وعبد الله بن الزبير ومحمد بن حاطب ومروان بن الحكم . وقال محمد بن طلحة: فقلت له: هل ندى محمد بن أبي بكر بشيء من دمه ؟ قال: معاذ الله دخل عليه فقال له عثمان: يا ابن أخي لست بصاحبي . وكلمه بكلام فخرج ولم يند بشيء من دمه قال: فقلت لكنانة : من قتله قال : قتله رجل من أهل مصر يقال له جبلة بن الأيهم . ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول : أنا قاتل نعثل " (1) ، وعرض زيد بن ثابت على عثمان - رضي الله عنه - الدفاع عنه والقتال دونه فقال: " هؤلاء الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصار الله مرتين، فقال: لا حاجة لي في ذلك كُفُّوا " (2) ، هذا والله أعلم
- - - - - -
الأكثر علماً وتمسكاً بالسنة
سؤالي هو أني اختلفت أنا وأخي في من هو الأكثر علماً بأحاديث رسولنا - صلى الله عليه وسلم - ، وعملاً وتمسكاً بسنته عليه الصلاة والسلام، هل هم الخلفاء الراشدون الأربعة - رضي الله عنهم - وخاصة أبو بكر - رضي الله عنه - أو العبادلة وهم معروفون؟ وجزاكم الله خيراً. والسلام عليكم ورحمته الله وبركاته.
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الصحابة - رضي الله عنهم - هم سادة الأمة علماً وفقهاً وفهماً وفضلاً ، قال ابن مسعود - رضي الله عنه - : " من كان منكم مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا يؤمن عليه الفتنة، وأولئك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - ، أبر هذه الأمة قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لإقامة دينه وصحبة نبيه فاعرفوا لهم حقهم، وتمسكوا بهديهم فإنهم كانوا على الهدى المستقيم. " (3)
__________
(1) - ينظر: الاستيعاب ( 1/322 )
(2) - أخرجه خليفة في تأريخه ص ( 173 )، وابن أبي شيبة ( 15/203 )
(3) - أخرجه القرطبي في تفسيره ( 1/60 )(2/245)
وقال مجاهد: " العلماء أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - " وقال سعيد عن مجاهد في قوله تعالى: { وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ } (1) ، قال: أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - .
ويأتي في مقدمة الصحابة الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - ، فلهم مناقب وفضائل وخصائص تميزوا بها ولا يتسع المقام لبسطها.
وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنتهم، ففي سنن الترمذي من حديث الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ - رضي الله عنه - قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَوْمًا بَعْدَ صَلَاةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ:"فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلَالَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ" (2)
وخص عليه الصلاة والسلام أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بالإقتداء بهما كما جاء في سنن الترمذي من حديث حُذَيْفَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : " اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ " (3)
__________
(1) - سورة سبأ الآية: 6
(2) - أخرجه الترمذي ح (2600) ، وقال: هذا حديث حسن صحيح .
(3) - أخرجه الترمذي ح (3595)، وقال: هذا حديث حسن.(2/246)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية- بعد أن ذكر الحديث السابق -: " ولم يجعل هذا لغيرهما بل ثبت عنه أنه قال عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة فأمر بإتباع سنة الخلفاء الراشدين وهذا يتناول الأئمة الأربعة وخص أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- بالإقتداء بهما ومرتبة المقتدى به في أفعاله وفيما سنه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط " (1) وقال ابن تيمية أيضاً: " أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- أعلم من سائر الصحابة وأعظم طاعة " (2) ، وإذا كان العبادلة أو غيرهم من الصحابة - رضي الله عنهم - نقل عنهم من الحديث ما لم ينقل عن الخلفاء الراشدين فإن ذلك بسبب تأخر وفاتهم واحتياج الناس إلى ما عندهم في زمانهم ولا يدل هذا على تقديمهم على الخلفاء الراشدين في الإمامة والعلم ، قال ابن تيمية: " الذين تأخرت حياتهم من الصحابة - رضي الله عنهم - ، واحتاج الناس إلى علمهم، نقلوا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة لم ينقلها الخلفاء الأربعة ولا أكابر الصحابة - رضي الله عنهم - ، لأن أولئك كانوا مستغنين عن نقلها لأن الذين عندهم قد علموها كما علموها، ولهذا يروى لابن عمر وابن عباس وعائشة وأنس وجابر وأبي سعيد ونحوهم من الصحابة - رضي الله عنهم - من الحديث ما لا يروى عن غيرهم ممن هو أعلم من هؤلاء كلهم ، لكن هؤلاء احتاج الناس إليهم، لكونهم تأخرت وفاتهم وأدركهم من لم يدرك أولئك السابقين فاحتاجوا أن يسألوهم واحتاج أولئك أن يعلموهم ويحدثوهم" (3) ، وذكر ابن تيمية في موضع آخر أن أبا هريرة - رضي الله عنه - أكثر رواية، وابن عباس - رضي الله عنهما - أكثر فتيا، والخلفاء أعلم منهما، وهذا نص كلامه : " فابن عباس - رضي الله عنهما - كان أكثر
__________
(1) - مجموع الفتاوى 4/400 )
(2) - الفتاوى الكبرى (4/270)
(3) - منهاج السنة (8/57)(2/247)
فتيا منه - أي علي - وأبو هريرة أكثر رواية منه وعلي أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان - رضي الله عنهم - أعلم منهما أيضا فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغه من بلغ بعض العلم الخاص " (1)
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
- - - - - -
زيجات علي والحسن والمغيرة
يقال إن علي - رضي الله عنه - تزوج من 100 إلى 400 امرأة والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه تزوج 400 امرأة، هل هذا صحيح وكيف يكون مثل هذا الزواج؟
أرجو التوجيه لنكون على علم من ديننا والتفقه فيه.
هل صحيح ما قيل أن الحسن بن علي رضي الله عنه تزوج من النساء ما بين 200 - 400 امرأة أم أن ذكر يشمل ملك اليمين ؟ - رضي الله عنه - الحسن سيد شباب أهل الجنة
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
1- الحسن هو: الحسن بن علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي ، أبو محمد المدني ، سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته من الدنيا ، وأحد سيدي شباب أهل الجنة . ولد في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة .
واشتهر بكثرة الزواج ، ومعنى هذا أنه يتزوج ويطلق بحيث إن المرأة لا تبقى معه مدة طويلة، فعن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال علي : " يا أهل العراق لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق ، فقال رجل من همدان : والله لنزوجنه ، فما رضي أمسك وما كره طلق . "
وعن ابن سيرين قال: " خطب الحسن بن علي إلى منظور بن زبان بن سيار الفزاري ابنته فقال: والله إني لأنكحك وإني لأعلم أنك غِلْقٌ طِلْقٌ مِلْقٌ غير أنك أكرم العرب بيتاً وأكرمه نسباً. " ، والملق : هو الذي ينفق ماله حتى يفتقر
وعن علي بن حسين قال: " كان حسن بن علي مطلاقاً للنساء وكان لا يفارق امرأة إلا وهي تحبه . "
__________
(1) - مجموع فتاوى ابن تيمية (4/ 398 - 412)(2/248)
وعن عبد الله بن حسن قال: " كان حسن بن علي قل ما تفارقه أربع حرائر ، وكان صاحب ضرائر ......."
وقد اختلفت الروايات في عدد النساء اللاتي تزوج بهن، قال المدائني : " وكان الحسن أحصن تسعين امرأة" (1)
2- المغيرة هو: المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود أبو محمد الثقفي ، أسلم عام الخندق ، وأول مشاهده الحديبية ، مات سنة خمسين بالكوفة .
وكان المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه - كثير الزواج ، نكاحاً للنساء ، وكان يقول : صاحب الواحدة إن مرضت مرض معها ، وإن حاضت حاض معها ، وصاحب المرأتين بين نارين يشتعلان ، وكان ينكح أربعاً جميعاً ويطلقهن جميعاً .
وقد اختلفت الروايات في عدد النساء اللاتي تزوج بهن فحكى المغيرة عن نفسه أنه أحصن ثمانين امرأة ، وقال في أخرى : ولقد تزوجت سبعين امرأة أو بضعاً وسبعين امرأة
وعن عبد السلام بن نافع الصائغ قال: أحصن المغيرة بن شعبة ثلاث مائة امرأة في الإسلام . (2)
3- وأما أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلا يعرف عنه كثرة الزواج وقد ذكر له المترجمون أنه تزوج بما يقرب من عشر نسوة ما بين امرأة وملك يمين فمن أزواجه:
- فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، خولة بنت جعفر بن قيس بن مسلمة بن ثعلبة، ليلي بنت مسعود بن خالد ، أم البنين بنت حزام بن خالد ، أسماء بنت عميس الخثعمية، أمامة بنت أبي العاص بن الربيع ، أم سعيد بنت عروة بن مسعود . (3)
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
- - - - - -
خولة بنت الأزور حقيقة أم أسطورة
إخواني الأفاضل: لقد قرأت مقالة يحاول فيها الكاتب إثبات أن شخصية الصحابية خولة بنت الازور، شقيقة الصحابي ضرار بن الازور هي شخصية خيالية وليس لها وجود.
__________
(1) - ينظر: تهذيب الكمال ( 6/ 220- 257 ) ، سير أعلام النبلاء ( 3/245 )
(2) - ينظر: تهذيب الكمال ( 28/369 - 375 )، وسير أعلام النبلاء ( 3/21 )
(3) - ينظر: طبقات ابن سعد ( 3 / 19 - 22 )(2/249)
فقد قال أن ذكرها جاء في كتاب واحد هو "فتوح الشام" المنسوب للواقدي . و بناء على ذلك نفى الكاتب حقيقة تلك الشخصية . في الحقيقة لم تحتو المقالة على أي مراجع أو توثيقات يعتمد عليها .. ولم تذكر من هو القائل .. فقد وصلني النص فقط . لذلك رأيت إن أسألكم حول صحة هذا الكلام ، وهل شخصية الصحابية خولة بنت الأزور ، شقيقة الصحابي ضرار بن الأزور ، شخصية حقيقة أم خيالية ؟
وجزاكم الله عنا كل الخير .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
خولة بنت الأزور : لا وجود لها في كتب معرفة الصحابة ولا في كتب التاريخ والتراجم ، وإنما ذكرت في كتاب فتوح الشام المتداول بين الناس ، والمنسوب للواقدي ولا تصح نسبته للواقدي ، وهذا أمر معروف عند الباحثين، وهو كتاب مشحون بالأكاذيب، قال ابن عبد الهادي: " وفتوح الشام فيه كذب كثير ، وهذا لا يخفى على آحاد طلبة العلم . " (1)
ثم إن المعروف في حروب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أن المرأة لا تشارك الرجال في القتال وإنما تقوم بمداواة الجرحى وسقى الغزاة ومساعدتهم، ولم تكن تباشر القتال، ثم إن الصحابي الجليل ضرار بن الأزور لم يذكر في ترجمته أن له أختاً تسمى خولة، ولو كانت مشهورة معروفة لناسب ذكرها، والذي يظهر أن خولة بنت الأزور شخصية أسطورية ، لا وجود لها، والله أعلم .
