم) ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره تأدية الأمانة والحكم بالعدل (إنّ الله) مثل الأولى (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (سميعا) خبر كان منصوب (بصيرا) خبر ثان منصوب.
جملة «إنّ الله يأمركم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يأمركم ... » في محل رفع خبر إنّ الأول.
وجملة «تؤدّوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أنّ) .
وجملة «حكمتم ... » في محل جر مضاف إليه.
__________
(1) يجوز أن يكون متعلقا بمحذوف حال من فاعل (تحكموا) أي متمسكين بالعدل أو متلبسين ...
(2) يجوز أن يكون (ما) معرفة تامة أو اسم موصول فاعل، والجملة بعدها إما صفة لموصوف محذوف هو المخصوص بالمدح تقديره: نعم الشيء شيء يعظكم ... أو لا محل لها صلة الموصول والمخصوص محذوف. [.....](5/69)
وجملة «يأمركم» المقدرة لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «تحكموا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة «إنّ الله نعمّا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «نعمّا يعظكم» في محل رفع خبر إنّ (لثاني) .
وجملة «يعظكم به» في محل نصب نعت ل (ما) .
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان سميعا ... » في محل رفع خبر إنّ (لثالث)
الفوائد
الأمانة العامة:
1- الإنسان وحده قد وكل الى فطرته وعقله وإرادته وجهده للوصول إلى الله بعون منه، وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا، وهذه أمانة حملها الإنسان وعليه أن يؤديها.
ومنها تنبثق سائر الأمانات، أمانة الايمان بالله، وأمانة التعامل مع الناس، أمانة المعاملات والودائع المادية وأمانة النصيحة للراعي وللرعية، وأمانة القيام على الناشئة.
2- نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ.
«نعمّا» أصلها «نعم ما» أدغمت الميمان معا فأصبحتا ميما مشددة. ونعم فعل ماض لانشاء المدح، أمّا «ما» ففي اعرابها مذاهب: أحدها أن تكون معرفة تامة بمعنى «الشيء» وهي في محل رفع فاعل لنعم.
الثاني: اعتبارها «اسم موصول» بمعنى الذي وهي في محل رفع فاعل لنعم أيضا.
الثالث: اعتبار «ما» نكره موصوفة في محل نصب على التمييز «التقدير(5/70)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)
نعم شيئا يعظكم به، والفاعل مستتر وجوبا.
أو جزنا لك الموضوع وقد نعود لتفصيله ثانية فتدبّر.
[سورة النساء (4) : آية 59]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (59)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب «1» (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب نعت ل (أيّ) أو بدل منه (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (أطيعوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (أطيعوا الرسول) مثل أطيعوا الله (الواو) عاطفة (أولي) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكر السالم (الأمر) مضاف إليه مجرور (من) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف حال من (أولي الأمر) ، (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (تنازعتم) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم ... و (تم) ضمير فاعل (في شيء) جار ومجرور متعلق ب (تنازعتم) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ردّوا) مثل أطيعوا و (الهاء) ضمير مفعول به (إلى الله) جار ومجرور متعلق ب (ردّوه) ، (الواو) عاطفة (الرسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (إن كنتم) مثل إن تنازعتم ... و (تم) اسم كان (تؤمنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (بالله) جار ومجرور متعلق ب (تؤمنون) ،
__________
(1) (ها) للتنبيه لا محل لها.(5/71)
(اليوم) معطوف على لفظ الجلالة بالواو مجرور مثله (الآخر) نعت لليوم مجرور (ذا) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (خير) خبر المبتدأ مرفوع (أحسن) معطوف على خير بالواو مرفوع مثله (تأويلا) تمييز منصوب.
جملة النداء يا أيها الذين» لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أطيعوا الله» لا محل لها جواب النداء.
وجملة «أطيعوا الرسول» لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «إن تنازعتم ... » لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «ردّوه ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كنتم تؤمنون» لا محل لها اعتراضية في معرض الحضّ.
وجملة «تؤمنون ... » في محل نصب خبر كنتم ... وجواب الشرط (الثاني) محذوف دل عليه ما قبله أي: فردوه إلى الله.
وجملة «ذلك خير» لا محل لها تعليل للشرط الأوّل.
الصرف:
(خير، أحسن) ، قد يكونان اسمي تفضيل والمفضل عليه محذوف، وقد يكونان صفتين خالصتين من غير تفضيل أي خير وحسن.
وخير وأحسن على المعنى الأول وزنهما أفعل بحذف الهمزة من كلمة خير لكثرة الاستعمال، وخير وحسن وزنهما فعل بفتح فسكون، وفعل بفتحتين على التوالي.(5/72)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا (60) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا (61) فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا (62) أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا (63)
الفوائد
1- اخرج مسلم من حديث أم الحصين «ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله، اسمعوا وأطيعوا» «فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ» .
الى النصوص أولا، فإن لم توجد النصوص، فإلى المبادئ الكلية العامة والمقاصد الشرعية الثابتة التي تغطي كل جوانب الحياة الرئيسية، وفي ذلك احترام للعقل ومنحه مكانا للعمل وهي مهمة العلماء العاملين والفقهاء المجتهدين.
[سورة النساء (4) : الآيات 60 الى 63]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً (60) وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً (61) فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنا إِلاَّ إِحْساناً وَتَوْفِيقاً (62) أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً (63)
الإعراب:
(ألم تر إلى الذين) «1» ، (يزعمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أنّ) حرف مشبه بالفعل للتوكيد و (هم) ضمير متصل في محل نصب اسم أن (أمنوا) فعل ماض وفاعله (الباء) حرف جر
__________
(1) انظر الآية (44) من هذه السورة فقد أعربت هناك.(5/73)
(ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (آمنوا) ، (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد (إلى) حرف جر و (الكاف) ضمير في محل جر متعلق ب (أنزل) ، (الواو) عاطفة (ما أنزل) مثل الأول ومعطوف عليه (من قبل) جار ومجرور متعلق ب (أنزل) الثاني و (الكاف) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أنهم آمنوا) سدّ مسدّ مفعولي يزعمون.
(يريدون) مثل يزعمون (أن) حرف مصدري ونصب (يتحاكموا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو فاعل (إلى الطاغوت) جار ومجرور متعلق ب (يتحاكموا) .
والمصدر المؤوّل (أن يتحاكموا) في محل نصب مفعول به عامله يريدون.
(الواو) حاليّة (قد) حرف تحقيق (أمروا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو نائب فاعل (أن يكفروا) مثل أن يتحاكموا (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يكفروا) .
والمصدر المؤوّل (أن يكفروا) في محل نصب مفعول به عامله (أمروا) «1» .
(الواو) عاطفة (يريد) مضارع مرفوع (الشيطان) فاعل مرفوع (أن) مثل الأول (يضلّ) مضارع منصوب و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ضلالا) مفعول مطلق نائب عن المصدر «2» منصوب (بعيدا) نعت منصوب.
__________
(1) يجوز أن يكون مجرورا بحرف جر محذوف هو الباء أي بأن يكفروا متعلّق ب (أمروا) .
(2) ضلال هو مصدر الثلاثيّ ضلّ، أما مصدر أضلّ يضل فهو إضلال لذا ناب عنه مصدر الثلاثىّ لأنه ملاقيه في الاشتقاق.(5/74)
والمصدر المؤوّل (أن يضلّهم) في محل نصب مفعول به عامله يريد.
جملة «تر إلى الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يزعمون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «آمنوا» في محل رفع خبر أنّ.
وجملة «أنزل إليك» لا محل لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «أنزل من قبلك» لا محل لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «يريدون» في محل نصب حال من فاعل يزعمون.
وجملة «يتحاكموا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «قد أمروا ... » في محل نصب حال من فاعل يريدون.
وجملة «يكفروا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة «يريد الشيطان ... » في محل نصب معطوفة على جملة يريدون.
وجملة «يضلّهم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثالث.
(61) (الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط متعلّق ب (رأيت) ، قيل) فعل ماض مبني للمجهول (اللام) حرف جر و (هم ضمير في محل جر متعلق ب (قيل) ، (تعالوا) فعل أمر جامد مبني على حذف النون لاتصاله بواو الجماعة ... والواو فاعل (إلى ما) مثل بما متعلّق ب (تعالوا) ، (أنزل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (الرسول) مجرور بإلى متعلق ب (تعالوا) فهو معطوف على المجرور الأول (رأيت) فعل ماض مبني على السكون ... و (التاء) فاعل (المنافقين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (يصدّون) مضارع(5/75)
مرفوع ... والواو فاعل (عنك) مثل إليك متعلق ب (يصدّون) ، (صدودا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة «قيل لهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «تعالوا» في محل رفع نائب فاعل «1» .
وجملة «أنزل الله» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «رأيت المنافقين» لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يصدون» في محل نصب حال من المنافقين.
(62) (الفاء) عاطفة (كيف إذا) «2» ، (أصابت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به (مصيبة) فاعل مرفوع (بما) مثل الأول متعلق ب (أصابتهم) «3» ، (قدمت) مثل أصابت (أيدي) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة و (هم) ضمير مضاف إليه (ثم) حرف عطف (جاؤوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل، و (الكاف) ضمير مفعول به (يحلفون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلق بفعل (يحلفون) (إن) حرف نفي (أردنا) فعل ماض وفاعله (إلّا) أداة حصر (إحسانا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (توفيقا) معطوف على (إحسانا) منصوب مثله، وجملة «كيف (الأمر) ..» لا محل لها معطوفة على استئناف متقدّم.
وجملة «أصابتهم مصيبة» في محل جرّ مضاف إليه.
__________
(1) أما عند المجهور فنائب الفاعل مقدّر أي قيل لهم القول، والجملة تفسيرية. وقد آثرنا الأعراب أعلاه لأن الجملة هي مقول القول للمبني للمعلوم. (انظر الآية 11 من سورة البقرة)
(2) انظر إعرابها في الآية (41) من هذه السورة.
(3) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريا، والمصدر المؤوّل في محل جر متعلق ب (أصابتهم) أي: أصابتهم مصيبة بفعل أيديهم.(5/76)
وجملة «قدّمت أيديهم» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «جاؤوك» في محلّ جرّ معطوفة على جملة أصابتهم.
وجملة «يحلفون ... » في محل نصب حال من فاعل جاؤوك.
وجملة «أردنا» لا محلّ لها جواب القسم.
(63) (أولئك) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ.. و (الكاف) للخطاب (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع خبر (يعلم) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (في قلوب) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب «1» . (أعرض) فعل، أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عنهم) مثل عنك متعلق ب (أعرض) ، (الواو) عاطفة (عظ) مثل أعرض و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (قل لهم) مثل أعرض عنهم والجارّ متعلّق ب (قل) ، (في أنفس) جار ومجرور متعلّق ب (قل) على حذف مضاف أي: في حقّ أنفسهم «2» ، و (هم) ضمير مضاف إليه، (قولا) مفعول به منصوب (بليغا) نعت منصوب.
وجملة «أولئك الذين» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يعلم الله ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أعرض عنهم» لا محل لها معطوفة على جملة أولئك الذين «3» .
__________
(1) أو هي رابطة لجواب شرط مقدّر.
(2) أو متعلق بحال من فاعل قل أى حال كونك خاليا بهم مسرّا لهم بالنصيحة.
(3) أو هي في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كان ذلك حالهم فأعرض عنهم.(5/77)
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64)
وجملة «عظهم» لا محل لها معطوفة على جملة أعرض عنهم.
وجملة «قل لهم» لا محل لها معطوفة على جملة أعرض عنهم.
الصرف:
(صدودا) مصدر سماعي لفعل صدّ يصدّ باب نصر وباب ضرب، وزنه فعول بضم الفاء وهو لازم والذي من باب نصر متعد مصدره صدّ بفتح فسكون.
(توفيقا) ، مصدر قياسي للرباعي وفّق، وزنه تفعيل بزيادة التاء في أول الماضي وحذف التضعيف وإضافة ياء قبل آخره.
(بليغا) ، صفة مشبهة من فعل بلغ يبلغ باب كرم، وزنه فعيل.
الفوائد
من أدب الاجتماع:
قوله تعالى: وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً في هذه الآية أدب خلقي واجتماعي، وهو اتباع أسلوب السرّ والانفراد لتأدية النصيحة فهو أبلغ أثرا وأجدى لدى المنصوح
[سورة النساء (4) : آية 64]
وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (64)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (ما) نافية (أرسلنا) فعل ماض وفاعله (من) حرف جر زائد (رسول) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به (إلّا) أداة حصر (اللام) للتعليل (يطاع) مضارع مبني للمجهول منصوب(5/78)
بأن مضمرة، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
والمصدر المؤوّل (أن يطاع) في محل جر باللام متعلق ب (أرسلنا) .
(بإذن) جار ومجرور متعلق بحال من الضمير في (يطاع) «1» ، (الله) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لو) شرطية غير جازمة (أنّ) حرف مشبه بالفعل و (هم) ضمير في محل نصب اسم أنّ (إذ) ظرف للزمن الماضي مبني في محل نصب متعلق ب (جاؤوك) ، (ظلموا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (جاؤوا) مثل ظلموا و (الكاف) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أنّهم ... جاؤوك) في محل رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: لو ثبت مجيئهم حين ظلموا أنفسهم ...
(الفاء) عاطفة (استغفروا) مثل ظلموا (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (استغفر) فعل ماض (اللام) حرف جر و (هم) ضمير متصل في محل جر متعلق ب (استغفر) ، (الرسول) فاعل مرفوع (اللام) واقعة في جواب لو (وجدوا) مثل ظلموا (الله) لفظ الجلالة مفعول به أول منصوب (توابا) مفعول به ثان منصوب (رحيما) حال من الضمير في (توّابا) منصوبة «2» .
جملة «ما أرسلنا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يطاع ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
__________
(1) يجوز تعليقه بفعل يطاع بكون الباء سببية، أي يطاع بأمر الله.
(2) يجوز أن يكون نعتا ل (توابا) ، أو بدلا منه.(5/79)
فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)
وجملة « (ثبت) مجيئهم» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «ظلموا ... » في محل جر بإضافة (إذ) إليها.
وجملة «جاؤوك» في محل رفع خبر أنّ.
وجملة «استغفروا الله» في محل رفع معطوفة على جملة جاؤوك.
وجملة «استغفر لهم الرسول» في محل رفع معطوفة على جملة جاؤوك.
وجملة «وجدوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
البلاغة
الالتفات: في قوله تعالى وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ.
حيث التفت من الخطاب الى الغيبة تفخيما لشأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وتعظيما لاستغفاره وتنبيها على أن شفاعته في حيز القبول. وسياق الكلام يقتضي أن يقول: واستغفرت لهم.
[سورة النساء (4) : آية 65]
فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (65)
الإعراب:
(الفاء) استئنافية (لا) زائدة لتأكيد معنى النفي في جواب القسم «1» ، (الواو) واو القسم (رب) مجرور بالواو متعلق بفعل مقدر تقديره أقسم، و (الكاف) ضمير مضاف إليه (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (حتى) حرف غاية وجر (يحكموا)
__________
(1) في تفسير الآية آراء كثيرة وبالتالي إعراب (لا) ، فهي نافية لما تقدّم وليست بزائدة والتقدير: ليس الأمر كما يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك، ثم استأنف القسم بقوله وربك لا يؤمنون. أو هي نافية والقسم اعتراض و (لا) الثانية زائدة أي فلا وربك يؤمنون.(5/80)
مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى ... والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤول (أن يحكّموك) في محل جر متعلق ب (يؤمنون) .
(في) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (يحكّموك) ، (شجر) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (شجر) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (ثم) حرف عطف (لا) نافية (يجدوا) مثل يحكّموا فهو معطوف عليه (في أنفس) جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول به ثان (حرجا) مفعول به أول منصوب (مما) مثل في ما متعلق بنعت لحرج «1» ، (قضيت) فعل ماض مبني على السكون ... و (التاء) فاعل (الواو) عاطفة (يسلموا) مثل يحكموا (تسليما) مفعول مطلق منصوب.
جملة « (أقسم) بربك ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يؤمنون» لا محل لها جواب القسم.
وجملة «يحكّموك ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «شجر بينهم» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يجدوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة يحكّموك.
وجملة «قضيت» لا محل لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «يسلّموا ... » لا محل لها معطوفة على جملة يحكّموك.
الصرف:
(حرجا) ، مصدر سماعي لفعل حرج يحرج باب فرح وزنه فعل بفتحتين.
__________
(1) أو متعلق بالمصدر حرج، ويجوز في (ما) أن تكون مصدرية أو نكرة موصوفة بالجملة بعدها. [.....](5/81)
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)
(تسليما) ، مصدر قياسي لفعل سلّم الرباعي وزنه تفعيل.
الفوائد
«فَلا وَرَبِّكَ» تعددت آراء النحاة حول إعراب «لا الأولى» نختصرها لك بمايلي:
أ- هي نفي لكلام مقدر: أي ليس الأمر كما يزعمون وعلى هذا الوجه يكون ما بعدها مستأنفا.
ب- أنها قدمت على القسم اهتماما بالنفي ثمّ تكررت توكيدا.
ج- اعتبار «لا» الثانية زائدة والقسم معترض بين حرف النفي والمنفي والتقدير على الأصل فلا يؤمنون وربك.
د- أنها زائدة والتقدير «فو ربك» وهذه الزيادة تفيد التعظيم والتوكيد.
[سورة النساء (4) : الآيات 66 الى 68]
وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً (66) وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْراً عَظِيماً (67) وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً (68)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لو أنّا) مثل لو أنهم «1» ، (كتبنا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) فاعل (على) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (كتبنا) ، (أن) حرف تفسير، (اقتلوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (أو) حرف عطف (اخرجوا) مثل اقتلوا (من
__________
(1) في الآية (64) من هذه السورة.(5/82)
ديار) جار ومجرور متعلق ب (اخرجوا) ، و (كم) مضاف إليه (ما) نافية (فعلوا) فعل ماضي مبني على الضم ... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (إلا) أداة استثناء (قليل) بدل من ضمير الفاعل في (فعلوه) مرفوع (منهم) مثل عليهم متعلق بنعت لقليل (الواو) عاطفة (لو أنّهم) مرّ إعرابها «1» (فعلوا) مثل الأول (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (يوعظون) مضارع مبني للمجهول مرفوع والواو نائب فاعل (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يوعظون) ، (اللام) واقعة في جواب لو (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الفعل المفهوم من سياق الآية (خيرا) خبر كان منصوب (لهم) مثل به متعلّق ب (خيرا) ، (الواو) عاطفة (أشد) معطوف على خبر كان منصوب (تثبيتا) تمييز منصوب.
جملة « (ثبتت) كتابتنا عليهم» لا محل لها معطوفة على الاستئناف في الآية السابقة.
وجملة «كتبنا عليهم ... » في محل رفع خبر أنّ.
وجملة «اقتلوا» لا محل لها تفسيريّة «2» .
وجملة «اخرجوا ... » لا محل لها معطوفة على التفسيرية.
وجملة «ما فعلوه ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة « (ثبت) فعلهم» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «فعلوا ... » في محل رفع خبر أنّ.
__________
(1) في الآية (64) من هذه السورة.
(2) يجوز أن يكون (أن) حرفا مصدريّا، وهو والفعل بعده في تأويل مصدر في محل نصب مفعول به عامله كتبنا ... والمفعول مقدّر في الإعراب أعلاه.(5/83)
وجملة «يوعظون به» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «كان خيرا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
(67) (الواو) عاطفة (إذا) حرف جواب (اللام) واقعة في جواب شرط مقدّر أي لو ثبتوا لآتيناهم (آتينا) مثل كتبنا و (هم) مفعول به أول (من) حرف جر (لدن) اسم مبني على السكون في محل جر متعلق ب (آتينا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه (أجرا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت منصوب.
وجملة «آتيناهم ... » لا محل لها جواب شرط مقدّر ... وإذا- بالتنوين- وما في حيّزها من أداة الشرط وفعلها وجوابها لا محل لها معطوفة على الجملة الاستئنافية «1» .
(68) (الواو) عاطفة (لهديناهم) مثل لآتيناهم (صراطا) مفعول به ثان عامله هدينا (مستقيما) نعت منصوب.
وجملة «هديناهم ... » لا محل لها معطوفة على جملة آتيناهم.
الفوائد
دين الميسرة:
إن هذا المنهج ميسر لينهض به كل ذي فطرة سوية، وإن الله سبحانه وتعالى الذي فرض على الإنسان تكاليف هذا الدين يعلم أنها داخلة في مقدور الإنسان وهو لم يشرع هذا الدين للقلائل الممتازين من الناس. وقتل النفس، والخروج من الديار.. مثلان للتكاليف الشاقة، التي لو كتبت على الناس ما فعلها إلا قليل منهم، وهي لم تكتب لأنه ليس المراد من التكاليف أن يعجز عنها عامة الناس أو ينكلوا عنها، بل المراد أن يقدر عليها الجميع ويؤدوها.
__________
(1) يجوز أن تكون هذه الجملة الأخيرة من حرف الجواب والشرط المقدّر استئنافا بيانيا، وهو اختيار الزمخشري.(5/84)
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)
وهذا لا يمنع من وجود الصفوة المميزة بعمق إيمانها وقوة ارتباطها بالله سبحانه،
قال ابن جريج: حدثنا المثنى إسحاق أبو الأزهر عن إسماعيل عن أبي إسحاق السبيعي قال: لما نزلت: وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ... الآية، قال رجل: لو أمرنا لفعلنا، والحمد لله الذي عافانا، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال:
«إن من أمتي لرجلا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي» .
[سورة النساء (4) : آية 69]
وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (69)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يطع) مضارع مجزوم فعل الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الرسول) معطوف على لفظ الجلالة منصوب مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (الكاف) للخطاب (مع) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (أولاء) ، (الذين) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (أنعم) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (أنعم) ، (من النبييّن) جار ومجرور متعلق بحال من ضمير الغائب في (عليهم) ، وعلامة الجر الياء (الصدّيقين، الشهداء، الصالحين) أسماء معطوفة على النبيين بحروف العطف مجرورة مثله وعلامة الجر لجمع المذكر الياء (الواو) استئنافية (حسن) فعل ماض (أولئك) مثل الأول وهو فاعل (رفيقا) تمييز منصوب.(5/85)
جملة «من يطع الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يطع الله ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «أولئك مع الذين ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «أنعم الله ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «حسن أولئك ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(الصدّيقين) ، جمع الصدّيق، صفة مشبهة من صدق يصدق باب نصر وزنه فعيّل بكسر الفاء والعين المشددة.
(رفيقا) ، صفة مشبهة وزنه فعيل من رفق يرفق باب نصر وباب كرم وباب فرح، يجوز أن يستوي فيه الأفراد والجمع، ويمكن تأويله في الآية على معنى الجمع أي رفقاء، أو كل واحد من هؤلاء الأنواع الأربعة رفيق «2» .
الفوائد
1- انتبه الى رسم «أولئك» .
أ- «الواو» فيها ترسم ولا تلفظ.
ب- الألف الواقعة بعد اللام على العكس تلفظ ولا تكتب.
2- يتكرر كثيرا في القرآن الكريم ذكر طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله وفي ذلك اشارة إلى مكان السنة في التشريع وأنها تأتي في المرتبة الثانية من مصادر التشريع.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) جاء في حاشية الجمل على الجلالين: « ... وإنّما وحّد الرفيق وهو صفة جمع لأن العرب تعبّر به عن الواحد والجمع ... وقيل معناه: وحسن كلّ واحد من أولئك رفيقا(5/86)
ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)
[سورة النساء (4) : آية 70]
ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً (70)
الإعراب:
(ذا) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الفضل) بدل من ذا أو نعت له تبعه في الرفع «1» ، (من الله) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (الواو) استئنافية (كفى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف (الباء) حرف جر زائد (الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلّا فاعل كفى (عليما) تمييز منصوب أو حال منصوبة.
جملة: «ذلك الفضل من الله» لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفى بالله عليما» لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : آية 71]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً (71)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ...
والواو فاعل (خذوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (حذر) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (انفروا) مثل خذوا (ثبات) حال منصوبة وعلامة النصب الكسرة «2» ، (أو) حرف عطف (انفروا جميعا) مثل انفروا ثبات.
__________
(1) يجوز أن يكون خبرا للمبتدأ، والجار والمجرور بعده متعلق بحال منه.
(2) الذي سوّغ مجيء الحال جامدة أنها بتأويل مشتق أي متفرقين.(5/87)
وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73)
جملة النداء «يا أيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «خذوا ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «انفروا ثبات» لا محل لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «انفروا جميعا» لا محل لها معطوفة على جواب النداء.
الصرف:
(حذركم) ، مصدر سماعي للفعل حذر وزنه فعل بكسر فسكون، (ثبات) ، جمع ثبة، اسم جمع قيل هو فوق العشرة أو فوق الاثنين، وزنه فعة بضم الفاء وحذفة لام الكلمة والغالب هو الواو لأن الفعل ثبا يثبو، وبعضهم يقول هو الياء لأنها من فعل ثبيت على الرجل إذا أثنيت عليه ... ويجمع بالألف والتاء- كما في الآية- وبالواو والنون.
البلاغة
«خُذُوا حِذْرَكُمْ» ...
الحذر هو الاحتراز عما يخاف فهناك الكناية والتخييل بتشبيه الحذر بالسلاح وآلة الوقاية.
[سورة النساء (4) : الآيات 72 الى 73]
وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً (72) وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً (73)(5/88)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (إنّ) حرف مشبه بالفعل (من) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بخبر مقدم (اللام) حرف توكيد (من) اسم موصول مبني في محل نصب اسم إنّ مؤخر (اللام) لام القسم لقسم مقدّر، (يبطئن) مضارع مبني على الفتح في محل رفع لتجرده عن الناصب والجازم ... والنون للتوكيد، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء عاطفة (إن) حرف شرط جازم (أصابت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث و (كم) ضمير مفعول به (مصيبة) فاعل مرفوع (قال) فعل ماض مبني في محل جزم جواب الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على من (قد) حرف تحقيق (أنعم) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جر و (الياء) ضمير في محل جر متعلق ب (أنعم) ، (إذ) ظرف مبني في محل نصب متعلق ب (أنعم) ، (لم) حرف نفي وجزم (أكن) مضارع مجزوم ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره أنا (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بالخبر و (هم) ضمير مضاف إليه (شهيدا) خبر أكن منصوب.
جملة «إنّ منكم لمن ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «القسم المقدرة وجوابها» لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «يبطئنّ» لا محل لها جواب القسم المقدر.
وجملة «أصابتكم مصيبة» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «قال ... » لا محل لها جواب شرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «قد أنعم الله ... » في محل نصب مقول القول.(5/89)
وجملة «لم أكن معهم شهيدا» في محل جر بإضافة (إذ) إليها.
(73) (الواو) عاطفة (اللام) موطئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (أصابكم فضل) مثل أصابتكم مصيبة (من الله) جار ومجرور متعلّق بمحذوف نعت لفضل (ليقولنّ) مثل ليبطئن (كأن) حرف مشبه بالفعل مخفف، واسمه ضمير الشأن محذوف (لم تكن) مثل لم أكن واسمه سيأتي (بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر تكن مقدم و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بينه) مثل بينكم (مودّة) اسم تكن مؤخر مرفوع (يا) أداة تنبيه (ليت) حرف مشبه بالفعل للتمني و (النون) للوقاية و (الياء) ضمير اسم ليت في محل نصب (كنت) فعل ماض ناقص مبني على السكون ... و (التاء) اسم كان (معهم) مثل الأول متعلق بخبر كان (الفاء) فاء السببية (أفوز) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (فوزا) مفعول مطلق منصوب (عظيما) نعت منصوب.
وجملة «إن أصابكم فضل» لا محل لها معطوفة على جملة الاستئناف في الآية السابقة.
وجملة «يقولنّ ... » لا محل لها جواب القسم المقدّر، وجواب الشرط محذوف دل عليه جواب القسم.
وجملة «كأن لم تكن ... » لا محل لها اعتراضية «1» .
وجملة «لم تكن ... مودّة» في محل رفع خبر كأن.
وجملة «ليتني كنت ... » في محل نصب مقول القول لفعل يقولن.
وجملة «كنت معهم» في محل رفع خبر ليت.
__________
(1) يجوز أن تكون في محل نصب حال من ضمير الفاعل في (يقولنّ) ، وهو اختيار العكبريّ.(5/90)
فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)
وجملة «أفوز» لا محل لها صلة الموصول الحرفي المضمر (أن) .
والمصدر المؤوّل (أن أفوز) معطوف بالفاء على مصدر متصيد من الكلام السابق، والتقدير: ثمة تمنّي وجودي معهم ففوز عظيم لي.
الصرف:
(مودة) ، مصدر ميميّ من فعل ودّ يودّ باب فتح وزنه مفعلة، والتاء زائدة للمبالغة لا للتأنيث. أو هو مصدر سماعي للفعل، وثمة مصادر سماعية أخرى للفعل كثيرة هي: ودّ بفتح الواو وضمها وكسرها، ووداد بفتح الواو وكسرها وضمها، وودادة بفتح الواو، موددة بالتخفيف، ومودودة.
الفوائد
1- «كَأَنْ لَمْ تَكُنْ» .
«كأن» مخففة من «كأنّ» الثقلية: وقد قال فيها النحاة:
إذا كان خبرها جملة ذات فعل متصرف فصل بينهما ب «قد» نحو «كأن قد ألمّ به مصيبة» .
وإن كان خبرها جملة منفية فصل بينهما ب «لم» كما ورد في الآية الآنفة الذكر.
وذلك للتفريق بينها وبين أن المصدرية الداخلة عليها «الكاف» وعند ما نأمن اللبس فلا حاجة للفصل، فتدبّر.
2- عند ما تدخل «يا» على الحرف أو الفعل تعرب أداة تنبيه خلافا لمن تكلّف واعتبرها أداة نداء والمنادي مقدر وفي ذلك من التمحّل ما فيه.
[سورة النساء (4) : آية 74]
فَلْيُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (74)(5/91)
الإعراب:
(الفاء) استئنافية (اللام) لام الأمر (يقاتل) مضارع مجزوم (في سبيل) جار ومجرور متعلق ب (يقاتل) - أو بمحذوف حال من الموصول- (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (يشرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الحياة) مفعول به منصوب (الدنيا) نعت منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (بالآخرة) جارّ ومجرور متعلق ب (يشرون) بتضمينه معنى يستبدلون أو هو في معنى يبيعون (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يقاتل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في سبيل الله) مثل الأولى متعلق ب (يقاتل) - أو بحال من فاعل يقاتل-، (الفاء) عاطفة تفريعية (يقتل) مضارع مبني للمجهول مجزوم معطوف على فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أو) حرف عطف (يغلب) مثل يقاتل ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (سوف) حرف استقبال (نؤتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم و (الهاء) ضمير مفعول به أول (أجرا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت منصوب.
جملة «ليقاتل ... الذين يشرون» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يشرون الحياة ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «من يقاتل ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يقاتل في سبيل الله» في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «يقتل ... » في محل رفع معطوفة على جملة يقاتل.
وجملة «يغلب ... » في محل رفع معطوفة على جملة يقتل.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/92)
وجملة «نؤتيه ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(يشرون) ، فيه إعلال بالحذف أصله يشريون بضم الياء الثانية ثم نقلت حركتها إلى الراء ثم حذفت للساكنين.
البلاغة
استعارة مكنية: في قوله تعالى الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ
الفوائد
- فائدة: القتال الحق:
بعد أن نبه القرآن المسلمين إلى المنافقين الموجودين بينهم والذين ينبغي لهم أن يحذروهم كحذرهم أعداءهم، والذين ينظرون إلى القتال من منظار الغنيمة فقط، بعد هذا يحاول السياق أن يرفع هؤلاء المبطئين المثقلين ويطلقهم من أوهامهم، وأن يوقظ في حسهم التطلع لما هو أسمى وأبقى.. الآخرة ...
فالقتال يكون في سبيل الله، لأن الإسلام لا يعرف قتالا إلا في هذا السبيل، لا يعرف القتال للغنيمة ولا للسيطرة. الإسلام لا يقر القتال للاستيلاء على الأرض أو السكان، أو للحصول على الخامات اللازمة للصناعة، أو تأمين الأسواق لتصريف المنتجات، أو تأمين مجال لرؤوس الأموال في المستعمرات.
إنما القتال في سبيل الله، لإعلاء كلمة الله في الأرض، ولتمكين منهجه من تصريف الحياة ولتمتيع البشرية بخيرات هذا المنهج وعدله المطلق «بين الناس» مع ترك كل فرد حرا في اختيار العقيدة التي يقتنع بها، في ظل هذا المنهج الرباني الانساني العام.(5/93)
وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75)
[سورة النساء (4) : آية 75]
وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً (75)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (اللام) حرف جر و (كم) ضمير مبني في محل جر متعلق بخبر ما (لا) نافية (تقاتلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (في سبيل الله) مر إعرابها آنفا «1» ، (الواو) عاطفة (المستضعفين) معطوف على سبيل مجرور مثله، على حذف مضاف أي تخليص المستضعفين، وعلامة الجر الياء (من الرجال) جار ومجرور متعلق بحال من المستضعفين (النساء، الولدان) اسمان معطوفان على الرجال بحرفي العطف مجروران مثله (الذين) اسم موصول مبني في محل جر نعت للمستضعفين (يقولون) مثل تقاتلون (ربّ) منادى مضاف منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه (أخرجنا) فعل أمر دعاء ... و (نا) مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (من) حرف جر (ها) حرف تنبيه (ذه) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق ب (أخرجنا) ، (القرية) بدل من ذه- أو نعت له- تبعه في الجر (الظالم) نعت سببي للقرية مجرور مثله (أهل) فاعل لاسم الفاعل الظالم مرفوع و (ها) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (اجعل) مثل خرجه (لنا) مثل لكم متعلق ب (اجعل) «2» ، (من) حرف جر (لدن) اسم مبني على السكون في محل جر متعلق بحال من (وليّا) «3» ، و (الكاف) ضمير
__________
(1) في الآية السابقة (74) .
(2) أو بمحذوف مفعول به ثان ل (اجعل) إن تعدّى لاثنين.
(3) أو متعلق ب (اجعل) (من) فيه لابتداء الغاية.(5/94)
مضاف إليه (وليّا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (اجعل ... نصيرا) مثل اجعل ... وليّا.
جملة «ما لكم ... » لا محل لها معطوفة على الجملة الاستئنافية الإنشائية في الآية السابقة.
وجملة «لا تقاتلون» في محل نصب حال من الضمير المجرور في (لكم) .
وجملة «النداء وجوابه» في محل نصب مقول القول.
وجملة «أخرجنا» لا محل لها جواب النداء.
وجملة «اجعل» (الأولى) لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «اجعل» (الثانية) لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
الصرف:
(المستضعفين) ، جمع المستضعف، اسم مفعول من الفعل السداسيّ استضعف، وزنه مستفعل بضم الميم وفتح العين.
(الولدان) ، جمع وليد أو ولد، وجمع الأول أقيس، والوليد فعيل بمعنى مفعول أي المولود حديثا أو الصبي بعامة أو العبد.
البلاغة
«ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» خطاب للمأمورين بالقتال على طريقة الالتفات من الغيبة الى الخطاب مبالغة في التحريض والحث عليه وهو المقصود من الاستفهام.(5/95)
الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)
الفوائد
1- «الظَّالِمِ أَهْلُها» : النعت السببي والنعت الحقيقي: فرّق النحاة بين هذين النعتين:
أ- النعت السببي يطابق متبوعه في ثلاثة أمور، الإعراب والتعريف والتنكير، ويراعى في تذكيره وتأنيثه الاسم الذي بعده ويلازم الإفراد دائما.
ب- النعت الحقيقي يطابق منعوته في جميع الحالات وهي حركة الإعراب، والتعريف والتنكير، والتذكير والتأنيث، والإفراد والتثنية والجمع.
3- يعمل اسم الفاعل عمل فعله المبني للمعلوم وقد ألمحنا لذلك في مكان سابق.
أما أسم المفعول فيعمل عمل فعله المبني للمجهول فيرفع نائب فاعل بدلا من الفاعل- فتأمل-
[سورة النساء (4) : آية 76]
الَّذِينَ آمَنُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقاتِلُوا أَوْلِياءَ الشَّيْطانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً (76)
الإعراب:
(الذين) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (يقاتلون في سبيل الله) مثل تقاتلون في سبيل الله «1» ، (الواو) عاطفة (الذين كفروا ... سبيل الطّاغوت) مثل المتقدمة (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (قاتلوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (أولياء) مفعول به منصوب (الشيطان) مضاف إليه مجرور (إنّ) حرف مشبه بالفعل (كيد) اسم إنّ منصوب (الشيطان) مضاف إليه مجرور (كان) فعل ماض ناقص، واسمه
__________
(1) في الآية (75) من هذه السورة. [.....](5/96)
ضمير مستتر تقديره هو أي الكيد (ضعيفا) خبر كان منصوب.
جملة «الذين آمنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يقاتلون ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الذين) الأول.
وجملة «الذين كفروا ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «كفروا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «يقاتلون» (الثانية) في محل خبر المبتدأ (الذين) الثاني.
وجملة «قاتلوا ... » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم مؤمنين فقاتلوا.
وجملة «إنّ كيد الشيطان ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «كان ضعيفا» في محل رفع خبر إنّ.
الفوائد
بلمسة واحدة يضع القرآن الناس على مفرق الطريق، ويرسم الأهداف، ويفصل بين سبيلين: سبيل الله الذي يقاتل من أجله المؤمنون لا يبغون لأنفسهم منه شيئا في الحياة الدنيا، والذي ضمنوا الفوز فيه سلفا، فإما فوز بالنصر وإما فوز بالشهادة.
وسبيل الشيطان الذي يقاتل فيه الذين كفروا دفاعا عن الطاغوت، والطاغوت هذه الكلمة الجامعة، تصور كل معاني الضلال والظلم والجشع والاستغلال والطغيان الذي يقاتل الناس فيها من أجل سيطرة فرد أو لمجد بيت أو طبقة أو دولة أو جنس يتبعون في ذلك غواية الشيطان.(5/97)
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)
[سورة النساء (4) : آية 77]
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقالُوا رَبَّنا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لَوْلا أَخَّرْتَنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتاعُ الدُّنْيا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلاً (77)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التعجّبيّ (تر) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (إلى) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (تر) بتضمينه معنى تنظر (قيل) فعل ماض مبني للمجهول (اللام) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (قيل) ، (كفّوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (أيدي) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أقيموا الصلاة) مثل كفّوا أيديكم ومثلها (آتوا الزكاة) . (الفاء) استئنافية (لما) ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط متعلق بمضمون معنى الجواب أي ظهرت خشيتهم (كتب) مثل قيل (عليهم) مثل لهم متعلق ب (كتب) ، (القتال) نائب فاعل مرفوع (إذا) فجائية لا عمل لها (فريق) مبتدأ مرفوع «1» ، (منهم) مثل لهم متعلق بنعت لفريق (يخشون) مضارع مرفوع والواو فاعل (الناس) مفعول به منصوب (كخشية) جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول مطلق (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أو) حرف عطف (أشد) معطوف على خشية مجرور مثله وعلامة الجر الفتحة عوضا من الكسرة لأنه ممنوع من الصرف للوصفية ووزن أفعل «2» ،
__________
(1) الذي سوّغ الابتداء بالنكرة كونها موصوفة بالجار.
(2) أو هو معطوف على المفعول المطلق المقدّر وقد ناب عن المصدر.(5/98)
(خشية) تمييز منصوب «1» . (الواو) عاطفة (قالوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (ربّ) منادى مضاف منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه (اللام) حرف جر (ما) اسم استفهام مبني في محل جر متعلق ب (كتبت) ، و (كتبت) فعل ماض وفاعله (علينا) مثل عليهم متعلق بفعل (كتبت) (القتال) مفعول به منصوب (لولا) حرف تحضيض (أخّرتنا) فعل ماض مبني على السكون. و (التاء) فاعل، و (نا) مفعول به (إلى أجل) جار ومجرور متعلق ب (أخّرتنا) ، (قريب) نعت لأجل مجرور مثله. (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (متاع) مبتدأ مرفوع (الدنيا) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (قليل) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (الآخرة) مبتدأ مرفوع (خير) خبر مرفوع (اللام) حرف جر (من) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (خير) (اتقى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو، وهو العائد (الواو) عاطفة (لا) نافية (تظلمون) مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو ضمير متصل مبني في محل رفع نائب فاعل (فتيلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته أي ظلما قدر الفتيل.
جملة «ألم تر ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «قيل لهم» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كفوا أيديكم» في محل رفع نائب فاعل «2» .
وجملة «أقيموا ... » في محل رفع معطوفة على جملة كفّوا.
وجملة «آتوا ... » في محل رفع معطوفة على جملة كفوا.
__________
(1) انظر الآية (200) من سورة البقرة.
(2) على رأي الجمهور نائب الفاعل مقدر أي: القول. (انظر الآية (11) من سورة البقرة)(5/99)
وجملة «كتب عليهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «فريق منهم يخشون» لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يخشون ... » في محل رفع خبر المبتدأ فريق.
وجملة «قالوا ... » في محل رفع معطوفة على جملة يخشون.
وجملة «ربّنا لم كتبت ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «لم كتبت ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «أخّرتنا ... » لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «قل ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «متاع الدنيا قليل» في محل نصب مقول القول.
وجملة «الآخرة خير» في محل نصب معطوفة على جملة متاع الدنيا قليل.
وجملة «اتّقى» لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «لا تظلمون ... » في محل رفع معطوفة على الخبر خير بتقدير رابط فيها أي: لا تظلمون فيها فتيلا.
الفوائد
1- كان المؤمنون في ابتداء الإسلام وهم بمكة مأمورين بالصلاة والزكاة- وإن لم تكن ذات النّصب- وكانوا مأمورين بمواساة الفقراء منهم، وبالصفح والعفو عن المشركين والصبر إلى حين، وكانوا يتحرقون ويودون لو أمروا بالقتال ليشتفوا من أعدائهم. ولم يكن الحال إذ ذاك مناسبا لأسباب كثيرة منها قلة عددهم بالنسبة إلى كثرة عدد عدوهم، ومنها كونهم كانوا في بلدهم وهو بلد حرام وأشرف بقاع الأرض.
فلم يكن الأمر بالقتال فيه ابتداء كما يقال فلهذا لم يؤمر بالجهاد إلا بالمدينة لما صارت لهم دار ومنعة وأنصار ومع هذا لما أمروا بما كانوا يودونه جزع بعضهم منه وخافوا من مواجهة الناس خوفا شديدا.(5/100)
أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78)
2- قوله تعالى: إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ إذا: في الآية الكريمة هي حرف وتعرب إذا الفجائية ويليها المبتدأ والخبر وأحيانا تليها جملة اسمية مصدرة بإن كقولنا: إن خرجت فإذا إن المطر نازل ومعظم ورودها بعد الشرط كما في الآية الكريمة أما إذا اقترنت بجواب شرط جازم فالجملة في محل جزم جواب الشرط كقوله تعالى في سورة الروم: وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ هذا هو الأرجح والأقوى من رأي النحاة وبعضهم اعتسف الطريق فجعلها ظرف زمان أو مكان وأدى به ذلك إلى تأويلات وتكلفات لا طائل تحتها.
3- قوله تعالى: لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ لم: تتألف من اللام الجارة وما الاستفهامية ويلاحظ حذف الألف من ما الاستفهامية لسبقها بحرف الجر وهذا مطّرد حين دخول حرف جر عليها مثل:
لم- علام- إلام- فيم- ممّ- حتام ... إلخ.
[سورة النساء (4) : آية 78]
أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمالِ هؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً (78)
الإعراب:
(أينما) اسم شرط جازم مبني في محل نصب ظرف مكان متعلق بالجواب يدرك «1» ، (تكونوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل تكون التام (يدرك) مضارع مجزوم جواب الشرط و (كم) ضمير مفعول به (الموت) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (لو) شرطية غير جازمة (كنتم) فعل ماض ناقص مبني
__________
(1) يجوز أن يتعلق بفعل تكونوا لأنه تام.(5/101)
على السكون ... و (تم) ضمير اسم كان «1» ، (في بروج) جار ومجرور متعلق بخبر كان، (مشيدة) نعت لبروج مجرور مثله. (الواو) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (تصب) مضارع مجزوم فعل الشرط و (هم) ضمير مفعول به (حسنة) فاعل مرفوع (يقولوا) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (ها) حرف تنبيه (ذه) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ (من عند) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (إن تصبهم ... من عندك) مثل نظيرتها المتقدمة (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كل) مبتدأ مرفوع «2» (من عند الله) مثل الأولى. (الفاء) استئنافية (ما) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (اللام) حرف جر (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق بخبر ما المحذوف (القوم) بدل من أولاء- أو نعت له- تبعه في الجر (لا) نافية (يكادون) مضارع ناقص مرفوع، وعلامة الرفع ثبوت النون.
والواو اسم يكاد (يفقهون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (حديثا) مفعول به منصوب.
جملة «تكونوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يدرككم الموت» لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «كنتم في بروج ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: لو كنتم في بروج مشيدة لأدرككم الموت.
__________
(1) يجوز أن يكون الفعل تاما، و (في بروج) حال من الفاعل.
(2) الذي سوغ الابتداء به دلالته على العموم، والمضاف إليه مفهوم من سياق الكلام قبله، أي كل واحدة من الحسنة والسيئة.(5/102)
وجملة «تصبهم حسنة ... » لا محل لها استئنافية «1» .
وجملة «يقولوا ... » لا محل لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «إن تصبهم سيئة ... » لا محل لها معطوفة على جملة تصبهم حسنة.
وجملة «يقولوا ... » (الثانية) لا محل لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «هذه من عندك» في محل نصب مقول القول ...
وكذلك جملة هذه من عند الله.
وجملة «قل ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كل من عند الله» في محل نصب مقول القول.
وجملة «ما لهؤلاء ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يكادون ... » في محل نصب حال من القوم أو من أولاء.
وجملة «يفقهون ... » في محل نصب خبر يكادون.
الصرف:
(بروج) ، جمع برج، اسم جامد وزنه فعل بضم فسكون.
(مشيدة) ، مؤنث مشيد اسم مفعول من شيد الرباعي، وزنه مفعّل بضم الميم وفتح العين المشدّدة.
(تصبهم) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وأصله تصيب، التقى ساكنان فحذفت الياء، وزنه تفلهم.
__________
(1) أو معطوفة على الاستئنافية الأولى.(5/103)
(حديثا) ، اسم لما يخبر، أو هو اسم مصدر لفعل حدّث الرباعي وزنه فعيل.
الفوائد
الموت حق- الإنسان صائر إلى الموت لا محالة، قال تعالى كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وقال تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وقال تعالى وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ والمقصود أن كل أحد ميت لا محالة، ولا ينجيه من ذلك شيء سواء جاهد أو لم يجاهد.
فالموت حتم في موعده المقدور لا علاقة له بالحرب والسلم ولا علاقة له بحصانة المكان الذي يحتمي به الفرد، فلا يؤخره إذن تأخير تكليف القتال عنه.
فلا معنى إذن لتمني تأجيل القتال ولا معنى لخشية الناس في قتال أو غيره.
تلك لمسة يعالج فيها القرآن كل ما يهجس في خاطر المسلم عن هذا الأمر.
وإنه ليس معنى هذا ألا يأخذ الإنسان حذره وحيطته وكل ما يدخل في طوقه من استعداد وأهبة ... فقد سبق أن أمرهم الله بأخذ الحذر، وأمرهم بالاحتياط في صلاة الخوف، ولكن هذا كله شيء وتعليق الموت والأجل به شيء آخر. إن أخذ الحذر واستكمال العدة أمر يجب أن يطاع وله حكمته الظاهرة والخفية ووراءه تدبير الله، وإن التصور الصحيح لحقيقة العلاقة بين الموت والأجل المضروب- رغم كل استعداد واحتياط- أمر آخر يجب أن يطاع، وله حكمته الظاهرة والخفية.
- قوله تعالى أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ هذه الآية تقف الإنسان مع قدره المحتوم من الموت وتجسد هذه الفكرة وتعمّقها في النفس والوجدان بمختلف الأساليب وتجعل منها صورة فنية رائعة تدهش العقل والحس فالموت يجسد كأنه مخلوق عن طريق الاستعارة المكنية في قوله يدرككم ثم يسبح الخيال ليتملّى قدرة الموت على الوصول إلى أي مكان وأي اتجاه في قوله تعالى أَيْنَما تَكُونُوا ثم يخيب الظن في أي محاولة للنجاة بقوله وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ فها نحن مع النفس الإنسانية التي تتوارى من الموت في كل سبيل وفي كل اتجاه حتى(5/104)
مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)
إنها لتحاول أن تصعد السماء ولكن الموت يرصدها ويلاحقها فلا تنجو أبدا فهذه الآية تمثل أعمق مشاعر الإنسان في خوفه من الموت ومحاولته الهروب ولكنها تحرّره من الخوف وتدخل في روعه بأن الموت واقع لا ريب فيه.
[سورة النساء (4) : آية 79]
ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (79)
الإعراب:
(ما) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (أصاب) فعل ماض مبني في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (الكاف) ضمير مفعول به (من حسنة) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل أصاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (من الله) جار ومجرور خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو (الواو) عاطفة (ما أصابك ... من نفسك) مثل نظيرتها المتقدمة. (الواو) استئنافية (أرسلنا) فعل ماض مبني على السكون ... و (نا) ضمير فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (للناس) جار ومجرور متعلق ب (أرسلنا) ، (رسولا) حال منصوبة مؤكدة لضمير النصب (الواو) استئنافية (كفى بالله شهيدا) مرّ إعرابها «1» .
جملة «ما أصابك ... » لا محل لها استئنافيّة.
وجملة «أصابك من حسنة» في محل رفع خبر المبتدأ (ما) «2» .
وجملة « (هو) من الله» في محل جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
وجملة «ما أصابك» (الثانية) لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «أصابك من سيئة» في محل رفع خبر المبتدأ (ما) الثاني «3» .
__________
(1) في الآية (70) من هذه السورة.
(2، 3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/105)
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80)
وجملة « (هو) من نفسك» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «أرسلناك ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفى بالله ... » لا محل لها استئنافية.
البلاغة
1- لقد ساق الله في هذه الآية البيان من جهته بطريقة تلوين الخطاب، والالتفات إيذان بمزيد الاعتناء به والاهتمام برد اعتقادهم الباطل وزعمهم الفاسد، والإشعار بأن مضمونه مبني على حكمة دقيقة حرية بأن يتولى بيانها علام الغيوم عز وجل.
2- المجاز المرسل: في إضافة السيئة الى العبد، والعلاقة هي السببية، لأن النفس هي التي توبق صاحبها وتورّطه في ارتكاب الذنوب.
الفوائد
- قوله تعالى: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ. نسب الله عز وجل الحسنة إليه لأنه يريد الخير والسعادة لعباده، ونسب السيئة للإنسان لأنه نهى الإنسان عن فعل السيئات، فالسيئة تكون بسبب اقتراف الإنسان لها. ولا تعارض في ذلك مع قوله تعالى: كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لأن كل ما يقع في الكون بمشيئة الله عز وجل مع أنه لا يريد الشر لعباده.
[سورة النساء (4) : آية 80]
مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً (80)
الإعراب:
(من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يطع) مضارع مجزوم فعل الشرط، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الرسول) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب(5/106)
الشرط (قد) حرف تحقيق (أطاع) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به (الواو) عاطفة (من) مثل من الأول (تولّى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ما) نافية (أرسلناك) مرّ إعرابه في الآية السابقة (على) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (حفيظا) على حذف مضاف أي حفيظا على أعمالهم (حفيظا) حال من ضمير المفعول في (أرسلناك) منصوبة.
جملة «من يطع ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يطع الرسول» في محل رفع خبر المبتدأ (من) الأول «1» .
وجملة «قد أطاع ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «من تولى ... » لا محل لها معطوفة على جملة من يطع ...
وجملة «تولى ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) الثاني «2» ، وجواب الشرط الثاني محذوف تقديره لا تحزن أو لا يهمنّك.
وجملة «ما أرسلناك ... » لا محل لها تعليل للجواب المقدّر.
الصرف:
(يطع) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، أصله يطيع، التقى ساكنان: الياء والعين فحذفت الياء، وزنه يفل بضم الياء وكسر الفاء.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/107)
وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)
(أطاع) ، فيه إعلال بالقلب أصله أطوع بفتح الواو ثم نقلت الحركة إلى الطاء فقلبت الواو ألفا.
(حفيظا) صفة مشبهة من حفظ يحفظ باب فرح، وزنه فعيل.
[سورة النساء (4) : آية 81]
وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (81)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (يقولون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (طاعة) خبر لمبتدأ محذوف وجوبا تقديره أمرنا «1» ، (الفاء) عاطفة (إذا) ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بالجواب بيّت (برزوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (من عند) جار ومجرور متعلق ب (برزوا) ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه (بيّت) فعل ماض (طائفة) فاعل مرفوع (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بنعت لطائفة (غير) مفعول به منصوب (الذي) اسم موصول مبني في محل جر مضاف إليه (تقول) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الواو) اعتراضية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يكتب) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به «2» ، والعائد محذوف (يبيّتون) مثل يقولون (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (أعرض) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عنهم) مثل منهم متعلق ب (أعرض) ، (الواو) عاطفة
__________
(1) أو مبتدأ مؤخر، والخبر محذوف تقديره منّا أي: منّا طاعة.
(2) يجوز أن يكون حرفا مصدريا، أو نكرة موصوفة والجملة بعده نعت له. [.....](5/108)
(توكّل) مثل أعرض (على الله) جار ومجرور متعلق ب (توكل) ، (الواو) استئنافية (كفى بالله وكيلا) مثل كفى بالله عليما «1» .
جملة «يقولون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة « (أمرنا) طاعة» في محل نصب مقول القول.
وجملة «برزوا ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «بيّت طائفة ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «تقول» لا محل لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة «الله يكتب ... » لا محل لها اعتراضية.
وجملة «يكتب ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «يبيتون» لا محل لها صلة الموصول (ما) الاسمي أو الحرفي.
وجملة «أعرض عنهم» في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن فعلوا ذلك فأعرض عنهم.
وجملة «توكّل على الله» في محلّ جزم معطوفة على جملة جواب الشرط المقدّر.
وجملة «كفى بالله وكيلا» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(طاعة) ، اسم مصدر لفعل أطاع الرباعي، وزنه فعلة ... أما المصدر القياسي فهو إطاعة وزنه إفعلة، والتاء عوض من الألف المحذوفة قبل الآخر لوجود الألف عين الكلمة. وفيه إعلال بالقلب أصله طوعة- بفتح الواو- تحركت الواو بعد فتح قلبت ألفا.
__________
(1) في الآية (70) من هذه السورة.(5/109)
أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)
البلاغة
الإظهار في مقام الإضمار: في قوله تعالى وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ.
إظهار الجلالة في مقام الإضمار للإشعار بعلة الحكم.
الفوائد
1- قوله تعالى: بَيَّتَ طائِفَةٌ لقد ذكّر الفعل لأن الطائفة مؤنث غير حقيقي ...
وإليك موجزا لحالات وجوب تأنيث الفعل وجوازه.
أ- يجب تأنيث الفعل في حالتين:
الأولى إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا غير مفصول عن الفعل بفاصل نحو «جاءت فاطمة» .
الثانية: إذا تقدم الفاعل سواء كان مؤنثا حقيقيا أو مجازيا فالحقيقي نحو: فاطمة جاءت، والمجازي نحو، الشمس طلعت.
ب- يجوز تأنيث الفعل وتذكيره في الحالات التالية:
أولا- إذا كان الفاعل مؤنثا حقيقيا مفصولا عن الفعل بفاصل مثل، جاءت اليوم هند أو جاء اليوم هند.
ثانيا- إذا كان الفاعل مؤنثا مجازيا مثل جاءت فرقة، أو جاء فرقة.
ثالثا، إذا كان الفاعل جمع تكسير مثل، جاءت الجنود، أو جاء الجنود.
[سورة النساء (4) : آية 82]
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التوبيخي (الفاء) عاطفة (لا) نافية (يتدبرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (القرآن) مفعول به منصوب (الواو) استئنافية (لو) شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من عند) جار ومجرور متعلق بخبر كان (غير)(5/110)
مضاف إليه مجرور (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (اللام) واقعة في جواب لو (وجدوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (في) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (وجدوا) ، (اختلافا) مفعول به منصوب (كثيرا) نعت منصوب.
جملة «يتدبرون ... » لا محل لها معطوفة على استئناف مقدّر أي:
أيعرضون فلا يتدبرون.
وجملة «كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «وجدوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
الفوائد
تناسق القرآن:
- التناسق المطلق الشامل الكامل هو الظاهرة التي لا يخطئها من يتدبر القرآن أبدا. وتتجلى ظاهرة عدم الاختلاف، ابتداء في التعبير القرآني من ناحية الأداء وطرائقه الفنية ... ففي كلام البشر تبدو القمم والسفوح، التوفيق والتعثر، القوة والضعف، التحليق والهبوط، الرفرفة والثقلة، الاشراق والانطفاء، إلى آخر الظواهر التي تتجلى معها سمات البشر، وأخصها سمة «التغير» والاختلاف المستمر من حال إلى حال يبدو ذلك في كلام البشر واضحا في أعمال الأديب الواحد أو المفكر الواحد أو الفنان الواحد.
وواضح أن عكس هذه الظاهرة هو الثبات والتناسق، وهذا ما نلحظه في القرآن فهناك مستوى واحد في هذا الكتاب المعجز تختلف ألوانه باختلاف الموضوعات التي يعالجها، ولكنه متحد المستوى والأفق، محافظ على الكمال في الأداء، يحمل طابع الصنعة الإلهية ويدل على الصانع الجليل.
وإذا كان الفارق بين صنعة الله وصنعة الإنسان واضحا كل الوضوح في جانب التعبير اللفظي والأداء الفني، فإنه أوضح منه في جانب التفكير والتنظيم(5/111)
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)
والتشريع فما من مذهب بشري إلا ويحمل الطابع البشري، جزئية النظر والرؤية والتأثر الوقتي بالمشكلات، وعكس ذلك هو ما يتسم به المنهج القرآني الشامل المتكامل الثابت الأصول ثبات النواميس الكونية.
[سورة النساء (4) : آية 83]
وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلاَّ قَلِيلاً (83)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للمستقبل متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب متعلق بالجواب أذاعوا (جاء) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (أمر) فاعل مرفوع (من الأمن) جار ومجرور متعلق بنعت لأمر (أو) عاطف (الخوف) معطوف على الأمن مجرور مثله (أذاعوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (أذاعوا) «1» ، (الواو) عاطفة (لو) حرف شرط غير جازم (ردّوا) مثل أذاعوا و (الهاء) ضمير مفعول به (إلى الرسول) جار ومجرور متعلق ب (ردّوه) ، (الواو) عاطفة (إلى أولي) جار ومجرور متعلق ب (ردّوه) ، وعلامة الجر الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (الأمر) مضاف إليه مجرور (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بحال من أولي الأمر (اللام) واقعة في جواب لو (علم) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (يستنبطونه) مضارع مرفوع ... والواو فاعل ...
و (الهاء) مفعول به (منهم) مثل الأول متعلق ب (علمه) «2» ، (الواو)
__________
(1) ضمّن الفعل معنى تحدّث فعدّاه بالباء.
(2) الضمير في (منهم) يعود إلى الرسول وإلى أولي الأمر أو إلى غيرهم، ففي تفسير ذلك آراء كثيرة متشعبة والمعنى هنا كما جاء في البحر لأبي حيان: «لو أمسكوا عن الخوض فيما(5/112)
استئنافية (لولا) حرف امتناع لوجود- شرط غير جازم- (فضل) مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف وجوبا تقديره موجود (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (عليكم) مثل منهم متعلق بحال من فضل الله «1» ، (الواو) عاطفة (رحمة) معطوف على فضل مرفوع مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (اللام) واقعة في جواب لولا (اتبعتم) فعل ماض مبني على السكون و (تم) ضمير فاعل (الشيطان) مفعول به منصوب (إلّا) أداة استثناء (قليلا) مستثنى منصوب «2» .
جملة «جاءهم أمر ... » في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
وجملة «أذاعوا به ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «ردّوه ... » لا محل لها معطوفة على جملة الشرط وفعله، وجوابه المعطوف على استئناف متقدم في الآية السابقة.
وجملة «علمه الذين ... » لا محل لها جواب الشرط لو.
وجملة «يستنبطونه ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «فضل الله (موجود) ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «اتّبعتم ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم (لولا) .
الصرف:
(أذاعوا) ، فيه إعلال بالقلب أصله أذيعوا نقلت
__________
- بلغهم واستقصوا الأمر من الرسول وأولي الأمر لعلم حقيقة ذلك الأمر الوارد ممن له بحث ونظر وتجربة فأخبروهم بحقيقة ذلك، وأن الأمر ليس جاريا على أول خبر يطرأ» اه ... ومن هنا لابتداء الغاية، ويجوز أن يكون متعلق ب (يستنبطون) أو بحال من فاعله.
(1) أو متعلّق بالمصدر فضل.
(2) هذا وفي المستثنى منه عدة أوجه: الأول هو فاعل اتبعتم، الثاني هو فاعل أذاعوا أي أظهروا الأمن أو الخوف إلا قليلا. الثالث هو فاعل علمه أي المستنبطون.
الرابع هو فاعل وجدوا. الخامس: أن المخاطب في قوله (لاتبعتم) جميع الناس على العموم، والمراد بالقليل أمة محمد صلى الله عليه وسلم، أهـ، مختصرا من حاشية الجمل.(5/113)
فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84)
الحركة إلى الذال قبل الياء فقلبت ألفا لتحرك الياء في الأصل.
الفوائد
الشيطان: يطلق على:
كل عات متمرد من الجن والإنس والدواب قال جرير:
أيام يدعونني الشيطان من غزل، ... وهن يهوينني إذ كنت شيطانا
والشيء إذا استقبح شبه بالشياطين فيقال: كأنه وجهه شيطان، والشيطان لا يرى ولكنه يستشعر أنه أقبح ما يكون من الأشياء ولو رؤي لرؤي في أقبح صورة.
2- فضل الروية:
في هذه الآية انكار على من يبادر الى الأمور قبل تحققها فيخبر بها ويفشيها وقد لا يكون لها صحة.
ورد في صحيح مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع» .
ولنذكر هاهنا حديث عمر بن الخطاب المتفق على صحته حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه فجاء من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فاستفهمه أطلقت نساءك؟ فقال «لا» فقلت الله أكبر وذكر الحديث بطوله.
[سورة النساء (4) : آية 84]
فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً (84)(5/114)
الإعراب:
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (قاتل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (في سبيل) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل قاتل (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (لا) نافية (تكلّف) مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (إلا) أداة حصر (نفس) مفعول به منصوب و (الكاف) ضمير مضاف إليه، وفي الكلام حذف مضاف أي: عمل نفسك (الواو) عاطفة (حرّض) مثل قاتل، وحرّك آخره بالكسرة لالتقاء الساكنين، (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (عسى) فعل ماض ناقص مبني على الفتح المقدر على الألف (الله) لفظ الجلالة اسم عسى مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (يكف) مضارع منصوب، والفاعل هو (بأس) مفعول به منصوب (الذين) موصول مبني في محل جر مضاف إليه (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أن يكف) في محل نصب خبر عسى.
(الواو) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أشد) خبر مرفوع (بأسا) تمييز منصوب (الواو) عاطفة (أشد) معطوف على الأول مرفوع (تنكيلا) تمييز منصوب.
جملة «قاتل ... » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن أفردوك وتركوك فقاتل «1» .
وجملة «لا تكلف إلا نفسك» في محل نصب حال من فاعل قاتل «2» .
وجملة «حرّض المؤمنين» في محل جزم معطوفة على جملة قاتل.
__________
(1) واختار أبو حيان أن تكون الجملة معطوفة على جملة الكلام السابق من غير تعلق بالشرط والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وحده.
(2) يجوز أن تكون مستأنفة لا محل لها أو اعتراضية بين المتعاطفين.(5/115)
مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)
وجملة «عسى الله ... » لا محل لها تعليلية، أو استئناف بياني.
وجملة «يكفّ ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «الله أشد بأسا» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(تنكيلا) ، مصدر قياسي لفعل نكّل الرباعي، وزنه تفعيل بزيادة التاء في أول الماضي وتخفيف العين وزيادة ياء قبل الآخر.
الفوائد
قوله تعالى: لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ إلا أداة حصر ونفسك مفعول به ثان لأن نائب الفاعل المقدر أنت بمثابة المفعول الأول وتعرب إلا أداة حصر في حالتين:
1- إذا كان الاستثناء تاما (أي ذكر فيه المستثنى منه) منفيا (أي سبق بنفي) وكان الاسم بعدها بدلا من المستثنى منه كقوله تعالى: ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ. مع العلم أنه في هذه الحال يجوز نصب الاسم بعدها على الاستثناء.
2- إذا كان الاستثناء ناقصا (أي لم يذكر فيه المستثنى منه) ومنفيا كما في هذه الآية وقوله تعالى: وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ.
إذن إذا لم ينصب الاسم بعد إلا على الاستثناء فهي أداة حصر
[سورة النساء (4) : آية 85]
مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (85)
الإعراب:
(من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يشفع) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (شفاعة) مفعول مطلق منصوب (حسنة) نعت منصوب (يكن) مضارع ناقص مجزوم(5/116)
جواب الشرط (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر يكن «1» ، (نصيب) اسم يكن مرفوع «2» ، (من) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بنعت لنصيب (الواو) عاطفة (من يشفع ... كفل منها) مثل نظيرتها المتقدمة. (الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (على كل) جار ومجرور متعلق ب (مقيتا) ، (شيء) مضاف إليه مجرور (مقيتا) خبر كان منصوب.
جملة «من يشفع ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يشفع شفاعة ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة «يكن له نصيب» لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «من يشفع (الثانية) » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «يشفع الثانية» في محل رفع خبر المبتدأ (من) الثاني «4» .
وجملة «يكن له كفل «5» » لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله ... مقيتا» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(كفل) ، اسم بمعنى ضعف الأجر أو بمعنى نصيب، وزنه فعل بكسر فسكون.
__________
(1) أو متعلق ب (يكن) تاما.
(2) أو فاعل يكن التام.
(3، 4) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(5) وهو مستعار من كفل البعير وهو كساء يدار على سنامه ليركب عليه وسمي كفلا لأنه لم يعم الظهر بل نصيبا منه (البحر المحيط لأبي حيان) .(5/117)
وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)
(مقيتا) ، اسم فاعل من أقات الرباعي بمعنى اقتدر عليه ... وفي الكلمة إعلال بإعلال الفعل أصلا ثم تبعه اسم الفاعل، ومضارع أقات يقيت، وأصله يقوت، ثقلت الكسرة على الواو فسكنت ونقلت حركتها إلى القاف قبلها- وهو إعلال بالتسكين- ثم قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها- وهو إعلال بالقلب- وكذا جرى الإعلال في مقيت.
[سورة النساء (4) : آية 86]
وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (86)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب متعلق بمضمون الجواب (حييتم) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ... و (تم) ضمير نائب فاعل (بتحية) جار ومجرور متعلق ب (حييتم) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (حيّوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل (بأحسن) جار ومجرور متعلق ب (حيوا) ، وعلامة الجر الفتحة فهو ممنوع من الصرف للوصفية ووزن أفعل (من) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بأحسن (أو) حرف عطف (ردوا) مثل حيوا و (ها) ضمير مفعول به (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان على كل شيء حسيبا) مثل كان على كل شيء مقيتا «1» .
جملة «حيّيتم ... » في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
وجملة «حيّوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «ردّوها» لا محل لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها استئنافية فيها معنى التعليل.
__________
(1) في الآية السابقة (85) .(5/118)
وجملة «كان ... حسيبا» في محل رفع خبر إنّ.
الصرف:
(تحية) ، مصدر قياسي لفعل حيّا الرباعي، والتاء عوض من ياء تفعيل، وأصل الكلمة تحيية وزن تزكية، فثقلت الكسرة على الياء الأولى فنقلت إلى الحاء ثم أدغمت الياءان معا لسكون الأولى.
(حيّوا) ، فيه إعلال بالحذف أصله حييوا، استثقلت الضمة على الياء فنقلت حركتها الى ما قبلها، ثم حذفت لالتقاء الساكنين، سكون الياء وسكون واو الجماعة- فأصبح حيّوا وزنه فعّوا بفتح الفاء.
الفوائد
التحية في الإسلام:
1- جعل الإسلام تحيته: «السلام عليكم» أو «السلام عليكم ورحمة الله» أو «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» .. والرد عليها بأحسن منها يكون بالزيادة على كل منها- ما عدا الثالثة حيث لم تبق زيادة لمستزيد- فالثالثة ترد بمثلها، وهكذا روي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ونلمس في هذه الآية المحاولة الدائمة لتوثيق علاقات المودة والقربى بين أفراد المجتمع، وإن إفشاء السلام، والرد على التحية بأحسن منها، لهو من خير الوسائل لانشاء هذه العلاقات وتوثيقها.
