- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 1 :
صفحة 1 / الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة للامام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن الذهبي الدمشقي ولد سنة 673 - وتوفي سنة 748 ه وحاشيته للامام برهان الدين أبي الوفاء إبراهيم بن محمد سبط ابن العجمي الحلبي ولد سنة 753 - وتوفي سنة 841 ه رحمهما الله تعالى قابلهما بأصل مؤلفيهما وقدم لهما وعلق عليهما وخرج نصوصهما محمد عوامة أحمد محمد نمر الخطيب دار القبلة للثقافة الاسلامية مؤسسة علوم القرآن جدة حقوق الطبع محفوظة الطبعة الاولى 1413 - 1992 دار القبلة للثقافة الاسلامية مؤسسة علوم القرآن المملكة العربية السعودية - جدة ص . ب : 10932 . الرمز : 21442 - ت : 6652406 - 6659951 . فاكس : 6659476 .
/ صفحة 1 /
دراسات بين يدي " الكاشف " للذهبي و " حاشيته " لسبط ابن العجمي بقلم محمد عوامة / صفحة 3 /(1/1)
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين على وافر نعمه وجزيل آلائه ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم . رسل الله وأنبيائه ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم باحسان إلى يوم الدين . أما بعد : فهذه دراسات موجزة حينا ، ومطولة حينا آخر ، بين يدي كتاب " الكاشف " للامام الحافظ الناقد شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الدمشقي الشافعي ( 673 - 748 ) رحمه الله تعالى ، متوجا ومتمما بحاشية الامام الحافظ الرحلة برهان الدين أبي الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي الحلبي الشافعي ( 753 - 841 ) رحمه الله تعالى . وأركان الدراسات ثلاثة : الركن الاول : دراسة عن " الكاشف " ص 5 - 88 . الركن الثاني : دراسة عن " الحاشية " ومؤلفها ص 89 - 147 . الركن الثالث : خدمتنا للكتابين ص 149 - 170 . والله أسال من فضله الكريم أن يمن علي بالاخلاص والسداد والقبول ، إنه كريم جواد . وكتبه محمد عوامة / صفحة 5 / جوانب الركن الاول : دراسة " الكاشف " بين يدي الدراسات 1 - مكانة الكتاب وبعض فوائده 2 - منهج الامام الذهبي في " الكاشف " 3 - ألفاظ الجرح والتعديل في " الكاشف " 4 - أحكام الذهبي في " الكاشف " خاصة 5 - رموز " الكاشف " 6 - النسخة الاصل وسماعاتها / صفحة 7 / بين يدي الدراسات أستهل هذه الدراسات بمثل ما استهللت به مقدمة دراسة " تقريب التهذيب " ، و ذلك بالاعتذار عن كتابة ترجمة للامام الذهبي رحمه الذهبي رحمه الله تعالى ، لكثرة ما كتب عنه في مقدمات كتبه المطبوعة ، وأهمها الدراسة العلمية الجادة الضافية التي كتبها المحقق الدكتور بشار عواد معروف ، في كتابه " الذهبي ومنهجه في كتابه تاريخ الاسلام " جزاه لله خيرا ، وكان طبعه بالقاهرة سنة 1976 ، في مجلد : 540 صفحة مع الفهارس .(1/2)
وأتم ابحث والدراسة ب " صفحات في ترجمة الحافظ الذهبي " الاخ الباحث الموفق الاستاذ قاسم علي سعد ، وطبعها في أربعين صفحة مع الفهرس ، استدرك فيها نحواسم أربعين كتابا لم يذكرها الدكتور بشار ، زاده الله توفيقا . وزادني الاخ الكريم الاستاذ مجد مكي سلمه الله أسماء ثمانية كتب أخرى ، وقف عليها أثناء دراسته ل " سير أعلام النبلاء " ، وها هي ذي أسماوها وتعليقي على بعضها ، لاستكما الفائدة : 1 - " مسائل في طلب العلم وأقسامه " ، وهي إحدى الرسائل الست التي طبعها الاستاذ جاسم سليمان الدوسري ، وكلها للذهبي رحمه الله . 2 - مختصر الجهر بالبسملة لابي شامة . منه نسخة ضمن مجموع رقمه 55 بظاهرية دمشق ، وهو المجموع الذي فيه مختصره الآخر لكتاب الخطيب البغدادي الذي ذكره الدكتور بشار عواد في كتابه ص 226 . وهو مطبوع ضمن الرسائل الست أيضا . 3 - ترجم التقي الفاسي للذهبي في ذيله على " سير أعلام النبلاء " الذي أسماه " تعريف أهل العلا " وذكر بعض مصنفاته ، ومنها : " صحيفة نظيفة من حديث أبي حنيفة " 31 / ب . 4 - قال المصنف في " المعجم المختص " ص 259 ترجمة محمد بن محمد بن عيسى البعلي : " خرجت له جزاءا " . 5 - وقال في " السيرة " 20 : 557 في ترجمة الامام ابن عساكر بعد ذكر جماعة من أصحابه : " وقد روى لشيوخي نحو من أربعين نفسا من أصحاب الحافظ - ابن عساكر - أفردت لهم جزء " . 6 - " فوائد الرحلة " نقل عنه السخاوي في " فتح المغيث " 1 : 181 . قلت : والقصة التي نقلها السخاوي مصدره فيها شيخه ابن حجر في " طبقات المدلسين " ترجمة سفيان بن عيينة ، عن المصدر المذكور . 7 - وقال المصنف في " السيبر " 11 : 364 ترجمة الامام ابن راهويه : " إن النفاق يتبعض ويتشعب ، كما أن الايمان ذ شعب ويزيد وينقص . .(1/3)
أما من كان في قلبه شك من الايمان بالله ورسوله : فهذا ليس بمسلم ، وهو من أصحاب النار ، كما أن من في قلبه جزم بالايمان بالله ورسله وملائكته وكتبه وبالمعاد - وإن اقتحم الكبائر - فانه ليس بكافر . وهذه مسالة جليلة . . . ، جمع فيها الامام أبو العباس شيخنا مجلدا حافلا ، قد اختصرته " . واستدراك الاخ الاستاذ د
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 7 :(1/4)
مكي لهذا المؤلف صحيح ، أما كلام محقق هذا المجلد من " السير " في التعليق : فغير صحيح . ذلك أنه قال : يريد " منهاج السنة " ومختصره للذهبي " المنتقى من منهاج الاعتدال " الذي طبعه الاستاذ محب الدين الخطيب . / صفحة 8 / ومعلوم أن " منهاج السنة " رد على الرافضي وقبيله ، ولا علاقة له بهذه المسالة التي أشار إليها الذهبي أبدا ، إنما يريد - والله أعلم - كتاب " الايمان " لابن تيمية رحمه الله ، يكون للذهبي كتاب " مختصر كتاب الايمان " ، والله أعلم باسمه وبحقيقة الامر . 8 - " فضل العلم " للذهبي ، نقل عنه الامام مرتضى الزبيدي رحمه الله في " شرح الاحياء " 1 : 74 ، 79 ، 82 . قلت : أما النقل عن الذهبي 1 : 79 ، 82 : فمسلم ، والله أعلم من أي كتاب له ، لكن النقل الاول 1 : 74 يه تحريف ، صوابه : " فضل العلم " للمرهبي ، كما جاء في غير مصدر ، وتحرف في " فيض القدير " إلى : الموهبي ، وسيأتي نقل عن المرهبي في " شرح الاحياء " نفسه 1 : 107 ، ويسمى فيه على الصواب . 1 - مكانة الكتاب وبعض فوائده 1 - إن كتاب " الكاشف " أحد الكتب التي دبجتها يراعة الامام الحافظ الناقد الذهبي ، وكان فراغه من تأليفه في السابع والعشرين من شهر رمضان عام 720 ه ، وذلك بعد حوالي عام من فراغه من " تذهيب ويكفي " الكاشف " أنه من مصنفات هذا الامام ، لا سيما أن تأليفه له كان بعد اكتماله في هذا الفن ، فقد ألفه وله من العمر سبع وأربعون سنة ، وسبقه قليلا تأليفه " تهذيب التهذيب " كما تقدم ، وألف في العام نفسه " المغني في الضعفاء " . ويكفيه أن مصنفه الامام قال عنه في مقدمته : " هذا مختصر نافع . . " . و " الكاشف " هوو الكتاب الرابع المتفرع عن الكتاب الاول " الكمال في أسماء الرجال " للامام الحافظ عبد الغني المقدسي ، المتوفى سنة 600 ، رحمه الله تعالى .(1/5)
ويلي كتاب " الكمال : " تهذيب الكمال " للامام الاحافظ أبي الحجاج المزي المتوفى سنة 742 رحمه الله تعالى . فهو الثاني . ويليه : " تهذيب تهذيب الكمال " للمصنف الذهبي . فهو الثالث . وياتي من بعده : " الكاشف " رابع هذه السلسلة . ويساويه في التسلسل : " خلاصة تذهيب تهذيب الكمال " للخزرجي المتوفى بعد سنة 923 . كما ترفع عن " تهذيب الكمال " صنوك " " التهذيب " ، هو " تهذيب التهذيب " للحافظ ابن حجر ، المتوفى سنة 852 رحمه الله تعالى . وترع عن " تهذيب التهذيب " : " تقريب التهذيب " لابن حجر نفسه . فتكون هذه الكتب الثلاثة بمرتبة واحدة في التسلسل ، وهي : " الكاشف " ، و " التقريب " ، " الخلاصة " . 2 - مكانة الكتاب : إن " الكاشف " كتاب تقتحمه العين من صغر حجمه إذا ما قيس بالكتب الكبيرة في هذا العلم الشريف ، لكنه في حقيقته معلم مدرب ، ومحرر معتمد . وللحقيقة والانصاف أقول : إنه كتاب دربة وتعليم وتاسيس ، أكثر من كونه مرجعا لحكم نهائي في / صفحة 9 / الجرح والتعديل ، وأما " التقريب " فهو على خلاف ذلك ، ، هو مرجع لاخذ خلاصة في الجرح والتعديل أكثر منه مدربا معلما . ولا ريب أن الرجوع إلى الكتابين معا خير ما يسلكه المبتدئ في هذا العلم . قال تاج الدين السبكي رحمه الله تعالى في " طبقاته الكبرى " 9 : 100 وهو يعدد مصنافت شيخه الذهبي : " و " الكاشف " ، وهو مجلد نفيس " . وهذا ثناء من تلميذ ، لكنه ناقد إمام ، وخبير بالكتاب ، وسيرى القارئ الكريم في آخر هذه الدراسات - إن شاء الله تعالى - تناول التاج السبكي كتاب " الكاشف " من يد مؤلفه . ومما يدل على نفاسه : اعتناء العلماء بسماعه من مؤلفه ، وقراءتهم له عليه ، ونسخهم منه نسخا ، واختصره بعضهم ، وذيل عليه آخر ، وعمل بعضهم عليه " حاشية " و " نكتا " فهذه خمسة أعمال علمية .(1/6)
وهاكم البيان : - لقد حفلت الصفحة الاولى والاخيرة من نسخة المصنف بوثاثق السماع والقراءة على مصنفه ، والمناولة منه ، لعدد غير قليل من العلماء الكبار ، وفيها إشعار باستنساخ بعضهم نسخا عنه ، ومنهم من نسخه ثلاث مرات ، وسيرى القارئ الكريم ذلك مبينا آخر هذه الدراسات ، فلا أتعجل ببيانها الآن . ونسخه عليماء ، قرئ على علماء ، ويكرر الحافظ البرهان سبط ابن العجمي في " حاشيته " النقل عن نسخة قرئت على الامام الحافظ ابن رافع السلامي . واعتقادي أنه لا تخلو مكتبة من مكتبات المخطوطات من نسخة ، أو نسخ ، أو عشرات النسخ ، من هذا الكتاب ، ولقد تيسر لي منه ست نسخ خطية دون تعمد ولا تكلف للصول عليها . - ولكونه كتابا مختصرا لم تتوفر جهود العلماء على اختصاره ، إلا واحدا منهم هوو أبو عبد الله محمد بن منصور الاصبحي الحنفي المتوفى سنة 793 ، فانه لخصه ، ومن تلخيصه مصورة محفوظة بين مخطوطات الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة ، حت رقم 1701 ، في 156 ورقة . - وهذه " حاشية " الامام برهان الدين سبط ابن العجمي ، تقدم الآن إلى القراء ، وأسال الله التوفيق والنفع بها .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 9 :(1/7)
بها . - وللحافظ ابن حجر " النكت على الكاشف " ، ذكر ذلك تلميذاه النجم ابن فهد المتوفى سنة 885 رحمه الله تعالى ، في " معجم الشيوخ " ص 56 ، والسخاوي المتوفى سنة 902 رحمه الله تعالى ، في " الضوء اللامع " 1 : 251 كلاهما في ترجمة شهاب الدين أحمد بن أبي بكر البوصيري المتوفي سنة 840 ، قالا : إنه لازم ابن حجر وكتب عنه كتابه " لسان الميزان " و " النكت على الكاشف " ، ولم أقف على خبره بعد . ولا أستطيع المقارنة بين هذه " الكنت " و " الحاشية " ، لعدم وقوفي على " النكت " ، لكني أقدر أن طابع النقد يغلب على " النكتب " ، لان ابن حجر كان ينظر إلى " الكاشف " أن فيه " الاحجاف " ( 1 ) ، وأن " تراجمه كالعنوان " ( 2 ) . - وقد طبع عام 1406 " ذيل الكاشف " للامام الحافظ ولي الدين أبي زرعة العراقي المتوفي سنة 826 رحمه الله تعالى ، لكنها طبعة سقيمة . / صفحة 10 / وقد جمع فيه مصنفه تراجم مختصرة على نمط تراجم " الكاشف " ، هي تراجم من ترك الذهبي ذكره عمدا من رجال تلك الكتب الزائدة على الستة الاصول ، وأضاف إليها تراجم رجال " المسند " للامام أحمد وزوائد ابنه عبد الله . ولولا هذه الاضافة لما كان من الكتاب جدوى . على أن الذهبي نفسه قد استدرك هذا الاستدراك ، فقد نسب إليه السخاوي في " الاعلان بالتوبيخ " ص 233 كتاب " أسماء من أخرج لهم أصحاب الكتب الستة في تواليفهم سواها ، ممن لم يذكرهم في الكاشف " ، فلا أدري ما وجه هذا الاستدراك ؟ . 3 - بعض فوائد " الكاشف " : هذا الشهرة والتداول ك " الكاشف " إنما يرجع إلى مزية واحدة رئيسية ، تليها مزية ثانية هي أقل وجودا من الاولى ، وهذا ما أردته بقولي السابق : إنه كتاب دربة وتعليم ، ثم كتاب جرح وتعديل . وبيان ذلك .(1/8)
1 - أننك تقرأ فيه تراجم رجال الكتب الستة الاصول ، ومع كل ترجمة ذكر أشهر شيوخ المترجم وتلامذته ، وكثيرا ما ينقل لك حال الرجل جرحا وتعديلا ، أو يعطيك من عنده خلاصة الاقوال فيه ، ثم يشير برمز موجز إلى من أخرج حديثه من أصحاب الكتب الستة . ورواة الكتب الستة هم أشهر رواة السنة ، فمن أكثر من النظر في تراجمهم فقد استفاد رسوخ أسمائهم في حافظته . ثم إن شيوخهم وتلامذتهم تداخلون في بعضهم بعضا ، فكثيرون جدا يروون عن بعضهم ، مما يسبب تكرار أسمائهم مئات المرات في الكتاب ، وقسم منهم يكون تكرارهم أقل وأقل . وهذا التكرار خير معين على حفظ أسماء هؤلاء الرواة ، مع تقريب طبقاتهم الزمنية ، ومعرفة الاتصال . بينهم وعدمه . وإن استحضار معاني هذا الفن لاسماء رجاله مع تقريب الطبقة الزمنية ، ومعرفة الاتصال وعدمه : هو إولي لوازمه الاساسية . 2 - حكايته أقوال الجرح والتعديل عن أصحابها ، مما ينمي ملكة هذا العلم في القارئ ، ويورثه فهمها ، وإذا كان في الرجل الواحد جرح وتعديل في أن واحد ، اكتسب القارئ معرفة النتيجة التي يخلص إليها من جراء هذا التعارض . وحينما يعطيك المصنف كلمة واحدة من عنده في الرجل ، تعلم أن هذا هو القول المعتمد عنده ، فإذا رجعت إلى أصوله ، أمكنك أن تفسر الاقوال المتعارضة على ضوء ما اختاره لك . ويزيد القارئ إفادة باخبار ثانوية عن المترجم : عبادته وتقواه ، وعلمه وخلقه ، مما يعطي صورة عنه أتم وأوفي . ياتي بعد قليل إن شاء الله تعالى تفصيل ذلك في الحديث عن منهجه . / صفحة 11 / ولكن مما لا بد منه تحت هذا العنوان - بعض فوائده - : التنبيه إلى عدد يسير من فوائده العابرة مما تحتمله ذه الدراسة ، وأثر منها عددا ما يجده المتتبع في التعليقات تصريحا أو إشارة .(1/9)
ومن المعلوم : أن المترصد لحاجة ما يعتبرها فائدة غالية عليه حينما يقف عليها ، في حين أن القارئ غير المترصد لها يمر بها وهو لا يشعر لها بقيمة ، فما أذكره ، وما لا أذكره - لكني أقدر أنه فائدة - قد لا يروق عند قارئ آخر ولا يراه فائدة . فهي أمور نسبية . فمن فوائده : 1 - تنبيهه إلى عدد من الرواة قد روى لهم مسلم في " صحيحة " وفيهم كلام وجرح : أن مسلما روى لهم متابعة ، وهؤلاء يتسامح معهم في الرواية بما لا يتسامح في الرواية عنهم في الاصول . فمنهم سليمان بن قرم ، وصالح بن رستم الخزاز ، وعبد العزيز بن المطلب بن حنطب ، ولم ينبه المزي ولا بان حجر إلى شئ من هذا . 2 - وترجم المزي لعروة المزني الذي بروي عن عائشة رضي الله عنها ، ورمز له : دت ق ، وتبعه المصنف في " التهذيب " 3 : 141 / آ ، وابن حجر في كتابيه : " التهذيب " و " التقريب " ، لكنه اقتصر هنا على : دت ، وهو الصواب ، ذلك أنه جاء في رواية ابن ماجه 1 : 168 ( 502 ) منسوبا : عروة بن الزبير ، والمزني غيره . واستمرارا على هذا الستنبه والدقة ، فانه لم يترجم لعروة بن الزبير في كتابه " المجرد " ، لانه لا ينفق مع شرطه فيه ، ولا لعروة المزني ، لانه ليس له ذكر فيه .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 11 :(1/10)
- وقال في ترجمة ممطور الحبشي : " روى عنه الاوزاعي ، وما أراه لقيه ، وقال أبو مسهر : سمع من عبادة بن الصامت ، وغالب راياته مرسلة ، ولذا ما أخرج له البخاري " . أما قوله عن الاوزاعي : " ما أراه لقيه " : فمن فوائد هذا الكتاب النادرة . وأما كلمة أبي مسهر : فمن زيادات المصنف في " تذهيبه " 4 : 69 / آ ، وليست عند المزي ولا ابن حجر . وأما قوله : " غالب رواياته مرسلة " : فيلتقي من حيث الجملة بما في التهذيبين ، لكن أفادنا بتعليله " لذا ما أخرج له البخاري " : ما هو سبب إعراض البخاري عن الرواية له ، وأفادنا أن البخاري قد يعرض عن حديث الرجل لا لعلة ذاتية ، بل لامر خارجي عن ذاته ، لا يؤثر فيه جرحا وضعفا ، إذ الاكثار من الروايات المرسلة لا يؤثر في عدالة الرجل ولا في ضبطه . 4 - وقال في ترجمة صلة بن زفر العبسي أحد شيوخ أيوب السختياني : " قيل : توفي زمن مصعب ، فعلى هذا لم يلقه أيوب " . وها التنبيه من فوائد الكتاب النادرة أيضا . إلى أمثلة أخرى يجدها المتتبع للكتاب . ومما شاع على ألسته أهل العلم : لا يغني كتاب عن كتاب . * * * / صفحة 12 / وقبل النقلة إلى دراسة منهج الكتاب ، أرى من الماسب أن أعرض لامر اختلفت فيه عبارات من ذكر " الكاشف " ، وهو : هل " الكاشف " مختصر من " تهذيب الكمال " مباشرة ، أو من " تذهيب تذهيب الكمال " . قال المصنف رحمه الله في عنوان الكتاب : " كتاب الكاشف ي معرفة م له رواية في الكتب الستة . اقتضبه محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي من تهذيب الكمال " . ثم قال في مقدمته : " هذا مختصر نافع . . . متضب من تهذيب الكمال " . ومن هنا قال الحافظ في مقدمة " تهذيبه " 1 : 3 وهو يثني على " تهذيب الكمال " : " هو الذي الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه . . . ، ولكن قصت الهمم عن تحصيله لطوله ، فاقتصر بعض الناس على الكشف من " الكاشف " الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي " .(1/11)
أما غيره من العلماء فكلامهم متجه إلى أن " الكاشف " مختصر من " تذهيب التهذيب " . قال ذلك الصلاح الصفدي في " الوافي " 2 : 164 - على احتمال فيه - والتاج السبكي في " طبقاته الكبرى " 9 : 104 ، وابن العماد في " شذرات الذهب " 6 : 155 ، والبرهان سبط ابن العجمي في مقدمة " نهاية السول ، ولفظه المقصود منه : " كتاب التذهيب للحافظ أبي عبد الله الذهبي . . . ، وكتاب " الكاشف " مختصره . . . " . ومنهم السيوطي - رحمهم الله جميعا - في " ذيل تذكرة الفاظ " ص 348 قال وهو يعدد مصنفات الذهبي : " ومختصر " تهذيب الكمال " و " الكاشف " مختصر ذلك " . فهؤلاء خمسة من العلماء السابقين يقولون : إن " الكاشف " مختصر من " التذهيب " . والامر أبسط من أن يحتاج إلى عرض المشكلة ثم حلها ، فهو أيسر من ذلك ، غاية ما في الامر أن المصنف قال : إنه مقتضب من " تهذيب الكمال " باعتبار الاصل الاول ، ومن قال : إنه مقتضب من " تذهيبه " فقد لا حظ الواقع والتسلسل الصنيفي ، فكتاب المزي أصل الكتابين ، وهما مختصارن منه ، " الكاشف " جاء اختصارا ثانيا بعد " التذهيب " فهو فرع عنه . وقد لا حظت في أكثر من موضع أن الوهم يحصل للمصنففي الكتابين معا ، فكنت أعلق على هذه الظاهرة بان المصنف استخرج " الكاشف " واستخلصه من " التذهيب " ( 1 ) . وقد جزم الدكتور بشار عواد في كتابه عن " الذهبي " ص 228 ، ومقدمة " تهذيب الكمال " ص 54 بان " الكاشف " مختصر من كتاب المزي ، ووهم من قال خلاف ذلك ، محتجا بقول الذهبي الذي قدمته ، و ب " أن " الكاشف " اقتصر على رجال الستة ، في حين كان " التذهيب " كاصله ، قد شمل رجال الكتب الستة وغيرها من التواليف " .(1/12)
قلت : أما احتجاجه بتصريح الذهبي : فلا خلاف فيه ، وأما احتجاجه بان " الكاشف " اقتصر على رجال الست ، ، وأن " التذهيب " فيه زيادة ، وبناء على هذا فلا يصح أن يكون الكاشف " مختصرا من " التذهيب " : فكلام غريب ! إذا كان هذا الفارق بين الكتابين سببا لا ستبعاد اختصار الاول من الثاني ، فينبغي أن يستبعد أكثر وأكثر اختصار " الكاشف " من " تهذيب الكمال " والله أعلم . / صفحة 13 / 2 - منهج الامام الذهبي في " الكاشف " الحديث عن منهج الذهبي هنا يستدعي جعله في فقرتين رئيستين : آ - منهجه فيمن سيرتجم . ب - منهجه في الترجمة . آ - أما الفقرة الاولى : فالحديث عنها موضوعه : من الذين التزم الذهبي أن يترجم لهم في كتابه " الكاشف " ؟ وجوابه : قول المصنف رحمه الله في تسمية الكتاب وفي مقدمته ، قال : كتاب " الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة " . ثم قال في المقدمة : " هذا مختصر نافع . . اقتصرت فيه على ذكر من له رواية في الكتب - الستة - دون باقي تلك التواليف التي في " التهذيب " ، ودون من ذكر للتمييز ، أوكرر للتنبيه " . ثم ذكر الرموز الستة : خ ، م ، د ، ت ، ن ، ق ، ورمز ع للجماعة الستة ، ورمز 4 للسنن الاربعة .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 13 :(1/13)
فهذه مقومات منهجه : - رجال الكتب الستة . - الذينلهم رواية فيها . - مع حذف من له رواية في كتب أخرى سواها اعتمدها المزي . - وحذف من ذكر في " تهذيب الكمال " تمييزا . - وحذف من كرر في " التهذيب " أيضا للتنبيه على وهم فيه أو نحوه . فهذه خمسة مقومات . وأقول نتيجة عجلى : إنه وفى بالتزامه في الاكثر الاغلب ، وأخل به في الحالات النادرة . ولا بد من البيان . أولا - إن خلاصة المقومات الخمسة : أن المترجمين هم من رجال الكتب الستة ، لا زيادة ولا نقصان ، وإن كانت الزيادة - عرفا - مغتفرة أكثر من النقصان . وفي المقومات الثلاثة الاخيرة زيادة طفية لا تؤثر على المنهج ، لا سيما في فصوله الاخيرة : الكنى ، والانساب ، والالقاب ، فنراه يذكر من رمزه : بخ ، صد ، قد . / صفحة 14 / ويذكر فيها - وفي ثنايا القسم الاعظم من الكتاب وهو الاسماء - من ذكره المزي تمييزا ، أو يكرره تنبيها للاختلاف في اسمه ، مثل : أنس بن أبي أنس ، قال : " الاظهر أنه عمران بن أبي أنس " ، ونحو هذا التنبيه ، وهو - على فائدته - غير نار الامثلة . أما المقومان الاولان - رجال الكتب الستة لا الذين لهم رواية - : فيحتاجان إلى توضيح وتعليق . لا يخفى على الناظر في الكتب الستة طبيعة ما فيها من نقول : فيها الاحاديث المرفوعة ، والآثار الموقوفة ، والمقطوعة ، وفيها الجرح والتعديل . والاعلام المذكورون فيها : تارة يذكرون على أنهم رواة عن غيرهم ، وهذا هو الاكثر الاغلب ، وتارة يذرون على أنهم تروى عنهم أقوالهم وأفعالهم . فابوا هريرة رضي الله عنه يذكر تارة راويا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وتارة يذكر على أنه مروي عنه قول أو فعل . وشعبة ويحيى القطان وابن المدينز يذكرون رجالا في الاسناد يروون عن غيرهم ، وتارة تسند إليهم أقوال في الجرح والتعديل .(1/14)
والتفصيل الآن : إن الامام المزي - وأخصه بالذكر لانه هو واضع المنهج ، والمصنف وغيره متابعون له - : يترجم لمن روى أحاديث مرفوعة أو موقوفة أو مقطوعة ، باسناد متصل أو منقطع . وهاهنا أسئلة : 1 - هل من شرط المزي أن يترجم لرجال الاسناد المعلق المصرح باسمائهم ؟ 2 - وهل من شرطه أن يترجم لغير المصرح باسمائهم ؟ 3 - وهل على الذهبي أن بتابعه في شرطه الاول ؟ . 4 - وفي أي كتاب من الكتب الستة ورد هذا التعليق ؟ . 5 - وهل على المزي أن يترجم لمن روي عنهم قول أو فعل - باسناد أو غير إسناد - من طبقة التابعين فمن بعدهم ؟ 6 - وإذا روي عنهم شئ بغير إسناد فهل عليه أن يكشف عن سنده ثم يترجم لرجاله ؟ 7 - وهناك رجال يذرون في الاسناد أو المتن ذكرا ليس لهم رواية ، ولا عنهم رواية ، فهل عليه أن يترجم لهم ؟ . 1 - والجواب عن السؤال الاول : أنه لا يخفى على الناظر في " صحيح البخاري " و " سنن أبي داود " و " سنن الترمذي " أن فيها أحاديث معلقة ، وهي في البخاري أكثر من غيره ، أوصل الحافظ عددها إلى 1341 حديث وأغلبها موصول في الصحيح نفسه ، ولم يبق إلا 159 حديث أو 160 حديث - على اختلاف كلام الحافظ - غير موصولة فيه . انظر مقدمة الفتح " ص 477 س 6 ، 469 س 21 . كما لا يخفى على الناظر في " تهذيب الكمال " أن المزي ترجم لرجال معلقات البخاري ، وأفرد لهم رمزا خاصا بهم : خت ، وكان وجهة نظره في ذلك أنهم مذكورون بين دفتي " الجامع الصحيح " للبخاري ، / صفحة 15 / لكن لما كان شري البخاري فيهم دون شرطه فيمن يسند لهم مازهم برمز خاص . ومثل هذا يقال فيمن روى لهم سملم في مقدمة " صحيحة " ، فهم دون شرطه في صلب " الصحيح " ، كما بينته في دارسة " تقريب التهذيب " ص 49 ، وقد خصهم المزي برمز : مق ، كما هو معلوم . فخلاصة جواب السؤال الاول : نعم .(1/15)
ولوضوحه لا حاجة إلى الدليل عليه بذكر أمثلة لا 2 - أما جواب السؤال الثاني - وهو : هل من شرط المزي أن يترجم لغير المصرح باسمائهم - ، فاوضح السؤال أولا بالمثال ثم أذكر الجواب ، وأنقله مما قلته في دراسة " التقريب " ص 13 . المثال : هو قول البخاري رحمه الله تعالى - أول كتاب اليمان من " صحيحه " : " وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن عي : إن للايمان فرائض وشرائع . . . وقال معاذ : اجلس بنا نؤمن ساعة ، وقال ابن مسعود : اليقين : الايمان كله " . ولا ريب أن بين البخاري وعمر بن عبد العزيز ومعاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وسائط ورجلا ، فهل على المزي - ومن بعده - أن يترجم لهؤلاء الرجل ، فان كانت لهم تراجم - بسبب وجود رواية لهم في مناسبة أخرى - فهل عليه أن يرمز لهم " خت " ، علامة ت عليق البخاري لهم ؟ وجواب ذلك : أن المزي ترجم لبعضهم ولم يستوعب ، فكأنه لم يلتزم . فترجم لعبد الرحمن بن فروخ العدوي مولى عمر ، وأسند إليه من طريقه إنه قال : " اشترى نافع بن عبد الحارث من صفوان بن أمية دارا . . . "
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 15 :(1/16)
ثم قال المزي : " قال البخاري في " الصحيح " : واشترى نافع بن عبد الحارث ، فذكره " . يريد المزي : أن البخاري علق هذا الاثر ، وهو من رواية عبد الرحمن بن فروخ ، فلذا ترجم له ، والاثر في كتاب الخصومات ، باب الربط والحبس في الحرم 5 : 75 . ينظر تمام كلامي هناك ، ففيه أن المزي لم يلتزم ، وتبعه ابن حجر أولا ، ثم بدا له التزامه ، أو انظر " تهذيب التهذيب " آخر ترجمة عبد الرحمن بن فروخ . فمن لم يسم : ليس من شرط المزي ، وأما من سمي : فهو من شرطه ، وهم أصحاب السؤال الاول . والسؤال الثالث : هل على الذهبي أن بتابع المزي في شرطه الاول فيترجم لكل من علق البخاري له وصرح باسمه ؟ 3 - وجوابه : أني لا أستطيع الجزم بنفي أو إثبات ، لان المصنف لم يطرد فيه ، سلبا إو إيجابا ، ذلك أن المزي أفرد لهم رمزا خاصا بهم : خت ، وقد أهمل المصنف هذا ارمز في مقدمة الكتاب ، وهذا إيذان منه بعدم استعماله إياه ، سواء في من ليس له رواية إلا في هذه المعلقات ، فحقه إفراده برمز : خت ، أو كان مشتركا مع رموزا أخرى . وإذ بالمصنف يستعمله أول مرة في ترجمة إسحاق بن يحيى العوصي ( 329 ) مفردا دون رمز آخر معه ! ، ثم في ترجمة القاضي الشهير إياس بن معاوية المزني ( 502 ) ورمز له : خت مق ( 1 ) ! ! وكلاهما ليس على شرطه ، أهملهما في مقدمة كتابه . / صفحة 16 / وتزيد الغرابة إذا علمنا أن ترجمة إياس جاءت في صلب الكتاب لا على حاشية الصفحة ، كما هو الحال في تراجم سبقته ، وتراجم كثيرة لحقته ! وترجمة اسحاق العوصي المشار إليها جاءت على الحاشية . وقد أهمل المصنف رمز " خت " من تراجم عديدة سبقت الترجمتين المذكورتين ، وتراجم كثيرة لحقتهما ، ومن التراجم السابقة عليهما التي إهمل من بين رموزها رمز " خت " : ترجمة أبان بن صالح القرشي : وأشعث بن عبد الله بن جابر الحداني ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني ، فاقتصر على رمز السنن الاربعة .(1/17)
كما أهمل الرمز المذكور من تراجم كثيرة لاحقة - كما قلت - ومنها ، بل أول ترجمة جاءت هي ترجمة بشر بن ثابت البصري ، اقتصر الذهبي على رمز : ق ، وعند المزي : خت ق . وهكذا وهكذا . وخلاصة الجواب : أن لذهبي لم يطرد في استعماله رمز خت ، بل أحيانا وأحيانا ، فما الذي وراء ذلك ؟ الله أعلم . 4 - وجواب السؤال الرابع : تقدم أن غير البخاري قد يعلق أحاديث في كتابه ، وسميت منهم : أبا داود والترمذي ، فهل من الحق على المزي أن يترجم لهؤلاء على النحو الذي تقدم في الكلام على معلقات البخاري : المسمين وغير المسمين ؟ . والجواب : أن من لم يسم : فليس على شرطه ، كما هو الحال فيمن لم يسم في معلقات البخاري ، إما من سمي ، فهم على شرطه ، وحقه إن يلتزم ترجمتهم في كتابه ، لكنه أهمل عددا منهم ، استدرك الحافظ ابن حجر عددا منهم ، واستدركت من تنبهت لامره . والدليل على أن هؤلاء من شرط المزي أمران . : أولهما : أنه ترجم لابراهيم بن أدهم الزاهد المشهور رجمه الله تعالى ، وصرح بان الترمذي روى له تعليقا ، وتابعه على الترجمة له : الذهبي وابن حجر ، مع أنك تجده قد فاته - أو أهمل - رمزت لمحمد بن ذكوان ، فرمز له : تمييز . وأغفل ترجمة عمرو بن ثابت بن هرمز ، وعميرة بن أبي ناجية ، وقد علق لهما أبو داود ، فستدركهما عليه ابن حجر في " تهذيبه " 8 : 10 ، 153 . ثانيهما : قول ابن حجر في " تهذيبه " بعد أن ترجم لعمرو بن ثابت بن هرمز : " من عادة المؤلف - أي المزي - أن من علق له أبو داود رقم له رقمه ، وهذا منه ، فاغفله " ونحوه في ترجمة عميرة بن أبي ناجية . وقال الحافظ أيضا في ترجمة محمد بن ذكوان 9 : 175 الذي رمز له المزي : تمييز : " كان ينبغي للمزي أن يرقم له رقم الترمذي ، فقد اعتمد ذلك في أسماء جماعة لم يخرج لهم أبو داود والترمذي وغيرهما إلا تعليقا ، ورقم لهم علامتهم مع ذلك " .(1/18)
فالحافظ ابن حجر يقفهم من صنيع المزي في كتابه التزامه هذا ويلمه به ، لذلك استدرك عليه من هذا القبيل في عدة مواضع . / صفحة 17 / أما الذهبي فقد أغفل ذلك فلم يستدرك عليه شيئا منه . انظر التعليق على الارام المذكورة : عند 1793 ، 2147 ، 2400 ، 2430 ، 3135 ، عند 3837 ، عند 4131 ، عند 4984 ، عند 5450 ، 6510 . 5 - والمقصود بالتساؤل الخامس : يتضح بالمثال . روى البخاري 3 : 581 ( 1750 ) ، ومسلم 9 : 43 من طريق الاعمش أنه قال : " سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر : ألفوا القرآن كما ألفه جبريل : السورة التي يذكر فيها البقرة ، والسورة التي يذكر فيها النساء ، والسورة التي يذكر فيها آل عمران " . فالحجاج - الظالم المشهور - ليست له رواية في الصحيحين ، لكن : عنه رواية ، رورى عنه الاعمش أنه كان يقلو كذا وكذا ، فهل شرط المزي أن يترجم له ؟ الواقع أن المزي لم يترجم للحجاج ، بل لم يذكر في ترجمة الاعمش أنه يروى عن الحجاج ، وتبعه
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 17 :(1/19)
المصنف في " تذهيبه " ، أما في " الكاشف " فترجم له ( 946 ) ورمز له خ ، وأشار إلى حديثه الذي ذكرته ، ولكن لا أدري لم أغفل رمز م ، والامر هو هو ؟ ! وقد ترجم الحافظ في كتابيه : " التهذيب " و " التقريب " ورمز له : تمييز ، وقال : " لم يقصد الشيخان وغيرهما الرواية عنه ، ووقع ذكره وكلامه في الصحيحين وغيرهما ، وليس باهل أن يروى عنه " ، ومقتضى هذا منه أن من له ذكر في كتاب فلا ينبغي أن يرمز له ، وكذلك صنيعه في ترجمة هشام بن حكيم رضي الله عنه . وصنيع اذهبي أقرب إلى الصواب ، فالاولى استدراكه مع الرمز ، ذلك أن البخاري روى 3 : 59 ( 1184 ) من طريق مرثد بن عبد الله اليزني قال : " أتيت عقبة بن عامر الجهني فقلت : ألا أعجبك من أبي تميم يركع ركعتين قبل صلاة المغرب . . . " . فعلق الحافظ على قوله : " من أبي تميم " ، فقال : 3 : 60 : " هو عبد الله بن مالك الجيشاني . . . لم يذكر المزي في " التهذيب " أن البخاري خرج له ، وهو على شرطه ، فيرد عليه بهذا الحديث " . وأكد ذلك بقوله في " التقريب " ( 3564 ) : " أغفل المزي رقم خ " ، وأنت ترى أنه ذكر له فعل ذكرا لا رواية ، في حين أن ذكر الحجاج إلى الرواية أقرب ، ومع ذلك ترى الحافظ استنكر للحجاج رمز خ ، وألزم المزي بترجمة أبي تميم ؟ ! ونحو هذا المثال : مثال آخر : روى أبو داود في " سننه " كتاب الايمان والنذور - باب كم الصاع في الكفارة 3 : 586 ( 3281 ) عن محمد بن محمد بن خلاد ، عن مسدد ، عن أمية بن خالد قال : " لما ولي خالد القسري أضعف الصاع ، فصار الصاع ستة عشر رطلا " . فهذه حكاية فعل لخالد القسري - كما هو حال أبي تميم - ومع ذلك ترجم له المزي والذهبي وابن حجر ! . وهذا هو موقف المزي ومتابعيه ، وفيه من الاضطراب ما لا يخفى . / صفحة 18 / هذه أمثة على من له ذكر مسند من التابعين .(1/20)
ومن الامثلة على من له ذكر غير مسند : محمد بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، وسوار بن عبد الله العنبري ، علق لهما البخاري في " صحيحه " 13 : 140 - الباب الخامس عشر من كتاب الاحكام - ولم يرمز لهما خت ، وعدم الرمز لهما بمثابة عدم الترجمة ، إذ لو لم تكن لهما رواية في كتاب آخر لما ترجم لهما . وقد عتب الحافظ في " الفتح " 13 : 143 على المزي إذ أهمل هذا الرمز لهما ، ثم وقع هو في ذلك . انظر دراسة " تقريب التهذيب " ص 12 . 6 - أما ترجمة رجال أسانيد هذه الاخبار : فاعتقد أن المزي ترجم لهم ، وتوبع ، من ذلك : محمد بن محمد بن خلاد المذكور عند أبي داود في الخبر المتقدم ، فان المزي ترجمه ، وتبعوه على ذلك ، وليس له رواية في مكان آخر من " سنن أبي داود " . لكن الامر يحتاج إلى تتبع واستقراء لنرى هل اطرد صنيعه وصنيعهم في ذلك أولا . أما رجال أسانيد هذه الاخبار الذين لم يسموا : فحالهم وجوابهم يندرج تحت الجواب عن السؤال الثاني . 7 - وأخيرا : إن هناك رجالا كثيرين لهم ذكر جانبي محض في بعض الاسانيد والمتون ، لا يمت إلى رواية أبدا . وذلك مثل هني مولى عمر رضي الله عنه الذي قال له : " يا هني اضمم جناحك عن المسلمين ، واتق دعوة المسلمين . . . " رواه البخاري 6 : 175 ( 3059 ) . ومثل يزيد بن معاوية النخعي المذكور في آخ ر حديث في كتاب الدعوات في البخاري 9 : 228 ( 6411 ) ، قال شقيق : " كنا ننتظر عبد الله - بن مسعود - إذ جاء يزيد بن معاوية ، قلت : ألا تجلس ؟ قال : لا ، ولكن أدخل فاخرج إليكم صاحبكم وإلا جئت أنا فجلست ، فخرج عبد الله وهو آخذ بيده فقام علينا فقال . . . " ، ولا ذكر ليزيد بعد ذلك أبدا .(1/21)
ومن ذلك : موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام في قصتهما المعروفة - بل : توف البكالي الذي حاور ابن عباس في قصتهما - ورفاعة القرظي صاحب حديث العسيلة ، وشريك بن سحماء وهلال بن أمية ، وصفوان ابن المعطل وأم مسطح ، وهاجر وسارة زوجتا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام . . . وكثير سواهم . ولا أحب تشويش القارئ بان أقول : لان ترجموه ، وفلان لم يترجموه ، وفلان ترجمه المزي ولم يتابع ، وفلان أهمله . المزي وترجمه فلان . . . وهكذا . . . لكني أقتصر على أمثلة يسيرة محيرة . 1 - نوف البكالي : رمز له المزي وابن حجر : خ م ، وهو مذكور ذكرا - لا رواية - في الصحيحين في قصة موسى والخضر عليهما الصلاة والسلام ، ولم يترجمه الذهبي في " الكاشف " . 2 - وكذلك فعلوا في هني . ترجماه ، وحذفه الذهبي . / صفحة 19 / 3 - وترجما : ليزيد بن أبي كبشة ، وحديثه في البخاري 6 : 136 ( 2996 ) وهو مذكور ذكرا . 4 - ويزيد بن معاوية النخعي الذي تقدم حديثه ، ورمزا لهما : خ ، وكذلك فعل الذهبي رمز لهما : خ ، فلماذا ؟ ! 5 - ولزيد بن حارثة رضي الله عنه ذكر وقول في " صحيح مسلم " 9 : 237 لا رواية ، فما رمز المزي رمز مسلم ، ولا الذهبي ولا ابن حجر . 6 - ومثله هشام بن حكيم رضي الله عنه المذكور في حديث الصحيحين لما سمعه عمر رضي الله عنه
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 19 :(1/22)
يقرأ سروة الفرقان ، فاخذه بتلابيبه إلى النبي صلى اله عليه وسلم ، وما رمز له رمز الصحيحين . فتناقض المزي وابن حجر مع صنيعهما في ترجمة نوف وهني ، واليزيدين . في أمثلة أخرى ، لا تفيد إلا الاضطراب . ومنهج ابن الاثير رحمه الله في " جامع الاصول " - الركن الثالث منه الذي لم يطبع بعد - أقوم ، فانه ترجم كل من له ذكر في كتابه ، كما يبدو من مختصره للعلامة الفتني الذي طبعه شيخنا العلامة الاجل كبير محدثي الهند مولانا الشيخ حبيب الرحمن الاعظمي حفظه الله تعالى طبعه باسم : " تلخيص خواتم جامع الاصول " . وأرى أنه لا بد لاحكام هذا الامر من استخدام الحاسب االي بعد وضع منهج دقيق من قبل طائفة متخصصة ، ثم إحصاء النتائج عن طريقه ، وحينئذ يتم اطراد المنهج ، وتصح النتائج . والله ولي التوفيق . * * * ب - أما الفقرة الثانية : وهي منهج الذهبي في الترجمة : فالحديث عنها يكون في دراسة مقومات الترجمة الواحدة عنده . إن مقومات كل ترجمة عند الذهبي في " الكاشف " سبعة ، أسردها بالتسلسل المذكور في الكتاب ، وهي : 1 - اسم المترجم ونسبه ونسبته . 2 - أسماء بعض شيوخه . 3 - أسماء بعض الرواة عنه . 4 - بعض معلومات عامة عنه . 5 - جرحه وتعديله . 6 - وفاته . 7 - رموز مخرجي حديثه . وأربعة منها أساسية لا بد منها ، هي الثلاثة الاولى منها ، والاخيرة السابعة . كما يتبين بجلاء للناظر في الكتاب ، وهذا هو تفصيل الحديث عنها . / صفحة 20 / 1 - لا بد من ذكر اسم المترجم أولا ، مع ذكر نسبه : فلان بن فلان . . . . ، ونسبته : إلى قبيلة أو بطن ، أو بلد أو مهنة ، وقد تجتمع هذه وقد تفترق . والامثلة واضحة . 2 - ثم يسمي بعض شيوخه إلا إذا كان المترجم صحابيا .(1/23)
وليس له فيمن يسميه من الشيوخ اصطلاح ، فلا يشترط أن يكون من يذكر من شيوخه ضمن الكتب الستة ، ولا أن يكونوا من كبار شيوخه ، ولا أن يكونوا ثقات ، ولا أن يذكر أكبر شيخ له ، أو آخر شيخ ، ولا يلتزم ما التزمه شيخه المزي : الترتيب الهجائي ( 1 ) . 3 - ثم يذكر بعض الرواة عنه . وليس له اصطلاح فيهم أيضا . 4 - وقد ياتي ببعض أخباره ، من مناقب ومآثر علمية أو عملية ، مما يلقي ضوءا على حال الرجل . والذهبي ذواقة في التراجم واختيار أخبار الرجال ، وانتقاء الالفاظ ذات الدلالة الدقيقة على المراد ، وهو محب ولو باخبار العلماء والعباد . ويجد القارئ في هذا الكتاب اللطيف الحجم من الاخبار النادرة الهامة ما لا يجده في غيره من المطولات ، من ذلك : - نقله عن ابن الكلبي في ترجمة حسان بن ثابت رضي الله عنه : " كان لسنا شجاعا فاصابته علة فجبن " ، وهي عند المزي ، وفاتت ابن حجر في كتابيه : " التهذيب " و " التقريب " . وهي فائدة تصحح الفكر والنظرة نحو هذا الصحابي الجليل . وانظر " الروض الانف " للسهيلي 3 : 281 . - وقال في ترجمة إبراهيم بن سعيد الجوهري أحد شيوخ مسلم : " قال ابن خاقان : سألته عن حديث لابي بكر فقال لجاريته : أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مسند أبي بكر ! ، فقلت له : أبو بكر لا يصح له خمصون حديثا ، فمن أين هذا ؟ ! فقال : كل حديث لا يكون عندي من مائة وجه فانا فيه يتيم ! " . - وقال في ترجمة زهير بن محمد بن قمير المروزي : " قال البغوي : ما رأيت بعد أحمد أفضل منه ، حدثني ابنه محمد أنه كان يختم في رمضان تسعين ختمة " . وقد يشير إلى ذلك إشارات دقيقة ، كقوله في ترجمة منصور بن زاذان : " سريح القرائة جدا " ، يريد : قراءة القرآن الكريم ، وانظر التعليق عليه .(1/24)
5 - وكثيرا ما يذكر بعض ما قيل في الرجل من جرح وتعديل ، فيكون ناقلا عن غيره ، وقد يقتصر على تعديله - وفيه جرح - دلالة على اختياره تعديل الرجل ، أو العكس ، وقد يولد هو قولا من أقوالهم ويصف به الراوي . وقد يشير إلى الاختلاف فيه فقط دون ترجيح ، كقوله : مختلف فيه ، وقد يسكت عن ذلك ، وهو كثير ، وليس له اصطلاح في سكوته كان لا يسكت إلا عن ثقة ، أو ضعف . ولامثلة على هذه الاحتمالات كثيرة واضحة في الكتاب بذاته ، أو بالمقارنة مع الحواشي ، إلا احتمالا واحدا ، هو حال اجتهاده في الرجل وإعطائه حكما فيه من عنده معتمدا مجموعة أقوالهم فيه ، فهذا نادر في الكتاب . / صفحة 21 / من ذلك : قوله في أحمد بن علي إمام سلمية : " جيد الحديث " ، وإنما قال فيه أبو حاتم : " أرى أحاديثه مستقيمة " . و " جيد الحديث " من ألفاظ المرتبة الاخيرة من مراتب التعديل عند المصنف . انظر مقدمة " ميزانه " ص 4 ، فجزم الحافظ في " التقريب " ( 82 ) بانه " صدوق " : فيه رفع لمرتبته أكثر مما تفيده عبارة المتقدمين . والله أعلم . 6 - وكثيرا ما يؤرخ وفاة الرجل جزما ، وقد يحكي الخلاف ، وكثيرا ما لا يؤرخها ، ويكون المزي - أو غيره قبله - قد أرخها ، ولمعرفة تاريخ الولادة والوفاة أهمية بالغة عند المحدثين ، لما ينبني عليها من حكم على الرواية بالاتصال أو الانقطاع .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 21 :(1/25)
لذلك آخذ البرهان الحلبي سبط ابن العجمي المصنف الذهبي رحمهما الله تعالى على عدم اهمتماه بهذا الجانت في " الكاشف " ، فقال في مقدمة كتابه " نهاية السول " - مخطوط - : " وكتاب " الكاشف " مختصره - أي مختصر " تذهيب التهذيب " - وكثيرا ما لا يذكر فيه تعديلا ولا تجريحا ، ولا وفاة عض الشيوخ رمزا ولا تصريحا " . 7 - أما رموز الكتب التي فيها حديث المترجم : فهذا من المقومات الاساسية للترجمة في هذا الكتاب ، كالثلاثة الاول ، وسيأتي لحديث عنها إن شاء اللهتعالى صفحة 78 . وبعد : فهذا عرض مجمل لمنهج الامام الذهبي في كتابه " الكاشف " : منهجه العام فيمن عليه أن بترجمه ، ومنهجه الخاص في كل ترجمة . واستيفاء لدراسة المنهج أقول : لقد كان على التزام المصنف رحمه الله لمنهجه الذي اختطه بعض الملاحظات ، سواء في منهجه العام ، أو الخاص . وأدم القول : إن الذهبي متابع لشيخه المزي رحمهما الله تعالى في كتابه هذا متابعة كبيرة قلما يخرج عنه ، ولم تظهر فيه شخصيته الاستقلالية الناقدة ، كما هي ظاهرة في " الميزان " و " سير أعلام النبلاء " مثلا . وتقدمت كلمات حول منهجه العام ، وأزيد هنا فاقول : 1 - ترجم المزي لبعض من علق له أبو داود والترمذي ، وفاته عدد غير قليل ، ولم يستدرك المصنف أحدا منهم ، ليسد ثغرة بقيت في عمل شيخه ، بل ذكر من ذكره المزي ، وترك من تركه المزي ! سواء كانت ترجمته تحتاج إلى إضافة رمز من علق له ، أو أن الرجل يحتاج إلى ترجمة كاملة ، أي : إن المزي إهمل الرمز فقط ، أو أهمل الترجمة مطلقا . ومن أمثلة الحال الاولى : سمرة بن سهم ، رمزه عند المزي والذهبي : س ق ، وعلق له الترمذي ، فضاف رمزه ابن حجر . وكذلك : داود بن جميل ، علق له الترمذي ، ولم يرمزوا له جميعهم ، فاستدركت رمزه . ومن أمثلة الحال الثانية : والمسور بن عبد الملك اليربوعي ، لم يترجمه المزي ولا الذهبي ، فاستدركها ابن حجر ، لكون أبي داود علق له .(1/26)
/ صفحة 22 / ومنهم : عقبة بن سويد الجهني ، علق له أبو داود حديثا عن أبيه سويد ، ولم يترجموهما جميعا ، فاستدركت ترجمتهما . 2 - ترجم المزي لبعض من له ذكر في الكتب الستة - لا رواية - فحذف الذهبي بعضا منهم ، وأبقى بعضا آخر . مثل : هني مولى عمر بن الخطاب ، ونوف البكالي ، وعبد الرحمن بن أيمن ، ترجم لهم المزي ، وتبعه المصنف في الاولين ، وترك الثالث ، وحكمهم سواء . وترجم المزي لابي عمرو الشيباني ، لان مسلما روى له تفسير غيرب " أخنع الاسماء " وتبعه المصنف ، وفات المزي أن يترجم لابي حاتم السجستاني وله تفسير غريب أسنان الابل عند أبي داود ، فلم يستدركه المصنف . وتقدم أن المزي لم يترجم للحجاج الثقفي ، فاستدرك المصنف ترجمته ورمز له خ فقط ، مع أن كلمته التي في " صحيح البخاري " هي في " صحيح مسلم " أيضا ، فلم يطرد في استدراكه ! . أما ما يقال في منهجه الخاص : فامور يسيرة ، منها : 1 - أنه لم يسر على وتيرة واحدة في سياق نسب المترجم ، فهو في الاكثر الاغلب يذكر اسم الرجل ، واسم أبيه . . . ملتزما الترتيب الهجائي الدقيق ، مما ييسر المراجعة على الباحث - وصاحب الفضل هو صاحب السبق : الحافظ المزي - . لكنه تارة لا يسمي أباه ، وتقع الترجمة وسط أسماء المذكورين بآبائهم ، فلا يقع على بغيته إلا من عرف نسب الرجل . ترجم لبكير بن ااخنس ، ثم لابن أبي السميط ، ثم ابن شهاب ، ثم ابن عامر البجلي ، ثم ابن عبد الله بن الاشج ، ثم بكير الضخم ، ثم بكير بن عطاء . فالضخم صفة لبكير ، ووفعت ترجمته بين : ابن عبد الله ، وابن عطاء ، فهو ابن من ؟ فعلى القارئ أن يقدر ذلك من سياق الترتيب .(1/27)
2 - وقلت فيما سبق : إنه لم يلتزم في ذكر شيوخ المترجم أي معنى وملحظ ، ولو أنه التزم أن يكونوا من رجال الكتب الستة الثقات : لكان الغاية في الجودة ! فان لم يتيسر اشتراط الثة - وهذا في عدد قليل من المترجمين - أشار إلى ذلك برمز يصطلح عليه ، كما اصطلح أن يرمز لمن انفرد ابن حبان بتوثيقه ويقول فيه " وثق " : أن يضع فوق اسمه : حب . وثمة ملاحظات حول أحكامه على الرواة ، وأخرى على رموزه ، لا أحب التعجل بذكرها ، إذ محلها الاليق بها عند دراستهما في الفقرتين الرابعة والخامسة إن شاء الله تعالى . ولكني أستطيع القول : إن التزام الحافظ ابن حجر لمقومات الترجمة في " التقريب " أو فى وأقوم من المصنف في " الكاشف " وإن كانت أوهام ابن حجر في رموز المترجم أكثر من الذهبي ، رحمهما الله تعالى . / صفحة 23 / 3 - ألفاظ الجرح والتعديل في " الكاشف " يقتضي الحديث المستوعب لهذا العنوان إن أفصل القول في : - ألفاظهما ، ودقة نقلها ، وتميير ما كان من قبل الذهبي ، عما كان من غيره .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 23 :(1/28)
- وفي شرح مدلولاتها ، وترتيبها قوة وضعفا ، وبيان ما فيه اصطلاح خاص بقائله ، وما ليس كذك ، وقد يكون للذهبي اصطلاح ببعض الالفاظ . وقد يقتضي استيفاء القول بيان من هو صاحب هذا الاصطلاح من المتقدمين الذي تأثر به الذهبي فاقتبس قوله . . . وما إلى ذلك من متممات . وقد بدأت بالكتابة على هذا النحو ، لكني رأيت نفسي كأنني أجمع ألفاظ الجرح والتعديل كلها ، وأصنفها ، وأفسرها ، وأورخ لها ، وأضم إلى ذلك ما عند الذهبي ! . فلذلك عدلت عن هذا إلى وقت آخر بعون الله وتوفيقه ، واقتصرت على بعض ألفاظ أقدر أن لها حاجة خاصة ، أذكر تحتها كلمات أنبه بها إلى جوانت خاصة لا أقصد منها الدراسة للفظة الجرح والتعديل ، وأضع بجانب الكلمات النارد استعمالها رقم الترجمة التي ورد فيها هذا اللفظ ، أما الكلمات التي يكثر استعمالها - مثل : ثقة ، صدوق . . . - فلا أضع لها رقما . 1 - ثقة . الثقة : هو العدل الضابط . وبماذا تعرف العدالة ؟ - وبماذا يعرف الضبط ؟ آ - بماذا تعرف العدالة ؟ ذكر الامام ابن الصلاح رحمه الله أول النوع الثالث والعشرين من " مقدمته " مسلكين لمعرفة العدالة - أو الثقة - وهما المسلكان المتفق عليهما : الشهرة بها ، كحال الائمة المعروفين . و " تنصيص معدلين على عدالته " . وزاد الاصوليون : الحكم بمقتضى حديث الراوي ، والعمل به كذلك ( 1 ) ، والرواية عنه من قبل من لا يروي إلا عن ثقة . وفي ثلاثتها نظر واختلاف . / صفحة 24 / وأنبه إلى أمرين يتعلقان بالتنصيص على العدالة : أولهما : هل يشترط في النص إن يكون من إمام من أئمة الجرح والتعديل ؟ . ثانيهما : هل يشترط فيه أن يكون نصا صريحا - فلان ثقة - أو : يقبل التوثيق الضمني ، وذلك بتصحيح حديثه مثلا ؟ والجواب عن الامر الاول : أنه لا بد من أهلية صاحب التعديل ، وعبارة ابن الصلاح عامة : " تنصيص معدلين على عدالته " . وهذا خلاف فيه .(1/29)
لكن بعضهم ذكر صورة ما لو عدله أحد الرواة عنه ، فهل يكتفى بذلك ؟ كما لو قال رجل : حدثني فلان وكان صدوقا ، أو كان ثقة ، ونحو ذلك ، فما القول ؟ قال السخاوي رحمه الله في " فتح المغيث " 1 : 296 " صرح ابن رشيد بانه لو عدله المنفرد عنه كفى ، وصححه شيخنا - ابن حجر - أيضا إذا كان متاهلا لذلك ، ومن هنا ثبتت صحبة الحابي برواية الواحد المصرح بصحبته عنه " . والجواب عن الامر الثاني : أنهم صرحوا بقبول التوثيق الضمني ، وهذه نصوص ما وقفت عليه . - روى الترمذي عن فريعة أخت أبي سعيد الخدري حديثا في اعتدادها في بينها وأنه لا يجوز الاعتداد في بيت أهلها ، وقال : حسن صحيح ، وضعفه ابن حزم بجهالة حال زينب بنت كعب بن عرة رواية الحديث عن الفريعة ، فتعقبه ابن القطان - كما في " نصب الراية " 3 : 264 - فقال : " وليس عندي كما قال : بل الحديث صحيح ، فان سعد بن إسحاق ثقة ، وممن وثقه النسائي ، وزينب كذلك ثقة ، وفي تصحيح الترمذي إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق ، ولا يضر الثقة أن لا يروي عنه إلا واحد ، وقد قال ابن عد البر : إنه حديث مشهور . انتهى " . ولما خالف ابن القطان هذا المنهج تعقبه الامام ابن دقيق العيد رحمهما الله تعالى : 2 - فقد روى عمرو بن بجدان ، عن أبي ذر رضي الله عنه حديث : " الصعيد الطيب وضوء المسلم . . . " ، ولم يرو عن عمرو إلا أبو قلابة ، فضعف ابن القطان الحديث به فقال - كما في " نصب الراية " 1 : 149 - : " هذا حديث ضعيف بلا شك ، إذ لا بد فيه من عمرو بن بجدان ، وعمرو بن بجدان لا يعرف له حال ، وإنما روى عنه أبو قلابة " .(1/30)
3 - وعقبه الزيلعي رحمه الله بكلام بن دقيق العيد فقال : " قال الشيخ تقي الدين في " الامام " : ونم العجب كون ابن القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان ، مع تفرده بالحديث ، وهو قد نقل كلامه : حدا حديث حسن صحيح ، وأى فرق بين أن يقول : هو ثقة ، أو يصحح له حديثا انفرد به ! وإن كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه إلا أبو قلابة فليس هذا بمقتضى مذهبه ، فانه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال ، فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضي تعديله ، وهو تصحيح الترمذي " . 4 - وقال المصنف في " الميزان " 4 ( 10478 ) : " أبو عمير بن أنس بن مالك . . . تفرد عنه أبو بشر ، / صفحة 25 / قال ابن القطان : لم تثبت عدالته . وصحح حديثه ابن المنذر وابن حزك وغيرهما فذلك توثيق له . فالله أعلم " ( 1 ) . 5 " - وقال أيضا 1 ( 2125 ) : " حفص بن عبد الله الليثي ، ما علمت روى عنه سوى أبي التياح ، ففيه جهالة ، لكن صحح التزمذي حديثه " . وفحواه في " الكاشف " ( 1149 ) . 6 " - وقال الحافظ ابن حجر في " تعجيل المنفعة " ( 561 ) في ترجمة عبد الله بن عبيد الديلي : " أخرج حديثه الترمذي والنسائي ، وقال الترمذي حسن غيرب ، وهذا يقتضي أنه عنده صدوق معروف " .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 25 :(1/31)
" - وقال الامام اكمال ابن الهمام رحمه الله تعالى في " فبح القدير " 2 : 134 : " تحسين الترمذي الحديث فرع معرفته حاله وعينه " . فهذه نصوص خمسة من أئمة الحديث في المتأخرين اعتمدت هذا المنهج ، لذلك تبعتهم في التعليق على هذا الكتاب ، فتجدني كثيرا ما أستدرك على حكم المصنف إو ابن حجر في " التقريب " بان هذا المترجم صحح أو حسن له الترمذي ، فهو أحسن حالا من قول المصنف أو ابن حجر المذكور . ب - بماذا يعرف الضبط ؟ لا ريب أنه يعرف باختيار حديثه وعرضه على رواية الثقات الاثبات له ، فان وافقها قبل ، وإن خالفها : رد بمقدار ما تكون المخالفة . وهذا هو السير والاعتبار الذي يوصل - بعد معرفة العدالة - إلى الامر المتقدم ، وهو النص الصريح على توثيقه ، أو تصحيح حديثه . وهذه العملة تكون منهم للراة المتقدمين عليهم أو المعاصرين لهم . أما العدالة : فيأخذونها عن شيوخهم بالنسبة لمن قبلهم ، ويتعرفون عليها بانفسهم بالنسبة لمعاصريهم . وإذا اعتبروا حديث الرجل - سواء روى عنه واحد أو أكثر - فوجدوه موافقا لحديث الثقات - أو نادر المخالفة - : صرحوا بتوثيقه ، أو صححوا حديثه . قال المزي في " التهذيب " 15 : 344 ف ترجمة عبد الله بن عمر بن غانم الرعيني : " قال أبو عبيد الاجري عن أبي داود : أحاديثه مستقيمة ، ما أعلم حدث عنه غير القعنبي ( 2 ) ، لقيه بالاندلس " .(1/32)
وهذا - مع وضوحه - يحتاج إلى شئ من السبط والشرح ، أنقله من جواب خطي وقفت عليه لشيخنا الحافظ الناقد أحمد الصديق الغماري رحمه الله تعالى ( 1320 - 1380 ) ، قال فيه : " إن رد رواية المجهول ليست لذات كونه مجهولا ، بل لعدم تحققنا بحاله من جهة الجرح والعدالة ، فقد يكون عدلا ضابطا ( 3 ) ، وقد يكون مجروحا ساقطا ( 3 ) ، فلما تردد حاله في علمنا بين الحالتين سقط حديثه ، لوجود هذا الاحتمال ، لا لذات الجهالة ، لانها قد ترتفع ويرتفع معها ضعف الحديث ، كالنوم في نواقص الوضوء ، فانه ليس ناقضا لذاته . . . / صفحة 26 / فكذلك جهالة الرواي بالنسبة لكذبه وتهمته وفسقه ، فالاولى ( يريد : الجهالة ) مظنة لضعف الحديث فحسب ، ولاخرى أسباب حقيقة لضعف الحديث ، فالمحدث إذا نظر في سند حديث ووجد فيه رجلا مجهولا : حكم بضعفه ، لاحتمال ضعف ذلك المجهول ، وربما حكم بوضعه ، لغلبة الظن عنده بان ذلك المجهول كذاب لاسباب أذكرها بعد إن شاء الله تعالى . ثم قد يبقى ذلك الحكم مستمرا عنده وعند غيره ، لاستمرار الجهل بذلك الراوى عند الجميع ، وقد يرتفع ذلك الحكم عنده أو عند غيره لارتفاع جهالة الراوي المذكور ، فكم من محدث يجزم بضعف الحديث لظنه بجهالة راو بسنده ، ثم بعد ذلك يقف على ترجمته وكونه ثقة معروفا ، فيرجع عن حكمه السابق ، وكم من حافظ حكم بضعف حديث أو بطلانه معللا ذلك بجهالة بعض الرواة ، فتعقبه من بعده بكون ذلك الراوي غير مجهول وأنه معروف إما بالجرح ، وقد وقع هذا بكثرة لابن حزم ، وعبد الحق ، وابن القطان ، وابن الجوزي ، بل لابن حبان وغيره من المتقدمين ، ومن قرأ " اللآلئ المصنوعة " و " اللسان " و " تعجيل المنفعة " رأى من التعقب بمثل هذا على المذكورين وغيرهم الكثير . . . والمقصود : أن الجهل بالرواي ليس ضعفا حقيقيا ، وإنما هو مظنة قد ترتفع ، وقد تكون مرفوعة في نفس الامر .(1/33)
فابن حزم لما ضعف الحديث بجهالة الترمذي : لم يكن تضعيفه واقعا على الحديث إذ ذاك ، لكون الترمذي إماما مشهورا حافظا ثقة باتفاق ، ولكن ابن حزم جهله ، لعدم اشتهار " سننه " بالافدلس في عصره ، والكمال لله تعالى . ثم إن المجهول لا يخلو من أن يكون حديثه معروفا أو مننكرا ، فان كان معروفا فجهالته لا تضر ، وإن كان منكرا وعرف تفرده به فهو - أي المجهول - ضعيف محقق الضعف حتى لو رفعت جهالته العينية برواية اثنين فصاعدا عنه ، أو لم ترفع ، فهو ضعيف مجروح خارج من حيز المجاهيل إلى حيز الضعفاء المحقق ضعفهم . وبهذا الضابط يعرف المتأخرون ضعف الراوي المتقدم عنهم ، أو ثقته ( 1 ) ، مع أنهم لم يروه ولم يعاشروه ، بل يتكلمون في الرواة المتقدمين عنهم بمئات السنين . . . وذلك أنهم يعتبرون أحاديث الراوي ويتتبعونها ، فان وجدوها موافقة للاصول وأحاديث الثقات ، ليس فيها تفرد بغرائب ومناكير ، وليس فيها قلب ولا غلط ولا تخليط : حكموا بضبط الراوي وثقته ( 1 ) ، وإن وجدوها بخلاف ذلك : حكموا بضعفه وأنزلوه بالمنزلة التي تدل عليها أحاديثه من كونه وضاعا أو كثير الخطا فاحشه ، أو غير ذلك مما له ألقاب تخصه ( 2 ) . / صفحة 27 / فإذا جمعت هذا وتدبرته - الخطاب للسائل - : تعلم معنى قول الحفاظ المذكورين : إن المجهول إذا روى عنه ثقة ولم ( يات بما ) ينكر فحديثه صحيح ، لانه إذا أتى بما لم ينكر فذلك دليل على كونه ثقة في يحتمل قصد إبهماه وترك اسمه لئلا يعرف ، لكونه ضعيفا : فالحديث صحيح على ما تفيده القواعد .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 27 :(1/34)
