جامع المقدمات العلمية لِمُهِمِّ المصنفات والكتب الشرعية
جمع وإعداد أبي يعلى البيضاوي
عفا الله عنه
حقوق الطبع محفوظة لكل مسلم
بسم الله الرحمن الرحيم رب يسر وأعن
الحمد لله وكفى وصلاته وسلامه على عباده الذين اصطفى
أما بعد: فهذا كتاب نافع -إن شاء الله تعالى- يجمع بين دفتيه مقدمات الكتب الحديثية والمصنفات العلمية, والتي وضعها مؤلفوها, وسطرها مصنفوها, فذكروا فيها مناهجهم, وبينوا فيها أغراضهم من تصنيف كتبهم, فشرحوا فيها رموزهم و مصطلحاتهم التي اعتمدوها و التزموها والإطلاع على هذه المقدمات هو من باب { وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا }(البقرة:الآية189), وهو شيء أساسي لا غنى عنه لطالب العلم الشرعي, ويقبح منه جهله وعدم معرفته به, فبواسطة ذلك يستطيع أن يعرف خبايا زوايا تلك الكتب, ويستخرج دفائن كنوزها, ويتحكم في مداخلها و مخارجها, لتكتمل معرفته بها, و تتم استفادته.
تعريف ( المقدمة )
قال العلامة ابن منظور في (لسان العرب) : مُقدِّمة الجيش: هي من قَدَّم بمعنى تَقدَّم, ومنه قولهم: المُقدِّمة والنَّتيجة, المُقَدِّمة: ما استقبلك من الجبهة و الجبين . و المُقَدِّمة: الناصية والجَبهة, وقد استعير لكل شيء فقيل: مُقَدِّمة الكتاب و مُقدِّمة الكلام، بكسر الدال، قال: وقد تفتح وقيل: مُقدِّمةُ كل شيء أَوله، و مُقَدَّم كل شيء نقيض مؤخره
وقد كانت عادة المتقدمين في تآليفهم لا سيما أهل الحديث والأثر منهم البداءة بالبسملة أو الحمد والثناء على الله, والصلاة على نبيه, ثم يذكرون أبواب وتراجم الكتاب دون أن يذكروا مقدمات طويلة كما هو عادة المتأخرين, كفعل الإمام البخاري في (صحيحه), وأصحاب السنن الأربعة, خلا الأمام مسلم فإنه رحمه الله قد جعل لكتابه (الصحيح) مقدمة طويلة تبلع ( 33 ) صفحة كما في طبعة الأستاذ فؤاد عبد الباقي(1/1)
ثم آل الأمر وتطور بعد تعدد العلوم وكثرة المصطلحات والمفاهيم إلى وضع مقدمات تشرح منهج المؤلف, وطريقته في كتابه, وتفسر الكلمات و المصطلحات التي ارتكز عليها, ويكثر ذكرها وورودها, خاصة إذا كانت جديدة من استنباط المؤلف, ولا عهد لأهل العلم بها, فيحتاج المؤلف إلى تفسيرها وتوضيحها وتبيين مراده منها في مقدمته ليسهل الإنتفاع بكتابه
وقد يذكرون في هذه المقدمة السبب الدافع لهم للتصنيف, أو الشخص الذي أهدي له الكتاب, أو ألف لأجله أو بإشارة منه, كما فعل الحاكم النيسابوري في (المدخل إلى الإكليل) و غيره كثير
وتتراوح المقدمة قصرا وطولا بين عدة أسطر إلى عدة صفحات, وقد تصل إلى جزء, أو مجلد كامل, فمن هذه المقدمات الطويلة نسبيا : مقدمة كتاب (الجرح و التعديل) للحافظ ابن أبي حاتم الرازي, فقد جعل لكتابه العظيم هذا مقدمة نفيسة ضمنها تراجم الأئمة وحفاظ الحديث, وأحوالهم و أخبارهم, وثناء أهل العلم عليهم, إلى غير ذلك من الفوائد الحديثية, وكذا فعل الحافظ أبو أحمد بن عدي الجرجاني في كتابه القيم (الكامل في الضعفاء) فمقدمته النفيسة بلغت ( 161 ) صفحة, و الحافظ أبو حاتم ابن حبان البستي في مقدمة كتابه (المجروحين), والتي تبلغ ( 75 ) صفحة(1/2)
وقد يصنف المؤلف كتابه ثم بعد مدة يرى أن مؤلفه يحتاج إلى مقدمة تبين منهجه, و تعين على الاستفادة الكاملة من مصنفه, فيؤلف مقدمة لكتابه كما فعل أبو عبد الله الحاكم في كتابه (المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل, وفي معرفة الصحيح والسقيم و أقسامه وأنواع الجرح) (1), وكما فعل الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه (المدخل إلى السنن) (2), والذي جعله مقدمة و مدخلا إلى كتابه وموسوعته الحديثية (السنن الكبرى)
__________
(1) - طبع ( المدخل ) بتحقيق الشيخ ( راغب الطباخ ) باسم ( المدخل في أصول الحديث ) سنة1932, ثم طبع مع كتاب ( المنار المنيف ) للحافظ ابن القيم في دار الكتب العلمية 1988, وطبع مؤخرا بتحقيق ( فؤاد عبد المنعم أحمد ) في المكتبة التجارية بمكة, وذكر أن اسمه في المخطوط ( المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل, المصنف للأمير أبى علي محمد بن محمد بن إبراهيم صاحب الجيش, وفيه كيفية معرفة الصحيح والسقيم وأقسامه وأنواع الجرح ) ثم في دار الهدى مصر2002 بتحقيق ( أبى إسحاق إبراهيم بن مصطفى الدمياطي )
(2) - هو كتاب ( المدخل على السنن الكبرى ) طبع في مكتبة أضواء السلف 1404هـ, بتحقيق ( محمد ضياء الرحمن الأعظمي ) في مجلدين, وعدد أحاديثه و أثاره ( 861 ) حديثا, وأشار محققه في ( ص116 ) إلى وجود نقص في الكتاب في جزئه الأول الذي هو في مصطلح الحديث, وقد اختصره الحافظ ( الذهبي ) وكذا الحافظ ( ابن كثير ) قال في مقدمة( اختصار علوم الحديث )(ص17) : اختصرته أيضا بنحو من هذا النمط من غير وكس ولا شطط اهـ(1/3)
وبلغت بعض هذه المقدمات شهرة كبرى عند أهل العلم, لشدة أهميتها ونفاستها, و كثرة فوائدها, فيفردها الناس عن الكتاب الأصل, كما فعلوا مع مقدمة كتاب (المستخرج على صحيح مسلم) (1) للحافظ أبي نعيم الأصفهاني, فإنه جعل لكتابه هذا مقدمة ذكر فيها تراجم بعض الرواة الضعفاء و المجروحين, وقد طبعت مفردة باسم كتاب (الضعفاء) (2)
وكالمقدمة المشهورة للعلامة المؤرخ ابن خلدون, والتي جعلها مدخلا لتاريخه (العبر و ديوان المبتدأ و الخبر, في أيام العرب والعجم والبربر, و من عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر), ومقدمة ديوان السنة العظيم (فتح الباري شرح صحيح البخاري) للحافظ ابن حجر العسقلاني, والمسماة (هدي الساري), وهي مقدمة نفيسة جمعت عدة علوم وفنون
وقد تتخذ المقدمة عدة أشكال و أنواع , حسب رغبات مؤلفها فقد تكون :
1- متنا عقديا,كما هو الحال في مقدمة كتاب (الرسالة) في فقه المالكية للإمام ابن أبي زيد القيرواني, أو كتاب (الإرشاد) في فقه الحنابلة للإمام أبي علي محمد بن أحمد الهاشمي المتوفى سنة 428هـ (3)
__________
(1) - طبع ( المستخرج على صحيح مسلم ) في دار الكتب العلمية 1417هـ بتحقيق
( محمد حسن إسماعيل ) في (4) مجلدات
(2) - طبع في دار الثقافة بالمغرب بتحقيق ( د. فاروق حمادة )
(3) - طبع الكتاب مؤخرا في دار الرسالة, وقد ذكر متن هذه العقيدة العليمي في ( المنهج الأحمد )(2\115\ ترجمة 655 ) وابن العماد في ( الشذرات ), وقبلهما ابن أبي يعلى في ( طبقاته )(1/4)
2- أو متنا في علم له علاقة بالعلم الذي صنف فيه الكتاب, يكون مساعدا في فهمه و اسيعابه, كما في كتاب (الدخيرة) (1) في الفقه المالكي للعلامة شهاب الدين القرافي , فإنه وضع له مقدمة نفيسة في أصول الفقه, و هي التي أفردها مؤلفها وشرحها في كتاب (شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول في الأصول) قال في أوله: أما بعد : فإن كتاب (تنقيح الفصول في اختصار المحصول) كان الله يسره علي ليكون مقدمة أول كتاب (الذخيرة) في الفقه, ثم رأيت جماعة كثيرة رغبوا في إفراده عنها و اشتغلوا به, فلما كثر المشتغلون به رأيت أن أضع له شرحا يكون عونا لهم على فهمه وتحصيله, وأبين فيه مقاصد لا تكاد تعلم إلا من جهتي لأني لم أنقلها عن غيري, وفيها غموض, وأوشح ذلك إن شاء الله تعالى بقواعد جليلة, وفوائد جميلة ابتغاء ثواب الله عز وجل ووجهه الكريم اهـ
3- أو عدة متون علمية كما فعل العلامة أحمد بن المرتضى الزيدى في موسوعته الفقهية (البحر الزخار في فقه الأئمة الأطهار) في فقه الزيدية (2), فإنه ضمنها خمسة متون في علوم مختلفة وهي
1- كتاب الملل والنحل 2- كتاب القلائد في تصحيح العقائد 3- كتاب رياضة الأفهام في لطيف الكلام 4- كتاب معيار العقول في علم الأصول 5- كتاب الجواهر والدرر في سيرة سيد البشر, و أصحابه العشر الغرر, وعترته الأئمة المنتخبين الزهر 6- كتاب الانتقاد للآيات المعتبرة للاجتهاد
__________
(1) - طبع في دار الغرب الإسلامي بيروت بتحقيق عدة من العلماء, ثم في دار الكتب العلمية1422 هـ في ( 10 ) مجلدا بتحقيق (أبي إسحاق أحمد عبد الرحمن )
(2) - هو العلامة الإمام المجتهد المهدي لدين الله أحمد بن يحيى بن المرتضي الحسني الزيدي اليمني المتوفى سنة 840هـ , وكتابه هذا طبع أولا في مصر, ثم في دار الكتب العلمية بيروت في ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( محمد تامر ), وقد أكثر العلامة الشوكاني في ( نيل الأوطار ) من النقل منه والعزو إليه واصفا له ب( البحر)(1/5)
4- وقد تكون قواعد وآداب لطلب العلم كما فعل الحافظ أبو زكرياء النووي في كتابه العظيم (المجموع شرح المهذب) (1)
ذكر السبب الدافع لجمع هذا الكتاب
نشأت لدي فكرة جمع هذه المقدمات, ووضعها في كتاب واحد بسبب أنني كنت مضطرا في كل مرة أردت فيها معرفة اصطلاح مصنفيها إلى تصفح إلى كل كتاب على حدة, وقد يأخذ مني ذلك وقتا ليس بالهين, فتمنيت أنه لو جمعت هذه المقدمات في مكان واحد, و مصنف مفرد , ليهون الخطب, ويسهل الأمر, وأربح وقتا وجهدا أنا في حاجة إليه, فشرح الله تعالى صدري لهذا العمل الذي أرجو أن يكون موفقا مسددا, وميسرا لكثير من العراقيل, وموفرا للوقت الثمين.
وتتجلى أهمية هذه العمل أيضا في تيسير الإستفادة من هذه الكتب لطلاب علم الحديث الشريف خاصة, والعلوم الإسلامية الشرعية عامة, فمن المعلوم الواضح أنه ليس في مقدور كل طالب علم امتلاك هذا الكتب و المصنفات جميعها, وليس في قدرته الحصول عليها واقتناؤها, ومن رزقه الله منهم من فضله وكانت عنده هذه الكتب بأعيانها فقد وفرنا عليه الوقت والجهد في تصفح كل كتاب كتاب للإطلاع عليها
__________
(1) - طبعت مفردة في دار الصحابة طنطا 1408هـ بتحقيق ( إبراهيم حديفة ) باسم ( آداب العالم و المتعلم, و المفتي و المستفتي وفضل طالب العلم )(1/6)
فمن هنا جاءت فكرة جمع هذه المقدمات في مصنف واحد, ومجموع مفرد, تيسيرا للعلم, وتذليلا لطرقه, وتوفيرا للجهد والوقت, وزادني حرصا على الإستمرار في هذا الأمر, وقوى عزمي عليه, وجود أغلب هذه الكتب ضمن البرامج الإلكترونية الحاسوبية , وقد برمجها أصحابها المشرفون عليها بدون هذه المقدمات العلمية, وإنما يدخلون عنوان الكتاب ثم يتبعونه بمتنه وموضوعاته, وهذا معلوم لمن مارس هذه البرامج واستعملها, وبذلك حرموا المستفيدين من مفاتيح كنوزها, وقوارب الإبحار في بحار معارفها, ألا وهي مقدمات هذه الكتب, الموضحة للمناهج, و المبينة المفسرة للمصطلحات, وهذا أمر غير سديد, وتقصير بَيِّن, وفقهم الله وهداهم.
منهج العمل وترتيب الكتاب
اخترت لهذا المجموع مقدمات أهم كتب الحديث الشريف وعلومه, من الجوامع, و الشروح, وكتب الرجال و غير ذلك..., بلغ عددها إلى ( 242 ) كتابا
واتبعت الطريقة التالية في ذكرها : وهي أنني أورد مقدمة الكتاب مع تنسيقها وضبط مشكلها, والتعريف بأعلامها وما يحتاج إلى ذلك منها , وأذكر أيضا في الهامش طبعات الكتاب, واسم محققه, وترجمة مختصرة لمؤلفه, فما كان مني زيادة على النص المطبوع فقد وضعته بين معقوفتين حتى يتميز عن الأصل, وما كان فيه من سقط تركت مكانه بياضا, وما كان تصويبا لخطأ أو تصحيف فقد أصلحته وأشرت إلى ذلك في الهامش في الغالب, وجعلت في آخر هذا الكتاب فهرسا أبجديا للكتب والمؤلفين, لتسهيل البحث و رتبت الكتاب على أربعة أقسام :
القسم الأول : 1- كتب الصحاح / 2- كتب الجوامع / 3- كتب التفاسير الحديثية / 4- كتب الشروح الحديثية.
القسم الثاني : 5- كتب الأحاديث الموضوعة والمشهورة / 6- كتب أحاديث الأحكام والخلاف الفقهي / 7- كتب الاطراف / 8- كتب التخاريج الحديثية / 9- كتب معرفة الصحابة.
القسم الثالث :10- كتب الرجال ورواة الحديث / 11-كتب الرواة الضعفاء / 12- كتب السيرة النبوية / 13- كتب التواريخ.(1/7)
القسم الرابع : 14- كتب الطبقات والتراجم / 15- كتب علوم الحديث وآداب الرواية / 16- كتب مختلف الحديث / 17- كتب الأنساب / 18- كتب المعاجم و غريب الحديث.
فإليك يا طالب العلوم الشرعية أهدي هذه الهدية القيمة, والتحفة النفيسة, وليس لي فيه إلا تعب الإختيار, وجودة الترتيب, وسميته :
( جامع المقدمات العلمية لِمُهِمِّ المصنفات والكتب الشرعية )
والله سبحانه يعلم كم تعبت كثيرا في جمعه, ودأبت في ترتيبه , راجيا من الله العلي القدير أن ينفع به, فاحرص - حفظك الله -على دراسته وملازمته وتفهمه, سائلا منك فقط إن انتفعت به واستفدت منه دعوة صالحة بظهر الغيب لي و لوالدي, بمغفرة الذنوب, وصلاح الحال في الدنيا و الآخرة, واعلم - غفر الله لك - أن دعاءك غير ضائع, ولا مضيع, فقد قال نبينا - صلى الله عليه وسلم - : ( ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك : ولك بمثل ) (1)
وأسأل الله العلي القدير أن يجزيني خيرا على ما قصدته, وأن يعينني على إتمام ما أردته, وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم, فهو سبحانه و تعالى وحده ولي ذلك والقادر عليه, و هو المستعان و عليه التكلان, وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا, والحمد لله رب العالمين,
كتبه : أبو يعلى البيضاوي
أحد طلبة العلم, عفا الله عنه
القسم الأول كتب الصحاح
الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان للأمير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر بخير
الحمد لله على ما علم من التبيان, و تمم من الجود والفضل و الإحسان, والصلاة و السلام الأتمان الأكملان على سيد ولد عدنان, المبعوث بأكمل الأديان, المنعوت في التوراة والإنجيل و الفرقان, وعلى آله و أصحابه والتابعين لهم بإحسان, صلاة دائمة ما كَرَّ الجديدان, و عُبِد الرحمن
__________
(1) - حديث صحيح رواه مسلم في ( صحيحه )(1494) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -(1/8)
وبعد : فإن من أجمع المصنفات في الأخبارالنبوية, وأنفع المؤلفات في الآثار المحمدية, وأشرف الأوضاع, وأطرف الإبداع, كتاب ( التقاسيم والأنواع ), للشيخ الإمام, حسنة الأيام, حافظ زمانه, وضابط أوانه, معدن الإتقان, أبي حاتم محد بن حبان التميمي البستي, شكر الله مسعاه, وجعل الجنة مثواه, فإنه لم ينسج له على منوال, في جمع سنن الحرام والحلال, لكنه لبديع صنعه, ومنيع وضعه, قد عز جانبه, فكثر مجانبه, وتعسر اقتناص شوارده, فتعذرالاقتباس من فوائده وموارده, فرأيت أن أتسبب لتقريبه, وأتقرب إلى الله بتهذيبه وترتيبه, وأسهله على طلابه, بوضع كل حديث في بابه, الذي هو أولى به, ليؤمه من هجره, ويقدمه من أهمله وأخره, وشرعت فيه معترفا بأن البضاعة مزجاة, وأن لا حول ولا قوة إلا بالله, فحصلته في أيسر مدة, وجعلته عمدة للطلبة وعدة, فأصبح بحمد الله موجودا بعد أن كان كالعدم, مقصودا كنار على أرفع علم, معدودا بفضل الله من أكل النعم, قد فتحت سماء يسره فصارت أبوابا, وزحزحت جبال عسره فكانت سرابا, وقرن كل صنو بصنفه, فآضت أزواجا, وكل تلو بإلفه, فضاءت سراجا وهاجا
وسميته : ( الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان ), والله أسأل ن يجعله زادا لحسن المصير إليه, وعتادا ليمن القدوم عليه, إنه بكل جميل كفيل, وهو حسبي ونعم الوكيل, وها أنا أذكر مقدمة تشتمل على ثلاثة فصول:
الفصل الأول في ذكر ترجمته ليعرف قدر جلالته, الفصل الثاني: في نص خطبته, وما نص عليه في غرة ديباجته وخاتمته, ليعلم مضمون قراره, ومكنونه وأسراره, الفصل الثالث: في ذكر ما رتب عليه هذا الكتاب, من الكتب والفصول و الأبواب, قصدا لتكميل التهذيب, وتسهيل التقريب.
[ ترجمة الحافظ أبي حاتم بن حبان ](1/9)
الفصل الأول : أقول وبالله التوفيق: هو الإمام الفاضل المتقن, المحقق, الحافظ, العلامة, محمد بن بن حبان بن أحمد بن حبان, بكسر الحاء المهملة, وبالباء الموحدة فيهما, بن معاذ بن معبد بالباء الموحدة, بن سعيد بن سهيد, بفتح السين المهملة, وكسر الهاء, ويقال بن معبد بن هدية, بفتح الهاء, وكسر الدال, وتشديد الياء آخر الحروف, بن مرة بن سعد بن يزيد بن مرة بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناه بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان, أبو حاتم التميمي, البستي, القاضي, أحد الأئمة الرحالين والمصنفين
ذكره الحاكم أبو عبد الله فقال : كان من أوعية العلم في اللغة, والفقه, والحديث, والوعظ, من عقلاء الرجال, وكان قدم نيسابور فسمع بها من عبد الله بن شيروية, ثم أنه دخل العراق فأكثر عن أبي خليفة القاضي, وأقرانه, وبالأهواز, و بالموصل, وبالجزيرة, وبالشام, وبمصر, وبالحجاز, وكتب بهراة, ومرو, وبخارى, ورحل إلى عمر بن محمد بن بجير, وأكثر عنه, وروى عن الحسن بن سفيان, وأبي يعلى الموصلي, ثم صنف فخرج له من التصنيف في الحديث ما لم يسبق إليه, و ولي القضاء بسمرقند, وغيرها من المدن بخراسان, ثم ورد نيسابور سنة أربع وثلاثين وثلاث مائة, وخرج إلى القضاء إلى نسا وغيرها, وانصرف إلينا سنة سبع وثلاثين, فأقام بنيسابور, وبنى الخانقاه, وسمع منه خلق كثير(1/10)
روى عنه الحاكم أبو عبد الله, وأبو علي منصور بن عبد الله بن خالد الهروي, وأبو بكر عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن سلم, وأبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله النوقاتي, وأبو عبد الرحمن بن محمد بن علي بن رزق السجستاني, وأبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد الزوزني, وقال أبو سعد عبد الرحمن بن أحمد الإدريسي : أبو حاتم البستي كان من فقهاء الناس, وحفاظ الآثار, المشهورين في الأمصار والأقطار, عالما بالطب والنجوم, وفنون العلوم, ألف ( المسند الصحيح ), و ( التاريخ ), و( الضعفاء ), والكتب المشهورة في كل فن, وفقه الناس بسمرقند, ثم تحول إلى بست, ذكره عبد الغني بن سعيد في البستي
وذكره الخطيب وقال : وكان ثقة ثبتا فاضلا فهما, وذكره الأمير في حبان, بكسر الحاء المهملة ولي القضاء بسمرقند, و كان من الحفاظ الأثبات, توفي بسجستان ليلة الجمعة لثمان ليال بقين من شوال سنة أربع وخمسين وثلاث مائة, وقيل ببست في داره التي هي اليوم مدرسة لصحابه, ومسكن للغرباء الذين يقيمون بها من أهل الحديث, والمتفقهة منهم, ولهم جرايات يستنفقونها وفيها خزانة كتب
[ مقدمة كتاب التقاسيم والأنواع ](1/11)
الفصل الثاني (1) : قال رحمه الله :الحمد لله المستحق الحمد لآلائه, المتوحد بعزه وكبريائه, القريب من خلقه في أعلى علوه, البعيد منهم في أدنى دنوه, العالم بكنين مكنون النجوى, والمطلع على أفكار السر وأخفى, وما استجن تحت عناصر الثرى, وما جال فيه خواطر الورى, الذي ابتدع الأشياء بقدرته, وذرأ الأنام بمشيئته, من غير أصل عليه افتعل, ولا رسم مرسوم امتثل, ثم جعل العقول مسلكا لذوي الحجا, وملجأ في مسالك أولي النهى, وجعل أسباب الوصول إلى كيفية العقول ما شق لهم من الأسماع والأبصار, والتكلف للبحث والاعتبار, فأحكم لطيف ما دبر وأتقن جميع ما قدر ثم فضل بأنواع الخطاب أهل التمييز والألباب, ثم اختار طائفة لصفوته, وهداهم لزوم طاعته, من اتباع سبل الأبرار, في لزوم السنن و الآثار, فزين قلوبهم بالإيمان, وأنطق ألسنتهم بالبيان, من كشف أعلام دينه, واتباع سنن نبيه, بالدؤوب في الرحل والأسفار, وفراق الأهل والأوطار, في جمع السنن ورفض الأهواء, والتفقه بترك الآراء, فتجرد القوم للحديث وطلبوه, ورحلوا فيه وكتبوه, وسألوا عنه وأحكموه, وذاكروا به ونشروه, وتفقهوا فيه وأصلوه, وفرعوا عليه وبذلوه, وبينوا المرسل من المتصل, والموقوف من المنفصل, والناسخ من المنسوخ, والمحكم من المفسوخ, والمفسر من المجمل, و المستعمل من المهمل, والمختصر من المتقصى, والملزوق من المتفصى, والعموم من الخصوص, والدليل من المنصوص, و المباح من المزجور, والغريب من المشهور ,والفرض من الإرشاد, والحتم من الإيعاد, والعدول من المجروحين, والضعفاء من المتروكين, وكيفية المعمول, والكشف عن المجهول, وما حرف المخزول, وقلب من المنحول, من مخايل التدليس, وما فيه من التلبيس, حتى حفظ
__________
(1) - في نسخة دار الكتب المصرية : بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين, قال الشيخ الإمام العلامة ,قدوة الحفاظ, أوحد النقاذ, أبوحاتم محمد بن حبان التميمي البستي, برد الله مضجعه, وأثابه الجنة,(1/12)
الله بهم الدين على المسلمين, وصانه عن ثلب القادحين, وجعلهم عند التنازع أئمة الهدى, و في النوازل مصابيح الدجى, فهم ورثة الأنبياء, ومأنس الأصفياء, وملجأ الأتقياء, ومركز الأولياء, فله الحمد على قدره وقضائه, وتفضله بعطائه, وبره ونعمائه, ومنه بآلائه
أشهد أن لا إله إلا الذي بهدايته سعد من اهتدى, وبتأييده رشد من اتعظ وارعوى, وبخذلانه ضل من زل وغوى, وحاد عن الطريقة المثلى, وأشهد أن محمدا عبده المصفى, ورسوله المرتضى, بعثه إليه داعيا, وإلى جنانه هاديا, فصلى الله عليه, وأزلفه في الحشر لديه, وعلى آله الطيبين الطاهرين أجمعين
أما بعد : فإن الله جل وعلا انتخب محمدا - صلى الله عليه وسلم - لنفسه وليا, وبعثه إلى خلقه نبيا, ليدعوا الخلق من عبادة الأشياء إلى عبادته, ومن أتباع السبل إلى لزوم طاعته, حيث كان الخلق في جاهلية جهلاء, وعصبية مضلة عمياء, يهيمون في الفتن حيارى, ويخوضون في الأهواء سكارى, يترددون في بحار الضلالة, ويجولون في أودية الجهالة, شريفهم مغرور, و وضيعهم مقهور, فبعثه الله إلى خلقه رسولا, وجعله إلى جنانه دليلا,فبلغ - صلى الله عليه وسلم - عنه رسالاته, وبين المراد عن آياته, وأمر بكسر الأصنام, ودحض الأزلام, حتى أسفر الحق عن محضه, وأبدى الليل عن صبحه, وانحط به أعلام الشقاق, وانهشم بيضة النفاق, وإن في لزوم سنته تمام السلامة, وجماع الكرامة, لا تطفأ سرجها, ولا تدحض حججها, من لزمها عصم, ومن خالفها ندم, إذ هي الحصن الحصين, والركن الركين, الذي بان فضله, ومتن حبله, من تمسك به ساد, ومن رام خلافه باد, فالمتعلقون به أهل السعادة في الآجل, والمغبوطون بين الأنام في العاجل(1/13)
وإني لما رأيت الأخبار طرقها كثرت, ومعرفة الناس بالصحيح منها قلت, لاشتغالهم بكتبة الموضوعات, وحفظ الخطأ أو المقلوبات, حتى صار الخبر الصحيح مهجورا لا يكتب, والمنكر المقلوب عزيزا يستغرب, وأن من جمع السنن من الأئمة المرضيين, وتكلم عليها من أهل الفقه والدين, أمعنوا في ذكر الطرق للأخبار, وأكثروا من تكرار المعاد للآثار, قصدا منهم لتحصيل الألفاظ, على من رام حفظها من الحفاظ, فكان ذلك سبب اعتماد المتعلم على ما في الكتاب, وترك المقتبس التحصيل للخطاب, فتدبرت الصحاح لأسهل حفظها على المتعلمين, وأمعنت الفكر فيها لئلا يصعب وعيها على المقتبسين, فرأيتها تنقسم خمسة أقسام متساوية, متفقة التقسيم غير متنافية :
فأولها الأوامر التي أمر الله عباده بها, والثاني النواهي التي نهى الله عباده عنها, والثالث إخباره عما احتيج إلى معرفتها, و الرابع الإباحات التي أبيح ارتكابها, والخامس أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي انفرد بفعلها(1/14)
ثم رأيت كل قسم منها يتنوع أنواعا كثيرة, ومن كل نوع تتنوع علوم خطيرة, ليس يعقلها إلا العالمون, الذين هم في العلم راسخون, دون من اشتغل في الأصول بالقياس المنكوس, وأمعن في الفروع بالرأي المنحوس, وإنا نملي كل قسم بما فيه من الأنواع, وكل نوع بما فيه من الاختراع, الذي لا يخفي تحضيره على ذوي الحجا, ولا تتعذر كيفيته على أولي النهى, ونبدأ منه بأنواع تراجم الكتاب, ثم نملي الأخبار بألفاظ الخطاب, بأشهرها إسنادا, وأوثقها عمادا, من غير وجود قطع في سندها, ولا ثبوت جرح في ناقليها, لأن الاقتصار على أتم المتون أولى, والاعتبار بأشهر الأسانيد أحرى, من الخوض في تخريج التكرار, وإن آل أمره إلى صحيح الاعتبار, والله الموفق لما قصدنا بالإتمام, وإياه نسأل الثبات على السنة والإسلام, وبه نتعوذ من البدع والآثام, والسبب الموجب للانتقام, إنه المعين لأوليائه على أسباب الخيرات, و الموفق لهم سلوك أنواع الطاعات, وإليه الرغبة في تيسير ما أردنا, وتسهيل ما أومأنا, إنه جواد كريم, رؤوف رحيم
القسم الأول من أقسام السنن وهو الأوامر :
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه : تدبرت خطاب الأوامر عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لاستكشاف ما طواه في جوامع كلمه, فرأيتها تدور على مائة نوع, وعشرة أنواع, يجب على كل منتحل للسنن أن يعرف فصولها, وكل منسوب إلى العلم أن يقف على جوامعها, لئلا يضع السنن إلا في مواضعها, ولا يزيلها عن موضع القصد في سننها
فأما النوع الأول من أنواع الأوامر فهو لفظ الأمر الذي هو فرض على المخاطبين كافة في جميع الأحوال, وفي كل الأوقات, حتى لا يسع أحدا منهم الخروج منه بحال
النوع الثاني ألفاظ الوعد التي مرادها الأوامر باستعمال تلك الأشياء
النوع الثالث لفظ المر الذي أمر به المخاطبون في بعض الأحوال لا الكل
النوع الرابع لفظ الأمر الذي أمر به بعض المخاطبين في بعض الأحوال لا الكل(1/15)
النوع الخامس الأمر بالشيء الذي قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته, وعارضه بعض فعله ووافقه البعض
النوع السادس لفظ الأمر الذي قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته, قد يسع ترك ذلك الأمر المفروض عند وجود عشر خصال معلومة, فمتى وجد خصلة من هذه الخصال العشر كان الأمر باستعمال ذلك الشيء جائزا تركه, ومتى عدم هذه الخصال العشر كان الأمر باستعمال ذلك الشيء واجبا
النوع السابع الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ الأول منها فرض يشتمل على أجزاء وشعب, تختلف أحوال المخاطبين فيها, والثاني ورد بلفظ العموم والمراد منه استعماله في بعض الأحوال, لأن رده فرض على الكفاية, والثالث أمر وإرشاد
النوع الثامن الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ, الأول منها فرض على المخاطبين في بعض الأحوال, و الثاني فرض على المخاطبين في جميع الأحوال, والثالث أمر إباحة لاحتم
النوع التاسع الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر, أحدها فرض على جميع المخاطبين في جميع الأحوال, و الثاني والثالث أمر ندب وإرشاد لا فريضة وإيجاب
النوع العاشر الأمر بشيئين مقرونين في اللفظ, أحدهما فرض على بعض المخاطبين على الكفاية, والثاني أمر إباحة لا حتم
النوع الحادي عشر الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في اللفظ الأول منها فرض على المخاطبين في بعض الأحوال, والثاني فرض على بعض المخاطبين في بعض الأحوال, والثالث فرض على المخاطبين في جميع الأوقات
النوع الثاني عشر الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر, الأول منها فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات, والثاني فرض على المخاطبين في بعض الأحوال, والثالث فرض على بعض المخاطبين في بعض الأوقات, والرابع ورد بلفظ العموم وله تخصيصان اثنان من خبرين آخرين(1/16)
النوع الثالث عشر الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر, الأول منها فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات, والثاني فرض على المخاطبين في بعض الأحوال, والثالث فرض على بعض المخاطبين في بعض الأحوال, والرابع أمر تأديب وإرشاد أمر به المخاطب إلا عند وجود معلومة وخصال معدودة
النوع الرابع عشر الأمر بالشيء الواحد للشخصين المتباينين والمراد منه أحدهما لا كلاهما كلاهما
النوع الخامس عشر الأمر الذي أمر به إنسان بعينه في شيء معلوم لا يجوز لأحد بعده استعمال ذلك الفعل إلى يوم القيامة وإن كان ذلك الشيء معلوما يوجد
النوع السادس عشر الأمر بفعل عند وجود سبب لعلة معلومة وعند عدم ذلك السبب الأمر بفعل ثان لعله معلومة خلاف تلك العلة المعلومة التي من أجلها أمر بالأمر الأول
النوع السابع عشر الأمر بأشياء معلومة قد كرر بذكر الأمر بشيء من تلك الأشياء المأمور بها على سبيل التأكيد
النوع الثامن عشر الأمر باستعمال شيء بإضمار سبب لا يجوز استعمال ذلك الشيء إلا باعتقاد ذلك السبب المضمر في نفس الخطاب
النوع التاسع عشر الأمر بالشيء الذي أمر على سبيل الحتم مراده استعمال ذلك الشيء مع الزجر عن ضده
النوع العشرون الأمر بالشيء الذي أمر به المخاطبون في بعض الأحوال عند وقتين معلومين على سبيل الفرض والإيجاب قد دل فعله على أن المأمور به في أحد الوقتين المعلومين غير فرض وبقي حكم الوقت الثاني على حالته
النوع الحادي والعشرون ألفاظ إعلام مرادها الأوامر التي هي المفسرة لمجمل الخطاب في الكتاب
النوع الثاني والعشرون لفظة أمر بشيء يشتمل على أجزاء وشعب فما كان من تلك الأجزاء والشعب بالإجماع أنه ليس بفرض فهو نفل ومل لم يدل الإجماع ولا الخبر على نفليته فهو حتم لا يجوز تركه بحال
النوع الثالت والعشرون الأوامر التي وردت بألفظ مجملة تفسير تلك الجمل في أخبار أخر
النوع الرابع والعشرون الأوامر التي وردت بألفاظ مجملة مختصرة ذكر بعضها في أخبار أخر(1/17)
النوع الخامس والعشرون الأمر بالشيء الذي بيان كيفيته في أفعاله - صلى الله عليه وسلم -
النوع السادس والعشرين الأمر بشيئين متضادين على سبيل الندب خير المأمور به بينهما حتى إنه ليفعل ما شاء من الأمرين المأمور بهما والقصد فيه الزجر عن شيء ثالث
النوع السابع والعشرون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر المراد من أحدهما الحتم والإيجاب مع إضمار شرط فيه قد قرن به حتى لا يكون الأمر بذلك الشيء إلا مقرونا بذلك الشرط الذي هو المضمر في نفس الخطاب والآخر أمر إيجاب على ظاهره يشتمل على الزجر عن ضده
النوع الثامن والعشرون لفظ الأمر الذي ظاهرة مستقل بنفسه وله تخصيصان اثنان, أحدهما من خبر ثان, و الآخر من الإجماع, وقد يستعمل الخبر مرة على عمومه, وتارة يخص بخبر ثان, وأخرى يخص بالإجماع
النوع التاسع والعشرون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر خير المأمور به بينهما حتى إنه موسع عليه أيفعل أيهما شاء منهما
النوع الثلاثون الأمر الذي ورد بلفظ البدل حتى لا يجوز استعماله إلا عند عدم السبيل إلى الفرض الأول
النوع الحادي والثلاثون لفظة أمر بفعل من أجل سبب مضمر في الخطاب, فمتى كان السبب للمضمر الذي من أجله أمر بذلك الفعل معلوما بعلم كان الأمر به واجبا وقد عدم علم ذلك السبب بعد قطع الوحي فغير جائز استعمال ذلك الفعل لحد إلى يوم القيامة
النوع الثاني والثلاثون الأمر باستعمال فعل عند عدم شيئين معلومين فمتى عدم الشيئان اللذان ذكرا في ظاهر الخطاب كان استعمال ذلك الفعل مباحا للمسلمين كافة ومتى كان أحد ذينك الشيئين موجودا كان استعمال ذلك الفعل منهيا عنه بعض الناس وقد يباح استعمال ذلك الفعل تارة لمن وجد فيه الشيئان اللذان وصفتهما كما زجر عن استعماله تارة أخرى من وجدا فيه
النوع الثالث والثلاثون الأمر بإعادة فعل قصد المؤدي لذلك الفعل أداءه فأتى به على غير الشرط الذي أمر به(1/18)
النوع الرابع والثلاثون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر عند حدوث سببين, أحدهما معلوم يستعمل على كيفيته, والآخر بيان كيفيته في فعله وأمره
النوع الخامس والثلاثون الأمر بالشيء الذي أمر به بلفظ الإيجاب والحتم وقد قامت الدلالة من خبر ثان على أنه سنة, والقصد فيه علة معلومة أمر من أجلها هذا الأمر المأمور به
النوع السادس والثلاثون المر بالشيء الذي كان محظورا فأبيح به ثم نهي عنه ثم أبيح ثم نهي عنه فهو محرم إلى يوم القيامة
النوع السابع والثلاثون الأمر الذي خير المأمور به بين ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر عند عدم القدرة على كل واحد منها حتى يكون المقترض عليه عند العجز عن الأول له يؤدي الثاني وعند العجز الثاني له أن يؤدي الثالث
النوع الثامن والثلاثون لفظ الأمر الذي خير المأمور به بين أمرين بلفظ التخيير على سبيل الحتم والايجاب حتى يكون المفترض عليه له أن يؤدي أيهما شاء منها
النوع التاسع والثلاثون لفظ الأمر الذي خير المأمور به بين أشياء محصورة من عدد معلوم حتى لا يكون له تعدي ما خير فيه إلى ما هو أكثر منه من العدد
النوع الاربعون الأمر الذي هو فرض خير المأمور به بين ثلاثة أشياء حتى يكون المفترض عليه اه أن يؤدي أيما شاء من الأشياء الثلاث
النوع الحادي والأربعون الأمر بالشيء الذي خير المأمور به في أدائه بين صفات ذوات عدد ثم ندب إلى الأخذ منها بأيسرها عليه
النوع الثاني والأربعون الأمر الذي خير المأمور به في أدائه بين صفات أربع حتى يكون المأمور به له أن يؤدي ذلك الفعل بأي صفة من تلك الصفات الأربع شاء والقصد فيه الندب والارشاد
النوع الثالث والأربعون الأمر الذي هو مقرون بشرط فمتى كان ذلك الشرط موجودا كان الأمر واجبا ومتى عدم ذلك الشرط بطل ذلك الأمر
النوع الرابع والأربعون الأمر بفعل مقرون بشرط حكم ذلك الفعل على الإيجاب وسبيل الشرط على الإرشاد(1/19)
النوع الخامس والأربعون الأمر الذي أمر بإضمار شرط في ظاهر الخطاب فمتى كان ذلك الشرط المضمر موجودا كان الأمر واجبا ومتى عدم ذلك الشرط جاز استعمال ضد ذلك الأمر
النوع السادس والأربعون الأمر بشيئين مقرونين في الذكر أحدهما فرض قامت الدلالة من خبر ثان على فرضيته والآخر نفل دل الإجماع على نفليته
النوع السابع والأربعون الأمر بشيئين في الذكر أحداهما أراد به التعليم والآخر أمر إباحة لا حتم
النوع الثامن والأربعون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر أحداهما فرض على جميع المخاطبين في كل الأوقات والثني فرض على بعض الخاطبين في بعض الأحوال والثالث له تخصيصات اثنان من خبرين آخرين حتى لا يجوز استعماله على عموم ما ورد الخبر فيه إلا بأحد التخصيصين اللذين ذكرتهما
النوع التاسع والأربعون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر المراد من اللفظين الاوليتين أمر فضيلة وإرشاد والثالث أمر إباحة لا حتم
النوع الخمسون الأمر بثلاثة أشياء مقرونة في الذكر الأول منها فرض لا يجوز تركه والثاني والثالث أمران لعله معلومة مرادها الندب والإرشاد
النوع الحادي والخمسون الأمر بأربعة أشياء مقرونة في الذكر الأول والثالث أمرا ندب وإرشاد والثاني قرن بشرط فالفعل المشار إليه في نفسه نفل والشرط الذي قرن به فرض والرابع أمر إباحة لاحتم
النوع الثاني والخمسون الأمر بالشيء يذكر تعقيب شيء ماض والمراد منه بدايته فأطلق الأمر بلفظ التعقيب والقصد منه البداية لعدم ذلك التعقيب إلا بتلك البداية
النوع الثالث والخمسون الأمر بفعل في أوقات معلومة من أجل سبب معلوم فمتى صادف المرء ذلك السبب في أحد الأوقات المذكورة سقط عنه ذلك في سائرها وإن كان ذلك أمر ندب وإرشاد
النوع الرابع والخمسون الأمر بفعل مقرون بصفة معين عليها يجوز استعمال ذلك الفعل بغير تلك الصفة التي قرنت به(1/20)
النوع الخامس والخمسون الأمر من أجل علل مضمرة في نفس الخطاب لم تبين كيفيتها في ظواهر الأخبار
النوع السادس والخمسون الأمر بخمسة شياء مقرونة في الذكر الأول منها بلفظ العموم والمراد منه الخاص, والثاني والثالث لكل واحد منهما تخصيصان اثنان كل واحد منهما من سنة ثابتة والرابع قصد به بعض المخاطبين في بعض الأحوال والخامس فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الآخرين فرضه
النوع السابع والخمسون الأمر بستة أشياء مقرونة في اللفظ, الثلاثة الأول فرض على المخاطبين في بعض الأحوال, والثلاثة الأخر فرض على المخاطبين في كل الأحوال
النوع الثامن والخمسون الأمر بسبعة أشياء مقرونة في الذكر الأول والثاني منهما أمرا ندب وإرشاد, و الثالث والرابع أطلقا بلفظ العموم والمراد منه البعض لا الكل والخامس والسابع أمرا حتم وإيجاب في الوقت دون الوقت والسادس أمر باستعماله على العموم والمراد منه استعماله مع المسلمين دون غيرهم
النوع التاسع والخمسون الأمر بفعل عند وجود شيئين معلومين والمراد منه أحدهما لا كلاهما لعدم اجتماعهما معا في السبب الذي من أجله أمر بذلك الفعل
النوع الستون الأمر بترك طاعة المرء بإتيانها من غير إرداف ما يشبهها أو تقديم مثلها
النوع الحادي والستون المر بشيئين مقرونين فب الذكر أحدهما فرض لا يسع رفضه والثاني مراده التغليط والتشديد دون الحكم
النوع الثاني والستون لفظة أمر قرن بزجر عن ترك استعمال شيء قد قرن إباحته بشرطين معلومين ثم قرن أحد الشرطين بشرط ثالث حتى لا يباح ذلك الفعل إلا بهذه الشرائط المذكورة
النوع الثالث والستون الأمر بالشيء الذي مراده التحذير مما يتوقع في المتعقب مما حظر عليه
النوع الرابع والستون الأمر بالشيء الذي مراده الزجر عن سبب ذلك الشيء المأمور به(1/21)
النوع الخامس والستون الأمر بالشيء الذي خرج مخرج الخصوص والمراد من إيجابه على بعض المسليمن إذا كان فيهم الالة التي من أجلها أمر بذلك الفعل موجودة
النوع السادس والستون لفظة أمر بقول مرادها استعماله بالقلب دون النطق باللسان
النوع السابع والستون الأوامر التي أمر باستعمالها قصدا منه للإرشاد وطلب الثواب
النوع الثامن والستون الأمر بشيء يذكر بشرط معلوم زاد ذلك الشرط أو نقص عن تحصيره كان الأمر حالته واجبا بعد أن يوجد من ذلك الشرط ما كان من غير تحصير معلوم
النوع التاسع والستون الأمر بالشيء الذي أمر من أجل سبب تقدم والمراد منه التأديب لئلا يرتكب المرء ذلك السبب الذي من أجله أمر بذلك الأمر من غير عذر
النوع السبعون الأوامر التي وردت مرادها الإباحة والإطلاق دون الحكم والإيجاب
النوع الحادي والسبعون الأوامر التي أبيحت من أجل أشياء محصورة على شرط معلوم للسعة والترخيص
النوع الثاني والسبعون الأمر بالشيء عند حدوث سبب بإطلاق اسم المقصود على سببه
النوع الثالث والسبعون الأوامر التي وردت مرادها التهديد والزجر عن ضد الأمر الذي أمر به
النوع الرابع والسبعون الأمر بالشيء عند فعل ماض مراده جواز استعمال ذلك الفعل المسؤول عنه مع إباحة استعماله مرة أخرى
النوع الخامس والسبعون الأمر باستعمال شيء قصد به الزجر استعمال شيء ثان والمراد منهما معا علة مضمرة في نفس الخطاب لا أن استعمال ذلك الفعل محرم وإن زجر عن ارتكابه
النوع السادس والسبعون الأمر بالشيء الذي مراده التعليم حيث جهل المأمور به كيفية استعمال ذلك الفعل لا أنه أمر على سبيل الحتم والإيجاب
النوع السابع والسبعون الأمر الذي أمر به والمراد الوثيقة ليحتاط المسلمون لدينهم عند الإشكال بعده
النوع الثامن والسبعون الأوامر التي أمرت مرادها التعليم(1/22)
النوع التاسع والسبعون الأمر بالشيء الذي أمر به لعلة معلومة لم تذكر في نفس الخطاب وقد دل الإجماع على نفي إمضاء حكمه على ظاهره
النوع الثمانون الأمر باستعمال شيء بإطلاق اسم على ذلك الشيء والمراد منه ما تولد منه لا نفس ذلك الشيء
النوع الحادي والثمانون ألفاظ الأوامر التي أطلقت بالكنايات دون التصريح
النوع الثاني والثمانون الأوامر التي أمر بها النساء في بعض الأحوال دون الرجال
النوع الثالث والثمانون الأوامر التي وردت بألفاظ التعريض مرادها الأوامر باستعمالها
النوع الرابع والثمانون لفظة أمر بشيء المسألة مراده استعماله على سبيل العتاب لمرتكب ضده
النوع الخامس والثمانون الأمر بالشيء الذي قرن بذكر نفي الاسم عن ذلك الشيء لنقصه عن الكمال
النوع السادس والثمانون الأمر الذي قرن بذكر عدد معلوم من غير أن يكون المراد من ذكر ذلك العدد نفيا عما وراءه
النوع السابع والثمانون الأمر بمجنبة شيء مراده الزجر عما تولد ذلك الشيء منه
النوع الثامن والثمانون الأمر الذي ورد بلفظ الرد والإرجاع مرادة نفي جواز استعمال الفعل دون إجازته وإمضائه النوع التاسع والثمانون ألفاظ المدح للأشياء التي مرادها الأوامر بها
النوع التسعون الأوامر المعللة التي قرنت بشرائط يجوز القياس عليها
النوع الحادي والتسعون لفظ الإخبار عن نفي شيء إلا بذكر عدد محصور مراده الأمر على سبيل الإيجاب قد استثنى بعض ذلك العدد المحصور بصفة معلومة فأسقط عنه حكم ما دخل تحت ذلك العدد المعلوم الذي من أجله أمر بذلك الأمر
النوع الثاني والتسعون ألفاظ الإخبار للأشياء التي مرادها الأوامر بها
النوع الثالث والتسعون الإخبار عن الأشياء التي مرادها الأمر بالمداومة عليها
النوع الرابع والتسعون الأوامر المضادة التي هي من اختلاف المباح
النوع الخامس والتسعون الأوامر التي أمرت لأسباب موجودة وعلل معلومة(1/23)
النوع السادس والتسعون لفظة أمر بفعل مع استعمله ذلك الأمر المأمور به ثم نسخها فعل ثان وأمر آخر
النوع السابع والتسعون الأمر الذي هو فرض خير المأمور به بين أدائه وبين تركه مع الاقتداء ثم نسخ الاقتداء والتخيير جميعا وبقي الفرض الباقي من غير تخيير
النوع الثامن والتسعون الأمر بالشيء الذي أمر به ثم حرم ذلك الفعل على الرجال وبقي حكم النساء مباحا لهن استعماله
النوع التاسع والتسعون ألفاظ أوامر منسوخة نسخت بألفاظ أخرى من ورود إباحة على حظر أو حظر على إباحة
النوع المئة الأمر الذي هو المستثنى من بعض ما أبيح بعد حظره
النوع الحادي والمئة الأمر بالأشياء التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها
النوع الثاني والمئة ألفاظ أوامر أطلقت بألفاظ المجاورة من غير وجود حقائقها
النوع الثالث والمئة الأوامر التي أمر قصدا لمخالفة المشركين وأهل الكتاب
النوع الرابع والمئة الأمر بالأدعية التي يتقرب العبد بها إلى بارئه جل وعلا
النوع الخامس والمئة الأمر بأشياء أطلقت بألفاظ إضمار القصد في نفس الخطاب
النوع السادس والمئة الأمر الذي أمر لعلة معلومة فارتفعت العلة وبقي الحكم على حالته فرضا إلى يوم القيامة
النوع السابع والمئة الأمر بالشيء على سبيل الندب عند سبب متقدم ثم عطف بالزجر عن مثله مراده السبب المتقدم لا نفس ذلك الشيء المأمور به
النوع الثامن والمئة الأمر بالشيء الذي قرن بشرط معلوم مراده الزجر عن ضد ذلك الشرط الذي قرن بالأمر
النوع التاسع والمئة الأمر بالشيء الذي قصد به مخالفة أهل الكتاب قد خير المأمور به بين أشياء ذوات عدد بلفظ مجمل ثم استثنى من تلك الأشياء شيء فزجر عنه وثبتت الباقية على حالتها مباحا استعمالها
النوع العاشر والمئة الأمر بالشيء الذي مراده الإعلام بنفي جواز استعمال ذلك الشيء لا الأمر به
القسم الثاني من أقسام السنن وهو النواهي(1/24)
قال رضى الله تعالى عنه : وقد تتبعت النواهي عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وتدبرت جوامع فصولها وأنواع ورودها لأن مجراها في تشعب الفصول مجرى الأوامر في الأصول فرأيتها تدور على مائة نوع وعشرة أنواع :
النوع الأول الزجر عن الاتكال على الكتاب وترك الأوامر والنواهي عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
النوع الثاني ألفاظ إعلام لشياء وكيفيتها مرادها الزجر عن ارتكابها
النوع الثالث الزجر عن أشياء زجر عنها المخاطبون في كل الأحوال وجميع الأوقات حتى لا يسع أحدا منهم ارتكابها بحال
النوع الرابع الزجر عن أشياء زجر بعض المخاطبين عنها في بعض الأحوال لا الكل
النوع الخامس الزجر عن أشياء زجر عنه الرجال دون النساء
النوع السادس الزجر عن أشياء زجر عنه النساء دون الرجال
النوع السابع الزجر عن أشياء زجر عنها بعض النساء في بعض الأحوال لا الكل
النوع الثامن الزجر عن أشياء زجر عنها المخاطبون في أوقات معلومة مذكورة في نفس الخطاب والمراد منها بعض الحوال في بعض الأوقات المذكورة في ظاهر الخطاب
النوع التاسع الزجر عن الأشياء التي وردت بألفاظ مختصرة ذكر نقيضها في أخبار أخر
النوع العاشر الزجر عن أشياء وردت بألفاظ مجملة تفسير تلك الجمل في أخبار أخر
النوع الحادي عشر الزجر عن الشيء الذي ورد بلفظ العموم وبيان تخصيصه في فعله
النوع الثاني عشر الزجر عن الشيء بلفظ العموم من أجل علة لم تذكر في نفس الخطاب وقد ذكرت في خبر ثان فمتى كانت تلك العلة موجودة كان استعماله مزجورا عنه ومتى عدمت تلك العلة موجودة كان استعماله مزجرا عنه ومتى عدمت تلك العلة جاز استعماله وقد يباح هذا الشيء المزجر عنه في حالتين أخريين وإن كانت تلك العلة أيضا موجودة والزجر قائم
النوع الثالث عشر الزجر عن الشيء بلفظ العموم الذي استثنى بعض ذلك العموم فأبيح بشرائط معلومة في أخبار أخر(1/25)
النوع الرابع عشر الزجر عن الشيء بلفظ العموم الذي أبيح ارتكابه في وقتين معلومين أحدهما منصوص من خبر ثان و الثاني مستنبط من سنة أخرى
النوع الخامس عشر الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر الأول والثاني قصد بهما الرجال دون النساء والثالث قصد به الرجال والنساء جميعا من أجل علة مضمرة في نفس الخطاب قد بين كيفيتها في خبر ثان
النوع السادس عشر الزجر عن الشيء المخصوص في الذكر الذي قد يشارك مثله فيه والمراد منه التأكيد
النوع السابع عشر الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر أحدها قصد به الندب والإرشاد والثاني زجر عنه لعلة معلومة فمتى ككانت تلك العلة التي من أجلها زجر عن هذا الشيء موجودة كان الزجر واجبا ومتى عدمت تلك العلة كان استعمال ذلك الشيء المزجور عنه مباحا والثالث زجر عن فعل في وقت معلوم مراده ترك استعماله في ذلك الوقت وقبله وبعده
النوع الثامن عشر الزجر عن الشيء بلفظ التحريم الذي قصد به الرجال دون النساء وقد يحل لهم استعمال هذا الشيء المزجور عنه في حالتين لعلتين معلومتين
النوع التاسع عشر الزجر عن الأشياء التي وردت في أقوام بأعيانهم يكون حكمهم وحكم غيرهم من المسلمين فيه سواء
النوع العشرون الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر المراد من الشيئين الأولين الرجال دون النساء والشيء الثالث قصد به الرجال والنساء جميعا في بعض الأحوال لا الكل
النوع الحادي والعشرون الزجر عن الشيء الذي رخص لبعض الناس في استعماله لسبب متقدم ثم حظر ذلك بالكلية عليه وعلى غيره والعلة في هذا الزجر القصد فيه مخالفة المشركين
النوع الثاني والعشرون الزجر عن الشيء الذي زجر عنه إنسان بعينه والمراد منه بعض الناس في بعض الأحوال
النوع الثالث والعشرون الزجر عن الأشياء التي قصد بها الاحتياط حتى يكون المرء لا يقع عند ارتكابها فيما حظر عليه(1/26)
النوع الرابع والعشرون الزجر عن أشياء زجر عنها بلفظ العموم وقد أضمر كيفية تلك الأشياء في نفس الخطاب
النوع الخامس والعشرون الزجر عن الشيء الذي مخرجه مخرج الخصوص لقوام بأعيانهم عن شيء بعينه يقع الخطاب عليهم وعلى غيرهم ممن بعدهم إذا كان السبب الذي من أجله نهي عن ذلك الفعل موجودا
النوع السادس والعشرون الزجر عن الشيء بلفظ العموم الذي زجر عنه الرجال والنساء ثم استثنى منه بعض الرجال وأبيح لهم ذلك وبقي حكم النساء وبعض الرجال على حالته
النوع السابع والعشرون الزجر عن أن يفعل بالمرء بعد الممات ما حرم عليه قبل موته لعلة معلومة من أجلها حرم عليه ما حرم
النوع الثامن والعشرون الزجر عن الشيء الذي ورد بلفظ الإسماع لمن ارتكبه قد أضمر فيه شرط معلوم لم يذكر في نفس الخطاب
النوع التاسع والعشرون الزجر عن الشيء الذي قصد به المخاطبون في بعض الأحوال وأبيح للمصطفى - صلى الله عليه وسلم - استعمله لعلة معلومة ليست في أمته
النوع الثلاثون الزجر عن شيئين مقرونين في الذكر بلفظ العموم أحدهما مستعمل على عمومه والثاني تخصيصه في فعله
النوع الحادي والثلاثون لفظ التغليط على من أتى بشيئين من الخبر في وقتين معلومين قصد به أحد الشيئين المذكورين في الخطاب مما رقع التغليط على مرتكبهما معا
النوع الثاني والثلاثون الإخبار عن نفي جواز شيء بشرط معلوم مراده الزجر عن استعماله إلا عند وجود إحدى ثلاث خصال معلومة
النوع الثالث والثلاثون لفظة إخبار عن شيء مراده الزجر عن شيء ثان قد سئل عنه فزجر عن الشيء الذي سئل عنه بلفظ الإخبار عن شيء آخر
النوع الرابع والثلاثون الزجر عن سبعة أشياء مقرونة في الذكر, الأول منها حتم على الرجال دون النساء, والثاني و الثالث قصد بهما الاحتياط والتورع, والرابع والخامس والسادس قصد بها بعض الرجال دون النساء, والسابع قصد به مخالفة المشركين على سبيل الحتم(1/27)
النوع الخامس والثلاثون الزجر عن استعمال فعل من أجل علة مضمرة في نفس الحطاب قد أبيح استعمال مثله بصفة أخرى عند عدم تلك العلة التي هي مضمرة في نفس الخطاب
النوع السادس والثلاثون الزجر عن الشيء الذي هو منسوخ بفعله, وترك الإنكار على مرتكبه عند المشاهدة
النوع السابع والثلاثون الزجر عن الشيء عند حدوث سبب مراده متعقب ذلك السبب
النوع الثامن والثلاثون الزجر عن الشيء الذي قرن به إباحة شيء ثان والمراد به الزجر عن الجمع بينهما في شخص واحد لا انفراد كل واحد منهما
النوع التاسع والثلاثون الزجر عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر, الأول والثاني بلفظ العموم قصد بهما المخاطبون في بعض الأحوال, والثالث بلفظ العموم ذكر تخصيصه في خبر ثان من أجل علة معلومة مذكورة
النوع الأربعون الزجر عن الشيء الذي هو البيان لمجمل الخطاب في الكتاب ولبعض عموم السنن
النوع الحادي والأربعون الزجر عن الشيء عند عدم سبب معلوم, فمتى كان ذلك السبب موجودا كان الشيء المزجور عنه مباحا ومتى عدم ذلك السبب كان الزجر واجبا
النوع الثاني والأربعون الزجر عن الشيء الذي قرن بشرط معلوم, فمتى كان ذلك الشرط موجودا كان الزجر حتما ومتى عدم ذلك الشرط جاز استعمال ذلك الشيء
النوع الثالث والأربعون الزجر عن أشياء لأسباب موجودة وعلل معلومة مذكورة في نفس الخطاب
النوع الرابع والأربعون الأمر باستعمال فعل مقرون بترك ضده مرادهما الزجر عن شيء ثالث استعمل هذا الفعل من أجله
النوع الخامس والأربعون الزجر عن الشيء الذي نهي عن استعماله بصفة, ثم أبيح استعماله بعينة بصفة أخرى غير تلك الصفة التي من أجلها نهي عنه إذا تقدمه مثله من الفعل
النوع السادس والأربعون الزجر عن أشياء معلومة بألفاظ الكنايات دون التصريح
النوع السابع والأربعون الزجر عن استعمال شيء عند حدوث شيئين معلومين أضمر كيفيتهما في نفس الخطاب والمراد منه إفرادهما واجتماعهما(1/28)
النوع الثامن والأربعون الزجر عن الشيء الذي هو منسوخ نسخة فعله وإباحته جميعا
النوع التاسع والأربعون الزجر عن أشياء قصد بها الندب والإرشاد لا الحتم والإيجاب
النوع الخمسون لفظة إباحة لشيء سئل عنه مراده الزجر عن استعمال ذلك الشيء المسؤول عنه بلفظ الإباحة
النوع الحادي والخمسون الزجر عن الشيء الذي قصد به الزجر عما يتولد من ذلك الشيء, لا أن ذلك الشيء الذي زجر في ظاهر الخطاب عنه منهي عنه إذا لم يكن ما يتولد منه موجودا
النوع الثاني والخمسون الزجر عن أشياء بإطلاق ألفاظ بواطنها بخلاف الظواهر منها
النوع الثالث والخمسون الزجر عن فعل من أجل شيء يتوقع فما دام يتوقع كون ذلك الشيء كان الزجر قائما عن استعمال ذلك الفعل ومتى عدم ذلك الشيء جاز استعماله
النوع الرابع والخمسون الزجر عن الأشياء التي أطلقت بألفاظ التهديد دون الحكم قصد الزجر عنها بلفظ الإخبار النوع الخامس والخمسون ألفاظ تعبير لأشياء مرادها الزجر عن استعمالها تورعا
النوع السادس والخمسون الإخبار عن الشيء الذي مراده الزجر عن استعمال فعل من أجل سبب قد يتوقع كونه
النوع السابع والخمسون الزجر عن إتيان طاعة بلفظ العموم إذا كانت منفردة حتى تقرن بأخرى مثلها, قد يباح تارة أخرى استعمالها مفردة في حالة غير تلك الحالة التي نهي عنها مفردة
النوع الثامن والخمسون الزجر عن الشيء الذي نهي عنه لعلة معلومة, فمتى كانت تلك العلة موجودة كان الزجر واجبا, وقد يبيح هذا الزجر شرط آخر, وإن كانت العلة التي ذكرناها معلومة
النوع التاسع والخمسون الإعلام للشيء الذي مراده الزجر عن شيء ثان
النوع الستون الأمر الذي قرن بمجانبته مدة معلومة, مراده الزجر عن استعماله في الوقت المزجور عنه, والوقت الذي أبيح فيه
النوع الحادي والستون الزجر عن الشيء بإطلاق نفي كون مرتكبه من المسلمين, والمراد منه ضد الظاهر في الخطاب(1/29)
النوع الثاني والستون الزجر عن أشياء وردت بألفاظ التعريض دون التصريح
النوع الثالث والستون تمثيل الشيء الذي أريد به الزجر عن استعمال ذلك الشيء الذي يمثل من أجله
النوع الرابع والستون الزجر عن مجاورة شيء عند وجوده مع النهي عن مفارقته عند ظهوره
النوع الخامس والستون لفظة إخبار عن فعل مرادها الزجر عن استعماله قرن بذكر وعيد مراده نفي الاسم عن الشيء للنقص عن الكمال
النوع السادس والستون الأمر بالشيء الذي سئل عنه بوصف مراده الزجر عن استعمال ضده
النوع السابع والستون الزجر عن الشيء بذكر عدد محصور, من غير أن يكون المراد من ذلك العدد نفيا عما وراءه, أطلق هذا الزجر بلفظ الإخبار
النوع الثامن لفظة إخبار عن فعل مرادها الزجر عن ضد ذلك الفعل
النوع التاسع والستون لفظة استخبار عن فعل مرادها الزجر عن استعمال ذلك الفعل المستخبر عنه
النوع السبعون لفظة استخبار عن شيء مرادها الزجر عن استعمال شيء ثان
النوع الحادي والسبعون الزجر عن الشيء بذكر عدد محصور, من غير أن يكون المراد فيما دون دون ذلك العدد المحصور مباحا
النوع الثاني والسبعون الزجر عن استعمال شيء من أجل علة مضمرة في نفس الخطاب, فأوقع الزجر على العموم فيه من غير ذكر تلك العلة
النوع الثالث والسبعون فعل فع بأمته - صلى الله عليه وسلم - مراده الزجر عن استعماله بعينه
النوع الرابع والسبعون الزجر عن الشيء الذي يكون مرتكبه مأجورا حكمه في ارتكابه ذلك الشيء المزجور عنه حكم من ندب إليه وحث عليه
النوع الخامس والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما نهي عنه من الأشياء التي غير جائز ارتكابها
النوع السادس والسبعون الإخبار عن ذم أقوام بأعيانهم من أجل أوصاف معلومة ارتكبوها مراده الزجر عن استعمال تلك الأوصاف بأعيانها
النوع السابع والسبعون لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن استعماله لأقوام بأعيانهم عند وجود نعت معلوم فيهم قد أضمر كيفية ذللك النعت في ظاهر الخطاب(1/30)
النوع الثامن والسبعون لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن استعمال بعض ذلك الشيء لا الكل
النوع التاسع والسبعون لفظة عن نفي فعل مرادها الزجر عن استعماله لعلة معلومة
النوع الثمانون الإخبار عن نفي شيء عند كونه والمراد منه الزجر عن بعض ذلك الشيء لا الكل
النوع الحادي والثمانون ألفاظ إخبار عن نفي أفعال مرادها الزجر عن تلك الخصال بأعيانها
النوع الثاني والثمانون ألفاظ إخبار عن نفي أشياء مرادها الزجر عن الركون إليها أو مباشرتها من حيث لا يجب
النوع الثالث والثمانون الإخبار عن الشيء بلفظ المجاورة مرادها الزجر عن الخصال التي قرن بمرتكبها من أجلها ذلك الاسم
النوع الرابع والثمانون ألفاظ إخبار عن أشياء مرادها الزجر عنها بإطلاق استحقاق العقوبة على تلك الأشياء والمراد منه مرتكبها لا نفسها
النوع الخامس والثمانون الإخبار عن استعمال شيء مراده الزجر عن شيء ثان من أجله أخبر عن استعمال هذا الفعل
النوع السادس والثمانون ألفاظ الإخبار عن أشياء بتباين الألفاظ مرادها الزجر عن استعمال تلك الأشياء بأعيانها
النوع السابع والثمانون ألفاظ التمثيل لشياء بلفظ العموم الذي بيان تخصيصها في أخبار أخر قصد بها الزجر عن بعض ذلك العموم
النوع الثامن والثمانون لفظة إخبار عن شيء مرادها الزجر عن استعمال بعض الناس لا الكل
النوع التاسع والثمانون ألفاظ الاستخبار عن أشياء مرادها الزجر عن استعمال تلك الأشياء التي استخبر عنها قصد بها التعليم على سبيل العتب
النوع التسعون لفظة إخبار عن ثلاثة أشياء مقرونة في الذكر بلفظ العموم المراد من أحدها الزجر عنه لعلة مضمرة لم تذكر في نفس الخطاب والثاني والثالث مزجور ارتكابهما في كل الأحوال على عموم الخطاب
النوع الحادي والتسعون الإخبار عن أشياء بألفاظ التحذير مرادها الزجر عن الأشياء التي حذر عنها في نفس الخطاب(1/31)
النوع الثاني والتسعون الإخبار عن نفي جواز أشياء معلومة مرادها الزجر عن إتيان تلك الأشياء بتلك الأوصاف
النوع الثالث والتسعون الزجر عن الشيء الذي زجر عنه بعض المخاطبين في بعض الأحوال وعارضه في الظاهر بعض فعله ووافقه البعض
النوع الرابع والتسعون الزجر عن الشيء بإطلاق الاسم الواحد على الشيئين المختلفي المعنى, فيكون أحدهما مأمورا به والآخر مزجورا عنه
النوع الخامس والتسعون الإخبار عن الشيء بلفظ نفي استعماله في وقت معلوم, مراده الزجر عن استعماله في كل الأوقات لا نفيه
النوع السادس والتسعون الزجر عن الشيء بلفظة قد استعمل مثله - صلى الله عليه وسلم - قد أدي الخبران عنه بلفظة واحدة معناها غير شيئين
النوع السابع والتسعون الزجر عن استعمال شيء بصفة مطلقة, يجوز استعماله بتلك الصفة إذا قصد بالأداء غيرها
النوع الثامن والتسعون الزجر عن الشيء بصفة معلومة قد أبيح استعماله بتلك الصفة المزجور عنها بعينها لعلة تحدث
النوع التاسع والتسعون الزجر عن الشيء الذي هو البيان لمجمل الخطاب في الكتاب
النوع المئة الإخبار عن شيئين مقرونين في الذكر المراد من أحدهما الزجر عن ضده, والآخر أمر ندب و إرشاد
النوع الحادي والمئة الزجر عن الشيء الذي كان مباحا في كل الأحوال, ثم زجر عنه بالنسخ في بعض الأحوال, وبقي الباقي على حالته مباحا في سائر الأحوال
النوع الثاني والمئة الزجر عن الشيء الذي كان مباحا في جميع الأحوال, ثم زجر عن قليله وكثيره في جميع الأوقات بالنسخ
النوع الثالث والمئة الإخبار عن الشيء الذي مراده الزجر عنه على سبيل العموم, وله تخصيص من خبر ثان
النوع الرابع والمئة الزجر عن الشيء الذي أباح لهم ارتكابه, ثم أباح لهم استعماله بعد هذا الزجر مدة معلومة, ثم نهى عنه بالتحريم فهو محرم إلى يوم القيامة
