منظومة مصباح الراوي في علم الحديث
للشيخ عبد الله بن فودي رحمه الله تعالى
(1180هـ - 1245هـ/1766م - 1829)
دراسة وتحقيق وشرح
محمد المنصور إبراهيم
الباحث بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة عثمان بن فودي
سكتو ، نيجيريا
دار العلم للطباعة والنشر
44، شارع أحمد رفاعي، مدينة سكتو، نيجيريا
جميع الحقوق محفوظة للباحث
الطبعة الثانية 1426هـ/2005م
ISBN 978-2076-68-5
لإبداء ملحوظاتك يمكنك الاتصال بالباحث عن طريق الأرقام الآتية :
002348035075754
أو على البريد الألكتروني الآتي:
mansursokoto@yahoo.co.uk
الناشر
مركز الدراسات الإسلامية
جامعة عثمان بن فودي سكتو، نيجيريا
بسم الله الرحمن الرحيم
تقريظ
فضيلة الشيخ محمد بلّو بن مرتضى قورا
…لقد طالعت عمل الأخ الكريم محمد المنصور إبراهيم في تحقيق كتاب الشيخ عبد الله بن فودي (مصباح الراوي) الذي جاوزت صفحاته ثلاثمائة صفحة، فألفيته جهدا ميمونا وعملا قيما وإنتاجا مثمرا وتراثا منشودا أُوجد في أوانه.
…ومما لا يختلف فيه اثنان أن بذل المجهود في خدمة الكتاب العزيز والسنة النبوية المطهرة التي هي المبينة للقرآن قربة وزلفى إلى الله سبحانه وتعالى وعمل تدوم آثاره وتنتشر فوائده وتعم بركاته وتسري في أمة الإسلام نتائجه . والذي يمعن النظر في الكتاب يشهد بأن المحقق قد عل ونهل من ينابيع علم الحديث ، وغذي من لبانه ، وصال وجال في مخدراته . لقد اتخذ أسلوبا شيقا وطريقا سهلا بحيث يستفيد من الكتاب طلاب العلم وعلماؤهم والباحثون على حد سواء .(1/1)
…إننا في العصر الحديث في أمس حاجة إلى إبراز تراث علمائنا الأفاضل أمثال الشيخ عثمان بن فودي وأخيه عبد الله وولده محمد بلو، وهنا تأتي أهمية هذا العمل الذي قام به هذا الفتى المبارك كثر الله من أمثاله. ولا أشك أن هذا الكتاب بهذه الخدمة الجليلة قد صار قريبا من القراء على مختلف المستويات . أسأل الله سبحانه أن يتقبل منه ومن مؤلفه ، وأن يجزيهما عن الإسلام خير الجزاء .
والحمد لله رب العالمين.
محمد بيلو مرتضى القوراوي
12 جمادى الآخرة 1424هـ الموافق 10 أغسطس 2003م
تقريظ فضيلة الشيخ الدكتور محمد الثاني عمر موسى
وصلّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد :
فقد أطلعني الأخُ الفاضل الباحث القدير الأستاذ محمّد المنصور إبراهيم على تحقيقه وشرحه لـ(منظومة مصباح الرّاوي) للشّيخ العلاّمة عبد الله بن فودي ـ رحمه الله ـ الّتي وضعها في علم أصول الحديث، مستخلِصاً إيّاها من كتاب (تدريب الرّاوي) مع إعادةِ ترتيبٍ وزيادة اقتباسٍ من كتبٍ أخرى لأهل الفنّ.
والشّيخ عبد الله بن فودي ـ كغيره من علماء غرب أفريقيا ـ رغم وفرة إنتاجاته العلميّة والأدبيّة وتَعدُّد الفنون الّتي تطرّق إليها بتأليفٍ منثورٍ تارةً، ومنظومٍ تارةً أخرى؛ مِن حديثٍ وتفسيرٍ وفقهٍ وأصولٍ ونحوٍ وصرْفٍ وغير ذلك مع توقِّي الدّقة والإبداع في كل أولئك إلاّ أنّه لم يحظ إلى الآن بعنايةٍ كافيةٍ، ولم تُبرز مكانتُه العلميّة على الصّعيد الثّقافي المحلّي والعَالمي إبرازاً يليق بنبوغه العلميّ وثقافته الواسعَة، فكأنّ عملَ الباحث الأستاذ محمّد المنصور إنّما جاء في هذه اللّحظة وفاءً ببعض حقّ هذا العالم النّحرير علينا وإيقاظاً للباحثين المجدِّين للإقدام على خدمة هذا التّراث.(1/2)
لقد اجتهد الباحث في إخراج هذه المنظومة إخراجاً مشرِّفاً؛ فَسعى لجلب نسخٍ متعدِّدة لها، وعمل على مقابلة تلك النّسخ واعتماد أصحّ عباراتها، ثمّ تخريج الأمثلة الواردة فيها التي يشير الناظمُ إلى بعضها أحياناً بألفاظٍ من متونها، وأحياناً بأطرافٍ من ألفاظها، وقام بضبطها ضبطاً يسهِّل على متناوِلها فهمَها واستيعابَ نَظْمِها مع ترجمةِ الأعلام الوارد ذكرُهم في ثناياها، وغير ذلك من الجهد المبذول الّذي يقف عليه النّاظر في عمل أخينا الباحث.
ونرجو أن يكون هذا العمل الجليل فاتحةَ خيرٍ في سبيل إخراج الترّاث الفُودَوِيّ إخراجاً يليق بمكانته في أمّته، ويضعه المنزلة اللائقة به بين أهل العلم من أمثالِه، ونتمنى أن نرى من الباحث مزيداً من العَطاءِ العلميّ تحقيقاً يكونُ أو تأليفاً .
والله أسأل أن ينفع الأمّة بهذا العمل الكبير، ويجزي القائمَ به خير الجزاء، ويجعله في ميزان أعماله الصّالحات يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه :
محمّد الثّاني عمر موسى
2/ذو الحجة/1425هـ
بالمدينة النبوية
على ساكنها أفضل الصّلاة وأتم التّسليم.
(
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله رب العالمين . والصلاة والسلام على محمد نبيه الأمين . وعلى آله وصحبه والتابعين . ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين .(1/3)
…أما بعد ، فهذه هي الطبعة الثانية لكتاب العلامة الشيخ عبد الله بن فودي رحمه الله تعالى "مصباح الراوي في علم الحديث" الذي نشرناه قبل سنتين مع التحقيق والدراسة والشرح. ولقد لاقى هذا الكتاب من القبول فوق المتوقع، وتلقيت من عدد من طلاب العلم ملحوظات ازداد الكتاب بهجة بمراعاتها. وأنا مدين لهؤلاء الإخوة بالشكر الجزيل، وعلى مقدمتهم الأخ الشيخ محمد الخرشي ابن الشيخ محمد بل غلغل والشيخ إدريس غرب وفضيلة الشيخ محمد بلو ابن الشيخ محمد بوي. أسأل الله تعالى أن يجزيهم بأفضل جزائه، إنه جواد كريم.
…وكان بودي أن تتم مراجعة الأحاديث في هذه الطبعة وإعادة النظر في تخريجها، ولكن ذلك لم يتسن لي في هذه الطبعة، ولعلي في الطبعة القادمة أقوم بذلك إذا مدّ الله في العمر ومتّع بالصحة، وله الحمد في الأولى والآخرة.
…أسأل الله الكريم من فضله أن يتقبل مني ومن المؤلف ومن كل من ساعد على تصحيحه أو طباعته ونشره.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم وبارك على نبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أبو رملة / محمد المنصور بن إبراهيم
كادونا ، ليلة الاثنين 28 ربيع الأول 1425هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا. وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما مزيدا.1(1/4)
أما بعد، فإن علم مصطلح الحديث من العلوم الجليلة النافعة، وذلك لتعلقه بأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم. فبه يميّز الصحيح من السقيم من الأحاديث. وقد حظي باهتمام كثير من المصنفين في القديم والحديث نظما ونثرا. وتُعد منظومة مصباح الراوي للشيخ عبد الله بن فودي رحمه الله تعالى (ت1245هـ/1829م) من أهم ما ألف في هذا العلم. وقد وفقني الله عز وجل لنيل شرف دراستها وتحقيقها تحقيقا علميا والتعليق عليها حسب ما تمس إليه حاجة طلاب هذا العلم في العصر الحديث.
وصف النسخ المخطوطة:
وقد اعتمدت ثلاث نسخ مخطوطة:
أ- نسخة متحف الوزير جنيد بسكتو وهي برقم: AMSS 2/20/404
وتقع في ثلاث وخمسين ورقة. ومتوسط عدد الأسطر فيها اثنا عشر سطرا. وعليها حواشي غير منظمة. وإليها الرمز بـ ( أ ).
ب-نسخة مركز الدراسات الإسلامية بجامعة عثمان بن فودي وهي أجودها وأجملها وأقلها خطأ وتصحيفا. وقد رمزت لها بـ (ب). وتقع في ثلاث وثمانين ورقة. ومتوسط عدد الأسطر فيها خمسة عشر سطرا في كل ورقة. وهي مثقلة بالحواشي من كل جانب. وانتهت هذه الحواشي عند باب (عقد المجلس للإملاء). وهذه النسخة انفردت بمقدمة طريفة في تقسيم أنواع الحديث. وسقط منها البيت رقم189 وهو:
وقائل صحفه في المعنى في عنزة حي وشاة يعنى
ج-نسخة الشيخ محمد بوي قوفر عتيق - ويوجد صورة من هذه النسخة في مكتبة المرحوم الوزير جنيد التي في بيته . وتقع في ثمان وستين ورقة صغيرة متوسطة ، عدد الأسطر في كل ورقة منها ثمانية أسطر. وعليها تعليقات يسيرة. وإليها الرمز بـ ( ج ).
هذا ، وقد بذلت جهدي في المقارنة بين هذه النسخ الثلاث واعتمدت الأصح منها لأنها كلها لا تخلو من أخطاء وتصحيفات وإن كانت النسخة (ب) أقلها في ذلك كما أشرت إليه. ثم أشرت إلى الفروقات الموجودة بين هذه النسخ.
خطة البحث:
وقد قسمت هذا الكتاب إلى مقدمة وقسمين:(1/5)
أما المقدمة ففيها بيان النُّسَخ المخطوطة المعتمد عليها وبيان منهج البحث وخطته والشكر والتقدير للذين أسهموا في إنجاز هذا العمل.
والقسم الأول: يتعلق بدراسة الكتاب. وفيه فصلان:
الفصل الأول: في سيرة المؤلف عبد الله بن فودي. تطرقتُ فيه إلى عدة جوانب من حياته الشخصية والعلمية.
الفصل الثاني: دراسة مقارنة بين هذه المنظومة وبين منظومة الألفية للإمام جلال الدين السيوطي. وقد تم اختيارها لأنها تمثل - في نظر الباحث - سائر منظومات المصطلح مثل ألفية العراقي ومنظومة قصب السكر وغيرها. ذلك لأنها أشمل من غيرها مما تقدمها وأكثرها انتشارا وقبولا بين طلبة العلم.
القسم الثاني: تحقيق وتصحيح المنظومة والتعليق عليها حسب ما يناسب مستوى طلبة هذا العلم في بلادنا السودانية الحالية.
الدراسات السابقة:
أولا : سبق أن عمل على هذه المنظومة أخونا وصاحبنا الشيخ محمد الغالي موسى في رسالته التي قدمها لجامعة بايرو تكملة لمتطلبات درجة العالِمية (الماجستير) عام 1992م. وقد بذل فيها جهدا يُشكر عليه. وأفدت منه في المرحلة الأخيرة من هذا العمل . ويتميز هذا العمل على الرسالة المذكورة بالتوثيق . وذلك أنها معتمدة على نسخة واحدة فقط. وقد اعتذر عن ذلك أخونا بأنه لم يحصل على نسخة أخرى بعد البحث والتتبع في كلّ من سكتو وكانو وجوس وإبادن وبرنو. واستطعنا بفضل الله تعالى في هذا العمل أن نعتمد على ثلاث نسخ توفرت لدينا وهي محفوظة في مختلف مراكز البحث في سكتو كما سبق بيانه.
هذا بالإضافة إلى ما اشتمل عليه عملنا هذا من الدراسة المقارنة والعناية التامة بضبط المشكل من الأسماء والكنى والألقاب على الوجه الصحيح والتخريج العلمي للأحاديث مع ما في ثناياه من درر الفوائد، نسأل الله أن يجعلها في موضع القبول ، إنه أقرب مسؤول وأكرم مأمول.(1/6)
ثانيا: اجتمع بعض الإخوة الطلاب بإشارة من فضيلة الشيخ أبي بكر غدن هكي وإشرافه على تحرير متن هذه المنظومة معتمدين على نسختين من النسخ التي ذكرنا وهما نسختا ( أ ) و ( ج ) دون أن يشيروا إلى الفروق بينهما. وعملهم هذا مع فائدته مليء بالأخطاء والسقطات التي تفحُش في كثير من الأحيان إلى حد تغيير المعنى. وهم كذلك نقلوا جميع الحواشي وأخلّوا بترتيبها . جزاهم الله جميعا على حسن نيّاتهم وعظيم جهدهم خير الجزاء.
ثالثا : علمتُ أن أخانا الشيخ محمد الخرشي بن محمد بلّو غلغل يسعى في عمل مثيل لما قام به تلاميذ الشيخ أبي بكر غدن هكي بقصد تخليصه من الأخطاء. وقد أُبلغت أنه اطلع على عملي هذا في بعض مراحله عن طريق بعض الإخوة فأثنى عليه خيرا. ثم وقفت على مسودة عمله عن طريق الشيخ عبد الرحمن مثطو وعمله أجود من المذكور سابقا، ويعنى بالشرح عناية جيدة. أسأل الله أن يجزيه كذلك على حرصه وجهده.
ولا أدعي الكمال لهذا العمل بل هو جُهْدُ المُقِلّ وسعي العاجز ، فمن وجد فيه عيباً أو نقصاً أو سهوًا أو زلّة فليتفضل بإرشادي إليه لأصلحه وأنا شاكر له على ذلك. أسأل الله الكريم أن يمنّ علينا بالقبول وأن يجعل سعينا فيما يرضيه إنه سميع مجيب.
الشكر والتقدير:(1/7)
وأعتقد أنه من الواجب علي أن أحمد الله عز وجلّ الذي هيأ لي هذه الفرصة وأمدني بالعافية حتى تسنىّ لي القيام بهذا العمل . فالفضل له أولا وآخرا . ثم إنني اعترافا بالجميل - وحيث لا يَشْكُرُ اللّهَ من لا يشكر الناس2 - أسجّل عظيم شكري وامتناني للأخوين الكريمين : الشيخ كبير بن عمر مَرُو والشيخ عثمان سركن برمن جابو الذين اقترحا علي هذا العمل وألحّا علي مبديين لي أهميته والحاجةَ إلى القيام به . فها هي ذي ثمرة مشورتكما، وأرجو أن تكون في موضع الرضا منكما بعد رضا الله عز وجلّ. ثم أشكر لعدّة من الإخوة الذين شجّعوني على هذا العمل بكلماتهم الطيبة. منهم الأخ أحمد ميغري دوثنما والشيخ عبد الرحمن مَثِّطُو هُبَّاري والأخ أبوبكر ثك غطاطاوا وشقيقي الشيخ محمد ناصر . وأشكر كذلك للأساتذة الذين قاموا بمراجعة هذا السفر وأبدوا ملحوظات قيّمة منهم الدكتور إبراهيم المصطفى أدي والدكتور ثاني عمر ريجير ليمو والشيخ عبد الوهاب بن عبد الله التنبكتي والأخوين الفاضلين الشيخ عبد القادر عثمان إسماعيل والشيخ معظم سليمان خالد جزاهم الله خيرا . كما أشكر للذين ساعدوني في الحصول على نسخ الكتاب وبالأخص أسرة الشيخ محمد بوي حفظه الله ومتعه بالعافية، وبارك له في ذريته.
…ثم أتقدم بالشكر الجزيل لجامعة عثمان بن فودي متمثلة في مركز الدراسات الإسلامية لما قامت به من الإنفاق والتشجيع. وفّق الله القائمين عليها والعاملين فيها لكل خير وصلاح.
والحمد لله أولا وآخرا وله الفضل وله الثناء الحسن ، أمدني بالفرصة، ومتّعني بالصحة ، وهيّأ لي الأسباب ، فانفتحت لي الأبواب، وذلّلت لي الصعاب . لك الحمد ربي ، وأسألك المزيد من العون والتسديد ، بفضلك المجيد ، إنك أنت العزيز الحميد.
منهج البحث:
وأما منهجي في التحقيق والتعليق فيتلخص فيما يلي:(1/8)
أولا: مقابلة النسخ مقابلة دقيقة وتسجيل الفروقات بينها. وقد اعتمدت الأصح منها والأصوب وذلك لكي تكون أقرب إلى ما تركها عليه المؤلف وذلك هو التحقيق -على التحقيق-. كما بينت مبدأ كل صفحة من صفحات المخطوطات زيادة في التوثيق وإشعارا للقارىء بأنه يقرأ من الأصل المخطوط.
ثانيا: تخريج أحاديث الكتاب والكلام على رجالها بخاصة الذين ورد ذكرهم في المتن حين يقتضي الموقف ذلك. وقد حكمت على الأحاديث الواردة في المنظومة حكما يوافق ما وصل إليه قول المحققين من المحدِّثين المتقدمين أو المعاصرين. وكثيرا ما أعتمد على أعمال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله لكثرة مصنفاته التخريجية التي شملت جلّ الأحاديث النبوية مع شدة عنايته بالدقة والتحري في إصدار الحكم على الأحاديث جزاه الله خيرا. هذا ولم ألتزم تخريج الأحاديث التي وردت ولم يقصد متونها كالأحاديث التي مُثّل بها في باب غريب الحديث.
ثالثا: التزمت بضبط جميع أبيات المنظومة وعُنيت عناية خاصة بضبط ما يشكل من الأسماء والكنى والألقاب وما أشبهها على الوجه الصحيح.
رابعا: رقّمت الأبيات مسلسلة وأشرت إلى أرقامها بالعشرات على يمين الصفحة.
خامسا: ذكرت للأعلام الواردة أسماؤهم سني وفياتهم للتعريف بالعصور التي عاشوا فيها. واكتفيت بذلك عن إثقال الكتاب بالتراجم الطويلة التي قد لا تكون مقصودة في مثل هذا البحث . ولم أترجم إلا لعلمين من أعلام هذا الفن وهما السيوطي والعراقي وذلك عند مقارنة عملهما بعمل صاحب هذه المنظومة . ويستثنى من هذا أيضا ما كانت ترجمته مقصودة مثل الراوي يُعَلُّ به الحديث أو يعتمد تصحيح الحديث على التعريف به فإني حينئذ أستقصي ما أمكن من ترجمته. والله الموفق.(1/9)
سادسا: علّقتُ على أبيات المنظومة شرحا وإيضاحا ونقدا وتعقيبا. وذلك بعد الرجوع إلى شتى مصادر هذا الفن ومنها المراجع التي يظهر أن الناظم قد اعتمد عليها. ولم أعتمد على الحواشي الموجودة بالنسخ المخطوطة لأنها في نظري - الذي تكوَّن بعد دراستها - لا تفي بالمقصود من الإيضاح الكامل كما أن بعضها قد لا تكون ثمة حاجة إليه بالنسبة لقراء هذا العصر ، مع الفروقات الكثيرة بينها. ولكني نهجت منهج سلفِي الشيخ أحمد محمد شاكر في شرحه لألفية السيوطي رحمهما الله تعالى مع توسع أكثر.
سابعا: أحلت كل قول إلى قائله وكل نقل إلى موضع نقله إلا حين يتعذر المصدر الأصلي فأحيل إلى المصدر الثانوي الذي نقلت منه. فأذكر عند الإحالة اسم الكتاب ثم رقم الجزء والصفحة.
ثامنا: عملت فهارس علمية للآيات القرآنية والأحاديث النبوية والآثار السلفية يليها ثبت المصادر والمراجع وقائمة الموضوعات.
الفصل الأول : ترجمة الناظم: وفيه سبعة مباحث:
المبحث الأول: اسمه:عبد الله بن محمد بن عثمان بن صالح بن هارون - الملقب بغُورط - بن جب بن محمد ثَنْبُ بن أيوب بن ماسران بن بُوبَ بَابَا بن موسى جُكُلُّ. ويلقب بابن فُودي- وتعني كلمة فودي الفقيه باللغة الفلانية.3
المبحث الثاني: مولده: اختلفت أقوال المؤرخين في سنة مولد الشيخ عبد الله بن فودي. فالشيخ أبوبكر محمود جومي يرى- كما في مقدمته لكتاب ضياء التأويل للمصنف - أن مولده كان سنة1179هـ. بينما يرى الدكتور أبوبكر علي غندو أن ذلك كان سنة 1180هـ الموافق 1766م. ويرجح الدكتور محمد مودي شوني هذا القول الثاني نظرا لأن مولد الشيخ عثمان أخيه الأكبر كان سنة 1178هـ الموافق 1764م وأنه كان يكبره باثني عشر سنة.4وكانت ولادته بقرية تسمى مرنونا، وهي قرية قريبة من ورنو عاصمة ولاية ورنو المحلية.5 وهي من أعمال ولاية سكتو شمال نيجيريا.
المبحث الثالث: قبيلته:(1/10)
ينتمي الشيخ عبد الله بن فودي إلى مجموعة من قبائل الفلانيين تسمى التوروذ (توروبي بالفلانية) و (تورنكاوا بالهوسا). وكانت هذه القبيلة تسكن في جبال فوتا تورو وفوتا جالون في منطقة جمهوريتي السنغال وغينيا الحاليتين. ويقال إن نسبهم يتصل بعقبة بن عامر فاتح بلاد المغرب في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنهما. وإذا صح هذا يكون عبد الله قرشيا لأن عقبة رضي الله عنه قرشي صليبة.6
المبحث الرابع: نشأته العلمية:
كان لوالد الأخوين عبد الله وعثمان أثر كبير على شخصيتهما العلمية. فقد ذكر عبد الله أنه حفظ القرآن الكريم على يد والده. ولكن يظل أثر عثمان على أخيه الأصغر عبد الله أثرا بارزا ومُهِمًّا حيث توفي والدهما ولعبد الله ثلاث عشرة سنة فقط فتحول إلى أخيه هذا الذي صقل شخصيته علما وخلقا. فعليه درس التوحيد والفقه وعلم التصوف.كما أخذ عنه تفسير القرآن من أوله إلى آخره عدة مرات. وأخذ عنه علم الحديث ومصطلحه ودرس على يديه صحيح البخاري.
ولم يكن الشيخ عثمان وحده هو معلم أخيه عبد الله، فقد درسا جميعا على يد الشيخ جبريل بن عمر . وكانا يجلانه ويعترفان له بالفضل، فمدحه عبد الله بقصيدة رنّانة . وقال فيه الشيخ عثمان:
إن قيل في بحسن الظن ما قيلا فموجة أنا من أمواج جبريلا7
فمن هذا الشيخ أخذ عبد الله علم أصول الفقه وقرأ عليه بعض تواليفه، وحصل منه على إجازة لجميع مروياته.8 ولا يمكن حصر مشايخه رحمه الله فإنه قال عن نفسه:
إن الشيوخ الذين أخذت عنهم العلم لا أحصيهم الآن ولكن هؤلاء مشاهيرهم-يعني الذين ذكرهم هناك-.قال: وكم من عالم أو طالب علم أتانا من الشرق فاستفدت منه ما لا أحصيه، وكم عالم أو طالب علم أتانا من الغرب فاستفدت منه ما لا أحصيه.9
المبحث الخامس: دوره في حركة الجهاد:(1/11)
يمكن القول بأن أشد الناس نصرة للشيخ عثمان في جهاده العظيم ضد الكفر والوثنية وضد الخرافات والبدع كان هو أخوه عبد الله. فقد كان أول من بايعه على السمع والطاعة كما قال محمد بلو.10 وذكر ذلك عن نفسه أيضا.11
وجاهد الشيخ عبد الله بقلمه ولسانه ثم بسيفه. فكان من مشاهير قواد الجيوش ومن علمائهم، وتم على يديه انتصار الجيوش الإسلامية في عدة معارك.12
المبحث السادس: مؤلفاته:
لم تكن ظروف الجهاد المتأرجحة بين النصر والهزيمة ولا إدارة الأمور السياسية بعد الاستقرار ولا كذلك الظروف الإقتصادية الصعبة كالتي أشار إليها عبد الله في مصباح الراوي بقوله:
مع هرج يموج في البلاد وفتنة الجوع مع الجراد
لم تكن هذه الظروف كلها لتثني عزيمة الشيخ عبد الله بن فودي عن إثراء المكتبة الإسلامية بعطائه الفذّ وإنتاجاته القيّمة. فتزيد مؤلفاته على مائة وسبعين كتابا عدا الرسائل والخطابات. وذلك في شتى ميادين المعرفة. فله في التفسير وعلوم القرآن وفي التوحيد والفقه وأصوله وفي السياسة الشرعية والإدارة ونظام الحكم وفي الحديث وأصوله وفي علم التصوف والتربية وفي اللغة والتصريف والعروض وغير هذه الميادين ما يشهد بعبقريته ونبوغه وعلو همته حتى قال الوزير عبد القادر بن غطاطو:
"وهذا الشيخ له تصانيف كثيرة مفيدة اشتهرت... وكان آية في تحقيق العلوم ، مفرط الاطلاع على الفنون ، جامع شتات العلوم ، فاضل وقته وأعجوبة زمانه."13
فنجد للشيخ عبد الله في مجال التفسير وحده ثلاثة كتب هي:
1- نيل السول من تفاسير الرسول : ويتضمن أقوال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في التفسير.
2- ضياء التأويل في معاني التنزيل : وهو أكبر كتبه إطلاقا . ويتضمن بيان وجوه القراءات وأقوال أئمة الفقه ووجوه اللغة والبلاغة وغيرها. ثم اختصره في:
3- كفاية ضعفاء السودان في بيان تفسير القرآن.
ونجد له في علوم القرآن ثلاثة كتب أخرى كلها منظومات:(1/12)
1- المفتاح للتفسير وهو نظم لكتابي السيوطي "الإتقان في علوم القرآن" و"النقابة في علم التفسير". ولخصه في:
2- سلالة المفتاح . ثم له:
3- الفرائد الجليلة وسائط الفوائد الجميلة : وهو نظم لكتاب الشوشاوي "الفوائد الجميلة في الآيات الجليلة".
ونجد له في علم الحديث :
1- سراج القاري : وهي منظومة في تراجم رجال البخاري.
2- مصباح الراوي : وهو مجال عملنا هذا - وسيأتي الحديث عنه.
كما نجد له في التوحيد:
1- مفتاح الأصول.
2- نظم العقيدة الوسطى للسنوسي وشرحها.
3- نظم النقاية للسيوطي.
وله في الفقه:
1- ضياء الأنام في الحلال والحرام.
2- ضياء السياسات وفتاوى النوازل مما هو في فروع الدين من المسائل.
3- كفاية العوام في البيوع.
4- كفاية الطلاب في النكاح.
5- تعليم الراضي أسباب الاختصاص بموات الأراضي. وغيرها.
وله في علم التربية والتصوف:
1- إيضاح زاد المعاد بمراقبة الأوقات بالأوراد.
2- شفاء الناس من داء الغفلة والوسواس.
3- شكر الإحسان على منن المنان.
4- نيل المرام من شيم الكرام.
وفي مجال اللغة وعلومها:
1- البحر المحيط: الذي يفضله الشيخ عبد الله على ألفية السيوطي.
2- منظومة الحصن الرصين في علم الصرف وهي في ألف بيت.
3- الفتح اللطيف : وهو في علم العروض والقوافي.
وله في المنطق : كتاب مفتاح التحقيق.
وفي الإدارة والسياسة الشرعية:
1- ضياء الحكام فيما لهم وعليهم من الأحكام.
2- ضياء السلطان
3- ضياء السياسات
4- ضياء أولي الأمر والمجاهدين.
5- ضياء الولايات.
6- ضياء المقتدين بالخلفاء الراشدين.
7- ضياء الإمام في صلاح الأنام.
8- ضياء الخلفاء ومن دونهم من الأقوياء والضعفاء.
9- سبيل السلامة في الإمامة. وغيرها كثير.
المبحث السابع: وفاته:
توفي في أول سنة 1245هـ وله من العمر خمس وستون سنة . رحمه الله .
الفصل الثاني :
مصباح الراوي : دراسة مقارنة مع ألفية الإمام جلال الدين السيوطي:
وفيه تمهيد وخمسة مباحث:
تمهيد:(1/13)
تعتبر منظومة الإمام جلال الدين السيوطي14من أكبر نظرائها في علم المصطلح، ومن أوسعها انتشارا. ولا يقرب منها من حيث الأهمية والانتشار إلا ألفية الحافظ زين الدين العراقي.15 بيد أن هناك منظومة أخرى لا تقل عن هاتين المنظومتين من حيث الفوائد والأهمية، بل هي تمتاز بما لا يوجد فيهما ولا في غيرهما من منظومات علم المصطلح كما سيعرفه القارئ من تضاعيف هذا البحث. ولكنها مع ذلك لم تحظ باهمتام الدارسين والباحثين. وهذه المنظومة هي مصباح الراوي للشيخ عبد الله بن فودي التي نقدمها لك اليوم في هذه الحلة القشيبة وتحوي أكثر من خمسمائة بيت. ويقوم هذا الفصل بإجراء موازنة بين منظومة السيوطي وهذه المنظومة لإبراز ما بينهما من أوجه الاتفاق والافتراق وما تمتاز به كل منهما على الأخرى حتى يتبين القارىء أهمية هذه المنظومة وتميزها على أقرانها.
المبحث الأول : أهمية المنظومتين وأوجه الاتفاق بينهما:
إن من أهم وسائل تقييد العلوم حفظ المنظومات في الفنون. ولذلك يوصي كثير من المربين تلاميذهم بالاعتناء بحفظ منظومة في كل فن قبل دراسته. ذلك لأنها تسهل تعلق المعلومات بالذهن وتبعدها من مغبة النسيان، كما تيسر تذكرها، وتحببها للدارس. ومن هنا تأتي أهمية هاتين المنظومتين فإنهما تشتركان في سلاسة الأسلوب وسهولة الألفاظ والبعد عن الغريب واستيعاب جميع أبواب فن المصطلح مع الاختصار غير المخل بالمقصود. وقد أشار كل من السيوطي وابن فودي إلى هذا المعنى. فقال السيوطي:
…وهذه ألفية تحكي الدرر……منظومة ضمنتها علم الأثر
…فائقة ألفية العراقي ……في الجمع والإيجاز واتساق16
وقال عبد الله بن فودي:
لذا أردت فيه نظما يحوي …علومه مصباح كل راوي
…مسهلا مخترع الترتيب …يجود بالمثال للتقريب17(1/14)
أما من حيث الكمية فإن ألفية السيوطي تقع مع التتمات والمسائل في خمسة وتسعين (95) بابا وتسعة وثمانين وتسعمائة (989) بيت، بينما تحتوي منظومة ابن فودي على تسعة وستين (69) بابا في عشرين وخمسمائة (520) بيت.
…ونلاحظ أن منظومة ابن فودي مع مجيئها في نصف حجم منظومة السيوطي تقريبا إلا أن هناك تقاربا بين عدد أبوابهما. ويرجع التفاوت بين عدد أبوابهما إلى صنيع ابن فودي من جمع العناوين في باب واحد. فمثلا باب رواية المجهول والمبهم والمختلط قد فرق بينهما السيوطي. وكذلك فعل في باب مختلف الحديث والمنسوخ وفي باب المعلق والمرسل.
…ونخرج من هذا بنتيجة هي: أن كليهما قد أورد أبواب فن المصطلح وإن وقع هناك تباين بين اهتمامهما بمحتويات الباب. ومن أجل ذلك يختلفان إطنابا وإيجازا. فأبواب التحمل والأداء وكتابة الحديث وضبطه قد شغلت مائتى بيت إلا واحدا (199) من منظومة السيوطي، بينما هي لا تتجاوز أربعة وأربعين (44) بيتا عند ابن فودي. وإذ تحدث السيوطي في الحديث الموضوع بتوسع في تسعة وسبعين (79) بيتا لم يزد ابن فودي في هذا الباب على أربعة أبيات. وعكس ذلك حصل في باب المعلق لأنه عند السيوطي في أربعة أبيات وعند ابن فودي في أربعة عشر بيتا.
…وقد يتكافؤ مع ذلك اهتمامهما بالباب كما نرى ذلك في حديثهما عن أصح الأسانيد وارتفاع الحديث الضعيف إلى الحسن وفي الاعتبار والمتابعات وغيرها من الأبواب.
المبحث الثاني : ما تمتاز به ألفية السيوطي:
…أولا: تمتاز ألفية الإمام السيوطي على منظومة ابن فودي بالاهتمام بذكر اختلاف العلماء والترجيح بين أقوالهم والتعليل لآرائهم. فمثلا في باب من تقبل روايته ومن ترد يقول السيوطي.
…وكافر ببدعة لن يقبلا … ثالثها إن كذبا قد حللا
…وغيره يَرُدُّ منه الرافضي… ومن دعا، ومن سواهم نرتضي
…قبولهم، لا إن رووا وفاقا… لرأيهم، أبدى أبو إسحاقا
ومن يتب عن فسقه فليقبل… أو كذب الحديث فابن حنبل(1/15)
والصيرفي والحميدي أَبَوْا… قبوله مؤبدا، ثم نَأَوْا
عن كل ما قبل ذا رواه … والنوويُّ كلَّ ذا أباه
وما رآه الأولون أرجح … دليله في شرحنا موضح18
فها هو يذكر آراء العلماء في المسألة كقول أحمد بن حنبل والأئمة: الصيرفي والحميدي والنووي رحمهم الله جميعا. ثم يرجح ما يرتضيه من بين هذه الآراء. كذلك يقول فيه:
…وآخذ أجر الحديث يقدح … جماعة وآخرون سمحوا
…وآخرون جوزوا لمن شغل … عن كسبه، فاختير هذا وقبل19
ويقول:
ويقبل التعديل من عبد ومن… أنثى وفي الأنثى خلاف قد زكن20
ويقول في باب تحمل الحديث:
ومن بكفر أو صبى قد حملا أو فسقه ثم روى إذ كملا
يقبله الجمهور والمشتهر … لا سن للحمل بل المعتبر
تمييزه ... الخ 21
ويقول في أقسام التحمل:
أعلى وجوه من يريد حملا سماع لفظ الشيخ أملى أم لا
من حفظ او من كتب ولو ورا … ستر إذا عرفته أو أخبرا
معتمد، ورد هذا شعبة… ... الخ22
ويقول:
وبعضهم قال: "سمعت" أخرا…* وقيل: إن على العموم أخبرا
…--------------------------
وكونها أرجح مما قبل أو …* ساوته أو تأخرت خلف حكوا 23
ويتضح اهتمام السيوطي باستقصاء أقوال العلماء في المسألة بمقارنة قول ابن فودي في شرح معنى قول الترمذي "حديث حسن صحيح" مع قول السيوطي في ذلك. فعند عبد الله بن فودي ما يلي:-
…ومن يقول: "حسن صحيح" … مردد أو ظهر الترجيح24
فذكر قولين من أقوال العلماء في هذه المسألة. وأما السيوطي فذكر خمسة أقوال ثم أوصلها إلى سبعة بوجهين زادهما من عنده. يقول:
…الحكم بالصحة والحسن على*متن رواه الترمذي واستشكلا
…فقيل: يعني اللغوي ولازم*وصف الضعيف وهو نكر لهم
…وقيل باعتبار تعداد السند* وفيه شيء حيث وصف ما انفرد
…وقيل: ما تلقاه يحوي العليا * فذاك حاو أبدا للدنيا
…كل صحيح حسن لا ينعكس*وقيل هذا حيث رأي يلتبس
…وصاحب النخبة: ذا إن انفرد*إسناده والثان حيث ذو عدد
…وقد بدا لي فيه معنيان * لم يوجدا لأهل هذا الشان:(1/16)
…أي حسن لذاته صحيح * لغيره، لما بدا الترجيح
…أو حسن على الذي به يحد * وهو أصح ما هناك قد ورد25
ثانيا: يهتم كذلك الحافظ السيوطي اهتماما بالغا ببيان مظان أنواع الحديث المقبول والمردود، كما يعتني في غيرها ببيان من صنف تصنيفا مستقلا في كل باب. يقول في مبحث الحسن:
…والكتب الأربع ثمة السنن* للدارقطني من مظنات الحسن
…------------------------------
…تساهل الذي عليها أطلقا * صحيحة والدارمي والمنتقى
…ودونها مساند والمعتلي …* منها الذي لأحمد والحنظلي26
ويقول في الصحيح:
…وأول الجامع باقتصار…* على الصحيح فقط البخاري
…ومسلم من بعده والأول*على الصواب في الصحيح أفضل
…------------------------------
…وخذه حيث حافظ عليه نص* ومن مصنف بجمعه يخص
…كابن خزيمة ويتلو مسلما * وأوله البستي ثم الحاكما27
وفي باب مختلف الحديث يقول:
…أول من صنف في المختلف * الشافعي فكن بذا النوع حفي28
ويقول في أسباب الحديث:
…أول من قد ألف الجوباري * فالعكبري في سبب الآثار29
ويقول في باب معرفة الصحابة:
…وأول الجامع للصحابة ……هو البخاري ............ الخ30
وفي رواية الصحابة عن التابعين يقول:
وما روى الصحب عن الأتباع عن صحابة فهو ظريف للفطن
ألف فيه الحافظ الخطيب ومنكر الوجود لا يصيب31
المبحث الثالث : ما تمتاز به منظومة مصباح الراوي:
يمكن القول بأن أميز ما توسم به منظومة الشيخ عبد الله بن فودي هو أنها مُشْبَعَة بذكر الأمثلة التطبيقية من الأحاديث المتعلقة بالأبواب. وقد أشار إلى ذلك عند ما قال:
مسهلا مخترع الترتيب * يجود بالمثال للتقريب32
وهو شرط قد وفى به الشيخ في كل الأبواب تقريبا بحيث جاءت كما وصفها في آخرها:
تم هنا مصباح كل رواي*في نصف ألف للحديث حاوي33
فأول الأنواع عنده المتواتر. وقد قال فيه:-
....... كحديث "من كذب"… و"الحوض" و "المرء مع الذي أحب"
"رفع اليدين في الصلاة" "بشر" … و "من بنى" "أنزل" "كل مسكر"(1/17)
"كل ميسر" "سؤال منكر" … "نضر" "مسح الخف" "شق القمر"
"بدأ" "إن أحدكم ليعمل" … و"فتن آخر دهر تحصل"
لكلها تواتر لفظي … "للرفع في الدعاء" معنوي34
وهكذا ضرب لهذا النوع سبعة عشر مثالا من الأحاديث المتواترة. ويقول في نوع المشهور:
-----------------… صحيحه كمتن ذي اليدين
و"الغسل للجمعة" "قبض العلم" … وحسنوا حديث "طلب العلم"
وضعفوا "الأذنان أي من راس"…… وللمحدثين ما عن أنس
"قنت شهرا" ومع العوام … حديث "المسلم..." للتمام
للفقهاء "أبغض الحلال" … صححه الحاكم في الرجال
حديث "لا غيبة" "علما من سئل" … حُسِّنَ كُلٌّ عند حافظ كمل
"ولا صلاة أي لجار المسجد"……مُضَعَّف للبيهقي الأمجد
وللأصوليين صححوا " رفع عن أمتى الخاطأ ونسيانا وقع"
للعامة "البركة مع أكابر" صححه الجمع من الأكابر
وصح "ليس الخبر كالعيان"… وحسنوا "العجلة من شيطان"
أما "اختلاف أمتى فرحمة"… "جبلت القلوب" ثم "نية
لمؤمن خير" و "من بورك له"… فكلها ضعيفة للنقلة
حديث "يوم صومكم" و"من عرف" أي نفسه فباطل لمن عرف 35
هكذا نجد الشيخ عبد الله بن فودي يزوّد القارئ لمنظومته بأكثر ما يمكن من الأمثلة التطبيقية على الأحاديث الأمر الذي يعد من أعظم مقاصد دراسة هذا الفن. ويلاحظ أنه ذكر هنا جميع أنواع المشهور كالمشهور عند أصحاب كل فن من الفنون، والمشهور الصحيح والضعيف والباطل. وكذلك فعل في الغريب. فمنه غريب مطلق وغريب نسبي كالغريب بالنسبة لرواية الثقة والغريب بالنسبة لرواية أهل بلد معين. ومن الغريب أيضا المقبول والمردود. قال ابن فودي:-
مروي واحد فقط غريب ……ومنه فرد مطلق عجيب
يرى تفرد لدى أصل السند …كـ"النهي عن بيع الولاء" انفرد
به ابن دينار عن ابن عمرا… وقد يكون مستمرا تترا
نحو حديث "إنما الأعمال" عن عمر ثلاثة رجال
ومنه نسبي بشخص أو قرى …أو ثقة أثناءه أو آخرا
كمتن"قد قرا في الأضحى والفطر في مسلم بقاف وسورة القمر"(1/18)
لم يروه ثقة إلا ضمرا …متن "كلوا البلح" فَرْدُ البصرا
غير أبي غسان ما بمسلك …متن "أمرت أن.." لعبد الملك
وكل آحاد لدى الورود……قُسِّمَ للمقبول والمردود36
وبالمقارنة بين ألفية السيوطي ومصباح الراوي في الكلام عن الأحاديث التي يعلقها الشيخان في صحيحيهما نجد أن السيوطي قد أجمل المسألة في ثلاثة أبيات، فقال في بحث المعلق:
وفي الصحيح ذا كثير فالذي …أتى به بصيغة الجزم خُذِ
صحته عن المضاف عنه …وغيره ضَعّف ولا توهنه
وما عزى لشيخه بقالا ……ففي الأصح احكم له اتصالا37
وعند ابن فودي شرح المسألة مع أمثلتها التطبيقية. يقول في الصحيح:
وجم تعليق لدى البخاري …وما به الجزم فلاختصار
أو وهن سمع قال عثمان لدى…وكالة والسمع منه فقدا
أو دون شرطه كقالت عائشة …أو حسن كقال بهز فَتِّشَه
أو ضعف قطع في الزكاة قال …طاووس قال سمعه ما نال
أو لا بشرطه صحيح ورواه …بغير لفظه مقوًّى بسواه
مثاله في الطب متن "يُذْكَرُ" …عن النبي في الرقى ما ذكروا
في مسند عنه الرقى بالفاتحة …تقريره أفاد أن ذي صالحة
أو دون شرطه عن ابن السائب …يُذْكَرُ في الصلاة قد قرا النبي
أو حسن يذكر في البيوع …عن عثمان جاء في متبوع
أو ما ضعيف وعليه العمل …وفي الوصايا ما به يُمَثَّلُ
وقلّ جدا فيه ما لا يُجبر ……عن أب هِرٍّ في الصلاة يُذكر
ولم يجئ إلا لدى التيمم …في قال ليث في صحيح مسلم38
وقارن بين قول السيوطي في الكلام عن الحديث الحسن:
----------------… فإن أتى من طرق أخرى ينمي
إلى الصحيح أي لغيره كما … يرقى إلى الحسن الذي قد وسما
ضعفا لسوء حفظ او ارسال او … تدليس او جهالة إذا رأوا
مجيئه من أخرى ، وما… كان لفسق أو يرى مُتَهَّما
يرقى عن الإنكار بالتعدد … بل ربما يصير كالذي بُدي39
وبين قول ابن فودي:
كما الضعيف أي لسوء حفظ أو إرسال أو تدليس أو جهل رأوا
ينال حسنا بسوى طريقه … إن جاء وهو حسن لغيره
نحو حديث امرأة تزوجت … فَأُصْدِقَتْ نعلين ثم رضيت(1/19)
في الترمذي وفي الرجال عاصم … لغير ذا الطريق فهو قائم
وفيه عن مدلِّس هشيم … حديث جمعة رواه التيمي
ما ضعفه لفسق من رواه لم ينجبر لوفق ما ساواه40
ولدينا مثال آخر في باب الاعتبار. قال السيوطي:
…الاعتبار سَبْرُ ما يرويه ……هل شارك الراوي سواه فيه
فإن يشاركه الذي به اعتبر … أو شيخه أو فوق: تابع أثر
وإن يكن متن بمعناه ورد … فشاهد وفاقدٌ ذين انفرد
وربما يدعى الذي بالمعنى …متابعا، وعكسه قد يعنى41
وقال ابن فودي:
…والاعتبار جمع طرق الفرد هل …له متابع وشاهد حصل
فإن يكن للراو فالمتابعة …تمت وإلا قصرت ونافعة
"فأكملوا" للشافعي عن مالك …عن ابن دينار بما عن ناسك
تابعه عاصم ثم القعنبي …شاهده عن بحرهم عن النبي42
ومما ذكرنا من الأمثلة وغيرها يتبين ما تمتاز به منظومة مصباح الراوي على ألفية السيوطي وهو إشباع كل مسألة بنماذجها التي من شأنها أن تهيئ ذهن القارئ والحافظ بمرام الباب . والله الموفق.
المبحث الرابع : ما تشترك فيه المنظومتان:
الأمر الذي يمكن وصف المنظومتين به هو الاهتمام بتوضيح مسائل الأبواب توضيحا كاملا مع ما سبق أن علمناه من تشقيق الحافظ السيوطي للمسائل وتفريعها واهتمام الشيخ عبد الله ابن فودي بضرب النماذج التطبيقية. ونكتفي هنا بإيراد مثال واحد: هو باب المضطرب. يقول الإمام السيوطي.
…ما اختلفت وجوهه حيث ورد … من واحد أو فوق: متنا أو سند
…ولا مرجِّح: هو المضطرب … وهو لتضعيف الحديث موجب
إلا إذا ما اختلفوا في اسم أو اب …لثقة فهو صحيح مضطرب
الزركشي: القلب والشذوذ عن والاضطراب في الصحيح والحسن
وليس منه حيث بعضها رجح …بل نكر ضد أو شذوذه وضح43
وقال الشيخ عبد الله بن فودي:
…مخلَّف الأوجه والترجيح … مفتقد: مضطرب طريح
في سند كما روى اسماعيل في …متن "إذا صلى" كثير الخلف
و"شيبتني هود" جاء مرسلا …وموصلا وأسندوه باختلا
و"نضح فرج من وضوء" اختلف عن من مجاهد رواه؟ ما عرف(1/20)
أو متن مثل حديث البسملة …وقد مضى معلَّلا للنقلة
و"ليس في المال سوى الزكاة …حق" و"في المال ..." عن الثقاة44
فيلاحظ القارئ أن كلا من الشيخين قد عرّف الاضطراب تعريفا كاملا. وذكرا تأثيره في الحديث متنا وسندا. فقول ابن فودي: "مضطرب طريح" مثل قول السيوطي: "وهو لتضعيف الحديث موجب" إلا أن الثاني كان أدق في التعبير حيث استثنى ما لا يوجب الضعف من الاضطراب كالاختلاف في اسم الراوي أو اسم أبيه إذا كان معروفا ثقة فإن ذلك لا يضر بسند الحديث ولا متنه وإن عدّ من المضطرب. وأيّد السيوطي قوله بنقل ما قاله الإمام الزركشي في مختصره: "قد يدخل القلب والشذوذ والاضطراب في قسم الصحيح والحسن" كما نقل ذلك في كتابه تدريب الراوي.45
…وأما الشيخ عبد الله بن فودي فمشى على عادته من ضرب الأمثلة حيث ذكر خمسة أحاديث في الثلاثة الأولى منها اضطراب في السند وهي: حديث أبى هريرة مرفوعا: "إذا صلى أحدكم فليجعل شيئا تلقاء وجهه ..." الحديث. وحديث أبي بكر رضي الله عنه مرفوعا: "شيبتني هود وأخواتها..." الحديث. وحديث نضح الفرج بعد الوضوء. والمثالان الآخران يتعلقان بالاضطراب في المتن، وهما: حديث البسملة في قراءة الفاتحة وحديث "ليس في المال حق سوى الزكاة" والكلام على هذه الأمثلة مبسوط في مواضعه من هذا الكتاب.
المبحث الخامس: مصادر المنظومتين:
لم يصرح واحد من الناظمين بأن منظومته تعبِّر عن كتاب معين وإن كان يحصل هذا في بعض المنظومات بخاصة في كتبهما. فمنظومة مفتاح التفسير لابن فودي مبنية على كتابي الإتقان والنُّقاية للسيوطي. قال فيها :46
لجمعه ما كان في النقاية * منها مع الإتقان وهو الغاية
وكذلك منظومة البحر المحيط له فإنها نظم لكتابي السيوطي جمع الجوامع وهمع الهوامع . وفيه يقول:
وأستعينه على نظام * جمع الجوامع البليغ السام
على جميع كتب العربية * وشرحه الحائز للمزية
همع الهوامع ...47(1/21)
ومنظومة ألفية الأصول له أيضا نظم لكتاب التلمساني مفتاح الأصول وبناء الفروع عليها. وفيها يقول ابن فودي:
فهاكم ألفية الأصول * تري به مباني الفصول
مآخذ الأئمة العلاة * ومنهما لصفوه الدُّلاة
نظم لمفتاح الأصول وبنا * فروعها بها لحائز السنا48
ومع ذلك فإن هناك تشابها كبيرا بين مادة مصباح الراوي ومادة كتاب تدريب الراوي للسيوطي مع التشابه الموجود أيضا بين اسميهما. وقد لاحظ ذلك الشيخ محمد الغالي في رسالته واكتفى بضرب مثال واحد هو النوع الثامن عشر من كتاب التدريب - المعلّل49. وقد خالف ابن فودي ترتيب السيوطي ومنهجه في كثير من الأنواع كما في معرفة أسباب ورود الحديث فقد ألحق به تواريخ المتون وهو من زيادات السيوطي على النووي وابن الصلاح. وكذلك باب الكنى والأسماء فقد خالفه ابن فودي في عدها ثم ألحق بها سبعة أنواع من زيادات السيوطي على النووي ، ولم يدخل كل هذه الزيادات المتعلقة بالأسماء في هذا الباب بل جعل لبعضها أنواعا مستقلة ، وأهمل بعضها فلم يذكرها بالكلية مثل معرفة الحفاظ وما رواه الصحابة عن التابعين عن الصحابة ومعرفة من لم يرو إلا حديثا واحدا ومعرفة من أسند عنه الصحابة الذين ماتوا في حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وغيرها. ولذلك نجد تباينا واضحا بين عدد الأنواع في مصباح الراوي وعددها في التدريب فقد سبق أن ذكرنا أن جملة الأنواع التي ذكرها في المصباح تسعة وستون (69) نوعا . وأما في التدريب فجملتها ثلاثة وتسعون (93) نوعا. وقد ختم ابن فودي منظومته بوصية البخاري للوليد بن إبراهيم الهمذاني وهي الرباعيات وعند السيوطي نجدها في التدريب في آخر النوع الثامن والعشرين. (التدريب 2/157-158) وقدبينت ضعفها هناك فراجعه في ص 250-251.(1/22)
والناظر في الكتابين بإمعان يتيقن بأن منظومة المصباح لم تعتمد على الكتاب المذكور وحده بل اقتبست غير قليل من الأمثلة من كتب أخرى مثل فتح الباري للحافظ ابن حجر ومقدمته هدي الساري وكتاب تهذيب الأسماء واللغات للنووي والنهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير وغيرها من كتب هذا الفن ، وحالها في ذلك كحال مثيلتها ألفية السيوطي سواء . والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي قَدْ نَوَّرَا … محَُدِّثاً بِنُورِ سَيِّدِ الْوَرَى أ ، ب ، ج/2
وَخَصَّنَا بِصِحةِ اْلإِسْنَادِ … إِلىَ نَبِيِّنَا الْعَظِيمِ اْلهَادِي
صَلَّى عَلَيْهِ الله ُماَ الْحَدِيثُ مِنَ الصِّحَاحِ زَانَهُ التَحْدِيثُ
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ اْلعُدُولِ وَالتَّابِعِِينَ حَافِظِي النُّقُولِ
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه. وبعد ، فهذه تعليقات متواضعة على منظومة الشيخ عبد الله بن فودي رحمه الله تعالى في علم المصطلح. وقد كتبتها لنفسي ولمن شاء الله أن ينتفع بها من طلبة العلم. وحذوت فيها حذو محدث العصر العلامة أحمد شاكر في شرحه لألفية الإمام جلال الدين السيوطي رحمهما الله مع توسع لم يرد في شرحه . أسأل الله أن يتقبله ويجعله خالصا لوجهه إنه نعم المولى ونعم النصير.
يراد بالإسناد الطريق المُوصل إلى المتن. فالحديث إنما يُروى عن طريق سلسلة من الرواة الذين سمع بعضهم من بعض إلى الصحابي الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقد اهتم به علماء المسلمين في القرن الأول وما بعده حتى قال محمد بن سيرين (ت 110هـ): "الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء".
…وقال شعبة بن الحجاج (ت 160هـ): "كل حديث ليس فيه حدثنا وحدثنا فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام". فكما أن ذلك الرجل لا يستطيع توجيه بعيره فكذلك لا يستطيع المحدث نقد الحديث وضبطه ومعرفة صحيحه من سقيمه إلا بالإسناد.(1/23)
وأشار الناظم رحمه الله إلى أن الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالإسناد الصحيح المتصل مما اختصت به هذه الأمة دون سائر الأمم من اليهود والنصارى وغيرهم. فهم لا يقفون على أخبار أنبيائهم إلا بالطرق المعضلة والمنقطعة والمرسلة وبرواية الكذابين والمتروكين والمجهولين كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم الأندلسي (ت456هـ). فسبحان من حفظ لهذه الأمة دينها كتابًا وسنةً (والله متم نوره ولو كره الكافرون) [الصف : 8].
وَبَعْدُ فَاعْلَمِ اْلحَدِيثَ أَفْضَلُ بَعْدَ الْقُرَانِ كُلَّ عِلْمٍ يَصِلُ
لِرَبِّنَا ِلأَنَّهُ كَلاَم ُ رَسُولِهِ دَامَ لَهُ السَّلاَمُ
وَعِلْمُهُ اْلمَخْصُوصُ بِالدِّرَايَه يُبَيَّنُ اْلمَخْصُوصَ بِالرِّوَايَه
ينقسم علم الحديث إلى قسمين:
أ - علم الحديث رواية : وهو الذي يشتمل على ضبط الحديث ونقله وروايته وتحرير ألفاظه. ومن كتب هذا النوع الصحيحان والسنن الأربعة وكذلك المسانيد والمعاجم والأجزاء الحديثية.
ب - علم الحديث دراية : وهو العلم الذي يعرف به حقيقة الرواية وشروطها وأنواعها وأحكامها وحال الرواة وشروطهم وأصناف المرويات وفقهها. وهذا النوع يخدم سابقه وهو معنى قوله "وعلمه المخصوص بالدراية يبين المخصوص بالرواية" وللتعريف به صُنّفت هذه المنظومة كما سيأتي.
لِذَا أَرَدْتُ فِيهِ* نَظْماً يَحْوِي عُلُومَهُ مِصْباَحَ كُلِّ رَاوِي
* أي في علم الحديث دراية
مُسَهَلاًّ مُخْتَرَعَ التَّرْتِيبِ يَجُودُ بِالْمِثَالِ لِلتَّقْرِيبِ أ،ج/3
10 مُعْتَذِرًا مِنْ قَوْلِ نَاقِدِيهِ بِوَهْمٍ اَوْ جَهْلٍ يَكُونُ فِيهِ
بِضَعْفِ هِمَّةٍ50 مَعَ الشَّوَاغِلِ وَقِلَّةِ الْعِلْمِ وَقَلْبٍ غَافِلِ
مَعَ هَرَجٍ يَمُوجُ فيِ الْبِلاَدِ* وَفِتْنَةِ الْجُوعِ مَعَ الْجَرَادِ
لَوْلاَ امْتِنَانُ اللهِ مَاذَا يَرْتجَِي مِثْلِي وَلَكِنِّي إِلَيْهِ أَلْتَجِي(1/24)
هُوَ اْلحَلِيمُ الْوَاسِعُ اْلعَطَاءِ فَمِنْهُ أَرْجُو أَحْسَنَ اْلجَزَاءِ
* هذا كان في عام 1212هـ كما ذكره رحمه الله في آخر المنظومة . وكتب في الحاشية ما نصه : (وهذا الشهر في النظم أصالة إلا أني نسيته حين الكتب).
مُقَدِّمَةٌ:
وَحَدُّهُ قَوَاعِدٌ مُعَرِّفَة أَحْوَالَ مَرْوِيٍّ وَرَاوٍ فَاعْرِفَه51
مَوْضُوعُهُ شَيْئاَنِ مَتْنٌ وَسَنَدْ غَايَتُهُ تَمْيِيزُ مَقْبُولٍ وَرَدّ
وَاْلمَتْنُ اْلحَدِيثُ فيِ تَحْقِيقِهِ وَالسَّنَدُ اْلإِخْبَارُ عَنْ طَرِيقِهِ أ/4
وَاْلخَبَرُ اْلحَدِيثُ مَا إِلىَ النَّبيِ … أُضِيفَ أَوْ لِتاَبِعٍ أَوْ صَاحِبيِ ج/4
أَوْ اْلحَدِيثُ لِلنَّبيِِّ وَاْلخَبَرْ … لِغَيْرِهِ وَعَمَّ هَذَيْنِ اْلأَثَرْ ب/3
…حد علم المصطلح يعني تعريفه وهو معرفة القواعد التي يُتوصل بها إلى معرفة حال الراوي والمروي . وهذا تعريف الحافظ في النكت.52 وموضوع هذا العلم : المتن والإسناد. فأما المتن فهو نص الحديث المروي. والإسناد هو سلسلة الرواة التي عن طريقها يتم الإخبار بالحديث.
واختلفت أقوال العلماء في تعريف الحديث والخبر والأثر:
فالحديث: هو ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من قول أو فعل أو تقرير أو صفة. والخبر: مرادف له أي أن معناهما واحد.
…وقيل: الخبر ما أضيف إلى غير النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
…وقيل: الخبر أعم من الحديث بمعنى أنه يشمل ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما أضيف إلى غيره.
والأثر: يطلق على الحديث أيضا فيرادفه . وقيل: هو ما أضيف إلى الصحابة والتابعين من الأقوال والأفعال.
