مباحث في الحديث
المسلسل
بحث تقدم به الطالب
أحمد أيوب محمد عبد الله الفياض
وهو البحث التكميلي الأول لنيل درجة الماجستير في الدعوة والخطابة
بإشراف الأستاذ المساعد
د. مكي حسين حمدان الكبيسي(1/1)
الإهداء….
إلى….
اعز الناس أبي وأمي تحية إجلال وإكبار لهما.
إلى….
عمي الشيخ خليل محمد الفياض ، شيخي وأستاذي وقدوتي .
إلى….
عمي الحاج إبراهيم محمد الفياض ،تحية وفاء وعرفان.
إلى….
الداعية الصادق والأستاذ الفاضل الشيخ مكي حسين الكبيسي ، تحية حب وتقدير .
احمد(2/1)
الموضوع
الصفحة
المقدمة
1
تمهيد
3
المبحث الأول: تعريف الحديث المسلسل وجهود العلماء فيه
10
المطلب الأول : تعريف الحديث المسلسل لغة واصطلاحا
11
المطلب الثاني : جهود العلماء في التصنيف في الحديث المسلسل
14
المبحث الثاني : أقسام الحديث المسلسل .
20
المطلب الأول : التوارد على حال
21
المطلب الثاني : التوارد على وصف
31
المبحث الثالث : فائدة الحديث المسلسل وبعض ما يعتريه
44
المطلب الأول : فائدة التسلسل
45
المطلب الثاني :بعض ما يعتري الحديث المسلسل
47
المبحث الرابع : أنواع المسلسلات
54
المطلب الأول : المسلسلات التامة
55
المطلب الثاني : المسلسلات الناقصة
57
الخاتمة
58
أهم التوصيات
59
الأعلام
60
المصادر
71(3/1)
المقدمة
الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد رسول الله الصادق الوعد الأمين وعلى اله وأصحابه الغر الميامين ومن تبعه بإحسان الى يوم الدين أما بعد:
فمنذ بداية نشأتي منَّ الله علي بحب الحديث وأهله ودراسة هذا العلم الجليل الذي يأتي في المرتبة الثانية في الإسلام بعد كتاب الله عز وجل ، ولكونه خرج من فم النبي عليه الصلاة والسلام فأضاء الكون بنوره البهي وأوضح معالم الطريق لمن أراد الهداية والرشاد .
وعندما قبلت في الدراسات العليا في كلية الإمام الأعظم لأعداد الأئمة والخطباء والدعاة طلب مني أن اقدم بحثا علميا تكميليا لنيل درجة الماجستير ، ففتشت عن المواضيع التي لم يكتب فيها على وجه التخصص فوجدت أن الحديث المسلسل لم يؤلف له كتاب على وجه مستقل من حيث مصطلح الحديث الشريف ، فأحببت أن أدلي بدلوي في هذا الموضوع ، فأخذت أفتش هنا وهناك وأسال أهل العلم بهذا الفن ،وأتتبع مصادره النادرة في المكتبات العامة والخاصة حتى استوى هذا البحث على ساقه متضمنا بعد هذه المقدمة تمهيدا واربعة مباحث وخاتمة .
وقد كانت خطة البحث على ما يأتي :
أما التمهيد فقد تكلمت فيه عن اختصاص الحديث المسلسل بالإسناد وتطلب هذا أن أعطي نبذه مختصرة على الإسناد ، تتضمن تعريفه وأهميته واقوال العلماء فيه.
وأما المبحث الأول : فقد تكلمت فيه عن تعريف الحديث المسلسل وجهود العلماء فيه وقسمته على مطلبين :
المطلب الأول : تعريفه .
المطلب الثاني : جهود العلماء فيه .
وأما المبحث الثاني : فقد جعلته في أقسام الحديث المسلسل بحسب نوع التوارد فيه وقسمته على مطلبين :
المطلب الأول : التوارد على حال ،وفيه فروع عدة :
الفرع الأول : التوارد على قول .
الفرع الثاني : التوارد على فعل .
الفرع الثالث :التوارد على قول وفعل .
المطلب الثاني : التوارد على وصف .
الفرع الأول : التوارد على وصف في السند .(4/1)
الفرع الثاني : التوارد على وصف في التحمل .
صيغ الأداء ، زمان الرواية ، تاريخها .
وأما المبحث الثالث : تكلمت فيه عن فائدته وبعض ما يعتريه وجعلته في مطلبين :
المطلب الأول : فائدة التسلسل .
المطلب الثاني : بعض ما يعتري الحديث المسلسل.
وأما المبحث الرابع : فقد خصصته لبيان أنواع المسلسلات وفيه مطلبان:
المطلب الأول : المسلسلات التامة .
المطلب الثاني : المسلسلات الناقصة .
وأما الخاتمة فقد بينت فيها أهم ما توصلت إليه من نتائج ، وأردفتها بملخص لتراجم أهم العلماء المذكورين في البحث .
وما أحوجني الآن إلى أن أقول أن ما كان في البحث المتواضع من صواب فمن الله وما كان فيه من خطأ فمن الشيطان ومن نفسي ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
تمهيد :
تناول العلماء دراسة الحديث النبوي الشريف من جميع جوانبه فوضعوا تقسيمات للحديث من حيثيات مختلفة فمن حيث الكثرة والقلة في الرواة قسموه إلى متواتر وآحاد ومن حيث القبول والرد إلى صحيح وحسن وضعيف ، ومن حيث المتن إلى مرفوع وموقوف ومقطوع .
أما التسلسل فقد وضعوه في ما يسمى بلطائف الإسناد . وكذلك لو نظرنا إلى أنواع وأقسام التسلسل من حيث الواقع لوجدناها جميعها تدور على الإسناد وليس للمتن منه نصيب .
كل هذه الأمور دعت المحدثين إلى القول بان التسلسل من صفات الإسناد منهم العلامة ابن الصلاح(1) والحافظ العراقي (2)والحافظ ابن حجر العسقلاني(3) وهذا ما يدعوني إلى أن أتكلم على الإسناد وسأتكلم عليه في النقاط الآتية:
__________
(1) علوم الحديث : ص248 تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري ، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة.
(2) شرح التبصرة والتذكرة 2/285 .
(3) نزهة النظر شرح نخبة الفكر : ص 136 شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر العسقلاني ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ـ مصر.(4/2)
تعريف الإسناد .
أهميته .
أقوال العلماء فيه .
أولا : تعريف الإسناد لغة واصطلاحا .
أن كلمة إسناد مأخوذة في اللغة من مادة سند وهذا يدعوني إلى أن أبين الأصل وهو سند ثم بعد ذلك أبين ما تفرع منه وهو الإسناد .
أ -السند لغة واصطلاحا .
السند لغة : له معان عديدة منها :
1.( ما ارتفع من الأرض في قبل جبل ، أو واد )(1)
2.السند بمعنى المعتمد .
قال أهل اللغة : (( وكل شيء أسندت إليه شيئا فهو سند (2))) ، ( وفلان سند أي معتمد ) (3).
3.ويأتي الفعل سند بمعنى صعد ورقي . كما يقال : فكان فلان في مشربه فأسندت إليه أي صعدت (4).
السند اصطلاحا :
إن للسند في اصطلاح المحدثين تعريفين :
أحدهما : هو الإخبار عن طريق المتن (5) .
شرح التعريف :
الإخبار : هو مصدر للفعل اخبر .
والمراد بالطريق : هم سلسلة الرواة الذين نقلوا الحديث عن مصدره الأول أي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) أو عمن هو دونه من صحابي أو
تابعي (6).
أما المراد بالمتن : فانه يطلق في اللغة على عدة معان منها :
يقال : (( متن الشيء صلبه )) (7).
ويقال : (( ماتنه: باعده في الغاية )) (8).
المتن ما ارتفع من الأرض واستوى ، وقيل ما ارتفع وصلب (9).
وأما تعريف المتن في اصطلاح المحدثين :
__________
(1) لسان العرب: مادة (سند ) جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن منظور،مطبعة دار المعارف.
(2) المصدر نفسه: مادة (سند).
(3) المصدر نفسه: مادة ( سند ) .
(4) أساس البلاغة : 310 أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري،دار ومطابع الشعب،القاهرة.
(5) تدريب الراوي شرح تقريب النواوي : 1/41 أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن ابن كمال آبي بكر السيوطي الشافعي ، دار إحياء السنة النبوية .
(6) شرح علي القاري على شرح نخبة الفكر : 18/19 .
(7) أساس البلاغة : مادة ( متن).
(8) المصدر نفسه : مادة( متن ) .
(9) لسان العرب : مادة ( متن ) .(4/3)
فقد عرفه بدر الدين ابن جماعة بقوله : (( هو ما ينتهي إليه غاية السند من الكلام))(1).
التعريف الثاني للسند : هو الطريق الموصل إلي المتن (2).
شرح التعريف :
إن هذا التعريف يدل على أن المراد بالسند ، هم جملة الرواة الذين نقلوا الحديث من مصدره الأول فحسب ، أي أسماء رواة الحديث الذين أوصلوا متن الحديث ، بالتسلسل ، واحداً عن الآخر (3).
وبعد أن انتهينا من ذكر تعريف السند اصبح لزاما علينا تعريف الإسناد لغة واصطلاحا .
أولا : تعريف الإسناد لغة :
إن الإسناد في اللغة مصدر للفعل اسند من قولهم : أسندت هذا الحديث إلى فلان، اسنده إسنادا إذا رفعته فاسند الحديث بمعنى رفعه (4).
لذا يعني الإسناد في الحديث عند أهل اللغة أن يسند الحديث أو يرفعه إلى قائله(5).
ثانيا : تعريف الإسناد اصطلاحا .
إن للإسناد في اصطلاح المحدثين عدة تعاريف وهي :
عرفه الحافظ ابن حجر العسقلاني فقال : (( الإسناد : حكاية طريق المتن))(6) ومعنى الحكاية عن الطريق ، الإخبار عنه وذكره .
__________
(1) المنهل الروي في مختصر علوم الحديث :ص 29بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة ـ دار الفكر،بيروت ، وينظر : تدريب الراوي : 1/42 ، ألفية الحديث للسيوطي : ص3 أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال آبي بكر السيوطي الشافعية ، دار الفكر .
(2) فتح الباقي على ألفية العراقي : 1/16 لزكريا الأنصاري ـ دار الكتب العلمية بيروت،
شرح علي القاري على شرح نخبة الفكر : 19 .
(3) شرح علي القاري على شرح نخبة الفكر : 18 .
(4) لسان العرب : مادة ( سند ) .
(5) لسان العرب : مادة (سند).
(6) نزهة النظر : 19 ، شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر العسقلاني ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ـ مصر، ينظر فتح المغيث : 1/ 17 محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي ، مكتبة السنة ،بالقاهرة .(4/4)
وقيل : الإسناد (( هو الإخبار عن طريق المتن ))(1)، ومعنى الإخبار عن طريق المتن ، حكاية رجال الحديث (2).
وقيل : الإسناد (( هو الطريق الموصل إلى المتن ))(3).
والتعريف الراجح هو التعريف الأول لأنه يتناسب مع المعنى اللغوي للإسناد كما أوضح ذلك أهل اللغة عندما بينوا المراد من الإسناد في الحديث .
ثالثا : أهمية الإسناد :
لقد اهتم المحدثون بالإسناد وذلك لكونه طريق معرفة الحديث الشريف ، ثاني أدلة أحكام الشرع في الإسلام ، والتالي للقرآن الكريم في الشرف والأفضلية كما أن شرف الإسناد آت من ثمرته وغايته ، وهي تمييز ما صح من حديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) عما لم يصح عنه .
كما أن الإسناد يعد نصف علم الحديث لان الحديث متن وإسناد (4).
رابعا : أقوال المحدثين في تبيين أهمية الإسناد :
أدرك المحدثون أهمية الإسناد فوردت عنهم كلمات تبين منزلته ولزوم العناية به لما له من اثر بالغ في الحفاظ على حديث النبي صلى الله عليه وسلم خاصة وعلوم الشريعة عامة ، وهذه بعض أقوال العلماء فيه :
ما روي عن الأمام الزهري ( ت 124هـ ).
__________
(1) انظر : حاشية لقط الدرر : 24 عبد الله بن حسين خاطر السمين ، مطبعة البابي الحلبي وأولاده ـ مصر.
(2) شرح المنظومة البيقونية : 14 .
(3) فتح المغيث : 1/17 ، شرح علي القاري على شرح نخبة الفكر : 19 .
(4) الإسناد عند المحدثين : 30 رسالة جامعية في كلية الشريعة للدكتور داود سليمان الدليمي.(4/5)
روى الأمام احمد بسنده عن عتبة بن أبي حكيم قال : سمع الزهري إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة يقول : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : فقال الزهري : ( قاتلك الله يا بن أبي فروة ، ما أجرأك على الله إلا تسند حديثك ؟ تحدثنا بأحاديث ليس لها خطم ولا أزمة ) (1).
ما روي عن الأعمش ( ت147 هـ أو 148 هـ ) .
روى ابن حبان بسنده عن عبد الله بن إدريس انه قال : ( ربما حدث الأعمش بالحديث ، ثم يقول : بقى رأس المال ، حدثني فلان قال ، ثنا فلان عن فلان عن فلان )(2).
ما روي عن عبد الله بن عون ( ت 150 أو 151هـ ) .
روى ابن أبي حاتم الرازي بسنده عن عبد الله بن عون ، انه كان يقول ( لا يؤخذ هذا العلم إلا عمن شهد له بالطلب )(3).
ما روي عن الإمام إلاوزاعي ( ت157هـ ).
روى ابن عبد البر عن إلاوزاعي انه قال ( ما ذهاب العلم إلا ذهاب
الإسناد )(4).
ما روي عن شعبة بن الحجاج ( ت160هـ ) .
__________
(1) معرفة علوم الحديث للحاكم : ص6 محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المكتب التجاري ـ بيروت ، الكفاية في علم الرواية : ص556 احمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي ـ المكتبة العلمية ـ المدينة المنورة، وينظر الإسناد عند المحدثين ص73 .
والخطم:جمع خطام وهو كل ما يوضع على انف الناقه والازمة:جمع زمام وهو كذلك أيضا.
(2) كتاب المجروحين : 1/19 أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، دار الوعي ـ حلب .
(3) الجرح والتعديل : 1/قسم 1 ، ص28 عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس أبو محمد الرازي التميمي ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
(4) التهميد: 1/ 314 ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري ،وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب.(4/6)
روى ابن أبي حاتم الرازي بسنده عن شعبة يقول : ( كنت انظر إلى فم قتادة، فإذا قال بالحديث : حدثنا ، عنيت به فوقفته عليه ، وإذا لم يقل حدثنا لم اعن به)(1) وروى إبن حبان بسنده عن شعبة قال: ( كل حديث ليس فيه حدثنا، وأخبرنا، فهو مثل الرجل بالفلاة معه البعير ليس له خطام ) (2).
وروى الخطيب بسنده عن شعبة انه قال : ( كل حديث ليس فيه ( أنا )(3) و (ثنا )(4) فهو خل وبقل(5) ) (6)-(7).
المبحث الأول
تعريف الحديث المسلسل وجهود العلماء فيه
ويتضمن مطلبين:
المطلب الأول : تعريفه .
المطلب الثاني : جهود العلماء فيه
المطلب الأول
تعريف الحديث المسلسل لغة واصطلاحا
تعريفه لغة :
سلسل : السلسل والسلسال والسلاسل : الماء العذب السلس السهل في الحلق ، وقيل : هو البارد أيضا ، وماء سلسل وسلسال : سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه .
والسلسل : اللبن الذي لا خشونة فيه وربما وصف به الماء .
وثوب مسلسل ومتسلسل : رديء النسيج رقيقه ، قال اللحياني: تسلسل الثوب وتخلخل إذا لبس حتى رق فهو متسلسل .
وسيف مسلسل وثوب مسلسل فيه شيء مخطط ، وبعض يقول : مسلسل كأنه مقلوب .
والسلسلة : اتصال الشيء بالشيء .
__________
(1) الجرح والتعديل : 1/قسم 1 ،ص32 .
(2) كتاب المجروحين: 1/19 .
(3) أنا ) = اختصار أخبرنا .
(4) ثنا ) = اختصار حدثنا .
(5) أي لا يساوي شيئا
(6) الكفاية في علم الرواية : 412 ، و 454 احمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي ـ المكتبة العلمية ـ المدينة المنورة، ينظر : الكامل في ضعفاء الرجال / المقدمة عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد أبو احمد الجرجاني ، دار الفكر ـ بيروت .
(7) ينظر : الإسناد عند المحدثين للدكتور داود سليمان الدليمي ، لمن أراد الاستزادة في هذا الموضوع .(4/7)
والسلسلة دائرة من حديد أو جوهرة مشتق من ذلك وفي الحديث (( عجب ربك من أقوام يقادون إلى الجنة بالسلاسل ))(1)قيل : هم الأسرى يقادون إلي الإسلام مكرهين فيكون سبب دخولهم الجنة ويدخل فيه كل من حمل على عمل من أعمال الخير (2).
تعريف الحديث المسلسل اصطلاحا :
وردت تعاريف للحديث المسلسل في كتب مصطلح الحديث منها :
قال ابن الصلاح : وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحدا بعد واحد على صفة أو حالة واحدة (3).
قال ابن دقيق العيد : هو ما كان إسناده على صفة واحدة في طبقاته (4).
قال ابن جماعة : وهو ما تتابع رجال إسناده عند روايته على صفة أو حالة إما في الراوي أو في الراوية (5).
والذي يبدو لي أن اشمل هذه التعاريف من حيث انه جامع مانع هو تعريف ابن جماعة .
شرح التعريف :
التتابع: اشتراك الراوي في صفة أو حال باقي رجال الإسناد .
__________
(1) رواه البخاري : كتاب الجهاد والسير / باب إلاساري في السلاسل ، رقم الحديث :(2788) محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي ـ دار ابن كثير ، اليمامة ـ بيروت ، وأبو داود : كتاب الجهاد / باب في الأسير يوثق ، رقم الحديث 2302، سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الازدي ، دار الفكر، بيروت ، واحمد : كتاب باقي مسند المكثرين / باب مسند أبي هريرة ، رقم الحديث : 7671 ، احمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ، مؤسسة قرطبة ، مصر.
(2) لسان العرب :مادة ( سلسل ).
(3) علوم الحديث :248 .
(4) الاقتراح في بيان الاصطلاح : 201 تقي الدين بن دقيق العيد ,مطبعة الرشاد –بغداد، وينظر الموقظة في علم مصطلح الحديث ص43 شمس الدين محمد بن احمد الذهبي ،مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب.
(5) المنهل الروي في مختصر علوم الحديث : 57، بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة ـ دار الفكر،بيروت .(4/8)
على صفة : وهي ما اتصف به الراوي مثل : القراء أو القضاة أو ما اتصفت به الرواية مثل : صيغ الأداء كحدثنا وسمعت .
أو حالة : وهي إما قولية مثل : حديث معاذ ( إني احبك فقل ) أو فعلية كحديث التشبيك كما ستأتي مفصلة في المباحث الآتية(1).
الفرق بين الصفة والحال:
أما الصفة فهي ما تكون ملازمة للإنسان في جميع أوقاته وأحواله فنقول عن فلان من الناس انه حافظ أو قارئ أو إمام الى غير ذلك من الصفات التي تلازم الإنسان ونقول أيضا الحديث المسلسل بالحفاظ أو الثقات أو القضاة وهكذا .
وأما الحال فهو ما يحصل للإنسان بصورة وقتية وليس بالضرورة أن تكون ملازمة له فالحب والبغض من الأحوال الإنسانية وكذلك تشبيك الأصابع الى غير ذلك من الأحوال .
المطلب الثاني
جهود العلماء في التصنيف في الحديث المسلسل
لقد اعتنى المحدثون بالتأليف في الحديث المسلسل عناية خاصة ، فمنهم من ألف في جزء خاص منه مثل : المسلسل بالأولية ومنهم من ألف في شرح أحاديثه وتخريجها مثل:الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات لعبد الحفيظ الفاسي، ومنهم من ألف فيه بصورة عامة في جميع أقسامه وأنواعه.
أما من حيث نشأة الحديث المسلسل فمن خلال بحثي توصلت الى أن أغلب الظن أن القرن الرابع الهجري هو بداية التأليف في هذا النوع من الحديث الشريف.
واليك بعضا منها مرتبة حسب التسلسل الزمني:
مسلسلات أبي بكر بن شاذان :
__________
(1) فتح المغيث : 4\37(4/9)
للمحدث المسند أبي بكر بن احمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان البغدادي (298ـ383 ) (1).
مسلسلات أبي نعيم إلاصبهاني :
للإمام الحافظ المعمر أبي نعيم احمد بن عبد الله بن احمد بن إسحاق إلاصبهاني ( 336 ـ 430 )(2) .
3.مسلسلات الخطيب البغدادي :
للمؤرخ أبي بكر احمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الشافعي (392 ـ 463 ) (3).
4.مسلسلات التنيمي :
للإمام الحافظ أبي القاسم قوام السنة إسماعيل بن محمد بن الفضل القرشي (457ـ 535 ) (4).
5.مسلسلات ابن عساكر :
للإمام الكبير المؤرخ الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر (499ـ571 ) (5).
مسلسلات إبن بشكوال :
__________
(1) تاريخ بغداد : 4/11: احمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية،بيروت ، سير أعلام النبلاء : 16/429 : شمس الدين محمد بن احمد الذهبي، مؤسسة الرسالة بيروت ، الأعلام : 1/68 خير الدين الزركلي الطبعة الثالثة، معجم المؤلفين : 1/136عمر رضا كحاله ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت ، إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح أبو غدة : ص 587 تخريج محمد بن عبد الله آل الرشيد ، مكتبة الإمام الشافعي،الرياض .
(2) تذكرة الحفاظ : 3/1092 : شمس الدين محمد بن احمد الذهبي، دار الصميعي ،الرياض، سير أعلام النبلاء : 16/429 ، الأعلام : 1/157 .
(3) تذكرة الحفاظ : 3/1135 ، سير أعلام النبلاء : 18/270 ، طبقات الشافعية: 4/29 لتاج الدين السبكي ، طبع عيسى الحلبي،بمصر، الأعلام : 1/172 .
(4) تذكرة الحفاظ 4/1277 ، سير أعلام النبلاء : 20/80 ، الأعلام : 1/323 .
(5) تذكرة الحفاظ : 4/1277 ، البداية والنهاية : 12/294 : إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي ، مكتبة المعارف بيروت، طبقات الشافعية : 7/215 ، الأعلام 4/273 ، معجم المؤلفين :7/69.(4/10)
للحافظ أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال الأندلسي المالكي (494ـ578) (1).
المسلسلات :
للإمام المؤرخ عبد الله بن عمر بن علي الجويني الشافعي( 572 ـ 642)(2).
الجواهر المفصلة في الأحاديث المسلسلة :
للحافظ القاسم بن محمد بن احمد الأنصاري القرطبي ( 575 ـ 642)(3).
مسلسلات الضياء المقدسي :
للإمام الحافظ ضياء الدين محمد بن عبد الواحد المقدسي (569ـ643 ) (4).
10 . مسلسلات إبن مسدي (مخطوط):
للإمام الحافظ أبي بكر جمال الدين محمد بن يوسف بن موسى بن مسدي الأندلسي ( 599 ـ 663 ) (5).
11. مسلسلات العلائي (مخطوط):
للإمام العلامة صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي الشافعي(694ـ 761)(6).
12. مسلسلات إبن الجزري (مخطوط):
للإمام الحافظ المقرئ شمس الدين أبي الخير محمد بن محمد بن علي بن يوسف العمري ( 751 ـ 833 ) (7).
13. مسلسلات إبن ناصر الدين :
للعلامة الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن محمد بن احمد القيسي ( 777 ـ 842 ) (8).
14. الجواهر المكللة في الأخبار المسلسلة (مخطوط):
__________
(1) تذكرة الحفاظ : 4/1339 ، سير أعلام النبلاء : 21/139 ، الأعلام : 2/311 .
(2) تذكرة الحفاظ : 4/1427 ، سير أعلام النبلاء : 23/96 ، الأعلام : 4/110 .
(3) تذكرة الحفاظ : 4/1426 ، سير أعلام النبلاء : 23/114 ، شذرات الذهب : 7/374 عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي ،دار الكتب العلمية، بيروت، الأعلام : 5/181 .
(4) تذكرة الحفاظ : 4/1405 ، سير أعلام النبلاء : 23/126 ، الأعلام : 6/55 .
(5) تذكرة الحفاظ : 4/1448 ، شذرات الذهب : 7/43 ، الأعلام : 7/150 .
(6) تذكرة الحفاظ : 4/1507 ، طبقات الشافعية : 10/35 ، الأعلام : 2/321 .
(7) شذرات الذهب : 9/298 ، الأعلام : 7/45 ، معجم المؤلفين 11/291 .
(8) شذرات الذهب 9/354 ، الأعلام : 6/237 ، معجم المؤلفين : 9/112 .(4/11)
للحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري ( 831 ـ 902 ) (1).
15. مسلسلات إبن المبرد :
للعلامة جمال الدين يوسف بن حسن بن احمد بن حسن بن عبد الهادي الصالحي ( 840 ـ 909 ) (2).
16. المسلسلات الكبرى ،المسلسلات الوسطى ،جياد المسلسلات(مخطوط):
جميعها للإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( 849 ـ 911 ) (3).
17. اليواقيت المكللة في الأحاديث المسلسلة :
لأبي حفص زين الدين عمر بن احمد الشماع الحلبي الشافعي (880 ـ 936)(4).
18. المسلسلات الكبرى ، المسلسلات الوسطى ، المسلسلات الصغرى :
كلها للعلامة المؤرخ شمس الدين محمد بن علي بن طولون الدمشقي الصالحي (880 ـ 953 ) (5).
19. مسلسلات إبراهيم الكوراني :
للعلامة المحدث إبراهيم بن حسن الكوراني ( 1025 ـ 1101 ) (6).
20. الدرر البهية في المسلسلات النبوية :
للعلامة المحدث الحبيب عبد الله بن احمد بن عبد الرحمن الفقهي العلوي الحسيني ( ت 1112) (7).
21. المواهب الجزيلة في مسلسلات إبن عقيلة (مخطوط):
للمسند محمد بن احمد بن عقيلة المكي الحنفي ( ت1150 ) (8).
__________
(1) إمداد الفتاح : 582 .
(2) شذرات الذهب : 10/62 ، الأعلام : 8/225 ، معجم المؤلفين : 13/289 .
(3) شذرات الذهب : 10/74 ، الأعلام : 4/301 ، معجم المؤلفين : 5/128 .
(4) الأعلام : 5/41 ، معجم المؤلفين : 7/274 .
(5) شذرات الذهب : 10/428 ، الأعلام : 6/291 ، معجم المؤلفين : 11/51 .
(6) البدر الطالع بمجالس من بعد القرن السابع : 1/11 محمد بن علي بن محمد الشوكاني، مطبعة السعادة بالقاهرة، الأعلام : 1/35 .
(7) فهرست الفهارس ، ومعجم المعاجم ، والمشيخات ، والمسلسلات : 1/415 محمد عبد الحي بن عبد الكبير الادريسي الكتاني ، طبع في فاس.
(8) الرسالة المستطرفة : 84 محمد بن جعفر الكتاني ، دار البشائر، بيروت، الأعلام :6/13 ، معجم المؤلفين : 8/264 .(4/12)
22. الموارد السلسلة في الأحاديث المسلسلة :
للإمام العلامة المسند محمد بن محمد بن موسى بن الطيب الشرقي الفاسي (1110ـ 1170) (1) .
23. الفضل المبين في المسلسلات من حديث النبي الأمين : وهو مطبوع
للعلامة المحدث الشيخ ولي الله احمد بن عبد الرحيم الدهلوي ( 1114ـ 1176)(2).
24. التعليقة الجليلة على مسلسلات إبن عقيلة (مخطوط):
للإمام الحافظ السيد محمد مرتضى الزبيدي ( 1145 ـ1205 ) (3).
25. المسلسلات الرضوية :
للمسند الشيخ محمد صالح البخاري الرضوي الحنفي ( ت 1263 ) (4).
26. مسلسلات إبن السنوسي :
للإمام الكبير أبي عبد الله محمد بن علي السنوسي الحسني الخطابي الأثري (1202 ـ 1276 )(5).
27. مسلسلات الباجوري (مخطوط):
للعلامة الفقيه شيخ الأزهر برهان الدين إبراهيم بن محمد بن احمد الباجوري (1198 ـ 1277 ) (6).
28. مسلسلات القاوقجي :
للمحدث الفقيه محمد بن خليل القاوقجي الحنفي ( 1224 ـ 1305 )(7) .
29. التحفة المدنية في المسلسلات الوترية (مخطوط):
للعلامة علي بن ظاهر الوتري ثم المدني الحنفي ( 1261ـ 1322) (8).
30. مسلسلات الوالد :
للإمام المحدث عبد الكبير بن محمد بن عبد الكبير الحسني إلادريسي الكتاني
تخريج ابنه الحافظ محمد بن عبد الحي الكتاني رحمه الله تعالى .
(1268 ـ 1333) (9).
31. إتحاف السادة المحدثين بمسلسلات الحديث الأربعين :
__________
(1) الأعلام : 6/177 ، معجم المؤلفين : 10/111 .
(2) الأعلام : 1/149 ، معجم المؤلفين 1/272 .
(3) الأعلام : 7/70 ، معجم المؤلفين : 11/282 .
(4) فهرس الفهارس : 1/431 ،الأعلام : 6/164 .
(5) الأعلام : 6/299 ، معجم المؤلفين : 11/14 .
(6) الأعلام : 1/71 ، معجم المؤلفين : 1/84 .
(7) فهرس الفهارس : 1/104، الأعلام :6/118 .
(8) الأعلام : 6/301 ، معجم المؤلفين : 11/20 .
(9) الأعلام : 4/50 ، معجم المؤلفين : 5/212 .(4/13)
للعلامة المحدث أبي الإسعاد محمد مختار بن عطارد البوغري البتاوي (1278ـ 1349 ) (1).
32. المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة : وهو مطبوع .
للعلامة المسند عبد الباقي بن علي الأيوبي ( 1286 ـ 1364 ) (2).
33. المسلسلات الكتانية :
للحافظ السيد محمد عبد الحي بن عبد الكبير الكتاني الحسني (1303ـ1382)(3).
34. الآيات البينات في شرح وتخريج المسلسلات : وهو مطبوع .
للقاضي عبد الحفيظ بن محمد بن الطاهر الفهري الفاسي (1296ـ1383)(4).
35. العجالة في الأحاديث المسلسلة : وهو مطبوع .
للعلامة المسند محمد ياسين بن محمد الفاداني المكي الشافعي ( 1335ـ 1410)(5).
المبحث الثاني
أقسام الحديث المسلسل
ويتضمن مطلبين:
المطلب الأول : التوارد على حال .
المطلب الثاني : التوارد على وصف .
المطلب الأول
التوارد على حال
وهو أن يكون حال راوي الحديث وحال شيخه الذي اخذ عنه الى منتهاه واحدا وله فروع عدة(6) :
الفرع الأول : التوارد على قول
وهو أن يتفق الرواة من أول السند إلى منتهاه على قول واحد يأخذه عمن فوقه واحد بعد آخر(7) ، واليك بعض الأمثلة على هذا التسلسل القولي :
المسلسل بقول كل راو أنا احبك فقل .
__________
(1) إمداد الفتاح :576
(2) فهرس الفهارس : 1/181 .
(3) الأعلام : 3/279.
(4) الأعلام : 5/130.
(5) إمداد الفتاح : 575
(6) فتح المغيث :4\37.
(7) المصدر نفسه:4/37.(4/14)
قال العلائي(1) : اخبرنا أبو العباس احمد بن محمد بن حامد إلارموي بقراءتي أنا أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي الإسكندري سماعا أنا أبو طاهر احمد ابن محمد الحافظ السلفي أنا محمد بن عبد السلام الأنصاري ومحمد بن عبد الكريم ابن حسيس قال الأول أنا عبد الرحمن بن عبد الله الحُرْفي ، والثاني أنا أبو علي الحسن بن احمد بن شاذان قالا أنا احمد بن سلمان الفقيه النجاد ثنا أبو بكر عبد الله بن أبي الدنيا ثنا الحسن بن عبد العزيز الجروي ثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي ثنا الحكم بن عبده اخبرني حيوة بن شريح اخبرنا عقبة بن مسلم عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل رض الله عنه قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (( اني احبك فقل اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك )).
قال الصنابحي: قال لي معاذ اني احبك فقل هذا الدعاء قال أبو عبد الرحمن: قال لي الصنابحي وأنا احبك فقل ، قال عقبة بن مسلم: قال لي أبو عيد الرحمن وأنا احبك فقل ، قال حيوه :قال لي عقبة أنا احبك فقل ، قال الحكم بن عبده :قال لي حيوه بن شريح وأنا احبك فقل ، قال أبو حفص التنيس: قال لي الحكم قال إبن أبي وأنا احبك فقل ، قال أبو علي الجروي: قال لي التنيس اني احبك فقل ، قال إبن أبي الدنيا: قال الجروي وأنا احبك فقل قال النجاد: وأنا احبكم فقل ، قال الأنصاري :قال لنا الحرفي: وأنا احبكم فقولوا قال إبن خشيش: قال لنا إبن شاذان وأنا احبكم فقولوا قال السلفي: قال لي كل واحد من الأنصاري وابن خشيس وأنا احبك فقل قال أبو القاسم: قال لنا جدي السلفي وأنا احبكم فقولوا قال شيخنا: وقال لنا أبو القاسم بن مكي وأنا احبكم فقولوا وقال لنا شيخنا إلارموي :بعد قراءة هذا كله وأنا احبكم فقولوا.
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) المسلسلات المختصرة: ص4 ـ 5، مخطوط بدار صدام للمخطوطات بالرقم 17278.(4/15)
سنن النسائي: كتاب السهو،باب نوع آخر من الدعاء، رقم الحديث 1286 أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ،مكتب المطبوعات الإسلامية،حلب ،سنن أبي داود كتاب الصلاة الباب في الاستغفار رقم الحديث 1301 ،مسند أحمد :مسند الأنصار الباب حديث معاذ بن جبل رقم الحديث 21103،21109،صحيح ابن خزيمة: كتاب الصلاة باب الأمر بمسالة الرب عز وجل رقم الحديث 751 ، محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري ، المكتب الإسلامي ، بيروت ،صحيح ابن حبان : فصل في القنوت 5\364 رقم الحديث 2020،2021 محمد بن حبان بن احمد أبو حاتم التميمي ألبستي ، مؤسسة الرسالة بيروت،المستدرك على الصحيحين: كتاب الصلاة باب في فضل الصلوات الخمس رقم الحديث 1010محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، دار الكتب العلمية ، بيروت ،جياد المسلسلات : ص14 أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن ابن كمال آبي بكر السيوطي الشافعي ، مكتبة المسجد النبوي الشريف.
الحكم على الحديث والتسلسل :
قال الحاكم :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.(1)
قال العلائي : هذا صحيح الإسناد والتسلسل وقد صححه الحاكم في المستدرك (2).
قال السيوطي : صحيح الإسناد والتسلسل (3).
المسلسل بقول كل راو يرحم الله فلانا كيف لو أدرك زماننا
__________
(1) المستدرك على الصحيحين :كتاب الصلاة الباب في فضل الصلوات الخمس رقم الحديث 1010
(2) المسلسلات المختصرة للعلائي ص5 .
(3) جياد المسلسلات ص15 .(4/16)
قال العلائي(1) : اخبرنا أبو الفضل سليمان بن حمزة الحاكم بقراتي عليه قال أبو الفضل جعفر بن علي الهمذاني سماعا عليه أنا الحافظ أبو طاهر احمد بن محمد السلفي أنا احمد بن علي بن بدران أنا أبو الحسين محمد بن احمد بن إلائيوسي أنا محمد بن عبد الرحمن يعني إبن خشنام الدينوري ثنا أبو بشر إسماعيل بن إبراهيم الحلواني ثنا علي بن عبد المؤمن ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : (( إن في الشعر حكمة )) ، قال : وقالت عائشة رضي الله عنها : يرحم الله لبيداً فهو الذي يقول :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
يتأكلون خيانة ومذمة ويعاب قايلهم وان لم يشغب
قال عروة : قالت عائشة : يرحم الله لبيدا كيف لو أدرك زماننا هذا ، وقال عروة :يرحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا قال إبنه هشام: يرحم الله أبي كيف لو أدرك زماننا هذا قال: وكيع يرحم الله هشاماً كيف لو أدرك زماننا هذا قال :علي بن عبد المؤمن يرحم الله وكيعا كيف لو أدرك زماننا هذا قال أبو بشر: يرحم الله عليا كيف لو أدرك زماننا هذا قال إبن خشنام: يرحم الله أبا بشر كيف لو أدرك زماننا هذا قال إبن بدران: يرحم الله ابن خشنام كيف لو أدرك زماننا هذا قال جعفر: يرحم الله شيخنا أبا الفضل سليمان كيف لو أدرك زماننا هذا.
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) المسلسلات المختصرة للعلائي 5 ـ 6(4/17)
صحيح البخاري :كتاب الأدب باب ما يجوز من الشعر برقم 5679 .سنن الترمذي :كتاب الأدب عن رسول الله باب ما جاء من الشعر لحكمة برقم 2771 محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت،سنن أبي داود: كتاب الأدب باب ما جاء من الشعر برقم 4357 ،سنن ابن ماجه :كتاب الأدب باب الشعر برقم 3746 ،مسند احمد :كتاب من مسند بني هاشم باب بداية مسند عبد الله بن العباس برقم 2298،جياد المسلسلات : ص25
الحكم على الحديث والتسلسل:
الحديث في صحيح البخاري ويكفي هذا في الحكم عليه بالصحة في اصل الحديث.