النوع الخامس والمئة الزجر عن الشيء من أجل سبب معلوم, ثم أبيح ذلك الشيء بالنسخ, وبقي السبب على حالته محرما(1/32)
النوع السادس والمئة الزجر عن الشيء الذي عرضه إباحة ذلك الشيء بعينيه من غير أن يكون بينهما في الحقيقة تضاد و لا تهاتر
النوع السابع والمئة الأمر بالشيء الذي مراده الزجر عن ضد ذلك الشيء المأمور به لعلة مضمرة في نفس الخطاب
النوع الثامن والمئة الزجر عن الشياء التي قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب
النوع التاسع والمئة ألفاظ الوعيد على أشياء, مرادها الزجر عن ارتكاب تلك الشياء بأعيانها
النوع العاشر والمئة الأشياء التي كان يكرهها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستحب مجانبتها, وإن لم يكن في ظاهر الخطاب النهي عنها مطلقا
القسم الثالث من أقسام السنن وهو إخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عما احتيج إلى معرفتها
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه : وأما إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - عما احتيج إلى معرفتها فقد تأملت جوامع فصولها, وأنواع ورودها, لأسهل إدراكها على من رام حفظهما, فرأيتها تدور على ثمانين نوعا :
النوع الأول إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن بدء الوحي وكيفيته
النوع الثاني إخباره عما فضل به على غيره من الأنبياء صلوات الله عليه وعليهم
النوع الثالث الإخبار عما أكرمه الله وجل وعلا وأراه إياه وفضله به على غيره
النوع الرابع إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي مضت متقدمة من فصول الأنبياء بأسمائهم وأنسابهم
النوع الخامس إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن فصول الأنبياء كانو قبله من غير ذكر أسمائهم
النوع السادس إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأمم السالفة
النوع السابع إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشياء التي أمره الله جل وعلا بها
النوع الثامن إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة رجالهم ونسائهم بذكر أسمائهم
النوع التاسع إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن فضائل أقوام بلفظ الإجمال من غير ذكر أسمائهم(1/33)
النوع العاشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أراد بها تعليم أمته
النوع الحادي عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أراد بها تعليم بعض أمته
النوع الثاني عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي هي البيان عن اللفظ العام الذي في الكتاب وتخصيصه في سنته
النوع الثالث عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بلفظ الإعتاب أراد به التعليم
النوع الرابع عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أثبتها بعض الصحابة وأنكرها بعضهم
النوع الخامس عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشياء التي أراد بها التعليم
النوع السادس عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء المعجزة التي هي من علامات النبوة
النوع السابع عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن نفي جواز استعمال فعل إلا عند أوصاف ثلاثة, فمتى كان أحد هذه الأوصاف الثلاثة موجودا كان استعمال ذلك الفعل مباحا
النوع الثامن عشر إخباره عن الشيء بذكر علة في نفس الخطاب, قد يجوز التمثيل بتلك العلة ما دامت العلة قائمة والتشبيه بها في الأشياء وإن لم يذكر في الخطاب
النوع التاسع عشر إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء بنفي دخول الجنة عن مرتكبها بتخصيص مضمر في ظاهر الخطاب المطلق
النوع العشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء حكاها عن جبريل عليه السلام
النوع الحادي والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي حكاه عن أصحابه
النوع الثاني والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي كان يتخوفها على أمته
النوع الثالث والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق اسم كلية ذلك الشيء على بعض أجزائه(1/34)
النوع الرابع والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن شيء مجمل قرن بشرط مضمر في نفس الخطاب, والمراد منه نفي جواز استعمال الأشياء التي لا وصول للمرء إلى أدائها إلا بنفسه, قاصدا فيها إلى بارئه جل وعلا دون ما تحتوي عليه النفس من الشهوات واللذات
النوع الخامس والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق اسم ما يتوقع في نهايته على بدايته قبل بلوغ النهاية فيه
النوع السادس والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق اسم المستحق لمن أتى ببعض ذلك الشيء الذي هو البداية كمن أتاه مع غيره إلى النهاية
النوع السابع والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق الاسم عليه والغرض منه الابتداء في السرعة إلى الإجابة مع إطلاق اسم ضده مع غيره للتثبط والتلكؤ عن الإجابة
النوع الثامن والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي تمثل بها مثلا
النوع التاسع والعشرون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بلفظ الإجمال الذي تفسير ذلك الإجمال بالتخصيص في أخبار ثلاثة غيره
النوع الثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما استأثر الله عز وعلا بعلمه دون خلقه ولم يطلع عليه أحدا من البشر
النوع الحادي والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن نفي شيء بعدد محصور من غير أن يكون المراد أن ما وراء ذلك العدد يكون مباحا والقصد فيه جواب خرج على سؤال بعينه
النوع الثاني والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي حصرها بعدد معلوم من غير أن يكون المراد من ذلك العدد نفيا عما وراءه
النوع الثالث والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي هو المستثنى من عدد محصور معلوم
النوع الرابع والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أراد أن يفعلها فلم يفعلها لعلة معلومة(1/35)
النوع الخامس والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي عارضه الأخبار من غير أن يكون بينهما تضاد لا تهاتر
النوع السادس والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي ظاهره مستقل بنفسه, وله تخصيصان اثنان, أحدثهما من سنة ثابتة والآخر من الإجماع, قد يستعمل الخبر مرة على عمومه, وأخرى يخص بخبر ثان, وتارة يخص بالإجماع
النوع السابع والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن لشيء بالإيماء المفهوم دن النطق باللسان
النوع الثامن والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن لشيء بإطلاق الاسم الواحد على الشيئين المختلفين عند المقارنة بينهما
النوع التاسع والثلاثون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بلفظ الإجمال الذي تفسير ذلك الإجمال في أخبار أخر
النوع الأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم -عن الشيء من أجل علة مضمرة لم تذكر في نفس الخطاب فمتى ارتفعت العلة التي هي مضمرة في الخطاب جاز استعمال ذلك الشيء ومتى عدمت بطل جواز ذلك الشيء
النوع الحادي والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء بألفاظ مضمرة بيان ذلك الإضمار في أخبار أخر
النوع الثاني والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء بإضمار كيفية حقائقها دون ظواهر نصوصها
النوع الثالث والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الحكم للأشياء التي تحدث في أمته قبل حدوثها
النوع الرابع والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق إثباته, وكونه باللفظ العام, والمراد منه كونه في بعض الأحوال, لا الكل
النوع الخامس والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بلفظ التشبيه مراده الزجر عن ذلك الشيء لعلة معلومة
النوع السادس والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بذكر وصف مصرح معلل يدخل تحت هذا الخطاب ما أشبهه إذا كانت العلة بالتي من أجلها أمر به موجودة(1/36)
النوع السابع والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق اسم الزوج على الواحد من الأشياء إذا قرن بمثله وإن لم يكن في الحقيقة كذلك
النوع الثامن والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب
النوع التاسع والأربعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أطلق الأسماء عليها لقربها من التمام
النوع الخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء بإطلاق نفي الأسماء عنها للنقص عن الكمال
النوع الحادي والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن أشياء بإطلاق التغليظ على مرتكبها مرادها التأديب دون الحكم
النوع الثاني والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أطلقها على سبيل المجاورة والقرب
النوع الثالث والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي ابتدأهم بالسؤال عنها ثم أخبرهم بكيفيتها
النوع الرابع والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بإطلاق استحقاق ذلك الشيء الوعد والوعيد والمراد منه مرتكبه لا نفس ذلك الشيء
النوع الخامس والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم -عن الشيء بإطلاق اسم العصيان على الفاعل فعلا بلفظ العموم وله تخصيصان اثنان من خبرين آخرين
النوع السادس والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي لم يحفظ بعض الصحابة تمام ذلك الخبر عنه وحفظه البعض
النوع السابع والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي أراد به التعليم قد بقي المسلمون عليه مدة ثم نسخ بشرط ثان
النوع الثامن والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أريها في منامه ثم نسي إبقاء أمته
النوع التاسع والخمسون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما عاتب الله جل وعلا أمته على أفعال فعلوها
النوع الستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الاهتمام لأشياء أراد فعلها ثم تركها إبقاء على أمته(1/37)
النوع الحادي والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء بصفة معلومة مرادها إباحة استعماله ثم زجر عن إتيان مثله بعينه إذا كان بصفة أخرى
النوع الثاني والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أطلقها بألفاظ الحذف عنها مما عليه معولها
النوع الثالث والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الشيء الذي مراده إباحة الحكم على مثل ما أخبر عنه لاستحسانه ذلك الشيء الذي أخبر عنه
النوع الرابع والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الأشياء التي أنزل الله من أجلها آيات معلومة
النوع الخامس والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالأجوبة عن أشياء سئل عنها
النوع السادس والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - في البداية عن كيفية أشياء احتاج المسلمون إلى معرفتها
النوع السابع والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن صفات الله جل وعلا التي لا يقع عليها التكييف
النوع الثامن والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الله جل وعلا في أشياء معين عليها
النوع التاسع والستون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث
النوع السبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الموت وأحوال الناس عند نزول المنية بهم
النوع الحادي والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن القبور وكيفية أحوال الناس فيها
النوع الثاني والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن البعث وأحوال الناس في ذلك اليوم
النوع الثالث والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الصراط وتباين الناس في الجواز عليه
النوع الرابع والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن محاسبة الله جل وعلا عباده ومناقشته إياهم
النوع الخامس والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الحوض والشفاعة ومن له منهما حظ من أمته
النوع السادس والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة وحجب غيرهم عنها(1/38)
النوع السابع والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكرمه الله جل وعلا في القيامة بأنواع الكرامات التي فضله بها على غيره من الأنبياء صلوات اله عليه وعليهم أجمعين
النوع الثامن والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الجنة ونعيمها واقتسام الناس المنازل فيها على حسب أعمالهم
النوع التاسع والسبعون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن النار وأحوال الناس فيها نعود بالله منها
النوع الثمانون إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن الموحدين الذين استوجبوا النيران وتفضله عليهم بدخول الجنة بعد ما امتحشوا وصاروا فحما
القسم الرابع من أقسام السنن وهو الإباحات التي أبيح ارتكابها :
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه : وقد تفقدت الإباحات التي أبيح ارتكابها, ليحيط العلم بكيفية أنواعها, وجوامع تفصيلها بأحوالها, ويسهل وعيها على المتعلمين, ولا يصعب حفظها على المقتبسين, فرأيتها تدور على خمسين نوعا :
النوع الأول منها الأشياء التي فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تؤدي إلى إباحة استعمال مثلها
النوع الثاني الشيء الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - عند عدم سبب مباح استعمال مثله عند عدم ذلك السبب
النوع الثالث الأشياء التي سئل عنها - صلى الله عليه وسلم - فأباحها بشرط مقرون
النوع الرابع الشيء الذي إباحه الله جل وعلا بصفة وأباحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصفة أخرى غير تلك الصفة
النوع الخامس ألفاظ تعريض مرادها إباحة استعمال الأشياء التي عرض من أجلها
النوع السادس ألفاظ الأوامر التي مرادها الإباحة والإطلاق
النوع السابع إباحة بعض الشيء المزجور عنه لعلة معلومة
النوع الثامن إباحة تأخير بعض الشيء المأمور به لعلة معلومة
النوع التاسع إباحة استعمال الشيء المزجور عنه الرجال دون النساء لعلة معلومة
النوع العاشر إباحة الشيء لأقوام بأعيانهم من أجل علة معلومة لا يجوز لغيرهم استعمال مثله(1/39)
النوع الحادي عشر الأشياء التي فعلها - صلى الله عليه وسلم - مباح للأئمة استعمال مثلها
النوع الثاني عشر الشيء الذي أبيح لبعض النساء استعماله في بعض الأحوال, وحظر ذلك على سائر النساء والرجال جميعا
النوع الثالث عشر لفظة زجر عن فعل مرادها إباحة استعمال ضد الفعل المزجور عنه
النوع الرابع عشر الإباحات التي أبيح استعمالها وتركها معا خير المرء بين إتيانها واجتنابها جميعا
النوع الخامس عشر إباحة تخيير المرء بين الشيء الذي يباح له استعماله بعد شرائط تقدمته
النوع السادس عشر الإخبار عن الأشياء التي مرادها الإباحة والإطلاق
النوع السابع عشر الأشياء التي ناسخة لأشياء حظرت قبل ذلك
النوع الثامن عشر الشيء الذي نهي عنه لصفة معلومة ثم أبيح استعمال ذلك الفعل بعينه تلك الصفة
النوع التاسع عشر ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الأفعال التي تؤدي إلى إباحة تركها
النوع العشرون إباحة الشيء الذي هو محظور قليلة وكثيرة وقد أبيح استعماله بعينه في بعض الأحوال إذا قصد مرتكبه فيه بنيته الخير دون الشر وإن ذلك الشيء محظورا في كل الأحوال
النوع الحادي والعشرون الشيء الذي هو مباح لهذه الأمة وهو محرم النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله
النوع الثاني والعشرون الأفعال التي تؤدي إلى إباحة استعمال مثلها
النوع الثالث والعشرون ألفاظ إعلام مرادها الإباحة لأشياء سئل عنها
النوع الرابع والعشرون الشيء المفروض الذي أبيح تركه لقوم من أجل العذر الواقع في الحال
النوع الخامس والعشرون إباحة الشيء الذي أبيح بلفظ السؤال عن شيء ثان
النوع السادس والعشرون الأمر بالشيء الذي مراده إباحة فعل متقدم من أجله أمر بهذا الأمر
النوع السابع والعشرون الإخبار عن أشياء أنزل الله جل وعلا في الكتاب إباحتها
النوع الثامن والعشرون الإخبار عن أشياء سئل عنها فأجاب فيها بأجوبة مرادها إباحة استعمال تلك الأشياء المسؤول عنها(1/40)
النوع التاسع والعشرون إباحة الشيء الذي حظر من أجل علة معلومة يلزم في استعماله إحدى ثلاث خصال معلومة
النوع الثلاثون الشيء الذي سئل عن استعماله فأباح تركه بلفظه تعريض
النوع الحادي والثلاثون إباحة فعل عند وجود شرط معلوم مع حظره عند شرط ثان قد حظر مرة أخرى عند الشرط الأول الذي أبيح ذلك عند وجوده فأبيح مرة أخرى عند وجود الشرط الذي حظر من أجله المرة الأولى
النوع الثاني والثلاثون الشيء الذي كان مباحا في أول الإسلام ثم نسخ بعد ذلك بحكم ثان
النوع الثالث والثلاثون ألفاظ استخبار عن أشياء مرادها إباحة استعمالها
النوع الرابع والثلاثون الأمر بالشيء الذي هو مقرون بشرط مراده الإباحة فمتى كان ذلك الشرط موجودا كان الأمر الذي أمر به مباحا ومتى عدم ذلك الشرط لم يكن استعمال ذلك الشيء مباحا
النوع الخامس والثلاثون الشيء الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - مرادها الإباحةعند عدم ظهور شيء معلوم لم يجز استعمال مثله عند ظهوره كما جاز ذلك عند عدم الظهور
النوع السادس والثلاثون ألفاظ إعلام عند أشياء سئل عنه مرادها إباحة استعمال تلك الأشياء المسؤول عنها
النوع السابع والثلاثون إباحة الشيء بإطلاق اسم الواحد على الشيئين المختلفين إذا قرن بينهما في الذكر
النوع الثامن والثلاثون استصوابه - صلى الله عليه وسلم - الأشياء التي سئل عنها واستحسانه إياها يؤدي ذلك إلى إباحة استعمالها
النوع التاسع والثلاثون إباحة الشيء بلفظ العموم وتخصيصه في أخبار أخر
النوع الأربعون الأمر بالشيء الذي أبيح استعماله على سبيل العموم لعلة معلومة قد يجوز استعمال ذلك الفعل عند عدم تلك العلة التي من أجلها أبيح ما أبيح
النوع الحادي والأربعون إباحة بعض الشيء الذي حظر على بعض المخاطبين عند عدم سبب معلوم فمتى كان ذلك السبب موجودا كان الزجر عن استعماله واجبا ومتى عدم ذلك السبب كان استعمال ذلك الفعل مباحا(1/41)
النوع الثاني والأربعون الأشياء التي أبيحت من أشياء محظورة, رخص إتيانها أو شيء منها على شرائط معلومة, للسعة و الترخيص
النوع الثالث والأربعون الإباحة للشيء الذي أبيح استعماله لبعض النساء دون الرجال لعلة معلومة
النوع الرابع والأربعون الأمر بالشيء الذي كان محظورا على بعض المخاطبين ثم أبيح استعماله لهم
النوع الخامس والأربعون إباحة أداء الشيء على غير النعت الذي أمر به قبل ذلك لعلة تحدث
النوع السادس والأربعون إباحة الشيء المحظور بلفظ العموم عند سبب يحدث
النوع السابع والأربعون إباحة تقديم الشيء المحصور وقته قبل مجيئه أو تأخيره عن وقته لعلة تحدث
النوع الثامن والأربعون إباحة ترك الشيء المأمور به عند القيام بأشياء مفروضة غير ذلك الشيء الواحد المأمور به
النوع التاسع والأربعون لفظة زجر عن شيء مرادها تعقيب إباحة شيء ثان بعده
النوع الخمسون الأشياء التي شاهدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو فعلت في حياته فلم ينكر على فاعليها تلك مباح للمسلمين استعمال مثلها
القسم الخامس من أقسام السنن وهو أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي انفرد بها
قال أبوحاتم رضى الله تعالى عنه : وأما أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - فإني تأملت تفصيل أنواعها, وتدبرت تقسيم أحوالها, لئلا يتعذر على الفقهاء حفظها, ولا يصعب على الحفاظ وعيها, فرأيتها على خمسين نوعا :
النوع الأول الفعل الذي فرض عليه - صلى الله عليه وسلم - مدة ثم جعل له ذلك نفلا
النوع الثاني الأفعال التي فرضت عليه وعلى أمته - صلى الله عليه وسلم -
النوع الثالث الأفعال التي فعلها - صلى الله عليه وسلم - يستحب للأئمة الاقتداء به فيها
النوع الرابع أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - يستحب لأمته الاقتداء به فيها
النوع الخامس أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - فعاتبه جل وعلا عليها(1/42)
النوع السادس فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - لم تقم الدلالة على أنه خص باستعماله دون أمته مباح لهم استعمال مثل ذلك الفعل لعدم وجود تخصيصه فيه
النوع السابع فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - مرة واحدة للتعليم ثم لم يعد فيه إلى أن قبض - صلى الله عليه وسلم -
النوع الثامن أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي أراد بها تعليم أمته
النوع التاسع أفعاله - صلى الله عليه وسلم - التي فعلها لأسباب موجودة وعلل معلومة
النوع العاشر أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - تؤدي إلى إباحة استعمال مثلها
النوع الحادي عشر الأفعال التي اختلفت الصحابة في كيفيتها وتباينوا عنه في تفصيلها
النوع الثاني عشر الأدعية التي كان يدعو بها - صلى الله عليه وسلم - بها يستحب لأمته الاقتداء به فيها
النوع الثالث عشر أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - قصد بها مخالفة المشركين وأهل الكتاب
النوع الرابع عشر الفعل الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - ولا يعلم لذلك الفعل إلا علتان اثنتان كان مراده إحداهما دون الأخرى
النوع الخامس عشر نفي الصحابة بعض أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التي أثبتها بعضهم
النوع السادس عشر فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - لحدوث سبب فلما زال السبب ترك ذلك الفعل
النوع السابع عشر أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - والوحي ينزل فلما انقطع الوحي بطل جواز استعمال مثلها
النوع الثامن عشر أفعله - صلى الله عليه وسلم - تفسر عن أوامره المجملة
النوع التاسع عشر فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - مدة ثم حرم بالنسخ عليه وعلى أمته ذلك الفعل
النوع العشرون فعله - صلى الله عليه وسلم - الشيء الذي ينسخ الأمر الذي أمر به مع إباحته ترك الشيء المأمور به
النوع الحادي والعشرون فعله - صلى الله عليه وسلم - الشيء الذي نهى عنه مع إباحته ذلك الفعل المنهي عنه في خبر آخر(1/43)
النوع الثاني والعشرون فعله - صلى الله عليه وسلم - الشيء نهى عنه مع تركه الإنكار على مرتكبه
النوع الثالث والعشرون الأفعال التي خص بها - صلى الله عليه وسلم - دون أمته
النوع الرابع والعشرون تركه - صلى الله عليه وسلم - الفعل الذي نسخه استعماله ذلك الفعل نفسه لعلة معلومة
النوع الخامس والعشرون الأفعال التي تخالف الأوامر التي أمر بها في الظاهر
النوع السادس والعشرون الأفعال التي تخالف النواهي في الظاهر دون أن يكون في الحقيقة بينهما خلاف
النوع السابع والعشرون الأفعال التي فعلها - صلى الله عليه وسلم - أراد بها الاستنان به فيها
النوع الثامن والعشرون تركه - صلى الله عليه وسلم - الأفعال التي أراد بها تأديب أمته
النوع التاسع والعشرون تركه - صلى الله عليه وسلم - الأفعال مخافة أن تفرض على أمته أو يشق عليهم إتيانها
النوع الثلاثون تركه - صلى الله عليه وسلم - الأفعال التي أراد بها التعليم
النوع الحادي والثلاثون تركه - صلى الله عليه وسلم - الأفعال التي يضادها استعماله مثلها
النوع الثاني والثلاثون تركه - صلى الله عليه وسلم - الأفعال التي تدل على الزجر عن ضدها
النوع الثالث والثلاثون الأفعال المعجزة التي كان يفعلها - صلى الله عليه وسلم - أو فعلت بعده التي هي من دلائل النبوة
النوع الرابع والثلاثون الأفعال التي فيها تضاد وتهاتر في الظاهر وهي من اختلاف المباح من غير أن يكون بينهما تضاد أو تهاتر
النوع الخامس والثلاثون الفعل الذي فعله - صلى الله عليه وسلم - لعلة معلومة فارتفعت العلة المعلومة وبقي ذلك الفعل فرضا على أمته إلى يوم القيامة
النوع السادس والثلاثون قضاياه - صلى الله عليه وسلم - التي قضى بها في أشياء رفعت إليه من أمور المسلمين
النوع السابع والثلاثون كتبته - صلى الله عليه وسلم - الكتب إلى المواضع بما فيها من الأحكام والأوامر وهي ضرب من الأفعال(1/44)
النوع الثامن والثلاثون فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - بامته يجب على الأئمة الاقتداء به فيه إذا كانت العلة التي هس من أجلها فعل - صلى الله عليه وسلم - موجودة
النوع التاسع والثلاثون أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - لم تذكر كيفيتها في نفس الخطاب لا يجوز استعمال مثلها إلا بتلك الكيفية التي هي مضمرة في نفس الخطاب
النوع الأربعون أفعال فعلها - صلى الله عليه وسلم - أراد بها المعاقبة على أفعال مضت متقدمة
النوع الحادي و الأربعون فعل فعله - صلى الله عليه وسلم - من أجل علة موجودة خفي على أكثر الناس كيفية تلك العلة
النوع الثاني والأربعون الأشياء التي سئل عنها - صلى الله عليه وسلم - فأجاب عنها بالأفعال
النوع الثالث والأربعون الأفعال التي رويت عنه مجملة تفسير تلك الجمل في أحبار أخر
النوع الرابع والأربعون الأفعال التي رويت عنه مختصرة ذكر تقصيها في أخبار أخر
النوع الخامس والأربعون أفعاله - صلى الله عليه وسلم - في إظهاره الإسلام وتبليغ الرسالة
النوع السادس والأربعون هجرته - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة وكيفية أحواله فيها
النوع السابع والأربعون أخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شمائله في أيامه ولياليه
النوع الثامن والأربعون علة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي قبض يها وكيفية أحواله في تلك العلة
النوع التاسع والأربعون وفاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتكفينه ودفنه
النوع الخمسون وصف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنه(1/45)
قال أبو حاتم رضى الله تعالى عنه : فجميع أنواع السنن أربع مائة نوع, على حسب ما ذكرناها, ولو أردنا نزيد على هذه الأنواع التي نوعناها للسنن أنواعا كثيرة لفعلنا, وإنما اقتصرنا على هذه الأنواع دون ما وراءها, وإن تهيأ ذلك لو تكلفناه, لأنا قصدنا في تنويع السنن الكشف عن شيئين : أحدهما : خبر تنازع الأئمة فيه, وفي تأويله, والآخر عموم خطاب صعب على أكثر الناس الوقوف على معناه, وأشكل عليهم بغية القصد منه, فقصدناه إلى تقسيم السنن وأنواعها لنكشف عن هذه الأخبار التي وصفناها, على حسب ما يسهل الله جل وعلا, ويوفق القول فيه فيما بعد إن شاء الله, من رام الوقوف على كل حديث من كل نوع منها, ولئلا يصعب حفظ كل فصل من كل قسم عند البغية
[ غرض المصنف من تأليف كتابه الصحيح ]
ولأن قصدنا في نظم السنن حذو تأليف القرآن, لأن القرآن ألف أجزاء, فجعلنا السنن أقساما بإزاء أجزاء القرآن, ولما كانت الأجزاء من القرآن كل جزء منها يشتمل على سور, جعلنا كل قسم من أقسام السنن يشتمل على أنواع, فأنواع السنن بإزاء سور القرآن, ولما كان كل سورة من القرآن تشتمل على آي, جعلنا كل نوع من أنواع السنن يشتمل على أحاديث, والأحاديث من السنن بإزاء الآي من القرآن, فإذا وقف المرء على تفصيل ما ذكرنا, وقصد الحفظ لها سهل عليه ما يريد من ذلك, كما يصعب عليه الوقوف على كل حديث منها إذا لم يقصد قصد الحفظ له(1/46)
ألا ترى أن المرء إذا كان عنده مصحف وهو غير حافظ لكتاب الله عزوجل فإذا أحب أن يعلم آية من القرآن في أي موضع هي صعب عليه ذلك, فإذا حفظه صارت الآي كلها نصب عينيه, وإذا كان عنده هذا الكتاب وهو لا يحفظه ولا يتدبر تقاسيمه وأنواعه, وأحب إخراج حديث منه صعب عليه ذلك, فإذا رام حفظه أحاط علمه بالكل حتى لا ينخرم منه حديث أصلا, وهذا هو الحيلة التي احتلنا ليحفظ الناس السنن, ولئلا يعرجوا على الكتبة والجمع إلا عند الحاجة دون الحفظ له, أو العلم به.
[ شرط المصنف في كتابه الصحيح ]
وأما شرطنا في نقله ما أودعناه كتابنا هذا من السنن فإنا لم نحتج فيه إلا بحديث اجتمع في كل شيخ من رواته خمسة أشياء, الأول العدالة في الدين بالستر الجميل, والثاني الصدق في الحديث بالشهرة فيه, والثالث العقل بما يحدث من الحديث
والرابع العلم بما يحيل من معاني ما يروي, والخامس المتعرى خبره عن التدليس, فكل من اجتمع فيه هذه الخصال الخمس احتججنا بحديثه, وبنينا الكتاب على روايته, وكل من تعرى عن خصلة من هذه الخصال الخمس لم نحتج به
والعدالة في الإنسان هو أن يكون أكثر أحواله طاعة الله, لأنا متى ما لم نجعل العدل إلا من لم يوجد منه معصية بحال أدانا ذلك إلى أن ليس في الدنيا عدل, إذ الناس لا تخلو أحوالهم من ورود خلل الشيطان فيها, بل العدل من كان ظاهرا أحواله طاعة الله, والذي يخالف العدل من كان أكثر أحواله معصية الله, وقد يكون العدل الذي يشهد له جيرانه وعدول بلده به, وهو غير صادق فيما يروي من الحديث لأن هذا شيء ليس يعرفه إلا من صناعته الحديث, وليس كل معدل يعرف صناعة الحديث, ختى يعدل العدل على الحقيقة في الرواية والدين معا(1/47)
والعقل بما يحدث من الحديث هو أن يعقل من اللغة بمقدار ما لا يزيل معاني الأخبار عن سننها, ويعقل من صناعة الحديث ما لا يسند موقوفا, أو يرفع مرسلا, أو يصحف اسما, والعلم بما يحيل من معاني ما يروي هو أن يعلم من الفقه بمقدار ما إذا أدى خبرا أو رواه من حفظه أو اختصره لم يحله عن معناه الذي أطلقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى معنى آخر
والمتعري خبره عن التدليس هو أن كون الخبر عن مثل من وصفنا نعته بهذه الخصال الخمس فيرويه عن مثله سماعا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ولعلنا قد كتبنا عن أكثر من ألفي شيخ من إسبيجاب إلى الإسكندرية ولو نرو في كتابنا هذا إلا عن مائة وخمسين شيخا أقل أو أكثر ولعل معول كتابنا هذا يكون على نحو من عشرين شيخا ممن أردنا السنن عليهم واقتنعنا برواياتهم عن رواية غيرهم على الشرائط التي وصفناها وربما أروي في هذا الكتاب
وأحتج بمشايخ قد قدح فيهم بعض أئمتنا مثل سماك بن حرب وداود بن أبي هند ومحمد بن إسحاق بن يسار وحماد بن سلمة وأبي بكر بن عياش وأضرابهم ممن تنكب عن رواياتهم بعض أئمتنا واحتج بهم البعض
فمن صح عندي منهم بالبراهين الواضحة وصحة الاعتبار على سبيل الدين أنه ثقة احتججت به, ولم أعرج على قول من قدح فيه, ومن صح عندي بالدلائل النيرة والاعتبار الواضح على سبيل الدين أنه غير عدل لم أحتج به, وإن وثقة بعض أئمتنا(1/48)
وإني سأمثل واحدا منهم, وأتكلم عليه ليستدرك به المرء من هو مثله, كأنا جئنا إلى حماد بن سلمة فمثلناه وقلنا لمن ذب عمن ترك حديثه لِمَ استحق حماد بن سلمة ترك حديثه ؟, وكان رحمه الله ممن رحل وكتب, وجمع وصنف, وحفظ وذاكر, ولزم الدين والورع الخفي, والعبادة الدائمة والصلابة في السنة, والطبق على أهل البدع, ولم يشك عوام البصرة أنه مستجاب الدعوة, ولم بالبصرة في زمانه أحد ممن نسب إلى العلم يعد من البدلاء غيره, فمن اجتمع فيه هذه الخصال لم استحق مجانبة روايته, فإن قال : لمخالفته الأقران فيما روى في الأحايين,
يقال له : وهل في الدنيا محدث ثقة لم يخالف الأقران في بعض ما روى, فإن استحق إنسان مجانبة جميع ما روى بمخالفته الأقران في بعض ما يروي لاستحق كل محدث من الأئمة المرضيين أن يترك حديثه لمخالفتهم أقرانهم في بعض ما رووا, فإن قال : كان حماد يخطىء, يقال له : وفي الدنيا أحد بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعرى عن الخطأ, ولو جاز ترك حديث من أخطأ, لجاز ترك حديث الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المحدثين لأنهم لم يكونوا بمعصومين
فإن قال : حماد قد كثر خطؤه يقال له : إن الكثرة اسم يشتمل على معان شتى, ولا يستحق الإنسان ترك روايته حتى بكون منه من الخطأ ما يغلب صوابه, فإذا فحش ذلك منه وغلب على صوابه استحق مجانبة روايته, وأما من كثر خطؤه ولم يغلب على صوابه فهو مقبول الرواية فيما لم يخطىء فيه, واستحق مجانية ما أخطأ فيه فقط, مثل شريك وهشيم وأبي بكر بن عياش وأضرابهم, كانوا يخطئون فيكثرون, فروى عنهم واحتج بهم في كتابه وحماد واحد من هؤلاء
فإن قال : كان حماد يدلس, يقال له : فإن قتادة وأبا إسحاق السبيعي وعبد الملك بن عمير وابن جريج والأعمش والثوري وهشيما كانوا يدلسون واحتججت بروايتهم, فإن أوجب تدليس حماد في روايته ترك حديثه أوجب تدليس هؤلاء الأئمة ترك حديثهم(1/49)
فإن قال : يروي عن جماعة حديثا واحدا بلفظ واحد من غير أن يميز بين ألفاظهم, يقال له:كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون يؤدون الأخبار على المعاني بألفاظ متباينة, وكذلك كان حماد يفعل,كان يسمع الحديث عن أيوب وهشام وابن عون ويونس وخالد وقتادة عن بن سيرين فيتحرى المعنى, ويجمع في اللفظ, فإن أوجب ذلك منه ترك حديثه أوجب ذلك ترك حديث سعيد بن المسيب والحسن وعطاء وأمثالهم من التابعين, لأنهم كانوا يفعلون ذلك, بل الإنصاف في النقلة الأخبار استعمال الاعتبار فيما رووا
[ طريقة اعتبار طرق الحديث والشاهد ]
وإني أمثل للاعتبار مثالا يستدرك به ما وراءه, وكأنا جئنا إلى حماد بن سلمة فرأيناه روى خبرا عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم نجد ذلك الخبر عند غيره من أصحاب أيوب, فالذي يلزمنا فيه التوقف عن جرحه و الاعتبار بما روى غيره من أقرانه, فيجب أن نبدأ فننظر هذا الخبر هل رواه أصحاب حماد عنه, أو رجل واحد منهم وحده, فإن وجد أصحابه قد رووه علم أن هذا قد حدث به حماد, وإن وجد ذلك من رواية ضعيف عنه ألزق ذلك بذلك الراوي دونه, فمتى صح أنه روى عن أيوب ما لم يتابع عليه يجب أن يتوقف فيه, ولا يلزق به الوهن, بل ينظر هل روى أحد هذا الخبر من الثقات عن ابن سيرين غير أيوب, فإن وجد ذلك علم أن الخبر له أصل يرجع إليه, وإن لم يوجد ما وصفنا نظر حينئذ هل روى أحد هذا الخبر عن أبي هريرة غير ابن سيرين من الثقات, فإن وجد ذلك علم أن الخبر له أصل, وإن لم يوجد ما قلنا نظر هل روى أحد هذا الخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير أبي هريرة, فإن وجد ذلك صح أن الخبر له أصل, ومتى عدم ذلك والخبر نفسه يخالف الأصول الثلاثة علم أن الخبر موضوع لا شك فيه, وأن ناقله الذي تفرد به هو الذي وضعه, هذا حكم الاعتبار بين النقلة في الروايات(1/50)
وقد اعتبرنا حديث شيخ شيخ على ما وصفنا من الاعتبار على سبيل الدين فمن صح عندنا منهم أنه عدل احتججنا به وقبلنا ما رواه وأدخلناه في كتابنا هذا
ومن صح عندنا أنه غير عدل بالاعتبار الذي وصفناه لم نحتج به, وأدخلناه في كتاب ( المجروحين من المحدثين ) بأحد أسباب الجرح, لأن الجرح في المجروحين على عشرين نوعا, ذكرناها بفصولها في أول كتاب ( المجروحين ) بما أرجو الغنية فيها للمتأمل إذا تأملها, فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب
فأما الأخبار فإنها كلها أخبار آحاد, لأنه ليس يوجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر من رواية عدلين روى أحدهما عن عدلين, وكل واحد منهما عن عدلين حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فلما استحال هذا وبطل ثبت أن الأخبار كلها أخبار الآحاد وأن من تنكب عن قبول إخبار الآحاد فقد عمد إلى ترك السنن كلها, لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد
[ الإختلاف في الرفع والوقف في الأحاديث ](1/51)
وأما قبول الرفع في الأخبار فإنا نقبل ذلك عن كل شيخ اجتمع فيه الخصال الخمس التي ذكرتها, فإن أرسل عدل خبرا وأسنده عدل آخر قبلنا خبر من أسند, لأنه أتى بزيادة حفظها ما لم يحفظ غيره ممن هو مثله في الإتقان, فإن أرسله عدلان وأسنده عدلان قبلت رواية العدلين اللذين أسنده على الشرط الأول, وهكذا الحكم فيه كثر العدد فيه أو قل, فإن أرسله خمسة من العدول وأسنده عدلان نظرت حينئذ إلى من فوقه بالاعتبار, وحكمت لمن يجب, كأنا جئنا إلى خبر رواة نافع عن ابن عمر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - اتفق مالك وعبيد الله بن عمر ويحيى بن سعيد وعبد الله بن عون وأيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر ورفعوه, وأرسله أيوب بن موسى, وإسماعيل بن أمية وهؤلاء كلهم ثقات, أو أسند هذان وأرسل أولئك اعتبرت فوق نافع, هل روى هذا الخبر عن ابن عمر أحد من الثقات غير نافع مرفوعا أو من فوقه, على حسب ما وصفنا, فإذا وجد قبلنا خبر من أتى بالزيادة في روايته على حسب ما وصفنا
وفي الجملة يجب أن يعتبر العدالة في نقله الأخبار, فإذا صحت العدالة في واحد منهم قبل منه ما روى من المسند, وإن أوقفه غيره, والمرفوع وإن أرسله غيره من الثقات إذ العدالة لا توجب غيره, فيكون الإرسال والرفع عن ثقتين مقبولين والمسند والموقوف عن عدلين يقبلان على الشرط الذي وصفناه
[ حكم الزيادة في ألفاظ الأحاديث ](1/52)
وأما زيادة الألفاظ في الروايات فإنا لا نقبل شيئا منها إلا عن من كان الغالب عليه الفقه, حتى يعلم أنه كان يروي الشيء ويعلمه, حتى لا يشك فيه أنه أزاله عن سننه, أو غيره عن معناه, أم لا, لأن أصحاب الحديث الغالب عليهم حفظ الأسامي والأسانيد, دون المتون, والفقهاء الغالب عليهم حفظ المتون وأحكامها, وأداؤها بالمعنى دون حفظ الأسانيد, وأسماء المحدثين, فإذا رفع محدث خبرا وكان الغالب عليه الفقه لم أقبل رفعه إلا من كتابه, لأنه لا يعلم المسند من المرسل, ولا الموقوف من المنقطع, وإنما همته إحكام المتن فقط, وكذلك لا أقبل عن صاحب حديث حافظ متقن أتى بزيارة لفظة في الخبر لأن الغالب عليه إحكام الإسناد, وحفظ الأسامي, والإغضاء عن المتون, وما فيها من الألفاظ, إلا من كتابه, هذا هو الاحتياط في قبول الزيادات في الألفاظ
[ الرواية عن المبتدعة والدعاة منهم ]
وأما المنتحلون المذاهب من الرواة مثل الإرجاء والترفض وما أشبههما فإنا نحتج بأحبارهم إذا كانوا ثقات على الشرط الذي وصفناه, ونكل مذاهبهم وما تقلدوه فيما بينهم وبين خالقهم إلى الله جل وعلا, إلا أن يكونوا دعاة إلى ما انتحلوا, فإن الداعي إلى مذهبه والذاب عنه حتى يصيرا إماما فيه وإن كان ثقة ثم روينا عنه جعلنا للأتباع لمذهبه طريقا, وسوغنا للمتعلم الاعتماد عليهوعلى قوله, فالاحتياط ترك رواية الأئمة الدعاة منهم, والاحتجاج بالرواة الثقات منهم على حسب ما وصفناه, ولو عمدنا إلى ترك حديث الأعمش وأبي إسحاق وعبد الملك بن عمير وأضرابهم لما انتحلوا, وإلى قتادة وسعيد بن أبي عروبة وابن أبي ذئب وأسنانهم لما تقلدوا فتركنا حدثهم لمذاهبهم لكانذلك ذريعة إلى ترك السنن كلها حتى لا يحصل في أيدينا من السنن إلا الشيء اليسير, وإذا استعملنا ما وصفنا أعنا على دحض السنن وطمسها, بل الاحتياط في قبول رواياتهم الأصل الذي وصفناه, دون رفض ما رووه جملة(1/53)
[ حكم رواية المختلطين ]
وأما المختلطون في أواخر أعمارهم مثل الجريري وسعيد بن أبي عروبة وأشبههما فإنا نروي عنهم في كتابنا هذا ونحتج بما رووا, إلا إنا لا نعتمد من حديثهم إلا ما روى عنهم الثقات من القدماء, الذين نعلم أنهم سمعوا منهم قبل اختلاطهم, وما وافقوا الثقات في الروايات التي لا نشك في صحتها, وثبوتها من جهة أخرى, لأن حكمهم وإن اختلطوا في أواخر أعمارهم وحمل عنهم في اختلاطهم بعد تقدم عدالتهم حكم الثقة إذا أخطأ أن الواجب ترك خطئه إذا علم, والاحتجاج بما نعلم أنه لم يخطىء فيه, وكذلك حكم هؤلاء الاحتجاج بهم فيما وافقوا الثقات, وما انفردوا مما روى عنهم القدماء من الثقات الذين كان سمعاهم منهم قبل الاختلاط سواء
[ حكم رواية المدلسين ]
وأما المدلسون الذين هم ثقات وعدول فإنا لا نحتج بأخبارهم إلا ما بينوا السماع فيما رووا, مثل الثوري والأعمش وأبي إسحاق وأضرابهم من الأئمة المتقين, وأهل الورع في الدين, لأنا متى قبلنا خبر مدلس لم يبين السماع فيه, وإن كان ثقة لزمنا قبول المقاطيع والمراسيل كلها, لأنه لا يدري لعل هذا المدلس دلس هذا الخبر عن ضعيف يهي الخبر بذكره إذا عرف, اللهم إلا أن يكون المدلس يعلم أنه ما دلس قط إلا عن ثقة, فإذا كان كذلك قبلت روايته, وإن لم يبين السماع, وهذا ليس في الدنيا إلا سفيان بن عيينة وحده, فإنه كان يدلس ولا يدلس إلا عن ثقة متقن, ولا يكاد يوجد لسفيان بن عيينة خبر دلس فيه إلا وجد الخبر بعينه قد بين سماعه عن ثقة نفسه, والحكم في قبول روايته لهذه العلة, وإن لم يبين السماع فيها كالحكم في رواية ابن عباس إذا روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يسمع منه
[ رواية صغار الصحابة أحاديث لم يدركوا أحداثها ](1/54)
وإنما قبلنا أخبار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رووها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن لم يبينوا السماع في كل ما رووا, وبيقين نعلم أن أحدهم ربما سمع الخبر عن صحابي آخر ورواه عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من غير ذكر ذلك الذي سمعه منه لأنهم رضى الله تعالى عنهم أجمعين كلهم أئمة سادة قادة عدول نزه الله عز وجل أقدار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أن يلزق بهم الوهن, وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - :( ليبلغ الشاهد منكم الغائب ) أعظم الدليل على أن الصحابة كلهم عدول, ليس فيهم مجروح ولا ضعيف, إذ لو كان فيهم مجروح أو ضعيف, أو كان فيهم أحد غير عدل لاستثنى في قوله - صلى الله عليه وسلم -, وقال : ( ألا ليبلغ فلان وفلان منكم الغائب ) فلما أجملهم في الذكر بالأمر بالتبليغ من بعدهم دل ذلك على أنهم كلهم عدول, وكفى بمن عدله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شرفا, فإذا صح عندي خبر من رواية مدلس أنه بين السماع فيه لا أبالي أن أذكره من غير بيان السماع في خبره بعد صحته عندي من طريق آخر
وإنما نملي بعد هذا التقسيم وذكر الأنواع وصف شرائط الكتاب قسما قسما, ونوعا نوعا بما فيه من الحديث على الشرائط التي وصفناها في نقلها من غير وجود قطع في سندها, ولا ثبوت جرح في ناقليها, إن قضى الله ذلك وشاءه, وأتنكب عن ذكر المعاد فيه إلا في موضعين, إما لزيادة لفظة لا أجد منها بدا, أو للاستشهاد به على معنى في خبر ثان, فأما في غير هاتين الحالتين فإني أتنكب ذكر المعاد في هذا الكتاب
جعلنا الله ممن أسبل عليه جلابيب الستر في الدنيا, واتصل ذلك بالعفو عن جناياته في العقبي, إنه الفعال لما يريد , انتهى كلام الشيخ رحمه الله في الخطبة ثم قال في آخر القسم الأول:(1/55)
فهذا آخر جوامع أنواع الأمر عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ذكرناها بفصولها, وأنواع تقاسيمها, وقد بقي من الأوامر أحاديث بددناها في سائر الأقسام, لأن تلك المواضع بها أشبه, كما بددنا منها في الأوامر للبغية في القصد فيها, وإنما نملي بعد هذا القسم الثاني الذي هو النواهي بتفصيلها وتقسيمها على حسب ما أملينا الأوامر إن قضى الله ذلك وشاءه, جعلنا الله ممن أغضى في الحكم في دين الله عن أهواء المتكلفين, ولم يعرج في النوازل على آراء المقلدين, من الأهواء المعكوسة والآراء المنحوسة, إنه خير مسؤول
وقال في آخر القسم الثاني : فهذا آخر جوامع أنواع النواهي عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - فصلناها بفصولها, ليعرف تفصيل الخطاب من المصطفى - صلى الله عليه وسلم - لأمته, وقد بقي من النواهي أحاديث كثيرة بددناها في سائر الأقسام, كما بددنا في النواحي سواء على حسب ما أصلنا الكتاب عليه, وإنما نملي بعد هذا القسم الثالث من أقسام السنن الذي هو إخبار المصطفى - صلى الله عليه وسلم - عما احتيج إلى معرفتها بفصولها فصلا فصلا, إن الله يسر ذلك وسهله, جعلنا الله من المتبعين للسنن كيف ما دارت, والمتباعدين عن الأهواء حيث ما مالت, إنه خير مسؤول وأفضل مأمول(1/56)
وقال في آخر القسم الثالث : فهذا آخر أنواع الإخبار عما احتيج إلأى معرفتها من السنن, قد أمليناها وقد بقي من هذا القيم أحاديث كثيرة بددناها في سائر الأقسام, كما بددنا منها في هذا القسم للاستشهاد على الجمع بين خبرين متضادين في الظاهر, والكشف عن معنى شيء تعلق به بعض من لم يحكم صناعة العلم, فأحال السنة عن معناها التي أطلقها المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وإنا نملي بعد هذا القسم الرابع من أقسام السنن الذي هو الإباحات التي أبيح ارتكابها إن الله قضى بذلك وشاء, جعلنا الله ممن آثر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - على غيره من أمته, وانخضع لقبول ما ورد عليه من سنته, بترك ما يشتمل عليه القلب من اللذات, وتحتوي عليه النفس من الشهوات, من المحدثات الفاضحة, والمخترعات الداحضة, أنه خير مسؤول
وقال القسم الرابع : فهذا آخر جوامع الإباحات عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أمليناها بفصولها, وقد بقي من هذا القسم أحاديث بددناها في سائر الأقسام, كما بددنا منها في هذا القسم على ما أصلنا الكتاب عليه, وإنما نملي بعد هذا القسم القسم الخامس من أقسام السنن التي هي أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - بفصولها وأنواعها, إن الله قضى ذلك وشاءه, جعلنا الله ممن هدي لسبل الرشاد,ووفق لسلوك السداد في جمع وتشمر في جمع السنن والأخبار, وتفقه في صحيح الآثار, وآثر ما يقرب إلى الباري جل وعلا من الأعمال, على ما يباعد عنه في الأحوال, إنه خير مسؤول(1/57)
ثم قال في آخر الكتاب : فهذا آخر أنواع السنن, قد فصلناها على حسب ما أصلنا الكتاب عليه من تقاسيمها, وليس في الأنواع التي ذكرناها من أول الكتاب إلى آخره نوع يستقصى, لأنا لو ذكرنا كل نوع بما فيه من السنن لصار الكتاب أكثره معادا, لأن كل نوع منها يدخل جوامعه في سائر الأنواع, فاقتصرنا على ذكر الأنمى من كل نوع, لنستدرك به ما وراءه منها, وكشفنا عما أشكل من ألفاظها, وفصلنا عما يجب أن يوقف على معانيها على حسب ما سهل الله ويسره, وله الحمد على ذلك
وقد تركنا من الأخبار المروية أخبار كثيرة من أجل ناقليها, وإن كانت تلك الأخبار مشاهير تداولها الناس, فمن أحب الوقوف على السبب الذي من أجله تركتها نظر في كتاب ( المجروحين من المحدثين ) من كتبنا يجد فيه التفصيل, لكل شيخ تركنا حديثه ما يشفي صدره, وينفي الريب عن خلده, إن وفقه الله جل وعلا لذلك, وطلب سلوك الصواب فيه دون متابعة النفس لشهواتها, ومساعدته إياها في لذاتها
وقد احتججنا في كتابنا هذا بجماعة قد قدح فيهم بعض أئمتنا, فمن أحب الوقوف على تفصيل أسماءهم فلينظر في الكتاب المختصر من ( تاريخ الثقات ) (1) يجد فيه الأصول التي بنينا ذلك الكتاب عليها, حتى لا يعرج على قدح قادح في محدث على الإطلاق من غير كشف عن حقيقة
وقد تركنا من الأخبار المشاهير التي نقلها عدول ثقات لعلل تبين لنا منها الخفاء على عالم من الناس جوامعها,
وإنما نملي بعد هذا علل الأخبار, ونذكر كل مروي صح أو لم يصح بما فيه من العلل, إن يسر الله ذلك وسهله, جعلنا الله ممن سلك مسالك أولي النهى في أسباب الأعمال, دون التعرج على الأوصاف والأقوال, فارتقى على سلالم أهل الولايات بالطاعات, والانقلاع بكل الكل عن المزجورات,حتى تفضل عليه بقبول ما يأتي من الحسنات, والتجاوز عما يرتكب من الحوبات, إنه خير مسؤول, وأفضل مأمول, انتهى كلامه أولا وآخرا رحمه الله بمنه
__________
(1) - مطبوع تأتي مقدمته(1/58)
[ فهرس لأبواب كتاب ( الإحسان ) ]
قال العبد الضعيف (1) جامع شمل هذا التأليف : قد رأيت أن أنبه في أول هذا الكتاب على ما فيه من الكتب والفصول في الأبواب لفائدته, وتوفيرا لعائدته, والله المسؤول أن يجعله خالصا لذاته, وفي ابتغاء مرضاته, وهو حسبي ونعم الوكيل:
باب ما جاء في الإبتداء بحمد الله تعالى,باب الاعتصام بالسنة, وما يتعلق بها نقلا وأمرا وزجرا, كتاب الوحي, كتاب الإسراء, كتاب العلم, كتاب الإيمان, الفطرة, التكليف, فضل الإيمان, فرض الإيمان, صفات المؤمنين, الشرك, النفاق, كتاب الإحسان باب الصدق والأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر الطاعات وثوابها, الإخلاص وأعمال السر, حق الوالدين, صلة الرحم وقطعها, الرحمة, حسن الخلق, العفو, إطعام الطعام, وإفشاء السلام, الجار, فصل من البر والإحسان, الرفق, الصحبة, والمجالسة, الجلوس على الطريق, فصل في تشميت العاطس, العزلة, كتاب الرقائق, التوبة, حسن الظن بالله تعالى, الخوف, والتقوى, الفقر, والزهد, والقناعة, الورع, والتوكل, القرآن وتلاوته المطلقة, الأذكار المطلقة, الأدعية المطلقة, الاستعاذة, كتاب الطهارة, الفطرة بمعنى السنة, فضل الوضوء, فرض الوضوء, سنن الوضوء, نواقض الوضوء, الغسل, قدر ماء الغسل, أحكام الجنب, غسل الجمعة, غسل الكافر إذا أسلم, المياه, قدر ماء الغسل, أحكام الجنب, غسل الجمعة, غسل الكافر إذا أسلم, المياه, الوضوء, بفضل وضوء المرأة, الماء المستعمل, الأوعية, الأسار, التيمم, المسح على الخفين وغيرهما, الحيض, والاستحاضة, النجاسة وتطهيرها, الاستطابة, كتاب الصلاة, فرض الصلاة, الوعيد على ترك الصلاة, مواقيت الصلاة, الأوقات المنهى عنها, الجمع بين الصلاتين, المساجد, الأذان, شروط الصلاة, فضل الصلوات الخمس, صفة الصلاة, القنوت, الإمامة والجماعة, فرض الجماعة, الأعذار التي تبيح تركها, فرض متابعة الامام, ما يكره
__________
(1) - هو العلامة ابن بلبان الفارسي صاحب الترتيب(1/59)
للمصلي, وما يكره إعادة الصلاة, الوتر, النوافل, الصلاة على الدابة, صلاة الضحى, التراويح, قيام الليل, قضاء الفوائت, سجود السهو, المسافر, صلاة السفر, سجود التلاوة, صلاة الجمعة, صلاة العيدين, صلاة الكسوف, صلاة الاستسقاء, صلاة الخوف, الجنائز, عيادة المريض, الصبر, وثواب الأمراض و الأعراض, أعمار هذه الأمة, ذكر الموت الأمل, تمني الموت, المحتضر, فصل في الموت وما يتعلق به من راحة المؤمن و بشراه, وروحه وعمله, والثناء عليه, الغسل, التكفين, ما يقول الميت عند حمله القيام للجنازة, الصلاة على الجنازة, الدفن, أحوال الميت في قبره, النياحة ونحوها, القبور زيارة القبور, الشهيد, الصلاة في الكعبة, كتاب الزكاة, جمع المال من حله وما يتعلق بذلك, الخرص وما يتعلق به, فضل الزكاة, الوعيد لمانع الزكاة, فرض الزكاة, العشر, مصارف الزكاة, صدقة الفطر, صدقة التطوع, فصل في أشياء لها حكم الصدقة, المنان, المسألة, والأخذ وما يتعلق به من المكافأة, والثناء والشكر, كتاب الصوم, فضل الصوم, فضل رمضان, رؤية الهلال, السحور, آداب الصوم, صوم الجنب الإفطار وتعجيله, قضاء رمضان, الكفارة, حجامة الصائم, قبلة الصائم, صوم المسافر, الصيام عن الغي,ر الصوم المنهي عنه, صوم الوصال, صوم الدهر, صوم يوم الشك, صوم العيد, صوم أيام التشريق, صوم عرفة, صوم الجمعة, صوم السبت, صوم التطوع, الاعتكاف وليلة القدر, كتاب الحج, فضل الحج والعمرة, فرض الحج, فضل مكة, فضل المدينة, مقدمات الحج, مواقيت الحج, الإحرام, دخول مكة وما يفعل فيها, الصفا والمروة, الخروج من مكة إلى منى, الوقوف بعرفة والمزدلفة, والدفع منهما, رمي جمرة, العقبة, الحلق والذبح, الإفاضة من منى لطواف الزيارة, رمي الجمار أيام منى, الإفاضة من منى للصدر, القران, التمتع, حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -, اعتماره - صلى الله عليه وسلم - ,ما يباح للمحرم وما لا يباح, الكفارة, الحج و الاعتمار عن(1/60)
الغير, الإحصار, الهدي, كتاب النكاح وآدابه, الولي, الصداق, ثبوت النسب والقائف, حرمة المناكحة, المتعة, نكاح الإماء, معاشرة الزوجين, العزل, الغيلة, النهي عن اتيان النساء في أعجازهن, القسم, الرضاع, النفقة,كتاب الطلاق, الرجعة, الإيلاء, الظهار, الخلع, اللعان, العدة, كتاب العتق, صحبة المماليك, إعتاق الشريك, العتق في المرض, الكتابة, أم الولد, الولاء, كتاب الأيمان والنذور, كتاب الحدود, الزنى وحده, حد الشرب, التعزيز, السرقة, الردة, كتاب السير, الخلافة والإمارة, بيعة الأئمة وما يستحب لهم, طاعة الأئمة, فضل الجهاد, فضل النفقة في سبيل الله, فضل الشهادة, الخيل, الحمى, السبق, الرمي, التقليد والجرس, كتب النبي - صلى الله عليه وسلم -, فرض الجهاد, الخروج, و كيفية الجهاد, غزوة بدر, الغنائم وقسمتها, الغلول, الفداء و فك الأسرى, الهجرة, الموادعة والمهادنة, الرسول, الذمي, والجزية,كتاب اللقطة, كتاب الوقف, كتاب البيوع, السلم, بيع المدبر, البيوع المنهي عنها, الربا, الإقالة, الجائحة, المفلس, الديون, كتاب الحجر, كتاب الحوالة, كتاب القضاء, الرشوة, كتاب الشهادات, كتاب الدعوى, الاستحلاف, عقوبة الماطل, كتاب الصلح, كتاب العارية, كتاب الهبة, الرجوع في الهبة, كتاب الرقبى والعمرى, كتاب الإجارة, كتاب الغصب, كتاب الشفعة, كتاب المزارعة, كتاب إحياء الموات, كتاب الطعمة, آداب الأكل, ما يجوز أكله وما لا يجوز, الضيافة, العقيقة, كتاب الأشربة, آداب الشرب, ما يحل شربه, كتاب اللباس وآدابه, الزينة, آداب النوم, كتاب الحظر والإباحة, وفيه فصل في التعذيب والمثلة, وفصل فيما يتعلق بالدواب, باب قتل الحيوان, باب ما جاء في التباغض والتحاسد, والتدابر والتشاحن, والتهاجر بين المسلمين, باب التواضع والتكبر والعجب, والاستماع المكروه و سوء الظن, والغضب والفحش, باب ما يكره من الكرم وما لا يكره, وفيه الكذب اللعن, وذو الوجهين, و الغيبة و(1/61)
النميمة, والمدح والتفاخر, والشعر والسجع, والمزاح والضحك, وفصل من الكلام, باب الاستئذان, الأسماء و الكنى, باب الصور والمصورين, واللعب واللهو والسماع, كتاب الصيد, كتاب الذبائح, كتاب الأضحية, كتاب الرهن, الفتن, كتاب الجنايات, القصاص, القسامة, كتاب الديات, الغرة, كتاب الوصية, كتاب الفرائض, ذوو الأرحام, الرؤيا, كتاب الطب, كتاب الرقى والتمائم, كتاب العدوى والطيرة, باب الهام والغول, كتاب الأنواء و النجوم, كتاب الكهانة والسحر, كتاب التاريخ, بدء الخلق, صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - خصائصه وفضائله, المعجزات, تبليغه - صلى الله عليه وسلم - , مرضه - صلى الله عليه وسلم - , وفاته - صلى الله عليه وسلم - , إخباره - صلى الله عليه وسلم - عما يكون في أمته من الفتن والحوادث, مناقب الصحابة رضى الله تعالى عنهم مفصلا, فضل الأمة, فضل الصحابة والتابعين, وباب ذكر الحجاز, و اليمن, والشام, وفارس, وعمان, إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن البعث, وأحوال الناس في ذلك, اليوم, وصف الجنة وأهلها, صفة النار وأهلها(1/62)
واعلم أني وضعت بإزاء كل حديث بالقلم الهندي صورة النوع الذي هو منه في كتاب ( التقاسيم والأنواع ), ليتيسر أيضا كشفه من أصله, من غير كلفة ومشقة, مثاله إذا كان الحديث من النوع الحادي عشر مثلا كان بإزائه هكذا ( 11 ), ثم إن كان من القسم الأول كان العدد المرقوم مجردا عن العلامة, كما رأيته وإن كان من القسم الثاني كان تحت العدد خط عرضي هكذا ( 11 ), وإن كان من القسم الثالث كان الخط من فوقه هكذا ( 11 ), وإن كان من القسم الرابع كان العددين خطين هكذا ( 11 ), وإن كان من القسم الخامس كان الخطان فوقه ( 11 ), توفيرا للخاطر, و تيسيرا للناظر, جعله الله خالصا لذاته, وفي ابتغاء مرضاته, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير (1)
__________
(1) - طبع ( الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ) أولا بتحقيق الشيخ العلامة ( أحمد محمد شاكر ),الجزء الاول منه في دار المعارف, ولم يكمل طبع الباقي, ثم طبع منه ( 3 ) مجلدات الناشر (محمد عبد المحسن الكتبي) صاحب المكتبة السلفية 1970م, ثم طبع كاملا في دار الكتب العلمية1987م, في ( 5 ) مجلدات بتحقيق (كمال يوسف الحوت), ثم في مؤسسة الرسالة 1414هـ تحقيق الشيخ (شعيب الارناؤوط) في ( 18 ) مجلدا, وهي أحسن الطبعات, وعدد أحاديثه كما في طبعة كمال ( 7844 ) و في طبعة الارناؤوط ( 7491 ) حديثا, وقد رتب (الصحيح) أيضا الحافظ ( علاء الدين أبوعبد الله مغلطاي بن قليح بن عبد الله البكجري الحنفي ) المتوفى سنة 762هـ ذكره في (النجوم الزاهرة)(11\9), و جمع أيضا زوائده على الصحيحين, وجرد الحافظ الهيثمي زوائد (ابن حبان) على الكتب الستة في كتاب مفرد سماه ( موارد الظمآن )عدد أحاديثه (2647) حديثا, وهو مطبوع متداول, ولخص ( صحيح ابن حبان ) الحافظ سراج الدين عمر بن الملقن المتوفى سنة 804هـ, ذكره ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(4\47), وللحافظ أبي الفضل العراقي كتاب ( أطراف صحيح ابن حبان ) بلغ في إلى أول النوع الستين من القسم الثالت اهـ , ذكره في ( لحظ الألحاظ )(ص232), وله أيضا كتاب ( رجال صحيح ابن حبان سوى ما في التهذيب ) بلغ فيها نظير أطرافه اهـ(1/63)
كتب الزوائد
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله جامع الشتات ومحيي الأموات, و أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تكتب الحسنات, و تمحو السيئات, وتنجي من المهلكات, وأشهد أن محمداً عبده و رسوله المبعوث بجوامع الكلمات, الآمر بالخيرات, الناهي عن المنكرات، صلى الله تعالى عليه, وعلى آله و صحبه صلاة دائمة بدوام الأرض والسماوات.