وَاْلمُسْنِدُ الرَّاوِي اْلحَدِيثَ بِالسَّنَدْ وَفَوْقَهُ مُحَدِّثٌ لَهُ مَدَدْ
عِلْمِ الرِّجَالِ وَاْلمُتُونِ حَائِزاً … إِسْنَادَهَا وَلِلصَّحِيحِ مَائِزاً
وَفَوْقَهُ اْلحَافِظُ مَنْ قَدِ انْتَقاَ كَأَلْفِ أَلْفٍ وَالشُّيُوخَ حَقَّقاَ
هذه مراتب علماء الحديث.(1/25)
فأولهم : المسنِد بكسر النون. وهو الذي يروي الحديث بإسناده.
يليه-وهو الثاني-: المحدِّث. (له مدد) أي زيادة على ما عند المسنِد.
وحد المحدث عند الناظم هو: من حاز علم الرجال جرحا وتعديلا وحفظ متون الأحاديث وعرف صحيح أسانيدها من سقيمها.
ويليه في علو الرتبة-وهو الثالث-: الحافظ. وهو الذي توسع حتى حفظ جملة مستكثرة من الحديث وحفظ الرجال طبقة طبقة بحيث يكون ما يعرف من أحوالهم وتراجمهم وبلدانهم أكثر مما لا يعرف. ومثّل له الناظم بمن حفظ ألف ألف حديث كأحمد ابن حنبل ويحيى بن معين فقد رُوي عن كل واحد منهما أنه يحفظ ألف ألف حديث. والمقصود: الطرق والأسانيد، وإلا فإن متون الأحاديث لا تصل إلى هذا العدد.
والرابع : الحاكم. ولم يذكره الناظم. وهو الذي أحاط علما بجلّ الأحاديث المروية متنا وإسنادا وجرحا وتعديلا وتأريخا.
وَاضِعُهُ : لِرَامَهُرْمُزَا نُمِي53 مَعْ حَاكِمٍٍ يَلِي أَبُو نُعَيْمٍ
ثُمَّ اْلخَطِيبُ مَرْجَعُ الرِّجَالِ مَنْ بَعْدَهُ عَلَيْهِ كَالْعِيَالِ
قال الحافظ ابن حجر في كتابه نزهة النظر54 : فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرَّامَهُرْمُزِيُّ (ت 360هـ) في كتابه ((المحدث الفاصل)) لكنه لم يستوعب. والحاكم أبو عبد الله النيسابوي (ت 405هـ) لكنه لم يهذِّب ولم يرتِّب. وتلاه أبو نعيم الأصبهاني (ت 320هـ) فعمل على كتابه مستخرِجا وأبقى أشياء للمتعقب، ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي (ت 463هـ) فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه ((الكفاية)) وفي آدابها كتابا سماه ((الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع)) وقلّ فن من فنون الحديث إلا وصنف فيه كتابا مفردا فكان كما قال الحافظ أبو بكر ابن نقطة (ت 529هـ): كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه.
حَتَّى تَنَاهَى لاِبْنِ الصَّلاَحِ … فَلاَحَ55 فيِ يَدَيْهِ كَالصَّباَحِ(1/26)
وَالنَّوَوِي56 وَالزَّرْكَشِي اْلعِرَاقيِ … عَلَى مَرَاقِيهِ اْلجَمِيعُِ رَاقِي أ،ج/5
…ابن الصلاح هو الحافظ تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري (ت 643هـ) له كتاب معرفة أنواع علم الحديث.
…قال الحافظ في نزهة النظر57 : اعتنى ابن الصلاح بتصانيف الخطيب المفرَّقة فجمع شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدها فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره فلا يحصى كم ناظمٍ له ومختصِر ومستدرِك عليه ومعارضٍ له ومقتصرٍ له ومنتصرٍ اهـ.
…ثم جاء بعده من ذكرهم الناظم وهم:
1- أبو زكريا يحيى بن شرف النووي (ت 676هـ) : فصنف مختصرا لمقدمة ابن الصلاح سماه "الإرشاد" ثم اختصر هذا المختصر في كتاب "التقريب والتيسير لسنن البشير النذير". وهو الذي شرحه السيوطي في تدريب الراوي.
2- بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي (ت794هـ). صنف كتاب النكت على كتاب ابن الصلاح وله أيضا كتاب في تخريج أحاديث شرح الرافعي لوجيز الغزالي المسمى بالشرح الكبير في فقه الشافعية.
3- أبو الفضل زين الدين عبد الرحمن بن الحسين العراقي (ت 806هـ). وله في علوم الحديث عدة كتب . فهو صاحب الألفية المشهورة "نظم الدرر في علم الأثر" وشرحها فتح المغيث، وهو غير شرح السخاوي الذي هو على الألفية نفسها. وله أيضا شرح التبصرة والتذكرة على الألفية كذلك. ومن أشهر كتبه كتاب التقييد والإيضاح لما أبهم وأطلق من مقدمة ابن الصلاح.
أَنْوَاعُ عِلْمِ اْلحَدِيثِ:
أَنْوَاعُهُ زَادَتْ عَلَى تِسْعِينَ … ثُمَّ اْلحَدِيثُ عِنْدَ اْلأَكْثَرِينَ
إِمَّا صَحِيحٌ أَوْ ضَعِيفٌ أَوْ حَسَنْ … بَلْ مُتَوَاتِرٌ وَآحَادٌ زُكِنْ(1/27)
…أنواع علم الحديث كثيرة حتى عدّها الحافظ أبو بكر الحازمي مائة نوع. والذي عند ابن الصلاح خمسة وستون نوعا. ووعد الحافظ ابن حجر (ت 852هـ) بإتمامها مائة وزيادة وذلك في كتابه النكت لكن عجلت به المنية قبل إتمام هذا الغرض فتوقف عند الثاني والعشرين وهو المقلوب. ولو أتمها لما كان في هذا الفن كتاب مثله إن شاء الله. وأوصلها جلال الدين السيوطي (ت 911هـ) إلى ثلاثة وتسعين نوعا في كتابه "تدريب الراوي بشرح تقريب النواوي". وكثير من هذه الأنواع متداخل. فيمكن إدماج بعضها في بعض كما فعل ابن فودي وقد نبّه عليه الحافظ ابن كثير.58 وقوله : زُكن : معناه عُلم .
اَلْمُتَوَاتِرُ
وَاْلمُتَوَاتِرُ الَّذِي رَوَاهُ… مَنْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ بِمَا أَتَاهُ
30 ضَرُورَةً إِذْ هُوَ جَمْعٌ اسْتَنَدْ … لِلْحِسِّ كِذْبُهُمْ لَدَى الْعُرْفِ يُرَدّ
لَدَى الطِّباَقِ الْكُلِّ إِنْ كَانَتْ وَلاَ عَدَّ لَهُمْ مُعَيَّناً فِيمَا اعْتَلاَ
قوله : (لدى الطباق الكل) يعنى من أول الإسناد ووسطه وآخره.
وقوله: (ولا عدّ لهم معيَّنا) يعني أنه لا يعتبر في المتواتر عدد معين على الأصح. وفيه خلاف كثير بين العلماء لكن الحق فيما ذكره الناظم من أن العبرة في المتواتر بحصول العلم الضروري اليقيني لا بعدد معين . فإن العلم اليقيني يحصل في واقعة بعدد لا يحصل به في واقعة أخرى بل يحصل العلم اليقيني تارة بصفات المخبِرين من الثقة والعدالة والضبط والإتقان لا بعددهم، ويحصل العلم اليقيني أيضا بقرائن تحتف بالخبر. وقد يحصل لسامع ولا يحصل لسامع آخر. فأهل العلم بالحديث والفقه في الدين قد يتواتر عندهم من السنة ما لا تدرك العامة تواتره .59 فمدار التواتر إذن هو إحالة التواطؤ بحيث لا يكون ثمة شبهة في خبر المخبرين.(1/28)
وأن يستند خبرهم للحس إذ قد يشيع خبر لا أصل له فيظنه من لم يتتبع أمره متواترا كما جزم الصحابة بأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طلق نساءه ، فلما سأله عمر علم أنه لم يطلقهن. فالمتواتر يشترط أن يكون مرجعه إلى أمر حسي من مشاهدة أو سماع متيقن.
بَلْ قَيْدُ عِلْمٍ كَحَدِيثِ(مَنْ كَذَبْ) وَ(اْلحَوضِ)وَ(اْلمَرْءُ مَعَ الَّذِي أَحَبّ) ب/4
(رَفْعِ الْيَدَيْنِ فيِ الصَّلاَةِ) (بَشِّرِ..)
قوله : "بل قيد علم" تتمة لقوله : "ولا عد لهم معينا" . وذلك أن المتواتر هو الذي يفيد العلم النظري الذي يستفيده الباحث بعد تتبع طرقه والتأكد من إحالة تواطؤ رواته على الكذب . ثم ذكر بعض الأمثلة للأحاديث المتواترة كما أوردها من جمع المتواتر مثل السيوطي والزبيدي رحمهما الله.
= حديث ((من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) أخرجه الإمام الزبيدى من حديث ثمان وتسعين صحابيا.60
وللطبراني فيه جزء لطيف خرجه من طريق 58 صحابيا من مائة وثلاث عشرة طريق وفي كلها إثبات لفظة متعمدا إلا تسعة طرق .
وقد جمع أيضا ابن الجوزي طرقه في مقدمة كتاب الموضوعات من مائة وأربعين طريقا .61
وبهذه المناسبة أود تنبيه القارئ إلى أن تواتر الحديث لا يعني صحة جميع طرقه فقد نقل البيهقي عن الحاكم أن هذا الحديث جاء من رواية العشرة المبشرين بالجنة وأنه ليس في الدنيا حديث أجمع العشرة على روايته غيره فحقق العلامة الألباني أن روايته عن علي بن أبي طالب وعن الزبير صحيحة وعن طلحة وسعد وسعيد وأبي عبيدة حسنة وعن عثمان ضعيفة وعن الصديق والفاروق وعبد الرحمن بن عوف ساقطة .62
=…أحاديث ذكر الحوض حوض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوردها السيوطي في الأزهار المتناثرة عن تسعة وأربعين من الصحابة وزاد الزبيدي عبد الله بن عمرو فتم رواته خمسين.(1/29)
=…حديث ((المرء مع من أحب يوم القيامة)) روي من طريق ثلاثة عشر من الصحابة. قال الحافظ ابن حجر : "وقد جمع أبو نعيم طرق هذا الحديث في جزء سماه : كتاب المحبين مع المحبوبين" .63
=…أحاديث رفع اليدين في الصلاة في الإحرام والركوع والاعتدال. قال ابن القيم في زاد المعاد: رواها نحو من ثلاثين نفسا واتفق على روايتها العشرة المبشرون بالجنة ، وقد صنف الإمام البخاري جزءا أورد فيه أحاديث هذه المسألة.
= حديث (بَشِّر المَشَّائِينَ في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة) أورده الكتاني في كتابه ((نظم المتناثر)) في كتاب الصلاة وذكر السيوطي أنه رواه خمسة عشر صحابيا.
وَ(مَنْ بَنَى..) ، (أُنْزِلَ..) ، (كُلُّ مُسْكِرِ)
= حديث (من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة). أورده الزبيدي عن واحد وعشرين صحابيا .64 وللحافظ ابن حجر فيه جزء مفرد ذكر ذلك السخاوي في الجواهر والدرر ، وشرحه ابن مكرم المنسفيسي (ت1189هـ) كما في الفهرس الشامل65. وكذلك شرحه محمد بن علي بن عبد اللطيف الطحلاوي كما في المصدر السابق66.
= حديث (أُنْزِلَ الْقُرْآنُ على سبعة أحرف). ذكر الشيخ عبد العظيم الزرقاني في مناهل العرفان67 أنه روي عن إحدى وعشرين صحابيا إلا أنه أشار إلى أن بعض طبقاته قد اختل فيها شروط التواتر. ولكنه حديث صحيح قد اتفق على روايته أحمد والبخاري ومسلم وغيرهم. ولابن الجوزي فيه جزء مفرد كما نص عليه في كتابه "النشر في القراآت العشر"68 وتكلم عليه أيضا ابن طولون كما ذكر ذلك في الفلك المشحون69 وشرحه ابن العربي وابن تيمية.70
= حديث (كل مسكر حرام). نقل المناوي في ((فيض القدير)) عن الحافظ ابن حجر قوله: (وفي الباب عن نحو ثلاثين صحابيا وأكثر الأحاديث عنهم جياد) وقال الشيخ محمد الزرقاني في شرح الموطأ: (وقد ورد لفظ هذا الحديث ومعناه من طرق عن أكثر من ثلاثين من الصحابة مضمونها أن السُّكْرَ لا يحل تناوله).(1/30)
(كُلٌّ مُيَسَّرٌ..) ، (سُؤَالِ مُنْكَرِ)
=…حديث (اعملوا فكل ميسر لما خلق له). ورد من حديث عدة من الصحابة أورد بعضها الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم (ت 387هـ) في كتاب السنة.71
=…سؤال منكر ونكير في القبر ثابت في أحاديث متواترة ذكر بعضها الإمام أبو بكر ابن أبي عاصم في كتاب السنة ثم قال: (والأخبار التي في المساءلة في القبر منكر ونكير أخبار ثابتة توجب العلم. فنرغب إلى الله أن يثبّتنا في قبورنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة).72
…وقال شيخنا محدث العصر العلامة ناصر الدين الألباني رحمه الله: (إن سؤال الملكين في القبر حق ثابت فيجب اعتقاده والأحاديث فيه متواترة).
قلت : قد أورد السيوطي في تفسير قول الله تعالى: (يثبّت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) [إبراهيم : 27] أورد عدة أحاديث وآثار تدل على أن التثبيت عند السؤال في القبر بعضها في البخاري ومسلم.73
(نَضَّرَ..) ، (مَسْحِ الْخُفِّ) ، (شَقِّ الْقَمَرِ) أ،ج/6
=…حديث (نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها إلى من لم يسمع ، فرب حامل فقه غير فقيه ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه).
ذكر ابن مُنَبِّه في تذكرته أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أربعة وعشرون صحابيا. ذكر الحافظ المنذري (ت 643هـ) طائفة صالحة من أحاديثهم في ((الترغيب والترهيب)).74
…وهذا الحديث كان من خطبته صلى الله عليه وآله وسلم في مسجد الخيف بمنى كما في بعض طرقه. وعند بعضهم زيادة في آخره : (ثلاث لا يُغَلُّ عليهن قلب المؤمن: إخلاص العمل لله وطاعة ذوي الأمر ولزوم الجماعة).(1/31)
…ولأبي عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم المديني (ت333هـ) جزء مفرد فيه حققه بدر البدر . وكذلك الخطيب البغدادي (ت463هـ) كما ذكر ذلك في الكفاية ص305 وكذلك لابن حجر العسقلاني (ت852هـ) كما في الجواهر والدرر. ولأحمد الغماري (ت1380هـ) بعنوان "المسك التبتي بتواتر حديث نضر الله امرءا سمع مقالتي" وكذلك شيخنا عبد المحسن العباد أطال الله عمره في طاعته بعنوان: "دراسة حديث نضر الله امرءا سمع مقالتي - رواية ودراية".
=…أحاديث المسح على الخفين كذلك متواترة رواها نحو سبعين صحابيا عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم. قال ابن أبي العز الحنفي (ت 792هـ):
…(تواترت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمسح على الخفين وبغسل الرجلين. والرافضة تخالف هذه السنة المتواترة).75
……وقال الشيخ محمد الزّرقاني:
وصرح جمع من الحفاظ على أن المسح على الخفين متواتر فجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين... قال: واتفق العلماء على جوازه إلا أن قوما ابتدعوا كالخوارج فقالوا لم يرد في القرآن ، والشيعة لأن عليا امتنع منه . ورُد بأنه لم يثبت (يعني امتناعه) عن علي بإسناد موصول يثبت بمثله كما قال البيهقي. وتواتر عن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم المسح.
…ثم نقل عن الكرخي قوله: (أخاف الكفر على من لا يرى المسح على الخفين).76
…= أحاديث انشقاق القمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لما تحداه المشركون بذلك متواترة .77
(بَدَأَ..) ، (إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ) وَفَتَنٍ آخِرَ دَهٍْر تحَصُلُ
=…حديث (بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبي للغرباء).
…ذكره السخاوي من حديث أبي هريرة وابن عمر رواه عنهما مسلم في صحيحه. ثم قال: وفي الباب عن أنس وجابر وسعد وسهل وسلمان وابن عباس وابن عمرو وابن مسعود وعبد الرحمن بن سَنَّة وعلي وعمرو بن عوف وواثلة وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد وأبي موسى وغيرهم.78(1/32)
…فهو كما ترى حديث متواتر. وقد شرحه الحافظ ابن رجب في رسالة لطيفة بعنوان :"كشف الغربة في وصف حال أهل الغربة". وقبله شيخ الإسلام ابن تيمية . ولأحمد الغماري فيه جزء بعنوان :"تبيين المبدأ بتواتر حديث يعود الدين غريبا كما بدأ" . انظر تراث المغاربة ص90.
=…حديث (إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها...)الحديث.
…رواه ستة عشر صحابيا كما في الأزهار المتناثرة وفي لقط اللآلي أيضا.79
=…حديث (يتقارب الزمان وينقص العمل (وفي رواية وينقص العلم) ويُلْقَى الشحُّ وتَظهر الفتن ويكثر الهرج. قالوا يا رسول الله: أيما هو؟ قال: القتل القتل).
…أخرجه البخاري في عدة مواضع80. واستوفى الحافظ ابن حجر شرحه في كتاب الفتن من صحيح البخاري.81 وهو من الأحاديث التي تتبعها الدارقطني للاختلاف فيه على الزهري.82
…والمصنف رحمه الله تعالى لا يقصد تواتر نص هذا الحديث فيما يبدو فإني لم أجد من صرح بذلك ولا وجدت له طريقا - بعد تتبعي القاصر - إلا من أبي هريرة. فالظاهر أنه يقصد تواتر ذكر الفتن التي ستكون في آخر الدهر في أحاديث مختلفة وإن كان يشكل عليه قوله (لكلها تواتر لفظي ..). فالعلم عند الله.
لِكُلِّهَا تَوَاتُرٌ لَفْظِيُّ … لِلرَّفْعِ في الدُّعَاءِ مَعْنَوِيُّ
…يعني أن جميع هذه الأحاديث الستة عشر التي ذكرها تواترت تواترا لفظيا إلا أحاديث رفع اليدين في الدعاء ، فإنها تواترت تواترا معنويا . والفرق بين التواتر اللفظي والمعنوي أن المتواتر المعنوي يتواتر فيه القدر المشترك مع اختلاف الألفاظ فيروي كل راو واقعة يشترك مجموعها في قدر معين.(1/33)
فأحاديث رفع اليدين رويت في نحو من مائة حديث83. فرواها كل واحد من الصحابة في مناسبة خاصة كالاستسقاء وعند خطبة الجمعة وفي القنوت بحيث يكون القدر المشترك وهو رفع اليدين في الدعاء قد تواتر. ويمثّل له العلماء بتواتر كرم حاتم وشجاعة علي وأمثال ذلك.
الآحاد
وَغَْيرُهُ اْلآحَادُ ظَنًّا حَصَلاَ ……وَبِالْقَرَائِنِ لِعِلْمٍ وَصَلاَ
حديث الآحاد هو الذي لم يبلغ درجة التواتر. فإذا صح فإنه يفيد الظن الراجح الذي يوجب العمل. وقد تَحْتَفُّ به قرائن توصله إلى درجة إفادة العلم. وينقسم إلى ثلاثة أقسام: مشهور وعزيز وغريب.
اَلمْشْهُورُ وَاْلمُسْتَفِيضُ
مَشْهُورُ إِنْ رَوَاهُ فَوْقَ اثْنَيْنِ صَحِيحُهُ كَمَتْنِ ذِي الْيَدَيْنِ
…المشهور كما عرّفه الحافظ ابن حجر: هو ما له طرق محصورة بأكثر من اثنين ولم يتواتر. وسمي بذلك لوضوحه ، ويرادفه المستفيض على ما سيأتي من كلام الناظم. وقد يكون الحديث مشهورا عند المحدثين وَحْدَهُمْ أو عند الفقهاء أو الأصولين أو النحاة أو عند عوام الناس ولا تستلزم شهرته أن يكون صحيحا ولو أن الغالب فيما يشتهر عند المحدثين أن يكون صحيحا. والعلم عند الله.
=…من الأحاديث المشهورة حديث ذي اليدين وهو حديث رواه ثلاثة من الصحابة: عبد الله بن عمرو وعمران بن الحصين وأبو هريرة رضي الله عنهم. ولفظه في البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انصرف من اثنتين فقال له ذو اليدين: أقصرت الصلاة أم نسيت يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى عليه وآله وسلم: أصدق ذو اليدين؟ فقال الناس: نعم. فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فصلى اثنين أخريين ثم سلّم ثم كبّر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع).84
وَ(الْغُسْلِ لِلْجُمْعَةِ) ، (قَبْضِ الْعِلْمِ) … وَحَسَّنُوا حَدِيثَ(طَلَبِ الْعِلْمِ..)(1/34)
= حديث (لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهر ويدّهن من دهنه أو يمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم ينصت إذا تكلم الإمام إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى).
أخرجه البخاري في ك الجمعة باب الدهن للجمعة وباب لا يفرق بين اثنين يوم الجمعة.85
= حديث (إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا).
…أخرجه البخاري86 في ك العلم من طريق مالك وجرير عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ومسلم87 في ك العلم من طرق عن هشام به. قال الحافظ: وقد اشتهر هذا الحديث من رواية هشام بن عروة فوقع لنا من رواية أكثر من سبعين نفسا عنه من أهل الحرمين والعراقين (يعنى البصرة والكوفة) والشام ومصر وغيرها.88
وهذا الحديث روي عن أكثر من سبعة عشرة من الصحابة.
=…حديث (طلب العلم فريضة على كل مسلم) صحيح
…روي عن أنس بن مالك وعبد الله بن عمر وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهم. وله عنهم طرق كثيرة ذكر الألباني منها عن أنس وحده ثمانية عشر طريقة لا تكاد واحدة منها تقوم على ساق. ومن أجل ذلك قال البيهقى: "متنه مشهور ، وإسناده ضعيف. وقد روي من أوجه كلها ضعيفة".(1/35)
…قلت: قد اختلف العلماء في هذا الحديث اختلافا كبيرا. فممن ضعفه الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه وكذا أبو علي النيسابوري والحافظ ابن عبد البر . وممن صححه العراقي حكاية عن بعض العلماء والسيوطي في الجامع الصغير89 وكذلك شيخنا الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ، وفي تخريج أحاديث مشكلة الفقر90. بل ألّف الشيخ أبو الفيض الغماري رسالة سماها ((المسهم في طرق حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم)) ذكر فيها طرق هذا الحديث وانتهى إلى تصحيحه. وقبله الخطيب البغدادي كما في موارد الخطيب.91 وكذلك لأحمد بن محمد ابن مردويه (ت498هـ) فيه جزء مفرد ذكره الذهبي في ترجمته في السير.92 كما للسيوطي أيضا حققه علي حسن الحلبي . ولمحمد الطاهر ابن عاشور جزء فيه سماه "الأسانيد المريضة الراوية حديث طلب العلم فريضة".
فائدتان: (1)…نبه الحافظ شمس الدين السخاوي بأن بعض المصنفين قد ألحق بآخر هذا الحديث زيادة (ومسلمة) وليس لها ذكر في شيء من طرقه93. والمسلمة تدخل في مفهوم الحديث لأن لفظه عام .
(2) في الحديث إشكال أجاب عنه الإمام البيهقي في المدخل بقوله : أراد - والله اعلم - العلم الذي لا يَسَعُ البالغَ العاقلَ جهلُه أو علم ما يطرأ له خاصة أو أراد أنه فريضة على كل مسلم حتى يقوم به من فيه الكفاية .
40 وَضَعَّفُوا (اْلأُذْنَانِ أَيْ مِنْ رَاسِ) … وَلِلْمُحَدِّثِينَ: مَا عَنْ أَنَسِ
(قَنَتَ شَهْرًا)
حديث (الأذنان من الرأس) (صحيح).
…قال النووي في المجموع94 : إنه ضعيف من جميع طرقه. ومثّل به ابن الصلاح للضعيف الذي تعددت طرقه ومع ذلك لا يقوّي بعضها بعضا، وتبعه العراقي في شرحه التقييد والإيضاح95.(1/36)
…لكن ذكر الحافظ في النكت96 تعقُّبَ ابن دقيق العيد على ابن الصلاح وكذلك الحافظ العلائي ثم ذكر أنه جمع طرقه فيما كتبه على جامع الترمذي وأطال في تخريجه وتقويته ثم قال: (وإذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أن للحديث أصلا وأنه ليس مما يُطرح ، وقد حسنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه. والله أعلم).97
…وكذلك صنع شيخنا الألباني في السلسلة الصحيحة98 حيث أورده من طريق تسعة من الصحابة وصححه. كما تتبع طرقه بتفصيل أكثر الشيخ مشهور حسن آل سلمان في تحقيقه لكتاب الخلافيات للبيهقي.
ومن المشهور عند المحدثين ما صح عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قنت شهرا يدعو على رعل وذكوان- الذين قتلوا القراء أصحاب بئر معونة .أخرجه البخاري في ستة عشر موضعا.99
وَمَعَ الْعَوَامِ :… حَدِيثُ(اَلْمُسْلِمُ....)لِلتَّمَامِ ج/7
=…ومن الأحاديث المشهورة عند عوام الناس حديث (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه) (صحيح)
وهو حديث صحيح اتفق على إخراجه البخاري ومسلم من حديث عبد الله ابن عمرو وأبي موسى . ورواه مسلم وحده عن جابر.100
لِلْفُقَهَاءِ : (أَبْغَضُ الْحَلاَلِ..) صَحَّحَهُ الْحَاكِمُ في الرِّجَالِ101 أ/7
= ومن المشهور عند الفقهاء حديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) ضعيف
رواه أبو داود102 في ك الطلاق مرسلا وموصولا عن طريق عبد الله ابن عمرو وابن ماجه103 وأطبق الأئمة على أن المتصل غير محفوظ وإنما صوابه أنه مرسل ، منهم: أبو حاتم والدارقطني والبيهقي . ويشعر به صنيع أبي داود حيث قدّم المرسل على المتصل.(1/37)
…قال الخطابي في معالم السنن104 : المشهور في هذا عن محارب بن دِثار مرسل عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليس فيه ابن عمر. ومع ذلك وَجَّهه بقوله: ومعنى الكراهية فيه منصرف إلى السبب الجالب للطلاق وهو سوء العشرة وقلة الموافقة لا إلى نفس الطلاق فقد أباح الله الطلاق ، وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه طلق بعض نسائه ثم راجعها. وكانت لابن عمر امرأة يحبها وكان عمر رضي الله عنه يكره صحبته إياها فشكاه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فدعا به وقال: (يا عبد الله طلق امرأتك) فطلقها ، وهو لا يأمر بأمر يكرهه الله. اهـ.
حَدِيثُ (لاَ غِيبَةَ..) ، (عِلْمًا مَنْ سُئِل) …حُسِّنَ كُلٌّ عِندَ حَافِظٍ كَمُلْ
=…حديث (لا غيبة لفاسق) منكر
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير وغيره عن معاوية بن حيدة مرفوعا . وفي إسناده جعدبة بن يحيى الليثي الذي قال فيه الدارقطني : متروك ، والعلاء بن بشر وهو ضعيف . وقد ضعّف الحديث غير واحد من الأئمة ، وقال الإمام أحمد : حديث منكر . وحكم عليه ابن القيم في النار المنيف بأنه موضوع .105
= حديث (من سئل عن علم فكتمه ، ألجمه الله بلجام من نار)
صحيح أخرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وهو في صحيح الجامع106.
…ولأحمد الغماري فيه رسالة بعنوان : "رفع المنار لطرق حديث من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار" وكذلك لمحمد الطاهر بن عاشور كما في كتابه "تحقيقات وأنظار"107. وقد تتبع طرقه بشيء من التفصيل أيضا أبو إسحاق الحويني في كتابه "جنة المرتاب" ولصالح بن عبد الله العصيمي رسالة فيه بنفس عنوان رسالة الغماري المذكورة.
وقول الناظم (حُسِّن كلٌّ عند حافظ كمل) يعنى أن الحديثين السابقين حَسَّنَ كلَّ واحد منهما إمام من أئمة الحديث. وقد علمتَ أن هذا الثاني صحيح . ولم أقف على من حسّن حديث (لا غيبة لفاسق) ، فالله أعلم.(1/38)
وَ(لاَ صَلاَةَ..) أَيْ لِجَارِ اْلمَسْجِدِ … مُضَعَّفٌ لِلْبَيْهَقِيِّ اْلأَمْجَدِ ب/5
وَلِلأُصُولِيِّينَ صَحَّحُوا (رَفَعْ … عَنْ أُمَّتيِ اْلْخَطَأَ وَنِسْيَانٌ) وَقَعْ
=…حديث (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) ضعيف
حديث ضعيف كما قال الناظم . وقد رواه الدارقطني عن جابر وعن أبي هريرة . ورمز له السيوطي بالضعف في الجامع الصغير108 وقال الزيلعي في تخريج أحاديث الرافعي : ليس له إسناد ثابت وإن كان مشهورا بين الناس.109 وقال ابن بدر الموصلي في كتابه المغني عن الحفظ والكتاب110: لا يصح في هذا الباب عن النبي ? شيء. وراجع: سلسلة الأحاديث الضعيفة (1/217).
حديث (رُفع عن أمتي الخطأُ والنسيانُ وما استكرهوا عليه) جيّد مشهور عند الأصوليين كما قال الناظم. وقد رواه ابن ماجه بلفظ (إن الله وضع عن أمتي...) وكذلك الطحاوي وابن حبان والدارقطني والحاكم بألفاظ مختلفة. وذكره شيخنا الألباني في صحيح ابن ماجه مقوّيا له .111
لِلْعَامَّةِ (اْلبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِ) صَحَّحَهُ اْلجَمْعُ مِنَ اْلأَكَابِرِ
ومن الأحاديث المشهورة عند العوام حديث (البركة مع أكابركم) صحيح
…رواه ابن حبان والحاكم من حديث خالد الحَذَّاء عن عكرمة عن ابن عباس مرفوعا. وقال الحاكم : صحيح على شرط البخاري ووافقه الذهبي في التلخيص . وممن صححه أيضا ابن دقيق العيد في الاقتراح كما في المقاصد112.
…وفي معناه ما رواه أبو نعيم في الحلية عن أنس عن ابن مسعود رفعه (لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم فإذا أخذوا العلم عن أصاغرهم هلكوا).
…وفُسِّر الأكابر بأهل السنة والأصاغر بأهل البدع، والعلم عند الله.
وَصَحَّ : (لَيْسَ اْلخَبَرُ كَالْعِيَانِ) وَحَسَّنُوا (الْعُجْلَةَ مِنْ شَيْطَانِ)
=…حديث (ليس الخبر كالمعاينة) صحيح(1/39)
أخرجه الإمام أحمد في موضعين113 . وزاد في الآخر منهما: (إن الله عز وجل أخبر موسى بما صنع قومُه في العجل فلم يُلْقِ الألواح ، فلما عاين ما صنعوا ألقى الألواح فانكسرت).
وهذه الزيادة موجودة عند الحاكم في تفسير سورة الأعراف بدون قوله: فانكسرت. وكذا ابن حبان في صحيحه114. وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي . ووافقهما الألباني في صحيح الجامع وشرح الطحاوية .
=…حديث (العجلة من الشيطان) ضعيف
…رواه الترمذي115 في ك البر والصلة وتكلم عليه بما يوجب ضعفه حيث قال: "هذا حديث غريب. وقد تكلم بعض أهل الحديث في عبد المهيمن بن عباس بن سهل وضعّفه من قبل حفظه".
…ويبدو لي أن الناظم رحمه الله تعالى قد وقف على نسخة أخرى للترمذي فيها حديث حسن غريب . فقد نقلها كذلك السخاوي في المقاصد والعجلوني في كشف الخفاء116 لكن كلام الترمذي نفسه في عبد المهيمن - وهو في الإسناد - يقضي بضعف الحديث . وقد قال فيه البخاري: منكر الحديث. وقال النسائي: ليس بثقة. وقال الدارقطني: ليس بالقوي.117 وخلاصة القول في عبد المهيمن هذا ما قاله ابن حجر في التقريب: ضعيف. ولذلك فالحديث ضعيف. والعلم عند الله.
أَمَّا (اخْتِلاَفُ أُمَّتِي فَرَحْمَةٌ ) (جُبِلَتِ118 الْقُلُوبُ...) ثُمَّ (نِيَّةٌ
لِمُؤْمِنٍ خَيْرٌ) وَ (مَنْ بُورِكَ لَه...) …فَكُلُّهَا ضَعِيفَةٌ لِلنَّقَلَة ج/8
=…حديث (اختلاف أمتي رحمة) ضعيف جدا
…قال العلامة السبكي : ليس - يعني هذا الحديث - بمعروف عند المحدثين. ولم أقف له على سند صحيح ولا ضعيف ولا موضوع.119…لكن رواه البيهقي في المدخل عن جُويبر عن الضحاك عن ابن عباس بلفظ (اختلاف أصحابي لكم رحمة) وجويبر ضعيف جدا . والإسناد منقطع لأن الضحاك لم يسمع من ابن عباس.(1/40)
…وقال ابن حزم في الإحكام120 : باطل مكذوب. وقال أيضا: هذا مِنْ أَفْسَدِ قولٍ يكون لأنه لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق سخطا وهذا لا يقوله مسلم لأنه ليس إلا اتفاق أو اختلاف وليس إلا رحمة أو سخط اهـ.
…هذا وقد فصّل القول فيه وأجاب عن بعض الشبهات المثارة حوله شيخنا في صفة الصلاة وفي الضعيفة فجزاه الله خيرا.121
=…حديث (جبلت القلوب على حب من يحسن إليها وبغض من يسيء إليها) موضوع
…رواه أبو نعيم في حلية الأولياء والخطيب البغدادي في التاريخ وغيرهما من طريق إسماعيل بن أبان بسنده عن ابن مسعود. وإسماعيل بن أبان قد تركه الإمام أحمد وغيره لأنه روى أحاديث موضوعة. وقال أبو داود: كان كذابا.
…وقال الأزدي: هذا باطل. وكذا قال السخاوي: هو باطل موقوفا ومرفوعا. وسئل أحمد بن حنبل ويحيى بن معين عن هذا الحديث فقالا: ليس له أصل ، وهو موضوع.122
=…حديث (نية المؤمن خير من عمله) ضعيف123
…رواه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس وقال: إسناده ضعيف. وقال ابن دحية : لا يصح . لكن له شاهد من حديث سهل بن سعد عند الطبراني قوّاه به السخاوي في المقاصد124 . وقد أفرد له جزءا كما نص عليه في المصدر المذكور وكذلك الشيخ أحمد بابا الصنهاجي بعنوان "غاية الأمل في تفضيل النية على العمل" كما في هدية العارفين125.
…وخرجه المحدث ناصر الدين الألباني في الضعيفة . وهو كذلك في ضعيف الجامع .126
حديث (من بورك له في شيء فليلزمه) ضعيف
…أخرجه ابن ماجه127 من طريق فروة ابن يونس عن هلال ابن جبير عن أنس مرفوعا.
…وفروة مقبول عند المتابعة وإلا فلين الحديث.
…وهلال بن جُبير مستور كما في التقريب. شك ابن حبان في سماعه عن أنس. وقال الذهبي: مُقِلٌّ لا يكاد يُعرف.(1/41)
…وهذا الحديث يشبه أن يكون من كلام بعض السلف فأخطأ بعض الرواة في نسبته إلى رسول الله صلى عليه وآله وسلم كما قال أبو العباس الحراني. وهو في معنى حديث (البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فأي موضع رأيت فيه رفقا فأقم).
…أخرجه أحمد والطبراني عن الزبير بسند ضعيف .128
50 حَدِيثُ(يَوْمُ صَوْمِكُمْ..)وَ(مَنْ عَرَف.. …أَيْ129 نَفْسَهُ..) فَبَاطِلٌ لِمَنْ عَرَف
وَاْلمُسْتَفِيضُ رِدْفُهُ أَوْ خَصَّ مَا … طِبَاقُهُ اسْتَوَتْ وَذَاكَ عَمَّمَا أ/8
=…حديث (يوم صومكم يوم نحركم) باطل
…قال الإمام أحمد وغيره : لا أصل له. ذكر ذلك السخاوي في المقاصد130 . ومثّل به السيوطي للمشهور عند العامة مما هو باطل لا أصل له.131
=…حديث (من عرف نفسه فقد عرف ربه) موضوع…
قيل إنه من كلام يحيى بن معاذ الرازي وقال ابن تيمية: موضوع. وقال النووي: ليس بثابت.
وللحافظ السيوطي تأليف لطيف سماه (القول الأشبه في حديث من عرف نفسه فقد عرف ربه) تكلف في تأويله من عشرة أوجه بعد أن ذكر بطلانه . وقد طبع في ضمن الحاوي للفتاوي132.
…قوله (والمستفيض ردفه الخ) يعني أن المشهور يرادف المستفيض وقيل: المستفيض هو الذي استوت طبقاته والمشهور أعم من أن تكون طبقاته سواء.133
اَلْعَزِيزُ
عَِزيزُ إِنْ تَتَابَعَ اْلإثْنَانِ ……فَقَطْ بِهِ كَمَا رَوَى الشَّيْخَانِ
عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبيِ "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتىَّ.." وَعَنْهُ يُعْلِنُ
عَبْدُ الْعَزِيزِ مَعْ قَتَادَةٍ وَعَنْ ذَا الثَّانِ شُعْبَةٌ سَعِيدٌ ثمُ َّ مِنْ
ذَلِكَ134 إِسْمَاعِيلُ عَبْدُ الْوَارِثِ وَعَنْهُمُ رُوِي بِجَمْعٍ وَارِثِ(1/42)
هذا الذي رجحه الحافظ ابن حجر وغيره من المتأخرين أن العزيز هو ما انفرد بروايته اثنان فإن رواه ثلاثة فأكثر فهو المشهور. وذهب ابن الصلاح إلى أن العزيز ما انفرد به اثنان أو ثلاثة وهو مأخوذ من كلام ابن مندة. وسمي العزيز عزيزا لعزته أي قلة وجوده أو قوته بمجيئه من طريق أخرى.
=…حديث (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين). صحيح
هذا حديث عزيز لأن في كل طبقة من طبقات رواته اثنين . فقد رواه البخاري ومسلم عن أنس ورواه البخاري أيضا عن أبي هريرة135. ورواه عن أنس قتادة بن دعامة وعبد العزيز بن صهيب. ورواه عن قتادة شعبة بن الحجاج وسعيد ابن أبي عروبة . ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن عُلَيَّة وعبد الوارث بن سعيد ثم استفاض الحديث بعد ذلك. وهاك جدولا يسهل لك فهم هذه الأسانيد :
رسول الله صلى الله عليه وسلم
أنس …………أبو هريرة
قتادة ……………عبد العزيز
شعبة ………سعيد ……إسماعيل ……عبد الوارث
اَلْغَرِيبُ
مَرْوِيُّ وَاحِدٍ فَقَطْ غَرِيبُ وَمِنْهُ فَرْدٌ مُطْلَقٌ عَجِيبُ ج/9
يُرَى تَفَرُّدٌ لَدَى أَصْلِ السَّنَد كَالنَّهْيِ136 عَنْ بَيْعِ الْوَلاَءِ اِنْفَرَدْ
بِهِ ابْنُ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَا وَقَدْ يَكُونُ مُسْتَمِرًّا تَتْرَا ب/6
نحَْوُ حَدِيثِ "إِنماَّ اْلأعْمَالُ" عَنْ عُمَرٍ ثَلاَثَةٌ رِجَالُ أ/9
=…حديث (نهى عن يبع الولاء وهبته) صحيح
هذا الحديث يصلح مثالا للغريب المطلق لأنه لا يصح إلا من طريق واحد هو طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر.137
وقد حكى الحافظ في الفتح قول الإمام مسلم: "الناس كلهم عيال على عبد الله بن دينار في هذا الحديث".138
= حديث (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى..) الحديث صحيح وقد أحسن الناظم صنعا حين أورد هذا الحديث مثالا للغريب. قال الشيخ أحمد شاكر في شرح الألفية 139:(1/43)
يخطئ فيه الناس ، فقد زعم بعضهم أنه مشهور ، بل غالى غيره فادعى أنه متواتر، والحق أنه حديث غريب أي فرد مطلق، فإنه تفرد به عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتفرد به علقمة عن عمر وتفرد به محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة وتفرد به يحيى بن سعيد عن التيمي ثم اشتهر بعد ذلك بل تواتر عن يحيى ابن سعيد اهـ.
لكن هذا الحديث ورد في مسانيد بعض الصحابة أبي سعيد وعلي وأبي هريرة وأنس إلا أن أسانيدها كلها ضعاف . فينبغي أن يُقيّد هذا التفرد بالصحة . والله أعلم.
60 وَمِنْهُ نِسْبِيٌّ بِشَخْصٍ أَوْ قُرَى أَوْ ثِقَةٍ أَثْنَاءَهُ أَوْ آخِرَا
كَمَتْنِ قَدْ قَرَا فيِ اْلأَضْحَى وَالْفِطْر فيِ مُسْلِمٍ بِقَافْ وَسُورَةِ اْلقَمَرْ
لَمْ يَرْوِهِ ثِقَةٌ إِلاَّ ضَمُرَا مَتْنُ "كُلُوا اْلبَلَحَ" فَرْدُ اْلبَصْرَا
=…حديث (قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الأضحى والفطر بقاف وسورة القمر). صحيح
…رواه مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي فذكر هذا الحديث. وقد تفرد به من الثقات ضمرة بن سعيد هذا لكن قد رواه ابن لهيعة عن خالد بن يزيد وابن لهيعة ضعيف.140
=…حديث (كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا أكله ابن آدم غضب وقال: بقي ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق) منكر
رواه الحاكم في المستدرك وقال الذهي: حديث منكر.141
قلت: وعلته أبو زكير يحيى بن محمد المحاربي فإنه كان رجلا صالحا في دينه لكنه كان ضعيفا في الحديث.
وفي متن الحديث علة أخرى فإن الشيطان لا يغضب من مجرد حياة ابن آدم بل من حياته مسلما مطيعا لله تعالى.142
غَيْرُ أَبِي غَسَّانَ مَا بمَِسْلَكِ مَتْنَ "أُمِرْتُ أَنْ.." لِعَبْدِ اْلمَلِكِ
=…حديث (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله...) الحديث. صحيح(1/44)
…رواه مسلم143 عن أبي غسان عن عبد الملك ابن الصباح عن شعبة عن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن جده. انفرد به غسان عن عبد الملك. أما عبد الملك فلم يتفرد به بل تابعه حرمي بن عمارة عن شعبة به.
…وفي الباب نفسه رواه مسلم عن عمر وجابر وأبي هريرة.
وَكُلُّ آحَادٍ لَدَى الْوُرُودِ قُسِّمَ لِلْمَقْبُولِ وَاْلمَرْدُودِ ج/10
…هذا تنبيه إلى أن الآحاد بأقسامه: المشهور والعزيز والغريب منه المقبول والمردود وإن كان الغالب على الغرائب أن تكون ضعيفة كما نبه عليه السيوطي بقوله في الألفية144 :(والغالب الضعف على الغريب). ونقل في التدريب145 عن الإمام أحمد قوله "لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء" وقول ابن المبارك: العلم ( هو ) الذي يجيئك من ههنا وههنا: يعني المشهور.
…وروى البيهقي في المدخل عن الزهري قال: حَدَّثْتُ علي بن الحسين بحديث فلما فرغت قال: أحسنت بارك الله فيك. هكذا حُدِّثْنَا. قلت: ما أراني إلا حدثتك بحديث أنت أعلم به مني. قال: لا تقل ذلك فليس من العلم ما لا يُعرف، إنما العلم ما عُرف وتواطأت عليه الألسن.
…وقال يزيد بن أبي حبيب : إذا سمعت الحديث فأنشده كما تنشد الضالة ، فإن عرف وإلا فدعه .146
اَلْمَقْبُولُ
هُوَ الصَّحِيحُ وَاْلقَوِيُّ اْلجَيِّدُ وَالثَّابِتُ الصَّالِحُ وَاْلمُجَوَّدُ
وَاْلحَسَنُ اْلمُشْبِهُ وَاْلمَعْرُوفُ مَحْفُوظُهُ قَبُولُ ذِي مَعْرُوفُ
بيّن الناظم في هذا أن الحديث المقبول عشرة أقسام ، وهي التي ذكرها في هذين البيتين. وسيشرحها في ما يلي:
اَلصَّحِيحُ:
مُتَّصِلُ اْلإسْنَادِ مَا شَذَّ وَلاَ عُلِّلَ بِالْعَدْلِ بِضَبْطٍ كَمُلاَ أ/10
عَنْ مِثْلِهِ الصَّحِيحُ أَيْ لِذَاتِهِ وَاشْتُرِطَ السَّمَاعُ في أَصَحِّهِ
أَوِ اللِّقَاءُ........
…شروط الصحيح سبعة على ما ذكره الناظم وهو الذي عليه المحققون. وهذه الشروط هي:(1/45)
1- اتصال الإسناد. فلا يُصَحَّحُ المنقطِعُ ولا المعلَّق ولا المرسَل ولا المدلَّس ولا المعضَل.
2- أن يكون راويه عدلا : فلا يصحح حديث الفاسق ولا المجهول الذي لا يعرف.
3- أن يكون راويه ضابطا: فلا يقبل حديث المُغَفَّل ولا سيئ الحفظ أو فاحش الغلط.
4- أن يكون ضبطه كاملا فإنه إن خف ضبطه قليلا عُدَّ حديثُه حسنا.
5- أن تستمر هذه الشروط في جميع طبقات السند. وإليه الإشارة بقوله: عن مثله.
6- ألا يكون الحديث شاذا وذلك بأن يكون روايه الثقة مخالفا به من هو أوثق منه أو يخالف جمعا من الثقات.
7- أن لا يكون الحديث مُعَلاًّ بحيث تكون فيه علة تقدح في صحته.
........... وَالصَّحِيحُ الْوَافيِ شُرُوطَهُ، لاَ قَطْعَ إِلاَّ مَا فيِ
70 صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَعَ الْبُخَارِي لَمْ يُنتَقَدْ حُقِّقَ فيِ اْلمُخْتَارِ
…قوله (والصحيح الوافي... الخ) يعنى أن المحدثين حينما يقولون إن الحديث صحيح يقصدون أنه اكتلمت فيه شروط الصحيح هذه لا أنهم يقطعون بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاله لأن الثقة قد يَهِم وقد يغلط. ولذلك قالوا إن أحاديث الآحاد لا تفيد القطع وإنما تفيد الظن ، وما صح منها فإنه يفيد الظن الراجح الذي يوجب العمل كشهادة العدول عند القاضي
فإنها لا تفيده إلا الظن الراجح ، لكن يجب عليه العمل بها. واستثنى الناظم رحمه الله الأحاديث التي اتفق على تخريجها البخاري ومسلم إذا لم تُنْتَقَد من قِبَل بعض الحفاظ فإن هذه الأحاديث قد تلقتها الأمة بالقبول. وهذا التلقي وحده أقوى في إفادة ثبوتها من مجرد ورودها من طرق صحيحة كما قاله غير واحد.147
…ويحسن أن أنقل للقارئ ما قاله محدث العصر الشيخ أحمد شاكر في شرح الألفية. قال رحمه الله:(1/46)
الحق الذي لا مرية فيه عند أهل العلم بالحديث من المحققين وممن اهتدى بهديهم وتبعهم على بصيرة من الأمر أن أحاديث الصحيحين صحيحة كلها ، ليس في واحد منها مطعن أو ضعف ، وإنما انتقد الدارقطني وغيره من الحفاظ بعض الأحاديث على معنى أن ما انتقدوه لم يبلغ في الصحة الدرجة العليا التي التزمها كل واحد منهما في كتابه ، وأما صحة الحديث في نفسه فلم يخالف أحد فيها فلا يهولنك إرجاف المرجفين وزعم الزاعيمن أن في الصحيحين أحاديث غير صحيحة148. وتتبع الأحاديث التي تكلموا فيها وانتقدها على القواعد الدقيقة التي سار عليها أئمة أهل العلم واحكم على بينة . والله الهادي إلى سواء السبيل.149
قلت: قد فعل ذلك إمام المحدثين في عصره شيخ الإسلام الحافظ ابن حجر فيما يختص بصحيح البخاري فوجدها كما ذكرتَ. وليطالع من شاء كتابيه هدي الساري وتغليق التعليق . والله الموفق.
وَقَوْلُهُمْ أَصَحُّ مَا فيِ اْلبَابِ لاَ يَقْضِي بِصِحَّةٍ أَرَادُوا اْلأَفْضَلاَ ب/7،ج/11
وَلاَ تَقُلْ ذَا فيِ حَدِيثٍ أَوْ سَنَدْ أَصَحُّ إِلاَّ لِلصَّحَابيِ أَوْ بَلَدْ
إذا قال المحدثون: هذا أصح ما في الباب فيعنون أنه أفضل ما في الباب وقد يكون حسنا وقد يكون صحيحا بل قد يكون ضعيفا أيضا لكنه أخف ضعفا من سائر مرويات الباب. وهذا يوجد في سنن الترمذي كثيرا.
والأحسن ألا يقال في إسناد أو حديث بأنه أصح الأسانيد أو أصح الأحاديث مطلقا ، وإن كان بعض المتقدمين قد أطلقوا ذلك في بعض الأسانيد كأحمد وإسحاق ابن راهويه وعلي بن المديني وعمرو بن علي الفلّاس والبخاري وغيرهم . لكن الذي انتهى إليه التحقيق أنه يقيّد بصحابي أو بلد فيقال أصح الأسانيد عن أبي بكر كذا وعن عمر كذا وأصح أسانيد المدنيين كذا.. وهكذا. وأما الحديث فلم يُحفظ عن أحد من أئمة الحديث أنه قال حديث كذا أصح الأحاديث على الإطلاق لأنه لا يلزم من كون الإسناد أصح من غيره أن يكون المتن كذلك.150(1/47)
عَنْ151 قَيْسِ إِسْمَاعِيلُ لِلصِّدِّيقِ أَصَحُّ اْلاِسْنَادِ وَلِلْفَارُوقِ
اِبْنُ شِهَابٍ أَيْ عَنِ السَّائِبِ أَوْ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِهِ عَنْهُ رَأَوْا
وَلِعَلِيٍّ جَعْفَرٌ أَيْ عَنْ أَبِهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْهُ وَعَنْهُ مَنْ نَبِهْ
بَلْ أَعْرَجٌ أَيْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ عَنْهُ ...... أ/11
= أصح الأسانيد عن أبي بكر الصديق: إسماعيل ابن أبي خالد عن قيس ابن حازم عنه.
=…وأصح الأسانيد عن عمر: ابن شهاب الزهري عن السائب بن يزيد عنه أو سالم عن أبيه عبد الله بن عمر عنه.
=…وأصح الأسانيد عن علي: جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالب عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب.
…وفي صحة هذا الإسناد نظر فضلا عن أصحيته فإنه سند غير متصل كما قال السيوطي في التدريب152 . فإن الضمير في جده إن كان راجعا إلى جعفر فجده علي بن الحسين لم يسمع من علي. وإن كان راجعا إلى محمد بن علي بن الحسين فهذا لم يسمع من جده الحسين. ولذلك أضرب الناظم عن هذا الإسناد بقوله بل أعرج.
…ثم إن الناظم أشار إلى مسألة أخرى هي توقف صحة هذا الإسناد على رواية الثقة عن جعفر وذلك في قوله (وعنه من نَبِه) فإنه قلما تصح الأحاديث عنه إذ الكذب عليه وعلى سائر أهل البيت رضي الله عنهم منتشر من قبل المنتسبين إليهم زورا وبهتانا. وأهل البيت من الكذّابين براء. فأصح إسناد يُروى به عن علي - على الصحيح -هو الأعرج عن عبيد الله ابن أبي رافع عنه.وقد قيل غير هذا.
.. وَأَعْلَى مَا لِعَبْدِ اللهِ
اَلشَّافِعِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعِ عَنْهُ وَلَمْ يَأْتِ سِوَى فيِ أَرْبَعِ
فيِ مِثْلِ نهَيِْ النَّجْشِ وَاْلمُزَابَنَة وَحُبْلَةٍ وَلاَ بَيْعَ مُبَيَّنَة ج/12
ثُمَّ عُبَيْدُ اللهِ أَيْ عَنْ قَاسِمِ عَنْ عَائِشٍ مُذَهَّبُ التَّرَاجُمِ
80 وَمَالِكٌ فَابْنَ شِهَابٍ يَاتَسِي أَصَحُّ مَا قَدْ جَاءَنَا عَنْ أَنَسِ(1/48)
سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورِهِ153 عَنْ نَخْعِي عَنِ ابْنِ قَيْسٍ لاِبْنِ مَسْعُودٍ رُعِي
=…وأصح الأحاديث عن عبد الله بن عمر: الشافعي عن مالك عن نافع عنه. ويسمى هذا الإسناد بسلسلة الذهب. ولم يأت هذا الإسناد على النسق إلا في أربعة أحاديث جمعها الإمام أحمد في موضع واحد وساقها سياق حديث واحد . قال: ثنا محمد بن إدريس الشافعي أنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يبيع بعضكم على بيع بعض ونهى عن النجش ونهى عن بيع حَبَلِ الْحَبَلَة ونهى عن المزابنة. والمزابنة بيع التمر بالثمر كيلا وبيع الكرم بالزبيب كيلا).154
=…وأصح الأسانيد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: عبيد الله ابن عمر عن القاسم بن أبي بكر عنها.
=…وأصح الأسانيد عن أنس: مالك عن ابن شهاب عنه.
=…وأصح الأسانيد عن ابن مسعود: سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن ابن مسعود.
أَصَحُّ أَسَانِيدِ الْبُلْدَانِ:155
لِطَيْبَةَ إِسْمَاعِيلُ عَنْ عَبِيدَةِ بِمَا رَوَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةِ
لِمَكَّةَ ابْنُ عُيَيْنَةٍ156 دُرِي عَنِ ابْنِ دِينَارٍ بِمَا عَنْ جَابِرِ
لِلشَّامِ الأَوْزَاعِيُّ عَنْ حَسَّانِ عَنْ صَحَابَةٍ وَمَعْمَرٌ لَدَى الْيَمَنْ
يُسْنِدُ عَنْ هَمَّامِهِمْ أَيْ عَنْ أَبيِ هُرَيْرَةٍ بمَِا رَوَى عَنِ النَّبيِّ أ/12 و ب/8
*…أصح أسانيد المدنيين: إسماعيل بن أبي حكيم عن عبيدة بن أبي سفيان عن أبي هريرة.
*…وأصح أسانيد المكيين: سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر .
*…وأصح أسانيد الشاميين: الأوزاعي عن حسان بن عطية عن الصحابة.
*…وأصح أسانيد اليمنيين: معمر بن راشد عن همام ابن منبِّه عن أبي هريرة.
والناظم - رحمه الله - لم يذكر أصح أسانيد الخراسانيين وهو: الحسين ابن واقد عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة بن الحصيب رضي الله عنه.(1/49)
…وأصح أسانيد المصريين وهو: الليث بن سعد عن يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر.
فَذِي مِنَ الصَّحِيحِ أَعْلَى رُتَبِهْ وَدُونَهُ نَحْوُ بُرَيْدٍ عَنْ أَبِهْ ج/13
عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِ مُوسَى يَأْتَسِي حَمَّادُهُمْ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ
سُهَيْلُ وَالْعَلَاءُ كُلاًّ عَنْ أَبِهْ أَدْوَنُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّبِهْ
=…هذه الأسانيد التي ذكرها الناظم أسانيد صحيحة هي دون التي ذكرها مما وصف بأنه أصح الأسانيد فتلك أعلى مراتب الصحيح ، وهذه الأسانيد هي:
1. بريد بن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده عن أبي موسى رضي الله عنه.
2. يليه: حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس.
ودونها :
1. سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
2. والعلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة.
وهذا معنى قوله أدون يعني أن هذين الأخرين دون الأسانيد السابقة كلها .
لِذَا التَّفَاوُتِ الْبُخَارِي قُدِّماَ فَمُسْلِمٌ فَمَا حَوَى شَرْطَهُمَا
90 فَشَرْطُ أَوَّلٍ فَثاَنٍ ثُمَّ مَا لِلْغَيْرِ وَالصَّحِيحَ لَمْ157 يُتَمِّماَ
وَمُسْلِمٌ وَافَقَهُ إِلاَّ فِي عِشْرِينَ مَعْ ثَلاَثِمِائَةٍ لَمْ يَفِي
فَفِي كِلَيْهِمَا بِلاَ تَكْرَارِ أَرْبَعُ آلاَفٍ بِخُلْفٍ جَارِ
=…من أجل تفاوت مراتب الصحيح قُدِّم كتاب الجامع الصحيح للبخاري على سائر كتب الحديث ثم الجامع الصحيح لمسلم لانتقائهما أعلى المراتب. وصحيح البخاري يَفْضُلُ صحيحَ مسلم لتفاضل ما بين الإمامين فإن البخاري بلا شك أجل وأعلم بالحديث وعلله وأصوله من تلميذه مسلم بل لو لا البخاري لما جاء مسلم ولا راح كما يقول الدارقطني . ثم إنه بالنظر إلى محتوى الكتابين فضل العلماء كتاب البخاري على كتاب مسلم من حيث الصحة بثلاثة أمور:
1- شدة الاتصال الزائدة على شرط الصحيح.
2- إتقان الرجال بحيث يكونون أعلى طبقة من رجال الحديث الصحيح.(1/50)
3- قلة الشذوذ والعلل وذلك لأن ما انتقد على البخاري من الأحاديث أقل عددا مما انتقد على مسلم .
……هذا بالإضافة إلى ما امتاز به كتاب البخاري من كثرة الفوائد الحديثية والاستنباطات الفقهية والنكت الحكمية.
