الإجلالُ لفوائد وتأصيلات من كتاب " مِيزان الاعتدال "
الحمد لله وبعد ،
إن من الكتب التي يشار إليها بالبنان في الجرح والتعديل كتاب " ميزان الاعتدال في نقد الرجال " للحافظ أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي ( ت 748 هـ ) .
فقد حوى هذا الكتاب – إلى جانب علم الجرح والتعديل – فوائد جمة ، وتعليقات نفيسة للحافظ الذهبي .
يقول الإمام الذهبي عن كتابه " ميزان الاعتدال " (4/616) :
ألفته في أربعة أشهر إلا يومين من سنة أربع وعشرين وسبع مئة ثم ... عليه غير مرة وزدت حواشي في أربع سنين .ا.هـ.
وقد وجدت من خلال قراءتي للكتاب فوائد كثيرة أحببت وضعها لكي يستفيد منها طلبة العلم وغيرهم .
ورتبت هذه الفوائد حسب سير الكتاب من المجلد الأول ، وقد يكون هناك تعليق على بعض ما يورده الإمام الذهبي - رحمه الله – .
مقدمة الكتاب :
ثناء الإمام الذهبي على بعض الكتب المؤلفة في الضعفاء :
قال الذهبي (1/2) : ... والعقيلي ؛ وله مصنف مفيد في معرفة الضعفاء . ولأبي حاتم بن حبان كتاب كبير عندي في ذلك .
ولأبي أحمد بن عدي كتاب الكامل ؛ هو أكمل الكتب وأجلها في ذلك ، وكتاب أبي الفتح الأزدي ، وكتاب أبي محمد بن أبي حاتم في الجرح والتعديل ، والضعفاء للدارقطني ، والضعفاء للحاكم ، وغير ذلك .
وقد ذيل ابن طاهر المقدسي على الكامل لابن عدي بكتاب لم أرَه ، وصنف أبو الفرج بن الجوزي كتابا كبيرا في ذلك كنتُ اختصرته أولا ، ثم ذيلت عليه ذيلا بعد ذيل .ا.هـ.
وأسماء الكتب التي أشار إليها الذهبي مع أسماء المؤلفين كما يلي :
1 - كتاب " الضعفاء الكبير " لأبي جعفر محمد بن عمرو بن موسى بن حماد العقيلي المكي ( ت 322 هـ ) – مطبوع .
2 – كتاب " المجروحين من المحدثين " للحافظ محمد بن حبان البستي ( ت 354 هـ ) – مطبوع .
3 – كتاب " الكامل في ضعفاء الرجال " للإمام الحافظ أبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني ( ت 365 هـ ) – مطبوع .(1/1)
4 – كتاب " الضعفاء " لمحمد بن الحسين أبي الفتح الأزدي ( ت 367 هـ ) .
5 – كتاب " الضعفاء والمتروكين " لعلي بن عمر الدارقطني ( ت 385 هـ ) – مطبوع .
6 – كتاب " الضعفاء " لمحمد بن أحمد بن أبي أحمد الحاكم ( ت 378 هـ ) .
7 – كتاب " الذيل على الكامل " لمحمد بن طاهر أبي الفضل المقدسي ( ت 507 هـ ) .
8 – كتاب " الضعفاء والمتروكين " لعبد الرحمن بن علي أبي الفرج بن الجوزي ( ت 597 هـ ) – مطبوع .
9 – كتاب " ذيل ديوان الضعفاء والمتروكين " للذهبي – مطبوع .
- حرف الألف :
1 - كلام الذهبي في أبي الفتح الأزدي :
قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن إسحاق المدني (1/5) :
... وقال أبو الفتح الأزدي : متروك .
قلت : لا يترك ، فقد وثقه أحمد والعجلي ، وأبو الفتح يسرف في الجرح ، وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين ، جمع فأوعى ، وجرح خلقا بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم ، وهو المتكلم فيه ؛ وسأذكره في المحمدين .ا.هـ.
والحافظ الذهبي تكلم في أبي الفتح الأزدي في ميزان الاعتدال ، ومواضع من كتبه الأخرى .
قال الذهبي عن كتابه في الميزان (3/523) : وله كتاب كبير في الجرح والضعفاء ، عليه فيه مؤاخذات .ا.هـ.
وقال في السير (16/348) : وعليه في كتابه " الضعفاء " مؤاخذات ، فإنه ضعف جماعة بلا دليل ، بل قد يكون غيره وثقهم .ا.هـ.
وقال في تذكرة الحفاظ (3/967) : له مصنف كبير في الضعفاء ، وهو قوي النفس في الجرح ، وهى جماعة بلا مستند طائل .ا.هـ.
وقال في ميزان الاعتدال (1/61) : لا يُلتف إلى الأزدي فإن في لسانه في الجرح رهقا .ا.هـ.
وقال في السير أيضا (13/389) في ترجمة الحارث بن محمد بن أبي أسامة وقد ضعفه الأزدي : وهذه مجازفة ، ليت الأزدي عَرَف ضعف نفسِه .ا.هـ.
2 - ضعف حديث : " اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ... الحديث " .
قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن إسحاق المدني (1/5) :(1/2)
عَنْ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اسْتَحْيُوا مِنْ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ... الحديث . أخرجه الترمذي ، والصباح واهٍ .ا.هـ.
أخرجه الترمذي الترمذي (2458) ، وأحمد (1/387) .
قال الترمذي عقب الحديث : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ إِسْحَقَ عَنْ الصَّبَّاحِ بْنِ مُحَمَّدٍ .ا.هـ.
والصباح بن محمد قال عنه ابن حبان في المجروحين (1/377) : كان ممن يروي عن الثقات الموضوعات .
وقال عنه الذهبي في " الميزان " (2/306) : رفع حديثين هما من قول عبد الله .ا.هـ.
ومقصوده هذا الحديث ، وحديث آخر وهو : إن الله قسم بينكم أخلاقكم .
والحديث حسنه الألباني كما في صحيح الترغيب والترهيب (1724 ، 2638 ، 3337) .
وضعفة العلامة أحمد شاكر في تخريجه للمسند (3671) .
* فائدةٌ :
قال الشيخ العلامة أحمد شاكر (5/246 ح 3671) :
ورواه الحاكم في المستدرك ولكن سمى رواية " الصباح بن محارب " ! وهو خطأ عجيب ، فليس للصباح بن محارب رواية في هذا الحديث ، ولا هو من هذه الطبقة ، بل هو متأخر عن الصباح بن محمد ، ثم الحديث حديث الصباح بن محمد دون شك . وأعجب منه أن يوافقه الذهبي على ذكر " الصباح بن محارب " وعلى تصحيح الحديث .ا.هـ.
3 - حكم رواية المبتدع ، والتفصيل فيها :
قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن إسحاق المدني (1/5 ، 6) :
فلقائل أن يقول : كيف ساغ توثيق مبتدع وحَدُّ الثقة العدالة والإتقان ؟
فكيف يكون عدلا من هو صاحب بدعة ؟
وجوابه أن البدعة على ضربين : فبدعة صغرى كغلو التشيع ، أو كالتشيع بلا غلو ولا تحرف ، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق . فلو رُدَّ حديث هؤلاء لذهب جملة من الآثار النبوية ؛ وهذه بينة .(1/3)
ثم بدعة كبرى ؛ كالرفض الكامل والغلو فيه ، والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة .
وأيضا فما أستحضر الآن في هذا الضرب رجلا صادقا ولا مأمونا ؛ بل الكذب شعارهم ، والتقية والنفاق دثارُهم ؛ فكيف يُقبل نقلُ من هذا حاله ! حاشا وكلا .
فالشيعي الغالي في زمان السلف وعرفهم هو من تكلم في عثمان والزبير وطلحة ومعاوية وطائفة ممن حارب عليا رضي الله عنه ، وتعرض لسبهم .
والغالي في زماننا وعُرفنا هو الذي يكفر هؤلاء السادة ، ويتبرأ من الشيخين أيضا ، فهذا ضال مُعَثّر .ا.هـ.
رواية المبتدع فصل فيها الشيخ عبد الكريم الخضير في كتابه " الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به " ( ص 159 – 165) وأنقله بنصه :
اختلف العلماء في الرواية عن المبتدعة كالمرجئة ، والقدرية ، والخوارج ، والرافضة ، وغيرهم ، وفي الاحتجاج بما يروونه على أقوال :
- الأول : يرى جماعة متن أهل العلم أن رواية أهل البدع لا تقبل مطلقا ؛ وذلك لأنهم إما كفار ، وإما فساق بما ذهبوا إليه ، وكل من الكافر والفاسق مردود الرواية .
وقد روي هذا القول عن الإمام مالك ، والقاضي أبي بكر الباقلاني ، واختاره الآمدي ، وجزم به الحاجب .
واحتج لهذا الرأي بأن في الرواية عن المبتدع ترويجا لأمره ، وتنويها بذكره .
وقد رد الحافظ ابن الصلاح هذا الرأي ، وقال : إنه مباعد للشائع عن أئمة الحديث ، فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة .
- الثاني : يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة ، سواء كانوا فساقا أو كفارا بالتأويل .
واختار هذا القول أبو الحسين البصري معللا بأن الظن بصدقه غير زائل .
وقال الحافظ ابن حجر : التحقيق أن لا يرد كل مكفر ببدعته ، لأن كل طائفة تدعي أن مخالفيها مبتدعة ، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها ، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لاستلزم تكفير جميع الطوائف .
- الثالث : يرى بعض أهل العلم التفصيل .(1/4)
ونقل الشيخ تفصيل الذهبي الآنف الذكر .
- الرابع : تفصيل أيضا : إن كان داعية إلى مذهبه لم يقبل ، وإلا قبل إن لم يرو ما يقوي بدعته ، وهو مذهب أكثر العلماء ، ونسبه الخطيب البغدادي لإمام أحمد ، ورجحه ابن الصلاح .
لكن يضعف هذا الرأي رواية البخاري عن عمران بن حطان ، الذي قال فيه المبرد : كان عمران رأس القعدية من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم . وقال ابن حجر : إنه داعية إلى مذهبه .
- الخامس : تفصيل أيضا : وهو إن المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل ، وإلا قبل ، لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه .
وممن قال بهذا القول الإمام الشافعي ، فقد روى عنه الخطيب البغدادي قوله : وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم .
وحكاه الخطيب عن ابن ليلى ، وسفيان الثوري ، وأبي يوسف القاضي . ونسبه الحاكم لأكثر أئمة الحديث ، وقال الفخر الرازي : إنه الحق .
لكن قال الشيخ أحمد شاكر : وهذا المذهب فيه نظر ، لأن من عرف بالكذب ولو مرة واحدة لا تقبل روايته ، فأولى إن ترد رواية من يستحل الكذب .
والراجح :
بعد استعراض الأقوال السابقة ، وما علل به أصحاب كل قول لرأيهم تبين لي رجحان ما اعتمده الحافظ ابن حجر ، وهو : أن الذي ترد روايته من أنكر أمرا متواترا من الشرع ، معلوما من الدين بالضرورة ، وكذا من اعتقد عكسه . فأما من لم يكن بهذه الصفة ، وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه ، فلا مانع قبوله . ورجحه الشيخ أحمد شاكر ، وقال إنه الحق بالاعتبار ، ويؤيده النظر الصحيح . ونحوه عن الشيخ محمد بخيت المطيعي ، وقال : إن كان كذلك ، كان كافرا قطعا .اهـ.
4 - معنى قول البخاري : منكر الحديث :
قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن جبلة الكوفي (1/6) :
وقال البخاري : منكر الحديث . ونقل ابن القطان أن البخاري قال : كل من قلت فيه منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه .ا.هـ.(1/5)
قال ابن دقيق العيد في كتاب " الإمام " (2/178) :
إذ فرق بين أن يقول : " روى أحاديث منكرة " وبين أن يقول : " إنه منكر الحديث " ، فإن هذه العبارة تقتضي كثرة ذلك منه حتى تصير وصفا له ، فيستحق بها أن لا يحتج بحديثه عندهم .ا.هـ.
5 - منهج الذهبي في كتابه لمن قال فيه : " مجهول " :
قال الإمام الذهبي في ترجمة أبان بن حاتم الأملوكي (1/6) :
ثم اعلم أن كل من أقول فيه مجهول ولا أسنده إلى قائلٍ فإن ذلك هو قول أبي حاتم فيه ؛ وسيأتي من ذلك شيء كثير جدا فاعلمه ، فإن عزوته إلى قائله كابن المديني وابن معين فذلك بين ظاهر ؛ وإن قلت : فيه جهالة أو نكرة ، أو يُجهل ، أو لا يُعرف ، وأمثال ذلك ، ولم أعزه إلى قائل فهو من قِبَلِي ، وكما إذا قلت : ثقة ، وصدوق ، وصالح ، ولين ، ونحو ذلك ولم أضفه .ا.هـ.
فمن يقرأ كتاب " الميزان " فليتذكر منهج الذهبي في المجهول .
وللموضوع بقية ...
رابط الموضوع
http://www.baljurashi.com/vb/showthread.php?s=&threadid=2943
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/6)
الردُ الوافي على مقالِ دررِ المعاني في أخبار السُّفْيَانِي
قرأت مقالا غريبا عجيبا في " منتدى الفجر " تحت هذا الرابط : http://www.alfjr.com/showthread.php?s=&postid=279569#post279569
يقرر فيه كاتبه - هداه الله - ربط أحاديث السفياني ببعض الأحداث المعاصرة ، والتي لا وجه للربط فيما بينها من قريب أو بعيد .
وقد قال الأولون مقولة عظيمة وهي : أثبت العرش ثم انقش .
وإليكم الرد على ذلك المقال ، وأسأل الله أن أكون قد وفقت إلى الصواب .
الحمد لله وبعد .
إني لأعجب من هذا الطرح الغريب لهذا الموضوع ، ولقد رأيت لازماً أن أرد على هذه الترهات - وهذا أقل ما أقوله عن الموضوع - ، وأبين حقيقة ما سُطر هنا من قِبل المدعو " أبو الحارث الأزدي " وغيره بخصوص السفياني .
وإليكم ملحوظاتي على هذا المقال وهي كالتالي :
أولا : أن المدعو " أبو الحارث الأزدي " أحدُ شخصين :
1 - إما " سني " جاهل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم ، جاهل بالوعيد الذي ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب عليه ، فيكون حاله حال حاطب الليل الذي جمع الحطب ولا يدري هل هو حطب أم أفعى تهلكه ؟
ولعلي أكتفي بحديثٍ واحدٍ فقط :
عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى الْمِنْبَرِ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ؛ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي ، فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ ، فَلَا يَقُلْ إِلَّا حَقًَّا صِدْقًا- ، وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ ، فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّار .
رواه الدارمي (243) ، وأحمد (5/297) ، وابن ماجه (35) .
وسنده صحيح .
ولعل في هذا الحديث ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد .
2 - وإما " رافضي " جاء إلى هنا لكي يروج بضاعته على أهل السنة ، وهيهات له ذلك .
وسنعرف بعد قليل لماذا قلت هذا الكلام ؟(1/1)
ثانيا : طريقة الربط بين موضوع السفياني وبين الأحداث التي سردها ، وربطها به .
وهو ربط عجيب غريب ، وكما يقولون : أثبت العرش ثم انقش .
أثبت صحة أحاديث السفياني أولا ، ثم بعد ذلك قم بعملية الربط هدانا الله وإياك .
ثالثا : ما يتعلق بأحاديث السفياني في النقاط التالية :
1 - إن من أشهر من تكلم في موضوع " السفياني " وتوسع في ذكره هو " نُعيم بن حماد " في كتابه المشهور " الفتن " ، فقد عقد أكثر من عشرة أبواب في شأن السفياني ، من ذكر اسمه ، ونسبه ، وصفته ، وبدء خروجه ، وغير ذلك .
وقد قال عنه وعن كتابه الإمامُ الذهبي في السير (10/609) :
قُلْتُ: لاَ يَجُوْزُ لأَحَدٍ أَنْ يَحْتَجَّ بِهِ ، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَابَ ( الفِتَنِ ) ، فَأَتَى فِيْهِ بِعَجَائِبَ وَمَنَاكِيْرَ .ا.هـ.
وغالب ما ذكر في المقال من أحاديث بخصوص السفياني من الكتاب المذكور .
2 - أن كل ما ورد من أحاديث سواء كانت مرفوعة أو موقوفة بخصوص السفياني لا يصح منها شيء .
وممن قرر ذلك الشيخ حمود التويجري - رحمه الله - في إتحاف الجماعة (1/49) ، والشيخ الطريقي كما في جواب له في " منتدى أهل الحديث "
http://www.baljurashi.com/vb/forumd...hp?s=&forumid=2
3 – اتهم الشيخ عبد الله بن محمود في كتابه الذي ألفه في إنكار خروج المهدي بني أمية أنهم هم الذين رفعوا لواء أحاديث السفياني في مقابل الأحاديث التي في المهدي ، وقد رد الشيخ التويجري عليه في كتاب " إتحاف الجماعة " .
قال محقق كتاب " السنن الواردة في الفتن وغوائلها والساعة وأشراطها " لأبي عمر الداني (6/1026) :(1/2)
وأضيف إليه – أي إلى كلام التويجري في رده على تهمة المحمود لبني أمية – إن العقل السليم لا يقبل أن بني أمية هم الذين وضعوا الأحاديث في السفياني ، لأن الأحاديث تنال من أعراضهم وكرامتهم أكثر مما ترفعهم أو تهدد أعداءهم وترجف بهم ، بل الظروف تشير إلى أن الشيعة هم الذين عملوا وضعها ، إذا صح القول بوضعها ، لأن كتبهم مليئة بذكر السفياني ، وذهبت في تصوير هذا الرجل كل مذهب بما يشوه سيرة الأمويين ويسيء إلى سمعتهم – انظر على سبيل المثال : بحار الأنوار لمحمد باقر المجلسي ، باب علامات ظهوره ( المهدي ) من السفياني والدجال وغير ذلك - ، ويؤيد هذا أن أكثر ما ورد في الآثار منسوب إلى علي بن أبي طالب ، وأبي جعفر الصادق ، ومحمد بن علي الباقر ، ومحمد بن الحنفية وغيرهم ممن يعتقد فيهم الشيعة .
فلا يستبعد أن الوضاعين من الشيعة اختلقوا هذه الأثار والأسانيد لها ثم ألصقوها بهؤلاء الأئمة ، ثم تسرب الكثير منها إلى كتب أهل السنة والله أعلم .ا.هـ.
ولعلكم بعد هذا الكلام عرفتم لماذا قلت في بداية المقال أنه " رافضي " .
وأختم بعبارات جميلة ذكرها الحافظ الذهبي في السير (10/604) تكون نبراسا لمن أراد أن يتعلم العلم الصحيح ، ويبتعد عن مثل هذه الأحاديث الموضوعة ، والقصص الباطلة .
قال الذهبي : فَإِنَّ العِلْمَ الوَاجِبَ يَجِبُ بَثُّهُ وَنَشْرُهُ ، وَيَجِبُ عَلَى الأُمَّةِ حِفْظُهُ ، وَالعِلْمُ الَّذِي فِي فَضَائِلِ الأَعْمَالِ مِمَّا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ يَتَعَيَّنُ نَقْلُهُ وَيتَأَكَّدُ نَشْرُه ُ، وَيَنْبَغِي لِلأُمَّةِ نَقْلُه ُ، وَالعِلْمُ المُبَاحُ لاَ يَجِبُ بَثُّه ُ، وَلاَ يَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ فِيْهِ إِلاَّ خَوَاصُّ العُلَمَاءِ .(1/3)
وَالعِلْمُ الَّذِي يَحْرُمُ تَعَلُّمُهُ وَنَشْرُه ُ: عِلْمُ الأَوَائِلِ ، وَإِلَهِيَّاتُ الفَلاَسِفَةِ ، وَبَعْضُ رِيَاضَتِهِم - بَلْ أَكْثَرُهُ - وَعِلْمُ السِّحْرِ ، وَالسِّيْمِيَاءُ ، وَالكِيْمِيَاءُ ، وَالشَّعْبَذَةُ ، وَالحِيَلُ ، وَنَشْرُ الأَحَادِيْثِ المَوْضُوْعَةِ ، وَكَثِيْرٌ مِنَ القَصَصِ البَاطِلَةِ أَوِ المُنْكَرَةِ ، وَسِيْرَةُ البَطَّالِ المُخْتَلَقَةُ ، وَأَمْثَالُ ذَلِكَ ، وَرَسَائِلُ إِخْوَانِ الصَّفَا ، وَشِعْرٌ يُعَرَّضُ فِيْهِ إِلَى الجَنَابِ النَّبَوِيِّ، فَالعُلُوْمُ البَاطِلَةُ كَثِيْرَةٌ جِدّاً فَلْتُحْذَرْ ، وَمَنِ ابْتُلِيَ بِالنَّظَرِ فِيْهَا لِلْفُرْجَةِ وَالمَعْرِفَةِ مِنَ الأَذْكِيَاءِ ، فَلْيُقَلِّلْ مِنْ ذَلِكَ ، وَلْيُطَالِعْهُ وَحْدَهُ ، وَلْيَسْتَغْفِرِ اللهَ -تَعَالَى- وَلْيَلْتَجِئْ إِلَى التَّوْحِيْدِ ، وَالدُّعَاءِ بِالعَافِيَةِ فِي الدِّيْنِ ، وَكَذَلِكَ أَحَادِيْثُ كَثِيْرَةٌ مَكْذُوْبَةٌ وَرَدَتْ فِي الصِّفَاتِ ، لاَ يَحِلُّ بَثُّهَا إِلاَّ التَحْذِيْرُ مِنِ اعْتِقَادِهَا ، وَإِنْ أَمْكَنَ إِعْدَامُهَا ، فَحَسَنٌ . اللَّهُمَّ فَاحْفَظْ عَلَيْنَا إِيْمَانَنَا ، وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ .ا.هـ.