وإفشاء السلام سنة، أما رده فهو فريضة بحكم هذه الآية.
ولعل مراد القرآن بايراده هذه الآية وسط آيات القتال، أن يشار إلى قاعدة الإسلام الأساسية ... السلام.. فالإسلام دين السلام.
2- قوله تعالى: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها بأحسن جار ومجرور وعلامة جره الفتحة عوضا عن الكسرة لأنه ممنوع من الصرف وسبب منعه من الصرف أنه صفة على وزن أفعل والممنوع من الصرف يجر بالفتحة عوضا عن الكسرة بشرط ألا يكون مضافا مثل مررت بأحسن الناس وألا يكون معرفا ب (ال)(5/119)
اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)
مثل مررت بالأحسن خلقا.
[سورة النساء (4) : آية 87]
اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً (87)
الإعراب:
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية للجنس (إله) اسم لا مبني على الفتح في محل نصب (إلا) أداة استثناء (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع بدل من الضمير المستكن في الخبر المحذوف وتقديره موجود (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (يجمعنّ) مضارع مبني على الفتح في محل رفع ... والنون نون التوكيد و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى يوم) جار ومجرور متعلق ب (يجمعنّكم) بتضمينه معنى يحشرنّكم (القيامة) مضاف إليه مجرور (لا ريب) مثل لا إله (في) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بخبر لا (الواو) استئنافية (من) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (أصدق) خبر مرفوع (من الله) جار ومجرور متعلق بأصدق (حديثا) تمييز منصوب.
جملة «الله لا إله إلا هو» لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا إله إلا هو» في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «يجمعنكم ... » لا محل لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «لا ريب فيه» في محل نصب حال من يوم القيامة.
وجملة «من أصدق ... » لا محل لها استئنافية.(5/120)
فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88)
[سورة النساء (4) : آية 88]
فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (88)
الإعراب:
(الفاء) استئنافية (ما) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بخبر ما (في المنافقين) جار ومجرور متعلق بحال من فئتين، وعلامة الجر الياء (فئتين) حال من ضمير الخطاب في (لكم) ، منصوبة وعلامة النصب الياء، (الواو) حالية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أركس) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جر (ما) حرف مصدري «1» (كسبوا) فعل ماض مبني على الضم ...
والواو فاعل. (الهمزة) للاستفهام الإنكاري (تريدون) مضارع مرفوع ...
والواو فاعل (أن) حرف مصدري ونصب (تهدوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (من) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (أضلّ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع، والمفعول محذوف.
والمصدر المؤول (أن تهدوا ... ) في محل نصب مفعول به عامله تريدون.
(الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل نصب مفعول به (يضلل) مضارع مجزم فعل الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف
__________
(1) أو اسم موصول في محل جر.. والجملة صلة الموصول. [.....](5/121)
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90)
نفي ونصب (تجد) فعل مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (تجد) ، (سبيلا) مفعول به منصوب.
جملة «ما لكم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «الله أركسهم» في محل نصب حال.
وجملة «أركسهم ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «كسبوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «تريدون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تهدوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «أضل الله» لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «يضلل الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لن تجد له سبيلا» في محل جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
[سورة النساء (4) : الآيات 89 الى 90]
وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (89) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (90)(5/122)
الإعراب:
(ودّوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (لو) حرف مصدري (تكفرون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (لو تكفرون) في محل نصب مفعول به عامله ودّوا.
(الكاف) حرف جر (ما) حرف مصدري (كفروا) مثل ودوا.
والمصدر المؤوّل (ما كفروا) في محل جر بالكاف متعلق بمحذوف مفعول مطلق أي تكفرون كفرا ككفرهم.
(الفاء) عاطفة (تكونون) مضارع ناقص مرفوع ... والواو اسم تكون (سواء) خبر منصوب. (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (لا) ناهية جازمة (تتخذوا) مضارع مجزوم، وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بمفعول به ثان «1» ، (أولياء) مفعول به أول منصوب (حتى) حرف غاية وجر (يهاجروا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (في سبيل) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل يهاجروا (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يهاجروا ... ) في محل جرّ ب (حتى) متعلق ب (تتخذوا) .
(الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (تولوا) فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين في محل جزم فعل الشرط ... والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (خذوا) فعل أمر
__________
(1) أو بمحذوف حال من أولياء إن جعل متعديا لواحد.(5/123)
مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (اقتلوهم) مثل خذوهم (حيث) ظرف مبني على الضم في محل نصب متعلق ب (اقتلوهم) ، (وجدتم) فعل ماض مبني على السكون ...
و (تم) ضمير فاعل و (الواو) زائدة لإشباع حركة الميم و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (لا تتخذوا منهم وليّا) مثل المتقدمة (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (نصيرا) معطوف بالواو على (وليّا) منصوب مثله.
جملة «ودّوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تكفرون» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (لو) .
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «تكونون» لا محل لها معطوفة على جملة تكفرون.
وجملة «لا تتّخذوا ... » في محل جزم جواب شرط مقدر أي إن بانت عداوتهم فلا تتّخذوا.
وجملة «يهاجروا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «تولّوا ... » لا محل لها معطوفة على الجملة الشرطية المقدرة.
وجملة «خذوهم» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «اقتلوهم» في محل جزم معطوفة على جملة خذوهم.
وجملة «وجدتموهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «لا تتخذوا ... » في محل جزم معطوفة على جملة خذوهم.(5/124)
(إلّا) أداة استثناء (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب على الاستثناء من ضمير المفعول في اقتلوهم «1» (يصلون) مثل تكفرون (إلى قوم) جار ومجرور متعلق ب (يصلون) ، (بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بينهم) مثل بينكم ومعطوف عليه (ميثاق) مبتدأ مؤخر مرفوع (أو) حرف عطف (جاؤوا) مثل ودّوا و (كم) ضمير مفعول به (حصرت) فعل ماض ...
و (التاء) تاء التأنيث (صدور) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (أن) حرف مصدري ونصب (يقاتلوا) مثل يهاجروا و (كم) مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن يقاتلوكم) في محل جر بحرف جر محذوف تقديره عن أن يقاتلوكم متعلق ب (حصرت) .
(أو) حرف عطف (يقاتلوا) مضارع منصوب معطوف على يقاتلوكم ... والواو فاعل (قوم) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه. (الواو) استئنافية (لو) شرط غير جازم (شاء) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) واقعة في جواب لو (سلّط) فعل ماض، والفاعل هو و (هم) ضمير مفعول به (على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (سلّطهم) ، (الفاء) عاطفة (اللام) لتأكيد الربط (قاتلوا) مثل تولوا و (كم) ضمير مفعول به (الفاء) عاطفة (إن اعتزلوا) مثل ان تولوا ... و (كم) ضمير مفعول به (الفاء) عاطفة (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يقاتلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ...
والواو فاعل، و (كم) مفعول به (الواو) عاطفة (ألقوا) ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (إليكم) مثل عليكم متعلق ب (ألقوا) ، (السلم) مفعول به منصوب
__________
(1) ولا يجوز أن يكون الاستثناء من الموالاة لأنها حرام مطلقا.(5/125)
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (ما) نافية (جعل الله) مثل شاء الله (لكم) مثل عليكم متعلق ب (جعل) «1» ، (عليهم) مثل عليكم متعلق بحال من (سبيلا) وهو مفعول به منصوب.
وجملة «يصلون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «بينكم ... ميثاق» في محل جر نعت لقوم.
وجملة «جاؤوكم ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة يصلون.
وجملة «حصرت صدورهم» في محل نصب حال بتقدير (قد) «2» ، أو نعت لقوم في محل جر.
وجملة «يقاتلوكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يقاتلوا قومهم» لا محل لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة «لو شاء الله» لا محل لها استئنافية.
وجملة «سلّطهم عليكم» لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «قاتلوكم» لا محل لها معطوفة على جواب الشرط.
وجملة «اعتزلوكم» لا محل لها معطوفة على جملة لو شاء الله.
وجملة «لم يقاتلوكم» لا محل لها معطوفة على جملة اعتزلوكم.
وجملة «ألقوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة اعتزلوكم.
وجملة «ما جعل الله ... » في محل جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
__________
(1) أو بمحذوف مفعول به ثان لفعل جعل إن تعدى لاثنين.
(2) هذه الجملة إنشائية في المعنى لأنها دعاء عند المبرد، فهي استئنافية.(5/126)
الصرف:
(يصلون) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت فاؤه فهو معتل مثال مكسور العين في المضارع، وزنه يعلون.
(ألقوا) ، فيه إعلال بالحذف، التقى ساكنان الألف وهو لام الكلمة- وهي منقلبة عن ياء- وواو الجماعة فحذفت الألف وفتح ما قبلها دلالة عليها.
(السلم) ، اسم مصدر من سالمه أي صالحه، وزنه فعل بفتحتين.
الفوائد
1- قوله تعالى حَتَّى يُهاجِرُوا فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد حتى وعلامة نصبه حذف النون لأنه من الأفعال الخمسة ومن الجدير بالذكر أن نشير الى مواضع انتصاب الفعل بأن المضمرة فذلك في عدة مواضع هي: بعد حتى كما مر. وبعد لام التعليل كقوله تعالى: لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وبعد فاء السببية كقوله تعالى: يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً ومن المعلوم أن فاء السببية يجب أن تسبق بتمنّ أو ترجّ أو طلب أو استفهام. أو بعد (أو) التي بمعنى مع وتسبق بمصدر كقول ميسون.
ولبس عباءة وتقرّ عيني ... أحب إليّ من لبس الشفوف
وبعد أو التي بمعنى حتى كقول امرئ القيس:
فقلت له لا تبك عينك إنما ... نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
2- قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ تضاربت الأقوال حول جملة (حصرت) في الآية وسنوجزها فيما يلي.
أ- إنها جملة دعائية لا محل لها من الإعراب كأن الله يدعو عليهم بأن تضيق صدورهم.
ب- إنها في محل جر صفة لقوم.(5/127)
سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)
ج- في محل نصب حال من واو الجماعة بقوله «جاؤوكم» وذكر النحاة تقدير «قد» قبل الجملة الواقعة حالا إذا كانت في صيغة الماضي أي «جاؤوكم قد حصرت» .
د- في محل نصب صفة لموصوف محذوف والتقدير أو جاؤوكم قوما حصرت صدورهم.
ولكن نرى أن نأخذ الأمر من أقرب طريق وألّا نلجأ الى التأويل والتكلف كي لا نخرج عن الإطار العام للقواعد فهي لمساعدتنا على فهم المعنى وليست لتعقيد المعنى ...
3- قوله تعالى: أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ. المصدر المؤول من أن والفعل يقاتلوكم فيه ثلاثة أقوال:
أ- مجرور بحرف جر مقدر أي عن أن يقاتلوكم.
ب- منصوب بنزع الخافض.
ج- في محل نصب مفعول لأجله.
[سورة النساء (4) : آية 91]
سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (91)
الإعراب:
(السين) حرف استقبال (تجدون) مضارع مرفوع ...
والواو فاعل (آخرين) مفعول به منصوب، وعلامة النصب الياء (يريدون) مثل تجدون (أن) حرف مصدري ونصب (يأمنوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (يأمنوا) معطوف على يأمنوكم منصوب مثله (قوم) مفعول به(5/128)
منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤول (أن يأمنوكم) في محل نصب مفعول به عامله يريدون.
(كلّما) ظرف بمعنى حين متضمن معنى الشرط متعلق بالجواب أركسوا (ردّوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو ضمير مبني في محل رفع نائب فاعل (إلى الفتنة) جار ومجرور متعلق ب (ردّوا) ، (أركسوا) مثل ردّوا (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق ب (أركسوا) . (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (لم) حرف نفي (يعتزلوا) مضارع مجزوم فعل الشرط «1» ، وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (يلقوا) مثل يعتزلوا ومعطوف عليه والنفي السابق متسلط عليه (إلى) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يلقوا) ، (السلم) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (يكفوا أيديهم) مثل يلقوا السلم ... و (هم) مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (خذوهم ... ثقفتموهم) مرّ إعراب نظيرها «2» ، (الواو) عاطفة (أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (جعلنا) فعل ماض وفاعله (لكم) مثل إليكم متعلق بمحذوف مفعول ثان لفعل جعلنا (عليهم) مثل إليكم متعلّق بحال من (سلطانا) وهو مفعول به منصوب (مبينا) نعت منصوب.
جملة «ستجدون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يريدون ... » في محل نصب حال.
__________
(1) والفعل مجزوم بحرف الجزم (لم) على رأي الجمهور ولكنّ الفعل يصبح دالا على المضيّ خلافا لمعنى الشرط.
(2) في الآية (89) من هذه السورة.(5/129)
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (92)
وجملة «يأمنوكم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) :
وجملة «يأمنوا قومهم» لا محل لها معطوفة على جملة يأمنوكم.
وجملة «ردّوا» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أركسوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «لم يعتزلوكم» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «يلقوا إليكم ... » لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «يكفوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «خذوهم» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «اقتلوهم» في محل جزم معطوفة على جملة خذوهم.
وجملة «ثقفتموهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أولئك جعلنا» لا محل لها معطوفة على جملة يعتزلوكم.
وجملة «جعلنا ... » في محل رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
[سورة النساء (4) : آية 92]
وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلاَّ أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (92)(5/130)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (ما) نافية (كان) فعل ماض ناقص (لمؤمن) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان (أن) حرف مصدري ونصب (يقتل) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مؤمنا) مفعول به منصوب (إلا) أداة حصر (خطأ) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته منصوب «1» .
والمصدر المؤوّل (أن يقتل) في محل رفع اسم كان مؤخر.
(الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (قتل) فعل ماض في محل جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مؤمنا) مفعول به منصوب (خطأ) مفعول مطلق نائب عن المصدر منصوب «2» ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (تحرير) خبر لمبتدأ محذوف تقديره العقاب أو المسؤولية أو الواجب «3» ، (رقبة) مضاف إليه مجرور (مؤمنة) نعت لرقبة مجرور مثله (الواو) عاطفة (دية) معطوف على تحرير مرفوع مثله (مسلّمة) نعت لدية مرفوع مثله (إلى أهله) جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق ب (مسلّمة) ، (إلا) أداة استثناء (أن) حرف مصدري ونصب (يصدّقوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يصدقوا) في محل نصب على الاستثناء المنقطع لأن الدية ليست من نوع التصدق «4» .
(الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (كان) فعل ماض ناقص في
__________
(1) أو حال على تأويل مشتق أي مخطئا.
(2) أو حال على تأويل مشتق أي مخطئا.
(3) يجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف قبله والتقدير: عليه تحرير رقبة.
(4) أجاز بعضهم أن يكون الاستثناء متصلا وهو استثناء الدية في حال التصدق من عموم الأحوال.(5/131)
محل جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من قوم) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر كان، (عدوّ) نعت لقوم مجرور مثله (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بنعت لعدو «1» ، (الواو) حالية (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ (مؤمن) خبر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (تحرير رقبة مؤمنة) مثل الأولى. (الواو) عاطفة (إن كان من قوم) مثل الأولى (بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف خبر مقدم و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بينهم) مثل بينكم ومعطوف عليه (ميثاق) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (دية) خبر لمبتدأ محذوف تقديره العقاب أو المسؤولية أو الواجب «2» ، (مسلّمة إلى أهله.. رقبة) مثل المتقدمة (الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (لم) حرف نفي فقط (يجد) مضارع مجزوم فعل الشرط «3» ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط (صيام) خبر لمبتدأ محذوف تقديره الواجب «4» ، (شهرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (متتابعين) نعت مجرور وعلامة الجر الياء (توبة) مفعول لأجله منصوب «5» أي شرع ذلك توبة من الله (من الله) جار ومجرور متعلق بمحذوف نعت لتوبة (الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (عليما) خبر كان منصوب (حكيما) خبر كان ثان منصوب.
__________
(1) أو متعلق بعدو على أنه مصدر.
(2) يجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف متقدم عليه، والتقدير: عليه دية.
(3) والفعل مجزوم بحرف الجزم (لم) على رأي الجمهور ولكن الفعل يصبح دالا على المضي خلافا لمعنى الشرط.
(4) أو هو مبتدأ خبره محذوف متقدم، والتقدير: عليه صيام. [.....]
(5) أو مفعول مطلق لفعل محذوف، والتقدير تاب عليكم توبة.(5/132)
جملة «ما كان لمؤمن ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يقتل ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «من قتل ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «قتل مؤمنا» في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة « (الواجب) تحرير ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «يصّدّقوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «كان من قوم ... » لا محل لها معطوفة على من قتل ...
وجملة «هو مؤمن» في محل نصب حال.
وجملة « (الواجب) تحرير ... (الثانية) » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان من قوم (الثانية) » لا محل لها معطوفة على جملة من قتل ...
وجملة « (العقاب) دية ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «من لم يجد» لا محل لها معطوفة على جملة كان الثانية.
وجملة «لم يجد ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة « (الواجب) صيام» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
__________
(1، 2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/133)
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)
وجملة « ... توبة من الله» لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «كان الله عليما ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(خطأ) ، مصدر خطئ يخطأ باب فرح، وزنه فعل بفتحتين.
(تحرير) ، مصدر قياسي لفعل حرر الرباعي وزنه تفعيل بزيادة تاء على ماضيه وتخفيف عين الفعل وزيادة ياء قبل الآخر.
(دية) ، مصدر استعمل استعمال الاسم من فعل ودي يدي باب ضرب، وزنه علة، ففيه إعلال بحذف فاء الكلمة وأصله (ودية) بفتح فسكون.
(مسلّمة) ، اسم مفعول من سلّم الرباعيّ، مؤنث مسلم، وزنه مفعّلة بضم الميم وفتح العين المشدّدة.
(يصدّقوا) ، فيه إبدال تاء الافتعال صادا وإدغامها مع فاء الكلمة وزنه يتفعّلوا.
[سورة النساء (4) : آية 93]
وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً (93)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من يقتل مؤمنا) مثل السابقة «1» ، (متعمدا) حال منصوبة من فاعل يقتل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (جزاء) مبتدأ مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (جهنم) خبر مرفوع
__________
(1) في الآية السابقة (92) ..(5/134)
(خالدا) حال منصوبة من مقدّر «1» ، (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق ب (خالدا) ، (الواو) عاطفة (غضب) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (غضب) ، (الواو) عاطفة (لعنه) فعل ومفعوله، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة (أعدّ) مثل غضب (له) مثل عليه متعلق ب (أعدّ) ، (عذابا) مفعول به منصوب (عظيما) نعت منصوب.
جملة «من يقتل ... » لا محل لها معطوفة على جملة ما كان لمؤمن «2» .
وجملة «يقتل مؤمنا ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «3» وجملة «جزاؤه جهنم» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «غضب الله عليه» لا محل لها معطوفة على استئناف مقدّر أي: جزاه الله وغضب عليه.
وجملة «لعنه» لا محل لها معطوفة على جملة الاستئناف المقدر وجملة «أعدّ ... » لا محل لها معطوفة على جملة الاستئناف المقدر.
الصرف:
(متعمدا) ، اسم فاعل من تعمد الخماسي، وزنه متفعّل
__________
(1) هو ضمير المفعول من فعل تقديره: جازاه الله خالدا فيها ... أو من ضمير المفعول أو نائب الفاعل من فعل تقديره: يجزاها خالدا فيها ... ويضعف أن يكون حالا من ضمير الغائب في قوله (جزاؤه) لسببين: الأول أنه مضاف إليه، والثاني أنه فصل بين الحال وصاحبها بأجنبي وهو خبر المبتدأ.
(2) في الآية السابقة (92) .
(3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/135)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (94)
بضم الميم وكسر العين المشددة.
البلاغة
- في هذه الآية فن جميل وبديع وهو فن مراعاة النظير:
وهو أن يأتي المتكلم بما يناسب المحتوى، وقد حفلت الآية بالألفاظ الدالة على التهديد الشديد والوعيد الأكيد وفنون الإبراق والإرعاد، للاشارة الى أن جريمة القتل من أكبر الجرائم وأشدها إمعانا في الشر.
الفوائد
تحريم القتل: القتل إذا كان عمدا عدوانا جريمة كبري، ومن السبع الموبقات التي يترتب عليها استحقاق العقاب في الدنيا والآخرة، وذلك بالقصاص، والخلود في نار جهنم: لأنه اعتداء على صنع الله في الأرض، وتهديد لأمن الجماعة وحياة المجتمع.
[سورة النساء (4) : آية 94]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَياةِ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ كَذلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (94)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) أداة تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم..
والواو فاعل (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بمضمون الجواب (ضربتم) فعل ماض مبني على السكون ...(5/136)
و (تم) ضمير فاعل (في سبيل) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل ضربتم «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (تبينوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... و (الواو) فاعل (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تقولوا) فعل مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (اللام) حرف جر (من) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (تقولوا) ، (ألقى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (ألقى) ، (السلام) مفعول به منصوب (لست) فعل ماض جامد ناقص ... و (التاء) ضمير في محل رفع اسم ليس (مؤمنا) خبر ليس منصوب (تبتغون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (عرض) مفعول به منصوب (الحياة) مضاف إليه مجرور (الدنيا) نعت للحياة مجرور مثله وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (الفاء) تعليلية (عند) ظرف منصوب متعلق بخبر مقدم (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (مغانم) مبتدأ مؤخر مرفوع (كثيرة) نعت مرفوع. (الكاف) حرف جر و (ذا) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق بمحذوف خبر مقدم للناقص و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون ... و (تم) ضمير اسم كان (من) حرف جر (قبل) اسم مبني على الضم في محل جر متعلق بالخبر المحذوف (الفاء) عاطفة (من) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عليكم) مثل إليكم متعلق ب (منّ) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (تبيّنوا) مثل الأول (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول
__________
(1) أي مجاهدين في سبيل الله.(5/137)
مبني في محل جر «1» متعلق ب (خبيرا) والعائد محذوف (تعلمون) مثل تبتغون (خبيرا) خبر كان منصوب.
جملة النداء «يا أيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ضربتم ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «تبينوا» لا محل لها جواب شرط غير جازم ... والشرط وفعله وجوابه هو جواب النداء.
وجملة «لا تقولوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة «ألقى ... » لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «لست مؤمنا» في محل نصب مقول القول.
وجملة «تبتغون» في محل نصب حال من فاعل تقولوا.
وجملة «عند الله مغانم ... » لا محل لها استئناف بياني أو تعليلية.
وجملة «كنتم من قبل» لا محل لها استئنافية.
وجملة «منّ الله ... » لا محل لها معطوفة على جملة كنتم ...
وجملة «تبيّنوا» في محل جزم جواب شرط مقدّر أي إن أنعم الله عليكم فتبيّنوا نعمة الله.
وجملة «إن الله كان ... » لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «كان ... خبيرا» في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «تعلمون ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
__________
(1) أو حرف مصدري ... والمصدر المؤول في محل جر متعلق ب (خبيرا) .(5/138)
لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95)
الصرف) : (عرض) اسم جامد بمعنى المتاع أو اسم لما لا دوام له، وزنه فعل بفتحتين.
(مغانم) ، جمع مغنم اسم بمعنى الغنيمة، وهو على لفظ المصدر الميمي لفعل غنم يغنم باب فرح.
[سورة النساء (4) : آية 95]
لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً (95)
الإعراب:
(لا) نافية (يستوي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء (القاعدون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (من المؤمنين) جار ومجرور متعلق بحال من (القاعدون) ، (غير) بدل من (القاعدون) مرفوع مثله «1» ، (أولي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء فهو ملحق بجمع المذكر السالم (الضرر) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (المجاهدون) معطوف على (القاعدون) مرفوع مثله وعلامة الرفع الواو (في سبيل) جار ومجرور متعلق ب (المجاهدون) ، (الله) مضاف إليه مجرور (بأموال) جار ومجرور متعلق ب (المجاهدون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أنفسهم) معطوف على أموالهم ...
ومضاف إليه. (فضّل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (المجاهدين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (بأموالهم وأنفسهم)
__________
(1) أو نعت له لأن القاعدين ليس معرفة كاملة، ولم يقصد به قوم بأعيانهم ولأن (أل) فيه جنسية.(5/139)
مثل الأولى ومتعلق بالمجاهدين (على القاعدين) جار ومجرور متعلق ب (فضّل) وعلامة الجر الياء (درجة) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو عدده أو نوعه، أي تفضيلا بدرجة واحدة أو تفضيل درجة «1» ، (الواو) اعتراضيّة (كلا) مفعول به مقدّم منصوب (وعد الله) مثل فضّل الله (الحسنى) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (فضّل الله المجاهدين على القاعدين) مثل الأولى (أجرا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو ملاقي الفعل في المعنى أي أجره أجرا عظيما «2» ، (عظيما) نعت منصوب.
جملة «لا يستوي القاعدون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «فضل الله المجاهدين» لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «وعد الله ... » لا محل لها اعتراضية.
وجملة «فضل الله (الثانية) » لا محل لها معطوفة على جملة فضّل الأولى.
الصرف:
(القاعدون) ، جمع القاعد، اسم فاعل من قعد يقعد، وزنه فاعل.
(الضرر) ، مصدر لفعل ضرّ يضرّ باب نصر وزنه فعل بفتحتين.
(المجاهدون) ، جمع المجاهد، اسم فاعل من جاهد الرباعي، وزنه مفاعل بضم الميم وكسر العين.
(الحسنى) ، اسم مشتق مؤنث الأحسن، وزنه فعلى بضم فسكون، أو يقصد به الجنة فليس بمشتق.
__________
(1) يجوز أن يكون حالا على حذف مضاف أي ذوي درجة، أو منصوب على نزع الخافض والأصل بدرجة.
(2) أو منصوب على نزع الخافض أي فضلهم بأجر.(5/140)
(أجرا) ، مصدر سماعي لفعل أجر يأجر باب نصر وباب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
الفوائد
1- فضل المجاهدين:
فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً.
في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله، وما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض» «وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى» .
للإيمان وزنه وقيمته على كل حال مع تفاضل أهله في الدرجات وفق تفاضلهم في النهوض بتكاليف الإيمان، فيما يتعلق بالجهاد وبالأموال والأنفس ... وهذا الاستدراك هو الذي نفهم منه أن هؤلاء القاعدين ليسوا هم المنافقين المبطئين الذين ورد ذكرهم سابقا في هذا السياق.
2- قوله تعالى غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ تضاربت الأقوال في إعراب كلمة «غير» على أوجه:
أ- الحالة الأولى «الرفع» على أنها صفة «القاعدون» أو بدل من «القاعدون» .
ب- وثمة قراءة بالنصب وعليها أعربت كلمة «غير» استثناء من القاعدين، أو من المؤمنين أو حالا ... !
ج- وهناك قراءة بالجر وعليها أعربت «غير» صفة للمؤمنين.
3- قوله تعالى: أَجْراً عَظِيماً.
ذهب النحاة مذاهب في اعراب كلمة «اجرا» .
أ- نائب مفعول مطلق لأن معنى «فضلهم» أي «آجرهم» .
ب- مفعول به لأن «فضّلهم» بمعنى «أعطاهم» .(5/141)
دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (96) إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا (98) فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (100)
ج- منصوب بنزع الخافض على تقدير ب «أجر» والوجه الأول أقوى هذه الأوجه والله اعلم.
[سورة النساء (4) : آية 96]
دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (96)
الإعراب:
(درجات) بدل من (أجرا) تبعه في النصب وعلامة النصب الكسرة (من) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بنعت لدرجات (الواو) عاطفة في الموضعين (مغفرة، رحمة) اسمان معطوفان على درجات منصوبان مثله «1» ، (الواو) عاطفة (كان) ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (غفورا) خبر كان منصوب (رحيما) خبر ثان منصوب.
جملة «كان الله غفورا ... » لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : الآيات 97 الى 100]
إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُولئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُوراً (99) وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (100)
__________
(1) يجوز أن يكون مغفرة مفعولا مطلقا لفعل محذوف ...(5/142)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب اسم إنّ (توفى) مضارع مرفوع «1» وعلامة الرفع الضمة المقدرة وحذفت التاء تخفيفا و (هم) ضمير مفعول به (الملائكة) فاعل مرفوع (ظالمي) حال منصوبة من ضمير المفعول وعلامة النصب الياء (أنفس) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (قالوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (في) حرف جر (ما) اسم استفهام مبني في محل جر متعلق بخبر كنتم مقدم، حذفت من الاسم الألف (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون ... و (تم) ضمير اسم كان، (قالوا) مثل الأول (كنّا) مثل كنتم (مستضعفين) خبر كنا منصوب وعلامة النصب الياء (في الأرض) جار ومجرور متعلق بالخبر (قالوا) مثل الأول (الهمزة) للاستفهام الإنكاري (لم) حرف نفي وقلب وجزم (تكن) مضارع ناقص مجزوم (أرض) اسم تكن مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (واسعة) خبر تكن منصوب (الفاء) فاء السبب (تهاجروا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببية، وعلامة النصب حذف النون «2» ... والواو فاعل (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق ب (تهاجروا) بتضمينه معنى تسيحوا أو تنتقلوا.
والمصدر المؤوّل (أن تهاجروا) معطوف على مصدر متصيد من الكلام السابق أي: أليس ثمة اتساع في الأرض فهجرة منكم.
(الفاء) زائدة لمجيئها في الخبر ومشابهة المبتدأ للشرط (أولئك) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ ... و (الكاف) للخطاب (مأوى) مبتدأ
__________
(1) يجوز أن يكون الفعل ماضيا، ولم تلحقه تاء التأنيث لأن الفعل مفصول عن الفاعل بالمفعول.
(2) يجوز عطف الفعل بالفاء على المضارع المجزوم (تكن) فيكون مجزوما مثله وهو اختيار أبي حيان. [.....](5/143)
ثان مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف و (هم) ضمير مضاف إليه (جهنم) خبر المبتدأ الثاني مرفوع (الواو) استئنافية (ساءت) فعل ماض جامد لانشاء الذم ... و (التاء) للتأنيث والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (مصيرا) تمييز منصوب ... والمخصوص بالذم محذوف تقديره هي أي جهنم.
جملة «إنّ الذين توفاهم الملائكة ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «توفاهم الملائكة» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «قالوا ... » في محل نصب حال من الملائكة بتقدير قد.
وجملة «كنتم ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «قالوا (الثانية) ... » لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «كنا مستضعفين» في محل نصب مقول القول.
وجملة «قالوا (الثالثة) » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تكن أرض ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «تهاجروا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «أولئك مأواهم ... » في محل رفع خبر (إن) .
وجملة «مأواهم جهنم» في محل رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة «ساءت مصيرا» لا محل لها استئنافية.
(98) (إلا) أداة استثناء (المستضعفين) منصوب على الاستثناء المتصل من الذين توفاهم ... أو المنقطع من العاصين بالتخلف عن الهجرة، وعلامة النصب الياء (من الرجال) جار ومجرور متعلق بحال من المستضعفين، (الواو) عاطفة في الموضعين (النساء، والولدان) اسمان معطوفان على الرجال بحرفي العطف مجروران مثله (لا) نافية(5/144)
(يستطيعون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (حيلة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا يهتدون) مثل لا يستطيعون (سبيلا) منصوب على نزع الخافض والأصل إلى سبيل «1» .
وجملة «لا يستطيعون ... » لا محل لها استئناف بياني «2» .
وجملة «لا يهتدون ... » لا محل لها معطوفة على جملة لا يستطيعون.
(99) (الفاء) استئنافية (أولئك) مثل الأول (عسى) فعل ماض جامد ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم عسى (أن) حرف مصدري (يعفو) مضارع منصوب بأن، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عن) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (يعفو) .
والمصدر المؤوّل (أن يعفو) في محل نصب خبر عسى.
(الواو) استئنافية (كان الله عفوّا غفورا) مر إعراب نظيرها «3» .
وجملة «أولئك عسى ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «عسى الله ... » في محل رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة «يعفو» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «كان الله عفوا ... » لا محل لها استئنافية.
(100) (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يهاجر) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود
__________
(1) أو هو مفعول به بتضمين (يهتدون) معنى يعرفون أي: لا يعرفون طريقا إلى الهجرة.
(2) يجوز أن تكون في محل نصب حال.
(3) في الآية (96) من هذه السورة.(5/145)
على اسم الشرط (في سبيل) جار ومجرور متعلق ب (يهاجر) «1» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (يجد) مضارع مجزوم جواب الشرط، والفاعل هو (في الأرض) جار ومجرور متعلق ب (يجد) ، (مراغما) مفعول به منصوب (كثيرا) نعت منصوب (الواو) عاطفة (سعة) معطوف على (مراغما) منصوب مثله (الواو) عاطفة (من يخرج) مثل من يهاجر (من بيت) جار ومجرور متعلق ب (يخرج) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (مهاجرا) حال منصوبة (إلى الله) جار ومجرور متعلق ب (مهاجرا) ، (الواو) عاطفة (رسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله و (الهاء) مضاف إليه (ثم) حرف عطف (يدرك) مضارع مجزوم معطوف على (يخرج) ، و (الهاء) ضمير مفعول به (الموت) فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (وقع) فعل ماض (أجر) فاعل مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (على الله) جار ومجرور متعلق ب (وقع) ، (الواو) استئنافية (كان الله غفورا رحيما) مرّ إعراب نظيرها «2» .
وجملة «من يهاجر ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يهاجر ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة «يجد ... » لا محل لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «من يخرج ... » لا محل لها معطوفة على جملة من يهاجر.
وجملة «يخرج ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) الثاني «4» .
وجملة «يدركه الموت» في محل رفع معطوفة على جملة يخرج.
__________
(1) أو بمحذوف حال من فاعل يهاجر أي مجاهدا في سبيل الله.
(2) في الآية (96) من هذه السورة.
(3، 4) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/146)
وجملة «قد وقع أجره ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله غفورا ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(مستضعفين) ، جمع مستضعف، اسم مفعول من استضعف السداسي وزنه مستفعل بضم الميم وفتح العين.
(75) (حيلة) مصدر سماعي لفعل حال يحول بمعنى احتال، وزنه فعلة بكسر فسكون، وفيه إعلال بالقلب أصله حولة، جاءت الواو ساكنة بعد كسر قلبت ياء.
(مراغما) ، اسم مكان من راغم الرباعي «1» فهو على وزن اسم المفعول وزنه مفاعل بضم الميم وفتح العين.
(مهاجرا) ، اسم فاعل من هاجر الرباعي وزنه مفاعل بضم الميم وكسر العين.
الفوائد
1- قوله تعالى ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ الأصل ظالمين أنفسهم ولكن حذفت النون من جمع المذكر السالم لكونه مضافا، وهذه قاعدة مطردة تحذف النون من المثنى وجمع المذكر السالم إذا أضيف قياسا على حذف التنوين من الاسم المفرد عند الاضافة. ومن هنا جاء قولهم في إعراب نون المثنى وجمع المذكر السالم بأنها عوض عن تنوين في الاسم المفرد. فتأمّل.
2- قوله تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ. «عسى» من أفعال
__________
(1) راغم تأتي بمعنى غاضب وعادى، وتأتي بمعنى فارقه على رغم منه.(5/147)
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)
الرجاء ومثلها حرى واخلولق، وتتبعها أفعال المقاربة وهي تدل على قرب وقوع الخبر وهي «كاد، كرب، أوشك» وكذلك أفعال الشروع مثل: شرع- طفق- انشأ- أخذ- بدأ- جعل، وتعتبر هذه الزمر الثلاثة أفعالا ناقصة تعمل عمل «كان وأخواتها» الا أن خبرها يأتي جملة فعلية فعلها مضارع مقترنا ب «أن» مع «حرى واخلولق» ويمتنع اقترانها ب «أن» مع أفعال الشروع، لأن هذه الأفعال تدل على الماضي و «أن» تفيد المستقبل، وما تبقى من الأفعال المذكورة، يجوز اقتران خبرها ب «أن» كما يجوز عدم اقترانه.
[سورة النساء (4) : آية 101]
وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً (101)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بمضمون الجواب (ضربتم) فعل ماض مبني على السكون.. و (تم) ضمير فاعل (في الأرض) جار ومجرور متعلق ب (ضربتم) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ليس) فعل ماض ناقص جامد (على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر مقدم للناقص (جناح) اسم ليس مؤخر مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (تقصروا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (من الصلاة) جار ومجرور متعلق ب (تقصروا) «1» .
والمصدر المؤوّل (أن تقصروا) في محل جر بحرف جر محذوف تقديره في ... متعلق بما تعلق به عليكم «2» .
__________
(1) الفعل قصر متعد بنفسه وبحرف الجر، يقال قصر الصلاة ومن الصلاة ترك منها شيئا.
(2) يجوز تعليقه بجناح لأنه مصدر. جاء في اللسان: الجناح بالضم الميل إلى الإثم وقيل هو الإثم عامة.(5/148)
(إن) حرف شرط جازم (خفتم) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط ... و (تم) فاعل (أن يفتنكم) مثل أن تقصروا ...
فعل ومفعول به (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (كفروا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أن يفتنكم الذين ... ) في محل نصب مفعول به.
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الكافرين) اسم إنّ منصوب وعلامة النصب الياء (كانوا) ماض ناقص واسمه (لكم) مثل عليكم متعلق بحال من (عدوّا) وهو خبر كان منصوب (مبينا) نعت منصوب.
جملة «ضربتم ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «ليس عليكم جناح» لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «تقصروا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «إن خفتم ... » لا محل لها استئناف بياني ... وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله، أي: إن خفتم ... فاقصروا من الصلاة.
وجملة «يفتنكم الذين ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّ الكافرين كانوا ... » لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «كانوا ... عدوّا ... » في محل رفع خبر إنّ.(5/149)
وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (102)
[سورة النساء (4) : آية 102]
وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (102)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط مبني في محل نصب متعلق بمضمون الجواب (كنت) فعل ماض ناقص مبني على السكون ... و (التاء) اسم كان (في) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بخبر كنت (الفاء) عاطفة (أقمت) فعل ماض وفاعله (لهم) مثل فيهم متعلق ب (أقمت) ، (الصلاة) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب إذا (اللام) لام الأمر (تقم) مضارع مجزوم بلام الأمر (طائفة) فاعل مرفوع (منهم) مثل فيهم متعلق بمحذوف نعت لطائفة (مع) ظرف مكان منصوب متعلق ب (تقم) ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (ليأخذوا) مثل لتقم ... وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (أسلحة) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (إذا) مثل الأول (سجدوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) لام الأمر (يكونوا) مضارع مجزوم ناقص وعلامة الجزم حذف النون.. والواو ضمير(5/150)
اسم يكون (من وراء) جار ومجرور متعلّق بخبر يكون و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة- أو استئنافية- (لتأت طائفة) مثل لتقم طائفة..
وعلامة الجزم حذف حرف العلة (أخرى) نعت لطائفة مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يصلّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الفاء) عاطفة (اللام) لام الأمر (يصلّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ...
والواو فاعل (معك) مثل الأول متعلّق بفعل يصلّوا الثاني (الواو) عاطفة (ليأخذوا) مثل ليصلّوا (حذرهم) مثل أسلحتهم الأول (أسلحتهم) الثاني معطوف بالواو على حذرهم- مضاف ومضاف إليه-.
جملة «كنت فيهم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أقمت ... الصلاة» في محل جر معطوفة على جملة كنت.
وجملة «تقم طائفة ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يأخذوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة تقم طائفة.
وجملة «سجدوا» في محل جر بإضافة (إذا) إليها.
وجملة «يكونوا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «تأت طائفة ... » لا محل لها معطوفة على جملة الجواب- أو استئنافية-.
وجملة «لم يصلّوا» في محل رفع نعت لطائفة.
وجملة «ليصلوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة تأت.
وجملة «يأخذوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة ليصلّوا.
(ودّ) فعل ماض (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل(5/151)
(كفروا) مثل سجدوا (لو) حرف مصدري (تغفلون) مضارع مرفوع ...
والواو فاعل (عن أسلحة) جار ومجرور متعلق ب (تغفلون) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أمتعتكم) معطوف على أسلحتكم مجرور مثله (الفاء) عاطفة (يميلون) مثل تغفلون (على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يميلون) ، (ميلة) مفعول مطلق منصوب (واحدة) نعت لميلة منصوب مثله.
والمصدر المؤوّل (لو تغفلون) في محل نصب مفعول به عامله ودّ.
(الواو) استئنافية (لا) نافية للجنس (جناح) اسم لا مبني على الفتح في محل نصب (عليكم) مثل الأول متعلق بمحذوف خبر لا (إن) حرف شرط جازم (كان) فعل ماض ناقص «1» مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط (بكم) مثل عليكم متعلق بخبر كان (أذى) اسم كان مؤخر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (من مطر) جار ومجرور متعلق بنعت لأذى (أو) حرف عطف (كنتم) مثل كنت (مرضى) خبر منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة على الألف (أن) حرف مصدري ونصب (تضعوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (أسلحتكم) مثل الأول عامله تضعوا.
والمصدر المؤول (أن تضعوا ... ) في محل جر بحرف جر محذوف تقديره في أن تضعوا ... متعلق بما تعلق به الجار عليكم ... أو متعلق بجناح.
(الواو) استئنافية (خذوا) فعل أمر مبني على حذف النون ...
والواو فاعل (حذركم) مثل حذرهم، (إنّ) حرف مشبه بالفعل للتوكيد
__________
(1) أو تامّ، وأذى فاعل وبكم متعلق به.(5/152)
(الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (أعدّ) مثل ودّ والفاعل هو (للكافرين) جار ومجرور متعلق ب (أعدّ) ، (عذابا) مفعول به منصوب (مهينا) نعت منصوب.
وجملة «ودّ الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «تغفلون ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (لو) .
وجملة «يميلون» لا محل لها معطوفة على جملة تغفلون.
وجملة «لا جناح عليكم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان بكم أذى» لا محل لها اعتراضية ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله ... أي: إن كان بكم أذى فلا جناح عليكم ...
وجملة «كنتم مرضى» لا محل لها معطوفة على جملة كان ...
وجملة «تضعوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «خذوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان بكم أذى» لا محل لها اعتراضية ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله ... أي: أن كان بكم أذى فلا جناح عليكم ...
وجملة «كنتم مرضى» لا محل لها معطوفة على جملة كان ...
وجملة «تضعوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «خذوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «إنّ الله أعدّ ... » لا محل لها استئنافية.
وجمل «أعدّ» في محل رفع خبر إنّ.
الصرف:
(أسلحة) جمع سلاح، اسم جمع لآلات الحرب يذكّر(5/153)
فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (103)
ويؤنّث، وزنه فعال بكسر الفاء، ووزن جمعه أفعلة وهو من جموع القلّة.
(ميلة) ، مصدر مرة من مال، وزنه فعلة بفتح الفاء.
البلاغة
1- «وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ» ..
«حذرهم» أي احترازهم شبهه بما يتحصن به من الآلات ولذا أثبت له الأخذ تخييلا وإلا فهو أمر معنوي لا يتصف بالأخذ، ولا يضر عطف قوله سبحانه: وَأَسْلِحَتَهُمْ عليه للجمع بين الحقيقة والمجاز، وهو من البلاغة في ذروتها ومن الفصاحة في شدتها.
2- قوله تعالى: إِنْ كانَ بِكُمْ أَذىً «أذى» اسم كان المرفوع بالضمة المقدرة على الألف المحذوفة لفظا المثبتة خطا بسبب التنوين، فالتنوين هنا ليس حركة اعراب كما يتوهم بعضهم انما هذا التنوين وتنوين الاسم المنقوص كلاهما ليسا حركة اعراب وإنما لكون كل منهما نكرة خاليا من «ال» التعريف لحقه التنوين علامة للتنكير.
والاسم المقصور ينوّن في جميع حالاته إذا تجرد من ال التعريف. فنقول:
هذا فتى اتبع هدى فحصل على غنى فالألف في الأمثلة الثلاثة محذوفة لفظا مثبتة خطا. أما الاسم المنقوص، وهو المختوم بياء ساكنة مكسور ما قبلها فينوّن عند تنكيره وتحذف ياؤه في حالتي الرفع والجر لالتقاء الساكنين، وتثبت في حالة النصب وتظهر عليها الفتحة بسبب خفتها، جاء قاض، مررت بقاض، رأيت قاضيا.
[سورة النساء (4) : آية 103]
فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً (103)(5/154)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (إذا) مر إعرابه «1» ، (قضيتم) فعل ماض مبني على السكون ... (وتم) ضمير فاعل (الصلاة) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اذكروا) مثل خذوا «2» ، (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (قياما) حال منصوبة «3» ، (الواو) عاطفة (قعودا) معطوف على (قياما) منصوب مثله (الواو) عاطفة (على جنوب) جار ومجرور في محل نصب حال و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (إذا اطمأننتم) مثل إذا قضيتم (فأقيموا الصلاة) مثل اذكروا الله (إنّ الصلاة) مثل إنّ الله «4» ، (كانت) فعل ماض ناقص.. و (التاء) تاء التأنيث، واسمه ضمير مستتر تقديره هي (على المؤمنين) جار ومجرور متعلق ب (كتابا) فهو مصدر، وهو خبر كانت منصوب (موقوتا) نعت منصوب.
جملة «قضيتم ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «اذكروا ... » لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «اطمأننتم» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أقيموا الصلاة» لا محل لها جواب الشرط غير الجازم الثاني.
وجملة «إنّ الصلاة كانت ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «كانت ... كتابا» في محل رفع خبر ان.
الصرف:
(اطمأننتم) ، مزيد على الرباعي بحرفين هما الهمزة وتضعيف النون، فعله اطمأن وزنه افعللّ (موقوتا) ، اسم مفعول من وقت يقت باب ضرب، وزنه مفعول.
__________
(1، 2) في الآية السابقة (102) .
(3) وهو جمع قائم، أو هو مصدر في موضع الحال، أو مفعول مطلق (انظر الآية 191 من سورة آل عمران) .
(4) في الآية السابقة (102) .(5/155)
وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)
[سورة النساء (4) : آية 104]
وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (104)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لا) ناهية جازمة (تهنوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (في ابتغاء) جار ومجرور متعلق ب (تهنوا) ، (القوم) مضاف إليه مجرور (إن) حرف شرط جازم (تكونوا) مضارع ناقص مجزوم وعلامة الجزم حذف النون والواو اسم تكونوا (تألمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبه بالفعل و (هم) ضمير في محل نصب اسم إنّ (يألمون) مثل تألمون (الكاف) حرف جر (ما) حرف مصدري (تألمون) مثل الأول.
والمصدر المؤوّل (ما تألمون) في محل جر بالكاف متعلق بمحذوف مفعول مطلق أي ألما كألمكم.
(الواو) استئنافية (ترجون) مثل تألمون (من الله) جار ومجرور متعلق ب (ترجون) ، (ما) اسم موصول «1» في محل نصب مفعول به (لا) نافية (يرجون) مثل تألمون (الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (عليما) خبر منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «لا تهنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «إن تكونوا ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «تألمون» في محل نصب خبر تكونوا.
وجملة «إنهم يألمون» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
__________
(1) أو نكرة موصوفة. [.....](5/156)
إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)
وجملة «يألمون» في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «تألمون» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «ترجون» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يرجون» لا محل لها صلة الموصول (ما) «1» .
وجملة «كان الله عليما» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(تهنوا) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت فاؤه لأنه معتل مثال مكسور العين في المضارع، وزنه تعلوا.
(ترجون) ، فيه إعلال بالحذف، حذفت لامه وهي الواو لمجيئها ساكنة قبل واو الجماعة الساكنة، وزنه تفعون.
(يرجون) ، مثل ترجون.
[سورة النساء (4) : آية 105]
إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً (105)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل و (نا) ضمير في محل نصب اسم إنّ (أنزلنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل (إلى) حرف جر و (الكاف) ضمير في محل جر متعلق ب (أنزل) ، (الكتاب) مفعول به منصوب، (بالحق) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الكتاب (اللام) لام التعليل (تحكم) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (تحكم) ، (الناس) مضاف إليه مجرور.
والمصدر المؤول (أن تحكم) في محل جر متعلق ب (أنزلنا) .
(الباء) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق
__________
(1) أو في محل نصب نعت ل (ما) . إذا أعربت نكرة موصوفة.(5/157)
ب (تحكم) ، (أرى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف و (الكاف) ضمير مفعول به ... والمفعول الثاني محذوف أي أراك إياه (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع. (الواو) استئنافية (لا) ناهية جازمة (تكن) مضارع ناقص مجزوم، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (للخائنين) جار ومجرور متعلق ب (خصيما) وهو خبر تكن منصوب ...
واللام بمعنى لأجل.
جملة «إنّا أنزلنا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «أنزلنا ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «تحكم ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي.
وجملة «أراك الله» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «لا تكن ... خصيما» لا محل لها استئنافية «1» .
الصرف:
(الخائنين) ، جمع الخائن، اسم فاعل من خان يخون وزنه فاعل، وفيه قلب حرف العلّة- عين الكلمة- إلى همزة، والقلب مطّرد.
(خصيما) ، أي مخاصما عنهم ... صفة مشبهة من خصم يخصم باب ضرب، فعيل بمعنى فاعل.
الفوائد
قول في اجتهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
1- قوله (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ) احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى الله عليه وسلم له أن يحكم بالاجتهاد، بهذه الآية وبما يثبت
في الصحيحين عن هشام بن عروة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال: «ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع ولعل
__________
(1) أو معطوفة على استئناف مقدّر أي: فاحكم به ولا تكن ...(5/158)
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107)
أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها» .
[سورة النساء (4) : الآيات 106 الى 107]
وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (106) وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً (107)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (استغفر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (غفورا) خبر كان منصوب (رحيما) خبر ثان منصوب.
جملة «استغفر الله» لا محل لها معطوفة على جملة لا تكن «1» .
وجملة «إنّ الله كان ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «كان غفورا ... » في محل رفع خبر إنّ.
(الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تجادل) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عن) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (تجادل) بتضمينه معنى تدافع (يختانون) مضارع مرفوع والواو فاعل (أنفس) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (إن الله) مثل الأولى (لا) نافية (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (من) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (كان خوّانا أثيما) مثل إعراب كان غفورا رحيما.
__________
(1) في الآية السابقة.(5/159)
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108)
وجملة «لا تجادل ... » لا محل لها معطوفة على جملة لا تكن «1» .
وجملة «يختانون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّ الله لا يحب ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
وجملة «لا يحب ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «كان خوانا ... » لا محل لها صلة الموصول (من) .
الصرف:
(خوّانا) ، صيغة مبالغة الفاعل، من خان يخون، وزنه فعال بفتح الفاء.
البلاغة
«إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً»
...
المبالغة: في قوله تعالى «خَوَّاناً أَثِيماً»
كثير الخيانة مفرطا فيها «أثيما» منهمكا في الإثم، وتعليق عدم المحبة المراد منه البغض والسخط بصيغة المبالغة ليس لتخصيصه بل لبيان إفراط بني أبيرق وقومهم في الخيانة والإثم.
[سورة النساء (4) : آية 108]
يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللَّهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً (108)
الإعراب:
(يستخفون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (من الناس) جار ومجرور متعلق ب (يستخفون) ، (الواو) عاطفة (لا) نافية (يستخفون من الله) مثل يستخفون من الناس (الواو) حالية (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ (مع) ظرف مكان منصوب متعلق بخبر المبتدأ و (هم) ضمير مضاف إليه (إذ) ظرف للزمن الماضي مبني في
__________
(1) في الآية (105) من هذه السورة.(5/160)
محل نصب متعلق بالخبر المحذوف (يبيتون) مثل يستخفون (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (لا) نافية (يرضى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من القول) جار ومجرور متعلق بحال من مفعول يرضى المحذوف.
(الواو) استئنافية (كان) ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (الباء) حرف جر (ما) حرف مصدري «1» ، (يعملون) مثل يستخفون، (محيطا) خبر كان منصوب.
والمصدر المؤول (ما يعملون) في محل جر بالباء متعلق ب (محيطا) .
وجملة «يستخفون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يستخفون ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «هو معهم» في محل نصب حال.
وجملة «يبيّتون» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «لا يرضى ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «كان الله ... محيطا» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يعملون» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) «2» .
الصرف:
(يستخفون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يستخفيون، نقلت الضمة إلى الفاء لثقلها على الياء- وهو إعلال بالتسكين- ثم حذفت الياء لالتقاء الساكنين، وزنه يستفعون.
__________
(1) أو اسم موصول مبني في محل جر بالباء متعلق ب (محيطا) .
(2) أو لا محل لها صلة الموصول الاسمي (ما) .(5/161)
هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)
البلاغة
المجاز: في قوله تعالى «محيطا» ونظمها البعض في سلك المتشابه.
الفوائد
اختلاف النحاة حول «إذ» أ- تأتي ظرفا بمعنى «حين» كما ورد في هذه الآية. ولابن هشام في اعرابها عدة وجوه:
1- تأتي مفعولا به كقوله تعالى وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا أي اذكروا قلتكم.
2- تأتي بدلا من المفعول به نحو وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِها مَكاناً شَرْقِيًّا.
ب- قد تأتي حرفا للمفاجاة وذلك كقول الشاعر:
استقدر الله خيرا وارضينّ به ... فبينما العسر إذ دارت مياسير
ج- وتأتى للتعليل كقوله تعالى: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ.
أي ولن ينفعكم اليوم اشتراككم في العذاب بسبب ظلمكم في الدنيا.
وهذه الأوجه الثلاثة بينة لا يخفى اختلافها على ذوي الأرابة والفطنة.
[سورة النساء (4) : آية 109]
ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً (109)
الإعراب:
(ها) حرف تنبيه (أنتم) ضمير منفصل في محل رفع مبتدأ (ها) مثل الأول (أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع خبر «1» ، (جادلتم) فعل ماض مبني على السكون ... و (تم) ضمير فاعل (عن)
__________
(1) انظر الأوجه الأخرى في اعراب نظير هذه الآية في الآية (85) من سورة البقرة ولا سيما وجه المنادي.(5/162)
حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (جادلتم) بتضمينه معنى دافعتم (في الحياة) جار ومجرور متعلق ب (جادلتم) ، (الدنيا) نعت للحياة مجرور مثله وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (من) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (يجادل) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (عنهم) مثل الأوّل متعلّق ب (يجادل) ، (يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (يجادل) (القيامة) مضاف إليه مجرور (أم) هي المنقطعة بمعنى بل (من) مثل الأول (يكون) مضارع ناقص مرفوع، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عليهم) مثل عنهم متعلّق ب (وكيلا) وهو خبر يكون منصوب.
جملة «أنتم هؤلاء ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «جادلتم ... » في محل رفع خبر ثان للمبتدأ أنتم أو في محل نصب حال بتقدير (قد) .
وجملة «من يجادل ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم مقدر أي إذا حل عليهم عذابه فمن يجادل عنهم.
وجملة «يجادل ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة «من يكون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يكون ... وكيلا» في محل رفع خبر المبتدأ (من) الثاني.
البلاغة
الالتفات: في قوله تعالى ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ
تلوين للخطاب وتوجيه له إليهم بطرق الالتفات إيذانا بأن تعديد جنايتهم يوجب مشافهتهم بالتوبيخ والتقريع. والالتفات هنا من الغيبة الى الخطاب.(5/163)
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (111)
[سورة النساء (4) : الآيات 110 الى 111]
وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (110) وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (111)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يعمل) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (سوءا) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (يظلم) مضارع مجزوم معطوف على فعل الشرط والفاعل هو (نفس) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (يستغفر) مضارع مجزوم معطوف على يظلم، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (يجد) مضارع مجزوم جواب الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل هو (الله) مثل السابق (غفورا) مفعول به ثان منصوب (رحيما) بدل «1» من (غفورا) منصوب مثله.
وجملة «من يعمل ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يعمل سوءا ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «يظلم نفسه» في محل رفع معطوفة على جملة يعمل.
وجملة «يستغفر الله» في محل رفع معطوفة على جملة يظلم- أو يعمل-.
وجملة «يجد الله ... » لا محل لها جواب شرط غير مقترنة بالفاء.
(الواو) عاطفة (من يكسب إثما) مثل من يعمل سوءا (الفاء) رابطة
__________
(1) أو حال من المفعول الأول.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/164)
وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)
لجواب الشرط (إنما) كافة ومكفوفة (يكسب) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (الهاء) ضمير مفعول به (على نفس) جار ومجرور متعلق بحال من الهاء المفعول، (الهاء) مضاف إليه (الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (عليما) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «من يكسب ... » لا محل لها معطوفة على جمل من يعمل ...
وجملة «يكسب إثما ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «إنما يكسبه» في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله عليما ... » لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : آية 112]
وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (112)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من يكسب خطيئة) مثل من يعمل سوءا «2» ، (أو) حرف عطف (إثما) معطوف على خطيئة منصوب مثله (ثم) حرف عطف (يرم) مضارع مجزوم معطوف على يكسب، وعلامة الجزم حذف حرف العلة والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يرم) ، (بريئا) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (احتمل) فعل ماض والفاعل هو (بهتانا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (إثما) معطوف على
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) في الآية (110) من هذه السورة.(5/165)
وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا (113)
(بهتانا) منصوب مثله (مبينا) نعت ل (إثما) منصوب مثله.
جملة «من يكسب ... » لا محل لها معطوفة على جملة من يكسب إثما «1» .
وجملة «يكسب خطيئة» في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «يرم ... » في محل رفع معطوفة على جملة يكسب خطيئة.
وجملة «احتمل ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(يرم) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفع.
(بريئا) ، صفة مشبهة من فعل برىء يبرأ باب فرح، وزنه فعيل بمعنى خال من العيب.
[سورة النساء (4) : آية 113]
وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَما يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً (113)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لولا) حرف شرط غير جازم- امتناع لوجود- (فضل) مبتدأ مرفوع، والخبر محذوف وجوبا تقديره موجود (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (على) حرف جر و (الكاف) ضمير في محل جر متعلق ب (فضل) (الواو) عاطفة (رحمة) معطوف على فضل مرفوع
__________
(1) في الآية (111) من هذه السورة.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط الجواب معا.(5/166)
مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (اللام) واقعة في جواب لولا (همت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث (طائفة) فاعل مرفوع (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بنعت لطائفة (أن) حرف مصدري ونصب (يضلّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤول (أن يضلوك) في محل جر بحرف جر محذوف تقديره بأن يضلّوك ... متعلق ب (همت) .
(الواو) حالية «1» ، (ما) نافية (يضلّون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (إلا) أداة حصر (أنفس) مفعول به و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة- أو استئنافيّة- (ما يضرون) مثل ما يضلّون ...
و (الكاف) ضمير مفعول به (من) حرف جر زائد (شيء) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو من نوع صفة المصدر أي: ما يضرونك ضررا ما. (الواو) استئنافية (أنزل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عليك) مثل الأول متعلق ب (أنزل) ، (الكتاب) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الحكمة) معطوف على الكتاب منصوب مثله (الواو) عاطفة (علّم) مثل أنزل والفاعل هو و (الكاف) مفعول به (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به ثان (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تكن) مضارع ناقص مجزوم، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (تعلم) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الواو) عاطفة (كان) فعل ماض ناقص (فضل) اسم كان مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (عليك) مثل الأول متعلق ب (فضل) (عظيما) خبر كان منصوب.
__________
(1) أو اعتراضية، والجملة بعدها لا محل لها اعتراضية. [.....](5/167)
لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)
جملة «لولا فضل الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «همّت طائفة» لا محل لها جواب شرط غير جازم «1» .
وجملة «ما يضلّون ... » في محل نصب حال من فاعل يضلّوك.
وجملة «ما يضرونك ... » في محل نصب معطوفة على الجملة الحالية ... أو لا محل لها استئنافية.
وجملة «أنزل الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «علّمك ... » لا محل لها معطوفة على جملة أنزل الله.
وجملة «تكن ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «تعلم ... » في محل نصب خبر تكن.
وجملة «كان فضل الله ... » لا محل لها معطوفة على جملة أنزل الله.
[سورة النساء (4) : آية 114]
لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً (114)
الإعراب:
(لا) نافية للجنس (خير) اسم لا مبني على الفتح في محل نصب (في كثير) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا (من نجوى) جار ومجرور متعلق بنعت لكثير و (هم) ضمير مضاف إليه (إلا) أداة استثناء (من) اسم موصول مبني في محل نصب على الاستثناء المنقطع «2» ، (أمر) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
__________
(1) يجوز أن يكون الجواب مقدرا أي لأضلوك، وجملة همّت استئنافية أي لقد همّت (حاشية الجمل على الجلالين) .
(2) أو المتصل بحذف مضاف أي نجوى من أمر ...(5/168)
(بصدقة) جار ومجرور متعلق ب (أمر) ، (أو) حرف عطف (معروف) معطوف على صدقة مجرور مثله (أو) مثل الأول (إصلاح) معطوف على معروف مجرور مثله (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بإصلاح (الناس) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يفعل) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل هو (ذا) اسم إشارة مبني في محل نصب مفعول به و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب، (ابتغاء) مفعول لأجله منصوب «1» ، (مرضاة) مضاف إليه مجرور (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الفاء) رابطة لجواب الشرط (سوف) حرف استقبال (نؤتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء و (الهاء) مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (أجرا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت لأجر منصوب.
جملة «لا خير في كثير ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «أمر بصدقة» لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «من يفعل ذلك ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «يفعل ذلك ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «سوف نؤتيه ... » في محل جزم جواب شرط جازم مقترنة بالفاء.
الصرف:
(نجوى) ، اسم مصدر من ناجى الرباعي، وزنه فعلى بفتح الفاء، أو هو مصدر سماعي لفعل نجا ينجو الرجل زميله باب نصر.
أو هو الاسم منه وقد يأتي بمعنى المناجي.
__________
(1) أو مصدر في موضع الحال من فاعل يفعل أي مبتغيا مرضاة الله.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/169)
وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)
(إصلاح) ، مصدر قياسي لفعل أصلح الرباعي، وزنه إفعال على وزن الماضي بكسر الأول وتسكين الثاني وزيادة ألف قبل الأخير (النساء- 35) .
الفوائد
- فضل الإصلاح بين الناس:
روى ابن مردويه، عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كلام ابن آدم كله عليه، لا له، إلا ذكر الله عز وجل، أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر» .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا، أو يقول خيرا» ،
وعن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة» قالوا بلى يا رسول الله قال: «إصلاح ذات البين» .
وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب «ألا أدلك على تجارة» قال بلى يا رسول الله قال «تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا وتقارب بينهم إذا تباعدوا» .
[سورة النساء (4) : آية 115]
وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً (115)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من يشاقق الرسول) مثل من يفعل ذلك «1» ، (من بعد) جار ومجرور متعلق ب (يشاقق) ، (ما) حرف مصدري (تبيّن) فعل ماض (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (تبين) - أو بحال من الهدى- (الهدى) فاعل مرفوع وعلامة
__________
(1) في الآية السابقة (114) .(5/170)
الرفع الضمة المقدرة على الألف.
والمصدر المؤوّل (ما تبين له الهدى) في محل جر مضاف إليه.
(الواو) عاطفة (يتّبع) مضارع مجزوم معطوف على (يشاقق) ، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (غير) مفعول به منصوب (سبيل) مضاف إليه مجرور (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (نولّ) مضارع مجزوم جواب الشرط و (الهاء) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به ثان (تولى) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد، ومفعول تولى محذوف أي تولاه من الضلال (الواو) عاطفة (نصل) مضارع مجزوم معطوف على (نولّه) وعلامة الجزم حذف حرف العلة، ومثله نولّه و (الهاء) مفعول به أول، والفاعل نحن للتعظيم (جهنم) مفعول به ثان منصوب. (الواو) استئنافية (ساءت) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ «1» ... و (التاء) للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هي (مصيرا) تمييز للضمير المستتر منصوب «2» .
جملة «من يشاقق ... » لا محل لها معطوفة على جملة من يفعل ذلك في الآية السابقة.
وجملة «يشاقق الرسول» في محل رفع خبر المبتدأ (من) » .
وجملة «تبيّن له الهدى» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «يتّبع ... » في محل رفع معطوفة على جملة يشاقق.
__________
(1) أو متصرف، والفاعل مستتر جوازا تقديره هي، ومصيرا تمييز للجملة.
(2) المصير هو مصدر ميمي أو اسم مكان ويصح أن يميز ضميرا مذكّرا أو مؤنثا ...
والمخصوص بالذم مقدر أي جهنم.
(3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/171)
إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116)
وجملة «نولّه ... » لا محل لها جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «تولّى» لا محل لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «نصله ... » لا محل لها معطوفة على جملة الجواب نولّه.
وجملة «ساءت» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(نولّه) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه نفعّه.
(نصله) فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه نفعه بضم النون وكسر العين، وفيه حذف الهمزة للتخفيف، فماضيه أصلى، وقياس مضارعه أن يكون نؤصلي، جرى فيه الحذف مجرى يتقن.
[سورة النساء (4) : آية 116]
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (116)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يغفر) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أن) حرف مصدري ونصب (يشرك) مضارع مبني للمجهول منصوب، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود إلى الإشراك أو الإله المعبود «1» ، (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (يشرك) .
والمصدر المؤول (أن يشرك ... ) في محل نصب مفعول به عامله يغفر أي لا يغفر الإشراك به.
(الواو) عاطفة (يغفر) مضارع مثل الأول (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (دون) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف صلة
__________
(1) انظر الآية (48) من هذه السورة.(5/172)
إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (117)
ما (ذلك) اسم إشارة مبني في محل جر مضاف إليه ... و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (اللام) حرف جر و (من) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (يغفر) ، (يشاء) مثل يغفر. (الواو) استئنافية (من يشرك) مثل من يفعل «1» ، (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يشرك) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (ضلّ) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ضلالا) مفعول مطلق منصوب (بعيدا) نعت منصوب.
جملة «إنّ الله لا يغفر ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لا يغفر ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «يشرك به» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يغفر ما دون ذلك» في محل رفع معطوفة على جملة لا يغفر ...
وجملة «يشاء» لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «من يشرك ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يشرك بالله» في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «ضلّ ضلالا ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
[سورة النساء (4) : آية 117]
إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (117)
الإعراب:
(إن) حرف نفي (يدعون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع
__________
(1) في الآية (114) من هذه السورة.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/173)
لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا (119)
ثبوت النون ... والواو فاعل (من دون) جار ومجرور متعلق ب (يدعون) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (إلّا) أداة حصر (إناثا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (إن يدعون إلا شيطانا) مثل المتقدمة (مريدا) نعت منصوب ل (شيطانا) .
جملة «يدعون ... الأولى» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يدعون ... الثاني» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
الصرف:
(يدعون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يدعوون، التقى ساكنان فحذفت الواو لام الكلمة وزنه يفعون (البقرة- 221) .
(إناثا) ، جمع أنثى، صفة مشتقة وزنه فعلى بضم الفاء، ووزن إناث فعال بكسر الفاء.
(مريدا) ، صفة مشتقة من مرد يمرد باب نصر، وزنه فعيل.
[سورة النساء (4) : الآيات 118 الى 119]
لَعَنَهُ اللَّهُ وَقالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيباً مَفْرُوضاً (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيْطانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْراناً مُبِيناً (119)
الإعراب:
(لعن) فعل ماض (الهاء) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة «1» ، (قال) مثل لعن، والفاعل هو أي الشيطان (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (أتخذنّ) مضارع مبني على الفتح
__________
(1) أو حالية أو استئنافية ... وجملة قال في محل نصب حال أو لا محل لها استئنافية.(5/174)
في محل رفع ... والنون نون التوكيد الثقيلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (من عباد) جار ومجرور متعلق بفعل (أتخذ) وهو مضمن معنى أجعل «1» ، و (الكاف) ضمير مضاف إليه (نصيبا) مفعول به منصوب (مفروضا) نعت منصوب.
جملة «لعنه الله ... » لا محل لها استئنافية «2» .
وجملة «قال ... » لا محل لها معطوفة على جملة لعنه الله.
وجملة «القسم المحذوفة ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «لأتخذن ... » لا محل لها جواب قسم مقدّر.
(الواو) عاطفة (لأضلّن) مثل لأتخذن (هم) ضمير متصل في محل نصب مفعول به (الواو) عاطفة في الموضعين (لأمنّينّهم، لآمرنهم) مثل لأضلنهم (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (اللام) لام الأمر (يبتكنّ) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون فهو من الأفعال الخمسة ...
