أخطاء المحررين في نص التقريب
لما رأيت كثرة الأخطاء التي حصلت للمحررين في نص التقريب عمدت إلى وضع كثير من الأخطاء والسقوطات التي وقع فيها المحرران في جداول ، وقد رتبت هذه الجداول على تسلسل تراجم الكتاب كي يستفيد منها من عنده نسخة من التحرير ، وقد أحلت إلى رقم الترجمة ، ثم الخطأ الذي وقعا فيه ، ثم الصواب ، ثم بيان سبب الخطأ ، ثم بيان موضع التصويب .
وقد وصل مجموع تلك الأخطاء إلى مئتين وواحد وثلاثين خطأً .
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
1 ... 197 ... وهم ... ووهم ... تقليد عوامة ... جميع النسخ الخطية والمطبوعة
2 ... 206 ... وقيل ست ... وقيل سنة ست ... تقليد عوامة ... جميع النسخ الخطية والمطبوعة
3 ... 235 ... وثلاثين ... وثلاثين ومائتين ... تقليد عوامة ... جميع النسخ الخطية والمطبوعة
4 ... 277 ... حرمي بلفظ النسب ... حرمي بلفظ النسب بمهملتين ... تقليد عوامة ... جميع النسخ الخطية والمطبوعة
5 ... 284 ... 4 ... د ت ق ... تقليد عوامة ... جميع النسخ الخطية والمطبوعة وتهذيب الكمال والكاشف لكن جاء في تهذيب التهذيب يؤيد الرقم 4 ؛ لأن النسائي روى له في الكبرى من رواية ابن الأحمر .
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
6 ... 359 ... جاز ... جاوز ... تقليد عوامة ... من جميع النسخ الخطية والمطبوعة والكاشف
7 ... 385 ... بفتح المهملة ... بفتح المهملة واللامين ... تقليد عوامة ... من طبعة عبد الوهاب عبد اللطيف ومصطفى عبد القادر
8 ... عقيب 558 ... حصل سقط في آخر الإحالة وهي لفظة : يأتي ... من النسخ الخطية والمطبوعة
9 ... 642 ... بالموحدة ... بالموحدة المكسورة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
10 ... 655 ... بركة المجاشعي ... بركة [بفتحات] المجاشعي ... تقليد عوامة ... من النسخ الخطية والمطبوعة(1/1)
11 ... 669 ... الأصفر ... الأصفر بالفاء ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص
12 ... 731 ... أكثم ... أكثم بالمثلثة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص
13 ... 741 ... سُليم ... سليم مصغراً ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص
14 ... 810 ... ونونين ... ونونين مخففين ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص
15 ... 813 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
16 ... 825 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
17 ... 827 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
18 ... 951 ... ت س ... ت سي ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال
19 ... 978 ... بعدها مهملة ... بعدها صاد مهملة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
20 ... إحالة عقيب 1031 ... أبو هند في الكنى ... أبو هند ، يأتي في الكنى ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و ( ص )
21 ... 1056 ... بوزن عظيم ... بوزن فعيل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 30 ب ) وأشار في الحاشية إلى أنها في نسخة ( عظيم ) وهي كذلك في نسخة الأوقاف ( الورقة : 36 أ ) ولم يتنبها إلى شيء من هذا ؛ لعكوفهما التام على طبعة الشيخ محمد عوامة ، وبهذا تظهر فائدة النسخ الخطية على خلاف قاعدة الدكتور بشار .
22 ... 1060 ... الحارث : صحابي ... الحارث غير منسوب : صحابي ... تقليد عوامة ... النسخ المطبوعة
23 ... 1081 ... س ... ص ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال ومطبوعة مصطفى
24 ... 1093 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والنسخ المطبوعة .
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح(1/2)
25 ... 1099 ... الثانية ... الثالثة ... تقليد عوامة ... من نسخة ص والنسخ المطبوعة
26 ... 1106 ... بأرمينية أميراً ... بأرمينية وكان أميراً ... تقليد عوامة ... من نسخة ص والنسخ المطبوعة
27 ... 1115 ... حبيب المعلم ... حبيب بن المعلم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
28 ... 1217 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والنسخ المطبوعة
29 ... 1255 ... سبع وخمسين وقد ... سبع وخمسين ومائتين وقد ... تقليد عوامة ... من نسخة ( ص ) والنسخ المطبوعة
30 ... 1297 ... من الثانية ... من الثامنة ... تقليد عوامة ... من نسخة ( ص ) والنسخ المطبوعة
31 ... 1436 ... ابن أخي أنس ... ابن ابن أخي أنس ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ق ) والنسخ المطبوعة
32 ... 1447 ... قيسي أو ... قيل : إنه قيسي أو ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 40 ب ) والنسخ المطبوعة
33 ... 1500 ... بخ م 4 ... خت بخ م 4 ... تقليد عوامة ... من تصريح المزي ( 7/279 ) والنسخ المطبوعة
34 ... 1596 ... م د س ... م د ت س ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والكاشف والنسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
35 ... 1667 ... سأل عبد الرحمن بن خالد قثم بن العباس ... سأل عبد الرحمن بن خالد بن قثم بن العباس ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 46 أ ) ومخطوطة ( ق ) ( الورقة : 57 ب ) والنسخ المطبوعة .
36 ... 1669 ... خباب المدني ... خباب بن المدني ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 47 أ ) والنسخ المطبوعة
37 ... 1706 ... بوزن كبير ... بوزن كثير ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 47 ب ) ومخطوطة ( ق ) ( الورقة : 59 أ ) والنسخ المطبوعة
38 ... 1716 ... صد ... مد ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والنسخ المطبوعة(1/3)
39 ... قبل 1840 ... حرف الذال ... حرف الذال المعجمة ... عدم الدقة والضبط ... من مخطوطة (ص) ( الورقة : 61 أ ) ومخطوطة ( ق ) ( الورقة : 63 ب ) والنسخ المطبوعة بما فيها نسخة عوامة
40 ... 1845 ... والد قبيصة ، مات ... والد قبيصة ، صحابي ، مات ... تقليد عوامة ... من مخطوطة (ص) ( الورقة : 51 أ ) ومخطوطة ( ق ) ( الورقة : 64 أ ) والنسخ المطبوعة
41 ... 1918 ... س ق ... ص ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال ( 7 / 146 ) ولهذا رقم له الذهبي في الكاشف ( 1 / 394 الترجمة 1557 ) بـ ( ق ) فقط ، فإن ( ص ) ليس من شرطه
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
42 ... 2013 ... ثم شدة ... ثم مشددة ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 55 ب ) والنسخ المطبوعة
44 ... 2175 ... بلفظ الشهر ... باسم الشهر ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) الخطية
45 ... 2211 ... وتثقيلٍ ... وتثقيل الثانية ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
46 ... 2272 ... ثلاث وتسعون ... ثلاث وتسعون سنة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
47 ... 2310 ... من السادسة ... من السادسة أيضاً ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص )
48 ... 2326 ... خت م د س ... بخ م د س ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وخلاصة الخزرجي وتهذيب التهذيب
49 ... عقيب 2330 ... سليمان ... سليمان الربعي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
50 ... 2337 ... سعيد بن العاص (بالتكرار) ... ( بدون تكرار ) ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف
51 ... 2358 ... آخر أمره ... آخر عمره ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
52 ... 2365 ... تصانيف كثير ... تصانيف لكنه كثير ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح(1/4)
53 ... 2404 ... نصير بالتصغير ... نصير بضم النون بالتصغير ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص )
54 ... عقيب 2437 ... مضى في الحاء ... تقدم في الحاء ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
55 ... 2477 ... أول مشاهده ... من أول مشاهده ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
56 ... 2504 ... أبو مسلم الدمشقي ... أبو مسلمة الدمشقي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص )
57 ... 2545 ... قاضي مكة ... القاضي بمكة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
58 ... 2594 ... أبو عُمَر ... أبو عَمْرو ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف ونسخة ( ص )
59 ... 2608 ... ابن أبي نجيح ... ابن نجيح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
60 ... عقيب 2639 ... سعد بن سنان ... سعد بن سنان تقدم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص )
61 ... 2659 ... أبو سعيد البزار ... أبو سعيد البزاز ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والكاشف ونسخة ( ص )
62 ... 2687 ... سبع وستين ... سبع وستين ومائة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
63 ... 2710 ... يقال ... ويقال ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
64 ... 2713 ... ثمان وتسعين ... ثمان وتسعين ومائة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والكاشف
65 ... 2741 ... رزيق ... زريق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ومخطوطة ( ص ) ( الورقة : 73 ب ) ومخطوطة الأوقاف ( الورقة : 95 أ )
66 ... 2747 ... الثانية ... الثالثة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) ( الورقة : 74 أ )
67 ... 2802 ... المقدم ... المتقدم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) ( الورقة : 75 ب )(1/5)
68 ... 2861 ... خت م 4 ... خت بخ م 4 ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب 4 / 391 ، وتصريح المزي في تهذيب الكمال 3 / 427 ط 98
69 ... 2885 ... د ت س ق ... د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 3 / 435 وتهذيب التهذيب 4 / 401
70 ... 2890 ... س ... د س ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب 4 / 403
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
71 ... 2892 ... اختلط ... اختلط بأخرة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
72 ... 3005 ... د س ... د سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 3 / 493
73 ... 3020 ... يضع ... يضع الحديث ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
74 ... 3041 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 3 / 517
75 ... 3065 ... عخ 4 ... عخ د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 4 / 11
76 ... 3066 ... جاز ... جاوز ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ومخطوطة ( ص )
77 ... 3084 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 4 / 22 وتهذيب التهذيب 5 / 60
78 ... 3095 ... أفرط ... أفرط فيه ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
79 ... 3112 ... مات ... مات قبل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
80 ... 3116 ... قاص ... قاضي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) ( الورقة : 84 أ )
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
81 ... 3117 ... بياع الهروي … صدوق ... بياع الهروي على تقدير محذوف إما بياع القماش أو غيره ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
82 ... 3128 ... وبالتشيع ... والتشيع ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) الورقة : 84 ب )(1/6)
83 ... 3133 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من نسخة مصطفى عبد القادر وتهذيب الكمال
84 ... 3156 ... عباد السماك ... عباد بن السماك ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) ( الورقة : 85 أ )
85 ... 3195 ... 4 ... د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال
86 ... 3270 ... م س ... م ص ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال
87 ... 3265 ... تسع وسبعين ... تسع وتسعين ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال ومخطوطة ( ص ) ( الورقة : 89 أ )
88 ... 3317 ... س ... ص ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والنسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب
89 ... 3337 ... خت م 4 ... بخ م 4 ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والنسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
90 ... 3396 ... ت س ق ... ت سي ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال
91 ... 3420 ... ت س ق ... ت سي ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والنسخ المطبوعة
92 ... 3513 ... مولى ابن عباس أيضاً من الثالثة ... مولى ابن عباس أيضاً ثقة من الثالثة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
93 ... 3671 ... م د ت س ... م د ت س ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتصريح المزي في آخر ترجمته
94 ... 3867 ... م 4 ... م د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
95 ... 3921 ... تشديد المهملة ... تشديد السين المهملة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) ( الورقة : 110 ب )
96 ... 3931 ... م س ... م سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
97 ... 3935 ... وجيم وزن ... وجيم وراء وزن ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
98 ... 3939 ... كان يفهم ... كان يهم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) الحاشية(1/7)
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
99 ... 3942 ... سكون المهملة ... سكون السين المهملة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
100 ... 4059 ... 4 ... د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
101 ... 4080 ... سنة سبع ... سنة سبع ومائتين ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
102 ... 4131 ... من العاشرة ... من العاشرة أيضاً ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
103 ... 4156 ... التعليق وله ... التعليق ، وليس هو معلقاً وله ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
104 ... 4185 ... بن سعد ... بن سعيد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
105 ... 4200 ... ثقة فصيح ... ثقة فقيه ... تقليد عوامة ... من مطبوعة عبد الوهاب ونسخة ( ص ) الخطية ( الورقة : 120 أ )
106 ... 4201 ... علاق ... علاف ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 120 أ )
107 ... 4213 ... مات ... ومات ... الذهول ... من جميع النسخ الخطية والمطبوعة
108 ... 4215 ... الحادية عشرة ... الحادية عشرة أيضاً ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
109 ... 4262 ... حديثاً في العباس ... حديثاً في فضل العباس ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
110 ... 4268 ... بخ ... بخ س ... تقليد عوامة ... من مطبوعة عبد الوهاب عبد اللطيف وتهذيب الكمال
111 ... 4289 ... شعيث ... شعيب ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 122 ب )
112 ... 4314 ... ثلاثة ... ثلاث تراجم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
113 ... 4327 ... عمرو ... عمر ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 124 أ )
114 ... 4338 ... بالمعجمة ... بالخاء المعجمة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة(1/8)
115 ... 4353 ... ست وثمانون ... ست وثمانون سنة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
116 ... 4357 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال
117 ... 4390 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب
118 ... 4393 ... س ... سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
119 ... 4489 ... ولي مكة ... ولي مكة من الثالثة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
120 ... 4602 ... أبو البصري ... أو البصري ... انعدام الدقة والضبط ... من جميع النسخ بما فيها طبعة عوامة وتهذيب الكمال وغيرها
121 ... 4697 ... س ق ... ص ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب التهذيب والنسخ المطبوعة
122 ... 4717 ... بخ م 4 ... بخ مق 4 ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال والنسخ المطبوعة
123 ... 4772 ... ت س ... ت ص ... تقليد عوامة ... من تهذيب التهذيب والنسخ المطبوعة
124 ... 4785 ... د ت س ... د ت ص ... تقليد عوامة ... من تهذيب التهذيب والنسخ المطبوعة
125 ... 5254 ... أبو سعد ... أبو سعيد ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ص (الورقة : 150 أ) ومخطوطة ق (الورقة : 183 أ) والنسخ المطبوعة وخلاصة الخزرجي ص 300
126 ... 5504 ... 197 ... الرقم كتابة ... تقليد عوامة ... من جميع النسخ
127 ... 5505 ... 194 ... الرقم كتابة ... تقليد عوامة ... من جميع النسخ
128 ... 5695 ... السيلمي ... السلمي ... تقليد عوامة ... من مخطوطة ( ص ) ( الورقة : 161 أ ) ومخطوطة ( ق ) ( الورقة : 197 أ ) والنسخ المطبوعة
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
129 ... 5812 ... 56 ... الرقم كتابة ... تقليد عوامة ... من جميع النسخ
130 ... 5922 ... 91 ... كتابة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والخطية(1/9)
131 ... 5922 ... من التاسعة ... من الحادية عشرة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والخطية
132 ... 5930 ... 181 ... كتابة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف ( الورقة : 205 أ )
133 ... 5936 ... 271 ... كتابة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف ( الورقة : 205ب)
134 ... 5942 ... ثقة مرضي ... ثقة مرضي عابد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 168 ب
135 ... 6049 ... السابعة ... السادسة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 209ب
136 ... 6126 ... م ت ... مق ت ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 6 / 427
137 ... 6288 ... ابن العجمي ... العجمي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 178 ب )
138 ... 6384 ... خت م ل ... خت مق ل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 6 / 551 ط 98 وتهذيب التهذيب 9 / 509
139 ... 6577 ... ت ... ت س ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 7 / 77 وتهذيب التهذيب 10 / 99
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
140 ... 6578 ... مري بالتصغير ... مري بلفظ النسب ابن قطري ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 226 أ
141 ... 6622 ... د ... د سي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 7 / 95
142 ... إحالة قبيل 6637 ... بن أبي عقرب في الكنى ... بن أبي عقرب أبو عقرب في الكنى ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 228 أ ، ص 188 ب
143 ... 6774 ... ابن أبي وهب ... ابن وهب ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 189ب
144 ... 6679 ... المصري ... البصري ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 189ب والأوقاف 229 أ(1/10)
145 ... 6698 ... بشير ... بشر ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 190ب والأوقاف 230 أ
146 ... 6846 ... عون ... عوف ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب 10 / 267
147 ... 6877 ... خمس عشرة ومئة ... 215 ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 7 / 220 وتهذيب التهذيب والكاشف
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
148 ... 6903 ... سُقَير ... شقير ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 237 أ و ( ص ) 196 أ
149 ... 6960 ... مدني الأصل ... مدني كوفي الأصل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 239 أ و ( ص ) 197 ب
150 ... 6990 ... خت د س ق ... خت بخ د س ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال صرح به المزي 7 / 271
151 ... 7043 ... مقبول ... سقطت من المخطوط والمطبوع ... تقليد عوامة ... لم ترد في النسخ المطبوعة والخطية ( الأوقاف 242 أ ونسخة ( ص ) 199 ب )
152 ... 7059 ... ووهل ... ووهم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 200 أ
153 ... 7059 ... الخراز ... الخزاز ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 200 أ ونسخة الأوقاف 242ب
154 ... 7067 ... ت ... ت ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب
155 ... 7295 ... البزار ... البزاز ... الوهم والذهول ... من النسخ المطبوعة ومحمد عوامة وتهذيب الكمال وتهذيب التهذيب والكاشف
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
156 ... 7314 ... هقل : لقب ... هو لقب ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 206ب
157 ... عقيب 7669 ... ابن زكريا ... ابن أبي زكريا ... الوهم والذهول ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص )
158 ... 7678 ... بينهما مهملة ... بينهما مهملة ساكنة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة(1/11)
159 ... 7767 ... من السادسة ... من السادسة أيضاً ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
160 ... 7777 ... سنة أربع ... سنة أربع وستين ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
161 ... عقيب 7943 ... أبو سعيد بن أبي ... أبو سعيد أسيد بن أبي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
162 ... عقيب 7962 ... الصفاني ... الصنعاني ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و مخطوطة ص ( الورقة : 224 ب )
163 ... 7964 ... س ... ص ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال
164 ... 4 / 165 ... العنوان : (( حرف التاء )) ... حرف التاء المثناة ... الذهول ... من جميع النسخ
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
165 ... 4 / 167 ... حرف الثاء ... حرف الثاء المثلثة ... الذهول ... من جميع النسخ
166 ... 8017 ... بخ 4 ... بخ د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال
167 ... 8021 ... وقيل جندب بن فيروز ... وقيل : جندب بن صيرور ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 246 أ
168 ... 4 / 175 ... العنوان (( حرف الحاء )) ... حرف الحاء المهملة ... الذهول ... من جميع النسخ
169 ... 8037 ... وقتل هذا باليمامة ... وقيل هذا بالتحتانية ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والخطية
170 ... 8042 ... م 4 ... م د ت ص ق ... تقليد عوامة ... من نسخة ص وتهذيب الكمال
171 ... إحالة 8046 ... ويقال : فليت ... ويقال له : فليت ... الذهول ... من جميع النسخ الخطية والمطبوعة
172 ... إحالة 8070 ... أبو حيوة ... أبو حية ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ومخطوطة الأوقاف 279 أ ، ومخطوطة ص 228 أ
173 ... 8079 ... عن رزيق ... عن زريق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و ( ص ) 228 ب ، ومخطوطة الأوقاف 279 ب
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح(1/12)
174 ... 4 / 189 ... عمر بن سعد ... عمرو بن سعد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 228ب
175 ... 8088 ... الثانية ... الثالثة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 280 أ
176 ... إحالة 8091 ... عبيد الله ... عبد الله ... تقليد عوامة ... من مطبوعة عبدالوهاب ونسخة الأوقاف 280 أ ، و ( ص ) 229 أ
177 ... إحالة 8097 ... صوابه : ابن زرير ... صوابه : ابن رزين ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 280ب
178 ... 8104 ... وإلا فمجهول ... وإلا فهو مجهول ... الذهول ... من النسخ المطبوعة جميعها ونسخة ( ص )
179 ... 8105 ... عمارة بن رويبة ... عمارة بن روبية ... الذهول ... من محمد عوامة
180 ... 8105 ... عمارة بن رويبة ... عمارة بن رؤيبة ... الذهول ... من النسخ المطبوعة
181 ... 8105 ... عمارة بن رويبة ... عمارة بن رومة ... الذهول ... من نسخة الأوقاف
182 ... 8167 ... س ق ... ص ق ... تقليد عوامة ... من تهذيب الكمال
183 ... 8284 ... الكوفي ... الكوفي الأكبر ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
184 ... إحالة عقيب 8292 ... هو عمرو ... هو عمر ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 236 أ
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
185 ... إحالة عقيب 8293 ... مسلم بن نذير ... مسلم بن يزيد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 236 أ
186 ... 8331 ... 4 ... د ت سي ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال
187 ... 8336 ... خت د س ق ... خت م د س ق ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب الكمال 8 / 416
188 ... إحالة عقيب 8338 ... علي بن دواد ... علي بن داود ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 292 ب ونسخة ( ص ) 238 أ(1/13)
189 ... إحالة عقيب 8348 ... مخلد ... خالد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 293 أ ونسخة ( ص ) 238 أ
190 ... 8358 ... عن عمر ... عن عمرو ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 238 ب
191 ... 8359 ... ي د س ... ي د ص ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب وتهذيب الكمال
192 ... 8360 ... صبيح ... صبح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والأوقاف 293 ب
193 ... إحالة عقيب 8377 ... زربي ... رومي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 239 أ
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
194 ... إحالة عقيب 8379 ... ابن أبي طلحة ... ابن أبي طلحة المدني وحذف كلمة ( الذي ) ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 239 ب
195 ... إحالة عقيب 8382 ... عمرو بن أبي الحجاح ... عمرو بن الحجاج ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 239ب
196 ... 8426 ... … ودمة بن هانئ ... … ودمة ، وقيل : ابن هانئ ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 297 أ
197 ... إحالة عقيب 8433 ... بفتح الواو ... بفتح أوله ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 241ب
198 ... إحالة 8453 ... سهيل ... سهل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 298ب
199 ... إحالة عقيب 8454 ... يعفور ... يعقوب ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 242 أ ، ونسخة الأوقاف 298ب
200 ... إحالة قبيل 8459 ... أردك ... أدرك ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 299 أ
201 ... إحالة قبيل 8459 ... عبيد ... عبد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف ونسخة (ص) 242 ب
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح(1/14)
202 ... 8460 ... ابن الحجاح ... ابن أبي الحجاح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و ( ص ) 243 أ
203 ... إحالة قبيل 8470 ... الدؤلي ... الهذلي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و ( ص ) 244 ب والأوقاف 301 ب
204 ... عقيب 8475 ... ابن لعبدالله ... ابن عبدالله ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 245 أ .
205 ... إحالة قبيل 8484 ... ابن عَنَمة بنون اسمه ... ابن عنمة ، اسمه ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ( ص ) 245ب
206 ... إحالة عقيب 8484 ... حصن ... حصين ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 303ب
207 ... إحالة قبيل 8487 ... ويوسف ... يوسف بدون ( واو ) ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 304ب
208 ... 8487 ... لمحمد ... محمد ... تقليد عوامة ... من نسخة عبد الوهاب ونسخة ( ص ) 246 أ
209 ... عقيب 8488 ... يزيد ... زيد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 304 ب ، و( ص ) 246 ب
210 ... عقيب 8498 ... الأنباري : محمد ... الأنباري : هو محمد ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و( ص ) 247 ب
211 ... عقيب 8498 ... عبيد الله الرقي ... عبد الله الرقي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وص 248أ ونسخة الأوقاف 306 ب
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
212 ... عقيب 8498 ... براء ثم زاي ... براء وزاي ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و( ص ) 248 أ
213 ... عقيب 8498 ... سلم ... سليم ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 308 ب
214 ... عقيب 8498 ... فضيل ... فضل ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة و( ص ) 249 ب
215 ... عقيب 8498 ... نسبة ... نسب ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 309 أ ونسخة ص 249 ب(1/15)
216 ... عقيب 8498 ... شيخ ... مصبح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 309 ب ونسخة ص 250 أ
217 ... عقيب 8498 (4 / 360) ... بريرة ... برير ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 310 أ ونسخة ص 250 ب
218 ... عقيب 8498 (4 / 364) ... ذو النورين : هو عثمان ... ذو النورين ، عثمان ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص ( الورقة : 251 أ )
219 ... عقيب 8498 (4 / 365) ... زرغونة ... زرعونة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 311 أ ونسخة ص 251 أ
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
220 ... 8503 ... بخ د ... بخ م د ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة وتهذيب التهذيب 12 / 362
221 ... عقيب 8513 ... أبو روح ... بن روح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والخطية ونسخة الأوقاف 315 أ ، و( ص ) 254 ب
222 ... عقيب 8513 ... أبو روح ... بن روح ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة والخطية نسخة الأوقاف 315 أ و( ص ) 254ب
223 ... عقيب 8513 (4 / 388) ... عبد الله ... عبيد الله ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة
224 ... 4 / 393 ... عمر ... عمرو ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 255 أ
225 ... 4 / 395 ... اسمه ... اسم ... الذهول ... من النسخ المطبوعة ونسخة الأوقاف 317 ب و( ص ) 255 ب
226 ... 4 / 397 ... جملة : عن أبي أيوب ... ( هذه الجملة ساقطة ) ... تقليد عوامة ... سقطت من المطبوع والمخطوط نسخة الأوقاف 318 أ ، و( ص ) 256 أ
227 ... 8542 ... عنها ... عمها ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 258 أ
ت ... رقم الترجمة ... الخطأ ... الصواب ... السبب ... موضع التصحيح
228 ... 8565 ... الثالثة ... السادسة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 258 أ(1/16)
229 ... 8571 ... لها حديث ... لها حديث في الرقية ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 258 أ
230 ... 8631 ... الخامسة ... الثامنة ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 259 ب
231 ... 8761 ... عبيد ... عبيد الله ... تقليد عوامة ... من النسخ المطبوعة ونسخة ص 262 ب(1/17)
أسباب وقوع الإدراج
إن الباعث للراوي عَلَى الإدراج يختلف من شخص لآخر ، ومن حَدِيْث إلى حَدِيْث غيره ، ما بَيْنَ بيان لتفسير كلمة ، أَوْ استنباط لحكم ، أَوْ قلة ضبط .
ويمكننا أن نجمل سبب وقوع الإدراج فِيْمَا يأتي (1) :
أن يريد الرَّاوِي تفسير بعض الألفاظ الغريبة الواردة في متن الْحَدِيْث ، فيحملها عَنْهُ بعض الرُّوَاة من غَيْر تفصيل لتفسير تِلْكَ الألفاظ .
مثاله : حَدِيْث عقيل(2) ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين في قصة بدء الوحي، وفيه: (( وَكَانَ يخلو بغار حراء فيتحنث فِيْهِ، وَهُوَ التعبد … )) (3) .
فقوله : (( وَهُوَ التعبد )) مدرج من كلام الزهري في الْحَدِيْث (4) .
أن يقصد الرَّاوِي إثبات حكم ويستدل عليه بالحديث المرفوع .
ومثاله ما ورد (5) في حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - : (( أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار )) .
أن يريد الرَّاوِي بيان حكم يُستَنبطُ من كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
ومثاله ما تقدم (6) في حَدِيْث بسرة بنت صفوان رضي الله عَنْهَا : (( مَنْ مس ذكره أو رفغه أو أنثييه فليتوضأ )) .
__________
(1) انظر : تدريب الرَّاوِي 1/270 ، وفتح القادر المغيث الورقة 73-74 .
(2) هُوَ عقيل – بالضم – بن خالد بن عقيل الأيلي ، أبو خالد الأموي مولاهم : ثقة ثبت ، توفي سنة
( 144 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 142 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 141 ه ) .
تهذيب الكمال 5/205 ( 4590 ) ، والكاشف 2/32 ( 3860 ) ، والتقريب ( 4665 ) .
(3) رَوَاهُ : عَبْد الرزاق ( 9719 ) ، وأحمد 2/232 ، والبخاري 1/3 ( 3 ) و 9/37 ( 6982 ) ، ومسلم 1/97 ( 160 ) ( 252 ) و 1/98 ( 160 ) ( 253 ) ، وغيرهم .
(4) انظر : فتح الباري 1/23 ، والديباج ، للسيوطي 1/141 .
(5) انظره في رسالتي الدكتوراه أثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء477 .
(6) ص : 236 .(2/1)
قَالَ السيوطي : (( فعروة لمّا فهم من لفظ الخبر أن سبب نقض الوضوء مظنة الشهوة جعل حكم ما قرب من الذكر كذلك فَقَالَ ذَلِكَ ، فظن بعض الرُّوَاة أنه من صلب الخبر فنقله مدرجاً فِيْهِ ، وفهم الآخرون الحال ففصلوا )) (1) .
اختصار الْحَدِيْث والرواية بالمعنى .
الخطأ الناشئ عن عدم ضبط الرَّاوِي لمروياته .
__________
(1) تدريب الرَّاوِي 1/271 .(2/2)
أسباب القلب
مِمَّا لا شك فِيْهِ أن قابليات الرُّوَاة تتفاوت ما بَيْنَ إتقان وضبط وتعاهد للمحفوظ ، ثُمَّ إنهم مختلفون في ما ركزه الله فِيْهِمْ من العدالة أو ضدها ، وعليه فَقَد اختلفت دوافع القلب في المرويات تبعاً لهذا التفاوت ، ويمكن أن نجعل جملة الأسباب الَّتِيْ تؤدي بوقوع القلب في حَدِيْث الرُّوَاة ثلاثة ، هِيَ (1) :
1. رغبة الرَّاوِي في إيقاع الغرابة في حديثه ليُرَغِّبَ الناس
حَتَّى يظنوا أنه يروي ما ليس عِنْدَ غيره فيقبلوا عَلَى التحمل مِنْهُ . عَلَى نحو ما وقع في حَدِيْث حماد بن عمرو النصيبي الَّذِيْ سقناه قَبْلَ قليل (2) .
ولهذا السبب كره أهل الْحَدِيْث تتبع الغرائب ، قَالَ الإمام أحمد : (( لا تكتبوا هَذِهِ الأحاديث الغرائب فإنها مناكير وعامتها عن الضعفاء )) (3) .
2. الإمعان في التثبت من حال المحدِّث أحافظ هُوَ أم غَيْر حافظ ؟ وهل يفطن لما وقع في الْحَدِيْث من القلب أم لا ؟
فإن تبين لَهُ أنه حافظ متيقظ يطمئن القلب في الْحَدِيْث عَنْهُ ، أقبل عَلَى التحمل عَنْهُ ، وإن تبين لَهُ خلاف ذَلِكَ ، بأن كانت فِيْهِ غفلة أو بلادة ذهن أعرض عَنْهُ وتركه .
كَمَا وقع للبخاري والعقيلي والفضل بن دكين ومحمد بن عجلان والمزي وغيرهم – مِمَّا أسلفنا ذكرهم – (4).
3. خطأ الرَّاوِي وغلطه
بأن يقع القلب في حديثه من باب السهو لا العمد ، وهذا النوع راويه معذور فِيْهِ ؛ لأنه لَمْ يقصد إيقاعه ، إلا أنه إذا كثر في حديثه استحق الترك (5).
__________
(1) انظر : إرشاد طلاب الحقائق 1/267 ، والباعث الحثيث : 90 ، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 1/641 ، وفتح المغيث 1/256 ، وتوضيح الأفكار 2/110-111 .
(2) ص : 530 .
(3) الكامل 1/111 ، وانظر : شرح التبصرة والتذكرة 2/77 طبعتنا ، وطبعة العلمية 2/270 .
(4) الصفحة : 229 .
(5) انظر : منهج النقد في علوم الْحَدِيْث : 435 .(3/1)
مثاله : الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ جرير بن حازم ، عن ثابت البناني ، عن أنس قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني )) (1).
فهذا الْحَدِيْث انقلب إسناده عَلَى جرير، وإنما هُوَ مشهور ليحيى بن أبي كثير ، عن عَبْد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ، هكذا رَوَاهُ الجمع ، عن يحيى بن أبي كثير مِنْهُمْ :
أبان : عِنْدَ أبي داود (2) .
حجاج بن أَبِي عثمان الصواف(3) : عِنْدَ مُسْلِم (4) ، وابن خزيمة (5)، وأبي عوانة (6)، وابن حبان (7) ، وأبي نعيم في " المستخرج " (8) .
شيبان (9): عِنْدَ البُخَارِيّ (10)، ومسلم (11)، وأبي عوانة (12)، وأبي نعيم في "المستخرج"(13).
__________
(1) عِنْدَ : الطيالسي ( 2128 ) ، وعبد بن حميد ( 6259 ) ، والترمذي في " علله " الكبير ( 146 ) ، والطبراني في " الأوسط " ( 9387 ) .
(2) في سننه ( 539 ) .
(3) هُوَ حجاج بن أبي عثمان ، واسم أبي عثمان : ميسرة ، وَقِيْلَ : سالم ، الصواف ، أبو الصلت الكندي مولاهم ، البصري : ثقة حافظ ، توفي سنة ( 143 ه ) .
تهذيب الكمال 2/62 ( 1108 ) ، والكاشف 1/313 ( 938 ) ، والتقريب ( 1131 ) .
(4) في صحيحه 2/111 ( 604 ) .
(5) في صحيحه ( 1526 ) .
(6) في صحيحه ( 1335 ) .
(7) في صحيحه ( 2242 ) .
(8) عَلَى صَحِيْح مُسْلِم ( 1341 ) .
(9) هُوَ شيبان بن عَبْد الرَّحْمَان التميمي ، مولاهم النحوي ، أَبُو معاوية البصري ، نزيل الكوفة : ثقة ، صاحب كتاب، يقال: إنَّهُ منسوب إِلَى (( نحوة )) بطن من الأزد، لا إِلَى علم النحو، توفي سنة (164 ه).
تهذيب الكمال 3/412-413 (2770) ، والكاشف 1/491 ( 2316 ) ، والتقريب (2833) .
(10) في صحيحه 1/164 ( 638 ) .
(11) في صحيحه 2/101 ( 654 ) .
(12) في صحيحه ( 1339 ) و ( 1340 ) .
(13) 1340 ) .(3/2)
علي بن المبارك (1) : عِنْدَ البخاري (2) ، وأبي عوانة (3) ، وابن حبان (4) .
معاوية بن سلام (5) : عِنْدَ ابن خزيمة (6).
معمر : عِنْدَ عَبْد الرزاق (7) ، وابن أبي شيبة (8) ، ومسلم (9) ، والترمذي (10)، وأبي عوانة (11) ، وابن حبان (12) ، وأبي نعيم في " المستخرج " (13).
هشام: عِنْدَ البُخَارِيّ (14)، والدارمي (15)، وأبي نعيم في "مستخرجه"(16)، والبيهقي(17).
همام : عِنْدَ الدارمي (18) .
__________
(1) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي – بضم الهاء وتخفيف النون – البصري : ثقة ، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان ، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال .
تهذيب الكمال 5/295-296 ( 4713 ) ، والكاشف 2/45 ( 3957 ) ، والتقريب ( 4787 ) .
(2) في صحيحه 2/9 ( 909 ) .
(3) في مسنده ( 1341 ) .
(4) في صحيحه ( 1755 ) .
(5) هُوَ معاوية بن سلاّم – بالتشديد – بن أبي سلاّم – واسم أبي سلاّم ممطور الحبشي ويقال : الألهاني ، أبو سلاّم الدمشقي ، وَكَانَ يسكن حمص : ثقة ، توفي بَعْدَ سنة ( 170 ه ) .
تهذيب الكمال 7/154-155 ( 6650 ) ، والكاشف 2/276 ( 5525 ) ، والتهذيب ( 6761 ) .
(6) في صحيحه ( 1644 ) .
(7) في مصنفه ( 1932 ) .
(8) في مصنفه ( 4093 ) .
(9) في صحيحه 2/101 ( 604 ) .
(10) في الجامع الكبير ( 592 ) .
(11) في مسنده ( 1337 ) .
(12) في صحيحه ( 2223 ) .
(13) المستخرج ( 1341 ) .
(14) في صحيحه 1/164 ( 637 ) .
(15) في سننه ( 1261 ) .
(16) المستخرج ( 1340 ) .
(17) في السنن الكبرى 2/20 .
(18) في سننه ( 1262 ) .(3/3)
قَالَ الترمذي: (( سألت محمداً عن هَذَا الْحَدِيْث فَقَالَ : هُوَ حَدِيْث خطأ ، أخطأ فِيْهِ جرير بن حازم . ذكروا أن الحجاج الصوّاف كَانَ عِنْدَ ثابت البناني ، وجرير بن حازم في المجلس ، فحدّث الحجاج ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن عَبْد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( إذا أقيمت الصلاة فلا تقوموا حَتَّى تروني )) ، فوهم فِيْهِ جرير بن حازم فظن أن ثابتاً حدّثه عن أنس بهذا )) (1) .
__________
(1) علل الترمذي : 89 عقيب ( 146 ) ، وانظر : العلل ومعرفة الرجال 2/243 ، والمراسيل : 94 ، وجامع الترمذي عقيب ( 527 ) ، والضعفاء الكبير 1/198 ، وعلل الدَّارَقُطْنِيّ 4/الورقة 21 .(3/4)
أهمية مَعْرِفَة الاختلافات في المتون والأسانيد
إذا كَانَ كُلّ علم يستمد شرفه من مدى نفعه -كَمَا قررناه آنفاً-،فإن العلم بمعرفة الاختلافات الَّتِيْ تقع في المتون والأسانيد لَهُ أهمية كبيرة ؛ لأن علم الْحَدِيْث من أشرف العلوم الشرعية ، ومعرفة الاختلافات لها أثر كبير في تمييز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من السقيم .
ثُمَّ إن الَّذِيْ يزيد هَذَا الفن أهمية أنه من أشد العلوم غموضاً ، فلا يدركه إلا من رزق سعة الرِّوَايَة ، وَكَانَ مع ذَلِكَ حاد الذهن ثاقب الفهم دقيق النظر واسع المران كَمَا تقدم . ومعرفة الاختلافات والترجيح بينها من الأمور الَّتِيْ لا تنال إلا بممارسة كبيرة في الإعلال والتضعيف ومعرفة السند الصَّحِيْح من الضعيف ، فَمَنْ أَكْثَرَ الاشتغال بعلم الْحَدِيْث وحفظ جملة مستكثرة من المتون وعرف خفايا المتون والأسانيد ومشكلاتها استطاع أن يميز الْحَدِيْث الصَّحِيْح من الْحَدِيْث المختلف فِيْهِ، لذا قَالَ الربيع بن خُثَيْم (1): (( إن للحديث ضوءاً كضوء النهار تعرفه وظلمة كظلمة الليل تنكره )) (2) .
__________
(1) هُوَ الربيع بن خُثَيم بن عائذ النوري أبو يزيد البصري: مخضرم ثقة عابد توفي سنة (61 ه) أَوْ (63 ه).
طبقات ابن سعد 6/182 ، وسير أعلام النبلاء 4/258 ، والتقريب ( 1888 ) .
(2) الموضوعات 1/103 .(4/1)
ومعرفة العلل واختلافات المتون والأسانيد هِيَ لُبُّ القضايا في علوم الْحَدِيْث وأدقها وأغمضها ، وَقَدْ قعّد الْمُحَدِّثُوْنَ النقاد القواعد لتنقية الأحاديث النبوية وحفظها من أوهام الناقلين وأخطائهم . ومصدر اختلاف المتون والأسانيد يبقى خفياً غامضاً لا يكشفه إلا من جمع بَيْنَ الحفظ والفهم والمعرفة . ومعرفة الاختلافات في المتون والأسانيد أمر خفيٌّ غامض لا يصل إِلَيْهِ نظر الباحث إلا بالغربلة والدراسة المعمقة مع رصيد كبير من الممارسة الحديثية . ثُمَّ إنّ الخبرة وطول المذاكرة وزيادة الحفظ والملكة القوية ، وجمع الأبواب والتمرّس المستمر في ذَلِكَ هُوَ الَّذِيْ جعل الأئمة النقاد يعرفون الاختلافات بالنظر إِلَيْهَا لمخالفتها ما لديهم من صواب في المتون والأسانيد .
ثُمَّ إنّ عَلَى طالب الْحَدِيْث قَبْلَ أن يعلَّ حديثاً بالاختلاف أن يجمع طرق الْحَدِيْث ويستقصيها من المصنفات والجوامع والمسانيد والسنن والأجزاء ، ويسبر أحوال الرُّوَاة فينظر في اختلافهم وفي مقدار حفظهم ومكانتهم من الضبط والإتقان ، وعند ذَلِكَ وبعد النظر الشديد في القرائن والمرجحات والاستعانة بأقوال الأئمة نقاد الْحَدِيْث وحفاظ الأثر وإشاراتهم ؛ يقع في نفس الباحث الناقد أن الْحَدِيْث معلٌّ بالاختلاف ، كأن يَكُوْن الْحَدِيْث الموصول معلاً بالإرسالِ أَوْ الانقطاع أَوْ يَكُوْن المرفوع معلاً بالوقف (1) أو أن هناك سقطاً بسبب التدليس ، أو يجد دخول حَدِيْث في حَدِيْث أو يجد وهم واهمٍ أو ما أشبه ذَلِكَ من العلل القادحة .
__________
(1) هنا مسألة ينبغي التنبيه عَلَيْهَا : وَهي أن الإرسال ليس بمجرده معياراً لتعليل الموصول ، وكذا الوقف بالنسبة للرفع، وإنما يفسر ذَلِكَ بحسب الواقع الَّذِيْ نلمسه من عمل النقاد في التصحيح والتعليل ، وَهُوَ أن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الإرسال والوصل خطأ. وأن يَكُوْن الصواب في الْحَدِيْث الوقف والرفع خطأ.(4/2)
والنظر العميق في التعرف عَلَى الاختلافات في المتون والأسانيد لَهُ أهمية بالغة للفقيه فضلاً عَنْ المحدِّث؛ لأن الفقيه لا يستطيع أن يعرف صحة الْحَدِيْث من عدمها حَتَّى يقر في نفسه ويعتقد أنّ هَذَا الْحَدِيْث خالٍ من الخلل والوهم بسبب الاختلافات. والنظر والتنقير في الترجيح بَيْنَ الاختلافات عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالحديث تعطي الفقيه والمحدّث مَعْرِفَة هل أنّ الْحَدِيْث صالح للاحتجاج والعمل أم لا ؟
إنّ جهابذة الْحَدِيْث ونقاده وصيارفته وأفذاذه حثوا عَلَى مَعْرِفَة الاختلافات ، فَقَالَ الإمام أحمد بن حَنْبَل – يرحمه الله – : (( إن العالم إذا لَمْ يعرف الصَّحِيْح والسقيم ، والناسخ والمنسوخ من الْحَدِيْث لا يسمى عالماً )) (1) .
وَقَالَ قتادة (2) : (( من لَمْ يعرف الاختلاف لَمْ يشم أنفه الفقه )) (3) .
وَقَالَ سعيد بن أبي عروبة (4): (( من لَمْ يَسْمَع الاختلاف فلا تعدوه عالماً )) (5).
وَقَالَ عطاء بن أَبِي رباح (6)
__________
(1) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث ، للحاكم : 60 .
(2) هُوَ قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي ، أبو الخطاب البصري : ثقة ثبت ، ولد أكمه ، مات سنة مئة وبضع عشرة .
تهذيب الأسماء واللغات 1/57 ، وسير أعلام النبلاء 5/269 ، والتقريب ( 5518 ) .
(3) جامع بيان العلم 2/46 .
(4) هُوَ سعيد بن أبي عروبة مهران اليشكري مولاهم ، أبو النضر البصري ، أول من صنف في السنة النبوية : ثقة حافظ مدلس ، اختلط في أثناء عمره ، مات سنة (156 ه ) وَقِيْلَ سنة : ( 157 ه ) .
انظر : تذكرة الحفاظ 1/177 ، وسير أعلام النبلاء 6/413 ، والتقريب ( 2365 ) .
(5) جامع بيان العلم 2/46 .
(6) هُوَ عطاء بن أبي رباح ، واسم أبي رباح أسلم ، القرشي مولاهم ، المكي : ثقة فقيه فاضل ، كثير الإرسال ، مات سنة ( 114 ه ) ، في أشهر الأقوال .
الجرح والتعديل 6/330 ، وسير أعلام النبلاء 5/78، والتقريب (4591).(4/3)
: (( لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حَتَّى يَكُوْن عالماً باختلاف الناس )) (1) .
هذا وغيره من أقوال الأئمة النقاد في حثهم عَلَى تعلّم الاختلافات ودراستها حَتَّى يخرج طالب العلم فقيهاً محدّثاً ، وَقَدْ أدرك الصدر الأول من أهل العلم أهمية ذَلِكَ للفقيه والمحدِّث ، وأنَّ الفقه والحديث صنوان لا ينفكان وتوأمانِ مُتلازمان لا غِنَى لأحدهما عَنْ الآخر ، ومَنْ كَلَّ في أحدهما خيف عَلَيْهِ السقط في الآخر وَلَمْ يُؤْمَن عَلَيْهِ من الغلط، بَلْ ربما كَانَ مدعاة للوهم والإيهام . ونجد السابقين من العلماء حثوا عَلَى تعلم العلمين، نقل الكتاني (2) في " نظم المتناثر" (3) عَنْ سفيان الثوري (4) وسفيان بن عيينة وعبد الله بن سنان (5)
__________
(1) جامع بيان العلم 2/46 .
(2) هُوَ مُحَمَّد بن جعفر بن إدريس الكتاني،أبو عَبْد الله، مؤرخ محدّث ، مكثر من التصنيف ، ولد بفاس سنة (1274 ه ) ، من تصانيفه " الرسالة المستطرفة " و " سلوة الأنفاس " ، توفي سنة ( 1345 ه ) .
معجم المؤلفين 9/150 . الأعلام 6/72-73 .
(3) ص : 8 .
(4) هُوَ سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، أَبُو عَبْد الله الكوفي : ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة ، توفي سنة ( 161 ه ) .
طبقات خليفة : 168 ، وسير أعلام النبلاء 7/229 ، والتقريب ( 2445 ) .
(5) هُوَ عَبْد الله بن سنان الهروي نزيل البصرة ، سَمِعَ ابن المبارك وغيره ، رَوَى عَنْهُ ابن المديني وابن المثنى ، قَالَ البخاري : (( أحاديثه معروفة )) وثقه أبو داود .
التاريخ الكبير 5/112 ، والجرح والتعديل 5/68 ، وميزان الاعتدال 2/437 ( 4371 ) .(4/4)
قالوا : (( لَوْ كَانَ أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد (1) فقيهاً لا يتعلم الْحَدِيْث ومحدّثاً لا يتعلم الفقه )).
وَقَدْ نبّه الْحَاكِم النيسابوري عَلَى أن علم الفقه أحد العلوم المتفرعة من علم الْحَدِيْث ، فَقَدْ قَالَ : (( مِنْ علم الْحَدِيْث مَعْرِفَة فقه الْحَدِيْث ،إِذْ هُوَ ثمرة هَذِهِ العلوم، وبه قوام الشريعة ، فأما فقهاء الإسلام أصحاب القياس والرأي والاستنباط والجدل والنظر فمعروفون في كُلّ عصر وأهل كُلّ بلد ، ونحن ذاكرون بمشيئة الله في هَذَا الموضع فقه الْحَدِيْث ، عَنْ أهله ليستدل بِذَلِكَ عَلَى أن أهل هَذِهِ الصنعة من تبحر فِيْهَا لا يجهل فقه الْحَدِيْث ، إِذْ هُوَ نوع من أنواع هَذَا العلم )) (2) .
ثُمَّ إنا نلاحظ أن العلماء من أهل الفقه والحديث قَدْ ألّفوا كتباً جامعة تناولوا فِيْهَا الاختلافات فأبدعوا فِيْهَا ؛ لذا نجد أن الإمام الشَّافِعِيّ ألّف فِي اخْتِلاَفِ الْحَدِيْث (3) ، ثُمَّ تبعه ابْن قتيبة (4) ، وأبو يَحْيَى زكريا بن يَحْيَى الساجي (5)
__________
(1) الجريد : الجريدة هِيَ سعفة طويلة رطبة ، والجريد : الَّذِيْ يجرد عَنْه الخوص ، ولا يسمى جريداً ما دام عَلَيْهِ الخوص وإنما يسمى سعفاً . انظر : تاج العروس 7/492 ( جرد ) .
(2) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 63 .
(3) مطبوع في آخر كتاب الأم ، وطبع مفرداً عام 1406 ه - 1986 م عَنْ دار الكتب العلمية .
(4) هُوَ عَبْد الله بن مُسْلِم بن قتيبة الدِّينوري ، أبو مُحَمَّد ، الكاتب الثقة ، سكن بغداد ، صاحب التصانيف مِنْهَا: " عيون الأخبار " و" غريب الْحَدِيْث " و" تأويل مختلف الْحَدِيْث " وغيرها ، توفي سنة (276 ه). تاريخ بغداد 10/170-171 ، وسير أعلام النبلاء 13/296 ، وميزان الاعتدال 2/503 .
وكتابه مطبوع أكثر من مرة .
(5) هُوَ زكريا بن يحيى بن عَبْد الرحمان البصري أبو يحيى الساجي ، محدِّث البصرة وشيخها ، من كتبه :
" اختلاف العلماء " و " علل الْحَدِيْث " وغيرهما ، توفي سنة ( 307 ه ) .
سير أعلام النبلاء 14/197-200، والبداية والنهاية 11/111 ، وشذرات الذهب 2/250-251 .(4/5)
،
والطحاوي (1) ، وابن الجوزي (2). وهذه الكتب تضم اختلافات المتون والأسانيد ، وَهِيَ دراسات علمية جادة قل نظيرها تدلنا عَلَى اهتمام الْمُحَدِّثِيْنَ بالجانبين الفقهي والحديثي والتعرف عَلَى الاختلافات لذين العِلْمَين تعصم صاحبها من الزلل وتقيه من الوهم .
الدكتور
ماهر ياسين الفحل ...