اللهم آمين .
رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@154.rDl8bcjh8sB^0@.ef28ef2
كتبه عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
الْكِبْر فِي الكتابِ والسنةِ
قبل الإجابةِ على استفسارِكَ دعنا نعيشُ مع كتابِ اللهِ وسنةِ رسولهِ صلى اللهُ عليه وسلم فيما يخصُ الكبر ، لكي يعرف الواحدُ منا خطورةَ هذا المرض - نسألُ اللهَ تعالى أن يعيذنا من الكبرِ وأن يرزقنا التواضعَ - .
أولُ مَنْ تكبر هو إبليسُ اللعينُ :
قالَ تعالى : " وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " [ الأعراف : 11 - 12 ] .
وقال تعالى : " قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " [ ص : 76 ] .
فالكبرُ خلُقٌ من أخلاقِ إبليس ، فمن أراد الكِبر فليعلم أنهُ يتخلقُ بأخلاقِ الشياطين ، وأنهُ لم يتخلق بأخلاقِ الملائكةِ المكرمين الذين أطاعوا ربهم فوقعوا ساجدين .
وقد رد شَيْخُ الْإِسْلَامِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى على قياسِ إبليس الفاسد من أوجهٍ .
قَالَ : فَصْلٌ حُجَّةُ إبْلِيسَ فِي قَوْلِهِ : " أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ " هِيَ بَاطِلَةٌ لِأَنَّهُ عَارَضَ النَّصَّ بِالْقِيَاسِ . وَلِهَذَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : أَوَّلُ مَنْ قَاسَ إبْلِيسُ وَمَا عُبِدَتْ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ إلَّا بِالْمَقَايِيسِ . وَيَظْهَرُ فَسَادُهَا بِالْعَقْلِ مِنْ وُجُوهٍ خَمْسَةٍ .
أَحَدُهَا : أَنَّهُ ادَّعَى أَنَّ النَّارَ خَيْرٌ مِنْ الطِّينِ وَهَذَا قَدْ يُمْنَعُ فَإِنَّ الطِّينَ فِيهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَالِاسْتِقْرَارُ وَالثَّبَاتُ وَالْإِمْسَاكُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَفِي النَّارِ الْخِفَّةُ وَالْحِدَّةُ وَالطَّيْشُ وَالطِّينُ فِيهِ الْمَاءُ وَالتُّرَابُ .(1/1)
الثَّانِي : أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ النَّارُ خَيْرًا مِنْ الطِّينِ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَخْلُوقُ مِنْ الْأَفْضَلِ أَفْضَلَ فَإِنَّ الْفَرْعَ قَدْ يُخْتَصُّ بِمَا لَا يَكُونُ فِي أَصْلِهِ وَهَذَا التُّرَابُ يُخْلَقُ مِنْهُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَالْمَعَادِنِ وَالنَّبَاتِ مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَالِاحْتِجَاجُ عَلَى فَضْلِ الْإِنْسَانِ عَلَى غَيْرِهِ بِفَضْلِ أَصْلِهِ عَلَى أَصْلِهِ حَجَّةٌ فَاسِدَةٌ احْتَجَّ بِهَا إبْلِيسُ وَهِيَ حُجَّةُ الَّذِينَ يَفْخَرُونَ بِأَنْسَابِهِمْ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَصَّرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يَبْلُغْ بِهِ نَسَبُهُ " .
* الثَّالِثُ " أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا مِنْ طِينٍ فَقَدْ حَصَلَ لَهُ بِنَفْخِ الرُّوحِ الْمُقَدَّسَةِ فِيهِ مَا شُرِّفَ بِهِ فَلِهَذَا قَالَ : " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ " فَعُلِّقَ السُّجُودُ بِأَنْ يَنْفُخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ فَالْمُوجِبُ لِلتَّفْضِيلِ هَذَا الْمَعْنَى الشَّرِيفُ الَّذِي لَيْسَ لإبليس مِثْلُهُ .(1/2)
الرَّابِعُ : أَنَّهُ مَخْلُوقٌ بِيَدَيْ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ تَعَالَى : " مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ " وَهُوَ كَالْأَثَرِ الْمَرْوِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلًا وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي تَفْضِيلِهِ عَلَى الْمَلَائِكَةِ حَيْثُ قَالَتْ الْمَلَائِكَةُ : " " يَا رَبِّ قَدْ خَلَقْت لِبَنِي آدَمَ الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيَلْبَسُونَ وَيَنْكِحُونَ ؛ فَاجْعَلْ لَنَا الْآخِرَةَ كَمَا جَعَلْت لَهُمْ الدُّنْيَا فَقَالَ : لَا أَفْعَلُ . ثُمَّ أَعَادُوا . فَقَالَ : لَا أَفْعَلُ ثُمَّ أَعَادُوا فَقَالَ : وَعِزَّتِي لَا أَجْعَلُ صَالِحَ مَنْ خَلَقْت بِيَدَيَّ كَمَنْ قُلْت لَهُ : كُنْ فَكَانَ " .
الْخَامِسُ : أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ أَفْضَلَ فَقَدْ يُقَالُ : إكْرَامُ الْأَفْضَلِ لِلْمَفْضُولِ لَيْسَ بِمُسْتَنْكَرٍ " .ا.هـ.
وعقد الإمامُ ابنُ القيمِ - رحمهُ اللهُ - فصلاً في " زادِ المعادِ " فقال : " فصل : التحذير من " أنا " و " لي " و " عندي "
وليحذر كل الحذر من طغيان " أنا " ، " ولي " ، " وعندي " ، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلي بها إبليس وفرعون ، وقارون ، " فأنا خير منه " لإبليس " ولي ملك مصر " لفرعون و " إنما أوتيته على علم عندي " لقارون .
وأحسن ما وضعت " أنا " في قول العبد أنا العبد المذنب المخطئ المستغفر المعترف ونحوه . " ولي " ، في قوله لي الذنب ولي الجرم ولي المسكنة ولي الفقر والذل : " وعندي " في قوله " اغفر لي جدي ، وهزلي ، وخطئي ، وعمدي ، وكل ذلك عندي " .ا.هـ.
التحذيرُ من الكبرِ وأهلهِ :
قال تعالى : " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا " [ الإسراء : 37 ] .(1/3)
قال القرطبي في تفسيره : " هَذَا نَهْي عَنْ الْخُيَلَاء وَأَمْر بِالتَّوَاضُعِ . وَالْمَرَح : شِدَّة الْفَرَح . وَقِيلَ : التَّكَبُّر فِي الْمَشْي . وَقِيلَ : تَجَاوُز الْإِنْسَان قَدْره . وَقَالَ قَتَادَة : هُوَ الْخُيَلَاء فِي الْمَشْي . وَقِيلَ : هُوَ الْبَطَر وَالْأَشَر . وَقِيلَ : هُوَ النَّشَاط وَهَذِهِ الْأَقْوَال مُتَقَارِبَة وَلَكِنْهَا مُنْقَسِمَة قِسْمَيْنِ : أَحَدهمَا مَذْمُوم وَالْآخَر مَحْمُود ; فَالتَّكَبُّر وَالْبَطَر وَالْخُيَلَاء وَتَجَاوُز الْإِنْسَان قَدْره مَذْمُوم وَالْفَرَح وَالنَّشَاط مَحْمُود " .ا.هـ.
وَأَنْشَدُوا :
وَلَا تَمْشِ فَوْق الْأَرْض إِلَّا تَوَاضُعًا * * * فَكَمْ تَحْتهَا قَوْم هُمُو مِنْك أَرْفَع
وَإِنْ كُنْت فِي عِزّ وَحِرْز وَمَنْعَة * * * فَكَمْ مَاتَ مِنْ قَوْم هُمُو مِنْك أَمْنَع
ماذا حدث لقارونَ المتكبر؟
قال تعالى : " فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ " [ القصص : 79 - 81 ] .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَقُولُ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَوْ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ مُرَجِّلٌ جُمَّتَهُ ؛ إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ " .
رواه البخاري ( 3297 ) ومسلم ( 2088 ) .(1/4)
فهذه عقوبةُ الكبرِ في الثراءِ واللباسِ والتفاخر على الناسِ . فمن مَظَاهِرِ الْكِبْرِ الِاخْتِيَالُ فِي الْمَشْيِ : وَهُوَ يَعْنِي التَّبَخْتُرَ وَالتَّعَالِيَ فِي الْمِشْيَةِ وَكَمَا يَكُونُ الِاخْتِيَالُ بِاللِّبَاسِ الْفَاخِرِ يَكُونُ أَيْضًا بِفُرُشِ الْبُيُوتِ ، وَبِرُكُوبِ السَّيَّارَاتِ الْفَاخِرَةِ .
ومما يدخلُ تحت هذه الآيةِ قولهُ تعالى : " وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا " [ الكهف : 34 ] .
قَالَ قَتَادَة : " تِلْكَ وَاَللَّه أُمْنِيَة الْفَاجِر كَثْرَة الْمَال وَعِزَّة النَّفَر " .
لقمانُ يحذرُ ابنهُ من الكبر :
قال تعالى : " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ " [ لقمان : 18 ] .