أما الجمهور الذين نقل مذهبهم الحافظ في " اللسان " : فلم يراعوا هذا التدقيق ، وسدوا الباب مرة واحدة ، للاحتمال المتطرق إلى ذلك المجهول بكونه ثقة أو كونه ضعيفا ، والاحتمال يسقط معه الاستدلال ، وأكد لهم ذلك أن أغلب المجاهيل حالهم كذلك - أعني : ضعفاء - لانهم لو كانوا ثقات لاشتهروا وعرفوا بين المحدثين ، كما هو حال سائر الثقات . ولا يخفى أن هذا المنزع فيه ضيق وتشديد ، قد يفوت معه كثير من الاحاديث الثابتة في نفس الامر ويضيع العمل بها ، وأن مذهب ابن حبان ومووافقيه ممن حكينا مذهبهم أولى بالنظر والقبول ، لجمعه بين المصلحتين . والله أعلم " . 2 - الثبت : بفتح الثاء المثلثة ، وسكون الباء الموحدة وفتحها ، وتاء مثناة . والاولى الاقتصار على سكون الباء الموحدة ، للتمييزيين الرجل الثبت ، وبين الثبت الذي هو الكتاب الجامع لشيوخ المحدث ومرواياته . ومعين " ثبت " في اللغة " المتثبت في أموره . 3 - المتقن : قال السخاوي رحمه الله في " فتح المغيث " 1 : 337 : " لا يزيد الاتقان على الضبط سوى إشعاره بمزيد الضبط " . فيكون وصف الثقة ب " متقن " في قولهم : ثقة متقن : ديلا على أن ضابط ضبطا أزيد من مطلق الثقة ، وهو بدرجة من يوصف ب " ثقة حافظ " . فقد سئل أبو زرعة عن أبي معمر المنقري عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج فقال : " كان حافظا ثقة " . قال ابن أبي حاتم 5 ( 549 ) : " يعني أنه كان متقنا " . فينظر قول المصنف رحمه الله في " الموقظة " ص 76 - 77 : " . . . ثم ثقة حافظ ، ثم ثقة متقن " ( 2 ) واشتهر قول الامام عبد الرحمن بن مهدي : " الحفظ : الاتقان " المذكور في " الجرح " 2 : 35 - 36 . / صفحة 28 / ومن كان شانه التثبت في أموره : فهو متقن ، ولا يكون ارجل متقنا إلا إذا كان كلما عرض له شك في محفوظ له أزال الشك بالمراجعة . فالمتقن والثبت سيان متلازمان ، ذ لا يتم الاتقان إلا بعملية التثبت .(1/35)
4 - وقد يكون الرجل ثقة ، ولا يكون حجة ، كما يستفاد من قول الامام يحيى بن معين في محمد بن إسحاق صاحب " المغازي " . ففي رواية الدوري عن ابن معين 2 : 504 ( 1047 ) : " ثقة ولكنه ليس بحجة " ( 1 ) . ونحوه قوله في إسماعيل بن أبي أويس : " صدوق وليس بحجة " ، كما في " فتح المغيث " 1 : 338 ، و " توضيح الافكار " 2 : 264 - 265 . وقال يعقوب بن شيبة في أحمد بن عبد الله بن يونس اليربوعي : " ثقة وليس بحجة " حكاه في " تهذيب التهذيب " 1 : 50 ، و " فتح المغيث " 1 : 338 . فإذا قالوا في رجل ما ( حجة ) فيكون قد جاز قنطرة النظر في حديثه : هل يحتج به أو لا ؟ وهذه الالفاظ الاربعة وردت في " الكاشف " ويلحق بها لفظ خامس لم أره فيه - فيما أذكر - أذكره للفائدة وهو : 5 - متين : ففي " صحيح ابن خزيمة " 2 : 312 ( 1376 ) عن الامام محمد بن يحيى الذهلي أنه قال في حجاج الصواف : " متين " ، وفسرها ابن خزيمة بانه يريد : " ثقة حافظ " . ففيها الدلالة على مزيد الحفظ ، فهي بمثابة قولهم : متقن ، واله أعلم . 6 - موثق ( 1488 ) : وظاهر هذا التعبير يفيد أن صاحبه ملحق بالثقة إلحاقا ولم يسلم له وصلوه مرتبة ( الثقة ) ، فهو دونها ، نظير تفرقتهم بين : ضعيف ومضعف ، وضعيف و متكلم فيه ، وصحيح و مصحح ، وحلال ومحلل . . . ، لكن عكر علي قول الحافظ في مقدمة " لسان الميزان " 1 : 4 عن رجال " التهذيب " : " إما أئمة موثقون ، وإما ثقات مقبولون . . . " ، فوصف الائمة بانهم موثقون ، وكذلك جاء النص في النسخة الخطبة من " اللسان " المحفوظ أصلها في مكتبة أحمد الثالث باصطنبول ، فقد راجعتها خشية أن يكون صواب ما في النسخة المطبوعة : أئمة موثوقون . ثم سالت عنها شيخنا اعلامة المحدث الطليع الشيخ عبد الله الصديق الغماري حفظه الله تعالى حين زيارته المدينة المنورة في شهر رجب من هذا العام 1410 ، فقال : مراد الحافظ أنهم متفق على ثقتهم .(1/36)
وهذا المراد هو المتعين من سياق كلامه ، لكن هل هذا يسوغ استعمال هذه اللفظة في هذا المقام ؟ . والرجل الذي أشرت إلى ترجته برقم ( 1488 ) وقال عنه المصنف ( موثق ) قال عنه المصنف نفسه في " الميزان " 2 ( 2697 ) حكما من عنده : " ثقة " . / صفحة 29 / 7 - ومن ألفاظ التعديل في الكتاب : وثقة فلان ، مثل : وثقه أحمد ، وثقه ابن معين ، وثقه النسائي ، وثقه الخطيب ( 1440 ) ، وثقه بحشل ( 1045 ) ، وثقه العجلي ( 343 ) ، وثقه ابن حبان ( 127 ) ، وهكذا ، يقيد التوثيق برجل من رجال الجرح والتعديل . فقد يكون الرجل ثقة دون اختلاف فيه وخصه الذهبي بالذكر ، وقد يكون فيه اختلاف فاختار توثيقه ونص على من وثقه ، ولا تهمني الامثلة كثيرا بقدر ما يهمني التنبيه إلى أن المترجم إن كان ثقة - كما يفيده صريح الكلام - سكت عنه ، وإن كان غير ذلك نبهت إليه في التعليق بالنقل عن " التقريب " أو بغير ذلك .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 29 :(1/37)
ويلاحظ أن ابن حجر رحمه الله يقول غالبا عمن يوثقه الخطيب ، ومسلمة بن قاسم القرطبي ، ونحوهما : صدوق ويشكل هذا في جانب الخطيب ، فانه قد نص في كتابه " الكفاية " ص 22 على أن أرفع عبارات التعديل : " أن يقال : حجة أو ثقة " ، فحينما يقول في راو ( ثقة ) : لا بد أنه راعى هذا الاصطلاح ، فكيف ننزل بقوله إلى : صدوق ! . وأما توثيق العجلي : فقد قال المصنف في ترجمة عبد الملك بن سبرة بن الربيع الجهني : " ثقة ضعفه ابن معين " مع أنه لم يذكر فيه إلا توثيق العجلي له فاختاره مع أن ابن معين ضعفه ! حتى لو أخذنا بقوله في " الميزان " 2 ( 5205 ) : " صدوق إن شاء الله " : لكان مخالفا للمعلمي - ومتابعيه - أيضا ، ذلك أنه حكى هناك تضعيف ابن معين ، وقول ابن القطان " لا يحتج به " ، ومع ذلك قال : " صدوق إن شاء الله " . وقال في أول ترجمة في " ميزانه " : " قال أبو الفتح الازدي : متروك . قلت : لا يترك ، فقد وثقه أحمد العجلي " . وفي المطبوع : أحمد والعجلي ، والواو زائدة فتحذف ، كما في " الرفع والتكميل " ص 271 . وفي " تهذيب التهذيب " 1 : 427 ترجمة البراء بن ناجية : " قال العجلي : كوفي ثقة ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، وأخرج هو والحاكم حديثه في صحيحهما وقرأت بخط الذهبي " في الميزان " : فيه جهالة لا يعرف . قلت : قد عرفه العجلي وابن حبان فيكفيه " . وفي " التهذيب " أيضا 4 : 9 ترجمة سعيد بن حيان التيمي : ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال العجلي : كوفي ثقة ، ولم يقف ابن القطان على توثيق العجلي ، فزعم أنه مجهول " . وقال أيضا في ترجمة كثير بن أبي كثير البصري مولى عبد الرحمن بن سمرة : " قال العجلي : تابعي ثقة ، وذكره ابن حبان في الثقات . . . ، وزعم عبد الحق تبعا لابن حزم أنه مجهول ، فتعقب ذلك عليه ابن القطان يتوثيق العجلي " .(1/38)
فهذه شواهد على اعتماد العلماء توثيق العجلي ، وأنه ليس كما قال المعلمي رحمه الله في " التنكيل " 1 : 66 ، وفي تعليقه على " الفوائد المجموعة ، ص 282 : يوثق المجاهيل من القدماء ، وأنه أشد تسهلا من ابن حبان في توثيق التابعين ! وليس حال ابن سعد وابن معين والنسائي في التوثيق كما زعم عليهم ، بل لقد جار وقسط في حق ابن معين ، وأساء الظن والاتهام لابن عبد البر ، وتخرص على السيوطي ، رحمهم الله تعالى ، انظر " التنكيل " 1 : 67 ، 152 ، والتعليق على " الفوائد المجموعة " 30 ، 355 ، وهو يشهد على نفسه بالتشدد ، انظر صفحة ( د ) من مقدمة " الفوائد " . / صفحة 30 / وأما موقف الذهبي ممن ينفرد ابن حبان بتوثيقه : فانه تارة يعبر عنه في حق الراوي فيقول : ثقة ، وتارة : صدوق ، وتارة : وثق - وقد يضع فوقها رمز : حب - ولفت نظري أنه قال في عبد الله بن مالك الهمداني : " شيخ " . وهو ممن ذكره ابن حبان في " ثقاته " . ولعلها مرة واحدة لم تتكرر . أما مرات قوله " ثقة " : فكثيرة ، أحصيت منها تسعا وستين مرة ، وأما مرات قوله : " صدوق " فقليلة جدا : سبع مرات ، وأما استعماله كلمة " وثق " : فكثير جدا لا داعي لاحصائه . وهذه أرقام تراجم من وثقهم : 354 ، 361 ، 383 ، 777 ، 795 ، 808 ، 1072 ، 1283 ، 1507 ، 1609 ، 1628 ، 1741 ، 1770 ، 2120 ، 2188 ، 2255 ، 2264 ، 2341 ، 2352 ، 2355 ، 2489 ، 2603 ، 2629 ، 2683 ، 2705 ، 2816 ، 2833 ، 2858 ، 2927 ، 3039 ، 3043 ، 3060 ، 3311 ، 3383 ، 3475 ، 3489 ، 3512 ، 3515 ، 3518 ، 4154 ، 5073 ، 5146 ، 5425 ، 5589 ، 5629 ، 5675 ، 5700 ، 5915 5795 ، 5933 ، 5951 ، 6064 ، 6065 ، 6115 ، 6320 ، 6327 ، 6348 ، 6349 ، 6373 ، 6391 ، 6413 ، 6503 ، 6692 ، 6730 ، 6767 ، 6801 ، 6834 ، 6907 ، وانظر لزاما التعليق على رقم : 5915 ، 5933 .(1/39)
وأرقام من قال فيهم " صدوق " : 353 ، 2891 ، 2907 ، 3008 ، 3149 ، 3211 ، 3463 . ولكن لا بد من التنبيه إلى أنه قد يقول " وثق " وفي الرجل توثيق من غير ابن حبان ، مثل : صدقة بن المثنى الخعي ، وثقه أبو داود وابن حبان ، وعاصم العدوي : لم يحك المزي إلا توثيق النسائي - وهو في " ثقات " ابن حبان - فقال الذهبي : وثق ، وعباد بن موسى الختلي وثقه ابن معين وأبو زرعة وصالح جزرة وابن حبان ، وعباد بن نسيب وثقه ابن معين وابن حبان . وهذا نادر . وقد يقتصر المزي على توثيق ابن حبان فيقول الذهبي : وثق ، ويكون فيه توثيق من غير ابن حبان ، كما حصل له في سليمان بن سنان . وهذا نادر أيضا . وهذا الانحاء الثلاثة التي وقفها الذهبي من توثيق ابن حبان : ثقة ، صدوق ، وثق ، جاء مثلها من ابن حجر في " التقريب " ، فهو يقول : ثقة ، صدوق ، مقبول ، وهذا اللفظ الاخير هو الاكثر الاغلب ، وهو يعادل من كلام الذهبي : وثق ، وهو إولى وأدق من " مقبول " ، لان للمقبول اصطلاحا خاصا عند ابن حجر : من لم يرو
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 30 :(1/40)
من الحديث إلا القليل ، ولم يثبت فيه ما يترك من أجله ، وتوبع ، فإذا لم يتابع قال عنه : لين الحديث . وقد أحصيت من وثقهم ابن حجر في " التقريب " وانفرد ابن حبان بتوثيقهم فبلغ عددهم واحدا وعشرين رجلا ، ولا ريب عندي أن هناك آخرين سواهم ، وهذه أرقام تراجمهم في " التقريب " : 1701 ، 1863 ، 2143 ، 2149 ، 2448 ، 2785 ، 3024 ، 3048 ، 3210 ، 4214 ، 4307 ، 4442 ، 4828 ، 5052 ، 5090 ، 5474 ، 7280 ، 7710 ، 7763 ، 8205 ، 8419 ، لكنه قال عن هذا الاخير " مقبول " تحت رقم 4524 . وسبقه الذهبي إلى توثيق ثلاثة منهم ، وأرقامهم في " الكاشف " : 1507 ، 5951 ، 6348 ، وهذه أرقام من قال فيهم " صدوق " من " تقريب التهذيب " : 243 ، 271 ، 453 ، 497 ، 585 ، 668 ، 695 ، 696 ، 1292 ، 2224 ، 2252 ، 2256 ، 2763 ، 3059 ، 3080 ، 3209 ، 3232 ، / صفحة 31 / 3348 ، 3370 ، 3530 ، 3553 ، 3569 ، 3624 ، 3711 ، 3859 ، 4044 ، 4069 ، 4091 ، 4183 ، 4253 ، 4256 ، 4260 ، 4354 ، 4617 ، 4680 ، 4693 ، 4697 ، 4718 ، 4828 ، 4900 ، 4914 ، 4929 ، 4950 ، 5063 ، 5131 ، 5481 ، 6170 ، 6285 ، 6334 ، 7798 . فمجموعهم اثنان وخمسون رجلا ، وثمة آخرون جزما . أما من قال عنهم " مقبول " : فكثيرون جدا لا داعي إلى إحصائهم . وقد قلبت وجوه النظر كثيرا لا تعرف على ضابط ينتظم في سلكه سبب توثيق - أو تصديق - هذين الامامينلمن انفد ابن حبان بتوثيقهم ، فلم أقف على ما أطمئن إليه . وزعم بعض الناس على الامامين الذهبي وابن حجر أن سبب ذلك عندهما : رواية عدد من الثقات عن الرجل ! وهذا إن صح في عدد من الامثلة ، فانه لا يصح في عدد آخر كثير . فقد اتفق الذهبي وابن حجر على توثيق زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ولم يرو عنه إلا اثنان ! في حين أن وهب بن مانوس روى عنه اثنان أيضا ، فوثقه الذهبي وقال ابن حجر : مستور .(1/41)
وميمون بن الاصبغ : وثقه الذهبي وقال ابن حجر : مقبول ، وقد روى عنه اثنان وثلاثون رجلا ! ! . والزبير بن الوليد : وثقه الذهبي وقال ابن حجر : مقبول ، ولم يرو عنه سوى واحد ! ! . وإسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي : روى عنه أربعة ، ووثقه الذهبي ، وقال ابن حجر : لين الحديث . وعبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن واقد بن عبد الله بن عمر ، وعبد الله ابن الوضاح اللؤلؤي ، روى عن كل منهم أكثر من عشرة ، وقال عنهم ابن حجر : مقبول ، ووثقهم الذهبي . في حين أن ابن حجر قال صدوق عن كل من : عبد الوهاب بن عبد الكريم الاشجعي ، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن مزاحم ، والوليد بن سريع ، وقد روى عن كل واحد منهم عشرة فاكثر ، فما الفرق بينهم وبين من قبلهم ؟ ! أما الذهبي فوثقهم أيضا . وشريك بن حنبل العبسي قال فيه الذهبي هنا : وثق ، وقال في " الميزان " 2 ( 3693 ) : " لا يدرى من هو ، ووثقه ابن حبان " ولم يرو عنه إلا اثنان ، ومع ذلك قال ابن حجر : ثقة ! . في أمثلة كثيرة لا داعي إلى الاطالة بها ، لكنى أنبه القارئ الكريم إلى ضرورة التنبه إلى هذه الجوانب أثناء قراءة التعليقات ، فقد كنت أشير إليها إشارة دون تصريح ، إما بنقل كلام ابن حجر " مقبول " ، وإما بالاحالة على ترجمة المترجم من " ثقات " ابن حبان بذكر الجزء والصفحة . واختلاف هذين الامامين في الحكم على الرجل ، بل تباينهما في الحكم - من : ثقة إلى : لين ، ومن : ثقة إلى : مستور - لهو أذل دليل على عدم صحة اعتبارهما كثرة الرواة الثقات عن رجل ، مع توثيق ابن حبان له : سببا لتوثيقه .(1/42)
أما ما جاء في " فتح المغيث " 1 : 298 : " كثرة رواية الثقات عن الشخص توقي حسن الظن فيه " ففيه : أن هذا أمير غير التوثيق والتصديق ، كما هو واضح من العبارة نفسها ، ومن سياقهما هناك ، وفيه أيضا : أن هذا / صفحة 32 / حكم عام ، فلا ينسحب على أحكام إمامين لا ندري ما موقفهما منه ، قبلاه أو رداه ، لا سيما أن في كتابيهما أمثلة تخالف ما فهم من كلامهما . والله أعلم . وخلاصة هذا كله : أن هذين الامامين كثيرا ما ياخذان توثيق ابن حبان بالاعتبار والاعتماد ، يضاف إليهما اعتماد أئمة آخ رين عليه ، منهم : الحافظ الزيلعي رحمه الله صاحب " نصب الراية " ، فانه قال 1 : 73 عن حديث زينب السهمية عند ابن ماجه : " سنده جيد " ، من أجل أن ابن حبان ذكرها في " ثقاته " ، مع أن الدارقطني قال عن حديثها في " سننه " 1 : 142 : " مجهولة لا تقوم بها حجة " وقال ابن حجر : " لا يعرف حالها " ولم يرو عنها سوى اثنين : أخيها شعيب ، وابنه عمرو ، فهذا ذهاب منه إلى توثيق ابن بان لها ، والله علم . وانظر منه 2 : 32 . ومنهم : زميله ومرافقه العراقي ، فانه لما عمل كتابا في الرجال - وكتب منه قسما يسيرا فقط ( 1 ) - كان يحرص جدا على حكاية توثيق ابن حبان للرجل ، ولو كان فيه توثيق عدد من غيره من الائمة .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 32 :(1/43)
وتجد هذه النقول في " حاشية الكاشف " هذه ابتداء من رقم 17 إلى 200 ، فتأملها تجد أسلوبه وعبارته يدلان علياهتمامه به ، وانظر على سبيل المثال رقم 149 ، 154 . وورث عن الحافظ العراقي هذا تلميذان : نور الدين الهيثمي ، وسبط ابن العجمي . أما الهيثمي : فمشهور بذلك في كتابه " مجمع الزوائد " . وأما البرهان سبط ابن العجمي : فقال في مقدمة كتابه " نثل الهميان في معيار الميزان " - الآتي وصفه صفحة 132 - وهو يذكر منهجه في استدراكاته على " ميزان الاعتدال " : " ورأيت المؤلف قد اقتصر على تضعيف أشخاص أو تجهيلهم ، وقد ذكرهم بعض الحفاظ . . . وغالبهم في " ثقات " ابن حبان . فان قيل : وإذا كان كذلك فما فائدة ذكرك إياه من " ثقات " ابن حبان ؟ . فالجواب : أنه يكون قد اجتمع فيه جرح وتعديل ، وهذه مسالة خلاف . فان قيل : إن المؤلف قد قال في " الميزان " في ترجمة عمارة بن حديد - 3 ( 6020 ) - : لا يفرح بذكر ابن حبان له في " الثقات " ، فان فقاعدته معروفة من الاحتجاج بمن لا يعرف ، انتهى . وقال في " الكاشف " في ترجمة يوسف بن ميمون - ( 6455 ) - : ضعفوه ، فلا عبرة بذكر ابن حبان له في " الثقات " - انتهى : فجوابه : أن ذكر ابن حبان في " الثقات " له شئ في الجملة ( 2 ) ، كيف وقد قال الامام الحافظ المحقق أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الملك بن يحيى بن إبراهيم الحميري الكتامي الفاسي ابن القطان ، في / صفحة 33 / كتاب " بيان الوهم والايهام الواقعين في كتاب الاحكام " لعبد الحق - وهو كتاب نفيس جدا ، يدل على فرط ذكائه وكثره حفظه ومعرفته ، وقد وقفت عليه بالقاهرة ، ووقفت على ترتيبه على ترتيب عبد الحق ، للامام علاء الدين مغلطاي البكجري بخطه ، ولكن لم أمعن النظر فيه - : " إن الشخص إذا زكاه واحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه : قبل ، وإلا فلا " . انتهى . وهذا اختيار له ، وهو قول من خمسة أقوال في مجهول العين " .(1/44)
انتهى كلام البرهان . وتلمى العراقي الثالث - وهو ابن حجر - وتقدم أمره ، وهذا نقل آخر عنه . قال في " فتح الباري " 9 : 591 كتاب العقيقة - باب إماطة لاذى عن الصبي ، عن حوثرة بن محمد : " احتج به ابن خزيمة في " صحيحه " ، وذكره ابن حبان في " الثقات " ، فالاسناد قوي ، ألا أنه شاذ . . . " ولم يعله بحوثرة . راعتمد في " الفتح " 7 : 160 آخر باب القسامة في الجاهلية رواية عيسى بن حطان قة عمرو بن ميمون راجم القردة ، وعيسى لم يوثقه غير ابن حبان . وانظر لزاما " فتح القدير " لابن الهمام 1 : 67 . ومن المعاصرين : العلامة الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله تعالى ، فانه يعتمد ذلك كثيرا في تعليقاته على " مسند أحمد " و " سنن الترمذي " و غيرهما . وكذلك شيخنا جهبذ العصر مولانا العلامة الحجة الشيخ حبيب الرحمن الاعظمي حفظه الله ورعاه ، فقد كتب إلي في جواب سؤالي عن رأيه في ذلك : " وأما توثيق ابن حبان إذا انفرد : فهو مقبول عندي ، معتد به ، إذا لم يات بما ينكر عليه " . ثم جاءني جواب شيخنا العلامة حافظ المغرب الشيخ عبد الله الصديق الغماري حفظه الله تعالى ، وفيه جواب ممائل لجواب شيخنا الاعظمي ، فالمعنى هو المعنى ، والاستدلال هو هو ! . وسيأتي تمام ذلك إن شاء الله عند الحديث عن المجاهيل ص 55 . وقبل إنهاء الحديث عن هذه الفقرة السابعة : أنبه إلى ضرورة التنبه إلى ما في قولهم حين حكاية توثيق راو عن عدد من الائمة ، يقولون : وثقه فلان وفلان . . . ، ويكون من جملة هذه التوثيقات : لا باس به ، محله الصدق ، ونحوهما من الالفاظ النازلة عن مرتبة : ثقة . ويقولون أحيانا : حديث كذا : رواه من الثقات فلان وفلان . . . ، ويذكرون بينهم من فيه كلام كثير بحيث لا يوثق بحال ، نعم ، هو غير مدفوع عن الصدق ، كقول الدارقطني في " سننه " 1 : 89 : " خالفه جماعة من الحفاظ الثقات ، منهم : زائدة بن قدامة ، وسفيان الثوري . . ،(1/45)
وحجاج بن أرطاة " ، مع ما تراه من كلامه فيه 3 : 174 - 175 ، ومن جملته : " ترك الرواية عنه سفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد القطان وعيسى بن يونس بعد أن جالسوه وخبروه ، وكفاك بهم علما بالرجال ونبلا " . ونحو هذا : قولهم : ضعفه فلان وفلان . . ، ومراتب ألفاظهم في تضعيفه متفاوتة . وانظر ص 76 . 8 - ومن ألفاظه : صدوق ، ويستعمل : صدقه فلان ، كما يقولون : ثقة ، ورثقه فلان ، وضعيف ، وضعفه فلان . قال في أحمد بن عبد الرحمن البسري : " صدقه أبو حاتم " . / صفحة 34 / وسلف المصنف في هذا الاستعمال : ابن عدي ، فانه قال آخر ترجمة عاصم بن علي الواسطي من " الكامل " 5 : 1876 : " ضعفه ابن معين ، وصدقه أحمد بن حنبل وصدق أباه وأخاه " . والحديث عن كلمة ( صدوق ) ومراحلها في استعمالات الائمة لها : طويل ، ويستاهل أن يفرد في جزء ، لكن مما يفيد ذكره هنا - مع التنبيه إلى ضرورة نقل كلمات الجرح والتعديل على وجهها - ما أسنده الامام
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 34 :(1/46)
مسلم في " التمييز " ص 176 ( 23 ) إلى شعبة بن الحجاج أنه قال : " شك ابن عون إصدق عندي من حديث آخر عندكم ، صدوق صدوق " . ف ( صدوق ) هنا : بمنزلة قوله : ثبت ، إو متقن ، أو حجة ، يريد بها التأكيد على شدة ضبط ابن عون ، بقرينة أول كلامه ، ومن الخطا الكبير في مثل هذه الحال أن يقال مثلا : قال شعبة في ابن عون : صدوق ، مرة واحدة ، أو مرتين ، دون نقل صدر كلامه . 9 - واستعمل رحمه الله : صدق ، قال ذلك في سليمان بن منصور البلخي ، وهي مثل قولهم : وثق ، وضعف . 10 - واستعمل أيضا : ضعف ، قالها في إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر . 11 - وكذلك : لين ، قالها في محمد بن عثمان بن صفوان الجمحي . ويلزم من استعماله هذه الالفاظ الاربعة : وثق ، صدق ، لين ، ضعف : أن تكون قد قيلت في الرجل ، فلا يصح لي أن أقول في فلان ( وثق ) إلا وقد قيل فيه : ثقة ، وهكذا سائرها ، لكنك تجد في التعليق على سليمان بن منصور أني لم أجد في ترجمته من قال فيه ( صدوق ) وإن كان الرجل من أهل هذه المرتبة . وقال عن محمد بن عثما الجمحي : " لين " - وضبطها كذلك بقلمه - وبمراجعة ترجمته في مصادرها الاصلية والآخذة عنها تبين أن أبا حاتم قال فيه 8 ( 108 ) : " هو منكر الحديث ، ضعيف الحديث " ، فلم يقل فيه أحد ( لين ) ، وحاله أشد ضعفا من حال من فيه تليين . وحصل له نحو هذا في محمد بن فليح ( 5116 ) . ولم أضبط أبدا كلمة " لين " لا بفتح اللام ولا بضمها ، لاحتمال رسمها الوجهين ، ويترتب عليه اختلاف المعنيين ، هل هي بفتح اللام ، وتكون حكما من المصنف على الرجل ، أو بضم اللام ، وتكون حكاية منه لقو الآخرين المتقدمين ؟ وإن كنت أرچح أنها بضم اللام ، على شاكلة استعماله الالفاظ الاخرى : وثق ، صدق ، ضعف ، فانها لا تحتمل وجها آخر ، ولكون المصنف ضبطها كذلك في الموضع المشار إليه ( 5041 ) . وقد استعمل " لين " - كما رأيت - فيمن بلغ مرتبة التليين وزيادة .(1/47)
واستعمل " ضعف " في إسماعيل بن إبراهبم بن مهاجر ، وقد اتفق على تضعيفه ، بل استعملها في سليمان بن عبد الحميد البهراني موضع قول النسائي : " كذاب ليس بثقة " ! فلا بد من مراجعة المصادر الاصلية ، أو المصادر التي تعنى بنقل ألفاظ الجرح والتعديل بدقة ، ومنها كتاب الامام المزي " تهذيب الكمال " - غالبا - . / صفحة 35 / ويحتم مراجعة الاصول : أن المصنف قد لا يعبر بما يعطي مدلولا تاما للكلمة الاصلبة في الرجل ، مثال ذلك قوله في داود بن رشيد الطفاوي : " لينه ابن معين " مع أن لفظه - كما نقلته في التعليق عليه - : " ليس بشئ " . وفرق كبير بين اللفظين . ومثله تماما ما حصل له في ترجمة داود بن عبد الله الاودي - وإن كان فيه متابعة للمزي في وهم حصل له - . وبمناسبة حديثي عن تحتم مراجعة الاصول أصور للقارئ ما حصل لي الآن . كتبت في المسودة هذا الكلام الذي تراه ، وأن التليين شئ ، و " ليس بشئ " ، شئ آخر ، وأن الفرق بينهما كبير ، ثم رأيت في " تهذيب التهذيب 8 : 393 ترجمة قيس بن الربيع الاسدي : " وقال المروذي : سالت أحمد عنه فلينه وقال : كان وكيع إذا ذكره قال : الله المستعان " . ففهمت منه أن " وقال " معطوف على " فلينه " ، ويكون المعنى حينئذ أن حكاية الامام أحمد كلام وكيع : استدلال منه على تليينه . والمال : أن تعبير المصنف ب " لينه ابن معين " عن " ليس بشئ " : أمر سائغ مستعمل نظيره من المتقدمين ، فلا يستنكر وقوعه من المصنف . هكذا فعلت ، كتبت إشارة إلى هذا النص في المسودة ، ولما وصلت إليه الآن ، بدا لي أن إعدل عما كتبت كليا ، أو أن أتركه كما هو ، وأنبه إلى هذا النص ، وأرجع إلى مقتضاه .(1/48)
لكني طبقت المبدأ اذي مشيت عليه خلال خدمتي الكتاب جميعه ، والمبأ الذي أدعو إليه قبل سطر واحد ، فرجعت إلى رواية المروذي عن الامام أحمد فرأيت فيها ما يلي : جاء في فقرة ( 206 ) : " سألته عن قيس بن الربيع ، فلينه ، قلت : أليس قد روى عنه شعبة ؟ قال : بلى " . ثم جاء في فقرة ( 228 ) : " وقال - أح مد - : كان وكيع إذا ذكر قيس بن الربيع قال : الله المستعان " ، فلا ارتباط لفظي بين الفقرتين ، إعني : أن قوله : " وقال : كان وكيع . . . " ليست تفسيرا للتليين ولا للاستدلال عليه ، ورأي الامام أحمد فيه : التليين ، أما رأئ وكيع فيه : فاتضعيف الشديد ، لان قولهم : " الله المستعان " في رجل ما ، من مراتب الجرح الشديد ، كما قرره بشواهده شيخنا العلامة المحقق الكبير الاستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى في تعليقاته على " الرفع والتكميل " ص 173 فما بعدها ، وهذا النص الذي ذكرته : منها . ومن النظر في " ثقات " ابن حبان 5 : 256 ، و " المجروحين " له 1 : 357 يبدو أن قولهم " الله المستعان " من المرتبة الثانية ، كما هو ظاهر كلام شيخنا آخر بحثه . فتبين من مثال شاهد قريب ضرورة الرجوع إلى المصادر الاصلية ، لتكون النتائج : " سددوا وقاربوا " .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 35 :(1/49)
وقد كنت حريصا على لفت النظر إلى هذا المعنى في التعليق بقدر ما أمكنني التنبه له والتنبيه إليه ، ومع ذلك أدعو القارئ إلى أن لا يقف عند حدود تنبيهاتي ، بل عليه بالرجوع إلى المصادر الاصول ، فانها خزائن العلم ومعادنه . 12 - ومن ألفاظه في التعديل : " محله الصدق " ( 2052 ) ، وهي دون قولهم : " صدوق " وقريب جدا من / صفحة 36 / قولهم : صدوق إن شاء الله ، حيث إن كليهما ليس فيه جزم ببلوغ الراوي مرتبة الصدوق ، لان معنى ( محله الصدق ) : أنه مظنة الصدق . وإذا كنا نحسن حديث الصدوق ، فمن يقال فيه ( محله الصدق ) : نتوقف في تحسينه . قال ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " 2 : 133 آخر ترجمة إبراهيم بن مهاجر البجلي : " سمعت أبي يقول : إبراهيم بن مهاجر ليس بقوي ، هو وحصين بن عبد الرحمن ، وعطاء بن السائب قريب بعضهم من بعض ، محلهم عندنا محل الصدق ، ويكتب حديثهم ولا يحتج بحديثهم ، قلت لابي : ما معنى لا يحتج بحديثهم ؟ قال : كانوا قوما لا يحفظون ، فيحدثون بما لا يحفظون ، فيغلطون ، ترى في أحاديثم اضطرابا ما شئت " . أي : كثيرا . فبان بهذا أن " محله الصدق " وصف للرجل سيئ الحفظ ، وأن الاضطراب الواقع في روايته : عن غير قصد وسوء نية ، فهو مدفوع عن الضبط لا عن مطلق الصدق ، قال الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في " التدريب " ص 232 : " إن " صدوقا " مبالغة في الصدق ، بخلاف " محله الصدق " ، فانه دال على أن صاحبها محله ومرتبت مطلق الصدق " . وبان بهذا أيضا أن " محله الصدق " و " ليس بقوي " و " يكتب حديثه ولا يحتج به " كلها بمرتبة واحدة سواء عند الامام أبي حاتم ، وأرى أنها لا تختلف عند غير أيضا ، على أن هذه الالفاظ لا تكثر إلا في كلام أبي حاتم ، سوى " ليس بقوي " فانها تكثر ف كلامهم جميعا .(1/50)
13 - وفي الكتاب ألفاظ متقاربة ، ويلحق بها ألفاظ أيضا تقرب منها من حيث المدلول وهي من زمرتها اللظة ، فانا أجمعها إلى بعضها وأشير إلى مراتبها . 1 " - لا بأس به . 2 " - ليس به باس . 3 " - ما أرى به باسا . 4 " - لا أعلم به باسا . 5 " - أرجوا أنه لا باس به . 6 " - ليس بحديثه باس . هذا ترتيبها فيما أرى . والله أعلم . أما اللفظة الاولى والثانية : فمن مرتبة واحدة تماما . والثالثة والرابعة دونهما ، إذ في الاوليين جزم ، وإشارة إلى أنه حكم عام ، منه ومن غيره ، أم ا هاتان ففيهما الخلو عن هذين الملحظين . و " ما أرى " بمعنى " لا أعلم " . وأما الخامسة : فواضح أن نفي الباس عنه من باب الرجاء ، و " لا يلزم من عدم العلم حصول الرجاء " ( 1 ) . وأما السادسة : فاخرتها لاننفي الباس عن حديثه لا عنه ذاته ، وقد يكون مراد قائلها أن جملة أحاديثه مستوية لا باس بها ، أما الرجل فله فيه وقفة ، وقد يكون مراده حديثا معينا سئل عنه فنفى عنه الباس . والله أعلم . / صفحة 37 / ثم إنه اشتهر أن ابن معين يسوي بين " لا باس به و " ثقة " . شهر ذلك عنه الامام ابن الصلاح في " مقدمته " في النوع الثالث والعشرين : معرفة من تقبل روايته ومن ترد ، تحت المسالة الخامسة عشرة ص 134 من حاشية العراقي عليه ، معتمدا على ما حكاه عن ابن معين تلميذه وراويته ابن أبي خيثمة ، قال : " قال ابن أبي خيثمة : قلت ليحيى بن معين : إنك تقول : فلان ليس به باس ، وفلان ضعيف ، قال : إذا قلت لك " ليس به باس " : فهو ثقة ، وإذا قلت لك " هو ضعيف " فليس بثقة ، لا تكتب حديثه " . ولم يحك هذه التسوية عن ابن معين أحد قبل ابن الصلاح ، وتوبع على ذلك ، ويبدو لي في هذا الحكم وقفة .(1/51)
فالتامل في القصة يفيد أن ابن معين أراد في الشطر الاول من كلامه القبول العام ، كما أنه أراد في الشطر الثاني الرد العام ، فهو لم يرد من قوله : " فهو ثقة " : الثقة الاصطلاحية ، إنما أراد القبول الشامل للثقة ، ومن دونه بقليل بحيث لا يخرج عن دائرة القبول : ثقة ، قوي ، صدوق ، لا باس به . وأراد بقوله : " ليس بثقة " : غير مقبول ، ولم يرد المرتبة الشديدة الضعف التي ينف عن صاحبها العدالة والضبط معا ، فهي كقولنا : متروك ، ساقط ، واهي الحديث . وإلا للزم أن نقول : من قال فيه ابن معين " ضعيف : فهو غير ثقة ، أي : من المرتبة الثالثة من مراتب الجرح ، في حين أن كلمة ( ضعيف ) من ألفاظ المرتبة الخامسة . وخالفه العراقي في " شرح ألفيته " 2 : 7 في التسوية بين : لا باس به ، وثقة ( 1 ) ، فقال : " قلت : ولم يقل ابن معين : إن قولي : ليس به باس كقولي : ثقة ، حتى يلزم منه التساوي بين اللفظين ، إنما قال : إن من قال فيه هذا : فهو ثقة ، وللثقة مراتب ، فالتعبير عنه بقولهم ( ثقة ) أرفع من التعبى عنه بانه لا باس به ، وإن اشتركا في مطلق الثقة . والله أعلم " . وتابعه الكمال ابن الهمام في " التحرير " 2 : 248 . بشرح ابن أمير حاج عليه . ويدل على أن " لا باس به " : دون " ثقة " : ما جاء في " تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي ( 244 - 246 )
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 37 :(1/52)
وسالته عن مندل بن علي ؟ فقال : ليس به باس . قلت : وأخوه حبان بن علي ؟ فقال : صدوق . قلت : إيهما أحب إليك ؟ فقال : كاهما وتمرا . كانه يضعفهما " ( 2 ) . فانظر كيف سوى بين : صدوق ، ولا باس به ، فقال : " كلاهما وتمرا " ، وانظر إلى تعليق الدارمي عليه : / صفحة 38 / " كانه يضعفهما " والدارمي تلميذ ابن معين وراويته ومشاهد لحركاته وهيئته حين يجيبه ، وينقل هذه المشاهد مع نقله لالفاظه ويعبر عنها بقوله هذا . ومثله تماما ما جاء في المصدر المذكور ( 334 ) : " سألته عن الربيع بن صبيح ؟ فقال : ليس به باس ، وكانه لم يطره ، قلت : هو أحب إليك أو المبارك - بن فضالة - ؟ فقال : ما أقربهما " . وهذا لا ينع أن يوجد راو يقول فيه ابن معين : لا باس به ، ويقول غيره - أو هو نفسه في مقام آخر - : ثقة . أما تفسير هذا الحوار بين ابن معين وتلميذه ابن أبي خيثمة بانهما كلمتان متساويتان : فهذا بعيد . والله أعلم . 14 - حديثه مقارب ، مقارب الحديث ( 1422 ، 2483 ) . والصواب في ضبط الراء جواز كسرها وفتحها ، على معنى التعديل ، خلافا لمن قصر الكسر على معنى التعديل ، والفتح على التجريح . قال العراقي في " حاشيته على ابن الصلاح " ص 137 : " وهما على كل حال من ألفاظ التوثيق . . . ، وممن ذكره من ألفاظ التوثيق الحافظ أبو عبد الله الذهبي في مقدمة " الميزان . " . ونقل كلامه السيوطي في " التدريب " ص 235 ووافقه ، ولم أر في مقدمة " الميزان " المطبوع شيئا . نعم هو في آخ ر مراتب ألفاظ التعديل ، المرتبة الرابعة عند العراقي ، والمرتبة السادسة عند السخاوي - انظر " الفع والتكميل " ص 150 ، 164 - مع قولهم : صدوق إن شاء الله ، صالح الحديث ، جيد الحديث ، حسن الحيث ، صويلح . وحديث هؤلاء لا يحسنونه .(1/53)
لكن الامام الترمذي نقل في " سننه " 5 : 305 ( و " العلل الكبرى " 2 : 677 عن الامام البخاري أنه قال في الوليد بن رباح : " مقارب الحديث " وجاء في " العلل الكبرى " 2 : 967 قول البخاري نفسه في الوليد نفسه : " حسن الحديث " . أما الترمذي فقال عنه حديثه المشار إليه : " حسن غريب " . وروى الترمذي حديثا قبل المشار إليه 5 : 304 ( 1578 ) من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة ، وقال من عند نفسه : " مقارب الحديث " وقال عن الحديث : " حسن غريب " . لكنه في " العلل الكبرى " 2 : 976 نقل ذلك عن البخاري . وقال في كلامه على الحديث الثالث من " سننه " : " عبد الله بن محمد بن عقيل صدوق ، تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه . وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان إحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم - ابن راهويه - والحميدي يحتجون بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل . قال محمد - هو البخاري أيضا - : وهو مقارب الحديث " فمثل هذا لا ينزل حديثه عن الحسن مع قوله " مقارب الحديث " . بل لقد حسن البخاري نفسه حديثه المروي في " سنن الترمذي " 1 : 148 ( 128 ) باب ما جاء في المستحاضة أنها تجمع بين الصلاتين بغسل واحد - وفي المطبوع الذي أعزو إليه : حسن صحيح ، وأرى أنها زيادة غير صحيحة - وعطف عليه قوله : " وهكذا قال أحمد بن حنبل : هو حديث حسن صحيح " وهي زيادة صحيحة ثابتة في أكثر من أصل خطي قويم . خلاصة ذلك : أن قول البخاري أو تلميذه الترمذي في رجل " مقارب الحديث " من ألفاظ تحسين الحديث الحسن الاصطلاحي ، وقد قال في " سننه " 1 : 254 عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم : " رأيت البخاري يقوي أمره ويقول : هو مقارب الحديث " .(1/54)
/ صفحة 39 / وينبي التنبه إلى إن هذه المرتبة المتأخرة لكلمة " مقارب الحديث " من قبل متاخري علماء الجرح والتعديل : إنما هي فيما إذا اطلقت وحدها ، ولم يقترن معها كلمة ترفعها إلى مستوى إعلى ، كقول الامام البخاري الذي رواه عنه الترمذي في " العلل الكبرى " 2 : 981 : " أحاديث أهل العراق عن زهير بن محمد - التميمي الخراساني - مقاربة مستقيمة " . فزاد وصفها بالاستقامة . وقال في أواخر كتاب فضل الجهاد 5 : 376 ( 1666 ) : " إسماعيل بن رافع ضعفه بعض أهل الحديث ، وسمعت محمدا يقول : هو ثقة مقارب الحديث " - وإن كان المعتمد في إسماعيل الضعف - . وقال في " سننه " 9 : 7 ( 3250 ) من قبل نفسه عن حجاج بن دينار : " حجاج ثقة مقارب الحديث " ، ونقل في " العلل الكبرى " 2 : 969 عن البخاري قوله في حجاج نفسه : " مقارب الحديث " . ذلك أن إحدى الكلمتين ترشح للاخرى شيئا من معناها ، فثقة صدوق - مثلا - أع لى من : صدوق فقط ، لما تستفيده كلمة ( صدوق ) من كلمة ( ثقة ) ، كما أن كلمة ( صدوق ) تؤثر على كلمة ( ثقة ) ، ف ( ثقة صدوق ) أدنى من كلمة ( ثقة ) وحدها . فكذلك كلمة " ثقة تعطي كلمة " مقارب الحديث " حين اقترانها بها شيئا من القوة . ومما يستفاد من هذا الاقتران بين الكلمتين على لسان هذين الامامين : البخاري والترمذي : أن كلمة " مقارب ديث
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 39 :(1/55)
والترمذي : أن كلمة " مقارب الحديث " ليست من ألفاظ الجرح ، كما جاء في التعليق على " العلل الكبرى " 2 : 970 : " وخلاصة القول : أن قول البخاري عن رجل " مقارب الحديث " هو جرح للراوي " " . إذ كيف يجتمع لفظة توثيق وتجريح في آن واحد في رجل واحد ! . وانظر منه أيضا 2 : 962 . 15 - صالح الحديث : من ألفاظ التعديل الاخيرة قولهم : صالح الحديث ، ففيه نوع ثناء على ضبط الرجل ، وتقدم أنهم جعلوها مع : مقارب الحديث ، وهذا لا شئ فيه يحتاج إلى تنبيه . لكن الذي يحتاج إلى تنبيه : هو التفرقة بين هذا اللفظ ، وبين اللفظ الآتي : 16 : صالح . فانه ثناء على ديانة الرجل ، وقد نبه إلى هذه التفرقة الحافظ ابن حجر رحمه الله في " الكنت على ابن الصلاح " 2 : 680 ، فانه قال : " وقول الخليلي : إنه - أي أبا زكير - شيخ صالح : أراد به في دينه ، لا في حديثه ، لان من عادتهم إذا أرادوا وصف الراوي بالصلاحية في الحديث قيدوا ذلك فقالوا : صالح الحديث ، فإذا أطلقوا الصلاح فانما يريدون به في الديانة " . وقال في " تهذيب التهذيب " 1 : 222 ترجمة إسحاق بن إبراهيم الحنيني : " قال ابن أبي حاتم عن أبي زرعة : صالح . يعني في دينه لا في عدالته " . 17 - مشهور : كلمة تقتضي شهرة الرجل جهالته ، ويظهر من عبارة الحافظ ابن حجر رحمه الله - الآتية قريبا - أنها تقتضي عدم جهالة عينه ، أي : إن من قيل فيه ( مشهور ) : فهو معروف العين ، قد ارتفعت عنه جهالة عينه . وينبغي أن يفرق بينها وبين كلمة أخرى هي : 18 - مشهور الحديث . وشهرة الحديث غير شهرة الرجل ، فقد يكون حديثه مشهورا بين الرواة - أو الناس - / صفحة 40 / من غير طريقه ، أما هو فمجهول ، ولا يضره إن يكون حديثه غير مشهور إذا كان هو مشهورا بين علماء الحديث .(1/56)
نقل المزي في " تهذيبه " 7 : 7 في ترجمة حفص بن حسان أن النسائي قال فيه : مشهور ، فتعقبه مغلطاي بان النسائي إنما قال : مشهور الحديث ، وأخذ كلامه الحافظ فقال في " تهذيب التهذيب " 2 : 399 : " قلت : لفظ النسائي : " مشهور الحديث " ، وهي عبارة لا تشعر بشهرة حال هذا الرجل ، لا سيما ولم يرو عنه إلا جعفر بن سليمان ، ففيه جهالة " . فافادنا هذا القول التفرقة بين هاتين الكلمتين ، وأن " مشهور " فقط تدل على رفع جهالة عين الرجل . والله أعلم . 19 - وورد في التعليق على ترجمة القاضي القامس بن معن المسعودي قول الامام أحمد فيه : " مستور ثقة " . وهو كثير الورد في " تاريخ بغداد " سواء من الخطيب نفسه أو مما ينقله عن غيره ( 1 ) . وظاهر هذا التعبير مشكل ، إذ كيف يكون ثقة وهو مستور ، والمستور في الاصطلاح : من عرفت عدالته الظاهرة ، وجهلت عدالته الباطنة ، والثقة : من عرفت عدالته الظاهرة والباطنة وكان ضابطا . وكنت سالت عن هذا الاشكال عام 1392 شيخنا محدث المغرب الشيخ عبد الله الصديق الغماري حفظه الله تعالى ، فأجابني بجواب نقلته فيما علقته على نسبة ( الشيرجي ) من " الانساب " للسمعاني رحمه الله تعالى 7 : 456 ، وهذا نصه : " أم ا قول الخطيب " مستور ثقة " : فيقصد بقوله : " مستور " مجهول العدالة في الباطن مع كونه عدلا في الظاهر ، وهو أحد أنواع المجهول الثلاثة ، وقد قطع الاما سليم الرازي بالاحتجاج بروايته ، قال ابن الصلاح : ويشبه أن يكون العمل على هذا الرأي في كثير من كتب الحديث المشهورة ، وصحح النووي الاحتجاج به أيضا ، ومثل هذا لا يقال عنه ( ثقة ) إلا مع لفظ ( مستور ) ، كما يفعل الخطيب ، لافادة أن عدالته ظاهرية ، وليترك للناظر في روايته حرية الاخذ بها أو عده ، حسبما يقتضيه اجتهاده ويحثه ، وعند التعارض تقدم عليها رواية من يقال فيه : ثقة أو صدوق " .(1/57)
ثم رأيت ابن أبي يعلى حكى في " طبقات الحنابلة " 1 : 127 في ترجمة الامام أبي القاسم الجنيد رضي الله عنه قصة تدل دلالة واضحة على أن ( مستور ) كلمة تستعمل في ذاك الوقت وبعده للدلالة على وصف الرجل بالعفة والفضل والكرامة ، وما شابه هذه المعاني ، - وهي في " القاموس " بمعني : العفة - وقد كان القاسم بن معن المسعودي المذكور أول هذه الفقرة موصوفا بهذه المعاني ، كما يظهر من ترجمته في التهذيبين ، ومن " أخبار القضاة " 3 : 175 . وهذه حكاية ابن أبي يعلى : 1 " - قال : قال الجنيد : " رجاء رجل إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل ومعه غلام حسن الوجه ، فقال له : من هذا ؟ قال : ابني ، فقال أحمد : لا تجئ به معك مرة أخرى ، فلما قام قيل : أيد الله الشيخ ، رجل مستور ، وابنه أفضل منه ! فقال أحمد : الذي قصدنا إليه من هذا ليس يمنع من سترهما ، على هذا رأينا أشياخنا ، وبه خبرونا عن أسلافهم " . ثم وقفت على نصوص كثيرة تدل على المعنى الذي قدمته ، وعدد منها جاء في تراجم الاندلسيين ، مما صحح ظني السابق أنها كلمة محلية ( بغدادية ) . وهذه بعض النصوص : / صفحة 41 / 2 " - جاء ي
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 41 :(1/58)
كتاب " علل الحديث " لابن أب حاتم 1 : 131 : " سالت أبي عن حديث رواه الزهري ، وأسامة بن زيد ، ونافع ، وابن إسحا ، والوليد بن كثير ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن علي : نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القراءة راكعا . " ورواه الضحاك بن عثمان ، وداود بن قيس الفراء ، وابن عجلان ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، عن علي ، أيهما الصحيح ؟ قال أبي : لم يقل هؤلاء الذين رووا عن أبيه : " سمعت عليا " إلا بعضهم . وهؤلاء الثلاثة [ الذين زادوا : عن ابن عباس ] مستورون ، والزيادة من الثقة مقبولة . . . " ، فجاءت منه بمثابة : ثقات ، لكن لا يلزم أن يكون ثقة بالمعنى الاصطلاي الذي يقال عن حديث صاحبه : صحيح ، كما تقدم التنبيه إلى هذا آخر الفقرة السابعة ، ص 33 . 3 " - وقال الخطيب في " تاريخ بغداد " 7 : 335 ترجمة الحسن بن الطيب الشجاعي البلخي : " حدثني البرقاني قال : كلمت أبا بكر الاسماعيلي في روايته عن الحسن بن الطيب الشجاعي فقال : نحن سمعنا منه قديما ، وكان إذ ذاك مستورا وكتبه صحاحا وإنما أفسد أمره باخرة ، أو كما قال . " سالت البرقاني عن الحسن بن الطيب فقال : كان الاسماعيلي حسن الرأي فيه ، فذكرت - المتكلم هو البرقاني - له أنه عند البغداديين ذاهب الحديث ، فقال : لما سمعنا منه كان حاله صالحا " . 4 " - وفي " تاريخ بغداد " أيضا 9 : 35 ترجمة سليمان بن حرب ، قال يحيى بن أكثم : " قال لي المأمون : من تركت بالبصرة ؟ فوصفت له مشايخ ، منهم : سليمان بن حرب ، وقلت : هو ثقة حافظ للحديث عاقل في نهاية الستر والصيانة ، فأمرني بحمله إليه . . . " إلى آخر الخبر وفيه طرافة وحضور بديهة .(1/59)
5 " - وفي " النجوم الزاهرة " لابن تغري بردي 3 : 3 : " قال أحمد بن يوسف : قلت لابي العباس بن خاقان : الناس فرقتان في ابن طولون ، فرقة تقول : إن أحمد : ابن طولون ، وأخرى تقول : هو ابن يلبخ التركي ، وأمه قاسم جارية طولون . فقال : كذبوا ، إنما هو ابن طولون ، ودليله : أن الموفق لما لعنه نسبه إلى طولون ولم ينسبه إلى يلبخ ، ويلبخ مضحاك يسخر منه ، وطولون معروف بالستر " . 6 " - وترجم أبو بكر المالكي في " رياض النفوس " 1 : 313 - من الطبعة القديمة - لابي الوليد عبد الملك بن قطن المهري اللغوي ، ومما نقله عنه في ترجمته قوله : " كانت شدة أزمة عظيمة ، وضاق بنا الحال ، فبلغني أن رجلا من أراف مهرة عنده طعام كثير يصل منه ويعطي ، قال : فحسن عندي أن أنال منه شيئا ، فركبت دابتي ومضيت حتى وصلت منزله ، فوجدته جالسا في مسجده وعنده جماعة من الناس مسورون وغيرهم ، فجلست وعرفته بنفسي . . . " . 7 " - وترجم ابن بشكوال في كتابه " الصلة " 1 : 314 أبا المطرف عبد الرحمن بن أحمد المعافري القرطبي وقال : " كان من أفاضل ارجال أولي النباهة ، وكان محمود السيرة ، جميل الطريقة ، تولى القضاء ، وانصرف عن العمل محمود السيرة لم تتعلق به لائمة سمحا في أخلاقه ، جيد المعاشرة لاخوانه ، بارا بالناس ، ولما وصل كتابه بالعزل اشتد سروره ، وأعلن شكر الله عليه ، ودخل بيته فعاود طريقته من الزهد والانقباض إلى أن مضى لسبيله مستورا " . / صفحة 42 / 8 " - وقال في ترجمة أبي الاصبغ عسلون بن أحمد بن عسلون 2 : 447 : " روى عنه الصاحبان ( 1 ) وقالا : كان رجلا صالحا مستورا ، جالسناه وصحبناه " . 9 " - رجاء فيه 2 : 535 في ترجمة ابن الصناع : " قال ابن حيان ( 2 ) : كان مشهورا بالفضل ، مقدما في حملة القرآن ، مبرز العدالة ، التمسته أيام اشتد القحط ، فمضى مستورا ، وأتبعه الناس ثناء حسنا جميلا " .(1/60)
10 " - وقال في ترجمة أبي القاسم يحيى بن عمر بن حسين بن نابل القرطبي 2 : 662 : " من بيئة طهارة وهدي وسنة هو أبوه وجده كلهم على طريقة مثلى ، قال ابن حيان : كان فقيها حافظا صالحا ورعا خيرا عفيفا مستورا مقتديا بالسلف " . فهذه عشرة نصوص ناطقة بالمعنى الذي قدمته : الستر : الفضل والنبل والعفة ، والمستور : هو الرجل الفاضل النبيل العفيف الكريم في قومه ، وما شابه هذه الكلمات . 20 - وقد يوثقون جماعة توثيقا إجماليا مبهما ، فيقولون : شيوخ فلان ثقات ( 4845 ) . يريدون القبول العام ، لا التوثيق الاصطلاحي الذي يصحح حديث صاحبه ، وينبغي تقييد هذا القبول العام بانه : 1 " - قبول عام عند قائله ، لا عند كل أحد . قال الحافظ رحمه الله في مقدمة " لسان الميزان " 1 : 15 : " من عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة ، فانه إذا روى عن رجل : وصف بكونه ثقة عنده ، كمالك وشعبة والقطان وابن مهدي ، وطائفة ممن بعدهم " . 2 " - وبانه قبول أغلبي لا كلي ، بمعني أن أغلب شيوخه داخلون تحت القبول العام ، لا جميعهم ، فقد قيل ذلك في شيوخ شعبة ، وشعبة يضعف بعضهم . والصيغة التي ياتي معها حصر والستثناء أقوى في دلالتها من الصيغة التي ليس فيها ذلك ، أعني : أن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 42 :(1/61)
قولهم : شيوخ مالك ثقات إلا عبد الكريم بن أبي المخارق ، وشيوخ ابن أبي ذئب ثقات إلا أبا جابر البياضي ، وهكذا ، إقوى من قولهم : شيوخ شعبة ويحيى القطان وأمثالهما ثقات ، ذلك لان الاستثناء دليل الحصر والتتبع . ويلحق بهذذا التوثيق الاجمالي توثيقان آخران : الاول : قال الحافظ في " تهذيبه " 1 : 347 ترجمة أسيد بن المتشمس : " قال ابن أبي خيثمة في " تاريخه " : سمعت ابن معين يقول : إذا روى الحسن البصري عن رجل فسماه فهو ثقة يحتج بحديثه " . وقد روى الحسن عن أسيد هذا . وفي " الجرح والتعديل " 6 : 323 - آخر الصفحة - عن ابن أبي خيثمة أيضا ، عن ابن معين أنه قال : " إذا حدث الشعبي عن رجل فسماه فهو ثقة يحتج به " . الثاني : قال الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى في " البداية والنهاية " 9 : 216 : " صرح كثير من الائمة / صفحة 43 / بان كل من استعمله عمر بن عبد العزيز ثقة " . ويدخل تحت ( من استعمله ) : من استعمله واليا أو قاضيا أو عاملا على جباية الزكوات ونحو ذلك . والله أعلم . فهذان من التوثيق الاجمالي ، ويقال فيهما ما قيل فيما سبق . وقال ابن حجر في " تعجيل المنفعة " ص 238 ( 931 ) : " حكم شيوخ عبد الله - بن الامام أحمد - القبول إلا أن يثبت فيه جرح مفسر ، لانه كان لا يكتب إلا عمن أذن له أبوه فيه " . فانظر مكانة التوثيق الاجمالي عند ابن حجر . 21 - ومن نوادر ألفاظهم : قولهم في الرجل : فقيه البدن ، ومثلها عند الاصوليين : ففيه النفس ( 1 ) . وقد نقل المصنف رحمه الله هنا في ترجمة أحمد بن سعيد الدارمي قول الامام أحمد فيه : " ما قدم علينا خراساني أفقه بدنا منه " . وفي " تهذيب " ابن حجر 9 : 30 عن أبي حاتم الرازي أنه قال في الامام الشافعي : " فقيه البدن صدوق " .(1/62)
وكنت علقت على " الانساب " للامام السمعاني رحمه الله ( الشاشي ) 7 : 245 ما نصه : " يتكرر ورود هذه الكلمة " فقيه البدن " في كتب الجرح والتعديل ، وكنت سالت عنها - مكاتبة - شيخنا العلامة الحافظ عبد الله الغماري ، فكتب إلي حفظه الله بخير وعافية : " كلمة " فقيه البدن " يقولها المحدثون ، ويقول الاصوليون : " فقيه النفس " ، ومعناها : أن الشخص تمكن في الفقه حتى اختلط بلحمه ودمه وصار سجية فيه ، ومراد المحدثين بها ترجيح الراوي الموصوف بها ولو كان أقل من الثقة ، بحيث لو تعارضت رواية الصدوق الفقيه البدن مع رواية الثقة غير المتقن : قدمت رواية الصدوق المذكور " . انهى كلام شيخنا . وقلت هناك : ومن هذا المعنى قول بعضهم في أبي حفص عمر بن محمد الشيرزي الآتية ترجمته - هناك ص 485 - : " لو فصد عمر لجرى منه الفقه مكان الدم ! " كما في " معجم البلدان " 5 : 322 . وممن قيل فيه " فقيه البدن " : سحنون ، وسعيد بن عباد ، ومحمد بن سعيد بن غالب الازدي ، ومحمد بن سعيد الكلبي ( ابن عيشون ) ، وأبو القاسم بن حماس بن مروان الهمداني ، ونفس الغرابيلي ، وانظر تراجمهم على الترتيب في " طبقات علماء إفريقية " لابي العرب التميمي المتوفى سنة 333 - والملاحق التي الحقها به محققاه علي الشابي ونعيم اليافي ص 184 ، 238 ، 242 ، 247 ، 248 ، 250 . 22 - ومن إلفاظ الذهبي رحمه الله قوله : " مشاه فلان " . وغالب ما يستعملها مع ابن عدي ، فانه يشير إلى تضعيف بعض الائمة له ثم يقول : ومشاه ابن عدي . انظر التعليق على ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي زينب ، وقا في " الميزان " 3 ( 5333 ) في ترجمة عون بن أبي شداد : " ضعفه إبو داود في قول ، ومشاه غيره ، سمع أنسا ، وأبا عثمان النهدي ، وقال ابن معين : ثقة " فيكون الذي مشاه هو ابن معين . وقال في " الميزان " 1 ( 971 ) ترجمة إسماعيل بن يعلى الثقفي : " مشاه شعبة وقال : اكتبوا عنه فانه شريف " .(1/63)
/ صفحة 44 / ويبدو أن غالب استعمالاته لهذه الكلمة يكون للدلالة على أن كلمة التوثيق التي قيلت فيه من التوثيق الخفيف اليسير ، فابن عدي قال في إبراهيم الاسلمي 1 : 222 ، 226 : " لم أجد له منكرا إلا عن شيوخ يحتملون ، ولعله من قبل غيره ، وهو من جملة من يكتب حديثه " . وقال في الحسين بن زيد بن علي 2 : 762 : " أرجو أنه لا باس به إلا أني وجدت في بعض حديثه النكرة " . وقال في درست بن زياد 3 : 762 : " أرجو أنه لا باس به إلا أني وجدت في بعض حديثه النكرة " . وقال في درست بن زياد 3 : 969 : " أرجو أنه لا باس به " . ولفظ النسائي في الحجاج بن أبي زينب : " ليس بالقوي " كما في " الميزان " 2 ( 1736 ) ، و " تهذيب التهذيب " 2 : 201 . وقول شعبة في إسماعيل بن يعلى الثقفي : " اكتبوا عنه فانه شريف " . وكلمة ( شريف ) من ألفاظ التعديل الخفيف ، بل أرى الآن : أنها بمثابة قولهم : " مستور " على المعنى الذي تقدم الحديث عنه ص 40 ، وكنت ذكرت بعض الشواهد على ذلك في دراسة " التقريب " ص 7 تعليقا ، ومنها كلمة شعبة هذه ، وأزيد الآن :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 44 :(1/64)
ما جاء في " الميزان " 2 ( 3660 ) وغيره : " قيل لابن المبارك : إن شبيب بن شيبة المنقري يدخل على الامراء ! قال : حدثوا عنه ، فانه أشرف من أن يكذب " . وفي " سنن الترمذي " 7 : 276 ( 2614 ) : " سمعت قتيبة بن سعيد يقول : ما رأيت مثل هؤلاء الاشراف الاربعة : مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وعباد بن عباد المهلبي ، وعبد الوهاب الثفي " . وفي التهذيبين ترجمة عثمان بن عاصم الاسدي ، قال يعقوب بن سفيان : " حدثنا أبو نعيم ، حدثنا سفيان ، عن أبي حصين ، أسدي ، شريف ، ثقة ثقة ، كوفي " . والشاهد من هذا : أن تمشية شعبة لحال إسماعيل الثقفي : من هذا القبيل . هذا ما يتعلق بغالب قول الذهبي : مشاه فلان ، وأنه يريد الاشارة إلى تعديل خفيف يسير قيل في الرجل ، وقد يكون فيه مغمز يسير من جهة ضبطه ، كقوله : مشاه النسائي ، وإنما قال فيه : ليس بالقوي ، وهذا " مشعر أنه غير حافظ " - انظر التعليق على ( 152 ) - فمثل هذا يقرب حاله من حال من يقول فيه ابن عدي : أرجو أنه ا باس به . لكن يبقى السؤال : لم قال فيه : مشاه النسائي ، وفيه قول ابن معين : " ليس به باس " ، وقول ابن عدي : " أرجوا أنه لا باس به فيما يرويه " ، كما في التهذيبين ؟ . وإنما إكرر القول بان هذا غالب استعمال الذهبي لهذه الكلمة : من أجل كلامه في عون بن أبي شداد : " ضعفه أبو داود في قول ، ومشاه غيره " ، ثم أفصح عن هذا الغير وقوله فقال : " وقال ابن معين : ثقة " . وتوثيق ابن معين - وهو من المتشددين - لا يقال عنه : تمشيه . إنما أفهم من قوله هنا " مشاه " : موقف الذهبي من توثيق ابن معين لهذا الرجل ، وأنه - عند الذهبي - لا يغنيه ولا يفيده قوة ، فهو في هذه الحال ميال لعدم توثيق الرجل . / صفحة 45 / ويكون للذهبي رحمه الله في عبارته ( مشاه فلان ) : وجهتان : الاولى - وهي الغالبة - : الاشعار بتوثيق خفيف قيل في الرجل .(1/65)
الثانية - وهي الاقل - : الاشعار بخفة التوثيق الذي قيل في الرجل ، عنده ، والله أعلم . 23 - ومن ألفاظ الذهبي : قوله في الرجل - على قلة - : مقبول . قال ذلك في إسحاق بن عبيد الله بن أبي مليكة ، وإسماعيل بن عبيد الزقي ولفطه فيه : " مقبول ولم يترك " ، وليس فيه أي جرح ليقول : ولم يترك ؟ ! وحاله أحسن بكثير من حال الاول ، فليس في الاول شئ إلا رواية جمع عنه ، والاختلاف في أن ابن حبان ذكره أو ذكر آخر مثله في الاسم واسم الاب ، أما الثني : ذكره ابن حبان في " ثقاته " ، وخر حديثه في " صحيحه " ، وكذلك الحاكم في " مستدركه " وصححه ، وقال الترمذي عن الحديث نفسه : حسن صحيح ، وهذا يقوي من شانه وإن كان لم يرو عنه إلا واحد ، كما تقدم الكلام عن هذه المسالة ص 24 في الجواب عن الامر الثاني . ولينظر : هل يفسر قوله هذا بكلامه الاتي ص 54 بواسطة القاضي زكريا الانصاري ؟ . ومهما يكن ففي تسوية الحكم على الرجلين بالقبول : نطر . وينبغي التنبيه إلى أنه ليس للذهبي اصطلاح في كلمة ( مقبول ) كما هو الشان في " تقريب التهذيب " . 24 - ومن الالفاظ الواردة في " الكاشف " : شيخ . جعل ابن أبي حاتم رحمه الله مراتب الجرح والتعديل في كتابه " الجرح " 2 : 37 ثمانية مرتب ، أربعا للتعديل ، ومثلها للتجريح . فالاولى من مراتب التعديل : التوثيق الصريح ، والثانية : الصدوق ، ونحوه ، والثالثة : شيخ ، والرابعة : صالح الحديث . وقال عن أهل الثانية : " يكتب حديثه وينظر فيه " ، وقال عن الثالثة : " يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية " ، وقال عن الرابعة : " يكتب حديثه للاعتبار " . ومراده من " النظر " : الموازنة بين مرويات منن كان من أهل هذه المرتبة ، ومرويات أهل المرتبة التي قبلها ، هل هناك مخالفة أولا ؟ ثم يكون العمل بها .(1/66)
فافاد أن أهل الثانية والثالثة يكتب حديثهم للاحتجاج به عبد النظر ، بقرينة قوله عن الرابعة : " يكتب حديثه للاعتبار " . نعم ، هناك احتجاج دون احتجاج ، ونظر دون نظر . وبهذا يتبين إن كلمة " شيخ " : من ألفظ التعديل الخفيف ، لكنها فوق كلمة " صالح الحديث " كما هو صريح صنيع ابن أبي حاتم ، مع أنه قد استقر كلام المتأخرين من عهد السخاوي فمن بعده على أن " شيخ " و " صالح الحديث " من ألفاظ المرتبة السادسة الاخيرة من مراتب التعديل ، لكن من المعلوم أنهم يذكرون في المرتبة الواحدة ألفاظا بينها بعض التفاوت اليسير . وإرى أن " شيخ " مثل " محله الصدق " فهي للدلالة على التعديل لا التليين ولا التمتين ، والمصنف - وغيره - قد يجمع بينهما ، كما قال في " الميزان " 4 ( 9936 ) عن أبي إدريس السكوني مستدركا على تجهيل / صفحة 46 / ابن القطان حاله : " قلت : قد روى عنه غير صفوان ( 1 ) ، فهو شيخ محله الصدق ، وحديثه جيد " . وقال المصنف في مقدامة " الميزان " 1 : 3 - 4 : " لم أتعرض لذكر من قيل فيه : محله الصدق ، ولا من قيل فيه : لا
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 46 :(1/67)
باس به ، ولا من قيل : هو صالح الحديث ، أو يكتب حديثه ، أو هو شيخ ، فان هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق " . وقال في " الميزان " أيضا 2 ( 4177 ) : " سمع منه أبو حاتم وقال : شيخ ، فقوله : " هو شيخ " ليس هو عبارة جرح ، ولهذا لم أذكر في كتابنا أحدا ممن قال فيه ذلك ، ولكنها إيضا ما هي عبارة توثيق ، وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة . ومن ذلك : يكتب حديثه ، أي : ليس هو بحجة " ( 2 ) . وفي " نصب الرايد " للحافظ الزيلعي رحمه الله من كلام ابن القطان في " بيان الوهم والايهام " : سئل أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان عن طالب بن حجير " فقالا : شيخ ، يعنيان بذلك أنه ليس من أهل العلم ، وإنما هو صاحب رواية " . أي : هو من أهل الرواية والنقل ، لا من أهل الدراية والعلم والفقه ، فهي بمثابة كلمة : راوي ، لا زيادة ولا نقصان ، لذلك قد يقترن بها ما ينزلها عن مرتبة من محله الصدق ، كما قال أبو زرعة في يحيى بن راشد البصري - " الجرح " 9 ( 603 ) - : " شيخ لين الحديث " ، فكأنه يقول : راو لين الحديث . وفي " الجرح والتعديل " 3 ( 570 ) ترجمة الحكم بن عطية : " سمعت أبي يقول : سمعت سليمان بن حرب يقول : عمدت إلى حديث المشايخ فغسلته . . . قلت : يحتج به ؟ قال : لا ، من ألف شيخ لا يحتج بواحد ، ليس هو مثل الحكم بن سنان " . وكان قد قال قبل 3 ( 545 ) في الحكم بن سنان : " عنده وهم كثير ، وليس بالقوي ، ومحله الصدق ، يكتب حديثه " . وأرى أن قول أبي حاتم " من ألف شيخ لا يحتج بواحد " : فيه ظاهرة من تشدده المعروف به ، يدل على ذلك قول الحافظ ابن رجب في " شحر علل الترمذي " 1 : 461 : " والشيوخ في اصطلاح أهل هذا العلم : عبارة عمن دون الائمة والحفاظ ، وقد يكون فيهم الثقة وغيره " ، والله أعلم . 25 - ومن ألفاظ الذهبي التي يكثر استعمالها : قوله : لا يعرف .(1/68)