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
- - - - - -
ادعاء عصمة فاطمة رضي الله عنها
__________
(1) - الصارم المنكي في الرد على السبكي ص ( 70 )(2/250)
كنت أتحاور مع أحد الرافضة عن العصمة، وسار بنا الموضوع إلي عصمة فاطمة بنت رسول الله صل الله عليه وسلم، فقال بأن فاطمة رضي الله عنها معصومة، وغضبها من غضب رسول الله صل الله عليه وسلم، وغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو غضب الله فهي معصومة، وذكر حديث في صحيح البخاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني، وكذلك حديث في صحيح البخاري إن عليا خطب بنت أبي جهل، فسمعت بذلك فاطمة فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يزعم قومك أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسوءها والله لا تجتمع بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنت عدو الله عند رجل واحد، فترك علي الخطبة، ومن الحديثين قال يدل على عصمتها لأنها غضبت على شيء ليس لها حق أن تغضب له، وأن رسول الله صل الله عليه وسلم كاد أن يغضب لغضبها لو تم هذا الزواج .
فما الرد على أدلته ؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:(2/251)
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه البخاري ح ( 3110 ) ، ومسلم ح ( 2449 )، من حديث الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ قَالَ: إِنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ خَطَبَ ابْنَةَ أَبِي جَهْلٍ عَلَى فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام فَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ النَّاسَ فِي ذَلِكَ عَلَى مِنْبَرِهِ هَذَا، وَأَنَا يَوْمَئِذٍ مُحْتَلِمٌ فَقَالَ إِنَّ فَاطِمَةَ مِنِّي وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ تُفْتَنَ فِي دِينِهَا ثُمَّ ذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ قَالَ حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي وَإِنِّي لَسْتُ أُحَرِّمُ حَلَالًا وَلَا أُحِلُّ حَرَامًا وَلَكِنْ وَاللَّهِ لَا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا(2/252)
من المتقرر في عقيدة أهل السنة والجماعة أن أنبياء الله ورسله - صلوات الله وسلامه عليهم - هم المعصومون فيما يبلغونه عن الله تبارك تعالى، ولا يُقَرُّون على خطأ في دين الله، ولا عصمة لأحد بعد أنبياء الله ورسله، وفاطمة رضي الله عنها وأرضاها كغيرها من الصحابة ليست معصومة، ولم تدَّع العصمة لنفسها، وليس في هذا الحديث ما يدل على عصمتها، بل هو يدل على أن غضبها رضي الله عنها كان بحق؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرها على ذلك وغضب لغضبها، ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغضب إلا بحق، ولهذا لما كان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يكتب كل شيء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهته قريش، وقالت له: أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَمْسَك عَنْ الْكِتَابِ، ثم ذَكَرْت ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَأَوْمَأَ بِأُصْبُعِهِ إِلَى فِيهِ فَقَالَ: اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا حَقٌّ (1) ، ولكن قد يُستشكل في هذه القصة بأن ما أراد أن يفعله علي - رضي الله عنه - من الزواج على فاطمة حقٌ له لأنه يجوز للرجل أن يتزوج بأكثر من واحدة، وللعلماء توجيهات لما جاء في هذه القصة يتضح من خلالها زوال الإشكال ، ومن هذه التوجيهات :
__________
(1) - أخرجه أبو داود ح ( 3161 )(2/253)
1- أن هذه القصة تُحمل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم على علي - رضي الله عنه - أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبي جهل، ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " لا تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ أَبَدًا " (1) ، ومعنى ذلك أن الضرة تكون بمنزلة ضرتها، ولا يليق أن تكون ابنة أبي جهل مع فاطمة في درجة واحدة .
__________
(1) - أخرجه البخاري ح ( 3110 )، ومسلم ح (2449 )(2/254)
2- أنه يفهم من سياق القصة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شرط على علي ألا يتزوج على فاطمة؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر صهره الآخر وأنه وفى بما قال ، ويظهر أنه وفى بالشرط وهو أن لا يتزوج على ابنته، حيث قال - صلى الله عليه وسلم - عنه: " حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي "، قال الحافظ ابن حجر : " قوله حدثني فصدقني لعله كان شرط على نفسه أن لا يتزوج على زينب، وكذلك علي فإن لم يكن كذلك فهو محمول على أن عليا نسي ذلك الشرط فلذلك أقدم على الخطبة أو لم يقع عليه شرط إذ لم يصرح بالشرط، لكن كان ينبغي له أن يراعي هذا القدر، فلذلك وقعت المعاتبة " (1) ، وقال الحافظ ابن القيم: " أن الرجل إذا شرط لزوجته أن لا يتزوج عليها، لزمه الوفاء بالشرط، ومتى تزوج عليها فلها الفسخ، ووجه تضمن الحديث لذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أن ذلك يؤذي فاطمة ويربيها، وأنه يؤذيه - صلى الله عليه وسلم - ويريبه، ومعلوم قطعاً أنه - صلى الله عليه وسلم - إنما زوجه فاطمة رضي الله عنها على أن لا يؤذيها ولا يريبها، ولا يؤذي أباها - صلى الله عليه وسلم - ولا يريبه، وإن لم يكن هذا مشترطاً في صلب العقد، فإنه من المعلوم بالضروة أنه إنما دخل عليه، وفي ذكره - صلى الله عليه وسلم - صهره الآخر، وثناءه عليه بأنه حدثه فصدقه، ووعده فوفى له تعريض بعلي - رضي الله عنه - ، وتهييج له على الاقتداء به، وهذا يشعر بأنه جرى منه وعد له بأنه لا يريبها ولا يؤذيها، فهيجه على الوفاء له كما وفى صهره الآخر " (2)
__________
(1) - فتح الباري (7/86)
(2) - زاد المعاد ( 5/ 117- 118 )(2/255)
3- أن مراعاة ذلك في حق فاطمة أنها إذ ذاك فاقدة لمن تركن إليه، ومن يؤنسها ويزيل عنها وحشتها من أم أو أخت، لأنها رضي الله عنها كانت أصيبت بأمها، ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة؛ فلم يبقى لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الأمر ممن تفضي إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة (1) ، هذا ملخص توجيهات العلماء لهذا الحديث، وهي توجيهات واضحة يندفع بها الإشكال والحمد لله .
__________
(1) - ينظر: فتح الباري ( 7/86 )(2/256)
والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقر فاطمة رضي الله عنها حين أرسلنها أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبن منها أن تناشد النبي - صلى الله عليه وسلم - العدل في بنت أبي بكر كما جاء عن عائشة رضي الله عنها قَالَتْ: أَرْسَلَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَاسْتَأْذَنَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مُضْطَجِعٌ مَعِي فِي مِرْطِي فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَزْوَاجَكَ أَرْسَلْنَنِي إِلَيْكَ يَسْأَلْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ - وَأَنَا سَاكِتَةٌ - قَالَتْ: فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَيْ بُنَيَّةُ أَلَسْتِ تُحِبِّينَ مَا أُحِبُّ، فَقَالَتْ: بَلَى قَالَ فَأَحِبِّي هَذِهِ قَالَتْ فَقَامَتْ فَاطِمَةُ حِينَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - ، فَرَجَعَتْ إِلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأَخْبَرَتْهُنَّ بِالَّذِي قَالَتْ، وَبِالَّذِي قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْنَ لَهَا مَا نُرَاكِ أَغْنَيْتِ عَنَّا مِنْ شَيْءٍ فَارْجِعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُولِي لَهُ إِنَّ أَزْوَاجَكَ يَنْشُدْنَكَ الْعَدْلَ فِي ابْنَةِ أَبِي قُحَافَةَ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ وَاللَّهِ لَا أُكَلِّمُهُ فِيهَا أَبَدًا .... " (1)
__________
(1) - أخرجه البخاري ح ( 2581 ) ، ومسلم ح ( 2442 )(2/257)
وخفي على فاطمة رضي الله عنها أن النبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ .... "، فطالبت أبا بكر - رضي الله عنه - بميراثها من النبي - صلى الله عليه وسلم - . ففي صحيح البخاري من حديث عَائِشَةَ أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلَام بِنْتَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكٍ وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فِي هَذَا الْمَالِ وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَلَأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ .... " (1)
ففاطمة رضي الله عنها وهي سيدة نساء العالمين، وابنة سيد ولد آدم أجمعين، ليست معصومة، ولم تدع العصمة لنفسها، فمن ادعى لها العصمة فقد أساء وغلا وضل عن الطريق المستقيم، نسأل الله تبارك وتعالى أن يهدينا للحق، ويرزقنا اتباعه .
- - - - - -
هل معاذ - رضي الله عنه - أعلم الصحابة ؟
__________
(1) - أخرجه البخاري ح ( 4241)(2/258)
ورد في الحديث أن معاذ بن جبل يتقدم على العلماء بدرجة يوم القيامة، فهل يجوز أن نقول إنه كان أعلم الناس بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنه كان أعلم من أبا بكر وعمر وعثمان وعلي ؟ وجزاكم الله خيرا
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الحديث المشار إليه في السؤال أخرجه الطبراني في الكبير (20/ 29)، والحاكم في المستدرك ( 1/301 ) مرسلاً عن محمد بن كعب القرظي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " معاذ بن جبل إمام العلماء برتوة " ، وقال الهيثمي : " رواه الطبراني مرسلاً ، وفيه محمد بن عبد الله بن أزهر الأنصاري ، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح " (1) ، ورمز لضعفه السيوطي في الجامع الكبير، كما في فيض القدير (2) ، وأخرج الترمذي من حديث أبي قلابة عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - : أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ، وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللَّهِ عُمَرُ، وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ، وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلَالِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَقْرَؤُهُمْ أُبَيٌّ، وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينٌ وَأَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " (3) ، ولكن الحديث روي عن أبي قلابة مرسلاًَ من غير ذكر أنس، قال الحافظ ابن رجب: وهو أصح عند كثير من الحفاظ، وأشار الحافظ ابن حجر إلى أن الصواب عند الحفاظ إرسال الحديث، وأن الموصول منه ما اقتصر عليه البخاري في الصحيح، وهو قوله: " إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الْأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ " (4)
__________
(1) - مجمع الزوائد ( 9/311 )
(2) - ( 5/ 524)
(3) - أخرجه الترمذي ح (3724)
(4) - ينظر: فتح الباري لابن رجب (4/118 )، وفتح الباري لابن حجر (7/93)(2/259)
وعلى تقدير ثبوت الحديث، فلعل المقصود تقديم معاذ على العلماء الذين يفضلهم من الصحابة ومن بعدهم، والله أعلم، قال المناوي - في توجيهه لقوله في الحديث: " وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل - : " يعني أنه سيصير كذلك بعد انقراض عظماء الصحابة وأكابرهم، وإلا فأبو بكر وعمر وعلي أعلم منه بالحلال والحرام، وأعلم من زيد بن ثابت في الفرائض، ذكره ابن عبد الهادي، قال: ولم يكن زيد على عهد المصطفى مشهوراً بالفرائض أكثر من غيره ولا أعلم أنه تكلم فيها على عهده، ولا عهد الصديق - رضي الله عنهم - ... " (1) ، ومن المعلوم أن الخلفاء الراشدين مقدمون في الفضل والعلم على سائر الصحابة، فقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنتهم ، ولم يرد هذا في غيرهم من الصحابة، وقال ابن تيمية: " أهل العلم متفقون على أن أبا بكر وعمر أعلم من سائر الصحابة وأعظم طاعة " (2)
- - - - - -
هل لورقة بن نوفل صحبة ؟
سؤالي موجه إلى الشيخ القناص أو حاتم الشريف حفظهما الله
أرجو الإفادة هل تصح الصحبة لورقة بن نوفل وقد قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - : إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا....