قال ابنُ كثيرٍ : " وَلَا تُصَعِّر خَدّك لِلنَّاسِ " يَقُول لَا تَتَكَبَّر فَتَحْتَقِر عِبَاد اللَّه وَتُعْرِض عَنْهُمْ بِوَجْهِك إِذَا كَلَّمُوك ... وَقَوْله " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا " . أَيْ خُيَلَاء مُتَكَبِّرًا جَبَّارًا عَنِيدًا لَا تَفْعَل ذَلِكَ يُبْغِضك اللَّه وَلِهَذَا قَالَ" إِنَّ اللَّه لَا يُحِبّ كُلّ مُخْتَال فَخُور " أَيْ مُخْتَال مُعْجَب فِي نَفْسه فَخُور أَيْ عَلَى غَيْره وَقَالَ تَعَالَى " وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْض مَرَحًا إِنَّك لَنْ تَخْرِق الْأَرْض وَلَنْ تَبْلُغ الْجِبَال طُولًا " .ا.هـ.(1/5)
وقال القرطبي : " مَعْنَى الْآيَة : وَلَا تُمِلْ خَدَّك لِلنَّاسِ كِبْرًا عَلَيْهِمْ وَإِعْجَابًا وَاحْتِقَارًا لَهُمْ . وَهَذَا تَأْوِيل اِبْن عَبَّاس وَجَمَاعَة . وَقِيلَ : هُوَ أَنْ تَلْوِيَ شِدْقك إِذَا ذُكِرَ الرَّجُل عِنْدك كَأَنَّك تَحْتَقِرهُ ؛ فَالْمَعْنَى : أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا ، وَإِذَا حَدَّثَك أَصْغَرُهُمْ فَأَصْغِ إِلَيْهِ حَتَّى يُكْمِل حَدِيثه . وَكَذَلِكَ كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَل .... وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا ... أَيْ مُتَبَخْتِرًا مُتَكَبِّرًا " .ا.هـ.
وقال ابنُ العربي : " " وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّك " يَعْنِي لَا تُمِلْهُ عَنْهُمْ تَكَبُّرًا ، يُرِيدُ أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ مُتَوَاضِعًا ، مُؤْنِسًا مُسْتَأْنِسًا ، وَإِذَا حَدَّثَك أَحَدُهُمْ فَأَصْغِ إلَيْهِ ، حَتَّى يُكْمِلَ حَدِيثَهُ ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَفْعَلُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " .ا.هـ.
قَالَ الشَّاعِرُ :
وَكُنَّا إذَا الْجَبَّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ * * * أَقَمْنَا لَهُ مِنْ مَيْلِهِ فَتَقَوَّمَا
فمن مَظَاهِرِ الْكِبْرِ تَصْعِيرُ الْوَجْهِ : وَهُوَ يَعْنِي : مَيْلُ الْعُنُقِ ، وَالْإِشَاحَةُ بِالْوَجْهِ عَنْ النَّظَرِ كِبْرًا ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ الْمُتَكَبِّرِينَ ، وَلِذَلِكَ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى .
عقوبةُ الكِبر في الآخرة :
قال تعالى في وصفِ المتكبرين : " فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " [ النحل : 29 ] .
وقال تعالى : " قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " [ الزمر : 72 ] .
وقال تعالى : " ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " [ غافر : 76 ] .(1/6)
قال ابنُ كثيرٍ : " أَيْ بِئْسَ الْمَقِيل وَالْمَقَام وَالْمَكَان مِنْ دَار هَوَان لِمَنْ كَانَ مُتَكَبِّرًا عَنْ آيَات اللَّه وَاتِّبَاع رُسُله وَهُمْ يَدْخُلُونَ جَهَنَّم مِنْ يَوْم مَمَاتهمْ بِأَرْوَاحِهِمْ وَيَنَال أَجْسَادهمْ فِي قُبُورهَا مِنْ حَرّهَا وَسَمُومهَا فَإِذَا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة سَلَكَتْ أَرْوَاحهمْ فِي أَجْسَادهمْ وَخَلَدَتْ فِي نَار جَهَنَّم " لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ مِنْ عَذَابهَا " كَمَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " النَّار يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْم تَقُوم السَّاعَة أَدْخِلُوا آل فِرْعَوْن أَشَدّ الْعَذَاب " .ا.هـ.
وقال أيضاً : " أَيْ فَبِئْسَ الْمَصِير وَبِئْسَ الْمَقِيل لَكُمْ بِسَبَبِ تَكَبُّرِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَإِبَائِكُمْ عَنْ اِتِّبَاع الْحَقّ فَهُوَ الَّذِي صَيَّرَكُمْ إِلَى مَا أَنْتُمْ فِيهِ فَبِئْسَ الْحَال وَبِئْسَ الْمَآل " .ا.هـ.
وقال تعالى : " فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " [ النساء : 173 ] .
قال ابنُ كثيرٍ : " وَأَمَّا الَّذِينَ اِسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا " أَيْ اِمْتَنَعُوا مِنْ طَاعَة اللَّه وَعِبَادَته وَاسْتَكْبَرُوا عَنْ ذَلِكَ " فَيُعَذِّبهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُون اللَّه وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا " كَقَوْلِهِ " إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّم دَاخِرِينَ " أَيْ صَاغِرِينَ حَقِيرِينَ ذَلِيلِينَ كَمَا كَانُوا مُمْتَنِعِينَ مُسْتَكْبِرِينَ " .ا.هـ.(1/7)
وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ " ، قَالَ رَجُلٌ : " إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً " ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ ؛ الْكِبْرُ بَطَرُ الْحَقِّ ، وَغَمْطُ النَّاسِ " .
رواه مسلم ( 91 )
بَطْر الْحَقِّ : فَهُوَ دَفْعه وَإِنْكَاره تَرَفُّعًا وَتَجَبُّرًا .
وَغَمْط النَّاسِ : وَذَكَره أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيُّ , وَغَيْرُهُ ( غَمْض ) بِالصَّادِ وَهُمَا بِمَعْنَى وَاحِد ، وَمَعْنَاهُ اِحْتِقَارهمْ .
قالَ الحافظُ ابنُ حجرٍ في " الفتحِ " : " وَاَلَّذِي يَجْتَمِع مِنْ الْأَدِلَّة أَنَّ مَنْ قَصَدَ بِالْمَلْبُوسِ الْحَسَن إِظْهَار نِعْمَة اللَّه عَلَيْهِ مُسْتَحْضِرًا لَهَا شَاكِرًا عَلَيْهَا غَيْر مُحْتَقِر لِمَنْ لَيْسَ لَهُ مِثْله لَا يَضُرّهُ مَا لَبِسَ مِنْ الْمُبَاحَات ، وَلَوْ كَانَ فِي غَايَة النَّفَاسَة ... مَعَ مُرَاعَاة الْقَصْد وَتَرْك الْإِسْرَاف جَمْعًا بَيْن الْأَدِلَّة " .ا.هـ.
ونقل الحافظُ عن الطيبي فقال : " قَالَ الطِّيبِيُّ : الْمَقَام يَقْتَضِي حَمْل الْكِبْر عَلَى مَنْ يَرْتَكِب الْبَاطِل ؛ لِأَنَّ تَحْرِير الْجَوَاب إِنْ كَانَ اِسْتِعْمَال الزِّينَة لِإِظْهَارِ نِعْمَة اللَّه فَهُوَ جَائِز أَوْ مُسْتَحَبّ ، وَإِنْ كَانَ لِلْبَطَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى تَسْفِيه الْحَقّ وَتَحْقِير النَّاس وَالصَّدّ عَنْ سَبِيل اللَّه فَهُوَ الْمَذْمُوم " .ا.هـ.(1/8)
وَقَالَ الشَّوْكَانِيُّ : " إنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ ، فَلُبْسُ الْمُنْخَفِضِ مِنْ الثِّيَابِ تَوَاضُعًا وَكَسْرًا لِسُورَةِ النَّفْسِ الَّتِي لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهَا مِنْ التَّكَبُّرِ إنْ لَبِسَتْ غَالِيَ الثِّيَابِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الصَّالِحَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْمَثُوبَةِ مِنْ اللَّهِ ، وَلُبْسُ الْغَالِي مِنْ الثِّيَابِ عِنْدَ الْأَمْنِ عَلَى النَّفْسِ مِنْ التَّسَامِي الْمَشُوبِ بِنَوْعٍ مِنْ التَّكَبُّرِ لِقَصْدِ التَّوَصُّلِ بِذَلِكَ إلَى تَمَامِ الْمَطَالِبِ الدِّينِيَّةِ مِنْ أَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ أَوْ نَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ عِنْدَ مَنْ لَا يَلْتَفِتُ إلَّا إلَى ذَوِي الْهَيْئَاتِ لَا شَكَّ أَنَّهُ مِنْ الْمُوجِبَاتِ لِلْأَجْرِ ، لَكِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ ذَلِكَ بِمَا يَحِلُّ لُبْسُهُ شَرْعًا " .ا.هـ.
وقال أيضاً : " وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكِبْرَ مَانِعٌ مِنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَإِنْ بَلَغَ مِنْ الْقِلَّةِ إلَى الْغَايَةِ . وَإِذَا كَانَ الْكِبْرُ هُوَ الصِّفَةُ النَّفْسِيَّةُ ، وَهِيَ قَصْدُ الِاسْتِعْلَاءِ عَلَى الْغَيْرِ فِي مَكْرُمَةٍ مِنْ الْمَكَارِمِ ، فَإِنَّ هَذَا الْكِبْرَ - أَيْ : التَّكَبُّرَ - إمَّا أَنْ يُحْتَاجَ إلَيْهِ ، أَوْ لَا يُحْتَاجَ إلَيْهِ . فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ كَانَ مَحْمُودًا ، كَالتَّكَبُّرِ عَلَى الظَّلَمَةِ ، وَعَلَى أَعْدَاءِ اللَّهِ مِنْ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ ، وَنَحْوِهِمْ ، وَلِذَلِكَ جَازَ الِاخْتِيَالُ فِي الْحَرْبِ إرْهَابًا لِلْعَدُوِّ . وَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِ ، فَإِنَّهُ إمَّا أَنْ تُرَافِقَهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ ، أَوْ لَا تُرَافِقَهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ ، فَإِنْ رَافَقَتْهُ نِيَّةُ التَّكَبُّرِ فَهُوَ كَبِيرَةٌ مِنْ الْكَبَائِرِ " .ا.هـ.(1/9)
ومن صورِ الكبرِ التي جاء الوعيدُ عليها ، جر الثياب خيلاء .
* عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا يَنْظُرُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَى مَنْ جَرَّ إِزَارَهُ بَطَرًا " .
البخاري (5788) ، ومسلم (2087) .
* عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلَاءَ لَمْ يَنْظُرْ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ إِنَّ أَحَدَ شِقَّيْ إِزَارِي يَسْتَرْخِي إِلَّا أَنْ أَتَعَاهَدَ ذَلِكَ مِنْهُ " ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَسْتَ مِمَّنْ يَصْنَعُهُ خُيَلَاءَ " . رواه البخاري (5784) .
قال الإمامُ النووي : " قَالَ الْعُلَمَاء : الْخُيَلَاء بِالْمَدِّ ، وَالْمَخِيلَة ، وَالْبَطَر ، وَالْكِبْر ، وَالزَّهْو ، وَالتَّبَخْتُر ، كُلّهَا بِمَعْنًى وَاحِد ، وَهُوَ حَرَام .
وَيُقَال : خَال الرَّجُل وَاخْتَالَ اِخْتِيَالًا إِذَا تَكَبَّرَ ، وَهُوَ رَجُل خَال أَيْ مُتَكَبِّر ، وَصَاحِب خَال أَيْ صَاحِب كِبْر " .ا.هـ.
وَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " يُحْشَرُ الْمُتَكَبِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْثَالَ الذَّرِّ فِي صُوَرِ الرِّجَالِ ، يَغْشَاهُمْ الذُّلُّ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَيُسَاقُونَ إِلَى سِجْنٍ فِي جَهَنَّمَ يُسَمَّى : " بُولَسَ " تَعْلُوهُمْ نَارُ الْأَنْيَارِ يُسْقَوْنَ مِنْ عُصَارَةِ أَهْلِ النَّارِ طِينَةَ الْخَبَالِ " .
رواه الترمذي ( 2492 ) ، وَ قَالَ : " هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ " .
من أسماءِ اللهِ " الْمُتَكَبِّرُ " :(1/10)
قالَ تعالى : " السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ " [ الحشر : 23 ] .
وقال تعالى : " وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " [ الجاثية : 37 ] .
* عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا ، وَمَا بَيْنَ الْقَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الْكِبْرِ عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ " . رواه البخاري (7444) ، ومسلم (180) .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ قَالَا : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْعِزُّ إِزَارُهُ وَالْكِبْرِيَاءُ رِدَاؤُهُ فَمَنْ يُنَازِعُنِي عَذَّبْتُهُ " .
رواه البخاري (7444) ، ومسلم (180) .
قال الشيخُ علوي السقاف في " صفاتِ اللهِ عز وجل " : " الْكِبْرُ وَ الْكِبْرِيَاءُ : صفةٌ ذاتيةٌ خبريَّةٌ ثابتةٌ لله عَزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة ، و(المُتَكَبِّر) من أسماء الله تعالى " .ا.هـ.
وقال أيضاً : " قال ابن قتيبة في " تفسير غريب القرآن " (ص 18) : " وكبرياء الله : شرفه ، وهو من (تكبَّر) : إذا أعلى نفسه " .ا.هـ .
وقال قوَّام السُّنَّة في " الحجة " (2/186) : " أثبت الله العِزَّة والعَظَمَة والقدرة والكِبر والقوة لنفسه في كتابه " .(1/11)
وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في " شرحه لكتاب التوحيد من صحيح البخاري " (2 : 161) : " وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " : ومن المعلوم أن الكبرياء من صفات الله تعالى، ولا يجوز للعباد أن يتصفوا بها ؛ فقد توعد الله المتكبر بجهنم ؛ كما قال تعالى : قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ " .ا.هـ.
ثم قال : " ووصف الله تعالى بأن العَظَمَة إزاره والكبرياء رداؤه ؛ كسائر صفاته ؛ تثبت على ما يليق به ، ويجب أن يؤمن بها على ما أفاده النص ؛ دون تحريف ولا تعطيل " .ا.هـ.
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل(1/12)
كلام أهل العلم على حديث " لا يسأل بوجه الله إلا الجنة "
الحديث ضعفه العلامة الألباني في تخريجه لكتاب " مشكاة المصابيح " (1944) ، وقال :
وإسناده ضعيف ... فإن فيه سليمان بن قرم بن معاذ وقد تفرد به كما قال ابن عدي في الكامل ثم الذهبي ، وهو ضعيف لسوء حفظه ، فلا يحتج به ، ولذلك لما أورد السيوطي هذا الحديث من رواية أبو داود والضياء في " المختارة " تعقبه المحقق عبد الرؤوف المناوي بقوله : قال في " المهذب " : فيه سليمان بن معاذ ، قال ابن معين : ليس بشيء .ا.هـ. وقال عبد الحق وابن القطان : ضعيف . قلت : وقال الحافظ في " التقريب " : سيء الحفظ .ا.هـ.
وأما معنى الحديث على فرض ثبوته ، فقد قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - في " القول المفيد على كتاب التوحيد " (3/116 - 117) :
اختلف في المراد بذلك على قولين :
القول الأول : أن المراد لا تسألوا أحدا من المخلوقين بوجه الله ؛ فإذا أردت أن تسأل أحدا من المخلوقين فلا تسأله بوجه الله ، لأنه لا يسأل بوجه الله إلا الجنة . والخلق لا يقدرون على إعطاء الجنة ، فإذا لا يسألون بوجه الله مطلقا ، ويظهر أن المؤلف يرى هذا الرأي في شرح الحديث ولذلك أعقبه بقوله : " باب لا يرد من سأل بالله " .
القول الثاني : أنك إذا سألت الله فإن سألت الله الجنة وما يستلزم دخولها فلا حرج أن تسأل بوجه الله ، وإن سألت شيئا من أمور الدنيا فلا تسأله بوجه الله لأن وجه الله أعظم من أن يسأل به لشيء من أمور الدنيا .(1/1)
فأمور الآخرة تسأل بوجه الله كقولك مثلا أسألك بوجهك أن تنجيني من النار ، والنبي صلى الله عليه وسلم استعاذ بوجه الله لما نزل قوله تعالى : " "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ " قال : أعوذ بوجهك . " أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ " قال : أعوذ بوجهك . " أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ " قال هذه أهون أو أيسر .
ولو قيل : إنه يحتمل المعنيين لكان له وجه .ا.هـ.
وقال الشيخ بكر ابو زيد في " معجم المناهي اللفظية " ( ص183) عند لفظة " بوجه الله " بعد ذكره لحديث أبي داود وضعفه :
لكن يشهد لعموم النهي حديث أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ملعون من سأل بوجه الله ، وملعون من سئُئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا . رواه الطبراني ، قال العراقي : إسناده حسن . ... وحاصل السؤال بوجه الله يتلخص في أربعة أوجه :
1 - سؤال الله بوجهه أمرا دينيا أو أخرويا ، وهذا صحيح .
2 - سؤال الله بوجهه أمرا دنيويا وهذا غير جائز .
3 - سؤال غير الله بوجه الله أمرا دنيويا وهو غير جائز .
4 - سؤال غير الله بوجه الله أمر دينيا .
والموضوع يحتاج إلى زيادة تحرير ؟؟؟ .ا.هـ.
والحديث الذي أشار الشيخ بكر - حفظه الله - حسنه أيضا العلامة الألباني في صحيح الترغيب (851 ، 853) .
وقال العلامة الألباني في تعليقه على المشكاة (1/605) :(1/2)
الثاني : لو صح الحديث لم يدل على ما ذهب إليه من رأى عدم الجواز ، لأن المتبادر منه النهي عن السؤال به تعالى شيئا من حطام الدنيا ، أما أن يسأل به الهداية إلى الحق الذي يوصل به إلى الجنة ، فلا يبدو لي أن الحديث يتناوله بالنهي ، ويؤيدني في هذا ما قاله الحافظ العراقي : وذكر الجنة إنما هو للتنبيه به على الأمور العظام لا للتخصيص ؛ فلا يسأل الله بوجهه في الأمور الدنيئة ، بخلاف الأمور العظام تحصيلا أو دفعا كما يشير إليه استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم . قال المناوي وأقره .
الثالث : إنما بوب النووي للحديث بالكراهة لا بعدم الجواز فقال : باب كراهة أن يسأل الإنسان بوجه الله غير الجنة . والكراهة عند الشافعية للتنزيه .ا.هـ.
والله أعلم .
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما معنى " المأثم والمغرم " ؟
السؤال :
ما معنى (المأثم والمغرم) اللذان نستعيذ بالله منهما؟
الجواب :
الأخ الحبيب .
إليك الجواب بشكل مفصل واسمح لنا على الإطالة مقدما .
1 - الأحاديث التي وردت فيها عبارة التعوذ من " المغرم والمأثم :
- عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو فِي الصَّلَاةِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَفِتْنَةِ الْمَمَاتِ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ . فَقَالَ لَهُ قَائِلٌ : مَا أَكْثَرَ مَا تَسْتَعِيذُ مِنْ الْمَغْرَمِ . فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ .
رواه البخاري في كتاب الأذان . باب الدعاء قبل السلام (789) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : قَوْلُهُ : ( وَالْمَغْرَم ) : أَيْ الدَّيْن , يُقَال غَرِمَ بِكَسْرِ الرَّاء أَيْ اِدَّانَ . قِيلَ وَالْمُرَاد بِهِ مَا يُسْتَدَان فِيمَا لَا يَجُوز وَفِيمَا يَجُوز ثُمَّ يَعْجِز عَنْ أَدَائِهِ , وَيَحْتَمِل أَنْ يُرَاد بِهِ مَا هُوَ أَعَمّ مِنْ ذَلِكَ . وَقَدْ اِسْتَعَاذَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَلَبَة الدَّيْن . وَقَالَ الْقُرْطُبِيّ : الْمَغْرَم الْغُرْم , وَقَدْ نَبَّهَ فِي الْحَدِيث عَلَى الضَّرَر اللَّاحِق مِنْ الْمَغْرَم , وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ورواه أيضا في كتاب الاستقراض وأداء الديون والحجر والتفليس . باب من استعاذ من الدين .(1/1)
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح : قَالَ الْمُهَلَّب : يُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ سَدّ الذَّرَائِعِ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِسْتَعَاذَ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ فِي الْغَالِبِ ذَرِيعَةٌ إِلَى الْكَذِبِ فِي الْحَدِيثِ وَالْخُلْفِ فِي الْوَعْدِ مَعَ مَا لِصَاحِبِ الدَّيْنِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَقَالِ ا ه .
وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الدَّيْنِ الِاسْتِعَاذَة مِنْ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ حَتَّى لَا يَقَعَ فِي هَذِهِ الْغَوَائِل أَوْ مِنْ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى وَفَائِهِ حَتَّى لَا تَبْقَى تَبِعَته وَلَعَلَّ ذَلِكَ هُوَ السِّرُّ فِي إِطْلَاق التَّرْجَمَة .
ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَة اِبْن الْمُنِير : لَا تَنَاقُضَ بَيْنَ الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الدَّيْنِ وَجَوَاز الِاسْتِدَانَةِ لِأَنَّ الَّذِي اُسْتُعِيذَ مِنْهُ غَوَائِل الدَّيْن مَنْ ادَّانَ وَسَلِمَ مِنْهَا فَقَدْ أَعَاذَهُ اللَّه وَفَعَلَ جَائِزًا .
ورواه أيضا في كتاب الدعوات . باب التعوذ من المأثم والمغرم بلفظ أطول من سابقه .
- عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْفَقْرِ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ .(1/2)
وقال الحافظ ابن حجر أيضا في الفتح : قَوْله ( بَاب التَّعَوُّذ مِنْ الْمَأْثَم وَالْمَغْرَم ) بِفَتْحِ الْمِيم فِيهِمَا . وَكَذَا الرَّاء وَالْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْهَمْزَة وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمَأْثَم مَا يَقْتَضِي الْإِثْم وَالْمَغْرَم مَا يَقْتَضِي الْغُرْم .
وقال الحافظ ابن حجر أيضا في الفتح : قَوْله ( وَالْمَأْثَم وَالْمَغْرَم ) وَالْمُرَاد الْإِثْم وَالْغَرَامَة وَهِيَ مَا يَلْزَم الشَّخْص أَدَاؤُهُ كَالدَّيْنِ .
2 - فائدة :
من السائل لرسول الله عن سبب كثرة التعوذ من المغرم ؟
قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانه هُنَاكَ وَقُلْت إِنِّي لَمْ أَقِف حِينَئِذٍ عَلَى تَسْمِيَة الْقَائِل ثُمَّ وَجَدْت تَفْسِير الْمُبْهَم فِي الِاسْتِعَاذَة لِلنَّسَائِيِّ أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيق سَلَمَة بْن سَعِيد بْن عَطِيَّة عَنْ مَعْمَر عَنْ الزُّهْرِيِّ فَذَكَرَ الْحَدِيث مُخْتَصَرًا وَلَفْظه " كَانَ يَتَعَوَّذ مِنْ الْمَغْرَم وَالْمَأْثَم " قُلْت : يَا رَسُول اللَّه مَا أَكْثَر مَا تَتَعَوَّذ مِنْ الْمَغْرَم قَالَ : " إِنَّهُ مَنْ غَرِمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ وَوَعَدَ فَأَخْلَفَ " فَعُرِفَ أَنَّ السَّائِل لَهُ عَنْ ذَلِكَ عَائِشَة رَاوِيَة الْحَدِيث .
والله أعلم .
رابط الموضوع
http://www.muslm.net/cgi-bin/showflat.pl?Cat=&Board=islam&Number=39026&page=4&view=collapsed&sb=5
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/3)
ما هي صحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج أنه رأى موسى عليه السلام يصلي في قبره ؟
سؤال :
السلام عليكم ورحمة الله بركاته ،
ما هي صحة حديث النبي صلى الله عليه وسلم في حادثة الإسراء والمعراج أنه رأى موسى عليه السلام يصلي في قبره ؟
وجزاكم الله خيرا
الجواب :
الأخ أبو أمامة
عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتيت - وفي رواية هدَّاب : مررت - على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره .
وفي رواية : مررت على موسى وهو يصلي في قبره .
وكلا الروايتين عند مسلم في صحيحه (4/1845ح2375) ، كتاب الفضائل - باب فضائل موسى .
ورواه الإمام أحمد في مسنده (3/120 ، 148) .
سؤال :
جزاك الله كل الخير يا أخ عبد الله .
ولكنني بصراحة أردت منك أكثر من ذلك
والذي أريده منك إن امكنك ذلك أن تفسِّر لي الحديث على منهج أهل السنة والجماعة خصوصاً بما يتعلق بصلاة نبي الله موسى وأن عمل ابن آدم ينقطع ... هذا بالإضافة إلى احتجاج الرافضة والصوفية بأن هذا حجة على جواز دعاء الميت !
وشكراً
الجواب :
الأخ أبوأمامة .
قبل الإجابة عن معنى هذا الحديث لابد من تقرير أمر مهم وهو :
أن الأنبياء قد جرت عليهم سنة الموت كبقية البشر قال تعالى : " إنك ميت وإنهم ميتون " ( الزمر :30)
وقال تعالى : " وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون " ( الأنبياء :24)
فهاتان الآياتان وغيرها من الآيات دليل قطعي على موت الأنبياء وغيرهم من البشر .
وفي مقابل هذه الآيات وردت أحاديث تصف الأنبياء بالحياة فما هي هذه الحياة ؟ هل هي حياة حقيقة كالحياة الدنيوية المعروفة ؟ أم غيرها ؟ .
وقبل الإجابة على طبيعة حياة الأنبياء أيضا يقرر الإمام ابن القيم في كتابه الروح (ص63) ونقله شارح الطحاوية بنصه من كتاب الروح لابن القيم حالات تعلق الروح بالبدن فيقول - رحمه الله - :(1/1)
الأول : تعلقها به في بطن الأم جنينا .
الثاني : تعلقها به بعد خروجه إلى وجه الأرض .
الثالث : تعلقها به في حال النوم فلها به تعلق من وجه ومفارقة من وجه .
الرابع : تعلقها به في البرزخ ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا بحيث لا يبقى لها التفات إليه البتة .
الخامس : تعلقها به يوم بعث الأجساد وهو أكمل أنواع تعلقها بالبدن ولا نسبة لما قبله من أنواع التعلق إليه إذ هو تعلق لا يقبل البدن معه موتا ولا نوما ولا فسادا .ا.هـ.
فهذه الحالات من تعلق الروح بالبدن نحتاج واحدا منها وهو الرابع .
* وجوابا عن سؤال حقيقة حياة الأنبياء هل كالحياة الدنيوية المعروفة فقد قال بهذا القول بعض العلماء ومنهم الإمام البيهقي .
وقد استدلوا لقولهم بأدلة من ذلك :
- قوله تعالى : " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " (آل عمران : 169) .
فقالوا : الرسل أكمل من الشهداء بلا شك ولذلك كانوا أحق بالحياة منهم .
وهذا الدليل عليهم لا لهم ، لأن حياة الشهداء ثابتة بالنص وليس ثبوتها بالقياس ، إلى جانب ما ورد من النهي الصريح في القرآن عن تسمية الشهيد ميتا قال تعالى : " ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أمواتا بل أحياء ولكن لا تشعرون . (البقرة : 154) .
والرسل أولى بتلك الحياة من الشهداء عند الله مع موت أجسامهم وهي طرية في التراب ، وقد حرم الله على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء وهذه مزية عظيمة للآنبياء .
ولو قيل : أن حياة الأنبياء في قبورهم كالحياة الدنيوية لاقضت جميع لوازمها من أعمال ، وتكليف ، وعبادة ، وغير ذلك .
ولهذا رتب القائلون بهذا القول أمورا فاسدة فقالوا بإمكان رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ، وخروجه من قبره سامعا كلام من يكلمه كما هو شأن كل حي ، وممن قال بهذا القول السيوطي في كتاب " تنوير الحوالك " .(1/2)
ومن أجل هذا القول تعلقت قلوب الجهلة من أتباع المذاهب الصوفية بترهات وشركيات وتوسلات واستغاثات بالنبي صلى الله عليه وسلم .
* القول الثاني : أن حياة الأنبياء في قبورهم هي حياة برزخية خاصة أكمل حتى من حياة الشهداء .
قال الشيخ الألباني في الصحيحة (2/190-191) عند تخريجه لحديث :
الأنبياء - صلوات الله عليهم - أحياء في قبورهم يصلون :
ثم أعلم أن الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما هي حياة برزخية ، ليست من حياة الدنيا في شيء ، ولذلك وجب الإيمان بها دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا .
هذا هو الموقف الذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد : الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالأقيسة والآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقة ! قال : يأكل ويشرب ويجامع نساءه !! .
وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا الله سبحانه وتعالى .ا.هـ.
وقال ابن عبدالهادي في الصارم المنكي في الرد على السبكي (ص222) عند رده على البيهقي في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث :
ما من أحدٍ يسلم علي إلا رد الله عليَّ روحي حتى أرد عليه السلام . الصحيحة (5/338ح2266) :
فإن قيل : ما معنى قوله إلا رد الله علي روحي ؟
قلت : فيه جوابان :
أحدهما : ما ذكره الحافظ أبوبكر البيهقي أن المعنى إلا وقد رد الله علي روحي يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم بعدما مات ودفن رد الله عليه روحه لأجل سلام من يسلم عليه ، واستمرت في جسده صلى الله عليه وسلم .
والثاني : يحتمل أن يكون ردا معنويا ، وأن تكون روحه الشريفة مشتغلة بشهود الحضرة الإلهية والملأ الأعلى عن هذا العالم ، فإذا سُلم عليه أقبلت روحه الشريفة على هذا العالم لتدرك سلام من يسلم عليه ويرد عليه .(1/3)
قلت - ابن عبدالهادي - : هذان الجوابان المذكوران في كل واحد منهما نظر ، أما الأول وهو الذي ذكره البيهقي في الجزء الذي جمعه في حياة الأنبياء عليهم السلام بعد وفاتهم فمضمونة رد روحه صلى الله عليه وسلم بعد موته إلى جسده واستمرارها فيه قبل سلام من يسلم عليه ، وليس هذا المعنى مذكورا في الحديث ، ولا هو ظاهره ، بل هو مخالف لظاهره فإن قوله : إلا رد الله علي روحي . بعد قوله : ما من أحد يسلم علي يقتضي رد الروح بعد السلام ، ولا يقتضي استمرارها في الجسد .