العراق /الأنبار/الرمادي/ص .ب 735
... ... ... ... ... ... al-rahman@uruklink.net ... ... ... ... ... ...
__________
(1) هُوَ أحمد بن مُحَمَّد بن سلامة الأزدي المصري أبو جعفر الحنفي ، ولد سنة (239 ه) ، قَالَ ابن يونس : كَانَ ثقة ثبتاً فقيهاً عاقلاً ، لَمْ يخلف مثله، من تصانيفه: " أحكام القرآن " و " اختلاف العلماء " وغيرهما ، توفي سنة ( 321 ه ) .
تاريخ دمشق 5/367 ، ووفيات الأعيان 1/71 ، وتذكرة الحفاظ 3/808-811 .
(2) هُوَ عَبْد الرحمان بن علي بن مُحَمَّد القرشي البكري أبو الفرج البغدادي ، الحافظ المفسر الواعظ
الإمام ، من تصانيفه : "زاد المسير" و " صفة الصفوة " و " جامع المسانيد " وغيرها ، توفي سنة 597 ه . وفيات الأعيان 3/140 ، وتاريخ الإِسْلاَم وفيات سنة (597 ه) : 287 ، وغاية النهاية
1/375 .(4/6)
لما كَانَ الاتصال شرطاً للصحة فالانقطاع ينافي الصِّحَّة ، إذن الانقطاع أمارة من أمارات الضعف ؛ لأن الضَّعِيف مَا فَقَدْ شرطاً من شروط الصِّحَّة (1) .
... والانقطاع قَدْ يَكُون في أول السَّنَد ، وَقَدْ يَكُون في آخره، وَقَدْ يَكُون في وسطه، وَقَدْ يَكُون الانقطاع براوٍ واحد أو أكثر . وكل ذَلِكَ من نَوْع الانقطاع ، والذي يعنينا الكلام عَلَيْهِ هنا هُوَ الكلام عن الانقطاع في آخر الإسناد ، وَهُوَ مَا يُسَمَّى بالمرسل عِنْدَ المتأخرين ، وَهُوَ مَا أضافه التَّابِعيّ إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - (2)
__________
(1) انظر : مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث : 37 ، و112طبعتنا ، وإرشاد طلاب الحقائق 1/153 ، والتقريب والتيسير: 49و 93 طبعتنا ، و المنهل الروي : 38 ، و المقنع 1/103 ، وشرح التبصرة و التذكرة 1/112 ، و 1/176 طبعتنا ، وفتح الباقي 1/111-112 ، و 1/205 طبعتنا .
(2) انظر في المُرْسَل :
مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث 25 ، والكفاية (58ت،21 ه) ، والتمهيد 1/19 ، وجامع الأصول 1/115 ، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث 47،و126طبعتنا و إرشاد طلاب الحقائق 1/167 ، و المجموع 1/60 ، والاقتراح 192 ، والتقريب:54،و99 طبعتنا ، والمنهل الروي 42 ، والخلاصة 65 ، والموقظة 38 ، وجامع التحصيل 23 ، واختصار علوم الحَدِيْث 47 ، والبحر المحيط 4/403 ، والمقنع 1/129 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/144،و1/202طبعتنا ، ونزهة النظر 109 ، و المختصر 128 ، وفتح المغيث 1/128 ، وألفية السيوطي 25، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 159 ، وفتح الباقي 1/144،
و1/194طبعتنا ، وتوضيح الأفكار 1/283 ، وظفر الأماني 343 ، وقواعد التحديث 133 .
ومما ينبغي التنبيه علية أن للعُلَمَاء في تعريف المُرْسَل وبيان صوره مناقشات ، انظرها في نكت
الزَّرْكَشِيّ 1/439 ومحاسن الاصطلاح 130، والتقييد و الإيضاح 70 ، وشرح التبصرة
والتذكرة 1/144 ،و 1/203طبعتنا ، ونكت ابن حجر 2/540 ، والبحر الَّذِي زخر ل 113 ، وانظر تعليقنا عَلَى مَعْرِفَة أنواع علم الحَدِيْث : 128 .(5/1)
.
لِذلِكَ فإن الحَدِيْث إذ روي مرسلاً مرة ، وروي مرة أخرى موصولاً ، فهذا يعد من الأمور الَّتِي تعلُّ بِهَا بَعْض الأحاديث ، ومن العلماء من لا يعدُّ ذَلِكَ علة ، وتفصيل الأقوال في ذَلِكَ عَلَى النحو الآتي :
القَوْل الأول : ترجيح الرِّوَايَة الموصولة عَلَى الرِّوَايَة المرسلة ؛ لأَنَّهُ من قبيل زيادة الثِّقَة (1).
القَوْل الثَّانِي : ترجيح الرِّوَايَة المرسلة (2) .
القَوْل الثَّالِث : الترجيح للأحفظ (3) .
القَوْل الرابع : الاعتبار لأكثر الرواة عدداً (4) .
القَوْل الخامس : التساوي بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ و التوقف (5) .
__________
(1) وهذا هُوَ الَّذِي صححه الخطيب في الكفاية (581ت،411ه) وَقَالَ ابن الصَّلاح في مَعْرِفَة أنواع علم
الحَدِيْث :65 ، 155 طبعتنا :((فما صححه هُوَ الصَّحِيح في الفقه وأصوله)) .وانظر: المدخل : 40 ،= =وقواطع الأدلة 1/368-369 ، والمحصول 2/229 ، وجامع الأصول 1/170 وكشف الأسرار للبخاري 3/2، وجمع الجوامع 2/126 . وَقَدْ نسب الإمام النَّوَوِيّ هَذَا القَوْل للمحققين من أهل الحَدِيْث، شرح صَحِيْح مسلم 1/145 ثُمَّ إن هَذَا القَوْل هُوَ الَّذِي صححه العراقي في شرح التبصرة 1/174 ، 1/227 طبعتنا .
(2) هَذَا القَوْل عزاه الخطيب للأكثر من أهل الحَدِيْث ( الكفاية : 580ت ، 411 ه ) .
(3) هُوَ ظاهر كلام الإمام أحمد كَمَا ذكر ذَلِكَ ابن رجب الحنبلي في شرحه لعلل التِّرْمِذِي 2/631 .
(4) عزاه الحَاكِم في المدخل : 40 لأئمة الحَدِيْث ، وانظر: مقدمة جامع الأصول 1/170 ، والنكت الوفية 136/أ .
(5) هَذَا القَوْل ذكره السُّبْكِيّ في جمع الجوامع 2/124 وَلَمْ ينسبه لأحد .(5/2)
... هَذَا ما وجدته من أقوال لأهل العِلْم في هذِهِ المسألة ، وَهِيَ أقوال متباينةٌ مختلفة ، وَقَدْ أمعنت النظر في صنيع المتقدمين أصحاب القرون الأولى ، وأجلت النظر كثيراً في أحكامهم عَلَى الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها ، فوجدت بوناً شاسعاً بَيْنَ قَوْل المتأخرين وصنيع المتقدمين ، إذ إن المتقدمين لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث أول وهلة ، وَلَمْ يجعلوا ذَلِكَ تَحْتَ قاعدة كلية تطرد عَلَيْهَا جَمِيْع الاختلافات ، وَقَدْ ظهر لي من خلال دراسة مجموعة من الأحاديث الَّتِي اختلف في وصلها وإرسالها: أن الترجيح لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية ، لَكِنْ يختلف الحال حسب المرجحات والقرائن ، فتارة ترجح الرِّوَايَة المرسلة وتارة ترجح الرِّوَايَة الموصولة . وهذه المرجحات كثيرة يعرفها من اشتغل بالحديث دراية ورواية وأكثر التصحيح و التعليل ، وحفظ جملة كبيرة من الأحاديث، وتمكن في علم الرِّجَال وعرف دقائق هَذَا الفن وخفاياه حَتَّى صار الحَدِيْث أمراً ملازماً لَهُ مختلطاً بدمه ولحمه .
ومن المرجحات: مزيد الحفظ ، وكثرة العدد ، وطول الملازمة للشيخ . وَقَدْ يختلف جهابذة الحديث في الحكم عَلَى حَدِيث من الأحاديث ، فمنهم : من يرجح الرِّوَايَة المرسلة، ومنهم : من يرجح الرِّوَايَة الموصولة ، ومنهم : من يتوقف .
وسأسوق نماذج لِذلِكَ مَعَ بيان أثر ذَلِكَ في اختلاف الفُقَهَاء .
مثال ذَلِكَ : رِوَايَة مَالِك بن أنس ، عن زيد بن أسلم (1) ، عن عطاء بن يسار(2)
__________
(1) هُوَ أبو عَبْد الله، وأبو أسامة زيد بن أسلم العدوي مولى عمر : ثقة وَكَانَ يرسل ، توفي سنة (136 ه).
تهذيب الكمال 3/64 ( 2072 ) ، وسير أعلام النبلاء 5/316 ، والتقريب ( 2117 ) .
(2) أبو مُحَمَّد عطاء بن يسار الهلالي المدني ، مولى ميمونة : ثقة ، توفي سنة ( 103 ه ) .
الثقات 5/199 ، وتهذيب الكمال 5/179 ( 4535 ) ، وتاريخ الإسلام : 171 وفيات ( 103 ه ) .(5/3)
؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : (( إذا شك أحدكم في صلاته فَلَمْ يدرِ كم صلى أثلاثاً أم أربعاً؟ فليصل رَكْعَة ، وليسجد سجدتين وَهُوَ جالس قَبْلَ التسليم ، فإن كَانَت الرَّكْعَة الَّتِي صلى خامسة شفعها بهاتين السجدتين ، وإن كَانَتْ رابعة فالسجدتان ترغيم
للشيطان )) .
هَذَا الحَدِيْث رَواهُ هكذا عن مَالِك جَمَاعَة الرواة مِنْهُمْ :
سويد بن سعيد(1) .
عبد الرزاق بن همام(2) .
عبد الله بن مسلمة القعنبي(3).
عَبْد الله بن وهب(4).
عُثْمَان بن عُمَر(5) .
مُحَمَّد بن الحَسَن الشيباني(6) .
أبو مصعب الزُّهْرِيّ(7).
يَحْيَى بن يَحْيَى الليثي(8) .
فَهؤلاء ثمانيتهم رووه عن مَالِك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، بِهِ مرسلاً.
... والحديث رَواهُ الوليد بن مُسْلِم(9)، و يَحْيَى بن راشد(10)
__________
(1) في موطئه ( 151) .
(2) كَمَا في مصنفه (3466) .
(3) عِنْدَ أبي دَاوُد (1026) ، ومن طريقه البَيْهَقِيّ 2/338 .
(4) عند الطحاوي في شرح المعاني 1/433 ، والبيهقي في السُّنَن الكبرى 2/331.
(5) عِنْدَ الطحاوي في شرح المعاني 1/433 .
(6) موطئه (138) .
(7) في موطئه (475 ) ، ومن طريقه أخرجه البَغَوِيّ في شرح السُّنَّة ( 754 )
(8) في موطئه ( 252 )
(9) عِنْدَ ابن حبان (2659)وط الرسالة (2663)،والبيهقي2/338-339،وابن عَبْد البر في التمهيد5/19.
(10) أبو سعيد البصري يَحْيَى بن راشد المازني : ضعيف .
الثقات 7/601 ، وتهذيب الكمال 8/32 ( 7418 ) ، والتقريب ( 7545 ) .(5/4)
المازني(1) عن مَالِك ، عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد ، بِهِ - متصلاً - . هكذا اختلف عَلَى الإمام مَالِك بن أنس في وصل هَذَا الحَدِيْث وإرساله ، والراجح فِيهِ الوَصْل ، وإن كَانَ رواة الإرسال أكثر وَهُوَ الصَّحِيح من رِوَايَة مَالِك(2) ، لما يأتي :
وَهُوَ أن الإِمَام مالكاً توبع عَلَى وصل هَذَا الحَدِيْث :
فَقَدْ رَواهُ فليح بن سليمان(3)، وعبد العزيز بن عَبْد الله(4) بن أبي سلمة(5)،
وسليمان بن بلال(6)، و مُحَمَّد(7)
__________
(1) عِنْدَ ابن عَبْد البر في التمهيد 5/20 .
(2) انظر : التمهيد 5/21 .
(3) عِنْدَ أحمد 3/72 ، والدارقطني 1/375 .
(4) هُوَ أبو عَبْد الله ، ويقال : أبو الأصبغ عَبْد العزيز بن عَبْد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني الفقيه ، توفي سنة ( 166 ه ) .
الجرح والتعديل 5/386 ، وتهذيب الكمال 4/520 و 521 ( 4043 ) ، وسير أعلام النبلاء 7/309 .
(5) عِنْدَ أحمد 3/84 ، والدارمي (1503)، وَالنَّسَائِيّ 3/27، وَفِي الكبرى (1162) ،وابن الجارود (241)، وابن خزيمة (1024) ، وأبي عوانة 2/210 ، والطحاوي في شرح المعاني 1/433 ، والدارقطني 1/371 ، والبيهقي 2/331.
(6) عِنْدَ أحمد 3/83 ، وَمُسْلِم 2/84 (571) (88) ، وأبي عوانة 2/192-193 ، وابن حبان (2665) وط الرسالة (2669) ، والبيهقي 2/331 .
(7) الإِمَام الحَافِظ مُحَمَّد بن مطرف بن داود أبو غسان المدني ، ولد قَبْلَ المئة ، وتوفي بَعْدَ ( 160 ه ) .
تهذيب الكمال 6/519 ( 6205 ) ، وسير أعلام النبلاء 7/296 ، وتذكرة الحفاظ 1/242 .(5/5)
بن مطرف(1)، و مُحَمَّد بن عجلان(2) خمستهم(3) رووه عن زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، بِهِ متصلاً . وَقَدْ خالفهم جميعاً يعقوب بن عَبْد الرحمان(4) القَارّي (5)؛ فرواه عن زيد بن أسلم ، عن عطاء ، مرسلاً . لَكِنْ روايته لَمْ تقاوم أمام رِوَايَة الجَمْع (6).
إذن فالراجح في رِوَايَة هَذَا الحَدِيْث الوَصْل لكثرة العدد وشدة الحفظ . قَالَ الحافظ ابن عَبْد البر:(( و الحَدِيْث مُتَّصِل مُسْنَد صَحِيْح، لا يضره تقصير من قصر بِهِ في اتصاله؛ لأن الَّذِيْنَ وصلوه حُفَّاظ مقبولةٌ زيادتهم(7) )) .
وَقَالَ في مَوْضِع آخر : (( قَالَ الأثرم: سألت أحمد بن حَنْبَل عن حَدِيث أبي سعيد في السهو ، أتذهب إليه ؟ قَالَ: نعم ، أذهب إِليهِ ، قلتُ: إنهم يختلفون في إسناده ، قَالَ: إِنَّمَا قصر بِهِ مَالِك ، وَقَدْ أسنده عدة ، مِنْهُمْ: ابن عجلان ، وعبد العزيز بن أبي سلمة(8))).
ثُمَّ إن هَذَا الحَدِيْث قَدْ تناوله الإمام العراقي الجهبذ أَبُو الحَسَن الدَّارَقُطْنِيّ في علله(9) وانتهى إلى ترجيح الرِّوَايَة المسندة .
الدكتور
__________
(1) عِنْدَ أحمد 3/87 .
(2) عِنْدَ ابن ماجه (1210) ، وَالنَّسَائِيّ 3/27 ، وَفِي الكبرى ( 1162) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/433 ، وابن حبان (2663) وَفِي ط الرسالة (2667) .
(3) وَقَدْ ذكر ابْن عَبْد البر في التمهيد 5/18-19غيرهم هشام بن سعد وداود بن قيس،وَلَمْ أقف عَلَى رواياتهم
(4) هُوَ يعقوب بن عَبْد الرحمان بن مُحَمَّد بن عَبْد الله بن عَبْد القاري المدني ، توفي سنة ( 181 ه ) .
الثقات 7/644 ، والأنساب 4/407 ، وتهذيب الكمال 8/174 ( 7690 ) .
(5) عِنْدَ أبي دَاوُد ( 1027) .
(6) عَلَى أن ابن عَبْد البر ذكر في التمهيد 5/18-19 آخرين رووه مرسلاً ، لَمْ أقف عَلَى رواياتهم .
(7) التمهيد 5/19 .
(8) التمهيد 5/25 .
(9) 11/260-263 س ( 2274 ) .(5/6)
ماهر ياسين الفحل
العراق /الأنبار/الرمادي/ص .ب 735
al-rahman@uruklink.net ... ... ... ... ... ... ... ...(5/7)
اختلاف الثقة مع الثقات
إن الاختلافات الواردة في المتن أو الإسناد تتفرع أنواعاً متعددة ، لكل نوع اسمه الخاص به ، ومن تلك الاختلافات هو أن يخالف الثقة ثقات آخرين ، مثل هذه المخالفة تختلف ، ربما تكون من ثقة يخالف ثقة آخر ، أو من ثقة يخالف عدداً من الثقات ، وإذا كان المخالف واحداً وليس جمعاً فيشترط فيه أن يكون أوثق ممن حصل فيه الاختلاف ، وهذا النوع من المخالفة يطلق عليه عند علماء المصطلح الشاذ (1)، وهو: أن يخالف الثقة من هو أوثق منه عدداً أو حفظاً .
وهذا التعريف مأخوذ من تعريف الشافعي للشاذ ، فقد روي عن يونس بن
عبد الأعلى (2)
__________
(1) انظر في الشاذ : معرفة علوم الحديث : 119 ، ومعرفة أنواع علم الحديث : 68 ، وفي طبعتنا 163 ، وجامع الأصول 1/177 ، والإرشاد 1/213 ، والتقريب : 67 ، وفي طبعتنا : 111 ، والاقتراح : 197 ، والمنهل الروي : 50 ، والخلاصة : 69 ، والموقظة : 42 ، ونظم الفرائد : 361 ، واختصار علوم الحديث : 56 ، والمقنع 1/165 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/192، وفي طبعتنا : 1/246 ، ونزهة النظر : 97 ، والمختصر : 124 ، وفتح المغيث 1/217 ، وألفية السيوطي : 39 ، وشرح السيوطي على ألفية العراقي : 177 ، وفتح الباقي 1/192 ، وفي طبعتنا : 1/232 ، وتوضيح الأفكار 1/377 ، وظفر الأماني : 356 ، وقواعد التحديث : 130 .
(2) هُوَ يونس بن عَبْد الأعلى بن ميسرة الصدفي ، أَبُو موسى المصري: ثقة فقيه، توفي سنة (264ه).
تهذيب الكمال 8/211-212 ( 7773 ) ، والكاشف 2/403 ( 6471 ) ، والتقريب ( 7907 ) .(6/1)
، قال: قال لي الشافعي -رحمه الله-: (( ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يروي غيره ، إنما الشاذ : أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس )) (1) .
والشاذ في اللغة : المنفرد ، يقال : شذّ يَشُذُّ ويشِذُّ – بضم الشين وكسرها – أي : انفرد عن الجمهور ، وشذَّ الرجلُ: إذا انفرد عن أصحابه. وكذلك كل شيء منفرد فهو شاذ. ومنه: هو شاذ من القياس، وهذا مما يشذ عن الأصول،وكلمة شاذة…وهكذا (2).
إذن : الشذوذ هو مخالفة الثقة للأوثق حفظاً أو عدداً ، وهذا هو الذي استقر عليه الاصطلاح (3) ، قال الحافظ ابن حجر : (( يختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف رواية من هو أرجح منه )) (4) .
ثم إن مخالفة الثقة لغيره من الثقات أمر طبيعي إذ إن الرواة يختلفون في مقدار حفظهم وتيقظهم وتثبتهم من حين تحملهم الأحاديث عن شيوخهم إلى حين أدائها . وهذه التفاوتات الواردة في الحفظ تجعل الناقد البصير يميز بين الروايات ، ويميز الرواية المختلف فيها من غير المختلف فيها ، والشاذة من المحفوظة ، والمعروفة من المنكرة .
__________
(1) رواه عن الشافعي: الحاكم في معرفة علوم الحديث: 119 ، والخليلي في الإرشاد 1/176 ، والبيهقي في معرفة السنن والآثار 1/81-82 ، والخطيب في الكفاية : ( 223 ت ، 141 ه ) .
(2) انظر : الصحاح 2/565 ، وتاج العروس 9/423 .
(3) وإنما قلنا هكذا ؛ لأن للشاذ تعريفين آخرين ، أولهما : وهو ما ذكر الحاكم النيسابوري – أن الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات ، وليس له أصل متابع لذلك الثقة . معرفة علوم الحديث : 119 .
وثانيهما : وهو ما حكاه الحافظ أبو يعلى الخليلي القزويني من أن الذي عليه حفاظ الحديث أن الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة ، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل ، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به . الإرشاد 1/176-177 .
(4) النكت على كتاب ابن الصلاح 2/653-654 .(6/2)
ومن الأمثلة لحديث ثقة خالف في ذلك حديث ثقة أوثق منه :
ما رواه معمر بن راشد (1)، عن يحيى بن أبي كَثِيْر ، عن عبد الله بن أبي قتادة(2)، عن أبيه (3) ، قال : (( خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية ، فأحرم أصحابي ولم أحرم ، فرأيت حماراً فحملت عليه ، فاصطدته ، فذكرت شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذكرت أني لم أكن أحرمت ، وأني إنما اصطدته لك ؟ فأمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فأكلوا ، وَلَمْ يأكل مِنْهُ حِيْنَ أخبرته أني اصطدته لَهُ )) (4) .
فهذا الحديث يتبادر إلى ذهن الناظر فيه أول وهلة أنه حديث صحيح، إلا أنه بعد البحث تبين أن معمر بن راشد – وهو ثقة – قد شذ في هذا الحديث فقوله : (( إنما اصطدته لك )) ، وقوله : (( ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له )). جملتان شاذتان شذ بهما معمر بن راشد عن بقية الرواة .
__________
(1) تقدمت ترجمته .
(2) هو عبد الله بن أبي قتادة الأنصاري ، المدني : ثقة ، مات سنة خمس وتسعين .
تهذيب الكمال 4/241 ( 3475 ) ، والكاشف 1/586 ( 2915 ) ، والتقريب ( 3538 ) .
(3) هو : أبو قتادة الأنصاري ، اسمه الحارث ، ويقال : عمرو أو النعمان ، ابن ربعي ، بكسر الراء وسكون الموحدة بعدها مهملة ، ابن بُلْدُمة ، بضم الموحدة والمهملة بينهما لام ساكنة ، السَّلَمي ، بفتحتين ،المدني ، شهد أحداً وما بعدها .
أسد الغابة 5/374 ، والإصابة 4/158 ، والتقريب (8311) .
(4) رواه عن معمر عبد الرزاق في مصنفه ( 8337 ) ، ومن طريقه أخرجه الإمام أحمد في المسند 5/304 ، وابن ماجه ( 3093 ) ، وابن خزيمة ( 2642 ) ، والدارقطني في السنن 2/291 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/190 .(6/3)
قال ابن خزيمة : (( هذه الزيادة : (( إنما اصطدته لك )) ، وقوله : (( ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته لك )) ، لا أعلم أحداً ذكره في خبر أبي قتادة غير معمر في هذا الإسناد ، فإن صحت هذه اللفظة فيشبه أن يكون - صلى الله عليه وسلم - أكل من لحم ذلك الحمار قبل
[أن] (1) يعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه أبو قتادة أنه اصطاده من أجله امتنع من أكله بعد إعلامه إياه أنه اصطاده من أجله ؛ لأنه قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قد أكل من لحم ذلك الحمار )) (2) .
هكذا جزم الحافظ ابن خزيمة بتفرد معمر بن راشد بهاتين اللفظتين ، وهو مصيب في هذا ، إلا أنه لا داعي للتأويل الأخير لجزمنا بعدم صحة هاتين اللفظتين – كما سيأتي التدليل عليه - .
وقال أبو بكر بن زياد النيسابوري (3) - شيخ الدارقطني - : (( قوله : " اصطدته لك " ، وقوله: " ولم يأكل منه " ، لا أعلم أحداً ذكره في هذا الحديث غير معمر )) (4).
__________
(1) زيادة مني يقتضيها السياق .
(2) صحيح ابن خزيمة 4/181 عقيب ( 2642 ) ، قال ابن حجر – معلقاً على كلام ابن خزيمة في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكل من اللحم قبل علمه بأنه قد صيد له : (( فيه نظر ؛ لأنه لو كان حراماً ما أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله )) فتح الباري 4/30 ، وانظر : التلخيص الحبير 2/297 ط شعبان ، 2/587-588 ط العلمية .
(3) هو : الإمام الحافظ ، أبو بكر : عبد الله بن محمد بن زياد بن واصل النيسابوري ، صاحب التصانيف المتقنة مِنْهَا " زيادات كتاب المزني " ، مات سنة (324 ه) .
المنتظم 6/286-287 ، وسير أعلام النبلاء 15/65 ، ومرآة الجنان 2/217 .
(4) سنن الدارقطني 2/291 ، وهو في سنن البيهقي 5/190 إذ إنه أخرجه من طريق الدارقطني .(6/4)
وقال البيهقي: (( هذه لفظة غريبة لم نكتبها إلا من هذا الوجه ، وقد روينا عن أبي حازم بن دينار ، عن عبد الله بن أبي قتادة في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل منها ، وتلك الرواية أودعها صاحبا الصحيح (1) كتابيهما دون رواية معمر وإن كان الإسنادان صحيحين )) (2) .
وقال ابن حزم : (( لا يخلو العمل في هذا من ثلاثة أوجه . إما أن تغلب رواية الجماعة (3) على رواية معمر لا سيما وفيهم من يذكر سماع يحيى من أبي قتادة (4) ، ولم يذكر معمرا ، أو تسقط رواية يحيى بن أبي كثير جملة ؛ لأنه اضطرب عليه (5) ، ويؤخذ برواية أبي حازم وأبي محمد وابن موهب الذين لم يضطرب عليهم؛ لأنه لا يشك ذو حسٍّ أن إحدى الروايتين وهم ، إذ لا يجوز أن تصح الرواية في أنه عليه السلام أكل منه ، وتصح الرواية في أنه عليه السلام لم يأكل منه ، وهي قصة واحدة في وقت واحد في مكان واحد في صيد واحد )) (6) .
وسأشرح الآن شذوذ رواية معمر ، فأقول :
__________
(1) يعني : الإمام البخاري والإمام مسلم ، وكتاباهما الصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله ، والرواية التي أشار إليها البيهقي سيأتي تفصيلها .
(2) السنن الكبرى 5/190 ، ومعلوم أنه لا يلزم من صحة الإسناد صحة المتن ولا من ضعف الإسناد ضعف المتن ، انظر : نصب الراية 1/347 .
(3) وهذا هو الذي نرجحه ؛ لأن الجماعة أولى بالحفظ .
(4) وإنما قال هذا ابن حزم ؛ لأن يحيى مدلس ، والمدلس لا يقبل حديثه إلا بالتصريح ، والرواية التي أشار إليها ابن حزم ، هي رواية هشام الدستوائي ، عن يحيى عند مسلم 4/15(1196)(59) ، ورواية معاوية بن سلام ، عن يحيى عند مسلم 4/16(1196)(62) .
(5) وهذا بعيد ؛ لأن شرط الاضطراب استواء الوجوه وعدم إمكان الترجيح ، وهنا لَمْ تستو الوجوه ؛
لانفراد واحد أمام الجماعة ، والترجيح هنا ممكن فرواية معمر شاذة ، ورواية الجماعة
محفوظة .
(6) المحلى 7/253 .(6/5)
خالف معمر رواية الجمع عن يحيى ، فقد رواه هشام الدستوائي (1) – وهو ثقة ثبت (2)-، وعلي بن المبارك (3) -وهو ثقة (4)-، ومعاوية بن سلام (5) -وهو ثقة (6)-، وشيبان بن عبد الرحمان (7) -وهو ثقة (8)-، فهؤلاء أربعتهم رووه عن يحيى بن أبي كثير ، ولم يذكروا هاتين اللفظتين .
__________
(1) عند أحمد 5/301 ، والدارمي (1833) ، والبخاري 3/14(1821) ، ومسلم 4/15(1196)(59) ، والنسائي 5/185 ، وفي الكبرى ( 3807 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136(4057) ، والبيهقي 5/188 .
(2) التقريب ( 7299 ) .
(3) عند البخاري 3/15(1822)و5/156(4149) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136(4057) .
(4) التقريب (4787 ) .
(5) عند مسلم 4/16(1196)(62) ، والنسائي 5/186 وفي الكبرى ( 3808 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136(4057) ، والطبراني في مسند الشاميين ( 2855 ) ، والبيهقي 5/178 .
(6) التقريب ( 6761 ) .
(7) عند أبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136(4057) .
(8) التقريب ( 2833 ) .(6/6)
كما أن الحديث ورد من طريق عبد الله بن أبي قتادة من غير طريق يحيى بن أبي كثير ، ولم تذكر فيه اللفظتان مما يؤكد ذلك شذوذ رواية معمر بتلك الزيادة ؛ فَقَدْ رَوَاهُ عثمان بن عَبْد الله بن موهب (1) – وَهُوَ ثقة (2) - ، وأبو حازم سلمة بن دينار (3)
__________
(1) عند أحمد 5/302 ، والدارمي ( 1834 ) ، والبخاري 3/16(1824) ، ومسلم 4/16(1196)(60)و(61) ، والنسائي 5/186 وفي الكبرى ( 3809 ) ، وابن الجارود ( 435 ) ، وابن خزيمة ( 2635 ) ( 2636 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136(4057) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/173 ، والبيهقي 5/189، وابن عبد البر في التمهيد 21/156 ، وفي الاستذكار ( 16369 ) .
(2) التقريب ( 4491 ) .
(3) عند البخاري 3/202(2570) و 4/34(2854 ) و 7/95(5406)(5407) ، ومسلم 4/17(1196)(63) ، والنسائي 7/205 وفي الكبرى ( 4857 ) ، وابن خزيمة ( 2643 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136 ، وابن حبان ( 3977 ) ، والبيهقي 5/188 .(6/7)
- وَهُوَ ثقة (1) - ، وعبد العزيز بن رفيع (2) –وَهُوَ ثقة (3)- ، وصالح بن أبي حسان (4) - وهو صدوق (5) - ؛ فهؤلاء أربعتهم رووه عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبيه ، ولم يذكروا هاتين اللفظتين ، كما أن هذا الحديث روي من طرق أخرى عن أبي قتادة ، وليس فيه هاتان اللفظتان : فقد رواه نافع مولى أبي قتادة (6) -وهو ثقة (7)-، وعطاء بن يسار (8)
__________
(1) التقريب ( 2489 ) .
(2) عند أحمد 5/305 ، ومسلم 4/17(1196)(64) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136 ، وابن حبان ( 3966 ) و ( 3974 ) ، والبيهقي 5/189-190 و 9/322 .
(3) التقريب ( 4095 ) .
(4) عند أحمد 5/307 ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/136 .
(5) التقريب ( 2850 ) .
(6) عند مالك في الموطأ ( (443) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (426) برواية عبد الرحمان بن القاسم و (570) برواية سويد بن سعيد و (1136) برواية أبي مصعب الزهري و (1005) برواية يحيى الليثي ) ، والشافعي في المسند ( 907 ) بتحقيقنا ، وعبد الرزاق ( 8338 ) ، والحميدي ( 424 ) ، وأحمد 5/296و301و306و308،والبخاري 3/15(1823)و4/49(2914) و7/115(5490) و(5492)، ومسلم 4/14(1196)(56) و 4/15(1196)(57) ، وأبي داود ( 1852 ) ، والترمذي (847 ) ، والنسائي 5/182 ، وفي الكبرى ( 3798 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/164 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/173 ، وابن حبان ( 3975 ) ، والبيهقي 5/187 ، والخطيب في الفقيه والمتفقه 1/224-225 ، والبغوي في شرح السنة ( 1988 ) ، وفي التفسير ، له 2/85-86(830) .
(7) هو نافع بن عباس ، بموحدة ومهملة ، أو تحتانية ومعجمة : عياش ، أبو محمد الأقرع المدني ، مولى أبي قتادة ، قيل له ذلك للزومه إياه ، وكان مولى عقيلة الغفارية : ثقة . تهذيب الكمال 7/308 ( 6956 ) ، والكاشف 2/314 ( 5780 ) ، والتقريب : (7074 ).
(8) عند مالك في الموطأ ( ( 173 ) برواية عبد الرحمان بن القاسم و ( 571 ) برواية سويد بن سعيد و(1137) برواية أبي مصعب الزهري و (1007) برواية يحيى الليثي )، والشافعي في المسند ( 908 ) بتحقيقنا ، وعبد الرزاق ( 8350 ) ، وأحمد 5/301 ، والبخاري 3/202(2570) و 4/49(2914) و7/96 عقيب ( 5407 ) و 7/115(5491) ، ومسلم 4/15(1196)(58) ، والترمذي ( 848 ) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/148 ، والطحاوي في شرح المعاني 2/173-174 ، والبيهقي 5/187، والبغوي عقيب ( 1988 ) .(6/8)
- وهو ثقة (1) - ، ومعبد بن كعب بن مالك (2) - وهو ثقة (3) - ، وأبو صالح مولى التوأمة (4) - وهو مقبول (5) - فهؤلاء أربعتهم رووه دون ذكر اللفظتين اللتين ذكرهما معمر ، وهذه الفردية الشديدة مع المخالفة تؤكد شذوذ رواية معمر لعدم وجودها عند أحدٍ من أهل الطبقات الثلاث .
والذي يبدو لي أن السبب في شذوذ رواية معمر بن راشد دخول حديث في حديث آخر ؛ فلعله توهم بما رواه هو عن الزهري، عن عروة، عن يحيى بن عبد الرحمان ابن حاطب، عن أبيه أنه اعتمر مع عثمان في ركب ، فأهدي له طائر ، فأمرهم بأكله ، وأبى أن يأكل ، فقال له عمرو بن العاص : أنأكل مما لست منه آكلاً ، فقال : إني لست في ذاكم مثله ، إنما اصطيد لي وأميت باسمي (6) .
__________
(1) التقريب ( 4605 ) .
(2) عند أحمد 5/306 .
(3) قال العجلي : (( مدني تابعي ثقة )) ، ثقاته : 2/285 (1753) . وذكره ابن حبان في ثقاته 5/432 ، وروى له الإمام البخاري والإمام مسلم ، انظر : تهذيب الكمال 7/166 .
(4) عند البخاري 7/115(5492) ، وأبي عوانة كما في إتحاف المهرة 4/164 .
(5) التقريب ( 7091 ) يعني مقبول حيث يتابع ، وقد توبع ، ورواية الإمام البخاري عنه متابعة ، فقد ساقه مقروناً : (( عن نافع مولى أبي قتادة ، وأبي صالح مولى التوأمة ، قال : سمعت أبا قتادة )) .
(6) هذه الرواية : أخرجها الدارقطني 2/292 ، وأخرجها مالك في الموطأ ( ( 417 ) برواية محمد بن الحسن الشيباني و (577) برواية سويد بن سعيد و ( 1147 ) برواية أبي مصعب الزهري و ( 1016 ) برواية يحيى الليثي ) ، والشافعي في المسند ( 909 ) بتحقيقنا ،والبيهقي 5/191 من طريق عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الله بن عامر ، قال : رأيت عثمان بن عفان بالعَرْجِ ، وهو مُحْرِمٌ ، في يوم صائف ، قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان ، ثم أتي بلحم صيد ، فقال لأصحابه : كلوا . فقالوا : أو لا تأكل أنت ؟ فقال : إني لست كهيئتكم ، إنما صيد من أجلي .(6/9)
فربما اشتبه عليه هذا الحديث بالحديث السابق ، والله أعلم .
الدكتور ماهر ياسين الفحل
العراق الأنبار الرمادي ص ب 735
al-rahman@uruklink.net(6/10)
اختلاف الضعيف مع الثقات
إذا خولف الثقة في حَدِيْث من الأحاديث فهنا مسألة يأخذها النقاد بنظر الاعتبار فيوازنون ويقارنون بَيْنَ المختلفين فإذا خولف الثقة من قِبَلِ ثقة آخر فيحكم حينئذٍ لرواية من الروايات بحكم يليق بِهَا وكذا تأخذ المقابلة الحكم بالضد أما إذا خولف الثقة برواية ضعيف من الضعفاء ، فلا يضر حينئذٍ الاختلاف لرواية الثقة ؛ إذ إن رِوَايَة الثقات لا تعل برواية الضعفاء (1) ؛ فرواية الثقة معروفة ورواية الضعيف منكرة فعلى هَذَا المنكر من الْحَدِيْث هُوَ : المنفرد المخالف لما رَوَاهُ الثقات (2)
__________
(1) انظر : فتح الباري 3/213 .
(2) هكذا عرفه ابن الصَّلاَحِ في مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 170، وَهُوَ ما اشتهر وانتشر عِنْدَ المتأخرين من الْمُحَدِّثِيْنَ ، فهو عِنْدَ المتأخرين : ما رَوَاهُ الضعيف مخالفاً للثقات ، لَكِنْ ينبغي التنبيه عَلَى أن المتقدمين من الْمُحَدِّثِيْنَ لَمْ يتقيدوا بِذَلِكَ ، وإنما عندهم كُلّ حَدِيْث لَمْ يعرف عن مصدره ثقة كَانَ راويه أم ضعيفاً ، خالف غيره أم تفرد ، إذن فالمنكر في لغة المتقدمين أعم مِنْهُ عِنْدَ المتأخرين ، وَهُوَ أقرب إلى معناه اللغوي ، فإن المنكر لغة : نكر الأمر نكيراً وأنكره إنكاراً ونكراً، معناه : جهله . وجاء إطلاقه عَلَى هَذَا المعنى في مواضع من القرآن الكريم ، كقوله تَعَالَى : { وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ
مُنْكِرُونَ } (يوسف:58) ، وقوله تَعَالَى : { يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا } (النحل: 83) وعلى هَذَا فإن المتأخرين خالفوا المتقدمين في مصطلح المنكر بتضييق ما وسعوا فِيْهِ .
وانظر في المنكر :
الإرشاد 1/219 ، والتقريب : 69 ، والاقتراح : 198 ، والمنهل الروي : 51 ، والخلاصة : 70 ، والموقظة : 42 ، واختصار علوم الْحَدِيْث : 58 ، والمقنع 1/179 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/251 ظبعتنا ، ونزهة النظر : 98 ، والمختصر : 125 ، وفتح المغيث 1/190 ، وألفية السيوطي : 39 ، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 179 ، وفتح الباقي 1/237 بتحقيقنا ، وتوضيح الأفكار 2/3 ، وظفر الأماني : 356 ، وقواعد التحديث : 131 ، والحديث المعلول قواعد وضوابط : 66-77 .(7/1)
قَالَ الإمام مُسْلِم : (( وعلامة المنكر في حَدِيْث المحدّث إذا ما عرضت روايته للحديث عَلَى رِوَايَة غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لَمْ تكد توافقها )) (1) .
وعليه فإن رِوَايَة الضعيف شبه لا شيء أمام رِوَايَة الثقات الأثبات ولا تعل الرِّوَايَة الصحيحة بالرواية الضعيفة ، وَقَدْ وجدنا خلال البحث والسبر أن بعض العلماء قَدْ عملوا بأحاديث بعض الضعفاء وَهِيَ مخالفة لرواية الثقات ، ومثل هَذَا يحمل عَلَى حسن ظنهم برواية الضعيف وعلى عدم اطلاعهم عَلَى رِوَايَة الثقات .
مثال ذَلِكَ :
ما رَوَاهُ أبو سعيد يحيى بن سليمان الجعفي (2)، قَالَ: حَدَّثَنِي ابن وهب (3)، قَالَ: أخبرني يحيى بن أيوب(4)، عن يحيى بن سعيد، عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري(5)
__________
(1) صَحِيْح مُسْلِم 1/5 .
فائدة : كتاب الحافظ أبي أحمد بن عدي المسمى بـ : " الكامل في ضعفاء الرجال " أصل في مَعْرِفَة المنكرات من الأحاديث . نكت الزركشي 2/156-157 .
(2) هُوَ يَحْيَى بن سليمان بن يَحْيَى الجُعفي ، أبو سعيد الكوفي ، نزيل مصر : صدوق يخطئ ، توفي سنة (237 ه) . تهذيب الكمال 8/49 (7437) ، والكاشف 2/367 (6181) ، والتقريب (7564) .
(3) هُوَ عَبْد الله بن وهب بن مُسْلِم القرشي ، مولاهم ، أبو مُحَمَّد المصري : ثقة حافظ عابد ، توفي سنة (197 ه) . الثقات 8/346 ، وتهذيب الكمال 4/317 ( 3633 ) ، والتقريب ( 3694 ) .
(4) هُوَ يَحْيَى بن أيوب الغافقي ، أبو العباس المصري : صدوق رُبَّمَا أخطأ ، توفي سنة ( 168 ه ) .
التاريخ الكبير 8/260 ، وتهذيب الكمال 8/17-18 ( 7387 ) ، والتقريب ( 7511 ) .
(5) هُوَ جعفر بن عَمْرو بن أمية الضمري المدني ، أخو عَبْد الملك بن مروان من الرضاعة : ثقة ، توفي سنة (95 ه) ، وَقِيْلَ : ( 96 ه ) .
التاريخ الكبير 2/193 ، وتهذيب الكمال 1/468 ( 929 ) ، والتقريب ( 946 ) .(7/2)
، عن أبيه (1) (( أن الصعب بن جَثامة (2) أهدى للنبي - صلى الله عليه وسلم - عجز حمار وحش ، وَهُوَ بالجُحْفَة (3) فأكل مِنْهُ وأكل القوم )) (4) .
فهذا الْحَدِيْث مخالف لرواية الثقات ، وفيه راويان فيهما مقال :
الأول : يحيى بن أيوب الغافقي :
__________
(1) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل عَمْرو بن أمية بن خويلد ، أبو أمية الضمري ، توفي في خلافة معاوية .
أسد الغابة 4/86 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/400 ( 4324 ) ، والإصابة 2/524 .
(2) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل الصعب بن جثامة واسمه يزيد بن قيس بن ربيعة الكناني الليثي ، وأمه أخت
أبي سُفْيَان ، توفي في خلافة أبي بكر ، وَقِيْلَ : توفي آخر خلافة عمر ، وَقِيْلَ : عاش إِلَى خلافة عثمان .
أسد الغابة 3/19 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/265 ( 2792 ) ، والإصابة 2/184 .
(3) وَهِيَ قرية كبيرة ، ذات منبر ، تقع عَلَى طريق مكة ، وَكَانَ اسمها مَهْيَعة ، وسميت بالجحفة ؛ لأن السيل جَحَفها ، وبينها وبين غدير خم ميلان . انظر : مراصد الاطلاع 1/315 .
(4) رَوَاهُ البيهقي في السنن الكبرى 5/193 ، وَقَالَ : (( هَذَا إسناد صَحِيْح ، فإن كَانَ محفوظاً فكأنه رد الحي وقبل اللحم )) وَقَدْ تعقبه ابن التركماني فَقَالَ : (( هَذَا في سنده يحيى بن سليمان الجعفي عن ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب هُوَ الغافقي المصري ، ويحيى بن سليمان ذكره الذهبي في " الميزان " و" الكاشف "= =عن النسائي أن ليس بثقة ، وَقَالَ ابن حبان : ربما أغرب ، والغافقي قَالَ النسائي : ليس بذاك القوي ، وَقَالَ أبو حاتم: لا يحتج بهِ ، وَقَالَ أحمد : كَانَ سيء الحفظ يخطئ خطأً كثيراً ، وكذبه مالك في حديثين ، فعلى هَذَا لا يشتغل بتأويل هَذَا الْحَدِيْث لأجل سنده ولمخالفته للحديث الصَّحِيْح )) . الجوهر النقي 5/193-194، وانظر : الميزان 4/382 ، والكاشف ( 6181 ) ، والثقات لابن حبان 9/263 ، والجرح والتعديل 9/154.(7/3)
فهو وإن حسّن الرأي فِيْهِ جَمَاعَة من الْمُحَدِّثِيْنَ فَقَدْ تَكَلَّمَ فِيْهِ آخرون ، فَقَدْ ضعّفه أبو زرعة (1)، والعقيلي (2)، وَقَالَ أحمد : كَانَ سيء الحفظ (3)، وَقَالَ أبو حاتم :
(( محله الصدق يكتب حديثه ولا يحتج بِهِ )) (4)، وَقَالَ النسائي: (( ليس بذاك القوي )) (5)، وَقَالَ ابن سعد : (( منكر الْحَدِيْث )) (6)، وَقَالَ الذهبي: (( حديثه فِيْهِ مناكير ))(7)، وَقَالَ ابن القطان : (( هُوَ ممن قَدْ علمت حاله ، وأنه لا يحتج بِهِ لسوء حفظه )) (8) ، وَقَالَ :
(( يحيى بن أيوب يضعف )) (9) ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : (( في بعض حديثه اضطراب )) (10) ، وَقَدْ ضعفه ابن حزم (11) .
الثاني : يحيى بن سليمان الجعفي :
قَالَ عَنْهُ أبو حاتم : (( شيخ )) (12) ، وَقَالَ النسائي : (( ليس بثقة )) (13) .
وذكره ابن حبان في " الثقات " وَقَالَ : (( ربما أغرب )) (14).
ومع تفرد هذين الراويين بهذا الْحَدِيْث فَقَدْ خالفا الثقات في روايته قَالَ ابن القيم عن هَذِهِ الرِّوَايَة : (( غلط بلا شك ، فإن الواقعة واحدة ، وَقَد اتفق الرُّوَاة أنه لَمْ يأكل مِنْهُ، إلا هَذِهِ الرِّوَايَة الشاذة المنكرة )) (15) .
__________
(1) سؤالات البرذعي : 433 .
(2) الضعفاء الكبير 4/391 .
(3) الجرح والتعديل 9/122 ، وتهذيب الكمال 8/17 .
(4) الجرح والتعديل 9/128 .
(5) ضعفائه ( 626 ) .
(6) طبقات ابن سعد 7/516 .
(7) تذكرة الحفاظ 1/227-228 .
(8) بيان الوهم والإيهام 4/69 عقيب ( 1504 ) .
(9) بيان الوهم والإيهام 3/495 عقيب ( 1269 ) .
(10) الميزان 4/362 .
(11) المحلى 1/88 و 6/72 و 7/37 .
(12) الجرح والتعديل 9/154 .
(13) تهذيب الكمال 8/49 .
(14) الثقات 9/263 ، وانظر : تهذيب الكمال 8/49 .
(15) زاد المعاد 2/164 .(7/4)
والرواية المعروفة الصَّحِيْحة هِيَ ما وردت برواية الجم الغفير عن ابن شهاب الزهري، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة بن مسعود ، عن عَبْد الله بن عَبَّاسٍ ، عن الصعب بن جثامة الليثي ، أنه أهدى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماراً وحشياً وَهُوَ بالأبواء (1) ، أو بودان (2)، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه قَالَ: (( إنا لَمْ نرده عليك إلا أنا حرم )) (3)
__________
(1) بالفتح ، ثُمَّ السكون ، وفتح الواو وألف ممدودة : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مِمَّا يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلاً . مراصد الاطلاع 1/19 .
(2) قرية جامعة بَيْنَ مكة والمدينة في نواحي الفرع ، بينها وبين الأبواء ثمانية أميال . انظر : معجم البلدان 5/365 ، ومراصد الاطلاع 3/1429 .
(3) هَذِهِ الرِّوَايَة أخرجها : مالك في الموطأ ((441) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني ، و(53) برواية
عَبْد الرحمان بن القاسم ، و(571) برواية سويد بن سعيد ،و(1146) برواية أبي مصعب الزهري ، و(1015)برواية لليثي) ، والشافعي في المسند (906) بتحقيقنا، والطيالسي (1229) ، وعبد الرزاق (8322 ) ، والحميدي ( 783 ) ، وابن أبي شيبة ( 14468 ) و ( 14469 ) و ( 14471 ) ، وأحمد 1/280 و 290 و 338 و 341 و 345 و 362 و 4/37 و 38 ، والدارمي ( 1835 )و(1837 ) ، والبخاري 3/16 (1825) و3/203 ( 2573 ) و 3/208 (2596) ، ومسلم4/13( 1193)(50 ) و (51) و(52)و4/14 (1194 ) (53) و(54) ، وابن ماجه ( 3090 ) ، والترمذي ( 849 ) ، وعبد الله بن أحمد في زياداته عَلَى مسند أبيه 4/71 و 72 و 73 ، والنسائي 5/183 و 184 و 185 وفي الكبرى ، له(3801) و ( 3802 ) و ( 3805 ) و (3806) ، وابن الجارود ( 436 ) ، وابن خزيمة (2637)، والطحاوي في شرح المعاني 2/170، وابن حبان(3970)و(3972)و(3973)، ... =
= ... وطبعة الرسالة (3976) و(3969) و(3970)، والطبراني في الكبير (7430)، والبيهقي 5/192-193، وانظر : الأم 8/544، والتمهيد 9/54 ، وتنقيح التحقيق 2/445-446 ، ونصب الراية 3/139 .(7/5)
.