وقال الذهبي في السير ترجمة سعيد بن زيد: مر ورقة بن نوفل على بلال وهو يعذب يلصق ظهره بالرمضاء وهو يقول أحد أحد فقال ورقة أحد أحد يا بلال صبرا يا بلال لم تعذبونه فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا يقول لأتمسحن به هذا مرسل وورقة لو أدرك هذا لعد من الصحابة وإنما مات الرجل في فترة الوحي بعد النبوة وقبل الرسالة كما في الصحيح
أرجو إفادتنا بالقول الفصل في صحبة ورقة ،،،، وجزاكم الله خيرا.
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
__________
(1) - فيض القدير ( 1/460 )
(2) - الفتاوى الكبرى (4/270)(2/260)
ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي ابن عم خديجة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ذكره الطبري وابن قانع وابن السكن، وغيرهم في الصحابة، وقال الحافظ العراقي: " ينبغي أن يقال: إن أول من آمن من الرجال ورقة بن نوفل ، لحديث الصحيحين في بدء الوحي " (1) ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عائشة - رضي الله عنها- قالت: " فَانْطَلَقَتْ بِهِ خَدِيجَةُ حَتَّى أَتَتْ بِهِ وَرَقَةَ بْنَ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ وَكَانَ امْرَأً قَدْ تَنَصَّرَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَكَانَ يَكْتُبُ الْكِتَابَ الْعِبْرَانِيَّ فَيَكْتُبُ مِنْ الْإِنْجِيلِ بِالْعِبْرَانِيَّةِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكْتُبَ وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ عَمِيَ فَقَالَتْ لَهُ خَدِيجَةُ يَا ابْنَ عَمِّ اسْمَعْ مِنْ ابْنِ أَخِيكَ فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ يَا ابْنَ أَخِي مَاذَا تَرَى فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَبَرَ مَا رَأَى فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي نَزَّلَ اللَّهُ عَلَى مُوسَى يَا لَيْتَنِي فِيهَا جَذَعًا لَيْتَنِي أَكُونُ حَيًّا إِذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَوَمُخْرِجِيَّ هُمْ قَالَ نَعَمْ لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بِمِثْلِ مَا جِئْتَ بِهِ إِلَّا عُودِيَ وَإِنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أَنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ وَفَتَرَ الْوَحْيُ" (2) ، قال الحافظ ابن كثير: " وقوله: ثم لم ينشب ورقة أن توفي أي توفي بعد هذه القصة بقليل رحمه الله ورضي عنه فإن مثل هذا الذي صدر عنه تصديق بما وجد، وإيمان بما حصل من الوحي ونية صالحة للمستقبل" (3) ، وقال ابن
__________
(1) - ينظر:تدريب الراوي ( 2 / 229 )
(2) - أخرجه البخاري ح (4) ، ومسلم ح (160)
(3) - ينظر: البداية والنهاية ( 3/9 )(2/261)
حجر: " فهذا ظاهره أنه أقر بنبوته ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس إلى الإسلام " وأخرج الإمام أحمد في المسند من حديث عائشة - رضي الله عنها- : أَنَّ خَدِيجَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ وَرَقَةَ بْنِ نَوْفَلٍ فَقَالَ: " قَدْ رَأَيْتُهُ فِي الْمَنَامِ فَرَأَيْتُ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ فَأَحْسِبُهُ لَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثِيَابَ بَيَاضٍ " (1) ، قال ابن كثير: " وهذا إسناد حسن، لكن رواه الزهري وهشام عن عروة مرسلاً "، وفي زيادات المغازي من رواية يونس بن بكير عن بن إسحاق قال يونس بن بكير عن يونس بن عمرو وهو بن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن جده عن أبي ميسرة - واسمه عمرو بن شرحبيل - وهو من كبار التابعين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لخديجة إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت على نفسي فقالت معاذ الله ما كان الله ليفعل بك فوالله انك لتؤدي الأمانة الحديث فقال له ورقة أبشر ثم أبشر فأنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وانك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا وان يدركني ذلك لأجاهدن معك فلما توفي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني ، وفي هذا الإسناد انقطاع، ويعتضد بما أخرجه الزبير بن بكار عن عثمان عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عروة بن الزبير قال: كان بلال لجارية من بني جمح وكانوا يعذبونه برمضاء مكة يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشرك فيقول: أحد أحد فيمر به ورقة وهو على تلك الحال فيقول أحد أحد يا بلال والله لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا، قال الحافظ ابن حجر: " وهذا مرسل جيد يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام حتى أسلم بلال " (2) .
__________
(1) - أخرجه أحمد ح ( 23231 )
(2) - الإصابة في تمييز الصحابة (6/607)(2/262)
ويمكن أن يسلك مسلكان بين الرواية التي تدل على تأخر ورقة حتى دعا الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام، وما جاء في الصحيح أنه توفي قبل ذلك، أحدهما: أن يرجح ما في الصحيح لأن ما في الصحيح أصح، ويقال: يكفي في إيمانه وتصديقه ما جاء في الصحيح كما تقدم عن الحافظين ابن كثير وابن حجر . ثانيهما: أن يقال بالجمع بين ما جاء في الصحيح وما ورد من تأخر ورقة، وذلك أن يقال: قوله وفتر الوحي ليست للترتيب، قال الحافظ ابن حجر: " فلعل الراوي لم يحفظ لورقة ذكراً بعد ذلك في أمر من الأمور فجعل هذه القصة انتهاء أمره بالنسبة إلى علمه لا إلى ما هو الواقع " (1) ، وقد ألف أبو الحسن برهان الدين إبراهيم البقاعي الشافعي تأليفاً في إيمان ورقة بالنبي وصحبته له، قال البغدادي : " ولقد أجاد في جمعه وشدد الإنكار على من أنكر صحبته ، وجمع فيه الأخبار التي نقلت عن ورقة - رضي الله عنه - بالتصريح بإيمانه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ، وسروره بنبوته، والأخبار الشاهدة له بأنه في الجنة ...
__________
(1) - ينظر: فتح الباري ( 1/27 )(2/263)
" ثم قال البغدادي: " وحاصل ما ذكره البقاعي في شأن ورقة بن نوفل : أنه ممن وحد الله في الجاهلية ، فخالف قريشاً وسائر العرب في عبادة الأوثان وسائر أنواع الإشراك ، وعرف بعقله الصحيح أنهم أخطئوا دين أبيهم إبراهيم الخليل عليه السلام ، ووحد الله تعالى واجتهد في تطلب الحنيفية دين إبراهيم ليعرف أحب الوجوه إلى الله تعالى في العبادة ، فلم يكتف بما هداه إليه عقله، بل ضرب في الأرض ليأخذ عن علمه عن أهل العلم بكتب الله المنزلة من عنده، الضابطة للأديان ، فأداه سؤاله أهل الذكر الذين أمر الله بسؤالهم إلى أن ابتع الدين الذي أوجبه الله في ذلك الزمان ، وهو الناسخ لشريعة موسى عليه السلام : دين النصرانية ، ولم يتبعهم في التبديل ، بل في التوحيد، وصار يبحث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، الذي بشر به موسى وعيسى عليهما السلام، فلما أخبرته ابنة عمه الصديقة الكبرى خديجة رضوان الله عليها بما رأت وأخبرت به في شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، من المخايل: بإضلال الغمام ونحوها ترجى أن يكون هو المبشر به، وقال في ذلك أشعاراً يتشوق فيها غاية التشوق إلى إنجاز الأمر الموعود ، لينخلع من النصرانية إلى دينه ، لأنه كان قال لزيد بن عمرو بن نفيل - لما قال لهم العلماء: إن أحب الدين إلى الله دين هذا المبشر به - : أنا أستمر على نصرانيتي إلى أن يأتي هذا النبي ، فلما حقق الله الأمر وأوقع الأرهاصات : بالسلام من الأشجار والأحجار على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وبمناداة إسرافيل عليه السلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - مع الاستتار منه، وخاف النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك فاشتد خوفه، فنقل ذلك إلى ورقة - رضي الله عنه - ، اشتد سروره بذلك وثبته ، وشد قلبه وشجعه ، فلما بدا له الأمر بفراغ نوبة إسرافيل وأتاه جبريل عليه السلام وفعل ما أمره الله به شق صدره الشريف، وغسل قلبه وإيداعه الحكمة والرحمة وما شاء الله ، وتبدى له(2/264)
جبريل ، وأنزل عليه بعض القرآن وأخبره به، قف شعر ورقة وسبح الله وقدسه وعظم سروره بذلك ، وشهد أنه الذي أنزل عليه كلام الله ، وشهد أنه نبلي هذه الأمة، وتمنى أن يعيش إلى أن يجاهد معه، هذا مع ما له بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وزوجه الصديقة خديجة من عظم القرب والإنتساب الموجب للحب ، - رضي الله عنه - وأرضاه . " (1)
- - - - - -
من هو ابن صياد ؟
جاءت أحاديث في ذكر ابن صياد هل هو المسيح الدجال؟ و ما صحة هذه القصص التي تروى عنه: كان عمر بن الخطاب يقسم بالله إمام النبي (ص) أنه هو المسيح ولا ينكر عليه النبي .