وعادته أن يقولها بدلا من كلمة " مجهول " التي اصطلح على أنه إذا أطلقها فهي من قول أبي حاتم . فهو يقول : ( لا يعرف ) فيمن تفرد عنه راو واحد ، سواء صرح بالتفرد أولا ، وسواء كانت دعوى التفرد مسلمة أو لا ، وسواء كان الرجل ثقة - مع كون ظاهره مجهول العين - أو لا . قال في " الميزان " 1 ( 822 ) في ترجمة أسقع بن أسلع : " ما علمت روى عنه سوى سويد بن حجير الباهلي ، وثقه مع هذا يحيى بن معين ، فما كل من لا يعرف ليس بحجة ، لكن هذا الاصل " . وقال في " الميزان " 4 ( 9452 ) : " يحيى بن إسحاق لا يعرف ، تفرد عنه يحيى بن أبي كثير ، لكن وثقه / صفحة 47 / يحيى بن ميعين " - وانظر التعليق على ( 3678 ) - وهذا ذهاب منه إلى اختيار ابن القطان المذكور سابقا آخر صفحة 33 ، وسيتي صفحة 51 أن هذا اختيار الحافظ ابن حجر أيضا . وقال 4 ( 9455 ) : " يحيى بن إسماعيل ، حدث عنه إبراهيم بن سعد ، لا يعرف ، وخبره منكر " . أما أمثلة دعواه التفرد مع عدم الموافقة عليها : فستاتي إن شاء الله ص 58 . وهل يريد المصنف بقوله : " لا يعرف " جهالة عينه ، أو جهالة عدالته ؟ قال المصنف في " الميزان " 1 ( 1622 ) : " الحارث بن عسعيد العتقي ، مصري ، لا يعرف " ، فقط لم يذكر راويا عنه ، أما هنا ( 854 ) فقال : " وعنه نافع بن يزيد ، وان لهيعة " ، وعلق عليه الحافظ البرهان سبط ابن العجمي بعد أن نقل كلامه من " الميزان " قال : " انظر كيف روى عنه رجلان ، فخرج بذلك عن جهالة العين ، ولم يذكر في " الميزان " رواية أحد عنه " . فهذا صريح منه في أن من " لا يعرف " فهو مجهول العين . أما ابن حجر فنقل في " التهذيب " قول الذهبي " لا يعرف " ، وفسره فقال : " يعني حاله " ( 1 ) . وقال الذهبي في " الميزان " 1 ( 1789 ) في ترجمة حريث بن ظهير : " روى عن ابن مسعود ، وعنه عمارة بن عمير ، لا يعرف " .(1/69)
وفسرها الحافظ كذلك في " التهذيب " 2 : 234 : " يعني عدالته " أيضا ، لكنه قال في " التقريب " ( 1181 ) : " مجهول " ، واصطلاحه فه إذا أأطلق الجهالة أراد جهالة عينه . ورأيت له نصا في " التهذيب " 10 : 480 يتفق مع السبط في فهمه لكلمة " لا يعرف " وأنها لجهالة العين . فانه قال في ترجمة نهيك بن يريم الاوزاعي : " جرى الذهبي على عادته فيمن لم يجد له إلا راويا واحدا فقال : " لا يعرف " . فهذا يعني أنه مجهول العين ، لكن المصنف يعدل عن كلمة ( مجهول ) للامر الذي أسفته : اصطلح على إطلاقها إذا أخذها من أبي حاتم ، فاصطلح على إطلاق ( لا يعرف ) حينما يريد أن يحكم بالجهالة من قبل نفسه . وقد أطلق ( لا يعرف ) في تراجم أرقامها من " الميزان " : 1 ( 1642 ، 1856 ) ، 2 ( 4236 ، 4255 ، 4455 مع 4458 ، 4716 ، 4718 ، 4721 ، 4793 ) ، 4 ( 9451 ، 9452 ، 9455 ، 9473 ، 9589 ، 9682 ، 9699 ) وغيرها . وفي " الكاشف " : ( 329 ، 773 ) وغيرها . ويعكر على قولنا : إ الحافظ يفهم من كلمة الذهبي هذه جهالة عدالته : أنه كثيرا ما يقول الذهبي في رجل "
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 47 :(1/70)
رجل " لا يعرف " ، ويقول الحافظ عنه في " التقريب " : مجهول - أي : مجهول العين - . فمن ذلك : المثال الذي تقدم : حريث بن ظهير . والحارث بن مالك : قال في " الميزان " 1 ( 1642 ) : " لا يعرف " ، وفي " التقريب " ( 1046 ) : " مجهول " ، والحسن بن سلم العجلي 1 ( 1856 ) مع " التقريب " ( 1244 ) ، وعبد الله بن ثابت المروزي / صفحة 48 / 22 ( 4236 ) مع ( 3241 ) من " التقريب " ، وعبد الله بن حاجب 2 ( 4255 ) مع ( 3260 ) ، وعبد الله بن محمد الليثي ( 2968 ) من " الكاشف " مع ( 3602 ) ، وفيه أيضا محمد بن حسان ( 4791 ) مع ( 5810 ) . فهذه شواهد تؤيد قول البرهان الحلبي وقول الحافظ ابن حجر الذي قاله في ترجمة نهيك بن يريم الاوزاعي ، وتعكر على تصريحه في " التهذيب " 2 : 142 ، 234 في ترجمتي الحارث بن سعيد العتقي وحريث بن ظهير بان الذهبي يريد جهالة العدالة . ومع هذا فانه يبدو لي أن كلمة الذهبي تحتمل كلا التفسيرين ، والقرائن والسياق يرشد إلى أحدهما . والله أعلم . 26 - ومن ألفاظ الذهبي : جهل ، ويجهل ، فعلان مبنيان لما لم يسم فاعله ، من كلمة : مجهول ، وهما يتخفيف الهاء ، ويضبطان في بعض الكتب المطبوعة : جهل ويجهل - بتشديد الهاء - خطا ، لان اسم المفعول منهما حينئذ : مجهل . أما المجهول : فبتخفيف هاء فعله ، وقد ضبط المصنف الياء من يجهل باضم ، وكذلك ابن الاسكندري صاحب نسخة السبط ، أكثر من مرة ، وضبطه مرة واحدة ضبطا كاملا ( يجهل ) في ترجمة إسماعيل بن رياح بن عبيدة السلمي ( 373 ) . أما قولهم : چهله فلان : ففعل ماض مبني للمعلوم ، ومشدد الهاء ، كما يضبط على الصحة في التب المطبوعة ، بعنى نسبه إلى الجهالة ، لا إلى الجهل . 27 - ومن الافاظ الكثيرة الدوران في كتب الجرح والتعديل - ومنها " الكاشف " - : قولهم : مجهول .(1/71)
ومعلوم أن الجهالات ثلاثة : جهالة العين ، وجهالة العدالة الظاهرة والباطنة معا ، وجهالة العدالة الباطنة فقط . وجهالة العين : هي المرادة عند إطلاقهم كلمة مجهول - إلا عند أبي حاتم ومن معه - . ويعبرون عن الجهالة الثانية : بجهالة العدالة اختصارا ، وبجهالة الحال ، وبجهالة الوصف ، وهي الجهالة المرادة إذا أطلقها أبو حاتم الرازي ( 1 ) ، وأستبعد أن يكون ولده على غير اصطلاحه ، وأميل إلى أن أبا زرعة مثله في هذا الاصطلاح . فكل جهالة تنقل عن هؤلاء الثلاثة في أحد الرواة : فهي جهالة العدالة الظاهرة والباطنة . ويندر إرادتهم جهالة العين ، كما تراه في ترجمة خالد بن عرفطة . ويعبرون عن صاحب الجهالة الثالثة بالمستور ( 2 ) ، أو عدل الظاهر خفي الباطن . وليست العدالة الباطنة هي العدالة التي لا يعلمها إلا الله تعالى ! إنما المراد بها حال الرجل الخاصة في بيته ومعاملته وسفره ، وأما الظاهرة : فهي حاله الظاهرة ، بان ترى عليه علائم التدين والاستقامة ، دون أن يعرف شئ عن حاله الخاصة . وبماذا تزول جهالة العين ؟ اشتهر القول بانها تزول برواية ثقتين عنه ، وهذا هو قول الامام محمد بن يحيى الذهلي ، أسنده إليه / صفحة 49 / الخطيب في " الكفاية " ص 89 . فهما من حيث العدد اثنان ، ومن حيث الوصف ثقتان ، ومشى على هذا المتأخرون ، ولا يكسبه ذلك عدالة عندهم . لكن للائمة المتقدمين الآخرين مذاهب أخرى مختلفة متعددة ، لا بد من ملاحظتها واعتبارها ، ومن الخطا الكبير فهم كلامهم وتنزيل أقوالهم وأحكامهم على الرواة ، على وفق ما اعتمده المتأخرون من كلام إمام واحد من المتقدمين ، هو الامام الذهلي ، مع أن الواحد منهم قد تختلف إطلاقاته من راو إلى آخر ، وهذا العلم كله علم ( مصطلح ) فلا بد من الوقوف على مصطلحات كل إمام على حدة ، وتنزيل أقواله على وفقها .(1/72)
وللحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى مقولة جيدة في " شرح علل الترمذي " 1 : 81 - 85 في شرح مذاهب عدد من المتقدمين في إطاق الجهالة ، ومن الضروري الرجوع إليها ، وتتبع آخر يضاف إليها ، لحصل شبه استقراء لمصطلحاتهم في هذه الكلمة . ومما قاله ابن رجب - واستحسنه - : ما حكاه يعقوب بن شيبة ، عن يحيى بن معين ، قال له يعقوب : " متى يكون الرجل معروفا ؟ إذا روى عنه كم ؟ قال : إذا روى عن الرجل ابن سيرين والشعبي ، وهؤلاء أهل العلم ، فهو غير مجهول . قلت : فإذا روى عن الرجل مثل سماك بن حرب وأبي إسحاق ؟ قال : هؤلاء يروون عن مجهولين " . فافاد أن رواية اثنين ممن ينتقي الرجال عن راو : ترفع عنه الجهالة ، كابن سيرين والشعبي ، أما من يروي دون النتقائ : فلا ، لذا قال ابن رجب : " وهذا تفصيل حسن ، وهو يخالف إطلاق محمد بن يحيى الذهلي الذي تبعه عليه المتأخرون " . على إن ابن معين قد يوثق من لم يرو عنه إلا رجل واحد ، كما تقدم نقله عنه قريبا ص 46 أول فقرة 25 ، وهذا ليس من قبيل التعارض ، بل هو من باب اعتبار القرائن ، فمن روى عنه واحد وشهدت القرائن عند ابن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 49 :(1/73)
عند ابن معين وغيرهه أنه ثقة : وثقوه ، ومن ليس كذلك : وقفوا عند ظاهر أمره : فمن روى عنه واحد فقط ، قالوا : مجهول العين ، ومن روى عنه اثنان فاكثر - كل حسب اصطلاحه واعتباره - قالوا : معروف العين مجهول العدالة ، وهكذا . . . ثم ذكر ابن رجب إمثلة على المجهول والمعروف عند ابن المديني ( 1 ) وأبي حاتم وأحمد ، واستظهر إخيرا : " أنه لا عبرة بتعدد الرواة ، وإنما العبرة بالشهرة ورواية الحفاظ الثقات " . ورواية الحفاظ الثقات : تنفع المجهول ، لكنها لا تجعله ثقة : عدلا ضابطا ، وقد تقدم ص 31 ما جاء في " فتح المغيث " 1 : 298 أن " كثرة رواية الثقات عن الشخص تقوي أمره " ، وأزيد هنا ما جاء في " الجرح والتعديل 2 : 36 تحت " باب في رواية الثقة عن غير المطعون عليه أنها تقويه ، وعن المطعون عليه أنها لا تقويه " . قال ابن أبي حاتم : " سالت أبي عن رواية الثقات عن رجل غير ثقة ، مما يقويه ؟ قال : إذا كان معروفا بالضعف لم تقوه روايته عنه ، وإذا كان مجهولا نفعه رواية الثقة عنه . وقال : سالت أبا زرعة عن رواية الثقات عن رجل ، مما يقوي حديثه ؟ قال : أي لعمري ، قلت : الكلبي روى عنه الثوري ! قا : إنما ذلك إذا ( 1 ) كررت القول في التعليقات أن لابن المديني ملحظا خاصا في قوله " مجهول " : اعتمادا على قول ابن رجب ، ثم رأيت الاخ الاستاذ إكرام الله بن إمداد الحق استظر في بحثه " علي بن المديني ومنهجه في نقد الرجال " ص 640 أنه يريد : جهالة العين غالبا . وفي ص 648 أنه يريد بقوله " ليس بمشهور " : غالبا عدم اشتهاره برواية الحديث . والله أعلم . / صفحة 50 / لم يتكلم فيه العلماء ، وكان الكلبي يتكلم فيه " . فآل كلامه إلى لام أبي حاتم . ويلاحظ أنه ليس في كلامهم تصريح بالتوثيق .(1/74)
وأما ابن حبان رحمه الله : فقد اشتهر أنه يوثق المجاهيل ومن يقول فيه : لا أعرفه ، ولا ابن من هو ، ولا ، ولا ، وهذا هو مرادهم بقولهم : يوثق المجهول عينا الذي لم يرو عنه إلا راو واحد . وأقول : نعم ، ولكن بشرط أن لا يكون في هذا المجهول العين تضعيف ، لان ابن حبان لا يرى الجهالة جرحا ، ويرى أن الاصل في المسلم العدالة والبراءة والسلامة من أي جرح ، حتى يثبت عليه ما يجرحه ، وغير ابن حبان يرى أن الاصل في المسلم الجهالة حتى يثبت فيه ما يجرحه أو يعدله . فالتعديل عند ابن حان يثبت باحد أمرين : - بالقول : كان ينقل عن شعبة مثلا : فلان ثقة . - وبالبراءة الاصلية . وإذا كانت الجهالة العينية قد ارتفعت برواية واحد مشهور عن هذا الراوي ، فلم يبق إلا البحث عن عدالته ، وعدالته بالبراءة الاصلية ، فلا حاجة إذا إلى شئ آخر عند ابن حبان ، إنما الحاجة عند غير ابن حبان إلى البحث عما يرفع جهالة عدالته ، والعدالة لا تثبت عند بالبراءة ، بل لا بد من نص عليها . هذا تقرير قولهم عن ابن حبان . قال الحافظ في مقدمة " لسان الميزان " 1 : 14 : " مسلك ابن حبان في كتاب " الثقات " الذي ألفه أنه يذكر خلقا ممن نص عليهم أبو حاتم وغيره أنهم مجهولون ، وكان عند ابن حبان أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور ، وهو مذهب شيخه ابن خزيمة ، ولكن جهالة حاله باقية عند غيره " أي : عند يغر ابن حبان ، أما ابن خزيمة فمع الجمهور . ويلاحظ قول الحافظ : كان عند ابن حبان . . . ، فظاهره أنه يقول هذا وينسبه إلى ابن حبان إجتهادا منه ، وكلام السخاوي في " فتح المغيث " 1 : 294 يؤيد ذلك . وكلامه في مقدمة " الثقات " صريح في هذا ، قال رحمه الله 1 ، 13 : " . . إن العدل من لم يعرف فيه الجرح ، ( إذ التجريح ( 1 ) ضد التعديل ، فمن لم يعلم بجرح فهو عدل ، إذا لم يبين ضده ، إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم ، وإنما كلفوا الحكم بالظاهر " .(1/75)
فجعل العدالة مرتكزة على أمر سلبي ، هو : عدم وجود شئ جارح فيه ، في حين أنه جعلها مرتكزة على أمر إيجابي في مقدمة " صحيحة " ، هو التزامه في غالب شئونه باحكام الاسلام أمرا ونهيا ، فعلا وتركا . قال رحمه الله هناك 1 : 83 : " . . والعدالة في الانسان : هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله ، لانا متى / صفحة 51 / ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال : أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل ، إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها ، بل العدل : من كان ظاهر حواله طاعة الله ، والذي يخالف العدل : من كان أكثر إحواله معصية الله " . وعبر عن هذا المعنى في مقمة " المجروحين " 1 : 8 بقوله : " وأقل ما يثبت به خبر الخاصة - يريد : الآحاد - حتى تقوم به الحجة على أهل العلم : هو خبر الواحد الثقة في دينه ، المعروف بالصدق في حديثه . . . " . ومن أجل هذا : ذهب بعض المعاصرين إلى أن شرط ابن حبان في " صحيحه " أقوى وأشد من شرطه في " ثقاته " ، وكانالحافظ ابن حجر رحمه الله يشير إلى هذا المعنى حين يقول في " التهذيب " مرارا : فلان ذكره ابن حبان في " الثقات " وأخرج حديثه ي
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 51 :(1/76)
" صحيحه " ؟ والله أعلم . وهل شارك أحد ابن حبان بمذهبه الذي ذهب إليه في " ثقاته " ؟ الجواب : ذكر السخاوي رحمه الله في " فتح المغيث " 1 : 293 - 297 عددا من المجاهيل الذين لم يرو عنهم إلا راو واحد ، ثم قال : " قيل أهل هذا القسم مطلقا من العلماء من لم يشترط في الراوي مزيدا على الاسلام ، وعزاه ابن المواق للحنفية حيث قال : إنهم لم يفصلوا بين من روى عنه واحد ، وبين من روى عنه أكثر من واحد ، بل قبلوا رواية المجهول على الاطلاق . انتهى . وهو لازم كل من ذهب إلى أن رواية العدل بمجردها عن الاوز تعديل له ، بل عزا النووي في مقدمة " شرح مسلم " لكثير من المحققين الاحتجاج به ، وكذا ذهب ابن خزيمة إلى أن جهالة العين ترتفع برواية واحد مشهور ، وإليه يومئ قول تلميذه ابن حبان . . . وقيد بعضهم القبول بما إذا كان المتفرد بالرواية عنه لا يروي إلا عن عدل ، كابن مهدي وغيره . . . وهو مخدوش . وكذا خصه ابن عبد البر بمن يكون مشهورا ، أي بالاستفاضة ونحوها في غير العلم ، بالزهد ، أو بالنجدة ، فاما بالشهرة بالعلم والثقة والامامنة : فهي كافية من باب أولى . ويقرب من ذلك : انفراد الواحد عمن يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم . وخص بعضهم القبول بمن يزكيه - م رواية الواحد - أحد من أئمة الجرح والتعديل ، واختاره ابن القطان ، وصححه شيخنا - أي ابن حجر - وعليه يتمشى تخريج الشيخين في " صحيحهما " لجماعة ، أفردهم المؤلف - أي الحافظ العراقي - بالتاليف . . . وكذا صرح ابن رشيد بانه لو عدله المنفرد عنه : كفى ، وصححه شيخنا أيضا إذا كان متاهلا لذلك . وبالجملة : فرواية إمام ناقل للشريعة لرجل ممن لم يرو عنه سوى واحد في مقام الاحتجاج : كافية في تعريف وتعديله " . ثم نقل عن ابن كثير قوله : " إذا كان - الذي لم يرو عنه إلا واحد - في عصر التابعين والقرون المشهود لاهلها بالخيرية : فانه يستانس بروايته ويستضاء بها في مواطن " .(1/77)
/ صفحة 52 / وعن ابن المواق : " لا خلاف أعلمه بين أعلمه بين أئمة الحديث في رد المجهول الذي لم يرو عنه إلا واحد ، وإنما يحكى الخلاف عن الحنفية " . وعن ابن رشيد قوله : " لا شك أن رواية الواحد الثقة تخرج عن جهالة العين إذا سماه ونسبه " . هذه خلاصة ما في " فتح المغيث " ، واقتصرت على حكاية الاقوال والمذاهب ، وإليك البيان : 1 " - أما من لم يشترط في الراوي مزيدا على الاسلام : فلم أره مسمى ، ولا أراه قريبا من مذهب أحد سمي إلا ابن حبان وشيخه ابن خزيمة ، كما تقدم قريبا ، لكنهما يشترطان في الراوي عنه أن يكون مشهورا غير ضعيف ، فمذهبهما يتميز بهذين الشرطين . 2 " - وأما كونه مذهب الحنفية - في حكاية ابن المواق عنهم - : فهذا يحتاج إلى تفصيل ، قال فخر الاسلام البزدوي رحمه الله في " أصوله " التي شرحها عبد العزيز البخاري في " كشف الاسرار " 1 : 719 : " وأما العدالة : فان تفسيرها الاستقامة ، وهي نوعان : قاصر وكامل ، 1 - أما القاصر : فما ثبت منه بظاهر الاسلام واعتدال العقل ، لان الاصل حالة الاستقامة ، لكن هذا الاصل لا يفارقه هوى يضله ويصده عن الاستقامة ، 2 - وليس لكمال الاستقامة حد يدرك مداه ، لانها بتقدير الله تعالى ومشيئته تتفاوت ، فاعتبر ي ذلك ما لا يؤدي إلى الجرح . . . والمطلق من العدالة ينصرف إلى أكمل الوجهين " . فقول الحنفية بالعدالة القاصرة : ممائل لقول ابن حبان : " إن العدل من لم يعرف فيه الجرح . . " ، لكن ابن حبان يحتج بحديث من هذا شانه ، أم ا الحنفية : فلا ، قال عبد العزيز البخاري في شرحه المذكور : " كشف الاسرار " الموضع المذكور : " وبهذه العدالة لا يصير الخبر حجة ، لان هذا الظاهر عارضه ظاهر مثله ، وهو هوى النفس فانه الاصل قبل العقل ، وحين زرق العقل والنهى ما زايله الهوى ، وإنه داع إلى العمل بخلاف العقل والشرع ، فكان عدلا من وجه دون وجه . . ،(1/78)
فتردد الصدق في خبره بين الوجود والعدم من غير رجحان ، فشرط كمال العدالة ، وهو أن يكون مجانبا لمحظور دينه ، ليثبت رجحان دليل العقل على الهوى ، فيترجح الصدق في خبره " . وأما الجهالة عندهم : فجهالة عداة ، وجهالة في رواية الحديث بان لم يعرف هذا المجهول إلا بحديث أو حديثين . أما جهالة العدالة : فقال الكمال ابن الهمام في " تحريره " 2 : 247 : " مسالة . مجهول الحال - وهو المستور - : غير مقبول ، وعن أبي حنيفة في غير الظاهر من الرواية عنه : قبول ما لم يرده السلف . وجهها : ظهور العدالة بالتزامة الاسلام وك : أمرت أن أحكم بالظاهر ( 1 ) ، ودفع بان الغالب أظهر ، وهو الفسق " . فافاد أن المستور في مصطلح الحنفية يساوي مجهول الحال والعدالة في مصطلح المحدثين ، وأفاد أيضا أن قبول روايته هو قول نقل عن الامام أبي حنيفة رحمه الله لكن في كتب النوادر التي هي غير كتب ظاهر الرواية ، ومعلوم في أصول المذهب أن كتب ظاهر الرواية هي المعتمدة في المذهب ، ولا يعتبر بما في سواها إلا إن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 52 :(1/79)
إن نقل معه ترجيح من علماء المذهب ، وهذا من ذاك ، ونقل معه رده ، كما ترى . / صفحة 53 / أما قول الكمال بعد أسطر : " وأما ظاهر العدالة : فعدل واجب القبول " : فمراده : عدل الظاهر خفي الباطن ، الذي يسميه المحدثون مستورا . وأما الجهالة الثانية : فقال الامام البزدوي 1 : 704 ما ملخصه - ومثله ابن الهمام 2 : 249 - : " أما المجهول : فانما نعني به المجهول في رواية الحديث ، بان لم يعرف إلا بحديث أو حديثين ، فان روى عنه السلف وشهدوا له بصحة الحديث صار حديثه مثل حديث المعروف ، وإن سكتوا عن الطعن بعد النقل : فكذلك ، وإن اختلف فيه مع نقل الثقات عنه : فكذلك عندنا ، فاما إذا كان ظهر حديثه ولم يظهر من السلف إلا الرد لم يقبل حديثه وصار مستنكرا لا يعمل به على خلاف القياس ، وأما إذا لم يظهر حديثه في السلف فلم يقابل برد ولا قبول : لم يترك به القياس ، ولم يجب العمل به ، لكن العمل به جائز ، لان العدالة أصل في ذلك الزان ، ولذلك جوز أبو حنيفة رحمه الله القضاء بظاهر العدالة من غير تعديل ، حتى إن رواية مثل هذا المجهول في زماننا لا يحل العمل بها ، لظهور الفسق " . ففي هذا النقل عدة فوائد وملاحظات ، أهمها : أن الامر ليس على الاطلاق الذي حكاه ابن المواق عن الحنفية ، وغير ابن المواق كثيرون ينسبونه إليهم ، هذا العزو غير الدقيق الواقع من بعض العلماء إلى مذاهب أخرى غير مذاهبهم : كثير جدا في كتب العلم ، من الحنفية وغيرهم ، فلا بد من التثبت ومراجعة كتب المذاهب المنسوب إليها القول . ومن فوائد هذا النقل : أن الامام أبا حنيفة إنما قال هذا القول - على ما فيه من قيود - بناء على واقع عصره ، أما ابن حبان المتوفى سنة 354 ، بعد أبي حنيفة بمائتي سنة وأربع سنين : فلا عذر له إن كان ينظر إلى عصره ، لكن كلامه يدل على أنه ذهب إلى ما ذهب إليه بناء على النظر والاستدلال ، لا لملحظ زمني . فافترقا .(1/80)
وأما ما نقله السخاوي عن النووي رحمه الله في مقدمة " شرح مسلم " : فهو صحيح هنا ، وعبارته 1 : 28 : " المجهول أقسام : مجهول العدالة ظاهرا وباطنا ، ومجهولها باطنا مع وجودها ظاهرا - وهو المستور - ومجهول العين . فاما الاول : فالجمهور على أنه لا يحتج به ، وأما الآخران : فاحتج بهما كثيرون من المحققين " . فمراد السخاوي : مجهول العين الذي دخل تحت قول النووي : وأما الآخران . . . لكن يبدو لي أنه حصل سبق ذهن للامام النووي في حككاية أصحاب هذه الاقسام الثلاثة ، يدل على هذا كلامه نفسه في " التقريب " ص 210 بشرحه " التدريب " - وهي المسالة السادسة من مسائل النوع الثالث والعشرين - قال : رواية مجهول العدالة ظاهرا وباطنا لا تقبل عند الجماهير ، رواية المستور - وهو عدل الظاهر خفي الباطن - : يحتج بها بعض من رد الاول . . . وأما مجهول العين : فقد لا يقبله بعض من يقبل مجهول العدالة " . ونحوه في " إرشاد طلاب الحقائق " له ص 112 من المسالة الثامنة من النوع الثالث والعشرين ، ولفظه في مجهول العين : " الثالث : مجهول العين ، وقد يقبل مجهول العدالة من لا يقبل مجهو لاعين " ، وقال أولا عن مجهول العدالد : " لا تقب روايته عند الجماهير " أي : القليل من العلماء من يقبل رواية مجهول العدالة ، وبعض هذه القليل - وهو النادر - من يقبل رواية مجهول ابعسن . وهذا هو الذي يتمشى مع كلام ابن الصلاح أصل كلام النووي ومصدره ، وهو المتفق مع النظر . فاشد المجاهيل الثلاثة جهالة هو مجهول العين الذي لم نثبت شخصيته ووجوده بعد ، ثم مجهول / صفحة 54 / العدالة ، وهو من أثبتنا وجوده بين صفوف الرواة وار تفعت عنه جهالته العينية ، لكنا لم نعرف شيئا من حاله وعدالته ، ثم مجهول الباطن ، وهو من عرفنا ظاهره بالخير والصلاح ، ولم تتبين لنا حاله الخاصة الداخلية ، وهو المستور . والله أعلم .(1/81)
ولا بد من التنبيه أخيرا إلى ثلاثة أمور : أولها : أن من شرط الراوي الواحد الذي يثبت العدالة - عند ابن حبان - لمن يروي عنه : أن يكون مشهورا ، كما جاءت عبارة ابن حجر في " اللسان " 1 : 14 . وكانه يعني الشهرة بطلب الحديث والاعتناء به ، كما سيأتي في نقل القاضي زكريا الانصاري عن الامام الذهبي . أما إذا كان ضعيفا : فال يفيد شيئا ، كما صرح به ابن حجر في المصدر المذكور ، وتبعه تلميذه السخاوي في " فتح المغيث " 1 : 298 . ثانيها : قال الكمال ابن الهمام في " تحريره " 2 : 253 - بشرحه - بعد أن حكى المذاهب في قبول حديث المجهول : " ومعلوم أن المقصود مع ضبط " ، فنبه إلى ضرورة ضبط هذا لا راوي المجهول ، وهو - أي الضبط - شرط في كل راو ، لكن حال هذا المجهول تقتضي التنبيه لمثل هذا ، إذ يخضى منه عدم الضبط ، لعدم معرفته . ولسان حال ابن حبان مقر بهذا غير منكر له ، ولا ريب . ثالثها : أرجو القارئ الكريم أن يكون على ذكر من كلام شيخنا أحمد الصديق الذي تقدم بطوله ص 24 ، فان
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 54 :(1/82)
فان فيه بيان أهمية الاختبار والاعتبار ، وبالتالي مكانة الضبط ، ويتبين منه أن الضبط عامة - في حق الراوي - وخاصة بالنسبة لحديث المبحوث فيه : إنما هو العود الفقري للسنة ، لذلك كان الضعف ينجبر إذا سلم نص الحديث ، وإذا كان النص مختلا مضطربا لا ينجبر وإن رواه الثقات . ولذلك كان التلقي بالقبول لحديث ما والعمل به : آية صحته ، وگن كانت أسانيده التي وصلت إلينا ضعيفة ، إما لان الائمة الذين تلقوه بالقبول وقفوا على أسانيد صحيحة لم تصلنا ، وإما لانهم رأوه متلائما مع ( أحاديث الباب ) ، فحكموا على راويه - أو روايه - بالضبط له ، أو لغير ذلك . ومن هذا القبيل : ما نقله شيخ الاسلام زكريا الانصاري رحمه الله في " فتح الباقي " 1 : 299 عن الامام الذهبي أنه قال : " كل من اشتهر بين الحفاظ بانه من أصحاب الحديث ، وأنه معروف بالعناية بهذا الشان ، ثم كشفوا عن أخباره فما وجدوا فيه تليينا ، ولا اتفق لهم علم بان أحدا وثقه : فهذا الذي عناه الحفاظ بانه يكون مقبول الحديث إلى أن يلوح فيه جرح . قال : ومن ذلك إخراج الشيخين لجماعة ما اطلعنا فيهم على جرح ولا على توثيق ، فيحتج بهم ، لانهما احتجا بهم " . قلت : الشق الاول من هذا الكلام يصلح أن يكون موضحا لقول الخطيب في " الكفاية " ص 88 : " المجهول عند أصحاب الحديث هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ، ولا عرفه العلماء به . . . " . والشق الثاني منه : يستفاد منه أن احتجاج صاحب الصحيح بحديث راو غير موثق - ولا مجرح - ينزل منزلة شهرته بين الحفاظ بالطلب وبالعناية به ، لانه لا يحتج إلا بمن يصلح الاحتجاج به عنده ، وهذا التعليل - " لانهما احتجا بهمم " - يرشح لقول من قال : تفرد الثقة عن الراوي وتعديله له - أو تعديل إمام آخر له - يعتبر توثيقا للراوي كافيا .(1/83)
/ صفحة 55 / ومثل هذا التعليل : قول السخاوي 1 : 296 : " معرفة البخاري به التي اقتضت له روايته عنه - ولو انفرد بها - كافية في توثيقه " . وقال الذهبي أيضا في " الميزان " 2 ( 7015 ) مؤكدا لقوله المذكور ، في ترجمة مالك بن الخير الزبادي : " في رواة الصحيحين عدد كثيرا ما علمنا أن أحدا نص على توثيقهم ، والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يات بما ينكر عليه : فحديثه صحيح " . وعلق الحافظ في " اللسان " 5 : 3 فقال : " بل هذا شئ نادر ، لان غالبهم معروفون بالثقة ، إلا من خرجا له بالاستشهاد " . فيكون قد أقره على ما حكاه من مذهب الجمهور ، وخالفه في العدد ، وهذا لا يضر . وأرى أن الامر نسبي ، فعددهم كثير بالنظر إلى ذات الرقم الذي بلغوه ، وعددهم قليل بالنظر إلى عدد رواة الصحيحين . الله أعلم . وبهذا القول للذهبي وبموافقة ابن حجر له : استدل شيخنا العلامة جهبذ العصر ونقادته مولانا حبيب الرحمن الاعظمي حفظه الله تعالى وأمتع به المسلمين ، استدل على قبول مذهب ابن حبان في " ثقاته " ، فقد كتبت إليه أسترشده في الجزم باعتماد توثيق ابن حبان لراو ولو انفرد ، فكتب إلي أثابه الله ما نصه : " وأما توثيق ابن حبان إذا انفرد : فهو مقبول عندي ، معتد به إذا لم يات بما ينكر عليه ، وهو الذي يؤدي إليه رأي الحافظ ابن حجر ، فانه أقر قول الذهبي في " الميزان " : إن الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، ولم يات بما ينكر عليه : فحديثه صحيح ، أقره الحاظ في حق من لم يوثقه أحد ، فإذا كان ابن حبان وثقه : فهو أول بالقبول " ( 1 ) . كما تقدم بعضه في ص 33 ، وموافقة شيخنا عبد الله الصديق له . وكان كلام ابن كثير - السابق ص 51 - يجعل حديث هؤلاء بمثابة الحديث ( المشبه ) الذي قالوا فيه : إنه قريب من الحديث الحسن ، فمتى توبع بادنى متابع صار حسنا لغيره . والله أعلم .(1/84)
ولا ريب أن حال الكثر الغلب من المذكورين في " ثقاته " : القبول - على تفاوت مراتبه - ، وأما التعليق عليه بانه يذكر : - بعض من انفرد بالرواية عنه أحد الضعفاء . - وبعض من يقول فيه : لا أعرفه ، ولا أعرف أباه ، ولا . . . فهذا مما لا ينبغي ، ذل أن كتابه " الثقات " يحتوي على آلاف مؤلفة ممن لهم رواية ، فإذا وجد فيهم تراجم قليلة جدا - بل عدد نادر لا يذكر بجانب تلك الكثرة - فانه لا يحسن بنا إهدار الكتاب كله من أجل هذا العدد النادر . والله المستعان . * * * / صفحة 56 / وأراني لم أنته بعد من الحديث عن هذا الصنف من الرواة ، ولا بد لي من إتمام الكلام عنه بالحديث عن نقطتين : - مدى إمكانية الحكم على راو بانه تفرد بالرواية عنه فلان فقط . - التنبيه إلى مصطلحات خاصة في كلمة ( مجهول ) ونحوها . أما النقطة الاولى : فان طريق معرفة التفرد : أمر معلوم ، هو التتبع والاستقراء ، ثم إصدار الحكم ، وهذا شان الائمة الموصوفين بانهم أهل ذلك . إما أن يقوم بعملية التتبع رجل من أهل زماننا : فلا بد له من تقييد
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 56 :
:(1/85)
فلا بد له من تقييد حكمه بان هذا ما وصل إليه بحثه في الكتب المسماة : كذا وكذا . . . وقد قال الامام الذهبي - وهو من أهل التتبع والاتقراء بشهادة ابن حجر له في " شرح النخبة " ص 156 - في " تذكرة الحفاظ " 3 : 948 في ترجمة الامام أبي بكر الاسماعيلي صاحب " المستخرج على صحيح البخاري " : " صنف - الاسماعيلي - " مسند عمر رضي الله عنه " ، طالعته وعلقت منه ، وانبهرت بحفظ هذا الامام ، وجزمت بان المتأخرين على إياس من أن يلحقوا بالمتقدمين " . والذهبي الذي هو من أهل التتبع : سيأتي ما يتعلق به في هذه الجزئية . فالحكم على أن فلانا لم يرو عنه إلا فلان - بهذا الحصر التام - شان أئمة التتبع القدامى ، أمثال ابن المديني وابن معين وأحمد والبخاري وأبي حاتم وأبي زرعة . . ، ومع ذلك فسيمر بك في التعليقات أمثلة على الاستدراك عليهم دعواهم هذه ، وأن إمكانية دعوى اتفرد من إمام من أمثال من ذكرت : على خطر النقد والاستدراك ، إلا إذا أخذت من هذا الامام بالتسليم ، وتناقلها جماعة العلماء دون استدراك عليها ، لان لسان حال الامام الناقل لها الساكت عليها : موافق مسلم ، وحينئذ يحكم بالاطمئنان على الرجل بالجهالة العينية . وسبب صعوبة هذا الحكم وكونه على خطر الاستدراك : تفرق الرواة في الامصار ، وانتشار الاسانيد بانتشارهم . قال الحافظ في " التهذيب " 1 : 4 وهو يتحدث عن هذا المعنى : " وسببه انتشار الروايات وكثرتها وتشعبها " . ومن الامثلة التي ستمر بالقارئ في التعليق - وبعضها جديد - : 1 " - قول ابن معين في رواية الدوري 2 : 248 ( 3823 ) عن شبيب بن بشر البجلي : " لم يرو عنه غيره " أي : غير أبي عاصم النبيل ، مع أن المزي رحمه الله ذكر في " تهذيب الكمال " خمسة رجال آخرين سوى أبي عاصم .(1/86)
2 " - وأغرب من هذا ما حصل لابن معين نفسه أنه قال في رواية الدوري 2 : 462 ( 4810 ) عن عيسى بن جارية الانصاري : " لا يعلم أحد روى عنه غير يعقوب القمي " مع أنه قال عنه برقم ( 4825 ) : " يحدث عنه يعقوب القمي وعنبسة قاضي الري " . وأما المزي فاوصلهم إلى خمسة ! . / صفحة 57 / 3 " - وقال ابن المديني عن أبي ماجدة الحنفي العجلي : " لم يرو عنه غير يحيى الجابر " ، كما نقله ابن حجر آخر ترجمته . مع أنه روى عنه أيضا أيوب السختياني . وانظر لزما ( 3044 ) . 4 " - وقال أبو حاتم : أحمد بن علي النميري إمام مسجد سلمية لم يرو عنه غير محمود بن خالد الدمشقي ، مع أن ابن حبان ذكر رواية يزيد بن عبد ربه أيضا ، وكذلك ذكره ابن منده وزاد : محمد بن أبي أسامة ، فصاروا ثلاثة . 5 " - وقال أبو زرعة - " الجرح " 9 ( 869 ) - في يعقوب بن عبد الله بن أبي طلحه ، المترجم هنا ( 6394 ) : " ثقة ولم يرو عنه إلا أسامة بن زيد " ، مع أن ابن أبي حاتم قال قبل نقله هذا القول : " روى عنه عبد الله بن أبي بكر وأسامة بن زيد " . 6 " - وقال أبو داود في عجلان - والد محمد بن عجلان الآتي برقم ( 3754 ) - : " لم يرو عنه غير ابنه محمد " ، مع أنه روى عنه بكير بن عبد الله بن الاشج أيضا ، وإسماعيل بن أبي حبيبة ( إن كان محفوظا ) كما في التهذيبين . 7 " - وقال أبو داو أيضا في عبد الله بن عمر بن غانم الافريقي المترجم هنا برقم ( 2873 ) : " لم يرو عنه غير القعنبي " مع أنه روى عنه عثمان بن محمد بن خشيش القيرواني - ذكر في الرواية عنه عند ابن حبان في " المجروحين " 2 : 39 - وداود بن يحيى ، كما في " الميزان " 2 ( 2654 ) و " رياض النفوس " للمالكي 1 : 144 - وسماه داود بن أبي يحيى - . لكن يحتمل أن يكون مراد أبي داود هنا : لم يرو عنه ثقة غير القعنبي ، فالقيرواني وداود غير ثقات .(1/87)
قال الحافظ في " النكت على ابن الصلاح " 2 : 723 : " قد يطلقون النفي ويقصدون به الطرق الصحيحة ، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة " . 8 " - وقال الترمذي في " سننه " 7 ، 327 ( 2685 ) عن خلف بن أيوب العامري المترجم هنا ( 1396 ) : " لم أر أحدا يروي عنه غير محمد بن العلاء ، ولا أدري كيف هو " ، مع أنالمزي ذكر في ترجمته تسعة رواة عنه ! ونقل الحافظ قصة عن الحاكم يستفاد منها أيضا أن ابن معين روى عنه ، فكملوا عشرة . 9 " - وحكى الحافظ في " تهذيبه " 4 : 384 عن البزار أن الاوزاعي تفرد بالرواية عن صالح بن جبير ، مع أنه روى عنه ثمانية رجال ! . 10 " - وقال ابن عدي في " الكامل " 1 : 400 آخر ترجمة أصبغ بن زيد الجهني : " لا أعلم روى عن أصبغ هذا غير يزيد بن هارون " ، مع أن المزي ذكر عشرة يروون عنه فيهم يزيد بن هارون . 11 " - وادعى ابن حزم في " المحلى " 10 : 32 ( 2004 ) أن زينب بنت كعب بن جرة " مجهولة ، لا تعرف ، ولا روى عنها أحد غير سعد بن إسحاق - بن كعب بن عجرة - وهو غير مشهور بالعدالة " ، مع أنه روى عنها ابن أخيثا الآخر : سليمان بن محمد بن كعب . / صفحة 58 / 12 "
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 58 :(1/88)
12 " - وقال ابن القطان في إسحاق بن كعب بن عجرة المترجم برقم ( 318 ) : " ما روى عنه غير ابنه سعد " ، ونبهت في التعليق إلى أنني وقفت على رواية أب معشر عنه في " المسند " 4 : 29 . وانظر أيضا ( 2355 ) . 13 " - وقال الذهبي في " الميزان " 2 ( 4923 ) : " تفرد عنه داود بن الحصين " مع إن ابن حبان 5 : 101 أضاف إليه آخر : محمد بن يحيى بن حبان . 14 " - وقال أيضا 2 ( 2617 ) عن داود بن أبي صالح : " روى عنه الوليد بن كثير فقط " ، فتعقبه الهيثمي 4 : 2 برواية كثير بن زيد أيضا عند أحمد في " المسند " 5 : 422 قال : " ولم يضعفه أحد " . 15 " - وقال 2 ( 4546 ) عن عبد الله بن محمد بن صيفي : " و عنه صفوان بن موهب فقط " وقال ابن حبان 5 : 44 من " الثقات " : " روى عن ابنه يحيى بن عبد الله " . 16 " - وقال في ترجمة دحيبة العنبرية 4 ( 10952 ) : " ما روى عنها سوى عبد الله بن حسان العنبري " وسلفه في هذا الحصر اقتصار شيخه المزي على ذكره ، فتبعه ، وتبعه ابن حجر أيضا ، مع أن ابن حبان قال في " الثقات " 6 : 295 : " روى عنها كثير بن قيس بن الصلت العنبري " ، فهذان اثنان رفعا عنها جهالة العين ، يضاف إليها : ذكر ابن حبان لها في " الثقات " . وإذا كان المصنف قال 4 ( 7015 ) في ترجمة مالك بن الخير الزبادي : " الجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ، ولم يات بما ينكر عليه : أن حديثه صحيح " - ووافقه عليه ابن حجر - : فقبول حديث هذه : أمر قريب جدا . 17 " - وقال 2 ( 5005 ) : " عبد الرحمن بن يربوع . . . ما روى عنه سوى ابن المنكدر " فتعقبه الزيلعي في " نصب الراية " 3 : 34 - 35 ، والحافظ في " التهذيب " 6 : 295 . هذا كثير منه رحمه الله تعالى تجد أمثلته العديدة في حواشي السبط البرهان ، وما علقته عليه .(1/89)
قال الزيلعي في الموضع المذكور - والحافظ أيضا في هذا الموضع الاخير - مبينا سبب وقوع الذهبي في هذا المأخذ : " ذكر شيخنا الذهبي في " ميزانه " - 2 ( 5005 ) - عبد الرحمن بن يربوع فقال : ما روى عنه سوى ابن المنكدر ، وهذا غلط ، فان البزار قال في " مسنده " عقيب ذكره لهذا الحديث عن عبد الرحمن بن يربوع : قديم ، حدث عنه عطاء بن يسار وممد بن المنكدر وغيرهما ، وأظن أن الذي أوقع الذهبي في ذلك كون المزي لم يذكر راويا عنه غير ابن المنكدر ، وكثيرا ما وقع له مثل ذلك في كتبه ! والله أعلم " . ونقل الحافظ قول الذهبي هذا وتعقبه بقوله : " أخطا في هذا الحصر ، وكانه تلقاه من هذه الترجمة وقلد في ذلك شيخه المزي ! " . بل جعل الحافظ ذلك عادة للذهبي ، فقد قال في " الميزان " 4 ( 8947 ) : " موسى ، عن محمد بن سعد ، ما روى عنه سوى الجريري " ، فتعقبه في " التهذيب " 10 : 379 بقوله : " ذكره الذهبي في " الميزان " وأشار إلى أنه مجهول ، كعادته فيمن لم يذكر له المزي إلا راويا واحدا " . وقال أيضا في ترجمة نضر بن عبد الله السلمي 10 : 439 : " قرأت بخط الذهبي - 4 ( 9073 ) - : لا / صفحة 59 / يعرف ، وهذا كلام مستروح ، إذا لم يجد المزي قد ذكر للرجل إلا راويا واحدا جعله مجهولا ، وليس هذا بمطرد " . وقد اعتمد البرهان السبط في " حاشيته " هذه مسلك الذهبي وحكمه ، فنقل كثيرا من أقواله التي نقلت نماذج منها ، وسكت عنه ، فيقال في صنيعه ما قيل في حق الذهبي أيضا . وهنا يرد سؤال تكملة للبحث : هل قصد المزي استيعاب شيوخ المترجم والرواة عنه ؟ . والجواب : ما قاله المزي نفسه في مقدمة " تهذيبه " 1 : 151 : " ذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم ، وأسماء من روى عن كل واحد منهم في هذه الكتب أو في غيرها ، عنى ترتيب حروف المعجم . . . " .(1/90)
وقال الحافظ في مقدمة " تهذيب التهذيب " آخر صفحة 3 : " ثم إن الشيخ - المزي - رحمه اله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة ، واستيعاب الرواة عنه ، ورتب ذلك على حروف المعجم في كل ترجمة ، وحصل من ذلك على الاكثر ، لكنه شئ لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره " . وصنيع المصنف الذهبي - وهو تلميذ المزي الفاهم عنه مقاصده في كتابه - نراه ينفي ويحصر : ما روى عن فلان إلا فلان : بناء على اقتصار المزي على ذكر هذا الواحد ! . وكان المزي رحمه الله لفرط تتبعه واجتهاده في ذلك ادعى هذه الدعوى ، وإلا فمثله لا يغيب عن ذهنه إنه " شئ لا سبيل إلى استيعابه ولا حصره " ! . ولقد ترك رحمه الله للمتعقبين عليه ثغرة واسعة ، مثل مغلطاي ، كما أوقع المستسلمين لظاهر صنيعه في مآخذ عليهم ، مثل الذهبي . بل إني أقول : لا يبعد أن يفوته ذكر بعض هؤلاء - الشيوخ والتلامذة - وهم من رجال الكتب الستة ، وإن كنت لا أستحضر مثالا على ذلك ، لكني لا أبعده ، وهو إن وجد فنادر . وكان يظن إن المزي استوعب ما عند البخاري وابن أبي حاتم مما يتعلق بغرضه هذا ، لكني رأيت أمثلة تخالف هذا الظن . انظر التعليق على ( 123 ، 374 ) ، والمثال السابق برقم 16 " .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 59 :(1/91)
16 " . لذلك قلت في أول كلامي عن هذه النقطة : " إذا أخذت - دعوى التفرد - من هذا الامام بالتسليم ، وتناقلها جماعة العلماء دون استدراك عليها . . . " ولم أقصر كلامي على متابعة إمام واحد للامام القائل فقط ، بل قلت : جماعة العلماء ، اعتبارا من واقع الامام الذهبي في متابعته للمزي . فدعوى التفرد تحتاج إلى تتبع ، ودعوى تسليم العلماء بها تحتاج إلى تتبع أيضا . والله ولي التوفيق . أما النقطة الثانيد - وهي المصطلحات الخاصة بكلمة ( مجهول ) ونحوها - : 1 " - فتقدم أن الاصل في إطلاق ( مجهول ) إرادة جهالة العين . 2 " وتقدم أن اصطلاح أبي حاتم - وألحقت به ابنه عبد الرحمن وأبا زرعة - في إطلاقها : جهالة الحال . وانظر ما ياتي بعد أسطر . / صفحة 60 / 3 " - وأن ابن حجر مشى في " التقريب " على أنها في مجهول العين . 4 " - واصطلح المصنف في " الميزان " على أنه إذا أطلقها ولم ينسبها إلى قائل : فهي مستفادة من أبي حاتم ، فيكون معناها جهالة الحال . نعم ، سها رحمه الله أحيانا ، فاطلق الجهالة وهي من كلامه وحكمه ، لا من عند أبي حاتم ، كما تجد مصداق ذلك بشواهده في التعليقات النفسيه لشيخنا العلامة المحقق اكبير الاستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه الله تعالى ، على " الرفع والتكميل " للامام اللكنوي رحمه الله تعالى ص 225 فما بعدها . وعكس هذا ، فقد يقول أبو حاتم ( مجهول ) في راو ما ، فيقول الذهبي فيه كلمة أخرى من مصطلحاته الخاصة به . مثال ذلك : أن أبا حاتم قال في مدلاج بن عمرو السلمي : " مجهول " ، فذكره المصنف في " الميزان " وقال : " لا يدرى من هو " كما سيأتي قريبا . 5 " - ولكن : هل كل من أطلق عليه أبو حاتم ( مجهول ) هو مجهول الحال ، بمعنى أنه لم تعرف عدالته ؟ .(1/92)
الجواب التفصيلي الشافعي يحتاج إلى دراسة شاملة فاحصة ، لكني أريد التنبيه إلى أنه قد يطلق الجهالة في عدد من أعراب الصحابة رضي الله عنهم ، يريد أنهم مجهولو المعرفة عند كبار التابعين ، إذ لم تنقل لهم رواية عنهم ( 1 ) . ففي " الجرح " 8 ( 1951 ) : " مدلاج بن عمرو السلمي ، حليف بني عبد شمس ، سمعت أبي يقول : هو مجهول " . مع أنه شهد بدرا فما بعدها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وذكره الذهبي في " التجريد " 2 ( 725 ) وقال : " بدري " ، ولكنه في " اليزان " 4 ( 8409 ) تبع أبا حاتم فقال من عنده : " لا يدرى من هو " ، وهذا منه يشبه قول أبي حاتم " مجهول " . وفي " الجرح " 8 ( 1276 ) : " معبد بن خالد الجهني أبو رغوة ، له صحبة ، روى عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، مات سنة ثنتين وسبعين ، وهو ابن ثمانين ، سمعت أبي يقول ذلك ، ويقول : هو مجهول " . فمن ولد قبل الهجرة بثماني سنين ، يكون عمره يوم وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سنة ، فهو صحابي ، وهذا باعتراف أبي حاتم . وهذا الاعراف من أبي حاتم بصحبته ، وهذا الكم عليه منه بالجهالة : يحتم تأويل قوله تأويلا مستساغا ، إذ لا يعقل مثل هذا التناقض في كلام الناس ، فضلا عن مثل أبي حاتم في إمامته ! وقد أوله له الحافظ ابن حجر في " اللسان " 6 : 13 فقال في ترجمة مدلاج " كذا يصنع أبو حاتم في جماعة من الصحابة ( 2 ) ، يطلق عليهم اسم الجهالة ، لا يريد جهالة العدالة ، وإنما يريد أنهم من الاعرب الذين لم يرو عنهم أئمة التابعين " . / صفحة 61 / وقد قال الامام أبو أحمد الحاكم في " الاسامي والكنى " له 1 : 155 / آ عن معبد بن خالد الجهني : كا ألزم جهني للبادية " . 6 " - " مجهول " عند العقيلي وابن الجارود وأبي العرب القيرواني ، يطلقونها في كتبهم في " الضعفاء " ويريدون منها جهالة العدالة إذا لم يقفوا على توثيق صريح في الرجل .(1/93)
قال العلامة اكوثري رحمه الله في " مقالاته " ص 61 وهو بصدد تصحيح حدث معاذ بن جبل رضي الله عنه في الاجتهاد بالرأي : والحارث هذا - ابن عمرو الثقفي - ذكره ابن حبان في " الثقات " - 6 : 173 - وإن جهله العقيلي ( 1 ) وابن الجارود وأبو العرب ، يعنون الجهالة بحاله من جهة أنهم لم يظفروا بتوثيقه نصا من أحد " . فتجهيل هؤلاء الثلاثة رجلا ينصرف إلى جهالة العدالة أولا ، وثانيا : سببه أنهم لم يقفوا على تعديل فيه . 7 " - قال ابن حجر في " تهذيب التهذيب " 9 : 488 آخر ترجمة محمد بن نجيح السندي : " قلت : عده أب الحسن ابن القطان فيمن لا يعرف ، وذلك قصور منه ، فلا تغتر به ، ود أكثر من وصف جماعة من المشهورين بذلك ، وسبقه إلى مثل ذلك أبو محمد بن حزم ، ولو قالا : لا نعرفه : لكان أولى لهما " . وانظر : " اللسان " 1 : 231 ، 224 . وقال العراقي في " ذيل الميزان " ص 103 ( 112 ) في ترجمة أحمد بن عبيد الله بن الحسن العنبري : " قال ابن القطان : علته الجهل بحال أحمد " . وعلق عليه الحافظ في " اللسان " 1 : 219 ، فقال : " ابن القطان تبع ابن حزم في إطلاق التجهيل على من لا يطلعون على حاله " ( 2 ) . تهر
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 61 :(1/94)
قوول المصنف في " الميزان " 1 ( 2109 ) في ترجم حفص بن بغيل : " إن ابن القطان يتكلم في كل من لم يقل في ه إمام عاصر ذاك الرجل أو أخذ عمن عاصره ما يدل عليه عدالته " . وابن القطان قال في المذكور : " لا يعرف له حال ، ولا يعرف " . وقوله في ترجمة مالك بن الخير الزبادي 3 ( 7015 ) : " قال ابن القطان : هو ممن لم تثبت عدالته . يريد : أنه ما نص أحد على توثيقه " . ويستفاد من قولي الذهبي هذين : مصطلح ابن القطان في إطلاقه . ويستفاد من قولي ابن حجر أيضا أمران : - لفت نظر الباحث إلى حال هذين الامامين خاصة بشان استعمالهما هذه الكلمة . / صفحة 62 / - التذكي بالفرق بين قول الامام : لا أعرفه ، وفلا لا يعرف . فالاول : حكم على نفسه بانه لا يعرفه ، فهو يحكم على نفسه بعدم معرفته له ، والثاني : حكم على الرجل ، وحكم على نفسه ، ونقل عن الآخرين أنه غير معروف ، وأنهم لا يعرفونه ، فهو قائل صراحة ، وناقل ضمنا . فالفرق بينهما كبير ، فإذا ما توالى نقل العلماء للقول الاول ، وتواردوا عليه دون تعقب له : ساوى حينئذ القول الثاني . ومثل هذا تماما يقال في قولهم عن حديث ما : لا أعرفه ، ولا يعرف . ويقال في هذا نحو ما تقدم في دعوى تفرد رواية فلان عن فلان ، صفحة 56 ، 59 . 28 - ومن الالفاظ الواردة في هذا الكتاب وغيره : قول ابن معين في الرجل : لا أعرفه . وقد تكرر قوله هذا مرات تلفت النظر في رواية عثمان الدامي عنه ، حتى إني جمعتها فجائت سبعين مرة ، إلا واحدة قال فيها : لا أدري ، قال ذلك في سعيد التمار ( 393 ) . ولما كان ابن أبي حاتم وابن عدي حريصين جد الحرص على نقل أقوال ابن معين : كنت أرجع إليهما للنظر في حال الرجل عندهما ، فارى لهما تعليقا على نفي ابن معين معرفته حال الرجل ، بما يلقي ضوءا على معرفة مصطلحه في هذه الكلمة .(1/95)
ووفاء بما وعدت في التعليق على ( 1309 ) : أني سأدرس قوله هذا في هذه الدراسات ، فسأذكر اسم الرجل مع رقم ترجمته في " تاريخ عثمان بن سعيد الدارمي " ثم تفسير ابن أبي حاتم للكلمة المرادة هنا " لا أعرفه " ، ثم أتبع ذلك بالترااجم التي علق ابن عدي فيها على الكلمة بما يفسرها عنده ، ثم أخلص إلى نتيجة أراها ، إن شاء الله . 1 " - سهل بن حما - غير أبي عتاب الدلال - ( 391 ) ، قال ابن أبي حاتم 4 ( 845 ) : " يعني : ما أخبره " . 2 " - عمر بن عثمان بن عمر التيمي ( 29 ، 597 ) ، قال ابن أبي حاتم 6 ( 674 ) : " يعني أنه مجهول " . 3 " - عنبسة بن مهران ( 28 ) ، وقال ابن أبي حاتم 6 ( 2244 ) : " لانه مجهول " . 4 " - قدامة بن كلثوم ( 711 ) ، وعند ابن أبي حاتم 7 ( 737 ) : " لم يعرفه لانه كان مجهولا " . 5 " - قدامة بن محمد بن قدامة الخشرمي ( 710 ) ، وفي " الجرح " 7 ( 735 ) : " يعني : لا يخبره ، وأما قدامة فمشهور " . يريد أنه معروف العين ، برواية عدد من الرواة عنه . 6 " - قرة بن أبي الصهباء ( 705 ) ، وفي " الجرح " ، 7 ( 746 ) : " يقول : ما أعرفه لانه مجهول " . قدامة فمشهور " . يريد أنه معروف العين ، برواية عدد من الرواة عنه . 6 " - قرة بن أبي الصهباء ( 705 ) ، وفي " الجرح " ، 7 ( 746 ) : " يقول : ما أعرفه لانه مجهول " . 7 " - مالك بن عبيدة الديلي ( 783 ) ، وفي " الجرح " 8 ( 948 ) : " يعني : أن ه مجهول " . 8 " - محمد بن أبي صالح السمان ( 776 ) ، وفي " الجرح " 7 ( 1380 ) : " يعني لا أخبره " . 9 " - محمد بن عبد العزيز التيمي ( 813 ) ، وقال ابن أبي حاتم 8 ( 23 ) : " يعني لا أخبره " . 10 " - معاوية بن معبد بن كعب السلمي ( 777 ) ، وفي " الجرح " 8 ( 1730 ) : " يعني لانه مجهول " .(1/96)
/ صفحة 63 / أما التراجم التي علق ابن عدي عليها فبلع عددها خمسا وأربعين ترجمة ، وها هي إسماؤهم وأرقامهم عند عثمان الدارمي ، ومواطن تعليق ابن عدي عليهم ولفظه : 11 " - أصبغ بن سفيان ( 146 ) ، وقال ابن عدي 1 : 399 : " هو كمال قال يحيى بن معين ، مجهول لا يعرف ، وما أظن له شيئا يسيرا ، ولم يحضرني في وقت ما أمليت : له حديث ، وهو قليل الرواية جدا " . 12 " - بهلول بن راشد ( 189 ) ، وقال ابن عدي 2 : 499 : " ليس بذاك المعروف " . 14 " - الجراح بن مليح البهراني ( 214 ) ، وفي " الكامل " 2 : 584 : " كان يحيى إذا لم يكن له علم ومعرفة باخباره ورواياته يقول ( لا أعرفه ) . . " ثم أثنى على الجراح بقوله : لا باس به وبرواياته . . . 15 " - حاتم بن حريث ( 287 ، وقال ابن عدي 2 : 845 : " ولعزة حديثه لم يعرفه يحيى ، وأرى أنه لا باس به " . 16 " - حصين الجعفي ( 256 ) ، وقال ابن عدي 2 : 805 : " لا أعلم له رواية إلا عن علي " . 17 " - حميد الشامي ( 268 ) ، وروى له في " الكامل " 2 : 686 حديثا واحدا وقال : " إنما أنكر عليه هذا الحديث ، وإذا كان مثل يحيى لا يعرفه ، لا يكون له شهرة ولا يعرف " . 19 "
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 63 :(1/97)
واحدا وقال : " إنما أنكر عليه هذا الحديث ، وإذا كان مثل يحيى لا يعرفه ، لا يكون له شهرة ولا يعرف " . 19 " - داود بن خالد العطار ( 314 ) ، قال ابن عدي 3 : 961 : " كان أحاديثه أفرادات ، وأرجو أنه لا باس به " . 20 " - زهير بن مرزوق ( 344 ) ، وقال ابن عدي 3 : 1079 : " إنما لم يعرفه يحيى لان له حديثا واحدا معضلا " . 21 " - سعيد بن الصباح ( 404 ) ، قال ابن عدي 3 : 1246 : " لسعيد غير ما ذكرت من الحديث ، وليس بكثير ، وأرجو أنه لا باس به " . 22 " - سعيد بن عمير بن عقبة ( 373 ) ، قال ابن عدي 3 : 1246 : " أظن إن له حديثا واحدا ، ولم يحضرني في وقتي هذا " . 23 " - سعيد التمار ، قال فيه ابن معين ( 393 ) : " لا أدري " ، وقال ابن عدي 3 : 1225 : " إنما قال ( لا أعرفه ) بنسبته ، لانه لم ينسب ابن من ، وإنما عرف : سعيد التمار " . 24 " - سعيد المؤذن ( 365 ) ، وكذلك قال ابن عدي 3 : 1245 : " لانه لم ينسب " . / صفحة 64 / 25 " - سفيان بن عتبة ( 370 ) ، قال ابن عدي : 3 : 1245 : " قول يحيى لا أعرفه : يعني أنه لم يره ولم يكتب عنه ، فلم يخبر أمره ، وهو عندي سفيان بن عقبة ، ولا باس به ولا برواياته " . 26 " - سليمان بن سفيان ( 385 ) ، قال ابن عدي 3 : 1122 : " وسليمان يعرف بهذين الحديثين ، وما أظن أن له غيرهما إلا شيئا يسيرا " . 27 سهل بن حماد ( 391 ) ، قال ابن عدي 3 : 1283 : " سهل غير معروف ، ولم يحضرني له حديث فاذكره " . 28 " - شعيب بن طلحة ( 419 ) ، وفي " الكامل " 4 : 1318 : " هو كما قال ، لا يعرف ، ولم أجد له حديثا فاذكره " . 29 " - صالح أبو بشر ( 155 ) ، وفي " الكامل " 4 : 1386 : " هذا الذي قال يحيى إنه لا يعرفه ، لانه مجهول لا يعرف " . 30 " - الصباح أبو سهل الواسطي ( 438 ) ، وعلق في " الكامل " 4 : 1402 : " لان جميع ما يروي من الحديث لا يبلغ عشرة أحاديث ، هي أحاديث لا يتابعه أحد عليها " .(1/98)
31 " - عاصم بن سويد ( 592 ) ، وقال ابن عدي 5 : 1880 : " إنما لا يعرفه لانه قليل الرواية جدا ، ولعل جميع ما يرويه لا يبلغ خمسة أحاديث " . 32 " - عبد الله بن حفص ( 464 ) ، ووافقه ابن عدي 4 : 1558 فقال : " هذا الذي لا يعرفه ابن معين : لا أعرفه أنا ، فلا أدري عثمان بن سعيد من أين عرفه ، ولا من أين وجد اسمه " . 33 " - عبد الله بن سلم ( 649 ) ، وزاد عثمان بن سعيد الدارمي نقلا عن القواريري : " قل ما كان يحدث " وقال ابن عدي 4 : 1563 : " لم يحضرني له حديث فاذكره " . 34 " و 36 " - عبد الله بن عالاسود الحارثي ، وعبد الله بن عثمان بن سعد ( 636 ، 608 ) ، قال ابن عدي : " هو كما قال ، وهما مجهولان " . 35 " و 37 " - عبد اللن بن عبد الرحمن الجمحي ، وعبد اله البناني ( 27 ، 591 ، 598 ) ، وقال ابن عدي 4 : 1559 - 1560 : " هذان الاسمان اللذان قال يحيى بن معين لا أعرفهما : مجهولان كما ذكرهما يحيى " . 38 " - عبد الاعلى الزهري ( 619 ) ، وهو عند ابن عدي 5 : 1954 عبد الاعلى بن أبي المساور ، وذكر فيه روايتين أخريين عن ابن معين : بشئ وليس بثقة . 39 " و 40 " - عبد الرحمن بن آدم ، وعبد الرحمن بن عبد الله الغافقي ( 600 ، 481 ) ، وعند ابن عدي 4 : 1607 : " إذا قال مثل ابن معين ( لا أعرفه ) : فهو مجهول غير معروف ، وإذا عرفه غيره فلا يعتمد على معرفة غيره ، لان الرجال بابن معين تسبر أحوالهم " . 41 " - عثمان بن عمر التيمي ( 29 ، 597 ) ، وعند ابن عدي 5 : 1821 : " هو كما قال : لانه مجهول " . / صفحة 65 / 42 " و 44 " - عثمان وعمر ابنا مضرس ( 262 ) ، وفي " الكامل " 5 : 1824 : " ليس هما بمعروفين ، وإنما أشار إلى حديث واحد " . 43 " - عمر بن عثمان بن عمر التيمي ( 29 ، 597 ) ، وفي " الكامل " : 1723 : " هو كما قال " . 45 " - محمد بن عبد العزيز التيمي ( 813 ) : وقال ابن عدي 6 : 213 : " لا يعرفه لقلة حديثه " .(1/99)
46 " - مالك بن عبيدة الديلي ( 783 ) ، قال ابن عدي 6 : 2377 : " ما أظن لمالك بن عبيدة غير هذا الحديث " . 47 " - معاوية بن معبد بن كعب ( 777 ) ، قال ابن عدي 6 : 2399 : " هو كما قال ابن معين ، لا يعرف " . 48 " - منخل بن حكيم ( 790 ) ، وقال ابن عدي 6 : 2421 : " ليس بالمعروف ، ولهذا لم يعرفه ابن معين ، ولم أجد له غير هذا " . 49 " - ميمون أبو محمد ( 773 ) ، وفي " الكامل " 6 : 2410 : " عثمان بن سعيد يسال أبدا يحيى بن معين عمن لا يعرف ، فيجيبه يحيى : إني لا أعرفه ، وإذالم يعرفه يحيى يكون مجهولا " . 50 " - نافع أبو هرمز ( 826 ) ، ونقل ابن عدي 7 : 2513 أيضا عن ابن معين من رواية أبي يعلى الموصلي : " ليس بشئ " ، ومن رواية ابن أبي مريم : ليس بثقة ، كذاب ، من رواية الدوري 2 : 602 ( 3482 ) : " ضعيف " ، ولم يذكر روايته الثانية 2 : 602 ( 3828 ) : " ليس بشئ " . وذكر له نحو عشرة أحاديث وقال :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 65 :(1/100)
" له غير ما ذكرت . . . " . 51 " - يحيى بن زبان ( 890 ) ، ووافقه ابن عدي 7 : 2678 فقال : " أنا أيضا لا أعرف يحيى بن زبان هذا فاذكر له شيئا " . 52 " - يونس بن سليم الصنعاني ( 887 ، 898 ) ، وأكده ابن عدي 7 : 2632 فقال : " ليس بالمعروف " . 53 " - أبو سلمة مولى بني ليث ( 962 ) ، وعذره ابن عدي فقال : 7 : 2747 : " أبو سلمة لا يذكر إلا في حديث واحد ، فكيف يعرفه ابن معين ؟ ! " . 54 " - أبو يزيد الطحان ( 968 ) ، وفي " الكامل " 7 : 2750 : " وابن يونس يروي عن غير واحد ممن يكنيهم ولا يعرفون ، فلهذا قال ابن معين : لا أعرفه " . 55 " - مولى سباع ( 957 ) وقال ابن عدي 7 : 2757 : " لا أعرف له غير هذا الحديث ، ويروي عنه موسى بن عبيدة ، وهو مجهول لا يعرف " . ويضاف إلى هؤلاء : 56 " - حاجب بن الوليد . قال الخطيب في " تاريخه " 8 : 271 - وعنه المزي 5 : 205 وابن حجر 2 : 134 - : " قال عبد الخالق بن منصور : سالت يحيى بن معين عن حاجب فقلت : أترى أن أكتب عنه ؟ فقال : ما أعرفه ، وأما أحاديثه فصحيحة . فقلت : أترى أن أكتب عنه ؟ فقال : ما أعرفه ، وهو صحيح / صفحة 66 / الحديث ، وأنت أعلم " ( 1 ) . وحاجب هذا عصري ابن معين ، وقد ذكر المزي ستة عشر راويا عنه . 57 " - عبيد الله بن حميد بن عبدالرحمن الحميري . في " الجرح " 5 " ( 1481 : " قرئ على العباس بن محمد الدوري ، عن يحيى بن معين إنه سئل عن عبيد الله بن حميد الذي يروي عن الشعبي ، قيل : هو ابن حميد بن عبد الرحمن ؟ قال : لا أعرفه . يعني لا أعرف تحقيق أمره " ( 2 ) . هذا ما جمعته - ولا ريب أن هناك سواه - ويتبين منه أسباب عدم معرفة ابن معين بالرجل ، وهي تدور حول هذه النقاط - إما أنه لم يعرفه لجهالته بعينه . - وإما أنه لم يعرفه لجهالته بعد الته . - وإما أن ه لم يعرفه لجهالته بضبطه . وقد يجتمع أمران منها ، وقد تجتمع الثلاثة .(1/101)