الدكتور
ماهر ياسين الفحل
العراق / الأنبار / الرمادي ص ب 735
al-rahman@uruklink.net(7/6)
اضطراب في المتن
مَا روي عن عَمَّار بن ياسر من أحاديث في صِفَة التيمم فَقَدْ ذكر بَعْض العُلَمَاء
أنَّ هَذَا من المضطرب ، وسأشرح ذَلِكَ بتفصيل :
فَقَدْ روى الزُّهْرِيّ، قَالَ: حَدَّثَني عبيد الله بن عَبْد الله، عن ابن عَبَّاس، عن عَمَّار بن ياسر؛ أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - عَرَّسَ (1) بأولات الجيش ومعه عَائِشَة فانقطع عِقدٌ لَهَا من جَزْعِ ظِفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذَلِكَ، حَتَّى أضاء الفجر، وَلَيْسَ مَعَ الناس ماء فتغيظ عَلَيْهَا أبو بَكْر ، وَقَالَ : حبستِ الناس ، وَلَيْسَ مَعَهُمْ ماءٌ ، فأنزل الله تَعَالَى عَلَى رسولهِ - صلى الله عليه وسلم - رخصة التَّطَهُّرِ بالصعيد الطيب ، فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فضربوا بأيديهم إِلَى الأرض ، ثُمَّ رفعوا أيديهم ، وَلَمْ يقبضوا من التراب شيئاً ، فمسحوا بِهَا وجوههم ، و أيديهم إِلَى المناكب ، ومن بطون أيديهم إِلَى الآباط (2)
__________
(1) التعريس : هُوَ النزول ليلاً من أجل الراحة . انظر اللسان 6/136 مادة عرس .
(2) أخرجه أَحْمَد 4/263 ، وأبو دَاوُد (320) ، وَالنَّسَائِيّ 1/167 وَفِي الكبرى ، لَهُ (300) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/110و111 ، و البَيْهَقِيّ 1/208 ، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/284 من طرق عن صالح .
وأخرجه أَبُو يعلى (1609) من طريق عَبْد الرحمان بن إسحاق .
وأخرجه أبو يعلى أَيْضاً (1630) من طريق مُحَمَّد بن إسحاق .
جميعهم ( صالح ، و عَبْد الرحمان بن إسحاق ، ومحمد بن إسحاق ) رووه عن الزُّهْرِيّ قَالَ حَدَّثَني
عبيد الله ابن عَبْد الله بن عتبة ، عن ابن عَبَّاس ، عن عَمَّار . =
=وإسناده فِيهِ مقال ؛ ذَلِكَ أن أبا حاتم و أبا زرعة الرازيين غلطاها ، وذكرا أن الصَّوَاب هِيَ رِوَايَة مَالِك وسفيان بن عيينة اللذين روياه عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله ، عن أبيه عن عَمَّار . (نصب الراية 1/155-156) ، لَكِنْ النَّسَائِيّ ساق الرِّوَايَتَيْنِ في الكبرى (300) و (301) وَقَالَ: ((كلاهما محفوظ)) .
وحديث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن أبيه عن عَمَّار :
أخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (86) بتحقيقنا وط العلمية (ص160 ) ، والحميدي (143) ، وابن ماجه (566) والطحاوي في شرح المعاني 1/111 ، من طرق عن سُفْيَان بن عيينة .
و أخرجه النَّسَائِيّ 1/168 وَفِي الكبرى ، لَهُ (301) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/110 ، وابن حبان (1310) ، والبيهقي 1/208 . من طريق مَالِك .
وأخرجه الشَّافِعيّ في المُسْنَد (87) بتحقيقنا وط العلمية (ص 160) أَخْبَرَنَا الثِّقَة عن معمر .
ثلاثتهم (سفيان، ومالك، ومعمر) رووه عن الزُّهْرِيّ ، عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة ، عن أبيه ، عن عَمَّار ، بِهِ . وَهِيَ الرِّوَايَة المحفوظة كَمَا قَالَ الرازيان .
وله طريق آخر من حَدِيث عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة ، عن عَمَّار ، بِهِ .
أخرجه الطَيَالِسِيّ (637) ، وأبو يعلى (1633) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/111 ،والبيهقي 1/208، من طريق ابن أبي ذئب .
وأخرجه عَبْد الرزاق (827) -ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط (535)-،و أحمد 4/320 ، وأبويعلى (1632 ) ، وابن عَبْد البر في التمهيد 19/285 ، من طريق معمر .
وأخرجه أحمد 4/321 ، وأبو دَاوُد (318) و (319) ، وابن ماجه (571) ، من طريق يونس بن يزيد.
وأخرجه ابن ماجه (565) ، من طريق الليث بن سعد .
جميعهم ( ابن أبي ذئب ، ومعمر، ويونس ، والليث ) رووه عن الزُّهْرِيّ عن عبيد الله بن عَبْد الله بن عتبة عن عَمَّار ، بِهِ . وَهِيَ رِوَايَة محفوظة لَكِنْ عبيد الله لَمْ يَسْمَع من عَمَّار . تهذيب الكمال 5/42 .(8/1)
.
وَقَدْ ورد حَدِيث آخر لعمار في التيمم بلفظ : (( أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - أمره بالتيمم للوجه والكفين )) ، وَفِي رِوَايَة : (( إنما يكفيك أن تَقُوْل بيديك هكذا : ثُمَّ ضرب الأرض ضربة وَاحِدَة ، ثُمَّ مسح الشمال عَلَى اليمين ، وظاهر كفيه ووجهه )) ، وَفِي رِوَايَة : ((ضرب النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - بكفيه الأرض ، ونفخ فِيْهما ، ثُمَّ مسح بهما وجهه وكفيه )) ، وَفِي رِوَايَة : (( ثُمَّ ضرب بيديه الأرض ضربة وَاحِدَة )) ، وَفِي رِوَايَة : (( وأمرني بالوجه والكفين ضربة وَاحِدَة )) ، وَفِي رِوَايَة : (( يكفيك الوجه و الكفان )) (1).
فهذا الحَدِيْث يختلف عن الحَدِيْث الأول مِمَّا دعى بَعْض العُلَمَاء إلى الحكم عليه بالاضطراب ، قَالَ الإِمَام التِّرْمِذِي :(( ضعف بَعْض أهل العِلْم حَدِيث عَمَّار عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - في التيمم للوجه و الكفين لما روي عَنْهُ حَدِيث المناكب و الآباط))(2).
__________
(1) أخرجه الطَيَالِسِيّ (638) ، و عَبْد الرزاق (915) ، وابن أبي شَيْبَة (1677) و (1678) و (1686) ، وأحمد 4/263 و 319 و 320 ، والدارمي (751) ، والبُخَارِيّ 1/92 (338) و 1/93(339) ، وَمُسْلِم 1/192(368)(110) ، و أبو دَاوُد (322) و(323) و(324) و(325) و(326) و(327) ، وابن ماجه (569) ، و النَّسَائِيّ 1/165 و 168 و169و 170 وَفِي الكبرى ، لَهُ ( 302 ) (303) و(304) و (305) ، وابن الجارود (125) ، وابن خزيمة (266) و (267) و (268) ، وأبو عوانة 1/305 و 306 ، والطحاوي في شرح المعاني 1/112 و 113 ، وابن حبان (1264) (1300) (1303) (1305) (1306) وط الرسالة (1267) و (1303) و ( 1306) و (1308) و (1309) ، والدَّارَقُطْنِيّ 1/183 ، وأبو نُعَيْم في المستخرج (811) ، والبَيْهَقِيّ 1/209 و 210 ، والبَغَوِيّ (308) من طرق عن عَمَّار .
(2) جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث (144) .(8/2)
وَقَالَ ابن عَبْد البر : (( كُلّ مَا يروى في هَذَا الباب فمضطرب مختلف فِيهِ )) (1). إلا أن بَعْض العُلَمَاء حاولوا أن يوفقوا بَيْنَ الحَدِيْث الأول والثَّانِي باعتبار التقدم و التأخر، وباعتبار أن الأول من فعلهم دُوْنَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - . قَالَ الأثرم : (( إِنَّمَا حكى فِيهِ فعلهم دُوْنَ النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - كَمَا حكى في الآخر أَنَّهُ أجنب ؛ فعلّمه عَلَيْهِ الصَّلاَة و السلام ))(2).
وَقَالَ ابن حبان :(( كَانَ هَذَا حَيث نزل آية التيمم قَبْلَ تعليم النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عماراً كَيْفِيَّة التيمم ثُمَّ علمه ضربة وَاحِدَة للوجه والكفين لما سأل عمارٌ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن التيمم ))(3).
وذهب الحنفية إلى ترجيح روايته إلى المرفقين لحديثين أحدهما حَدِيث أبي أمامة الباهلي وحَدِيث الأسلع (4).
وَقَالَ البَغَوِيّ : (( وما روي عن عَمَّار أَنَّهُ قَالَ: تيممنا إلى المناكب ، فَهُوَ حكاية فعله ، لَمْ ينقله عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كَمَا حكى عن نَفْسه التمعك في حالة الجنابة ، فلما سأل النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأمره بالوجه والكفين انتهى إليه ، وأعرض عن فعله ))(5).
قُلْتُ : وما ذكر من توجيه عَلَى هَذَا النحو يشكل عَلَيْهِ أَنَّهُ ورد في الحَدِيْث
الأول :(( فقام المسلمون مَعَ رَسُوْل الله فضربوا بأيديهم ...)).
__________
(1) التمهيد 19/287 .
(2) نصب الراية 1/156
(3) الإحسان عقب حَدِيث (1307) و ط الرسالة ( 1310 ) .
(4) المبسوط 1/107 .
(5) شرح السُّنَّة 2/114 عقب (309) .(8/3)
الإدراج
المُدْرَجُ لغة – بضم الميم وفتح الراء - : اسم مفعول من ( أدرج ) ، تقول : أدرجت الكتاب إذا طويته ، وتقول : أدرجت الميت في القبر إذا أدخلته فِيْهِ ، وتقول : أدرجت الشيء في الشيء إذا أدخلته فِيْهِ وضمنته إيّاه (1) .
قَالَ ابن فارس: (( الدال والراء والجيم أصل واحد يدل عَلَى مُضِيِ الشيء والمُضِيِّ في الشيء )) (2) .
وأدَرَجَ الكتيب في الكِتَاب : جعله في درجه -أي- في طيه وثنيه (3)، ومنه : الدَّرَجة وَهِيَ المرقاة ؛ لأنها توصل إلى الدخول في الشيء حسياً أو معنوياً ، فهي من باب تسمية السبب بنتيجته .
وفي اصطلاح الْمُحَدِّثِيْنَ : هُوَ ما كانت فِيْهِ زيادة ليست مِنْهُ .
أو هُوَ الْحَدِيْث الَّذِيْ يعرف أن في سنده أو متنه زيادة ليست مِنْهُ ، وإنما من أحد الرُّوَاة من غَيْر توضيح لهذه الزيادة (4) .
العلاقة بَيْنَ المعنى اللغوي والاصطلاحي :
__________
(1) انظر : الصحاح 1/313 ، وأساس البلاغة : 185 ، وتاج العروس 5/555 (درج ) .
(2) انظر : مقاييس اللغة 2/275 .
(3) انظر : أساس البلاغة : 185 (درج) .
(4) انظر : حاشية مُحَمَّد محيي الدين عَبْد الحميد عَلَى توضيح الأفكار 2/50 ، والتعليقات الأثرية لعلي حسن علي عَلَى المنظومة البيقونية : 37 ، وقارن بـ : الاقتراح : 223 ، والموقظة : 53 .
وانظر في المدرج :
مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 39 ، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث 86 ، وطبعتنا : 195 ، والإرشاد 1/254-257 ، والتقريب : 79-80 ، والاقتراح : 223 ، والمنهل الروي : 53 ، والخلاصة : 53 ، والموقظة : 53 ، واختصار علوم الْحَدِيْث : 73 ، والمقنع 1/227 ، ونزهة النظر 124 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/246 ، وطبعتنا 1/294 ، والمختصر : 145 ، وألفية السيوطي : 73-79 ، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 201 ، وفتح الباقي 1/246 ، وطبعتنا 1/275 ، وظفر الأماني : 238 ، وقواعد التحديث : 124 .(9/1)
وجدنا أن معنى الفعل الثلاثي المجرد ( دَرَجَ ) يدور عَلَى أمرين :
طيّ الشيء .
إدخال الشيء في الشيء .
وكأنَّ المُدْرِج طوى البيان ، فَلَمْ يوضّح تفصيل الأمر في الْحَدِيْث . أو كأنه أدخل الْحَدِيْث في الْحَدِيْث ، فالاستعمال الاصطلاحي باقٍ عَلَى الوضع اللغوي الأول ، وَلَمْ يخرج إلى المجاز .
المطلب الثاني : أنواعه
يتفق الباحثون والكتّاب في مجال علوم الْحَدِيْث عَلَى جعل المدرج عَلَى أنواع . لَكِنْ تقسيمهم لهذه الأنواع يختلف زيادة ونقصاً ، كَمَا يختلف باعتبار الحيثيات الَّتِيْ ينبني عَلَيْهَا ذَلِكَ التقسيم .
وهكذا نجد الحافظ ابن الصَّلاَحِ يصدر كلامه عن المدرج بقوله : (( وَهُوَ أقسام ، مِنْهَا ما أدرج في حَدِيْث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام بعض رواته بأن يذكر الصَّحَابِيّ أو مَنْ بعده عقيب ما يرويه من الْحَدِيْث كلاماً من عِنْدَ نفسه ، فيرويهِ مَنْ بعده موصولاً بالحديث غَيْر فاصل بينهما بذكر قائله ، فيلتبس الأمر فِيْهِ عَلَى من لا يعلم حقيقة الحال ، ويتوهم أن الجميع عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ))(1) .
فنراه قيّد وقوع الإدراج بكونه عقب الْحَدِيْث ، والحق أن هَذَا التنظير خلاف الواقع ، وإذا كَانَ غالب الإدراج أن يقع عقب الْحَدِيْث ، فليس هَذَا مسوغاً لحصر الإدراج بِهِ ، فنجد أنه قَدْ يقع في أول الْحَدِيْث كَمَا يقع وسطه وآخره . زدْ على أنه يقع في الإسناد أَيْضاً لا كَمَا يوهم كلام ابن الصَّلاَحِ من انحصاره بالمتن فَقَطْ . وعلى هَذَا يدل صنيع الْخَطِيْب البغدادي في كتابه " الفصل للوصل المدرج في النقل " (2)
__________
(1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 195 طبعتنا .
(2) انظر: نكت الزركشي 2/241، والتقييد والإيضاح: 127، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ2/811 .
وكتاب"الفصل للوصل المدرج في النقل"، صنّفه الْخَطِيْب في المدرجات، ونال الشيخ عَبْد السميع الأنيس بتحقيقه درجة الدكتوراه ، وَقَدْ طبع بمجلدين بتحقيق مُحَمَّد مطر الزهراني ، كَمَا طبع بتحقيق غيره .(9/2)
.
وتأسيساً عَلَى ما مضى يمكننا أن نقسم الإدراج من حَيْثُ مكان وقوعه إلى نوعين:
النوع الأول : الإدراج في الْمَتْن .
النوع الثاني : الإدراج في السند .
النوع الأول : الإدراج في الْمَتْن :
وَهُوَ أن تقع الزيادة في متن الْحَدِيْث دون إسناده .
ويمكن تقسيم هَذَا النوع باعتبار مكان وقوعه من الْمَتْن إلى ثلاثة أقسام (1):
أن يقع الإدراج في أول الْمَتْن .
أن يقع الإدراج في وسط الْمَتْن .
أن يقع الإدراج في آخر الْمَتْن .
فمثال ما وقع الإدراج في أول الْمَتْن حَدِيْث أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - عن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار )) .
فرواه الْخَطِيْب البغدادي في كتابه " الفصل " (2) من طريق أبي قطن وشبابة
–فرّقهما– عن شعبة ، عن مُحَمَّد بن زياد ، عن أبي هُرَيْرَة ، بِهِ .
فقوله : (( أسبغوا الوضوء )) مدرج من كلام أبي هُرَيْرَة ، نص عَلَى هَذَا الْخَطِيْب وغيره فَقَالَ : (( وَهِمَ أبو قطن عمرو بن الهيثم وشبابة بن سوار في روايتهما هَذَا الْحَدِيْث عن شعبة عَلَى ما سقناه ، وذلك أن قوله: (( أسبغوا الوضوء )) كلام أبي هُرَيْرَة ، وقوله: (( ويل للأعقاب من النار )) كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - ))(3) .
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث عن شعبة عامة أصحابه فبينوا أن هَذِهِ الزيادة من كلام
أبي هُرَيْرَة ، وهم :
آدم بن أبي إياس ، عِنْدَ البخاري (4) .
حجاج بن مُحَمَّد ، عِنْدَ أَحْمَد (5) .
أبو داود الطيالسي ، كَمَا في " مسنده " (6) .
عاصم بن علي(7)
__________
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/294 – 299 طبعتنا .
(2) الصفحة : 131 .
(3) الفصل : 131 .
(4) في صحيحه 1/53 ( 165 ) .
(5) في مسنده 2/430 .
(6) مسنده ( 2290 ) .
(7) هُوَ عاصم بن عَلِيّ بن عاصم الواسطي،أبو الحسن التيمي مولاهم:صدوق رُبَّمَا وهم، توفي سنة(221ه).
تهذيب الكمال 4/13 ( 3303 ) ، والكاشف 1/520 ( 2508 ) ، والتقريب ( 3067 ) .(9/3)
، عِنْدَ الْخَطِيْب (1) .
علي بن الجعد ، عِنْدَ الْخَطِيْب (2) .
عيسى بن يونس(3) ، عِنْدَ الْخَطِيْب (4) .
غندر(5) ، عِنْدَ أَحْمَد (6) .
معاذ بن معاذ (7) ، عِنْدَ الْخَطِيْب (8) .
النضر بن شميل (9)، عِنْدَ الْخَطِيْب (10) .
هاشم بن القاسم ، عِنْدَ الدارمي (11) .
هشيم بن بشير ، عِنْدَ الْخَطِيْب (12) .
وكيع بن الجراح ، عِنْدَ أَحْمَد (13) ، ومسلم (14) ، والخطيب (15).
وهب بن جرير ، عِنْدَ الْخَطِيْب في " الفصل " (16) .
يحيى بن سعيد ، عِنْدَ أَحْمَد (17).
__________
(1) الفصل : 132 .
(2) الفصل : 131 .
(3) هُوَ عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ، كوفي نزل الشام مرابطاً: ثقة مأمون، توفي سنة (187ه)، وَقِيْلَ : ( 191 ه ) ، وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ .
تهذيب الكمال 5/566 ( 5262 ) ، والكاشف 2/114 ( 4409 ) ، والتقريب ( 5341 ) .
(4) الفصل : 133 .
(5) هُوَ مُحَمَّد بن جعفر الهذلي، أَبُو عَبْد الله البصري المعروف بغندر: ثقة صَحِيْح الكِتَاب إلا أن فِيْهِ غفلة ، توفي سنة ( 194 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 193 ه ) .
تهذيب الكمال 6/265 ( 5709 ) ، والكاشف 2/162 ( 4771 ) ، والتقريب ( 5787 ) .
(6) في مسنده 2/409 ، ومن طريقه الْخَطِيْب في " الفصل " : 132-133 .
(7) هُوَ معاذ بن معاذ بن نصر العنبري ، أبو المثنى البصري الْقَاضِي : ثقة متقن ، توفي سنة ( 196 ه ) .
تهذيب الكمال 7/143 ( 6629 ) ، والكاشف 2/273 ( 5507 ) ، والتقريب ( 6740 ) .
(8) الفصل : 132 .
(9) هُوَ النضر بن شميل المازني ، أبو الحسن النحوي البصري ، نزيل مرو : ثقة ثبت ، توفي سنة (204 ه) ، وَقِيْلَ: (203 ه). الثقات 9/212 ، وتهذيب الكمال 7/330-331 (7016) ، والتقريب (7135) .
(10) الفصل : 133 .
(11) في سننه ( 713 ) .
(12) الفصل : 133 .
(13) في مسنده 2/471 .
(14) في صحيحه 1/213 ( 29 ) .
(15) الفصل : 133 .
(16) الفصل : 131 – 132 .
(17) في مسنده 2/430 .(9/4)
يزيد بن زريع(1) ، عِنْدَ النسائي (2) .
وَقَدْ رَوَاهُ البخاري –كَمَا مضى– من طريق آدم بن أبي إياس ، عن شعبة ، عن مُحَمَّد بن زياد (3) ، عن أبي هُرَيْرَة ، قَالَ : أسبغوا الوضوء ، فإن أبا القاسم - صلى الله عليه وسلم - قَالَ :
(( ويل للأعقاب من النار ))
فهؤلاء خمسة عشر نفساً من أصحاب شعبة اتفقوا عَلَى جعل قوله : (( أسبغوا الوضوء )) من كلام أبي هُرَيْرَة، في حين أخطأ أبو قطن وشبابة فأدرجاه في الْحَدِيْث (4).
وهذا القسم أقل الأقسام وروداً ، وَهُوَ قليل جداً ، الأمر الَّذِيْ دفع الحافظ ابن حجر لأن يقول: (( وفتشت ما جمعه الْخَطِيْب في المدرج، ومقدار ما زدت عليه مِنْهُ فَلَمْ أجد لَهُ مثالاً آخر إلا ما جاء في بعض طرق حَدِيْث بسرة الآتي من رواية مُحَمَّد بن
دينار (5)، عن هشام بن حسان )) (6) .
وهذا يناقض قَوْل ابن الجلال المحلي وَهُوَ يتحدث عن الإدراج في أول الْحَدِيْث :
__________
(1) يزيد بن زريع البصري ، أبو معاوية : ثقة ثبت ، توفي سنة ( 182 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 181 ه ) .
الثقات 7/632 ، وتهذيب الكمال 8/123-124 ( 7582 ) ، والتقريب ( 7713 ) .
(2) في المجتبى 1/77 .
(3) هُوَ مُحَمَّد بن زياد القرشي الجمحي مولاهم ، أبو الحارث المدني ، نزيل البصرة : ثقة ثبت رُبَّمَا
أرسل . تهذيب الكمال 6/311-312 (5812) ، والكاشف 2/172 (4854) ، والتقريب (5888).
(4) انظر : فتح الباقي 1/356 .
(5) هُوَ مُحَمَّد بن دينار الأزدي ثُمَّ الطاحي ، أبو بكر بن أبي الفرات البصري : صدوق سيء الحفظ ، ورمي بالقدر ، وتغير قَبْلَ موته .
تهذيب الكمال 6/303 ( 5793 ) ، والكاشف 2/169 ( 4839 ) ، والتقريب ( 5870 ) .
(6) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/824 . وَقَدْ وردت هَذِهِ الزيادة (( أسبغوا الوضوء )) مرفوعة في
" الصحيحين " من حَدِيْث عَبْد الله بن عمرو بن العاص . صَحِيْح البخاري 1/53 (165) ، وصحيح مُسْلِم 1/148 (242) (29).(9/5)
(( وَهُوَ أكثر مِمَّا في وسطه ؛ لأن الرَّاوِي يقول كلاماً يريد أن يستدل عليه بالحديث فيأتي بلا فصل ، فيتوهم أن الكل حَدِيْث )) (1) .
ومثال ما وقع الإدراج في وسطه ما رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ في " سننه " (2) من طريق
عَبْد الحميد بن جعفر ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن بسرة بنت صفوان ، قالت : سَمِعْتُ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( مَنْ مَسّ ذَكَرَهُ ، أو أنثييه أَوْ رفغه فليتوضأ )) .
فَقَدْ أدرج عَبْد الحميد بن جعفر ذكر (( الأنثيين والرفغ )) في الْحَدِيْث المرفوع، قال الدَّارَقُطْنِيّ : (( والمحفوظ أن ذَلِكَ من قول عروة غَيْر مرفوع )) (3) .
وَقَالَ الْخَطِيْب البغدادي : (( وذكر الأنثيين والرفغين ليس من كلام رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -، وإنما من قول عروة بن الزبير فأدرجه الرَّاوِي في متن الْحَدِيْث وَقَدْ بيّن ذَلِكَ حماد بن زيد وأيوب السختياني في روايتهما عن هشام )) (4) .
فوهم عَبْد الحميد بن جعفر وأدرج كلام عروة في الحديث، في حين اقتصر الثقات من أصحاب هشام عَلَى ذكر (( الذَّكَر )) ، وهم :
أبو أسامة حماد بن أسامة، وروايته عِنْدَ الترمذي (5)، وابن خزيمة (6)، وابن الجارود(7)، والطبراني (8) .
إِسْمَاعِيْل بن عياش، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (9).
أنس بن عياض(10)
__________
(1) فتح القادر المغيث الورقة 72/ب ، وَهُوَ مقلد في ذَلِكَ السيوطي . انظر : تدريب الرَّاوِي 1/370 .
(2) 1/148 ، وكذا أخرجه الطبراني في " الكبير " 24/157 ( 511 ) ، والبيهقي 1/137 ، والخطيب في " الفصل " : 233 .
(3) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/148 .
(4) الفصل للوصل : 233-235 .
(5) في جامعه ( 83 ) .
(6) في صحيحه ( 33 ) .
(7) في المنتقى ( 17 ) .
(8) في الكبير 24/159 ( 520 ) .
(9) في سننه 1/147 .
(10) هُوَ أنس بن عِيَاض بن ضمرة الليثي ، أبو ضمرة المدني : ثقة ، توفي سنة ( 200 ه ) .
تهذيب الكمال 1/288 ( 558 ) ، والكاشف 1/256 ( 476 ) ، والتقريب ( 564 ) .(9/6)
، عِنْدَ البيهقي (1) .
أيوب السختياني ، وسيأتي التفصيل في طريقه .
حماد بن زيد ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (2)، والطبراني (3) ، والحاكم (4) ، والخطيب (5).
حماد بن سلمة ، عِنْدَ الطبراني (6) .
ربيعة بن عثمان (7) ، عِنْدَ ابن حبان (8) ، والطبراني (9) ، والحاكم (10) .
سعيد بن عَبْد الرَّحْمَان (11) ، عِنْدَ البيهقي (12) .
سفيان بن سعيد الثوري ، عِنْدَ ابن حبان (13) ، والدارقطني (14) ، والطبراني (15) .
شعيب بن إسحاق (16)، عِنْدَ ابن حبان (17) ، والدارقطني (18) ، والحاكم (19) ،
والبيهقي (20).
__________
(1) في الكبرى 1/129 .
(2) في سننه 1/148 .
(3) في الكبير 24/156 ( 507 ) .
(4) في المستدرك 1/136 .
(5) في الفصل : 234 .
(6) في الكبير 24/157 ( 509 ) .
(7) هُوَ ربيعة بن عثمان بن ربيعة التيمي ، أبو عثمان المدني : صدوق لَهُ أوهام ، توفي سنة ( 154 ه ) .
تهذيب الكمال 2/471 ( 1868 ) ، والكاشف 1/393 ( 1552 ) ، والتقريب ( 1913 ) .
(8) في صحيحه ( 1111 ) .
(9) في الكبير 24/158 ( 517 ) .
(10) في المستدرك 1/137 .
(11) هُوَ سعيد بن عَبْد الرَّحْمَان الجمحي ، من ولد عامر بن حِذيم ، أبو عَبْد الله المدني ، قاضي بغداد : صدوق لَهُ أوهام ، توفي سنة ( 176 ه ) .
تهذيب الكمال 3/180 ( 2296 ) ، والكاشف 1/440 ( 1919 ) ، والتقريب ( 2350 ) .
(12) في الكبرى 1/128 .
(13) في صحيحه ( 1113 ) .
(14) في سننه 1/146-147 .
(15) في الكبير 24/158 ( 514 ) .
(16) هُوَ شعيب بن إسحاق بن عَبْد الرَّحْمَان الأموي ، مولاهم ، البصري ، ثُمَّ الدمشقي : ثقة ، رمي بالإرجاء ، توفي سنة ( 189 ه ) .
تهذيب الكمال 3/393 ( 2728 ) ، والكاشف 1/486 ( 2281 ) ، والتقريب ( 2793 ) .
(17) في صحيحه ( 1110 ) .
(18) في سننه 1/146 .
(19) في المستدرك 1/136 .
(20) في سننه الكبرى 1/129 .(9/7)
عَبْد الله بن إدريس ، عِنْدَ ابن ماجه (1) ، والطبراني (2) .
علي بن المبارك (3) ، عِنْدَ ابن حبان (4).
علي بن مسهر ، عِنْدَ الطبراني (5) .
عنبسة بن عَبْد الواحد (6) ، عِنْدَ الْحَاكِم (7) ، والبيهقي (8) .
المنذر بن عَبْد الله (9) ، عِنْدَ الْحَاكِم (10) .
وهيب بن خالد ، عِنْدَ الطبراني (11).
يحيى بن سعيد القطان ، عِنْدَ الطبراني (12) .
يزيد بن سنان (13) ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (14) .
فهؤلاء ثمانية عشر نفساً من أصحاب هشام رووه عَنْهُ مقتصرين عَلَى (( الذَّكَر )) من غَيْر إدراج للرفغ والأنثيين في المرفوع مِنْهُ .
__________
(1) في سننه ( 479 ) .
(2) في المعجم الكبير 24/156 ( 506 ) .
(3) هُوَ عَلِيّ بن المبارك الهنائي : ثقة ، كَانَ لَهُ عن يَحْيَى بن أبي كَثِيْر كتابان ، أحدهما سَمَاع والآخر إرسال . الثقات 7/213 ، وتهذيب الكمال 5/295-296 (4713) ، والتقريب (4787) .
(4) في صحيحه ( 1112 ) .
(5) في المعجم الكبير 24/156 ( 506 ) .
(6) هُوَ عنبسة بن عَبْد الواحد بن أمية الأموي ، أبو خالد الكوفي الأعور : ثقة عابد .
تهذيب الكمال 5/503-504 ( 5126 ) ، والكاشف 2/100 ( 4304 ) ، والتقريب ( 5207 ) .
(7) في المستدرك 1/137 .
(8) في السنن الكبرى 1/129 .
(9) المنذر بن عَبْد الله بن المنذر الأسدي الحزامي المدني : مقبول ، توفي سنة ( 181 ه ) .
التاريخ الكبير 7/359 ، وتهذيب الكمال 7/225 ( 6776 ) ، والتقريب ( 6888 ) .
(10) في المستدرك 1/137 .
(11) في المعجم الكبير 24/158 ( 515 ) .
(12) في المعجم الكبير 24/159 ( 518 ) .
(13) هُوَ يزيد بن سنان بن يزيد التميمي ، أبو فروة الرهاوي : ضعيف ، توفي سنة ( 155 ه ) .
الكامل في الضعفاء 9/152 ، وتهذيب الكمال 8/130 ( 7596 ) ، والتقريب ( 7727 ) .
(14) في سننه 1/147 .(9/8)
أما رِوَايَة أيوب الَّتِيْ أرجأنا الكلام عَنْهَا ، فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث عن أيوب يزيد بن زريع ، واختلف عَلَى يزيد في روايته وأكثر الرُّوَاة عَنْهُ يروونه عَنْهُ ، عن أيوب ، عن هشام من غَيْر إدراج وهم :
أَحْمَد بن عبيد الله العنبري (1) ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (2) .
أَحْمَد بن المقدام (3) ، عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ (4) .
عبيد الله بن عمر (5) القواريري (6) .
عمرو بن علي ، عِنْدَ الْخَطِيْب (7) .
لذا عدَّ الْخَطِيْب أيوب ممن بَيّنَ الإدراج في الْحَدِيْث (8) .
في حين أن أبا كامل الجحدري رَوَاهُ عن يزيد بن زريع ، عن أيوب مدرجاً ، كَمَا أخرجه الطبراني (9) ، فعاد الْخَطِيْب فعدّ أيوب ممن أدرج الْحَدِيْث (10) .
فالذي يترجح رِوَايَة الجمع عن أيوب ، فيعدّ أيوب ممن بيّن الإدراج ، وبالتالي فتترجح رِوَايَة الجمع ممن بَيّنَ الإدراج في روايتهم عن هشام بن عروة ، ويؤيد هَذَا قَوْل الْخَطِيْب : (( رَوَى كافة أصحاب هشام بن عروة عَنْهُ حَدِيْث الوضوء من مس الذكر خاصة ، وَلَمْ يذكر أحد مِنْهُمْ الأنثيين والرفغين في روايته )) (11) .
وَقَدْ حكم الْخَطِيْب البغدادي عَلَى عَبْد الحميد بن جعفر بتفرده بالإدراج عن
__________
(1) ذكره ابن حبان في ثقاته 8/31 .
(2) في سننه 1/148 .
(3) هُوَ أحمد بن المقدام ، أبو الأشعث العجلي ، بصري : صدوق صاحب حَدِيْث ، توفي سنة ( 253 ه ) .
تهذيب الكمال 1/82 ( 107 ) ، والكاشف 1/204 ( 89 ) ، والتقريب ( 110 ) .
(4) في سننه 1/148 .
(5) هُوَ عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ، أبو سعيد البصري ، نزيل بغداد : ثقة ثبت ، توفي سنة (235 ه) . تهذيب الكمال 5/56 (4258) ، والكاشف 1/685 (3577) ، والتقريب (4325) .
(6) ذكره ابن حجر في " نكته " 2/830 .
(7) في الفصل : 235 .
(8) الفصل : 234 .
(9) في المعجم الكبير 24/157 ( 510 ) .
(10) الفصل : 233 .
(11) الفصل : 235 .(9/9)
هشام بن عروة (1). واعترض عليه الحافظ العراقي برواية أبي كامل الجحدري (2) الَّتِيْ مضى الكلام عَلَيْهَا ، وبرواية ابن جريج ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن مروان ، عن بسرة بلفظ : (( إذا مس أحدكم ذكره أو أنثييه )) (3).
والذي يبدو أن حكم الْخَطِيْب حكم مقيد لا مطلق ، والمقيد ذهني إِذْ أنه عنى التفرد من طريق يعتد بِهَا ، أما هاتان الطريقان فلا اعتماد عليهما لما يأتي :
أما رِوَايَة أبي كامل فَقَدْ بينا أنه خالف فِيْهَا جمهور الرُّوَاة عن أيوب ، فلا يلتفت إِلَيْهَا . وأما رِوَايَة ابن جريج فَقَدْ حكم الدَّارَقُطْنِيّ والحافظ ابن حجر عَلَيْهَا بالإدراج
أَيْضاً (4) .
وهناك طريقان آخران عن هشام بن عروة ورد فيهما الإدراج (5) :
فَقَدْ رَوَى مُحَمَّد بن دينار ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن بسرة هَذَا الْحَدِيْث مدرجاً ، وروايته أخرجها : الطبراني (6) ، والدارقطني (7) .
ومحمد بن دينار ليس ممن يعتمد عَلَى حفظه (8) .
وروى هشام بن حسان ، عن هشام بن عروة ، عن أَبِيْهِ ، عن بسرة مدرجاً. وَقَدْ رَوَاهُ عن هشام هكذا مدرجاً اثنان من أصحابه هما (9) :
عَبْد الأعلى بن عَبْد الأعلى ، حَيْثُ رَوَاهُ ابن شاهين في كتاب " الأبواب " من طريق ابن أبي داود ويحيى بن صاعد –كلاهما– عن مُحَمَّد بن بشار ، عن عَبْد الأعلى ، عن ابن حسان (10) .
__________
(1) الفصل للوصل : 233 .
(2) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/404 .
(3) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في " سننه " 1/148 .
(4) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/830 .
(5) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/830 .
(6) في الكبير 24/158 ( 517 ) .
(7) في العلل 5/الورقة 196 أ .
(8) انظر : ميزان الاعتدال 3/541 .
(9) انظر : شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 207 .
(10) نقله ابن حجر في " نكته " 2/831 .(9/10)
ورواه الدَّارَقُطْنِيّ في " العلل " (1) من طريق عَبْد الله بن بزيع ، عن هشام بن حسان ، بِهِ .
والظاهر أن هشام بن حسان لَمْ يضبط الْحَدِيْث جيداً ، إِذْ رَوَاهُ يزيد بن هارون عَنْهُ بلفظ: (( إذا مس أحدكم ذكره ، أو قَالَ : فرجه ، أو قَالَ : أنثييه ، فليتوضأ )) رَوَاهُ ابن شاهين(2) في كتاب " الأبواب " (3) ، والدارقطني في " العلل " (4) .
قَالَ ابن حجر : (( فتردده يدل عَلَى أنه ما ضبطه )) (5) .
وَقَدْ رَوَاهُ عمار بن عمر ، عن هشام بن حسان ، من غَيْر إدراج ، وروايته أخرجها الطبراني في " الكبير " (6) ، والدارقطني في " العلل " (7) .
فانتهت نتيجة البحث إلى ضعف المتابع الأول ، وعدم ضبط الثاني (8) .
وَقَدْ كَانَ لهذا الْحَدِيْث أثر في اختلاف الفقهاء تقدم الكلام عَنْهُ في الفصل الثاني المبحث الثالث : ما تعم بِهِ البلوى ، ولا نريد إعادته بغية عدم الإطالة .
ومثال ما وقع الإدراج في آخر الْحَدِيْث: ما رَوَاهُ زهير بن معاوية، عن الحسن بن الحر (9)
__________
(1) 5/الورقة 201 أ .
(2) هُوَ الشَّيْخ الواعظ عمر بن أحمد بن عثمان بن شاهين أبو حفص البغدادي ، صاحب التصانيف مِنْهَا "التفسير " و " الناسخ والمنسوخ " ، ولد سنة ( 297 ه ) ، وتوفي سنة ( 385 ه ) .
المنتظم 7/182-183 ، وسير أعلام النبلاء 16/431 ، والعبر 3/29-30 .
(3) كَمَا نقله ابن حجر في " نكته " 2/831-832 .
(4) 5/الورقة 201 أ .
(5) النكت عَلَى كتاب ابن الصلاح 2/832 .
(6) 24/158 ( 512 ) ووقع في المطبوع مِنْهُ (( عثمان بن عمر )) !!
(7) 5/الورقة 201 أ .
(8) انظر : شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 208-209 .
(9) هُوَ الحسن بن الحر بن الحكم الجعفي أو النخعي الكوفي أبو مُحَمَّد ، نزيل دمشق : ثقة فاضل ، توفي
( 133 ه ) .
تهذيب الكمال 2/110 ( 1197 ) ، والكاشف 1/322 ( 1019 ) ، والتقريب ( 1224 ) .(9/11)
، عن القاسم بن مخيمرة (1)، عن علقمة ، عن عَبْد الله بن مسعود أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - علّمه التشهد في الصلاة ، فَقَالَ : (( قل : التحيات لله .. فذكر الْحَدِيْث )). وفي آخره : (( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رَسُوْل الله ، فإذا قلت هَذَا فَقَدْ قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم ، وإن شئت أن تقعد فاقعد )) (2) .
فزيادة : (( فإذا قلت هَذَا … )) إلى نهاية الرِّوَايَة ، مدرجة من قَوْل ابن مسعود ، أدرجها زهير بن معاوية في روايته عن الحسن بن الحر ، نصَّ عَلَى هَذَا جمع من الحفاظ مِنْهُمْ : الدَّارَقُطْنِيّ (3) ، والحاكم (4) ، والبيهقي (5)، والخطيب البغدادي (6)، ونقل النووي في " الخلاصة " اتفاق الحفاظ عَلَى إدراجها (7) .
__________
(1) هُوَ القاسم بن مخيمرة ، أبو عروة الكوفي الهمداني ، نزيل الشام : ثقة فاضل ، توفي سنة
(100 ه) . تهذيب الكمال 6/87 (5414) ، والكاشف 2/131 (4532) ، والتقريب (5495) .
(2) رَوَاهُ من هَذَا الطريق : الطيالسي في " مسنده " ( 275 ) ، وأحمد 1/422 ، والدارمي ( 1347 ) ، وأبو داود ( 970 ) ، وابن حبان ( 1961 ) ، والدارقطني 1/353 .
(3) في السنن 1/353 ، وفي العلل ( 1275 ) .
(4) مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 39 .
(5) السنن الكبرى 2/174 .
(6) الفصل للوصل : 104 .
(7) الخلاصة : ورقة 61/ب نسختنا الخطية الخاصة مصورة عن النسخة السعيدية .(9/12)
واستدل الحافظ ابن الصلاح عَلَى الإدراج بقوله : (( ومن الدليل عليه أن الثقة الزاهد(1) عَبْد الرحمان بن ثابت بن ثوبان (2) ، رَوَاهُ عن راويه الحسن بن الحر كذلك ، واتفق حسين الجعفي(3)
__________
(1) كَذَا قَالَ ابن الصَّلاَحِ !! أما زهده فلا خلاف في أنه كَانَ نهاية في الزهد والعبادة . وأما كونه ( ثقة ) فلعل ابن الصلاح اجتهد في توثيقه ، وإلا ففي توثيقه خلاف ، إِذْ لَمْ يوثقه إلا قلة ، وَقَدْ ساق الحافظ المزي أقوال أئمة الجرح والتعديل فِيْهِ في كتابه " تهذيب الكمال " 4/381 : (( فقال الأثرم عن أحمد : أحاديثه مناكير ، وَقَالَ الوراق عن أحمد : لَمْ يَكُنْ بالقوي في الْحَدِيْث . وَقَالَ ابن الجنيد عن ابن معين : صالح ، وَقَالَ مرة : ضعيف ، وهكذا نقل عن ابن معين كُلّ من : معاوية بن صالح والدارمي والصابوني ، وَقَالَ الدوري عن ابن معين : ليس بِهِ بأس ، وكذا قَالَ ابن المديني والعجلي وأبو زرعة ، وَقَالَ ابن أبي خيثمة عن ابن معين : لا شيء ، ونقل عثمان بن سعيد الدارمي عن دحيم : ثقة يرمى بالقدر . وَقَالَ أبو حاتم : ثقة ، وَقَالَ مرة : يشوبه شيء من القدر وتغير عقله في آخر حياته ، وَهُوَ مستقيم الْحَدِيْث . وَقال أبو داود : كَانَ فِيْهِ سلامة وَكَانَ مجاب الدعوة وليس بِهِ بأس وَكَانَ عَلَى المظالم ببغداد . وَقَالَ النسائي : ضعيف ، وَقَالَ مرة : ليس بالقوي ، وَقَالَ أخرى : ليس بثقة . وَقَالَ صالح جزرة : شامي صدوق . وَقال ابن خراش : في حديثه لين ، وَقَالَ ابن عدي : لَهُ أحاديث صالحة )) . وحاول الحافظ ابن حجر أن يجمع بَيْنَ كُلّ هَذِهِ الأقوال في " التقريب " ( 3820 ) فَقَالَ : (( صدوق يخطئ ورمي بالقدر وتغير بأخرة )) .
(2) هُوَ عَبْد الرَّحْمَان بن ثابت بن ثوبان العنبسي الدمشقي، الزاهد: صدوق يخطئ ورمي بالقدر وتغير بأخرة، توفي سنة(165ه).تهذيب الكمال4/380(3763) ، والكاشف1/623(3158) ، والتقريب(3820) .
(3) هُوَ الْحُسَيْن بن عَلِيّ بن الوليد الجعفي ، الكوفي المقرئ : ثقة عابد ، توفي سنة (203 ه) أو(204 ه).
تهذيب الكمال 2/196 ( 1308 ) ، والكاشف 1/334 ( 1098 ) ، والتقريب ( 1335 ) .(9/13)
وابن عجلان وغيرهما في روايتهم عن الحسن بن الحر عَلَى ترك ذكر هَذَا الكلام في آخر الْحَدِيْث ، مع اتفاق كُلّ من رَوَى التشهد عن علقمة – وعن غيره – عن ابن مسعود عَلَى ذَلِكَ ، ورواه شبابة ، عن أبي خيثمة ففصله أَيْضاً )) (1) .
وهذا كلام مجمل بيانه فِيْمَا يأتي :
أولاً : رَوَاهُ عَبْد الرحمان بن ثابت بن ثوبان ، عن الحسن بن الحر ، بسند زهير بن معاوية، وفَصَل نهاية الرِّوَايَة وبيّن أنها من قَوْل ابن مسعود ، وروايته عِنْدَ ابن حبان(2) ، والطبراني (3)، والدارقطني (4) ، والحاكم (5) ، والبيهقي (6) ، والخطيب
البغدادي (7) .
ثانياً : رَوَاهُ حسين الجعفي وابن عجلان واتفقا عَلَى عدم ذكر هذا الكلام في نهاية الرِّوَايَة. ورواية حسين أخرجها ابن أبي شيبة(8)، وأحمد(9)، وابن حبان(10)، والطبراني(11)، والدارقطني (12) ، والخطيب (13) .
وأما رِوَايَة ابن عجلان فأخرجها الطبراني (14) ، والدارقطني (15)، والخطيب (16)
__________
(1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 195-197 طبعتنا .
(2) في صحيحه ( 1912 ) .
(3) في المعجم الكبير ( 9924 ) ، وفي مسند الشاميين ( 64 ) .
(4) في السنن 1/354 .
(5) في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 39-40 .
(6) في الكبرى 2/175 .
(7) في الفصل : 108-109 .
(8) في مصنفه ( 2982 ) .
(9) في مسنده 1/450 .
(10) في صحيحه ( 1963 ) .
(11) في المعجم الكبير ( 9926 ) .
(12) في سننه 1/352 .
(13) في الفصل : 110 .
(14) في المعجم الكبير ( 9923 ) .
(15) في سننه 1/352 .
(16) في الفصل : 110 .
ملاحظة : عنى الحافظ ابن الصَّلاَحِ بقوله : (( وغيرهما )) رِوَايَة مُحَمَّد بن أبان ، وَقَدْ ذكرها الدَّارَقُطْنِيّ في "سننه" 1/352-353 ، وَقَدْ رَوَاهُ ابن حبان أَيْضاً ( 1963 ) من طريق حسين الجعفي السابق ، وزاد في آخره : (( قَالَ الحسن بن الحر : وزادني فِيْهِ مُحَمَّد بن أبان ( كَذَا في صَحِيْح ابن حبان ، انظر : تهذيب الكمال 2/110 ، وإتحاف المهرة 10/359 ( 12929 ) ) بهذا الإسناد ، قَالَ : فإذا قلت هَذَا أو فعلت هَذَا ، فإن شئت فقم )) .
وهذا يدل عَلَى أن مُحَمَّد بن أبان كَانَ ممن يدرج هَذِهِ الزيادة في الْحَدِيْث المرفوع ، إلا أن ابن حبان عقب عَلَى هَذِهِ الرِّوَايَة بقوله : (( مُحَمَّد بن أبان ضعيف ، قَدْ تبرأنا من عهدته في كتاب "المجروحين" )). وَلَمْ يشر الدَّارَقُطْنِيّ في " علله " إلى متابعة مُحَمَّد بن أبان . ولعل هَذَا الخلاف في كون رِوَايَة أبان متابعة لابن ثوبان ، أو متابعة لزهير هِيَ الَّتِيْ جعلت ابن الصَّلاَحِ يضرب عن التصريح باسمه ، واكتفى بالإشارة إلى وجودها بقوله : (( وغيرهما )) .(9/14)
.
ثالثاً : إن الرُّوَاة عن زهير بن معاوية اختلفوا عليه في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث،فرواه كُلّ من:
أحمد بن عَبْد الله بن يونس اليربوعي (1) .
أبو داود الطيالسي (2) .
عاصم بن علي (3).
عَبْد الله بن مُحَمَّد(4) النفيلي (5) .
علي بن الجعد (6) .
مالك بن إسماعيل(7) النهدي (8) .
موسى بن داود (9) الضبي (10) .
أبو النضر هاشم بن القاسم (11) .
__________
(1) عِنْدَ الطبراني في الكبير ( 9925 ) ، والخطيب في الفصل : 106 ، ووقع في الروايتين منسوباً لجده ، وانظر : تقريب التهذيب ( 63 ) .
(2) في مسنده ( 275 ) ، ومن طريقه الْخَطِيْب في الفصل : 104 .
(3) عِنْدَ الْحَاكِم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 39 .
(4) هُوَ عَبْد الله بن مُحَمَّد بن عَلِيّ بن نفيل ، أَبُو جعفر النفيلي الحراني : ثقة حافظ ، توفي سنة ( 234 ه ) .
تهذيب الكمال 4/277 ( 3533 ) ، والكاشف 1/595 ( 2963 ) ، والتقريب ( 3594 ) .
(5) عِنْدَ أبي داود ( 970 ) .
(6) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل : 106 .
(7) هُوَ مالك بن إسماعيل النهدي ،أبو غسان الكوفي ،سبط حمّاد بن أبي سليمان : ثقة متقن صَحِيْح الكِتَاب ، عابد ، توفي سنة ( 219 ه ) .
تهذيب الكمال 7/5 ( 6319 ) ، والكاشف 2/233 ( 5239 ) ، والتقريب ( 6324 ) .
(8) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل : 106 .
(9) هُوَ موسى بن داود الضبي ، أَبُو عَبْد الله الطرسوسي الخلقاني : صدوق فقيه زاهد لَهُ أوهام ، توفي سنة (217 ه) . تهذيب الكمال 7/258 (6846) ، والكاشف 2/303 (5692) ، والتقريب (6959) .
(10) عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/253 ، والخطيب في الفصل : 105-106 .
(11) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل : 107 .(9/15)
يحيى بن أبي بكير(1) الكرماني (2).
يحيى بن يحيى النيسابوري (3) .
عشرتهم عَنْهُ مدرجاً .
ورواه شبابة بن سوار(4) ، عَنْهُ – أعني : زهير بن معاوية – ففصله وبين أنه من قَوْل عَبْد الله بن مسعود ، وروايته عِنْدَ: الدَّارَقُطْنِيّ (5)، والبيهقي (6)، والخطيب (7).
وهذا النوع من الإدراج هُوَ الغالب من حَيْثُ وقوعه في متون الأحاديث (8) .
__________
(1) هُوَ يَحْيَى بن أبي بكير العبدي العبسي الكرماني ، كوفي الأصل ، نزل بغداد : ثقة ، توفي سنة ( 208 ه ) أو ( 209 ه ) . الثقات 9/257 ، وتهذيب الكمال 8/20 ( 7392 ) ، والتقريب ( 7516 ) .
(2) عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل : 106 .
(3) عِنْدَ البيهقي في السنن الكبرى 2/174 ، والخطيب في الفصل : 107 .