وليعلم أن رد الروح إلى البدن وعودها إلى الجسد بعد الموت لا يقتضي استمرارها فيه ، ولا يستلزم حياة أخرى قبل يوم النشور نظير الحياة المعهودة ، بل إعادة الروح إلى الجسد في البرزخ إعادة برزخية ، لا تزيل عن الميت اسم الموت .ا.هـ.
واكتفي بهذين النقلين من كلام العلماء وسيأتي مزيد بيان بعد قليل .
والقول الثاني الآنف الذكر هو القول الصحيح ، وسبب بطلان القول الأول هو ما ذكره ابن عبد الهادي في الصارم (ص226) فقال :
فإن الروح ليست عندهم - أي عند القائلين بأن حياة الأنبياء في قبورهم حياة دنيوية - ذاتا قائمة بنفسها عن البدن حتى تكون في الملأ الأعلى والبدن في القبر ، بل هي عندهم عرض من أعراض البدن كحياته وقدرته وسمعه وبصره وسائر صفاته وحياة البدن مشرطة بها وموته قطع هذه الصفة عنه ....
وقول أهل السنة من الفقهاء والمحدثين وغيرهم أن الروح ذات قائمة بنفسها لها صفات تقوم بها ، وإنها تفارق البدن وتصعد وتنزل وتقبض وتنعم وتعذب وتدخل وتخرج وتجيء وتُسأل وتحاسب ويقبضها الملك ويعرج بها إلى السماء ويشيعها ملائكة السموات إن كانت طيبة ....ا.هـ.
وفي الحلقة القادمة نأتي على بيان حديث : مررت على موسى ليلة أُسري بي عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره . وما قال العلماء فيه .
والله أعلم
كتبه
عَبْد اللَّه بن محمد زُقَيْل
zugailam@islamway.net(1/4)
هل تصحُ قصةُ الحوارِ بين عبدِ الملك و الزهري ؟
الحمد لله وبعد :
إن الناظر في المصنفات التي صُنفت في مصطلح الحديث يجد أنها تذكر بابا يسمى " الموالي من الرواة " ، وعلى سبيل المثال لا الحصر :
1 – كتاب " الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث " (2/673) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون في معرفة الموالي من الرواة والعلماء .
2 – كتاب " تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي " (2/910) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون معرفة الموالي من العلماء والرواة .
3 – كتاب " فتح المغيث شرح ألفية الحديث " (3/392) جعل بابا بعنوان :
الموالي من العلماء والرواة .
4 – كتاب " المقنع في علوم الحديث " (2/670) جعل بابا بعنوان :
النوع الرابع والستون : معرفة الموالي .
وغير ذلك من كتب المصطلح سواء المطولة أو المختصرة .
وغالب هذه المصنفات وتحت هذا الباب تذكر قصة جرت بين أحد أئمة الإسلام وبين والي من بني أمية ، والقصة عبارة عن حوار جرى بينهما .
والقصة هي مدار حديثنا في هذا الموضوع .
1 - نصُ القصةِ :
روى الحاكم في معرفة علوم الحديث (ص198) فقال :(1/1)
أخبرنا أبو علي الحافظ ، قال : أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله البيروتي ، قال : ثنا محمد بن أحمد بن مطر بن العلاء ، قال : حدثني محمد بن يوسف بن بشير القرشي ، قال : حدثني الوليد بن محمد الموقري ، قال : سمعت محمد بن مسلم بن شهاب الزهري يقول : قدمت على عبد الملك بن مروان فقال لي : من أين قدمت يا زهري ؟ . قلت : من مكة . قال : فمن خلفت يسود أهلها ؟ . قال : قلت : عطاء بن أبي رباح . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قلت : من الموالي . قال : فبما سادهم ؟ قال : بالديانة والرواية . قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغي أن يسودوا . قال : فمن يسود أهل اليمن ؟ قال : قلت طاوس بن كيسان . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فبما سادهم ؟ قال : قلت : بما ساد به عطاء . قال : إنه لينبغي ذلك . قال : فمن يسود أهل مصر ؟ قلت : يزيد بن أبي حبيب . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل الشام ؟ قلت : مكحول . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي عبد نوبي اعتقته امرأة من هُذيل . قال : فمن يسود أهل الجزيرة ؟ قال : ميمون بن مهران . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل خرسان ؟ قال : قلت : الضحاك بن مُزاحم . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : فمن يسود أهل البصرة ؟ قال : الحسن البصري . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ قال : قلت : من الموالي . قال : ويلك فمن يسود أهل الكوفة ؟ قال : إبراهيم النَّخَعي . قال : فمن العرب أم من الموالي ؟ . قال : قلت : من العرب . قال : ويلك يا زهري فرّجت عني والله ليسودن الموالي على العرب في هذا البلد حتى يُخطب لها على المنابر والعرب تحتها . قال : قلت : يا أمير المؤمنين إنما هو دين من حفظه ساد زمن ضيعه سقط .
وقد أورد القصة أيضا :(1/2)
- الإمام جمال الدين المزي في تهذيب الكمال (20/81-82) .
- الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء (5/85-86) .
2 - إسنادُ القصةِ :
القصة في إسنادها الوليد بن محمد الموقري وإليكم أقوال العلماء في هذا الرجل :
قال يحيى بن معين : الموقري ليس بشيء .
وقال أيضا : الموقري كذاب .
وقال علي بن المديني : ضعيف لا يكتب حديثه .
وقال أبو حاتم : ضعيف الحديث ، كان لا يقرأ من كتابه ، فإذا دفع إليه كتاب قرأه .
وقال ابن حبان : كان لا يبالي ما دُفع إليه قرأه ، روى عن الزهري أشياء موضوعة لم يروها الزهري قط ، ويرفع المراسيل ويسند الموقوف ، لا يجوز الاحتجاج به بحال .
وقال البزار : لين الحديث.... حدث عن الزهري بأحاديث لم يتابع عليها .
وقال ابن حجر في التقريب : متروك .
3 - كلامُ أهلِ العلمِ عليها :
لقد تكلم العلماء والمحققون على هذه القصة وذلك من جهة عدم ثبوتها ، وهذه أقوالهم :
1 - قال الإمام الذهبي في السير (5/85) بعد إيرادها :
الحكاية منكرة ، والوليد بن محمد واه فلعلَّها تَّمت للزهري مع أحد أولاد عبد الملك ، وأيضا ففيها : من يسود أهل مصر ؟ قلت : يزيد بن أبي حبيب ، وهو من الموالي . فيزيد كان ذاك الوقت شابا لا يعرف بعد . والضحاك ، فلا يدري الزهري من هو في العالم ، وكذا مكحول يصغر عن ذاك .ا.هـ.
2 – وقال علي حسن في تحقيقه لكتاب الباعث الحثيث (2/675) :
راويها عن الزهري هو الوليد بن محمد المُوَقّري ، وقد رواها إليه الحاكم في معرفة علوم الحديث .ا.هـ.
ونقل كلام الذهبي في نكارة الحكاية .
3 – وقال عبد الله بن يوسف الجديع في تعليقه على القصة في كتاب " المقنع في علوم الحديث " : قلت : ولا يصح إسنادها ، فقد رواها عن الزهري الوليد بن محمد الموقري ولم يكن ثقة .ا.هـ.
4 – وقال د/ بشار عواد معروف محقق كتاب " تهذيب الكمال " (20/81) :(1/3)
جاء في حواشي النسخ تعقيب للمصنف (أي المزي) على صاحب الكمال نصه : في ذكر يزيد بن أبي حبيب هنا نظر ، فإنه لم يكن له ذكر في هذا التاريخ مع إبراهيم النخعي وغيره .
قال بشار : وهذا يدل على أن هذه الحكاية ملفقة .أ.هـ.
وقال د/ بشار أيضا :
قال أفقر العباد بشار عواد : هذه الحكايات من وضع الشعوبية أعداء الإسلام يدسون السم بالدسم ، وراويها الوليد بن محمد الموقري مولى لبني أمية متروك ، كذبة يحي بن معين وغيره وضاع ، وأمره بيّن في الضعفاء ، كما سيأتي في ترجمة ، نسألك اللهم العافية والسلامة .ا.هـ.
وبعد هذا التخريج للقصة وكلام أهل العلم يتبين أنها لا تثبت ، والله أعلم .
4 - العلمُ يرفعُ أقواماً ويضعُ آخرين :
وبعد بيان عدم ثبوت هذه القصة والحوار الذي جرى بين الخليفة عبد الملك بن مروان وبين الإمام الزهري فقد جاءت النصوص مبينة رفع أهل العلم الصادقين في الدنيا والآخرة .
قال تعالى : " يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ " [ المجادلة : 11 ] .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
قوله : ( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ )
قيل في تفسيرها : يرفع الله المؤمن العالم على المؤمن غير العالم .
ورفعة الدرجات تدل على الفضل ، إذ المراد به كثرة الثواب ، وبها ترتفع الدرجات ، ورفعتها تشمل المعنوية في الدنيا بعلو المنزلة وحسن الصيت ، والحسية في الآخرة بعلو المنزلة في الجنة .ا.هـ.
روى الإمام مسلم في صحيحه (1/559ح817) قال :(1/4)
وحَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ : أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ لَقِيَ عُمَرَ بِعُسْفَانَ ، وَكَانَ عُمَرُ يَسْتَعْمِلُهُ عَلَى مَكَّةَ فَقَالَ : مَنْ اسْتَعْمَلْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي ؟ فَقَالَ : ابْنَ أَبْزَى ، قَالَ : وَمَنْ ابْنُ أَبْزَى ؟ قَالَ : مَوْلًى مِنْ مَوَالِينَا ، قَالَ : فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى ، قَالَ : إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَإِنَّهُ عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ ، قَالَ عُمَرُ : أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ .
ورواه الإمام أحمد في مسنده (1/35) ، والدارمي (2/443) ، وابن ماجة (218) .
وروى الإمام البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَنَّ نَافِعًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَخْبَرَهُ قَالَ : كَانَ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ يَؤُمُّ الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ ، وَأَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ فِيهِمْ : أَبُو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، وَزَيْدٌ ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ .
والكلام في هذا الباب طويل ويكفي ما أشرنا إليه من النصوص الماضية .
... ... رابط الموضوع
http://alsaha.fares.net/sahat?14@43.y1wXaS9UQAt^10@.ef08de6
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/5)
حدثٌ وتعليقٌ
وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
الحمد لله وبعد ،
قال الله تعالى : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ "[ لقمان:34] .