وبعد : فقد كنت جمعت زوائد ( مسند الإمام أحمد ) وأبي يعلى الموصلي, وأبي بكر البزار، ومعاجيم الطبراني الثلاثة رضي الله تعالى عن مؤلفيهم, وأرضاهم, وجعل الجنة مثواهم، كل واحد منها، في تصنيف مستقل, ما خلا ( المعجم الأوسط ), و( الصغير ), فإنهما في تصنيف واحد (1), فقال لي سيدي وشيخي العلامة شيخ الحفاظ بالمشرق والمغرب, ومفيد الكبار ومن دونهم, الشيخ زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن العراقي رضي الله عنه وأرضاه, وجعل الجنة مثوانا ومثواه : اجمع هذه التصانيف, واحذف أسانيدها لكي تجتمع أحاديث كل باب منها في باب واحد من هذا, فلما رأيت إشارته إلي بذلك صرفت همتي إليه, وسألت الله تعالى تسهيله, والإعانة عليه، وأسأل الله تعالى النفع به, إنه قريب مجيب
__________
(1) - سماه ( مجمع البحرين في زوائد المعجين ) وهو مطبوع تأتي مقدمته(1/64)
وقد رتبته على كتب أذكرها لكي يسهل الكشف عنه: 1-كتاب الإيمان.2- كتاب العلم.3- كتاب الطهارة.4- كتاب الصلاة.5- كتاب الجنائز - وفيه ما يتعلق بالمرض وثوابه وعيادة المريض ونحو ذلك.6- كتاب الزكاة – و فيه صدقة التطوع.7- كتاب الصيام.8- كتاب الحج.9- كتاب الأضاحي والصيد والذبائح والوليمة.والعقيقة وما يتعلق بالمولود.10- كتاب البيوع.11- كتاب الأيمان والنذور.12- كتاب الأحكام.13- كتاب الوصايا 14- كتاب الفرائض.15- كتاب العتق.16- كتاب النكاح.17- كتاب الطلاق.18- كتاب الأطعمة. 19-كتاب الأشربة.20- كتاب الطب.21- كتاب اللباس والزينة.22- كتاب الخلافة.23- كتاب الجهاد.24- كتاب المغازي والسير.25- كتاب قتال أهل البغي وأهل الردة.26- كتاب الحدود و الديات.27- كتاب التفسير - وفيه ما يتعلق بقراءة القرآن وثوابه وعلى كم أنزل القرآن من حرف.28- كتاب التعبير.29- كتاب القدر.30- كتاب الفتن.31- كتاب الأدب.32- كتاب البر والصلة.33- كتاب فيه ذكر الأنبياء عليهم السلام.34- كتاب علامات النبوة.35- كتاب المناقب. 36- كتاب التوبة والاستغفار.37- كتاب الأذكار.38- كتاب الأدعية.39- كتاب الزهد – وفيه المواعظ. 40- كتاب البعث.41- كتاب صفة النار.42- كتاب صفة الجنة, وقد سميته بتسمية سيدي وشيخي له : ( مجمع الزوائد ومنبع الفوائد )(1/65)
وما تكلمت عليه من الحديث من تصحيح أو تضعيف وكان من حديث صحابي واحد ثم ذكرت له متناً بنحوه فإني أكتفي بالكلام عقب الحديث الأول, إلا أن يكون المتن الثاني أصح من الأول، وإذا روى الحديث الإمام أحمد وغيره, فالكلام على رجاله إلا أن يكون إسناد غيره أصح، وإذا كان للحديث سند واحد صحيح اكتفيت به, من غير نظر إلى بقية الأسانيد, وإن كانت ضعيفة، ومن كان من مشايخ الطبراني في ( الميزان ) (1) نبهت على ضعفه، ومن لم يكن في ( الميزان ) ألحقته بالثقات الذين بعده، و الصحابة لا يشترط فيهم أن يخرج لهم أهل الصحيح, فإنهم عدول، وكذلك شيوخ الطبراني الذين ليسوا في ( الميزان ) [ ثم ذكر أسانيده على هذه الكتب ].والحمد لله وحده.(2)
موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان للحافظ أبي الحسن الهيثمي
__________
(1) - هو ( ميزان الاعتدال في نقذ الرجال ) للحافظ الذهبي تأتي مقدمته
(2) - طبع ( مجمع الزوائد ) في مكتبة القدسي في ( 10 ) مجلدات ثم صور مرارا ثم في دار الفكر بيروت 1994 في ( 10 ) مجلدات بتحقيق (عبد الله محمد الدرويش ) وسمى تحقيقه ( بغية الرائد) وعدد أحاديثه (18776), ثم في دار الكتب العلمية بيروت في ( 13 ) مجلدا بتحقيق ( عبد القادر أحمد عطا ), و الهيثمي هو الشيخ الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر, ولد سنة 735 ورافق العراقي في السماع, فسمع جميع ما سمعه, وكان ملازما له, مبالغا في خدمته,له تصانيف كثيرة ذكرت مقدمات عدد منها, توفي سنة 807هـ ترجمته في ( طبقات الحفاظ ) للسيوطي (1\545\1178)(1/66)
بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه, الحمد لله الذي خلق السموات و الأرض و جعل الظلمات والنور, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تنجي قائلها يوم البعث و النشور, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, المنعوت في القرآن والتوراة و الإنجيل والزبور, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وصحبه, صلاة تضاعف لصاحبها الأجور
وبعد : فقد رأيت أن أفرد زوائد ( صحيح أبي حاتم محمد بن حبان البستي) - رضي الله عنه - على ( صحيح البخاري ) و ( مسلم ) رضي الله عنهما, مرتبا ذلك على كتب فقه أذكرها , لكي يسهل الكشف منها, فإنه لا فائدة في عزو الحديث إلى ( صحيح ابن حبان ) مع كونه في شيء منهما, وأردت أن أذكر الصحابي فقط, وأسقط السند اعتمادا على تصحيحه, فأشار علي سيدي الشيخ الإمام العلامة الحافظ ولي الدين أبو زرعة ابن سيدي الشيخ الإمام العلامة شيخ الإسلام أبي الفضل عبد الرحيم بن العراقي بأن أذكر الحديث بسنده, لأن فيه أحاديث تكلم فيها بعض الحفاظ, فرأيت أن ذلك هو الصواب, فجمعت زوائده, ورتبتها على كتب أذكرها, هي:(1/67)
1-كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز 6- كتاب الزكاة 7- كتاب الصيام 8- كتاب الحج 9- كتاب الأضاحي وفيه الصيد والذبائح والعقيقة والوليمة 10- كتاب البيوع 11- كتاب الأيمان والنذور 12- كتاب القضاء 13- كتاب العتق 14- كتاب الوصايا 15- كتاب الفرائض 16- كتاب النكاح والطلاق والعدة 17- كتاب الأطعمة 18- كتاب الأشربة 19- كتاب الطب وفيه الرقى وغير ذلك 20- كتاب اللباس والزينة 21- كتاب الحدود والديات 22- كتاب الإمارة 23- كتاب الجهاد 24- كتاب السير وفتح فارس وغيرها 25- كتاب التفسير 26- كتاب التعبير 27- كتاب القدر 28- كتاب الفتن 29- كتاب الأدب 30- كتاب البر والصلة 31- كتاب علامات النبوة وفيه من ذكر من الأنبياء صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين 32- كتاب المناقب 33- كتاب الأذكار 34- كتاب الأدعية 35- كتاب التوبة 36- كتاب الزهد 37- كتاب البعث 38- كتاب صفة النار 39- كتاب صفة الجنة
وقد سميته : ( موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان ) وأسأل الله النفع به لي وللمسلمين آمين (1)
غاية المقصد في زوائد المسند للحافظ أبي الحسن الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الكريم الوهاب, المعطي بغير حساب, الهادي إلى الخير من أناب
وأشهد أن لا اله إلا وحده لا شريك له, شهادة تنجي قائلها من العذاب, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق و الصواب, صلى الله عليه وعلى آله و صحبه أولي الألباب, و سلم إلى يوم الفصل والمآب
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية في مجلد بتحقيق الشيخ ( محمد عبد الرزاق حمزة ) وبتصحيح الشيخ ( عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ) رحمه الله, ثم طبع في مؤسسة الرسالة في مجلدين بتحقيق الشيخ ( شعيب الارناؤوط )(1/68)
[ وبعد ] : فقد كنت كتبت من زوائد الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه, وجعل الجنة مثواه زوائده على الكتب الستة, بغير تأمل تام, ولا نظر شاف, ثم شغلت عنه بزوائد أبي بكر البزار, وأبي القاسم الطبراني,وبمعجميه الأوسط والصغير, و أبي يعلى الموصلي, فرأيت حين جمعت زوائد هذه الكتب أني قد فرطت في زوائد (المسند) لما ظهر لي من الخلل من سقوط أحاديث فيه, بسبب ( سنن النسائي ) الكبير, وما فيه من الزوائد على ( المجتبى ) وغير ذلك مني, فاهتممت لذلك, لأن إفراد [ المسند ] (1) غالبا أصح من إفراد ما ذكرت من هذه الكتب, فصرفت إليه وسألت الله تعالى الإعانة عليه, فذكرت فيه ما انفرد به الإمام أحمد, وولده أبي عبد الرحمن من حديث مرفوع بتمامه, وحديث شذ لهم فيه, أو بعضهم, وفيه زيادة, فربما كانت الزيادة في أول الحديث, وهو طويل فأقتصر عليها, و ربما كانت في آخره, فتارة أقتصر عليها, وتارة أذكره كله, وأزيد بقولي: رواه فلان خلا فلان باختصار.
وربما سمع عبد الله بن الإمام أحمد الحديث من أبيه, ومن شيخ أبيه فيقول: حدثنا أبي, حدثنا عبد الله بن أبي شيبة, وسمعته أنا من [ ابن ] أبي شيبة فأذكره كذلك, وما زاده عبد الله فأقول في أوله : قال عبد الله : حدثنا فلان
وأما زاده النسائي في ( سننه الكبرى ) فكتاب التفسير, والمناقب, والسير, وأكثر عشرة النساء, وبعض الصوم, فمن ذلك أحاديث ( أفطر الحاجم والمحجوم ), وعمل اليوم والليلة وغير ذلك
وأذكر أيضا ما رواه أبو داود في ( المراسيل ) إذا انفرد به, فيما لم يحصل لي روايته, وما رواه البخاري معلقا, أو خارج ( الصحيح ), والترمذي في ( الشمائل ), ونحو ذلك
__________
(1) - في المطبوع ( السند )(1/69)
وقد سميته : ( غاية لمقصد في زوائد المسند ) وأسال الله النفع به آمين, وقد رتبته على كتب اذكرها : 1-كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز وفي أوله ما يتعلق بالعياذة والمرض من الثواب وغيره 6- وكتاب الزكاة وفيه, صدقة التطوع 7- وكتاب الصيام 8- وكتاب الحج 9- وكتاب الأضاحي والصيد والذبائح وفيه الوليمة والعقيقة 10- وكتاب الأحكام 11- كتاب الأيمان والنذور 12- وكتاب الوصايا 13- وكتاب الفرائض 14- وكتاب العتق 15- وكتاب النكاح 16- وكتاب الطلاق الحدود 17- و كتاب الديات وكتاب الخلافة وما يتعلق بالأمراء 18- وكتاب الجهاد 19- وكتاب السير 20- وكتاب قتال أهل البغي 21- وكتاب البر والصلة 2- وكتاب الأدب 23- وكتاب التعبير 24- وكتاب القدر 25- وكتاب التفسير وفيه ما يتعلق بالقرآن وقراءة القرآن 26- وكتاب علامات النبوة وفيه ذكر الأنبياء 27- وكتاب المناقب 28- و كتاب الأطعمة 29- وكتاب الأشربة 30- وكتاب الطب 31- وكتاب اللباس والزينة 32- كتاب الفتن 33- كتاب الأذكار 34- وكتاب الأدعية 35- وكتاب التوبة 36- وكتاب الزهد 37- وكتاب البعث و صفة النار و صفة الجنة
وقد أنهيت زوائد الشيخ أبوعبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم الأنصاري قراءة عليه في الرحلة الأولى بدمشق سنة أربع وخمسين وسبعمائة [ ثم ذكر سنده ( لمسند الإمام أحمد ] (1)
كشف الأستار عن زوائد البزار للحافظ أبي الحسن الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله مجدد النعم,ودافع النقم, الهادي من الظلم, أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تنجي قائلها من الحزن والندم, وأشهد أن محمدا عبده و رسوله سيد العرب والعجم, والموضح خير نبي بعث إلى خير الأمم, صلى الله عليه وسلم وكرم وعظم
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 2001 بتحقيق ( خلاف محمد عبد السميع ) وعدد أحاديثه ( 5153 ) حديثا(1/70)
وبعد : فقد رأيت ( مسند الإمام أبي بكر البزار ) المسمى ( بالبحر الزخار ) قد حوى جملة من الفوائد الغزار, يصعب التوصل إليها على من التمسها, ويطول ذلك عليه قبل أن يخرجها, فأردت أن أتتبع ما زاد فيه على الكتب الستة, من حديث بتمامه, وحديث شاركهم [ في أصله ], وفيه زيادة, مميزا بقولي ( قلت رواه فلان خلا كذا, أو نحو هذا ), وربما ذكر الحديث بطرق فيكتفي بذكر سند الحديث الثاني ثم يقول: فذكره, أو فذكر نحوه, وما أشبه ذلك, فأقول بعد ذكر السند قال فذكره, أو قال فذكر نحوه, وربما ذكر السند والمتن, فأقول : قلت فذكره أو فذكر نحوه
وإذا تكلم على حديث بجرح لبعض رواته أو تعديل بحيث طَوَّل اختصرت كلامه من غير إخلال بمعنى, و ربما ذكرته بتمامه إذا كان مختصرا
وقد ذكر فيه جرحا وتعديلا مستقلا لا يتعلق بحديث بعده وروى فيه أحاديث بسنده فرويت الأحاديث و الكلام عليها إن كان تكلم عليها وتركت ما عداه
وقد ذكرت فيه ما رواه البخاري تعليقا, وأبو داود في ( المراسيل ) والترمذي في ( الشمائل ) والنسائي في غير ( السنن الكبرى ) مثل أن يرويه النسائي في المناقب أو التفسير أو السير أو الطب, أو غير ذلك مما هو ليس في نسختي
وقد عزا سيدنا شيخ الحفاظ جمال الدين المزي - رضي الله عنه - وأرضاه إلى غير ذلك في النسائي أحاديث لا يحصرها إلا من تفرغ لها, وأفردها بتصنيف من غير ذكر أنه ليست في ( المجتبى ) ولم أرها فيه فذكرتها أيضا, وقد روى الطبراني في ( المعجم الكبير ) حديث ابن عباس رفعه: ( كل أحد يؤخذ من قوله ويدع إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - ) وقد رتبته على كتب أذكرها :(1/71)
1-كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز 6- كتاب الزكاة 7- كتاب صدقة التطوع 8- كتاب الصيام 9- كتاب الحج 10- كتاب الأضاحي وفيه الصيد والذبائح والوليمة و العقيقة 11- كتاب البيوع 12- كتاب الأيمان والنذور 13- كتاب الأحكام 14- كتاب اللقطة 15- كتاب الغصب 16- كتاب الوصايا 17- كتاب الفرائض 18- كتاب العتق 19- كتاب النكاح 20- كتاب الطلاق 21- كتاب الجنايات 22- كتاب الديات 23- كتاب الحدود 24- كتاب الإمارة 25- كتاب الجهاد 26- كتاب الهجرة والمغازي 27- كتاب قتال أهل البغي 28- كتاب البر والصلة 29- كتاب الأدب 30- كتاب التعبير 31- كتاب القدر 32- كتاب التفسير وفيه القراءات, وكم أنزل القرآن على حرف, وما يتعلق بقراءة القرآن 33- كتاب علامات النبوة وفيه من ذكر من الأنبياء صلى الله على نبينا وعليهم أجمعين 34- كتاب المناقب 35- كتاب الأطعمة 36- كتاب الأشربة 37- كتاب اللباس 38- كتاب الزينة 39- كتاب الطب 40- وكتاب الأذكار 41- كتاب الأدعية 42- كتاب التوبة 43- كتاب الفتن 44- كتاب البعث 45- كتاب صفة النار 46- كتاب صفة الجنة 47- كتاب الزهد
ولله أسأل أن ينفع به انه قريب مجيب, وقد سميته : ( كشف الأستار عن زوائد البزار ) (1)
المقصد الأعلى في زوائد أبي يعلى للحافظ أبي الحسن الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله البر الجواد, الهادي إلى سبيل الرشاد, رافع السماء بغير عماد, و أشهد أن لا إله إلا الله,وحده لا شريك له, المنزه عن الأنداد, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, المؤيد بالملائكة من الجهاد, صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه,الذين نشروا العلم في البلاد, صلاة دائمة إلى يوم التناد
__________
(1) - طبع في مؤسسة الرسالة 1979 بتحقيق ( حبيب الرحمن الأعظمي ) وعدد أحاديثه ( ) حديثا(1/72)
وبعد : فقد نظرت مسند الإمام أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلى - رضي الله عنه - فرأيت فيه فوائد غزيرة لا يفطن إليها كثير من الناس, فعزمت على جمعها على أبواب الفقه, لكي يسهل الكشف عنها لنفسي, ولمن أراد ذلك, وسميته : ( المقصد العلي في زوائد أبي يعلى الموصلي )
فذكرت ما انفرد به عن أهل الكتب الستة من حديث بتمامه, ومن حديث شاركهم فيه, أو بعضهم, وفيه زيادة, وأنبه على الزيادة بقولي : ( أخرجه فلان خلا قوله كذا ) أو ( لم أره بتمامه عند أحد منهم ) ونحو ذلك هذا من الفوائد, وربما ذكر الإمام أبو يعلى بعد الحديث أحيانا ثم يقول: فذكره أو ذكر نحوه, فإذا ذكرت ذلك أقول قال: فذكره , وما كان من ذلك ليس فيه قال فهو من تصرفي, وما كان فيه من ذلك رواه البخاري تعليقا, والنسائي في ( الكبير ) ذكرته, وما كان في النسائي الصغير المسمى ( بالمجتبى ) لم أذكره, (ثم ذكر سنده للكتاب) وما كان فيه من حديث في أوله ( كـ ) فهو من ( المسند الكبير ) (1) لأبي يعلى أيضا, وما نظرت منه سوى مسند العشرة
__________
(1) - وهو من رواية برواية أبي بكر محمد بن إبراهيم المقرئ عنه وقد اعتمدها الحافظ ابن حجر في ( المطالب العالية ) فاستخرج منه زياداته على ( الكتب الستة ) وكذا الحافظ البوصيري في ( إتحاف المهرة ) وهو الذي قال فيه الحافظ سماعيل بن محمد بن الفضل التميمي : قرأت المسانيد كمسند العدني ومسند ابن منيع و هي كالأنهار، و مسند أبي يعلى كالبحر، فيكون مجمع الأنهار اهـ , والرواية الثانية المختصرة هي من رواية أبي عمرو محمد بن أحمد بن حمدان وهي المطبوعة, وهي التي اعتمدها الهيثمي في ( مجمعه ) و ( مقصده )(1/73)
وقد رتبته على كتب أذكرها : كتاب الإيمان, كتاب العلم,كتاب الطهارة, كتاب الصلاة وفيه: المساجد, وكتاب صلاة النوافل, كتاب الجنائز, كتاب الزكاة كتاب الصيام كتاب الحج كتاب الأضاحي كتاب الصيد والذبائح وفيه العقيقة كتاب البيوع كتاب اللقطة كتاب الغصب كتاب الفرائض كتاب الوصية بالمماليك كتاب النكاح كتاب الطلاق كتاب الأيمان والنذور كتاب الجنايات كتاب الديات كتاب الحدود كتاب الخلافة والإمارة كتاب القضاء كتاب الجهاد كتاب المغازي كتاب قتال أهل البغي كتاب البر والصلة كتاب صدقة التطوع كتاب الأدب كتاب عجائب المخلوقات كتاب التعبير كتاب القدر كتاب التفسير كتاب فضائل القران كتاب ذكر الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم كتاب علامات النبوة كتاب المناقب كتاب الأطعمة كتاب الأشربة كتاب اللباس كتاب الزينة كتاب الطب كتاب الرقى كتاب الأذكار كتاب الاستعاذة كتاب الأدعية كتاب المواعظ كتاب التوبة والاستغفار كتاب الفتن كتاب البعث كتاب صفة جهنم كتاب صفة الجنة كتاب الورع كتاب الزهد (1)
بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث للحافظ أبي الحسن الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل على وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1993 في مجلدين بتحقيق ( سيد كسروي حسن ) وعدد أحاديثه ( 2030 ) حديثا, وطبع أصله ( مسند أبي يعلى ) في دار المأمون للتراث 1404هـ في ( 12 ) مجلدا بتحقيق الشيخ ( حسين سليم أسد ) وعدد أحاديثه ( 7555 ) حديثا, ثم في دار الفبلة للثقافة الإسلامية السعودية 1408هـ في ( 6 ) مجلدات بتحقيق الشيخ ( إرشاد الحق الأثري ) وعدد أحاديث هذه الطبعة ( 7517 ) حديثا, وفي دار الكتب العلمية 1998 في ( 7 ) مجلدات بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا )(1/74)
الحمد لله وسلامه على عباده الذين اصطفى, وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, إله إذا وعد وفى, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب المقام المحمود و كفى, صلى الله عليه و على آله و صحبه أهل الصدق والوفا
وبعد : فإن سيدي وشيخي شيخ الإسلام زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي أحسن الله إليه وأرضاه, وجعل الجنة مثوانا ومثواه, أهلنى لإفراز كتب, فسررت بذلك, ثم أمرني بتخريج زوائد ( مسند الحارث بن محمد بن أبي أسامة ), وزادني في ذلك رغبة حظ سيدي وشيخي الشيخ ولي الدين أبي زرعة ولد شيخي أحسن الله إليه على ذلك, فجمعتها من نسخة من تجزئة سبعة وثلاثين جزءا, فوجدتها ناقصة الجزء الثالث عشر, ومقداره عشر ورقات, أو نحوها, وصفحة من أول الجزء الحادي عشر, وصفحة من أول الجزء الأخير, وأنا أتطلب ذلك إلى الآن لم أجدها,وعسى أن يسهلها الله بمنه وفضله, آمين, وقد سميته : ( بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث )(1/75)
ورتبته على كتب أذكرها, لكي يسهل الكشف منه:1-كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز وفي أوله كفارة المرض و العياذة 6- كتاب الزكاة وفيه فضل الصدقة 7- كتاب الصيام 8- كتاب الحج 9- كتاب الأضاحي وفيه العقيقة و الصيد والذبائح 10- كتاب البيوع 11- كتاب الأيمان والنذور 12- كتاب القضاء والشهادة 13- كتاب الوصايا 14- كتاب العتق 15- كتاب الفرائض 16- كتاب النكاح 17- كتاب الطلاق 18- كتاب اللباس 19- كتاب الزينة 20- كتاب والإمارة 21- كتاب الجهاد 22- كتاب المغازي 23- كتاب التفسير 24- كتاب التعبير 25- كتاب القدر 26- كتاب الفتن 27- كتاب الأدب 28- كتاب البر والصلة 29- كتاب علامات النبوة وفي أوله ذكر الأنبياء 30- كتاب علامات نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم - 31- كتاب المناقب 32- كتاب الأذكار 33- كتاب الأدعية 34- كتاب المواعظ 35- كتاب التوبة 36- كتاب الزهد 37- كتاب البعث 38- كتاب صفة النار 39- كتاب صفة الجنة (1)
مجمع البحرين في زوائد المعجمين للحافظ أبي الحسن نور الدين الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, ربنا آتنا من لدنك رحمة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
الحمد لله المعين على تيسير العسي,ر وأشهد أن لا اله الا الله, وحده لا شريك له, شهادة تنجي قائلها من عذاب السعير, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير, صلى الله عليه و على آله ما أشرق يوم منير, وطلعت شمس على ثبير
__________
(1) - طبع في الجامعة الإسلامية 1413 هـ بتحقيق (د حسين أحمد الباكري) في مجلدين, وعدد احاديثه (1136) حديثا, و بآخره ملحق يتضمن الاحاديث التي اقتبستها المصادر من ( مسند الحارث ), ويتعلق بكتاب صفة الجنة وكتاب صفة النار و ليست في القسم الذي وصل إلينا من المنتخب, وطبع أيضا في دار الطلائع بالقاهرة 1994 بتحقيق ( مسعد السعدني ) و عدد أحاديثه ( 1143 ) حديثا(1/76)
وبعد : فقد رأيت ( المعجم الأوسط ), و ( المعجم الصغير) لأبي القاسم الطبراني ذي العلم الغزير, قد حويا من العلم ما لا حصل لطالبه إلا بعد كشف كبير, فأردت أن أجمع منها كل شاردة, إلى باب من الفقه يحسن أن تكون فيه واردة, فجمعت ما انفرد به عن أهل الكتب الستة من حديث بتمامه, وحديث شاركهم فيه بزيادة عنده, مميزا لها بقولي : أخرجه فلان خلا كذا أو ذكرته لأجل كذا, ولم أرده بهذا السياق وشبه هذا
وأخرجت فيه أيضا ما رواه الترمذي في ( الشمائل ), والنسائي في ( الكبير ) مما ليس في ( المجتبى الصغير ) كعمل اليوم والليلة, والتفسير, والسير, والمناقب, والطب, والصوم, وليس هو في ( الصغير ) ذكرته وقلت : أخرجه الشيخ جمال الدين (1) في ( الأطراف ) وليس هو في ( المجتبى ) أو لم أره في نسختي
فما كان من حديث على أوله ( ق ) فهو في ( المعجم الصغير ) و ( الأوسط ) بإسناد سواء ومتنه بنحوه أو مثله, وما كان على أوله ( ص ) فهو ما انفرد به (الصغير ) وما كان من ( الصغير ) وله أسانيد في ( الأوسط ) بدأت بإسناد ( الصغير ) وذكرت طرفه من ( الأوسط ), مستمدا من الله سبحانه العون على هذا, وعلى غيره,ولا حول ولا قوة إلا بالله, وأسأل الله السلامة لي ولأصحاب, إنه قريب مجيب
__________
(1) - هو الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي وكتابه هو ( تحفة الأشراف في معرفة الأطراف) تأتي مقدمته(1/77)
وقد رتبته على كتب أذكرها لكي يسهل الكشف إن شاء الله تعالى, وهي: 1-كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز وفيه ما يتعلق بعياذة المريض ونحوه 6- و كتاب الزكاة وفيه, صدقة التطوع 7- وكتاب الصيام 8- كتاب الحج 9- كتاب الأضاحي 10- كتاب الصيد والذبائح 11- كتاب الوليمة والعقيقة 12- كتاب البيوع وفيه اللقطة وغيرها 13- كتاب الوصايا 14- كتاب الفرائض 15- كتاب العتق 16- كتاب الأيمان والنذور 17- كتاب الشهادات 18- كتاب النكاح 19- كتاب الطلاق 20- كتاب الحدود 21- كتاب الديات 22- كتاب الخلافة وما يتعلق بالأمراء 23- كتاب الجهاد 24- كتاب المغازي 25- كتاب قتال أهل البغي 26- كتاب البر والصلة 27- كتاب الأدب 28- كتاب التعبير 29- كتاب القدر 30- كتاب التفسير, وفيه القراءات, وكم أنزل القرآن على حرف, وفضائل القرآن, وما يتعلق بقراءته 31- كتاب علامات النبوة, وفي أوله ذكر الأنبياء صلى الله على نبينا وعليهم وسلم, والخضر رضي الله عنه 32- كتاب المناقب 33- كتاب الأطعمة 34- كتاب الأشربة 35- كتاب الطب 36- كتاب اللباس 37- كتاب الزينة 38- كتاب الفتن 39- كتاب الأذكار 40- كتاب الأدعية 41- كتاب التوبة 42- كتاب البعث 43- كتاب صفة النار 44- كتاب صفة الجنة 45- كتاب الزهد
وأسأل الله سبحانه أن ينفع به, إنه سميع الدعاء, [ وذكر أسانيده للكتابين ], وكل كلام أقول في أوله :(1/78)
( قلت ) فهو من كلامي, وما كان من كلام على الحديث فهو من كلام الطبراني, وربما اختصرت من كلامه لطوله, ولا أظن [ الإخلال ] بمعناه إن شاء الله, وربما قال: لا يروى عن فلان إلا بهذا الإسناد, ثم يرويه بإسناد آخر فأنبه عليه إن شاء الله وربما علمت لكلام الطبراني ( ط ) للفصل بين كلامه وكلامي, وربما حصل اعتراض عليه بأن يقول: لا يروى إلا بهذا الإسناد ونحوه من الكلام, ويكون رواه بإسناد آخر, وقد جمعته من نسخة فيها سقم, ثم وجدت نسخة غير كاملة فاستعنت بها, وما وجدته من الكامل والناقص كتبت له عندي رمزا في ورقة خارجة عن هذا, فان وجدت نسخة صحيحة كشفته إن شاء الله, والله المستعان, وعليه التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية للحافظ ابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم, والحمد لله جامع الشتات من الأحياء والأموات, وسامع الأصوات باختلاف اللغات, وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, رب الأرضيين والسماوات, ذو الأسماء الحسنى والصفات, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوت بالآيات والخوارق المنيرات, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, أولى العلوم الزاهرات, وعلى أزواجه الطاهرات, صلاة وسلاما على الآباد متواليات
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1998 في ( 4 ) مجلدات بتحقيق (محمد حسن إسماعيل) وعدد أحاديثه ( 5131 ) حديثا(1/79)
أما بعد: فان الاشتغال بالعلم خصوصا الحديث النبوي من أفضل القربات, وقد جمع أئمتنا منه الشتات على المسانيد و الأبواب المرتبات, فرأيت جمع جميع ما وقفت عليه من ذلك في كتاب واحد ليسهل الكشف منه على أولي الرغبات, ثم عدلت إلى جمع الأحاديث الزائدة على الكتب المشهورات في الكتب المسندات, وعنيت بالمشهورات الأصول الستة و(مسند أحمد), وبالمسندات على ما رتب على مسانيد الصحابة, وقد وقع لي منها ثمانية كاملات, وهي:1- لأبي داود الطيالسي 2- الحميدي 3- وابن أبي عمر 4- ومسدد 5-وأحمد بن منيع 6- وأبي بكر بن أبي شيبة 7- وعبد بن حميد 8- والحارث بن أبي أسامة, ووقع لي منها أشياء كاملة أيضا (كمسند البزار), و (أبي يعلى), و(معاجم الطبراني), لكن رأيت شيخي أبا الحسن الهيثمي قد جمع ما فيها وفي(مسند أحمد) في كتاب مفرد, محذوف الأسانيد, فلم أر أن أزاحمه عليه, إلا أني تتبعت ما فاته من (مسند أبي يعلى) لكونه اقتصر في كتابه على الرواية المختصرة, و وقع لي عدة من المسانيد غير مكملة, (كمسند إسحاق بن راهويه), وقفت منه على قدر النصف, فتتبعت ما فيه فصار ما تتبعته من ذلك عشرة دواوين, و وقفت أيضا على قطع من عدة مسانيد (كمسند الحسن بن سفيان), و(محمد بن هاشم السدوسي), و(محمد بن هارون الروياني), و(الهيثم بن كليب) وغيرهم, فلم أكتب منها شيئا لعلي إذا بيضت هذا التصنيف أن أرجع فأتتبع ما فيها من الزوائد, وأضيف إلى ذلك الأحاديث المتفرقة في الكتب المرتبة على فوائد الشيوخ(1/80)
ورتبته على أبواب الأحكام الفقهية وهي: 1- الطهارة 2- الصلاة 3- الجنائز 4- الزكاة 5- الصيام 6- الحج 7- البيوع 8- العتق 9- الفرائض 10- الوصايا 11- النكاح 12- الطلاق 13- النفقات 14- الأيمان والنذور 15- الحدود 16- القصاص 17- الديات 18- الجهاد 19- الإمارة والخلافة 20- القضاء والشهادات 21- اللباس 22- والأضحية والعقيقة 23- الذبائح 24- والصيد 25- الأطعمة الأشربة 26- الطب 27- البر والصلة 28- الأدب 29- التعبير, ثم ذكرت 30- الأيمان و التوحيد 31- والعلم والسنة 32- الزهد والرقائق 33- الأذكار والدعوات 34- بدء الخلق أحاديث الأنبياء 35- فضائل القرآن 36- التفسير 37- والمناقب 38- السيرة النبوية والمغازي 39- والفتن و الأشراط البعث والنشور(1/81)
وسميته : ( المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية ) وشرطي فيه ذكر كل حديث ورد عن صحابي لم تخرجه الأصول السبعة من حديثه ولو أخرجوه أو بعضهم من حديث غيره مع التنبيه عله أحيانا, والله أستعين في جميع الأمور كلها لا اله إلا هو (1)
مختصرزوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد للحافظ ابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله حمدا كثيرا, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بعثه بالحق بشيرا ونذيرا, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما يرد طرف أعين حسيرا
__________
(1) - طبع في وزارة الأوقاف الكويتية في ( 4 ) مجلدات بتحقيق الشيخ ( حبيب الرحمن الأعظمي ) عن نسخة محذوفة الأسانيد وعدد أحاديثه (4702) حديثا و ثم طبع في دار الوطن 1997 في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( عنيم بن عباس بن غنيم ) و( ياسر بن إبراهيم بن محمد ) عن نسخة مسندة وعدد احاديث هذه الطبعة ( 4641 ) حديثا, وابن حجر هو شيخ الإسلام وإمام الحفاظ في زمانه, وحافظ الديار المصرية بل حافظ الدنيا مطلقا قاضي القضاة شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي الكناني العسقلاني, ثم المصري الشافعي, ولد سنة 773 هـ لازم شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي وبرع في الحديث وتقدم في جميع فنونه وصنف تصانيف كثيرة جدا تزيد على المائة,وأملى أكثر من ألف مجلس وولي القضاء بالديار المصرية, التدريس بعدة أماكن سنة 852 (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\552\1190) ولتلميذه الحافظ السخاوي كتاب (الجواهر و الدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر) طبع في دار ابن حزم في ( 3 ) مجلدات استوعب فيه أخباره وسيرته(1/82)
أما بعد: فإنني لما علقت الأحاديث الزائدة على الكتب الستة في ( مسند أحمد ) - رضي الله عنه - من جمع شيخنا الإمام أبى الحسن الهيثمي, وقفت على تخريج زوائد أبى بكر البزار جمع أبي الحسن المذكور على الكتب الستة أيضا, فرأيت أن أفرد هنا ومن تصنيفه ما انفرد به أبوبكر المذكور عن الإمام أحمد, لأن الحديث إذا كان في المسند الأحمدي لم يحتج إلى عزوه إلى مصنف غيره لجلالته, و....فإنني كنت عملت أطراف ( مسند أحمد ) (1) بتمامه في مجلدتين وحاجتي ماسة إلى الازدياد فآثرت...هذا المصنف على الإختصار الذي وصفت وأضفت إليه كلام الشيخ أبي الحسن على الأحاديث مجموعة الذي عمله محذوف الأسانيد لان الكلام على بعض رجال السند عقب السند أولى.لعدم الوهم و الله الموفق وزدت جملة في الكلام على الأحاديث أقول في أولها ( قلت ) والله الموفق (2)
مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة للحافظ شهاب الدين البوصيري
__________
(1) - وهو المسمى ( إطراف المسند المعتلي بذكر أطراف المسند الأحمدي ) وهو مطبوع وتأتي مقدمته
(2) - طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1412هـ في مجلدين بتحقيق صبري ( عبد الخالق أبو لوز ) وعدد أحاديثه
( 2341 ) حديثا(1/83)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي شرفنا بما خاطبنا به من كلامه المجيد, وعرفنا بما فيه دلائل ربوبيته لنعبده على بساط التمجيد, وقضى في سابق أجله بما شاء من آثار الفضل والعدل على العبيد, فهذا شقي وهذا سعيد, وهذا غوي وهذا رشيد, وهذا صفي وهذا طريد, وهذا وفي وهذا عتيد, وهذا ذكي وهذا بليد, وهذا عمي وهذا بصره حديد, لا يسأل عما يفعل إن الله يفعل ما يريد, فأحمده وأشكره وإن شكره لأحق ما استفتح به باب المزيد, وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, الواحد الفرد الصمد الولي الحميد, وأشهد أن حمدا عبده ورسوله المسدد في أقواله وأفعاله بغاية التسديد, فلقد حق لنا أن نقتدي بسنته فيما يبدئ ويعيد, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأبد ذلك عدد لا ينفد ولا يبيد
وبعد : فقد استخرت الله عز وجل في إفراد زوائد الإمام الحافظ أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني على الخمسة الأصول: صحيحي البخاري, ومسلم, وأبي داود, والترمذي, والنسائي الصغرى رواية ابن السني
فان كان الحديث في الكتب الخمسة أو أحدهم من طريق صحابي واحد لم أخرجه إلا أن يكون في زيادة عند ابن ماجة تدل على حكم, وإن كان من طريق صحابيين فأكثر وانفرد ابن ماجة بإخراج طريق منها أخرجته, ولو كان المتن واحد, وأنبه عقب كل حديث أنه في الكتب الخمسة المذكورة, أو أحدها من طريق فلان مثلا إن كان, فان لم يكن ورأيت الحديث في غيرها أنبهت عليه للفائدة, وليعلم أن الحديث ليس بفرد, ثم أتكلم على كل إسناد بما يليق بحاله من صحة وحسن وضعف وغير ذلك, وما سكت عليه ففيه نظر, وهذا ترتيب كتبه أذكرها ليسهل الكشف منها, وهن:(1/84)
1-كتاب اتباع السنة وفضل الصحابة والعلماء 2- كتاب الطهارة 3- كتاب المواقيت 4- كتاب الأذان 5- كتاب إقامة الصلاة 6-كتاب الجنائز 7- الصيام 8- الزكاة 9- النكاح 10- كتاب الطلاق 11- كتاب الكفارات 12- كتاب التجارات 13 كتاب الأحكام 14 كتاب الشفعة 15- كتاب العتق 16- كتاب الحدود 17- كتاب الديات 18- كتاب الوصايا 19- كتاب الفرائض 20- كتاب الجهاد 21- كتاب الحج 22- كتاب الضحايا 23- كتاب الذبح والعقيقة 24- كتاب الصيد 25- كتاب الأطعمة 26- كتاب الأشربة 27- كتاب الطب 28- كتاب اللباس 29- كتاب الدعاء 30- كتاب التعبير 32 كتاب الفتن 33- كتاب الزهد وذكر الموت صفة أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - ذكر الحوض ذكر الشفاعة صفة النار صفة الجنة
وسميته : ( مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة ) (1)
مختصر إتحاف السادة المهرة الخيرة بزوائد المسانيد العشرة للحافظ أبي الفضل البوصيري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي من أسند إليه أمره كفاه وإن رفع إليه يديه أجاره وسمع دعاءه, والصلاة و السلام على سيدنا محمد مرسل اجتباه, وعلى آله وصحبه وأوليائه
__________
(1) - طبع ( مصباح الزجاجة ) في دار الجنان 1406هـ في مجلدين بتحقيق ( كمال يوسف الحوت ) وعدد احاديثه ( 1551) حديثا وفي دار الكتب العلمية 144 في مجلد واحد بتحقيق ( محمد مختار حسين ) باسم ( زوائد ابن ماجة على الكتب الخمسة ) وهي طبعة ناقصة.عدد احاديثها ( 1476 ) حديثا, و البوصيري هو المحدث الحافظ شهاب الدين أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل الكناني, ولد سنة 762 وسمع الكثير من البرهان التنوخي والبلقيني والعراقي والهيثمي والطبقة, وحدث وخرج وألف تصانيف حسنة توفي سنة 840 هـ ترجمته في ( طبقات الحفاظ ) للسيوطي (1\551\1188)(1/85)
وبعد : فلما وفق الله سبحانه وتعالى لإفراد زوائد مسانيد الأئمة الأعلام, وحفاظ الإسلام, أبي داود, ومسدد, و الحميدي, وابن أبي عمر, وإسحاق بن راهويه, وأبي بكر بن أبي شيبة, وأحمد بن منيع,وعبد بن حميد, والحارث بن أبي أسامة, وأبي يعلى الموصلي بأسانيدهم, وطرقهم, والكلام على غالب أسانيدهم على الكتب الستة : (صحيحي) اليخاري, ومسلم, و أبي داود, والترمذي, والنسائي الصغرى, وابن ماجة رحمهم الله, فجاء بحمد الله وعونه كتابا حافلا, و إماما كاملا, لكن طال على الهمم القاصرة تحصيله, وصدهم عنه بسطه وطوله, فسألني بعض إخواني أولي الهمم العالية أن أجرد المتن من الإسناد, ليعم لنفع بها العباد, فاستخرت الله تعالى وأجبته إلى ما طلب, لما وقر عندي من صدق نيته
فأوردتها محذوفة الإسناد, فإن اتضح الكلام على إسناد حديث من صحة وحسن وضعف قدمته, وما لم يتضح تركت الكلام عليه, ما لم يكن الحديث عند من التزم الصحة كابن حبان, والحاكم(1/86)
وإذا روى ابن حبان في ( صحيحه ) حديثا عن أبي يعلى عن أبي بكر بن أبي شيبة سقته, ثم أقول في آخره: رواه ابن أبي شيبة وعنه أبو يعلى وعنه ابن حبان, فان كان الحديث في الكتب الستة أو أحدها من طريق صحابي واحد لم أخرجه إلا أن يكون في الحديث فيه زيادة عن بعض المسانيد المذكورة تدل على حكم, فأخرجه بتمامه ثم أقول في آخره : رووه أو بعضهم باختصار, وربما بينت الزيادة مع ما أضمه إليه من (مسندي) أحمد, والبزار, و(صحيح) ابن حبان, والحاكم و غيرهم, كما سترى إن شاء الله تعالى, وإن كان الحديث من طريق صحابيين فأكثر وانفرد بعض المسانيد بإخراج طريق منها أخرجته, وان كان المتن واحدا وأنبه عقب الحديث أنه في الكتب الستة أو أحدها من طريق فلان وفلان إن كان لئلا يظن أن ذلك وهم , فان لم يكن الحديث في الكتب الستة أو أحدها من طريق صحابي آخر ورأيته في غير الكتب الستة نبهت عليه للفائدة, و ليعلم أن الحديث ليس بفرد, فان اتفقت المسانيد على متن بلفظ واحد أو بألفاظ متقاربة اكتفيت بواحد منها عن سائرها, وربما ذكرت أطول المتون, ثم أقول: رووه أعني أصل الحديث عن طريق المستخرجات, وإن اختلفت ذكرت متن كل مسند, وإن اتفق بعض واختلف بعض ذكرت المختلف فيه, ثم أقول في آخره : فذكره, وربما قدمت حديثا أو بابا أو أخرته أو جمعت في باب للمناسبة أو الاختصار
وقد أوردت ما رواه البخاري تعليقا, وأبو داود في (المراسيل), والترمذي في (الشمائل), والنسائي في (الكبرى), وفي (اليوم والليلة), وغير ذلك مما ليس في شيء من الكتب الستة.(1/87)
ورتبته على مائة كتاب, أذكرها ليسهل الكشف منها, وهي: 1-كتاب الإيمان 2- كتاب القدر 3- كتاب العلم 4- كتاب الطهارة 5- كتاب الحيض 6- كتاب الصلاة 7- كتاب المواقيت 8- كتاب الأذان 9- كتاب المساجد 10- كتاب الإمامة 11- كتاب القبلة وفيه ستر العورة 12- كتاب افتتاح الصلاة 13- كتاب السهو 14- كتاب الجمعة 15- كتاب قصر الصلاة 16- كتاب صلاة الخوف 17- كتاب العيدين 18- كتاب الخسوف 19- كتاب الاستسقاء 20- كتاب النوافل 21- كتاب الجنائز 22- كتاب الزكاة 23- كتاب الصوم 24- كتاب الحج و آداب السفر 25- كتاب البيوع والسلم 26- كتاب الرهن 27- كتاب التفليس 28- كتاب الصلح 29- كتاب الضمان 30- كتاب الشركة 31- كتاب العارية 32- كتاب الغصب 33- كتاب الشفعة 34- كتاب القرض 35- كتاب الإجارة 36- كتاب الزراعة 37- كتاب إحياء الموات 38- كتاب الوقف 39- كتاب الهبات وفيه عطية الرجل ولده 40- كتاب اللقيط 41- كتاب الفرائض 42- كتاب الوصايا 43- كتاب الوديعة 44- كتاب النكاح 45- كتب الصداق والوليمة 46- كتاب القسم والشهود 47- كتاب الخلع والطلاق 48- كتاب الرجعة 49-كتاب الإيلاء 50- كتاب الظهار 51- كتاب اللعان 52- كتاب العدد 53- كتاب الرضاع 54- كتاب النفقات 55- كتاب الديات 56- كتاب القسامة 57- كتاب قتال أهل البغي 58- كتاب المرتد 59- كتاب السرقة 60- كتاب الحدود والقذف 61- كتاب الأطعمة 62- كتاب الأشربة والحد فيها 63- كتاب الطب 64- كتاب الرقى والتمائم 65- كتاب اللباس والزينة 66- كتاب الإمارة 67- كتاب الهجرة 68- كتاب الجهاد 69- كتاب السير والمغازي 70- كتاب قسم الفيء والغنيمة 71- كتاب الجزية 72- كتاب الصيد والذبائح 73- كتاب الضحايا 74- كتاب العقيقة 75- كتاب السبق والرمي 76- كتاب الأيمان والنذور 77- كتاب القضاء 78- كتاب الشهادات 79- كتاب العتق 80- كتاب الولاء 81- كتاب المدبر والمكاتب 82- كتاب عتق أمهات الأولاد 83- كتاب البر والصلة 84-(1/88)
كتاب الأدب 85- كتاب العجائب 86- كتاب فضائل القران 87- كتاب التفسير 88- كتاب التعبير 89- كتاب الأذكار 90- كتاب الأدعية 91- كتاب الاستعاذة 92- كتاب علامات النبوة 93- كتاب المناقب 94- كتاب المواعظ 95- كتاب التوبة والاستغفار 96- كتاب الزهد والورع 97- كتاب الفتن 98- كتاب القيامة 99- كتاب صفة النار100- كتاب صفة الجنة
وسميته : ( مختصر إتحاف السادة المهرة بزوائد المسانيد العشرة ), وأنا سائل أخا انتفع منه أن يدعو لي, و لوالدي, ومشايخي, وسائر المسلمين أجمعين, وقد رأيت أن اقدم قبل الشروع في هذا الكتاب مقدمة في تراجم أصحاب المسانيد العشرة (1)
منتقى تحفة الحبيب للحبيب بما زاد على الترغيب والترهيب انتقاء الحافظ أحمد بن محمد القسطلاني
بسم الله الرحمن الرحيم : هذا ما انتقاء كاتبه أحمد القسطلاني من كتاب ( تحفة الحبيب للحبيب بما زاد على الترغيب و الترهيب ) جمع الأمام المحدث شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري الكناني المصري الشافعي من زوائد مسانيد الأئمة الأعلام, وحفاظ الإسلام
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1417هـ في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( سيد كسروي ), ثم في مكتبة الرشد الرياض 1419هـ في (11) مجلدا بتحقيق ( عادل بن سعد ) و ( السيد بن محمود بن إسماعيل )(1/89)
1- أبي داود الطيالسي 2- ومسدد 3- والحميدي 4- و محمد بن يحيى بن أبي عمر 5- وأبي بكر بن أبي شيبة 6- و أحمد بن منيع 7- وعبد بن حميد 8- والحارث بن أبي أسامة 9- وأبي يعلى الموصلي, وما وقع له من 10- مسند إسحاق بن راهويه, وهو قدر نصف الكتاب, اصطلح فيه كما اصطلح الحافظ زكي الدين عبد العظيم المنذري من تصدير الحديث بعن إن كان إسناده صحيحا أو حسنا, [ أو ما قاد بهما ] (1) أو كان مرسلا أو منقطعا أو معضلا أو في إسناده راو مبهم أو ضعيف وثقه, أو ثقة ضعف, إلى أخر ما ذكره المنذري, وروي إن كان في الإسناد من قيل فيه كذاب أو وضاع إلى آخر ما ذكره, ورتبه كترتيبه رحمة الله عليهما, وذلك بإشارة شيخ الإسلام والحفاظ شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني, ولا يذكر حديثا من كتاب المنذري إلا أن يكون فيه فائدة لم تكن عنده, والله أستعين أن يوفق لذلك ويعين, ويعم النفع به على من كتبه أو سمعه, أو قرأه أو نظر فيه, وأن يبلغنا من مزيد فضله ما نؤمله ونرتجيه, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير (2)
كتب الجوامع الحديثية
شرح معاني الآثار للطحاوي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال أبو جعفر أحمد بن محمد ين يوسف بن سلمة الأزدي الطحاوي رحمة الله عليه:
__________
(1) - كذا في المطبوع وفي العبارة خلل
(2) - طبع في دار الكتب العلمية 1417هـ بتحقيق ( محمد فارس ) وعدد أحاديثه (801) حديثا, وطبع معه ( لترغيب و الترهيب ) لليافعي اليمني(1/90)
سألني بعض أصحابنا من أهل العلم أن أضع له كتابا أذكر فيه الآثار المأثورة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأحكام التي يتوهم أهل الإلحاد والضعفة من أهل الإسلام أن بعضها ينقض بعضا, لقلة علمهم بناسخها من منسوخها, وما يجب به العمل منها, لما يشهد له من الكتاب الناطق والسنة المجتمع عليها, وأجعل لذلك أبوابا أذكر في كل كتاب منها ما فيه من الناسخ والمنسوخ, وتأويل العلماء, واحتجاج بعضهم على بعض, وإقامة الحجة لمن صح عندي قوله منهم, بما يصح به مثله من كتاب, أو سنة, أو أجماع, أو تواتر من أقاويل الصحابة, أو تابعيهم, وإني نظرت في ذلك وبحثت عنه بحثا شديدا, فاستخرجت منه أبوابا على النحو الذي سأل, وجعلت ذلك كتابا ذكرت في كل كتاب منها جنسا من الأجناس, فأول ما ابتدأت بذكره من ذلك ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتاب في الطهارة (1)
__________
(1) - طبع ( معاني الآثار ) في الهند 1300هـ في مجلدين بتصحيح الشيخ ( وصي أحمد سلمة الصمد ) وللشيخ ( محمد أيوب المظاهري السهارنفوري ) كتاب في مجلدين جمع فيه أخطاء هذه الطبعة سماه ( تصحيح الأغلاط الكتابية الواقعة في النسخ الطحاوية ) ثم في مطبعة الأنوار المحمدية بالقاهرة 1388هـ في ( 4 ) مجلدات بتصحيح ( محمد زهري النجار ) و( محمد سيد جاد الحق ) وفي دار الكتب العلمية 1994 بتحقيق ( يوسف المرعشلي ) وعدد أحاديثه ( 7467 ) حديثا, وشرحه ( بدر الدين العيني ) وأفرد رجاله وسماه ( مباني الأخبار في شرح معاني الآثار ), خرج أحاديثه الحافظ ( محي الدين أبي محمد عبد القادر بن محمد بن أبي الوفاء القرشي ) الحنفي المتوفى سنة 775هـ في كتابه ( الحاوي في بيان آثار الطحاوي ) , ولم يتمه, طبع الموجود منه في دار الكتب العلمية في ( 3 ) مجلدات
و الحافظ الطحاوي هو الإمام العلامة الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحجري المصري الحنفي ابن أخت المزني, صاحب التصانيف البديعة, كان ثقة ثبتا فقيها لم يخلف مثله, انتهت إليه رياسة أصحاب أبي حنيفة, توفي سنة 321هـ ترجمته في ( طبقات الحفاظ ) للسيوطي ( 1\339\767 )(1/91)
شعب الإيمان للبيهقي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الواحد القديم, الماجد العظيم, الواسع العليم, الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم, وعلمه أفضل تعليم, وكرمه على كثير ممن خلق أبين تكريم, أحمده وأستعينه, وأعوذ به من الزلل و أستهديه لصالح القول والعمل, وأسأله أن يصلي على النبي المصطفى, الرسول الكريم المجتبى, محمد خاتم النبيين, وسيد المرسلين, وعلى آله الطيبين الطاهرين وسلم كثيرا
أما بعد : فإن الله جل ثناؤه, وتقدست أسماؤه, بفضله ولطفه, وفقني لتصنيف كتب مشتملة على أخبار مستعملة في أصول الدين وفروعه, والحمد لله على ذلك كثيرا, ثم إني أحببت تصنيف كتاب جامع لأصل الإيمان, وفروعه, وما جاء من الأخبار في بيانه, وحسن القيام به, لما في ذلك من الترغيب والترهيب, فوجدت الحاكم أبا عبد الله الحسين بن الحسن الحليمي (1) رحمنا الله وإياه, أورد في كتاب ( المنهاج المصنف في بيان شعب لإيمان ) (2) المشار إليها في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حقيقة كل واحدة من شعبه, وبيان ما يحتاج إليه مستعمله من فروضه وسننه وأدبه, وما جاء في معناه من الأخبار و الآثار ما فيه كفاية
__________
(1) - الحليمي العلامة البارع رئيس أهل الحديث بما وراء النهر القاضي أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد بن حليم البخاري الشافعي من أصحاب الوجوه كان من أذكياء زمانه توفي سنة 403هـ (طبقات الحفاظ)01\408\923)
(2) - طبع في دار الفكر 1979 في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( حلمي محمد فودة ), قال لذهبي : القاضي العلامة رئيس المحدثين والمتكلمين بما وراء النهر,له مصنفات نفيسة, ترجمته في ( سير الأعلام)(17\231)(1/92)
فاقتديت به في تقسيم الأحاديث على الأبواب وحكيت من كلامه عليها ما يتبين به المقصود من كل باب, إلا أنه رضي الله عنا وعنه اقتصر في ذلك على ذكر المتون, وحذف الأسانيد, تحريا للاختصار, وأنا على رسم أهل الحديث أحب إيراد ما أحتاج إليه من المسانيد, والحكايات بأسانيده,ا والاقتصار على ما لا يغلب على القلب كونه كذبا ففي الحديث الثابت عن سيدنا المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين, وحكينا عن الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله تعالى روايته عن سفيان بن عيينة أنه قال : حدثني الزهري يوما بحديث, فقلت: هاته بلا إسناد, فقال الزهري: أترقى السطح بلا سلم !؟(1/93)
وقد ذكرت إسناد هذا الحديث وهذه الحكاية في كتاب ( المدخل )(1) وأوردت في كتاب ( الأسماء و الصفات )(2), و كتاب ( الإيمان )(3), و( القدر )(4), و( الرؤية )(5), و( دلائل النبوة )(6), و( البعث و النشور )(7)
__________
(1) - هو كتاب ( المدخل على السنن الكبرى ) تقدم ذكره
(2) - طبع بتحقيق ( محمد زاهد الكوثري ) وقد شحنه بتعليقاته الخلفية المعهودة منه,و طبع بمقدمته كتاب ( فرقان القرآن بين صفات الخالق وصفات الأكوان ) للشيخ سلامة العزامي, وطبع مصورا عن هذه الطبعة عدة مرات بدون المقدمة, ثم طبع مفردا في دار إحياء التراث العربي 1405هـ في مجلدين بتحقيق ( أحمد عماد حيدر ), و في دار الجيل1417 هـ بتحقيق ( عبد الرحمن عميرة ), ثم في دار الحديث مصر 1423هـ بتحقيق ( عبد الله بن عامر ), وقد اختصر كتاب ( الأسماء والصفات ) الشيخ عبد الله بن محمد الأنصاري المتوفى سنة 724هـ وسماه ( دقائق الإشارات إلى معاني الأسماء والصفات ) طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1988في مجلد بتحقيق ( أحمد عماد حيدر )
(3) - ذكره أيضا في كتاب ( الإعتقاد ), والسبكي في (طبقاته)
(4) - هو كتاب ( القضاء والقدر ) طبع في مكتبة العبيكان 1421هـ تحقيق ( محمد عبد الله آل عامر ) وعدد أحاديثه( 646 ) حديثا و قد طبع فصل الايمان بالقدر من كتاب (شعب الإيمان) للبيهقي مفردا باسم (القضاء والقدر) في مؤسسة الكتب التقافية
(5) - ذكره الذهبي , ولا يزال مخطوطا في مكتبة محمد حسين بحيدآباد
(6) - طبع في دار الكتب العلمية 1407هفي ( 7 ) مجلدات بتحقيق ( عبد المعطي قلعجي ), قال الحافظ السخاوي في (الإعلان بالتوبيخ )(ص109) :هو احفظها كما بينته في جزء مفرد في ختمه.اهـ
(7) - طبع في دار العروبة بالكويت بتحقيق ( د عبد الفتاح أحمد الغاوي ) و ( د.أحمد يوسف سليمان ) وفي مركز الخدمات الثقافية بتحقيق الشيخ ( عامر أحمد حيدر ) وعدد أحاديثه ( 609 ) حديثا, وطبع أيضا في مؤسسة الكتب الثقافية 1408هـ بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ) وعدد أحاديث هذه الطبعة ( 669 ) حديثا(1/94)
, و( عذاب القبر )(1), و( الدعوات )(2), ثم في الكتب المخرجة في ( السنن )(3) على ترتيب ( مختصر أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني) رحمه الله تعالى من الأخبار والآثار ما وقعت الحاجة إليه في كل باب, فاقتصرت في هذا الكتاب على إخراج ما يتبين به بعض المراد, وأحلت الباقي على هذه الكتب, خوفا من الملال في الإطناب, واستعنت بالله عزوجل في ذلك, وفي جميع أموري, استعانة من لا حول له ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (4)
المحلى شرح المجلى لابن حزم
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على محمد وآله, قال علي بن أحمد بن سعيد بن حزم - رضي الله عنه - : الحمد لله رب العالمين , وصلى الله على محمد خاتم النبيين والمرسلين وسلم تسليما, ونسأل الله تعالى أن يصحبنا العصمة من كل خطإ وزلل, ويوفقنا للصواب في كل قول وعمل, آمين آمين .