ومن أجل ذلك قُدّم الحديث الذي اتفقا عليه ثم ما انفرد بإخراجه البخاري ثم ما انفرد به مسلم ثم الذي على شرطهما ولم يخرجاه ثم الذي على شرط البخاري ثم على شرط مسلم ثم ما صح إسناده لا على شرط أحدهما. فهذه سبع مراتب للحديث الصحيح كما ذكرها الناظم رحمه الله.
=…وقوله (والصحيح لم يُتَمِّمَا) أشار به إلى أن أن البخاري ومسلما لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة بل تُكمّل من سائر الكتب الحديثية .كيف لا وهما لم يلتزما ذلك؟
قال البخاري: ما أدخلت في كتابي إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول .
وسئل مسلم عن حديث أبي هريرة (فإذا قرأ فأنصتوا)158 هل هو صحيح؟ فقال: عندي هو صحيح. فقيل: لِمَ لَمْ تضعه ههنا؟ فقال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ههنا. إنما وضعت ما أجمعوا عليه.159
اَلْمُعَلَّقُ فِي الصَّحِيحَينِ:160
مَا بِهِمَا مُعَلَّقًا بِهِ جَزِمْ فَهُوَ صَحِيحٌ غيرُهُ الْحُكْمَ عَدِمْ أ/13
لَكِنَّهُ صِحَّةَ أَصْلِهِ يُرِي وَانْْتُقِدَا كَمْ لَهُمَا مِنْ نَاصِر
وَجَمَّ تَعْلِيقٌ لَدَى الْبُخَارِي وَمَا بِهِ الْجَزْمُ فَلاِخْتِصَارِ ج/14
أَوْ وَهْنِ سمَْعٍ قَالَ عُثْمَانُ لَدَى وَكَالَةٍ وَالسَّمْعَ مِنْهُ فَقَدَا(1/51)
…المعلق هو الحديث الذي حذف من مبتدأ إسناده راوٍ واحد فأكثر على التوالي ، سمي بذلك لاتصاله بالجهة العليا وانقطاعه عن الجهة الدنيا.161 مثاله أن يقول الراوي: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو يذكر الصحابي فقط دون التابعي. وهو كثير في تراجم أبواب البخاري كما سيذكره الناظم قريبا وقليل في صحيح مسلم لا يجاوز أربعة عشر حديثا. بل حقق الشيخ مشهور آل سلمان في كتابه "الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح"162 أنها اثنا عشر رواية فقط .
…وقول الناظم "وانتقدا كم لهما من ناصر" يشير به إلى أن الشيخين البخاري ومسلما قد انتقدا في بعض ما روياه في كتابيهما كما فعل الدارقطني وغيره وانتصر لهما كثير أيضا كما فعل الحافظ ابن حجر في هدي الساري وفي تغليق التعليق . والذي ينبغي أن يعرفه القارئ أن الانتقاد على البخاري ومسلم لا يقدح في صحة أحاديثهما من حيث العموم بل أحاديثهما من أعلى الصحيح للشروط التي اشترطاها على ما يوردونه وإنما حصل الانتقاد عليهما في اختيار بعض الألفاظ وبعض الطرق وفي المعلقات التي أكثر من إيرادها البخاري مما لا يلتحق بشرطه في كتابه الصحيح .
…فَإِنْ ذكرا التعليق بصيغة الجزم كقال وفَعل ورَوى وذَكر فلان فهذا صحيح إلى من علقاه عنه . وإن ذكراه بصيغة التمريض كيُروى ويُحكى ويُذكر عن فلان فمنه ما هو حسن وما هو ضعيف ضعفا خفيفا منجبرا.
ويذكر الناظم - رحمه الله - أن البخاري إنما يعلق ما أورده بصيغة الجزم إذا ضاق مخرج الحديث واحتاج إلى تكريره فيختصر إسناده إذ لم يجد له طريقا آخر . وقد يعلقه لأنه لم يحصل له مسموعا وإنما أخذه على طريق المذاكرة أو بالإجازة.
مثال هذا ما أخرجه البخاري163 في كتاب الوكالة ولفظه : قال عثمان بن الهيثم ثنا عوف ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: (وكلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بزكاة رمضان...) الحديث بطوله.(1/52)
وعثمان بن الهيثم هذا من مشايخ البخاري الذين سمع منهم الكثير ولكن لم يصرح بسماعه منه هذا الحديث. فالله أعلم أسمعه منه أم لا؟ وقد أورده في ثلاثة مواضع164 ولم يصرح في واحد منها بالسماع فكأنه لم يحصل له مسموعا بل أخذه بالإجازة أو على طريق المذاكرة.
أَوْ دُونَ شَرْطِهِ كَقَالَتْ عَائِشَهْ أَوْ حَسَنٍ كَقَالَ بَهْزٌ فَتِّشَهْ165
أَوْ ضَعْفِ قَطْعٍ فيِ الزَّكَاةِ قَالَ طَاوُوسُ قَالَ سَمْعَهُ مَا نَالَ
…وقد يعلقه لأنه - وإن كان صحيحا - لا يلتحق بشرطه كقوله في ك الطهارة باب 10: وقالت عائشة (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الله على كل أحيانه). وهو حديث صحيح قد أخرجه مسلم في (ك الحيض) والترمذي في (ك الدعاء)166 لكن استغربه. وقد تفرد به خالد بن سلمة المخزومي وهو صدوق ليس من شرط البخاري.
وقد يعلقه وهو حسن كقوله في (ك الغسل 20): وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الله أحق أن يستحيا منه من الناس).
وقد أخرجه أصحاب السنن وهو حسن كما قال الترمذي167
وقد يعلقه لضعف خفيف فيه كالانقطاع. مثاله قوله في ك الزكاة: وقال طاووس: قال معاذ لأهل اليمن: (ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم).
إسناده إلى طاووس صحيح لكن طاووس لم يسمعه من معاذ فهو منقطع كما قال الحافظ في النكت وبعده السخاوي .168
أَوْ لاَ بِشَرْطِهِ صَحِيحٌ وَرَوَاهُ بِغَيْرِ لَفْظِهِ مُقَوًّى بِسِوَاهُ ب/9
100 مِثالُهُ فيِ الطِّبِّ مَتْنُ يُذْكَرُ عَنِ النَّبِيِّ فيِ الرُّقىَ مَا ذَكَرُوا أ/14
فيِ مُسْنَدٍ عَنْهُ الرُّقىَ بِالْفَاتِحَه تَقْرِيرُهُ أَفَادَ أَنْ ذِي صَالِحَه(1/53)
= قوله (أولا بشرطه) يعني ليس مجزوما به مع أنه ملتحق بشرطه وإنما أورده بالتمريض لأنه رواه بالمعنى لا بلفظه، مثاله قوله في ك الطب باب الرقى بفاتحة الكتاب "ويُذكر عن ابن عباس عن النبي الله عليه وآله ومسلم..." وأورد في هذا الباب حديث أبي سعيد في القصة نفسها التي في حديث ابن عباس ثم أسند حديث ابن عباس في الباب الذي بعده وذكر قصة النفر من الصحابة الذين مروا بحي فيهم لديغ فرقى له بعضهم بفاتحة الكتاب فأقره النبي صلى لله عليه وآله وسلم وفي آخره (إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله).
فحديث ابن عباس إنما علقه البخاري بصيغة التمريض في الموضع الأول لأنه رواه بالمعنى حيث نسبه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم من تقريره لا من فعله.
أَوْ دُونَ شَرْطِهِ عَنِ ابْنِ السَّائِبِ169 يُذْكَرُ فيِ الصَّلاَةِ قَدْ قَرَا النَّبيِّ ج/15
…مثال التعليق الممرض وهو صحيح على غير شرطه قوله في ك الآذان170 باب الجمع بين السورتين في الركعة. قال : ويذكر عن عبد الله ابن السائب رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم "المؤمنون" في صلاة الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون - عليهما السلام - أو ذكر عيسى - عليه السلام - أخذته سلعة فركع. هذا حديث صحيح وإن لم يكن على شرطه. أخرجه مسلم في ك الصلاة باب القراءة في الصلاة171. وفي إسناده علة منعت البخاري من إخراج ما بلغ شرطه من هذا الإسناد.172
أَوْ حَسَنٌ يُذْكَرُ فيِ الْبُيُوعِ عَنْ عُثْماَنَ جَاءَ عَنْ مَتْبُوعِ
أَوْ مَا ضَعِيفٌ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَفيِ اْلوَصَايَا مَا بِهِ يُمَثَّلُ173
…مثال تعليق البخاري للحديث الحسن قوله في ك البيوع باب ويُذكر عن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: ( إذا بِعْتَ فَكِلْ وَإِذَا ابْتَعْتَ فَاكْتَلْ). وقد رواه الإمام أحمد في مسنده وابن ماجه وغيرهما وحسنه الحافظ بطرقه في النكت174.(1/54)
=…مثال التعليق الممرض الذي يكون إسناده ضعيفا فردا لكنه انجبر بأمر آخر كإجماع أهل العلم على القول بذلك قوله في ك الوصايا : ويُذكر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى بالدين قبل الوصية.
وهذا الحديث من رواية أبى إسحاق عن الحارث الأعور عن علي بن أبي طالب والحارث ضعيف جدا. وقد رواه الترمذي في ك الفرائض.175 واستغربه ثم حكى إجماع أهل العلم على القول بذلك فاعتضد الحديث بالإجماع.
وَقَلَّ جِدًّا فِيهِ مَا لاَ يَجْبُرُ عَنْ أَبِ هِرٍّ في الصَّلاَةِ يُذْكَرُ
=…مثال التعليق الممرَّض الذي لا يرتقي عن درجة الضعيف ولم ينجبر بأمر آخر - وهو قليل جدا في كتاب البخاري ويعقب البخاري نفسه ببيان ضعفه قوله في ك الأذان 157: "ويُذكر عن أبي هريرة رفعه (لا يتطوع الإمام في مكانه) ولم يصح".
والحديث أخرجه أبو داود في ك الصلاة وابن أبي شيبة في المصنف176 وفيه ليث بن أبي سليم ضعيف وشيخ شيخه مجهول.
قلت: ومثله أيضا في ك الهبة باب 25: "ويُذكر عن ابن عباس مرفوعا (إن جلساءه شركاؤه فيها) ولم يصح".
وقد بيّن الأئمة أبو حاتم وغيره أن رفعه منكر .177
وَلَمْ يجَِىءْ إِلاَّ لَدَى التَّيَمُّمِ في قَالَ لَيْثٌ في صَحِيحِ مُسْلِمِ
…يعني أنه لم يرد حديث معلق في صحيح مسلم إلا في موضع واحد وأشار إلى ما رواه178 في ك الحيض باب التيمم قال: وروى الليث بن سعد حدثني جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن عمير مولى ابن عباس أنه سمعه يقول: أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى دخلنا على أبي الجهيم بن الحارث بن الصِّمَّة الأنصارى فقال أبو الجهيم: "أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام".(1/55)
ويُسَلَّم للناظم كونه هو التعليق الوحيد في صحيح مسلم بقيد ما لم يوصل في مكان آخر.179 والعلم عند الله.
اَلْجَيِّدُ وَاْلقَوِيُّ
فيِ التِّرْمِذِي فيِ الطِّبِّ جَاءَ جَيِّدُ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاْلقَوِيُّ اْلأَيِّدُ
قِيلَ هُمَا مَا يَرْتَقِي180 عَنِ اْلحَسَنْ وَالشَّكُّ فيِ بُلُوغِهِ الصَّحِيحَ عَنّ
…من الألفاظ التي يستعملها المحدثون في الحديث المقبول : الجيد والقوي. ويرى ابن الصلاح مساواة الجيد مع الصحيح . واستعمله الترمذي كذلك في كتاب الطب فقال : هذا حديث جيد حسن ، خلاف عادته في التعبير عن الحديث بأنه حسن صحيح.
…وقيل إن المحدث الجهبذ لا يعدل عن قوله حديث صحيح إلى قوله حديث قوي أو جيد إلا لنكتة ، كأن يرتقي الحديث عنده عن الحسن لذته ويتردد في بلوغه مرتبة الصحيح . فكأنهما في مرتبة بين الصحة والحسن. وقد أجريت دراسة في معجم شيوخ الذهبي للأحاديث التي يقول فيها جيد أو جيد الإسناد فألفيت غالبها صحاحا أو حسانا بل بعضها في الصحيحين أو أحدهما. والله الموفِّق.
اَلثَّابِتُ وَالصَّالِحُ وَالْمُجَوَّدُ أ/15
ذِي لِلصِّحَاحِ وَالْحِسَانِ تَصْلُحُ وَفِي ضَعِيفِ الاِعْتِباَرِ الصَّالِحُ ج/16
110 أَوْ ثَابِتٌ لَدَى الصَّحِيحِ قَدْ181 عَمَنْ أَوْ كُلُّهَا بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْحَسَنْ
يقال في الثابت وفي المجود ما قيل في القوي والجيد. وأما الصالح فقد استعمله أبو داود في ما هو شامل للصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج. ويستعمل الصالح أيضا في الحديث الضعيف المنجبر لصلاحيته للاعتبار.
اَلْحسَنُ وَالمُشْبِهُ ب/10
ذَاكَ الَّذِي حَازَ شُرُوطَ ماَ مَضَى إِلاَّ كَمَالَ الضَّبْطِ فيِ الْقَوْلِ الرِّضَى
وَالْحُسْنُ كَالصِّحَةِ فيِ اْلحُجَّةِ بِهِ182(1/56)
…اقتصر الناظم - رحمه الله - على الأرجح من تعريفات العلماء للحديث الحسن وهو ما عرفه به الحافظ في النخبة قال: ((وخبر الآحاد بنقل عدل تام الضبط متصل السند غير معلل ولا شاذ هو الصحيح لذاته ... فإن خف الضبط فالحسن لذاته)).183
…وعلى هذا فإن الحسن كالبرزخ بين الصحيح والضعيف وهي مرتبة دقيقة جدا بل هي من أدق أنواع الحديث . ومن أجل ذلك يختلف العلماء كثيرا في الأحاديث الحسان فيُلحقها بعضهم بالصحاح وآخر ينزلها إلى مرتبة الضعف.
…قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي (ت: 748هـ): ((وقد قلت لك إن الحسن ما قصر سنده قليلا عن رتبة الصحيح ... ثم لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها، فإنا على إياس من ذلك ، فكم من حديث يتردد فيه الحفاظ هل هو حسن أو ضعيف أو صحيح؟ بل الحافظ الواحد يتغير اجتهاده في الحديث الواحد فيوما يصفه بالصحة ويوما يصفه بالحسن ولربما استضعفه.
وهذا حق ، فإن الحديث الحسن يستضعفه الحافظ عن أن يرقيه إلى مرتبة الصحيح ، فبهذا الاعتبار فيه ضعف ما ، إذ الحسن لا ينفك عن ضعف ما ، ولو انفك عن ذلك لصح باتفاق)).184
…ومثل هذا ما قاله في ترجمة محمد بن طلحة بن مصرف اليامي في سير أعلام النبلاء بعد أن ذكر بعض أقوال العلماء في توثيقه وتوهينه، قال: يجيء حديثه من أدنى مراتب الصحيح ، ومن أجود الحسن . وبهذا يظهر لك أن "الصحيحين" فيهما الصحيح وما هو أصح منه ، وإن شئت قلت : فيهما الصحيح الذي لا نزاع فيه ، والصحيح الذي هو حسن . وبهذا يظهر لك أن الحسن قسم داخل في الصحيح ، وأن الحديث النبوي قسمان ، ليس إلا صحيح وهو على مراتب ، وضعيف وهو على مراتب . والله أعلم185.
وَفيِ تَفَاوُتٍ فَأَعْلاَ رُتَبِهْ
مَا صَحَّحَ الْبَعْضُ كَبَهْزٍ عَنْ أَبِهْ كَذَاكَ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ اَلنَّبِهْ
كَذَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنِ التَّيْمِيِّ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ عَنِ النَّبِيِّ(1/57)
وَدُونَهُ مَا قَالَ بَعْضٌ وَاهِ كاَلْحَارِثِ اْلإِبْنِ لِعَبْدِ اللّهِ
وَعَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةٍ حَجَّاجُ هُوَ ابْنُ أَرْطاَةٍ فيِ الاِحْتِجَاجِِ
…ذكر الناظم ههنا تفاوت مراتب الحديث الحسن كما تتفاوت مراتب الصحيح. وأعلى مراتب الحديث ما روي بإسناد اختلف العلماء فيه فمنهم من جعله من الصحيح ومنهم من جعله من الحسن. مثاله بهز بن حكيم عن أبيه عن جده وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومحمد بن إسحاق عن إبراهيم التيمي عن جابر . فهذه الأسانيد مختلف فيها ، وإن كان الراجح فيها أنها من الحسان لكنها عُدّت من أعلى الحسان لأن من العلماء من أوصلها إلى الصحيح .
…وأدنى مراتب الحسن ما روي بإسناد وصفه بعض العلماء بالضعف كرواية الحارث بن عبد الله وعاصم بن ضمرة وحجاج بن أرطأة . فإن هؤلاء مضعفون عند بعض أهل العلم ، ولذلك صار حديثهم عند من يحسنه من أدنى مراتب الحسن .
…
وَإِنْ يَكُنْ تَابَعَهُ فِي سَيْرِهِ سِوَاهُ فَالصَّحِيحُ أَيْ لِغَيْرِهِ
كَمَتْنِ لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ مُتَّبَعْ فِيهِ محُمَّدُ بْنُ عَمْرٍو فَارْتَفَعْ ج/17
…أشار الناظم - رحمه الله - إلى أن الحسن لذاته يرتقي إلى الصحيح لغيره بمجيئه من طريق أخرى ومثل له بحديث ((لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)).
…فقد رواه الترمذي من طريق أبي كريب عبدة بن سليمان عن محمد ابن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة.
ومحمد بن عمرو حسن الحديث لكن الحديث روي من طرق أخرى.
…قال الترمذي في جامعه186 : ((وحديث أبي هريرة إنما صح لأنه روي من غير وجه ... وأما محمد (يعني ابن إسماعيل البخاري) فزعم أن حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح (يعني من طريق محمد ابن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة).
…قلت: قد بين الحافظ أسباب هذا الترجيح فراجعها في الفتح187 غير مأمور.
وَفيِ الْبُخَارِيِّ أُبَيٌّ عَنْ أَبِهْ فِي اْلخَيْلِ قَدْ تُوبِعَ فِيهِ مِنْ أَخِهْ188(1/58)
=…قال البخاري في ك الجهاد باب اسم الفرس والحمار: ثنا على بن عبد الله بن جعفر ثنا معن بن عيسى ثنى أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال: (كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في حائطنا فرس يقال له اللحيف).
قال أبو عبد الله (البخاري): وقال بعضهم ((اللخيف)) ا هـ. أُبي ابن عباس الذي في هذا الإسناد متكلم فيه. فقد ضعفه ابن معين. وقال أحمد: منكر الحديث. ومشّاه الذهبي بقوله: ((أُبي وإن لم يكن بالثبت فهو حسن الحديث)).
ومن أجل أُبي هذا انتقد الدارقطني على البخاري إخراجه لهذا الحديث. فأجاب الحافظ بأن أخاه عبد المهيمن قد تابعه عليه189. وفي هذا الجواب ما فيه فإنهم اتفقوا على أن أخاه عبد المهيمن أشد ضعفا منه. والله أعلم.190
120 كَماَ الضَّعِيفُ أَيْ لِسُوءِ حِفْظٍ أَوْ إِرْسَالِ أَوْ تَدْلِيسٍ اَوْ جَهْلٍ رَأَواْ
يَنَالُ حُسْناً بِسِوَى طَرِيقِهْ إِنْ جَاءَ وَهُوَ حَسَنٌ لِغَيْرِهْ191
= ذكر الناظم - عليه رحمة الله تعالى - ارتقاء حديث سيء الحفظ وكذلك المرسل والمدلس وما في رواته رجل مجهول، وذلك إذا ورد من طريق آخر لأنه حينئذ نعلم أنه محفوظ لم يتطرق إليه الخطأ - وهو الحسن لغيره.
…وهذه مسألة اتفق عليها المحدثون قديما وحديثا وإن خالف فيها بعض المعاصرين. ويمثِّل رأيَهم قُول الشيخ عبيد الله بن حمدي في كتابه إرواء الظمي بتخريج سنن الدارمي قال:
…أما القول بتحسين الحديث لشواهده فهذا ما لا أقول به. فأنت إذا كنت في معترك أو مقتتل فالعقل يقول: إنه لا يمكنك أن تعين عاجزا بعاجز ولا أبتر بأبتر كما لا يسوغ الستر بشفَّاف.192
وقال أيضا: "فإن القول الذي ندين الله تعالى به أنه لا يمكن بحال تقوية ضعيف بضعيف أبدا ، ففاقد الشيء لا يعطيه".193(1/59)
…وتشبيه الشيخ لرواية الحديث بالقتال تشبيه غير جيد فإن هذا مجال الإخبار بالمحفوظ والمسموع. ولا شك أن الأخبار تتقوى بمجيئها من وجوه وإن كان كل وجه منها لا يعتمد عليه بانفراد. فأنت إذا أتاك الرجل بخبر وأنت لا تثق في ضبطه للأخبار فإنك تشك في وقوع ذلك المخبر به. لكن لو أتاك رجل وأخبرك بنفس الخبر فإن العقل يقول إنك ستقبل ذلك الخبر.
…وبكل حال ، فقد تكفل فضيلة شيخنا المحدث أبو إسحاق المصري بالرد الوافر على الشيخ حمدي وذلك في كتابه الماتع ((جنة المرتاب)) الذي انتقد فيه كتاب الحافظ ابن بدر الموصلي رحمه الله . فطالعه فإنه مهم.194
نَحْوُ حَدِيثِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ فَأُصْدِقَتْ نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَضِيَتْ أ/16
فِي التِّرْمِذِي وَفيِ الرِّجَالِ عَاصِمْ لِغَيْرِ ذَا الطَّرِيقِ فَهُوَ قَائِمْ
وَفِيهِ عَنْ مُدَلِّسٍ هُشَيْمِ حَدِيثُ جُمْعَةٍ رَوَاهُ التَّيْمِي
…روى الترمذي195 في ك النكاح من طريق عاصم بن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم. فأجازه.
…قال الترمذي: حسن صحيح.
…وعاصم ضعيف واستنكروا عليه هذا الحديث كما قال أبو حاتم في كتاب العلل196 لكن الحديث له شواهد ذكرها الترمذي هناك فهو بها حسن، والله أعلم.
…وفي الترمذي197 أيضا في أبواب الصلاة رواية مدلِّس قد توبع فيها وهي ما رواه من طريق هشيم عن ابن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن البراء مرفوعا: (أن حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة وليمس أحدهم من طيب أهله، فإن لم يجد فالماء له طيب). قال الترمذي: هذا حديث حسن.
…فهشيم هو ابن بشير الواسطي وهو ثقة كثير التدليس كما قال الحافظ، وقد عنعن الحديث. لكن تابعه أبو يحيى التيمي. وللحديث شواهد عن أبي سعيد وغيره.198(1/60)
مَا ضَعْفُهُ لِفِسْقِ مَنْ رَوَاهُ لَمْ يَنْجَبِرْ لِوِفْقِ ماَ سَاوَاهُ ب/11،ج/18
قال شيخنا الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - في تمام المنة:
من المشهور عند أهل العلم أن الحديث إذا جاء من طرق متعددة فإنه يتقوى بها ويصير حجة وإن كان كل طريق منها على انفراده ضعيفا. لكن هذا ليس على إطلاقه بل هو مقيد عند المحققين منهم بما إذا كان ضعف رواته في مختلف طرقه ناشئا من سوء حفظهم لا من تهمة في صدقهم أو دينهم، وإلا فإنه لا يتقوى مهما كثرت طرقه، وهذا ما نقله المحقق المناوي في ((فيض القدير)) عن العلماء قالوا: (وإذا قوي الضعف لا ينجبر بوروده من وجه آخر وإن كثرت طرقه)، ومن ثم اتفقوا على ضعف حديث (من حفظ على أمتي أربعين حديثا...) مع كثرة طرقه لقوة ضعفه وقصورها عن الجبر، خلاف ما خف ضعفه...199.
…ومن هنا يتبين لك خطأ من يحسن الحديث بمجرد تعدد الطرق من دون نظر لمدى ضعفها وهل ينجبر بها الحديث أم لا ؟ والله المستعان.
وَمَنْ يَقُولُ حَسَنٌ صَحِيحُ مُرَدِّدٌ أَوْ ظَهَرَ التَّرْجِيحُ
…الذي يقول (حسن صحيح) هو الإمام الترمذي في جامعه. وهي عبارة مشكلة لأن الحسن يتقاصر عن درجة الصحيح، فكيف يجمع بينهما مع تفاوت مرتبتيهما؟ وقد تعددت أجوبة العلاء على ذلك، حررتها فبلغت تسعة أقوال، ذكر الناظم منها الجوابين الأول والثاني، وهذه الأجوبة كالآتي:
1) أنه متردد، فكأنه يقول حسن أو صحيح.
2) أنه مختلف فيه لكن ظهر رجحان صحته فكأنه يقول حسن بل صحيح.
وإليه الإشارة بقول السيوطي في ألفيته: …
وقيل ما تلقاه يحوي العليا
…… ……فهو حاو أبدا للدنيا
كل صحيح حسن لا ينعكس ...
3) وقيل إنها درجة فوق الصحة.
4) وقيل درجة متوسطة بين الحسن والصحيح.
…وعلى هذا فما قيل فيه (حسن صحيح) لم يصل إلى مرتبة الصحيح وهو فوق الحسن.
5) وقيل إن الحسن في هذه العبارة هو الحسن اللغوي فكأنه يقول لفظه حسن وإسناده صحيح.(1/61)
6) وقيل باعتبار إسنادين فبإسناد هو حسن وبآخر هو صحيح. ويرجع إلى القول الثالث أنه فوق الصحيح. وهذا إذا كان له إسنادان وأما إن كان له إسناد واحد فالمعنى حسن عند قوم صحيح عند آخرين. وهذا جواب الحافظ ابن حجر.
7) وقيل معنى ذلك أنه حسن الإسناد صحيح المتن . وهو جواب شيخ الإسلام ابن تيمية .
وزاد السيوطي جوابين آخرين:
8) أنه حسن لذاته صحيح لغيره.
9) أو أنه حسن على الذي عليه الاصطلاح لكنه أصح ما ورد في الباب.
قال العلامة أحمد شاكر في شرح الألفية : ((الذي أراه أن كل هذه الأجوبة عن قول الترمذي "حسن صحيح" عقب أحاديث كثيرة في سننه فيها تكلف ظاهر وتقييد له باصطلاح لعله لم يتقيد به، وما أظنه يريد بهذا إلا تأكيد صحة الحديث بالترقي به من الحسن إلى الصحة))200
قلت: هذا يرجع إلى القول الثاني أو الثامن وإلا فهو قول عاشر في المسألة. والعلم عند الله تعالى.
وَاْلمُشْبِهُ الَّذِي يُقَارِبُ اْلحَسَنْ أَوْ هُوَ فيِ قَوْلِ أَبيِ حَاتِمِ عَنّ
……يشير إلى قول أبي حاتم الرازي الذي نقله عنه السيوطي في التدريب قال أبو حاتم : "أخرج عمرو بن حصين الكلابي أول شيء أحاديث مشبهة حسانا ، ثم أخرج بعدُ أحاديث موضوعة فأفسد علينا ما كتبنا"201.
زِيَادَاتُ الثِّقَاتِ202
زِيَادَةُ الثِّقَاتِ عَنْهُمْ تُقْبَلُ إِنْ لَمْ تُنَافِ مَا رَوَاهُ اْلأَفْضَلُ
…قال ابن الصلاح: وذلك فن لطيف تستحسن العناية به. ومذهب الجمهور أنها مقبولة إذا تفرد بها ثقة سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه ناقصا مرة ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا.203
وعلى هذا فإذا وصل الحديث ثقة وخالفه آخر بأن أرسله فالحكم لمن وصله لأنه زيادة من ثقة ولأن من حفظ حجة على من لم يحفظ. لكن هذا بشرط ألا يكون في هذه الزيادة مخالفة لما رواه الثقة الآخر أو الجمع من الثقات. والصواب في هذه المسألة قول ابن دقيق العيد:(1/62)
إن ذلك ليس قانونا مطردا ، وبمراجعة أحكامهم الجزئية يعرف صواب ما نقول ، فإنهم يروون الحديث من رواية الثقات العدول ، ثم تقوم لهم علل تمنعهم من الحكم بصحته لمخالفة الكثير للأقل ، ومن هو أحفظ منه ، أو قيام قرينة تؤثر في أنفسهم غلبة ظن بغلطه ، وإن كان هو الذي وصل أو رفع ، ولم يجروا ذلك على قانون واحد يستعمل في جميع الأحاديث.204
وبمثل ذلك قال ابن سيد الناس.205
وقال العلائي :
أما أئمة الحديث فالمتقدمون منهم كيحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي ومن بعدهما كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهذه الطبقة ، وكذلك من بعدهم كالبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين ومسلم والنسائي والترمذي وأمثالهم ثم الدارقطني والخليلي كل هؤلاء يقتضي تصرفهم في الزيادة قبولا وردا الترجيح بانسبة إلى ما يقوي عند الواحد منهم في كل حديث ولا يحكمون في المسألة بحكم كلي يعم جميع الأحاديث . وهذا هو الحق والصواب.206
وَإِنْ207 نَفَتْ فَالأَرْجَحُ المحْفُوظُ وَالْغَيْرُ شَاذٌّ عِنْدَهُمْ مَلْفُوظُ
130 كَمَتْنِ مَنْ مَاتَ وَلاَ وَارِثَ لَهْ إِلاَّ الَّذِي أَعْتَقَهُ قَدْ وَصَلَهْ
اِبْنُ عُيَيْنَةٍ وَحَمَّادٌ أَرْسَلاَ وَالْمُوصَلُ الْمَحْفُوظُ جَمُّ الْفُضَلاَء
فإن خالف الثقة في حديثه ما رواه الثقات أو من هو أوثق منه فإنه يرد حديثه ويسمى شاذا وحديث الثقات هو المحفوظ.
…مثال ما تقدم ما رواه أصحاب السنن إلا أبا داود من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة عن ابن عباس أن رجلا مات على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يدع وارثا إلا عبدا هو أعتقه فأعطاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ميراثه).حسنه الترمذي.208
وتابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره لكن خالفهم حماد بن زيد فرواه مرسلا بدون ذكر ابن عباس.
قال أبو حاتم: المحفوظ حديث ابن عيينة يعنى الموصول209.(1/63)
وَإِنْ يخُاَلِفِ الضَّعِيفُ اْلأَمْثَلاَ فَذَانِ مُنْكَرٌ وَمَعْرُوفٌ جَلاَ
كَرَفْعِ مَنْ أَقَامَ وَالْمَعْرُوفُ مِنَ الثِّقَاتِ أَنَّهُ مَوْقُوفُ ج/19
يشير إلى ما رواه ابن أبي حاتم من طريق حُبيب (مصغرا مشددا) ابن حَبيب (مكبر) عن أبي إسحاق عن العيزار ابن حريث عن ابن عباس مرفوعا: (من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج وصام وقرى الضيف دخل الجنة).
قال أبو حاتم: هو منكر لأن الثقات رووه عن أبي اسحاق موقوفا وهو المعروف.210
وحُبيب بن حَبيب هو أخو حمزة الزيات وقد وهاه أبو زرعة وتركه ابن المبارك .211 فمثله إذا خالف الثقات فحديثه منكر، وما رواه الثقات هو المعروف كما هو واضح من كلام الناظم. والعلم عند الله تعالى.
تَتِمَّةٌ
عَرْضُ اْلحَدِيثِ بِأُصُولٍ يُنْدَبُ لِآخِذٍ لَكِنَّ بِأَصْلٍ يَجِبُ
…ينبغي لمن أراد أخذ الحديث من كتاب أن يقابله بأصول صحيحة. فيأخذ نسخا معتمدة مقابلة ويقابلها بأصله. ولذلك قالوا إنه يشترط في ذلك الأصل المقابل به أن يكون موثّقا قد قوبل مقابلة صحيحة بنسخ معتمدة. وإن اكتفى بنسخة واحدة صحيحة فهو الواجب.
…ويمكن إجراء ذلك في هذا العصر بالتسجيل على الشريط إذا كانت المكتبة لا تسمح بتصوير أصولها ، فيقوم المحقق بقراءة النسخة على الشريط ثم يفرغه مكتوبا ويقابل المكتوب بعد ذلك بالنسخة الأصلية . والله أعلم.
اَلْمَرْدُودُ
وَهُوَ الضَّعِيفُ عَنْ شُرُوطِ مَا خَلاَ خَلاَ وَأْعَلاَهُ مُضَعَّفُ الْحُلاَ
وَرَدُّهُ إِمَّا لِطَعْنٍ حَلاًّ فِيمَنْ رَوَى أَوْ فَقْدِهِ اتِّصَلاَ ب/12
وَشَرُّهَا212 لِلطَّعْنِ مَوْضُوعٌ تَلاَ مَتْرُوكُهُ فَمُنْكَرٌ أَوْ مُعْلَلاَ
فَمُدْرَجٌ فَالْقَلْبُ فَاْلمُضْطَرِبُ فِي قَلْبِهِ اْلمُرَكَّبُ اْلمُنْقَلِبُ
وَشَرُّ فَقْدِ الاِتِّصَالِ الْمُعْضَلُ مُنْقَطِعٌ مُدَلِّسٌ فَمُرْسَلٌ(1/64)
قوله : (وهو الضعيف عن شروط ما خلا) أي ما مضى من شروط القبول. و(خلا) الثانية من الخلو وهو عدم وجود هذه الشروط المذكورة.
بعد أن انتهى الناظم من بيان الحديث المقبول وشَرَح أنواعه شرع في ما هو عكسه وهو الحديث المردود وعرّفه بأنه الذي لم تتم فيه شروط القبول التي سبق بيانها. ويُرَدُّ الحديث لأحد أمرين: إما أنّ في رواته من هو مطعون فيه أو أنه لم يستوف شروط الاتصال وهناك سبب ثالث وهو وجود علة فيه تقتضي رده. وذكر الناظم للثاني ثلاثة عشر نوعا وقال بأن شرها هو الحديث الموضوع. ويجب التنبُّه لأن هذه الأنواع ليست كلها مردودة بمعنى طرحها وعدم الاعتبار بها. بل منها ما هو كذلك كالموضوع والمنكر ، ومنها ما يُعتبر به وينظر له في المتابعات والشواهد كما سبق شرحه في الحديث عن الحسن لغيره. والله أعلم.
الموضوع:
140 مَوْضُوعُهُ اْلإِفْكُ عَلَى الرَّسُولِ
الحديث الموضوع هو المختلق المصنوع المكذوب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ولم يقع وضع الحديث على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما كان أحد من الصحابة ليكذب عليه.
قال البراء بن عازب: (ما كل ما نحدثكم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمعناه منه، منه ما سمعناه منه ومنه ما حدثنا أصحابنا ونحن لا نكذب).
وذكر أنس بن مالك حديثا فقال له رجل: (أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: نعم أو حدثني من لا يكذب. والله ما كنا نكذب ولا ندري ما الكذب).(1/65)
وكذلك لا توجد أدلة على وقوع الوضع في خلافة أبي بكر وعمر. ولا شك أن كثرة الصحابة الكبار ووحدة الأمة في هذه الفترة المبكرة منعت من ظهور الوضع في الحديث في تلك الفترة. إلا أن الفتن التي جرت بعد ذلك والتي أثرت في تشقّق بناء الأمة وأسفرت عن مقتل الخليفة عثمان رضى الله عنه ثم أدت بعد ذلك إلى موقعة الجمل وصفين والنهروان كانت هي مبعث نشوء الأحزاب السياسية كالخوارج والشيعة. وكان بعض هذه الأحزاب يلجأ إلى وضع الأحاديث للدفاع عن معتقداتهم إذ لا تسعفهم نصوص القرآن والسنة الصحيحة. ومنذئذ انفتحت أبواب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وكان الوضاعون على أصناف ذكرها في قوله:
بُغْضاً لِدِينِهِ وَنَيْلِ السُّولِ أ/18
مِنْ دُنْياَ وَالْجَهْلِ نَصْرِ مَذْهَبِ أَوْ لاِحْتِسَابِ اْلأَجْرِ كَاْلمُرَغِّبِ ج/20
عَلَى اْلعِباَدَاتِ كَقُرْآنٍ سُوَرْ بِوَضْعِ فَضْلِهاَ فَذَا النَّوْعُ أَضَرّ
فأصناف الوضاعين تبين الموضوعات التي تطرقوا إليها وهي كما يلي:
أولا: الزنادقة: وكانوا يحاولون انتقاص السنة وتشويه معالمها والوضع من مكانتها عند أرباب العقول، فكانوا يتسترون بالإسلام ويبطنون له ولأهله العداء.
ومن أمثلة ما وضعوه حديث (إن الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه خلق الخيل فأجراها حتى عرقت ثم خلق نفسه من ذلك العرق).213
ومن ذلك حديث (خلق الله تبارك وتعالى الملائكة من شعر ذراعيه وصدره أو من نورهما).214
وهكذا وضعت الزنادقة هذه الأحاديث بغية إثارة استهجان العقلاء وسخرية الملحدين والانتقاص من العقيدة الإسلامية المبرأة من التشبيه والتجسيم.215
ثانيا: أصحاب الأهواء والمبتدعة الذين كانوا يضعون الأحاديث نصرة لمذاهبهم. وقد قال عبد الله بن يزيد المعرى عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته فجعل يقول: انظروا هذا الحديث ممن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأيا جعلنا له حديثا.216(1/66)
قال حماد بن سلمة : حدثنا شيخ من الرافضة قال: كنا إذا اجتمعنا واستحسنا شيئا جعلنا له حديثا .217
ثالثا: طلاب الدنيا: وهم القصاصون. قال ابن قتيبة:
إن القصاص على قديم الزمان كانوا يميلون وجوه العامة إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الحديث. وكان من شأن العوام القعود عند القصّاص ما كان حديثه عجبا خارجا عن فطر العقول أو رقيقا يحزن القلوب ويستغرز العيون، فإذا ذكر الجنة زعم أن الله يبوئ وليّه قصرا من لؤلؤة بيضاء فيه سبعون مقصورة في كل مقصورة سبعون ألف قبة في كل قبة سبعون ألف كذا... كأنه يرى أنه لا يجوز أن يكون العدد فوق السبعين ولا دونها.218
وروى ابن حبان في كتاب المجروحين عن مؤمل بن إهاب قال: قام رجل يحدث ويزيد بن هارون قاعد، فجعل يسأل الناس فلم يعط. فقال: ثنا يزيد بن هارون عن شريك عن المغيرة عن إبراهيم قال: إذا سأل السائل ثلاثة فلم يعط فليكبر عليهم ثلاثا وجعل يقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر فلما سئل يزيد بن هارون قال: كذب علي الخبيث ما سمعت بهذا قط. 219
رابعا: جهال العباد وضعوا الأحاديث في الترغيب والترهيب ليحثوا الناس بزعمهم على الخير ويزجروهم عن الشر. ومضمون فعلهم على حد قول ابن الجوزي أن الشريعة ناقصة تحتاج إلى تتمة فهم يتمونها.
وقد قال ابن مهدي لميسرة بن عبد ربه: من أين جئت بهذه الأحاديث (من قرأ كذا فله كذا...)؟ قال: وضعتها أرغب الناس فيها.
وكان أبو داود النخعي أطول الناس قياما بليل وأكثرهم صياما بنهار وكان يضع الحديث وضعا.220
وقيل لنوح بن أبي مريم: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا ؟ فقال: إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة.221(1/67)
خامسا: المتعصبون لمذهب أو قبيلة أو بلد. وكان ذلك في القرن الثالث الهجري حينما فشا التعصب للمذاهب والأئمة والعنصرية للمدن والقبائل. وقد وضعت في ذلك أحاديث كثيرة تعرف في موضعها.
والذي يجب التنبُّه له هنا هو أن أهل العلم من المحدثين وغيرهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي أمام هذا الكم الهائل من الأحاديث المكذوبة بل قاوموها أشد المقاومة واتخذوا في ذلك أحسن السبل لاكتشافها، وحفظت السنة بذلك من عبث العابثين وتأويل المغرضين وتحريف الغالين وانتحال المبطلين حتى قيل لعبد الله بن المبارك: هذه الأحاديث الموضوعات؟ فقال: تعيش لها الجهابذة . وتلى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) [حجر :6].222 فجزى الله هؤلاء الأئمة عن هذه الأمة خير الجزاء وحشرنا في زمرتهم يوم الدين.
مِنْهُ حَدِيثُ اْلأُرْزِ مَعْ فَضَائِلِ سِمَيْ نَبِيِّناَ وَصَايَا لِعَلِيّ
حديث الأرز هو: (لو كان الأرز رجلا لكان حليما).
…قال الحافظ ابن القيم (ت 751هـ): إنه باطل لا يصح.
…وقال أيضا: (أحاديث مدح العدس والأرز والباقلاء والباذنجان والرمان والزبيب والهندباء والكراث والبطيخ والجزر والجبن والهريسة فيها جزء كله كذب من أوله إلى آخره)223
…قال العلامة الكرمي المقدسي (ت1033هـ): (ليس في الأرز شيء ثابت) .224
= ومن الأحاديث الموضوعة أحاديث تعظيم من اسمه محمد أو أحمد أو أن من تسمى بها لا يدخل النار ، فكلها كذب لأن ذلك يناقض ما هو معلوم من دين الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن النار لا يجار منها بالأسماء والألقاب، وإنما النجاة منها بالإيمان والأعمال الصالحة.225 وكذلك كل حديث يُدَّعَى فيه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أوصى بالخلافة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وأن الصحابة اتفقوا على كتمان ذلك لهوى في أنفسهم . وهذا باطل لا يُتصور صدورُه من خير الأمم وأكرمها على الله.(1/68)
وأكثر ما يلجه الوضاعون من الأبواب باب الفضائل ، ومع ذلك فمنها الكثير الطيب من الصحيح الثابت ، وهي في البخاري وغيره. ومنها ما هو باطل موضوع على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وهي كثيرة جدا تعرف في كتب الموضوعات، والله أعلم.
المتروك
وَمَا رَوَى مُتَّهَمٌ بِاْلكَذِبِ مُنْفَرِدًا مَتْرُوكُهُ فَاجْتَنِبِ
أَوْ عَرَفُوهُ مِنْهُ فيِ غَيْرِ اْلأَثَرْ قِيلَ وَذُو اْلفِسْقِ وَغَفْلَةٍ كَثُرْ
كَصَدَقَةٍ عَنْ فَرْقَدٍ عَنْ مُرَّهْ أَيْ عَنْ أَبيِ بَكْرٍ فَعَنْ ذَا فِرَّهْ
وَكَحَدِيثِ عَمْرٍو أَيْ عَنْ جَابِرِ عَنْ حَارِثٍ وَعَنْ عَلِيٍّ فَاحْذَرِ
= المتروك هو الحديث الذي انفرد به راو متهم بالكذب وهو من عرف بالكذب في كلام الناس لا في الحديث النبوي. وزاد بعضهم ما انفرد به من رمي بفسق أو كثير الغفلة أو الوهم.
ومثل له الناظم بما يرويه صدقة بن موسى الدقيقي - وهو صدوق له أوهام - عن فرقد بن يعقوب السبخى - وهو لين الحديث كثير الخطأ - عن مُرَّةَ الطِّيب عن أبي بكر الصديق. ومرة ثقة من رجال الشيخين.
وكذلك ما يرويه عمرو بن شَمِر - ذلك الرافضي - عن جابر بن يزيد الجعفي - رافضي مثله - عن الحارث الأعور - وهو متهم- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
وهذا الإسناد سلسلة المتهمين عدا الصحابي رضي الله عنه.226
اَلْمُنْكَرُ وَالشَّاذُ
وَالشَّاذُ وَاْلمُنْكَرُ مَرَّا ، أَوْ هُماَ فَرْدُ الَّذِي مَا عَنْ كَلاَمٍ سَلِماَ ج/21
نحَْوُ كُلُوا اْلبَلْحَ بِالتَّمْرِ اْلخَبَرْ فَرْدُ أَبيِِ الزُّكَيْنِ يَحْيىَ مَا انْجَبَرْ ب/13
حديث (كلوا البلح بالتمر ...) مر الكلام عليه 227.
اَلْمُعَلَّلُ
150 هُوَ الَّذِي ظَاهِرُهُ السَّلاَمَةْ228 وَفِيهِ عِلَّةٌ لَهَا عَلاَمَةْ أ/19
يُدْرِكُهَا الْحَافِظُ بِالتَّفَرُّدِ وَالْخُلْفِ مَعْ قَرَائِنٍ فَيَهْتَدِي(1/69)
لِوَصْلِ229 مُرْسَلٍ وَرَفْعِ وَقْفِ أَوْ دَرْجِ أَشْيَاءَ ذَوَاتِ الْخُلْفِ
أَوْ بَدْلِ الضِّعاَفِ بِالثِّقاَتِ وَهِيَ بِإِسْناَدٍ وَمَتْنٍ تَأْتِي
…الحديث المعلّل - كما عرّفه ابن الصلاح - هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها.230
والطريق إلى معرفة علة الحديث كما قال الخطيب أن يجمع بين طرقه وينظر في اختلاف رواته ويعتبر بمكانهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط.231
قال علي بن المديني - شيخ البخاري (ت234هـ): (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطأه).
ومعرفة علل الحديث من أجلّ علوم الحديث وأدقها وأشرفها. قال الحافظ ابن حجر (ت852هـ):
"وهذا الفن أغمض أنواع الحديث وأدقها مسلكا ولا يقوم به إلا من منحه الله تعالى فهما غايصا واطلاعا حاويا وإدراكا لمراتب الرواة ومعرفة ثاقبة. ولهذا لم يتكلم فيه إلا أفراد أئمة هذا الشأن وحذاقهم وإليهم المرجع في ذلك لما جعل الله فيهم من معرفة ذلك والاطلاع على غوامضه دون غيرهم ممن لم يمارس ذلك".232
قلت: وممن ألف في هذا الفن من الأئمة علي بن عبد الله المديني (ت234هـ) وأبو عيسى الترمذي (ت279هـ) وأبو بكر الخلال (ت311هـ) وابن أبي حاتم الرازي (ت327هـ) والدارقطني (ت385هـ).
والعلة قد تكون بوصل حديث مرسل أو رفع موقوف أو بدخول حديث في حديث أو إبدال راوٍ ضعيف بثقة أو نحو ذلك، وتكون في الإسناد وفي المتن.
كَالْبَيِّعاَنِ قَالَ عَمْراً وَاهِمًا يَعْلَى وَعبْدُ اللَّهِ فِيهِ عُلِمَا
وَمَا رَوَى زُهَيْرُ عَنْ عُثْمَانَ اِبْنِ أَبيِ مُصَغَّراً سَلْمَانَ
عَنْ أَبِهِ بِأَنَّهُ أَتَى النَّبِيّ يَقْرَأُ بِالطُّورِ صَلاَةَ الْمَغْرِبِ ج/22
أَبُو سُلَيْمَانَ سمَِيْ عُثْمَانَ عَنْ نَافِعٍ لَمْ يَسْمَعِ اْلقُرْآنَ(1/70)
…مثال وقوع العلة في الإسناد ما وقع من الخطأ في رواية حديث (البيِّعان بالخيار ما لم يتفرقا ...) فقد رواه يعلى بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر . والعلة في قوله عمرو بن دينار وإنما هو عن عبد الله بن دينار عُرف ذلك بعد تتبع طرق الحديث فإن الأئمة من أصحاب سفيان كأبي نعيم ومخلد بن يزيد والفريابي كلهم رووه كذلك فخالفهم يعلى وقال عمرو بن دينار فعرف أن الخطأ منه.233
المثال الثاني لوقوع العلة في الإسناد ما رواه زهير بن محمد عن عثمان بن سليمان عن أبيه: (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ في المغرب بالطور).
قال الحاكم: أخرج العسكري وغيره هذا الحديث في الوُحدان وهو معلول. أبو عثمان لم يسمع من النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا رآه. وعثمان (لم يروه عن أبيه) إنما رواه عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه. واسمه: عثمان بن أبي سليمان.
وَعِلَّةُ اْلمَتْنِ كَنَفْيِ الْبَسْمَلَة خَالَفَ ذَا النَّفْيَ ثِقَاتُ النَّقَلَة
…حديث البسملة هو الحديث الذي أخرجه مسلم في صحيحه من رواية الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن قتادة أنه كتب إليه يخبره عن أنس بن مالك أنه حدثه قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بالحمد لله رب العالمين، لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في آخرها.
ثم رواه من رواية الوليد عن الأوزاعي أخبرني إسحاق بن عبد الله بن طلحة أنه سمع أنسا يذكر ذلك.
…قال ابن الصلاح في علوم الحديث:(1/71)
فعلّل قوم رواية اللفظ المذكور - يعني التصريح بنفي قراءة البسملة - لما رأوا الأكثرين إنما قالوا فيه:" فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين" من غير تعرض لذكر البسملة ، وهو الذي اتفق البخاري ومسلم على إخراجه في الصحيح ورأوا أن من رواه باللفظ المذكور رواه بالمعنى الذي وقع له . ففهم من قوله: "كانوا يستفتحون بالحمد لله" أنهم كانوا لا يبسملون، فرواه على ما فهم، وأخطأ، لأن معناه أن السورة التي كانوا يفتتحون بها من السور هي الفاتحة، وليس فيه تعرض لذكر التسمية ، وانضم إلى ذلك أمور: منها أنه ثبت عن أنس أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية ، فذكر أنه لا يحفظ فيه شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . والله أعلم.234
وقد أطال الحافظ العراقي في شرحه على تعليل هذا الحديث فانظره هناك .235
اَلْمُدْرَجُ
وَمُدْرَجُ الْمَتْنِ إِذَا قُلْتَ فَقَدْ وأَسْبِغُوا وَأُنْثَيَيْهِ236 وَالسَّنَدْ أ/20
160 جَمْعُ الأَسَانِيدِ عَلَى وَاحِدِهَا مِنْ غَيْرِ تَبْيِينِ اخْتِلاَفَاتٍ ِبهاَ
…قال الإمام النووي في التقريب: (المدرج هو أقسام:
أحدها: مدرج في حديث النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن يذكر الراوي عقيبه كلاما لنفسه أو لغيره فيرويه مَن بعده متصلا فيتوهم أنه من الحديث.
والثاني: أن يكون عنده متنان بإسنادين فيرويهما بأحدهما.
والثالث: أن يسمع حديثا من جماعة مختلفين في إسناده أو متنه فيرويه عنهم باتفاق.237
والإدراج قد يكون في المتن وقد يكون في الإسناد، فمثال الإدراج في المتن حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيده فعلمه التشهد في الصلاة) الحديث. وفيه: (إذا قلت هذا - أو قضيت هذا - فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد).
فقوله (إذا قلتَ هذا..) الخ وصله زهير بن معاوية بالحديث المرفوع في رواية أبي داود.
قال الحاكم: وذلك مدرج من كلام ابن مسعود.(1/72)
قال النووي: اتفق الحفاظ على أنها مدرجة. وقد فصّله شبابة بن سوار في روايته عند الدارقطني عن زهير.238
…وحديث أبي هريرة عند الخطيب مرفوعا: (أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار).
فقوله: (أسبغوا الوضوء) مدرج من قول أبي هريرة كما هو مبين في رواية البخاري. والذي وهم في إدراجه هو أبو قطن وشبابة في روايتهما عن شعبة.
…وحديث بسرة بنت صفوان مرفوعا: (من مس ذكره أو أنثييه أو رفغيه فليتوضأ).
…رواه الدارقطني في السنن. وقال: كذا رواه عبد الحميد عن هشام، ووهم في الأنثيين والرفغ . وإدراجه كذلك في حديث بسرة والمحفوظ أن ذلك قول عروة وكذا رواه الثقات.
كَأَيِّ ذَنْبٍ عَنْ أَبِي وَائِلِ عَنْ عَمْرٍو لِوَاصِلٍ مَعَ اثْنَيْنِ قُرِنْ
أَوْ جَمْعُ مَتْنَيْنِ لإِسْنَادَيْنِ239 كَـ" لاَ تَنَافَسُوا.." بِأَحَدِ ذَيْنِ ب/14
فِي مَتْنِ لاَ تَبَاغَضُوا دَرَجَهُ اِبْنُ أَبِي مَرْيَمَ إِذْ أَخْرَجَهُ
…ومثال الإدراج في السند ما رواه الترمذي عن الثوري عن واصل ومنصور والأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شرحبيل عن عبد الله قال: قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟ الحديث.
فرواية واصل هذه مدرجة على رواية منصور والأعمش لأن واصلا لم يذكر عمرا في روايته بل جعله عن وائل عن ابن مسعود .240
…حديث رواه سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا: (لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا...) الحديث.241
…فقوله (لا تنافسوا) مدرج أدرجه سعيد ابن أبي مريم من حديث آخر لمالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة مرفوعا: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا) وكلا الحديثين متفق عليه من طريق مالك وليس في الأول (ولا تنافسوا) وإنما هي في الثاني. وهكذا هما في الموطأ.
أَوْ جَمْعُ أَطْرَافِ اْلحَدِيثِ فيِ سَنَدْ كَجِئْتُ فِي وَقْتِ242 الصَّلاَة مَا اتَّحَدْ(1/73)
…حديث عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فيه: (ثم جئتهم بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأيت الناس عليهم جل الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب).
…فقوله: ثم جئتهم الخ ليس هو بهذا الإسناد وإنما أدرجه عليه وهو في رواية عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل.243
اَلْمَقْلُوبُ وَالْمُنْقَلِِبُ
مَقْلُوبُ إِنْ قَدَّمَ244 مَنْ رَوَاهُ مُؤَخَّراً فِي سَنَدٍ تَرَاهُ
كَقَلْبِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبٍ بِكَعْبْ مُرَّةَ أَوْ فِي الْمَتْنِ وَهُوَ الْمُنْقَلِبُ ج/23
كَمَنْ رَوَى يُنْشِىءُ أَيْ لِلنَّارِ خَلْقاً بَلَى لِجَنَّةِ اْلأَبْرَارِ
…قد ينقلب الحديث على الرواي متنا أو إسنادا . فمثال المقلوب في الإسناد ما يخطئ الراوي فيه بالتقديم والتأخير في الاسم كحديث كعب بن مرة فيجعله مرة بن كعب. وبه مثّل الحافظ في النزهة245.
ومثاله في المتن ما أخرجه البخاري246 ومسلم من حديث أبي هريرة في محاجة الجنة والنار: (وأما النار فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض ولا يظلم ربك أحدا. وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا).
انقلب هذا الحديث على بعض الرواة فقال في روايته: (وأما النار فينشئ الله لها من يشاء ، وأما الجنة فلا يظلم ربك أحدا). والخطأ فيه متضح فإن الإنشاء إنما هو للجنة لا للنار. وكذلك خرّجاه من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس من طرق على الصواب .247
وَمَتْنِ حَتَّى مَا دَرَى يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ248 الشِّمَالُ بَلْ شِمَالُهُ
وَكَافْعَلُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ مُنْقَلِبْ فَاجْتَنِبُوهُ مَااسْتَطَعْتُمْ فَاجْتَنِبْ أ/21
170 إِنْ أَذَّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومِ اشْرَبُوا حَتَّى بِلاَلاً تَسْمَعُواْ مُنْقَلِبُ(1/74)
ومن أمثلة المقلوب أيضا الحديث الذي رواه مسلم في ك الزكاة ،249 في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.. ذكر منهم "ورجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه". انقلب هذا على بعض الرواة فقال في روايته: (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله).
ومن أمثلته كذلك حديث أبي هريرة عند الطبراني مرفوعا: (إذا أمرتكم بشيء فأتوه وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه ما استطعتم).
والمعروف ما عند مسلم : (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم).250
ومنه الحديث الذي رواه حبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة مرفوعا: (إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا...) الحديث.251
…والمشهور من حديث ابن عمر وعائشة: (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم).252
قال البلقيني: الرواية بخلاف ذلك مقلوبة.
اَلْمُرَكَّبُ253
تَرْكِيبُ إِسْنَادٍ بِمَتْنٍ آخَرًا254 وَمَتْنُهُ بِغَيْرِهِ مُخْتَبِرًا
مُرَكَّبٌ كَقِصَّةِ الْبُخَارِي مَعْ أَهْلِ بَغْدَادَ أُولِي اخْتِبَارِ
أَوْ لِغَرَابَةٍ مَحَلَّ سَالِمِ يُبْدِلُ نَافِعاً بِسَارِقٍ سُمِ255 ج/24
…كثير من المصنفين لم يفصلوا هذا النوع من سابقه بل جعلوه كله من المقلوب. وقصة البخاري التي يشير إليها الناظم في اختبار أهل بغداد رواها الحافظ ابن حجر في هدى السارى .
وإذا كان قلب الحديث بقصد الإغراب على الأقران كحديث يعرف عن سالم فيجعله الراوي عن نافع ليرغب فيه فهذا هو الذي يطلق على راويه أنه يسرق الحديث.
َ
الْمُضْطَرِبُ
مُخَلَّفُ اْلأَوْجُهِ وَالتَّرْجِيحُ مُفْتَقَدٌ مُضْطَرِبٌ طَرِيحُ
فيِ سَنَدٍ كَمَا رَوَى اسمْاَعِيلُ فيِ مَتْنِ إِذَا صَلَّى كَثِيرَ256 الْخُلْفِ(1/75)
…إذا ورد الحديث على أوجه مختلفة في المتن أو في الإسناد فالعمل هو الترجيح بين هذه الوجوه إن أمكن فيسمى الراجح محفوظا والمرجوح شاذا أو منكرا. فإن تساوت الروايات ولم يمكن الترجيح كان الحديث مضطربا ضعيفا لأن هذا الاختلاف يشعر بعدم ضبطه من قبل رواته. وقد صنف الحافظ في هذا الفن كتابا التقطه من علل الدارقطني سماه (المقترب في بيان المضطرب).