(4) هُوَ شبابة بن سوار المدائني ، اصله من خراسان : ثقة حافظ رمي بالإرجاء ، توفي سنة ( 204 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 205 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 206 ه ) .
الثقات 8/312 ، وتهذيب الكمال 3/307-308 ( 2669 ) ، والتقريب ( 2733 ) .
(5) في السنن 1/353 .
(6) في الكبرى 2/174 .
(7) في الفصل : 108 .
(8) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/401 .(9/16)
الاختلاف بسبب خطأ الراوي
الخطأ في رِوَايَة الثقات أمرٌ وارد ، إِذْ لا يلزم من رِوَايَة الثقة أن تكون صواباً ، إِذ الأصل فِيْهَا الصواب والخطأ طارئٌ محتمل ، فالراوي الثقة مهما بلغ أعلى مراتب الضبط والإتقان فالخطأ في روايته يبقى أمراً محتملاً وليس بعيداً، والخطأ في حَدِيْث الثقة لا يتمكن من مَعْرِفَته إلا الأئمة الجامعون ، وَقَدْ يطلع الجهبذ من أئمة الْحَدِيْث عَلَى حَدِيْث ما فيحكم عليه بخطأ راويه الثقة مع أن ظاهر الْحَدِيْث السلامة من هَذِهِ العلة القادحة ، لَكِن العالم الفهم لا يحكم بِذَلِكَ عن هوى بَلْ يترجح لديه أن أحد الرُّوَاة قَدْ أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث ، وذلك للقرائن الَّتِيْ تحيط بالحديث ، ومثل هَذِهِ الْمَعْرِفَة لا تتضح لكل أحد ، بَلْ هِيَ لِمَنْ منحه الله فهماً دقيقاً واطلاعاً واسعاً وإدراكاً كبيراً ومعرفة بعلل الأسانيد ومتونها ومشكلاتها وغوامضها ، ومعرفة واسعة بطرق الْحَدِيْث ومخارجه ، وأحوال الرُّوَاة وصفاتهم.
وما دام إدراك الخطأ في حَدِيْث الثقة أمراً خفياً لا يتمكن مِنْهُ كُلّ أحد ، ولا ينكشف لكل ناقد فإن بعضاً من أخطاء الثقات قَدْ ظن جَمَاعَة من القوم أنها صحيحة لظاهر ثقة رجالها واتصال إسنادها وظاهر خلوها من العلة ، وَقَدْ أخذوا بتلك الأحاديث وعملوا بِهَا تحسيناً لظنهم بأولئك الرُّوَاة الثقات فحصل اختلاف بَيْنَ الأحاديث مِمَّا أدى إلى اختلاف في الفقه الإسلامي .
مثال ذَلِكَ : حَدِيْث وائل بن حجر في الجهر بآمين بَعْدَ قِرَاءة الفاتحة في الصلاة .(10/1)
فَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث: سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل (1) ، عن حجر بن العنبس (2) ، عن وائل بن حجر ، قَالَ : (( سَمِعْتُ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قرأ : { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ
عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ } فَقَالَ : آمين و مد بِهَا صوته )) (3) .
وَقَدْ أخطأ الإمام الحافظ شعبة بن الحجاج ، في هَذَا الْحَدِيْث فخالف سفيان في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث إِذْ رَوَاهُ عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، عن علقمة بن وائل ، عن وائل ، قَالَ : (( صلى بنا رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - فلما قرأ : { غَيْر المغضوب عليهم ولا الضالين } قَالَ : آمين وأخفى بِهَا صوته )) (4)
__________
(1) هُوَ سلمة بن كهيل الحضرمي ، أبو يحيى الكوفي : ثقة . التقريب ( 2508 ) .
(2) هُوَ حجر بن العنبس الحضرمي ، أبو العنبس ، ويقال : أبو السكن ، الكوفي ، ادرك الجاهلية ، رَوَى عن علي بن أَبِي طالب ، ووائل بن حجر قَالَ فيه يحيى بن معين : شيخ كوفي ثقة مشهور ، وَقَالَ الْخَطِيْب: كَانَ ثقة احتج بِهِ غَيْر واحد من الأئمة . تهذيب الكمال 2/69 ، وذكره ابن حبان في الثقات 6/234، وَقَالَ الذهبي في الكاشف 1/314 ( 950 ) : (( ثقة )) .
(3) أخرجه ابن أبي شيبة ( 7960 ) ، وأحمد 4/315 و 317 ، والدارمي ( 1250 ) ، وأبو داود
( 932 ) ، والترمذي ( 248 ) ، وفي علله الكبير : 68 ( 98 ) ، والدارقطني 1/333 و 334 ، والطبراني في المعجم الكبير 22/ ( 111 ) ، والبيهقي 2/57 ، والبغوي ( 586 ) .
(4) رَوَاهُ عن شعبة : سليمان بن حرب ، وأبو الوليد الطيالسي عِنْدَ لحاكم 2/232 ، ووكيع بن الجراح عِنْدَ الطبراني في " الكبير " 22/(112) .
واختلف عَلَى شعبة فِيْهِ .
فَقَدْ رَوَاهُ أبو داود الطيالسي ( 1024 ) – ومن طريقه البيهقي 2/57 – ويزيد بن زريع عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/334 ، وأحمد بن جعفر عِنْدَ أحمد 4/316 ثلاثتهم عن شعبة ، عن سلمة ، عن حجر ، عن علقمة ، قَالَ : حدثنا وائل أو عن وائل ، بِهِ .
ورواه أبو الوليد الطيالسي عِنْدَ الطبراني في " الكبير " 22/(109) ، وحجاج بن نصير عِنْدَ الطبراني في
"الكبير" 22/(110) كلاهما عن شعبة، عن سلمة، عن حجر ، عن وائل ، بِهِ . وَلَمْ يدخلوا فِيْهِ علقمة.
ورواه وهب بن جرير ، وعبد الصمد بن عَبْد الوارث عِنْدَ ابن حبان ( 1805 ) كلاهما عن شعبة ، عن سلمة ، عن حجر أبي عنبس ، عن علقمة ، عن وائل ، بِهِ . وَلَمْ يذكروا فِيْهِ : (( إنه خفض صوته )) .
ورواه أبو الوليد الطيالسي عِنْدَ البيهقي 2/58 ، عن شعبة ، عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي عنبس ، عن وائل ، وذكر فِيْهِ : (( أنه قال آمين رافعاً بِهَا صوته )) .
فعلى هَذَا يَكُوْن خطأ شعبة في الْمَتْن ظاهرٌ إِذْ إنه رجع إلى الصواب ، وهذا معنى كلام البيهقي الَّذِيْ سنذكره بَعْدَ قليل . إن شاء الله .(10/2)
.
فَقَدْ خالف شعبة سفيان في سند الْحَدِيْث :
عندما أضاف علقمة .
أبدل حجر بن عنبس بـ : ( حجر أبو العنبس ) .
خالفه في الْمَتْن فَقَالَ : (( خفض بِهَا صوته ))
قَالَ الإمام الترمذي : (( سَمِعْتُ مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيْل – البخاري – يقول :
(( حَدِيْث سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل في هَذَا الباب أصح من حَدِيْث شعبة ، وشعبة أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث في مواضع ، قَالَ : (( عن سلمة بن كهيل ، عن حجر أبي العنبس ، وإنما هُوَ حجر بن عنبس ، عن وائل بن حجر ، ليس فِيْهِ علقمة ، وَقَالَ :
(( وخفض بِهَا صوته )) وَالصَّحِيْح أنه جهر بِهَا )) وسألت أبا زرعة فَقَالَ : (( حَدِيْث سفيان أصح من حَدِيْث شعبة ، وَقَدْ رَوَاهُ العلاء بن صالح(1) )) (2) .
وَقَدْ عقّب الحافظ البيهقي عَلَى قَوْل هذين الجهبذين فَقَالَ : (( أما خطؤه في متنه فبين ، وأما قوله : (( حجر أبو العنبس )) فكذلك ذكره مُحَمَّد بن كثير عن الثوري (3)
__________
(1) هُوَ العلاء بن صالح التيمي العبدي ، الأسدي الكوفي العطار : صدوق لَهُ أوهام .
تهذيب الكمال 5/524-525 ( 5161 ) ، والكاشف 2/104 ( 4334 ) ، والتقريب ( 5242 ) .
(2) الجامع الكبير 1/289 ، والعلل الكبير : 68 ( 98 ) ، ورواية العلاء بن صالح ستأتي .
(3) رِوَايَة مُحَمَّد بن كثير عن الثوري عِنْدَ أبي داود ( 932 ) ، والطبراني في " الكبير " 22/(111) .
ويزاد على هَذَا أن رِوَايَة وكيع بن الجراح – وَهُوَ ثقة - التقريب (7414) - ، والمحاربي : عَبْد الرحمان ابن مُحَمَّد بن زياد ، وَهُوَ ثقة – تهذيب الكمال 4/466 - ، روياه عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيّ 1/333 عن سفيان الثوري ، عن سلمة ، عن حجر أبي عنبس ، بِهِ لذا نجد المزي صدّر الترجمة بقوله : (( حجر بن العنبس الحضرمي ، أبو العنبس )) ، تهذيب الكمال 2/69 ( 1120 ) .(10/3)
، وأما قوله : عن علقمة فَقَدْ بين في روايته أن حجراً سمعه من علقمة ، وَقَدْ سمعه أَيْضاً من وائل نفسه (1) ، وَقَدْ رَوَاهُ أبو الوليد الطيالسي عن شعبة نحو رِوَايَة الثوري )) (2) .
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : (( كَذَا قَالَ شعبة وأخفى بِهَا صوته ، ويقال : إنه وهم فِيْهِ ؛ ولأن سفيان الثوري ومحمد بن سلمة بن كهيل ، وغيرهما رووه عن سلمة ، فقالوا: ورفع
صوته بآمين ، وَهُوَ الصواب )) (3).
والذي يهمنا في مجال بحثنا هُوَ خطأ الإمام شعبة بقوله : (( أخفى بِهَا صوته )) ، والمرجح هنا هُوَ رِوَايَة سفيان ، وعند الاختلاف من غَيْر مرجحات فرواية سفيان أقوى من رِوَايَة شعبة ؛ إِذْ قَالَ شعبة نفسه : (( سُفْيَان أحفظ مني )) ، وَقَالَ لَهُ رجل: وخالفك سُفْيَان قَالَ: (( دمغتني )) ، وَقَالَ يحيى بن سعيد القطان: (( ليس أحدٌ أحب إليّ من شعبة ، ولا يعدله عندي ، وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان )) (4). وَقَالَ البيهقي : (( لا أعلم اختلافاً بَيْنَ أهل العلم بالحديث أن سفيان وشعبة إذا اختلفا فالقول قَوْل سفيان ))(5).
وَقَدْ احتج ابن قيم الجوزية (6) بترجيح رِوَايَة سفيان بخمس حجج :
الأولى : قَوْل العلماء السابق في ترجيح رِوَايَة سفيان .
الثانية : متابعة العلاء بن صالح (7)
__________
(1) كَمَا بينا – فِيْمَا سبق – في تخريج حَدِيْث شعبة فبعض الرُّوَاة رووا الْحَدِيْث عن حجر ، عن علقمة ، عن وائل ، أو عن وائل فيشبه أن يَكُوْن حجر قَدْ سمعه من علقمة ، ومن أبيه وائل أَيْضاً .
(2) السنن الكبرى ، للبيهقي 2/58 .
(3) سنن الدَّارَقُطْنِيّ 1/334 .
(4) انظر : تهذيب الكمال 3/220 .
(5) انظر : اعلام الموقعين 2/377-378 .
(6) انظر : اعلام الموقعين 2/377-378 .
(7) وَهِيَ عِنْدَ أبي داود ( 933 ) ، والترمذي ( 249 ) ، والطبراني في الكبير 22/(114) .
تنبيه : وقع في رِوَايَة أبي داود : (( علي بن صالح )) قَالَ الإمام المزي : (( إن أبا داود سماه في روايته ، علي ابن صالح ، وَهُوَ وهم )) . تهذيب الكمال 5/525 . وانظر : تحفة الأشراف 8/327 ، وتهذيب التهذيب 8/184 ، وبذل المجهود 5/233 .(10/4)
، ومحمد بن سلمة بن كهيل (1) لسفيان في روايتيهما عن سلمة بن كهيل (2) .
الثالث : هُوَ أن أبا الوليد الطيالسي رَوَى عن شعبة في الْمَتْن بنحو حَدِيْث الثوري ، إذن فَقَد اختلف عَلَى شعبة في روايته فَقَالَ البيهقي: (( فيحتمل أن يَكُوْن تنبه لِذَلِكَ فعاد إلى الصواب في متنه ، وترك ذكر ذَلِكَ عن علقمة في إسناده )) .
الرابع : هُوَ أن رِوَايَة الرفع متضمنة لزيادة ، وكانت هَذِهِ الزيادة أولى بالقبول .
الخامس: هِيَ أن هَذِهِ الرِّوَايَة موافقة ومفسرة لحديث أبي هُرَيْرَة : (( إذا أمن الإمام
فأمنوا )) (3).
ثُمَّ إن الْحَدِيْث ورد من طريق علقمة بن وائل (4) ، وعبد الجبار بن وائل (5) ، وكليب بن شهاب (6) ؛ ثلاثتهم رووه عن وائل بن حجر بنحو رِوَايَة سُفْيَان ، وهذا كله يدل عَلَى أن شعبة قَدْ أخطأ في هَذَا الْحَدِيْث .
__________
(1) ذكر هَذِهِ المتابعة الدَّارَقُطْنِيّ 1/334 ، والبيهقي 2/57 ، وَلَمْ نقف عَلَيْهَا مسندة .
(2) قَالَ الحافظ ابن حجر في " التلخيص الحبير " 1/253 : (( وَقَدْ رجحت رِوَايَة سفيان بمتابعة اثنين لَهُ بخلاف شعبة ؛ فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح ، والله أعلم )) .
(3) سيأتي تخريجه – إن شاء الله – عِنْدَ عرض المسألة الفقهية .
(4) عِنْدَ أحمد 4/318 ، والبيهقي 2/58 من طريق أبي إسحاق ، عن علقمة ، بِهِ .
(5) عِنْدَ ابن أبي شيبة ( 7959 ) ، وأحمد 4/315 ، وابن ماجه ( 855 ) ، والدارقطني 1/334 و 335 ، والطبراني في الكبير 22/ (30) و (31) و (32) و ( 34 ) و ( 35 ) و ( 36 ) و ( 37 ) و ( 38 ) و ( 39 ) و ( 40 ) ، والبيهقي 2/58 .
(6) عِنْدَ أحمد 4/318 .(10/5)
الاختلاف في اسم الراوي ونسبه إذا كان متردداً بين ثقة وضعيف
الاختلاف في الأسانيد ملحظ مهم للرجل الذي يحب الكشف عن العلل الكامنة
في الأسانيد ؛ لأن الاختلافات تومئ إِلَى عدم ضبط الروايات وتخرج الْحَدِيْث غالباً من حيّز القبول إِلَى درجات الرد. والاختلافات الَّتِي تقدح في صحة الإسناد هِيَ الَّتِي يَكُوْن مدارها واحداً ، ومصدر خروجها واحداً، فإذا حصل الاختلاف على من هذا شأنه فهو أمر يهتم به العلماء غاية الاهتمام ؛ إذ هو يدلل على خلل طارئ من الأصل الذي روى الحديث أو من الرواة عنه . فإذا توبع الرواة على اختلاف رواياتهم فالحمل إذن على من دارت عليه الأسانيد ، فهو بلا شك حدث الجميع على أوجهٍ مختلفة متباينة فهو إذن فاقد لضبط الحديث في هذا الحديث خاصة ، وإن كان من الثقات الأثبات ومن أنواع تلك الاختلافات الكثيرة : الاختلاف في اسم الراوي ونسبه .
ومما اختلف الرواة فيه اختلافاً كبيراً
ما رواه الطحاوي (1) من طريق عفان ومسدد ، عن حماد بن زيد ،
عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن أبي صُعَيْر ، عن أبيه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( أدوا زكاة الفطر صاعاً من تمر ، أو صاعاً من شعير ، أو نصف صاع من بر – أو قال : قمح – عن كل إنسان صغير أو كبير ، ذكر أو أنثى ، حر أو مملوك، غني أو فقير )) .
أقول : هذا الحديث هو حديث شيخ الزهري ثعلبة بن أبي صعير – كما في الرواية الآنفة - ، وقد اختلف في اسمه ونسبه اختلافاً كثيراً حتى إن بعض أهل العلم ضعّف الحديث به .
__________
(1) في شرح المعاني 2/45 ، وفي شرح المشكل ( 3410 ) و ( 3411 ) .(11/1)
قال ابن حزم : (( هذا الحديث راجع إلى رجل مجهول الحال ، مضطرب عنه ، مختلف في اسمه ، مرة : عبد الله بن ثعلبة ، ومرة : ثعلبة بن عبد الله ، ولا خلاف في أن الزهري لم يلق ثعلبة بن أبي صُعَيْر ، وليس لعبد الله بن ثعلبة صحبة )) (1) .
وَقَالَ الزيلعي في " نصب الراية " : (( حاصل ما يعلل به هذا الحديث أمران : أحدهما : الاختلاف في اسم أبي صُعَيْر، فقد تقدم من جهة أبي داود عن مسدد: ثعلبة بن أبي صُعَيْر ، أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعَيْر ، وكذلك أيضاً عن أبي داود في رواية بكر ابن وائل المتقدمة: ثعلبة بن عبد الله، أو قال: عبد الله بن ثعلبة على الشك، وعنده أيضاً من رواية محمد بن يحيى، وفيه الجزم بعبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعَيْر، وكذلك رواية ابن جريج،وعند الدارقطني من رواية مسدد عن ابن أبي صُعَيْر، عن أبيه لم يسمه … )) (2).
ولهذا الاختلاف الشديد مال الحافظ إلى التفريق وجعلهما اثنين فقال : (( هذا يقتضي أن يكون ثعلبة بن صُعَيْر غير ثعلبة بن أبي صُعَيْر ، والله أعلم )) (3) .
وقد حاولت جاهداً جمع طرق الحديث ، والتنقيب عن الاختلافات الواردة فيه ، وسأفصل ذلك ، فأقول :
الحديث سبق ذكره من رواية النعمان بن راشد ، وعنه حماد بن زيد وقد اختلف على هذا الطريق :
فقد أخرجه الإمام أحمد (4) من طريق عفان بن مسلم ، عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ابن ثعلبة بن أبي صعير ، عن أبيه .
وأخرجه البخاري (5) عن مسدد عن الزهري ، عن ثعلبة بن صعير ، عن أبيه .
__________
(1) المحلى 6/121 ، وقارن مع قول ابن حزم الإصابة 1/200 .
(2) نصب الراية 2/408 . وقد ذكر اختلافات أخرى ، سوف سأتناولها في التخريج .
(3) الإصابة 1/200 .
(4) في مسنده 5/432 .
(5) في تاريخه الكبير 5/36 .(11/2)
وأخرجه أبو داود (1) ، عن سليمان بن داود ، عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير ، عن أبيه .
وأخرجه الفسوي (2)، عن أبي النعمان، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة ، عن أبيه .
وأخرجه ابن (3) قانع (4)، قَالَ :حدثنا : الحسن بن المثنى (5)، قَالَ:حدثنا : عفان ، قَالَ: حدثنا : أحمد بن بشر المرثدي ، قَالَ :حدثنا : خالد بن خداش (6) جميعاً ، عن حماد ابن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن أبي صعير ، عن أبيه.
وأخرجه الدارقطني (7) ، عن إسحاق بن أبي إسرائيل(8) ، عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن صعير أو عبد الله بن ثعلبة بن صعير، عن أبيه .
__________
(1) في سننه ( 1619 ) .
(2) في المعرفة والتاريخ 1/102 الطبعة العلمية .
(3) هُوَ أبو الْحُسَيْن عَبْد الباقي بن قانع بن مرزوق الأموي مولاهم ، توفي سنة ( 351 ه ) .
تاريخ بغداد 11/88 ، وسير أعلام النبلاء 15/526 ، والعبر 2/298 .
(4) في معجم الصحابة 3/917 ( 209 ) .
(5) هُوَ أبو مُحَمَّد الحسن بن المثنى بن معاذ العنبري ، من نبلاء الثقات ، ولد سنة ( 200 سنة ه ) ، وتوفي سنة ( 294 ه ) .
الجرح والتعديل 3/39، وسير أعلام النبلاء 13/526 و527، وتاريخ الإسلام: 131 وفيات (294ه).
(6) هُوَ أبو الهيثم خالد بن خداش بن عجلان المهلبي مولاهم البصري،نَزيل بغداد:صدوق،توفي سنة(223ه) .
تاريخ بغداد 8/304 ، وسير أعلام النبلاء 10/488 و 489 ، وميزان الاعتدال 1/629 .
(7) في سننه 2/147 .
(8) هُوَ أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن كامجار ، وَهُوَ ابن أبي إسرائيل ، توفي سنة ( 246 ه ) .
الطبقات ، لابن سعد 7/353 ، وتاريخ بغداد 6/356 ، وسير أعلام النبلاء 11/476 .(11/3)
وأخرجه أيضاً (1)، عن يزيد بن هارون، عن حماد بن زيد، عن النعمان بن راشد، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير أو عن ثعلبة عن أبيه .
وأخرجه أيضاً (2)، عن سليمان بن حرب (3)، عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن أبي صعير ، عن أبيه .
وأخرجه أيضاً (4) ، عن مسدد ، عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ابن أبي صعير ، عن أبيه .
وأخرجه البيهقي (5) ، عن مسدد عن حماد بن زيد ، عن النعمان بن راشد ، عن الزهري ، عن ثعلبة بن أبي صعير ، عن أبيه .
وأخرجه أيضاً (6) ، عن سليمان بن داود ومسدد ، عن حماد بن زيد ، عن
النعمان بن راشد ، عن الزهري -وفي رواية سليمان بن داود-، عن عبد الله بن ثعلبة ، وثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه .
والحديث رواه غير النعمان بن راشد ، عن الزهري ، وحصل فيه الاختلاف عينه في اسم راويه .
فقد أخرجه البخاري (7)، وأبو داود (8)، وابن أبي(9)
__________
(1) سنن الدارقطني 2/147 .
(2) سنن الدارقطني 2/148 .
(3) هُوَ أبو أيوب سليمان بن حرب بن بجيل الواشحي الأزدي البصري : ثقة ، توفي سنة ( 224 ه ) .
الجرح والتعديل 4/108 ، وسير أعلام النبلاء 10/330 ، وشذرات الذهب 2/54 .
(4) سنن الدارقطني 2/148 .
(5) السنن الكبرى 4/167 .
(6) السنن الكبرى 4/167-168 .
(7) في التاريخ الكبير 5/36 .
(8) في سننه ( 1620 ) ، وفي إحدى روايتيه : (( عن عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله )) .
(9) هُوَ أحمد بن عَمْرو بن أبي عاصم قاضي أصبهان ، من مصنفاته " المسند الكبير " و " الآحاد والمثاني " ، توفي سنة ( 287 ه ) .
الجرح والتعديل 2/67 ، وسير أعلام النبلاء 13/430 ، وتذكرة الحفاظ 2/640 .(11/4)
عاصم (1) ، وابن خزيمة (2) ، والطحاوي (3) ، وابن قانع (4) ، والطبراني (5) ، والحاكم (6) ، وابن الأثير (7) ، من طريق بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير ، عن أبيه .
وأخرجه أبو نعيم (8) ، وابن حزم (9) من طريق بكر بن وائل ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صُعير ، عن أبيه .
وأخرجه أبو نعيم (10) من طريق بحر السقاء ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة ابن صعير ، عن أبيه .
ثم إن الحديث قَدْ اختلف فيه اختلافاً غير هذا ، واضطرب في إسناده فقد أخرجه الدارقطني(11)من طريق سفيان بن عيينة،عن الزهري،عن ابن أبي صعير ، عن أبي هريرة،به .
وأخرجه عبد الرزاق (12)، وأحمد(13)، والبخاري(14)، والطحاوي في شرح المعاني (15)، والدارقطني (16) ، والبيهقي (17) عن معمر ، عن الزهري ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، به موقوفاً ثم قال - يعني : معمراً - : وبلغني أن الزهري كان يرويه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وأخرجه الدارقطني (18) ، من طريق سليمان بن أرقم (19)
__________
(1) في الآحاد والمثاني ( 629 ) .
(2) صحيح ابن خزيمة ( 2410 ) .
(3) في شرح مشكل الآثار ( 3412 ) و ( 3413 ) .
(4) في معجم الصحابة 3/919 ( 210 ) .
(5) في المعجم الكبير ( 1389 ) .
(6) في المستدرك 3/279 .
(7) في أسد الغابة 1/241 .
(8) في معرفة الصحابة ( 1367 ) .
(9) في المحلى 6/122 .
(10) في معرفة الصحابة ( 1367 ) .
(11) في سننه 2/148 .
(12) في مصنفه ( 5761 ) .
(13) في المسند 2/277 .
(14) في تاريخه الكبير 5/37 .
(15) شرح معاني الآثار 2/45 .
(16) في سننه 2/149-150 .
(17) السنن الكبرى 4/164 .
(18) في سننه 2/150 .
(19) هُوَ أَبُو معاذ سليمان بن أرقم البصري مولى الأنصار ، وَقِيْلَ مولى قريش : ضعيف .
الأنساب 5/400 ، وتهذيب الكمال 3/261 ( 2475 ) ، والتقريب ( 2532 ) .(11/5)
، عن الزهري ، عن قبيصة بن ذؤيب (1) ، عن زيد بن ثابت .
وأخرجه عبد الرزاق (2) ، والبخاري (3) ، والدارقطني (4) ، من طريق ابن
جريج ، عن الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (5) .
وأخرجه ابن أبي شيبة (6) ، من طريق سفيان بن حسين ، والبخاري (7) ، من طريق إبراهيم بن سعد الزهري ، والطحاوي (8) ، والبيهقي (9) كلاهما من طريق
عبد الرحمان بن خالد وعقيل .
أربعتهم : ( سفيان وإبراهيم وعبد الرحمان وعقيل ) ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، به مرسلاً .
هذا ما استطعت جمعه من طرق الحديث ، وهذه الاختلافات الشديدة مضعفة للحديث للإشعار بعدم ضبط راويه .
والحديث لم يقتصر على الخلاف في سنده ، بل اختلف في متنه ، قال الدارقطني : (( واختلفوا أيضاً في متنه في حديث سفيان بن حسين عن الزهري صاعاً من القمح ، وكذلك قال النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير ، عن أبيه صاع من قمح عن كل إنسان ، وفي حديث الآخرين نصف صاع قمح، وأصحهما عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب مرسلاً )) (10) .
__________
(1) قبيصة بن ذؤيب بن حلحلة الخزاعي أبو إسحاق أو أبو سعيد المدني ، من أولاد الصَّحَابَة ، وله رؤية ، ولد عام الفتح ، توفي سنة ( 86 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 87 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 88 ه ) .
تهذيب الأسماء واللغات 2/56 ، وسير أعلام النبلاء 4/282 و 283 ، والتقريب ( 5512 ) .
(2) مصنفه ( 5785 ) .
(3) في تاريخه الكبير 5/36 .
(4) في سننه 2/150 .
(5) قال البخاري : (( عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن النبي مرسل )) . انظر : الإصابة 1/200 .
(6) المصنف ( 10337 ) .
(7) في التاريخ الكبير 5/37 .
(8) في شرح معاني الآثار 2/45 .
(9) في السنن الكبرى 4/169 .
(10) العلل 7/40-41 .(11/6)
قال ابن المنذر : (( لا نعلم في القمح خبراً ثابتاً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتمد عليه ، ولم يكن البر بالمدينة ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه ، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاعٍ منه يقوم مقام صاع من شعير وهم الأئمة )) (1) .
وَقَالَ البيهقي : (( وقد وردت أخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاع من بر ، ووردت أخبار في نصف صاع ، ولا يصح شيء من ذلك ، وقد بينت علة كل واحد منهما في الخلافيات )) (2) .
وَقَالَ ابن عبد البر: (( هذا نص في موضع الخلاف، إلا أنه لم يروه كبار أصحاب ابن شهاب ، ولا من يحتج بروايته منهم إذا انفرد )) (3) .
__________
(1) فتح الباري 3/374 .
(2) السنن الكبرى 4/170 .
(3) الاستذكار 3/154 .(11/7)
الاضطراب في المتن
سبق الكلام أن الاضطراب نوعان : اضطراب يقع في السند ، واضطراب يقع في المتن ، وقد شرحت الاضطراب الذي يعتري الأسانيد . أمّا هنا فسيكون الكلام على النوع الثاني ، وهو الاضطراب في المتن ؛ إذ كَمَا أن الاضطراب يَكُوْن في سند الْحَدِيْث فكذلك يَكُوْن في متنه . وذلك إذا وردنا حَدِيْث اختلف الرُّوَاة في متنه اختلافاً لا يمكن الجمع بَيْنَ رواياته المختلفة ، ولا يمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية ، فهذا يعد اضطراباً قادحاً في صحة الْحَدِيْث ، أما إذا أمكن الجمع فَلاَ اضطراب ، وكذا إذا أمكن ترجيح إحدى الروايات عَلَى البقية ، فَلاَ اضطراب إذن فالراجحة محفوظة (1) أو معروفة (2) والمرجوحة شاذة (3) أو منكرة (4) .
وإذا كان المخالف ضعيفاً فلا تعل رِوَايَة الثقات برواية الضعفاء (5) فمن شروط الاضطراب تكافؤ الروايات (6) .
وقد لا يضر الاختلاف إذا كان من عدة رواة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لأن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ يذكر الْجَمِيْع ، ويخبر كُلّ راوٍ بِمَا حفظه عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - (7) . وَلَيْسَ كُلّ اختلاف يوجب الضعف (8) إنما الاضطراب الَّذِي يوجب الضعف هُوَ عِنْدَ اتحاد المدار، وتكافؤ
__________
(1) وهي رواية الثقة إذا خالفها الثقة الأقل حفظاً أو عدداً .
(2) وهي رواية الثقة التي خالفها الضعيف .
(3) وهي رواية الثقة التي خالفها من هو أوثق عدداً أو حفظاً .
(4) وهي رواية الضعيف التي خالفت الثقات .
(5) فتح الباري 3/213 .
(6) فتح الباري 5/318 .
(7) انظر : طرح التثريب 2/30 .
(8) هدي الساري : 347 .(12/1)
الروايات، وعدم إمكان الجمع ، فإذا حصل هذا فهو اضطراب مضعف للحديث، يومئ إلى عدم حفظ هذا الراوي أو الرواة لهذا الحديث . قال ابن دقيق العيد : (( إذا اختلفت الروايات ، وكانت الحجة ببعضها دون بعضٍ توقف الاحتجاج بشرط تعادل الروايات ، أما إذا وقع الترجيح لبعضها ؛ بأن يكون رواتها أكثر عدداً أو أتقن حفظاً فيتعين العمل بالراجح ، إذ الأضعف لا يكون مانعاً من العمل بالأقوى ، والمرجوح لا يمنع التمسك بالراجح )) (1) .
وَقَالَ الحافظ ابن حجر: (( الاختلاف على الحفاظ في الحديث لا يوجب أن يكون مضطرباً إلا بشرطين : أحدهما استواء وجوه الاختلاف فمتى رجح أحد الأقوال قدم ، ولا يعل الصحيح بالمرجوح .
ثانيهما : مع الاستواء أن يتعذر الجمع على قواعد الْمُحَدِّثِيْن ، ويغلب على الظن أن ذلك الحافظ لم يضبط ذلك الحديث بعينه ، فحينئذ يحكم على تلك الرواية وحدها بالاضطراب ، ويتوقف عن الحكم بصحة ذلك الحديث لذلك )) (2) .
وَقَالَ المباركفوري : (( قَدْ تقرر في أصول الحديث أن مجرد الاختلاف ، لا يوجب الاضطراب، بل من شرطه استواء وجوه الاختلاف، فمتى رجح أحد الأقوال قدم )) (3).
وقد يكون هناك اختلاف ، ولا يمكن الترجيح إلا أنه اختلاف لا يقدح عند العلماء لعدم التعارض التام، مثل حديث الواهبة نفسها، وهو ما رواه أبو حازم (4)، عن سهل بن سعد ، قال : جاءت امرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت : يا رسول الله ، إني قَدْ وهبت لك من نفسي ، فقال رجلٌ : زوجنيها ، قال : ((قَدْ زوجناكها بما معك من القرآن)).
__________
(1) فتح الباري 5/318 .
(2) هدي الساري : 348-349 .
(3) تحفة الأحوذي 2/91-92 .
(4) هو :سلمة بن دينار ، أبو حازم الأعرج التمار ، المدني مولى الأسود بن سُفْيَان ،ثقة ، عابد ، مات في خلافة المنصور . تهذيب الكمال 3/244 (2434) ، و التقريب (2489).(12/2)
فهذا الحديث تفرد به أبو حازم (1) ، واختلف الرواة عنه فِيْهِ فبعضهم قال :
(( أنكحتُكها )) وبعضهم قال : (( زوجتكها )) ، وبعضهم قال : (( ملكتكها )) ، وبعضهم قال : (( مُلِّكْتَها )) وبعضهم قال: (( زوجناكها )) ، وبعضهم قال: (( فزوجه )) ، وبعضهم قال : (( أنكحتك )) ، وبعضهم قال : (( أملكتها )) ، وبعضهم قال : (( أملكتكها )) ، وبعضهم قال : (( زوجتك )) ، وبيان ذلك في الحاشية (2)
__________
(1) نص على ذلك ابن حجر في نكته على ابن الصلاح 2/808 .
(2) أخرجه مالك ( ( 411 ) برواية عبد الرحمان بن القاسم ، ( 318 ) برواية سويد بن سعيد ، ( 1477 ) برواية أبي مصعب الزهري بلفظ : (( زوجتكها )) ، و ( 1498 ) برواية الليثي بلفظ : (( أنكحتكها )) . تفرد الليثي بمخالفة أصحاب مالك .
وأخرجه الشافعي في المسند ( 1117 ) بتحقيقنا ، وفي طبعة العلمية : 246 ، وأحمد 5/336 ، والبخاري 3/132 ( 2310 ) و7/22 ( 5135 ) و 9/151 ( 7417 ) ، وأبو داود ( 2111 ) ، والترمذي (1114) ، والنسائي 6/123 وفي الكبرى ، له ( 5524 ) ،والطحاوي في شرح المعاني= =3/16 ، وابن حبان ( 4093 ) ، والبيهقي 7/144 و 236 و 242 ، والبغوي ( 2302 ) جميعهم رووه عن مالك وفيه : (( قَدْ زوجتكها )) .
أخرجه الدارمي ( 2207 ) ، والبخاري 6/236 ( 5029 ) عن عمرو بن عون وفيه (( زوجتكها )) ، والبخاري 7/24 ( 5141 ) عن أبي النعمان ، والطبراني ( 5934 ) عن أبي الربيع الزهراني وفيه
(( ملكتكها )) ، ومسلم 4/144 ( 1425 ) ( 77 ) عن خلف بن هشام وفيه (( مُلِّكتها )) .
جميعهم: ( عمرو بن عون ، وأبو النعمان ، وأبو الربيع الزهراني ، وخلف بن هشام ، رووه عن حماد بن زيد بن أبي حازم .
وأخرجه البخاري 7/21 ( 5132 ) ، والطبراني في الكبير ( 5951 ) من طرق عن الفضيل بن سليمان عن أبي حازم وفيه (( زوجتكها )) .
وأخرجه ابن أبي شيبة ( 16358 ) عن حسين بن علي ، والطبراني في الكبير ( 5980 ) من طريق ابن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه (( ملكتكها )) ، ومسلم 4/144 ( 1425 ) ( 77 ) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن حسين بن علي وفيه (( زوجتكها )) ، عن زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي عن أبي حازم .
وأخرجه ابن ماجه ( 1889 ) عن عبد الرحمان بن مهدي وفيه (( زوجتكها )) ، والدراقطني 3/248-249 عن أسود بن عامر وفيه (( أنكحتكها )) . كلاهما ، عبد الرحمان بن مهدي ، وأسود بن عامر ، عن سفيان الثوري عن أبي حازم .
وأخرجه الحميدي ( 928 ) ، والطبراني في الكبير ( 5915 ) من طريق الحميدي ، والدارقطني 3/248-249 عن علي بن شعيب ، والبيهقي 7/144 عن ابن أبي عمر ، و7/236 عن سعدان بن نصر ، وفيه : (( زوجتكها )) ، وأحمد 5/330 ، والبخاري 7/26 ( 5149 ) عن علي بن عبد الله ، ,النسائي 6/91-92 عن محمد بن منصور ، وفيه (( أنكحتكها )) ، والنسائي 6/54-55 وفي الكبرى ، له (5308 ) و(11412) عن محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ ، وابن الجارود ( 716 ) عن ابن المقرئ ، والطحاوي في شرح المشكل (2476)، عن ابن المقرئ و(2477) عن محمد بن منصور ، وفيه (( فزوجه بما معه )) ، وأبو يعلى ( 7522 ) عن إسرائيل ، والطحاوي في شرح المعاني 3/17 ، وفي شرح المشكل (2475 ) عن أسد بن موسى ، وفيه (( أنكحتك ) ، ومسلم 4/144 ( 1425 ) ( 77 ) عن زهير بن حرب وفيه (( مُلِّكْتها )) ، والنسائي في الكبرى ( 5525 ) عند محمد بن منصور وفيه : (( أنكحتها )) .
جميعهم ( الحميدي ، وعلي بن شعيب ، وابن أبي عمر ، وسعدان بن نصر ، وأحمد ، وعلي بن عبد الله ، ومحمد بن منصور ، ومحمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وإسرائيل ، وأسد بن موسى، وزهير بن حرب )، رووه عن سفيان بن عيينه عن أبي حازم .
وأخرجه البخاري 7/8 ( 5087 ) عن قتيبة و 7/201-202 ( 5871 ) عن عبد الله بن مسلمة ، والطبراني ( 5907 ) عن إبراهيم بن محمد الشافعي وفيه : (( ملكتكها )) ، ومسلم 4/143 ( 1425 ) (76) عن قتيبة وفيه: (( مُلِّكتها )) ، ثلاثتهم ( قتيبة، وعبد الله بن مسلمة، وإبراهيم بن محمد الشافعي )) . رووه عن عبد العزيز بن أبي حازم عن أبي حازم .=
=وأخرجه البخاري 7/17 (5121) عن سعيد بن أبي مريم وفيه : (( أملكناكها )) ، والطبراني
(5781) ، من طريق سعيد بن أبي مريم وفيه : (( أنكحتكها )) ، رواه سعيد بن أبي مريم عن محمد بن مطرف ( أبي غسان ) عن أبي حازم .
وأخرجه البخاري 6/237 ( 5030 ) عن قتيبة بن سعيد ، والنسائي 6/113 ، وفي الكبرى ، له (5505) و (5506) و (8061) عن قتيبة بن سعيد وفيه (( ملكتكها )) ، ومسلم 4/143 (1425) (76) عن قتيبة بن سعيد وفيه (( مُلِّكتها )) ، رواه قتيبة بن سعيد عن يعقوب بن عبد الرحمان القاري عن أبي حازم .
وأخرجه أحمد 5/334 عن عبد الرزاق ، وعبد الرزاق ( 12274 ) عن معمر ، وأبو يعلى (7521) ، والطبراني في الكبير ( 5927 ) عن إسحاق بن إبراهيم عن عبد الرزاق ، وفيه (( أملكتكها )) ، والطبراني ( 5961 ) عن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق وفيه (( ملكتكها )) .
* تنبيه : وقع في مسند أحمد طبعة إحياء التراث العربي 6/457-458 وفيه (( أملكتها )) ، وفي طبعة مؤسسة الرسالة 37/487 ، وفيه (( أملكتكها )) وهي كذلك في طبعة الأفكار الدولية 4/1694 .
رواه عبد الرزاق عن معمر عن أبي حازم .
وأخرجه الطبراني في الكبير ( 5750 ) عن الليث عن هشام بن سعد عن أبي حازم وفيه (( زوجتكها )) .
وأخرجه الطبراني في الكبير ( 5938 ) من طريق محمد بن أبان عن مبشر بن مكسر عن أبي حازم وفيه
(( فقد زوجتك )) .
وأخرجه مسلم 4/144 ( 1425 ) ( 77 ) عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن أبي حازم وفيه
(( ملكتها ))(12/3)
.
ومع هذا فلم يقدح هذا الاختلاف عند العلماء ، قال الحافظ ابن حجر: (( وأكثر هذه الروايات في الصحيحين ، فمن البعيد جداً أن يكون سهل بن سعد - رضي الله عنه - شهد هذه القصة من أولها إلى آخرها مراراً عديدة ، فسمع في كل مرة لفظاً غير الذي سمعه في الأخرى (1) .
بل ربما يعلم ذلك بطريق القطع – أيضاً – فالمقطوع به أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل هذه الألفاظ كلها في مرة واحدة تلك الساعة ، فلم يبق إلا أن يقال : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لفظاً منها، وعبر عنه بقية الرواة بالمعنى )) (2) .
__________
(1) القطع بذلك ظاهر لتفرد أبي حازم عن سهل ، به .
(2) النكت على كتاب بن الصلاح 2/809-810 .(12/4)
التصحيف والتحريف
التصحيف والتحريف من الأمور الطارئة الَّتِيْ تقع في الْحَدِيْث سنداً أو متناً عِنْدَ بعض الرُّوَاة ، وَهُوَ من الأمور المؤدية إلى الاختلاف في الْحَدِيْث . فيحصل لبعض الرُّوَاة أوهام تقع في السند أَوْ في الْمَتْن بتغيير النقط أو الشكل أو الحروف .
وهذا النوع من الخطأ يسمى عِنْدَ الْمُحَدِّثِيْنَ بـ ( التصحيف والتحريف ) .
والتصحيف هُوَ : تغيير في نقط الحروف أو حركاتها مع بقاء صورة الخط (1) .
والتحريف : هُوَ العدول بالشيء عن جهته ، وحرَّف الكلام تحريفاً عدل بِهِ عن جهته ، وَقَدْ يَكُوْن بالزيادة فِيْهِ ، أو النقص مِنْهُ ، وَقَدْ يَكُوْن بتبديل بعض كلماته ، وَقَدْ يَكُوْن بجعله عَلَى غَيْر المراد مِنْهُ ؛ فالتحريف أعم من التصحيف (2) .
ولابد من الإشارة إلى أن المتقدمين كانوا يطلقون المصحف والمحرف جميعاً عَلَى شيء واحد ، ولكن الحافظ ابن حجر جعلهما شيئين وخالف بينهما ، فَقَدْ قَالَ : (( إن كانت المخالفة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق فإن كَانَ ذَلِكَ بالنسبة إلى النقط فالمصحف ، وإن كَانَ بالنسبة إلى الشكل فالمحرّف )) (3) .
وعلى هَذَا فالتصحيف هُوَ الَّذِيْ يَكُوْن في النقط ؛ أي في الحروف المتشابهة الَّتِيْ تختلف في قراءتها مثل : الباء والتاء والثاء ، والجيم والحاء المهملة والخاء المعجمة ، والدال المهملة والذال المعجمة ، والراء والزاي .
__________
(1) تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/39 .
(2) تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/39 .
(3) نُزهة النظر : 127 ، وانظر : تدريب الرَّاوِي 2/195 ، وألفية السيوطي : 203 ، وتوضيح الأفكار 2/419 مع حاشية محيي الدين عَبْد الحميد .
وَقَالَ الدكتور موفق بن عَبْد الله في كتابه " توثيق النصوص " : 166 : (( وسبق الحافظ ابن حجر في هَذَا التفريق الإمام العسكري في كتابه " شرح ما يقع فِيْهِ التصحيف والتحريف " )) .(1/1)
ومعرفة هَذَا الفن من فنون علم الْحَدِيْث لَهُ أهمية كبيرة (1)
__________
(1) ولأهمية هَذَا الفن من فنون علم الْحَدِيْث فَقَدْ صنف فِيْهِ العلماء عدة كَتَبَ مِنْهَا :
تصحيف العلماء : لأبي مُحَمَّد عَبْد الله بن مُسْلِم بن قتيبة الدينوري ( ت 276 ه ) .
التنبيه عَلَى حدوث التصحيف : لحمزة بن الحسن الأصفهاني ( ت 360 ه ) ، وَهُوَ مطبوع .
التنبيهات عَلَى أغاليط الرُّوَاة : لأبي نعيم علي بن حمزة البصري ( ت 375 ه ) .
شرح ما يقع فِيْهِ التصحيف والتحريف : لأبي أحمد الحسن بن عَبْد الله العسكري ( ت 382 ه ) .
تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ : لأبي أحمد الحسن بن عَبْد الله العسكري ، وَهُوَ مطبوع .
تصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ : للإمام الحافظ أبي الحسن علي بن عمر الدَّارَقُطْنِيّ ( ت 385 ه ) .
إصلاح خطأ الْمُحَدِّثِيْنَ : لأبي سليمان حمد بن مُحَمَّد الخطابي ( ت 388 ه ) .
الرد عَلَى حمزة في حدوث التصحيف : لإسحاق بن أحمد بن شبيب ( ت 405 ه ) .
متفق التصحيف : لأبي علي الحسن بن رشيق القيرواني ( ت 456 ه ) .
تلخيص المتشابه في الرسم ، وحماية ما أشكل مِنْهُ عن بوادر التصحيف والوهم : للخطيب البغدادي
( ت 463 ه ) .
تالي التلخيص : لأبي بكر أحمد بن علي الْخَطِيْب ( ت 463 ه ) .
مشارق الأنوار عَلَى صَحِيْح الآثار : لأبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي ( ت 544 ه ) .
ما يؤمن فِيْهِ التصحيف من رجال الأندلس : لأبي الوليد يوسف بن عَبْد العزيز المعروف بابن الدباغ
( ت 546 ه ) .
مطالع الأنوار : لأبي إسحاق إِبْرَاهِيْم بن يوسف بن إِبْرَاهِيْم المعروف بابن قرقول ( ت 569 ه ) .
التصحيف والتحريف : لأبي الفتح عثمان بن عيسى الموصلي ( ت 600 ه ) .
تصحيح التصحيف وتحرير التحريف : لخليل بن أيبك الصفدي ( ت 764 ه ) .
تحبير الموشين فِيْمَا يقال لَهُ بالسين والشين : للفيروزآبادي ( ت 817 ه ) .
التطريف في التصحيف لأبي الفضل السيوطي ( ت 911 ه ) .
التنبيه عَلَى غلط الجاهل والتنبيه : لابن كمال باشا ( ت 940 ه ) .
وَقَدْ ساق هَذِهِ الكتب ورتبها موفق بن عَبْد الله في كتابه " توثيق النصوص " : 174-178 .(1/2)
؛ وذلك لما فِيْهِ من
تنقية الأحاديث النبوية مِمَّا شابها في بعض الألفاظ سواء كَانَ في متونها أم في رجال أسانيدها .
وعندما كثر التصحيف والتحريف بَيْنَ الناس شرع الحفاظ من أهل الْحَدِيْث بتصنيف كتب : ( التصحيف والتحريف ) وكتب ( المؤتلف والمختلف ) (1)، وهذا الفن فن جليل لما يحتاج إِلَيْهِ من الدقة والفهم واليقظة ، وَلَمْ ينهض بِهِ إلا الحفاظ الحاذقون قَالَ
ابن الصَّلاَحِ : (( هَذَا فن جليل إنما ينهض بأعبائه الحذاق من الحفاظ )) (2) .
__________
(1) الْمُؤْتَلِف لغة : اسم فاعل من الائتلاف بمعنى الاجتماع والتلاقي ، وَهُوَ ضد النفرة ، قَالَ ابن فارس : الهمزة واللام والفاء أصل واحد يدل عَلَى انضمام الشيء إلى الشيء ، والأشياء الكثيرة أَيْضاً . مقاييس اللغة 1/131 (ألف)، وانظر: شرح علي القاري عَلَى النخبة:224، وتيسر مصطلح الْحَدِيْث: 208.
والمختلف لغة : اسم فاعل من الاختلاف ، وَهُوَ ضد الاتفاق ، يقال : تخالف الأمران ، واختلفا إذا لَمْ يتفقا . وكل ما لَمْ يتساوَ فَقَدْ تخالف واختلف . لسان العرب 9/91 ( خلف ) ، وانظر : شرح علي القاري عَلَى النخبة : 224 ، وتيسر مصطلح الْحَدِيْث : 208 .
والمؤتلف والمختلف في اصطلاح الْمُحَدِّثِيْنَ : هُوَ ما يتفق في الخط دون اللفظ . فتح المغيث 3/213 .
وَهُوَ فن مهم للغاية ، وفيه عدة مؤلفات سردها الدكتور موفق في كتابه " توثيق النصوص " : 183-194 فبلغ بِهَا ستين .
(2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 252 ، وطبعتنا : 448 .(1/3)
والسبب في وقوع التصحيف والإكثار مِنْهُ إنما يحصل غالباً للآخذ من الصحف وبطون الكتب ، دون تلق للحديث عن أستاذ من ذوي الاختصاص ؛ لِذَلِكَ حذر أئمة الْحَدِيْث من عمل هَذَا شأنه ، قَالَ سعيد بن عَبْد العزيز التنوخي (1) : (( لا تحملوا العلم عن صحفي ، ولا تأخذوا القرآن من مصحفي )) (2).