والشواهد على ذلك ناطقة بما أقول ، فلا يحتاج إلى تعيين مثال ، وإن كان المحور الاساسي فيها قلة حديث الرجل ، كما تراه في كلام الامامين ابن أبي حاتم وابن عدي . فقلة حديثه سبب رئيسي في جهالة ضبطه ، وقلة حديثه أيضا دلالة على قلة من يروي عنه ، وغالبا يتفرد عند راو واحد ، ومن كان قليل الرواية والرواة عنه : كان مغمورا غامضا أمره عند علماء الجرح والتعديل . ولقائل أن يقول : إن الحافظ ابن حجر رحمه الله صرح في " الكنت على ابن الصلاح " 2 : 677 بان ابن معين قال في يحيى بن المتوكل : " لا أعرفه " ، وأراد " جهالة عدالته لا جهالة عينه ، فلا يعترض عليه بكونه روى عنه جماعة " ، ونحوه قوله في " التهذيب " 6 : 218 في ترجمة عبد الرحمن الغفقي . وأقول في الجواب : يعنبغي أن يحمل تفسير ابن حجر أمام هذه الشواهد الكثيرة على أن اين معين أراد هذا المعنى هنا في هذه الترجمة ، لا أنه تفسير عام لهذه الكلمة حيثما وردت . وهذا ما حملني على جمع هذه النصوص والامثلة الكثيرة . والله أعلم . وخلاصة ذلك : أن مراد ابن معين من قوله : ( لا أعرفه ) أعم من أن يكون جهالة عين ، أو عدالة ، وقد تجتمع جهالتان منهما . والسبب في ذلك قلة حديث الرجل ، وقد يكون السبب عدم علمه به . / صفحة 67 / وممن أطلق الجهالة وعدم المعرفة لقلة حديث الرجل : الامام الترمذي في " سننه " باب المشي خلف الجنازة 3 : 389 ( 1011 ) ، قال : " إن أبا ماجد رجل مجهول لا يعرف ، إنما يروى عنه حديثان عن ابن مسعود " . فكون الرجل قليل الحديث ، وأنه سبب لاطلاق عدم المعرفة به : أمر معروف عند أهل العلم ، وهو واضح من حيث النظر ، فلا يستشكل عليه . وهذا ما يمهد لنا السبيل للبحث في كلمة اصطلاحية ثانية لابن معين ، هي قوله : 29 - ليس بشئ : فانها كلمة ظاهرة المراد في أن الرجل لا يلتفت إلى ولا يعبا به ، ولكن لماذا ؟ لانه تالف هالك ، أو لانه قليل الحديث فلا يشتغل به ؟ .(1/102)
فالشواهد الكثيرة التي جمعها شيخنا العلامة الحجة الاستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة سلمه الله تعالى في تعليقاته على " الرفع والتكميل " ص 122 - 221 ، هي شواهد ناطقة بان المراد : تالف هالك ، كما هو المدلول الاصلي لها . وتفسيرها بقلة الحديث أمر صحيح أيضا ، فقد يكون قليل الحديث ومجهول العين ، أو مجهول العدالة ، أو فاقد الضبط ، كما تقدم قبل قليل . وأول من جاء بهذا التفسير : أشهر تلامذة ابن معين - تقريبا - وصاحب أوسع رواية عنه : العباس بن محمد الدوري . ففي " تاريخه 2 : 456 ( 4209 ) عن ابن معين : " كان عمير بن إسحاق لا يساوي شيئا ، ولكن يكتب حديثه " . وفسرها الدوري بقوله : " وقال أبو الفضل - هو الدوري نفسه - : يعني يحيى بقوله : أنه ليس بشئ ، يقول : إنه لا يعرف ، ولكن ابن عون روى عنه . فقلت ليحيى : ولا يكتب حديثه ؟ قال : بلى " أي : يكتب حديثه . وقال ابن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 67 :(1/103)
معين أيضا في كثير بن شنظير ، في رواية الدوري 2 : 493 ( 4014 ) ، " ليس بشئ " . فقال الحاكم - كما في " الفتح " 6 : 356 و " التهذيب " 8 : 419 - : " قول ابن معين ( ليس بشئ ) : يعني لم يسند من الحديث ما يشتغل به " . والظاهر أن قول الدوري والحاكم هو مستند ابن القطان في قوله الذي نقله عنه الحافظ - واشتهر به - في " مقدمة الفتح " ص 421 في ترجمة عبد العزيز بن المختار البصري : " إن مراد ابن معين بقوله في بعض الروايات ( ليس بشئ ) يعني أن أحاديثه قليلة جدا " . وقوله " في بعض الروايات " : يشبه قول الحاكم : " ربما قال فيه : ليس بشئ " ، وإن كان قول الحاكم أوضح . وتصرف السخاوي رحمه الله في " فتح المغيث " 1 : 345 تصرفا مخلا في نقل كلام ابن القطان فقال عن إدراج " ليس بشئ " مع قولهم : " ليس بثقة ، واه بمرة " : " هو المعتممد ، وإن قال ابن القطان : إن ابن معين إذا قال في الراوي " ليس بشئ " : إنما يريد أنه لم يرو حديثا كثيرا " ، فاوهم اطراد هذا التفسير ! . أقول : إنه تصرف مخل ، لا سيما مع تأمل الموقع الذي نقل فيه ابن حجر كلمة ابن القطان هذه ، وهذا لفظه م المصدر المذكور : " عبد العزيز بن المختار البصري ، وثقه ابن معين في رواية ابن الجنيد / صفحة 68 / وغيره ، وقال في رواية ابن أبي خيثمة : ليس بشئ ، وقال أبو حاتم : مستوي الحديث ثقة ، ووثقه العجلي وابن البرقي والنسائي ، وقال ابن حبان في " الثقات " : يخطئ . قلت : احتج به الجماعة ، وذكر ابن القطان الفاسي . . . " . فمن وثق من قبل ابن معين نفسه وهؤلاء الائمة ، وجاءت فيه رواية عن ابن معين " ليس بشئ " فمن المقبول المعقول تفسيرها بقلة أحاديثه ، فهو ملجا يلجا إليه عند الحاجة ، وهو أولى من دعوى تعارض قوليه فيه .(1/104)
ومن ذلك : صدقة بن أبي عمران الكوفي أحد رجال مسلم وابن ماجه ، قال فيه أبو حاتم 4 ( 1897 ) : " صدقو شيخ صالح ، وليس بذاك المشهور " ، وقال ابن معين في رواية أبي داود عنه : " ليس بشئ " ، وقال في رواية إسحاق بن منصور : " لا أعرفه " . فيفسر قوله : " ليس بشئ " بقوله الاخر : " لا أعرفه " ولا يحملان على التعارض . أما مع اقترانها ب : ذاهب الحديث ، أو ليس بثقة ، أو نحو هذه الالفاظ الجارحة بشدة م نه أو من غيره : فلا وجه لذلك . والله أعلم . ومما يحسن التنبيه إلى أخيرا : إنه لا يلزم من قلة حديث الرجل أن يقول فيه ابن معين : " ليس بشئ " أو " لا أعرفه " . أعني : أن قلة حديث الرجل ليست عنوانا على عدم ثقته . وقد يضعفه . انظر ( 2012 ) . فقد رأيت حال عبد العزيز بن المختار ، كيف وثقه في رواية ، وقال في أخرى : ليس بشئ ، وكذلك ساله عثمان الدارمي ( 691 ) " عن أبى دراس ما حاله ؟ فقال : إنما يروي حديثا واحد ( 1 ) ، ليس به باس " . 30 - 32 - وأما ألفاظ البخاري الثلاثة : " فيه نظر ، في حديثه نظر ، في إسناده نظر " : فقد مشيت في التعليق على المغايرة بين مدلولاتها ، وحرصت على التنبيه إلى اللفظ المنقول عن البخاري إن كان في نقل المصنف أو البرهان السبط شئ من التصرف . 1 " - فقوله : " فيه نظر " : الضمير يعود على الرجل ، فيكون للامام البخاري رحمه الله وقفة في الرجل ، وهي وقفة شديدةلا خفيفة ، أئ : إنها من الجرح الشديد . وكانها تعدل " منكر الحديث " عنده ( 2 ) . قال المصنف في " الميزان " 2 ( 4294 ) في ترجمة عبد الله بن داود الواسطي التمار : " قال البخاري في " التاريخ الكبير " - 5 ( 226 ) - : فيه نظر . . ، وقال ابن عدي - 4 : 1557 - : وهو ممن لا باس به إن شاء الله . قلت - الذهبي - : بل كل الباس به ، ورواياته تشهد بصحة ذلك ، وقد قال البخاري : فيه نظر ، ولا يقول هذا إلا فيمن يتهمه غالبا " .(1/105)
ونقل عن البخاري قوله في عثمان بن فائد 3 ( 5552 ) : " في حديثه نظر " ، ثم قال : " قل أن يكون عند البخاري رجل فيه نظر إلا وهو متهم " . فهذا يدل على تسويته بين الكلمتين . وسبقه إلى التسوية بينهما ابن عدي ، فانه ترجم 2 : 588 لجميع بن عمير التميمي ، ونقل فيه قول البخاري 2 ( 2328 ) : " فيه نظر " ، ثم / صفحة 69 / فسرها وعلق عليه فقال : هو " كما قال ، في أحاديثه نظر " . وسكت ابن حجر في " التهذيب " 2 : 112 على كلام ابن عدي ، فكأنه يرتضيه . وقال المصنف في " الموقظة " ص 83 : " وكذا عادته - أي البخاري - إذا قال ( فيه نظر ) ، بمعنى أنه متهم ، أو ليس بثقة ، فهو عند أسوا حالا من الشعيف " . وقال الحافظ في " التلخيص الحبير " 1 : 74 في حديث أبي ثفال المري في التسمية على الوضوء : " قال البخاري : في حديثه نظر ، وهذه عادته فيمن يضعفه " . قلت : لكن لفظ المصنف في " سير أعلام النبلاء " 12 : 439 نقلا عن الامام البخاري : " أنه قال : إذا قلت : فلان في حديثه نظر : فهو متهم واه " . فهو صريح في بيان المراد بهذا القول من البخاري نفسه ، وليس عادة له فت
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 69 :(1/106)
نظر : فهو متهم واه " . فهو صريح في بيان المراد بهذا القول من البخاري نفسه ، وليس عادة له عرفت بالاستقراء . فكلام المصنف في الموضع الثاني ، وابن عدي ، وابن حجر في " التلخيص " : متناسب متلائم مع صريح بيان البخاري المصطلحه في قوله : " في حديثه نظر " . ويبقى النظر أيضا في إطلاق البخاري قوله واصطلاحه الذي نقل عنه ، وفي تقييد المصنف ذلك في الموضعين من " الميزان " ب : " غالبا ، ، وقل . . . " . فالبخاري عبر عن اصطلاحه فاطلق ، أما الذهبي في " الميزان " فكأنه لا حظ حال الرجل عند غير البخاري ، فرأى الغالب الاتفاق بين البخاري وغيره في حكمهم على الرجل ، وأحيانا يكون خلاف ذلك ، فعبر بقوله : " غالبا ، وقل أن يكون . . . " . ولا بد من التنبيه إلى ضرورة ثلاثة أمور : أولها : التحقق من النقل لمثل هذه الالفاظ عن البخاري ، ماذا قال ؟ وما لفظه ؟ . ففي " الكامل " 7 : 2643 ترجمة ياسين بن شيبان العجلي : " قال البخاري : فيه نظر " ، في حين أن العقيلي نقله 4 ( 2100 ) بلفظ : " في حديثه نظر " ، وانظر التعليق على ترجمته ( 6121 ) وعلى ( 3002 ) . ثانيها : التحقق والتامل في سياق كلامه . فالذي يبدو لي - والله أعلم - أنه يراعي سياق كلامه إلى حد أنه يطلق كلمة لولا سياق كلامه لقال غيرها . انظر التعليق على ( 3002 ) أيضا . مثال ذلك : قوله في صعصعة بن ناجية جد الفرزدق 4 ( 2978 ) : " قال لي العلاء بن الفضل : حدثني عباد بن كسيب ، حدثني طفيل بن عمرو ، عن صعصة بن ناجية المجاشعي : قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فعرض علي الاسلام فاسلمت . . . فيه نظر " . فصعصعة صحابي ، وترجمه المؤلفون في الصحابة ، لكن حديثه هذا فيه نظر ، لا إنه هو فيه نظر ، فانه صحابي . وأكد هذا التأويل : أنه قال في ترجمة عباد بن كسيب 6 ( 1624 ) ، وقد ذكر السند فقط - : " لم يصح " ، وقال في ترجمة طفيل 4 ( 3160 ) : " لم يصح حديثه " .(1/107)
فافادنا أن النظر هناك : في الحديث لا في الرجل ، وأفادنا أن النظر يعني عدم الصحة . وهذا الجمع بين النصوص الثلاثة نبهنا إلى ضرورة مراعاة الامر الثالث . / صفحة 70 / ثالثها : ضرورة جمع ألفاظه المتعلقة بالرجل الواحد أو بالحديثة الواحد ، والتنبه لذلك أثناء الاستقراء ، كي لا يظن أنها مختلفة المراد ، متعددة ، وهي في رجل واحد ، متفقة متحدة . وقد يريد النظر في الاسناد ، لاضطرابه ، أو لانقطاعه . ففي " التاريخ الكبير " 5 ( 389 ) قال : " عبد الله بن عبد الرحمن . قال يحيى بن قزعة وإبراهيم بن مهدي ، عن إبراهيم بن سعد . ح عبيدة ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن مغفل . . . " . فذكر طرقا وختمها بقوله : " فيه نظر " . وقال 5 ( 575 ) : " عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الانصاري الخزرجي ، عن أبيه ، عن جده . . . " ، وختم الترجمة بقوله : " فيه نظر ، لانه لم يذكر سماع بعضهم من بعض " . فهذا كقوله : 2 " - " في إسناده نظر " . وقد قال البخاري ذلك في رواة كثيرين ، منهم : أوس بن عبد الله الربعي أبو الجوازاء ، المترجم في " التاريخ الكبير " 2 ( 1540 ) . وأوس ثقة عندهم ، لذلك فسر ابن عدي هذا القول في " الكامل " 1 : 402 بقوله : يريد : " أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما ، لا أنه ضعيف عنده " . ويساعده على هذا التفسير صياغة الجملة مقطوعة عما قبلها وبعدها من سباق ولحاق ، فهي بظاهرها صريحة في أن المراد : فيما يسنده أوس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق ابن مسعود وعائشة : نظر ووقفة . وزاد ابن عدي هذا الفهم ترسيخا بانه : لم يسمع منهم ، ففيما يسنده انقطاع وإرسال ، ووافقه على هذا التفسير ابن حجر في " مقدمة الفتح " ص 391 - 392 ترجمة أوس المذكور .(1/108)
أما الذهبي : فانه صنع عجبا ! ترجم لاوس هذا 1 ( 1045 ) ونقل كلمة البخاري فيه ولم يفسرها بهذا التفسير ، وبعد أسطر قليلة ترجم لاويس القرني رحمه الله تعالى 1 ( 1048 ) ونقل كلمة البخاري نفسها فيه 2 ( 1666 ) ، وفسرها ب " أن الحديث الذي روي عن أويس في الاسناد إلى أويس نظر " . وعجبت منه - أولا - لم يفسرها في ترجمة أوس أيضا ، مع أنها قبل أسطر ، فاخر تفسيرها ! ! ثم زال عجبي وزاد يقيني بامامة المصنف ودقته . . وقد كان هذا التأمل سببا في انكشا فاوهم في تفسير ابن عدي المذكور . وإليك البيان . قال البخاري في " التاريخ الكبير " 2 ( 1540 ) : " أوس بن عبد الله الرعبي أبو الجوزاء البصري ، سمعت عبد الله بن عمرو ، روى عنه بديل بن ميسرة ، قال يحيى بن سعيد : قتل أبو الجوزاء سنة ثلاث وثمانين في الجماجم . وقال لنا مسدد : عن جعفر بن سليمان ، عن عمرو بن مالك النكري ، عن أبي الجوزاء قال : أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة ، ليس من القرآن آية إلا سألتهم عنها . قال محمد - هو البخاري نفسه - : في إسناده نظر " . ل
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 70 :(1/109)
ابن عدي 1 : 402 : " وأبو الجوزاء روى عن الصحابة : ابن عباس ، وعائشة ، وابن مسعود / صفحة 71 / وغيرهم ، وأرجو أنه لا باس به ، ولا يصحح روايته عنهم : أنه سمع منهم ، ويقول البخاري : " في إسناده نظر " : أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائشة وغيرهما ، لا لانه ضعيف عندهم ، وأحاديثه مستقيمة مستغنية عن أن أذكر منها شيئا في هذا الموضع " . فعجبت من ابن عدي كيف يقول : مراد البخاري أنه لم يسمع من مثل ابن مسعود وعائسشة وغيرهما ، والنص صريح أمامه : أقمت مع ابن عباس وعائشة اثنتي عشرة سنة . . . ! ونظرت في " مقدمة الفتح فرأيته أخذ هذا التفسير بالتسليم ! ثم نظرت في " التهذيب " ترجمة أوس فازاح الاشكال ، قال " وقول البخاري : في إسناده نظر ويختلفون فيه : إنما قاله عقب حديث رواه له في " التاريخ " من رواية عمرو بن مالك النكري ، والنكري ضعيف عنده " ، ثم حكى كلام ابن عدي : لم يسمع من مثل ابن مسعود . . . فتبين من هذا : أن معنى قول البخاري " في إسناده نظر " : في الاسناد الموصل إلى المترجم نظر ، وهذا هو تماما معنى قول المصنف الذي قاله في ترجمة أويس القرني ، وتقدم نقله . وعلى كلام ابن عدي يكون المعنى : في الاسناد منه إلى من فوقه نظر ، فينظر فيمن فوقه ، هل هو ثقة أو ضعيف ، أو : ينظر ما فوقه ، هل متصل أو منقطع ، فاختلت الحيثية - كما يقولون . وبهذا تبين لي سبب إعراض المصنف عن نقل قول ابن عدي في ترجمة أوس ، وتفسيره من عنده في ترجمة أويس . والله أعلم . وعلى كل : فهذه الكلمة من البخاري ليس فيها جرح لذات الرجل ، لما تقدم ، نيؤكده : أنه قال في أبي خداش زياد بن الربيع اليحمدي ( 1685 ) : " في إسناده نظر " ، ومع ذلك فقد احتج به في " صحيحه " . انظر " الكامل " 3 : 1052 ، و " الميزان " 2 ( 2937 ) .(1/110)
بقي التنبيه إلى جزئية جانبية وردت في كلام ابن حجر المتقدم ، وهي : أن عمرو بن مالك النكري ضعيف عند البخاري ، ولم أر تصريحا بذلك ، ولا تلميحا ، لكن عجبت من ابن عدي وابن حجر نفسه . فابن عدي ترجم للنكري 5 : 1799 وصدر الترجمة بقوله : " منكر الحديث عن الثقات ، ويسرق الحديث " ( 1 ) ، وختمها بنحو ذلك . فكيف لا يعل به الخبر الذي أسنده البخاري من طريقه ؟ . وهذا عجب ثان من ابن عدي في هذه الترجمة الواحدة . وابن حجر - والمزي من قبله - لم ينقلا كلام ابن عدي هذا في ترجمة النكري ، بل اقتصرا على أنه مذكور في " ثقات " ابن حبان أن ه قال 7 : 228 : " يعتبر حديثه من غير رواية ابنه عنه " . وكما إهمل المزي وابن حجر كلام ابن عدي هنا ، أهمله الذهبي في " الميزان " 3 ( 6436 ) ، بل لم يذكر فيه شيئا أبدا إلا أنه ثقة ! فهو - في الغالب - اعتمد توثيق ابن حبان له . وأخيرا : إن تفسير ابن عدي لقولة البخاري هذه يحتاج هذه يحتاج إلى تتبع ودراسة . فالذي يبدو لي أنه صحيح في بعض دون بعض ، فلا بد من النظر في سياق قول البخاري - أي قول له - لنخلص إلى نتيجة صحيحة . / صفحة 72 / والامر - كما قال شيخنا في تعليقاته على " الرفع والتكميل " ص 391 ، وعلى " قواعد في علوم الحديث " . ص 257 - " يستحق أن يوليه بعض الباحثين الافاضل تتبعا خاصا ، رجاء أن يتوصل به إلى تقعيد قاعدة مستقرة تحدد مراد البخاري من تعبيره المختلفة " . * * * هذا ، ولم يبق إلا أربع كلمات يستعملها الذهبي كثيرا في كتبه عامة ، ومنها : " الكاشف " ، وليست من كلمات الجرح ولا التعديل ، وهي : متاله أو يتاله ، وجلد ، وممدح ، وبس . 1 " - أما متاله أو يتاله : فيذكرها الذهبي رحمه الله في سياق تنويهه بعبادة الرجل وإشادته بتوجهه إلى الله تعالى بالكلية . كقوله في رباح بن زيد الصنعاني : " ثقة ، زاهد ، متاله " .(1/111)
قال الامام الغزالي رحمه الله تعالى في " المقصد الاسنى في معاني أسماء الله الحسنى " ص 62 بعد ما شرح اسم ( الله ) : " تنبيه : ينبغي أن يكون حظ العبد من هذا الاسم : التاله ، وأعني به : أن يكون مستغرق اللب والهمة بالله عز وجل ، لا يرى غيره ، ولا يلتفت إلى سواه ، ولا يرجو ولا يخاف إلا إياه " . وفي " القاموس المحيط " : " التاله : التنسك والتعبد ، والتاليه : التعبيد " . وهذه الكلمة نادرة الورود على لسان المحدثنى ، ولم أرها في كلامهم إلا مرد واحدة ، جاءت في كلام الامام أبي زرعة الرازي رحمه الله ، رأيتها في " أسئلة البرذعي لابي زرعة " 2 : 367 ، قالها في عبد الكريم الجرجاني . 2 " - وأما جلد : فيستعملها غالبا مع الرافضي الشيعي ، وهي للدلالة على تمكنه وتشدده في مذهبه وفي " القاموس " : " الجلد : . . . الشدة والقوة ، وهو جلد ، وجليد ، من إجلاد وجلداء ، وجلاد ، وجلد " . ويستعمل المصنف بهذا المعنى والسياق كلمة أخرى ، لا سيما في كتاب " الميزان فيقول مثلا : فلان من عتق الشعية ، يريد من المتشددين فيهم ، لان العتيق هو القديم ، ومن قدم في أمر تمكن فيه وقوي .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 72 :(1/112)
عتق الشعية ، يريد من المتشددين فيهم ، لان العتيق هو القديم ، ومن قدم في أمر تمكن فيه وقوي . 3 " - وأما ممدح : فيقولها فيمن كان كثير المكارم والسماحة والجود ، فكثر مدح الناس له . وفي " القاموس " : الممدح : " الممدوح جدا " . وممن قالها فيه : خالد بن عبد الله القسري ( 1335 ) ، وعاصم بن عمر بن الخطاب ( 2510 ) . 4 " - وأما بس : فهكذا ضبطها : السين ساكنة ، وهي بمعنى : فقط ، وحسب ، وهي كلمة عربية فصيحة ، وقيل : لغة ضعيفة مسترذلة . كما في " القاموس " . وإنما ضبطت السن بالسكون - مع وضوحه - لاني رأيت المصنف والحافظ ابن الاسنكندري صاحب نسخة السبط وضعا شدة كبيرةعلى السين في ترجمة الحارث بن عبد الرحمن القرشي العامري " ، وهي على عربيتها نادرة الاستعمال على لسان المتقدمين - بله المتأخرين - فلم أرها في كلامهم إلا مرة في كلام أبي زرعة الرازي ، في أچوبته لابي سعيد لبرذعي 2 : 414 لما قال له : سفيان بن وكيع ، كان يتهم بالكذب ؟ قال أبو زرعة : " الكذب بس ؟ ! 2 . والله أعلم . * * * / صفحة 73 / 4 - أحكام الذهبي في " الكاشف " خاصة بلغت تراجم " الكاشف " 7179 ترجحمة ، لكن الذهبي رحمه الله لم يكن يحرص على إعطاء حكم على كل ترجمة من حيث الجرح والتعديل . فقسم كبير من التراجم ليس معها حكم من هذه الناحية ، وقسم كبير آخر معه حكم . ويمكن تصنف هذا القسم الثاني إلى أقسام : 1 " - منهم من حكم عليه الذهبي من تلقاء نفسه . 2 " - ومنهم من اختار قولا فيه من كلام السابقين ، وقد يسميه ، أو لا يسميه فيشتبه بالقسم الاول . 3 " - ومنهم من أشار إلى الاختلاف فيه ، فذكر فيه جرحا وتعديلا . والامثلة عى هذه الاقسام ليست بذات بال ، فلا أحل بها ، إنما الشان في الحديث عن أمور أخرى ، ذات بال وأهمية .(1/113)
أولها : ضرورة التنبيه والتنبه إلى رجوع الباحث إلى كتب الذهبي الاخرى غير هذا ، ولا سيما كتابيه الآخرين : " ميزان الاعتدال " و " سير أعلام النبلاء " . ذلك أن الذهبي فيهما بارز الشخضية النقادة ، لماح يقظ ، ما تمر به كلمة تحتاج إلى تهذيب وتشذيب ، أو تصحيح وتصويب ، إلا ونبه إليها ، وايقظ فهم القارئ إلى ما تحمله من معنى يستدرك ويقوم على الجادة ، إلا ما تاباه العصمة على غير صاحبها ! . فهو في " الميزان " : ذو شخصية متميزة ، نقاد ، مستحضر لحال الرجل باستيفاء وعموم - غالبا - ينقل كلام علماء الجرح والتعديل ، فيفسر ، ويجمع ، وينقد ، ويعلق . وشأنه في " السير " : اليقظة والايقاظ ، وإبداء الرأي الصائب السديد حول كثير من النقول ، بل كانه ما ياتيك بالنقل إلا ليبدي ملاحظته وينبهك إلى ما فيه . فرحمه الله تعالى وجزاه خير الجزاء . أما في " الكاشف " فلا تجد من هذا إلا الشئ بعد الشئ ، وفيه إفادات عن طريق الاشارات والمرموز بصمت وسكون . من ذلك الذي يجب التنبه لمراجعة كتبه الاخرى : أن كثيرا ممن يقول فيهم هنا : وثق ، تجده في " الميزان " - مثلا - وغيره يقول : لا يعرف ، أو نحو ذلك . / صفحة 74 / بل قد يجزم هنا بتوثيقه ، ويقول في كتاب آخر : مجهول ، ونحوه . فقد قال هنا في أصبغ مولى عمرو بن حريث : " ثقة " ، وقال عنه في " المجرد " ( 458 ) : " مجهول " . وقال هنا عن زياد بن أبي مريم : " ثقة " ، وفي " المجرد " ( 507 ) : " جهل " ، وفي " الميزان " 2 ( 2961 ) : " فيه جهالة ، وقد وثق ، ما روى عنه سوى عبد الكريم بن مالك فيما أرى ، وقيل : هو زياد بن الجراح ، وقيل : هما اثنان " .(1/114)
وقد نقل هذا الكلام البرهان السبط رحمه الله ، ولم أذكر من وثقه في التعليق إلا ابن حبان ، وأزيد هنا ليستدرك هناك : أن العجلي وثقه 1 ( 514 ) ، ونقل توثيقه الحافظ في " التقريب " ( 2099 ) مقتصرا عليه مع أنه ذكر في " تهذيبه " أيضا توثيق الدارقطني له ، فالرجل ثقة ، وإن لم يذكروا راويا عنه سوى عبد الكريم بن مالك الجزري ، فقد تقدم ص 33 ، 51 إن من روى عنه واحد ووثق : فهو ثقة . ووثق في " الكاشف " عبد الله بن عصمة الجشمي ، وقال في " الميزان " 2 ( 4449 ) ، " لا يعرف " ، وقال في " الكاشف " عن عبد الله بن عمر بن غانم : " مستقيم الحديث " - وهي كلمة أبي داود فيه - أما في " الميزان " 2 ( 4470 ) فقال : " مجهول " . وانظر كلامه على مدلاچ بن عمرو السلمي ، المتقدم ص 60 . والامثلة كثيرة ، أتى سبط ابن العجمي رحمه الله على جانب كبير منها في " حاشيته " . وانظر الامر الخامص الآتي قريبا ص 76 . ثانيها : وهو السبب الرئيسي - فيما أرى - في اختلاف أحكامه هنا عن أحكامه في كتبه الاخرى ، وهو أنه يحكم على الرجل من خلال ما قدمه المزي إليه - وإلى غيره - في " تهذيب الكمال " من جرح وتعديل ، دون التفات إلى ما هناك من أقوال أخرى ، ودون غربلة لها ونقد . وتجد في هذه الحواشي الشئ الكثير من ذلك مشروحا و مشارا إلى بالنقل عن " تقريب التهذيب " خلاصة تخالف حكم المصنف . من ذلك :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 74 :(1/115)
قول المصنف في الصلت بن محمد الخاركي : " صالح الحديث " ، ولم ينقل المزي في ترجمته 13 : 229 إلا أن أبا حاتم قال فيه 4 ( 1933 ) : " صالح الحديث " ، وأن ابن حبان ذكره في " ثقاته " 8 : 324 فاعتمد قول أبي حاتم واختاره . وزاد عليه ابن حجر توثيق البزار والدارقطني إياه ، وأن الدارقطني صحح له حديثا انفرد به ، ومع ذلك قال عنه في " التقريب " ( 2949 ) : " صدوق ! فعلقت بعده : بل ثقة ، اعتمادا على التوثيق المذكور ، وأنه لا يلزم من قول أبي حاتم أن ننزل بالرجل عن التوثيق درجة . وانظر أيضا التعليق على ترجمة محمد بن مسلم ابن مهران . وقال في " الكاشف " ( 2647 ) : " عبد الله بن بشر ، قاضي الرقة . . ثقة " . وهذا مقتضى ترجمته في " تهذيب الكمال " 14 : 336 ، ففيه عن ابن معين : " ثقة من خيار المسلمين ، وقال أبو زرعة : لا باس به ، / صفحة 75 / وقال النسائي : ليس به باس ، وقال أبو أحمد بن عدي : أحاديثه عندي مستقيمة ، وذكره ابن حبان في كتاب الثقات " . لكن من نظر ترجمته عند المصنف في " الميزان " 2 ( 4226 ) ، وزيادات ابن حجر في " تهذيبه " رأى أن فيه اختلافا كثيرا ، حتى إن ابن معين وابن حبان اللذين وثقاه : قد ضعفاه أيضا ، بل لفظ ابن معين - عن الساجي - فيه تكذيب عريض ! وتكلم في روايته عن الزهري والاعمش خاصة . وهذا الامر - كما قلت - سبب رئيسي في اختلاف أحكام الذهبي هنا مع أحكامه في كتبه الاخرى ، وكذلك مع أحكام غيه ، ولا سيما ابن حجر في " التقريب " . ثالثها ( وهو متصل بما قبله - : متابعة المصنف للمزي ، حتى في بعض أوهامه . مثال ذلك : قوله في ترجمة داود بن عبد الله الاودي : " فه لين ، ووثقه أحمد ولم يترك " . ذلك أن المزي نقل في " تهذيبه " 8 : 412 عن الدوري عن ابن معين أنه قال : " ليس بشئ " ، فشار إلى هذا بالتليين ، وتقدم ص 34 - 35 أن مثل هذا لا يليق وصفه بالتلين ، إنما هو جرح شديد .(1/116)
ومع هذا فان المصنف قال في " الميزان " 2 ( 2621 ) : " روى الكوسج - هو إسحاق بن منصور - عن يحيى : ثقة ، وروى عباس عن يحيى : ليس بشئ . فيحرر هذا ، لان هذا في : ابن يزيد " المترجم في ووافق ابن حجر الذهبي على هذا الاستدراك ، وهو كذلك في رواية الدوري 2 : 154 - 155 ( 1321 ، 2971 ) . فتراه في " الميزان " تنبه للوهم ونبه إليه ، في حين أنه تابع المزي في " الكاشف " ! وتابعه كذلك في " المغني " 1 ( 2004 ) ، فقال : " وثقه أحمد ، ولابن معين فيه قولان " . وكنى المزي في " تهذيبه " 3 / 1430 هارون بن عنترة : أبا عبد الرحمن ، فتبعه المصنف في مختصره " التهذيب " 4 : 109 / ب ، أما أبو أحمد الحاكم فكناه : أبا عمرو ، فتبعه المصنف في مختصره " المقتني " ( 4645 ) ! فهذا أغرب . ويجد القارئ في حواشي ترجمة سنيد بن داود مثالا آخ ر ، لكني لم أذكره هنا لاحتمال اختلاف نسخ " الجرح والتعديل " . رايعها : أن يكون الوهم منه ، لا من جراء متابعته للمزي . مثال ذلك : أنه قال في هشام بن يحيى بن العاس المخزومي : " مختلف فيه " ، مع أن لفظ المزي : " روى عنه عمرو بن دينار ، ومحمد بن راشد ، وفيه نظر ، ذكره ابن حبان في " الثقات " . وهو بهذا اللفظ في راشد عنه ، لا على الرجل نفسه . وانظر التعليق على ترجمته ( 5976 ) . وقال عن سليمان بن جنادة الازدي : " وهاه البخاري " ، مع أن البخاري في " التاريخ الكبير " 4 ( 1770 ) ساق له حديثا ، وقال عقبه : " هو منكر " ، فهو صريح في عوده على الحديث لا على الرجل ، وصرح / صفحة 76 / ابن عدي بذلك في " الكامل " 3 : 1133 ، مع ما تراه من جعله القول في الرجل هنا وفي " الميزان " 2 ( 3438 ) ، ولفظه : " منكر الحديث " . وانظر التعليق هناك .(1/117)
وقال في ترجمة زيد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب : " ولي القضاء لعمر بن عبد العزيز " ، ونبهت في التعليق إلى أن الذي تولى القضاء لعمر هو زيد بن عبد الكبير بن عبد الحميد ، كما قاله ابن أبي حاتم . ومما يلحق بهذا الامر الرابع : تسامحه في نقل ألفاظ الجرح والتعديل بكلمات غير محددة تماما . مثال ذلك من ألفاظ الجرح ما تقدم قبل قليل ، حين عبر عن قول ابن معين " ليس بشئ " بقوله : فيه لين ! . ومثال ذلك من ألفاظ التعديل : قوله في ترجمة إبراهيم بن طهمان : " وثقه أحمد وأبو حاتم " ، مع أن لفظ أبي حاتم : " صدوق حسن الحديث " . وهذا يقع كثرا في كتب الرجال وغيرها ، يقولون : ضعفه فلان وفلان ، ويكون في بعض ألفاظ التضعيف : التليين أو الجرح الشديد ، ويقولون : وثقه فلان وفلان ، ويكون فيها ما دون ذلك . فلا بد من التبين بمراجعة الاصول . وانظر صفحة 33 . خامسها : هل كان الذهبي رحمه الله من المتشددين في أحكامه هنا أولا ؟ . والواب : أن الذي خبرته من أمر هذا الامام براءته من نزعة التشدد أو التساهل ، وما عرفت عنه إلا الاعتدال في أحكامه على ة
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 76 :
،(1/118)
وما يراه الباحث في كتبه من توثيق لفلان ، والصواب خلافه ، أو من تضعيف والصواب غيره : فانما مرده إلى الواقع الذي انتهجه في كل كتاب ، وليس مرده إلى إنه متشدد أو متساهل . وإوضح من هذا : أن التوثيق الذي نجده في " الكاشف " مثلا ، ونجد خلافه في كلامه أو كلام غيره : ليس سبب هذا التوثيق كونه متساهلا . والجرح الذي نجده في " الميزا " ، وقد نرى خلافه في كلام غيره ، ليس مرده إلى أن الذهبي في " الميزان " من المتعنتين ، إنما سبب هذا وذاك - في الغالب - الطريقة التي سلكها وهو يصنف كل واحد منهما ، وما سوى الغالب فمما لا يخو عنه الطبع البشري الضعيف ، وكفاه نبلا أن تعد أوهامه . رحمه الله تعالى . وأضرب مثلا من اختلاف أحكامه غير الامثلة المتقدمة : قال في " الكاشف " : " صدقة بن أبي عمران ، عن قيس بن مسلم . . . ، لين " . مع أنه قال في " الميزان " 2 ( 3873 ) : " [ صح ] صدقة بن أبي عمران ، م ق ، الكوفي قاضي الاهواز . . ، صدوق ، وقال أبو حاتم - 4 ( 1897 ) - : ( صدوق ) شيخ صالح ، ليس بذاك المشهور ، وقال أبو داود عن ابن معين : ليس بشئ " ، ثم أسند حديثه الذي في " صحيح مسلم " ، وقال : " هذا من غراب مسلم " . فتراه رمز أول الترجمة بكلمة [ صح ] وهي علامة منه " على أن العمل على توثيق الرجل " ، كما نقل هذا / صفحة 77 / عنه ابن حجر في مقدمة " لسان الميزان " 1 : 9 ، ونبهت إليه في التعليق مرارا . ثم صدر الترجمة بقوله : " صدوق " ، وهذا خلاصة رأيه في الرجل ، وكثيرا ما يفعله في " الميزان " . ثم نقل كلمة أبي حاتم وسقط منها كلمة " صدوق " فاضفتها من " الجرح " ووضعتها بين هلالين كبيرين لذلك . وتراه لم ياخذ بكلمة ابن معين . في حين أنه أخذ بها ضمنا في " الكاشف " فقال : " لين " ، توليدا منه لحكم مستخلص من كلمة " صدوق " وكلمة : " ليس بشئ " .(1/119)
وليس معنى هذا الاختلاف أنه كان في " الكاشف " من المتشددين ، وصار في " الميزان " من المتساهلين ، ولو كان كذلك لاعتراض علينا بما جاء في " الميزان " 4 ( 9596 ) ، ترجمة يحيى بن أبي عمر السيباني : " صدوق ما علمت عليه مغمزا ، قال أحمد : ثقة ثقة " . ومن يكرر فيه أحمد كلمة التوثيق فهو في أعلى مراتب التعديل ، فلم نزل به إلى " صدوق " ؟ ! . ولو كان في " الكاشف " متشددا لما قال عن كل من الزبير بن الليد ، وزيد بن أبي الشعثاء : " ثقة " ، ولم يرو عن كل منهما إلا واحد ، وليس فيهما إلا أن ابن حبان ذكرهما في " ثقاته " ، فاين التشدد ؟ ! . في أمثلة أخرى كثيرة تدل على أنه لا يوصف بتشدد ولا بتساهل ، وأما هذا الاختلاف فمنشؤه مسيرة الرجل في كل كتاب ، ومنهجه الذي انتهجه فيه . والله سبحانه أعلم . وأرى لزاما قبل أن أنتقل عن الحديث عن أحكام الذهبي في " الكاشف " أن أنبه إلى تسديد عبارة شائعة . تلكم هي قول بعض الباحثين : فان - من الرواة - : وثقه - أو ضعفه - أحمد وابن معين ، والبخاري ، و . . . ، والذهبي ، وابن حجر ، ود يحدثون ذلك وينسبونه إلى " الكاشف " و " التقريب " . وفي هذا القول خطا أو تجوز كبير ، فالذهبي وابن حجر وأمثالهما من العلماء المتأخرين لا ينسب إليهم توثيق ولا تضعيف ، على معنى أنه هو منشئ ذلك وقائله ، ذلك أن الذهبي - مثلا ، وأقصر الحديث عليه للمناسبة التي أنا فيها - لم يعاصر الرواة ولم يخبرهم ليوثقهم أو يجرحهم ، إنما يجمع أقوال المتقدمين وتخير منها باجتهاده ، ويكتب ما يختاره في كتبه . ولو أن القائل اقتصر على قوله : فلان وثقه الذهبي ، لكان التجوز مقبولا نوعا ما ، أم آ هذا العطف والتركيب : وثقه القطان وابن مهدي و . . ، والذهبي : فهذا تجوز كبير ، في سواغيته نظر . والله أعلم .(1/120)
/ صفحة 78 / 5 - رموز " الكاشف " قال المصنف رحمه الله في المقدمة : " والرموز فوق اسم الرجل : خ للبخاري ، و : م لمسلم ، و : دلابي داود ، و : ت للترمذي ، و : س للنسائي ، و : ق لابن ماجه ، فان اتفقوا فالرمز : ع ، وإن اتفق أرباب السنن الاربعة فالرمز : 4 " . 1 " - وقد استخدم المصنف رموز كتب أخرى ليست على شرطه ، منها ما كان استعماله إياه نادرا ، ومنها ما كان استعماله إياه كثيرا ، لكن يجمع الجميع : أنه لم يطرد في استعماله . وهذه الرموز الزائدة النادرة : مق : لمن يروي له مسلم في مقدمة " صحيحه " . فق : لمن يروي له اين ماجه في " تفسيره " . سئ : لمن يروي له النسائي في " عمل اليوم والليلة " . ص لمن يروي له النسائي في " خصائص أمير المؤمنين على بن أبي طالب رضي الله عنه " . أما الرمز الزائد الذي أكثر من استعماله فهو : خت ، لمن يروي له البخاري في معلقات " صحيحه " . - " مق " : أما رمز مق فقد بينت في دراسة " تقريب التهذيب " ص 49 أهمية تمييز هذا الرمز عن الرمز الاصلي لصحيح مسلم ، وهو م . ولو أن المصنف رحمه الله اطرد في أي الامرين : الرمز أو عدمه : لكان أولى ،
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 78 :(1/121)
فالتزام أمر ما أولى من التردد فيه . وأول مرة استعمل فيها هذا الرمز في ترجمة إياس به معاوية القاضي الشهير ( 502 ) . وزاد الامير غرابة أنه استعمله مع رمز آخ ر ثانوي أيضا : خت . - " فق " : ولا أعلمه استعمله إلا في موضع واحد ، عند رقم ( 7016 ) ، وقد علقت عليه بما يبين سبب استعماله ، مع أنه كان يمكن للمصنف أن يجعل على هذه الترجمة القصيرة جدا علامة إلغاء ، كما فعل بترجمة أطول منها ، هي ترجمة عبد الله بن بجير القيسي ، فانه كتبها كاملة ، ثم كتب على أولها : لا ، وعلى آخرها : إلى ، لانه من رجال " مراسيل أبي داود " . - " سي ، ص " : تابع المصنف شيخه المزي في اعتار هذين الكتابين متفصلين عن " سنن النسائي الكبرى " ، ويلزم من هذا أن لا يعرج على هذين الرمزين ، فلا يذكر الترجمة إذا كان رمزها سي فقط ، أو ص فقط ، وإذا كان للترجمة رموز أصلية أخرى سواهما ، فينبغي أن ياتي بتلك الرموز ، ويلغي هذين الرمزين . وقد فعل هذا كثيرا ، لكنه لم يطرد ، فقد أتى بهما أحيانا ، من ذلك في ترجمة يحيى بن عبد الله بن الضحاك البابلتي : خت سي . / صفحة 79 / وأغرب من هذا : أنه قد يبدلهما س ، وهذا يتمشى مع اعتبار هذين الكتابين بابين من أبواب " السنن الكبرى " كما فعل الحافظ ابن حجر . فقد رمز المزي لحنش بن المعتمر الكناني : دت ص ، فجعلها الذهبي : دت س . بكر بن أبي شيبة م سي ق ، فجعله الذهبي : م س ق . بل إن المزي ترجم لعمرو بن يزيد الجرمي ، ورمز له : ص ، فقط ، فترجمه المصنف هنا ( 4254 ) ورمز له : س ، وجاءت الترجمة مستدركة على الحاشية .(1/122)
أما ابن حجر فاطرد صنيعه - تقريبا - في جعل هذين الرمزين س - في " التقريب " - وأبان عن وجهة نظره في مقدمة " التهذيب " 1 : 6 فقال : " أفرد - المزي - " عمل اليوم والليلة " للناسئي عن " السنن " وهو من جملة كتاب " السنن " في رواية ابن الاحمر وابن سيار ، وكذلك أفرد " خصائص علي " وهو من جملة المناقب في رواية ابن سيار ، فما تبين لي وجه إفراده " الخصائص " و " عمل اليوم واللية " . " . بل إن المزي لم يستوف أشياء أخرى هي في رواية ابن الاحمر لسنن النسائي ، كما قال الحافظ نفسه في " التهذيب " 6 : 396 . وينشا عن إهمال المصنف رمز مق سي ص : أن الناظر في " التقريب " يرى رموز المترجم على أنه من رجال مسلم والنسائي ، فيرجع إلى " الكاشف " فقد لا يرى الترجمة بتاتا ، وقد يجدها ويجد رموزها ناقصة عن رموز " التقريب " . - " خت " : اضطرب المصنف في هذا الرمز ، فقد أهمله أولا إهمالا مطلقا ، سواء كان للترجمة رمز سواه أو لا ، ثم صار يذكره إذا كان مشتركا مع رمز آخر ، ثم ترجم عدة تراجم ليس لها رمز سواه . ومع ذلك كان يهمله أحيانا . وظني أنه لا حظ أن الرجال المذكورين في معلقات البخاري إنما هم رجال مذكورون ضمن ما يسمى " الجامع الصحيح " ، فيستحسن الرمز لهم والترجمة . والله أعلم . وهذا التوجيه يؤيده صنيعه في ترجمة عبد الله بن عثمان بن خثيم المكي ، فانه رمز له أولا بالحبر الاحمر - كالمعتاد - : م 4 : ثم ألحق بعدهما بالحبر الاسود : خت ، فظهر في الصورة جليا . ويعكر عليه : قوله في الكنى : " أب الشموس البوي ، صحابي ، علق له البخاري . . . " ، وكتب بدل الرمز خت : صح ، إشارة إلى صحة إخلاثه من الرمز ، وأنه لم يكن سهوا منه . ولا يقال : إن هذا متاخر ، لانه جائ في قسم الكنى ، وذاك في وسط الكتاب ، لاني أظن أن هذا الالحاق لرمز خت بالحبر الاسود إنما جاء منه متاخرا مستدركا أثناء قراءة الكتاب عليه . والله أعلم .(1/123)
2 " - وأود التنبيه إلى أن المعتاد المألوف : ترتيب أسماء أصحاب الكتب الستة على النحو الذي ذكره المصنف في مقدمة الكتاب : سواء كان ذلك بذكر أسمائهم صراحة ، أو رموزا . ومع ذلك فان المصنف لا يحفل بهذا احتقال ملتزم ، فانه قد يخل به . انظر لذلك مثلا ، ترجمة زمعة بن صالح الجندي ، فانه رمز له هكذا : ت س ق م قرنه . / صفحة 80 / وليس هذا الاخلال هنا من أجل إضافة كلمة " قرنه " كما لا يخفى على الناظر فيه . وإنما نبهت إلى هذا لئلا يظن قارئ أن الاخلال من قبيل الخطا المطبعي . 3 " - والذهبي متابع للمزي في رموزه غالبا ، دون استدراك عليه فيما يقصر فيه . ففي ترجمة أبان بن يزيد العطار رمز المزي : خ م . . . ، وتبعه المصنف والحافظ في كتابيه ، لكنه في " فتح الباري " و " مقدمته " حقق أن البخاري علق لابان تعليقا وليس مسندا ، فصواب رمزه : خت م . . ، ذكرت هذا في التعليق على الترجمة ، وفاتني أن أؤيد تحقيق الحافظ هذا بان الكلاباذي والباجي لم يترجما في كتابيهما لابان هذا ، ولو كان ممن روى له البخاري مسندا لترجماه ، أما من يعلق له تعليقا : فقد قال الحافظ في " الفتح " 4 : 399 تحت باب التجارة في البحر ، من كتاب البيوع : " إن الذين أفردوا رجال البخاري
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 80 :(1/124)
كالكلاباذي لم يذكروا فيهم - مطرا - الوارق ، لانهم لم يستوعبوا من علق لهم " . ورمز المزي لبسر المازني رضي اله عنه : م ، وتبعه المصنف ، مع أنه ليس له رواية ولا ذكر في " صحيح مسلم " إلا أن ابنه عبد الله قال : نزل النبي صلى الله عليه وسلم على أبي ، لذا نقل السبط ابن العجمي تعقب شيخه العراقي على المزي في " النكت على ابن الصلاح " . ولا أطيل في الامثلة ، فانظر : 204 ، 848 ، 2122 ، 2147 ، 2430 . ومن مظاهر متابعته لشيخه : أن المزي يترجم الرجل ويقول : قيل روى عنه - أو : له - النسائي ، أؤ أبو داود ، أو غيرهما ، ويصرح بانه لم يقف على ذلك ، ولا يرمز له . فيتابعه الذهبي في ذلك : في الترجمة ، وفي تضعيف القول بان المترجم مروي له في الكتاب المسمى ، وفي عدم الرمز . ومن الامثلة على هذه الظاهرة هذه التراجم : 280 ، 284 ، 302 ، 1109 ، عند 5209 . 4 " - وإنما قلت : الذهبي متابع للمزي في رموزه غالبا : لاني رأيت له بعض تراجم خالفه في رموزها ، وكان فيها دقيقا ، وفي بعضها نشات مخالفته عن تحريف ، والسبب في بعضها الآخر أن سنخته من " تهذيب الكمال " أخذها في وقت مبكر عن نسخة شيخه المزي ، فكأنه ما كان يستدكر إلحاقاته وتصحيحاته المتأخرة ، إذ أن المزي عاش ثلاثين سنة بعد فراغه من " التهذيب " . فمثال الحال الاولى : ترجم المزي لسليمان بن قرم 12 : 51 مرمز له : خت م د ت س ، فجعلها الذهبي : خت م تبعا د س ، فافاد فائدتين : أفاد أن مسلما روى له متابعة ، وأفاد أن الترمذي لم يرو له . وكان نسخة الذهبي من " سنن الترمذي " ليس فيها حديث سليمان هذا ، عن أبي يحيى القتات ، عن مجاهد ، عن جابر مرفوعا : " مفتاح الجنة الصلاة ، ومفتاح الصلاة الوضوء " ، وهو الحديث الرابع من " سننن الترمذي " ، وقد قال المزي نفسه في " تحفة الاشراف " 2 : 716 ( 2576 ) : " ليس في السماع ، ولم يذكره أبو القاسم " أي : ابن عساكر في " أطرافه " .(1/125)
والظاهر أن تنبه الذهبي لهذا جاء متاخرا قليلا ، فانه في " تذهيب التهذيب " 2 : 131 / ب تابع المزي / صفحة 81 / في الرمز به ، وكان فراغه منه " التهذيب " سنة 719 - دون تحديد الشهر - أما " الكاشف " فكان فراغه منه في 27 من شهر رمضان سنة 720 . وقد خلت نسخة الترمذي التي بخط الحافظ أبي الفرج ابن الجوزي رحمه الله سنة 536 من هذا الحديث ، لكنه جاء في نسخة العلامة الفاضل المتقن محمد أمين ميرغني رحمه الله ، وكتب بجانبه : " هذا الحديث يوجد في بعض النسخ " ، ثم نقل كلام المزي السابق . ومثال آخ ر في الترجمة ذات رقم 2860 . ومثال الحال الثانية : أن المزي ترجم الذؤيب بن حلحلة الخزاعي ، ورمز له : م ف ق ، ورمز ف لكتاب " التفرد " لابي داود ، وتعبه ابن حجر في كتابيه ، أما المصنف فرمز له هنا : م ت ق ، فتحرفت عليه ت عن ف ، واقتصر في " التهذيب " 2 : 31 / ب على : م ق ! . ومثال الحال الثالثة : ما حصل في ترجمة أحمد بن عاصم البلخي ، وشرحه كما يلي : ترجم المزي رحمه الله أحمد بن عاصم البلخي ، ورمز له بخ ، وقال : " روى عنه البخاري في كتاب الادب . . . " ، هكذا جاء في مصورة دار المأمون للتراث ، لكن أضاف المزي بعد ذلك جملة خلال النص فصار : " روى عنه البخاري في آخ ر باب رفع الامانة ، من كتاب الرقائق ، وفي كتاب الدب . . " . وهذه الزيادة وضعها الدكتور بشار عواد بين هلالين كبيرين وقال : " أضاف المزي ما بين الحاصرتين باخرة " وذكر أنه لم ير الرواية المشار إليه .(1/126)
وأقول : أولا - إن الاضافة كانت متاخرة ، بعد عام 719 ، والله أعلم ، ذلك لان الذهبي ترجم لاحمد بن عاصم هذا في " تذهيبه " 1 : 19 / ب ، ورمز له : بخ ، وتقدم في أعلى الصفحة أنه فرغ من تأليفه سنة 719 ، و " التذهيب " ماخوذ من " التهذيب " باتفاق ، فلما استخلص " الكاشف " من هذا - أو ذاك ، على الخلاف ، كما تقدم ص 12 - رأى هذا الرمز على غير شرطه ، فاهمل الترجمة ( 1 ) ، لانه أخذ نسخته من " تهذيب الكمال " في وقت مبكر قبل هذه الاضافة ، وتقدم أن فراغه من " الكاشف " سنة 720 . بل مشى على هذا الرمز في " الميزان " 1 ( 417 ) الذي ألفه عام 724 ، وبقي يضيف عليه إلى ما بعد أربع سنوات ، أي : إلى ما بعد سنة 728 - انظر خاتمة النسخة التي نشرها البجاوي رحمه الله - . فتبين بهذا أن الذهبي أخذ نسخته من كتاب شيخه في وقت مبكر ، وأن هذه الاضافة جاءت في وقت متاخر ، لعله بعد سنة 728 ؟ . ولا غرابة إذا وقع هذا في " خلاصة " الخزرجي ، الذي تابع فيه أصله " تذهيب تهذيب الكمال " ، وهو كذلك 1 ( 64 ) . ولما التزم البرهان سبط ابن العجمي في كتابه " نهاية السول " أن يترجم لرواة الستة الاصول فقط - ككتابنا هذا - كان أمرا طبعيا أن لا يترجم لاحمد بن عاصم هذا ، أو أن يترجمه تمييزا ، وهذا ما حصل ، فانه جمه
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 81 :(1/127)
تمييزا ص 18 ، ونقل فيه كلام الذهبي في " الميزان " ، وأنه رآه في " الجرح والتعديل " أيضا . فدل / صفحة 82 / هذا على أن القطعة التي عنده من " تهذيب الكمال " ماخوذة عن نسخة المزي في وقت مبكر أيضا ، أو أنه اعتمد على " تذهيب " المصنف . أما ابن حجر رحمه الله فكانت نسخته من " تهذيب " المزي متاخرة ، وأكد أن رواية البخاري عنه جاءت في رواية المستملي وحده عن الفربري ، ورمز له ي كتابيه : خ ، وحذف بخ ، لانه رمز ثانوي بالنسبة لغيره ، وكذلك رمز في " مقدمة الفتح " ص 386 . قلت : لو قال الحافظ : روايته جاءت في رواية أبي ذر الهروي ، عن المستملي ، عن الفربري ، لكان أدق ، لانه قال في " الفتح " 1 : 6 " وأما رواية المستملي : فرواها عنه الحافظ أبو ذر عبد بن أحمد الهروي ، وعبد الرحمن بن عبد الله الهمذاني " . وذكر بعد اثني عشر سطرا سنده برواية أبي ذر ، وبعد أربعة أسطر أخرى سنده برواية عبد الرحمن الهمذاني . ورواية البخاري عن أحمد بن عاصم هذا جاءت في رواية أبي ذر فقط ، عن المستملي ، ولم تات في الرواية الثانية عنه ، كما سيأتي . ثانيا : إن راية البخاري عن أحمد بن عاصم جاءت عقب الحديث الثاني في باب رفع الامانة من أبواب كتاب الرقاق 11 : 333 ( 6497 ) ، وفيها تفسير كلمة لغوية ، يرويه أحمد بن عاصم ، عن أبي عبيد ، عن الاصمعي وأبي عمرو بن العلاء وغيرهما . ولا أدري على أي طبعة اعتمد الدكتور بشار عواد ، فنفى رؤيته لها في الباب المذكور ، وهو الباب الذي سماه المزي في كلامه السابق . ولا بد من لفت النظر إلى إمرين : أولهما : جاءت هذا الزيادة في صلب متن " صحيح البخاري " في بعض طبعاته ، ولعل أقدمها طبعقة دار الطباعة العامرة بالآستانة المطبوعة سنة 1315 ، ذات الثمانية أجزاء في أربع مجلدات .(1/128)
وجاءت على حاشية المتن في طبعة بولاق المطبوعة سنة 1319 ، ذات التسعة أجزاء في ثلاث مجلدات ، وعليها الحواشي الكثيرة التي فيها الاشارة إلى مغايرات النسخ والروايات ، وكانت قد طبعت عن فرع النسخة اليونينية ، وصورت هذه الطبعة في بيروت مرارا ، ووضع ناشرها في مقدمتها مقالا للعلامة الشيخ أحمد محمد شاكر رحمه الله فيه دراسة عن النسخة اليونينية ، وتاريخ هذه الطبعة ، وأن شرح القسطلاني على البخاري يتميز عن سائر الشروح بذكره مغايرات اليونينية . أقول : جاءت هذه الزيادة على حاشية هذه النسخة ورمز فوقها : ( لا ) صورة هاء مفردة وفوتها رأس السين ، وهما رمزا : أبي ذر الهروي ، عن المستملي . وإن إلحاق هذه الزيادة على الحاشية أولى وأدق من إدخالها على صلب الكتاب . وقد جاءت في نسخة الحافظ من " صحيح البخاري " فتكلم عليها ، ولم تات في نسخة الامام العيني " فاهملها ولم يتكلم عليها . ويستغرب من الباجي رحمه الله أنه لم يترجم لاحمد بن عاصم هذا في كتابه " التعديل والتجريح " مع أنه يروي " صحيح البخاري " عن أبي ذر ، عن شيوخه الثلاثة : المستملي ، والكشميهني ، والحموي ، عن / صفحة 83 / الفربري ، كما ذكر ذلك في مقدمة كتابه ، ولكن لعله لم يترجم لمن لهم رواية في مثل هذه المناسبات ؟ ولم يبين منهجه في مقدمته . أما الكلاباذي فلم يذكره أيضا ، ولعله لمثل ما تقدم بشان الباجي ، وأيضا : ذكر أنه يعتمد رواية الفربري ، لكنه لم يسم الواسطة التي بينه وبين الفربري . والله أعلم . ثانيهما : جاء لفظ البخاري في هذه الزيادة : " سمعت أبا أحمد بن عاصم يقول . . " ، وهذا فيه إقحام أو سقط ، فقد اتفق مترجموه على أنه : أبو محمد أحمد بن عاصم ، فاما أنه أقحم في النص أداة الكنية ، وإما سقط منه تمام الكنية كلمة : محمد . والله تعالى أعلم .(1/129)
وخلاصة القول : أنه حصلت مغايرة بين " الكاشف " وأصله الاول " تهذيب الكمال " ، بسبب إضافة جديدة من المزي ، امتدت المغايرة إلى عدد من الكتب : " التهذيب " و " الميزان " و " الكاشف " و " ذيله " و " الخلاصة " و " نهاية السول " ، وما اتفق معها إلا ابن حجر في كتبه : " التهذيب " و " التقريب " و " مقدمة الفتح " . / صفحة 84 / 6 - النسخة الاصل وسماعاتها كان من تيسير الله تعالى ومنه على عبده أني حظيت بصورة عن نسخة المصنف من هذا " الكاشف " ، وأدخل عليها تعديلات وإضافات وحواشي - وقد رأينا قبل أسطر فائدة ذلك - وناولها بيده الكريمة عددا من أصحابه الائمة العلماء . 1 " - وهو خط جميل واضح ، ويعايش قارئه المشتغل به روح الامام الذهبي رحمه الله من كثرة ما فيه من الضبط وعالمات التقييد ، مما يدل ناظره على تنبه المصنف إلى حاجة القارئ لامر ما ، فيسعفه بافادته وإلحاقه وضبطه هناك . 2 " - ويعايش الناظر في هذا الاصل المصنف وه مع أصحابه قارئي كتابه عليه ، فإذا وصلت هذه المجموعة هنا كتب المصنف : بلغ ، وتزيد عليها قليلا في القراءة مجموعة ثانية ، فنجد بعد البلاغ الاول : بلغ ، مرة انية
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 84 :
،(1/130)
وهكذا ثالثة ورابعة ، يقدر فيها الناظر تفاوت المقدار المقروء في كل مجلس . 3 " - وكما يلحظ الناظر تفاوت المقدار المقروء بين كل مجموعة ، يلحظ أيضا التفاوت في الفائدة ، فاستدراك ترجمة ، أو فائدة ، أؤ إحالة ، أو رمز ، كل هذا يدل على تنبه المصنف أو تنبيه التلمذى القارئ لشيخه أن هذا الموطن يستدعي إثبات هذه الفائدة . وهكذا تكون المعايشة . 4 " - ويسترعي الناظر إكثار الذهبي رحمه الله من الضبط ، فهو يضبط ما يحتاج إليه ، وما له بعض الحاجة ، وما لا حاجة إلى ضبطه ، ويضبط المختلف فيه بوجهين . وليس غريبا إن يضبط ما يحتاج إليه ، لكن الغريب ضبط ما لا يحتاج إليه أبدا ، مثل ضم ميم : موسى ، ومسلم ، وسين : سويد ، وهاء : هريرة ، وتشديد العين من : ضعفوه ، والياء من : أيوب وبقية . وهذا شان من يكثر من الضبط دائما . وقد يضبط الحرف لازالة اللبس وسلامة القارئ من التصحيف ، مثل إسكان الميم من : عمرو ( 1 ) ، لئلا يشتبه بعمر ، وإسكان العين من : سعد ، فلا يشتبه بسعيد ، وإسكان السين من : مسلم ، لئلا يظن أنه : سلم . وقد يضبط لقطع احتمال سقط في الكلام ، كما فعل في : إبراهيم بن عبد الله بن عبد القاري . / صفحة 85 / وهذا شان من يتذوق معاناة الاشتباه في الخطوط ، فيريد أن يريح قارئ كتابه من هذا العناء والعرضة للخطا والتحريف . وقد يضبط ضبطا نحويا ، مثل ضبطه " سرف " في ترجمة أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها ، قال : " ماتت بسرف " ووضع فتحة على الفاء . ووضع تنوينا للاسم المبدل من كنيته ، مثل : الحسين بن أبي السري متوكل ، والوليد بن أبي هشام زياد . نعم إن الاكثار من الضبط يعرض صاحبه للسهو وزلة القمل ، ولا سيما إذا جاءت الحركة فوق حرف آخر غير الذي أراد ضبطه ( 1 ) . وقد زل قلمه في وضع لحق آخر ترجمة عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني ، يمكن للقارئ أن يرجع إليه هناك ، فلا داعي إلى شرحه هنا .(1/131)
5 " - عدد أوراق ولوحات الاصل 209 ورقة ، ومعلوم أن كل ورقة صفحتان ، وتتراوح أسطر الصفحة الواحدة بين 22 - 25 سطرا ، ويحرص المصنف على بدء الترجمة من أول السطر . 6 " - وجاء على صفحة العنوان : " كتاب الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة ، اقتضبه محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي منن تهذيب الكمال " . وتحت كلمة " الذهبي " : " وهو بخطه " . وعليها ختمان : الاول فيه : " من موهب ذي الفضل المدرار ، لعبده محمد يحيى بن العطار 1200 " والثاني فيه : " وقف أحمد بن إسماعى تيمور ، بمصر " . وكتب مفهرسه : تاريخ ، وتيمور 1935 . وثمة كتابات أخرى قديمة ، ساثبتها آخر دراسة هذا الجانب ، مع ما في آخ ر صفحة منه ، من قراءات وسماعت ، إن شاء الله تعالى . 7 " - والنسخة - كما يبدو لي من صورتها - سليمة والحمد لله من الارضة أو أي تلف آخر . 8 " - وقد كتب المصنف الرموز بالقلم الاحمر ، فلذا لم تظهر في الورة ظهور اللون الاسود ، وقد وضعها كلها فوق اسم المترجم ، أو فوق الجزء الاول منه إن كان اسمه مضافا ، مثل : عبد الله . وإذا كان في رواية صاحب الرمز عن المترجم وقفة : فانه يفصح عن ذلك ويضح الرمز كالمعتاد ، أو لا يضع رمزا . أما ابن حجر في " التقريب " : فانه اصطلح على وضع الرمز عن يمين اسم المترجم ، كما بينته في دراسته ص 50 . / صفحة 86 / 9 " - وهل دخلت على الاصل كتابات أخرى بغير قلم المصنف ؟ . الجواب : نعم ، وقد ميزتها فاثبتها في التعليق ، وهي : أسد بن عبد الله القسري ، وبكر بن بكار ، والحارث بن مالك عن سعد ، وعبد الله بن الرقيم ، والعلاء بن عرار ، وقيس بن طخفة ، وأبو عمرو الصيني ، وكلها بقلم واحد إلا الترجمة الاولى . ولم أعرف صاحبها ، إذ لم يذكر اسمه ، ولم أجد لخطه شبها بخط من الخطوط التي على الصفحة الاولى والاخيرة منه .(1/132)
10 " - وقد ملا المصنف رحمه الله كتابه بعلامات التقييد التي صطلح عليها المحدثون ، مثل : وضعه على الراء والسين ، علامة إهمالهما ، ويضع تحت الحاء والعين المهملتين ، حاء وعينا صغيرتين ، كما يؤكد صحة الحرف بكتابة " صح " فوقه . ويكتب فوق الحرف المخفف : خف . ومن مصطلحاتهم في الكتابة : اللحق ، وهو خط يرفعونه بين كلمتين سقط بينهما كلمة أو كلام ، ثم ياخذون به ذات اليمين أو الشمال ، أيهما أقرب أخذ إليه ، ويكتبون على الحشية ما يريدون ، وينبغي أن يختم بكلمة : صح ، وإن كان المصنف - ومثه ابن حجر في " التقريب " - لا يلتزمان بذلك . ولهم مصطلحات في إلغاء ما يريدون إلغاءه : - إما الضرب على الكلام من أوله إلى آخره بخط واحد يتخلل الكلام ، بحيث لا يسود الصفحة ويشوهها ، كما فعل في ترجمة عمر بن طلحة بن عبيد الله ، قال : " وعنه ابن عقيل ، وأخيه إبراهيم بن محمد " ، هكذا كتب ، ثم ضرب على : " وأخيه إبراهيم بن محمد " بخط . - وإما ن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 86 :(1/133)
أن يكتب فوق أول كلمة : لا ، وعلى آخر كلمة : إلى . فعل ذلك في ترجمة عبد الله بن بجير القيسي ، وكتب : " أحمد بن حفس بن عبد الله السلمي النيسابوري : " ثم أخرها وكتب عليها : لا إلى . - وكتب : " عبد الله بن عامر ، عن عمر ، وعنه أبو مجلز " ثم كتب فوقه : من إلى . - وقد يكتب رأس صاد ممدود هكذا : ص ، ويكون ذلك فوق الكلام المراد حذفه . - وإذا اشتبهت قراءة كلمة بسبب اضطراب كتابتها ، أعاد كتابتها على الحاشية بوضوح وكتب فوقها : بيان . حصل له ذلك في مواطن ، منها في ترجمة عبد الوهاب بن عطاء العجلي ، قال : " قال أحمد : عالم بسعيد " ، فلم تظهر الباء ، فاعاد كتابتها على الحاشية وفوقها : بيان . 11 " - والاحالات على ما تقدم وياتي : فانه يكتبها على الحواضي ، ولا يدخلها صلب الصفحة ، وذلك كقوله : أحمد بن شبويه ، هو : أحمد بن محمد " ، و " أحمد بن أبي عمرو ، هو : أحمد بن حفص " . وهذا قليل في القسم الاول من الكتاب : قسم الاسماء ، لكنه كثير جدا في قسم الكنى ، كما هو معلوم ، لكنه لا يخلي حواضي الصفحات في القسم الاول من فائدة . انظر أمثلة على ذلك في ترجمة سعيد بن أبي مريم ، وعاصم بن عبيد الله بن عاصم ، ومسلم بن يناق ، وغيرهم . 12 " - وطريقة المصنف في كتابه : إسماعيل ، وإسحاق ، وهارون ، والحارث ، ومعاوية : طريقة غيره / صفحة 87 / من السابقين : أن يكتبوها بغير ألف ، وكذلك يكتب : إبراهيم ، كما عرف هذا عن بعض المتقدمين ، وأقدم من أعرفه من هؤلاء : الامام الشافعي رحمه الله تعالى ، وبعض السابقين يثبتها . وأحيانا يختصر كتابة صلى الله عليه وسلم : فيكتبها : صلى الله علم ، وأحيانا يتمها ، وقد حصل له هذا : الاختصار والاتمام في ترجمة واحدة ، ترجمة عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي الصحابي رضي الله عنه .(1/134)