والشاهد من هذه الآية قوله تعالى : " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ " .
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنْزِلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ . رواه البخاري (4261) .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَفَاتِحُ الْغَيْبِ خَمْسٌ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى يَأْتِي الْمَطَرُ أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ ، وَلَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ، وَلَا يَعْلَمُ مَتَى تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَّا اللَّهُ . رواه البخاري (4328) .(1/1)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَارِزًا يَوْمًا لِلنَّاسِ فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ : مَا الْإِيمَانُ ؟ قَالَ : الْإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ ، وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَبِلِقَائِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ . قَالَ : مَا الْإِسْلَامُ ؟ قَالَ : الْإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ ، وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ . قَالَ : مَا الْإِحْسَانُ ؟ قَالَ : أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ . قَالَ : مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ : مَا الْمَسْئُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنْ السَّائِلِ ، وَسَأُخْبِرُكَ عَنْ أَشْرَاطِهَا إِذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ رَبَّهَا ، وَإِذَا تَطَاوَلَ رُعَاةُ الْإِبِلِ الْبُهْمُ فِي الْبُنْيَانِ فِي خَمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ، ثُمَّ تَلَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ .... الْآيَةَ . ثُمَّ أَدْبَرَ فَقَالَ : رُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا ، فَقَالَ : هَذَا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ . رواه البخاري (48) .
وقال الإمام الترمذي في سننه :
- ما جاء أن النفس تموت حيث ما كتب لها .
حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ ، حَدَّثَنَا مُؤَمَّلٌ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَقَ ، عَنْ مَطَرِ بْنِ عُكَامِسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً .
قَالَ أَبُوعِيسَى : وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي عَزَّةَ .(1/2)
وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ ، وَلَا يُعْرَفُ لِمَطَرِ بْنِ عُكَامِسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرُ هَذَا الْحَدِيثِ .
صحيح سنن الترمذي (1745)
وقال الترمذي أيضا :
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ الْمَعْنَى وَاحِدٌ قَالَا : حَدَّثَنَا إِسْمَعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ بْنِ أُسَامَةَ ، عَنْ أَبِي عَزَّةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِذَا قَضَى اللَّهُ لِعَبْدٍ أَنْ يَمُوتَ بِأَرْضٍ جَعَلَ لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً أَوْ قَالَ بِهَا حَاجَةً .
قَالَ أَبُو عِيسَى : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ ، وَأَبُو عَزَّةَ لَهُ صُحْبَةٌ وَاسْمُهُ يَسَارُ بْنُ عَبْدٍ ، وَأَبُو الْمَلِيحِ اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ أُسَامَةَ بْنِ عُمَيْرٍ الْهُذَلِيُّ وَيُقَالُ : زَيْدُ بْنُ أُسَامَةَ .
صحيح سنن الترمذي (1746)
قال صاحب تحفة الأحوذي :
لَهُ إِلَيْهَا حَاجَةً : أَيْ فَيَأْتِيهَا وَيَمُوتُ فِيهَا إِشَارَةً إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : " وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ " .
وقال ابن أبي الدنيا حدثني سليمان بن أبي مسيح قال أنشدني محمد بن الحكم لأعشى همدان:
فما تزود مما كان يجمعه ***** سوى حنوط غداة البين مع خرق
وغير نفحة أعواد تشب له ***** وقل ذلك من زاد لمنطلق
لا تأسين على شيء فكل فتى ***** إلى منيته سيار في عنق
وكل من ظن أن الموت يخطئه ***** معلل بأعاليل من الحمق
بأيما بلدة تقدر منيته ***** إن لا يسير إليها طائعا يبق
فلنأخذ العظة والعبرة من هذه الآيات والأحاديث ، وليحرص المسلم على تقديم ما ينفعه يوم القيامة .
وليستعد كل منا للموت .
وسبب إيرادي لهذه الآيات والأحاديث التذكير بها أولا ، ثم موت هذا الرجل فيصل الحسيني الذي خرج من أرضه إلى أرض كتب الله أن تكون هي مكان موته .(1/3)
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)
يا روادَ منتديات الحوار ؛ أما سمعتم بحديث " المفلس " ؟
الحمد لله وبعد ،
إخواني في الله :
روى الإمام أحمد في مسنده (2/303) بإسناده فقال :
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زُهَيْرٍ ، عَنِ الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : هَلْ تَدْرُونَ مَنْ الْمُفْلِسُ ؟ قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ . قَالَ : إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصِيَامٍ وَصَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ عِرْضَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، فَيُقْعَدُ ، فَيَقْتَصُّ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْخَطَايَا أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ .
رواه مسلم (2581) ، والترمذي (2418) .
وبوب عليه الترمذي : ما جاء في شأن الحساب والقصاص .
- تعريف المفلس :
المفلس لغة : من لا عين له ولا عرض .
شرعا : ما قصر ما بيده عما عليه من الديون .
- من هو المفلس بميزان الدنيا ؟ :
لقد قدح في ذهن الصحابة عند سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أن المفلس بميزان الدنيا هو من لا درهم له ولا متاع .
فلماذا أجابوا بهذه الإجابة ؟
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي :
والحاصل أنهم أجابوا بما عندهم من العلم بحسب عُرف أهل الدنيا كما يدل عليه قولهم " فينا " غفلوا عن أمر الآخرة ، وكان حقهم أن يقولوا : الله ورسوله أعلم . لأن المعنى الذي ذكروه كان واضحاً عنده صلى الله عليه وسلم .ا.هـ.
والإفلاس الذي أشار إليه الصحابة هو أمر عارض يزول بزوال المفلس .
يقول الإمام النووي في شرح مسلم :(1/1)
وأما من ليس له مال ، ومن قل ماله فالناس يسمونه مفلساً ، وليس هو حقيقة المفلس ؛ لأن هذا أمر يزول ، وينقطع بموته ، وربما ينقطع بيسار يحصل له بعد ذلك في حياته .ا.هـ.
- المفلس بميزان الآخرة :
النبي صلى الله عليه وسلم يعرف حقيقة المفلس بالنسبة لميزان الدنيا ، فأراد نقل الصحابة - وهو المربي والمعلم للصحابة بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم - من مفهوم الإفلاس في الدنيا إلى مفهومه في الآخرة لكي يكون الصحابة والأمة من بعدهم على علم بحقيقة المفلس .
قال الإمام النووي :
وإنما حقيقة المفلس هذا المذكور في الحديث فهو الهالك الهلاك التام والمعدوم الإعدام المقطع فتؤخذ حسناته لغرمائه ، فإذا فرغت حسناته أخذ من سيئاتهم فوضع عليه ثم ألقي في النار فتمت خسارته وهلاكه وإفلاسه .ا.هـ.
بعد هذه المقدمة انظروا إلى حال بعض الرواد - هدانا الله وإياهم - ترى أن حديث المفلس في بعض ألفاظه ينطبق عليهم تماما وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم " ويأتي قد شتم عرض هذا ، وقذف هذا " ، بل قد تجده من أهل الصلاة والصيام والزكاة ، ثم يأتي الشتم والقذف وقد جعل الصلاة والصيام والزكاة حسنات تأخذ منه وتعطى لغيره بسبب شتمه وقذفه لغيره .
فمن منا بالله عليكم يرضى لنفسه هذا المسلك الخطير ؟
- دعوى باطلة زينها الشيطان لبعضهم :
تجد بعضهم يدعي أن هذا دين يتقرب به إلى الله إذا نال من عرض فلان من الناس أو قذف فلانا ، ونسي المسكين أو تناسى حديث المفلس الذي فيه الوعيد الشديد من مثل هذه الأعمال .
فماذا لو حرصت على الحفاظ على حسناتك التي أنت أحوج الناس إليها يوم القيامة ؟
- باب التحلل من المظالم مفتوح :
ونصيحتنا لأمثال هؤلاء أن يتحللوا من المظالم التي سجلت في موازينهم .(1/2)
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ الْيَوْمَ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ . رواه البخاري (2296) .
قال الحافظ ابن حجر في الفتح :
وهذا الحديث قد أخرج مسلم معناه من وجه آخر وهو أوضح سياقا من هذا ولفظه " المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه وطرح في النار " ولا تعارض بين هذا وبين قوله تعالى : " وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى " لأنه إنما يعاقب بسبب فعله وظلمه ولم يعاقب بغير جناية منه بل بجنايته فقوبلت الحسنات بالسيئات على ما اقتضاه عدل الله تعالى في عباده .ا.هـ.
يا أيها الرواد ، اتقوا الله فيما تكتبون .
يا أيها الرواد ، تذكروا قول الله تعالى : " مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ "
يا أيها الرواد الذين شُغلوا بالشتم والقذف لإخوانهم في العقيدة ، واعتبروا أن هذا دينا يتدينون به هذا حديث المفلس بين أيديكم فهلا ترضون لأنفسكم يوم القيامة ما جاء فيه ؟
يا أيها المشرفون على المنتديات ، أنتم تتحملون جزءاً من الإثم فيما يحصل إن أنتم سكتم على هذا المنكر العظيم ، وقد يوافق هذا الأمر شيئا مما في نفوسكم ، ولكن أين الأمانة في تحمل هذا التكليف ولا أقول التشريف ؟
يا أيها المشرفون والرواد ، والذي نفسي بيده إنها رسالة من القلب أسأل الله أن تصل إلى قلوبكم .(1/3)
رسالةٌ من أخٍ مشفقٍ عليكم .
تعالوا نقفُ وقفةَ إنصافٍ وحقٍ :
أين المواضيع العلمية التي ينتفع بها الرواد ؟
أين النقاش العلمي الذي يُبتغى به الوصول إلى الحق ؟
أين التخلي عن الانتصار للنفس ؟
وختاما :
أنا أعلم أن بعض الرواد لن يعبأ بهذا القول ، بل قد يصل الأمر إلى تصنيفي إلى فئة معينة ، ولكن تقطع قلبي لما يحصل في المنتديات من أمور لا ترضي الله ولا رسوله فكتبت هذه الكلمات التي أسأل الله أن يجعلها خالصة لوجهه .
وأرجو أن يحمل كلامي على أحسن المحامل .
وأمتثل قول الله تعالى : " إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "
والله اعلم
عبد الله زقيل
zugailam@yahoo.com(1/4)