أقسام التصحيف
للتصحيف بحسب وجوده وتفرعه أقسام . ينقسم إِلَيْهَا وَهِيَ ستة أنواع :
القسم الأول : التصحيف في الإسناد :
مثاله : حَدِيْث شعبة ، عن العوام بن مراجم (3)، عن أبي عثمان النهدي (4)، عن عثمان بن عفان، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -: (( لتؤدنَّ الحقوق إلى أهلها…الْحَدِيْث ))(5).
وَقَدْ صحف فِيْهِ يحيى بن معين ، فَقَالَ : (( ابن مزاحم )) – بالزاي والحاء – وصوابه : (( ابن مراجم )) – بالراء المهملة والجيم – (6).
ومنه ما رواه الإمام أحمد (7) ، من طريق شعبة ، قَالَ : حَدَّثَنَا مالك بن عرفطة
__________
(1) هُوَ سعيد بن عَبْد العزيز التنوخي الدمشقي : ثقة إمام ، لكنه اختلط في آخر أمره ، توفي سنة (167 ه) ، وَقِيْلَ : ( 163 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 164 ه ) .
سير أعلام النبلاء 8/32 ، والكاشف 1/440 ( 1926 ) ، والتقريب ( 2358 ) .
(2) الجرح والتعديل 2/31 ، وتصحيفات الْمُحَدِّثِيْنَ 1/71 ، وشرح ما يقع فِيْهِ التصحيف : 13 ، والتمهيد 1/46 ، وفتح المغيث 2/232 .
(3) انظر : الإكمال 7/186 .
(4) بفتح النون وسكون الهاء . التقريب ( 4017 ) .
(5) أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ في العلل 3/64-65 س287 ، وفي المؤتلف والمختلف 3/2078-2079 .
(6) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 252 ، وطبعتنا : 448 .
(7) في مسنده 6/244، وكذلك أخرجه الطيالسي (1538)، وإسحاق بن راهويه (1229) و (1249).(1/4)
– قَالَ (1) : وإنما هُوَ خالد بن علقمة – قَالَ : سَمِعْتُ عَبْد خير يحدّث ، عن عائشة ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( أنه نهى عن : الدباء (2) ، والحنتم (3) ، والمزفت (4) )) .
وَقَدْ أخطأ الإمام شعبة بن الحجاج فصحف في هَذَا الاسم فَقَالَ : (( مالك بن عرفطة )) ، وصوابه: (( خالد بن علقمة )) كَمَا نبه عَلَى ذَلِكَ الإمام أحمد –كَمَا سبق–(5) وَقَدْ رَوَاهُ أبو عوانة ، عن شعبة ، فأخطأ فِيْهِ كذلك فِيْمَا أخرجه الْخَطِيْب في موضح أوهام الجمع والتفريق (6).
ثُمَّ رجع إلى الصواب فِيْمَا أخرجه عَنْهُ الْخَطِيْب في " تاريخ بغداد " (7) وَقَالَ :
(( عن شعبة ، عن خالد بن علقمة ، عن عَبْد خير ، بِهِ )) .
القسم الثاني : التصحيف في الْمَتْن :
__________
(1) القائل هُوَ : عبد الله بن الإمام أحمد راوي المسند عن أبيه .
(2) الدباء:القرع،واحدها دُباءة،كانوا ينتبذون فِيْهَا فتسرع الشدة في الشراب،وتحريم الانتباذ في هَذِهِ الظروف كَانَ في صدر الإِسْلاَم ثُمَّ نسخ،وَهُوَ المذهب،وذهب الإمام مالك وأحمد إلى بقاء التحريم. النهاية 2/96.
(3) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فِيْهَا إلى الْمَدِيْنَة ، ثُمَّ اتسع فِيْهَا فقيل للخزف كله حنتم ، واحدها حنتمة ؛ وإنما نهي عن الانتباذ فِيْهَا لأنها تسرع الشدة فِيْهَا لأجل دهنها. وَقِيْلَ : لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهي عَنْهَا من عملها . والأول أوجه . النهاية 1/448 .
(4) المزفت : هُوَ الإناء الَّذِيْ طلي بالزفت ، وَهُوَ نوع من القار ثُمَّ انتبذ فِيْهِ . النهاية 2/304 .
(5) وكذا نبه عَلَى هَذَا الوهم في " علله " برواية ابنه 2/33-34 .
(6) 2/61 .
(7) تاريخ بغداد 7/400 .(1/5)
ومثاله حَدِيْث أنس مرفوعاً: (( ثُمَّ يخرج من النار من قَالَ : لا إله إلا الله ، وَكَانَ في قلبه من الخير ما يزن ذرة )) (1).
قَالَ ابن الصَّلاَحِ : (( قَالَ فِيْهِ شعبة : (( ذُرَةً )) – بالضم والتخفيف – ونسب فِيْهِ إلى التصحيف )) (2)
ومثّل ابن الصَّلاَحِ لتصحيف الْمَتْن بمثال آخر فَقَالَ : (( وفي حَدِيْث أبي ذر :
(( تعين الصانع )) ، قَالَ فِيْهِ هشام بن عروة – بالضاء المعجمة – وَهُوَ تصحيفٌ ، والصواب ما رواه الزهري: (( الصانع )) – بالصاد المهملة – (3) ضد الأخرق (4)
__________
(1) أخرجه أحمد 3/116 و173 و276، وعبد بن حميد (1173)، والبخاري 1/17 ( 44 ) و 9/149
( 7410 ) ، ومسلم 1/125 ( 193 ) ( 325 ) ، وابن ماجه ( 4312 ) ، والترمذي ( 2593 ) .
(2) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 253 ، وفي طبعتنا : 450 .
(3) قَالَ الحافظ العراقي في شرح التبصرة :2/296 ، وطبعتنا 2/423 : (( وكقول هشام بن عروة في حَدِيْث أبي ذر : (( تعين ضايعاً )) بالضاد المعجمة ، والياء آخر الحروف ، والصواب بالمهملة والنون )) ، ومثله في تدريب الرَّاوِي 2/114 .
وهذا جزء من حَدِيْث أخرجه البخاري 3/188 ( 2518 ) ، ومسلم 1/62 ( 84 ) من طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي مُراوح ، عن أبي ذر ، قَالَ : قلت : يا رَسُوْل الله … وفيهما : (( تعين صانعاً ))، وعند مُسْلِم أَيْضاً بلفظ : (( فتعين الصانع )) ، هكذا في الأصول المطبوعة لـ " الصحيحين ": ( (صانعاً ) – بالصاد المهملة والنون – ومثل ذَلِكَ في مسند الحميدي ( 131 ) ، ومسند الإمام أحمد 5/150 و5/171 ، وفي فتح الباري 5/148 : (( ضائعاً )) ، وفي عمدة القارئ 13/79 : ( (ضايعاً )) . وانظر تفصيل ذَلِكَ في شرح مُسْلِم للنووي 1/271 ، وفتح الباري 5/149 ، وعمدة القاري 13/80 .
(4) الأخرق : هُوَ الَّذِيْ ليس بصانع ولا يحسن العمل ، يقال : رجل أخرق : لا صنعة لَهُ ، والجمع خرق
– بضم ثُمَّ سكون – وامرأة خرقاء ، كذلك . انظر : فتح الباري 5/149 .(1/6)
)) (1).
القسم الثالث : تصحيف البصر :
وَهُوَ سوء القراءة بسبب تشابه الحروف والكلمات وهذا يحصل في الأعم لِمَنْ يأخذ من الصحف دون تلقٍ .
مثاله: ما رواه ابن لهيعة عن كتاب موسى بن عقبة إِلَيْهِ بإسناده عن زيد بن ثابت: (( أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم في المسجد )) قَالَ ابن الصَّلاَحِ: (( إنما هُوَ بالراء: (( احتجر في المسجد بخص أو حصير حجرة يصلي فِيْهَا )) (2) فصحّفه ابن لهيعة ؛ لكونه أخذه من
كتاب بغير سَمَاع )) (3).
وَقَالَ الإمام مُسْلِم : (( هَذِهِ رِوَايَة فاسدة من كُلّ جهة . فاحشٌ خطؤها في الْمَتْن والإسناد ، وابن لهيعة المصحف في متنه ، المغفل في إسناده )) (4).
وَقَدْ وصف السخاوي تصحيف البصر بأنه الأكثر (5).
القسم الرابع : تصحيف السمع :
ويحدث بسبب تشابه مخارج الكلمات في النطق فيختلط الأمر عَلَى السامع فيقع في التصحيف أَوْ التحريف .
نحو حَدِيْث لـ : (( عاصم الأحول )) ، رَوَاهُ بعضهم فَقَالَ : (( عن واصل
الأحدب )) وَقَدْ ذَكَرَ الإمام الدَّارَقُطْنِيّ أنَّهُ من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر قَالَ ابن الصَّلاَحِ : (( كأنه ذهب – والله أعلم – إلى أن ذَلِكَ مِمَّا لا يشتبه من حَيْثُ الكتابة ، وإنما أخطأ فِيْهِ سمع من رَوَاهُ )) (6) .
القسم الخامس : تصحيف اللفظ
__________
(1) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 254 ، وفي طبعتنا : 45 .
(2) أخرجه البخاري 8/34 (6113) ، ومسلم 2/188 (781) ، وفي التمييز (57) ، وأخرجه البخاري أَيْضاً 1/186 (731) و 9/117 (7290) ، ومسلم 2/188 (781) بلفظ : (( اتخذ حجرة )) .
(3) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 449 .
(4) التمييز : 140 .
(5) فتح المغيث 3/71 .
(6) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 256 ، وفي طبعتنا : 453 .(1/7)
ومثاله ما ورد عن الدَّارَقُطْنِيّ : أن أبا بكر الصولي (1) أملى في الجامع حَدِيْث أبي أيوب : (( من صام رمضان وأتبعه ستّاً من شوال )) (2) ، فَقَالَ فِيْهِ : (( شيئاً ))
– بالشين والياء – (3) .
قَالَ ابن الصَّلاَحِ : (( تصحيف اللفظ وَهُوَ الأكثر )) (4) .
القسم السادس : تصحيف المعنى دون اللفظ :
__________
(1) هُوَ محمد بن يحيى بن عَبْد الله بن العباس بن محمد بن صول، أبو بكر المعروف بالصولي، كَانَ أحد العلماء بفنون الآداب، حسن الْمَعْرِفَة بأخبار الملوك وأيام الخلفاء، ومآثر الأشراف، وطبقات الشعراء ، توفي سنة خمس وثلاثين وثلاث مئة.. انظر: تاريخ بغداد 3/427 ، ومعجم الأدباء 19/109 ، والسير 15/301 .
والصولي : بضم الصاد المهملة ، وفي آخرها اللام ، هَذِهِ النسبة إلى صول ، وهم اسم لبعض أجداده . الأنساب 3/572 .
(2) حَدِيْث أبي أيوب : أخرجه الطيالسي (594) ، وعبد الرزاق (7918) ، والحميدي (381) و(382) ، وابن أبي شيبة (9723) ، وأحمد 5/417 و419 ، وعبد بن حميد (228) ، والدارمي (1761) ، ومسلم 3/169(1164) ، وأبو داود(2433) ، وابن ماجه(1716) ، والترمذي(759) ، والطحاوي في شرح المشكل (2337) و(2338) ، وابن حبان (3634) ، والبيهقي 4/392 ، والبغوي (1780).
(3) تاريخ بغداد 3/431 ، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث : 255 ، وفي طبعتنا : 452 .
(4) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 256 ، وفي طبعتنا : 453 .(1/8)
مثاله: قَوْل مُحَمَّد بن المثنى (1): (( نحن قوم لنا شرف، نحن من عَنَزة )) (2) قَالَ ابن الصَّلاَحِ : (( يريد ما روي : (( أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - صلى إلى عنزة )) (3) فتوهم أنه صلى إلى قبيلتهم ، وإنما العنزة هاهنا حربة نصبت بَيْنَ يديه فصلى إليها )) (4) .
__________
(1) هُوَ مُحَمَّد بن المثنى بن عبيد العنَزي –بفتح النون والزاي– أبو موسى البصري المعروف بالزمن: ثقة ثبت توفي (252ه). تهذيب الكمال 5/493 (6170) ، والكاشف 2/214 (5134) ، والتقريب(6264).
(2) بفتح العين المهملة والنون . انظر : الأنساب 4/221 ، وتاج العروس 15/248 .
(3) هَذِهِ إشارة إلى حَدِيْث ورد عن جَمَاعَة من الصَّحَابَة . انظر مثلاً : مسند الإمام أحمد 4/308 ، وصحيح البخاري 2/25 ( 973 ) ، وصحيح مُسْلِم 2/55 ( 501 ) ( 246 ) ، وابن ماجه ( 1304 ) .
(4) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 254-255 ، وفي طبعتنا : 451 ، وانظر في معنى العنزة : الصحاح 3/887 ، وتاج العروس 15/247 .(1/9)
الكشف عن الاختلاف
الكشف عن الاختلافات الحديثية الواقعة في الأسانيد والمتون ليس بالأمر الهيّن اليسير ، بَلْ هُوَ أمر شاق للغاية ، ولا يتمكن لَهُ إلا من رزقه الله فهماً واسعاً واطلاعاً كبيراً . ومعرفة الاختلافات الواقعة في المتون والأسانيد لا يمكن الوصول إليها إلا بجمع الطرق والنظر فِيْهَا مع الْمَعْرِفَة التامة بالرواة والشيوخ والتلاميذ ، وكيفية تلقي التلاميذ من الشيوخ والأحوال والوقائع وطرق التحمل وكيفية الأداء من أجل مَعْرِفَة الخطأ من الصواب وكيفية وقوع الخلل والخطأ في الرِّوَايَة . وهذا يستدعي جهداً جهيداً ، قَالَ الحافظ ابن حجر : (( هَذَا الفن أغمض أنواع الْحَدِيْث وأدقها مسلكاً ، ولا يقوم بِهِ
إلا مَنْ منحه الله تَعَالَى فهماً غائصاً ، واطلاعاً حاوياً وإدراكاً لمراتب الرواة ومعرفة
ثاقبة )) (1) .
وَقَالَ ابن رجب الحنبلي : (( حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كُلّ واحد مِنْهُمْ ، لَهُمْ فهم خاص يفهمون بِهِ أن هَذَا الْحَدِيْث يشبه حَدِيْث فُلاَن ، ولا يشبه حَدِيْث فُلاَن فيعللون الأحاديث بِذَلِكَ )) (2) .
ويشترط فيمن يتكلم في العلل ويكشف عن اختلافات المتون والأسانيد أن يَكُوْن ملماً بالروايات مطالعاً للكتب واسع البحث كثير التفتيش ، لذا قَالَ ابن رجب الحنبلي : (( ولابدَّ في هَذَا العلم من طول الممارسة ، وكثرة المذاكرة ، فإذا عدم المذاكرة بِهِ فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة العارفين كيحيى القطان ، ومن تلقى عَنْهُ كأحمد وابن المديني(3)
__________
(1) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/711 .
(2) شرح علل الترمذي 2/861 .
(3) هُوَ علي بن عَبْد الله بن جعفر السعدي ، أبو الحسن البصري ، إمام العلل الناقد الهمام ، قَالَ البخاري :
(( ما استصغرت نفسي عِنْدَ أحد إلا عِنْدَ علي بن المديني )) ، له : " العلل " ، توفي سنة (234 ه ) .
الجرح والتعديل 6/193 ، وتهذيب الكمال 5/269 (4685) ، وتاريخ الإِسْلاَم وفيات سنة (234 ه) : 276 فما بعدها(2/1)
وغيرهما ، فمن رزق مطالعة ذَلِكَ ، وفهمه وفقهت نفسه فِيْهِ وصارت لَهُ فِيْهِ قوة نفس وملكة ، صلح لَهُ أن يتكلم فِيْهِ )) (1) . ويشترط فيمن يريد الكشف عن الاختلافات الحديثية أن يعرف الأسانيد الصحيحة والواهية . والثقات الذِيْن ضعفوا في بعض شيوخهم ، والثقات الَّذِيْنَ تقوّى أحاديثهم بروايتهم عن بعض الشيوخ ؛ لأنه مدار الترجيح وبه يعرف تعيين الخطأ من الصَّحِيْح .
وبالإمكان تنظير نقاط ندرك من خلالها الاختلافات سواء أكانت في المتون أم في الأسانيد ، يستطاع من خلالها كشف الوهم والاختلافات ، وكيفية التعامل مع ذَلِكَ تصحيحاً أَوْ تضعيفاً وكما يأتي :
أولاً. مَعْرِفَة من يدور عَلَيْهِ الإسناد من الرُّوَاة (2) :
إنّ مَعْرِفَة من يدور عليهم الإسناد من الرُّوَاة المكثرين الَّذِيْنَ يكثر تلامذتهم وتتعدد مدارسهم الحديثية ، فِيْهِ فائدة عظيمة لناقد الْحَدِيْث الَّذِيْ من همه مَعْرِفَة الاختلافات وكيفية التوفيق بينها ؛ لأن هَذَا يعطي صورة واضحة للأسانيد الشاذة أَوْ المنكرة ، واختلاف الناقلين عن ذَلِكَ المصدر .
وإنا نجد علماء الْحَدِيْث الأجلاء يهتمون بهذا أيما اهتمام ، فَقَدْ سأل عَبْد الله بن الإمام أحمد (3)
__________
(1) شرح علل الترمذي 2/664 .
(2) الْحَدِيْث المعلل : 50 .
(3) هُوَ عَبْد الله بن أحمد بن حَنْبَل الشيباني ، أبو عَبْد الرحمان البغدادي ، مولده سنة ( 213 ه ) ، قَالَ الْخَطِيْب : كَانَ ثقة ثبتاً فهماً ، وَهُوَ راوي المسند والمسائل عن أبيه ، توفي سنة ( 290 ه ) .
تاريخ بغداد 9/375 ، والمنتظم 6/39 ، وتهذيب الكمال 4/84 ( 3145 ) .(2/2)
أباه: (( أيما أثبت أصحاب الأعمش ؟ فَقَالَ:سُفْيَان الثوري أحبهم إليَّ ، قلت لَهُ : ثُمَّ من ؟ فَقَالَ : أبو معاوية (1) في الكثرة والعلم – يعني : عالماً بالأعمش – قلت لَهُ : أيما أثبت أصحاب الزهري ؟ فَقَالَ : لكل واحد مِنْهُمْ علة إلا أن يونس (2) وعقيلاً (3) يؤديان الألفاظ وشعيب بن أبي حمزة (4)، وليس هم مثل معمر ، معمر يقاربهم في الإسناد . قلت : فمالك ؟ قَالَ : مَالِك أثبت فِي كُلّ شيء … )) (5) .
وَقَدْ اهتم الإمام عَلِيّ بن المديني بهذا الباب ، فذكر فِي علله من يدور عَلَيْهِمْ
__________
(1) هُوَ مُحَمَّد بن خازم أبو معاوية الكوفي الضرير ، عمي وَهُوَ صغير : ثقة من أحفظ الناس لحديث الأعمش، وإذا حدّث عن غيره وهم ، توفي سنة ( 195 ه ) .
التاريخ الكبير 1/74 ( 191 ) ، ونكت الهميان : 247 ، والتقريب ( 5841 ) .
(2) هُوَ يونس بن يزيد بن أبي النجاد الأيلي أبو يزيد مولى آل أبي سفيان،أحد الأثبات عن الزهري وغيره ، مات في سنة ( 159 ه ) .
الجرح والتعديل 9/247 ، والكاشف 2/404 (6480) ، وتهذيب التهذيب 11/450.وقارن بتقريب التهذيب ( 7919 ) .
(3) هُوَ عقيل بن خالد بن عقيل الأيلي ، أبو خالد الأموي مولاهم ، روى عن الزهري فأجاد ، قَالَ يونس بن يزيد : ما أحد أعلم بحديث الزهري من عقيل ، توفي سنة ( 142 ه ) .
الكامل في التاريخ 5/528 ، وسير أعلام النبلاء 2/301 ، وتهذيب التهذيب 7/255 .
(4) هُوَ شعيب بن أَبِي حمزة – واسم أبيه دينار – الأموي مولاهم أبو بشر الحمصي : ثقة عابد ، قَالَ ابن معين : هُوَ مثل عقيل ويونس في الزهري ، مات سنة (162ه) عَلَى الأصح .
الجرح والتعديل 4/344 ، ومشاهير علماء الأمصار : 182 ، وتهذيب الكمال 3/396 ( 2733 ) .
(5) العلل للإمام أحمد برواية عَبْد الله 1/382-383 ( 2451 ) .(2/3)
الإسناد (1)، وبهذا الاهتمام البالغ استطاع الْعُلَمَاء مَعْرِفَة من يدور عَلَيْهِمْ الإسناد ، ومَنْ أَكْثَر الناسُ عَنْهُمْ جمعاً ورواية ، وَقَدْ طبقوا هَذَا المنهج عَلَى الرُّوَاة كافة حَتَّى تعرَّفوا عَلَى أوثق النَّاس فِيْهِ وأدناهم ، كَمَا ثبَّتوا حماد بن سَلَمَة (2) فِي ثابت
البناني (3)، وهشام بن حسان (4) في ابن سيرين (5) . وهذه الأمور تعين الناقد عَلَى مَعْرِفَة الاختلافات ، ثُمَّ كيفية الترجيح والتوفيق بَيْنَ الروايات .
ثانياً. مَعْرِفَة الرُّوَاة (6) :
__________
(1) انظر : العلل ، لابن المديني : 36-39 .
(2) هُوَ حماد بن سلمة بن دينار البصري أبو سلمة البزاز . وَهُوَ ابن أخت حميد الطويل ، قَالَ ابن معين : أثبت الناس في ثابت البناني حماد بن سلمة ، توفي سنة ( 167 ه ) .
الطبقات الكبرى 7/282 ، وتاريخ الإسلام وفيات سنة (167 ه ) :144 ، وبغية الوعاة 1/548 .
(3) هُوَ ثابت بن أسلم البناني – وبنانة بطن من العرب – أبو مُحَمَّد البصري : ثقة كَانَ من أعبد أهل البصرة، أدرك عدداً من الصَّحَابَة ولازم أنس بن مالك وأكثر عنه ، توفي سنة ( 127 ه ) ، وَقِيْلَ : (126 ه) . الأنساب 1/418 ، وتهذيب الكمال 1/402 ( 797 ) ، وتقريب التهذيب ( 810 ) .
(4) هُوَ هشام بن حسان الأزدي أبو عَبْد الله البصري ، الإمام محدث البصرة ، قَالَ ابن المديني : هشام أثبت من خالد الحذّاء في ابن سيرين ، توفي سنة ( 146 ه ) وَقِيْلَ : ( 147 ه ) .
تاريخ خليفة : 424 ، وتهذيب الكمال 7/397 ( 7167 ) ، وسير أعلام النبلاء 6/355 .
(5) هُوَ مُحَمَّد بن سيرين بن أبي عمرة الأنصاري أبو بكر البصري: ثقة ثبت عابد فقيه ، كَانَ مولى لأنس بن مالك ، ولد في خلافة عثمان أدرك عدة من الصَّحَابَة ، مات سنة (110 ه ) .
الْمَعْرِفَة والتاريخ 2/54 ، وتذكرة الحفاظ 1/73 ، والنجوم الزاهرة 1/268 .
(6) الْحَدِيْث المعلل : 50 .(2/4)
وهذه النقطة تتفرع إلى صور :
أ. مَعْرِفَة وفيات الرُّوَاة ومواليدهم : وهذه الصورة لها خصيصة كبيرة ؛ إِذْ بمعرفة الولادة والوفاة تتضح صورة اتصال التلميذ بالشيخ ، وإمكانية المعاصرة من عدمها .
ب. مَعْرِفَة أوطان الرُّوَاة : وهذه الصورة لها أَيْضاً خصيصة عالية إذ إن بعض الرُّوَاة ضُعِّفُوا في روايتهم عن بعض أصحاب المدن خاصة كَمَا في إسماعيل بن عياش فهو
غاية في الشاميين (1)، مخلط عن المدنيين (2) ، وَقَالَ الْحَاكِم في " مَعْرِفَة علوم
الْحَدِيْث " (3) : (( الكوفيون إذا رووا عن المدنيين زلقوا )) .
ج. مَعْرِفَة شيوخ الرُّوَاة وتلاميذهم (4) : وهذه الصورة لها أهمية بالغة ؛ إذ بِهَا يعرف السند المتصل من المنقطع من المدلس.ويستطاع من خلال ذَلِكَ التمييز بَيْنَ المجملين(5)في السند.
__________
(1) قَالَ إمام الصنعة مُحَمَّد بن إسماعيل البُخَارِيّ : (( إنما حَدِيْث إسماعيل بن عياش عن أهل الشام )) . الجامع الكبير للترمذي 1/175 عقيب ( 131 ) .
(2) انظر : الكاشف 1/249 ( 400 ) . وتقدم الْحَدِيْث عَنْهُ .
(3) الصفحة : 115 .
(4) الْحَدِيْث المعلل : 51 .
(5) المجمل: هُوَ أن يَكُوْن في السند راوٍ يروي عن شيخ ولا يصرح باسم أبيه أَوْ بلقبه أو ما يميزه من غيره من الرُّوَاة الَّذِين رووا عن هَذَا الشيخ ، وَقَدْ عقد الذهبي فصلاً بديعاً في التمييز بَيْنَ السفيانيين والحمادين= =وغيرهما في كتابه " السير " 7/463-467 ، وهذا ما رأيناه في تعريفنا للمجمل وقارن في ذَلِكَ الإحكام في أصول الأحكام ، لابن حزم 1/42 ، والتعريفات ، للجرجاني : 114 .(2/5)
د. مَعْرِفَة السابق واللاحق من الرُّوَاة (1) : وحقيقته مَعْرِفَة من اشترك في الرِّوَايَة عَنْهُ راويان متقدم ومتأخر تباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً فحصل بينهما أمد بعيدٌ ، وإن كَانَ المتأخر منهما غَيْر معدود من معاصري الأول وذوي طبقته (2) . ومعرفة هَذَا النوع من علوم الْحَدِيْث لَهُ أهمية كبيرة حَتَّى لا يظن انقطاع ما ليس بمنقطع ولا يجعل الصواب خطأً .
ه. مَعْرِفَة الثقات ودرجاتهم ومراتبهم وضبطهم وأيهم الَّذِيْ يقدم عِنْدَ الاختلاف (3) : وهذا الأمر مهم للغاية ومن خلاله يتم الترجيح بَيْنَ الرُّوَاة .
و. مَعْرِفَة المتشابه من الأسماء وكذا الكنى : وهذا الأمر لَهُ أهمية بالغة في مَعْرِفَة الاختلافات . ومن خلال مَعْرِفَة المتشابه يتنبه الناقد إلى عدم الخلط بَيْنَ الرُّوَاة إِذْ قَدْ تتفق الأسماء ويختلف الشخص وعدم الْمَعْرِفَة والتمييز يؤدي إلى الخلط .
ز. لابد من مَعْرِفَة من اشتهر بالتدليس من الرُّوَاة : وكذلك من يرسل ، وكذا من ضعِّف حديثه لآفة صحية أَوْ تَغَيَّرَ اوِ اختلط (4) .
ثالثا. جمع الأبواب (5) :
__________
(1) الْحَدِيْث المعلل : 52 .
(2) انظر : مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 286 طبعة نور الدين ، وطبعتنا : 424 ، وانظر في هَذَا النوع من علوم الْحَدِيْث : الإرشاد 2/640-642 ، والتقريب : 171 ، وفي طبعتنا : 235 ، واختصار علوم الْحَدِيْث: 205 ، والشذا الفياح 2/570-572 ، ومحاسن الاصطلاح: 491 ، والمقنع 2/547-548 ، وشرح التبصرة والتذكرة طبعة دار الكتب العلمية 3/101 ، وفي طبعتنا 2/193، ونُزهة النظر : 162 وطبعة عتر : 62 ، وفتح المغيث 3/183-186 ، وتدريب الرَّاوِي 2/262-263 ،وفتح الباقي 2/232 ، وتوضيح الأفكار 2/480-481 .
(3) الْحَدِيْث المعلل : 52 .
(4) الْحَدِيْث المعلل : 53 .
(5) الْحَدِيْث المعلل : 54 .(2/6)
لا يمكن للبصير الناقد أن يكشف عن الاختلافات ويقارن بينها إلا بَعْدَ جمع طرق حَدِيْث الباب والموازنة والمقارنة والنظر الثاقب ، قَالَ علي بن المديني : (( الباب إذا لَمْ تجمع طرقه لَمْ يتبين خطؤه )) (1).
... ... ... ... ... ... ... ... ...
الدكتور
ماهر ياسين الفحل ...
... ... ... ... ... ... العراق /الأنبار/الرمادي/ص .ب 735
... ... ... ... ... ... al-rahman@uruklink.net ... ... ... ... ... ...
__________
(1) الجامع لأخلاق 2/212 ( 1641 ) .(2/7)
المضطرب
أخرج الإمام أحمد (1) ، وابن خزيمة (2) ، والخطيب في تاريخه (3) من طريق : روح (4) ، قَالَ : حَدَّثَنَا ابن جريج (5) ، قَالَ : أخبرني عَبْد الله بن مُسافع (6) ، أن مصعب بن شَيْبَة (7) أخبره ، عن عُقْبَة بن مُحَمَّد بن الحارث (8)، عن عَبْد الله بن
__________
(1) في المُسْنَد 1/204 .
(2) في صَحِيْحه (1033) .
(3) تأريخ بغداد 3/53 وحصل في هذِهِ الطبعة سقط في هَذَا الموضع، نبه عَلَيْهِ ناشر طبعة دار الغرب4/86.
(4) هُوَ روح بن عبادة بن العلاء بن حسان القيسي ، أبو مُحَمَّد البصري : ثقة فاضل ،توفي سنة (205 ه)، وَقِيْلَ : ( 207 ه ) . سير أعلام النبلاء 9/402 ، ومرآة الجنان 2/23 ، والتقريب ( 1962 ) .
(5) هُوَ عَبْد الملك بن عَبْد العزيز بن جريج ، ثِقَة ، وَقَدْ سبقت ترجمته .
(6) هُوَ عَبْد الله بن مسافع بن عَبْد الله بن شيبة بن عثمان العبدري المكي ، الحجبي : سكت عَنْهُ المزي والذهبي وابن حجر ، توفي سنة ( 99 ه ) .
تهذيب الكمال 4/283 ( 3550 ) ، والكاشف 1/597 ( 2978 ) ، والتقريب ( 3611 ) .
(7) هُوَ مصعب بن شيبة بن جبير بن شيبة العبدري المكي الحجبي : لين الْحَدِيْث .
تهذيب الكمال 7/121 ( 6578 ) ، والكاشف 2/267 ( 5465 ) ، والتقريب ( 6691 ) .
(8) هكذا في هَذَا السَّنَد :((عُقْبَة)) ، وَالصَّوَاب : عتبة ، كَمَا سماه حجاج شيخ الإمام أحمد ، وَقَدْ قَالَ الإمام أحمد – فِيْمَا نقله عَنْهُ المزي في تهذيب الكمال 5/98 :(( و أخطأ فِيهِ روح ، إنما هُوَ عتبة )). وَقَالَ ابن خزيمة (1033):(( هَذَا الشَّيْخ يختلف أصحاب ابن جريج في اسمه ، قَالَ حجاج بن مُحَمَّد
وعَبْد الرزاق : عن عتبة بن مُحَمَّد وهذا الصَّحِيْح حسب علمي )). وَقَدْ قَالَ عَنْهُ النسائي : عتبة لَيْسَ بمعروف ، وَقَالَ ابن عيينة: (( أدركته لَمْ يَكُنْ بِهِ بأس )). انظر:التأريخ الكبير للبخاري 6/523(3192). وتهذيب الكمال 5/98 (4373) .(3/1)
جَعْفَر(1)، عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قَالَ:(( من شك في صلاته ، فليسجد سجدتين ، وَهُوَ جالس)). فهذا الحَدِيْث اختلف في لفظه الأخير ، فَقَدْ أخرجه النَّسَائِيّ (2) من طريق حجاج (3) وروح مقرونين ، عن ابن جريج ، عن عَبْد الله بن مسافع ، عن مصعب بن شَيْبَة ، عن عتبة بن مُحَمَّد ، عن عَبْد الله بن جَعْفَر ، بِهِ : قَالَ النَّسَائِيّ : (( قَالَ حجاج : (( بعدما يسلم )) ، وَقَالَ روح : (( وَهُوَ جالس )) ))(4).
__________
(1) هُوَ عَبْد الله بن جعفر بن أبي طَالِب الهاشمي ، أحد الأجواد ، ولد بأرض الحبشة ، وله صحبة ، توفي سنة (80 ه) ، وَقِيْلَ : توفي سنة ( 90 ه ) .
تهذيب الأسماء واللغات 1/263 ، وتهذيب الكمال 4/101 ( 3190 ) ، والتقريب ( 3251 ) .
(2) المجتبى 3/30 ، و الكبرى (1174) .
(3) هُوَ حجاج بن مُحَمَّد المصيصي الأعور ، أبو مُحَمَّد ، ترمذي الأصل ، نزل بغداد ثُمَّ المصيصة : ثقة ثبت لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قَبْلَ موته ، توفي سنة ( 206 ه ) .
تهذيب الكمال 2/64-65 ( 1112 ) ، والكاشف 1/313 ( 942 ) ، والتقريب ( 1135 ) .
(4) المجتبى 3/30 ، و الكبرى عقيب (1174) .(3/2)
وأخرجه النَّسَائِيّ (1) أيضاً من طريق الوليد بن مُسْلِم وعبد الله بن المبارك فرّقهما؛ كلاهما (الوليد ، وابن المبارك) عن ابن جريج ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بن مسافع ، عن عتبة (2) بن مُحَمَّد ، عن عَبْد الله بن جَعْفَر (3)، بِهِ بلفظ : (( بعدما يسلم )) ، وَفِي بعضها : (( بَعْدَ التسليم )) . أخرجه أحمد (4) ، وأبو دَاوُد (5) ، و النَّسَائِيّ (6) ، و البَيْهَقِيّ (7) ، والمزي(8) من طريق حجاج ، و أخرجه أحمد (9) عن روح .
كلاهما ( حجاج وروح ) عن ابن جريج ، عن عَبْد الله بن مسافع ، عن مصعب ابن شَيْبَة ، عن عتبة بن مُحَمَّد ، عن عَبْد الله بن جَعْفَر، به بلفظ: (( بعدما يسلم )) وَفِي بعضها : (( بَعْدَ أن يسلم )).
فهذا الحَدِيْث اضطرب في لفظه:(( وَهُوَ جالس)) . ويفهم مِنْهُ أَنَّهُ قَبْلَ التسليم ، والرِّوَايَة الأخرى : (( بعدما يسلم )).
__________
(1) المجتبى 3/30 ، والكبرى (593) و (1171).
(2) في المجتبى (عُقْبَة) وَفِي الكبرى ( عتبة ) وانظر مَا سبق .
(3) هَذَا السَّنَد لَيْسَ فِيهِ ذكر :(( مصعب بن شَيْبَة )) .
(4) في المُسْنَد 1/205 .
(5) في سننه (1033) .
(6) في المجتبى 3/30 وَفِي الكبرى (1173) .
(7) في السُّنَن الكبرى 2/336 .
(8) في تهذيب الكمال 4/283(3550) .
(9) في المُسْنَد 1/205-206.(3/3)
المقبول .
المقبول لغةً : ضد المردود ، وهو المأخوذ المرضي (1) .
وهو بنفس المعنى في اصطلاح المحدثين ، قال الحافظ ابن حجر : (( المقبول : وهو ما يجب العمل به عند الجمهور )) (2) .
هذا فيما يخص الحديث : نعني متنه ، أما لفظة : (( المقبول )) من حيث إطلاقها كحكم على أحد رجال السند ، فتختلف تبعاً لاختلاف مناهج الأئمة النقاد في جرح الرواة وتعديلهم ، واختلاف اصطلاحاتهم بخصوص هذا .
إلا أن الذي يهمنا من هذا معناها عند الحافظ ابن حجر ، وهو أمر ميسور لنا إذ أن الحافظ بيّن مراده فقال : (( السادسة : مَن ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله ، وإليه الإشارة بلفظ : مقبول ، حيث يتابع ، وإلا فلين الحديث )) (3)
من هذا يتضح أن الحافظ ابن حجر يضع ثلاثة شروط للمقبول عنده وهي :
1 – قلة الحديث .
2 – عدم ثبوت ما يترك حديث الراوي من أجله .
3 – المتابعة .
فالأصل في المقبول عند الحافظ أنه ضعيف ، إذ (( لين الحديث )) من ألفاظ التجريح (4) ، فإذا توبع الراوي رفعته المتابعة إلى مرتبة القبول ، فالمتابعة شرط لارتقاء الراوي من الضعف إلى القبول عند الحافظ ابن حجر ، و (( المقبولية )) أول درجات سلّم القبول بمعناه الأعم .
ولكن ينبغي لنا أن لا نَغْفل عن أن الحافظ ابن حجر يضع أصلاً آخر للمقبول عنده ، وهو كونه (( قليل الحديث )) ، وهنا سؤال يطرح نفسه : لماذا قلة الحديث ؟
__________
(1) لسان العرب ( 11 / 540 ) مادة ( قبل ) .
(2) نزهة النظر ( ص 71 ) مع نكت علي الحلبي .
(3) تقريب التهذيب ( 1 / 24 طبعة مصطفى ) .
(4) أنظر : شرح التبصرة والتذكرة ( 2 / 12 ) . فقد جعلها من المرتبة الخامسة .(4/1)
نقول : إن الراوي إذا كان قليل الحديث كان من السهل عليه ضبط حديثه وإتقان حفظه ، إلا أنه لم يكن ذا شهرة تجعله محط رحال المحدثين ، فيشتهر بينهم وتنطلق ألسنتهم بمدحه والثناء عليه ، أو ذمه والحط منه ، لذا بقي هذا الراوي دائراً في فلك خاص به ، فليس هو بالحافظ المشهور فيرتقي إلى مصافهم وليس بالضعيف المعروف فينزل إلى سننهم ، ولما كان هو خالياً عن كل حكم من النقاد ، وكان حديثه قليلاً ليس فيه ما يدل على خطئه ، وتوبع على أحاديثه القليلة ، خرج عن حيز الضعف ، وصار إلى مرتبة القبول ، فإذا اختل شرط من هذه الشروط عدنا إلى الأصل فيه وهو الضعف . ولذا كان من منهجه – رحمه الله – أن الراوي إذا كان بهذه الصورة ، إلا أنه قد وجد جرح لأحد النقاد فيه قُدِّمَ الجرح ؛ لأنه صار بمثابة مرجح لأحد الطرفين (1) .
والشيء الملاحظ على هؤلاء الرواة المقبولين عند الحافظ ابن حجر ، أن كثيراً منهم وصف بالجهالة ، وهذه فائدة عزيزة يجب التنبه لها ، إذ الغالب على هؤلاء – كما سبق – عدم الشهرة ، لذا فإن كل راوٍ منهم لم يكن له نصيب وافر من التلامذة الذين حدثوا عنه ، وكثير منهم لم يكن له إلا راوٍ واحد ، فوصف أحد من الأئمة لأحد هؤلاء الرواة بـ ( الجهالة ) لا يقدح في اشتراطنا : عدم ثبوت ما يترك حديثه لأجله .
__________
(1) أنظر : لسان الميزان ( 1 / 15 ، 16 ) ، ونزهة النظر ( ص 193 ) .(4/2)
وهذا المنحى من الحافظ قائم على أساس تصحيحه لاختيار أبي الحسن القطان في أن من زكاه أحد من أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قُبلَ وإلا فلا (1). خلافاً للقاعدة المشهورة عند جمهور المحدثين في اشتراط راويين لرفع الجهالة (2) فإذا انتفى التعديل عدنا بالراوي إلى الأصل فيه وهو جهالته ، وقد نص الحافظ على هذا ، فقال في مقدمة التقريب : (( التاسعة : مَن لم يروِ عنه غير واحد ولم يوثق ، وإليه الإشارة بلفظ : مجهول )) (3) ، فتعديل واحد من النقاد لهؤلاء " الوحدان " – كما هو معروف في اصطلاح أهل الحديث – قائم عند الحافظ مقام الراوي الثاني ، المشترط عند الجمهور في رفع الجهالة .
فإذا علمنا هذا وجب علينا أن نجعل اصطلاح الحافظ نصب أعيننا إذا ما رمنا تعقبه ، وكذلك الحال مع كل إمام له اصطلاح على أمر خاص به ، ولا يصح بحال من الأحوال محاكمته إلى غيرها ، وإن كانت قواعد مشهورة قال بها الجمهور ، وإلا كان هذا من باب المشاحة في الاصطلاح ، وهي مسألة غير مقبولة عند الجميع .
وهذا الفهم الصحيح السديد – إن شاء الله – كان حظه الغياب من ذهن المحررين ، لذا نجدهما تخبطا إزاء الموقف ممن يقول فيه الحافظ : (( مقبول )) فتارة يوثقانه ، وأخرى يجهلانه ، وثالثة يصفاه بالصدوق الحسن الحديث ورابعة يضعفانه ، فكان هذا الموقف المتصلب من الحافظ وأحكامه من أدل الأدلة على أن المحررين لم يكونا ذوي منهج واحد ، متصف بالأصالة والإنصاف ، فكانت النتيجة أن جاء تحريرهما مشحوناً بألوان التناقض ، ويتضح لك هذا جلياً من خلال الإحصائية الآتية :
__________
(1) أنظر : بيان الوهم والإيهام ( 4 / 139 و 285 ) ، تدريب الراوي ( 1 / 317 ) وشرح ألفية العراقي في الحديث للسيوطي ( ص 245 ) .
(2) أنظر : الكفاية ( ص 150 ) .
(3) تقريب التهذيب ( 1 / 25 ) .(4/3)
1 – من قال فيه الحافظ ابن حجر : (( مقبول )) . وقالا : (( حسن الحديث )) أو : (( صدوق حسن الحديث )) ، ومجموع هذا ( 260 ) ترجمة ، وإليك أرقامها في تحريرهما :
11 ، 19 ، 525 ، 713 ، 753 ، 764 ، 809 ، 851 ، 857 ، 931 933 ، 995 ، 996 ، 1094 ، 1107 ، 1205 ، 1327 ، 1368 1448 ، 1664 ، 1694 ، 1797 ، 1786 ، 1874 ، 1832 ، 1905 1949 ، 2005 ، 2023 ، 2053 ، 2173 ، 2193 ، 2211 ، 2310 2375 ، 2385 ، 2596 ، 2693 ، 2731 ، 2751 ، 2880 ، 2882 2886 ، 2912 ، 2956 ، 3016 ، 3167 ، 3174 ، 3244 ، 3261 3273 ، 3321 ، 3362 ، 3368 ، 3386 ، 3423 ، 3451 ، 3595 3599 ، 3610 ، 3685 ، 3689 ، 3719 ، 3732 ، 3752 ، 3785 3802 ، 3818 ، 3845 ، 3864 ، 3916 ، 3920 ، 3970 ، 3988 4019 ، 4026 ، 4037 ، 4038 ، 4071 ، 4072 ، 4089 ، 4097 4112 ، 4135 ، 4153 ، 4155 ، 4173 ، 4177 ، 4202 ، 4207 4220 ، 4226 ، 4243 ، 4265 ، 4284 ، 4302 ، 4304 ، 4337 4338 ، 4383 ، 4441 ، 4460 ، 4474 ، 4475 ، 4487 ، 4499 4505 ، 4514 ، 4524 ، 4533 ، 4538 ، 4556 ، 4567 ، 4572 4749 ، 4780 ، 4788 ، 4824 ، 4852 ، 4868 ، 4879 ، 4921 4930 ، 4931 ، 4938 ، 4970 ، 5005 ، 5029 ، 5047 ، 5058 5166 ، 5216 ، 5225 ، 5245 ، 5289 ، 5293 ، 5304 ، 5313 5330 ، 5339 ، 5349 ، 5356 ، 5359 ، 5436 ، 5442 ، 5519 5525 ، 5527 ، 5560 ، 5562 ، 5571 ، 5587 ، 5599 ، 5608 5619 ، 5622 ، 5626 ، 5825 ، 5832 ، 5858 ، 5915 ، 5920 5928 ، 5929 ، 5960 ، 5991 ، 5994 ، 6012 ، 6024 ، 6047 6063 ، 6073 ، 6119 ، 6205 ، 6212 ، 6278 ، 6350 ، 6500 6581 ، 6582 ، 6640 ، 6649 ، 6650 ، 6653 ، 6659 ، 6660 6670 ، 6679 ، 6739 ، 6746 ، 6757 ، 6778 ، 6803 ، 6817 6822 ، 6836 ، 6888 ، 6922 ، 6924 ، 6926 ، 6950 ، 6965 6983 ، 6991 ، 7015 ، 7025 ، 7039 ، 7043 ، 7060 ، 7090 7167 ، 7168 ، 7281 ، 7284 ، 7339 ، 7377 ،(4/4)
7448 ، 7506 7547 ، 7553 ، 7597 ، 7621 ، 7673 ، 7693 ، 7732 ، 7739 7742 ، 7746 ، 7765 ، 7771 ، 7787 ، 7832 ، 7857 ، 7944 7947 ، 7956 ، 7983 ، 8070 ، 8073 ، 8092 ، 8106 ، 8132 8137 ، 8168 ، 8180 ، 8229 ، 8230 ، 8232 ، 8233 ، 8252 8287 ، 8295 ، 8349 ، 8366 ، 8379 ، 8452 ، 8551 ، 8578 8680 ، 8729 .