مثال الاضطراب في الإسناد ما رواه أبو داود وابن ماجه من طريق إسماعيل بن أمية عن عمرو بن محمد بن حريث عن جده حريث عن أبي هريرة مرفوعا: (إذا صلى أحدكم فليجعل شيئا تلقاء وجهه) الحديث. وفيه: (فإن لم يجد عصا ينصبها بين يديه فليخُطّ خطا).257
اختلف فيه على إسماعيل اختلافا كثيرا. فروي عنه هكذا وروي عنه عن أبي عمرو بن حريث عن أبيه عن أبي هريرة. وعنه عن أبي عمرو بن حريث عن جده حريث وعنه عن حريث بن عمار عن أبي هريرة وعنه عن أبي عمرو بن محمد عن جده حريث.. وفيه اختلاف غير هذا.
وحاول بعضهم الترجيح بين هذه الروايات فرجح رواية الثوري لأنه أحفظ ولتصحيح الحاكم وغيره لروايته ، لكن الثوري انفرد بقوله (أبي عمرو ابن حريث عن أبيه) فعاد الحديث إلى اضطرابه.
ولذلك ضعفه ابن عيينة والشافعي والبيهقي والنووي ، وأورده الألباني في ضعيف الجامع.258
وَشَيَّبَتْنيِ هُودُ جَاءَ مُرْسَلاَ وَمُوصَلاً وَأَسْنَدُوهُ بِاخْتِلاَ ب/15
وَنَضْحُ فَرْجٍ مِنْ وُضُوءٍ اخْتُلِفْ عَنْ مَنْ مُجَاهِدٌ رَوَاهُ مَا عُرِفْ
المثال الثاني للمضطرب حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: (يا رسول الله أراك شبت. قال: شيبتني هود وأخواتها).(1/76)
قال الدارقطني: هذا مضطرب فإنه لم يُرو إلا من طريق أبي إسحاق - يعني السبيعي - وقد اختلف فيه على نحو عشرة أوجه. فمنهم من رواه موصولا ومنهم من جعله من مسند أبي بكر ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة وغير ذلك ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر.
ومن أمثلة المضطرب أيضا حديث مجاهد عن الحكم بن سفيان عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في نضح الفرج بعد الوضوء، وقد اختلف فيه على عشرة أقوال سردها الحافظ السيوطي في التدريب259 . وهو أحسن مثال للمضطرب كما قال السيوطي.
أَوْ مَتْنٍ مِثْلَ حَدِيثِ الْبَسْمَلَةْ وَقَدْ مَضَى مُعَلَّلاً لِلنَّقَلَةْ
وَلَيْسَ فيِ الْمَالِ سِوَى الزَّكَاةِ حَقٌّ وَفيِ الْمَالِ عَنِ الثِّقَاتِ ج/25
حديث البسملة مضى الكلام عليه في المعلل. وهو من أمثلة المضطرب في المتن.
ومنه أيضا حديث فاطمة بنت قيس قالت: "سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم - أو سئل- عن الزكاة فقال: إن في المال حقا سوى الزكاة". رواه الترمذي والدارمي هكذا. ورواه ابن ماجه بلفظ: "ليس في المال حق سوى الزكاة".260
والحديث بكلا اللفظين ضعيف فإن في رواته ضعيفين هما شريك النخعي وشيخه أبو حمزة. قال الترمذي: "هذا حديث ليس بذاك ، وأبو حمزة ميمون الأعور يُضعّف. وروى بيان وإسماعيل بن سالم عن الشعبي هذا الحديث قوله، وهو أصح".
على أن بعضهم قد جمع بين الروايتين بأن المراد بالحق المثبت المستحب وبالمنفي الواجب. وهو جمع حسن لو صح الحديث، والعلم عند الله تعالى.
رِِِوَايَةُ الْمَجْهُولِِِ وَالْمُبْهَمِ وَالْمُخْتَلِِِطِِ
180 مَرْوِيُّ مَجْهُولٍ بِنَعْتِهِ الْخَفِيّ أَوْ قِلَّةِ الرَّاوِي أَوِ ابْهَامٍ نُفِي أ/22
مَجْهُولُ عَيْنٍ شَيْخُ وَاحِدٍ سُمِ261 إِنْ لَمْ يُثَقْ نَرُدُّهُ كَالْمُبْهَمِ
شَيْخُ كَثِيرٍ لَمْ يُثَقْ مَسْتُورُ مَجْهُولُ حَالٍِ رَدَّهُ اْلجُمْهُورُ(1/77)
مَنْ سُوءُ حِفْظِهِ طَرَا فَمُخْتَلِطْ نَرُدُّ مَا حَدَّثَهُ بَعْدُ فَقَطْ262
الاختلاط هو فساد العقل وعدم انتظام الأقوال والأفعال إما من أجل خرف أو حصول ضرر أو عارض من موت ابن أو سرقة مال أو احتراق كتب أو ما أشبه ذلك.
وقد حصل هذا لبعض الثقات من الرواة في أواخر أعمارهم. والحكم فيهم أن يُنظر ما حدثوا به قبل حصول الاختلاط فيؤخذ به وما حدثوا به بعد الاختلاط فلا يؤخذ به، وما اشتبه أمره فلم يعلم أكان التحديث به قبل الاختلاط أو بعده تُوقف فيه.
…ويُعرف ذلك بالنظر فيمن روى عن المختلط فإنه يكون تارة ممن تتلمذ عليه وأخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده أو أخذ عنه قبل الاختلاط وبعده ولكنه ميّز أحاديثه التي أخذها عنه في كلتا الحالتين أو لم يميزها فهذه أربع حالات ذكرها السخاوي في فتح المغيث.263
…ومن أحسن ما أُلف في هذا الفن كتاب (الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات) لابن الكيال وقد طبع محققا.
اَلْمُصَحَّفُ وَالْمُحَرَّفُ
مَا غَيَّرُوا بِالنَّقْطِ فاَلْمُصَحَّفُ مَا غَيَّرُوا بِالشَّكْلِ فَالْمُحَرَّفُ
فِي سَنَدٍ كَبُذَرٍ264 مُزَاحِمْ صَوَابُهُ فِي نُدَّرٍ مُرَاجِمْ ج/26
وَفِي سُلَيْمٍ بِسَلِيمٍ وَالْمَتْنْ يُشَقِّقُونَ الْخُطَبَ اَلْفَتْحُ لحََنْ
التصحيف قد يكون في الإسناد وقد يكون في المتن وأكثر ما يقع في اللفظ لكن قد يقع في المعنى أيضا.
فمن التصحيف في الإسناد ما وقع لمحمد بن جرير الطبري في راو اسمه عتبة ويلقب (نُدَّر) بموحدة فوقية ودال مهملة مشددة فصحفه إلى (بذر) بالموحدة التحتية وذال معجمة.
وكذلك ما وقع ليحيى بن معين في اسم العوام بن مراجم بالراء المهملة والجيم فقاله بالزاي المنقوطة والحاء المهملة (مزاحم).(1/78)
…ومن التصحيف في المتن ما وقع لابن شاهين بجامع المنصور حيث ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعن الذين يشققون الحَطَب تشقيق الشَّعْر265. والحَطَب بالحاء المهملة المفتوحة والشَّعْر بفتح الشين وإسكان العين فقال له بعض المُلاَحين: يا قوم كيف نعمل والحاجة ماسة ؟ يشير إلى أن ذلك من حِرْفَتِهِ.
…والحديث مصحّف وإنما صوابه (يُشَقِّقُونَ الْخُطَبَ) بالمعجمة جمع خطبة والشِّعر بكسر الشين.
سِتًّا رَوَى الصُّولِيُّ شَيْئاً وَاحْتَجَرْ اِبْنُ لَهِيعَةٍ بِمِيمٍ قَدْ ذَكَرْ ب/16
حَدِيثُ جَابِرٍ فِي الاَحْزَابِ رُمِي أُبَيُّ غُنْدَرٌ أَبِي لَهُ نمُِي
…ومن ذلك ما وقع لأبي بكر الصولي حيث أملى في الجامع حديث أبي أيوب مرفوعا: (من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال ...) وصوابه ستا من شوال.
…وقد أخرجه مسلم266 وغيره.
…ومنه ما أخرجه أحمد من حديث زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم في المسجد.
…ذكروا أن ابن لهيعة صحفه فقال: احتجر وعلى الصواب هو في المسند وفي البخاري ومسلم267. ويسمى هذا بتصحيف السمع.
…ووقع لغُنْدَر في حديث حابر (رُمِيَ أُبَيٌّ يوم الأحزاب على أكحله) فقال (رُمِيَ أَبِي ) بالاضافة. وهو تصحيف فإن أبا جابر هو عبد الله بن حرام الأنصاري وقد استشهد قبل ذلك بأحد. والحديث في مسلم.268
وَقَائِلٌ صَحَّفَهُ فِي الْمَعْنَى فِي عَنَزَةٍ حَيٌّ وَشَاةٌ يُعْنَى 269
…ومن التصحيف في المعنى ما وقع لابن موسى العنزى الزمن في حديث (صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم العيد إلى عنزة)270 وهي الحربة تنصب بين يديه فيصلى إليها. فقال أبو موسى: نحن قوم لنا شرف قد صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلينا. يريد قبيلته عنزة المنسوبون إلى عنزة ابن أسد من ربيعة.(1/79)
…وأظرف منه ما حكاه الحاكم عن الفقيه أبي منصور قال: كنت بعدن أبين يوم عيد فشدت عنزة يعنى شاة بقرب المحراب، فلما اجتمع الناس سألتهم بعد فراغ الخطبة والصلاة ما هي العنزة المشدودة في المحراب؟ قالوا: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلى يوم العيد إلى عنزة فقلت: يا هؤلاء صحفتم. ما فعل رسول الله هذا، وإنما كان يصلى إلى العنزة الحربة.271
اَلْمُعَلَّقُ وَالْمُرْسَلُ وَالْمُعْضَلُ وَالْمُنْقَطِعُ: أ/23
190 وَالسَّقْطُ إِنْ أَوَّلَ إِسْنَادٍ وَرَدْ مُعَلَّقٌ وَلَوْ لآِخِرِ السَّنَدْ
وَحُكْمُهُ الضَّعْفُ إِذَا لَمْ يَنْجَبِرْ وَحُكْمُ مَا عَلَّقَهُ الشَّيْخَانِ مَرّ ج/27
أَوْكَانَ مَوْضِعُ الصَّحَابِي مُرْسَلُ إِنْ نَالَ جَبْرًا بِسِوَاهُ يُقْبَلُ
أَوْ قَبْلُ بِاثْنَيْنِ وِلاَءً يَقَعُ فَمُعْضَلٌ أَوْ لاَ فَقُلْ مُنْقَطِعُ
…سبق الحديث عن المعلق في ذكر تعليقات البخاري. وعرّفه هنا بأنه ما سقط من أول إسناده راوٍ واحدٌ فأكثر ولو حذف جميع الإسناد إلى آخره. والأنواع الثلاثة تشترك معه في الانقطاع. فالمرسل منقطع في آخره وهو عكس المعلّق. وأما المنقطع فهو الذي سقط من إسناده راو واحد فقط ، فإن سقط اثنان فأكثر على التوالي صار مُعْضَلا.272 وليس شيء من هذه الأنواع مختلفا في ضعفه إلا المرسل فإن فيه نزاعا كثيرا حتى ذكر السيوطي في الاحتجاج به تسعة أقوال273 فاته عاشرها - وهو أرجحها عندي - أنه يحتج به إن اعتضد. إلا مرسل الصحابي فإن الخلاف فيه طفيف ، والاحتجاج به هو المعتمد لأن الصحابة لا يروون في الأعم الأغلب إلا عن الصحابة أو من حدثهم عنهم ممن يثقون به.
والباعث على الإرسال من الراوي أمور. منها:
1- ثقته بمن أرسل عنه بحيث يكتفي بذلك عن ذكره.
2- نسيانه من حدثه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو عن الصحابي.
3- كونه سمعه أثناء المذاكرة. وكانوا لا يعدون سماع أحاديث المذاكرة كغيرها.(1/80)
4- كونه لم ينشط لسياق الحديث بإسناده كاملا.
ومن أنواع الانقطاع المدلَّس ولا يدخل في ما سبق من المنقطع والمعضل لأنه لم يسقط بنفسه وإنما أسقط لغرض ولذلك خصه بنوع مستقل هو الآتي:
اَلْمُدَلَّسُ:
إِنْ خَفِيَ السَّاقِطُ فَالْمُدَلَّسُ ثَلاَثَةٌ فَاعِلُهُ الْمُدَلِّسُ
يُسْقِطُ مَنْ حَدَّثَهُ274 وَيَرْتَقِي بِقَالَ أَوْ أَنَّ وَعَنْ275 لِمَنْ لَقِي
مَنْ فيِ الصَّحِيحِ أَعْمَشٌ هُشَيْمُ مَعْ قَتَادَةَ الْوَلِيدِ سُفْيَانَ سَمِعْ
إذا روى الراوي حديثا لم يسمعه من المروي عنه وصرّح في روايته بالتحديث أو بالسماع فقال (حدثني) أو (سمعت) فهو كاذب فاسق مفروغ من أمره . وأما إذا روى ذلك بصيغة تحتمل السّماع ولا تقتضيه كأن يقول (قال فلان) أو (أن فلانا) أو (عن فلان) فإن كان قد لقي من روى عنه مع أنه لم يسمع منه هذا ، فهذا هو التدليس. ولا يُقبل حديث من عرف بهذا الصنيع وإن كان ثقة إلا إذا صرح بالسماع أو ما يقتضيه.
ومن الثقات الذين عرفوا بالتدليس ولهم أحاديث في الصحيحين:
=…الأعمش، واسمه سليمان بن مهران الكوفى ت 147هـ.
=…هُشيم بن بشير الواسطى ت 183 هـ.
=…قتادة بن دَعامة السدوسى، ت سنة بضع عشرة ومائة.
=…الوليد بن مسلم القرشى مولاهم، ت 194هـ.
=…السفيانان: سفيان بن عيينة وسفيان الثوري كلاهما قد دلس، لكن لم يكثر ذلك منهما. وابن عيينة ما كان يدلس إلا عن الثقات. والمدلسون قد قسمهم الحافظ ابن حجر إلى خمس مراتب ، انظرها في النكت.276
وَالثَّانِ تَدْلِيسُ الشُّيُوخِ أَنْ يَصِفْ شَيْخًا لَهُ بِمَا بِهِ لاَ يَنْعَرِفْ
وَشَرُّهُ لِلضَّعْفِ وَاسْتِصْغَارِ وَكَالْخَطِيبِ مُوهِمِ اْلإِكْثَارِ ج/28
وَالثَّالِثُ اْلأَشَرُّ ذُو التَّسْوِيَةِ حَذْفُ لُقِيٍّ مُكْتَنِفْ بِالثِّقَةِ(1/81)
…ومن أنواع التدليس ما يسمى بتدليس الشيوخ وهو أن يسمي الراوي شيخه أو شيخ شيخه باسم أو كنية أو لقب غير ما اشتُهر به وعُرف. وهم يقصدون بذلك إخفاء ضعف الحديث وإظهاره في مظهر الصحيح ، وبعضهم يفعله لأن شيخه ضعيف أو صغير السن أو متأخر الوفاة أو سمع منه كثيرا فلا يريد أن يكرّره على صورة واحدة إيهاما لكثرة الشيوخ . وهي صور كلها غير مستحسنة لما فيها من صعوبة معرفة الشيخ لمن لم يعرفه ، فقد لا يفطن له الناظر فيحكم عليه بالجهالة كما مضى في مبحث رواية المجهول . وكثيرا ما يفعل هذا الخطيب البغدادي وابن الجوزي وغيرهما.
ومن أنواعه ما يسميه المتقدمون بـ(التجويد) ويسميه المتأخرون (تدليس التسوية) لما فيه من تجويد الإسناد وتسويته وذلك بأن يذكر الراوي شيخه الذي سمع منه ولكن يسقط أحد الرواة في الإسناد لضعفه أو صغر سنه تحسينا للحديث ويأتي به بصيغة محتملة للسماع نحو (عن فلان) فيكون أصل الحديث عن ضعيف بين ثقتين لقي أحدها الآخر فيسقط الضعيف ويروي الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني فيستوى الإسناد كله ويصححه الناظر لخفاء العلة.
وهذا شر أقسام التدليس وأفحشها. وممن اشتهر بهذا النوع من التدليس:
=…بقية بن الوليد الكلاعي ت 198هـ. حتى قال بعضهم: (أحاديث بقية ليست نقية فكن منها على تقية)277.
=…ومنهم الوليد بن مسلم القرشي مولاهم ت 194هـ.
اَلإِرْسَالُ الْخَفِيُّ وَالْمَزِيدُ فيِ الْمُتَّصِلِ ب/17
200 اَلأَوَّلُ اْلإِرْسَالُ عَنْ مُعَاصِرِ بِلاَ سِمَاعٍ وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرِ أ/24
كَمَتْنِ إِنْ وَلَّيْتُمُوا أَبَا بَكْر فَهُوَ قَوِيٌّ فِيهِ قَطْعُ مَا ظَهَرْ
وَالثَّانِ فِي لاَ تَجْلِسُوا عَلَى الْقُبُورِ ذِي الزَّيْدِ فيِ اْلإِسْنَادِ عَادِمُ الظُّهُورِ(1/82)
…قال العلامة أحمد شاكر في شرح الألفية278 : قد يجيء الحديث الواحد بإسناد واحد من طريقين ولكن في أحدهما زيادة راوٍ، وهذا يشتبه على كثير من أهل الحديث، ولا يدركه إلا النقاد، فتارة تكون الزيادة راجحة بكثرة الراوين لها أو بضبطهم وإتقانهم وتارة يحكم بأن راو الزيادة وَهِمَ فيها، تبعا للترجيح والنقد، فإذا رجحت الزيادة كان الناقص من نوع الإرسال الخفي، وإذا رجح النقص كان الزائد من المزيد في متصل الأسانيد.
…ومثال الأول: حديث عبد الرزاق عن الثوري عن أبي إسحاق عن زيد ابن يُثَيْع - بضم الياء التحتية المثناة وفتح الثاء المثلثة وإسكان الياء التحتية المثناة وآخره عين مهملة عن حذيفة مرفوعا: (إن وليتموها أبا بكر فقوي أمين) فهو منقطع في موضعين: لأنه روي عن عبد الرزاق قال حدثني النعمان بن أبي شيبة عن الثوري، وروي أيضا عن الثوري عن شريك عن أبي إسحاق.
…ومثال الثاني: حديث ابن المبارك قال: حدثنا سفيان عن عبد الرحمن ابن يزيد حدثني بسر بن عبيد الله قال: سمعت أبا إدريس الخولاني قال سمعت واثلة يقول: سمعت أبا مرثد يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها).
…فزيادة (سفيان) و (أبي إدريس) وهم. والوهم في زيادة سفيان من الرواي عن ابن المبارك، فقد رواه ثقات عن ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بغير واسطة (كما هو في السنن الأربع كلها)، مع تصريح بعضهم بالسماع. والوهم في زيادة أبي إدريس من ابن المبارك، فقد رواه ثقات عن عبد الرحمن بن يزيد عن بسر بغير واسطة مع تصريح بعضهم بالسماع كما عند أبي داود .279
…قال الترمذي:
قال محمد -يعني البخاري - : حديث ابن المبارك خطأ أخطأ فيه ابن المبارك زاد فيه (عن أبي إدريس الخولاني) وإنما هو عن بسر بن عبيد الله عن واثلة بن الأسقع . هكذا روى غير واحد عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وليس فيه (عن أبي إدريس الخولاني).280(1/83)
اَلْمُعَنْعَنُ وَالْمُؤَنَّنُ
مَعَ اللِّقَا عَنْ قاَلَ أَنَّ وَصْلُ إِلاَّ لِذِي التَّدْلِيسِ فَهْيَ فَصْلُ
وَلِْلإِجَازَةِ بِذِي اْلأَعْصَارِ إِنَّ وَعَنْ أَوْ أَنَّ قَطْعاً جَارِي
إذا ثبت اللقي بين راويين فكل ما يرويه أحدهما عن الآخر فمحمول على السماع إذا لم يكن الراوي مدلسا. وأما إن كان معروفا بالتدليس فلا يقبل منه إلا التصريح بالسماع.
تَتِمَّةٌ:
وَالاِعْتِباَرُ جَمْعُ طُرُقِ الْفَرْدِ هَلْ لَهُ مُتَابِعٌ وَشَاهِدٌ حَصَلْ ج/29
فَإِنْ يَكُنْ لِلرَّاوِ فَالْمُتَابَعَةْ… تَمَّتْ وَإِلاَّ قَصُرَتْ وَنَافِعَةْ
كَأَكْمِلُوا لِلشَّافِعِي عَنْ مَالِكِ … عَنْ ابْنِ دِينَارٍ بِمَا عَنْ نَاسِكِ
تَابَعَهُ عَاصِمُ ثُمَّ الْقَعْنَبِي … شَاهِدُهُ عَنْ بَحْرِهِمْ عَنِ النَّبيِ
الاعتبار هو البحث عن طرق الحديث ليعرف إن كان روايه قد تفرد به أو له متابع أو شاهد وهل المتابعة تامة أو قاصرة.
ومثل له الناظم بحديث عبد الله ابن عمر مرفوعا: (الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال، ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين).
…فقد رواه الشافعي عن مالك عن عبد الله ابن دينار عن ابن عمر، وتابعه عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك، هذه متابعة تامة.
…وله متابعة أخرى قاصرة فقد أخرجه مسلم281 من طريق أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. ورواه ابن خزيمة في صحيحه282 من طريق عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر.
…فكلا هذين الطريقين متابعة قاصرة للشافعي إذ هي لشيخ شيخه عبد الله ابن دينار لا له.
وللحديث شاهد من طريق أبي هريرة رضي الله عنه عند البخاري وابن عباس عند النسائي . ومن طريق جابر وأبي بكرة وعائشة كلها عند البيهقي في الكبرى283.
تَقْسِيمُُ آخَرَ لِلْحَدِيثِ بِاعْتِباَرِ مَنْ لَهُ: أ/25
وَقَسَّمُوا الْحَدِيثَ لِلْمَرْفُوعِ … بِمَنْ لَهُ وَالْوَقْفِ وَالْمَقْطُوعِ(1/84)
210 فَمَا أُضِيفَ لِلنَّبِيِّ اْلأَوَّلُ … إِنْ قَابَلَ اْلإِرْسَالَ فَهُوَ مُوصَلُ
وَمَا لِصَاحِبٍ هُوَ الْمَوْقُوفُ … وَهُوَ بِآثاَرٍ لَهُمْ مَعْرُوفُ ج/30
وَمَا لِتَابِعٍ هُوَ الْمَقْطُوعُ وَالْمُسْنَدُ الْمُتَّصِلُ اْلمَرْفُوعُ ب/18
هذا التقسيم يعود إلى اعتبار أصل الحديث وأنه من قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفعله أو هو مأثور عن بعض الصحابة وفعله أو لم يجاوز طبقة التابعين . فالأول وهو ما رفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسمى في الاصطلاح بالمرفوع . ويقال له موصولا إذا اتصل إسناده بذكر الصحابي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يكن مرسلا. وكذلك يسمى بالمسند إذا اتصل إسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
…وأما إذا كان الحديث موقوفا على الصحابي فهذا هو الموقوف في الاصطلاح ، وإنما يسمى أثرا كما حكاه أبو القاسم الفوراني .284
ورواية التابعي الموقوفة عليه تسمى في الاصطلاح مقطوعة . ومظانها كتب الآثار مثل السنن للإمام البيهقي والمصنف لعبد الرزاق والمصنف لأبي شيبة .
وَعَمَّهُ مُتَّصِلٌ كُنَّا نَرَى … وَنَحْوُهُ عَنْ صَاحِبٍ رَفْعاً يُرَى
كَذَا مِنَ السُّنَّةِ أَوْ أُمِرْنَا أُمِرَ بِلاَلٌ وَكَذَا نُهِينَا
قول الصحابي (كنا نرى كذا) أو (كنا نفعل كذا) أو (كنا نقول كذا) ونحوها قد عدها الجمهور من المرفوع بشرط أن ينسبه إلى زمانه صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك قوله (من السنة كذا) و(أُمرنا بكذا) و (نُهينا عن كذا) لأن مطلق ذلك ينصرف بظاهره إلى من له الأمر والنهي وهو الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن أمثلة ذلك قول أبي قلابة عن أنس : "من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا".285(1/85)
ومنه أيضا ما أخرجه أبو داود والنسائي عن عمار قال: "حضرت جنازة صبي وامرأة فقدم الصبي مما يلي القوم ووضعت المرأة وراءه فصلي عليهما وفي القوم أبو سعيد الخدري واب عباس وأبو قتادة وأبو هريرة فسألتهم عن ذلك فقالوا : السنة أي هو السنة.286…
…قال الإمام الشافعي في كتاب الأم : "وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقولون بالسنة والحق إلا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن شاء الله تعالى"287 . ومن أجل ذلك احتج في الكتاب نفسه288 على قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة بصلاة ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة وقراءته بها جهرا وقال: (إنما فعلت لتعلموا أنه سنة)289.
…ومنه ما أخرجه مسلم عن عائشة رضي الله عنها (كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة).290
ومن ذلك قول أم عطية رضي الله عنها (أُمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور وأُمر الحُيَّضُ أن يعتزلن مصلى المسلمين) أخرجه الشيخان. وورد هذا مفسرا في رواية للبخاري عنها قالت: "أَمرنا نبيُّنا صلى الله عليه وآله وسلم أن نخرج العواتق ذوات الخدور.."291
…وقولها أيضا فيما أخرجاه: (نُهينا عن اتباع الجنائز ولم يُعزم علينا).292
…وعن سهل بن سعد رضي الله عنه "كن النساء يؤمرن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة أن لا يرفعن رؤوسهن حتى يأخذ الرجال مقاعدهم من الأرض من ضيق الثياب".293…وعن قرة بن إياس قال: "كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ونطرد عنها طردا". رواه ابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي. وله شاهد من حديث أنس صححه به شيخنا رحمه الله في الصحيحة .294
…فهذه وأمثالها من السنن المرفوعة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإن غفل عن كثير منها المعاصرون.
كَذَاكَ مَالاَ رَأْيَ فِيهِ "مَنْ أَتَى سَاحِرًا أَوْ" عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَتَى(1/86)
إذا قال الصحابي قولا مما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه حكم أيضا برفعه . وذلك كأن يحكم على فعل من الأفعال بأنه طاعة لله أو لرسوله أو أنه معصية أو ينسب فاعل شيء إلى الكفر أو العصيان.
ومن أمثلة ذلك ما علقه البخاري عن عمّار ابن ياسر رضي الله عنه قال: (من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم). وقد وصله أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الدارقطني والحاكم.295 وللحديث علة ذكرها الترمذي في العلل لكن له شاهد يتقوى به فيكون حسنا إن شاء الله.296
وقول ابن مسعود رضي الله عنه: (من أتى عرّافا أو كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وآله وسلم).
…رواه أحمد في المسند ، وهو صحيح كما في صحيح الجامع .297
وما أخرجه أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم).298
وكذلك قوله في الخارج من المسجد بعد الأذان: (أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم).299
كَقَوْلِهِمْ300 يَرْفَعُهُ يَبْلُغُ بِهِ يَنْمِي رِوَايَةً رَوَى يَرْوِي انْتَبِهْ
……ومما يعطى حكم الرفع ما قيل عند ذكر الصحابي: يرفعه أو يبلغ به أو ينميه أو رواية أو يرويه أو رواه ويستعملها التابعي إذا شك في الصيغة التي استعملها الصحابي في رفع الحديث. قاله المنذري.301
تَعاَرُضُ الْوَصْلِ وَاْلإِرْسَالِ وَالرَّفْعِ وَالْوَقْفِ:
وَالْوَصْلُ وَاْلإِرْسَالُ إِنْ تَعَارَضَا … كَلاَ نِكَاحَ الْحُكْمُ لِلْوَصْلِ رِضَى أ/26 ،ج/31
كَأَخْذِ رَفْعٍِ مَعَ وَقْفٍ جَائِي … قِيلَ رِوَايَةٌ مَعَ اْلإِفْتَاءِ(1/87)
إذا اختلف الثقات في حديث فرواه بعضهم متصلا وبعضهم مرسلا أو رفعه بعضهم ووقفه بعضهم فاختلف أهل الحديث فيه هل الحكم لمن وصل ورفع أو لمن أرسل ووقف أو للأكثر أو للأحفظ على أربعة أقوال تجدها مشروحة في فتح المغيث للعراقي302 واختار الناظم تقديم الوصل على الإرسال لأن الوصل زيادة فتقبل من صاحبها إذا كان ثقة لأنه حفظ ما لم يحفظه غيره ومن حفظ حجة على من لم يحفظ .303 ومثّل الناظم لتقديم الوصل بحديث أبي موسى "لا نكاح إلا بولي..."304 وهو حديث اختلف فيه على أبي إسحاق السبيعى فرواه شعبة والثوري عنه عن أبي بردة - وهو تابعي - عن النبي صلى الله عليه آله وسلم مرسلا. ورواه إسرائيل وغيره عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه موصولا، فحكم الإمام البخاري لمن وصله وقال: الزيادة من الثقة مقبولة.305
وأما بالنسبة للرفع والوقف فإن كان من ثقتين أو أكثر فلا يختلف عما سبق، وإن كانا من راوٍ واحد كأن يرفعه في وقت ويقفه في أخرى أو يرفعه في مسألة ويقفه في أخرى فبعضهم قال نأخذ بالرفع لأنه حين الوقف ساكت وعند الرفع متكلم فلا يقضي سكوته على كلامه. وقيل يحمل المرفوع على أنه روايته والموقوف على أنه فتواه. والعلم عند الله تعالى.
اَلْمُحْكَمُ وَمُخْتَلَفُ الْحَدِيثِ وَالْمَنْسُوخُ
إِنْ سَلِمَ الْحَدِيثُ مِنْ مُعَارِضِ … فَمُحْكَمٌ أَوْ لاَ فَجَمْعٌ ارْتُضِي
220 إِنْ لاَقَ أَوْ لاَ فَاْلأَخِيرُ نَاسِخْ وَالْغَيْرُ مَنْسُوخٌ بِنَقْلٍ رَاسِخْ
(فِرَّ..)(وَلاَ يُورَدْ)(وَلاَ عَدْوَى وَلاَ..) (كُنتُ نَهَيْتُكُمْ.. فَزُورُوهًا) تَلاَ306(1/88)
المُحْكَم هو الحديث الذي سلم من المعارضة. وأكثر الأحاديث النبوية مُحْكَمَة. وأما مختلَف الحديث فهو أن يتعارض حديثان ظاهرا. والسبيل في هذا أن يجمع بينهما إذا أمكن. وهذا المسلك سارٍ في أكثر الأحاديث التي ظاهرها التعارض. وقد مثّل له الناظم بثلاثة أحاديث أحدها حديث "لا عدوى"307 الذي اختلف في ظاهره مع الحديثين الآخرين وهما حديث "لا يورَد ممرض على مصح"308 وحديث "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد"309. وهذه الأحاديث كلها صحيحة استوفي الكلام عليها الحافظ في الفتح .310 وبيّن مسالك الناس فيها ما بين جامع ومرجِّح وقائل بالنسخ . ونقل هناك قول الحافظ ابن جرير الطبري من القائلين بالجمع. وهذا نص قوله:
"الصواب عندنا القول بما صح به الخبر، وأن لا عدوى ، وأنه لا يصيب نفسا إلا ما كتب عليها. وأما دنو عليل من صحيح فغير موجب انتقال العلة للصحيح ، إلا أنه لا ينبغي لذى صحة الدنو من صاحب العاهة التي يكرهها الناس، لا لتحريم ذلك، بل لخشية أن يظن الصحيح أنه لو نزل به ذلك الداء أنه من جهة دنوه من العليل فيقع فيما أبطله النبي صلى الله عليه وآله وسلم من العدوى".311 …
ونقل كذلك قول البيهقي:
"وأما ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال "لا عدوى" فهو على الوجه الذي كانوا يعتقدونه في الجاهلية من إضافة الفعل إلى غير الله تعالى. وقد يجعل الله بمشيئته مخالطة الصحيح من به شيء من هذه العيوب سببا لحدوث ذلك ، ولهذا قال صلى الله عليه وآله وسلم "فرّ من المجذوم فرارك من الأسد" وقال "لا يورد ممرض على مصح" وقال في الطاعون "من سمع به بأرض فلا يقدم عليه" وكل ذلك بتقدير الله تعالى"312
وهذا المسلك قد قوّاه الشيخ أحمد شاكر من بين أربعة مسالك نقلها عن السيوطي في التدريب.(1/89)
المسلك الأول: أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها ولكن الله تعالى جعل مخالطة المريض للصحيح سببا لإعدائه مرضه، وقد يتخلف ذلك عن سببه، كما في غيره من الأسباب، وهذا المسلك هو الذي سلكه ابن الصلاح.
قال أحمد شاكر:
وأقواها عندي المسلك الأول الذي اختاره ابن الصلاح ، لأنه قد ثبت من العلوم الطبية الحديثة أن الأمراض المعدية تنتقل بواسطة الميكروبات، ويحملها الهواء أو البصاق أو غير ذلك على اختلاف أنواعها ، وأن تأثيرها في الصحيح إنما يكون تبعا لقوّته وضعفه بالنسبة لكل نوع من الأنواع. وأن كثيرا من الناس لديهم وقاية خلقية تمنع قبولهم لبعض الأمراض المعيّنة، ويختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال فاختلاط الصحيح بالمريض سبب لنقل المرض، وقد يختلف هذا السبب كما قال ابن الصلاح.
وإذا كان الحديثان المتعارضان لا يمكن الجمع بينهما فإن علمنا التاريخ أخذنا بالأخير وجعلنا الأسبق منسوخا به. مثاله عند الناظم حديث "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة "313. ففي هذا الحديث نص على أن النهي عن زيارة القبور كان متقدما على هذه الإباحة وأن الإباحة ناسخة للنهي .
رَجِّحْ إِذِ اْلأَخِيرُ لَيْسَ يُعْلَمُ … (نَكَحَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمُ)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَى الشَّيْخَانِ مَا لأَبِي رَافِعِ ذُو رُجْحَانِ
وإذا لم نعرف التاريخ سلكنا مسلك الترجيح ، وأوجه الترجيح كثيرة ذكر منها الحازمي خمسين وجها في كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الأخبار ونقلها العراقي في التقييد وزاد عليها حتى أوصلها إلى مائة وعشرة أوجه.314 ومن أمثلته ما ورد في نكاح ميمونة رضي الله عنها فإن فيها أيضا تعارض بين الروايات. فروى ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهو محرم قال: فجعلت أمرها إلى العباس فأنكحها إياه.315
ووردت أحاديث أخرى تقضي بأنه صلى الله عليه وآله وسلم تزوجها وهو حلال . قال الحافظ ابن عبد البر :(1/90)
والرواية أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوج ميمونة وهو حلال متواترة عن ميمونة بعينها وعن رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعن سليمان بن يسار مولاها وعن يزيد بن الأصم وهو ابن أختها.316
…ومن أجل ذلك حكم سعيد ابن المسيب وغيره بأن ابن عباس قد وهم في هذه المسألة فرجحوا رواية أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم الذي كان هو السفير بينهما في ذلك النكاح مع روايتها وهي صاحبة القصة ، ورواية مولاها وابن أختها ، فهذه الروايات مجتمعة أقوى من رواية ابن عباس رضي الله عنه وحده.317 والعلم عند الله تعالى.
اَلْمُسَلْسَلُ
وَإِنْ رُوَاةٌ وَارَدُوا318 مُسَلْسَلُ فِي حَالَةٍ فَخَيْرُهُ الْمُتَّصِلُ ب/19،ج/32
كَسُورَةِ الصَّفِ وَتَشْبِيكِ الْيَدِ … وَأَوَّلِيَّةٍ وَعَدٍّ فِي يَدِ
عرّف النووي المسلسل بأنه "ما تتابع رجال إسناده على صفة أو حالة للرُّواة تارة وللرِّواية تارة أخرى" التقريب مع التدريب (2/189) والفائدة من معرفة هذا النوع زيادة الضبط في الأسانيد.
…ومعنى قوله: "وخيره المتصل" أن أفضل المسلسلات ما دل على الاتصال في السماع وعدم التدليس - وقد مثّل له بأمثلة.
…الأول: الحديث المسلسل بقراءة سورة الصف.
…الثاني: حديث أبي هريرة: شبّك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وآله وسلم.وقال: خلق الله الأرض يوم السبت..319 الحديث. فقد تسلسل تشبيك كل واحد من رواة هذا الحديث بيد من رواه عنه. وهو دليل على الاتصال وعدم التدليس.
الثالث: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم "الراحمون يرحمهم الرحمن..."320 الحديث، فقد تسلسل في رواته قول كل واحد منهم بعد روايته بأنه أول حديث سمعته منه. وهو كذلك يدل على الاتصال.
الرابع: حديث "اللهم صلى على محمد... الخ" وهو مسلسل بعدّ الكلمات الخمس في يد كل راو من رواته.
اَلْعَالِي وَالنَّازِلُ أ/27(1/91)
وَالْعَالِ321 مَا قَلَّتْ رِجَالُهُ عَلَى … سِوَاهُ مَوْصُولاً يُضَادُ نَازِلاً
أَعْلاَهُ مُطْلَقٌ يَصِلْ322 إِلَى النَّبِي فَمَا لِشَيْخٍ عُمْدَةٍ لِلنَّسَبِ323
فَمَا لِتَنْزِيلِ عُلُوٍّ قَدْ حَصَلْ … بِنِسْبَةِ324 الْمُصَنِّفِينَ إِنْ وَصَلْ
رَاوٍ لِشَيْخِ أَحَدِهُمْ فَوَافَقَهْ325 لاَ مِنْ طَرِيقِهِ فَذَا الْمُوَافَقَةْ
230 أَوْ شَيْخِ شَيْخِهِ فَذَلِكَ الْبَدْل وَإِنْ تَسَاوِي سَنَدَيْهِمَا حَصَلْ
فَذَا الْمُسَاوَاةُ وَإِنْ مُصَنَّفاَ شَيْخُكَ سَاوَى فَصِفَاحًا عُرِفَا
مَا اتَّفَقَا فِي الشَّيْخِ ثُمَّ اخْتَلَفَا … فَاتَّفَقَا وَاسِطَةٌ قَدْ عُرِفَا ج/33
طلب الإسناد العالي مما تتابعت أقوال العلماء على مدحه. قال الإمام أحمد بن حنبل: "طلب الإسناد العالي سنة عمن سلف". وقد سبق في مطلع الكتاب أن تكلمنا عن أهمية الإسناد وكونه من خصائص هذه الأمة ، وقد كان السلف من لدن الصحابة فمن بعدهم يرحلون من بلدانهم بغية السماع بلا واسطة من أصحاب الحديث. وقد أتى رجل من أهل البادية اسمه ضمام ابن ثعلبة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا محمد! أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك... الحديث .326 فأتى إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليأخذ منه مباشرة بعد أن سمع بواسطة بعض الصحابة. وقد ذكر الناظم أصناف العلو.
فالأول- وهو أجل الأقسام-: القرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بإسناد نظيف.
…الثاني: القرب إلى إمام من أئمة الحديث وإن كثر بعده العدد إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الثالث: القرب إلى مصنَّف من المصنفات الحديثية المعتمدة.
وهناك نوعان آخران من العلو ذكرهما النووي في التقريب وهما:
1- العلو بتقدم وفاة الراوي
2- العلو بتقدم السماع
غَرَائِبُ اْلحَدِيثِ:(1/92)
غريب الحديث هو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها . والأصل في هذا الباب التحري والتثبت والاحتياط في تفسير الألفاظ النبوية لكي لا يقع المحدث في الكذب على الله ورسوله. وقد سئل الإمام أحمد عن حرف من الغريب فقال: "سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالظن فأخطئ".327
وقد ذكر الناظم عدة أمثلة جاء تفسيرها في كتب الغريب. وهاك تفسيرها مرتبة حسب مجيئها في المنظومة:
وَهِيَ كَدُخٍّ بِالدُّخَانِ328 فُسِّرَا مُؤْخِرَةُ الرَّحْلِ وَبَذَخًا أَشَرًا
وَالْبَاذَقُ اْلخَمْرُ وَبِتْعٌ مِنْ عَسَلْ … وَحِبَّةُ الْحَمِيلِ329 بَزْرٌ لِلْبَقْلْ
- الدُّخ: ورد في حديث ابن صيّاد عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: وقد خبّأت لك خبيئا فما هو؟" قال: الدخ. والدخ بضم الدال معناه الدخان ، وهو لغة فيه . وقد ورد تفسيره في حديث ابن عمر عند الترمذي وغيره: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال له: إني خبأت له خبأ، وخبأ له "يوم تأتي السماء بدخان مبين"[الدخان : 10] .
- مؤخرة الرّحل: فيه أربع لغات: مُؤْخِرَة بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة. ومُؤَخَّرة بفتح الخاء مع فتح الهمزة وتشديد الخاء. ومُؤْخَرَة بفتح الخاء مع إسكان الهمزة وتخفيف الراء. واللغة الرابعة هي: آخِرَة الرحل بهمزة ممدودة وكسر الخاء. وهو العود الذي في آخر الرحل الذي يستند إليه الراكب من كور البعير. نقله الشوكاني في نيل الأوطار عن الإمام النووي.330 وقد ورد ذكره في حديث عائشة عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال: كآخرة الرحل.(1/93)
- بَذَخًا أَشَرًا : ورد في حديث الخيل "الخيل لثلاثة.. وفيه: والذي يتخذها أَشَرًا وَبَطَرًا وَبَذَخًا..." والبَذَخُ -بالتحريك- الفخر والتطاول . والباذخ العالي. النهاية في غريب الحديث (1/110) . والبَطَرُ : الطغيان عند النعمة وطول الغنى (1/135). وَالْأَشَر : أشدّ البطر (1/51) .
- الباذَق : ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما "سبق محمد الباذَق فما أسكر فهو حرام" والبَذَق بفتح الذال تعريب الباذه وهو اسم الخمر بالفارسية، ومعناه لم تكن الخمر في زمانه أو سبق بيانه وقوله فيها وفي غيرها من جنسها.(1/111). وقال الحافظ : هو نوع من العصير المطبوخ . هدي الساري ص90.
- بتع من عسل : البتع بكسر الباء الموحدة والمثناة الفوقية الساكنة والمهملة هو نبيذ العسل . (النهاية 1/94) وراجع : سبل السلام (4/1730) .
- حبة الحميل: ورد في حديث أهل النار : "يخرجون من النار فينبتون كما تنبت الحِبَّة في حميل السيل" والحبة بالكسر : بُزور الرياحين. وقيل: هو نبت صغير ينبت في الحشيش . فأما الحَبة بالفتح فهي الحنطة والشعير ونحوهما. (النهاية 1/326) .
بخُرْبَةٍ جِنَايَةٍ وَرَشْقًا رَمْيًا وَعُلْقَةً يَسِيرًا طَبَقًا
عَامًّا عَبِيطٌ أي طَرِيّ طُبَّ سُحِرْ … نُفِسْتِ حِضْتِ اَلحِْرُ خَزٌّ يَبْتَئِرْ أ/28
- الخُرْبَة : الجناية كما في حديث :"الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بخُرْبة" (النهاية :2/17) .
- الرَّشْقُ : مصدر رشقه يرشقه رشقا إذا رماه بالسهام . ففي حديث حسّان قال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هجائه للمشركين : "لَهُوَ أشد عليهم من رشق النبل". ومنه الحديث "فرشقوهم رشقا". والرَّشْق أيضا صوت القلم إذا كُتِبَ به. ففي حديث موسى عليه السلام "كأني برشق القلم في مسامعي حين جرى على الألواح بكتبة التوراة". النهاية 2/226.(1/94)
- العُلْقَة: بضم الأول وسكون الثاني الشيء اليسير الذي فيه بلغة.وفي حديث الإفك "وإنما يأكلن العلقة من الطعام". وأما العَلَقَة بفتحتين فهي القطعة من الدم. (الهدي 168) و (النهاية 3/30).
- طبقا الذي في حديث :"اللهم اسقنا غيثا طبقا" أي مالئا للأرض مغطيا لها . يقال : غيث طبق أي عام واسع (النهاية 3/113) .
- العَبِيطُ: الطَّرِيُّ غير النضيج. ومنه حديث عمر: "فدعا بلحم عبيط". ويقال اعتبط لكل من مات بغير علة. وكذلك من قتل بدون جناية ولا جريرة توجب قتله. ويقال فلان مات عبطة : أي شابا صحيحا.(النهاية 3/172)
- طُبَّ : معناه سُحِرَ. والمطبوب: المسحور. والطِّب بالكسر العلاج ، وبالفتح السحر .331 وقيل هو من الأضداد. (الهدي 157).وفي الحديث "احتجم النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين طُبَّ".
- نُفِسْتِ : في حديت أم سلمة: "حضتُ فانسللتُ ، فقال: ما لَكِ ؟ أنفست؟. معناه حضت. يقال: نفست المرأة تنفس إذا حاضت. وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض.(النهاية 5/95).
- اَلحِْرُ : ورد في حديث أشراط الساعة "يستحلون الحِرَ والحرير" والحِرُ بتخفيف الراء هو الفرج . والمشهور في رواية هذا الحديث "يستحلون الخَزّ" بالخاء المعجمة والزاي، وهو ضرب من ثياب الإبريسيم .(النهاية 1/366).
- لم يبتئر : أي لم يدّخر . وفي الحديث "إن رجلا آتاه الله مالا فلم يبتئر خيرا" أي لم يقدم لنفسه خبيئة خير ولم يدخر.يقال :بأرت الشيء إذا ادخرته والإسم البئيرة.
قال الشاعر : فإنك إن تبأر لنفسك مرة تجدها إذا ما غيبتك المقابر
وقال آخر : فإن لم يبتئر رؤسا قريش فليس لسائر الناس ابتئار
(النهاية 1/80) و (الهدي 88).
وَخَاتَمٌ بِدُونِ فَصٍّ اَلفَتَخ والقُلُبُ السِّوارُ جَذَعًا مَنْ شَرَخ ب/20
عَائِرَةٌ فيِ كِرْشِي332 جَمَاعَتِي وضِئْضِئِي وعَيْبَتِي كِنَانَتِي(1/95)
- الفتخ : الخواتم العظام ، وقيل : هي خواتم تلبس في الرِّجل. وقال الأصمعي: هي الخواتم التي لا فصوص لها ، واحدها : فتخة كقصب وقصبة. (الهدي 174) وهذا المعنى هو الذي ذكره الناظم.
- القُلُب: قوله في الحديث: تلقي القُلُب يعني السوار. (الهدي 184).
- جَذَعًا : شَرَخا أي شابا. ففي حديث المبعث : أن ورقة بن نوفل قال: "يا ليتني فيها جذعا" يعني يا ليتني كنت شابا عند ظهور النبوة حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها.(النهاية 1/250).
العائرة : الساقطة التي ليس لها مالك . ومنه "أنه كان يمر بالتمرة العائرة فما يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون من الصدقة". (النهاية 3/328).
- الكِرْش : فيه حديث: "الأنصار كرشي وعيبتي" يعني جماعتي وكنانتي أي موضع سري. مأخوذ من عيبة الثياب وهي ما تحفظ فيها . ومنه قوله :عيبة نصحي: أي موضع سري وأمانتي. (الهدي 169).والكنانة : ما يضع الرجل فيها سهامه. سميت بذلك لأنها تكنها أي تحفظها. ومنه قول عمر رضي الله عنه: "أكنّ الناس من المطر" يعني أصنع لهم كنّا. ويقال: كننت الشيء إذا أخفيته. (الهدي 190).فاستعمل صلى الله عليه وآله وسلم هذا ليدل على حبه للأنصار وائتمانه إياهم بحيث يوصفون بأنهم مستودع سره رضي الله عنهم.
- الضِّئْضِىء: الأصل والمعدن ، فقوله في الحديث : يخرج من ضئضئى هذا : أي من أصله أو معدنه أو نسله. (الهدي 154).
اَلْمُبْهَماَتُ:
وَمُبْهَمٌ كَرَجُلٍ وَامْرَأةِ … وَابْنٍ وَبِنْتٍ ثُمَّ عَمٍّ عَمَّةِ
240 زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ وَأُمِّ الْوَلَدِ … تَسْأَلُ أُمَّ سَلَمَةٍ وَالْعَبْدِ ج/34
عرّف الحافظ الذهبي في الموقظة المبهم بأنه: مالم يتضح اسمه في المتن أو الإسناد من الرواة أو ممن له علاقة بالرواية.333 فيُعنى هذا الباب بإظهار من أُبهم ذكره في الإسناد أو المتن من الرجال والنساء. وفائدته إذا كان في الإسناد معرفة الراوي للحكم على روايته إذ كيف يحكم على حديث لا يدرى من رواه ؟!.(1/96)
مثاله في الحديث أن رجلا قال للرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن أمي توفيت أفينفعها إن تصدقتُ عنها ؟ قال نعم. هذا الرجل المبهم ذِكْرُهُ هو سعد بن عبادة رضي الله عنه.
وفي البخاري ومسلم أن امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالت إني أوعك وإني أتكشف. فقال لها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: إن شئتِ دعوتُ لكِ...الحديث. هذه المرأة المبهم اسمها في الحديث هي أم زفر.334
ومنه حديث ورد في جامع الترمذي335 عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنها سألت أم سلمة فقالت : إني أطيل ذيلي وأمشي.. الحديث. فأم الولد هذه اسمها حميدة.
وقد ألف فيه الحافظ عبد الغني بن سعيد المصري والحافظ الخطيب البغدادي وأبو القاسم بن بشكوال. واختصر النووي كتاب الخطيب وهذّبه وزاد عليه، وسماه (الإشارات إلى بيان أسماء المبهمات) وكثيرا ما يشير إليه في تهذيب الأسماء واللغات.
وأحسن ما أُلف في هذا الباب - كما يقول السيوطي:- كتاب (المستفاد من مبهمات المتن والإسناد) للحافظ العراقي. وجلّ ما ذكره المصنف في هذا الباب من المبهمات الواردة في صحيح البخاري التي استوعب الحافظ شرحها في هدي الساري.336
وَرَجُلٌ قَالَ337 أَكُلَّ عَامِ … اَلْحَجُّ اِبْنُ حَابِسٍ اَلسَّامِ
رَأَى النَّبِيُّ رَجُلاًَ فيِ الشَّمْسِ … قَيْصَرُ فيِ الصَّحْبِ عَدِيمُ اللَّبْسِ
الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحج حين قال : إن الله فرض عليكم الحج . فقال الرجل : أكلَّ عام يا رسول الله ؟ ...الحديث.338 اسم الرجل الأقرع بن حابس التميمي. وقد ذكر في اسمه فِراس وأنه لُقِّب الأقرع بقرع كان في رأسه. وكان الأقرع شريفا في الجاهلية والإسلام رضي الله عنه. تهذيب الأسماء واللغات (1/134).(1/97)
والرجل المذكور في حديث ابن عباس عند البخاري339 : بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما يخطب إذ هو برجل قائم فسأل عنه فقيل: هو أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، ويصوم ولا يفطر نهارا ، ولا يستظل ولا يتكلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (مروه فليستظل وليقعد وليتكلم وليتم صومه). هذا الرجل أبو إسرائيل قيل في اسمه قيصر حتى قيل إنه ليس في الصحابة من كنيته أبو إسرائيل ولا من اسمه قيصر غيره. وهذا معنى كونه "عديم اللبس" كما قاله الناظم. تهذيب الأسماء واللغات (2/467). والله أعلم.
وَفِي تَلاَحَى رَجُلاَنِ ابْنُ أَبِي …… حَدْرَدِ عَبْدُ اللهِ أَيْ مَعَ كَعْبِ
وَامْرَأَةٌ تُقَالُ340 لاَ تَنَامُ …… فَقَالَ مَهْ حَوْلاَ لَهَا مَقَامُ
سَائِلَةٌ عَنْ غُسْلِ حَيْضٍ341 أَسْمَا … بِنْتُ النَّبِيِّ زَيْنَباً تُسَمَّى أ/29
الرجلان اللذان تلاحا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرفعت ليلة القدر هما: عبد الله بن أبي حدرد وكعب بن مالك كما في الموطأ .342
والمرأة التي ذكرت عائشة أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دخل عليها وهي عندها فقال : من هذه ؟ قالت :فلانة لا تنام الليل - تذكر من صلاتها - فقال: مه ، عليكم بما تطيقون .. الحديث. اسم المرأة حولاء بنت تُويت .فتح الباري (3/36).
والمرأة التي سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الغسل من دم الحيض فقال : خذي فرصة من مسك... هذه المرأة هي : أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية . وقيل :اسمها أسماء بنت شَكَلَ. وهي التي يقال لها خطيبة النساء. فتح الباري (1/415)وتهذيب الأسماء واللغات (2/573).(1/98)
وابنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي توفيت فأمرهن بغسلها ثلاثا أو خمسا أو سبعا ويبدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ... هي: زينب امرأة أبي العاص بن الربيع رضي الله عنها وعن زوجها وصلى الله وسلم على أبيها. فتح الباري (3/125) وشرح النووي على مسلم (7/2) وتهذيب الأسماء واللغات (2/629).
سُمُ ابْنِ لُتْبِيَّةَ عَبْدُ اللهِ كَذَا ابْنُ مَكْتُومٍ بِلاَ اشْتِباَهِ
وَأُمُّهُ عَاتِكَةٌ ، أَخُو عُمَرْ … عُثْماَنَُ ، أُخْتِي أُمُّ حِبَّانَ فيِ النَّذْر343
أخرج البخاري344 عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: استعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم رجلا من الأزْد يقال له ابن اللتبية على الصدقة ، فلما قدم قال : هذا لكم وهذا أهدي لي...اسم الرجل عبد الله بن اللُّتْبِيَّة بضم اللام وإسكان التاء المثناة من فوق وباء موحدة . وهو منسوب إلى بني لتب بطن من الأسد ويقال الأزد.
وكذلك ابن أم مكتوم - مؤذن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - اسمه عبد الله بن زائدة القرشي وقيل اسمه عمرو بن قيس بن زائدة - ويقال زياد - بن الأصم القرشي العامري. وصح تسمية النبي صلى الله عليه وآله وسلم له عمرا وذلك في حديث مسلم عن فاطمة بنت قيس في قصة طلاق زوجها .. فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم: اعتدي في بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم.345 وهو الأعمى الذي ذكره الله في كتابه فقال جلّ في علاه: (عبس وتولى * أن جاءه الأعمى * وما يدريك لعلّه يزّكى * أو يذّكر فتنفعه الذكرى) [عبس: 1-4].
قوله : "وأمه عاتكة" يعني أن أم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله.
وأخو عمر الذي كساه الحلة السيراء وكان مشركا بمكة اسمه عثمان ابن حكيم وهو أخوه لأمه.
أُخْتَاكِ أَسْمَا أُمُّ كُلْثُومِ ، هُمَا عُمَارَةُ الْوَلِيدُ أَخَوَاهَا346 كَمَا ج/35(1/99)
أختا عائشة المذكورتان في قول الصدّيق لها: إنما هما أخواك وأختاك.. فالأخوان هما : عبد الرحمن ومحمد ابنا الصدّيق. والأختان هما: أسماء وأم كلثوم ابنتاه أيضا. وهذا الأثر من كرامات أبي بكر رضي الله عنه فإنه قال لعائشة هذا الكلام :" المال اليوم للوارث وإنما هما أخواك وأختاك". فقالت : هذان أخواي - تعني عبد الرحمن ومحمد - فمن أختاي؟ لأن لها حينئذ أختا واحدة هي أسماء . فقال: "ذو بطن بنت خارجة ، فإني أظنها جارية". يعني الحمل الذي في بطن زوجته حبيبة بنت خارجة وأنه يظن أنها ستلد جارية ، فولدت أم كلثوم - وهي التي تزوجها عمر رضي الله عنه. فورث أبابكر مع عائشة أخواها وأختاها كما توقع رضي الله عنه.
وقول الناظم: "عمارة الوليد أخواها" يعني أن أخوي أم كلثوم بنت عقبة الذين جاءا يطالبانها هما : عمارة والوليد.
غَيْرَ ابْنِ أُخْتِنَا هُوَ النُّعْمَانُ …… اِجْلِسْ بِنَا اْلأَسْوَدُ يُسْتَبَانُ
250 وَابْنُ خُدَيْجٍ رَافِعٌ عَنْ عَمِّهِ347 … ظُهَيْرُ348 فيِ الْمُخَابَرَاتِ سمَِّهِ
وَابْنُ عِلاَقَةٍ رَوَى عَنْ عَمِّهِ …… فِي التِّرْمِذِي قُطْبَةُ جَاءَ فيِ اسْمِهِ ب/21
عَمَّةُ جَابِرٍ لَهَا بُكَاءُ … فِي أُحُدٍ فَاطِمَةَ الْحَسْنَاءُ
وما ورد في الحديث "..وهل في البيت إلا قرشي ؟ قالوا غير ابن أختنا". فهو النعمان بن مقرن .
ومن المبهم أيضا ما لم يصرح بذكره بل عرف من سياق الكلام كقول البخاري : "وقال معاذ: اجلس بنا نؤمن ساعة" فالخطاب للأسود بن هلال.349
وحديث رافع بن خديج عن بعض عمومته في النهي عن المخابرة .. اسم عمه هذا ظُهير بن رافع الحارثي . وظهير بضم الظاء المعجمة.
وروى زياد بن علاقة عن عمه مرفوعا: "اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والأعمال والأهواء.." وعمه هذا اسمه قطبة بن مالك الثعلبي.
وعمة جابر التي بكت أباه لما توفي بأحد اسمها فاطمة بنت عمرو بن حرام.(1/100)
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَأَهْدَتْ خَالَتِي …هُزَيْلَةٌ أُمُّ أَبِي هُرَيْرَةِ
أُمَيَّةٌ زَوْجُ سُبَيْعَةَ الَّتيِ… قَدْ وَلَدَتْ ، سَعْدُ هُوَ ابْنُ خَولَةِ
زَوْجَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ اَلَّتيِ … تَحْتَ رِفَاعَةٍ ، تمَُيَْمَةٌ الّتِي أ/30
زَوْجُ بِرْوَعَ350 ذَا هِلاَلٌ عَبْدُ… لحَِاطِبٍ يَحْلِفُ فِيهِ سَعْدُ ج/36
وخالة ابن عباس التي أهدت للنبي صلى الله عليه وآله وسلم سمنا وأقطا .. هي هزيلة.