قال العلائي: بعد أن أورد الحديث هذا صحيح التسلسل(1)
الفرع الثاني : التوارد على فعل
وهو أن يتوارد الرواة على فعل معين بحيث يأخذه كل عن شيخه من ابتداء السند إلى منتهاه ، واليك بعض الأمثلة على هذا القسم (2).
الحديث المسلسل بالتشبيك :
قال الحاكم (3):شبك بيدي احمد بن الحسين المقرئ ، وقال: شبك بيدي أبو عمر بن الحسن بن بكر بن الشرود الصنعاني وقال : شبك بيدي أبي وقال : شبك بيدي إبراهيم بن أبي يحيى ، وقال إبراهيم : شبك بيدي صفوان بن سليم ، وقال صفوان :شبك بيدي أيوب بن خالد الأنصاري ، وقال أيوب : شبك بيدي عبد الله بن رافع ، وقال عبد الله : شبك بيدي أبو هريرة ، وقال أبو هريرة : شبك بيدي أبو القاسم (صلى الله عليه وسلم ) وقال خلق الله الأرض يوم السبت والجبال يوم الأحد والشجر يوم الاثنين والمكروه يوم الثلاثاء والنور يوم الأربعاء ، والدواب يوم الخميس وآدم يوم الجمعة.
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) المسلسلات المختصرة ص 5-6
(2) فتح المغيث :4\38
(3) معرفة علوم الحديث 33-34.(4/18)
صحيح مسلم:كتاب صفة القيامة والجنة والنار باب ابتداء الخلق وخلق آدم برقم4997 مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري،دار إحياء التراث العربي ،بيروت،مسند أحمد : كتاب باقي مسند المكثرين باب باقي المسند السابق برقم 7991 ،والبخاري في التاريخ الكبير : 1/4131 ، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أو عبد الله البخاري الجعفي، دار الفكر، بيروت، وأبو يعلى في مسنده:6132 احمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي ، دار المأمون للتراث ،دمشق ، أبو الشيخ في العظمة : 878 ، 879 عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصفهاني أبو محمد ، دار العاصمة ، الرياض ،جياد المسلسلات: ص6.
الحكم على الحديث والتسلسل:
اصل الحديث في صحيح مسلم وهذا كاف للحكم عليه بالصحة .
أورده اللكنوي (1)، وأورد قول السخاوي فيه حيث قال السخاوي : التسلسل فيه ضعيف والحديث صحيح .
2.مسلسل بوضع اليد على الرأس .
قال العلائي (2): اخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري بمكة شرفها الله تعالى أنا علي بن هبة الله الحميري أنا أبو طاهر احمد بن محمد المحاملي أنا احمد بن إبراهيم بن شاذان ثنا محمد بن عيسى بن مرة الزهري ثنا أبو غسان ملك بن يحيى ثنا علي بن عاصم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة (رضي الله عنه ) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) (( ما منكم من أحد ينجيه عمله من النار ولا يدخله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة وفضل ووضع يده على رأسه (صلى الله عليه وسلم ) .
__________
(1) ظفر الأماني في مختصر الجرجاني : ص290، لأبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الجامعة الإسلامية ، مكتب المطبوعات بحلب.
(2) المسلسلات للعلائي : ص11 .(4/19)
ووضع أبو غسان بن ملك بن يحيى يده على رأسه ، ووضع محمد بن عيسى يده على رأسه ، ووضع إبن شاذان يده على رأسه ، ووضع عبد الكريم يده على رأسه ، ووضع المبارك بن عبد الجبار يده على رأسه ، ووضع الحافظ السلفي يده على رأسه ، ووضع إبن الحميري يده على رأسه ، ووضع شيخنا الطبري يده على رأسه يرحمه الله .
تخريج اصل الحديث:
صحيح البخاري: كتاب المرضى باب تمني المريض الموت رقم 5241،صحيح مسلم :كتاب صفة القيامة والجنة والنار باب لن يدخل أحدا الجنة بعمله رقم 5037،سنن ابن ماجه:كتاب الزهد باب التوقي على العمل رقم الحديث191 ،مسند احمد:كتاب باقي مسند المكثرين ،باب مسند أبي هريرة رقم الحديث6905,جياد المسلسلات :ص10.
الحكم على الحديث والتسلسل:
اصل الحديث في الصحيحين ويكفي هذا في الحكم عليه بالصحة.
قال العلائي(1):كذا وقع لنا غير متصل التسلسل من أعلاه.
أي أن التسلسل فيه الى أبي غسان ثم انقطع بعده .
3. المسلسل بالمصافحة :
__________
(1) المصدر السابق : ص11.(4/20)
قال محمد عبد الباقي (1):اروي عن السيد أمين عن عبد الباقي عن السيد عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول إلاهدل ، عن أبيه ، عن محمد بن الطيب المغربي ، عن أبيه والشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الفاسي وغيرهما قالوا صافحنا أبو سالم العياشي ، وصافح هو الشهاب الخفاجي وهو(2) إبراهيم العلقي وهو أخاه ، الشمس العلقي ، والسيد يوسف إلارمبوني وهما الجلال السيوطي وهو كمال الدين وهو إبن الجزري ، وهو يوسف بن محمد السرمدي وهو عبد الصمد بن أبي الجيش وهو أبا محمد يوسف بن عبد الرحمن وهو أباه عبد الرحمن بن الجوزي ، وهو الحافظ محمد بن ناصر وهو أبا الغنائم ابن الندس ، وهو محمد بن علي العلوي وهو أبا الفضل محمد بن جعفر الخزاعي وهو أبا العباس احمد بن سعيد عطوي ، وهو غانم محمد بن محمد زكريا ، وهو محمد بن الكامل وهو أبان العطار وهو ثابت البناني وهو انس بن مالك ( رضي الله عنه ) قال صافحت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فلم أر خزا ولا قزًا كان ألين من كف رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) وفي رواية : خزا ولا حريرا .
تخريج الحديث :
المتن أخرجه البخاري في كتاب المناقب باب صفة النبي برقم 3297 عن انس ولفظه ( ما مسست حريرا ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ،والدارمي: كتاب المقدمة باب حسن النبي برقم 92،جياد المسلسلات: ص8.
الحكم على الحديث والتسلسل :
اصل الحديث في البخاري وهو صحيح. أما التسلسل فقد ذكر الأيوبي :أن كثيرا من المحدثين جزم بان هذه اصح المصافحات ولذلك اقتصر عليها كثيرون وزعموا أن ما عداها من الطرق كلها واه . انتهى (3).
الفرع الثالث : التوارد على قول وفعل معا
__________
(1) المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة:ص 41 محمد عبد الباقي الأيوبي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان .
(2) أي صافح
(3) المناهل السلسلة : 42 .(4/21)
وهو أن يتفق الرواة على قول وفعل معا في جميع طبقات السند كل راو يأخذه عمن فوقه ، إليك هذا المثال لتوضيح هذا القسم(1):
1.المسلسل بقبض اللحية وبقوله آمنت بالقدر :
قال الحاكم :(2) والنوع الخاص من المسلسل ما حدثني الزبير بن عبد الواحد ، حدثني أبو الحسن يوسف بن عبد الأحد القمني الشافعي بمصر قال: حدثني سليم بن شعيب الكسائي ، حدثني سعيد الادم ، حدثني شهاب بن خراش الحوبثي قال: سمعت يزيد الرقاشي يحدث عن انس بن مالك قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) : لا يجد العبد حلاوة الإيمان حتى يؤمن بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، قال : وقبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) على لحيته فقال : ( آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ) قال : قبض انس على لحيته فقال آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، قال : أخذ يزيد بلحيته فقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، وأخذ شهاب بلحيته فقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره، قال : وأخذ سليمان بلحيته وقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، قال : وأخذ يوسف بلحيته فقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، قال : أخذ شيخنا الزبير بلحيته فقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره ، قال لنا الشيخ أبو بكر الشيرازي: قال لنا الحاكم أبو عبد الله : أنا أقول عن نية صادق وعقيدة صحيحة : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره وأخذ بلحيته ، واخذ الشيخ أبو بكر بلحيته فقال : آمنت بالقدر خيره وشره وحلوه ومره .
تخريج اصل الحديث:
تاريخ دمشق : 23/208 بالرقم (5042)،سير أعلام النبلاء : 8/287.
الحكم على الحديث والتسلسل
__________
(1) فتح المغيث :4\38.
(2) معرفة علوم الحديث 31 ـ 32 .(4/22)
أورد الإمام الحاكم هذا الحديث المسلسل في كتاب معرفة علوم الحديث ولم يحكم عليه بصحة أو ضعف من حيث الأصل أو التسلسل لكن في إسناده يزيد بن أبان الرقاشي البصري قال فيه النسائي وغيره :متروك وقال الدار قطني وغيره : ضعيف وقال الإمام احمد : كان يزيد منكر الحديث(1).
فالحديث على هذا يكون ضعيفا .
المطلب الثاني
التوارد على وصف
وهو أن يشترك رواة الحديث في وصف لهم وله فروع عدة منها(2) :
الفرع الأول: التوارد على وصف للرواة:
وهو أن يكون التسلسل الواقع في السند يقع ضمن أوصاف الرواة وتنقسم أوصاف الرواة إلى صفة قولية وصفة فعليه(3) .
أ-توارد على أوصاف الرواة القولية :
وهو أن يتفق الرواة على صفة قولية تتعلق بالراوي مثل أن يتفقوا على رواية اصح حديث أو غير ذلك (4).
1. المسلسل بقراءة سورة الصف
__________
(1) ينظر ميزان الاعتدال في نقد الرجال 4/418
(2) فتح المغيث: 4\38.
(3) المصدر نفسه : 4\38.
(4) المصدر نفسه : 4\38.(4/23)
قال العلائي(1) : اخبرنا أبو الفضل سليمان ن حمزة الحاكم وأبو الفداء إسماعيل بن يوسف بن مكتوم وأبو البركات عبد الأحد بن أبي القاسم الحراني سماعا على كل منهم قالوا أنا أبو المنجا عبد الله بن عمر بن اللتي سماعا عليه أن أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي أنا أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن محمد البوشنجي أنا أبو محمد عبد الله بن احمد بن حمويه أنا أبو عمران عيسى بن عمر أنا الإمام أبو محمد عبد الله الدارمي أنا محمد بن كثير عن إلاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام ( رضي الله عنه ) قال: قعد نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) فقالوا لو نعلم أي الأعمال احب إلى الله لعملناه فانزل الله عز وجل ( سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم يا أيها الذين أمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) حتى ختمها قال عبد الله فقراها علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) حتى ختمها قال أبو سلمة فقراها علينا ابن سلام حتى ختمها قال يحيى: فقراها علينا أبو سلمة قال الاوزاعي: فقرأها علينا يحيى قال محمد بن كثير :فقراها علينا إلاوزاعي ، قال الدارمي: فقراها علينا إبن كثير قال السمرقندي: فقرأها علينا الدارمي قال الحموي: فقراها علينا السمرقندي قال البوشنجي: فقرأها علينا الحموي قال أبو الوقت :فقرأها علينا الداودي قال إبن اللتي: فقرأها علينا أبو الوقت حتى ختمها قال شيوخنا :وقراها إبن اللتي حتى ختمها ونحن نسمع قلت: وقراها علينا كل واحد من شيوخنا العلامة حتى ختمها .
تخريج اصل الحديث:
سنن الترمذي: 5/412 باب ومن سورة الصف برقم 3309،صحيح بن حبان :10\454،المستدرك على الصحيحين :2/78-79،سنن الدارمي :كتاب الجهاد باب الجهاد في سبيل الله افضل العمل برقم 2390 عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي ، دار الكتاب العربي ـ بيروت ،جياد المسلسلات: ص5.
__________
(1) مسلسلات العلائي : ص37 .(4/24)
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال الترمذي:وقد خولف محمد بن كثير في إسناد هذا الحديث عن الأوزاعي وروى ابن المبارك عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن أبي يسار عن عبد الله بن سلام(1)
قال الحاكم :هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (2).
قال العلائي : هذا اصح حديث مسلسل وقع لي متصلا وقد أخرجه الترمذي عن الإمام الدارمي به (3).
قال السيوطي : هذا من اصح مسلسل يروى في الدنيا (4) .
ب- التوارد على أوصاف الرواة الفعلية
وهو أن يتفق الرواة على وصف لهم من ابتداء السند إلى آخره ويكون هذا الوصف فعليا مثل الحفظ والاتفاق وغير ذلك واليك بعض الأمثلة على هذا القسم(5):
1.الحديث المسلسل بالحفاظ:
قال العلائي (6): اخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن احمد بن عثمان الذهبي بقراتي قال: أنا الحافظ أبو الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي أنا محمد بن عبد الخالق طرفان أنا الحافظ أبو الحسن على بن المفضل أنا الحافظ أبو طاهر احمد ابن محمد السلفي أنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن الترسي أنا الحافظ أبو نصر علي بن هبة الله بن ما كولا حدثني أبو عمرو بن مطر الحافظ ثنا إبراهيم ابن يوسف الهسنجاني ثنا أبو الفضل بن زياد صاحب احمد بن حنبل يعني ثنا احمد بن حنبل ثنا زهير بن حرب ثنا محمد ثنا علي بن المديني ثنا عبد الله ابن معاد ثنا شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة (رضي الله عنها) قالت : ( كن أزواج لرسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يأخذن رؤوسهن حتى يكون كالوفرة (7) .
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) سنن الترمذي:5/412.
(2) المستدرك على الصحيحين:2/79 .
(3) مسلسلات العلائي:37.
(4) جياد المسلسلات :6 .
(5) فتح المغيث : 4\38.
(6) المسلسلات للعلائي: 7 .
(7) الوفرة :إذا كان الشعر يلم المنكبين وزيادة. ينظر شرح صحيح مسلم للنووي :4/4.(4/25)
صحيح مسلم :كتاب الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة رقم 319،مسند أبي عوانة: 1/248 رقم الحديث(850)يعقوب بن إسحاق الاسفرائيني ، دار المعرفة بيروت،جياد المسلسلات : ص3.
الحكم على الحديث والتسلسل:
اصل الحديث في صحيح مسلم وهذا كاف للحكم عليه بالصحة.
قال العلائي(1): هذا إسناده عجيب جدا من تسلسل الحفاظ من رواية الأقران بعضهم عن بعض .
2.الحديث المسلسل بالفقهاء
قال العلائي (2):اخبرنا الفقيه أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الشافعي بقراتي قال :أنا الفقيه العلامة أبو عمرو عثمان بن الصلاح قال: أنا الفقيه بن الفقيه بن الفقيه أبو بكر القاسم بن عبد الله عمر النيسابوري بها بقراتي قال : أنبأنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفقيه بن الفقيه بن الفقيه قال: ثنا جدي للام أبو عبد الرحمن الشجاعي وأبو علي الحاجر الفقيهان في وقتهما قال :نا الإمام أبو منصور البغدادي يعني عبد القاهر التميمي الفقيه المعتن قال: ثنا أبو زكريا يحيى بن احمد السكري الفقيه والقاضي أبو زيد عبد الرحمن بن محمد الحنيني الفقيه وإلامام أبو طاهر محمد بن محمد الزيادي الفقيه قالوا :أنا الإمام أبو الوليد خان بن محمد القرشي الفقيه ثنا القاضي أبو العباس احمد بن عمر بن شريح الفقيه ثنا أبو داود السجستاني الفقيه الحافظ ثنا محمد بن سليمان إلا نباري الفقيه ثنا زيد بن الحباب البارع في الفقه والحديث عن محمد بن مسلم الطايفي افقه أقرانه عن عمرو بن دينار فقيه آل الزيد عن عكرمة فقيه مكة عن أبن عباس ( رضي الله عنه ) الذي دعا له النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال : ((اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل))(3) قال: قتل رجل من بني عامر فجعل النبي
(صلى الله عليه وسلم ) ديته اثنا عشر ألفا )).
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) المسلسلات للعلائي: ص7 .
(2) المسلسلات للعلائي: 8 ـ 9 .
(3) صحيح البخاري :1/48،صحيح مسلم رقم الحديث 138.(4/26)
سنن النسائي:كتاب القسامة باب ذكر الدية من الورق رقم الحديث 4721،سنن أبي داود :كتاب الديات باب الدية كم هي رقم الحديث 3940 ،سنن الدارمي :كتاب الديات الباب كم الدية من الورق والذهب رقم الحديث 2257.
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله : هذا حديث غريب الإسناد عجيب السلسلة (1).
3. الحديث المسلسل بالثقات
قال محمد الجزري(2) : اخبرنا شيخنا إلامام جمال الدين يوسف بن محمد السمرقندي رحمه الله مشافهة وكان ثقة أنا سيخنا أبو الثناء محمود بن محمد بن محمود الدقوقي وكان ثقة أنا عبد الصمد بن احمد بن أبي الحيش البغدادي وكان ثقة أنا أبو محمد يوسف بن عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي وكان ثقة اخبرني والدي وكان ثقة أنا أبو منصور محمد بن عبد الملك وكان ثقة أنا أبو محمد الجوهري وكان ثقة أبا أبو جعفر بن شاهين وكان ثقة ثنا عبد الله بن سليمان ابن الأشعث وكان ثقة ، ثنا علي بن خشرم وكان ثقة ثنا وكيع وكان ثقة ثنا سفيان الثوري ومسعر وكانا ثقتين عن عثمان بن المغيرة وقال وكيع وكان ثقة عن علي ابن الربيع الوالبي وكان ثقة عن إسماعيل بن الحكم وكان ثقة عن علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) قال :كنت إذا سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حديثا ينفعني الله بما شاء منه وإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته وان أبا بكر حدثني وصدق أبا بكر قال: ما من رجل يصيب ذنبا فيتوضأ ثم يصل ركعتين ويستغفر الله إلا غفر له.
تخريج اصل الحديث:
__________
(1) المسلسلات للعلائي :ص9.
(2) المسلسلات: ص4 ـ 5 شمس الدين محمد بن محمد الجزري ـ مخطوط بدار صدام للمخطوطات برقم 17278.(4/27)
سنن الترمذي :كتاب تفسير القران عن رسول الله باب ومن سورة آل عمران رقم الحديث 2932 ،سنن ابن ماجه: كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب ما جاء في أن الصلاة كفارة رقم الحديث 1385 محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ،دار الفكر بيروت،مسند احمد: كتاب مسند العشرة المبشرين بالجنة، الباب مسند أبي بكر الصديق رقم الحديث 2،53 .
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال أبو عيسى :هذا حديث قد رواه شعبة وغير واحد عن عثمان بن المغيرة فرفعوه ورواه مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة فلم يرفعاه وقد رواه بعضهم عن مسعر فاوقفه ورفعه بعضهم ورواه سفيان الثوري عن عثمان بن المغيرة فاوقفه ولا نعرف لاسماء بنت الحكم حديثا إلا هذا (1)
والإسناد مسلسل بالثقات.
الفرع الثاني : التوارد على وصف يتعلق بالتحمل(2) بما يرجع إلى (3):
صيغ الأداء كأن يتفق الرواة على قول حدثنا أو اخبرنا أو غيرها من صيغ الأداء من ابتداء السند إلى منتهاه .
زمان الرواية : كأن يتفق الرواة على رواية الحديث في وقت واحد أو يوم معين .
تاريخ الرواية : كأن يتفق الرواة على ذكر تاريخ الرواية كأول حديث سمعه من شيخه أو أن الراوي آخر من حدث عن شيخه.
وفيما يأتي تفصيل دلك
1.التوارد على وصف يتعلق بصيغ الأداء .
وهو أن يتفق الرواة على صيغة من صيغ أداء الحديث مثل حدثنا وأخبرنا وغير ذلك(4) ومن أمثلته:
أ . الحديث المسلسل بقولهم حدثنا :
__________
(1) سنن الترمذي :رقم الحديث 2932
(2) التحمل : هو الاخذ عن الغير.
(3) ينظر فتح المغيث: 4/39 .
(4) فتح المغيث :4\39.(4/28)
قال الحاكم (1):والنوع الثالث من المسلسل ما حدثناه أبو جعفر محمد بن علي الصائغ، ثنا احمد بن حازم بن أبي غرزة ، ثنا أبو نعيم ثنا نصير بن أبي الأشعث قال سمعت أبا الزبير يحدث انه سمع جابراً يقول سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم ) يقول : إذا نمت فأطف السراج واغلق الباب وأوك السقاء وخمر الإناء ، فإن الشيطان لا يفتح غلقا ولا يحل وكاء ولا يكشف أناء وان الفويسقة تضرم على الناس بيوتهم فإن لم تجد ما تخمره فاعرض عليه عودا واذكر اسم الله عليه .
تخريج اصل الحديث:
صحيح ابن خزيمة :كتاب جماع الأواني اللواتي يتوضأ منها أو يغتسل باب تسمية الله عز وجل عند تخمير الأواني رقم الحديث 131،صحيح بن حبان: باب الأوعية رقم الحديث 1271 ،سنن الترمذي :كتاب الأطعمة عن رسول الله ،باب ما جاء في تخمير الإناء وإطفاء السراج والنار عند المنام رقم الحديث 1812 ،سنن أبي داود: كتاب ألاشربة ،باب في إيكاء الآنية رقم الحديث 3732.
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال أبو عيسى:هذا حديث حسن صحيح وقد روي من غير وجه(2)
ولم أجد من حكم على تسلسل الحديث والله اعلم .
ب-الحديث المسلسل بسمعت :
قال الحاكم (3): سمعت أبا الحسين بن علي الحافظ يقول : سمعت علي بن سالم إلاصبهاني يقول: سمعت أبا سعيد يحيى بن حكيم يقول: سمعت عبد الرحمن ابن مهدي يقول : سمعت عبد الله بن شداد يقول :سمعت أبا هريرة يقول: الوضوء من ما مست النار قال فذكرت ذلك لمروان أو ذكر له فأرسل أو ارسلني إلى أم سلمة فحدثتني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) :(( كان يخرج إلى الصلاة فانتشل عظما أو أكل كتفا ثم صلى ولم يتوضأ )).
تخريج اصل الحديث:
سنن النسائي:1/107-108،مسند احمد :6/292.
الحكم على الحديث والتسلسل
لم أجد من حكم على الحديث والتسلسل والله اعلم.
__________
(1) معرفة علوم الحديث : 30-31.
(2) سنن الترمذي :رقم الحديث 1812
(3) معرفة علوم الحديث : 29 ـ 30 .(4/29)
التوارد على وصف يتعلق بزمان الرواية.
وذلك أن يكون وقت أو يوم تحمل الحديث مشتركا في جميع رواة الحديث ومن الأمثلة على ذلك(1) :
أ. المسلسل بتقليم الأظفار يوم الخميس :
قال العلامة محمد بن الجزري (2): رأيت الشيخ الصالح أبا هريرة عبد الرحمن بن الشيخ حافظ الشام أبي عبد الله محمد بن احمد بن عثمان أن الذهبي
رحمه الله يقلم أظفاره يوم الخميس ، وقال: رأيت الشيخ الصالح أبا العباس احمد بن عبد الرحمن بن يوسف البعلي يقلم أظفاره يوم الخميس وقال :رأيت الشيخ العالم أبا عبد الله محمد بن إسماعيل بن احمد المقدسي الخطيب يقلم أظفاره يوم الخميس وقال : رأيت إلامام المسند أبا الفرج يحيى بن محمود الثقفي يقلم أظفاره يوم الخميس وقال :رأيت جدي أبا القاسم إسماعيل بن محمد يقلم أظفاره يوم الخميس وقال : رأيت أبا محمد الحسن بن احمد السمرقندي يقلم أظفاره يوم الخميس وقال : رأيت العباس جعفر بن محمد المستغفري يقلم أظفاره يوم الخميس وقال: رأيت الشيخ محمد بن احمد المكي يقلم أظفاره يوم الخميس وقال: رأيت أبا القاسم إبراهيم بن محمد بن علي بن شاه المروزي بها يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت أبا بكر محمد بن عبد الله النيسابوري يقلم أظفاره يوم الخميس وقال : رأيت عبد الله بن موسى يقلم أظفاره يوم الخميس قال : ورأيت الفضل بن عباس الكوفي يقلم أظفاره يوم الخميس قال: رأيت الحسن بن هارون الضبي يقلم أظفاره يوم الخميس قال :رأيت حفص بن غياث يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت جعفر بن محمد يقلم أظفاره يوم الخميس قال: رأيت محمد ابن علي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت علي بن الحسين يقلم أظفاره يوم الخميس قال: رأيت الحسين بن علي يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت علي ( رضي الله عنه ) يقلم أظفاره يوم الخميس قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يقلم أظفاره
__________
(1) فتح المغيث :4\39.
(2) المسلسلات للجزري : 3-4.(4/30)
يوم الخميس ثم قال : يا علي قص الظفر ونتف الإبط وحلق العانة يوم الخميس والغسل والطيب واللباس يوم الجمعة ))
تخريج اصل الحديث:
الفردوس :5/233 .
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال الزين العراقي:في إسناده من يحتاج للكشف عنه من المتأخرين أما الحسين بن هارون الضبي ومن بعده فثقات(1)
3. التوارد على وصف يتعلق بتاريخ الرواية.
وذلك أن يذكر راوي الحديث أول حديث سمعه من شيخه أو كون الراوي آخر من يروي عن شيخه وله فروع عدة منها(2) :
أ.الحديث المسلسل بالأولية :
قال السيوطي(3) : حدثني أبو هريرة بن الملقن من لفظه وهو أول حديث سمعته منه قال :حدثني جدي وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا أبو الفتح الميدولي وهو أول حديث سمعته منه قال :حدثنا أبو الفرج الحراني وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا أبو الفرج بن الجوزي وهو أول حديث سمعته منه قال :حدثنا أبو سعد إسماعيل إبن أبي صالح وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثني والدي وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى ابن بلال البزار وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم وهو أول حديث سمعته منه قال: حدثنا سفيان بن عيينة وهو أول حديث سمعته منه عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء) .
تخريج اصل الحديث :
__________
(1) فيض القدير:4/519 .
(2) فتح المغيث :4\39.
(3) جياد المسلسلات :ص1.(4/31)
سنن الترمذي :كتاب البر والصلة عن رسول الله باب ما جاء في رحمة الناس رقم الحديث 1847،سنن أبي داود: كتاب الأدب ،باب في الرحمة رقم الحديث 4290 ،مسند أحمد كتاب مسند المكثرين من الصحابة، باب مسند عبد الله بن عمرو بن العاص رقم الحديث 6206،المسلسلات المختصرة للعلائي: ص1.
الحكم على الحديث والتسلسل:
قال أبو عيسى :هذا حديث حسن صحيح(1).
ولم أجد من حكم على التسلسل بصحة أو ضعف والله اعلم.
ب. الحديث المسلسل بإلاخرية :
قال العلامة عبد الحي اللكنوي(2) : ارويه عن شيخنا العدوي إجازة عن شيخ عقيلة أخبرنا الشيخ حسن بن علي العجيمي ، وأنا آخر عن آخر عنه بإلاجازة العام ، قال: أذن لي الشيخ أبو الوفاء احمد بن محمد العجيل اليمين في ما كتب لي إجازة وأنا آخر من حدث عنه عن يحيى بن مريم الطبري الحسيني إجازة مشافهة بعد سماع المسلسل منه ، وأنا آخر من سمع منه اخبرنا شمس الدين محمد بن احمد بن محمود الدميري الخليلي ، وهو آخر من حدث عنه اخبرنا أبو الفتح محمد إبن إبراهيم الميدومي وهو آخر من حدث عنه اخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني وهو آخر من حدث عنه اخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد وقال :ثنا إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار وهو آخر من حدث عنه اخبرنا أبو علي الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي ، وهو آخر من حدث عن عمارة بن محمد عن الصلت وهو آخر من حدث عنه قال سمعت أبا هريرة وهو آخر من حدث عنه قال :سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) يقول:
( لا تقوم الساعة حتى لا تنطح ذات قرن جماء ).
تخريج اصل الحديث :
مسند احمد: كتاب باقي مسند المكثرين، باب باقي المسند السابق رقم الحديث 9327، والبخاري في التاريخ الكبير (2/301) من طريق عمار بن محمد به .
الحكم على الحديث والتسلسل:
__________
(1) سنن الترمذي:رقم الحديث 1847
(2) ظفر الأماني : 316(4/32)
قال ابن حجر الهيتمي: حسن الإسناد عجيب التسلسل بالآخرية ولا ينافي كونه حسنا قول النسائي في الصلت بن يزيد انه منكر الحديث ، لان إبن حبان وثقه وجزم بكونه من التابعين (1).
المبحث الثالث
فائدته وبعض ما يعتريه
ويتضمن مطلبين :
المطلب الأول: فائدته .
المطلب الثاني: بعض ما يعتري الحديث المسلسل .
المطلب الأول
فائدة التسلسل
للحديث المسلسل فوائد عامة وخاصة ، فالعامة منها ما يشمل جميع أقسام الحديث المسلسل ، واما الخاصة فتقتصر على بعض منها ولا تمنع هذه الفوائد من ضعف الحديث المسلسل لان أسباب الضعف كثيرة، وسأذكر الفوائد على النحو الآتي:
الفوائد العامة
1. ما يدل على الاتصال وعدم الانقطاع في السند مثال ذلك ما تسلسل سنده بسمعت أو حدثنا أو اخبرنا (2)
2. البعد عن التدليس(3) من قبل رواته.وذلك ان يكون السند المسلسل بصيغ الأداء الصريحة وكان الراوة ثقات فان ذلك يمنع أن يكون فيه تدليس أو انقطاع في الظاهر اذا انتفت العلة القادحة الخفية في السماع (4)
3. الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ويكون ذلك في حالة كون الحديث مقبولا ، مثال ذلك حديث التشبيك (5)
4. اشتماله على ضبط من الرواة بحيث أن الراوي حفظ السند والمتن وزاد على ذلك الكيفية التي جاء بها السند (6)
5. معرفة مخرج الحديث وتعيين ما لعله يقع من الرواة مهملا ،مثاله ما توالى فيه راويان فاكثر اشتركوا في التسمية مثل عمران ثلاثة،الأول ،القصير، والثاني أبو رجاء العطاردي ،والثالث ابن حصين الصحابي .وفائدته دفع توهم الغلط حيث وقع إهمالهم(7) .
__________
(1) المناهل السلسلة:ص 380 .
(2) فتح المغيث :4\39.
(3) التدليس :وهو أن يروي عن شيخ لم يسمع منه موهما انه سمع منه. ينظر نزهة النظر :ص76
(4) فتح المغيث :4/39.
(5) الاقتراح 205 ؛ فتح المغيث 4/40
(6) علوم الحديث 249 ؛ فتح المغيث 4/40
(7) فتح المغيث :4\40.(4/33)
6. رفع اللبس عما يظن فيه تكرار أو انقلاب، مثال ذلك من اتفق اسمه واسم أبيه وجده كالحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.(1)
الفوائد الخاصة
الحديث المسلسل بالأئمة الحفاظ يفيد العلم النظري(2) عند بعض المحدثين،صرح بذلك ابن حجر العسقلاني واشترط لذلك إن لا يكون غريبا(3) ،مثال ذلك الحديث الذي سنده الإمام احمد ومعه ثقة غيره عن الشافعي ومعه ثقة غيره عن مالك ومعه ثقة غيره عن نافع ومعه ثقة غيره عن ابن عمر رضي الله عنه.(4)
المطلب الثاني
بعض ما يعتري الحديث المسلسل
أ- المسلسلات قلما تخلو من ضعف:
لقد بحث علماء الحديث في أسانيد الأحاديث المسلسلة فوجدوا أن أكثرها لا تخلو من ضعف وان كان فيها صحيح فهو قليل.
والمقصود هنا بالضعف هو من حيث التسلسل يحكم عليها بالضعف ،كالمسلسل بالمشابكة وإلا فان اصله في صحيح مسلم إلا أنه بالسند المسلسل ضعيف 0
قال إبن الصلاح : ( وقلما تسلم المسلسلات من ضعف التسلسل لا في المتن)(5) وقال السخاوي :((وقلما يسلم التسلسل من الضعف يحصل في وصف التسلسل لا في اصل المتن كمتسلسل المشابكة فمتنه صحيح والطريق بالتسلسل فيها مقال))(6).
مظاهر الضعف :
يعتري الحديث المسلسل من الضعف ما يعتري بقية أصناف الحديث من سقط في الإسناد أو طعن في الراوي وما يتفرع من هذين الأصلين من إرسال أو جهالة أو كذب إلى غير ذلك واليك بعض الأمثلة:
1. المسلسل بالأخذ باليد :
__________
(1) فتح المغيث 4/44
(2) العلم النظري :هو ما يتوصل إليه بالنظر والاستدلال. ينظر نزهة النظر :ص33
(3) الغريب:وهو ما يتفرد برواية الحديث شخص واحد. ينظر نزهة النظر :ص37
(4) نزهة النظر شرح نخبة الفكر: ص41.
(5) علوم الحديث لابن الصلاح 249 .
(6) فتح المغيث للسخاوي 4/40(4/34)
عن السيوطي(1) ، عن محمد بن مقبل ، عن الصلاح بن أبي عمر ، عن الفخر بن البخاري ، عن عمر ابن سعيد ، عن يحيى بن محمود عن إسماعيل بن محمد التيمي قال : اخبرنا أبو محمد الحسن بن احمد السمرقندي وأخذ بيدي أنا أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري وأخذ بيدي .
ح(2) وبالسند إلى إسماعيل العجلوني بسنده إلى كمال الدين بن حمزة قال في ثبته: اخبرنا شيخنا أبو العباس احمد بن علي الشحام سماعا عليه واخذ بيدي ، اخبرنا الكمال محمد بن النحاس والحسن بن محمد بن أبي الفتح وأخذ بيدي ، قال الأول :أنبأنا احمد بن عبد الرحمن وأخذ بيدي ، وقال الثاني : أنبأنا أبو العباس الجزري وأخذ بيدي قالا : اخبرنا أبو عبد الله خطيب مردا قال : كل واحد منهما وأخذ بيدي قال : اخبرنا أبو الفرج الثقفي وأخذ بيدي قال : أنبأنا أبو القاسم التميمي وأخذ بيدي قال : اخبرنا محمد السمرقندي وأخذ بيدي قال : اخبرنا أبو العباس جعفر بن محمد المستغفري .
__________
(1) المناهل السلسلة 381 ـ 382 .
(2) أي للتحويل من سند الى آخر(4/35)
ح : وبالسند إلى أبي الصبر أيوب قال :أخذ بيدي إبراهيم بن الأحدب قال : أخذ بيدي البدر الغزي ، أخذ بيدي أبو الفتح المزي ، ثنا القاضي شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري واخذ بيدي ، وقال إبن الأحدب: روينا عن محمد بن الدوان الشهاب بن حمزة عن الكمال بن حمزة الحسيني إجازة ، ثنا أبو العباس احمد بن علي بن الشحام سماعا عليه وأخذ بيدي قال : هو وابن الجزري ، ثنا الجمال محمد بن محمد إبن نصر الله وأخذ بيدي كل منهما ، ثنا أبو العباس احمد بن علي الجزري وأخذ بيدي ، ثنا أبو العباس احمد بن عبد الرحمن ، واخذ بيدي ، ثنا محمد بن إسماعيل خطيب مردا ، وأخذ بيدي ثنا أبو حفص عمر بن محمد المزي وأخذ بيدي ثنا علي بن محمد بن عبد الواحد وأخذ بيدي ثنا يحيى بن محمود والثقفي ، وأخذ بيدي ثنا جعفر بن محمد المقرئ ، وأخذ بيدي أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد السرخسي ، وأخذ بيدي يوم خروجي من سرخسي وكان أخر حديث سمعته منه انا محمد بن احمد بن داود أبو العباس واخذ بيدي ، أنا أبو الحسن احمد بن احمد بن محمد البلخي كذلك ، نا عبد الله بن احمد بن سحوبة كذلك ، أنا عبد الله احمد بن سحوبة كذلك ، أنا إبراهيم بن هدية كذلك ، أنا انس ابن مالك وأخذ بيدي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءه رجل من الحرة فقال يا رسول الله متى الساعة فقال ما أعددت لها ؟ قال : لم اعد لها كثير من صلاة وصيام ولا صدقة إلا أني احب الله ورسوله فقال :المرء مع من احب.
تخريج اصل الحديث :
صحيح البخاري :كتاب الأدب، باب علامة حب الله عز وجل رقم 5702 ،صحيح مسلم: كتاب البر والصلة والآداب ،باب المرء مع من احب رقم 4779 ،سنن الترمذي: كتاب الزهد عن رسول الله باب ما جاء أن المرء مع من احب رقم 2307 وقال: هذا حديث صحيح ،سنن أبي داود: كتاب ألادب باب إخبار الرجل الرجل بمحبته إياه رقم 4462 ،مسند احمد :كتاب مسند المكثرين من الصحابة ،باب مسند عبد الله بن مسعود رقم 3534 .(4/36)
الحكم على الحديث والتسلسل :
اصل الحديث في الصحيحين وهذا يكفي بالحكم على صحته.
قال ابن الطيب(1):صرحوا بضعف التسلسل بل ببطلانه أما المتن فثابت.