والواو المحذوفة لالتقاء الساكنين فاعل، والنون نون التوكيد (آذان) مفعول به منصوب (الأنعام) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لآمرنّهم فليغيرنّ خلق الله) مثل المتقدمة (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يتخذ) مضارع مجزوم فعل الشرط، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين، والفاعل هو (الشيطان) مفعول به منصوب (وليّا) مفعول به ثان منصوب (من دون) جار ومجرور متعلق ب (يتخذ) «3» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (خسر) فعل ماض، والفاعل هو (خسرانا) مفعول مطلق منصوب
__________
(1) أو متعلق بمحذوف حال من (نصيبا) ، أو بمفعول ثان لفعل اتخذ
(2) أو في محل نصب نعت ل (شيطانا) في الآية السابقة (117) . [.....]
(3) أو متعلق بمحذوف نعت ل (وليّا) .(5/175)
يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120)
(مبينا) نعت منصوب.
وجملة «لأضلّنهم ... » لا محل لها معطوفة على جملة أتخذن.
وجملة «لأمنينهم ... » لا محل لها معطوفة على جملة أتخذن.
وجملة «لآمرنهم» لا محل لها معطوفة على جملة أتخذن.
وجملة «يبتّكنّ ... » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي إن أمرتهم بالبتك فليبتّكنّ.
وجملة «لآمرنهم» (الثانية) لا محل لها معطوفة على جملة لآمرنهم الأولى.
وجملة «يغيّرنّ ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي إن أمرتهم بالتغيير فليغيرن.
وجملة «من يتخذ ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «يتخذ الشيطان ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «خسر ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء
الصرف:
(خسرانا) ، مصدر سماعي لفعل خسر يخسر باب فرح، وزنه فعلان بضم الفاء.
[سورة النساء (4) : آية 120]
يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلاَّ غُرُوراً (120)
الإعراب:
(يعد) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به، والمفعول الثاني محذوف تقديره طول العمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الشيطان (الواو) عاطفة (يمنيهم) مثل يعدهم، والمفعول الثاني
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(5/176)
أُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)
محذوف تقديره نيل الآمال (الواو) حالية- أو استئنافية- (ما) نافية (يعدهم) مثل الأول (الشيطان) فاعل مرفوع (إلّا) أداة حصر (غرورا) مفعول به ثان منصوب «1» .
جملة «يعدهم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يمنيهم» لا محل لها معطوفة على جملة يعدهم.
وجملة «ما يعدهم ... » في محل نصب حال أو لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(غرورا) ، مصدر سماعي لفعل غرّه يغرّه باب نصر، وزنه فعول بضم الفاء، وثمة مصادر أخرى وهي: غر وغرة بفتح الغين في المصدرين.
[سورة النساء (4) : آية 121]
أُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَلا يَجِدُونَ عَنْها مَحِيصاً (121)
الإعراب:
(أولئك) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ ...
و (الكاف) حرف خطاب (مأوى) مبتدأ ثان مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (جهنم) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (لا) نافية (يجدون) مضارع مرفوع والواو فاعل (عن) حرف جرّ و (ها) ضمير في محل جر متعلق ب (محيصا) «2» وهو مفعول به منصوب.
جملة «أولئك مأواهم ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «مأواهم جهنم» في محل رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
__________
(1) أو مفعول لأجله أو مفعول مطلق ناب عن المصدر لأنه نوعه أي وعد الغرور أو على حذف مضاف أي وعدا ذا غرور.
(2) هذا إذا قدرنا الفعل متعدّيا لواحد، وأما إذا قدر متعديا لاثنين فالجار والمجرور متعلق بمحذوف مفعول ثان للفعل أي: لا يجدون محيصا مغنيا أو مجزئا عنها.(5/177)
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122)
وجملة «يجدون ... » في محل رفع معطوفة على جملة الخبر.
الصرف:
(محيصا) ، اسم مكان من حاص يحيص، وزنه مفعل، وفي اللفظ إعلال بالتسكين، ثقلت الكسرة على الياء فسكنت، ونقلت الحركة إلى الحاء.
[سورة النساء (4) : آية 122]
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً (122)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (عملوا) مثل آمنوا (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (السين) حرف استقبال (ندخل) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (جنّات) مفعول به ثان- على السعة- منصوب وعلامة النصب الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء (من تحت) جار ومجرور متعلق ب (تجري) «1» ، (ها) ضمير في محل جر مضاف إليه (الأنهار) فاعل مرفوع (خالدين) حال منصوبة من ضمير الغائب في (ندخلهم) ، (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق بخالدين (أبدا) ظرف زمان منصوب متعلق بخالدين. (وعد) مفعول مطلق لفعل محذوف أي وعدهم الله وعدا (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور ... وهذا المصدر مؤكد لمضمون الجملة الاسمية قبله (حقا) مفعول مطلق لفعل حق محذوفا وهذا
__________
(1) أو بمحذوف حال من الأنهار.. وفي الكلام حذف مضاف أي من تحت أشجارها(5/178)
المصدر مؤكد لمضمون الوعد «1» ، (الواو) استئنافية (من) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (أصدق) خبر مرفوع (من الله) جار ومجرور متعلق ب (أصدق) ، (قيلا) تمييز منصوب.
جملة «الذين آمنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عملوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «سندخلهم ... » في محل رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «تجري ... الأنهار» في محل نصب نعت لجنات.
وجملة « (وعد) المقدرة» لا محل لها استئناف بياني.
وجملة « (حق) المقدرة» لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «من أصدق ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(وعد) ، مصدر سماعي لفعل وعد يعد باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
(حقا) ، مصدر سماعي لفعل حق يحق باب ضرب، وزنه فعل بفتح فسكون.
(أصدق) ، اسم تفضيل من صدق، وزنه أفعل.
(قيلا) ، مصدر سماعي لفعل قال يقول، وفيه إعلال بالقلب، أصله قول، جاءت الواو ساكنة مكسور ما قبلها قلبت ياء ... و (قيل) عند ابن السكيت اسم وليس بمصدر.
__________
(1) أجاز في الجمل جعله مصدرا في موضع الحال أي محقوقا ...(5/179)
لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123)
[سورة النساء (4) : آية 123]
لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (123)
الإعراب:
(ليس) فعل ماض ناقص جامد، واسمه محذوف تقديره: الأمر أو المآل «1» ، (بأمانيّ) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس، والتقدير: ليس الأمر متعلقا بأمانيكم «2» ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) زائد لتأكيد النفي (أماني) معطوف على الأول مجرور مثله (أهل) مضاف إليه مجرور (الكتاب) مضاف إليه مجرور (من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (يعمل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (سوءا) مفعول به منصوب (يجز) مضارع مبني للمجهول مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلة ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلّق ب (يجز) ، (الواو) عاطفة (لا) نافية (يجد) مضارع مجزوم على (يجز) والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (له) مثل به متعلق بمحذوف حال من وليّ- نعت تقدّم على المنعوت- (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بحال من (وليّا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (وليّا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (نصيرا) معطوف على (وليّا) منصوب مثله.
جملة: «ليس ... بأمانيكم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «من يعمل ... » لا محل لها تعليلية.
__________
(1) واختار أبو حيان أن يكون الاسم ضميرا يعود على المصدر المفهوم من قوله سندخلهم أي: ليس دخول الجنة بأمانيكم ... وقيل هو ضمير يعود على وعد الله المؤمنين بدخول الجنة.
(2) يمكن جعل الباء حرف جر زائدا، وتأويل الاسم بما يطابق المعنى أي ليس الفوز بالنجاة أماني لكم.(5/180)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)
وجملة «يعمل سوءا ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «يجز به» لا محل لها جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «لا يجد ... » لا محل لها معطوفة على جملة الجواب.
الصرف:
(أمانيّ) ، جمع أمنية، اسم لما يطلب المرء أن يتحقق، فعله منى يمني باب ضرب وزنه أفعيلة بضم الهمزة، ووزن أمانيّ أفاعيل.
(يجز) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفع.
الفوائد
العمل هو المقياس:
كان اليهود والنصارى يقولون: نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ وكانوا يقولون:
لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ.. وكان اليهود ولا يزالون يقولون إنهم شعب الله المختار.
ولعل بعض المسلمين كانت تراود نفوسهم كذلك فكرة أنهم خير أمة أخرجت للناس وأنه الله متجاوز عما يقع منهم بما أنهم المسلمون.
فجاء هذا النص يرد هؤلاء إلى العمل وحده، ويرد الناس كلهم إلى ميزان واحد، هو إسلام الوجه لله، مع الإحسان، واتباع الإسلام ملة إبراهيم من قبل، إبراهيم الذي اتخذه الله خليلا.
[سورة النساء (4) : آية 124]
وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيراً (124)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من يعمل) مرّ إعرابها «2» ، (من
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) في الآية السابقة (123) .(5/181)
الصالحات) جار ومجرور متعلق بنعت لمفعول به محذوف أي: شيئا من الصالحات «1» ، (من ذكر) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل يعمل (أو) حرف عطف (أنثى) معطوف على ذكر مجرور مثله، وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (الواو) حالية (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ (مؤمن) خبر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أولاء) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ و (الكاف) حرف خطاب (يدخلون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الجنة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) نافية (يظلمون) مضارع مبني للمجهول مرفوع ... والواو نائب فاعل (نقيرا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر أي لا يظلمون ظلما قدر نقير.
جملة «من يعمل ... » لا محل لها معطوفة على جملة من يعمل السابقة «2» .
وجملة «يعمل ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة «هو مؤمن» في محل نصب حال.
وجملة «أولئك يدخلون» في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «يدخلون ... » في محل رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة «لا يظلمون ... » في محل رفع معطوفة على جملة يدخلون الجنة.
الصرف:
(نقيرا) ، اسم للحفرة الموجودة في نواة البلح، فهو فعيل بمعنى مفعول (النساء- 55) .
__________
(1) أو متعلق ب (يعمل) ، ومن تبعيضية.
(2) في الآية السابقة (123) .(5/182)
وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125)
[سورة النساء (4) : آية 125]
وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً (125)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (من) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (أحسن) خبر مرفوع (دينا) تمييز منصوب (من) حرف جر (من) اسم موصول مبني في محل جر متعلق بأحسن (أسلم) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (وجه) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لله) جار ومجرور متعلق ب (أسلم) ، (الواو) حالية (هو محسن) مثل هو مؤمن «1» ، (الواو) عاطفة (اتبع) مثل أسلم، (ملة) مفعول به منصوب (إبراهيم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة (حنيفا) حال منصوبة من إبراهيم «2» ، (الواو) استئنافية (اتخذ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إبراهيم) مفعول به أول منصوب (خليلا) مفعول به ثان منصوب.
جملة «من أحسن ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «أسلم ... » لا محل لها صلة الموصول (من) .
وجملة «هو محسن» في محل نصب حال.
وجملة «اتبع ... » لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «اتخذ الله ... » لا محل لها استئنافية.
البلاغة
«وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا» مجاز عن اصطفائه واختصاصه بكرامة تشبه كرامة
__________
(1) في الآية (124) السابقة.
(2) أو من فاعل اتبع. [.....](5/183)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا (126)
الخليل عند خليله. وهي جملة اعتراضية فائدتها تأكيد وجوب اتباع ملته، لأن من بلغ من الزلفى عند الله أن اتّخذ خليلا، كان جديرا بأن تتبع ملته وطريقته.
الفوائد
1- ممّن المشددة:
قوله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أصلها «من من» أدغمت النون بالميم فكتبت ميما مشدّدة.
2- قوله تعالى: أَسْلَمَ وَجْهَهُ فيه لفتة لطيفة ودقيقة. حيث خصّ الوجه بالإسلام لله عز وجل لما يشتمل عليه من السمع والبصر والعقل وبقية الحواس، فهو بمثابة المقود للإنسان فإذا أسلم هذا العضو فبقية الأعضاء تبع له ومنقادة لأوامره ونواهيه وهذا من أسرار البلاغة والبيان والدقة المتناهية في التعبير القرآني الكريم.
[سورة النساء (4) : آية 126]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطاً (126)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لله) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم (ما) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ مؤخر (في السموات) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما (الواو) عاطفة (ما) مثل الأول ومعطوف عليه، (في الأرض) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما الثاني (الواو) عاطفة (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (بكل) جار ومجرور متعلق ب (محيطا) ، (شيء) مضاف إليه مجرور (محيطا) خبر كان منصوب.(5/184)
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا (127)
جملة «لله ما في السموات» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية السابقة «1» .
وجملة «كان الله ... محيطا» لا محل لها معطوفة على جملة لله ما في السموات.
[سورة النساء (4) : آية 127]
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتامى بِالْقِسْطِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيماً (127)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (يستفتون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (في النساء) جار ومجرور متعلق ب (يستفتونك) على حذف مضاف أي في شأن النساء (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يفتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء و (كم) ضمير في محل نصب مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في) حرف جر و (هنّ) ضمير في محل جر متعلق ب (يفتيكم) (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محل رفع معطوف على لفظ الجلالة «2» ، (يتلى) مضارع مبني للمجهول مرفوع، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يتلى) ، (في الكتاب) جار
__________
(1) في الآية (125) .
(2) أو في محل جر معطوف على الضمير المجرور في قوله (فيهنّ) ، أي فيهن وفي ما يتلى عليكم ... وهذا قول الكوفيين الذين يجيزون العطف على المجرور من غير إعادة الجار.(5/185)
ومجرور متعلق ب (يتلى) «1» ، (في يتامى) جار ومجرور متعلق بما تعلق به الجار (في الكتاب) أو بدل منه بإعادة الجار، وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (النساء) مضاف إليه مجرور (اللاتي) اسم موصول في محل جر نعت لليتامى (لا) نافية (تؤتون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به أول (ما) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به ثان (كتب) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (لهن) مثل فيهن متعلق ب (كتب) ، (الواو) عاطفة أو حالية (ترغبون) مثل يستفتون (أن) حرف مصدري ونصب (تنكحوا) مضارع منصوب ... والواو فاعل و (هنّ) ضمير مفعول به.
والمصدر المؤوّل (أن تنكحوهنّ) في محل جر بحرف جر محذوف، ويقدّر بوجهين: إما عن، أي ترغبون عن نكاحهن، وحينئذ تكون جملة ترغبون معطوفة على جملة الصلة لا تؤتونهنّ ... أو في، أي: «ترغبون في نكاحهن» وحينئذ تكون جملة ترغبون حالية أي: لا تؤتونهن وأنتم ترغبون في نكاحهن.
(الواو) عاطفة (المستضعفين) معطوف على (يتامى النساء) مجرور مثله (من الولدان) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من المستضعفين (الواو) عاطفة (أن تقوموا) مثل أن تنكحوا ...
والمصدر المؤوّل (أن تقوموا) في محل جر معطوف على (يتامى النساء) أي وفي أن تقوموا لليتامى.
(لليتامى) جار ومجرور متعلق ب (تقوموا) ، (بالقسط) جار ومجرور متعلق ب (تقوموا) ، (الواو) استئنافية (ما) اسم شرط جازم مبني في محل
__________
(1) أو بمحذوف حال من الضمير في (يتلى) .(5/186)
نصب مفعول به مقدم (تفعلوا) مضارع مجزوم فعل الشرط ... والواو فاعل (من خير) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من الضمير المحذوف أي: ما تفعلوه من خير. (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الله (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (عليما) وهو خبر كان منصوب.
جملة «يستفتونك ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «قل ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «الله يفتيكم» في محل نصب مقول القول.
وجملة «يفتيكم فيهن» في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «يتلى عليكم ... » لا محل لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «لا تؤتونهن ... » لا محل لها صلة الموصول (اللاتي) .
وجملة «كتب لهن» لا محل لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «تنكحوهن» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الأول.
وجملة «تقوموا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة «ترغبون» لا محل لها معطوفة على جملة لا تؤتونهن.
وجملة «تفعلوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «إنّ الله ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كان به عليما» في محل رفع خبر (إنّ) .(5/187)
الصرف:
(يتلى) ، فيه إعلال بالقلب، أصله يتلو بضم الياء وفتح اللام، ماضيه المعلوم تلا ومضارعه يتلو فلما بني للمجهول فتح ما قبل الآخر فقلبت الواو ألفا لمجيئها متحركة بعد فتح.
البلاغة
في هذه الآية الكلام الموجه: وهو الذي يحتمل معنين متضادين، وذلك في قوله وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ، فهن إما جميلات أو دميمات حسب تقدير حرف الجر المحذوف: في أو عن
الفوائد
1- حكم في اليتيمة والولدان:
قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية: كان الرجل في الجاهلية تكون عنده اليتيمة قد ولي أمرها، فيلقي عليها ثوبه، فلم يقدر أحد أن يتزوجها بعد ذلك أبدا، فإن كانت جميلة وهويها تزوجها، وأكل مالها، وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت فإذا ماتت ورثها.
فحرم الله ذلك ونهى عنه.
وقال في قوله وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ كانوا في الجاهلية لا يورّثون الصغار ولا البنات، وذلك قوله: لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ ... فنهى الله عن ذلك وبين لكل ذي سهم سهمه فقال: للذكر مثل حظ الأنثيين صغيرا أو كبيرا.
2- قوله تعالى: قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ ورد في إعراب (ما) في الآية عدة وجوه:
1- في محل جر معطوفة على الهاء في قوله فيهن.
2- مفعول به لفعل محذوف تقديره ونبين لكم ما يتلى عليكم.
3- في موضع الرفع وهو أقوى الوجوه وفيه ثلاثة أوجه:(5/188)
وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (128)
(1) معطوفة على ضمير الفاعل في يفتيكم.
(2) والثاني معطوف على لفظ الجلالة في قوله: قُلِ اللَّهُ.
(3) مبتدأ، والخبر محذوف تقديره: وما يتلى عليكم في الكتاب يبيّن لكم.
3- قوله تعالى (فِي يَتامَى النِّساءِ) في هنا بمعنى الباء أي بسبب اليتامى كما تقول جئتك في يوم الجمعة في أمر زيد أي بأمر زيد.
[سورة النساء (4) : آية 128]
وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (امرأة) فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده أي: خافت (خافت) فعل ماض مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط ... و (التاء) للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر جوازا تقديره هي (من بعل) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من (نشوزا) - نعت تقدم على المنعوت- و (ها) ضمير مضاف إليه (نشوزا) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (إعراضا) معطوف على (نشوزا) منصوب مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) نافية للجنس (جناح) اسم لا مبني على الفتح في محل نصب (على) حرف جر و (هما) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر لا (أن) حرف مصدري ونصب (يصلحا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... و (الألف) ضمير فاعل (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (يصلحا) ، و (هما) ضمير مضاف إليه، (صلحا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر فهو اسم مصدر.
والمصدر المؤول (أن يصلحا) في محل جر بحرف جر محذوف(5/189)
تقديره في أن يصلحا ... متعلق بالخبر المحذوف أو بلفظ جناح لأنه مصدر.
(الواو) اعتراضية (الصلح) مبتدأ مرفوع (خير) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (أحضرت) فعل ماض مبني للمجهول و (التاء) للتأنيث (الأنفس) نائب فاعل مرفوع (الشح) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (إن) مثل الأول (تحسنوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ...
والواو فاعل (الواو) عاطفة (تتقوا) مضارع مجزوم معطوف على فعل تحسنوا ... والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ الله كان) مرّ إعرابها «1» ، (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدري «2» ، (تعلمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (ما تعملون ... ) في محل جر بالباء متعلق ب (خبيرا) .
(خبيرا) خبر كان منصوب.
جملة «إن (خافت) امرأة المقدرة» لا محل لها استئنافية.
وجملة «خافت (المذكورة) » لا محل لها تفسيرية.
وجملة «لا جناح عليهما» في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «يصلحا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «الصلح خير» لا محل لها اعتراضية.
وجملة «أحضرت الأنفس ... » لا محل لها معطوفة على الاعتراضية.
__________
(1) في الاية السابقة (127) .
(2) أو اسم موصول في محل جر والجملة بعده لا محل لها صلة الموصول.(5/190)
وجملة «تحسنوا» لا محل لها معطوفة على الاستئنافية إن امرأة.
وجملة «تتقوا» لا محل لها معطوفة على جملة تحسنوا.
وجملة «إن الله ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كان ... خبيرا» في محل رفع خبر (إنّ) .
وجملة «تعملون» لا محل لها صلة الموصول الحرفي أو الاسمي.
الصرف:
(نشوزا) ، مصدر سماعي لفعل نشز ينشز باب نصر وباب ضرب وزنه فعول بضم الفاء (النساء- 34) .
(إعراضا) ، مصدر قياسي لفعل أعرض الرباعي، وزنه إفعال.
(صلحا) ، اسم مصدر لفعل أصلح الرباعي، وزنه فعل بضم فسكون.
(الشح) ، مصدر سماعي لفعل شحّ يشحّ من الباب الأول والثاني والثالث، وزنه فعل بضم فسكون.
الفوائد
قوله تعالى وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ إن شرطية وامرأة فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور والتقدير وإن خافت امرأة خافت ولا يجوز إعراب امرأة مبتدأ خلافا للكوفيين لأن إن الشرطية ومعظم أدوات الشرط تختص بالدخول على الأفعال ومثلها في الحكم إذا ومثاله: إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ فنعرب السماء فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور والفعل المحذوف مع الفاعل. السماء جملة في محل جر بالإضافة وجملة انشقت تفسيرية لا محل لها من الإعراب. وكذلك في الآية جملة خافت امرأة المقدرة فعل الشرط لا محل لها من الإعراب وجملة خافت الثانية تفسيرية لا محل لها من الإعراب.(5/191)
وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129)
[سورة النساء (4) : آية 129]
وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (129)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لن) حرف نفي ونصب (تستطيعوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل (أن) حرف مصدري ونصب (تعدلوا) مثل تستطيعوا (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (تعدلوا) ، (النساء) مضاف إليه مجرور (الواو) حالية (لو) حرف شرط غير جازم (حرصتم) فعل ماض مبني على السكون ... (وتم) ضمير فاعل.
والمصدر المؤول (أن تعدلوا) في محل نصب مفعول به أي لن تستطيعوا العدل بين النساء.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تميلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (كل) مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه أضيف إلى المصدر (الميل) مضاف إليه مجرور (الفاء) فاء السببية «1» ، (تذروا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء ... والواو فاعل و (ها) ضمير مفعول به (كالمعلّقة) جار ومجرور متعلق بحال من ضمير النصب في (تذروها) .
والمصدر المؤوّل (أن تذروها) معطوف على مصدر متصيد من الكلام السابق، والتقدير: لا يكن منكم ميل عنها فترك لها.
(الواو) عاطفة (إن تصلحوا ... رحيما) مرّ إعراب نظيرها «2» .
__________
(1) يجوز أن تكون الفاء عاطفة، والفعل بعدها مجزوم معطوف على (تميلوا) المنهي عنه.
(2) في الآية السابقة (128) .(5/192)
جملة «لن تستطيعوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «تعدلوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «لو حرصتم» في محل نصب حال من فاعل تستطيعوا ...
وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي: لو حرصتم على العدل فلن تستطيعوا ذلك.
وجملة «لا تميلوا ... » في محل جزم جواب شرط مقدر أي:
إن وقع منكم التفريط في شيء من المساواة فلا تميلوا أو تجوروا.
وجملة «تذروها ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) المقدّر «1» .
وجملة «إنّ تصلحوا ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «تتّقوا» لا محل لها معطوفة على جملة تصلحوا.
وجملة «إنّ الله ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «كان غفورا ... » في محل رفع خبر (إنّ) .
الصرف:
(المعلّقة) ، اسم مفعول مؤنث، مذكره المعلّق من فعل علق الرباعي، وزنه مفعلة بضم الميم وفتح اللام.
الفوائد
إنما العدل في المعاملة:
إن الله الذي فطر النفس الإنسانية، يعلم من فطرتها أنها ذات ميول لا تملكها.
من هذه الميول أن يميل القلب إلى إحدى الزوجات ويؤثرها على الأخريات وهذا ميل لا حيلة له فيه، والقرآن يصارح الناس بأنهم لن يستطيعوا أن يعدلوا بين
__________
(1) أو معطوفة على جملة لا تميلوا.(5/193)
وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)
النساء بميلهم القلبي، فالحب خارج عن الإرادة.
ولكن هنالك ما هو داخل في الإرادة: العدل في المعاملة، العدل في القسمة، العدل في النفقة، العدل في الحقوق الزوجية كلها.
- قوله تعالى (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ) كلّ: نائب مفعول مطلق منصوب، وهي اسم يعرب حسب موقعه من الجملة، فقد يكون فاعلا أو مفعولا به أو مبتدأ، وقد يعرب ظرفا إذا أضيف للظرف كقوله تعالى تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها كما أنها تعرب توكيدا وفي هذه الحال يجب أن تسبق بمؤكّد وأن تشتمل على ضمير يعود على المؤكّد كقوله تعالى: فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ
[سورة النساء (4) : آية 130]
وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً (130)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (يتفرقا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... و (الألف) فاعل (يغن) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلة (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (كلّا) مفعول به منصوب (من سعة) جار ومجرور متعلق ب (يغني) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) استئنافية (كان الله واسعا) سبق إعراب نظيرها «1» ، (حكيما) خبر ثان منصوب.
جملة «يتفرقا» لا محل لها معطوفة على جملة تصلحوا «2» .
وجملة «يغن الله» لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله واسعا ... » لا محل لها استئنافية.
__________
(1) في الآية (129) من هذه السورة.
(2) في الآية (129) ... أو معطوفة على جملة إن امرأة خافت، في الآية (128) وما بينهما اعتراض على رأي أبي حيان.(5/194)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا (131)
الصرف:
(يغن) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم وزنه يفع بضم الياء.
[سورة النساء (4) : آية 131]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً (131)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (لله) جار ومجرور متعلق بخبر مقدم (ما) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ مؤخر (في السموات) جار ومجرور متعلق بمحذوف صلة ما (الواو) عاطفة (ما في الأرض) مثل المتقدمة ومعطوفة عليها (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (وصينا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) ضمير فاعل (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب مفعول به (أوتوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضم ... والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (من قبل) جار ومجرور متعلق ب (أوتوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (إياكم) ضمير منفصل مبني في محل نصب معطوف على الاسم الموصول ... و (كم) حرف خطاب (أن) حرف تفسير «1» ، (اتقوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) استئنافية أو عاطفة (إن تكفروا) مثل إن تحسنوا»
، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبه بالفعل (لله) مثل الأول متعلق بخبر إنّ (ما) مثل الأول اسم إنّ في محل نصب (في السموات وما في الأرض) مثل الأولى (الواو) استئنافية (كان الله غنيا) مثل كان الله
__________
(1) أو حرف مصدري ونصب، والمصدر المؤول في محل جر بحرف جر محذوف هو الباء.
(2) في الآية (128) من هذه السورة.(5/195)
واسعا «1» ، (حميدا) خبر ثان منصوب.
جملة «لله ما في السموات ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «وصّينا ... » لا محل لها جواب قسم مقدّر، وجملة القسم لا محل لها استئنافية.
وجملة «أوتوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «اتقوا ... » لا محل لها تفسيرية «2» .
وجملة «تكفروا» لا محل لها استئنافية- أو معطوفة على التفسيرية.
وجملة «إنّ لله ما في السموات» في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله غنيا ... » لا محل لها استئنافية.
الفوائد
قوله تعالى أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ أن إما أن تكون مصدرية وهي والفعل مؤولة بمصدر مجرور بالباء والتقدير وصيناكم بتقوى الله وإما أن تكون تفسيرية بمعنى أي والجملة بعدها تعرب جملة تفسيرية لا محل لها من الإعراب وسنوضح فيما يلي شيئا عن (أن) التفسيرية: من شروطها:
1- أن تسبق بجملة وتتلى بجملة كقوله تعالى: فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا.
2- أن تكون الجملة السابقة متضمنة معنى القول مثل أوحيت- أشرت، أو أومأت، ومثاله: «وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا» والانطلاق هنا انطلاق اللسان.
__________
(1) في الآية (130) من هذه السورة.
(2) أو لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) . [.....](5/196)
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (132)
3- ألا يدخل عليها جار فلو قلت: «كتبت إليه بأن احضر» كانت مصدرية.
فائدة: ورد في مغني اللبيب حول هذا الموضوع ما يلي إذا ولي أن الصالحة للتفسير فعل مضارع مسبوق ب «لا» نحو «أشرت إليه أن لا تفعل» جاز رفعه على تقدير «لا» نافية وجزمه على تقديرها «ناهية» وعلى التقديرين تبقى «أن» مفسرة. فإذا حذفت «لا» امتنع الجزم وجاز الرفع إن اعتبرنا أن مفسرة والنصب إن اعتبرناها مصدرية.
[سورة النساء (4) : آية 132]
وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (132)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لله ما في السموات ... والأرض) مر إعرابها «1» ، (الواو) استئنافية (كفى) فعل ماض مبني على الفتح المقدر على الألف (الباء) حرف جر زائد (الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل كفى (وكيلا) تمييز منصوب أو حال.
جملة «لله ما في السموات» لا محل لها معطوفة على جملة لله ما في السموات في الآية السابقة.
وجملة «كفى بالله وكيلا» لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : آية 133]
إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (133)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (يشأ) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (يذهب) مضارع مجزوم جواب الشرط و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو
__________
(1) في الآية السابقة (131) .(5/197)
مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)
(أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه (الناس) بدل من أي تبعه بالرفع لفظا (الواو) عاطفة (يأت) مضارع مجزوم معطوف على جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلة، والفاعل هو (بآخرين) جار ومجرور متعلق ب (يأت) ، وعلامة الجر الياء (الواو) استئنافية (كان الله قديرا) مثل كان الله واسعا «1» ، (على) حرف جر (ذا) اسم مبني على السكون في محل جر متعلق ب (قديرا) .
جملة «يشأ» لا محل لها استئنافية.
وجملة «يذهبكم» لا محل لها جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة النداء «أيها الناس» لا محل لها اعتراضية.
وجملة «يأت ... » لا محل لها معطوفة على جملة الجواب.
وجملة «كان الله ... قديرا» لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(يأت) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يفع (البقرة- 106) .
[سورة النساء (4) : آية 134]
مَنْ كانَ يُرِيدُ ثَوابَ الدُّنْيا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوابُ الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً (134)
الإعراب:
(من) اسم شرط جازم مبني في محل رفع مبتدأ (كان) فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ثواب) مفعول به منصوب (الدنيا) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (الفاء) رابطة لجواب الشرط (عند) ظرف
__________
(1) في الآية (130) من هذه السورة.(5/198)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا (135)
مكان منصوب متعلق بخبر مقدم (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (ثواب) مبتدأ مؤخر مرفوع (الدنيا) مثل الأول (الواو) عاطفة (الآخرة) معطوف على الدنيا مجرور مثله (الواو) استئنافية (كان الله سميعا) مثل كان الله واسعا «1» ، (بصيرا) خبر ثان منصوب.
جملة «من كان ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «كان يريد ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «عند الله ثواب ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كان الله سميعا ... » لا محل لها استئنافية.
[سورة النساء (4) : آية 135]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (135)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محل نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (كونوا) فعل أمر ناقص مبني على حذف النون ... والواو ضمير اسم كونوا (قوّامين) خبر منصوب وعلامة النصب الياء (بالقسط) جار ومجرور متعلق بقوامين (شهداء) خبر الفعل الناقص
__________
(1) في الآية السابقة (130) .
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا(5/199)
الثاني منصوب «1» ممنوع من التنوين ملحق بالأسماء المنتهية بالألف الممدودة (لله) جار ومجرور متعلق بشهداء (الواو) عاطفة (لو) شرط غير جازم (على أنفس) جار ومجرور متعلق بخبر كان المحذوفة هي واسمها بعد لو، والتقدير: ولو كانت الشهادة مستقرة على أنفسكم «2» ، و (كم) ضمير مضاف إليه (أو) حرف عطف (الوالدين) معطوف على أنفس بتقدير الجار على، وعلامة الجر الياء (الواو) عاطفة (الأقربين) معطوف على الوالدين مجرور مثله وعلامة الجر الياء (إن) حرف شرط جازم (يكن) مضارع مجزوم فعل الشرط- ناقص- واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي كل واحد من المشهود عليه أو المشهود له (غنيا) خبر يكن منصوب (أو) حرف عطف «3» ، (فقيرا) معطوف على (غنيا) منصوب مثله (الفاء) تعليلية- أو رابطة لجواب الشرط- (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أولى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف (الباء) حرف جر و (هما) ضمير في محل جر متعلق بأولى (الفاء) استئنافية (لا) ناهية جازمة (تتبعوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الهوى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدرة على الألف (أن) حرف مصدري ونصب (تعدلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن تعدلوا) في محل جر بحرف جر محذوف هو لام التعليل أي لأن تعدلوا ... متعلق ب (تتبعوا) ... وهو علة للمنهي عنه وهو الهوى أي لا تتبعوا الهوى من أجل العدل.
__________
(1) يجوز أن يكون حالا من ضمير قوّامين.
(2) يجوز تعليقه بفعل محذوف تقديره شهدتم على أنفسكم.
(3) وهو هنا للتفصيل ذلك أن كل واحد من المشهود له والمشهود عليه يجوز أن يكون فقيرا أو غنيا أو يكونا غنيين أو فقيرين ... إلخ، فالضمير في (بهما) عائد على المشهود عليه والمشهود له على أي وصف كانا عليه. أهـ ملخصا عن العكبري.(5/200)
(الواو) استئنافية (إن) مثل الأول (تلووا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (أو) حرف عطف (تعرضوا) مثل تلووا ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إن) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) فعل ماض ناقص واسمه ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جر (ما) حرف مصدري «1» ، (تعملون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (خبيرا) خبر كان منصوب.
والمصدر المؤول (ما تعملون) في محل جر بالباء متعلق ب (خبيرا) .
جملة النداء «يأيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كونوا ... » لا محل لها جواب النداء.
وجملة « (كانت الشهادة) على أنفسكم» لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء ... وجواب الشرط محذوف أي: لوجبت عليكم الشهادة «2» .
وجملة «يكن غنيا ... » لا محل لها استئنافية ... وجواب الشرط محذوف تقديره فلا تمتنعوا من الشهادة طلبا لرضا الغني أو ترحما على الفقير.
وجملة «الله أولى بهما» لا محل لها تعليليّة ذكرت لبيان جملة الجواب وتعليلها «3» ، والتقدير: فلا تكتموا الشهادة رأفة بهما لأن الله أولى وأرحم.
__________
(1) أو اسم موصول في محل جر بالباء متعلق ب (خبيرا) .
(2) اختار أبو حيان تقدير الجواب كما يلي: إن كنتم شهداء على أنفسكم فكونوا شهداء لله.
(3) يجوز جعل الجملة جوابا للشرط من غير تقدير اختصارا على رأي ابن هشام، وهي اعتراضية على رأي ابن مالك.(5/201)
وجملة «لا تتبعوا الهوى» لا محل لها استئنافية.
وجملة «تعدلوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «تلووا» لا محل لها استئنافية.
وجملة «تعرضوا» لا محل لها معطوفة على جملة تلووا.
وجملة «إنّ الله كان ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كان ... خبيرا» في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «تعملون» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (ما) «1» .
الصرف:
(الهوى) مصدر سماعي للفعل هوي يهوى باب فرح فالألف منقلبة عن ياء وفيه إعلال بالقلب.
الفوائد
حذف كان واسمها:
- قوله تعالى: وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ تقدير الكلام ولو كانت الشهادة على أنفسكم. وقد ورد حذف كان مع اسمها في موضعين:
1- بعد إن الشرطية كقول الشاعر للنعمان بن المنذر:
قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا ... فما انتفاعك من قول إذا قيلا
والتقدير: وإن كان القول كذبا أو إن كان القول صدقا.
2- بعد لو الشرطية ومثال ذلك قول الشاعر:
لا يأمن الدهر ذو بغي ولو ملكا ... جنوده ضاق عنها السهل والجبل
والتقدير ولو كان الباغي ملكا.
__________
(1) أو صلة الموصول الاسمي.(5/202)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (136)
[سورة النساء (4) : آية 136]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلى رَسُولِهِ وَالْكِتابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيداً (136)
الإعراب:
(يا أيها الذين آمنوا) مر إعرابها «1» ، (آمنوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (بالله) جار ومجرور متعلق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة (رسول) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (الكتاب) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (الذي) اسم موصول مبني في محل جر نعت للكتاب (نزل) فعل ماض ... والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على رسول) جار ومجرور متعلق ب (نزّل) و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (الكتاب) مثل الأول (الذي أنزل) مثل الذي نزّل (من) حرف جر (قبل) اسم مبني على الضم في محل جر بحرف الجر متعلق ب (أنزل) ، (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني على السكون في محل رفع مبتدأ (يكفر) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يكفر) ، (الواو) عاطفة في المواضع الأربعة (ملائكته، كتب، رسل، اليوم) ألفاظ معطوفة على لفظ الجلالة مجرور مثله، والضمائر فيها مضاف إليه (الآخر) نعت لليوم مجرور مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (ضلّ) فعل ماض،
__________
(1) في الآية السابقة (135) .(5/203)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا (137)
والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ضلالا) مفعول مطلق منصوب (بعيدا) نعت منصوب.
جملة «يا أيّها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «آمنوا (الطلبية) » لا محل لها جواب النداء.
وجملة «نزّل ... » لا محل لها صلة الموصول (الذي) الأول.
وجملة «أنزل ... » لا محل لها صلة الموصول (الذي) الثاني.
وجملة «من يكفر ... » لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «يكفر بالله ... » في محل رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة «ضلّ ضلالا ... » في محل جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
[سورة النساء (4) : آية 137]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً (137)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب اسم إنّ (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (ثم) حرف عطف في المواضع الأربعة (كفروا، آمنوا، كفروا، ازدادوا) مثل آمنوا (كفرا) تمييز منصوب (لم) حرف نفي وقلب وجزم (يكن)(5/204)
مضارع ناقص مجزوم، وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة اسم يكن مرفوع (اللام) لام الجحود (يغفر) مضارع منصوب بأن مضمرة وجوبا بعد لام الجحود، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق ب (يغفر) .
والمصدر المؤوّل (أن يغفر) في محل جر باللام متعلق بمحذوف خبر يكن.
(الواو) عاطفة (لا) نافية (ليهدي) مثل ليغفر، و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله.
والمصدر المؤول (أن يهديهم) في محل جر باللام معطوف على المصدر المؤول الأول.
(سبيلا) مفعول به منصوب.
جملة «إنّ الذين آمنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كفروا» لا محل لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة «آمنوا (الثانية) » لا محل لها معطوفة على جملة كفروا.
وجملة «كفروا (الثانية) » لا محل لها معطوفة على جملة آمنوا (الثانية) .
وجملة «ازدادوا ... » لا محل لها معطوفة على جملة كفروا الثانية.
وجملة «لم يكن الله ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «يغفر لهم» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) المقدّر.(5/205)
بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (138)
وجملة «يهديهم ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
الفوائد
- لام الجحود- قوله تعالى لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ليغفر: اللام لام الجحود ويغفر منصوب بأن المضمرة بعدها. فهذه اللام تسمى لام الجحود وينتصب المضارع بعدها بأن المضمرة كلام التعليل أو بالأحرى فإن لام التعليل المسبوقة بكون منفي تسمى لام الجحود.
[سورة النساء (4) : آية 138]
بَشِّرِ الْمُنافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (138)
الإعراب:
(بشّر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (المنافقين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (الباء) حرف جر (أنّ) حرف مشبه بالفعل (اللام) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بخبر انّ (عذابا) اسم أنّ منصوب (أليما) نعت منصوب.
والمصدر المؤول (أنّ لهم عذابا ... ) في محل جر بالباء متعلق ب (بشّر) .
جملة «بشّر ... » لا محل لها استئنافية.
البلاغة
التهكم: في قوله تعالى بَشِّرِ وضع «بشّر» موضع أنذر تهكما بهم.(5/206)
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا (139)
[سورة النساء (4) : آية 139]
الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً (139)
الإعراب:
(الذين) اسم موصول مبني في محل نصب نعت للمنافقين في الآية السابقة «1» ، (يتخذون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الكافرين) مفعول به أول منصوب وعلامة النصب الياء (أولياء) مفعول به ثان منصوب وهو ممنوع من التنوين وزنه أفعلاء (من دون) جار ومجرور متعلق بأولياء «2» ، (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (الهمزة) للاستفهام الإنكاري (يبتغون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (عند) ظرف مكان منصوب متعلق ب (يبتغون) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (العزّة) مفعول به منصوب (الفاء) تعليلية، أفادت التعليل عن جواب الاستفهام «3» ، (إن العزة لله) حرف مشبه بالفعل واسمه المنصوب وخبره (جميعا) حال منصوبة مؤكدة لمضمون الجملة.
جملة «يتخذون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يبتغون ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «إنّ العزة لله ... » لا محل لها استئنافية تعليلية.
__________
(1) أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم ... والجملة الاسمية لا محل لها استئناف بياني
. (2) أو بمحذوف حال من فاعل يتخذ أي: يتخذون الكافرين أولياء متجاوزين في اتخاذهم اتخاذ المؤمنين (الجمل) . [.....]
(3) وتقدير الجواب ... إنّ ابتغاء العزة عندهم باطل، فان العزة لله.(5/207)
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)
[سورة النساء (4) : آية 140]
وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً (140)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (قد) حرف تحقيق (نزل) فعل ماض والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جرّ متعلق ب (نزّل) ، (في الكتاب) جار ومجرور متعلق ب (نزّل) ، (أن) مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن محذوف (إذا) ظرف للزمن المستقبل في محل نصب متعلق بمضمون الجواب (سمعتم) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (يكفر) مضارع مبني للمجهول مرفوع (بها) في محلّ رفع نائب فاعل (الواو) عاطفة (يستهزأ) مثل يكفر ونائب الفاعل (بها) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لا) ناهية جازمة (تقعدوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (تقعدوا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (حتى) حرف غاية وجر (يخوضوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتى وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أن يخوضوا) في محل جر ب (حتى) متعلق ب (تقعدوا) .
(في حديث) جار ومجرور متعلق ب (يخوضوا) ، (غير) نعت لحديث مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه.(5/208)
والمصدر المؤول (أن إذا سمعتم) في محل نصب مفعول به ل (نزل) .
(إنّ) حرف مشبه بالفعل و (كم) ضمير في محل نصب اسم إنّ (إذا) حرف جواب لا عمل له (مثل) خبر إنّ مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (إنّ) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (جامع) خبر مرفوع (المنافقين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (الواو) عاطفة (الكافرين) معطوف على المنافقين مجرور مثله (في جهنم) جار ومجرور متعلق بجامع، وعلامة الجر الفتحة لأنه ممنوع من الصرف (جميعا) حال منصوب من المنافقين والكافرين عامله (جامع) «1» .
جملة «قد نزّل عليكم» لا محل لها استئنافية.
وجملة «الشرط وفعله وجوابه» في محل رفع خبر أن.
وجملة «سمعتم ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «يكفر بها» في محل نصب حال من آيات الله.
وجملة «يستهزأ بها» في محل نصب معطوفة على جملة الحال.
وجملة «لا تقعدوا» لا محل لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يخوضوا» لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) المقدرة.
وجملة «إنّكم ... مثلهم» لا محل لها تعليلية استئنافية مقررة لمضمون الجواب المفهوم من سياق الكلام باستعمال (إذن) أي: إنكم إن قعدتم معهم مثلهم.
__________
(1) الذي سوغ مجيء الحال من المضاف إليه أن المضاف هو العامل في الحال.(5/209)
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)
وجملة «إن الله جامع ... » لا محل لها استئنافية.
الصرف:
(جامع) ، اسم فاعل من جمع الثلاثي وزنه فاعل.
البلاغة
1- «وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ» خطاب للمنافقين بطريق الالتفات مفيد لتشديد التوبيخ الذي يستدعيه تعديد جناياتهم.
2- التشبيه: في قوله «إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ» والمثلية بين الكافرين والمنافقين تظهر في الآية بين القاعدين والمقعود معهم، فإن الذين يشايعون الكفرة ويوالونهم ويمدون أيدي الاستخزاء والذل إليهم مع قدرتهم على الصمود والتحدي هم مثل الكفرة.
الفوائد
1- قوله تعالى إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إذن: حرف جواب وجزاء وهنا مهمل لا عمل له لوقوعه بين اسم إن وخبرها وقد تقدم الكلام عنه بالتفصيل في نفس السورة الآية (53) .
2- قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً جميعا حال منصوب وهي إن جاءت منصوبة ومنونة فهي حال مثل جاء المدعوون جميعا.
أما إذا اتصلت بضمير يعود على الاسم قبلها فهي توكيد مثل: جاء المدعوون جميعهم.
[سورة النساء (4) : آية 141]
الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كانَ لِلْكافِرِينَ نَصِيبٌ قالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً (141)(5/210)
الإعراب:
(الذين) اسم موصول مبني في محل جر نعت للمنافقين في الآية السابقة «1» ، (يتربصون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الباء) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق ب (يتربصون) ، (الفاء) استئنافية (إن) حرف شرط جازم (كان) فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محل جزم فعل الشرط (لكم) مثل بكم متعلق بخبر كان مقدم (فتح) اسم كان مؤخر مرفوع (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لفتح (قالوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الهمزة) للاستفهام (لم) حرف نفي وقلب وجزم (نكن) مضارع ناقص مجزوم، واسمه ضمير مستتر تقديره نحن (معكم) ظرف مكان منصوب متعلق بخبر نكن ... و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (إن كان ... نستحوذ) مثل نظيرتها المتقدمة (عليكم) مثل بكم متعلق ب (نستحوذ) ، (الواو) عاطفة (نمنع) مضارع مجزوم معطوف على نستحوذ و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل نحن (من المؤمنين) جار ومجرور متعلق ب (نمنعكم) ، وعلامة الجر الياء (الفاء) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحكم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بين) ظرف مكان منصوب متعلق ب (يحكم) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (يحكم) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لن) حرف نفي ونصب واستقبال (يجعل) مضارع منصوب (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (للكافرين) جار ومجرور متعلق ب (يجعل) ، وعلامة الجر الياء (على المؤمنين) جار ومجرور متعلق بحال من (سبيلا) «2» وهو مفعول به منصوب.
__________
(1) أو هو بدل منه ... أو بدل من الموصول السابق في قوله: الذين يتخذون الكافرين ... لأن الخطاب مع المؤمنين.
(2) أو متعلق ب (يجعل) .(5/211)
جملة «يتربصون ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كان لكم فتح» لا محل لها استئنافية.
وجملة «قالوا» لا محل لها جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «لم نكن معكم» في محل نصب مقول القول.
وجملة «كان للكافرين نصيب» لا محل لها معطوفة على جملة كان لكم فتح.
وجملة «قالوا (الثانية) » لا محلّ لها جواب الشرط الجازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة «لم نستحوذ ... » في محل نصب مقول القول.
وجملة «نمنعكم» في محل نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «الله يحكم ... » لا محل لها استئنافية «1» .
وجملة «يحكم بينكم» في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «لن يجعل الله ... » لا محل لها معطوفة على جملة الله يحكم.
الصرف:
(فتح) ، مصدر سماعي لفعل فتح يفتح الباب الثالث، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
1- «الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ» تلوين للخطاب وتوجيه له الى المؤمنين بتعديد بعض آخر من جنايات المنافقين وقبائحهم.
__________
(1) يجوز أن تكون معطوفة على الاستئنافية السابقة.(5/212)
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142)
2- فإن قلت لم سمى ظفر المسلمين فتحا، وظفر الكافرين نصيبا؟
قلت: تعظيما لشأن المسلمين وتخسيسا لحظ الكافرين، لأن ظفر المسلمين أمر عظيم تفتح لهم أبواب السماء حتى ينزل على أوليائه، وأمّا ظفر الكافرين، فما هو إلا حظ دنيّ ولمظة من الدنيا يصيبونها. وتسمية الظفر الذي ناله المسلمون فتحا من قبيل المجاز المرسل باعتبار ما يؤول إليه الظفر
[سورة النساء (4) : آية 142]
إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً (142)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (المنافقين) اسم إنّ منصوب وعلامة النصب الياء (يخادعون) مضارع مرفوع والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) حالية (هو) ضمير منفصل مبني في محل رفع مبتدأ (خادع) خبر مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط متعلق ب (قاموا) الثاني (قاموا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (إلى الصلاة) جار ومجرور متعلق ب (قاموا) ، (قاموا) مثل الأول (كسالى) حال منصوبة وعلامة النصب الفتحة المقدرة على الألف (يراءون) مضارع مثل يخادعون (الناس) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) نافية (يذكرون الله) مثل يخادعون الله (إلا) أداة حصر (قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته «1» منصوب أي إلا ذكرا قليلا.
جملة «إنّ المنافقين ... » لا محل لها استئنافية.
__________
(1) أو مفعول فيه منصوب نائب عن الظرف فهو صفته أي إلا وقتا قليلا.(5/213)
وجملة «يخادعون ... » في محل رفع خبر إنّ.
وجملة «هو خادعهم» في محل نصب حال «1» .
وجملة «قاموا إلى الصلاة» في محل جر مضاف إليه.
وجملة «قاموا كسالى» لا محل لها جواب شرط غير جازم، والشرط وفعله وجوابه معطوف على خبر إنّ.
وجملة «يراءون ... » في محل نصب حال «2» .
وجملة «لا يذكرون ... » في محل نصب معطوفة على جملة يراءون.
الصرف:
(خادع) ، اسم فاعل من خدع الثلاثي وهو على وزن فاعل، وقد أضيف إلى المفعول.
(كسالى) ، جمع كسل أو كسلان من كسل يكسل باب فرح ووزن كسل فعل بفتح فكسر، ووزن كسلان فعلان بفتح الفاء، ووزن كسالى فعالى بضم الفاء، ويجوز الفتح في غير قراءة.
(يراءون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يرائيون، استثقلت الحركة على الياء فسكّنت- إعلال بالتسكين- وحركت الهمزة بحركتها، اجتمع ساكنان فحذف الأول تخلصا من التقاء الساكنين، وزنه يفاعون.
البلاغة
«وَهُوَ خادِعُهُمْ»
أي فاعل بهم ما يفعل الغالب في الخداع حيث تركهم في الدنيا معصومي الدماء والأموال وأعد لهم في الآخرة الدرك الأسفل من النار.
وخداعه سبحانه وتعالى من قبيل المشاكلة.
__________
(1) يجوز أن تعطف على جملة خبر إن، ويجوز أن تكون مستأنفة.
(2) يجوز أن تكون مستأنفة فلا محل لها.(5/214)
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)
[سورة النساء (4) : آية 143]
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (143)
الإعراب:
(مذبذبين) حال منصوبة من فاعل يراءون، وعلامة النصب الياء (بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمذبذبين (ذا) اسم إشارة مبني في محل جر مضاف إليه و (اللام) لام البعد و (الكاف) للخطاب (لا) نافية (إلى) حرف جر (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محل جر متعلق بمحذوف حال من ضمير مذبذبين وهو العامل أي لا منسوبين إلى هؤلاء ... (الواو) عاطفة (لا إلى هؤلاء) مثل الأولى (الواو) استئنافية (من) اسم شرط جازم مبني في محل نصب مفعول به (يضلل) مضارع مجزوم فعل الشرط وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف نفي ونصب (تجد) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق بحال من (سبيلا) «1» وهو مفعول به منصوب.
جملة «يضلل الله ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لن تجد ... » في محل جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
الصرف:
(مذبذبين) ، جمع مذبذب، اسم مفعول من ذبذب الرباعي، وزنه مفعلل بضم الميم وفتح اللام الأولى.
البلاغة
«مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ» أي مرددين بينهما متحيرين قد ذبذبهم الشيطان وأصل الذبذبة: صوت الحركة للشيء المعلق، ثم أستعير لكل اضطراب وحركة.
__________
(1) أو متعلق بمحذوف مفعول به ثان إنّ تعدّى (تجد) إلى مفعولين.(5/215)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)
الفوائد
قوله تعالى عن المنافقين مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ إن هذه الآية ترسم صورة فنية رائعة لحال المنافقين فهم أبدا في تأرجح واهتزاز لا يستقر ولا يثبت على حال وقد جاءت كلمات هذه الآية ومعانيها لتشارك في رسم هذه الصورة فالصفة (مذبذبين) ترسم بجرسها وإيقاعها الرجفة والاهتزاز الدائم الذي لا يستقر وقوله تعالى لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ من التأرجح وعدم الثبات وهي صورة يتملاها الخيال والحس بأروع مما يراه البصر وترسمه ريشة الفنان.
[سورة النساء (4) : آية 144]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً (144)
الإعراب:
(يأيها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (لا) ناهية جازمة (تتخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (الكافرين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (أولياء) مفعول به ثان منصوب (من دون) جار ومجرور متعلق بأولياء «2» ، (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (الهمزة) للاستفهام الإنكاري (تريدون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أن) حرف مصدري ونصب (تجعلوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أن تجعلوا) في محل نصب مفعول به عامله تريدون.
(لله) جار ومجرور متعلق بمحذوف مفعول به ثان لفعل تجعلوا
__________
(1) في الآية (135) من هذه السورة.
(2) أو بمحذوف حال من الضمير المستكن في أولياء، أو من فاعل (تتخذوا) ... وانظر الآية (139) من هذه السورة.(5/216)
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (146)
(على) حرف جر و (كم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف حال من (سلطانا) «1» - نعت تقدم على المنعوت- (سلطانا) مفعول به منصوب (مبينا) نعت منصوب.
جملة النداء «أيها الذين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل له صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تتخذوا» لا محل لها جواب النداء.
وجملة «تريدون ... » لا محل لها استئناف بياني.
وجملة «تجعلوا ... » لا محل لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
[سورة النساء (4) : الآيات 145 الى 146]
إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146)
الإعراب:
(إنّ المنافقين) كالسابقة «2» ، (في الدرك) جار ومجرور متعلق بخبر إنّ (الأسفل) نعت للدرك مجرور مثله (من النار) جار ومجرور متعلق بحال من الدرك (الواو) عاطفة (لن تجد لهم نصيرا) مثل لن تجد له سبيلا «3» .
__________
(1) انظر إعراب الآية (91) من هذه السورة.
(2) في الآية (142) من هذه السورة.
(3) في الآية (143) من هذه السورة. [.....](5/217)
جملة «إنّ المنافقين ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «لن تجد لهم ... » في محل رفع معطوفة على خبر إن «1» .
(إلا) أداة استثناء (الذين) اسم موصول مبني في محل نصب على الاستثناء المنقطع (تابوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (أصلحوا) مثل تابوا (الواو) عاطفة (اعتصموا) مثل تابوا (بالله) جار ومجرور متعلق ب (اعتصموا) ، (الواو) عاطفة (أخلصوا) مثل تابوا (دين) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (لله) مثل بالله متعلق ب (أخلصوا) ، (الفاء) استئنافية- أو زائدة للربط لما في الكلام من معنى الشرط المتعلق بالذين- (أولئك) اسم إشارة مبني في محل رفع مبتدأ ... و (الكاف) للخطاب (مع) ظرف مكان منصوب متعلق بخبر المبتدأ (المؤمنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء (الواو) عاطفة (سوف) حرف استقبال، (يؤتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء «2» ، (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (المؤمنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء (أجرا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت منصوب.
وجملة «تابوا ... » لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أصلحوا» لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «اعتصموا» لا محل لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أخلصوا» لا محل لها معطوف على جملة الصلة.
وجملة «أولئك مع المؤمنين» لا محل لها استئناف بياني «3» .
__________
(1) يجوز أن تكون استئنافية.
حذفت الياء من الرسم القرآني تخفيفا لالتقاء الساكنين.
(2، 3) أجاز بعضهم جعلها خبرا للموصول (الذين) بكونه مبتدأ وبكون الفاء زائدة.(5/218)
مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)
وجملة «سوف يؤتي الله» لا محل لها معطوفة على جملة أولئك مع ...
الصرف:
(الدرك) ، اسم لأقصى قعر جهنم، وزنه فعل بفتح فسكون.
(الأسفل) ، صفة مشتقة من سفل يسفل باب نصر وباب فرح وباب كرم، وزنه أفعل وهي تحمل معنى التفضيل.
[سورة النساء (4) : آية 147]
ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً (147)
الإعراب:
(ما) اسم استفهام مبني في محل نصب مفعول به (يفعل) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بعذاب) جار ومجرور متعلق ب (يفعل) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (إن) حرف شرط جازم (شكرتم) فعل ماض مبني على السكون في محل جزم فعل الشرط ... (وتم) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (آمنتم) مثل شكرتم.
(الواو) استئنافية (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (شاكرا) خبر كان منصوب (عليما) خبر ثان منصوب.
جملة «يفعل الله» لا محل لها استئنافية.
وجملة «شكرتم» لا محل لها استئنافية وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: إن شكرتم فما يفعل الله بعذابكم.
وجملة «آمنتم» لا محل لها معطوفة على جملة شكرتم.
وجملة «كان الله شاكرا ... » لا محل لها استئنافية.(5/219)
الفوائد
ما الاستفهامية: هي اسم مبني وتقع في محل رفع مبتدأ في الحالات التالية:
1- إذا وليها اسم مثل: ما ليلة القدر؟
2- إذا وليها فعل لازم مثل: ما يقوم مقامك؟
3- إذا وليها فعل متعد استوفى مفعوله مثل: ما حملك على ذلك؟
وتعرب مفعولا به مقدما إذا وليها فعل متعد لم يستوف مفعوله مثل: ما تشاء مني؟ ما قرأت؟.
وتعرب في محل نصب خبر كان أو إحدى أخواتها إذا وليها فعل ناقص مثل.
ما أصبح عملك؟ ما كان شأنك؟.
ملاحظة: أحيانا تدخل عليها ذا فتصبح ماذا فإما أن نعربها جميعها تركيبا واحدا في محل كذا حسب ما ذكرنا وإما أن تعرب «ما» اسم استفهام في محل رفع مبتدأ وذا: اسم إشارة في محل رفع خبر.
[انتهى الجزء الخامس ويليه الجزء السادس] بدءا من الآية: 148 من سورة النساء(5/220)
لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا (148)
الجزء السادس
بقية سورة النساء
من الآية 148- إلى الآية 176
[سورة النساء (4) : آية 148]
لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً (148)
الاعراب:
(لا) نافية (يحبّ) مضارع مرفوع (الله) فاعل مرفوع (الجهر) مفعول به منصوب (بالسوء) جار ومجرور متعلق بالجهر (من القول) جارّ ومجرور متعلّق بحال من السوء (إلّا) أداة استثناء (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب على الاستثناء المتّصل من لفظ الجهر بالسوء، وذلك على حذف مضاف أي: إلا جهر من ظلم «1» ، (ظلم) فعل ماضي مبنيّ للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (الواو) استئنافيّة (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (سميعا) خبر كان منصوب (عليما) خبر ثان منصوب.
جملة «لا يحبّ الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ظلم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «كان الله سميعا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو من المستثنى منه المقدّر وهو (من أحد) ، كما يجوز أن يكون في محلّ جرّ على البدليّة من لفظ المستثنى منه ... ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا.(6/221)
إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149)
الصرف:
(الجهر) ، مصدر سماعيّ لفعل جهر يجهر باب فتح وزنه فعل بفتح فسكون، وثمّة مصادر أخرى هي جهارا بكسر الجيم وجهرة بإضافة تاء مربوطة «1» .
البلاغة
عدم محبته سبحانه وتعالى لشيء كناية عن غضبه.
[سورة النساء (4) : آية 149]
إِنْ تُبْدُوا خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا قَدِيراً (149)
الإعراب:
(إن) حرف شرط جازم (تبدوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو ضمير متصل مبني في محل رفع فاعل (خيرا) مفعول به منصوب (أو) حرف عطف (تخفوا) مثل تبدوا ومعطوف عليه، و (الهاء) ضمير متّصل مبني في محلّ نصب مفعول به (أو) حرف عطف (تعفوا) مثل تبدوا ومعطوف عليه (عن سوء) جارّ ومجرور متعلّق ب (تعفوا) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط- أو تعليليّة- (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (كان) ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عفوا) خبر كان منصوب (قديرا) خبر ثان منصوب.
جملة «إن تبدوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تخفوه» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «تعفوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
__________
(1) وانظر الآية (55) من سورة البقرة.(6/222)
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151)
وجملة «إنّ الله كان ... » : لا محلّ لها تعليليّة، تعلّل جواب الشرط المحذوف وهو: فالعفو أولى لكم.
وجملة «كان عفوا ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(تبدوا- تخفوا- تعفوا) ، فيها إعلال بالحذف حيث حذف حرف العلّة- لام الكلمة- لالتقاء الساكنين) «1» .
[سورة النساء (4) : الآيات 150 الى 151]
إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (150) أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً (151)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ الحرف المشبه بالفعل (يكفرون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يكفرون) ، (الواو) عاطفة (رسل) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يريدون) مثل يكفرون (أن) حرف مصدريّ ونصب (يفرّقوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن يفرّقوا) في محلّ نصب مفعول به عامله يريدون.
__________
(1) وانظر الآية (33) من سورة البقرة.(6/223)
(بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (يفرّقوا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (رسل) معطوف على لفظ الجلالة بالواو مجرور مثله و (الهاء) مضاف إليه (الواو) عاطفة (يقولون) مثل يكفرون (نؤمن) مضارع مرفوع. والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (ببعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (نؤمن) ، (الواو) عاطفة (نكفر ببعض) مثل نؤمن ببعض (الواو) عاطفة (يريدون أن يتّخذوا) مثل يريدون أن يفرّقوا (بين) مثل الأول متعلّق بمحذوف مفعول به ثان عامله يتّخذوا (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (سبيلا) مفعول به أوّل منصوب أي: أن يتّخذوا مذهبا وسيطا بين الإيمان والكفر.
والمصدر المؤوّل (أن يتّخذوا) في محلّ نصب مفعول به عامله يريدون الثاني.
جملة «إنّ الذين يكفرون ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يكفرون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يريدون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «يفرّقوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يقولون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة يريدون.
وجملة «نؤمن ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «نكفر ... » : في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «يريدون (الثانية) » : لا محلّ لها معطوفة على جملة يريدون (الأولى) .
وجملة «يتّخذوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .(6/224)
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (152)
(151) (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطاب (هم) ضمير فصل «1» ، (الكافرون) خبر المبتدأ أولئك مرفوع، وعلامة الرفع الواو (حقّا) مفعول مطلق لفعل محذوف وهو مؤكّد لمضمون الجملة قبله (الواو) استئنافيّة (أعتدنا) فعل ماض مبني على السكون..
و (نا) ضمير متّصل في محلّ رفع فاعل (للكافرين) جارّ ومجرور متعلّق ب (أعتدنا) ، (عذابا) مفعول به منصوب (مهينا) نعت منصوب.
وجملة «أولئك هم الكافرون» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «أعتدنا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
البلاغة
وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ حيث وضع الظاهر موضع المضمر تذكيرا بوصف الكفر الشنيع المؤذن بالعلّيه.
الفوائد
قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا حقا لها إعرابان: الأول: مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره حقّ ذلك حقا. والثاني: أنها حال والتقدير أولئك هم الكافرون غير شك. ولكن الأقوى أنها مفعول مطلق لكونها مصدرا والمصدر جامد أما الحال فيأتي مشتقا ... إلا إذا أمكن تأويله بمشتق مثل: كرّ عليّ أسدا فتؤولها كرّ عليّ شجاعا. لكنه إذا استوى في الكلمة إعرابان أحدهما يحتاج إلى تقدير والآخر لا يحتاج إلى تقدير فعدم التقدير أولى.
[سورة النساء (4) : آية 152]
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (152)
__________
(1) أو ضمير رفع مبتدأ خبره الكافرون، وجملة هم الكافرون خبر المبتدأ أولئك.(6/225)
الاعراب:
(الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ (آمنوا بالله ورسله) مثل يكفرون بالله ورسله المتقدمة «1» والفعل هنا ماض (الواو) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم (يفرّقوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (يفرّقوا) ، (أحد) مضاف إليه مجرور (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لأحد (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطاب (سوف) حرف استقبال (يؤتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (هم) ضمير مفعول به (أجور) مفعول به ثان منصوب و (هم) مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (كان الله غفورا رحيما) مثل كان الله عفوّا قديرا «2» .
جملة «الذين آمنوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة «3» .
وجملة «آمنوا بالله ... » : لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة «لم يفرّقوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أولئك سوف يؤتيهم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «سوف يؤتيهم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
وجملة «كان الله غفورا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) في الآية (150) من هذه السورة.
(2) في الآية (149) من هذه السورة.
(3) في الآية (150) من هذه السورة.(6/226)
يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا (153)
[سورة النساء (4) : آية 153]
يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً (153)
الإعراب:
(يسأل) مضارع مرفوع و (الكاف) ضمير مفعول به (أهل) فاعل مرفوع (الكتاب) مضاف إليه مجرور (أن) حرف مصدريّ ونصب (تنزّل) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تنزّل) ، (كتابا) مفعول به منصوب (من السماء) جارّ ومجرور متعلّق ب (تنزّل) «1» ، (الفاء) تعليليّة «2» ، (قد) حرف تحقيق (سألوا) فعل ماض مبني على الضمّ..
والواو فاعل (موسى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (أكبر) مفعول به ثان منصوب (من) حرف جرّ (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه. و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطاب.
والمصدر المؤوّل (أن تنزّل) في محلّ نصب مفعول به لفعل يسألك.
(الفاء) عاطفة (فقالوا) مثل سألوا (أرنا) فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة. و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الله) لفظ الجلالة مفعول به ثان منصوب (جهرة) مفعول مطلق منصوب
__________
(1) أو بمحذوف نعت ل (كتابا) .
(2) يجوز أن تكون رابطة لجواب شرط مقدّر أي: إن استكبرت ما سألوا فقد سألوا موسى..(6/227)
نائب عن المصدر فهو نوع من مطلق الرؤية «1» ، (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (أخذت) فعل ماض ... و (التاء) للتأنيث و (هم) ضمير مفعول به (الصاعقة) فاعل مرفوع (بظلم) جارّ ومجرور متعلّق ب (أخذتهم) ، والباء سببيّة، و (هم) ضمير مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (اتّخذوا العجل) مثل سألوا موسى، والمفعول الثاني محذوف تقديره إلها (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (اتخذوا) ، (ما) حرف مصدريّ (جاءتهم) مثل أخذتهم (البيّنات) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (ما جاءتهم البيّنات) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(الفاء) عاطفة (عفونا) فعل ماض مبني على السكون و (نا) ضمير فاعل (عن) حرف جرّ (ذلك) مثل الأول متعلّق ب (عفونا) ، (الواو) عاطفة (آتينا) مثل عفونا (موسى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (سلطانا) مفعول به ثان منصوب (مبينا) نعت منصوب.
جملة «يسألك أهل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تنزّل ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «سألوا ... » : لا محلّ لها تعليليّة لكلام محذوف أي: لا تبال بسؤالهم.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة سألوا عطف تفسير.
__________
(1) يجوز أن يكون مصدرا في موضع الحال، أي قالوا ذلك مجاهرين.(6/228)
وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (154)
وجملة «أرنا ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أخذتهم الصاعقة» لا محلّ لها معطوفة على جملة قالوا.
وجملة «اتّخذوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أخذتهم الصاعقة.
وجملة «جاءتهم البيّنات» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة «عفونا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّخذوا ...
وجملة «آتينا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة عفونا.
[سورة النساء (4) : آية 154]
وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (154)
الأعراب:
(الواو) عاطفة (رفعنا) فعل ماض مبني على السكون..
و (نا) ضمير في محلّ رفع فاعل (فوق) ظرف مكان منصوب متعلق ب (رفعنا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (الطور) مفعول به منصوب (بميثاق) جارّ ومجرور متعلّق بفعل (رفعنا) ، والباء سببيّة أي بسبب نقض ميثاقهم، و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (قلنا) مثل رفعنا (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قلنا) ، (ادخلوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الباب) مفعول به منصوب (سجّدا) حال منصوبة من فاعل ادخلوا (الواو) عاطفة (قلنا لهم) مثل الأولى (لا) ناهية جازمة (تعدوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (في السبت) جارّ ومجرور متعلّق ب (تعدوا) ، (الواو) عاطفة(6/229)
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158)
(أخذنا) مثل رفعنا (منهم) مثل لهم متعلّق ب (أخذنا) ، (ميثاقا) مفعول به منصوب (غليظا) نعت منصوب.
جملة «رفعنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة آتينا «1» .
وجملة «قلنا لهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة رفعنا.
وجملة «ادخلوا ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قلنا لهم (الثانية) » : لا محلّ لها معطوفة على جملة قلنا (الأولى) .
وجملة «لا تعدوا ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أخذنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة قلنا.