13 " - ومن شدة التزامه للاختصار أنه يحذف كلمة " سنة " حين يذكر تاريخ وفاة المترجم آخر الترجمة ، ونادرا جدا ما يكتبها ، فما يجده القارئ مثبتا من ذلك فهو من قم المصنف ، وليس مني ، كما أن حذفها منه ، وليس من المستحسن التصرف بزيادتها ، كما فعل في الطبعة المصرية السابقة . 14 " وكانت كتابته للارقام على الطريقة والرسم الذي يسمى هنديا ، وهي من حيث الرسم لا تختلف عن المألوف لنا إلا في رقم 4 ، 5 ، فانهما يكتبان على حسبها : 5 ، 6 . أما من حيث الطريقة : ففيها اختلاف عما الفناه ، وأرى من المفيد عرضها باختصار ، ليستفيدها المشتغل في المخطوطات ، فقد بعد إلفنا لها . وأنا الخصها وأرسمها عن الصفحة الاولى التي في نسخة الاحمدية بحلب من " الكاشف " ، كتبها أحد مالكيها : " ياسين بن محمد البكفالوني الاصل ، الادلبي المنشاء " كما سمى نفسه هناك ، وكان تملكه للنسخة سنة 1111 . 1 ، 1 . ، 1 . . ، 1 . . . ، 1 . . . . ، 1 . . . . . ، 1 . . . . . . 2 ، 2 . ، 2 . . ، 2 . . . ، 2 . . . . ، 2 . . . . . ، 2 . . . . . . 3 ، 3 . ، 3 . . ، 3 . . . ، 3 . . . . ، 3 . . . . . ، 3 . . . . . . 4 ، 4 . ، 4 . . ، 4 . . . ، 4 . . . . ، 4 . . . . . ، 4 . . . . . . 5 ، 5 . ، 5 . . ، 5 . . . ، 5 . . . . ، 5 . . . . . ، 5 . . . . . . 6 ، 6 . ، 6 . . ، 6 . . . ، 6 . . . . ، 6 . . . . . ، 6 . . . . . . 7 ، 7 . ، 7 . . ، 7 . . . ، 7 . . . . ، 7 . . . . . ، 7 . . . . . . 8 ، 8 . ، 8 . . ، 8 . . . ، 8 . . . . ، 8 . . . . . ، 8 . . . . . . 9 ، 9 . ، 9 . . ، 9 . . . ، 9 . . . . ، 9 . . . . . ، 9 . . . . . . وبناء على هذا كتب المصنف وفاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : 23 ، ووفاة أبي حنيفة : 5 . 1 . . ، ووفاة الشافعي : 2 4 . . . وعلى هذا فينبغي أن نكتب وفاة عمر بن عبد العزيز : 1 1 . . ،(1/135)
وهكذا ، فهم يضعون الاصفار فوق الارقام / صفحة 88 / لتعيين مرتبة الرقم ، هل هو في مرتبة العشرات أو المئات أو الآلاف ، ولا يضعون فوقه شيئا إذا كان في مرتبة الآحاد . لذلك كتب المصنف تاريخ وفاة أحمد بن المنذر بن الجارود : 2 3 ( 230 ) ، وأحمد بن فضالة النسائي : 7 ؟ ؟ ؟ ، ( 257 ) . وقد لا يضع الاصفار فوق رقم المئات ، كما كتب تاريخ وفاة أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان : 8 ؟ 2 ( 258 ) . وقد لا يضع أصفارا أبدا ، كما كتب تاريخ وفاة أحمد بن المقدام العجلي : 3 ؟ 2 ، وهذا - عى كثرته - أقل من سابقيه . وقبل الفراغ من الكلام عن هذه ( الطرفة ) لا بد من التنبيه إلى أنهم قد يضعون الصفر عن يمين الرقم - ولو وقع بين رقمين - ، وقد يجعلونه صفرا مستديرا صغيرا ، كرقم الخمسة عندنا ، أو كالسكون . وقد كتب الارقام على هذا الوصف العلامة ابن الاسكندري صاحب نسخة البرهان السبط ، والبرهان نفسه . فقد كتب ابن الاسكندري تاريخ وفاة أحمد بن محمد بن ثابت ابن شبويه هكذا : 230 ، يريد : 230 ، وفاة
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 88 :(1/136)
أحمد بن محمد بن موسى مردويه : ؟ 230 ، يريد : 235 . ومثله تاريخ وفاة أبان بن عثمان بن عفان : ؟ 10 ، يريد : 105 ، في أمثلة أخرى . وكتب السبط تاريخ وفاة أحمد بن أبي عبيد الله السليمي : ؟ ؟ 2 ، 240 ، ووفاة عبد الكريم بن أبي المخارق : 1207 ، يريد : 127 . وهذا قليل في كتابتهما ، وأكثر ما كتباه على طريقتنا . وكنت أظن أن هذه الطريقة قد انقرضت منذ زمان ، لكني رأيت منذ أيام العبد الصالح العالم الزاهد الشيخ محمد زكريا المرغيناني الاصل ، المدني المهاجر ، حفظه الله تعالى بخير وعافية ، قد حبس نسخته من شرح العيني على البخاري ، وأرخ ذلك هكذا : 10 ؟ 1 . فعلمت أن لذلك الاصطلاح بقية . 15 " - وقد قرئت النسخة على مصنفها مرات ، ولا ريب أنه كان يرى حاجة لاستدراك وتصحيح ، وإلحاق . . . فكان يفعل ذلك ، لكنه لم يكن يؤرخ شيئا من ذلك إلا مرة واحدة ، حين أضاف ترجمة مجاهد بن رباح فارخها بقوله : " الحق سنة 43 " أي : بعد السبعمائة ، وقد انفرد كتابنا هذا بها عن " تهذيب " المزي ، و " تذهيبه " . " خلاصته " ، وكتابي ابن حجر . فتكون إضافتها بعد ثلاث وعشرين سنة من تاريخ تأليف الكتاب . والحمد لله رب العالمين . / صفحة 89 / جوانب الركن الثاني : دراسة " الحاشية " 1 - ترجمة اامام البرهان سبط ابن العجمي 2 - دراسة الحاشية : آ - توثيق نسبتها إلى مؤلفها ب - مقصده فيها ج - مصادره فيها د - مزاياه وفوائده ه - ما يؤخذ عليه 3 - ترجمة صاحب نسخة البرهان وناسخها 4 - وصف النسخة شكلا ومضمونا / صفحة 91 / 1 - ترجمة الامام البرهان سبط ابن العجمي ( * ) اسمه ونسبه : هو برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي الاصل - طرابلس الشام - الحلبي المولد والوفاة ، الشافعي المذهب . رحمه الله تعالى .(1/137)
يعرف ببرهان الدين الحلبي ، وبسبط ابن العجمي ، وبإبراهيم المحدث ( 1 ) ، وبالبرهان المحدث ، وهو قرشي أموي من جهة أمه ، فقد ترجم السخاوي في " الضوء اللامع " 7 : 30 لمحمد بن أحمد بن عمر ابن العجمي ، الآتي برقم 40 وقال آخر نسبه : " القرشي الاموي " . مولده ووفاته : أرخ البرهن مولده بنفسه في سماع نجم ادين ابن فهد عليه جزأه " التبيين في أسماء المدلسى " ، فقد جاء في آخر الجزء المذكور - وهو بخط ابن زريق تلميذ البرهان - من كلام البرهان : " ومولدي في ثاني عشري رجب من سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بحلب " ( 2 ) . وهكذا في " الضوء اللامع " 1 : 138 ، و " المنهل الصافي " لابن تغري بردي 1 : 131 ، و " معجم الشيوخ " لابن فهد ص 47 ، و " الشذرات " ، 7 : 237 ، فما في " لحظ الالحافظ " ص 308 : " الثامن والعشرين " : تحريف آخر لم ينبه عليه العلامة الطهطاوي أيضا . وتحرف في " البدر الطالع " 1 : 28 إلى : ثاني عشر . وكان مولده بحلب بحي الجوم أحد الاحياء الحلبية العريقة بالعلم في تلك الايام ، وحتى عهد قريب . وزاد السخاوي تحديد موضع ولادته فقال : " بقرب فرن عميرة " . / صفحة 92 / وتوفي رحمه الله تعالى شهيدا بالطاعون قبل ظهر يوم الاثنين ، السادس والعشرين من شوال سنة إحدى وأربعين وثمانمائة ، عن عمر مبارك : ثمان وثمانين سنة ، وثلاثة أشهر ، وأربعة أيام و وصلي على جنازته بين الظهر والعصر في الجامع الاموي الكبير بحلب ، ودفن بمقبرة أهله الملحقة بجامع أبي ذر ، في حي الجبيلة ، المعروف الآن ، وكان الجمع على جنازته حاشدا مشهودا . وكما أكرمه الله تعالى بالشهادة بالطاعون ، أكرمه بالتمتع بعقله ووعيه وعلمه ، " ولم يغب له عقل ، بل مات وهو يتلو " ( 1 ) . أسرته : أم ا أسرته من جهة أبيه فلا يعرف عنها شئ .(1/138)
وأما من جهة أمه : فهي عائلة عريقة بالعلم والاثر الصالح الكبير في مدينة حلب ، ولا أدري ، لعلها أعرق أسرة علمية فيها ، فالذي وقفت عليه من رجالاتها العلماء زاد عددهم على ستة وأربعين رجلا ، وخمس نسوة ، كلهم علما ، خلال أربعة قرون ونصف قرن . ويكفيهم فخرا أنهم هم الذين نقلوا من بغداد إلى مدينة حلب تلك السنة الصالحة التي سنها نظام الملك ، حيث أسس المدرسة النظامية ببغداد سنة 459 ، فدرس بها أحد أجدادمهم ، بل هو أول جد عرفته من هذه العائلة الكريمة ، ولما رجع إلى حلب أسس فيها مدرسة على ذاك الطراز والمنهج ، وتتالت بعدها المدارس الاخرى ، وعمرت البلد بها ، حتى إنك لا تكاد تمشي في كثير من أحيائها القديمة خطوات إلا وتمر بمدرسة إثر مدرسة . وأم البرهان المترجم : هي اسيدة عائشة بنت عمر بن محمد بن أحمد بن هاشم بن عبد الله بن عبد الرحيم بن شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن الحلبي ابن العجمي . فجدها الاعلى : شرف الدين أبو طالب هو المؤسس لاول مدرسة علمية بحلب ، الذي أشرت إليه . وابن أخيه أحمد بن عبد الرحيم : هو صاحب الخانقاه الشمسية التي ياتي الحدث عنها باختصار . وحفيده شرف
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 92 :(1/139)
شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن ، هو صاحب المدرسة الشرفية التي كانت مقرا للبرهان الحلبي ، وياتي الكلام عنها باختصار أيضا . فهي من سلالة أئمة علماء فضلاء ، وكان لها أيضا صلة شخصية بالعلم ، حتى إن ابنها البرهان سمع منها . ولما لهذه العائلة الكبيرة من فضل على العلم والعلماء ، ولما لها من عراقة وأصالة ، أحببت أن أسرد أسماء من وقفت على اسمه منهم ، مرتبا لهم حسب تسلسلهم في الوفاة ، ولزيادة الاستيفاء يحسن استقراء " الدرر الكامنة " و " الضوء اللامع " ، والاهم منهما " كنوز الذهب في تاريخ حلب " لابي ذر الحلبي ولد البرهان المترجم . / صفحة 93 / 1 " - شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن الحلبي ابن العجمي ( 480 - 561 ) ، رحل إلى بغداد ، فاخذ عن أبي بكر الشاشي وأسعد الميهني ، وسمع الحديث بها من جماعة ، وسمع منه الامام أبو سعد السمعاني صاحب " الانساب " المتوفى سنة 562 . وكانت له حظوة عند أمير حلب إذ أرسله إلى دمشق رسولا عنه ، وذكروا أن صاحب الموصل ولاه عمارة المسجد الحرام . ترجم له الذهبي في " العبر " 3 : 36 ، وترجمه في " تاريخ الاسلام " أيضا ، وقد نقل العلامة الطباخ في " إعلام النبلاء " 4 : 237 ترجمته من مختصر الملا ك " تاريخ الاسلام " ، وترجمة أيضا السبكي في " طبقات الشافعية " 7 : 147 ، وابن العماد في " الشذرات " 4 : 198 . وهو صاحب أول إثر علمي بحلب ، كما تقدم .(1/140)
رحل إلى بغداد فرأى فيها المدارس العلمية العظيمة التي كانت قلاع العلم والدين ، فاقتبس منها ذلك ، فرجع إلى حلب وأسس أول مدرسة علمية في حي الجلوم - وكانه الحي لآل العجمي من قديم - وكان في ذاك الشارع معمل لتصنيع الزجاج ، فعرف بشارع الزجاجين ، وعرفت المدرسة بالمدرسة الزجاجية ، وكانت لتدريس المذهب الشافعي ، ولعل المترجم هو الذي نشر المذهب الشافعي بحلب ، إذ كان السنة من أهلها كلهم على المذهب الحنفي ( 1 ) . وكان تاريخ بنائها سنة 516 ، وهي مندرسة من قديم ، لكن قربوا مكانها تقريبا ، والذي استقر عليه قول العلامة الطباخ رحمه الله في تاريخه " إعلام النبلاء " 4 : 240 و 357 أنها موضع خان الطاف المعروف الآن ، وكان قال قبل ذلك 1 : 392 : إنها في أوائل زقاق أبي درجين بالجلوم ، لكن من طرف آخر . هكذا جزم عدد من الائمة أن بانيها هو شرف الدين المذكور ، وقال آخرون : بانيها هو بدر الدولة أبو الربيع سليمان بن عبد الجبرا صاحب حلب ، وكان شرف الدين المذكور هو الذي أشار عليه ببنائها ، ثم تولى تدريسها إلى أن توفي . انظر " نهر الذهب " للشيخ كامل الغزي 2 : 84 ، و " إعلام النبلاء " 1 : 392 ، 4 : 238 . وكان أبو طالب هذا قد التقى أيام تلقيه العلم ببغداد بابي محمد عبد الله بن علي القيسراني القصري - نسبة إلى قصر حيفا - ثم افترقا ، ثم جا القصري هذا إلى دمشق ، ثم إلى حماة ، فلما علم به أبو طالب استدعاه إلى حلب وبنى له مدرسة فيها ، وأقام بها إلى أن توفي سنة 542 في قول ابن عساكر ، أو 543 أو 544 في قول غيره ، وأرخه ابن السمعاني في " الانساب " 10 : 442 على الشك : 537 أو 538 . انظر : " إعلام النبلاء " 4 : 217 - 218 ، و " معجم البلدان " 4 : 257 . وهذا يدل على مزيد إعجاب هذا الرجل بانشاء مدارس العلم في البلد ، ويدل أيضا على وجاهته فيها .(1/141)
2 " - ضياء الدين أبو المعالي محمد بن الحسن بن أسعد بن عبد الرحمن ابن العجمي ( 564 - / صفحة 94 / 625 ) ، وكان السلطان الظاهر غازي أنشا المدرسة الظاهرية خارج باب الممقام بحلب ( 1 ) ، فعهد بالنظر فيها إلى المترج وإلى ابن شداد ، ويستقل المترجم وعقبه بتدريسها بعد وفاة ابن شداد ، انظر ترجمته والكلام على المدرسة الظاهرية في " إعلام النبلاء " 4 : 333 . 3 " - شمس الدين أبو بكر أحمد بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن ابن العجمي ، المتوفي سنة 631 ، وشمس الدين هذا احب أثرين ، أحدهما ما يزال قائما معروفا بحلب ، هو جامع أبي ذر بالجبيلة ، وكان مدرسة ومقبرة لآل العجمي ، وكانت تدعى المدرسة الكاملية ، ويدرس فيها المذهب المالكي والشافعي ، وتاريخ بنائها سنة 595 . ودفن المترجم بها ودفن معه من لحقه ، حتى البرهان السبط وابنه أبو ذر ، وعرف المكان فيما بعد ب : جامع أبي ذر . قال الغزي رحمه الله في " نهر الذهب في تاريخ حلب " 2 : 393 : " زحف عليها - أي على المقبرة - الجيران بجيوش تعديهم ، فلم يبق منها سوى صحن صغيرة وقبلية حقيرة " . وقال أبو ذر : " غالب بني العجمي مدفونون في هذه المقبرة ، ووالدي - البرهان السبط - مدفون بها " . وفي " إعلام النبلاء " 4 : 357 : " في هذا البيت ثمانية قبور مسنمة بالتراب لا غير ، هي قبور بني العجمي ، ومعهم المحدث الكبير إبراهيم بن محمد سبط ابن العجمي ، وولده أبو ذر ، لكن لا يعلم صاحب كل قبر بيقين " . قلت
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 94 :(1/142)
كان هذا العدد من القبور هو الذي بقي أثره في عهد الشيخ الطباخ رحمه الله ، لان أبا ذر صرح بان " غالب بني العجمي مدفونون في هذه المقبرة " . وقد أوضح أبو ذر السبب الذي من أجله اختار المترجم هذا المكان مدرسة له مع أنه كان في أيامه خارج مدينة حلب ، فقال - كما في " إعلام النبلاء " 4 : 356 - : " وإنما وضع هذه المدرسة هنا واقفها تبركا يخالد بن رباح أو بلال أخيه ، لان أحدهما مدفون في مقبرة الجبيل المعروفة قديما بمقبرة الاربعين " . أما الاثر الثاني : فهو الخانقاه الشمسية ، نسبة إلى لقبه شمس الدين ، ومحلها أول درب البازيار ، المعروف الآن بزقاق الزهراوي في الشارع الرئيسي المعروف بشارع وراء الجامع ، وما بين الخانقاه والمدرسة الشرفية الآتي الحديث عنها قريبا إلا جهة الجنوب ، وكان الخانقاه دارا للمترجم ، فأوصى إلى أخيه عبد الرحمن - باني المدرسة الشرفية - أن يقفها على الصوفية ، فوقفها أخوه إلا جزءا منها جعله مدرسة للشافعية . 4 " - كمال الدين عمر بن عبد الرحيم بن شرف الدين أول المذكورين ، المتوفى سنة 642 ، تولى تدريس مدرسة جده الزجاجية ، فلم يزل بها إلى أن توفي رحمه الله ، وكان من العلماء المبرزين ، حافظا لكتاب " الهذب " للامام الشيرازي . كما في " إعلام النبلاء " 4 : 239 . / صفحة 95 / 5 " - عماد الدين محمد ( بن عبد الرحيم بن شرف الدين ؟ ) ( 611 - 649 ) ، تولى تدريس الزجاجية بعد كمال الدين المذكور قبله . انظر المصدر المذكور قبله . 6 " - محيي الدين عبد الله ( بن عبد الرحيم بن شرف الدين ؟ ) ( 609 - 655 ) ، تولى تدريس الزجاجية بعد عماد الدين . انظر المصدر المذكور قبل . 7 " - بهاء الدين أحمد بن محيي الدين عبد الله ، تولى تدريس الزجاجية إلى سنة 658 ، حين دخول التتر حلب ، فخرج عنها . انظر المصدر المذكور سابقا .(1/143)
8 " - شهاب الدين أحمد بن كمال الدين عمر ( رقم 4 ) : " اشتغل وبرع " ودرس بالزجاجية ، والشرفية ، وكان موته قتلا . انظر المصدر المذكور . 9 " - شمس الدين محمد ، أخو المذكور قبله ، توفي في محنة التتر ، وكان درس في المدرستين أيضا . 10 " - أبو جعفر بن شهاب الدين المذكور برقم 8 . درس في المدرستين المذكورتين . انظر جميع ذلك في " إعلام النبلاء " 4 : 239 . 11 " - عون الدين سليمان بن عبد المجيد بن السحن بن عبد الله ابن العجمي المتوفى سنة 656 ، أديب بارع ، روى عنه الدمياطي ، تولى أوقاف حلب ، وكان ذا شخصية نادرة ، متاهلا للوزارة . وكانت وفاته بدمشق ، ترجمه الطباخ 4 : 415 . 12 " - شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن بن الحسن ابن العجمي ( 569 - 658 ) ، عذبه التتر في الشتاء بان صبوا عليه الماء البارد ليدفع لهم المال ، فتشنج وأقام أياما ثم مات ، رحمه الله . ترجمه الذهبي في " العبر " 3 : 290 ، وابن كثير في " البداية والنهاية " 13 : 283 ، وكان من الرؤساء المشهورين ، معروفا بجلالة القدر ومكارم الاخلاق . وكان المدرس الثاني في المدرسة الظاهرى البرانية ( 1 ) بعد أبي المعالي المذكور برقم 2 ، بقي فيها إلى سنة 642 ، ثم تنازل عنها لابن أخيه عماد الدين الاتي بعده . وهذا المترجم هو صاحب الاثر العلمي الثالث الذي خلفه آل العجمي في حلب ، فهو باني المدرسة الشرفية القائمة حتى يومنا هذا قرب الباب الشمالي للجامع الاموي الكبير بحلب ، إلى جهة الشرق ، وفيها مقر المكتبة الوقفية ، وكانت قديما إحدى دور الحديث بحلب ، وربما نطق باسمها بعض أهالي البلد : المدرسة الاشرفية ، وهو خطا عامي . وكان بناؤها قبيل سنة 640 ، كما يستفاد من " إعلام النبلاء " 4 : 426 ، فكان المترجم تنازل عن تدريس المدرسة الظاهرية لابن أخيه عماد الدين ليتفرغ للقيام باعباء مدرسته .(1/144)
وبقي آل العجمي يتداولون التدريس فيها إلى أيام البرهان السبط ، ولم أقف على نص صريح في تدريس ابنه أبي ذر فيها من بعده ، لكني لا أبعده . / صفحة 96 / وقد تكلم العلامة الطباخ رحمه الله على هذه المدرسة في خمس صفحات 4 : 425 - 430 من حين بنائها إلى عهد كتابته ذلك سنة 1344 ، ونقل من كلام الحافظ أبي ذر في " كنوز الذهب " في وصف مكتبتها كلاما طويلا ، هذا بعضه : " وقد وقف الواقف رحمه الله تعالى على هذه المدرسة الكتب النفسية من كل فن ، من حديث وتفسير وفقه ونحو وغير ذلك . فمن كتبها : " مسند الامام الشافعي " و " الام " وجميع كتب الامام الشافعي ، وكتب الاصحاب ، كتفسير الثعلبي وغيره من التفاسير ، وك " النهاية " و " الحاوي الكتبير " و " الابانة " و " التتمة " و " الذخائر " و " الشامل " . ومن الحديث : اكتب الستة ، وكان بها جميع كتب المذاهب - لعلها : المذهب ، أي الشافعي - ولم يفته شئ سوى كتب الرافعي والنووي ، لانهما لم تصل كتبهما إذ ذاك إلى حلب ( 1 ) ، وكان بها أربعون نسخة من " لتنبيه
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 96 :(1/145)
" ، وجميع كتب الغزالي ، وكانت أسماء الكتب مثبته عند أقاربه في درج الكبير ، فذهب في محنة تيمر ( تيمورلنك ) . . . ثم قيض الله هذه المدرسة من درس بها تبرعا قبل فتنة تيمر وبعهد : والدي الحافظ برهان الدين ، ورحل إليه الحفاظ من البلاد للاخذ عنه بها ، كشيخ الاسلام ابن حجر ، والحافظ العلامة شمس الدين ابن ناصر الدين . وهذه المدرسة من شرط واقفها أن يقرأ بها " البخاري " ، وقرأه وادي بعد اللنك ( تيمورلنك ) بها . وإذا تذكرت ما كانت عليه هذه المدرسة من كثرة الفضلاء وترددهم إليها للسماع عليهم ، ولسماعهم ، وما هي عليه الآن : تذكرت قول الشاعر : هذي منازل قوم قد عهدتهم * في رغد عيش رغيد ما له خطر صاحت بهم نائبات الدهر فانقلبوا * إلى القبور فلا عين ولا أثر " . 13 " - عماد الدين أبو الحسن القاضي عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحيم بن عبد الرحمن ابن العجمي ، المتوفى سنة 670 ، رحل إلى مصر ، وتولى الحكم بالفيوم ، وحمدت سيرته ، وهو ابن أخي شرف الدين باني المدرسة الشرفية المذكور قبله . وكان المترجم تولى الاشراف على تجديد بناء جامع الكريمية المعروف القائم حتى الآن بحي باب قنسرين ، كما هو مثبت منقوش على باب الجامع المذكور ، ونقله الاستاذ الطباخ 4 : 475 . 14 " - أبو المظفر عبد الملك بن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن ابن العجمي ( 591 - 694 ) ودفن بسفح المقطم بالقاهرة قرب الامام الشافعي رضي الله عنه ، سمع منه الدمياطي الحافظ . انظر " إعلام النبلاء " 4 : 487 . 15 " - فاخرة بنت عبد الله بن عمر بن عبد الرحيم ابن العجمي المتوفاة سنة 697 ، روت عن أبي / صفحة 97 / القاسم بن رواحة ، ذكرها الذهبي رحمه الله في " معجم شيوخه " 2 : 102 وقال : " أذنت لنا في الرواية عنها ، ماتت بشيزر ( 1 ) سنة سبع وتسعين وستمائة " . وترجمتها في " إعلام النبلاء " 4 : 489 .(1/146)
16 " - محيي الدين محمد بن شرف الدين أبي طالب عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي ، ولد باني المدرسبة الشفية ، ذكره أبو ذر في " كنوز الذهب " في كلامه على المدرسة الظاهرية ، ونقل كلامه الاستاذ الطباخ 4 : 334 ، قال : " استناب - شرف الدين المذكور - ولده محيي الدين محمدا ، ولم يزل بها إلى أن زالت الدولة الناصرية " . 17 " - شمس الدين أبو بكر أحمد بن محيي الدين بن شرف الدين أبي طالب ابن العجمي ( 637 - 714 ) ، ولد الذي قبله ، ذكره الذهبي في " معجم شيوخه " 1 : 94 وأثنى عليه وأشار إلى أن فيه بلها يسيرا ، فاوضح الحافظ في " الدرر الكامنة " 1 : 271 سبب طرو ذلك فيه فقال : " كان قد وقع في قبضة هلاكو ، فاخذوا منه أموالا جمة ، وعذبوه عذابا صعبا ، فحصلت له بسبب ذلك غفلة ، وغلب عليه النسيان في أغلب أحواله ، وكان قد اشتغل كثيرا وتميز . . . " وأفاد أن الحافظ البرزالي أخذ عنه ، ونقل كلام ابن حجر بتمامه الاستاذ الطباخ 4 : 502 . 18 " - معين الدين گسماعيل بن صالح بن هاشم ابن العجمي ، المتوفى سنة 714 وقد قارب الثمانين ، قاله الذهبي في " معجمه " 1 : 174 ، وقال : " كان من أعيان الحلبين ، ناب في الحكم " وترجمه ابن حجر في " الدرر " 1 : 368 ، وفات الاستاذ الطباخ فلم يذكره . 19 " - شمس الدين عبد الكريم بن محمد بن صالح بن هاشم ابن اعجمي ( بعد 650 - 727 ) . قال ابن حجر في " الدرر " 2 : 402 : " كان أصيلا عفيفا قليل الكلام ، مات بطريق الحجاز ، وحمل إلى مكة فدفن بها " . 20 " - عز الدين إبراهيم ب صالح ببن هاشم ابن العجمي ( 640 - 731 ) ، سمع من ابن خليل - وهو آخر من حدث عنه - وابن عبد الدائم ، وغيرهما ، وسمع منه البرزالي والذهبي وترجمه في " معجم شيوخه " 1 : 137 ، ومن بعده ابن حجر في " الدرر " 1 : 27 ، والطباخ في " إعلام النبلاء " 4 : 517 ، وفيه أيضا : 5 : 35 . " كان مسند عصره في حلب " .(1/147)
21 " - عبد الرحمن بن صالح بن هاشم ابن العجمي ، أخو إبراهيم المذكور قبله ، وأخو إسماعيل المتقدم برقم 18 ، لم أقف له على ترجمة ، إنما ذكره الحافظ في " الدرر " في ترجمة الحسن ابن حبيب 2 : 92 وقال " وأحضر على إبراهيم و إسماعيل وعبد الرحمن أولاد صالح " ابن العجمي ، كما صرح بنسبتهم في الصفحة التالية . وهذا يدل على عو مكانتهم العلمية . وابن حبيب هذا من شيوخ السبط . وانظر " الشذرات " أيضا 6 : 262 . ولم يترجم الاستاذ الطباخ عبد الرحمن هذا . 22 " - شرف الدين أبو طالب عبد الرحمن بن عماد الدين عبد الرحيم بن عبد الرحيم ابن العجمي ، ( 659 - 734 ) ، نجل المتقدم برقم 13 ، ترجمه الحافظ ابن حجر في " الدرر " 2 : 330 ، والطباخ : 4 : 519 ترجمة مختصرة ، لكن عند كل منهما بعض زيادة على الآخر . / صفحة 98 / 23 " - عز الدين عبد المؤمن بن قطب الدين أبي طالب عبد الرحمن بن محمد بن عمر بن عبد الرحيم ابن ي
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 98 :
((1/148)
664 - 741 ) ( 1 ) بالقاهرة . قال الحافظ في " الدرر " 2 : 419 : " سمع من الكمال النصيبي " الشمائل " و حدث بها ، وممن سمع منه البرزالي ، وهو من بيت كبير بحلب . . . ، وكان له فضل ومروءة وتودد ، وللناس فيه اعتقاد كبير " . 24 " - كمال الدين أب القاسم عمر بن محمد بن عثمان بن عبد الله ابن العجمي ، المتوفى سنة 744 ، كان إماما علامة ، قوي المناظرة ، ودرس بالمدرسة الظاهرية ، قال ابن الوردي : " ما خرج من بني العجمي مثله ! " ، وتوفي وهو من أبناء الاربعين . ترجه ابن حجر في " الدرر " 3 : 187 ، ونقل الاستاذ الطباخ 4 : 537 ترجمته عن ابن الوردي . 25 " - معين الدين أبو محمد عبد اللطيف بن تاج الدين أبي المحاسن يوسف بن إسماعيل ابن العجمي المتوفى سنة 749 وقد نيف على السبعين . ترجمته في " الدرر " 2 : 411 ، و " إعلام النبلاء " 4 : 543 . 26 " - عماد الدين إسماعيل بن معين الدين عبد اللطيف ابن العجمي ، ولد المذكور قبله ، ذكره ابن حجر 1 : 396 ، وبيض لتاريخ وفاته ، ولم يترجمه الاستاذ الطباخ . 27 " - شاب الدين أحمد بن بهاء الدين يوسف بن أحمد بن عبد العزيز ابن العجمي ، المتوفى سنة 750 عن نيف وخمسين سنة ، درس بالمدرسة الرواحية بحلب ، قاله في " الدرر الكامنة " 1 : 338 ، وعنه الاستاذ الطباخ 5 : 17 . 28 " - شمس الدين أحمد بن قطب الدين أب طالب عبد الرحمن بن محمد بن عمر ابن العجمي ( 680 - 752 ) ، أخو عبد المؤمن المتقدم برقم 23 ، كما قاله الحافظ في " الدرر " 2 : 419 ، وأما هذا فتجمه 1 : 169 ، ولم ينسبه في آخر نسبه إلى آل العجمي ، فلذلك لم يترجمه الاستاذ الطباخ . 29 " - تاج الدين عبد الوهاب بن إبراهيم بن صالح ابن العجمي ، المتوفي سنة 762 عن أقل من ستين سنة ، وهو ولد المتقدم برقم 20 . ترجمه ابن حجر في " الدرر " 2 : 423 ، وعنه الطباخ 5 : 35 .(1/149)
30 " - ظهير الدين محمد بن عبد الكريم بن محمد بن صالح ابن العجمي ( 694 - 774 ) ، وهو من شيوخ البرهان السبط ، " وسمع منه الحافظ العراقي " قاله ابن حجر 4 : 24 ، والطباخ 5 : 56 . 31 " - زين الدين أبو حامد عبد الله بن علي بن عبد المتعال ابن العجمي ( 697 - 777 ) سمع منه الحافظ البرهان السبط وقال - كما في " الدرر " 2 : 275 : - " لم نلق من بني العجمي أقعد نسبا منه " . أي : أقرب نسبا إلى الجد الاكبر ، فهو أعلى بني العجمي طبقة أدركه السبط . وترجمه الطباخ 5 : 290 . 32 " - كمال الدين عمر بن تقي الدين إبراهيم بن عبد الله بن عبد الله ابن العجمي ( 740 - 777 ) ، / صفحة 99 / أخذ بحماة عن البارزي ، وبدمشق عن المزي ، وبالقاهرة عن شمس الدين الاصفهاني ، ودرس بالمدارس الاربعة الحلبية : الزجاجية ، والشرفية ، والظاهرية ، والبلدقية ( 1 ) ، أحد شيوخ البرهان السبط الحصوصيين ، أخذ عنه الحديث والفقه والنحو ، وكان إماما عالما مفتيا محدثنا فقيها ، بكر بالسماع ، فسمع سنة إحدى عشرة وسبعمائة من أبي بكر أحمد بن محمد ابن العجمي المتوفى سنة 714 ، المتقدم برقم 17 . كما سمع من إبراهيم بن صالح المتوفى سند 731 المذكور برقم . وقال ابن قاضي شهبة في " طبقات الشافعية " 3 : 146 : " ذكره قريبه الحافظ برهان الدين الحلبي في " مشيخته " وبسط ترجمته ، قال : هو أول من انتفعت به في هذا الشان ، وكان إماما بارعا . . . " . وقال في " الدرر الكامنة " 3 : 147 : 2 له إلمام قوي بعلم الحديث ، وانتهت إليه رئاسة الفتوى بها - أي بحلب - مع الشهاب الاذرعي " . وذكره شيخه الذهبي في " المعجم المختص " ص 179 . وكان قوي النفس في تدرسيس الفقه .(1/150)
ومن حوادثه التي حكاها عنه تلميذه البرهان : ما نقله العلام الطباخ 4 : 334 عن " كنوز الذهب " لابي ذر وهو يتحدث عن المدرسة الظاهرية قال : " هذه المدرسة لم تزل في أيدي بني العجمي ، ودرس بها منهم : كمال الدين عمر ابن التقي ، شيخ والدي ، والتزم أن يدرس بها " الحاوي الصغير " في يوم واحد ، بالدليل والتعليل ، فخرج الفقهاء معه لذلك ، وألزم لوالدي أن يشتري لهم مؤنة الاكل ، وياتي به إليه ، فاشترى والدي ما أمر به ، وذهب إليه فوجده قد وصل إلى كتاب الحيض بالدليل والتعليل ، وقد ضجر الفقهاء ، واعترفوا بفضله " . وزاد صاحب " الد المننتخب " - كما في " إعلام النبلاء " 5 : 61 - : " واستمر إلى أن وصل إلى كتاب الصلاة ، فسئم الطلبة وتحقق استحضاره في الفقه " . ولفظ ابن حجر في " الدرر " : " قال البرهان سبط ابن العجمي : بلغني أنه شرع في تدريس " الحاوي . . . " مع أن لفظ ابنه أبي ذر صريح بحضوره القصة ، وأنه كان صاحب مئونتهم . 33 " - شهاب الدين أحمد بن جمال الدين عمر بن محمد ابن العجمي ( 742 - 780 ) ، رحل إلى القاهرة ثم رجع ودرس بالشرفية بحلب ، وولي قضاء العسكر بها . ترجمته في " الدرر " 1 : 230 ، وعنه الطباخ 5 : 82 . 34 "
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 99 :(1/151)
- عز ادين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن اعجمي المتوفى سنة 780 وهو راجع من الحج ، ذكره ابن حجر في " الدرر " 2 : 372 وقال : " سمع منه البرهان الحلبي سبط ابن العجمي " ، وهو ولد المتقدم برقم 22 . 35 " - شهاب الدين عبد السلام بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم ابن العجمي ، ولم يؤرخ وفاته الحافظ في " الدرر " 2 : 366 ، وهو أخو عبد العزيز امذكور قبله ، ولم يذكرهما الاستاذ الطباخ رحمه الله في " تاريخه " . / صفحة 100 / 36 " - عائشة بنت عمر بن محمد بن أحمد بن هاشم بن عدب الله ابن اعجمي المتوفاة سنة 789 ، والدة الامام برهان الدين الحلبي السبط ، قال الحافظ في " الدرر " 2 : 237 : " سمعت على إبراهيم بن صالح ابن العجمي زوج عمتها - المتقدم برقم 20 - وحدثت ، سمع منها ولدها - وماتت في خامس شهر رجب سنة 789 " . وجدها عبد الله الذي سقت نسبها إليه أخو عبد الرحيم ، وهما ابنا عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن ، أول من ذكرته من رجالات هذه العائلة ، وهو باني المدرسة الزجاجية . وقد نسب السخاوي في " الضوء اللامع " 7 : 30 الشهاب الآتي برقم 40 وابنته عائشة الآتية برقم 42 : أنهما قرشيان أمويان ، افادنا أن البرهان الحلبي ينتهي نسبه من قبل أمه إلى بني أمية من قريش . وقد نشات هذه المرأة الصالحة ولدها البرهان تنشئة علمية كريمة ، كان لها أثر صالح في تربيته ، فانها هي التي تولت ترقيته " إذ مات أبوه وهو صغير جدا ، فكفلته أمه ، وانتقلت به إلى دمشق ، فحفظ بعض القرآن ، ثم رجعت به إلى حلت ، فنشاء بها ، وأدخلته مكتب الايتام لناصر الدين الطواشي تجاه الشاذبختية الحنفية بسوق النشاب ، فاكمل به حفظه ، وصلى به على العادة التراويح في رمضان بخانقاه جده لامه الشمس أبي بكر أحمد ابن العجمي " ( 1 ) .(1/152)
وفي هذا العمل الاخير ربط قلبي بين قلب ولدها الناشئ الصغير ، وبين أجداده وأسلاه ، كأنها تريد أن تقول ه : أريدك أن تخلف أسلافك وتنهج نهجهم . والخانقاه هذه هي الشمسية التي تقدم الحديث عنها تحت رقم 3 . 38 " - هاشم بن عمر بن محمد بن أحمد بن هاشم ابن العجمي ، أخو عائشة المذكورة ، ذكره التقي ابن فهد في " لحظ الالحاظ " ص 310 من شيوخ البرهان ، ولم يؤرخ وفاته . 38 " - شمس الدين محمد بن كمال الدين عمر ابن العجمي ( 734 - 802 ) ، ولد المتقدم برقم 32 ، بكر به والده في الطلب ، فاستجاز له الحافظ المزي المتوفى سنة 742 ، فيكون أقصى عمر للمترجم حينئذ ثماني سنوات ، لكن المترجم لم يكن يحدث بشئ بها ، وسمع على تقي الدين السبكي وغيره المسلسل ، ودرس بظاهرية حلب ، قاله السخاوي في " الضوء اللامع " 8 : 234 ، وهو عند الطباخ 5 : 124 . 39 " - برهان الدين أبو الوافاء إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي ( 735 - 841 ) ولد عائشة المذكورة ، وهو الامام المقصود بالترجمة ، وستاتي إن شاء الله تعالى . 40 " - شهاب الدين أبو جعفر محمد بن أحمد بن عمر ابن العجمي ( 775 - 857 ) ، وهو الذي نسبه السخاوي قرشيا أمويا ، رحل إلى القاهرة وأخذ عن البلقيني وغيره ، ودرس بالشرفية والزجاجية والظاهرية ، قال السخاوي في " الضوء اللامع " 7 : 30 ، " كتب عنه شيخنا - ابن حجر - وأورده في " معجمه " وقال : أجاز لاولادي ، ثم سمعت عليه بحلب أشياء ذكرتها في فوائد الرحلة " . وهذا ولد المترجم برقم 33 ، وله ولدان : / صفحة 101 / 41 " - أحمد بن محمد بن أحمد بن عمر ابن العجمي المتوفى سنة 887 ، اشتغل بالعلم يسيرا ، وصاهر أبا ذر ابن البرهان السبط على ابنته عائشة ، ومات بالاسكندرية في السنة المذكورة ، أو أوائل التي بعدها . ترجمه الطباخ 5 : 295 .(1/153)
42 " - عائشة بنت محمد بن أحمد بن عمر ابنة ابن العجمي ، ترجمها السخاوي ترجمة جيدة 12 : 79 ، وبيض لوفاتها ، وأرخ ولادتها سنة 811 ، وهي زوجة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن إبراهيم ابن العديم المولود سنة 811 أيضا ، والمتوفى سنة 882 ، وهو من المكثرين عن البرهان وابنه أبي ذر ( 1 ) ، قال السخاوي ، " قرأت عليها بحلب ، وهي من بيت رئاسة وفخر بها " . وهي أخت المذكور قبلها . انظر تاريخ الاستاذ الطباخ 5 : 295 . 43 " - ناصر الدين أب حمزة أنس ابن البرهان الحلبي ( 813 - 881 ) ، سمع على أبيه وغيره ، ورحل ألى القاهرة ، ودرس في حياة والده على الكرسي بالجامع الكبير بحلب ، واستجازه السخاوي لما قدم حلب . " الضوء اللامع " 2 : 323 . وكانت ولادته أوائل العام الذي سافر فيه والده البرهان إلى الحج . وترجم أبو ذر في " كنوز الذهب " لبدر الدين المارديني المتوفى سنة 837 ، ومما قال في ترجمته - كما في " إعلام النبلاء " 5 : 191 - 192 - : " كتب إلى والدي سنة ثلاث عشرة وقد ولد له مولود - هو أنس هذا - : يا سيدا بعلومه ساد الورى * وسما الائمة رفعة وبهاء هنئت بالولد العزيز ممتعا * بحياته متسربلا نعماء قيت
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 101 :(1/154)
وبقيت في عيش رغيد طيب * حتى ترى أبناءه آباء قلت - هو أبو ذر - : لو قال : " أحفاده " لكان أبلغ . وقد مدح البحتري المتوكل لما ولد له المعتز فقال : وبقيت حتى تستضئ برأيه وترى الكهول الشيب من أولاده " 44 " - موفق الدين أبو ذر أحمد ابن البرهان الحلبي ( 818 - 884 ) أخو أنس المذكور ، اشتغل بالعلم وتفنن فيه ، وسمع الكثير ، وأخذ عن شيوخ كثيرين بحلب ودمشق والقاهرة ، وتعاطى الادب أولا ومهر فيه ، وألف فيه مؤلفات ، واستدراكه على قول المارديني المتقدم قبل أسطر شاهد على ذلك ، ثم توجه للحديث حتى برع فه وصنف ، وأكثر من قراءة الصحيحين و " الشفا " . ولما قدم الحافظ ابن حجر رحمه الله حلب سنة 836 - والموفق هذا ابن ثماني عشرة سنة - اغتبط به وأحبه لذكائه وخفة روحه " وأذن له في تدريس الحديث في حياة والده ، وراسله بذلك بعد وفاته أيضا . ترجم له السخاوي في " الضوء " 1 : 198 ، والسيوطي في " نظم العقيان " ص 30 ، ووصفه السخاوي في " الجواهر والدرر " 1 : 117 ب " محدث حلب الان " . وفي " الضوء اللامع " 1 : 143 آخر الصفحة أن الحافظ أرسل من القاهرة إلى البرهان السبط بعد أن / صفحة 102 / رجع من حلب : " المسؤل من فضل سيدنا وشيخنا الشيخ برهان الدين ، ومن فضل ولده الامام موفق الدين . . . " . فانظر كيف وصفه الحافظ ابن حجر - وهو من هو - ب " الامام " ولعله لم يبلغ العشرين من العمر ! . 45 " - جمال الدين أبو حامد عبد الله ابن البرهان الحلبي ، المتوفى سنة 889 ، سمع على أبيه قطعة من كتابه " الكشف " الحثيث " من حرف الدال إلى الطاء ، وهي سبعون ترجمة فقط مع نجم الدين ابن فهد سنة 838 ، كما سيأتي عند الكلام على الكتاب المذكور برقم 19 ، وسمع بحلب مع السخاوي سنة 859 ، ثم رحل إلى دمشق والقاهرة فسمع بهما ، قال السخاوي 5 : 3 " كان متميزا في الرمي وصنف فيه " . وله والاخويه السابقين ذكر في مقدمة " معجم الشيوخ " لابن فهد .(1/155)
46 " - أبو هريرة محمد ابن البرهان الحلب و لم أر له ترجمة ، لكن ذكره البرهان نفسه على وجه كتابه : " نثل الهميان في معيار الميزان " الذي ذيل به على " ميزان الاعتدال " - وسيأتي الحديث عنه في ( مصنفاته ) برقم 21 - فكتب الشيخ رحمه الله : " الحمد لله . وقفه كاتبه ومؤلفه إبراهيم المحدث على أولاده الثلاثة ، وهم : أنس ، وأبو هريرة محمد ، وأبو ذر أحمد . . . وكتب في غرة شهر ربيع الاول من سنة اثنتين وعشرين وثماني مائة أحسن الله خاتمتها بمحمد وآله . آمين " ، ويغلب أنه يذكرهم حسب ترتيب ولادهم ، ومع ذلك أخرت ذكره بعد أبي ذر ، لاني مشيت فيمن ذكرته من أفراد عائلة آل العجمي على حسب سني وفياتهم . وهذا لم أعرف سنة وفاته فاخرته . 47 " - إبو بكر بن أبي ذر أحمد ابن البرهان السبط ، المتوفى سنة 897 بحلب ، سمع مع السخاوي سنة 859 ، ترجمه في " الضوء " 11 : 16 ولم يؤرخ مولده ، وهكذا ترجمه في الكنى ، لكن انظر رقم 50 الآتي . 48 " - عائشة بنت الموفق أبي ذر ابن البرهان السبط ، تقدم ذكرها أثناء ترجمة زوجها برقم 41 . 49 " - حسين بن أبي بكر أحمد بن أبي ذر ابن البرهان السبط ، المتوفى سنة 941 ، ترجمه الاستاذ الطباخ 5 : 467 نقلا عن " در الحبب " لابن الحنبلي . 50 " - شيخ الشيوخ موفق الدين أبو ذر أحمد بن أبي بكر بن موفق الدين أبي ذر ( 1 ) أحمد بن البرهان الحلبي ( 886 - 962 ) أخو حسين المذكور قبله ، وحفيد أبي ذر المتقدم برقم 44 . له ترجمة طويلة في " إعلام النبلاء " 6 : 24 وكان أباه كان من العلماء ، فانه ذكر في الصمدر المذكور هكذا : موفق الدين أبو ذر أحمد بن شمس الدين أبي بكر أحمد .(1/156)
ومما جاء في ترجمة المترجم : " تولى تدريس الظاهرية والصاحبية والشدادية ، ثم الصلاحية ، وكانت له الوجاهة والحشمة والابهة " ، ومات شهيدا مطعونا ، وكان خطه يشبه خط جد أبيه البرهان الحلبي ، انظر 1 : 163 من " ترتيب ثقات العجلي " الحاشية اليمنى العليا ، ففيها ما نصه : " من كتب أحمد بن أبي بكر بن أبي ذر ابن إبراهيم المحدث عفا الله عنه " ، وص 14 من " الكشف الحثيث " طبعة السيد صبحي السامرائي . / صفحة 103 / 51 " - أم عبد الله عائشة بنت إبراهيم بن عبد الله الدمشقية الحلبية ثم البابية ، ترجمها السخاوي في " الضوء اللامع " 12 : 73 وقال : " بنت أخت البرهان الحلبي لامه ، ولدت قبل سنة سبعين وسبعمائة ظنا ، وماتت بعد سنة خمسين - وثمانمائة - ظنا ، رحمها الله " وأثنى عليها خيرا ، وذكر من أجاز لها من كبارهم . هذا ما استطعت الوقوف عليه من رجالات هذه العائلة الكريمة آله العجمي ( 1 ) ، وجلهم من أجداده ، وليس فيهم من أسرته ونسله إلا أولاده الثلاثة : أنس ، وأبو ذر ، وعبد الله ، ولابي ذر : عائشة وأبو بكر ، ولابي بكر : أحمد وحسين . وخلاصة ما لا جداده من آثار علمية بحلب : المدرسة الزجاجية ، والخانقاه الشمسية ، وقد اندثرتا ، والمدسة رفية
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 103 :(1/157)
الزجاجية ، والخانقاه الشمسية ، وقد اندثرتا ، والمدسة الشرفية الجاع القائم الذي فيه مقر المكتبة الوقفية ، بين الباب الشمالي للجامع الكبير ومدخل السويقة ، والمدرسة الكاملية المعروفة بمسجد أبي ذر في حي الجبيلة . والاوصاف العلمية الغالبة على رجالات آل العجمي : العلم والعمل والصلاح ، والاشتغال بالفقه الشافعي والحديث الشريف . وقد كان لهم شرف غرس هذه المدارس العلمية ، ومن ورائها الخير العظيم الذي نتج عنها ، فانها قلاع العلم وحصون الاسلام . رحمهم الله تعالى وجزاهم خير الجزاء . شيوخه ورحالته : أخذ البرهان السبط عن شيوخ كثرين جدا من علماء حلب وحماة وحمص ودمشق ، والبدان الاخرى الكثيرة التي دخلها ، لا سيما من بلاد مصر . قال السخاوي رحمه الله : " ارتحل إلى البلاد المصرية مرتين : الاولى : في سنة ثمانين - وسبعمائة - والثانية : في سنة ست وثمانين - وسبعمائة ( 2 ) - فسمع بالقاهرة ، ومصر ، والاسكندرية ، ودمياط ، وتنيس ، وبيت المقدس ، والخليل ، وغزة ، والرملة ، ونابلس ، وحماة ، وحمص ، وطرابلس ، وبعلبك ، ودمشق " . ويضاف إلى هذه البلاد : بلبيس ، ذكرها التقي ابن فهد في قوله : " ثم عاد - من القاهرة إلى الاسكندرية إلى حلب ، فسمع في طريقه ببلبيس ودمياط وغزة " . فكان هذا في عودته من رحلته الاولى إلى القاهرة ، ثم دخلها ثانية في رحلته الثانية .(1/158)
وبعض هذه البلدان دخلها ثلاث مرات ، فقد رأيت في " الضوء اللامع " 1 : 134 آخر ترجمة إبراهيم بن محمد بن بهادر ابن زقاعة نقلا عن " مشيخة " البرهان للنجم ابن فهد - وسيأتي ذكرها قريبا - قال البرهان : - " اجتمعت به في مدينة غزة في قدمتي إليها في ربيع الآخر سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة ، وقد طلب مني أحاديث يسمعها علي في القدمة الثالثة ، فانتقيت له أحاديث من " كتاب العلم " لابي خيثمة زهير بن حرب ، وسمعها علي في القدمة الثالثة ، وسمعت أنا عليه ، وقرأت أيضا بعض شئ من شعره " . / صفحة 104 / وقال السخاوي أيضا 1 : 140 اخر الصفحة : " زار بيت المقدس أربع مرار " ، قلت : وكانت إحداها سنة 782 ، سنة دخوله غزة . قال الحافظ في " الدرر الكامنة " 3 : 335 في ترجمة شمس الدين محمد بن حمد بن عثمان التركستاني القرمي : " كان كثير التلاوة سريعها جدا . قال البرهان الحلبي سبط ابن العجمي : دخلت القدس سنة 728 ، فرأيت الشيخ محمدا القرمي يصلي صلاة المغرب ، ثم صلى بعدها ركعتين ، ثم ست ركعات ، فاخبرني الشيخ محمد الحلبي المعروف بالالواحي - وكان قريبا منه في الصف ، ليس بينهما إلا ما يسع شخصا واحدا - أنه قرأ في الست ركعات من أول القرآن إلى سورة الانبياء ، وانصرف بين العشاءين " . وانظر " الانس الجليل " للعليمي 2 : 161 ، وهذه قراءة للتعبد ، لا للتدبر والتفقه ، وسمح بها أهل العلم وأجازوها . وذكر السخاوي بعض شيوخ المترجم البرهان وقال : " قرأت بخطه - البرهان - : مشايخي في الحدى نحو المائتين ، ومن رويت عنه شيئا من الشعر دون الحديث : بضع وثلاثون ، وفي العلوم غير الحديث : نحو الثلاثين " . وقد عمل لنفسه " ثبتا " كان يتعب في استخراج ما يريده منه ، فيسر له ذلك تلميذه نجم الدين أبو القاسم عمر بن محمد بن محمد ابن عبد الله بن فهد المكي ( 812 - 885 ) ( 1 ) .(1/159)
أشار إلى ذلك في " معجم شيوخه " ص 48 ، وصرح به وسماه والده تقي الدين في " لحظ الالحاظ " ص 312 ولفظه : " وشيوخه بالسماع والاجازة يجمعهم " معجمه " الذي خرجه له ابني نجم الدين أبو القاسم محمد المدعو بعمر ، نفعه الله تعالى ونفع به ، سماه " مورد الطالب الظمي من مرويات الحافظ سبط ابن العجمي " بمكة المكرمة المبجلة ، لما قدم من رحلته ، أرسل به إليه صحبة الحاج الحلبي في موسم سنة تسع وثلاثين وثمانمائة " ووصفه فقال : " في مجلد ضخم ، وهو كثير الفوائد " . وعلق العلامة الكوثري رحمه الله تعالى على هذا بالنقل عن ابن طولون ، وفيه ثناؤه على المعجم وسعة رواية البرهان فقال : " من أراد معرفة مشايخه وتراجمهم ومسموعاتهم فليراجعها ، لينظر العجب العجاب " . وكان ارتحاله عن بلده بعد أن سمع نحوا من سبعين شيخا من شيوخها ، وهذه من سنة المحدثين . قال ابن الصلاح والنووي رحمهما الله تعالى أول النوع الثامن والعشرين من أنواع علوم الحديث : من آداب طالب الحديث : " أن يبدأ بالسماع من أرجح شيوخ بلده إسنادا وعلما وشهرة ودينا ، وغيره ، فإذا فرغ من مهماتهم فليرحل ، على عادة الحفاظ المبرزين " . وهذا لفظ النووي . قال التقي ابن فهد في " لحظ الالحاظ " مشيرا إلى تأدب السبط بهذا الادب : " سمع وقرأ الكثير ببلدة حلب ( حتى ) جاء على غالب مروياتها ، وشيوخه بها قرى من سبعين شيخا . . . " وعدد أربعة وعشرين واحدا منهم ، ثم قال : " ثم رحل في سنة ثمانين وسبعمائة ، فسمع بحماة وحمص . . . " ، فيكون عمره لما ارتحل للمرة الاولى
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 104 :(1/160)
سبعا وعشرين سنة ، وقد استوعب الاخذ عن هؤلاء الشيوخ ، ويكون عدد شيوخه في الرحلة نحو 130 شيخ . / صفحة 105 / وكم استغرق في كل من الرحلتين ، وفيهما معا ؟ لم أر ما أستطيع أن أقوله جوابا عن هذا السؤال ، لكن سيأتي في ترجمة شيخه العراقي أنه لازمه نحو عشر سنوات ، فهل هذه الفترة الطويلة - بالنظر إلى غريب طارئ - كانت مجموع مقامه بالقاهرة في الرحلتين ؟ . وسيأتي في الكلام على مصنفاته رقم 1 : " اختصار الغوامض والمبهمات " ، أن اختصاره كان في شوال سنة 784 بالقاهرة ، فهذا يفيد أن رحلته الاولى استغرت أربع سنوات ، ويحتمل أن تكون زادت أولا ( 1 ) . والله أعلم . بل أرخ إتمام نسخه الجزء الاول من شرح شيخه ابن الملقن للبخاري : شعبان عام 785 بالقاهرة ، وأرخ نسخه ل " المقتنى في سرد الكنى " أواسط ذي القعدة سنة 786 بحلب ، فكان مدة رحلته الاولى كانت خمس سنوات ، فتكون رحلته الثانية در خمس سنوات ثانية ( 787 - 792 ) لتتم العشر سنوات التي لازم فيها الحافظ العراقي ؟ . ويستخلص من هذا أن فتره عودته إلى حلب بين الرحلتين كانت قصيرة . ومن شيوخه بحلب : 1 - 3 - ثلاثة من آل العجمي : محمد بن عبد الكريم ، وعمر بن إبراهيم ، وهاشم بن عمر ، وتقدمت تراجمهم : 30 ، 32 ، 37 . وتقدم أنه أخذ عن عمر بن إبراهيم الحديث والفقه والنحو .(1/161)
4 - ومنهم - أو من أجلهم - في حلب : شهاب الدين الاذرعي ( 708 - 783 ) أحد تلامذة الامامين المزي والذهبي ، وصاحب " التوسط الفتح بين الروضة والشرح " في عشرين مجلدا ، قال عنه ابن حجر في " الدرر " 1 : 126 : " كثير الفوائد " ثم قال : " قرأت بخط الشيخ برهان الدين المحدث بحلب - وأجازنيه - : أنشدنا الامام شيخ الشافعية شهاب الدين الاذرعي لنفسه : كم ذا برأيك تستبد * ما هكذا الرأي الاسد أأمنت جبار السما * ء ومن له البطش الاشد فاعلم يقينا أنه * ما من مقام العرض بد عرض به يقوى الضعي * - ف ويضعف الخصم الالد ولذلك العرض اتقى * أهل التقى وله استعدوا وي طويلة " ( 2 ) . 5 - ومن شيوخه بحلب قبل رحلته : بقية السلف الصالحين نجم الدين أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن موسى ابن أبي الخير الميهني ، المتوفى سنة 787 بحلب ، أخذ عنه التصوف ( وألبسه الخرقة ) سنة 776 ، ذرك ذلك عنه ولده أبو ذر الحلبي في " كنوز الذهب " ونقله عنه الاستاذ الطباخ 4 : 208 ، وأن ذلك كان في خانقاه البلاط ، الذي لا يزال قائما أول مدخل سوق الصابون من الجهة الشمالية ، وهو أول خانقاه بني / صفحة 106 / بحلب سنة 509 ، وما بينه وبين المدرسة الشرفية إلا نحو 500 متر ، والميهني هذا مرتجم في " الدرر " 2 : 410 ، و " إعلام النبلاء " : 95 . 6 " - وكان الامام أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن جابر الاندلسي الضرير المتوفى سنة 780 قد نزل حلب أواخر عام 843 واستقر بها إلى أواخر حياته ، فاخذ عنه البرهان علم النحو والبديع . وترجم الاستاذ الطباخ لابن جابر هذا نقلا عن ابن الحنبلي ، ومما قاله فيه : " كان أمة في النحو " . ومن شيوخه بدمشق : 7 " - صدر الدين أب الربيع سليمان بن يوسف بن مفلح الياسوفي ( 739 - 789 ) ، عن خمسين سنة رحمه الله .(1/162)
ترجمه الحافظ في " الدرر " 2 : 166 ، ونقل فيها كلام البرهان نفسه فيه - ولعله من " ثبته " الذي تقدم ذكره فقال : " قرأت بخط الشيخ برهان الدين المحدث الحلبي : أن الشيخ صدر الدين حفظ " التنبيه " وهو صغير ، و " مختصر ابن الحاجب " ومهر في المذهب - الشافعي - وأقبل على الحديث فاكثر ، وتخرج بابن رافع وابن كثير وغيرهما ، وسمع الكثير ، وكان دنا كثير العلم والعمل والاحسان إلى الطلبة والواردين ، وخرج عدة تخاريج ، وجمع عدة كتب ، وقال - البرهان - : إنه كان يحفظ من " المختصر " كل يوم ماثتي سطر ، ورحل في الحديث إلى حلب وحمص والقاهرة وغيرها " . وقال ابن قاضي شهبة 3 : 209 : " ذرك له الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي ترجمة طويلة ، وبالغ في الثناء عيه وقال : كان من محاسن الدهر ، لم تر عيناي في بابه مثله " . وذكر الحافظ في " الدرر الكامنة " 3 : 305 في ترجمة الصلاح ابن أبي عمر المقدسي أن الياسوفي عم له " مشيخة " ، وحدث بها ، وآخر من سمعها منه البرهان سبط ابن العجمي " . قلت : وكان الياسوفي في مبدإ طلبه غير متزن ، فاورثه ذلك عدم اتزان في آخر أمره . حكى عنه الحافظ أول ترجمته أنه كان يقول : " كنت إذا سمعت شخصا يقول : أخطا النووي : اعتقد أنه كفر ! ! " . ثم نقل عن ابن حجي قوله فيه : " كان في أواخر أمره قد أحب مذهب الظاهر ، وسلك طريق الاجتهاد ، وصار يصرح بتخطئة جماعة من أكابر الفقهاء " . وانظر ترجمته هناك ، وفي " لحظ الالحاظ " ص 173 ، و " طبقات الشافعية " لابن قاضي شهبة 3 : 207 . وأخذ السبط العلم - ولا سيما الحديث الشريف - في القاهرة عن كثيرين أيضا ، يقرب عددهم من ربعين
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 106 :(1/163)
1 ) ، وأجلهم أربعة ، وهم المذكورون في قول البرهان الذي حكاه عنه تقي الدين ابن فهد في " لحظ الالحاظ " ص 201 . قال : " قال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي : حفاظ مصر أربعة أشخاص ، وهم من مشايخي : البلقيني وهو أحفظهم لاحاديث الاحكام ، والعراقي وهو أعلمهم بالصنعة ، والهيثمي وهو أحفظهم للاحاديث من حيث هي ، وابن الملقن وهو أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث " . وكان هذا الكلام من " ثبت " البرهان ، الذي تقدمت الاشارة إليه ص 104 . / صفحة 107 / وهذه كلمات موجزة في تراجم هؤلائ الائمة الاربعة ، أحرص أن تكن من كلام البرهان نفسه . 8 " - أما سارج الدين البلقيني ( 723 - 805 ) رحمه الله : فهو مفخرة القرن التاسع في الجمع بين علوم التفسير والحديث والاصول والفقه ، وله ترجمة حافلة رائعة في " لحظ الالحاظ " ص 206 - 217 ، ومن أخبار البرهان مع شيخه البلقيني : قول التقي ابن فهذ ص 212 : " قال شيخنا الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي : كان فيه من قوة الحافظة وشدة الذكاء ما لم يشاهد في مثله ، أخبرني في رحلتي الاولى إلى القاهرة بمدرسته أنه لما قدم شرف الدين ابن قاضي الجبل الحنبلي نزل في قصر بشتك ، فدعاه شخص إلى الجيزة ، فحضرت معه في جماعة من علماء القاهرة ، منهم بدر الدين الزركشي ، وابن العنبري ، والطنبذي ، فلما صليت العشاء قال لي شرف الدين ابن قاضي الجبل : يا سراج الدين أينا أحفظ ، أنا أم أنت ؟ فقلت له : سبحان الله ، أنتم كذا وكذا ، أتواضع له . فقال : أستحضر أنا أو أنت ؟ فقلت له : إن أنا استحضرت شيئا - يعني حديثا - تذكر له طرقه ، وكذا بالعكس ، لكن اذكر أنت على حدة وأنا كذلك ، فقال ابن قاضي الجبل : اذكر أنت .(1/164)
فاخذت أذكر أحاديث معللة من أول أبوب الفقه ، ولا زلت أذكر إلى أن طلع الفجر ، وقد وصلت إلى كتاب النكاح ، فقام ابن قاضي الجبل وقبل بين عني وقال : يا سراج الدين ما رأيت بعد الشيخ - يعني شيخ الاسلام تقي الدين ابن تيمية - أحفظ منك " . ومما سمعه البرهان على البلقيني : " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجه " - الشك من تقي الدين ابن فهد - وجرى له طريفة في أثناء السماع ، حكاها ابن فهد عن البرهان ، قال : " لما كنا نمع عليه بالقاهرة " سنن الدارقطني " أو " سنن ابن ماجه " - الشك مني - سألني شخص بحضوره عن حديث مر في القراءة : أهذا صحيح أم لا ؟ فقلت للقارئ : اذكر السند ، فذكره ، فإذا فيه عطية العوفي ، فقلت له : اتفقوا على تضعيف هذا ، فقال الشيخ : ليس كذلك ، فذكرت أنا قول الذهبي فيه ( 1 ) ، فقال الشيخ : قد حسن له الترمذي حديثا ، فقلت له : أين ؟ فقال : بعد ( بياض في المطبوع ) في حديث : " يا علي لا يحل لاحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك " ( 2 ) ثم قام من المجلس فجاء ب " مختصر المنذري لسنن أبي داود " فكشف منه شيئا ، ثم قال : أنا أحفظ هذا الكتاب " .(1/165)
ثم نقل ابن فهد عن البرهان قوله : " اجتمعت به في رحلتي الاولى إلى القاهرة في سنة ثمانين ، فرأيته إماما لا يجارى ، أكثر الناس استحضارا لكل ما يلقي من العلوم ، وقد حضرت عنده عدة دروس مع جماعة من أرباب المذاهب ، فيتكلم على الحديث الواحد من بعد طلوع الشمس ، وربما أذن الظهر في الغالب وهو لم يفرغ من الكلام عليه ، ويفيد فوائد جليلة لارباب كل مذهب ، خصوصا المالكية ، وكان بعض فضلائه يقرأ عليه في " مختصر مسلم " للقرطبي ، وممن كان يحضر عنده الامام نور الدين ابن الجلال ، وكان أفقه أهل / صفحة 108 / القاهرة يومئذ في مذهب مالك ، وكان يستفيد منه ، وكذا جمع سواه من أرباب المذاهب الاربعة ، واستفدت منه فوائد جمة في التفسير والحديث والفقه والاصول ، وعلقت من فوائده أشياء ، وهو أجل من أخذت عنه العلم وسمعت عليه الحديث ، وكان بي حفيا . انتهي " . وفي الضوء اللامع " 6 : 87 : " قال البرهان الحلبي : رأيت رجلا فريد دهره ، لم تر عيناي أحفظ للفقه وأحاديث الاحكام منه . . . " . وقال ابن قاضي شهبة في " طبقات الشافعية " 4 : 51 : " قال الحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي : سألني الشيخ شهاب الدين الاذرعي عن مولد الشيخ سراج الدين البلقيني فذكرته له ، فقال : أنا أصلح أن أكون والده ثم ذكر لي أنه لم ير أحفظ منه لنصوص الشاعفي " . 9 " - وأما الحافظ زين الدين العراقي ( 725 - 806 ) رحمه الله : فهو مجدد عصره في السنة وعلومها ، وأقر له شيوخه برسوخه في هذا الفن ، وقد كان حظ البرهان منه وافرا . ففي " الضوء اللامع " 4 : 175 نقلا عن ابن حجر قوله : " لازمه البرهان الحلبي نحوا من عشر سنين " ، وهذا زمن طويل بالنظر إلى طارئ على القاهرة ، إذ أن ابن حجر - وشهرته بالتلمذة عليه معروفة - يقول عن نفسه ( 1 ) : " لازمته عشر سنين سوى ما تخللها من ارحلات " وهو بلدية ليس بطارئ . وفي المصدر ر
............................................................(1/166)
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 108 :
ما يدل على حظوة البرهان السبط عند شيخه العراقي . قال : " وكان المستملي - على العراقي - ولده ، وربما استملى البرهان الحلبي ، أو شيخنا - ابن حجر - أو الفخر البرماوي " . وجل استفادة البرهان من العراقي كانت في علوم الحديث ، فانه قرأ عليه هذه الجوانب . قال السخاوي رحمه الله 1 : 139 : أخذ فنون الحديث " عن الزين العراقي ، وبه انتفع ، فانه قرأ عليه " الفيته " وشرحها ، و " نكته " على ابن الصلاح مع البحث في جميعها ، وغيرها من تصانيفه وغيرها ، وتخرج به ، بل أشار له أن يخرج ولده الولي أبا زرعة ، وأذن له في الاقراء والكتابة على الحديث " . ومما قرأه عليه في الرحلة الثانية إلى القاهرة : كتابه في " رواة الكتب الستة ، وفيه استدراكات على المزي ، وصل فيه إلى أثنائ الاحمدين ، وقد قرأت بعض ذلك عليه ، ثم تركه قبل خروجنا من القاهرة في الرحلة الثانية " ( 2 ) . وهذا الكتاب أحد مصادر السبط في " حاشيته " هذه " على " الكاشف " ، كما سيأتي إن شاء الله تعالى . 10 " - وأما الحافظ نور الدين الهيثمي رحمه الله ( 735 - 807 ) : فهو الامام الحافظ الزاهد شيخ فن الزوائد ، نقل السخاوي في ترجمته 5 : 202 عن البرهان أنه قال فيه : " كان من محاسن القاهرة ، ومن أهل الخير ، غالب نهاره في اشتغال وكتابة مع ملازمة خدمة الشيخ - الحافظ العراقي - في أمر وضوئه وثيابه ، ولا يخاطبه إلا ب " سيدي " ، حتى كان في أمر خدمته كالعبد ، مع محبته للطلبة والغرباء وأهل الخير ، وكثرة الاستحضار جدا " . / صفحة 109 / وأرى أن وصف البرهان لشيخه الهيثمي بانه كان أحفظ الاربعة للاحاديث من حيث هي ، وبكثرة الاستحضار جدا : أعدل من وصف ابن حجر ومتابعة السخاوي له .(1/167)
قال في " الضوء اللامع " 5 : 202 : " الثناء على دينه وزهده وورعه ونحو ذلك : كثير جدا ، بل هو في ذلك محل كلمة اتفاق ، وأما في الحديث : فالحق ما قاله شيخنا - ابن حجر - : إنه كان يدري منه فنا واحد . يعني : الذي دربه فيه شيخهما العراقي . قال - ابن حجر - : وقد كان من لا يدري يظن لسرعة جوابه بحضرة الشيخ أنه أحفظ ، وليس كذلك ، بل الحفظ : المعرفة " . ومثله في " الجواهر والدرر " 1 : 37 . ووجه ما رأيته : كتبه رحمه الله ، فانها شاهد صدق على استحضاره وحفظه . 11 " - وأما سراج الدين ابن الملقن ( 723 - 804 ) رحمه الله تعالى : فهو الامام شيخ الاسلام ، المكثر سماعا وتصنيفا ، يقال : بلغت مصنفاته ثلاثمائة مجلدة ، وكثير منها في تخريج أحاديث كتب أخرى ، وشرح كتب ، ونفسه فيها طويل . فمن ذلك : " شرحه على صحيح البخاري " في عشرين مجلدا ، وهذ أكبر مصنفاته ، و " شرحه على عمدة الاحكام " لعبد الغني المقدسي ، و " العمدة " كتيب صغير الحج مشهور ، ومع ذلك ، فانه أطنب في شرحه ، بحيث بلغ به ثلاث مجلدات ، وأفرد لرجاله مجلدا آخر ، وشرح زوائد " سنن أبي داود " على الصحيحين في مجلدين ، وزوائد " سنن ابن ماجه " على الكتب الخمسة في ثلاث مجلدات ، كتبها في أقل من سنة . وهذا يؤيد وصف البرهان له بانه " أكثرهم فوائد في الكتابة على الحديث " . ومما قاله البرهان في الثناء على شيخه ابن الملقن : ما نقله السخاوي 6 : 104 : " إنه كان فريد وقته في التصنيف ، وعبارته فيه جلية جيده ، وغرائبه كثيرة ، وشكالته حسنة ، وكذا خلقه ، مع التواضع والاحسان ، لازمته مدة فلم أره منحرفا قط . . . " . ومما قرأه البرهان على شيخه ابن الملقن من مصنفاته : جزء لطيف له في " خصائص أفضل المخلوقين صلى الله عليه وسلم " . ذكره السخاوي أضا 6 : 102 .(1/168)