__________
(1) - طبع في دار الجيل بيروت ومكتبة التراث الإسلامي القاهرة بدون تاريخ وعدد احاديثه ( 263 ) حديثا
(2) - له كتابان في الموضوع كبير وصغير, طبع الكبير في مركز المخطوطات الكويت 1414هـ في جزئين بتحقيق ( بدر بن عبد الله البدر ) وعدد أحاديثه 0531) حديثا
(3) - هي ( السنن الكبرى ) و( الصغرى ) و( معرفة السنن والآثار ), والكل مطبوع
(4) - طبع في دار الكتب العلمية 1990 في( 7 ) مجلدات مع مجلدين للفهارس بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ), والبيهقي هو الإمام الحافظ العلامة أبو بكر أحمد بن الحسين الخسروجردي صاحب التصانيف, لزم الحاكم وتخرج به, وأكثر عنه جدا, وهو من كبار أصحابه, كتب الحديث وبرع وأخذ في الأصول, وانفرد بالإتقان والضبط والحفظ, عمل كتبا لم يسبق إليها, ما يقارب ألف جزء, وبورك له في علمه, مات سنة 458 هـ, ترجمته في طبقات الحفاظ للسيوطي(1\432\979)(1/95)
أما بعد : وفقنا الله وإياكم لطاعته , فإنكم رغبتم أن نعمل للمسائل المختصرة التي جمعناها في كتابنا الموسوم ( بالمحلى ) شرحا مختصرا أيضا, نقتصر فيه على قواعد البراهين بغير إكثار, ليكون مأخذه سهلا على الطالب والمبتدئ, ودرجا له إلى التبحر في الحجاج, ومعرفة الاختلاف, وتصحيح الدلائل المؤدية إلى معرفة الحق مما تنازع الناس فيه, والإشراف على أحكام القرآن, والوقوف على جمهرة السنن الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتمييزها مما لم يصح, والوقوف على الثقات من رواة الأخبار, وتمييزهم من غيرهم, والتنبيه على فساد القياس وتناقضه, وتناقض القائلين به, فاستخرت الله عز وجل على عمل ذلك, واستعنته تعالى على الهداية إلى نصر الحق, وسألته التأييد على بيان ذلك, وتقريبه, وأن يجعله لوجهه خالصا, وفيه محضا, آمين آمين رب العالمين, وليعلم من قرأ كتابنا هذا أننا لم نحتج إلا بخبر صحيح من رواية الثقات مسند, ولا خالفنا إلا خبرا ضعيفا, فبينا ضعفه, أو منسوخا فأوضحنا نسخه, وما توفيقنا إلا بالله تعالى.(1)
__________
(1) - طبع ( المحلى ) في دار الفكر بيروت في ( 8 ) مجلدات بتحقيق الشيخ ( أحمد محمد شاكر ) رحمه الله, ثم فيها أيضا وفي دار الكتب العلمية في( 12 ) مجلدا بتحقيق ( عبد الغفارالبنداري ) وقد اختصر(المحلى) الشيخ ابن العربي الطائي الظاهري شيخ أهل وحدة الوجود, وكذا الحافظ الذهبي, والشيخ أثير الدين أبو حيان محمد بن يوسف الأندلسي الظاهري ثم الشافعي صاحب (التفسير), وسماه ( الأمر الأحلى في اختصار المحلى ) و ذكره الحافظ في ( الدرر الكامنة ) باسم: ( الأنور الأجلى في اختصار المحلى ), وعليه ردود لكل من الشيخ محمد بن عبد الله بن زرقون الأنصاري الاشبيلي المتوفى سنة 721هـ, له ( المعلي في الرد على المحلى ), و ابن عبد الحق, وابن مفوز, والشيخ قطب الدين عبد الكريم الحلبي الحافظ, له كتاب ( القدح المعلى في الرد على أحاديث المحلى ), قال ابن الملقن : في ( البدر المنير ) : في جزء جيد, وما أكثر فوائده اهـ
قال الذهبي في (السير )(18\193):قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام وكان أحد المجتهدين : ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل ( المحلى ) لابن حزم, وكتاب ( لمغني ) للشيخ موفق الدين ,قلت (أي الذهبي) : لقد صدق الشيخ عز الدين وثالثهما ( السنن الكبير ) للبيهقي اهـ
والحافظ ابن حزم هو الإمام العلامة الحافظ الفقيه أبو محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم الفارسي الأصل اليزيدي الأموي مولاهم القرطبي الظاهري كان صاحب فنون وورع وزهد وإليه المنتهى في الذكاء والحفظ و سعة الدائرة في العلوم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم مع توسعه في علوم اللسان و البلاغة والشعر والسير والأخبار له المحلى على مذهبه واجتهاده وشرحه المحلى وغير ذلك مات سنة 457هـ ( طبقات الحفاظ ) للسيوطي(1\435\981)(1/96)
شرح السنة للبغوي
بسم الله الرحمن الرحيم, حسبي ربي, وبه أتوكل, رب يسر ولا تعسر, الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا, ولم يكن له شريك في الملك,.وخلق كل شيء فقدره تقديرا
الحمد لله الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا, و الذي عجز الحامدون عن القيام بأداء شكر نعمة من نعمه, وكلت ألسنة الواصفين عن بلوغ كنه عظمته, ونشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك,وله الحمد, وهو على كل شيء قدير, ونشهد أن محمدا عبده ورسوله, البشير النذير, الداعي إليه بإذنه السراج المنير, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله, ولو كره المشركون, وصلى الله على محمد سيد المرسلين, وإمام المتقين, وخاتم النبييين في كل ساعة ولحظة على دوام الأبد, ما لا يدخل تحت العدد, ولا ينقطع عنه المدد, وعلى إخوانه من النبيين والمرسلين, والملائكة المقربين, وعلى أزواجه وذريته, وأصحابه وعترته, وعلى متبعي سنته, وأهل إجابة دعوته, بمنه وفضله, وسعة رحمته
أخبرنا الشيخ الإمام, الأجل السيد, عمدة الدين, شرف الإسلام, إمام الأئمة, لسان الحق, ناصح الخلق, مفتي الشرق و الغرب, خادم أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو منصور محمد بن أسعد بن محمد حفدة العطاري, أدام الله ظله قال : حدثنا الشيخ الإمام, الأجل السيد, ركن الدين محيي السنة, ناصر الحديث, قدوة الأمة, أبو محمد الحسين بن مسعود - رضي الله عنه -
فهذا كتاب في شرح السنة, يتضمن إن شاء الله سبحانه وتعالى كثيرا من علوم الأحاديث, وفوائد الأخبار المروية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حل مشكلها, وتفسير غريبها, وبيان أحكامها, [ وما ] يترتب عليها من الفقه, واختلاف العلماء, و جمل لا يستغني عن معرفتها, وهو المرجوع إليه في الأحكام, والمعول عليه في دين الإسلام(1/97)
ولم أودع في هذا الكتاب من الأحاديث إلا ما اعتمده أئمة السلف, الذين هم أهل الصنعة, المسلم لهم الأمر من أهل عصرهم, وما أودعوه كتبهم, فأما ما أعرضوا عنه من المقلوب, والموضوع, والمجهول, و أتفقوا على تركه فقد صنت هذا الكتاب عنها, وما لم أذكر أسانيده من الأحاديث, فأكثرها مسموعة, وعامتها في كتب الأئمة, غير أني تركت أسانيدها, حذرا من الإطالة, واعتمادا على نقل الأئمة.
وإني في أكثر ما أوردته بل في عامته متبع, إلا القليل الذي لاح لي بنوع من الدليل, في تأويل كلام محتمل, أو إيضاح مشكل, أو ترجيح قول على آخر, إذ لعلماء السلف رحمهم الله سعي كامل في تأليف ما جمعوه, ونظر صادق للخلف في أداء ما سمعوه, والقصد بهذا الجمع مع وقوع الكفاية بما عملوه, وحصول الغنية فيما فعلوه الإقتداء بأفعالهم, والإنتظام في سلك أحد طرفيه متصل بصدر النبوة, والدخول في غمار قوم جدوا في إقامة الدين, واجتهدوا في إحياء السنة, شغفا بهم, وحبا لطريقتهم, وإن قصرت في العمل عن مبلغ سعيهم, طمعا في موعود الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم - : ( أن المرء مع من أحب ) (1), و لأني رأيت أعلام الدين عادت على الدروس, وغلب على أهل الزمان هوى النفوس, فلم يبق من الدين إلا الرسم, ولا من العلم إلا الإسم, حتى تصور الباطل عند أكثر أهل الزمان بصورة الحق, والجهل بصورة العلم, وظهر فيهم تحقيق قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - :
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد, ولكن يقبض العلم بقبض العلماء, حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا, فسئلوا فأفتوا بغير علم, فضلوا وأضلوا ) (2)
__________
(1) - حديث صحيح أخرجه البخاري ( 6168 ) ومسلم ( 6888 ) من حديث ابن مسعود
(2) - حديث صحيح أخرجه البخاري ( 100 ), ومسلم ( 6971 ) من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص(1/98)
ولما كان الأمر على ما وصفته لك, أردت أن أجدد لأمر العلم ذكرا, لعله ينشط فيه راغب متنبه, أو ينبعث له واقف مثبط, فأكون كمن يسعى لإيقاد سراج في ظلمة مطبقة, فيهتدي به متحيرا, أو يقع على الطريق مسترشد, فلا يخيب من الساعي سعيه, ولا يضيع حظه, والله المستعان, وعليه التكلان, وهو حسبي الله ونعم الوكيل (1)
مصابيح السنة للبغوي
__________
(1) - طبع في المكتب الإسلامي في( 15 ) مجلدا بتحقيق الشيخ ( شعيب الأرناؤوط ), وفي دار الكتب العلمية في ( 8 ) مجلدات بتحقيق ( علي معوض ) و( عادل عبد الموجود ), وفي دار الفكر 1414هـ في ( 8 ) مجلدات بتحقيق ( سعيد اللحام ) و( لشرح السنة ) عدة مختصرات منها: 1- ( مختصر ) الشيخ ( رضى الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الطبري ) المتوفى سنة 722 هـ وسماه ( الجنة في المختصر شرح السنة ) \2- ( ومختصر ) للشيخ ( صفى الدين محمود بن أبى بكر الأرموى ثم القرافى ) المتوفى سنة 723هـ \3- ( مختصر ) للشيخ ( أبي القاسم عبد الله بن الحسن بن عبد الملك الواسطي الشافعي ) بحذف أسانيده وسماه ( لباب شرح السنة في معرفة أحكام الكتاب والسنة )\4- ( مختصر ) لبعضهم سماه (الفلاح), ذكره في ( كشف الظنون )(2\1041)
والحافظ البغوي هو الإمام الفقيه الحافظ المجتهد محيى السنة أبو محمد الحسين بن مسعود الفراء الشافعي صاحب ( معالم التنزيل ), و( شرح السنة ), و( التهذيب ), و( المصابيح ) وغير ذلك, وبورك له في تصانيفه لقصده الصالح فإنه كان من العلماء الربانيين ذا تعبد ونسك وقناعة باليسير, مات سنة 516 هـ , ترجمه السيوطي في (طبقاته)(1\456\1027)(1/99)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على عباده الذين اصطفى, والصلاة والسلام التامة الدائمة على رسوله المجتبى, محمد سيد الورى, وعلى آله نجوم الهدى, قال السيد الإمام الأجل السيد محيي السنة ناصر الحديث شيخ الإسلام ظهير الدين قدوة الأمة إمام الأئمة أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي الفراء قدس الله روحه
أما بعد: فهذه ألفاظ صدرت عن صدر النبوة, وسنن سارت عن معدن الرسالة, و أحاديث جاءت عن سيد المرسلين, وخاتم النبيين, هن مصابيح الدجى, خرجت عن مشكاة التقوى, مما أوردها الأئمة في كتبهم, جمعتها للمنقطعين إلى العبادة, لتكون لهم بعد كتاب الله تعالى حظا من السنن, وعونا على ما هم فيه من الطاعة, وتركت ذكر أسانيدها حذرا من الإطالة عليهم, واعتماد على نقل الأئمة, وربما سميت في بعضها الصحابي الذي يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمعنى دعا إليه(1/100)
وتجد أحاديث كل باب منها تنقسم إلى صحاح وحسان, أعني بالصحاح ما أخرجه الشيخان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري, وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري رحمهما الله في جامعيهما, أو أحدهما, و أعني بالحسان ما أورده أبو داود سليمان بن الأشعت السجستاني, وأبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي و غيرهما من الأئمة في تصانيفهم رحمهم الله, وأكثرها صحاح بنقل العدل عن العدل, غير أنها لم تبلغ غاية شرط الشيخين في علو الدرجة من صحة الإسناد, إذ أكثر الأحكام ثبوتها بطريق حسن, وما كان فيها من ضعيف أو غريب أشرت إليه, وأعرضت عن ذكر ما كان منكرا أو موضوعا, والله المستعان, وعليه التكلان (1)
مسند الفردوس بمأثور الخطاب للحافظ أبي منصور الديلمي
بسم الله الرحمن الرحيم, إن أحسن ما نطق به الناطقون, وتفوه به الصادقون, و وله به الوامقون, حمد الله عز وجل, والثناء عليه بما هو أهله, للخبر الوارد عن النبي عليه السلام
__________
(1) - طبع ( المصابيح ) في مطبعة بولاق بمصر 1294 في مجلد واحد, ثم صور في دار الفكر بيروت بدون تاريخ , ثم في دار المعرفة .بيروت في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( يوسف المرعشلي ) وفي دار الكتب العلمية 1998 في مجلدين بتحقيق ( ضحى الخطيب ), ودار الأرقم . بيروت في مجلدين بتحقيق ( محمد نزار تميم ), ودار الكتب العلمية1424 هـ بتحقيق ( جمال عيناتي )(1/101)
أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الحربي رحمه الله بقراءتي عليه في داره بمدينة السلام قال : أخبرنا أبو ظاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس بن عبد الرحمن المخلص ببغداد قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال : حدثنا أبو الفضل داود بن رشيد الخوارزمي قال : حدثنا الوليد بن مسلم قال : حدثنا الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن محمد بن مسلم الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رسول الله وآله وسلم : ( كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع ) (1) محفوظ من حديث الأوزاعي عن قرة, رواه الناس عنه, منهم ابن المبارك, وعبيد الله بن موسى, والمعافى بن عمران, وأبو المغيرة, وعبد القدوس ابن الحجاج, والوليد بن مزيد, وبقية بن الوليد, وابن سماعة, وموسى بن أعين, وعبد الحميد بن عمر بن العشرين, وغيرهم قد ذكرنا طرقه في كتاب ( التبيان )
[ مقدمة كتاب ( الفردوس بماثور الخطاب ) للحافظ أبي شجاع شهردار بن شيرويه الديلمي ]
__________
(1) - عزاه السيوطي في ( الجامع الصغير ) لعبدالقادر الرهاوي, في ( الأربعين ) له وزاد في متنه( فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة ), قال الألباني في ( ضعيف الجامع )(4280): ضعيف, وأخرجه أبو داود في ( سننه )( 4840 ) بلفظ : ( كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم ), قال العلامة الألباني رحمه الله : ضعيف(1/102)
الحمد لله الحليم الغافر الرحيم, القادر الكريم, القاهر خالق الأرض والسموات, ورافع الجبال الشامخات, وجاعل الليالي والأيام مكورات, الذي ليس له كفؤ ولا نظير, ولا مدير ولا مشير, ولا صاحب ولا وزير, أحمده على تواتر آلائه, و تظاهر نعمائه, حمدا أستوجب به المزيد من فضله, والجزيل من عطائه, حمدا لا يبيد ولا يفن,ى وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له ,شهادة أرجو بها دار النعيم, وأنجو بها من عذاب الجحيم, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أرسله الله من أفضل العرب بيتا وحياء, وفضله على العالمين ميتا وحيا, صلى الله عليه وسلم وعلى آله أفضل ما صلى على الذين اصطفى
أما بعد : فإني لما رأيت أهل زماننا هذا خاصة أهل بلدنا أعرضوا عن الحديث وأسانيده, وجهلوا معرفة الصحيح و السقيم, وتركوا الكتب التي صنفها الأئمة قديما وحديثا, في الفرائض والسنن, والحلال والحرام, والآداب والوصية, و الأمثال والمواعظ, واشتغلوا بالقصص والأحاديث المحذوفة عنها أسانيدها, التي لم يعرفها ناقلوا الحديث, ولم تقرأ على أحد من أصحاب الحديث, سيما الموضوعات التي وضعها القصاص, لينالوا بها القطيعات في المجالس بالطرقات(1/103)
أثبت في كتابي هذا عشرة آلاف حديث, أحاديث التضاد على سبيل الاختصار, عن الصحاح والغرائب, والأفراد و الصحف المروية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلي بن موسى الرضا, وعمرو بن شعيب, وبهز بن حكيم, وأبان بن أبي عياش, وحميد الطويل, وغيرها من مسموعاتي عن مشايخي رحمهم الله, سفرا وحضرا في السنن والآداب, والمواعظ والأمثال, و الفضائل والعقوبات وغيرها, وحذفت أسانيدها, وحذوتها مبوبة أبوابا على حروف المعجم, ومفصلة فصولا حسب تقارب ألفاظ النبي - صلى الله عليه وسلم - , وذكرت على رأس كل حديث منها راوية عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, وسميتها : ( الفردوس بمأثور الخطاب ), وخرجتها على كتاب القاضي أبي عبد الله محمد بن جعفر بن علي القضاعي المصري, إلا أنه رحمه الله ذكر ألف كلمة ومائتي كلمة, ولم يذكر رواتها, وذكرت أنا في كتابي هذا بعون الله وقوته الحديث بالتمام, ليشتغل بها كل معرض عن الحديث, ومشتغل باله بلا شيء, ولعمري إن من أدمن النظر في كتابي هذا يجد فيه من الفوائد ما لا يجد في عدة كتب, ويكون في انفراده له صاحبا, وبالحزن عن قلبه ذاهبا, ولنظره إلى الباطن راقبا, وأنا أسأل الله البر الرحيم أن لا يجعله وبالا يوم القيامة, وشرطي مع من نظر في كتابي هذا أن لا يقرأه حتى يترحم علي, وعلى والدي, نفعنا الله عز وجل وإياهم به, وحسبنا الله تبارك وتعالى وحده, وحسبنا الله ونعم المعين, فبدأت بباب الألف, وبالله التوفيق (1)
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية في( 6 ) مجلدات بتحقيق ( محمد بسيوني زغلزل ) وعدد أحاديثه ( 9056 ) حديثا, ثم في دار إحياء التراث العربي بتحقيق( فواز أحمد زمرلي ) و( محمد المعتصم بالله البغدادي ) وفي دار الفكر1997 في مجلدين بدون تحقيق, وعدد أحاديث الطبعتين الأخيرتين (8562) حديثا
ومؤلفه الديلمي قال الذهبي : المحدث العالم الحافظ المؤرخ مؤلف كتاب ( الفردوس ) و ( تاريخ همذان ) هو متوسط الحفظ, و غيره أبرع منه وأتقن اهـ ترحمته في (السير)(19\295) و(التذكرة)(4\1259\1028) و(العبر)(4\18) و (الشذرات)(4\24), و ولده أبو منصور قال الذهبي : الإمام العالم المحدث المفيد من ذرية الضحاك بن فيروز الديلمي - رضي الله عنه -ترجمته في (السير)(20\375) و (الشذرات)(4\182)(1/104)
جامع الأصول من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأبي السعادات المبارك ابن الأثير الجزري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أوضح لمعالم الإسلام سبيلا, وجعل السنة على الأحكام دليلا, و بعث لمناهج الهداية رسولا, ومهد لمشار الشرائع وصولا, أحمده حمدا يكون برضاه كفيلا, وللفوز بلقائه منيلا, وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجعل ربع الغواية محيلا, ومنازل الشرك كئيبا مهيلا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله شهادة تشفي من ظمأ القلوب غليلا, وأصلي عليه وعلى أله وأصحابه صلاة ترجع ظل التوفيق ظليلا, وتحقق إخلاصها أملا وسولا
أما بعد : فان مبنى هذا الكتاب على ثلاثة أركان : الأول في المبادئ, والثاني في المقاصد, والثالث في الخواتيم
الركن الأول في المبادئ, والركن الأول ينقسم إلى خمسة أبواب, الباب الأول في الباعث على عمل, الكتاب الباب, الثاني في كيفية وضع الكتاب, الباب الثالث في بيان أصول الحديث وأحكامها وما يتعلق بها, الباب الرابع في ذكر الأئمة الستة وأسمائهم وأنسابهم وأعمارهم ومناقبهم وآثارهم, الباب الخامس في ذكر أسانيد الكتب الأصول المودعة في كتبنا هذا(1/105)
الباب الأول في الباعث على عمل الكتاب وفيه مقدمة و أربعة فصول: ما زلتُ في ريعان الشباب ، وحداثة السن ، مشغوفًا بطلب العلم، ومجالسة أهلهِ، والتشبُّه بهم حَسْبَ الإمكانِ، وذلك من فضل الله عليَّ، ولُطفه بي أن حببهُ إليَّ، فبذلتُ الوُسع في تحصيل ما وفِّقتُ له من أنواعه، حتى صارت فيَّ قوة الاطلاع على خفاياه، وإدراك خباياه، ولم آلُ جهدًا والله الموفق في إجمال الطلب، وابتغاء الأرب، إلى أن تَشَبَّثتُ من كلٍّ بطرف تشبهت فيه بأضرابي، ولا أقول : تميزتُ به على أترابي، ولله الحمد على ما أنعم به من فضله، وأجزل من طَوله، وإليه المفزع في الإسعاد بالزلفى يوم المعاد والأمن من الفزع الأكبر يوم التناد، وأن يُوزعني شكر ما منحنيه من الهداية ، وجنَّبنيه من الغَواية، وآتانيه من نعمة الفهم والدراية، منذ المنشأ والبداية، وإليه أرغب أن يجعل ذلك عطاءً يتصل طارفه وتليده، ولباسًا لا يبلى جديده، وذُخرًا لا يفنى عتيدُه، وحباءً يورق عوده، ويثمر وعوده .
وبعد : فإن شرف العلوم يتفاوت بشرف مدلولها، وقدرها يعظم بعظم محصولها, ولا خلاف عند ذوي البصائر أن أجلَّها ما كانت الفائدة فيه أعم، والنفع به أتم، والسعادة باقتنائه أدوم، والإنسان بتحصيله ألزم، كعلم الشريعة الذي هو طريق السعداء إلى دار البقاء، ما سلكه أحد إلا اهتدى، ولا استمسك به من خاب، ولا تجنبه من رَشَد، فما أمنع جنابَ من احتمى بحماه، وأرغد مآب من ازدان بحُلاه .(1/106)
وعلوم الشريعة على اختلافها تنقسم إلى فرض، ونفل,.والفرض ينقسم إلى : فرض عين، وفرض كفاية, و لكل واحد منهما أقسام وأنواع، بعضها أصول، وبعضها فروع، وبعضها مقدِّمات، وبعضها مُتَمِّمَات، و ليس هذا موضعَ تفصيلها، إذ ليس لنا بغرض إلا أن من أصول فروض الكفايات، علم أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وآثار أصحابه - رضي الله عنهم -، التي هي ثاني أدلة الأحكام,.ومعرفتها أمر شريف، وشأن جليل، لا يحيط به إلا من هذَّب نفسه بمتابعة أوامر الشرع ونواهيه، وأزال الزيغ عن قلبه ولسانه, وله أصول وأحكام وقواعد، وأوضاع واصطلاحات ذكرها العلماء، وشرحها المحدِّثون و الفقهاء، يحتاج طالبه إلى معرفتها، والوقوف عليها بعد تقديم معرفة اللغة والإعراب، اللَّذين هما أصلٌ لمعرفة الحديث، لورود الشريعة المطهرة بلسان العرب.
وتلك الأشياء :كالعلم بالرجال، وأساميهم، وأنسابهم، وأعمارهم، ووقت وفاتهم, والعلم بصفات الرواة، وشرائطهم التي يجوز معها قبول روايتهم, والعلم بمستند الرواة، وكيفية أخذهم الحديث، وتقسيم طرقه و العلم بلفظ الرواة، و إيرادهم ما سمعوه، وإيصاله إلى من يأخذه عنهم، وذكر مراتبه, والعلم بجواز نقل الحديث بالمعنى، ورواية بعضه، و الزيادة فيه، والإضافة إليه ما ليس منه، وانفراد الثقة بزيادة فيه, والعلم بالمسند، والعالي منه، والنازل والعلم بالمرسل، و انقسامه إلى المنقطع، والموقوف، والمعضل، وغير ذلك، واختلاف الناس في قبوله، وردِّه .
والعلم بالجرح والتعديل، وجوازهما ووقوعهما, وبيان طبقات المجروحين والعلم بأقسام الصحيح، و الكاذب، وانقسام الخبر إليهما، وإلى الغريب، والحسن وغيرهما, والعلم بأخبار التواتر، والآحاد، والناسخ، والمنسوخ وغير ذلك مما تواضع عليه أئمة الحديث، وهو بينهم متعارف(1/107)
فمن أتقنها، أتى دار هذا العلم من بابها، وأحاط بها من جميع جهاتها، وبقدر ما يفوته منها تنزل عن الغاية درجته، وتنحط عن النهاية رتبته، إلا أن معرفة التواتر والآحاد، والناسخ والمنسوخ
وإن تعلقت بعلم الحديث فإن المحدث لا يفتقر إليها, لأن ذلك من وظيفة الفقيه, لأنه يستنبط الأحكام من الأحاديث، فيحتاج إلى معرفة المتواتر، والآحاد، والناسخ والمنسوخ
فأما المحدث فوظيفته أن ينقل، ويروي ما سمعه من الأحاديث كما سمعه، فإن تصدى لما وراءه، فزيادة في الفضل، وكمال في الاختيار, جمعنا الله وإياكم معشر الطالبين على قبول الدلائل، وألهمنا وإياكم الاقتداء بالسلف الصالح من الأئمة الأوائل، وأحلَّنا وإياكم من العلم النافع أعلى المنازل، ووفقنا وإياكم للعمل بالعالي من الحديث، والنازل، إنه سميع الدعاء، حقيق بالإجابة .(1/108)
الفصل الأول في انتشار علم الحديث ومبدأ جمعه وتأليفه حيث ثبت ما قلناه في المقدمة، من كون علم الحديث من العلوم الشرعية، وأنه من أصول الفروض، وجب الاعتناء به، والاهتمام بضبطه وحفظه، و لذلك يَسَّرَ الله سبحانه وتعالى له أولئك العلماء الأفاضل، والثقات الأماثل، والأعلام المشاهير، الذي حفظوا قوانينه، واحتاطوا فيه ، فتناقلوه كابرًا عن كابر، وأوصلوه كما سمعه أولٌ إلى آخر، وحبَّبه الله إليهم لحكمة حفظ دينه، و حراسة شريعته فما زال هذا العلم من عهد الرسول صلوات الله وسلامه عليه والإسلام غض طري، والدين محكم الأساس قوي أشرف العلوم، وأجلَّها لدى الصحابة - رضي الله عنه - والتابعين بعدهم ، وتابعي التابعين ، خلفًا بعد سلف ، لا يشرف بينهم أحد بعد حفظ كتاب الله عز و جل ، إلا بقدر ما يحفظ منه، ولا يعظم في النفوس إلا بحسب ما يُسْمَعُ من الحديث عنه، فتوفرت الرغبات فيه، و انقطعت الهمم على تعلُّمه، حتى لقد كان أحدهم يرحل المراحل ذوات العدد ويقطع الفيافي والمفاوز الخطيرة، ويجوب البلاد شرقاً وغرباً في طلب حديثٍ واحدٍ ليسمعه من راويه فمنهم من يكون الباعث له على الرِّحلة طلب ذلك الحديث لذاته, ومنهم من يقرن بتلك الرغبة سماعه من ذلك الراوى بعينه، إما لثقته في نفسه، وصدقه في نقله، وإما لعلو إسناده، فانبعثت العزائم إلى تحصيله .(1/109)
وكان اعتمادهم أولاً على الحفظ والضبط في القلوب والخواطر، غير ملتفتين إلى ما يكتبونه، ولا معولين على ما يسطرونه، محافظة على هذا العلم، كحفظهم كتاب الله عز وجل، فلما انتشر الإسلام، واتسعت البلاد، وتفرقت الصحابة في الأقطار، وكثرت الفتوح، ومات معظم الصحابة، وتفرق أصحابهم وأتباعهم، وقل الضبط، احتاج العلماء إلى تدوين الحديث وتقييده بالكتابة، ولعمري إنها الأصل، فإن الخاطر يغفل، و الذهن يغيب، والذكر يهمل، والقلم يحفظ ولا ينسى, فانتهى الأمر إلى زمن جماعة من الأئمة، مثل عبد الملك بن جريج، ومالك بن أنس، وغيرهما ممن كان في عصرهما فدوَّنوا الحديث .
حتى قيل : إن أول كتاب صنف في الإسلام كتاب ابن جريج, وقيل : ( موطأ مالك رحمة الله عليهما, وقيل: إن أول من صنف وبوَّب الربيع بن صبيح بالبصرة .
ثم انتشر جمع الحديث وتدوينه، وسطره في الأجزاء والكتب، وكثر ذلك وعظم نفعه إلى زمن الإمامين، أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري، رحمهما الله فدونا كتابيهما، وفعلا ما الله مجازيهما عليه من نصح المسلمين، والاهتمام بأمور الدين، وأثبتا في كتابيهما من الأحاديث ما قطعا بصحته، وثبت عندهما نقله.
وسيجيء فيما بعد من هذه المقدمة شرط كتابيهما، وذكر الصحيح والفاسد مشروحاً مفصلاً إن شاء الله تعالى، وسميا كتابيهما ( الصحيح من الحديث ), وأطلقا هذا الاسم عليهما، وهما أول من سمى كتابه ذلك، ولقد صدقا فيما قالا، و برَّا فيما زعماً، ولذلك رزقهما الله من حسن القبول في شرق الأرض وغربها، وبرها وبحرها، والتصديق لقولهما، و الانقياد لسماع كتابيهما، ما هو ظاهر مستغن عن البيان، وما ذلك إلا لصدق النية، وخلوص الطوية، وصحة ما أودعا كتابيهما من الأحاديث .(1/110)
ثم ازداد انتشارهذا النوع من التصنيف والجمع والتأليف، وكثر في أيدي المسلمين وبلادهم، وتفرقت أغراض الناس، و تنوعت مقاصدهم، إلى أن انقرض ذلك العصر الذي كانا فيه حميدًا عن جماعة من الأئمة والعلماء قد جمعوا وألفوا : مثل أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، وأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني، وأبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائى رحمهم الله جميعاً وغيرهم من العلماء الذين لا يحصون كثرة, وكان ذلك العصر كان خلاصة العصور في تحصيل هذا العلم، وإليه المنتهى.
ثم من بعده نقص ذلك الطلب بعد، وقل ذلك الحرص، وفترت تلك الهمم، وكذلك كلُّ نوع من أنواع العلوم و الصنائع والدول وغيرها فإنه يبتدئ قليلاً قليلاً، ولايزال ينمى ويزيد، و يعظم إلى أن يصل إلى غاية هى منتهاه، ويبلغ إلى أمَد هو أقصاه، ثم يعود ، فكأنَّ غاية هذا العلم انتهت إلى البخاري ومسلم، و من كان في عصرهما من علماء الحديث, ثم نزل وتقاصر إلى زماننا هذا، وسيزداد تقاصرًا والهمم قصورًا، سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلاً
الفصل الثاني في بيان اختلاف أغراض الناس ومقاصدهم في تصنيف الحديث: ما زلت أتتبع كتب الحديث، وأطلبها رغبة في معرفته، والإحاطة به، لما يلزمني من أمور الإسلام والدين، فوجدت بعون الله فيها كل مطلوب، و أدركت فيها بلطفه كل مرغوب، ورأيت هذا العلم على شرفه وعلو منزلته، و عظم قدره، علماً عزيزاً، مشكل اللفظ والمعنى، و الناس في تصانيفهم التي جمعوها فيه, و ألفوها مختلفو الأغراض، متنوعو المقاصد .(1/111)
فمنهم من قصرت همته على تدوين الحديث مطلقاً ليحفظ لفظه، ويستنبط منه الحكم، كما فعله عبيد الله بن موسى العبسي، أبو داود الطيالسى وغيرهما من أئمة الحديث أولاً وثانياً أحمد بن حنبل ومن بعده، فإنهم أثبتوا الأحاديث في مسانيد رواتها، فيذكرون مسند أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - مثلاً، ويثبتون فيه كل ما رووه عنه، ثم يذكرون بعده الصحابة واحداً بعد واحد على هذا النسق .
ومنهم من يثبت الأحاديث في الأماكن التي هي دليل عليها، فيضعون لكل حديث باباً يختص به، فإن كان في معنى الصلاة، ذكروه في باب الصلاة وإن كان في معنى الزكاة، ذكروه في باب الزكاة ، كما فعله مالك بن أنس في كتاب ( الموطأ ) إلا أنه لقلة ما فيه من الأحاديث قلت أبوابه .
ثم اقتدى به من بعده,فلما انتهى الأمر إلى زمن البخاري ومسلم، وكثرت الأحاديث المودعة في كتابيهما، كثرت أبوابهما وأقسامهما، واقتدى بهما من جاء بعدهما .
وهذا النوع أسهل مطلباً من الأول لوجهين الأول : أن الإنسان قد يعرف المعنى الذي يطلب الحديث لأجله، وإن لم يعرف راويه، ولافي مسند من هو، بل ربما لايحتاج إلى معرفة راويه, فإذا أراد حديثاً يتعلق بالصلاة طلبه من كتاب الصلاة، وإن لم يعرف أن راويه أبو بكر - رضي الله عنه -
والوجه الثاني : أن الحديث إذا ورد في كتاب الصلاة، علم الناظر فيه أن ذلك الحديث هو دليل ذ لك الحكم من أحكام الصلاة، فلا يحتاج أن يتفكر فيه ليستنبط الحكم منه، بخلاف الأول.
ومنهم من استخرج أحاديث تتضمن ألفاظاً لغوية، ومعاني مشكلة، فوضع لها كتاباً قصره على ذكر متن الحديث، و شرح غريبه وإعرابه ومعناه، ولم يتعرض لذكر الأحكام كما فعله أبو عبيد القاسم بن سلام، و أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة وغيرهما, ومنهم من أضاف إلى هذا الاختيار ذكر الأحكام وآراء الفقهاء، مثل أبي سليمان حمد بن محمد الخطابى في ( معالم السنن )، و( أعلام السنن ) وغيره من العلماء .(1/112)
ومنهم من قصد ذكر الغريب دون متن الحديث، فاستخرج الكلمات الغريبة، ودونها ورتبها وشرحها، كما فعله أبو عبيد أحمد بن محمد الهروى وغيره من العلماء .
ومنهم من قصد إلى استخراج أحاديث تتضمن ترغيباً وترهيباً، وأحاديث تتضمن أحكاماً شرعية غير جامعة، فدونها وأخرج متونها وحدها، كما فعله أبو محمد الحسين بن مسعود في كتاب ( المصابيح ) وغير هؤلاء المذكورين من أئمة الحديث لو رمنا أن نستقصى ذكر كتبهم، واختلاف أغراضهم ومقاصدهم في تصانيفهم، لطال الخطب، ولم ننته إلى حد فاختلاف الأغراض هو الداعى إلى اختلاف التصانيف .
الفصل الثالث في اقتداء المتأخرين بالسابقين وسبب اختصارات كتبهم وتآليفها : لما كان أولئك الأعلام هم الأولين في هذا الفن، والسابقين إليه، لم يأت صنعهم على أكمل الأوضاع وأتم الطرق، فإن غرضهم كان أولاً حفظ الحديث مطلقاً وإثباته، ودفع الكذب عنه، وحذف الموضوعات عليه، والنظر في طرقه و حفظ رجاله، وتزكيتهم، واعتبار أحوالهم، و التفتيش عن دخائل أمورهم، حتى قدحوا فيمن قدحوا، و جرحوا من جرحوا، وعدلوا من عدلوا، وأخذوا عمن أخذوا، وتركوا من تركوا, هذا بعد الاحتياط و الضبط والتدبر، فكان هذا مقصدهم الأكبر، وغرضهم الأوفر، ولم يتسع الزمان لهم والعمر لأكثر من هذا الغرض الأعم، والمهم الأعظم، ولا رأوا في أديانهم أن يشتغلوا بغيره من لوازم هذا الفن التي هي كالتوابع، بل ولا كان يجوز لهم ذلك، فإن الواجب أولاً إثبات الذات، ثم ترتيب الصفات، والأصل ، إنما هو عين الحديث وذاته، ثم بعد ذلك ترتيبه وتحسين وضعه، ففعلوا ما هو الفرض المتعين، واخترمتهم المنايا قبل الفراغ والتخلي لما فعله التابعون لهم، والمقتدون بهم، والمهتدون بهديهم، فتعبوا رحمهم الله لراحة من بعدهم، ونصبوا لدعة من اقتفى آثارهم.(1/113)
ثم جاء الخلف الصالح ، فأحبوا أن يظهروا تلك الفضيلة، ويشيعوا تلك المنقبة الجليلة، وينشروا تلك العلوم التي أفنوا أعمارهم في جمعها، ويفصلوا تلك الفوائد التى أجملوا تحسين وضعها، إما بإبداع ترتيب، أو بزيادة تهذيب، أو اختصار و تقريب، أو استنباط حكم، وشرح غريب .
فمن هؤلاء المتأخرين من جمع بين كتب الأولين بنوع من التصرف والاختصار، كما فعله أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني، وأبو مسعود إبراهيم ين محمد بن عبيد الدمشقى، واقتفى أثرهما أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي فإنهم جمعوا بين كتابي البخاري ومسلم، ورتبوا كتبهم على المسانيد، دون الأبواب، كما سبق ذكره .
وتلاهم آخراً أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي (1)، فجمع بين كتب البخاري ومسلم و(الموطأ) لمالك، و(جامع أبي عيسى الترمذي)، و(سنن أبي داود السجستاني)، و(سنن أبي عبد الرحمن النسائى) رحمة الله عليهم, و رتب كتابه على الأبواب دون المسانيد، إلا أن هؤلاء جميعهم لم يودعوا كتبهم إلا متون الحديث عارية من الشرح و التفسير، حسب ما أداهم إليه الغرض، و أحسنوا في الصنع ، وفعلوا ما جنوا ثمرته دنيا وأخرى، وسنوا لمن بعدهم الطريق ومهدوا المحجة في طلب هذا العلم، فأحسن الله إليهم
الفصل الرابع في خلاصة الغرض من جمع هذا الكتاب : لما وقفت على هذه الكتب، ورأيتها في غاية من الوضع الحسن والترتيب الجميل، ورأيت كتاب رزين هو أكبرها و أعمها ، حيث حوى هذه الكتب الستة التى هي أم كتب الحديث، وأشهرُها في أيدي الناس، وبأحاديثها أخذ العلماء، واستدل الفقهاء، وأثبتوا الأحكام، و شادوا مباني الإسلام .
__________
(1) - رزين هو الإمام الكبير المحدث أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي صاحب كتاب ( تجريد الصحاح ), كان إمام المالكيين بالحرم, قال الذهبي : أدخل كتابه زيادات واهية, لو تنزه عنها لأجاد, توفي سنة 535 هـ , ( السير )(20\205)(1/114)
ومصنفوها أشهر علماء الحديث، وأكثرهم حفظا، وأعرفهم بمواضع الخطأ والصواب، وإليهم المنتهى، و عندهم الموقف, وسنعقد فيما بعد باباً يتضمن مناقبهم وفضائلهم، وإلى أين انتهت مراتبهم في هذا الفن .
فحينئذ أحببت أن أشتغلَ بهذا الكتاب الجامع لهذه الصحاح، وأعتني بأمره، ولو بقراءته ونسخه، فلما تتبعته وجدتهعلى ما قد تعب فيه قد أودع أحاديث في أبواب، غير تلك الأبواب أولى بها، وكرر فيه أحاديث كثيرة، وترك أكثر منها .
ثم إنني جمعت بين كتابه وبين الأصول الستة التى ضمنها كتابه، فرأيت فيها أحاديث كثيرة لم يذكرها في كتابه، إما للاختصار، أو لغرض وقع له فأهملها، ورأيت في كتابه أحاديث كثيرة لم أجدها في الأصول التي قرأتها وسمعتها ونقلت منها، وذلك لاختلاف النسخ والطرق، ورأيته قد اعتمد في ترتيب كتابه على أبواب البخاري، فذكر بعضها، وحذف بعضها .
فناجتنى نفسي أن أُهذِّب كتابه، وأرتب أبوابه، و أوطيء مقصده، وأسهل مطلبه، وأضيف إليه ما أسقطه من الأصول، وأتبعه شرح ما في الأحاديث من الغريب والإعراب والمعن ، وغير ذلك مما يزيده إيضاحاً وبياناً، فاستصغرت نفسى عن ذلك، و استعجزتها، ولم يزل الباعث يقوى والهمة تنازع، والرغبة تتوفر، وأنا أعللها بما في ذلك من التعرض للملام، للانتصاب للقدح، والأمن من ذلك جميعه مع الترك، ويأبي الله إلا أن يتم نوره، فتحققت بلطف الله العزيمة، وصدقت بعونه النية، وخلصت بتوفيقه الطوية, فشرعت في الجمع بين هذه الكتب الستة التى أودعها رزين رحمه الله كتابه ، و صَدَفْتُ عما فعله ورتبه، فاعتمدت على الأصول دون كتابه، واخترت له وضعاً يزيد ، بيانه حسبما أدى إليه اجتهادي وانتهى إليه عرفاني.(1/115)
هذا بعد أن أخذت فيه رأي أولى المعارف والنُّهى، وأرباب الفضل والذكاء، وذوى البصائر الثاقبة، والآراء الصائبة، و استشرت فيه من لا أتهمه ديناً وأمانة وصدقاً نصيحة، وعرضت عليه الوضع الذي عرض لي، و استضأت به في هذا الصنع الذي سنح لي، فكل أشار بما قوى العزم، وحقق إخراج ما في القوة إلى الفعل.
فاستخرت الله تعالى، وسألته أن يجعله خالصاً لوجهه، ويتقبله ويعين على إنجازه بصدق النية فيه، ويسهله، وهو المجازي على مودعات السرائر، وخفيات الضمائر .
هذا مع كثره العوائق الدنيوية، وازدحام العوارض الضرورية، وتكاثر الفوادح النفسانية، وضيق ا لوقت عن فراغ البال لمثل هذا المهم العزيز، والغرض الشريف الذي إذا أعطاه الإنسان كله واتاه منه أيسره، و إذا قصر عليه عمره أمكنه منه أقصره، ولولا أن الباعث عليه ديني، والغرض منه أخروي، لكانت القدرة على الإلمام به واهية، والهمة عن التعرض إليه قاصرة، والعزيمة عن الشروع فيه فاترة، وإنما كان المحرك قويا، والجاذب شريفاً علياً, وأنا أسأل كل من وقف عليه ، و رأى فيه خللا، أو لمح فيه زللا أن يصلحه، حائزاً به جزيل الأجر, وجميل الشكر، فإن المهذب قليل، والكامل عزيز، بل عديم، وأنا معترف بالقصور والتقصير، مقر بالتخلف عن هذا المقام الكبير .
على أن هذا الكتاب في نفسه بحر زاخرة أمواجه، وبر وعرة فجاجه، لايكاد الخاطر يجمع أشتاته، ولا يقوم الذكر بحفظ أفراده، فإنها كثيرة العدد، متشعبة الطرق مختلفة الروايات، وقد بذلت في جمعها وترتيبها الوسع، واستعنت بتوفيق الله تعالى ومعونته في تأليفه وتهذيبه، وتسهيله وتقريبه, وسميته :
( جامع الأصول في أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - )
الباب الثاني في كيفية وضع الكتاب وفيه ستة فصول(1/116)
الفصل الأول في ذكر الأسانيد والمتون : لما وفق الله سبحانه وتعالى للشروع في هذا الكتاب ، وسهل طريقه ، فكنت فيه طالباً أقرب المسالك وأهداها إلى الصواب ، أول ما بدأت به أنني حذفت الأسانيد ، كما فعله الجماعة المقدم ذكرهم رحمة الله عليهم, و لنا في الاقتداء بهم أسوة حسنة، لأن الغرض من ذكر الأسانيد كان أولاً لإثبات الحديث و تصحيحه، وهذه كانت وظيفة الأولين رحمة الله عليهم، وقد كفونا تلك المؤنة، فلا حاجة بنا إلى ذكر ما قد فرغوا منه، وأغنونا عنه، فلم أثبت إلا اسم الصحابي الذي روى الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إن كان خبراً، أو اسم من يرويه عن الصحابي إن كان أثراً، اللهم إلا أن يعرض في الحديث ذكر اسم أحد رواته فيما تمس الحاجة إليه، فأذكره لتوقف فهم المعنى المذكور في الحديث عليه .
وقد أفردت باباً في آخر الكتاب يتضمن أسماء الجماعة المذكورين في جميع الكتاب، إن كان صحابياً، أو تابعياً، أو غيره، ورتبته على حروف ( أ ب ت ث ).
وكتبت الأسماء في أول الحديث على الهامش، وذكرت بإزائه ما أمكن معرفته من نسبه وعمره، وإسلامه وحاله، حسبما انتهت إليه القدرة، ومن لم أجد له ذكراً ذكرت اسمه، وتركته مفتوحاً لأحققه، وقصدت في ذلك إزالة الخلل و التصحيف في الأسماء والاشتباه .
وأما متون الحديث، فإنني لم أثبت منه إلا ما كان حديثًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أثراً عن صحابي، وما كان من أقوال التابعين ومن بعدهم من مذاهب الفقهاء والأئمة، فلم أذكره إلا نادراً ، اقتداء بالحميدي رحمه الله وغيره ممن جمع بين الكتب ما عدا رزيناً ، فإنه ذكر في كتابه فقه مالك رحمه الله الذي في ( الموطأ )، و تراجم أبواب كتاب البخاري، وغير ذلك مما لا حاجة إليه .(1/117)
واعتمدت في النقل من كتابي البخارى ومسلم على ما جمعه الإمام أبو عبد الله الحميدي في كتابه، فأنه أحسن في ذكر طرقه، واستقصى في إيراد رواياته، وإليه المنتهى في جمع هذين الكتابين .
وأما باقى الكتب الأربعة ، فإني نقلتها من الأصول التي قرأتها وسمعتها، وجمعت بينها وبين نسخ أخرى منها
وعولت في المحافظة على ألفاظ البخاري ومسلم أكثر من غيرهما من باقي الأئمة الأربعة، اللهم إلا أن يكون في غيرهما زيادة أو بيان أو بسط، فإنني أذكرها، وإن كان الحميدي قد أغفل شيئاً وعثرت عليه ، أثبته من الأصول، وتتبعت الزيادات من جميع الأمهات، وأضفتها إلى مواضعها .
وأما الأحاديث التي وجدتها في كتاب رزين ، ولم أجدها في الأصول ، فإنني كتبتها نقلاً من كتابه على حالها في مواضعها المختصة بها، وتركتها بغير علامة، وأخليت لذكر اسم من أخرجها موضعا، لعلى أتتبع نسخًا أخرى لهذه الأصول وأعثر عليها فأثبت اسم من أخرجها
وقد أشرت في أوائل الكتاب إلى ذكر أحاديث، من ذلك أن رزينًا أخرجها ولم أجدها في الأصول, و أخليت ذكر الباقي ليعلم أنه من ذلك القبيل.
الفصل الثاني في بيان وضع الأبواب والفصول : قد سبق في الباب الأول أن من العلماء من رتب كتابه على المسانيد، و منهم من رتبه على الأبواب، ورجحنا اختيار الأبواب على المسانيد بما قدمنا ذكره، فلذلك اخترنا لكتابنا الأبواب على المسانيد، ولأن هذه الكتب الستة الأصول، جميعها مرتبة على الأبواب، فكان الاقتداء بهم أولى .
وحيث اعتبرت أبواب كتبهم وجدتها مختلفة في الوضع، فإن البخاري قد ذكر أحاديث في أبواب من كتابه ذكرها غيره في غير تلك الأبواب, وكذلك كل منهم، فصدفت عن ذلك
ثم إنني عمدت إلى الأحاديث جميعها في هذه الكتب الستة، فاعتبرتها وتتبعتها، واستخرجت معانيها، فبنيت الأبواب على المعاني التي دلت عليها الأحاديث، فكل حديث انفرد بمعنى أثبته في باب يخصه .(1/118)
فإن اشتمل على أكثر من معنى واحد، فلا يخلو : أن يكون اشتماله على ذلك اشتمالاً واحداً، أو أحد المعاني فيه أغلب من الآخر، فإن كان اشتماله عليه اشتمالا واحدا، أوردته في آخر الكتاب في كتاب سميته كتاب ( اللواحق ), وقسمته إلى أبواب عدة، يتضمن كل باب منها أحاديث تشتمل على معاني متعددة من جنس واحد, على أن هذا كتاب اللواحق جميعه ما يعظم قدره ولا يطول، فإنه لا يتجاوز ثلاثة كراريس
وأما ما كان مشتملاً على أكثر من معنى واحد، إلا أنه بأحدها أخص، و هو فيه أغلب، فإنني أثبته في الباب الذي هو أخص به وأغلب عليه، وقصدت فيه غالباً أن يكون في باب المعني الذي هو أول الحديث .
ثم إنني عمدت إلى كل كتاب من الكتب المسماة في جميع الكتب وفصلته إلى أبواب، وفصول، وأنواع، وفروع، وأقسام بحسب ما اقتضته القسمة التي تراها في الكتاب .
وكان الموجب لهذا التقسيم اختلاف معاني الأحاديث التي تختص بكل كتاب، فإن منها ما يتعلق بوجوبه، ومنها ما يتعلق بأركانه وحقيقته، و منها ما يتعلق بسننه ونوافله، ومنها ما يتعلق بشروطه ولوازمه، ومنها ما يتعلق بالحث عليه و الترغيب فيه، ومنها ما يتعلق بفضله وشرفه, وأشياء كثيرة تراها في غضون الكتاب، كل واحد منها لمعنى .
ثم إنني عمدت إلى كل فصل وكل فرع وكل باب ، فنضدت الأحاديث فيه، كل حديث يتلو ما يشبهه، أو يماثله أو يقاربه بحيث إنك إذا تجاوزت ذلك المعنى من ذلك الفصل لا تكاد تعود تراه في باقي الفصول إلا نادراً، لضرورة اقتضته، أو سهو(1/119)
وإذا جاء من الأحاديث شيء يتعلق بذلك الكتب وليس معه حديث آخر من نوعه، كتبه في فصل أو فرع من تقسيم ذلك الكتاب حيث، وليس معه حديث من جنسه ونوعه مثله أو أمثاله, ثم إنني عمدت إلي ما جاء من الأحاديث في فضائل جميع الكتاب المودعة في كتابنا، وما جاء في فضائل الأنبياء والصحابة وغيرهم، فجعلته كتاباً واحداً سميته كتاب ( الفضائل والمناقب ), وأودعته كل حديث يتضمن فضل شيء من الأعمال والأقوال والأحوال والرجال ، ولم أضف فضل كل شيء إلى بابه، فإنه يجيء متفرقاَ ، فرأيت أن جمعه أولى، وستراه إن شاء الله تعالى مفصلاً مبوباً .
الفصل الثالث في بيان التقفية وإثبات الكتب في الحروف : لما نضدت الأحاديث في الأبواب والفصول والفروع كما سبق بيانه رأيتها كثيرة العدد، والكتاب في نفسه كبير المقدار، يحتاج الناظر فيه والطالب لحديث من أحاديثه أن يتطلب كتبه التي هي تراجمه ، حتى يجد الحديث المطلوب فيها، وكان عليه في ذلك كلفة ومشقة متعبة، فخرجت أسماء الكتب المودعة في الكتاب
وجعلتها مرتبة على حروف ( أ ب ت ث ) طلباً لتسهيل كلفة الطلب، وتقريباً على المريد بلوغ الأرب, ولم أضبط في وضعها الحرف الأصلي من الكلمة فحسب، إنما لزمت الحرف الذي هو أول الكلمة، سواء كان أصلياً أو زائدا، ولم أحذف من الكلمة إلا الألف واللام التي للتعريف حسب .
فأودعت كتاب الإيمان والإسلام ، وكتاب الإيلاء، وكتاب الآنية في حرف الهمزة, وهذا حرف أصلي, و وضعت فيه أيضاَ كتاب الاعتصام، وكتاب إحياء الموات, وهذا حرف زائد، فإن الاعتصام حقه أن يكون في حرف العين, وإحياء الموت في حرف الحاء.
وكذلك جميع الكتب على الوضع، ولم أقصد به إلا طلب الأسهل، فإن كتب الحديث يشتغل بها الخاص والعام، والعالم بتصرف اللفظ والجاهل.
ولو كلفت العامي أن يعرف الحرف الأصلي من الزائد لتعذر عليه، لكنه يسهل عنده معرفة الحرف الذي هو في أول الكملة من غير نظر إلي أنه أصلي أو زائد.(1/120)
ثم وجدت في الأبواب أبواباً عدة، هي من جملة الكتب التي انقسم الكتاب إليها، وإذا ذكرتها في الحرف الذي يختص بها أكون قد أفردت أحد أحكام ذلك الكتاب عنه، وفرقته ووضعته في غير موضعه الأولى به .
مثال ذلك أن كتاب الجهاد هو في جرف الجيم، وفي جملة أحكام الجهاد أبواب عدة لا يجوز أن تنفرد عنه، مثل الغنائم، والفيء، والغلول، والنفل، والخمس، والشهادة، وكل وادح من هذه يختص بحرف غير حرف الجيم، فإن ذكرته في حرفه، تقسم كتاب الجهاد وعدلت عن واجب الوضع، فذكرت هذه الأبواب في جملة كتاب الجهاد في حرف الجيم .
ثم عمدت إلى آخر كل حرف من تلك الحروف التي تختص بهذه الأبواب ، فذكرت فيه فصلاً ليستدل به على مواضع هذه الأبواب من الكتاب، فذكرت في آخر حرف الغين أن الغنائم والغلول في كتاب الجهاد من حرف الجيم, وفي آخر حرف الفاء أن الفيء في كتاب الجهاد من حرف الجيم, وكذلك تتبعت جميع الحروف، و فعلت بها هذا الفعل .
فإذ أردت حديثاً من هذا النوع، فاطلبه في حرفه، فإن وجدته، وإلا فترى في آخر الحرف ما يدلك على موضعه، على أنه متى صار لك أدنى دربة بالكتاب، وعرفت الغرض من وضعه، استغنيت عن ذلك جميعه .
الفصل الرابع في بيان أسماء الرواة والعلائم : لما وضعت الكتب والأبواب في الحروف، رأيت أن أثبت أسماء رواة كل حديث أو أثر على هامش الكتاب حذاء أول الحديث، وذلك لفائدتين.
إحداهما: أن يكون الاسم مفرداً يدركه الناظر في أول نظره، ويعرف به أول الحديث, والثانية : لأجل إثبات العلائم التي رقمتها بالهمزة على الاسم .
وذلك أنني قد رقمت علي اسم كل راوٍ علامة من أخرج ذلك الحديث من أصحاب الكتب الستة, فجعلت للبخاري
( خاء ) لأن نسبه إلى بلده أشهر من اسمه وكنيته، ولأن ( الخاء ) أشهر حروفه، و ليس في باق حروف الأسماء ( خاء )
وجعلت للمسلم ( ميماً ) ، لأن اسمه أشهر من نسبه وكنيته, والميم أول حروف اسمه.(1/121)
وجعلت لمالك ( طاء ) ، لأن اشتهار كتاب ( بالموطأ ) أكثر، و ، لأن ( الميم ) التى هي أول حروف اسمه قد أعطيناها مسلماً، وباقي حروفه مشتبهة بغيرها من حروف باقي الأسماء، و( الطاء ) أشهر حروف اسم كتابه، و لا تشتبه بغيرها.
وجعلت للترمذي ( تاءً ) ، لأن اشتهار الترمذي أكثر مه اسمه وكنيته، وأول حروف نسبه التاء
وجعلت لأبي داود ( دالاً ) لأن كنيته أشهر من نسبه واسمه, والدال أشهر حروف كنيته، وأبعدها من الاشتباه بباقي العلائم.
وجعلت للنسائي ( سيناً ) ، لأن نسبه أشهر من كنيته واسمه، والسين أشهر حروف نسبه، وأبعدها من الاشتباه .
فإن كان الحديث قد أخرجه جماعتهم، أثبت قبل اسم الراوي العلائم الست، وإن كان قد أخرجه بعضهم، أثبت عليه علامة من أخرجه.
والأحاديث التى وجدتها في كتاب رزين رحمه الله ولم أجد في الأصول التي قرأتها وسمعتها ونقلت منها، أثتبها ولم أثبت عليها علامة، ولم أذكر من أخرجها، لعلى أجدها، أو يجدها غيري فيثبتها، ويعلم علامة من أخرجها .
وجعلت ابتداء العلائم على الاسم بعلامة البخاري، وبعده بعلامة مسلم، وبعده بعلامة ( المو طأ ), وكان الأولي تقديم اسم ( الموطأ ) لأن مالكاً رحمه الله أكبر الجماعة وأقدمهم, وأجلهم قدراً، وأحقهم بالتقديم، ولكن لاشتهار كتابي البخاري ومسلم بالصحة، وانفرادهما بالشرط الذي لم ينفرد به واحد من باقي الكتب، و لأنهما أعظم قدراً، وأكبر حجماً، قدمتهما في التعليم عليه .
ثم أتبعت علامة ( الموطأ ) بعلامة الترمذي، وبعده بعلامة أبي داود، وبعده بعلامة النسائي, وإن تقدم أحد هؤلاء الثلاثة المتأخرين على الآخر ، فلا بأس.
ثم لما كان مع تطاول الأزمان واختلاف النساخ وتهاونهم بالذي يكتبونه، وقد تسقط بعض العلائم من موضعه، فيبقى الحديث مجهولاً، لا يعلم من أخرجه، ذكرت في آخر كل حديث من أخرجه من الأئمة في متن الكتاب، ليزول هذا الخلل المتوقع.(1/122)
وإن سقط بعض العلامات، أو كلها، أمكن الناسخ أن يستجد العلامات من متن الكتاب, على أن معظم الأحاديث المشتركة بين الأصول، قد أدت الضرورة إلى ذكر من أخرجها، لاختلاف ألفاظهم في الحديث الواحد، وإنما الأحاديث المفرد ة في كل أصل من الكتب، هي التي احتجنا إلى أن نذكر اسم من أخرجها في متن الكتاب لهذا الباعث المذكور.
الفصل الخامس في بيان الغريب والشرح : لما أردنا أن نذكر شرح لفظ الحديث ومعناه، كان الأولى بنا أن نذكره عقيب كل حديث، فإنه أٍقرب تناولاً، وأسهل مأخذاً، لكنا رأينا أن ذلك يتكرر تكرراً زائداً، لاشتراك الأحاديث في المعنى الواحد، مع تقارب الألفاظ، بل اتحادها، فإن ذكرنا شرح الحديث الواحد، إذا جاء مثله أحلنا عليه، احتاج الطالب إلى كلفة عظيمة حتى يجد الغرض، وكان الكتاب يطول بكثرة الإحالات .
وإن أوردناه آخر كل فصل أو باب، جاء من التكرار ما يقارب الأول، وإن نحن أفردنا للشرح كتاباً مستقلاً بنفسه كما فعله الحميدي رحمه الله في غريب كتابه صار ذلك الكتاب مفرداً وحده، لا علاقة بين الأصل وبينه، فمن شاء نسخه، و من شاء تركه، فكانت الفائدة تذهب، ويزول الغرض، و يبقى الكتاب خالياً من الشرح والتفسير الذي قصدنا إليه ، فأدى النظر إلى أن ذكرناه في آخر كل حرف من حروف ( أ ب ت ث ) على ترتيب الكتب التي في كل حرف، وسياق الأحاديث التي في كل كتاب .
وذكرت الكلمات التي في متون الأحاديث المحتاجة إلي الشرح بصورتها على هامش الكتاب، وشرحها حذاءها، ليكون أسهل مطلباً للناظرين فيه، ولم أقتصر على ذكر الغريبة التى يحتاج الخواص إلى شرحها بل ذكرت ما يفتقر العوام إلى معرفته زيادة في البيان .
فإن تكرر في ذلك الكتاب كلمات تحتاج إلى شرح غريبا، لم أكرر ذكرها، واعتمدت على ما سبق ذكره في ذلك الكتاب، اللهم ألا أن يطول الكلام بينهما، فربما أعدته.(1/123)
فإذا طلبت شرح كلمة في موضعها ولم تجدها، فاعلم أنها قد سبقت قبل ذلك، فاطلبها من هناك تجدها .
وكل كلمة لم أعرف شرحها، أو كنت منها على ارتياب، أثبتها وأخليت حذاءها لأثبت فيه شرحها, وعولت في الشرح على كتب أئمة اللغة, وكتب غريب الحديث، وكتب الفقه وغيرها .
فمن كتب اللغة كتاب ( التهذيب ) لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري, وكتاب (كاللغة الفقة ) له، وكتاب ( صحاح اللغة ) لأبي نصر إسماعيل بن حماد الجوهرى، وكتاب ( المجمل ) لأبي الحسين ، أحمد بن فارس.
ومن كتب الغريب كتاب ( غريب الحديث )، لأبي عبيد القاسم ابن سلام، وكتاب ( غريب الحديث ) لأبي محمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وكتاب ( مختلف الحديث ) له، وكتاب «( غريب الحديث ) لأبي سليمان حمد بن محمد الخطابي، وكتاب ( معالم السنن ) له، وكتاب( شأن الدعاء ) له، وكتاب ( الجمع بين الغريبين ) لأبي عبيد الهروى، و كتاب ( الفائق ) لأبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري، وكتاب ( غريب الحديث ) لأبي عبد الله الحميدي,.وتتبعت كتب الفقه والتفسير، وأخذت منها شرح أحاديث تتعلق بالأحكام والمعانى .
وكل ما وجدته في هذه الكتب من معني مستحسن، و أو نكتة غريبة أو شرح شاف أثبته بعد الاحتياط فيما نقلته وما لم أجده فيها وإنه قليل ذكرت فيه ما سنح لي بعد سؤال أهل المعرفة به والدراية .
وأنا أرجو أن يصادف ذلك صحة وصواباً من الفعل، وصدقاً وسداداً من القول, ولست أدعي في جميع ما نقلته وأثبته من هذا الشرح العصمة من الغلط والبراءة من السهو .
وأنا أرغب إلى كل من وقف عليه، وأدرك منه خطأ أو زللاً، أن يصلحه ويقلدني فيه منه جسيمة، ويتخذ عندي به يداً كريمة أكل جزاءه عليها إلى فضل الله تعالى وسعة كرمه.(1/124)
الفصل السادس فيما يستدل به على أحاديث مجهولة الوضع , لما أستقر وضع الأحاديث في الأبواب والكتب و الحروف، وتتبعتها فوجدت فيها أحاديث يبوبها مكانها، وإن كان أولى بها من غيره من سائر الأمكنة، وكان طالب تلك الأحاديث أو بعضها ربما شذ عن خاطره موضعها، و التبس عليه مكانها، لنوع من اشتباه معانيها، واختلاف توارد الخواطر على اختيار المكان الأولى بها، وكان في ذلك كلفة على الطالب ومشقة، فاستقرأت تلك الأحاديث جميعها، التي هي متزلزلة في كأنها، أو مشتبهة على طالبها، وخرجت منها كلمات ومعاني تعرف بها الأحاديث، وأفردت لها في آخر الكتاب باباً أثبت فيه تلك المعاني، مرتبة على حروف (أ ب ت ث ) مسطور في هامش الكتاب، و بإزائها ذكر موضعها من أبواب الكتاب .