2 – من قال فيه الحافظ ابن حجر : (( مقبول )) . وقالا عنه : (( مجهول )) أو (( مجهول الحال )) ، ومجموع ذلك ( 657 ) ترجمة ، وإليك أرقامها :(4/5)
22 ، 40 ، 462 ، 555 ، 647 ، 651 ، 656 ، 672 ، 719 ، 787 806 ، 815 ، 843 ، 848 ، 855 ، 860 ، 863 ، 892 ، 901 914 ، 949 ، 972 ، 983 ، 986 ، 997 ، 1013 ، 1023 ، 1066 1074 ، 1096 ، 1108 ، 1143 ، 1148 ، 1155 ، 1157 ، 1170 1171 ، 1283 ، 1294 ، 1297 ، 1298 ، 1307 ، 1328 ، 1362 1386 ، 1387 ، 1402 ، 1409 ، 1413 ، 1466 ، 1482 ، 1522 1535 ، 1539 ، 1540 ، 1569 ، 1573 ، 1574 ، 1595 ، 1598 1621 ، 1665 ، 1758 ، 1771 ، 1782 ، 1792 ، 1819 ، 1829 1833 ، 1838 ، 1860 ، 1910 ، 1922 ، 1929 ، 1931 ، 1951 1998 ، 2000 ، 2006 ، 2012 ، 2021 ، 2058 ، 2065 ، 2079 2089 ، 2091 ، 2094 ، 2108 ، 2109 ، 2119 ، 2135 ، 2137 2141 ، 2142 ، 2164 ، 2167 ، 2168 ، 2182 ، 2187 ، 2188 2203 ، 2244 ، 2256 ، 2257 ، 2268 ، 2271 ، 2301 ، 2324 2341 ، 2357 ، 2364 ، 2371 ، 2383 ، 2392 ، 2407 ، 2428 2440 ، 2452 ، 2454 ، 2481 ، 2483 ، 2525 ، 2537 ، 2548 2567 ، 2569 ، 2579 ، 2585 ، 2586 ، 2607 ، 2673 ، 2679 2707 ، 2708 ، 2717 ، 2760 ، 2784 ، 2786 ، 2800 ، 2804 2812 ، 2823 ، 2827 ، 2835 ، 2840 ، 2856 ، 2858 ، 2868 2875 ، 2876 ، 2878 ، 2883 ، 2895 ، 2899 ، 2900 ، 2903 2906 ، 2924 ، 2926 ، 2957 ، 2958 ، 2964 ، 2979 ، 2981 3006 ، 3031 ، 3049 ، 3107 ، 3119 ، 3124 ، 3166 ، 3240 3243 ، 3249 ، 3254 ، 3267 ، 3294 ، 3314 ، 3316 ، 3334 3340 ، 3349 ، 3351 ، 3355 ، 3367 ، 3372 ، 3398 ، 3426 3428 ، 3432 ، 3433 ، 3453 ، 3460 ، 3463 ، 3480 ، 3483 3494 ، 3496 ، 3503 ، 3507 ، 3509 ، 3514 ، 3517 ، 3559 3561 ، 3566 ، 3584 ، 3597 ، 3612 ، 3618 ، 3642 ، 3644 3647 ، 3655 ، 3663 ، 3681 ، 3716 ، 3725 ، 3769 ، 3772 3777 ، 3787 ، 3805 ، 3817 ، 3837 ، 3841 ، 3863 ، 3870 3871 ، 3872 ، 3884 ، 3889 ، 3894 ، 3899 ، 3904 ، 3908 3912 ، 3951 ، 3955 ، 3957 ، 3975(4/6)
، 3976 ، 3979 ، 3998 4003 ، 4004 ، 4052 ، 4076 ، 4084 ، 4093 ، 4123 ، 4128 4157 ، 4188 ، 4203 ، 4212 ، 4222 ، 4232 ، 4250 ، 4311 4333 ، 4340 ، 4342 ، 4352 ، 4363 ، 4381 ، 4391 ، 4396 4405 ، 4406 ، 4413 ، 4420 ، 4447 ، 4453 ، 4454 ، 4456 4465 ، 4470 ، 4486 ، 4512 ، 4557 ، 4570 ، 4581 ، 4596 4607 ، 4609 ، 4610 ، 4611 ، 4619 ، 4632 ، 4637 ، 4658 4659 ، 4676 ، 4683 ، 4712 ، 4746 ، 4767 ، 4772 ، 4774 4778 ، 4782 ، 4789 ، 4822 ، 4825 ، 4827 ، 4831 ، 4854 4869 ، 4899 ، 4901 ، 4916 ، 4932 ، 4957 ، 4985 ، 4987 4998 ، 5000 ، 5006 ، 5018 ، 5023 ، 5027 ، 5037 ، 5038 5056 ، 5061 ، 5068 ، 5069 ، 5076 ، 5080 ، 5116 ، 5124 5149 ، 5151 ، 5173 ، 5176 ، 5193 ، 5257 ، 5261 ، 5264 5279 ، 5316 ، 5324 ، 5352 ، 5353 ، 5363 ، 5386 ، 5414 5464 ، 5467 ، 5478 ، 5480 ، 5493 ، 5500 ، 5516 ، 5563 5592 ، 5595 ، 5612 ، 5623 ، 5634 ، 5654 ، 5659 ، 5662 5672 ، 5699 ، 5702 ، 5746 ، 5838 ، 5839 ، 5857 ، 5879 5891 ، 5941 ، 5946 ، 5955 ، 5959 ، 6000 ، 6004 ، 6008 6015 ، 6026 ، 6037 ، 6041 ، 6042 ، 6059 ، 6061 ، 6096 6099 ، 6102 ، 6111 ، 6147 ، 6148 ، 6155 ، 6166 ، 6191 6240 ، 6273 ، 6280 ، 6283 ، 6292 ، 6317 ، 6406 ، 6428 6431 ، 6438 ، 6447 ، 6449 ، 6450 ، 6452 ، 6462 ، 6514 6515 ، 6518 ، 6522 ، 6532 ، 6536 ، 6546 ، 6556 ، 6560 6568 ، 6569 ، 6578 ، 6585 ، 6592 ، 6593 ، 6618 ، 6630 6631 ، 6636 ، 6639 ، 6645 ، 6651 ، 6654 ، 6668 ، 6677 6680 ، 6697 ، 6711 ، 6717 ، 6731 ، 6754 ، 6780 ، 6786 6792 ، 6810 ، 6831 ، 6841 ، 6847 ، 6865 ، 6866 ، 6881 6891 ، 6892 ، 6902 ، 6906 ، 6913 ، 6914 ، 6919 ، 6928 6961 ، 6974 ، 6981 ، 6990 ، 7008 ، 7012 ، 7041 ، 7052 7058 ، 7085 ، 7091 ، 7096 ، 7101 ، 7102 ، 7106 ، 7117 7134 ، 7138(4/7)
، 7142 ، 7156 ، 7169 ، 7171 ، 7188 ، 7191 7214 ، 7229 ، 7267 ، 7272 ، 7310 ، 7313 ، 7326 ، 7331 7335 ، 7342 ، 7351 ، 7353 ، 7354 ، 7363 ، 7409 ، 7410 7415 ، 7441 ، 7458 ، 7459 ، 7460 ، 7476 ، 7533 ، 7567 7595 ، 7596 ، 7609 ، 7611 ، 7613 ، 7615 ، 7666 ، 7691 7692 ، 7705 ، 7750 ، 7757 ، 7768 ، 7800 ، 7814 ، 7827 7838 ، 7846 ، 7848 ، 7850 ، 7863 ، 7879 ، 7884 ، 7910 7927 ، 7929 ، 7930 ، 7932 ، 7933 ، 7935 ، 7936 ، 7938 7942 ، 7954 ، 7969 ، 7977 ، 7982 ، 8012 ، 8014 ، 8017 8018 ، 8028 ، 8039 ، 8043 ، 8045 ، 8050 ، 8058 ، 8060 8071 ، 8084 ، 8089 ، 8100 ، 8101 ، 8121 ، 8123 ، 8124 8125 ، 8135 ، 8139 ، 8148 ، 8153 ، 8159 ، 8170 ، 8171 8173 ، 8177 ، 8181 ، 8189 ، 8200 ، 8202 ، 8210 ، 8216 8240 ، 8243 ، 8247 ، 8255 ، 8264 ، 8268 ، 8279 ، 8306 8309 ، 8313 ، 8320 ، 8325 م ، 8363 ، 8365 ، 8368 8369 ، 8392 ، 8400 ، 8401 ، 8405 ، 8409 ، 8420 ، 8427 8430 ، 8432 8438 ، 8446 ، 8478 ، 8483 ، 8484 ، 8486 8493 ، 8530 ، 8533 8549 ، 8559 ، 8560 ، 8566 ، 8569 8570 ، 8579 ، 8580 8582 ، 8583 ، 8587 ، 8589 ، 8596 8603 ، 8610 ، 8626 8649 ، 8656 ، 8664 ، 8677 ، 8679 8681 ، 8682 ، 8685 8692 ، 8697 ، 8698 ، 8700 ، 8706 8714 ، 8733 ، 8736 8745 ، 8746 ، 8749 ، 8750 ، 8759 8766 ، 8767 ، 8769 8774 ، 8776 .
3 – من قال فيه الحافظ : (( مقبول )) . وقالا عنه : (( ضعيف )) أو : (( ضعيف يعتبر به )) ، ومجموع ذلك ( 20 ) ترجمة ، وإليك أرقامها :
857 ، 880 ، 922 ، 929 ، 741 ، 1802 ، 1370 ، 1571 ، 1640 1643 ، 1671 ، 1881 ، 1997 ، 2180 ، 2803 ، 3187 ، 3748 4530 ، 4574 ، 5964 .
4 – من قال فيه الحافظ ابن حجر : (( مقبول )) . وقالا عنه : (( مستور )) وذلك ترجمتان : 1301 ، 1309 .(4/8)
5 – من قال فيه الحافظ : (( مقبول )) . وقالا عنه : (( ثقة )) أو : (( ثقة له مناكير )) أو : (( ثقة له أفراد )) ، ومجموع ذلك ( 27 ) ترجمة ، وإليك أرقامها :
256 ، 360 ، 413 ، 774 ، 1419 ، 1626 ، 1722 ، 1009 2351 ، 2773 ، 3050 ، 3154 ، 5091 ، 5329 ، 5485 ، 6323 6396 ، 6678 ، 6759 ، 6814 ، 6880 ، 6911 ، 6929 ، 6946 7015 ، 7036 ، 7056 .
وخلاصة هذا المبحث :
إن مجموع هذه التراجم البالغ تعدادها ( 1139 ) ترجمة ، لا يرد منها شيء على الحافظ ابن حجر البتة ؛ وذلك لأن المحررين بنيا أساس استدراكهما عليه بمحاكمته إلى غير اصطلاحه ، وهي عملية في غاية الضعف ، والثاني أن الحافظ قد بين منهجه في الكتاب ، فمن استشكل شيئاً منه فإنما هو لقصورٍ في فهمه ، لا لتقصير الحافظ ، فالتعقب عليه بهذا النحو : تسويد أوراق لا طائل تحته ، ولم نشأ تعقب المحررين في كل ترجمة مما ذكر خشية الإطالة ، وتضخم الكتاب ، وهذه ومثيلاتها جعلت المحررين يفرحان بازدياد العدد وتكاثره من أجل الحط من صنيع الحافظ ابن حجر ، ولكن يأبى الله إلا أن يحق الحق . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
الدكتور ماهر ياسين الفحل(4/9)
المقلوب
المقلوب : اسم مفعول من ( قَلَبَ ) ، ومعناه : تحويل الشيء عن وجهه ، وقَلَبَه يَقلِبُه قَلْباً ، وَقَدْ انقلب وقَلَب الشيء وقَلَّبه .
تقول : قلبت الشيء فانقلب : إذا كببته ، وقلّبه بيده تقليباً ، وكلام مقلوب : ليس عَلَى وجهه ، والقَلْبُ : صرفك إنساناً تَقْلِبُه عن وجهه الَّذِيْ يريد ، وقلّب الأمور : بحثها ونظر في عواقبها ، ومنه قوله تَعَالَى : { وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ } (1) ، وتَقلَّب في الأمور والبلاد : تصرف فِيْهَا كيفما شاء ، وفي التنْزيل : { فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ } (2) .
وَقَالَ ابن فارس : (( القاف واللام والباء أصلان صحيحان : أحدهما يدل عَلَى خالص الشيء وشريفه ، والآخر عَلَى ردِّ شيء من جهة إلى جهة )) .
ومنه المثل العربي : (( (( أَقْلِبْ قَلاّب )) يضرب لِمَنْ تفرط مِنْهُ سقطة ، فيتلافاها بقلبها إلى غَيْر معناها )) (3) .
أما في الاصطلاح : فهو الْحَدِيْث الَّذِيْ أبدل فِيْهِ راويه شَيْئاً بآخر في السند أو في الْمَتْن عمداً أو سهواً (4) .
__________
(1) التوبة : 48 .
(2) غافر : 4 . وانظر : الصحاح 1/205 ، ولسان العرب 1/479 ، والنكت الوفية 190/ب ، وتاج العروس 4/68 ( قلب ) .
(3) انظر : المستقصى في أمثال العرب 1/286 ( 1220 ) .
(4) أثر علل الْحَدِيْث في اختلاف الفقهاء : 311 .
وانظر في المقلوب :
مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 91 ، وفي طبعتنا: 208 ، والإرشاد 1/266-272 ، والتقريب: 86-87 وفي طبعتنا : 128 ، والاقتراح:236، والمنهل الروي : 53 ، والخلاصة : 76 ، والموقظة : 60 ، واختصار علوم الْحَدِيْث : 87 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/282 ، وطبعتنا 1/319 ، ونزهة النظر : 125 ، والمختصر : 136 ، وفتح المغيث 1/253 ، وألفية السيوطي: 69-72 ، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 225 ، وفتح الباقي 1/282 ، وتوضيح الأفكار 2/98 ، وظفر الأماني : 405 ، وقواعد التحديث : 230 .(5/1)
العلاقة بَيْنَ المعنى اللغوي والاصطلاحي :
نلاحظ أن معنى القلب متوافر في المعنى الاصطلاحي ، فهو في اللغة تغيير الشيء عن وجهه ، فسميَ بِهِ هَذَا الفعل في الاصطلاح فكأن الرَّاوِي قلب الْحَدِيْث وأخرجه عن وجهه الصَّحِيْح ، عمداً كَانَ فعله أم سهواً .
المطلب الثاني : أنواعه
القلب يقع تارة في الْمَتْن وتارة في السند وتارة فيهما ، وعليه فيمكننا جعله عَلَى ثلاثة أنواع (1) :
الأول : القلب في الْمَتْن .
الثاني : القلب في الإسناد .
الثالث : القلب في الْمَتْن والإسناد .
النوع الأول : القلب في المتن
وَهُوَ أن يقع الإبدال في متن الْحَدِيْث لا في سنده ، وَهُوَ قسمان (2) :
الأول : أن يبدل في متن الْحَدِيْث بالتقديم والتأخير :
بحيث يَكُوْن التغيير إما بتقديم جملة عَلَى جملة ، أو كلمة عَلَى جملة ، فإما أن يزيد لفظاً من خارج الْحَدِيْث فهو مدرج لا مقلوب .
مثاله : ما روي من طريق علي بن عثمان اللاحقي(3) ، عن حماد بن سلمة ، عن مُحَمَّد بن زياد ، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ذروني ما تركتكم ، فإنما أهلك من كَانَ قبلكم اختلافهم عَلَى أنبيائهم ، فإذا أمرتكم بشيء فأتوه، وإذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه ما استطعتم )) (4) .
__________
(1) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/319 طبعتنا فما بعدها ، ونزهة النظر : 125-126 ، وفتح الباقي 1/297 طبعتنا ، وتوجيه النظر 2/577 .
(2) انظر : حاشية مُحَمَّد محيي الدين عَلَى توضيح الأفكار 2/101 .
(3) هُوَ عَلِيّ بن عثمان بن عَبْد الحميد اللاحقي الرقاشي : ثقة ، توفي (229ه ) .
الجرح والتعديل 6/196 ، والثقات 8/465 .
(4) هَذِهِ الرِّوَايَة عِنْدَ الطبراني في " المعجم الأوسط " ( 2736 ) .(5/2)
فهذا الْحَدِيْث مقلوب في متنه . والذي تفرد بقلبه عن حماد بن سلمة هُوَ علي بن عثمان اللاحقي، إذ روي هَذَا الْحَدِيْث من طريق وكيع(1)،وعبد الرحمان بن مهدي(2) كلاهما عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كَانَ قبلكم بسؤالهم، واختلافهم عَلَى أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فاتبعوه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه )) فالصواب الرِّوَايَة الثانية ، وتابع حماد بن سلمة عَلَى الرِّوَايَة الثانية عن مُحَمَّد بن زياد : شعبة (3)، والربيع بن مُسْلِم(4) القرشي(5) فرووه عن مُحَمَّد بن زياد ، عن أبي هُرَيْرَة برواية الثانية .
__________
(1) عِنْدَ أحمد 2/447 .
(2) عِنْدَ أحمد 2/467 .
(3) عِنْدَ ابن الجعد(1172)، وإسحاق بن راهويه (91)، وأحمد 2/456، ومسلم 7/91 (1337)(131).
(4) هُوَ الربيع بن مُسْلِم القرشي الجمحي ، أبو بكر البصري : ثقة ، توفي سنة ( 167 ه ) .
تهذيب الكمال 2/465 ( 1856 ) ، والكاشف 1/392 ( 1540 ) ، والتقريب ( 1901 ) .
(5) عِنْدَ إسحاق بن راهويه ( 60 ) ، وأحمد 2/508 ، ومسلم 4/102 ( 1337 ) ( 412 ) ، والنسائي 5/110 وفي الكبرى ، لَهُ ( 3598 ) ، وابن خزيمة ( 2508 ) ، والطحاوي في شرح مشكل الآثار
( 1472 ) ، وابن حبان ( 3704 ) ( 3705 ) ، والدارقطني 2/281 ، والبيهقي 4/326 .(5/3)
كَمَا أن علي بن عثمان اللاحقي قَدْ قلب الإسناد والمتن في موقع آخر فَقَدْ رَوَى الْحَدِيْث عن حماد بن سلمة ، عن أيوب وهشام ، عن مُحَمَّد بن سيرين ، عن أبي هُرَيْرَة برواية الأولى المقلوبة الْمَتْن فَقَدْ خالف هنا وكيعاً ، وعبد الرحمان بن مهدي اللذِيْنَ روياه عن حماد بن سلمة، عن مُحَمَّد بن زياد، عن أبي هُرَيْرَة ، برواية الثانية كما مَرَّ، فعلي بن عثمان خالف هنا من هم أحفظ مِنْهُ عدداً وحفظاً أَيْضاً وخالفهم هنا في السند والمتن، كَمَا أن هَذَا الْحَدِيْث لَمْ يروَ من طريق مُحَمَّد بن سيرين ، عن أبي هُرَيْرَة ، إلا من رواية علي بن عثمان، فَقَدْ روي من عدة تابعين عن أبي هُرَيْرَة وليس فِيْهِمْ مُحَمَّد بن سيرين(1)
__________
(1) إذ روي من طريق مُحَمَّد بن زياد ، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا تقدم تخريجه .
وروي من طريق أَبي سلمة بن عَبْد الرحمان وسعيد بن المسيب كَمَا أخرجه مُسْلِم 7/91 ( 1337 )
( 130 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 548 ) ( 551 ) ( 552 ) ، عن أبي سلمة وحده وروي من طريق أبي صالح عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/355 و 495 ، ومسلم 7/91 (1337) (131) ، وابن ماجه (1) و (2) ، والترمذي ( 2679 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 554 ) ( 553 ) .=
= وروي من طريق الأعرج عن أَبِي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه مالك في الموطأ ( 996 ) برواية مُحَمَّد بن الحسن الشيباني ، والشافعي في المسند ( 1802 ) بتحقيقنا ، والحميدي ( 1125 ) ، وأحمد 2/258 ، والبخاري 9/116 ( 7288 ) ، ومسلم 7/91 ( 1337 ) ( 131 ) ، وأبو يعلى ( 6305 ) ، والطحاوي في شرح المشكل ( 549 ) ( 550 ) ، وابن حبان ( 18 ) ( 19 ) ( 20 ) ( 21 ) .
وروي من طريق الحارث عم الحارث بن عَبْد الرحمان بن عَبْد الله ، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أبو يعلى
( 6676 ) .
وروي من طريق عَبْد الرحمان بن أبي عمرة ، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه أحمد 2/482 .
وروي من طريق عجلان ، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه الشَّافِعِيّ في المسند ( 1801 ) بتحقيقنا ، والحميدي ( 1125 ) ، وأحمد 2/247 و 428 و 517 ، وابن حبان ( 18 ) ( 2106 ) .
وروي من طريق همام بن منبه ، عن أبي هُرَيْرَة كَمَا أخرجه عَبْد الرزاق ( 20374 ) ، واحمد 2/313 ، ومسلم 7/91 ( 1337 ) ( 131 ) ، وابن حبان ( 20 ) ( 21 ) ( 2105 ) ، والبغوي في شرح السنة ( 98 ) ( 99 ) .
فجميعهم رووه عن أبي هُرَيْرَة وفيه جعلوا إعطاء الاستطاعة عَلَى القيام بالعمل المأمور بالقيام بِهِ ووجوب عدم إتيان العمل المنهي عَنْهُ مطلقاً كَمَا في الرِّوَايَة الثانية وهذا يدل عَلَى خطأ راويه علي بن عثمان .(5/4)
.
ومثاله : ما سبق في نوع المدرج (1) في حَدِيْث عَبْد الله بن مسعود ، إِذْ روي مقلوباً من طريق أبي معاوية ، عن الأعمش ، عن شقيق بن سلمة ، عن عَبْد الله بن مسعود، قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كلمة وقلت أخرى، قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة )) قَالَ: وقلت أنا : من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار (2).
فَقَدْ خالف أَبُو معاوية بقية الرُّوَاة عن الأعمش ، إِذْ رَوَاهُ عَنْهُ :
أبو حمزة السكري(3) : عِنْدَ البخاري (4).
حفص بن غياث : عِنْدَ البخاري (5) ، وابن منده (6).
شعبة : عِنْدَ الطيالسي (7)، وأحمد (8)، والنسائي (9)، وابن خزيمة (10)، والشاشي (11)، والخطيب (12).
__________
(1) صفحة :
(2) أخرجه من هَذِهِ الطريق مقلوباً : أحمد 1/382 و 425 ، وأبو يعلى ( 5198 ) من طريق أبي خيثمة ، وابن خزيمة في التوحيد : 359 من طريق أبي موسى ، وأيضاً : 359 من طريق سلم بن جنادة ، جميعهم من طريق أبي معاوية بهذه الرِّوَايَة . وخالفهم أبو بكر بن أبي شيبة فرواه عن أبي معاوية عَلَى الصواب أخرجه ابن منده في " الإيمان " ( 69 ) .
(3) هُوَ مُحَمَّد بن ميمون المروزي ، أبو حمزة السكري : ثقة فاضل ، توفي سنة (167ه) ، وَقِيْلَ: (168ه).
تهذيب الكمال 6/536 ( 6244 ) ، والكاشف 2/226 ( 5184 ) ، والتقريب ( 6348 ) .
(4) في صحيحه 6/28 ( 4497 ) .
(5) في صحيحه 2/90 ( 1238 ) .
(6) في الإيمان ( 70 ) .
(7) في مسنده ( 256 ) .
(8) في مسنده 1/443 و 462 و 464 .
(9) في الكبرى ( 11011 ) .
(10) في التوحيد : 346 و 359 .
(11) في مسنده ( 558 ) و ( 560 ) .
(12) في الفقيه والمتفقه : 118 .(5/5)
عَبْد الله بن نمير(1) : عِنْدَ أحمد (2)، ومسلم (3) ، وابن خزيمة (4) ، والشاشي (5)، وابن منده (6).
عَبْد الواحد بن زياد : عِنْدَ البخاري (7) ، وابن منده (8) .
وكيع بن الجراح : عِنْدَ أحمد (9) ، ومسلم (10) ، وابن منده (11) .
جميعهم عن الأعمش ، عن شقيق ، عن عَبْد الله بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من مات يشرك بالله شَيْئاً دخل النار )) وقلت أنا : من مات لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة .
__________
(1) هُوَ عَبْد الله بن نمير الهمداني الخارفي ، أبو هشام الكوفي : ثقة صاحب حَدِيْث من أهل السنة ، توفي سنة (199 ه) . تهذيب الكمال 4/306 (3606) ، والكاشف 1/604 (3024) ، والتقريب (3668) .
(2) في مسنده 1/425 .
(3) في صحيحه 1/65 ( 92 ) ( 150 ) .
(4) في التوحيد : 360 .
(5) في مسنده ( 559 ) .
(6) في الإيمان ( 66 ) و ( 67 ) .
(7) في صحيحه 8/173 ( 6683 ) .
(8) في الإيمان ( 71 ) .
(9) في مسنده 1/443 .
(10) في صحيحه 1/65 ( 92 ) ( 150 ) .
(11) في الإيمان ( 67 ) و ( 68 ) . =
= ووقع في رِوَايَة أبي عوانة 1/17 مقلوباً من طريق علي بن حرب عن وكيع وأبي معاوية ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عَبْد الله ، بِهِ .
وعلى هَذَا فيصلح هَذَا مثالاً لما قلب سنده ومتنه ، إلا أن الحافظ ابن حجر قَالَ: (( لَمْ تختلف الروايات في " الصحيحين " في أن المرفوع الوعيد ، والموقوف الوعد ، وزعم الحميدي في " الجمع " وتبعه مغلطاي في شرحه ومن أخذ عَنْهُ ، أن في رِوَايَة مُسْلِم من طريق وكيع وابن نمير بالعكس … وَكَانَ سبب الوهم في ذَلِكَ ما وقع عِنْدَ أبي عوانة والإسماعيلي من طريق وكيع بالعكس ، لَكِنْ بيّن الإسماعيلي أن المحفوظ عن وكيع في البخاري )) . فتح الباري 3/111 .(5/6)
أضف إلى ذَلِكَ أن عاصم بن أبي النجود (1) ، وسيار (2) ، والمغيرة (3)، رووا هَذَا الْحَدِيْث عن شقيق ، عن عَبْد الله بن مسعود باللفظ الصَّحِيْح .
وبهذا يَكُوْن أبو معاوية قَدْ خالف الرُّوَاة الأكثر مِنْهُ عدداً في رِوَايَة هَذَا الْحَدِيْث مقلوباً ، لذا قَالَ ابن خزيمة : (( وشعبة وابن نمير أولى بمتن الخبر من أبي معاوية وتابعهما أَيْضاً سيار أبو الحكم(4) ، عن أبي وائل ، عن عَبْد الله )) (5) .
وَقَالَ الحافظ ابن حجر نقلاً عن الإسماعيلي: (( إنما المحفوظ أن الَّذِيْ قلبه أبو معاوية وحده ، وبذلك جزم ابن خزيمة في " صحيحه " ، والصواب رِوَايَة الجماعة )) (6). ثُمَّ قَالَ: (( وهذا هُوَ الَّذِيْ يقتضيه النظر ؛ لأن جانب الوعيد ثابت بالقرآن وجاءت السنة عَلَى وفقه ، فلا يحتاج إلى استنباط ، بخلاف جانب الوعد فإنه في محل البحث إِذْ لا يصح حمله عَلَى ظاهره )) (7) .
__________
(1) عِنْدَ أحمد 1/402 و 407 ، وأبي يعلى (5090)، والطبراني في الكبير ( 10410 ) و ( 10416 ) ، وفي الأوسط (2232)، والخطيب في الفصل 1/219-222، وَقَدْ فصّلنا القَوْل فِيْهَا في بحث ( المدرج ).
(2) عِنْدَ أحمد 1/374 . لَكِنْ وقع عِنْدَ ابن منده في " الإيمان " ( 73 ) من طريق أبي الربيع ، عن هشيم ، عن سيار ومغيرة ، عن أَبِي وائل ، عن عَبْد الله ، بِهِ . مقلوباً عَلَى نفس رِوَايَة أبي معاوية . قَالَ ابن منده عقبه : (( فحديث هشيم عن سيار ومغيرة خلاف رِوَايَة الأعمش ورواية أبي عوانة ، عن مغيرة )) .
(3) عِنْدَ أحمد 1/374 ، وابن حبان ( 251 ) ، وابن منده ( 72 ) .
(4) سيار أبو الحكم العَنَزي ، ويقال : البصري : ثقة ، وَلَيْسَ هُوَ الَّذِي يروي عن طارق بن شهاب ،توفي سنة ( 122 ه ) .
الثقات 6/421 ، وتهذيب الكمال 3/351 ( 2655 ) ، والتقريب ( 2718 ) .
(5) التوحيد : 360 .
(6) فتح الباري 3/111 .
(7) فتح الباري 3/111 .(5/7)
الثاني : أن يبدل الرَّاوِي عامداً سند متنٍ
بأن يجعله لمتن آخر ، ويجعل للمتن الأول سنداً آخر ، ودافع هَذَا الفعل أحد
أمرين (1) :
1. إما بقصد الإغراب وفاعل ذَلِكَ داخل في صنف الوضاعين ملحقاً بالكذابين (2) .
مثاله : ما رواه عمرو بن خالد الحراني(3) ، عن حماد بن عمرو النصيبي(4) ، عن الأعمش، عن أبي صالح ، عن أبي هُرَيْرَة مرفوعاً : (( إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤوهم بالسلام … الْحَدِيْث )) (5) .فهذا حَدِيْث قلبه حماد بن عمرو فجعله عن الأعمش، عن أبي صالح ، وإنما هُوَ مشهور بسهيل بن أبي صالح ، عن أبيه أبي صالح (6) ، هكذا رَوَاهُ الناس ، عن سهيل ، مِنْهُمْ :
أبو بكر بن عياش : عِنْدَ الطحاوي (7) .
جرير بن عَبْد الحميد : عِنْدَ مُسْلِم (8) ، والبيهقي (9) .
خالد بن عَبْد الله(10)
__________
(1) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/864 .
(2) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/320 طبعتنا .
(3) هُوَ عَمْرو بن خالد بن فرّوخ التميمي ، ويقال : الخزاعي ، أبو الحسن الحراني ، نزيل مصر : ثقة ، توفي سنة ( 229 ه ) .
تهذيب الكمال 5/406-407 ( 4945 ) ، والكاشف 2/75 ( 4149 ) ، والتقريب ( 5020 ) .
(4) هُوَ حماد بن عَمْرو ، أبو إسماعيل النصَّيِبيٌّ ، قَالَ ابن حبان : كَانَ يضع الْحَدِيْث وضعاً عَلَى الثقات، وَقَالَ يَحْيَى بن مَعِيْنٍ : لَيْسَ بشيء .
الضعفاء الكبير 1/308 ، والمجروحين 1/307 ، والكامل 3/10 .
(5) هَذِهِ الطريق المقلوبة عِنْدَ العقيلي 1/308 .
(6) انظر : الضعفاء الكبير ، للعقيلي 1/308 .
(7) في شرح المعاني 4/341 .
(8) في صحيحه 7/5( 2167 ) .
(9) في الكبرى 9/203 .
(10) هُوَ خالد بن عَبْد الله الطحان الواسطي المزني مولاهم ،أبو هيثم : ثقة ثبت ، توفي سنة ( 182 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 179 ه ) .
الثقات 6/267 ، وتهذيب الكمال 2/351 ( 1609 ) ، والتقريب ( 1647 ) .(5/8)
: عِنْدَ ابن النجار (1) .
زهير بن معاوية : عِنْدَ أحمد (2) ، وابن الجعد (3) ، وأبي عوانة (4) .
سفيان الثوري: عِنْدَ عَبْد الرزاق(5)، وأحمد (6) ، والبخاري في " الأدب "(7)، ومسلم (8) ، وأبي عوانة (9) ، وأبي نعيم (10) ، والبيهقي (11) .
سليمان بن بلال : عِنْدَ أبي عوانة (12) .
شعبة بن الحجاج: عِنْدَ الطيالسي (13)، وأحمد (14)، ومسلم (15)، وأبي داود (16) ، وأبي عوانة (17) ، والطحاوي (18) ، وابن حبان (19) .
عَبْد العزيز بن مُحَمَّد الدراوردي:عِنْدَ مُسْلِم(20)،والترمذي(21)،وأبي عوانة(22).
معمر بن راشد : عِنْدَ عَبْد الرزاق (23) ، وأحمد (24) ، وأبي عوانة (25) ، والبغوي (26).
الوضاح بن يزيد اليشكري أبو عوانة : عِنْدَ أبي عوانة (27) ، وابن حبان(28).
__________
(1) في ذيل تاريخ بغداد 3/196 .
(2) في مسنده 2/263 .
(3) في مسنده ( 2766 ) .
(4) كَمَا في إتحاف المهرة 14/606 ( 18326 ) .
(5) في مصنفه ( 9837 ) .
(6) في مسنده 2/444 و 525 .
(7) في الأدب المفرد ( 1111 ) .
(8) في صحيحه 7/5 ( 2167 ) .
(9) كَمَا في إتحاف المهرة 14/606 ( 18326 ) .
(10) في الحلية 7/140-141 .
(11) في الكبرى 9/203 ، وفي الشعب ( 9381 ) .
(12) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(13) في مسنده ( 2424 ) .
(14) في مسنده 2/346 و 459 .
(15) في صحيحه 7/5 ( 2167 ) .
(16) في سننه ( 5205 ) .
(17) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(18) في شرح المعاني 4/341 .
(19) في صحيحه ( 501 ) .
(20) في صحيحه 7/5 ( 2167 ) .
(21) في الجامع الكبير ( 1602 ) و ( 2700 ) .
(22) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(23) في مصنفه ( 9837 ) .
(24) في مسنده 2/266 .
(25) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(26) في شرح السنة ( 3310 ) .
(27) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(28) في صحيحه ( 500 ) .(5/9)
وهيب بن خالد : عِنْدَ البخاري في " الأدب " (1) ، وأبي عوانة (2) .
يحيى بن أيوب : عِنْدَ الطحاوي (3) .
يحيى بن سعيد : عِنْدَ أبي عوانة (4) .
2. أن يَكُوْن بقصد الامتحان لمعرفة حفظ الشيخ وضبطه .
مثاله : ما وقع للإمام البخاري – رحمه الله – لما قدم بغداد ، فأراد أهل الْحَدِيْث اختبار حفظه ، فعمدوا إلى مئة حَدِيْث فقلبوا أسانيدها ، وجعلوا أسانيد هَذِهِ لمتون تِلْكَ ، ثُمَّ دفعوها إلى عشرة رجال لكل رجل عشرة أحاديث ، فلما جاء البخاري وجلس للإملاء، وَكَانَ المجلس غاصاً بأصحاب الْحَدِيْث والفقهاء، قام لَهُ رجل من العشرة فسأله عن حَدِيْث من تِلْكَ الأحاديث ، فَقَالَ البخاري: لا أعرفه ، فسأله عن الآخر فَقَالَ : لا أعرفه، إلى تمام العشرة، ثُمَّ قام الثاني فالثالث حَتَّى نهاية العشرة ، والبخاري لا يزيد
عَلَى قوله : لا أعرفه، فكان من حضر المجلس من الفهماء يلتفت بعضهم إلى بعض ، ويقولون: الرجل فهم. ومن كَانَ مِنْهُمْ غَيْر ذَلِكَ يقضي عَلَى البخاري بالعجز والتقصير وقلة الفهم .
__________
(1) في الأدب المفرد ( 1103 ) .
(2) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .
(3) في شرح المعاني 4/341 .
(4) كَمَا في الإتحاف 14/606 ( 18326 ) .(5/10)
فلما علم أنهم فرغوا التفت إلى الأول مِنْهُمْ فَقَالَ : أما حديثك الأول فهو كَذَا ، وحديثك الثاني كَذَا حَتَّى أتم العشرة ، ثُمَّ أقبل عَلَى الثاني فالثالث ، ورد المتون كلها إلى أسانيدها ، وأسانيدها إلى متونها ، فأقرّ لَهُ الناس بالحفظ وأذعنوا لَهُ بالفضل (1).
وَكَانَ الحافظ العراقي لا يتعجب من رد البخاري الخطأ إلى الصواب لسعة
معرفته واطلاعه ، وإنما كَانَ يعجب من حفظ الأحاديث المقلوبة عَلَى الموالاة من مرة واحدة (2) .
وَقَدْ وقع نحو هَذَا الامتحان لعدد من الْمُحَدِّثِيْنَ مِنْهُمْ : أبان بن عياش اختبره
شعبة (3) ، وأبو نعيم الفضل بن دكين امتحنه يحيى بن معين (4) ، وأبو جعفر العقيلي (5) ، ومحمد بن عجلان (6) ، وغيرهم .
__________
(1) انظر القصة في : أسامي من روى عَنْهُمْ البخاري من مشايخه لابن عدي ورقة 2أ ، وتاريخ بغداد 2/120، والبداية والنهاية 2/25 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/321 طبعتنا ، وطبعة العلمية 1/284 ، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/867 ، وهدي الساري : 200 ، وإرشاد طلاب الحقائق 1/298 ، وفتح المغيث 1/254 ، وتدريب الرَّاوِي 1/293 ، وتوضيح الأفكار 2/104 .
وحصل للبخاري نحو هَذَا الامتحان في البصرة وسمرقند . انظر : البداية والنهاية 11/25 ، وطبقات الشافعية الكبرى 2/9 ، وهدي الساري : 486 .
(2) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/869-870 .
(3) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/321 طبعتنا ، والطبعة العلمية 1/284 .
(4) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/866-867 .
(5) انظر : سير أعلام النبلاء 15/237 .
(6) انظر : المحدّث الفاصل : 398 ( 408 ) ، وميزان الاعتدال 3/645-646 .(5/11)
وفي جواز قلب الأحاديث لامتحان حفظ المشايخ خلاف ، إِذْ لَمْ يرتضه بعض الْمُحَدِّثِيْنَ مثل : حرمي بن عمارة (1) ، ويحيى بن سعيد القطان (2) ، قَالَ الحافظ العراقي: (( وهذا يفعله أهل الْحَدِيْث كثيراً، وفي جوازه نظر إلا أنه إذا فعله أهل الْحَدِيْث لا يستقر حديثاً )) (3) ، فجوازه إذن مشروط بالبيان (4) .
وَقَدْ يَكُوْن بالتقديم والتأخير في اسم الرَّاوِي مثل: كعب بن مرة(5)، فيجعل : مرة ابن كعب (6) .
3. الثالث : أن يقع في الإسناد والمتن معاً
مثاله: ما رواه الْحَاكِم في "مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث" (7) من طريق المنذر بن عَبْد الله الحزامي، عن عَبْد العزيز بن أبي سلمة الماجشون (8)، عن عَبْد الله بن دينار، عن ابن
عمر ، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا افتتح الصلاة قَالَ : (( سبحانك اللهم تبارك اسمك وتعالى جدك … )) .
__________
(1) انظر : شرح التبصرة والتذكرة 1/321 طبعتنا ، وطبعة العلمية 1/284 .
(2) انظر : المحدث الفاصل : 399 ، والنكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/871 .
(3) شرح التبصرة والتذكرة 1/321 طبعتنا ، وطبعة العلمية 1/284 .
(4) انظر : نُزهة النظر : 125 .
(5) هُوَ الصَّحَابِيّ الجليل كعب بن مرة ، وَقِيْلَ : مرة بن كعب السلمي البهزي ، سكن البصرة ثُمَّ الأردن ، توفي سنة بضع وخمسين .
أسد الغابة 4/248-249 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/33 ( 358 ) ، والتقريب ( 5650 ) .
(6) انظر : نُزهة النظر : 125-126 .
(7) الصفحة : 118 .
(8) هُوَ عَبْد العزيز بن عَبْد الله بن أبي سلمة الماجشون المدني ، نَزيل بغداد ، مولى آل الهدير : ثقة فقيه مصنف، توفي سنة ( 164 ه ) .
طبقات ابن سعد 7/323 ، وسير أعلام النبلاء 7/309 ، والتقريب ( 4104 ) .(5/12)
فهذا الْحَدِيْث مقلوب سنداً ومتناً، أما سنداً فإن عَبْدالعزيز بن أبي سلمة يرويه عن عَبْد الله بن الفضل(1)، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع(2)، عن علي بن أبي طالب.
وأما القلب في الْمَتْن فإن لفظ حَدِيْث عَبْد العزيز : أن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إذا استفتح الصلاة يكبر ثُمَّ يقول : (( وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً وما أنا من المشركين … )) .
هكذا رَوَاهُ حجين (3)، وأبو غسان مالك (4) بن إِسْمَاعِيْل (5) عن عَبْد العزيز بن أَبِي سلمة.
ورواه أَيْضاً :
أحمد بن خالد(6)
__________
(1) هُوَ عَبْد الله بن الفضل بن العباس بن ربيعة الهاشمي ، المدني : ثقة .
تهذيب الكمال 4/240 ( 3470 ) ، والكاشف 1/585 ( 2910 ) ، والتقريب ( 3533 ) .
(2) هُوَ عبيد الله بن أبي رافع المدني ، مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ،كَانَ كاتب عَلِيّ - رضي الله عنه - : ثقة .
التاريخ الكبير 5/381 ، وتهذيب الكمال 5/33-34 ( 4221 ) ، والتقريب ( 4288 ) .
(3) حجين – بالتصغير – بن المثنى اليمامي ، أبو عمر ، سكن بغداد ، وولي قضاء خراسان : ثقة ، توفي سنة ( 205 ه ) ، وَقِيْلَ : بعدها .
تهذيب الكمال 2/71 ( 1125 ) ، والكاشف 1/315 ( 955 ) ، والتقريب ( 1149 ) .
وحديثه عِنْدَ أحمد 1/113 .
(4) هُوَ مالك بن إسماعيل النهدي، أَبُو غسان الكوفي، سبط حماد بن أبي سليمان ؛ ثقة متقن صَحِيْح الكِتَاب، عابد ، توفي سنة ( 217 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 219 ه ) .
التاريخ الكبير 7/315 ، والثقات 9/164 ، والتقريب ( 6324 ) .
(5) عِنْدَ الْحَاكِم في مَعْرِفَة علوم الْحَدِيْث : 118 .
(6) هُوَ أحمد بن خالد بن موسى الوهبي الكندي ، أبو سعيد الحمصي : صدوق ، توفي سنة ( 214 ه ) .
تهذيب الكمال 1/37 ( 29 ) ، والكاشف 1/193 ( 25 ) ، والتقريب ( 30 ) .(5/13)
: عِنْدَ ابن خزيمة (1) ، والطحاوي (2).
أبو سعيد(3) : عِنْدَ أحمد (4) ، وابن حزم (5).
عَبْد الله بن رجاء : عِنْدَ الطحاوي (6) .
عَبْد الله بن صالح : عِنْدَ الطحاوي (7) .
أربعتهم ، عن عَبْد العزيز بن أبي سلمة الماجشون ، عن عَبْد الله بن الفضل والماجشون كلاهما، عن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي، بِهِ عَلَى الصواب .
ورواه أَيْضاً :
أبو داود الطيالسي : في " مسنده " (8) ، ومن طريقه الترمذي (9).
أَبُو صالح عَبْد الله بن صالح ( كاتب الليث(10) ) : عِنْدَ ابن الجارود (11) ، وابن خزيمة (12).
أبو النضر هاشم بن قاسم : عِنْدَ أحمد (13) ، ومسلم (14) ، وابن حبان (15) .
أبو الوليد : عِنْدَ الترمذي (16) .
__________
(1) في صحيحه ( 463 ) .
(2) في شرح المعاني 1/299 .
(3) هُوَ عَبْد الرَّحْمَان بن عَبْد الله بن عبيد البصري ، أبو سعيد ، مولى بني هاشم ، نزيل مكة ، لقبه جَرْدَقَة : صدوق رُبَّمَا أخطأ ، توفي سنة ( 197 ه ) .
تهذيب الكمال 4/427 ( 3859 ) ، والكاشف 1/633 ( 3238 ) ، والتقريب ( 3918 ) .
(4) في مسنده 1/94 .
(5) في المحلى 4/95 .
(6) في شرح المعاني 1/199 .
(7) في شرح المعاني 1/199 .
(8) 152 ) .
(9) في الجامع الكبير ( 266 ) .
(10) هُوَ عَبْد الله بن صالح بن مُحَمَّد الجهني ، أبو صالح المصري ، كاتب الليث : صدوق كَثِيْر الخطأ ، ثبت في كتابه ، وكانت فِيْهِ غفلة ، توفي سنة ( 222 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 223 ه ) .
تهذيب الكمال 4/164 ( 3324 ) ، والكاشف 1/562 ( 2780 ) ، والتقريب ( 3388 ) .
(11) في المنتقى ( 179 ) .
(12) في صحيحه ( 462 ) و ( 612 ) و ( 743 ) .
(13) في مسنده 1/112 .
(14) في صحيحه 2/186 ( 771 ) ( 202 ) .
(15) في صحيحه ( 1773 ) .
(16) في الجامع الكبير ( 3422 ) .(5/14)
حجاج بن منهال : عِنْدَ ابن الجارود (1) ، وابن خزيمة (2) .
حجين : عِنْدَ أحمد (3) ، وابن خزيمة (4) .
سويد بن عمرو الكلبي(5) : عِنْدَ ابن أبي شيبة (6).
عَبْد الرحمان بن مهدي: عِنْدَ مُسْلِم(7)،والنسائي(8)،وأبي يعلى(9)،وابن حزم(10).
معاذ بن معاذ بن نصر : عِنْدَ أبي داود (11) .
يحيى بن حسان : عِنْدَ الدارمي (12) ، والطحاوي (13).
يزيد بن هارون : عِنْدَ الدارقطني (14) .
__________
(1) في المنتقى ( 179 ) .
(2) في صحيحه ( 462 ) و ( 612 ) و ( 743 ) .
(3) في مسنده 1/113 .
(4) في صحيحه ( 612 ) .
(5) هُوَ سويد بن عَمْرو الكلبي ، أَبُو الوليد الكوفي العابد : ثقة ، توفي سنة (204 ه) ، وَقِيْلَ : (203 ه) ، وَقَدْ ذكره ابن حبان في كتابه "المجروحين" فَقَالَ: (( كَانَ يقلب الأسانيد ، ويضع عَلَى الأسانيد الصحاح المتون الواهية ، لا يجوز الاحتجاج بِهِ )) .
المجروحين 1/446-447 ، وتهذيب الكمال 3/340 ( 2631 ) ، والتقريب ( 2694 ) .
(6) في مصنفه ( 2399 ) و ( 2553 ) .
(7) في صحيحه 2/186 ( 771 ) ( 202 ) .
(8) في المجتبى 2/129 و 192 و 220 ، وفي الكبرى ( 637 ) و ( 711 ) و ( 971 ) .
(9) في مسنده ( 285 ) .
(10) في المحلى 4/95 .
(11) في سننه ( 760 ) و ( 1509 ) .
(12) في سننه ( 1241 ) و ( 1320 ) .
(13) في شرح المعاني 1/199 .
(14) في السنن 1/296 .(5/15)
جميعهم ، عن عَبْد العزيز بن أَبِي سلمة ، عن يعقوب الماجشون منفرداً ، عن الأعرج ، عن عبيد الله ، عن علي ، بِهِ (1) .
__________
(1) وأخرج هَذَا الْحَدِيْث أَيْضاً : عَبْد الرزاق في المصنف ( 2567 ) و ( 2903 ) ، وأحمد 1/93و119، والبخاري في رفع اليدين ( 1 ) و ( 9 ) ، وأبو داود ( 744 ) و ( 761 ) ، وابن ماجه ( 864 ) و(1054) ، والترمذي ( 3423 ) ، وابن خزيمة ( 464 ) و ( 584 ) و ( 607 ) و ( 673 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/222 و 239 ، وابن حبان ( 1771 ) و ( 1772 ) و ( 1774 ) ، والدارقطني 1/287 ، والبيهقي 2/33 و 74 ، من طرق ، عن موسى بن عقبة ، عن عَبْد الله بن الفضل، عن الأعرج بهذا الإسناد .
وأخرجه مُسْلِم 2/185 ( 771 ) ( 201 ) ، والترمذي ( 3421 ) و ( 3422 ) ، وأبو يعلى
( 575 ) ، وابن خزيمة ( 723 ) ، والبيهقي 2/32 ، والبغوي ( 572 ) من طرق ، عن يوسف بن يعقوب الماجشون ، عن يعقوب بن الماجشون ، عن الأعرج ، بهذا الإسناد . وانظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/885 .(5/16)
تعارض الاتصال والانقطاع
تقدم الكلام بأن الاتصال شرط أساسيٌّ لصحة الحديث النبوي ، وعلى هذا فالمنقطع ضعيف لفقده شرطاً أساسياً من شروط الصحة ، وقد أولى المحدثون عنايتهم في البحث والتنقير في الأحاديث من أجل البحث عن توافر هذا الشرط من عدمه ؛ وذلك لما له من أهمية بالغة في التصحيح والتضعيف والتعليل . وتقدم الكلام أن ليس كل ما ورد فيه التصريح بالسماع فهو متصل ؛ إذ قَدْ يقع الخطأ في ذلك فيصرح بالسماع في غير ما حديث ، ثم يكشف الأئمة النقاد بأن هذا التصريح خطأ ، أو أن ما ظاهره متصل منقطع، وهذا ليس لكل أحد إنما هو لأولئك الرجال الذين أفنوا أعمارهم شموعاً أضاءت لنا الطريق من أجل معرفة الصحيح المتصل من الضعيف المنقطع .
إذن فليس كل ما ظاهره الاتصال متصلاً ، فقد يكون السند معللاً بالانقطاع .
وعليه فقد يأتي الحديث مرة بسند ظاهره الاتصال ، ويُروى بسند آخر ظاهره الانقطاع ، فيرجح تارة الانقطاع وأخرى الاتصال ، ويجري فيه الخلاف الذي مضى في زيادة الثقة . وأمثلة ذلك كثيرة .
منها : ما رواه أحمد بن منيع (1)
__________
(1) هو أحمد بن منيع بن عبد الرحمان ، أبو جعفر البغوي ، الأصم ، ( ثقة ، حافظ ) ، مات سنة
( 244 ه )، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة . التقريب (114 ) .(6/1)
، قال : حدثنا كثير بن هشام (1) ، قال : حدثنا جعفر بن برقان (2) ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، قالت : كنت أنا
وحفصة(3) صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه ، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبدرتني إليه حفصة ، وكانت ابنة أبيها ، فقالت: يا رسول الله ، إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه ، قال : (( اقضيا يوماً آخر مكانه )) .
أخرجه الترمذي (4) ، والبغوي (5) ، وأخرجه غيرهما من طريق جعفر (6).
هكذا روى هذا الحديث جعفر بن برقان، عن الزهري، عن عروة ، عن عائشة، متصلاً .
وقد توبع على روايته ، تابعه سبعة من أصحاب الزهري على هذه الرواية وهم :
__________
(1) هو كثير بن هشام الكلابي ، أبو سهل الرقي ، نزيل بغداد ، ( ثقة ) ، مات سنة ( 207 ه ) ، وقيل : (208ه) ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة. التقريب (5633) .
(2) هو جعفر بن برقان الكلابي ، مولاهم ، أبو عبد الله الجزري الرقي ، كان يسكن الرقة ، وقدم الكوفة ، قال عنه الإمام أحمد : (( ثقة ، ضابط لحديث ميمون وحديث يزيد بن الأصم ، وهو في حديث الزهري يضطرب . تهذيب الكمال 1/455،وتذكرة الحفاظ 1/171، وشذرات الذهب 1/236 .
(3) هِيَ أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها، زوجة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -، توفيت سنة (41ه)، وَقِيْلَ: (45ه).
تهذيب الكمال 8/526 ( 4812 ) ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/259 ، والإصابة 4/273 .
(4) في الجامع ( 735 ) ، وفي العلل الكبير ( 203 ) .
(5) شرح السنة ( 1814 ) .
(6) رواه إسحاق بن راهويه في مسنده ( 658 ) ، وأحمد بن حنبل 6/263 ، والنسائي في الكبرى (3291)، عن كثير بن هشام ، به .
وأخرجه البيهقي 4/280 من طريق عبيد الله بن موسى عن جعفر ، به .(6/2)
صالح بن أبي الأخضر (1) ، وهو ضعيف يعتبر به عند المتابعة (2) .
سفيان بن حسين (3) ، وهو ثقة في غير الزهري باتفاق العلماء (4) .
صالح بن كيسان (5) ، وهو ثقة (6) .
إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة (7) ، وهو ثقة (8) .
حجاج بن أرطأة (9) ، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس (10) .
عبد الله بن عمر العمري (11) ، وهو ضعيف (12) .
يحيى بن سعيد (13) .
فهؤلاء منهم الثقة ، ومنهم من يصلح حديثه للمتابعة ، قَدْ رووا الحديث أجمعهم ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، متصلاً ، إلا أنه قَدْ تبين بعد التفتيش والتمحيص والنظر أن رواية الاتصال خطأ ، والصواب : أنّه منقطع بين الزهري وعائشة ، وذكر عروة في الإسناد خطأ .
لذا قال الإمام النسائي عن الرواية الموصولة : (( هذا خطأ )) (14)، وقد فسّر المزي مقصد النسائي فقال : (( يعني أن الصواب حديث الزهري ، عن عائشة وحفصة
مرسل ))(15) .
__________
(1) عند إسحاق بن راهويه ( 660 ) ، والنسائي في الكبرى ( 3293 ) ، والبيهقي 2/280 ، وابن عبد البر في التمهيد 2/68-69 ، والاستذكار 3/237 .
(2) التقريب ( 2844 ) .
(3) عند أحمد 6/141 و 237 ، والنسائي في الكبرى ( 3292 ) .
(4) التقريب ( 2437 ) .
(5) عند النسائي في الكبرى ( 3295 ) .
(6) التقريب ( 2884 ) .
(7) عند النسائي في الكبرى ( 3294 ) . وانظر : تحفة الأشراف 11/343 ( 16413 ) ، وتهذيب الكمال 1/215 ( 408 ) .