2.المسلسل بالعد في اليد
قال الحاكم(2):والنوع السادس من المسلسل ما عدهن في يدي أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة وقال لي :عدهن في يدي علي بن أحمد بن الحسين العجلي وقال لي: عدهن في يدي حرب بن الحسن الطحان وقال لي :عدهن في يدي يحيى ابن المساور الحناط وقال لي: عدهن في يدي عمرو بن خالد وقال لي: عدهن في يدي زيد بن علي بن الحسين وقال لي: عدهن في يدي علي بن الحسين وقال :عدهن في يدي أبي الحسين بن علي وقال لي :عدهن في يدي علي بن أبي طالب وقال لي :عدهن في يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :عدهن في يدي جبريل وقال جبريل: هكذا نزلت بهن من عند رب العزة اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم ترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم تحنن على محمد وآل محمد كما تحننت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد اللهم وسلم على محمد وعلى آل محمد كما سلمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وقبض حرب خمس أصابعه وقبض علي بن أحمد العجلي خمس أصابعه وقبض شيخنا أبو بكر خمس أصابعه وعدهن في أيدينا وقبض الحاكم أبو عبد الله خمس أصابعه وعدهن في أيدينا وقبض أحمد بن خلف خمس أصابعه وعدهن في أيدينا
تخريج اصل الحديث :
مسند احمد :2/43 ، 4/44، 274 ، شعب الإيمان :2\222 ،عمل اليوم والليلة لابن السني : 92 ، احمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت ، المسلسلات ابن الجزري :ص1.
__________
(1) المناهل السلسلة ص 382
(2) معرفة علوم الحديث ص32(4/37)
الحكم على الحديث والتسلسل :
قال البيهقي في شعب الإيمان بعد أن روى التسلسل :وهكذا ابلغنا هذا الحديث وهو إسناد ضعيف .
قال محمد عبد الباقي :اخرج ابن مسدي في مسلسلاته وقال انه غريب من هذا الوجه ، وقال السخاوي في القول البديع : اخرج الحاكم في علوم الحديث له ، ومن طريق عياض في الشفاء واخرج أبو القاسم التيمي وابن بشكوال وغيرهما مسلسلات أيضا ورجال سنده فيهم من اتهم بالكذب والوضع فالحديث بسبب ذلك تالف . أ.هـ.
قلت ـ أي محمد عبد الباقي ـ هو عمرو بن خالد القرشي مولى بني هاشم أبو خالد الكوفي ثم الواسطي ، يروي عن زيد بن علي لم عنده نسخة كذبه إبن معين ، وقال أبو زرعة يضع ، قال احمد كذاب يروي عن زيد بن علي آبائه أحاديث ، موضوعة ـ والله اعلم(1).
3. الحديث المسلسل بالاتكاء :
__________
(1) المناهل السلسلة : 63 ـ 65 .(4/38)
قال محمد عبد الباقي(1): اخبرني صالح بن عبد الله السناري وهو متكئ ، اخبرني محمد بن خليل القاوقجي وهو متكئ ، اخبرني محمد عابد السندي وهو متكئ ، اخبرني يوسف بن محمد بن علاء الدين المزجاجي وهو متكئ ، اخبرني والدي محمد بن علاء المزجاجي وهو متكئ ، ثني عبد الرحمن بن محمد بن الذهبي نزيل بيت العقبة بلدة معروفة باليمن وهو متكئ ، ثني عبد الباقي الحنبلي وهو متكئ ، ثني محمد القطان وهو متكئ ، ثني الشهاب احمد بن حجر الهيتمي المكي ، ثني زكريا الأنصاري وهو متكئ ، ثني الحافظ أبو احمد الدمياطي وهو متكئ ، أنا أبو محمد بن رواح وهو متكئ ، أنا الحافظ أبو طاهر احمد إلاصفهاني وهو متكئ ، قرأت على أبي الفتح ابن ديار بن مسعود الغزنوي بأصفهان وهو متكئ قال قرأت على أبي الحسن علي بن محمد نصر اللبان الدينوري وهو متكئ قرأت على أبي القاسم حمزة بن يوسف السهمي بجر جان وهو متكئ ، قرأت على أبي الحسن على بن احمد بن محمد بن احمد بن الحسين القراوني بالبصرة وهو متكئ قرأت على أبي علي الحسن بن الحجاج بن غالب الطبري بمحلة بمصر وهو متكئ ، قرأت على أبي العلاء محمد جعفر الكوفي بالرملة وهو متكئ قرأت على عاصم بن علي وهو متكئ ، قرأت أنا على الليث بن سعد وهو متكئ ، قرأت على علي بن زيد وهو متكئ ، قرأت على بكر بن الفرات وهو متكئ ، قرأت على انس بن مالك وهو متكئ ، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ) ( ما احسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار ) .
تخريج اصل الحديث
شعب الإيمان: 6/24،جياد المسلسلات: ص11.
الحكم على الحديث والتسلسل :
قال ابن عدي في الكامل: وهذا الحديث بهذا الإسناد في إسناده بعض النكرة(2)
قال احمد عابد السندي وغيره : أخرجه الكتاني وغيره من أهل المسلسلات وفي رجال إسناده مجاهيل (3).
أسباب الضعف :
__________
(1) المناهل السلسلة :82.
(2) الكامل في ضعفاء الرجال :3/81.
(3) المناهل السلسلة :ص 83 .(4/39)
1.أن الأئمة كانوا يذكرونها لاجل التفنن في الرواية والتبرك بها،فتساهلوا في
ذلك ولو كانوا يروونها لاجل الاستنباط كما هي عادة فقهاء أهل الحديث لتشددوا في روايتها(1).
2. كثرة الإحالات في السند.
3. التماثل في جميع السند يدعو إلى الريبة والحذر لأنه نادر الوقوع 0
4. الاهتمام بالتسلسل دون النظر إلى جانب الصحة والضعف .
ب- اصح الأسانيد :
أما اصح الأسانيد المسلسلة فهو الحديث المسلسل في سورة الصف قال السخاوي : (( وأصحها مطلقا المسلسل بسورة الصف ثم بالأولية )) (2) .
وقال السيوطي: (( قال شيخ الإسلام ـ ويقصد بذلك إبن حجر العسقلاني ـ اصح مسلسل يرد في الدنيا مسلسل بقراءة سورة الصف .
قلت : والمسلسل بالحفاظ والفقهاء أيضا بل ذكر في شرح النخبة أن المسلسل بالحفاظ مما يفيد العلم القطعي )).(3)
المبحث الرابع
أنواع المسلسلات
ويتضمن مطلبين :
المطلب الأول : المسلسلات التامة .
المطلب الثاني: المسلسلات الناقصة.
المطلب الأول
المسلسلات التامة
__________
(1) الآيات البينات شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات :1\5 عبد الحفيظ الفاسي ،المطبعة الوطنية ،الرباط،المغرب.
(2) فتح المغيث : 4/40 .
(3) تدريب الراوي : 2/189.(4/40)
وهو وما كان التسلسل من الابتداء إلى الانتهاء وهو الأكثر في الأحاديث المسلسلة ، وقد ذكر الإمام الحاكم أمثلة منها ثم قال: فهذه أنواع المسلسل من الأسانيد المتصلة التي لا يشوبها تدليس وآثار السماع بين الراويين فيها ظاهرة(1) .وقد تقدمت في البحث أمثلة للمسلسلات التامة ولكن هناك بعض الأحاديث وقع الخلاف فيها هل هي تامة التسلسل أم أن التسلسل انقطع فيها كحديث عبد الله بن عمرو بن العاص (( الراحمون يرحمهم الرحمن )) المسلسل بالأولية وقعت لجل رواته حيث كان أول حديث سمعه كل راو منهم من شيخه قال الإمام السخاوي : إنما يصح التسلسل فيه إلى إبن عيينة خاصة وانقطع فيمن فوقه على المعتمد ، وبعض من الرواة قد وصله إلى آخره إما غلطا كما أشار إليه إبن الصلاح حيث أورد الحديث في بعض التخاريج متصل السلسلة وقال عقبه : انه غريب جدا وفي موضع آخر انه منكر ، وأبو طاهر يعني إبن محمش راويه فمن فوقه لا مطعن فيهم ، ومع ذلك فاحسب أو أبت أن هذا سهو أو خطأ صدر من بعضهم عن قلة معرفة بهذه الصناعة فليس يصح تسلسله بكماله من وجه ما واما كذبا كأبي المظفر محمد بن علي الطبري الشيباني حيث وصله وتواقح فأرخ سماع إبن عيينة له من عمرو( بن دينار) في سنة ثلاثين ومائة وافتضح فان عمرو مات قبل ذلك إجماعا ، وأرخ سماع عمرو أيضا له من أبي قابوس سنة ثمانين ولم يتابع على ذلك ولا على أشياء انفرد بها فيه غير ذلك بحيث جزم غير واحد من الحفاظ باتهامه به لا سيما وقد رواه إبن عساكر وغيره عن شيخه فيه بدون ما أتى به بل كالناس وقد سلسله بعضهم إلى الصحابي فقط وبعضهم إلى تابعي فقط وكل ذلك باطل وقع عمدا من راويه أو سهوا كما بينته واضحا في أول المتبائنات التي أفردتها من حديثي وفقد جمع طرق هذا الحديث الحافظ الذهبي في جزء سمعناه سماه العذب السلسل في الحديث المسلسل وكذا التقي السبكي ومن قبلهما إبن الصلاح ومنصور بن سليم وأبو
__________
(1) معرفة علوم الحديث :ص34.(4/41)
القاسم السمرقندي فآخرون)(1).
المطلب الثاني
المسلسلات الناقصة
الأصل في التسلسل أن يكون متصلا من أوله إلى آخره ولكن قد يقع انقطاع في التسلسل في بعض طبقات التسلسل وهذا النوع يسمى المسلسلات الناقصة ، قال الإمام السخاوي : ومن المسلسلات الناقصة ما اجتمع في روايته ثمانية في نسق اسمهم زيد أو سبعة أو ستة من التابعين أو ست فواطم أو خمسة كنيتهم أبو القاسم أو أبو بكر أو اسمهم محمد بن عبد الواحد أو احمد أو خلف أو صحابة أو أربع اسمهم إبراهيم أو إسماعيل أو علي أو سليمان أو صحابيات أو اخوة من التابعين أو حنفيون أو ثلاثة من الأئمة المتبوعين ، أو اسمهم أبان أو أسامة أو إسحاق أو خالد أو عمران أو خولان أو اثنان كل منهما اسمه الحسن بن احمد بن الحسن بن احمد أو اسمه نصر بن علي أو عثام بن علي في أشباه لذلك كأن يتوالى في رواته بصريون أو مدنيون أو مغربيون أو مالكيون أو حنبليون أو ظاهريون أو عدة نسوة كما وقع في أبي داود (2) من حديث مسلم بن إبراهيم عن غيطة ابنة عمرو أم عمرو المجاشية عن عمتها أم الحسن عن جدتها عن عائشة أن هند ابنة عتبة قالت : يا نبي الله بايعني …. الحديث ، أو المزكوم عن الزمن عن المفلوج عن ألأثرم عن الأحدب عن الأصم عن الضرير عن الأعمش عن الأعور عن الأعرج عن الأعمى كما أورده بخصوصه إبن ناصر الدين والكتاني ، وفي نزهة الحفاظ لأبي موسى المديني مما أشرت إليه وأشباهه الكثير ولكن جل الغرض هنا إنما هو فيما تسلسل من ابتدائه إلى انتهائه(3) .
الخاتمة
الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد الصادق الأمين ،وعلى اله الأطهار وصحابته الأخيار ومن دعا بدعوته وسار على ملته إلى يوم الدين ،أما بعد:
__________
(1) فتح المغيث :4\41-42،وينظر شرح التبصرة والتذكرة : 4/15 ، نزهة النظر : 116.
(2) رواه أبو داود : 11/ 222 .
(3) فتح المغيث :4\43 .(4/42)
فقد وصلنا إلى نهاية المطاف في هذا البحث المتواضع مما يحدوني في هذا المقام إلى أن أبين ثماره ونتائجه التي توصلت إليها بعد أن كانت مجهولة لدي في بداية البحث ،فهنا أستطيع أن أوضح زبدة البحث في النقاط الآتية :
1. أن التسلسل من صفات الإسناد وليس للمتن منه نصيب.
2. أن الأحاديث المسلسلة عامتها ضعيفة والصحيح منها قليل .
3. أن الحديث المسلسل لا يدل على صحة الحديث أو ضعفه أو وقفه أو رفعه وإنما يدل على الكيفية التي جاء بها الإسناد من حال أو وصف ولذلك وضعه العلماء في ما يسمى بلطائف الإسناد.
4. إن للحديث المسلسل فوائد كثيرة ولكن أهمها: أن بعضا منها يفيد العلم النظري كما هو الحال في الحديث المسلسل بالأئمة الحفاظ أن لم يكن غريبا.
5. إن اصح مسلسل يروى في الدنيا الحديث المسلسل بسورة الصف.
6. ان فضيلة الحديث المسلسل هو الإقتداء بالنبي (صلى الله عليه وسلم)في أقواله وأفعاله وسائر أحواله.
7.أن العلماء بذلوا جهودا كبيرة في التأليف فيه إما على أجزاء منه أو على كافة أنواعه وصوره فجزاهم الله عنا خير الجزاء.
8. ندرة الأبحاث التخصصية في مصطلح الحديث المسلسل وقلة تحقيق مخطوطاته.
أهم التوصيات
من خلال بحثي في هذا الموضوع فقد وجدت بعض المخطوطات في الحديث المسلسل لم تحقق إلى الوقت الحاضر فبودي لو توجه عناية الطلبة الباحثين إلى تحقيق مثل هذه المخطوطات القيمة خدمة للحديث النبوي الشريف وللدين الإسلامي الحنيف .
وان من أهم أماكن تواجد هذه المخطوطات في العراق هي المراكز الآتية:
1.دار صدام للمخطوطات.
2.مكتبة المجمع العلمي.
3.مكتبة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلى الله على سينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم إلى يوم الدين.(4/43)
الأعلام
الأعمش .
أبو محمد سليمان بن مهران الاسدي الكاهلي مولاهم ثقة حافظ ،توفي سنة (147هـ ) .
وفيات الأعيان :2/420 أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ،دار الثقافة ،بيروت ، تذكرة الحفاظ : 1/154.
الأوزاعي .
عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي أبو عمرو الإمام الحافظ فقيه أهل الشام المتوفى سنة (157هـ) .
وفيات الأعيان:3\127،تذكرة الحفاظ :1\178.
الباجوري.
إبراهيم بن محمد بن احمد الباجوري شيخ الجامع الأزهر ، من فقهاء الشافعية نسبه إلى باجور ، من قرى المنوفية ، ولد ونشأ فيها ، وتعلم في الأزهر وكتب حواشي كثيرة منها ( حاشية على مختصر السنوسي ، في المنطق ، والتحفة الخيرية ) وغيرها ،توفي سنة ( 1277هـ ).
معجم المطبوعات العربية والمعربة: ص507 يوسف ألبان سر كيس، مطبعة سركيس ،الأعلام: 1/66.
ابن بشكوال .
خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال الخزرجي الأنصاري الأندلسي أبو القاسم : مؤرخ بحاث من أهل قرطبة ولادة ووفاة ولي القضاء في بعض جهات اشبيلة له نحو خمسين مؤلفا اشهرها الصلة في تاريخ رجال الأندلس وهو مطبوع،
توفي سنة (578 هـ).
وفيات الأعيان: 1/172 ، الأعلام: 2/359 .
5.ابن الجزري.
محمد بن محمد بن علي بن يوسف ، أبو الخير شمس الدين العمري الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي ، الشهير بابن الجزري ، شيخ الإقراء في زمانه ، من حفاظ الحديث ولد ونشأ في دمشق ، وابتنى فيها مدرسة سماها ( دار القرآن ) ورحل إلى مصر مرارا ، ودخل بلاد الروم ، وسافر مع تيمور لنك إلى ما وراء النهر إلى شيراز فولى قضاءها ، ومات فيها ، ومن كتبه ( النشر للقراءات العشر ) والتمهيد في علم التجويد ) وغيرها ،توفي سنة (833هـ).
طبقات الحفاظ للسيوطي: 3/85 ،الأعلام :7/274.
6.ابن جماعة .(5/1)
محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الحموي ثم المصري الشافعي بدر الدين أبو عبد الله شيخ الإسلام وقاضي القضاة بمصر والشام ، ومن كتبه : التبيان لمهمات القرآن ، المسالك في علم المناسك ، والمنهل الروي في مصطلح الحديث، وغيرها كثير ، توفي سنة ( 733هـ ) .
شذرات الذهب : 6/106 ،
7.الحاكم .
محمد بن عبد الله حمدويه بن نعيم الضبي ، الطهماني النيسابوري الشهير الحاكم ويعرف بابن البيع ، أبو عبد الله من أكابر حفاظ الحديث ، والمصنفين فيه ، مولده ووفاته في نيسابور رحل إلى العراق سنة 341هـ وحج واخذ عن نحو الفي شيخ، صنف كتبا كثيرة جدا ، قال ابن عساكر : وقع من تصانيفه المسموعة في أيدي الناس ما يبلغ ألفين وخمسمائة جزء ،منها تاريخ نيسابور ، والمستدرك وغيرها ،توفي سنة (405هـ ).
وفيات الأعيان: 1/484 ،طبقات السبكي: 3/64 ، الرسالة المستطرفة:17،الأعلام: 7/101.
8.ابن حجر العسقلاني.
شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر الكناني العسقلاني الشافعي المصري المولد والمنشأ والدار والوفاة الحافظ إمام الأئمة في زمانه سيد المحدثين في العصور المتأخرة ألف كتبا كثيرة منها ( فتح الباري شرح صحيح البخاري ) و ( تهذيب التهذيب ) و ( نزهة النظر ) وغيرها كثيرة ، توفي سنة (852هـ ). ... ... الضوء اللامع لأهل القرن التاسع: 2/36 محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي دار مكتبة الحياة ،بيروت.
9.الخطيب البغدادي .
احمد بن علي بن ثابت البغدادي أبو بكر المعروف بالخطيب : أحد الحفاظ المؤرخين المقدمين مولده في منتصف الطريق بين الكوفة ومكة ووفاته ببغداد له مصنفات كثيرة منها ( تاريخ بغداد ، الكفاية في علم الرواية ، الفوائد المنتخبة )، توفي سنة (463هـ ).
وفيات الأعيان :1/27 ،الأعلام :1/166 .
10.ابن دقيق العيد .(5/2)
محمد بن علي بن وهب بن مطيع ، أبو الفتح ، تقي الدين القشيري ، المعروف كأبيه وجده ، بابن دقيق العيد : قاض ، من أكابر العلماء بالأصول ، مجتهد ، اصل أبيه من منفلوط ( بمصر ) انتقل إلى قوص ، وولد له صاحب الترجمة في ينبع ( على ساحل البحر الأحمر ) فنشأ بقوص ، وتعلم بدمشق والإسكندرية ، ثم بالقاهرة ، وولي قضاء الديار المصرية سنة 695هـ ، فاستمر إلى أن توفي بالقاهرة ، له تصانيف منها( أحكام الأحكام ) في الحديث ، و( الإلمام في أحاديث الأحكام ) و ( الاقتراح في بيان الاصطلاح ) وغيرها ،توفي سنة( 702هـ).
الأعلام :7/34 .
11.الدهلوي .
احمد بن عبد الرحيم الفاروقي الدهلوي الهندي ، أبو عبد العزيز ، الملقب شاه ولي الله ، فقيه حنفي من المحدثين من أهل دهلي بالهند ،من كتبه الفوز الكبير في أصول التفسير ، عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد ، وغيرها ،توفي سنة (1176هـ ).
فهرست الفهارس: 1/125 ،أبجد العلوم: 912: صديق حسن خان القنوجي ،دار الكتب العلمية بيروت ،الأعلام :1/144 .
12.الزهري .
محمد بن مسلم بن عبيد الله ابن شهاب الزهري ، من بني زهرة بن كلاب تابعي من أهل المدينة ، ونزل الشام واستقر بها ، كتب عمر بن عبد العزيز إلى عماله : عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدا اعلم بالسنة الماضية منه ، قال ابن الجزري : مات بشغب، آخر حد الحجاز وأول حد فلسطين ،توفي سنة (124هـ).
وفيات الأعيان: 1/451 ، تذكرة الحفاظ: 1/102 ، تهذيب التهذيب: 9/445 شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر العسقلاني ، دار الفكر،بيروت ،الأعلام :7/317 .
13.السخاوي .
هو محمد بن عب الرحمن السخاوي الشافعي ، شمس الدين مؤرخ محدث واصله من سخا وهي قرية من قرى مصر ولد في القاهرة ( سنة 831 هـ ) وتوفي بالمدينة سنة ( 902هـ ) لازم الحافظ ابن حجر العسقلاني وتخرج عليه اشهر كتبه فتح المغيث شرح ألفية الحديث والضوء اللامع والمقاصد الحسنة .(5/3)
فهرست الفهارس للكتاني : 2/989 .
14.السيوطي.
أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كامل أبو بكر الاسيوطي الشافعي صاحب فنون وإمام في كثير من العلوم ، ألف في كل فن ومن مصنفاته الدر المنثور في التفسير بالمأثور وتدريب الراوي شرح تقريب النواوي في مصطلح الحديث ، وغيرها ، توفي سنة ( 911هـ ) .
معجم المؤلفين: 5/128 .
15.ابن شاذان .
احمد ابن إبراهيم بن الحسن بن شاذان ، أبو بكر البزاز ، محدث بغداد في عصره مولده ووفاته فيها ، واصله من دورق من أعمال الأهواز له مسلسلات في الحديث ،توفي سنة (383هـ ) .
تاريخ بغداد : 4/18 ، الرسالة المستطرفة : 62 .
16.شعبة بن الحجاج .
شعبة بن الحجاج بن الورد العتكي الازدي ، مولاهم ، الواسطي ثم البصري أبو بسطام : من أئمة رجال الحديث ، حفظا ودراية وتثبيتا ، ولد ونشأ بواسط وسكن البصرة إلى أن توفي وهو أول من فتش في العراق عن أمر المحدثين ، وجانب الضعفاء والمتروكين قال الإمام احمد هو أمة وحده في هذا الشأن وقال الشافعي : لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق ، وكان عالما بالأدب والشعر ،قال الأصمعي: لم أر أحدا قط اعلم بالشعر من شعبة ،توفي سنة (160هـ).
تاريخ بغداد : 9/255 ،الأعلام :3/244 .
17.ابن الصلاح .
تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن الشهرزوري الكردي المعروف بابن الصلاح المتوفى سنة ( 643هـ ) .
وفيات الأعيان: 3/243 ، تذكرة الحفاظ: 4/143.
18.ضياء الدين المقدسي.
محمد بن عبد الواحد بن احمد بن عبد الرحمن السعدي المقدسي الأصل الحنبلي ، أبو عبد الله ، ضياء الدين عالم بالحديث ، مؤرخ من أهل دمشق مولدا ووفاة ، بني فيها مدرسة دار الحديث الضيائية المحمدية بسطح قاسيون ، شرقي الجامع المظفري ، ووقف بها كتبه ، ورحل إلى بغداد ومصر وفارس ، وروى عن اكثر من 500شيخ من كتبه ( الأحكام في الحديث لم يتم) ( وفضائل الأعمال) و ( والأحاديث المختارة ) وغيرها ،توفي سنة( 643هـ ) .(5/4)
شذرات الذهب : 5/224،الأعلام :7/124 .
19أبو طاهر:
هو الفقيه العلامة محمد بن محمد المحمش أبو طاهر الزيادي النيسابوري الأديب ( 327 ـ 410)
سير علام النبلاء : 17/276 ، الطبقات الكبرى للسبكي : 4/198 .
20.ابن طولون .
محمد بن علي بن احمد بن علي بن خمارويه بن طولون الدمشقي الصالحي الحنفي ، شمس الدين مؤرخ عالم بالتراجم والفقه لم يتزوج ولم يعقب، توفي سنة (953هـ) .
الأعلام :7/184.
21.ابن الطيب .
محمد بن الطيب محمد بن محمد بن محمد الشرقي الفاسي المالكي ، نزيل المدينة المنورة أبو عبد الله محدث علامة باللغة والعلم والأدب مولده بفاس ووفاته بالمدينة سنة ( 1170هـ ) .
الرسالة المستطرفة :63 ، الأعلام :7/47 .
22.الطيبي .
شرف الدين الحسيني بن محمد بن عبد الله الطيبي عالم في الحديث والتفسير والبيان كان شديد الرد على المبتدعة ، آية في استخراج الدقاق في الكتاب والسنة، توفي سنة( 723 هـ ) .
الأعلام: 7\53.
23.عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد الحسني.
عبد الحفيظ بن الحسن بن محمد الحسني العلوي ، أبو المواهب : من سلاطين الدولة العلوية في المغرب الأقصى ، كان فقيها أديبا ، ولد بفاس ، ونشأ في قبيلة بني عامر في الجنوب الغربي من مراكش ) وتوفي والده السلطان حسن ( سنة 1894 ) وخلفه عبد العزيز بن الحسن ، فانتدب عبد الحفيظ ( سنة 1904 ) خليفة له عاملا بمراكش ومن مؤلفاته ( منظومة في مصطلح الحديث ) ( الجواهر اللوامع في نظم جمع الجوامع ) وغيرها، توفي سنة (1383هـ).
الأعلام: 4/50
24.عبد الكبير بن محمد الكتاني.
عبد الكبير بن محمد بن عبد الكبير الحسني الادريسي الكتاني ، فقيه من أعيان فاس مولده ووفاته فيها ، وهو والد صاحب فهرس الفهارس ، من كتبه ( مبرد الصوارم والأسنة في الذب عن السنة ) و ( والمترب النفيس في ترجمة مولانا إدريس بن إدريس ) والانتصار لال البيت المختار، توفي سنة (1333هـ) .(5/5)
فهرس الفهارس: 2/139، الأعلام :4/175.
25.عبد الله بن عون.
أبو محمد عبد الله بن ارطبان بن عون البصري، ثقة فاضل ،توفي سنة (150هـ).
تذكرة الحفاظ: 1/382ـ384 ، تقريب التهذيب: 1/401 شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد المعروف بابن حجر العسقلاني دار الرشيد، سوريا.
26.العراقي.
عبد الرحيم بن الحسين زين الدين أبو الفضل الحافظ العراقي الشافعي الإمام الكبير حافظ العصر وصاحب المصنفات البديعة في الحديث منها التقييد والإيضاح ، توفي سنة(806هـ) .
طبقات الحفاظ للسيوطي :538 .
27.ابن عساكر .
علي بن الحسن بن هبة الله ، أبو القاسم ، ثقة الدين ابن عساكر الدمشقي ، المؤرخ الحافظ الرحالة ، كان محدث الديار الشامية ، ورفيق السمعاني ( صاحب الأنساب) في رحلاته ، مولده ووفاته في دمشق ، له تاريخ دمشق الكبير ، يعرف بتاريخ ابن عساكر اختصره الشيخ عبد القادر بدران بحذف الأسانيد والمكرر وسمي المختصر تهذيب تاريخ ابن عساكر ، وهو مطبوع ولأبن عساكر كتب أخرى كثيرة ،توفي سنة(571هـ).
وفيات الأعيان :1/335 ، البداية والنهاية :12/294 ،الأعلام: 5/82 .
28. ابن عقيلة .
محمد بن احمد بن سعيد الحنفي المكي شمس الدين ، المعروف كوالده بعقيلة ، مؤرخ ، من المشتغلين بالحديث ، من أهل مكة ، مولده ووفاته فيها ، من كتبه ((لسان الزمان )) في التاريخ ، رتبه على حوداث السنين إلى سنة 1123هـ ، و (( الفوائد الجليلة في الحديث )) المواهب الجزيلة في مسلسلات ابن عقيلة )) مخطوط وغيرها ،توفي سنة (1205هـ).
الرسالة المستطرفة : 84 ، الأعلام :6/13 ، معجم المؤلفين : 8/264
29.العلائي .(5/6)
خليل بن كيكلدي بن عبد الله العلائي الدمشقي أبو سعيد صلاح الدين محدث فاضل بحاثة ولد وتعلم في دمشق ورحل طويلا ثم أقام في القدس مدرسا في الصلاحية سنة 731هـ ، وتوفي فيها من كتبه ( المجموع المذهب في قواعد المذهب ، وكتاب الأربعين في أعمال المتقين ، والمسلسلات ) وغير ذلك ،توفي سنة ( 694 هـ ).
فهرست الفهارس :1/117 ، الأعلام :2/369 .
30.علي بن ظاهر الوتري .
علي بن ظاهر الحنفي ، أبو الحسن : من علماء بالحديث ، مولده ووفاته بالمدينة ، اشتهر برحلة اخذ بها الحديث من أعلام رجاله في مصر والشام وتونس والجزائر والمغرب الأقصى وبخارى وسمرقند له ( مسلسلات ) و ( أوائل ) في الحديث، توفي سنة(1322هـ).
فهرست الفهارس :1/71 ،الأعلام :5/110 .
31.عمر بن احمد الشماع .
عمر بن احمد بن علي الشماع الحلبي الشافعي ، أبو حفص ، زين الدين ، فقيه اثري إخباري من أهل حلب ، رحل إلى المدينة ، ومكة ، وبيت المقدس ، وحمص، وحماة ، وصفد ، والقاهرة وغيرها ، وغيرها ، ومن كتبه ( مورد الظمأن في شعب الإيمان) ، و ( مختصره تنبيه الوسنان إلى شعب الإيمان) و ( العذب الزلال في مناقب الآل ) و( اليواقيت المكللة في الأحاديث المسلسلة ) وغيرها، توفي سنة (936هـ).
سير أعلام النبلاء :5/480 ،شذرات الذهب: 8/218،الأعلام :5/197.
32.القاوقجي .
محمد بن خليل بن إبراهيم ، أبو المحاسن القاوقجي : عالم بالحديث ، فقيه حنفي باحث ، من أهل طرابلس بالشام ، ولد وتلقى مبادئ العلوم فيها ، ورحل إلى مصر سنة 1239هـ فتفقه في الأزهر وأقام 27سنة وعاد إلى بلده ، ومات حاجا بمكة سنة (1305هـ)، كان مسند بلاد الشام في عصره ،له نحو ( 100 ) كتاب ، منها (( معدن اللألي في الأسانيد العوالي )) مخطوط (( رفع الأستار المسدلة عن الأحاديث المسلسلة )) مخطوط ، وغيرها ، كان خطيبا مفوها .
الرسالة المستطرفة: 115 ، فهرست الفهارس :1/69 ،الأعلام: 6/352 .
33.القرطبي .(5/7)
محمد بن احمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي الأندلسي ، أبو عبد الله، القرطبي : من كبار المفسرين ، صالح متعبد من أهل قرطبة رحل إلى الشرق،واستقر بمدينة ابن حصيب في شمالي أسيوط ، بمصر ) وتوفي فيها ، من كتبه الجامع لأحكام القرآن يعرف بتفسير القرطبي ، وقمع الحرص بالزهد والقناعة ، والاسنى في شرح أسماء الله الحسنى ، وغيرها توفي سنة(642هـ).
الأعلام :6/217 ـ 218 .
34.قوام السنة التيمي.
إسماعيل بن محمد بن علي القرشي الطلحي التيمي الأصبهاني أبو القاسم الملقب بقوام السنة ، من أعلام الحفاظ كان إماما في التفسير والحديث واللغة من كتبه (( الجامع )) في التفسير ، و(( الإيضاح )) ، في التفسير ودلائل النبوة،توفي سنة ( 535هـ )
شذرات الذهب: 4/105 ،الأعلام :1/322 .
35.الكوراني.
إبراهيم بن حسن بن شهاب الدين الشهرزوري الكوراني ، برهان الدين مجتهد من فقهاء الشافعية عالم بالحديث ، قيل إن كتبه بلغت نيفا وثمانين ، منها (إتحاف الخلف بتحقيق مذهب السلف ، والأمم لإيقاظ الهمم ) وغيرها، توفي سنة ( 1101 هـ ).
البدر الطالع :1/11 ،فهرست الفهارس :1/115 ، الأعلام :1/28.
36.ابن المبرد .
يوسف بن حسن بن احمد بن حسن بن عبد الهادي الصالحي جمال الدين ابن المبرد علامة متفنن من فقهاء الحنابلة من أهل الصالحية بدمشق ،توفي سنة(909هـ ).
الأعلام: 9/299.
37.ابن مسدي .
محمد بن يوسف بن موسى الازدي المهلبي ، أبو بكر ، جمال الدين الأندلسي المعروف بابن مسدي : من حفاظ الحديث المصنفين فيه ، المؤرخين لرجاله ، اصله من غرناطة رحل منها بعد سنة 620هـ وقرأ على بعض علماء تونس وحلب ودمشق وسكن مصر ، ثم جاور بمكة وقتل فيها غيلة ، من كتبه (المسند الغريب ، جمع فيه مذاهب علماء الحديث ) ، ( المسلسلات ) في الحديث،توفي سنة ( 663هـ ).
تذكرة الحفاظ :4/232،الرسالة المستطرفة :62، الأعلام: 8/24.
38.ابن ناصر الدين .(5/8)
محمد بن عبد الله بن محمد بن احمد بن مجاهد القيسي الدمشقي الشافعي ، شمس الدين الشهير بابن ناصر الدين ، حافظ الحديث ، مؤرخ اصله من حماة ، ولد في دمشق ، وولى مشيخة دار الحديث الاشرفية ، وقتل شهيدا في إحدى قرى دمشق من كتبه ( افتتاح القاري لصحيح البخاري ) و ( عقود الدرر في علوم الأثر)و ( الرد الوافر ) ،توفي سنة( 842 هـ) .
الضوء اللامع :8/103 ، شذرات الذهب : 7/243 ،الأعلام :7/115.
39.أبو نعيم الأصبهاني.
احمد بن عبد الله بن احمد الاصبهاني أبو نعيم حافظ مؤرخ من الثقات في الحفظ والرواية ولد ومات بأصبهان من تصانيفه ( حلية الأولياء وطبقات الأصفياء ) وهو مطبوع في عشرة أجزاء و( معرفة الصحابة) وغيرها،توفي سنة ( 430 هـ). وفيات الأعيان :1/26، الأعلام :1/150 .(5/9)
المصادر
المخطوطات :
جياد المسلسلات ، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال آبي بكر السيوطي الشافعي ، مكتبة المسجد النبوي الشريف.
المسلسلات المختصرة ، تخريج الحافظ صلاح الدين أبي سعيد خليل كيكلدي العلائي الشافعي ، مخطوط بدار صدام للمخطوطات برقم 17278 .
المسلسلات ، شمس الدين محمد بن محمد الجزري ـ مخطوط بدار صدام للمخطوطات برقم 17278 .
المطبوعات :
أبجد العلوم : صديق حسن خان القنوجي ،دار الكتب العلمية بيروت.
أساس البلاغة:أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري،دار ومطابع الشعب،القاهرة
الإسناد عند المحدثين ، د. داود سليمان الدليمي ، رسالة جامعية مقدم الى كلية الشريعة .
الأعلام : خير الدين الزركلي الطبعة الثالثة.
الاقتراح في بيان الاصطلاح :تقي الدين بن دقيق العيد ,مطبعة الرشاد –بغداد.
ألفية الحديث : أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن كمال آبي بكر السيوطي الشافعية ، دار الفكر .
إمداد الفتاح بأسانيد ومرويات الشيخ عبد الفتاح أبو غدة ، تخريج محمد بن عبد الله آل الرشيد ، مكتبة الإمام الشافعي،الرياض.
الآيات البينات في شرح وتخريج الأحاديث المسلسلات : عبد الحفيظ الفاسي ،المطبعة الوطنية ،الرباط،المغرب.
البداية والنهاية : إسماعيل بن عمر بن كثير الدمشقي ، مكتبة المعارف بيروت.
البدر الطالع بمجالس من بعد القرن السابع : محمد بن علي بن محمد الشوكاني مطبعة السعادة بالقاهرة.
تاريخ بغداد : احمد بن علي أبو بكر الخطيب البغدادي ، دار الكتب العلمية،بيروت .
التاريخ الكبير ، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم أو عبد الله البخاري الجعفي، دار الفكر، بيروت.
تدريب الراوي شرح تقريب النواوي ، أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن ابن كمال آبي بكر السيوطي الشافعي ، دار إحياء السنة النبوية .
تذكرة الحفاظ : شمس الدين محمد بن احمد الذهبي، دار الصميعي ،الرياض .(6/1)
تقريب التهذيب : شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد المعروف بابن حجر العسقلاني دار الرشيد، سوريا.
التمهيد ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري ،وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامية ـ المغرب .
تهذيب التهذيب : شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر العسقلاني ، دار الفكر،بيروت.
تهذيب الكمال ، يوسف بن الزكي عبد الرحمن أبو الحجاج المزي ، مؤسسة الرسالة، بيروت.
الجرح والتعديل ، عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس أبو محمد الرازي التميمي ، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت .
حاشية لقط الدرر عبد الله بن حسين خاطر السمين ، مطبعة البابي الحلبي وأولاده ـ مصر .
الرسالة المستطرفة محمد بن جعفر الكتاني ، دار البشائر، بيروت.
سنن أبي داود ، سليمان بن الأشعث أبو داود السجستاني الازدي ، دار الفكر، بيروت.
سنن الترمذي ، محمد بن عيسى أبو عيسى الترمذي السلمي ، دار إحياء التراث العربي ، بيروت .
سنن الدارمي ، عبد الله بن عبد الرحمن أبو محمد الدارمي ، دار الكتاب العربي ـ بيروت .
سنن الدار قطني ، علي بن عمر أبو الحسن الدار القطني البغدادي ، دار المعرفة ، بيروت .
سنن ابن ماجه : محمد بن يزيد أبو عبد الله القزويني ،دار الفكر بيروت.
سنن النسائي : أحمد بن شعيب أبو عبد الرحمن النسائي ،مكتب المطبوعات الإسلامية،حلب .
سير أعلام النبلاء : شمس الدين محمد بن احمد الذهبي، مؤسسة الرسالة بيروت .
شذرات الذهب : عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي ،دار الكتب العلمية، بيروت.
شرح صحيح مسلم : أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري النووي،دار إحياء التراث العربي،بيروت ،الطبعة الثانية.
شعب الإيمان : أبو بكر احمد بن الحسين البيهقي،دار الكتب العلمية،بيروت.