- في يوم رآه ابن عمر وعينه مفقوءة قال له متى حدث لك هذا قال لا ادري واستفز صافي بن عمر فقام يضربه بعصاه ، فوجدوه قد انتفخ وانتفخ حتى ملأ السكة التي يمشي فيها، فأخبر بن عمر أخته حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها فقالت لماذا ضربته ؟ ألا تعلم أن المسيح الدجال سيخرج من غضبة شديدة يغضبها؟
- في ذات يوم وفي رحلة رجوعه من الحج من مكة إلى المدينة جلس يقول لسعيد الخدري : كيف تقولون إني المسيح الدجال وهو غير مسلم وأنا مسلم ، وهو لا يدخل مكة ولا المدينة وإني قادم من مكة وإلى المدينة ، وهو ليس له أولاد وأنا لدي أولاد ؟ فقال سعيد صدقت قال له : إني أعرف المسيح الدجال وأمه وأبيه وأين هو فقال سعيد : هل تقبل أن تكون أنت الدجال ؟ قال إن عرض علي لما رفضت !!
- في أخر عمره فقد جميع أولاده بالكامل .
- في إحدى المعارك التي دارت بين المسلمين وبعضهم فقد الصحابة صافي ( بن صياد ) ولم يجدوا له اثر ، ليس مع الأموات وليس مع الأسرى ولا الأحياء .
و جزيتم خيرا .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
ورد في ذكر ابن صياد أحاديث عديدة منها الأحاديث التي استفسر عنها السائل - وفقه الله - وهذا تخريجها وبيانها:
__________
(1) - خزانة الأدب للبغدادي ( 3/391 - 395 )(2/265)
1- أخرج البخاري من حديث مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ قَالَ رَأَيْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ أَنَّ ابْنَ الصَّائِدِ الدَّجَّالُ قُلْتُ تَحْلِفُ بِاللَّهِ قَالَ إِنِّي سَمِعْتُ عُمَرَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يُنْكِرْهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - . (1)
__________
(1) - أخرجه البخاري ح ( 7355 )(2/266)
2- وأخرج مسلم من طريق ابْنُ عَوْنٍ عَنْ نَافِعٍ قَالَ كَانَ نَافِعٌ يَقُولُ ابْنُ صَيَّادٍ قَالَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لَقِيتُهُ مَرَّتَيْنِ قَالَ فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِبَعْضِهِمْ هَلْ تَحَدَّثُونَ أَنَّهُ هُوَ قَالَ لَا وَاللَّهِ قَالَ قُلْتُ كَذَبْتَنِي وَاللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَنِي بَعْضُكُمْ أَنَّهُ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَكُونَ أَكْثَرَكُمْ مَالًا وَوَلَدًا فَكَذَلِكَ هُوَ زَعَمُوا الْيَوْمَ قَالَ: فَتَحَدَّثْنَا ثُمَّ فَارَقْتُهُ قَالَ فَلَقِيتُهُ لَقْيَةً أُخْرَى وَقَدْ نَفَرَتْ عَيْنُهُ قَالَ فَقُلْتُ مَتَى فَعَلَتْ عَيْنُكَ مَا أَرَى قَالَ لَا أَدْرِي قَالَ قُلْتُ لَا تَدْرِي وَهِيَ فِي رَأْسِكَ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ خَلَقَهَا فِي عَصَاكَ هَذِهِ قَالَ فَنَخَرَ كَأَشَدِّ نَخِيرِ حِمَارٍ سَمِعْتُ قَالَ فَزَعَمَ بَعْضُ أَصْحَابِي أَنِّي ضَرَبْتُهُ بِعَصًا كَانَتْ مَعِيَ حَتَّى تَكَسَّرَتْ وَأَمَّا أَنَا فَوَاللَّهِ مَا شَعَرْتُ قَالَ وَجَاءَ حَتَّى دَخَلَ عَلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ فَحَدَّثَهَا فَقَالَتْ مَا تُرِيدُ إِلَيْهِ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ قَالَ إِنَّ أَوَّلَ مَا يَبْعَثُهُ عَلَى النَّاسِ غَضَبٌ يَغْضَبُهُ" (1) ، وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال لقيت ابن صياد يوما ومعه رجل من اليهود فإذا عينة قد طفيت وكانت عينه خارجة مثل عين الجمل فلما رأيتها قلت يا ابن صياد أنشدك الله متى طفيت عينك - أو نحو هذا - قال لا أدري والرحمن فقلت كذبت لا تدري وهي في رأسك قال فمسحها قال فنخر ثلاثا فزعم اليهودي أني ضربت بيدي على صدره قال ولا أعلمني فعلت ذلك اخس فلن تعدو قدرك قال أجل لعمري لا أعدو قدري قال فذكرت ذلك لحفصة فقالت اجتنب هذا الرجل فإنا نتحدث أن الدجال يخرج عند غضبه يغضبها " (2)
__________
(1) - أخرجه مسلم ح ( 2932 )
(2) - أخرجه عبد الرزاق ح ( 20832 )، وحسن إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح ( 13/325 ) .(2/267)
3- وأخرج مسلم من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ لِي ابْنُ صَائِدٍ وَأَخَذَتْنِي مِنْهُ ذَمَامَةٌ: هَذَا عَذَرْتُ النَّاسَ مَا لِي وَلَكُمْ يَا أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ، أَلَمْ يَقُلْ نَبِيُّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إِنَّهُ يَهُودِيٌّ وَقَدْ أَسْلَمْتُ، قَالَ: وَلَا يُولَدُ لَهُ، وَقَدْ وُلِدَ لِي، وَقَالَ إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ وَقَدْ حَجَجْتُ قَالَ فَمَا زَالَ حَتَّى كَادَ أَنْ يَأْخُذَ فِيَّ قَوْلُهُ، قَالَ فَقَالَ لَهُ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ الْآنَ حَيْثُ هُوَ وَأَعْرِفُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ قَالَ وَقِيلَ لَهُ أَيَسُرُّكَ أَنَّكَ ذَاكَ الرَّجُلُ قَالَ فَقَالَ لَوْ عُرِضَ عَلَيَّ مَا كَرِهْتُ " ، ومن طريق الْجُرَيْرِيُّ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ خَرَجْنَا حُجَّاجًا أَوْ عُمَّارًا وَمَعَنَا ابْنُ صَائِدٍ قَالَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَتَفَرَّقَ النَّاسُ وَبَقِيتُ أَنَا وَهُوَ فَاسْتَوْحَشْتُ مِنْهُ وَحْشَةً شَدِيدَةً مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ قَالَ وَجَاءَ بِمَتَاعِهِ فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ قَالَ فَفَعَلَ قَالَ فَرُفِعَتْ لَنَا غَنَمٌ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعُسٍّ فَقَالَ اشْرَبْ أَبَا سَعِيدٍ فَقُلْتُ إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ وَاللَّبَنُ حَارٌّ مَا بِي إِلَّا أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أَشْرَبَ عَنْ يَدِهِ أَوْ قَالَ آخُذَ عَنْ يَدِهِ فَقَالَ أَبَا سَعِيدٍ لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آخُذَ حَبْلًا فَأُعَلِّقَهُ بِشَجَرَةٍ ثُمَّ أَخْتَنِقَ مِمَّا يَقُولُ لِي النَّاسُ يَا أَبَا سَعِيدٍ مَنْ خَفِيَ عَلَيْهِ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَا خَفِيَ عَلَيْكُمْ مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَلَسْتَ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِحَدِيثِ(2/268)
رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ كَافِرٌ وَأَنَا مُسْلِمٌ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ عَقِيمٌ لَا يُولَدُ لَهُ وَقَدْ تَرَكْتُ وَلَدِي بِالْمَدِينَةِ أَوَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَلَا مَكَّةَ وَقَدْ أَقْبَلْتُ مِنْ الْمَدِينَةِ وَأَنَا أُرِيدُ مَكَّةَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ حَتَّى كِدْتُ أَنْ أَعْذِرَهُ ثُمَّ قَالَ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْرِفُهُ وَأَعْرِفُ مَوْلِدَهُ وَأَيْنَ هُوَ الْآنَ قَالَ قُلْتُ لَهُ تَبًّا لَكَ سَائِرَ الْيَوْمِ . (1)
4- وأخرج أبو داود عَنْ جَابِرٍ قَالَ: فَقَدْنَا ابْنَ صَيَّادٍ يَوْمَ الْحَرَّةِ . (2)
__________
(1) - أخرجه مسلم ح ( 2927 )
(2) - أخرجه أبو داود ح ( 3771 )، وصحح إسناده الحافظ ابن حجر في الفتح ( 13/328 )(2/269)
وابن صياد كان بعض الصحابة يظنه الدجال الأكبر، وهو دجال من الدجاجلة وليس بالدجال الأكبر، والله أعلم، وقد دل حديث فاطمة بنت قيس المتضمن لذكر خبر تميم الداري ، وهو ما يعرف بحديث الجساسة أن ابن صياد ليس هو المسيح الدجال، قال الحافظ ابن كثير: " ابن صياد ليس بالدجال الذي يخرج في آخر الزمان قطعاً، لحديث فاطمة بنت قيس الفهرية، فإنه فيصل في هذا المقام ، والله أعلم " (1) ، وقال أيضاً : " والأحاديث الواردة في ابن صياد كثيرة، وفي بعضها التوقف في أمره، هل هو الدجال أم لا ؟ والله أعلم ، ويحتمل أن يكون هذا قبل أن يُوحى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شأن الدجال وتعيينه، وحديث تميم الداري فاصل في هذا المقام .