ومن حكايات البرهان لسبط : حكاية تتعلق بشيخيه البقيني وابن الملقن رحمهم الله تعالى ، نقلها ابن فهد في " لحظ الالحاظ " ص 201 اخر ترجمة ابن الملقن ، قال : " قال شيخنا برهان الدين : حكي لي أن الشيخ بهاء الدين ابن عقيل حكي له عن قيم مسجد النارنج بالقرافة أن الشيخ عز الدين بن عبد السلام كان يخرج إلى المسجد المذكور يوم الاربعاء ومعه " نهاية " إما الحرمين ، فيمكث بالمسجد يوم الاربعاء ، ويم الخميس ويوم الجمعة إلى قبيل الصلاة ، فينظر في هذا الوقت " النهاية " . " قال الشيخ بها الدين : وأنا أستبعد ذلك ، فقال الشيخ سارج الدين البلقين ( 1 ) : ولا أستبعد ( 2 ) ، لان / صفحة 110 / الشيخ عز الدين لا يشكل عليه منها شئ ، ولا يحتاج إلى أن يتامل منها إلا شيئا قليلا - أو ما هذا معناه - وأنا أنظر مجلدا في يوم واحد . " قال شيخنا برهان الدين : فذكرت هذه الحكاية لشيخنا سراح الدين ابن الملقن فقال لي عقيب ذلك : أنا نظرت مجلدين من " الاحكام " للمحب الطربي في يوم واحد " ( 1 ) . 12 " - ومن مشاهير شيوخه : مجد الدين الفيروز آبادي صاحب " القاموس المحيط " ، وصرح بالنقل عنه في أكثر من موضع في " حاشيته " هذه ، وعدد السخاوي 10 : 82 كثيرا من مؤلفات الفيروز آبادي ، ومنها " تحبير
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 110 :(1/169)
الموشين فيما يقال بالسين والشين " قال : " أخذه عنه البرهان الحلبي الحافظ ، ونقل ( 2 ) عنه أنه تتبع أوهام " المجمل " لابن فارص في ألف موضع ، مع تعظيمه لابن فارس وثنائه عليه " . وقال ابن قاضي شهبة في " طبقات الشافعية " 4 : 84 : " ذكر له الحافظ برهان الدين في " مشيخته " ترجمة طويلة وقال : كان في اللغة بحر علم لا تكدره الدلاء ، وألف فيها تواليف حسنة . قال : وكان عظما عند الملوك ، أعطاه تيمورلنك خمسة آلاف دينار ، ومع ذلك فانه كان قليل المال ، لسعة نفقاته ، وكان سريع الحفظ ، يحكى عنه أنه كان يقول : ما كنت أنام حتى أحفظ مائتي سطر . وعد تصانيفه ، وهي بضع وأربعون مصنفا " . ومما لا بد من ذكره هنا : قول النجم ابن فهد : " وذكر أنه كان عنده - عند البرهان - استدعاء فيه اسمه ، فيه إجازة جماعة ، منهم العز ابن جمعة ، ولم نعرف أحدا ممن أجاز فيه غيره ، وأنه ذهب في فتنة تمرلنك ، وكان - أي البرهان - لا يرضى أن يحدث عن العز ابن جماعة ، تدينا " . فهذا متصل بخلق علمي كريم ، هو الامانة في الرواية . فرحمه الله تعالى وجزاه خيرا . وابن جماعة المراد هنا : هو الامام عز الدين عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم ابن جماعة الكناني ( 694 - 767 ) ، وأول سماع عرف للبرهان كان سنة 769 ، فلذلك أمسك البرهان عن الرواية عنه . إما عز الدين ابن جماعة : محمد بن أبي بكر بن عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم ، فهو حفيد الذي قبله ، وهو من أقران البرهان في الولادة ( 749 ) ، وتوفي قبله بدهر ( 819 ) . فهو غير المراد هنا .(1/170)
ومن رحلاته : حجه عام 813 ، ولا يتصور من طالب علم أن يجح ولا يلتقي بعلماء الحرمين الشريفين ، وبالعلماء القادمين إليهما في هذا الموسم العظيم من أقطار الدنيا ! أو أن يلتقي بهم ولا يكون لقاؤه بهم لقاء علميا ، بل الحج غاية أمنية العالم لاداء نسكه ولما يتيسر له من لقاء عدد كبير من علماء العالم الاسلامي المترامي / صفحة 111 / الاطراف ، فبغنيه عن رحلات كثيرة . ومع ذلك فاني لم أقف على شي من ذلك فاذكره هنا ، لكن يغلب على ظني أن كثيرا من أخبار العلم والعلماء الحادثة في حجته ، مدون في كتاب ولده أبي ذر : " كنوز الذهب " . والله تعالى أعلم . نعم رأيت خبرا واحدا كان فيه البرهان مفيدا لا مستفيدا . قال تقي الدين ابن فهد ص 314 - 315 : " اجتمعت به لما ورد إلى مكة المشرفة صحبة الحاج الحلبي مؤديا لحجة الاسلام في موسم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، كرات ، واتفدت منه شيئا ، وسمعت عليه بمنى المعظم " المائة المنتقاة " من " مشيخة " الفخر ابن البخاري الظاهرية ، والحديث باخرها من الذى عليها ، وأجازني بما له من مروياته مشافهة وكتاة غير مرة " . قال مترجموه " وكانت الوقفة بعرفة ذاك العام يوم جمعة ، ولم يحج سواها ، كما قال السخاوي 1 : 140 ، وكان خروجه إليه مع الحاج الشامي ، وصحبه في حجه من أقاربه وتلامذته : 1 " - شهاب الدين أبو جعفر محمد بن أحمد بن عمر ابن العجمي ، المتقدم ذكره برقم 40 ، قال في " الضوء اللامع " 7 : 30 : " ك ان حريصا على ملازمة البرهان الحلبي ، حتى إنه حج هو وإياه في سنة ثلاث عشرة " . 2 " - ضياء الدين محمد بن عمر النصيبي ، المتوفى سنة 857 ، وهو قرشي أموي ، كال العجمي ، قاله في " الضوء اللامع " أيضا 8 : 240 - 241 . ومما يذكر في الحديث عن مشيخة السبط : أنه أخذ عن عدد من النساء ، أولهن : 13 " - أمه عائشة بنت عمر بن محمد ابن العجمي ، وتقدم ذكرها رقم 36 .(1/171)
14 " - جويرية الهكارية القاهرية ( 704 - 783 ) ، ترجمها الحافظ في " الدرر " 1 : 544 ، وذكر مسموعاتها ، ذكر رواية البرهان عنها التقي ابن فهد والسخاوي . 15 " - شرف بنت محمد بن حسن ، قال الحافظ في " الدرر " 2 : 189 : " سمع منها البرهان محدث حلب ، وعاشت إلى بعد سنة 780 " ، وكان سماعه منها ببلدها حماة ، قاله السخاوي 1 : 140 ، وابن تغرى بردي 1 : 134 . 16 " - عائشة بنت إسماعيل ، قال في " الدرر " أيضا 2 : 236 : " سمع منها البرهان الحلبي المحدث في رحلته " . 17 " - ياسمين بنت عبد الله الحلبية أم هدية ، قال في " الدرر " 4 : 408 : " سمع منها أبو حامد ابن ظهيرة ، والبرهان الحلبي ، وعمرت " . ولئن لم يمكن الوقوف على " معجم شيوخه " الذي عمله له النجم ابن فهد ، ولا على " ثبته " الذي كتبه بنفسه : فان من الممكن إحصاء عدد كبير منهم ، وذلك بتتبع " الدرر الكامنة " خاصة و " الضوء اللامع " ، وقد بدأت أولا بجمع ذلك ، ثم رأيت أنه عمل نافلة بالنظر إلى هذه الترجمة الموجزة التي أكتبها ، فتركته . / صفحة 112 / تلامذته : يقال في أصحابه الآخذين عنه ، ما يقال في شيوخه : إنهم من الكثرة بمكان ، ويمكن الوقوف على أسماء عدد كبير منهم من خلال تراجم رجال القرن التاسع ، وقد جمعت منهم عدد ، ثم رأيت ما رأيته في جمع أسماء شيوخه ، فتركته . إنما لفت
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 112 :(1/172)
نظري شئ في بعض من جمعته ، هو أنه حصل في أصحابه ما يسمى في علوم الحديث بالسابق واللاحق ، فبعض أصحابه توفي في وقت مبكر بالنظر إلى وفاة الشيخ البرهان ، وتاخرت وفاة بعض أصحابه إلى ما بعد وفاته باكثر من خمسين عاما ، فصارت الفترة الزمنية بين أقدم وفاة تلميذ له ، وبين وفاة آخ ر تميذ له - حسبما وقفت عليه ( صارت الفترة الزمنية طويلة نسيبا . فاقدم أصحابه وفاة هو : 1 " - ناصر الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن سحلول الحلبي ، المتوفى سنة 812 ، أرخ وفاته كذلك السخاوي 8 : 45 ، وذكر أنه " سمع على البرهان الحلبي " . وآخرهم وفاة حسبما وقفت عليه : هو : 2 " - محمد بن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن زريق ( 812 - 900 ) . قال السخاوي 7 : 170 : " سمع بحلب على حافظها البرهان الكثير ، ك " سنن النسائي " ، و " ابن ماجه " ، و " المحدث الفاصل " . فيكون بين أقدمهم وآخرهم وفاة : ثمان و ثمانون سنة . ويكفيه أن من تلامذته : 3 " - الحافظ ابن حجر المتوفى سنة 852 ، رحمه الله ، وإذا نظر إلى تاريخ ولادتهما رأينا أنها ليست من تلمذة القرين على قرينه ، فولادة البرهان ( 753 ) قبل ولادة ابن حجر ( 773 ) بعشرين سنة كاملة . قال السخاوي 1 : 143 : " لما سافر شيخنا في سنة ست وثلاثين ( 1 ) - وثمانمائة - صحبة الركاب الاشرفي . . قرأ عليه بنفسه كتابا لم يقرأه قبلها ، وهو " مشيخة " الفخر ابن البخاري : هذا مع أنه لم يكن حينئذ منفردا بالكتاب المذكور ( 2 ) . . ، وسمع عليه بقراءة غير أشياء " .(1/173)
وقال في " الجواهر والدرر " 1 : 122 وهو يحكي عن رحلة الحافظ إلى حلب : " ولما أشرفوا على حلب / صفحة 113 / تلقاهم أهلها ، وكان من جملة من لقي صاحب الترجمة - يعني ابن حجر - العلامة محب الدين ابن الشحنة ، فسلم عليه وهناه بالسلامة ، وساله شيخنا - ابن حجر - عن الشيخ الحافظ محدث البلاد الحلبية برهان الدين سبط ابن العجمي ، فذكر له أنه بخير ، فقال له : لم أشد الرحل ، ولا استبحت القصر إلا للقيه " . وفي أول يوم منها سمع على البرهان المشار إلى الحديث المسلسل بالاولية بقراءة برهان الدين البقاعي . . . . وقرأ صاحب الترجمة - ابن حجر - بنفسه على المذكور - البرهان الحلبي - " مشخية " الفخر ابن البخاري ، تخريج ابن الظاهري في أربعة مجالس . . والعجب أنه لم يكن بحلب من " المشيخة " نسخة ، فجهز شيخنا من أحضرها له من دمشق ، وسمع على البرهان أشياء غير ذلك " . ثم قال 1 : 125 : " وحدث صاحب الترجمة - ابن حجر - بحلب هو والبرهان الحلبي معا باشياء ، من ذاك " المحدث الفاصل بين الراوي والواعي " للرامهرمزي ، قرأه عليهما البقاعي ، ونظم القاري " للحافظ برهان الدين الحلبي مجلدا . . . ولخص " ثبت " البرهان الحلبي . . . وسمعته يقول : استفدت في هذه الرحلة أن اسم أبي عمير بن أبي طلحة : حفص ، نقلته من كتاب " فاضلات النساء " لابن الجوزي ، وألحقته في " الادب " من الشرح ( 1 ) ، ولم يكن صاحب الترجمة - ابن حجر - وقف على الكتاب المذكور قبل ذلك ، بل أرسل الشيخ برهان الدين الحلبي إلى من هو عنده من أهل حلب ، فاحضر إليه ، وهو المنبه له على ذلك أولا ، وكا رحمه الله يقول : لم أستفد من البرهان المذكور غير ذلك " ( 2 ) 2 . 4 " - ومنهم : ابن ناصر الدين الدمشقي ( 777 - 842 ) ، قدم حلب سنة 837 ، كما قاله ابن تغري بردي في " المنثل الصافي " 1 : 136 ، والسخاوي 1 : 143 ، فيكون له من العمر ستون سنة .(1/174)
وققال السخاوي 8 : 103 : " سافر - ابن ناصر الدين - باخرة صحبة تلميذه النجم ابن فهد المكي إلى حلب ، وقرأ على حافظها البرهان بعض الاجزاء " . 5 " - ومنهم علاء الدين أبو الحسن علي بن محمد ابن خطيب الناصرية الحلبي ( 774 ( 843 ) ، وشارك البرهان في عدد من شيوخه ، ترجم للبرهان في تاريخه لحلب المسمى " الدر المنتخب " ، فقال - كما في " المنهل " و " الضوء " - : " هو شيخي ، عليه قرأت هذا الفن وبه انتفعت ، وبهديه القتديت ، وبسلوكه نادبت ، وعليه استفدت ( 3 ) ، وهو شيخ إمام عالم عامل حافظ ورع مفيد زاهد على طريق السلف الصالح ، / صفحة 114 / ليس مقبلا إلا على شانه من الاشتغال والاشغال - كذا ، والمراد : يشغل معه غيره بالعلم - لا يتردد إلى أحد ، وأهل حلب يعظمونه ويعتقدون بركته . . " . وابن خطيب الناصرية هذا : لتعلم وقع كلامه ومكانة ثنائه على الآخرين : اسمع كلام السخاوي فيه 5 : 306 : " كان إماما علامة محققا متقنا بارعا في الفقه كثير الاستحضار له ، إماما في الحديث ، مشاركا في الاصول مشاركة جيدة ، وكذا في العربية وغيرها ، مستحضرا للتاريخ لا سيما السيرة النبوية ، فيكاد يحفظ مؤلف ابن سيد الناس فيها ( 1 ) ، كل ذلك مع الاتقان والثقة ، وحسن المحاضرد ، وجودة المذاكرة ، والرئاسة والحشمة والوجاهة " . هذا كلام السخاوي فيه ، وهو من هو . بل كان برهان
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 114 :(1/175)
نفسه يثني عليه ثناء بالغا جدا بجملة واحدة فيقول عن دروسه : " هي دروس اجتهاد ، ولم أسمع شبهها إلا من شيخنا البلقيني " ! . ومن أجلاء تلامذته الحلبين أيضا : 6 " - زين الدين عمر بن محمد النصيبي الحلبي ( 823 - 873 ) . 7 " - وأخوه أبو بكر بن محمد النصيبي الحلبي ( 824 - 863 ) ، ومما قرآ عليه " سنن ابن ماجه " . كما هو واضح من طبعة الدكتور الاعظمي في مقدمتها وفي أثنائها ، وكان ذلك سنة 839 - 840 بالمدرسة الشرفيد بحلب ، انظر 1 : 107 ، 2 : 283 ، وما بينهما ، وأما ما جاء في الصورة الظاهرة 1 : 312 : " 740 " : فسبق قلم ، صوابه : 840 . 8 " - م حمد بن محمد بن محمد ابن أمير حاج الحلبي ( 825 - 879 ) رحمه الله ، صاحب " حلبة المجلي شرح منية المصلي " في مجلد كبير ، وشارح " التحرير " في الاصول لشيخه ابن الهمام . ذكر تلمذته على البرهان السخاوي في " الضوء " 9 : 210 ، ونقل هو نفسه عن البرهان الحلبي في " شرح التحرير " 2 : 238 قال : " قال شيخنا الحافظ برهان الدين الحلبي " . ومن تلامذته الدمشقيين : 9 " - عبد الوهاب ابن زريق ( 824 - 845 ) ، قال السخاوي 5 : 99 : " ومن شيوخه : ابن ناصر الدين . . . والبرهان الحلبي وشيخنا - ابن حجر - وما أظنه حدث " لكونه توفي شابا ، عمره إحدى وعشرون سنة . ومما قرأه على البرهان السبط مع أخيه محمد المتقدم رقم 2 : " سنن ابن ماجه " وسماعهما له واضح من طبعة الدكتور الاعظمي ، وكان ذلك عام 837 بالمدرسة الشرفية أيضا . ومن تلامذته المكيين : من ذكره السخاوي 1 : 142 بقوله : " وممن أخذ عنه من الاكابر : الحافظ الجمال ابن موسى المراكشي ، وكان معه في السماع عليه الموفق الابي وغيره " .(1/176)
/ صفحة 115 / 10 " - فالمراكشي : هو محمد بن موسى بن علي المراكشي الاصل المكي الشافعي ( 789 - 823 ) ، وانظر ترجمته عند السخاوي 10 : 56 وفيها ثناء ابن حجر عليه بقوله : " الشيخ الامام العالم الفاضل البارع الرحال ، جمال الدين ، سليل السلف الصالحين ، عمدة المحدثين نفع الله به " مع أنه توفي وله من العمر أربعة وثلاثون عاما فقط ، وانظر قول السخاوي أيضا : أخذ عنه من الاكابر . . ! . وسيأتيك ثناء المراكشي على البرهان . 11 " - وأما الابي ( 1 ) : فهو علي بن إبراهيم بن علي ( قبيل 790 - 859 ) ، ترجمه السخاوي 5 : 153 ، ومما قال : " ارتحل في مسم سنة أربع عشر - وثمانمائة - رفيقا للجمال ابن موسى المراكشي الحافظ صحبة الركب الشامي ، فسعا بالمدينة ، ثم بدمشق وحلب . . فكان ممن سمع عليه . . . بحلب حافظها البرهان ، والعز الحاضري ، والشهاب ابن العديم وطائفة " . 12 " - ومن المكيين أيضا : نجم الدين ابن فهد ، الذي عمل " مشيخة " للبرهان سماها " مورد الطالب الطمي من مرويات الحافظ سبي ابن العجمي " ، وتقدم أنه رحل إلى البرهان صحبة ابن ناصر الدين عام 837 ، ثم سافر إلى دمشق مرارا ، والقاهرة مرتين ، ثم عاد إلى حلب ليبل غليله من البرهان ، فمكث عنده طويلا ، وقرأ عليه كثيرا ( 2 ) ، وكانه كان يقرأ عليه مؤلفاته الصغيرة ، ويكتفي بقراءة مقدمات كتبه الكبيرة ، ليتسنى له قراءة كتب غيرها عليه . من ذلك : أنه قرأ عليه رسالته " التبيين لاسماء المدلسين " كما هو مثبت آخر النسخة الآتي وصفها ، وفي سماعه ذلك أخبره بتاريخ ولادته : " ثاني عشري رجب من سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بحلب " . ومن ذلك : مقدمة كتابه " نثل الهميان " و " نهايد السول " . انظر صفحة 126 ، 128 ، وتاريخ قراءة المقدمة لاولى غير واضح أبدا ، أما قراءة المقدمة الثانية فكانت " يوم الاحد سابع صفر المبارك من سنة صثمان وثلاثين وثماني مائة بالمدرسة الشرفية بحلب " .(1/177)
كما هو ظاهر في أعلى صفحة 11 من المخطوط . ولما رجع إلى بلده مكة المكرمة عمل له معجم شيوخه الذي سماه " مورد الطالب الظمي " وأرسله إليه إلى حلب مع حجاج عام 839 ، كما تقدم ص 104 . وفي تتبع أصحابه ودراسة مكانتهم العلمية طول زائد ، لان تلامذة العالم مرآته التي تنعكس فيها علومه وأحواله . علومه : كان جل اهتمام الحافظ السبط رحمه اله تعالى متوجها نحو الحديث الشريف وفنونه ، كما هو ظاهر من ترجمته ، ومن مؤلفاته ، لكن لم يكن حال علمائنا السابقين الاقتصار على علم واحد وإهمال ما سواه - إلا نقرا يسيرا من رجال القرن الثاني والثالث والرابع - . بل لا بد عندهم من الاشتغال بعلوم أخرى أساسية كالعربية والفقه ، والمشاركة بالتفسير والعقائد والاصول وعلوم الآلة . / صفحة 116 / وكذلك كان حال البرهان الحلبي . فقد تقدم صفحة 104 نقل ما رآه السخاوي بخط البرهان ، وفيه يقول : " مشايخي في الحديث نحو المائتين ، ومن رويت عنه شيئا من الشعر دون الحديث بضع وثلاثون ، وفي العلوم غير الحديث نحو الثلاثين " . وقال التقي ابن فهد في " لحظ الالحاظ " ص 312 : " عني بهذا الشان - الحديث الشريف - واشتغل في علوم ،
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 116 :(1/178)
وجمع وصنف " . ونحوه قول ولده النجم في " معجم الشيوخ " ص 48 . ومن العلوم التي اشتغل بها في أول أمره - ولم يسبق له ذكر في هذه الترجمة - : علم القراءات - فانه بعدما حفظ القرآن الكريم أول نشاته ، توجه إلى علم القراءات . قال النجم ابن فهد في " معجم الشيوخ " ص 48 : " ثم قرأ من أول القرآن العظيم إلى سورة التوبة لابي عمرو على الماجدي ، ثم قرأ من أول القرآن الكريم إلى أول سورة المزمل لقالون على الامام شهاب الدين أحمد بن أبي الرضا الحموي ، وقرأ ختمتين لابي عمرو ، وثالثة بلغ فيها إلى أول سورة يس لعاصم ، على الشيخ عبد الاحد الحراني الحنبلي ، ثم قرأ بعض القرآن لنافع وابن كثير وابن عامر وأبي عمرو على الامام المجيد أبي عمرو الحسن بن ميمون البلوي الاندلسي " . والشيخ عبد الاحد هذا حراني الاصل ، حلبي المنشا ، توفي سنة 803 ، ترجمه الحافظ في " الدرر " 2 : 315 بقوله : " عبد الاحد الحراني ، قال البرهان الحلبي سبط ابن العجمي : قرأت عليه ختمة لابي عمرو " . هكذا في المطبوع . لكن في " المعجم " ما قدمته ، ومثله في كتاب والده " لحظ الالحاظ " ص 309 ، و " الضوء اللامع " 1 : 138 . وفي " الضوء " أيضا 5 : 21 ترجمة عبد الاحد نفسه : " قرأ عليه البرهان الحلبي ختمتين لابي عمرو " . أما بعض الختمة الثالثة فكانت لعاصم ، فلا تعارض . أما علم الحديث : فانه ترجه إليه بكليته منذ بدء كتابته له سنة 770 ، وسبق له قبل سنة سماع له مؤرخ سنة 769 - ومعلوم أن ولادته كانت سنة 753 - . ذكر هذا في مصادر ترجمته الثلاثة : " لحظ الالحاظ " ، و " معجم الشيوخ " و " الضوء اللامع " . ومهر فيه ، وبلغ درجة الامامة ، وصار المشار إليه ، والرحلة ، وأخذ عليه فكره ، وهمته ، واستغرق منه كل أوقاته . منمظاهر ذلك : أنه لم يؤلف في علم سواه - وستاتي مؤلفاته وترى منها ذلك - وأنه لم يعرف عنه إقراء ولا تدريس لغيره .(1/179)
قال النجم ابن فهد رحمه الله : " قرأ " صحيح البخاري " على الناس في الجوامع والمساجد وغير ذلك - خارجا عما قرأه في الطلب وقرئ عليه - : ستين مرة ( 1 ! وقرأ " صحيح مسلم " نحو العشرين " . / صفحة 117 / حتى إنه عرف بالبرهان المحدث ، وبخادم السنة قال السخاوي 1 : 142 : " اتفق أنه في بعض الاوقات حوصرت حلب ، فرأى بعض أهلها في المنام السراج البلقيني فقال له : ليس على أهل حلب باس ، ولكن رح إلى خادم السنة إبراهيم المحدث وقل له يقرأ " عمدة الاحكام " ليفرج اللله عن المسلمين ، فلستيقظ ، فاعلم الشيخ ، فبادر إلى قراءتها في جمع من طلبة العلم وغيرهم بالشرفية يوم الجمعة بكرة النهار ، ودعا للمسلمين بالفرج ، فاتفق إنه في آخر ذلك النهار نصر الله أهل حلب " . وكان هذا الحصار أيام علي باك سنة 810 ، انظر الخبر عنه مفصلا في " إعلام النبلاء " للطباخ 5 : 175 فما بعدها ، وهناك ذكرت هذه القصة ، وليس مصدره فيها " الضوء اللامع " ، ولعله من " الدر المنتخب " لابن خطيب الناصرية المذكور قل قليل ص 113 ، فيكون الخبر منقولا عن مصدرين . ثم إنه اتفقت كلمة مترجميه على أنه " كان صبورا على الاستماع ، ربما استمع اليوم الكامل من غير ملل ولا ضجر ! " . وقد قرئ عليه " سنن النسائي " الصغرى في ستة مجالس ، كما هو مثبت في القطعة المحفوظة من الكتاب المذكور بقم 2533 في قسم مخطوطات الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة . وقبل أن أنهي الحديث عن علومه لا بد من التنبيه إلى كلمة نقلها السخاوي 1 : 143 عن الحافظ ابن حجر في البرها ، ستأتي بتمامها قريبا بعد أسطر إن شاء الله ، ومحل القصد منها قوله : " . . . ومعرفته بالعلوم فنا فنا " .(1/180)
هكذا جاء في مطبوعة " الضوء اللامع " ، ومثله في " إعلام النبلاء " 5 : 205 وهو ينقل عن مخطوطة " الضوء " المحفوظة بالمكتبة الظاهرية بدمشق ، كما نبه إلى تعليقا 5 : 121 ، لكن نقل هذه الكلمة العلامة الكوثري رحمه الله تعالى في تعليقه على " لحظ الالحاظ " ص 313 بلفظ : " . . . ومعرفته بالعلو فنا فنا " . فاما أنها كذلك في النسخة التي ينقل عنها ، وإما أنه يرى صحتها وصوابها كذلك ، وإلى هذا الاحتمال أميل ( 1 ) ، أو أن يقال : مراده بالعلوم : العلوم الحديثية . والله أعلم . ثناء الائمة عليه : انفقت كلمة عارفيه على وصفه بالامامة ، وما وراء ذلك من مطلب ! فقد تقدم : 1 " - قول البدر المارديني المتوفى سنة 837 في أبياته التي هنا فيها البرهان برلادة ابنه أنس سنة 813 ، وأولها : يا سيدا بعلمه ساد الورى * وسما الائمة رفعة وبهاء 2 " - وتقدم قول ابن خطيب الناصرية ( 843 ) وفيه : " هو شيخ إمام ، عامل ، عالم ، حافظ ، ورع ، مفيد ، زاهد . . ، وصار رحلة الآفاق " . 3 " - وقدم الحافظ بان حجر حلب سنة 836 ، وعمره ثلاث وستون سنة ، وبعد رجوعه إلى القاهرة عمل " مشيخة " للبرهان ، قال في مقدمتها - كما في " الضوء " 1 : 143 - : " أما بعد : فقد وقفت على " ثبت " الشيخ
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 117 :(1/181)
الامام العلامة الحافظ المسند شيخ السنة النبوية برهان الدين الحلبي . . ، فاحببت أن أخرج له / صفحة 118 / " مشيخة " ( 1 ) أذكر فيها أحوال الشيوخ المذكورين ومروياتهم ليستفيدها الرحالة ، فانه اليوم أحق الناس بالرحلة إليه ، لعلو سنده حسا ومعنى ، ومعرفته بالعلوم فنا فنا . أثابه الحسنى . آمين " . فاتفق قول ابن حجر فيه مع قول ابن خطيب الناصرية مع قول الشمس الغراقي الآتي برقم 9 : أن المترجم رحلة ، أي : يقصد بالارتحال إليه ، وهذا لا يقال في كل أحد . قال السخاوي عقب ما تقدم : " وفهرس " المشيخة " - أي كتب ابن حجر عنوانا عليها - بخطه بما نصه : جزء فيه تراجم مشايخ شيخ الحفاظ برهان الدين " . فهل بعد هذا ثناء ولا سيما من الحافظ ابن حجر ، وقد بلغ من العمر ثلاثا وستين سنة ، وليس في أول أمره ليخلبه كل برق ؟ ! . ولابن حجر الكلمات أخرى في الثناء عليه تجدها في " الضوء اللامع " أيضا . 4 " - وقال تقي الدين ابن فهد في " لحظ الالحاظ " ص 312 - 312 : " اشتغل في علوم ، وجمع ، وصنف ، مع حسن السيرة والانجماع عن التردد إلى ذوي الوجاهات ، والتخلق بجميل الصفات ، والاقبال على القراءة بنفسه ، ودوام الاسماع والاشغال ، وهو إمام حافظ علامة ورع ، دين ، وافر العقل ، حسن الاخلاق ، جميل المعاشرة ، متواضع ، محب للحديث وأهله . . . " . ثم قال صفحة 314 : " هو الآن . . . بقية حفاظ الاسلام بالاجماع " . وليتضح للقارئ أثر هذا الثناء العظيم ، وينبغي أن نلاحظ أن ابن فهد يقول هذا الكلام ويطلق عليه هذا اللقب " بقية حفاظ الاسلام بالاجماع " - يقول هذا والبرهان السبط في قيد الحياة ، كما هو ظاهر آخر الترجمة ، فليس كلامه كلام من لا يضع أكاليل الزهور للرجال إلا على نعوشهم بعد وفاتهم ! أما في حال الحياة فنغمط الرجال حقوقهم ، وندع الحساب ليوم الحساب ! ! .(1/182)
5 " - وقال ابن تغري بردي في " المنهل " الصافي " : قلت : كان إماما حافظا بارعا مفيدا " . 6 " - وقال نجم الدين ابن فهد - ولد تقي الدين - في " معجم شيوخه " ص 47 أول الترجمة : " الامام العلامة الحافظ الكبير برهان الدين أبو الوفاء ، حافظ بلاد الشام ، أشهر من أن يوصف ، وأكبر من أن ينبه مثلي على قدره " ، ثم قال آخر الترجمة ما تقدم نحوه عن والده . 7 " - وقال السخاوي فيه من الاوصاف مثل ما تقدم عن ابني فهد . 8 " - ورأيت في آخ ر السيرة الصغرى للامام علاء الدين مغلطاي ، المسماة ب " الاشارة " ممن النسخة الخطية المحفوظة بمكتبة الحرم المكي ، رأيت في آخرها صورة سماع صاحبها رضي الدين محمد بن محمد بن علي الحلبي الحنبلي ، على أبي البركات عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن العديم المتوفى سنة 882 ، قال ابن العديم : " أخبرنا المشايخ برهان الدين حافظ الاسلام شيخ المحدثين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي المحدث الحلبي ، والعلامان الحافظان قاضي المسلمين علاء الدين أبو الحسن علي ابن خطيب الناصرية ، وشهاب الدين أبو جعفر محمد ابن العجمي / صفحة 119 / الشافعيان . . " إلى آخر السماع ، وكان ذلك : تجاه المدرسة الزجاجية بحلب آخر نهار الاربعاء عشرين جمادى الاولى سنة إحدى وثمانين وثمانمائة ( 1 ) . فانظر قول ابن العديم : حافظ الاسلام شيخ المحدثين ، وتقدم ص 101 في ترجمة عائشة العجمية برقم 42 أن زوجها هذا ابن العديم كان " من المكثرين عن البرهان وابنه أبي ذر " . 9 " - ثم إني وصلت إلى الغاية التي كنت أسعى إليها : هل وصفه أحد ب " أمير المؤمنين في الحديث " ؟ فان كلام تقي الدين ابن فهد " بقية حفاظ الاسلام بالاجماع " ، وابن العديم : " حافظ الاسلام شيخ المحدثين " ليس وراء إلا " أمير المؤمنين " ( 2 ) .(1/183)
وقد وقفت عليه الآن من عالم متاهل لاعطاء هذا اللقب والوسام ، هو شمس الدين أبو البركات محمد بن محمد بن محمد بن علي الغزاقي القاهري ( 795 - 858 ) رحمه الله تعالى ، أحد أصحاب الحافظ ابن حجر ، بل من تلامذة شيخ ابن حجر ، هو ولي الدين العراقي ، فانه أكثر أخذ علم الحديث عنه إملاء ، وسماعا وبحثا ، كما أخذ عنه - وعن غيره - الفقه والاصول ، وأخذ بحلب عن البرهان الحلبي " شرحه على الشفا " وبعضا من " شرحه على البخاري " ( 3 ) وأثنى عليه البرهان بقوله : " الشيخ الامام الفاضل " ووصفه السخاوي في " الضوء " 9 : 254 : " كان إماما عالما بارعا في فنون كثيرة " . هذا الامام كتب من كتب شيخه البرهان نسخة لنفسه من " الكشف الحثيث " وكتب أولها : " كتاب الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث ، تصنف سيدنا ومولانا الشيخ . . . ناصر السنة . . . الرحلة ، أمير المؤمنين في الحديث . . . محدث البلاد الشامية . . . سبط ابن العجمي : أبقاه الله تعالى في خير وعافية . . . " ( 4 ) . وكانت هذه الكتابة قبل وفاة السبط بقليل جدا ، فانه بدأ نسخ الكتاب في حياته ، وفرغ منه بعد وفاته بثمانية أيام
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 119 :
،(1/184)
كما سيأتي عند الحديث عن " الكشف الحثيث " برقم 19 . مكتوباته : لا بد من الوقوف عند نقطة تلفت النظر من خلال كلام مترجميه ، وهي الواردة في كلام النجم ابن فهد ص 49 : " وكتب بخطه الحسن المليح عدة مجلدات ومجاميع " ونحوه في " الضوء " 1 : 141 . لكن كان وقوفي عندها متاخرا ، ففاتني بعض ما كنت وقفت عليه من منسوخاته . وقد أمكنني معرفة بعض هذه المجلدات والمجاميع من خلال الفهارس وبعض المطبوعات ، فمن ذلك : / صفحة 120 / 1 " - " شرح البخاري " لشيخه ابن الملقن . قال السخاوي 1 : 141 : " فمن ذلك كما تقدم : شرح البخاري لابن الملقن ، بل فقد منه نصفه في الفتنة ، فاعاد كتابته أيضا " . والاشارة في قوله : " كما تقدم " يريد قوله عند كلامه عن شيوخ البرهان وأن منهم ابن ملقن : قال : " وكتب عنه " شرحه " على البخاري في مجلدين بخطه ادقيق ، الذي لم يحسن عند مصنفه ، لكونه كتبه في عشرين مجلدا " . فانظر إلى همته في الكتابة والنسخ ، أعاد كتابة نصفه الذي فقده . والجزء الاول من هذه النسخة محفوظ في خزائن المكتبة العثمانية بحلب برقم 106 / 1 ، وكانت كتابة البرهان له في القاهرة في شعبان من عام 785 ( 1 ) وفي المكتبة العثمانية أيضا الجزء الثالث من الشرح المذكور بخط البرهان نفسه ، لكن تاريخ كتابته سنة 8211 بحلب ( 1 ) ، فهذا من النصف الذي فقد وأعاد كتابته ، كما تقدم في كلام السخاوي . 2 " - " المغني عن حمل الاسفار في الاسفار " لشيخه العراقي ، توجد نسخة أخذت عن نسخة البرهان في المكتبة الاحمدية بحلب ، رقم 232 . 3 " - " المقتنى في سرد الكنى " للذهبي ، ونسخته محفوظد في خزائن المكتبة الاحمدية بحلب برقم 328 ، وفي آخرها أنه نسخها سنة 786 بالمدرسة الشرفية بحلب .(1/185)
4 " - " ميزان الاعتدال " للذهبي ، اعتمد على هذه النسخة الاستاذ البجاوي رحمه الله اعتمادا خفيفا ، وذكرها في مقدمته ، دون ذكر اسم المكتبة التي هي فيها ، أو تاريخ نسخها ومكانه . وفي مكتبة شهيد علي باشا بتركيا مجموع فيه خمسة كتب ، تحت رقم 2747 ، ويبدو أن الجمع بين هذه الكتب الخمسة جاء متاخرا ، وليس من عمل البط ليدخل تحت قول ابن فهد والسخاوي المتقدم : كتب بخطه عدة مجلدات ومجاميع . والكتب الخمسة هي : 5 " - " الاشارة إلى سيرة المصطفى ومن بعده من الخلفا " لعلاء الدين مغلطاي . 6 " - " الاشارات إلى بيان أسماء المبهمات " للنووي . 7 " - " ترتيب ثقات العجلي " لشيخه الهيثمي . 8 " - " الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث " للبرهان الحلبي نفسه . / صفحة 121 / 9 " - " نظم الدرر السنية في اليسيرة الزكية " لشيخه العراقي . انظرها في مقدمة " ترتيب ثقات العجلي " ص 153 . ويدل على أن الجمع بينها ليس من عمل البرهان : تباعد تاريخ كتابة بعضها عن بعض ، ف " ترتيب الثقات " - مثلا - يقول محققه ص 153 : " انتهى من نسخا في سنة 809 بالمدرسة الشرفية بحلب " ، أما " الاشارات " 7 فقد ألحقه محققه الدكتور عز الدين علي السيد ب " الاسماء المبهمة في الانباء المحكمة " للخطيب - وهو أصل " الاشارات " - ونقل في التعليق على صفحة 622 ما نصه : " علقه في عجز شوال المبارك سنة اثنتين وسبعين وسبعمائة بالشرفية بحلب إبراهيم بن خليل عفا الله عنه بمنه وكرمه ، والحمد لله " ، فيكون هذا من أوائل منسوخاته ، إذ له من العمر تسعة عشر عاما وثلاثة أشهر . 10 " - " ترتيب ثقات ابن حبان " لشيخه نور الدين الهيثمي ، ذكره البرهان في مقدة " نثل الهميان " الآتي في مؤلفاته برقم 21 - فقال وقد ذكر ثقات " ابن حبان " : " فانها عندي بخطي مرتبة ، ترتيب شيخنا الحافظ نور الدين الهيثمي حرسه الله " .(1/186)
مصنفاته : محور مصنفات السبط رحمه الله تعالى التي تدور حوله : الحديث الشريف وفنونه ، والطابع عليها - كما شهد له بذلك ابن حجر - : الاتقان وتحرير المسائل ، ففي " الضوء اللامع " 1 : 143 وهو يحكي ثناء ابن حجر على البرهان ، قال : " قال - ابن حجر - : ومصنفاته ممتعة محررة دالة على تتبع زائد وإتقن . قال - ابن حجر - : و هو قليل المباحث فيها كثير النقل " . وقلة مباحثة : أمر يتعلق بطبيعة نفسه ، فهي تدل على هدوء طبعه وبرودة مزاجه ، لذلك لا يالف المباحثات التي فيها أخذ ورد ، ومناقشة واعتراض ، بل يتخير من النقول أوفاها بالغرض وأصلحها عنده للمراد ، وإلا فكثرة النقول دليل سعة الاطلاع . وفي " الضوء اللامع " أيضا 1 : 144 و 8 : 105 - ترجمة ابن ناصر الدين - : " سئل - ابن حجر - عنه - أي عن البرهان - وعن حافظ دمشق الشمس ابن ناصر الدين ؟ فقال : البرهان نظره قاصر على كتبه ، والشمس بحوش ( 1 ) " . كانه يريد : أن ابن ناصر الدين يجمع نوصا من غير مظانها يغرب بها ؟ وقصور نظر البرهان على كتبه تنافى مع الشهادة بكثرة النقول ، من حيث الجملة . هذا
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 121 :(1/187)
سرد مترجموه الثلاثة : السخاوي وابنا فهد ، أسماء كتبه ، والاول منهم أوفاهم تعدادا ، وساذكرها ، مع الاشارة إلى ما طبع منها ، وذكر ما عرفت موضع المخطوط منها ، وما وقفت على جديد زائد لم يذكره السخاوي ، إلا كتابه في " التاريخ " ، و " نثل الهميان " ، " هوامش الاستيعاب " ، فبلغ مجموعها أربعة وعشرين كتابا . وأكثر كتبه حواش على كتب ، إذ بلغ عدد حواشيه ستة عشر كتابا ، كانه كان يكتبها حين إقرائه وتدريسه لها ، وسبعة منها كتب مستقلة ، وواحد مختصر لكتاب سابق . / صفحة 122 / وها هي ذز مسرودة على وفق حروف الهجاء : 1 " - " اختصار الغوامض وامبهمات " لابن بشكوال . ذكره مترجموه الثلاثة ، وذكره السخاوي منهم باسم : " تلخيص المبهمات ، ولم يسمه البرهان ، إنما جاء على وجه المخطوطة - وهي بخط البرهان - : " الغوامض والمبهمات في الاسماء الواقعة في الاحاديث " . اختصرها ابراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي ، كاتبها ، بحذف الاسانيد ، وعزو ما قدر على عزوه من الاحاديث إلى الكتب التي هي فيها " ، فسميته كما تراه وعندي صورة عنه . والكتاب في 29 ورقة مملوءة بالحواشي غير الواضحة ، فكأنها مسودة الكتاب ، وكان اختصاره له في أربعة أيام ، من يوم الاربعاء 11 من شوال إلى يوم السبت 14 من شوال من عام 784 بالقاهرة ، كما جاء في آخر النسخة . وقد طبع كتاب ابن بشكوال في مجلدين طبعة تحتاج إلى تحرير ، باسم " غوامض الاسماء الميهمة الواقعة في متون الاحاديث المسندة " . 2 " - " الاغتباط بمعرفة من رمي بالاختلاط " ، وموضوعه واضح من اسمه ، وكان لا عج الوغبة في إفرادهم برسالة قديم في نفسه ، فانه قال - ولغير مناسبة تامة - في مقدمة " نثل الهميان " 4 / أ الآتي برقم 21 : " أخبرني شيخي حافظ الوقت العراقي أن صالح الدين العلائي شيخه أفرد من اختلط ، وذكر شيخي أن عنده منه نسخة ، ولكن لم أقف أنا عليه " . وكان هذا أول القرن التاسع .(1/188)
و " الاغتباط " هذا رسالة لطيفة ، ألفها في 2 من جمادي الاولى سنة 818 ، منها نسخة بحلب بخط عمر بن محمد النصيبي تلميذ السبط - كما تقدم - وعليها خطه ، وعنها طبع الكتاب ، طبعه الاستاذ الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله ، مع الرسالتين الآتيتين برقم 5 : 6 . ومنها نسخة في الظاهرية بخط تلميذ السبط : ابن زريق ، وعنها صورة في المكتبة المركزية في الجامع الاسلامية بالمدينة المنورة ، في 7 ورقات ونصف ، رقمها 958 . 3 " - " إملاءات على صحيح البخاري " قال التقي ابن فهد والسخاوي : للمترجم عدة إملاءات على " صحيح البخاري " كتبها عنه جمع من الطلبة ولم أقف على خبرها باكثر من ذلك . 4 " - " التاريخ " . لم يذكره مترجموه الثلاثة ، إنما رأيت اسمه كذلك دون اسم علمي له ، وذلك فيما نقله العلامة الطباخ رحمه الله في " إعلام النبلاء " 4 : 369 وهو يتحدث عن المدرسة السلطانية البرانية ( 1 ) بحلب المعروفة الآن ب " جامع السلطانية " مقابل باب القلعة بجوار دار الحكومة ( السراي ) . نقل الاستاذ الطباخ عن " كنوز الذهب " لابي ذر ابن البرهان قوله : " واعلم أن هذه المدرسة قبل محنة تيمر ( تيمورلنك ) لما كان والدي مشتغلا بالعلم ، كانت روضة الادباء ، ودوحة العلماء ، كان أولاد حبيب الثلاثة : وهم محمد والحسن والحسين يسكنون بها ، وينظمون وينثرون ويحدثون ، وياتي إليهم الناس أفواجا للاخذ عنهم ، وتراجم الثلاثة في " تاريخ " والدي ، وشعرهم كثير مشهور " . / صفحة 123 / ونقل عنه أيضا 5 : 64 في كلامه على " المدرسة ودار القرآن العشائرية " قوله : " قال والدي في " تاريخه " : أنشاها . . . " . ومواضع أخرى .(1/189)
5 " - " التبيين لاسماء المدلسين " رسالة لطيفة أيضا ، هي في سبع ورقات ونصف بخط ابن زريق ، وفي آخرها تاريخ تأليفها جمادى الاولى سنة 818 ، وقراءة نجم الدين ابن فهد لها على مؤلفها البرهان بتاريخ 838 بالمدرسة الشرفية ، ورقم صورتها في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة 958 ، وأصلها في ظاهرية دمشق ، ومعها : " تذكرة الطالب المعلم " الآتي . 6 " - " تذكرة الطالب المعلم فيمن يقال إنه مخضرم " . رسالة لفطيفة في تسع ورقات بخط ابن زريق وتاريخ تأليفها : منتصف سنة 818 ، وهكذا ضبط في النسخة الخطية كلمة : المعلم . ونقل الاستذ الطباخ في " إعلام النبلاء " 5 : 325 - عن " در الحبب " لابن الحنبلي في ترجمة محمد بن محمد الحلبي الحنبلي - المتقدم ذكره تحت عنوان : ثناء الائمة عليه رقم 8 - أنه شرع في كتاب سماه " التراجم المحررة المزادة على التذكرة " " ولم يتمه ، لم يكتب منه إلا اليسير على ما وجدته بخطه ، وهوو الذي قصد أن يضمنه تراجم ظفر بها مما لم يذكره البرهان الحلبي في كتابه " تذكرة الطالب المعلم بمن يقال : إنه مخضرم " . " . وكان الاستاذ الشيخ محمد راغب الطباخ رحمه الله تعالى قد طبع هاتين الرسالتين والرسالة المتقدمة برقم 2 :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 123 :(1/190)
الطباخ رحمه الله تعالى قد طبع هاتين الرسالتين والرسالة المتقدمة برقم 2 : " الاغتباط " بمطبعته العلمية بحلب ، ثم طبعت ثلاثتها ضمن مجموع الرسائل الكمالية الحديثية بالطائف ، ثم أعيد طبع كل منها مفردة مع تقديم وتعليق . 7 " - " التلقيح لفهم قارئ الصحيح " ( 1 ) ، وهو شرح مختصر على " صحيح البخاري " ، واتفق مترجموه الثلاثة على أنه في مجلدين بخط البرهان ، وأنه يكون في أربع مجلدات بخط غيره ، لان خطه رحمه الله كان دقيقا . قال السخاوي رحمه الله : " فيه فوائد حسنة ، وقد التقط منه شيخنا حيث كان بحلب ما ظن أنه ليس عنده ، لكون " شرحه " لم يكن معه ( سوى ) كراريس يسيرة " . ومن الكتاب نسخة محفوظة في طويقبو باصطنبول في مجلدين ، وصورتهما في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة ضمن الافلام - لم تكبر - برقم 7033 في 489 ورقة ، و 7034 في 493 ورقة . وقد رجعت إليهما على ( القارئة ) فلم أتبين تاريخ الكتابة والتاليف والنسخ ، لكن النسخة ليست نسخة المصنف . 8 " - " لثبت " . قال السخاوي رحمه الله : " له " ثبت " كثير الفوائد ، طالعته ، وفيه إلمام بتراجم شيوخه ونحو ذلك ، بل رأيته ترجم جماعة ممن قرأ على ورحل إليه ، كشيخنا - ابن حجر - وهي حافلة ، وابن ناصر الدين ، وطائفة " . 9 " - حاشية على " ألفية العراقي " في المصطلح ، انفرد السخاوي بذكر هذه الحاشية وقال : " زاد في / صفحة 124 / المتن أبياتا غير مستغنى عنها " . وانظر ما سيأتي 15 ، وأفاد الدكتور عبد الله اللاحم في مقدمة " الكشف الحثيث " صفحة ( ح ) أن في المكتبة التيمورية بمصر نسخة من " الالفية " لمذكورة ، وعليها هذه الابيات المستدركة ، ورقمها 139 . 10 " - " حاشية على تجريد الصحابة " للذهبي . 11 " - حاشية على " تلخيص المستدرك " للذهبي أيضا . 12 " - حاشية على " جامع التحصيل " للعلائي . ذكر الثلاثة مترجموه .(1/191)
و " جامع التحصيل " فيه مسائل تتعلق بالارسال والتدليس ، وفيه جمع قدر كبير ممن وصف بهما . وكانت حواضي السبط - فيما يبدو - متجهة لاستدراك من وصف بهما ، وقد استخرج من وصف بالتدليس فقط - وهم 68 رجلا - فجمع أسماءهم في صفحة واحدة ملحقة أول نسخته من " الكاشف " وزاد عليهم من وصف به ولم يذكره العلائي . وقد قابلت ما أثبته الاستاذ حمدي عبد المجيد في حواشي النسخة المطبوعة ، بما هو مثبت في الصفحة المخطوطة التي أشرت إليها ، فرأيت في المخطوطة زيايدات ليس في المطبوعة . والاستاذ حمدي ينقل عن نسخة ابن زريق تلميذ البرهان الذي ذكرته تحت رقم 9 من تلامذ السبط ، وهو نقل حواضي شيخه البرهان ، فاما أنه أهمل أشياء ، أو أن ناشر الكتاب لم يلتزم استيفاء كل ما نقله ابن زريق . ومن الزيادات التي أمامي في المخطوط : " علي بن غالب المهتوري ( كذا ) مصري ، يدلس كثيرا ، قاله ابن حبان ، له ترجمة في " الميزان " . " . والذي في " الميزان " المطبوع 3 ( 5905 ) : الفهري ، بصري ، وفي التعليق عليه عن خط السبط : الفهروي . وانظر " المجروحين " 2 : 111 . و " عبد الله بن مروان الحراني ، قال ابن حبان في " ثقاته " : يعتبر حديثه إذا بين السماع في خيره " . انتهى . في هذا : أنه مدلس " . وقد كتب أعلى الصفحة ووسطها ما يفيد أنه سيزيد على من ذكره العلائي فقال : " وفيهم غير من ذكره أيضا جماعة " .(1/192)
ثم إن في حواشي مطبوعة " جامع التحصيل " - قسم المرسلين - استدراكات كثيرة جاءت في نسخة ابن زريق ، لكن ابن زريق لم يشر في واحدة منها أنه ينقل ما ينقله عن شيخه البرهان ، كما فعل في استدراكات المدلسين ، وقد قابلت بين عدد وفير من استدراكاته على هذا القسم بما جاء في " حاشيته " هنا على " الكاشف " فرأيت تقاربا في عدد يسير جدا من التراجم ، وفي استدراكات مطبوعة " جامع التحصيل " كثير مما لم ينبه إليه البرهان هنا ، ولم أر اتفاقا بين الحاشيتين إلا في ترجمة واحدة ، هي ترجمة ثابت بن عجلان . / صفحة 125 / فلعل حواشي ابن زريق هذه من غير شيخه البرهان الحلبي ؟ . 13 " - حاشية على " سنن ابن ماجه " . وهي " تعليق لطيف " - كما قال السخاوي - " في مجلد " كما قال التقي ابن فهد . والنسخة التي بخطه محفوظة في مكتبة فيض الله ، وتاريخ تأليفه لها سنة 791 ، وعنها صورة في الجامعة الاسلامية أيضا في 234 ورقم الفيلم 121 . قال البرهان في مقدمتها : " وبعد : فاني . . . رأيت أنه لم يوضع عليه شئ فيما أعلم ، فوضعت عليه هذه الحواشي اليسيرة مع عجلة عظيمة ، ولم أقصد فيها جمع الاقوال ولا الاكلام على الاحاديث من جهة ضعف أو أحكام ، وإن كان فيها شئ فهو على سبيل العرض " . لكن قوله : " لم يوضع عليه شئ فيما أعلم " : يستغرب منه ، فقد سبقه شيخ شيوخه الامام علاء الدين مغلطاي ، فشرح قسما من كتاب ابن ماجه ، وتوفي قبل إكماله رحمه الله تعالى . 14 " - حاشية على " سنن أبي داود " . 15 " -
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 125 :(1/193)
حاشية على " شرح ألفية العراقي " للعراقي نفسه ، انفرد السخاوي بذكر هذه الحاشية والحاشية السابقة برقم 9 ، وهي على " الالفية " نفسها ، قال السخاوي رحمه الله وهو يعدد حواشيه على الكتب : " واليسير على الفية العراقي وشرحها ، بل وزاد ( 1 ) في المتن أبياتا غير مستغنى عنها " فكأنه يريد : أنه كتب حاشية على قطعة يسيرة من " الالفية " وشرحها . ولما ترجم الشوكاني في " البدر الطالع " 1 : 28 للبرهان لخص ترجمته من " الضوء اللامع " وجاء في مطبوعته : " التيسير على ألفية العراقي وشرحها " . فالله أعلم بصواب أي الكلمتين . 16 " - حاشية على " صحيح مسلم " . قال النجم ابن فهد والسخاوي : " ذهبت في فتنة تمرلنك " . 17 " - حاشية على " الكاشف " . وهي هذه . 18 " - حاشية على " ميزان الاعتدال " . ذكرها النجم ابن فهد ، ولم يذكر كتابا سواها يتعلق ب " ميزان الاعتدال " ، وقال أبوه تقي الدين : له " حواش على " سنن ابن ماجه " و " نقد النقصان في معيار الميزان " مجلد . . . و " ذيل على الميزان " . " ، فجعل له عملين : حاشية ، وذيلا . وكلمة : " نقد النقصان " . تحريف فاحش ، صوابه : " نثل الهميان " ، ولم ينبه عليه السيد أحمد رافع الطهطاوي في " التنبيه والايقاظ " . وتابع هذا التحريف الاستاذ أحمد يوسف نجاتي في تعليقاته الحافلة على " المنهل الصافي " 1 : 137 . وانظر ما سيأتي قريبا برقم 21 . 19 " - " الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث " وهو تلبية لرغبة قديمة قامت في نفسه فترة طويلة من الزمن . ثم يسر الله تعالى له تحقيقها .(1/194)
قال في مقدمة " نثل الهميان " الذي بدأ تأليفه أول القرن التاسع - كما مر - : " سافرد إن شاء الله تعالى جزءا لمن رمي بالوضع " ، فافردهم في هذا الكتاب ، وكانت مسودته سنة 818 ، وهي السنة التي أفرد فيها بالتاليف رجال الاوصاف الثلاثة الاخرى : التدليس ، الاختلاط ، الخضرمة ، وقد مر ذكر مؤلفاته الثلاثة هذه برقم 2 ، 5 ، 6 . / صفحة 126 / ثم بيض الكتاب سنة 831 ، كما جاء في آخ ر نسخته المحفوظة في مكتبة شهيد علي باصطنبول ، ضمن المجموع 2747 ، الذي تقدم ص 120 الحديث عنه تحت عنوان " مكتوباته " . و " الكشف الحثيث " منه في 47 ورقة ، والجديد في كلمة الفراغ التي كتبها البرهان آخر الكتاب : قوله : " علقه بالمدرسة الشرفية بحلب بمنزله فيها " ، فكأنه كان له منزل ضمن المدرسة ، أو حجرة يستقل بها ( 1 ) ؟ . وفي آخرها سماع محب الدين محمد بن محمد بن محمد ابن الشحنة ( 804 - 890 ) للكتاب على مؤلفه البرهان ، لكن دون تاريخ ! ، ثم سماع نجم الدين ابن فهد له في الرابع من صفر سنة 838 ، مع عبد الله ابن البرهان من حرف الدال إلى حرف الطاء فقط . وللكتاب نسخ أخرى ، منها : نصخةبدأ بكتابتها أبو ذر ابن البرهان ، من أولها إلى حرف الضاد المعجمة ، وأتمها أبو بكر ابن النصيبي ، أحد أصحاب البرهان ، ممن أخذ عنه متاخرا ، وأتم كتابتها سنة 840 في حياة المصنف ( 2 ) . ونسخة ثانية بخط أحد تلامذة البرهان وهو شمس الدين محمد بن محمد بن محمد بن علي الغراقي القاهري ( 795 - 858 ) رحمه الله تعالى ، أخذ بحلب عن البرهان شرحه على " الشفا " الآتي برقم 20 ، وقطعة من شرحه على البخاري " التلقيح " ، وكتب " الكشف الحثيث " ، وكان فراغه من كتابة النسخة يوم الثلاثاء الرابع من ذي القعدة سنة 841 ، أي : بعد وفاة البرهان السبط بثمانية أيام ، لذلك لما بدأ بكتابة النسخة كتب على الورقة الاولى منها : " تصنيف سيدنا ومولانا . . . أمير المؤمنين في الحديث . .(1/195)
سبط ابن العجمي أبقاه الله تعالى في خير وعافية . . " ( 2 ) ، فانه كان حيا ، رحمه الله تعالى ، ولو أن نبا وفاة السبط وصل في هذه الفترة القصيرة إلى القاهرة لكتب الغراقي ذلك ، والله أعلم . ومعلوم أن ابن عراق قد اعتمد " الكشف الحثيث " فاخذ أسماء المترجمين فيه وجعلها مقدمة لكتابه " تنزيه الشريعة " . 20 " - " المقتفى في ضبط ألفاظ الشفا " للقاضي عياض . قال السخاوي : " في مجد ، بيض فيه كثيرا " أي : ترك مواضع كثيرة نقل فيها كلام عياض ليعق عليه ، فلم يعلق شيئا على أمل العودة إليه ، فلم يتيسر له ، مع أنه عاش بعد فراغه من كتابة هذا المجلد أربعا وأربعين سنة ، فقد جاء في آخر النسخة التي بخط المصنف - وهي محفوظة في المكتبة الاحمدية بحلب - تاريخ تأليفها : الثاني عشر من شوال سنة 797 ، وعن المصنف - وهي محفوظة في المكتبة الاحمدية بحلب - تايرخ تأليفها : الثاني عشر من شوال سنة 797 ، وعن هذه النسخة فيلم غير مكبر في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة ، برقم 4405 في 232 ورقة . وفيها فيلم آخر برقم 63 عن نسخة مكتبة الاسكوريال بمدريد - إسبانيا - ناسخها محمد بن محمد بن علي الوفائي بتاريخ 843 في 256 ورقة . 21 " - " نثل
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 126 :(1/196)
الهميان في معيار الميزان " . قال البرهان في مقدمته : " وبعد فلما وقفت على كتاب " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " للامام . . . ابن الذهبي ، فوجدته أجمع كتاب وقفت عليه في الضعفاء ، مع / صفحة 127 / الاختصار الحسن ، لكن قد أهمل الذهبي في " الميزان " جماعة ضعفاء ومجهولين قد ذكرهم نفسه في تراجم آخرين ولم يذكرهم في أماكنهم من هذا المؤلف ، فذكرتهم في أماكنهم مرتبين على ترتيب المؤلف . . . ورأيته قد أهمل آخرين ضعفاء أو مجهولين . . . فالحقت من وقفت عليه من هذا القبيل . . . ، وليعلم أن المؤلف ( الذهبي ) أهمل جماعة ممن ذكر في كتاب " الجرح والتعديل " بتجهيل من الصحابة ، ولم يذكر منهم إلا نادرا ، ولم أستدرك أنا عليه أحدا منهم . ورأيت المؤلف قد اقتصر لى تضعيف أشخاص أو تجهيلهم ، وقد ذكرهم بعض الحفاظ بتوثيق ، أو هو في مكان آخر ، وهذا على نوعين : نوع وقف المؤلف على كلام الموثق له ، ولم يذكره . . . ، ونوع لا أعلم : هل وقف المؤلف على الكلام فيه أم لا ، فذكرت هذين النوعين ، وغالبهم في " ثقات " ابن حبان ( 1 ) . ورأيت المؤلف قد ذكر جماعة كل ترجمه في مكانين . . . وأيضا قد ذكر في بعض الاشخاص فيقول : تقدم ، ولم يكن تقدم . . ، وكذا يقول في ترجمة : تاتي ، ولا يذكرها . . فانبه على ما وقع من ذلك . وقد رأيت المؤلف قد ذكر غير واحد من الثقات ، ولم يذكر فيه جرحا بالكلية 7 ولا ذكره تمييزا ، وما أدري لم صنع ذلك ؟ ! . وقد أهملت أقساما من التنبيهات . . . ( فذكر ثلاثة ، قال آخر الاول منها ) : وإنما أهملت ذلك - وإن كان ينبني عليه فائدة وهي زيادة المعدلين والمجرحين ، وذلك يقتضي الترجيح عند فريق - لان ذلك يقتضي تتبعا كبيرا ، بل ولا ( 2 ) يمكنني استيعابه ، ولم أكن أنا في هذا الذيل بصدد ذلك " .(1/197)
انتهى ما أردت نقله من مقدمة هذا الكتاب ، ونقلته من خط البرهان ، فان النسخة محفوظة في دار الكتب المصرية برقم 23346 ب ، وأمامي صورة عنها في 116 ورقة ، لكن فيها خرم كبير - كانه فتعل لا من أصل النسخة - من ترجمة حاضر بن المهاجر إلى ترجمة عبد الرحمن بن صحار العبدي . وكان النسخة هي مسودة السبط ، فقد ترك بياضا قدر سبعة أسطر بعد البسملة للحمدلة والصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، وافتتح الكلام فورا بما تقدم : وبعد ، فلما وقفت . . . وتاريخ تأليفه للكتاب جاء في آخره : " فرغ من تعليقه مؤلفه إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي الحلبي قبل فتنة تمرلنك ، وكان قد سقط منه أوراق فاكملها مؤلفه إبراهيم في ربيع الاول من سنة خمس وثمانين وثماني مائة بالشرفية بحلب ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " . هكذا كتب قلمه : " خمس وثمانين وثماني مائة " وصوابه : خمس وثماني مائة ، دون : ثمانين ، كما هو واضح . وفتنة تمرلنك : هي دخوله حلب ، وكان ذلك في شهر ربيع الاول سنة 803 ( 3 ) . / صفحة 128 / وجاء بعد هذا التاريخ ما نصه : " الحمد لله ، أنهاه مطالعة واستفادة داعيا لجامعه جمع الله له بين خيري الدنيا والآخرة - الفقير أحمد بن علي ابن حجر الشافعي بمدينة حلب حرسها الله تعالى في أيام من شهر رمضان سنة ست وثلاثين وثمانمائة " ( 1 ) . وفي آخر مقدمة المؤلف البرهان - وهي في سبع صفحات : ثلاث ورقات ونصف - ما يمكن قراءته : " بلغ الشيخ الفاضل المحدث الرحال نجم الدين محمد المدعو عمر بن فهد قراءة علي . . وسمع . . أبو ذر . . ، وأجزت له في روايته . . ، كتبه إبراهيم المحدث " . ومن مصادر البرهان في هذا الكتاب : حواش كان كتبها شيخه صدر الدين الياسوفي على نسخته من " ميزان الاعتدال " . كرر ذلك في عدة تراجم .(1/198)
ومن مصادره : ما ذكره في آخر مقدمته ، قال : " وإن كل ما عزوته إلى " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم الرازي فاني نقلته من مجلدة عندي انتقاها الامام الحافظ المكثر أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي من الكتاب المذكور ، ذكر في أولها أنه ما أخل بشئ من الضعفاء ، وأنه ترك بعض الثقات ، والمنتقى المذكور عندي بخطه " . والذي أريد الخلوص إليه بعد هذا : الوقوف على حقيقة الامر ، هل للبرهان السبط عملان علميان على " الميزان " ، كما هو ظاهر كلام تقي الدين ابن فهد الذي نقلته تحت رقم 18 أو عمل واحد ، كما يستانس من كلام ابنه نجم الدين ابن فهد والسخاوي ، إذ اقتصرا على ذكر حاشيته على " الميزان " ؟ . والذي بدا لي من دراسةالتاب الذي نقلت منه ما تقدم ، مع ما أثبته البجاوي رحمه الله من تعليقات البرهان على " اليزان " : أن السبط رحمه الله كتب حواشي وفوائد على حاشية نسخته من " ميزان الاعتدال " ولما رآها من الكثرة بحيث يمكن أن تفرد في جزء كبير بدا له أن يفردها ويزيد فيها ما يمكن زيادته ، ففعل ، لكن على مقتضى شرطه الذي ألزم نفسه به في المقدمة التي نقلت قسما منها لهذا الغرض ، وترك ما لا يتفق مع غرضه ، لم
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 128 :(1/199)
يفردها كلها . ففي " نثل الهميان " فوائد كثيرة ليست في حواشي " الميزان " ومنها تراجم جديدة زائدة عليه ، ومنها ما أصله في حواشي " الميزان . ثم زاد عليها لما ضمنها " النثل " ، ، وفيها ما يتفقان فيه اتفاقا حرفيا تقريبا . نعم ، في المطبوع من حواشي " الميزان " ما ليس في " نثل الهميان " ، ذلك لانها لا تدخل تحت شروطه التي التزمها - وقد قدمت نقل خلاصتها - ، كقوله في " الميزان " 4 ( 9167 ) : " روى عنه ابنه وآخر " ، فكتب السبط رحمه الله : " الآخر هو العلى بن أسد " ، وهذه فائدة هامة ، لكن لم يذكرها في " نثل الهميان " لانها ليست على شرطه . فمن المفيد جدا : إخراج " الميزان الاعتدال " مع ما عليه من خدمات للائمة من بعده ، ومنها : " نثل الهميان " بعد الوقوف على نسخة تامة واضحة ، و " حواشيه " على نسخته من " الميزان " وتطبع تامة كاملة لا / صفحة 129 / مبتورة ، وتنسب إليه كل كلمة كتبها ، لا يهمل منها شئ دون نسبة ، فقد أثبت ناشره السابق بعض حواشي البرهان ولم يرمز لها بحرف ( س ) كعادته ، كما تراه في التعليق على 4 ( 9267 ، 9333 ) ، ولا يبعد وجود غيرها ، بل هذا ما استوقفني ، فراجعت " نثل الهميان " ، فوجدت التنبيهين فيه . ويكون حينئذ بها العمل استيفاء خدمات هذا الامام . وخلاصة ذلك : أن للبرهان خدمتين ، كما هو مقتضى - أو صريح - كلام التقي ابن فهد ، أما ابنه نجم الدين والسخاوي فكان كلامهما قاصرا على كتاب واحد ، أبهمه النجم فلم يفصح هل أراد الحواشي التي على أطراف النسخة أو هذا الذيل ؟ وأما السخاوي : فظاهر كلامه في وصفه أنه أراد هذا الذيل ، فانه قال : " وحواش على . . .(1/200)
كتب ثلاثة وهي " التجريد " و " الكاشف " و " تلخيص المستدرك " وكذا على " الميزان " له ، وسماه " نيل ( 1 ) الهميان في معيا الميزان " يشتمل على تحرير بعض تراجمه ، وزيادات عليه ، وهو في مجلدة لطيفة ، لكنه - كما قال شيخنا - لم يمعن النظر فيه " . فهل مراد ابن حجر : لم يمعن النظر في " الميزان " ؟ بمعنى : ترج السبط أشياء في " الميزان " ، لم يناقش فيها الذهبي ، ولم يستدركها عليه ، أي : لم يتعمق معه في المناقشة والاستدراك . أو : مراده : لم يمعن السبط النظر فيما كتبه ، فوقع في بعض المؤاخذات ؟ وصياغة نجم الدين ابن فهد لعبارته تشير إلى هذا الاحتمال الثاني ، فانه قال : " وصنف التصانيف الحسنة المفيدة ، منها : . . . " نثل الهميان في معيار الميزان " مجلد ، وذكر أنه لم يمعن النظر فيه ؟ والله أعلم . وتقدم أن ابن حجر قرأ هذا الكتاب حين كان بحلب سنة 836 ، وكان قبل ذلك بدهر قد ألف كتابه " لسان الميزان " ، فكان تقويمه وحكمه على " نثل الهميان " جاء على هذا المقتضى ، لذلك لم يرضه تماما ، يضاف إلى هذا ملاحظة أن ابن حجر لا يرفع رأسه إلى أي مؤلف كان . والله أعلم . ويحسن بي أخيرا أن أقول كلمة موجزة في الموازنة بين هاتين الحاشيتين : التي على " الميزان " والتي على " الكاشف " . فاقول : إن " حاشية الكاشف " فيها استدراك جرح وتعديل كثير ، وفيها تحرير لتاريخ الوفاة ، وفيها ضبط أحيانا للاعلام ، وما أثبته الاستاذ البجاوي في تعليقاته على " الميزان " من حواشي البرهان عليه : ليس فيه من الامر الثاني والثالث إلا القليل ، أما الاول فهو مستمد من " الميزان " . وفيها تنبيهات وإفادات ليست منه . ولو قارنا بينها وبين " نثل الهميان " : لرأينا بينهما اتفاقا أحيانا ، واختلافا أحيانا أكثر ، بسبب اختلاف المنهج في الكتابين . ففيه الشئ الكثير مما ليس هنا .(1/201)