وأم أبي هريرة التي كان يدعوها إلى الإسلام اسمها أمية بنت صفيح بن الحارث .
وزوج سُبيعة الأسلمية : اسمه سعد بن خولة. وهو الذي رثى له النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن مات بمكة. وقد توفي وهي حامل فولدت بعد وفاته بليال.
والمرأة التي تزوجها عبد الرحمن بن الزَّبير بفتح الزاي بعد أن كانت تحت رفاعة القرظي فأرادت الرجوع إلى زوجها الأول فقال لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم : لا ، حتى تذوقي عُسيلته ويذوق عُسيلتك.. هذه المرأة اسمها : تميمة بنت وهب ، وقيل اسمها عائشة ، وقيل سهيمة . تهذيب الأسماء واللغات 2/631. فقوله التي في صدر البيت معناه التي تحت رفاعة ، وقوله التي في عجز البيت معناه التي طلقها زوجها .
وزوج بروع بنت واشق الذي توفي عنها ولم يذكر لها صداقا فقضى لها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن لها صداق المثل.. زوجها هذا اسمه: هلال بن مرّة الأشجعي وقيل هلال بن مروان.
وعبد لحاطب الذي ورد في حديث جابر : أن عبدا لحاطب قال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار. فقال صلى الله عليه وآله وسلم : "كذبت . لا يدخلها فإنه شهد بدرا والحديبية". رواه مسلم.351 فهذا العبد اسمه سعد.
رِوَايَةُ اْلأَقْرَانِ وَالسَّابِقُ وَاللاَّحِقُ:
أَيْ مَا رَوَى الْقَرِينُ عَنْ352 قَرِينِهِ سَاوَاهُ353 فيِ شُيُوخِهِ أَوْ سِنِّهِ
وَاجْتَمَعَتْ لَدَى حَدِيثِ الْوَفْرَهْ… خَمْسَةُ أَقْرَانٍ كِرَامٍ بَرَرَةْ(1/101)
وَسَابِقٌ وَلاَحِقٌ تَبَاعُدُ … مَوْتَيْهِمَا لِفَوْقِ قَرْنٍِ يَرِدِ
إذا اشترك راويان في الشيوخ فهما من الأقران وإن كان أحدهما أكبر سنا من الآخر ورواية أحدهما عن الآخر تعتبر من رواية الأقران، وكذلك تكون رواية أحدهما عن الآخر من رواية الأقران إذا كانا متعاصرين ومتقاربين في السن. والفائدة من معرفة هذا النوع ألا يظن القارئ حين ينظر إلى الإسناد أن أحدهما معطوف على الآخر ويبدل كلمة "عن" ليجعل مكانها واو العطف فيقع في الغلط.
…فالصحابي قد يروي الحديث عن صحابي آخر حتى اجتمع خمسة من الصحابة في إسناد حديث "الموت كفارة لكل مسلم"354 كل منهم يروي عن آخر حتى رواه بلال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وكذلك يحصل في التابعين وأتباعهم.
…وذكر الناظم من رواية الأقران ما رواه أحمد ابن حنبل عن قرينه أبي خيثمة عن قرينه يحيى بن معين عن قرينه علي بن المديني عن قرينه عبيد بن معاذ وهو يرويه عن أبيه عن أبي بكر ابن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: كن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوفرة".
…وأما السابق واللاحق فهو أن يكون لمحدث واحد راويان ويتباعد ما بين موتيهما بحيث يصيران كأنهما غير متعاصرين، كما روى كل من البخاري وأبو الحسين الخفّاف عن محمد بن إسحاق، وبين موت البخاري والخفاف مائة وسبع وثلاثون سنة، ذلك أن البخاري توفي سنة 256هـ وتوفي الخفاف سنة 393هـ أو بعدها.
وفائدة هذا النوع حصول علو الإسناد بالنسبة لمن روى عن متأخر الوفاة. والعلم به يعين على إزالة اللبس عن الناظر في الأسانيد لكي لا يظن سقوط بعض الرواة من الإسناد إذا لم يعرف أنهما قرينان.
اَلمُدَبَّجُ
260 وَإِنْ كِلاَهُمَا رَوَى عَنْ آخَرِ … مُدَبَّجٌ كَكَعْبِهِمْ355 مَعْ عُمَرِ
وَبِنْتِ صِدِّيقٍ وَأَبِّ هِرِّ ……وَالزُّهْرِيِّ مَعْ أَبِي الزُّبَيْرِ(1/102)
كَذَاكَ مَالِكٌ مَعَ اْلأَوْزَاعِي … وَأَحْمًدا بِابْنِ356 اْلمَدِينيِ رَاعِ
…وهذا من رواية الأقران والفرق بينه وبين ما سبق أن المدبج هو أن يكون كل منهما يروى عن الآخر كما روى كعب وعمر كل واحد عن الآخر وكذلك عائشة وأبو هريرة وفي التابعين الزهري وأبو الزبير وفي أتباعهم مالك والأوزاعي وفيمن بعدهم أحمد وعلي ابن المديني.
…وسمي هذا النوع مدبجا لاستحسانه لأن المدبج هو المزيَّن كما سمى ابن مسعود الحواميم ديباج القرآن، أفاده العراقي في التقييد ص 317.
اَلأكَابِرُ عَنِ اْلأَصاَغِرِ
أَكَابِرٌ فيِ السِّنِّ كَالزُّهْرِيِّ … عَنْ مَالِكٍ وَيَحْيىَ اْلأَنْصَارِيِّ
أَوْ قَدْرٍكَماَلِكٍ عَنِ ابْنِ … دِينَارِ أَوْكِلَيْهِمَا عَبْدُ الْغَنِيّ أ/31،ب/22،ج/37
رَوَى عَنِ الصُّورِيِّ وَالصَّحَابِي … عَنْ تَابِعٍ وَذَا كَأَنَسٍ وَأَبِي
هُرَيْرَةٍ عَنْ كَعْبِ اْلأَحْبَارِ … وَالتَّابِعُ عَنْ تَابِعِيهِ جَارِ
روي عن الإمام البخاري أنه قال: لا يكون الإنسان عالما حتى يأخذ عمن فوقه وعن مثله وعمن دونه. وقال وكيع: لا ينبُل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه.
فمن هذا المنطلق كان أحدهم يروي عن تلميذه أو من هو دونه في السن أو في العلم، وفائدة العلم بهذا النوع ألا يشتبه على الناظر فيظن أن الراوي أصغر من المروي عنه أو يظن أن الإسناد انقلب على بعض الرواة. وله أمثلة ذكر الناظم منها رواية الزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري عن مالك ورواية مالك عن عبد الله بن دينار ورواية عبد الغني المقدسي عن الصوري. ففي المثال الأول رواية الأكبر سنًّا عن الأصغر وفي الثاني رواية الأجلّ قدرا عمن هو دونه في ذلك وفي الثالث رواية الأكبر والأجل عن الأصغر.(1/103)
…ومن هذا النوع رواية الصحابة عن التابعين وهم تلاميذهم كرواية أنس وأبي هريرة وغيرهما عن كعب الأحبار. ومنه رواية التابعي عن تابعيه كما تقدم في المثال الأول.
اَلآبَاءُ عَنِ اْلأَبْنَاءِ وَعَكْسُهَ:
وَاْلأَبُ عَنْ بَنِيهِ كَالْعَبَّاسِ …… عَنْ فَضْلٍِ وَغَيْرِهِ فيِ النَّاسِ
مَا جَاءَ فيِ اْلحَنَّانِ وَاْلمَنَّانِ …… أَيْ عَنْ عَلِيٍّ مِنْ عَجِيبِ الثَّانِي
وَقَلَّ مَا قَدْ حَدَّثَتْ بَنَاتُ …… عَنْ أُمَّهَاتٍ جَاءَ فِي أَتَيْتُ
معرفة هذا النوع أيضا من المهمات لأن الراوي قد يروي عن أبيه ولا يذكر اسمه ورواية الرجل عن أبيه كثيرة وعن أبيه عن جده عزيزة نادرة. وكانوا يفخرون به ويغبطهم عليه الرواة . قال أبو القاسم منصور بن محمد العلوي: "الإسناد بعضه عوال وبعضه معال، وقول الرجل حدثني أبي عن جدي من المعالي".
…وأشار الناظم من رواية الآباء عن الأبناء إلى رواية العباس عن ابنه فضل ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جمع بين الصلاتين في المزدلفة.
…وقد اجتمع في حديث عن علي بن أبي طالب تسلسل عشرة رواة كلٌّ يروى عن أبيه إلى علي ابن أبي طالب أنه سئل عن الحنّان والمنّان فقال: الحنّان: الذي يقبل على من أعرض عنه ، والمنّان: الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال". ولا يُفرح بمثل هذا فإن في إسناده مجاهيل ورجلا مشهورا بوضع الحديث.357
…وقال العراقي: "وأكثر ما وقع لنا بتسلسل رواية الأبناء عن الآباء أربعة عشر رجلا من رواية أبي محمد الحسن بن على... فذكر حديثا عن علي ابن أبي طالب مرفوعا "المجالس بالأمانة"358 ثم قال: "وفي آبائه من لا يعرف حاله. وهذا الحديث من جملة أربعين حديثا، منها مناكير". التقييد والايضاح.(1/104)
…ويلتحق برواية الرجل عن أبيه عن جده رواية المرأة عن أمها عن جدها أو جدتها وهو قليل نادر، منه ما رواه أبو داود في سننه بإسناده عن أم جنوب بنت نميلة عن أمها سويدة بنت جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر بن مضرّس عن أبيها قال: "أتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فبايعته، فقال: من سبق إلى مالم يسبق إليه مسلم فهو له . قال: فخرج الناس يتعادون ويتخاطون."359.
اَلإِخْوَةُ وَاْلأَخَوَاتُ
270 ذَا كَابْنيَْ360 اْلخَطَّابِ زَيْدٍ وَعُمَرْ وَفِي عَلِيٍّ وَعَقِيلٍ جَعْفَرْ
عَبَّادُ سَهْلٌ أَخُهُ عُثْمَانُ …… كَذَا سَعِيدٌ عَمْرُهُمْ أَبَانُ
بَنُو عُيَيْنَةٍ هُمُ سُفْيَانُ … أَجَلُّهُمْ وَآدَمٌ عِمْرَانُ
كَذَاكَ إِبْرَاهِيمُ مَعَ مُحَمَّدْ… وَخَمْسَةٌ مَا حَدَّثُوا كَأَحْمَدْ ج/38
ثُمَّ بَنُو سِيرِينَ هُمْ مُحَمَّدُ …… وَأَنَسٌ يَحْيَى حَوَاهُمْ361 سَنَدُ
وَمَعْبَدٌ وَحَفْصَةٌ كَرِيمَة …… لَمْ تَرْوِ مِنْهُمْ عَمْرَةٌ وَسَوْدَة362
وَفَي بَنِي الْحَارِثِ مَعْ مُقَرِّنِ مُهَاجِرُونَ سَبْعَةٌ فَأَمْعِنِ
الفائدة من العلم بهذا النوع أن يعرف الإخوة فلا يظن بمجرد الاشتراك في اسم الأب أن الراويين أو الرواة إخوة. ولذلك أفرده بعضهم بالتصنيف منهم علي ابن المديني ومسلم بن الحجاج.
…ومثال الأخوين عند الناظم زيد وعمر ابنا الخطاب.
ومثال الثلاثة علي وجعفر وعقيل بنو أبي طالب ، وعباد وسهل وعثمان بنو حنيف، وسعيد وعمرو وأبان بنو عثمان بن عفان.…
ومثال الخمسة بنو عيينة : سفيان وآدم وعمران وإبراهيم ومحمد. وهؤلاء كلهم قد رووا الأحاديث. ولهم خمس إخوة آخرون لم يحدثوا منهم أحمد ومخلد.
ومثال الستة: بنوسيرين: محمد وأنس ويحيى ومعبد وحفصة وكريمة، وهؤلاء كذلك لهم رواية ولهم أختان عمرة وسودة لم تحدثا.
ومثال السبعة: بنو الحارث بن قيس السهمي. وقد قيل إنهم تسعة وهم بشر وتميم والحارث والحجاج والسائب وسعيد وعبد الله ومعمر وأبو قيس.(1/105)
…وبنو مقرن أيضا سبعة وقيل تسعة وقيل عشرة، وهم: النعمان ومعقل وعقيل وسويد وسنان وعبد الرحمن وضرار ونعيم وآخران لم يسما.
…وهؤلاء وهؤلاء اجتمع فيهم مع الأخوة الصحبة والهجرة، ومثلهم بنو عفراء السبعة الذين شهدوا بدرا كلهم مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهم معاذ ومعوِّذ وأنس وخالد وعاقل وعامر وعوف. وسيذكرهم الناظم في الباب الآتي بعده. ولم يذكر مثال الأربعة ولا ما بعد السبعة وقد استوعب ذلك كله السيوطي في التدريب .363
معرفة الصحابة
للعلماء في تعريف الصحابي أقوال . والذي اختاره الحافظ في شرح النخبة هو أن الصحابي: "من لقي النبي صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنا به ومات على إسلامه". انظر: نخبة الفكر شرح نزهة النظر ص 55.
فيدخل في الصحابة من لقيه وآمن به من العميان مثل عبد الله ابن أم مكتوم فإنهم إن لم تصدق فيهم الرؤية العينية فقد صدق فيهم لقاؤه.
ولا يدخل في تعريف الصحابي المنافقون فإن من شرط الصحبة الإيمان والمنافقون ليسوا بمؤمنين.
ولا يدخل في تعريف الصحابي من ارتد بعد إسلامه كربيعة بن أمية بن خلف فإنه أسلم عام الفتح وحج مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم حجة الوداع ثم ارتد أيام خلافة عمر ولحق بالروم وتنصّر.
ولا يدخل في تعريف الصحابي كذلك من رآه قبل النبوة فقط مثل زيد بن عمرو بن نفيل الذي رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومات على الحنيفية قبل البعثة.
ولا يدخل كذلك من رآه غير مؤمن به ثم أسلم بعد حياته كرسول قيصر الذي أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافرا ثم أسلم بعد وفاته.(1/106)
واشترط بعضهم شروطا ردّها المحققون لضعفها. منها: أن يكون مميزا أو بالغا أثناء الرؤية. ولو عُدَّ هذا الشرط لخرج من الصحبة الحسن والحسين وأطفالٌ حَنَّكَهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعا لهم مثل محمد بن أبي بكر الذي ولد قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم بثلاثة أشهر وعبد الله ابن ثعلبة بن صُعَير الذي مسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم وجهه عام الفتح.
ومنها: اشتراط طول المجالسة معه صلى الله عليه وآله وسلم والأخذ منه ، ولو عُدَّ هذا الشرط لخرج من شرف الصحبة كثير ممن لقي النبي في حجة الوداع من الأعراب وغيرهم وانصرف إلى جهته.
ومن أغرب ما قيل في ذلك قول سعيد بن المسيب أن الرجل لا يكون صحابيا إلا إذا أقام مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم سنة أو سنتين أو غزا معه غزوة أو غزوتين. وهذه الرواية مطروحة فإنها جاءت من طريق محمد بن عمر الواقدي المتروك.
قال الإمام النووي: فإن صح عنه - يعني هذا القول - فضعيف. فإن مقتضاه أن لا يُعدّ جرير البجلي وشبهه صحابيا ولا خلاف أنهم صحابة.364
قلت: لم يسلم جرير إلا بعد نزول سورة المائدة وذلك قبل خمسة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقيل قبل وفاته بأربعين يوما.
ومنهم من تساهل في تعريف الصحابي فأدخل كلَّ من أدرك زمنه صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنا به وإن لم يره فيدخل في تعريفه مثل أصحمة نجاشي الحبشة الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلاة الغائب عند وفاته ولم يتلاقيا. وعبد الله بن مالك الجيشاني أبو تميم الذي أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يرحل إلى المدينة إلا في خلافة عمر رضي الله عنه. ويدخل فيهم بهذا التعريف أيضا خويلد بن خالد الهذلي الذي رحل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فوصل إلى المدينة وقد توفي النبي فشهد دفنه.
وَهُمْ طِبَاقٌ كُلُّهُمْ عُدُولُ …وَجَمَّ عَنْ دَوْسِيِّهِمْ نُقُولُ(1/107)
الصحابة طبقات . وسيأتي ذكر ذلك في بابه. فإذا ثبت للرجل شرف صحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثبتت له العدالة ، لأن العدل هو المرضي، والصحابة قد (رضي الله عنهم ورضوا عنه) [التوبة :100] فليسوا بحاجة أن يكونوا مرضيين عند أحد بعد الله ورسوله . فهم الأمة الوسط بنص القرآن ، وهم (خير أمة أخرجت للناس) [آل عمران: 110] وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "خير الناس قرني"365 . ولا يُلتفت بعد شهادة الله ورسوله إلى قول المعتزلة والرافضة وغيرهم من طوائف المبتدعة الذين يَلْمِزون بعض الصحابة أو كلهم بحجة اشتراك بعضهم في الفتنة التي وقعت أو ادعاء وقوع الذنب من بعضهم ، فإن العدالة لا تنافي وقوع الذنب ولا تستلزم الإتيان بكل المأمورات ولا اجتناب جميع المنهيات ، فإن ذلك هو العصمة التي خص الله بها ملائكته وأنبياءه . وأما المرويات التي تَذْكُر ما وقع من بعضهم من ذنب أو شَجَر بينهم من خلاف وقتال فكما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
...منها ما هو كذب، ومنها ما قد زِيد فيه ونُقص وغُيِّر عن وجهه . والصحيح منه هم فيه معذورون ؛ إما مجتهدون مصيبون، وإما مجتهدون مخطئون. وهم مع ذلك - يعني أهل الحديث والسنة - لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة . ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم - إن صدر - ، حتى إنهم يُغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ، لأن لهم من الحسنات التي تمحوا السيئات ما ليس لمن بعدهم.
وقد ثبت بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم خير القرون366. وأن المد من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أُحُد ممن بعدهم367(1/108)
"ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب، فيكون قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غُفر له بفضل سابقته أو بشفاعة محمد صلى الله عليه وآله وسلم الذي هم أحق بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كُفِّر به عنه.
فإن كان هذا في الذنوب المحققة فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا فلهم أجران وإن أخطأوا فلهم أجر واحد والخطأ مغفور؟!".368
ويواصل شيخ الإسلام ابن تيمنة في الدفاع عن الأصحاب وبيان محاسنهم وفضائلهم، فيقول:
"ثم إن القدر الذي يُنْكَر من فعل بعضهم قليلٌ نَزْرٌ مغفورٌ في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ؛ من الإيمان بالله ورسوله، والجهاد في سبيله، والهجرة، والنصرة، والعلم النافع والعمل الصالح . ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما مَنَّ الله عليهم به من الفضائل ، علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، لا كان ولا يكون مثلهم. وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله".369
ويَتَخَرَّجُ على هذه القاعدة - وهي تعديل كافة الصحابة رضي الله عنهم - مسألة وهى أنه إذا قيل في الإسناد عن رجل من الصحابة رضي الله عنه كان حجة ، ولا تضر الجهالة بتعيينه لثبوت عدالتهم.(1/109)
وقوله : "وَجَمَّ عَنْ دَوْسِيِّهِمْ نُقُولُ" يشير إلى كثرة روايات أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه. فقد روى خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا. فهو أكثر الصحابة رواية للحديث. وقد وُجِّهَتْ إليه انتقادات كثيرة من قبل أعداء الإسلام لذلك وليس بضاره شيئا فإنه رضي الله عنه قد طالت حياته فكثر تلاميذه والآخِذون عنه مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دعا له بالحفظ حينما شكا إليه النسيان ، فببركة دعوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صارت له مَلَكَةٌ في الحفظ لا يُجاَرَى . وهو مع ذلك لم ينفرد بكثير من الأحاديث بل وُجد عنده مجموعاً ما تفرق عند سائر الأصحاب . أضف إلى ذلك أنه لازم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في آخر حياته وذلك في حِلِّهِ وَتِرْحَالِهِ وفي سفره وجهاده ، وكان حينئذ فقيرا لا يعرف التجارة في الأسواق ، وليس له يومئذ شغل سوى الأخذ من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم . ومن أجل ذلك كان يفخر بحفظه ويقول: "ما من أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر حديثا مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب".
فَوْقَ أُلُوفٍ خَمْسَةٍ فَابْنُ عُمَرْ … فَأَنَسٌ مِنْ فَوْقِ أَلْفَيْنِ الْبَحْر
مِنْ فَوْقِ أَلْفٍ ثُمَّ جَابِرٌ عُرِفْ … فَالخُْدْرِيّ وَغَيْرُهُمْ دُونَ اْلأَلِفْ ب/23
قوله: فوق ألوف خمسة: يعني أن مرويات أبي هريرة فوق خمسة آلاف. ثم ذكر سائرين المكثرين وأصحاب الألوف وهم مع أبي هريرة سبعة على الترتيب الآتي:
1- أبو هريرة رضي الله عنه: روى خمسة آلاف وثلاثمائة وأربعة وسبعين حديثا.
2- يليه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: روى من الحديث ألفين وستمائة وثلاثين حديثا.
3- ثم أنس بن مالك رضي الله عنه: وله ألفان ومائتان وستة وثمانون حديثا.(1/110)
4- تليه الصديقة بنت الصديق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وعن أبيها وصلى الله وسلم وعلى زوجها: ولها ألفان ومائتان وعشرة أحاديث.
5- ثم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: وله ألف وستمائة وستون حديثا.
6- ثم جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: وله ألف وخمسمائة وأربعون حديثا.
7- ثم سعد بن مالك بن سنان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: وأحاديثه ألف ومائة وسبعون.
وقد سها قلم الناظم رحمه الله فلم يَجْرِ بذكر عائشة رضي الله عنها مع أنها تلي الثلاثة اْلأُوَل كما يدل عليه التعداد السابق. وأهمل الزينُ العراقي في ألفيته ذكر أبي سعيد وهو من أصحاب الألف كما بيَّنا.
ونظمهم جميعا الجمال ابن ظهيرة في بيت فقال :
سبع من الصحب فوق الألف قد نقلوا
…………من الحديث عن المختار خير مضر
أبو هريرة ، سعد، جابر، أنس
…………صديقة ، وابن عباس كذا ابن عمر370
280 قَلَّ عَنِ الصِّدِيقِ مِنْ تَقَدُّمِ … مَوْتٍ لَهُ مَا فَوْقِ مِائَةٍ قَدْ نُمِي(1/111)
والرواية قد قلّت عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه لتقدم وفاته حيث توفي بعد سنتين وستة أشهر من وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يُحتج إلى علمه كما احتيج إلى علم من تأخرت وفاته منهم ولقي كثيرا من التابعين الذين لم يروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمعوا منه فاحتاجوا إليه لكي يعلِّمهم. فلأبي بكر ما يجاوز مائة حديث فقط . بل هي في مسند أحمد اثنان وثمانون حديثا(المسند 1/1-14). وفيه لعمر بن الخطاب ثلاثمائة وثمانية عشر حديثا (المسند1/14-57). ولعثمان بن عفان مائة واثنان وستون حديثا (المسند 1/57-75). ولعلي سبع مائة وعشرون حديثا (المسند 1/75-161). فمن تأخرت وفاته احتيج إلى روايته فحدّث بأكثر مما حدّث به من تقدمه مع اعتبارات أخرى. وهذا السِّرُّ لم يتفطن إليه من طعن في أبي هريرة وكثرةِ رواياته كما أسلفنا . ومن أجله أيضا لم يكثر الحديث عن فاطمة رضي الله عنها فإنها توفيت بعد الرسول بستة أشهر مع أنها مرضت إبان هذه الفترة أيضا فلم يتهيّأ لها ولا لأمثالها ممن قصرت حياتهم بعد الرسول أن يرووا كثيرا من الأحاديث . ومع ذلك نجد لها في مسند الإمام أحمد عشرة أحاديث.(المسند 6/401-403) ولها في صحيح البخاري أيضا روايات .
قال الإمام محمد بن سعد في كتاب الطبقات:(1/112)
قال محمد بن عمر الأسلمي:"إنما قلت الرواية عن الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم ماتوا قبل أن يحتاج الناس إليهم . وإنما كثرت عن عمر بن الخطاب وعلي ابن أبي طالب لأنهما وُلِّياَ فسُئلا وقضيا بين الناس.. فكان الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقل حديثا عنه من غيرهم .. فلم يأت عنهم من كثرة الحديث مثل ما جاء عن الأحداث من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنهم بقوا وطالت أعمارهم في الناس فاحتاج الناس إليهم . ومضى كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبله وبعده بعلمه لم يؤثر عنه شيء ، ولم يحتج إليه لكثرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . ومنهم من مات ولم يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئا ولعله أكثر له صحبة ومجالسة وسماعا من الذي حدث عنه ..."
إلى آخر كلامه الممتع النفيس رحمه الله . وقد نقله برمته الشيخ جمال الدين القاسمي في قواعد التحديث.371
وَعِلْمُهُمْ جَمِيعُهُمْ إِلىَ عَلِي … قَدِ انْتَهَى مَعَ ابْنِ مَسْعُودِ الْعَلِي ج/39(1/113)
يريد الناظم أن علم الصديق والخلفاء الثلاثة ومن ذكر من أصحاب الألوف قد صار إلى علي ابن أبي طالب وعبد الله ابن مسعود بعد وفاتهم وذلك لأن ما تقدم من بيان قِلَّة أحاديث أبي بكر رضي الله عنه لا يدل على أن غيره أكثرُ منه علما . بل هو أعلم الصحابة على الإطلاق ، ثم عمر بعده . يَدُلُّكَ على ذلك أن الخلفاء الثلاثة الذين أتوا بعده كانوا يتحرون هديه وسياسته ، وكذلك سائر العلماء من الصحابة كابن عباس وابن مسعود وغيرهما . وقد عَرَف الصديقُ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعَقَل عنه ما لم يعرفه ولم يعقله غيره. ففي الصحيحين أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كان أبو بكر أعلمنا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم372. ولذلك كانوا ينظرون إلى هديه ويتأثرون به . انظر إلى الفاروق يقول: "فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق."373 وعمر الفاروق هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كان بعدي نبي لكان عمر"374. وقال: "بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت حتى إني لأرى الري يخرج في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي عمر بن الخطاب" قالوا: ما أولته يا رسول الله ؟ قال: "العلم"375. وثبت في الصحيحين قوله عليه الصلاة والسلام : "لقد كان فيمن كان قبلكم محدَّثون، فإن يكن في هذه الأمة أحد فعمر بن الخطاب"376. فكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه يبين للصحابة فضل أبي بكر وعمر عليهم في العلم وذلك في مثل قوله عليه الصلاة والسلام : "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر"377. وعلى كل حال :(1/114)
فلم يكن أحد يقضي ويخطب ويفتي بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا أبوبكر . وقد شك الناس في موت نبيهم فبيّنه أبوبكر378. ثم توقفوا في (موضع) دفنه فبينه أبوبكر. ثم شكّوا في قتال مانعي الزكاة فبيّنه بالنص379. وأوضح قوله تعالى: (لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين..)لعمر380. وبيّن لهم قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "إن عبدا خُيِّر بين الدنيا والآخرة..".381 وفسّر لهم الكلالة. وحمل علي عنه شيئا من العلم ، ففي السنن عن علي رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم حديثا ينفعني الله بما شاء أن ينفعني منه ، وإذا حدثني غيره استحلفته ، فإذا حلف لي صدّقته. وحدَّثني أبوبكر وَصَدَقَ أبوبكر- أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له"382.
……انتهى من كتاب المنتقى من منهاج الإعتدال لشيخ الإسلام ابن تيمية اختصار الإمام الذهبي.383 وقد نقل بعد ذلك الإجماع على أن أبابكر أعلم الصحابة رضي الله عنهم جميعا. كما حكاه منصور ابن السمعاني وغيره.
وأطلت في هذا مخافة أن يَسْتَغِلَّ هذه المقولة من الناظم أحد المبتدعة فيؤيد بها بدعته مُفَضِّلا عليا رضي الله عنه على الشيخين أبي بكر وعمر مزريا بذلك على الصحابة جميعا ، وهو ما لم يقصد إليه الناظم رحمه الله . فأردت أن أبين ما هو الحق . والله الهادي إلى صراط مستقيم.
وَتُعْرَفُ الصُّحْبَةُ بِالتَّوَ اتُرِ … وَقَوْلِ صَاحِبٍ وَ بِالتَّنَاشُرِ
ذكر الناظم في هذا البيت طرق معرفة الصحابي. وهي ثلاثة:
الأول: التواتر. كتواتر صحبة العشرة المبشرين بالجنة. وكأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبناته.
الثاني: أن يشهد له صحابي آخر بالصحبة كما شهد أبو موسى لِحُمَمَة بن أبي حُمَمَة الدوسي الذي مات مبطونا بأصبهان فشهد أبو موسى بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حكم له بالشهادة.(1/115)
ويثبت أيضا بقول الصحابي نفسه إذا عرف بالصلاح والاستقامة مع إمكان هذا اللقي لا كما ادعى رتن الهندي الذي ظهر بعد الستمائة فادعى الصحبة جرأةً على الله ورسوله . كما يثبت بإخبار بعض ثقات التابعين كما قاله الحافظ في النخبة.384
الثالث: الاستفاضة وهي التي عبّر عنها الناظم بالتناشر، وهي شهرة قاصرة عن التواتر كما اشتهر ضمام بن ثعلبة وعكاشة بن محصن وذو اليدين لوقائع حصلت لكل واحد منهم فجعلت صحبته أمرا لا يرتاب فيه.
آخِرُهُمْ مَوْتاً أَبُو الطُّفَيْلِ … فِي مِائَةٍ وَابْنَ رَبِيعِهِمْ385 يَلِي أ/33
يَزِيدُ وَابْنٌ وَأَبُوهُ شُهَّدُ … بَدْرٍ أَبُو مَرْثَدِهِمْ وَمَرْثَدُ
سَبْعَةُ إِخْوَةٍ بَنُو عَفْرَاءَ … فِي بَدْرٍ قَدْ شَهِدُوا اللِّقَاءَ
مُعَوِّذٌ مُعَاذُ عَوْفٌ خَالِدُ إِيَاسُ عَاقِلٌ وَعَامِرٌ هُدُوا
وآخر الصحابة موتا أبو الطفيل عامر بن واثلة الليثى الذي توفي سنة مائة من الهجرة وقيل مائة وسبع وقيل مائة وعشر. وفي صحيح مسلم عن أبي الطفيل: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري. وتوفي قبله محمود بن الربيع سنة تسع وتسعين وهو الذي عقل مجة مجها رسول الله في وجهه وهو ابن خمس سنين.
وقوله يزيد وابن وأبوه شهد بدرا يعني يزيد بن الأخنس السلمي الذي شهد بدرا هو وابنه معن بن يزيد وأبوه الأخنس . ومرثد وأبوه أبو مرثد ابن الحصين الغنوي ، لا يعرف أب وابنه شهدا بدرا غيرهما.
وشهد بدرا كذلك سبعة إخوة هم بنو عفراء: معوذ ومعاذ وعوف وخالد وإياس (وقيل أنس) وعاقل وعامر.
مَعْرِفَةُ التَّابِعِينَ:
وَهُمْ طِبَاقٌ مِنْهُمُ الْمُخَضْرَمُ ……فَمُدْرِكُوا الْعَشْرَةِ قَيْسٌ يُعْلَمُ
وَالْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ اْلأَكَابِرُ مِنْهُمْ وَكُلٌّ بِمَزَايِا ظَافِرُ(1/116)
التابعي : هو من لقي الصحابي كما في نزهة النظر ص90 . والتابعون كذلك طبقات . قال الحاكم : هم خمس عشرة طبقة. الأولى: من أدرك العشرة: قيس بن حازم وابن المسيب وغيرهما . وقد غلطه في ابن المسيب السيوطي وقال بأنه ولد في خلافة عمر فلم يسمع من أكثر العشرة.
وأما المخضرمون فهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام وأسلموا ولم يروا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهم أكثر من عشرين . فهم معدودون في كبار التابعين كما قال الحافظ في النخبة .386
ومن أكابر التابعين الفقهاء السبعة : عبيد الله بن عبد الله387
وعروة بن الزبير388 والقاسم بن محمد389 وسعيد بن المسيب390
وأبو بكر بن عبد الرحمن391 وسليمان بن يسار392 وخارجة ابن زيد393 لأن إجماعهم يتضمن دليلا قويا.
وقد انتظموا في ما يأتي:
إذا قيل من في العلم سبعة أبحر
…………روايتهم ليست عن العلم خارجة
فقل هم: عبيد الله، عروة، قاسم
…………سعيد ، أبو بكر، سليمان ، خارجة
أَفْضَلُهُمْ سَعِيدُ بَلْ أُوَيْسُ … وَقِيلَ الْحَسَنُ وَقِيلَ قَيْسُ ج/40
290 آخِرُهُمْ اِبْنُ خَلِيفَةٍ خَلَفْ … عَنْ مِائَةٍ بَعْدَ ثَمَانِينَ سَلَفْ
وَلَيْسَ فيِ اْلأَصْحَابِ وَاْلأَتْبَاعِ … مَنْ اِسْمُهُ عَبْدُ الرَّحِيمِ رِاعِ
وأفضل التابعين - كما قال الإمام أحمد - سعيد بن المسيب وقال أيضا : لا أعلم فيهم - التابعين - مثل أبي عثمان النهدي وقيس يعنى ابن ثابت.
وقال الشيرازي: أهل المدينة يقولون: أفضل التابعين ابن المسيب، وأهل الكوفة أويس - القرني - وأهل البصرة الحسن - البصري.394
وأول التابعين موتا - كما قال البلقيني: أبو زيد معمر بن زيد قتل بخراسان وقيل بأذربيجان سنة ثلاثين وآخرهم موتا خلف بن خليفة سنة ثمانين ومائة. وأشار الناظم إلى أنه ليس في الصحابة ولا في التابعين من اسمه عبد الرحيم.
أحوال الرواة تعديلا وجرحا
المراد بالتعديل والجرح أن يوصف الراوي بما يقتضي قبول روايته أو تليينها أو ردها.395(1/117)
والأصل في اعتبار عدالة الراوي قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنيأ فتبينوا ..." الآية. [الحجرات: آية 6].
وجرح المجروحين من الرواة والشهود جائز بإجماع المسلمين لأنه نصيحة في الدين ، فبه يتميز الصحيح من الضعيف من أحاديث سيد المرسلين. وقد جاء رجل إلى ابن عُليّة فسأله عن حديث الليث بن أبي سليم فقال بعض من حضره: وما تصنع بليث بن أبي سليم وهو ضعيف الحديث؟ لم لا تسأله عن حديث لأيوب؟ فقال: سبحان الله أتغتاب رجلا من العلماء؟ فقال ابن علية: يا جاهل نصحك، إن هذا أمانة ليس بغيبة.396
ومن أجل ذلك كان المحدثون يتكلمون في الرواة بما يعلمون فيهم من جرح وتعديل وينصحون الأمة بذلك كي لا يختلط عليها الأخبار عن نبيها عليه السلام. وكانوا لا يهابون أحدا في ذلك ولايحابونه. فقد قال أبو داود صاحب السنن: ابني عبد الله كذاب.397
وقال زيد بن أبي أنيسة كما في مقدمة مسلم: لا تأخذوا عن أخي يعني يحيى المذكور بالكذب.398
وسئل علي ابن المدينى عن أبيه فقال: سلوا عنه غيري، فأعادوا، فأطرق ثم رفع رأسه فقال: هو الدين، إنه ضعيف.399
أَعْلاَ مَرَاتِبِ الْعُدُولِ صُدِّرَا … بِأَفْعَلٍ فَثِقَةٌٍ400 مُكَرَّرًا
فَمُفْرَدًا كَحَافِظٍ وَمُتْقِنِ … وَحُجَّةٍ وَضَابِطٍ فَلاَ تَنيِِ ب/24
وَبَعْدَهُ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَلاَ … بَأْسَ بِهِ صَدُوقُ مَأْمُونٌ تَلاَ
شَيْخٌ رَوَواْ عَنْهُ يَلِي صُوَيْلِحُ لاَ بَأْسَ ، أَرْجُو .....
التعديل والجرح مراتب . وأعلى مراتب التعديل من عدَّلَهم الله تعالى فاستغنوا بتعديله من تعديل المعدِّلين ، وهم الصحابة كما مر معك . وقسموا مراتب التعديل بعد ذلك إلى مراتب.
فالمرتبة الأولى: من وصف بأفعل التفضيل كأوثق الناس أو نحوه مثل إليه المنتهى في التثبت.
…المرتبة الثانية: ما كُرِّر فيه لفظ التوثيق كثقة ثقة أو ثقة حجة.
…المرتبة الثالثة: ما أفرد فيه لفظ التوثيق كثقة وحافظ ومتقن وضابط وحجة.(1/118)
…المرتبة الرابعة: لا بأس به أو ليس به بأس أو صدوق أو مأمون.
…المرتبة الخامسة: أن يوصف الراوي بأنه شيخ رووا عنه أو جيد الحديث أو صدوق يهم.
المرتبة السادسة: صالح الحديث أو صويلح أو مقبول أو صدوق إن شاء الله.
... شَرُّ مَنْ يُجَرَّحُ
كَذَّابُ أَوْ دَجَّالُ أَوْ وَضَّاعُ… فَسَاقِطٌ وَهَالِكٌ مُضَاعُ أ/34
وَسَكَتُوا عَنْهُ وَفِيهِ نَظَرُ لاَ ثِقَةٌ كَذَاكَ لاَ يُعْتَبَرُ ج/41
يَلِيهِ مَرْدُودُ الْحَدِيثِ اِرْمِ بِهِ … يَلِيهِ ضَعَّفُوهُ لاَ يُحْتَجُّ بِهِ
وَاهٍـ ضَعِيفٌ مُنْكَرُ اْلحَدِيثِ … مُضْطَرِبٌ يَلِيهِ فيِ التَّحْدِيثِ
300 سَيِّئُ حِفْظٍ فِيهِ مَا سَتَعْرِفُ …تُنْكِرُ قاَلُوا فِيهِ لِينٌ خَالَفُوا
مَا بَعْدَ ضَعَّفُوهُ لاِعْتِباَرِ … حَدِيثِهِ لاَ لاِحْتِجاَجٍ جَارِ
…وكما أن التعديل مراتب فكذلك التجريح. وابتدأ الناظم بأسوأ مراتب الجرح على طريق اللف والنشر المُشَوَّش .
…فأسوأ مراتب الجرح - وهي المرتبة الأولى- من وصف بصيغة المبالغة مثل أن يقال كذّاب أو دجّال أو وضّاع.
…المرتبة الثانية: من وُصف بأنه ساقط أو هالك أو مضاع أو سكتوا عنه أو فيه نظر أو ليس بثقة أو لا يعتبر به.
…المرتبة الثالثة: من وصف بأنه مردود الحديث أو يرمى بحديثه.
المرتبة الرابعة: فلان ضعّفوه أو لا يحتج بحديثه أو واه ضعيف أو منكر الحديث أو مضطرب.
المرتبة الخامسة - وهي أسهل مراتب الجرح - قولهم : فلان سيء الحفظ أو فيه ما تعرف وتنكر أو فيه مقال أو فيه لين .
والمرتبتان الأخيرتان يكتب حديث من وصف بهما للاعتبار به وإيجاد الشواهد والمتابعات لروايته. وأما المراتب الثلاثة الأولى فلا للاحتجاج ولا للاعتبار.
اَلأَفْرَادُ401
وَمُفْرَدُ اْلأَسْمَاءِ لِلأَصْحَابِ ……وَغَيْرِهِمْ مَعَ الْكُنَى اْلأَلْقَابِ
نَحْوُ لُبَيِّ بْنِ لََبَا وُرْدَانُ402 … شَمْعُونُ زِرٌّ سَنْدَرٌ عَزْوَانُ(1/119)
يُقصد بالأفراد من الأسماء والكنى والألقاب ما ليس شائعا ولا مشتركا. وَجُلُّها مما يشكل لقلة دورانه على الألسنة. ولذلك يلحقه المصنفون بأواخر مصفاتهم، وأفرده البرديجى بالتصنيف. وفائدته ضبط هذه الأسماء والكنى والألقاب.
فمن أفراد الأسماء:
- (لُبَيّ) بضم اللام مصغرا كأُبي (ابن لَبَا) بالفتح والتخفيف مثل عصا وقيل بضم اللام وتشديد الموحدة وهو اسم صحابي من بني أسد.
- (وُردان) بالضم ، ليس بصحابي.
- (شمعون) بفتح الشين وإسكان العين المهملة. ويقال بالغين المعجمة، وبالمهملتين: ابن يزيد القرشي أبو ريحانة صحابي نزل الشام.وله خمسة أحاديث.
- (زِرّ) بكسر الزاي ابن عبد الله الفقيمى، صحابي. وهناك زرّ ابن حُبيش تابعي معروف.
- (سَنْدَر) بفتح السين والدال المهملتين وبينهما نون ساكنة يكنى أبو الأسود وأبو عبد الله وهو صحابي كان عبدا لزنباع فأعتقه النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
- (عَزْوَان) بفتح المهملة وإسكان الزاي ، ابن يزيد الرقاشي تابعي روى عن أنس شيئا.
وَابِصَةٌ ، صُنَابِحُ بْنُ الْأَعْسَرِ … جُبَيْبُ ، كَلَدَةٌ، هُبَيْبُ صَغِّرِ
وَأَجْمَدٌ ، وَأَبُهُ عُجْيَانُ … دُجَيْنُ ، أَوْسَطْ ، شَكَلٌ جِيلَانُ ج/42
- (وابصة) بكسر الباء الموحدة وفتح الصاد المهملة: ابن معبد، صحابي.
- (صُنَابِح) بضم الصاد المهملة وكسر الباء وضم الحاء المهلمة في آخره (ابن الأَعْسَر) البجلي الأحمسي، صحابي روى حديثين. وأما الصُّنابحي الذي روى عن أبي بكر فهو تابعي.
- (جُبيب) بضم الجيم وبالموحدتين مصغرا: ابن الحارث، صحابي.
- (كَلَدَة) بفتحهما: ابن حنبل. صحابي أيضا.
- (هُبيب) مصغر: ابن مُغْفُل بضم الميم وإسكان المعجمة وضم الفاء: الغفاري. صحابي.
- (أَجْمَد) بالجيم (ابن عُجْيَان) بضم العين المهملة وإسكان الجيم على وزن سفيان الهمداني صحابي شهد فتح مصر. لا تعرف له رواية.(1/120)
- (دُجين) بالجيم مصغرا: ابن ثابت أبو الغصن العريني. حدّث عنه عبد الله بن المبارك.
- (أوسط) ابن عمرو البجلي: تابعي.
- (شَكَل) بالمعجمة مع الفتحتين: ابن حُميد العبسي . صحابي من رهط حذيفة، نزل الكوفة.
- (جِيلان) بكسر الجيم: ابن فروة الإخباري. تابعي.
وَمِنْ أَفْرَادِ اْلأَلْقَابِِ:403
أَلْقَابُهَا سَفِينَةٌ بُطَيْنُ …… مِنْدَلُ مُشْكُدَانَةٌ سُحْنُونُ
- (سَفِينَةُ ) مُكبّر، وهو مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، اسمه مِهْرَانُ بالكسر ويقال إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقّبه سفينة لما حمل متاعا كثيرا لرفقته في الغزو.
- (بُطَين) مصغر، الحضرمي. قيل اسمه مسلم بن عمران.
- (مَِنْدَلُ) بكسر الميم وقيل بفتحها. اسمه عمرو بن علي.روى عنه الخطيب.
- (مُشْكُدَانَةُ) بضم الميم وسكون المعجمة وفتح الكاف والمهملة وبعد الألف نون.
- (سَُحْنُونُ) بضم السين وفتحها، اسمه: عبد السلام ابن سعيد التنوخي القيرواني، وهو صاحب المدونة.
وَاْلأَفْرَادُ مِنَ الْكُنَى مِنْهَا:
فَرْدُ الْكُنَى مِنْهُ أَبُو الْعُشَرَاءِ أَبُو مِرَايَةٍ بِخِفِّ الرَّاءِ
أَبُو الْعُبَيْدَيْن ِ أَبُو الْمِدِلَّةِ … أَبُو مُعَيْدٍ وَكَذَا أَشْبَاهُ تِي404
- (أبو العُشَرَاء) الدارمي اسمه: أسامة بن مالك بن قِهطم بكسر القاف وقيل اسمه يسار وقيل برز وقيل بزر وقيل غير ذلك.
- (أبو مُرَايَة) بالمثناة من تحت وضم الميم وتخفيف الراء اسمه: عبد الله بن عمرو وهو تابعي روى عنه قتادة .
- (أو العُبَيْدَيْن) بالتثنية والتصغير. اسمه معاوية بن سبرة من أصحاب ابن مسعود، روى حديثين أو ثلاثة.
- (أبو المِدِلَّة) بكسر المهملة وفتح اللام المشددة . قيل اسمه عبيد الله ابن عبد الله. روى عنه أبو مجاهد الطائي.
- (أبو مُعَيْد) مخفف الياء مصغرا اسمه: حفص ابن غيلان الهمداني، روى عن مكحول وغيره.
اَلْوُحْدَانُ405 أ/35(1/121)
الوُحْدَان - بضم الواو - جمع واحد وهم الرواة الذين لم يرو عنهم إلا راو واحد فلم ترتفع جهالة عينهم لأنها لا ترتفع إلا برواية شخصين فأكثر. وفائدة العلم بهذا النوع ظاهرة لأن المجهول - سيما مجهول العين - لا تقبل روايته إلا إذا عرف أنه صحابي فلا تضر الجهالة به لثبوت عدالة الصحابة وعدم الحاجة إلى التفتيش عن أحوالهم كما تقدم. وللإمام مسلم ابن الحجاج جزء صغير في معرفة الوحدان.
…وقد قال الحاكم بأن الشيخين البخاري ومسلم لم يخرجا لأحد من وحدان الصحابة. ذكر ذلك في كتابه المدخل إلى الإكليل ونقله عنه ابن الصلاح في المقدمة.406 لكن دافع عن الحاكم في نسبة هذا الكلام بالنسبة لرواية الصحابة إليه السخاوي في فتح المغيث.407 وأما البيهقي فتبع الحاكم في هذا المنقول عنه كما في السنن الكبرى حيث قال عقب حديث بهز بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده مرفوعا "ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا".
قال البيهقي:
أما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه، جريا على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو واحد لم يخرجا حديثه في الصحيحين. ومعاوية ابن حيدة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه، فلم يخرجا حديثه في الصحيح.408
…وردّ عليه العلامة ابن التركماني في الجوهر النقي كما نقله أحمد شاكر في شرح الألفية وقال بأن ذلك ليس من عادتهما:
فقد أخرجا حديث المسيب بن حزن في وفاة أبي طالب، ولا راوي له غير ابنه سعيد، وأخرج البخاري حديث مرداس (يذهب الصالحون) ولا راوي له غير قيس ابن أبي حازم. وأخرج حديث عمرو بن تغلب (إني لأعطى الرجل) ولا رواي له غير الحسن. وأخرج مسلم حديث رافع الغفاري، ولا رواي له غير عبد الله بن الصامت، وحديث أبي رفاعة ولا راوي له غير حميد بن هلال، وحديث الأغر المزني، ولا راوي له غير أبي بردة، في أشياء كثيرة عندهما من هذا النحو.409
والأمثلة التي ذكرها الناظم هي:(1/122)
عَنِ ابْنِ خَنْبَشٍ وَعَنْ مُحَمَّدِ … صَفْوَانَ اَلشَعْبِيُ ذُو تَفَرُّدِ ب/25
310 مَالِكُ عَنْ مُسَوَّدٍ شُعْبَةُ عَنْ … مُفَضَّلٍ سُفْيَانُ لِلَّيْثِىِّ عَنْ
1- وَهْبُ بْنُ خَنْبَش: بفتح الخاء المعجمة وإسكان النون وفتح الباء الموحدة وآخره شين معجمة، صحابي كوفي، لم يرو عنه إلا الشعبي.
2- محمد بن صفوان الأنصاري : صحابي لم يرو عنه أيضا إلا الشعبي وتفرد الشعبي عن آخرين غير هذين.
3- مالك بن أنس تفرد عن زهاء عشرة من شيوخ المدينة لم يرو عنهم غيره ذكر منهم الناظم مسوَّد بن رفاعة.
4- شعبة بن الحجاج تفرد بالرواية عن مفضَّل بن فَضَالة.
5- سفيان الثوري تفرد بالرواية عن عبد الله بن شداد الليثي.
اَلْمُتَّفِقُ الْمُفْتَرِقُ:
مَا وِفْقُهُ خَطًّا وَلَفْظًا يَثْبُتُ نَحْوُ ابْنِ أَحْمَدَ الْخَلِيلِ سِتَّةُ
وَأَحْمَدُ ابْنُ جَعْفَرٍ أَرْبَعَةٌ … حَمْدَانُ جَدُّهُمْ وَكُلٌّ طَبَقَةٌ
المتفق والمفترق من الأسماء والكنى والألقاب هو ما اتفقت فيه أسماء الرواة أو كناهم أو ألقابهم خطا ولفظا واختلفت مسمياته. وهو أقسام:
…الأول: من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم كالخليل ابن أحمد ستة أشخاص.
…أولهم: شيخ سيبويه وهو بصري.
ثانيهم: أبو بشر المزني بصري أيضا.
ثالثهم: العجلي يكني أبو العباس.
رابعهم: أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي.
خامسهم: أبو سعيد البستي القاضي شيخ البيهقي.
سادسهم: أبو سعيد البستي العذري الشافعي.
الثاني: من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم كأحمد بن جعفر بن حمدان هناك أربعة يسمون كذلك ، وهم من طبقة واحدة يروون عمن يسمى عبد الله.
…أحدهم: أبو بكر القطيعي يروي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل
…ثانيهم: أبو بكر السقطي يروي عن عبد الله بن أحمد الدورقي
ثالثهم: دينوري يروي عن عبد الله بن محمد بن سنان.
رابعهم: أبو الحسن الطرسوسي يروي عن عبد الله بن جابر الطرسوسي.(1/123)
وَكَأَبِي عِمْرَانَ الْجُونِي410 مُوسَى ابْنِ سَهْلٍ مَعَ تَابِعِي ج/43
وَكَابْنِ عَياَّشٍ ثَلاَثَةٌ أَبُو … بَكْرِ الْحُسَيْنُ الْقَارِي الْحِمْصِي نَبُو
كَصَالِحٍ أَرْبَعَةٌ اِبْنُ أَبِي … صَالِحٍ الْكُلَّ لِتَابِعٍ انْسُبِ
…الثالث: ما اتفق في الكنية والنسبة ومثاله الأول عند الناظم أبو عمران الجوني وهما اثنان: أحدهما: عبد الملك بن حبيب تابعي مات قبل الثلاثين ومائة. والآخر: موسى بن سهل بن عبد الحميد البصري شيخ الإسماعيلي والطبراني. ومع أن كليهما يقال له الجوني إلا أن معنى النسبتين مختلف. فالتابعي منسوب إلى الجون وهو بطن من الأزد، والآخر نسبته إلى ناحية. والغالب في النسبة إليها الجويني لكن نسب كذلك في حقه تخفيفا.411
المثال الثاني: أبو بكر بن عَيَّاش وهم ثلاثة:
أحدهم: اسمه حسين الباجدائي المسلمي مولاهم وهو أديب فاضل توفي سنة أربع ومائتين.
…والثاني: القارئ الكوفي الشهير راوي قراءة عاصم ، وقد اختلف في اسمه على عشرة أقوال تراها في تقريب التهذيب .412
…والثالث: الحمصي يروي عن عثمان بن شباك الشامي.
الرابع: من اتفقت أسماؤهم وكنى آبائهم - وهو عكس الثالث.
…مثاله: صالح بن أبي صالح وهم أربعة: كلهم تابعيون
…أحدهم: مولى التوأمة روى عن أبي هريرة وغيره من الصحابة.
…والثاني: الذي أبوه ذكوان السمان المدني روى عن أنس رضي الله عنه وأخرج مسلم حديثه.
…والثالث: السدوسي روى عن علي وعائشة رضي الله عنهما.
والرابع: مولى عمرو بن حريث روى عن أبي هريرة.
وَكَمُحَمَّدِ ابْنِ عَبْدِ اللَّهِ ……أَرْبَعَةُ اْلأَنْصَارِ ذَا اشْتِبَاهِ
وَنَحْوُ حَمَّادٍ بِغَيْرِ قَيْدِ ……أَإِبْنِ سَلَمَةٍ أَوِ ابْنِ زَيَدِ
مُوسَى التَّبُوذَكِيُّ413 رَاوِي اْلأَوَّلِ … عَارِمُ وَابْنُ حَرْبِهِمْ لِمَنْ يَلِي
الخامس: من اتفقت أسماؤهم وأسماء آبائهم وأنسابهم مثاله: محمد بن عبد الله الأنصاري وهم أربعة:(1/124)
أحدهم: القاضي المشهور البصري شيخ البخاري
والثاني: أبو سلمة البصرى ضعيف وجده زياد
والثالث: اسم جده خضر بن هشام بن زيد بن أنس بن مالك روى عنه ابن ماجه.
والرابع: جده زيد بن عبد ربه، تابعي ثقة.
السادس: ما اتفق في الإسم فقط أو الكنية فقط. والفائدة من تمييز هذا أنه يقع في الإسناد بدون ذكر أبيه أو نسبته فيشكل.
…ومن أمثلته حماد، فهناك حماد بن سلمة بن دينار وحماد بن زيد بن درهم ويعرف بحسب من روى عنه، فإن كان الراوي عن حماد هو موسى بن إسماعيل التبوذكي فهو حماد بن سلمة وإن كان الراوي عنه عارما أو سليمان بن حرب فهو حماد بن زيد.
وَمِنْهُ عَبْدُ اللَّهِ فَالزُّبَيْرِ بِمَكَّةٍ فِي طَيْبَةَ اِبْنِ عُمَرِ
320 فِي كُوفَةٍ هُوَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَإِنْ … بِبَصْرَةٍ فَبِابْنِ عَباَّسٍ زُكِنْ
فِي مِصْرَ وَالشَّامِ حَفِيدُ الْعاَصِ وَابْنُ الْمُباَرَكِ خُرَاسَانَ يَصِي أ/36،ج/44
وَشُعْبَةٌ عَنْ سَبْعَةٍ عَنِ الْبَحْر كُلٌّ أَبُو حَمْزَةَ ذُو اْلجِيمِ نَصَرْ
…ومن أمثلته أيضا عبد الله، فيعرف إن كان صحابيا ببلد الرواية. قال سلمة بن سلميان: إذا قيل بمكة عبد الله فهو ابن الزبير أو بالمدينة فابن عمر وبالكوفة ابن مسعود وبالبصرة ابن عباس وبخراسان ابن المبارك.414
وزاد الناظم: رواية أهل مصر والشام عن عبد الله بن عمرو ابن العاص.
ومن أمثلة هذا النوع كذلك ما قاله بعض الحفاظ من أن شعبة ابن الحجاج يروي عن سبعة عن ابن عباس كلهم أبو حمزة بالحاء والزاي إلا أبا جمرة بالجيم والراء واسمه نصر بن عمران الضبعي، وأنه إذا أطلقه فهو بالجيم.415
وَالْحَنَفِيَّ لِلْقَبِيلَةِ انْسُبِ … ذُو الْياَ الْحَنِيفِيُّ انْسُبَنْ لِلْمَذْهَبِ(1/125)
السابع: أن يتفقا في النسبة مثل الحنفي إلى بني حنيفة وإلى المذهب كذلك وكثير من المحدثين ينسبون إلى المذهب حنيفي بزيادة ياء ووافقهم من النحويين: ابن الأنباري، واختاره السيوطي مستشهدا عليه بحديث "بُعثت بالحنيفية السمحة".416
اَلْمُؤْتَلِفُ وَالْمُخْتَلِفُ
مُخْتَلِفٌ لَفْظًا417 فَفِي اْلأَلْقَابِ يَجِيءُ وَاْلأَسْمَاءِ وَاْلأَنْسَابِ ب/26
هذا فن جليل القدر في علوم الحديث وهو معرفة المؤتلف والمختلف من الأسماء والألقاب والأنساب. ويكثر وَهْمُ الرواة فيه، ولا يتقنه إلا متبحر في معرفة علوم الحديث. ذلك أن الأسماء ونحوها لا يدخلها القياس. ولذلك قال ابن الصلاح: "..من لم يعرفه كثر عثاره ولم يعدم مخجلا".418
…ومعنى المؤتلف والمختلف هو ما يتفق في الخط دون اللفظ. وقد أورد الناظم أمثلة كثيرة لهذا . والذي يجب التنبيه إليه أن هذه أعلام يضبطها المشتغل بهذا الفن ويراعي فيها الورود. وقد أُلِّفَتْ فيه مؤلفات أجودها كتاب الحافظ ابن حجر العسقلاني "تبصبر المنتبه بتحرير المشتبه" .
يُشَدُّ فِي جَمِيعِهِمْ سَلاَّمُ …إِلاَّ ثَمَانًا419 فَهُمُ سَلاَمُ
شَيْخُ الْبُخَارِيِّ مَعَ الْمُعْتَزِليِ وَالِدُ حَبْرٍ وَابْنُ أُخْتِهِ يَلِي
وَابْنُ أَبِي الحُقَيْقِ وَابْنُ نَاهِضِ …وَجَدُّ سَعْدٍ وَمُحَمَّدٌ رَضِي
فمن المؤتلف والمختلف في الأسماء: سلاّم فإنه يأتي بتشديد اللام دائما إلا في ثمانية أشخاص. وهم:
1- محمد بن سلاَم البيكندي شيخ البخاري.
2- محمد بن عبد الوهاب بن سلاَم المعتزلي.