صحيح البخاري ، محمد بن إسماعيل أبو عبد الله البخاري الجعفي ـ دار ابن كثير ، اليمامة ـ بيروت .(6/2)
صحيح ابن حبان ، محمد بن حبان بن احمد أبو حاتم التميمي ألبستي ، مؤسسة الرسالة بيروت .
صحيح ابن خزيمة ، محمد بن إسحاق بن خزيمة أبو بكر السلمي النيسابوري ، المكتب الإسلامي ، بيروت .
صحيح مسلم : مسلم بن الحجاج أبو الحسين القشيري النيسابوري،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
الضوء اللامع لاهل القرن التاسع: : محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي دار مكتبة الحياة ،بيروت.
طبقات الشافعية : لتاج الدين السبكي ، طبع عيسى الحلبي،بمصر.
طبقات الحفاظ :عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي،دار الكتب العلمية ،بيروت.
ظفر الأماني في مختصر الجرجاني لأبي الحسنات محمد عبد الحي اللكنوي الجامعة الإسلامية ، مكتب المطبوعات بحلب .
العظمة ، عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان الأصفهاني أبو محمد ، دار العاصمة ، الرياض .
علوم الحديث ، تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهر زوري ، المكتبة العلمية بالمدينة المنورة .
عمل اليوم والليلة ، احمد بن شعيب بن علي النسائي أبو عبد الرحمن ، مؤسسة الرسالة ـ بيروت .
فتح المغيث : محمد بن عبد الرحمن السخاوي الشافعي ، مكتبة السنة ،بالقاهرة.
فتح الباقي شرح ألفية العراقي ـ لزكريا الأنصاري ـ دار الكتب العلمية بيروت.
الفردوس بمأثور الخطاب :أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي ،دار الكتب العلمية ،بيروت .
فهرست الفهارس ، ومعجم المعاجم ، والمشيخات ، والمسلسلات : محمد عبد الحي بن عبد الكبير الادريسي الكتاني ، طبع في فاس.
فيض القدير :عبد الرؤوف المناوي،المكتبة التجارية الكبرى،مصر.
الكامل في ضعفاء الرجال ، عبد الله بن عدي بن عبد الله بن محمد أبو احمد الجرجاني ، دار الفكر ـ بيروت .
كتاب المجروحين، أبو حاتم محمد بن حبان البستي ، دار الوعي ـ حلب
الكفاية في علم الرواية ، احمد بن علي بن ثابت أبو بكر الخطيب البغدادي ـ المكتبة العلمية ـ المدينة المنورة.(6/3)
لسان العرب : جمال الدين أبو الفضل محمد بن مكرم بن علي بن منظور،مطبعة دار المعارف .
المستدرك على الصحيحين ، محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
مسند احمد ، احمد بن حنبل أبو عبد الله الشيباني ، مؤسسة قرطبة ، مصر.
مسند الحميدي ، عبد الله بن الزبير أبو بكر الحميدي ، دار الكتب العلمية ، بيروت .
مسند أبي عوانة ، يعقوب بن إسحاق الاسفرائيني ، دار المعرفة بيروت .
مسند أبي يعلى ، احمد بن علي بن المثنى أبو يعلى الموصلي التميمي ، دار المأمون للتراث ،دمشق .
معجم المطبوعات العربية والمعربة يوسف ألبان سر كيس مطبعة سركيس.
معجم المؤلفين عمر رضا كحاله ،دار إحياء التراث العربي ،بيروت.
معرفة علوم الحديث ، محمد بن عبد الله أبو عبد الله الحاكم النيسابوري ، المكتب التجاري ـ بيروت .
المناهل السلسلة في الأحاديث المسلسلة ، محمد عبد الباقي الأيوبي ، دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان .
المنهل الروي في مختصر علوم الحديث ، بدر الدين محمد بن إبراهيم بن جماعة ـ دار الفكر،بيروت .
الموقظة في علم مصطلح الحديث ، شمس الدين محمد بن احمد الذهبي ،مكتب المطبوعات الإسلامية بحلب.
ميزان الاعتدال في نقد الرجال :شمس الدين محمد بن احمد الذهبي،دار الكتب العلمية ،بيروت .
64.نزهة النظر شرح خبة الفكر ، شهاب الدين أبو الفضل احمد بن علي بن محمد يعرف بابن حجر العسقلاني ، مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده ـ مصر .
65.وفيات الأعيان : أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان ،دار الثقافة ،بيروت.(6/4)
قرار لجنة المناقشة
نحن أعضاء لجنة المناقشة الموقعين نشهد بأننا اطلعنا على البحث الموسوم ((مباحث في الحديث المسلسل)) للطالب ( أحمد أيوب محمد )وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في الدعوة والخطابة وبعد إجراء المناقشة العلنية وجدت أن البحث مستوفي لمتطلبات نيل الدرجة المذكورة لذا نوصي بقبوله بتقدير ( امتياز ) .
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...(7/1)
اقرار المشرف
اشهد ان اعداد هذا البحث الموسوم:
بـ { مباحث في الحديث المسلسل }
للطالب ( احمد ايوب محمد ) جرى تحت اشرافي في كلية صدام لإعداد الأئمة والخطباء والدعاة .
وهو جزء من متطلبات نيل درجة ماجستير في ( الدعوة والخطابة )
المشرف
د.مكي حسين حمدان الكبيسي
…………………………………………………………………………..
بناءً على التوصيات المتوافرة ارشح هذا البحث للمناقشة(8/1)
مثال لاختلاف الضعيف مع الثقات
تفرد أبو هلال مُحَمَّد بن سليم(1) بحَدِيْث ، عن عَبْد الله بن سوادة (2) ، عن أنس بن مالك من بني عَبْد الله بن كعب ، قَالَ : (( أغارت علينا خيل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأتيت رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يتغدى فَقَالَ : (( أدن فكل )) قلت : إني صائم ، قَالَ : (( اجلس أحدثك عن الصوم أو الصيام ، إن الله - عز وجل - وضع عن المسافر شطر الصلاة وعن المسافر والحامل والمرضع الصوم ، أو الصيام … )) .
رَوَاهُ بهذه الرِّوَايَة : ابن أبي شيبة (3) ، وابن سعد (4) ، وأحمد (5) ، وعبد بن حميد(6) ، وأبو داود (7) ، وابن ماجه (8) ، والفسوي (9) ، وابن أَبِي عاصم (10) ،
وعبد الله بن أحمد (11) ، وابن خزيمة (12)، والطحاوي (13)، وابن قانع (14) ، والطبراني (15) ، وابن عدي (16) ، وأبو نعيم (17) ، والبيهقي (18) ، والمزي (19).
__________
(1) هُوَ مُحَمَّد بن سليم، أبو هلال الراسبي البصري ، كَانَ مكفوفاً : صدوق فِيْهِ لين، توفي سنة ( 167 ه ).
تهذيب الكمال 6/328 ( 5847 ) ، والكاشف 2/176 ( 4881 ) ، والتقريب ( 5923 ) .
(2) هُوَ عَبْد الله بن سوادة بن حنظلة القشيري : ثقة .
تهذيب الكمال 4/157 ( 3311 ) ، والكاشف 1/560 ( 2770 ) ، والتقريب ( 3375 ) .
(3) في مسنده ( 566 ) .
(4) في الطبقات الكبرى 7/45 .
(5) في مسنده 4/347 و 5/29 .
(6) في المنتخب ( 431 ) .
(7) في سننه ( 2408 ) .
(8) في سننه ( 1667 ) و ( 3299 ) .
(9) في الْمَعْرِفَة والتاريخ 2/471 .
(10) في الآحاد والمثاني ( 1493 ) .
(11) في زياداته عَلَى مسند أبيه 4/347 .
(12) في صحيحه ( 2044 ) .
(13) في شرح معاني الآثار 1/423 .
(14) في معجم الصَّحَابَة 1/253 .
(15) في الكبير ( 765 ) .
(16) في الكامل 7/440 .
(17) في مَعْرِفَة الصَّحَابَة 2/218 ( 829 ) .
(18) في السنن الكبرى 4/231 .
(19) في تهذيب الكمال 1/295 .(9/1)
ورواه الترمذي (1) من هَذَا الطريق دون أن يذكر ( عن المسافر ) الثانية وهذه اللفظة – أي : ( عن المسافر ) – منكرة وذلك لتفرد أبي هلال بِهَا وَهُوَ : مُحَمَّد بن سليم الراسبي ، وثقه أبو داود (2) ، وَكَانَ عَبْد الرحمان يحدّث عَنْهُ ، ولكن كَانَ يحيى لا يحدث عَنْهُ (3) ، وَقَالَ ابن سعد : (( فِيْهِ ضعف )) (4) ، وَقَالَ أحمد : (( احتمل
حديثه )) (5) ، وأورده البخاري في " الضعفاء الصغير " (6) ، وَقَالَ أبو حاتم : (( محله الصدق وَلَمْ يَكُنْ بذاك المتين )) (7) ، وَقَالَ أبو زرعة : (( لين )) (8) ، وَقَالَ النسائي :
(( ليس بقوي )) (9) ، وساق لَهُ ابن عدي في " الكامل " (10) عدداً من المناكير ثُمَّ قَالَ :
(( ولأبي هلال غَيْر ما ذكرت ، وفي بعض رواياته ما لا يوافقه الثقات عليه )) ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : (( ضعيف )) (11) ، وأورده ابن حبان في " المجروحين " (12) ، وَقَالَ : (( وَكَانَ أبو هلال شيخاً صدوقاً ، إلا أنه كَانَ يخطئ كثيراً من غَيْر تعمد حَتَّى صار يرفع المراسيل ولا يعلم … وأكثر ما كَانَ يحدث من حفظه، فوقع المناكير في حديثه من سوء حفظه ، وَقَالَ ابن حجر : (( صدوق فِيْهِ لين )) )) (13).
__________
(1) في الجامع الكبير ( 715 ) .
(2) انظر : تهذيب الكمال 6/329 .
(3) انظر : الجرح والتعديل 7/273 ، والمجروحين 2/295 ، وتهذيب الكمال 6/328 .
(4) الطبقات الكبرى 7/278 .
(5) انظر : الجرح والتعديل 7/273 .
(6) الصفحة : 482-483 ( 324 ) .
(7) انظر : الجرح والتعديل 7/274 .
(8) كذلك .
(9) الضعفاء والمتروكين ، للنسائي : 202 ( 516 ) .
(10) الكامل 7/436-442 .
(11) في العلل 4/ورقة 39 .
(12) كتاب المجروحين 2/295-296 ( 975 ) .
(13) التقريب ( 5923 ) .(9/2)
فَقَدْ رَوَاهُ وهيب بن خالد ، عن عَبْد الله بن سوادة ، عن أبيه ، عن أنس ، بِهِ عِنْدَ النسائي (1) ، والفسوي (2) ، والبيهقي (3) .
ورواه سفيان الثوري ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أنس بن مالك القشيري ، بِهِ عِنْدَ البخاري في " تاريخه " (4) ، والنسائي (5) ، وابن خزيمة (6)، والطبري (7)، والبيهقي (8) .
وروي من طرق أخرى عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل من بني عامر ، عن أنس في بعض الروايات، عن أبي قلابة، عن رجل قَالَ: حَدَّثَنِي قريب لي يقال لَهُ أنس بن مالك، بِهِ عِنْدَ عَبْد الرزاق (9)، وأحمد (10) ، والبخاري في " تاريخه " (11) ، والنسائي (12) ، وابن خزيمة (13) ، والطبراني (14) ، وللحديث طرق أخرى (15) .
كُلّ هَذِهِ الروايات ليس فِيْهَا لفظة (( عن المسافر )) الَّتِيْ في رِوَايَة أَبِي هلال ، كَمَا ويكفي لرد هَذِهِ الزيادة حذف الترمذي لها مع أنها ثابتة من طريقه وَقَدْ حسن الْحَدِيْث بدونها (16) .
__________
(1) في المجتبى 4/190 ، وفي الكبرى ( 2624 ) .
(2) في المَعْرِفَة والتاريخ 1/471 .
(3) في السنن الكبرى 3/154 و 231 .
(4) 2/29 .
(5) في المجتبى 4/180 ، وفي الكبرى ( 2583 ) .
(6) في صحيحه ( 2043 ) .
(7) في جامع البيان 2/140 .
(8) في السنن الكبرى 4/231 .
(9) في مصنفه ( 4478 ) و ( 4479 ) .
(10) في مسنده 5/29 .
(11) 2/29 .
(12) في المجتبى 4/180 ، وفي الكبرى ( 2585 ) .
(13) في صحيحه ( 2042 ) .
(14) في الكبير ( 763 ) .
(15) انظر : المجتبى 4/180 و 181 و 182 ، والكبرى 2/103-105 للنسائي ، وشرح معاني الآثار 1/422-423 للطحاوي ، والجامع الكبير 1/262-263 .
(16) انظر : الجامع الكبير ( 715 ) .(9/3)
وَقَدْ وجدت لأبي هلال متابعة عَلَى روايته عِنْدَ الطبراني (1) من طريق أشعث بن سوار، عن عَبْد الله بن سوادة، عن أنس بن مالك القشيري ، بِهِ ، وهذه المتابعة لا تعضد رِوَايَة أبي هلال لضعف أشعث بن سوار فَقَدْ ضعّفه أحمد بن حَنْبَل (2)، وأبو زرعة (3) ، والنسائي (4) ، والدارقطني (5) .
__________
(1) في الكبير ( 766 ) .
(2) انظر : العلل في مَعْرِفَة الرجال 1/198 .
(3) انظر : تهذيب الكمال 1/270 .
(4) الضعفاء والمتروكين ، للنسائي ( 58 ) .
(5) الضعفاء والمتروكين ، للدارقطني : 155 (115) ، وانظر : تهذيب الكمال 1/269-270 (516) .(9/4)
زيادة الثقة ومايتصل بها من أنواع الحديث
دراسة نقدية
بقلم: شيخنا الدكتور حمزة بن عبدالله المليباري حفظه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
يعرض هذا البحث دراسة نقدية لأنواع مختلفة من علوم الحديث -تعارض الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، والمدرج، والمزيد في متصل الأسانيد- لبلورة وجه الترابط الوثيق بينها من جهة، وبين زيادة الثقة من جهة أخرى؛ حيث يشكل إبراز هذا الترابط نقطة جوهرية في منهجية شرح هذه الأنواع، لا سيما مسألة "زيادة الثقة".
على أن ثَمّة فوائد علمية دقيقة جاءت محصلة هذا البحث ، بخاصة ما كان تصحيحا للأخطاء الشائعة حول "زيادة الثقة " والأنواع المتصلة بها.
وإذ أجتهد في بلوغ غايتي فيما قدمت لأرجو أن أكون قد وُفّقتُ للصواب بعد عرضي هذا بأمانة وموضوعية ولله الحمد والمنة.
المقدمة:
من الواضح جداً أن علوم الحديث بحاجة ملحة إلى تخصيص أنواعها بالدراسة المعمّقة،كل بمفرده، وطرحها بطريقة يألفها أهل عصرنا، بعيدة عن أساليب علم المنطق التي خوطب بها السابقون؛ إذ إن أكبر معضلة يواجهها طلبة اليوم في دراسة هذا العلم هو تقيد كتب المصطلح المعاصرة بتلك الأساليب المنطقية نفسها، دون مواكبتها لمستجدات عصرنا في مجال التعليم ومناهجه، وطبيعة التكوين النفسي لطلابنا اليوم، إضافة إلى تشتت موضوعات هذا العلم في تلك الكتب المعتمدة في الدراسة، وانعدام تنسيقها وفق الوحدات الموضوعية ، وهذا يشكل عائقاً كبيرا في سبيل وقوفهم على الأبعاد العلمية لمصطلحات علوم الحديث.(10/1)
زيادة الثقة في كتب مصطلح الحديث
زيادة الثقة
في
كتب مصطلح الحديث
- دراسة موضوعية نقدية -
بقلم
د. حمزة عبد الله المليباري
المحاضر المتفرغ بالجامعة الأردنية
مُلتقى أهل الحديث
www.ahlalhdeeth.com(11/1)
مقدمة :
لقد ذكر في كتب المصطلح: مقدمة ابن الصلاح وما بعدها، موضوع ''زيادة الثقة'' مرة تحت عنوان خاص، وأخرى ضمن أنواع متعددة، مثل''المعلول'' و''الشاذ'' و''المنكر'' وغيرها، فعند دراسة هذه الأنواع دراسة تحليلية ومقارنة نجدها تشكل وحدة موضوعية، يجب اعتبارها عند تفصيل الأحكام، وعلى الرغم من ذلك فإن حكم زيادة الثقة في تلك الكتب متفاوت؛ يوافق حينا منهج المحدثين النقاد في التصحيح والتضعيف، وفي آخر طريقة الفقهاء المتأخرين، وفي الثالث منهجا متوسطا بينهما.
لذا جاء هذا البحث ليجلِّيَ هذه المسألة وفق منهجية أرجو أن تكون منضبطة بقواعد النقد عند المحدثين، ثم ليؤكدَ الوحدة الموضوعية بين زيادة الثقة وتلك الأنواع، ويزيلَ التوهم المفترض عند بعض الدارسين في أن زيادة الثقة نوع قائم بذاته. وكان كل ذلك مستمدا من نصوص علمائنا السابقين. وبهذا فإني أتطلع إلى أن يكون هذا البحث إضافة علمية تتسم بالجدية والجدة في هذا العلم. إن شاء الله تعالى.
تمهيد
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :
فإن مسألة ''زيادة الثقة'' تشكل نقطة علمية حساسة من بين مسائل علوم الحديث لكونها مصدرا لكثير من الأحكام الفقهية والقضايا العقدية والسلوكية التي اختلف العلماء فيها قديما، أو التي يثار حولها اختلاف من جديد، ولذلك أصبحت هذه المسألة محل اهتمام بالغ من العلماء قديما وحديثا، حيث عقدوا لها مبحثا خاصا في كتب المصطلح، بل صدرت عن بعضهم بحوث مستقلة في سبيل معالجتها تنظيرا وتطبيقا، وعلى الرغم من ذلك كله فإن مسألة زيادة الثقة لا يزال يكتنفها كثير من الغموض، ونجمت عن ذلك آثار سلبية تعاني منها الأمة الإسلامية في كثير من المجالات الشرعية، ومن أخطرها ما نلمسه في كتب بعض المعاصرين من إطلاق القول بأن ''زيادة الثقة مقبولة كما هو المقرر في كتب المصطلح''؛ ليتخذوا ذلك ذريعة لتصحيح ما أعله نقاد الحديث من زيادات الثقات، إذ يكمن في ذلك طمس تدريجي لأهم معالم النقد عند المحدثين.
وإذا كان النقاد قد نصوا في بعض المناسبات على قبول زيادة الثقة أو الأوثق[1]؛ بحيث يخيل إلى القارئ المستعجل أن موقفهم في ذلك هو القبول المطلق، فإن عملهم النقدي المتمثل في رد الزيادة مرة وقبولها أخرى بغض النظر عن حال الراوي الثقة أو الأوثق يكون كافيا للتفسير بأن ذلك ليس حكما مطردا منهم، وإنما قبلوا فقط بمقتضى القرائن المحيطة بها [2]، أو بالرجوع إلى الأصل في حال الراوي الثقة الذي زاد في الحديث، بعد تأكدهم من سلامته من جميع الملابسات الدالة على احتمال الخطأ والوهم أو النسيان. ولذلك يكون قول الإمام أبي عبد الله الحاكم في نوع العلة: ''والحجة فيه عندنا الحفظ والفهم والمعرفة لا غير''[3] من أحسن ما ينبغي أن يقال في مجال زيادة الثقة.
ولعل من أكثر العوامل إسهاما في بقاء مسألة زيادة الثقة بعيدة عن منهج المحدثين النقاد في التنظير والتطبيق عند كثير من المعاصرين ما قد يلمس في مقدمة ابن الصلاح وما بعدها من كتب المصطلح من غياب الوحدة الموضوعية بين زيادة الثقة وبين ما يتصل بها من الأنواع كالشاذ والمنكر والعلة وغيرها، إذ كانت مطروقة في مواضع متباعدة منها،[4] دون التركيز على بلورة الصلة فيما بينها، بحيث يخيل إلى القارئ أنها أنواع مستقلة يتميز كل منها بأبعاده وخصائصه عن الآخر.
وكذلك ظاهرة التلفيق بين طريقة الفقهاء، والأصوليين، وطريقة المحدثين في معالجة هذه المسألة، كان لها دور كبير في تعقيد أمرها، وأول كتاب نجده قد انتهج هذا الأسلوب المزدوج هو كتاب '' الكفاية'' للخطيب البغدادي[5]، ثم أصبح ذلك منهجا مستقرا عند اللاحقين؛ إذ وسعوا في كتبهم سردَ آراء أهل الكلام والأصول حول تلك المسألة، مع ذكر حجج كل منهم، حتى طغت آراؤهم فيها على رأي نقاد الحديث.(11/2)
وإليك من النصوص ما يؤيد ذلك:
قال ابن رجب الحنبلي: ''وقد صنف في ذلك الحافظ أبو بكر الخطيب مصنفا حسنا سماه "تمييز المزيد في متصل الأسانيد" وقسمه قسمين: أحدهما ما حكم فيه بصحة ذكر الزيادة في الإسناد وتركها، والثاني ما حكم فيه برد الزيادة وعدم قبولها، ثم إن الخطيب تناقض فذكر في كتاب الكفاية للناس مذاهب في اختلاف الرواة في إرسال الحديث ووصله كلها لا تعرف عن أحد من متقدمي الحفاظ، إنما هي مأخوذة من كتب المتكلمين، ثم إنه اختار أن الزيادة من الثقة تقبل مطلقا كما نصره المتكلمون وكثير من الفقهاء وهذا يخالف تصرفه في كتاب تمييز المزيد، وقد عاب تصرفه في كتاب "تمييز المزيد" بعض محدثي الفقهاء، وطمع فيه لموافقته لهم في كتاب الكفاية'' [6].
ويقول البقاعي: ''إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون فيها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن''[7].
ويقول الحافظ العلائي : ''وأما الشيخ تقي الدين بن الصلاح فإنه توسط بين أهل الحديث وأئمة الأصول، وقسم الزيادة إلى ثلاثة أقسام''[8]
والجدير بالذكر أن هذه المسألة من تلك الأنواع التي يجب الرجوع فيها إلى نقاد الحديث وحدهم لكونها في صلب تخصصاتهم النقدية، ولأن منهجهم في نقد المرويات ينبغي أن يكون وحده المعول عليه في معرفة المقبول والمردود من زيادات الثقات؛ إذ كانت حجتهم في ذلك حفظ الأحاديث وفهم محتواها ومعرفة ملابسات رواياتها، ولذا لا يكون كافيا في قبول الزيادات أن يعتمد على ثقة راويها وإتقانه اعتمادا كليا بحجة أن النقاد جعلوا ذلك قرينة لقبولها في بعض المرويات؛ إذ إنه لا يلزم أن تكون تلك القرينة هي نفسها صالحة للاعتماد في المرويات الأخرى.
وقد أكد ذلك أئمتنا الحفاظ، يقول الحافظ العلائي: ''ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص. وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات. ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده.والله أعلم''[9].
ويقول الحافظ ابن حجر: ''يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين، وشدة فحصهم، وقوة بحثهم، وصحة نظرهم، وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك ( يعني في التصحيح والتضعيف)، والتسليم لهم فيه''[10].
ويقول أيضا:''…فمتى وجدنا حديثا قد حكم إمام من الأئمة المرجوع إليهم بتعليله، فالأولى اتباعه في ذلك كما نتبعه في تصحيح الحديث إذا صححه'' [11].
ويقول الحافظ ابن كثير : ''أما كلام هؤلاء الأئمة المنتصبين لهذا الشأن فينبغي أن يؤخذ مسلما من غير ذكر أسباب، وذلك للعلم بمعرفتهم، واطلاعهم، واضطلاعهم في هذا الشأن، واتصافهم بالإنصاف والديانة، والخبرة والنصح، لا سيما إذا أطبقوا على تضعيف الرجل أو كونه متروكا أو كذابا، أو نحو ذلك. فالمحدث الماهر لا يتخالجه في مثل هذا وقفة في موافقتهم، لصدقهم وأمانتهم ونصحهم''[12].
ويقول السخاوي: فمتى وجدنا في كلام أحد المتقدمين الحكم به كان معتمدا لما أعطاهم الله من الحفظ الغزير وإن اختلف النقل عنهم عدل إلى الترجيح اهـ[13].
وتظهر مما ذكرنا أهمية دراستنا لـ''مسألة زيادة الثقة'' دراسة نقدية مركزة على الجانب الذي يكون فيه حل مباشر للمعضلات العلمية التي أشرنا إليها آنفا، وبعيدة عن أسلوب الحشو والتكرار، عسى أن نحقق بذلك الهدفَ الذي نصبو إليه من وراء كتابة هذا البحث.
ولذلك عقدنا هذا البحث لننظر ماذا تقرر في كتب المصطلح التي نعدها مصادر أصيلة في علوم الحديث: قبول الزيادة من الثقة مطلقا أو مقيدا، وما رأي المحدثين الحفاظ في ذلك. دون أن نتطرق إلى القضايا الأخرى التي أفاض فيها السابقون، وذلك من خلال تتبع الأنواع والمصطلحات التي لها صلة وثيقة بمسألة زيادة الثقة حتى نخرج بنتيجة علمية موحدة ومؤسسة، وهذا أهم جوانب هذه المسألة الذي لم نر له أثرا في البحوث المعاصرة. وكان علي أن أذكر أمثلة لكل نقطة أتطرق لها في هذا البحث، لكني آثرت عدم ذكرها خشية الطول، ونزولا عند قواعد النشر العلمي وقوانينه التي تقتضي أن يتقيد البحث العلمي بصفحات معدودة، بل كلمات محددة.
ومن الجدير بالذكر أن مسألة زيادة الثقة قد وردت في مواضع متفرقة من كتب المصطلح؛ مرة تحت عنوان ''زيادة الثقة''، وأخرى ضمن أنواع متعددة؛ مثل ''المعلول''، و''الشاذ''، و''المنكر''، وغيرها؛ مما أدى إلى تغاير حكم هذه المسألة على أشكال مختلفة، ونجملها فيما يلي:
أولا: أن يدور القبول والرد فيما زاده الثقة على القرائن والملابسات، فلا تقبل الزيادة ولا ترد إلا بمقتضى القرائن المحيطة بها، ولا ينهض بذلك إلا نقاد الحديث. وذلك خلاصة حكم زيادة الثقة المذكورة ضمنا في نوع ''العلة''.
ثانيا: أن يكون حال الراوي ميزانا للقبول والرد؛ فإن كان راوي الزيادة أوثق وأحفظ فهي مقبولة، وإلا فمردودة، وهو خلاصة حكم زيادة الثقة المبينة ضمنا في نوعي ''الشاذ'' و''المنكر''.
ثالثا: أن يكون معيار الرد هو أن تكون الزيادة منافية لما رواه الناس، فلا تكون مردودة إلا في حالة منافاتها لما رواه الناس، وأما في غير ذلك فالزيادة مترددة بين القبول والرد، وهو ما خلص إليه حكم الزيادة صراحة في نوع ''زيادة الثقة''.
وهكذا وقع حكم زيادة الثقة غير منضبط بقواعد النقد المتبعة لدى المحدثين المتقدمين، وعلى صور مختلفة تكاد تكون قريبة من منهج علماء الكلام والأصول، ومع ذلك فلا يصفو كثير منها من كدر الإشكال عند التنظير، والاضطراب عند التطبيق.
وإذ نعرض هذا البحث من الزاوية النقدية، فإننا لا نقصد بذلك أن نتحامل على أحد من علمائنا الصالحين الذين ندين الله باحترامهم وحبهم، وإنما نسعى فقط إلى إحياء منهج المحدثين النقاد في تصحيح الأحاديث وتعليلها من خلال مسألة جزئية حساسة من مسائل علوم الحديث، معلنين براءتنا في الوقت نفسه من جميع ما قد يفهم خطأ من أسلوبنا النقدي من منافاة مع المبادئ الإسلامية في احترام سلفنا الصالح . [إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب].
فرحم الله تعالى كل من خدم هذا العلم بإخلاص، وجزاهم أحسن جزاء، وتقبل الله منا هذا الجهد قبولا حسنا، ووقانا الله وإياكم من شرور أخطائنا وأوهامنا، فسبحان من لا يخطئ ولا يسهو.
هذا ونظراً لما اقتضته المادة العلمية لهذا الموضوع من بسط وتوسعة، وما تتطلبه أبعاده وجوانبه من توضيح وتأسيس، ارتأيت أن أقسم البحث إلى أربعة مباحث :
المبحث الأول: ماذا نعني بمسألة زيادة الثقة.
والمبحث الثاني: المعلول وعلاقته بزيادة الثقة.
والمبحث الثالث: الشاذ والمنكر وعلاقتهما بزيادة الثقة.
والمبحث الرابع: مسألة زيادة الثقة وتأصيلها في كتب المصطلح.(11/3)
المبحث الأول ماذا نعني بمسألة زيادة الثقة ؟
لنتمكن من حصر الأنواع التي تشكل مع زيادة الثقة وحدة موضوعية، يتعين علينا الانطلاق من تحديد مفهوم هذه المسألة؛ ولذا نقول إن المقصود منها: أن يروي جماعة حديثا واحدا بإسناد واحد، فيزيد بعض الثقات فيه زيادة لم يذكرها بقية الرواة،[14] سواء أكان ذلك في السند أم في المتن أم كان في كليهما. ولذا فإن هذه المسألة تشمل جميع صور الزيادة التي تقع من الثقة، سواء أكان الثقة واحدا أم أكثر، وسواء أكانت الزيادة صحيحة أم ضعيفة، وسواء أكانت في السند والمتن أم في أحدهما. ويستثنى منها ما يذكره الصحابي من الزيادات فإنها مقبولة دون خلاف[15].
هذا وقد نص الحافظ ابن حجر على أن في زيادة الثقة ما هو مقبول وما هو مردود تبعا للقرائن المحيطة بها، وقد يكون من القرائن ما يدل على أن الزيادة مدرجة في الحديث، وأنها كانت من قول فلان، أو من حديث آخر. يقول الحافظ في صدد قبول الزيادة وردها ضمن دفاعه مجملا عن الإمام البخاري، حيث انتقده الإمام الدارقطني في ذلك :
'' ما تفرد بعض الرواة بزيادة فيه دون من هو أكثر عددا أو أضبط ممن لم يذكرها، فهذا لا يؤثر التعليل به، إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع ، أما إن كانت الزيادة لا منافاة فيها بحيث تكون كالحديث المستقل فلا، اللهم إلا إن وضح بالدلائل القوية أن تلك الزيادة مدرجة في المتن من كلام بعض رواته فما كان من هذا القسم فهو مؤثر كما في الحديث الرابع والثلاثين''[16]، وعليه فهذا النوع من الزيادات يكون مردودا لثبوت إدراج تلك الزيادة في الحديث، يعني أن ما أدرجه الثقة لا يكون من لفظ الحديث وغير مقبول جعله جزءا منه.
وإن كانت زيادة الثقة تشمل السند والمتن، فمسألة تعارض الوصل والإرسال، وتعارض الوقف والرفع، والمزيد في متصل الأسانيد، وتعارض الزيادة والنقص في المتن، والشاذ والمنكر والمعلول عموما، تشكل أساسيات في زيادة الثقة. وهي إما أن تكون صحيحة أو ضعيفة، وذلك لأنه إذا تبين للناقد أن الراوي الثقة لم يكن واهما حين زاد في الحديث؛ لوجود قرائن تدل على ذلك، فيكون ما زاده صحيحا. وإذا تبين أن الراوي كان واهما لكونه قد أدرج في الحديث ما ليس منه بسبب الاختلاط، أو لنقله بالمعنى، أو غير ذلك من الأسباب فتكون تلك الزيادة معلولة، وإن شئت سمها شاذة، أو منكرة [17]، أو مدرجة، أو مقلوبة. وإذا لم يتبين الخطأ ولا الصواب في تلك الزيادة التي زادها أحد الثقات فتصير مقبولة نظرا إلى الأصل في حاله. ومن ثم فإن زيادة الثقة لا تشكل نوعا مستقلا عن تلك الأنواع المذكورة، وإنما تكون متداخلة فيها. وعلى هذا الواقع ينبغي أن نعالجها ونبين تفاصيلها ونؤسس أحكامها وفق منهج المحدثين الحفاظ.
وأما إذا تناولنا مسألة 'زيادة الثقة' باعتبار كونها نوعا مستقلا لا يتصل بتلك الأنواع وبشكل تلفيقي بين مناهج مختلفة فتزداد المسألة تعقيدا وغموضا ولبسا عند تنظيرها وتطبيقها، وآثار ذلك في كثير من البحوث المعاصرة واضحة جدا.
ولتكون المسألة أكثر وضوحا فإني أذكر فيما يلي مثالين فقط:(11/4)
مثال توضيحي
قال الإمام مسلم :
1- ''حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجَحْدَري ومحمد بن عبد الملك الأموي، واللفظ لأبي كامل، قالوا حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان ابن عبد الله الرقاشي قال:
صليت مع أبي موسى الأشعري صلاة فلما كان عند القعدة قال رجل من القوم: أقرت الصلاة بالبر والزكاة. قال: فلما قضى أبو موسى الصلاة وسلم انصرف، فقال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ قال: فأرم القوم[18]. ثم قال: أيكم القائل كلمة كذا وكذا؟ فأرمَّ القومُ، فقال: لعلك يا حطان قلتها! قال: ما قلتها ولقد رهبت أن تَبكَعني بها ، فقال رجل من القوم: أنا قلتها ولم أُرد بها إلا الخير، فقال أبو موسى: أما تعلمون كيف تقولون في صلاتكم؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا، فقال: إذا صليتم فأقيموا صفوفكم ثم ليؤمكم أحدكم فإذا كبر فكبروا وإذا قال [غير المغضوب عليهم ولا الضالين] فقولوا: ''آمين''، يجبكم الله، فإذا كبر وركع فكبروا واركعوا؛ فإن الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فتلك بتلك، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ''اللهم ربنا لك الحمد''، يسمع الله لكم فإن الله تبارك وتعالى قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم: ''سمع الله لمن حمده''، وإذا كبر وسجد فكبروا واسجدوا فإن الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلك بتلك وإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم ''التحيات الطيبات الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله''.
2- حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا سعيد بن أبي عروبةح وحدثنا أبو غسان المسمعي حدثنا معاذ بن هشام حدثنا أبي ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا جرير عن سليمان التيمي كل هؤلاء عن قتادة في هذا الإسناد بمثله. وفي حديث جرير عن سليمان عن قتادة من الزيادة: ''وإذا قرأ فأنصتوا''. وليس في حديث أحد منهم: ''فإن الله قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده'' إلا في رواية أبي كامل وحده عن أبي عوانة .
3- حدثنا إسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بهذا الإسناد. وقال في الحديث: فإن الله عز وجل قضى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده''[19].
أوضح مسلم هنا أن سعيد بن أبي عروبة وهشاما الدستوائي وسليمان التيمي شاركوا مع أبي عوانة في نقل الحديث عن قتادة، وزاد سلميان فيه كلمة:''وإذا قرأ فأنصتوا''.وسليمان التيمي ثقة، كما نص على أن أبا كامل زاد في حديثه عن أبي عوانة عن قتادة: ''فإن الله قال على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده''، غير أن مسلما أشار إلى أن هذه الزيادة لها أصل في حديث قتادة، حين رواه في آخر الباب عن طريق معمر عن قتادة.
وأما الزيادة الأولى - وهي ''وإذا قرأ فأنصتوا'' - فقد أعلها نقاد الحديث قاطبة، وسبب الإعلال هو ما صرح به الإمام مسلم آنفا من مخالفة سليمان التيمي لجماعة من الثقات. ولذا يحتمل أن يكون مسلم قد ذكر هذه الزيادة هنا في معرض بيان الفرق بين سليمان التيمي وبين الثقات حين جمع بين رواياتهم، كما قال الحافظ أبو مسعود الدمشقي[20]، ولم يكن غرضه في ذلك هو تصحيح هذه الزيادة والاعتماد عليها.
ويتأيد ذلك بأن الإمام مسلما لم يذكر شيئا يشير إلى ثبوتها في حديث قتادة، بعد أن أشار إلى الاختلاف، كما صنع في الزيادة الثانية، كما أنه لم يورد هذا الحديث في موضوع قراءة المأموم، بل أورده في موضوع التشهد. وهذا التوجيه محل نزاع بين المتأخرين، إذ يرى بعضهم أن الإمام مسلما صحح هذه الزيادة بحجة أنه ذكره في صحيحه. وعلى كل حال فلا مانع هنا أن نجعل هذا الحديث مثالا لنوعين من زيادة الثقة: المردودة والمقبولة حسب رأي النقاد.(11/5)
مثال شبيه بمسألة زيادة الثقة
أما النوع الذي يعده بعض المعاصرين[21] من قبيل زيادة الثقة دون أن يكون منها حقيقة فمثاله ما روى أبو قيس عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة ''أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين''[22]. ورواه أيضا عن المغيرة جماعة كثيرة من أهل المدينة والكوفة والبصرة، لكن بلفظ: ''أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين''[23].
وقال ابن دقيق العيد: ''ومن يصححه يَعتمد بعدَ تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفا لرواية الجمهور مخالفة معارضة بل هو أمر زائد على ما رووه ولا يعارضه، ولا سيما وهو طريق مستقل برواية عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها''[24]. ولعل ابن دقيق العيد قصد بذلك الإمام الترمذي لأنه هو الذي صحح هذا الحديث حيث قال في سننه: ''حسن صحيح''[25].