(8) تهذيب الكمال 1/215 ( 408 ) .
(9) عند ابن عبد البر في التمهيد 12/68 .
(10) التقريب ( 1119 ) .
(11) عند الطحاوي في شرح المعاني 2/108 .
(12) التقريب ( 3489 ) .
(13) عند النسائي في الكبرى ( 3295 ) ، وابن عبد البر في التمهيد 12/68 .
(14) تحفة الأشراف 11/343 ( 16413 ) .
(15) تحفة الأشراف 11/343 ( 16413 ) .(6/3)
وقد نص كذلك الترمذي على أن رواية الاتصال خطأ ، والصواب أنه منقطع وذكر الدليل القاطع على ذلك ، فقال : (( روي عن ابن جريج ، قال : سألت الزهري ، قلت له : أَحدَّثَكَ عروة ، عن عائشة ؟ ، قال : لم أسمع عن عروة في هذا شيئاً ، ولكني سَمِعتُ في خلافة سليمان بن عبد الملك(1) من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث )) (2) .
ومن قبل سأل الترمذي شيخه البخاري فَقَالَ : (( سألت محمد بن إسماعيل
البخاري عن هذا الحديث ، فقال : لا يصح حديث الزهري ، عن عروة ، عن
عائشة ))(3) .
وحكم أبو زرعة وأبو حاتم الرازيان بترجيح الرواية المنقطعة على الموصولة (4) .
قلت: قَدْ رواه الثقات الأثبات من أصحاب الزهري منقطعاً ، وهم ثمانية أنفس:
مالك بن أنس (5) ، وهو ثقة إمام أشهر من أن يعرف .
__________
(1) هُوَ الخليفة الأموي أبو أيوب سليمان بن عَبْد الملك بن مروان القرشي الأموي ، توفي سنة ( 99 ه ) .
الجرح ولتعديل 4/130-131 ، ووفيات الأعيان 2/420 ، والعبر 1/118 .
(2) الجامع الكبير ( 735 م ) وأخرجه البَيْهَقِيّ 4/280 .
(3) العلل الكبير للترمذي ( 203 ) .
(4) العلل لعبد الرحمان بن أبي حاتم 1/265 ( 782 ) .
(5) هكذا رواه عامة الرواة عن مالك ، محمد بن الحسن الشيباني ( 363 )، وسويد بن سعيد ( 471 ) ، وأبو مصعب الزهري ( 827 ) ، ويحيى بن يحيى الليثي ( 848 ) ، وعبد الله بن وهب عند الطحاوي في شرح المعاني 2/108 ، والبيهقي 4/279،وعبد الرحمان بن القاسم عند النسائي في الكبرى(3298)،= =وخالف سائر الرواة عن مالك : عبد العزيز بن يحيى عند ابن عبد البر في التمهيد 12/66-67 فرواه عن مالك ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة .
وهو خطأ ، قال ابن عبد البر : (( لا يصح ذلك عن مالك )) . التمهيد 12/66 .(6/4)
معمر بن راشد (1) ، وهو ثقة ثبت فاضل (2) .
عبيد الله بن عمر العمري (3) ، وهو ثقة ثبت (4) .
يونس بن يزيد الأيلي (5) ، وهو ثقة أحد الأثبات (6) .
سفيان بن عيينة (7) ، وهو ثقة حافظ فقيه إمام حجة (8) .
عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (9) ، وهو ثقة (10) .
محمد بن الوليد الزبيدي (11) ، وهو ثقة ثبت (12) .
بكر بن وائل (13) ، وهو صدوق (14) .
فهؤلاء جميعهم رووه عن الزهري ، عن عائشة منقطعاً ، وروايتهم هذه هي المحفوظة ، وهي تخالف رواية من رواه متصلاً . وهذا يدلل أن المحدّثين ليس لهم في مثل هذا حكم مطرد ، بل مرجع ذلك إلى القرائن والترجيحات المحيطة بالرواية .
__________
(1) عند : عبد الرزاق ( 7790 ) ، وإسحاق بن راهويه ( 659 ) ، والنسائي في الكبرى ( 3296 ) .
(2) التقريب ( 6809 ) .
(3) عند النسائي في الكبرى ( 3297 ) .
(4) التقريب ( 4324 ) .
(5) عند البيهقي 4/279 .
(6) الكاشف 2/404 .
(7) عند : إسحاق بن راهويه ( 659 ) ، والبيهقي 4/280 .
(8) التقريب ( 2451 ) .
(9) عند : الشافعي في مسنده (636) بتحقيقنا ، وعبد الرزاق (7791) ، وإسحاق بن راهويه (885) ، والطحاوي في شرح المعاني 2/109 ، والبيهقي 4/280 ، وابن عبد البر في التمهيد 12/69 .
(10) التقريب ( 4193 ) .
(11) ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/279 .
(12) التقريب ( 6372 ) .
(13) ذكر هذا الطريق البيهقي في السنن الكبرى 4/279 .
(14) التقريب ( 752 ) .(6/5)
وللحديث طريق أخرى (1) ، فقد أخرجه النسائي (2) ، والطحاوي (3) ، وابن حبان (4) ، وابن حزم في المحلى (5) ، من طريق جرير بن حازم ، عن يحيى بن سعيد الأنصاري ، عن عمرة (6) ، عن عائشة .
هكذا الرواية وظاهرها الصحة ، إلا أن جهابذة المحدّثين قَدْ عدوها غلطاً من
جرير بن حازم ، خطّأه في هذا أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، والبيهقي (7) ، قال البيهقي : (( والمحفوظ عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري ، عن عائشة ، مرسلاً )) (8) .
ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن منصور الرمادي(9) قال: قلت لعلي بن المديني: يا أبا الحسن تحفظ عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : أصبحت أنا وحفصة صائمتين. فقال لي: من روى هذا ؟ قلت: ابن وهب ، عن جرير بن حازم ، عن يحيى بن سعيد . قال : فضحك ، فقال : مثلك يقول هذا ! ، حدثنا : حماد بن زيد ، عن يحيى بن سعيد ، عن الزهري : أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين .
وقد أشار النسائي كذلك إلى خطأ جرير (10) .
فهؤلاء أربعة من أئمة الحديث أشاروا إلى خطأ جرير بن حازم في هذا الحديث ، وعدم إقامته لإسناده .
__________
(1) الطريق يذكر ويؤنث ، انظر القصيدة الموشحة لالاسماء المؤنثة السماعية 116.
(2) في السنن الكبرى ( 3299 ) .
(3) شرح معاني الآثار 2/109 .
(4) صحيح ابن حبان ( 3516 ) ، وفي طبعة الرسالة ( 3517 ) .
(5) المحلى 6/270 .
(6) هي : عمرة بنت عبد الرحمان بن سعد بن زرارة الأنصارية ، مدنية أكثرت عن عائشة ، ( ثقة ) .
التقريب ( 8643 ) .
(7) السنن الكبرى 4/281 .
(8) المصدر السابق .
(9) هُوَ أحمد بن مَنْصُوْر بن سيار البغدادي الرمادي أبو بكر : ثقة ، توفي سنة ( 265 ه ) .
تهذيب الكمال 1/83 ( 110 ) ، والعبر 2/36 ، والتقريب ( 113 ) .
(10) انظر : تحفة الأشراف 11/873 ( 17945 ) .(6/6)
ولم يرتض ابن حزم هذه التخطئة، وأجاب عن ذلك فقال: (( لم يتحقق علينا قول من قال أن جرير بن حازم أخطأ في هذا الخبر إلا أن هذا ليس بشيء ؛ لأن جريراً ثقة، ودعوى الخطأ باطل إلا أن يقيم المدعي له برهاناً على صحة دعواه ، وليس انفراد جرير بإسناده علة ؛ لأنه ثقة )) (1) .
ويجاب عن كلام ابن حزم : بأن ليس كل ما رواه الثقة صحيحاً ، بل يكون فيه الصحيح وغير ذلك؛ لذا فإن الشذوذ والعلة إنما يكونان في حديث الثقة ؛ فالعلة إذن هي معرفة الخطأ في أحاديث الثقات ، ثم إن اطباق أربعة من أئمة الحديث على خطأ جرير ، لم يكن أمراً اعتباطياً ، وإنما قالوا هذا بعد النظر الثاقب والتفتيش والموازنة والمقارنة . أما إقامة الدليل على كل حكم في إعلال الأحاديث، فهذا ربما لا يستطيع الجهبذ الناقد أن يعبر عنه إنما هو شيء ينقدح في نفسه تعجز عبارته عنه (2) .
ثم إن التفرد ليس علة كما سبق أن فصلنا القول فيه في مبحث التفرد ، وإنما هو مُلقٍ لِلضوءِ على العِلّة ومواقع الخلل وكوامن الخطأ ، ثم إنا وجدنا الدليل على خطأ جرير ابن حازم ، إذ قَدْ خالفه الإمام الثقة الثبت حماد بن زيد (3) ، فرواه عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمرة (4) .
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه الطبراني (5) من طريق : يعقوب بن مُحَمَّد الزهري ، قال : حدثنا هشام بن عبد الله بن عكرمة بن عبد الرحمان ، عن الحارث بن هشام ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة .
__________
(1) المحلى 6/270 .
(2) انظر : معرفة علوم الحديث : 112-113 .
(3) هو حماد بن زيد بن درهم الأزدي ، الجهضمي ، أبو إسماعيل البصري ، ( ثقة ، ثبت ، فقيه ) ، أخرج لَهُ أصحاب الكتب الستة . التقريب ( 1499 ) .
(4) عند الطحاوي في شرح المعاني 2/109 ، والبيهقي 4/281 .
(5) المعجم الأوسط ( 7388 ) طبعة الطحان و ( 7392 ) الطبعة العلمية .(6/7)
قال الطبراني عقب روايته له : (( لم يرو هذا الحديث عن هشام بن عروة إلا هشام ابن عكرمة . تفرد به يعقوب بن مُحَمَّد الزهري )) .
قلت : هذه الرواية ضعيفة لا تصلح للمتابعة ، إذ فيها علتان :
الأولى : يعقوب بن مُحَمَّد الزهري ، فيه كلام ليس باليسير ، فقد قال فيه الإمام أحمد : (( ليس بشيء )) ، وَقَالَ مرة : (( لا يساوي حديثه شيئاً )) ، وَقَالَ الساجي :
(( منكر الحديث )) (1) .
والثانية : هشام بن عبد الله بن عكرمة،قال ابن حبان: ((ينفرد عن هشام بن عروة بما لا أصل له من حديثه –كأنه هشام آخر–،لا يعجبني الاحتجاج بخبره إذا انفرد ))(2).
وللحديث طريق أخرى ، فقد أخرجه ابن أبي شيبة (3) من طريق خصيف بن
عبد الرحمان ، عن سعيد بن جبير : أن عائشة وحفصة … الحديث . وهو طريق ضعيف لضعف خصيف بن عبد الرحمان ، فقد ضعّفه الإمام أحمد ، وأبو حاتم ، ويحيى القطان ، على أن بعضهم قَدْ قواه (4) .
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه البزار (5) ، والطبراني (6) من طريق حماد بن الوليد ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر … الحديث . وهو طريق
__________
(1) ميزان الاعتدال 4/454 .
(2) المجروحين 2/429 ( 1156 ) . وانظر : ميزان الاعتدال 4/300 .
(3) المصنف ( 9092 ) .
(4) ميزان الاعتدال 1/653-654 .
اضطرب فيه فقد أخرجه النسائي في الكبرى (3301) عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن عائشة وحفصة … ؛ لذا قال النسائي : (( هذا الحديث منكر ، وخصيف ضعيف في الحديث ، وخطّاب لا علم لي ، به )) .
ملاحظة : قول النسائي في هذا جاء مبتوراً في المطبوع من الكبرى ، وهو بتمامه في تحفة الأشراف 4/565 (6071 ) .
(5) كما في مجمع الزوائد 3/202 .
(6) المعجم الأوسط ( 5391 ) طبعة الطحان ، ( 5395 ) الطبعة العلمية ، وسقط من طبعة الطحان ذَكَرَ حماد بن الوليد واستدركته من الطبعة العلمية ومجمع البحرين .(6/8)
ضعيف ، قال الهيثمي : (( فيه حماد بن الوليد ضعفه الأئمة )) (1) .
وللحديث طريق أخرى فقد أخرجه العقيلي(2)، والطبراني(3) من طريق مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي ، عن مُحَمَّد بن عمرو(4) ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، قال : أهديت لعائشة وحفصة … الحديث. وهو طريق ضعيف، قال الهيثمي: (( فيه مُحَمَّد بن أبي سلمة المكي ، وقد ضُعِّفَ بهذا الحديث )) (5) .
خلاصة القول : إن الحديث لم يصح متصلاً ولم تتوفر فيه شروط الصحة ؛ فهو حديث ضعيف لانقطاعه ؛ ولضعف طرقه الأخرى (6) .
أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء ( حكم من أفطر في صيام التطوع )
__________
(1) مجمع الزوائد 3/202 .
(2) الضعفاء ، للعقيلي 4/79 .
(3) في الأوسط ( 8008 ) طبعة الطحان و ( 8012 ) الطبعة العلمية .
(4) هُوَ مُحَمَّد بن عَمْرو بن علقمة بن وقاص الليثي المدني: صدوق لَهُ أوهام ، توفي سنة (144 ه) ، وَقِيْلَ : ( 145 ه ) .
تهذيب الكمال 6/459 و460 (6104)، وميزان الاعتدال 3/673 (8015)، والتقريب (6188).
(5) مجمع الزوائد 3/202 .
(6) هنا مسألة أود التنبيه عليها ، وهو أنه قَدْ يتبادر إلى أذهان بعض الناس أنّ هذا الحديث ربما يتقوى بكثرة الطرق ، والجواب عن هذا :
بأن ليس كل ضعيف يتقوى بمجيئه من طريق آخر ، فالعلل الظاهرة ؛ وَهِيَ الَّتِي سببها انقطاع في السند ، أو ضعف في الرَّاوِي ، أو تدليس ، أو اختلاط تتفاوت ما بَيْنَ الضعف الشديد والضعف اليسير ، فما كَانَ يسيراً زال بمجيئه من طريق آخر مثله أو أحسن مِنْهُ ، وما كَانَ ضعفه شديداً فَلاَ تنفعه كثرة الطرق . وبيان ذَلِكَ : أن ما كَانَ ضعفه بسبب سوء الحفظ أو اختلاطٍ أو تدليسٍ أو انقطاع يسير فالضعف هنا يزول بالمتابعات والطرق ، وما كَانَ انقطاعه شديداً أو كَانَ هناك قدحٌ في عدالة الراوي فلا يزول . وانظر في ذلك بحثاً موسعاً في : " أثر علل الحديث في اختلاف الفقهاء " : 34-43 .(6/9)
وما دمنا قَدْ تكلمنا بإسهاب عن حديث الزهري متصلاً ومنقطعاً ، وذكرنا طرقه وشواهده ، وبيّنا ما يكمن فيها من ضعف وخلل ، فسأتكلم عن أثر هذا الحديث في اختلاف الفقهاء ، فأقول : من شَرَعَ في صوم تطوع ، أو صلاة تطوع ولم يتم نفله ، هل يجب عليه القضاء أم لا ؟
اختلف الفقهاء في ذلك على ثلاثة أقوال :
القول الأول :
ذهب بعض العلماء إلى أن النفل يجب على المكلف بالشروع فيه ، فإذا أبطل وجب عليه قضاؤه صوماً كان أم صلاةً أم غيرهما .
وهو مروي عن : ابن عباس (1) ، وإبراهيم النخعي (2) ، والحسن البصري (3) ، وأنس(4) بن سيرين (5) ، وعطاء (6) ، ومجاهد (7) ، والثوري (8) ، وأبي ثور (9) .
وهو مذهب الحنفية (10) ، والمالكية (11)، والظاهرية (12) .
والحجة لهذا المذهب :
__________
(1) المصنف ، لابن أبي شيبة ( 9094 ) ، والسنن الكبرى ، للبيهقي 4/281 .
(2) المصنف لعبد الرزاق ( 7788 ) .
(3) المصنف لعبد الرزاق ( 7789 ) ، والمصنف ، لابن أبي شيبة ( 9096 ) .
(4) هُوَ أنس بن سيرين الأنصاري ، أبو موسى ، وَقِيْلَ : أبو حمزة ، وَقِيْلَ أبو عَبْد الله البصري : ثقة ، توفي سنة ( 118 ه ) .
الثقات 8/48 ، وتهذيب الكمال 1/287 ( 557 ) ، والتقريب ( 563 ) .
(5) المصنف ، لابن أبي شيبة ( 9093 ) .
(6) المصنف ، لابن أبي شيبة ( 9097 ) .
(7) المصنف ، لابن أبي شيبة ( 9097 ) .
(8) الاستذكار 3/238 ، إلا أنه قال بالاستحباب لا الوجوب .
(9) الاستذكار 3/238 ، والتمهيد 12/72 .
(10) بدائع الصنائع 2/102 ، وحاشية رد المحتار 2/430 ، وتبيين الحقائق 1/337 ، والاختيار 1/135 .
(11) الموطأ ( 849 ) و ( 850 ) رواية الليثي ، وبداية المجتهد 1/227 ، والقوانين الفقهية : 120 ، وأسهل المدارك 1/431 ، وشرح منح الجليل 1/400 .
(12) المحلى 6/268 .(6/10)
قوله تَعَالَى : { وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ } (1) : قال الجصاص الحنفي : (( يحتج به في أن كل من دخل في قربة لا يجوز له الخروج منها قبل إتمامها ؛ لما فيه من إبطال عمله نحو الصلاة والصوم والحج وغيره )) (2) .
وللشافعي جواب عن هذا فقال : (( المراد بذلك إبطال ثواب العمل المفروض ، فنهي الرجل عن إحباط ثوابه . فأما ما كان نفلاً فلا ؛ لأنه ليس واجباً عليه ، فإن زعموا أن اللفظ عام فالعام يجوز تخصيصه ، ووجه تخصيصه أن النفل تطوع ، والتطوع يقتضي تخييراً )) (3) .
جعلوا عمدة قولهم حديث الزهري السابق ، وكأنهم رجحوا الاتصال على الانقطاع ، أو أخذوا بالحديث لما له من طرق ، وجعل ابن حزم الظاهري عمدة قوله حديث جرير بن حازم ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة . ودافع عن زيادة جرير(4) . وقد تقدم الكلام بأن جريراً مخطئٌ في حديثه ، وقد ذكرنا كلام ابن حزم وأجبنا عنه .
القول الثاني :
ذهب فريق من الفقهاء إلى استحباب الإتمام ولا قضاء عليه ، وهو مذهب أكثر أهل العلم، وهو مروي عن : علي (5) ، وعبد الله بن مسعود (6) ، وعبد الله بن عمر (7) ،
__________
(1) محمد : 33 .
(2) أحكام القرآن 3/393 .
(3) الجامع لأحكام القرآن 7/6075 .
(4) المحلى 6/270-271 .
(5) مصنف عبد الرزاق ( 7772 ) ، وانظر : الحاوي الكبير 3/336 .
(6) مصنف عبد الرزاق (7784) ، ومصنف ابن أبي شيبة (9084) ، والسنن الكبرى ، للبيهقي 4/277 ، وانظر : الحاوي 3/336 .
(7) مصنف ابن أبي شيبة (9088) ، والسنن الكبرى ، للبيهقي 4/277 ، والمحلى 6/270 ، وانظر : الحاوي الكبير 3/336 .(6/11)
وابن عباس (1) ، وجابر بن عبد الله (2) .
وإبراهيم النخعي (3) ، ومجاهد (4) ، والثوري (5) ، وإسحاق (6) .
وهو مذهب الشافعية (7) ، والحنابلة (8) .
والحجة لهم : وهو أن حديث الزهري لم يصح ، فهو ضعيف منقطع ، ولم يروا الآية دليلاً لذلك ، فقد احتجوا بجملة من الأحاديث ، منها :
حديث عائشة بنت طلحة (9)
__________
(1) عند عبد الرزاق في المصنف ( 7767 ) و ( 7768 ) و ( 7769 ) و ( 7770 ) و ( 7778 ) ، ومصنف ابن أبي شيبة ( 9080 ) ، والسنن الكبرى ، للبيهقي 4/277 . وهي إحدى الروايتين عنه ، وانظر : الحاوي الكبير 3/336 ، والاستذكار 3/239 و 240 .
(2) مصنف عبد الرزاق ( 7771 ) ، والسنن الكبرى ، للبيهقي 4/277 ، والمحلى 6/270 ، وانظر : الاستذكار 3/240 .
(3) مصنف ابن أبي شيبة ( 9085 ) .
(4) مصنف ابن أبي شيبة ( 9086 ) .
(5) انظر : الحاوي الكبير 3/336 ، والمجموع 6/394 .
(6) المصدر نفسه .
(7) انظر : الأم 2/103 ، ومختصر المزني : 59 ، والتهذيب 3/187 ، والمجموع 6/394 ، وروضة الطالبين 2/386 ، ونهاية المحتاج 3/210 .
(8) انظر : المغني 3/89 ، والهادي : 55 ، والمحرر 1/231 ، وشرح الزركشي 2/45 .
ونقل حنبل عن الإمام أحمد : (( إذا أجمع على الصيام ، وأوجب على نفسه فأفطر من غير عذر أعاد
يوماً ، ولكن حمله على الاستحباب أو النذر )) . انظر : المصادر السابقة .
(9) هِيَ أم عمران عَائِشَة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية المدنية : ثقة ، قَالَ أبو زرعة : امرأة جليلة ، حدث الناس عَنْهَا لفضائلها وأدبها .
الثقات 5/289 ، وتهذيب الكمال 8/555 ( 8483 ) ، والتقريب ( 8636 ) .(6/12)
، عن عائشة أم المؤمنين ، قالت : دخل عَلَيَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، فقال : هل عندكم شيءٌ ؟ فقلنا : لا ، قال : فإني إذن صائم . ثم أتانا يوماً آخر ، فقلنا : يا رسول الله ، أهدي لنا حيس (1) ، فقال : أَرينيه ، فلقد أصبحت صائماً ، فأكل )) . رواه مسلم (2) .
عن أبي جحيفة (3) قال : (( آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان(4) وأبي الدرداء ، فزار سلمان
أبا الدرداء ، فرآى أم الدرداء(5)
__________
(1) الحيس : هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن ، وقد يجعل عوض الأقط الدقيق أو الفتيت . وقيل : التمر البرني والأقط يدقان ويعجنان بالسمن عجناً شديداً حتى يندر النوى منه نواة نواة ، ثم يسوى كالثريد. انظر : النهاية 1/467 ، ولسان العرب 6/61 ، وتاج العروس 15/568 مادة (حيس).
(2) صحيح مسلم 3/159 ( 4454 ) ( 169 ) ( 170 ) ، وأخرجه مطولاً ومختصراً غيره . انظر : تخريج رواياتهم في تحقيقي للشمائل ( 182 ) .
(3) الصَّحَابِيّ وهب بن عَبْد الله بن مُسْلِم أبو جحيفة السوائي ، توفي سنة ( 64 ه ) .
أسد الغابة 5/157 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 2/154 ، والإصابة 3/642 .
(4) الصَّحَابِيّ الجليل مولى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - أبو عَبْد الله سلمان الخير الفارسي ، توفي سنة ( 35 ه ) .
معجم الصَّحَابَة 5/2098 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/230 ( 2400 ) ، والإصابة 2/62 .
(5) هِيَ هجيمة أو جهيمة،أم الدرداء الأوصابية الدمشقية، وَهِيَ الصغرى: ثقة فقيهة،توفيت سنة ( 81 ه ).
تهذيب الكمال 8/593 و 594 ( 8569 ) ، وسير أعلام النبلاء 4/277 ، والتقريب ( 8728 ) .(6/13)
متبذلة (1)، فقال لها : ما شأنك ؟ قالت : أخوك أبو الدرداء لَيْسَ لَهُ حاجة في الدنيا . فجاء أبو الدرداء فصنع لَهُ طعاماً ، فَقَالَ : كُلْ ، قَالَ: فإني صائم ، قَالَ: ما أنا بآكل حَتَّى تأكل ، قَالَ: فأكل ، فَلَمَّا كَانَ الليل ذهب أبو الدرداء يقوم ، فَقَالَ : نَمْ ، فنام ، ثُمَّ ذهب يقوم ، فَقَالَ: نَمْ ، فَلَمَّا كَانَ من آخر الليل ، قَالَ سلمان : قم الآن ، فصليا ، فَقَالَ لَهُ سلمان : إن لربك عليك حقاً ، ولنفسك عليك حقاً ، ولأهلك عليك حقاً ، فاعطِ كُلّ ذي حق حقه ، فأتى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فذكر لَهُ ، فَقَالَ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - : (( صدق سلمان )) . أخرجه البُخَارِيّ (2)، والترمذي (3)، وابن خزيمة (4) ، والبيهقي (5) .
فهذه أحاديث صحيحة أجازت لصائم النفل الإفطار ، ولم تأمره بقضاء .
حديث أم هانئ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الصائم المتطوع أمين نفسه ، إن شاء صام وإن شاء أفطر )). أخرجه الإمام أحمد (6)، والترمذي (7)، والنسائي (8)، والدارقطني (9)،
والبيهقي (10) . قال الترمذي : (( في إسناده مقال )) (11) .
القول الثالث :
__________
(1) التبذل: ترك التزين والتهيؤ بالهيأة الحسنة الجميلة. انظر: النهاية 1/111، ولسان العرب 11/50(بذل).
(2) صحيح البخاري 3/49 ( 1968 ) و 8/40 ( 6139 ) .
(3) جامع الترمذي ( 2413 ) .
(4) صحيح ابن خزيمة ( 2144 ) .
(5) في السنن الكبرى 4/275-276 .
(6) في مسنده 6/341 و 343 .
(7) جامع الترمذي ( 732 ) .
(8) السنن الكبرى ( 3302 ) و ( 3303 ) .
(9) سنن الدارقطني 2/175 .
(10) السنن الكبرى 4/276 .
(11) جامع الترمذي عقيب ( 732 ) .(6/14)
التفصيل وهو مذهب المالكية ، قالوا : إن أفطر بعذر جاز ، وإن أفطر بغير عذر لزمه القضاء (1) .
__________
(1) انظر : المدونة 1/25 ، والاستذكار 3/238 ، والبيان والتحصيل 2/342 ، وبداية المجتهد 1/227 ، والمنتقى 2/68 ، وشرح منح الجليل 1/412 .(6/15)
تعارض الوقف و الرفع
الوقف: مَصْدَر للفعل وقف وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول ، أي مَوْقُوْف (1) .
والمَوْقُوْف : هُوَ مَا يروى عن الصَّحَابَة - رضي الله عنهم - من أقوالهم ، أو أفعالهم ونحوها فيوقف عَلَيْهِمْ وَلاَ يتجاوز بِهِ إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم -.(2)
والرَّفْع : مَصْدَر للفعل رَفَعَ ، وَهُوَ مَصْدَر بمعنى المفعول ، أي : مَرْفُوْع(3) ، والمَرْفُوْع : هُوَ مَا أضيف إلى رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - خَاصَّة (4)
__________
(1) انظر: لسان العرب 9/360 (وقف) .
(2) انظر في الموقوف :
مَعْرِفَة علوم الحَدِيْث:19 ، والكفاية (58 ت ، 21ه) ، والتمهيد 1/25 ، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 41-42،و117 طبعتنا، والإرشاد 1/158 ، و التقريب: 51 ، 95 طبعتنا ، و الاقتراح 194 ، و المنهل الروي:40 ،و الخلاصة:64،و الموقظة : 41 ، و اختصار علوم الحَدِيْث: 45 ، و المقنع 1/114 ، وشرح التبصرة و التذكرة 1/123،و1/184 طبعتنا، ونزهة النظر:154،و المختصر: 145،وفتح المغيث 1/103، وألفية السيوطي 21 ، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي 146 ، وفتح الباقي 1/123 ، 1/177 طبعتنا ، وتوضيح الأفكار 1/261 ، وظفر الأماني: 325 ، وقواعد التحديث: 130 .
(3) انظر : مقاييس اللغة 2/423 ، مادة ( رفع ) .
(4) انظر: في المَرْفُوْع :
الكفاية (58ت ، 21ه) ، و التمهيد 1/25 ، ومعرفة أنواع علم الحَدِيْث: 117 طبعتنا وإرشاد طلاب الحقائق 1/157 ، و التقريب 50 ، و 94 طبعتنا ، و الاقتراح: 195 ، و المنهل الروي: 40 ،
والخلاصة :46 ، والموقظة: 41 ، و اختصار علوم الحَدِيْث: 45 ، و المقنع 1/113 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/116 ، و1/181 طبعتنا ، ونزهة النظر: 140 ، و المختصر: 119 ، وفتح المغيث 1/98 ، و ألفية السيوطي: 21 ، وشرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي: 143 ، وفتح الباقي 1/116 ، و1/171 طبعتنا ، وتوضيح الأفكار 1/254 ، وظفر الأماني: 227 ، وقواعد التحديث 123 .(7/1)
.
والاختلاف في بَعْض الأحاديث رفعاً ووقفاً أمرٌ طبيعي ، وجد في كثيرٍ من الأحاديث ، و الحَدِيْث الواحد الَّذِي يختلف بِهِ هكذا محل نظر عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ ، وَهُوَ أن المُحَدِّثِيْنَ إذا وجدوا حديثاً روي مرفوعاً إلى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، ثُمَّ نجد الحَدِيْث عينه قَدْ روي عن الصَّحَابيّ نفسه موقوفاً عَلَيْهِ ، فهنا يقف النقاد أزاء ذَلِكَ؛ لاحتمال كون المَرْفُوْع خطأً
من بَعْض الرواة و الصَّوَاب الوقف ، أو لاحتمال كون الوقف خطأ و الصَّوَاب الرفع ؛ إذ إن الرفع علة للموقوف و الوقف علة للمرفوع . فإذا حصل مِثْل هَذَا في حَدِيث ما ، فإنه يَكُون محل نظر وخلاف عِنْدَ العُلَمَاء وخلاصة أقوالهم فِيْمَا يأتي:
... إذا كَانَ السَّنَد نظيفاً خالياً من بقية العلل ؛ فإنّ للعلماء فِيهِ الأقوال الآتية :
القَوْل الأول : يحكم للحديث بالرفع
لأن راويه مثبت وغيره ساكت، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي ؛ لأَنَّهُ علم ما خفي ، وَقَدْ عدوا ذَلِكَ أيضاً من قبيل زيادة الثِّقَة، وَهُوَ قَوْل كَثِيْر من المُحَدِّثِيْنَ ، وَهُوَ قَوْل أكثر أهل الفقه و الأصول(1)، قَالَ العراقي: (( الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أن الرَّاوِي إذا رَوَى الحَدِيْث مرفوعاً وموقوفاً فالحكم للرفع ، لأن مَعَهُ في حالة الرفع زيادة ، هَذَا هُوَ المرجح عِنْدَ أهل الحَدِيْث )) (2) .
القَوْل الثَّانِي: الحكم للوقف(3) .
القَوْل الثَّالِث : التفصيل
__________
(1) شرح التبصرة و التذكرة 1/177 ، و 1/233 طبعتنا ، ومقدمة جامع الأصول 1/170 ،
وفتح المغيث 1/194 ، و المحصول 2/229-230 ، و الكفاية (588ت-417ه) ، شرح ألفية
السيوطي 29 .
(2) فتح المغيث 1/168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد عُثْمَان ، و 1/195 ط عويضة .
(3) مقدمة جامع الأصول 1/170 ، فتح المغيث 1/194 ، شرح ألفية السيوطي : 29 .(7/2)
فالرفع زيادة ، و الزيادة من الثِّقَة مقبولة ، إلا أن يوقفه الأكثر ويرفعه واحد ، لظاهر غلطه (1) .
... والترجيح برواية الأكثر هُوَ الذي عَلَيْهِ العَمَل عِنْدَ المُحَدِّثِيْنَ؛ لأن رِوَايَة الجمع إذا كانوا ثقات أتقن وأحسن و أصح و أقرب للصواب ؛ لذا قَالَ ابن المبارك : (( الحفاظ عن ابن شهاب ثلاثةٌ : مَالِك ومعمر و ابن عيينة ، فإذا اجتمع اثنان عَلَى قولٍ أخذنا بِهِ ، وتركنا قَوْل الآخر )) (2) .
... قَالَ العلائي : (( إن الجماعة إذا اختلفوا في إسناد حَدِيث كَانَ القَوْل فِيْهِمْ للأكثر عدداً أو للأحفظ و الأتقن... ويترجح هَذَا أيضاً من جهة المَعْنَى ، بأن مدار قبول خبر الواحد عَلَى غلبة الظن ، وعند الاختلاف فِيْمَا هُوَ مقتضى لصحة الحَدِيْث أو لتعليله ، يرجع إلى قَوْل الأكثر عدداً لبعدهم عن الغلط و السهو ، وَذَلِكَ عِنْدَ التساوي في الحفظ والإتقان . فإن تفارقوا واستوى العدد فإلى قَوْل الأحفظ و الأكثر إتقاناً ، وهذه قاعدة متفق عَلَى العَمَل بِهَا عِنْدَ أهل الحَدِيْث )) (3) .
__________
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/179 ، 1/233 طبعتنا ، وفتح المغيث 1/195، وشرح ألفية السيوطي:29.
(2) نقله عَنْهُ النَّسَائِيّ في السُّنَن الكبرى 1/632 عقيب (2072) ، ونقله عَنْهُ العلائي في نظم الفرائد:
367 بلفظ : (( حُفَّاظ علم الزُّهْرِيّ ثلاثة: مَالِك ومعمر وابن عيينة ، فإذا اختلفوا أخذنا بقول رجلين مِنْهُمْ )) .
(3) نظم الفرائد : 367 .(7/3)
القَوْل الرابع : يحمل المَوْقُوْف عَلَى مَذْهَب الرَّاوِي ، و المُسْنَد عَلَى أَنَّهُ روايته فَلاَ تعارض(1). وَقَدْ رجح الإمام النَّوَوِيّ من هذِهِ الأقوال القَوْل الأول(2) ، ومشى عَلَيْهِ في تصانيفه ، و أكثر من القَوْل بِهِ .
والذي ظهر لي – من صنيع جهابذة المُحَدِّثِيْنَ ونقادهم – : أنهم لا يحكمون عَلَى الحَدِيْث الَّذِي اختلف فِيهِ عَلَى هَذَا النحو أول وهلة ، بَلْ يوازنون ويقارنون ثُمَّ يحكمون عَلَى الحَدِيْث بما يليق بِهِ ، فَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة المرفوعة ، وَقَدْ يرجحون الرِّوَايَة الموقوفة ، عَلَى حسب المرجحات والقرائن المحيطة بالروايات ؛ فعلى هَذَا فإن حكم المُحَدِّثِيْنَ في مِثْل هَذَا لا يندرج تَحْتَ قاعدة كلية مطردة تقع تحتها جَمِيْع الأحاديث ؛ لِذلِكَ فإن مَا أطلق الإمام النَّوَوِيّ ترجيحه يمكن أن يَكُون مقيداً عَلَى النحو الآتي :
الحكم للرفع - لأن راويه مثبت وغيره ساكت ، وَلَوْ كَانَ نافياً فالمثبت مقدم عَلَى النافي ؛ لأَنَّهُ علم مَا خفي - ، إلا إذَا قام لدى الناقد دليل أو ظهرت قرائن يترجح معها الوقف .
وسأسوق أمثلة لأحاديث اختلف في رفعها ووقفها متفرعة عَلَى حسب ترجيحات المُحَدِّثِيْنَ .
فمثال مَا اختلف في رفعه ووقفه وكانت كلتا الرِّوَايَتَيْنِ صَحِيْحَة :
حَدِيث عَلِيٍّ - رضي الله عنه - : (( ينضح من بول الغلام ، ويغسل بول الجارية )). قَالَ الإمام
التِّرْمِذِي : (( رفع هشام الدستوائي هَذَا الحَدِيْث عن قتادة وأوقفه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، وَلَمْ يرفعه )) (3) .
__________
(1) فتح المغيث 1/168 ط عَبْد الرحمان مُحَمَّد ، و 1/195 ط عويضة .
(2) مقدمة شرح النَّوَوِيّ عَلَى صَحِيْح مُسْلِم 1/25 ، و التقريب : 62-63 ، و 107-108 طبعتنا ، والإرشاد 1/202 .
(3) جامع التِّرْمِذِي عقب حَدِيث ( 610 ) .(7/4)
وَقَالَ الحافظ ابن حجر : (( إسناده صَحِيْح إلا أَنَّهُ اختلف في رفعه ووقفه ، وَفِي وصله وإرساله ، وَقَدْ رجح البُخَارِيّ صحته وكذا الدَّارَقُطْنِيّ )) (1) .
والرواية المرفوعة : رواها معاذ بن هشام (2)، قَالَ: حَدَّثَني أبي(3)، عن
قتادة ، عن أبي حرب بن أبي الأسود (4) ، عن أبيه (5) ، عن عَلِيّ بن أبي طالب ،
__________
(1) التلخيص الحبير طبعة العلمية 1/187 ، وطبعة شعبان 1/50 .
(2) هُوَ معاذ بن هشام بن أبي عَبْد الله الدستوائي ، البصري ، وَقَدْ سكن اليمن ، ( صدوق رُبَّمَا وهم ) ، مات سنة مئتين ، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة . التقريب ( 6742 ) .
(3) هُوَ هشام بن أبي عَبْد الله :سَنْبَر – بمهملة ثُمَّ نون موحدة ، وزن جَعْفَر – ، أبو بَكْر البصري الدستوائي ، ( ثِقَة ، ثبت )، مات سنة مئة وأربع وخمسين ، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة.الطبقات لابن سعد 7/279-280 ، وتذكرة الحفاظ 1/164 ، والتقريب (7299).
(4) هُوَ أبو حرب بن أبي الأسود الديلي ، البصري ، ( ثِقَة ) ، قِيلَ : اسمه محجن ، وَقِيلَ : عطاء ، مات سنة ثمان ومئة ، أخرج حديثه مُسْلِم وأصحاب السُّنَن الأربعة . التقريب ( 8042 ) .
(5) هُوَ أَبُو الأسود الديلي – بكسر المُهْمَلَة وسكون التحتانية – ، ويقال : الدؤلي 0 بالضم بعدها
همزة مفتوحة – ، البصري ، اسمه : ظالم بن عَمْرو بن سُفْيَان ، ويقال : عَمْرو بن ظالم ، ويقال : بالتصغير فِيْهِمَا ، ويقال : عَمْرو بن عُثْمَان ، أو عُثْمَان بن عَمْرو : ( ثِقَة ، فاضل ، مخضرم ) ، مات سنة تسع وستين ، أخرج حديثه أصحاب الكُتُب الستة . التقريب ( 7940 ) .(7/5)
مرفوعاً (1) .
قَالَ البزار : (( هَذَا الحَدِيْث لا نعلمه يروى عن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، إلا من هَذَا الوجه بهذا الإسناد ، وإنما أسنده معاذ بن هشام ، عن أبيه ، وَقَدْ رَواهُ غَيْر معاذ بن هشام ، عن قتادة، عن أبي حرب ، عن أبيه ، عن عَلِيّ ، موقوفاً )) (2) .
أقول : إطلاق البزار في حكمه عَلَى تفرد معاذ بن هشام بالرفع غَيْر صَحِيْح إِذْ إن معاذاً قَدْ توبع عَلَى ذَلِكَ تابعه عَبْد الصمد بن عَبْد الوارث (3) عِنْدَ أحمد (4) ،
والدارقطني (5) ، لذا فإن قَوْل الدَّارَقُطْنِيّ كَانَ أدق حِيْنَ قَالَ : (( يرويه قتادة ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه ، رفعه هشام بن أبي عَبْد الله من رِوَايَة ابنه معاذ وعبدالصمد بن عَبْد الوارث ، عن هشام ، ووقفه غيرهما عن هشام )) (6)
__________
(1) هذِهِ الرِّوَايَة أخرجها : أحمد 1/ 97 و 137 ، وأبو دَاوُد ( 378 ) ، وابن ماجه ( 525 ) ، والترمذي ( 610 ) ، وَفِي علله الكبير ( 38 ) ، والبزار ( 717 ) ، وأبو يعلى ( 307 ) ، وابن خزيمة ( 284 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/92 ، وابن حبان ( 1372 ) ، وطبعة الرسالة ( 1375 ) ، والدارقطني 1/129 ، والحاكم 1/165-166 ، والبيهقي 2/415 ، والبغوي ( 296 ) .
(2) البحر الزخار 2/295 .
(3) هو أبو سهل التميمي العنبري عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد ، توفي سنة ( 207 ه ) .
الطبقات الكبرى 7/300 ، وسير أعلام النبلاء 9/516 ، وشذرات الذهب 2/17 .
(4) المُسْنَد 1/76 .
(5) السُّنَن 1/129 ؟
(6) علل الدَّارَقُطْنِيّ 4/184-185 س ( 495 ) .
تنبيه : مَا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ من أن غَيْر معاذ وعبد الصمد روياه عن هشام موقوفاً فإني لَمْ أجد هَذَا في شيء من كتب الحَدِيْث ، ولعله وهمٌ من الدَّارَقُطْنِيّ يفسر ذَلِكَ قوله في السُّنَن 1/129 لما ساق رِوَايَة معاذ : ((تابعه عَبْد الصمد ، عن هشام ، ووقفه ابن أبي عروبة ، عن قتادة )) . فلو كَانَتْ ثمة مخالفة قريبة لما ذهب إلى رِوَايَة ابن أبي عروبة ، والله أعلم .(7/6)
.
والرواية الموقوفة : رواها يَحْيَى بن سعيد ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أبي حرب بن أبي الأسود ، عن أبيه ، عن عَلِيّ ، فذكره موقوفاً (1) .
فالرواية الموقوفة إسنادها صَحِيْح عَلَى أن الحَدِيْث مرفوعٌ صححه جهابذة المُحَدِّثِيْنَ: البُخَارِيّ والدارقطني - كَمَا سبق - وابن خزيمة (2) ، وابن حبان (3) ، والحاكم(4) - وَلَمْ يتعقبه الذهبي – ، ونقل صاحب عون المعبود عن المنذري(5) قَالَ : (( قَالَ البُخَارِيّ : سعيد بن أبي عروبة لا يرفعه وهشام يرفعه ، وَهُوَ حافظ )) (6) .
__________
(1) وهذه الرِّوَايَة الموقوفة أخرجها عَبْد الرزاق ( 1488 ) ، وابن أبي شَيْبَة ( 1292 ) ، وأبو دَاوُد ( 377)، والبيهقي 2/415 .
(2) صَحِيْح ابن خزيمة ( 284 ) ، عَلَى أَنَّهُ لَمْ يحكم عَلَيْهِ بلفظه ، إلا انا قلنا ذَلِكَ عَنْهُ لالتزامه الصحة في كتابه قَالَ العماد بن كَثِيْر في اختصار علوم الحَدِيْث : 27 ، وطبعة العاصمة 1/109 : (( وكتب أخر التزم أصحابها صحتها كابن خزيمة ، وابن حبان )) . وَقَالَ الحافظ ابن حجر في نكته عَلَى كِتَاب ابن
الصَّلاح 1/291 : (( حكم الأحاديث الَّتِي في كِتَاب ابن خزيمة وابن حبان صلاحية الاحتجاج بِهَا )) . عَلَى أن الكِتَاب فِيهِ بَعْض مَا انتقد عَلَيْهِ .
(3) صحيحه ( 1372 ) ، وطبعة الرسالة ( 1375 ) ، وانظر الهامش السابق .
(4) المستدرك 1/165-166 .
(5) هو أبو مُحَمَّد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري الشامي الأصل ، ولد سنة ( 581 ه ) ، من مصنفاته " المعجم " ، واختصر " صحيح مسلم " و " سنن أبي داود " ، توفي سنة ( 656ه ) .
سير أعلام النبلاء 23/319 و 320 ، والعبر 5/232 ، وتذكرة الحفاظ 4/1436 .
(6) عون المعبود 1/145 .(7/7)
أقول : هكذا صَحّح الأئمة رفع هَذَا الحَدِيْث ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَحَّ موقوفاً أيضاً ؛ وهذا يدل عَلَى أن الحَدِيْث إذا صَحَّ رفعه ، ووقفه ، فإن الحكم عندهم للرفع ، وَلاَ تضر الرِّوَايَة الموقوفة إلا إذا قامت قرائن تدل عَلَى أن الرفع خطأ .(7/8)
رابع عشر : ( ص 32 ) : قالا : (( هذا الموقف المضطرب من توثيق ابن حبان والعجلي وابن سعد وأضرابهم ، والذي يمكن تقديم عشرات الأمثلة عليه لا يمكن إحالته على سبب من الأسباب ، سوى الابتعاد عن المنهج وخلو الكتاب منه ، ومثله مثل مئات التراجم التي لم يحررها تحريراً جيداً ، بحيث ضعَّف ثقات ، ووثق ضعفاء ، وقبل مجاهيل ، واستعمل عبارات غير دقيقة في المختلف فيهم مما سيجده القارئ الباحث في مئات الانتقادات والتعقبات التي أثبتناها في " تحرير أحكام التقريب " )) .
أما القاعدة الصحيحة في الموقف من توثيق ابن حبان ، فهي كما يلي :
1- ما ذكره في كتابه " الثقات " وتفرد بالرواية عنه واحد – سواء أكان ثقة أم غير ثقة – ولم يذكر لفظاً يفهم منه توثيقه ، ولم يوثقه غيره ، فهو يعد مجهول العين ، وهي القاعدة التي سار عليها ابن القطان الفاسي وشمس الدين الذهبي ، ولهما فيها سلف عند الجهابذة ، فقد قال علي ابن المديني في جري بن كليب السدوسي البصري : (( مجهول لا أعلم روى عنه غير قتادة )) ، وقال في جعفر بن يحيى بن ثوبان : (( شيخ مجهول لم يرو عنه غير أبي عاصم ( الضحاك بن مخلد النبيل ) )) ، وقال أبو حاتم الرازي في حاضر بن المهاجر الباهلي : (( مجهول )) مع أن شعبة بن الحجاج روى عنه .
2- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه اثنان ، فهو مجهول الحال .
3- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه ثلاثة ، فهو مقبول في المتابعات والشواهد .
4- إذا ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " وروى عنه أربعة فأكثر ، فهو صدوق حسن الحديث .
5 - إذا صرح ابن حبان بأنه مستقيم الحديث أو لفظة أخرى تدل على التوثيق فمعنى هذا أنه فتش حديثه فوجده صحيحاً مستقيماً موافقاً لأحاديث الثقات ، فمثل هذا يوثق مثله مثل أي توثيق لواحد من الأئمة الكبار ، لما لابن حبان من المنزلة الرفيعة في الجرح والتعديل .(8/1)
6- أما تضعيفه ، فينبغي أن يعد مع الجهابذة المجودين ، لما بينه في كتابه من الجرح المفسر ، وربما يعترض معترض علينا في عدم اعتبار ذكر ابن حبان لراو تفرد عنه الواحد والاثنان في " الثقات " ، فنقول : إن ابن حبان ذكر في " الثقات " كل من لم يعرف بجرح ، وإن كان لا يعرفه ، وهذا لا يدل على توثيق أصلاً ، فقد قال في " الثقات " مثلاً : (( سلمة ، يروي عن ابن عمر ، روى عنه سعيد بن سلمة ، لا أدري من هو ولا ابن من هو )) ! وقال في موضع آخر : (( جميل ، شيخ يروي عن أبي المليح بن أسامة روى عنه عبد الله بن عون ، لا أدري من هو ولا ابن من هو )) وقال في ترجمة الحسن بن مسلم الهذلي : (( يروي عن مكحول روى عن شعبة ، إن لم يكن ابن عمران فلا أدري من هو )) .
أقول مستعيناً بالله : انطوى كلامهما هذا بطوله على جملة من التوهمات والقواعد الباطلة والتناقضات الواضحة ، أقتصر الرد فيها على الأمور الآتية :
أولاً : وصفهما لكتاب ابن حجر بالخلو من المنهج والابتعاد عنه ، تهمة قذفا بها الحافظ وهي بهما أحق ، ومن خلال تتبعي لتراجم تحريرهما وقفت على جملة أشياء ، تثبت بما لا يقبل الشك ، خلو تحريرهما من المنهج ، وافتقارهما إلى سبيل واضحة يسيران عليها ، الأمر الذي نجم عنه ظهور ما يأتي :
1- من بدهيات علم التحقيق : أن المحقق يسير على طريق واضحة ، يتخذها نهجاً له في الكتاب كله ، والمحرران تجردا في تحقيقهما لنص التقريب من أي منهج ، ومن الأمثلة على هذا أنهما اضطربا في مسألة إثبات الصواب في المتن أو الهامش ، وسأجلي لك عظم هذا الاضطراب من الإحصائية الآتية :
أ. أثبتا الصواب في الأصل ، وأشارا إلى الخطأ في الهامش ، في مئة وثمان وعشرين ( 128 ) ترجمة ، وإليك أرقامها :(8/2)
عقيب : 85 ، 395 ، 535 ، 549 ، 558 ، 598 ، 601 ، 609 ، 773 882 ، عقيب : 901 ، 907 ، 1092 ، 1459 ، 1521 ، 1580 1599 ، 1618 ، 1620 ، 1664 ، 1875 ، 1997 ، 2024 ، 2207 2442 ، 2600 ، 2669 ، 2763 ، 2823 ، 2900 ، 2912 ، 2949 3288 ، 3327 ، 3388 ، 3436 ، 3503 ، 3510 ، 3539 ، 3577 3616 ، 3654 ، 3760 ، 3795 ، 4035 ، 4217 ، 4278 ، 4383 4598 ، 4629 ، 4630 ، 4827 ، 4886 ، 4941 ، عقيب : 5262 5531 ، 5735 ، 5746 ، 5822 ، 5862 ، 5913 ، 5934 ، 5992 6019 ، 6065 ، 6098 ، 6139 ، 6140 ، 6225 ، 6229 ، 6241 6312 ، 6412 ، 6440 ، 6448 ، 6491 ، 6498 ، 6499 ، 6546 6576 ، 6592 ، 6648 ، 6673 ، 6700 ، 6722 ، 6750 ، 6777 6778 ، 6822 ، 6926 ، 6954 ، 6988 ، 7070 ، 7081 ، 7241 7349 ، 7359 ، 7386 ، 7427 ، 7472 ، 7497 ، 7603 ، 7626 7627 ، 7639 ، 7682 ، 7756 ، 7783 ، 7883 ، 7888 ، 7932 7946 ، 8049 ، 8102 ، 8148 ، 8174 ، 8237 ، 8239 ، 8327 8339 ، 8349 ، 8421 ، 8447 ، 8685 ، 8801 ، عقيب : 8807 عقيب : 8813 ، 8822 .