[سورة النساء (4) : الآيات 155 الى 158]
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158)
__________
(1) في الآية السابقة (153) .(6/230)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (الباء) حرف جرّ للسببيّة (ما) زائدة (نقض) مجرور بالباء متعلّق بفعل محذوف تقديره (لعناهم) «1» ، و (هم) ضمير مضاف إليه (ميثاق) مفعول به للمصدر نقض منصوب و (هم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (كفرهم) مثل نقضهم ومعطوف عليه (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق بالمصدر (كفر) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (قتلهم الأنبياء) مثل نقضهم ميثاقهم (بغير) جار ومجرور متعلّق بمحذوف حال أي ظالمين (حق) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (قولهم) مثل نقضهم ومعطوف عليه (قلوب) مبتدأ مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه (غلف) خبر مرفوع (بل) للإضراب الانتقاليّ (طبع) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (طبع) ، (بكفر) جارّ ومجرور متعلّق ب (طبع) والباء سببية و (الهاء) مضاف إليه (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (لا) نافية (يؤمنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (إلّا) أداة حصر (قليلا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته «2» منصوب.
جملة « (لعنّاهم) المقدّرة» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قلوبنا غلف» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «طبع الله عليها» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يؤمنون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة طبع الله ...
__________
(1) في أول المائدة جاء الفعل مصرّحا به، قال تعالى: «فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم ... » (الآية 13) . [.....]
(2) أو مفعول فيه لأنه نائب عن الظرف أي زمانا قليلا.. ولا يصحّ استثناؤه من ضمير الفاعل في يؤمنون لأن هؤلاء قد طبع على قلوبهم، وقد يصح استثناؤه من الضمير في (عليها) .(6/231)
(156) (الواو) عاطفة (بكفرهم) مثل الأولى متعلّق بالفعل المقدّر لعنّاهم (الواو) عاطفة (قولهم) مثل كفرهم ومعطوف عليه (على مريم) جارّ ومجرور متعلّق بالمصدر (قول) بتضمينه معنى كذبهم وتماديهم، وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (بهتانا) مفعول به منصوب «1» ، (عظيما) نعت منصوب.
(157) (الواو) عاطفة (قولهم) معطوف على قولهم الأول مجرور مثله (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (قتلنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) فاعل (المسيح) مفعول به منصوب (عيسى) بدل من المسيح منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (بن) نعت لعيسى منصوب مثله أو بدل منه (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (رسول) نعت لعيسى منصوب أو بدل منه أو عطف بيان «2» ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (ما) نافية (قتلوا) فعل ماض مبني على الضمّ والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (ما صلبوه) مثل ما قتلوه (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك (شبّه) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (شبّه) ، (الواو) عاطفة (إنّ) مثل الأول (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ (اختلفوا) مثل قتلوا (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (اختلفوا) (اللام) هي المزحلقة وتفيد التوكيد (في شك) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ (منه) مثل
__________
(1) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو نوعه أي قولهم قول البهتان.
(2) يجوز أن يكون قوله (رسول الله) من كلام الله تعالى وليس من مقولهم لمدحه له، فالوقف على ما قبله، ورسول منصوب بفعل محذوف تقديره أمدح.(6/232)
فيه متعلّق بنعت لشك (ما) نافية (لهم) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم (به) مثل فيه متعلّق بحال من علم (من) حرف جرّ زائد (علم) مجرور لفظا مرفوع محلّا على أنه مبتدأ مؤخّر (إلّا) أداة استثناء (اتّباع) مستثنى منصوب على الاستثناء المنقطع (الظنّ) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما قتلوه) مثل الأولى (يقينا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر فهو صفته أي ما قتلوه قتلا يقينا «1» .
وجملة «إنّا قتلنا ... » : في محلّ نصب مقول القول للمصدر قولهم.
وجملة «قتلنا المسيح» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «ما قتلوه» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ما صلبوه» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه.
وجملة «لكن شبّه لهم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه وجملة «إنّ الذين اختلفوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما قتلوه.
وجملة «اختلفوا ... » : لا محل لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ما لهم به من علم» : لا محل لها استئناف بيانيّ «2» .
وجملة «ما قتلوه ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما لهم به من علم.
(158) (بل) للإضراب الإبطاليّ (رفع) مثل طبع و (الهاء) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إليه) مثل فيه متعلّق ب (رفع) ،
__________
(1) يجوز أن يكون حالا مؤكدة لنفي القتل أي انتفى القتل يقينا مؤكّدا.
(2) أو اعتراضيّة، وجملة ما قتلوه يقينا معطوفة على جملة ما قتلوه الأولى.(6/233)
وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)
(الواو) عاطفة (كان الله عزيزا حكيما) مثل كان الله سميعا عليما «1» .
وجملة «رفعه الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كان الله عزيزا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(نقض) ، مصدر سماعيّ لفعل نقض ينقض باب نصر وزنه فعل بفتح فسكون.
(اتّباع) ، مصدر قياسيّ لفعل اتّبع الخماسيّ، وزنه افتعال، على وزن الماضي بكسر الثالث وإضافة ألف قبل الآخر.
(شكّ) ، مصدر سماعيّ لفعل شكّ يشكّ باب نصر وزنه فعل بفتح فسكون، وقد أدغمت فيه عينه مع لامه.
(يقينا) ، صفة مشبّهة من يقن ييقن باب فرح وزنه فعيل.
[سورة النساء (4) : آية 159]
وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إن) نافية (من أهل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمنعوت محذوف هو مبتدأ أي ما أحد من أهل الكتاب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (إلّا) أداة حصر (اللام) لام القسم (يؤمننّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع.. و (النون) نون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يؤمننّ) ، (قبل) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يؤمننّ) ،
__________
(1) في الآية (148) من هذه السورة.(6/234)
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (161)
(موت) مضاف إليه مجرور و (الهاء) مضاف إليه (الواو) استئنافيّة (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (شهيدا) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (يكون) مضارع ناقص مرفوع، واسم يكون ضمير مستتر تقديره هو يعود على عيسى عليه السلام، وقيل يعود على الرسول صلى الله عليه وسلم (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (شهيدا) وهو خبر يكون منصوب.
جملة: إن (أحد) من أهل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يؤمننّ به» : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، وجملة القسم والجواب في محلّ رفع خبر المبتدأ.
وجملة «يكون عليهم شهيدا» : لا محلّ لها استئنافيّة «1» .
[سورة النساء (4) : الآيات 160 الى 161]
فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً (160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (161)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (بظلم) جارّ ومجرور متعلّق ب (حرّمنا) ، (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بنعت لظلم (هادوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (حرّمنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) فاعل (عليهم) مرّ في الآية السابقة متعلّق ب (حرّمنا) ، (طيّبات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (أحلّت) فعل ماض مبني للمجهول.. و (التاء) للتأنيث، ونائب الفاعل
__________
(1) أو معطوفة على الجملة الاسميّة الاستئنافيّة.(6/235)
ضمير مستتر تقديره هي (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أحلّت) ، (الواو) عاطفة (بصدّهم) جارّ ومجرور متعلّق ب (حرّمنا) ، (عن سبيل) جارّ ومجرور متعلّق بالمصدر صدّ (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (كثيرا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر عامله صدّ «1» ، ومفعول صدّ المصدر محذوف تقديره: الناس (الواو) عاطفة (أخذهم) مثل صدّهم ومعطوف عليه (الربا) مفعول به للمصدر أخذ منصوب، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) حاليّة (قد) حرف تحقيق (نهوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضمّ.. والواو نائب فاعل (عن) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نهوا) ، (الواو) عاطفة (أكلهم أموال) مثل أخذهم الربا ومعطوف عليه (الناس) مضاف إليه مجرور (بالباطل) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ضمير الغائب في أكلهم أي متلبسين بالباطل «2» ، (الواو) عاطفة (أعتدنا) فعل ماض وفاعله (للكافرين) جارّ ومجرور متعلّق ب (أعتدنا) وعلامة الجرّ الياء (منهم) مثل لهم متعلّق بحال من الكافرين (عذابا) مفعول به منصوب (أليما) نعت منصوب.
جملة «حرّمنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة (لعنّاهم) المقدّرة «3» .
وجملة «هادوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أحلّت لهم» : في محلّ نصب نعت لطيّبات.
وجملة «قد نهوا ... » : في محلّ نصب حال.
__________
(1) أو نائب عن الظرف، ويجوز إعرابه مفعولا للصدّ لأنه صفة المفعول أي بصدّهم ناسا كثيرا.
(2) يجوز تعليقه بالمصدر (أكل) بكون الباء سببيّة.
(3) في الآية (155) من هذه السورة.(6/236)
لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْرًا عَظِيمًا (162)
وجملة «أعتدنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة حرّمنا.
البلاغة
الإبهام: في قوله تعالى فبظلم والتعبير عنهم بهذا العنوان إيذان بكمال عظم ظلمهم بتذكير وقوعه بعد تلك التوبة الهائلة إثر بيان عظمه بالتنوين التفخيمي أي بسبب ظلم عظيم خارج عن حدود الأشياء والنظائر صادر عنهم.
[سورة النساء (4) : آية 162]
لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً (162)
الإعراب:
(لكن) حرف استدراك لا عمل له وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (الراسخون) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الواو (في العلم) جارّ ومجرور متعلّق ب (الراسخون) ، (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من (الراسخون) ، (الواو) عاطفة (المؤمنون) معطوف على (الراسخون) مرفوع مثله، وعلامة الرفع الواو (يؤمنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يؤمنون) ، (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير متصل في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (الواو) عاطفة (ما أنزل) مثل الأول ومعطوف عليه (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) الثاني و (الكاف) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (المقيمين) اسم منصوب على المدح(6/237)
بفعل محذوف تقديره أمدح «1» ، (الصلاة) مفعول به لاسم الفاعل المقيمين (الواو) عاطفة (المؤتون) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم وقد قطع عمّا قبله للمدح أيضا مرفوع وعلامة الرفع الواو (الزكاة) مفعول به لاسم الفاعل (المؤتون) منصوب (الواو) عاطفة (المؤمنون) معطوف على (المؤتون) مرفوع مثله وعلامة الرفع الواو (بالله) جارّ ومجرور متعلق باسم الفاعل (المؤمنون) ، (الواو) عاطفة (اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله (الآخر) نعت لليوم مجرور، (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) للخطاب (السين) حرف استقبال (نؤتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم و (هم) ضمير متّصل في محلّ نصب مفعول به (أجرا) مفعول به ثان منصوب (عظيما) نعت منصوب.
جملة «الراسخون ... يؤمنون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يؤمنون ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ «2» .
وجملة «أنزل إليك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «أنزل من قبلك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة « (أمدح) المقيمين ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
__________
(1) ثمّة أوجه أخرى في توجيه المقيمين هي: آ- هو معطوف على الاسم الموصول (بما أنزل) مجرور مثله ب- معطوف على الكاف في قوله (إليك) .. أو في قوله (من قبلك) أي:
أنزل إلى إليك وإلى المقيمين الصلاة.. أو من قبلك ومن قبل المقيمين الصلاة.
(2) يجوز أن تكون الجملة حالا من (الراسخون) وما يعطف عليه.. وجملة أولئك سنؤتيهم.. خبر (الراسخون) ، وهو توجيه ضعيف رفضه أبو حيّان لأن قطع الصفة على المدح يأتي غالبا في تمام الكلام لا في ضمنه.(6/238)
وجملة « (هم) المؤتون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أمدح المقيمين.
وجملة «أولئك سنؤتيهم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة.
وجملة «سنؤتيهم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (أولئك) .
الفوائد
1- قوله تعالى لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ. نحن في هذه الآية بصدد لكن وهي المخففة من الثقيلة والجمهور على أن لكنّ التي تعمل عمل إن إذا خففت فإنها تصبح حرف استدراك. ولكننا سنتكلم عنها بشيء من التفصيل عارضين بعض آراء النحويين في هذا المجال:
1- لكن المخففة من الثقيلية هي حرف ابتداء يفيد الاستدراك ولا يعمل. ففي الآية السابقة الراسخون مبتدأ وجملة يؤمنون هي خبره. لكن بعض النحويين أجاز إعمالها كالأخفش ويونس.
2- إذا جاء بعدها كلام مستأنف فهي حرف ابتداء يفيد الاستدراك وليست عاطفة ويجوز أن تستعمل بالواو نحو قوله تعالى وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ وبدونها نحو قول زهير
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره ... لكن وقائعه في الحرب تنتظر
وزعم ابن أبي الربيع أنها حين اقترانها بالواو عاطفة جملة على جمله، وأنه ظاهر قول سيبويه ولكن الأرجح أن الواو استئنافية وهي حرف استدراك.
3- وإن وليها مفرد فهي عاطفة بشرطين: أحدهما أن يتقدمها نفي أو نهي نحو:
ما قام زيد لكن عمرو، ولا يقم زيد لكن عمرو. فإن قلت قام زيد ثم جئت بلكن جعلتها حرف ابتداء فجئت بالجملة فقلت لكن عمرو لم يقم. وأجاز الكوفيون لكن عمرو على العطف وهذا ليس مسموعا. الشرط الثاني: ألا تقترن بالواو. قاله الفارسي وأكثر النحويين. وقال قوم: لا تستعمل مع المفرد إلا بالواو، لكن الأقوى هو الأول، وهو عدم اقترانها بالواو، لأن ذلك يناسب الأسلوب العربي الفصيح.(6/239)
2- قوله تعالى وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ لوحظ في هذه الآية مخالفة المقيمين لما قبلها في الإعراب وهو النصب، مع أن ما قبلها مرفوع. وقد تضاربت آراء النحويين والمفسرين حول هذا الموضوع وسنعرض طائفة منها.
1- إن جمهور القراء يقرءون بالنصب وقد أعرب هذه الكلمة أنها مفعول به منصوب بفعل محذوف تقديره أعنى وأخص وهذا هو مذهب البصريين.
2- زعم قوم من قصار الفهم من الذين لا يعرفون طرق العرب وأساليبهم في التعبير بأن ذلك خطأ وقع في المصحف، وكأنّ جهابذة العلم غافلون عن ذلك. فردّ على هذا الادعاء الزمخشري وابن جرير وأبطلا ادعاء هؤلاء، وبينا أن ذلك أسلوب عربي صميم، وهو النصب على الاختصاص، وأن السابقين الأولين من الصحابة الكرام وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من سلامة السليقة العربية والفصاحة بمكان لا يجعل مثل ذلك يفوت عليهم، وقد أورد الزمخشري وابن جرير شواهد من الشعر على هذا المنوال وهو قول الشاعر:
لا يبعدن قومي الذين هم ... أسد العداة وآفة الجزر
النازلين بكل معترك ... والطيبون معاقد الأزر
الشاهد: قوله «النازلين» حيث يجب رفعها إن كانت صفة لما قبلها. لكن الشاعر نصبها على الاختصاص، وعند ما عطف ما بعدها لم يعطف عليها بل عطف على ما قبلها بالرفع.
- وهناك تخريجات أخرى للنحويين في هذه الكلمة لا داعي لعرضها ولكننا نقول بأن القواعد العربية استنبطت من القرآن الكريم والحديث الشريف وأقوال العرب من شعر ونثر، وأن هذه القواعد لم تشتمل على كل أحوال كلام العرب بل جاءت قاصرة لأن اللغة أكبر من أن تستوعبها القواعد. ونحن نجعل القرآن الكريم حكما على القواعد ولا نجعل القواعد حكما على القرآن الكريم، كما قرر ذلك علماء أصول النحو.(6/240)
إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163)
[سورة النساء (4) : آية 163]
إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (163)
الإعراب:
(إنّا) حرف مشبّه بالفعل، و (نا) ضمير متّصل في محلّ نصب اسم إن (أوحينا) فعل ماض مبني على السكون و (نا) ضمير فاعل (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أوحينا) ، (الكاف) حرف جرّ «1» ، (ما) حرف مصدريّ (أوحينا) مثل الأول.
والمصدر المؤوّل (ما أوحينا) في محلّ جرّ بالكاف متعلّق بمحذوف مفعول مطلق.. أي إيحاء كإيحائنا إلى نوح ...
(إلى نوح) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوحينا) ، (الواو) عاطفة (النبيّين) معطوف على نوح مجرور مثله، وعلامة الجرّ الياء (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بنعت للنبيّين «2» ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أوحينا إلى إبراهيم) مثل أوحينا إلى نوح، وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف للعلمّية والعجمة (الواو) عاطفة في المواضع التسعة (إسماعيل، إسحاق ... ، سليمان) أسماء معطوفة على لفظ إبراهيم بحروف العطف مجرورة مثله وعلامة الجرّ الفتحة لأنها جميعا ممنوعة من الصرف (الواو) عاطفة (آتينا) مثل أوحينا (داود) مفعول به أوّل منصوب (زبورا) مفعول به ثان منصوب.
__________
(1) أو اسم بمعنى مثل في محلّ نصب مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته.
(2) لا يجوز أن يتعلّق بحال من النبيّين لأن ظرف الزمان لا يصحّ أن يكون حالا من الاسم الجامد [.....](6/241)
جملة «إنّا أوحينا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أوحينا إليك» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «أوحينا إلى نوح» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة «أوحينا إلى إبراهيم» : لا محلّ لها معطوفة على صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «آتينا داود» : في محلّ رفع معطوفة على جملة أوحينا الأولى.
الصرف:
«زبورا» ، اسم جامد للكتاب المنزل على داود، وزنه فعول بفتح الفاء، وقد يضمّ في قراءة.
الفوائد
أورد في الآية طائفة من أسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام مثل إبراهيم- إسماعيل- إسحاق- يعقوب. وإذا تقصينا أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم وجدناها جميعها ممنوعة من التنوين (أي الصرف) لسببين هما العلمية والأعجمية ما عدا صالحا- نوحا- شعيبا- محمدا- لوطا- هودا. صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والمراد بالعلم الأعجمي ما نقل عن لسان غير العرب بأي لغة كانت وسمي الاسم ممنوعا من التنوين أو الصرف لأنه لا يصح تنوينه، فنقول رأيت إبراهيم ولا يجوز أن تقول رأيت إبراهيما. ومن المعلوم أن الممنوع من الصرف يجر بالفتحة عوضا عن الكسرة، كقولنا مررت بعثمان. أما إذا كان الممنوع من الصرف مضافا أو معرفا بال فيجر بالكسرة، كقولنا مررت بمساجد المدينة أو مررت بالمساجد العامرة بالمصلين، فمساجد ممنوعة من الصرف لكونها من صيغ منتهى الجموع على وزن مفاعل. إذن فالممنوع من الصرف لا يجر دائما بالفتحة عوضا عن الكسرة فتنبه لذلك.(6/242)
وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165)
[سورة النساء (4) : الآيات 164 الى 165]
وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسى تَكْلِيماً (164) رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (165)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (رسلا) مفعول به لفعل محذوف تقديره أرسلنا أو أمرنا «1» ، (قد) حرف تحقيق (قصصنا) فعل ماض وفاعله و (هم) ضمير مفعول به «2» ، (على) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قصصنا) ، (من) حرف جرّ (قبل) اسم ظرفيّ مبني على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (قصصنا) ، (الواو) عاطفة (رسلا) مثل الأول (لم) حرف نفي وجزم (نقصص) مضارع مجزوم و (هم) مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (عليك) مثل الأول متعلّق ب (نقصص) ، (الواو) استئنافية (كلّم) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (موسى) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (تكليما) مفعول مطلق منصوب.
جملة « (أرسلنا) رسلا ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة أوحينا الأولى «3» .
وجملة «قد قصصناهم ... » : في محلّ نصب نعت ل (رسلا) .
__________
(1) يجوز أن يكون تقدير العامل المحذوف (قصصنا) ، وحينئذ تصبح جملة (قد قصصنا) تفسيريّة لا محلّ لها.
(2) وذلك بتضمين قصصاناهم معنى سمّيناهم.
(3) في الآية السابقة (163) .(6/243)
وجملة « (أرسلنا) رسلا (الثانية) : في محلّ رفع معطوفة على الجملة الأولى.
وجملة «لم نقصصهم ... » : في محلّ نصب نعت ل (رسلا) .
وجملة «كلّم الله موسى ... » : لا محلّ لها استئناف اعتراضيّ.
(165) (رسلا) بدل من (رسلا) الأول منصوب مثله «1» ، (مبشّرين) نعت ل (رسلا) منصوب وعلامة النصب الياء (الواو) عاطفة (منذرين) معطوف على مبشّرين منصوب مثله وعلامة النصب الياء (اللام) لام التعليل (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (يكون) مضارع منصوب بأن ناقص (للناس) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم «2» ، (على الله) جارّ ومجرور متعلّق بحال من حجّة- نعت تقدّم على المنعوت- (حجّة) اسم يكون مرفوع (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (حجّة) أو بنعت له (الرسل) مضاف إليه مجرور وهو على حذف مضاف أي بعد إرسال الرسل.
والمصدر المؤوّل (ألا يكون ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بالفعل المقدّر (أرسلنا) .
(الواو) استئنافيّة (كان) فعل ماض ناقص (الله) لفظ الجلالة اسم كان مرفوع (عزيزا) خبر كان منصوب (حكيما) خبر ثان منصوب.
وجملة «يكون.. حجّة» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ «أن) .
وجملة «كان الله عزيزا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) يجوز أن يكون مفعولا به لفعل محذوف تقديره أرسلنا، كما يجوز أن يكون حالا موطّئة- فهو لفظ جامد موصوف-.
(2) يجوز أن يكون متعلّق بحال من حجّة، ويصبح الخبر الجار والمجرور على الله.(6/244)
لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)
الصرف:
(تكليما) ، مصدر قياسيّ لفعل كلّم الرباعيّ، وزنه تفعيل.
الفوائد
قوله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ كلمة رسلا في الآية الكريمة شغلت النحويين والمعربين. وذهبوا في إعرابها مذاهب مختلفة هي:
1- نعربها بدلا من رسلا التي سبقتها في الآية السابقة وهي قوله وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ.
2- مفعول به لفعل محذوف تقديره أرسلنا رسلا.
3- أن تعرب حالا موطئة لما بعدها كما تقول مررت بزيد رجلا صالحا.
4- أن تعرب مفعولا به لفعل محذوف على المدح تقديره أعني. من خلال هذه الأوجه لا نستطيع أن ندحض رأيا أو أن نخطئه. وهذه الأوجه لا تتنافى مع المعنى.
لكننا نرجح الرأي الأول. فهو الأقرب إلى الصواب والمتبادر إلى الذهن ولا يحتاج إلى تقدير. أما الأوجه المتبقية فتحتاج إلى تقدير وتأويل. والقاعدة في علم أصول النحو تقتضي أنه إذا استوت مسألتان إحداهما تحتاج إلى تقدير والثانية لا تحتاج إلى تقدير فعدم التقدير أولى.
[سورة النساء (4) : آية 166]
لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (166)
الإعراب:
(لكن) حرف استدراك لا عمل له، وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يشهد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يشهد) ، (أنزل) فعل ماض، والفاعل ضمير(6/245)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلَالًا بَعِيدًا (167)
مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (أنزل) مثل الأول، و (الهاء) ضمير مفعول به (بعلم) جارّ ومجرور حال من ضمير الغائب في (أنزله) ، أي أنزله معلوما «1» ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه، (الواو) عاطفة (الملائكة) مبتدأ مرفوع (يشهدون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (الواو) استئنافيّة (كفى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (الباء) حرف جرّ زائد (الله) لفظ الجلالة مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل كفى (شهيدا) حال منصوبة «2» .
جملة «الله يشهد ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يشهد ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «أنزل إليك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أنزله» : لا محلّ لها استئناف بياني «3» .
وجملة «الملائكة يشهدون» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «يشهدون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الملائكة) .
وجملة «كفى بالله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة النساء (4) : آية 167]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالاً بَعِيداً (167)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ (كفروا) فعل ماض مبني على الضم.. والواو فاعل
__________
(1) يجوز أن يكون حالا من الفاعل أي أنزله عالما به.
(2) أو تمييز منصوب.
(3) أو هي تفسيريّة لجملة الصلة، وقيل هي جملة حاليّة بتقدير قد، وقيل هي اعتراضيّة.(6/246)
(الواو) عاطفة (صدّوا) مثل كفروا (عن سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (صدّوا) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (قد) حرف تحقيق (ضلّوا) مثل كفروا (ضلالا) مفعول مطلق منصوب (بعيدا) نعت منصوب.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «صدّوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على صلة الموصول.
وجملة «ضلّوا ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
الفوائد
قوله تعالى قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا بَعِيداً قد حرف تحقيق وقد ورد للنحاة آراء حول قد عند دخولها على الماضي أو المضارع كما أوردوا لها عددا من المعاني هي:
1- تفيد التوقع، وذلك مع الفعل المضارع كقولك قد يقدم الغائب اليوم، إذا كنت تتوقع قدومه. وقد أثبت الكثيرون معنى التوقع مع الماضي. وقال الخليل: يقال (قد فعل) لقوم ينتظرون الخبر. ومن قول المؤذن قد قامت الصلاة، لأن الجماعة منتظرون ذلك. لكن ابن مالك قال: إنها في هذه الحال تدخل على ماض متوقع لكنها لا تفيد التوقع. وهذا هو الحق.
2- تقريب الماضي من الحال، ففي قولك قام زيد يحتمل الماضي القريب أو البعيد. أما في قولك قد قام زيد فيفيد الماضي القريب. ومن هنا اشترط عدم دخولها على ليس- عسى- نعم- بئس لأنهن للحال ... وهن جامدات وكذلك اشترط دخولها على الماضي الواقع حالا إما ظاهرة كقوله تعالى: وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا أو مقدرة نحو «أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ» أي قد حصرت صدورهم.
3- التقليل: وهو ضربان: تقليل وقوع الفعل نحو: «قد يصدق الكذوب،(6/247)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (169)
وقد يجود البخيل» أو تقليل متعلقه نحو قوله تعالى: قَدْ يَعْلَمُ ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ أي ما هم عليه أقل معلوماته تعالى.
4- التكثير قاله سيبويه في قول الهذلي:
قد أترك القرن مصفرا أنامله ... كأن أثوابه مجّت بفرصاد
القرن هو المكافئ في الشجاعة والفرصاد: التوت. وقال الزمخشري في قوله تعالى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ أي ربما نرى ومعناه تكثير الرؤية.
5- التحقيق: ويكون ذلك عند دخولها على الماضي كقوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها
[سورة النساء (4) : الآيات 168 الى 169]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (169)
الإعراب:
(إنّ الذين كفروا وظلموا) مثل نظيرتها المتقدّمة «1» ، (لم) حرف نفي وجزم (يكن) مضارع ناقص مجزوم وحرك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة اسم يكن مرفوع (اللام) لام الجحود (يغفر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام الجحود (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يغفر) .
والمصدر المؤوّل (أن يغفر) في محلّ جرّ متعلّق بخبر يكن.
(الواو) عاطفة (لا) نافية مؤكّدة للنفي (ليهدي) مثل ليغفر و (هم) ضمير مفعول به (طريقا) مفعول به منصوب.
__________
(1) في الآية السابقة (167) .(6/248)
والمصدر المؤوّل (أن يهدي) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به المصدر المؤوّل الأول فهو معطوف عليه.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ظلموا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «لم يكن الله ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «يغفر لهم» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يهديهم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
(169) (إلّا) أداة استثناء (طريق) مستثنى بإلّا منصوب على الاستثناء المتّصل (جهنّم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف (خالدين) حال مقدّرة من مفعول يهديهم منصوبة وعلامة النصب الياء (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خالدين) ، (أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق بخالدين (الواو) استئنافيّة (كان) فعل ماض ناقص (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع اسم كان.. و (اللام) للبعد والكاف للخطاب (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسيرا) وهو خبر كان منصوب.
وجملة «كان ذلك ... يسيرا» : لا محلّ لها استئنافيّة.(6/249)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (170)
[سورة النساء (4) : آية 170]
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً (170)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه، (الناس) بدل من أيّ تبعه في الرفع لفظا (قد) حرف تحقيق (جاء) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به (الرسول) فاعل مرفوع (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل جاء «1» ، (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) «2» ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (خيرا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته أي آمنوا إيمانا خيرا لكم «3» ، (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (خيرا) ، (الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (تكفروا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (لله) جارّ ومجرور متعلّق بخبر إنّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ (في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما (الواو) عاطفة (الأرض) معطوف على السموات مجرور مثله (الواو) استئنافيّة (كان الله عليما حكيما) مثله كان الله عزيزا حكيما «4» .
__________
(1) يجوز أن تكون الباء سببيّة فيتعلّق الجارّ بفعل جاء أي جاء بسبب الحقّ.
(2) أو متعلّق بمحذوف حال من الحقّ.
(3) وهذا اختيار الفرّاء، ويجوز أن يكون مفعولا به لفعل محذوف تقديره ائتوا، أو اقصدوا، وهو واجب الإضمار.
(4) في الآية (165) من هذه السورة.(6/250)
جملة «يأيّها الناس ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد جاءكم الرسول» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «آمنوا» : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي إن دعاكم فآمنوا.
وجملة «إن تكفروا» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «إنّ لله ما في السموات» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء أو هي تعليل لجواب مقدّر والتقدير فإنّ الله غني عنكم.
وجملة «كان الله عليما ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الفوائد
قوله تعالى: فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ في إعراب كلمة خيرا تضاربت أقوال النحاة وذهبت مذاهب شتى من التأويل والتقدير وسنعرضها مبينين أقربها إلى الصواب.
1- قال الخليل وسيبويه التقدير وآتوا خيرا، فهو مفعول به لفعل محذوف، لأنه لما أمرهم بالإيمان فهو يريد إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير منه.
2- وذهب بعضهم إلى أنها نائب مفعول مطلق، والتقدير فآمنوا إيمانا خيرا. وهذا رأي الفراء.
3- ويرى الكسائي أنه خبر لكان المحذوفة مع اسمها، والتقدير فآمنوا يكن الإيمان خيرا لكم. وهذا الرأي غير جائز عند البصريين لأن كان لا تحذف هي واسمها ويبقى خبرها إلا فيما لا بد منه. ويزيد ذلك ضعفا أن (يكون) المقدرة جواب شرط محذوف.
4- وقيل: هو حال وهذا وجه ضعيف. ولا يخفى بأن رأي الكوفيين باعتبار الكلمة خبرا لكان المحذوفة مع اسمها يتناسب مع المعنى ويكشفه، ولكنه كإعراب يتضارب مع قواعد اللغة، لأن التقدير له حالات مخصّصة ولا نستطيع أن نطلق العنان لأنفسنا في هذا المجال. وتبقى أسرار القرآن الكريم وكلام الله عز وجل فوق كل اعتبار وأكبر من أن يحيطها علم أو ينفذ إلى صميمها عقل بشر. فهو كلام الله المعجز.(6/251)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171)
[سورة النساء (4) : آية 171]
يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (171)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (لا) ناهية جازمة (تغلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (في دين) جارّ ومجرور متعلّق ب (تغلوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا تقولوا) مثل لا تغلوا (على الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من الحقّ أي موقوفا أو منطبقا على الله (إلّا) أداة حصر (الحقّ) مفعول به منصوب «1» ، (إنّما) كافّة ومكفوفة (المسيح) مبتدأ مرفوع (عيسى) بدل من المسيح مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (ابن) نعت لعيسى مرفوع مثله أو بدل منه (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (رسول) خبر المبتدأ المسيح مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (كلمة) معطوف على رسول مرفوع مثله، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (ألقى) فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف و (ها) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى مريم) جارّ ومجرور
__________
(1) يجوز أن يكون مفعولا مطلقا نائبا عن المصدر لأنه نوعه. [.....](6/252)
متعلّق ب (ألقى) ، وعلامة الجرّ الفتحة (الواو) عاطفة (روح) معطوف على رسول مرفوع مثله (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لروح. (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (آمنوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة (رسل) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا تقولوا) مثل الأول (ثلاثة) خبر لمبتدأ محذوف تقديره الآلهة (انتهوا) فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل (خيرا لكم) مثل آمنوا خيرا لكم في الآية السابقة (إنما الله) مثل إنّما المسيح (إله) خبر المبتدأ الله (واحد) نعت لإله مرفوع مثله (سبحانه) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (أن) حرف مصدري ونصب (يكون) مضارع ناقص منصوب «1» ، (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم ل (يكون) ، (ولد) اسم يكون مؤخّر مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن يكون له ولد) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف تقديره عن أن يكون ... متعلّق بسبحان.
(له) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر (في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما (الواو) عاطفة (ما في الأرض) مثل المتقدّمة ومعطوفة عليها (الواو) عاطفة (كفى) فعل ماض (الباء) حرف جرّ زائد (الله) لفظ الجلالة فاعل محلا مجرور لفظا (وكيلا) حال منصوبة «2» .
جملة «يا أهل الكتاب ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو هو تام و (لها) متعلّق ب (يكون) أو هو حال من ولد.. وولد فاعل له.
(2) أو تمييز منصوب.(6/253)
وجملة «لا تغلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «لا تقولوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «إنّما المسيح ... رسول الله» : لا محلّ لها استئناف بيانيّ أو تفسيريّة لمضمون الحقّ.
وجملة «ألقاها ... » : في محلّ نصب حال من (كلمته) بتقدير قد.
وجملة «آمنوا» : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: ان صدّقتم ذلك فآمنوا.
وجملة «لا تقولوا (الثانية) » : في محل جزم معطوفة على جملة آمنوا بالله.
وجملة « (الآلهة) ثلاثة» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «انتهوا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «إنّما الله إله ... » : لا محلّ لها تعليليّة لطلب الانتهاء.
وجملة « (نسبّح) سبحانه..» : لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة «يكون له ولد» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «له ما في السموات» : لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة، علّلت التنزيه.
وجملة «كفى بالله وكيلا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة له ما في السموات.(6/254)
لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172)
الفوائد
قوله تعالى: إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ الملاحظ أن همزة ابن قد ثبتت لأن النحويين اشترطوا في حذفها أن تقع بين علمين ثانيهما أب للأول وهنا الاسم الثاني هو اسم أم. ومن المعلوم أن همزة (ابن) و (ابنة) تحذف إذا وقعت بين علمين وأريد بها الوصف، وفي هذا الحال يمتنع تنوين العلم قبلها كقولنا خالد بن الوليد سيف الله المسلول. فهنا حذفت همزة ابن ويمتنع تنوين كلمة خالد. أما إذا وقعت بين علمين وأريد بها الإخبار فإن همزتها تثبت ويجب تنوين العلم قبلها فأقول جوابا لمن سألني عليّ ابن من؟ أقول: عليّ ابن أبي طالب. هنا وقعت بين علمين وأريد بها الإخبار لذلك وجب تنوين العلم قبلها وثبتت همزتها. كذلك إذا وقعت بين علم وغير علم فإنها تثبت همزتها كقولي: أنا ابن علي أو علي ابن الكرام. وكذلك تثبت همزتها إذا وقعت في أول السطر مطلقا
[سورة النساء (4) : آية 172]
لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (172)
الإعراب:
(لن) حرف نفي ونصب (يستنكف) مضارع منصوب (المسيح) فاعل مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (يكون) مضارع منصوب ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (عبدا) خبر يكون منصوب (لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (عبدا) .
والمصدر المؤوّل (أن يكون) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف متعلّق ب (يستنكف) والتقدير: عن أن يكون ...
(الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (الملائكة) معطوف على(6/255)
المسيح مرفوع مثله (المقرّبون) نعت للملائكة مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يستنكف) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عن عبادة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يستنكف) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يستكبر) مثل يستنكف ومعطوف عليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (السين) حرف استقبال (يحشر) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (هم) ضمير مفعول به «1» ، (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يحشر) ، (جميعا) حال منصوبة من الهاء في قوله يحشرهم.
جملة «لن يستنكف المسيح....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أن يكون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) وجملة «من يستنكف ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «يستنكف ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «يستكبر» : في محلّ رفع معطوفة على جملة يستنكف.
وجملة «يحشرهم» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(المقرّبون) ، جمع المقرّب، اسم مفعول من قرّب الرباعيّ ومنه مفعّل بضم الميم وفتح العين المشددة.
__________
(1) الضمير في (يستنكف) مفرد عاد على لفظ (من) ، والضمير في (سيحشرهم) الغائب عاد على معنى (من) أو على معنى من يستنكف ومن لم يستنكف، فثمة مقدّر يقتضيه سياق الآية الكريمة.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/256)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (173)
(عبادة) مصدر عبد يعبد باب نصر وزنه فعالة بكسر الفاء، وثمة مصادر أخرى للفعل هي عبودة، وعبوديّة ومعبد بفتح الميم والباء ومعبدة كذلك.
البلاغة
الإيجاز بالحذف: في قوله تعالى لَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ
فقد حذف عبادا لله أي ولا الملائكة المقربون أن يكونوا عبادا لله فحذف ذلك لدلالةَبْداً لِلَّهِ»
عليه إيجازا..
[سورة النساء (4) : آية 173]
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذاباً أَلِيماً وَلا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (173)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة تفريعيّة (أمّا) حرف شرط وتفصيل (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (عملوا) مثل آمنوا (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (الفاء) رابطة لجواب أمّا (يوفّي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله و (هم) ضمير مفعول به أوّل (أجور) مفعول به ثان منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يزيدهم) مثل يوفّيهم (من فضل) جارّ ومجرور متعلّق ب (يزيد) ، و (الهاء) مضاف إليه (الواو) عاطفة (أمّا الذين ... فيعذّبهم) تعرب كالمتقدّمة (عذابا) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو اسم المصدر منصوب (أليما) نعت منصوب.(6/257)
جملة «الذين آمنوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة من يستنكف.. «1» .
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عملوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «يوفّيهم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «يزيدهم ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة يوفّيهم.
وجملة «الذين استنكفوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الذين آمنوا.
وجملة «استنكفوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «استكبروا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة استنكفوا.
وجملة «يعذّبهم» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) الثاني.
(الواو) عاطفة (لا) نافية (يجدون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يجدون) «2» ، (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بحال من (وليّا) نعت تقدّم على المنعوت- (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (وليّا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي، (نصيرا) معطوف على (وليّا) منصوب مثله.
وجملة «لا يجدون ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة يعذّبهم.
__________
(1) في الآية السابقة (172) .
(2) أو متعلّق بمحذوف مفعول به ثان لفعل يجدون على أنه متعدّ لمفعولين، والمفعول الأول هو (وليّا) .(6/258)
يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174)
الفوائد
قوله تعالى: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا أمّا تعرب حرف شرط وتفصيل وسنعرض بعض آراء النحاة حولها:
1- هي حرف شرط وتفصيل وتوكيد. فأما الشرط بدليل لزوم الفاء بعدها بدليل قوله تعالى: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ. وأما التفصيل فهو غالب أحوالها كقوله تعالى:
أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ. وقد تأتي لغير تفصيل أصلا نحو: أما زيد فمنطلق. وأما التوكيد فقد ذكره وأحكم شرحه الزمخشري فإنه قال: فائدة (أما) في الكلام أن تعطيه فضل توكيد، تقول زيد ذاهب فإذا قصدت توكيد ذلك وأنه لا محالة ذاهب قلت: أما زيد فذاهب. ولذلك قال سيبويه في تفسيره لهذه الجملة «مهما يكن من شيء فزيد ذاهب. وهذا التفسير دلّ على فائدتين: كونه توكيدا ومعنى الشرط.
2- قوله تعالى: أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أمّا هنا أصلها أم المنقطعة وما الاستفهامية وأدغمت الميم في الميم للتماثل.
[سورة النساء (4) : آية 174]
يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً (174)
الإعراب:
(يا أيها.. برهان) مرّ إعرابها «1» ، (من ربّكم) جارّ ومجرور ومضاف إليه متعلّق بنعت لبرهان «2» ، (الواو) عاطفة (أنزلنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) فاعل (إلى) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزلنا) ، (نورا) مفعول به منصوب (مبينا) نعت منصوب.
__________
(1) في الآية (170) من هذه السورة.
(2) أو متعلّق ب (جاءكم) .(6/259)
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)
جملة «يا ايّها الناس ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد جاءكم برهان» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أنزلنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
الصرف:
(برهان) ، اسم بمعنى الحجّة من فعل برهن الرباعيّ وزنه فعلان بضم الفاء.
[سورة النساء (4) : آية 175]
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً (175)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (أمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به) مرّ إعراب نظيرها «1» ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (السين) حرف استقبال (يدخل) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (في رحمة) جارّ ومجرور متعلّق ب (يدخلهم) ، (من) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لرحمة (الواو) عاطفة (فضل) معطوف على رحمة مجرور مثله (الواو) عاطفة (يهديهم) مثل يدخلهم (إليه) مثل منه متعلّق بحال من (صراطا) - نعت تقدّم على المنعوت- (صراطا) مفعول به ثان منصوب (مستقيما) نعت منصوب.
جملة «أمّا الذين آمنوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) في الآية (173) من هذه السورة، وفي الكلام حذف استغني عنه بالمذكور أي: وأمّا الذين كفروا فلهم كذا وكذا....(6/260)
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
وجملة «آمنوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «اعتصموا به» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول.
وجملة «سيدخلهم..» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
وجملة «يهديهم» : في محلّ رفع معطوفة على جملة سيدخلهم.
البلاغة
المجاز المرسل: في قوله تعالى فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ لأن الرحمة لا يحل فيها الإنسان، لأنها معنى من المعاني، وإنما يحل في مكانها وهو الجنة.
فاستعمال الرحمة في مكانها مجاز أطلق فيه الحال وأريد المحل، فعلاقته الحالية.
[سورة النساء (4) : آية 176]
يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالاً وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (176)
الإعراب:
(يستفتون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يفتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (كم) ضمير مفعول به (في الكلالة) جارّ(6/261)
ومجرور متعلّق ب (يفتيكم) ، (إن) حرف شرط جازم (امرؤ) فاعل فعل محذوف يفسّره المذكور بعده أي إن هلك امرؤ (هلك) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ليس) فعل ماض جامد ناقص (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير مبني في محلّ جرّ متعلّق بخبر ليس (ولد) اسم ليس مرفوع (الواو) عاطفة (له) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم (أخت) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لها) مثل له متعلّق بخبر مقدّم (نصف) مبتدأ مؤخّر مرفوع (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (ترك) مثل هلك وضمير الفاعل يعود إلى الهالك (الواو) استئنافيّة (هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (يرث) مثل يفتي و (ها) ضمير مفعول به (إن) مثل الأول (لم) وحرف نفي (يكن) مضارع ناقص مجزوم فعل الشرط «1» ، (لها) مثل له متعلّق بخبر يكن (ولد) اسم يكن مرفوع، (الفاء) عاطفة (إن) مثل الأول (كانتا) فعل ماض ناقص مبني على الفتح في محلّ جزم فعل الشرط.. و (الألف) اسم كان (اثنتين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لهما الثلثان) مثل لها النصف (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بحال من (الثلثان) ، (ترك) مثل هلك (الواو) عاطفة (إن كانوا إخوة) مثل إن كانتا اثنتين (رجالا) بدل من إخوة (الواو) عاطفة (نساء) معطوف على رجال منصوب مثله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (للذكر) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم (مثل) مبتدأ مرفوع- وهو في
__________
(1) أو هو تام، والجارّ (له) متعلّق به أو حال من (ولد) وهو فاعل يكن.(6/262)
الأصل نعت لمبتدأ محذوف أي حظّ مثل حظّ الأنثيين- (حظّ) مضاف إليه مجرور (الأنثيين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء «1» ، (يبيّن) مثل يفتي (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (لكم) مثل له متعلّق ب (يبيّن) ، (أن) حرف مصدري ونصب (تضلّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن تضلّوا) في محلّ نصب مفعول لأجله على حذف مضاف أي خشية أن تضلّوا «2» .
(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (بكل) جارّ ومجرور متعلّق ب (عليم) ، (شيء) مضاف إليه مجرور (عليم) خبر المبتدأ الله.
جملة «يستفتونك ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قل ... » : لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة «الله يفتيكم ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «يفتيكم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «إن (هلك) امرؤ» : لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة «هلك (الظاهرة) : لا محلّ لها تفسيريّة.
وجملة «ليس له ولد» : في محلّ رفع نعت ل (امرؤ) .
__________
(1) انظر إعراب نظير هذه الآية في الآية (11) من هذه السورة.
(2) يجوز توجيه الإعراب في الآية بوجود حذف (لا) النافية بعد أن أي: لئلّا تضلّوا، فالمصدر المؤوّل في محلّ جرّ باللام المقدّرة متعلّق ب (يبيّن) .(6/263)
وجملة «له أخت» : في محلّ رفع معطوفة على جملة ليس له ولد.
وجملة «لها نصف ... » : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «ترك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «هو يرثها» : لا محلّ لها معطوفة على جملة إن (هلك) امرؤ «1» .
وجملة «يرثها» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (هو) .
وجملة «يكن لها ولد» : لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط.
محذوف دلّ عليه ما قبله أي فهو يرثها.
وجملة «كانتا اثنتين» : لا محلّ لها معطوفة على على جملة إن لم يكن....
وجملة «لهما الثلثان» : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «ترك (الثانية) » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «كانوا أخوة» : لا محلّ لها معطوفة على جملة إن كانتا اثنتين «2» .
وجملة «للذكر مثل حظّ ... » : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «يبيّن الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافيّة أصلا.
(2) أو هي استئنافيّة. [.....](6/264)
وجملة «أن تضلّوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «الله ... عليم» : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(يستفتونك) : فيه إعلال بالحذف أصله يستفتينوك بضم الياء الثانية ثم نقلت حركتها إلى التاء قبلها، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع واو الفاعل.. وزنه يستفعونك.
انتهت سورة النساء وتليها سورة المائدة.(6/265)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ (1)
سورة المائدة
من الآية 1- الى الآية 81)
[سورة المائدة (5) : آية 1]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ (1)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادي نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب و (ها) للتنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (أوفوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (بالعقود) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوفوا) ، (أحلّت) فعل ماض مبني للمجهول..
و (التاء) للتأنيث (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أحلّت) ، (بهيمة) نائب فاعل مرفوع (الأنعام) مضاف إليه مجرور (إلّا) أداة استثناء (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب على الاستثناء المتّصل- أي إلّا ما حرّم عليكم بحكم الآيات المتلوّة- «1» ، (يتلى) مضارع مبني للمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف،
__________
(1) كان الاستثناء متّصلا لأن البهائم المحرّمة في الآيات المتلوّة من جنس المستثنى منه في قوله (بهيمة الأنعام) ففي الكلام حذف مضاف أي: إلا محرّم ما يتلى عليكم.. وقد جعله بعضهم من الاستثناء المنقطع بحسب التخريج التالي: في قوله (إلّا ما يتلى عليكم) إن كان المراد به ما جاء بعده في قوله تعالى «حرّمت عليكم الميتة والدم ... » : استثناء منقطع إلا تختصّ الميتة وما ذكر معها بالظباء وخمر الوحش وبقرة فتصير الآية: لكن ما يتلى عليكم أي تحريمه فهو محرّم ... إلخ.(6/266)
ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عليكم) مثل لكم متعلّق ب (يتلى) (غير) حال منصوبة من ضمير الخطاب في لكم (محلّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء، وحذفت النون للإضافة (الصيد) مضاف إليه مجرور (الواو) حاليّة (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (حرم) خبر مرفوع (إنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم انّ منصوب (يحكم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) مثل الأول مفعول به (يريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو.
جملة «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة «آمنوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أوفوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء (استئنافيّة) .
وجملة «أحلّت لكم بهيمة ... » : لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة «يتلى ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أنتم حرم» : في محلّ نصب حال «1» .
وجملة «إنّ الله يحكم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يحكم ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «يريد» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
__________
(1) هذه الحال جعلها الزمخشري من (محلّي الصيد) ، وقد ردّ ذلك أبو حيّان بقوله:
وقد بيّنا فساد هذا القول بأن الأنعام مباحة مطلقا لا بالتقييد بهذه الحال. أهـ فهي حال من الضمير في لكم باستثناء ثان أي وإلّا الصيد وأنتم حرم لأن معنى (محلّي الصيد) هو الصيد المحلّ (البحر المحيط ج 3 ص 413 وما بعد) .(6/267)
الصرف:
(أوفوا) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، وأصله أوفيوا، نقلت الضمة من الياء إلى الفاء ثم حذفت الياء لسكونها وسكون واو الجماعة. وزنه أفعوا.
(العقود) ، جمع العقد وهو الربط المعنوي بمعنى العهد، وهو مصدر عقد يعقد باب ضرب وزنه فعل بفتح فسكون، ووزن العقود الفعول بضمّ الفاء.
(بهيمة) ، اسم جامد لكلّ ذات أربع قوائم، وزنه فعيلة.
(محلّي) ، جمع محلّ، اسم فاعل من أحلّ الرباعيّ وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين.
(الصيد) ، مصدر صاد يصيد باب ضرب.. ويجوز أن يكون بمعنى المصيد أي اسم المفعول وزنه فعل بفتح فسكون.
(حرم) ، جمع حرام، صفة مشبّهة لاسم الفاعل بمعنى محرم، وزنه فعال بفتح الفاء، جمعه فعل بضمّتين.
الفوائد
رواية عن الفيلسوف الكندي ذكروا أن الكندي الفيلسوف قال له أصحابه: أيها الحكيم اعمل لنا مثل هذا القرآن فقال: نعم اعمل مثل بعضه فاحتجب أياما كثيرة ثم خرج فقال: والله ما أقدر ولا يطيق هذا أحد، إني فتحت المصحف فخرجت سورة المائدة، فنظرت فإذا هو نطق بالوفاء ونهى عن النكث وحلل تحليلا عاما ثم استثنى استثناء ثم أخبر عن قدرته وحكمته في سطرين، لا يقدر أحد أن يأتي بهذا إلا في أجلاد.(6/268)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)
[سورة المائدة (5) : آية 2]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (2)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها في الآية السابقة (لا) ناهية جازمة (تحلّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (شعائر) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (الشهر) معطوف على شعائر منصوب مثله (الحرام) نعت للشهر منصوب (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة (لا) زائدة لتأكيد النفي في المواضع الثلاثة (الهدي، القلائد، آمّين) أسماء معطوفة على شعائر منصوبة مثله والثالث على حذف مضاف أي قتال آمّين «1» وعلامة نصب هذا الأخير الياء (البيت) مفعول به لاسم الفاعل آمّين منصوب (الحرام) نعت للبيت منصوب (يبتغون) مضارع مرفوع والواو فاعل (فضلا) مفعول به منصوب (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بنعت ل (فضلا) ، (وهم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (رضوانا) معطوف على (فضلا) منصوب مثله (الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب، (حللتم)
__________
(1) أو شعائر آمّين البيت أي لا تحدثوا في أشهر الحجّ ما تصدّون به الناس عن الحجّ.(6/269)
فعل ماض وفاعله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اصطادوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (يجرمنّكم) مضارع مبني على الفتح في محلّ جزم. و (النون) نون التوكيد و (كم) ضمير مفعول به (شنآن) فاعل مرفوع (قوم) مضاف إليه مجرور (أن) حرف مصدري (صدّوا) مثل آمنوا.. (كم) ضمير مفعول به (عن المسجد) جارّ ومجرور متعلّق ب (صدّوكم) ، (الحرام) نعت للمسجد مجرور مثله.
والمصدر المؤوّل (أن صدّوكم) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف هو اللام أي لصدّهم إياكم، متعلّق ب (يجرمنّكم) .
(أن) حرف مصدّري ونصب (تعتدوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أن تعتدوا) في محلّ نصب مفعول به ثان لفعل يجرمنّكم «1» .
(الواو) عاطفة (تعاونوا) مثل اصطادوا (على البرّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (تعاونوا) ، (الواو) عاطفة (التقوى) معطوف على البرّ مجرور مثله وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (لا تعاونوا) مثل لا تحلّوا- وقد حذف من الفعل إحدى التاءين- (على الإثم) جارّ ومجرور متعلّق ب (تعاونوا) ، (الواو) عاطفة (العدوان) معطوف على الإثم مجرور مثله (الواو) عاطفة (اتّقوا) مثل تعاونوا الأوّل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ
__________
(1) ويجوز أن يكون في محل جرّ بحرف جرّ محذوف أي على الاعتداء عليهم، وقد صرّح بالحرف في الآية (8) الآتية.(6/270)
منصوب (شديد) خبر إنّ مرفوع (العقاب) مضاف إليه مجرور.
جملة النداء «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تحلّوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يبتغون ... » : في محلّ نصب حال من الضمير في آمّين.
وجملة «حللتم» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «اصطادوا» : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «لا يجرمنّك شنآن ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «صدّوكم» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «تعتدوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
وجملة «تعاونوا ... » : لا محل لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «لا تعاونوا ... » : لا محل لها معطوفة على جملة تعاونوا.
وجملة «اتّقوا الله» لا محل لها معطوفة على جملة تعاونوا.
وجملة «إنّ الله شديد ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
الصرف:
(شعائر) ، جمع شعيرة، اسم لمعالم الدين وحرماته، وقد قلبت ياء المفرد همزة في الجمع، فوزنه في المفرد فعيلة، وفي الجمع فعائل.
(القلائد) ، جمع قلادة، اسم جامد وزنه فعالة بكسر الفاء، وقد(6/271)
قلبت الياء إلى همزة في الجمع فوزنه فعائل.
(آمّين) ، جمع امّ، اسم فاعل من أمّ يؤمّ باب نصر وزنه فاعل، وقد أدغمت عين الكلمة مع لأمها.
(اصطادوا) ، في الفعل إبدال تاء الافتعال (طاء) لمجيئها بعد حرف من أحرف الاطباق وهو الصاد، وأصله اصتادوا، وزنه افتعلوا.
(شنآن) ، مصدر شنأ يشنأ باب فرح، وزنه فعلان بفتحتين، وإذا سكّنت النون أصبح صفة مشبّهة.
(تعتدوا) ، في إعلال بالحذف، أصله تعتديوا، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت الى الدال وسكّنت الياء، ثمّ حذفت لالتقاء الساكنين.
(تعاونوا) الثاني: حذفت منه إحدى التاءين أصله تتعاونوا وزنه تفاعلوا.
الفوائد
الشهر الحرام:
الشهر الحرام يعني الأشهر الحرم وهي رجب وذو القعدة وذو الحجة والمحرم.
وقد حرم الله فيها القتال، وكانت العرب قبل الإسلام تحرمها ولكنها تتلاعب فيها وفق الأهواء، فينسئونها- أي يؤجلونها- بفتوى بعض الكهان، من عام إلى عام.
فلما جاء الإسلام شرع حرمتها، وأقام هذه الحرمة على أمر الله، يوم خلق الله السماوات والأرض كما قال في التوبة «إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ. ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ» وقرر أن النسيء زيادة في الكفر، وقد بين الله تعالى حكم القتال في الأشهر الحرم في سورة البقرة.(6/272)
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)
[سورة المائدة (5) : آية 3]
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ ما ذَكَّيْتُمْ وَما ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلامِ ذلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)
الإعراب:
(حرّمت) فعل ماض مبني للمجهول.. و (التاء) للتأنيث (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (حرمت) ، (الميتة) نائب فاعل مرفوع (الواو) عاطفة في المواضع العشرة الآتية (الدم، لحم) اسمان معطوفان على الميتة مرفوعان مثله (الخنزير) مضاف إليه مجرور (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع معطوف على الميتة (أهلّ) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (لغير) جارّ ومجرور متعلّق ب (أهلّ) (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أهلّ) ، (المنخنقة، الموقوذة، المتردّية، النطيحة) أسماء معطوفة على الميتة مرفوع مثله (ما) مثل الأول (أكل) فعل ماض (السبع) فاعل مرفوع (إلّا) أداة استثناء (ما) مثل الأول في محلّ نصب على الاستثناء (ذكّيتم) فعل ماض مبني على السكون.. و (تم) فاعل (ما ذبح على النصب) مثل ما أهلّ لغير الله (أن) حرف مصدريّ ونصب (تستقسموا)(6/273)
مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (بالأزلام) جارّ ومجرور متعلّق ب (تستقسموا) .
والمصدر المؤوّل (أن تقتسموا..) في محلّ رفع معطوف على الميتة.
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (فسق) خبر مرفوع (اليوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (يئس) وهو مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (كفروا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (من دين) جارّ ومجرور متعلّق ب (يئس) ، و (كم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تخشوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (اخشوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (النون) للوقاية، ومفعول اخشوا محذوف هو ضمير المتكلّم أي: اخشوني. (اليوم) مثل الأول متعلّق ب (أكملت) وهو فعل ماض وفاعله (لكم) مثل عليكم متعلّق ب (أكملت) ، (دين) مفعول به منصوب و (كم) مضاف إليه (الواو) عاطفة (أتممت عليكم نعمتي) مثل أكملت لكم دينكم (الواو) عاطفة (رضيت) مثل أكملت (لكم) مثل عليكم متعلّق ب (رضيت) «1» ، (الإسلام) مفعول به منصوب (دينا) حال منصوبة من الإسلام «2» .
جملة «حرّمت ... الميتة» . لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أهلّ ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «أكل السبع» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
__________
(1) يجوز أن يتعلّق بمحذوف حال من الإسلام.
(2) وإذا ضمّن الفعل رضيت معنى صيّرت وجعلت، فدينا مفعول ثان له.(6/274)
وجملة «ذكّيتم» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة «ذبح على النصب» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الرابع.
وجملة «تستقسموا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «ذلكم فسق» : لا محلّ لها تعليليّة استئنافيّة.
وجملة «يئس الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تخشوهم» : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي إن يظهروا عليكم فلا تخشوهم.
وجملة «اخشون» : في محل جزم معطوفة على جملة فلا تخشوهم.
وجملة «أكملت ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أتممت ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أكملت.
وجملة «رضيت ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أكملت.
(الفاء) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (اضطرّ) فعل ماض مبني للمجهول في محلّ جزم فعل الشرط، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في مخمصة) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من نائب الفاعل (غير) حال ثانية منصوبة (متجانف) مضاف إليه مجرور (لإثم) جارّ ومجرور متعلّق بمتجانف (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (غفور) خبر إنّ مرفوع، (رحيم) خبر ثان مرفوع.(6/275)
وجملة «من اضطّر ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «اضطّر ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «إنّ الله غفور ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء «2» .
الصرف:
(المنخنقة) ، اسم فاعل من فعل انخنق الخماسيّ، فهو مؤنّث مذكّرة المنخنق وزنه منفعل بضم الميم وكسر العين.. وهي الدابّة الميّتة خنقا.
(الموقوذة) ، اسم مفعول لفعل وقذ يقذ باب ضرب بمعنى صرع أو ضرب حتّى الموت، والمذكّر موقوذ على وزن مفعول.
(المتردّية) ، مؤنث التردّي، اسم فاعل من تردّى يتردّى الخماسيّ، وزنه متفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
(النطيحة) ، صفة مشتقّة مؤنّث النطيح فعيل بمعنى مفعول من نطح الثلاثيّ.
(السبع) ، اسم جامد لكّل ذي ناب، وزنه فعل بفتح فضمّ.
(النصب) ، اسم جامد لما يعبد من دون الله، وزنه فعل بضمّتين ويجوز تسكين العين جمعه أنصاب.
(الأزلام) ، جمع زلم بفتح الزاي وضمّها مع فتح اللام وهو القدح بكسر القاف، اسم جامد لسهم لا ريش له ولا نصل.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) هذه الجملة هي تعليل في الحقيقة لجواب الشرط المقدّر.. والتقدير: فمن اضطر فلا يخش عقابا لأن الله غفور رحيم.(6/276)
(فسق) ، مصدر سماعيّ لفسق يفسق باب نصر وباب ضرب وباب كرم، وزنه فعل بكسر فسكون.
(مخمصة) ، مصدر ميمي لفعل خمص يخمص البطن باب فتح وباب فرح وباب كرم بمعنى فرغ وضمر، وزنه مفعلة بفتح الميم والعين.
(متجانف) ، اسم فاعل من تجانف بمعنى مال، وزنه متفاعل بضمّ الميم وكسر العين.
الفوائد
النطيحة هي كلمة على وزن فعيلة. والصفة على وزن فعيل إذا كانت بمعنى مفعول لا تلحقها تاء التأنيث، فيستوي فيها المذكر والمؤنث، فنقول امرأة جريح ورجل جريح هذا إذا سبقت بموصوف أو كان ما يدل عليه بقرينة. أما إذا انتفى ذلك فتلحقها تاء التأنيث، فنقول في الميدان ستة جرحى وقتيلة. وهناك أربع صيغ أخرى يستوي فيها المذكر والمؤنث في الوصف وهي:
1- وزن فعول بمعنى فاعل مثل: رجل صبور وامرأة صبور.
2- وزن مفعال: مثل مهذار (كثير الهذر) معطار (كثير التعطر) ومقوال أي فصيح، فنقول رجل مقوال وامرأة مقوال.
3- وزن مفعيل مثل: رجل معطير أو امرأة معطير أي كثيرة التعطر.
4- وزن مفعل: رجل مغشم وامرأة مغشم أي لا يثنيها شيء..
فائدة جليلة يستوي المذكر والمؤنث في المصادر حين يوصف بها فنقول: هذا قول حق وتلك قضية حق. وشذ أناس وادخلوا التاء على المصادر حين يكون الموصوف مؤنثا فقالوا: قضية حقة. وهذا خطأ شائع ينبغي اجتنابه(6/277)
يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (4)
[سورة المائدة (5) : آية 4]
يَسْئَلُونَكَ ماذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (4)
الإعراب:
(يسألون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (الكاف) مفعول به (ماذا) اسم استفهام في محلّ رفع مبتدأ «1» ، (أحلّ) فعل ماض مبني للمجهول، نائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أحلّ) ، (قل) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أحلّ لكم) مثل الأولى (الطيبات) نائب فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني محلّ رفع معطوف على الطيّبات، وهو على حذف مضاف أي صيد ما علّمتم أو ما في معناه «2» ، (علّمتم) فعل ماض وفاعله (من الجوارح) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ضمير الغائب المحذوف في علّمتم أي ما علّمتموه من الجوارح (مكلّبين) حالي منصوبة من فاعل علّمتم، وعلامة النصب الياء (تعلّمون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (هنّ) ضمير متّصل مبني في محلّ نصب مفعول به (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (تعلّمونهنّ) ، (علّم) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع. (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (كلوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (ممّا) مثل الأول (أمسكن) فعل
__________
(1) يجوز إعراب (ما) مبتدأ و (ذا) اسم موصول خبر، والجملة صلة.. ولكنّ الإعراب أعلاه أرجح لأنه قد أجيب بجملة فعليّة.
(2) يجوز أن تكون (ما) شرطيّة جازمة في محلّ رفع مبتدأ.. وجوابها (فكلوا) .(6/278)
ماض وفاعله (عليكم) مثل لكم متعلّق ب (أمسكن) (الواو) عاطفة (اذكروا) مثل كلوا (اسم) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف اليه مجرور (عليه) مثل لهم متعلّق ب (اذكروا) ، (الواو) عاطفة (اتّقوا الله) مثل اذكروا اسم ... (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (سريع) خبر مرفوع (الحساب) مضاف إليه مجرور.
جملة «يسألونك ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ماذا أحلّ ... » : في محلّ نصب مفعول به ثان ل (يسألون) المعلّق بالاستفهام.
وجملة «أحلّ لهم» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (ماذا) .
وجملة «قل ... » : لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة «أحلّ لكم الطيّبات» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «علّمتم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «تعلّمونهنّ» : في محلّ نصب حال من فاعل علّمتم «1» .
وجملة «علّمكم الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «كلوا» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن صدتم شيئا فكلوا....
وجملة «أمسكن ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة «اذكروا ... » : في محل جزم معطوفة على جملة كلوا ...
وجملة «اتّقوا الله» : في محل جزم معطوفة على جملة كلوا.
__________
(1) يجوز أن تكون مستأنفة لا محلّ لها، أو اعتراضيّة في وجه إعراب (ما) شرطيّة جازمة، إذ تعترض بين الشرط والجواب.(6/279)
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلَا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (5)
وجملة «إنّ الله سريع الحساب» : لا محلّ لها تعليليّة.
الصرف:
(الجوارح) ، جمع جارحة مؤنّث جارح، اسم فاعل يطلق لما يصيد من السباع والطير والكلاب وزنه فاعل.
(مكلّبين) ، جمع مكلّب، اسم فاعل من كلّب الرباعيّ أي أرسل الكلب على الصيد، وزنه مفعّل بضمّ الميم وكسر العين المشدّدة.
[سورة المائدة (5) : آية 5]
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (5)
الإعراب:
(اليوم) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (أحلّ) ، (أحلّ لكم الطيّبات) مثل المتقدّمة «1» ، (الواو) عاطفة (طعام) مبتدأ مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (أوتوا) فعل ماض مبني للمجهول مبني على الضمّ.. والواو ضمير متّصل في محلّ رفع نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (حلّ) خبر مرفوع (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحلّ (الواو) عاطفة (المحصنات) معطوف على الطيّبات مرفوع مثله «2» ، (من المؤمنات) جارّ ومجرور متعلّق
__________
(1) في الآية السابقة (4) .
(2) يجوز أن يكون مبتدأ خبره محذوف دلّ عليه ما قبله أي: المحصنات من المؤمنات ... حلّ لكم.(6/280)
بحال من الضمير في المحصنات (الواو) عاطفة (المحصنات) مثل الأول (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بحال من الضمير في المحصنات الثاني (أوتوا) مثل الأول (الكتاب) مفعول به منصوب (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوتوا) ، (كم) ضمير مضاف إليه (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط «1» في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب (آتيتم) فعل ماض وفاعله و (الواو) زائدة إشباع حركة الميم و (هنّ) ضمير مفعول به أوّل (أجور) مفعول به ثان منصوب و (هنّ) مضاف إليه (محصنين) حال منصوبة من فاعل آتيتم (غير) حال ثانية من فاعل آتيتم «2» منصوبة (مسافحين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (متخذي) معطوف على غير منصوب مثله وعلامة النصب الياء وحذفت النون للإضافة (أخدان) مضاف إليه مجرور.
جملة «أحلّ لكم الطيّبات» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «طعام الذين ... » : لا محلّ معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «أوتوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «طعامكم حلّ لهم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة طعام الذين.
وجملة «أوتوا الكتاب (الثانية) » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «آتيتموهنّ ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجواب
__________
(1) يجوز أن يكون الظرف مجرّدا من الشرط وهو متعلّق بخبر المبتدأ المحصنات أي حلّ لكم حين تؤتونهنّ أجورهنّ. [.....]
(2) يجوز أن يكون حالا من الضمير في محصنين.. أو نعتا لمحصنين منصوبا.(6/281)
(اطّهّروا) فعل أمر مثل اغسلوا (الواو) عاطفة (إن كنتم مرضى) مثل إن كنتم جنبا، وعلامة النصب في مرضى الفتحة المقدّرة على الألف (أو) حرف عطف (على سفر) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف معطوف على مرضى أي موجودين على سفر (أو) مثل الأول (جاء) فعل ماض (أحد) فاعل مرفوع (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لأحد (من الغائط) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) ، (أو) مثل الأول (لامستم) مثل قمتم (النساء) مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تجدوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (ماء) مفعول به منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (تيمّموا) مثل اغسلوا (صعيدا) مفعول به منصوب (طيّبا) نعت ل (صعيدا) منصوب مثله (الفاء) عاطفة للتفريع (امسحوا) مثل اغسلوا (الباء) زائدة «1» ، (وجوه) مجرور لفظا منصوب محلا مفعول به و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أيديكم) معطوف على وجوهكم تبعه في الجرّ لفظا..
ومضاف إليه وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة (منه) مثل منكم متعلّق ب (امسحوا) . (ما) نافية (يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) زائدة (يجعل) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من حرج- نعت تقدّم على المنعوت «2» - (من) حرف جرّ زائد (حرج) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك (يريد) مثل الأول (ليطهّر) مثل ليجعل و (كم) ضمير مفعول به.
__________
(1) يجوز أن تكون أصليّة للإلصاق فتتعلّق مع مجرورها ب (امسحوا) .. وانظر إعراب هذه الآية في سورة النساء، الآية (63)
(2) يجوز تعليقه ب (يجعل) أو يحرج، وإن تعدّى الفعل لاثنين فهو مفعول ثان.(6/282)
والمصدر المؤوّل (أن يجعل) في محلّ نصب مفعول به ل (يريد) الأول..
والمصدر المؤوّل (أن يطهّر) في محل نصب مفعول به ل (يريد) الثاني.
(الواو) عاطفة (ليتمّ) مثل ليجعل (نعمة) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (عليكم) مثل الأول متعلّق ب (يتم) .
والمصدر المؤوّل (أن يتّم) في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤوّل (أن يطهّر) .
(لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تشكرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة النداء «يأيّها الذين» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «الشرط وفعله وجوابه» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «قمتم الى الصلاة» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «اغسلوا ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «امسحوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب الشرط.
وجملة «كنتم جنبا» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «اطّهّروا» : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «كنتم مرضى ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء أو جملة كنتم جنبا.
وجملة «جاء أحد ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة كنتم مرضى.(6/283)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)
الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي فهنّ حلّ لكم.
(الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يكفر) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالإيمان) جارّ ومجرور متعلّق ب (يكفر) على حذف مضاف أي بموجب الإيمان وهو الله (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (حبط) فعل ماض (عمل) فاعل مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (في الآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بما تعلّق به (من الخاسرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ، وعلامة الجرّ الياء.
وجملة «من يكفر ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يكفر بالإيمان» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «قد حبط عمله» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «هو ... من الخاسرين» : في محلّ جزم معطوفة على جملة الجواب- أو استئنافيّة لا محلّ لها.
الصرف:
(متّخذي) ، جمع متّخذ، اسم فاعل من اتّخذ الخماسيّ، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
[سورة المائدة (5) : آية 6]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ما يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6)
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/284)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها آنفا «1» ، (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجواب (قمتم) فعل ماض وفاعله (إلى الصلاة) جارّ ومجرور متعلّق ب (قمتم) (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اغسلوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو ضمير في محلّ رفع فاعل (وجوه) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أيديكم) مضاف معطوف على وجوه منصوب ومضاف إليه (الى المرافق) جارّ ومجرور متعلّق ب (اغسلوا) «2» ، (الواو) عاطفة (امسحوا) مثل اغسلوا (الباء) زائدة «3» (رؤوس) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به و (كم) ضمير مضاف إليه (أرجلكم) معطوف على وجوه بالواو منصوب مثله ومضاف إليه (إلى الكعبين) جارّ ومجرور متعلّق بما تعلّق به الجارّ (إلى المرافق) لأنه من تتمّة العطف وعلامة الجرّ الياء (الواو) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط..
و (تم) ضمير اسم كان (جنبا) خبر كان منصوب (الفاء) رابطة لجواب الشرط
__________
(1) في الآية (1) من هذه السورة.
(2) يجوز تعليقه بحال من أيدي أي: اغسلوا أيديكم مضافا إلى المرافق.
(3) أو أصليّة للإلصاق فتتعلّق مع مجرورها ب (امسحوا) .(6/285)
وجملة «لامستم النساء» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جاء أحد.
وجملة «لم تجدوا ماء» : لا محلّ لها معطوفة على جملة لامستم....
وجملة «تيمّموا ... » : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
وجملة «امسحوا ... » : في محلّ جزم معطوفة على جملة تيمّموا «1» .
وجملة «ما يريد الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لكن يريد» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ما يريد.
وجملة «يجعل، يطهّر، يتم» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «لعلكم تشكرون» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «تشكرون» : في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(المرافق) ، جمع المرفق، اسم للعضو المعروف وزنه مفعل بكسر الميم وفتح العين أو بفتح الميم وكسر العين، ووزن المرافق مفاعل.
(الكعبين) ، مثنّى كعب، اسم للعظم الناشز فوق القدم من الجانبين، وزنه فعل بفتح فسكون.
(اطّهّروا) ، الأمر من اطّهّر بمعنى تطهّر، وهو وزن شاذ من أوزان المزيد وزنه افتعل بتشديد العين.. وفيه إبدال تاء الافتعال طاء لمجيئها بعد الطاء، ثمّ أدغمت الطاءان معا.
__________
(1) يجوز إعرابها تفسيريّة لا محلّ لها فسّرت الجملة السابقة تيمموا.(6/286)
البلاغة
الكناية: في قوله تعالى أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ فالمجيء من الغائط- وهو المطمئن أو المنخفض في الأرض- كناية عن الحدث، جريا على عادة العرب، وهي أن الإنسان منهم إذا أراد قضاء حاجة قصد مكانا منخفضا من الأرض وقضى حاجته فيه.
الفوائد
فرائض الوضوء:
إن الصلاة لقاء مع الله، ووقوف بين يديه- سبحانه- ودعاء مرفوع إليه ونجوى وإسرار، فلا بد لهذا الموقف من استعداد: تطهّر جسدي يصاحبه تهيؤ روحي ومن هنا كان الوضوء- فيما نحسب والعلم لله- وهذه هي فرائضه المنصوص عليها في هذه الآية:
غسل الوجه، وغسل الأيدي إلى المرافق، ومسح الرأس وغسل الرجلين إلى الكعبين وحول هذه الفرائض خلافات فقهية يسيرة ... أهمها هل هذه الفرائض على الترتيب الذي ذكرت به؟ أم تجزئ على غير ترتيب؟ قولان.. هذا في الحدث الأصغر، أما الجنابة- سواء بالمباشرة أو الاحتلام- فتوجب الاغتسال.
بين اللغة والتشريع قوله تعالى: إِلَى الْمَرافِقِ قيل إلى بمعنى (مع) كقوله: وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلى قُوَّتِكُمْ. وهذا قول ضعيف والصحيح أنها لانتهاء الغاية، وإنما وجب غسل المرافق بالسنة، لأنه ما لا يتم به الواجب فهو واجب، إذ لا بد من غسل المرافق ليتم غسل الأيدي. وأما قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ فقد اعتبر بعضهم الباء للتبعيض كالإمام الشافعي، واعتبر البعض أقل جزء منه، لذا أوجب مسح شعرة من الرأس وأنها تجزئ في الوضوء. وأخذ الإمام الحنفي بهذا الرأي، ولكنه اعتبر البعض ربع الرأس بناء على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واعتبر الإمام مالك بأن الباء للتوكيد بمعنى بكل رؤوسكم، فأوجب مسح الرأس جميعه. وللإمام أحمد قولان: قول بمسح جميع(6/287)
الرأس وقول بنصفه. وإنما أوردت ذلك لأبين قيمة المعنى في فهم الأحكام وعلاقة الإعراب بالمعنى، وعدم الإنكار على المجتهدين فيما اختلفوا فيه وقوله تعالى:
وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ يقرأ بنصب أرجلكم وبهذا تكون معطوفة على الوجوه والأيدي أي فاغسلوا وجوهكم وأيدكم وأرجلكم والسنة الواردة بغسل الرجلين تقوّي هذا المعنى وقيل بأن الأرجل معطوفة على موضع الرؤوس، لأن الباء زائدة والرؤوس منصوبة محلا والوجه الأول أقوى لأن العطف على اللفظ أقوى من العطف على الموضع. وهناك قراءة بالجر هي مشهورة كشهرة النصب وفيها وجهان:
أحدهما: أنها معطوفة على الرؤوس في الإعراب، والحكم مختلف، فالرءوس ممسوحة والأرجل مغسولة، أي فامسحوا برؤوسكم واغسلوا بأرجلكم، وذلك كقولنا علفتها تبنا وماء، أي علفتها تبنا وسقيتها ماء. وإنما العطف لجامع بينهما وهو الكفاية. وكذلك العطف في الآية لجامع بينهما وهو التطهر. والوجه الثاني أن يكون جر الأرجل بحرف جر محذوف مقدر: وافعلوا بأرجلكم غسلا، وهذا جائز في اللغة والقواعد، وله شواهد ويؤيد الغسل قوله تعالى: إِلَى الْكَعْبَيْنِ لأن الممسوح ليس بمحدود لفتة جميلة:
قال تعالى: إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ وفي الجنابة «وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى» لأن إذا تدخل على ما هو حاصل ومنتظر، وإن تدخل على ما هو متوقع ومحتمل، لذا فهم بأن الصلاة حاصلة دائما دون تخلف، أما الجنابة فهي شيء طارئ وليس دائما وهذا من دقة التعبير واختيار الكلام ليناسب المعنى. وقد بلغ القرآن الكريم المنتهى في هذا المجال، فلو حاول الإنسان أن يستبدل كلمة من القرآن الكريم بمرادف لها أو بديل عنها حتى ولو كان لها مائة مرادف، فإنه لن يجد أنسب منها في موضعها من الآية سواء من ناحية المعنى أو التناسق أو النغم المتآلف في آيات القرآن الكريم.(6/288)
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7)
[سورة المائدة (5) : آية 7]
وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (7)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (اذكروا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (نعمة) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف مجرور (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من نعمة «1» (الواو) عاطفة (ميثاق) معطوف على نعمة منصوب مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الذي) اسم موصول مبني في محلّ نصب نعت لميثاق (واثق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (واثقكم) ، (إذ) ظرف للماضي مبني في محلّ نصب متعلّق ب (واثقكم) «2» ، (قلتم) فعل ماض وفاعله (سمعنا) فعل وفاعل (الواو) عاطفة (أطعنا) مثل سمعنا (الواو) عاطفة اتّقوا الله) مثل اذكروا نعمة ...
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (عليم) خبر إنّ مرفوع (بذات) جارّ ومجرور متعلّق بعليم (الصدور) مضاف إليه مجرور.
جملة «اذكروا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء في الآية السابقة.
وجملة «واثقكم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
وجملة «قلتم ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «سمعنا» : في محلّ نصب مقول القول.
__________
(1) يجوز تعليقه بنعمة.
(2) أو بمحذوف حال من الهاء في به.. أو في محلّ نصب بدل من نعمة.(6/289)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)
وجملة «أطعنا» : في محلّ نصب معطوفة على جملة سمعنا.
وجملة «اتّقوا الله» : لا محلّ لها معطوفة على جملة اذكروا.
وجملة «إنّ الله عليم ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
[سورة المائدة (5) : آية 8]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (8)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (كونوا) فعل أمر ناقص مبني على حذف النون.. والواو اسم كونوا (قوّامين) خبر الناقص منصوب وعلامة النصب الياء (لله) جارّ ومجرور متعلّق بقوامين (شهداء) خبر ثاني للناقص منصوب (بالقسط) جارّ ومجرور متعلّق بشهداء (الواو) عاطفة (لا يجرمنّكم شنآن قوم على ألا تعدلوا) مرّ إعراب نظيرها «2» ، (اعدلوا) مثل اذكروا «3» ، (هو) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ، والضمير يعود إلى العدل المفهوم من قوله اعدلوا (أقرب) خبر مرفوع (للتقوى) جارّ ومجرور متعلّق بأقرب (الواو) عاطفة (اتّقوا الله إنّ الله خبير) مرّ إعرابها «4» (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (خبير) «5» ، (تعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
__________
(1) في الآية (1) من هذه السورة.
(2، 3) في الآية (2) من هذه السورة.
(4) في الآية السابقة (7) .
(5) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ.. أو نكرة موصوفة والجملة بعده نعت. [.....](6/290)
جملة النداء «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كونوا قوّامين» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «لا يجرمنّكم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «لا تعدلوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «اعدلوا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «هو أقرب للتقوى» : لا محلّ لها تعليليّة.. استئناف بيانيّ.
وجملة «اتّقوا الله» : لا محلّ لها معطوفة على جملة اعدلوا.
وجملة «إنّ الله خبير» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «تعملون» : لا محلّ لها صلة الموصول الاسميّ أو الحرفيّ.
البلاغة
التكرير في طلب العدل: في قوله تعالى عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا وذلك إما لاختلاف السبب كما قيل إن الأول نزل في المشركين وهذا في اليهود، أو لمزيد الاهتمام بالعدل والمبالغة في إطفاء ثائرة الغيظ.
الفوائد
إقامة العدل:
لقد نهى الله الذين آمنوا من قبل- الآية- أن يحملهم الشنآن لمن صدوهم عن المسجد الحرام، على الاعتداء وكان ذلك قمة في ضبط النفس والسماحة، ولكن هذه الآية تأمر المؤمنين بقمة أكبر من تلك، فها هم أولاء ينهون أن يحملهم الشنآن على أن يميلوا عن العدل.. وهي قمة أعلى مرتقى وأصعب على النفس وأشق.. فهي مرحلة وراء عدم الاعتداء والوقوف عنده، تتجاوز إلى إقامة العدل(6/291)
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (10)
مع الشعور بالكره والبغض، إن التكليف الأول أيسر لأنه إجراء سلبي ينتهي عند الكف عن الاعتداء، فأما التكليف الثاني فأشق لأنه إجراء إيجابي يحمل النفس على مباشرة العدل مع المبغوضين المشنوئين.
[سورة المائدة (5) : الآيات 9 الى 10]
وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ (9) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (10)
الإعراب:
(وعد) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (عملوا) مثل آمنوا (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة، والمفعول الثاني لفعل وعد محذوف تقديره الجنّة، (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (مغفرة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الواو) عاطفة (أجر) معطوف على مغفرة مرفوع مثله (عظيم) نعت لأجر مرفوع.
جملة «وعد الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عملوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «لهم مغفرة ... » : لا محلّ لها تفسيريّة للمفعول الثاني تفسير السبب للمسبّب، فالجنّة مسبّبة عن المغفرة وحصول الأجر العظيم..
أو هي استئناف بيانيّ.
(الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول مبتدأ (كفروا) مثل آمنوا ومثله (كذّبوا) ، (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق ب (كذّبوا) ، و (نا) ضمير مضاف إليه (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف)(6/292)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
للخطاب (أصحاب) خبر مرفوع (الجحيم) مضاف إليه مجرور.
وجملة «الذين كفروا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة وعد الله ...
وجملة «كفروا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «كذّبوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أولئك أصحاب ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين) .
[سورة المائدة (5) : آية 11]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (11)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (اذكروا نعمة الله عليكم) كذلك مرّ إعرابها «2» ، (إذ) ظرف للزمن الماضي مبني في محلّ نصب متعلّق بنعمة «3» ، (همّ) فعل ماض (قوم) فاعل مرفوع (أن) حرف مصدري ونصب (يبسطوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون..
والواو فاعل (إلى) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يبسطوا) ، (أيدي) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يبسطوا) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف هو
__________
(1) في الآية (1) من هذه السورة.
(2) في الآية (7) من هذه السورة.
(3) أو هو بدل من نعمة.(6/293)
الباء متعلّق ب (همّ) ، والتقدير: همّ قوم ببسط أيديهم ...
(الفاء) عاطفة (كفّ) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أيديهم) مثل الأول (عنكم) مثل إليكم متعلّق ب (كفّ) ، (الواو) عاطفة (اتّقوا الله) مثل اذكروا نعمة ... (الواو) استئنافيّة (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتوكّل) ، وقدّم الجارّ للاهتمام به (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر، (اللام) لام الأمر (يتوكّل) مضارع مجزوم وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (المؤمنون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة النداء «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «اذكروا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «همّ قوم ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «يبسطوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «كفّ ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة همّ قوم.
وجملة «اتّقوا الله» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «ليتوكّل المؤمنون» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر «1» ..
وجملة الشرط المقدّرة استئنافيّة.
البلاغة
1- الكناية: في قوله تعالى: أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ» أي بأن يبطشوا بكم بالقتل والإهلاك. فالكلام كناية عن بطشهم.
__________
(1) أي: إن اتّكل الناس على غير الله فليتوكّل المؤمنون على الله.. وانظر إعراب هذا التركيب في الآية (122) والآية (160) من سورة آل عمران.(6/294)
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (12)
2- وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ فإظهار الأيدي لزيادة التقريع.
[سورة المائدة (5) : آية 12]
وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (12)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (أخذ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (ميثاق) مفعول به منصوب (بني) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (الواو) عاطفة (بعثنا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من اثني عشر (اثني) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بالمثنّى (عشر) جزء عدديّ مبني على الفتح لا محلّ له من الإعراب (نقيبا) تمييز منصوب (الواو) عاطفة (قال) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الياء) ضمير في محل نصب اسم إنّ (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر إنّ و (كم) ضمير مضاف إليه (اللام) موطّئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (أقمتم) مثل بعثنا وهو في محلّ جزم فعل الشرط (الصلاة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (آتيتم الزكاة) مثل أقمتم الصلاة (الواو) عاطفة (آمنتم)(6/295)
مثل بعثنا (برسل) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنتم) ، و (الياء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (عزّرتم) مثل بعثنا و (الواو) زائدة هي إشباع حركة الميم و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (أقرضتم الله) مثل أقمتم الصلاة (قرضا) مفعول مطلق منصوب نائب عن المصدر فهو اسم مصدر «1» ، (حسنا) نعت منصوب (اللام) واقعة في جواب القسم (أكفّرنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع.. و (النون) نون التوكيد، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (عنكم) مثل منهم متعلق ب (أكفرنّ) ، (سيّئات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لأدخلنّ) مثل (لأكفّرنّ) ، و (كم) ضمير مفعول به (جنّات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (من تحت) جارّ ومجرور متعلّق ب (تجري) «2» ، و (ها) ضمير مضاف إليه «3» ، (الأنهار) فاعل مرفوع. (الفاء) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (كفر) مثل أخذ في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل هو (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (كفر) ، (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (منكم) مثل منهم متعلّق بحال من فاعل كفر (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (ضلّ) فعل ماض والفاعل هو يعود على من (سواء) مفعول به منصوب (السبيل) مضاف إليه مجرور.. وفي الأصل: السبيل السويّ.
جملة «أخذ الله» : لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
__________
(1) يجوز أن يكون القرض بمعنى المقرض- بفتح الراء- فيكون مفعولا به منصوبا.
(2) أو بمحذوف حال من الأنهار.
(3) وهو على حذف مضاف أي من تحت أشجارها.(6/296)
وجملة «بعثنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أخذ.
وجملة «قال الله» : لا محلّ لها معطوفة على جملة أخذ.
وجملة «إنّي معكم» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «إن أقمتم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.. وهي داخلة في حيّز القول.
وجملة «آتيتم الزكاة» : لا محلّ لها معطوفة على جملة أقمتم الصلاة.
وجملة «آمنتم برسلي» : لا محلّ لها معطوفة على جملة أقمتم الصلاة.
وجملة «عزّرتموهم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة أقمتم الصلاة.
وجملة «أقرضتم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة أقمتم الصلاة.
وجملة «أكفّرنّ ... » : لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة «أدخلنّكم» : لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
وجملة «تجري ... الأنهار» : في محلّ نصب نعت لجنّات.
وجملة «من كفر» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفر» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «ضلّ سواء ... » : في محلّ جزم جواب الشرط الجازم مقترنة بالفاء.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/297)
الصرف:
(نقيبا) ، صفة مشبّهة باسم الفاعل وهي فعيل بمعنى فاعل، مشتقّ من التنقيب وهو التفتيش، وسمي بذلك لأنه يفتش عن أحوال القوم وأسرارهم، ويجوز أن يكون مبالغة اسم الفاعل كعليم وخبير.
البلاغة
1- إظهار الاسم الجليل: في قوله تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لتربية المهابة وتفخيم الميثاق وتهويل الخطب في نقضه.
2- الالتفات: في قوله تعالى وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً فهو التفات من الغيبة الى التكلم وذلك للجري على سنن الكبرياء. أو لأن البعث كان بواسطة موسى عليه السلام.
3- تقديم الجار والمجرور: على المفعول الصريح لما مر مرارا من الاهتمام بالمقدم والتشويق الى المؤخر.
4- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً حيث شبه الإنفاق في سبيل الخير أو التصدق بالصدقات المندوبة بالقرض، على سبيل المجاز.
5- الكناية الإيمائية: في قوله تعالى وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي فهو كناية إيمائية عن المجاهدة ونصرة دين الله تعالى ورسله عليهم الصلاة والسلام.
الفوائد
1- قوله تعالى: وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ ولقد: اختلف في الواو فمنهم من قال بأنها حرف قسم وجر والمقسم به محذوف، أي والله لقد وهذا الوجه الأقرب إلى الصواب، لأنه يؤول حسب أصل الكلام وأما الوجه الثاني فهو اعتبار الواو استئنافيّة، والقسم محذوف على تقدير والله لقد. وهذا الوجه فيه تكلف في التأويل ومن المعلوم أن اللام واقعة في جواب قسم مقدر والجملة بعدها جواب القسم لا محل لها من الإعراب.(6/298)
فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
2- إعراب الاسم بعد العدد:
1- يأتي المعدود بعد الأعداد من 11- 99 مفردا منصوبا ويعرب تمييزا، وقد ورد ذلك في قوله تعالى إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً و «هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً» فكل من كوكبا ونعجة: تمييز منصوب.
2- يعرب مضافا إليه بعد الأعداد من 3- 10 ويأتي جمعا مجرورا كقوله تعالى سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً 3- يعرب مضافا إليه ويأتي مفردا مجرورا بعد المائة والألف كقوله تعالى:
بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ وقوله: فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ
[سورة المائدة (5) : آية 13]
فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (13)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (الباء) حرف جرّ سببيّ (ما) زائدة (نقض) مجرور بالباء متعلق ب (لعنّاهم) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (ميثاق) مفعول به للمصدر نقض و (هم) ضمير مضاف إليه (لعنّا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل و (هم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (جعلنا) مثل لعنّا (قلوب) مفعول به منصوب (قاسية) مفعول به ثان منصوب (يحرّفون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الكلم) مفعول به منصوب (عن مواضع) جارّ ومجرور متعلّق ب (يحرّفون) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (نسوا) فعل ماض مبني على الضم. والواو فاعل (حظا) مفعول به منصوب (من) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلّق بنعت ل (حظّا) ، (ذكّروا) فعل ماض(6/299)
مبني للمجهول مبني على الضمّ.. والواو ضمير متصل مبني في محلّ رفع نائب فاعل (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ذكّروا) ، (الواو) عاطفة (لا) نافية (تزال) مضارع ناقص مرفوع، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (تطّلع) مضارع مرفوع، والفاعل أنت (على خائنة) جارّ ومجرور متعلّق ب (تطّلع) ، (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت لخائنة (إلّا) أداة استثناء (قليلا) منصوب على الاستثناء من الضمير في (منهم) ، (منهم) مثل الأول متعلّق بنعت ل (قليلا) . (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اعف) فعل أمر مبنّي على حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عنهم) مثل منهم متعلّق ب (اعف) ، (الواو) عاطفة (اصفح) مثل اعف مبني على السكون (إنّ الله) حرف مشبّه بالفعل واسمه (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (المحسنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «لعناهم» : لا محلّ استئنافيّة.
وجملة «جعلنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة لعنّاهم.
وجملة «يحرّفون ... » : في محلّ نصب حال من ضمير الغائب في (لعنّاهم) «1» .
وجملة «نسوا ... » : في محلّ نصب معطوفة على جملة يحرّفون.
وجملة «ذكّروا به» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «لا تزال ... » : في محلّ نصب معطوفة على جملة يحرّفون ...
وجملة «تطّلع ... » : في محلّ نصب خبر لا تزال.
__________
(1) يجوز أن تكون مستأنفة لا محلّ لها.(6/300)
وجملة «اعف عنهم» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن تابوا وأصلحوا فاعف عنهم.
وجملة «إنّ الله يحبّ ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «يحبّ المحسنين» : في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(قاسية) ، مؤنّث قاس، اسم فاعل من قسا يقسو وزنه فاعل، وفي (قاس) إعلال بالقلب وبالحذف أصله قاسو بكسر السين، قلبت الواو ياء لمجيئتها بعد كسر فأصبح قاسي.. ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين بالتنوين فأصبح قاس.
(نسوا) ، فيه إعلال بالتسكين والقلب، أصله نسيوا بضمّ الياء، استثقلت الضمّة على الياء فنقلت الحركة الى السين وسكّنت الياء- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لالتقاء الساكنين- سكون الياء وسكون واو الجماعة- فأصبح نسوا وزنه فعوا.
(تطّلع) ، فيه إبدال تاء الافتعال طاء، أصله تطتلع، وهذا الإبدال مطّرد في كلّ حال تأتي فيه تاء الافتعال بعد الطاء، وزنه تفتعل.
(خائنة) ، إمّا اسم فاعل والتاء للمبالغة أي شخص خائن، أو التاء للتأنيث على معنى طائفة أو نفس أو فعلة خائنة، وإمّا هو مصدر كالعاقبة لأن ثمّة قراءة على (خيانة) . والألف في خائنة منقلبة عن واو لأن الفعل خان يخون. وفي الكلمة إبدال حرف العلّة همزة بعد الألف شأن كلّ فعل معتلّ أجوف حيث يقلب حرف العلّة فيه همزة.
(اعف) ، في الكلمة إعلال بالحذف لمناسبة البناء، وزنه افع بضمّ العين.(6/301)
وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (14)
[سورة المائدة (5) : آية 14]
وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (14)
الإعراب:
(من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (أخذنا) «1» ، (قالوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (نصارى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (أخذنا) فعل ماض وفاعله (ميثاق) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (نسوا حظّا ممّا ذكّروا به) مرّ إعرابها «2» ، (الفاء) عاطفة (أغرينا) مثل أخذنا (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (أغرينا) «3» ، و (هم) ضمير مضاف إليه (العداوة) مفعول به منصوب (البغضاء) معطوف على العداوة بالواو منصوب (إلى يوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (أغرينا) «4» ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (الواو) استئنافيّة (سوف) حرف استقبال (ينبئ) مضارع مرفوع و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (ينبّئ) «5» ، (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ.. والواو اسم
__________
(1) يجوز أن يتعلّق الجارّ بمحذوف خبر مقدّم والمبتدأ مقدّر هو قوم أي ومن الذين قالوا إنّا نصارى قوم أخذنا ...
(2) في الآية السابقة (13) .
(3) أو بمحذوف حال من العداوة.
(4) أو بالعداوة والبغضاء.
(5) والعائد محذوف أي بما كانوا يصنعونه.. ويجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا يؤوّل هو والفعل بعده بمصدر في محلّ جرّ بالباء متعلّق بفعل ينبئهم ي ينبّئهم الله بصنعهم. [.....](6/302)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
كان (يصنعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة «أخذنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أخذ الله ميثاق «1» .
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّا نصارى» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «نسوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أخذنا.
وجملة «ذكّروا به» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أغرينا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة نسوا.
وجملة «ينبّئهم الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كانوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «يصنعون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
[سورة المائدة (5) : الآيات 15 الى 16]
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (قد) حرف تحقيق (جاء) فعل ماض و (كم) ضمير
__________
(1) في الآية (12) من هذه السورة.. ويجوز قطعها على الاستئناف، وحينئذ يتعلّق (من الذين) بما تعلّق به (منهم) في الآية السابقة لأنه معطوف عليه.(6/303)
مفعول به (رسول) فاعل مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه (يبيّن) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يبيّن) ، (كثيرا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (كنتم) فعل ماض ناقص. و (تم) ضمير اسم كان (تخفون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (من الكتاب) جارّ ومجرور متعلّق بحال من الضمير المحذوف في فعل تخفون أي:
تخفونه من الكتاب (الواو) عاطفة (يعفو) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الواو، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عن كثير) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعفو) ، (قد جاءكم) مثل الأول (من الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) «1» ، (نور) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (كتاب) معطوف على نور مرفوع مثله (مبين) نعت لكتاب مرفوع.
جملة النداء «يا أهل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد جاءكم رسولنا» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يبيّن ... » : في محلّ نصب حال من رسول.
وجملة «كنتم تخفون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «تخفون ... » : في محلّ نصب خبر كنتم.
وجملة «ويعفو ... » : في محلّ نصب معطوفة على جملة يبيّن «2» .
وجملة «قد جاءكم ... نور» : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو بمحذوف حال من نور.
(2) هذا إذا كان فاعل (يعفو) يعود إلى الرسول عليه السلام، ويجوز أن يكون الفاعل هو الله وحينئذ تكون الجملة استئنافيّة فلا محلّ لها.(6/304)
(يهدي) مثل يعفو، و (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير متّصل في محلّ جرّ متعلّق ب (يهدي) ، (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به أوّل (اتّبع) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (رضوان) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (سبل) مفعول به ثان عامله يهدي منصوب «1» ، (السلام) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (يخرج) مثل يعفو و (هم) ضمير مفعول به (من الظلمات) جارّ ومجرور متعلّق ب (يخرج) ، (إلى النور) مثل من الظلمات (بإذن) جارّ ومجرور متعلّق ب (يخرج) «2» والباء سببيّة و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يهدي) مثل الأول و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى صراط) جارّ ومجرور متعلّق ب (يهديهم) ، (مستقيم) نعت لصراط مجرور.
وجملة «يهدي به الله» : في محلّ رفع نعت ثان لكتاب «3» .
وجملة «اتّبع رضوانه» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «يخرجهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة، وجاء الضمير العائد جمعا لمعنى (من) «4» .
__________
(1) أو بدل من رضوان منصوب مثله، وفعل يهدي إمّا أن يكون متعدّيا إلى الثاني بغير حرف جرّ أو متعدّيا إلى الثاني ب (إلى) كما في تتمّة الآية، أو (باللام) كقوله تعالى:
«إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم» .
(2) أو بمحذوف حال من ضمير الغائب في (يخرجهم) .
(3) أو في محلّ نصب حال من كتاب لأنه موصوف.
(4) يجوز أن تكون الجملة معطوفة على جملة يهدي بتقدير الرابط أي يخرجهم به من الظلمات إلى النور.(6/305)
وجملة «يهديهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة «1»
الصرف:
(السلام) ، مصدر سماعيّ لفعل سلم يسلم باب فرح، وزنه فعال بفتح الفاء.
البلاغة
الاستعارة المكنية: في قوله تعالى قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ..
شبه النور بإنسان يهدي الناس الى الخير بجامع الهداية في كل، وحذف المشبه به، واستعار في النفس لفظ المشبه به المحذوف للمشبه، ورمز إليه بشيء من لوازمه وخصائصه وهو المجيء.
الاستعارة التصريحية الأصلية: في قوله تعالى وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أي من فنون الكفر والضلال الى الإيمان، والعلاقة المشابهة، وقد لفظ المشبه وأستعير بدله لفظ المشبه به، ليقوم مقامه ولما كان المشبه به مصرحا به في هذا المجاز سميت الاستعارة تصريحية، وسميت أصلية لأنها جارية في الاسم.
الفوائد
ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ويا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ.. آخر الآية وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ..
ومن ضمانات السلام في مجتمع الإسلام يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ وأيضا يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وهذا غيض من فيض من القواعد الأخلاقية والقيم التي أرساها القرآن الكريم والسنة الشريفة لإقامة السلام في المجتمع.
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة معطوفة على جملة يهدي بتقدير الرابط أي يهديهم به إلى صراط مستقيم.(6/306)
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
[سورة المائدة (5) : آية 17]
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17)
الإعراب:
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (كفر) فعل ماض (الذين) اسم موصول مبني في محل رفع فاعل (قالوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (هو) ضمير فصل «1» ، (المسيح) خبر إنّ مرفوع (ابن) نعت للمسيح أو بدل منه مرفوع (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ وفيه معنى الإنكار والتوبيخ (يملك) مضارع مرفوع (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بحال من (شيئا) - نعت تقدّم على المنعوت- (شيئا) مفعول به منصوب (إن) حرف شرط جازم (أراد) فعل ماض مبني في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أن) حرف مصدريّ ونصب (يهلك) مضارع منصوب، والفاعل ضمير تقديره هو.
والمصدر المؤوّل (أن يهلك) في محلّ نصب مفعول به عامله أراد.
(المسيح) مفعول به منصوب (ابن مريم) مثل الأولى (الواو) عاطفة (أمّ) معطوف على المسيح منصوب مثله و (الهاء) ضمير مضاف إليه
__________
(1) أو ضمير منفصل مبتدأ خبره المسيح، وجملة هو المسيح خبر إنّ.(6/307)
(الواو) عاطفة (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب معطوف على المسيح (في) حرف جرّ (الأرض) مجرور بفي متعلّق بمحذوف صلة من (جميعا) حال منصوبة من المسيح وأمّه والموصول. (الواو) استئنافيّة (لله) جارّ ومجرور متعلّق بخبر مقدّم (ملك) مبتدأ مؤخّر مرفوع (السموات) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (الأرض) معطوف على السموات مجرور مثله (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ معطوف على السموات (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما (هما) ضمير مضاف إليه (يخلق) مثل يملك (ما) مثل الأول مفعول به (يشاء) مثل يملك (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (على كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بقدير (شيء) مضاف إليه مجرور (قدير) خبر المبتدأ مرفوع.
جملة «قد كفر الذين ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّ الله هو المسيح ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «من يملك ... » : في محلّ جزم جواب شرط مقدر أي: إن أراد الله إهلاك الناس فمن يملك منه شيئا وجملة الشرط والجواب في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «يملك ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) .
وجملة «إن أراد ... » : لا محلّ لها تفسيريّة.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما تقدّم أي: فمن يملك من الله شيئا.
وجملة «يهلك ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «لله ملك السموات ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.(6/308)
وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)
وجملة «يخلق ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «يشاء» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «الله ... قدير» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
الفوائد
قوله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ (هو) الوجه الأقوى في إعرابها في مثل هذه الحالات أنها ضمير يفيد التوكيد والحصر لا محل له من الإعراب وهناك وجه آخر، إذ يعربه بعضهم ضميرا منفصلا في محل رفع مبتدأ والمسيح خبر وجملة هو المسيح في محل رفع خبر إن. وقد ورد هذا الأسلوب كثيرا في القرآن الكريم وذلك كقوله تعالى في سورة الكهف: إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً فالضمير أنا للتوكيد لا محل له من الإعراب وأقلّ: مفعول به ثان للفعل ترني، وهناك قراءة بضم كلمة أقلّ فيصبح الإعراب: أنا ضمير منفصل مبتدأ وأقل خبر مرفوع وجملة أنا أقل في محل نصب مفعول به ولكن الوجه الأول أقوى وهو يتناسب مع القراءة المشهورة وعلى هذا الوجه تقاس الآيات التي ورد فيها مثل هذه الحالة.
[سورة المائدة (5) : آية 18]
وَقالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصارى نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (قالت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث (اليهود) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (النصارى) معطوف على اليهود مرفوع مثله وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (نحن) ضمير منفصل(6/309)
مبني في محلّ رفع مبتدأ (أبناء) خبر مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (أحبّاء) معطوف على لفظ الجلالة بالواو و (الهاء) ضمير مضاف إليه (قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اللام) حرف جرّ (ما) اسم استفهام مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يعذّب) وهو مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الله (بذنوب) جار ومجرور متعلّق ب (يعذّب) والباء للسببيّة و (كم) ضمير مضاف إليه (بل) للإضراب والابتداء (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (بشر) خبر مرفوع (من) حرف جرّ (من) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بنعت لبشر (خلق) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو والعائد محذوف (يغفر) مضارع مرفوع والفاعل هو (لمن) مثل ممّن متعلّق ب (يغفر) ، (يشاء) مثل يغفر ومثله (يعذّب، يشاء الثاني) ، (من) موصول مفعول به (الواو) عاطفة (لله ما في السموات ... بينهما) مرّ إعرابها في الآية السابقة (الواو) عاطفة (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم (المصير) مبتدأ مؤخر مرفوع.
جملة «قالت اليهود ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «نحن أبناء الله ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لم يعذّبكم» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن صح قولكم فلم يعذّبكم، وجملة الشرط والجواب في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أنتم بشر» : لا محلّ استئنافيّة «1» .
__________
(1) أو في محلّ نصب مقول القول لفعل (قال) محذوفا أي: قال بل أنتم بشر.(6/310)
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
وجملة «خلق» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «يغفر ... » : لا محلّ لها استئنافيّة في حيّز القول.
وجملة «يشاء» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة «يعذّب ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة يغفر.
وجملة «يشاء (الثانية) » : لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثالث.
وجملة «لله ملك السموات ... » : لا محلّ معطوفة على جملة يغفر.
وجملة «إليه المصير» : لا محلّ لها معطوفة على جملة لله ملك السموات.
الصرف:
(أحبّاء) ، جمع حبيب، صفة مشبّهة لفعل حبّ يحبّ باب ضرب وزنه فعيل، ووزن أحبّاء أفعلاء.
[سورة المائدة (5) : آية 19]
يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (19)
الإعراب:
(يا أهل الكتاب ... يبين لكم) مرّ إعرابها «1» ، (على فترة) جار ومجرور متعلّق بحال من فاعل يبين أو من الضمير في لكم «2» ، (من الرسل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لفترة (أن) حرف مصدريّ ونصب (تقولوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (ما)
__________
(1) في الآية (15) من هذه السورة.
(2) يجوز تعليقه بفعل جاء أي: على حين فتور من الإرسال.(6/311)
نافية (جاء) فعل ماض و (نا) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ زائد (بشير) مجرور لفظا مرفوع محلا فاعل جاء (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (نذير) معطوف على بشير تبعه في الجرّ لفظا.
والمصدر المؤوّل (أن تقولوا) في محلّ جرّ بلام محذوفة مع لا النافية متعلّق ب (جاءكم) «1» والتقدير: لئلا تقولوا.
(الفاء) عاطفة (قد جاءكم بشير) مثل قد جاءكم رسولنا (الواو) عاطفة (نذير) معطوف على بشير مرفوع (الواو) استئنافيّة (الله ... قدير) مرّ إعرابها «2» .
جملة النداء «يا أهل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد جاءكم رسولنا» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يبيّن لكم ... » : في محلّ نصب حال من رسول.
وجملة «تقولوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «ما جاءنا من بشير» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قد جاءكم بشير» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء فهي مؤكدة لمضمونها.
وجملة «الله ... قدير» : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(فترة) ، اسم للوقت بين بعثتين، مشتق من فعل فتر يفتر باب نصر وباب ضرب بمعنى سكن، وزنه فعلة بفتح الفاء.
__________
(1) يجوز أن يكون المصدر المؤوّل في محلّ نصب مفعولا لأجله على حذف مضاف أي:
مخافة أن تقولوا.
(2) في الآية (17) من هذه السورة. [.....](6/312)
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)
[سورة المائدة (5) : الآيات 20 الى 21]
وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (20) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (21)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (إذ) اسم ظرفيّ مبني في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر. (قال) فعل ماض (موسى) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (لقوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (قال) و (الهاء) ضمير مضاف إليه (يا) أداة نداء (قوم) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة وهي المضاف إليه (اذكروا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (نعمة) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (على) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من نعمة «1» ، (إذ) ظرف للزمن الماضي مبني متعلّق بنعمة «2» ، (جعل) مثل قال (فيكم) مثل عليكم متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (أنبياء) مفعول به أوّل منصوب (الواو) عاطفة (جعلكم ملوكا) فعل وفاعل مستتر ومفعول أول ومفعول ثان (الواو) عاطفة (آتى) مثل قال و (كم) ضمير مفعول به أوّل (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به ثان «3» ، (لم) حرف نفي وجزم وقلب (يؤت) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أحدا) مفعول به منصوب، والمفعول
__________
(1) أو متعلّق بنعمة.
(2) أو بدل من نعمة.
(3) يجوز أن يكون (ما) نكرة موصوفة مفعولا به ثانيا، والجملة بعدة نعت له.(6/313)
الثاني محذوف أي ما لم يؤته أحدا ... (من العالمين) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لأحد، وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قال موسى ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «يا قوم ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «اذكروا نعمة ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «جعل فيكم» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «جعلكم ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم.
وجملة «آتاكم ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة جعل فيكم.
وجملة «يؤت ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) (21) (يا قوم ادخلوا الأرض) مثل يا قوم اذكروا نعمة (المقدّسة) نعت للأرض منصوب (التي) اسم موصول مبني في محلّ نصب نعت ثان للأرض (كتب) مثل قال (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (لكم) مثل عليكم متعلّق ب (كتب) (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (ترتدّوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (على أدبار) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل ترتدّوا «1» ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الفاء) فاء السببيّة «2» ، (تنقلبوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد فاء السببيّة وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (خاسرين) حال منصوبة من فاعل تنقلبوا وعلامة النصب الياء.
__________
(1) أو متعلّق بفعل ترتدّوا.
(2) يجوز أن تكون لمطلق العطف، والفعل بعدها مجزوم معطوف على فعل ترتدوا.(6/314)
والمصدر المؤوّل (أن تنقلبوا) معطوف على مصدر متصيّد من الكلام السابق أي: لا يكن منكم ارتداد فانقلاب ...
وجملة «يا قوم ... » : لا محلّ لها استئناف داخل تحت المحكيّ من موسى.
وجملة «ادخلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «كتب الله ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (التي) .
وجملة «لا ترتدّوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «تنقلبوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
الصرف:
(المقدّسة) ، مذكّر المقدّس، اسم مفعول من قدّس الرباعيّ على وزن مضارعه المبني للمجهول بإبدال حرف المضارعة ميما مضمومة.
1- قوله تعالى: يا قَوْمِ الملاحظ حذف ياء المتكلم من المنادي وهذا جائز في اللغة وقد ورد ذلك كثيرا في القرآن الكريم: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ، أي يا ربّ وفي مثل هذه الحال نعرب الياء المحذوفة ضميرا متصلا في محلّ جر بالإضافة.
2- فائدة نفيسة:
تقدر الحركات على آخر الاسم أو الفعل (للتعذر على الألف) و (الثقل على الواو والياء) . والذي أحب أن أشير إليه هو أننا نقدر الحركة على آخر الياء للثقل إذا كانت الياء من أصل الكلمة مثل: قاضي- راعي، أما إذا كانت الياء للمتكلم وليست من أصل الكلمة، فتقدر الحركة على ما قبل ياء المتكلم منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة. فعند ما أقول: جاء صديق فاعل مرفوع بالضمة ولكن عند دخول ياء المتكلم أقول: جاء صديقي بكسر القاف لتناسب الياء وهذا معنى(6/315)
قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ (22)
قولنا منع من ظهورها اشتغال المحل بالحركة المناسبة ونعرب ياء المتكلم في مثل هذه الحال ضميرا متصلا في محل جر بالإضافة.
[سورة المائدة (5) : آية 22]
قالُوا يا مُوسى إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (22)
الإعراب:
(قالوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (يا موسى) أداة نداء ومنادى مفرد علم مبني على الضم في محلّ نصب (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر إنّ (قوما) اسم إنّ مؤخّر منصوب (جبّارين) نعت ل (قوما) منصوب وعلامة النصب الياء (الواو) عاطفة (إنّا) حرف مشبّه بالفعل واسمه (لن) حرف نفي ونصب (ندخل) مضارع منصوب والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن و (ها) ضمير مفعول به (حتّى) حرف غاية وجرّ (يخرجوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (منها) مثل فيها متعلّق ب (يخرجوا) ، (الفاء) عاطفة (إن) حرف شرط جازم (يخرجوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون..
والواو فاعل (منها) مثل الأول (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّا) مثل الأول (داخلون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «قالوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يا موسى ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «إنّ فيها قوما» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «إنا لن ندخلها» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «لن ندخلها» : في محلّ رفع خبر إنّ.(6/316)
قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)
وجملة «يخرجوا الأولى» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يخرجوا الثانية» : لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّا لن ندخلها.
وجملة «إنّا داخلون» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
والمصدر المؤوّل (أن يخرجوا منها) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (ندخلها) .
الصرف:
(جبارين) ، جمع جبّار وهو صفة مشتقّة من (أجبرت) الرباعيّ. قال الأزهريّ: جعل (جبّارا) في صفة الله تعالى أو في صفة العباد من الإجبار وهو القهر والإكراه لا من جبر. ونقل عن الفرّاء قوله: لم أسمع فعّالا من أفعل إلا في حرفين، وهو جبّار من أجبرت ودرّاك من أدركت «1» . وزنه فعّال بفتح الفاء وتشديد العين وهو من أبنية المبالغة.
(داخلون) ، جمع داخل، اسم فاعل من دخل الثلاثيّ وزنه فاعل.
[سورة المائدة (5) : آية 23]
قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23)
الإعراب:
(قال) فعل ماض (رجلان) فاعل مرفوع (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (رجلان) ، (يخافون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (أنعم) مثل قال (الله) لفظ
__________
(1) عن لسان العرب لابن منظور مادة (جبر) .(6/317)
الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنعم) ، (ادخلوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (عليهم) مثل عليهما متعلّق ب (ادخلوا) ، (الباب) مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق بمضمون الجواب (دخلتم) فعل ماض مبني على السكون.. و (تم) ضمير فاعل و (الواو) زائدة هي إشباع حركة الميم و (الهاء) ضمير مفعول به (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (غالبون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (توكّلوا) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر، سمّاها أبو حيّان جواب أمر محذوف تقديره تنبهوا فتوكلوا (توكّلوا) مثل ادخلوا (إن) حرف شرط جازم (كنتم) فعل ماض ناقص مبني في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير اسم كان (مؤمنين) خبر كان منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «قال رجلان ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يخافون» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «أنعم الله ... » : في محلّ رفع نعت ثان ل (رجلان) «1» .
وجملة «ادخلوا ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «دخلتموه» : في محلّ جرّ مضاف إليه.. والشرط وفعله وجوابه في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
__________
(1) يجوز أن تكون اعتراضيّة دعائيّة بين القول والمقول لا محلّ لها. كما يجوز أن تكون في محلّ نصب حال من (رجلان) لأنه وصف، وضعّف ذلك ابن هشام.(6/318)
قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)
وجملة «إنكم غالبون» : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «توكّلوا» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر.. أي إن كنتم مؤمنين فتوكّلوا.
وجملة «كنتم مؤمنين» : لا محلّ لها تفسيريّة، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله وهو قوله فتوكّلوا على الله.
البلاغة
قوله تعالى: قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا أورد ابن هشام أوجها في إعراب جملة أنعم الله عليهما فقال: تحتمل الدعاء فتكون معترضة (أي اعترضت بين القول ومقوله) ، والإخبار فتكون صفة ثانية لرجلين، ويضعف من حيث المعنى أن تكون حالا ولا يضعف في الصناعة لوصفها.
ما يقوله أبو البقاء العكبري:
أما العكبري فقد أورد في إعرابها عدة أوجه هي: صفة أخرى لرجلين، ويجوز أن تكون حالا وقد مقدرة أي (قد أنعم الله عليهما) وصاحب الحال رجلان أو الضمير في الذين، وأظهر هذه الأوجه وأقواها أن نجعلها صفة ثانية ل (رجلان) .
وهذا ما رجحه العكبري، لأن هذا الإعراب هو أول ما يتبادر إلى الذهن ويناسب المعنى ولا يحتاج إلى تأويل وتقدير، لأنه إذا استوى إعراب كلمة بعدة أوجه أحدها يحتاج إلى تقدير والآخر لا يحتاج إلى تقدير فعدم التقدير أولى كما أفاد علماء أصول النحو.
[سورة المائدة (5) : آية 24]
قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (24)(6/319)
الإعراب:
(قالوا يا موسى) مرّ إعرابها «1» وكذلك (إنّا لن ندخلها) «2» ، (أبدا) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (ندخلها) ، (ما) حرف مصدريّ (داموا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ.. والواو اسم ما دام (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر ما دام.
والمصدر المؤوّل (ما داموا فيها) في محلّ نصب على الظرفيّة الزمانيّة متعلّق ب (ندخلها) ، وهذا الظرف من نوع البدل ممّا قبله بدل بعض من كلّ.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اذهب) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أنت) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع توكيد لضمير المستتر فاعل اذهب (الواو) عاطفة (ربّ) معطوف على الضمير المستتر أنت تبعه في الرفع و (الكاف) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (قاتلا) فعل أمر مبني على حذف النون.. و (الألف) ضمير فاعل (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (ها) حرف تنبيه (هنا) اسم إشارة ظرف مكان مبني في محلّ نصب متعلّق ب (قاعدون) وهو خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «قالوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يا موسى ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «إنّا لن ندخلها ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «ندخلها» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «اذهب ... » : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن أردت قتالا فاذهب....
__________
(1، 2) في الآية (22) من هذه السورة.(6/320)
قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (25)
وجملة «قاتلا» : في محل جزم معطوفة على جملة اذهب.
وجملة «إنّا هاهنا قاعدون» : لا محلّ لها تعليليّة.
[سورة المائدة (5) : آية 25]
قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (25)
الإعراب:
(قال) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي موسى (ربّ) منادى مضاف محذوف منه أداة النداء منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل ياء المتكلّم المحذوفة للتخفيف وهي مضاف إليه (إنّي) مثل إنّا «1» ، (لا) نافية (أملك) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (إلّا) أداة حصر (نفسي) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أخي) معطوف على نفسي ويعرب مثله «2» (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (افرق) فعل أمر والفاعل أنت (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (افرق) ، و (نا) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (بين) مثل الأول (القوم) مضاف إليه مجرور (الفاسقين) نعت للقوم مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قال ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء «ربّ» : لا محلّ لها اعتراضيّة للاسترحام.
وجملة «إنّي لا أملك» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لا أملك ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
__________
(1) في الآية السابقة (24) .
(2) ذكر ابن هشام في الشذور خمسة احتمالات أخر في إعراب أخي (شذور الذهب- ص 44 ط/ 3) .(6/321)
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ (26)
وجملة «افرق بيننا» : في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
الفوائد
قوله تعالى قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ما أورده أبو البقاء العكبري في إعراب (وأخي) .
في موضعه وجهان: 1- النصب عطفا على نفسي باعتبارها مفعولا به أو على اسم إن.
2- الرفع عطفا على الضمير المستتر في أملك أي ولا يملك أخي إلا نفسه ويجوز أن يكون مبتدأ والخبر محذوف أي وأخي كذلك.
ولكن الأظهر والأقوى هو النصب عطفا على نفسي لأن هذا الوجه أقرب الوجوه إلى الذهن وألصق بالمعنى وأوضح.
[سورة المائدة (5) : آية 26]
قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (26)
الإعراب:
(قال) فعل ماض والفاعل هو أي الله (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (إنّها محرّمة) حرف مشبّه بالفعل واسمه وخبره (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (محرّمة) ، (أربعين) ظرف زمان منصوب متعلّق بمحرّمة «1» ، وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (سنة) تمييز منصوب (يتيهون) مضارع مرفوع والواو فاعل (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتيهون) . (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تأس) مضارع مجزوم وعلامة الجزم
__________
(1) يجوز أن يتعلّق ب (يتيهون) .(6/322)
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (على القوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأس) ، (الفاسقين) نعت للقوم مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قال ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «إنّها محرّمة» : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنت ضيّقا بهم فإنّها محرّمة، وجملة الشرط المقدّر مع الجواب في محلّ نصب مقول القول..
وجملة «يتيهون» : في محلّ نصب حال من الضمير المجرور في (عليهم) .
وجملة «لا تأس ... » : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن عظم لديك هذا العقاب فلا تأس ...
الصرف:
(محرّمة) ، مؤنّث محرّم، اسم مفعول من حرّم.. (انظر الآية 85 من سورة البقرة) (تأس) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه تفع بفتح التاء والعين.
[سورة المائدة (5) : آية 27]
وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبا قُرْباناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اتل) فعل أمر مبني على حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (على) حرف جرّ و (هم) ضمير(6/323)
في محلّ جرّ متعلّق ب (اتل) ، (نبأ) مفعول به منصوب (ابني) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (آدم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل اتل «1» ، (إذ) ظرف للزمن الماضي مبني في محلّ نصب متعلّق ب (نبأ) ، (قرّبا) فعل ماض.. و (الألف) فاعل (قربانا) مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (تقبّل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي القربان (من أحد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تقبّل) ، و (هما) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لم) حرف نفي وجزم وقلب (يتقبّل) مضارع مبني للمجهول مجزوم، ونائب الفاعل هو (من الآخر) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتقبّل) ، (قال) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي من لم يتقبّل منه (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (أقتلنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع و (النون) نون التوكيد و (الكاف) ضمير مفعول به، والفعل ضمير مستتر تقديره أنا (قال) مثل الأول والفاعل هو من تقبّل منه (إنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (يتقبّل) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من المتّقين) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتقبّل) وعلامة الجرّ الياء.
جملة «اتل عليهم» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قرّبا ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «تقبّل ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة قرّبا.
وجملة «لم يتقبّل ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة قرّبا.
وجملة «قال ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
__________
(1) أو حال من نبأ.. ويجوز أن يكون متعلّقا بمحذوف مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه صفته أي: اتل ذلك تلاوة متلبّسة بالحقّ والصدق.. وهو اختيار الزمخشريّ.(6/324)
وجملة «أقتلنّك» : لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.. وجملة القسم وجوابه في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قال (الثانية) ....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يتقبّل الله ... » : في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(اتل) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء، وزنه افع بضمّ العين.
البلاغة
الكلام الجامع المانع: في قوله تعالى إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ فقد جمعت هذه الجملة الكثير من المعاني بكلام مختصر، فقد اشتملت على فحوى القصة من أولها الى آخرها. وخلاصة المعنى أن الله تعالى لا يقبل طاعة إلا من مؤمن متق.
الفوائد
النفس الطيبة والنفس البغيضة 1 «فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِما» الفعل مبني للمجهول، ليشير بناؤه هكذا إلى أن أمر القبول أو عدمه موكول إلى قوة غيبية وكيفية غيبية، وهذه الصياغة تفيدنا في أمرين:
أولهما: ألا نبحث نحن عن كيفية هذا التقبل ولا نخوض فيه كما خاضت كتب التفسير في روايات يرجح أنها مأخوذة من أساطير «العهد القديم» .
ثانيهما: الإيحاء بأن الذي قبل قربانه لا جريرة له توجب الحفيظة عليه وتبييت قتله، فالأمر لم يكن له يد فيه، فليس هناك مبرر ليحقد الأخ على أخيه، وخاطر القتل هو أبعد ما يرد على النفس المستقيمة في هذا المجال، مجال العبادة والتقرب.
2 «قالَ: لَأَقْتُلَنَّكَ يبدو هذا القول- بهذا التأكيد المنبئ عن الإصرار- نابيا مثيرا للاستنكار لأنه ينبعث من غير موجب، اللهم إلا ذلك الشعور الخبيث المنكر، شعور الحسد الأعمى، الذي لا يعمر نفسا طيبة.(6/325)
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (29)
[سورة المائدة (5) : الآيات 28 الى 29]
لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (28) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ وَذلِكَ جَزاءُ الظَّالِمِينَ (29)
الإعراب:
(اللام) موطّئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (بسطت) فعل ماض مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (التاء) ضمير فاعل (إلى) حرف جرّ و (الياء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (بسطت) ، (يد) مفعول به منصوب و (الكاف) ضمير مضاف إليه (اللام) لام التعليل (تقتل) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام و (النون) للوقاية و (الياء) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت.
والمصدر المؤوّل (أن تقتلني) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (بسطت) .
(ما) نافية عاملة عمل ليس (أنا) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع اسم ما «1» . (الباء) حرف جرّ زائد (باسط) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما (يدي) مفعول به لاسم الفاعل باسط منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (لياء) ضمير مضاف إليه (إليك) مثل إليّ متعلّق بباسط (لأقتلك) مثل لتقتلني، والفاعل أنا.
والمصدر المؤوّل (أن أقتلك) في محلّ جرّ باللام متعلّق بباسط.
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (أخاف) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (الله) مفعول به منصوب (ربّ) نعت للفظ الجلالة أو بدل منصوب مثله (العالمين) مضاف
__________
(1) إذا جعلت (ما) مهملة ف (أنا) مبتدأ.(6/326)
إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم.
جملة «بسطت ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تقتلني» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «ما أنا بباسط» : لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة «أقتلك» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) الثاني.
وجملة «إنّي أخاف ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «أخاف الله ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
(29) (إنّي أريد) مثل إنّي أخاف (أن) حرف مصدري ونصب (تبوء) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (بإثم) جار ومجرور متعلق ب تبوء «1» ، و (الياء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (إثمك) معطوف على إثمي مجرور مثله.. و (الكاف) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن تبوء) في محلّ نصب مفعول به عامله أريد.
(الفاء) عاطفة (تكون) مضارع ناقص منصوب معطوف على (تبوء) ، واسمه ضمير مستتر تقديره أنت (من أصحاب) جارّ ومجرور متعلق بخبر تكون (النار) مضاف إليه مجرور. (الواو) استئنافيّة (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (جزاء) خبر المبتدأ مرفوع (الظالمين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء.
وجملة «إنّي أريد ... » : لا محلّ لها تعليل ثان.
وجملة «أريد ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
__________
(1) أو متعلّق بحال من الفاعل أي ترجع حاملا له. [.....](6/327)
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30)
وجملة «تبوء ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «تكون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة تبوء ... »
وجملة «ذلك جزاء ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(باسط) ، اسم فاعل من بسط الثلاثيّ، وزنه فاعل.
البلاغة
فن الاتساع: في قوله تعالى إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ وهو أن يأتي المتكلم بكلام يتسع فيه التأويل بحسب ما تحتمله ألفاظه، فيتسع التأويل فيه على قدر عقول الناس وتفاوت أفهامهم.
وهو في الآية في إرادته إثم أخيه. لأن معناه: إني لا أريد أن أقتلك فأعاقب.
[سورة المائدة (5) : آية 30]
فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ (30)
الإعراب:
(الفاء) استئنافيّة (طوّعت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (طوّعت) ، (نفس) فاعل مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (قتل) مفعول به منصوب (أخي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء فهو من الأسماء الخمسة و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (قتل) مثل طوّع، والفاعل هو و (الهاء) ضمير مفعول به (الفاء) عاطفة (أصبح) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (من الخاسرين) جارّ ومجرور متعلّق بخبر أصبح وعلامة الجرّ الياء.
جملة «طوّعت له نفسه ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قتله» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.(6/328)
فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)
وجملة «أصبح من الخاسرين» : لا محلّ لها معطوفة على جملة قتله.
[سورة المائدة (5) : آية 31]
فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ (31)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (بعث) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (غرابا) مفعول به منصوب (يبحث) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يبحث) ، (اللام) لام التعليل (يري) مضارع منصوب وعلامة النصب الفتحة والفاعل ضمير مستتر تقديره هو أي الغراب «1» و (الهاء) ضمير مفعول به (كيف) اسم استفهام مبني في محلّ نصب حال عامله يواري (يواري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل هو وهو صاحب الحال (سوءة) مفعول به منصوب (أخيه) مضاف إليه وكذلك الضمير.
المصدر المؤوّل (أن يريه) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (يبحث) .
(قال) مثل بعث والفاعل هو (يا) أداة نداء وتحسّر (ويلتا) منادى متحسّر به مضاف منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على التاء منع من ظهورها اشتغال المحلّ بالحركة المناسبة، (الألف) المنقلبة عن الياء ضمير مضاف إليه (الهمزة) للاستفهام التعجّبيّ (عجزت) فعل ماض مبني على السكون. و (التاء) ضمير فاعل (أن) حرف مصدريّ ونصب (أكون) مضارع ناقص منصوب، واسمه ضمير مستتر تقديره أنا (مثل) خبر أكون منصوب
__________
(1) يجوز أن يكون الضمير عائدا على الله فيتعلق الجار بفعل بعث.(6/329)
(ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (الغراب) بدل من ذا تبعه في الجرّ.
والمصدر المؤوّل (أن أكون) في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف تقديره عن أن أكون.. متعلّق ب (عجزت) .
(الفاء) عاطفة (أواري) مضارع منصوب معطوف على أكون «1» ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (سوءة أخي) مثل سوءة أخيه، وعلامة جرّ أخي الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء (الفاء) استئنافيّة (أصبح من النادمين) مثل أصبح من الخاسرين «2» .
جملة «بعث الله ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أصبح.. «3» .
وجملة «يبحث....» : في محلّ نصب نعت ل (غرابا) .
وجملة «يريه ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يواري ... » : في محلّ نصب مفعول به ثان ل (يريه) «4» .
وجملة «قال ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «التحسّر وجوابها» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «عجزت» : لا محلّ لها جواب التحسّر.
وجملة «أكون....» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
__________
(1) نصب الزمخشري الفعل بأن مضمرة بعد الفاء، وقد خطّأه ابن هشام في ذلك صراحة.. انظر شذور الذهب ص 370- ط/ 3.
(2، 3) في الآية السابقة (30) .
(4) الرؤية بصريّة والهمزة عدّت الفعل لاثنين، والاستفهام علّق فعل الرؤية.(6/330)
وجملة «أواري ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة أكون.
وجملة «أصبح من النادمين» : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(سوءة) ، اسم للعمل القبيح أو الشيء القبيح، مشتقّ من ساء يسوء الشيء قبح، وزنه فعلة بفتح فسكون.
(الغراب) ، اسم جنس يدل على الطائر المعروف و (ال) فيه عهدية وزنه فعال.
(النادمين) ، جمع النادم، اسم فاعل من ندم الثلاثيّ، وزنه فاعل.
البلاغة
المجاز: في قوله تعالى «يا وَيْلَتى» لأنه نادى ما لا يعقل. وأصل النداء أن يكون لمن يعقل.
الفوائد
قوله تعالى: قالَ يا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي.
ما أورده ابن هشام بصدد إعراب (فأواري) :
قول الزمخشري في قوله تعالى: فَأُوارِيَ إن انتصاب أواري بجواب الاستفهام (أي بأن المضمرة بعد فاء السببية المسبوقة باستفهام) فاسد وجه فساده أن جواب الشرط مسبب عنه، والمواراة لا تتسبب عن العجز، وإنما انتصابه بالعطف على (أكون) ومن هنا امتنع نصب (تصبح) في قوله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً لأن إصباح الأرض مخضرة لا يتسبب عن رؤية إنزال المطر بل عن الإنزال نفسه وقد أيد أبو البقاء العكبري رأي ابن هشام وقال:
ألا ترى أن قولك أين بيتك فأزورك معناه لو عرفت لزرت، وليس المعنى هنا لو عجزت لواريت وذلك رأي سديد ووجيه كما لا يخفى.(6/331)
مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)
[سورة المائدة (5) : آية 32]
مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُنا بِالْبَيِّناتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ بَعْدَ ذلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32)
الإعراب:
(من أجل) جارّ ومجرور متعلّق ب (كتبنا) ، (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه، و (اللام للبعد و (الكاف) للخطاب (كتبنا) فعل ماض مبني على السكون. و (نا) ضمير فاعل (على بني) جارّ ومجرور متعلّق ب (كتبنا) ، وعلامة الجرّ الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الهاء) ضمير الشأن مبني في محلّ نصب اسم أنّ (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (قتل) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (نفسا) مفعول به منصوب (بغير) جارّ ومجرور متعلّق ب (قتل) ، (نفس) مضاف إليه مجرور (أو) حرف عطف (فساد) معطوف على نفس مجرور أي غير فساد (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لفساد.
والمصدر المؤوّل (أنّه من قتل ... ) في محلّ نصب مفعول به ل (كتبنا) .
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (كأنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (قتل) فعل ماض، والفاعل هو (الناس) مفعول به منصوب (جميعا) حال منصوبة من الناس (الواو) عاطفة (من أحياها ... جميعا) مثل نظيرتها المتقدّمة (الواو) استئنافيّة (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد)(6/332)
حرف تحقيق (جاء) فعل ماض و (التاء) تاء التأنيث (رسل) فاعل مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه (بالبيّنات) جارّ ومجرور متعلّق ب (جاء) «1» ، (ثمّ) حرف عطف (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (كثيرا) اسم إنّ منصوب (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (مسرفون) ، (ذلك) مثل الأول (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (مسرفون) (اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد «2» ، (مسرفون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «كتبنا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «من قتل نفسا» : في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة «قتل نفسا» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة «كأنّما قتل الناس» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «من أحياها» : في محلّ رفع معطوفة على جملة من قتل ... » .
وجملة «أحياها» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «4» .
وجملة «كأنّما أحيا الناس» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «قد جاءتهم رسلنا» : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «إنّ كثيرا ... مسرفون» : لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
__________
(1) يجوز أن يكون متعلّقا بمحذوف حال من رسل.
(2) لمّا كانت الجملة في حكم جواب القسم لأنها معطوفة على جواب القسم لزم مجيء اللام في الخبر لأنها لام القسم.
(3، 4) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/333)
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33)
الصرف:
(أحيا) ، جاءت الألف برسم الألف الطويلة على الرغم من كونها رابعة لأنها سبقت بياء.
(مسرفون) ، جمع مسرف، اسم فاعل من أسرف الرباعي، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين.
البلاغة
التشبيه التمثيلي: في الآية الكريمة وفي قوله تعالى فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً..
ومناط التشبيه اشتراك الفعلين في هتك حرمة الدماء والاستعصاء على الله تعالى والتجرؤ على القتل في استتباع القود واستجلاب غضب الله تعالى العظيم.
وفائدة التشبيه: الترهيب والردع عن قتل نفس واحدة بتصويره بصورة قتل جميع الناس والترغيب والتحضيض على إحيائها بتصويره بصورة احياء جميع الناس.
[سورة المائدة (5) : آية 33]
إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (33)
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة لا عمل لها (جزاء) مبتدأ مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (يحاربون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة(6/334)
(رسول) معطوف على لفظ الجلالة منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (يسعون) مثل يحاربون (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسعون) ، (فسادا) حال بتأويل مشتقّ أي مفسدين «1» ، (أن) حرف مصدريّ ونصب (يقتّلوا) مضارع مبنيّ للمجهول منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو نائب فاعل (أو) حرف عطف (يصلّبوا) مثل يقتّلوا (أو) حرف عطف (تقطّع) مضارع منصوب معطوف على (يقتّلوا) وهو مبنيّ للمجهول (أيدي) نائب فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أرجلهم) معطوف على أيديهم مرفوع ومضاف إليه (من خلاف) جارّ ومجرور متعلّق بحال من الأيدي والأرجل أي مختلفة (أو) حرف عطف (ينفوا) مثل يقتّلوا (من الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينفوا) ، (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محل جرّ متعلّق بمحذوف حال من خزي- نعت تقدّم على المنعوت- (خزي) خبر المبتدأ ذلك مرفوع «2» ، (في الدنيا) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لخزي، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (لهم) مثل الأول متعلّق بمحذوف حال من عذاب «3» ، (في الآخرة) جارّ ومجرور متعلّق بحال ثانية من عذاب- نعت تقدّم على المنعوت- (عذاب) معطوف على خزي بالواو مرفوع مثله (عظيم) نعت لعذاب مرفوع. والمصدر المؤوّل (أن يقتّلوا) في محلّ رفع خبر المبتدأ جزاء.
__________
(1) يجوز أن يكون مفعولا مطلقا نائبا عن المصدر لأنه اسم مصدر.. ويجوز أن يكون مفعولا لأجله أي يسعون لأجل الفساد.
(2) يجوز أن يكون الجارّ والمجرور (لهم) خبرا مقدّما، و (خزي) مبتدأ مؤخّرا، والجملة خبر لاسم الإشارة ذلك.
(3) أو متعلّق بمحذوف خبر مقدم و (عذاب) مبتدأ مؤخّر، والحملة في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم خزي السابقة.(6/335)
جملة «جزاء الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يحاربون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يسعون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «يقتّلوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يصلّبوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة يقتّلوا.
وجملة «تقطع أيديهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة يصلّبوا.
وجملة «ينفوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة تقطّع أيديهم.
وجملة «ذلك.... خزي» : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(فسادا) ، جاء في الآية اسم مصدر لفعل أفسد، أو مصدر سماعيّ لفعل فسد (الآية 205 من سورة البقرة) .
(يسعون) ، فيه إعلال بالحذف أصله يسعاون، جاءت الألف ساكنة قبل واو الجماعة الساكنة فحذفت لالتقاء الساكنين، وفتح ما قبل الواو دلالة على الألف المحذوفة فأصبح يسعون وزنه يفعون بفتح العين والألف المحذوفة أصلها ياء لأن المصدر هو السعي.
(خلاف) ، مصدر سماعي لفعل خالف الرباعي، وهو بمعنى اسم الفاعل أي المختلف أي: يدا يمنى ورجلا يسرى وبالعكس. وزنه فعال بكسر الفاء.
(ينفوا) ، فيه إعلال بالحذف جرى فيه مجرى يسعون حيث حذف منه الألف قبل واو الجماعة وزنه يفعوا بضمّ الياء وفتح العين لأنه مبني للمجهول.(6/336)
الفوائد
1- قوله تعالى: إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إنما: تعرب كافة ومكفوفة لأن (ما) إذا دخلت على إن وأخواتها فإنها تكفها على العمل، ويعرب ما بعدها مبتدأ وخبرا. ويمكن أن يليها الفعل كقوله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ. أما ليت فإذا دخلت عليها (ما) فيجوز إعمالها ويجوز إهمالها، لأنه لا يليها الفعل وعلى هذا جوز النحويون الرفع والنصب في كلمة الحمام الواردة في بيت النابغة، إنها بدل من هذا بقوله:
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا.
أما من ناحية المعنى فتفيد الحصر كقوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ. ويجب الانتباه والتفريق بين ما الكافة وما الموصولة بمعنى الذي. فما الكافة تكتب موصولة بإن وأخواتها، أمّا ما الموصولة فتكتب مفصولة عنها ولا تكفها عن العمل، كقوله تعالى:
إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ.