__________
(1) - البداية والنهاية (19/127 )(2/270)
"، وقال البيهقي: " ليس في حديث جابر أكثر من سكوت النبي - صلى الله عليه وسلم - على حلف عمر فيحتمل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان متوقفا في أمره ثم جاءه الثبت من الله تعالى بأنه غيره على ما تقتضيه قصة تميم الداري، وبه تمسك من جزم بأن الدجال غير ابن صياد وطريقه أصح وتكون الصفة التي في ابن صياد وافقت ما في الدجال "، وقال البيهقي أيضاً- بعد قصة الجساسة - : " فيه أن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد وكان ابن صياد أحد الدجالين الكذابين الذين أخبر - صلى الله عليه وسلم - بخروجهم وقد خرج أكثرهم وكان الذين يجزمون بابن صياد هو الدجال لم يسمعوا بقصة تميم وإلا فالجمع بينهما بعيد جدا إذ كيف يلتئم أن يكون من كان في أثناء الحياة النبوية شبه المحتلم - يعني ابن صياد - ويجتمع به النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسأله أن يكون في آخرها شيخا كبيرا مسجونا في جزيرة من جزائر البحر موثقا بالحديد يستفهم عن خبر النبي - صلى الله عليه وسلم - هل خرج أو لا فالأولى أن يحمل على عدم الاطلاع، أما عمر فيحتمل أن يكون ذلك منه قبل أن يسمع قصة تميم ثم لما سمعها لم يعد إلى الحلف المذكور وأما جابر فشهد حلفه عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستصحب ما كان اطلع عليه من عمر بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ...(2/271)
"، وحديث فاطمة بنت قيس في ذكر الدجال أخرجه مسلم من حديث فاطمة بنت قيس قالت خَرَجْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكُنْتُ فِي صَفِّ النِّسَاءِ الَّتِي تَلِي ظُهُورَ الْقَوْمِ فَلَمَّا قَضَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاتَهُ جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ لِيَلْزَمْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُصَلَّاهُ ثُمَّ قَالَ أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ إِنِّي وَاللَّهِ مَا جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لِأَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كَانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ وَحَدَّثَنِي حَدِيثًا وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْ مَسِيحِ الدَّجَّالِ حَدَّثَنِي أَنَّهُ رَكِبَ فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مَعَ ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامَ فَلَعِبَ بِهِمْ الْمَوْجُ شَهْرًا فِي الْبَحْرِ ثُمَّ أَرْفَئُوا إِلَى جَزِيرَةٍ فِي الْبَحْرِ حَتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ فَجَلَسُوا فِي أَقْرُبْ السَّفِينَةِ فَدَخَلُوا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يَدْرُونَ مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقَالُوا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ قَالُوا وَمَا الْجَسَّاسَةُ قَالَتْ أَيُّهَا الْقَوْمُ انْطَلِقُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ قَالَ لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا مِنْهَا أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً قَالَ فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حَتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ فَإِذَا فِيهِ أَعْظَمُ إِنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ مَا بَيْنَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى(2/272)
كَعْبَيْهِ بِالْحَدِيدِ قُلْنَا وَيْلَكَ مَا أَنْتَ قَالَ قَدْ قَدَرْتُمْ عَلَى خَبَرِي فَأَخْبِرُونِي مَا أَنْتُمْ قَالُوا نَحْنُ أُنَاسٌ مِنْ الْعَرَبِ رَكِبْنَا فِي سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ فَصَادَفْنَا الْبَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ فَلَعِبَ بِنَا الْمَوْجُ شَهْرًا ثُمَّ أَرْفَأْنَا إِلَى جَزِيرَتِكَ هَذِهِ فَجَلَسْنَا فِي أَقْرُبِهَا فَدَخَلْنَا الْجَزِيرَةَ فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ لَا يُدْرَى مَا قُبُلُهُ مِنْ دُبُرِهِ مِنْ كَثْرَةِ الشَّعَرِ فَقُلْنَا وَيْلَكِ مَا أَنْتِ فَقَالَتْ أَنَا الْجَسَّاسَةُ قُلْنَا وَمَا الْجَسَّاسَةُ قَالَتْ اعْمِدُوا إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فِي الدَّيْرِ فَإِنَّهُ إِلَى خَبَرِكُمْ بِالْأَشْوَاقِ فَأَقْبَلْنَا إِلَيْكَ سِرَاعًا وَفَزِعْنَا مِنْهَا وَلَمْ نَأْمَنْ أَنْ تَكُونَ شَيْطَانَةً فَقَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ نَخْلِ بَيْسَانَ قُلْنَا عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قَالَ أَسْأَلُكُمْ عَنْ نَخْلِهَا هَلْ يُثْمِرُ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ لَا تُثْمِرَ قَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ قُلْنَا عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قَالَ هَلْ فِيهَا مَاءٌ قَالُوا هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ قَالَ أَمَا إِنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ قَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ عَيْنِ زُغَرَ قَالُوا عَنْ أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ قَالَ هَلْ فِي الْعَيْنِ مَاءٌ وَهَلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بِمَاءِ الْعَيْنِ قُلْنَا لَهُ نَعَمْ هِيَ كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِنْ مَائِهَا قَالَ أَخْبِرُونِي عَنْ نَبِيِّ الْأُمِّيِّينَ مَا فَعَلَ قَالُوا قَدْ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ قَالَ أَقَاتَلَهُ الْعَرَبُ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ كَيْفَ صَنَعَ بِهِمْ فَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ ظَهَرَ(2/273)
عَلَى مَنْ يَلِيهِ مِنْ الْعَرَبِ وَأَطَاعُوهُ قَالَ لَهُمْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ قُلْنَا نَعَمْ قَالَ أَمَا إِنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ وَإِنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَأَخْرُجَ فَأَسِيرَ فِي الْأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً أَوْ وَاحِدًا مِنْهُمَا اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَطَعَنَ بِمِخْصَرَتِهِ فِي الْمِنْبَرِ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ هَذِهِ طَيْبَةُ يَعْنِي الْمَدِينَةَ أَلَا هَلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذَلِكَ فَقَالَ النَّاسُ نَعَمْ فَإِنَّهُ أَعْجَبَنِي حَدِيثُ تَمِيمٍ أَنَّهُ وَافَقَ الَّذِي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عَنْهُ وَعَنْ الْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ أَلَا إِنَّهُ فِي بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ الْيَمَنِ لَا بَلْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ مَا هُوَ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى الْمَشْرِقِ قَالَتْ فَحَفِظْتُ هَذَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - . (1)
هذا والله أعلم .
- - - - - -
أيهما بني أولاً: المسجد الأقصى أم مسجد قبة الصخرة ؟
أيهما بني أولاً مسجد قبة الصخرة أم المسجد الأقصى ؟، ومن بنى كل منهما ، وما هي أهميتهما الدينية في الإسلام ؟
__________
(1) - أخرجه مسلم ح ( 2942 )
وينظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري ( 13/ 325 - 329 ) ، شرح النووي على صحيح مسلم ( 18/46- 48 ) ، البداية والنهاية لابن كثير ( 19/120 - 141 )(2/274)
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
المسجد الأقصى بني قبل مسجد قبة الصخرة بزمن طويل، ففي حديث أبي ذَرٍّ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ فِي الأَرْضِ أَوَّلَ ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قَالَ: قُلْتُ ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ: الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا قَالَ أَرْبَعُونَ سَنَةً .... " (1) ، وهذا الحديث يدل على تقدم بناء المسجد الأقصى ، وقد ذكر ابن كثير وغيره أن أول من بناه يعقوب عليه السلام ، ثم جُدد بناؤه في زمن سليمان عليه السلام، وقد بناه سليمان على قاعدة سداسية الشكل، ويقال إن هذا هو أصل اتخاذ اليهود للنجمة السداسية شعاراً لهم، والمعروف تاريخيّاً أن ذلك المعبد قد دُمِّر مرتين ، المرة الأولى على يد الملك البابلي "بختنصر" عام (587 قبل الميلاد) ، والمرة الثانية عام (70 ميلادي) على يد الإمبراطور الروماني "طيطس"، حيث دمره تدميراً كاملاً، ولم يبقَ منه إلا جزء من السور في الجهة الجنوبية الغربية لساحة المعبد . وقد جاء ذكر التدميرَين (الأول والثاني) في القرآن الكريم في أول سورة الإسراء .
__________
(1) - أخرجه البخاري ح (3366) ومسلم ح (520)(2/275)
- وظل مكان الهيكل فضاءً خالياً من أي بناء بقية عهد الرومان النصارى ، وقد حدث الإسراء والمعراج بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في عهد الحاكم الروماني هرقل عام 621م ، وكان المكان ما زال خالياً من أي بناء ، إلا أنه محاط بسور ، وهو الذي رُبط فيه (البراق) في ليلة الإسراء والمعراج، وهو نفسه السور الذي تسميه اليهود اليوم بـ (حائط المبكى) وفيه أبواب داخله ساحات واسعة هي المقصودة بالمسجد الأقصى في قوله - تعالى -: { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } (1) . وقد ظل المكان معروفاً مقدساً في داخله الصخرة رغم زوال الآثار.
- ثم جاء الفتح الإسلامي لبيت المقدس صلحاً في عهد عمر - رضي الله عنه - سنة 16 هـ / 637م ، وطلب عمر - رضي الله عنه - من بطريرك القدس أن يدله على مسجد داود - يعني المسجد الأقصى- فانطلق به حتى انتهى إلى مكان الباب وقد انحدر الزبل على درج الباب، فتجشم عمر - رضي الله عنه - حتى دخل ونظر، فقال: الله أكبر، هذا والذي نفسي بيده مسجد داود الذي أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه أسري به إليه، ثم أخذ عمر - رضي الله عنه - والمسلمون يكنسون الزبل عن الصخرة حتى ظهرت كلها .... ففي مسند الأمام أحمد بسند حسن (261) أن عمر - رضي الله عنه - قال لكعب - رضي الله عنه - بعد فتح بيت المقدس أين أصلي ؟ قال: إن أخذت عني صليت خلف الصخرة، فكانت القدس كلها بين يديك، فقال: عمر ضاهيت اليهودية، لا ولكن أصلي حيث صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فتقدم إلى القبلة فصلى ، ثم جاء فبسط رداءه، وكنس الكناسة في ردائه وكنس الناس .
__________
(1) - سورة الإسراء الآية: 1(2/276)
- وبقي المسجد الأقصى على حالته بعد الفتح الإسلامي إلى أن جاء الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان فبدأ بناء المسجد الأقصى سنة 66 هـ على صورته القائمة اليوم. وأما الصخرة فأول من بنى فوقها مسجداً في العصر الإسلامي عبد الملك بن مروان (65-86هـ/ 684-705م)، حيث بدأ العمل في بنائها سنة 66هـ/ 685م، وتم الفراغ منها سنة 72هـ/ 691م . وصرف على بنائها خراج مصر لسبع سنين . وهذه القبة مبنية على الصخرة المشرفة التي عرج عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة الإسراء والمعراج، وهذا المسجد معروف بمسجد الصخرة، والمشهور بقبته الذهبية على المبنى المثمن، وتعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم المعمارية الإسلامية، والمسجد الأقصى كما هو معلوم له فضائل، فهو أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، وهو الذي أًسري بالنبي - صلى الله عليه وسلم - منه، وورد في حديث عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- مرفوعاً بإسناد صحيح: أنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ عَلَيْهماِ السَّلام سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا أَعْطَاهُ اثْنَتَيْنِ وَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ تَكُونَ لَهُ الثَّالِثَةُ: فَسَأَلَهُ حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ، فَأَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ، وَسَأَلَهُ مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ، وَسَأَلَهُ أَيُّمَا رَجُلٍ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ خَرَجَ مِنْ خَطِيئَتِهِ مِثْلَ يَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، فَنَحْنُ نَرْجُو أَنْ يَكُونَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ أَعْطَاهُ إِيَّاهُ . (1)
هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
- - - - - -
مقتل الحسين يوم كربلاء ورثاء أخته زينب له
__________
(1) - أخرجه أحمد ح (6357)(2/277)
في محاضرة عن قصة كربلاء ذكر المحاضر أن زينب أخت الإمام الحسين حفيدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نادت: "يا محمد يا محمد قد هلك أهلك اليوم" أو شيء من هذا القبيل.