فإذا طلبت حديثاً فيه نوع اشتباه، وغاب عنك موضعه، إما لسهو عارض، أو جهل بالمكان، فلا يخلو أن تعرف منه بعض ألفاظه المشهورة فيه، أو معانية المودعة في مطاوية، فاعمد إلى ذلك الباب المشار إليه، واطلب تلك الكلمة، أو ذلك المعنى في حروف ذلك الباب، فإذا وجدتها قرأت ما بإزائها فهو يدلك على موضع ذلك الحديث من أبواب الكتاب، إن شاء الله تعالى .
الباب الثالث في بيان أصول الحديث وأحكامها , أما [ ما ] بتعلق بها [ م ]ما نثبته في هذا الباب من أصول الحديث و أحكامها، وشرح أقوال الفقهاء وأئمة الحديث، وذكر مذاهبهم، واصطلاحاتهم، فإنه منقول من فوائد العلماء وكتبهم و تصانيفهم التي استفدناها وعرفناها، مثل :(1/125)
كتاب ( التلخيص ) لإمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وكتاب ( المستصفى ) لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي، وكتاب ( التقويم ) لأبي زيد الدبوسي, وكتاب ( أصول الحديث ) للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري، وكتاب ( المدخل إلى الإكليل ) له، وشيء من رسائل الخطيب أبي بكر بن ثابت البغدادي وكتاب ( العلل ) للإمام أبي عيسى الترمذي، وغير ذلك من كتب العلماء وتصانيفهم رحمه الله عليهم, فجمعت بين أقوالهم ، واختصرت من كل واحد منها طرفاً يليق بهذه المقدمة، أودعته ما يحتاج إليه طالب علم الحديث، ولا يسعه جهله، إلا من قنع بمجرد الرواية، ملغياً فضيلة الدراية .
وليس [ لي ] (1)فيه إلا الترتيب والاختصار، والتلفيق، والاختيار، اللهم إلا كلمات نفع في أثناء الفصول والفروع، تتضمن إثبات مهمل، أو إيضاح مشكل، أو تحقيق مغفل، أو تفصيل مجمل، أو تقييد مرسل, وجعلت هذا الباب مشتملا على أربعة فصول : الفصل الأول في طرق نقل الحديث وروايته وفيه سبعة فروع, الفصل الثاني من الباب الثالث في الجرح والتعديل, الفصل الثالث في النسخ وفيه ثلاثة فروع, الفصل الرابع في بيان أقسام الصحيح من الحديث والكذب وفيه أربعة فروع, الباب الرابع في ذكر الأئمة الستة رضي الله عنهم وأسمائهم وأنسابهم وأعمارهم ومناقبهم وآثارهم
هذا آخر الركن الأول, ويتلوه الركن الثاني في المقاصد, وهو مقسوم بعدد حروف المعجم ثمانية وعشرين حرفا, وكتاب يتلو الحروف, وهو كتاب اللواحق الذي أشرنا إليه في الركن الأول, وسيأتي عدد ما في حرف ممن الكتب عند ذكره إن شاء الله تعالى, الركن الثاني في مقاصد الكتاب :
__________
(1) - في المطبوع [ لا ](1/126)
حرف الهمزة وفيه عشرة كتب: 1- كتاب الإيمان والإسلام 2- كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 3- كتاب الأمانة 4- كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر 5- كتاب الاعتكاف 6- كتاب إحياء الموات 7- كتاب الإيلاء 8- كتاب الأسماء والكنى 9- كتاب الآنية 10 كتاب الأمل والأجل
حرف الباء وفيه أربعة كتب : 1- كتاب البر 2- كتاب البيع 3- كتاب البخل وذم المال 4- كتاب البنيان والعمارات
حرف التاء وفيه سبعة كتب : 1- كتاب التفسير 2- كتاب تلاوة القرآن 3- كتاب ترتيب القرآن، 4- كتاب التوبة 5- كتاب التعبير 6- كتاب التفليس 7- كتاب تمني الموت
حرف الجيم ويشتمل على كتابين 1- كتاب الجهاد 2- وكتاب الجدل والمراء
حرف الحاء ويشتمل على ستة كتب : 1-كتاب الحج والعمرة 2- كتاب الحدود 3- كتاب الحضانة 4-كتاب الحدود 5- كتاب الحسد 6- كتب الحرص
حرف الخاء وفيه خمسة كتب : 1- كتاب الخلق 2- كتاب الخوف 3- كتاب خلق العالم 4- كتاب الخلافة والإمارة 6- كتاب الخلع
حرف الدال وفيه ثلاثة كتب : 1- كتاب الدعاء 2- كتاب الديات 3- كتاب الدين
حرف الذال ويشتمل على ثلاثة كتب: 1- كتاب الذكر 2- كتاب الذبائح 3- كتاب ذم الدنيا
حرف السين وفيه ثلاثة كتب: 1- كتاب الشراب 2- كتاب الشركة 3- كتاب الشعر
حرف السين يشتمل على خمسة كتب: 1- كتاب السخاء 2- كتاب السفر 3- كتاب السبق 4- كتاب السؤال 6- كتاب السحر
حرف لصاد ويشتمل على عشرة كتب : 1- كتاب الصلاة 2- كتاب الصوم 3- كتاب الصبر 4- كتاب الصدق 5- كتاب الصدقة 6- كتاب صلة الرحم 7- كتاب الصحبة 8- كتاب الصداق 9- كتاب الصيد 10- كتاب الصفات
حرف الضاد وفيه كتابان 1- كتاب الضيافة 2- كتاب الضمان
حرف الطاء ويشتمل على خمسة كتب 1- كتاب الطهارة 2- كتاب الطعام 3- كتاب الطب والرقى 4- كتاب الطلاق 5- كتاب الطيرة والعدوى(1/127)
كتاب العين ويشتمل على ستة كتب 1- كتاب العلم 2- كتاب العفو والمغفرة 3- كتاب العتق والتدبير ومصاحبة الرقيق 4- كتاب العدة والاستبراء 5- كتاب العارية 6- كتاب العمرى والرقبى
حرف الغين ويشتمل على سبعة كتب 1-كتاب الغزوات 2- كتاب الغيرة 3- كتاب الغضب والغيظ 4- كتاب الغصب 5- كتاب الغيبة 6- كتاب الغدر
حرف الفاء ويشتمل على ثلاثة كتب 1- كتاب الفضائل 2- كتاب الفرائض 3- كتاب الفتن
حرف القاف ويشتمل على تسعة كتب :1- كتاب القدر 2- كتاب القناعة 3- كتاب القضاء 4- كتاب القتل 5- كتاب القصاص 6- كتاب القسامة 7- كتاب القراض 8- كتاب القصص 9 كتاب القيامة
حرف الكاف ويشتمل على أربعة كتب : 1- كتاب الكسب 2- كتب الكذب 3- كتاب الكبر والعجب 4- كتاب الكبائر
حرف اللام ويشتمل على ستة كتب: 1- كتاب اللباس 2- كتب اللقطة 3- كتاب اللعان 4- كتاب اللقيط 5- كتاب اللهو واللعب 6- كتاب اللعن والسب
حرف الميم ويشتمل على ستة كتب : 1- كتاب المواعظ والرقائق 2- كتاب المزارعة 3- كتاب المدح 4- كتاب المزح 5- كتاب الموت 6- كتاب المساجد
حرف النون ويشتمل على ثمانية كتب: 1- كتاب النبوة 2- كتاب النكاح 3- كتاب النذر 4- كتاب النية 5- كتب النصح 6- كتاب النوم 7- كتاب النفاق 8- كتاب النجوم
حرف الهاء ويشتمل على ثلاثة كتب : 1- كتاب الهجرة 2- كتاب الهدية 3- كتاب الهبة
حرف الواو ويشتمل على ثلاثة كتب : 1- كتاب الوصية 2- كتاب الوعد 3- كتاب الوكالة
حرف الياء وفيه كتاب واحد وهو كتاب اليمين
كتاب اللواحق :هذا كتاب يتضمن أحاديث في معان متفرقة مشتركة ومنفردة, لم يمكن إدخالها في التقفية إلا بتعسف, فرأينا أن نفردها من الحروف, ونجعل لها كتابا واحدا مفردا, ينقسم الى فصول وأنواع, أوردنا الأحاديث فيها وهي أربعة فصول(1/128)
الركن الثالث من الكتاب في الخوات,م وفيه ثلاثة فنون : الفن الأول في التنبيه على الأحاديث المجهولة المكان بذكر كلمات مستخرجة منها تدل على موضعها, وهو مرتب على حروف المعجم, الفن الثاني في الأسماء والكنى والأبناء والألقاب, وفيه خمسة أبواب, الفن الثالث في فهرست جميع الكتاب, فذلك جميعه : الأركان ثلاثة أركان, الكتب مائة وتسع وعشرون كتابا, الأبواب مائة وواحد وثلاثون بابا, الفصول خمسمائة وثلاثة عشر فصلا, الفروع مائتان وواحد وتسعون فرعا, الفنون ثلاثة فنون, الأقسام ستة أقسام, ومقدمة وخاتمة (1)
تيسير الوصول إلى جامع الأصول للعلامة عبد الرحمن بن علي ابن الديبع
__________
(1) - طبع (جامع الأصول) في مروت بالهند 1346هـ,ثم في مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر 1949 في ( 12 ) مجلدا بتحقيق الشيخ ( محمد حامد الفقي ) قال ( الارناؤوط ): وهذه الطبعة لا باس بها إلا أنها غير تامة وما لم يطبع منها يوازي خمس الكتاب تقريبا,ثم طبع في دارالفكر1983 في ( 14 ) مجلدا بتحقيق الشيخ (عبد القادر الأرناؤوط), ثم في دار الكتب العلمية 1998 بتحقيق (أيمن صالح شعبان) وميزة هذه الطبعة أنه يذكر في الهامش أسانيد الأحاديث مشجرة, ويذكر في أخر كل كتاب زوائد ( سنن ابن ماجة )
وابن الأثير هو الفقيه المحدث اللغوي مجد الدين أبو السعادات المبارك بن محمد الشيباني ابن الأثير الجزري, له تصانيف منها (جامع الأصول), و(النهاية في غريب الحديث) وغير ذلك, توفي في سنة 606هـ (طبقات ابن قاضي شهبة)(2\60\361)(1/129)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي يسر الوصول الى جامع الأصول من حديث الرسول, وسهل في نحو ثلث حجمه اختصاره مع حسن الايراد ولطف العبارة, و التلخيص لما يكثر شرحه ويطول, أحمده وأستغفره وأستعين به وأستنصره وأتوب إليه وأساله القبول, فله الحمد سبحانه على ما مَنَّ به وأنعم, من خدمة حديث حبيه المكرم, وبلغ بمتابعته السول, وله الشكر على أن جعلني من أمته, الملبين لدعوته, المقتفين لما يقول, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة أعدها لجواب المسألة و لكل هول مهول, و أشهد أن محمدا عبده النبي الكريم, ورسوله الرؤوف الرحيم, وحبيه الشفيع المقبول, المبين للناس ما نزل إليهم, والموصل لهم بشفقته عليهم, الى خير مأمول, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه, ومن هاجر إليه, ما نقل مروي, أوروي منقول, صلاة دائمة الاستمرار, مشرقة الانوار, لا انقطاع لها ولا أفول
أما بعد : فاني وقفت على كثير مما دونه الائمة من كتب الحديث, في القديم والحديث, فلم أر فيها أكثر جمعا, ولا أحسن وضعا, من كتب ( جامع الاصول من حديث الرسول ), صلى الله عليه وسلم, وشرف وكرم, الذي ألفه الإمام العلامة الكبير مجد الدين أبوالسعادات ابن الأثير, فجمع فيه أحاديث الأصول الستة المشهورة, صحيحي البخاري, و مسلم, وموطا مالك, وسنن أبي داود السجستاني, وجامع أبي عيسى الترمذي, وسنن أبي عبدالرحمن النسائي رحمهم الله, جمعا رصينا لطلابها, على مااشتملت عليه من علومها وفوائدها, معينا شكر الله تعالى مسعاه, وأحسن عاقبته ورجعاه
فلقد أجاد فيه كل الاجادة, مع كثرة الجدوى وحسن الإفادة(1/130)
وقد جرده في نحو ربع حجمه قاضي القضاة شرف الدين هبة الله بن البارزي(1), قاضي حماة, رحمه الله تعالى في كتاب سماه : ( تجريد الاصول من حديث الرسول ), فتداولته الطلبة لحسن اختصاره, واعتماده على تجريد أخباره وآثاره
قال قاضي القضاة في خطبة كتابه ما ملخص لفظه ومعناه: إن أبا الحسن رزين بن معاوية العبدري جمع الأصول الستة المذكورة, فكان كتابه أجمع الكتب في هذا الفن نفعا, وأنفعها جمعا, حيث حوى الاصول الستة المذكورة, التي هي أمهات الحديث وأصولها, وبأحاديثها استدل العلماء وعمدتهم منقولها, ثم إن الشيخ الإمام العالم مجد الدين أبا السعادات المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري ثم الموصلي يعني ابن الاثير رحمه الله نظر في كتاب رزين الحاوي لهذه الأصول, فاختار لها وضعا أجاد والله ترتيبه وتهذيبه, وأحسن تفصيله وتبويبه, فأبرزه في تأليف سماه : ( جامع الاصول من حديث الرسول ) فهو إذا نخبة المنخوب, وإنسان عين المطلوب
__________
(1) - الشيخ الإمام هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم الجهني الحموي شرف الدين أبو القاسم المعروف بابن البارزي قاضي حماة, قال الإسنوي كان إماما راسخا في العلم صالحا خيرا محبا للعلم ونشره محسنا إلى الطلبة له المصنفات المفيدة المشهورة,, توفي سنة 738 هـ (طبقات ابن قاضي شهبة)(2\298\571)(1/131)
فأفرغت الوسع في تحصيله وروايته, وعزمت على الاشتغال به ولو بمطالعته, وحين يسر الله وله الحمد روايته تدبرته, فوجدته بحرا زاخرة أمواجه, وبرا وعرة فجاجه, ورأيت ذلك لعدم همم بني الزمان, كالداعي الى الإعراض عن هذا المهم العظيم الشأن, فاستخرت الله تعالى في تجريده أخباره وآثاره, واستعنته على تلخيصه واختصاره, فألقيت عنه ما زاد على الأصول من شرح الغريب والإعراب, وألغيت منه ما ارتكبه من التكرير والاسهاب, فليشتهر (بتجريد الأصول في أحاديث الرسول ), ولما كثرت فيه الكتب والأبواب رتبها على حروف المعجم, لئلا يحتاج طالب الحكم إلى تصفح أكثر الكتاب والأبواب, وضبط ذلك بالحرف الاول من الجكم بعد حذف آلة التعريف, إلا أن يكون من أحكام كتاب حرف آخر فإنه يذكر فيه, مثاله ذكر الغنيمة في كتاب الجهاد من حرف الجيم لئلا تتفرق أحكام الجهاد وهكذا
وأفرد ما اشتمل على معان لم يغلب أحدها كتاب سماه كتاب اللواحق, ولما جاء في تفضيل شيء من قول أو فعل أو رجل أو مكان كتابا سماه كتاب الفضائل, من حرف الفاء
وذكر أنه وجد في كتاب رزين أحاديث لم يرها في مفردات الأصول التي جمعها, ونقل منها, فسطر أسماء رواتها وتركها عطلا بلا علامة
قال قاضي القضاة : وقد اقتديت به في هذا الترتيب, غير فصلين أحدهما : أنه متى أتى حرف فيه كتب لها فضائل نقلت فضائلها إليها , ثم ما بقي تركته حيث وضعه , الثاني : أنه متى اجتمعت العلامات الست على اسم راو جعلت مكانها
( ق ) فبينت بها اتفاقهم, ثم إني محافظ على لفظ البخاري ومسلم, فمتى اتفقا على لفظ قلت: هذا لفظهما, وإن اختلفا قدمت البخاري فقلت: هذا لفظه, وهكذا إذا انفرد أحدهما مع غيره, ثم أنبه على زيادات الباقين, انتهى ملخص لفظ قاضي القضاة رحمه الله(1/132)
وقد نظرت في كل من ( الجامع ) و( تجريده ) وشاهدت حسن وضع كل منهما وتمهيده, فرأيت كلا من مؤلفيهما قد رقم اسم الصحابي الراوي للحديث في حاشية الكتاب, ورمز عليه لمن أخرجه من الستة برموز اختلطت واختبطت على أكثر الكتاب, فحصل فيها التقديم والتأخير, والنقصان والتكرير, حتى كثر في ذلك العناء, ولم يحصل لأكثر الطلاب فيه غناء, وقَلَّ إلتذاذ قارئ كل منهما وسامعه, وعسر انتفاع محصل ( التجريد ) ومطالعه, فعزمت بعد استخارة الله تعالى على تيسيره للمنتفعين, وتحبيره للمستعين, رغبة في إحياء السنة النبوية, ومحبة لاقتفاء الآثار الشريفة المحمدية, وصدرت كل حديث منه باسم صحابيه الذي رواه, وختمته بمن خرجه من الأئمة وحواه, ودمجت ذلك بين متون الأحاديث, ليؤمن به من الغلط والإشتباه, وتقبله الطباع ولا تأباه
فإن اتفق الستة على إخراجه قلت: أخرجه الستة, وإن انفرد منهم مالك بعدم إخراجه قلت: أخرجه الخمسة, وإن انفرد واحد من الستة غير مالك أو من الخمسة بعدم إخراجه استثنيته باسمه, فقلت: أخرجه الستة أو الخمسة إلا فلانا, وإن اتفق البخاري ومسلم على إخراجه قلت: أخرجه الشيخان, فإن وافقهما مالك على إخراجه قلت: أخرجه الثلاثة, وإن وافقهما غيره قلت: أخرجه الشيخان وفلان باسمه, وإن أخرجه من عدا البخاري ومسلما قلت: أخرجه الاربعة فإن لم يخرجه معهم مالك قلت : أخرجه أصحاب السنن, وان أخرجه الاربعة إلا واحدا منهم غير مالك استثنيته باسمه فقلت: أخرجه الأربعة إلا فلانا(1/133)
وإن اختلف هذا الترتيب ولم يتفق حسن نظمة ذكرت من أخرجه من الستة باسمه, وما صدرت باسم الامام مالك فاني مستغن عن عزوه إليه بذلك, واكتفيت في زيادات رزين بنسبتها إليه, واستغنيت في ذلك بالحوالة عليه, وما تقاربت معانيه من الأحاديث واختلفت ألفاظه اكتفيت بإثبات إحدى رواياته, وما اختلفت معانيه وألفاظه فلا بد من ذكر المخالف وإثباته, وما تكرر فيه من الأحاديث اقتصرت على أتم الروايات فيه, إلا أن يقع اختلاف في تخريجه أو اسم راويه, واعتمدت في ذلك على ( تجريد ) قاضي القضاة, وزدت من أصله شيئا كثيرا من غريب الحديث ومعناه, وتصحيح ما وقع فيه من الغلط والإشتباه, لتعظم فائدته وجدواه, ويستغنى به محصله عما سواه
وسميته : ( تيسير الوصول إلى جامع الأصول من حديث الرسول ), وقد أخبرني ( بتجريد ) قاضي القضاة رحمه الله إجازة شيخنا الإمام العلامة المحدث زين الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن عبد اللطيف الشرجي, والإمام الحافظ الحجة شمس الدين أبو الخير محمد بن عبدالرحمن السخاوي رحمهما الله تعالى فيما شافهني به كل واحد منهما غير مرة, قالا: أخبرنا به شيخنا الإمام العلامة الواهد شرف الدين أبو الفتح محمد ابن قاضي طيبة وخطيبها الإمام العلامة زين الدين أبوبكر بن الحسين العثماني المراغي المدني, قال: أنا به والدي, قال: أخبرنا به مؤلفه قاضي القضاة شرف الدين هبة الله بن عبدالرحيم البارزي رحمه الله تعالى فيما كتب به إلي من حماة
وقال أخبرني ( بجامع الأصول ) الشيخ الإمام العالم زين الدين أبو العباس أحمد بن أبي الكرم هبة الله الواسطي رحمه الله بقرائتي عليه لجميعه, قال: أخبرني به مؤلفه الإمام مجد الدين أبو السعادات بن الأثير رحمه الله تعالى سماعا عليه لجميعه(1/134)
فاتصلت بحمد الله روايتنا ( لتجريد ) قاضي القضاة, وأصله, فنسأل الله تعالى أن يجعل ذلك خالصا لوجهه, وأن يعمنا بفضله, وبدأت أولا بذكر مناقب هؤلاء الستة الأئمة, الذين كشف الله تعالى بهم عن عباده الغمة, وانتفع المسلمون بعلومهم الجمة, واعتمدت على ما دونوه من السنة للأمة, فشكر الله تعالى صنيعهم, وعم بواسع الرحمة جميعهم
والمرجو منه سبحانه أن يلحقنا بهم, ويشركنا بمحبتنا لهم في جزيل ثوابه, إنه السميع العليم, القريب المجيب, وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
الترغيب والترهيب للحافظ عبد العظيم المنذري
__________
(1) - طبع في كلكتا بالهند سنة 1252هـ,, ونشره ( محيي الدين خان ) في لاهور في ( 6 ) مجلدات, ثم في القاهرة سنة 1331هـ في مجلدين, وسنة 1346 في ( 4 ) مجلدات, ثم في دار الفكر بيروت 1417هـ في ( 4 ) مجلدات , وابن الديبع هو الشيخ العلامة عبد الرحمن بن على الشيباني الزبيدى الشافعى المعروف بابن الديبع وهو لقب لجده الاعلى ومعناه بلغة النوبية الابيض,قرأ بمكة على السخاوى ثم برع لاسيما في فن الحديث و اشتهر ذكره وبعد صيته وصنف التصانيف منها تيسير الوصول إلى جامع الأصول اختصره اختصارا حسنا توفي سنة 944هـ ترجمته في (البدر الطالع)(1 \336\330)(1/135)
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما, الحمد لله المبدئ المعيد, الغني الحميد, ذي العفو الواسع والعذاب الشديد, من هداه الله فهو السديد السعيد, ومن أضله فهو الطريد البعيد, ومن أرشده إلي سبيل النجاة ووفقه فهو الرشيد كل الرشيد, يعلم ما يظهر وما بطن, وما خفي وما علن, وما هجس وما كمن, وهو أقرب إلى كل مريد من حبل الوريد, قسم الخلق قسمين, وجعل لهم منزلتين, ففريق في الجنة وفريق في السعير, إن ربك فعل لما يريد رغب في ثوابه, ورهب من عقابه, ولله الحجة البالغة فمن عمل صالحا فلنفسه, ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد, أحمده وهو أهل الحمد والتمجيد, وأشكره والشكر لديه من أسباب المزيد, وأشهد أن لا إله الله, وحده لا شريك له, ذو العرش المجيد, والبطش الشديد, شهادة كافلة لي عنده درجات أولي التوحيد, في دار القرار والتأبيد
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله البشير النذير, أشرف من أظلت السماء وأقلت البيد, صلى الله عليه وسلم على أصحابه أولي المعونة على الطاعة والتأييد, صلاة دائمة في كل حين تنمو وتزيد, ولا تنفذ ما دامت السماوات والآخرة ولا تبيد, وسلم تسليما كثيرا(1/136)
أما بعد: فلما وفق الله سبحانه وتعالى لإملاء كتاب ( مختصر أبي داود )(1) وإملاء كتاب ( الخلافيات ومذاهب السلف ) وذلك من فضل الله علينا وسعة منه, سألني بعض الطلبة الحذاق أولي الهمم العالية ممن اتصف بالزهد في الدنيا والإقبال على الله عز وجل بالعلم والعمل, زاده الله قربا منه وعزوفا عن دار الغرور, أن أملي عليه كتابا جامعا في الترغيب و الترهيب, مجردا عن التطويل, بذكر إسناد أو كثرة تعليل
فاستخرت الله تعالى وأسعفته بطلبته, لما وقر عندي من صدق نيته, وإخلاص طويته, وأمليت عليه هذا الكتاب, صغير الحجم, كثير العلم, حاويا لما تفرق في غيره من الكتب, مقتصرا فيه على ما ورد صريحا في الترغيب والترهيب, ولم أذكر ما كان من أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - المجردة عن زيادة نوع من صريحهما إلا نادرا في ضمن باب, أو نحوه, لأني لو فعلت ذلك لخرج هذا الإملاء الى حد الإسهاب الممل, مع أن الهمم قد داخلها القصور, والبواعث قد غلب عليها الفتور, و قصر العمر مانع من استيفاء المقصود
__________
(1) - طبع (المختصر) في مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر 1948م, ثم أعيد طبعه في دار المعرفة1980 في( 8 ) مجلدات بتحقيق العلامة ( أحمد شاكر ) و الشيخ ( محمد حامد الفقي ) رحمهما الله,وبهامشه شرح الحافظ العلامة ابن قيم الجوزية على هذا (المختصر), وأعيد طبعه مصورافي دار ابن كثير,,ثم طبع في دار الكتب العلمية2000 في( 4 ) مجلدات بتحقيق ( كامل مصطفى هنداوي )(1/137)
فأذكر الحديث ثم أعزوه إلى من رواه من الأئمة أصحاب الكتب المشهورة التي يأتي ذكرها, وقد أعزوها إلى بعضها دون بعض, طلبا للاختصار, لا سيما إن كان في الصحيحين أو في أحدهما, ثم أشير إلى صحة إسناده, وحسنه وضعفه ونحو ذلك, إن لم يكن من عزوته إليه ممن التزم الصحيح, ولا أذكر الإسناد كما تقدم, لان المقصود أعظم من ذكره إنما هو معرفة حاله من الصحة والحسن والضعف ونحو ذلك, وهذا لا يدركه إلا الأئمة الحفاظ , أو من له المعرفة التامة و الإتقان, فإذا أشير إلى حاله أغنى عن التطويل بإيراده, واشترك في معرفة حاله من له يد في هذه الصناعة و غيره, وأما دقائق العلل فلا مطمع في شيء منها لغير الجهابذة النقاذ من أئمة هذا الشان, وقد أضربت عن ذكر كثير منها في هذا الكتاب طلبا للاختصار, وخوفا من التنفير المناقض للمقصود, ولأن من تقدم من العلماء أساغوا التساهل في أنواع الترغيب والترهيب, حتى أن كثيرا منهم ذكروا الموضوع ولم يبينوا حاله, وقد أشبعنا الكلام على علل كثير من الأحاديث الواردة في هذا الكتاب وفي غيره من كتبنا, فإذا كان إسناد الحديث صحيحا أو حسنا أو ما قاربهما صدرته بلفظة ( عن ), وكذلك إن كان مرسلا أو معضلا أو منقطعا, أو في إسناده راو مبهم, أو ضعيف وثق, أو ثقة ضعف, وبقية رواة الإسناد ثقات, أو فيهم كلام لا يضر, أو روي مرفوعا والصحيح وقفه, أو متصلا والصحيح إرساله, أو كان إسناده ضعيفا لكن صححه أو حسنه بعض من خرجه أصدره أيضا بلفظة ( عن ), ثم أشير إلى إرساله, أو انقطاعه, أو عضله, أو ذلك الراوي المختلف فيه, فأقول رواه فلان, أو من طريق فلان, أو في إسناده فلان, أو نحو هذه العبارة, ولا أذكر ما قيل فيه من جرح وتعديل خوفا من تكرار ما قيل فيه كلما ذكر.(1/138)
وأفردت لهؤلاء المختلف فيهم بابا في آخر الكتاب, أذكرهم فيه,مرتبا على حروف المعجم, وأذكر ما قيل في كل منهم من جرح و تعديل على سبيل الاختصار, وقد لا أذكر الراوي المختلف فيه
فأقول إذا كان رواة إسناد الحديث ثقات وفيهم من اختلف فيه إسناده حسن أو مستقيم أو لا بأس به, ونحو ذلك حسبما يقتضيه حال الإسناد والمتن وكثرة الشواهد
وإذا كان في الإسناد من قيل فيه كذاب أو وضاع أو متهم, أو مجمع على تركه, أو ضعفه, أو ذاهب الحديث, أو هالك أو ساقط أو ليس بشيء, أو ضعيف جدا, أو ضعيف فقط, ولم أر فيه توثيقا بحيث لا يتطرق إليه احتمال التحسين صدرته بلفظة ( روي ), ولا أذكر ذلك الراوي, ولا ما قيل فيه البتة, فيكون للإسناد الضعيف دلالتان تصدره بلفظة ( روي ), وإهمال الكلام عليه في آخره
وقد استوعبت جميع ما كان من هذا النوع في :1- كتاب موطا مالك 2- وكتاب مستند الإمام أحمد بن حنبل 3- وكتاب ( صحيح البخاري ) 4- وكتاب ( صحيحي مسلم ) 5- وكتاب ( سنن أبي داود ) 6- وكتاب ( المراسيل ) له 76- وكتاب ( جامع أبي عيسى الترمذي ) 8- وكتاب ( سنن النسائي الكبرى ), وكتاب ( اليوم والليلة ) 9- وكتاب ( سنن ابن ماجة ),10- وكتاب ( المعجم الكبير ) 11- وكتاب ( المعجم الأوسط ) 12- وكتاب ( المعجم الصغير ) والثلاثة للطبراني 13- وكتاب ( مسند أبي يعلى ) 14- وكتاب ( مسند أبي بكر البزار ) 15- وكتاب ( صحيح ابن حبان ) 16- وكتاب
( المستدرك على الصحيحين ) للحاكم أبي عبد الله النيسابوري - رضي الله عنه - أجمعين
ولم أترك شيئا من هذا النوع في الأصول السبعة, و ( صحيح ابن حبان ), و ( مستدرك الحاكم ) إلا ما غلب علي فيه ذهول حال الإملاء, أو نسيان أو كون قد ذكرت غيره, أو ما يغبى عنه(1/139)
وقد يكون للحديث دلالتان فأكثر فأذكره في باب ثم لا أعيده, فيتوهم الناظر أني تركته, وقد يرد الحديث عن جماعة من الصحابة بلفظ واحد أو بألفاظ متقاربة فأكتفي بواحد منها عن سائرها, وكذلك لا أترك شيئا من المسانيد والمعاجم إلا ما غلب علي فيه ذهول, أو نسيان, أو يكون ما ذكرت أصلح إسنادا مما تركت, أو يكون ظاهر النكارة جدا, أو قد أجمع على وضعه أو بطلانه, وأضفت إلى ذلك جملا من الأحاديث, معزوة إلى أصولها ( كصحيح ابن خزيمة) وكتب ابن أبى الدنيا, و( شعب الإيمان ) للبيهقي, وكتاب ( الزهد الكبير ) له, وكتاب ( الترغيب والترهيب ) لأبي القاسم الأصبهاني (1), وغير ذلك كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى
واستوعبت جميع ما في كتاب أبي القاسم التيمي مما لم يكن في الكتب المذكورة, وهو قليل, وأضربت عن ذكر ما فيه من الأحاديث المحققة الوضع, وإذا كان الحديث في الأصول السبعة لم أعزه إلى غيرها من المسانيد والمعاجم, إلا نادرا لفائدة طلبا للاختصار, وقد أعزوه إلى ( صحيح ابن حبان), و ( مستدرك الحاكم ) إن لم يكن متنه في الصحيحين
وأنبه على كثير مما حضرني في حال الإملاء مما تساهل أبو داود في السكوت عن تضعيفه, أو الترمذي في تحسينه, أو ابن حبان والحاكم في تصحيحه, لا انتقادا عليهم - رضي الله عنهم - ,بل مقياسا لمتبصر في نظائرها من هذا الكتاب, وكل حديث عزوته إلى أبي داود وسكت عنه فهو كما ذكره أبو داود, ولا ينزل عن درجة الحسن, وقد يكون على شرط الصحيحين
__________
(1) - هو الشيخ الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي الأصبهاني الشافعي المعروف بقوام السنة المتوفى سنة 535هـ , وكتابه ( الترغيب والترهيب ) طبع في دار الحديث مصر 1414هـ في (3 ) مجلدات بتحقيق ( أيمن شعبان ) وهو كتاب مسند, عدد أحاديثه ( 2520 ) حديثا(1/140)
وأنا أستمد العون على ما ذكرت من القوي المتين, وأمد كف الضراعة إلى من يجيب دعوة المضطرين, أن ينفع به كاتبه وقارئة ومستمعه, وجميع المسلمين, وأن يرزقني الإخلاص ما يكون كفيلا لي في الآخرة بالخلاص, ومن التوفيق ما يدلني على أرشد طريق, وأرجو منه الإعانة على حزن الأمر وسهله, وأتوكل عليه, وأعتصم بحبله, وهو حسبي ونعم الوكيل
ثم بعد تمامه رأيت أن أقدم فهرست ما فيه من الأبواب والكتب ليسهل الكشف على من أراد شيئا من ذلك والله المستعان (1)
جامع المسانيد لأبي المؤيد الخوارزمي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على سيدنا محمد وأله وصحبه أجمعين, يقول أضعف عباد الله تعالى و أحقرهم, وأحوجهم إلى عفوه وأفقرهم, محمد بن محمود العربي محتدا, الخوارزمي مولدا
__________
(1) - طبع في مكتبة مصطفى البابي الحلبي بمصر 1954 في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( مصطفى محمد عمارة ) ثم صور في دار الكتب العلمية 1986, ثم طبع في دار الحديث بمصر1994 بتحقيق( ايمن صالح شعبان ) وعدد أحاديثه ( 5532 ) حديثا, وعليه ( تعليقة ) لبرهان الدين أبي إسحاق إبراهيم بن محمد الشافعي المشهور بالناجي, وقد سماها ( عجالة الإملاء المسيرة من التذنيب, على ما وقع للحافظ المنذري من الوهم وغيره في كتاب الترغيب والترهيب ) وقد طبعت بدون تحقيق في دار الحديث مصر 1994 في مجلد واحد ألحق بكتاب ( الترغيب والترهيب ), ثم طبع في دار المعارف 1999 في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( إبراهيم بن حماد الريس ) و( محمد بن عبد الله بن علي القناس )
والمنذري هو الحافظ الكبير الإمام الثبت شيخ الإسلام زكى الدين أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري الشامي ثم المصري قرأ القرآن وتأدب وتفقه ثم طلب هذا الشأن وبرع فيه وعمل معجمه في مجلد, واختصر ( صحيح مسلم ) و ( سنن أبي داود ), وصنف في المذهب, توفى سنة 656هـ ( تذكرة الحفاظ ) للذهبي(4\1437\1144)(1/141)
الحمد لله الذي سقانا بطوله أصفى شرائع, وكسانا بفضله من أصفى المدارع الروائع, وأطلع وهو مطلع دراري شرائفها من شرف المطالع, سيد الأصفياء, و خاتم الأنبياء, وشفيع الأمم يوم الجزاء, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أنجم الظلماء, وسيوف الاولياء, وحتوف الأعداء
وبعد : فإن الله تعالى فضل نبينا على سائر الأنبياء, فجعل في أمته مجتهدين علماء, متبحرين فقهاء, على ما وصفهم عليه الصلاة والسلام, فقال : ( فقهاء كأنهم من الفقه أنبياء ), وقال تعالى : ( إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) (فاطر:28), وقد شرفهم الله تعالى بالثناء عليهم في مواضع من التنزيل, وجعلهم بلسان نبيه كأنبياء أهل التوراة والإنجيل, فقال عليه الصلاة والسلام: ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل ) (1)
__________
(1) - السيوطي في (الدرر): لا أصل له، وقال في (المقاصد) قال شيخنا (يعني ابن حجر): لا أصل له، وقبله الدميري, و الزركشي، وزاد بعضهم : ولا يعرف في كتاب معتبر، اهـ من (كشف الخفا) للعجلوني(1/142)
كان أسبقهم اجتهادا, وأطيبهم اعتقادا, و أبينهم رشادا, وأقومهم طريقا وسدادا, إمام الأئمة, وسراج هذه الأمة, أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي رضي الله تعالى عنه, فحط عن وجه الشريعة لثام الإنكتام, وكشف عن جبين الفقه غمام الظلام, قدم حلوق علماء عصره بقدام الإفحام, وأرسى قدمه في مزالق الأقدام, وبذل مجهوده في أحكام الأحكام, فمن بعده يغوصون في عمان النعمان, فيستخرجون منه درر فوائده, ويرتضعون أصفى درر فرائده, ويتناولون أشهى أغدية الدقائق من موائده, فمن استطعمه واستعظمه فقد تناول حلالا, وجعل الناس له في الفقه عيالا, مثل الإمام المعظم, و الصدر المفخم, الشافعي المطلب,ي ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم - , ورضي عنه حيث قال : ( الناس عيال ابي حنيفة في الفقه ), وقد نظم هذا المعنى أخطب الخطباء شرقا وغربا, أبو المؤيد المكي الخوارزمي, على ما أنشدني الصدر الكبير شرف الدين أحمد بن مؤيد بن موفق المكي بخوارزم, قال : أنشدني جدي الصدر العلامة أخطب خطباء الشرق والغرب, صدر الأئمة أبو المؤيد موفق بن أحمد المكي الخوارزمي لنفسه في عدة أبيات له يمدح بها أبا حنيفة رضي الله تعالى عنه
أئمة هذه الدنيا جميعا *** بلا ريب عيال أبي حنيفة
وقد بلغ الله تعالى مذهبه حيث أشرقت أنوار الصباح, وانسحبت أذيال الرياح, من حيث مدت الشمس جناحيها إلى أن ضمتها للوقوع في أفق الغروب, فثوى على مذهبه وطريقته ومحبته أكثر أهل الإسلام من أهل المشرق والسند والهند والروم, وطائفة من أهل العراق والشام, على رغم حاسد, منكر لتقدمه بغيا وعدوانا وجاحد(1/143)
وقد سمعت بالشام عن بعض الجاهلين مقداره أنه ينقصه ويستصغره, ويستعظم غيره ويستحقره, وينسبه إلى قلة رواية الحديث, ويستدل باشتهار ( المسند ) الذي جمعه أبوالعباس محمد بن يعقوب الأصم للشافعي - صلى الله عليه وسلم - , و( موطأ ) الإمام مالك, و( مسند ) الإمام أحمد رحمهم الله تعالى, وزعم أنه ليس لأبي حنيفة رحمه الله مسند, وكان لا يروي إلا عدة أحاديث, فلحقتني حمية دينية ربانية, وعصبية حنفية نعمانية, وأردت أن أجمع بين خمسة عشر من مسانيده التي جمعها له فحول علماء الحديث
الأول : مسند له جمعه الإمام الحافظ أبو محمد عبدالله بن محمد بن يعقوب بن الحارث الحارثي البخاري المعروف بعبدالله الأستاذ رحمه الله رحمة واسعة (1)
__________
(1) - هو عبد الله بن محمد بن الحارثي السبذموني نسبة إلى قرية من قرى بخارى, قال الذهبي في ( الميزان )(4571) : عرف بالأستاذ أكثر عنه أبو عبد الله بن منده وله تصانيف, قال ابن الجوزي : قال أبو سعيد الرواس: يتهم بوضع الحديث, وقال أحمد السليماني : كان يضع هذا الإسناد على هذا المتن وهذا المتن على هذا الإسناد, وهذا ضرب من الوضع, وقال حمزة السهمي سألت أبا زرعة أحمد بن حسين الرازي عنه, فقال: ضعيف وقال الحاكم : هو صاحب عجائب وأفراد عن الثقات, وقال الخطيب : لا يحتج به, وقال الخليلي: يعرف بالأستاذ, له معرفة بهذا الشأن, وهو لين, ضعفوه, حدثنا عنه الملاحمي و أحمد بن محمد البصير بعجائب.اهـ واختصر مسنده هذا القاضي صدر الين موسى بن زكرياء الحصكفي المتوفى سنة 650هـ ثم رتبه الشيخ محمد عابد السندي المتوفى سنة 1257هـ على أبواب الفقه, وشرحه الشيخ محمد حسن الإسرائيلي السنبلي الهندي المتوفى سنة 1305ه’ شرحا بسيطا , قال ابو الوفاء الأفغاني: مفيد جدا(1/144)
الثاني : مسند له جمعه الإمام الحافظ ابوالقاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد العدل رحمه الله تعالى (1)
الثالث : مسند له جمعه الإمام الحافظ ابوالخير محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى بن محمد رحمه الله تعالى (2)
الرابع : مسند له جمعه الإمام الحافظ أبونعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد الأصفهاني رحمه الله تعالى (3)
الخامس : مسند له جمعه الشيخ الإمام الثقة العدل أبو بكر بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري رحمه الله تعالى (4)
__________
(1) - هو الشيخ العالم الأخباري المؤرخ أبو القاسم طلحة بن محمد ابن جعفر الشاهد البغدادي المقرئ, سمع من عمر بن أبي غيلان وأبي القاسم البغوي وعدة, وحدث عنه عبيد الله بن احمد الأزهري وأبو محمد الخلال وأبو القاسم التنوخي و آخرون صنف كتاب ( أخبار القضاة ) ضعفة الأزهري, وقال ابن أبي الفوارس : كان يدعو إلى الإعتزال توفي سنة 380 هـ ترجمته في ( سير أعلام النبلاء )(16\286)
(2) - هو الشيخ الحافظ المجود محدث العراق أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى بن محمد البغدادي سمع من ابي بكر بن الباغندي وابي القاسم البغوي ومحمد بن جرير الطبري وابي جعفر الطحاوي ا وطبقتهم
وتقدم في معرفة الرجال وجمع وصنف وعمر دهرا وبعد صيته واكثر الحفاظ عنه مع الصدق والاتقان توفي سنة 379هـ ترجمته في (سير أعلام النبلاء)(16\418)
(3) - هو الامام الحافظ الكبير صاحب ( حلية الاولياء ) المتوفى سنة 430 هـ
(4) - هو القاضي أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري البغدادي الحنبلي البزاز مسند العراق ويعرف بقاضي المارستان, حضر أبا إسحاق البرمكى وسمع من علي بن عيسى الباقلاني وأبي محمد الجوهري وأبي الطيب الطبرى و طائفة, وتفقه على القاضي أبي يعلى, وبرع في الحساب والهندسة, وشارك في علوم كثيرة وانتهى إليه علو الإسناد في زمانه, توفى 535هـ ترجمته في ( العبر في خبر من غبر )(4\97)(1/145)
السادس : مسند له جمعه الإمام الحافظ صاحب الجرح والتعديل أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني رحمه الله تعالى (1)
السابع : الثاني: مسند له جمعه الإمام الحسن بن زياد اللؤلؤي رحمه الله تعالى (2)
الثامن : مسند له جمعه الإمام الحافظ عمر بن الحسن الأشناني رحمه الله تعالى (3)
التاسع : مسند له جمعه الحافظ الإمام أبوبكر أحمد بن محمد بن خالد بن خلي الكلاعي رحمه الله تعالى (4)
__________
(1) - هو الحافظ الكبير صاحب كتاب (الكامل في الضعفاء) المتوفى سنة 365هـ
(2) - هو العلامة فقيه العراق أبو علي الحسن بن زياد الأنصاري مولاهم الكوفي اللؤلؤي صاحب أبي حنيفة نزل بغداد وصنف و تصدر للفقه, لينه ابن المديني, وطول ترجمته الخطيب, مات سنة 204هـ , ترجمته في (السير)(9\543)
(3) - هو القاضي ابن الأشناني أبو الحسين عمر بن الحسن ببغداد روى عن محمد بن عيسى بن حبان المدائني وابن أبي الدنيا وعدة, ضعفه الدارقطني توفي سنة 339 ترجمته في (العبر في خبر من غبر)(2/ص256)
(4) - قال أبو الوفا الأفغاني في مقدمة ( الآثار لأبي يوسف)(د): صنف محمد بن خالد الوهبي مسندا ثم جاء أبوبكر أحمد بن محمد بن خالد بن خلي الكلاعي فرواه عن أبيه عن جده عن محمد بن خالد الوهبي, فنسب إليه وقيل له ( مسند الكلاعي )
ومحمد بن خالد الوهبي, ارتحل وحمل عن إسماعيل بن أبي خالد وأبي حنيفة وابن جريج وعدة, وعنه عمرو بن عثمان و كثير بن عبيد وأهل حمص, قال أبو داود:: لا بأس به, مات قبل المئتين, أخرج له أبو داود وابن ماجة, ترجمته في (السير)(9\541)(1/146)
العاشر : مسند له جمعه الإمام الحافظ أبو عبدالله محمد بن الحسين بن محمد ابن خسرو البلخي رحمه الله تعالى (1)
الحادي : عشر مسند له جمعه الإمام أبو يوسف القاضي يعقوب بن إبراهيم الأنصاري رحمه الله تعالى, ورواه عنه, يسمى ( نسخة أبي يوسف ) (2)
الثاني عشر : مسند له جمعه الإمام محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله تعالى, ورواه عنه, ويسمى ( نسخة محمد )
الثالث عشر : مسند له جمعه ابنه الإمام حماد بن أبي حنيفة, وراوه عن أبيه رضي الله عنهما (3)
__________
(1) - قال الحافظ في ( اللسان )( 1218): الحسين بن محمد بن خسرو البلخي محدث مكثر, أخذ عنه ابن عساكر, كان معتزليا انتهى ( أي كلام الذهبي في الميزان ) , ورأيت بخط هذا الرجل جزءا من جملته نسخة رواها عن علي بن محمد بن علي بن عبيد الله الواسطي ثنا أبو بكر محمد بن عمر بجامع واسط ثنا الدقيقي عن يزيد بن هارون عن حميد عن أنس, والنسخة كلها مكذوبة على الدقيقي فمن فوقه ما حدثوا منها بشيء, وما أدري هي من صنعة الحسين أو شيخه, أو شيخ شيخه, وذكره ابن أبي طي في ( رجال الشيعة ) وقال : صنف مناقب أهل البيت وكلام الأئمة, وروى عن طراد الزينبي ودونه, وهو الذي جمع ( مسند الإمام أبي حنيفة ) وأتى فيه بعجائب.انتهى بتصرف وقيل: إن مسنده أوفى المسانيد جمعا وللحافظ القاسم بن قطلوبغا عليه إملاء في مجلدين
(2) - القاضى أبو يوسف واسمه يعقوب بن إبراهيم الكوفى قاضى القضاة وهو أول من دعى بذلك تفقه على الإمام أبي حنيفة وسمع من عطاء ابن السائب وطبقته توفي سنة 1182هـ ترجمته في ( العبر في خبر من غبر )(1\284), طبع في دار الكت العلمية مصورا عن طبعة هندية بتحقيق الشيخ (أبي الوفاء الأفغاني وعدد احاديثه ( 1067) حديثا
(3) - الفقيه حماد بن أبي حنيفةقال الذهبي: كان ذا علم ودين وصلاح وورع تام, له رواية عن أبيه وغيره, حدث عنه ولده الإمام إسماعيل بن حماد قاضي البصرة, توفي كهلا سنة 176هـ(1/147)
الرابع عشر : مسند له جمعه الإمام محمد بن الحسن معظمه عن التابعين, ورواه عنه, يسمى ( الآثار ) (1)
الخامس عشر : مسند له جمعه الإمام الحافظ ابوالقاسم عبدالله بن محمد بن أبي العوام السغدي رحمه الله (2)
فاسوفقت الله تعالى واستخرته في جمع هذه المسانيد, على ترتيب أبواب الفقه في أقرب حد, ونظمها في أقصر عقد, بحذف المعاد, وترك تكرير الإسناد, إلا إذا كان الحديث الواحد مشتملا على مسائل أبواب مختلفة, أو اختلفت أسانيده, ليغلب بحجته العالم المساعد, ويدحض شبهة الجاهل المعاند, ويستيقن مصداق قول عبدالله بن المبارك رحمه الله تعالى حين سمع طعنا في أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه فقال منشدا هذين البيتين المكرمين:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه *** فالقوم له أعداء وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها *** حسدا وبغضا إنه لذميم
__________
(1) - قاضي القضاة وفقيه العصر أبو عبد الله محمد بن الحسن الشيباني مولاهم الكوفي المنشأ ولد بواسط وعاش سبعا و خمسين سنة وسمع أبا حنيفة ومالك بن مغول وطائفة وكان من أذكياء العالم, قال أبو عبيد ما رأيت أعلم بكتاب الله منه, توفي سنة 189هـ, ترجمته في ( العبر في خبر من غبر )(1\302) قال الأفغاني: شرح كتاب الآثار هذا بعض فضلاء الهند شرحا حسنا جليلا لم ير مثله, ولم يطبه بعد, وترجم رجاله الحافظ العسقلاني في مجلد سماه (الإيثار بمعرفة رواه الآثار) اهـ وطبع ( الإيثار ) للحافظ طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1411هـ بتحقيق (أبي مصعب محمد سعيد البدري ) وعدد رجاله (247) رجلا(1/148)
وأردت أن أجمع هذه المسانيد في أربعين بابا, على ترتيب المختصر, مبوبة رجاء مثوبة, في ذلك ماثورة مروية, رواها عبدالله بن عباس, وعبدالله بن عمر, وأبو سعيد, وأبو هريرة, وأبو الدرداء, وأنس بن مالك رضوان الله عليهم أجمعين بألفاظ مختلفة المباني, متقاربة المعاني, صلى الله عليه وآله وسلم لمن ينقل عنه أربعين حديثا, ويحفظ على أمته أربعين حديثا, (ثم أسند عدة روايات لحديث : ( من حفظ على أمتي اربعين حديثا... الحديث )(1/149)
فأقول وبالله التوفيق, وهو حسبي ونعم الوكيل, الباب الأول في ذكرر شيء من فضائله التي تفرد بها إجماعا, و الباب الثاني في ذكر طرقنا في هذه المسانيد إلى أصحابها, الباب الثالث فيما يتعلق بالإيمان مما لا يذكر في الفقه غالبا, الباب الرابع في الطهارة, الباب الخامس في الصلاة, الباب السادس في الزكاة, الباب السابع في الصوم, الباب الثامن في الحج, الباب التاسع في البيوع, الباب العاشر في الصرف, الباب الحادي عشر في الرهن, الباب الثاني عشر في الحجر, الباب الثالت عشر في الإجارات, الباب الرابع عشر في الشفعة, الباب الخامس عشر في المضاربة والشركة, الباب السادس عشر في الكفالة, الباب السابع عشر في الصلح, الباب الثامن عشر في الهبة, الباب التاسع عشر في الغصب, الباب العشرون في القرض والوديعة والعارية, الباب الواحد والعشرون في المأذون, الباب الثاني والعشرون في المزارعة و المساقاة, الباب الثالث والعشرون في النكاح, الباب الرابع و العشرون في الطلاق, الباب الخامس والعشرون في النفقات, الباب السادس والعشرون في العتاق, الباب السابع والعشرون في المكاتب, الباب الثامن والعشرون في الولاء, الباب التاسع والعشرون في الجنايات, الباب الثلاثون في الحدود, الباب الواحد والثلاثون في السرقة, الباب الثاني الثلاثون في الأضحية والصيد والذبائح, الباب الثالث والثلاثون في الأيمان, الباب الرابع والثلاثون في الدعوى, الباب الخامس والثلاثون في الشهادات, الباب السادس والثلاثون في أدب القاضي, الباب السابع و الثلاثون في السير, الباب الثامن والثلاثون في الحظر والإباحة, الباب التاسع والثلاثون في الوصايا والمواريث, الباب الأربعون في معرفة مشائخ هذه المسانيد على حروف المعجم وفي هذا الباب فصول:
فصل في معرفة أصحاب رسول لله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الذين لهم ذكر في هذه المسانيد(1/150)
فصل في معرفة مشائخ أبي حنيفة من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم - أجمعين ويقرب عددهم من ثلاث مائة شيخ
فصل في معرفة اصحاب أبي حنيفة الذين رووا عنه في هذا الكتاب, وهم خمس مائة أو يزيدون, وفيه ذكر من روى عنه الإمام المعظم الشافعي - رضي الله عنه - في ( مسنده ) الذي جمعه أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم, وجميع مشائخه فيه من أصحاب أبي حنيفة وغيرهم, اثنان وعشرون شيخا, وفيه ذكر من روى عنه الإمام أحمد بن حنبل والبخاري ومسلم وشيوخهم من أصحاب ابي حنيفة \ فصل في معرفة أصحاب هذه المسانيد \فصل في معرفة غيرهم من مشائخ هذه المسانيد (1)
جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن للحافظ عماد الدين ابن كثير الدمشقي
__________
(1) - طبع (جامع المسانيد) في مجلدين في دار الكتب العلمية بدون تاريخ ولا تحقيق, والخوارزمي هو محمد بن محمود أبو المؤيد الخوارزمي, فقيه حنفى، ينعت ( بالخطيب ). ولد وعاش بخوارزم ، وحج وجاور ، و عاد عن طريق مصر فدمشق ، ونزل ببغداد فدرس بها إلى أن مات . له ( جامع مسانيد الامام أبى حنيفة - ط ) جزآن ترجمته في (الفوائد البهية)(2\132)(1/151)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب والحكمة, وأرسله للعالمين رحمة, فمن قبلها فيا لها من نعمة, ومن ردها وبدلها صارت الرحمة نقمة, أحمده على أن جعلنا من خدام السنة, القائدة لخادمها إلى سبيل الجنة, حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, باقيا على الدوام ما تعاقبت الليالي والجمع والشهور والأعوام, و أشهد أن لا إله الله, وحده لا شريك له, لا ولد له, ولا صاحبة من الأنام, صلاة مبوئة قائلها مخلصا دار السلام و مزحزحة معتقدها عن النار ذات الآلام, ومبيضة وجه قائلها يوم تبيض وجوه المؤمنين, وتسود وجوه الكافرين اللئام, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله, وحبيبه وخليله, سيد ولد آدم في الدارين, ورسول الله إلى الثقلين, المبعوث من الحرمين إلى من بين الخافقين, خاتم النبيين, وإمام المتقين, ومختار رب العالمين, وسيد المرسلين, الذي لا نبي بعده ولا رسول, الدائم الشريعة فلا تحول لا تزول
فصلوات الله تعالى وسلامه الأتمان الأكملان, الأدومان المستمران إلى يوم نصب الميزان, وبروز النيران, وتزخرف الجنان على سيدنا محمد النبي الأمي العربي القرشي الهاشمي المكي الأبطحي ثم المدني, نبي التوبة, ونبي الرحمة, ونبي الملحمة, و العاقب والماحي, والخاتم لجميع الأنبياء والمرسلين, الذي جمع فيه محاسن من كان قبله, واختص بفضائل لم تكن في غيره, فلهذا نسخ الله بما شرع له جميع الشرائع المتقدمة, ولم يقبل بعد بعثه من أحد من سائر الأديان عملا إلا على ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من الدين القويم والشرع العظيم(1/152)
قال الله تعالى في كتابه المبين: ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ)(آل عمران:81)
قال ابن عباس - رضي الله عنه - : ( ما بعث الله نبيا إلا اخذ عليه الميثاق لئن بعث محمد وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه)
رواه البخاري إمام المحدثين, وقال الله تعالى وهو أصدق القائلين: ( وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85)
ولما كان صلوات الله وسلامه عليه في غاية الكمال خلقا وخلقا وشرعا, أنزل عليه الكتاب الكريم, وهو القرآن العظيم الذي هو أعظم البراهين, إذ كان تنزيل العزيز الرحيم, وأنطقه الله بما أفهمه منه من الحكمة, وهي السنة المأثورة عنه قولا وفعلا, وتقريرا فصلا, غير أنها لا تبلي ولكن تحفظ وتروى, كما ضبطها المحفوظون من أصحابه, سفرا وحضرا, و ليلا ونهارا, وسرا وجهارا, وسألوا أزواجه أمهات المؤمنين عما كان يعانيه عندهن من أمور الدين, وعن صلواته في خلواته, وعن قيامه في الليل البهيم, فبين ذلك للأمة أتم تبيين, وضبطن ذلك أتم ضبط, وحفظ متين, ولا سيما الصديقة بنت الصديق, حبيبة حبيب الله, المبرأة من فوق سبع سماوات, عائشة أم المؤمنين, كما بسطنا ذلك في مسندها رضي الله عنها وعنهن وعنهم أجمعين
ولهذا لم تحتج أمته إلى نبي بعده, كما كانت الأمم قبلها, لا يخلو زمان عن نبي, أو أكثر يسددون أحكام كتابهم و يرشدونهم إلى ما ينفعهم في هذه الحياة الدنيا ويوم مآبهم(1/153)
قال الله تعالى وبه يؤمن المؤمنون: ( إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا و َالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) (المائدة:44)
فقال : ( بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ ) فوكل حفظ التوراة إليهم, فلهذا دخلها بعد أنبيائهم التحريف والتبديل و التأويل, ثم أضيف إلى ذلك كله النسخ, فلا يجوز الحكم به ولا التحاكم إليها, ولا الاعتماد عليها بعد نزول القرآن العظيم المهيمن عليها, وعلى ما قبلها وبعدها من الكتب السماوية, الناسخ لما فيها إلا ما قرر منها, فان الصحيح أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم ينسخ, كما هو المنصوص في الأصول, كما تقرر بالمنقول والمقبول
وقال الله تعالى وهو الذي يفرده بالعبادة الموحدون (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)
فتكفل تعالى بحفظ كتابه العزيز, فلهذا لم يهمل منه كلمة, بل حفظه الصحابة - رضي الله عنهم - من الرسول حرفا حرفا,فيما يجهر فيه من الصلوات وما يخفى, ومن خطبه ومواعظه المتكررة مئينا وألفا
فكان منهم من جمعه كله في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أنصاري ومهاجري, ومنم من قرأ أكثره وأقل من ذلك, كل بحسبه, فكان منهم من أودعه صدره, ومنهم من ضبطه بكتبه(1/154)
وقد ورد في حديث ( من كتب عني شيئا من القرأن فليمحه ) (1), خشية أن يذهب شيء من القرآن, أو يختلط بغيره بحسب أن ذلك جائز, ثم لما قاتل الصحابة أهل الردة, وأصحاب مسيلمة, وقتل منهم نحو الخمسمائة أشار الفاروق على الصديق بجمع القرآن, خشية أن يذهب شيء من القرآن بقتل بعض القراء
فأمر زيد بن ثابت الأنصاري فتتبع القرآن يجمعه من صدور الرجال, ومن الجريد, والقحاف وألواح الأكتاف, فلم يترك منه آية إلا جمعها, ولاشاذة ولا فاذة إلا وجمعها, فكان ذلك في صحف مطهرة مكرمة, معظمة أيامي الصديق والفاروق, قلما كان عثمان بن عفان استدعى بتلك الصحف من عند أم المؤمنين حفصة, ورتب سورها على العرضة الأخيرة, التي عرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جبريل, في آخر سنينه السنية, فإنه كان يعارضه بما أوحاه إليه في كل رمضان مرة, فلما كان آخر رمضان صامه الذي أنزل عليه فيه القرآن عارضه مرتين, فكان ذلك إشارة إلى انقضاء عمر سيد الثقلين
فكتبه أمير المؤمنين عثمان بن عفان على العرضة الأخيرة منهما, وألزم الناس أن يقرؤوا على رسم ما رسمه في المصحف الإمام, ونفذ به نسخا إلى بقية الأمصار الكبار, ليقتدي بها الأنام ما بقيت الأيام
فقابلت الأمة ذلك بالسمع والطاعة, وأحرقوا عن أمره بقية المصاحف المخالفة لتلاوة الجماعة, وكانوا قد تباينت تلاوتهم, وخطأ بعضهم بعضا, حتى كثرت القالة والشناعة, فأشار حديفة بن اليمان على عثمان بما اعتمده من هذا الصنيع, الذي لم يسبق إليه, ولا يلحق فيه, وقد أمر بمتابعته والاقتداء به صاحب الشفاعة, وود علي بن أبي طالب في أيامه أن لو كان صاحب ذلك لو قدر له, أو قدر عليه, وقد بسط بفضل عثمان كف الضراعة, وقد اخذ التابعون لهم بإحسان عنهم تلاوة القرآن, قرنا بعد قرنا, وجيلا بعد جيل, وخلف بعد سلف إلى هذا الأوان
__________
(1) - أخرجه مسلم ( 72 ) من حديث أبي سعيد الخدري(1/155)
وقد تكلمنا على ما يتعلق بالقراءات السبع في أول كل سورة, وجزء جزء وسبع, في أوائل كتابنا ( التفسير ), بما فيه كفاية بكل فاضل نحرير
ولا تزال طائفة من أمته ظاهرين بالحجة على سائر الخلق بالحق, متمسكين بسنته الواردة عنه المتلقاة منه, حافظين لها, معولين عليها, حافظين لأسانيدها, وألفاظ متون سنتها وأسانيدها, عالمين بأحوال رجالها, من ثقاتها وضعفائها, ومن ينسب منهم إلى بدعة, أو جرحة, أو سوء حفظ, أو عدم ضبط أو تعمل أو كذب أو وضع أو زندقة أو انحلال أو متأول في كذبه بنوع قربة, وهو مخطئ في ذلك, كما هو مبسوط في كتب الأسماء والرجال والتواريخ وأيام الناس
وقد جمعت في ذلك كتابا حافلا, كافيا كاملا, جامعا لأشتات ما تفرق في غيره, وسميته : ( بالتكميل في معرفة الثقات و الضعفاء والمجاهيل ) (1) في عدة عشر مجلدات, هو كالمقدمة بين يدي كتابي هذا, الذي جمعته أيضا من كتب الإسلام المعتمدة في الأحاديث الواردة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ومن ذلك الكتب الستة, وهي: الصحيحان : البخاري, ومسلم, والسنن الأربع لأبى داود, والترمذي, و النسائي, و ابن ماجة, ومن ذلك مسند الإمام أحمد, ومسند أبي بكر البزار, ومسند الحافظ أبي يعلى الموصلي, والمعجم الكبير للطبراني, رحمهم الله , فهذه عشرة كاملة
__________
(1) - ذكره في (كشف الظنون)(1\471) وسماه ( التكملة ), قال ابن العماد في (الشذرات)(6\231) : اختصر (تهذيب الكمال) وأضاف إليه ما تأخر في ( الميزان ) سماه ( التكميل ).اهـ وهو مخطوط في دار الكتب المصرية رقم ( 24227 ) في مجلدين, و هي نسخة ناقصة(1/156)
أذكر في كتابي هذا مجموع ما في هذه العشرة, وربما زدت عليها من غيرها, وكلما يخرج من الأحاديث مما يحتاج إليه في الدين, وهذه الكتب العشرة تشتمل على أربى من مائة ألف حديث بالمكررة, وفيها الصحيح ولحسن والضعيف و الموضوع أيضا, وتشتمل على أحاديث كثيرة في الأحكام وفي التفسير وفي التواريخ والرقائق والفضائل, وغير ذلك من فنون العلم, كما قد نبه على ذلك الإمام البخاري في كتابه ( الجامع ), وفتح أبواب الهدى, وأرشد إلى مسالك النجاة, وترجم كتبا وأبوابا دلت على فقه نفس عظيم, وعلى همة سامية, شاهقة إلى نيل المعالي, وفي سائر العلوم الشرعية, و على اطلاع عظيم من السنة النبوية, والأحاديث المصطفوية, فرحمه الله من إمام كما جعل له لسان في هذه الأمة والأنام, ولكن قل ما يدخل في مصنفه من هذه الأحاديث, لما شرطه في صحيحه من الشرط الذي ضاق.