2- جزاء المفسدين في الأرض أو: في هذه الآية للبيان، وليست للتخيير. وهي الرواية الثانية عن ابن عباس وهو قول أكثر العلماء، لأن الأحكام تختلف، فترتّبت هذه العقوبات على ترتيب الجرائم وهذا كما روي عن ابن عباس في قطاع الطريق قال: إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف (أي مختلفة) فتقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، وإذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولم يأخذوا مالا نفوا من الأرض. وهذا قول قتادة والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي. واختلفوا في كيفية الصلب. فقيل يصلب حيا ثم يطعن في بطنه برمح حتى يموت. قال الشافعي: يقتل أولا ويصلى عليه ثم يصلب على الطريق في ممر الناس ليكون ذلك زاجرا لغيره. واختلفوا في تفسير النفي من الأرض فقيل إن الإمام يطلبهم ففي كل بلد وجدوا نفوا عنه، وهو قول سعيد بن جبير وعمر ابن عبد العزيز. وقيل يطلبون حتى تقام عليهم الحدود، وهو قول ابن عباس والليث والشافعي. وقال أبو حنيفة وأهل الكوفة: النفي هو الحبس. لأن السجن انقطاع عن(6/337)
إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
الدنيا وملذاتها وحسم لدابر الأشرار والتخلص من فسادهم والله أعلم.
[سورة المائدة (5) : آية 34]
إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34)
الإعراب:
(إلّا) أداة استثناء (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب على الاستثناء (تابوا) فعل ماض وفاعله (من قبل) جار ومجرور متعلّق ب (تابوا) ، (أن) حرف مصدري ونصب (تقدروا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تقدروا) .
والمصدر المؤوّل (أن تقدروا) في محلّ جرّ بإضافة قبل إليه.
(الفاء) تعليليّة- أو زائدة «1» - (اعلموا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (غفور) خبر مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أنّ الله غفور..) سدّ مسدّ مفعولي اعلموا.
جملة «تابوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «تقدروا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «اعلموا ... » : لا محلّ لها تعليل لمقدّر أي: هؤلاء المستثنون تقبل توبتهم لأنّ الله غفور رحيم «2» .
__________
(1) أجاز العكبري أن يكون الاستثناء منقطعا و (إلّا) بمعنى لكن، والموصول مبتدأ خبره جملة اعلموا، وزيدت الفاء بالخبر لمشابهة الموصول للشرط.
(2) أو هي جواب شرط مقدّر أي فإن تقبلوا توبتهم فاعلموا أنّ الله غفور.(6/338)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
الفوائد
باب الرحمة والتوبة والغفران تفتح هذه الآية باب التوبة والتراجع عن الخطأ، فتحدد أن الذين يتوبون قبل القدرة على عقوبتهم والقبض عليهم، فإنهم ناجون من أحكام الآية السابقة. وقال معظم أهل التفسير إن المراد بهذا الاستثناء المشرك المحارب. بأنه إذا تاب وآمن وأصلح فلا يطالب بشيء من العقوبات السابقة وقال السندي: أما المسلم المحارب إذا تاب قبل القدرة عليه هو كالكافر لم يطالب بشيء إلا إذا أصيب عنده مال بعينه فإنه يرده على أصحابه. وهذا مذهب مالك والأوزاعي. غير أن مالكا قال: يؤخذ بالدم إذا طلب به وليه، فأما ما أصاب من الدماء والأموال ولم يطلبها أولياؤها فلا يتبعه الإمام بشيء من ذلك. وهذا حكم علي بن أبي طالب في حارثة بن زيد. وقال الشافعي يسقط عنه بتوبته حد الله ولا يسقط عنه بها ما كان من حقوق بني آدم. وأما إذا تاب بعد القدرة عليه فظاهر الآية أن التوبة لا تنفعه وتقام عليه الحدود وقال الشافعي ويحتمل أن يسقط كل حد لله عز وجل بالتوبة.
[سورة المائدة (5) : آية 35]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (35)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض وفاعله (اتّقوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (ابتغوا) مثل اتّقوا (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (ابتغوا) «1» ، (الوسيلة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (جاهدوا) مثل اتّقوا (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب
__________
(1) يجوز أن يتعلّق بالوسيلة لأنها بمعنى التوسّل به.(6/339)
(جاهدوا) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تفلحون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل.
جملة النداء «يأيّها الذين» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «اتّقوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «ابتغوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «جاهدوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «لعلّكم تفلحون» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «تفلحون» : في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(ابتغوا) ، فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف، أصله ابتغيوا بضمّ الياء، ثقلت الضمّة على الياء فنقلت الى الغين وسكّنت الياء- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء تخلّصا من التقاء الساكنين فأصبح ابتغوا، وزنه افتعوا.
(الوسيلة) ، اسم مشتقّ وزنه فعيلة بمعنى مفعولة من فعل وسل يسل باب وعد.
الفوائد
المعاني اللطيفة في القرآن نحن نعلم أن لعلّ تفيد الترجي وتأمّل حصول الشيء أما في القرآن الكريم فقد وردت كثيرا في ختام الآيات: لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ كما في هذه الآية و (لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ... ) إلخ كما في آيات كثيرة ولكنها في هذا المجال لا تفيد رجاء وقوع الشيء وإمكانية حصوله، وإنما تفيد تحققه وحصوله يقينا دون أدنى ريب. وهذا(6/340)
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (36)
أسلوب بارع من أساليب الإعجاز في القرآن الكريم.
[سورة المائدة (5) : آية 36]
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذابِ يَوْمِ الْقِيامَةِ ما تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (36)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ (كفروا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (لو) حرف شرط غير جازم (أنّ) مثل إنّ (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم أنّ مؤخّر (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما (جميعا) حال منصوبة من ما.
والمصدر المؤوّل (أنّ لهم ما في الأرض..) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: لو ثبت كون الذي في الأرض لهم.
(الواو) عاطفة (مثل) معطوف على الموصول ما منصوب «1» و (الهاء) ضمير مضاف إليه (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف حال و (الهاء) ضمير مضاف إليه (اللام) لام التعليل (يفتدوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (به) مثل لهم متعلّق ب (يفتدوا) .
والمصدر المؤوّل (أن يفتدوا) في محلّ جرّ باللام متعلّق بما تعلّق به (لهم) أي بخبر أنّ.
__________
(1) أجاز الزمخشري أن يكون منصوبا على أنه مفعول معه عامله بما في (لو) من معنى الفعل بتقدير لو ثبت.. ولكن أبا حيّان رفض هذا التخريج لعدم استقامة المعنى ولوجود ضعف في التعبير. [.....](6/341)
(من عذاب) جارّ ومجرور متعلّق ب (يفتدوا) ، (يوم) مضاف إليه مجرور (القيامة) مضاف إليه مجرور (ما) نافية (تقبّل) ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (منهم) مثل لهم متعلّق ب (تقبّل) ، (الواو) عاطفة (لهم) مثل الأول متعلّق بخبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت مرفوع.
جملة «إنّ الذين كفروا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ثبت» وجود ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «يفتدوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) وجملة «ما تقبّل منهم» : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «لهم عذاب ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
الصرف:
(يفتدوا) ، فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف، أصله يفتديوا بضمّ الياء الثانية.. وقد جرى فيه الإعلال بنوعيه مجرى (ابتغوا) في الآية السابقة.
البلاغة
الكناية: في قوله تعالى لِيَفْتَدُوا بِهِ فهي كناية عن لزوم العذاب لهم وأنه لا سبيل لهم إلى الخلاص منه، فإن لزوم العذاب من لوازمه أن ما في الأرض جميعا ومثله معه لو افتدوا به لم يتقبل منهم.
وأطلق بعضهم على هذه الجملة تمثيلا.(6/342)
يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (37)
[سورة المائدة (5) : آية 37]
يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ (37)
الإعراب:
(يريدون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (أن) حرف مصدريّ ونصب (يخرجوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (من النار) جارّ ومجرور متعلّق ب (يخرجوا) .
والمصدر المؤوّل (أن يخرجوا) في محلّ نصب مفعول به عامله يريدون.
(الواو) حاليّة (ما) نافية عاملة عمل ليس (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع اسم ما (الباء) حرف جرّ زائد (خارجين) مجرور لفظا منصوب محلّا خبر ما، وعلامة الجرّ الياء (من) حرف جرّ (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخارجين (الواو) عاطفة (لهم عذاب مقيم) مرّ إعراب نظيرها «1» .
جملة «يريدون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يخرجوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «ما هم بخارجين..» : في محل نصب حال من فاعل يريدون.
وجملة «لهم عذاب ... » : في محلّ نصب معطوفة على الجملة الحاليّة.
الصرف:
(مقيم) ، اسم فاعل من أقام الرباعيّ وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين، وفيه إعلال بالقلب أصله مقوم لأن الألف أصلها واو فهو من قام المجرّد، استثقلت الكسرة على الواو فسكّنت ونقلت الحركة إلى
__________
(1) في الآية السابقة (36) .(6/343)
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)
القاف- وهو إعلال بالتسكين- ثمّ قبلت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها فأصبح (مقيم) .
[سورة المائدة (5) : الآيات 38 الى 39]
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (السارق) مبتدأ مرفوع (الواو) عاطفة (السارقة) معطوف على السارق مرفوع مثله (الفاء) زائدة في الخبر «1» ، (اقطعوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. الواو فاعل (أيدي) مفعول به منصوب و (هما) ضمير مضاف إليه (جزاء) مفعول لأجله منصوب «2» ، (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ «3» (كسبا) فعل ماض.. و (الألف) ضمير فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما كسبا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (جزاء) (نكالا) مفعول لأجله منصوب «4» والعامل فيه جزاء (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف نعت ل (نكالا) (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عزيز) خبر مرفوع (حكيم) خبر ثان مرفوع.
__________
(1) خلافا لسيبويه لأن المبتدأ عنده يجب أن يكون موصولا بظرف أو مجرور أو جملة صالحة لأداة الشرط.
(2) أو مفعول مطلق لفعل محذوف أي جازاهما جزاء، أو مصدر في موضع الحال إما من فاعل اقطعوا أي مجازينهما أو من المضاف إليه في أيديهما لأنه جزء من المضاف أي مجازين بفتح الزاي.
(3) أو اسم موصول في محلّ جرّ بالباء، والعائد محذوف.
(4) يجوز أن يكون بدلا من جزاء يأخذ إعرابه.(6/344)
جملة «السارق والسارقة ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «اقطعوا ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (السارق) «1» .
وجملة «الله عزيز ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة «2» .
(الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (تاب) فعل ماض مبني في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (تاب) ، (ظلم) مضاف إليه مجرور و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (أصلح) مثل تاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (يتوب) مضارع مرفوع، والفاعل هو (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يتوب) ، (إنّ الله غفور رحيم) مرّ إعراب نظيرها «3» .
وجملة «من تاب ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف في الآية السابقة.
وجملة «تاب....» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «4» .
وجملة «أصلح» : في محلّ رفع معطوفة على جملة تاب.
وجملة «إنّ الله يتوب» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «يتوب عليه» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «إنّ الله غفور» : لا محلّ لها تعليليّة.
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافا بيانيا، والخبر محذوف والتقدير: حكم السارق ...
فيما يلي.
(2) أو اعتراضيّة بين المعطوف والمعطوف عليه.
(3) في الآية (34) من هذه السورة
(4) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/345)
الصرف:
(السارق) ومؤنثه (السارقة) ، اسم فاعل من سرق يسرق باب ضرب، وزنه فاعل.
البلاغة
1- المجاز المرسل: في قوله تعالى وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما..
المراد قطع الرسغ فقط فعبّر بالكل وهو اليد، وأراد الجزء وهو الرسغ، فعلاقة المجاز هنا الكلية.
2- إظهار الاسم الجليل: في قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ للإشعار بعلة الحكم وتأييد استقلال الجملة.
الفوائد
أحكام السرقة السرقة هي أخذ مال الغير، المحرز، خفية ... فلا بد أن يكون المأخوذ مالا مقوما. والحد المتفق عليه تقريبا بين فقهاء المسلمين للمال الذي يعد أخذه من حرزه خفية سرقة هو ما يعادل ربع دينار.
ولا بد أن يكون هذا المال محرزا، وأن يأخذه السارق من حرزه، ويخرج به عنه فلا قطع مثلا على المؤتمن على مال إذا سرقه، والخادم الماذون له بدخول البيت لا يقطع فيما يسرق. لأنه ليس محرزا عنه، ولا على المستعير إذا جحد العارية، ولا على الثمار في الحقل حتى يؤويها الجرين، ولا على المال خارج البيت أو الصندوق، والعقوبة في مثل هذه الحالات ليست القطع وإنما التعزير (والتعزير عقوبة دون الحد، بالجلد أو بالحبس أو بالتوبيخ أو بالموعظة في بعض الحالات حسبما يقدرها القاضي) .
والقطع يكون لليد اليمنى حتى الرسغ، فإذا عاد كان القطع في الرجل اليسرى إلى الكعب وهذا هو القدر المتفق عليه في القطع ثم تختلف آراء الفقهاء بعد ذلك عن الثالثة والرابعة.(6/346)
والشبهة تدرأ الحد فشبهة الجوع والحاجة والشركة في المال، ورجوع المعترف في اعترافه- إذا لم يكن هناك شهود- ونكول الشهود، كلها شبه تدرأ الحد.
والمبدأ العام في الإسلام هو درء الحدود بالشبهات، وسيدنا عمر رضي الله عنه لم يقطع في عام الرمادة حين عمت المجاعة، ولم يقطع كذلك في حادثة خاصة عند ما سرق غلمان ابن حاطب بن أبي بلتعة ناقة رجل من مزينة، فقد أمر بقطعهم، ولكن حين تبين له أن سيدهم يجيعهم، درأ عنهم الحد، وغرم سيدهم ضعف ثمن الناقة تأديبا له.
تفصيل وبيان حول السرقة والقطع:
1- اقتضت الآية قطع يد السارق والسارقة مهما كان شأنهما وجنسهما.
2- لا يطبق الحكم إلا على البالغ العاقل، أما الصبي فلا حكم عليه، وكذلك من كان حديث عهد بالإسلام ويجهل حكم السارق.
3- اختلف العلماء في قدر النصاب الذي يقطع به، فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه ربع دينار. وهذا قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي والشافعي،
وجاء في الصحيحين عن عائشة قوله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا.
وذهب مالك وأحمد بن حنبل وإسحاق إلى أن القيمة ثلاثة دراهم.
4- أن يكون المال المسروق في حرز كبيت أو صندوق ولو مفتوحا، أو خيمة أو بستان محروس أو ماشية لها راع ففي كل ذلك قطع أما إن كان في غير حرز فلا قطع كماشيه بلا راع وبستان بلا حارس. وأما نبش القبور ففيه قطع إن بلغ المال المسروق ربع دينار. وهذا قول مالك والشافعي وأحمد.
5- إن سرق في المرة الأولى قطعت يده اليمنى من الكوع (أي الرسغ) العظم الناتئ الذي يلي الإبهام، وفي المرة الثانية تقطع رجله اليسرى من مفصل القدم.
واختلف العلماء فقال الشافعي في المرة الثالثة تقطع يده اليسرى، وفي الرابعة رجله اليمنى، فإن عاد عزر وحبس حتى تظهر توبته. وهذا قول مالك وأبي بكر وقتادة أيضا. وقد ثبت من خلال الواقع العملي أن هذه العقوبة وهي قطع يد السارق من(6/347)
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)
أنجع الوسائل لعلاج هذا المرض الاجتماعي الخطير وقد جرب البشر كثيرا من العقوبات لردع السرقة، لكنها لم تفلح فالله عز وجل خلق الإنسان ويعلم ما يصلحه وما يزجره ويردعه وقد انتقد أحد الملاحدة الشريعة بقطع يد السارق بربع دينار وأن ديتها إذا قطعت تعدل خمسمائة دينار فقال:
يد بخمسمئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
فرد عليه فقيه قائلا:
عزّ الأمانة أغلاها وأرخصها ... ذلّ الخيانة فافهم حكمة الباري
فاليد الأمينة عزيزة غالية وديتها (500) دينار إذا قطعت عدوانا، ولكن اليد الخائنة رخيصة تقطع في سرقة ربع دينار، وحتى لا يجرأ صاحبها على سرقة أكثر فأكثر وحتى لا تعم السرقة أبناء المجتمع فيضيع الأمن ويعم الخراب.
[سورة المائدة (5) : آية 40]
أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (40)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التقريريّ (لم) حرف نفي وجزم (تعلم) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أنّ الله) حرف مشبّه بالفعل واسمه المنصوب (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (ملك) مبتدأ مؤخّر مرفوع (السموات) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (الأرض) معطوف على السموات مجرور مثله (يعذّب) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (يشاء) مثل يعذّب (الواو) عاطفة (يغفر) مثل يعذّب (اللام) حرف جرّ (من) مثل الأول في محلّ جرّ متعلّق ب (يغفر) ، (يشاء) مثل يعذّب.(6/348)
والمصدر المؤوّل (أنّ لله له ملك ... ) سدّ مسدّ مفعولي تعلم.
(الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (على كل) جارّ ومجرور متعلّق ب (قدير) (شيء) مضاف إليه مجرور (قدير) خبر المبتدأ الله مرفوع.
جملة «لم تعلم....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «له ملك ... » : في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة «يعذّب من يشاء» : في محلّ رفع خبر ثان «1» .
وجملة «يشاء ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «يغفر ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة يعذّب.
وجملة «يشاء (الثانية) » : لا محلّ لها صلة الموصول (من) الثاني.
وجملة «الله ... قدير» : لا محلّ لها استئنافيّة.
البلاغة
خروج الاستفهام عن معناه الأصلي: في قوله تعالى أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ.
فالاستفهام هنا إنكاري لتقرير العلم، والمراد به الاستشهاد بذلك على قدرته تعالى على ما سيأتي من التعذيب والمغفرة على أبلغ وجه وأتمه.
__________
(1) أو استئنافيّة بيانيّة لا محلّ لها.(6/349)
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُوا آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)
[سورة المائدة (5) : الآيات 41 الى 42]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب و (ها) للتنبيه (الرسول) بدل من أي أو نعت له تبعه في الرفع لفظا (لا) ناهية جازمة (يحزن) مضارع مجزوم و (الكاف) ضمير مفعول به (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (يسارعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في الكفر) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسارعون) بتضمينه معنى يقعون (من) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل يسارعون (قالوا) فعل ماض مبني على الضمّ ... والواو فاعل (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل (بأفواه) جارّ ومجرور متعلّق ب (قالوا) «1» ،
__________
(1) أي أن قولهم كان بلسانهم ولم يجاوز ذلك إلى قلوبهم.(6/350)
و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) حاليّة (لم) حرف نفي وجزم وقلب (تؤمن) مضارع مجزوم (قلوب) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (من الذين) مثل الأول ومعطوف عليه «1» (هادوا) مثل قالوا (سمّاعون) خبر المبتدأ محذوف تقديره هم، مرفوع وعلامة الرفع الواو (اللام) زائدة للتقوية «2» (الكذب) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به ل (سمّاعون) ، (سمّاعون) خبر ثان مرفوع «3» وعلامة الرفع الواو (لقوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (سمّاعون) الثاني «4» ، (آخرين) نعت لقوم مجرور مثله وعلامة الجرّ الياء (لم) مثل الأول (يأتوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (يحرّفون) مثل يسارعون (الكلم) مفعول به منصوب (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (يحرّفون) ، (مواضع) مضاف إليه مجرور و (الهاء) ضمير مضاف إليه (يقولون) مثل يسارعون (إن) حرف شرط جازم (أوتي) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و (تم) ضمير في محلّ رفع نائب فاعل (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ نصب مفعول به (الفاء) رابطة لجواب الشرط (خذوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (إن) مثل الأول (لم) حرف نفي فقط (تؤتوا) مضارع مبني للمجهول مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون.. والواو نائب فاعل
__________
(1) يجوز جعل الواو استئنافيّة فيتعلّق الجارّ بمحذوف خبر مقدّم والمبتدأ المؤخّر سمّاعون.
(2) يجوز أن تكون جارّة أصلية فتتعلّق ب (سمّاعون) .
(3) أجاز بعضهم أن يكون توكيدا ل (سمّاعون) الأول، وحينئذ يوجد في الجار بعده مضاف محذوف أي: سمّاعون لكذب قوم آخرين. [.....]
(4) يجوز تعليقه بالكذب- إذا كان سمّاعون الثاني توكيدا- أي يكذبون لأجل قوم آخرين ... وسمّاعون لقوم أي هم ناقلون الأخبار.(6/351)
و (الهاء) ضمير مفعول به (فاحذروا) مثل فخذوه. (الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يرد) مضارع مجزوم فعل الشرط وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (فتنة) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) حرف نفي ونصب (تملك) مضارع منصوب والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من (شيئا) نعت تقدّم على المنعوت (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بحال من (شيئا) «1» ، (شيئا) مفعول به منصوب «2» (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) للخطاب (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع خبر (لم) حرف نفي وجزم (يرد) مضارع مجزوم وحرّك بالكسر لالتقاء الساكنين (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن) حرف مصدريّ ونصب (يطهّر) مضارع منصوب، والفاعل هو (قلوب) مفعول به منصوب و (هم) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يطهّر) في محلّ نصب مفعول به عامله يرد.
(لهم) مثل له متعلّق بخبر مقدّم (في الدنيا) جارّ ومجرور متعلّق بالخبر المحذوف «3» ، (خزي) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الواو) عاطفة (لهم في الآخرة عذاب) مثل لهم ... خزي (عظيم) نعت لعذاب مرفوع.
جملة النداء «يأيّها الرسول» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يحزنك الذين ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يسارعون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
__________
(1) يجوز تعليقه بفعل تملك.
(2) يجوز أن يكون مفعولا مطلقا نائبا عن المصدر لأنه صفته.
(3) أو متعلّق بمحذوف حال من خزي.(6/352)
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «آمنّا ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لم تؤمن قلوبهم» : في محلّ نصب حال.
وجملة «هادوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثالث.
وجملة « (هم) سمّاعون ... » : في محلّ نصب حال من فاعل هادوا.
وجملة «لم يأتوك» : في محلّ جرّ نعت ثان لقوم.
وجملة «يحرّفون ... » : في محلّ جرّ نعت ثالث لقوم «1» .
وجملة «يقولون ... » : في محلّ نصب حال من فاعل يحرّفون «2» - وجملة «إن أوتيتم هذا» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «خذوه» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «لم تؤتوه» : في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة «احذروا» : في محلّ جزم جواب الشرط الثاني مقترنة بالفاء.
وجملة «من يرد الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يرد الله» : في محل رفع خبر المبتدأ (من) «3» .
وجملة «لن تملك....» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
__________
(1) أولا محلّ لها استئنافيّة أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم أو في محلّ نصب حال من ضمير سمّاعون.
(2) أو لا محلّ لها استئنافيّة.
(3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/353)
وجملة «أولئك الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لم يرد الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الرابع.
وجملة «يطهّر ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «لهم في الدنيا خزي» : في محلّ رفع خبر ثان لاسم الإشارة أولئك «1» .
وجملة «لهم في الآخرة عذاب» : في محلّ رفع معطوفة على جملة لهم ... خزي.
(42) (سمّاعون) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم وعلامة الرفع الواو (للكذب) مثل الأول (أكّالون للسحت) مثل سمّاعون للكذب (الفاء) استئنافيّة (إن) مثل الأول (جاؤوا) فعل ماض مبني على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (الفاء) رابطة لجواب الشرط (احكم) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (احكم) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (أو) حرف عطف (أعرض) مثل احكم (عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أعرض) ، (الواو) عاطفة (إن) مثل الأول (تعرض) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (عنهم) مثل الأول (الفاء) رابطة لجواب الشرط (لن) مثل الأول (يضرّوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (شيئا) مفعول مطلق نائب عن المصدر أي شيئا من الضرر (الواو) عاطفة (إن حكمت فاحكم بينهم) مثل إن جاؤوك فاحكم بينهم (بالقسط) جارّ ومجرور متعلّق ب (احكم) «2» ، (إنّ الله يحب) مثل إنّ الله يتوب «3» ،
__________
(1) أو هي الخبر الأول و (الذين) بدل من اسم الإشارة.
(2) أو بمحذوف حال من فاعل احكم: متلبّسا بالقسط.
(3) في الآية (39) من هذه السورة.(6/354)
(المقسطين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة « (هم) سمّاعون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة « (هم) أكّالون للسحت» : لا محلّ لها استئنافيّة أو بدل من الاستئنافيّة.
وجملة «جاؤوك ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «احكم بينهم» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «أعرض عنهم» : في محلّ جزم معطوفة على جملة احكم بينهم.
وجملة «إن تعرض عنهم» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «لن يضرّوك ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «إن حكمت ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «احكم (الثانية) » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «إنّ الله يحب ... » : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «يحب المقسطين» : في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(سمّاعون) ، جمع سمّاع وهذه صيغة مبالغة اسم الفاعل من سمع الثلاثيّ، وزنه فعّال بفتح الفاء.
(فتنة) ، بمعنى ضلال فهي مصدر سماعيّ من فتن يفتن باب ضرب، وزنه فعلة بكسر فسكون.
(أكّالون) ، جمع أكّال مبالغة اسم الفاعل من أكل يأكل باب نصر وزنه فعّال بفتح الفاء وتشديد العين.(6/355)
(السحت) ، اسم جامد بمعنى المال الحرام. أو مصدر بمعنى الحرام من سحت يسحت باب فتح وزنه فعل بضمّ فسكون، وقد يكون بضمّتين.
(المقسطين) ، جمع المقسط اسم فاعل من أقسط الرباعيّ بمعنى عدل، وزنه مفعل بضمّ الميم وكسر العين.
البلاغة
1- مكر اليهود تضعنا هذه الآية مع اليهود من حيث مكرهم والتواؤهم، فهم لا يقيمون على عهد ولا يرعون ذمة ولا يؤمن جانبهم أبدا. وقد اجترؤوا فحرفوا الكلام لله عز وجل وهذا ليس لليهود في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بل هذا ديدنهم وذلك وصفهم في كل زمان ومكان.
2- حادثة عجيبة
زنى رجل وامرأة محصنان من اليهود فقال بعضهم لبعض. هيا بنا إلى محمد صلى الله عليه وسلم لنسأله عن الحكم وليس عنده حكم. فإن حكم بالرجم رفضنا، وإن حكم بغير ذلك قبلنا فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزل جبريل بآية الرجم (وهي منسوخة تلاوة لا حكما) فرفضوا وكذبوا وقالوا الحكم في التوراة غير ذلك، فدله جبريل على رجل يهودي اسمه (ابن صوريا) هو أعلم يهودي في ذلك الوقت، فسألهم النبي صلى الله عليه وسلم عنه فعرفوه وقالوا هو أعلمنا فبعث النبي صلى الله عليه وسلم وراءه فحضر، فناشده بالتوراة وبموسى وبالله الذي لا إله إلا هو الذي نجاهم من فرعون وفلق لهم البحر أن يصدقه، فقال نعم، فسأله عن حكم الزاني المحصن في التوراة فقال له الرجم، ولكن اليهود كانوا إذا زنى الضعيف أقاموا عليه الحد وإذا زنى الشريف تساهلوا معه وكاد يقع خلاف حول ذلك، فحرفوا التوراة وجعلوا الحكم الجلد والتحميم، كانوا يجلدونه أربعين جلدة بسوط عليه قار فيسود جسمه فيحمل على دابة تطوف به بين الناس ثم يحمم فتنكرت اليهود لأقوال ابن صوريا واستغربت أن يفضحهم بهذا الشكل، فقال(6/356)
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)
اضطررت للصدق خشية نزول العذاب علينا. ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم الزانيين وطبق فيهما حكم الله وفي هذه الحادثة دلالة على صدق النبوة ومطابقة التوراة للقرآن الكريم ومكر اليهود وخبثهم.
2 [مبالغة اسم الفاعل] المبالغة في المعنى:
هناك صيغ مبالغة لاسم الفاعل في اللغة العربية تدل على المبالغة في المعنى وقد ورد في هذه الآية صيغة من هذه الصيغ بقوله تعالى: سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ وقد دلّ هذا على كثرة سماعهم للكذب وكثرة أكلهم للحرام فهم منغمسون في المعاصي دون رادع أو خشية. ولعله من المفيد أن نذكر بصيغ مبالغة اسم الفاعل فهي: 1- فعّال: مثل سمّاع- كذّاب.
2- فعول: مثل أكول وشروب. 3- فعيل: مثل سميع وعليم وبصير.
4- فعل: مثل شره- نهم. 5- مفعال: مثل مطعان. وهذه الصيغ تدل على المبالغة والكثرة لمن قام بالفعل فأكول كثير الأكل ومطعان كثير الطعن.
[سورة المائدة (5) : آية 43]
وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (كيف) اسم استفهام مبنيّ في محلّ نصب حال (يحكّمون) مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (الواو) حاليّة (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بخبر مقدّم و (هم) ضمير مضاف إليه (التوراة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم (حكم) مبتدأ مؤخّر مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (ثمّ) حرف عطف (يتولّون) مثل يحكّمون (من بعد) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتولّون) ، (ذلك) إشارة مبني(6/357)
في محلّ جرّ مضاف إليه.. و (اللام) للبعد، و (الكاف) للخطاب (الواو) حاليّة (ما) نافية (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع اسم ما. و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جرّ زائد (المؤمنين) مجرور لفظا منصوب محلا خبر ما وعلامة الجرّ الياء.
جملة «يحكّمونك» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «عندهم التوراة» : في محلّ نصب حال من فاعل يحكّمونك.
وجملة «فيها حكم ... » : في محلّ نصب حال من التوراة.
وجملة «يتولّون» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «ما أولئك بالمؤمنين» : في محلّ نصب حال من فاعل يتولّون «1» .
الصرف:
(يتولّون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يتولّاون، التقت الألف الساكنة مع واو الجماعة فحذفت الألف ثم فتح ما قبل الواو دلالة على الألف المحذوفة.
الفوائد
قوله تعالى وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْراةُ كيف في هذه الآية اسم استفهام مبني على الفتح في محل نصب حال. ولعله من المفيد أن نبين حكمها في الإعراب إكمالا للفائدة فهي 1- اسم مبني على الفتح دائما وتكون في محل رفع خبر مقدم إذا وليها اسم كقولنا: كيف حالك. وتأتي في محل نصب خبر مقدم لكان أو إحدى أخواتها إذا وليها فعل ناقص مثل: كيف كان عملك؟
وتعرب في محل نصب حال إذا وليها فعل تام كما ورد في الآية.
__________
(1) يجوز قطعها على الاستئناف فلا محلّ لها.(6/358)
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)
وبعضهم يعربها في محل نصب نائب مفعول مطلق إذا وليها فعل تام كقوله تعالى: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ فيؤولون الكلام بمعنى ألم تر أيّ فعل فعل ربك بأصحاب الفيل وهو وجه ليس بعيدا من الصواب.
[سورة المائدة (5) : الآيات 44 الى 45]
إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَكانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (44) وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (أنزلنا) فعل ماض مبني على السكون و (نا) ضمير في محلّ رفع فاعل (التوراة) مفعول به منصوب (في) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم (هدى) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (نور) معطوف على هدى مرفوع (يحكم) مضارع مرفوع (بها) مثل فيها متعلّق ب (يحكم) ، (النبيّون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع نعت ل (النبيّون) ، (أسلموا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (اللام) حرف جرّ (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب(6/359)
(يحكم) «1» ، (هادوا) مثل أسلموا (الواو) عاطفة (الربّانيّون) معطوف على (النبيّون) مرفوع مثله وكذلك (الأحبار) ، (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يحكم) على أسلوب البدل بإعادة الجار «2» ، (استحفظوا) فعل ماض مبني للمجهول.. والواو نائب فاعل (من كتاب) جارّ ومجرور متعلّق بحال من العائد المقدّر (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ.. والواو ضمير اسم كان (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (شهداء) (شهداء) خبر كانوا منصوب (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تخشوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (الناس) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (اخشوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل و (النون) نون الوقاية..
وحذف ضمير المتكلّم- مفعول اخشوا- للتخفيف (الواو) عاطفة (لا تشتروا) مثل لا تخشوا (بآيات) جارّ ومجرور متعلّق ب (تشتروا) بتضمينه معنى تستبدلوا و (الياء) ضمير مضاف إليه (ثمنا) مفعول به منصوب (قليلا) نعت منصوب. (الواو) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (لم) حرف للنفي فقط (يحكم) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يحكم) ، (أنزل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الفاء) رابطة لجواب الشرط (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) للخطاب (هم) ضمير فصل «3» ، (الكافرون) خبر المبتدأ أولئك مرفوع وعلامة الرفع الواو.
__________
(1) يجوز أن يكون متعلّقا ب (أنزلنا) ، أو متعلّق بمحذوف نعت لهدى ونور.
(2) يجوز أن يكون (ما) حرفا مصدريّا، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ.
(3) أو ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ ثان خبره الكافرون، والجملة الاسمية خبر أولئك. [.....](6/360)
جملة «إنّا أنزلنا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أنزلنا....» : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «فيها هدى....» : في محلّ نصب حال من التوراة.
وجملة «يحكم بها النبيّون» : في محلّ نصب حال من الضمير في (فيها) .
وجملة «أسلموا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة «هادوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «استحفظوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «كانوا عليه شهداء» : لا محلّ لها معطوفة على جملة استحفظوا.
وجملة «لا تخشوا....» : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي إن أحرجتم في موقف فلا تخشوا الناس.
وجملة «اخشون» : في محل جزم معطوفة على جملة لا تخشوا.
وجملة «لا تشتروا» : في محل جزم معطوفة على جملة لا تخشوا.
وجملة «من لم يحكم» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لم يحكم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «أنزل الله ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أولئك ... الكافرون» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/361)
(45) (الواو) عاطفة (كتبنا) مثل أنزلنا (عليهم) مثل عليه متعلّق ب (كتبنا) ، (فيها) مثل الأول متعلّق ب (كتبنا) ، (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (النفس) اسم أن منصوب (بالنفس) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر أنّ أي: أنّ النفس مأخوذة بالنفس.
والمصدر المؤوّل (أنّ النفس بالنفس) في محلّ نصب مفعول به عامله كتبنا.
(الواو) عاطفة في المواضع الخمسة (العين، الأنف، الأذن، السنّ، الجروح) أسماء معطوفة على النفس اسم أنّ منصوبة مثله (بالعين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر معطوف على خبر أنّ.. ومثله (بالأنف، بالأذن، بالسنّ) ، (قصاص) خبر معطوف على الخبر المحذوف المتعلّق به بالنفس، مرفوع، (الفاء) استئنافيّة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (تصدّق) فعل ماض مبني في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تصدّق) (الفاء) رابطة لجواب الشرط (هو) ضمير مبني في محلّ رفع مبتدأ (كفّارة) خبر مرفوع (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لكفّارة «1» ، (الواو) عاطفة (من لم يحكم ... الظالمون) مثل نظيرتها المتقدّمة ...
وجملة «كتبنا ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة أنزلنا.
وجملة «من تصدّق ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تصدّق ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
__________
(1) يجوز أن يكون متعلّقا بكفّارة.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/362)
وجملة «هو كفّارة ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «من لم يحكم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة من تصدّق، وجملة يحكم في محلّ رفع خبر (من) .
وجملة «أنزل الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أولئك ... الظالمون» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(الأحبار) ، جمع الحبر زنة فعل بفتح الفاء وكسرها وسكون العين، صفة مشتقّة من حبر يحبر باب نصر.
(العين) ، اسم جامد للعضو المعروف، وزنه فعل بفتح فسكون.
(الأنف) ، اسم جامد للعضو المعروف، وزنه فعل بفتح فسكون.
(السنّ) ، اسم جامد للعضو المعروف، وزنه فعل بفتح فسكون.
(الجروح) ، جمع جرح اسم جامد، وزنه فعل بضمّ فسكون.
(قصاص) ، مصدر سماعيّ لفعل قاصّ الرباعيّ، وزنه فعال بكسر الفاء، أمّا المصدر القياسيّ للفعل فهو المقاصّة.
(كفّارة) ، اسم جامد لما يدفع أو يعمل لتغطية الإثم، وزنه فعّالة بفتح الفاء وتشديد العين المفتوحة.
البلاغة
1- في هذه الآية فن مندرج في سلك الإطناب من علم المعاني وذلك في سياق قوله تعالى في صفة النبيين «الَّذِينَ أَسْلَمُوا» فهي صفة أجريت على النبيين على سبيل المدح دون التخصيص والتوضيح، لكن لا للقصد إلى مدحهم بذلك حقيقة(6/363)
فإن النبوة أعظم من الإسلام قطعا فيكون وصفهم به بعد وصفهم بها تنزيلا من الأعلى إلى الأدنى بل لتنويه شأن الصفة، فإن إبراز وصف في معرض مدح العظماء منبئ عن عظم قدر الوصف لا محالة كما في وصف الأنبياء بالصلاح ووصف الملائكة بالإيمان عليهم السلام ولذلك قيل: أوصاف الأشراف أشراف الأوصاف.
2- الالتفات: في قوله تعالى فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ فهو خطاب لرؤساء اليهود وعلمائهم بطريق الالتفات من التكلم الى الخطاب.
الفوائد
1- تحكيم شريعة الله عز وجل أفادت هذه الآية بقوله تعالى: وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ أفادت تحكيم شريعة الله عز وجل في قضايا الحياة وشؤونها وقد يعترض معترض فيقول: هناك أشياء كثيرة برزت في عصرنا لم تكن في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فنقول: إن شريعة الإسلام ليست جامدة وإنما هناك الاجتهاد والإجماع والقياس وهي مصادر من التشريع تكسب الشريعة حيوية واطرادا وتقدما يواجه جميع مشاكل الحياة في كل زمان ومكان.
2- هل شرع من قبلنا شرع لنا..
تناولت هذه الآية جانبا من أحكام التوراة في القصاص، وقد اختلف العلماء حول اعتبار شرع من قبلنا شرعا لنا أم لا فقد نقل عن أصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب الشافعي وعن أحمد في إحدى الروايتين أن شرع من قبلنا شرع لنا بطريق الوحي لا من جهة كتبهم المبدلة واختار ابن الحاجب من المتأخرين هذا المذهب لكنه لم يعتبر فيه قيد الوحي، وهو الحق، وإلا لم يبق للنزاع معنى إذ لا ينكر أحد التزام النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي سواء من شرعه أم شرع من سواه وذهبت الأشاعرة والمعتزلة إلى المنع، وذلك اختيار الآمدي من المتأخرين ولكن الرأي الأول هو المعتمد وعليه جمهور العلماء. ويشترط أن لا يكون قد ورد في شرعنا ما يخالف هذا الشرع الذي نأخذ به.(6/364)
3 القصاص والعفو:
قوله فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ: من تصدق بالقصاص متطوعا، سواء كان هو ولي الدم في حالة القتل- والصدقة تكون بأخذ الدية مكان القصاص، أو بالتنازل عن الدم والدية معا وهذا من حق الولي، إذ العقوبة والعفو متروكان له، ويبقى للإمام تعزير القاتل بما يراه- أو كان هو صاحب الحق في حالة الجروح كلها فتنازل عن القصاص، من تصدق فصدقته هذه كفارة لذنوبه يحطها بها الله عنه وكثيرا ما تستجيش هذه الدعوة الى السماحة والعفو، وتعليق القلب بعفو الله ومغفرته نفوسا لا يغنيها العوض المالي، ولا يسلبها القصاص ذاته عمن فقدت أو عما فقدت، إن القصاص غاية ما يستطاع في الأرض لإقامة العدل وتأمين المجتمع، ولكن تبقى في النفس بقية لا يمسح عليها إلا تعليق القلوب بالعوض الذي يجيء من عند الله.
روى الإمام أحمد، قال: حدثنا وكيع، حدثنا يونس بن أبي اسحق عن أبي السفر قال: «كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية، فقال معاوية: سنرضيه، فألح الأنصاري، فقال معاوية: شأنك بصاحبك، وأبو الدرداء جالس، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
«ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة أو حط به عنه خطيئة»
فقال الأنصاري: فإني قد عفوت» . وهكذا رضيت نفس الرجل واستراحت بما لم ترض من مال معاوية الذي لوح له به للتعويض.(6/365)
وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46)
[سورة المائدة (5) : آية 46]
وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (قفّينا) فعل ماض مبني على السكون.. و (نا) ضمير فاعل (على آثار) جارّ ومجرور متعلّق ب (قفينا) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (بعيسى) جارّ ومجرور متعلّق ب (قفّينا) ، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على الألف (ابن) نعت لعيسى أو بدل تبعه في الجرّ (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة لامتناعه من الصرف (مصدّقا) حال منصوبة من عيسى (اللام) زائدة للتقوية «1» ، (ما) اسم موصول محلّه القريب الجرّ باللام ومحلّه الثاني النصب فهو مفعول به لاسم الفاعل (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف صلة ما (يدي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء و (الهاء) مضاف إليه (من التوراة) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ما (الواو) عاطفة (آتينا) مثل قفّينا و (الهاء) ضمير مفعول به (الإنجيل) مفعول به ثان منصوب (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر مقدّم (هدى) مبتدأ مؤخّر مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (نور) معطوف على هدى مرفوع مثله (الواو) عاطفة (مصدّقا) معطوف على الجملة الحاليّة فيه هدى (لما بين ... من التوراة) مثل الأولى (الواو) عاطفة (هدى) معطوف على (مصدّقا) منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (الواو) عاطفة (موعظة) معطوف على (مصدّقا) منصوب (للمتّقين) جارّ ومجرور متعلّق بهدى وموعظة.
__________
(1) يجوز أن يكون الحرف أصليّا، فيتعلّق مع المجرور ب (مصدّقا) لأنه اسم فاعل.(6/366)
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47)
جملة «قفّينا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة «1» .
وجملة «فيه هدى ... » : في محلّ نصب حال من الإنجيل.
وجملة «آتيناه ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
الصرف:
(آثارهم) ، جمع أثر وهو الاسم من أثر يأثر باب نصر وباب ضرب وزنه فعل بفتحتين.
البلاغة
1- التكرير: في قوله تعالى لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وتكرير ذلك لزيادة التقرير.
2- التشبيه البليغ: وهو تشبيه الإنجيل بالنور والهدى، وحذف الأداة ليكونا نفس الإنجيل للمبالغة.
[سورة المائدة (5) : آية 47]
وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (اللام) لام الأمر (يحكم) مضارع مجزوم (أهل) فاعل مرفوع (الإنجيل) مضاف إليه مجرور (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يحكم) ، (أنزل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (في) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (الواو) استئنافيّة (من لم ... هم الفاسقون) مرّ إعراب نظيرها «2» .
__________
(1) أو معطوفة على جملة أنزلنا التوراة في الآية (44) من هذه السورة.
(2) في الآية (44) من هذه السورة.(6/367)
وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
جملة «يحكم أهل الإنجيل» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أنزل الله ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «من لم يحكم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لم يحكم بما أنزل الله» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «أنزل الله (الثانية) » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «أولئك هم الفاسقون» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
[سورة المائدة (5) : آية 48]
وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (أنزلنا) فعل ماض مبني على السكون..
و (نا) ضمير فاعل (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محل جرّ متعلّق ب (أنزلنا) ، (الكتاب) مفعول به منصوب (بالحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بحال
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/368)
من الكتاب أو من فاعل أنزلنا أو من الكاف في (إليك) ، (مصدّقا لما ...
الكتاب) مثل مصدّقا لما ... من التوراة «1» (الواو) عاطفة (مهيمنا) معطوف على (مصدّقا) منصوب (عليه) مثل إليك متعلّق ب (مهيمنا) ، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (احكم) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (احكم) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (بما أنزل الله) مرّ إعرابها «2» ، (الواو) عاطفة (لا) ناهية جازمة (تتّبع) مضارع مجزوم، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أهواء) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (عن) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل تتّبع أي: منحرفا عمّا جاءك (جاء) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد و (الكاف) ضمير مفعول به (من الحقّ) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل جاء (لكل) جارّ ومجرور متعلّق ب (جعلنا) وهو فعل ماض مبني على السكون. و (نا) فاعل (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كلّ) ، أي لكلّ نبيّ منكم «3» ، (شرعة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (منهاجا) معطوف على شرعة منصوب. (الواو) عاطفة (لو) حرف شرط غير جازم (شاء) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (اللام) واقعة في جواب لو (جعل) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (أمّة) مفعول به ثان منصوب (واحدة) نعت لأمة منصوب (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك (اللام) للتعليل (يبلو) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام و (كم) مفعول به، والفاعل هو أي الله.
__________
(1) في الآية (46) من هذه السورة.
(2) في الآية (47) من هذه السورة.
(3) على الرغم من فصل النعت عن المنعوت بأجنبي، إنّ المعنى لا يمنع ذلك، وفي القرآن الكريم نظائر له قال تعالى: أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ (سورة الأنعام- الآية 14) بكسر الراء في فاطر(6/369)
(في) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (يبلوكم) ، (آتى) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو و (كم) ضمير مفعول به أوّل، والمفعول الثاني محذوف أي آتاكم إيّاه.
والمصدر المؤوّل (أن يبلوكم) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره فرّقكم.
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (استبقوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الخيرات) منصوب على نزع الخافض أي الى الخيرات.. وهو مفعول به إذا ضمّن الفعل معنى ابتدروا، وعلامة النصب الكسرة. (إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (مرجع) مبتدأ مؤخّر مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (جميعا) حال منصوبة من الضمير في مرجعكم لأنه فاعل المصدر (الفاء) عاطفة (ينبّئ) فعل مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بما) مثل الأول متعلّق ب (ينبّئ) ، (كنتم) فعل ماض ناقص..
و (نا) ضمير اسم كان (فيه) مثل عليه متعلّق ب (تختلفون) وهو مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة «أنزلنا ... » : في محلّ رفع معطوفة على جملة أنزلنا التوراة «1» .
وجملة «احكم بينهم» : في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن سئلت فاحكم.
وجملة «أنزل الله ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «لا تتّبع ... » : في محلّ جزم معطوفة على جملة احكم.
وجملة «جاءك ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
__________
(1) في الآية (44) من هذه السورة، ويجوز قطعها على الاستئناف فلا محل لها.(6/370)
وجملة «جعلنا منكم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لو شاء الله» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جعلنا منكم.
وجملة «جعلكم ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة « (فرّقكم) المقدّرة» : لا محل لها معطوفة على جملة لو شاء.
وجملة «يبلوكم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «آتاكم» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثالث.
وجملة «استبقوا ... » : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم في موضع الاختبار فاستبقوا....
وجملة «إلى الله مرجعكم» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «ينبّئكم» : لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة.
وجملة «كنتم ... تختلفون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الرابع.
وجملة «تختلفون» : في محلّ نصب خبر كنتم.
الصرف:
(مهيما) ، اسم فاعل من (هيمن) الرباعيّ، وزنه مفعلل بضمّ الميم وكسر اللام الأولى، وقال أبو البقاء العكبريّ. «وأصل مهيمن مؤيمن لأنه مشتقّ من الأمانة، لأن المهيمن الشاهد وليس في الكلام همن حتّى تكون الهاء أصلا.
(شرعة) ، الاسم لشرع يشرع باب فتح بمعنى الشريعة، وما شرع الله لعباده من السنن والأحكام.
(منهاجا) ، اسم مكان على غير القياس من نهج ينهج، وزنه مفعال بكسر الميم.(6/371)
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ (49)
البلاغة
التشبيه: في قوله تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً فالشريعة هي الطريقة الى الماء شبه بها الدين لكونه سبيلا موصلا الى ما هو سبب للحياة الأبدية كما أن الماء سبب للحياة الفانية.
الفوائد
الدين والشريعة..
وردت آيات تدل على وحدة الدين، ولا فرق بين دين نبي ونبي آخر، ووردت آيات تدل على التباين في الشريعة كما في هذه الآية بقوله تعالى لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً وطريق الجمع بين هذه الآيات أن كل آية دلت على عدم التباين فهي دالة على أصول الدين من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وكل ذلك جاءت به الرسل من عند الله ولم يختلفوا فيه. وأما الآيات الدالة على حصول التباين بينهم فمحمولة على الفروع وما يتعلق بظواهر العبادات فجائز أن يتعبد الله عباده في كل وقت بما يشاء، فهذه طريق الجمع بين هذه الآيات، ولذا فلا يجوز تسميتها بالديانات السماوية، لأن الدين واحد لدى جميع الأنبياء وهو توحيد الله والإيمان بما أخبرنا به، ولكن يجوز أن نقول الشرائع السماوية لأنها مختلفة من نبي لنبي حسب زمانه ومكانه وأمته ومقتضيات عصره.
[سورة المائدة (5) : آية 49]
وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّما يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ (49)(6/372)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (أن) حرف مصدريّ «1» ، (احكم بينهم بما أنزل الله) مرّ إعرابها «2» وكذلك (لا تتبع أهواءهم) «3» ، (الواو) عاطفة (احذر) فعل أمر و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أنّ) حرف مصدريّ ونصب (يفتنوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (عن بعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يفتنوك) ، (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (أنزل) فعل ماض مبنيّ (الله) فاعل مرفوع وهو العائد (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) .
والمصدر المؤوّل (أن احكم) في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف أي حكمك بما أنزل الله أمرنا.. أو من الواجب حكمك بما أنزل الله «4» .
والمصدر المؤوّل (أن يفتنوك) في محلّ نصب بدل اشتمال من الضمير في (احذرهم) «5» .
(الفاء) استئنافيّة (إن حرف شرط جازم (تولّوا) فعل ماض مبني على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اعلم) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أنّما) كافة ومكفوفة (يريد) مضارع مرفوع (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (أن يصيبهم) مثل أن يفتنوك (ببعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يصيب) ، (ذنوب) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه.
__________
(1) أو حرف تفسير لأن فعل أنزلنا إليك الوارد في الآية السابقة (48) بمعنى قلنا..
والجملة بعده تفسيريّة لا محلّ لها.
(2، 3) في الآية السابقة (48) .
(4) يجوز عطف المصدر المؤوّل على لفظ الكتاب في الآية السابقة أي أنزلنا إليك الكتاب والحكم بما أنزل الله، كما يجوز عطفة على الحقّ أي: أنزلنا إليك الكتاب بالحقّ والحكم. [.....]
(5) أو مفعول لأجله بحذف حرف الجرّ منه.(6/373)
والمصدر المؤوّل (أن يصيبهم) في محلّ نصب مفعول به عامله يريد.
(الواو) استئنافيّة (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (كثيرا) اسم إنّ منصوب (من الناس) جارّ ومجرور متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (اللام) هي المزحلقة (فاسقون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة « (حكمك) ... أمرنا» : لا محلّ لها معطوفة على استئناف متقدّم «1» .
وجملة «أنزل الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «لا تتّبع أهواءهم» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئناف «2» .
وجملة «احذرهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة لا تتّبع أهواءهم.
وجملة «يفتنوك ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «أنزل الله إليك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «تولّوا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «اعلم ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «يريد الله ... » : في محلّ نصب سدّت مسدّ مفعولي اعلم المعلّق ب (أنما) .
وجملة «يصيبهم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
__________
(1، 2) يجوز قطعها على الاستئناف أصلا، فالواو قبلها استئنافيّة لا عاطفة.(6/374)
أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)
وجملة «إنّ كثيرا ... لفاسقون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
البلاغة
الإبهام: في قوله تعالى بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وذلك لتعظيم التولي واستسرافهم في ارتكابه كما في قول لبيد: أو يرتبط بعض النّفوس حمامها. أراد نفسه:
وإنما قصد تفخيم شأنها بهذا الإبهام، كأنه قال: نفسا كبيرة ونفسا أي نفس.
فكما أن التنكير يعطي معنى التكبير وهو معنى البعضية فكذلك إذا صرح بالبعض.
الفوائد
اللام المزحلقة..
اللام المزحلقة تدخل على خبر إن وتزيد الكلام توكيدا وتقوية، كما في هذه الآية وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ لَفاسِقُونَ وعند ما كذب أصحاب القرية المرسلين قالوا لهم رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ أما إذا كان الخبر شبه جملة (أي ظرف أو جار ومجرور) وتقدم على اسمها فتدخل هذه اللام على الاسم كقوله تعالى إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى. وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى
[سورة المائدة (5) : آية 50]
أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام الانكاريّ (الفاء) استئنافيّة «1» (حكم) مفعول به مقدّم منصوب عامله يبغون (الجاهليّة) مضاف إليه مجرور (يبغون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (من) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ (أحسن) خبر مرفوع (من الله) جارّ ومجرور متعلّق بأحسن (حكما) تمييز منصوب (لقوم) جارّ ومجرور متعلّق
__________
(1) أو عاطفة تعطف الفعل المذكور على فعل مقدّر يقتضيه المعنى أي: أيتولّون عن حكمك فيبغون حكم الجاهليّة.(6/375)
بنعت ل (حكما) «1» ، (يوقنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة «يبغون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «من أحسن ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «يوقنون» : في محلّ جرّ نعت لقوم.
الصرف:
(الجاهليّة) ، إمّا الملّة الجاهليّة التي هي متابعة الهوى الموجبة للميل والمداهنة في الأحكام، وإمّا أن تكون على حذف مضاف أي أهل الجاهليّة. والكلمة نسبة إلى الجاهل وهو اسم فاعل من جهل يجهل باب فرح أو هي من نوع المصدر الصناعيّ الذي ينتهي بالياء المشدّدة والتاء المربوطة.
(يبغون) ، فيه إعلال بالحذف بعد الإعلال بالتسكين، أصله يبغيون بضمّ الياء الثانيّة، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت الضمّة إلى الغين- إعلال بالتسكين- ولمّا التقى ساكنان حذفت الياء وزنه يفعون.
البلاغة
1- خروج الاستفهام عن معناه الأصلي: في قوله تعالى أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وقوله وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً فالأول إنكار وتعجب من حالهم وتوبيخ لهم، وتقديم المفعول للتخصيص المفيد لتأكيد الإنكار والتعجيب لأن التولي عن حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وطلب حكم آخر عجيب، وطلب حكم الجاهلية أقبح وأعجب.
والثاني إنكار لأن يكون أحد حكمه أحسن من حكم الله تعالى، أو مساو له، كما يدل عليه الاستعمال وإن كان ظاهر السبك غير متعرض لنفي المساواة.
__________
(1) يجوز تعليقه ب (حكما) .. أو بمقدّر أي هذا الاستفهام والخطاب لقوم يوقنون، أو يبيّن ذلك لقوم يوقنون، وجعل بعض المعربين اللام بمعنى عند فيتعلّق بأحسن، قال العكبريّ: إنّ الموقن يتدبّر حكم الله فيحسن عنده.(6/376)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)
2- فن الإيغال: في قوله تعالى وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ وهو فن طريف، وفحواه أن يستكمل المتكلم كلامه قبل أن يأتي بمقطعه، فإذا أراد الإتيان بذلك أتى بما يفيد معنى زائدا على معنى ذلك الكلام. وهو ضربان: إيغال تخيير وإيغال احتياط. وهو في هذه الآية إيغال تخيير.
فإن المعنى قد تم بقوله: «وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً» ولما احتاج الكلام الى فاصلة تناسب ما قبلها وما بعدها، أتت تفيد معنى زائدا، لولاها لم يحصل، وذلك أنه لا يعلم أن حكم الله أحسن من كل حكم إلا من أيقن أنه واحد حكيم عادل، ولذلك عدل عن قوله «يعلمون» الى قوله «يوقنون» .
[سورة المائدة (5) : آية 51]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (لا) ناهية جازمة (تتخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (اليهود) مفعول به أوّل منصوب (النصارى) معطوف على اليهود بالواو منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (أولياء) مفعول به ثان منصوب (بعض) مبتدأ مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (أولياء) خبر مرفوع (بعض) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يتولّ) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من
__________
(1) في الآية (1) من هذه السورة.(6/377)
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)
فاعل يتولّى (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (منهم) مثل منكم متعلّق بخبر إنّ (إنّ) مثل الأول (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء والفاعل هو (القوم) مفعول به منصوب (الظالمين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول.
وجملة «لا تتخذوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «بعضهم أولياء ... » : لا محلّ لها اعتراضيّة- أو تعليليّة.
وجملة «من يتولّهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «يتولّهم منكم» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «إنّه منهم» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «إنّ الله لا يهدي ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يهدي ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
الصرف:
(يتولّ) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يتفعّ.
[سورة المائدة (5) : آية 52]
فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (52)
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/378)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (في قلوب) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدم و (هم) ضمير مضاف إليه (مرض) مبتدأ مؤخّر مرفوع (يسارعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يسارعون) على حذف مضاف أي في موالاتهم (يقولون) مثل يسارعون (نخشى) مثل ترى (أن) حرف مصدريّ ونصب (تصيب) مضارع منصوب و (نا) ضمير مفعول به (دائرة) فاعل مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن تصيبنا) في محلّ نصب مفعول به عامله نخشى «1» .
(الفاء) استئنافيّة (عسى) فعل ماض ناقص جامد (الله) لفظ الجلالة اسم عسى مرفوع (أن يأتي) مثل أن تصيب، والفاعل هو (بالفتح) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتي) .
والمصدر المؤوّل (أن يأتي) في محلّ نصب خبر عسى.
(أو) حرف عطف (أمر) معطوف على الفتح مجرور مثله (من عند) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لأمر و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة سببيّة (يصبحوا) مضارع ناقص منصوب معطوف على (يأتي) وعلامة النصب حذف النون.. والواو اسم يصبح (على) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ «2» ، (أسرّوا) فعل ماض مبني على الضمّ والواو فاعل (نادمين) خبر أصبحوا منصوب وعلامة النصب الياء.
__________
(1) أو في محلّ جرّ بحرف جرّ محذوف تقديره من أن تصيبنا.. متعلّق ب (نخشى) .
(2) أو اسم موصول والعائد محذوف والجملة صلة.. أو نكرة موصوفة والجملة نعت له.(6/379)
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53)
والمصدر المؤوّل (ما أسرّوا) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (نادمين) .
جملة «ترى الذين ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّ الله لا يهدي «1» .
وجملة «في قلوبهم مرض» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يسارعون» : في محلّ نصب حال من الموصول.
وجملة «يقولون ... » : في محلّ نصب حال من فاعل يسارعون.
وجملة «نخشى ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «تصيبنا دائرة» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «عسى الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يأتي ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يصبحوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «أسروا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
الصرف (دائرة) ، مؤنّث دائر وهو اسم فاعل من دار وزنه فاعل، وهو صفة غالبة يحذف معها الموصوف، وفي اللفظ إبدال حرف العلّة همزة لمجيء حرف العلّة بعد ألف فاعل، وهذا القلب مطّرد.
[سورة المائدة (5) : آية 53]
وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (53)
__________
(1) في الآية السابقة (51) إذا كانت الرؤية قلبيّة فالجملة مفعول به ثان لفعل الرؤية.(6/380)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (يقول) مضارع مرفوع (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ..
والواو فاعل (الهمزة) للاستفهام (ها) حرف تنبيه (أولاء) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ (الذين) اسم موصول خبر (أقسموا) مثل آمنوا (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (أقسموا) ، (جهد) مصدر في موضع الحال أي جاهدين «1» ، (أيمان) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (اللام) لام القسم (مع) ظرف مكان منصوب متعلّق بمحذوف خبر إنّ و (كم) ضمير مضاف إليه (حبطت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث (أعمال) فاعل مرفوع و (هم) مضاف إليه (الفاء) عاطفة (أصبحوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ.. والواو اسم أصبح (خاسرين) خبر مرفوع.
جملة «يقول الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «هؤلاء الذين ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أقسموا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «إنهم لمعكم» : لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة «حبطت أعمالهم» : لا محلّ لها استئنافيّة، وهي من كلام الله تعالى لا من كلام المؤمنين.
وجملة «أصبحوا خاسرين» : لا محلّ لها معطوفة على جملة حبطت أعمالهم.
__________
(1) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو نوعه.(6/381)
الصرف:
(جهد) مصدر سماعيّ لفعل جهد يجهد باب فتح، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
فن الإغراب والطرفة: في قوله تعالى حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ وهو على ثلاثة أقسام:
1- قسم يكون الإغراب منه في اللفظ وهو كثير. 2- قسم يكون الإغراب منه في المعنى. 3- قسم لا يكون الإغراب في معناه ولا في ظاهر لفظه، بل في تأويله، وهو الذي إذا حمل على ظاهره كان الكلام معيبا وإذا تؤوّل رده التأويل الى نمط من الكلام الفصيح، فأماط عن ظاهره العيب.
والآية الكريمة منه، فإن لقائل أن يقول: إن لفظة «أصبحوا» في الظاهر حشو لا فائدة فيه، فإن هؤلاء المخبر عنهم بالخسران قد أمسوا في مثل ما أصبحوا، ومتى قلت: أصبح العسل حلوا، كانت لفظة أصبح زائدة من الحشو الذي لا فائدة فيه، لأنه أمسى كذلك. وقد تحيل الرماني لهذه اللفظة في تأويل تحصل به الفائدة الجليلة التي لولا مجيئها لم تحصل، وهي أنه لما قال، لما كان العليل الذي بات مكابدا آلاما شديدة تعتبر حاله عند الصباح، فإذا أصبح مفيقا مستريحا من تلك الآلام رجي له الخير وغلب الظن برؤه وإفاقته من ذلك المرض وإذا أصبح كما أمسى تعيّن هلاكه.. وعلى هذا تكون لفظة «أصبحوا» قد أفادت معنى حسنا جميلا، وخرجت على كونها حشوا غير مفيد.
الفوائد
المنافقون واليهود..
نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه، حيث كانوا يسارعون في موالاة اليهود والتقرب منهم، مبررين ذلك بأنهم يخافون أن يصيبهم مكروه، ويعنون بذلك ألا يتم أمر محمد صلى الله عليه وسلم فيدور عليهم الأمر كما كان قبل محمد (صلى الله عليه وسلم) ونستفيد من هذه(6/382)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54)
الآية أن المنافقين لا يعوّل عليهم في شيء ولا يعتمد عليهم في أمر فهم متأرجحون. مرجفون خائفون مضطربون، لا يثبتون على حال ويقولون ما لا يفعلون، فهم أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام وحاربوه في السر وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ.
فهم أصعب من العدو الظاهر وأشد خطرا من غيرهم.
[سورة المائدة (5) : آية 54]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (54)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (من يرتدّ منكم) مثل من يتولّهم منكم «2» ، (عن دين) جارّ ومجرور متعلّق ب (يرتدّ) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الفاء) رابطة لجواب الشرط (سوف) حرف استقبال (يأتي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بقوم) جارّ ومجرور متعلّق به (يأتي) ، (يحبّ) مثل يأتي و (هم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الواو) عاطفة (يحبّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به (أذلّة) نعت لقوم مجرور مثله (على المؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق بأذلّة وقد ضمّن معنى عاطفين، وعلامة الجرّ الياء (أعزّة) نعت ثان لقوم مجرور مثله (على الكافرين) مثل على المؤمنين (يجاهدون) مثل
__________
(1) في الآية (1) من هذه السورة.
(2) في الآية (51) من هذه السورة.(6/383)
يحبّون (في سبيل) جارّ ومجرور متعلّق ب (يجاهدون) (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه (الواو) عاطفة (لا) نافية (يخافون) مثل يحبّون (لومة) مفعول به منصوب (لائم) مضاف إليه مجرور. (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ.. (واللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (فضل) خبر مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (يؤتي) مثل يأتي و (الهاء) ضمير مفعول به، والفاعل هو أي الله (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به ثان (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل هو أي الله (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (واسع) خبر مرفوع (عليم) خبر ثان مرفوع.
جملة النداء «يأيّها الذين» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «من يرتدّ ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «يرتدّ ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «يأتي الله» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «يحبّهم» : في محلّ جرّ نعت لقوم.
وجملة «يحبّونه» : في محلّ جرّ معطوفة على جملة يحبّهم.
وجملة «يجاهدون ... » : في محلّ جر نعت آخر لقوم.
وجملة «لا يخافون ... » : في محلّ جر معطوفة على جملة يجاهدون «2» .
وجملة «ذلك فضل الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يؤتيه ... » : في محلّ رفع خبر ثان للمبتدأ ذا «3» ..
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) يجوز أن تكون الواو حاليّة، والجملة في محلّ نصب حال من فاعل يجاهدون. [.....]
(3) أو في محلّ نصب حال، أو استئنافيّة لا محلّ لها.(6/384)
وجملة «يشاء» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «الله واسع ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(لومة) ، مصدر مرّة من لام يلوم باب نصر، وزنه فعلة بفتح الفاء.
(لائم) ، اسم فاعل من لام الثلاثيّ وزنه فاعل، وفيه قلب الواو همزة لمجيئها بعد ألف فاعل وأصله لاوم، وهذا القلب مطّرد في كلّ فعل معتلّ.
البلاغة
الطباق: بين أذلة وأعزّة..
الفوائد
اقتران جواب الشرط بالفاء..
في هذه الآية اقترن جواب الشرط بالفاء بقوله تعالى: مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ وهنا وجب اقترانه بالفاء لوقوع سوف في الجواب ولعله من المفيد أن نذكر بحالات وجوب اقتران جواب الشرط بالفاء وهي:
1- إذا كان الجواب جملة أسميه كقوله تعالى وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى.
2- إذا كان الجواب جمله طلبية فعلها أمر أو مضارع مقترن بلام الأمر أو لا الناهية كقوله تعالى فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً.
3- أن يكون فعل الجواب جامدا كقولنا: إن أحسنت فعسى أن يحبك الناس.
4- أن يكون مقترنا ب (ما) كقولنا: إن عاقبت المسيء فما قصّرت.(6/385)
إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55)
[سورة المائدة (5) : آية 55]
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ (55)
الإعراب:
(إنّما) كافّة ومكفوفة (وليّ) مبتدأ مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الله) لفظ الجلالة خبر مرفوع (الواو) عاطفة (رسول) معطوف على لفظ الجلالة مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع معطوف على لفظ الجلالة (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الذين) مثل الأول بدل منه- أو نعت له- (يقيمون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (الصلاة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (يؤتون الزكاة) مثل يقيمون الصلاة (الواو) حاليّة (هم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (راكعون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «إنما وليّكم الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة «يقيمون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «يؤتون ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة الثانية.
وجملة «هم راكعون» : في محلّ نصب حال.
الفوائد
الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل..
دلت هذه الآية على أن الإيمان ليس دعوى يتغنى بها اللسان بل لا بد لها من(6/386)
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56)
رصيد في السلوك والعمل حتى تكون دعوى صادقة ودل على ذلك قوله تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ ... فلا بد للإيمان من سلوك عملي يترجمه ويكون دليلا عليه، وفيه تمييز للمؤمنين عن المنافقين الذين يدّعون الإيمان ولا يحافظون على الصلاة ولا يؤتون الزكاة.
[سورة المائدة (5) : آية 56]
وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغالِبُونَ (56)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يتولّ) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة في الموضعين (رسول، الذين) اسمان معطوفان على لفظ الجلالة بحرفي العطف تبعاه في حالة النصب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (آمنوا) مثل المتقدّم في الآية السابقة (الفاء) رابطة لجواب الشرط (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (حزب) اسم إنّ منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (هم) ضمير فصل «1» ، (الغالبون) خبر إنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «من يتولّ ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة في السابقة.
وجملة «يتولّ الله ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
__________
(1) أو ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ خبره الغالبون، والجملة الاسميّة خبر إنّ.
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/387)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (58)
وجملة «إنّ حزب الله ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء «1» .
الصرف:
(يتولّ) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه يتفّع.
(حزب) ، اسم جمع لا مفرد له من لفظه، جمعه أحزاب، وزنه فعل بكسر فسكون.
[سورة المائدة (5) : الآيات 57 الى 58]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (57) وَإِذا نادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوها هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ (58)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أيّ) منادى نكرة مقصودة مبني على الضمّ في محلّ نصب «2» (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أيّ أو نعت له (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (لا) ناهية جازمة (لا تتخذوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون..
والواو فاعل (الذين) مثل الأول في محلّ نصب مفعول به أول (اتّخذوا) مثل آمنوا (دين) مفعول به أوّل عامله اتّخذوا، منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (هزوا) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة (لعبا) معطوف على (هزوا) منصوب (من) حرف جرّ (الذين) مثل الأول في محلّ جرّ
__________
(1) يرى بعضهم أن جملة الجواب محذوفة تقديرها فهو يعينهم وينصرهم، والجملة الاسمية المذكورة في حكم التعليل.
(2) و (ها) للتنبيه لا محل لها.(6/388)
متعلّق بمحذوف حال من فاعل اتّخذوا (أوتوا) فعل ماض مبني على الضمّ، مبني للمجهول.. والواو نائب فاعل (الكتاب) مفعول به منصوب (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوتوا) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (الكفار) معطوف على الموصول الثاني تبعه في حالة النصب (أولياء) مفعول به ثان عاملة تتّخذوا، منصوب، وهو ممنوع من التنوين لأنه ملحق بالاسم الممدود على وزن أفعلاء (الواو) عاطفة (اتّقوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (إن) حرف شرط جازم «1» (كنتم) فعل ماض ناقص مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط. و (تم) ضمير اسم كان (مؤمنين) خبر كنتم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة النداء «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة «لا تتّخذوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «اتّخذوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «أوتوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثالث.