ب. أثبتا الخطأ في الأصل ، وأشارا إلي الصواب في الهامش ، في مئة وأربع وأربعين ( 144 ) ترجمة ، وإليك أرقامها :(8/3)
38 ، 44 ، 56 ، 146 ، 176 ، 193 ، 223 ، 262 ، 336 ، 368 418 ، 444 ، 568 ، 573 ، 589 ، 607 ، 643 ، 670 ، 783 815 ، 836 ، 861 ، 894 ، 910 ، 946 ، 952 ، 954 ، 962 967 ، 1007 ، 1028 ، 1070 ، 1124 ، 1150 ، 1154 ، 1591 1619 ، 1628 ، 1859 ، 1974 ، 2059 ، 2108 ، 2466 ، 2490 2589 ، 2602 ، 2802 ، 2833 ، 2964 ، 3044 ، 3136 ، 3264 3303 ، 3314 ، 3325 ، 3348 ، 3396 ، 3398 ، 3454 ، 3457 3486 ، 3491 ، 3500 ، 3517 ، 3524 ، 3534 ، 3585 ، 3607 3615 ، 3648 ، 3667 ، 3677 ، 3689 ، 3724 ، 3728 ، 3766 4060 ، 4127 ، 4277 ، 4300 ، 4304 ، 4314 ، 4315 ، 4333 4336 ، 4378 ، 4384 ، 4397 ، 4416 ، 4417 ، 4440 ، 4482 4491 ، 4817 ، 4879 ، 5004 ، 5329 ، 5465 ، 5679 ، 5970 6079 ، 6114 ، 6178 ، 6314 ، 6569 ، 6867 ، 6890 ، 6993 7110 ، 7150 ، 7162 ، 7203 ، 7224 ، 7226 ، 7244 ، 7304 7334 ، 7347 ، 7354 ، 7414 ، 7456 ، 7532 ، 7553 ، 7565 7616 ، 7680 ، 7749 ، 7847 ، 7859 ، 7872 ، 7873 ، 8013 8275 ، إحالة 4 / 243 ( أبو عمر الندبي ) ، 8283 ، إحالة 4 / 344 ( العائذي ) ، إحالة 4 / 353 ( الهجري ) ، إحالة 4 / 365 ( زوج درة ) إحالة 4 / 366 ( سابق العرب ) ، 8522 ، 8573 ، 8745 ، 8799 .
أفليس هذا من الابتعاد عن المنهج وعدم الالتزام به ؟! .
2 – ومن الأمثلة على فقدان المنهج عند المحررين ، أنهما أضافا ترجمتين ادعيا أنهما من عندهما – ولست أريد هنا أن أدخل في نقاش معهما في ذلك فقد تناولت ذلك مفصلاً في موضعه من كتابي " كشف الإيهام "– ولكن الذي تجدر الإشارة إليه أنهما لما أضافا ترجمة ( زياد بن عمرو بن هند الجملي ) كررا رقم الترجمة التي قبله وأعقباها بحرف ( ب ) ولما أضافا ترجمة ( عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي ) كررا أيضاً رقم الترجمة التي قبله ، وأعقباها بحرف ( م ) .(8/4)
فهل هذا من المنهج في شيء ؟ ولو كان لديهما منهج لظهر هنا ، إذ الأمر في منتهى اليسر فليست سوى ترجمتين ، فأي الكتابين أبعد عن المنهج ؟!
وقس أنت الأمور واحكم ، فلئن أخلا بالمنهجية في هذه الجزئية الصغيرة ، فما بقي كان أعظم ؟!
ثانيا : وضعا جملة من المباحث أسموها (( قاعدة صحيحة )) في الموقف من توثيق ابن حبان ، وهي أمور في المنتهى من الغرابة ، أوجز الرد عليها بما يأتي :
1- إن مَنْ يُنَظِّر شيئاً ينبغي عليه أن يكون أول العاملين به ، وهذا مما أخل به المحرران ، فقد نصا في الفقرة الأخيرة من كلامهما على : (( أن ابن حبان ذكر في " الثقات " كل من لم يعرف بجرح ، وإن كان لا يعرفه ، وهذا لا يدل على توثيق أصلاً )) والمحرران بهذا يرميان إلى التفريق بين ذكر ابن حبان للراوي فقط دون النص على توثيقه ، وبين ذكره مع النص على توثيقه ، وهذا أمر نتفق معهم على بعضه ؛ لكن المحررين نسيا هذه القاعدة البتة أثناء عملهما في المجلد الأول من تحريرهما ، ولم تخطر هذه القاعدة لهما على بالٍ إلا في ثلاثة تراجم ( 420 ، 964 ، 1694 ) وستجد الكثير مما أشرت إليه في كتابي" كشف الإيهام " ، وكذلك نسيا هذه القاعدة في كثير من المواضع للمجلدات الأخرى ، عزبت عن التنبيه إليها هنا خشية الإطالة .
2- تكلم المحرران في الفقرة (6) عن تضعيف ابن حبان فقالا : (( أما تضعيفه فينبغي أن يعد مع الجهابذة المجودين، لما بينه في كتابه من الجرح المفسر ))
أقول : إن كان ابن حبان في جرحه للرواة في مصاف الجهابذة المجودين ، فهل يصح أن نهمل أو نغمر جرح من هو جهبذ مجود ، كلما عنَّ ذلك لسبب أو لغير سبب ؟! وإليك نماذج لتراجم تركا فيها قول ابن حبان ، فقالا بغير قوله من غير ما التفات إلى ما ذكرا :
أ- الترجمة (2723) لم يعتدا بجرح ابن حبان وغمزا قوله : (( ربما خالف ))
ب- الترجمة ( 3282 ) وصفا جرحه بالتعنت ، وقرعا بالحافظ لاعتداده بجرحه .(8/5)
ج- الترجمة ( 3336 ) غمزا فيها جرح ابن حبان .
د- الترجمة ( 3745 ) ردا فيها جرح ابن حبان .
فكيف سيكون قولك إذا علمت أن ابن حبان لم ينفرد بجرحه ؟ بل جرح المترجمَ سيدُ النقاد الإمام البخاري بالصفة نفسها التي جرحه بها ابن حبان والمحرران يلمحان إلى رد نقدهما فقالا : (( أما قول ابن حبان في " الثقات " : يخطئ ويهم ، فنظنه أخذه من البخاري )) ، فكيف الأمر وقد ردا جهبذين مجودين ؟!!!
هـ- الترجمة ( 4275 ) أقذعا القول فيها لابن حبان ، فقالا : (( فهذا – يردان جرحه للراوي – من قعقة ابن حبان )) .
و- الترجمة ( 5846 ) غمزا ابن حبان ، فقالا : (( وذكره ابن حبان وحده في " الثقات " ، وقال : يخطئ ويخالف ، وهذا من عجائبه ! )) .
فحتى وإن سلمنا جدلاً بأن ابن حبان أخطأ في بعض هذا فلسنا ندعي عصمته ، فقد كان لازماً عليهما أن يتحدثا عنه بكل أدب واحترام .
3- اضطرب موقف المحررين من توثيق ابن حبان – حسب ما يستجد لهما من قرائن ، وليت استقراء القرائن عندهما كان دقيقاً ، فهما يعميان الأمر على القارئ ، فإذا أرادا توثيق الراوي قالا : وثقه ابن حبان ، وحقيقة الأمر أنه إنما ذكره فقط ، وإذا تكلما في الراوي ضربا عن توثيقه صفحاً ، وإليك مثُل ذلك :
أ- الترجمة ( 2906 ) قالا : (( ولم يوثقه سوى ابن حبان ، وتوثيقه شبه لا شيء )) .
ب- الترجمة ( 3343 ) قالا : (( ولم يوثقه سوى العجلي وابن حبان وتوثيقه شبه لا شيء عند انفرادهما )) .
ج- الترجمة ( 3349 ) جهلا الراوي وقالا : (( حينما ذكره ابن حبان وحده في " الثقات " قال : يخطئ )) .
د- الترجمة ( 3360 ) اعتدا فيها بذكر ابن حبان له في الثقات .
هـ- الترجمة ( 3617 ) ضعفا الراوي ثم قالا : (( وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال : يخطئ ويخالف )) وهذا اعتداد منهما بالجرح دون التوثيق .(8/6)
4- بخصوص نص ابن حبان على توثيق الرواة ، قالا : (( إذا صرح ابن حبان بأنه مستقيم الحديث أو لفظة أخرى تدل على التوثيق ، فمعنى هذا أنه فتش حديثه ووجده صحيحاً مستقيماً موافقاً لأحاديث الثقات ، فمثل هذا يُوثق مثله مثل أي توثيق لواحد من الأئمة الكبار ، لما لابن حبان من المنزلة الرفيعة في الجرح والتعديل )) .
أقول : من أسس قاعدة ثم هدمها بمعول مخالفته لها ، حريٌّ بمن بعده عدم الأخذ بها ، وأكتفي هنا بمثالين ، جاءت إدانتهما فيه من قلميهما ، فقد قال الحافظ ابن حجر في الترجمة ( 3660 ) : (( عبد الله بن نافع الكوفي ، أبو جعفر الهاشمي مولاهم : صدوق ، من الثالثة . د عس )) .
فتعقباه بقولهما : (( بل مجهول ، تفرد بالرواية عنه الحكم بن عتيبة ، وذكره ابن حبان في " الثقات " وقال : صدوق )) فأين المنزلة الرفيعة ؟ وأين أنزلا توثيق ابن حبان من توثيق الأئمة الكبار ؟؟ وهل الأمر سوى محاولة تعقب الحافظ ابن حجر ؟ نسأل الله السلامة .
والمثال الثاني : قال الحافظ ( 1221 ) الحسن بن جعفر البخاري : (( ثقة )) وقد تعقباه بقولهما : (( بل مقبول ، روى عنه اثنان ولم يوثقه سوى ابن حبان )) .
أقول : وابن حبان قد صرح بتوثيقه ( 8 / 173 ) فقال : (( الحسن بن جعفر من أهل بخارا ، ثقة )) وتصريح ابن حبان في توثيقه للمترجم نقله الإمام المزي في " تهذيب الكمال " ( 6 / 73 ) ، وابن حجر في " تهذيب التهذيب " ( 2 / 260 ) .(8/7)
ثالثاً : مسألة كثرة الرواة عن الشخص هل تعني توثيقاً ؟ أو تحسن من حال الراوي ؟ وهي مسألة أحب الدخول معهم بصددها في نقاش علمي ، ولذا سيتمحور ردي في كل فقرة منه على محورين ، الأول : إبطال ما قعداه ، الثاني إيراد أمثلة عملا فيها بخلاف ما قعداه ؛ ولكنني وقبل الولوج في هذا أود أن أتناول قاعدة لهج بها المحرران كثيراً في كتابهما ، ألا وهي رواية الجمع ، فقد كررا القول مراراً : (( روى عنه جمع )) فهل رواية الجمع تنفع الراوي أم لا ؟ .
أقول : لا بد في كل راوٍ – لكي تقبل روايته – من معرفة حاله ، وخبرة سيرته حتى يتسنى للناقد الحكم بقبول رواية ذلك الراوي أو ردها ، إلا أن بعض الرواة لم يستطع العلماء أن يتعرفوا حالهم ، وهم الذين يدعون ( بالمجاهيل ) وليسوا في طبقة واحدة ، بل المشهور أنهم ثلاثة : مجهول العدالة ظاهراً وباطناً ، ومجهول العدالة باطناً وهو الذي يسمى ( مجهول الحال ) ، ومجهول العين .
وقد نصت كتب المصطلح أن من روى عنه شخص واحد ، ولم يعلم حاله فهو مجهول العين فإن روى عنه آخر صار مجهول الحال ، فزيادة العدد هنا قد حسنت من حال الراوي ، لكن ينبغي التنبه لثلاثة أمور :
الأول : إن هذه الزيادة لم تخرجه عن حيز الجهالة ، بل غاية نفعها أن أزالت عنه شيئاً من جهالته ، فنقلته من مرتبة جهالة إلى مرتبة جهالة أخرى أخف منها .
الثاني : إن هذه الزيادة حتى وإن عظمت فبلغت أكثر من اثنين غير مقتضية لإثبات العدالة ، وقد نص الخطيب البغدادي وغيره على ذلك ، فقال : أقل ما ترتفع به الجهالة – يعني : جهالة العين – أن يروي عن الرجل اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم كذلك ؟ …إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه )) (الكفاية : ص :150 ).(8/8)
الثالث : إن العبرة أصلاً ليست بكثرة الرواة وقلتهم ، بل بالمعرفة والسبر وللحافظ ابن القطان الفاسي كلام نفيس في كتابه " بيان الوهم والإيهام " ( 4 / 13 عقيب 1432 ) حول قبول رواية المستور فقال – رحمه الله - : (( والحق في هذا أنه لا تقبل روايته ، ولو روى عنه جماعة ، ما لم تثبت عدالته ، ومن يذكر في كتب الرجال برواية أكثر من واحد عنه مهملاً من الجرح والتعديل ، فهو غير معروف الحال عند ذاكره بذلك ، وربما وقع التصريح بذلك في بعضهم )) .
وقال الإمام السيوطي في شرحه لألفية العراقي ( ص 244 ) : (( الرواية تعريف له – [ يعني : للراوي ] والعدالة بالخبرة ، وبأنه قد لا يعلم عدالته ولا جرحه ))
وقال أحد الباحثين : (( ذكرت في المبحث السابق عن عدد من أئمة النقد أنهم قد يعدون الراوي مجهولاً إذا لم يرو عنه إلا راوٍ واحد ، وقد يعدّونه ثقة ، وقد يجهلون من روى عنه جماعة ، وقد يوثقونه ، أو يذكرون أنه معروف ، وهذا يعني أن العبرة عندهم ليست في عدد الرواة عن الشيخ ، وإنما العبرة بمعرفته واستقامة روايته )) ( رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل ص ( 194 ) ) .
والآن حان الوقت للدخول في مناقشة كلام المحررين :
1- إن من ذكره ابن حبان في ثقاته ، وكان له راوٍ واحد ، فهو مجهول العين وهذه قاعدة تكاد تكون محل اتفاق المحدثين ، إلا أن المحررين لم يلتزما ذلك رغم كونها عميقة الأصالة لدى المحدثين ، وسأسوق أمثلة على ذلك :
أ- الترجمة ( 188 ) ، تفرد بالرواية عنه الأوزاعي ، وذكره ابن حبان في الثقات ( 6 / 21 ) ، وقال ابن حجر : مجهول ، تعقباه بأنه : ثقة !!
ب- الترجمة ( 1385 ) ، تفرد بالرواية عنه الزهري ، وذكره ابن حبان في الثقات ( 4/159 ) وقال ابن حجر : صدوق الحديث ، ولم يتعقباه !!(8/9)
ج- الترجمة ( 1722 ) تفرد بالرواية عنه محمد إسحاق ، وذكره ابن حبان في الثقات ( 6/271 ) وقال ابن حجر : مقبول ، فتعقباه بأنه : ثقة !!
د- الترجمة ( 3569 ) تفرد بالرواية عنه أبو سعيد جعثل بنص الذهبي في الميزان ( 2 / 483 و 499 ) وذكره ابن حبان في الثقات ( 5 / 51 ) قال عنه ابن حجر : صدوق ، فتعقباه بأنه : ثقة !!
هـ- الترجمة ( 3669 ) ، تفرد بالرواية عنه عبد الله بن أبي مليكة بنصهما وذكره ابن حبان في ثقاته ( 5 / 47 ) ، وقال عنه ابن حجر : وثقه النسائي ، فتعقباه بأنه : ثقة !!
و- الترجمة ( 5091 ) تفرد بالرواية عنه أبو إسحاق السبيعي بنصهما وذكره ابن حبان في الثقات ( 5 / 180 ) ، قال الحافظ عنه : مقبول فتعقباه بأنه : ثقة !!
ز- الترجمة ( 5214 ) ، تفرد بالرواية عنه عمرو بن دينار ، ذكره ابن حبان في الثقات ( 5 / 281 ) قال الحافظ : ليس بمشهور ، تعقباه بأنه : صدوق حسن الحديث !!
ح- الترجمة ( 5878 ) تفرد بالرواية عنه سليمان بن حرب ، وذكره ابن حبان في الثقات ( 7 / 422 ) ، قال الحافظ : مقبول ، فتعقباه بأنه : ثقة !!
ط- الترجمة ( 7200 ) تفرد بالرواية عنه الأوزاعي ، ذكره ابن حبان في الثقات ( 7 / 545 ) قال الحافظ : ثقة ، فتعقباه بأنه : صدوق حسن الحديث !!
ي- الترجمة ( 7338 ) تفرد بالرواية عنه عبد الله بن عون ، ذكره ابن حبان في الثقات (7/573) قال الحافظ : مجهول ، فتعقباه بأنه : ثقة !!
ك- الترجمة ( 8349 ) تفرد بالرواية عنه أبو مجاهد سعد الطائي ، ذكره ابن حبان في الثقات ( 5 / 72 ) ، قال الحافظ : مقبول ، فتعقباه بأنه : صدوق حسن الحديث !!(8/10)
وبهذا القدر أكتفي خشية الإطالة وإملال القارئ ؛ لكن المحررين ربما اعتذرا عن بعض ذلك بوجود من وثقه ، وهذا العذر لا يسعفهم في شيء ، فقد أكثرا من الذهاب إلى تجهيل من انفرد عنه بالرواية واحد ، وإن وثقه الجمع أما الحافظ ابن حجر فربما عدّل من حاله هكذا لقرينة خاصة كصحة أحاديث الراوي أو غيرها .
2- من ذكره ابن حبان في الثقات وروى عنه اثنان ، فهو مجهول الحال ، أود الإشارة هنا إلى أن المحررين لم يعتدا هنا بذكر ابن حبان للراوي في الثقات وذلك لأن رواية الاثنين عن الشيخ رافعة لجهالة العين مبقية على جهالة الحال ، وهو أمر شاع بين المحدثين ، فما قيمة ذكر ابن حبان عندهما هنا ؟!
وقول المحررين قول شاذ غريب ؛ لأننا لم نعهد عن أحد من العلماء المتقدمين إهمال ذكر ابن حبان للراوي في ثقاته بالكلية ، وإنما كانوا يفصلون في ذلك فيفرقون بين شيوخه وبين من عرفهم وبين غيرهم كما سيأتي إيضاحه ، فلا يحكمون لأول وهلة بل يوازنون ويقارنون .
3- من ذكره ابن حبان في الثقات ، وروى عنه ثلاثة ، فهو مقبول في المتابعات والشواهد ، أقول : هذا تنظير غير صحيح ، فكيف يختلف لديهما الحكم من اثنين إلى ثالث ، وقد سبق الكلام على أن رواية الجمع لا تؤثر في التوثيق وكيف يفرقان بين هذه الفقرة وبين التي قبلها في الحكم ، والمحصلة النهائية لحكمهما واحد ، إذ إن كلاً منهما مقبول في المتابعات والشواهد .
وهذا التنظير يعدم بالكلية الفائدة من ذكر ابن حبان للرواة في الثقات بالمرة إذ إن المخشي من توثيق ابن حبان توثيق المجاهيل ، فإذا كان المترجم من شيوخه أو شيوخ شيوخه ، أو ممن عرفهم وجالسهم فما المانع من قبول توثيقه ؟!
4- من ذكره ابن حبان في الثقات ، وروى عنه أربعة فأكثر ، فهو صدوق حسن الحديث .(8/11)
أقول : ما بال زيادة راوٍ واحد نقلت الشيخ من فلك إلى فلك آخر ، ومن رتبة إلى أخرى ، وقد سبق قولي: إن العدد لا يؤثر في توثيق الراوي ، وما يَرِدُ على الفقرة السابقة يَرِدُ هنا ، فقد يكون الراوي من شيوخه أو شيوخ شيوخه أو من أهل بلده أو ممن عرفهم !!
ويحسن بنا ونحن في هذا المقام أن نعرض لما قرره العلامة المعلمي اليماني – رحمه الله – وشاع بين كثير من الناس ، إذ قال في التنكيل ( 2 / 450 – 451 ) ( مجلة الحكمة العدد السابع عشر ص 393 ) : (( والتحقيق أن توثيقه على درجات :
الأولى : أن يصرح به ، كأن يقول : (( كان متقناً )) أو (( مستقيم الحديث )) أو نحو ذلك .
الثانية : أن يكون الرجل من شيوخه الذين جالسهم وخبرهم .
الثالثة : أن يكون الرجل من المعروفين بكثرة الحديث بحيث يعلم أن ابن حبان وقف له على أحاديث كثيرة .
الرابعة : أن يظهر من سياق كلامه أنه عرف ذلك الرجل معرفة جيدة .
الخامسة : ما دون ذلك .
فالأولى لا تقل عن توثيق غيره من الأئمة ، بل لعلها أثبت من توثيق كثير منهم والثانية قريب منها ، والثالثة مقبولة ، والرابعة صالحة ، والخامسة لا يؤمن فيها الخلل – والله أعلم - )) .
وقال العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني – رحمه الله - معقباً على كلام المعلمي : (( هذا تفصيل دقيق يدل على معرفة المؤلف المعلمي – رحمه الله – وتمكنه من علم الجرح والتعديل وهو مما لم أره لغيره فجزاه الله خيراً .
غير أنه قد ثبت لدي بالممارسة أن من كان منهم من الدرجة الخامسة فهو على الغالب مجهول لا يعرف ، ويشهد بذلك صنيع الحفاظ كالذهبي والعسقلاني وغيرهما من المحققين ، فإنهم نادراً ما يعتمدون على توثيق ابن حبان وحده ممن كان في هذه الدرجة ، بل والتي قبلها أحيانا )) .(8/12)
والحق في ذلك أن ما قرره العلامتان المعلمي والألباني إطلاق يفتقر إلى تقييد ، لتصحح هذه القاعدة ، وقد أجاد بعض الباحثين في تفصيل ذلك ، إذ قسم الرجال الذين ترجم لهم ابن حبان في ثقاته إلى قسمين :
القسم الأول : الذين انفرد بالترجمة لهم .
القسم الثاني : الذين اشترك مع غيره بالترجمة لهم ، وهم على قسمين أيضاً :
الأول : الرواة الذين أطلق عليهم ألفاظ الجرح والتعديل ، وهؤلاء الرواة لم يكونوا على درجة واحدة ، بل كان فيهم الحافظ والصدوق والمجروح والضعيف والمجهول .
الثاني : الرواة الذين سكت عنهم ، وفيهم الحافظ والصدوق والمستور والمجهول والضعيف ومنكر الحديث .
وختاماً نص الباحث نفسه فقال : (( والفصل في الرواة الذين سكت عليهم ابن حبان هو عرضهم على كتب النقد الأخرى ، فإن وجدنا فيها كلاماً أخذنا بما نراه صواباً مما قاله أصحاب كتب النقد ، وإن لم نجد فيها كلاماً شافياً طبقنا قواعد النقاد عليهم ، وقواعد ابن حبان نفسه .
وأغلب الرواة الذين يسكت عليهم ابن حبان ، ويكون الواحد منهم قد روى عنه ثقة ، وروى عن ثقة ، يكونون مستورين ، يقبلون في المتابعات والشواهد ولذلك فإنني قلت في رسالتي عن ابن حبان في الرواة الذين ترجمهم ساكتاً عليهم : بأنهم على ثلاث درجات :
1- فمنهم الثقات وأهل الصدق .
2- ومنهم رواة مرتبة الاعتبار .
3- ومنهم الرواة الذين لا تنطبق عليهم شروط ابن حبان النقدية في المقبول ، وهؤلاء ذكرهم للمعرفة – والله أعلم - )) ( رواة الحديث الذين سكت عليهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل ( ص72 ) ) .(8/13)
والذي أميل إليه : أن ما ذهب إليه المحرران من تقييد ذلك بعدد الرواة خطأ محض نشأ عن تسرع في الأحكام وعجلة كان ينبغي بمن مثلهما أن لا يقع فيها وأن ما ذهب إليه اليماني وتابعه عليه العلامة الألباني وما نظره الباحث جيد ؛ غير أن الأولى أن يقال أن ذلك لا يناط تحت قاعدة كلية مطردة بل الأمر يختلف من راوٍ إلى راوٍ حسب المرجحات والقرائن المحيطة التي تحف الراوي ، فعندها يحكم على ذلك ، وعليه يحمل صنيع الإمامين الجهبذين الذهبي وابن حجر ، إذ إنهما لم يعملا ذلك تحت قاعدة كلية ، بل مرجع ذلك إلى القرائن المحيطة وحال الراوي وقرب عهده من بُعْدِه ، وكونه من المعروفين أو غير المعروفين ، وكونه من أهل بلد ابن حبان من غيرهم ، ولو أدرك المحرران لما وصفا صنيع الحافظ باضطراب المنهج وخلو كتابه من المنهجية ، نسأل الله الستر والعافية .(8/14)
حكم التدليس ، وحكم من عرف بِهِ :
مضى بنا في أنّ مجموع معانيه تؤول إلى إخفاء العيب ، وليس من معانيه الكذب ، ومع ذَلِكَ فَقَدْ اختلف العلماء في حكمه وحكم أهله .
فَقَدْ ورد عن بعضهم ومنهم - شعبة - التشديد فِيْهِ ، فروي عَنْهُ أنه قَالَ :
(( التدليس أخو الكذب )) (1) ، وَقَالَ أَيْضاً : (( لإنْ أزني أحب إليّ من أن أدلس )) (2) .
ومنهم من سهّل أمره وتسامح فِيْهِ كثيراً ، قَالَ أبو بكر البزار : (( التدليس ليس بكذب ، وإنما هُوَ تحسين لظاهر الإسناد )) (3) .
وَالصَّحِيْح الَّذِيْ عليه الجمهور أنه ليس بكذب يصح به القدح في عدالة الرَّاوِي حَتَّى نرد جميع حديثه، وإنما هُوَ ضَرْبٌ من الإيهام، وعلى هَذَا نصّ الشَّافِعِيّ –رحمه الله– فَقَالَ: ((ومن عرفناه دلّس مرة فَقَدْ أبان لنا عورته في روايته، وليست تِلْكَ العورة بالكذب فنرد بِهَا حديثه،ولا النصيحة في الصدق،فنقبل مِنْهُ ما قبلنا من أهل النصيحة في الصدق))(4).
ويمكن حمل التشدد الوارد عن شعبة عَلَى (( المبالغة في الزجر عَنْهُ والتنفير )) (5) .
وإذا تقرر هَذَا ، فما حكم حَدِيْث من عرف بِهِ ؟ للعلماء فِيْهِ أربعة مذاهب :
__________
(1) رَوَاهُ ابن عدي في الكامل 1/107، والبيهقي في مناقب الشَّافِعِيّ 2/35،والخطيب في الكفاية (508 ت ، 355 ه) .
(2) رَوَاهُ ابن أبي حاتم في تقدمة الجرح والتعديل 1/173 ، وابن عدي في الكامل 1/107 ، والخطيب في الكفاية ( 508 ت ، 356 ه) .
(3) نكت الزركشي 2/81 .
(4) الرسالة : 379 الفقرة ( 1033 و 1034 ) .
(5) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 67 ، وطبعتنا 159.(9/1)
الأول : لا تقبل رِوَايَة المدلس ، سواء صرح بالسماع أم لا ، حكاه ابن الصَّلاَحِ عن فريق من أهل الْحَدِيْث والفقه (1) ، وهذا مبني عَلَى القَوْل بأنّ التدليس نفسه جرح تسقط بِهِ عدالة من عُرِف بِهِ (2) . وهذا الَّذِيْ استظهره عَلَى أصول مذهب الإمام مالك القاضي عَبْد الوهاب في الملخص (3) .
الثاني : قبول رِوَايَة المدلس مطلقاً ، وَهُوَ فرع لمذهب من قَبِلَ المرسل ونقله الْخَطِيْب البغدادي عن جمهور من قَبِلَ المراسيل (4) ، وحكاه الزركشي عن بعض شارحي أصول البزدوي من الحنفية (5) . وبنوا هَذَا عَلَى ما بنوا عَلَيْهِ قبول المرسل ؛ من أنّ إضراب الثقة عن ذكر الرَّاوِي تعديل لَهُ ، فإن من مقتضيات ثقته التصريح باسم من روى عَنْهُ إذا كَانَ غَيْر ثقة (6) .
الثالث : إذا كَانَ الغالب عَلَى تدليسه أن يَكُوْن عن الثقات فهو مقبول كيفما كانت صيغة التحديث ، وإن كَانَ عن غَيْر الثقة هُوَ الغالب رد حديثه حَتَّى يصرح بالسماع ، حكاه الْخَطِيْب عن بعض أهل العلم (7) ، ونقله الزركشي عن أبي الفتح الأزدي (8) .
الرابع : التفصيل بَيْنَ أن يروي بصيغة مبينة للسماع، فيقبل حديثه، وبين أن يروي بصيغة محتملة للسماع وغيره فلا يقبل. وهذا الَّذِيْ عَلَيْهِ جمهور أَهْل الْحَدِيْث وغيرهم(9) وصححه جمع ، مِنْهُمْ : الْخَطِيْب البغدادي (10) وابن الصَّلاَحِ(11) وغيرهما .
__________
(1) المصدر نفسه . وسبقه بالنقل الْخَطِيْب في كفايته ( 515 ت ، 361 ه) .
(2) شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 174 .
(3) نكت الزركشي 2/87 .
(4) الكفاية ( 515 ت ، 361 ه) .
(5) نكت الزركشي 2/87-88 ، وانظر : تدريب الراوي 1/229 .
(6) انظر : الكفاية ( 515 ت ، 361 ه) .
(7) الكفاية ( 515 ت ، 361 ه) .
(8) نكت الزركشي 2/89 .
(9) جامع التحصيل : 98 .
(10) الكفاية ( 515 ت ، 361 ه)
(11) مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 167 ، وطبعتنا : 159 .(9/2)
ثالثاً . حكم الْحَدِيْث المدلس :
لما كَانَ في حَدِيْث المدلس شبهة وجود انقطاع بَيْنَ المدلس ومن عنعن عَنْهُ ، بحيث قَدْ يَكُوْن الساقط شخصاً أو أكثر ، وَقَدْ يَكُوْن ثقة أَوْ ضعيفاً . فلما توافرت هَذِهِ الشبهة اقتضى ذَلِكَ الحكم بضعفه (1) .
الدكتور ماهر ياسين الفحل
__________
(1) انظر : المنهل الروي : 72 ، الشذا الفياح 1/177 ، ونزهة النظر : 113 ، ومنهج النقد في علوم الْحَدِيْث : 383 .(9/3)
دراسات تجديدية فِي أصول الْحَدِيْث : التفرد
التَّفَرُّدُ في اللغة :
مأخوذ من الفعل الثلاثي المزيد بحرفين ( تَفَرَّدَ ) .
يقال : فَرَدَ بالأمر والرأي : انْفَرَدَ ، وفَرَدَ الرجلُ : كَانَ وحده مُنْفرِداً لا ثاني مَعَهُ . وفَرَّدَ برأيه : اسْتَبَدَّ .
وَقَدْ أشار ابن فارس (1) إلى أن تراكيب هَذَا الأصل واشتقاقاته كلها تدل عَلَى الوحدة . إِذْ قَالَ : (( الفاء والراء والدال أصل صَحِيْح يدل عَلَى وحدة . من ذَلِكَ : الفرد وَهُوَ الوتر ، والفارد والفرد : الثور المنفرد … )) (2) .
التفرد في الاصطلاح :
عرّف أبو حفص الميانشي (3)
__________
(1) الإمام العلامة اللغوي المحدّث أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني ، المعروف بالرازي ، المالكي، من مؤلفاته : " المجمل " و " الحجر " و " معجم مقاييس اللغة " ، توفي سنة ( 395 ه ) ، وَقِيْلَ :
( 390 ه ) .
سير أعلام النبلاء 17/103 ، والبداية والنهاية 11/287 ، والأعلام 1/193 .
(2) مقاييس اللغة 4/500 . وانظر : لسان العرب 3/331 ، وتاج العروس 8/482 ، والمعجم الوسيط 2/679 ، ومتن اللغة 4/379 .
(3) هُوَ أبو حفص عمر بن عَبْد المجيد القرشي الميانشي ، له كراس في علم الْحَدِيْث أسماه : " ما لا يسع المحدّث جهله " ، توفي بمكة سنة ( 581 ه ) .
العبر 4/245 ، والأعلام 5/53 .
وَقَدْ وقع في بعض مصادر ترجمته ( الميانشي ) ، نسبة إلى ( مَيّانِش ) قرية من قرى المهدية . انظر : معجم البلدان 5/239 ، والعبر 4/245 ، ونكت الزركشي 1/190 ، وتاج العروس 17/392 .
وفي بعضها ( الميانجي ) وَهِيَ نسبة إلى ( ميانج ) موضع بالشام ، أو إلى ( ميانه ) بلد بأذربيجان . انظر : الأنساب 5/320 ، واللباب 3/278 ، ومعجم البلدان 5/240 ، ومراصد الاطلاع 3/1341 .
وكذا نسبه الحافظ ابن حجر في النُّزهة : 49 ، وتابعه شرّاح النّزهة عَلَى ذَلِكَ . انظر مثلاً : شرح ملا علي القاري : 11 .(10/1)
الفرد بأنه : ما انفرد بروايته بعض الثقات عن شيخه، دون سائر الرُّوَاة عن ذَلِكَ الشيخ (1) .
ويظهر من هَذَا التعريف بعض القصور في دخول بعض أفراد المُعَرَّف في حقيقة التعريف ، إِذْ قَصَرَه عَلَى انفراد الثقة فَقَطْ عن شيخه (2) .
وعرّف الدكتور حمزة المليباري التفرد وبيّن كيفية حصوله ، فَقَالَ : (( يراد بالتفرد: أن يروي شخص من الرُّوَاة حديثاً دون أن يشاركه الآخرون )) (3) .
وهذا التعريف الأخير أعم من التعريف الأول ، فإنه شامل لتفرد الثقة وغيره ، وعليه تدل تصرفات نقاد الْمُحَدِّثِيْنَ وجهابذة الناقلين ، ولقد كثر في تعبيراتهم : حَدِيْث غريب ، أو تفرّد بِهِ فُلاَن ، أو هَذَا حَدِيْث لا يعرف إلا من هَذَا الوجه ، أَوْ لا نعلمه يروى عن فُلاَن إلاّ من حَدِيْث فُلاَن ، ونحوها من التعبيرات (4) .
ولربما كَانَ الحامل للميانشي عَلَى تخصيص التعريف بالثقات دون غيرهم ، أن رِوَايَة الضعيف لا اعتداد بِهَا عِنْدَ عدم المتابع والعاضد . ولكن من الناحية التنظيرية نجد الْمُحَدِّثِيْنَ عِنْدَ تشخيصهم لحالة التفرد لا يفرقون بَيْنَ كون المتفرد ثقة أو ضعيفاً ، فيقولون مثلاً : تفرد بِهِ الزهري ، كَمَا يقولون : تفرد بِهِ ابن أبي أويس (5).
__________
(1) ما لا يسع المحدّث جهله : 29 .
(2) وأجاب عَنْهُ بعضهم بأن رِوَايَة غَيْر الثقة كلا رِوَايَة . التدريب 1/249 .
(3) الموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين : 15 .
(4) انظر عَلَى سبيل المثال : الجامع الكبير ، للترمذي عقب ( 1473 ) و ( 1480 م ) و ( 1493 )
و( 1495 ) و ( 2022 ) .
(5) هُوَ إسماعيل بن عَبْد الله بن أويس بن مالك الأصبحي ، أَبُو عَبْد الله بن أبي أويس المدني : صدوق ، أخطأ في أحاديث من حفظه ، توفي سنة ( 226 ه ) وَقِيْلَ : ( 227 ه ) .
تهذيب الكمال 1/239 و 240 ( 452 ) ، وسير أعلام النبلاء 10/391 و 395 ، والكاشف 1/247 ( 388 ) .(10/2)
وبهذا المعنى يظهر الترابط الواضح بَيْنَ المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي ، إِذْ إنهما يدوران في حلقة التفرد عما يماثله .
والتفرد ليس بعلة في كُلّ أحواله ، ولكنه كاشف عن العلة مرشد إلى وجودها ، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن رجب الحنبلي : (( وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الْحَدِيْث إذا تفرد بِهِ واحد – وإن لَمْ يروِ الثقات خلافه - : إنه لا يتابع عَلَيْهِ .ويجعلون ذَلِكَ علة فِيْهِ ، اللهم إلاّ أن يَكُوْن ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه ، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أَيْضاً ولهم في كُلّ حَدِيْث نقد خاص ، وليس عندهم لِذَلِكَ ضابط يضبطه )) (1) .
ومعنى قوله : (( ويجعلون ذَلِكَ علة )) ، أن ذَلِكَ مخصوص بتفرد من لا يحتمل تفرده، بقرينة قوله : (( إلا أن يَكُوْن ممن كثر حفظه … )) ، فتفرده هُوَ خطؤه ، إِذْ هُوَ مظنة عدم الضبط ودخول الأوهام ، فانفراده دال عَلَى وجود خلل ما في حديثه ، كَمَا أن الحمّى دالة عَلَى وجود مرض ما ، وَقَدْ وجدنا غَيْر واحد من النقاد صرح بأن تفرد فُلاَن لا يضر ، فَقَدْ قَالَ الإمام مُسْلِم : (( هَذَا الحرف لا يرويه غَيْر الزهري ، قَالَ : وللزهري نحو من تسعين حديثاً يرويها عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - لا يشاركه فِيْهَا أحد بأسانيد جياد )) (2) .
وَقَالَ الحافظ ابن حجر : (( وكم من ثقة تفرد بما لَمْ يشاركه فِيْهِ ثقة آخر ، وإذا كَانَ الثقة حافظاً لَمْ يضره الانفراد )) (3) .
وَقَالَ الزيلعي (4)
__________
(1) شرح علل الترمذي 2/406 .
(2) الجامع الصَّحِيْح 5/82 عقب ( 1647 ) .
(3) فتح الباري 5/11 .
(4) الفقيه عالم الْحَدِيْث أبو مُحَمَّد عَبْد الله بن يوسف بن مُحَمَّد الزيلعي ، من مؤلفاته : " نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية " و " تخريج أحاديث الكشاف " ، توفي سنة ( 762 ه ) .
الدرر الكامنة 2/310 ، والأعلام 4/147 .(10/3)
: (( وانفراد الثقة بالحديث لا يضره )) (1).
وتأسيساً عَلَى ما أصّلناه من قَبْل من أن تفرد الرَّاوِي لا يضر في كُلّ حال ، ولكنه ينبه الناقد عَلَى أمر ما ، قَالَ المعلمي اليماني : (( وكثرة الغرائب إنما تضر الرَّاوِي في أحد حالين :
الأولى : أن تكون مع غرابتها منكرة عن شيوخ ثقات بأسانيد جيدة .
الثانية : أن يَكُوْن مع كثرة غرائبه غَيْر معروف بكثرة الطلب )) (2) .
وتمتع هَذَا الجانب من النقد الحديثي باهتمام النقاد ، فنراهم يديمون تتبع هَذِهِ الحالة وتقريرها ، وأفردوا من أجل ذَلِكَ المصنفات، مِنْهَا: كتاب " التفرد " (3) للإمام أبي داود ، و " الغرائب والأفراد " (4) للدارقطني ، و " المفاريد " (5) لأبي يعلى ، واهتم الإمام الطبراني في معجميه الأوسط والصغير بذكر الأفراد ، وكذا فعل البزار في مسنده ، والعقيلي (6) في ضعفائه . وَهُوَ ليس بالعلم الهيّن ، فهو (( يحتاج لاتساع الباع في الحفظ ، وكثيراً ما يدعي الحافظ التفرد بحسب علمه ، ويطلّع غيره عَلَى المتابع )) (7) .
__________
(1) نصب الراية 3/74 .
(2) التنكيل 1/104 .
(3) هُوَ مفقود وَكَانَ موجوداً في القرن الثامن ، والمزي ينقل مِنْهُ كثيراً في تحفة الأشراف انظر عَلَى سبيل المثال 4/630 (6249) ، والرسالة المستطرفة : 114 .
(4) وَقَدْ طبع ترتيبه للمقدسي في دار الكتب العلمية ببيروت عام 1998 م .
(5) طبع بتحقيق عَبْد الله بن يوسف جديع في دار الأقصى ، الكويت ، الطبعة الأولى 1985 م .
(6) هُوَ الحافظ الناقد أبو جعفر مُحَمَّد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي الحجازي صاحب كتاب
" الضعفاء الكبير " ، توفي سنة ( 322 ه ) .
سير أعلام النبلاء 15/236 و 238 ، والعبر 2/200 ، وتذكرة الحفاظ 3/833 – 834 .
(7) نكت الزركشي 2/198 .(10/4)
وفي كُلّ الأحوال فإن التفرد بحد ذاته لا يصلح ضابطاً لرد الروايات ، حَتَّى في حالة تفرد الضعيف لا يحكم عَلَى جميع ما تفرد بِهِ بالرد المطلق ، بَلْ إن النقاد يستخرجون من أفراده ما يعلمون بالقرائن والمرجحات عدم خطئه فِيْهِ ، وَهُوَ ما نسميه بعملية الانتقاء ، قَالَ سفيان الثوري : (( اتقوا الكلبي (1) ، فقيل لَهُ : إنك تروي عَنْهُ ، قَالَ : إني أعلم صدقه من كذبه )) (2) .
ومثلما أن تفرد الضعيف لا يرد مطلقاً ، فكذلك تفرد الثقة – وكما سبق في كلام ابن رجب – لا يقبل عَلَى الإطلاق ، وإنما القبول والرد موقوفان عَلَى القرائن والمرجحات. قَالَ الإمام أحمد : (( إذا سَمِعْتَ أصحاب الْحَدِيْث يقولون : هَذَا حَدِيْث غريب أَوْ فائدة . فاعلم أنه خطأ أو دخل حَدِيْث في حَدِيْث أَوْ خطأ من المُحدِّث أَوْ حَدِيْث ليس لَهُ إسناد ، وإن كَانَ قَدْ رَوَى شعبة وسفيان ، فإذا سمعتهم يقولون : هَذَا لا شيء ، فاعلم أنه حَدِيْث صَحِيْح )) (3) .
وَقَالَ أبو داود : (( والأحاديث الَّتِيْ وضعتها في كتاب " السنن " أكثرها مشاهير ، وَهُوَ عِنْدَ كُلّ من كتب شَيْئاً من الْحَدِيْث ، إلا أن تمييزها لا يقدر عَلَيْهِ كُلّ الناس ، والفخر بِهَا : بأنها مشاهير ، فإنه لا يحتج بحديث غريب ، وَلَوْ كَانَ من رِوَايَة مالك
ويحيى بن سعيد و الثقات من أئمة العلم )) (4) .
__________
(1) هُوَ أبو النضر مُحَمَّد بن السائب بن بشر الكلبي، متهم بالكذب، ورمي بالرفض، توفي سنة ( 146 ه ) .
كتاب المجروحين 2/262 ، وسير أعلام النبلاء 6/248-249 ، والتقريب ( 5901 ) .
(2) الكامل 7/274 ، وميزان الاعتدال 3/557 .
(3) الكفاية ( 142 ه ، 225 ت ) . والمراد من الجملة الأخيرة ، أن الْحَدِيْث لا شيء يستحق أن ينظر فِيْهِ ، لكونه صحيحاً ثابتاً .
(4) رسالة أبي داود إلى أهل مكة ( مع بذل المجهود ) 1/36 .(10/5)
ونحن نجد أمثلة تطبيقية متعددة في ممارسة النقاد ، مِنْهَا قَوْل الحافظ ابن حجر في حَدِيْث صلاة التسبيح : (( وإن كَانَ سند ابن عَبَّاسٍ يقرب من شرط الحسن إلا أنه شاذ لشدة الفردية وعدم المتابع والشاهد من وجه معتبر )) (1) .
ويمكننا أن نقسم التفرد – حسب موقعه في السند – إلى قسمين :
الأول : تفرد في الطبقات المتقدمة :
كطبقة الصَّحَابَة ، وطبقة كبار التَّابِعِيْنَ ، وهذا التفرد مقبول إذا كَانَ راويه ثقة
–وهذا الاحتراز فِيْمَا يخص طبقة التَّابِعِيْنَ – ، فهو أمر وارد جداً لأسباب متعددة يمكن حصرها في عدم توفر فرص متعددة تمكّن الْمُحَدِّثِيْنَ من التلاقي وتبادل المرويات ، وذلك لصعوبة التنقل في البلدان ، لا سيما في هذين العصرين .
فوقوعه فيهما لا يولد عِنْدَ الناقد استفهاماً عن كيفيته ، ولاسيما أن تداخل الأحاديث فِيْمَا بينها شيء لا يكاد يذكر ، نظراً لقلة الأسانيد زياد على قصرها . هَذَا فِيْمَا إذا لَمْ يخالف الثابت المشهور ، أو من هُوَ أولى مِنْهُ حفظاً أَوْ عدداً .
وإن كَانَ المتفرد ضعيفاً أَوْ مجهولاً -فِيْمَا يخص التَّابِعِيْنَ- فحكمه بيّن وَهُوَ الرد(2).
الثاني : التفرد في الطبقات المتأخرة
__________
(1) التلخيص الحبير 2/7 ، والطبعة العلمية 2/18-19 . وانظر في صلاة التسبيح : جامع الترمذي
1/491 – 494 ( 481 ) و ( 482 ) .
(2) إلا أن توجد قرائن أخرى ترفع الْحَدِيْث من حيز الرد إلى حيز القبول .(10/6)
فبعد أن نشط الناس لطلب العلم وأداموا الرحلة فِيْهِ والتبحر في فنونه ، ظهرت مناهج متعددة في الطلب والموقف مِنْهُ ، فكانت الغرس الأول للمدارس الحديثية الَّتِيْ نشأت فِيْمَا بَعْد ، فكان لها جهدها العظيم في لَمِّ شتات المرويات وجمعها ، والحرص عَلَى تلقيها من مصادرها الأصيلة ، فوفرت لَهُم الرحلات المتعددة فرصة لقاء المشايخ والرواة وتبادل المرويات ، فإذا انفرد من هَذِهِ الطبقات أحد بشيء ما فإن ذَلِكَ أمر يوقع الريبة عِنْدَ الناقد ، لا سيما إذا تفرد عمن يجمع حديثه أَوْ يكثر أصحابه ، كالزهري ومالك وشعبة وسفيان وغيرهم (1) .
ثم إنّ العلماء قسموا الأفراد من حَيْثُ التقييد وعدمه إلى قسمين :
الأول: الفرد المطلق : وَهُوَ ما ينفرد بِهِ الرَّاوِي عن أحد الرُّوَاة (2) .
الثاني: الفرد النسبي : وَهُوَ ما كَانَ التفرد فِيْهِ نسبياً إلى جهة ما(3) ، فيقيد بوصف يحدد هَذِهِ الجهة .
وما قِيْلَ من أن لَهُ أقساماً أخر ، فإنها راجعة في حقيقتها إلى هذين القسمين .
__________
(1) انظر : الموقظة : 77 ، والموازنة بَيْنَ منهج المتقدمين والمتأخرين : 24 .
(2) انظر : مَعْرِفَة أنواع علم الْحَدِيْث : 80 وطبعتنا : 184 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/217 وطبعتنا 1/286 ، ونُزهة النظر : 78 .
(3) انظر : مَعْرِفَة أنواع علم الحديث : 80 وطبعتنا : 184 ، والتقريب والتيسير : 73 وطبعتنا : 119-120 ، وفتح المغيث 1/239 ، وظفر الأماني : 244 .(10/7)
أما الحكم عَلَى الأفراد باعتبار حال الرَّاوِي المتفرد فَقَطْ من غَيْر اعتبار للقرائن والمرجحات ، فهو خلاف منهج الأئمة النقاد المتقدمين ، إذن فليس هناك حكم مطرد بقبول تفرد الثقة ، أو رد تفرد الضعيف ، بَلْ تتفاوت أحكامهما ، ويتم تحديدها وفهمها عَلَى ضوء المنهج النقدي النَّزيه ؛وذلك لأن الثقة يختلف ضبطه باختلاف الأحوال والأماكن والشيوخ لخلل يحدث في كيفية التلقي للأحاديث أَوْ لعدم توفر الوسائل الَّتِيْ تمكنه من ضبط ما سَمعه من بعض شيوخه ، أو لحدوث ضياع في بعض ما كتبه عن بعض شيوخه حَتَّى وَلَوْ كَانَ من أثبت أصحابهم وألزمهم ، ولذا ينكر النقاد من أحاديث الثقات – حَتَّى وَلَوْ كانوا أئمة – ما ليس بالقليل .
الدكتور ماهر ياسين الفحل(10/8)