وتوسع مسلم بن الحجاج بعده في الشرط بالغ في المناظرة والحجاج, ومع هذا بقي عليه أحاديث أخر, لم يطلع عليها, و هي على شرطه, كما ستراها في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى
وقد وضعت كل حديث مما يتعلق بالأحكام والتفسير والتاريخ في كتبها الثلاثة (1), ولله الحمد والمنة
وما كان فيه وهن شديد بينته, وموضع تحرير ذلك وتقريره والتفسير عنه في كتابي ( الأحكام الكبرى )
__________
(1) - الكتاب الأول هو ( الأحكام الكبير ) له, وهو كتاب كبير لم يكمله, وصل فيه إلى كتاب الحج, ذكره في (البداية والنهاية)(ص 2\154و 4\340و 5\166و مواضع أخرى منه ), قال الحافظ في ( الدرر الكامنة )(1\445) شرع في كتاب كبير في الأحكام, لم يكمل .اهـ, والكتاب الثاني هو ( تفسير القران العظيم ) وهو مشهور متداول, والكتاب الثالث هو تاريخه المسمى ( البداية و النهاية ) وهو مطبوع كذلك(1/157)
وسميت كتابي هذا ( جامع المسانيد والسنن الهادي لأقوم سنن ) وهو المسند الكبير, وشرطي فيه أني أترجم كل صحابي له رواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , مرتب على حروف المعجم, وأورد له جميع ما وقع له في الكتب, وما تيسر لي من غيرها, وبالله أستعين وعليه أتوكل واليه أنيب (1)
مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي
__________
(1) - طبع في دار الفكر ودار الكتب العلمية 1994 في (37) مجلدا بتحقيق (د.عبد المعطي قلعجي), ودار خضر بيروت بتحقيق (د.عبد الملك بن عبد الله دهيش) في ( ) مجلدا
قال في (كشف الظنون)(1\573), وقال: وهو كتاب عظيم جمع فيه بين أحاديث الكتب العشرة في أصول الاسلام أعني الستة والمسانيد الاربعة اهـ
قال الحافظ ابن حجر في كتاب (إنباء الغمر)(1\13): لما رتب الحافظ شمس الدين بن المحب المعروف بالصامت (مسند أحمد) على ترتيب حروف المعجم حتى في التابعين المكثرين عن الصحابة أعجب ابن كثير فاستحسنه، ورأيت النسخة بدمشق بخط ولده عمر فألحق ابن كثير ما استحسنه في الهوامش من الكتب الستة ومسندي (أبي يعلى) و(البزار) ومعجمي (الطبراني) ما ليس في (المسند)، وسمى الكتاب (جامع المسانيد والسنن) وكتبت منه عدة نسخ نسبت إليه, وهو الآن في أوقاف المدرسة المحمودية، المتن ترتيب ابن المحب والإلحاقات بخط ابن كثير في الهوامش والعصافير، وقد كنت رأيت منه نسخة بيضها عمر بن العماد ابن كثير مما في المتن والإلحاق، وكتب عليه الاسم المذكور اهـ(1/158)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله نحمده ونستعينه, ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله الا الله, شهادة تكون للنجاة وسيلة, ولرفع الدرجات كفيلة, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, الذي بعثه وطرق حال الايمان قد عفت آثارها, وخبت أنوارها, ووهنت أركانها, وجهل مكانها, فشيد صلوات الله عليه وسلامه عليه من معالمها ما عفا, وشفى من الغليل في تأييد كلمة التوحيد من كان على شفا, وأوضح سبيل الهداية لمن أراد أن يسلكها, و أظهر كنوز السعادة لمن قصد أن يملكها
أما بعد: فان التمسك بهيه لا يتتب الا بالاقتفاء لما صدر من مشكاته, والاعتصام بحبل الله لا يتم لا يتم إلا ببيان كشفه, وكان كتاب ( المصابيح ) الذي صنفه الامام محيي السنة ,قامع البدعة, أبومحمد الحسين بن مسعود الفراء البغوي رفع الله درجته أجمع كتاب صنف في بابه, وأضبط لشوارد الأحاديث وأوابدها ولما سلك رضي الله عنه طريق الاختصار و حذف الأسانيد تكلم فيه بعض النقاد, وإن كان نقله -وأنه من الثقات- كالإسناد, لكن ليس ما فيه من اعلام كالاغفال, فاستخرت الله تعالى واسوفقت منه فأوردت كل حديث منه في مقر منه, فأعلمت ما أغفله, كما رواه الأئمة المتقنون, والثقات الراسخون, مثل أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري, وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري, وأبي عبدالله مالك بن أنس الأصبحي, وأبي عبدالله محمد بن إدرس الشافعي, وأبي عبدالله أحمد بن حنبل الشيباني, وأبي عيسى محمد بن سورة الترمذي, وأبي داود سليمان بن الاشعت السجستاني, وأبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب النسائي, وأبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني, وأبي محمد عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي, وأبي الحسن علي بن محمد بن عمر الدراقطني, وأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي, وأبي الحسن رزين بن معاوية العبدري, وغيرهم, وقليل ما هو(1/159)
وإني إذا نسبت الحديث إليهم كأني أسندت الى النبي - صلى الله عليه وسلم - , لأنهم قد فرغوا منه, وأغنونا عنه, وسردت الكتب والأبواب كما سرده, واقتفيت أثره فيها, وقسمت كل باب غالبا على فصول ثلاثة :
أولها ما أخرجه الشيخان, أو أحدهما و اكتفيت بهما, وإن اشترك فيه الغير لعلو درجتهما في الرواية, وثانيها ما أورده غيرهما من الائمة المذكورين, وثالثها ما اشتمل على معنى الباب من ملحقات مناسبة, مع محافظة على الشريطة, وإن كان مأثورا عن السلف والخلف
ثم إنك إن فقدت حديثا في باب فذلك عن تكرير أُسْقِطه, وإن وجدت آخر بعضه متروكا على اختصاره أو مضموما إليه تمامه فعن داعي اهتمام أتركه وألحقه, وإن عثرت على اختلاف في الفصلين من ذكر غير الشيخين في الأول و ذكرهما في الثاني فاعلم أني بعد تتبعي كتاب ( الجمع بين الصحيحين ) للحميدي, و( جامع الأصول) اعتمدت على صحيحي الشيخين ومتنيهما , وإن رأيت اختلافا في نفس الحديث فذلك من تشعب طرق الأحاديث
ولعلي ما اطلعت على تلك الرواية التي سلكها الشيخ - رضي الله عنه - , وقليل ما تجد أقول ما وجدت هذه الرواية في كتب الأصول, أو وجدت خلافها فيه , فاذا وقفت عليه فانسب القصور إلي, لقلة الدراية, لا إلى جناب الشيخ رفع الله قدره في الدارين, حاشا لله من ذلك
رحم الله من إذا وقف علىذلك نبهنا عليه,وأرشدنا طريق الصواب, ولم أل جهدا في التنقير والتفتيش بقدر الوسع و الطاقة, ونقلت ذلك الإختلاف كما وجدت في الأصول, وما أشار إليه - رضي الله عنه - من غريب أو ضعيف أو غيرهما, بينت وجهه غالبا, وما لم يشر إليه مما في الأصول, فقد قفيته في تركه, إلا في مواضع لغرض, وربما تجد مواضع مهملة, وذلك حيث لم أطلع على راويه فتركت البياض, فإن عثرت عليه فألحقه به, أحسن الله جزاءك(1/160)
وسميت الكتاب ب ( مشكاة المصابيح ), وأسأل الله التوفيق والإعانة , والهداية والصيانة, وتيسير ما أقصده, وأن ينفعني به في الحياة وبعد الممات, وجميع المسلمين والمسلمات, حسبي الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم (1)
البغية في ترتيب أحاديث الحلية للحافظ أبي الحسن الهيثمي
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين, الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات و النور, وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تقي قائلها يوم الحساب
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, الذي أخرجنا به من الظلمات إلى النور, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, صلاة تشرح الصدور, و توجب في الدنيا والآخرة السرور
وبعد : فان شيخي وسيدي شيخ الإسلام زين الدين العراقي الذي رحل إلى تصانيفه وعلومه من المشرق و المغرب, فسأله بعض طلبته جمع ما في ( حلية الأولياء ) من الحديث المرفوع لكي ينتفعوا به فيما يريدونه من التخريج وغيره, فأشار إلي بذلك, وقال لي سيدي الشيخ ولي الدين االعراقي المذكور نفعنا الله به وبعلومه: ليس في هذا تعب عليك, إنما هو مجرد ترتيب, وقد رتبته على ما أذكره, وأسأل الله النفع به وبما كتبته لي وللمسلمين آمين
__________
(1) - طبع في المكتب الإسلامي 1985 في ( 3 ) مجلدات, بتحقيق وتخريج الشيخ ( محمد ناصرالدين الألباني ) رحمه الله, وعدد أحاديثه ( 6285 ) حديثا, وفي دار الكتب العلمية وفي دار ابن حزم في ( 6 ) مجلدات تحقيق ( رمضان بن أحمد آل عوف )(1/161)
وهذه فهرسته التي رتبته عليها : 1- كتاب الإيمان 2- كتاب العلم 3- كتاب الطهارة 4- كتاب الصلاة 5- كتاب الجنائز وفيه ما يتعلق بكفارات الذنوب بالأمراض 6- كتاب الزكاة 7- كتاب الصيام 8- كتاب الحج 9- كتاب الأضاحي والعقيقة والوليمة وما يتعلق بالمولود 10- كتاب الصيد والذبائح 11- كتاب البيوع 12 كتاب الأحكام 13- كتاب الأيمان والنذور 14- كتاب العتق 15- كتاب الوصايا 16- كتاب الفرائض 17- كتاب النكاح 18- كتاب الطلاق 19- كتاب الأطعمة 20- كتاب الأشربة 21- كتاب اللباس 22- كتاب التعبير 23- كتاب الحدود والسير 24- كتاب الخلافة والإمارة 25- كتاب الجهاد 26- كتاب الفتن 27- كتاب البر والصلة 28- كتاب ذكر الأنبياء صلى الله عليهم وسلم 29- كتاب علامات رسولنا - صلى الله عليه وسلم - 30- كتاب المناقب 31- كتاب الأذكار 32- كتاب الأدعية 33- كتاب المواعظ 34- كتاب التوبة 35- كتاب الزهد 36- كتاب البعث والحشر 37- كتاب صفة النار 38- كتاب صفة الجنة وهو آخره (1)
الجامع الصغير في أحاديث البشير النذير للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي بعث في على رأس كل مائة سنة من يجدد لهذه الأمة أمر دينها، و أقام في كل عصر من يحوط هذه الأمة بتشييد أركانها وتأييد سننها وتبيينها, وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له شهادة يزيح ظلام الشكوك صبح يقينها، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله, المبعوث لرفع كلمة الإسلام وتشييدها، وخفض كلمة الكفر وتهوينها وتوهينها، صلى الله و سلم عليه وعلى آله وصحبه ليوث الغابة وأسد عرينها.
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1999 في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ) وعدد أحاديثه ( 4408 ) حديثا, و هي طبعة جيدة مخرجة ومفهرسة الأحاديث(1/162)
هذا كتاب أودعت فيه من الكلم النبوية ألوفا، ومن الحكم المصطفوية صنوفا، اقتصرت فيه على الأحاديث الوجيزة، و لخصت فيه من معادن الأثر إبريزه، وبالغت في تحرير التخريج فتركت القشر وأخذت اللباب, وصنته عما تفرد به وضاع أو كذاب, ففاق بذلك الكتب المؤلفة في هذا النوع, ( كالفائق ) (1) و ( الشهاب )، وحوى من نفائس الصناعة الحديثية مالم يودع قبله في كتاب, ورتبته على حروف المعجم, مراعيا أول الحديث فما بعده, تسهيلا على الطلاب
وسميته : ( الجامع الصغير من حديث البشير النذير ) لأنه مقتضب من الكتاب الكبير الذي سميته ( جمع الجوامع ) وقصدت فيه جمع الأحاديث النبوية بأسرها, وهذه رموزه :
__________
(1) - هو كتاب ( الفائق في اللفظ الرائق) للقاضي أبي القاسم عبد المحسن بن عثمان التنيسي جمع فيه أيضا من الألفاظ النبوية عشرة آلاف كلمة في الحكم والأمثال والمواعظ، كل كلمة منها تامة البنا وافية المعنى، محذوفة الأسانيد، في مجلد(1/163)
( خ ) للبخاري, ( م ) لمسلم, ( ق) لهما, ( د ) لأبي داود, ( ت ) للترمذي, ( ن ) للنسائي, ( ه ) لابن ماجة, ( 4 ) لهؤلاء الأربعة, ( 3 ) لهم إلا ابن ماجه, ( حم ) لأحمد في (مسنده), ( عم ) لابنه في زوائده, ( ك ) للحاكم فإن كان في (مستدركه) أطلقت, وإلا بينته, ( خد ) للبخاري في (الأدب) , ( تخ ) له في (التاريخ), ( حب ) لابن حبان في (صحيحه), ( طب ) للطبراني في (الكبير), ( طس ) له في (الأوسط), ( طص ) له في (الصغير), ( ص ) لسعيد ابن منصور في (سننه), ( ش ) لابن أبي شيبة, ( عب ) لعبد الرزاق في (الجامع), ( ع ) لأبي يعلى في (مسنده), ( قط ) للدارقطني فإن كان في السنن أطلقت, وإلا بينته, ( فر ) للديلمي في (مسند الفردوس), ( حل ) لأبي نعيم في (الحلية), ( هب ) للبيهقي في (شعب الإيمان), ( هق ) له في (السنن), ( عد ) لابن عدي في (الكامل), ( عق ) للعقيلي في (الضعفاء), ( خط ) للخطيب, فإن كان في (التاريخ) أطلقت, وإلا بينته, وأسأل الله أن يمن بقبوله, وأن يجعلنا عنده من حزبه المفلحين وحزب رسوله, آمين.(1)
زيادة الجامع الصغير للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
الحمد لله على أفضاله, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وصحبه وآله, هذا ذيل على كتابي المسمى ( بالجامع الصغير من حديث البشير النذير )
__________
(1) - قال في (كشف الظنون)(1\560), هو مجلد لخصه من كتابه( جمع الجوامع ) وعدد أحاديثه (10031) و للعلامة محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله كتاب ( صحيح الجامع الصغير وزيادته ) طبع في المكتب الإسلامي 1988 في مجلدين وعدد أحاديثه ( 8202 ) حديثا, وكتاب ( ضعيف الجامع الصغير وزيادته ) طبع في المكتب الإسلامي 1990 وعدد أحاديثه (6405) حديثا(1/164)
سميته : ( زيادة الجامع ) رموزه كرموزه, والترتيب كالترتيب, وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.(1)
جمع الجوامع أو الجامع الكبير للسيوطي
ديباجة قسم الأقوال من جمع الجوامع
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين, سبحان الله مبدي الكواكب اللوامع، ومنشي السحاب الهوامع، ومعلي السنة الشريفة وأربابها في مجامع الصدور وصدور المجامع، باعث النبي العربي بالكلم الجوامع، و الحكم الرواتع, ومؤيده بالدلائل القواطع والبراهين السواطع، فشنف بحديثه المسامع، وسيف من عانده في معارك المعامع، وقطع من أهل الشرك أعناق ومطايا المطامع، وعدهم في المآب، بالحميم والشراب، ولهم من الحديد مقاطع، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ماانهلت المنابع، وانهلت عند ذكره المدامع وسلم تسليما.
(هذا) كتاب شريف حافل, ولباب منيف رافل، بجمع الأحاديث الشريفة النبوية كامل، قصدت فيه إلى استيعاب الأحاديث النبوية, ترصدت مفتاحا لأبواب المسانيد العلية.
وقسمته قسمين الأول, أسوق فيه لفظ المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بنصه, وأطوق كل خاتم بفصه, وأتبع متن الحديث بذكر من خرجه من الأئمة أصحاب الكتب المعتبرة, ومن رواه من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين من واحد إلى عشرة, أو أكثر على عشرة, وسالكا طريقة يعرف منها صحة الحديث وحسنه وضعفه, مرتبا ترتيب اللغة على حروف المعجم, مراعيا أول الكلمة فما بعده.
__________
(1) - وقد شرح ( الزيادة ) الشيخ ( عبد الرؤوف المناوي ) في كتب سماه ( مفتاح السعادة في شرح الزيادة ) ذكره المحبي في (خلاصة الاثر)(2\413)(1/165)
ورمزت للبخاري ( خ ), ولمسلم ( م ), ولابن حبان ( حب ), وللحاكم في المستدرك ( ك ), وللضياء المقدسي في المختارة ( ض ), وجميع مافي هذه الكتب الخمسة صحيح, فالعزو إليها معلم بالصحة, سوى ما في ( المستدرك ) من المتعقب فأنبه عليه, وكذا ما في ( موطأ مالك ), و( صحيح ابن خزيمة ), وأبي عوانة, وابن السكن, و( المنتقى ) لابن الجارود, و المستخرجات فالعزو إليها معلم بالصحة أيضا, ورمزت لأبي داود ( د ), ولابن ماجه ( ه ), ولأبي داود الطيالسي ( ط ), ولأحمد ( حم ), ولزيادات ابنه عبد الله, ( عم ), ولعبد الرزاق ( عب ), ولسعيد بن منصور ( ص ), ولابن أبي شيبة ( ش ), ولأبي يعلى ( ع ), وللطبراني في الكبير ( طب ), وفي الأوسط ( طس ), وللدارقطني ( قط ), فإن كان في السنن أطلقت وإلا بينته, ولأبي نعيم في الحلية ( حل ), وللبيهقي ( ق ) فإن كان في السنن أطلقت وإلا بينته, وله في شعب الإيمان ( هب )
وهذه فيها الصحيح والحسن والضعيف فأبينه غالبا، وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن, وللعقيلي في الضعفاء ( عق ), ولابن عدي في الكامل ( عد ), وللخطيب ( خط ), فإن كان في تاريخه أطلقت, وإلا بينته, ولابن عساكر ( كر ) وكل ماعزي لهؤلاء الأربعة وللحكيم الترمذي في نوادر الأصول, أو للحاكم في تاريخه أو لابن الجارود في تاريخه أو للديلمي في مسند الفردوس فهو ضعيف, فيستغنى بالعزو إليها أو إلى بعضها عن بيان ضعفه
وإذا أطلقت العزو إلى ابن جرير فهو في تهذيب الآثار فإن كان في تفسيره أو تاريخه بينته(1/166)
وحيث أطلق في هذا القسم أبو بكر فهو الصديق, أو عمر فابن الخطاب, أو عثمان فابن عفان, أو علي فابن أبي طالب, أو سعد فابن أبي وقاص, أو أنس فابن مالك, أو البراء فابن عازب, أو بلال فابن رباح, أو جابر فابن عبد الله, أو حذيفة فابن اليمان, أو معاذ فابن جبل, أو معاوية فابن أبي سفيان, أو أبو أمامة فالباهلي, أو أبو سعيد فالخدري, أو العباس فابن عبد المطلب, أو عبادة فابن الصامت, أو عمار فابن ياسر.
والثاني ... الأحاديث الفعلية المحضة أو المشتملة على قول وفعل, أو سبب أو مراجعة, أو نحو ذلك, مرتبا على مسانيد الصحابة, على مايأتي في أول القسم الثاني.
وقد سميته : ( جمع الجوامع ), والله سبحانه أسأل المعونة على جمعه, والمن بقبوله ونفعه, فهو البر الرحيم والجواد الكريم, روى ابن عساكر في تاريخه عن أبي العباس المرادي. قال : رأيت أبا زرعة في النوم, فقلت : ما فعل الله بك ؟, قال : لقيت ربي فقال لي : يا أبا زرعة أني أوتي بالطفل فآمر به إلى الجنة فكيف بمن حفظ السنن على عبادي, تبوأ من الجنة حيث شئت (1)
وروى أيضا عن حفص ابن عبد الله قال : رأيت أبا زرعة في النوم بعد موته يصلي في سماء الدنيا بالملائكة, قلت: بما نلت هذا ؟, قال : كتبت بيدي ألف ألف حديث أقول فيها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا.اهـ (2)
ديباجة قسم الأفعال للمؤلف رحمه الله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه ثقتي، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى
__________
(1) - ( تاريخ دمشق ) لابن عساكر (38\39\4465) ترجمة عبيد الله بن عبد الواحد السلمي المعدل
(2) - ( تاريخ دمشق )(38\39)(1/167)
لما انتهى قسم الأقوال من كتاب ( جمع الجوامع ) مرتبا على حروف المعجم في أول اللفظ النبوي, أتبعته ببقية الأحاديث الخارجة عن هذه الشريطة, وهي الفعلية المحضة, أو المشتملة على فعل وقول, أو سبب أو مراجعة, أو نحو ذلك ليكون الكتاب جامعا لجميع ما هو موجود من الأحاديث النبوية, إن شاء الله، وهذا القسم مرتب على مسانيد الصحابة
باديا بالعشرة, ثم الباقي على حروف المعجم في الأسماء, ثم الكنى كذلك, ثم المبهمات, ثم بالنسب كذلك, ثم بالمراسيل, وبالله التوفيق. (1)
الجامع الأزهر من أحاديث النبي الأنور للعلامة عبد الرؤوف لمناوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل بحر السنة لا ساحل له ولا قرار, وأظهر عجز من قصد جمع الأحاديث النبوية بأسرها في كتاب وإن كان عالي المقدار, وأشهد أن لا إله إلا الله الواحد القهار, وأن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار, الذي جعل قلبه كمشكاة فيها مصباح, المصباح في زجاجة, الزجاجة كأنها كوكب دري, يوقد من شجرة مباركة, زيتونة لا شرقية ولا غربية, يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار.
وبعد : فإن الله يبعث على رأس كل قرن من يؤيد السنة وينشر أعلامها, ويجدد رسومها ويحكم حكامها, ويستخرج ما خفي منها من أماكنه, ويظهر ما تستر منها من مكامنه, وهذا علو شريف رفيع المنار, جمع من الأحاديث النبوية ألفا أو زهاء هذا المقدار, أذكر فيه كل حديث معقبا له ببيان حال راويه من الرجال, وهو من أهل الضعف والكمال,. وهذه طريقة قد اندرست, ومعالم عفت وانطمست, وأعرض عنها الطالبون, واقتصروا على منطوق المتن ومفهومه فيما يقرون ويقربون, مع أن ذاك هو الأساس الذي عليه يؤصلون ويفرعون, فإنا لله وإنا إليه راجعون
__________
(1) - طبع ( الجامع الكبير ) في مصر, ثم في دار الكتب العلمية 2001 في ( 15 ) مجلدا بتحقيق ( خالد عبدالفتاح شبل )(1/168)
فاعتنيت ببيان ذلك بصريح العبارة, لا بطريق الرمز والإشارة, وقد كنت أولا زبرت منه قطعة صالحة, ثم صبت على المصائب نثرا, والرزايا واحدة بعد أخرى, فصار مطروحا في بعض زوايا البيوت, فمضى على ذلك سنون حتى عشش عليه الحمام ونسج عليه العنكبوت, فاطلع على ذلك بعض إخوان الصفا, فألزمني بإتمام ما كتبت, وتبييض ما سودت, وإبراز ما عن الناس حجبت, فشرعت في إكماله وتهذيبه, وتبويبه وترتيبه, مع سوء الحال, وشغل البال, وفقد العينين, و شلل اليدين, غم وسقم وحزن معا, في جنان وأحشاء معا, ودمع منهمل من الأماقي, وإلى الله أشكو ما أقاسي وألاقى, إن البلاء يطاق غير مضاعف, فإذا تضاعف فهو غير مطاق
ومن البواعث على تأليف هذا الكتاب أن الحافظ الكبير الجلال السيوطي ادعى أنه جمع في كتابه ( الجامع الكبير ) الأحاديث النبوية, مع أنه قد فاته الثلث فأكثر, وهذا فيما وصلت إليه أيدينا بمصر, وما لم يصل إلينا أكثر, وفى الأقطار الخارجة عنهما من ذلك أكثر, فاغتر بهذه الدعوى كثير من الأكابر, فصار كل حديث يسأل عنه أو يريد الكشف عليه يراجع ( الجامع الكبير ) فإن لم يجده فيه غلب على ظنه أنه لا وجود له, فربما أجاب بأنه لا أصل له, فعظم بذلك الضرر لكون النفس إلى الثقة بزعمه الاستيعاب, وتوهم أن ما زاد على ذلك لا يوجد في كتاب(1/169)
فأردت التنبيه على بعض ما فاته في هذا المجموع, فما كان في ( الجامع الكبير ) أكتبه بالمداد الأسود, وما كان من المزيد فبالمداد الأحمر, أو أجعل عليه مدة حمراء, ولم أورد فيه مما في الكتب الستة إلا النادر لشهرتها, وكثرة تداولها, وسهولة الوقوف عليها, فعمدت إلى جمع الشوارد, والاعتناء بالزوائد, واعتمدت في بيان حال الأسانيد على ما حرره جدنا من قبل الأمهات, واسطة عقد الحافظ زين الدين العراقي, وولده شيخ الإسلام ولى الدين العراقي, والحافظ الكبير نور الدين الهيثمي, ومن في طبقتهم, فهم المرجع في ذلك والعمدة, وعليهم الاعتماد والعهدة, ولما تم هذا المطلب على هذا النمط الأطيب, وسميته : ( بالجامع الأزهر من حديث النبي الأنور )
وهذه رموزه ( حم ) للإمام أحمد بن حنبل, ( عم ) لابنه في الزوائد, ( طك ) للطبراني في الكبير, ( طس ) له في الأوسط, ( طص ) له في الصغير, ( طكس ) له في الكبير, والأوسط, ( طكص ) له في الكبير والصغي,ر ( طكسص ) له فى الثلاثة, ( بز ) للبزار, ( ع ) لأبى يعلى الموصلي, ( ك ) للحاكم ومن سواهم أذكره باسمه.
والله أسأل أن يصلح لي في عمله النية, ويجعله سببا لنيل السعادة الأبدية, ولا يؤاخذني بما وقع منى فيه من خلل, فإني لست بمعصوم من الزلل, وأن يدخلني الجنة برحمته, فإنه لن يدخلها أحد بعمله, فكيف ولا عمل ومنة, عزت قدرته و تعالت عظمته الإعانة والتوفيق, والهداية لأقوم طريق,. وهذا أوان الشروع في المقصود, فأقول بعون الملك المعبود, مرتبا على حروف المعجم, لكونه أسهل كشفا وأقوم, ولأن كلا من الطلاب لذلك ألف.(1)
__________
(1) - طبع ( الجامع الأزهر )في المركز العربي للبحث والنشر بالقاهرة 1980هـ, جمع فيه ثلاثين ألف حديث, وبين ما فيها من الزيادة على ( الجامع الكبير ) للسيوطي, وعقب كل حديث ببيان رتبته
والمناوي هو الشيخ العلامة زين الدين محمد عبد الرؤوف بن تاج العارفين ابن علي بن زين العابدين الحدادي ثم المناوي القاهري ،: محدث وفقيه شافعي, انزوى للبحث والتصنيف، وكان قليل الطعام كثير السهر، فمرض وضعفت أطرافه ، فجعل ولده تاج الدين محمد يستملي منه تآليفه . من كتبه ( كنوز الحقائق )، و ( فتح القدير ) و مختصره ( التيسير ) مجلدان, له نحو ثمانين مصنفا، عاش في القاهرة، توفي سنة 1031هـ(1/170)
كنوز الحقائق من حديث خير الخلائق للعلامة عبد الرؤوف لمناوي
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله الذي كسا أهل الحديث رداء الشرف في كل إقليم, ورفع شانهم وأعلى ذكرهم في كل حديث وقديم, وخصهم من بين حملة الشرع بمزيد التشريف والتعظيم, وأشهد أن لا إله الله, رب العرش الكريم, وأن محمدا عبده و رسوله الهادي إلى الصراط المستقيم, وبعد فيقول العبد الفقير القائم على قدم التقصير, عبد الرؤوف المناوي :
هذا كتاب عجاب من تأمله دخلت عليه المسرة من كل باب, جمعت فيه زهاء عشرة آلاف حديث, في عشرة كراريس, كل كراس ألف حديث, في كل ورقة مائة حديث, تقرأ بالعرض على العادة, وفي نصف العرض بالطول, ومن أعلى إلى أسفل, ومن أسفل إلى أعلى, كل نصف سطر مستقل بنفسه
ورتبته على حروف المعجم, ليسهل تناوله على العرب والعجم, مع شغل القلب بأحزان يتضاءل دونها الشوامخ, و مصائب تطيش في مقابلتها الشم الرواسخ, رماني الزمان بسهامه, وأصابني الدهر بحسامه وحمامه, والحمد لله ذي الجلال, على كل حال من الأحوال
وسميته : ( كنوز الحقائق في حديث خير الخلائق ), والمأمول من سادتنا مشايخ العصر, وجهابذة الدهر أن يسمح أحدهم بتمشيته علي متنا وإسنادا, ليكون تبصرة لهذا العاجز ولمن تبصر, و تذكرة لمن أراد أن يتنكر
وهذه رموز مخرجيه : ( خ ) للبخاري في صحيحه, ( م ) لمسلم, ( ق ) لهما, ( د ) لأبى داود, ( ت ) للترمذي, ( ن ) للنسائي ( هـ ) لابن ماجة, ( 4 ) لهؤلاء الأربعة, ( 3) لهم إلا لابن ماجة, ( حم ) للإمام أحمد في مسنده, ( ما ) للإمام مالك في الموطأ ( عم ) لابن الإمام أحمد ( ك ) للحاكم, ( خد ) للبخاري في الأدب, ( تخ ) البخاري في التاريخ, ( حب ) لابن حبان في صحيحه, ( ضا ) للضياء في المختارة, ( ط ) للطبراني, ( بز ) للبزار, ( عب ) لعبد الرزاق,(1/171)
( ش ) لابن أبي شيبة, ( ع ) لأبى يعلى الموصلي, ( قط ) للدراقطني, ( فر ) للديلمي, ( حل ) لأبي نعيم, ( هق ) للبيهقي, ( عد ) لابن عدي, ( عق ) للعقيلي, ( خط ) للخطيب, ( كر ) لابن عساكر ( قا ) لابن قانع, ( أبو ) لأبي الشيخ بن حيان, ( ض ) للقضاعي, ( سع ) لابن سعد في الطبقات, ( خر ) للخرائطي, ( طيا ) للطيالسي, ( حك ) للحكيم الترمذي في النوادر, ( نجا ) لابن النجار, ( حا ) للحارث في مسنده, ( عبد ) لعبد بن حميد, ( يا ) لابن أبي الدنيا القرشي, ( سن ) لابن السني, ( شي ر) للشيرازي, ( يه ) لابن مردويه, ( نيع ) لابن منيع, ( غز ) للغزالي, ( ضر ) لابن الضريس.
والله أسال أن يجبر كسري بحسن الخاتمة, بحق الفاتحة, وأن يجعلني من الفرقة الناجية الرابحة, بمنه وكرمه (1)
كنز العمال في السنن والأقوال للعلامة علي بن حسام الدين المتقي الهندي
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الكبير المتعال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد المتبع في الأقوال والأفعال والأحوال، وعلى سائر الأنبياء، وآله وصحبه التابعين له في كل حال.
__________
(1) - طبع في مصر 1373 بهامش ( الجامع الصغير للسيوطي ), ثم مفردا في دار الجيل, وفي مكتبة الزهراء 1985, ثم في دار الكتب العلمية 1996 في مجلدين بتحقيق ( صلاح عويضة ) وعدد أحاديثه (10943) حديثا(1/172)
أما بعد : فيقول أحقر عباد الله علي بن حسام الدين الشهير عند الناس بالمتقي: لما رأيت كتابي ( الجامع الصغير ) وزوائده، تأليفي شيخ الإسلام جلال الدين السيوطي عامله الله بلطفه ملخصا من قسم الأقوال من ( جامعه الكبير), وهو مرتب على الحروف، جمعت بينهما مبوبا ذلك على الأبواب الفقهية، مسميا الجمع المذكور ( منهج العمال في سنن الأقوال ), ثم عَنَّ لي أن أبوب مابقي من قسم الأقوال، فنجز بحمد الله وسميته ( الإكمال لمنهج العمال ), ثم مزجت بين هذين التأليفين كتابا بعد كتاب, وبابا بعد باب, وفصلا بعد فصل، مميزا أحاديث ( الإكمال ), من ( منهج العمال), ومقصودي من هذا التمييز أن المؤلف رحمه الله ذكر أن الأحاديث التي في ( الجامع الصغير ) و( زوائده ) أصح وأخصر وأبعد من التكرار، كما يعلم من ديباجة ( الجامع الصغير), فصارا كتابا سميته ( غاية العمال في سنن الأقوال), ثم عَنَّ لي أن أبوب قسم الأفعال أيضا, فبوبته على المنهاج المذكور, وجمعت بين أحاديث الأقوال والأفعال, وأذكر أولا أحاديث ( منهج العمال )، ثم أذكر أحاديث ( الإكمال )، ثم أحاديث قسم الأفعال، كتابا بعد كتاب، فصار ذلك كتابا واحدا مميزا فيه ماسبق, بحيث أن من أراد تحصيل قسم الأقوال أو الأفعال منفردا أو تحصيلهما مجتمعين أمكنه ذلك.
وسميته : ( كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ), فمن ظفر بهذا التأليف فقد ظفر ( بجمع الجوامع )، مبوبا مع أحاديث كثيرة ليست في ( جمع الجوامع )، لأن المؤلف رحمه الله زاد في ( الجامع الصغير ) وذيله أحاديث لم تكن في
( جمع الجوامع.), وها أنا أذكر ديباجة المؤلف رحمه الله من ( الجامع الصغير ), و( ذيله ), ومن ( الجامع الكبير )، حتى لا أكون تاركا ولا مغيرا ألفاظه إن شاء الله تعالى.
[ ثم ذكر مقدمة (الجامع الصغير), وأتبعها ديباجة (زوائد ه),ثم ديباجة قسم الأقوال من (جمع الجوامع), و ديباجة قسم الأفعال منه, وقد تقدم الكل فلم أكرره ](1/173)
واعلم أن المؤلف رحمه الله تعالى جعل رمز البيهقي في ( جمع الجوامع ) ( ق ) وفي ( الجامع الصغي)ر و( زوائده ) ( ق ) رمز الشيخين, فأنت إذا رأيت رمز القاف في أحاديث ( الإكمال ) فاعلم أنها رمز البيهقي, وإذا رأيت القاف في أحاديث ( الجامع الصغير ), أو ( زوائده ) فاعلم أنها رمز الشيخي,ن فلا تغفل عن ذلك, والله الموفق, لارب سواه.
ثم إن المؤلف رحمه الله تعالى قد يذكر في ( جمع الجوامع ) رمز ( بز ) وربما يكتب ( ز ), وما نبه في الخطبة أنهما لمن ؟ فلعله نسي ذلك, أو هو سهو من الكاتب, فالغالب أنهما لأبي حامد يحيى بن بلال البزاز, فليعلم, ونحن الآن نشرع في المقصود فنذكر أولا فهرست الكتاب, فإنه أفيد للطلاب, وأنفع للإحاطة بجميع مافي الكتاب, فنقول.:
حرف الهمزه - كتاب الإيمان والإسلام باب في تعريفهما حقيقة ومجازا فصل في حقيقتهما فصل في المجاز والشعب فصل في فضلهما فصل في أحكامهما وأحكام البيعة والإيمان بالقدر وصفات المؤمنين والمنافقين - باب في الإعتصام بالكتاب والسنة فصل في البدعة باب في اللواحق المشتملة على فصول من صفات الله المتشابهات وقلة الإسلام وغربته وخطرات القلب وتقلبه ووسوسة الشيطان فيه وذم أخلاق الجاهلية وأحاديث متفرقة كتاب الأذكار باب الذكر وفضيلته باب في أسماء الله الحسنى واسمه الأعظم باب في الحوقلة باب في التسبيح باب في الاستغفار باب في الصلاة عليه - صلى الله عليه وسلم - باب في تلاوة القرآن, وفيه فصول مشتملة على فضائل القرآن مطلقا, ثم فضائل السور و الآيات, وآداب التلاوة, وتفسير بعض الآيات, ولواحق كتاب الأذكار باب في الدعاء وفضله وآدابه ومحظوراته, وأوقات الإجابة, والأدعية الموقتة وغير الموقتة, كتاب الأخلاق وفيه بابان باب في الأخلاق والأفعال المحمودة, وفيه فصلان وباب فن الاخلاق والافعال المذمومة أيضا, وفيه فصلان كتاب الاجازة كتاب الايلاء.(1/174)
حرف الباء - كتاب البيع باب في الكسب وفضيلته, وأنواعه وآدابه, ومحظوراته وأحكامه, باب في الاحتكار والتسعير باب في الربا وأحكامه, وأحاديث بر الوالدين, وبر الأولاد, ذكرت في آواخر كتاب النكاح, وأحاديث صلة الرحم, وقطعه ذكرت في كتاب الأخلاق في حرف الصاد فتفطن
حرف الجيم, كتاب الجهاد, ويشتمل على أبواب من الترغيب فيه, وآداب وأحكامه, ومحظوراته, وفضل الشهادة الحقيقية, والحكمية, ولواحق الكتاب.
حرف التاء, كتاب التوبة, فيه أبواب مشتملة على فضله, وأحكامه, ولواحقه, وبيان خفايا ألطافه تعالى, وسبق رحمته غضبه, كتاب التفليس.
حرف الحاء كتاب الحج والعمرة, كتاب الحدود وهو مشتمل على أنواعها, من حد الزنا واللواطة, وشرب الخمر و السرقة, ولواحق الكتاب, وأحاديث البغاة بعضها ذكر في كتاب الأذكار في باب التفسير من قسم الأفعال, تحت قوله تعالى إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ... الآيةالمائدة: 33 وبعضها ذكر في كتاب الجهاد في باب اللواحق وقتال البغاة من قسم الأفعال, كتاب الحضانة,كتاب الحواله.
حرف الخاء, كتاب الخلافة والإمارة والقضاء, كتاب خلق العالم, كتاب الخلع
حرف الدال, كتاب الدعوى, كتاب الدين والسلم
حرف الذال, كتاب الذبح.
حرف الراء , كتاب الرضاع كتاب الرهن.
حرف الزاء , كتاب الزكاة, باب في الوجوب والترغيب فيها, والترهيب عن منعها, وبيان أحكامها, باب في السخاء و الصدقة وآدابها وأنواعها ومصرفها, باب في فضل الفقر والفقراء ومايتعلق به وذم السؤال وآداب طلب الحاجة وقبول العطاء, كتاب الزينة, والتجمل وهو مشتمل على أنواعها من الاكتحال والإدهان والحلق والتقصير والخضاب و التطيب.
حرف السين, كتاب السفر, كتاب السحر والعين والكهانة والعرافة والسخاء والانفاق ذكرا في الزكاة.(1/175)
حرف الشين, كتاب الشفعة, كتاب الشهادات, كتاب الشمائل, باب في حليته - صلى الله عليه وسلم -, باب في شمائل تتعلق بالعبادات من الطهارة والصلاة والذكر والدعاء والصوم والإعتكاف والحج والجهاد ومايتعلق به من الآلات وآداب السفر, باب في شمائل تتعلق بالعادات والمعيشة من الطعام والشراب واللباس والزينة والاكتحال والتختم والطلاء والحلق والتقصير و النكاح وآدابها والقسم والمباشرة, باب في شمائل تتعلق بأخلاقه وأفعاله - صلى الله عليه وسلم - من الشكر والضحك والمزاح والغضب و السخاء والفقر وآداب خروجه من البيت وتكلمه وجلوسه وأخلاق تتعلق بحقوق الصحبة من السلام والاستئذان و المصافحة.
حرف الصاد , كتاب الصلاة ومايتعلق بها فيه ستة أبواب تشتمل على ستة عشر فصلا, كاب الصوم فيه بابان فيهما ثمانية فصول, كتاب الصحبة, فيه ثلاثة أبواب باب في الترغيب فيها وآدابها, باب في الترهيب عنها, وباب في حقوق تترتب على الصحبة من حق الجار والمركوب وآداب الركوب وحق المملوك على السيد وبالعكس وعيادة المريض و الاستئذان والسلام وفضائله وآدابه ومحظوراته والمصافحة وحق المجالس والجلوس والتعظيم والقيام والعطاس والتشميت والتثاؤب,كتاب الصيد.
حرف الضاد , كتاب الضيافة وآدابها.
حرف الطاء ومايتعلق به من الطعام وآداب الأكل نذكره في كتاب المعيشة من حرف الميم كتاب الطهارة وفيه خمسة أبواب فيها أربعة عشر فصلا كتاب الطلاق وفيه العدة والاستبراء والتحليل كتاب الطب والرقى والطاعون والوباء ذكر أحاديث الطاعون من قسم الأقوال في ترجمة الشهادة من حرف الجيم كتاب الطيرة والفال والعدوى.
حرف الظاء, كتاب الظهار حرف العين, كتاب العلم, كتاب العارية, كتاب العظمة والقدرة.\
حرف الغين كتاب الغضب, كتاب الغزوات.(1/176)
حرف الفاء, الفقر ومايتعلق به ذكر في كتاب الزكاة من حرف الزاء كتاب الفرائض, كتاب الفراسة, كتاب الفضائل وفيه أبواب تشتمل على أبواب من فضائل نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وسائر الأنبياء صلاة الله عليهم أجمعين وفضائل القبائل وأهل البيت وهذه الأمة الإسلامية والأمكنة والأزمنة والحيوانات والأشجار والثمار, كتاب الفتن, باب في الوصية عند ظهور الفتن باب في الفتن والهرج والمرج, باب في قتل الخوارج.
حرف القاف القضاء ومايتعلق به ذكر في الخلافة من حرف الخاء, كتاب القيامة, باب في أمور تحدث قبلها من خروج الكذابين وأشراطها الصغرى وأشراطها الكبرى من خروج النار وطلوع الشمس من مغربها والخسف وخروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام وخروج المهدي والدابة ويأجوج ومأجوج, باب في أمور تحدث بعدها من نفخ الصور و البعث والحشر والحساب والميزان والصراط والشفاعة وورود الحوض والجنة والنار وصفة أهلها وذبح الموت وصفة الحور ورؤية الله تعالى وأحوال أطفال المؤمنين والمشركين, كتاب القرض والمضاربة, كتاب القصاص والديات, كتاب القصص.
حرف الكاف, كتاب الكفالة.
حرف اللام, اللباس ومايتعلق به, نذكره في المعيشة من حرف الميم, كتاب اللقطة, كتاب اللقيط كتاب اللهو واللعب و التغني, كتاب اللعان.
حرف الميم, كتاب المزارعة, كتاب المعيشة والعادات, فيه أبواب مشتملة على آداب الأكل والشراب واللباس ومحظوراتها وآداب النوم وتعبير الرؤيا وبناء البيت وآداب دخوله وخروجه وحكم السكنى والإقامة وآداب التنعل والمشي كتاب المواعظ والحكم كتاب الموت ومايتعلق به من أمور قبل الدفن من تلقين المحتضر والغسل والتكفين والتشييع والصلاة والدفن وذم النياحة ومن أمور بعد الدفن من سؤال القبر وعذابه وزيارة القبور والتعزية وفضيلة طول العمر ولواحق الكتاب.(1/177)
حرف النون, كتاب النكاح, فيه أبواب مشتملة على الترغيب والترهيب والأداب والأحكام من الولاء والاستيذان و الكفاءة والصداق وبليان نساء المحارم ومشتملة على حق الزوج على المرأة وبالعكس وعلى ترغيبات وترهيبات تختص بالنساء وعلى الأولاد وحقوقهم من التسمية والكنى والعقيقة والختان وغير ذلك وعلى بر الوالدين ولواحق الكتاب.
حرف الواو, كتاب الوصية, كتاب الوديعة, كتاب الوقف.
حرف الهاء كتاب الهبة, كتاب الهجرتين.
حرف الياء كتاب اليمين والنذر, خاتمة في المتفرقات.
فائدة : بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين، وجد بخط الشيخ جلال الدين السيوطي, رحمه الله تعالى, ما صورته: الحمد لله, وسلام على عباده الذين اصطفى.:(1/178)
هذه تذكرة مباركة بأسماء الكتب التي أهنيت مطالعتها على تأليف ( جمع الجوامع ) خشية أن تهجم المنية قبل تمامه على الوجه الذي قصدته, فيقضي الله من يذيل عليه, فإذا عرف ماانتهت مطالعته استغنى عن مراجعته, ونظر ماسواه, من الكتب الستة. (الموطأ), (مسند الشافعي), (مسند الطيالسي), (مسند أحمد), (مسند عبد بن حميد), (مسند الحميدي),. (مسند ابن [أبي عمر] العدني), (معجم البغوي), (معجم ابن قانع), (فوائد [سمويه]), ([المختارة]) للضياء المقدسي (طبقات) ابن سعد, (تاريخ دمشق) لابن عساكر, (معرفة الصحابة) للباوردي, ولم أقف على سوى الجزء الأول منه, و انتهى إلى أثناء حرف السين, (المصاحف) لابن [الأنباري, (الوقف والابتداء) له, (فضائل القرآن) لابن الضريس, (الزهد) لابن المبارك, (الزهد) لهناد السري, (المعجم الكبري) للطبراني, (المعجم الأوسط), (المعجم الصغير) له, (مسند أبي يعلى), (تاريخ بغداد) للخطيب, (الحلية) لأبي نعيم, (الطب النبوي) له, (فضائل الصحابة) له, كتاب (الهدى) له, (تاريخ بغداد) لابن النجار, (الألقاب) للشيرازي, (الكنى) لأبي أحمد الحاكم, (اعتلال القلوب) للخرائطي, (الإبانة) لأبي نصر عبد الله بن سعيد بن حاتم السجزي, ([الأفراد]) للدارقطني, (عمل اليوم والليلة) لابن السني, (الطب النبوي) له, العظمة [لأبي] الشيخ, (الصلاة) لمحمد بن المرزوي, (نوادر الأصول) للحكيم الترمذي, (الأمالي) لأبي القاسم الحسين بن هبة الله ابن [صصري], (ذم الغيبة) لابن أبي الدنيا, (ذم الغضب) له, (مكائد الشيطان) له, ([الإخوان]) له, (قضاء الحوائج) له, (المستدرك) لأبي عبد الله الحاكم, (السنن الكبير) للبيهقي, (شعب الإيمان) له, (المعرفة) له, (البعث) له, (دلائل النبوة) له, (الأسماء والصفات) له, (مكارم الأخلاق) للخرائطي, (مساوي الأخلاق) له,(مسند الحارث بن أبي أسامة), (مسند أبي بكر ابن أبي شيبة), (مسند مسدد), (مسند أحمد بن منيع), (مسند إسحاق ابن(1/179)
راهويه), (صحيح ابن حبان), (فوائد تمام), ([الخلعيات]), (الغيلانيات), (المخلصيات), ([البخلاء]) (1) للخطيب, (الجامع) للخطيب, (مسند الشهاب) للقضاعي, (تفسير ابن جرير), (مسند الفردوس) للديلمي, (مصنف عبد الرزاق), (مصنف ابن أبي شيبة), (الترغيب في الذكر) لابن شاهين,
انتهى ما وجد بخط مؤلفه رحمه الله تعالى (2)
منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال للهندي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي سهل حفظ الكتاب والسنة, وجعل صدورهم بحفظه لهما الفضل والمنة, و أشهد أن لا إلاالله, وحده لا شريك له, شهادة توجب الفوز بالدرجات في الجنة, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله, خيرمن أوتي الحكمة وفصل الخطاب, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه, الذين هم في أقطار الفصاحة والبلاغة أقطاب.
__________
(1) - كل ما بين المعقوفتين مصحف في المطبوع , وهي فيه كالتالي: (ابن عمران) بدل ابن أبي عمر, (سموية) بدل سمويه بالهاء, و(الباوردي) بدل الأنباري, (المختار) بدل المختارة,(الإفراد) بدل الأفراد, و(ابن الشيخ) بدل أبي الشيخ, و(صهري) بالهاء بدل صصري بصادين,(الأخوان) بدل الإخوان, و(نمام) بالنون بدل تمام بالتاء, و(الخليعات) بدل الخلعيات, و(البجلاء) بدل البخلاء
(2) - طبع ( الكنز ) في مؤسسة الرسالة 1989 في ( 16 ) مجلدا بتحقيق الشيخ ( بكري حياني ) و ( صفوة السقا ), و عدد أحاديثه ( 46624 ) حديثا, ثم في دار الكتب العلمية في ( 8 ) مجلدات بتحقيق ( محمود عمر الدمياطي ) وعدد أحاديث هذه الطبعة ( 46616 ) حديثا, والهندي هو الشيخ العلامة المحدث علي بن حسام الدين المتقي البرهانبوري المكي, عالم ومحدث هندي, له مؤلفات كثيرة نحو مائة مؤلف, ما بين صغير وكبير, ومحاسنه جمة, ومناقبه ضخمة, وقد أفردها العلامة عبد القادر بن أحمد الفاكهي المكي في تأليف لطيف سماه ( القول النقي في مناقب المتقي ), توفى سنة 885هـ , ترجمته في ( النور السافر )(ص283)(1/180)
أما بعد : فيقول أحقر عباد الله علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي الهندي, عامله الله بلطفه الخفي, إني وقفت على كثير مما دونه الأئمة من كتب الحديث, فلم أر فيها أكثر جمعا من كتاب ( جمع الجوامع ) الذي ألفه الإمام العلامة عبدالرحمن جلال الدين السيوطي, سقى الله ثراه, وجعل الله الجنة مثواه, حيث جمع فيه من الأصول الستة وغيرها, الآتي ذكرها عند رموز الكتاب, وأودع فيه من الأحاديث ألوفا, ومن الأثار صنوفا, وأجاد فيه كل الإجادة, مع كثرة الجدوى و حسن الإفادة, وجعله قسمين قسما على مسانيد الصحابة, لكن عاريا عن فوائد جليلة
منها أن من أراد أن يكشف منه حديثا وهو عالم بمفهومه لا يمكنه إلا إذا حفظ رأس الحديث, إن كان قوليا أو اسم راويه إن كان فعليا, ومن لا يكون كذلك تعسر عليه ذلك
ومنها أن من أراد أن يحيط ويطلع على جميع أحاديث البيع مثلا أو أحاديث الصلاة, او الزكاة أو غيره,ا لم يمكنه ذلك أيضا إلا إذا قلب جميع الكتاب, ورقة ورقة , وهذا أيضا عسر جدا.
ومنها أن الأبواب والفصول والتراجم بمنزلة الشرح للأحاديث, وذلك أن بعض الأحاديث مجمل, وبعضها مفصل , و بعضها ذكر فيه سببه وقصته, وبعضه ليس كذلك, فلما جمعت في التبويب صار المفصل موضحا للمجمل, والمذيل بالقصة والسبب مبينا للذي ليس كذلك, كما سترى إن شاء الله تعالى, فأردت أن أجعله مبوبا, ليشمل هذه الفوائد الجليلة, مع فوائد أخر لا تخفى على من ذاق لذة الفصول والأبواب, وطعم حلاوة كشف الحديث من كل ترجمة وباب,
فبوبت أولا كتاب ( الجامع الصغير ) و( زاوئده ), وهما كتابان لخصهما المؤلف المذكور من قسم الأقوال من كتابه(1/181)
( جمع الجوامع ) المذكور, وسميته ( منهج العمال في سنن الاقوال ), ثم بوبت بقية قسم الاقوال منه, وسميته ( الإكمال لمنهج العمال ), ثم جمعتهما مميزا أحاديثهما, بحيث ذكرت بعد كل ترجمة أولا أحاديث ( منهج العمال ), ثم كتبت بالحمرة لفظا ( الإكمال ), وسقت أحاديثه, وإنما ميزت بين أحديث الكتابين لأن أحاديث (منهج العمال ) بنسبة ( الإكمال ) كاللب بنسة القشور, كما قال المؤلف في خطبته, فتركت القشر وأخذت اللباب
وسميته : ( غاية العمال في سنن الأقوال )
ثم بوبت قسم الأفعال من ( جمع الجوامع ) فسميته : ( مستدرك الأقوال بسنن الأفعال ) ثم جمعت بينهما بحيث كتبت كتاب الإيمان مثلا من ( غاية العمال ), ثم كتبت كتاب الإيمان من ( مستدرك الأقوال ) وهكذا إلى آخر التأليف, وسميته : ( كنز العمال في سنن الاقوال و الافعال ), فصار كتابا حافلا في أربعة مجلدات, جامعا لمصادر الحديث وموارده, وضابطا لفنونه وشوارده, فانتشر ولله الحمد, ثم إنه لما كانت أحاديث ( جمع الجوامع ) مؤلفة على الحروف, و مسانيد الصحابة, كانت تكراراتها وزياداتها القولية و الفعلية منطوية تحت حرفها, مندرجة في مسندها, ولن تبين للطالب تكرارتها, ولم يظهر زياداتها, كحديث: ( عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه), وحديث: ( ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه) (1), فالأول ذكره - رضي الله عنه - في حرف العين, والثاني في حرف الميم, و المعنى واحد, وقس على هذا باقي الأحاديث المكررة فيه.
__________
(1) - أخرجه ابن ماجة (147) عن علي, والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال الألباني في ( صحيح الجامع )(5888 ): صحيح(1/182)
فلما علقت شوارد أحاديثه بالفصول والأبواب, وقيد كل حديث منها بما يليق به من فصل وباب وكتاب, وأقرن كل حديث بقرينه, وأنيسه, وأجلس كل جليس مع جليسه, وظهرت تلك التكرارات بعد أن كانت منطوية, وتبينت تلك الزيادات بعد أن كانت خفية, ووجدت قصور همم الطالبين عن تحصيله لكثرة حجمه وتطويله, وإن كان غير خال عن الإفادة, لمن أراد زيادة البسط والإستفادة, أردت أن أحذف منها ما تكرر من غير أن أطوي شيئا من معانيه, وأترك من فنونه ومبانيه, فاستخرت الله تعالى في حذف أحاديثه وآثاره, واستعنته على انتخابه واختصاره, فحذفت منه نحو خمسة عشر الفا من الحديث, فكان المتروك كله نحو ثلث الكتاب, ومسلكي في الإختصار ودأبي في حذف التكرار أن المؤلف رحمه الله إذا ذكر الحديث القولي في قسم الافعال بزيادة سبب, أو مراجعة أو نحو ذلك, ذكرته في قسم الافعال إن كان معناه موقوفا على ذلك السبب, أو المراجعة أو نحو ذلك, وتركته من قسم الأقوال, وإن لم يكن معناه موقوفا على ذلك السبب, أو المراجعة تركته من الأفعال, لأنه مذكور في الأقوال بلفظه أو بمعناه, إذا رأيت حديثين استويا في المفهوم بحسب المعنى المقصود أخذت المختصر منهما, وإذا استويا في الإختصار أيضا أخذت أصحهما, وربما أخذت الأحاديث المتكررة المعنى لقلة الأحاديث في تلك الترجمة, أو لكثرة احتياج الناس إليها فليعلم
وسميته : ( منتخب كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال ), ففاق هذا التأليف على ( كنز العمال ) بشيئين, أحدهما بحدف التكرار, والثاني امتزاج أحاديث الأفعال بأحاديث الأقوال, ترجمة بعد ترجمة, بحيث ذكرت بعد أن كتبت الترجمة بالحمرة أحاديث ( منهج العمال ), ثم كتبت لفظ ( الإكمال ) بالحمرة, إن جاءت أحاديثه في تلك الترجمة, ثم كتبت لفظ الأفعال بالحمرة, إن جاءت أحاديثه, وهكذا على آخر الكتاب, وربما خالفت هذا الترتيب, وذلك قليل جدا ككتاب الشمائل, وكتاب الغزوات فليعلم.(1/183)
وهذه رموز الكتاب : ( خ ) للبخاري, ( م ) لمسلم, ( ق ) لهما, ( د ) لأبى داود, ( ت ) للترمذي,( ن ) للنسائي, ( هـ ) لابن ماجة, ( 4 ) لهؤلاء الأربعة, ( 3 ) لهم إلا لابن ماجة, ( حم ) للإمام أحمد في (مسنده), ( عم ) لابنه في زوائده, ( ك ) للحاكم إن كان في (المستدرك), وأطلقت وإلا بينت, ( خد ) للبخاري في (الأدب), ( تخ ) له في التاريخ, ( حب ) لابن حبان في (صحيحه), ( طب ) للطبراني في (الكبير), ( طس ) له في (الأوسط), ( طص ) له في (الصغير), ( ص ) لسعيد بن منصور, ( ش ) لابن أبي شيبة, ( عب ) لعبدالرزاق في (الجامع), ( ع ) لأبى يعلى الموصلي, ( قط ) للدراقطني فان كان في (السنن) أطلقت, والا بينت, ( فر ) للديلمي في (الفردوس), ( حل ) لأبي نعيم في (الحلية), ( هب ) للبيهقي في (شعب الإيمان), ( عد ) لابن عدي في (الكامل), ( عق ) للعقيلي في (الضعفاء), ( خط ) للخطيب فإن كان في (التاريخ) أطلقت, وإلا بينت, ( ض ) للضياء في (المختارة), ( ط ) لأبي داود الطيالسي, ( كر ) لابن عساكر في (تاريخه).
ثم اعلم أن الشيخ جلال الدين السيوطي رحمه الله قال في ( جمع الجوامع ) : وجميع ما في الكتب الخمسة(1/184)
( خ م حب ك ض ) صحيح فالعزو إليها معلم بالصحة, سوى ما في (المستدرك) من المتعقب, فأنبه عليه, وكذا ما في (موطأ مالك), و (صحيح ابن خزيمة), وأبي عوانة, وابن السكن, و(المنتقى) لابن الجارود, و المستخرجات, فالعزو إليها معلم بالصحة أيضا, وفي ( د) ما سكت عليه فهو صالح, وما بين ضعفه نقلت عنه, وفي ( ت, ن, هـ, ط, حم, عم, ص, ش, ع, طب, طس, قط, حل, هب, هق ) صحيح وحسن و ضعيف, فأبينه غالبا, وكل ما كان في (مسند أحمد) فهو مقبول, فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن, وكل ما عزي إلى ( عق, عد, خط, كر ) أو للحكيم الترمذي في (نوادر الأصول), أو للحاكم في (تاريخه), أو لابن الجارود في (تاريخه), أو للديلمي في (مسند الفردوس), ثم اعلم أن المؤلف رحمه الله ذكر في ( جمع الجوامع ) رمز ( بز ) وربما كتب ( ز ) وما نبه عليه في الخطبة, فلعله سهو منه أو من الكاتب, فلعل محله بعد رمز الخطيب, وصورته هذه, ولأبي حامد يحيى بن بلال البزاز ( بز ) فافهم.