وجملة «اتّقوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «كنتم مؤمنين» : لا محلّ لها استئنافيّة، وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي فاتّقوا الله.
(58) (الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق ب (اتخذوا) (ناديتم) فعل ماض مبني على السكون.. و (تم) ضمير فاعل (إلى الصلاة) جارّ ومجرور متعلّق ب
__________
(1) إن هنا للتهييج والإلهاب- كما يقول ابن هشام- لا للتعليق المقتضي للشك.(6/389)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (59)
(ناديتم) «1» ، (اتّخذوا) مثل آمنوا و (ها) ضمير مفعول به أوّل (هزوا ولعبا) مثل الأولى (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ والإشارة إلى الفعل منهم.. (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جرّ (أنّ) حرف مشبّه بالفعل و (هم) ضمير متّصل مبني في محلّ نصب اسم أنّ (قوم) خبر أنّ مرفوع (لا) نافية (يعقلون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (أنّهم قوم..) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
وجملة «ناديتم ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «اتّخذوها ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «ذلك بأنّهم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة في حكم التعليل.
وجملة «لا يعقلون» : في محلّ رفع نعت لقوم.
[سورة المائدة (5) : آية 59]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ (59)
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (هل) حرف استفهام متضمّن معنى النفي (تنقمون) مضارع مرفوع..
والواو فاعل (من) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تنقمون) متضمّنا معنى تكرهون (إلّا) أداة حصر (أن) حرف مصدريّ فقط (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمنا) .
__________
(1) أو بمحذوف حال من فاعل ناديتم أي داعين إلى الصلاة.(6/390)
والمصدر المؤوّل (أن آمنّا) في محلّ نصب مفعول به عامله تنقمون أي: تنقمون منّا إيماننا بالله.
(الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى) حرف جرّ و (نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (الواو) عاطفة (ما أنزل) مثل الأولى ومعطوفة عليها (من) حرف جرّ (قبل) اسم مبني على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) الثاني (الواو) عاطفة (أنّ) حرف مشبّه بالفعل للتوكيد (أكثر) اسم أنّ منصوب و (كم) ضمير في محلّ جرّ مضاف إليه (فاسقون) خبر أنّ مرفوع وعلامة الرفع الواو.
والمصدر المؤوّل (أنّ أكثركم فاسقون) في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة أي تنقمون منّا إيماننا بالله وبأنّ أكثركم فاسقون «1» .
جملة «قل» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة النداء «يا أهل الكتاب» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «هل تنقمون» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «آمنّا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «أنزل إلينا» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
__________
(1) يجوز أن يكون المصدر المؤوّل في محلّ نصب: آ- معطوف على المصدر المؤوّل أن آمنا على حذف مضاف أي: واعتقاد أنّ أكثركم فاسقون. ب- هو مفعول معه والواو هي واو المعيّة أي: تنقمون وفسق أكثركم أي مع فسق أكثركم ج- منصوب بفعل مقدّر أي:
ولا تنقمون أنّ أكثركم فاسقون.
ويجوز أن يكون في محلّ رفع مبتدأ خبره محذوف مقدّم عليه أي: ومعلوم فسق أكثركم، والجملة مستأنفة.(6/391)
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (60)
وجملة «أنزل من قبل» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
البلاغة
توكيد المدح بما يشبه الذم: فإن الاستثناء بعد الاستفهام الجاري مجرى التوبيخ، على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان، يوهم بأن يأتي بعد الاستفهام ما يجب أن ينقم على فاعله بما يذم به، فلما أتى بعد الاستفهام ما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم.
[سورة المائدة (5) : آية 60]
قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (60)
الإعراب:
(قل هل) مرّ إعرابهما «1» ، (أنبئ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنا (بشرّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنبّئكم) ، (من) حرف جرّ (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ متعلّق بشرّ. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (مثوبة) تمييز منصوب «2» ، (عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بنعت لمثوبة (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (من) اسم موصول مبني في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو «3» ، (لعن) فعل ماض و (الهاء) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (غضب) مثل لعن والفاعل هو (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير مبني في محلّ جرّ متعلّق ب
__________
(1) في الآية السابقة (59) .
(2) المثوبة هنا مستعارة للتهكم فهي بمعنى العقوبة.
(3) يجوز أن يكون (من) بدلا من شرّ، ويجوز أن يكون نكرة موصوفة والجملة بعده نعت(6/392)
(غضب) ، (الواو) عاطفة (جعل) مثل لعن (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (جعل) «1» ، (القردة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الخنازير) معطوف على القردة منصوب مثله (الواو) عاطفة (عبد) مثل لعن (الطاغوت) مفعول به منصوب (أولئك) اسم إشارة مبني على الكسر في محلّ رفع مبتدأ. و (الكاف) للخطاب (شرّ) خبر مرفوع (مكانا) تمييز منصوب (الواو) عاطفة (أضلّ) معطوف على شرّ مرفوع (عن سواء) جارّ ومجرور متعلّق ب (أضل) (السبيل) مضاف إليه مجرور.
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «أنبّئكم ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة « (هو) من لعنه الله» : لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة «لعنه الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «غضب ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «جعل ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «عبد الطاغوت» : لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة «أولئك شرّ ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(أضلّ) ، اسم تفضيل من ضلّ يضلّ باب ضرب، وزنه أفعل.
البلاغة
1- وضع الظاهر موضع المضمر: في قوله تعالى مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ فوضع الاسم الجليل موضع الضمير لتربية المهابة وإدخال الروعة وتهويل أمر اللعن.
2- التهكم: في قوله «مثوبة» فاستعمالها هنا في الشر على طريقة التهكم
__________
(1) وإن كان الفعل متعدّيا لاثنين فهو المفعول الثاني ل (جعل) .(6/393)
كقوله: «تحية بينهم ضرب وجيع» .
3- الكناية: في قوله تعالى أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً فإثبات الشرارة لمكانهم ليكون أبلغ في الدلالة على شرارتهم، فقد صرحوا أن إثبات الشرارة لمكان الشيء كناية عن إثباتها له، كقولهم: سلام على المجلس العالي والمجد بين برديه، فكأن شرهم أثر في مكانهم، أو عظم حتى صار مجسما.
ويجوز أن يكون الاسناد مجازيا كمجرى النهر.
الفوائد
فائدة حول اسم التفضيل..
1- نحن نعلم بأن اسم التفضيل يصاغ من الفعل الثلاثي- التام (أي غير الناقص) المثبت (غير المنفي) المتصرف (غير الجامد) المبني للمعلوم، القابل للتفاوت، ليس الوصف منه على وزن أفعل. يصاغ اسم التفضيل من الفعل المستوفي لهذه الشروط على وزن أفعل، وهو يدل على أن شيئين اشتركا في صفة وزاد أحدهما على الآخر، كقوله تعالى: أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مالًا وَأَعَزُّ نَفَراً وقد شذ ثلاثة أسماء ليست على هذا الوزن وهي: أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وكلمة حبّ كقول الشاعر: (وحبّ شيء الى الإنسان ما منعا) مع العلم أنه يجوز في هذه الأخيرة استعمالها على أصلها في القاعدة فيجوز أن أقول أنت أحب إليّ من زيد.
2- أوجه القراءة بقوله تعالى وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ.
أورد أبو البقاء العكبري الأوجه المختلفة لقراءة (عبد الطاغوت) الواردة في الآية الكريمة نوردها على سبيل شد انتباه القارئ إلى هذه الوجوه:
1- يقرأ بفتح العين والباء ونصب الطاغوت، على أنه فعل معطوف على لعن والطاغوت مفعول به.
2- يقرأ بفتح العين وضم الباء وجر الطاغوت، وعبد هنا اسم، وهو في معنى الجمع، وما بعده مجرور بإضافته إليه وهو منصوب بجعل.
3- ويقرأ بضم العين والباء ونصب الدال وجر ما بعده، وهو جمع عبد مثل سقف وسقف، أو عبيد مثل قتيل وقتل أو، عابد مثل نازل ونزل، أو عباد مثل كتاب(6/394)
وَإِذَا جَاءُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا يَكْتُمُونَ (61)
وكتب، فيكون جمع جمع مثل ثمار وثمر.
4- ويقرأ عبّد الطاغوت، بضم العين وفتح الباء وتشديدها، مثل ضارب وضرّب.
5- ويقرأ عبّاد الطاغوت مثل صائم وصوّام.
6- ويقرأ عباد الطاغوت، وهو ظاهر، مثل صائم وصيام.
7- ويقرأ وعابد الطاغوت وعبد الطاغوت على أنه صفة مثل حطم.
8- ويقرأ وعبد الطاغوت، على بنائه للمجهول، والطاغوت نائب فاعل.
9- ويقرأ وعبد الطاغوت مثل ظرف ويقرأ وعبدوا على أنه فعل والواو.
والطاغوت مفعول به منصوب.
10- ويقرأ وعبدة الطاغوت وهو جمع عابد مثل قاتل وقتلة.
[سورة المائدة (5) : آية 61]
وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ (61)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط مبني في محلّ نصب متعلّق ب (قالوا) (جاؤوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به (قالوا) مثل جاؤوا (آمنا) فعل ماض وفاعله (الواو) حاليّة (قد) حرف تحقيق (دخلوا) مثل جاؤوا (بالكفر) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل دخلوا، والباء للمصاحبة (الواو) عاطفة «1» ، (هم) ضمير مبني في محلّ رفع مبتدأ (قد خرجوا به) مثل قد دخلوا بالكفر «2» (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (أعلم) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) اسم
__________
(1) أجاز بعضهم- ومنهم أبو حيّان- أن تكون الواو واو الحال وصاحب الحالين واحد.
(2) (به) حال عاملها خرجوا وصاحبها الفاعل. [.....](6/395)
وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (62)
موصول «1» في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (أعلم) ، (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ والواو اسم كان (يكتمون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
جملة «جاؤوكم» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «آمنا» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قد دخلوا ... » : في محلّ نصب حال من فاعل قالوا.
وجملة «هم قد خرجوا ... » : في محلّ نصب حال معطوفة على جملة قد دخلوا.
وجملة «قد خرجوا ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
وجملة «الله أعلم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كانوا يكتمون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يكتمون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
الصرف:
(أعلم) ، صفة مشتقّة بمعنى عالم وليس فيه معنى التفضيل.
[سورة المائدة (5) : آية 62]
وَتَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (62)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كثيرا)
__________
(1) أو حرف مصدريّ، والمصدر المؤوّل في محلّ جرّ متعلّق بأعلم.(6/396)
مفعول به منصوب (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (يسارعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في الإثم) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسارعون) بتضمينه معنى يقعون سريعا (العدوان) معطوف على الإثم بالواو مجرور مثله (الواو) عاطفة (أكل) معطوف على الإثم مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (السحت) مفعول به للمصدر أكل منصوب (اللام) لام القسم لقسم مقدّر (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذمّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل بئس «1» ، (كانوا يعملون) مثل كانوا يكتمون «2» .
جملة «ترى» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يسارعون ... » : في محلّ نصب حال من كثيرا أو نعت ثان له «3» .
وجملة «بئس ما كانوا ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «كانوا يعملون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يعملون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
الفوائد
من أسرار البيان في القرآن الكريم..
ورد في الآية قوله تعالى يُسارِعُونَ فِي الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ نحن نعلم بأن المسارعة في الشيء المبادرة إليه بسرعة ولكن لفظة المسارعة إنما تستعمل في الخير، ومنه قوله تعالى يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ، وضدها العجلة وتقال في الشر في الأغلب، وإنما ذكرت لفظة المسارعة في الآية لفائدة، وهي أنهم كانوا يقدمون على هذه المنكرات
__________
(1) أو نكرة في محلّ نصب تمييز للضمير المستتر فاعل بئس، وجملة كانوا نعت ل (ما) .
(2) في الآية السابقة (61) .
(3) يجوز أن تكون مفعولا به ثانيا لفعل ترى إذا جعل قلبيّا.(6/397)
لَوْلَا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (63)
كأنها خيرات في نظرهم فجاء التعبير موافقا لحالهم ومفهومهم.
[سورة المائدة (5) : آية 63]
لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا يَصْنَعُونَ (63)
الإعراب:
(لولا) أداة تحضيض بمعنى هلّا فيها معنى التوبيخ (ينهى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدرة على الألف و (هم) ضمير مفعول به (الربّانيّون) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الواو (الواو) عاطفة (الأحبار) معطوف على قبله مرفوع مثله (عن قول) جارّ ومجرور متعلّق ب (ينهى) ، و (هم) ضمير مفعول به (الإثم) مفعول به للمصدر قول منصوب (الواو) عاطفة (أكلهم السحت) مثل قولهم الإثم (لبئس ما كانوا يصنعون) مثل السابقة «1» .
جملة «ينهاهم الربانيّون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «بئس ما كانوا ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «كانوا يصنعون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يصنعون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
الفوائد
قوله تعالى لَوْلا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ.
- لولا في هذه الآية بمعنى هلا وتعرب أداة حض، وسنعرض أهم ما يتعلق بهذه الأداة.
1- تأتي حرف امتناع لوجود، وتدخل على جملة اسمية، يليها جملة فعلية نحو لولا زيد لأكرمتك فقد امتنع الإكرام لوجود زيد. ويعرب الاسم بعدها مبتدأ
__________
(1) في الآية السابقة (62) .(6/398)
والخبر محذوف تقديره كائن، هذا إن كان الخبر كونا عاما أما إن كان كونا خاصا فيجب ذكره نحو: لولا قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة، لولا العدو سالمنا لما توقفنا عن القتال.
2- إذا ولي لولا ضمير فحقه أن يكون ضمير رفع نحو قوله تعالى لَوْلا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ وسمع قليلا لولاي ولولاك ولولاه خلافا للمبرد.
ثم قال سيبويه والجمهور: هي جارة للضمير مختصة به كما اختصت حتى والكاف بالظاهر، ولا تتعلق لولا بشيء، وموضع المجرور بها رفع بالابتداء والخبر محذوف، فإذا عطفت عليه اسما ظاهرا نحو لولاك وزيد تعين رفعه لأنها لا تخفض الظاهر.
3- وتأتي أداة حض وعرض فتختص في المضارع أو ما في تأويله نحو (لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ) (لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ) .
4- وتأتي للتوبيخ فتختص بالماضي نحو (لَوْلا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ) .
5- الاستفهام: كقوله تعالى لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وهذا وجه ضعيف قاله الهروي والأقوى أنها للتوبيخ.
2- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
اشتملت هذه الآية على قاعدة عظيمة، وهي وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما بينت بأن العلماء أول من يحمل هذه المسؤولية، وأن تخلي العلماء عن ذلك إثم كبير وهي تدل على أن تارك النهي عن المنكر بمنزلة مرتكبه. قال ابن عباس ما في القرآن أشد توبيخا من هذه الآية ويقول الضحاك ما في القرآن آية أخوف عندي منها.(6/399)
وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)
[سورة المائدة (5) : آية 64]
وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِما قالُوا بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (قال) فعل ماض و (التاء) للتأنيث (اليهود) فاعل مرفوع (يد) مبتدأ مرفوع (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (مغلولة) خبر مرفوع (غلّت) فعل ماض مبني للمجهول. و (التاء) للتأنيث (أيدي) نائب فاعل مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لعنوا) ماض مبني للمجهول مبني على الضمّ.. والواو نائب فاعل (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ «1» ، (قالوا) فعل فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما قالوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (لعنوا) ، والباء سببيّة.
(بل) للإضراب الإبطاليّ وللابتداء (يدا) مبتدأ مرفوع وعلامة الرفع الألف وحذفت النون للإضافة و (الهاء) مضاف إليه (مبسوطتان) خبر مرفوع وعلامة الرفع الألف (ينفق) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (كيف) اسم شرط غير جازم مبني في محلّ نصب حال (يشاء) مضارع مرفوع، والفاعل هو. (الواو) استئنافيّة (اللام) لام القسم لقسم
__________
(1) أو اسم موصول في محلّ جرّ بالباء متعلّق ب (لعنوا) ، والعائد محذوف.(6/400)
مقدّر (يزيدنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع.. و (النون) نون التوكيد، (كثيرا) مفعول به أوّل منصوب (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل (أنزل) مثل غلّت، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) ، (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) ، و (الكاف) مضاف إليه (طغيانا) مفعول به ثان منصوب عامله يزيدنّ (الواو) عاطفة (كفرا) معطوف على (طغيانا) منصوب (الواو) عاطفة (ألقينا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (بين) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (ألقينا) ، و (هم) مضاف إليه (العداوة) مفعول به منصوب (البغضاء) معطوف على العداوة بالواو منصوب مثله (إلى يوم) جارّ ومجرور متعلّق ب (ألقينا) ، (القيامة) مضاف إليه مجرور (كلّما) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب (أوقدوا) مثل قالوا (نارا) مفعول به منصوب (للحرب) جارّ ومجرور متعلّق بنعت ل (نارا) «1» ، (أطفأ) فعل ماض و (ها) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (يسعون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسعون) ، (فسادا) مصدر في موضع الحال أي يسعون مفسدين «2» ، (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يحبّ) مثل ينفق (المفسدين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «قالت اليهود» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يد الله مغلولة» : في محلّ نصب مقول القول.
__________
(1) يجوز تعليقه ب (أوقدوا) .
(2) وثمة أوجه أخرى سبق إعرابها. انظر الآية (33) من هذه السورة.(6/401)
وجملة «غلّت أيديهم» : لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة «لعنوا» : لا محلّ لها معطوفة على الاعتراضيّة.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة «يداه مبسوطتان» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ينفق ... » : لا محلّ لها استئنافيّة «1» .
وجملة «يشاء» : لا محلّ لها استئنافيّة وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله أي: كيف يشاء أن ينفق ينفق.
وجملة «يزيدنّ ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «أنزل إليك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «ألقينا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة قالت اليهود.
وجملة «أوقدوا ... » : في محلّ جرّ مضاف إليه «2» .
وجملة «أطفأها الله» : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «يسعون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ألقينا ...
وجملة «الله لا يحبّ ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يحبّ ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(يد) اسم جامد حذفت لامه وهي الياء، جمعه أيدي ويدي بضمّ الياء الأولى.
__________
(1) ولو قدّرنا في الجملة ضميرا يعود على (يداه) لكانت الجملة في محلّ رفع خبر ثان أي: يداه ... ينفق بهما....
(2) يجوز فصل (كلّ) عن (ما) الحرف المصدريّ، والمصدر المؤوّل مضاف إليه، والجملة صلة الموصول الحرفيّ.(6/402)
(مغلولة) ، مؤنّث مغلول، اسم مفعول من غلّ الثلاثيّ، وزنه مفعول.
(مبسوطتان) ، مثّنى مبسوطة مؤنّث مبسوط، اسم مفعول من بسط الثلاثيّ على وزن مفعول.
(العداوة) ، الاسم من المعاداة مأخوذة من عاداه، وزنه فعالة بفتح الفاء.
(البغضاء) ، الاسم من التباغض أو المباغضة، وزنه فعلاء بفتح الفاء.
البلاغة
1- المشاكلة: في قوله تعالى غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ فهو دعاء عليهم بالبخل المذموم والمسكنة أو بالفقر والنكد أو بغل الأيدي حقيقة بأن يكونوا أسارى مغلولين في الدنيا ويسحبوا إلى النار بأغلالها في الآخرة فتكون المطابقة حينئذ من حيث اللفظ وملاحظة المعنى الأصلي كما في سبني سب الله دابره.
2- الكناية: في قوله تعالى كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ فإيقاد النار كناية عن إرادة الحرب، وقد كانت العرب إذا تواعدت للقتال جعلوا علامتهم إيقاد نار على جبل أو ربوة ويسمونها نار الحرب، وإطفاؤها عبارة عن دفع شرهم، وإضافة الإطفاء إليه تعالى إضافة المسبب إلى السبب الأصلي.
3- الطباق: بين الإيقاد والإطفاء ...
الفوائد
- لؤم اليهود وعنادهم..
نزلت هذه الآية في (فنحاص) اليهودي قال ابن عباس إن الله كان قد بسط على اليهود حتى كانوا أكثر الناس أموالا وأخصبهم ناحية فلما عصوا الله ومحمدا (صلى الله عليه وسلم) وكذبوا به كف عنهم ما بسط عليهم من السعة، فعند ذلك قال فنحاص يد الله مغلولة يعني محبوسة مقبوضة عن الرزق، وعند ما لم ينهه بقية اليهود(6/403)
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)
ورضوا بقوله لا شك أن الله تعالى أشركهم معه في هذه المقالة.
- كيد اليهود في تضليل..
أكدت الآية بأن كيد اليهود وتدبيرهم لن يكتب له النجاح وأنهم كلما ساروا في طريق الحرب والمعارك فإنهم سيرجعون خائبين. وتأكد ذلك بقوله تعالى كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ولا يغترنّ أحد بربحهم بعض الجولات في قتالنا فالأمور بعواقبها وخواتيمها وستكون الخاتمة وبالا عليهم وخسرانا، فهذه بشارة الآية الكريمة، وإلى جانبها بشارة النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه الوارد في صحيح مسلم: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود، فينطق الحجر والشجر فيقول: يا مسلم إن ورائي يهوديا تعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود.
- قول في اليد:
قالوا اليد في اللغة تذكر على وجوه، أحدها الجارحة وهي معلومة، وثانيها النعمة يقال لفلان عندي يد أشكره عليها، وثالثها القدرة، قال الله تعالى أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ فسّروها بذوي القوى والعقول، ويقال لا يد لك بهذا الأمر، والمعنى سلب كمال القدرة، ورابعها الملك، يقال هذه الضيعة في يد فلان، أي في ملكه، ومنه قوله تعالى الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ أي يملك ذلك.
[سورة المائدة (5) : الآيات 65 الى 66]
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنا عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْناهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ ساءَ ما يَعْمَلُونَ (66)(6/404)
الإعراب:
(الواو) استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (أنّ) حرف مشبّه بالفعل (أهل) اسم أنّ منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (آمنوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (اتّقوا) مثل آمنوا (اللام) واقعة في جواب لو (كفّرنا) فعل ماض مبني على السكون وفاعله (عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (كفّرنا) ، (سيّئات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (هم) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أنّ أهل الكتاب آمنوا) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: لو ثبت إيمان أهل الكتاب.
(الواو) عاطفة (لأدخلنا) مثل لكفّرنا و (هم) ضمير مفعول به أوّل (جنّات) مفعول به ثان منصوب وعلامة النصب الكسرة (النعيم) مضاف إليه مجرور.
جملة « (ثبت) إيمان أهل الكتاب» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة «اتّقوا» : في محلّ رفع معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة «كفّرنا ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «أدخلناهم ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط.
(66) (الواو) عاطفة (لو أنّهم أقاموا التوراة) مثل نظيرتها المتقدّمة (الواو) عاطفة (الإنجيل) معطوف على التوراة منصوب (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب معطوف على التوراة (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو يعود على ما (إليهم) مثل(6/405)
عنهم متعلّق ب (أنزل) ، (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) ، و (هم) ضمير مضاف إليه (اللام) واقعة في جواب لو (أكلوا) مثل آمنوا (من فوق) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من مفعول أكلوا المقدّر «1» ، و (هم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (من تحت) مثل من فوق ويتعلّق بما تعلّق به (أرجل) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه (منهم) مثل عنهم متعلّق بخبر مقدّم (أمّة) مبتدأ مؤخّر مرفوع (مقتصدة) نعت لأمّة مرفوع (الواو) عاطفة (كثير) مبتدأ مرفوع «2» ، (منهم) مثل عنهم متعلّق بمحذوف نعت لكثير (ساء) فعل ماض لإنشاء الذمّ، والفاعل ضمير مستتر وجوبا تقديره هو (ما) نكرة موصوفة في محلّ نصب تمييز لضمير الفاعل «3» ، (يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة « (ثبت) إقامتهم التوراة» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ثبت إيمان....
وجملة «أقاموا» : في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة «أنزل إليهم» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «أكلوا ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «منهم أمّة ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كثير منهم ساء ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة الأخيرة.
وجملة «ساء ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (كثير) .
__________
(1) أو متعلّق ب (أكلوا) والتعبير كلّه كناية عن سعة الرزق.
(2) الذي سوّغ الابتداء بالنكرة كونها تدلّ على عموم، وقد وصفت بالجارّ والمجرور.
(3) يجوز أن تكون ما موصول في محلّ رفع فاعل، والجملة بعدها صلة.(6/406)
يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)
وجملة «يعملون» : في محلّ نصب نعت ل (ما) .
الصرف:
(النعيم) ، اسم بمعنى رغد العيش، وزنه فعيل.
(مقتصدة) ، مؤنّث مقتصد، اسم فاعل من اقتصد الخماسّي، وزنه مفتعل بضمّ الميم وكسر العين.
البلاغة
1- الإيجاز بالحذف: وهو هنا في موضعين..
آ- حذف المضاف في قوله تعالى وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ أي أقاموا أحكامها وحدودها وما فيهما من نعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) .
ب- حذف المفعول به في قوله تعالى لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ فمفعول أكلوا محذوف لقصد التعميم، أو للقصد إلى نفس الفعل كما في قوله:
فلان يعطي ويمنع.
[سورة المائدة (5) : آية 67]
يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (67)
الإعراب:
(يأيّها) مرّ إعرابها «1» ، (الرسول) نعت لأيّ تبعه في الرفع لفظا، أو بدل منه (بلّغ) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أنزل) (من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق ب (أنزل) ، و (الكاف) مضاف إليه (الواو) عاطفة (إن) حرف
__________
(1) في الآية (57) من هذه السورة. [.....](6/407)
شرط جازم (لم) حرف نفي (تفعل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الفاء) رابطة لجواب الشرط (بلّغت) فعل ماض مبني على السكون.. و (التاء) فاعل (رسالة) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يعصم) مضارع مرفوع، و (الكاف) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من الناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعصم) ، (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل هو (القوم) مفعول به منصوب (الكافرين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «يأيّها الرسول ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «بلّغ ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أنزل إليك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «لم تفعل....» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «بلّغت ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «الله يعصمك ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «يعصمك ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «إنّ الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يهدي ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
البلاغة
قوله تعالى وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ أي وإن لم تفعل فما فعلت.(6/408)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)
ففي اتحاد الشرط والجواب سرّ منقطع النظير، حيث أراد المولى سبحانه وتعالى أن يتحدا، لأن عدم تبليغ الرسالة أمر معلوم عند الناس، مستقر في الأفهام أنه عظيم شنيع ينقم على مرتكبه، ولأن عدم نشر العلم في العالم أمر يستوجب المذمة، فما بالك بالرسالة؟ فجعل الجزاء عين الشرط ليتضح مدى الاهتمام بالتبليغ.
[سورة المائدة (5) : آية 68]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (68)
الإعراب:
(قل يا أهل الكتاب) مرّ إعرابها «1» ،، (لستم) فعل ماض ناقص جامد.. و (تم) ضمير اسم ليس (على شيء) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر ليس (حتّى) حرف غاية وجرّ (تقيموا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (التوراة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الإنجيل) معطوف على التوراة منصوب (الواو) عاطفة (ما أنزل إليكم من ربّكم) مرّ إعراب نظيرها «2» .
والمصدر المؤوّل (أن تقيموا) في محلّ جرّ متعلّق بخبر لستم.
(الواو) عاطفة (ليزيدنّ.. وكفرا) مرّ إعرابها «3» ،، (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (لا) ناهية جازمة (تأس) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (على القوم)
__________
(1) في الآية (59) من هذه السورة.
(2) في الآية السابقة (67) .
(3) في الآية (64) من السورة.(6/409)
جارّ ومجرور متعلّق ب (تأس) ، (الكافرين) نعت للقوم مجرور وعلامة الجرّ الياء.
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يا أهل الكتاب ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لستم على شيء» : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «تقيموا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «أنزل ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يزيدنّ» : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. والقسم وجوابه لا محلّ له معطوف على جواب النداء.
وجملة «أنزل إليك ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «لا تأس ... » : في محلّ جزم جواب شرط مقدّر..
إن حصل لهم ذلك فلا تأس.
الصرف:
(تأس) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه تفع بفتح العين.
البلاغة
في قوله تعالى لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ في هذا التعبير ما لا يخفى من التصغير والتحقير ومن أمثالهم: أقل من لا شيء. أي لستم على شيء يعتدّ به حتى تقيموا أحكام التوراة والإنجيل.
الفوائد
غرور اليهود وعنادهم..
قال ابن عباس جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رافع بن حارثة وسلام بن مشكم ومالك(6/410)
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)
ابن الصيف ورافع بن حرملة وقالوا يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة وتشهد أنها حق؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق، وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس، فأنا بريء من إحداثكم قالوا فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الحق والهدى ولا نؤمن لك ولا نتبعك، فأنزل الله قل يا أهل الكتاب لستم على شيء.
[سورة المائدة (5) : آية 69]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (69)
الإعراب:
(إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب اسم إنّ (آمنوا) : فعل ماض مبني على الضم.. والواو فاعل (الواو) عاطفة (الذين هادوا) مثل الذين آمنوا ومعطوف عليه «1» ،، (الواو) عاطفة (الصائبون) مبتدأ مرفوع على نيّة التأخير خبره محذوف دلّ عليه خبر إنّ «2» ، (الواو) عاطفة (النصارى) معطوف على (الذين هادوا) «3» منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (من) اسم موصول «4» مبني في محلّ نصب بدل من (الذين آمنوا) وما عطف عليه «5»
__________
(1) يجوز أن يكون (الذين هادوا) مبتدأ، والصابئون معطوف عليه مع النصارى وخبرها لا خوف عليهم ...
(2) هذا اختيار سيبويه والبصريين.. ويجوز على رأي الكسائي والفرّاء أن يكون معطوفا على محلّ (إنّ واسمها) وثمّة أوجه أخرى في إعراب (الصابئون) ما ذكرناه هو أوضحها وأقواها.
(3) أو مرفوع بحسب التخريج الآخر من الإعراب الوارد في الحاشية رقم (1) في هذه الصفحة
(4) يجوز أن يكون اسم شرط جازم مبتدأ وجملة لا خوف عليهم في محلّ جزم جواب الشرط.. والجملة من الشرط وفعله وجوابه خبر إنّ ...
(5) أو في محلّ رفع بدل من الذين هادوا وما عطف عليه.. ويجوز أن يكون مبتدأ خبره لا خوف عليهم بزيادة الفاء، والجملة منه ومن الخبر خبر إن.(6/411)
بدل بعض من كلّ (آمن) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (آمن) ، (الواو) عاطفة (اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور (الآخر) نعت لليوم مجرور (الواو) عاطفة (عمل) مثل آمن (صالحا) مفعول به منصوب (الفاء) زائدة لمشابهة الموصول بالشرط (لا) نافية مهملة «1» ، (خوف) مبتدأ مرفوع (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (هم) ضمير منفصل مبتدأ (يحزنون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
جملة «إنّ الذين آمنوا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة «هادوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
وجملة «الصابئون وخبره المقدّر» : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «آمن بالله» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «عمل ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة آمن.
وجملة «لا خوف عليهم» : في محلّ رفع خبر إنّ الذين آمنوا وما عطف عليه.
وجملة «هم يحزنون» : في محلّ رفع معطوفة على جملة لا خوف عليهم.
وجملة «يحزنون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (هم) .
__________
(1) أو عاملة عمل ليس و (خوف) اسمها....(6/412)
لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ (70)
[سورة المائدة (5) : آية 70]
لَقَدْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَأَرْسَلْنا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّما جاءَهُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ (70)
الإعراب:
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (أخذنا) فعل ماض مبني على السكون و (نا) ضمير فاعل (ميثاق) مفعول به منصوب (بني) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياء (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (الواو) عاطفة (أرسلنا) مثل أخذنا (إلى) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أرسلنا) ، (رسلا) مفعول به منصوب (كلّما) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب «1» (جاء) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (رسول) فاعل مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني «2» في محلّ جرّ متعلّق ب (جاء) ، (لا) نافية (تهوى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف (أنفس) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (فريقا) مفعول به مقدّم منصوب (كذّبوا) فعل ماض وفاعله (الواو) عاطفة (فريقا) مثل الأول (يقتلون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
جملة «أخذنا ميثاق ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «أرسلنا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة «جاءهم رسول» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
__________
(1) أنظر الحاشية (1) من الصفحة (65) .
(2) أو نكرة موصوفة والجملة بعدها نعت.(6/413)
وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (71)
وجملة «لا تهوى أنفسهم» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «كذّبوا» : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم «1» .
وجملة «يقتلون» : لا محلّ لها معطوفة على جواب الشرط.
البلاغة
الالتفات البليغ: في قوله تعالى فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ حيث أوثر عليه صيغة المضارع على حكاية الحال الماضية لاستحضار صورتها الهائلة للتعجب منها وللتنبيه على أن ذلك ديدنهم المستمر وللمحافظة على رؤوس الآية الكريمة. وتقديم فريقا في الموضعين للاهتمام به وتشويق السامع إلى ما فعلوا به.
[سورة المائدة (5) : آية 71]
وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (71)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (حسبوا) فعل ماض مبني على الضمّ..
والواو فاعل (أن) حرف مصدريّ ونصب (لا) نافية (تكون) مضارع تام منصوب (فتنة) فاعل تكون مرفوع.
والمصدر المؤوّل (أن لا تكون فتنة) في محلّ نصب سدّ مسدّ مفعولي حسبوا.
(الفاء) عاطفة (عموا) مثل حسبوا (الواو) عاطفة (صمّوا) مثل حسبوا (ثمّ) حرف عطف (تاب) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تاب) ،
__________
(1) يجوز أن يكون الجواب محذوفا تقديره عصوه وعادوه، وأن المذكورة هي استئناف بيانيّ لسؤال مقدّر كأنه قيل: كيف فعلوا بهم؟(6/414)
(ثم عموا وصمّوا) مثل الأولى (كثير) بدل من الضمير في عموا «1» ، (منهم) مثل عليهم متعلّق بنعت لكثير (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (بصير) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ «2» ، (يعملون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّل (ما يعملون) في محلّ جرّ بالباء متعلّق ببصير.
جملة «حسبوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة يقتلون.
وجملة «تكون» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «عموا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة حسبوا.
وجملة «صمّوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة عموا.
وجملة «تاب الله عليهم» : لا محلّ لها معطوفة على جملة عموا.
وجملة «عموا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة تاب الله عليهم.
وجملة «صمّوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة عموا الثانية.
وجملة «الله بصير ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يعملون» : لا محل لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
الصرف:
(عموا) ، فيه إعلال بالحذف أصله عميوا، نقلت حركة الياء إلى الميم ثم حذفت لالتقاء الساكنين.
الفوائد
1- قوله تعالى ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ دارت آراء كثيرة حول إعراب كلمة (كثير) الواردة في الآية الكريمة.
1- الذي أجازه ابن هشام أن تكون مبتدأ والجملة قبلها خبر.
__________
(1) وحينئذ يعود الضمير في صمّوا على كثير المتأخّر عنه لفظا ولكنه متقدّم رتبة وهو جائز.. وأجازوا في كثير أن يكون مبتدأ وما قبله خبر- وهو ضعيف-.
(2) أو اسم موصول في محلّ جرّ بالباء، والعائد محذوف، والجملة صلة. [.....](6/415)
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72)
2- وعند سيبويه أن الواو حرف دال على الجماعة كما أن التاء دالة على التأنيث وبهذا تكون كثير فاعلا.
3- واعتبرها بعضهم بدلا من الواو.
4- واعتبرها أبو البقاء العكبري أنها خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: أي العمى والصم كثير. والوجه الأقوى هو اعتبارها بدلا من واو الجماعة لأن ذلك لا يحتاج الى تأويل ولا يتنافى مع المعنى. فعند ما قال تعالى ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا قد يظن القارئ أنهم عموا وصموا جميعا ولكن دفعا للوهم ولبيان أن العمى والصمم لم يكن شاملا قال ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وذلك كقولي حضر المدعوون كثيرهم أي ليسوا جميعا وإنما معظمهم ويبقى كلام الله أكبر من التأويل وتبقى أسراره تفوق علم البشر.
وقد رجح هذا الوجه الإمام النسفي في تفسيره وقال وهو بدل البعض من الكل.
كان التامة وكان الناقصة..
وثمة فائدة أخرى قد وردت في هذه الآية وهي ورود كان (تامة) في قوله تعالى وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ وعلى هذا نعرب فتنة فاعل وأخواتها سميت أفعالا ناقصة لأنه ينقصها الخبر حتى يتم معناها فعند ما أقول: (كان الوقت) دون تتمة للجملة، فإن السامع يطلب مني الإتيان بالخبر ليتم المعنى، لذا سميت كان وأخواتها أفعالا ناقصة لافتقارها إلى الخبر ليتم معناها أما إذا وردت كان بمعنى وجد، ثمّ بها وبمرفوعها المعنى، فهي تامة، ويعرب ما بعدها فاعلا كما ورد في الآية الكريمة ومنه قول الشاعر:
إذا كان الشتاء فأدفئوني ... فإن الشيخ يبرده الشتاء
أي إذا وجد الشتاء وهي في البيت تم بها وبمرفوعها المعنى فاعتبرت تامة.
[سورة المائدة (5) : آية 72]
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (72)(6/416)
الإعراب:
(لقد كفر الذين) مثل لقد أخذنا «1» ، (قالوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوب (هو) ضمير فصل «2» ، (المسيح) خبر إنّ مرفوع (ابن) نعت للمسيح أو بدل منه مرفوع (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (الواو) حاليّة (قال) فعل ماض (المسيح) فاعل مرفوع (يا) أداة نداء (بني) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (اعبدوا) فعل أمر مبني على حذف النون.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (ربّ) بدل من لفظ الجلالة منصوب مثله وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء و (الياء) مضاف إليه (الواو) عاطفة (ربّكم) مثل ربّي ومعطوف عليه. (إنّ) مثل الأول و (الهاء) ضمير الشأن مبني في محلّ نصب اسم إنّ (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (يشرك) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يشرك) ، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (قد) حرف تحقيق (حرّم) مثل قال (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محل جرّ متعلّق ب (حرّم) ، (الجنّة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (مأوى) مبتدأ مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (النار) خبر مرفوع (الواو) استئنافيّة (ما) نافية (للظالمين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (من) حرف جرّ زائد (أنصار) مجرور لفظا ومرفوع محلا مبتدأ مؤخّر.
__________
(1) في الآية (70) من هذه السورة.
(2) أو هو مبتدأ خبره المسيح، والجملة خبر إن(6/417)
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
جملة «لقد كفر الذين ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّ الله هو المسيح» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «قال المسيح» : في محلّ نصب حال بتقدير قد والرابط تقديره لهم «1» .
وجملة النداء «وجوابها» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «اعبدوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «إنّه من يشرك ... » : لا محلّ لها استئنافيّة- أو تعليليّة لما تقدّم «2» .
وجملة «من يشرك ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة «يشرك ... » : في محلّ رفع خبر (من) «3» .
وجملة «قد حرّم الله» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «مأواه النار» : في محلّ جزم معطوفة على جملة جواب الشرط.
وجملة «ما للظالمين من أنصار» : لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة المائدة (5) : آية 73]
لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (73)
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافا بيانيّا، فلا حاجة لتقدير قد.
(2) لأنها امّا هي من كلام الله تعالى فهي استئنافيّة، أو هي من تمام كلام عيسى عليه السلام.
(3) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(6/418)
الإعراب:
(لقد كفر الذين قالوا إنّ الله) مرّ إعرابها «1» ، (ثالث) خبر مرفوع (ثلاثة) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (ما) نافية (من) زائدة (إله) مجرور لفظا مرفوع محلا مبتدأ، وخبره محذوف تقديره كائن أو موجود (إلّا) أداة استثناء (إله) بدل من الضمير في الخبر المحذوف «2» ، (واحد) نعت لإله مرفوع (الواو) استئنافيّة (إنّ) حرف شرط جازم (لم) حرف نفي فقط (ينتهوا) مضارع مجزوم فعل الشرط وعلامة الجزم حذف النون والواو فاعل (عن) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (ينتهوا) «3» ، (يقولون) مضارع مرفوع والواو فاعل (اللام) لام القسم لقسم مقدّر «4» ، (يمسّنّ) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع..
(والنون) نون التوكيد الثقيلة (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به مقدّم (كفروا) فعل ماض وفاعله (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف حال من فاعل كفروا (عذاب) فاعل يمسّنّ مرفوع (أليم) نعت لعذاب مرفوع.
جملة «كفر الذين ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «قالوا ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إنّ الله ثالث ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «ما من إله إلّا ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
وجملة «لم ينتهوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «يقولون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
__________
(1) في الآية السابقة (72) .
(2) أو بدل من محلّ إله.
(3) يجوز أن يكون حرفا مصدريا، والمصدر المؤوّل (ما يقولون) في محلّ جرّ متعلّق ب (ينتهوا) .
(4) أمّا اللام الموطئة المصاحبة عادة ل (إن) الشرطيّة فمقدّرة.(6/419)
أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)
وجملة «يمسّنّ» : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثاني.
الفوائد
آداب الخطاب..
لقد بلغ القرآن الكريم المنتهى في أسلوب الخطاب والتوجيه واستجاشة النفس ودعوتها إلى الإيمان وتحريك نوازع الخير فيها وفي هذه الآية دليل على ذلك فقال تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ولم يقل لقد كفر النصارى وهو تحريك لنفوسهم حتى يرجعوا عن الكفر، وعدم جرح كرامتهم، بل بيان لبطلان قولهم وأنه كفر بالله عز وجل وختمت الآية بقوله تعالى: وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ ففي قوله ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم فتح لباب التوبة على مصراعيه وأن الذين يصرون على الكفر هم المعذبون فقط وهذا الكلام أروع الكلام لخطاب النفس وردها الى جادة الصواب.
[سورة المائدة (5) : آية 74]
أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (74)
الإعراب:
(الهمزة) للاستفهام التوبيخيّ (الفاء) عاطفة (لا) نافية (يتوبون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (إلى الله) جار ومجرور متعلّق ب (يتوبون) ، (الواو) عاطفة (يستغفرون) مثل يتوبون و (الهاء) ضمير مفعول به (الواو) حاليّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (غفور) خبر مرفوع (رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة «يتوبون ... » : لا محلّ لها معطوفة على استئناف مقدّر أي أيثبتون على عقائدهم الباطلة فلا يتوبون.(6/420)
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)
وجملة «يستغفرونه» : لا محلّ لها معطوفة على جملة يتوبون واقعة في حيّز النفي.
وجملة «الله غفور» : في محلّ نصب حال.
[سورة المائدة (5) : آية 75]
مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (75)
الإعراب:
(ما) نافية (المسيح) مبتدأ مرفوع (ابن) نعت للمسيح أو بدل منه مرفوع (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة (إلّا) أداة حصر (رسول) خبر المبتدأ مرفوع (قد) حرف تحقيق (خلت) فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين..
و (التاء) للتأنيث (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (خلت) و (الهاء) ضمير مضاف إليه (الرسل) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (أمّ) مبتدأ مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (صدّيقة) خبر مرفوع (كانا) فعل ماض ناقص.. و (الألف) ضمير اسم كان (يأكلان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون.. و (الألف) فاعل (الطعام) مفعول به منصوب (انظر) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كيف) اسم استفهام مبني في محلّ نصب حال عامله نبيّن (نبيّن) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن للتعظيم (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نبيّن) ، (الآيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (ثمّ) حرف عطف (انظر) مثل الأول (أنّى) اسم استفهام بمعنى كيف مبني في محلّ نصب حال عامله (يؤفكون) وهو مضارع مبني للمجهول مرفوع والواو نائب فاعل.(6/421)
جملة «ما المسيح ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «قد خلت ... الرسل» : في محلّ رفع نعت لرسول.
وجملة «أمّه صدّيقة» : لا محلّ لها معطوفة على جملة الاستئناف.
وجملة «كانا يأكلان ... » : لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة «يأكلان الطعام» : في محلّ نصب خبر كان.
وجملة «انظر كيف ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «نبيّن» : في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام.
وجملة «انظر (الثانيّة) : لا محلّ لها معطوفة على جملة انظر (الأولى) .
وجملة «يؤفكون» : في محلّ نصب مفعول به لفعل النظر المعلّق بالاستفهام.
الصرف:
(صدّيقة) ، مؤنّث صدّيق، صفة مشتقّة، فهي مبالغة اسم الفاعل من الثلاثي صدق وزنه فعّيل بكسر الفاء والعين المشدّدة.
البلاغة
1- الكناية: في قوله تعالى كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ فالكلام كناية عن قضاء الحاجة، لأن من أكل الطعام احتاج الى ذلك، وليس المراد سوى الرد على النصارى في زعمهم المنتن واعتقادهم الكريه.
2- التكرير: في قوله تعالى «انظر» وقوله «ثُمَّ انْظُرْ» وذلك للمبالغة في التعجيب، و «ثم» لإظهار ما بين العجيبين من التفاوت أي إن بياننا للآيات أمر بديع في بابه بالغ أقصى الغايات القاصية من التحقيق والإيضاح.(6/422)
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)
[سورة المائدة (5) : آية 76]
قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (76)
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (الهمزة) للاستفهام الإنكارّي (تعبدون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (من دون) جارّ ومجرور متعلّق بحال من ما (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (ما) اسم موصول في محلّ نصب مفعول به «1» ، (لا) نافية (يملك) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من (ضرّا) - نعت تقدّم على المنعوت- (ضرّا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا) زائدة لتأكيد النفي (نفعا) معطوف على (ضرّا) منصوب. (الواو) حاليّة (الله هو السميع العليم) مثل الله غفور رحيم «2» ، و (هو) ضمير فصل «3» .
وجملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تعبدون» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لا يملك» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «الله هو السميع» : في محلّ نصب حال من فاعل تعبدون «4» .
__________
(1) عبّر ب (ما) تنبيها على أوّل أحواله إذ مرّت عليه أزمان حالة الحمل لا يوصف بالعقل فيها.
. أو لأنها مبهمة تقع على كلّ شيء.. أو عبّر بها تغليبا لغير العاقل إ أكثر ما عبد من دون الله هو ما لا يعقل كالأصنام وغيرها، أو أريد بها النوع الذي لا يملك ضرّا ولا نفعا ...
(2) في الآية (74) من هذه السورة.
(3) أو ضمير منفصل مبتدأ خبره السميع، والجملة خبر المبتدأ (الله) .
(4) أو لا محلّ لها استئنافيّة.(6/423)
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ (77)
الصرف:
(ضرّا) ، مصدر سماعيّ لفعل ضرّ يضرّ باب نصر، وزنه فعل بفتح الفاء.
[سورة المائدة (5) : آية 77]
قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ (77)
الإعراب:
(قل) مرّ إعرابه «1» ، (يا) أداة نداء (أهل) منادى مضاف منصوب (الكتاب) مضاف إليه مجرور (لا) ناهية جازمة (تغلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعل (في دين) جارّ ومجرور متعلّق ب (تغلوا) و (كم) ضمير مضاف إليه (غير) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو صفته «2» منصوب أي غلوّا غير الحقّ (الحقّ) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (لا تتّبعوا) مثل لا تغلوا (أهواء) مفعول به منصوب (قوم) مضاف إليه مجرور (قد) حرف تحقيق (ضلّوا) فعل ماض مبني على الضمّ.. والواو فاعل (من) حرف جرّ (قبل) اسم مبني على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق ب (ضلّوا) ، (الواو) عاطفة (أضلوا) مثل ضلّوا (كثيرا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (ضلّوا) مثل الأول (عن سواء) جارّ ومجرور متعلّق ب (ضلّوا) ، (السبيل) مضاف إليه مجرور.
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
جملة النداء: في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «لا تغلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
__________
(1) في الآية السابقة (76) . [.....]
(2) يجوز أن يكون منصوبا على الحال من ضمير تغلوا أي لا تغلوا غير مجاوزين الحقّ.(6/424)
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78)
وجملة «لا تتّبعوا» : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «قد ضلّوا» : في محلّ جرّ نعت لقوم.
وجملة «أضلّوا» : في محلّ جر معطوفة على جملة ضلوا.
وجملة «ضلّوا (الثانيّة) : في محلّ جرّ معطوفة على جملة ضلوا الأولى.
[سورة المائدة (5) : آية 78]
لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (78)
الإعراب:
(لعن) فعل ماض مبني للمجهول (الذين) موصول في محلّ رفع نائب فاعل (كفروا) فعل ماض وفاعله (من بني) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل كفروا، وعلامة جرّه الياء فهو ملحق بجمع المذكّر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف (على لسان) جارّ ومجرور متعلّق ب (لعن) ، (داود) مثل إسرائيل (الواو) عاطفة (عيسى) معطوف على داود مجرور مثله وعلامة الجرّ الفتحة المقدّرة ممنوع من الصرف (ابن) نعت لعيسى مجرور مثله (مريم) مثل إسرائيل. (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جرّ (ما) حرف مصدريّ «1» ، (عصوا) مثل كفروا.. والضمّ مقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.
والمصدر المؤوّل (ما عصوا) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بمحذوف خبر ذلك.
__________
(1) أو اسم موصول، في محلّ جرّ متعلّق بخبر ذلك، والعائد محذوف.(6/425)
(الواو) عاطفة (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ.. والواو اسم كان (يعتدون) مضارع مرفوع والواو فاعل.
جملة «لعن الذين كفروا» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ذلك بما عصوا» : لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة «عصوا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة «كانوا يعتدون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ.
وجملة «يعتدون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
الصرف:
(عصوا) ، فيه إعلال بالحذف، أصله عصاوا، التقى ساكنان، الألف والواو، حذفت الألف وفتح ما قبل الواو دلالة عليها.
والألف المحذوفة أصلها ياء لأن فعله عصى يعصي زنة شفى يشفي.
(يعتدون) ، فيه إعلال بالتسكين وإعلال بالحذف، أصله يعتديون، بضمّ الياء الثانية، استثقلت الضمّة على الياء فسكّنت ونقلت حركتها إلى الدال- إعلال بالتسكين- ثمّ حذفت الياء لمجيئها ساكنة قبل واو الجماعة الساكنة- إعلال بالحذف- فأصبح يعتدون وزنه يفتعون.
الفوائد
1- (ما) ..
ترد (ما) أحيانا في جملة واحدة بثلاثة معان: اسم موصول بمعنى الذي، أو مصدرية، أو نكرة بمعنى شيء وقد وردت في هذه الآية بهذه المعاني في قوله تعالى:
ذلِكَ بِما عَصَوْا فإن اعتبرناها اسم موصول بمعنى الذي كانت الجملة بعدها صلة الموصول وإن اعتبرناها مصدرية كان المصدر المؤول في محل جر بالباء والتقدير(6/426)
كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (80)
ذلك بعصيانهم وإن اعتبرناها نكرة بمعنى شيء كانت في محل جر بالباء والجملة بعدها في محل جر صفة وهذه سمة لا تتوافر إلا في هذه اللغة الشريفة وعلى جميع الأوجه يبقى المعنى صحيحا.
2- إضافة الجزأين لصاحبيهما..
إن كل جزأين مفردين من صاحبيهما إذا أضيفا إليهما من غير تفريق جاز فيهما ثلاثة أوجه:
1- لفظ الجمع تقول: قطعت رؤوس الكبشين.
2- لفظ المثنى تقول: قطعت رأسي الكبشين.
3- لفظ المفرد تقول: قطعت رأس الكبشين.
وقوله في الآية على لسان داود وعيسى بالإفراد دون التثنية والجمع.
[سورة المائدة (5) : الآيات 79 الى 80]
كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ (80)
الإعراب:
(كانوا لا يتناهون) مثل كانوا يعتدون و (لا) نافية، (عن منكر) جارّ ومجرور متعلّق ب (يتناهون) ، (فعلوا) فعل ماض وفاعله (الهاء) ضمير مفعول به (اللام) واقعة في جواب قسم مقدر (بئس) فعل ماض جامد لإنشاء الذم (ما) اسم موصول مبني في محلّ رفع فاعل «1» ، (كانوا يفعلون) مثل كانوا يعتدون «2» .
__________
(1) أو في محلّ نصب تمييز للضمير المستتر فاعل بئس، والمخصوص بالذم محذوف تقديره فعلهم بترك النهي.
(2) في الآية السابقة (78) .(6/427)
جملة «كانوا لا يتناهون» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يتناهون» : في محلّ نصب خبر كان.
وجملة «فعلوه» : في محلّ جرّ نعت لمنكر.
وجملة «بئس ما ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «كانوا يفعلون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يفعلون» : في محلّ نصب خبر كان.
(ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (كثيرا) مفعول به منصوب (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت ل (كثيرا) ، (يتولون) مثل يعتدون «1» (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (كفروا) مثل فعلوا (لبئس ما) مثل الأولى (قدّمت) فعل ماض و (التاء) للتأنيث (لهم) مثل منهم متعلّق ب (قدّمت) ، (أنفس) فاعل مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (أن) حرف مصدريّ (سخط) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عليهم) مثل منهم متعلّق ب (سخط) .
والمصدر المؤوّل (أن سخط الله) في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو، وذلك على حذف مضاف أيّ هو موجب سخط الله «2» .
(الواو) عاطفة (في العذاب) جارّ ومجرور متعلّق ب (خالدون) ، (هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ (خالدون) خبر مرفوع، وعلامة الرفع الواو.
وجملة «ترى كثيرا ... » : لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
__________
(1) في الآية السابقة (78) .
(2) يجوز أن يكون المصدر المؤوّل في محلّ رفع مبتدأ وهو المخصوص بالذّمّ.(6/428)
وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81)
وجملة «يتولّون ... » : في محلّ نصب حال «1» .
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «بئس ما ... » : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة «قدّمت لهم أنفسهم» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «سخط الله» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «هم خالدون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفيّ، فهي في حيّز المخصوص بالذم أي: هو موجب سخط الله وخلودهم في العذاب.
الصرف:
(يتناهون) ، فيه إعلال بالحذف، أصله يتناهاون، حذفت الألف لمجيئها ساكنة قبل واو الجماعة الساكنة، وزنه يتفاعون.
والألف المحذوفة أصلها ياء لأن مجرّد الفعل هو نهي مصدره نهي.
(يتولّون) ، فيه إعلال بالحذف جرى فيه مجرى يتناهون ... والألف المحذوفة أصلها ياء أيضا.
[سورة المائدة (5) : آية 81]
وَلَوْ كانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِياءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فاسِقُونَ (81)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (لو) حرف شرط غير جازم (كانوا) فعل ماض ناقص مبني على الضمّ.. والواو اسم كان (يؤمنون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بالله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يؤمنون) ، (الواو) عاطفة (النبيّ) معطوف على لفظ الجلالة مجرور (الواو) عاطفة (ما) اسم
__________
(1) أو مفعول به ثان إن كان الفعل قلبيّا.(6/429)
موصول مبني في محلّ جرّ معطوف على لفظ الجلالة (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بفعل أنزل (ما) نافية (اتّخذوا) فعل ماض وفاعله و (هم) ضمير مفعول به أوّل (أولياء) مفعول به ثان منصوب (الواو) (لكنّ) حرف مشبّه بالفعل للاستدراك (كثيرا) اسم لكنّ منصوب (من) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بنعت ل (كثيرا) ، (فاسقون) خبر لكن مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «كانوا يؤمنون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة ترى «1» .
وجملة «يؤمنون» : في محلّ نصب خبر كانوا.
وجملة «أنزل إليه» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «ما اتّخذوهم ... » : لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «لكن كثيرا منهم فاسقون» : لا محلّ لها معطوفة على جملة كانوا.
[انتهى الجزء السادس ويليه الجزء السابع في المجلد الرابع] بدءا من الآية (82) من سورة المائدة
__________
(1) في الآية السابقة (80) .(6/430)
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (82)
الجزء السابع
بقية سورة المائدة
من الآية 82- إلى الآية 120
[سورة المائدة (5) : آية 82]
لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (82)
الإعراب:
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر (تجدن) مضارع مبني على الفتح في محلّ رفع ... والنون نون التوكيد الثقيلة، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أشد) مفعول به منصوب (الناس) مضاف إليه مجرور (عداوة) تمييز منصوب (اللام) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محل جر متعلق بعداوة (آمنوا) فعل ماض مبني على الضم.. والواو فاعل (اليهود) مفعول به ثان منصوب «1» ، (الواو) عاطفة (الذين) اسم موصول في محل
__________
(1) يجوز أن يكون (اليهود) هو المفعول الأول، و (أشد) هو المفعول الثاني، وهذا هو الظاهر.(7/3)
رفع معطوف على اليهود (أشركوا) مثل آمنوا (الواو) عاطفة (لتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا) مثل الأولى (الذين) مثل السابق مفعول به ثان (قالوا) مثل آمنوا (إنّ) حرف مشبه بالفعل و (نا) ضمير في محل نصب اسم إنّ (نصارى) خبر مرفوع وعلامة رفعة الضمة المقدرة (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ... و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الباء) حرف جر (أن) مثل إنّ (من) حرف جر و (هم) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر مقدّم (قسّيسين) اسم أنّ مؤخر منصوب وعلامة النصب الياء (الواو) عاطفة (رهبانا) معطوفة على قسّيسين منصوب مثله.
والمصدر المؤول (أن منهم قسّيسين) في محل جر متعلق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
(الواو) عاطفة (أنّ) مثل أنّ و (هم) ضمير في محل نصب اسم أنّ (لا) نافية (يستكبرون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل.
والمصدر المؤول (أنهم لا يستكبرون) في محل جر معطوف على المصدر الأول.
جملة «لتجدنّ....» لا محلّ لها جواب قسم مقدر.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الأول.
وجملة «لتجدن (الثانية) » لا محلّ لها جواب قسم مقدر معطوف على الأول.
وجملة «آمنوا (الثانية) » لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الثالث.
وجملة «قالوا....» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) الرابع.(7/4)
وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)
وجملة «إنّا نصارى» في محل نصب مقول القول.
وجملة «ذلك بأنّ منهم ... » لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «لا يستكبرون» في محلّ رفع خبر أنّ.
الصرف:
(قسيسين) ، جمع قسّيس وهو مبالغة اسم الفاعل على وزن فعيل بكسر الفاء والعين المشددة كصديق، وأصله من تقسّس الشيء إذا اتبعه وتطلبه بالليل، وسمي القسّيس بذلك لتتبّعه العلم.
(رهبانا) جمع الراهب وهو اسم فاعل أو اسم لمن اعتزل الناس الى دير.
[سورة المائدة (5) : آية 83]
وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ (83)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محل نصب متعلق بالجواب ترى (سمعوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (ما) اسم موصول «1» مبني في محل نصب مفعول به (أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (إلى الرسول) جار ومجرور متعلق ب (أنزل) ، (ترى) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (أعين) مفعول به منصوب و (هم) ضمير مضاف إليه (تفيض) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي (من الدّمع) جار ومجرور متعلق ب (تفيض) ، على حذف مضاف أي من كثرة الدّمع «2» ، (من) حرف جر
__________
(1) أو نكرة موصوفة في محل نصب ... والجملة بعدها نعت لها.
(2) يجوز أن يتعلق بحال من فاعل تفيض أي مملوءة من الدمع ... ويجوز أن يكون تمييزا بزيادة من البيانية.(7/5)
(ما) اسم موصول مبني في محل جر متعلق ب (تفيض) ، (عرفوا) مثل سمعوا (من الحق) مثل من الدّمع متعلق بحال من مفعول عرفوا (يقولون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (ربّ) منادى محذوف منه أداة النداء وهو مضاف منصوب و (نا) ضمير مضاف إليه (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) ضمير فاعل (الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسبب (اكتب) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت و (نا) ضمير مفعول به (مع) ظرف مكان منصوب متعلق ب (اكتب) ، (الشاهدين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء.
جملة «سمعوا ... » في محل جر مضاف إليه.
وجملة «أنزل....» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «ترى....» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة «تفيض ... » في محل نصب حال من أعين.
وجملة «عرفوا» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «يقولون ... » لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة النداء «ربنا ... » لا محلّ لها مقول القول.
وجملة «آمنا» لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «اكتبنا» لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء لأنها في حيز الجواب «1» .
البلاغة
1- الاستعارة: في قوله تعالى «تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ» أي تمتلئ بالدمع
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة جواب شرط مقدر أي: إن قبلتنا فاكتبنا ...(7/6)
وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)
فاستعير له الفيض الذي هو الانصباب عن امتلاء مبالغة أو جعلت أعينهم من فرط البكاء كأنها تفيض بأنفسها.
2- المبالغة في التمييز: في قوله تعالى «تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ» وهذه العبارة من أبلغ العبارات وأنهاها، وهي ثلاثة مراتب. فالأولى: فاض دمع عينه، وهذا هو الأصل. والثانية: محولة من هذه وهي قول القائل: فاضت عينه دمعا حولت الفعل الى العين مجازا ومبالغة، ثم نبهت على الأصل والحقيقة بنصب ما كان فعلا على التمييز. والثالثة فيها هذا التحويل المذكور، وهي الواردة في الآية، إلا أنها أبلغ من الثانية باطراح المنبهة على الأصل وعدم نصب التمييز، وابرازه في صورة التعليل والله أعلم. وإنما كان الكلام مع التعليل أبعد عن الأصل منه مع التمييز، لأن التمييز في مثله قد استقر كونه فاعلا في الأصل في مثل: تصبب زيد عرقا، واشتعل الرأس شيبا. فإذا قلت: فاضت عينه دمعا، فهم هذا الأصل في العادة في أمثاله. وأما التعليل فلم يعهد فيه ذلك ألا تراك تقول: فاضت عينه من ذكر الله كما تقول: فاضت عينه من الدمع، فلا يفهم التعليل ما يفهم التمييز.
[سورة المائدة (5) : آية 84]
وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنا رَبُّنا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (ما) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ (اللام) حرف جر و (نا) ضمير في محلّ جر متعلق بمحذوف خبر المبتدأ (لا) نافية (نؤمن) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (بالله) جار ومجرور متعلق ب (نؤمن) ، (الواو) عاطفة (ما) اسم موصول مبني في محلّ جر معطوف على لفظ الجلالة (جاء) فعل ماض و (نا) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد (من الحق) جار(7/7)
فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)
ومجرور متعلق بحال من فاعل جاء «1» ، (الواو) عاطفة (نطمع) مثل نؤمن (أن) حرف مصدري ونصب (يدخل) مضارع منصوب و (نا) ضمير مفعول به (ربّ) فاعل مرفوع و (نا) مضاف إليه (مع) ظرف مكان منصوب متعلق ب (يدخل) ، (القوم) مضاف إليه مجرور (الصالحين) نعت للقوم مجرور وعلامة الجر الياء.
والمصدر المؤوّل (أن يدخلنا) في محلّ جر بحرف جر محذوف، والتقدير: نطمع في أن يدخلنا ربنا والجار والمجرور متعلق ب (نطمع) .
جملة «ما لنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء «2» .
وجملة «لا نؤمن..» في محلّ نصب حال.
وجملة «جاءنا ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «نطمع..» في محلّ نصب معطوفة على جملة لا نؤمن «3» .
وجملة «يدخلنا ربنا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
[سورة المائدة (5) : آية 85]
فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)
__________
(1) وجه أبو البقاء العكبري الآية توجيها آخر: ف (الواو) حالية و (ما) موصول مبتدأ و (من الحق) خبر أي: وما لنا لا نؤمن بالله والحال أن الذي جاءنا كائن من الحق- والحق هو الله تعالى، أو القرآن الكريم-.
(2) أو هي استئنافية. [.....]
(3) مع تقدير الفعل منفيا في المعنى أي: ما لنا لا نؤمن ولا نطمع.(7/8)
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (86)
الإعراب:
(الفاء) عاطفة (أثاب) فعل ماض و (هم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الباء) حرف جر للسببية (ما) حرف مصدري «1» ، (قالوا) فعل ماض وفاعله (جنات) مفعول به ثان عامله أثابهم منصوب وعلامة النصب الكسرة (تجري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء (من تحت) جار ومجرور متعلق ب (تجري) «2» ، و (ها) ضمير مضاف إليه على حذف مضاف أي من تحت أشجارها (الأنهار) فاعل مرفوع (خالدين) حال منصوبة من ضمير الغائب في (أثابهم) وعلامة النصب الياء (في) حرف جر و (ها) ضمير في محلّ جر متعلق بخالدين (الواو) استئنافية (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ... و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (جزاء) خبر مرفوع (المحسنين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الياء.
والمصدر المؤول (ما قالوا) في محلّ جر بالباء متعلق ب (أثابهم) .
جملة «أثابهم الله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يقولون «3» .
وجملة «قالوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «تجري ... الأنهار» في محلّ نصب نعت لجنات.
وجملة «ذلك جزاء....» لا محلّ لها استئنافية.
[سورة المائدة (5) : آية 86]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (86)
__________
(1) أو اسم موصول في محلّ جر.. والعائد محذوف.
(2) أو حال من الأنهار.
(3) في الآية (83) من هذه السورة.(7/9)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)
الإعراب:
(الواو) استئنافية (الذين) اسم موصول مبني في محلّ رفع مبتدأ (كفروا) فعل ماض وفاعله (الواو) عاطفة (كذّبوا) مثل كفروا (بآيات) جار ومجرور متعلق ب (كذّبوا) (أولئك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ... والكاف للخطاب (أصحاب) خبر مرفوع (الجحيم) مضاف إليه مجرور.
جملة «الذين كفروا ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «كذّبوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة كفروا وهي صلة الموصول.
وجملة «أولئك أصحاب ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (الذين كفروا) .
[سورة المائدة (5) : الآيات 87 الى 88]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (87) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (88)
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض وفاعله (لا) ناهية جازمة
الإعراب:
(يا) أداة نداء (أي) منادى نكرة مقصودة مبني على الضم في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه (الذين) اسم موصول مبني في محلّ نصب بدل من أي أو نعت له (آمنوا) فعل ماض وفاعله (لا) ناهية جازمة (تحرموا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل (طيبات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (ما) اسم موصول مبني في محلّ جر مضاف إليه «1» ، (أحلّ) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل
__________
(1) أو نكرة موصوفة في محلّ جر، والجملة بعده نعت، والعائد محذوف.(7/10)
مرفوع (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلق ب (أحلّ) ، (الواو) عاطفة (لا تعتدوا) مثل لا تحرّموا (إنّ) حرف مشبه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم إن منصوب (لا) نافية (يحب) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المعتدين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة النداء «يأيها الذين ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تحرموا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أحل الله ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «لا تعتدوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «إن الله لا يحب ... » لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «لا يحب ... » في محلّ رفع خبر إن.
(88) (الواو) عاطفة (كلوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (من) حرف جر (ما) اسم موصول «1» مبني في محلّ جر متعلق ب (كلوا) ، (رزق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (حلالا) حال منصوبة من المفعول المحذوف أي رزقكم إياه الله «2» ، (طيبا) نعت منصوب (الواو) عاطفة (اتقوا) مثل كلوا (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الذي) موصول في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة (أنتم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محلّ جر متعلق ب (مؤمنون) وهو خبر المبتدأ.
__________
(1) أو نكرة موصوفة في محلّ جر، والجملة بعده نعت، والعائد محذوف.
(2) يجوز أن يكون مفعولا به أي طعاما حلالا، فلما حذف المنعوت حل النعت محله (انظر الآية 168 من سورة البقرة) .(7/11)
لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)
وجملة «كلوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «رزقكم الله» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «اتقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة كلوا ...
وجملة «أنتم به مؤمنون» لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
[سورة المائدة (5) : آية 89]
لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (89)
الإعراب:
(لا) نافية (يؤاخذ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (باللغو) جار ومجرور متعلق ب (يؤاخذ) ، (في أيمان) جار ومجرور متعلق باللغو و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (لكن) حرف استدراك لا عمل له (يؤاخذكم) مثل الأول (الباء) حرف جر (ما) حرف مصدري «1» ، (عقدتم) فعل ماض وفاعله (الأيمان) مفعول به.
والمصدر المؤول (ما عقدتم) في محلّ جر بالباء متعلق ب (يؤاخذ) .