وقال بعض الأفاضل مؤيدا للإمام الترمذي في تصحيحه لهذا الحديث: ''أعله بعض العلماء بعلة غير قادحة، منهم أبو داود فقد قال عقبه: 'كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين'، وهذا ليس بشيء لأن السند صحيح ورجاله ثقات، وليس فيه مخالفة لحديث المغيرة المعروف في المسح على الخفين فقط، بل فيه زيادة عليه، والزيادة من الثقة مقبولة كما هو المقرر في المصطلح، فالحق أن ما فيه حادثة أخرى غير الحادثة التي فيها المسح على الخفين ، وقد أشار لهذا العلامةُ ابن دقيق العيد، وقد ذكر قوله الزيلعي في نصب الراية [26].
قلت :يعني بذلك قول ابن دقيق العيد: ''بل هو أمر زائد على ما رووه ولا يعارضه''، ووجه الإشارة: أنه لا يعقل أنه صلى الله عليه وسلم مسح الخفين والجوربين جميعا في حادثة واحدة، فدل ذلك على تعددها. ولعل هذا مجرد توجيه منه لتصحيح الترمذي ذلك الحديث.
ونحن ذكرنا هذا المثال في هذه المناسبة لأن حديث هزيل بن شرحبيل جعله البعض من قبيل زيادة الثقة، ثم أتبعه القول: ''والزيادة من الثقة مقبولة كما هو المقرر في المصطلح''[27].
أقول: ليس هذا الحديث من نوع زيادة الثقة لأن هزيل بن شرحبيل لم يرو عن المغيرة ''مسح الخفين'' أصلا، حتى يقال إنه زاد في لفظ الحديث، وإنما استبدل حديث المغيرة في المسح على الجوربين والنعلين، بما اشتهر عن المغيرة من حديث المسح على الخفين، ويكون بذلك قد خالف الناس في نقل الحديث من أصله عن المغيرة، وهذا هو رأي النقاد.
يقول علي بن المديني: ''حديث مسح الخفين رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة، ورواه هزيل بن شرحبيل إلا أنه قال: ومسح على الجوربين، وخالف الناس''[28].
ويقول ابن معين: ''الناس كلهم يروون المسح على الخفين غير أبي قيس''[29]. يعني عن المغيرة. وكذا أعله سفيان وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ومسلم والبيهقي[30].
ومن هنا أصبح الفرق واضحا بين المثالين السابقين؛ لأنه إذا كان الحديث الأول مثالا لزيادة الثقة، فإن الحديث الثاني يكون نموذجا لتفرد الراوي الثقة بالحديث من أصله، فقد قال الحافظ ابن حجر: إن الفرق بين تفرد الراوي بالحديث من أصله وبين تفرده بالزيادة ظاهر[31].
وبعد تحديد المقصود من مصطلح ''زيادة الثقة'' وإزالة الغموض عن مدلوله آن الأوان لندخل في دراسة هذا النوع في كتب المصطلح، وعلاقته بالمعلول والشاذ والمنكر. وقد آثرنا في ذلك كتاب ابن الصلاح؛ لأن معظم الكتب في مصطلح الحديث التي جاءت بعده قد انتهجت منهجه في معالجة زيادة الثقة دون استدراك عليه ولا نقد يذكر.(11/6)
المبحث الثاني العلة وعلاقتها بزيادة الثقة
قال الإمام ابن الصلاح (رحمه الله تعالى):
فالحديث المعلل هو: ''الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن الظاهر السلامة منها. ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، الجامع شروط الصحة من حيث الظاهر، ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك، تنبه العارف بهذا الشأن على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه. وكل ذلك مانع من الحكم بصحة ما وجد ذلك فيه''[32].
وقوله الذي وضعنا تحته الخط يضم مسألة زيادة الثقة بشكل واضح، وذلك أن المخالفة بين الرواة تكون في صور أشار إليها ابن الصلاح آنفا. وهي وصل المرسَل، ورفع الموقوف، وتداخل الأحاديث، وغير ذلك من الأوهام، ومن أظهر صور هذه المخالفة وأكثرها وقوعا أن يزيد أحدهم في الحديث ما لم يذكره غيره إما في الإسناد، أو في المتن أو في كليهما. فإذا زاد الثقة راويا أو كلمة أسقطها غيره من الرواة، ظهرت المخالفة بينهم، وبذلك أصبحت مسألة زيادة الثقة داخلة في نوع العلة.
وما ذكره ابن الصلاح في هذا النوع من تفاصيل الحكم يتسم بغاية من الدقة؛ إذ جعل حكم الحديث الذي يتفرد به الراوي الثقة أو خالف فيه غيره من الثقات دائرا على القرائن المحيطة بذلك الحديث. وهذا بعينه منهج المحدثين النقاد في معالجة ظاهرة المخالفة والتفرد، التي تشهدها أحاديث الثقات والضعفاء، ليتم لهم تمييز الخطأ عن الصواب. ولذا فإن جميع الأنواع التي تشترك مع نوع ''العلة'' في نقطتي التفرد والمخالفة يجب أن يكون الحكم فيها دائرا على القرائن وحدها، ومن تلك الأنواع مسألة ''زيادة الثقة''، وفي ضوء ذلك يمكن استخلاص حكم زيادة الثقة بما يلي:
أنه إذا دلت القرينة على أن الثقة حين زاد في الحديث كلمة، كان واهما أو ناسيا، فتعد الزيادة معلولة، وأما إذا لم تدل القرينة على ذلك فإنها قد تكون صحيحة أو حسنة؛ وذلك تبعا لدلالة القرائن المحيطة بالحديث وقوتها ووضوحها لدى النقاد.
ويتضح ذلك جليا من قول الحافظ ابن حجر وهذا نصه :
''وهذا (يعني قبول زيادة الثقة مطلقا) قول جماعة من أئمة الفقه والأصول، وجرى على هذا الشيخ محيى الدين النووي في مصنفاته. وفيه نظر كثير؛ لأنه يرد عليهم الحديث الذي يتحد مخرجه فيرويه جماعة من الحفاظ الأثبات على وجه ويرويه ثقة دونهم في الضبط والإتقان على وجه يشتمل على زيادة تخالف ما رووه إما في المتن وإما في الإسناد فكيف تقبل زيادته وقد خالفه من لا يغفل مثلهم عنها لحفظهم أو لكثرتهم، ولا سيما إن كان شيخهم ممن يجمع حديثه ويعتنى بمروياته كالزهري وأضرابه بحيث يقال: إنه لو رواها لسمعها منه حفاظ أصحابه ولو سمعوها لرووها ولما تطابقوا على تركها، والذي يغلب على الظن في هذا وأمثاله تغليط راوي الزيادة''.
''وقد نص الشافعي في ''الأم'' على نحو هذا فقال في زيادة مالك ومن تابعه في حديث (فقد عتق منه ما عتق [33]): إنما يغلط الرجل بخلاف من هو أحفظ منه، أو بأن يأتي بشيء يشركه فيه من لم يحفظه عنه، وهم عدد وهو فرد، فأشار إلى أن الزيادة متى تضمنت مخالفة الأحفظ أو الأكثر عددا أنها تكون مردودة''[34]. انتهى
وبناء على ذلك فما يتعين فهمه من قول ابن الصلاح فيما يتصل بالعلة، أن زيادة الثقة لها صلة وثيقة بموضوع العلة، وأن قبول الزيادة وردها متوقفان على نوعية القرائن التي تحف بها، فإن دلت القرينة على أن الزيادة وهم من الراوي، فيحكم عليها بالرد، وإن دلت على ثبوتها فتعدّ صحيحة.
ومن الجدير بالذكر أن القرينة تختلف من حديث لآخر، وليس لها ضابط تقاس عليه الأحاديث كلها، وليست محصورة على مخالفة الثقة لعدد من الثقات أو لأوثق منه كما سبق. ولا يتأهل لإدراك نوعية القرائن وطبيعة دلالتها وأبعادها العلمية سوى نقاد الحديث كما أشار إليه ابن الصلاح حين قال: ''مع قرائن تنضم إلى ذلك تنبه العارف بهذا الشأن''، ويعني بالعارف بهذا الشأن ناقد الحديث دون غيره.(11/7)
المبحث الثالث 'الشاذ' و'المنكر' وصلتهما بزيادة الثقة
قال ابن الصلاح في نوع ''الشاذ'' بعد ذكر الآراء المختلفة حول مدلوله:
''فهذا الذي ذكرناه وغيره من مذاهب أئمة الحديث يبين لك أنه ليس الأمر في ذلك على الإطلاق الذي أتى به الخليلي والحاكم، بل في ذلك على تفصيل نبينه فنقول: إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا، وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فينظر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلا حافظا موثوقا بإتقانه وضبطه قبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، كما فيما سبق من الأمثلة''.
''وإن لم يكن ممن يوثق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده خارما له مزحزحا له عن حيز الصحيح، ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه: فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف ، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به، وكان من قبيل الشاذ المنكر. فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان : أحدهما : الحديث الفرد المخالف، والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف ، والله أعلم''. [35]
وقال في نوع المنكر: ''والصواب فيه التفصيل الذي بيناه آنفا في شرح الشاذ، وعند هذا نقول: المنكر ينقسم قسمين على ما ذكرناه في الشاذ فإنه بمعناه''.
''مثال الأول (وهو المنفرد المخالف لما رواه الثقات) رواية مالك عن الزهري عن علي بن حسين عن عمر بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم[36]. فخالف مالك غيره من الثقات في قوله 'عمر بن عثمان' بضم العين، وذكر مسلم صاحب الصحيح في كتاب التمييز: أن كل من رواه من أصحاب الزهري قال فيه: 'عمرو بن عثمان' -يعني بفتح العين- وذكر أن مالكا كان يشير بيده إلى دار عمر بن عثمان، كأنه علم أنهم يخالفونه، وعمرو وعمر جميعا ولدا عثمان، غير أن هذا الحديث إنما هو عن عمرو - بفتح العين - وحكم مسلم وغيره على مالك بالوهم فيه. والله أعلم ''
''ومثال الثاني - وهو الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والإتقان ما يحتمل معه تفرده - : ما رويناه من حديث أبي زكير يحيى بن محمد بن قيس عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كلوا البلح بالتمر فإن الشيطان إذا رأى ذلك غاظه ويقول: عاش ابن آدم حتى أكل الجديد بالخلق. تفرد به أبو زكير وهو شيخ صالح أخرج عنه مسلم في كتابه، غير أنه لم يبلغ مبلغ من يحتمل تفرده والله أعلم'' [37].اهـ
إن الشاذ والمنكر نوعان آخران من أنواع علوم الحديث التي تقوم عليها مسألة زيادة الثقة بشكل أساسي، وذلك إذا كان الشاذ ينقسم عند ابن الصلاح إلى الحديث الفرد المخالف، والحديث الفرد الذي ينفرد به الضعيف دون أن تكون فيه مخالفة لما رواه غيره فإن القسم الأول يكون قد شمل ما رواه الثقة مخالفا لمن هو أولى بحفظ ذلك، وتكون لهذه المخالفة صور شتى، منها الزيادة والنقص في السند أو في المتن أو في كليهما، كما شرحنا في نوع العلة. فإذا زاد الراوي في الحديث ما أسقطه منه من هو أولى بحفظ ذلك الحديث يكون قد دخل في القسم الأول من الشاذ، وأما إذا كان راوي الزيادة أولى بالحفظ ممن لم يذكرها في الحديث فحديثه صحيح، ولا يكون شاذا، وفي ذلك إشارة واضحة إلى أن إطلاق القبول في زيادة الثقة ينبغي أن يكون على مراعاة الأمور والملابسات التي تجعل راويها أولى بحفظها.
وبهذا الذي فصله الإمام ابن الصلاح في نوعي ''الشاذ'' و''المنكر'' مع ذكر الأمثلة يتبين جليا أن زيادات الثقات منها ما يصدق عليه الشاذ والمنكر، وذلك في حالة مخالفة الزيادة لما رواه من هو أولى بالحفظ والضبط. وعليه فإن قوله: ''إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا''، وكذلك قوله في الأخير: ''القسم الأول: الحديث الفرد المخالف'' كلاهما يشمل زيادة الراوي في الحديث بشرط أن يكون هو مخالفا لمن هو أولى منه بحفظها.
والجدير بالذكر أن ابن الصلاح قد حدد مفهوم الشاذ والمنكر بما هو أعم مما استقر عليه كثير من اللاحقين، حيث إن الحديث الفرد المخالف سواء كان راويه ثقة أم ضعيفا، وكذا الحديث الفرد الذي انفرد به الضعيف من أصله دون وجود مخالفة فيه لما رواه الآخرون أصبحا من مدلولات الشاذ والمنكر في رأي الإمام ابن الصلاح، على حين أن كثيرا من اللاحقين وجل المعاصرين يذهبون إلى أن الشاذ خاص بما رواه الثقة أو الصدوق مخالفا للأوثق أو جماعة من الثقات. وأن المنكر مقيد بما رواه الضعيف مخالفا للثقة. ولهذا وقع تعديل طفيف في نص ابن الصلاح حين لخصه اللاحقون في كتبهم، وإليك بعض النصوص على سبيل المثال:
قال السيوطي: ''فالصحيح التفصيل فإن كان الثقة بتفرده مخالفا أحفظ منه وأضبط كان شاذا مردودا، ثم نقل عن الحافظ ابن حجر: أن الشاذ ما رواه المقبول مخالفا لمن هو أولى منه، وهذا هو المعتمد في حد الشاذ بحسب الاصطلاح'' [38]، وقد أورد لذلك أمثلة من أحاديث الثقات . ثم ذكر في 'المنكر' نقلا عن الحافظ ابن حجر: ''إن الشاذ والمنكر يجتمعان في اشتراط المخالفة ، ويفترقان في أن الشاذ راويه ثقة أو صدوق ، والمنكر راويه ضعيف. وقد غفل من سوى بينهما'' [39]. لعله يريد به ابنَ الصلاح.
وقال العراقي في تعريف الشاذ: ''وذو الشذوذ ما يخالف الثقة فيه الملأ''[40] وبين السخاوي صورة المخالفة بما يلي: ''أي بالزيادة أو النقص في السند أو في المتن''[41].
وهذه النصوص متفقة على أن الشرط في الشاذ هو أن يكون راويه ثقة مع وجود المخالفة بينه وبين من هو أوثق منه وأحفظ، وعليه فلا يعدُّ حديث الضعيف في هذه الحالة شاذا بل يكون منكرا.
والجدير بالذكر أنه لا فائدة تذكر في التفريق بينهما بهذا الشكل، بل إن ذلك مخالف لصنيع النقاد حيث يطلقون ''المنكر'' على الحديث إذا لم يكن معروفا عن الشخص الذي أضيف إليه سواء أ كان ذلك من ثقة أم ضعيف[42].
وأما الآخرون من المتأخرين مثل ابن الملقن والصنعاني فلم يختلفوا مع ابن الصلاح في مفهوم مصطلحي الشاذ والمنكر. يقول ابن الملقن في الموضوع نفسه مختصرا كلام ابن الصلاح:-''والصواب التفصيل: وهو أن الراوي إذا انفرد بشيء فإن كان مخالفا لما رواه من هو أحفظ منه وأضبط كان تفرده شاذا مردودا''[43]. وكذا جاء تلخيص ابن الوزير والصنعاني لقول ابن الصلاح دون تغيير معتبر في سياقه[44]
فالذي يهمنا في هذه المناسبة أن زيادات الثقات فيها ما يصدق عليه الشاذ والمنكر، هذا على رأي ابن الصلاح وغيره، أو الشاذ وحده على رأي الآخرين من المتأخرين. ولذلك نرى الحافظ ابن حجر يصرح بوجود علاقة وثيقة بين الشاذ وزيادة الثقة، حيث يقول تعليقا على ابن الصلاح في مبحث تعارض الوصل والإرسال:
''وهنا شيء يتعين التنبيه عليه وهو: أنهم شرطوا في الصحيح أن لا يكون شاذا، وفسروا الشاذ بأنه ما رواه الثقة فخالفه من هو أضبط منه أو أكثر عددا، ثم قالوا : تقبل الزيادة من الثقة مطلقا فلو اتفق أن يكون من أرسل أكثر عددا أو أضبط حفظا أو كتابا على من وصل أيقبلونه أم لا؟ أم هل يسمونه شاذا أم لا؟ لا بد من الإتيان بالفرق أو الاعتراف بالتناقض''[45] .
ويؤكد الحافظ ابن حجر من خلال هذا النص وجود صلة وثيقة بين مسألة زيادة الثقة ومسألة الشاذ، لا سيما حين ألزمهم (رحمه الله) في آخر كلامه أحد الأمرين: الاعتراف بالتناقض بين قبولهم زيادة الثقة مطلقا وبين شرطهم في الصحيح أن لا يكون شاذا، أو أن يأتوا بالفرق بينهما.
ثم قال الحافظ في مبحث الشاذ: ''وعلى المصنف (يعني ابن الصلاح) إشكال أشد منه وذلك أنه يشترط في الصحيح أن لا يكون شاذا كما تقدم، ويقول: إنه لو تعارض الوصل والإرسال قدم الوصل مطلقا سواء كان رواة الإرسال أكثر أو أقل حفظا أم لا، ويختار في تفسير الشاذ أنه الذي يخالف راويه من هو أرجح منه. وإذا كان راوي الإرسال أحفظ ممن روى الوصل مع اشتراكهما في الثقة فقد ثبت كون الوصل شاذا فكيف يحكم له بالصحة مع شرطه في الصحة أن لا يكون شاذا ؟''.
وتابع الحافظ قائلا: ''هذا في غاية الإشكال، ويمكن أن يجاب عنه بأن اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحة إنما يقوله المحدثون، وهم القائلون بترجيح رواية الأحفظ إذا تعارض الوصل والإرسال، والفقهاء وأهل الأصول لا يقولون بذلك، والمصنف قد صرح باختيار ترجيح الوصل على الإرسال ولعله يرى عدم اشتراط نفي الشذوذ في شرط الصحيح لأنه هناك لم يصرح عن نفسه باختيار شيء، بل اقتصر على نقل ما عند المحدثين''[46].
ويتبين مما سبق أن الحديث الذي وقع فيه الاختلاف بين رواته الثقات بسبب زيادة أحدهم في سنده أو في متنه ينطوي عليه مفهوم الشاذ إذا كانت الزيادة خطأ أو وهما. إذن فلا يطلق القبول فيما زاده الثقة، وهنا حاول الحافظ ابن حجر أن يجيب عن ذلك التناقض بأن الذين يشترطون في الصحيح أن لا يكون شاذا هم المحدثون، والذين يقبلون الزيادات التي قد تكون شاذة عند المحدثين هم أهل الفقه والأصول.
هذا وإن أجاب الحافظ ابن حجر عن تناقض الموقف في مبحثي الصحيح و الشاذ بما سبق آنفا فإن ما ذكره ابن الصلاح في مبحث ''العلة'' من دوران الحكم في ما تفرد به الثقة أو فيما خالفه غيره على ما يحيط به من القرائن والملابسات يختلف مع طبيعة تفصيله في نوع الشاذ؛ حيث إن الشاذ هو الحديث الذي خالف فيه الثقة لمن هو أحفظ، وجعل فيه الحكم بأنه مردود بمجرد كونه مخالفا لما رواه الأوثق، ويفهم من ذلك أنه إذا كان الذي زاد في سند الحديث أو في متنه أوثق وأحفظ فزيادته مقبولة، وبذلك أصبح الحكم مخالفا لما بينه في العلة، وإذا كان معنى الشاذ هو ما خالف فيه الثقة لمن هو أوثق منه فإنه لا يوجد فرق أصلا بين هذا النوع وبين نوع العلة؛ إذ العلة تشمل حالة المخالفة وحالة التفرد .
ويمكن الإجابة عن تفاوت الحكم بين المبحثين بما قاله الحافظ ابن حجر، وهو أن ابن الصلاح كان ناقلا عن المحدثين في مبحث العلة دون أن يبرز رأيه فيه، وأما في الشاذ فلعله رجح قول الفقهاء وأئمة الأصول، والله أعلم.(11/8)
فإذا قيل: إن ما قاله ابن الصلاح في نوع الشاذ يتسم بالدقة؛ حيث يكون سياق كلامه منسجما مع تفاصيل مبحث العلة، وهو اعتبار القرائن في رد زيادة الثقة، ولم يجعل أحوال الرواة معولا عليها في الرد والقبول، إذ قال (رحمه الله) : ‘‘فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك’’ أي لذلك الحديث، ولم يقل: ‘‘لما رواه أوثق منه ’’ كما وقع في نصوص اللاحقين، ويوجد بين السياقين فرق واضح؛ فإن كون الراوي أولى من غيره بحفظ ذلك الحديث الذي وقع فيه الخلاف بينهم لا يعرف إلا من خلال تتبع القرائن والملابسات، وهي كثيرة وغير محددة بالنسبة إلى كل حديث، ولذلك فإن التعويل في مثل هذه المسألة على كون الراوي أثبت وأحفظ وأضبط لا يكون مطردا، وقد يكون هذا أصلا معتمدا في قبول ما رواه أو زاده لكن فقط في حالة ما إذا لم تتوفر فيه القرائن الدالة على أن ذلك خطأ ووهم كما سبق ذكره.
وكذلك كلام الحافظ ابن حجر في هذا الموضوع جاء منسجما مع نوع العلة، حيث نقل عنه السخاوي في فتح المغيث [47] أنه قال: ‘‘فإن خولف - أي الراوي - بأرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات فالراجح يقال له المحفوظ ومقابله المرجوح ويقال له الشاذ ، والله أعلم’’. وقوله: لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات دليل على أن الحافظ لم يكن معتمدا على حال الراوي وحده في قبول الزيادات وردها.
يقال : بأن تلك الجملة وإن كانت واضحة في إفادة ذلك الذي قلناه آنفا، فإن سياق النصوص يفيد أن الحكم منوط بأحوال الرواة، وليس بالقرائن، فقد قال ابن الصلاح (رحمه الله تعالى) :
‘‘فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذلك ، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به، وكان من قبيل الشاذ المنكر ، فخرج من ذلك أن الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف، والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابرا لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف.’’
ويفهم من هذا النص أن ميزان القبول والرد هو الحال العام للراوي، حيث جاء قوله على هذا النسق: ‘‘فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده استحسنا حديثه ذاك، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به’’، فدل على أن أحوال الرواة هي التي تعتمد أساسا في قبول التفرد ورده.
وأما إذا كان المقصود من الفقرة الأولى هو كون الراوي مخالفا لمن هو أولى بحفظ ذلك الحديث فإن الأقسام التالية يجب أن يكون تقسيمها مبنيا على مدى ضعف الراوي في حفظ ذلك الحديث وضبطه وإن كان من أوثق الناس، وليس على تفاوته في الضبط والإتقان بشكل عام كما هو الظاهر من ذلك النص. والفرق بين هاتين الصورتين جلي حيث إن معيار القبول والرد في الصورة الأولى هو القرائن والملابسات، وفي الثانية حال الراوي فقط.
ولذلك جاء تلخيص المتأخرين لتلك الجملة مطابقا لسياق الجمل التي تليها. وانظر على سبيل المثال قول ابن الملقن وهو يلخص ذلك النص: ‘‘أن الراوي إذا انفرد بشيء فإن كان مخالفا لما رواه من هو أحفظ منه وأضبط كان تفرده شاذا مردودا’’ [48]فجعل سبب الترجيح محصورا على كون الراوي أوثق وأضبط على الوجه العام، إذ لم يقل: ‘‘أولى بحفظ ذلك’’.
والذي نخلص إليه من دراسة نوعي الشاذ والمنكر أن زيادة الثقة التي سقط عنها الأوثق تعد مردودة لكونها داخلة في الشاذ أو المنكر، وأما إذا كانت الزيادة من الأوثق فهي مقبولة لخروجها من حدود هذين النوعين. وبالتالي أصبح القبول والرد في زيادة الثقة دائرين على حال الراوي، وهو خلاف ما سبق في نوع المعلول من دوران الحكم على القرائن.
ولكي تكون أحكام هذه الأنواع موحدة ومنسجمة مع منهج المحدثين النقاد في قبول الأحاديث وردها يجب أن يؤخذ ذلك الترابط الموضوعي الوثيق بعين الاعتبار حين يطرح كل منها للدراسة والبحث، كما يجب أن يجعل ما سبق في مبحث العلة ميزانا دقيقا لجميع أنواع علوم الحديث التي تشكل معها وحدة موضوعية. وإن كان هذا الأسلوب هو المتعين في معالجة موضوع زيادة الثقة بشكل خاص فيا ترى كيف عالج ابن الصلاح وغيره هذه المسألة حين أفردوها بالذكر كنوع مستقل؟ وكيف كان تأصيلهم لها؟ هذا ما سندرسه فيما يلي.(11/9)
المبحث الرابع مسألة زيادة الثقة وتأصيلها عند ابن الصلاح
وقال ابن الصلاح في مبحث زيادة الثقة:
''ومذهب الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب أبو بكر أن الزيادة من الثقة مقبولة إذا تفرد بها، سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه ناقصا مرة ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصا. خلافا لمن رد من أهل الحديث ذلك مطلقا، وخلافا لمن رد الزيادة منه وقبلها من غيره. وقد قدمنا عنه حكايته عن أكثر أهل الحديث فيما إذا وصل الحديث قوم وأرسله قوم: أن الحكم لمن أرسله، مع أن وصله زيادة من الثقة''.
''وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام:
أحدها أن يقع مخالفا منافيا لما رواه سائر الثقات فهذا حكمه الرد كما سبق في نوع الشاذ ''.
''الثاني: أن لا يكون فيه منافاة ومخالفة أصلا لما رواه غيره، كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا ، فهذا مقبول، وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء عليه وسبق مثاله في نوع الشاذ''.
''الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين ، مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث. مثاله: ما رواه مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين''[49].
''فذكر أبو عيسى الترمذي[50]: أن مالكا تفرد من بين الثقات بزيادة قوله ''من المسلمين'' وروى عبيد الله بن عمر وأيوب وغيرهما هذا الحديث عن نافع عن ابن عمر دون هذه الزيادة، فأخذ بها غير واحد من الأئمة واحتجوا بها منهم الشافعي وأحمد رضي الله عنهم، والله أعلم.
ومن أمثلة ذلك حديث: 'جعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا'[51] فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي، وسائر الروايات لفظها: وجعلت الأرض مسجدا وطهورا ''.
''فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بها الحكم. ويشبه أيضا القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما ''
''وأما زيادة الوصل مع الإرسال فإن بين الوصل والإرسال من المخالفة نحو ما ذكرناه، ويزداد ذلك بأن الإرسال نوع قدح في الحديث فترجيحه وتقديمه من قبيل تقديم الجرح على التعديل. ويجاب عنه بأن الجرح قدم لما فيه من زيادة العلم، والزيادة ههنا مع من وصل. والله أعلم'' [52]اهـ.
لعل من الأفضل أن نقوم بتحليل هذه النصوص لننظر: كيف كان الحكم في زيادة الثقة التي أفرد ابن الصلاح موضوعها كنوع مستقل من أنواع علوم الحديث. وهل روعيت في هذا الحكم صلتها الوثيقة بالأنواع المذكورة. أم أن الحكم مبني على أن زيادة الثقة نوع مستقل له أبعاده وخصائصه.
لقد سرد الإمام ابن الصلاح في مستهل حديثه عن هذا النوع طائفة من الآراء المتباينة حول زيادة الثقة، فحكى فيه آراء الفقهاء والمحدثين بشكل لا يصفو للقارئ من كدر الإشكال والغموض. ولعل ابن الصلاح أحس بذلك في نفسه، ولهذا تحول إلى تقسيم الخبر الذي ينفرد به الثقة عموما إلى ثلاثة أقسام بعد أن ذكر في نوعي الشاذ والمنكر أقسام ما ينفرد به الراوي دون تقييده بالثقة، وذلك لترتسم في ذهن القارئ الصورة الحقيقية لهذه المسألة تمهيدا لفصل الحكم فيها، لكنه في آخر الأمر توقف عن إعطاء حكم مناسب لمسألة زيادة الثقة، حين قال:
''الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبتين مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث،'' ثم ختمه بقوله بعد سرد الأمثلة: ''فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضا القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما''.
إذن فلم يبت ابن الصلاح الحكم هنا في زيادة الثقة، وهذا ما قاله الحافظ ابن حجر: ''لم يحكم ابن الصلاح على هذا الثالث بشيء، والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من قبول ورد، بل يرجحون بالقرائن كما قدمناه في مسألة تعارض الوصل والإرسال''[53].(11/10)
وهنا نقطتان مهمتان:
الأولى: هل يكون هذا التقسيم خاصا بزيادة الثقة أم شاملا لجميع ما ينفرد به الثقة من المرويات بما فيه زياداته؟
الذي يبدو من تحليل تلك النصوص أن الذي قسمه ابن الصلاح هو ما ينفرد به الثقة عموما بحيث تدخل فيه الزيادة، وليس التقسيم مقيدا بزيادة الثقة، إذ قال: ''وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام'' ولم يقل: ''تقسيم ما يزيده الثقة''، والفرق بينهما جلي إذ الأول أعم من الثاني.
ويتأيد ذلك بما ورد في القسم الثاني من قوله: ''أن لا يكون فيه منافاة ومخالفة أصلا لما رواه غيره، كالحديث الذي تفرد برواية ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا، فهذا مقبول، وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء عليه وسبق مثاله في نوع الشاذ''.
وسياق هذا النص الذي جعل الحديث الفرد أنموذجا للقسم الثاني دليل على أن التقسيم كان شاملا لجميع ما ينفرد به الثقة بحيث يدخل فيه الحديث الفرد، ولذا ختم القسم الثاني بقوله: ''فهذا مقبول؛ وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء عليه، وسبق مثاله في نوع الشاذ''، إذ من المعلوم أن الخطيب إنما يدعي الاتفاق في قبول الحديث الفرد الذي ينفرد به الثقة من أصله ولم يشاركه أحد في روايته، وهذا نصه:
''والذي نختاره من هذه الأقوال أن الزيادة الواردة مقبولة على كل الوجوه ومعمول بها إذا كان راويها عدلا حافظا متقنا ضابطا، والدليل عليه أمور: أحدها: اتفاق جميع أهل العلم على أنه لو انفرد الثقة بنقل حديث لم ينقله غيره لوجب قبوله، ولم يكن ترك الرواة لنقله إن كانوا عرفوه، وذهابهم عن العلم به، معارضا له ولا قادحا في عدالة راويه ولا مبطلا له؛ وكذلك سبيل الانفراد بالزيادة.''[54] .
ومن هنا يتعين أن يكون القسم الثاني منحصرا في الحديث الفرد، وأما إذا قلنا غير ذلك وجعلنا قوله: ''كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلا'' مجرد تمثيل للقسم الثاني بما هو أقرب إلى فهم القارئ دون أن يدرجه في هذا القسم، وحملنا الإشارة في قوله ''فهذا مقبول'' على المثال وحده فإن السياق يصبح غير مستقيم لكون المثال محل تركيز في بيان الحكم دون القسم الثاني، والخروج من الموضوع بهذا الشكل يعد خللا في المنهج. ولو جاء النص هكذا: ''فهذا مقبول كالحديث الذي تفرد برواية ثقة'' لأصبح ذلك مقبولا جدا، يعني أن هذا القسم مقبول كقبول الحديث الفرد.
هذا إذا جعلنا الإشارة في قوله ''فهذا مقبول'' للمثال، وأما إذا كان المشار إليه هو القسم الثاني، الذي هو الزيادة غير المنافية، فيكون فيه الإشكال من وجهين:
الأول: وقوع الخطأ فيما نقله عن الخطيب؛ إذ الخطيب لم يدع الاتفاق على قبول زيادة الثقة كما أوضحنا آنفا.
الثاني: وقوع التداخل بين القسم الثاني والثالث ويكون مغزاهما واحدا، وهذا غير سليم حيث فرق بينهما وجعل الثالث مترددا بين الثاني والأول.
وكذلك أيضا ما ورد في القسم الثالث يفيد بأن تقسيم ابن الصلاح إنما كان عاما شاملا لجميع ما ينفرد به الثقة دون أن يخصص بالزيادات، حيث قال في تحديد هذا القسم:''ما يقع بين هاتين المرتبتين مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث.'' يفهم من هذا السياق أن ما سبق ذكره من الأقسام لم يكن بخصوص زيادة لفظة، إذ جعل الفاصل بين هذا القسم وبين سابقيه هو زيادة لفظة لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث، ولم يقل: زيادة لفظة تشبه الأول من جهة وتشبه الثاني من جهة أخرى.
ويتأيد ذلك بما قاله الحافظ ابن حجر تعقيبا على ابن الصلاح: ''لم يحكم ابن الصلاح على هذا الثالث بشيء، والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من قبول ورد، بل يرجحون بالقرائن كما قدمناه في مسألة تعارض الوصل والإرسال''. ومن المعلوم أن هذا الذي ذكره الحافظ إنما هو فيما يخص مسألة زيادة الثقة بقضها وقضيضها بغض النظر عن وجود المنافاة فيها.
والذي شرحناه آنفا يكون مستندا قويا لحمل التقسيم على شموليته لجميع ما ينفرد به الثقة. وإلا فلا يخلو تخصيص التقسيم بالزيادة من تكلف ظاهر. وربما يثير هذا الفهم شيئا من الغرابة لدى القارئ لكون ذلك مخالفا لما في كتب المصطلح، حيث تتفق كلها على أن التقسيم كان في زيادات الثقات وليس بتقسيم شامل لجميع ما ينفرد به الراوي.
مثلا: قال الإمام النووي: ''وقسمه الشيخ أقساما :
أحدها: زيادة تخالف الثقات فترد كما سبق .
الثاني: ما لا مخالفة فيه كتفرد ثقة بجملة حديث ، قال الخطيب: يقبل باتفاق العلماء .
الثالث: زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته[55].
وقال الحافظ العلائي:''وأما الشيخ تقي الدين بن الصلاح فإنه توسط بين أهل الحديث وأئمة الأصول ، وقسم الزيادة إلى ثلاثة أقسام''[56]
وقال الإمام ابن الملقن: ''أحدها زيادة تخالف الثقات فترد -كما سبق في نوع الشاذ-. ثانيها: ما لا مخالفة فيه كتفرد ثقة بجملة حديث فتقبل، وقد ادعى الخطيب فيه اتفاق العلماء وقد سبق مثاله في نوع الشاذ. ثالثها: زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر رواته''[57].
وقال الحافظ ابن حجر: ''قوله -يعني ابن الصلاح- وقد رأيت تقسيم الزيادات إلى ثلاثة أقسام''[58].
وقال الحافظ السخاوي: ''وقد قسمه أي ما ينفرد به الثقة من الزيادة''[59].
ومع ذلك فإننا نلحظ في سياق كلام الإمام النووي وابن الملقن ما يكون نصا صريحا على أن الحديث الفرد هو نموذج القسم الثاني، وإذا تقرر أن هذا التقسيم شامل لجميع ما ينفرد به الثقة دون حده بالزيادة، فالذي يفصله عما ذكره في الشاذ والمنكر هو أن التقسيم هنا مقيد بما ينفرد به الثقة، وأما هناك فيشمل الثقة والضعيف غير المتروك. وبالتالي فكل ما جاء هنا ينطبق على نوعي الشاذ والمنكر مما يتصل برواية الثقات. ولهذا قال ابن الصلاح: ''فهذا حكمه الرد كما سبق في نوع الشاذ''.
والنقطة الثانية: ماذا يعني ابن الصلاح بالمنافاة ؟ وهل هي قيد زائد على المخالفة التي أطلقها في نوعي الشاذ والمنكر؟ أو هي المنافاة نفسها التي ذكرها هنا؟ وما مصدر ابن الصلاح في إضافة هذا القيد إذا كان بينهما فرق؟
ففي ضوء ما بينه ابن الصلاح في مبحث زيادة الثقة فالحديث المخالف لا يردُّ إلا إذا كان منافيا لما رواه سائر الناس. وبهذا أصبحت المنافاة مقياسا هنا لرد الحديث المخالف لما رواه الناس، وهذا كما ترى فيه تضييق لما سبق في الشاذ الذي أطلق فيه المخالفة بقوله: ''إذا انفرد الراوي بشيء نظر فيه: فإن كان ما انفرد به مخالفا لما رواه من هو أولى منه بالحفظ لذلك وأضبط كان ما انفرد به شاذا مردودا'' دون أن يضيف فيه المنافاة. وبالتالي يكون رد الحديث المخالف متوقفا على مخالفته لمن هو أضبط وأحفظ وإن لم يكن منافيا لما رواه هذا الأضبط، وبين هذين المقياسين لرد الحديث المخالف فرق واضح، إلا إذا قلنا إن المخالفة المذكورة في نوعي الشاذ والمنكر ليست هي على إطلاقها، وإنما بمعنى المنافاة؛ بدليل قوله في نوع زيادة الثقة: ''فهذا حكمه الرد كما سبق في نوع الشاذ.'' حيث سوى ابن الصلاح بين هذا القسم الأول وبين ما وقع في الشاذ والمنكر في سبب رد الحديث.
وعلى ذلك فما معنى المنافاة عند ابن الصلاح؟ وما الفرق بين المخالفة والمنافاة؟ لنشير إلى الفرق بينهما عموما نورد هنا مثالين: ورد عن عبد الله بن عمر في الطلاق البدعي حديث اختلف الرواة فيه؛ فروى جماعة من الثقات ما يفيد أن ابن عمر طلق تطليقة فحسبت من طلاقها[60]، في حين روى أبو الزبير بلفظ: طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض قال عبد الله: فردها عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرها شيئا[61]، وأفاد هذا الحديث أن الطلاق لم يقع، وهو ينافي حديث الجماعة الذي يدل على وقوع الطلاق. وعلى هذا الأساس أعل النقاد حديث أبي الزبير. والجدير بالذكر أنه لم يكن تعليل هذا الحديث لمجرد مخالفة أبي الزبير غيره من الثقات، وإنما لدلالة القرائن على خطئه الذي كان سبب مخالفته للآخرين[62]
وأما مثال المخالفة دون المنافاة فحديث سفيان الثوري عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (لأصلين لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فصلى فلم يرفع يديه إلا مرة واحدة)[63] وهذا يخالف ما رواه ابن إدريس عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال عبد الله: (علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فكبر ورفع يديه فلما ركع طبق يديه بين ركبتيه)[64] وبين الحديثين مخالفة دون منافاة؛ حيث قال سفيان في الحديث إنه لم يرفع يديه إلا مرة واحدة، بينما قال ابن إدريس في الحديث نفسه موضوع التطبيق[65] دون تطرقه لموضوع رفع اليدين، وتعد مثل هذه الحالة مخالفة في الحديث، ويكون من شأنها أن تقتضي الترجيح أو الجمع على أصول النقد عند المحدثين.