وهذه فهرست كتب الكتاب, ( وسردها في نحو عشرين صفحة ), ثم خاتمة في الأحاديث التي ما ظهر لي من أي باب هي, تم الفهرست.(1)
جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد للعلامة محمد بن سليمان الروداني المغربي
__________
(1) - طبع ( منتخب كنز العمال ) في المطبعة الميمنية بمصر في ( 6 ) مجلدات, على هامش (مسند الإمام أحمد), ثم طبع مستقلا في دار إحياء التراث العربي في ( 8 ) مجلدات .بدون تحقيق(1/185)
بسم الله الرحمن الرحيم, يارب لك الحمد لك كما ينبغي لجلال وجهك, وعظيم سلطانك, اللهم اجعل صلواتك و رحمتك وبركتك على سيد المرسلين, وإمام المتقين, وخاتم النبيين, محمد عبدك ورسولك, إمام الخير, وقائد الخير, ورسول الرحمة, اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبط به الأولون والآخرون, اللهم صل على محمد وعلى آل محمد, كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم, إنك حميد مجيد, اللهم بارك على محمد و على آل محمد, كما باركت إبراهيم وآل إبراهيم, إنك حميد مجيد(1/186)
أما بعد: فهذا ( جمع الفوائد من جامع الاصول ومجمع الزوائد ), الأول للإمام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد بن الأثير الجزري الموصلي, رحمه الله, جمع فيه ما في تجريد رزين بن معاوية للأصول الستة, بإبدال ابن ماجة ( بالموطأ ), وما نقصه رزين منها, وعزى كل حديث إلى مخرجه, سوى ما زاده, أعني ما في ( تجريد ) رزين, ولم يجده ابن الأثير في الأصول الستة, فإنه بيض له مكانا, حتى إذا عثر على مخرجه عزاه إليه فيه, ورتبه على ترتيب بديع, لكن لغموض دقة وضعه, واتساع حجمه في جمعه, قل أن ينتفع به إلا ذو فكرة ذكية وحافظة واعية, وأما الثاني فللحافظ نور الدين أبي الحسن علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي رحمه الله, جمع فيه ما في مسند الإمام أحمد وأبي يعلى الموصلى, وأبي بكر البزار, ومعاجم الطبراني الثلاثة من الاحاديث الزائدة على ما في الأصول الستة, بجعل ابن ماجة هاهنا دون الموطأ, وعقب كل حديث بالكلام على رواته تعديلا وتجريحا, فجاء حجمه في ستة مجلدات, يتناهز ( بجامع الأصول ), فتجشمت هذا المجمع منهما, لضيق وسعي عن الإحاطة بكل ما فيهما, فاقتضى الجمع أن أضيف إليهما سنن ابن ماجة, لكن لكون ( جامع الأصول ) أخرجه ممن الستة, فلم يذكر ما فيه, وكون ( مجمع الزوائد ) أدخله فلم يذكر زوائده, لم يحسن مني أن أضيف كله على ( الجامع ) أو زوائده إلى ( المجمع ), لأن ذلك كجبر لأحدهما على خلاف مراده, فلهذا أفردت زوائده, وعزوته إليه, ولما كان اختلاف القوم في سادس الستة, أهو ابن ماجة أو الموطأ, أو مسند مسند الدارمي, راعيت هذا الخلاف, فأضفت لذلك أيضا زوائد الدارمي مفردة, إلا أن يتفق مع ابن ماجة فأجمعهما, وتكلمت على رجالهما تجريحا وتعديلا بما في ( الكاشف ) للذهبي, و( تهذيب التهذيب ), و( التقريب ) للحافظ ابن حجر وغيرها, ورتبته على الترتيب أصوله, لكونه مؤلف طبعي دون ترتيب ( الجامع ), وأينما عثرت على حديث مكرر عندهم في أبواب(1/187)
أثبته في أليق تلك الأبواب به, وحذفته في غيرها إلا لفائدة, أو غفلة من,ي كما فعل مسلم رحمه الله, وأينما ورد في حكم أو معنى حديثان فأكثر, أو روايتا حديث فأكثر فإني أقتصر فيه على ما هو أكثر فائدة من تلك الأحاديث, أو الروايات, وأحذف غيره إلا إن أشتمل على زيادة, فإني أخلص منه تلك الزيادة, أو أذكره كله, والحديث الذي تعدد من أخرجه أذكره بلفظ أحدهم, وسياقه, ثم تارة أذكر من له اللفظ, وتارة لا أذكره
وحيث قلت : بضعف مثلا فمرادي أن في إسناد ذلك الحديث من ضعف من رواته, لا أن الحديث ضعيف من كل وجه, إذ كثيرا ما يكون الراوي ضعيفا والحديث يكتنف بما يرقيه عن الضعف, كتعدد طرقه أو المتابعات أو الشواهد, أو قلت : بلين, فالمراد أن فيه من اختلف فيه, أهو مقبول أو مردود, أو أبي داود, و الترمذي, والنسائي دون ابن ماجة لما مر , أو قلت للطبراني فالحديث في معاجمه الثلاثة, الكبير والأوسط والصغير
وما كان من حديث في ( المجمع ) أو الدارمي أو ابن ماجة, وكان بعض رواته كذابا, أو متهما, أو متروكا, أو منكرا, فإني لا أخرجه لكونه في حكم العدم هنا, وإذا عبر الراوي في صيغة أدائه بنحو سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - أو قال أو عن, قلت أنا بعد ذكر الراوي رفعه إن كان صحابيا أو أرسله إن كان غيره, وأكتب فوق كل راو - رضي الله عنه - بلا حبر, فلا يترك القارئ قراءته, ولا الناسخ ملاحظته, وما سوى ذلك مما دعت إليه حاجة الإختصار, ويكفي في معرفته ممارسة الكتاب, إن شاء الله تعالى(1/188)
وأسأل الله تعالى بما فيه ومن جاء به ومن آمن به أن يجعله لي ولمن خدمه منهجا لا بنتهي بنا دون حضرة شهوده, وفي مقعد صدق عند مليك مقتدر (1)
الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية للعلامة محمد تاج الدين المناوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي نزل أهل الحديث أعلى منازل التشريف, والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الشريف العفيف, وآله وصحبه المعصومين في المقال عن التبديل والتحريف
وبعد : فيقول العبد الضعيف الراجي عفو ربه الرؤوف, اللطيف محمد المدعو تاج الدين بن المناوي الحدادي, كفاه الله شر المناوئ والمعادي, هذا كتاب أوردت فيه ما وقفت عليه من الأحاديث القدسية, الواردة على لسان خير البرية
__________
(1) - طبع في مروت بالهند سنة 1346هـ,ثم في دار الأصفهاني بجدة 1345في مجلد واحد بتصحيح ( محمد عاشق الهي ) ثم في المدينة المنورة 1318 في ( 3 ) مجلدات, و في مطبعة دار التأليف بالقاهرة 1381 وبذيله (أعذب الموارد في تخريج جمع الفوائد) للسيد ( عبدالله هاشم اليماني المدني ), ثم في دار ابن حزم بيروت 1998 في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( سليمان بن دريع ) وفي دار الكتب العلمية بيروت 2002 في مجلدين بتحقيق ( محمد عبدالخالق الزناتي ) وعدد أحاديثه (10131) حديثا
والروداني هو الشيخ العلامة شمس الدين أبو عبد الله محمد بن سليمان بن الروداني السوسي ثم المكي، محدث مغربي مالكي، عالم بالفلك، رحال، ودخل مصر والشام والاستانة، واستوطن الحجاز, وكان له بمكة شأن, ثم أخرج من مكة، بعد شبه فتنة، فانتقل إلى دمشق منفيا وتوفي بها 1094هـ, من كتبه ( جمع الفوائد ) و ( صلة الخلف بموصول السلف ) وهو فهرس مروياته وأشياخه وغير ذلك, ترجمته في (خلاصة الأثر) للمحبي)(1/189)
مرتبا له على حروف المعجم, سائلا الله أن يغفر لي ما ارتكبته من الزلل ويرحم, إنه على ما يشاء قدير, وبالإجابة جديروسميته : ( الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية ) (1)
الإتحافات السنية في الأحاديث القدسية للشيخ محمد المدني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أنزل أهل الحديث منازل الابرر, والصلاة والسلام على محمد سيد الاخيار, وعلى آله واصحابه الذين وقوقوا شر نار الأنيار, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى دار القرار
أما بعد : فيقول العبد الضعيف الراجي عفو ربه الغني, الشيخ محمد المدني, هذا كتاب أوردت فيه ما وقفت عليه من الأحاديث القدسية, الواردة بالأسانيد عن خير البرية, مرتبا على ثلاثة أبواب وخاتمة, الباب الاول فيما صدر بلفظ قال, الباب الثاني فيما صدر بلفظ يقول, والباب الثالث فيما لم يصدر بهما, بل يذكر في أثناء الحديث كلام الله ممزوجا بالحديث, والخاتمة فيما يتعلق بتعريف الحديث القدسي و ما يتعلق به, وسميته ( بالإتحافات السنية في الأحاديث القدسية ) (2)
قطف الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على نعمه المتواترة, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة أعدها للنجاة من أهوال الآخرة, و أشهد أن محمد عبده ورسوله ذو المعجزات الباهرة, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, ومن عاونه و ناصره
__________
(1) - طبع (الإتحافات) في مطبعة محمد علي صبيح مصر 1380هـ مع ( النفحات السلفية ) وهو شرح عليه للشيخ ( محمد منير الدمشقي الأزهري ), ثم مفردا في مؤسسة الزعبي.بيروت 1978 بتحقيق ( محمد عفيف الزعبي ), و عدد أحاديثه (272) حديثا
(2) - طبع في المكتبة الأزهرية للتراث بمصر بتحقيق ( محمد أمين النواوي ) وعدد أحاديثه(863) حديثا(1/190)
وبعد : فقد جمعت كتابا سميته ( الفوائد المتكاثرة في الاخبار المتواترة ), و أوردت فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعدا, مستوعبا طرق كل حديث وألفاظه, فجاء كتابا حافلا لم أسبق إلى مثله, إلا أنه لكثرة ما فيه من الأسانيد إنما يرغب فيه من له عناية في الحديث, واهتمام عال, وقليل ما هم, فرأيت تجريد مقاصده في هذه الكراسة, ليعم نفعه بأن أذكر الحديث, وعدة من رواه من الصحابة, مقرونا بالعزو الى من خرجه من الائمة المشهورين, وفي ذلك مقنع للمستفيدين
وسميته : ( قطف الازهار المتناثرة في الاخبار المتواترة ), ورتبته على الأبواب كأصله (1)
لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة للعلامة أبي الفيض محمد مرتضى الزبيدي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على نعمائه المتوافرة, وآلائه المتكاثرة, حمدا تتواتر به الفيوضات, وتتناثر به الخطيات, والصلاة و السلام الاتمان الأكملان على سيدنا ومولانا محمد سيد المخلوقات, وأفضل البريات, وعلى آله و صحبه, وأتباعه, والهداة من حزبه وأشياعه.
فهذا جزء ضمنته ذكر الأحاديث التي قيل فيها بالتواتر, سألني في جمعه بعض الأحباب المشتغلين في قراءة حديثه, صلى الله عليه وسلم رغبة من حوز الفضائل, وطمعا في اكتساب الفواضل, وبارك الله فيهم وأيدهم لتوفيقه, وأوردت فيه من الأحاديث التي رواها عشرة من الصحابة فصاعدا, وأعرضت عنه دون ذلك لكثرته, وقد صنف فيه غير واحد من الحفاظ, كالبدر الزركشي, والشمس محمد بن عبدالدايم البرماوي, والجلال أبي الفضل السيوطي, و الشمس محمد بن محمد بن طولون الحنفي الصالحي, وغير هؤلاء, وسميت ما جمعته : ( لقظ اللآلئ المتناثرة في الاحاديث المتواترة )
__________
(1) - طبع في المكتب الإسلامي 1405هـ بتحقيق ( خليل محيي الدين الميس )(1/191)
وعلى الله أتوكل, وبه أستعين في أمور الدنياو الآخرة, و أقدم قبل الشروع في المقصود مقدمة في بيان حد التواتر, وما فيه من الاختلاط (1)
نظم امتناثر من الحديث المتواتر للشيخ محمد بن جعفر الكتاني
بسم اللّه الرحمن الرحيم, وصلى اللّه على سيدنا محمد النبي الكريم, الحمد للّه الذي تواترت ألسنة الذاكرين بذكره, و تمجيده، و تواطأت قلوب المحبين على حبه وتعظيمه وتوحيده, و الصلاة و السلام الأتمان الأكملان على إنسان عين الوجود الباهر, المخصوصة أمته السعيدة بإسناد ما هو صحيح عنه و حسن و متواتر, وعلى آله السادة, وصحابته النجوم البررة القادة.
أما بعد : فإن علم الحديث الشريف أجل العلوم قدراً, وأكملها مزية وأعظمها خطراً, ومن حازه فقد حاز فضلاً كبيراً, ومن أوتيه فقد أوتي خيراً كثيراً, ومن ظفر به ظفر بإكسير السعادة, ونال كل المنى ورزق خاتمة الحسنى والزيادة.
وقد روي عن سفيان الثوري كما ذكره ابن الصلاح في مقدمة ( علوم الحديث ) له قال : ما أعلم عملاً أفضل من طلب الحديث لمن أراد به اللّه عز وجل, قال ابن الصلاح : وروينا نحوه عن ابن المبارك اهـ و عن المعافي بن عمران قال : كتابة حديث واحد أحب إلي من صلاة ليلة
وأخرج ابن عساكر في ( تاريخه ) عن أبي العباس المرادي قال : رأيت أبا زرعة في النوم فقلت : ما فعل اللّه بك ؟ , فقال : لقيت ربي فقال لي : يا أبا زرعة أني أوتي بالطفل فآمر به إلى الجنة, فكف بمن حفظ السنن على عبادي تبوأ من الجنة حيث شئت.
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية ودار الباز مكة 1405 هـ بتحقيق ( محمد عبدالقادر عطا )(1/192)
وفي ( فهرسة ) الإمام أبي عبد اللّه القصار ما نصه : بشارة عظيمة, قال محمد بن عبد العظيم المنذري لرائيه يعني في النوم دخلنا الجنة, وقبلنا يد رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -, وقال: أبشروا كل من كتب بيده قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - فهو معه في الجنة اهـ, وفي ( أذكار النووي ) عن سهل بن عبد اللّه التستري, أحد أفراد هذه الأمة وعبادها, أنه كان يأتي أبا داود السجستاني صاحب ( السنن ), ويقول : أخرج لي لسانك الذي تحدث به حديث رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - لأقبله فيقبله.
وعن إبراهيم بن أدهم قال : إن اللّه ليدفع البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث
وأخرج الشيخ أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي في كتاب ( الحجة على تارك المحجة ) بسنده إلى أحمد بن حنبل أنه قيل له : هل للّه في الأرض أبدال, فقال : نعم, قيل : من هم ؟,قال : إن لم يكن أصحاب الحديث هم الأبدال فما أعرف للّه أبدالاً
وفي ( العهود المحمدية ): كان سفيان الثوري وابن عيينة وعبد اللّه بن سنان يقولون : لو كان أحدنا قاضياً لضربنا بالجريد فقيهاً لا يتعلم الحديث, ومحدثاً لا يتعلم الفقه اهـ.(1/193)
وفي ( الفتوحات المكية ) لابن العربي الحاتمي رحمه اللّه (1): أن العالم لا يطلق يوم القيامة إلا على المحدث, وأما غيره فيتميز بعمله, إن كان له عمل, ويحشر في عموم الناس, وأما أهل الحديث فيحشرون مع الرسل, وهم ورثة الأنبياء, وأطال في ذلك, فانظره
ويروى مرفوعاً: ( اللّهم ارحم خلفائي, قيل : ومن هم ؟,قال : الذين يأتون من بعدي يروون أحاديثي , وسنتي ).(2)
وفي الحديث المتواتر كما يأتي : ( نضر اللّه امرأً سمع مقالتي فوعاها, فأداها كما سمعها), دعا بالنضرة وهي البهجة و الحسن, قال ابن عيينة : ليس أحد من أهل الحديث إلا في وجهه نضرة لهذا الحديث.
وقد كان بعض الأئمة الكبار إذا رأى أصحاب الحديث ينشد ويقول:
أهلاً وسهلاً بالذين أحبهم *** وأودهم في اللّه ذي الآلاء
أهلاً بقوم صالحين ذوي تقى *** غر الوجوه وزين كل ملاء
يا طالبي علم النبي محمد *** ما أنتم وسواكم بسواء.
وللحافظ أبي طاهر السلفي:
دين النبي وشرعه إخبار *** وأجل علم يقتفي آثاره
من كان مشتغلاً بها وبنشرها *** بين البرية لا عفت آثاره
وروى ابن عبد البر بسنده إلى عبد اللّه بن الإمام أحمد بن حنبل عن أبيه قال:
دين النبي محمد آثار *** نعم المطية للفتى الإخبار
لا تعد عن علم الحديث وأهله *** فالرأي ليل والحديث نهار
__________
(1) - لا رحمه الله ولا قدس روحه ولا سره, فهو ابن العربي الطائي الحاتمي المتوفى سنة 638هـ صاحب ( فصوص الحكم ) و (الفتوحات المكية ) وغيرها من التصانيف الضالة المضلة, وهو شيخ أهل الوحدة المطلقة التي تساوي بين الرب تعالى و مخلوقاته فالكل عندهم شيء واحد, تعالى الله عن كفرهم علوا كبيرا, وانظرا لزاما ترجمته في كتاب ( العقد الثمين ) للفاسي لتعرف أقوال العلماء وحكمهم فيه وفي نحلته, وقد طبعت أيضا مفردة في دار ابن الجوزي بتحقيق ( حسن الحلبي )
(2) - أخرجه الطبراني في ( الأوسط ) من حديث علي, قال الالباني في (الضعيفة)( 854 ) : باطل(1/194)
ولربما جهل الفتى طرق الهدي *** والشمس طالعة لها أنوار
وإن أهل هذا الفن قد قسموه أنواعاً, ووضعوا في كل نوع منه أوضاعاً, ومن أنواعه المذكورة, الأحاديث المتواترة المشهورة, وقد نهضت قبل هذا الأوان, لجمع ما وقفت عليه منها في بطون الدفاتر ومقيدات الإخوان, حتى جمعت منها جملة وافرة, وعدة جليلة متكاثرة, ولما خفت عليها من الدروس والضياع, جمعتها مقيد للانتفاع
وسميته : ( بنظم المتناثر من الحديث المتواتر ), وكان ذلك قبل وقوفي للسيوطي على ( أزهاره المتناثرة ), الذي لخصه في ( فوائده المتكاثرة ), ثم بعد وقوفي عليه, أضفت ما فيه إليه, ولم أدع حديثاً من أحاديثه إلا ذكرته, وبقولي عند ذكره "أورده في ( الأزهار ) من حديث فلان ميزته, ثم أذكر ما عده فيه من الصحابة أو التابعين, مسقطاً لما ذكره من المخرجين, فإن تيسرت زيادة نبهت عليها, وبلفظة ( قلت )بعد كلامه أشرت إليها, وما لم يذكر أتيت فيه بما يسره اللّه علي, من غير تعرض إليه, فيعلم من ذلك أني لم أجد ذلك الحديث لديه, وقد قال السخاوي في مبحث المتواتر من شرح الألفية ما نصه : وقد أفرد ما وصف بذلك: يعني بالتواتر في تأليف إما للزركشي أو غيره اهـ.(1/195)
قلت : إفراده بالتأليف بعد السخاوي جماعة, منهم الشيخ الإمام الحافظ جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمان بن أبي بكر السيوطي, المتوفى سنة إحدى عشرة وتسعمائة, وسماه ( الفوائد المتكاثرة في الأخبار المتواترة ), رتبه على الأبواب, وجمع فيه ما رواه من الصحابة عشرة فصاعدا,ً مستوعباً فيه كل حديث بأسانيده,وطرقه وألفاظه, فجاء كتاباً حافلاً, لم يسبق كما قال إلى مثله, ثم جرد مقاصده في جزء لطيف, سماه ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ), اقتصر فيه على ذكر الحديث وعدة من رواه من الصحابة, مقروناً بالعزو إلى من خرجه من الأئمة المشهورين,.وعدة أحاديثه فيه ما ذكره هو في آخره مائة, لكني عددتها فوجدتها تزيد على ذلك باثني عشر, وإلى اللّه تعالى حقيقة الخبر, ومنهم الشيخ الإمام الحافظ خاتمة المسندين ذو التصانيف العديدة, شمس الدين أبو عبد اللّه محمد بن محمد بن علي بن طولون الحنفي الدمشقي الصالحي, المتوفى سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة, وسماه ( اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة ) ومنهم الشيخ أبو الفيض محمد مرتضى الحسيني الزبيدي المصري, المتوفى عام خمسة ومائتين وألف, وسماه : ( لقط اللآلئ المتناثرة في الأحاديث المتواترة), ومنهم أخذ السيد النواب صديق بن حسن بن علي القنوجي البخاري الحسيني الأربعين التي جمعها مما بلغ حد التواتر, وسماها : ( بالحرز المكنون من لفظ المعصوم المأمون ).(1/196)
وقد قال في ( شرح النخبة ) للعلامة أبي الحسن محمد صادق السندي المدني ما نصه : وقد تساهل السيوطي في الحكم بالتواتر, فحكم على عدة من الأحاديث بذلك, وأوردها في كتاب سماه : ( الأزهار المتناثرة في الأحاديث المتواترة ) اهـ, وهو كذلك, فإنه ذكر عدة أحاديث ربما يقطع الحديثي بعدم تواترها, ويظهر أيضاً من كلامه أنه قصد جمع المتواتر اللفظي, ثم إنه كثيراً ما يورد أحاديث صرح هو أو غيره في بعض الكتب بأن تواترها معنوي, وهذا قبل الشروع في المقصود بياناً وإيضاحا,ً وأتى بمقدمة في بيان معنى التواتر لغة واصطلاحاً, فأقول (1)
البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير للشيخ أبي المواهب عبدالوهاب بن أحمد الشعراني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه, ويكافئ مزيده, يا ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك, ولعظيم سلطانك, سبحانك لانحصي ثناء عليك, أنت كما اثنيت على نفسك, والصلاة والتسليم على أشرف المرسلين, محمد وآله وصحبه أجمعين
__________
(1) - طبع قديما سنة 1328هـ بتصحيح ( عبدالرحمن بن جعفر الكتاني ), ثم صورت هذه الطبعة في دار الكتب العلمية, و أعيد طبعه فيها بتصفيف آخر ولكنه يحتاج إلى تحقيق علمي, وللشيخ ( عبد العزيز بن الصديق الغماري ) كتاب ( إتحاف ذوي الفضائل المشتهرة بما وقع من الزيادات في نظم المتناثر على الأزهار المتناثرة ) طبع في دار الفكر 1416هـ بذيل كتاب السيوطي ( الأزهار ) جمع فيه زوائد الكتاني على السيوطي, وما زاده أخوه الشيخ أحمد بن الصديق, على هامش نسخته من ( نظم المتناثر )(1/197)
وبعد : فهده أحاديث غريبة قَلَّ أن يطلع على تخريجها عالم من علماء أهل عصرنا, عدتها نحو من ألفين وثلاثمائة حديث, انتخبتها من كتاب ( الجامع الكبير ), وكتاب ( الجامع الصغير ), وكتاب ( زوائد الجامع الصغير) والكتب الثلاثة للامام الحافظ الشيخ جلال الدين السيوطي, خاتمة حفاظ مصر المحروسة, وأضفت إليها جميع ما في كتاب السخاوي رحمه الله المسمى : ( بالمقاصد الحسنة في تخريج الاحاديث الدائرة على الألسنة ), وسلكت فيه ترتيب أصوله, و هو ترتيبه على حروف المعجم, مراعيا أول حرف من تلك الكلمة, ولم أذكر فيه شيئا من الاحاديث الموضوعة إلا مبينا
قال السيوطي في بعض نسخ ( الجامع الكبير ): وجميع ما أعزوه للبخاري, ومسلم, و(الموطأ), وابن حبان, و(مستدرك) الحاكم على الصحيحين, و(المختارة) للضياء المقدسي, و(صحيح) ابن خزيمة, وأبي عوانة, و ابن السكن, و(المنتقى) لابن الجارود, و(المستخرجات) للحاكم, فهو كله صحيح, فالعزو إليها مؤذن بالصحة, لأنهم لا يروون إلا الصحيح
وجميع ما أعزوه لكتب التواريخ فهو ضعيف, إلا (تاريخ البخاري) فإنه كله صحيح, وجميع ما أعزوه لأبي داود الطيالسي, والإمام أحمد, وابنه عبدالله, وسعيد بن منصور, وابن أبي شيبة, وأبي يعلى, و الطبراني في (الكبير), و (الأوسط), والدراقطني, و(الحلية) لأبي نعيم, والييهقي في (السنن), و(الشعب), في ذلك كله الصحيح والحسن و الضعيف, فأبين ذلك غالبا, وجميع ما أعزوه للعقيلي, وابن عدي, وابن عساكر, و الخطيب, والحكيم الترمذي في (نوادر الاصول) والحاكم, وابن النجار في (تاريخيهما), والديلمي في (مسند الفردوس) فهو ضعيف, فيستغنى بالعزو الى هذه الكتب عن بيان الضعف انتهى, وقد تبعته في هذا الاصطلاح(1/198)
وسميته : ( بالبدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير ), ومرادي بالغرابة جهل غالب الناس بمن خرجها, لا الغرابة في مصطلح المحدثين, وكان الباعث لي على تأليفه كثرة سؤال الناس لي عن تلك الأحاديث, هل هي مرفوعة أو منقطعة ؟, وهل هي من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو من كلام أصحابه , و أهل بيته ؟, فأحببت بذلك أن أدخل بتأليفه في جملة حملة شريعته, من المحدثين رضوان الله تعالى عليهم أجمعين, إذ هم رسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبليغهم شرعه إلى أمته إلى يوم الدين, وهذا شرف لم يشاركهم فيه أحد غيرهم, فإن رسول رسول - صلى الله عليه وسلم - رسول, وهكذا إلى يوم الدين, كما أشار ألى ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقوله : ( رحم الله امرءا سمع مقالتي فوعاها وأداها كما سمعها ), يعني حرفا بحرف, فحاز الحمدثون دعاء رسول - صلى الله عليه وسلم - الله لهم بالرحمة, ودعاؤه مستجاب لا يرد منه شيء, وغير المحدثين ليس لهم من الدعاء بالرحمة إلا بقدر ما بلغوا من السنة الواردة, لا الفهم والرأي, فافهم, والحمد لله رب العالمين, فإذا علمت ذلك فأقول, وبالله التوفيق (1)
القول المسددفي الذب عن مسند الإمام أحمد
__________
(1) - طبع ( البدر المنير ) في دار الكتب العلمية 1420هـ بتحقيق ( محمود عمر الدمياطي ) وعدد أحاديثه ( 2249 ) حديثا
و الشعراني هو الشيخ أبو محمد عبد الوهاب بن أحمد بن علي الحنفي ، نسبة إلى محمد ابن الحنفية ، الشعراني،: عالم و فقيه شافعي, من كبار المتصوفة, نشأ بساقية أبي شعرة من قرى المنوفية وإليها نسبته الشعراني، ويقال الشعراوي, له تصانيف كثيرة, أغلبها في التصوف، منها ( مختصر سنن البيهقي الكبرى ), و( مختصر تذكرة القرطبي ), و( كشف الغمة عن جميع الأمة ) وغير ذلك, توفي في القاهرة سنة 973هـ ,ترجمته في ( شذرات الذهب )(8\372)(1/199)
للحافظ ابن حجر العسقلاني بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الحكيم فلا يتوجه عليه الإنتقاض لأحكامه ولا الإنتقاد لأقواله, العليم فلا يخفى عليه مثقال الذر من الوجود ولا أخف من مثقاله, العظيم فلا يدرك العالم العارف كنه جلاله, لا راد لما قضى وأحكم, ولا معقب لما أمضى وأبرم, أحمده على جزيل بره, وأستعينه وأستهديه و أشكره على إحسانه الذي منه إلهام شكره, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, الملك العلي الأعلى الكريم الأكرم, وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى السبيل الأقوى الأقوم, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم, وشرف وكرم
أما بعد : فقد رأيت أن أذكر في هذه الأوراق ما حضرني من الكلام على الأحاديث التي زعم بعض أهل الحديث أنها موضوعة, وهي في المسند الشهير للإمام الكبير أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل, إمام أهل الحديث في القديم و الحديث, والمطلع على خفاياه, المثير لخباياه, عصبية مني لا تخل بدين ولا مروءة, وحمية للسنة لا تعد بحمد الله من حمية الجاهلية, بل هي ذب عن هذا المصنف العظيم, الذي تلقته الأمة بالقبول والتكريم, وجعله إمامهم حجة يرجع إليه, و يعول عند الاختلاف عليه, وقد قرأت في ذلك (جزءا) جمعه شيخنا الإمام العلامة حافظ عصره, زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي تغمده الله بالرحمة والرضوان, كتبته عنه, ثم قرأته عليه, وهو مشتمل على تسعة أحاديث, هي في التحقيق سبعة, وفاته شيء آخر على شرطه كنت علقته على ذلك (الجزء), فرأيت الآن جمعه هنا, وقد رأيت قبل أن نخوض في حديث الأجوبة, ونوجه الرد أو نتعقبه أن أذكر سياق ما أورده الشيخ على الولاء, على نص ما كتبه في (الجزء) المذكور, ثم أذكر وجه الذب عن الأحاديث المذكورة, على طريقة أهل الحديث, من غير تعسف ولا تكلف
أخبرني شيخنا العلامة أبو الفضل بن الحسين بقراءتي عليه بمنزلة ظاهر القاهرة قلت له رضى الله عنك :(1/200)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تبويء قائلها من الجنان غرفا, وأشهد أن محمدا عبده المرتضى, ورسوله المصطفى, صلى الله عليه وعلى آله و صحبه, وزادهم تعظيما وشرفا.
وبعد : فقد سألني بعض أصحابنا من مقلدي مذهب الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل - رضي الله عنه - في سنة خمسين و سبعمائة أو بعدها ييسير له أن أفرد ما وقع في مسند الإمام أحمد بن حنبل من الأحاديث التي قيل فيها إنها موضوعة, فذكرت له أن الذي في ( المسند ) من هذا النوع أحاديث ذوات عدد, ليست بالكثيرة, ولم يتفق لي جمعها, فلما قرأت(1/201)
( المسند ) في سنة ستين وسبعمائة على الشيخ المسند علاء الدين أبي الحسن علي بن محمد بن صالح العرضي الأصل الدمشقي, قدم علينا من الإسكندرية لسماع المسند عليه, وقع في أثناء السماع كلام هل في ( المسند ) أحاديث ضعيفة, أو كله صحيح, فقلت : إن فيه أحاديث ضعيفة كثيرة, وإن فيه أحاديث يسيرة موضوعة, فبلغني بعد ذلك أن بعض من ينتمي إلى مذهب الإمام أحمد أنكر هذا إنكارا شديدا, من أن فيه شيئا موضوعا, وعاب قائل هذا, ونقل عن الشيخ تقي الدين ابن تيمية : أن الذي وقع فيه من هذا هو من زيادات القطيعي, لا من رواية الإمام أحمد , ولا من رواية ابنه عبد الله عنه, فحرضنى قول هذا القائل على أن جمعت في هذه الأوراق ما وقع في ( المسند ) من رواية الإمام أحمد, ومن رواية ابنه عبد الله, مما قال فيه بعض أئمة هذا الشأن إنه موضوع, وبعض هذه الأحاديث مما لم يوافق من ادعى وضعها على ذلك, فأبينه مع سلوك الإنصاف, فليس لنا بحمد الله غرض إلا في إظهار الحق, وقد أوجب الله تعالى على من علم علما وإن قل أن يبينه, ولا يكتمه, كما حدثنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن أبي الربيع الدلاصي بقراءتي عليه بمصر, أنا محمد بن عبد الحق القرشي, أنا عبد الرحمن ابن عبد المجيد الصفراوي, وعبد الصمد بن داود الغضائري, قالا أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ أنا القاسم بن الفضل أنا محمد بن الفضل بن نظيف, أخبرنا أحمد بن الحسن الرازي, ثنا بكر بن سهل الدمياطي, ثنا موسى بن محمد, ثنا زيد بن مسور عن الزهري, عن ابن المسيب, عن أبي هريرة قال قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - : ( ما آتى الله عالما علما إلا أخذ عليه الميثاق أن لا يكتمه ) (1)
__________
(1) - وأخرجه ابن الجوزي في ( العلل المتناهية )(141) من طريق ابن مردويه, قال ابن الجوزي : فيه البلقاوي قال أبوزرعة : كان يكذب, وقال ابن حبان : يضع الحديث على الثقات(1/202)
موسى بن محمد هو البلقاوي متهم, لكن له شاهد بإسناد صالح من حديث ابن مسعود, رويناه في كتاب ( فضل العالم العفيف على الجاهل الشريف ) لأبي نعيم الحافظ
وليعلم المنكر لقولي إن في ( المسند ) أحاديث يسيرة موضوعة أنه أنكر علي قولا واجبا على من وجهين, أحدهما : أنى سئلت عنه, والثاني : أن العلماء قالوا : لا يجوز رواية الحديث الموضوع إلا مع بيان أنه موضوع, فلنذكر الآن الأحاديث التي نحن بصدد إيرادها بأسانيد الإمام أحمد, ليظهر موضع العلة, مقدما ذكر سندي إلى الإمام أحمد (1)
غرر الفوائد المجموعة في بيان ما وقع في صحيح مسلم من الأحاديث المقطوعة
للحافظ رشيد الدين أبي الحسين
يحيى بن علي القرشي العطار بسم الله الرحمن الرحيم, وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت, الحمد لله حق حمده, وصلواته و سلامه على محمد نبيه وعبده, و على آله وصحبه من بعده
__________
(1) - فرغ منه في سنة 819 هـ , وقد طبعه العلامة ( أحمد محمد شاكر ) في آخرطبعته (للمسند ) بتحقيقه, ثم طبع مفردا في مطبعة إدارة ترجمان السنة بباكستان 1979م و في عالم الكتب ببيروت, و في دار اليمامة بدمشق(1/203)
وبعد : فهذه أحاديث مخرجة من صحيح الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري الحافظ - رضي الله عنه -, وقعت شاذة عن رسمه فيه, ذكرها الإمام أبو عبد الله محمد بن علي التميمي المازري رحمه الله في كتابه المسمى ( بالمعلم )(1), ونص على أنها وقعت في كتاب مسلم مقطوعة الأسانيد, وعدها أربعة عشر حديثا, ونبه على أكثرها في مواضعها من كتابه, إلا أنه لم يبين صفة انقطاعها, ولا ذكر من وصلها كلها من أئمة الرواة, فربما توهم الناظر في كتابه ممن ليس له عناية بالحديث, ولا معرفة بجمع طرقه أنها من الأحاديث التي لا تتصل بوجه, ولا يصح الاحتجاج بها لانقطاعها
وقد رأيت غير واحد يلهج بذكرها, ويظنها على هذه الصفة, وليس الأمر كذلك, بل هي متصلة كلها, والحمد لله من الوجوه الثابتة التي نوردها فيما بعد إن شاء الله, وهذا القول الذي قاله الإمام أبو عبد الله المازري إنما أخذه فيما قيل من كلام الحافظ أبي علي الغساني الأندلسي (2), فإنه جمعها قبله, وعدها كذلك أيضا, إلا أنه نبه على اتصال بعضها, ولم يستوعب ذلك في جميعها
ولعل المازري رحمه الله إنما ترك التنبيه على اتصالها لاكتفائه بما ذكره أبو علي الحافظ, على أنهما قد خولفا في إطلاق تسمية المقطوع على أحاديث منها, ولم يسلم لهما ذلك فيها, على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله
__________
(1) - هو كتاب ( المعلم بفوائد كتاب مسلم ), طبع في المؤسسة الوطنية للترجمة والتحقيق والدراسات تونس 1988م , بتحقيق الشيخ ( محمد الشاذلي النيفر ), ثم أعيد طبعه في دار الغرب الإسلامي بيروت 1992
(2) - هو الامام الحافظ أبي علي الحسين بن محمد الغساني الجياني تلميذ ابي عمر بن عبدالبر وابي الوليد الباجي,) توفي سنة 498هـ ترجمته في (تذكرة الحفاظ)(4\1233), والكتاب الذي استفاد منه المازري ( تقييد المهمل وتتمييز المشكل ) كتاب علل كتاب مسلم بن الحجاج (2\482)(1/204)
وقد استخرت الله سبحانه وجمعتها في هذا الجزء لنفسي, ولمن شاء الله أن ينتفع بها, وأضفت إليها ما وقع لي في صحيح مسلم من جنسها, مما لم يعده الحافظ أبو علي في جملتها, وبينت وجوه اتصالها كلها, وسميت من وصلها من الثقات المعتمد على قولهم في هذا الشأن, ومن أخرجها في كتبه من أئمة الحديث, مستعينا في ذلك كله بالله عز وجل, ومستمدا هدايته وإرشاده, وتوفيقه إلى الصواب وإسعاده, وهو حسبي ونعم الوكيل (1)
كتب التفاسير الحديثية
تفسير القرآن للحافظ ابن أبي حاتم
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على محمد خاتم الانبياء وعلى آله أجمعين.
سألني جماعة من إخواني إخراج تفسير القرآن مختصرا بأصح الأسانيد, وحذف الطرق و الشواهد, والحروف والروايات, وتنزيل السور, وأن نقصد لإخراج التفسير مجردا, دون غيره مقتصين تفسير الآي حتى لا نترك حرفا من القرآن يوجد له تفسير إلا أخرج ذلك, فأجبتهم إلى ملتمسهم, وبالله التوفيق, وإياه نستعين, ولا حول ولا قوة الا بالله
__________
(1) - طبع ( الغرر ) في دار الكتب العلمية 1417هـ بتحقيق ( محمد خرشافي ) , والعطار هو الإمام الحافظ الثقة رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي الرشيد العطار القرشي الأموي النابلسي ثم المصري المالكي, كان حافظا متقنا, ثقة ثبتا, مأمونا حسن التخريج, انتهت إليه رياسة الحديث بالديار المصرية, ألف ( معجم شيوخه ), خرج وأفاد, توفي سنة 662هـ ترجمته في (طبقات الحفاظ) للسيوطي(1\505\1112)(1/205)
فتحريت إخراج ذلك بأصح الأخبار إسنادا, وأشبهها متنا, فإذا وجدت التفسير عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أذكر معه أحدا من الصحابة ممن أتى بمثل ذلك, وإذا وجدته عن الصحابة فإن كانوا متفقين ذكرته عن أعلاهم درجة, بأصح الأسانيد, وسميت موافقيهم بحذف الإسناد, وإن كانوا مختلفين ذكرت اختلافهم, وذكرت لكل واحد منهم إسنادا, وسميت موافقيهم بحذف الإسناد, فان لم أجد عن الصحابة ووجدته عن التابعين عملت فيما أجد عنهم ما ذكرته من المثال في الصحابة, وكذا أجعل المثال في أتباع التابعين و أتباعهم, جعل الله ذلك لوجهه خالصا, ونفع به (1)
الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله أحيا بما شاء مآثر الآثار بعد الدثور, ووفق لتفسير كتابه العزيز بما وصل إلينا بالإسناد العالي من الخبر المأثور, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تضاعف لصاحبها الأجور, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أسفر فجره الصادق فمحا ظلمات أهل الزيغ والفجور, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ذوي العلم المرفوع, و الفضل المشهور, صلاة وسلاما دائمين ممر الليالي والدهور
__________
(1) - طبع في دار الفكر في( 10 ) مجلدات, وفي المكتبة العصرية في ( 12 ) مجلدا, وفيه نقص في بعض المواضع, وقد أكثر من النقل عنه ابن كثير في ( تفسيره ) ذاكرا لأسانيده, و للحافظ السيوطي ( منتقى ) منه, نسبه له صاحب (كشف الظنون) قال الذهبي في (السير)(13\264): تفسير كبير في عدة مجلدات, عامته آثار بأسانيده, من أحسن التفاسير.اهـ,(1/206)
وبعد : فلما ألفت كتاب ( ترجمان القرآن ) وهو التفسير المسند عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -, وتم بحمد الله في مجلدات, فكان ما أوردته فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرج منها واردات, رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله, و رغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله, فخلصت منه هذا المختصر, مقتصرا فيه على متن الأثر مصدرا بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر,
وسميته : ( الدر المنثور في التفسير بالمأثور ), والله أسأل أن يضاعف لمؤلفه الأجور, ويعصمه من الخطأ والزور, بمنه و كرمه, إنه البر الغفور (1)
شروح الكتب الحديثية
التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد لابن عبد البر
بسم الله الرحمن الرحيم, صلى الله على سيدنا محمد و على أهله, عونك اللهم, قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمرى الحافظ - رضي الله عنه - :
الحمد لله الأول والآخر الظاهر, الباطن القادر القاهر, شكرا على تفضله وهدايته وفزعا الى توفيقه وكفايته, ووسيلة الى حفظه ورعايته, ورغبة في المزيد من كريم الآئه وجميل بلائه, وحمدا على نعمه التي عظم خطرها عن الجزاء, و جل عددها عن الاحصاء, وصلى الله على محمد خاتم الأنبياء, وعلى آله اجمعين وسلم تسليما
__________
(1) - طبع أولا في مكتبة البابي الحلبي 1314هـ في( 6 ) مجلدات وبهامشه ( تنوير المقباس تفسير حبر الامة ابن عباس ), ثم في دار الفكر 1414هـ في ( 8 ) مجلدات, وفي دار الكتب العلمية2000 في ( 7 ) مجلدات(1/207)
أما بعد : فإني رأيت كل من قصد إلى تخريج ما في ( موطأ مالك بن أنس ) رحمه الله من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, قصد بزعمه الى المسند, وأضرب عن المنقطع والمرسل, وتأملت ذلك في كل ما انتهى الى مما جمع في سائر البلدان, وألف على اختلاف الأزمان, فلم أر جامعيه وقفوا عند ما شرطوه, ولا سلم لهم في ذلك ما أملوه, بل أدخلوا من المنقطع شيئا في باب المتصل, وأتوا بالمرسل مع المسند, وكل من يتفقه منهم لمالك وينتحله إذا سألت من شئت منهم عن مراسيل
( الموطأ ) قالوا : صحاح, لا يسوغ لأحد الطعن فيها, لثقة ناقليها, وأمانة مرسليها, وصدقوا فيما قالوه من ذلك, لكنها جملة ينقضها تفسيرهم باضرابهم عن المرسل والمقطوع, وأصل مذهب مالك رحمه الله و الذي عليه جماعة أصحابنا المالكيين أن مرسل الثقة تجب به الحجة, ويلزم به العمل, كما يجب بالمسند سواء, وأجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت على قبول خبر الواحد العدل, وايجاب العمل به اذا ثبت, ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع, على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة الى يومنا هذا, الا الخوارج وطوائف من أهل البدع, شرذمة لا تعد خلافا, وقد أجمع المسلمون على جواز قبول الواحد السائل المستفتى لما يخبره به العالم الواحد اذا استفتاه فيما لا يعلمه, وقبول خبر الواحد العدل فيما يخبر به مثله, وقد ذكر الحجة عليهم في ردهم أخبار الآحاد جماعة من أئمة الجماعة, وعلماء المسلمين, وقد أفردت لذلك كتابا موعبا (1) كافيا والحمد لله
__________
(1) -سماه ( الشاهد في إثبات خبر الواحد ), نسبه له الذهبي في (السير)(18\1139)(1/208)
ولأئمة فقهاء الآمصار في إنفاذ الحكم بخبر الواحد العدل مذاهب متقاربة, بعد أجماعهم على ما ذكرت لك من قبوله, و إيجاب العمل به دون القطع على مغيبه, فجملة مذهب مالك في ذلك ايجاب العمل بمسنده و مرسله, ما لم يعترضه العمل الظاهر ببلده, ولا يبالي في ذلك من خالفه في سائر الأمصار, ألا ترى الى إيجابه العمل بحديث التفليس, وحديث المصراة, و حديث أبي القعيس في لبن الفحل, وقد خالفه في ذلك بالمدينة وغيرها جماعة من العلماء, وكذلك المرسل عنده سواء, ألا تراه يرسل حديث الشفعة ويعمل به, و يرسل حديث اليمين مع الشاهد ويوجب القول به, ويرسل حديث ناقة البراء بن عازب في جنايات المواشي ويرى العمل به, ولا يرى العمل بحديث خيار المتبايعين, ولا بنجاسة ولوغ الكلب, ولم يدر ما حقيقة ذلك كله لما اعترضهما عنده من العمل, ولتخليص القول في ذلك موضع غير هذا, وقالت طائفة من أصحابنا مراسيل الثقات أولى من المسندات, واعتلوا بأن من أسند لك فقد أحالك على البحث عن أحوال من سماه لك ومن أرسل من الأئمة حديثا مع علمه ودينه وثقته فقد قطع لك على صحته وكفاك النظر(1/209)
وقالت منهم طائفة أخرى : لسنا نقول أن المرسل أولى من المسند, ولكنهما سواء في وجوب الحجة و الاستعمال, و اعتلوا بأن السلف رضوان الله عليهم أرسلوا ووصلوا وأسندوا, فلم يعب واحد منهم على صاحبه شيئا من ذلك, بل كل من أسند لم يخل من الأرسال, ولو لم يكن ذلك كله عندهم دينا وحقا ما اعتمدوا عليه, لأنا وجدنا التابعين اذا سئلوا عن شيء من العلم وكان عندهم في ذلك شيء عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه - رضي الله عنهم - قالوا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا, وقال عمر كذا ,ولو كان ذلك لا يوجب عملا ولا يعد علما عندهم لما قنع به العالم من نفسه, ولا رضى به منه السائل, وممن كان يذهب الى هذا القول من أصحابنا أبو الفرج عمرو بن محمد المالكي (1), وأبو بكر محمد بن عبدالله بن صالح الأبهري (2), وهو قول أبي جعفر محمد بن جرير الطبري
__________
(1) - هو عمرو أبو الفرج بن عمرو الليثي القاضي ويقال ابن محمد بن عبدالله البغدادي هذا صحيح اسمه ووهم من سماه محمد أبو الحسين, صحب إسماعيل القاضي وتفقه معه, ولى قضاء طرسوس وغيرها, كان فصيحا لغويا فقيها متقدما, له الكتاب المعروف ( بالحاوي في مذهب مالك ) وكتاب ( اللمع في أصول الفقه ), روى عنه أبو بكر الأبهري وأبو علي بن السكن توفي سنة 331 هـ ترجمته في (الديباج المذهب)(1\215)
(2) - هو أبو بكر محمد بن عبد الله الأبهري, سكن بغداد وحدث بها عن جماعة منهم أبو عروبة الحراني وابن أبي داود وابن داسة والبغوي وغيرهم, له التصانيف في شرح مذهب مالك والإحتجاج له, والرد على من خالفه, وكان إمام أصحابه في وقته, حدث عنه جماعة منهم البرقاني والقاضي أبو القاسم التنوخي وأبو الحسن الدارقطني وغيرهم, توفي سنة 375هـ ,ترجمته في (الديباج المذهب)(1\255)(1/210)
وزعم الطبري أن التابعين بأسرهم أجمعوا على قبول المرسل, و لم عنهم إنكاره ولا عن أحد الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين, كأنه يعنى أن الشافعي أول من أبي من قبول المرسل
وقالت طائفة أخرى من أصحابنا : لسنا نقول أن المسند الذي اتفقت جماعة أهل الفقه والأثر في سائر الأمصار وهم الجماعة على قبوله والاحتجاج به واستعماله كالمرسل الذي اختلف في الحكم به وقبوله في كل أحواله, بل نقول ان للمسند مزية فضل لموضع الاتفاق, وسكون النفس الى كثرة القائلين به, وإن كان المرسل يجب أيضا العمل به, وشبه ذلك من مذهبه بالشهود, يكون بعضهم أفضل حالا من بعض, و أقعد وأتم معرفة, وأكثر عددا, وأن كان البعض عدلين جائزي الشهادة, وكلا الوجهين يوجب العمل, ولا يقطع العذر
وممن كان يقول هذا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إسحاق بن خوازبنداذ البصرى المالكي (1)
__________
(1) - أبو بكر محمد بن أحمد بن عبد الله بن خويز منداد, تفقه على الأبهري, له كتاب كبير في الخلاف, وكتاب في أصول الفقه, و كتاب في أحكام القرآن, كان يجانب الكلام وينافر أهله, توفي سنة , ترجمته في (الديباج المذهب)(1\268)(1/211)
, وأما أبو حنيفة وأصحابه فانهم يقبلون المرسل, ولا يردونه إلا بما يردون به المسند من التأويل والاعتلال على أصولهم في ذلك, وقال سائر أهل الفقه وجماعة أصحاب الحديث في كل الأمصار فيما علمت الانقطاع في الأثر علة تمنع من وجوب العمل به, وسواء عارضه خبر متصل أم ل,ا وقالوا : إذا اتصل خبر وعارضه خبر منقطع لم يعرج على المنقطع مع المتصل, وكان المصير إلى المتصل دونه, وحجتهم في رد المراسيل ما أجمع عليه العلماء من الحاجة الى عدالة المخبر وأنه لا بد من علم ذلك, فإذا حكى التابعي عمن لم يلقه لم يكن بد من معرفة الواسطة, اذ قد صح أن التابعين أو كثيرا منهم رووا عن الضعيف وغير الضعيف, فهذه النكتة عندهم في رد المرسل, لأن مرسله يمكن أن يكون سمعه ممن يجوز قبول نقله وممن لا يجوز, ولا بد من معرفة عدالة الناقل, فبطل لذلك الخبر المرسل للجهل بالواسطة
قالوا : ولو جاز قبول المراسيل لجاز قبول خبر مالك والشافعي والأوزاعي ومثلهم اذا ذكروا خبرا عن النبي - صلى الله عليه وسلم -, ولو جاز ذلك فيهم لجاز فيمن بعدهم إلى عصرنا, وبطل المعنى الذي عليه مدار الخبر, ومن حجتهم أيضا في ذلك أن الشهادة على الشهادة قد أجمع المسلمون أنه لا يجوز فيها إلا الإتصال والمشاهدة, فكذلك الخبر يحتاج من الاتصال و المشاهدة الى مثل ما تحتاج اليه الشهادة, إذ هو باب في إيجاب الحكم واحد, هذا كله قول الشافعي وأصحابه وأهل الحديث, ولهم في ذلك من الكلام ما يطول ذكره, وأما أصحابنا فكلهم مذهبه في الأصل استعمال المرسل مع المسند كما يوجب الجميع استعمال المسند, ولا يردون بالمسند المرسل, كما لا يردون الخبرين المتصلين ما وجدوا الى استعمالهما سبيلا,وما ردوا به المرسل من حجة بتأويل, أو عمل مستفيض, أو غير ذلك من أصولهم, فهم يردون به المسند سواء, لا فرق بينهما عندهم(1/212)
قال أبو عمر : هذا أصل المذهب, ثم إنى تأملت كتب المناظرين والمختلفين من المتفقهي,ن وأصحاب الأثر من أصحابنا وغيرهم, فلم أر أحدا منهم يقنع من خصمه إذا احتج عليه بمرسل, ولا يقبل منه في ذلك خبرا مقطوعا, وكلهم عند تحصيل المناظرة يطالب خصمه بالاتصال في الاخبار, والله المستعان, وانما ذلك لأن التنازع انما يكون بين من يقبل المرسل وبين من لا يقبله, فإن احتج به من يقبله على من لا يقبله قال له : هات حجة غيره, فإن الكلام بيني وبينك في أصل هذا ونحن لا نقبله, وإن احتج من لا يقبله على من يقبله كان من حجته كيف تحتج على بما ليس حجة عندك ونحو هذا, ولم نشاهد نحن مناظرة بين مالكي يقبله, وبين حنفي يذهب في ذلك مذهبه, ويلزم على أصل مذهبهما في ذلك قبول كل واحد منهما من صاحبه المرسل, اذا أرسله ثقة عدل رضا ما لم يعترضه من الأصول ما يدفعه, وبالله التوفيق, واختلف أصحابنا وغيرهم في خبر الواحد العدل, هل يوجب العلم والعمل جميعا, أم يوجب العمل دون العلم, و الذي عليه أكثر أهل العلم منهم أنه يوجب العمل دون العلم, وهو قول الشافعي وجمهور أهل الفقه و النظر, ولا يوجب العلم عندهم إلا ما شهد به على الله, وقطع العذر بمجيئه قطعا, ولا خلاف فيه.
وقال قوم كثير من أهل الأثر وبعض أهل النظر إنه يوجب العلم الظاهر والعمل جميعا, منهم الحسين الكرابيسي وغيره, وذكر ابن خوازبنداذ أن هذا القول يخرج على مذهب مالك
قال أبو عمر : الذي نقول به أنه يوجب العمل دون العلم, كشهادة الشاهدين والأربعة سواء, وعلى ذلك أكثر أهل الفقه والأثر, وكلهم يدين بخبر الواحد العدل في الاعتقادات, ويعادى ويوالى عليها, ويجعلها شرعا ودينا في معتقده على ذلك جماعة أهل السنة, ولهم في الأحكام ما ذكرنا, وبالله توفيقنا(1/213)
ولما أجمع أصحابنا على ما ذكرنا في المسند والمرسل, واتفق سائر العلماء على ما وصفنا رأيت أن أجمع في كتابي هذا كل ما تضمنه ( موطأ مالك بن أنس ) رحمه الله في رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلس عنه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, مسنده ومقطوعة ومرسلة, وكل ما يمكن إضافته إليه صلوات الله وسلامه عليه, و رتبت ذلك مراتب, قدمت فيها المتصل ثم ما جرى مجراه مما اختلف في اتصاله, ثم المنقطع والمرسل وجعلته على حروف المعجم في أسماء شيوخ مالك رحمهم الله, ليكون أقرب للمتناول, ووصلت كل مقطوع جاء متصلا من غير رواية مالك, وكل مرسل جاء مسندا من غير طريقه رحمة الله عليه, فيما بلغني علمه, وصح بروايتي جمعه ليرى الناظر في كتابنا هذا موقع آثار ( الموطأ ) من الاشتهار و الصحة, واعتمدت في ذلك على نقل الأئمة, وما رواه ثقات هذه الأمة, وذكرت من معاني الأثار وأحكامها المقصودة بظاهر الخطاب, ما عول على مثله الفقهاء أولو الألباب, وجلبت من أقاويل العلماء في تأويلها, وناسخها ومنسوخها, و أحكامها ومعانيها ما يشتفى به القارىء الطالب ويبصره, وينبه العالم ويذكره, وأتيت من الشواهد على المعاني والأسناد بما حضرني من الأثر ذكره, وصحبني حفظه, مما تعظم به فائدة الكتاب, وأشرت الى شرح ما استعجم من الألفاظ مقتصرا على أقاويل أهل اللغة, وذكرت في صدر الكتاب من الأخبار الدالة على البحث عن صحة النقل, وموضع المتصل والمرسل, ومن أخبار مالك رحمه الله وموضعه من الإمامة في علم الديانة, ومكانه من الإنتقاد والتوقي في الرواية, ومنزلة ( موطئه ) عند جميع العلماء المؤلفين منهم و المخالفين, نبذا يستدل بها اللبيب على المراد, وتغنى المقتصر عليها عن الازدياد, وأومأت الى ذكر بعض أحوال الرواة, وأنسابهم وأسنانهم ومنازلهم(1/214)
وذكرت من حفظت تاريخ وفاته منهم, معتمدا في ذلك كله على الاختصار, ضاربا عن التطويل والاكثار, والله أسأله العون على ما يرضاه, ويزلف فيما قصدناه, فلم نصل إلى شيء مما ذكرناه إلا بعونه وفضله, لا شريك له, فله الحمد كثيرا دائما ,على ما ألهمنا من العناية بخير الكتب بعد كتابه, وعلى ما وهب لنا من التمسك بسنة رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم -, و ما توفيقي الا بالله, وهو حسبي ونعم الوكيل
وإنما اعتمدت على رواية يحيى بن يحيى المذكورة خاصة لموضعه عند أهل بلدنا من الثقة والدين, والفضل و العلم والفهم, ولكثرة استعمالهم لروايته وراثة عن شيوخهم وعلمائهم, الا أن يسقط من روايته حديث من أمهات أحاديث الأحكام, أو نحوها, فأذكره من غير روايته إن شاء الله, فكل قوم ينبغي لهم امتثال طريق سلفهم فيما سبق إليهم من الخير, وسلوك منهاجهم فيما احتملوا عليه من البر, وإن كان غيره مباحا مرغوبا فيه.
والروايات في مرفوعات ( الموطأ ) متقاربة في النقص والزيادة, وأما اختلاف روايته في الإسناد والإرسال , والقطع و الإتصال, فأرجوا أن ترى ما يكفي ويشفي في كتابنا هذ,ا مما لا يخرجنا عن شرطنا إن شاء الله لارتباطه به, والله المستعان
فأما روايتنا ( للموطأ ) من طريق يحيى بن يحيى الأندلسي رحمه الله فحدثنا بها أبو عثمان سعيد بن نصر لفظا منه, قراءة علي من كتابه رحمه الله, وأنا أنظر في كتابي, قال : حدثنا قاسم بن أصبغ, ووهب بن مسرة, قالا حدثنا محمد بن وضاح, قال حدثنا يحيى بن يحي, عن مالك
وحدثنا به أيضا أبو الفضل أحمد بن قاسم, قراءة منى عليه, قال : حدثنا محمد بن عبدالله بن أبي دليم, ووهب بن مسرة, قالا حدثنا ابن وضاح, قال حدثنا يحيى, عن مالك(1/215)
وحدثنا به أيضا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد, قراءة منى عليه, قال حدثنا وهب بن مسرة, قال حدثنا ابن ضاح, قال حدثنا يحيى, عن مالك, وحدثني به أيضا أبو عمر أحمد بن محمد بن أحمد المذكور رحمه الله, قال : حدثنا أبو عمر أحمد بن مطرف, وأحمد بن سعيد, قالا : حدثنا عبيد الله بن يحيى بن يحيى, قال حدثني أبي, عن مالك, وبين رواية عبيد الله ورواية ابن وضاح حروف قد قيدتها في كتابي, والله أسأله حسن العون على ما يرضيه, ويقرب منه, فإنما نحن به, لا شريك له, وحسبنا الله ونعم الوكيل (1)
__________
(1) - طبع ( التمهيد ) في وزارة الأوقاف الإسلامية بالمغرب في ( 26 ) مجلدا بتحقيق عدة من العلماء, ثم في دار الكتب العلمية 1999 في ( 10 ) مجلدات مع آخر للفهارس بتحقيق ( محمد عبد القادر عطا ) وفي دار إحياء التراث العربي في( 9 ) مجلدات بتحقيق ( عبد الرزاق المهدي ) قال أبو علي الغساني : ألف أبو عمر في ( الموطأ ) كتبا مفيدة منها كتاب ( التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ) فرتبه على أسماء شيوخ مالك على حروف المعجم, وهو كتاب لم يتقدمه أحد إلى مثله, وهو سبعون جزءا, قال الذهبي : هي أجزاء ضخمة جدا, وقال ابن حزم: لا أعلم في الكلام على فقه الحديث مثله فكيف أحسن منه وأنشد أبو عمر رحمه الله يصف هذا الديوان :
سمير فؤادي مذ ثلاثين حجة *** وصيقل ذهني والمفرج عن همي
بسطت لكم فيه كلام نبيكم *** بما في معانيه من الفقه والعلم
وفيه من الآداب ما يهتدى به إلى *** البر والتقوى وينهى عن الظلم
وكان الفراغ منه في عقب شهر شعبان المكرم من سنة سبعين وخمسمائة
وابن عبدالبر هو الحافظ شيخ علماء الأندلس, وكبير محدثيها في وقته, أبو عمر يوسف بن عمر بن عبد البر النمري, قال الباجي أيضا أبو عمر أحفظ أهل المغرب, ألف كتبا مفيدة مشهورة, توفي سنة 463هـ ترجمته في (الديباج المذهب)(1\357)(1/216)
الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار مما رسمه مالك في موطئه من الرأي والآثار لابن عبد البر النمري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين الذي لا يبلغ وصف صفاته الواصفون, ولا يدرك كنه عظمته المتفكرون.