فما مدى صحة هذه الرواية ؟ وإذا صح، فما توضيح أهل السنة والجماعة لقولها؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:(2/278)
الرواية المذكورة أخرجها الطبري في تاريخه ( 5/455 ) ، من رواية أبي مخنف قال: حدثني أبو زهير العبسي، عن قرة بن قيس التميمي، قال: نظرت إلى تلك النسوة لما مررن بحسين وأهله وولده صِحْنَ ولطمن وجوههن قال: فاعترضتهن على فرس، فما رأيت منظرا من نسوة قط كان أحسن من منظر رأيته منهم ذلك اليوم، قال: فما نسيت من الأشياء لا أنس قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعا وهي تقول: يا محمداه يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء مرمل بالدماء، مقطع الأعضاء، يا محمداه وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا، قال: فأبكت والله كل عدو وصديق " .(2/279)
وأبو مخنف هو: لوط بن يحيى وهو شيعي ضعيف الحديث ، أجمع نقاد الحديث على تضعيفه بل على تركه وأنه لا يعتد بروايته ، ولا ريب أن مقتل الحسين - رضي الله عنه - يحزن له كل مسلم، وهو مصيبة عظيمة، أخرج البخاري قال: بسنده عن ابْنِ أَبِي نُعْمٍ قَالَ كُنْتُ شَاهِدًا لِابْنِ عُمَرَ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ فَقَالَ مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقَالَ: مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ: انْظُرُوا إِلَى هَذَا يَسْأَلُنِي عَنْ دَمِ الْبَعُوضِ وَقَدْ قَتَلُوا ابْنَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَسَمِعْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنْ الدُّنْيَا (1) ، والحسين - رضي الله عنه - من سادات المسلمين وعلماء الصحابة ، وابن بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هي أفضل بناته ، وكان عابداً شجاعاً سخياً ، وقد أسرف الرافضة في اظهار الجزع والحزن لمقتل الحسين، وأحدثوا كثيراً من البدع الشنيعة يوم عاشورا إحياءً لذكرى مقتل الحسين - رضي الله عنه - ، قال الحافظ ابن كثير : " فكل مسلم ينبغي له أن يحزنه قتله - رضي الله عنه - ، ولكن لا يحسن ما يفعله الشيعة من إظهار الجزع والحزن الذي لعل أكثره تصنعٌ ورياءٌ وقد كان أبوه أفضل منه، فقتل وهم لا يتخذون مقتله مأتما كيوم مقتل الحسين، فإن أباه قتل يوم الجمعة وهو خارج إلى صلاة الفجر في السابع عشر من رمضان سنة أربعين وكذلك عثمان كان أفضل من على عند أهل السنة والجماعة، وقد قتل وهو محصورٌ في داره في أيام التشريق من شهر ذي الحجة سنة ست وثلاثين، وقد ذبح من الوريد إلى الوريد ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك عمر بن الخطاب وهو أفضل من عثمان وعلي، قتل وهو قائم يصلى في المحراب صلاة الفجر ويقرأ القرآن ولم يتخذ الناس يوم قتله مأتماً، وكذلك الصديق كان أفضل منه ولم يتخذ الناس يوم وفاته مأتما ورسول الله - صلى
__________
(1) - أخرجه البخاري ح ( 5994 )(2/280)
الله عليه وسلم - سيد ولد آدم في الدنيا والآخرة وقد قبضه الله إليه كما مات الأنبياء قبله ولم يتخذ أحد يوم موتهم مأتما يفعلون فيه ما يفعله هؤلاء الجهلة من الرافضة ... وأحسن ما يقال عند ذكر هذه المصائب وأمثالها ما رواه على بن الحسين عن جده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ما من مسلم يصاب بمصيبة فيتذكرها وإن تقادم عهدها فيحدث لها استرجاعا إلا أعطاه الله من الأجر مثل يوم أصيب منها " (1) ، وقال في موضع آخر: " وقد أسرف الرافضة في دولة بنى بويه في حدود الأربعمائة وما حولها فكانت الدبادب - أي الطبل - تضرب ببغداد ونحوها من البلاد في يوم عاشوراء، ويُذر الرماد والتبن في الطرقات والأسواق، وتعلق المسوح على الدكاكين، ويظهر الناس الحزن والبكاء، وكثيرٌ منهم لا يشرب الماء ليلتئذٍ موافقةً للحسين لأنه قتل عطشانا ثم تخرج النساء حاسراتٍ عن وجوههن ينحن ويلطمنَ وُجوههن وصدورهن حافيات في الأسواق إلى غير ذلك من البدع الشنيعة " (2) ، هذا والله أعلم .
- - - - - -
دفاع السيوطي عن ابن عربي
من المعلوم أن الإمام السيوطي ألّف كتابا كاملا للدفاع عن ابن عربي.
فماذا يجب أن يكون موقفنا من الإمام السيوطي في ذلك ؟
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
السيوطي هو : جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد بن سابق الدين الخضيري السيوطي ( 849 هـ - 911 هـ ) عالم حافظ مؤرخ أديب، واشتهر بكثرة التصنيف فله نحو 600 مصنف، منها الكتب الكبيرة والرسائل الصغيرة، وقد انتفع الناس بما جمع وصنف، وعنده بعض الشطحات في قضايا عديدة في الاعتقاد ، ومنها دفاعه عن معتقد ابن عربي ، والذي ينبغي تجاه مثل هؤلاء العلماء الانتفاع فيما أصابوا فيه ، والابتعاد عما وقعوا فيه من الزلل والخطأ .
- - - - - -
هل الذبيح إسماعيل أم إسحاق ؟
__________
(1) - البداية والنهاية ( 8/203 )
(2) - البداية والنهاية ( 8/220 )(2/281)
أناظر نصرانيا عبر البريد الإلكتروني حول الذبيح أهو سيدنا اسحق أم سيدنا إسماعيل عليهما السلام،يرجى الإفادة عن موقع به الجواب الشافي المدعم بالحقائق، وجزاك الله خيرا .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:
الصحيح من أقوال العلماء أن الذبيح هو : إسماعيل عليه السلام، وهذا القول هو الذي دل عليه الكتاب والسنة، وهو الذي تدل عليه التوراة الموجودة عند أهل الكتاب ، قال الله سبحانه وتعالى في سور الصافات عن إبراهيم - عليه السلام - : { وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى، قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ، وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ، وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ، وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآَخِرِينَ ، سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ ، كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ، إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ، وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ، وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ } (1) ، فيُستدل بهذه الآيات الكريمة على أن الذبيح إسماعيل عليه السلام من وجوه :
__________
(1) - سورة الصافات الآيات : 99 - 113(2/282)
1- أن الله سبحانه وتعالى ذكر عن خليله إبراهيم عليه السلام أنه لما هاجر من بلاد قومه سأل ربه أن يهب له ولداً صالحاً، فبشره الله تعالى بغلام حليم ، وهو إسماعيل لأنه أول من ولد له ، وهو بكره، ثم لما بلغ معه السعي أي أصبح يطيق أن يفعل ما يفعله أبوه، أُري إبراهيم في المنام أن يذبحه ، ولما ذكر الله سبحانه وتعالى قصة إسماعيل ذكر بعد ذلك البشارة بإسحاق فقال سبحانه وتعالى: { وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ } ، فيُستفاد أن المبشر به الأول هو إسماعيل غير المبشر به الثاني وهو إسحاق فهما بشارتان : بشارة بالذبيح وهو إسماعيل، وبإسحاق عليهما السلام .
2- أن قصة الذبيح لم تذكر في القرآن إلا في هذا الموضع، وفي المواضع الأخرى من القرآن ذُكر البشارة بإسحاق كما في سورة هود قال سبحانه وتعالى: { وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } (1) ، وقد أخبر الله سبحانه وتعالى في هذه الآية أن المبشر به إسحاق ، ولم يكن بسؤال من إبراهيم ، بل قالت امرأته إنها عجوز وأنه شيخ، وأن من رواء إسحاق يعقوب ، فكيف تقع البشارة بإسحاق وأنه سيولد له يعقوب ثم يؤمر بذبح إسحاق ، وهو صغير قبل أن يولد له ، وهذا لا يكون لأنه يناقض البشارة المتقدمة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " ومما يدل على أن الذبيح ليس هو إسحاق أن الله تعالى قال: { فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ } ، فكيف يأمر بعد ذلك بذبحه ؟ ، والبشارة بيعقوب تقتضي أن إسحاق يعيش ويولد له يعقوب، ولا خلاف بين الناس أن قصة الذبيح كانت قبل ولادة يعقوب، بل يعقوب إنما ولد بعد موت إبراهيم عليه السلام، وقصة الذبيح كانت في حياة إبراهيم عليه السلام بلا ريب" (2)
__________
(1) - سورة هود الآية: 71
(2) - مجموع الفتاوى ( 4/335 )(2/283)
3- أن الله سبحانه وتعالى وصف إسماعيل بأنه حليم في مواضع من القرآن ، ووصفه بالحلم في قصة الذبح ، وأما إسحاق فوصف بأنه عليم، ووَصف الذبيح بالحلم مُناسب للصبر في قصة الذبح ، وقد جاء وصف إسماعيل بالصبر في قوله: { وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ } (1) ، وقال الذبيح : { يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ } .
__________
(1) - سورة الأنبياء الآية: 85(2/284)
4- أن البشارة بإسحاق كانت معجزة حيث بُشر به إبراهيم وامرأته كبيرة ، ولهذا قالت : { أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } (1) ، وقال إبراهيم: { قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ } (2) فكانت البشارة مشتركة بينه وبين امرأته، وأما البشارة بإسماعيل فكانت لإبراهيم ثم إن هاجر ولدت إسماعيل وغارت سارة فذهب إبراهيم بإسماعيل وأمه إلى مكة ، وهناك أمر بالذبح كما دلت على هذا الآثار، وفي الحديث حين دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - الكعبة وصلى فيها أنه قال: " إِنِّي كُنْتُ رَأَيْتُ قَرْنَيْ الْكَبْشِ حَيْثُ دَخَلْتُ الْبَيْتَ فَنَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَهُمَا فَخَمِّرْهُمَا فَإِنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ يَشْغَلُ الْمُصَلِّيَ" (3) ، والمقصود بقرني الكبش المذكور في الحديث الكبش الذي فُدي به الذبيح، قال ابن كثير - رحمه الله - : " وهذا وحده دليلٌ على أن الذبيح إسماعيل، لأنه كان هو المقيم بمكة ، وإسحاق لا نعلم أنه قدمها في حال صغره ، والله أعلم " (4) ، فهذه الأدلة تدل على أن الذبيح هو إسماعيل ، وقد جاء في التوراة ما يدل على أن الذبيح هو إسماعيل ففيها: " اذبح ابنك وحيدك " ، وفي نسخة : " بكرك " ، وإسماعيل هو الذي كان وحيده ، قال ابن تيمية : " لكن أهل الكتاب حرفوا فزادوا إسحاق، فتلقى ذلك عنهم من تلقاه ، وشاع عند بعض المسلمين أنه إسحاق ، وأصله من تحريف أهل الكتاب " (5) ، وقال ابن كثير : " لفظة " إسحاق " هاهنا مقحمة مكذوبة مفتراة، لأنه ليس هو الوحيد، ولا البكر، وإنما الوحيد البكر إسماعيل " (6)
- - - - - -
__________
(1) - سورة هود الآية: 72
(2) - سورة الحجرات الآية: 54
(3) - أخرجه أحمد ح ( 22710 )
(4) - البداية والنهاية ( 1/366 )
(5) - مجموع الفتاوى ( 4/332 )
(6) - البداية والنهاية ( 1/366 )(2/285)
هل بايع عبد الرحمن بن عديس بيعة الرضوان ؟
ما هي ترجمة الصحابي عبد الرحمن بن عديس لدى غالب علماء الرجال وهل صحيح إنه بايع تحت الشجرة بيعة الرضوان وشارك في مقتل عثمان . وإن ثبت هذا فكيف يصح رضا الله عن شخص شارك في قتل رجل مثل عثمان ظلما وعدوانا. ارجوا الإجابة بالتفصيل الشديد وبالدليل القاطع .
الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وبعد:(2/286)
عبد الرحمن بن عديس البلوي كان من الفرسان، وقد شهد فتح مصر، ثم اشترك في الفتنة حيث كان رئيس الخيل التي سارت من مصر إلى عثمان فحاصرته ، وقد ذكره ابن سعد والبغوي وابن أبي حاتم وابن مندة وغيرهم في الصحابة، وذكروا أنه ممن بايع تحت الشجرة، وإذا ثبت أنه ممن بايع تحت الشجرة فيكون حاله كحال غيره ممن دخل في الفتنة وهو مشهود له بالجنة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في أصحاب الشجرة: " لَا يَدْخُلُ النَّارَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ أَحَدٌ الَّذِينَ بَايَعُوا تَحْتَهَا ... " (1) ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " وقد دخل في الفتنة خلق من هؤلاء المشهود لهم بالجنة ، والذي قتل عمار بن ياسر هو أبو الغادية ، وقد قيل: إنه من أهل بيعة الرضوان ، ذكر ذلك ابن حزم ، فنحن نشهد لعمار بالجنة ، ولقاتله إن كان من أهل بيعة الرضوان بالجنة ....
__________
(1) - أخرجه مسلم ح ( 2496 ) من حديث أم مُبشر(2/287)
ولا نشهد أن الواحد من هؤلاء لا يذنب، بل الذي نشهد به أن الواحد من هؤلاء إذا أذنب ، فإن الله لا يعذبه في الآخرة، ولا يدخله النار، بل يدخله الجنة لا ريب، وعقوبة الآخرة تزول عنه إما بتوبة منه، وإما بحسناته الكثيرة ، وإما بمصائبه المكفرة، وإما بغير ذلك " (1) ، وقال في موضع آخر: " وأما الساعون في قتله - يعني قتل عثمان - رضي الله عنه - فكلهم مخطئون ، بل ظالمون باغون معتدون، وإن قُدِّر أن فيهم من قد يغفر الله له " (2) ، وأحب في ختام هذا الجواب أن أبين أن طريقة أهل السنة والجماعة هي الإمساك عما جرى بين الصحابة من الحروب والفتن ، وترك الخوض في ذلك، وما أحسن ما قاله عمر بن عبد العزيز - رحمه الله - حين قال: " تلك دماء طهر الله منها سيوفنا، فلا نخضب بها ألسنتنا " (3) ، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - : " ومن أصول أهل السنة والجماعة سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كما وصفهم الله به في قوله تعالى: { وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ } (4) ، وطاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: " لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ " (5) ، ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والإجماع من فضائلهم ومراتبهم ، ويفضلون من أنفق من قبل الفتح - وهو صلح الحديبية - وقاتل على من أنفق من بعد وقاتل ، ويقدمون
__________
(1) - منهاج أهل السنة ( 6/205 )
(2) - منهاج أهل السنة ( 6/297 )
(3) - ينظر: حلية الأولياء ( 4/98 )
(4) - سورة الحشر الآية: 10
(5) - أخرجه البخاري ح ( 3673 ) ، ومسلم ح ( 2541 )(2/288)
المهاجرين على الأنصار ، ويؤمنون بأن الله قال لأهل بدر وكانوا ثلاث مائة وبضعة عشر : " اعملوا ما شئتم ، فقد غفرت لكم " ، وبأنه لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة ؛ كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل لقد - رضي الله عنهم - ورضوا عنه ، وكانوا أكثر من ألف وأربع مائة ، ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كالعشرة ، وثابت بن قيس بن شماس ، وغيرهم من الصحابة ، ويتبرءون من طريقة الروافض الذين يبغضون الصحابة ويسبونهم ، وطريقة النواصب الذين يؤذون أهل البيت بقول أو عمل ، ويمسكون عما شجر بين الصحابة ، ويقولون : إن هذه الآثار المروية في مساويهم منها ما هو كذب ، ومنها ما قد زيد فيه ونقص وغير عن وجهه ، والصحيح منه هم فيه معذورون : إما مجتهدون مصيبون ، وإما مجتهدون مخطئون ، وهم مع ذلك لا يعتقدون أن كل واحد من الصحابة معصوم عن كبائر الإثم وصغائره ، بل يجوز عليهم الذنوب في الجملة ، ولهم من السوابق والفضائل ما يوجب مغفرة ما يصدر منهم إن صدر ، حتى إنهم يغفر لهم من السيئات ما لا يغفر لمن بعدهم ؛ لأن لهم من الحسنات التي تمحو السيئات ما ليس لمن بعدهم ، وقد ثبت بقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهم خير القرون ، وأن المدَّ من أحدهم إذا تصدق به كان أفضل من جبل أحد ذهبا ممن بعدهم، ثم إذا كان قد صدر من أحدهم ذنب ؛ فيكون قد تاب منه ، أو أتى بحسنات تمحوه ، أو غفر له ؛ بفضل سابقته ، أو بشفاعة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي هم أحق الناس بشفاعته ، أو ابتلي ببلاء في الدنيا كفر به عنه ، فإذا كان هذا في الذنوب المحققة ؛ فكيف الأمور التي كانوا فيها مجتهدين : إن أصابوا ؛ فلهم أجران ، وإن أخطئوا ؛ فلهم أجر واحد ، والخطأ مغفور ، ثم إن القدر الذي ينكر من فعل بعضهم قليل نزر مغفور في جنب فضائل القوم ومحاسنهم ؛ من الإيمان بالله ورسوله ، والجهاد في سبيله ، والهجرة ، والنصرة ،(2/289)
والعلم النافع ، والعمل الصالح ، ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة ، وما من الله عليهم به من الفضائل ؛ علم يقينا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء ، لا كان ولا يكون مثلهم ، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم وأكرمها على الله ." (1) ، والله أعلم
- - - - - -
فهرس
الموضوع ... الصفحة
المقدمة ............................................ ... 3
تخريج بعض الأحاديث والآثار والكلام عليها 4 - 137
حوت يحمل الأرضين .............................. ... 4
سبب نزول قوله تعالى: { إن جاءكم فاسق بنبأ ... } ... 8
هل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : " إنا لله وإنا إليه راجعون " عند وفاة أحد .............................................. ... 13
القراءة خلف الإمام .............................. ... 15
حديث: " إدخال الحزن على المسلم ..... " ......... ... 17
أحاديث التباكي .................................. ... 17
أحاديث بناء الأقصى .............................. ... 23
حديث: " يأتي أناس يوم القيامة لهم إيمان خارقة نوره. ... 32
حديث : " أنتم أعلم بأمور دنياكم " ............... ... 36
حديث: عندما تكثر الشهادة في الأمراء ............. ... 40
حديث: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين ... " .....