وإذا كانت المنافاة أخص من المخالفة كما لمسنا في هذين المثالين فإن اعتماد هذه المنافاة كميزان لرد الحديث المخالف لا يستبعد صدوره من ابن الصلاح لكونه منتميا إلى مدرستي الفقه والأصول. ولذا كان ذلك أساس هذا التقسيم الذي آثره ابن الصلاح في زيادة الثقة، قصد الخروج من تباين الآراء حولها؛ إذ جعل حكم القسم الأول منوطا بوجود المنافاة كشرط زائد على المخالفة بينما توقف عن بيان حكم القسم الثالث المتمثل في زيادات الثقات؛ نظرا لعدم وجود المنافاة فيها.
هذا وقد جاء عن الحافظ ابن حجر أقوال مختلفة في تفسير كلمة المنافاة؛ منها قوله:''وإما أن تكون (الزيادة) منافية بحيث يلزم من قبولها رد الرواية الأخرى فهذه هي التي يقع الترجيح بينها وبين معارضها''[66]. ومنها قوله: ''إلا إن كانت الزيادة منافية بحيث يتعذر الجمع''[67]. وبهذا فسر الحافظ ابن حجر المخالفة حيث قال:''وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة فإذا روى الضابط أو الصدوق شيئا فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ''[68].
وإن كانت هذه الأقوال غير متفقة في ظاهرها لكنها في مجملها تكون أقرب إلى منهج المحدثين منها إلى منهج الفقهاء والأصوليين؛ لكونها تتجه نحو تحديد المخالفة التي تكون أساسا في الشاذ والمنكر بأنها ما يتعذر الجمع على قواعد المحدثين، دون أن تكون المخالفة على عمومها.
وبما أن المقصود بالمنافاة هو كل ما يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فإن المنافاة لا تعد قيدا زائدا على المخالفة التي لا تكون على إطلاقها عند المحدثين النقاد. ولذا أصبح تفسير ابن حجر للمنافاة موافقا لمنهج المحدثين في النقد. هذا ولم يرد ذكر لفظ المنافاة كشرط لرد الحديث المخالف إلا في نص الإمام ابن الصلاح، وذلك لتوجهه الفقهي في معالجة بعض قضايا النقد عند المحدثين.(والله أعلم) وللأسف لم ينتبه إلى ذلك كثير من الباحثين حين قلدوا ابن الصلاح في مقدمته[69].(11/11)
وعلى كل حال فإن مسألة زيادة الثقة ينبغي طرحها في ضوء صلتها الوثيقة بالأنواع التي سبق البحث فيها، لكنه (رحمه الله تعالى) حين توسط بين نهج الفقهاء والأصوليين في معالجة مسألة زيادة الثقة ، وبين طريقة المحدثين النقاد – كما نص على ذلك الحافظ العلائي - [70]جاء التقسيم والقبول والرد فيها على أساس وجود المنافاة وعدمها، وهذه النظرة تعد غريبة في منهج المحدثين النقاد الذي يقوم على تتبع الملابسات والقرائن في الرواية. ومنهجهم هذا في تحري المرويات والمنقولات يكون هو الصواب؛ إذ لو كان رد الحديث المخالف متوقفا على وجود المنافاة وحدها للزم أن نضيف إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ما لم يقله إذ لا يكون بالضرورة أن يكون (صلى الله عليه وسلم) قد قال كل ما أضيف إليه بأي شكل كان بمجرد عدم المنافاة لما رواه الناس أو الأوثق، وكذا الأمر في كل ما يضاف إلى الرواة الذين اختلف عليهم بذلك.
ونخلص أخيرا إلى أن الحكم في زيادة الثقة أو فيما ينفرد به عموما متوقف على نوعية القرائن والملابسات التي تحتف بها، وعلى هذا الأساس جاء عمل أولئك النقاد في كتب العلل والصحاح وكتب الضعفاء، وجاءت نصوص كثيرة عن كثير من المحققين تؤكد ذلك، ونذكر هنا بعضا منها.
يقول ابن دقيق العيد: ‘‘من حكى عن أهل الحديث أو أكثرهم أنهم إذا تعارض رواية مسنِد ومرسِل أو رافع وواقف أو ناقص وزائد إن الحكم للزائد لم يصب في هذا الإطلاق فإن ذلك ليس قانونا مطردا، والمراجعة لأحكامهم الجزئية تعرف صواب ما نقول’’ [71].
ويقول العلائي: ‘‘كلام الأئمة المتقدمين في هذا الفن كعبد الرحمن بن مهدي ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل والبخاري وأمثالهم يقتضي أنهم لا يحكمون في هذه المسألة بحكم كلي بل عملهم في ذلك دائر مع الترجيح بالنسبة إلى ما يقوى عند أحدهم في كل حديث حديث’’ [72].
ويقول في موضع آخر ‘‘ووجوه الترجيح كثيرة لا تنحصر ولا ضابط لها بالنسبة إلى جميع الأحاديث، بل كل حديث يقوم به ترجيح خاص وإنما ينهض بذلك الممارس الفطن الذي أكثر من الطرق والروايات ولهذا لم يحكم المتقدمون في هذا المقام بحكم كلي يشمل القاعدة بل يختلف نظرهم بحسب ما يقوم عندهم في كل حديث بمفرده –والله أعلم–’’ [73].
ويقول الحافظ ابن حجر: ‘‘…والذي يجري على قواعد المحدثين أنهم لا يحكمون عليه بحكم مستقل من قبول ورد، بل يرجحون بالقرائن كما قدمناه في مسألة تعارض الوصل والإرسال’’[74]
ويقول البقاعي: ‘‘إن ابن الصلاح خلط هنا طريقة المحدثين بطريقة الأصوليين، فإن للحذاق من المحدثين في هذه المسألة نظرا لم يحكه، وهو الذي لا ينبغي أن يعدل عنه، وذلك أنهم لا يحكمون منها بحكم مطرد، وإنما يديرون ذلك على القرائن’’[75]
ويقول ابن الوزير: ‘‘وعندي أن الحكم في هذا لا يستمر، بل يختلف باختلاف قرائن الأحوال، وهو موضع اجتهاد’’[76].
وهذه النصوص كلها كانت متفقة على أن قبول زيادة الثقة أو ما ينفرد به الراوي عموما وردها يدوران على نوعية المرجحات والقرائن، بغض النظر عن وجود المنافاة وعدمها، وهو خلاف ما لاحظناه في مسألة زيادة الثقة التي تناولتها كتب المصطلح على أشكال مختلفة.
وبقي هنا شيء آخر ينبغي ذكره، وهو ما يخص الحديث الفرد الذي تفرد به الثقة من أصل الحديث، فقد نقل ابن الصلاح عن الخطيب البغدادي اتفاق العلماء على قبوله مطلقا، وهذا غير سليم؛ لأن قبول هذا النوع ليس على الإطلاق، وليس هو محل اتفاق لدى المحدثين، وقد نبه على ذلك الحافظ ابن حجر حين قال: ‘‘ليس كل حديث تفرد به أي ثقة كان يكون مقبولا’’ [77]، على أن الإمام ابن الصلاح نفسه قد أشار إلى ذلك بقوله في مبحث العلة: ‘‘ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي مع قرائن تنضم إليه تنبه العارف بهذا الشأن’’، فما أطلقه هنا من قبول ما تفرد به الثقة لا يكون سليما لتناقضه مع مبحث العلة الذي جعل الحكم فيه منوطا بنوعية القرائن التي تحف بالحديث المتفرد.(11/12)
الخاتمة
تتمثل أهم نقاط هذا البحث فيما يلي:
1 - عرض موضوع زيادة الثقة في أكثر من موضع من كتب المصطلح مرة تحت عنوان خاص، وأخرى ضمن أنواع، مثل المعلول والشاذ والمنكر.
2 - إذا كان الحكم على زيادة الثقة منوطا بنوعية القرائن المحيطة بها، كما بينها الإمام ابن الصلاح نفسه في نوع العلة وفق أصول النقد عند المحدثين، فإن الأنواع الأخرى التي تشكل معه وحدة موضوعية يجب أن تحذو حذو ذلك في تفاصيل الحكم والأبعاد النقدية، لكن قبول زيادة الثقة في الشاذ والمنكر أصبح مقيدا بأخص القرائن؛ وهو أن يكون راويها أحفظ وأوثق. وأما في نوع زيادة الثقة فكان الحكم مخالفا تماما لكل ما تقدم؛ حيث ترد الزيادة فقط إذا كانت منافية لما رواه الناس، وأما إذا لم تكن الزيادة منافية لذلك فتكون مترددة بين القبول والرد.
ولعل هذا الاضطراب يرجع سببه إلى غياب الوحدة الموضوعية، وازدواجية المنهج في معالجة تلك الأنواع، إذ الانتقال من منهج المحدثين إلى منهج علماء الفقه والأصول كان واضحا وملموسا في كثير من كتب المصطلح.
3 - والذي تقتضيه خصائص هذه الأنواع وترابط بعضها ببعض أن يكون الحكم في زيادة الثقة دائرا على نوعية القرائن والملابسات الحافة بها، وإذا لم تتوافر فيها تلك القرائن فيبقى الأصل في هذه المسألة هو القبول، لكونه ثقة قليل الخطأ، وبذلك يوفق بين نصوص المتقدمين التي يدل ظاهرها على القبول مطلقا وبين تطبيقاتهم العملية القائمة على مراعاة القرائن فيها ودلالاتها.
4 - ويمكن أن نبرهن بذلك على أن اعتبار الأصل في حال الرواة الثقات وجعل ذلك قاعدة في قبول أحاديثهم المتفردة أو زياداتهم لا ينهض به إلا الناقد المتمرس الفطن الذي له إطلاع واسع على واقع الروايات وملابساتها، وأما من الباحث العادي الذي لا يعرف نوعية تلك الملابسات والمرجحات ولا طبيعة دلالاتها فيعد اعتماد الأصل في جميع أنواع الزيادات التي تقع من الثقة خرقا وتقصيرا بل مجازفة خطيرة.
4 - وكل هذه النتائج تفند الادعاء بأن ''زيادة الثقة مقبولة كما تقرر في كتب المصطلح'' وبالتالي لم يعد مجال بعد الآن لترديد هذه الدعوى لمناقضتها لمواقف النقاد المؤسسة على الحفظ والفهم والمعرفة، بل لكتب مصطلح الحديث أيضا. ولله الحمد والشكر.(11/13)
اقتراح وتوصية
في ضوء نتائج البحث يكون من المفيد أن نقترح على إخواننا الباحثين في مجال الحديث وعلومه أن يولوا عناية كبيرة بمسألة الوحدة الموضوعية بين أنواع علوم الحديث مع دراسة مقارنة بين ما يعرض في كتب المصطلح من تعريفات ونظريات وبين تطبيقاتها في كتب النقاد الأصلاء، ككتب الصحاح والسنن والعلل والرجال بهدف التوصل لفهم مضامين كل مصطلح حديثي فهما صحيحا متكاملا، وتجريد منهج المحدثين النقاد عن منهج الفقهاء المتأخرين في التصحيح والتضعيف والمسائل المتعلقة بهما.
وبهذا النوع من البحث العلمي يكون الباحث قد أضاف في المعارف ما يثري المكتبات الحديثية.
والله من وراء القصد.(11/14)
المراجع والمصادر
1.آداب الزفاف في السنة المطهرة، للشيخ الألباني،(ط:4 دار ابن حزم، 1997م)
2.إرواء الغليل ، للشيخ الألباني (المكتب الإسلامي)
3.بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام لابن القطان الفاسي
4. تدريب الراوي للسيوطي (دار الكتب العلمية،بيروت، ط:1 سنة1417هـ)
5. تحفة الأحوذي للمباركفوري (دار الكتب العلمية، بيروت)
6. توضيح الأفكار للصنعاني (دار الكتب العلمية، بيروت ، ط: ، سنة 1417هـ)
7.جامع العلوم والحكم لابن رجب الحنبلي (تحقيق طارق بن عوض الله، دار ابن الجوزي، السعودية ط:1 سنة1415 هـ)
8. الحديث المعلول - قواعد وضوابط - لحمزة عبد الله المليباري (دار ابن حزم ، بيروت، ط: 1، سنة 1996)
9. سنن أبو داود (تحقيق محمد عوامة، مؤسسة الريان، بيروت، ط:1 سنة 1419هـ)
10.سنن الترمذي ( تحقيق أحمد شاكر ، ط: 2 ، سنة 1398هـ، مصطفى الحلبي)
11. سنن النسائي ( دار الكتب العلمية - بيروت -)
12.سنن البيهقي ( تحقيق محمد عبد القادر عطا، سنة 1414هـ، دار الباز، مكة المكرمة)
13.شرح العلل لابن رجب الحنبلي ( تحقيق نور الدين عتر ، ط:1، سنة 1398هـ، دار الملاح للطباعة)
14.صحيح البخاري ( فتح الباري ، مكتبة دار السلام، الرياض، ط:1 سنة1418هـ)
15. صحيح مسلم ( شرح النووي ، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي ، دار إحياء التراث العربي، بيروت)
16. صحيح ابن حبان ( مؤسسة الرسالة، تحقيق شعيب الأرناؤوط، ط:2 ، بيروت ، سنة 1414هـ)
17. صحيح ابن خزيمة (تحقيق محمد مصطفى الأعظمي، المكتب الإسلامي ، سنة 1390هـ)
18.عبقرية الإمام مسلم في ترتيب أحاديث مسنده الصحيح ، لحمزة عبد الله المليباري ( دار ابن حزم ، ط: 1 ، سنة 1998)
19. علوم الحديث ، المشهور بـ ''مقدمة ابن الصلاح'' للإمام ابن الصلاح ( تحقيق نور الدين عتر ، ط: 3 سنة 1418هـ ، دار الفكر)
20.فتح المغيث للسخاوي ( تحقيق عبد الرحمن محمد عثمان ، مطبعة العاصمة ، القاهرة، ط:2 سنة 1388هـ)،
21. الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي (دائرة المعارف ، الهند ، سنة 1357هـ)
22. معرفة علوم الحديث، للحاكم النيسابوري ( منشورات دار الآفاق الجديدة)
23. المقنع في علوم الحديث، للإمام سراج الدين ابن الملقن ( تحقيق عبد الله بن يوسف الجديع، دار فواز للنشر، السعودية ط: 1 )
24. المكتبة الألفية للسنة النبوية ، مركز التراث للحاسب الآلي، الأردن
25. نصب الراية لأحاديث الهداية للزيلعي ( تحقيق محمد يوسف البنوري ، سنة 1357هـ، دار الحديث ، مصر)
26.نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، للحافظ ابن حجر (دار الفكر ، بيروت ،سنة 1417هـ)
27. نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد ، للحافظ العلائي ( تحقيق بدر بن عبد الله البدر ، ط: 1 ، سنة 1416هـ ، دار ابن الجوزي ، السعودية )
28.هدي الساري مقدمة فتح الباري للحافظ ابن حجر (مكتبة دار السلام، الرياض، ط:1 سنة1418هـ) .(11/15)
الحواشي
[1] - كما ورد عن الإمام البخاري فيما زاده إسرائيل على شعبة وسفيان: ''الزيادة مقبولة ، وإسرائيل ثقة '' ( انظر تفصيل ذلك في كتاب شرح العلل 2/368 لابن رجب الحنبلي ، وكتاب الكفاية ص: 409 _ 413 )، كما نص على قبول زيادة الثقة الإمام مسلم في مقدمة صحيحه ''والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا وأمعن في ذلك على الموافقة لهم فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه قبلت زيادته'' 1/7 .
[2] - الحافظ ابن حجر ، فتح الباري 9/230
[3] - الحاكم، معرفة علوم الحديث، ص: 112
[4] - ولا أعني بذلك إلصاق تهمة التقصير بعلمائنا الصالحين؛ فإني أحس عن يقين بوجود أهداف تعليمية وتربوية وراء اختيارهم لهذا الأسلوب في كتب المصطلح، ومن أهمها تسهيل بحث أنواع علوم الحديث، وتيسير حفظ مصطلحاتها للطلبة المبتدئين.
[5] - انظر الكفاية ص: 424 - 429 ، وقد قال الحافظ ابن حجر : ''وهو توسط بين المذهبين'' ( يعني مذهب الفقهاء ومذهب المحدثين ) ، والجدير بالذكر أن معيار القبول في الزيادة هو أن يكون الراوي عدلا حافظا ثقة متقنا.
[6] - ابن رجب الحنبلي، شرح العلل 1/427 - 428
[7] - نقله الصنعاني في كتابه توضيح الأفكار 1/339 - 340
[8] - العلائي، نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد، ص: 215
[9] - ونقله الحافظ في النكت 2/712
[10] - النكت على كتاب ابن الصلاح 2/726
[11] - النكت 2/711 . انظر اختصار علوم الحديث ص: 64
[12] - اختصار علوم الحديث مع الباعث الحثيث: 79
[13] - فتح المغيث 1/ 237 . وتوضيح الأفكار 1/344 ، والنكت 2/604 - 605.
[14] - ابن رجب الحنبلي، شرح العلل 1/425
[15] - انظر النكت على مقدمة ابن الصلاح 2/691
[16] - الحافظ ابن حجر، مقدمة فتح الباري، الفصل الثامن ، القسم الثالث ص: 507
[17] - يلاحظ أن النقاد لم يخصصوا مصطلح (المنكر) بما رواه الضعيف مخالفا للثقات، بل أطلقوه فيما لم يكن معروفا عندهم من الأحاديث، سواء أكان راويه ثقة أم ضعيفا، وإن كان إطلاقهم بذلك فيما رواه الضعيف أكثر، وسيأتي ما يفيد ذلك في المبحث الثالث بشيء من التفصيل.
[18] - قوله (فأرم القوم) أي سكنوا فلم يتكلموا ، وقوله (تبكعني بها) أي أن تستقبلني بما أكره .
[19] صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب التشهد في الصلاة 4/119 (شرح النووي)
[20] - أنظر تفصيله في ''عبقرية الإمام مسلم في ترتيب مسنده الصحيح''ص : 75 - 76
[21] - انظر إرواء الغليل 1/138 ، وتعليقات الشيخ أحمد شاكر على سنن الترمذي 1/167 - 168
[22] - أخرجه أبو داود في كتاب الطهارة، باب المسح على الجوربين 1/25، والترمذي في الطهارة باب المسح على الجوربين والنعلين 1/167 وصححه الترمذي .
[23] - أخرجه البخاري في الوضوء باب المسح على الخفين 1/306 - 307 ، 309 ( فتح الباري)، ومسلم في الطهارة ، باب المسح على الخفين 3/168 - 173 ( شرح النووي ) ، والنسائي في الطهارة باب المسح على الخفين 1/82 - 83
[24] - الزيلي ، نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية 1/185
[25] - سنن الترمذي 1/167 - 168 (تحقيق أحمد شاكر)
[26] - الشيخ الألباني، محمد ناصر ، إرواء الغليل 1/138، والشيخ أحمد شاكر، تعليقه على سنن الترمذي 1/167 - 168
[27] - نجد في المعاصرين من بنى على هذه القاعدة مسائل كثيرة يختلف بها مع الآخرين، وفيها ما يخالف جماهير العلماء، مسوغا ذلك بقوله: ''وهذه المسألة مثال من جملة الأمثلة الكثيرة على أهمية هذه الطريقة التي تفردنا بها في هذا العصر -فيما أعلم- من تتبع الزيادات من مختلف روايات الحديث وجمع شملها وضمها إلى أصل الحديث مع تحري الثابت منها، فالحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.'' (آداب الزفاف في السنة المطهرة ص: 232) أقول باحترام وتقدير: لو كان تحري الثابت منها وفق قواعد النقاد، ومنهجهم في نقد المرويات، ويديره على القرائن لكان ذلك منهجا سليما يجب على الجميع قبوله، وأما إذا كان ذلك على أساس قبول زيادة الثقة فالأمر جلل وتكون عواقبه خطيرة، والله تعالى يعصمنا وإياه من ذلك.
[28] - سنن البيهقي 1/284
[29] - المصدر السابق
[30] - المصدر السابق، وكتاب ابن القطان الفاسي، 'بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام' 4/448
[31] - الحافظ ابن حجر ، النكت على مقدمة ابن الصلاح 2/691
[32] - ابن الصلاح، علوم الحديث (المشهور بمقدمة ابن الصلاح) ص: 90 ، وكذا في بقية كتب المصطلح وإن كان فيما بينها بعض التفاوت في السياق فإن المعنى واحد، انظر على سبيل المثال كتاب المقنع 1/211 - 212، فتح المغيث للسخاوي 1/210-211، وتوضيح الأفكار للصنعاني 2/22 - 23، وتدريب الراوي للسيوطي 1/135
[33] -رواه البخاري في العتق باب إذا أعتق عبدا بين اثنين.. 2/892 ، ومسلم في أول كتاب العتق 2/1139
[34] - الحافظ ابن حجر، النكت 2/688
[35] - مقدمة ابن الصلاح ص: 78 - 79 ، والسيوطي ، تدريب الراوي 1/124، والصنعاني، توضيح الأفكار 1/344
[36] - رواه مسلم في الفرائض 3/1233
[37] - مقدمة ابن الصلاح ص: 80 - 82، وتدريب الراوي 1/127، وتوضيح الأفكار 2/5 ، وروى الحديث ابن ماجة في الأطعمة ، باب أكل البلح بالتمر 2/1105
[38] - تدريب الراوي 1/124 - 125
[39] - المصدر السابق 1/128
[40] - انظر فتح المغيث للسخاوي 1/185
[41] - فتح المغيث 1/185
[42] - انظر منهج النقد ص: 430 للأستاذ نور الدين عتر ، والحديث المعلول ص : 66 - 76 ، ونظرات جديدة في علوم الحديث ص : 31 كلاهما لحمزة المليباري
[43] - المقنع 1/169
[44] - توضيح الأفكار 1/345
[45] - النكت 2/612
[46] - النكت 2/653
[47] - فتح المغيث - في مبحث الشاذ - 1/185
[48] - المقنع 1/169
[49] - رواه مالك في الموطأ في باب من تجب عليه زكاة الفطر 1/283
[50] - سنن الترمذي، باب ما جاء في صدقة الفطر3/61 ، وقال : حسن صحيح
[51] - رواه ابن خزيمة في 1/132 ، وابن حبان في 14/310
[52] - مقدمة ابن الصلاح ص: 50 - 51
[53] - النكت 2/687
[54] - الخطيب البغدادي، الكفاية ص 425
[55] - تدريب الراوي 1/131
[56] - نظم الفرائد لما تضمنه حديث ذي اليدين من الفوائد ص: 215
[57] - المقنع في علوم الحديث 1/192
[58] - النكت 2/687
[59] - فتح المغيث 1/202
[60] - رواه البخاري في الطلاق باب إذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق 9/436 وفي باب مراجعة الحائض ص:599
[61] - رواه أبو داود في الطلاق باب في طلاق السنة 3/66
[62] - انظر تفصيله في جامع العلوم والحكم 1/173 - 176 لابن رجب الحنبلي
[63] - رواه أبو داود في الصلاة باب من لم يذكر الرفع عند الركوع 1/493
[64] - رواه أبو داود في الصلاة باب افتتاح الصلاة 1/493
[65] - التطبيق هو أن يجعل اليدين بين الركبتين في الركوع، وكان هذا مشروعا ثم نسخ.
[66] - الحافظ ابن حجر، نزهرة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ص: 39
[67] - مقدمة فتح الباري ، الفصل الثامن ، القسم الثالث ص:507
[68] - المصدر السابق في الفصل التاسع ص: 549
[69] - محمد عبد الرحمن المباركفوري، كتاب تحفة الأحوذي 2/82 - 85
[70] - نظم الفرائد ص: 215
[71] - نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 1/343 - 344
[72] - انظر النكت 2/604
[73] - ونقله الحافظ في النكت 2/712
[74] - النكت 2/687
[75] - نقله الصنعاني في توضيح الأفكار 1/339 - 340
[76] - توضيح الأفكار 1/312
[77] - الحافظ ابن حجر، النكت على مقدمة ابن الصلاح 2/690(11/16)
فرائد الفوائد
... هذه فوائد مهمة وقواعد نافعة تنفع المشتغل بالحديث وقد انتقيتها من مؤلفاتي وتعليقاتي على بعض كتب المصطلح
1 – معرفة الخطأ في حديث الضعيف يحتاج إلى دقة وجهد كبير كما هو الحال في معرفة الخطأ في حديث الثقة .
2 – التفرد بحد ذاته ليس علة ، وإنما يكون أحياناً سبباً من أسباب العلة ويلقي الضوء على العلة ، ويبين ما يكمن في أعماق الرواية من خطأ ووهم .
3 – المجروحون جرحاً شديداً – كالفساق والمتهمين والمتروكين – لا تنفعهم المتابعات ؛ إذ أن تفردهم يؤيد التهمة عند الباحث الناقد الفهم .
4 – الحديث الضعيف إذا تلقاه العلماء بالقبول فهو مقبول يعمل به ولا يسمى صحيحاً .
5 – قد تُعَلّ بعض الأحاديث بالمعارضة إذا لم يمكن الجمع ولا التوفيق .
6 – من كثرت أحاديثه واتسعت روايته ، وازداد عدد شيوخه فلا يضر تفرده إلا إذا كانت أفراده منكرة .
7 – فرق بين قولهم : (( يروي مناكير )) وبين قولهم : (( في حديثه نكارة )) . ففي الأولى أن هذا الراوي يروي المناكير ، وربما العهدة ليست عليه إنما من شيوخه ، وهي تفيد أنه لا يتوقى في الرواية ، أما قولهم : (( في حديثه نكارة )) فهي كثيراً ما تقال لمن وقعت النكارة منه .
8 – قول ابن معين في الراوي : (( ليس بشيء )) تكون أحياناً بمعنى قلة الحديث
9 – أشد ما يجرح به الراوي كذبه في الحديث النبوي ، ثم تهمته بذلك ، وفي درجتها كذبه في غير الحديث النبوي ، وكذلك الكذب في الجرح والتعديل لما يترتب عليه من الفساد الوخيم .
10 – بين قول النسائي : (( ليس بقويٍّ )) ، وقوله : (( ليس بالقوي )) فرق فكلمة : ليس بقوي تنفي القوة مطلقاً وإن لم تثبت الضعف مطلقاً وكلمة : (( ليس بالقوي )) إنما تنفي الدرجة الكاملة من القوة .(12/1)
11 – أبو حاتم الرازي يطلق جملة : (( يكتب حديثه ولا يحتج به )) فيمن عنده صدوق ليس بحافظ يحدث بما لا يتقن حفظه فيغلط ويضطرب ، ومعنى كلامه : يكتب حديثه في المتابعات والشواهد ، ولا يحتج به إذا انفرد .
12 – قول ابن معين في الراوي : (( لم يكن من أهل الحديث )) معناها : أنه لم يكن بالحافظ للطرق والعلل ، وأما الصدق والضبط فغير مدفوعين عنه .
13 – كون أصحاب الكتب الستة لم يخرجوا للرجل ليس بدليل على وهنه عندهم ، ولا سيما من كان سنه قريباً من سنهم ، وكان مقلاً فإنهم كغيرهم من أهل الحديث يحبون أن يعلوا بالإسناد .
14 – وقول ابن حبان في الثقات : (( ربما أخطأ )) أو (( يخطئ )) أو (( يخالف )) أو (( يغرب )) لا ينافي التوثيق ، وإنما يظهر أثر ذلك إذا خالف من هو أثبت منه .
15 – ليس من شرط الثقة أن يتابع بكل ما رواه .
16 – الجرح غير المفسر مقبول إلا أن يعارضه توثيق أثبت منه .
17 – جرح الرواة ليس من الغيبة ؛ بل هو من النصيحة .
18 – يشترط في الجارح والمعدِّل : العلم والتقوى والورع والصدق والتجنب عن التعصب ومعرفة أسباب الجرح والتزكية ، ومن لم يكن كذلك لا يقبل منه الجرح ولا التزكية .
19 – اعتماد الراوي العدل على كتابه دون حفظه لا يعاب عليه ، بل ربما يكون أفضل لقلة خطئه .
20 – الخطأ في حديث من اعتمد على حفظه أكثر منه في حديث من اعتمد على كتابه .
21 – الثقة هو من يجمع العدالة والضبط .
22 – صدوق ، ولا بأس به ، وليس به بأس ، مرتبة واحدة ، وهي تفيد أن الراوي حسن الحديث .
23 – قولهم في الراوي : (( صالح )) بلا إضافة تختلف عن قولهم :(( صالح الحديث )) ، فالأولى تفيد صلاحه في دينه ، والثانية صلاحه في حديثه .
24 – قولهم : (( متروك )) ، و (( متروك الحديث )) بمعنى واحد .(12/2)
25 – فرق بين قولهم : (( تركوه )) ، وقولهم : (( تركه فلان )) فإن لفظ : (( تركوه )) يدل على سقوط الراوي وأنه لا يكتب حديثه ، بخلاف لفظ : (( تركه فلان )) فإنه قد يكون جرحاً وقد لا يكون .
26 – إذا قال البخاري في الراوي : (( سكتوا عنه )) فهو يريد الجرح .
27 – إذا قال البخاري : (( فيه نظر )) فهو يريد الجرح في الأعم الغالب .
28 – قولهم : (( تعرف وتنكر )) المشهور فيها أنها بتاء الخطاب ، وتقال أيضاً : (( يُعرف وينكر )) بياء الغيبة مبنياً للمجهول ، ومعناها : أن هذا الراوي يأتي مرة بالأحاديث المعروفة ، ومرة بالأحاديث المنكرة ؛ فأحاديث من هذا حاله تحتاج إلى سَبْر وعَرْض على أحاديث الثقات المعروفين .
29 – قول أبي حاتم في الراوي : (( شيخ )) ليس بجرح ولا توثيق ، وهو عنوان تليين لا تمتين .
30 – قولهم في الراوي : (( ليس بذاك )) قد يراد بها فتور في الحفظ .
31 – قولهم : (( إلى الصدق ما هو )) بمعنى أنه ليس ببعيد عن الصدق .
32 – قولهم في الراوي : (( إلى الضعف ما هو )) يعني أنه ليس ببعيد عن الضعف .
33 – قولهم في الراوي : (( ضابط )) أو (( حافظ )) يدل على التوثيق إذا قيل فيمن هو عدل ، فإن لم يكن عدلاً فلا يفيد التوثيق .
34 – وقوع الأوهام اليسيرة من الراوي لا تخرجه عن كونه ثقة .
35 – قولهم في الراوي : (( لا يتابع على حديثه )) لا يعد جرحاً إلا إذا كثرت منه المناكير ومخالفة الثقات .
36 – قولهم في الراوي : (( قريب الإسناد )) معناه : قريب من الصواب والصحة ، وقد يعنون به قرب الطبقة والعلو .
37 – قول البخاري في الراوي : (( منكر الحديث )) معناه عنده لا تحل الرواية عنه . ويطلقها غيره أحياناً في الثقة الذي ينفرد بأحاديث ، ويطلقها بعضهم في الضعيف الذي يخالف الثقات .
38 – إن نفي صحة الحديث لا يلزم منه ضعف رواته أو اتهامهم بالوضع .(12/3)
39 – أكثر المحدثين إذا قالوا في الراوي : (( مجهول )) ، يريدون به غالباً جهالة العين ، وأبو حاتم يريد به جهالة الوصف والحال .
40 – التوثيق الضمني – وهو تصحيح أو تحسين حديث الرجل – مقبول عند بعض أهل العلم .
41 – يعرف ضبط الراوي بموافقته لأحاديث الثقات الأثبات .
42 – نتيجة الاعتبار : معرفة صحة حديث الرجل ، لا الحكم عليه أنه ثقة .
43 – الثبت : هو المتثبت في أموره .
44 – المتقن : هو من زاد ضبطه على ضبط الثقة .
45 – قولهم : (( موثق )) معناه أنه ملحق بـ (( الثقة )) إلحاقاً ، أو مختلف في توثيقه .
46 – (( مقارب الحديث )) ، بفتح الراء معناه أن غيره يقاربه ، وبالكسر هو يقارب حديث غيره ، وهما على معنى التعديل سواء بفتح الراء أو كسرها ، وهي عند الإمام البخاري والترمذي من ألفاظ تحسين حديث الرجل .
47 – قول الذهبي : (( لا يعرف )) يريد جهالة العين أحياناً ، ويريد جهالة العدالة أحياناً ، والقرائن هي التي ترشح المراد .
48 – اصطلاح الرازيين أبي حاتم وابنه ، وأبي زرعة في (( المجهول )) : يقصد بها مجهول الحال ، وقد يريدون جهالة العين ، وقد يطلق أبو حاتم : (( مجهول )) في بعض أعراب الصحابة .
49 – يقدم قول الجارح والمعدل لرجل من بلده على من كان من غير بلده .
50 – قولهم في راوٍ : (( كان يخطئ )) لا يقال إلا فيمن له أحاديث ، لا حديث واحد .
51 – عادة ابن حبان في المختلف في صحبته أن يذكره في قسم الصحابة وقسم التابعين .
52 – قد يقدح ابن حبان في متن حديث بناءً على الفهم والفقه ، ويأتي غيره فيزيل إشكاله .
53 – ابن حبان يتناقض فيذكر الراوي أحياناً في الثقات ، ثم يذكره في المجروحين .
54 – ابن خراش رافضيٌّ لا يقبل قوله إذا خالف أو انفرد .
55 – ابن معين يطلق أحياناً : (( لا أعرفه )) على من كان قليل الحديث جداً .
56 – قول البخاري في الراوي : (( لا يحتجون بحديثه )) بمثابة قوله : (( سكتوا عنه )) .(12/4)
57 – إذا روى البخاري لرجل مقروناً بغيره فلا يلزم أن يكون فيه ضعف .
58 – إكثار البخاري عن رجل وهو شيخه المباشر : توثيق له ودليل على اعتماده .
59 – إذا كتب الذهبي في الميزان علامة : (( صح )) بجانب ترجمة فمعناه المعتمد توثيقه .
60 – الثقة لا يضره عدم المتابعة .
61 – ربما قالوا : ليس بثقة للضعيف أو المتروك .
62 – الشهرة لا تنفع الراوي ، فإن الضعيف قد يشتهر .
63 – قبول التلقين قادح تسقط الثقة به .
64 – الصالحون غير العلماء يغلب على حديثهم الوهم والغلط .
65 – بلدي الرجل أعلم به .
66 – ليس كل ضعيف يصلح للاعتبار .
67 – لا يلزم من احتجاج إمام بحديث تصحيحه له .
68 – توثيق الرجال وتضعيفهم أمرٌ اجتهادي .
69 – ليس كل ضعف في الحديث يزول بمجيئه من وجوه ، بل يتفاوت .
70 – لا يلزم من قولهم : (( ليس في الباب شيء أصح من هذا )) صحة الحديث.
71 – الحديث الضعيف الإسناد يعبر عنه : بـ (( ضعيف بهذا الإسناد )) لا ضعيف فقط .
72 – يوصف الحديث المقبول بلفظ : الجيد ، والقوي ، والصالح ، والمعروف والمحفوظ ، والمجود ، والثابت .
73 – الإرسال والتدليس ليس بجرح ، وهو غير حرام .
74 – كلام الأقران في بعضهم لا يعبأ به إذا كان بغير حجة .
75 – جرح الراوي بكونه أخطأ لا يضعفه ما لم يفحش خطؤه .
76 – كل طبقة من النقاد لا تخلو من متشدد ومتوسط .
77 – قولهم في الراوي : (( ليس بذاك القوي )) تلين هين .
78 – غشيان السلطان للحاجة ليس بجارح .
79 – معرفة تصاريف كلام العرب شرط لعالم الجرح والتعديل .
80 – يغتفر في المتابعات والشواهد ما لا يغتفر في الأصول .
81 – قولهم : (( ليس هو كأقوى ما يكون )) تضعيف نسبي .
82 – لا يسمع قول مبتدع في مبتدع كناصبي في شيعي .
83 – اضطراب الرواة عن الشيخ لا يؤثر في الشيخ .
84 – إذا كان الجارح ضعيفاً فلا يقبل جرحه للثقة .
85 – فرق بين قولهم : تركه فلان ، وقولهم : لم يرو عنه .(12/5)
86 – لا يلزم من كون الراوي ضعيفاً ضعفه في جميع رواياته .
87 – ابن حبان متعنت في الجرح .
88 – رواية الإمام البخاري عن المختلط هي قبل اختلاطه ، وبعد اختلاطه ينتقى من حديثه ما صح منه .
89 – لا يقبل الجرح إلا بعد التثبت خشية الاشتباه في المجروحين .
90 – حفظ الراوي للحديث ليس بشرط لصحة حديثه .
91 – ولاية الحسبة ليست بأمر جارح .
92 – الجرح الناشئ عن عداوة دنيوية لا يعتد به .
93 – قوة الحفظ وقلة الغلط أمر نسبي بين حافظ وحافظ .
94 – يكون بعض الرواة متقناً في شيخ ، وضعيفاً في غيره .
95 – جرح الراوي بأنه من أهل الرأي ليس بجرح .
96 – لا يجرح الثقة بشهره السيف على الحاكم .