ومع ذلك فاني أستطيع القول بانه يوجد في حواشي " الكاشف " ما لا يوجد هناك ، والامثلة على ذلك كثير ، تظهر بالنظر والمقابلة ، لا داعي إلى ذكر نماذج منها ، لكني إدل على وصف جملة منها . تلك هي / صفحة 130 / التي ينقل السبط فيها كلام العلائي في " جامع التحصيل " عن الرواة المعروفين بالارسال ، فان الذهبي في " الميزان " يشير إلى ذلك ولا يفصل القول فيهم ، لا لسبط ينقل عن العلائي تفاصيل من أرسلوا عنهم . في جوانب إخرى تظهر للمتتبع . بل رأيت في " حواشيه " هذه ما لم أره في " حواشيه " على " الميزان " ولا في " نثل الهميان " ولا في " نهاية السول " ، من ذلك ما تجده في ترجمة عطية بن سعد العوفي وغيره . 22 " - " نهاية السول في رواة الستة الاصول " وسماه التقي ابن فهد : " غاية السول " إن لم يكن تحريفا مطبعيا . وهذا الكتاب هو أكبر كبت البرهان الرجالية ، إذ هو في 999 صفحة بخطه الدقيق الحواشي المليئة ، ومتوسإ عدد أسطر الصفحة الواحدة 35 سطرا ، وفي كل سطر أكثر من عشرين كلمة لا سيما إذا لم يكن في أول السطر اسم المترجم ، فانه يكتبه بحرف كبير ، ومع ذلك يبقى عدد كلمات السطر أكثر من عشرين كلمة . كتبه مؤلفه رحمه الله في نحو السنة ، فقد جاء في آخره ما نصه : " فرغ من تعليقه مؤلفه إبراهيم بن محمد بن ل
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 130 :(1/202)
خليل سبط ابن العجمي الحلبي ، في سادس عشري ربيع الاول من سنة تسع وعشرين وثمانمائة بالمدرسة الشرفية بحلب ، الحمد لل وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، وابتدأت في عمله من أثناء ربيع الاول ، أو في ربيع الآخر من سنة ثمان وعشرين وثمانمائة " . ونسخة المؤلف الاصلية محفوظة بمكتبة رضا رامبور بالهند ، وصور عنها معهد المخطوطات العربية بالقاهرة صورة سنة 1367 ، وعنها صورت الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة نسختها المحفوظة عندها في مجلدين برقم 2762 ، 2763 ، وعند صورة عن هذه الصورة . وفي أعلى صفحة 11 من الاصل المخطوط ما نصه : " الحمد لله . قرأ علي الشيخ الفاضل الرحال نجم الدين محمد المدعو عمر بن الامام الفاضل تقي الدين محمد ابن فهد الهاشمي المكي من أول هذا المؤلف إلى حرف الهمزة ، وناولته جميع هذا المؤلف في هذه المجلدة ، وأجزت له روايته عني ، وصح ذلك في مجلس يوم الاحد سابع صفر المبارك من سنة ثمان وثلاثين مثماني مائة بالمدرسة الشرفية بحلب . قاله مؤلفه إبراهيم بن محمد بن خليل سبط ابن العجمي الحلبي . والحمد لله ، وصلى الله عليه سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " . ومنهج البرهان فيه منهج الذهبي في " الكاشف " : يقتصر على تراجم رجال الستة الاصول فقط ، ويختلف عنه باعتباره " عمل اليوم والليلة " للنسائي جزءا من " سننه الكبرى " ، ولم يعتبره المزي - ولا الذهبي من بعده - كذلك . والذهبي يترجم في " الكاشف " أحيانا نادرة رجالا للتمييز ، ومثله البرهان في هذا الكتاب ، لكن عددهم أكثر . وقد ذكر منهجه ومقاصده في مقدمة كتابه ، وأنا ألخصها : أ - هو كتاب جامع متوسط لا طويل ممل ، ولا قصير مخل . ب - عرض في أوله سيرة نبوية مختصرة ، كما فعل الميزي في أول " تهذيب الكمال " . / صفحة 131 / ج - ذكر في مقدمته جملة كبيرة من ألفاظ الجرح والتعديل وذكر مراتبها .(1/203)
د - عرض لمسالة تعارض الجرح والتعديل في الراوي الواحد . ه - هل يقبل الجرح والتعديل من غير بيان السبب أو لا ؟ . و - وهل يكفي فيهما قول إمام واحد ؟ ز - ثم ذكر فصولا في المبتدع والمدلس والمخضرم والمختلط والمجهول ، وذكر بعد قليل أنه يلتزم النص على ذلك في ترجمة كل رجل فيه شئ مما ذكر . ح - يذكر في المترجم ما قيل فيه جرحا وتعديلا باختصار . ط - ويذكر بعض ما استنكر من حديث الرجل ، إن كان المتقدمون ذكروا ذلك . ي - يعتمد رمز ( صح ) الذي يكتبه الذهبي بجانب اسم الراوي المختلف فيه ، علامة على أن المعتمد توتيته . ك - رجاله رجال الستة كما تقدم ، وفيهم من علق له البخاري ، أو روى له مسلم في مقدمة " صحيحه " ، ورجال " عمل اليوم والليلة " للنسائي . ل - يذكر ما تعقب به مغلطاي الحافظ المزي ، أو التراجم التي يستدركها عليه . م - لا يميز زياداته ب " قلت " كما يفعل الذهبي في " التذهيب " ، وابن حجر في " التهذيب " . ن - لا يذكر من ماثر الرجل ومناقبه إلا القليل ، تمشيا مع طبيعة الكتاب : الجرح والتعديل . س - وقال أخيرا : " كفيت الناظر في هذا المولف التعب والفحص عن المؤتلف والمختلف ، وضبط نسبه أو قبيلته أو بلده أو صناعته أو حرفته ، وكذا من أذكره من مشايخه والاخذين عنه ، وأضبط ذلك بالاحرف لا بالقلم " . ثم قال : " وأرجو من فضل الله تعالى أن الناظر في هذا المؤلف لا يحتاج معه إلى كتب المؤتلف والمختلف ، ولا إلى كتب الجرح والتعديل ، أمو هما ، ولا إلى من ترد روايته أم لا ، ولا إلى كلت المراسيل ، ولا أنه مدلس أم لا ، ولا داعية أو مبتدع فقط ، بل هو كتاب فارغ المؤنة في الرجل المذكور فيه " . فبان بهذا أنه كتاب جليل الاهمية ، لا يستغني عنه المشتغل بهذا الفن ، وإهمال إخراجه غمط له ، وحرمان لاهل العلم منه . 23 " - " نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس " المشهورة باسم " عيون الاثر في فنون المغازي والسير " .(1/204)
فرغ من تأليفه للمرة الثانية " عاشر شعبان من سنة ست وعشرين وثمانمائة ، بمنزلة بالشرفية بحلب " . اتفق مترجموه على أنه في مجلدين . قال العلامة الطباخ 5 : 203 تعريفا بنسخ هذا الكتاب : " موجود في المكتبة البهائية بحلب في ثلاثة مجلدات ، ويوجد مجلدان في السلطانية بمصر ، وهما الاول والثاني ، وصل فيهما إلى غزوة الحديبية ، ونسخة في برلين ، ونسخة في باريس " . / صفحة 132 / ونسخة المصنف منه محفوظة في مكتبة شيخ الاسلام عارف حكميت رحمه الله ، بالمدينة المنورة ، برقم 167 ، وعدد أوراقها 302 ورقة . وعلى وجه النسخة ( وقفية ) البهان السبط ، وبتاريخ 5 من ذي القعدة سنة 826 ، وأشهد عليها قريبه وتلميذه محمد بن أحمد ابن العجمي المترجم برم 40 من أسيرة آل العجمي ، وتلميذه الآخر المحب ابن الشحنة ، وكتبا شهادتهما بذلك ، وكان خط المحب يشبه خط البرهان جدا . وفي المصورات الفيلمية في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة نسخة في مجدلين برقم 871 في
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 132 :(1/205)
المصورات الفيلمية في الجامعة الاسلامية بالمدينة المنورة نسخة في مجدلين برقم 871 في 327 ورقة ، 872 في 243 ورقة من دار العلوم - ندوة العلماء بلكنو - الهند ، ونسخة أصلها في أربعة أجزاء ينقصها الاول فقط ، أرقامها 4147 في 222 ورقة ، 4148 في 210 ورقة ، 4149 في 210 ورقة أيضا ، وتاريخها عام 1154 ، وأصلها محفوظ في مكتبة ابن يوسف العمومية بمراكش . 24 " - هوامش ( 1 ) " الاستيعاب " لابن عبد البر ، هكذا سمي الكتاب على الوقة الاولى من نسخة جامعة عليكرة بالهند ، وعنها صورة في معهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية بالقاهرة ، برقم 323 ، وقد صور الورقة الاولى والاخيرة منها الاستاذ البجاوي أواخر الجزء الرابع من " لااستيعاب " 4 : 1978 - 1979 ، وقال عنها ص 1975 : " وقد كان " هوامش الاستيعاب " من الكتب التي هدتني في كثير من الواضع إلى الصواب " . ولم يثبت من كلامه في التعليق إلا النادر أو أقل منه . وظهر لي من الصورة - وهي ضعيفة رديئة - أن الكتاب في 115 ، أو 135 ورقة متوسطة الحجم ، يخط فارسي حديث جدا ، يفهم منها أن بعضهم جرد هذه " الهوامش " عن نسخة البرهان من " الاستيعاب " . وعادة أهل العلم أنهم ما تصل يدهم إلى كتاب إلا ويحلون حواشي صفحاته بفوائد تحضرهم ، الامام البرهان الحلبي منهم ، فلو ذهبت أتتبع هذا الجانب لطال الامر وصعب ، ومع ذلك فلا أرى أن مثل هذه التقييدات العابرة تسمى حاشية بمعنى أنها كتاب على كتاب . ولو كان كذلك : لكان علي أولا أن أذكر حاشيته على " تقييد المهمل " للامام أبي علي الغساني الجياني رحمه الله ، فان المكتبة الاحمدية بحلب تحتفظ باقدم نسخة للكتاب المذكور ، وأصح نسخة ، ودخلت في حوزة عدد من أهل العم ، منهم الامام البرهان السبط ، وحلى مواطن عديدة بفوائد قد تطول وقد تقصر . لكني - كما قدمت - لا أرى ذلك يدخل في مسمى مؤلفاته .(1/206)
هذا ما أمكنني الوقوف عليه أو على اسمه ، وليس فيه زيادة على ما ذكره مترجموه إلا هذا الاخير ، وكتابه في " التاريخ " المذكور برقم 4 . والامر موقوف في هذا - وفيما سواه مما يتعلق بترجمة هذا الامام - على استقصاء النظر في عدد من الكتب ، منها : " ثبته " من تأليفه ، و " مشيخته " ، من تأليف ابن حجر ، والنجم ابن فهد ، و " كنوز الذهب " من تأليف ولده أب ذر ، رحمه الله تعالى وسائر علماء الاسلام . / صفحة 133 / 2 - دراسة الحاشية آ - توثيق نسبتها إلى مؤلفها : 1 - أول ما رأيت أن لسبط ابن العجمي حاشية على " الكاشف " : رأيت ذلك في ترجمته عند تلميذه النجم ابن فهد في " معجم الشيوخ " له ص 49 ، قال : " وله حواشي على " صحيح مسلم " . . ، و " الكاشف " للذهبي " . ثم رأيت ذلك في " لحظ الالحاظ " للتقي ابن فهد - والد النجم - ، و " الضوء اللامع " 1 : 141 . ثم يسر الله تعالى لي الحصول على صورة عن " الكاشف " محلاة بها ، بخط السبط نفسه ، وأصلها محفوظ في خزانة المكتبة العثمانية بحلب تحت رقم 226 ، وأنا لا أدري أنها هي . فلما وقفت عليها فرحت بها جدا ، وازداد فرحي واغتباطي بها لما رأيت كاتبها البرهان رحمه الله وثقها بقوله بجانب اسم الكتاب : " ملكه إبراهيم سبط ابن العجمي الحلبي ، وكتب عليه فوائد " . ولولا هذه الكتابة لما وثق بها ، ولما عرفها إلى من خبر خط البرهان من كتب أخرى له ، لانه لم يكتب لها مقدمة ولا خاتمة . وزاد الامر تأكدا ووثوقا بان الخط خطه وقلمه بالمقارنة بينه هنا وبين كتاباته الاخرى ، مثل " نهاية السول " ، و " نثل الهميان " ، و " الكشف الحثيث " و غيرها . فلا مجال لادنى توقف في صحة ذلك . والحمد لله . 2 - ولم يختر البرهان اسما لحاشيته ، سوى أنه تلطف وسماها " فوائد " قيدها على حواشي النسخة ، يستذكر بها لنفسه ما يتعلق بالرجل ، أو يستفيد منها قارئ النسخة بعده ، وتقدم قبل أسطر قوله : " ملكه إبراهيم . . .(1/207)
وكتب عليه فوائد " . ب - مقصده فيها : 3 - لا ريب أن البرهان الحلبي لم يرد استقصاء الكتابة على جميع تراجم " الكاشف " ، كما أنه لم يرد استقصاء الكتابة على الترجمة الواحدة من جميع وجوهها ، إنما اهتم بامور نبه إليها في مقدمة كتابه " نهاية السول " . قال رحمه الله بعدما تكلم بايجاز عن " الكمال " ، و " تهذيبه " ، و " تهذيبه " : " وكتاب " الكاشف " مختصره ، وكثيرا لا يذكر فيه تعديلا ولا تجريحا ، ولا وفاة بعض الشيوخ لا رمزا ولا تصريحا " . / صفحة 134 / فكان مآخذه الاساسية على " الكاشف " تنحصر في هذين الامرين : 1 " - إهماله الجرح والتعديل لكثير من التراجم . 2 " - إهماله تاريخ وفيات بعضهم . والناظر في هذه ( الفوائد ) يجد أن جلها متوجه لسد هاتين الثغرتين ، ومع ذلك ففيها جوانب أخرى . 3 " - فيها ضبط ما ندر من الاعلام والانساب ، وأكثر من ذلك في أول الحاشية . 4 " - وتفسير ما ندر من الالقاب ، مثل ( 23 ، 1075 . 1334 ) . 5
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 134 :(1/208)
- وفيها استدراك على الرموز ، مثل ( 1076 ، 2289 ) . 6 " - وفيها استدراك عدد يسير من التراجم ، مثل ( عند رقم 2430 ) . ج - مصادره فيها : 4 - أكثر مصادره اعتمادا عليه : " ميزان الاعتدال " ، ويليه : " التذهيب " للمصنف - وأفاد ( 687 ) أنه وقف على عدة نسخ منه - و " تهذيب الكمال " للمزي . ويكثر من النقل عن " التجريد في أسماء الصحابة " للمصنف ، و " الاستيعاب " لابن عبد البر ، و " جامع التحصيل " للعلائي . وينقل عن " ثقات " ابن حبان ، و " ترتيبه " لشيخه الهيثمي . ومن كتب شيخه العراقي : " الكنت على ابن الصلاح " ، و " شرحه على ألفيته " الاصطلاحية ، وكتابه في أسماء رواة الكتب الستة ، لم يسمه هنا ولم يصفه ، إنما ذكره في مقدمة " نهاية السول " ، وهذا نص ما استطعت قراءته ، فان الخط دقيق ، وجاء الكلام على الحاشية متداخلا مع حواش أخرى ، والصورة هنا غير واضحة ، قال : " وكان شيخنا العراقي قد شرع في عمل كتاب يحتوي على أسماء رواة الكتب الستة ، وفيه استدراكات على المزي ، وصل فيه إلى أثناء الاحمدين ، وقد قرأت بعض ذلك عليه ، ثم تركه قبل خروجنا من القاهرة في الرحلة الثانية " . ومن كتب شيخه السراج البلقيني : " محاسن الاصطلاح " . ومن كتب شيخه ان الملقن : " تحفة المحتاج " . وينقل عن " مختصر في طبقات علماء الحديث " لابن عبد الهادي ( 1 ) ، و " تهذيب الاسماء واللغات " للنووي ، و " الاكمال " لابن ماكولا ، و " المشتبه " للمصنف ، و " الانساب " للسمعاني ، و " مختصره " لابن الاثير ، و " تقييد المهمل " للجياني ، و " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ، و " إكمال " مغلطاي . وعن حواشي بعض الكتب ، مثل : حواشي الدمياطي على " صحيح البخاري " وحاوشي الحافظ يوسف بن خليل الدمشقي الحلبي ( 555 - 648 ) على " إكمال " ابن ماكولا ، وحواشي ابن سيد الناس على " الكمال " لعبد الغني المقدسي .(1/209)
/ صفحة 135 / وهذه مصادر نفسية نادرة ، فقد طبع " صحيح البخاري " لكن دون حواشي الدمياطي ، وكذلك " إكمال " ابن ماكولا . و ينقل أحيانا ( 2592 ) عن مشايخه ، ولا يسميه . ومن مزايا هذه الحاشية المباركة اللطيفة : أن البرهان رحمه الله يكاد يكون قد استوفى ما عند الترمذي في " سننه " من كلامه على الرجال ، حتى اضطني ذك إلى استقراء " سنن الترمذي " واستخراجچ أقواله على بطاقات ، ليتيسر العزو إليه . وكذلك أكثر من نقل كلام النسائي في " سننه " على الرجال ، فاسعفني في ذلك الفهرس الذي عمله شيخنا العلامة الاستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة حفظه اله تعالى ، من جملة ما عمله من فهارس للسنن المذكورة ، جزاه الله خيرا . والحديث عن مصادره يستدعيني إلى الحديث عن عدة نقاط : الاولى : تتعلق بكتاب " تهذيب الكمال " . كانت تمر بي حواش كثيرة تستريبني في كون اامام السبط وقف على " تهذيب الكمال " ، وحواش كثيرة يصرح فيها بالنقل المباشر عنه ! وكنت أدفع الريب بقولي : بعيد جدا من مثله أن لا يكون عنده نسخة من الكتاب ، نظرا إلى أهميتهمن جهة ، ونظرا إلى مكانة الرجل من جهة أخرى ، ونظرا إلى عمله ثالثا ، ذلك أنه صاحب " نهاية السول " وهاتين الحاشيتين على " الميزان " و " الكاشف " ، فمن يدخل في مثل هذه الاعمال العلمية يكون " تهذيب الكمال " من أوليات مصادره ! . ثم احتملت أن يكون عنده بعض أجزاء منه ينقل عنها مباشرة ، وما لم يكن عنده كان ينقل عنها بواسطة " تذهيب التهذيب " للمصنف . وهذا كثير ، من ذلك ( 1836 ، 1889 ) ، وفي تعليقه على ( 394 ) نقل عن لمزي بواسطة العلائي في " جامع التحصيل " .(1/210)
ثم تأكد هذا الاحتمال بقول السبط نفسه في مقدمة " نهاية السول " وهو يعدد الدوافع التي حملته على تأليفه ، قال : " أما بعد : فلما كان كتاب " تهذيب الكمال " لشيخ شيوخنا الحافظ الجهبذ جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي : كتابا جليلا ، مستوعبا طويلا ، ليس ببلددتنا الآن منه نسخة ، ولا يقدر على تحصيله إلى من بذل في ذلك جهده ووسعه . . " ، فيكون قوله : " ليس ببلدتنا الآن منه نسخة " أي : كاملة . ورأيته اتفاقا لا على سبيل التتبع ينقل في " نهاية السول " عن " تهذيب الكمال " بواسطة " تذهيبه " . من ذلك : قوله في ترجمة وقاص بن ربيعة العنسي ص 832 من المخطوطة : " ذكره ابن حبان في " الثقات " . كذا في " تهذيب " الذهبي ، والظاهر أنه في أصله " أي : " تهذيب الكمال " ، وهو كذلك فيه 3 / 1463 ، " التذهيب " 4 : 141 / آ ، و " الثقات " 5 : 496 ، ولو كشف عنه في " الثقات " أو في " ترتيب الثقات " لشيخه الهيثمي لات باليقين بدل الظن ، وهما من مصادره المباشرة ! . وقال أيضا في ترجمة ابن سفينة ص 968 : " عن أم سلمة ، وعنه عمر بن كثير بن أفلح ، ولسفينة من / صفحة 136 / الاولاد ، عمر ، وإبراهيم ، وعبد الرحمن . انتهى ما في " التذهيب " ، واظاهر أنه تبع أصله ، لكن لم يرو عنه
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 136 :(1/211)
عمر ، ولهذا لم يترجم المزي ولا الذهبي إلا لعمر ، وهذا مصير منهما إلى أنه عمر . والله أعلم " . وهو كذلك في " التذهيب " 4 : 244 / ب ، و " تهذيب الكمال " 3 / 1663 . وترجمة عمر في " تهذيب " المزي 2 / 1022 ، و " تذهيب " المصنف 3 : 193 / آ ، وأفاد ابن حجر أن اسم ابن سفينة عمر أيضا . فهذا - ونظائره في هذه الحاشية - يؤيد صحة ما احتملته . والله أعلم . الثانية : تتعلق بكتاب " إكمال تهذيب الكمال " لمغلطاي . من المعلوم شان هذا الكتاب ومكانته العلمية العالية ، وكثرة استدراكاته على أصله " تهذيب " المزي ، ولم يسع الحافظ ابن حجر - على ما بينهما - إلا أن يتبطنه في " تهذيبه " ، ويضم خلاصته إلى خلاصة كتاب المزي ويقول في المقدمة : " لو لم يكن في هذا المختصر - " تهذيب التهذيب " - إلا الجمع بين هذين الكتابين في حجم لطيف : لكان معنى مقصودا " . والملاحظة التي أريد أن أبديها : أن السبط رحمه الله كان قليل الافادة من " الاكمال " بل : نادرها . ولا أدري ما السبب ، لكنه أحد احتمالات ثلاثة : - إما أنه لم يكن عنده " الاكمال ، وهذه النقول النادرة التي نجدها ، لعله ينقلها من نسخة ليست عنده ، كما نقل بعض فوائد من " بيان الوهم والايهام " وليس عنده كما تقدم ص 33 ، وهو احتمال بعيد جدا ، يخالف ما تقدم نقله ص 131 عن منهج السبط في " نهاية السول " . - وإما إنه شارك في المنارة التي كانت بمصر بين مغلطاي المتوفى سنة 726 ، والعلائي المتوفى سنة 761 ، وورث العلائي ذلك تلميذه العراقي ، وورثها عنه تلميذه ابن حجر ، وعن ابن حجر ورثها تلميذه السخاوي ، فلعل السبط ورثها عن شيخه العراقي ؟ رحم الله الجميع . وهذا لا يعجبني أيضا ، للسبب نفسه . - وإما أن طبيعة هه الحاشية لا تحتمل الافادة من ذاك الكتاب ، فلما جاء إلى " نهاية السول " استفاد منه . والله أعلم بالواقع . الثالثة : و تتعلق بسلامة مصادره من التحريف .(1/212)
والاصل في مصادر العلماء أن تكون موثوقة مطمئنا إليها ، مقابلة مصححة . وقد تخرج عن هذا الاصل . 1 " - أشار البرهان السبط رحمه الله في ترجمة سلمة بن الفضل الابرش إلى شئ في نسخته من " ثقات " ابن حبان ، فنقل عن " الميزان " 2 ( 3410 ) أنه توفي سنة إحدى وتسعين ومائة ، وقال : " وفي نسخة " ثقات " ابن حبان : مات بعد السبعين ومائة ، فيحرر " ، وكتب فوق كلمة " السبعين " : " كذا " ، لشكه بصحة ما فيها ، مع أن في النسخة المطبوعة : " مات بعد التسعين ومائة " . وفي " نهاية السول " ص 248 من المخطوطة نقل تاريخ وفاته عن " ثقات " ابن حبا : " بعد 70 ومائة " . ثم قال : " أخشى أن يكون ما كتب من " الثقات " من تاريخ الوفاة غلطا من ناقل " . وصرح وأفصح عن حالها في ترجمة هارون بن زيد بن أبي الزرقاء فقال : " ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : مات سنة خمسين ومائتين . كذا رأيته في نسخة من " الثقات " ، ونقله مغلطاي عن " الثقات " : بعد سنة خمسين . والنسخة التي نقلت منها فيها سقم " . وهذا حال نسخة ابن حجر من الكتاب نفسه ، فانه أبدى تشككه فيها أولا في 1 : 285 من التهذيب " ، / صفحة 137 / قال " لجوزت أن يكون الوهم من النسخة " ، ثم صرح 8 : 403 فقال في ترجمة قيس بن مراوان : " ذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : ورى عنه حبيب ، كذا في النسخة ، وهي سقيمة ، ولعلها : خيثمة ، وتصفحت " إلى : حبيب ، لان المزي قال : روى عنه خيثمة . وكذلك صرح بسقمها في " لسان الميزان " 2 : 442 ترجمة رافع بن سلمان أو سالم . وهذا حال نسخته الخاصة به التي يعتمدها ، لكنه عند المشكلات كان يرجع إلى نسخ أخرى ، فلا تعارض بين قوله هذا ، وأقواله الاخرى 1 : 182 ، 336 ، 3 : 372 . وفي " التهذيب " 10 : 347 ، و " لسان الميزان " 3 : 303 اتهم الحافظ نسخته من " التاريخ الكبير " بسقط فيها .(1/213)
2 " - وينقل البرهان عن " تهذيب الاسماء واللغات " تاريخ وفاة أوس بن الصامت : " سنة اثنتين وثلاثين ، وقى سنة اثنتين وسبعين " ، وكذلك نقله في " نهاية السول " ص 69 دون تسمية للمصدر ، ونبهت في التعليق عليه أن صوابه كما في المصدر المطبوع نفسه وغيره : " سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة " . 3 " - وحكى في ترجمة زيد بن أبي الشعثاء عن " الميزان " أنه قال : " وعنه أبو مليح وحده " ، هكذا جاء في نسخته من " الميزان " ، ونبه إليه ناشره ، وصوابه : أبو بلج ، وهو الفزاري . 4 " - ونقل في ترجمة أبي إدريس الخولاني عن " جامع التحصيل " قول العلائي : " يروي عن عمرو بن معاذ " ، وصوابه : " يروي عن عمر ، ومعاذ " . وتتبع هذا الامر من كتب العلماء فيما ينقلونه عن المصادر الاخرى ، هو على جانب من الاهمية عظيم ، وجمعه من بطون الكتب جدير بالاهتمام ، وله من الآثار الحميدة ما لا يكشف الصواب فيه إلا بتتبعه ، كما أن له من الآثار السيئة - عند ذوي النفوس المريضة - ما لا يدرك مداه .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 137 :(1/214)
أمثلة أخرى - إن شاء الله - عند الحديث عن فوائد الرجوع إلى المصادر الاصلية ص 162 . د - مزاياه وفوائده : 1 " - الدقة والامانة أمران طبعيان في علمائنا رضي الله عنهم ، ولولا أن الدراسة تقتضي الاشارة إلى ذكره . فمن دقة البرهان رحمه الله : أنه نقل في ترجمة موسى بن إبراهيم المخزومي عن " الميزان " تضعيف أبي داود له ، وقال : " وفي " الميزان " بعد هذا مخرج - أي : لحق - ثم كتب على الهامش : وقال علي : وسط ، ولم يصحح بعده . كذا في النسخة التي وقفت عليها " . فلم ينسب إلى " الميزان " ما كتب على حاشيته ، لان الكاتب لم يختم هذه الكلمة بتصحيحها . أي : يكتابة كلمة " صح " آخرها ، علامة على أنها من أصل الكتاب ومن كلام مؤلفه ، كما هو شان أهل الدقة ! . كما أنه لم يهمل هذه الفائدة لانها لم تختم بكلمة " صح " ، بل نقلها وأفادنا إياها ، وأفادنا معها التزام الدقة والامانة . فرحمه الله تعالى . / صفحة 138 / ومن أمانته - وهي صفة واضحة جدا في كتاباته - : أنه ينسب نقوله وفوائده إلى قائليها ، إن كان نقله عنه مباشرة ، ويسمي واسطته إن كان بالواسطة ، ولا يتحرج . 1 " - فمنذلك : قوله في ترجمة دحيبة : " ذكرها ابن حبان في الذال المعجمة - أي : ذحيبة - على ما قاله شيخي نور الدين الهيثمي في " ترتيبه للثقات " . فلم ينسب ذلك إلى " الثقات " مباشرة ، متجاوزا الواسطة التي استفاد منها الفائدة ، وفي حال كون ذلك صوابا يكون قد نسب الفضل إلى أهله ، وإن كان غير ذلك يكون قد أبرا نفسه من العهدة . 2 " - وكتب حاشيةعلى ترجمة يعلى بن أمية - أو : منية - رضي الله عنه ، نقل فيها نقولا عديدة ، عن المصنف ، وابن الصلاح ، والزبير بن بكار ، وابن ماكولا ، وابن عبد البر ، والطبري ، والمزي ، وختمها بقوله : " نقلت بعضه من كلام شيخنا العراقي ، مراجعا ما عندي من المصنفات المذكورة " .(1/215)
فتأمل قوله : " نقلت بعضه " وتاس ، وتذكر ما في " الجواهر والدرر " للسخاوي 1 : 120 : " صح عن سفيان الثوري أنه قال ما معناه : نسبة الفائدة إلى مفيدها من الدق في العلم وشكره ، وأن السكوت عن ذلك من الكذب في العلم وكفره " . وقول الامام ابن عبد البر رحمه الله في " جامع بيان العلم وفضله " 2 : 89 : " يقال : إن من بركة العلم أن تضيف الشئ إلى قائله " . وقول الامام النووي رحمه الله في " بستان العارفين " ص 28 - وهو بتكلم عن حديث " الدين النصيحة " - : " ومن النصيحة : أن تضاف الفائدة التي تستغرب إلى قائلها ، فمن فعل ذلك بورك له في علمه وحاله ، ومن أوهم ذلك وأوهم فيما ياخذه من كلام غيره أنه له : فهو جدير أن لا ينتفع بعلمه ، ولا يبارك له في حاله . ولم يزل أهل العلم والفضل على إضافة الفوائد إلى قائليها . نسال الله تعالى التوفيق لذلك دائما " . وكان رحمه الله يحتاط ويستوثق لنفسه حين يريد مناقشة المصنف في لفظة تحتمل الثبوت عنه وعدمه ، فمن ذلك : أن الذهبي قال في ترجمة عبد الله بن زمعة القرشي : " أخو سودة أم المؤمنين " فعلق عليه أولا بان هذا : " ليس بجيد ، إنما أخوها عبد بن زمعة . . . " وأما عبد الله هذا فهو " ابن أخت أم سلمة أحد الاشراف " . ثم قال : " ثم راجعت نسخة صحيحة مقروءة على ابن رافع تقي الدين فلم أر فيها : أخو سودة أم المؤم نين ، وهذا الصواب " . مع أنها ثابتة في الاصل ، كما نبهت إليه ، فحق الاستدراك على المصنف . - ومن فوائده النادرة : 1 " - نقله في ترجمة سليمان بن صالح سلمويه عن العقيلي - بواسطة أبي علي الغساني - قوله : " كان عندهم ثقة " ، وهي قائدة م أرها في المتداول من كتب الجرح والتعديل . 2 " - ونقله توثيق صدقة بن بشير ( 2381 ) عن ابن ماكولا . وليس في التهذبين شئ .(1/216)
/ صفحة 139 / 3 " - ومنها : ضبطه الدقيق التام ل : آده ، في ترجمة شراحيل بن آده الصنعاني ، والديد فيه نقله عن أبي علي الغساني أن الهاء منه ساكنة وقفا ووصلا . 4 " - ونحوه ما علقته على ترجمة شاذ بن فياض ، فانظره . 5 " - واستدراكه ترجمة الضحاك بن عبد الله القرشي ، عند رقم 2430 ، وقد فاتت المزي ومن تبعه . 6 " - وكذلك استدراكه ترجمة مسهر بن عبد الملك بن سلع ، عند رقم 5444 ، حديثه في " سنن النسائي الكبرى " رواية ابن الاحمر ، ونبه إلى أن المزي ذكر حديثه في " تحفة الاشراف " ، وغفل عن الرمز له في " تهذيب " ! . ه - ما يؤخذ عليه : ومما لا بد منه في الدراسة : التنبيه إلى بعض ما يقع من كل مصنف وكاتب بحكم الطبع الانساني ، والضعف البشري . 1 " - فمن ذلك : قال الذهبي في " الميزان " ترجمة سعيد بن زرعة الحمصي 2 ( 3178 ) : " روى عنه مرزوق الشامي " ، ولم ينبه ناشره إلى اختلاف في النسخ التي عنده وخاصة نسخة السبط التي يرمز لها بحرف س ، وعلق السبط هنا نقلا عن " الميزان " : " روى عنه سعيد بن مرزوق الشامي " ! وليس بصواب .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 139 :(1/217)
ويلفت الانتابه شئ في " النهاية السول " . كتب أولا : " روى عنه سعيد بن مرزوق الشامي " ، ثم ضرب على : " سعيد بن " بخط فوقه . فما وراء ذلك ؟ . هل كتب في الموضعين اسم الرجل من ذاكرته ، وتنبه للصواب في " نهاية السول " ولم يتنبه له هنا ؟ أو أن في نسخته من " الميزان " : سعيد بن مرزوق ، فتابعه في " الحاشية " ولم يتنبه ، وتنبه له هناك ؟ الله أعلم . ومرزوق الشامي له ترجمة هنا برقم ( 5359 ) . 2 " - ومنذلك : قوله في ترجمة سعد مولى الصديق : " قال مغلطاي : لم أر أحدا ماه سعدا ، ثم ذكر تسميته بسعيد بزيادة ياء عن جماعة كثيرة عددهم " . هكذا نقل عن مغلطاي ، واذلي في كتابه " الاكمال " : حكاية أنه سعد لا سعيد عن خمسة وعشرين إماما ، واستنكاره من المزي كيف سماه سعيدا " ولخص ابن حجر في " التهذيب " 3 : 485 كلام مغلطاي فحكى " إطباق أئمة أهل النقل على أنه سعد باسكانالعين " . 3 " - وقال في ترجمة الصعق بن حزن البكري : " وثق الصعق يحيى بن سعيدد وأبو زرعة . . " ، مع أن مصدره في هذه التعليقة " الميزان " 2 ( 3893 ) ، وفيه : " وثقه يحيى وأبو زرعة . . " ، فلم ينسبه : ابن سعيد أو ابن معين ، فراجعت رواية الدوري عن ابن معين 2 : 270 ( 3431 ) فرأيته نقل توثيق ابن معين له ، ولم أجد نقلا فيه عن يحيى بن سعيد . 4 " - وحصل له مثل هذا في ترجمة مطر الوراق ، فانظره . 5 " - وقال معلقا على ترجمة عطاء بن أبي مصلم الخراساني : " أرسل عطاء بن أبي مسلم عن بان عباس ، ولم يدرك ابن عمر ، قاله أبو حاتم ، وقال أبو زرعة . . . " . مع أنه ليس لابي حاتم كلام في رواية عطاء عن ابن عباس . / صفحة 140 / ويجد القارئ في التعليقات أمثلة أخرى ، ولولا ما أعان الله تعالى عليه ووفق ، من مراجعة الاصول التي ينقل عنها البرهان : لما تيسر كشف هذا ولا غيره من الفوائد التي يجدها القارئ في هذه الحواشي . أسال الله تعالى التوفيق في الامور كلها .(1/218)
و - وصف النسخة شكلا ومضمونا : وصف النسخة شكلا : أولى ما يقدم الكلام فيه : التنبيه إلى تميز خط الامام البرهان الحلبي عن خط العلامة ابن الاسكندري صاحب النسخة الاول ، كي يطمئن القارئ إلى عدم تداخل كلام الرجلين وضياع شئ من فوائد البرهان . 1 " - إن خطا البرهان السبط يتميز كل التميز عن غيره ، بقلمه ، وبقاعدة خطه ، وبكتابته الدقيقة ، بخلاف خط ابن الاسكندري . وما كنت أشتبه بشئ ، من هذا القبيل ، والحمد لله . 2 " - وطريقة البرهان في الربط بين الترجمة أو الكلمة منها ، وبين ما يريد أن يكتبه عليها : - إما أن يكرر الكلمة أو الاسم على الحاشية ثم يكتب ما يريد . - وإما أن يضع لحقا إلى جهة اليمين أو اليسار فوق الكلمة التي يريد التنبيه إلى ما فيه . وحينئذ لا يكررها . - وقد يكتب كلمة : حاشية ، أو يختصرها بحرفين ، أو طرف حرف الشين ، وينقطها ، وقد لا ينقطها : حش ، ش ، س . 3 " - وغالبا ما يختم حاشيته بدائرة منقوطة الوسط ، وقد لا ينقطها ، وهي عائة المحدثين حين يكتبون نسخهم من كتب السنة ، يختمون الحديث بدائرة ، فإذا فرغوا من النسخ وقابلوا ما نسخوه ، وضعوا نقطة وسط هذه الدائرة ، علامة على أنهم قابلوه . فكان البرهان كان يفعل ذلك علامة على فراغه من كتابة الحاشية ، وعلى تمامها ، أو : على أنه أعاد النظر في قرائتها وصياغتها . 4 " - وهو يستعمل قواعد المحدثين في ضبط ما يكتب ويقيد ، فكثيرا ما يضع علامة إهمال الراء والسين ، والحاء والعين ، ويكرر كتابة الكلمة التي تضطرب كتابتها معه ، ويكتب فوقها : بيان . 5 " - وقد ازدحمت حواشي بعض الصفحات بكتاباته وإفاداته ، ولولا دقة قلمه وكتابته لما اتسعت بعض الصفحات لبعض حواشيها . 6 " - وساعده ذلك على أن يكتب بعض إفاداته خلال الاسطر ، وتحت الكلمة الواحدة ، مما الزمني التأني الشديد في استخراج كلماته الدقيقة من ثنايا حروف الكلمات ، خشية أن يفوتني شئ منها .(1/219)
7 " - نعم بعض يسير من حواشيه بقلم غليظ ، فكأنه رحمه الله كتب أول أمره تعليقات قليلة على الكتاب ، حين كان يرجع گليه بين الفينة والفينة ، فيكتب ما يرى حاجة گليه ، ثم تبلورت له فكرة التوجه للكتابة عليه بكامله . / صفحة 141 / دلني على ذلك تعدد قلمه على ثلاثة وجوه : - فبعض حواشيه بقلم غليظ ، وهي حواش نادرة العدد . - وبعضها بقلم ألطف ، وهي من حيث العدد تزيد قليلا على ما قبلها . - وأكثرها وأغلبها بقلمه الناعم الدقيق ( 1 ) ، بحيث إلني اضطررت إلى تكبير الورقة المخطوطة إلى ضعف مقاسها الاصلي ، حتى اطماننت إلى قراءة خطه ، وأنه لم يفتني شئ منه أبدا إن شاء الله . ومن حواشيه الاولى : ما كتبه على ترجمة إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الاسلمي ، والاسود بن ثعلبة . ومن حواشيه الثانية : ما كتبه على ترجمة أسيد بن المتشمس ، والاغر الذي له صحبة .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 141 :(1/220)
ويدل على أن كتابته كانت على مراحل : أن الحاشية الواحدة أولها بقلم غليظ ، وتكملتها بقلم دقيق ، حصل له هذا في عدد يسير جدا من التراجم ، منها ترجمة بريدة بن سفيان . والله أعلم . 8 " - والنسخة كلها سليمة ، سواء نص " الكاشف " أو " الحاشية " لم تدخلها أرضة ولا رطوبة تعكر النسخة أو نصها . إلا أن البرهان رحمه الله كانت تطول معه معه بعض الحواشي ، أو تكثر ، فيضطر إلى أن ياتي ببعض الكمات على أقصى حاشية ( 2 ) الصفحة ، وحين بصويرها لم تظهر أجزاء بعض الكلمات ، لكن كان سياقها يوضح كثيرا منها ، مثل : ابن مع ، وواضح أنه : ابن معين ، وكثير منها ما كان يضح حين الرجوع إلى مصادره ، ولم يبق إلا نزر يسير جدا منها لا يتجاوز العد باصابع اليد الواحدة لم يتضح لي ، وقد نبهت إليه . والله الموفق . / صفحة 142 / 3 - ترجمة صاحب نسخة البرهان وناسخها نسب الرجل نفسه آخر النسخة بانه : محمد بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الخالق بن علي بن زيد لابلبيسي ، الشهير بابن الاسكندري . وترجمه الحافظ ابن حجر في " الدرر الكامنة " 4 : 158 فقال : " ولد 688 ، وسمع من أبي الحسن علي ابن القيم ، ومحمد بن عمر بن ظافر ، وست الوزراء ، وأبي محمد بن تمام ، وغيرهم ، وحدث ، حمل عنه شيخنا العراقي وولده ، وولي مشيخة تربة الجيبغا خارج باب النصر ، مات في 11 شعبان سنة 763 ، وله بضع وسبعون سنة 7 وكان صحيح السماع . " وهو والد مجد الدين محمد البلبيسي موقع الحكم للمالكية . " قلت : و " مسند أبي يعلى " من طريقه بنزول ، وإن كان متصلا بالسماع " . انتهى . وأقول : كانت ولادة الحافظ أبي زرعة ابن العراقي " سحر يوم الاثنين الثالث من ذي الحجة سنة الثنتين وستين وسبعمائة " ( 1 ) ، فيكون عمره يوم وفاة المترجم ثمانية أشهر وثمانية أيام ، وكون الحافظ قد تقصد أن يقول : " حمل عنه . . .(1/221)
" لشمل السماع ، بالنسبة للعراقي الوالد ، والحضور ، بالنسبة لولده أبي زرعة . فمثل هذا يسمونه حضورا أو إحضارا ( 2 ) . وإحضار الصغار مجالس العلماء للتبرك بمجالسهم أمر معروف . فمن شيوخ البرهان الحلبي السبط : البدر ابن حبيب : حسن بن عمر بن حسن بن حبيب الحلبي ( 710 - 779 ) ، ترجمة ابن العماد في " الشذرات " 6 : 262 فقال : " ولد بحلب سنة عشر - وسبعمائة - وأحضر في الشهر العاشر من عمره على إبراهيم وعبد الرحمن ابني صالح ابن العجمي " . فهذا من ذاك . بل عبارة ابن حجر في " الدرر " 2 : 29 تحتمل أبعد منذلك ، إذ لفظه فيه : " كان مولده في شعبان سنة 10 ، وحضر في عاشر شهر على إبراهيم وإسماعيل وعبد الرحمن أولاد صالح " . فهي تحتمل في عاشر شهر / صفحة 143 / من عمره ، كما جاءت عبارة ابن العماد صريحة بهذا ، وتحتمل : في عاشر شهر من السنة ، وهو شهر شوال ، فيكون عمره شهرين ونحوهما ! . وأيا ما كان الامر فان حرص الحافظ العراقي على إحضار ولده ذي الشهرين أو العشرة من العمر : يدل دلالة واضحة على مقام المترجم عنده ، إذ فيه معنى حرصه على مشاركة ولده له في شيوخه ( 1 ) . كما أن شهادة الحافظ له أنه " كان صحيح السماع " : لها وقعها بالنظر إلى قائلها ، ولها أثر كبير بالنظر إلى هذا العلم الشريف . ويرتبط بهذا : اعتماد الامام سبط ابن العجمي على نسخته من " الكاشف " واعتباره لها أصلا يكتب عليه " حاشيته " . ومجد الدين ولد المترجم : ترجمه ابن حجر أيضا 4 : 208 ، وقال : " ولد في شهر ربيع الاول سنة 721 " ، وبيض لوفاته في المطبوع ، وأشار مصححه إلى تاريخ وفاته في بعض النسخ : سنة 777 ، لكن ابن العماد أرخها في " الشذرات " 6 : 263 سنة 779 عن ستين عاما ، وأنه كان من تلامذة الحافظ المزي . رحمهم الله تعالى .(1/222)
/ صفحة 144 / 4 - وصف النسخة شكلا ومضمونا 1 " - عدد أوراق النسخة 179 ورقة ، وصفحة واحدة ، أي : 359 صفحة ، في كل صفحة 25 سطرا ، وقد تزيد . 2 " - وفي آخرها اسم الكاتب ، وتاريخ الكتابة ، والنص على المقابلة . وهذا كلامه ، قال : " نجز في السابع من شهر ربيع الآخر من شهور عام ست وخمسين وسبعمائة ، وصلى الله على سيدنا محمد واله وأصحابه الطيبين الطاهرين ، صلاة دائمة بدوامك يا رب العالمين ، وحسبنا الله ونعم الوكيل . وذلك على يد أفقر عباد الله إلى عوه ورحمته : محمد بن محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الخالق بن علي بن زيد البلبيسي الشهير بابن الاسكندري ، رحم الله من ترجم عليه آمين " . ثم كتب على الحاشية اليسيرى : " قوبلت هذه النسخة حسب الطاقة " . 3 " - لكن الصفحة الاولى ليست بخطه ، إنما هي بخطة السبط ، وكتب عليها : " الكاشف ، باختصار الحافظ شمس الدين أبي عبد اله محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي ، في معرفة من له ذكر في الكتب الستة الاصول " .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 144 :(1/223)
" - ولم يذرك العلامة ابن الاسكندري رحمه الله كلمة عن النسخة التي أخذ عنها نسخته ، لكنه أفاد في موضعين أنه قابلها بنسخة عليها خط المصنف فتكون نسخته هذه جامعة لنسختين : التي نسخ عنها ، والتي قابل بها ، لا أنه نسخ وقابل بالتي نسخ عنها . يدل على ذلك : أنه كتب في صلب النسخة من المقدمة : " والرموز واضحة إلا 4 فلاصحاب السنن الاربعة ، و ع فللجماعة كلهم " ، ثم وضع على الكلمة الاولى وااخيرة علامة الالغاء هكذا : لا من ، إلى ، وكتب على الحاشية ما نصه : " في نسخة عليها خط المصنف : والرموز فوق اسم الرجل ، خ للبخاري . . . " إلى آخر ما تراه في المقدمة بزيادة : " والتواريخ مكتوبة بالهندي " فليست في أصل المصنف ، فافاد أنه قابل نسخته بنسخة أخرى عليها خط المصنف . وهذا أحد المرصعين المشار إليهما ، وثانيهما : كتب عند تجمة أبان بن تغلب : " بلغ مقابلة باصل عليه خط مصنفه رحمه الله " . / صفحة 145 / وكان النسختين - التي أخذ عنها والتي قوبل بها - ماخوذتان عن نسخة المنف في وقت مبكر ، إذ ليس فيهما ترجمة مجاهد بن رباج التي تدم ص 88 أن المصنف أضافها سنة 743 ، وليس فيها ترجمة الامام النسائي ، والمصنف كتبها على الحاشية . ورمز المصنف لخالد بن سارة المخزومي : دق ، ثم ألحق ت ، وجاء في نسخة ابن الاسكندري الرمزان القديمان فقط : دق ، واستدرك ت ، مع أنها ثابتة في الاصل لكنها في وقت متاخر . 5 " - ونتج عن هذه المقابلة ظاهرة قوية الظهور في النسخة ، لا تكاد تخلو صفحة منها ، وهي تكثر وتقل في الصفحة ، تلك هي ظاهرة الالغاء لكلمة ، أو جملة ، أو أكثر ، من الترجمة الواحدة ، وهي بهذا الالغاء تتفق مع أصل المصنف الذي بيدي أكثر ، مما يدل على أن النسخة المقابل بها أقرب إلى نص المصنف الاخير . وانظر تمام هذا في صفحة 153 .(1/224)
6 " - وكان يكتب - على طريقة المحدثين - كلمة " بلغ " حيث ينتهي المجلس ، فيلاحظ قرب ما بين البلاغين ، وقلة القدر المقروء . وبلغت مرات البلاغ تسعة من أول الكتاب إلى ترجمة أبان بن تغلب ، ورقمها كما تراه : 104 . فيقدر لكل مجلس نحو 12 ترجمة من هذه التراجم المختصرة ! . وملاحظة ثانية : أنه انقطع عند هذه الترجمة الاشارة إلى بلاغات المقابلة ، ولو لم ينص في آخر النسخة على أنها قوبلت حسب الطاقة : لقلت إنها غير تامة المقابلة 7 " - وهو كثير الجري على سنن المحدثين في استعماله علامات الضبط والتقييد وما شابهها ، ومن وجوه ضبطه : أنه ضبط السين من كلمة : السرماري في ترجمة أحمد بن إسحاق هكذا : اليسرماري ، وكلمة : سبط ، في ترجمة الحسن بن علي رضي الله عنهما ، هكذا : سبط ، لان علامة إهمال السين عندهم نقطها بثلاث نقط من تحتها ، أو وضع هذه الاشارة عليها من فوق : ، ويسمونها : قلامة ظفر مضجعة . 8 " - وقد أثبت ابن الاسكندري رحمه الله الاحالات على ما تقدم وما ياتي من التراجم ، على حواشي الصفحة ، فلم يدخلها صلب الكتاب ، كما تقدم وصف ذلك من صنيع المصنف . 9 " - وفي نسخته فوائد علمية : ناطقة وصامتة ، تدل على علمه ودقته ، وإن كانت قليلة . من ذلك : - قوله عند ترجمة أبيض بن حمال : " حاشية : نزل اليمن ، ضبطه ابن الاثير بحاء الاثير بحاء مهملة " . يريد صاحب " أسد الغابة " 1 : 57 ( 22 ) . - وتليها ترجمة أجلح بن عبد الله الكندي ، وقال عندها : " حاشية : قال ابن حبان : اسمه يحيى ، ولقبه أجلح " . وهو كذلك في " المجروحين " 1 : 175 لكن بلفظ : " قيل : إن اسمه يحيى ، والاجلح لقب " . - وقال عند ترجمة ربيعة بن كعب الاسلمي رضي الله عنه : " حاشية : قيل : لم يرو عنه غير واحد ، وروى عنه آخران " . واستدرك عليه السبط بما تجده تعليقا على ترجمته .(1/225)
- وقال المصنف في ترجمة عمر بن الخطاب الراسبي : " روى عنه يحيى بن حكيم المقوم " ، فكتب ابن الاسكندري : " حاشية : وأثنى عليه خيرا . قاله في الكمال " . وهو في " تهذيب الكمال " 2 / 1006 . / صفحة 146 / - ثم علق على ترجمة عمر بن أبي خليفة العبدي : " حاشية : قال أبو حاتم : صالح . ذكره في " الميزان " وقال : له حديث منكر ، وذكر في " الضعفاء " : عمر بن خليفة ، ونقل عن العقيلي قال : منكر الحديث . قال الذهبي : قلت : لعله ابن أبي خليفة " . قلت : كلمة أبي حاتم في " الجرح " 6 ( 563 ) ولفظه ولفظ المصنف في " الميزان " 3 ( 6093 ) : " صالح الحديث " ، ومراده ب " الضعفاء " : " ديوان الضعفاء " للذهبي ( 3034 ) ، وكلمة العقيلي في : " ضعفائه " 3 : 156 ( 1143 ) ، لكن جاء عنوان الترجمة فيه : عمر بن أبي خليفة ، وسمي في الاسناد : ، عمر بن خليفة ، وكان ذلك صواب لا خطا مطبعي ، فقد قال الذهبي في " الميزان " 3 ( 6092 ) : عمر بن خليفة ، ويقال : ابن أبي خليفة ، عن هشام بن حسان . . . " . وقد فرق الذهبي في " الميزان " و " المغني " 2 ( 4449 ) بين عمر بن خليفة - أو ابن أبي خليفة - عن م
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 146 :(1/226)
هشام بن حسان ، وبين عمر بن أبي خليفة - جزما - عن محمد بن زياد ، وأك ذلك الحافظ في " اللسان " 4 : 301 . فاستفدنا من هذا فئدتين : ضرورة الرجوع إلى المصادر الاصلية للتحقق من القول المنقول عنها . وضرورة الجمع بين كلام الذهبي في مختلف كتبه . فقد رأيت أن لفظ أبي حاتم : صالح الحديث ، لا : صالح ، وقد تقدم التنبيه إلى الفرق بينهما في دراسة " ألفاظ الجرح والتعديل في الكاشف " ص 39 برقم 15 ، 16 . ورأيت أن الذهبي ذهب مذهبا في كتابين ، ومذهبا ثانيا في كتاب ثالث . وقال عند ترجمة محمد بن ثابت البناني : " حاشية : في " المغني " : ضعفه جماعة " . قلت : في هذا وهم قطعا ، إما أنه سبق ذهنه من " ديوان الضعفاء " ( 3623 ) إلى " المغني في الضعفاء " ، وإما أنه ممن يتوهم أن " الديوان " و " المغني " كتاب واحد ، مع أنهما اثنان متغايران ( 1 ) . أما ما قصدته بفوائده الصامتة : فذلك أنه جاء في الصفحة الاخيرة من نسخته تراجم لعدد من النساء : أم محمد بن قيس القاص ، أم محمد بن أبي يحيى ، أم مساور الحميري ، أم منبوذ ، ثم : عمرة عن أختها ، ليلى عن إختها ، أم الحسن عمة غبطة ، أم حكيم عن أهما . ووضع فوق كل اسم منها كلمة : كذا . يريد التنبيه إلى أنه هكذا في الاصول المنقول عنها دون رمز ، وعدم الرمز أورث شكا عنده ، لا أنه يريد : عدم الرمز صواب ، وإلا لكتب : صح بدل : كذا ، يدل على ذلك أنه كتب : صح فوق كلمة بنت من قوله : " بنت أم سلمة : " زينب " ، تأكيدا لصحة عدم الرمز . أما هنا فهو شاك : أصحيح لم يضع المصنف رموزا لهذه التراجم ؟ ! . والواقع : أن المصنف وضع رموزا لجميعها إلا : عمرة عن أختها ، وليلى عن مولاتها ، ونبه السبط إلى أن رواية عمرة عن أختها في " صحيح مسلم " ، وعلقت على الثانية أن ابن حجر رمز لها في " التقريب " / صفحة 147 / س ق . فكلمة ( كذا ) إفادة صامتة ، أفادت ضرورة المراجعة لما كان هذا شانه . والله أعلم .(1/227)
بقي أمران طيفان يتعلقان بالحديث عن هذه النسخة التي كان لها شئ من الاعتبار في عملي واعتمادي عليها ، لذلك أطلت في الحديث عنها ، وهما : الاول : يتعلق بالشكل - : أن البرهان الحلبي رحمه الله ألحق أوراقا في أول النسخة وآخرها ، كتب فيها فوائد كثيرة غالية ، يرى القارئ الكريم بعضها مثبتا في آخر هذه الدراسات ، ومشارا إلى بعضها الآخر . الثاني : ويتعلق بالمضمون - : أن البرهان لسبط أدخل على هذه النسخة ضبطا غير قليل ، وشيئا من التصحيحات والتقييدات . منها - على سبيل المثال - : - جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي ، كتب ابن الاسكندري : التغلبي ، فعدلها السبط إلى : الثعلبي ، وجعل نقطة الغين المعجمة سكونا ، فصارت عينا ، وأمعن في الضبط فكتب تحتها عينا صغيرة علامة إهمالها ، وكتب فوقها : صح ، وكتب على الحاشية : الثعلبي ، وضبطها ، وفوقها : بيان . والمعهود في مثل هذه الحال : ترك الكتابة كما هي ، والتعليق عليها بما يراه القارئ . - وجاء في أصل النسخة في ترجمة علي بن موسى الرضا ما نصه : " عن أبيه ، وعمه ، أو عثمان المازني " . فوضع السبط إشارة لحق إلى اليسار بعد قوله : " وعمه " ، وكتب على الحاشية : " سقط : وعنه " . وهذا نادر ، * إذ النسخة مقابلة مقابلة جيدة ، ولا تخلو صفحة من صفحاتها من عدة استدراكات وتصحيحات على حواشيها ، ولم يبق فيها إلا ما لا بد منه للطبع البشري . وهناك ظاهرة مشتركة بين هذه النسخة والنسخ الاخرى ، وهي ظاهرة المغايرات الكثيرة لنسخة الاصل ، ساتحدث عنها إن شاء الله تعالى في ص 153 - 154 عند حيثي عنها مجموعة .(1/228)
/ صفحة 149 / جوانب الركن الثالث : خدمتنا للكتابين 1 - " الكاشف " مخطوطاته ، ومراحل العمل فيه 2 - " الحاشية " : مراحل العمل فيها 3 - الجانب الفني في خدمة الكتابين 4 - كلمة في التوقي من التحريف / صفحة 151 / 1 - " الكاشف " : مخطوطاته ، ومراحل العمل فيه أولا - مخطوطاته : 1 " - لم أحفل بالبحث عن مخطوطات " الكاشف " ، لعلمي أنها كثيرة جدا ، ويغلب على ظني إنه ما من مركز للمخطوطات إلا وفيه نسخة أو نسخ منه ، وقد حصلت والحمد لله على ما اغناني عن هذه الكثرة ، وهو أصل المصنف الذي كتبه بيده ، واستقر عليه أخيرا ، فانه جاء في آخره قوله : " فرغت من اختصاره بعد العصر يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة عشرين وسبعمائة ، وهذا المختصر في قدر عشر الاصل " . ثم كتب عن يمين هذا الكلام : " فرغ الذهبي من هذه نسخة سنة تسع وعشرين " . فهذه هي الصياغة الاخيرة للكتاب ، بدليل اعتماده هذه النسخة وإضافاته الكثيرة عليها ، وآخر ما أضافه ترجمة مجاهد بن رباح ، ولرخ ذلك سنة 43 ، أي : وسبعمائة ، فيكون ذلك قبل وفاته بخمس سنين . ومع ذلك فقد تجمع لدي منه خمس نسخ سوى أصل المصنف ، نسختان من حلب ، وثلاث من معهد المخطوطات العربية بمصر ، وهذه كلمات موجزة عنها :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 151 :(1/229)
النسخة الحلبية الاولى : هي نسخة العلامة ابن الاسكندري ، وهو مصري كما هو واضح من نسبته وشهرته ، ويبدو أن أصله إسكندري ، منشاه بلبيسي ، وكان البرهان الحلبي احضر معه هذه النسخة إلى حلب حين مر ببلبيس ، من مدن مصر ، فانه دخلها في رحلته إلى مصر للمرة الاولى والثانية ، ثم كتب عليها حواشيه وفوائده . وقد تقدم وصفها والكلام عليها باستيفاء ص 144 - 147 ، والحمد لله . النسخة الحلبية الثانية : وهي من محفوظات المكتبة الاحمدية بحلب ، ويقع نص الكتاب في 219 النسخة الحلبية الثانية : وهي من محفوظات المكتبة الاحمدية بحلب ، ويقع نص الكتاب في 219 ورقة ، سوى ما ألحق باولها ، وجاء في آخرها : " تم " الكاشف " والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ، وذلك يوم الاحد السابع والعشرين من جمادى الاولى سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، وكتبه العبد الفقير إلى الله سبحانه الراجي عفوه وغفرانه : عثمان بن محمد بن الحسين الحراني نسبا ، الاذرعي مولدا ، الشافعي مذهبا ، عفا الله عنه وعن والديه تكرما ، وعن سائر المسلمين ، آمين رب العالمين " . / صفحة 152 / وهي نسخة مقابلة ، كتب على حواشي صفحاتها علامات المقابلة " بلغ مقابلة " وكتب في آخرها : " قابلت هذا الكتاب من أوله إلى آخره على نسخة أصله حسب الطاقة مقابلة صحيحة " ، وكان فراغها يوم الجمعة السابع عشر من ذي القعدة نة إحدى وأربعين وسبعمائة ، وكتب هذه الاحرف الفقير إلى الله تعليا محمد بن أحمد بن إبراهيم بن باتاجوك الشافعي ، حامدا لله تعالى ومصليا على نبيه محمد وآله ومسلما " . وكتب على الورقة الاولى : " ملكه من من مولاه المعين العبد الحقير ياسين بن السيد محمد البكفالوني الاصل ، الادلبي المنشا ، ليلة عرفة سنة إحدى عشرة ومائة ألف " .(1/230)
ثم في الورقة الثانية : أسماء الفقهاء السبعة بالمدينة المنورة ، ثم كتب في صفحة وبعض الصفحة التالية لها الارقام الحسابية من الواحد إلى العشرة ، على وفق كتابتها بالقلم الهندي ، وقد لخصتها فيما تقدم ص 87 . وقد نقل صاحبها البكفالوني بعض حواشي البرهان ، وهي قليلة جدا محصورة في الصفحات الاربع الاولى ، وعددها 19 حاشية بما فيها الكلمات الداخلة بين الاسطر ، وفي بعضها خطا قليل ، وقد صرح باسم البرهان السبط في حاشيتين منها . وتوقفت الفوائد والحواشي بعد ذلك ، فلا تجد على حواشي الصفحة إلا علامة المقابلة فقط . وليس فيها ضبط ، ولا عن أي أصل أخذ نسخته هذه . وتبين لي أن في أصله الذي أخذ عنه نسخته سقطا ، ففي وسط ورقة 166 / ب ترجم لمحمد بن مصعب القرقساني ، وختمها بقوله : " مات سنة 208 " والحق بهذا التاريخ مباشرة قوله : " وقال البخاري والنسائي : " منكر الحديث . . . " ، وهذا يتعلق بترجمة محمد بن ميمون الزعفواني ، فيكون قد سقطت ترجمة 22 رجلا . وقد أذكر في تعليقاتي هذه النسخة فاصفها ب : النسخة الحلبية الثانية ، وقد أعبر عنها وعن نسخة السبط معا ب : النسختين الحلبيتين . النسخة الثالثة : نسخة تقي الدين أبي الفتح محمد بن عبد الطيف بن يحيى بن علي بن تمام السبكي ( 705 - 744 ) رحمه الله تعالى ، وصفه الحسيني في " ذيل العبر " 4 : 133 ب " الحافظ الامام العلامة ذو الفون أقضى القضاة " ولم يتم الاربعين من عمره ! ! . وفي آخرها : " وقع فراغ أبي الفتح السبكي - نفعه الله - من كتابته في الثاني والعشرين من رجب الفرد سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة أحسن الله عقباها " . والنسخة في 165 ورقة ، وهي على جودة خطها ووضوحه فليس فيها ضبط - إلا ما شاء الله - ولا حواشي ولا ما يفيد المقابلة . والصورة التي عندي ماخوذة عن الفيلم المحف .(1/231)
ظ بمعهد المخطوطات التابع لجامعة الدول العربية بمصرر ، برقم 3085 ، وهو عن الاصل المحفوظ في مكتبة خدابخش ببلدة بتنة من بلاد الهند ، ورقمه هناك 3423 . / صفحة 153 / النسخة الرابعة : نسخة صورها المعهد أيضا من المكتبة الظاهرية بدمشق ، وعدد صفحاتها 770 صفحة ، وخطها كبير ، وفي آخرها أنها نقلت " من نسخة نسخت من نسخة المصنف بخط يده " وباخرها : " تم " الكاشف " بانتقاء كاتبه والحمد لله وحده يوم سابع عشري رمشان سنة عشرين وسبعمائة يوم الجمعة بعد العصر . اللهم صل على محمد واله وسلم تسليما كثيرا " . " وكان الفراغ من هذه النسخة ليلة الاربعاء المسفرة عن سادس عشر ذي القعدة سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، على يد فقير رحمة ربه أحمد بن محمد بن أحمد بن حيدرة بن عمر بن محمد بن موسى بن عبد الجليل بن تميم بن محمد بن محمد بن محمد الدجوي الاصل ، المصري امولد ، عفا الله عنه ، وعن والديه ، وعن جميع المسلمين ، بمنه وكرمه . آمين آمين " . والنسخة جميعها بخط المذكور إلا عشر صفحات من وسطها ، فبخط مغاير وقديم أيضا ، من ترجمة علي بن أبي بكر الكندي ، إلى عمار بن معاوية الدهني . وفيها حواش كثيرة مفيدة ، وكثير منها داخل في
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 153 :(1/232)
حواشي البرهان سبط ابن العجمي . ولم تظهر رموز كثير من تراجمها . النسخة الخامسة : نسخة صورها المعهد المذكور من مكتبة رضا رامبور بالهند ، ورقمها هناك 1004 ، ورقم الفيلم في المعهد 3036 ، وهي في 137 ورقة ، جاء في آخرها : " تم الكتاب بحمد الله وعونه وكرمه 937 " فكأنه تاريخ النسخ . ثم ذكر أحد مالكي النسخة وهو أبو بكر بن علي المقرئ أسانيد شيخه " الامام العلامة جمال الدين محمد بن أبي بكر المقرئ " - كما وصفه - بمرويات ابن حجر ، والذهبي ، وابن كثير ، والتاج ابن السبكي ، والمزي . فكان بين جمال الدين هذا وابن حجر رجلان ، وبينه وبين الذهبي أربعة ، وثلاثة رجال بينه وبين ابن كثير وابن السبكي ، وبينه وبين المزي خمسة . والاستدراكات التي على الحواشي يستانس ها على أن النسخة مقابلة ، وإن كان لم ينص على ذلك في أولها أو وآخرها . وليس في حواشيها بعد ذلك فائدة ، فهي نسخة ( بكماء ) لا تنطق بفائدة أخرى . وبعد هذا الاستعراض اليسير للنسخ الخمسة لابد من التنبيه إلى شئ هام رأيته حصل فيما بينها ، وفيما بينها وبين الاصل ، ألا وهو المغايرات الكثيرة جدا بين نصوصها . ذلك أن الناظر في النسخ الستة يرى فيها اختلافا في الترجمة الواحدة إلا في رموزها وسياقة نسب المترجم : فيندر ( 1 ) ، أما في ذكر شيوخه ، والرواة عنه ، والكلام عليه ، وتاريخ وفاته : فهذا كثير جدا . ولم ألق بالا لهذه الظاهرة ، لا في أول الامر ، ولا في آخره . / صفحة 154 / لم ألق لها بالا في أول الامر : لانها اختلافات كثيرة جدا ، ستثقل حواشي الكتاب وتضاعف من حجمه ، ولم أقف على كتاب في نسخه من الاختلاف مثل ما في نسخ " الكاشف " - والله أعلم - حتى " الموطا " الذي ألف فيه الدارقطني " اختلاف الموطآت " . وبيدي نسخة المصنف فلا داعي للاحتفال بغيرها .(1/233)
ولم ألق لها بالا في آخر الامر : لاني رأيت في آخر النسخة النص على تاريخ فراغ المصنف من تأليفه : 27 من شهر رمضان لسنة 720 ، وعن يمينه ما نصه بخط المصنف : " فرغ الذهبي من هذه النسخة سنة تسع وعشرين " إي : سبعمائة . فيكون المصنف قد أخرج الكتاب مرة إولى سنة 720 ، ومرة أخيرة : سنة 729 ، وبينهما إخراج ثالث أو أكثر - والله أعلم - . أما الدليل على أن المرة التي كانت سنة 729 هي المرة الاخيرة : فاعتمادها من قبل المصنف واحتفاظه بها في حوزته زيادة ونقصانا وتنقيحا إلى سنة 743 تاريخ إلحاق ترجمة مجاهد بن رباح ، كما تقدم . واعتمادها أيضا من قبل المصنف وتقديمه لها إلى أصحابه ينسخون عنها مرة ومرتين ، من شخص وآخر وآخر ، إلى تواريخ متاخرة ، كما تراه في تواريخ القراءات والنسخ ، آخر هذه الدراسات . وأما الدليل على أن هناك إخراجا ثالثا أو أكثر بين عامي 720 - 729 : فهذه الاختلافات في النسخ التي أمامي ، ومهما يكن من أمر يتوقع من عمل النساخ ، لكنه لا يصل أبدا إلى بعض هذا الاختلاف ، فهو لا بد مستمد من نسخ أمامهم يعتمدونها ، لا سيما أن النسخة الحلبية الثانية ونسخة أبي الفتح السبكي مكتوبتان قبل وفاة المصنف ، ونسخة ابن الاسكندري مكتوبة بعد وفاته بقليل : بثاني سنين ، وكذلك النسخة الرابعة : نسخة الظاهرية ، قريبة عهد به ، بعد وفاته بتسع وثلاثين سنة . فالعهد قريب ، فمن أين جاء هذا التغاير الفاحش ، لولا أن المصنف أخرج الكتاب عدة مرات ! . وقد ذكرت في التعليق على ترجمة الامام عبد الله بن المبارك رحمه الله أن المصنف قال عنه - في الاصل الذي أعتمده - : شيخ خراسان ، ومثله في نسخة ابن الاسكندري التي اعتمدها البرهان السبط ، لكن في النسخة الحلبية الثانية ونسخة الحافظ السخاوي من " الكاشف " : شيخ الاسلام ! والسخاوي : كغيره من الحفاظ الحريصين على سلامة مصادرهم ، ومع ذلك تجد هذه المغايرة عنده .(1/234)