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (كفارة) مبتدأ مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (إطعام) خبر مرفوع (عشرة) مضاف إليه مجرور
__________
(1) أو اسم موصول، عائده محذوف، والجملة بعده صلة له.(7/12)
(مساكين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة فهو ممنوع من الصرف على صيغة منتهى الجموع (من أوسط) جار ومجرور نعت لمفعول ثان «1» ، (ما) اسم موصول مبني في محلّ جر مضاف إليه (تطعمون) مضارع مرفوع ... والواو فاعل (أهلي) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكر السالم، وحذفت النون للإضافة و (كم) ضمير مضاف إليه (أو) حرف عطف للتخيير (كسوة) معطوف على إطعام مرفوع مثله و (هم) ضمير مضاف إليه (أو تحرير) مثل أو كسوة (رقبة) مضاف إليه مجرور. (الفاء) استئنافية (من) اسم شرط مبني في محلّ رفع مبتدأ (لم) حرف نفي (يجد) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (الفاء) رابطة لجواب الشرط (صيام) خبر لمبتدأ محذوف تقديره كفارته (ثلاثة) مضاف إليه مجرور (أيام) مضاف إليه مجرور. (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ ... واللام للبعد والكاف للخطاب (كفارة) خبر مرفوع (أيمان) مضاف إليه مجرور و (كم) ضمير مضاف إليه (إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرد من الشرط في محلّ نصب متعلق بكفارة «2» ،، (حلفتم) مثل عقّدتم (الواو) عاطفة (احفظوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (أيمان) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه. (الكاف) حرف جر «3» ، (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ جر متعلق بمحذوف مفعول مطلق لفعل يبين و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (يبين) مثل يؤاخذ (الله) فاعل مرفوع (اللام) حرف جر و (كم) ضمير في
__________
(1) أي إطعام عشرة مساكين قوتا من أوسط ...
(2) أي ذلك كفارة أيمانكم وقت حلفكم.
(3) أو اسم بمعنى مثل في محلّ نصب نعت لمفعول مطلق محذوف ... أي مفعول مطلق نائب عن المصدر.(7/13)
محلّ جر متعلق ب (يبين) ، (آيات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (الهاء) ضمير مضاف إليه (لعل) حرف مشبه بالفعل للترجي و (كم) اسم لعل (تشكرون) مثل تطعمون.
جملة «لا يؤاخذكم الله» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يؤاخذكم (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «عقّدتم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (ما) .
وجملة «كفارته إطعام ... » جواب شرط مقدر أي إن حنثتم فكفارته إطعام.
وجملة «تطعمون ... » لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «من لم يجد» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة: «لم يجد ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة « (كفارته) صيام» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «ذلك كفارة ... » لا محلّ لها استئنافية وجملة «حلفتم» في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «احفظوا» لا محلّ لها استئنافية ذلك كفارة «2» .
وجملة «يبين الله» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «لعلكم تشكرون» لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «تشكرون» في محلّ رفع خبر لعل.
الصرف:
(إطعام) ، مصدر قياسي لفعل أطعم الرباعي، وزنه
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(2) يجوز أن تكون استئنافية لا محلّ لها.(7/14)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
أفعال، بكسر همزة الفعل وزيادة ألف قبل الآخر.
(أوسط) ، صفة مشتقة وزنه أفعل، وقد يحمل معنى التفضيل.
الفوائد
- يمين اللغو هو الذي جرى مجرى العادة ولا يحمل في طياته القصد والنية ...
وإننا لنرى في صريح القرآن الكريم هدر هذا اليمين واعتباره خارج نطاق الأيمان المحرجة والمغلظة وإنا لنتطلّع في هذا المقام الى اعتبار يمين الطلاق الذي أصبح من لغو الكلام، يحلف في مواقف اللهو ومقام العبث والمزاح، وقد يكون لتخويف المرأة وتحذيرها من تصرف قد تتصرفه هي أو غيرها من أبناء الأسرة ولكنه لا يحمل نية الطلاق وقصده، إنا لنتطلع الى اعتباره من اللغو وعدم الاعتداد به والله الموفق.
[سورة المائدة (5) : آية 90]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90)
الإعراب:
(يأيها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (إنما) كافة ومكفوفة (الخمر) مبتدأ مرفوع (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة (الميسر، الأنصاب، الأزلام) أسماء معطوفة على الخمر مرفوعة مثله (رجس) خبر مرفوع (من عمل) جار ومجرور متعلق بنعت لرجس «2» ، (الشيطان) مضاف إليه مجرور (الفاء) عاطفة لربط المسبب بالسبب «3» ، (اجتنبوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل و (الهاء) ضمير مفعول به
__________
(1) في الآية (87) من هذه السورة. [.....]
(2) أو متعلق بمحذوف خبر ثان.
(3) يجوز أن تكون رابطة لجواب شرط مقدر أي أن آمنتم وصدقتم فاجتنبوه.(7/15)
إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)
(لعلكم تفلحون) مثل لعلكم تشكرون «1» .
جملة «يأيها الذين ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «الخمر ... رجس» لا محل لها جواب النداء.
وجملة «اجتنبوه» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «لعلكم ... » لا محلّ لها تعليلية.
وجملة «تفلحون» في محلّ رفع خبر لعل.
الصرف:
(رجس) ، اسم للعمل القبيح والقذر، وزنه فعل بكسر فسكون ويصح الفتح والسكون والفتح والكسر.
[سورة المائدة (5) : آية 91]
إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)
الإعراب:
(إنما) مثل الأولى «2» ، (يريد) مضارع مرفوع (الشيطان) فاعل مرفوع (أن) حرف مصدري (يوقع) مضارع منصوب، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بين) ظرف مكان منصوب متعلق بمحذوف حال من العداوة و (كم) ضمير مضاف إليه (العداوة) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (البغضاء) معطوف على العداوة منصوب (في الخمر) جار ومجرور متعلق ب (يوقع) ، وفي لمعنى السببية (الواو) عاطفة (الميسر) معطوف على الخمر مجرور.
__________
(1) في الآية السابقة (89) .
(2) في الآية السابقة (90) .(7/16)
والمصدر المؤول (أن يوقع) في محل نصب مفعول به عامله يريد.
(الواو) عاطفة (يصدّ) مضارع منصوب معطوف على (يوقع) ، و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل هو (عن ذكر) جار ومجرور متعلق ب (يصدّكم) ، (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (عن الصلاة) مثل عن ذكر إعرابا وتعليقا (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر (هل) حرف استفهام فيه معنى الأمر (أنتم) ضمير منفصل مبني في محلّ رفع مبتدأ (منتهون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
جملة «يريد الشيطان» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يوقع ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يصدّكم» لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة «هل أنتم منتهون» جواب شرط مقدر أي إذا تبين لكم ذلك فهل أنتم منتهون.
الصرف:
(منتهون) ، اسم فاعل من انتهى الخماسي، جمع المنتهي، وفي الجمع إعلال بالحذف أصله منتهيون بضم الياء، استثقلت الضمة على الياء فسكّنت ونقلت الحركة إلى الهاء، ثم حذفت لالتقائها ساكنة مع واو منتهون.
الفوائد
1- إنما: أصلها إنّ ودخلت عليها «ما» الزائدة فكفتها عن العمل:
واختلف معناها عن أصلها وأصبحت تفيد تحقيق الشيء وتقريره على وجه مّا وبنفس الوقت نفي غيره عنه وهو ما أطلق عليه البلاغيون معنى «الحصر» .(7/17)
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (92)
ولسيبويه كلام بهذا الخصوص فيقول:
«واعلم أن الموضع الذي لا يجوز فيه «أنّ» لا تكون فيه «إنما» . قال كثيّر:
أراني ولا كفران لله إنما ... أواخي من الأقوام كل بخيل
ملاحظة: إذا دخلت ما الزائدة على إن وأخواتها يزول اختصاصها بالأسماء فتدخل على الجملة الاسمية والفعلية على حد سواء باستثناء «ليت» فتبقى على اختصاصها بالأسماء.
ملاحظة هامة: إذا كانت «ما» المتصلة بهذه الأحرف اسما موصولا أو حرفا مصدريا فلا تكفها عن العمل بل تبقى ناصبة للاسم رافعة للخبر، فمثل «ما» الموصولة قوله تعالى: ما عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ أي إن الذي عندكم ينفد، وإن لحقتها «ما المصدرية» كان ما بعدها في تأويل مصدر منصوب على أنه اسم «إن» نحو «إن ما تستقيم حسن، أي إنّ استقامتك حسنة، وفي هاتين الحالتين تكتب ما منفصلة بخلاف ما الكافة فإنها تكتب متصلة كما عرفنا فيما سلف وقد مرّ معنا ما يشبه ذلك في آيات سابقات فيمكن العودة إليه.
2- الأصل في «هل» أن تكون حرف استفهام ولا يستفهم بها إلا في حالة «الإثبات» مثل: هل قرأت النحو؟ وأكثر ما يليها الفعل وقلّ أن يليها الاسم كقولك «هل عليّ مجتهد» ؟ وإذا دخلت على المضارع خصصت بالاستقبال.
ملاحظة هامة: قد تخرج «هل» عن أصلها وهو حرف استفهام فتكون للأمر أو للنهي كما ورد في هذه الآية «فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ» ؟ والتقريع والتنديد وأمور أخرى تجدها في المطولات من علم المعاني في البلاغة إن شئت المزيد من ذلك.
[سورة المائدة (5) : آية 92]
وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّما عَلى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ (92)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (أطيعوا) فعل أمر مبني على حذف(7/18)
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)
النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (أطيعوا الرسول) مثل أطيعوا الله (الواو) عاطفة (احذروا) مثل أطيعوا (الفاء عاطفة (إن) حرف شرط جازم (توليتم) فعل ماض مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط ... (وتم) ضمير فاعل، (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اعلموا) مثل أطيعوا (أنما) كافة ومكفوفة (على رسول) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم و (نا) ضمير مضاف إليه (البلاغ) مبتدأ مؤخر مرفوع (المبين) نعت للبلاغ مرفوع.
جملة «أطيعوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئناف السابق.
وجملة «أطيعوا (الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة أطيعوا الأولى.
وجملة «احذروا» لا محلّ لها معطوفة على جملة أطيعوا الأولى.
وجملة «توليتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أطيعوا الأولى.
وجملة «اعلموا» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء ... وفي الكلام إيجاز حذف أي: وأما جزاؤكم فعلينا ...
وجملة «على رسولنا البلاغ» في محلّ نصب مفعول به لفعل اعلموا المعلق ب (أما) .
[سورة المائدة (5) : آية 93]
لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا إِذا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (93)
الإعراب:
(ليس) فعل ماض ناقص جامد (على) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بمحذوف خبر ليس مقدم(7/19)
(آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو ضمير في محلّ رفع فاعل (الواو) عاطفة (عملوا) مثل آمنوا (الصالحات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة (جناح) اسم ليس مؤخر مرفوع (في) حرف جر (ما) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بجناح (طعموا) مثل آمنوا (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمن معنى الشرط في محلّ نصب متعلق بالجواب المقدر «1» ، (ما) زائدة (اتقوا) فعل ماض مبني على الضم المقدر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين ... والواو فاعل (الواو) عاطفة (آمنوا وعملوا الصالحات) مثل الأولى (ثم) حرف عطف في الموضعين (اتقوا وآمنوا، اتقوا وأحسنوا) مثل اتقوا وآمنوا السابقة (الواو) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يحبّ) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (المحسنين) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «ليس مع اسمها وخبرها» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة آمنوا.
وجملة «طعموا» لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «اتقوا» في محلّ جر مضاف إليه ... وجواب الشرط مقدر أي لا يأثمون.
وجملة «آمنوا (الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا.
وجملة «عملوا (الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا.
وجملة «اتقوا (الثانية) » في محلّ جر معطوفة على جملة عملوا الصالحات.
__________
(1) والتقدير: إذا ما اتقوا لا يأثمون، هذا ويجوز أن يكون الظرف مجردا عن الشرط، فيتعلق بما تدل عليه الجملة السابقة. أي لا يأثمون وقت اتقائهم.(7/20)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (94)
وجملة «آمنوا (الثالثة) » في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا الثانية.
وجملة «اتقوا (الثالثة) » في محلّ جر معطوفة على جملة آمنوا الثالثة.
وجملة «أحسنوا» في محلّ جر معطوفة على جملة اتقوا الثالثة.
وجملة «الله يحب ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يحب المحسنين» في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
البلاغة
1- التكرار أو التكرير: في قوله تعالى «إِذا مَا اتَّقَوْا» وقوله «ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا» وقوله «ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا» وذلك لتأكيد ما يتحدث عنه ليزداد رسوخا في الذهن. وإشارة الى العلاقات التي يرتبط بها الإنسان في حياته، وهي علاقة الإنسان بنفسه، وعلاقة الإنسان بغيره، وعلاقة الإنسان بربه، ولذلك عقّب عليها بالإحسان في الكرة الثالثة.
الفوائد
من أسباب النزول:
«لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا» هذه الآية نزلت جوابا للذين استفسروا عن مصير شارب الخمر وآكل الميسر قبل التحريم.
فنزلت هذه الآية ترفع الإثم عنهم بشرط التقوى وبشرط الإيمان.
[سورة المائدة (5) : آية 94]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (94)
الإعراب:
يأيّها الذين آمنوا مرّ إعرابها «1» ، (اللام) لام
__________
(1) في الآية (87) من هذه السورة.(7/21)
القسم لقسم مقدّر (يبلونّ) مضارع مبني على الفتح.. والنون نون التوكيد و (كم) ضمير مفعول به (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (بشيء) جارّ ومجرور متعلّق ب (يبلونّ) ، (من الصيد) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لشيء (تنال) مضارع مرفوع و (الهاء) ضمير مفعول به (أيدي) فاعل مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (رماح) معطوف على أيدي مرفوع مثله و (كم) مضاف إليه (اللام) لام التعليل (يعلم) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (يخافه) مثل تناله (بالغيب) جارّ ومجرور متعلّق بحال من فاعل يخاف أو مفعوله.
والمصدر المؤوّل (أن يعلم) في محلّ جرّ باللام متعلّق ب (بيلونّكم) .
(الفاء) عاطفة (من) اسم شرط جازم مبني في محلّ رفع مبتدأ (اعتدى) فعل ماض مبني على الفتح المقدّر في محلّ جزم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بعد) ظرف زمان منصوب متعلّق ب (اعتدى) ، (ذا) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) حرف جرّ و (الكاف) للخطاب (الفاء) رابطة لجواب الشرط (اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (عذاب) مبتدأ مؤخّر مرفوع (أليم) نعت مرفوع.
جملة «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «ليبلونّكم» : لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. والقسم وجوابه لا محلّ له جواب النداء.(7/22)
وجملة «تناله أيديكم» : في محلّ نصب حال من الصيد.
وجملة «يعلم الله» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يخافه ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «من اعتدى ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «اعتدى ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «له عذاب» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
الصرف:
(رماح) ، جمع رمح، اسم جامد، وقد سمع اشتقاق فعل رمح يرمح باب فتح منه أي طعنة بالرمح وزنه فعل بضمّ فسكون، والجمع فعال بكسر الفاء.
البلاغة
1- التنكير: في قوله تعالى «لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ» فتنكير شيء للتحقير المؤذن بأن ذلك ليس من الفتن الهائلة التي تزل فيها أقدام الراسخين كالابتلاء بقتل الأنفس وإتلاف الأموال. وإنما هو من قبيل ما ابتلي به أهل أيلة من صيد البحر وفائدته التنبيه على أن من لم يثبت في مثل هذا كيف يثبت عند شدائد المحن.
الفوائد
- كثيرا ما يتساءل المؤمن:
كيف يختبر الله عباده وهو أعلم بحالهم يعلم مؤمنهم وكافرهم، ويعلم صادقهم ومنافقهم ويعلم صالحهم من طالحهم، ويعلم منهم المصلح من المفسد؟
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(7/23)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ (95)
وكذلك الآيات التي تتعرض لعلم الله كقوله تعالى في هذه الآية: «لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ» .
وللفقهاء والمفسرين حول ذلك آراء نستعرض بعضها وأقواها؟
قال صاحب «الجلالين» : المقصود بعلم الله الواردة في أمثال هذه الآيات «ليعلم علم ظهور» والغاية من علم الظهور هو إقامة الحجة على العباد لئلا يؤخذوا على حدّ زعمهم بظلم دون أن يخضعهم الله للامتحان والاختبار.
[سورة المائدة (5) : آية 95]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (95)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد) مرّ إعراب نظيرها «1» ، (الواو) واو الحال (أنتم) ضمير في محلّ رفع مبتدأ (حرم) خبر مرفوع (الواو) عاطفة (من قتل) مثل من اعتدى «2» ، و (الهاء) ضمير مفعول به (من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بحال من فاعل قتل (متعمّدا) حال ثانية من فاعل قتل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (جزاء) مبتدأ مؤخّر والخبر محذوف أي فعليه جزاء (مثل) نعت لجزاء
__________
(1) في الآية (87) من هذه السورة.
(2) في الآية السابقة (94) .(7/24)
مرفوع «1» ، (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ مضاف إليه (قتل) فعل ماض، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من النعم) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف حال من ضمير المفعول المحذوف أي ما قتله من النعم «2» ،، (يحكم) مضارع مرفوع (الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (يحكم) ، (ذوا) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف (عدل) مضاف إليه مجرور (منكم) مثل الأول متعلّق بمحذوف نعت ل (ذوا) ، (هديا) حال منصوبة من الضمير في (به) «3» (بالغ) نعت ل (هديا) منصوب مثله (الكعبة) مضاف إليه مجرور (أو) حرف عطف للتخيير (كفّارة) معطوف على جزاء مرفوع «4» (طعام) عطف بيان لكفّارة «5» ، (مساكين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف على صيغة منتهى الجموع (أو) مثل الأول (عدل) معطوف على كفّارة- أو على جزاء- مرفوع مثله (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ جرّ مضاف إليه.. و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (صياما) تمييز منصوب (اللام) لام التعليل (يذوق) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (وبال) مفعول به منصوب (أمر) مضاف إليه مجرور و (الهاء) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يذوق) في محلّ جرّ باللام متعلّق مقدّر يتضمّن
__________
(1) أو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو أي: جزاء هو مثل ما قتل ... والجملة الاسمية نعت لجزاء.
(2) أو متعلّق بمحذوف نعت لجزاء.
(3) أو مفعول مطلق لفعل محذوف أي يهديه هديا، وقيل هو تمييز.
(4) أو مبتدأ مؤخّر خبره محذوف أي: عليه كفّارة.
(5) أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو. [.....](7/25)
الأمور الثلاثة الواردة أي: وجب ذلك ليذوق وبال أمره «1» ، (عفا) فعل ماض مبني على الفتح المقدّر على الألف (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عن) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبني في محلّ جرّ متعلّق ب (عفا) ، (سلف) مثل قتل (الواو) عاطفة (من عاد) مثل من قتل (الفاء) رابطة لجواب الشرط (ينتقم) مثل يحكم (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (منه) مثل منكم متعلّق ب (ينتقم) . (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (عزيز) خبر مرفوع (ذو) خبر ثان مرفوع وعلامة الرفع الواو فهو من الأسماء الخمسة (انتقام) مضاف إليه مجرور.
جملة النداء «يأيّها الذين» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تقتلوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أنتم حرم» : في محلّ نصب حال من فاعل تقتلوا.
وجملة «من قتله ... » : لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب النداء.
وجملة «قتله ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «2» .
وجملة « (عليه) جزاء» : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «قتل ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «يحكم به» : في محلّ رفع نعت لجزاء «3» .
__________
(1) يجوز تعليقه بالاستقرار الذي بني عليه الجزاء أو بطعام أو ب (صياما) .
(2) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.
(3) أو في محلّ نصب حال منه لأنه وصف.(7/26)
وجملة «يذوق ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «عفا الله» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «سلف» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) .
وجملة «من عاد» : لا محلّ لها معطوفة على جملة عفا الله.
وجملة «عاد ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (من) «1» .
وجملة «ينتقم» : في محلّ رفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره هو..
والجملة الاسميّة (هو ينتقم الله منه) في محلّ جزّم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «الله عزيز ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(بالغ) ، اسم فاعل من بلغ الثلاثيّ، ومنه فاعل.
(الكعبة) ، اسم لبيت الله الحرام، وسمّيت بذلك لتكعيبها أي تربيعها إذ يقال لكل بيت مربّع كعبة، وزنه فعلة بفتح فسكون.
(وبال) ، اسم للشيء الثقيل ولا سيّما في المكروه، وزنه فعال بفتح الفاء.
البلاغة
1- الاستعارة المكنية التبعية: في قوله تعالى «لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ» حيث شبه سوء عاقبة هتكه لحرمة الإحرام بالطعام المستوبل المستوخم يذوقه.
الفوائد
1- من شعار «الإحرام» ..
قوله تعالى: «فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ» قال العلماء المقصود بذلك أن كفارة قاتل الصيد أثناء الإحرام أن يقدم فدية
__________
(1) يجوز أن يكون الخبر جملتي الشرط والجواب معا.(7/27)
من الأنعام تشابه في الخلقة الصيد الذي قتله: يحكم به ويقدره ذوا عدل وفطنة. وقد حكم ابن عباس وعمر وعلي رضي الله عنهم في النعامة ب «بدنة» من الإبل وحكم ابن عباس وأبو عبيدة في بقر الوحش وحماره ببقرة وحكم ابن عمر وعبد الرحمن بن عوف في الظبي بشاة وعلى أساس هذا الحكم يمكن استبداله لمن لم يجد بإطعام ما يعادل ذلك من المساكين أو كسوتهم أو صيام يوم عن إطعام كل مسكين.
2- «ذوا عدل» ..
من المتفق عليه أن «ذو» التي بمعنى صاحب هي من الأسماء الخمسة على رأي بعض النحاة أو الستة على رأي بعضهم، وأنها تعرب بالأحرف حسب قاعدة تلك الأسماء وبشروطها: ولكن هناك أمرين تجدر الإشارة إليهما:
الأول أنّ «ذا» قد تكون اسم اشارة وقد تكون اسما موصولا ولا تكون من الأسماء الخمسة إلا إذا كانت بمعنى صاحب والتي هي من الأسماء الخمسة إذا ثنيت أعربت اعراب المثنى وإذا جمعت أعربت إعراب جمع المذكر السالم فرفعت بالواو ونصبت وجرّت بالياء.
3- الاضافة والتعريف ...
لدى الاستقراء لأحوال الاضافة نجدها على ثلاثة أنواع.
الأول يفيد تعريف المضاف بالمضاف اليه إن كان المضاف اليه معرفة، وتخصيصه إن كان نكرة. الأول مثل كتاب علي والثاني مثل كتاب تلميذ.
النوع الثاني:
يفيد تخصيص المضاف دون تعريفه وذلك إذا كان المضاف من الأسماء المبهمة «كغير ومثل وشبه» .
النوع الثالث: لا يفيد تعريفا أو تخصيصا، وذلك إذا كان المضاف اسم فاعل أو اسم مفعول أو صفة مشبهة وكل ما يشبه الفعل المضارع أي أنه يدلّ على الحال والاستقبال، كما ورد في الآية الكريمة «هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ» .(7/28)
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)
[سورة المائدة (5) : آية 96]
أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (96)
الإعراب:
(أحل) فعل ماض مبني للمجهول (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أحلّ) ، (صيد) نائب فاعل مرفوع (البحر) مضاف إليه مجرور و (طعام) معطوف على صيد بحرف العطف مرفوع و (الهاء) ضمير مضاف إليه (متاعا) مفعول لأجله منصوب «1» ، (لكم) مثل الأول متعلّق ب (متاعا) ، (الواو) عاطفة (للسيّارة) جارّ ومجرور متعلّق ب (متاعا) ، (الواو) عاطفة (حرّم عليكم صيد البر) مثل أحلّ لكم صيد البحر (ما) حرف مصدريّ (دمتم) فعل ماض ناقص..
(وتم) ضمير اسم دمتم (حرما) خبر ما دام منصوب.
والمصدر المؤوّل (ما دمتم حرما) في محلّ نصب على الظرفيّة الزمانية متعلّق ب (حرّم) .
(الواو) استئنافية (اتّقوا) فعل أمر مبني على الضمّ.. والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به (الذي) اسم موصول مبني في محلّ نصب نعت للفظ الجلالة (إلى) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تحشرون) وهو مضارع مبني للمجهول مرفوع ... والواو نائب فاعل.
جملة «أحلّ لكم صيد ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «حرّم عليكم صيد ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
__________
(1) أو مفعول مطلق نائب عن المصدر لأنه اسم المصدر لفعل متّع ...(7/29)
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)
وجملة «دمتم ... » : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (ما) .
وجملة «اتّقوا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «تحشرون ... » : لا محلّ لها صلة الموصول (الذي) .
الصرف:
(السيّارة) ، جمع السيّار، هو المسافر الكثير السفر، صيغة مبالغة اسم الفاعل من السير، وزنه فعال بفتح الفاء وتشديد العين، ووزن السّيارة فعّالة بإضافة التاء في آخره.
[سورة المائدة (5) : آية 97]
جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)
الإعراب:
(جعل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الكعبة) مفعول به منصوب (البيت) عطف بيان من الكعبة أو بدل منه منصوب (الحرام) نعت للبيت منصوب (قياما) مفعول به ثان منصوب عامله جعل «1» ، (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (قياما) ، (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة (الشهر، الهدي، القلائد) أسماء معطوفة على الكعبة منصوبة (الحرام) نعت للشهر منصوب (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ «2» . (واللام) للبعد (والكاف) للخطاب. (اللام) للتعليل (تعلموا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل.
__________
(1) وإذا كان الفعل (جعل) بمعنى خلق، كان (قياما) حالا منصوبة.
(2) يجوز أن يكون اسم الإشارة مفعولا به لفعل محذوف تقديره شرع، ولام التعليل متعلّقة به.(7/30)
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)
والمصدر المؤوّل (أن تعلموا) في محلّ جرّ باللام متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ ذلك.
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل (الله) لفظ الجلالة اسم أنّ منصوب (يعلم) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به (في السموات) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة الموصول ما (الواو) عاطفة (ما) مثل الأول ومعطوف عليه (في الأرض) مثل في السموات.
والمصدر المؤوّل (أنّ الله يعلم ... ) سدّ مسدّ مفعولي تعلموا.
(الواو) عاطفة (أنّ الله) مثل الأولى (بكل) جارّ ومجرور متعلّق بعليم (شيء) مضاف إليه مجرور (عليم) خبر أنّ مرفوع.
جملة «جعل الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «ذلك لتعلموا» : لا محلّ لها استئناف بياني أو تعليليّة.
وجملة «تعلموا» : لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) .
وجملة «يعلم» : في محلّ رفع خبر أنّ.
[سورة المائدة (5) : آية 98]
اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98)
الإعراب:
(اعلموا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (أن الله) مرّ إعرابها «1» ، (شديد) خبر مرفوع (العقاب) مضاف إليه مجرور (الواو) عاطفة (أن الله غفور) مثل أن الله عليم «2» ، (رحيم) خبر ثان مرفوع.
__________
(1، 2) في الآية السابقة (97) .(7/31)
مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (99)
والمصدر المؤوّل (أن الله شديد) سدّ مسدّ مفعولي اعلموا.
والمصدر المؤوّل (أن الله غفور..) في محلّ نصب معطوف على المصدر المؤوّل الأول.
وجملة «اعلموا ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
[سورة المائدة (5) : آية 99]
ما عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما تَكْتُمُونَ (99)
الإعراب:
(ما) نافية (على الرسول) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (إلّا) أداة حصر (البلاغ) مبتدأ مؤخّر مرفوع، (الواو) عاطفة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (يعلم) مضارع مرفوع، والفاعل هو (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به «1» ، (تبدون) مضارع مرفوع.. الواو فاعل (الواو) عاطفة (ما) مثل الأول ومعطوف عليه (تكتمون) مثل تبدون.
جملة «ما على الرسول إلّا البلاغ» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «الله يعلم ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «يعلم ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ (الله) .
وجملة «تبدون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الاسميّ أو الحرفيّ.
__________
(1) أو حرف مصدريّ، والمصدر المؤوّل مفعول به، أو نكرة موصوفة والجملة بعدها نعت لها، والعائد محذوف.(7/32)
قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
وجملة «تكتمون» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني أو الحرفيّ.
البلاغة
1- في الآية الكريمة: إرسال المثل في قوله تعالى «ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ» وهو عبارة عن أن يأتي المتكلم في بعض كلامه بما يجري مجرى المثل السائر من حكمة أو نعت أو غير ذلك.
2- الطباق: بين «تبدون» و «تكتمون» .
الفوائد
- «ما» في لغة الضاد لها شأن وأي شأن!؟
فهي تأتي اسما موصولا بمعنى الذي ...
وتأتي مصدرية فتؤول مع الفعل الذي يليها بمصدر يأخذ محله من الإعراب حسب موقعه من الجملة وحسب العوامل المتسلطة عليه.
وتأتي نافية حجازية فتعمل عمل ليس ترفع الاسم وتنصب الخبر وهي تختص بالجملة الاسمية.
أو تكون نافية فتهمل ويكون ما بعدها مبتدأ وخبرا مرفوعين كما أنها نافية للحصر كقوله تعالى: «وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ» . وتأتي زائدة وهي التي تتصل ب «إنّ» وأخواتها فتكفها عن العمل مع شيء من التفصيل وتسمى كافة ومكفوفة.
وقد أخذت «ما» هذه من جهد العلماء ومداد أقلامهم ما يملأ الأسفار من كتب النحو فمن شاء المزيد فعليه بالمطولات من هذا العلم.
[سورة المائدة (5) : آية 100]
قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (100)
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (لا)(7/33)
نافية (يستوي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء (الخبيث) فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (الطيّب) معطوف على الخبيث مرفوع (الواو) حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (أعجب) فعل ماض و (الكاف) ضمير مفعول به (كثرة) فاعل مرفوع (الخبيث) مضاف إليه مجرور (الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر (اتّقوا) مثل اعلموا «1» ، (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (يا) أداة نداء (أولي) منادي مضاف منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكر السالم (الألباب) مضاف إليه مجرور (لعلّ) حرف مشبّه بالفعل للترجّي و (كم) ضمير في محلّ نصب اسم لعلّ (تفلحون) مثل تبدون «2» .
جملة «قل ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يستوي الخبيث ... » : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «أعجبك كثرة ... » : في محلّ نصب حال من فاعل يستوي.
وجملة «اتّقوا ... » : جواب شرط مقدّر أي إن أردتم الفلاح فاتّقوا الله.
وجملة «النداء ... » : لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة «لعلّكم تفلحون» : لا محلّ لها تعليليّة للأمر بالتقوى.
وجملة «تفلحون» : في محلّ رفع خبر لعلّ.
الصرف:
(كثرة) مصدر سماعيّ للثلاثي كثر باب كرم وزنه فعلة
__________
(1) في الآية (98) من هذه السورة.
(2) في الآية (99) السابقة.(7/34)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْهَا وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَهَا قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِهَا كَافِرِينَ (102)
بفتح وسكون وثمة مصدر آخر هو كثارة.
البلاغة
1- الاستعارة التصريحية: في قوله تعالى «قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ» .
أي لا يستوي الحلال والحرام، فشبه الحلال بالطيب في حلاوته وتقبل النفس له ترغيبا فيه، وشبه الحرام بالخبيث في كراهيته وعزوف النفس عنه تنفيرا منه وقد صرّح بالمشبه به وحذف المشبه.
[سورة المائدة (5) : الآيات 101 الى 102]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللَّهُ عَنْها وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ (101) قَدْ سَأَلَها قَوْمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ ثُمَّ أَصْبَحُوا بِها كافِرِينَ (102)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا لا تسألوا) مرّ إعراب نظيرها «1» ، (عن أشياء) جارّ ومجرور متعلّق ب (تسألوا) ، وعلامة الجرّ الفتحة فهو ممنوع من الصرف ملحق بالمنتهي بألف التأنيث الممدودة (إن) حرف شرط جازم (تبد) مضارع مجزوم فعل الشرط مبنيّ للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هي (اللام) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تبد) ، (تسؤ) مضارع مجزوم جواب الشرط، والفاعل هي و (كم) ضمير مفعول به (الواو) عاطفة (إن) مثل الأول (تسألوا) مثل الأول فعل الشرط (عن) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تسألوا) ، (حين) ظرف زمان منصوب «2» متعلّق ب (تسألوا) الثاني (ينزّل) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع (القرآن) نائب فاعل مرفوع (تبد) مثل الأول جواب
__________
(1) في الآية (87) من هذه السورة.
(2) جاء الظرف هنا معربا لأن ما بعده معرب ... ويجوز تعليقه ب (تبد) .(7/35)
الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة (لكم) مثل الأول متعلّق ب (تبد) ، (عفا) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (عنها) مثل الأول متعلّق ب (عفا) ، (الواو) استئنافيّة (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (غفور) خبر مرفوع (حليم) خبر ثان مرفوع.
جملة «يأيّها الذين ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «لا تسألوا ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «تبد لكم ... » : في محلّ جرّ نعت لأشياء.
وجملة «تسؤكم» : لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «تسألوا ... » : في محلّ جرّ معطوفة على جملة إن تبد لكم.
وجملة «ينزّل القرآن» : في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة «تبد لكم (الثانية) » : لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة «عفا الله عنها» : لا محلّ لها استئنافيّة «1» .
وجملة «الله غفور ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
(102) (قد) حرف تحقيق (سأل) فعل ماض (ها) ضمير مفعول به (قوم) فاعل مرفوع (من قبل) جارّ ومجرور متعلّق ب (سألها) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (ثمّ) حرف عطف (أصبحوا) فعل ماض ناقص مبنيّ على الضمّ ... والواو ضمير اسم أصبح (الباء) حرف جرّ و (ها) ضمير في محلّ
__________
(1) لو كان الضمير في (عنها) يعود على أشياء، صحّ في الجملة كونها صفة لأشياء في محلّ جرّ. [.....](7/36)
جرّ متعلّق ب (كافرين) وهو خبر أصبح منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة «سألها قوم ... » : لا محلّ لها استئنافيّة تعليل للنهي عن السؤال.
وجملة «أصبحوا ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
الصرف:
(أشياء) ، جمع شيء، اسم جامد وزنه فعل بفتح فسكون، جمعه شيئا بوزن فعلاء، فالهمزة الأولى لام الكلمة والألف بعدها والهمزة الأخيرة زائدتان ثمّ دخله القلب المكانيّ.. قدّمت الهمزة التي هي لام الكلمة فصار أشياء وزنه لفعاء «1» .
(تبد) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه تفع بضمّ التاء وفتح العين.
(تسؤكم) ،، فيه إعلال بالحذف لمناسبة الجزم، وزنه تفلكم.
الفوائد
1- قوله تعالى: لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إلخ ... «أشياء» اسم ممنوع من الصرف وقد اختلف العلماء في أصل هذه الكلمة وفي صيغة جمعها وفي المانع من الصرف لها ...
آ- فذهب سيبويه الى أن مفردها شيء وقد جمعت على شيئاء ثم قدمت اللام على الألف كراهية اجتماع همزتين بينهما ألف ساكنة.
ب- وذهب الفراء الى أن مفردها شيء وجمعها «أشيئاء» وقد حذفت الهمزة الأولى لتخفيف اللفظ.
__________
(1) ثمّة أقوال أخرى في وزن أشياء وتصريفها يرجع إليها في كتب الصرف، وقد ضربنا صفحا عن ذكرها.(7/37)
مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103)
ج- أما مذهب الكسائي فيتلخص بأن وزن أشياء افعال وقد منعت من الصرف قياسا لها على ما آخره ألف التأنيث الممدودة وثمة آراء وردود أخرى تجدها في كتاب «الإنصاف في مسائل الخلاف» إن شئت المزيد من هذا العلم.
[سورة المائدة (5) : آية 103]
ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (103)
الإعراب:
(ما) نافية (جعل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (من بحيرة) جارّ زائد ومجرور لفظا منصوب محلا مفعول به (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة (لا) زائدة لتأكيد النفي في المواضع الثلاثة (سائبة، وصيلة، حام) أسماء مجرورة لفظا منصوبة محلا معطوفة على بحيرة بحروف العطف، والكسرة مقدّرة على الياء في الاسم الأخير (الواو) عاطفة (لكنّ) حرف مشبّه بالفعل للاستدراك (الذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم لكنّ (كفروا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ ... والواو فاعل (يفترون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (على الله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يفترون) ، (الكذب) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (أكثر) مبتدأ مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (لا) نافية (يعقلون) مثل يفترون جملة «جعل الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لكنّ الذين كفروا ... » : لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة «كفروا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يفترون ... » : في محلّ رفع خبر لكنّ.
وجملة «أكثرهم لا يعقلون» : في محلّ رفع معطوفة على جملة(7/38)
يفترون «1» .
وجملة «لا يعقلون» : في محلّ رفع خبر المبتدأ (أكثرهم) .
الصرف:
(بحيرة) ، فعيلة بمعنى مفعولة واستعملت اسما جامدا ...
اشتقاقها من البحر، والبحر هو السعة.
(سائبة) ، لفظة اسم فاعل من ساب يسيب بمعنى جرى، وقيل هو فاعلة بمعنى مفعولة أي مسيّبة، كما قيل ماء دافق بمعنى مدفوق.
(وصيلة) ، صفة مشبّهة باسم الفاعل، وزنها فعيلة وهي من الشاة أو الإبل على خلاف.
(حام) ، اسم فاعل من حمى يحمي أي منع، وفيه إعلال بالحذف لأنه اسم منقوص حذف منه لامه للتنوين، وزنه فاع.
الفوائد
1- مفاهيم جاهلية ...
من أراد أن يتصور شدة وطأة العادات وعظم مسئولية الرسل حيال تغيير عادات قوم مرنوا عليها كابرا عن كابر وجيلا إثر جيل فليتصور فحوى هذه الآية وتحريمها أمورا كان العرب قد اتخذوها من شعائر دينهم منذ مئات السنين وقد يكون من آلافها فقد أحلّت الآية ما كان حراما وحرّمت ما كان حلالا.
وقد جاء الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) ليكشف زيف هذه المعتقدات، ويرد الأمور الى نصابها الحق رغم ما لقي في سبيل ذلك من عنت القوم وشدّة مقاومتهم ولكن الله تكفّل أن يظهر دينه ولو كره الكافرون.
ومن المعروف في شرح مفردات هذه الآية أن «البحيرة، والسائبة والوصيلة
__________
(1) يجوز أن تكون الجملة استئنافيّة لا محلّ لها.(7/39)
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104)
والحامي إنما هي أسماء لأنواع مخصوصة من الأنعام كان يقفها العرب لأسباب تتعلق بها يقفونها لوجه آلهتهم ويضربون عن تخديمها أو الانتفاع بها. وقد قضى الإسلام على هذه العادات من أصلها.
[سورة المائدة (5) : آية 104]
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (104)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب قالوا (قيل) فعل ماض مبنيّ للمجهول (اللام) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (قيل) ، (تعالوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون قياسا.. والواو فاعل (إلى) حرف جرّ (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بفعل تعالوا (أنزل) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (الواو) عاطفة (إلى الرسول) جارّ ومجرور متعلّق بفعل تعالوا (قالوا) مثل تعالوا (حسبنا) مبتدأ مرفوع. (ونا) ضمير مضاف إليه (ما) مثل الأول في محلّ رفع خبر (وجد) فعل ماض مبنيّ على السكون و (نا) ضمير فاعل (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول به ثان (آباء) مفعول به أوّل منصوب و (نا) مضاف إليه (الهمزة) للاستفهام (الواو) استئنافيّة (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص (آباء) اسم كان مرفوع و (هم) ضمير مضاف إليه (لا) نافية (يعلمون) مضارع مرفوع والواو فاعل (شيئا) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (لا يهتدون) مثل لا يعلمون.
جملة «قيل....» : في محلّ جرّ مضاف إليه.(7/40)
وجملة «تعالوا» : في محلّ رفع نائب فاعل «1» .
وجملة «أنزل الله» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الأول.
وجملة «قالوا» : لا محلّ لها جواب الشرط غير الجازم.
وجملة «حسبنا ما وجدنا» : في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «وجدنا» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الثاني.
وجملة «كان آباؤهم....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يعلمون....» : في محلّ نصب خبر كان.
وجملة «لا يهتدون» : في محلّ نصب معطوفة على جملة لا يعلمون ... وجواب الشرط محذوف تقديره أيقولون ذلك؟
الفوائد
1- «أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ إلخ» ..
الهمزة هي أصل أدوات الاستفهام ولذلك عقد النحاة لها فصلا مطولا ذكروا وفيه ما تتمتع به من امتيازات عن باقي أدوات الاستفهام والذي يهمنا هنا من أمر هذه الأداة انها قد تخرج عن الاستفهام الحقيقي الى معان أخرى نوجزها بما يلي:
آ- التسوية: نحو «سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ» .
ب- الإنكار الابطالي: نحو «أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ» و «أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ» .
ج- الإنكار التوبيخي: نحو «أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ» .
د- التقرير: نحو «أنصرت بكرا؟! هـ- التهكم نحو «قالُوا يا شُعَيْبُ: أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا» .
__________
(1) لدى الجمهور نائب الفاعل مقدّر أي القول والجملة تفسر هذا القول (انظر الآية 11 من سورة البقرة....) .(7/41)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
و الأمر نحو أَأَسْلَمْتُمْ أي أسلموا.
ز- التعجب: أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ.
ح- الاستبطاء: أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ!» .
[سورة المائدة (5) : آية 105]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)
الإعراب:
(يأيّها الذين آمنوا) مرّ إعرابها «1» ، (عليكم) اسم فعل أمر بمعنى الزموا مبنيّ، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنتم (أنفس) مفعول به منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (لا) نافية (يضرّ) مضارع مرفوع و (كم) ضمير مفعول به (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع فاعل (ضلّ) فعل ماض، والفاعل هو وهو العائد (إذا) مرّ إعرابه «2» ، (اهتديتم) ماض مبنيّ على السكون ... (وتم) ضمير فاعل (إلى الله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم (مرجع) مبتدأ مؤخّر مرفوع و (كم) ضمير مضاف إليه (جميعا) حال منصوبة من ضمير الخطاب في مرجعكم، العامل فيها الاستقرار الذي عمل في الجارّ (الفاء) عاطفة (ينبّئكم) مثل يضرّكم (الباء) حرف جرّ (ما) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (ينبّئكم) «3» ، (كنتم) فعل ماض ناقص مبنيّ على السكون ... وتم) ضمير في محلّ رفع اسم كان (تعلمون) مثل يعلمون «4» .
__________
(1) في الآية (87) من هذه السورة.
(2) في الآية السابقة.
(3) أو حرف مصدريّ أو نكرة موصوفة بالجملة.
(4) في الآية السابقة.(7/42)
جملة النداء «يأيّها الذين....» : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» : لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «عليكم أنفسكم» : لا محلّ لها جواب النداء، استئنافيّة.
وجملة «لا يضرّكم من ضلّ» : لا محلّ لها استئناف بياني.
وجملة «ضلّ» : لا محلّ لها صلة الموصول (من) .
وجملة «اهتديتم» : في محلّ جرّ بإضافة (إذا) إليها ... وجواب الشرط محذوف دلّ عليه مضمون الكلام قبله أي: إذا اهتديتم فلا يضرّكم من ضلّ.
وجملة «إلى الله مرجعكم» : لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة.
وجملة «ينبّئكم» : لا محلّ لها معطوفة على التعليليّة قبلها.
وجملة «كنتم....» : لا محلّ لها صلة الموصول (ما) الاسميّ أو الحرفيّ.
وجملة «تعملون» : في محلّ نصب خبر كنتم.
الفوائد
عليكم: اسم فعل أمر منقول عن جار ومجرور. بمعنى الزموا أنفسكم.
والحديث عن أسماء الأفعال يقتضي التبسط، الأمر الذي يخرجنا عن خطة الكتاب لذلك سوف أقتصر على التعرض لاسم الفعل المنقول. فأسماء الأفعال المنقولة هي ما استعملت في غير اسم الفعل ثم نقلت إليه.
ويكون النقل عن «جار ومجرور» ك «عليك نفسك» بمعنى الزم نفسك.
وقد يكون عن ظرف مثل «دونك الكتاب» أي خذه. وقد يكون عن مصدر مثل «رويد أخاك» بمعنى أمهله. وإما عن تنبيه نحو «هاك الكتاب» أي خذه وأسماء الأفعال المنقولة سماعية كلها فلا يقاس عليها.(7/43)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (108)
وسوف نتعرض في مواطن أخرى لاستيفاء أقسام أسماء الأفعال الأخرى المرتجلة والمعدولة فتمهل ... !
[سورة المائدة (5) : الآيات 106 الى 108]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ (106) فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (107) ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (108)
«1»
الإعراب:
(يأيها الذين آمنوا) «2» ، (شهادة) مبتدأ مرفوع (بين)
__________
(1) «هذه الآية واللتان بعدها من أشكل القرآن حكما وإعرابا وتفسيرا، ولا يزال العلماء يستشكلونها ويكفّون عنها ... قلت وأنا أستعين الله تعالى في توجيه إعرابها واشتقاق مفرداتها وتصريف كلماتها وقراءاتها ومعرفة تأليفها....» أهـ- كلام الجمل في حاشيته على الجلالين مختصرا.
(2) مرّ إعرابها في الآية (87) من هذه السورة.(7/44)
مضاف إليه مجرور «1» ، و (كم) ضمير مضاف إليه ... وخبر المبتدأ محذوف تقديره: في ما فرض عليكم وهو مقدّم «2» ، (إذا) ظرف للزمن المستقبل مجرد عن الشرط في محلّ نصب متعلق بشهادة (حضر) فعل ماض (أحد) مفعول به مقدّم منصوب و (كم) ضمير مضاف إليه (الموت) فاعل مرفوع على حذف مضاف أي أسباب الموت (حين) ظرف منصوب متعلق ب (حضر) ، (الوصّية) مضاف إليه مجرور (اثنان) فاعل المصدر شهادة مرفوع وعلامة الرفع الألف (ذوا) نعت ل (اثنان) مرفوع وعلامة الرفع الألف (عدل) مضاف إليه مجرور (من) حرف جر و (كم) ضمير في محلّ جر متعلق بمحذوف نعت ل (اثنان) «3» ، (أو) حرف عطف (آخران) معطوف على (اثنان) مرفوع وعلامة الرفع الألف (من غير) جار ومجرور نعت ل (آخران) ، و (كم) ضمير مضاف إليه (إن) حرف شرط جازم (أنتم) ضمير منفصل في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور بعده «4» ، (ضربتم) فعل ماض مبني على السكون.. (وتم) ضمير فاعل (في الأرض) جار ومجرور متعلق ب (ضربتم) بتضمينه معنى سافرتم (الفاء) عاطفة (أصابت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث و (كم) ضمير مفعول به (مصيبة) فاعل مرفوع (الموت) مضاف إليه مجرور (تحبسون) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والواو فاعل و (هما) ضمير مفعول به، أي آخران، (من بعد) جار ومجرور متعلق
__________
(1) أضيفت الشهادة إلى (بين) تجاوزا وسعة، إذ خرج (بين) عن الظرفية الى المفعولية وذلك كناية عن التنازع والتشاجر، لأن الشهادة يحتاج إليها حين التنازع.
(2) يجوز أن يكون (اثنان) هو الخبر على حذف مضاف أي: شهادة اثنين.
(3) أو بحال من (اثنان) لأن النكرة وصفت من قبل.
(4) بعض المعربين يجعلونه توكيدا لفاعل الفعل ... وليس بضروري لأن الفاعل المتّصل يصبح منفصلا إن حذف الفعل.(7/45)
ب (تحبسون) ، (الصّلاة) مضاف إليه مجرور (الفاء) عاطفة (يقسمان) مضارع مرفوع وعلامة الرفع ثبوت النون ... والألف ضمير فاعل (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يقسمان) ، (إن) مثل الأول (ارتبتم) فعل ماض مبني على السكون في محلّ جزم فعل الشرط ... (وتم) ضمير فاعل (لا) نافية (نشتري) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره نحن (الباء) حرف جر و (الهاء) ضمير في محل جر متعلق ب (نشتري) بتضمينه معنى نستبدل (ثمنا) مفعول به منصوب (الواو) حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو يعود على المشهود له أو المقسم له المفهوم من سياق الآية (ذا) خبر كان منصوب وعلامة النصب الألف (قربى) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الكسرة المقدرة على الألف (الواو) عاطفة (لا) نافية (نكتم) مثل نشتري (شهادة) مفعول به منصوب (الله) لفظ الجلالة مضاف إليه مجرور (إنّ) حرف مشبه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ (إذا) حرف جواب لا عمل له (اللام) هي المزحلقة تفيد التوكيد (من الآثمين) جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إنّ وعلامة الجر الياء.
جملة النداء «يأيها الذين» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «شهادة بينكم ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «حضر ... الموت» في محلّ جر بالإضافة.
وجملة « (ضربتم) المقدّرة» لا محلّ لها اعتراضيّة.
وجملة «ضربتم المذكورة» لا محلّ لها تفسيريّة.(7/46)
وجملة «أصابتكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة ضربتم المذكورة ... وجواب الشرط محذوف دل عليه ما قبله أي: فاستشهدوا آخرين.
وجملة «تحبسونهما» في محلّ رفع نعت ل (آخران) .
وجملة «يقسمان....» في محلّ رفع معطوفة على جملة تحبسونهما.
وجملة «ارتبتم مع جوابها» لا محلّ لها اعتراضية ... والجواب محذوف تقديره فخلفوهما.
وجملة «لا نشتري ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة «كان ذا قربى» في محلّ نصب حال ... وجواب لو محذوف دل عليه ما قبله أي لا نشهد كذبا ولا نشتري به ثمنا ...
وجملة «لا نكتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة لا نشتري.
وجملة «إنا ... لمن الآثمين» لا محلّ لها استئناف ماني وهي جواب سؤال مقدر أي: ماذا سيكون من أمركم إن فعلتم.
(107) (الفاء) عاطفة (إن) مثل الأول (عثر) فعل ماض مبني للمجهول مبني في محلّ جزم فعل الشرط (على) حرف جر (أنّ) حرف مشبه بالفعل و (هما) ضمير في محلّ نصب اسم أنّ (استحقّا) فعل ماض وفاعله (إثما) مفعول به منصوب.
والمصدر المؤول (أنهما استحقا) في محلّ جر بحرف الجار والمجرور نائب فاعل في محلّ رفع.
(الفاء) رابطة لجواب الشرط (آخران) خبر لمبتدأ محذوف تقديره(7/47)
الشاهدان «1» ، (يقومان) مثل يقسمان (مقام) مفعول مطلق منصوب و (هما) ضمير مضاف إليه (من) حرف جر (الذين) اسم موصول مبني في محلّ جر متعلق بحال من فاعل يقومان «2» ، (استحق) فعل ماض (على) حرف جر و (هم) ضمير في محلّ جر متعلق ب (استحق) بتضمينه معنى استوجب (الأوليان) فاعل مرفوع وعلامة الرفع الألف «3» ، (الفاء) عاطفة (يقسمان) مثل الأول (بالله) جار ومجرور متعلق ب (يقسمان) ، (اللام) لام القسم (شهادة) مبتدأ مرفوع و (نا) ضمير مضاف إليه (أحقّ) خبر مرفوع (من شهادة) جار ومجرور متعلق ب (أحق) ، و (هما) ضمير مضاف إليه (الواو) عاطفة (ما) نافية (اعتدينا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) ضمير فاعل (إنا إذا لمن الظالمين) مثل إنّا ... لمن الآثمين «4» .
جملة «عثر ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «استحقّا....» في محلّ رفع خبر أنّ.
__________
(1) يجوز أن يكون لفظ (آخران) مبتدأ خبره (من الذين استحقّ ... ) وجاز الابتداء به لتخصصه بالوصف ... ويجوز أن يكون الخبر جملة يقومان، وجاز الابتداء به لإفادته العموم. [.....]
(2) يجوز أن يتعلق الجار بمحذوف نعت ل (آخران) .
(3) أجاز العكبري في إعراب الأوليان خمسة أوجه: الأول: فاعل استحق. الثاني:
مبتدأ خبره آخران على أحد أوجه إعراب آخران ... والجملة الاسميّة على هذا الوجه هي جواب الشرط. الثالث: خبر لمبتدأ محذوف تقديره هما، والجملة الاسمية على هذا الوجه خبر للمبتدأ (آخران) الذي وصف بجملة يقومان. الرابع: بدل من الضمير في (يقومان) . الخامس:
صفة ل (آخران) الذي وصف بجملة يقومان.
و (الأوليان) لم يقصد بهما اثنين بأعيانهما ... قال- وهذا محكيّ عن الأخفش- في الحالات الأربع الأخيرة فإن فاعل (استحقّ) مقدّر هو الوصيّة المفهومة من الآية السابقة.
هذا والوجه الخامس اعتمده ابن هشام في المغني.
(4) في الآية السابقة.(7/48)
وجملة « (الشاهدان) آخران» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «استحقّ ... الأوليان» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «يقومان ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة يقومان.
وجملة «شهادتنا أحق ... » لا محلّ لها جواب القسم.
وجملة «ما اعتدينا» لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
وجملة «إنا ... لمن الظّالمين» لا محلّ لها استئناف بياني.
(108) (ذلك) اسم إشارة مبني في محلّ رفع مبتدأ، والإشارة إلى شرعيّة الحكم السابق، و (اللام) للبعد و (الكاف) للخطاب (أدنى) خبر مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدّرة (أن) حرف مصدري (يأتوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون والواو فاعل (بالشّهادة) جار ومجرور متعلق ب (يأتوا) ، (على وجه) جار ومجرور متعلق بحال من الشهادة و (ها) ضمير مضاف إليه.
والمصدر المؤوّل (أن يأتوا ... ) في محلّ جر بحرف جر محذوف تقديره إلى أن يأتوا متعلق بأدنى.
(أو) حرف عطف للتخيير أو بمعنى الواو (يخافوا) مثل يأتوا ومعطوف عليه (أن) مثل الأول (ترد) مضارع منصوب مبني للمجهول (أيمان) نائب فاعل مرفوع (بعد) ظرف منصوب متعلق ب (تردّ) «1» ، (أيمان) مضاف إليه مجرور و (هم) ضمير مضاف إليه.
__________
(1) أو متعلق بمحذوف نعت لأيمان.(7/49)
والمصدر المؤول (أن ترد) في محلّ نصب مفعول به عامله يخافوا.
(الواو) استئنافية (اتّقوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعل (الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (اسمعوا) مثل اتّقوا. (الواو) استئنافية (الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع (لا) نافية (يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمة المقدرة على الياء، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (القوم) مفعول به منصوب (الفاسقين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
وجملة «ذلك أدنى ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «يأتوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) .
وجملة «يخافوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة صلة الموصول الحرفي.
وجملة «تردّ أيمان» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفي (أن) الثاني.
وجملة «اتّقوا....» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «اسمعوا» لا محلّ لها معطوفة على جملة اتّقوا ...
وجملة «الله لا يهدي ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «لا يهدي القوم....» في محل رفع خبر المبتدأ (الله) .
الصرف:
(آخران) ، مثنّى آخر- بفتح الخاء- اسم بمعنى غير ليس له فعل من لفظه، وزنه فاعل.
(الأوليان) ، مثنى الأولى، وزنه أفعل بمعنى الأقرب، فهو على صيغة اسم التفضيل من فعل ولي يلي باب وثق يثق وولي يلي باب(7/50)
ضرب ... وقد قلبت الألف ياء في المثنّى لأنها رابعة في الكلمة.
(أدنى) ، اسم تفضيل وزنه أفعل من باب دنا، فيه إعلال بالقلب قلبت الواو ألفا لتحرّكها وفتح ما قبلها.
(يخافوا) ، في الفعل إعلال بالقلب، أصله يخوفوا- بسكون الخاء وفتح الواو- ثم جرى فيه إعلال بالتسكين حيث سكّنت الواو وحرّكت الخاء بالفتح ... وحينئذ جرى الإعلال بالقلب لتحرك الواو في الأصل وفتح ما قبلها فصار يخافوا.
الفوائد
1- إذن: هي إحدى نواصب الفعل المضارع. وقد اختلف العلماء في أصلها فمن قائل بأنها هي «إذا» الشرطية حذف شرطها وعوض عنه بتنوين العوض وعندها جرت مجرى الحروف بعد أن كانت ظرفا وذهب بعضهم الى أنها مركبة من «إذ وإن» فإن قلت لمن سيزورك إذن أكرمك فأصل الجواب «إذ إن تزورني أكرمك» وقد حذفت الهمزة للتخفيف وأدغم اللفظان بكلمة واحدة. ورسمها في المصحف بالألف مطلقا ولكن رسم المصحف لا يقاس عليه.
ولذلك نجد أن الشائع أن تكتب بالنون سواء أكانت عاملة أم مهملة.
وقيل: إنها تكتب بالنون إذا كانت عاملة، وبالألف إذا كانت منونة ومهملة.
أما عند الوقف فقلبت بالألف مطلقا فتأمل..!
2- اللام كثيرة المعاني والأقسام وكلها ترجع الى قسمين عاملة، ومهملة، والعاملة قسمان: جاره وجازمة. وغير العاملة، ثمانية أقسام، لام الابتداء ولام البعد، ولام التعجب ولام الجواب واللام الزائدة، واللام الفارقة واللام المزحلقة، واللام الموطئة للقسم، والذي يهمنا من هذه الأقسام الآن. هو لام الجواب فقوله تعالى:
«فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا» .(7/51)
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُوا لَا عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ (109)
فاللام في هذه الآية واقعة جوابا للقسم ومنها قوله تعالى: تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا» وهي إحدى اللامات المهملة. فتأمل!!
[سورة المائدة (5) : آية 109]
يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ ماذا أُجِبْتُمْ قالُوا لا عِلْمَ لَنا إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (109)
الإعراب:
(يوم) ظرف زمان منصوب متعلق ب (قالوا) «1» ، (يجمع) مضارع مرفوع (الله) فاعل مرفوع (الرسل) مفعول به منصوب (الفاء) عاطفة (يقول) مثل يجمع والفاعل هو (ما) اسم استفهام مبني في محل رفع مبتدأ (ذا) اسم موصول مبني في محلّ رفع خبر «2» ، (أجئتم) فعل ماض مبني للمجهول مبني على السكون ... (وتم) ضمير في محلّ رفع نائب فاعل (قالوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعل (لا) نافية للجنس (علم) اسم لا مبني على الفتح في محلّ نصب (اللام) حرف جر و (نا) ضمير في محل جر متعلق بمحذوف خبر لا (إنّ) حرف مشبّه بالفعل و (الكاف) ضمير في محل نصب اسم إنّ (أنت) ضمير فصل للتأكيد «3» ، (علام) خبر إنّ مرفوع (الغيوب) مضاف إليه مجرور.
جملة «يجمع الله ... » في محلّ جر مضاف إليه.
__________
(1) أو هو مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر.. أما تعليقه بفعل (يهدي) في الآية السابقة فليس بشيء لتباين الفكرتين في الآيتين، ولأن الكلام في الآية الثانية مستأنف.
(2) يجوز أن يكون (ماذا) كلمة واحدة اسم استفهام في محلّ جر بباء محذوفة، والجار والمجرور متعلق ب (أجبتم) وجملة أجبتم مقول القول.
(3) يجوز أن يكون ضميرا منفصلا مبتدأ خبره علام والجملة خبر إنّ ... أو ضمير مستعار لمحل النصب توكيد للكاف.(7/52)
وجملة «يقول ... » في محل جر معطوفة على جملة يجمع.
وجملة «ماذا أجبتم» لا محلّ لها صلة الموصول (ذا) «1» .
وجملة «قالوا ... » لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «لا علم لنا» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «إنك ... علّام» لا محلّ لها تعليلية.
الصرف:
(أجبتم) ، فيه إعلال بالحذف لمناسبة البناء على السكون، حذفت عين الكلمة لالتقاء الساكنين، وزنه أفلتم.
(علّام) ، صيغة المبالغة من فعل علم، وزنه فعّال.
(الغيوب) ، جمع الغيب ... (انظر الآية 3 من سورة البقرة) .
الفوائد
1- قوله تعالى «ماذا أُجِبْتُمْ» ..
للنحاة بحث مطول حول «ما» واتصالها ب «ذا» وللتسهيل نوجز جميع أقوال النحاة ونقتصر على المعتمد من هذه الأقوال وقد وجدنا سائر ما قاله النحاة ينحصر في أربعة أوجه:
الأول: أن تأتي «ما» مع «ذا» التي هي اسم اشارة.
الثاني: أن تأتي «ما» مع «ذا» الموصولة.
الثالث: أن تكون «ماذا» كلها اسم جنس بمعنى «شيء» أو اسما موصولا بمعنى الذي كقول المثقب العبدي:
دعي ماذا علمت سأتقيه ... ولكن بالمغيب نبئيني
فقد ذهب بعضهم الى أنها بمعنى شيء وارتأى آخرون أنها بمعنى «الذي» . ولكن اتفقوا على أنها كلها كلمة واحدة.
__________
(1) والعائد محذوف تقديره أجبتم به.(7/53)
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (110)
[سورة المائدة (5) : آية 110]
إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ (110)
الإعراب:
(إذ) اسم ظرفي مبني على السكون في محلّ نصب مفعول به لفعل محذوف تقديره اذكر «1» ، (قال) فعل ماض (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع (يا) أداة نداء (عيسى) منادى مفرد علم مبني على الضم في محلّ نصب (ابن) نعت لعيسى تبعه في المحل لأنه مضاف منصوب (مريم) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة (اذكر) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (نعمة) مفعول به منصوب و (الياء) ضمير مضاف إليه (على) حرف جر و (الكاف) ضمير في محلّ جر متعلق بحال من نعمتي «2» ، (الواو) عاطفة (على والدة) جار ومجرور متعلق بما تعلّق
__________
(1) يجوز إعرابه بدلا من (يوم) في الآية السابقة. ويجوز أن يكون ظرفا للمستقبل لأن القول مقدّمة لما يجري يوم القيامة في قوله تعالى: «إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت ... » .
(2) يجوز تعليقه بحال من نعمتي.(7/54)
به عليك، و (الكاف) ضمير مضاف إليه (إذ) ظرف لما مضى من الزمن مبني في محلّ نصب متعلق بنعمتي «1» ، (أيّدت) فعل ماض مبني على السكون ... (والتاء) فاعل و (الكاف) ضمير مفعول به (بروح) جار ومجرورّ متعلق ب (أيّدت) ، (القدس) مضاف إليه مجرور (تكلّم) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت (النّاس) مفعول به منصوب (في المهد) جار ومجرور متعلق بحال من فاعل تكّلم أي صغيرا (الواو) عاطفة (كهلا) معطوف على الحال السالفة في الجار والمجرور (الواو) عاطفة (إذ علّمتك) مثل إذ أيّدتك (الكتاب) مفعول به ثان منصوب (الواو) عاطفة في المواضع الثلاثة (الحكمة، التوراة، الإنجيل) أسماء معطوفة على الكتاب منصوبة مثله (إذ) مثل إذ أيدتك ومعطوف عليه (تخلق) مضارع مرفوع والفاعل أنت (من الطين) جار ومجرور متعلق ب (تخلق) ، (الكاف) اسم بمعنى مثل في محلّ نصب مفعول به (هيئة) مضاف إليه مجرور (الطير) مضاف إليه مجرور (بإذن) جار ومجرور متعلق ب (تخلق) «2» ، و (الياء) ضمير مضاف إليه (الفاء) عاطفة (تنفخ) مثل تخلق (في) حرف جر و (ها) ضمير في محل جر متعلق ب (تنفخ) «3» ، (الفاء) عاطفة (تكون) مضارع ناقص مرفوع، واسمه ضمير مستتر تقديره هي يعود على الكاف صفة الهيئة المقدّرة (طيرا) خبر تكون منصوب (بإذني) مثل الأول متعلق بنعت ل (طيرا) ، (الواو) عاطفة (تبرئ) مثل تخلق (الأكمه) مفعول به منصوب (الواو) عاطفة (الأبرص) معطوف على الأكمه منصوب (بإذني) مثل الأول متعلق بحال من فاعل
__________
(1) أو بمحذوف حال من نعمتي، أو هو بدل من نعمتي بدل اشتمال.
(2) أو متعلق بحال من فاعل تخلق.
(3) الضمير في (فيها) يعود على الكاف فهي نعت لهيئة مقدرة، أي: تخلق من الطين هيئة كهيئة الطير لأنها هي المشبه، و (الهيئة) المذكورة مشبه به، وهي من خلق الله تعالى.(7/55)
تبرئ (الواو) عاطفة (إذ تخرج الموتى بإذني) مثل المتقدمة ومعطوفة عليها (الواو) عاطفة (إذ كففت) مثل إذ أيّدت (بني) مفعول به منصوب وعلامة النصب الياء فهو ملحق بجمع المذكر السالم (إسرائيل) مضاف إليه مجرور وعلامة الجر الفتحة (عنك) مثل عليك متعلق ب (كففت) ، (إذ) ظرف متعلق ب (كففت) ، (جئت فعل ماض وفاعله و (هم) ضمير مفعول به (بالبينات) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من فاعل جئت. (الفاء) استئنافية (قال) مثل الأول (الذين) اسم موصول في محلّ رفع فاعل (كفروا) فعل ماض وفاعله (من) حرف جر و (هم) ضمير في محلّ جر متعلق بحال من فاعل كفروا (إن) حرف نفي (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة في محلّ رفع مبتدأ (إلّا) أداة حصر (سحر) خبر مرفوع (مبين) نعت مرفوع.
جملة «قال الله» في محلّ جر بإضافة (إذ) إليها.
وجملة «النداء وما في حيّزها» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة «اذكر نعمتي ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أيّدتك....» في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «تكلم الناس» في محلّ نصب حال من الكاف في أيدتك «1» .
وجملة «علمتك ... » في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «تخلق ... » في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «تنفخ ... » في محلّ جر معطوفة على جملة تخلق.
وجملة «تكون....» في محلّ جر معطوفة على جملة تنفخ.
__________
(1) أو لا محلّ لها استئناف بياني. [.....](7/56)
وجملة «تبرئ ... » في محلّ جر معطوفة على جملة تخلق.
وجملة «تخرج....» في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «كففت ... » في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «جئتهم» في محلّ جر مضاف إليه.
وجملة «قال الذين....» لا محلّ لها استئنافية.
وجملة «كفروا» لا محلّ لها صلة الموصول (الذين) .
وجملة «إن هذا إلا سحر» في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(المهد) ، اسم جامد بمعنى السرير أو الموضع يهيأ للصبي، وأصله مصدر استعمل اسما.
(كهلا) ، صفة مشبّهة من فعل كهل يكهل باب فتح وباب كرم، وزنه فعل بفتح فسكون.
(الطين- هيئة- الطير- الأكمه- الأبرص) : انظر صرفها في الآية (49) من سورة آل عمران.
الفوائد
1- إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ.
يجدر بدارس اللغة أن يكون على بينة من أمر «إن» فقد تكون مخففة من «إنّ» التي تنصب الاسم وترفع الخبر، وقد تكون شرطية تجزم فعلين مضارعين فعل الشرط وجوابه، وقد تكون العاملة عمل ليس ترفع الاسم وتنصب الخبر كما هي في هذه الآية.
وهنا يحق للسائل أن يسأل لماذا لم تعمل عملها في هذه الآية مع أنها نافية.
والجواب على ذلك بأنّ «إن» العاملة عمل ليس لا تعمل عملها إلا بشرطين..
الأول: أن لا يتقدم خبرها على اسمها فإن تقدم بطل عملها.
الثاني: أن لا ينتقض نفيها ب «إلّا» كما ورد في هذه الآية ولذلك جاء الخبر(7/57)
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ (111)
مرفوعا.
ومن أغرب الاصطلاحات اللغوية ما روي عن الكسائي أنه سمع أعرابيا يقول: إنا قائما. فأنكرها عليه وظن أنها إنّ الناصبة للاسم الرافعة للخبر وكان حقها أن ترفع قائما وعند ما استفسر منه عن مراده. فإذا هو يريد: «إن أنا قائما أي ما أنا قائما» وقد ترك همزة «أنا» تخفيفا ثم أدغم كقوله تعالى: «لكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي» .
[سورة المائدة (5) : آية 111]
وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنا مُسْلِمُونَ (111)
الإعراب:
(الواو) عاطفة (إذ أوحيت) مثل إذ قال الله «1» ، (إلى الحواريين) جار ومجرور متعلق ب (أوحيت) وعلامة الجر الياء (أن) حرف تفسير «2» ، (آمنوا) فعل أمر وفاعله (الباء) حرف جر و (الياء) ضمير في محلّ جر متعلق ب (آمنوا) ، (الواو) عاطفة (برسول) جار ومجرور متعلق ب (آمنوا) ، و (الياء) ضمير مضاف إليه، (قالوا) مثل كفروا «3» ، (آمنّا) فعل ماض مبني على السكون ... (ونا) ضمير فاعل (الواو) عاطفة (اشهد) فعل أمر، والفاعل أنت (الباء) حرف جر و (أنّ) حرف مشبه بالفعل و (نا) ضمير في محلّ نصب اسم أن (مسلمون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو- والمصدر المؤول (أننا مسلمون) في محلّ جر بالباء متعلق
__________
(1) في الآية السابقة (110) .
(2) أو حرف مصدري، والمصدر المؤول (أن آمنوا) في محلّ نصب مفعول به عامله أوحيت ... أو في محلّ جر بحرف جر محذوف والتقدير أوحيت إليهم بأن آمنوا ...
(3) في الآية السابقة (110)(7/58)