97 – إذا قرنوا لفظة : (( ثقة )) بلفظة : (( صدوق )) ، فهي تفيد إنزاله ، فثقة لعدالته ودينه ، وصدوق لخفة في ضبطه .
98 – يشترط فيمن يطلب الحديث ما قاله الذهبي : (( فحق على المحدث أن يتورع في ما يؤديه وأن يسأل أهل المعرفة والورع ليعينوه على إيضاح مروياته ولا سبيل إلى أن يصير العارف الذي يزكي نقلة الأخبار ويجرحهم جهبذاً إلا بإدمان الطلب والفحص عن هذا الشأن وكثرة المذاكرة والسهر والتيقظ والفهم مع التقوى والدين المتين والإنصاف والتردد إلى مجالس العلماء والتحري والإتقان وإلا تفعل :
فَدعْ عَنْكَ الكتابةَ لستَ مِنها ولو سودتَ وجهكَ بالمدادِ
قال الله تعالى : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) فإن آنست يا هذا من نفسك فهماً وصدقاً وديناً وورعاً وإلا فلا تتعن ، وإن غلب عليك الهوى والعصبية لرأي ولمذهب فبالله لا تتعب ، وإن عرفت أنك مخلط مخبط مهمل لحدود الله فأرحنا منك فبعد قليل ينكشف البهرج وينكب الزغل ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ، فقد نصحتك فعلم الحديث صلف فأين علم الحديث ؟ وأين أهله ؟ كدت أن لا أراهم إلا في كتاب أو تحت تراب )) . ( تذكرة الحفاظ 1 / 4 ) .
99 – إقران المشيئة للفظ التعديل منزل له عن مرتبته .(12/6)
100 – قولهم : (( ثقة صدوق )) أعلى من (( صدوق )) فقط وأدنى من (( ثقة )) فقط .
101 – قولهم : (( ثقة لا بأس به )) أعلى من : (( لا بأس به )) فقط وأدنى من (( ثقة )) فقط .
102 – قولهم : (( ثقة يغرب )) أشد من قولهم : (( ثقة له أفراد )) ، لما يستفاد من معنى الاستغراب .
103 – إن الإمام البخاري لا يُقْدم على إقران راوٍ بآخر في صحيحه إلا لنكتةٍ مثل : الدلالة على اتحاد لفظ الراويين ، أو بيان أن للشيخ أكثر من راوٍ أو الإشارة إلى متابعة ، أو غير ذلك .
104 – الدلالة المعنوية للصدق تختلف ما بين المتقدمين والمتأخرين ، فعلى حين كان ذا دلالة راجعة إلى العدالة فقط في مفهوم المتقدمين ، ولا تشمل الحفظ بحال من الأحوال ؛ لذا كان أبو حاتم الرازي كثيراً ما يقول : ضعيف الحديث ، أو : مضطرب الحديث ومحله عندي الصدق .
فقد أصبح ذا دلالة تكاد تختص بالضبط عند المتأخرين ، ولذا جعلوا لفظة صدوق من بين ألفاظ التعديل .
105 – الاختلاف في اسم الراوي أو نسبته أو كنيته لا يدل بحال من الأحوال على جهالة ذلك الراوي ، وقد نص الخطيب وغيره على ذلك.
الدكتور ماهر ياسين الفحل(12/7)
1-قول ابو حاتم (يكتب حديثه) قال الذهبي في السير6/360: علمت بالستقراء التام انه عنده ليس بحجة.
2-قول النسائي(ليس بالقوي) قال الذهبي في الموقضة82: ليس بجرح مفسد.
3-قول ابن معين(يكتب حديثه) قال ابن عدي : يعني في جملة الضعفاء.
4-قول البخاري(سكتوا عنه) قال الذهبي في الموقضة 83 (بمعنى تركوه).
5 ــ قول ابن معين ( لا بأس به )
جاء في (( لسان الميزان )) ( 1 / 93 ) [ قال أبن أبي خيثمة : قلت لابن معين : إنك تقول : فلان ليس به بأس ، وفلان ضعيف ، قال : إذا قلت لك : ليس به بأس فهو ثقة ، وإذا قلت : هو ضعيف ، فليس هو بثقة ولا يكتب حديثه ] .
6 ــ قول الدارقطني ( لين )
جاء في (( لسان الميزان )) ( 1 / 93 ) [ وقال حمزة السهمي : قلتُ للدارقطني : فلان لين أيش تريد به ؟ قال : لا يكون ساقطاً متروك الحديث ، ولكن مجروحاً بشيء لا يسقطه عن العدالة ] .
7 ــ قول البخاري ( منكر الحديث )
جاء في (( الميزان )) للذهبي ( 1 / 6 ) [ ونقل ابن القطان أن البخاري قال : كل من قلتُ فيه منكر الحديث فلا تحلّ الرواية عنه ] .
8 ــ قول البخاري ( مقارب الحديث )
جاء في (( الإرواء )) ( 1 / 254 ) [ قال عبد الحق الإشبيلي في (( كتاب التهجد )) ( ق 65 / 1 ) في قول البخاري في أبي ظلال : ( مقارب الحديث ) : يريد أن حديثه يقرب من حديث الثقات ، أي لا بأس به ] .
- قول البخاري(فيه نظر) قال البخاري نفسه كما في السير للذهبي12/441: اذا قلت فلان في حديثه نظر فهو متهم واه.
10- قول الدارقطني(لا يترك) قال الذهبي في الميزان2/40: ليس بتجريح.
11-قول ابو حاتم ليس بالقوي فسره الذهبي بانه لم يبلغ درجه القوي الثابت... الموقضة 83
(12) قول أبي حاتم عن الرجل: صدوق، كقول غيره: ثقة. (الشيخ عبدالله السعد: شرح كتاب التمييز، الشريط الرابع، الجزء الأول).
قال الشيخ عبدالله السعد (حفظه الله):
(13) من قال عنه النسائي: "ليس بالقوي":(13/1)
(-) أنّه يكون في الغالب: فيه ضعف.
(-) وهو مخالف لما قاله ابن حجر والمعلّمي [قلت: والذهبي].
(-) أنّه لا فرق بين "ليس بالقوي" و "ليس بقوي" عند النسائي.
(14) من قال عنه دُحيم: "لا بأس به" فهو ثقة.
(15) من قال فيه أبو حاتم: "ليس بالقوي" الأصل فيها أنّها على بابها، أنّ الراوي لا يحتجّ به.
أشرطة شرح الموقظة (الشريط العاشر، الجزء الثاني، الدقيقة 4 فما بعدها).
قال المعلمي في التنكيل (1/350) : ( أبوحاتم معروف بالتشدد ، قد لا تقل كلمة "صدوق" منه عن كلمة "ثقة ").
وللشيخ الفاضل الشريف حاتم العوني بحث نفيس عن قول أبي حاتم ( صدوق ) في المرسل الخفي (1/340_342) خلص فيه إلى أنه لا يلزم من قول أبي حاتم "صدوق" إنزال الراوي عن تصحيح حديثه .
16- (صالح الحديث)عند ابن ابي حاتم آخر مراحل التوثيق قاله ابن حجر في الفتح(11/197)
17- المنكر عند البرديجي يعني به الفرد الذي لا متابع له حتى لو كان تفرد الثقة،،، قاله ابن حجر في الفتح( هدي الساري392،437،453،455) الفتح(12/134)
18-ليس بشيء عند ابن معين يعني احاديثه قليله . قاله ابن القطان الفاسي.كما في هدي الساري421.
(18) [إضافة] قال الشيخ عبدالله السعد: "ليس بشيء" عند ابن معين تعني أنّ الراوي ضعيف جداً، ولكن أحياناً تعني أنّ أحاديثه قليلة.
(19) وقال أيضاً (حفظه الله): "لا بأس به" عند ابن عدي أحياناً تكون تضعيفاً منه للراوي.
20 ــ (( يروي مناكير )) ، (( في حديثه مناكير ))
قال ذهبي العصر ( المعلمي اليماني ) في (( طليعة التنكيل )) ( 1 / 50 ) :
[ فإن يروي المناكير يقال في الذي يروي ما سمعه مما فيه نكارة ولا ذنب له في النكارة ، بل الحمل فيها على من فوقه ، فالمعنى أنه ليس من المبالغين في التنقي والتوقي الذين لا يحدثون مما سمعوا إلا بما لا نكارة فيه ، ومعلوم أن هذا ليس بجرح .(13/2)
وقولهم : في حديثه مناكير كثيراً ما تقال فيمن تكزن النكارة من جهته جزماً أو احتمالاً فلا يكون ثقة ]
21 ــ قول الأئمة في الراوي (( منكر الحديث )) و (( روى أحاديث منكرة ))
قال الحافظ الزيلعي في (( نصب الراية )) ( 1 / 179 ) :
[ من يُقال فيه (( منكر الحديث )) ليس كمن يُقال فيه (( روى أحاديث منكر ة )) لأن (( منكر الحديث )) وصفٌ في الرجل يستحق به الترك لحديثه ، والعبارة الأخرى تَقْتضي أنه وقع له في حِين = لا دائماً .
وقد قال أحمد بن حنبل في " محمد بن إبراهيم التيمي " : يروي أحاديث منكرة ، وقد اتفق عليه البخاري ومسلم ، وإليه المرجع في حديث (( إنما الأعمال بالنيات )) ، وكذلك قال في " زيد بن أبي أنَيْسة " : في بعض حديثه إنكار ، وهو ممن احتج به البخاري ومسلم ، وهما العمدة في ذلك ، وقد ابن يوسف بأنه ثقة ، وكيف يكون ثقة وهو لا يحتج بحديثه ؟ ] .
تابع للرقم 21
المنكر عند أحمد هو الحديث الغريب حتى لو كان صحيحاً. قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري (1\437): في ترجمة "محمد بن إبراهيم التيمي"، ذكر قول أحمد فيه: «في حديثه شيء، يَروي أحاديث مناكير»، ثم قال: «المُنكَر أطلقه أحمد بن حنبل وجماعة على الحديث الفرد الذي لا متابع له. فيُحمل هذا على ذلك». وقال في ترجمة "بُرَيد بن عبد الله" (1\392): «أحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة».
22- قول الحفاظ «مُنكَر الحديث». إن قاله البخاري فهو جرحٌ قويٌ مُفسّر. جاء في "الميزان" للذهبي (1\6): «ونقل ابن القطان أن البخاري قال: كل من قلتُ فيه منكر الحديث فلا تحلّ الرواية عنه». قلت: وأما عند غيره فمنكرُ الحديث قد تكون في درجة ضعيف الحديث، إذ هم يطلقونها على ضعيف يخالف الثقات.(13/3)
23- و لكن قول «منكر الحديث» عند أحمد قد لا تعني جرحاً. قال ابن حجر في ترجمة "يزيد بن عبد الله بن خصيفة" في مقدمة الفتح (1\453)، بعد ذِكر مقولة أحمد فيه "منكر الحديث": «هذه اللفظة يطلقها أحمد على من يُغْرِبُ (أي يتفرد وإن لم يخالف) على أقرانه بالحديث».
الصحيح أن قول الإمام أحمد ( منكر الحديث ) هو كقول باقي النقاد ، وقد بين ذلك الشيخ الفاضل الدكتور إبراهيم اللاحم في بحثه ( تفرد الثقة بالحديث ) المنشور في العدد الأخير من مجلة الحكمة (144_145) واستدل على ذلك بثلاثة أمور _ تنظر في الموضع المشار إليه _ وقوله هذا هو قول شيخنا الشريف حاتم العوني والشيخ عبدالله السعد حفظهم الله وبارك الله في الجميع
لاحظ قولي: ((قول «منكر الحديث» عند أحمد ((قد)) لا تعني جرحاً))
فلم أعمّم. وقد أعطى ابن حجر مثالاً على ذلك.
وهناك أمثلة أخرى منها قوله في ترجمة "بُرَيد بن عبد الله" (1\392): «أحمد وغيره يطلقون المناكير على الأفراد المطلقة».
_________
قال أحمد بن حنبل: «إذا سمعتَ أصحاب الحديث يقولون: هذا "حديث غريب" أو "فائدة"، فاعلم أنه خطأ أو دخل حديثٌ في حديث أو خطأ من المحدِّث أو حديثٌ ليس له إسناد، وإن كان قد رواه شعبة وسفيان. فإذا سمعتهم يقولون "هذا لا شيء" فاعلم أنه حديثٌ صحيح». نقله الخطيب البغدادي في "الكفاية في علم الرواية" (ص141).
__________________
ــ معنى قول الذهبي ( مُوثّق ) :
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
[ يشير بذلك إلى عدم الإعتداد بتوثيق ابن حبان .... لما عُرفَ من تساهله في توثيق المجاهيل ] .
(( الضعيفية )) ( 1 / 637 ) .
24 ــ قول ابن حبان في (( الثقات )) ( ربما أغرب )
قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى :
[ وهذا ليس بجرح ]
(( الضعيفة )) ( 2 / 27 )
قول الالباني متعقب
فاني رايت الذهبي يقول موثق فيمن وثقه جمع
فائدة
قال ابن حجر
في هدي الساري(13/4)
يونس بن القاسم الحنفي أبو عمر اليمامي وثقه يحيى بن معين والدارقطني وقال البرديجي منكر الحديث قلت أوردت هذا لئلا يستدرك وإلا فمذهب البرديجي أن المنكر هو الفرد سواء تفرد به ثقةأو غير ثقة ثقة فلا يكون قوله منكر الحديث جرحا بينا
فلا يكون قوله منكر الحديث جرحا بينا كيف وقد وثقه يحيى بن معين
قول الالباني الذي تعقبته، هو يعني في الاغلب، فلا شك انه لكل قاعدة شواذ فجل ما يقول فيه الذهبي او الهيثمي:
(موثق) او (وثق).
فهما يشيران الى ابن حبان. وان وجد في القليل من يشاركه.
(24) "مرسل" عند أبي حاتم وأبي زرعة يعني: منقطع.
سواء كان الانقطاع بعد التابعي أم قبل ذلك في السند.
مثال ذلك: "وقال أبو زرعة: إبراهيم النخعي عن عمر مرسل، وعن علي مرسل، وعن سعد بن أبي وقاص مرسل، سمعتُ أبي يقول: إبراهيم النخعي عن عمر مرسل".
(مراسيل ابن أبي حاتم 1/10).
25 ــ قول المحدثين : (( فلان متهم بالكذب ))
قال ذهبيّ العصر ( المعلّمي اليماني ) ــ رحمه الله تعالى ــ في (( التنكيل )) ( 1 / 37 ) :
[ وتحرير ذلك أن المجتهد في أحوال الرواة قد يثبت عنده بدليل يصحّ الإستناد إليه أن الخبر لا أصل له وأن الحمل فيه على هذا الرواي ، ثم يحتاج بعد ذلك إلى النظر في الراوي أتعمّد الكذب أم غلط ؟
فإذا تدبر وأنعم النظر فقد يتّجه له الحكم بأحد الأمرين قطعاً ، وقد يميل ظنّه إلى أحدهما إلا أنه لا يبلغ أن يجزم به ، فعلى هذا الثاني إذا مال ظنّه إلى أن الراوي تعمّد الكذب قال فيه ( متهم بالكذب ) أو نحو ذلك مما يؤدي إلى هذا المعنى ]
ثم أخذ ــ رحمه الله ــ في الكلام حول درجة الإجتهاد المشار إليه ، فرحمه الله رحمة واسعة .
__________________
26 ــ قول أبو حاتم (( يُكتب حديثه ولا يُحتج به ))
قال العلامة ( المُعلّمي اليماني ) ــ رحمه الله تعالى ــ في (( التنكيل )) ( 1 / 238 ) :(13/5)
[ وهذه الكلمة يقولها أبو حاتم فيمن هو عنده صدوق ليس بحافظ ، يحدث بما لا يتقن حفظه فيغلط ويضطرب كما صرّح بذلك في ترجمة إبراهيم بن مهاجر ] .
وقال الشيخ أبو إسحاق الحويني ــ حفظه الله تعالى ــ في (( بذل الإحسان )) ( 1 / 26 ) :
[ وهو يعني بهذه العبارة :
يُكتب حديثه في المتابعات والشواهد ، ولا يحتج به في إذا انفرد ، وقد رأيت في كلام أبي حاتم ما يُصوّب هذا الفهم .
ففي ترجمه إبراهيم بن مهاجر البجليّ ، من (( الجرح والتعديل )) ( 1 / 1 / 133 ) ، قال أبو حاتم :
(( إبراهيم بن مهاجر ليس بالقوي ، هو وحصين بن عبد الرحمن ، وعطاء بن السائب ، قريب بعضهم من بعض ، محلهم عندنا محل الصدق ، يكتب حديثم ولا يحتج بهم ، قلت لأبي ــ القائل هم ابن أبي حاتم ــ : ما معنى لا يُتج بحديثم ؟ قال : كانوا قوماً لا يحفظون ، فيُحدّثون بما لا يحفظون ، فيغلطون ، وترى في أحاديثم إضطراباً ما شئت )) ]
27 ــ قول البخاري ( مشهور الحديث ) أو ( حديثه مشهور )
قال ذهبيّ العصر ( المعلّمي اليماني ) ــ رحمه الله تعالى ــ في (( التنكيل )) ( 1 / 206 ) :
[ يُريد ــ والله أعلم ــ مشهور عمن روى عنهم ، فما كان فيه من إنكار فمن قبله ] .
__________________
مرسل" عند أبي حاتم وأبي زرعة يعني: منقطع.
سواء كان الانقطاع بعد التابعي أم قبل ذلك في السند.
)
أخي الكريم هذا هو اصطلاح جمهور المتقدمين قبل ابي حاتم وابي زرعة وبعدهما
وليس خاص بهما
(28) "معضل" عند المتقدّمين كابن عدي تعني أحياناً: الإسناد الشديد الضعف. وليس كما تعنيه عند أهل المصطلح.
وتطلق على الراوي والسند أيضاً.
29 ــ قول الذهبي والعسقلاني (( واهٍ ) :
[ أي شديد الضعف ] (( الضعيفة )) ( 3 / 39 ) .
30 ــ قول الحافظ ( متروك ) :
[ وعلته العَرْزمي هذا فإنه ضعيف جداً ، وهذا معنى قول الحافظ فيه : (( متروك )) .
(( الضعيفة )) ( 3 / 69 ) .
31 ــ قول مسلم (( اكتب عنه )) :(13/6)
[ معناه أنه ثقة كما قال أبو عبد الله الحاكم ]
32 ــ قول ابن المبارك (( عرفته )) :
[ أي قد أهلكه ، يعني ضعيف جداً عِنّدهُ ].
كما في أشرطة (( شرح جامع الترمذي )) للشيخ ( عبد الله السعد ) ، الشريط الأول .
__________________(13/7)
طرق الكشف عن الإدراج
لَمْ يَكُن النقد الحديثي في وقت من أوقاته عبارة عن إلقاء للكلام عَلَى عواهنه ،
بَلْ هُوَ أمر في غاية العسر ، تحكمه القرائن وتقويه المرجحات وتسنده أقوال أئمة هَذَا الشأن .
ولا ريب أن الكشف عن الْحَدِيْث المعل بأية علة كانت يفتقر إلى اطلاع واسع وخبرة بالرجال ودراية بأقوال النقاد وملاحظة مواضع كلامهم ، ومن هنا كَانَ الحكم عَلَى حَدِيْث ما بالإدراج شَيْئاً ليس بالهين .
لذا نجد الإمام ابن دقيق العيد يضعف الحكم بالإدراج عَلَى الْحَدِيْث إذا كَانَ
اللفظ المدرج في أثناء متن الْحَدِيْث ، ويضعف أكثر إذا كَانَ قَبْلَ اللفظ المرفوع ، أو معطوفاً عليه بواو العطف (1) .
ويعلل هَذَا الضعف بقوله : (( لما فِيْهِ من اتصال هَذِهِ اللفظة بالعامل الَّذِيْ هُوَ من لفظ الرسول - صلى الله عليه وسلم - )) (2) .
والحق أنه إذا قامت قرائن ومرجحات تقوي في نفس الناقد الحكم عَلَى تِلْكَ اللفظة بالإدراج فلا مانع من ذَلِكَ ، وفي هَذَا يقول الحافظ ابن حجر : (( وفي الجملة إذا قام الدليل عَلَى إدراج جملة معينة بحيث يغلب عَلَى الظن ذَلِكَ ، فسواء كَانَ في الأول أو الوسط أَو الآخر ، فإن سبب ذَلِكَ الاختصار من بعض الرُّوَاة بحذف أداة التفسير أَو التفصيل ، فيجيء مَن بعده فيرويه مدمجاً من غَيْر تفصيل فيقع ذَلِكَ ))(3).
وَقَد وضع العلماء جملة من القواعد الَّتِيْ يعرف بِهَا كون الْحَدِيْث مدرجاً ، يمكننا حصرها فِيْمَا يأتي :
1. أن يَكُوْن لفظه مِمَّا تستحيل إضافته إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) انظر : الاقتراح : 224-225 .
(2) المصدر السابق .
(3) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/828-829 .(14/1)
مثاله: حَدِيْث عَبْد الله بن المبارك، عن يونس بن يزيد الأيلي، عن الزهري،عن سعيد بن المسيب،عن أبي هُرَيْرَة - رضي الله عنه - قَالَ:قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - : (( للعبد المملوك أجران، والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك )) (1).
فقوله : (( والذي نفسي بيده … الخ الْحَدِيْث )) ، مِمَّا تستحيل نسبته إلى النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - إِذْ لا يجوز في حقه أن يتمنى الرِّق ، وأيضاً لَمْ تكن لَهُ أم يبرها ، ولما فتشنا وجدناه مدرجاً من كلام أبي هُرَيْرَة .
فَقَدْ أخرجه البخاري (2) عن بشر بن محمد(3)، عن عَبْد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري ، عن أبي هُرَيْرَة ، بِهِ . فأدرج كلام أبي هُرَيْرَة في المرفوع ، وفصل القدر المدرج ثلاثة من الرُّوَاة عن ابن المبارك هم :
إِبْرَاهِيْم بن إسحاق الطالقاني : عِنْدَ أحمد (4) .
عبدان المروزي(5) : عِنْدَ البيهقي (6) .
حبان بن موسى المروزي(7) : عِنْدَ الْخَطِيْب (8) .
__________
(1) أسنده هكذا الْخَطِيْب في الفصل 1/165-166 طبعة الزهران .
(2) في صحيحه 3/195 ( 2548 ) .
(3) هُوَ بشر بن مُحَمَّد السختياني ،أبو مُحَمَّد المروزي : صدوق رمي بالإرجاء ، توفي سنة ( 224 ه ) .
الجرح والتعديل 2/364-365 ، وتهذيب الكمال 1/357 ( 693 ) ، والتقريب ( 701 ) .
(4) في مسنده 2/402 .
(5) هُوَ عَبْد الله بن عثمان بن جبلة –بفتح الجيم والموحدة– ابن أبي روّاد العتكي أبو عَبْد الرَّحْمَان المروزي ، وعبدان لقب لَهُ : ثقة حافظ ، توفي سنة ( 221 ه ) .
تهذيب الكمال 4/204 ( 3403 ) ، والكاشف 1/572 ( 2848 ) ، والتقريب ( 3465 ) .
(6) في الكبرى 8/12 .
(7) هُوَ حبان بن موسى بن سوار السلمي ، أبو مُحَمَّد المروزي : ثقة ، توفي سنة ( 233 ه ) .
التاريخ الكبير 3/90 ، والثقات 8/214 ، والتقريب ( 1077 ) .
(8) في الفصل 1/166 .(14/2)
كَمَا أن ابن المبارك متابع في روايته عن يونس متابعة تامة ، تابعه :
أبو صفوان الأموي(1) : عِنْدَ مُسْلِم (2) .
سليمان بن بلال : عِنْدَ البخاري في " الأدب المفرد " (3) .
عَبْد الله بن وهب : عِنْدَ مُسْلِم (4)، وأبي عوانة (5)، والخطيب (6) .
عثمان بن عمر(7) : عِنْدَ أحمد (8) ، وأبي عوانة (9) .
فظهر أن هَذَا الجزء من الْمَتْن مدرج في حَدِيْث رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - من كلام أبي هُرَيْرَة، قَالَ الْخَطِيْب : (( وقول النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ: (( للعبد الصالح أجران )) فَقَطْ ، وما بَعْدَ ذَلِكَ إنما هُوَ كلام أبي هُرَيْرَة )) (10) .
2. أن يرد التصريح من الصَّحَابِيّ بأنه لَمْ يَسْمَع تِلْكَ الجملة من النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -
مثاله : ما رواه أحمد بن عَبْد الجبار العطاردي(11)
__________
(1) هُوَ عَبْد الله بن سعيد بن عَبْد الملك بن مروان ، أَبُو صفوان الأموي ، الدمشقي ، نزيل مكة : ثقة ، توفي بَعْدَ المئتين . تهذيب الكمال 4/150 (3294) ، والكاشف 1/558 (2753) ، والتقريب (3357) .
(2) في صحيحه 5/94 ( 1665 ) ( 44 ) .
(3) 208 ) .
(4) في صحيحه 5/94 ( 1665 ) ( 44 ) .
(5) كَمَا في : إتحاف المهرة 14/776 ( 18693 ) .
(6) في الفصل 1/166 .
(7) هُوَ عثمان بن عمر بن فارس العبدي ، بصري ، أصله من بخارى : ثقة ، توفي سنة (209 ه) ، وَقِيْلَ : ( 207 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 208 ه ) .
تهذيب الكمال 5/130 ( 4437 ) ، والكاشف 2/11 ( 3727 ) ، والتقريب ( 4504 ) .
(8) في مسنده 2/330 .
(9) كَمَا في : إتحاف المهرة 14/776 ( 18693 ) .
(10) الفصل 1/166 .
(11) هُوَ أحمد بن عَبْد الجبار بن مُحَمَّد العطاردي أبو عَمْرو الكوفي : ضعيف ، وسماعه للسيرة صَحِيْح ، توفي سنة ( 272 ه ) .
الجرح والتعديل 2/62 ، والكامل في ضعفاء الرجال 1/313-314 ، والتقريب ( 64 ) .(14/3)
، عن أبي بكر بن عياش(1) ،
عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش(2)، عن عَبْد الله بن مسعود ، عن النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم -: (( من مات وَهُوَ لا يشرك بالله شَيْئاً دخل الجنة، ومن مات وَهُوَ يشرك بالله شَيْئاً دخل النار ))(3).
فأحمد بن عَبْد الجبار وهم في هَذَا الْحَدِيْث ، فأدرج الجملة الثانية في المرفوع من الْحَدِيْث وَهُوَ الجملة الأولى ، قَالَ الْخَطِيْب : (( هكذا رَوَى هَذَا الْحَدِيْث أحمد بن
عَبْد الجبار العطاردي ، عن أبي بكر بن عياش ، ووهم في إسناده وفي متنه .
__________
(1) هُوَ أَبُو بكر بن عياش بن سالم الأسدي ، الكوفي المقرئ الحناط ، وَهُوَ مشهور بكنيته ، واختلف في اسمه فقيل : مُحَمَّد ، وَقِيْلَ : عَبْد الله ، وَقِيْلَ : سالم وَقِيْلَ غَيْر ذَلِكَ : ثقة عابد ، إلا أنَّهُ لما كبر ساء حفظه وكتابه صَحِيْح ، توفي سنة ( 194 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 192 ه ) .
تهذيب الكمال 8/257-258 ( 7847 ) ، والكاشف 2/412 ( 6535 ) ، والتقريب ( 7985 ) .
(2) هُوَ زر بن حبيش – مصغر – بن حباشة الأسدي الكوفي ، أبو مريم : ثقة جليل ، مخضرم ، توفي
(81ه) ، وَقِيْلَ : (82 ه) ، وَقِيْلَ : (83 ه) . التاريخ الكبير 3/447 ، والعبر 1/95 ، والتقريب (2008) .
(3) رَوَاهُ من هَذَا الطريق الْخَطِيْب في " الفصل " 1/219 .(14/4)
أما الوهم في إسناده فإن عاصماً إنما كَانَ يرويه عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن عَبْد الله ، لا عن زر ، وَقَدْ رَوَاهُ كذلك عن أبي بكر : أسود بن عامر(1) شاذان ، وأبو هشام مُحَمَّد بن يزيد الرفاعي(2)، وأبو كريب مُحَمَّد بن العلاء الهمداني ، ووافقهم حماد ابن شعيب(3) والهيثم بن جهم(4) والد عثمان بن الهيثم المؤذن ، فروياه عن عاصم، عن أبي وائل كذلك.
وأما الوهم في متن الْحَدِيْث : فإن العطاردي في روايته جعله كله كلام النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - وليس كذلك ، وإنما الفصل في ذكر من مات مشركاً قَوْل رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - ، والفصل الثاني في ذكر من مات غَيْر مشرك قَوْل عَبْد الله بن مسعود )) (5) .
وَقَدْ رَوَاهُ جمع من الرُّوَاة عن أبي بكر بن عياش وميزوا بَيْنَ الفصلين ، وهم :
أبوكريب مُحَمَّد بن العلاء : عِنْدَ الْخَطِيْب في " الفصل " (6) .
__________
(1) هُوَ الأسود بن عامر الشامي نزيل بغداد ، يكنى أبا عَبْد الرَّحْمَان ، ويلقب بـ: شاذان : ثقة ، توفي سنة ( 208 ه ) . تهذيب الكمال 1/261 ( 495 ) ، والكاشف 1/251 ( 422 ) ، والتقريب ( 503 ) .
(2) هُوَ مُحَمَّد بن يزيد بن مُحَمَّد العجلي ، أبو هشام الرفاعي ، الكوفي قاضي المدائن : لَيْسَ بالقوي ، توفي سنة ( 248 ه ) .
تهذيب الكمال 6/565 ( 7295 ) ، والكاشف 2/231 ( 5223 ) ، والتقريب ( 6402 ) .
(3) هُوَ حماد بن شعيب الحماني التميمي ، أبو شعيب الكوفي ، قَالَ النسائي فِيْهِ : كوفي ضعيف ، وَكَذَلِكَ يَحْيَى بن مَعِيْن ، وغيرهم .
الجرح والتعديل 3/143 ، والكامل في الضعفاء 3/15 ، وذيل الكاشف : 82 ( 320 ) .
(4) قَالَ أبو حاتم : لَمْ أرَ في حديثه مكروهاً . الجرح والتعديل 9/83 ، وانظر : التاريخ الكبير
8/216 .
(5) الفصل 1/218-219 .
(6) 1/220 .(14/5)
الأسود بن عامر ( شاذان ) : عِنْدَ : أحمد (1) ، ومن طريقه الْخَطِيْب (2) .
مُحَمَّد بن يزيد أبو هاشم الرفاعي : عِنْدَ أبي يعلى (3) ، والخطيب (4).
ثُمَّ إن أبا بكر بن عياش متابع عليه في روايته عن عاصم ، تابعه :
حماد بن شعيب : عند الْخَطِيْب (5).
الهيثم بن جهم : عِنْدَ الْخَطِيْب أَيْضاً (6) .
أبو أيوب الإفريقي(7) : عِنْدَ الطبراني في " الكبير " (8) و " الأوسط "(9) .
ورواه أحمد بن يونس ، عن أبي بكر بن عياش مقتصراً عَلَى اللفظ المرفوع (10) .
ولفظ الْحَدِيْث كَمَا رَوَاهُ أحمد (11) من طريق أسود بن عامر : قَالَ عَبْد الله : سَمِعْتُ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( من جعل لله نداً جعله الله في النار )) ، وَقَالَ: وأخرى أقولها لَمْ أسمعها مِنْهُ : من مات لا يجعل لله نداً أدخله الله الجنة .
3. أن يفصِّل بعض الرُّوَاة فيبينوا المدرج ويَفْصِلُوه عن الْمَتْن المرفوع ، ويضيفوه إلى قائله :
مثاله : ما رَوَاهُ عَبْد الله بن خيران (12)
__________
(1) في مسنده 1/402 و 407 .
(2) في الفصل 1/219 .
(3) في مسنده ( 5090 ) .
(4) في الفصل 1/220 .
(5) في الفصل 1/221 .
(6) في الفصل 1/222 .
(7) هُوَ عَبْد الله بن عَلِيّ الأزرق ، أبو أيوب الإفريقي ، ثُمَّ الكوفي : صدوق يخطئ ، من السادسة .
تهذيب الكمال 4/215 ( 3424 ) ، والكاشف 1/576( 2869 ) ، والتقريب ( 3487 ) .
(8) 10410 ) .
(9) 2232 ) .
(10) في المعجم الكبير ( 10416 ) .
(11) في المسند 1/402 .
(12) هُوَ عَبْد الله بن خيران البغدادي أبو مُحَمَّد الكوفي ، هُوَ أكبر شيخ لقيه ابن أبي الدنيا ، قَالَ العقيلي: لا يتابع عَلَى حديثه، وَقَالَ الْخَطِيْب: قَدْ اعتبرت من رواياته أحاديث كثيرة وجدتها مستقيمة تدلّ عَلَى ثقته.
الضعفاء الكبير 2/245 ، وتاريخ بغداد 11/117-118 ، وميزان الاعتدال 2/415 ( 4293 ) .(14/6)
، عن شعبة ، عن أنس بن سيرين ، أنه سَمِعَ ابن عمر رضي الله تَعَالَى عنهما يقول : طلقت امرأتي وَهِيَ حائض ، فذكر عمر - رضي الله عنه - ذَلِكَ للنبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ : (( مُرهُ فليراجعها ، فإذا طهرت فليطلقها )) قَالَ : فتحتسب بالتطليقة ؟ قَالَ : فمه (1) .
قَالَ الْخَطِيْب: (( والصواب أن الاستفهام من قَوْل أنس بن سيرين ، وأن جوابه من قول ابن عمر )) (2) .
وَقَدْ بيّن ذَلِكَ جَمَاعَة الرُّوَاة عن شعبة ، وهم :
بهز بن أسد(3) : وروايته عِنْدَ أحمد (4) ، ومسلم (5).
الحجاج بن منهال(6) : عِنْدَ الطحاوي (7) .
خالد بن الحارث : عِنْدَ مُسْلِم (8) .
سليمان بن حرب : عِنْدَ البخاري (9) .
مُحَمَّد بن جعفر ( غندر ) : عِنْدَ أحمد (10)، ومسلم (11)، والخطيب (12) .
النضر بن شميل المازني عِنْدَ الْخَطِيْب (13) .
يحيى بن سعيد القطان : عِنْدَ الْخَطِيْب (14) .
يزيد بن هارون : عِنْدَ ابن الجارود (15) .
__________
(1) رَوَاهُ من هَذِهِ الطريق الْخَطِيْب في " الفصل " 1/154 .
(2) الفصل 1/155 .
(3) بهز بن أسد العمي ، أبو الأسود البصري ، ثقة ثبت ، توفي بَعْدَ المئتين ، وَقِيْلَ : قبلها .
تهذيب الكمال 1/381 ( 761 ) ، والكاشف 1/276 ( 650 ) ، والتقريب ( 771 ) .
(4) في مسنده 2/61 و 74 .
(5) في صحيحه 4/182 ( 1471 ) ( 12 ) .
(6) هُوَ الحجاج بن المنهال الأنماطي ، أَبُو مُحَمَّد السلمي مولاهم ، البصري : ثقة فاضل ، توفي سنة
( 216 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 217 ه ) .
التاريخ الكبير 2/380 ، والثقات 8/202 ، والتقريب ( 1137 ) .
(7) في شرح معاني الآثار 3/52 .
(8) في صحيحه 4/182 ( 1471 ) ( 12 ) .
(9) في صحيحه 7/52 ( 5252 ) .
(10) في مسنده 2/78 .
(11) في صحيحه 4/182 ( 1471 ) ( 12 ) .
(12) في الفصل 1/155-156 .
(13) في الفصل 1/157-158 .
(14) في الفصل 1/157 .
(15) في المنتقى ( 735 ) .(14/7)
فظهر أن عَبْد الله بن خيران أدرج سؤال ابن سيرين وجواب ابن عمر لَهُ في الْحَدِيْث وجعل صورة الكل كأنه مرفوع .
ولفظ الْحَدِيْث كَمَا أخرجه أحمد (1) من طريق مُحَمَّد بن جعفر ( غندر ) ، عن شعبة ، عن أنس بن سيرين ، أنه سَمِعَ ابن عمر قَالَ : طلقت امرأتي وَهِيَ حائض ، فأتى عمر النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فأخبره ، فَقَالَ : (( مُره فليراجعها ، ثُمَّ إذا طهرت فليطلقها )) .
قُلْتُ لابن عمر : أحسب تِلْكَ تطليقة ؟ قَالَ : فمه !!
إلا أن الحَافِظ ابن حجر استدرك عَلَى حكمنا عَلَى الْحَدِيْث بالإدراج موافقة لهذه القاعدة الثالثة بأن البت بالحكم هنا لَيْسَ لَهُ قوة البت بالحكم في النوعين الماضيين ، فَقَالَ: (( والحكم عَلَى هَذَا القسم الثالث بالإدراج يَكُوْن بحسب غلبة ظن المحدّث الحَافِظ الناقد، ولا يوجب القطع بِذَلِكَ خلاف القسمين الأولين ، وأكثر هَذَا الثالث يقع تفسيراً لبعض الألفاظ الواقعة في الْحَدِيْث كَمَا في أحاديث الشغار والمحاقلة والمزابنة )) (2) .
__________
(1) في مسنده 2/78 .
(2) النكت 2/816 .(14/8)
نموذجٌ لما فيه زيادةٌ في أحد أسانيده
حديث رِفاعة بن رافع الزُّرقي(1) ، قال: جاء رجل ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ، فصلى قريباً منه ، ثم انصرف إليه ، فسلّم عليه ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:(( أعِدْ صلاتك، فإنك لم تصل )) قال : فرجع ، فصلى نحواً مما صلى ثم انصرف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :(( أعد صلاتك فإنك لم تصلِّ )) . فقال: يا رسول الله، كيف أصنعُ ؟ فقال:(( إذا استقبلت القبلة ، فكبر ، ثم أقرأْ بأم القرآن ، ثم أقرأ بما شئت ، فإذا ركعت ، فاجعل راحتيك على ركبتيك ، وامدد ظهرك ، فإذا رفعت رأسك ، فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، فإذا سجدت ، فمكن سجودك ، فإذا رفعت رأسك ، فاجلس على فخذك اليسرى ، ثم اصنع ذلك في كل ركعة )).