وتقدم ص 147 التنويه بظاهرة كثرة الالغا في نسخة ابن الاسكندري ، بسبب أنه قابل نسخته التي نسخها عن نسخة ، بنسخة أخرى عليها خط المصنف ، فنسخة جمعت بين نسختين ظهر فيها ظهورا كبيرا فوارق كثيرة وزيادات ، فكيف لو قوبلت بنسخ أخرى ! . وأزيد هنا : أن البرهان السبط رحمه الله يذكر في بعض حواشيه أنه جاءت - هناك - مغايرة في نسخة قرئت على ابن رافع ، زيادة أو نقصا ، مما يؤكد أنه لو قوبلت بنسخ أخرى لجاءت الفوارق أكثر وأكثر . وهذا كله يدل على ما استظهرته : أن المصنف أخرج كتابه هذا بين عامي 720 و 729 إخراجا ثالثا أو أكثر ، والله أعلم . / صفحة 155 / وأعود لاقول : إني لم أحتفل بهذه المغايرات ، لانها في حكم الملغى المعدول عنه عند المصنف ، فالاصل الذي بين يدي هو الذي استقر عليه اختيار المصنف وصياغته . وإثباتي لها : دليل اعتباري لها ، وهو خلاف نظرة المصنف لها . والله تعالى أعلم . ثانيا - مراحل العمل فيه ، أقصر حديثي على الجانب العلمي ( 1 ) : 1 " - صورت نسخة من الطبعة المصرية التي قام على تحقيقها الدكتوران الفاضلانعزت عيد عطية ،
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 155 :(1/235)
وموسى محمد علي الموشي ، وطبعاها عام 1392 في ثلاثة مجلدات متوسطة ، وقابلتها بالاصل الذي بخط المصنف ، وأثبت عليها المايرات . وكانت المقابلة مع أخي الفاضل الاستذ الشيخ أحمد نجل شيخنا الجليل الداعية المربي الاستاذ الشيخ محمد نمر الخطيب خفظهما الله تعالى . 2 " - ثم كررنا المقابلة بشكل خاص لرموز كل ترجمة على حدة ، قابلنا ذلك بالاصل ما استطعنا ، لان رموزه بالحبر الاحمر ، وبما في " تهذيب الكمال " المطبوع منه ، وكان حينئذ سبعة أجزاء ، ومصورة دار المأمون للتراث ، لكنا ما كنا نثق بالرموز فقط ، خشية وقوع تحريف في المطبوع أو المصورة ، بل نرجع إلى نص المزي آخر الترجمة أو أثناءها . وكان من نتيجة ذلك : كشف أوهام نادرة من المصنف ، وأوهام أكثر منها من الحافظ ابن حجر في " التقريب " . وكان هذا الامر يستدعي مني مراجعة أحاديث الرجل في الكتب المرموز لها ، لا تثبت هل له حديث فيها أولا ، فاصحح الرمز أو أخطئه . ولا يدرك وعورة أغوار هذا المسلك وطولها وما تستغرقه من وقت وجهد إلا من يعاينها . وكان يسعفني في هذا المجال : " رجال صحيح البخاري " للكلاباذي ، وللباجي ، و " رجال صحيح مسلم " لابن منجويه ، و " تحفة الاشراف " للمزي ، رحمهم الله تعالى . 3 " - وكنا نحرص أثناء المقابلة على الاستفادة من ضبط المصنف والاخذ به . 4 " - ثم قام الاخ الشيخ أحمد بتخريج نصوص " الكاشف " من أحاديث شريفة - ولو أن المصنف أشار إليها إشارة خفيفة ، كقوله : له حديث واحد ، أو حديثه مضطرب ، ونحو ذلك - ومن أقوالهم في المترجم تجريحا وتعديلا . فكفى وأوفى ، جزاه الله خيرا . 5 " - اثبت تخريجاته هذه . ث كنت أقوم باعمال متممة لها ، وأهمها : 6 " - كنت أراجع هذ الاقوال في مصادرها متدرجا معها ، أرجع إليها عند المزي في " تهذيبه " لانه المصدر الاول للذهبي .(1/236)
/ صفحة 156 / ثم في مصادر المزي : " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم ، و " الضعفاء " للعقيلي ، و " الكامل " لابن عدي ، و " طبقات " ابن سعد ، و " التاريخ الكبير " للبخاري . . . ثم في مصادر هذه المصادر ، أعني : الثلاثة الاولى ، فابن أبي حاتم إنه نقل عن أبيه وأبي زرعة ، فهو المصدر الاول والوحيد لذلك النقل ، لانه ينقل عنهما مباشرة دون واسطة ، لكنه كثيرا ما ينقل عن الامام يحيى بن معين ، من روايات متعددة عنه : رواية الدوري ، والدارمي ، وإسحاق بن منصور ، وابن أبي خيثمة . . ، فكنت أرجع إلى المطبوع منها ، وأعزو إليه ، ولا اكتفي بالنقل عنه بواسطة . وكثيرا ما ينقل أيضا عن الامام أحمد من رواية ابنه عبد الله وغيره - عنه ، فلا اكتفي إلا بمراجعة أصوله ، ما دامت تصل يدي إليها . فان لم أستطع ذلك - وكانت لدي شبهة في صحة اللفظ المنقول - كنت أرجع إلى مؤيدات أخرى ، لارى الوارد على هذا اللفظ ، أو أنه روي سواه ، فكنت أرجع مثلا إلا " تاريخ بغداد " وغيره من الكتب التي تعنى بذلك . وهكذا الشان فيما ينقله العقيل وابن عدي ، فانهما يعنيان بالرواية عن البخاري ، وابن معين ، وأحمد ، وابن المديني ، فلا أسوغ لنفسي الاخذ عنهما ما دمت قادرا على الرجوع إلى المصدر الاول لهما ، لما تبين لي من ضرورة الاخذ بهذا المنهج . وخلاصة ذلك : ، أني كنت أعتبر الكتب التي تجمع الاقوالفي الرجال : مفايح تدلني على المصادر الاصلية ، فارجع إليها ، ولا أعتبرها مصادر مستقلة إلا إذ لم يتيسر لي الوصول إلى مصادرها . لقد كشف هذا المنهج عن حقائق ، وزيف دخائل ، وصوب أخطاء ، وصحح أغلاطا ، ونبه إلى تحريفات ، وأيقظ إلى تصويبات : الشئ الكثير ، والحمد لله رب العالمين .(1/237)
ومع أنه جعلني أنفض يدي - أكثر من ذي قبل - من الثقة بالكتب المطبوعة في علم الرجال إلا ما ندر : فانه حملني على ضروررة التثبت من كل نقل عن قائله ، ومن النظر في لفظه المنقول عنه ، ومدى تطابقه مع المراد ، وذلك بدراسة قرائنه وملابساته ، فقد يكون النقل متطابقا ، لكنه يكون في مصدره المنقول عنه قرينة وملابسة تعين مرادا آخر منه . وأكثر ما يقع هذا في النقل عن المام البخاري رحمه الله . وكنت أحيانا أستغرق ساعات عديدة في دراسة ترجمة واحدة ، ونتيجة تسلسلي مع المصادر والامهات ، ودخولي في متاهات بنيات الطريق المعترضة ، أعني تلك التحريفات المطبعية الكثيرة جدا الواقعة في كتب الرجال ، فمن تصحيح تحريف ، إلى تصحيح تحريف آخر في كتب غيره ، إلى تصحيح ثالث في مصدر ثالث . وقد يتوارد ناشرو هذه الكتب على تحريف واحد ، فيصير لدى آخرين هو الصوب ، وغيره هو الخطا ! . وقد يقع خطا في كتاب ، فيرتب عليه محقق كتاب آخر خطا آخر ، فيتعذر كشف الخا الاول أكثر مما لو بقي على حاله . / صفحة 157 / وهذا في الاخطاء المطبعية ، وإلقاء التبعة على المطبعة هين ، فكيف لو توراد عالم عن عالم في نقل
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 157 :(1/238)
وهذه الكلمات اليسيرة التي أكتبها قد يرى بعض القراء فيها تهويلا للواقع ، لكنقد يرى فيها الباحث الممارس الجاد تهوينا للواقع . وسافرد بعد فراغي من شرح " خدمتنا للكتابين " كلمة قصيرة أذكر فها نماذج هامة من هذا الذي عانيته . وكان العناء أكثر : في خريج نصوص " الحاشية " لان كثيرا من تراجمها يشتمل على نقول كثيرة ، فلا ريب أن العناء والعثر في طريق الوصول إلى المقصود أشد ، والزمن أطول . ولقد تحملت مني دار القبلة للثقافة الاسلامية تأخرا في إخراج الكتاب ما لا تحتمله دار نشر سواها ، ولو لا توافق هذا المنهج مع رغبة القائمين عليها : لما احتملوا مني هذا التاخر الزائد . فجزاهم الله خيرا . 7 " - ومن الاعمال المتممة التي كنت أقوم بها : المقارنة بين حكم الذهبي على الرجل ، وبين حكم ابن حجر عليه في " التقريب " . وكانت هذه المقارنة تتطلب مني أيضا البحث والدراسة ، ومراجعة ما في التهذيبين - للمزي وابن حجر - على ضوء ما شرحته ، ويزيد عليه : الدقة في استخلاص الحكم على الرجل . فإذا اتفق حكمهما ، لم أنقل عن " التقريب " شيئا ، وإذا تقاربا تقاربا كبيرا : لم أنقل شيئا أيضا ، مثل : أن يقو أحدهما : ثقة ، والآخر : ثبت ، متقن . . ، أو أن يقول الاول : ضعيف ، والآخر : واه ، ونحو ذلك . إلا إذا أضاف الحافظ وصا آخر يتعلق بحفظ الرجل ، أو بروايته عن شيخ عين له ، أو بتدليسه ، أو إرساله ، أو اختلاطه : فاني أنقله . 8 " - أما إذا اختلف حكمهما ، بان قال أحدهما : ثقة ، وقال الثاني : صدوق ، أو قال ابن حجر : مقبول ، وقال الذهبي : ثقة ، أو صدوق - أو حصل العكس : فاني أنبه إليه من باب أولى . 9 " - وإذا لم يحكم الذهبي بشئ : علقت عليه من " التقريب " بعد رجوعي إلى أصله : " تهذيب التهذيب " .(1/239)
وحين يقول ابن حجر " مقبول " أو " صدوق " : أعقبه ذكر مصدره فاكتب مثلا : " ثقات " ابن حبان ، جزئ كذا ، صفحة كذا ، أو " الجرح " مع ذكر الجزء والصفحة ، أشير بهذا إلى أن عمدة ابن حجر في حكمه المنقول هو ما في المصدر الذي ذكرته . وقد أقول : ليس في التهذيبين سوى أن ابن حبان ذكره في " ثقاته " . ونحو ذلك من التنبيهات الموجزة . 10 " - ووجهت العناية إلى أمر الجرح والتعديل فقط ، ولم أعن بتاريخ الوفيات ، ذكره الذهبي أو لم يذكره . 11 " - وفي " التقريب " عدد من التراجم استدركها على المزي ، وهي في الوقت نفسه تستدرك على الذهبي المتابع له تمام المتابعة ، فكنت أنبه إليها في التعليق . لكن قد يجد القاري في " التقريب " تراجم رجال رموزها من رموز الكتب الستة التي على شرط / صفحة 158 / الذهبي هنا ، ولا يجد تراجمهم في " الكاشف " . وفي هذه الحال يتطرق عدة احتمالات : - إما أن في صحة الرمز في " التقريب " وقفة ونظرا . وهذا نادر . - وإما إني غفلت عن استدراكه . وهذا نادر أيضا . - وإما أن سببه اختلافهما في الاعتبار ، فالمزي - والذهبي - يعتبران " عمل اليوم والليلة " و " خصائص علي رضي الله عنه " - ورمزهما : سي ، ص - كتابين مستقلين عن " سنن النسائي الكبرى " ، فمن كان رمزه منهما : لا يذكره الذهبي في " الكاشف " ، أما ابن حجر فيعتبرهما من جملة أبواب " السنن الكبرى " ، ويحولهما إلى رمز : س ، فإذا رأى القارئ ترجمة مختومة برمز س ، ظن أن صاحبها على شرط الذهبي هنا ، فيرجع إليه فلا يرى شيئا . وقد تقدم بيان هذا . وكذلك الشان في رمز م ، قد يكون الرمز الدقيق للمترجم : مق ، أي : مسلم في مقدمة " صحيحه " ، فهو ليس على شرط الذهبي هنا ، قد يذكره وقد لا يذكره - كما تقدم - أما ابن حجر فيحوله إلى رمز م ، فيظنه القارئ من رجال مسلم في صلب " صحيحه " ، وليس كذلك . والله أعلم .(1/240)
* * * وقبل النقلة عن الحديث عن الجانب العلمي في " خدمتنا للكتابين " أود أن أصرح ببعض ما أجملته وأشرت إليه إشارة خفيفة أثناء التعليق من قضايا علمية ، فاقول : 12 " - كنت أحرص على نقل كلام الامام الترمذي رحمه الله على الاحاديث ، وألتزم التفرقة بين قوله : حديث حسن ، وقوله الآخر : حديث حسن غريب ، أشير بهذا إلى أن " حسن " فقط يعني به : الحسن لغيره ، وهو الذي عرفه في آخر " سننه " ، وأن " حسن غريب " يعني به : الحسن لذاته ، كما هو مقتضى الغرابة . 13 " - وكذلك التزمت التفرقة بين " حسن صحيح " و " صحيح " فقط ، لانه - كما حققه ابن حجر رحمه الله - قد يكون التقدير : حسن أو صحيح ، ففي بلوغه رتبة الصحة وقفة ، وقد يكون : حسن وصحيح ، فهو جازم ببلوغه رتبة الصحة ، مع وجود طريق أخرى حسنة تزيده قوة وترجيحا ، وبمقتضى هذا التقدير يكون ما يقول فيه " صحيح " فوق التقدير الاول ، ودون التقدير الثاني . لذلك كنت حريصا على نقل لفظه ، ولا أكتفي بقول المصنف أو السبط - وغيرهما - : صحح له الترمذي ، أو حسن . وما أكثر هذا الاختصار في كلامهم ! . 14 " - ومشيت على الول الذي تقدم بيانه صفحة 24 : أن ن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 158 :(1/241)
يصحح المحدثون حديثه - كالترمذي مثلا - : فهو ثقة ، ومن يحسنون حديثه : فهو صدوق ، لا باس به ، وبهذا كنت أستدرك على ابن حجر قوله في " التقريب " " مقبول " : بان الترمذي حسن له ، أريد أنه صدوق . وغير ذلك مما لا يسعف الوقت بشرحه ، وعسى أن ييسره الله تعالى في وقت آخ ر ، إنه ولي العون والتوفيق . / صفحة 159 / 2 - " الحاشية " : مراحل العمل فيها 1 " - كان أول عمل فيها : تكبير صفحات المخطوط ، للتمكن من قراءة خط البرهان الحلبي ، فانه خط دقيق ، متداخل بعضه ضمن الاسطر ، وبعض الصفحات كثرت حواشيها فتداخلت أيضا . 2 " - ثم نسخت كل حاشية لى بطاقة مفردة . 3 " - وقام الاخر الكريم الاستاذ أحمد الخطيب أكرمه الله وزاده توفيقا بتخريج هذه النقول عن المصدر الذي يسميه البرهان ، والتزم ما التزمه في تخريج نصوص " الكاشف " ، وذلك بان يخرج الحديث ولو كان ذكره على سبيل الاشارة ، فقام بهذه المهمة خير قيام . 4 " - وانتهجت الخطة التي شرحتها في الحديث عن " الكاشف " : من التزام مراجعة النصوص من مصادرها ، ومن مصادر مصادرها ، ومقابلة ألفاظها ، ودراسة قرائنها ، والحذر من التحريفات الكثيرة . . . إلى آخر ما هنالك . ومع ذلك فاني بشر من البشر ، أخطئ وأصيب ، وأغفل وأتيقظ ، وحسبي أنني التزمت مسلكا علميا أرى أنه لا بد منه للوصول إلى نتائج سليمة . 5 " - وإذا كان يفهم من خلال كلام السبط ونقوله حال المترجم جرحا وتعديلا ، ويتفق هذا مع ما عند ابن حجر في " تقريبه " : اكتفيت به ، وإلا نقلت ما فيه . وكذلك أنقل كلامه إذا كان بين حكم المصنف ونقول السبط تعارض . 6 " - وكثيرا ما يصرح السبط بالنقل عن " الميزان " وقد لا يصرح ، فصرنا نعزو إليه ما يقوله ، وننسبه إلى " الميزان " ثقة منا بانه ياخذ منه .(1/242)
/ صفحة 160 / 3 - الجانب الفني في خدمة الكتابين آ - " الكاشف " : 1 " - رقمت تراجم الكتاب ترقيما متسلسلا من إوله إلى آخره ، واستبعدت الترقيم المزدوج : رقم مسلسل للكتاب كله ، ورقم مسلسل للحرف الواحد . 2 " - وحرصت أن لا أضرع رقما لمن لم يكن من رجال الكتب الستة ، وسواء أكان ذكره تمييزا ، أم من رجال كتب أخرى ، بان كان رمزه : سئ ، ص ، فق ، ونحوها . أما من كان رمزه خت ، مق ، فاستبعدته أولا ، ثم لما رأيت إصرار المصنف عليه واستدراكه له : عدلت إلى ترقيمه . 3 " - أخرت رموز المترجم إلى آخر الترجمة ، والمصنف يضعها فوق اسمه الاول . 4 " - ومن عادة المصنف أن يستعمل الرموز ضمن الترجمة أيضا ، وذلك حينما يقول : وعنه خ ، م . . ، وقد يقول : خ فيه نظر ، أي : قال البخاري : فيه نظر ، فكان من عملي أن أصرح بكل رمز داخل الترجمة ( 1 ) ، وإذا اقتضى النص إضافة " قال " - كما في المثال المذكور - : أضفتا ، ووضعتها بين معكوفين [ ] ، كما تجده في الترجمة ( 171 ) . 5 " - وقد يذكر المصنف طرفا من السند فيقول : ثنا فلان ، أو : أنا فلان ، فاصرح بالكلمة بتمامها : حدثنا فلان ، أخبرنا فلان . وهذا له محذور سيأتي بيانه ص 166 . 6 " - وقد أكثرت من الضبط ، تيسيرا وتثبيتا له في ذهن القارئ المستجد مع تكراره ، ويجوز في بعض الاسماء أن تضبط على وجهين ، مثل : جندب ، بضم الدال وفتحها ، وسعيد بن المسيب ، بفتح الياء من المسيب - وعليه الاكثر - وكسرها ، ويحيى بن يعمر ، بفتح الميم - وعليه الاكثر - وضمها ، ويساف بفتح الياء وكسرها - وهو الاصل - وغير ذلك ، فكنت أضبط ذلك بالوجهين ، وحين الطبع لم يظهر - أحيانا - إلا وجه واحد ، فتارة هكذا ، وتارة هكذا ، مما يشوش القارئ ، وكلاهما صواب ، وليس خطا علميا ولا مطبعيا . ومثله : قول المصنف في بعض التراجم وهو يذكر الرواة عن المترجم : وعنه ، بالوار ، وأحيانا يقول : عنه ، دون واو .(1/243)
فهذا مرده إلى أصل المصنف ، وليس خطا مطبعيا . 7 " - وإذا قلت : ضبط في نسخة السبط كذا : فليس معناه أن الضبط من السبط ، إنما هو من صاحب النسخة العلامة ابن الاسكندري . / صفحة 161 / 8 " - وفي عزو الاحاديث إلى مخرجيها : التزمنا تسمية الكتاب والباب ، وذكر الجزء والصفحة ورقم الحديث ، والتزمنا وضع رقم الحديث بين هلالين كبيرين . واخترنا العزو إلى " فتح الباري " و " شرح النووي على صحيح مسلم " ، لتيسير استفادة القارئ من الشرح إن أحب ذلك . 9 " - كما التزمنا العزو إلى رقم الترجمة دون رقم الصفحة ، تيسيرا على القارئ ، ليقف على بغيته فورا ، فكثيرا ما تتفق أسماء الرواة وأسماء آبائهم ، ويوجد في الصفحة الواحدة أكثر من مترجم بهذا الاسم واسم الاب ، ولينظر التعليق على رقم 119 ، ففيه مثال على ذلك . فكل رقم يجده القارئ بين هلالين كبيرين فهو رقم الحديث أو رقم الترجمة . 10 " - وخصصت " تقريب التهذيب " باصطلاح ، وهو أني أصرح باسمه حين النقل عنه أثناء الكلام ، أما إذا صدرت الكلام بالنقل عنه فلا أصرح باسمه ، بل أضع رقما بين هلالين كبيرين ، هو رقم الترجمة في
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 161 :(1/244)
" التقريب " ، وبعده نص كلامه ، وبهذا استغنيت عن تكرار قولي : في " التقريب " . ولم أستحسن الرمز له بحرف ما ، مثل : ت ، كما يفعل بعضهم ، لانه لا يتمشى معع خطتي التي كان منها أن غيرت رموز المصنف التي ضمن الترجمة ، كما تقدم قريبا رقم 4 ، فكيف أستعمل الرموز ؟ ! . 11 " - وقد أقول : في التهذيبين ، وأريد : " تهذيب الكمال " و " تهذيب التهذيب " . وقد أقول : في كتابي الذهبي ، وأريد : " تذهيب تذهيب الكمال " و " الكاشف " ، وإذا قلت : كتابي ابن حجر : فاريد : " تهذيبه " و " تقريبه " . أما إذا قال السبط : في " التهذيب " : فواضح أنه يريد " تهذيب الكمال " . ب - " الحاشية " : 12 " - وضعت كلام البرهان الحلبي رحمه الله بين معكوفين [ ] وجعلته بحرف أسود ، ليتم تميزه على كلامي ، وكل ما يجده القارئ الكريم على هذا النحو فهو من كلامه ، حتى كلمة [ صح ] التي أنقلها عنه . 13 " - وأعقب ذلك مباشرة بتخريج نصوصه ونقوله ، بترتيب ورودها في كلامه ، وإن كان فيه ما يحتاج إلى تعليق علقت عليه . 14 " - ويلي ذلك تخريج نقول الذهبي إن كان ، أو التعليق على كلمة يلزمها توضيح ، واستغنيت عن كلمة : " قوله كذا " للجملة التي أريد توضيحها : يوضعها ضمن هلالين صغيرين . وقد يسر الله تعالى وأعان على تخريج على تخريج الاكثر الاغلب من نقولهما . وله الحمد والمنة . 15 " - ثم أختم ذلك بنقل كلام الحافظ في " تقريب التهذيب " في بيان حال الرجل جرحا وتعديلا ، إذا لم يذكر الذهبي أو السبط له مرتبة ، أو كان ما عنده يخالف ما عندهما . / صفحة 162 / 4 - كلمة في التوقي من التحريف هذا العنوان يحتمل معنيين ، وقد قصدتهما : يحتمل معنى وقوع القارئ في تحريف يحصل له ، فيرحفه عن الصواب . ويحتمل معنى وقوع القارئ في تحريف حصل لغيره فمشى هو عليه ، ولم يتنبه له .(1/245)
أما المعنى الاول : فواضح ، ولا حاجة بي إلى شرحه ، وينظر في مقدمة " تصحفات المحدثين " لابي أحمد العسكري رحمه الله ، التصحيف والتحريف : معناهما ، وخطرهما ، و . . ، ومع ذلك فستاتي أمثلة على ذلك . وأما المعنى الثاني : فهو الذي يهمنا هنا ، وهو ضرورة يقظة القارئ يقظة تحصنه من الوقع فيما وقع لغيره - على إمامته - متابعة له على التحريف الذي حصل له . وهذه اليقظة هي سبيل رئيسي للسلامة من المتابعة على الخطا ، لكنها لا تتيسر لانسان في كل كلمة أو اسم ، فالسبيل الآخر العاضد لها هو مراجعة الاصول والمصادر التي ينقل عنها من تقرا له ، فقد تتحرف الكلمة بكلمة أخرى تقرب منها في المعنى ، فتاولها وأنت تقرأ ، وتمشيها ، فإذا تيسر لك الرجوع إلى المصدر انكشف لك وجه الصواب . وقد يتحرف عليك اسم الراوي ، أو اسم رجل في عمود نسبه ، فلا تتنبه له ، لان الاسماء لا ضابط لها من معنى أو إعراب ، وسبيل كشف تحريف الاسماء : حفظها أو مراجعة المصادر الاخرى . وتقدم قولي مرارا : إنه انكشف لي من جراء مراجعة المصادر الاصلية وقوع تحريف كثير جدا في المصادر المطبوعة ، وهذا ما لا يخالف فيه أحد ، ولا حاجة بي إلى ذكر أمثلة عليه . لكن الذي أريد أن أقوله تحت هذا الاحتمال الثاني : إنه انكشف لي تحريفات حصلت في مصادر بعض الائمة الذين أصبحت كتبهم مصادر عالية لمن جاء بعدهم ، وهذا أمر خطير يستدعي منا مراجعة كل نقل في مصدره الذي استقى منه المؤلف ، أو اقتبس منه أي كاتب . وهذه بعض الامثلة ، سواء كانت تتعلق برجال " الكاشف " أو لا . 1 " - إسماعيل بن شروس الصنعاني ، ترجمه البخاري في " تاريخه الكبير " 1 ( 1138 ) وقال : " قال / صفحة 163 / عبد الرزاق عن معر : كان يثبج الحديث " . أي : يخلط في روايته ولا ياتي بالحديث سليما على وجهه .(1/246)
وهي كلمة نادرة الاستعمال على ألسنتهم ، وممن استعملها غير معمر : الامام أحمد رحمه الله ، ففي " مسائل أبي داود للامام أحمد " - المسائل الحديثية - أواخر " باب أهل البصرة " السطر التاسع من الورقة 14 من أصل 16 ورقة ، قال أبو داود : " سمعت أحمد قيل له : روح أحب إليك أو أبو عاصم ؟ قال : كان روح يخرج الكتاب ، وأبو عاصم يثبج الحديث " . وجائت كلمة " يثبج " واضحة تماما ، نقطت جميع حروفها مع قدم النسخة ، فانها مكتوبة " في شهر ربيع الآخر سنة أربعمائة " . وقد ترحفت هذه الكلمة على ابن عدي - على تقدمه في هذا الفن - . فقد روى في " الكامل " 1 : 314 كلام البخاري هذا عن شيخه تلميذ البخاري : ابن حماد - وهو الدولابي صاحب " الكنى " - وجاء عنده هذا اللفظ : " قال معمر : كان يضع الحديث " ! ! . ثم روى كلمة معمر هذه من طريق الاثرم عن المام أحمد ، وجاء في المطبوع منه : " كان ينتج الحديث " . وما أره إلا تحريفا مطبعيا ، صوابه : يثبج ، كما ياتي . أما التحريف الاول فليس مطبعيا ، بل اللفظ المطبوع - " كان يضع الحديث " - هو اللفظ الذي كتبه ابن عدي بدليل نقل الذهبي له في " الميزان " 1 ( 895 ) ، وهذا لفظه :
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 163 :(1/247)
قال ابن عدي : قال البخاري : قال معمر : كان يضع الحديث . وقال عبد الرزاق : قلت لمعمر : ما لك لم ترو عن ابن شروس ؟ قال : كان يثبج الحديث " . فكلمة معمر هي هي في رواية البخاري وأحمد ، وتحرفت على ابن عدي في نسخته من " التاريخ الكبير " إلى : يضع ، وسلمت في نسخته من رواية الاثرم عن أحمد . وزاد الطين بلة ، والتحريف سقما : أن اذلهبي رحمه الله قال في " المغني " 1 ( 672 ) : " كذاب ، قاله معمرا " . فتصرف في نقلها عن ابن عدي الذي تحرفت عليه ، فتحولت من " يثبج ، إلى : يضع ، إلى : كذاب . وقال في " ديوان الضعفاء " له ( 412 ) : " كذاب " ولم ينسبه إلى قائل . فانطمس الامر ، وضاع الصواب ، وازدوج التريف ، وصعب كشف الحقيقة ، ولا سبيل إلى ذل إلا بالرجوع إلى المصادر الاولى المحققة باتقان ودقة . أما أن أرجع إلى " الميزان " وأعتبره أصلا في كل شئ : فلا ، بل لا بد من الرجوع إلى أصوله ، ومن أهم أصوله " الكامل " ، و " الكامل " ياخذ عن ابن معين وأحمد والبخاري كثيرا - وياخذ عن غيرهم قليلا - فلا بد من الرجوع إلى أصوله هذه أيضا ، إذ لولا السير وراء هذه السلسلة لما انكشف مثل هذا الامر الخطير ! . وإلا فمن الذي يعارض هذا التوارد الكثير : الذهبي في " الميزان " و " المغني " و " الديوان " ، وابن حجر في " اللسان " 1 : 411 وسبط ابن العجمي في " الكشف الحثيث " ( 145 ) ، وابن عراق في " تنزيه الشريعة " 1 : 39 ؟ ! . / صفحة 164 / ولهذا فاني أرى لزاما على المشتغلين باخراج التراث وخدمته خدمة متقنة : التوجه إلى إخراج الكتب الاصول القديمة ، التي هي أمهات لغيرها ، مهما استطاعوا إلى ذلك سبيلا . والله ولي التوفيق . 2 " - وفي الرواة رجلان يقال لاحدهما : زيد بن حبان الرقي ، وللثاني : زيد بن حباب العكلي ، وقد قال ابن معين في الرقي : " لا شئ " ، قاله لاسحاق بن منصور لما ساله عنه ، نقله ابن أبي حاتم في " الجرح " 3 ( 2536 ) .(1/248)
وقال ابن معين أيضا في العكلي : " ثقة " ، قاله لعثمان الدارمي ، كما في " تاريخه " ( 342 ) ، ولفظه : " قلت : فزيد بن حباب ؟ فقال : ثقة " . لكن وقع في نسخة ابن عدي من " تاريخ الدارمي " تحريف ، ففيه : " قلت : فزيدبن حبان ؟ فقال : ثقة " ، ويؤكد أن هذا تحريف : كون ابن أبي حاتم نقل كلام عثمان الدارمي 3 ( 2538 على صوابه ، كما جاء في المطبوع منه . 3 " - وجاء في " تاريخ الدارمي " أيضا ما رقمه ولفظه : " 523 - قلت ليحيى : عبد الله العمري ما حله في نافع ؟ فقال : صالح . 524 - قلت : فالليث - أعني ابن سعد - كيف حديثه عن نافع ؟ فقال : صالح ثقة " . هذا ما جاء في " تاريخ الدارمي " ، وكانه حصل سقط في نسخة ابن عدي منه - أو سبق نظر منه - بسبب تكرار كلمة " صالح " في الترجمتين ، فسبق نظر ناسخها من الترجمة الاولى إلى الثانيد ، فجاء في " الكامل " 4 : 1459 : " قلت ليحيى : عبد الله العمري ما حاله في نافع ؟ فقال : صالح ثقة " . فيكون ابن معين قد وثق رواية العمري عن نافع ، وليس كذلك ، وإنما هو سقط وتجاوز نظر من ترجمة إلى ترجمة . والله أعلم . وقد تبع ابن عدي عليهذا الخلل : الحافظان اذلهبي في " الميزان " 2 ( 4472 ) ، وابن حجر في " التهذيب " 5 : 328 آخر الترجمة ، وكان سببه عدم مراجعة الاصول ؟ والله أعلم . 4 " - وفي " تاريخ الدارمي " أيضا ( 783 ) : " قلت ليحيى : فمالك بن عبيدة الديلي تعرفه عن أبيه عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : لولا رجال خشع ؟ فقال : ما أعرفه " . وهكذا جاء لفظه عند ابن أبي حاتم 8 ( 948 ) ، فالضمير في صيغة السؤال " تعرفه " يعود على مالك ، ولا شئ قبله مذكور سواه ، والجواب عائد عليه .(1/249)
في حين أن اللفظ جاء عند ابن عدي 6 : 2377 : " قلت ليحيى بن معين : فمالك بن عبيدة الديلي ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : " لولا رجال خشع " تعرفه ؟ قال : لا أعرفه " ، ففهم ابن عدي عود الضمير على أقرب مذكور ، وهو فظ الحديث ، لا روايه ، لذلك قال عقبه : " هذا الحديث الذي قال ابن معين لا يعرفه : حدثناه عبدان ، وعبد الله بن محمد بن نصر بن سليم الرملي ، وابن سليم ، قالوا . . . " وساق سنده ومتنه ! . 5 " - وفي " تاريخ الدارمي " كذلك ( 486 ) : " قلت : فعبد الله بن نعمان ، عن قيس بن طلق ؟ قال : شيوخ يمامية ثقات " . فتحركف على ابن أبي حاتم في " الجرح " ( 956 ) ، 7 ( 568 ) إلى : عبد الله بن يعمر ، ذلك لان السابقين كانوا يكتبون ( نعمان ) دون ألف : نعمن ، وإذا رجعنا إلى عصر ابن أبي حاتم ، ولا حظنا عدم نقطهم / صفحة 165 / للحروف - إلا نادرا - رأينا تشابها كبيرا بين الرسمين : نعمن ، نمر ، فليس بينهما إلا أن نرفع طرف الراء قليلا ليتحد الرسمان . ويؤكد هذا من صنيع ابن أبي حاتم نفسه أنه لما ترم عبد الله بن نعمان لم يذكر فيه كلام ابن معين ،
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 165 :
،(1/250)
مع أنه حريص جدا الحرص على نقل أقوال ابن معين ، كما هو معلوم . 6 " - وسال الدارمي ابن معين أيضا فقال له ( 780 ) : " فمحمد بن عمار بن سعد ؟ فقال : لا أعرفه " ، فتحرف على ابن أبي حاتم 8 ( 65 ) إلى : محمد ن عباد بن سعد ، ولما لم يذكر له الدارمي شيخا ولا راويا عنه بيض ابن أبي حاتم لشيوخه والرواة عنه ، فقال : " روى عن . . . ، روى عنه . . . " ثم ذكر كلام الدارمي عن ابن معين ، وفسر قوله : " لا أعرفه " : " يعني لانه مجهول " . ولما ترجم محمد بن عمار بن سعد 8 ( 195 ) لم يذكر كلمة ابن معين أبدا ، لانه لا وجود له في نسخته ، إنما الذي فيها : محمد بن عباد بن سعد . 7 " - وقال عثمان الدارمي ( 506 ) : " سألته عن عبد الواحد بن زيد ؟ فقال : ليس بشئ " . ومثلها جاءت رواية الدوري 2 : 377 ( 3289 ) ، فتحرف اسم أبيه على العقيلي في كتابه " الضعفاء " إلى : ابن زياد ، فنقل هذا الكلام في ترجمة عبد الواحد بن زياد العبدي 3 ( 1015 ) ، وهو تحريف عليه ولا ريب ، لان الدرامي نفسه نقل عن ابن معين ( 52 ) أنه وثق ابن زياد العبدي . وكان من جارء ذلك : أن الذهبي في " الميزان " 2 ( 5287 ) تبع العقيلي في زعمه على ابن معين أنه ضعفه عبد الواحد بن زيد ! . وهذا واضح بسبب عدم مراجعة الاصول . 8 " - وقال عثمان الدارمي ( 644 ) لابن معين : " فعبد الله بن عبد المجيد الحنفي أخو أبي بكر ما حاله ؟ فقال : ليس به باس " . ومثله عند ابن أبي حاتم 5 ( 1541 ) مما يؤكد صحة هذا النص . وحصل للعقيلي فيه تحريف فاحش ، أو تشويش شديد في ترتتيب نصوص نسخته ! فجاء في " ضعفائه " 3 ( 1015 ) : " ليس بشئ " ! .(1/251)
ونق 4 ل الذهبي في " اليزان " 3 ( 5381 ) ما حكاه الدارمي بواسطة ابن أبي حاتم أولا ، وقال : " ذكره العقيلي في كتابه ، وساق له حديثا لا أرى به باسا " فكأنه يتشكك بصحة نقل العقيلي ، أما ابن حجر فقال في " التقريب " ( 4317 ) : " لم يثبت أن يحيى بن معين ضعفه " . 9 " - وفي " الجرح " 2 ( 1477 ) في ترجمة بشير بن نهيك : " روى عنه النضر بن أنس ، وأبو مجلز ، وتركه يحيى بن سعيد " . هكذا في النسخة المطبوعة ، وقال محققه العلامة المعلمي : " كذا في الاصلين " ، وكذلك جاء في " الكمال " للحافظ عبد الغني المقدسي رحمه الله ، كما نبه إليه المزي ، وتبعه ابن حجر في تهذيبيهما قال المزي : " وذلك وهم فاحش نشا عن تصحيف ، إنما قال أبو حاتم : عنه النضر بن أنس ، وأبو مجلز ، وبركة ، ويحيى بن سعيد " . وزاده الحافظ ضبطا فقال : " وبركة : هو بالباء الموحدة ، وهو إبو الوليد المجاشعي " . 10 " - وترجم الحافظ في " التهذيب " 7 : 88 عبيدة بن ميمون ، ومثله في " التقريب " ( 4417 ) ، / صفحة 166 / وصوابه : عبيس بن ميمون ، كما جا في " تهذيب الكمال " 2 / 899 وغيره ، فاظن ظنا أنه حصل له تحريف في نسخته من " تهذيب الكمال " ؟ والله أعلم . وحصل لهذا الاسم تحريف آخر لكن في نسخة مطبوعة ، فتحرف في طبعة الاستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله ل " سنن ابن ماجه " 2 : 751 ( 2234 ) إلى : عيسى ، وسلمت منه طبعة الدكتور الاعظمي 2 : 21 ( 2253 ) . وهناك مثلان على التحريف في المتون ، أشير إليهما باختصار : 11 " - روى العقيلي في " الضعفاء " 4 ( 1627 ) حديث : " يمسح اليتيم هكذا " فتحرف على عبد الحق الاشبيلي : يمسح التيمم هكذا " . انظر : " نصب الرايد " 1 : 161 ، و " لسان الميزان " 5 : 188 . 12 " - وقال ابن مهدي في قصة جرت له : كادت والله ، فتحرف قوله هذا على المصنف الحافظ الذهبي في " الميزان " 1 ( 1619 ) إلى : كاذب والله .(1/252)
أخرج القصة الخطيب في " الجامع " 1 : 136 ، ونبه إلى التحريف الحافظ في " السان " 2 : 150 . وأمثلة ذلك كثيرة ، وكما تحرف على بعض الرواة : عن الله عز وجل ، فقرأه : عن الله عن رجل ( 1 ) ! كذلك تحرف على بعض المعاصرين : عن رجل ، فقرأها : عز وجل ، ولما لم يكن لها ملاءمة للنص ، حذفها واستنكرها في التعليق . ومما هو على خطر التحريف الفاحش : ما أشرت إليه قبل قليل صفحة 160 إنني حولت رموز صيغ الاداء إلى كلماتها الاصلية - مثل : ثنا ، وأنا ، حولتهما إلى : حدثنا ، وأخبرنا ، وقلت : إن هذا العمل له محذور سيأتي بيانه . وذلك إذا لم يتامل فاعل ذلك موقع هذه الحروف من الكلام تماما . ومن نوادر ما وقفت عليه من تحريف هذه الحروف : ما صنعه الاستاذ علي البجاوي في ترجمة بقية بن الوليد من " الميزان الاعتدل " . 1 " - ففي مطبوعة " الميزان " 1 ( 1250 ) : " وقال حجاج بن الشاعر : سئل ابن عيينة عن حديث من هذه الملح . فقال أبو العجب : أخبرنا بقية بن الوليد ، أخبرنا . " . هكذا جاء النص بحروفه وعلامات ترقيمه . وهو كلام أشد عجمة من الاعجمي . وصوابه : سئل ابن عيينة عن حديث من هذه الملح فقال : أبو العجب أنا ؟ ! بقية بن الوليد أنا ؟ ! . لكن
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 166 :(1/253)
لما رأى الاستاذ الجاوي كلمة " أنا " ظنها مختصرة من : أخبرنا ، فراح يقلبها إلى أصلها المزعوم ، فوقع وأوقع القراء هذه العجمة ! ! . ومراد ابن عيينة أن يقول : أبو الجب أنا ؟ ! بقية بن الوليد أنا ؟ هل ترون أني أبو العجائب حتى أروي لكم مثل هذه الملح والنوادر ، إنما ذاك بقية بن الوليد فاذهبوا إليه . / صفحة 167 / 2 " - ومثل هذا ما حصل لناشر " الجواهر والدرر في رجمة شيخ الاسلام ابن حجر " للسخاوي رحمهما الله ، ففيه 1 : 134 : " وأنبانا أسرد . . " ، وأنا أسرد ، ظن كلمة " أنا " : رمزا لكلمة : انبانا . وهو ظن خاطئ من وجهين : أولهما : ليس لها مناسبة في الموقع . ثانيهما : أن كلمة " أنبانا " لم يختصرها المحدثون ولم يصطلحوا على رمز لها ، إنما اختصروا : حدثنا ، وأخبرنا . نص على ذلك السخاوي في " فتح المغيث " 2 : 190 . 3 " - ومثله وأشد : ما حصل في حديث في " سنن ابن ماجه " طبعة الاستاذ محمد فؤاد عبد الباقي رحمه الله في كتاب التجارات - باب الاسواق ودخولها 2 : 751 ( 2233 ) قال في الاسناد : " حدثني صفوان بن سليم ، حدثني محمد وعلي ، أنبانا الحسن بن أبي الحسن البراد . . " . وصواب " أنبانا " : ابنا ، تثنية ابن ، فمحمد وعلي ولدا الحسن بن أبي الحسن البراد المدني ، انظر ترجمتهما في هذا الكتاب ( 3893 ، 4793 ) ، في حين أن ظاهر الاسناد أن يكون محمد وعلي شخصين نكرتين لا يعرف اسم إبيهما ولا لهما ترجمة ! . وزاد الطين بلة ما حصل في طبعة الدكتور مصطفى الاعظمي للكتاب المذكور ، فانه جاء هكذا 2 : 21 ( 2252 ) : " حدثني محمد وعلي قالا : أنبانا الحسن بن أبي الحسن البراد . . . " . ذلك أن الدكتور الاعظمي قد أخذ على نفسه إضافة ( قال ) قبل ما يقتضيها من صيغ الاداء ، كما قال في مقدمته ص 40 : " أضفت كلمة ( قال ) حيث تتطلب الزيادة " . لكنها هنا مردودة لا مطلوبة .(1/254)
وكان عليه أن يتبه وينبه إلى خطا غيره ، إذ بالنص يزداد خطا وتعمية للصواب . 4 " - وآخر تصوف فاحش قبيح وقفت عليه من هذا القبيل : ما وقع من الدكتور عمر عبد السلام التدمري ، في تعليقه على " السيرة النبوية " - من " تاريخ الاسلام " للامام الذهبي رحمه الله تعالى . وذلك أن الحاكم روى في " المستدرك " 2 : 615 - 616 حديث رحلة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الشام للمرة الاولى ، ولقاء بحيرا الراهب به ، وفي هذه الرواية ذكر لابي بكر وبلال رضي الله عنهما ، وعلق الحاكم بقوله : " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه " . وبعد أن علق الذهبي طرفا من الحديث في " تلخيصه " قال : " الحديث بطوله ، خ م . قلت : أظنه موضوعا ، فبعضه باطل " ( 1 ) . يريد : روى الحاكم الحديث بطوله ، وقال الحاكم : إنه على شرط البخاري ومسلم . ثم تعقبه من عنده بقوله : أظنه موضوعا . . . إلا أن الدكتور التدمري فهم من هذين الرمزين : خ م ، أن الذهبي يريد عزو الحديث إلى صحيح البخاري ومسلم ! ! فقال في تعليقه على الكتاب المذكور أولا 1 : 57 : " قال الذهبي في " تلخيصه " : الحديث بطوله في البخاري ومسلم ، وأظنه موضوعا ، فبعضه باطل " . / صفحة 168 / فيكون قد قرأ : " الحديث بطوله " على الرفع بالابتداء ، وخبره هو متعلق الجار والمجرور : في البخاري ومسلم ، والمراد ما قدمته . وقد برأ الله الشيخين وكتابيهما من روايته . وهذا يكشف عن بعد عن العربية ، فضلا عن فهم مصطلحات العلماء في كتبهم ! . وإلى الله المشتكى . وبمثل هذا يتمسك أهل الزيغ فيقولون : الذهبي الامام العظيم السني يقول بوجود بعض أحاديث موضوعة في صحيحي البخاري ومسلم معا ! ! سبحانك اللهم ، هذا بهتان عظيم .(1/255)
وقد أذكرني هذا بما حكاه ياقوت الحموي في " معجم الادباء " 53 - 54 قال : " وقد روي أن أبا عمرو بن العلاء كان يقول لعلم العربية : هو الدين بعينه ، فبلغ ذلك عبد الله بن المبارك فقال : صدق ، لاني رأيت النصارى قد عبدوا المسيح لجهلهم بذلك ، قال الله تعالى - في الانجيل - : أنا ولدتك من مريم ، وأنت نبيي ، فحسبوه يقول : أنا ولدتك ، وأنت بنيي . فبتخفيف اللام ، وتقديم الباء ، وتعويض الضمة بالفتحة : كفروا " . وهذه الحكاية هي أصل ( القيل ) الذي ذكره السيوطي في " التدريب " 2 : 68 أوائل النوع الخامس والعشرين . 5 " - وجاء في آخر ترجمة عبد الله عبد الرحمن الثفي الطائفي من " الجرح " 5 ( 448 ) قول أبي حاتم فيه : " بابة طلحة بن عمرو " . وعلق المعلمي على قوله : " بابة " : " م : حدثنا به " . ذلك أن ناسخ نسخة م رأى أمامه : بابه ، فلم يتضح له المراد منها ، فظن الحرف الاول : نا ، لانه غير منقوط أو هو منقوط ، لكن لم يستقم له معناه فظن أنه اختصار من : حدثنا ، وأنه بهذا الشكل يستقيم
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 168 :(1/256)
المعنى ، والمراد : حدثنا به فلان وفلان ! هكذا ظن فكتب ، ولا بد لكل تحريف من تأويل ! . وهذا الازدواج في التحريف - أو التحريف المركب - أذكرني بتحريف حصل للسيوطي رحمه الله ، نبه إليه العلامة أحمد شاكر رحمه الله في تعليقاته المسماة " الباعث الحثيث " ص 69 - 70 . قال الامام الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ص 145 تحت النوع السابع والعشرين : معرفة علل الحديث ، " الجنس السابع . . . قال : حدثنا أبو شهاب ، عن سفيان الثوري . . . " . فنقله السيوطي في " التدريب " ص 145 : " كحديث الزهري عن سفيان الثوري " . قال الاستاذ أحمد شاكر : " أبو شهاب : هو الحناط - بالنون - واسمه : عبد ربه بن نافع الكناني - والحديث عنه في " المستدرك " للحاكم 1 : 43 ، فاشتبه الاسم على السيوطي ، وظنه : ابن شهاب ، فنقله بالمعنى ، وجعله : الزهري ! ! وهذا من مدهشات غلط العلماء الكبار ، رحمهم الله ورضي عنهم " . 6 " - ومن ذلك في نظر الامام أبي القاسم السهيلي رحمه الله : ما جاء في " البيان والتبين " ( 1 ) للجاحظ / صفحة 169 / 2 : 18 : " قال محمد بن سلام : قال يونس بن حبيب : ما جاء عن أحد من روائع الكلام ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " . فحكى الامام السهيلي - مع الاقرار والتسليم - تعقب غيره لهذا القول في كتابه " الروض الانف " 4 : 138 فقال : " قال الجاحظ في كتاب " البيان " عن يونس بن حبيب : لم يبلغنا من روائع الكام ما بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وغلط في ها الحديث ونسب إلى التصحيف ، وإنما قال القائل : ما بلغنا عن البتي . يريد : عثمان البتي ، فصحفه الجاحظ ، قالوا : والنبي صلى الله عليه وسلم أجل من أن يخلط مع غيره من الفصحاء حتى يقال : ما بلغنا عنه من الفصحاة أكثر من الذي بلغنا عن غيره ، كلامه أجل من ذلك وأعلى . صوابت الله عليه وسلامه " .(1/257)
وأقول : هذا المعنى - من حيث هو - صحيح ولا ريب ، ولكن الجزم بنسبة الجاحظ إلى التصحيف والغط يتوقف على معرفة أن عثمان البتي البصري التوفى سنة 143 كان من أئمة الفصاحة والحكمة والاقوال المأثورة ، بحيث إن يونس بن حبيب - الامام العلم في العربية واللسان - يقول فيه هذه الكلمة وهو يعلم ا وراءها ، ومن يغمط حقه بسببها ! وهو يعلم أيضا أن الكوفة والبصرة عش أرباب روائع الكلام ! . وقد علق معلق على حاشية مخطوطته من " البيان والتبين " خلاصة كلام السهيلي ولم ينسبه إليه ، وزاد عليه الجزم بان البتي " كان من الفصحاء " ! ( 1 ) . وعلى كل حال : فان ثبت تصحييف الجاحظ ذلك فيكون هذا من التصحيف المركب ، كالتصحيف الذي قبله . وقد حصل تصحيف البتي إلى : النبي - مع إضافة " صلى الله عليه وسلم " إليه - لاحد الرواة الثقات : عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، فقد جزم بذلك الامام أحمد في قصة ساقها الخطيب في " تاريخه " 2 : 80 فلتنظر هناك ، فهي مثال على التصحيف المركب أيضا . ومنه أيضا تلك الكلمة المنكرة في لفظها وفي نسبتها إلى الامام أبي حنيفة رضي الله عنه : " لو أدركني رسول الله - أو النبي صلى الله عليه وسلم - وأدركته : لاخذ بكثير من قولي " ! ! أسند هذا إليه الخطيب 13 : 378 ، 390 ، فتعقبه العلامة الكوثري رحمه الله في " التأنيب " ص 75 ، 87 وأنها : لو أدركني البتي . هذا ، وقد قال الامام أحمد - وحسبك به - : " ومن يعرى عن الخطا والتصحيف ! " . ومما هو على خطر الوقوع في الغلط أيضا - والشئ بالشئ يذكر - : الاعتماد على التب المرتبة على غير ترتيب مؤلفيها ، يقصد بترتيبها تيسير الاستفادة منها . 1 " - قال الذهبي في " الميزان " 3 ( 5710 ، 5711 ) : " عكرمة بن خالد بن سلمة المخزومي ، عن أبيه ، قال البخاري : منكر الحديث ، وقال النسائي : ضعيف . . . ،(1/258)
فاما : عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاص المخزومي : فمكي معروف ، ثقة ، من مشيخة ابن جريج ، أخطا ابن حزم في تضعيفه - " المحلى " 7 : 303 - وذلك أن أبا محمد - ابن حزم - فيما حمكاه ابن القطان ، كان وقع إليه كتاب الساجي في الرجال ، فاختصره ورتبه على الحروف ، فزلق في هذا الرجل بالذي قبله ، ولم يتفطن لذلك . وهذا الرجل وثقه ابن معين وأبو زرعة والنسائي " . / صفحة 170 / 2 " - وعمرو بن مالك : أكثر من رجل ، منهم : عمرو بن مالك الراسبي ، وعمرو بنمالك النكري ، وهما مترجمان في " تهذيب التهذيب " 8 : 95 ، 96 ، وقد نقل الحافظ عن ابن حبان أنه قال في " ثقاته " عن النكري : " يعتبر حديثه من غى رواية ابنه عنه ، يخطئ ويغرب " . وهذا الكلام فيه جمع بين كلام ابن حبان في موضعين . ذلك أنه ترجم عمرو بن مالك النكري في موضعين ، في الطبقة الثالثة : أتباع التابعين 7 : 228 وقال فيه الجملة الاولى فقط : " يعتبر حديثه من غير رواية ابنه " . ثم ترجم في الطبقة الرابعة : أتباع أتباع التابعين 8 : 487 عمرو بن مالك النكري وقال فيه الجملة
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 170 :(1/259)
الثانية : " يخطئ ويغرب " . وصواب هذا : أنه الراسبي لا النكري ، ووقع هذا الاشتباه لابن عدي أيضا في " الكامل " 5 : 1799 . لكن لما كان ابن حجر يعتمد على " ترتيب ثقات ابن حبان " لشيخه الهيثمي ، وجاءت الترجمتان متتاليتان عنده ، ووجد أمامه هذا النص فنقله ، ولم يتنبه إلى أنهما رجلان اثنان ، ولو كان ينقل عن " الثقات " مباشرة لتنبه إلى أن هذا من طبقة ، وذاك من أخرى ، فلا أقل من أن لا يدرجهما معا ، إن لم يبحث في تصويب نسبة الثاني ، مع أنه نفسه قال عن الراسبي " من العاشرة " ، وعن النكري : " من السابعة " ، ونقل كلمة " يغرب ويخطئ " في الراسبي قبل أقل من صفحة . وعلى الانسان أن يسدد ويقارب ، ويسال الله تعالى التوفيق . و " كفى المرء نبلا أن تعد معايبه " . اللهم وفقنا وسددنا ، ولا حول لنا ولا قوة إلا بك . وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وتابعيه باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا . والحمد لله رب العالمين . المدينة المنورة : سحر الثلاثاء 14 / 9 / 1410 وكتبه محمد عوامة / صفحة 171 / نص ما على الصفحة الاولى من " الكاشف " - في الزاوية اليسرى العليا : " ناوله مصنفه لمحمد بن عبد الله بن أحمد ابن الناصح " ( 1 ) . وفوقه كلمات قليلة لم يتضح منها إلا كلمة : مناولة . - ثم : " الحمد لله وحده . ناولني شيخنا الامام الحافظ العلامة الحجة ، جال الحفاظ ، عمدة املحدثين ، بركة المسلمين ، شمس الدين ، المصنف فسح الله في أجله : هذا الكتاب بعد قراءتي لخطبته عليه ، فسمعها لي المحدث شهاب الدين أحمد بن سعيد السيواسي ، والشيخ جمال الدين محمد بن محمد بن إسماعيل بن شداد الكناني ، والفقيه محمد بن الحسين بن سرحان ، وتناولوا من المؤلف أبقاه الله الكتاب معي ، وذلك في سادس عشري رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة هجرية ، والحمد لله وحده . كتبه عبد الوهاب بن علي السبكي الشافعي بالمدرسة الصدريد بدمشق " .(1/260)
- ثم : " الله الموفق . ناولني الشيخ الامام الرحلة حجة الحفاظ شيخ الاسلام المؤلف : هذا الكتاب وقرأت عليه خطبته ، وأذن لي في روايته عنه . وكتب في المحرم سنة خمس وأربعين وسبعمائة . كتبه الحسين بن علي السبكي الشافعي " ( 2 ) . - ثم : " الحمد لله رب العالمين . ناولني شيخنا الامام الحافظ العلامة شيخ الاسلام شمس الدين المصنف فسح الله في مدته : هذا الكتاب ، وذلك بعد قراءتي الخطبة عليه ، وذلك في عاشر ذي القعدة سنة خمس وأربعين وسبعمائة . كتبه محمد بن أبي بكر ابن قوام القرشي " ( 3 ) . - وكتب عليه تملك بجانب اسمه : " من كتب يحيى ابن حجي الشافعي ، سنة 855 " ( 4 ) . - وفي أسفل الصفحة ختم : " من مواهب ذي الفيض المدرار ، لعبده محمد يحيى بن العطار ، خادم الفقه ولآثار ، 1200 " وعن يساره ختم وقفية أحمد تيمور باشا رحمهم الله تعالى جميعا . / صفحة 172 / نص ما على الصفحة الاخيرة من " الكاشف " - " فرغت من اختصاره بعد العصر يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رمضان سنة عشرين وسبعمائة ، وهذا المختصر في در عشر الاصل " . - وعن يمينه قوله الآخر : " فرغ الذهبي من هذه النسخة سنة تسع وعشرين " أي : وسبعمائة . - " سمع مني الكتاب باسره من لفظي الامام حسام الدين الحسن بن رمضان القرمي ( 1 ) ، وفتاه سيف الدين بهادر ، وعماد الدين أبو بكر بن أحمد بن السراج ، وشرف الدين عبد الله بن محمد بن الواني ، وأمين الدين محمد بن علي الانفي ( 2 ) ، وتم في حادي عشر رمضان سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ، وصح ذلك ، وحرروا نسخهم . كتبه محمد ابن الذهبي " . - وكان تلميذ المصنف الحسين بن عمر بن حسن ابن حبيب الحلبي ( 712 - 77 بمكة ) قد نسخ لنفسه نسخة من " الكاشف " وأرخ ذلك على حاشية هذه الصفحة ، فقال : " فرغه كتابة الحسين بن عر ابن حبيب سامحه الله ، * في يوم الاربعاء سادس عشر ذي الحجة سنة 734 بالمدرسة التقوية بدمشق " ( 3 ) .(1/261)
- ثم قرأه على المصنف مباشرة وكتب : " قرأت كتاب " الكاشف " من أوله إلى آخره على مؤلفه شيخنا الامام العالم العامل ، الحافظ ، البارع ، الناقد ، شيخ المحدثين ، وبقية الجهابذة من المؤرخين ، بركة الشام ، سيد أهل الشان ، شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان ابن الذهبي ، فسح الله في مدته ، وأمتع ببقائه ، فسمعه بقراءتي كاملا أبو الخير صالح بن عبد الله الصفروي ( بواب القيمرية ؟ ) أبوه ، وسمع من قوله في الكنى : أب الحسن العسقلاني إلى آخر الكتاب : الفقيه الامام العالم الفاضل بدر الدين محمد بن عبد الله الشبلي الحنفي ، وصح وثبت في تسعة مجالس ، آخرها يوم الخميس رابع عشري ذي الحجة سنة أربع وثلاثين وسبعمائة ، بالمدرسة الصدرية / صفحة 173 / الحنبلية ، بمداينة دمشق حرسها الله تعالى ، وأجاز لنا ما له روايته . قاله وكتبه الحسين بن عمر بن الحسن بن عمر بن حبيب سامحه الله " .
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 173 :(1/262)
فيكون يوم بدء القراءة هو يوم ختم النسخ . - ثم كتب عن يمين السماع : " فرغه كتبة مرة ثانية وثالثة الحسين بن عمر بن الحسن بن حبيب ، وعارض به نسخته " . - وفوق هذه الكتابة كتابة لم تظهر ، بل لم يظهر معناها الاجمالي أيضا . - وتحتها " سمع جميع هذا الكتاب على مؤلفه . . أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله المجاور بمكة شرقها الله تعالى ، وذلك في مجالس آخرها يوم الاحد رابع عشر شهر ربيع الاول سنة ثلاث وأربعين ( ؟ ) وسبعمائة . . . " . - ثم على الطرف الايسر : " فرغه كتابة ( ؟ ) كاتبه ابن التاذفي عمر . وكذلك مرة ثانية . عمر " . وفوقه : " فرغه مرة ثالثة أبو القاسم عمر ابن التاذفي " . - وتحته : " ملك به نسخة داعيا لمقيده محمد بن علي المالكي الدقاق . كذلك : عبد الله بن الواني ، وسمعه على المؤلف " . - ثم سماع ظهر في أوائله اسم المصنف وألقابه العلمية ، ولم يظهر اسم القارئ ومن حضر معه ، ونصه فيه شئ من الطول . - وهناك كلمات قليلة كتبت على الحاشية اليمنى قب كتابة المصنف لسماع القرمي وفتاه بهادر وابن السراج ، لم تظهر تماما ، لكن في آخرها : " كتبها عماد الدين ابن السراج " . / صفحة 174 / فوائد كتبها البرهان الحلبي أول نسخته وآخرها - كتب على الصفحة الاولى فوائد ، لكنها ممزقة ااطراف ، ملصوق عليها أوراق صغيرة لتتماسك الصفحة ، فطمست على كلمات كثيرة أذهبتها وأذهبت معناها الاجمالي ، فلا مجال للاستفادة منها . - أما الصفحة الثانية فهي مليئة بالفوائد ، وكلها تتعلق ب " جامع التحصيل " - قسم المدلسين منه - وهي فوائد كان يجمعها منه ومن كتب أخرى أثناء مراجعاته .(1/263)
فتجمع لديه تراجم استدركها على حاشية نسخته من " جامع الحصيل " ، ونقلها عنه تلميذه ابن زريق ، وأثبت معظمها ناشر الكتاب المذكور الاستاذ حمدي عب المجيد ، وفات ابن زريق أو ناشر الكتاب بعض هذه الفوائد ، منها : " خارجة بن مصعب الخراساني ، في " الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم - 3 ( 1716 ) - أنه كان يدلس عن غياث " . أي : غياث بن إبراهيم بن طلق بن غنام النخعي ، ولم يكتب السبط هذه الفائدة عند ترجمة خارجة في " الكاشف " ( 1303 ) فاحببت تسجيلها هنا ، لاغتنامها من قلمه رحمه الله ، وهي في " تهذيب الكمال " أيضا 8 : 20 . - وأما الصفحة الثالثة فهي تحتوي عنوان الكتاب واسمه ، وبجانبه الايمن : " ملكه إبراهيم سبط ابن العجمي الحلبي ، وكتب عليه فوائد " . ثم كتب فوائد نفسيه بعضها يتعلق بالرجال ، وبعضها بالرواية عن بعضهم ، والنصف الاسفل من هذه الصفحة تتمة واستيفاء لما في الصفحة السابقة . ومن فوائد النصف الاعلى الذي أشرت إليه فائتتان ألحقتهما بموضعهما ، الاولى ي ترجمة كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف ( 4637 ) ، والثانية في ترجمة يحيى بن يمان العجلي ( 6274 ) . ثم نقل فائدتين من خط الامام محمد بن محمد بن إحمد والد الامام الحافظ ابن سيد الناس شارح " سنن الترمذي " وصاحب " عيون الاثر " ، إحداهما في عدد من روى عنه كل من البخاري ومسلم ، وعدد من اتفقا على الرواية عنه ، وعدد من روى عنه مسلم بواسطة ، وقد روى عنه البخاري مباشرة ، وهم 35 رجلا ، وعدد من روى عنه البخاري بواسطة ، وقد روى عنه مسلم مباشرة ، وهم ستة ، واستدرك عليه السبط واحدا ، هو عبيد الله بن معاذ العنبري ، وانظر ( 3462 ) من " الكاشف " . ثم استدرك عليه بالعدد الذي ذكره الحاكم في " مدخله " : " جملة من خرج له البخاري في " صحيحة " دون مسلم 434 شيخا ، وجملة من خرج له مسلم في " صحيحه " دون البخاري 625 شيخا " .(1/264)
والفائدة الثانية فيها ذكر : " شيوخ أبي القاسم الطبراني الذين وافق فيهم بعض أصحاب الكتب الستة " ، / صفحة 175 / فنقلهم ورمز فوق كل واحد منهم رمز من روى عنه ، وغالبهم من شيوخ النسائي ، وواحد من شيوخ مسلم ، وواحد من شيوخ أبي داود . وجاء في آخر النسخة فوائد بخطه أيضا 7 أثبتها بنصها لفائدتها . قال رحمه الله : " وجدت بخط الامام الحافظ أبي الربيع الياسوفي ( 1 ) ما نصه حرفا بحرف : كتب الامام محمد بن الفضل التيمي ما صورته على المجلد الثاني من " معجم الطبراني الكبير " ، وقف الملك نور الدين الشهيد ( بالمدرسة ؟ ) الحنفية بدمشق ، ومنها قرأت وسمعت : قال البخاري رحمه الله : آفة أصحاب الحديث الشره . يعني : أنهم ( يولعون ) بالاكثار من السماع والرواية ، ويجمعون بين الغث والسمين ، وقلما يميزون رواياتهم بين الصحيح والسقيم ، ( ولا يخذون ) ما ثبت سنده ، ويتركن ما زيف رواته . وكان الطبراني رحمه الله ممن عني بالاكثار ، فكان يورد في تصانيفه ( ما لا يثبت ) عند السبر والامتحان ، ولا يقتصر على روايات أهل الاتقان ، بل يجمع بين ااروى والنعام . وذكر فى هذا الكتاب إحاديث فيها قرض ( 2 ) جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم ، وطعن على قوم من بني أمية ، وثلب لخلفاء بني العباس ، وهذا -
............................................................
- من له رواية في كتب الستة - الذهبي ج 1 ص 175 :(1/265)
- وإن كان محالا على قوم ، ورواية عن جماعة - فال يرخص يه أن يورد في الكتاب ما فيه مغمز هم ، ( وليته ) اقتصر على المشهور ، واترز من الشواذ التي وردت عن أقوام غير معدلين ، وطوائف بمذاهب السوء ( معروفين ) . فالصواب : أن يعتمد على الثابت مما أورده ، ولا يعتمد على ما لا يثبت من ذلك ، وإن كان ما أورده من الشواذ منسوبا إلى غيره وهو منه برئ . وكتب العبد محمد بن الفضل بخطه . نقله منه كما شاهده حرفا بحرف سليمان بن يوسف . ومنه كذلك إبراهيم سبط ابن العجمي " . ومنه كذلك محمد عوامة الحلبي الاصل ، المدني الاقامة ، غفر الله له . وما بين الهلالين كلمات زدتها من عندي لربط الكلام ، وقد لصق ورقة صغيرةفوقها الترقيع صفحة المخطوطة الاصلية . وأقول : إن هذه فائدة عظيمة ، تحتاج إلى دراسة تاريخية : لم قال الامام البخاري رحمه الله هذه الكلمة التي تصور آفة من آفات الرواة الجماعين ، وإلى دراسة اصطلاحية ، وعقدية . فرحم الله أئمتنا ، ما أوجز كلماتهم ، وما أجمعها للفوائد . ونحو كلمة البخاري هذه ، كلمة لشيخه الامام يحيى بن معين رحمه الله ، فقد روى عنه ابن الجنيد في " سؤالاته " ( 62 ) قال : " مسمعت يحيى بن معن يقول : ما أهلك الحديث أحد ما أهلكه أصحاب الاسناد . يعني : الذين يجمعون المسند ، أي يغمضون في الاخذ من الرجال " . / صفحة 176 / وقال ابن حبان في " المجروحين " 3 : 93 ترجمة الهيثم بن عدي : " كل من حدث عن كل من سمع في الايام ، وبكل ما عنده : عرض نفسه للقدح والملام " . * * * فائدة ثانية بخط السبط أ يضا : " قال الجوهري : و " بضع " في العدد : بكسر الباء ، وبعض العرب يفتحها ، وهو ما بين الثلاث إلى التسع ، تقول : بضع سنين ، وبضعة عشر رجلا ، وبضع عشرة امرأة ، فإذا جاوزت لفظ ( العشر ) ذهب لبضع ، لا تقول : بضع وعشرون . انتهى .(1/266)
قال شيخنا شيخ الاسلام البلقيني : ما قاله الجوهري من أنك لا تقول : بضع وعشرون : يرد عليه الحديث الشريف الذي رواه الجماعة : البخاري ومسلم وغيرهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الايمان بضع وستون شعة ، والحياء شعبة من الايمان " انتهى . وفي " المثلث " لابن عديس : والبضع ما بين اثني عشر إلى عشرين ، فما فوق ذلك ، حكاه عن " الموعب " ، وأعقبه بان قال : وقال الفراء : البضع : نيف ، ما بين ثلاثة إلى التسعة ، كذلك رأيت العرب تنقل ، ولا يقولون : بضع ومائة ، ولا بضع وألف ، ولا يذكر إلا مع بضع عشر ، ومع العشرين إلى التسعين . انتهى ذلك " . وكلام الجوهري في " صحاحه " 3 : 1186 ، وحكى جواز ا منعه الجوهري صاحب " المصباح المنير " عن أبي زيد ، وراجع تأييد الجواز في " القاموس وشرحه 20 : 333 . فائدة ثالثة بخط السبط أيضا : " في " سنن الدارقطني " في بيع الكالئ بالكالئ ، وساق إلى ( غير واحد ) : عن موسى بن عقبة . قال شيخنا شيخ الاسلام : موسى بن عبيدة . ثم كشفته في " سنن البيهقي " فإذا هو قد نبه على وهم الدارقطني في قوله : موسى بن عقبة " . " سنن الدارقطني " 3 : 71 ، 72 ( 269 ، 270 ) وما بين الهلالين أقدر أن يكون صواب قراءته هكذا ، وتابع الحاكم شيخه الدارقطني على ذلك في " مستدركه " 2 : 57 - ولم يتعقبه المصنف ! - ونبه إلى وهم الدارقطني والحاكم البيهقي في " سننه " 5 : 290 ، وساقه من طريق ابن عدي - " الكامل " 6 : 2335 - وأن الحديث معرو بموسى بن عبيدة . وهو قد ذكره في ترجمته . وقد رواه السابقون للدارقطني بدهر على إنه موسى بن عبيدة ، أنظر : " نصب الراية " 4 : 40 ، فتعين أن الوهم من الدارقطني ، كما هو صريح كلام البيهقي . * * * وأ ؟ ؟ ؟ را كتب رحمه الله كلام الترمذي في سماع قتادة من أبي العالية ثلاثة أحاديث ، وقد كتبها عند ترجمته ( 4551 ) فاستغنيت عن ذكرها هنا .(1/267)
والله الموفق ، وصلى الله على سيندنا محمد وعلى آله وصحهبه وسلم تسليما كثيرا . / صفحة 177 / صفحة العنوانن من نسخة المصنف ومناولاته الكتاب لبعض تلامذته الصفحة الاولى من نسخة المصنف / صفحة 178 / الصفحة الاولى من قسم الكنى من نسخة المصنف الصفحة الاخيرة من نسخة المصنف ، وفيها السماعات على مصنفه / صفحة 179 / هذه الصفحة بقلم سبط ابن العجمي ألحقها أول نسخته التي بقلم ابن الاسكندي وفي الزاوية اليمنى العليا تملك السبط للنسخة . / صفحة 180 / الصفحة الاولى من نسخة ابن الاسكندري ، والحواشي بقلم سبط ابن العجمي إلا الحاشيةالعيا اليمنى / صفحة 181 / صفحة من نسخة ابن الاسكندري تبدو فيها فوائد سبط ابن العجمي على الحاشية وخلال الاسطر . / صفحة 182 / صفحة ن نسخد ابن الاسكندري ، وفيها بعض الحواشي الطويلة بقلم سبط ابن العجمي . / صفحة 183 / الصفحة الاخيرة من نسخة ابن الاسكندري . / صفحة 184 / الفوائد الاخيرةالتي ختم بها سبط ابن العجمي نسخته . / صفحة 185 /(1/268)