3- عبد الله بن سلاَم الصحابي المعروف.
4- سلاَم ابن أخت عبد الله بن سلام.
5- سلاَم بن أبي الحُقيق.
6- سلاَم بن محمد بن ناهض المقدسي.
7- سعد بن جعفر بن سلاَم السيدي.
8- يعقوب بن إسحاق بن محمد بن سلاَم النسفي.
فَاكْسِرْ أُبَيَّ بْنَ عُمَارَةَ اضْمُمِ420 سِوَاهُ ذُو الْفَتْحِ أَتَى فَالْمُدْغَمِ421 ج/45(1/126)
وفِي خُزَاعَةٍ كَرِيزًا كَبِّرِ … فِي عَبْدِ شَمْسٍ وَسِوَاهُ صَغِّرِ
330 بِالزَّايِ فيِ قُرَيْشِهِمْ حِزَامُ … بِالرَّاءِ فِي أَنْصَارِهِمْ حَرَامُ
…ومن أمثلة المؤتلف والمختلف من الأسماء "عمارة" فإنه يأتي غالبا بضم العين إلا في والد الصحابي أبي بن عمارة فإنه بالكسر. وقد أتى بالفتح مدغما في عدة أسماء بعضها للرجال وبعضها للنساء ، منها عمَّارة بنت عبد الوهاب الحمصية.
…ومن أمثلته أيضا "كريز" فإنه يأتي غالبا بالضم مصغرا إلا في خزاعة فإنه فيها مكبر .
…ومنه أيضا "حرام" و "حزام" بالراء وبالزاي فهو بالراء من أسماء الأنصار وبالزاي من أسماء قريش.
عَيْشِيُّ فِي الْبَصْرَةِ وَالْعَبْسِيُّ422 فِي كُوفَةٍ فيِ الشَّامِ قُلْ عَنَسِيُّ
عِسْلٌ بِكَسْرٍ فَسُكُونِ السِّينِ إِلاَّ ابْنَ ذَكْوَانَ بِفَتْحِ ذَيْنِ
وَمِسْوَرٌ بِالْكَسْرِ إِلاَّ فيِ وَلَدْ يَزِيدَ وَالْيُرْبُوعِ بِالضَّمِّ وَشَدّ
ومن أمثلة المؤتلف والمختلف من الأنساب "العيشي" و"العبسي" و"العنسي". فالعيشيون في البصرة والعبسيون في الكوفة والعنسيون في الشام.
…ومنه "عِسْل" فأكثره بكسر العين وإسكان السين إلا في عَسل بن ذكوان الإخباري البصري فإنه بفتحها.
…ومنه "مسور" بكسر الميم وإسكان السين إلا في مُسَوَّر ابن يزيد الصحابي ومُسَوَّر ابن عبد الملك اليربوعي المدني.
مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ بِيَا يَسَارُ ……إِلاَّ ابْنَ بَشَّارٍ وَجَا سَيَّارُ أ/37
بِالْكَسْرِ بِشْرٌ غَالِباً فَمُعْجَمِ ……أَهْمِلْ لَدَى أَرْبَعَةٍ ثُمَّ اضْمُمِ
اِبْنُ سَعِيدٍ وَابْنُ بُسْرِ اْلمَازِنيِ … مَعَ ابْنِ عَبْدِ اللهِ423 وَابْنِ مِحْجَنِ ج/46
ما سيأتي من المؤتلف والمختلف الخاص بالصحيحين والموطأ. فمن ذلك "يسار" و "بشار" فليس في الصحيحين منهما إلا محمد بن بشار شيخ البخاري . لكن فيه سيار بتقديم السين ابن أبي سيار أبو الحكم الواسطي، وسيار بن سلامة الرياحي البصري.(1/127)
…ومن ذلك "بشر" و "بسر" فجميع ما في الصحيحين والموطأ بكسر الباء وسكون السين إلا أربعة أسماء. وهم:
1- بسر بن سعيد المدني.
…2- بسر ابن أبي بسر المازني والد الصحابي عبد الله بن بسر.
…3- بسر بن عبيد الله الشامي.
…4- بسر بن محجن الدئلي. وقد قيل في هذا الرابع بأنه بشر بالشين. 424
بَشِيرًا إِلاَّ ابْنَ يَسَارِ كَبِّرِ … مَعَ ابْنِ كَعْبٍ فِيهِمَا فَصَغِّرِ
وَفيِ ابْنِ جَابِرِ أَتَى يُسَيْرُ … بِيَا أَوِ ابْنِ عَمْرٍو اَلأُسَيْرُ
ومن ذلك أيضا "بَشير" و "بُشير" و "يُسير" و "نُسير" فجميع ما في الصحيحين والموطأ على صورة "بَشير" بفتح الموحدة وكسر المعجمة إلا في أربعة أسماء . اثنان منها بضم الباء وفتح الشين وهما :
…- بُشير بن يسار الحارثي المدني
…- بُشير بن كعب العدوي.
والثالث منها بضم الياء المثناة وفتح السين المهملة يُسَير ابن عمرو وقيل ابن جابر ويقال فيه أيضا "أسير".
والرابع بضم النون وفتح المهملة وهو والد قطن بن نُسير. وهذا الأخير لم يذكره الناظم.
جَمَّ يَزِيدٌ صَغَّرُوا بُرَيْدُ … اِبْنُ أَبِي بُرْدَةَ جَا الْبَرِيدُ
340 زِيَادٌ اَلْبَرَاءُ أَبُّ الْعَالِيَةْ … وَمَعْشَرٍ يُوسُفُ جِيمُ جَارِيَة
لاِبْنِ قُدَامَةِ425 وَوَالِدِ الْيَزِيدِ … غَيْرُهُمَا حَارِثَةٌ بِلاَ مَزِيدِ ب/27
ومن المؤتلف والمختلف من الأسماء في الصحيحين "يزيد" و "بُريد" و "بَريد" فكل ما في الصحيحين يَزيد بفتح الياء وكسر الزاي إلا ثلاثة أسماء. وهي:
1- بُريد بن عبد الله بن أبي بردة الأشعري.
2- علي بن هشام بن بَريد الكوفي.
3- عرعرة بن البَرَنْد السامي أبو عبد الله. ولم يذكره الناظم.
ومن ذلك "البراء" فهو بتخفيف الراء إلا في اسمين وهما:
- البرّاء أبو معشر العطار اسمه يوسف بن يزيد البصري.
- البرّاء أبو العالية قيل اسمه زياد بن فيروز البصري.(1/128)
ومن ذلك "جارية" و "حارثة" فكل ما في الصحيحين بالمهملة والمثلثة إلا في اسمين وهما:
- جارية بن قدامة بن زهير التميمي السعدي
- يزيد بن جارية الأنصاري .
جَمّّ جَرِيرٌ فيِ ابْنِ عُثْماَنَ وَفِي … اِبْنِ اْلحُسَيْنِ اْلحَاءِ وَالزَّايِ يَفِي
حُدَيْرُ بِالدَّالِ أَبُو عِمْرَانَ … وَالِدُ زَيْدٍ فِي الْمَغَازِي بَانَ
جَمَّ خِرَاشٌ أَيْ بِكَسْرِ اْلمُعْجَمِ … وَفِي أَبِي الرِّبْعِيِّ أَهْمِلْ وَاعْلَمِ ج/47
جَمَّ حُصَيْنٌ أَيْ بِضَمِّ اْلحَاءِ … وَفَتْحِ صَادٍ أُهْمِلاَ وَجَاءِ
فَتْحُ أَبِي حَصِينِ أَيْ عُثْمَانَ … حَضِينُ بِالضَّادِ أَبُو سَاسَانَ
ومن ذلك "جَرِير" و "حَرِيز" و "حُدَير" فليس في الصحيحين من اسمه حريز بالحاء والزاي إلا حريز بن عثمان بن حبر الحمصي وأبو حريز عبد الله بن الحسين الأزدي ومن عداهما فهو جرير. وربما اشتبها بحُدَير والد عمران السدوسي البصري وزيد بن حدير الكوفي.
ومن ذلك "خراش" و "حراش" فكل ما في الصحيحين بالمعجمة إلا في والد ربعي بن حراش فهو بالحاء المهملة.
ومن ذلك "حَصين" و "حُصين" و "حضين" فليس في الصحيحين حَصين بفتح الحاء إلا في أبي حَصين عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي ومن عداه فبضم الحاء والصاد المهملة إلا حضين بن المنذر أبو ساسان فهو بالضاد المعجمة.
وَجَمَّ حَازِمٌ426 وَفِي ابْنِ خَازِمِ أَبِي مُعَاوِيَةَ خَاءً اَعْجِمِ
وَجَمَّ حَيَّانُ وَفيِ ابْنِ مُنْقِذ وَابْنِ هِلاَلٍ فَافْتَحَنْ وَوَحِّدْ أ/38
وَالْكَسْرُ وَالتَّوْحِيدُ فِي ابْنِ الْعَرِقََه427 وَابْنيَ428 عَطِيَّةٍ وَمُوسَى حُقِّقَهْ
…ومن ذلك "حازم" و"خازم" فكل ما فيهما بالمهملة إلا في محمد بن خازم أبو معاوية الضرير الكوفي فإنه بالخاء المعجمة.(1/129)
…ومن ذلك "حيّان" و "حبّان" فكل ما فيهما بالياء المثناة بعد الحاء المهملة إلا حبَّان بن منقذ بن عمر الأنصاري وجد محمد بن يحيى بن حبَّان وجد حبان واسع بن حبَّان وحبَّان بن هلال الباهلي فهذه كلها بالحاء المفتوحة وتشديد الباء الموحدة.
وأما حِبَّان بن العَرِقَة فهو بالكسر والموحدة - وقيل فيه بالجيم ، والعرقة أُمُّهُ بكسر الراء وفتحها واسمها قِلابة بنت شعبة . وبكسر الحاء أيضا في حِبَّان بن عطية السلمي - وقد قيل فيه بفتح الحاء - وحِبَّان بن موسى السلمي المروزي.
350 جَمَّ حَبِيبٌ وخُبَيْبُ ابْنُ عَدِيّ… مَعَ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُهْتَدِي
جَمَّ حَكِيمٌ وَحُكَيمٌ مَخْرَمَة وَابْنُ حُكَيمٍ أَي رُزَيْقٌ فَاضْمُمَهْ
جَمَّ رَبَاحٌ وَأَبُو رِيَاحِ … فيِ مُسْلِمٍ اِبْنُ رِيَاحِ ضَاحِي ج/48
جَمَّ مُصَغَّراً سُلَيْمُ كَبِّرِ … لَدَى ابْنِ حَيَّانَ وَلاَ تُصَغِّرِ
ومن ذلك "حَبيب" و "خُبيب" فكل ما في الصحيحين حَبيب بفتح الحاء المهملة إلا خُبيب بن عدي وخُبيب بن عبد الرحمن بن خُبيب الأنصاري وكني الصحابي عبد الله بن الزبير بابنه خُبيب.
ومن المؤتلف والمختلف في الصحيحين "حَكِيم" و"حُكَيم" فكل الأسماء الواردة في الصحيحين حَكِيم بالفتح إلا في حُكيم بن عبد الله بن قيس القرشي ورُزيق بن حُكَيم أبو حُكيم.
ومنه "رَباح" و "رِياح" فكل ما في الصحيحين رباح بالباء الموحدة وفتح الراء إلا زياد بن رياح القيسي أبو قيس المصري، فهو بالياء المثناة وكسر الراء . وهناك ابن رِياح الذي في صحيح مسلم .
ومنه "سُليم" و "سَليم" فكل ما فيهما بضم السين وفتح اللام إلا سَليم ابن حبان فإنه بفتح السين وكسر اللام.
جَمَّ شُرَيْحٌ وَسُرَيْجُ ابْنُ أَبِي سُرَيْجِ بِالْجِيمِ وَإِعْجَامًا أُبِي
وَجَمَّ سَالِمٌ وَحَذْفُ اْلأَلِفْ فِي ابْنِ قُتَيْبَةٍ وَرَازِيٍّ قُفِي(1/130)
وَابْنُ أَبِي الذَّياَّلِ وَابْنُ عَبْدِ … اَلرَّحْمَنِ لاَ تَزِدْ فِي الْعَدِّ
وَجَمَّ سَلَمَةٌ وَفِي ابْنِ سَلِمَةْ … عَمْرٌو مَعَ الْقَبِيلَةِ اكْسِرْ وَاضْمُمَهْ
ومنه "شُريح" و "سُريج" فكل ما في الصحيحين بالمعجمة والحاء إلا في سُريج بن يونس شيخ الإمام مسلم وسُريج بن النعمان وأحمد بن أبي سُريج الصباح كلاهما شيخ البخاري. فهؤلاء الثلاثة بالسين المهملة والجيم .
ومن ذلك "سالم" و "سَلَم" فكل ما في الصحيحين بالألف إلا سَلَم بن قتيبة وحكام بن سَلَم الرازي وسَلَم بن أبي الذّيال وسَلَم بن عبد الرحمن . وبقي على الناظم سَلَم بن زَرِير وقد ذكره النووي بدل الرازي فاستدرك عليه السيوطي رحمهما الله . وهذه الترجمة لم يذكرها أصحاب المؤتلف والمختلف لأنها لا تأتلف خطا لزيادة الألف في سالم .429
ومنه "سلَمة" و "سَلِمة" فكل ما فيهما بفتح اللام إلا عمرو بن سلِمة الجرمي الصحابي الذي أمّ قومه وهو صبي بأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقبيلة بني سلِمة من الأنصار فهذان وردا بكسر اللام.
عُبَيْدَةً وَالْفَتْحُ فِي السَّلْمَانِ … وَابْنِ حُمَيْدٍ وَلَدِ سُفْيَانِ
جَمَّ عُبَادَةٌ وَفَتْحُ الْعَيْنِ فِي … شَيْخِ الْبُخَارِي ابْنِ عَباَدَةٍ يَفِي430 ب/28
360 عَبَّادُ431 بِالْفَتْحِ وَشَدِّ الْبَاءِ … وَضَمُّ قَيْسِ بْنِ عُبَادِ جَائِي ج/49
جَمَّ عَقِيلٌ أَبُ يَحْيَى صَغِّرِ … مَعَ ابْنِ خَالِدٍ وَفِي الْحَيِّ دُرِي أ/39
ومنه "عُبيدة" و "عَبيدة" فكل ما فيهما بالضم إلا في عَبيدة السلماني وعَبيدة بن حميد وعَبيدة بن سفيان الحضرمي وعامر بن عَبيدة الباهلي فهذه كلها بفتح العين.
ومنه "عُبادة" فكل ما فيهما بالضم والتخفيف إلا محمد بن عَبادة الواسطي شيخ البخاري فهو بفتح العين.
…ومنه "عبدة" كله بإسكان الباء الموحدة إلا عامر بن عبدة البجلي الكوفي وبجالة بن عبدة التميمي البصري التابعي فقيل فيهما بالفتح وبالإسكان.(1/131)
ومنه "عبَّاد" و "عُبَاد" كله بالفتح والتشديد إلا قيس بن عُبَاد فهو بالضم والتخفيف.
ومنه "عَقِيل" و "عُقَيل" فكل ما ورد فيهما بفتح العين وكسر القاف إلا عُقيل بن خالد الأيلي ويحيى بن عُقيل الخزاعي البصري ففيهما بضم العين وفتح القاف. وكذلك في بني عُقيل .
وَجَمَّ بَزَّازٌ بِمُعْجَمَيْنِ لاَ … فِي خَلَفٍ مَعْ حَسَنٍ فَأَهْمِلاَ
وَجَمَّ بَصْرِيٌّ وَفيِ ابْنِ432 اْلأَوْسِ مَعْ سَاِلمِ عَبْدِ الْوَاحِدِ النُّونُ لمَعْ…
جَمَّ الْجُرَيْرِيُّ بِجِيمٍ إِلاَّ يَحْيىَ ابْنَ بِشْرٍ فَبِحَاءٍ حَلاَّ
جَمَّ الْجُرَامِيُّ وَزَايٌ قَدْ نُمِ بَعْدَ فُلاَنٍ فيِ صَحِيحِ مُسْلِمِ
ومن المؤتلف والمختلف في الأنساب "البزاز" و "البزار" فكله بزايين إلا خلف بن هشام البزار شيخ مسلم والحسن بن الصباح البزار شيخ البخاري فآخرهما راء.
ومنه "البصري" نسبة إلى البصرة فورد على غير الجادة مالك بن أوس ابن الحدثان النصري وسالم مولى النصريين وعبد الواحد بن عبيد الله النصري بالنون كلها.
ومنه "الجريري" كله بضم الجيم وفتح الراء نسبة إلى جُرَير مصغرا إلا أبا يحيى بن بشر الحَرِيري شيخ مسلم فهو بالحاء المهملة المفتوحة ، وليس هو بيحيى بن بشر فإن هذا شيخ البخاري وهو مختلف عمن ذكرنا. وهناك أيضا الجَرِيرِي مُكَبَّرًا وهو يحيى بن أيوب من ولد جرير البجلي وليس له في الصحيحين رواية وإنما روى له البخاري في الأدب المفرد.
…ومنه "الجرامي" و "الحرامي" فورد كله بالراء المهملة إلا في حديث ورد عن أبي اليسر عند مسلم: كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال فأتيت أهله ..الحديث. فاختلف في هذا فقيل هو بالراء وقيل بالجيم والذال.
اَلْمُتَشَابِهُ:
بِابْنِ بَشِيرٍ وَبُشَيْرٍ مِثْلَ أَيْ … أَيُّوبَ لاَ مُوسَى عَلِيٌ وَعُلَيّ
شُرَيْحُ مَعْ سُرَيْجُ433 لِلنُّعْمَانِ… عَزْوُهمُاَ شَيْخُ الْبُخَارِي الثَّانيِ(1/132)
وَابْنُ يَزِيدٍ ثَوْرٌ الكُلاَعِي … وَالدِّيَلِي ثَوْرُ بْنُ زَيْدٍ رَاعِ ج/50
سَعْدُ أَبُو عَمْرٍو هُوَ الشَّيْبَانِي … كَابْنِ مِرَارٍ زُرْعَةُ السَّيْبَانِي434
هذا النوع مركّب من النوعين قبله ويمكن تعريفه: بأن يتفق أسماء الرواة أو أنسابهم في اللفظ والخط ويختلف ذلك ويأتلف في آبائهم أو العكس. وقد ذكر له الناظم أمثلة صالحة.
…منها: أيوب بن بَشير العجلي الشامي وأيوب بن بُشير العدوي البصري فاتفق اسماهما لفظا وخطا واختلف اسما أبويهما لفظا لا خطا. وهذا لا ينطبق على موسى بن عَلِي وموسى بن عُلَيّ لأن الثاني إنما صغر اسم أبيه احتقارا وإلا فأصله عَلِيّ كالأول فهو من المتفق المفترق.
…ومنه شُريح بن النعمان وسُريج بن النعمان فالأول تابعي كوفي والثاني بغدادي من شيوخ البخاري.
…ومنه أيضا ثور بن يزيد الكلاعي الشامي وثور بن زيد الديلي المدني.
…ومنه أبو عمرو الشَّيباني وأبو عمرو السَّيباني. فالأول اسمه سعد بن إياس الكوفي تابعي مخضرم ويشاركه في ذلك إسحاق بن مرار اللغوي الكوفي، والثاني اسمه زرعة تابعي مخضرم كالأول وهو عم الإمام الأوزاعي.
اَلْمُشْبِهُ الْمَقْلُوبُ:
370 يَزِيدُ اِبْنُ اْلأَسْوَدِ الْخُزَاعِي كَأَسْوَدٍ اِبْنِ يَزِيدٍ النَّخَعِي أ/40
وَكَابْنِ مُسْلِمِ الْوَلِيدِ التَّابِعِي… مَعَ الدِّمَشْقِي صَاحِبِ اْلأَوْزَاعِي
اِبْنُ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ مُسْلِمُ … وَقَلْبُهُ لَدَى الْبُخَارِي يُعْلَمُ
المراد منه الرواة المتشابهون في الاسم والنسب المتمايزون بالتقديم والتأخير. وينقلب على أهل الحديث فيدخل عليهم الوهم كما دخل على الإمام البخاري في ترجمة مسلم بن الوليد بن رباح المدني فجعله الوليد بن مسلم كالوليد بن مسلم الدمشقي صاحب الأوزاعي، وخطّأه في ذلك ابن أبي حاتم وصنف في هذا النوع كتابا سماه " رفع الإرتباب في المقلوب من الأسماء والأنساب".(1/133)
ومن أمثلته يزيد بن الأسود والأسود بن يزيد فالأول صحابي خزاعي والثاني تابعي مخضرم وهو الجرشي.
اَلْكُنىَ وَاْلأَسْمَاءُ:
وَقَسَّمُوا الْكُنىَ عَلَى أَقْسَامِ435 ثَلاَثَ عَشْرَةٍ يَلِي اْلأَسَامِي
قد يقع ذكر الراوي مرة باسمه ومرة بكنيته، ولذلك ينبغي العناية بمعرفة كنى الرواة وأسمائهم لكي لا يُظن الراوي راويين عند من لا معرفة له بذلك. وكذلك الألقاب، فإن من لا يعرفها قد يظنها أسامي فيجعل من ذكر باسمه في موضع وبلقبه في آخر شخصين. وقد روى الحاكم من رواية أبي يوسف عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شدّاد عن أبي الوليد عن جابر مرفوعا "من صلى خلف الإمام فإن قراءة الإمام له قراءة". قال الحاكم: عبد الله بن شداد هو أبو الوليد، بيّنه ابن المديني. قال: ومن تهاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم. وذكر الناظم أن أصحاب الكنى ينقسمون إلى ثلاث عشرة قسما وهي كما يلي:
مَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ أَبُو بِلاَلِ اِبْنُ مُحَمَّدٍ أَبُوبَكْرٍ يُقَالُ ب/29
أَوْ لَمْ نَقِفْ هَلِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ نَحْوُ أَبِي شَيْبَةَ عِهْ436 صُحْبَتَهُ
أَوْ لَقَبٌ كُنْيَتُهُ نَحْوُ أَبِي تُرَابِ أَيْ عَلِيِّ بْنِ أَبِّ طَالِبِ ج/51
وَمَنْ تَعَدَّدَتْ كُنَاهُ كَأَبِي خَالِدِ وَالْوَلِيدِ لِلْفَرْدِ حُبِي
القسم الأول: من اسمه كنيته مثل أبي بلال الأشعري الراوي عن شريك ، فقد قال: اسمي وكنيتي واحد. وهناك من اسمه كنية ولكن له كنية أخرى مثل أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، فأبوبكر اسمه وله كنية هي أبو محمد.
القسم الثاني: من عرف بكنيته ولم يعرف هل له اسم غيرها أم لا ؟ مثاله : أبو شيبة الخدري الصحابي الذي مات في حصار القسطنطينية وهو أخو أبي سعيد الخدري لكن لا يعرف هل له اسم غير هذه الكنية أو أن اسمه كنيته ؟.(1/134)
…القسم الثالث: من لقب بكنية وله اسم وكنية غيرها مثل أبي تراب لقب به النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا وله كنية أخرى هي أبو الحسن.
…القسم الرابع: من له كنيتان فأكثر كابن جريج فإن له كنيتين أبي خالد وأبي الوليد.
مُتَّفَقٌ عَلَى اسْمِهِ وَالْخُلْفُ فِي كُنْيَتِهِ أُسَامَةُ الْحِبُّ الْوَفِيّ
وَعَكْسُهُ أَبُو هُرَيْرَةٍ وَفِي سَفِينَةٍ خُلْفٌ بهذين اقْتُفِي437
380 وَعَكْسُهُ أَئِمَّةُ الْمَذَاهِبِ أَوْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اِسْمَ اْلأَبِ
وَعَكْسُهُ نَحْوُ أَبيِ إِسْحَاقَ إِبْرَاهِمٌ وَابْنُ أَبِي إِسْحَاقَ
…القسم الخامس: من اتفق على اسمه واختلف في كنيته. مثاله أسامة بن زيد الصحابي فقد اختلف في كنيته فقيل أبو محمد وقيل أبو عبد الله وقيل أبو خارجة.
…القسم السادس: من عرفت كنيته واختلف في اسمه . مثاله أبو هريرة رضي الله عنه فإنه اختلف في اسمه على نحو من ثلاثين قولا أشهرها وأصحها أنه عبد الرحمن بن صخر.
…القسم السابع: من اختلف في اسمه وكنيته معا. مثاله سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقيل في اسمه عمير وقيل صالح وقيل مهران في اثنين وعشرين قولا ذكرها الحافظ ابن حجر في ترجمته في الإصابة. وفي كنيته قيل أبو عبد الرحمن وقيل أبو البختري.
…القسم الثامن: من عرف باسمه وكنيته معا.مثاله أئمة المذاهب الأربعة أبو حنيفة النعمان ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل كنيتهم جميعا أبو عبد الرحمن.
…القسم التاسع: من وافقت كنيته اسم أبيه. مثاله أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق المديني.
…القسم العاشر: من وافق اسمه كنية أبيه وهو عكس التاسع. مثاله إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي.
أَوْ ذُو اشْتِهَارٍ بِاسْمِهِ لاَ كُنْيَةِ نَحْوُ أَبِي مُحَمَّدٍ فيِ طَلْحَةِ
وَعَكْسُهُ أَبُو الضُّحَى لِمُسْلِمِ وَمَا إِلَى زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ نُمِي أ/41
كَأُمِّ دَرْدَاءَ أَبِي الدَّرْدَاءِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ مِنَ اْلأَسْمَاءِ(1/135)
القسم الحادي عشر: من اشتهر باسمه دون كنيته. مثاله طلحة بن عبيد الله التيمي وكنيته أبو محمد.
القسم الثاني عشر: من اشتهر بكنيته دون اسمه عكس ما سبق . مثاله أبو الضحى اسمه مسلم بن صبيح.
القسم الثالث عشر: من وافقت كنيته كنية زوجته. مثاله أبو الدرداء وزوجه أم الدرداء.
مَنْ كَانَ اِسْمُ شَيْخِهِ مُسَاوِيًا لاِسْمِ أَبِيهِ كَالرَّبِيعِ فَادْرِيَا ج/52
أَوْ كَاسْمِهِ أَسمْاَ الشُّيُوخِ بَانَ عِمْرَانَ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ عِمْرَانَ
أَوْ بِاسْمِ شَيْخِ شَيْخِهِ كَمُسْلِمٍ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَذَا عَنْ مُسْلِمٍ
أَوْ كاَسْمِهِ اسْمُ اْلأَبِ وَالْجَدِّ عُنِي كَالْحَسَنِ بْنِ الْحَسنِ بْنِ الْحَسَنِ438
ثم أشار الناظم إلى بعض الأنواع وألحقها بهذا الباب لاشتراكها في مسماه. وهي كما يلي:
الأول : ما وافق اسم شيخ الراوي اسم أبيه . مثاله الربيع بن أنس عن أنس. فأنس الذي يروي عنه ليس بأبيه ولكن شيخه وافق اسمه اسم أبيه.
الثاني : أن يوافق اسم الراوي اسم شيخه واسم شيخ شيخه. مثاله عمران عن عمران عن عمران. فالأول يعرف بالقصير والثاني أبو رجاء العطاردي والثالث عمران بن حصين الصحابي.
…الثالث : أن يوافق اسم الراوي اسم شيخه والراوي عنه. مثاله رواية مسلم بن الحجاج عن البخاري عن مسلم بن إبراهيم الفراديسي فاسم شيخ البخاري وتلميذه سواء.
…الرابع : أن يوافق اسم الراوي اسم أبيه وجده كرواية الحسن بن الحسن ابن الحسن علي بن أبي طالب.
أَوْ كَاسْمِهِ كُنْيَتُهُ كَالْقَاسِمِ اِبْنِ مُحَمَّدٍ أَبٍ لِقَاسِمِ
390 أَوْ كَاسْمِهِ النِّسْبَةُ حِمْيَرِيّ يَقْرُبُ مِنْه مَا كَحَضْرَمِيّ
مُشْتَرَكُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ كَبَرَكَةٍ وَهِنْدِ مَعْ أَسْمَاءِ
…الخامس : أن يتفق اسم الراوي وكنيته كالقاسم بن الطيلسان الحافظ محدث الأندلس فكنيته أبو القاسم.
…السادس : من اتفق اسمه ونسبته مثل الحميري بن بشير الحميري ، من التابعين.(1/136)
…السابع : أن يشترك اسم الرجل والمرأة مثل بركة . فبركة بن العريان رجل من التابعين وبركة أم أيمن امرأة صحابية. وكذلك هند . فهند بن مهلب رجل وهند بنت المهلب امرأة . وكذلك أسماء. فأسماء بن رباب رجل من الصحابة وأسماء بنت أبي بكر امرأة صحابية.
…هذه الأنواع ذكرها كلها السيوطي في آخر التدريب زيادة على النووي وعدها أنواعا مستقلة.439
الألقاب:
مِثَالُهَا كَجَزَرَةٍ غُنْجَارِ … كَيْلَجَةٍ مُرَبَّعٍ بُنْدَارِ ب/30
…الفائدة من معرفة الألقاب الأمن من اشتباهها بالأسامي وألا يظن الشخص الواحد شخصين إذا ذكر مرة باسمه وأخرى بلقبه.
…والأمثلة التي ذكرها الناظم كما يلي:
- جزرة : لقب لصالح
- غنجار : لقب لراويين بخاريين أحدهما عيسى بن موسى أبو أحمد التيمي من تلاميذ مالك والثوري . وقد لقب به لحمرة وجنتيه . والآخر محمد بن أحمد أبو عبد الله الحافظ صاحب تاريخ بخارى.
- كيلجة : لقب لمحمد بن صالح البغدادي الحافظ وكذلك أبو طالب أحمد بن نصر البغدادي شيخ الدارقطني.
- مربع : لقب به محمد بن إبراهيم الحافظ البغدادي.
- بندار : لقب لمحمد بن بشار البصري شيخ البخاري ومسلم. وذكر الحافظ رجالا آخرين لقبوا بهذا.
صَاعِقَةٍ سَجَّادَةٍ وَالْأَعْمَشِ… وَعَارِمٍ وَأَعْرَجٍ وَالْأَخْفَشِ
- صاعقة : لقب لمحمد بن عبد الرحيم أبي يحيى الحافظ . لقب به لشدة حفظه ومذاكرته.
- سجادة : لقب به الحسن بن حماد من أصحاب وكيع والحسين بن أحمد شيخ ابن عدي.
- الأعمش : لقب سليمان بن مهران الكوفي.
- عارم : لقب محمد بن الفضل أبي النعمان السدوسي. وهذا اللقب من الأضداد لأنه من العرامة وهي الفساد وهو بعيد من ذلك . ونظيره يونس بن يزيد القوي وهو ضعيف الحديث ويونس بن محمد الصدوق وهو كذاب أشر . وهناك يونس الكذوب في عصر أحمد بن حنبل وهو ثقة قيل له الكذوب لحفظه وإتقانه من باب تسمية الشيء بضده ، وهو معروف لدى العرب.440(1/137)
- الأعرج : لقب لعبد الرحمن بن هرمز أبو داود المدني من أئمة التابعين.
- الأخفش : لقب به جماعة من النحويين ذكرهم بقوله:
أُسْتَاذُ سِيْبَوَيْهِ فَهْوَ اْلأَكْبَرُ… عَبْدُ الْحَمِيدِ وَعَلِيُّ اْلأَصْغَرُ ج/53
أَوْسَطُهُمْ سَعِيدُ اِبْنُ مُسْعِدَة… لِكُلِّهِمْ رِوَايَةٌ مُسَدَّدَة
وَلَقَّبُواْ سِتَّتَهُمْ441 بِغُنْدَرْ … وَكُلُّهُمْ442 مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرْ أ/42
فهم عبد الحميد بن عبد الحميد أبو الخطاب أستاذ سيبويه وعلي بن سليمان صاحب ثعلب والمبرد وسعيدُ بن مُسْعِدَة البلخي. وهؤلاء الثلاثة لهم رواية في الحديث. وذكر السيوطي سبعة آخرين كلهم يلقب بالأخفش.
غندر : لُقِّبَ به ستة كلهم اسمه محمد بن جعفر . فأولهم: محمد بن جعفر صاحب شعبة والثاني: أبو الحسين الرازي والثالث محمد بن جعفر بن حسين البغدادي من شيوخ أبي نعيم والرابع: محمد بن جعفر بن دران أبو الطيب الصوفي من شيوخ الدارقطني والخامس: محمد بن جعفر القاضي البغدادي من تلاميذ ميسرة بن عبد الله أبي شاكر والسادس: محمد بن جعفر بن العباس النجار.
طَبَقَاتُ الرُّوَاةِ وَمَوَالِيدُهُمْ وَوَفَيَاتِهِمْ:
وَاعْرِفْ مَوَالِيدَ مَعَ الوَفَيَاتِ … لَهُمْ بِكَتْبِهَا443عَلَى الطَّبَقاَتِ
مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ اْلأَتْبَاعِ … وَغَيْرِهِمْ كُلٌّ عَلَى أَنْوَاعِ
الطبقات جمع طبقة وهي في اللغة: القوم المتشابهون. وتعرف الطبقة عند المحدثين بمعرفة المواليد والوفيات واشتراك المتعاصرين في السن ولو تقريبا، وكذلك تعرف بالأخذ عن المشايخ، فإذا تقاربت سن الراويين أو عرفا بالأخذ عن شيخ واحد اعتبرا من طبقة واحدة.
…وفائدة العلم بالطبقات: الأمن من تداخل المشتبهين كالمتفقين في الاسم أو الكنية إذا اختلفوا في الطبقة، ومن فوائده الاطلاع على تبيّن التدليس وذلك إذا عنعن الراوي عمن فوقه في الطبقة.(1/138)
…وتحديد الطبقة أمر اصطلاحي. فمن الناس من يرى الصحابة كلهم طبقة واحدة ثم التابعون بعدهم كذلك، ويستشهد على هذا بقوله عليه الصلاة والسلام: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" فذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة..."444.…ومن الناس من يقسم الصحابة إلى طبقات، وكذلك التابعين فمن بعدهم ومنهم من يجعل كل قرن أربعين سنة".اختصار علوم الحديث مع شرحه الباعث الحثيث ص245 بتصرف يسير.
مَعْرِفَةُ بِلاَدِهِمْ وَمَوالِيهِمْ:
وَاعْرِفْ بِلاَدَهُمْ فَكَمْ مَنِ انْتَسَبْ لَهَا وَلِلْقَبِيلِ تَنْسِبُ الْعَرَبْ
400 وَابْدَأْ بِأَوَّلِ الْبِلاَدِ وَيَلِي بِثُمَّ ثَانِيهَا لَدَى الْمُنْتَقِلِ
كانت العرب تنتسب إلى قبائلها قبل الإسلام فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدن انتسبوا إليها كما تفعل العجم . فمن انتقل من بلد إلى آخر ينتسب إليهما مبتدئا بالأول ويعطف عليه الثاني بثم مثل الدمشقي ثم المصري أو المكي ثم المدني.
وَغَالِبُ الْمَوْلَى لِعِتْقٍ كَأَبِي … عَالِيَةٍ إِلَى رِيَاحِ يُنْسَب
وَرُبَّمَا يَكُونُ مَوْلىَ الْمَوْلىَ … كَالْهَاشِمِيِّ ابْنِ يَسَارٍ أَصْلاً ج/54
لِبَعْضِهِمْ وِلاَيَةُ اْلإِسْلاَمِ كَالْجُعْفِيِّ الْحَافِظِ اْلإِمَامِ
أَوْ حِلْفٍ كَأَصْبَحِيِّ الصُّلْبِ … مَالِكِ التَّيْمِيِّ جَا فيِ النَّسَبِ(1/139)
الأصل في الموالي ولاء العتاقة. مثاله: أبو العالية رفيع بن مهران الرياحي التابعي أعتقته امرأة من بني رياح ابن يربوع وهو حي من تيم . وربما نسب إلى القبيلة مولى مولاها مثاله: أبو الحُباب سعيد بن يسار الهاشمي وهو مولى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقيل مولى ميمونة أم المؤمنين وقيل غير ذلك . وهناك مولى الإسلام كما في نسبة الإمام البخاري الحافظ فيقال له الجعفي مولاهم لأن جده المغيرة كان مجوسيا فأسلم على يد اليمان بن أخنس الجعفي. ومنهم مولى الحلف كما في نسبة الإمام مالك بن أنس التيمي مولاهم وهو أصحبي صليبة.
…والفائدة من معرفة بلدان الرواة تبيّن ما في الإسناد وإزالة ما يستشكل من التدليس والإرسال الخفي. وقد استشكل بعض الحفاظ رواية يونس بن محمد المؤدب عن الليث لاختلاف بلدهما، وسأل المزي أين سمع منه؟ فقال: لعله في الحج. ثم قال: بل في بغداد حين دخول الليث لها في الرسلية.445 وأما المولى فيترتب على معرفتهم العلم بمزية الإسلام في التسوية بين العرب وغيرهم .وقد ورد في صحيح البخاري446 من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "مولى القوم من أنفسهم".
…وقد رفع الله بالإسلام وبالعلم كثيرا من الموالى فكانوا سادات العلماء المحترَمين في زمن السلف. ففي صحيح مسلم447 أن نافع بن عبد الحارث لقي عمر بعسفان، وكان عمر يستعمله على مكة فقال له: من استعملت على أهل الوادي؟ فقال: ابن أبزى قال: ومن ابن أبزى؟ قال: مولى من موالينا، قال: فاستخلفت عليهم مولى؟ قال: إنه قارئ لكتاب الله عز وجل وإنه عالم بالفرائض. قال عمر: أما إن نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم قد قال: "إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين".(1/140)
…ويقال إن أعرابيا سأل رجلا من أهل البصرة : من سيّد هذه البلدة؟ قال: الحسن بن أبي الحسن البصري قال: أمولى هو؟ قال: نعم. قال: فبم سادهم؟ فقال: بحاجتهم إلى علمه وعدم احتياجه إلى دنياهم، فقال الأعرابي: هذا لعمر أبيك هو السؤدد.448
اَلْمَنْسُوبُ إِلىَ غَيْرِ أَبِيهِ:
يُنْمَى لأُِمٍّ كَبَنِي عَفْرَاءَ … وَابْنِ بُحَيْنَةٍ بَنِي بَيْضَاءَ
وَابْنِ حَمَامَةٍ وَجَدٍّ كَأَبيِ … عُبَيْدَةٍ لِلْجَدِّ جَرَّاحِ انْسُبِ
وَابْنُ يَزِيدٍ مَجْمَعُ ابْنُ جَارِيَةْ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَجَارِيَةْ
إِلىَ التَّبَنِّي كَانْتِمَا اْلمِقْدَادِ … لأَِسْوَدٍِ وَهُوَ ابْنُ عَمْروٍ الْكِنْدِيُّ أ/43
الفائدة من معرفة هذا أن الراوي قد يُنسب إلى أبيه تارة وإلى أمه أو جدِّه أو جدَّته أو إلى أجنبي تارة أخرى فيظن من لا علم له بذلك تعدد الرواة في المسألة. مثال المنسوبين إلى أمهم:
1) بنو عفراء - وهي أمهم -: معاذ ومعوذ وعوف. واسم أبيهم الحارث.
2) وعبد الله بن بحينة، واسم أبيه مالك.
3) بنو بيضاء: سهل وسُهيل واسم أبيهم وهب بن ربيعة بن عمرو بن عامر القرشي وأما البيضاء فهي أمهم واسمها: دعد.
4) بلال بن حمامة الحبشي المؤذن، واسم أبيه رباح.
ومثال المنسوين إلى أجدادهم:
1- أبو عبيدة بن الجراج. اسم أبيه عبد الله
2- مجمع بالفتح والكسر ابن جارية بالجيم. واسم أبيه يزيد.
3- أحمد بن حنبل. اسم أبيه محمد.
ومثال المنسوب إلى أجنبي: المقداد بن الأسود. واسم أبيه عمرو بن ثعلبة الكندي وكان في حجر الأسود بن عبد يغوث فتبناه ونسب إليه.
عِلْمُ أَسْبَابِ الْحَدِيثِ وَتَارِيخُهُ: ب/31
وَاعْنَ بِأَسْبَابِ الْحَدِيثِ تُنْقَلُ … فِيهِ خُذِي أَوْ خَارِجًا أَوْ تَحْصُلُ
410 بِبَعْضِ طُرُقِهِ مِثَالُ الثَّانِي … فِي قَوْلِهِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ ج/55
تَارِيخُهُ يُعْرَفُ بِالْقَبْلِيَّة وَأَوَّلٍ وَآخِرٍ بَعْدِيَّة(1/141)
علم أسباب ورود الحديث مما ينبغي العناية به لأنه يساعد على فهم معنى الحديث كما في أسباب نزول القرآن. قال ابن دقيق العيد: "بيان السبب طريق قوي في فهم معاني الكتاب والسنة". وقال ابن تيمية: "معرفة السبب تعين على فهم الحديث والآية، فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب".
…والسبب قد يُنقل في الحديث كحديث سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام والاحسان .449 . وحديث "هو الطهور ماؤه الحل ميتته"450 وحديث المسئ صلاته رضي الله عنه .451 وحديث سؤال أي الذنب أكبر وغير ذلك.
…وقد لا يُنقل فيه أو يُنقل في بعض طرقه دون بعض كما في حديث عائشة مرفوعا: "الخراج بالضمان" فإن في بعض طرقه عند أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه أن رجلا ابتاع عبدا فأقام عنده ما شاء الله أن يقيم، ثم وجد به عيبا فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فرده عليه فقال الرجل: يا رسول الله قد استعمل غلامي، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "الخراج بالضمان".452
…وتاريخ الحديث مما له أهمية كذلك لأنه يساعد على معرفة الناسخ والمنسوخ. ويُعرف بقول الراوي: أول ما كان كذا، وبذكر القبلية والبعدية، وبآخر الأمرين أو بذكر السنة والشهر وغير ذلك.
…وله أمثلة أعرض عنها الناظم خشية الإطالة . فمن الأول قول الراوي: "أول ما بدئ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة".453 و"أول ما نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان شرب الخمر وملاحاة الرجال"454.(1/142)
…ومن القبلية ونحوها حديث جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نهانا أن نستدبر القبلة أو نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء ، ثم رأيته قبل موته بعام يستقبلها"455. وحديث أنس كذلك: "كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترك الوضوء مما مست النار"456 وحديث جرير البجلي أنه رأي النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين ، فقيل له: تفعل هذا ؟ فقال : نعم ، رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه.قال الإمام مسلم: قال الأعمش: قال إبراهيم: كان يعجبهم هذا الحديث لأن إسلام جرير كان بعد نزول سورة المائدة. وعند البخاري : لأن جريرا كان من آخر من أسلم.457 ومن المؤرَّخ بذكر السنة ونحوها حديث بريدة: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد".458 وحديث عبد الله بن عُكيم: "أتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل موته بشهر: أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب".459
كِتَابَةُ الْحَدِيثِ:
وَأَجْمَعُوا عَلَى جَوَازِ الْخَطِّ … بَعْدَ الْخِلاَفِ وَاشْتَغِلْ بِالضَّبْطِ
وَحَقِّقِ الْخَطََّ بِلَا تَعْلِيقِ … لَهُ وَلَا مَشْقٍ وَلَا تَدْقِيقِ
إِلاَّ لِعُذْرٍ وَارْعَ شَكْلَ الْمُشْكِلِ … لاَ سِيَّمَا اْلأَسمَْا وَغَيْرَ اْلمُشْكِلِ(1/143)
…أجمع السلف على جواز كتابة الحديث بعد أن كانوا قد اختلفوا في ذلك . وكان السبب في اختلافهم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى عن الكتابة أول الأمر فقال فيما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري : "لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه"460. ثم أذن بعد ذلك لما أمن اختلاط الأحاديث بالقرآن461 ، فمشى جماعة من الصحابة على هذا النهي برهة من الزمن ثم علموا بالجواز الذي صدر منه صلى الله عليه وآله وسلم في وقائع مختلفة فزال اختلافهم وحصل الاتفاق. ولله الحمد.
ولا بد للمحدث من الاعتناء بضبط كتابه وتحقيقه شكلا ونقطا لا سيما الأسماء المشكلة فإن الأسماء لا يدخلها القياس. ويكره مشق الكتاب وتدقيقه إلا لعذر كضيق الوقت وقلة الورق. والمراد بالمَشْق: سرعة الكتابة. وقد قالوا: هي مفسدة للمبتدي وتهاون من المنتهي. والتدقيق: تصغير الخط بحيث لا يقدر على قراءته من في نظره ضعف. وربما ضعف نظر كاتبه بعد ذلك فلا ينتفع به حينئئذ. قال ابن قتيبة: قال عمر ابن الخطاب: شر الكتابة المشق وشر القراءة الهَذْرَمَة وأجود الخط أبينه. وقال أحمد بن حنبل لابن عمه حنبل بن إسحاق ورآه يكتب خطا دقيقا: لا تفعل، أحوج ما تكون إليه يخونك.
وَاضْبِطْهُ فِي حَاشِيَةٍ مُقَابِلَةْ … وَيَنْبَغِي462ضَبْطُ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةْ
مِنْ تَحْتُ بِالَّذِى عَلَى نَظِيرِهَا أَوْ فَوْقَهَا قُلاَمَةٌ أَوْ مِثْلُهَا
حَرْفٌ صَغِيرٌ تَحْتَهَا أَوْ فَوْقَهَا خَطٌّ وَرِيئَتْ هَمْزَةٌ مِنْ تَحْتِهَا
…وموضع بيان الضبط للكلمة هو الحاشية المقابلة لتلك الكلمة فيبين ضبطها أو يفرقها حرفا حرفا.(1/144)
…وينبغي أيضا أن يضبط الحروف المهملة التي ليس فوقها نقاط كالدال والراء والسين والصاد والطاء. وفي ضبطها خمسة طرق: الطريقة الأولى أن يضع تحتها مثل النقاط التي تجعل فوق نظائرها ، فالدال مثلا يجعل تحتها نقطة كالتي تجعل فوق الذال ليميزها عن الذال. والطريقة الثانية أن يجعل فوق الحرف المهمل صورة هلال كقلامة الظفر مضطجعة على قفاها. والطريقة الثالثة أن يجعل تحت الحرف المهمل حرفا صغيرا مثله ، فيجعل تحت السين سينا صغيرة وتحت الحاء حاء صغيرة لتمييز المهمل عن المعجم. الطريقة الرابعة أن يجعل فوق المهمل حرفا صغيرا كالفتحة أو كالهمزة. الريقة الخامسة أن يجعل تحت الحرف المهمل همزة. فهذه كلها وسائل كانوا يستخدمونها في الماضي لتمييز الحروف المهملة عن المعجمة. فسبحان من حفظ لهذه الأمة دينها كتابا وسنة.
وَدَارَةً بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ اكْتُبِ ……مُهْمَلَةَ الْوَسْطِ لِفَصْلٍ اجْتَنبِ ج/56
وَكُلُّ مَا عَرَضْتَ وَسْطَهاَ اعْلَمِ … وَلْتَحْذَرِ اصْطِلاَحَ مَالاَ يُفْهَمِ
420 وَكَرِهُوا كَتْبَ كَعَبْدِ اللَّهِ …… اِبْنِ فُلاَنٍ وَرَسُولِ اللَّهِ أ/44
وَعَبْدُ أَوْ رَسُولُ آخِرَ السَّطْرْ وَاللَّهُ فِي أَوَّلٍ تَالٍ فَاحْتَظِرْ
…ينبغي أن يجعل بين كل حديثين دائرة للفصل بينهما. ويجعلها دائرة مفرغة، فكلما قابل كتابه بالأصل نقط نقطة وسطها فيعلم أنه قد فرغ من مقابلة الحديث بالأصل.
…وذكر الناظم أنه لا ينبغي أن يصطلح في كتابه اصطلاحا خاصا لا يعرفه الناس أو يرمز برموز خاصة ، اللهم إلا أن يكون قد بين ذلك في أول الكتاب أو آخره.
…ويكره كذلك أن يكتب مثل عبد الله أو رسول الله ويكون "الله" في أول السطر دون المضاف لأنه حينئذ سيكتب ابن فلان بعد اسم الله أو يكتب بعده صلى الله عليه وسلم . وهذا كله غير جيد.
وَاحْفَظْ عَلَى كَتْبِ الصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَى رَسُولِ اللهِ سَيِّدِ اْلأَنَامِ(1/145)
كَذَا التَّرَضِّي معْ تَرَحُّمٍ عَلَى أَصْحَابِهِ وَالْعُلَمَاءِ الْفُضَلاَ
…ينبغي لكاتب الحديث أن يحافظ على كتابة الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلما ورد ذكره وكذلك التسبيح لله كأن يقول: الله عز وجل أو الله سبحانه وتعالى ولا يسأم من تكرار ذلك فإن فيه الأدب مع الله ورسوله مع ما في ذلك من الأجر والثواب والبركة في العلم الذي ينقله.
…وكذلك ينبغي أن يحافظ على كتابة الترضي على الصحابة والترحم على من بعدهم من العلماء وإن لم يرد ذلك في الأصل الذي ينقل منه. ولا ينبغي أن يرمز لشيء من ذلك كما يفعله كثير من المعاصرين من الرمز للنبي بـ (ص) بدل صلى الله عليه وآله وسلم أو (ع) بدل عليه السلام أو (رض) بدل رضي الله عنه أو نحو ذلك. بل وصل الأمر إلى الرمز للبسملة ! فيا للتهاون والكسل!!.
ثُمَّ عَلَيْهِ بَعْدُ أَنْ يُقَابِلَهْ … بِأَصْلِ شَيْخِهِ وَإِنْ أَجَازَ لَهْ
فَيُمْسِكَانِ حَالَةَ التَّسْمِيعِ … كُتْبَهُمَا فَذَاكَ ذُو التَّرْفِيعِ
مقابلة الكتاب المنسوخ بالأصل المنقول منه أمر حتمي لتجنب الأخطاء الواردة عند النقل ولو أجاز له الشيخ. وصفة المقابلة أن يمسك الطالب بمنسوخه ويمسك آخَرُ بأصل الشيخ فيقرأ عليه الأصل وهو يقوم بتصحيح الأخطاء.
وَاحْفَظْ عَلَى التَّصْحِيحِ وَالتَّضْبِيبِ… وَكَتْبِ سَاقِطٍ عَلَى التَّرْتِيبِ
مِنْ جِهَةِ الْيَمِينِ وَالشِّمَالِ … فِي آخِرٍ أَوْ ضَاقَ ذَا قِبَالِ463 ب/32
…التصحيح: كتابة (صح) على كلام صح رواية ومعنى. وتكتب فيما هو عرضة للشك أو الخلاف للدلالة على أنه مضبوط وصحيح على ذلك الوجه كتكرار الكلمة أو العبارة إذا كانت مروية كذلك فإنه قد يحسب القارئ أن التكرار خطأ فيكتب على الثانية (صح).(1/146)
…والتضبيب: أن يمد على الكلمة مثل رأس الصاد هكذا (صـ) للدلالة على نقص الكلمة واختلالها، ويسمى أيضا التمريض وتكتب الضبّة عند موضع الإرسال أو الانقطاع أو ما أشبه ذلك مما هو نقص أو ضعف.
…وإذا سقطت كلمة أو أكثر استُدركت من جهة اليمين أو الشمال.
خُطَّ لَهُ وَاكْتُبْ إِلىَ أَعْلَى الْوَرَقْ … وَابْتَدَإِ السُّطُورَ إْن زَادَ اللَّحَقْ
فِيهِ عَلىَ السَّطْرِ مِنَ اعْلاَهُ إَِلىَ أَسْفَلِهِ مَا فِي الْيَمِينِ وَصَلاَ
430 لِبَاطِنٍ مَا كَانَ فِي الشِّمَالِ … لآِخِرٍ كَرَاهَةَ انْتِقَالِ
وَبَعْدَهُ صَحَّ وَقِيلَ مَعْ رَجَعْ وَفِي اْلحَوَاشِي اْلخَطُّ وَسْطَهُ يَقَعْ
…اللَّحَقُ هو إلحاق الساقط من الكتاب . ويجعل في أعلى الورقة ، فإن كان أكثر من سطر كتب السطور التالية تحت السطر الأول مرتبة خشية الالتباس ، ثم يخرج لها خطا بين الكلمتين اللتين سقط بينهما هذا اللحق. فإن كان اللحق عن يمين الصفحة اتصل بالسطور الأصلية وإن كان عن يسارها اتصل بطرفها. ثم يكتب (صح) بعد اللحق أو يضيف إليه رجع إرجاعا للقارئ إلى أصل الكتاب لمواصلة القراءة.
…وإذا أراد الكاتب أن يكتب حاشية فليخرج لها خطا من وسطها لا بين الكلمتين تمييزا لها من اللحق. …
وَالضَّرْبُ وَالْحَكُّ464 وَمَحْوُ الزَّائِدِ كَخَطِّهِ فَمَا يَلِيقُ أَوْجِدِ
وَيُضْرَبُ الثَّانِي مِنَ المُكَرَّرِ إِلاَّ إِذَا كَانَ أَخِيرَ السَّطْرِ
وَرَاعِ الاِتِّصَالَ بِالْمُضَافِ … وَالتَّالِ كَالْوَصْفِ وَذِى اتِّصَافِ465
وإذا وقع في الكتاب ما ليس منه نُفي عنه بالضرب عليه أو محوه أو حَكِّه حسب الحاجة وإن كان الكثير من المحدثين يكرهون الحك والمحو خشية التهمة على تغيير الأصل ويستحبون الضرب ويكتبون عليه ما يسمى بالشق للدلالة على أن إبطاله مقصود.
اِقْتِصَارُ حَدَّثَنَا وَأَخْبَرَنَا: ج/58
وَاخْتَصَرُوا حَدَّثَنَا فِي الْخَطِّ نَا … ثَنَا ثَنِي أَخْبَرَنَا عَلَى أَنَا(1/147)
وَعِنْدَ الاِنْتِقَالِ مِنْ إِسْنَادِ …… لِغَيْرِهِ اكْتُبْ (ح) عَلَى انْفِرَادِ أ/45
وَلْتَكْتُبِ اسْمَ الشَّيْخِ بَعْدَ الْبَسْمَلَةْ كُنْيَتَهُ466 مَعْ نَسَبٍ وَالنَّقَلَةْ
اَلسَّامِعِينَ فَوْقُ أَوْ حَاشِيَتِهِ …… فيِ أَوَّلِ الْكِتَابِ أَوْ خَاتِمَتِهِ467
لاَ تَمْنَعَنَّ صَاحِبَ السَّمَاعِ…… فِيمَا كَتَبْتَ النَّقْلَ مِنْهُ رَاعِ
440 فَإِنْ أَعَرْتَهُ فَلاَ يُؤَخِّرْ …… عَلَيْكَ عَنْ حَاجَتِهِ فَلْيَحْظَرْ
من عادة المحدثين أن يختصروا ألفاظ التحمل عند الكتابة ، ف(ثنا) و (نا) مختصرة من حدثنا و(أنا) مختصر من أخبرنا و(ثني) من حدثني . لكنهم ينطقون بها كاملة عند التحديث.
وإذا كان للحديث أكثر من إسناد واحد فإنهم يكتبون علامة التحويل (ح) بين كل إسناد والذي يليه . والفائدة من ذلك ألا يُتوهم أنه سقط حديث الإسناد الأول أو خشية تركيب الإسناد الثاني على الأول فيُجعلان إسنادا واحدا.
وينبغي أن يكتب الطالب بعد البسملة وقبل الشروع في سرد الأحاديث اسم الشيخ مع كنيته ونسبه . وله أن يكتب أسماء السامعين وتاريخ السماع فوق البسملة أو في حاشية أول ورقة من الكتاب أو آخرها.
ولا ينبغي له أن يمنع من أراد استعارة كتابه ممن شاركه في سماعه من الشيخ وذلك لينسخه ويرده إليه. ولا يقولن كما قال القائل :
ألا يا مستعير الكتب دعني * فإن إعارتي للكتب عار
فمحبوبي من الدنيا كتابي * فهل أبصرت محبوبا يعار ؟
ولا ينبغي كذلك لمن استعار الكتاب أن يتأخر في إرجاعه إلى صاحبه وليكن كما قال الآخر:
إذا استعرت كتابي وانتفعت به * فاردده لي سالما إني شغفت به
وَقْتُ السَّمَاعِ وَالتَّحَمُّلِ
وَتُحْضَرُ الصِّغَارُ فيِ مَجَالِسِ قِرَاءَةِ الْحَدِيثِ وَالنَّفَائِسِ468
وَمَنْ وَفَى تَمْيِيزَهُ فَسَامِعُ … وَلَيْسَ فِي التَّحْدِيثِ بَعْدُ مَانِعُ ج/59
يَبْدَأُ بِالسَّمَاعِ مِنْ شُيُوخِ … بِلاَدِهِ مِنْهُمْ أُولِي الرُّسُوخِ ب/33(1/148)
وَبَعْدَهُمْ يَرْحَلُ لِلأَقْطَارِ … لِوَابِلٍ وَالطَّلِّ ذَا اسْتِمْطَارِ
…يصح سماع الحديث من الصغير المميز على أرجح أقوال أهل العلم . ولا يصح التحديد في ذلك بسن معين وإن كان البعض يرى تحديده بخمس سنين اعتمادا على ما رواه البخاري وغيره من حديث محمود بن الربيع قال : عقلت من النبي صلى الله عليه وآله وسلم مجة مجها في وجهي من دلو وأنا ابن خمس سنين. وإليه مال البخاري نفسه لأنه بوب عليه بقوله : متى يصح سماع الصغير ؟.469
…قال السيوطي في التدريب: "ولا يلزم من عقل محمود المجة في هذا السن أن تمييز غيره مثل تمييزه ، بل قد ينقص عنه وقد يزيد ، ولا يلزم منه أن لا يعقل مثل ذلك وسنه أقل من ذلك ، ولا يلزم من عقل المجة عقل غيرها مما يسمعه".470
…فالصحيح إذن اعتبار التمييز . فإذا ميّز وعقل ما يتحمله صح سماعه وجاز له روايته بعد ذلك على السماع . وإلا فهو حاضر فقط فيكتب له "حضر" أو "أُحضر". ومن أجل ذلك استحبوا إحضار الصغار إلى مجالس التحديث ليحصل لهم شرف التحمل بالعلو قبل أن يفوتهم.