هذا الحديث أخرجه الشَّافِعِيّ (2)، وعبد الرزاق (3)، وأحمد (4)، والدارمي (5)، والبخاري (6) ، وأبو داود (7) ، وابن ماجه (8) ، و النسائي (9) ، وابن
__________
(1) الصحابي الجليل رفاعة بن رافع بن مالك الأنصاري الزرقي ، شهد بدراً والعقبة .
الاستيعاب 1/501 ، وتجريد أسماء الصَّحَابَة 1/184 ( 1905 ) ، والتقريب ( 1946 ) .
(2) في الأم 1/102 وَقَالَ عن رفاعة لم يذكر أنه (عمه) . وفي المسند (220) بتحقيقنا قال (عن جده) بدل (عمه) .
(3) في مصنفه ( 3739)
(4) في مسنده 4/340 .
(5) في سننه ( 1335 ) .
(6) في الصلاة خلف الإمام (101) و (102) و (103) و (108) و (109) و (110) و (111) .
(7) في سننه (858) و (859) و (860) .
(8) في سننه (460) .
(9) في المجتبى 2/193 و 2/225-226 و 3/59-60و 60 ، وفي الكبرى (640) و(722) و(1236) و (1237)(15/1)
الجارود (1)، والطحاوي (2)، وابن حبان (3)، والطبراني (4)، والدارقطني (5)، والحاكم (6)، والبيهقي (7) ، وابن حزم (8) من طريق علي بن يحيى بن خلاد ، عن أبيه ، عن عمه
رفاعة بن رافع ، فذكره .
وأخرجه الطيالسي (9) ، وأبو داود (10) ، والترمذي (11) ، والنسائي (12) ، وابن خزيمة (13)، والطحاوي (14)، والطبراني في " الكبير " (15) ، والبيهقي (16)، والبغوي (17) من طريق يحيى بن علي بن يحيى بن خلاّد (18) ، عن أبيه (19)
__________
(1) المنتقى ( 194 ) .
(2) في شرح المشكل ( 1594 ) و (2245) .
(3) في صحيحه (1783) ، وفي طبعة الرسالة ( 1787) .
(4) في المعجم الكبير (4520) و (4521) و (4522) و (4523) و (4524) و (4525) و (4528).
(5) في سننه 1/95-96 .
(6) المستدرك 1/241-242 .
(7) في سننه الكبرى 2/102 و 2/133-134 و 345 و 372-373 .
(8) في المحلى 3/256 .
(9) في مسنده ( 1372 ) .
(10) في سننه ( 861 ) .
(11) في الجامع الكبير ( 302 ) وفي رواية الترمذي سقط فيها "عن أبيه" فأصبح السند عن يحيى بن علي ، عن، جده ، عن رفاعة ، به . انظر : تعليق الدكتور بشار على هذه اللفظة في تحقيقه لكتاب الجامع
الكبير 1/332 .
(12) في المجتبى 2/20 ، وفي الكبرى ( 1631 ) .
(13) في صحيحه (545).
(14) في شرح المشكل ( 1593 ) و ( 6073 ) و ( 6074 ) .
(15) في المعجم الكبير ( 4527 ) .
(16) في السنن الكبرى 2/380 .
(17) في شرح السنة ( 553 ) .
(18) هُوَ يَحْيَى بن عَلِيّ بن يَحْيَى بن خلاد الأنصاري الزرقي المدني : مقبول ، توفي سنة ( 129 ه ) .
الثقات 7/612 ، وتهذيب الكمال 8/73 ( 7483 ) ، والتقريب ( 7611 ) .
(19) عَلِيّ بن يَحْيَى بن خلاد الزرقي الأنصاري : ثقة ، توفي سنة ( 129 ه ) .
الثقات 7/205 ، وتهذيب الكمال 5/310 ( 4740 ) ، والتقريب ( 4814 ) .(15/2)
، عن جده (1) ، عن
رفاعة بن رافع ، فذكره . وأخرجه الطحاوي (2) من طريق يحيى بن علي بن يحيى بن خلاّد ، عن أبيه ، عن جده رفاعة بن رافع ، فذكره .
وأخرجه الشافعي (3)، وأحمد (4)، والبخاري (5)، وأبو داود (6) ، والطحاوي (7) ، والطبراني (8) ، من طريق علي بن يحيى ، عن رفاعة بن رافع ، فذكره (9) .
__________
(1) هُوَ يَحْيَى بن خلاد بن رافع الأنصاري الزرقي المدني ، لَهُ رؤية ، توفي سنة (128ه)، وَقِيْلَ: (129ه).
الثقات 7/601 ، وتهذيب الكمال 8/30 ( 7415 ) ، والتقريب ( 7540 ) .
(2) في شرح المعاني 1/232 ، وفي شرح المشكل ( 2244 ) .
(3) في الأم 1/113 ، وفي المسند ، له ( 221 ) بتحقيقنا .
(4) في المسند 4/340 .
(5) في الصلاة خلف الإمام ( 112 ) .
(6) في سننه ( 857 ) .
(7) في شرح المعاني 1/232 ، وفي شرح المشكل ( 2243 ) .
(8) في الكبير ( 4526 ) و ( 4529 ) و ( 4530 ) .
(9) في بعض الروايات : (( عن علي عن عمه )) ، وفي بعضها : (( عن علي عن رفاعة )) ، وفي بعضها : ((عن علي عن عمه رفاعة )) .(15/3)
هكذا اضطرب في هذا الحديث وزيد في إسناده ، وَقَد أشار إِلَى الاختلاف الطحاوي (1) إلا أن هذا الحديث لم يقدح بصحته أحد – فيما أعلم – لصحته من حديث أبي هريرة (2) ، على أن الإمام النووي صحح حديث رفاعة فقال : (( حديث رفاعة صحيح ، والطمأنينة واجبة في السجود عندنا وعند الجمهور )) (3) .
__________
(1) شرح مشكل الآثار 15/356 و 357 .
(2) أخرجه أحمد 2/437 ، والبخاري 1/192 ( 757 ) و 1/200 ( 793 ) و 8/68 ( 6251 ) و8/169 ( 6667 ) ، وفي الصلاة خلف الإمام ( 113 ) و ( 114 ) و ( 115 ) ، ومسلم 2/10 (397) (45) و 2/11 ( 397 ) ( 46 ) ، وأبو داود ( 856 ) ، وابن ماجه ( 1060 ) ، والترمذي (303) ، والنسائي 2/124 ، وفي الكبرى ( 958 ) ، وأبو يعلى ( 6577 ) ، وابن خزيمة ( 454 ) و(461) و ( 590 ) ، والطحاوي في شرح المعاني 1/233 ، وابن حبان ( 1886 ) ، وطبعة الرسالة (1890) ، والبيهقي 2/88 و 117 و 122 و 126 ، والبغوي ( 552 ) .
(3) المجموع 3/432 .(15/4)
وقوع الإدراج في السند دون الْمَتْن
ويمكن أن نجعل هَذَا النوع عَلَى خمسة أقسام (1):
القسم الأول :
أن يَكُوْن الْمَتْن مختلف الإسناد بالنسبة إلى أفراد رواته ، فيرويه راوٍ واحد عَنْهُمْ ، فيحمل بعض رواياتهم عَلَى بعض ولا يميز بينها .
ومثاله ما رَوَاهُ عَبْد الرحمان بن مهدي ومحمد بن كثير العبدي، عن سفيان الثوري، عن منصور والأعمش وواصل الأحدب(2) ، عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل(3) ، عن ابن مسعود ، قُلْتُ : (( يا رَسُوْل الله أي الذنب أعظم ؟ … الْحَدِيْث )) (4) .
فَقَدْ أدرج عَبْد الرحمان بن مهدي ومحمد بن كثير في هَذَا السند ، إِذْ إن منصوراً والأعمش يرويانه عن أبي وائل ، عن عمرو بن شرحبيل ، عن ابن مسعود ، أما واصل فيرويه عن أبي وائل ، عن ابن مسعود لا يذكر فِيْهِ عمرو بن شرحبيل .
وَقَدْ رَوَاهُ عن واصل بن حيان الأسديِّ الأحدبِ جَمَاعَة من الرُّوَاة مِنْهُمْ :
سعيد بن مسروق (5) : عِنْدَ الْخَطِيْب (6) .
__________
(1) انظر : النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/832 ، ونُزهة النظر : 124 .
(2) هُوَ واصل بن حيان الأحدب الأسدي الكوفي : ثقة ثبت ، توفي سنة ( 120 ه ) .
التاريخ الكبير 8/171 ، والثقات 7/558 ، والتقريب ( 7382 ) .
(3) هُوَ عَمْرو بن شرحبيل الهمداني ، أبو ميسرة الكوفي : ثقة عابد ، مخضرم توفي سنة ( 63 ه ) .
تهذيب الكمال 5/421 ( 4972 ) ، والكاشف 2/78 ( 4171 ) ، والتقريب ( 5048 ) .
(4) رِوَايَة عَبْد الرحمان بن مهدي عِنْدَ أَحْمَد 1/434 ، والترمذي ( 3182 ) ، والخطيب في الفصل : 485، ورواية مُحَمَّد بن كثير عِنْدَ الْخَطِيْب في الفصل : 485 .
(5) هُوَ سعيد بن مسروق الثوري ، والد سُفْيَان : ثقة ، توفي سنة ( 126 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 128 ه ) .
التاريخ الكبير 3/513 ، والثقات 6/371 ، والتقريب ( 2393 ) .
(6) في الفصل : 493 .(16/1)
شعبة بن الحجاج : وروايته عِنْدَ : الطيالسي (1) ، وأحمد (2) ، والترمذي (3) ، والنسائي (4) ، والخطيب (5) .
مالك بن مِغْوَل (6) : عِنْدَ : النسائي في " الكبرى " (7) ، والخطيب (8)، قَالَ ابن حجر: (( أخرجه ابن مردويه من طريق مالك بن مغول بإسقاط أبي ميسرة )) (9).
مهدي بن ميمون(10) : عِنْدَ : أحمد (11) ، والخطيب (12) .
فَلَمْ يذكروا في روايتهم عن واصل عمرو بن شرحبيل ، وإنما عمرو مذكور في رِوَايَة منصور والأعمش . وَقَدْ بيّن الإسنادين يحيى بن سعيد القطان في روايته ، فأخرج : البخاري (13) ، والدارقطني (14) ، والخطيب (15) ، من طرق عن يحيى بن سعيد القطان ، عن سفيان ، قَالَ : حَدَّثَنَا منصور والأعمش ، عن أبي وائل ، عن أبي ميسرة ، عن
عَبْد الله . قَالَ سفيان : وحدثني واصل ، عن أبي وائل ، عن عَبْد الله ، بِهِ (16) .
__________
(1) في مسنده ( 264 ) .
(2) في مسنده 1/434 ، 464 .
(3) في جامعه ( 3183 ) .
(4) 7/90 .
(5) في الفصل : 490 .
(6) هُوَ مالك بن مغول – بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الواو – الكوفي ، أَبُو عَبْد الله : ثقة ثبت ، توفي سنة ( 159 ه ) .
تهذيب الكمال 6/22 ( 6345 ) ، والكاشف 2/237 ( 5262 ) ، والتقريب ( 6451 ) .
(7) 7125 ) .
(8) في الفصل : 491 .
(9) فتح الباري 8/493 .
(10) هُوَ مهدي بن ميمون الأزدي المعولي – بكسر الميم وسكون المهملة وفتح الواو – أبو يَحْيَى البصري : ثقة ، توفي سنة ( 172 ه ) .
الأنساب 5/236 ، الكاشف 2/300 ( 5666 ) ، والتقريب ( 6932 ) .
(11) في مسنده 1/462 .
(12) في الفصل : 492 .
(13) في صحيحه 6/137 ( 4761 ) و 8/204 ( 6811 ) .
(14) في العلل 5/222 .
(15) في الفصل : 493 .
(16) انظر : علل الدَّارَقُطْنِيّ 5/220-223 ، والفصل للوصل : 485-494 ، وفتح الباري 12/116 عقيب (6811) .(16/2)
قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ : (( قَالَ لنا أبو بكر النيسابوري : هكذا رَوَاهُ يحيى ، وَلَمْ يذكر في حَدِيْث واصل عمرو بن شرحبيل ورواه عَبْد الرَّحْمَان بن مهدي ومحمد بن كَثِيْر فجمعا بَيْنَ واصل ومنصور والأعمش ، عن أبي وائل ، عن عَمْرو بن شرحبيل ، عن عَبْد الله ، فيشبه أن يَكُوْن الثوري جمع بَيْنَ الثلاثة لعبد الرحمن بن مهدي ولابن كثير فجعل إسنادهم واحداً ، وَلَمْ يذكر بينهم خلافاً ، وحمل حَدِيْث واصل عَلَى حَدِيْث الأعمش ومنصور ، وفصله يحيى بن سعيد فجعل حَدِيْث واصل عن أبي وائل، عن عَبْد الله –وَهُوَ الصواب– ؛ لأن شعبة ومهدي بن ميمون روياه عن واصل ، عن أبي وائل ، عن عَبْد الله كَمَا رَوَاهُ يَحْيَى ، عن الثوري ، عَنْهُ، والله أعلم ))(1).
القسم الثاني :
أن يَكُوْن متن الْحَدِيْث عِنْدَ الرَّاوِي بإسناد إلا طرفاً مِنْهُ فإنه عنده بإسناد آخر ، فيدرجه من رَوَاهُ عَنْهُ عَلَى الإسناد الأول ويسوق الْمَتْن تاماً ، ولا يذكر الإسناد الثاني .
مثاله : ما رَوَاهُ سفيان بن عيينة وزائدة بن قدامة ، عن عاصم بن كليب ، عن
أبيه ، عن وائل بن حجر – وذكر حَدِيْث صفة صلاة النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - - وفي آخره : (( ثُمَّ جئتهم بَعْدَ ذَلِكَ في زمان فِيْهِ برد شديد فرأيتهم يحركون أيديهم من تحت الثياب ))(2).
__________
(1) العلل 5/223 .
(2) رِوَايَة سفيان بن عيينة عِنْدَ : الشَّافِعِيّ في المسند ( 197 ) بتحقيقنا ، والحميدي ( 885 ) ، والنسائي 2/236 ، والدارقطني 1/290 ، والخطيب في الفصل : 279 .
أما رِوَايَة زائدة فأخرجها : أحمد 4/311 و 318 ، والدارمي ( 1364 ) ، وأبو داود ( 727 ) ، وابن الجارود ( 208 ) ، وابن حبان (1856) و ط الرسالة ( 1860 ) ، والطبراني في الكبير 22/(82)، والبيهقي 2/27-28 ، والخطيب في الفصل : 279 .(16/3)
فقوله: ((ثُمَّ جئتهم بَعْدَ ذَلِكَ…)) من رِوَايَة عاصم بن كليب ، عن عَبْد الجبار بن وائل ، عن بعض أهله ، عن وائل بن حجر ، وممن رَوَاهُ عَلَى هَذِهِ الشاكلة فميز بَيْنَ جزأي الْمَتْن :
زهير بن معاوية : وروايته عِنْدَ : أحمد (1) ، والطبراني (2) ، والخطيب (3) .
شجاع بن الوليد : عِنْدَ الْخَطِيْب (4) .
ومما يقوي الحكم بالإدراج في إسناد هَذَا الْحَدِيْث أن أحد عشر راوياً وهم : سفيان الثوري، وشعبة ، وأبو الأحوص ، وأبو عوانة ، وخالد بن عَبْد الله (5)، وصالح بن عمر ، وعبد الواحد بن زياد ، وجرير بن عَبْد الحميد ، وبشر بن المفضل ، وعبيدة بن حميد (6) ، وعبد العزيز بن مُسْلِم ، رووا هَذَا الْحَدِيْث عن عاصم وَلَمْ يتطرقوا إلى ذكر هَذَا الإدراج (7) .
__________
(1) في مسنده 4/318-319 .
(2) في المعجم الكبير 22/31 ( 84 ) .
(3) في الفصل : 284 .
(4) في الفصل : 284 .
(5) هُوَ خالد بن عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمَان الواسطي أبو مُحَمَّد المزني مولاهم : ثقة ثبت ، توفي سنة
( 182 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 179 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 183 ه ) .
تهذيب الكمال 2/351-352 ( 1609 ) ، والكاشف 1/366 ( 1333 ) ، والتقريب ( 1647 ) .
(6) هُوَ عبيدة بن حميد الكوفي ، أبو عَبْد الرَّحْمَان المعروف بالحذّاء ، التيمي ، أو الليثي أو الضبي : صدوق نحوي رُبَّمَا أخطأ ، توفي سنة ( 190 ه ) .
تهذيب الكمال 5/85 ( 4341 ) ، والكاشف 1/694 ( 3644 ) ، والتقريب ( 4408 ) .
(7) ساق رواياتهم الْخَطِيْب في " الفصل " : 280-283 .(16/4)
قَالَ الحافظ موسى بن هارون الحمال : (( وذلك – يعني رِوَايَة سفيان وزائدة – عندنا وَهم ، وإنما أدرج عليه ، وَهُوَ من رِوَايَة عاصم ، عن عَبْد الجبار بن وائل ، عن بعض أهله ، عن وائل ، هكذا رَوَاهُ مبيناً زهير بن معاوية وأبو بدر شجاع بن الوليد ، فميزا قصة تحريك الأيدي من تحت الثياب وفصلاها من الْحَدِيْث وذكرا إسنادهما كَمَا
ذكرنا )). ثُمَّ قَالَ : (( وهذه رِوَايَة مضبوطة ، اتفق عليه زهير وشجاع بن الوليد ، وهما أثبت لَهُ رِوَايَة ممن رَوَى (( رفع الأيدي من تحت الثياب )) عن عاصم بن كليب ، عن
أبيه ، عن وائل )) (1) .
القسم الثالث :
أن يَكُوْن المتنان مختلفي الإسناد ، فيدرج بعض الرُّوَاة شَيْئاً من أحدهما في الآخر ولا يَكُوْن ذَلِكَ الشيء من رِوَايَة ذَلِكَ الرَّاوِي .
مثاله : ما رَوَاهُ أبو مُحَمَّد سعيد بن أبي مريم الحكم بن مُحَمَّد المصري (2)، عن مالك، عن الزهري ، عن أنس ، أن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( لا تباغضوا ، ولا تحاسدوا ، ولا تدابروا ، ولا تنافسوا ، وكونوا عباد الله إخواناً … الْحَدِيْث )) ، رَوَاهُ من هَذِهِ
الطريق : الْخَطِيْب (3) ، وابن عَبْد البر (4) .
قَالَ الحافظ حمزة بن مُحَمَّد الكناني(5)
__________
(1) نكت الزركشي 2/247-248 .
(2) هُوَ سعيد بن الحكم بن مُحَمَّد بن أبي مريم الجمحي بالولاء ، أبو مُحَمَّد المصري : ثقة ثبت فقيه ، توفي سنة ( 224 ه ) .
تهذيب الكمال 3/149 ( 2237 ) ، والكاشف 1/433 ( 1868 ) ، والتقريب ( 2286 ) .
(3) في الفصل : 443 .
(4) في التمهيد 6/116 .
(5) هُوَ الحَافِظ حمزة بن مُحَمَّد بن عَلِيّ ، أَبُو القاسم الكناني المصري ، صاحب جزء البطاقة ، ولد سنة (275 ه) ، وتوفي سنة ( 357 ه ) .
الأنساب 4/650 ، وسير أعلام النبلاء 16/179 ، وشذرات الذهب 3/23-24 .(16/5)
: (( لا أعلم أحداً قَالَ في هَذَا الْحَدِيْث عن مالك : (( ولا تنافسوا )) غَيْر سعيد بن أبي مريم )) (1).
فسعيد أدرج لفظ : (( ولا تنافسوا )) من متن حَدِيْث آخر ، رَوَاهُ مالك ، عن أبي الزناد(2) ، عن الأعرج ، عن أبي هُرَيْرَة مرفوعاً : (( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الْحَدِيْث ، ولا تجسسوا ، ولا تحسسوا ، ولا تنافسوا ، ولا تحاسدوا )) .
والحديثان عَلَى الصواب عِنْدَ رواة " الموطأ " كافة مِنْهُمْ :
أحمد بن أبي بكر(3) : عِنْدَ ابن حبان (4).
إسحاق بن عيسى الطباع : عِنْدَ أحمد (5).
إسماعيل بن أبي أويس (6) : عِنْدَ البخاري في " الأدب المفرد " (7).
جويرية بن أسماء (8) : عِنْدَ الْخَطِيْب في " الفصل " (9) .
روح بن عبادة : عِنْدَ أحمد (10) .
__________
(1) التمهيد 6/116 .
(2) هُوَ عَبْد الله بن ذكوان القرشي ، أبو عَبْد الرحمن المدني ، المعروف بأبي الزناد : ثقة فقيه ، توفي سنة (130ه). تهذيب الكمال 4/125 (3241) ، والكاشف 1/549 (2710) ، والتقريب (3302) .
(3) هُوَ أحمد بن أبي بكر بن الحارث ، أبو مصعب الزهري العوفي ، المدني الفقيه : صدوق عابه أبو خيثمة للفتوى بالرأي ، توفي سنة ( 242 ه ) .
تهذيب الكمال 1/33 ( 16 ) ، والكاشف 1/191 ( 13 ) ، والتقريب ( 17 ) .
(4) في صحيحه ( 5658 ) .
(5) في مسنده 2/465 .
(6) هُوَ إسماعيل بن عَبْد الله بن عَبْد الله بن أويس الأصبحي ، أَبُو عَبْد الله بن أبي أويس المدني : صدوق أخطأ في أحاديث من حفظه ، توفي ( 226 ه ) .
تهذيب الكمال 1/239 ( 452 ) ، والكاشف 1/247 ( 388 ) ، والتقريب ( 460 ) .
(7) 398 ) و ( 1287 ) .
(8) هُوَ جويرية – تصغير جارية – بن أسماء بن عبيد الضبعي البصري : صدوق ، توفي ( 173 ه ) .
تهذيب الكمال 1/490 ( 971 ) ، والكاشف 1/298 ( 827 ) ، والتقريب ( 988 ) .
(9) الصفحة : 443 .
(10) في مسنده 2/517 .(16/6)
سويد بن سعيد الحدثاني : كَمَا في " الموطأ " بروايته (1) .
عَبْد الرحمان بن القاسم : كَمَا في " موطئه " (2).
عَبْد الله بن مسلمة القعنبي : عِنْدَ : أبي داود (3) ، وأبي نعيم (4) ، والخطيب (5).
عَبْد الله بن وهب : عِنْدَ الطحاوي في " شرح المشكل " (6) .
عَبْد الله بن يوسف التنيسي : عِنْدَ البخاري (7) .
الفضل بن دكين : عِنْدَ ابن عَبْد البر (8) .
قتيبة بن سعيد : عِنْدَ : أبي أحمد الْحَاكِم (9) ، والخطيب (10)، والعلائي (11) .
مُحَمَّد بن الحسن : كَمَا في " موطئه " (12) .
مُحَمَّد بن سليمان المصيصي ( لوين ) (13) : عِنْدَ أبي أحمد الْحَاكِم (14) .
أبو مصعب الزهري : كَمَا في " الموطأ " بروايته (15).
معن بن عيسى القزاز : عِنْدَ الْخَطِيْب (16).
يحيى بن بكير : عِنْدَ العلائي (17) .
يحيى بن يحيى الليثي : كَمَا في " موطئه " (18) .
يحيى بن يحيى النيسابوري : عِنْدَ مُسْلِم (19) .
__________
(1) الموطأ برواية سويد بن سعيد ( 681 ) و ( 682 ) .
(2) الموطأ برواية عَبْد الرَّحْمَان بن القاسم ( 4 ) .
(3) في سننه ( 4910 ) و ( 4917 ) .
(4) في الحلية 3/374 .
(5) في الفصل : 443-444 .
(6) 454 ) و ( 457 ) .
(7) في صحيحه 8/23 ( 6066 ) و 8/25 ( 6076 ) .
(8) في التمهيد 6/116 .
(9) في عوالي مالك ( 72 ) .
(10) في الفصل : 444 .
(11) في بغية الملتمس ( 151 ) .
(12) 896 ) .
(13) هُوَ مُحَمَّد بن سليمان بن حبيب الأسدي ، أبو جعفر القلاف الكوفي ، المصيصي ، ولقبه بـ ( لوين ) بالتصغير : ثقة ، توفي سنة ( 245 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 246 ه ) .
وتهذيب الكمال 6/329-330 ( 5848 ) ، والكاشف 2/176 ( 4882 ) ، والتقريب ( 5925 ) .
(14) في عوالي مالك ( 76 ) .
(15) 1894 ) و ( 1895 ) .
(16) في الفصل : 444 .
(17) 151 ) .
(18) 2640 ) ، ومن طريقه الْخَطِيْب في " الفصل " : 443 .
(19) 8/8 ( 2559 ) و 8/10 ( 2563 ) .(16/7)
وَلَمْ ينفرد مالك بهذا الحديث ، بَلْ تابعه متابعة تامة عليه :
سفيان بن عيينة وابن أبي ذئب وزمعة عِنْدَ : الطيالسي (1)، وسفيان وحده عِنْدَ : الحميدي (2)، وأحمد (3)، ومسلم (4)، والترمذي (5)، وأبي يعلى (6) .
شعيب بن أبي حمزة : عِنْدَ : أحمد (7)، والبخاري (8) .
مُحَمَّد بن الوليد الزبيدي(9) : عِنْدَ مُسْلِم (10) .
معمر بن راشد : عِنْدَ : عَبْد الرزاق (11)، وأحمد (12) ، ومسلم (13) .
فظهر أن الحديثين اختلطا عَلَى سعيد بن أبي مريم فأدرج من متن الثاني لفظاً في الْمَتْن الأول بإسناد الأول (14) .
القسم الرابع :
أن يَكُوْن الْمَتْن عِنْدَ راوٍ إلا جزءاً مِنْهُ ، فإنه لَمْ يسمعه من شيخه فِيْهِ، وإنما سمعه من واسطة بينه وبين شيخه ، فيدرج الرُّوَاة الجزء من الْحَدِيْث من غَيْر تفصيل (15) .
__________
(1) 2091 ) .
(2) 1183 ) .
(3) 3/110 .
(4) 8/9 ( 2559 ) .
(5) 1935 ) .
(6) في مسنده ( 3549 ) .
(7) في مسنده 3/225 .
(8) في صحيحه 8/23 ( 6065 ) .
(9) هُوَ مُحَمَّد بن الوليد بن عامر الزبيدي – مصغر – أبو الهذيل الحمصي الْقَاضِي : ثقة ثبت ، من كبار أصحاب الزهري ، توفي سنة ( 146 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 147 ه ) ، وَقِيْلَ : ( 149 ه ) .
الثقات 7/373 ، وتهذيب الكمال 6/546-547 ( 6265 ) ، والتقريب ( 6372 ) .
(10) في صحيحه 8/8 ( 2559 ) .
(11) في مصنفه ( 20222 ) .
(12) في مسنده 3/165 و 199 .
(13) في صحيحه 8/9 ( 2559 ) .
(14) انظر : شرح السيوطي عَلَى ألفية العراقي : 211-212 .
(15) الفرق بينه وبين النوع الثاني أن الطرف المدرج في النوع الثاني هُوَ عن شيخ مغاير لشيخه في بقية الْمَتْن، وهنا فإن شيخه في كليهما واحد .(16/8)
مثاله : الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير(1) ، عن حميد الطويل ، عن أنس في قصة العرنيين ، وأن رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَهُمْ: (( لَوْ خرجتم إلى إبلنا فشربتم من ألبانها وأبوالها )) (2) .
فلفظه: (( وأبوالها )) لَمْ يسمعها حميد من أنس مباشرة ، وإنما سمعها من قتادة ، عن أنس ، فأدرجها إسماعيل في الْمَتْن الأول بإسناد الْحَدِيْث الأول من غَيْر تفصيل ، قَالَ الحافظ الْخَطِيْب البغدادي: (( هكذا رَوَى إسماعيل بن جعفر بن أبي كثير الأنصاري جميع هَذَا الْحَدِيْث عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، وفيه لفظة واحدة لَمْ يسمعها حميد عن أنس ، وإنما رواها عن قتادة عن أنس ، وَهِيَ قوله : (( وأبوالها )) )) (3) .
وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيْث عَلَى الصواب ففصل رِوَايَة قتادة عدة رواة من أصحاب حميد ، مِنْهُمْ :
ابن أَبِي عدي(4) : عِنْدَ : أَحْمَد (5)، والنسائي (6)، والخطيب (7) .
بشر بن المفضل : عِنْدَ الْخَطِيْب (8) .
__________
(1) هُوَ إسماعيل بن جعفر بن أبي كَثِيْر الأنصاري ، الزرقي ، أَبُو إسحاق القاري : ثقة ثبت ، توفي سنة (180 ه) . تهذيب الكمال 1/224 (426) ، والكاشف 1/244 (363) ، والتقريب (431) .
(2) أخرجه النسائي 7/97 ، وفي الكبرى ( 3492 ) و ( 7569 ) ، وابن حبان ( 4471 ) ، والبغوي عقيب ( 2569 ) .
(3) الفصل 2/612 طبعة الزهراني .
(4) هُوَ مُحَمَّد بن إبراهيم بن أَبِي عدي ، وَقَدْ ينسب إِلَى جده ، أبو عَمْرو البصري : ثقة ، توفي سنة
(194 ه).تهذيب الكمال 6/200 (5618) ، والكاشف 2/154 (4700) ، والتقريب (5697) .
(5) في مسنده 3/107 و 205 .
(6) في المجتبى 7/96 ، وفي الكبرى ( 3494 ) .
(7) في الفصل 2/614 طبعة الزهراني .
(8) في الفصل 2/614-615 طبعة الزهراني .(16/9)
خالد بن الحارث (1) : عِنْدَ النسائي (2) .
عَبْد الله بن بكر السهمي(3) : عِنْدَ الطحاوي (4)، والخطيب (5) .
مروان بن معاوية الفزاري(6) : عِنْدَ الْخَطِيْب (7) .
معتمر بن سليمان : عِنْدَ الْخَطِيْب (8) .
يزيد بن هارون : عِنْدَ أحمد (9)، وأبي عوانة (10)، والبغوي (11)، والخطيب (12) .
قَالَ الحافظ ابن حجر : (( كلهم يقول فِيْهِ: (( فشربتم من ألبانها )) قَالَ حميد : قَالَ قتادة ، عن أنس – رضي الله تَعَالَى عَنْهُ – : (( وأبوالها )) فرواية إسماعيل عَلَى هَذَا فِيْهَا إدراج وتسوية )) (13).
وأصرح الروايات في هَذَا رِوَايَة أبي عوانة من طريق يزيد بن هارون ، عن حميد ، وفيه : (( قَالَ حميد : قَالَ قتادة : (( وابوالها )) ، لَمْ أسمعه أنا من أنس )) (14) .
__________
(1) هُوَ خالد بن الحارث بن عبيد الهجيمي ، أَبُو عثمان البصري : ثقة ثبت ، توفي سنة ( 186 ه ) .
الثقات 6/267 ، وتهذيب الكمال 2/337 ( 1582 ) ، والتقريب ( 1619 ) .
(2) في المجتبى 7/96 ، وفي الكبرى ( 4393 ) و ( 7570 ) .
(3) هُوَ عَبْد الله بن بكر بن حبيب السهمي الباهلي ، أبو وهب البصري ، نزيل بغداد : ثقة ، امتنع من القضاء ، توفي سنة ( 208 ه ) .
تهذيب الكمال 4/95-96 ( 3173 ) ، والكاشف 1/541 ( 2650 ) ، والتقريب ( 3234 ) .
(4) في شرح المعاني 1/107 ، وفي شرح المشكل ( 1814 ) .
(5) الفصل 2/613 طبعة الزهراني .
(6) هُوَ مروان بن معاوية بن الحارث الفزاري ، أَبُو عَبْد الله الكوفي ، نزيل مكة ودمشق : ثقة حافظ وَكَانَ يدلس أسماء الشيوخ ، توفي سنة ( 193 ه ) .
التاريخ الكبير 7/372 ، والأنساب 4/357 ، والتقريب ( 6575 ) .
(7) الفصل 2/612-613 .
(8) الفصل 2/614 طبعة الزهراني .
(9) في مسنده 3/205 .
(10) كَمَا في : إتحاف المهرة 1/606 .
(11) في شرح السنة ( 2569 ) .
(12) في الفصل 2/613 .
(13) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/835 .
(14) إتحاف المهرة 1/606 .(16/10)
هكذا مثّل الْخَطِيْب البغدادي (1) وابن حجر (2) لهذا النوع بهذا المثل ، واستدرك بعضهم (3) بأن إسماعيل بن جعفر متابع تابعه :
عَبْد الوهاب بن عَبْد المجيد الثقفي : كَمَا عِنْدَ ابن ماجه (4).
وعبد الله بن عمر : عِنْدَ : النسائي (5)، وأبي عوانة (6).
وهشيم بن بشير الواسطي : عِنْدَ مُسْلِم (7) .
والذي يبدو لي أن هَذِهِ الطرق لا يصح استدراكها عَلَى هذين الحافظين لما يأتي :
أما متابعة عَبْد الله بن عمر، فعبد الله بن عمر: ضعيف ، ضعفه أحمد والعقيلي وابن معين وابن المديني ويحيى بن سعيد وصالح جزرة والنسائي وابن سعد والترمذي وابن حبان والدارقطني وأبو أحمد الْحَاكِم (8) .
وأما متابعة هشيم، فإنما رَوَاهُ هشيم عن حميد وثابت وقتادة ثلاثتهم مقرونين، فلعله حمل رِوَايَة بعض عَلَى بعض وَلَمْ يفصّل فِيْهَا .
فَلَمْ تبق إلا رِوَايَة عَبْد الوهاب ، ويتخرّج أمرها عَلَى محملين :
الأول: إنها وإن تابع فِيْهَا عَبْد الوهاب إسماعيل بن جعفر فكل منهما لا يقوى عَلَى مقاومة خلاف أصحاب حميد وهم سبعة أنفس . وهذا أقوى المحملين .
الثاني : أن تصح فيصير الحمل حينئذ عَلَى حميد ، فكأنه كَانَ يبين لبعض الرُّوَاة الأمر، ويجمله لبعضهم . والله أعلم .
القسم الخامس :
__________
(1) الفصل 2/612 طبعة الزهراني .
(2) النكت عَلَى كتاب ابن الصَّلاَحِ 2/834-835 .
(3) هُوَ الدكتور ربيع بن هادي عمير في تحقيقه لـ " نكت " الحافظ ابن حجر 2/835 .
(4) في سننه ( 2578 ) و ( 3503 ) .
(5) في المجتبى 7/87 .
(6) كَمَا في : إتحاف المهرة 1/605-606 .
(7) في صحيحه 5/101 ( 1671 ) ( 9 ) .
(8) انظر : تهذيب الكمال 4/216 .(16/11)
أن يسوق المحدّث إسناده فَقَطْ من غَيْر أن يذكر الْمَتْن ، ثُمَّ يقطعه قاطع فيذكر كلاماً فيظن بعض من سمعه أن ذَلِكَ الكلام هُوَ متن الإسناد (1) .
ومثاله الْحَدِيْث الَّذِيْ رَوَاهُ ثابت بن موسى(2) الزاهد ، عن شريك القاضي ، عن الأعمش ، عن أَبِي سفيان ، عن جابر مرفوعاً : (( من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار )) (3) .
قَالَ الْحَاكِم : (( هَذَا ثابت بن موسى الزاهد دخل عَلَى شريك بن عَبْد الله القاضي والمستملي بَيْنَ يديه، وشريك يقول: حَدَّثَنَا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قَالَ: قَالَ رَسُوْل الله - صلى الله عليه وسلم - وَلَمْ يذكر الْمَتْن، فلما نظر إلى ثابت بن موسى قَالَ: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار. وإنما أراد بِذَلِكَ ثابت بن موسى لزهده وورعه، فظن ثابت بن موسى أنه رَوَى الْحَدِيْث مرفوعاً بهذا الإسناد، فكان ثابت بن موسى يحدِّث بِهِ عن شريك ، عن الأعمش، عن أَبِي سفيان، عن جابر، وليس لهذا الْحَدِيْث أصل إلا من
هَذَا الوجه، وعن قوم من المجروحين سرقوه من ثابت بن موسى فرووه عن شريك ))(4).
قَالَ الحافظ العراقي : (( فعلى هَذَا هُوَ من أقسام المدرج )) (5) .
__________
(1) جعله بعضهم مثالاً لما وضع في الْحَدِيْث من غَيْر قصد من واضعه ، وَهُوَ بنوع المدرج أليق .
انظر : المجروحين 1/240 ، ومعرفة أنواع علم الْحَدِيْث : 242-243 ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/428 ، ونكت ابن حجر 2/835 .
(2) هُوَ ثابت بن موسى بن عَبْد الرَّحْمَان الضبي ، أَبُو يزيد الكوفي الضرير العابد ، ضعيف الْحَدِيْث ، توفي سنة (229 ه). تهذيب الكمال 1/410 (818) ، والكاشف 1/283 (699) ، والتقريب (831) .
(3) رَوَاهُ ابن ماجه ( 1347 ) ، وانظر : الضعفاء ، للعقيلي 1/176 ، والكامل 2/526 ، والموضوعات 2/109 ، وتهذيب الكمال 4/378 ، والميزان 1/367 .
(4) المدخل إلى الإكليل : 55 .
(5) شرح التبصرة والتذكرة 1/430 .(16/12)