حديث: " فلان بن فلان لفلانة " ................... ... 45
النظر إلى الوالدين نظر محبة ........................ ... 48
حديث أسماء : " إذا بلغت المرأة المحيض ... " ........ ... 49
أثر عمر بن الخطاب: " ليس هناك أحب إلي من أيام اقضي فيها ما فاتني من صيام في رمضان من صومها في أيام عشر ذي الحجة .............................. ... 53
دفن عمر لابنته في الجاهلية .......................... ... 56
حديث: " من بلغه عني ثواب عمل فعمله حصل له أجره وإن لم أكن قلته .............................. ... 59
__________
(1) - العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية(2/290)
حديث: " من حمل جنازة فليتوضأ ومن غسلها فليغتسل"؟ ........................................ ... 61
حديث: " من أتى امرأة في دبرها أو عرافا فقد كفر .. ... 63
إتيان النساء في أدبارهن ............................ ... 66
حديث: " إذا عاش هذا الغلام فلا يهرم حتى تقوم الساعة ........................................... ... 71
أثر حول خلق آدم - عليه السلام - ........................... ... 74
أحاديث مس ظهر آدم وإخراج الذرية ............... ... 77
أحاديث المسح على ظهر آدم - عليه السلام - .................. ... 84
حديث: ائْتُونِي أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدِي. "، وتوضيح موقف عمر بن الخطاب منه ................ ... 91
حديث أبي بكر في تمنيه تحمل العقوبة عن أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم القيامة ................................... ... 100
حديث حول عنترة ............................... ... 101
تخريج حديث : " اللهم بارك لنا في رجب ... " ..... ... 103
حديث: من آذى شخصا فقد آذاني ................. ... 106
أثر: اذكر أحب الناس إليك ، فقال: يا محمد فكأنما نشط من عقال .................................. ... 107
حديث: " ما على المتحابين إلا النكاح " ............ ... 110
حديث النهي عن صبر وإخصاء البهائم .............. ... 111
هل جلد عمر لأبي بكرة يؤثر في روايته لحديث :" لا يلفح قوم ولوا أمرهم امرأة " ........................ ... 115
حديث: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح ... 117
هل كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - ظل ؟ ............................ ... 119
هل تفسير ابن عباس للآية: { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ } من باب التأويل ؟ ............................... ... 121
والد النبي - صلى الله عليه وسلم - ..................................... ... 126
حديث: من علامات الساعة ركوب النساء الأحصنة ... 130
حديث عن أسواق خاصة بالمسلمين ................ ... 132(2/291)
من قضايا علوم الحديث ... 138 - 226
نقل الحديث بالمعنى دون التصريح بذلك ............. ... 138
رد حديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ............................ ... 140
الرد على منكري السنة ............................. ... 151
النيل من أبي هريرة - رضي الله عنه - ............................ ... 159
ذاكرة أبي هريرة - رضي الله عنه - ............................... ... 166
هل تغير حفظ ابن عمر لما كبر ؟ .................... ... 170
اعتماد العلماء على رواية الواقدي للسنة بالرغم من ضعفه ............................................ ... 170
أسانيد تاريخ الأمم والملوك ......................... ... 172
تاريخ الطبري ..................................... ... 175
كتاب: " أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " لللالكائي ......................................... ... 180
أقوى الأسانيد عند الشافعي ........................ ... 183
قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) هل يشمل السنة؟ .................................... ... 184
إعادة قراءة السنة وإعادة تصنيفها ................... ... 188
مرويّات أبي حنيفة رحمه الله؟! ..................... ... 195
معنى الجرح والتعديل ومن يقوم به ................... ... 197
قواعد في تصحيح الأحاديث وتضعيفها .............. ... 201
ما المقصود بالإجازة والإسناد في علم الحديث ........ ... 206
معنى قول الترمذي: حسن صحيح غريب ............ ... 209
حكم ما سكت عنه أبو داود ...................... ... 216
قول الألباني: إسناده صحيح ، رجاله ثقات .......... ... 218
المؤلفات قبل الموطأ ................................ ... 222
كتاب النزول للدارقطني ............................ ... 225
مختلف الحديث ومشكله ... 227 - 276
إعراض النبي - صلى الله عليه وسلم - عن تزويج فاطمة رضي الله عنها لصغرها .......................................... ... 227(2/292)
الجمع بين الآية: { وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا } وحديث التقاء المسلمين بسيفيهما ................... ... 229
الجمع بين حديث " يضحك الله إلى رجلين يتقاتلان .. " وبين حديث " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار .................................. ... 232
التوفيق بين قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا } ، وأثر ابن عباس في خلق السماوات والأرض ................... ... 233
الجمع بين آية وحديث في التوبة ..................... ... 240
الجمع بين حديث: دونك فانتصري، وحديث : أما إن ملكاً بينكما يذب عنك كلما يشتمك ............... ... 243
شبه نصرانية حول اختلاف الحديث ................. ... 248
الجمعة بين آية وحديث في الأطعمة .................. ... 270
شبهة حول حديث العرانيين الذين ارتدوا وقتلوا رعاة إبل الصدقة ، وحكم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيهم ............... ... 274
من فقه السنة ... 276 - 723
حديث "إن يكن في أمتي محدثون فإنه عمر" .......... ... 276
حديث " عجب ربنا عز وجل من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل" ................................ ... 280
حديث "العبادة في الهرج كهجرة إلي" ............... ... 282
حديث"رأيت ربي في أحسن صورة " ................ ... 286
حديث " الشهداء خمسة" .......................... ... 288
حديث : " أجدُ نَفسَ رَبكُم مِن قِبل اليَمَنِ " ........ ... 294
حديث: " فإنَّ الشَّيْطَان يَبيتُ على خيشُومِه ... " .... ... 295
حديث: " لن يدخل أحد الجنة بعمله " ............. ... 298
حديث: "ستكون أمراء..." وحكام اليوم ............ ... 302
حديث الاستفتاح في صلاة الليل .................... ... 310
ما المراد بقوله: نتخايل الله بين أعيننا؟ ................ ... 314
حديث : " إنما الشؤم في ثلاثة " .................... ... 317(2/293)
حديث: " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة" ... ... 323
حديث: " فقد آية من الأحزاب ... " ............... ... 327
حديث : " لولا صفية لتركته - أي حمزة - حتى يجمعه الله ........................................ ... 330
خطبة الحاجة ..................................... ... 332
حديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث ...." ............................................. ... 350
الدعاء المأثور: "اللهم أرنا الحق حقاً.." .............. ... 352
حديث "ما تركت بعدي فتنة أشد على الرجال من النساء" استهانة بهن؟! ............................. ... 354
حديث: قصة الأعمى الذي قتل جاريته التي سبت النبي - صلى الله عليه وسلم - ................................................ ... 360
طلب التنقية من الذنوب بالبارد دون الحار ........... ... 367
أحاديث النهي عن الشتم ........................... ... 369
الحديث الوارد في النهي عن الزواج من العقيم ........ ... 373
دعاء ينال به حب الله .............................. ... 378
رؤية الأخ أخاه في الجنة ........................... ... 379
هل أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - اللون الأخضر؟ .................. ... 381
كيف أكون جاراً للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنة؟ ................ ... 383
هل يتحمل قابيل أوزار القتلة من بعده؟ .............. ... 387
هل للمسلم قتل نفسه؟ ............................. ... 389
ما هي شعب الإيمان السبعون؟ ...................... ... 392
التحلق قبل الجمعة ................................. ... 395
أحاديث في الحجامة................................ ... 397
الحساء لعلاج الزوجة............................... ... 402
الكمأة وعلاج العيون ............................. ... 404
علاج العقم ....................................... ... 407
هل يشرع قراءة القرآن في الماء ..................... ... 409(2/294)
الرقية بما لم يرد عن النبي - رضي الله عنه - ....................... ... 413
صوت المرأة ...................................... ... 415
وضع الرأس عند النوم ............................ ... 418
آداب النوم........................................ ... 421
أصل التشهد ...................................... ... 435
كيف أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - تبديل القرآن ..................... ... 437
الرقص للرجال .................................... ... 442
هل تدخل النساء في هذا الوعيد: لا يدخل الجنة قاطع رحم؟ ............................................. ... 445
أدعية لتفريج الهم .................................. ... 448
الحور العين من القرآن والسنة ...................... ... 453
الإمارة في الأنشطة الدعوية ......................... ... 456
هل ورد شيء في تفضيل الشباب على الشيوخ ؟ ..... ... 459
علاقة الأسماء بشخوص المسمين ..................... ... 465
إسداء النصح للسلطان ............................. ... 470
ينظر إلى المتبرجات ثم يتوضأ......................... ... 476
كيفية الأذان والإقامة ............................... ... 480
التثنية والإفراد في ألفاظ الأذان والإقامة............... ... 484
رفع السبابة عند قول المؤذن: " أشهد أن لا إله إلا الله " ... 491
حكم جمع الصلاتين من غير سبب................... ... 492
الجمع بين الصلوات بعذر المطر ...................... ... 501
رفع اليدين في الصلاة ............................. ... 502
رفع اليدين في الصلاة .............................. ... 505
رفع اليدين في الصلاة............................... ... 509
رواية رفع اليدين في الصلاة في مسند الحميدي ...... ... 512
مقاربة الصفوف من الإمام في الصلاة................. ... 514
ساعة الإجابة يوم الجمعة ........................... ... 515
الخطبة بـ " اتقوا الله " فقط ....................... ... 519(2/295)
الصلاة في الفلاة ، والصلاة في الجماعة .............. ... 520
التطوع بين المغرب والعشاء ......................... ... 523
هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الليل ....................... ... 525
تعجيل الفطر في رمضان ............................ ... 531
علامات ليلة القدر ................................. ... 533
الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رمضان............................. ... 536
همُّ الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإعادة بناء الكعبة ................... ... 546
الأعمال التي تشرع عند الحطيم .................... ... 550
غسل الكعبة ..................................... ... 551
زكاة النخيل ..................................... ... 553
تفاصيل أخبار الجنة والنار ......................... ... 857
موجبات الرحمة ................................... ... 559
كثرة الكلام ..................................... ... 561
إيلاء النبي - صلى الله عليه وسلم - من نسائه ........................... ... 563
الاستدلال بحديث لدَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - على جواز لعن الصحابة - رضي الله عنهم - .............................................. ... 570
خلق المرأة من ضلع أعوج .......................... ... 574
هل هناك نساء صالحات لم يتزوجن ؟ ............... ... 581
أحكام تخص النساء ............................... ... 585
ضوابط زينة المرأة.................................. ... 597
ضوابط في لباس المرأة............................... ... 606
أكل الآدمي عند مخافة الهلاك من الجوع ............. ... 610
هل الكوارث الطبيعية تكون بسبب ذنوب معينة .... ... 611
التهنئة بالمولود ................................... ... 615
الإجتماع للذكر .................................. ... 616
من هم المبذرون؟ ................................. ... 620
لعن المخنثين ...................................... ... 622(2/296)
من هم الذين تعجل لهم العقوبة في الدنيا ؟ ........... ... 625
آداب زيارة القبر ، والصلاة على الميت في قبره ....... ... 626
هل يكفي أن نقرأ سورة الإخلاص ثلاث مرات في اليوم بدلا من قراءة أجزاء كثيرة من القرآن؟ ......... ... 629
تفسير الأحلام .................................... ... 633
رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - في المنام ............................. ... 647
هل الرؤية تقع على ما أولت ...................... ... 651
التزام الصديق وتقبيله ............................. ... 666
دعاء الركوب .................................... ... 670
الفرق بين التورية والتقية ........................... ... 672
الصور الجائزة في الإسلام .......................... ... 674
هل هناك دعاء لهداية الأبناء ؟....................... ... 676
هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في عيشه............................. ... 679
هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكل .......................... ... 684
شبهات حول المرأة والرد عليها ..................... ... 891
فائدة الختان وإزالة شعر العانة ...................... ... 702
مقولة: " لا تستوفى الحدود حتى تعطى الحقوق " ..... ... 705
رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لله تعالى في الإسراء ................... ... 709
تأويل الصفات .................................... ... 714
سير وتاريخ وتراجم ... 724 - 842
هل خُتم الرسل بمحمد كما خُتم به الأنبياء؟! ........ ... 724
ما المراد بخاتم الأنبياء؟.............................. ... 728
متى كان اصطفاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ......................... ... 732
وظيفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ................................... ... 748
صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - .................................... ... 750
هل دونت خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - .......................... ... 756(2/297)
تعدد زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - ............................ ... 767
ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل .................. ... 774
لعن الأمويين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ................. ... 778
هل يعد أبو حنيفة من التابعين؟...................... ... 779
هل لهذه الآثار صلة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ؟...................... ... 781
آبار المدينة، وحديث رد الشمس .................. ... 783
مبايعة فاطمة لأبي بكر ............................ ... 788
فتنة مقتل عثمان - رضي الله عنه - ............................. ... 793
الأكثر علماً وتمسكاً بالسنة......................... ... 796
زيجات علي والحسن والمغيرة ....................... ... 800
خولة بنت الأزور حقيقة أم أسطورة ................ ... 803
ادعاء عصمة فاطمة رضي الله عنها ................. ... 804
هل معاذ - رضي الله عنه - أعلم الصحابة ؟ ....................... ... 810
هل لورقة بن نوفل صحبة ؟ ........................ ... 812
من هو ابن صياد ؟ ................................ ... 818
أيهما بني أولاً: المسجد الأقصى أم مسجد قبة الصخرة؟ ... 826
مقتل الحسين يوم كربلاء ورثاء أخته زينب له ........ ... 829
دفاع السيوطي عن ابن عربي ....................... ... 832
هل الذبيح إسماعيل أم إسحاق ؟ .................... ... 833
هل بايع عبد الرحمن بن عديس بيعة الرضوان ؟ ....... ... 838
الفهرس ........................................ ... 842(2/298)