طُرُقُ تَحَمُّلِ الْحَدِيثِ وَصِيَغُ اْلأَدَاءَ:
سَمِعْتُ لِلإِمْلاَءِ مَعْ حَدَّثَنِي… قَرَأْتُ لِلْقَارِئِ مَعْ أَخْبَرَنِي
فَالْجَمْعُ مَعْ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا … أَسْمَعُ لِلسَّامِعِ قُلْ أَنْبَأَنَا
وَعَنْ إِجَازَةٍ كَذَا أَجَازَنَا… كَتَبَ أَوْ شَافَهَنِي شَافَهَنَا
أَرْفَعُهَا مَا471 قَارَنَتْ مُنَاوَلَةْ … وَشُرِطَتْ لَهَا وَإِلاَّ بَاطِلَةْ أ/46
وَلِلْوَصِيَّةِ وَلِلإِْعْلاَمِ … وَلِلْوِجَادَةِ لَدَى اْلأَعْلاَمِ ج/40(1/149)
المستفاد من معرفة الطرق التي تم بها أخذ الحديث وتحمله فائدتان: الأولى معرفة وجوه الاتصال والانقطاع . فإنه إذا أبان الراوي عن الطريقة التي تحمّل بها الحديث عرفنا اتصاله من انقطاعه وبخاصة فيما يتعلق بالمدلس. والثانية هي الوقوف على المرجِّحات إذا احتيج إليها عند التعارض . وطرق تحمل الحديث ثمانية نظمها بعضهم فقال:
…حصر وسائل التحمل السماع ،
…………قراءة، إجازة للاتساع
…تناول ، كتابة ، إعلام ،
وصية، وجادة ترام
أما عياض فيرى المناولة
…… ثالثة ، وبعدها المكاتبة
وأرفع هذه الأنواع أن يسمع الراوي الحديث من لفظ الشيخ قراءة أو إملاء من الحفظ أو من الكتاب وحينئذ يجوز للسامع أن يرويه بقوله "سمعت" أو "حدثنا" أو "أنبأنا" أو "أخبرنا" فلان. ويجوز أن يقول أيضا "أخبرني" فلان إذا كان هو يقرأ على الشيخ أو يقرأ عليه غيره وهو يسمع واحتاط بعضهم في هذا بقوله "قُرئ عليه وأنا أسمع". وقد قيل إنما استعمله بعضهم كالبرقاني والنسائي لأنه كان خارج المجلس لعارض ولكنه يسمع من الخارج فلو قال "حدثنا" أو "أخبرنا" كذب لأن الشيخ لم يقصد تحديثه أو إخباره. والله أعلم.
…وأوضع العبارات قول المحدث "قال فلان" أو "ذكر فلان" وهو محمول على الاتصال إذا انتفى التدليس ، وإنما يستعملونه إذا سمعوا الحديث في مجلس المذاكرة. ومنه قول البخاري في حديث المعازف : "قال هشام" فأسرف ابن حزم برده لهذا الحديث وزعمه أنه منقطع .472 وقد رد عليه الأئمة بما يشفي ويكفي فراجعه إن شئت في فتح الباري وتغليق التعليق وعلوم الحديث والتقييد والإيضاح473. ثم ألف شيخنا كتابا مستقلا في الرد عليه سماه "تحريم آلات الطرب أو الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا على ابن حزم ومقلديه المبيحين للغنا وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة ودينا" ولتلميذه علي حسن الحلبي "الكاشف في تصحيح رواية البخاري لحديث تحريم المعازف والرد على ابن حزم المخالف ومقلده المجازف".
فُرُوعٌ(1/150)
450 إِنْ سُقْتَ474 إِسْنَادَكَ فيِ الشُّرُوعِ قُلْ فِيمَا يَلِيهِ وَبِهِ لَهُ يَدُلّ
وَجَمْعُ مَا رَوَيْتَهُ عَنِ الْعَدَدْ مُتَّحِدَ اْلمَعْنىَ يجَُوزُ فيِ سَنَدْ
فَقُلْ فُلاَنٌ وَفُلاَنٌ قَالَ أَوْ قَالاَ كِلاَهُمَا لِمُسْلِمٍ رَأَوْ475
يُحْذَفُ مِنْ بَيْنِ الرِّجَالِ قَالَ … خَطًّا وَإِنْ كُرِّرَ لاَ مَقَالاَ
جَازَ لِعَالِمٍ وُجُوهًا تُعْنىَ … اَلاِخْتِصَارُ وَاْلأَدَا بِالْمَعْنَى
وَاخْتِيرَ أَنْ يَقُولَ فِيهِ أَوْ كَمَا … قَالَ وَالاِشْتِبَاهِ لَفْظٍ عُلِمَا ج/61
ذكر الناظم هنا أمورا نجملها فيما يلي:
1- إذا روى حديثا عن شيخين أو أكثر واختلفت ألفاظ الشيوخ مع الاتحاد في المعنى جاز له أن يسوق الحديث بلفظ أحدهم ولكن الأحسن بيان ذلك كما يفعله الإمام مسلم في صحيحه.
2- يجوز أن يحذف لفظ القول بين الإسناد. مثاله حدثنا فلان أنبأنا فلان، وقد جرت عادة المحدثين على حذفها في الكتابة والنطق بها عند القراءة فيقول: حدثنا فلان قال أنبأنا فلان.(1/151)
3- يجوز اختصار الحديث وروايته بالمعنى وهما مسألتان متداخلتان. أما إحداهما فهي اختصار الحديث برواية بعضه دون بعض أو بالإتيان بمعناه بعبارة وجيزة. ويجوز ذلك من العارف إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يبتره ولا يختل البيان أو تختلف الدلالة بسبب تصرفه. ومن هذا القبيل صنيع البخاري وغيره من المصنفين في تقطيع الحديث في الأبواب. وأما الثانية: فهي رواية الحديث بالمعنى. وتشهد أحوال الصحابة والسلف على جوازه لأنهم يروون القصة الواحدة بألفاظ مختلفة . وقد استدل بالحديث المتواتر "فَرُبَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب مبلَّغ أوعى من سامع"476. فإذا رواه بالمعنى فقد أزال عن موضعه معرفة ما فيه . لكن قُيّد ذلك بمن هو عالم بالألفاظ ومقاصدها خبير بما يحيل معانيها ، واشترط القاضي عياض وغيره ألا يكون مما يُتعبد بلفظه كالأدعية المأثورة عنه صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الشرط جيّد لحديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه علمه صلى الله عليه وآله وسلم دعاء النوم فقال فيه "وبنبيك الذي أرسلت" قال البراء: فرددتها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما بلغت: "اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت ، قلت : ورسولك . قال: لا ، ونبيك الذي أرسلت".477وزاد السيوطي ألا يكون من جوامع كلمه صلى الله عليه وآله وسلم فإنها مختصرة وذات دلالات واسعة . وينبغي مع ذلك إذا روى بالمعنى أن يعقبه بقوله: "أو كما قال" أو ما أشبهه من الألفاظ. وقد كان بعض الصحابة يفعلونه.
آدَابُ الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ مَعًا:
وَاشْتَرَكَا فِي صَحَّةِ النِّيَةِ مَعْ … تَحْسِينِ أَخْلاَقٍ وَذِهْنٍ انْجَمَعْ
وَقْتَ قِرَاءَةٍ بِلاَ نُعَاسِ … أَوْ نَسْخٍ اَوْ مُحَادَثَاتِ النَّاسِ ب/34
وَعَمَلٍ بِالْعِلْمِ فَهُوَ الْعَوْنُ فِي حِفْظِهِ زَكَاتُهُ وَالصَّوْنُ478(1/152)
…من أهم آداب الأستاذ وطالب العلم أن يخلصا نيتهما لله . والإخلاص شيء عزيز يحتاج للجد والمثابرة والإعراض عن الأغراض الدنيوية ليكون العمل في ابتغاء مرضات الله تعالى.
…ومن آدابهما تجميع الذهن أثناء قراءة الكتب والمصنفات الحديثية وترك النعاس وتجنب المحادثات الجانبية بخاصة مع الزملاء الذين ينبغي أن ينشغلوا بما هم فيه من تحمل الحديث.
…ومن أهم آداب العالم وطالب العلم كذلك أن يتصفا بمكارم الأخلاق وجميل الخصال ويعين على ذلك وعلى حفظ العلم لزوم العمل به.
مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الشَّيْخُ: أ/47
وَانْفَرَدَ الشَّيْخُ لَدَى احْتِيَاجِ … إِلَيْهِ بِالتَّسْمِيعِ ذَا انْبِلاَجِ
460 يَجْلِسُ بِاْلهَيْبَةِ ذَا تَطَهُّرِ … وَسَرْحِ لحِْيَةٍ وَذَا تَبَخُّرِ
وَلاَ يُحَدِّثْ عَجَلاً بَلْ بِوَقَارِ ……وَلاَ عَلَى الطَّرِيقِ إِلاَّ لاِضْطِرَارِ
يَفْتَحُ مَجْلِسًا بِحَمْدِ اللهِ ……ثمُ َّالصَّلاَةِ فِي النَّبِي اْلأَوَّاهِ
ثُمَّ دُعَاءٍ لاَئِقٍ بِالْحَالِ ……بَعْدَ قِرَاءَةٍ لِقَارٍ حَالِ ج/62
صَوْتًا مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا ثُمَّ لاَ……يَسْرُدُ سَرْداً يَمْنَعُ التَّعَقُّلاَ(1/153)
ينبغي للمحدث أن يجلس للتسميع إذا احتيج إلى ما عنده من دون تقيد بسن معينة . ويستحب أن يتطهر ويتطيب ويسرح لحيته إذا أراد أن يجلس لتسميع الحديث ليكون ذا هيبة ووقار. ولا ينبغي أن يحدّث في الطريق إلا في حالات خاصة. ويفتتح مجلسه ويختتمه بتحميد الله تعالى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعاء يليق بالحال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئا من القرآن العظيم . ولا يسرد الحديث سردا يمنع فهم بعضه . ومسألة افتتاح مجلس الحديث بالتلاوة من قارىء حسن الصوت هكذا أوردها الناظم تبعا لمن سبقه من المصنفين في هذا الباب . ولم أجد من تعرض لبيان هل كانت من فعل الصحابة والتابعين الذين هم خير الناس بعد الأنبياء ؟ والظاهر عدم التزامهم لذلك وخير الهُدى ما كانوا عليه . والعلم عند الله.
عَقْدُ الْمَجْلِسِ لِلإِْمْلاَءِ:
يُنْدَبُ عَقْدُ مَجْلِسِ اْلإِمْلاَءِ لِمَنْ لَهُ أَهْلٌ بِذِي اسْتِمْلاَءِ
مِنْ بَعْدِ حَمْدٍ وَصَلاَةٍ قَائِلاً … لِلشَّيْخِ مَنْ ذَكَرْتَ أَوْ مَا سَائِلاً
يُنْدَبُ لِلْمُمْلِي بِأَنْ يَجْمَعَ فيِ … إِمْلاَئِهِ شُيُوخَهُ لِكَيْ يَفِي
مُقَدِّمًا أَرْجَحَهُمْ479 وَخَائِرًا … عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ حَدِيثًا قَصُرَا
بِتَرْكِ مَا لاَ يَفْهَمُ480 الْعُقُولُ وَضَبْطِ مُشْكِلٍ بِمَا يَقُولُ أ/48
470 وَيَخْتُمُ اْلإِمْلاَءَ بِالنَّوَادِرِ… وَأَحْسَنِ اْلأَشْعَارِ لاَ التَّهَاتُرِ
بَعْدَ صَلاَةِ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمْعَهْ … يُمْلِي فَقَطْ كَيْلاَ يَمَلُّوا سَمْعَهُ ج/63
ينبغي للمحدث أن يجمع في إملائه عن جماعة من شيوخه ولا يقتصر على شيخ واحد ويقدم أرجحهم من حيث علو الإسناد والتوثيق ويختار عن كل واحد حديثا قصيرا.(1/154)
…وينبغي تجنب ما لا تفهمه العقول من غوامض المشكلات. وقد ذكر بعضهم في هذا أنه يجتنب إيراد أحاديث الصفات لأنها في نظره من المشكلات، وهذا ليس بجيد ، فإن الصحابة رضوان الله عليهم لم يتوقفوا عن روايتها ولم يحرِّفوا ولم يبِّدلوا بل علّموها الناس كما علّمهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم . وأما استشكال من استشكلها فهو من نتائج الخوض في علم الكلام الذي ذمه غير واحد من السلف. والفطرة السليمة تصدق هذه الأحاديث ولا تكيّفها فإن تصور الصفات فرع عن تصور الذات . والله عز وجل لا يحيط أحد علما بذاته فكيف يُتصور صفاته ؟ فالصواب جواز إيراد هذه الأحاديث وإجرائها كما جاءت وكما فعل سلف الأمة من المحدثين وغيرهم. نسأل الله التوفيق.
مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الطَّالِبِ481
وَانْفَرَدَ الطَّالِبُ بِالتَّعْظِيمِ ……لِشَيْخِهِ فِي طَلَبِ التَّعْلِيمِ ب/35
بِهِ يَنَالُ بَرَكَةَ الْعُلُومِ … لاَ بِالذَّكَا وَحُلَّةِ482 الْخُصُومِ
مُعْتَقِدًا وَطَالِبًا رِضَاهُ… يَحْذَرُ سَخْطَهُ بِمَا يَرَاهُ
مُتَّبِعٌ لاَ يَمْنَعُ الْحَيَاءُ … مِنْ أَخْذِهِ الْعِلْمَِ وَكِبْرِيَاءُ
ممَِّنْ يَكُونُ دُونَهُ فيِ النَّسَبِ … وَالسِّنِّ أَوْ فيِ غَيْرِهِ فَاجْتَنِبِ
وَلاَ يُطَوِّلُ عَلَيْهِ يَضْجَرُ … إِذْ هُوَ لِلطِّبَاعِ قَدْ يُغَيِّرُ
لاَ يُضِعِ الْوَقْتَ فيِ الاِسْتِكْثَارِ … بَلْ فَلْيُرَاعِ يَانِعَ الثِّمَارِ
يَرْعَى الصَّحِيحَيْنِ بِجِدٍّ فَالَّذِي … لَدَى أَبِي دَاوُدَ ثُمَّ التِّرْمِذِي أ/49،ج/64
480 فَالنَّسَئِي ثُمَّ كَبِيرَ الْبَيْهَقِي… فَمَا بِهِ اْلحَاجَةُ483 مَسَّتْ يَنْتَقِي
يَلِي اْلمُوَطَّأُ وَفِي الْمَسَانِدْ… وَعِلَلٍ مُصَنَّفَاتِ أَحْمَدْ(1/155)
…لا ينبغي لطالب الحديث أن يمنعه الحياء أو الكبر من السعي التام في التحصيل وأخذ العلم ممن دونه في النسب أو في السن أو غيره . ذكر البخاري عن مجاهد قال: لا يتعلم العلم مستحي ولا مستكبر484.
…وقال عمر بن الخطاب: من رقّ وجهه دقّ علمه.
…وقالت عائشة: نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهن الحياء أن يتفقهن في الدين485.
وقال وكيع: لا ينبُل الرجل من أصحاب الحديث حتى يكتب عمن هو فوقه وعمن هو مثله وعمن هو دونه.
ولا ينبغي أن يطوِّل على شيخه فيسأم ويمل ويتغير حاله وطباعه . كما لا ينبغي أن يضيع وقته في الاستكثار من الشيوخ ولكن ينتقي الأهم فالأهم فيبدأ بالصحيحين ثم السنن الأربعة يليها موطأ الإمام مالك والسنن الكبرى للبيهقي . ثم يعتني بالمساند كمسند الإمام أحمد ثم كتب العلل مثل العلل للإمام أحمد أيضا.
تَصْنِيفُ الْحَدِيثِ:
وَلْيُعْنَ بِالتَّصْنِيفِ مَنْ تَأَهَّلاَ ……لَهُ بِإِيضَاحٍ وَكَشْفِ مُشْكِلاَ
مِنْ غَيْرِ إِيجَازٍ إِلىَ غَلْقٍ حَصَلْ… وَلاَ وُضُوحٍ لِرَكَاكَةٍ وَصَلْ
إِمَّا عَلَى اْلأَبْوَابِ أَوْ مَسَانِدِ … أَوْ عِلَلٍ تَجْمَعُ كُلَّ وَارِدِ
بَعْضُ الْمَسَانِيدِ عَلَى اْلمَعَاجِمِ……وَصَنَّفُوا أَيْضًا عَلَى التَّرَاجُمِ ب/36
وَلْيَحْذَرِ التَّصْنِيفَ فِيمَا جَهِلاَ … لاَ يُخْرِجَنْهُ مُسْرِعًا إِنْ عَمِلاَ
إِلاَّ إِذَا هَذَّبَهُ وَحَرَّرَا … وَأَعْمَلَ الْفِكْرَ بِهِ وَكَرَّرَا أ/50،ج/65
حَوْزُ الْكَمَالِ خَالِصٌ لِلَّهِ … وَالْمَرْءُ ذُو جَهْلٍ وَسَهْوٍ لاَهِـ(1/156)
…لا ينبغي لطالب العلم أن يُقدم على التصنيف فيما ليس له علم به فإنه سيقع على القول على الله بلا علم وهو من أكبر الكبائر، بل هو قرين الشرك. قال تعالى: (قل إنما حرّم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزّل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [الأعراف: 33]. ولا ينبغي كذلك أن يستعجل في إخراجه إذا أكمله بل يبقيه عنده ويعيد قراءته مهذِّبا محرِّرا، ويكرر ذلك مرات ومرات ليكون أقرب إلى الكمال. والكمال لله وحده لا شريك له في ذلك.
خَاتِمَةٌ نَسْأَلُ اللهَ حُسْنَهَا:
وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ لاَ يَصِيرُ كَامِلَ عِلْمٍ وَبِهِ تَقْصِيرُ
490 فِي كَتْبِ أَرْبَعٍ تُرَى مَعْ أَرْبَعٍ كَأَرْبَعٍ وَذِيكَ مِثْلُ أَرْبَعٍ
فيِ أَرْبَعٍ وَتِلْكَ عِنْدَ أَرْبَعٍ … بِأَرْبَعٍ تُكْتَبُ فَوْقَ أَرْبَعٍ
عَنْ أَرْبَعٍ لأَِرْبَعٍ وَالْكُلُّ لاَ يَتِمُّ إِلاَّ مَعَ أَرْبَعٍ عُلَا
بِأَرْبَعٍ هَانَ عَلَيْهِ أَرْبَعٌ … مِنْ486 بَعْدِهَا وَتَعْتَرِيهِ أَرْبَعٌ
لِلصَّبْرِ عَنْهَا مُكْرَمٌ بِأَرْبَعٍ … يُثَابُ فِي آخِرَةٍ بِأَرْبَعٍ
يَكْتُبُ لِلرَّسُولِ وَالنُّجَبَاءِ اَلصَّحْبِ وَاْلأَتْبَاعِ وَالْعُلَمَاءِ487
مَعَ اْلأَسَامِي لِلرِّجَالِ وَالْكُنىَ … لَهُمْ مَكَانُهُمْ يَعِي وَاْلأَزْمِنَا ج/66
وَذِيكَ كَالتَّحْمِيدِ وَالتَّكْبِيرِ … بَسْمَلَةٍ دُعَا مَعَ النَّظِيرِ
أَعْنِي مَعَ الْخَطِيبِ وَالصَّلاَةِ … وَسُورَةٍ تَوَسُّلِ الدُّعَاةِ أ/51
وَمِثْلُ مُسْنَدَاتِ مَوْقُوفَاتٍ … وَالْمُرْسَلاَتِ ثُمَّ مَقْطُوعَاتِ
500 فِي صِغَرِ السِّنِّ وَفِي فُتُوَّتِهْ … وَفِي شَبَابِهِ وَفِي كُهُولَتِهْ
أَيْ عِنْدَ شُغْلِهِ وَفِي فَرَاغِهْ … وَعِِنْدَ فَقْرِهِ وَفِي غِنَائِهْ ب/37
يَجْلِسُ بِالجِْبَالِ وَالْبِحَارِ … أَوْ بِالْقُرَى أَيْضًا وَبِالْبَرَارِي488(1/157)
خُطَّ عَلَى اْلأَحْجَارِ وَاْلأَخْزَافِ … أَوِ الْجُلُودِ أَوْ عَلَى اْلأَكْتَافِ
عَمَّنْ يَكُونُ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ … أَوْ دُونَهُ وَعَنْ كِتَابٍ نَالَهُ
لِلَّهِ وَاْلأَعْمَالُ بِالْمُوَافِقِ … وَالنَّشْرُ وَاْلإِحْيَاءُ بَعْدَ السَّابِقِ
تَمَامُهَا مَعَ صِحَّةٍ وَالْقُدْرَةِ … وَالْحِرْصِ ثُمَّ الْحِفْظُ بِالْمَعْرِفَةِ ج/67
لِلنَّحْوِ وَاللُّغَاتِ وَالتَّصْرِيفِ … كِتَابَةٍ يَكُونُ ذَا تَشْرِيفِ
هَانَ عَلَيْهِ الْمَالُ وَاْلأَوْطاَنُ … وَاْلأَهْلُ وَاْلأَوْلاَدُ فَامْتِحَانُ
لَهُ بِإِشْمَاتٍ مِنَ اْلأَعْدَاءِ ……وَبِمَلاَمَةٍ لِلْأَصْدِقَاءِ أ/52
510 وَالطَّعْنِ فِيهِ أَيْ مِنَ الْجُهَلاَءِ489 وَحُسَّدٍ لَهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ
لِصَبْرِهِ يُكْرَمُ بِالْقَنَاعَةِ … وَلَذَّةِ الْعِلْمِ يَقِينِ الْهَيْبَةِ
وَحُسْنِ آدَابٍ وَفِي اْلآخِرَةِ ……يَنَالُ بِاْلإِخْوَانِ لِلشَّفَاعَةِ
وَظِلِّ عَرْشٍ وَجِوَارِ الرُّسْلِ … وَالشُّرْبِ مِنْ حَوْضٍ لأَِعْلَى مُرْسَلِ
فَاللهُ لاَ يُحْرِمُنَا مِنْ شُرْبِهِ ……بِاْلمُصْطَفَى وَنَيْلِنَا مِنْ قُرْبِهِ
هذه الرباعيات وردت في قصة تُروى عن الإمام البخاري رحمه الله. وقد أوردها السيوطي مختصرة في آخر النوع الثامن والعشرين من تدريب الراوي.490 كما أوردها القاضي عياض في "الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع".491 وقد أسنداها من غير تعليق وكأنها صحيحة مسلَّمة لا شية فيها . وسنبين وهاءها بما يغني اللبيب إن شاء الله.(1/158)
ومضمون القصة أن أبا المظفر محمد بن أحمد بن الفضيل البخاري يقول: لما عزل أبو العباس الوليد بن إبراهيم بن زيد الهمداني عن قضاء الري ورد بخارى في سنة ثمان عشرة وثلاث مائة لتجديد مودة كانت بينه وبين أبي الفضل البعلمي فنزل في جوارنا فحملني معلمي أبو إبراهيم إسحاق بن إبراهيم الخُتَّلِي إليه وقال له: أسألك أن تحدث هذا الصبي مما سمعت من مشايخك. قال: ما لي سماع. قال : فكيف وأنت فقيه ، فما هذا ؟ قال : لأني لما بلغت مبلغ الرجال تاقت نفسي إلى معرفة الحديث ومعرفة الرجال ودراية الأخبار وسماعها فقصدت محمد بن إسماعيل البخاري ببخارى صاحب "التاريخ" والمنظور إليه في علم الحديث وأعلمته مرادي وسألته الإقبال علي في ذلك .
… فقال لي: يا بني ! لا تدخل في أمر إلا بعد معرفة حدوده والوقوف على مقاديره. فقلت له : عرِّفني رحمك الله حدود ما قصدتك له ومقادير ما سألتك عنه. فقال لي : اعلم أن الرجل لا يصير محدِّثا كاملا في حديثه إلا بعد أن يكتب أربعا مع أربع ، كأربع مثل أربع ، في أربع عند أربع ، بأربع على أربع ، عن أربع لأربع ، وكل هذه الرباعيات لا تتم له إلا بأربع مع أربع ، فإذا تمّت له كلها هان عليه أربع وابتلي بأربع . فإذا صبر على ذلك أكرمه الله في الدنيا بأربع وأثابه في الآخرة بأربع.(1/159)
…قلت له : فسِّر لي ما ذكرت من أحوال هذه الرباعيات من قلبٍ صافٍ بشرحٍ كافٍ وبيانٍ شافٍ طلبا للأجر الوافي. وهنا فسر له هذه الرباعيات بما ذكره الناظم. وفي آخر القصة قال له : قد أعلمتك يا بني مجملا جميع ما كنت سمعته من مشايخي متفرقا في هذا الباب مجمعا ، فأقبل الآن على ما قصدتني له أو دع. قال : فهالني قوله ، فسكتُّ متفكرا وأطرقت نادما . فلما رأى ذلك مني قال: وإن لا تطق هذه المشاق كلها فعليك بالفقه الذي يمكنك تعلمه وأنت في بيتك قارٌّ ساكنٌ لاتحتاج إلى بُعد الأسفار ووطء الديار وركوب البحار وهو مع ذا ثمرة الحديث ، وليس ثواب الفقيه بدون ثواب المحدِّث في الآخرة ولا عزُّه بأقل من عز المحدث.
…قال : فلما سمعت ذلك نقض عزمي في طلب الحديث، وأقبلت على دراسة الفقه وتعلمه إلى أن صرت متفقها ، فلذلك لم يكن عندي ما أمليه على هذا الصبي يا أبا إبراهيم.
فقال له أبو إبراهيم : إن هذا الحديث الواحد الذي لا يوجد عند غيرك خير للصبي من ألف حديث يجده عند غيرك.اهـ
نقد هذه القصة :
أقول : إن أمارات الكذب لائحة على هذه القصة .
… أما أولا : فلما فيها من التكلف الظاهر الذي نُجِلُّ عنه من هو دون البخاري من علماء الحديث فكيف به ؟!.
…وأما ثانيا : فلأنه لا يُعقل أن يكون إمام المحدثين في الحديث - وهو البخاري - يزهِّد الناس عن تعلم حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الهذيان البارد.
…وأما ثالثا : فلأن قوله في آخرها بأن هذا الهراء خير من ألف حديث لا يصدر مثله ممن في قلبه تعظيم لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأحاديثه فكيف يسكت البخاري عن هذا ولا يفوه ببنت شفة وكأنه مقر لذلك؟!.(1/160)
…وأما رابعا : فلأن الأئمة العلماء في القديم والحديث قد أجمعوا على استنكارها . ومنهم الحافظ ابن حجر كما نقل عنه السخاوي في الجواهر والدرر ، والأبياري في نيل الأماني ، وأبو محمد عبد الحق الهاشمي في المجموعة الثالثة من رسائله492. وآخرهم أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان في سلسلة "قصص لا تثبت"493 وعنه نقلت أكثر هذا التحقيق.
…والقصة لا تثبت أيضا من جهة الرواية فقد نبه الشيخ أبو عبيدة إلى أن في إسنادها نوح بن نصر أبا عصمة الفرغاني وقد قال عنه ابن النجار : صاحب مناكير وغرائب .494 ولم تشتهر هذه القصة إلا بعد وفاة البخاري بمدة طويلة . ومن أحال على غائب فما أنصف . ويشبه أن تكون قد وضعت في وقت تنازع المحدثين مع الفقهاء ، والتفرقة بين المحدثين والفقهاء نفسها متأخرة إذ لم يعرف ذلك في زمن السلف . على أن الناظم لم يرتض ما في هذه القصة بدليل قوله في المقدمة :
وبعد فاعلم الحديث أفضل * بعد القران كل علم يصل
والعلم عند الله.
تَمَّ هُنَا مِصْبَاحُ كُلِّ رَاوِي … فِي نِصْفِ أَلْفٍ لِلْحَدِيثِ حَاوِي ج/68
عَامَ بَشِيرٍ* مِنْ رَبِيعِ اْلأَوَّلِ لِأَرْبَعٍ مِنْهُ بِيَوْمٍ أَوَّلِ
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى اْلإِتْمَامِ… ثُمَّ صَلاَتُهُ مَعَ السَّلاَمِ ب/38
عَلَى نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ اْلأَمْجَدِ خَيْرِ الْوَرَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدِ أ/53
وَآلِهِ وَصَحْبِهِ النُّجُومِ… وَالتَّابِعِينَ أَفْحُلِ الْعُلُومِ
520 وَمَنْ تَلاَهُمُ عَلَى اْلإِحْسَانِ … إِلَى لِقَاءِ رَبِّنَا الدَّيَّانِ
تمت بحمد الله
…
*…يعنى عام ألف ومائتين واثنتي عشرة من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التسليم.(1/161)
…وتمت هذه التعليقات بيد الفقير إلى ربه الكريم أبي إبراهيم محمد المنصور ابن إبراهيم الباحث بمركز الدراسات الإسلامية بجامعة عثمان بن فودي سكتو نيجيريا مساء يوم الاثنين 19/5/1423هـ، الموافق 29/7/2002م وكان البدء في هذا العمل منذ ست سنوات. نسأل الله التوفيق والقبول إنه خير مأمول وأكرم مسؤول. وصلى الله وسلّم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .
الفهارس
فهرس الآيات القرآنية..................................................291
فهرس الأحاديث النبوية...............................................292
فهرس الآثار عن الصحابة والتابعين....................................304
فهرس المصادر والمراجع...............................................306
فهرس الآيات القرآنية
اقتربت الساعة وانشق القمر ............... القمر ، 1 ........... 59
إنا نحن نزلنا الذكر ....................... حجر ، 6 ............ 117
قل إنما حرم ربي الفواحش ................ الأعراف ، 33 ........ 261
يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ .... الحجرات ، 12 ........ 107
فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين ...... الدخان ، 10 .......... 160
عبس وتولى ............................. عبس ، 1- 4 .......... 170
رضي الله عنهم ورضوا عنه ............... التوبة ، 100 .......... 183
كنتم خير أمة أخرجت للناس ............. آل عمران ، 110 ...... 183
لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله ......... القتال .............. 192
والله متم نوره ولو كره الكافرون .......... الصف ، 8 ........... 45
يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ........ إبراهيم ، 27 ......... 57
فهرس الأحاديث النبوية
طرف الحديث الصفحة
حرف الألف
الأذنان من الرأس ..................................................... 65(1/162)
الأنصار كرشي وعيبتي ................................................. 210
أبغض الحلال الى الله الطلاق ............................................ 67
أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ ......................................... 98
أتانا كتاب رسول الله قبل موته بشهر................................... 243
احتجم النبي حين طب ................................................ 163
اختلاف أصحابي لكم رحمة.............................................. 72
اختلا ف أمتي رحمة .................................................... 71
إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل........................................ 95-96
إذا أذن ابن أم مكتوم فكلوا ............................................ 129
إذا صلى أحدكم فليجعل شيأ ........................................ 39 ، 131
إذا قلت هذا -أوقضيت هذ- ......................................... 125
إذا أمرتكم بشيء فأتوه .............................................. 129
……أرأضيت من نفسك وما لك بنعلين؟ ................................. 36 ، 104
أسبغوا الوضوء ....................................................... 125
استعمل النبي رجلا من الأزد ........................................... 169
أصدق ذواليدين؟ ..................................................... 62
اعتدي في بيت ابن عمك عمرو بن مكتوم ................................ 169
اعملوا فكل ميسرلما خلق له .............................................. 56
أقبل رسول الله من نحو بئر جمل .......................................... 97
اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر .................................... 191
الله أحق أن يستحيى منه ................................................. 93(1/163)
اللهم صلّ على محمد .................................................... 157
اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق .................................. 172
اللهم إني وجهت وجهي إليك ............................................ 256
أمرنا أن نخرخ في العيدين العواتق .................................. 147 ، 148
أمرت أن أقا تل الناس حتى يشهدوا ....................................... 79
أما هذا فقد عصى أبا القاسم ............................................... 150
إن أحد كم ليعمل بعمل أهل الجنة ......................................... 59
إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ..................................... 102
إن حقا على المسلمين أن يغسلوا يو م الجمعة .......................... 36 ، 104
أن خالة لابن عباس أهدت للنبي سمنا وأقطا ............................. 190
إن عبدا خير بين الدنيا والآخرة ........................................... 192
أنزل الله القرآن على سبعة أحرف ........................................... 55
إنما الأعمال بالنيات ........................................................ 77
إن فى المال حقا سوى الز كاة .............................................. 133
إن الله فرض عليكم الحج ................................................. 167
إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ................................................. 63
إن الله وضع عن أمتى ..................................................... 69
إن الله عز وجل أخبر موسى ............................................... 70
إن الله تعالى لما أراد أن يخلق نفسه ......................................... 114
إن الله ير فع بهذا الكتاب أقواما ........................................... 238(1/164)
إن جلساءه شركاؤه فيها ................................................. 67
إن بلالا يؤذن بليل ........................................................ 129
إني خبأت لك خبأ ....................................................... 160
إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي ....................................... 206
إنى لأستعمل الرجل ..................................................... 218
إن لي مخرفا وإني جعلته صد قة ......................................... 162
أن النبي تزوج ميمونة وهو محرم ......................................... 155
أن النبي سئل في غزوة تبوك عن سترة المصلي .............................. 161
أن النبي قال له وقد خبأت لك خبأ ....................................... 160
أن رجلا من أهل البادية يقال له ضمام بن ثعلبة ........................... 179
أن رجلا مات على عهد رسول الله ولم يدع ............................... 110
أن رجلا آتاه الله مالا فلم يبتئر ............................................ 163
أن رجلا قال لرسول الله إن أمي توفيت ................................... 165
أن رسول الله جمع ين الصلاتين ............................................... 177
أن رسول الله لعن الذين يشققون الخطب ...................................135
أن رسول الله كان يخرج العنزة ............................................. 137
إن وليتموها أبابكر فقوي أمين ........................................... 142
أن النبي أخذ يديه فعلمه التشهد .............................................. 190
أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ............................................. 120
أنه رأى النبي يمسح على الخف ........................................... 167(1/165)
أنه قضى بالدين قبل الوصية ............................................ 216
أنه كان يمر بالتمرة العائرة ............................................... 128
أول ما بدئ به رسول الله من الوحي ...................................... 241
أول ما نهاني عنه ربى بعد عبادة الأوثان .................................... 243
إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث ..................................... 126
حرف الباء
بعثت بالحنيفية السمحة ................................................... 109
بشر المشائين فى الظلم إلى المساجد ......................................... 55
بدأ الإسلا م غريبا وسيعود غريبا .......................................... 59
البركة مع أكابركم ....................................................... 69
البلاد بلاد الله والعباد عبادالله .............................................. 74
البيعان بالخيار مالم يتفرقا .................................................. 122
بينا أنا نائم أتيت بقدح .................................................... 191
بينما رسول الله يوما يخطب إذ هو برجل .................................... 167
حرف التاء
تلاحا رجلان على عهد رسول الله ......................................... 168
توفيت ابنة النبي فأمرهن أن ............................................. 129
حرف الثاء
ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن ............................................ 57
حرف الجيم
جبلت القلوب على حب من يحسن إليها .................................... 72
حرف الحاء
حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله .......................................... 128
الحنان الذي يقبل على من أعرض عنه... ................................. 178
حرف الخاء(1/166)
خذي فرصة من مسك ................................................... 168
الخراج بالضمان .......................................................... 241
خلق الله تبارك وتعالى الملائكة من شعر.. ................................. 114
خلق الله الأرض يوم السبت ............................................. 214
خير الناس قرني .....................................................183 ، 235
الخيل لثلاثة ............................................................... 241
حر ف الراء
الراحمون يرحمهم الرحمن .................................................. 157
رأيت رسول الله يمسح على الخفين ......................................... 242
رفع عن أمتي الخطأ والنسيان ............................................... 69
رمي أبي يوم الأحزاب على أكحله ......................................... 137
حرف السين
سئل النبي عن الزكاة .................................................... 210
سئل النبي : أي الذنب أكبر ؟ ........................................... 107
سبعة يظلهم الله فى ظله .................................................. 128
سيقبض العلم ويكثر الجهل .............................................. 86
حر ف الشين
الشهر تسع وعشرون ................................................ 37 ، 144
شيبتني هود وأخواتها ............................................... 39 ، 132
حرف الصاد…
صلى النبى يوم العيد إلى عنزة .............................................. 137
صليت مع رسول الله وأبى بكر وعثمان .................................... 276
حرف الطاء
طلب العلم فريضة على كل مسلم ......................................... 64
حرف العين
العجلة من الشيطان ....................................................... 71(1/167)
عاد ظهره طبقا ........................................................... 162
عقلت من رسول الله مجة مجها في وجهي ................................... 251
حرف الغين
غسل الجمعة واجب على كل محتلم ......................................... 187
حرف الفاء
فإذا قرأ فأنصتوا ........................................................... 91
فإن لم يجد عصا ينصبه بين يديه ............................................. 210
فدعا بلحم عبيط ........................................................... 163
فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ......................................... 255
فرشقوهم رشقا ............................................................ 162
فر من ا لمجذوم فرارك من الأسد ........................................ 152 ، 153
فكانوا لا يستفتحون بالحمد لله ............................................. 276
في التيعة شاة ......................................... ................... 161
حر ف القاف
قد كان فيمن كان قبلهم محدثون ......................................... 218
قرأ النبي "المؤمنون" في صلاة الصبح ....................................... 79
قرأ رسو ل الله بقاف ................................................... 78
قرأ رسو ل الله في الأضحى .............................................. 78
قضى النبي لبروع بنت واشق بصداق المثل ................................. 173
قنت رسو ل الله شهرا ................................................... 66
حر ف الكاف………………………
كان رسول الله نهانا أن نسقبل القبلة ....................................... 243
كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوصوء مما ........................... 242
كان رسول الله يتوضأ لكل صلاة ......................................... 242(1/168)
كان رسول الله يصلي يوم العيدإلى عنزة .................................... 243
كان النبي يذكر الله على كل أحيانه ......................................... 93
كان للنبي في حائطنا فرس .................................................. 102
كانوا يستفتحون بالحمد لله ............................................... 109
كأني برشق القلم في مسامعي ............................................... 162
كذبت ، لا يدخلها ........................................................173
كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر .. ........................................ 147
كل مسكر خمر ........................................................... 56
كل مسكر حرام .......................................................... 56
كلوا البلخ بالتمر .................................................... 79 ، 120
كن النساء يؤمرن ..........................................................148
كنا ننهى عن الصلاة بين السواري ......................................... 148
كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ..................................... 155
حرف اللام
لقد كان فيمن كان قبلكم محدثون ......................................... 191
ليس الخبر كالمعاينة ......................................................... 70
ليس فى المال حق سوى الزكاة ................................... 39 ، 40 ، 133
لولا أن أشق على أمتي.... ............................................... 101
لو كان الأرز رجلا لكان حليما .......................................... 117
لو كان بعدي نبي لكان عمر ............................................. 191
لهو أشد عليهم من رشق النبل ............................................. 162
حر ف الميم(1/169)
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه .................................................... 129
ما لك أنفست ؟ .......................................................... 174
ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ ........................................... 192
من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده ......................................... 54
من بنى لله مسجدا بنى الله له يبتا ......................................... 55
من بورك له في شيء فليلزمه ............................................... 73
من سئل عن علم فكتمه ...................................................68
مولى القوم من أنفسهم .................................................... 238
من عرف نفسه عرف ربه .................................................. 74
من حفظ على أمتى أربعين حديثا .. ...................................... 105
من أقام الصلاة وآتى ا لزكاة ............................................... 111
من مس ذكره أو أنثييه أو رفغيه ......................................... 125
من صام رمضان وأتبعه شيئا من شوال .................................. 152
من أتى عرافا أو كاهنا أو ساحرا ........................................ 149
من صام اليوم الذى يشك فيه ....................................... 136 ، 149
من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله .................................. 149
من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم ......................................... 178
من هذه ؟ قالت : فلانة لا تنام ............................................ 168
من سمع به بأرض فلا يقدم عليه .......................................... 231
من صلى خلف الإمام فإن قراءة ............................................ 227(1/170)
مروه فليستظل وليقعد ..................................................... 167
المرء مع من أحب يوم القيامة ............................................... 54
المسلم من سلم المسلمون ................................................... 66
المجالس بالأمانة ......................................................... 178
الموت كفارة لكل مسلم ................................................... 174
حرف النون
النخلة خرفة للصائم .......................................................162
نضر الله امرأ سمع منا حديثا ................................................ 57
نضر الله امرأ سمع مقالتي ................................................... 58
نهى عن بيع الولاء وهبته ...................................................77
نهى عن بيع حبل الحبلة ................................................... 77
نهى عن المزابنة .......................................................... 78
نهينا عن اتباع الجنائز .................................................... 147
نية المؤمن خير من عمله .................................................. 73
حر ف الهاء
هو الطهور ماؤه الحل ميتنه .................................................241
حرف الواو
وإذا نهيتكم عن شىء فاجتنبوه ............................................ 129
وأما الجنة فإن الله عز وجل ينشىء لها ..................................... 128
وأماالنار فلا تمتلىء حتى يضع رجله ....................................... 128
وأما النار فينشئ الله لها من يشاء .......................................... 128
وأما الجنة فلا يظلم ربك أحدا ............................................ 128
ورجل تصدق بصدقة أخفاها ............................................. 128(1/171)
ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر ماله ...................................... 124
وكلني رسول الله بزكاة رمضان ........................................... 92
ويذكر أن النبي قضى بالدين قبل الوصية ................................... 76
وهل في البيت إلا قرشي ................................................ 171
ومن كتمها فإنا آخذوها ................................................ 152
حرف الياء
يا عبد الله طلق امرأتك ................................................. 67
يتقارب الزمان وينقص العمل ............................................60
يا رسول الله أراك شبت قال: ......................................... 39 ، 132
يخرجون من النار فينبتون ............................................... 161
يخرج من ضئضئ هذا ................................................. 210
يذهب الصالحون ...................................................... 206
يستحلون الحر والحرير ................................................. 217
يوم صومكم يوم نحركم ................................................. 74
لام ألف
لا تباغضوا ولا تحاسدوا ................................................ 126
لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها ..................................... 143
لا تقوم الساعة حتى ..................................................... 217
لا تكتبوا عني شيئا إلا القرآن ............................................ 243
لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب ..................................... 243
لا ، حتى تذوقي عسيلته ................................................. 173
لا غيبة لفاسق .......................................................... 68(1/172)
لا صلا ة لجارالمسجد .................................................... 69
لا يتطوع الامام في مكانه ................................................ 96
لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ....................................... 63
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب ........................................ 75
لا يبيع بعضكم على بيع بعض ......................................... 86-87
لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن ...................................... 70
لا نكاح إلا بولي ....................................................... 151
لا يشكر الله من لا يشكر الناس ........................................... 7
لا يورد ممرض على مصح .......................................... 152 ، 154
لا عدوى .............................................................. 152
فهرس الآثار
ائتوني بعرض ثياب .................. معاذ بن جبل ........................ 93
اجلس بنا نؤمن ساعة ................ معاذ ................................. 171
الإسناد بعضه عوال .................. أبو القاسم العلوي ................... 177
إذا سأل السائل ثلاثة فلم يعط ........ إبراهيم النخعي ....................... 116
إن هذا أمانة ......................... ابن علية ............................. 197
إنما فعلت لتعلموا أنه سنة ............. ابن عباس ............................. 147
إني أكره أن أتكلم في ................ أحمد بن حنبل .................... 159-160
العلم الذي يجيئك من ههنا وههنا ..... أحمد بن حنبل ........................ 80
فو الله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح ... عمر ........................... 191
سبق محمد الباذق .................. ابن عباس ............................. 161(1/173)
طلب الإسنا العالي سنة عمن سلف ... أحمد بن حنبل ....................... 158
الإسناد من الدين ....................محمد بن سيرين ........................ 45
كل حديث ليس فيه حدثنا فهو ......... شعبة ............................. 45
لا تكتبو اهذه الأحاديث الغرائب ....... أحمد بن حنبل ....................... 80
أكن الناس من المطر ................... عمر بن الخطاب .....................164
إنما العلم ما عرف .................... علي بن الحسين ....................... 80
حضت فانسللت...................... أم سلمة ............................163
رأيت الناس عليهم جل الثياب......... وائل بن حجر ....................... 127
رأيت رسول الله وما على وجه الأرض... أبو الطفيل ........................ 194
كن أزواج النبي سأخذن من... ........عائشة ............................... 174
ليس كل شيء عني صحيح وضعته ..... مسلم بن الحجاج ................. 91
ما كل ما نحدثكم سمعناه............... البراء بن عازب .................. 113
ما من أحد من أصحاب الرسول...... أبو هريرة .......................... 186
من السنة إذا تزوج البكر............... أنس بن مالك ..................... 147
المال اليوم للوارث .................... أبوبكر ............................. 170
نعم النساء نساء الأنصار ، لا ......... عائشة ...............................260
وإنما يأكلن العلقة من الطعام .......... عائشة ............................. 162
والله ما كنا نكذب ....................أنس بن مالك ..................... 113
الباب إذا لم تجمع طرقه.................علي بن المديني .....................121
هو الدين ، إنه ضعيف .................علي بن المديني ..................... 198(1/174)
لا يتعلم العلم حيي ولا مستكبر ........ البخاري ......................... 260
لا ينبل الرجل من أصحاب الحديث حتى ..وكيع ........................... 260
فهرس المصادر والمراجع
حرف الألف
1- أحاديث القصاص : لشيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية، تحقيق محمد لطفي الصبغ، المكتب الإسلامي، ط./1393هـ.
2- الإحكام في أصول الأحكام : لأبي محمد علي بن أحمد بن حزم، تحقيق الأستاذ أحمد شاكر، توزيع دار الاعتصام ، القاهرة، ط. الثانية.
3- الإرشاد في معرفة علماء الحديث : لأبي يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي، تحقيق د. محمد سعيد بن عمر إدريس، مكتبة الرشد، الريض، ط.الأولى /1409هـ.
4- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل : للشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي، ط. الثانية/ 1405هـ.
5- الإستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار : للحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر، منشورات محمد علي بيضون، دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان ، ط.الأولى /1421هـ.
6- الإصابة في تمييز الصحابة : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ط. دار الفكر ، بيروت ، لبنان.
7- إعلام الموقعين عن رب العالمين : لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية، مطبعة دار السعادة ، مصر ، ط. الأولى/ 1373هـ.
8- الاغتباط في معرفة من رمي بالاختلاط : لسبط ابن العجمي، نشر مكتبة المعارف ضمن مجموعة الرسائل الكمالية، الطائف، المملكة العربية السعودية.
9- إكمال المعلم بفوائد مسلم : لأبي الفضل عيض بن موسى اليحصبي ، تحقيق الدكتور يحيى إسماعيل ، ط. دار الوفاء ، الأولى ، المنصورة ، مصر.
10- ألفية الأصول : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي ، ط. زاريا ، نيجيريا ، بدون تاريخ.
11- ألفية السيوطي في علم الحديث : للحافظ عبد الرحمن السيوطي ، بتصحيح وشرح الأستاذ أحمد محمد شاكر ، دار المعرفة ، بيروت ، بدون تاريخ.(1/175)
12- الإمام مسلم بن الحجاج ومنهجه في الصحيح وأثره في علم الحديث : لأبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان، دار الصميعي، الرياض، ط.الأولى/ 1417هـ.
13- الأوهام التي في مدخل أبي عبد الله الحاكم النيسابوري : خرج أحاديثه وضبط نصه وعلق عليه مشهور حسن آل سلمان، مكتبة المنار ، الزرقاء ، الأردن ، ط.الأولى /1407هـ.
14- إنفاق الميسور في تاريخ بلاد التكرور : للعلامة محمد بلو بن عثمان بن محمد الشهير بابن فودي ، بعناية الشيخ أبي بكر محمود جومي ، طبعة لندن.
15- أنيس المفيد : للوزير عبد القادر بن غطاطو،مخطوط ، متحف الوزبر جنيد، سكتو ، نيجيريا.
16- إيداع النسوخ من أخذت من الشيوخ : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي ، مكتبة نولا ، زاريا ، نيجيريا ، 1958م.
حرف الباء
17- الباعث الحثيث شرح اختصر علوم الحديث : للشيخ أحمد محمد شاكر، تحقيق علي بن حسن الحلبي، دار العاصمة، الرياض، ط.الأولى/ 1415هـ.
18- البداية والنهاية : للحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمرو بن كثير، مكتبة التراث ، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت ، 1413هـ/1993م.
حرف التاء
19- تاج العروس من جواهر القاموس : للعلامة محمد مرتضى الزبيدي، تصوير مكتبة الحياة، بيروت ، عن مطبعة الخيرية الكمالية، القاهرة، ط.الأولى.
20- تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام : للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، تحقيق د.عمر تدمري، دار الكتاب العربي، ط.الأولى /1407هـ.
21- التبصرة والتذكرة شرح ألفية العراقي : لزين الدين عبد الرحيم بن الحسين، دار الكتب العلمية ، بيروت ، بدون تاريخ.
22- تجريد أسماء الصحابة : للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، دار المعرفة، بيروت.
23- تحذير الخواص من أحاديث القصاص : جلال الدين السيوطي، تحقيق محمد لطفي الصباغ، ط.1392هـ.(1/176)
24- تخريج أحاديث مشكلة الفقر وكيف عالجها الإسلام : للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط. الأولى/1405هـ.
25- تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، حققه وراجع أصوله عبد الوهاب عبد اللطيف، منشورات المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ط.الثانية ، 1392هـ.
26- تزيين الورقات : للعلامة محمد بلو بن عثمان الشهير بابن فودي، ط. كانو، نيجيريا ، بدون تاريخ.
27- تقريب التهذيب : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تحقيق محمد عوامة ، دار الرشيد، حلب، ط.الثانية، 1408هـ.
28- التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق في مقدمة ابن الصلاح : للحافظ زين الدين عبد الرحيم بن السين العراقي، دار الحديث، ط.الثانية/1405هـ.
29- التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد : للإمام أبي عمر يوسف ابن عبد الله بن عبد البر ، وزارة الأوقاف المغربية ، ط.الأولى / 1387هـ.
30- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأحاديث الشنيعة الموضوعة : للحافظ محمد بن عراق الكناني، تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف ، وعبد الله محمد الصديق، ط. الثانية/ 1401هـ.
31- تهذيب الأسماء واللغات : للإمام يحيى بن زكريا النووي ، ط. المنيرية.
32- تهذيب التهذيب : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ،دار صادر ، بيروت ، ط. الأولى /1326هـ.
حرف الجيم
33- جامع العلوم والحكم : للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجب الحنبلي ، تحقيق شعيب الأرناؤوط وإبراهيم باجس ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط. الثالثة / 1412هـ.
حرف الراء
34- الرسالة : للإمام محمد بن إدريس الشافعي : تحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر، ط. الأولى ، القاهرة.
35- الرسالة المستطرفة لبيان مشهور كتب السنة المشرفة : للعلامة محمد بن جعفر الكتاني، تعليق أبي عبد الرحمن صلاح محمد عويضة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.الأولى /1405هـ.
حرف السين(1/177)
36- سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها : للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، 1392هـ.
37- سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء على الأمة : للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط. الثالثة ، 1392هـ.
38- السنن : للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، تعليق عزت عبيد الدعاس، دار الكتب العلمية، ط.الأولى، 1388هـ.
39- السنن : للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة ، تحقيق أحمد شاكر ، وكمال يوسف الحوت ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط. الأولى / 1408هـ.
40- السنن : للإمام أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي ، تحقيق مكتبة تحقيق التراث الإسلامي، دار المعرفة، بيروت، ط. الثانية / 1412هـ.
41- السنن : للإمام محمد بن يزيد القزويني (ابن ماجه) ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار الفكر ،بيروت.
42- السنن : لأبي محمد الدارمي، طبع بعناية محمد أحمد دهمان ، نشرته دار إحياء السنة النبوية.
43- السنن : للحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، تعليق عبد الله اليماني المدني، ط./1386هـ.
44- السنن الكبرى : لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ، دار الفكر ، بيروت.
45- سير أعلام النبلاء : للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، تحقيق مجموعة من الباحثين تحت إشراف شعيب الأرناؤوط ، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط. السابعة /1410هـ.
حرف الشين
46- شرح صحيح مسلم : للإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي، مراجعة الشيخ خليل الميس، دار العلم ، بيروت ، ط. الأولى.
47- شرح علل الحديث : لأبي عبد الله مصطفى بن العدوي المصري ، نشر دار ابن رجب ، مصر ، بدون تاريخ.
48- شرح علل الترمذي : للحافظ زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب الحنبلي، تحقيق ودراسة د. همام عبد الرحيم سعيد ، مكتبة المنار، الزرقاء ، الأردن ، ط. الأولى /1407هـ.(1/178)
49- شرح معاني الآثار : لأبي جعفر أحمد بن محمد الطحاوي، تحقيق محمد سيد جاد الحق، نشر مطبعة الأنوار المحمدية، القاهرة.
50- الشفاء بتعريف حقوق المصطفى : للقاضي أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي، دار الفكر، بيروت.
حرف الصاد
51- الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية : لإسماعيل بن حماد الجوهري، تحقيق أحمد بن عبد الغفور عطار، دار العلم للملايين، بيروت، ط. الثانية/1399هـ.
52- صحيح البخاري :للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، باهتمام عبد المالك مجاهد، دار السلام ، الرياض، ط. الأولى /1414هـ.
53- صحيح الجامع الصغير وزياداته : للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي ، بيروت ،ط. الثانية /1408هـ.
حرف الضاد
54- ضعيف الجامع الصغير وزياداته : للمحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، المكتب الإسلامي ، بيروت ،ط. الثانية /1408هـ.
55- ضوابط الجرح والتعديل : د. عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الأولى /1412هـ.
56- ضياء السياسات : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي ، تحقيق د. أحمد محمد كاني ، الزهراء للإعلام العربي ، ط. الأولى / 1408هـ.
57- ضياء التأويل في معاني التنزيل : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي، تقديم فضيلة الشيخ أبوبكر محمود جومي،مطبعة الاستقامة، القاهرة،1380هـ/1961م،
حرف العين
58- كتاب العلل : للحافظ علي بن عمر بن أحمد الدارقطني ، تحقيق د. محفوظ الرحمن زين الله السلفي، دار طيبة، الرياض ، السعودية.
59- كتاب العلل ومعرفة الرجال : للإمام أحمد بن حنبل ، تحقيق وتخريج د. وصي الله عباس، المكتب الإسلامي، بيروت ،ط. الأولى /1408هـ.
60- علوم الحديث (مع التقييد والإيضاح) : للحافظ أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري الشهير بابن الصلاح ، دار الحديث، بيروت، ط. الثانية، /1401هـ.(1/179)
61- العواصم من القواصم : للقاضي أبي بكر ابن العربي ، تحقيق محب الدين الخطيب ، دار البيضاء ، ط. الأولى /1401هـ.
حرف الفاء
62- فتح الباري بشرح صحيح البخاري : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تصوير دار المعرفة، بيروت ، عن الطبعة السلفية.
63- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث : لأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن السخاوي، تحقيق وتعليق الشيخ علي حسين علي، نشر دار الإمام الطبري، ط. الثانية /1412هـ.
64- كتاب الفرائد الجليلة وسائط الفوائد الجميلة : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي ، تحقيق د. عبد العلي عبدالحميد،دارالفكر،بيروت،ط.أولى،1401هـ/1981م
65- فضل علم السلف على الخلف : للحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن شهاب الدين البغدادي الشهير بابن رجب الحنبلي ، تحقيق محمد عبد الحكم القاضي ، دار الحديث ، القاهرة ، بدون تاريخ.
66- الفوائد المجموعة في الأحاديث المرفوعة : للقاضي محمد بن علي الشوكاني، تحقيق عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، ط. دار الباز ، مكة المكرمة.
حرف القاف
67- قصص لا تثبت : للشيخ أبي عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان وآخرين،
68- قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة : لجلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي، تحقيق خليل الميس، المكتب الإسلامي، بيروت ، ط.الأولى / 1405هـ.
69- قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث : للشيخ محمد جمال الدين القاسمي ، ط. دار الكتب العلمية ، بيروت ، لبنان ، بدون تاريخ.
حرف الكاف
70- الكفاية في علم الرواية : للحافظ أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية ، بيروت /1409هـ عن الطبعة الهندية.
71- كفاية ضعفاء السودان : للعلامة عبد الله بن محمد بن عثمان الشهير بابن فودي، تحقيق د. محمد مودي شوني، رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة عثمان طن فودي، سكتو ، نيجيريا، 2000م.(1/180)
72- الكنى والأسماء : للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري، دراسة وتحقيق عبد الرحيم محمد أحمد القشقري، ط. المجلس العلمي في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، الأولى /1404هـ.
حرف اللام
73- اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة : للإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي ، دار المعرفة ، بيروت ، ط. الثانية / 1395هـ.
74- لسان العرب : لجمال الدين محمد بن مكرم المعروف بابن منظور الإفريقي، نشر دار صادر.
75- لسان الميزان : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، بتحقيق وإشراف محمد بن عبد الرحمن المرعشلي، دار إحياء التراث العربي، ومؤسسة التاريخ العربي، بيروت، ط. الأولى /1416هـ.
76- لقط اللآلي المتناثرة في الأحاديث المتواترة : للإمام أبي الفيض محمد مرتضى الحسيني الزبيدي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط. الأولى /1405هـ.
حرف الميم
77- كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين : للحافظ محمد بن حبان البستي ، تحقيق محمود إبراهيم زايد، ط. دار المعرفة، بيروت.
78- مجمع الزوائد ومنبع الفوائد : للحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي ، نشر دار الكتاب العربي ، بيروت ، ط. الثانية /1402هـ.
79- مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية : جمع وترتيب عبد الرحمن بن محمد ابن قاسم العصمي النجدي بمساعدة ابنه محمد ، تصوير عن ط. دار الإفتاء، الرياض، 1391هـ.
80- المحدث الفاصل بين الراوي والواعي : لأبي محمد الحسن بن عبد الرحمن ابن خلاد الرامهرمزي، تحقيق محمد عجاج الخطيب، دار الفكر ، بيروت ، 1391هـ.
81- المدخل إلى كتاب الإكليل : لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري ، تحقيق فؤاد عبد المنعم أحمد ، دار الدعوة الإسكندرية، مصر.
82- المستدرك : لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم النيسابوري، دار الفكر ، بيروت، 1398هـ.
83- المسند : للإمام أحمد بن حنبل ، مصورة الطبعة المنيرية الحجرية .(1/181)
84- مشكاة المصابيح : للشيخ محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي ، تعليق محمد ناصر الدين الألباني وآخرين ، نشر المكتب الإسلامي ، بيروت ، ط. الثانية /1399هـ.
85- معالم السنن : لأبي سليمان أحمد بن محمد الخطابي ، تصحيح راغب الطباخ، المطبعة العلمية ، حلب ،1932م.
86- معرفة الصحابة : لأبي نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني ، تحقيق د. محمد الراضي بن حاج عثمان، مكتبة الدار ، المدينة المنورة ، ومكتبة الحرمين ، الرياض ، السعودية ، ط. الأولى /1408هـ.
87- معرفة علوم الحديث : لأبي عبد الله محمد بن عبد الله الحاك النيسابوري ، المكتبة العلمية ، المدينة المنورة ، ط. الثانية / 1397هـ.
88- المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة : للحافظ أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، تصحيح عبد الله بن الصديق ، دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط. الأولى /1399هـ.
89- المنار المنيف في الصحيح والضعيف : للحافظ أبي عبد الله الشهير بابن قيم الجوزية ، تحقيق عبد الفتاح أبو غدة ، مكتب المطبوعات الإسلامية ، حلب ، ط. الأولى / 1390هـ.
90- منهج ذوي النظر شرح منظومة علم الأثر : لمحمد محفوظ بن عبد الله الترمسي ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي ، 1374هـ.
91- منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة والقدرية : لشيخ الإسلام أحمد ابن عبد الحليم ابن تيمية الحراني ، تحقيق د. محمد رشاد سالم ، مؤسسة قرطبة ، القاهرة ، ط. الأولى 1406هـ.
92- الموضوعات : لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي ، تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، المكتبة السلفية ، المدينة النبوية ، ط. الأولى / 1386هـ.
93- الموطأ : للإمام مالك بن أنس الأصبحي ، بترقيم محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت.
94- الموقظة : للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، شرحه وعلق عليه عمرو عبد المنعم سليم ، دار أحد ، ط. الأولى/ 1414هـ.(1/182)
95- ميزان الاعتدال في نقد الرجال : لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ، تحقيق محمد علي البجاوي ، دار الفكر ، بيروت.
حرف النون
96- نتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق حمدي عبد المجيد سلفي ، مطبعة الإرشاد ، بغداد ، 1414هـ.
97- نزهة النظر شرح نخبة الفكر : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، بتعليق وشرح الشيخ صلاح محمد محمد عويضة ، دار الكتب العلمية ، بيروت، بدون تاريخ.
98- نصب الراية لأحاديث الهداية : لجمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي ، نشر المكتبة الإسلامية ، ط. الثانية / 1393هـ.
99- نظم المتناثر من الحديث المتواتر : للعلامة جعفر الحسيني الشهير بالكتاني، دار الكتب العلمية ، بيروت ،1400هـ.
100- النكت على كتاب ابن الصلاح : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، تحقيق الدكتور ربيع بن هادي المدخلي ، ط. الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
101- النكت على نزهة النظر : لعلي حسن علي عبد الحميد الحلبي الأثري ، ط. دار ابن الجوزي ، الرياض ، المملكة العربية السعودية ، الخامسة، رجب 1421هـ
102- النهاية في غريب الحديث والأثر : للشيخ مبارك بن محمد الجزي الشهير بابن الأثير ، تحقيق الطاهر أحمد الزاوي ومحمود محمد ، المكتبة العلمية ، بيروت، 1382هـ.
حرف الهاء
103- هدي الساري مقدمة فتح الباري : للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، دار الريان للتراث ، القاهرة ،ط. الثانية / 1409هـ.
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
مقدمة.............................................................1
وصف النسخ المخطوطة.............................................2
خطة البحث.......................................................3
الدرسات السابقة...................................................4(1/183)
الشكر والتقدير.................................................... 6
منهج البحث.......................................................8
القسم الأول في دراسة الكتاب. وفيه فصلان:
الفصل الأول: ترجمة الناظم . وفيه سبعة مباحث:
1- اسمه...............................................11
2- مولده.............................................11
3- قبيلته..............................................12
4- نشأته العلمية.......................................12
5- دوره في حركة الجهاد..............................14
6- مؤلفاته............................................14
7- وفاته..............................................18
الفصل الثاني: مصباح الراوي : دراسة مقارنة مع ألفية الإمام
جلال الدين السيوطي . وفيه تمهيد وخمسة مباحث:............19
تمهيد..............................................................19
المبحث الأول: أهمية المنظومتين وأوجه الاتفاق بينهما.................20
المبحث الثاني : ما تمتاز به ألفية السيوطي.............................23
المبحث الثالث : ما تمتاز به منظومة مصباح الراوي....................27
المبحث الرابع : ما تشترك فيه المنظومتان.............................36
المبحث الخامس : مصادرالمنظومتين..................................38
القسم الثاني : تحقيق وشرح المنظومة................................41
المقدمة.............................................................45
أنواع علم الحديث.................................................50
المتواتر.............................................................51
الآحاد.............................................................62
المشهور والمستفيض.................................................62(1/184)
العزيز..............................................................78
الغريب............................................................80
المقبول.............................................................84
الصحيح...........................................................84
أصح أسانيد البلدان................................................91
المعلق في الصحيحين................................................95
الجيد والقوي.....................................................104
الثابت والصالح والمجود............................................105
الحسن والمشبه....................................................105
زيادات الثقات...................................................117
تتمة.............................................................121
المردود...........................................................122
الموضوع.........................................................123
المتروك...........................................................130
المنكر والشاذ.....................................................131
المعلل............................................................131
المدرج...........................................................135
المقلوب والمنقلب.................................................139
المركب..........................................................141
المضطرب........................................................142
رواية المجهول والمبهم والختلط....................................145
المصحف والمحرف................................................146
المعلق والمرسل والمعضل والمنقطع...................................149(1/185)
المدلس..........................................................151
الإرسال الخفي والمزيد في المتصل..................................153
المعنعن والمؤنن...................................................155
تتمة............................................................156
تقسيم آخر للحديث باعتبار من له................................157
تعارض الوصل والإرسال والرفع والوقف..........................163
المحكم ومختلف الحديث والمنسوخ.................................164
المسلسل........................................................169
العالي والنازل...................................................171
غرائب الحديث................................................173
المبهمات.......................................................179
رواية الأقران والسابق واللاحق..................................188
المدبج.........................................................190
الأكابر عن الأصاغر............................................191
الآباء عن الأبناء وعكسه........................................192
الإخوة والأخوات ........................................... .194
معرفة الصحابة.................................................196
معرفة التابعين..................................................212
أحوال الرواة تعديلا وجرحا.....................................214
الأفراد.........................................................218
اَلْوُحْدَانُ.......................................................223
المتفق المفترق...................................................226
المؤتلف والمختلف..............................................231(1/186)
المتشابه........................................................244
المشبه المقلوب.................................................245
الكنى والأسماء.................................................246
الألقاب.......................................................252
طبقات الرواة ومواليدهم ووفياتهم................................255
معرفة بلادهم ومواليهم..........................................256
المنسوب إلى غير أبيه............................................258
علم أسباب الحديث وتاريخه.....................................260
كتابة الحديث..................................................263
اقتصار حدثنا وأخبرنا...........................................269
وقت السماع والتحمل.........................................271
طرق تحمل الحديث وصيغ الأداء.................................272
فروع..........................................................274
آداب الشيخ والطالب معا.......................................277
ما ينفرد به الشيخ...............................................278
عقد المجلس للإملاء.............................................279
ما ينفرد به الطالب.............................................280
تصنيف الحديث................................................282
خاتمة نسأل الله حسنها..........................................283
الفهارس.......................................................290
1 اقتباس من مقدمة كتاب العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام تقي الدين الحراني رحمه الله.(1/187)
2 حديث صحيح . أخرجه أحمد (2/295و303)وأبو داود(5/157ـ158) وابن حبان(2070) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وهو في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/702).قال الخطابي: ويتأول على وجهين. أحدهما : أن من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله وترك الشكر له سبحانه. والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم ، لاتصال أحدهما بالآخر. اهـ. سنن أبي داود بشرح الخطابي (5/157-158).
3 عبد الله بن فودي: إيداع النسوخ من أخذت من الشيوخ، مكتبة نولا،زاريا، 1958م، ص1.
4 جومي، أبوبكر محمود: مقدمة ضياء التأويل، "مطبعة الاستقامة، القاهرة، 1380هـ/1961م، ص4 . وانظر أيضا:شوني ، محمد مودي : تحقيق كتاب كفاية ضعفاء السودان ، رسالة دكتوراه مقدمة لجامعة عثمان طن فودي ، 2000م ، ص24. وقد أخطأ الدكتور كاني في مقدمته لكتاب ضياء السياسات ، ص12 فنقل عن الشيخ جومي أن مولد عبد الله كان سنة 1197هـ وحسبه بالتاريخ الميلادي فوافق سنة1782. وهذا خطأ على خطأ بالنسبة لما كتبه أبوبكر جومي . راجع المصدر المذكور أعلاه. وانظر أيضا: عبد الله بن فودي: تزيين الورقات،ص27.
2 شوني،محمد مودي: المصدر السابق ص24.
3 محمد بلو: تزيين الورقات، ط. كانو،ص31.وانظر أيضا: الدكتور عبد العلي عبد الحميد: مقدمة كتاب الفرائد الجليلة، دار الفكر، بيروت، ط. أولى، 1401هـ/1981م، ص25-26.
1عبد الله بن فودي: إيداع النسوخ ص7.
2 كاني، أحمد محمد: مقدمة ضياء السياسات، الزهراء للإعلام العربي، ط.أولى، 1408هـ/1988م،ص14
1إيداع النسوخ،ص8.
10 محمد بلو:إنفاق الميسور،لندن،ص70-71.
11 تزيين الورقات، ص50.
12 انظر تفصيل ذلك في: شوني،المصدر السابق، ص26-29.
13 عبد القادر بن غطاطو: أنيس المفيد، مخطوط ، متحف الوزير جنيد ، سكتو، نيجيريا ،ص114.(1/188)
14 هو أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن الكمال أبى بكر بن محمد بن سابق الخضيرى السيوطي الشافعي. ولد عام 849هـ ونشأ يتيما وهو من بيت علم ورئاسة وحفظ القرآن وله ثمان سنوات وبدأ بالتأليف وله سبعة عشر سنة فصنف في كل فن تقريبا حتى بلغت مصنفاته أكثر من ثلاثمائة مؤلف. توفى سنة 911هـ ولم يعقب. رحمه الله.
انظر التفصيل عن حياته في مقدمة تحقيق الشيخ عبد الوهاب عبد اللطيف لكتابه "تدريب الرواي في شرح تقريب النواوي" من منشورات المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ط. الثانية، 1392هـ - 1972م.
15 هو الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن ابن أبي بكر بن إبراهيم الكردي الرازياني ثم المصري الشافعي. وكان إمامًا متفننا حافظا ناقدا وله مؤلفات كثيرة. توفى رحمه الله عام 806هـ بالقاهرة. انظر ترجمته في مقدمة كتابه "التقييد والإيضاح لما أطلق وأبهم من مقدمة ابن الصلاح" مؤسسة الكتب الثقافية، بيروت، ط. الأولى، 1411هـ / 1981م.
…15ألفية السيوطي بتصحيح وشرح الأستاذ أحمد محمد شاكر، دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ، ص3.
6مصباح الراوي، ص2
18 ألفية السيوطي، ص 104-107
19 المصدر السابق، ص 108-111
20 المصدر السابق، ص 100
21 المصدر السابق، ص 115
22 المصدر السابق، ص 117
23 المصدر السابق، ص 119
24 مصباح الراوي، ص 8
25 ألفية السيوطي، ص 18-19
26 المصدر السابق، ص 16-18
27 المصدر السابق، ص 10-12
28 المصدر السابق، ص 208
29 المصدر السابق، ص 213
30 المصدر السابق، ص 224
31 المصدر السابق، ص 238
32 مصباح الراوي، ص 1
33 المصدر السابق، ص 32
34 المصدر السابق ، ص 5. وقد أشار في هذه الأبيات إلى سبعة عشر حديثًا هي الأحاديث الآتية:-
أ-من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار
ب-أحاديث ذكر حوض النبي صلى الله عليه وسلم
ج-المرء مع من أحب يوم القيامة
د-أحاديث رفع اليدين في الصلاة(1/189)
هـ بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة.
و-من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة.
ز-أنزل القرآن على سبعة أحرف.
ح-كل مسكر خمر
ط-اعملوا فكل ميسر لما خلق له
ي-أحاديث سؤال منكر ونكير
ك-نضر الله امرءا سمع منا حديثا...
ل-أحاديث المسح على الخفين في الوضوء
م-أحاديث انشقاق القمر في عهده صلى الله عليه وسلم.
ن-بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ...
ص-إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع...
ع-أحاديث ذكر الفتن في آخر الزمان
ف-أحاديث رفع اليدين في الدعاء.
35 مصباح الراوي، ص 3-4
…وأشار في هذه الأبيات إلى إحدى وعشرين حديثًا هي:
أ-حديث ذي اليدين في سجود السهو.
ب-غسل الجمعة واجب على كل محتلم
ج-سيقبض العلم ويكثر الجهل
د-طلب العلم فريضة على كل مسلم
ه-الأذنان من الرأس
و-قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على رعل وذكوان
ز-المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
ح-أبغض الحلال إلى الله الطلاق
ط-لا غيبة لفاسق
ي-من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من النار يوم القيامة
ك-لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد
ل-رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه
م-البركة مع أكابركم
ن-ليس الخبر كالمعاينة
ص-العجلة من الشيطان والتأني من الله تعالى.
ع-اختلاف أمتى رحمة
ف-جبلت القلوب على حب من يحسن إليها وبغض من يسئ إليها
ض-نية المؤمن خير من عمله
ق-من بورك له في شيء فليلزمه
ر-يوم صومكم يوم نخركم يوم رأس سنتكم
س-من عرف نفسه عرف ربه.
36 مصباح الراوي، ص 43
وفي الأبيات من الأحاديث:
أ-نهى عن بيع الولاء وهبته
ب-إنما الأعمال بالنيات
ج-قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بقاف وسورة القمر في الفطر والأضحى
د-كلوا البلح مع التمر
1أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله
2ألفية السيوطي، ص 29
38 مصباح الراوي، ص 6
وفيها الإشارة إلى المعلقات الآتية في صحيح البخاري:(1/190)
أ-…قوله في كتاب الوكالة: قال عثمان بن الهيثم ثنا عوف ثنا محمد ابن سيرين عن أبي هريرة قال: وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة رمضان ...الحديث.
ب-قوله في كتاب الطهارة: وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه.
ج-قوله في كتاب الطهارة: وقال بهز بن حكيم عن أبيه عن جده: "الله أحق أن يستحيى منه".
د-قوله في كتاب الزكاة : وقال طاوس: قال معاذ بن جبل لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب... الخ
ه-قوله في كتاب الطب: ويذكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرقى بفاتحة الكتاب.
و-قوله في كتاب الصلاة: وذكر عن عبد الله بن السائل قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم " المؤمنون" في صلاة الصبح حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون أخذته سلعة فركع.
ز-قوله في كتاب البيوع: ويذكر عن عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "إذ بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل" .
ح-قوله في كتاب الوصايا: ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بالدين قبل الوصية.
ط-قوله في كتاب الصلاة: ويذكر عن أبى هريرة رفعه: لا يتطوع الإمام في مكانه، ولا يصح.
وأشار إلى تعليق واحد ورد في صحيح مسلم وهو قوله وروى الليث بن سعد عن أبى جهيم بن الحرث بن الصِّمَّة: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل. الحديث.
39 ألفية السيوطي، ص 15
40 مصباح الراوى، ص 8
وأشار إلى حديثين هما:
= الحديث الذي رواه الترمذي وحسنه من طريق شعبة عن عاصم ابن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ قالت: نعم، فأجاز.
ب-ما رواه الترمذي وحسنه أيضا من طريق هشيم عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن البراء ابن عازب مرفوعا: "إن حقا على المسلمين أن يغتسلوا يوم الجمعة، وليمس أحدهم من طيب أهله، فإن لم يجد فالماء له طيب".(1/191)
41 ألفية السيوطي، ص 15
42 مصباح الراوي، ص 13-14
وفي الأبيات إشارة إلى ما رواه الإمام الشافعي في كتاب "الأم" عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الشهر تسع وعشرون، فلا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين".
43 ألفية السيوطي، ص 51
44 مصباح الراوي، ص 13-14
45 السيوطي،عبد الرحمن بن الكمال: تدريب الرواي في شرح تقريب النواوي، من منشورات المكتبة العلمية بالمدينة المنورة، ط. الثانية، 1392هـ 1972م. 2/342.
46 عبد الله بن فودي : مفتاح التفسير
47 عبد الله بن فودي : البحر المحيط ، قام على طبعه عبد الله اليسار ، كانو ، بدون تاريخ ، ص 2
48 عبد الله بن فودي : ألفية الأصول، طبعة زاريا ، بدون تاريخ ، ص4.
49 محمد الغالي موسى : تحقيق ودراسة مصباح الراوي، رسالة ماجستير في جامعة بايرو ، 1992م، ص15-16.
50 في ب: همتي
51 في ب: في الصفة
52 النكت على كتاب ابن الصلاح(1/22).
53 في ( أ ) : لرامهرمزاني . واخترنا ما في النسختين لمناسبته للقافية . ويستقيم البيت أيضا لو قال : لرامهرمزي نمي .
54 نزهة النظر : ص 10-16
55 في ب: فبان
56 في ج: والنوري وهو خطأ ظاهر
57 نزهة النظر (ص17 )
58 انظر الباعث الحثيث لأحمد شاكر ص/21.
59 راجع : سير أعلام النبلاء (10/17-18) .
60 انظر: لقط اللآلي المتناثرة (ص260 - 253).
61 الموضوعات لابن الجوزي (1/55-94).
62 سلسلة الأحاديث الضعيفة (3/73).
63 انظر فتح الباري 10/560 والمعجم المؤسس 2/205.
64 (لقط اللآلي 304).
65 الفهرس الشامل 2/983 رقم 365
66 المصدر السابق 1/288.
67 مناهل العرفان (1/139)
68 "النشر في القراآت العشر" 1/21
69 الفلك المشحون ص126
70 انظر : "تراث المغاربة" ص 117 والعقود الدرية ص46.
71 راجع في تخريجه ((ظلال الجنة)) رقم 161-174.
72 كتاب السنة ص 405-406
73 انظر: الدر المنثور 4/146 -156.(1/192)
74 انظر صحيحه رقم 84-87.
75 شرح العقيدة الطحاوية ص 386.
76 شرح الزرقاني على الموطأ: 1/76.
77 انظرها في تفسير القرآن العظيم لابن كثير (4/280-281) والدر المنثور (6/ 175 -177) عند قوله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر) [القمر : 1] .
78 انظر: المقاصد الحسنة / 143 - 144.
79 راجع شرحه إن شئت في جامع العلوم والحكم بتحقيق الشيخ شعيب الأرناؤوط 1/153 - 175.
80 تجد أطرافها عند الحديث رقم 85 ومسلم كذلك (6687-6690)
81 انظر في الفتح 13/16.
82 راجع: شرح علل الحديث للعدوي ص97-102.
83 (تدريب الراوي 2/180)
84 راجع الحديث في صحيح البخاري كتاب السهو، باب4 رقم 1228 وباب5 رقم 1229. وفي كتاب الآحاد رقم (7250). وفي صحيح مسلم كتاب المساجد حديث 97، 98، واسم ذي اليدين هو: الخرباق السلمي كما في الفتح 3/100، والإصابة 1/422
85 صحيح البخاري (2/308، 309).
86 صحيح البخاري (1/234) .
87 مسلم (16/223):
88 انظر فتح البارى (1/232 - 235). وقد جمع الحافظ الخطيب طرقه في جزء حافل كما في السير (18/292) وكذلك نصر بن إبراهيم المقدسي (ت490هـ) كما في الرسالة المستطرفة ص112 وابن عساكر كما في السير (20/560) وغيرهم.
89 الجامع الصغير رقم 5264 و 5266
90 صحيح الترغيب والترهيب من حديث أنس برقم 70 ، و تخريج أحاديث مشكلة الفقر برقم 86.
91 موارد الخطيب لأكرم العمري ص56
92 سير أعلام النبلاء (19/207)
93 المقاصد الحسنة (رقم 658)
94 المجموع (1/415)
95 التقييد والإيضاح 51-52.
96 النكت (1/409)
97 النكت على كتاب ابن الصلاح 1/415.
98 السلسلة الصحيحة (1/37 -55)
99 انظر فيه حديث رقم (1001) ومسلم (677 و 304).
100 انظر البخاري: ك الإيمان رقم 10. ك الرقاق باب الإنتهاء عن المعاصي. ومسلم ك الإيمان رقم 66.
101 في ج: الرحال بالمهملة.
102 سنن أبي داود (2/631)
103 سنن ابن ماجه برقم 2018
104 معالم السنن (2/631)(1/193)
105 انظر: المقاصد الحسنة رقم 921 وضعيف الجامع الصغير رقم 4918 والسلسلة الضعيفة 2/53-54 والمنار المنيف ص61 .
106 مسند الإمام أحمد (7574،8541) وسنن أبي داود رقم 3658 وسنن الترمذي رقم 2658 وسنن ابن ماجه 261-266 ومشكاة المصابيح رقم 223 وصحيح الجامع 6284.
107 "تحقيقات وأنظار" ص99-104
108 الجامع الصغير للسيوطي 9898
109 المقاصد الحسنة 468 والسلسلة الضعيفة 183 وإرواء الغليل 491 وضعيف الجامع الصغير 6297.
110 جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتا، للشيخ أبي إسحاق الحويني، دار الكتا العربي، بيروت، ط. الأولى، 1407هـ/1987م، ص 271.
111 صحيح ابن ماجه (1/348).
112 ابن حبان (1912 الزوائد) والحاكم (1/62) والمقاصد الحسنة 144.
113 مسند الإمام أحمد (1/215) و (1/271) .
114 المستدرك (2/321) وموارد الظمآن 2086 وصحيح الجامع 6373 وشرح الطحاوية 401.
115 سنن الترمذي (4/322)
116 المقاصد الحسنة ص 151 وكشف الخفاء (1/350)
117 انظر هذه الأقوال في ميزان الاعتدال (2/671).
118 ورد في ب بزيادة واو في أوله.
119 نقل هذا الكلام عنه المناوي في فيض القدير (1/209).
120 الإحكام في أصول الأحكام لابن حزم (5/64)
121 صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ص 59-60 ط.(مكتبة المعارف) والسلسلة الضعيفة (1/76-78).
122 راجع: المقاصد الحسنة للسخاوي 171، و السلسلة الضعيفة 600، وضعيف الجامع الصغير 2625.(1/194)
123 نعم ، لكن معناه صحيح ويبان ذلك من وجوه : أحدها : أن النية المجردة من العمل يثاب عليها والعمل المجرد لا يثاب عليه كما في الصحيحين :"من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة كاملة" . والثاني أن النية يدرك بها ثواب العمل عند العجز عنه كما في حديث "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما" وفي الصحيحين "إن بالمدينة لرجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم" وفي رواية "إلا شركوكم في الأجر ، حبسهم العذر" . الثالث : أن النية عمل القلب وأعمال القلوب لا يدخلها فساد بخلاف الأعمال الظاهرة فإنها تعتريها آفات كثيرة ولا تكون مقبولة حتى تسلم منها جميعا . ولهذا قال بعض السلف : قوة المؤمن في قلبه وضعفه في جسمه وقوة المنافق في جسمه وضعفه في قلبه . الرابع : أن القلب ملك البدن وسائر الأعضاء جنوده فصلاح الملك مقدم على صلاح الجنود ومن أجل ذلك كان عمل القلب أفضل من عمل البدن . اهـ ملخصا من الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/17) .
124 المقاصد الحسنة رقم 1260
125 هدية العارفين 1/156.
126 السلسلة الضعيفة رقم 2789 و 6045 كما أشار إليه هناك . وضعيف الجامع: 5976، 5977
127 سنن ابن ماجه (1093،1062)
128 انظر:كشف الخفاء 1/342 وضعيف الجامع 2381.
129 لفظ أي غير موجود في (أ) وهو في النسختين الأخريين.
130 المقاصد الحسنة 480
131 انظر تدريب الراوي 2/176.
132 الحاوي للفتاوي (2/226-229) . وانظر للحكم على هذا الحديث: المقاصد الحسنة 1149 وكشف الخفاء 2/361.
133 انظر: تدريب الروي 2/173.
134 في ب: أول
135 البخاري رقم 15 ومسلم رقم 244 عن أنس ورواه البخاري رقم 14 عن أبي هريرة .
136 في ج: كالنهر وهو خطأ ظاهر.
137 انظره في صحيح البخاري رقم 6756 ومسلم رقم 1506.
138 فتح الباري (12/44)
139 شرح ألفية الحديث ص45:
140 راجع: التمهيد لابن عبد البر 16/327، وشرح الزرقاني على الموطأ 1/366.
141 المستدرك 4/121(1/195)
142 انظر شرح الزرقاني على البيقونية نقلا عن حاشية التقييد والإيضاح ص 107.
143 صحيح مسلم (ك الإيمان باب 8 رقم 38)
144 الألفية ص43
145 تدريب الراوي 2/182
146 انظر : رسالة أبي داود إلى أهل مكة ص12 في أول السنن ، ط. دار الفكر الأولى ، 1421هـ/2001م.
147 راجع: النكت على كتاب ابن الصلاح 1/ 374-377.
148 علق أخي محمد الثاني عمر على عبارة أحمد شاكر هذه بكلام نفيس أحببت نقله للقارئ لفائدته . وهذا نصه : "هذا الكلام لا يخلو من مبالغة . وواقع عمل الدارقطني يأباه ، فإنك تجده مرات يتتبع طرق حديث أحدهما وينفصل في بحثه إلى ترجيح الإرسال على الوصل أو الوقف على الرفع ، فهل يمكن أن يحمل هذا على معنى "الصحة في الدرجة العليا" ؟! ولعل عذر أبي الأشبال أنه لم يطلع على عمل الدارقطني فظنه كما تخيله والحال أنه ليس كذلك. ثم إن الحافظ نفسه لم يستطع دفع كلام الدارقطني في شيء قليل من الأحاديث وسلم للدارقطني فيه على الإنصاف . والحق في المسألة والعلم عند الله - ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية أن الغالب فيما انتقد على البخاري أن الحق في جانبه ، والغالب فيما انتقد على مسلم أن الصواب لمنتقده أو عبارة نحو هذه. اهـ كلام الأخ محمد.
149 شرح ألفية الحديث ، ص10 .
150 انظر لزاما: النكت على كتاب ابن الصلاح 1/247 - 248 وتدريب الراوي 1/77.
151 في ( أ ) : من
152 تدريب الراوي 1/73
153 في ب: منصورهم
154 (المسند 2/108)
155 هذا العنوان غير موجود في النسخ وإنما زدته إيضاحا.
156 في(أ): ابن عينة
157 لم غير موجودة في (أ) ولا في( ج).
158 صحيح ، أخرجه أحمد 9438 وأبو داود 604 والنسائي 920 وابن ماجه 846 وهو في صحيح الجامع 2357-2360.
159 (تدريب الراوي: 1/98).
160 العنوان زيادة من عندي.
161 (تيسير مصطلح الحديث ص/79)
162 الإمام مسلم ومنهجه في الصحيح" للشيخ مشهور حسن آل سلمان 2/586-588
163 صحيح البخاري (رقم 2311)(1/196)
164 بأرقام (2311 و 3275 و 5010)
165 في (أ): قشة
166 سنن الترمذي رقم 3384.
167 سنن الترمذي ، ك الأدب رقم 2769.
168 النكت على كتاب ابن الصلاح (1/332) وفتح المغيث (1/63).
169 في (أ): السالب وكذلك في ج.
170 صحيح البخاري رقم 106.
171 صحيح مسلم رقم (163)
172 انظرها في الفتح (2/256).
173 في(ب): يمتثل
174 مسند الإمام أحمد 1/62 و 75 وسنن ابن ماجه (2230) و النكت على كتاب ابن الصلاح (1/339).
175 سنن الترمذي (2094،2095)
176 سنن أبي داود 194 ومصنف ابن أبي شيبة 2/208
177 راجع كتاب العلل 2/238.
178 صحيح البخاري ، ك الحيض ، باب التيمم ، حديث رقم 114.
179 بيان ذلك في التقييد والإيضاح ص 36-37 ، والنكت على كتاب ابن الصلاح 344-354 .
180 في (ج): ترتقي
181 في (ب): قط
182 في (أ) وفي(ج):له ، وما أثبتناه من ب وهو الصحيح.
183 نخبة الفكر ص 25 مع النزهة.
184 الموقظة في مصطلح الحديث ، ص 25 - 26.
185 سير أعلام النبلاء (7/339) .
186 سنن الترمذي (1/34)
187 فتح الباري (4/188)
188 هذا البيت ملحق في الجانب الأيسر من (أ) وهو في النسختين الأخريين.
189 (هدي السارى 380 و 408)
190 راجع: المجروحين لابن حبان 2/149 والميزان للذهبي 2/671.
191 هذا البيت وسابقه ملحقان في (أ) في أيمن الصفحة.
192 إرواء الظمي بتخريج سنن الدارمي (1/135)
193 المرجع السابق (1/138) .
194 جنة المرتاب بنقد المغني عن الحفظ والكتاب مما لا يصح فيه حديث في الباب (ص188 - 194) .
195 سنن الترمذي (3/420)
196 كتاب العلل لأبي حاتم الرازي (1/424) .
197 سنن الترمذي (2/408)
198 انظر صحيح البخاري ك الجمعة حديث 800.
199 تمام المنة في التعليق على فقه السنة ، ص 31.
200 شرح ألفية الحديث ص19:
201 تدريب الراوي (1/178)
202 في( ب )و (ج): المحفوظ والمعروف
203 علوم الحديث (ص 110) بتصرف.
204 انظر النكت للزركشي 2/60
205 انظر النكت لابن حجر 2/604 .(1/197)
206 انظر نظم الفرائد للعلائي ص 209 . ولابن حجر كلام نحوه . انظره في الفتح 10/213.
207 في (ب): فإن
208 سنن الترمذي (4/368 - 369).
209 تدريب الراوي (1/235)
210 تدريب الراوي (1/240).
211 ميزان الاعتدال في نقد الرجال (1/457)
212 في (ب): وشر ما
213 اللآلي المصنوعة في الأحاديث الموضوعة 1/3
214 تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص8.
215 انظر: بحوث في تاريخ السنة ص 34-35.
216 (الموضوعات 1/38).
217 (الموضوعات 1/39).
218 تأويل مختلف الحديث 355-357 . وانظر أيضا: بحوث في تاريخ السنة ص37.
219 كتاب المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين لابن حبان (1/86)
220 انظر الموضوعات لابن الجوزي (1/40-41).
221 المصدر السابق (1/41).
222 انظر: الكفاية للخطيب ص37 وانظر أيضا السنة قبل التدوين ص220
223 المنار المنيف في الصحيح والضعيف ص118.
224 الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة: 67.
225 المنار المنيف ص53.
226 راجع لزاما: سير أعلام النبلاء 4/153، الميزان 1/379 و 435 ، المجروحين 1/222 و 2/75.
227 في ص/ 82
228 في (ب): بدون تعريف.
229 في (ب): بوصل
230 علوم الحديث 115 مع التقييد.
231 التقييد والإيضاح ، ص 116.
232 النكت على كتاب ابن الصلاح 2/711.
233 علوم الحديث مع التقييد 116.
234 علوم الحديث مع التقييد ، ص 116 .
235 التقييد والإيضاح ، ص 116-119.
236 انحذفت النون من أنثييه في (ج).
237 التقريب مع شرحه التدريب الراوي 1/273.
238 (تدريب الراوي 1/268)
239 في (أ) للإسنادين وكذا في( ب).
240 (التدريب 1/273)
241 أخرجه البخاري في ك الأدب باب 58 رقم 6064-6065 ومسلم في ك البر والصلة باب 7 رقم 6421-6426.
242 في( ب) و( ج): وصف
243 (التدريب 1/272).
244 في (ج): قدر
245 نزهة النظر (ص47) .
246 صحيح البخاري (7/460)
247 وانظر: توضيح الأفكار للصنعاني 1/106-107.
248 في (ب): ينفق بالياء.(1/198)
249 صحيح مسلم ، ك الزكاة ، باب 30 ، ح 1031.
250 صحيح مسلم ، ك الفضائل ، باب 38 ح 1337
251 أخرجه أحمد( 6/433) وابن خزيمة وابن حبان.
252 المسند للإمام أحمد (6/433)و(6/186).
253 تحرفت في(أ) إلى مكرب.
254 سقطت الألف الأخيرة من (أ).
255 بزيادة الياء في (ب).
256 سقطت الياء من (أ).
257 أخرجه أبو داود (ك الصلاة ، باب 104 ح 689) وابن ماجه (ك إقامة الصلاة والسنة ، باب 75 ح 943)
258 انظر : تدريب الراوي (1/264) ، وضعيف الجامع 569.
259 تدريب الراوي 1/166.
260 انظر : شنن الترمذي(1/128) وسنن الدارمي (1/385) وسنن ابن ماجه (رقم 1789).
261 ورد بزيادة الياء في (ب).
262 ما أثبتناه من( ب). وورد في(أ): من بعد قط.
263 فتح المغيث للسخاوي (4/371) .
264 في (أ) : بالدال المهملة.
265 ضعيف جدا . أخرجه أحمد (4/98) ولفظه : "لعن الذين يشققون الكلام تشفيف الشعر" وراجع للتثبت في حكمه السلسلة الضعيفة (9/299).
266 صحيح مسلم ، رقم 1164.
267 المسند (5/185) وصحيح البخاري ، رقم 6113 وصحيح مسلم ، رقم 781.
268 صحيح مسلم 2207 و 2208.
269 هذا البيت غير موجود في( ب).
270 أخرجه النسائي في المجتبى (ك صلاة العيدين ، باب 10 ح 1561) عن ابن عمر ولفظه : (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يخرج العنزة يوم الفطر ويوم الأضحى يركزها فيصلي إليها).
271 انظر : فتح المغيث للعراقي 4/21، وفتح المغيث للسخاوي 4/63 - 64.
272 علوم الحديث للحاكم ص36.
273 تدريب الراوي 1/202 .
274 في (أ):حديثه، بزيادة الياء وهوخطأ.
275 سقطت الواو من (أ).
276 النكت على كتاب ابن الصلاح ، 2/636 وما بعده .
277 قاله أبو مسهر الغساني كما أورده الذهبي في ترجمة بقية في السير (8/523) .
278 شرح الألفية ص 39-41:
279 سنن أبي داود رقم 3229.
280 السنن ك الجنائز ، باب 57 ح 1052-1053. والحديث قد أورده مسلم في الصحيح ك الجنائز ، باب 32 ح 972.(1/199)
281 صحيح مسلم ، ك الصيام ، حديث رقم 3 .
282 صحيح ابن خزيمة (3/202) .
283 انظر : صحيح البخاري ، ك الصوم حديث رقم 1909 ، وسنن النسائي ، ك الصوم (4/107)والسنن الكبرى للبيهقي (4/206).
284 تدريب الراوي (1/184).
285 أخرجه البخاري (9/285) ومسلم ورقمه 1461.
286 انظر : سنن أبي داود (3193) وسنن النسائي (1973)
287 كتاب الأم للإمام الشافعي (1/239) .
288 المصدر السابق ، (1/270) .
289 أخرجه البخاري (ك الجنائز ، باب 65 ح 1335 . وهذه السنة قد نقلها أيضا أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه فقال : "السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ في التكبيرة الأولى بأم القرآن مخافتة. أخرجه النسائي برقم 1985.
290 صحيح مسلم ، ك الحيض ، حديث رقم69.
291 ك العيدين باب 21 ح رقم 974 ، وراجع أيضا صحيح مسلم ك صلاة العيدين ح 890.
292 البخاري ك الجنائز باب 29 ح رقم 1278 ومسلم ك الجنائز ، باب 11 ح938.
293 راجع صحيح أبي داود 641. وقد أورده ابن حبان في الزوائد وليس على شرطه . انظر صحيح موارد الظمآن 508.
294 انظر : سنن ابن ماجه 1002 وابن حبان 400 والمستدرك 1/218 والسلسلة الصحيحة رقم 335.
295 راجع : صحيح البخاري ، ك الصوم ، باب رقم 11وسنن أبي داود 2334 وسنن الترمذي 686 وسنن النسائي 4/153 وسنن ابن ماجه 1645 .
296 راجع النكت على نزهة النظر للحلبي ص 148.
297 انظر : المسند للإمام أحمد (4/68 ، 5/380) وصحيح الجامع (5939) .
298 صحيح البخاري ، ك النكاح ، حديث رقم 5177.
299 رواه مسلم (ك المساجد حديث 258 و 259).
300 في (ج) : فقولهم.
301 النكت على كتاب ابن الصلاح 2/537.
302 فتح المغيث للعراقي (1/81-83) .
303 راجع ألفية السيوطي بشرح أحمد شاكر (ص29-30)
304 صحيح ، رواه أبو داود (ك النكاح ، باب 20 ح 2085) والترمذي (ك النكاح ، باب 14 ح 1103) وابن ماجه (ك النكاح ، باب 15 ح 1881) وذكره الترمذي أيضا عن عائشة وحسنه.(1/200)
305 انظر: فتح المغيث للعراقي 1/82 وراجع لزاما تحقيق الإمام الترمذي حول هذا الحديث في جامعه عند الحديثين 1103 و 1104.
306 في (ج): وتلا.
307 البخاري :ك الطب ، باب 25 ح 5717.
308 البخاري :ك الطب ، باب 53 ح 5770 ومسلم :ك الطب ، باب 18 ح 2221.
309 البخاري :ك الطب ، باب 19 ح 5707
310 فتح الباري (10/168 -172).
311 المصدر السابق (10/171).
312 المصدر نفسه (10/170).
313 صحيح ، أخرجه ابن ماجه (ك الجنائز ، باب 47 ح 1571) عن ابن مسعود. وفي إسناده أيوب ابن هانئ ضعفه ابن معين فأورده من أجله شيخنا الألباني في ضعيف الجامع 4279 وله شاهد عن أنس عند الحاكم ومن أجله أورده في صحيح الجامع 4584. وللحديث أصل في صحيح مسلم (ك الجنائز ، باب 36 ح 977) من حديث بريدة رضي الله عنه.
314 انظر : كتاب الاعتبار في بيان الناسخ والمنسوخ من الأخبار (ص 8-22) والتقييد والإيضاح (ص 271-274).
315 رواه النسائي (3268) والترمذي (843) وأصله في البخاري برقم 5114
316 التمهيد (3/152-153)
317 فتح الباري (9/70)
318 في (ج): دواردوا
319 رواه مسلم :ك صفة القيامة ، باب 15 ح 2789 ولفظه عنده (أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فقال : خلق الله عز وجل التربة يوم السبت ..) الحديث.
320 صحيح ، أخرجه أبو داود (4941) والترمذي (1931) وهو في صحيح الجامع 3522.
321 في (ب):والعالي
322 في (ب): يصي.
323 في (ب): للنسبي.
324 سقطت الباء من (أ) واستدركناها من النسختين.
325 سقطت الألف من (أ).
326 صحيح مسلم برقم 12.
327 مقدمة ابن الصلاح مع التقييد ص258 ، تدريب الراوي 2/185 وألفية السيوطي بشرح أحمد شاكر ص201.
328 مسحت الدالان من الدخ والدخان في (ب) وتحرفت الدخ إلى دج في( ج).
329 تحرفت الحاء في (ج) إلى جيم.
330 نيل الأوطار (3/2) .
331 راجع البخاري ك الطب باب 50 ح رقم 5766
332 في (أ) و (ج): خرشه.
333 الموقظة ، (ص42) .(1/201)
334 البخاري ك المرضى ، باب 6 ، ح 5652 . ومسلم ، ك البر والصلة ، باب 14 ، ح2576.
335 جامع الترمذي (1/437) .
336 راجع المصنفات الآتية: ألفية السيوطي بشرح أحمد شاكر 281 ، وتدريب الراوى 2/342 - 348. وهدي الساري للحافظ ابن حجر.
337 وردت قال مرتين في( ب).
338 أخرجه البخاري :ك الحج ، باب 73 ح 1337.
339 البخاري :ك الاستسقاء ، باب 8 ح 1015. وراجع أطرافه عند الحديث رقم 932.
340 في (ج) تعال بالعين ، ولعل الصواب يقال بالياء على البناء للمجهول . والله أعلم.
341 سقطت كلمة حيض من (أ) ومن (ج)أيضا.
342 الموطأ (2/216 الزرقاني) وراجع صحيح البخاري ك فضل ليلة القدر باب 4 ح 2023.
343 انمسحت كلمة النذر من (أ).
344 صحيح البخاري في ك الهبة باب 17 ح رقم 2597 .
345 صحيح مسلم ، ك الطلاق ، باب 9 ، ح 1480.
346 سقطت الهاء والألف من (أ).
347 سقطت الدواة هنا في (ب) فمسحت الميم والهاء.
348 في (ج): ظهر.
349 فتح الباري (1/45).
350 في (أ) وفي(ج): بروح
351 رواه مسلم (16/57 النووي).
352 في (أ)وفي( ج): من.
353 في( ج): ساراه وهو خطأ.
354 حديث موضوع ، رواه أبو نعيم في الحلية (3/121) وابن الجوزي في الموضوعات 3/218). وراجع حكمه في السلسلة الضعيفة 10/212.
355 سقطت العين من( أ).
356 سقطت الباء الأولى من (ب).
357 راجع لذلك: تدريب الراوي 2/261.
358 أخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء (90) وفي إسناده حسين بن عبد الله بن ضميرة وقد اتفقوا على تركه . وقال أبو حاتم : متروك الحديث كذاب. وللحديث شواهد ضعف مفرداتها شيخنا الألباني في السلسلة الضعيفة (4/382) و (8/315-316) وحسنها بمجموعها في صحيح الجامع 6678.(1/202)
359 رواه أبو داود (ك الخراج والإمارة والفيء ، باب 36 ح 3071) وإسناده مظلم. انظر تفصيل ذلك في إرواء الغليل 6/9-10. وأبان شيخنا هناك بأن ما في النسخة التي حققها الشيخ محمد محيى الدين عبد الحميد من زيادة الهمزة في (ما) والتي جعلها معكوفين واعتمدت في الطبعة الأخيرة - خطأ.
360 ما أثبتناه من (ب) وفي الأخريين بني بسقوط الألف.
361 في (ج): جواهم بالجيم.
362 أعاد في (أ) هنا الخمسة أبيات السابقة من قوله: أمية زوج سبيعة... ثم أضرب عليها إضرابا خفيفاجدا بحيث لا تزال مقروءة.
363 تدريب الراوي (2/249-253).
364 التقريب مع شرحه تدريب الراوي(2/211-212).
365 صحيح البخاري 3651 ، صحيح مسلم 2533.
366 صحيح البخاري 3651 ، صحيح مسلم 2533.
367 صحيح البخاري 3673 ، صحيح مسلم 2541.
368 انظر : العقيدة الواسطية بشرح الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين (2/233-234).
369 العقيدة الواسطية 2/246. وراجع أيضا العواصم من القواصم للقاضي أبي بكر بن العربي.
370 راجع هذين البيتين في فتح المغيث للسخاوي (4/102 هامش) .
371 قواعد التحديث ، ص 73-74.
372 صحيح البخاري :ك فضائل الصحابة ، باب31 ح3654 ، صحيح مسلم ، ك فضائل الصحابة ، باب 1 ح 2382.
373 صحيح البخاري :ك الزكاة ، باب 1 ح 1455 ، صحيح مسلم :ك الإيمان ، باب 1 ح 20.
374 مسند أحمد (17410) ، سنن الترمذي ، ك المناقب ، باب 52 ح 3706 عن عقبة بن عامر. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان . قلت: وهو مقبول كما في التقريب 6679. وله شاهد من حديث عصمة بن مالك عند الطبراني . وحسنه شيخنا في صحيح الجامع 5284 . وراجع له أيضا السلسلة الصحيحة 327.
375 صحيح البخاري :ك العلم ، باب 22 ح 82 ، صحيح مسلم :ك فضائل الصحابة ، باب 2 ح6084.
376 صحيح البخاري :ك أحاديث الأنبياء ، باب 52 ح 3469 ، صحيح مسلم :ك فضائل الصحابة ، باب 48 ح 2398.(1/203)
377 صحيح من حديث حذيفة وابن مسعود ، أخرجه الترمذي :ك المناقب ، باب 35 ح 3682 ، وابن ماجه ، ك السنة ، باب 11 ح 98. وهو في صحيح الجامع 1143 ، 1144 والسلسلة الصحيحة 1233.
378 صحيح البخاري :ك المغازي ، باب 84 ح 4454.
379 صحيح البخاري :ك الزكاة ، باب 1 ح 1455 ، صحيح مسلم :ك الإيمان ، باب 1 ح 20.
380 صحيح البخاري :ك الجزية والموادعة ، باب 18 ح 3182 ، صحيح مسلم :ك الجهاد والسير ، باب 36 ح 1785.
381 صحيح البخاري :ك فضائل الصحابة ، باب31 ح3654 ، صحيح مسلم ، ك فضائل الصحابة ، باب 1 ح 2382.
382 صحيح ، أخرجه أبو داود في ك الوتر ، باب الاستغفار ، ح 1521 والترمذي في ك الصلاة ، باب ما جاء في الصلاة عند التوبة ، ح 406 وهو في صحيح أبي داود 1/283.
383 منهاج الاعتدال ص 493-494.
384 نخبة الفكر ، (ص90).
385 سقطت الهاء والميم من(ب).
386 نخبة الفكر ، ص90 .
387 هو أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الله بن عتبة مسعود الهذلي المدني الضرير. ولد في آخر خلافة عمر، ولازم ابن عباس وتعلم منه، وأخذ عن أبي هريرة وأبي سعيد وعائشة وغيرهم. وهو معلم عمر بن عبد العزيز. وكان مع إمامته في الحديث والفقه بارعا في الشعر مقدما فيه حتى قال ابن عبد البر: لم يكن بعد الصحابة إلى يومنا هذا فيما علمت فقيه أشعر منه، ولا أشعر أفقه منه. توفي سنة 98هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/475) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/250) وطبقات المحدثين للصالحي (1/153) وطبقات الفقهاء للشيرازي ص 60 وتهذيب التهذيب (7/23).(1/204)
388 هو أبو عبد الله عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي المدني. وأمه هي أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. ولد سنة 23هـ، ولازم خالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأخذ عنها علما كثيرا. وكان عالما بالسيرة النبوية، فقيها كثير الحديث. وكان يصوم الدهر ما عدا يومي الفطر، ويقرأ كل يوم ربع القرآن، ويقوم به الليل. توفي صائما سنة 94هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/434) والطبقات الكبرى لابن سعد (5م119) وطبقات المحدثين للصالحي (1/124) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/178) وتهذيب التهذيب لابن حجر (7/180).
389 هو أبو عبد الرحمن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. ولد في خلافة علي وتربى في حجر عمته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وأخذ عنها الفقه، وأكثر الرواية عنها. وكان صموتا، ورعا، عابدا، مواظبا على الفقه والأدب. ذهب بصره في آخر عمره، وتوفي سنة 106هـ بين مكة والمدينة حاجا أو معتمرا. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/53) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/187) وشذرات الذهب (1/135) والثقات لابن حبان (5/302).
390 هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب المخزومي القرشي، ولد سنة 14هـ. وكان من سادات التابعين. جمع بين الفقه والحديث والزهد والعبادة. وقد أكثر الرواية عن صهره أبي هريرة. وذكر عنه أنه حج أربعين حجة، وأنه ما فاتته تكبيرة الإحرام منذ خمسين سنة. وقيل إنه صلى الصبح بوضوء العشاء خمسين سنة. توفي بالمدينة سنة 94هـ. راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/218) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/119) وطبقات المحدثين للصالحي (1/112) وإعجام الأعلام 124.(1/205)
391 هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة القرشي المخزومي. وقيل اسمه محمد. ولد في خلافة عمر ( واستصغر هو وعروة يوم الجمل. وقد أخذ العلم عن والده وعن عمار بن ياسر وأبي مسعود البدري وأبي هريرة وعائشة وأسماء بنت عميس وغيرهم. ولقب براهب قريش لكثرة صلاته وصيامه، وكان من الأسخياء. توفي سنة 94هـ وتسمى سنة الفقهاء لكثرة من توفي منهم فيها. راجع ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/416) والطبقات لخليفة بن خياط ص 245 ونكت الهميان لابن أيبك الصفدي ص 131 وطبقات علماء الأمصار للصالحي (1/127).
392 هو أبو أيوب سليمان بن يسار مولى ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنها، وكان مكاتبا لها. ولد 34هـ. أخذ الحديث عن جلة من الصحابة منهم زيد بن ثابت وابن عباس وأبي هريرة وجابر وابن عمر وعائشة. وقد شهد له مالك بأنه أعلم أهل المدينة بالسنن. توفي سنة 107هـ. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/444) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/174) وطبقات المحدثين للصالحي (1/161) ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان ص 64 وطبقات الحفاظ للسيوطي ص 42.
393 هو أبو زيد خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري النجاري المدني. وأمه أم سعد جميلة بنت سعد بن الربيع أحد النقباء. ولد سنة 30هـ فأدرك عثمان بن عفان، وروى عن أبيه وأمه وعن أسامة بن زيد وسهل بن سعد وغيرهم. قال عنه ابن حبان: كان من فقهاء المدينة وعقلائهم، وعباد التابعين وعلمائهم. توفي سنة 100هـ في خلافة عمر بن عبد العزيز. انظر ترجمته في سير أعلام النبلاء (4/438) والطبقات الكبرى لابن سعد (5/262) وتذكرة الحفاظ (1/91).
394 التقريب مع شرحه التدريب 2/241.
395 انظر: ضوابط الجرح والتعديل للدكتور عبد العزيز اللعبد اللطيف رحمه الله ص10-11.
396 الكفاية في فن الرواية ص 43.
397 سير أعلام النبلاء 13/228. وراجع: فتح المغيث للسخاوي 4/361.
398 مقدمة صحيح مسلم 1/28.(1/206)
399 كتاب المجروحين لابن حبان 2/15.
400 سقطت الفاء من (أ)و(ج).
401 وردت كلمة الأفراد في (أ) مكررة.
402 في (ج) قردان بالقاف وهو تصحيف.
403 العنوان غير موجود في النسخ، وإنما زدناه توضيحا.
404 أكثر هذا البيت غير مقروء في (أ) لأنه ممسوح.
405 ورد في (ب) بزيادة الألف بعد الواو وهو خطأ.
406 التقييد والإيضاح ، ص 335 .
407 فتح المغيث للسخاوي (4/201) .
408 السنن الكبرى للبيهقي 4/105.
409 شرح الألفية ص252.
410 ورد في (أ) بزيادة الألف بعد الواو وهوخطأ.
411 انظر: فتح المغيث للسخاوي 4/277.
412 تقريب التهذيب رقم 7985. وهناك رابع اسمه الحسين الباجدائي السلمي مولاهم ، ترجم له الحافظ أيضا في التقريب برقم 1339 وبرقم 7986 .
413 في (ج) النبو ذ كي بالنون وهو خطأ.
414 تدريب الراوي 2/326.
415 المصدر السابق 2/326.
416 المصدر نفسه 2/328.
417 سقطت الظاء من (أ)
418 المقدمة مع التقييد ص381.
419 كذا في جميع النسخ ، ولعل صوابه ثمان بدون تنوين.
420 سقط إحدى الميمين من(ج).
421 في (ب) والمدغم.
422 في (أ) بزيادة الميم بعد السين.
423 في (ب) فابن عبد الله.
424 (التبصرة والتذكرة شرح ألفية العراقي 3/150)
425 سقط من (أ) الحرفان الأولان من قدامة.
426 تحرفت في (ج) إلى جازم.
427 في (أ) و(ج): وابن القرقة.
428 في (ب): وابن
429 تدريب الراوي (2/310).
430 سقط هذا البيت من (أ) واستدرك في أيمن الصفحة.
431 انمحت هذه الكلمة من (أ).
432 سقط "ابن" من (ب).
433 تحرفت في (أ) و (ج) إلى شريح كالأولى.
434 تحرفت في (ج) إلى السيان.
435 في (أ) و (ج): الأقسام.
436 في (أ) : عن
437 هذا البيت غير موجود في (أ). واستدرك في (ج) من أيسر الصفحة.
438 استدرك هذا البيت في (ج) من أيمن الصفحة وكذلك الحال في (أ).
439 تدريب الراوي (2/389-394).
440 تدريب الراوي (2/291).
441 سقطت إحدى التاءين من (ج)
442 تحرفت في (أ) و (ج) إلى وكنهم.(1/207)
443 في (ج) : بكتبها. وسقطت "على" التي بعده.وفي (أ) "مع" بدل "على".
444 رواه البخاري في ك الشهادات باب 9 ح رقم 2652.
445 فتح المغيث للسخاوي 4/405.
446 صحيح البخاري (رقم 6761)
447 صحيح مسلم (رقم 817)
448 اختصار علوم الحديث الحديث ص 247 مع الشرح.
449 رواه مسلم برقم (8)
450 رواه أحمد (2/361) وأصحاب السنن (أبو داود 83 والترمذي 69 والنسائي 59 وابن ماجه 386-388) وصححه البخاري كما حكاه عنه الترمذي (1/47)وقد صححه أيضا جمع من الأئمة . راجع المحرر في الحديث للحافظ محمد بن أحمد بن عبد الهادي (1/81-82) والسلسلة الصحيحة 480.
451 أخرجه البخاري في كتاب الأذان باب 10 وفي ك الإستئذان باب 79 ومسلم في ك الصلاة حديث رقم 397.
452 أخرجه أحمد (6/80) والترمذي (3/376) والنسائي (7/223) وابن ماجه (2/754) .
453 البخاري ك التعبير ح 6982
454 ضعيف جدا ، أخرجه الطبراني وعنه أبو نعيم في الحلية (9/303) وفيه عمرو بن واقد وهو متروك. راجع : السلسلة الضعيفة 7/357-358.
455 رواه الترمذي وحسنه وابن ماجه 1/117
456 رواه أبو داود (1/192) والنسائي (1/116) ومعناه عند البخاري في ك الأطعمة برقم 5408
457 صحيح البخاري :ك الطهارة ، باب 25 ح 387 ، صحيح مسلم :ك الطهارة ، باب 22 ح 272.
458 رواه مسلم :ك الطهارة باب 25 ح 277.
459 رواه أحمد (4/311) وأبو داود (برقم 4147) بذكر التاريخ ، والترمذي (2/222) والنسائي (2/192) وابن ماجه (2/1194) وقد حسنه البيهقي (1/18) وصححه شيخنا في إرواء الغليل (1/76)وفيه تعرف كيفية التوفيق بينه وبين حديث "أيما إهاب دبغ فقد طهر".
460 أخرجه مسلم :ك الزهد والرقائق ، باب 17 ح 3004.
461 راجع مثلا : صحيح البخاري : أرقام 112 ، 2434 و 6880 ، صحيح مسلم :ك الحج با 28 ح 1353.
462 سقطت النون في (أ) من هذه الكلمة.(1/208)
463 زيدت همزة هنا في (ب) فصارت "إقبال".كما سقطت الأبيات الثلاثة التالية من (أ) فاستدركت في أيمن الصفحة.
464 في (أ) و(ج): والخط.
465 في (أ)و(ج): اتصال
466 في(أ) و(ج): وكنية
467 ورد في (أ) و(ج): حاشية..خاتمة بدون الضمير.
468 سقطت الواو هنا من (ج).
469 صحيح البخاري :ك العلم ، باب 18 ح 77.
470 تدريب الراوي (2/6) .
471 في (أ) و(ج): مع
472 المحلى بالآثار لابن حزم (9/71).
473 فتح الباري (10/51) وتغليق التعليق (5/17) وعلوم الحديث ص 156 والتقييد والإيضاح ص91.
474 في (ج): شقت بالمعجمة.
475 في (ب): رووا
476 سبق تخريجه في ص 58.
477 صحيح البخاري :ك الوضوء ، باب 79 ح 247 ، صحيح مسلم :ك الذكر والدعاء ، باب 17 ح 2710. وراجع: فتح الباري (11/113) وصحيح مسلم بشرح النووي (4/2081)
478 في (ب): بدون تعريف.
479 سها قلم الناسخ في (أ) فكتب أرجهحم.
480 كذا في جميع النسخ بالياء بدل التاء وهو جائز.
481 في(أ) و (ج):ما ينفرد الطالب به.
482 في (ب): وكثرة
483 في (ب):الحاجات
484 صحيح البخاري :ك العلم ، باب 50.
485 المصدر السابق
486 في (أ): مع
487 في(أ): هذا البيت ملحق في(أ) بالحاشية اليمنى.
488 في(أ): وفي البراري.
489 في (أ): الجهال
490 تدريب الراوي (2/156-157)
491 الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع" (ص29-34)
492 راجع : الجواهر والدرر (1/307-308). والأبياري في نيل الأماني (ص87) وأبو محمد عبد الحق الهاشمي في المجموعة الثالثة من رسائله (ص 37-40).
493 قصص لا تثبت" (3/151-169)
494 انظر أيضا: ميزان الاعتدال (4/280) ولسان الميزان (6/175).
??
??
??
??
مصباح الراوي للشيخ عبد الله بن فودي 12
مصباح الراوي للشيخ عبد الله بن فودي 13(1/209)