أما بعد : فإن جماعة من أهل العلم وطلبه و العناية به من إخواننا نفعهم الله وإيانا بما علمنا سألونا في مواطن كثيرة مشافهة, ومنهم من سألني ذلك من آفاق نائية مكاتبا أن أصرف لهم كتاب ( التمهيد ) على أبواب ( الموطأ ) ونسقه, وأحذف لهم منه تكرار شواهده وطرقه, وأصل لهم شرح المسند و المرسل اللذين قصدت إلى شرحهما خاصة في ( التمهيد ) بشرح جميع ما في ( الموطأ ) من أقاويل الصحابة والتابعين, وما لمالك فيه من قوله الذي بنى عليه مذهبه, واختاره من أقاويل سلف أهل بلده, الذي هم الحجة عنده على من خالفهم, وأذكر على كل قول رسمه, و ذكره فيه ما لسائر فقهاء الأمصار من التنازع في معانيه, حتى يتم شرح كتابه(1/217)
( الموطأ ) مستوعبا مستقصى, بعون الله إن شاء الله على شرط الإيجاز و الاختصار, وطرح ما في الشواهد من التكرار, إذ ذلك كله ممهد مبسوط في كتاب ( التمهيد ), والحمد لله, وأقتصر في هذا الكتاب من الحجة والشاهد على فقر دالة, وعيون مبينة, ونكت كافية, ليكون أقرب إلى حفظ الحافظ, وفهم المطالع, إن شاء الله, وأما أسماء الرجال فقد أفردنا للصحابة رضوان الله عليهم كتابا موعبا, وكل من جرى ذكره في مسند ( الموطأ ) أو مرسله فقد وقع التعريف به أيضا في ( التمهيد ), وما كان من غيرهم فيأتي التعريف بأحوالهم في هذا الكتاب إن شاء الله.اهـ (1)
__________
(1) - طبع في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية 1971 بتحقيق ( علي النجدي ناصف ), ثم في مؤسسة الرسالة بيروت في ( 30 ) مجلدا بتحقيق ( عبد المعطي قلعجي ),وفي دار الكتب العلمية 2000 بتحقيق ( سالم محمد عطا ) و ( محمد علي عوض ), وهو على ترتيب الأبواب الفقهية ( للموطأ ) وجمع بين ( الاستذكار ) و ( المنتقى للباجي ) الشيخ أبو الحسن علي بن عبدالله اللمائي المالكي المعروف بالمالطي المتوفى سنة 537هـ, ذكره ابن الابار في ( معجمه )(ص281), واختصر ( الاستذكار ) الشيخ علي بن إبراهيم الجذامي المتوفى سنة 632 هـ(1/218)
المنتقى شرح الموطأ للحافظ أبو الوليد الباجي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله فالق الإصباح, وجعل الليل سكنا, يرسل الرياح بين يدي رحمته بشرا , ملك السموات والأرض وما بينهما وهو العزيز الحكيم , و له ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم, لا إله إلا هو, لم يشرك في ملكه أحدا, ولم يتخذ صاحبة ولا ولدا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى و دين الحق و بينات من الرشاد, و وعد الصدق, وأنزل عليه كتابه المجيد, الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد, فبلغه للناس كافة وبينه للخاصة والعامة, ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة, حتى كمل دين الإسلام, وتقررت شرائعه, ولاحت سبل الأحكام, وثبتت مناهجه, وأمر بتبليغه إلى من شهده وإلى من سمعه, ومن لم يسمعه, لتكون معالم الدين بعده لائحة, وأحكامه على ما أثبتها باقية, فصلى الله عليه وعلى آله وأتباعه وسلم تسليما(2/1)
أما بعد : وفقنا الله وإياك لما يرضيه فإنك ذكرت أن الكتاب الذي ألفت في شرح ( الموطأ ) المترجم بكتاب ( الاستيفاء) يتعذر على أكثر الناس جمعه, ويبعد عنهم درسه, لا سيما لمن لم يتقدم له في هذا العلم نظر, ولا تبين له فيه بعد أثر, فإن نظره فيه يبلد خاطره ويحيره, ولكثرة مسائله ومعانيه يمنع تحفظه وفهمه, وإنما هو لمن رسخ في العلم, وتحقق بالفهم, و رغبت أن أقتصر فيه على الكلام في معاني ما يتضمنه ذلك الكتاب من الأحاديث والفقه, وأصل ذلك من المسائل بما يتعلق بها في أصل كتاب ( الموطأ ) ليكون شرحا له وتنبيها على ما يستخرج من المسائل منه, ويشير إلى الاستدلال على تلك المسائل والمعاني التي يجمعها و ينصها ما يخف ويقرب, ليكون ذلك حظ من ابتدأ بالنظر في هذه الطريقة من كتاب ( الاستيفاء ) إن أراد الاقتصار عليه وعونا له إن طمحت همته إليه, فأجبتك إلى ذلك, وانتقيته من الكتاب المذكور على حسب ما رغبته وشرطته, وأعرضت فيه عن ذكر الأسانيد, واستيعاب المسائل والدلالة, وما احتج به المخالف, و سلكت فيه السبيل الذي سلكت في كتاب ( الاستيفاء ) من إيراد الحديث والمسألة من الأصل, ثم أتبعت ذلك ما يليق به من الفرع, وأثبته شيوخنا المتقدمون - رضي الله عنهم - من المسائل, وسد من الوجوه والدلائل, وبالله التوفيق, وبه أستعين, وعليه أتوكل, وهو حسبي ونعم الوكيل(2/2)
وقد قدمت في الكتاب المذكور ما لا أخلي هذا الكتاب من حرف من ذكره, وذلك أن فتوى المفتي في المسائل وكلامه عليها وشرحه لها إنما هو بحسب ما يوفقه الله تعالى إليه, ويعينه عليه, وقد يرى الصواب في قول من الأقوال في وقت, و يراه خطأ في وقت آخر, ولذلك يختلف قول العالم الواحد في المسألة الواحدة, فلا يعتقد الناظر في كتابي أن ما أوردته من الشرح والتأويل والقياس والتنظير طريقه القطع عندي, حتى أعيب من خالفها, وأذم من رأى غيره, وإنما هو مبلغ اجتهادي,وما أدى إليه نظري, وأما فائدة إثباتي له فتبيين منهج النظر والاستدلال, والإرشاد إلى طريق الاختبار و الاعتبار, فمن كان من أهل هذا الشأن فله أن ينظر في ذلك, ويعمل بحسب ما يؤدي إليه اجتهاده, من وفاق ما قلته, أو خلافه, ومن لم يكن نال هذه الدرجة فليجعل ما ضمنته كتابي هذا سلما إليها, وعونا عليها, والله ولي التوفيق, والهادي إلى سبيل الرشاد, وهو حسبنا ونعم الوكيل .(1)
__________
(1) - طبع في مطبعة السعادة 1331 في( 4 ) مجلدات تتضمن ( 7 ) أجزاء, وفي دار الكتب العلمية 1999 في ( 9 ) مجلدات بتحقيق ( محمد عبد القادر أحمد عطا ), وله شرحان آخران الأول : سماه ( الاستيفاء في شرح الموطأ ) قال عياض في ( ترتيب المدارك ): لكن هذا لم يتم, وهو كان أكبرها و أجمعها اهـ, وقال ( ابن فرحون ) في ( الديباج المذهب ): كتاب حفيل كثير العلم لا يدرك ما فيه إلا من بلغ درجة أبي الوليد في العلم, الثاني : اختصر فيه ( المنتقى ) وسماه ( الإيماء ) وهو قدر ربع أصله, وله أيضا كتاب ( اختلاف الموطأ )
والباجي هو العلامة الحافظ ذو الفنون, أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي القرطبي المالكي, صاحب التصانيف, برع في الحديث و علله ورجاله والفقه وغوامضه والكلام ومضايقه, وتفقه به الأصحاب, وروى عنه خلائق, وصنف في الجرح والتعديل والتفسير و الفقه والأصول, مات سنة 474هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\439\992)(2/3)
القبس في شرح موطأ مالك بن أنس للحافظ أبي بكر بن العربي المعافري
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد و على آله وصحبه وسلم, أخبرنا الشيخ الفقيه الحافظ المحدث الخطيب العلامة أقضى القضاة, أبو القاسم عبدالرحمن بن محمد بن عبدالله بن يوسف بن حبيش - رضي الله عنه - قال : حدثنا الامام الخطيب جمال الاسلام أقضى القضاة, أبوبكر محمد بن العربي رحمه الله إملاء علينا من لفظه بداره بقرطبة حرسها الله, ونحن نكتب في شهور سنة ثنتين وثلاثين وخمسامائة قال:
هذا كتاب : ( القبس في شرح موطأ ابن أنس ) وهو أول كتاب ألف في شرائع الإسلام, وهو آخره, لأنه لم يؤلف مثله, إذ بناه مالك - رضي الله عنه - على تمهيد الأصول للفروع, ونبه فيه على معظم أصول الفقه, التي ترجع إليها مسائله و فروعه, وسترى ذلك إن شاء الله عيانا, وتحيط به يقينا عند التنبيه علي في موضعه أثناء الإملاء, بحول الله تعالى وجل (1)
عارضة الأحوذي شرح جامع الترمذي للحافظ أبي بكر بن العربي
__________
(1) - طبع في دار الغرب الإسلامي بيروت في ( 3 ) مجلدات, ثم في دار الكتب العلمية 1998 بتحقيق ( أيمن الأزهري ) و ( علاء إبراهيم الأزهري ), و له أيضا شرح أكبر سماه ( ترتيب المسالك في شرح موطأ مالك )
وابن العربي هو العلامة الحافظ القاضي أبو بكر محمد بن عبد الله الإشبيلي المالكي, رحل إلى المشرق, وتخرج بأبي حامد الغزالي وأبي بكر الشاشي, وجمع وصنف وبرع في الأدب والبلاغة, وبعد صيته, وكان متبحرا في العلم, ولي قضاء إشبيلية فكان ذا شدة وسطوة ثم عزل فأقبل على التأليف ونشر العلم وبلغ رتبة الاجتهاد, صنف في الحديث والفقه والأصول وعلوم القرآن و الأدب والنحو والتاريخ توفي سنة 543 هـ ترجمته في (طبقات الحفاظ) للسيوطي(1\468\1046)(2/4)
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد و على آله, يقول سيدنا وشيخنا الشيخ الجليل السيد الشريف الامام العلم, المحدث الثقة الثبت, شيخ شيوخ الإسلام, ذو النسبتين الطاهرتين, بين دحية والحسين, نجم الدين, أبو عمرو عثمان بن الشيخ الإمام ابي علي الحسن بن علي بن دحية - رضي الله عنه -, حدثني بجميع هذا الكتاب الشيخ الفقيه العالم الأوحد, المحدث الحافظ, أبولقاسم خلف بن عبدالملك بن بشكوال, قال: حدثني به الإمام الأوحد, المحدث المتقن الحافظ, القاضي أبو بكر محمد بن عبدالله الإشبيلي المعروف بابن العربي المالكي - صلى الله عليه وسلم - قال :
الحمد لله المبلغ الحمد إذ لا يستطيع العبد أن يبلغ كنه الحمد, وكيف يتعلق طمع لأحد به والمصطفى يقول, وهو أقرب ما كان من ربه, ( لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك ) (1), ومعلوم أن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أن يقول أدرك من حمدربه في حيانه ما لم يدركه بشر من مخلوقاته, ومع ذلك فإنه لما أخبر عن المقام المحمود قال: ( فأحمد ربي بمحامد يعلمنيها [ الله ] ) (2), فقبض العنان عند عدم الإستطاعة, عقيدة أهل السنة والجماعة إن تشوفت لمعتمد من المعنى يكون لاعتقاد عدة ومعنى, فقد علمت أن الشكر أخص من الحمد ولا يحصى واجبه بقصر, فإن النعم أعظم من معرفتنا فلا تبلغها, ألم تر إلى قوله تعالى (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) (النحل:18)
وإذا كان الشكر الأخص يعلو على القدرة فالحمد الأعم بذلك أولى من أول مرة, فنسأل الله العظيم أن يتغمدنا من رحمته بقسم يضعف منه ثوابنا, ويكرم به مآبنا إنه المنعم الكريم
__________
(1) - طرف حديث صحيح أخرجه مسلم ( 1118 ) من رواية أبي هريرة عن عائشة
(2) - في المطبوع [ الإلهية ] وهو طرف من حديث الشفاعة من رواية أنس بن مالك أخرجه اليخاري (7419 ) ومسلم (500)(2/5)
وبعد : فإن طائفة من الطلبة عرضوا على رغبة صادقة في صرف الهمة على شرح كتاب أبي عيسى الترمذي فصادفوا مني تباعدا عن أمثال ذي, وفي علم علام الغيوب أني أحرص الناس على أن تكون أوقاتي مستغرقة في باب العلم إلا أني منيت بحسدة لا يفتنون, ومبتدعة لا يفهمون, قد قعدوا مني مزجر الكلب يبصبصون, والله أعلم بما يتربصون: ( قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ, وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ) (التوبة:52)(2/6)
بيد أن الامتناع عن التصريح بفوائد الملة, والتبرع بفوائد الرحلة, لعدم المنصف أو مخافة المتعسف, ليس من شأن العالمين, أو لم يسمعن قول رب العالمين لنبيه الكريم: ( فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ) (الأنعام:89) وقال في المعترضين والمنكرين ( أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أَنْ كُنْتُمْ قَوْماً مُسْرِفِينَ) (الزخرف:5) ولا تزال طائفة من الأمة ظاهرين على الحق إلى يوم الدين, ولعل الله أن يحقق النية في أن يجعلنا ممن قال في المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ( يحمل هذا العلم من كل من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ودعوى الجاهلين ) (1)
__________
(1) - أخرجه ابن عدي في (الكامل)(1\147), وابن أبي حاتم في (الجرح)(2\17), والبيهقي في (السنن)(10\209), والعقيلي في (الضعفاء)(4\256), و ابن عبدالبر في (التمهيد)(1\59) والخطيب في (شرف أصحاب الحديث)(55) من حديث إبراهيم بن عبدالرحمن العذري معضلا, قال العقيلي في ترجمة معان بن رفاعة : لا يعرف إلا به, وقد رواه قوم مرفوعا من جهة لا تثبت قال الذهبي في (الميزان) : رواه غير واحد عن معان بن رفاعة, ومعان ليس بعمدة, ولا سيما اتى بواحد لا يدري من هو قال الحافظ في (لسان الميزان)(1\77 ) : حديثه قد رواه بن عدي في (الكامل) من رواية الوليد بن مسلم عن معان بن رفاعة عن إبراهيم بن عبد الرحمن ثنا الثقة من أشياخنا فذكره, وقال مهنأ قلت لأحمد حديث معان بن رفاعة كأنه كلام موضوع, قال: لا بل هو صحيح اهـ، والحديث أخرجه مرفوعا الطبراني في (الشاميين)( 599 ) والخطيب في (الشرف )(52) من حديث أبي هريرة, والخطيب في (الشرف)(53) وابن عساكر في (تاريخه)(7\39)من حديث أسامة, و الخطيب (54) من حديث ابن مسعود, و البزار في (مسنده)( ), وابن عدي في (الكامل)(3\31), والعقيلي في (الضعفاء)(1\10) وتمام في (فوائده)(899), و الديلمي في (الفردوس)(8832)و(9012) من حديث ابن عمر, قال الهيثمي في (مجمع الزوائد)(1\140) : رواه البزار, وفيه عمرو بن خالد القرشي كذبه يحيى بن معين وأحمد بن حنبل ونسبه إلى الوضع, والخطيب (14) من حديث معاذ, والعقيلي في (الضعفاء)(1\9) من حديث ابي أمامة
قال الحافظ العلائي في (بغية الملتمس)(ص34) في حديث أسامةهذا حديث حسن غريب صحيح تفرد به من هذا الوجه معان بن رفاعة وقد وثقه علي بن المديني ودحيم, وقال فيه أحمد بن حنبل: لابأس به , وتكلم فيه يحيى بن معين وغيره ,, و قد رواه حماد بن زيد عن بقية بن الوليد عن معان بن رفاعة عن ابراهيم بن عبدالرحمن العذري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره هكذا معضلا, وبقية معروف, وهذا السند الذي سقناه أمثل منه,(أي حديث اسامة) لأن محمد بن سليمان هذا هو الحراني يعرف ببومة, وثقه سليمان بن سيف وطائفة, وقال النسائي: ليس به بأس, وقد تكلم فيه, وعمرو بن هاشم البيروتي قال فيه ابن عدي: ليس به باس, عثمان بن يحيى القرقساني ذكره ابن حبان في الثقات, قال مهنأ بن يحيى سألت أحمد بن حنبل عن حديث معان بن رفاعة : ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ) فقلت لأحمد كأنه كلام موضوع, قال: لا, هو صحيح, فقلت له:ممن سمعته أنت؟ قال: من غير واحد, قلت: من هم ؟,قال: حدثني به مسكين, إلا أنه يقول معان عن القاسم بن عبد الرحمن, قال أحمد: معان بن رفاعة لابأس به اهـ(2/7)
, وما فتنوا يفزعون بسؤالهم لي في هذا الأمر, و بالإلحاح باب النجاح, وأربعة مخبوءة في أربع :
الاجابة في الدعاء, والرضا في الطاعة, والسخط في المعصية, والولي في الخلق, فلا يهجرن أحدكم شيئا من الدعاء فربما كانت الإجابة له, ولا فناء من الطاعة, فلعله يصادف رضا الله عنه, ولا وجها من المعصية مخافة سخط الله فيه, و لا أحدا من الخلق أجل أن يكون وليا لله سبحانه وتعالى في الباطن
حتى قيض الله لي المنة, ويسر النية, وقلت: يا نفس جِدِّي مع من هزل, ولا تقطعن حظا من الآخرة لدنيا , ولا تقبلن على مخلوق, وتذر جانب الخالق الأعلى, وأنت وإن كنت مهتمة بوظائف الدنيا, وتكاليف دين فاغتنمها حالة المحيا, قدوة بالمتقين, فإذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلات, صدقة جارية, أو علم علمه, أو ولد صالح يدعو له
وما كنت لأتعرض للتصنيف, ولا أرتقي على هذا المحل المنيف, إلا أنني رأيته قد خلفت بسماحته, ومحبة ديباجته, تتعاور الإغفال عليه, وتتعاور الجهال فيه, ولا ينبغي لحصيف أن يتصدى على تصنيف أن يعدل عن غرضين, ما أن يخترع معنى, أو يبتدع وصفا ومتنا, حسب ما قررناه في ( قانون التأويل )(1), وربطناه في التحصيل من الجمل والتفصيل, وما سوى هذين الوجهين فهو تسويد الورق, والتحلي بحلية السرق
فأما إبداع المعاني فهو أمر معون في هذا الزمان, فإن العلماء قد استوفوا الكلم, ونصبوا على كل مشكل العلم, ولم يبق إلا خفايا في زوايا, لا يتولجها إلا من تبصر معاطفها, واستظهر لواطفها حضيضة
__________
(1) - طبع في دار القبلة جدة 1406هـ بتحقيق ( محمد السليماني )(2/8)
ولم يكن قط في الأمم من انتهى إلى حد هذه الأمة من التصرف في التصنيف والتحقيق, ولا جاب لها في مراها من التفريع, فإن الله صانها عن الإتلاف في كتابها, وجاء بها على الحائق من أبوابها, وسائر الأمم غمرتهم الآفات, وتوالت عليهم الحادثات, فذكر أن التوراة حرفت مرتين, واتخذا اليهود إلهين اثنين, وزعموا أن الذي أملاها من حفظهم في المرة الأولى عزير, وليس لها في المرة الثانية إلا كسير, وعوير
والنصارى فهم معهم بدلوا كتبهم بأيديهم, وحرفوا على مناحيهم, وأتبعوا الحق أهوائهم, فكل من كان أمل في معنى مناجيهم كتب عليه كتابه, فجائت مختلفة مبدلة محرفة, فإذا رآها العالم رأى أنهم عووا, وضوضوا لما فقدوا الضوء
ولما صان الله هذه الأمة عن هذه المحنة, وبط لها الدوحة, فتبسطت في بحبوحة دوحتها, وتصرفت في فروع ملتها, فاستفتح السيف العلق, واستلوا على الظلف, فلم يدرك منهم إلا وعي كلامهم, وتقريب مرامهم, فخذوها عارضة أحوذي [ على ] (1) كتاب الترمذي, وقد كانت همتي طمحت إلى استيفاء كلامه بالبيان, والإحصاء لجميع علومه بالشرح والبرهان, إلا أنني رأيت القواطع أعظم منها, والهم أقصر عنها, والخطوب أقرب منها, فتوقفت مدة مدة إلى أن تيسرت مندة الطلبة, فاغتنمتها واتبعت عزمي, وأتقعر على شطني ما اشتملت عليه معلقاتي في تغيير المياومة من المشايخ في المجالس, وعوارض المذاكرة على الإختصار, وربما اتفق تطويل, فذلك بحسب ما عرض على شرط ما تقدم من العرض
__________
(1) - في المطبوع [ علم ](2/9)
اعلموا أنار الله أفئدتكم أن كتاب الجعفي هو الأصل الثاني في هذا الباب, و( الموطأ ) هو الأول واللباب, وعليهما بناء الجميع كالقشيري, والترمذي, وليس فيهم مثل كتاب أبي عيسى, حلاوة مقطع, ونفاسة منزع, وعذوبة مشرع, وفيه أربعة عشر علما, وذلك أقرب على العمل, وأسلم, أسند وصحح, وضعف وعدد الطرق, وجرح وعدل, وأسمى و أكنى, ووصل وقطع, وأوضح المعمول به والمتروك, وبين اختلاف العلماء في الرد والقبول لآثاره, وذكر اختلافهم في تأويله, وكل علم هذه العلوم أصل في بابه, وفرد في نصابه, فالقارئ له لا يزال في رياض مونقة, وعلوم متفقة, منسقة, وهذا شيء لا يعلمه إلا العلم الغزيز, و التوفيق الكثير, والفراغ والتدبير
ونحن سنورد فيه إن شاء الله بحسب العارضة, قولا في الإسناد والرجال والغريب, وفنا من النحو, و التوحيد والأحكام, والآداب, ونكتا من الحكم, وإشارات على المصالح, فالمنصف يرى رياضه أنيقة و مقاطع ذات حقيقة, فمن أي فن كان من العلوم وجد مقصده في منصبه المفهوم, ولفظ ما شاء وأوعى و ترحم على من جمع ووعى.
كنت قرأت هذا الكتاب على أبي طاهر البغدادي بدار الخلافة, وعلى ابي الحسن القطيعي كلاهما عن ابن زوج الحرة, إلا أني رأيت أبا الحسن أحلى في القلب والعين, فعكفت عليه قال : أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبدالواحد, أخبرنا ابو علي شيخي, أخبرنا ابن محبوب عنه وقيدته من غير هذه الطرق (1)
كشف مشكل الصحيحين للحافظ أبي الفرج بن الجوزي
__________
(1) - طبع في دار الفكر 1413هـ في ( 7 ) مجلدات بتحقيق ( صدقي جميل العطار )(2/10)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أحسن إلينا إذ أنزل علينا لأحسن الحديث ووسم أئمة أئمتنا, أهل الفقه و الحديث, وجعل نقاذ الرواة يعرفون وضع الغواة, ويميزون الطيب من الخبيث, أحمده على رجولية الفهم, وعوذ من التخبيث, وأشكره على وراثة العلم وأسأله حفظ المواريث, وأستغيث بزيادة إنعامه وإن كنت لا أستبطئه ولا أستريث, وصلى الله على رسوله محمد أفضل الأنبياء من لدن أدم وشيث, و صلى على أصحابه وأتباعه ما أجيب مطر أو غيث
أما بعد : فإن الله تعالى حفظ كتابنا بما لم يحفظ كتابا قبله, فقال عزوجل في الأمم المتقدمة : (ُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ) (المائدة:44) , وقال في كتابنا : ( وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)
ثم أنعم علينا بحفظ المنقولات عن نبينا فألهم العلماء جمع ذلك, والطلاب الجد في طلبه, حتى سافروا البلدان, ووهجروا البلدان, وأنفقوا في حفظ ذلك قوي الأبدان, وأقم جهابدتهم يفتقدون وبنتقدون, فيرفعون التحريف, ويدفعون التخريف, فمضى على ذلك كثير من الزمن, إلى أن لحق ساعي الرغبات الزمن, وشيد فتور الهمم في طلب العلم إلى أن درس, وصارت صبابته الباقية في آخر النفس, فأما الطالب له في زمانا فقد فقد, والمتصدر يقول ولا يعتقد
وأعظم العلوم اضمحلالا علم الأثر, غير أن الشرع عنه صدر, فإن رأيت طالبا له فهمته في الغالب السماع, لا الفهم و لا الإنتفاع, وأكثر الفقهاء عنه معرضون, وإن كانوا للحكم على الحديث يبنون, فواعجبا من واضع أس لم ينظر في أرضه, ثم أخذ يهتم بطوله وعرضه, ألا يخاف أن تكون الارض رملا فينهار, فكم من بان على شفا جرف هار, وكم من فقيه فتى بغير المشروع, وكم من متعبد تعب بحديث موضوع(2/11)
ولما قد أحسن بفتور الهمم الذي قد صار فيزمانا, تلقى أبوعبدالله محمد بن أبي نصر الحميدي لحظ متن الصحيحين, تسهيلا لاقتباس الفوائد على المتقاعد, لأن اختصار اللفظ صديق الحفظ, فصار كتابه لقدره في نفسه مقدما على جميع جنسه, فتعلق به من قد بقي عنده من الرغبة في النقل رمق, ومعلوم أن الصحيح بالإضافة إلى سائر المنقول كعين الإنسان, بل كإنسان العين
وكان قد سألني من إثر سؤاله أمارة همتي شرح مشكله, فأنعمت له وظننت الأمر سهلا, فإذا نيل سهيل أسهل, لما قد حوت أحاديثه من فنون المشكلات ودقائق المعضلات
وكان الحميدي قد جمع كتابا أشار فيه إلى تفسير الحروف الغريبة في الصحيحين, من حيث اللغة (1), ومعلوم أن شرح المعنى أمس, وكشف الإشكال المعنوي أجدر بالبيان أحق, فلما رأيت طرق شرحه شاسعة, شمرت عن ساق الجد, مستعينا بالله عزوجل رجاء الثواب في إسعاف الطالب, وإلى الله سبحانه أرغب في تلقيح الفهم, وتصحيح القصد, و تعجيل النفع, إنه ولي ذلك والقادر عليه
من المعلوم أنه قد يأتي الحديث وأكثره ظاهر لايحتاج إلى شرح, وإنما يشرح ما يشكل, وقد يقع على الحديث اعتراض فيفتقر إلى جواب, وذكر ذلك متعين ,وقد يتردد الحديث في مسانيد فنحن نفسره في أول ما يلقانا, ثم نحيل عليه ما يأتي بعد ذلك مثل قوله: ( نهى عن المحاقلة )
وقد أجرينا على الإختصار مع تحصيل المقصود, ونحن نرجو أن يستغني الناظر في كتابنا هذا بحل مشاكل
المشروح عن النظر في كتاب, أو سؤال عالم, وهذا حين شروعنا فيما انتدبنا له, والله الموفق
قال أبوعبدالله الحميدي :في خطبة كتابه: لما خيف اختلاط الصحيح بالسقيم انتدب جماعة الى التأليف كمالك بن أنس و ابن جريج وسفيان
__________
(1) - طبع باسم ( تفسير غريب ما في الصحيحين ) في مكتبة السنة 1415هـ في مجلد بتحقيق ( زبيدة محمد سعد عبدالعزيز)(2/12)
قلت: وقد اختلف العلماء في المبتدئ بتصانيف الكتب على ثلاثة أقوال أحدها: أنه عبدالملك بن جريج, و الثاني سعيد بن ابي عروبة, ذكر القولين أبوبكر بن الخطيب, والثالث الربيع بن صبيح, قاله أبو محمد الرامهرمزي
ومن قدماء المصنفين سفيان بن عيينة بمكة, ومالك بن أنس بالمدينة, وعبدالله بن وهب بمصر, ومعمر و عبدالرزاق باليمن, وسفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان بالكوفة, وحماد بن سلمة وروح بن عبادة بالبصرة, وهشيم بواسط وعبدالله بن البارك بخراسان
وأول من صنف المسند على تراجم الرجل عبيد الله بن موسى العبسي, وأبوداود سليمان بن داود الطيالسي, ثم بعدهما أحمد بن حنبل, وإسحاق بن راهويه, وأبوخيثمة, وعبيد الله بن عمر القواريري, ثم كثر من جمع المسانيد (1)
المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال شيخنا الامام العالم, لصاحب الورع, محي الدين يحيى بن شرف بن مرى بن حسن بن حسين بن حزام النووي رحمه الله تعالى آمين
__________
(1) - طبع ( المشكل ) في دار الحديث مصر في ( 4 ) مجلدات, بذل ( صحيح البخاري ) مفرقا على مواضعه من كل حديث(2/13)
الحمد لله البر الجواد الذي جلت نعمه عن الإحصاء و الأعداد, خالق اللطف والإرشاد, الهادى إلى سبيل الرشاد, الموفق بكرمه لطرق السداد, المان بالاعتناء بسنة حبيبه وخليله عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى من لطف به من العباد, المخصص هذه الامة زادها الله شرفا بعلم الإسناد, الذي لم يشركها فيه أحد من الأمم على تكرر العصور والآباد, الذي نصب لحفظ هذه السنة المكرمة الشريفة المطهرة خواص من الحفاظ النقاد, وجعلهم ذابين عنها في جميع الأزمان والبلاد, باذلين وسعهم في تبيين الصحة من طرقها والفساد, خوفا من الانتقاص منها والازدياد, و حفظا لها على الأمة زادها الله شرفا إلى يوم التناد, مستفرغين جهدهم في التفقه في معانيها واستخراج الأحكام واللطائف, منها مستمرين على ذلك في جماعات وآحاد, مبالغين في بيانها وايضاح وجوهها بالجد والإجتهاد, ولا يزال على القيام بذلك بحمد الله ولطفه جماعات في الأعصار كلها الى انقضاء الدنيا وإقبال المعاد, وإن قلو وخملت بلدان منهم وقربوا من النفاد, أحمده أبلغ حمد على نعمه خصوصا على نعمة الإسلام, وأن جعلنا من أمة خير الأولين والآخرين, وأكرم السابقين واللاحقين, محمد عبده و رسوله وحبيبه وخليله خاتم النبيين, صاحب الشفاعة العظمى, ولواء الحمد والمقام المحمود سيد المرسلين, المخصوص بالمعجزة الباهرة المستمرة على تكرر السنين, التي تحدى بها أفصح القرون وأفحم بها المنازعين, وظهر بها خزي من لم ينقد لها من المعاندين, المحفوظة من أن يتطرق اليها تغيير الملحدين, أعنى بها القرآن العزيز كلام ربنا الذي نزل به الروح الأمين, على قلبه ليكون من المنذرين, بلسان عربي مبين, والمصطفى بمعجزات أخر زائدات على الألف والمئين, وبجوامع الكلم وسماحة شريعته ووضع إصر المتقدمين, المكرم بتفضيل أمته زادها الله شرفا على الأمم السابقين, وبكون أصحابه رضي الله عنهم خير القرون الكائنين, وبأنهم كلهم مقطوع بعدالتهم(2/14)
ثم من يعتد به من علماء المسلمين, ويجعل اجماع أمته حجة مقطوعا بها كالكتاب المبين, وأقوال أصحابه المنتشرة مخالفة لذلك ثم العلماء المحققين, المخصوص بتوفر دواعي أمته زادها الله شرفا على حفظ شريعته وتدوينها ونقلها عن الحفاظ المسندين, وأخذها عن الحذاق المتقين, والاجتهاد في تبيينها للمسترشدين, والدؤوب في تعليمها احتسابا لرضا رب العالمين, والمبالغة في الذب عن منهاجه بواضح الأدلة و قمع الملحدين والمبتدعين, صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر النبيين, وآل كل وصحابتهم والتابعين, وسائر عباد الله الصالحين, ووفقنا للاقتداء به دائمين في أقواله وأفعاله وسائر أحواله مخلصين, مستمرين في ذلك دائبين, وأشهد أن لا إله إلاالله, وحده لا شريك له, إقرارا بوحدانيته, واعترافا بما يجب على الخلق كافة من الاذعان لربوبيته, و أشهد أن محمد عبده من بريته, والمخصوص بشمول رسالته, وتفضيل أمته, صلوات الله وسلامه عليه, وعلى آله و أصحابه وعترته
أما بعد : فإن الاشتغال بالعلم من أجل الطاعات, وأهم أنواع الخير وآكد العبادات, وأولى ما انفقت فيه نفائس الأوقات, وشمر في إدراكه والتمكن فيه أصحاب الأنفاس الزكيات, وبادر إلى الاهتمام به المسارعون إلى الخيرات, و سابق إلى التحلى به مستبقو المكرمات, وقد تظاهرت على ما ذكرته جمل من الآيات الكريمات, والأحاديث الصحيحة المشهورات, وأقاويل السلف - صلى الله عليه وسلم - النيرات, ولاضرورة لذكرها هنا لكونها من الواضحات الجليات(2/15)
ومن أهم أنواع العلوم تحقيق معرفة الأحاديث النبويات, أعني معرفة متونها صحيحها وحسنها, وضعيفها متصلها, و مرسلها ومنقطعها, ومعضلعا ومقلوبها, ومشهورها وغريبها وعزيزها متوارتها وآحادها و أفرادها معروفها وشاذها و منكرها ومعللها وموضوعها ومدرجها, وناسخها ومنسوخها, وخاصها و عامها, ومجملها ومبينها, ومختلفها وغير ذلك من أنواعها المعروفات, ومعرفة علم الأسانيد أعني معرفة حال رجالها وصفاتهم المعتبرة, وضبط أسمائهم, وأنسابهم, و مواليدهم, و وفياتهم, وغير ذلك, ومعرفة التدليس والمدلسين, وطرق الاعتبار والمتابعات, ومعرفة حكم اختلاف الرواة في الأسانيد و المتون, والوصل و الإرسال, والوقف والرفع, والقطع والانقطاع, وزيادات الثقات, ومعرفة الصحابة والتابعين و أتباعهم, وأتباع أتباعهم ومن بعدهم - صلى الله عليه وسلم - وعن سائر المؤمنين والمؤمنات, وغير ما ذكرته من علومها المشهورات, و دليل ما ذكرته أن شرعنا مبني على الكتاب العزيز والسنن المرويات, وعلى السنن مدار أكثر الأحكام الفقهيات, فإن أكثر الآيات الفروعيات مجملات, وبيانها في السنن المحكمات
وقد اتفق العلماء على أن من شرط المجتهد من القاضي والمفتي أن يكون عالما بالأحاديث الحكميات, فتبث بما ذكرناه أن الإنشغال بالحديث من أجل العلوم الراجحات, وأفضل أنواع الخير وآكد القربات, وكيف لا يكون كذلك وهو مشتمل مع ماذكرناه على بيان حال أفضل المخلوقات, عليه من الله الكريم أفضل الصلوات, والسلام والتبريكات, و لقد كان أكثر اشتغال العلماء بالحديث في الاعصار الخاليات, حتى لقد كان يجتمع في مجلس الحديث من الطالبين ألوف متكاثرات, فتناقص ذلك وضعفت الهمم فلم يبق إلا آثار من آثارهم قليلات, والله المستعان على هذه المصيبة وغيرها من البليات(2/16)
وقد جاء في فضل إحياء السنن المماتات أحاديث كثيرة معروفات مشهورات, فينبغي الاعتناء بعلم الحديث والتحريض عليه لما ذكرنا من الدلالات, ولكونه أيضا من النصيحة لله تعالى وكتابه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - والأئمة و المسلمين و المسلمات, و ذلك هو الدين كما صح عن سيد البريات, صلوات الله وسلامة عليه وعلى آله وصحبه وذريته وأزواجه الطاهرات
ولقد أحسن القائل من جمع أدوات الحديث استنار قلبه واستخرج كنوزه الخفيات, وذلك لكثرة فوائده البارزات و الكامنات, وهو جدير بذلك فانه كلام أفصح الخلق ومن أعطي جوامع الكلمات, - صلى الله عليه وسلم - صلوات متضاعفات
وأصح مصنف فى الحديث بل فى العلم مطلقا الصحيحان للإمامين القدوتين أبى عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبى الحسين مسلم بن الحجاج القشيرى رضى الله عنهما, فلم يوجد لهما نظير فى المؤلفات, فينبغي أن يعتنى بشرحهما و تشاع فوائدهما, ويتلطف فى استخراج دقائق المعلوم من متونهما, وأسانيدهما, لما ذكرنا من الحجج الظاهرات, وأنواع الأدلة المتظاهرات
فأما ( صحيح البخارى ) رحمه الله فقد جمعت فى شرحه (1) جملا مستكثرات, مشتملة على نفائس من أنواع العلوم بعبارات وجيزات, وأنا مشمر فى شرحه راج من الله الكريم فى إتمامه المعونات
وأما ( صحيح مسلم ) رحمه الله فقد استخرت الله تعالى الكريم الرؤوف الرحيم فى جمع كتاب في شرحه, متوسط بين المختصرات والمبسوطات, لا من المختصرات المخلات, ولا من المطولات المملات
__________
(1) - هو شرح لقطعة من أوله إلى آخر كتاب الإيمان, طبع الموجود منه في دار الكتب العلمية باسم ( ما تمس إليه حاجة القارئ لصحيح الإمام البخاري ) بتحقيق ( علي حسن عبد الحميد الحلبي )(2/17)
ولولا ضعف الهمم وقلة الراغبين, وخوف عدم انتشار الكتاب لقلة الطالبين للمطولات, لبسطه فبلغت به ما يزيد على مائة من المجلدات, من غير تكرار ولا زيادات عاطلات, بل ذلك لكثرة فوائده وعظم عوائده الخفيات والبارزات, وهو جدير بذلك فإنه كلام أفصح المخلوقات, صلى الله عليه وسلم صلوات دائمات, لكنى أقتصر على التوسط وأحرص على ترك الاطالات, وأؤثر الاختصار فى كثير من الحالات, فأذكر فيه إن شاء الله جملا من علومه الزاهرات, من أحكام الاصول والفروع والآداب والإشارات الزهديات, وبيان نفائس من أصول القواعد الشرعيات, وإيضاح معانى الألفاظ اللغوية وأسماء الرجال وضبط المشكلات, وبيان أسماء ذوى الكنى وأسماء آباء الأبناء والمبهمات, والتنبيه على لطيفة من حال بعض الرواة وغيرهم من المذكورين فى بعض الأوقات, واستخراج لطائف من خفيات علم الحديث من المتون و الأسانيد المستفادات, وضبط جمل من الأسماء المؤتلفات والمختلفات, والجمع بين الأحاديث التى تختلف ظاهرا ويظن البعض من لا يحقق صناعتى الحديث والفقه وأصوله كونها متعارضات, وأنبه على ما يحضرني فى الحال فى الحديث من المسائل العمليات, وأشير إلى الأدلة فى كل ذلك إشارات إلا فى مواطن الحاجة ألى البسط للضرورات, وأحرص فى جميع ذلك على الإيجاز وإيضاح العبارات
وحيث أنقل شيئا من أسماء الرجال واللغة وضبط المشكل والأحكام والمعانى وغيرها من المنقولات, فإن كان مشهورا لا أضيفه إلى قائليه لكثرتهم إلا نادرا لبعض المقاصد الصالحات, وإن كان غريبا أضفته إلى قائليه إلا أن أذهل عنه بعض المواطن لطول الكلام, أو كونه مما تقدم بيانه من الأبواب الماضيات(2/18)
وإذا تكرر الحديث أو الإسم أو اللفظة من اللغة و نحوها بسطت المقصود منه فى أول مواضعه وإذا مررت على الموضع الآخر ذكرت أنه تقدم شرحه وبيانه فى الباب الفلانى من الأبواب السابقات, وقد اقتصر على بيان تقدمه إضافة أو أعيد الكلام فيه لبعد الموضع الأول أو ارتباط كلام أو نحوه ذلك من المصالح المطلوبات, وأقدم فى أول الكتاب جملا من المقدمات, مما يعظم النفع به إن شاء الله تعالى ويحتاج إليه طالبو التحقيقات, وأرتب ذلك فى فصول متتابعات, ليكون أسهل فى مطالعته وأبعد من السآمات
وأنا مستمد المعونة والصيانة, واللطف والرعاية من الله الكريم رب الارضين والسموات, مبتهلا إليه سبحانه وتعالى أن يوفقنى ووالدى ومشايخى وسائر أقاربى وأحبابى ومن أحسن إلينا بحسن النيات, وأن ييسر لنا الطاعات, وأن يهدينا لها دائما فى ازدياد حتى الممات, وأن يجود علينا برضاه ومحبته, ودوام طاعته, والجمع بيننا فى دار كرامته, وغير ذلك من أنواع المسرات, وأن ينفعنا أجمعين ومن يقرأ فى هذا الكتاب به وأن يجزل لنا المثوبات, وأن لا ينزع منا ما وهبه لنا ومن به علينا من الخيرات, وأن لا يجعل شيئا من ذلك فتنة لنا وأن يعيذنا من كل شىء من المخالفات, إنه مجيب الدعوات, جزيل العطيات, اعتصمت بالله, توكلت على الله, ما شاء الله, لا قوة الا بالله, لا حول ولا قوة الا بالله, وحسبى الله, و نعم الوكيل, وله الحمد والفضل, والمنة والنعمة, وبه التوفيق واللطف, والهداية والعصمة (1)
__________
(1) - وهو مطبوع متداول, من طبعاته طبعة دار الفكر في ( 9 ) مجلدات بتحقيق ( صدقي العطار ), و مختصر هذا الشرح للشيخ ( شمس الدين محمد بن يوسف القونوي) الحنفي المتوفى سنة 788هـ, وللشيخ (عبد العظيم بن بدوي الخلفي) معاصر عليه كتاب ( التعليق السني على صحيح مسلم بشرح النووي ) طبع في دار الفرقان 1992
والنووي هو الإمام الفقيه الحافظ الأوحد القدوة شيخ الإسلام علم الأولياء محيى الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مري الحزامي الحوراني الشافعي وصنف التصانيف النافعة في الحديث والفقه وغيرها, وكان إماما بارعا حافظا متقنا اتقن علوما شتى وبارك الله في علمه وتصانيفه لحسن قصده توفي سنة 674هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\513\1128)(2/19)
الكاشف عن حقائق السنن للعلامة الحسين بن عبد الله الطيبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله مشيد أركان الدين الحنيف بقواعد أيات كتابه المبين, مجكم أصول أحكامه بمحكمات بيناته الموجبة لليقين, الذي ألزم عباده بأوامره ونواهيه, ليكونوا من دعاة الدين, وفصل لهم مجملاتها ببيان نبيه المبعوث الى كافة العالمين الذي أسمعهم الله تعالى على لسانه الصدق بتلاوة آياته الحق المستبين, وزكاهم بمتابعته عن أوضار المذنبين, وعلمهم بمحكم سنته ما كانوا عنه من الذاهلين : ( هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (الجمعة:2) فأزال بأحاديثه الزاهرة المشهود لها ب(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) (لنجم:4) نزال المبتدعين, وصحح بصحاح حديثه سقم قلوب الغافلين, ورفع بطرق إحسانه أعلام الدين, وأوضح لهم سبل المحسنين, وقوى عزائم العابدين , الذي بضعافه إرغاما لذوي الآراء من الزائغين,فترى الإسناد في الروايات للعدول الثقات سببا متصلا إلى اللحوق بسيد المرسلين,منقطعا عن الأسباب المضلة مرسلا إلى النجاة والفوز مع الناجين, فلذلك صار المحدثون معلمي أمته بعد أن كانوا متعلمين منه بشهادة ( وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الجمعة:3), فطوبى لمن اعتصم بحبل الله المتين, واستمسك بعرى أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) (الجمعة:4)(2/20)
اللهم فصل على حبيبك ورسولك المبلغ لآياتك إلى عبادك المومنين, المكمل ببلاغه دينك القويم, والمتمم به عمك على المسلمين, وعلى آله الهادين المهديين, الممثل لهم سفينة نوح للهالكين, وعلى أصحابه الأنجم الزاهرة الذي من اقتدى بهم فقد اهتدى إلى صراط مستقيم, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد : فإنه يقول الراجي إلى كرم الله اللاجئ بحرمه, الحسين بن عبدالله بن محمد الطيبي, ختم الله أعماله بالحسنى, لما كان من توفيق الله تعالى إياي وحسن عنايته لدي, أن وفق للاستسعاد بسعادة الخوض في الكشف عن قناع ( الكشاف) توسلا به إلى تحقيق دقائق كلام الله المجيد (1), الذي ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) ويسر بمنه إتمامه, كان الخاطر مشغوفا بأن أشفع ذلك بإيراد بعض معاني أحاديث سيد المرسلين, وخاتم النبيين, وإمام المتقين, وقائد الغر المحجلين, وحبيب رب العالمين, صلوات الله وسلامه عليه
وكنت قبل قد استشرت لأخ في الدين, المساهم في اليقين, بقية الاولياء, قطب الصلحاء, شرف الزهاد, ولي الدين, محمد بن عبدالله الخطيب, دامت بركته بجمع أصل من الأحاديث المصطفوية, على صاحبها أفضل التحية والسلام, فاتفق رأينا على تكملة ( المصابيح ) وتهذيبه وتشذيبه, وتعيين رواته ونسبة الأحاديث إلى الأئمة المتقين, فما قصرت فيما أشرت إليه من جمعه, فبذل وسعه واستفرغ طاقته فيما رمت منه
__________
(1) - يشير إلى حاشيته على تفسير ( الكشاف للزمخشري ) المعتزلي, وهي مخطوطة في نحو ستة مجلدات(2/21)
فلما فرغ من إتمامه عن ساق الجد في شرح معضله, وحل مشكله, وتلخيص عويصه, وابراز نكاته, ولطفه على ما يستدعيه غرائب اللغة و لنحو, ويقتضيه علم المعاني والبيان, بعد تتبع الكتب المنسوبة إلى الأئمة - صلى الله عليه وسلم - وشكر مساعيهم معلما لكل مصنف بعلامة مختصة به, فعلامة (معالم السنن) و (أعلامها) ( خط ), و (شرح السنة) ( حس ) و(شرح مسلم) ( مح ) و(الفائق للزمخشري) ( فا ) و(مفردات الراغب) ( غب ) و(نهاية الجزري) ( نه ) و(التوربشتي) ( تو ) و(القاضي البيضاوي) ( قض ) و(المظهر)( مظ ) و (الأشرف)( شف )
وسلكت في النقل منها طريق الاختصار, وكان جل اعتمادي وغاية اهتمامي ( بشرح مسلم ) للامام المتقن محيي الدين للنووي, لأنه كان أجمعها فوائد, وأكثرها عوائد, وأضبطها للشوارد والأوابد, وما لا ترى عليه علامة فأكثرها من نتائج خاطري الكليل, فإن ترى خللا فسده جزاك الله خيرا.
وكثيرا ما تجد في هذا الكتاب ضبط الألفاظ التي غيرها في ( المصابيح ) بعض من لا يد له في الرواية, ونقل الثقات بما سنح له من وجوه العربية سهوا منه, مبينا خطأه, مواجها صوابه بحمد الله, كاشفا لأستار أسرارها حاويا لمقاصدها و فوائدها, فإن نظرت بعين الإنصاف لم تر مصنف أجمع, ولا أوجز, ولا أشد تحقيقا في بيان حقائقها
وسميته : ( الكاشف عن حقائق السنن ), وإلى الله تعالى أرغب أن يجعل سعيي فيه خالصا لوجهه الكريم, وأن يقبله ويجعله ذخيرة لي عنده, يجزيني بها في الدار الآخرة, فهو العالم بمودعات السرائر, وخفيات الضمائر, عليه أتوكل, وإليه أنيب, وإذاكنا التزمنا أن يكون شرحنا هذا على نهج أهل هذه الصناعة, أوجب ذلك علينا أن نصدر الكتاب بمختصر جامع, لمعرفة علم الحديث, ملخصا من كتاب ابن الصلاح وغيره, مرتبا على مقدمة ومقاصد وخاتمة
إكمال إكمال المعلم للعلامة أبي عبد الله الأبي(2/22)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله العظيم سلطانه, العميم فضله و إحسانه, وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد عبده ورسوله, الماحي بهداه ظلم الضلالة, المختوم بعلاه شرف النبوة والرسالة, صلى الله عليه وعلى آله الأكرمين, مصابيح الهدى وأئمة الدين
و بعد : فإن هذا تعليق أمليته على كتاب مسلم, ضمنته شراحه الأربعة: المازري, وعياض, والقرطبي, والنواووي مع زيادات مكملة, وتنبيه على مواضع من كلامهم مشكلة, ناقلا لكلامهم بالمعنى, لا باللفظ, حرصا على الإختصار, لما في ذلك من بيان ما قد يعسر فهمه من كلام بعضهم لتعقيده في محله من كتابه, لا سيما من كلام ( عياض ), سمعت شيخنا أبا عبدالله محمد بن عرفة رحمه الله تعالى يقول: ما يشق علي فهم شيء ما يشق من كلام عياض في بعض مواضع من (الإكمال) و(التنبيهات), ولم أتعرض للكلام على الخطبة لأنها في علم الحديث, وذلك شيء آخر, ورأيت الأهم البداية بشرح الأحاديث, وإن نسأ الله في الأجل وسهل فسأتكلم عليها إن شاء الله تعالى
ولما كانت أسماء هذه الشراح يكثر دورها في الكتاب اكتفيت عن إسم كل واحد بحرف من إسمه, فجعلت ( م ) للإمام المازري, و( ع ) لعياض, و( ط ) للقرطبي, و( د ) لمحيي الدين النواوي, ولفظ ( الشيخ ) لشيخنا أبي عبدالله المذكور, وما يقع من الزيادات المشار إليها أترجم عليها بلفظ ( قلت )
وسميته : ( إكمال الإكمال ), وأرجو أن المنصف لا ينكر أن الكتاب جاء عالي الكعب, سهل المأخذ, ولم يكن القصد بوضعه إلا وجه الله تعالى, وهو سبحانه المسؤول أن يقبله, وأن يعمم به النفع, وهو حسبي ونعم الوكيل (1)
مكمل إكمال الإكمال للعلامة أبي عبد الله السنوسي
__________
(1) - طبع في مطبعة السعادة بالقاهرة سنة 1328هـ في(7) مجلدات على نفقة السلطان ( عبد الحفيظ ) ملك المغرب, ثم صور على الطبعة الأولى في مكتبة طبرية بالرياض, ثم طبع بتصفيف آخر في دار الكتب العلمية في ( 9 ) مجلدات(2/23)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الواسع الجود والكرم, اذي أخرجنا بفضله من محض العدم, وأمدنا بألطافه ونحن نتردد بين الأحشاء بلا ميز في غياهب الظلم, فأبرزنا على رفقه وما أعد من سوابغ النعم, ثم من بالنعمة العظمى نعمة العقل والهداية, التي هي أقوم, ثم سهل الرجوع إليه على المطيع منا والعاصي حتى لا يقع في الإياس بما اجترم, فرضي منا باليسير, وجازى منا بالكثير, و اكتفى منا في التنصل من دواهي المعاصي بمجرد الندم, فسبحان من لايحاط بثنائه ويعجز عن تفصيل أدنى نعمه فصيح اللسان وماضي القلم.
والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أوتي جوامع الكلم, وخص من رتب التقريب بغاية لا تتطاول إليها عجزا سوابق الهمم, وأجلى على أعلى منصة التشريف فردا في المحاسن عديم المزدحم, فهو عروس المملكة بأجمعها, وعين الخليقة بأسرها, وهو سيد العرب والعجم, وهو الوسيلة الكبرى في هذه الدار ويوم يقوم الناس لهول عظم, فصلى الله عليه وسلم عليه وسلم من رسول حاز المكارم بأزمتها, وألقت إليه المحاسن الخلقية والخلقية مقالدها فحواها برمتها, و جمعت فيه خصال النبوة كلها فكانت ذاته لها مسك المختتم
ورضي الله عن آله وصحبه والذين نالوا بعلى مشاهدته وبذل النفوس لنصرته أنفس الذخائر وأشرف المنازل, وحازوا بشريف صحبته منزلة عليا لا يلحق شأوها من بعدهم من مُجِدّ أو متثاقل, ورضي الله تعالى عن التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم يتقدم على الجنة نبينا ومولانا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأمته على سائر الأمم.(2/24)
أما بعد : فلما خص الله سبحانه وتعالى رجالا لواجب هذا النبي الشريف - صلى الله عليه وسلم - وبجميل خدمته أعظم الاسباب, ثم افترقوا في إظهار ما كَمِن فيهم من عظيم حبه فرقا كل يحاول بما أكنه التقرب إلى عَلِيِّ ذلك الجناب, فمن قوي يناضل عن ذاته المكرمة ودينه القويم بماضي السيف والسنان, ومن راوية أمين انتصب لحفظ كلمه الرفيعة وصون وما حوته من محاسن و بيان, ومن فصيح أوتي من البلاغة السحر الحلال فعبر عن بعض كمالاته بما أدرك بركته عاجلا بحق العيان.
وكان ممن فتح الله له في نيل الدرجة العظمى في ذلك الشيخ الإمام العلامة المجمع على أمانته وحفظه وإتقانه مسلم بن الحجاج تغمده الله تعالى بجميل الرضوان, وأسكنه فراديس الجنان, فألف في جمع أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وضبط أصول ذلك تأليفا عظيما, لم ينسج ولا ينسج والله تعالى أعلم على شريف منواله, وكان من أحسن شروحه فيما علمت و أجمعها شرح العلامة أبي عبد الله الأبي رحمه الله تعالى, ورضي عنه, أردت أن أتعلق بأذيال القوم, وإن كنت في غاية البعد منهم, إلا أن بمنة الوهاب تعالى باللحاق بهم بعد اليوم, فاختصرت في هذا التقييد المبارك إن شاء الله معظم ما في هذا الشرح الجامع من الفوائد, وضممت إاليه كثيرا مما أغفله مما هو كالضروري لا كالزايد, وأكملته أيضا بشرح الخطبة فتم النفع والحمد لله تعالى بشرح جميع الكتاب, وجاء بفضل الله تعالى مختصرا يقنع أو يغني عن جميع الشروح, وما فيها من تطويل أو مزيد إطناب(2/25)
فهو جدير إن شاء الله تعالى أن يسمى : ( بمكمل إكمال الإكمال ), ومقر به على الضعيف ومريد الحاجة دون المسافات الطوال, والله أسأل أن ينفع به دنيا وأخرى, ويجعله لنا من صالحات الأعمال, واعلم أن ما وجدت في هذا الكتاب من علامة ( ب ) فالمراد به الشيخ الأبي, وما وجدت من علامة ( ع ) فالمراد به القاضي عياض, وما وجدت من علامة ( ط ) فالمراد به القرطبي صاحب ( المفهم ), وما وجدت علامة ( ح ) فالمراد به محيي الدين النواوي, رحم الله جميعهم, وتقبل أعمالهم بفضله, وهذا أوان الشروع في هذا المختصر, والله الموفق بفضله (1)
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي شرح صدور أهل الإسلام للسنة فانقادت لاتباعها وارتاحت لسماعها وأمات نفوس أهل الطغيان بالبدعة بعد أن تمادت في نزاعها وتغالت في ابتداعها وأشهد أن لا آله إلا الله, وحده لا شريك له, العالم بانقياد الأفئدة وامتناعها, المطلع على ضمائر القلوب في حالتي افتراقها واجتماعها, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي انخفضت بحقه كلمة الباطل بعد ارتفاعها, واتصلت بإرساله أنوار الهدى وظهرت حجتها بعد انقطاعها, صلى الله عليه و وسلم ما دامت السماء والأرض هذه في سموها وهذه في اتساعها, وعلى آله وصحبه الذين كسروا جيوش المردة وفتحوا حصون قلاعها, وهجروا في محبة داعيهم إلى الله الأوطار والأوطان ولم يعاودوها, بعد وداعها وحفظوا على أتباعهم أقواله و أفعاله وأحواله حتى أمنت بهم السنن الشريفة من ضياعها
__________
(1) - طبع مع الشرح السابق ( مكلِل إكمال الإكمال ) للأبي(2/26)
أما بعد : فإن أولى ما صرفت فيه نفائس الأيام, وأعلى ما خص بمزيد الاهتمام, الاشتغال بالعلوم الشرعية المتلقاة عن خير البرية ولا يرتاب عاقل في أن مدارها على كتاب الله المقتفى وسنة نبيه المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وأن باقي العلوم إما آلات لفهمهما وهي الضالة المطلوبة, أو أجنبية عنهما وهي الضارة المغلوبة, وقد رأيت الإمام أبا عبد الله البخاري في ( جامعه) الصحيح قد تصدى للاقتباس من أنوارهما البهية, تقريرا واستنباطا, وكرع من مناهلهما الروية انتزاعا وانتشاطا, ورزق بحسن نيته السعادة فيما جمع حتى أذعن له المخالف والموافق, وتلقى كلامه في التصحيح بالتسليم المطاوع والمفارق
وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده, موضحة لمقاصده, كاشفة عن مغزاه, في تقييد أوابده, و اقتناص شوارده
وأقدم بين يدي ذلك كله مقدمة في تبيين قواعده, وتزيين فرائده, جامعة وجيزة دون الإسهاب, وفوق القصور سهلة المأخذ تفتح المستغلق وتذلل الصعاب, وتشرح الصدور وينحصر القول فيها إن شاء الله تعالى في عشرة فصول :
الأول في بيان السبب الباعث له على تصنيف هذا الكتاب
الثاني في بيان موضوعه والكشف عن مغزاه فيه, والكلام على تحقيق شروطه, وتقرير كونه من أصح الكتب المصنفة في الحديث النبوي, ويلتحق به الكلام على تراجمه البديعة المنال, المنيعة المثال, التي انفرد بتدقيقه فيها عن نظرائه, واشتهر بتحقيقه لها عن قرنائه
الثالث في بيان الحكمة في تقطيعه للحديث, واختصاره وفائدة أعادته للحديث وتكراره
الرابع في بيان السبب في إيراده الأحاديث المعلقة, والآثار الموقوفة, مع أنها تباين أصل موضوع الكتاب, وألحقت فيه سياق الأحاديث المرفوعة المعلقة, والإشارة لمن وصلها على سبيل الاختصار
الخامس في ضبط الغريب الواقع في متونه, مرتبا له على حروف المعجم, بألخص عبارة, وأخلص إشارة, لتسهل مراجعته ويخف تكراره(2/27)
السادس في ضبط الأسماء المشكلة التي فيه, وكذا الكنى والأنساب, وهي على قسمين: الأول المؤتلفة والمختلفة الواقعة فيه, حيث تدخل تحت ضابط كلي, لتسهل مراجعتها, ويخف تكرارها, وما عدا ذلك فيذكر في الأصل, والثاني المفردات من ذلك
السابع في تعريف شيوخه الذين أهمل نسبهم, إذا كانت يكثر اشتراكها, كمحمد لا من يقل اشتراكه كمسدد, وفيه الكلام على جميع ما فيه من مهمل ومبهم, على سياق الكتاب مختصرا
الثامن في سياق الأحاديث التي انتقدها عليه حافظ عصره أبو الحسن الدارقطني وغيره من النقاد, والجواب عنها حديثا حديثا, وإيضاح أنه ليس فيها ما يخل بشرطه الذي حققناه
التاسع في سياق أسماء جميع من طعن فيه من رجاله على ترتيب الحروف, والجواب عن ذلك الطعن بطريق الإنصاف والعدل, والاعتذار عن المصنف في التخريج لبعضهم ممن يقوي جانب القدح فيه, إما لكونه تجنب ما طعن فيه بسببه, و أما لكونه أخرج ما وافقه عليه من هو أقوى منه, وأما لغير ذلك من الأسباب
العاشر في سياق فهرسة كتابه المذكور, بابا بابا, وعدة ما في كل باب من الحديث, ومنه تظهر عدة أحاديثه بالمكرر, أوردته تبعا لشيخ الإسلام أبي زكريا النووي - رضي الله عنه - تبركا به, ثم أضفت إليه مناسبة ذلك مما استفدته من شيخ الإسلام أبي حفص البلقيني - رضي الله عنه -, ثم أردفته بسياق أسماء الصحابة الذين اشتمل عليهم كتابه, مرتبا لهم على الحروف, وعد ما لكل واحد منهم عنده من الحديث, ومنه يظهر تحرير ما اشتمل عليه كتابه من غير تكرير(2/28)
ثم ختمت هذه المقدمة بترجمة كاشفة عن خصائصه ومناقبه, جامعة لمآثره ومناقبه, ليكون ذكره واسطة عقد نظامها, و سرة مسك ختامها, فإذا تحررت هذه الفصول, وتقررت هذه الأصول, افتتحت شرح الكتاب مستعينا بالفتاح الوهاب, فأسوق إن شاء الله الباب وحديثه أولا, ثم أذكر وجه المناسبة بينهما أن كانت خفية, ثم أستخرج ثانيا ما يتعلق به غرض صحيح في ذلك الحديث من الفوائد المتنية والاسنادية, من تتمات وزيادات, وكشف غامض, وتصريح مدلس بسماع, ومتابعة سامع من شيخ اختلط قبل ذلك, منتزعا كل ذلك من أمهات المسانيد و الجوامع, والمستخرجات, و الأجزاء, والفوائد بشرط الصحة أو الحسن فيما أورده من ذلك, وثالثا أصل ما انقطع من معلقاته وموقوفاته, وهناك تلتئم زوائد الفوائد, وتنتظم شوارد الفرائد, ورابعا أضبط ما يشكل من جميع ما تقدم, أسماء وأوصافا, مع إيضاح معاني الألفاظ اللغوية, والتنبيه على النكت البيانية, ونحو ذلك, وخامسا أورد ما استفدته من كلام الأئمة مما استنبطوه من ذلك الخبر من الأحكام الفقهية, والمواعظ الزهدية, والآداب المرعية, مقتصرا على الراجح من ذلك, متحريا للواضح دون المستغلق في تلك المسالك, مع الاعتناء بالجمع بين ما ظاهره التعارض مع غيره, و التنصيص على المنسوخ بناسخه, والعام بمخصصه, والمطلق بمقيده, والمجمل بمبينه, والظاهر بمؤوله, والإشارة إلى نكت من القواعد الاصولية, ونبذ من فوائد العربية, ونخب من الخلافيات المذهبية, بحسب ما اتصل بي من كلام الأئمة, واتسع له فهمي من المقاصد المهمة, و أراعى هذا الأسلوب إن شاء الله تعالى في كل باب(2/29)
فإن تكرر المتن في باب بعينه غير باب تقدم نبهت على حكمة التكرار, من غير إعادة له إلا أن يتغاير لفظه أو معناه, فأنبه على الموضع المغاير خاصة, فإن تكرر في باب آخر اقتصرت فيما بعد الأول على المناسبة, شارحا لما لم يتقدم له ذكر, منبها على الموضع الذي تقدم بسط القول فيه, فإن كانت الدلالة لا تظهر في الباب المقدم إلا على بعد غيرت هذا الاصطلاح بالاقتصار في الأول على المناسبة, وفي الثاني على سياق الأساليب المتعاقبة, مراعيا في جميعها مصلحة الاختصار, دون الهذر والإكثار, والله أسأل أن يمن على بالعون على إكماله, بكرمه ومنه, وأن يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه, وأن يجزل لي على الاشتغال بآثار نبيه الثواب في الدار الأخرى, وأن يسبغ علي وعلى من طالعه, أو قرأه, أو كتبه النعم الوافرة تترى, إنه سميع مجيب (1)
__________
(1) - كان ابتداء تأليفه في أوائل سنة 817 هـ على طريق الإملاء, بعد أن كملت مقدمته في مجلد ضخم, في سنة 813هـ , وسبق منه الوعد للشرح, ثم صار يكتب بخطه شيئا فشيئا, فيكتب الكراسة,ثم يكتبه جماعة من الأئمة المعتبرين, ويعارض بالأصل مع المباحثة في يوم من الأسبوع, وذلك بقراءة العلامة ابن خضر, فصار السفر لا يكمل منه شيء إلا وقد قوبل و حرر, إلى أن انتهى في أول يوم من رجب سنة842 هـ سوى ما ألحقه فيه بعد ذلك, فلم ينته إلا قبيل وفاته, ولما تم عمل مصنفه وليمة عظيمة, لم يتخلف عنها من وجوه المسلمين إلا نادرا في يوم السبت ثاني شعبان سنة 842هـ , وقرىء المجلس الأخير وهناك حضرات الأئمة كالقياتي والونائي و السعد الديري وكان المصروف في الوليمة المذكورة نحو من خمسمائة دينار, فطلبه ملوك الأطراف بالاستكتاب, واشترى بنحو ثلاثمائة دينار وانتشر في الآفاق, وقد اختصر (فتح الباري) الشيخ أبو الفتح محمد بن الحسين المراغي المتوفى سنة 859هـ, واختصره أيضا الشيخ علي بن عبد الله الجلال اليمني المتوفى سنة 1240هـ , ذكره (زبارة) في (نيل الوطر) (1\146), وجرد الشيخ قطب الدين محمد بن محمد الخيضري الدمشقي الشافعي المتوفى سنة 894 هـ من ( فتح الباري ) أسئلة مع الأجوبة وسماها ( المنهل الجاري ), وللحافظ ابن حجر كتاب ( انتفاض الاعتراض ) بحث فيه عما اعترض عليه العيني في ( شرحه ) لكنه لم يجب عن أكثرها, ولكنه كان يكتب الاعتراضات ويبيضها ليجيب عنها فاخترمته المنية, ذكر فيه: أنه لما أكمل شرحه كثر الرغبات فيه من ملوك الأطراف فاستنسخت نسخة لصاحب المغرب أبي فارس عبد العزيز, وصاحب المشرق شاهر خ و للملك الظاهر فحسده العيني, وادعى الفضيلة عليه, فكتب في رده وبيان غلطه في (شرحه) وأجاب برمز (ح) و(ع) إلى الفتح و(أحمد) و (العيني) و (المعترض) , وقد طبع في مكتبة الرشد بالرياض مجلدين, بتحقيق حمدي السلفي, وللحافظ أيضا كتاب( الإستنصار على الطاعن المعثار ) وهو صورة فتيا عما وقع في خطبة
( شرح البخاري للعيني), طبع ( فتح الباري ) على الحجر في دهلي 1890 موسوما بصحيح البخاري مع شرحه ( فتح الباري ) و طبعت مقدمة فتح الباري لوحدها في الهند, ثم في المطبعة السلفية مصر بتحقيق محب الدين الخطيب, ثم في دار الكتب العلمية بيروت في (14) مجلدا ثم كثرت طبعاته(2/30)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أوضح وجوه معالم الدين, وأفضح وجوه الشك بكشف النقاب عن وجه اليقين, بالعلماء المستنبطين الراسخين, والفضلاء المحققين الشامخين, الذين نزهوا كلام سيد المرسلين مميزين, عن زيف المخلطين المدلسين, ورفعوا مناره بنصب العلائم, و أسندوا عمده بأقوى الدعائم, حتى صار مرفوعا بالبناء العالي المشيد, وبالأحكام الموثق المدمج المؤكد, مسلسلا بسلسة الحفظ والإسناد, غير منقطع ولا واه إلى يوم التناد, ولا موقوف على غيره من المباني, ولا معضل ما فيه من المعاني, و الصلاة على من بعث بالدين الصحيح الحسن, والحق الصريح السنن, الخالي عن العلل القادحة, والسالم من الطعن في أدلته الراجحة, محمد المستأثر بالخصال الحميدة, والمجتبى المختص بالخلال السعيدة, وعلى آله وصحبه الكرام, مؤيدي الدين ومظهري الإسلام, وعلى التابعين بالخير والإحسان, وعلى علماء الأمة في كل زمان, ما تغرد قمرى على الورد و البان, وناح عندليب على نور الأقحوان(2/31)
وبعد : فإن عانى رحمة ربه الغني, أبا محمد محمود بن أحمد العيني, عامله ربه ووالديه بلطفه الخفي, يقول أن السنة إحدى الحجج القاطعة, وأوضح المحجة الساطعة, وبها ثبوت أكثر الأحكام, وعليها مدار العلماء الأعلام, وكيف لا وهي القول والفعل من سيد الأنام, في بيان الحلال والحرام, الذين عليهما مبني الإسلام, فصرف الأعمار في استخراج كنوزها من أهم الأمور, وتوجيه الأفكار في استكشاف رموزها من تعمير العمور, لها منقبة تجلت عن الحسن والبها, ومرتبة جلت بالبهجة والسنا, وهي أنوار الهداية و مطالعها, ووسائل الدراية وذرائعها, وهي من مختارات العلوم عينها, ومن متنقدات نقود المعارف فضها و عينها, ولولاها لما بان الخطأ عن الصواب, ولا تميز الشراب من السراب, ولقد تصدت طائفة من السلف الكرام, ممن كساهم الله تعالى جلابيب الفهم والأفهام, ومكنهم من انتقاد الألفاظ الفصيحة, المؤسسة على المعاني الصحيحة, وأقدرهم على الحفظ بالحفاظ, من المتون والألفاظ, إلى جمع سنن من سنن سيد المرسلين, هادية إلى طرائق شرائع الدين, وتدوين ما تفرق منها في أقطار بلاد المسلمين, بتفرق الصحابة والتابعين الحاملين, وبذلك حفظت السنن, وحفظ لها السنن, وسلمت عن زيغ المبتدعين, وتحريف الجهلة المدعين, فمنهم الحافظ الحفيظ الشهير, المميز الناقد البصير, الذي شهدت بحفظه العلماء الثقات, واعترفت بضبطه المشايخ الأثبات, ولم ينكر فضله علماء هذا الشأن ولا تنازع في صحة تنقيده اثنان, الإمام الهمام حجة الإسلام, أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري أسكنه الله تعالى بحابيح جنانه بعفوه الجاري, وقد دون في السنة كتابا فاق على أمثاله, وتميز على أشكاله, ووشحه بجواهر الألفاظ من درر المعاني, ورشحه بالتبويبات الغريبة المباني, بحيث قد أطبق على قبوله بلا خلاف, علماء الأسلاف والأخلاف, فلذلك أصبح العلماء الراسخون الذين تلألأ في ظلم الليالي أنوار قرائحهم الوقادة, واستنار على(2/32)
صفحات الأيام آثار خواطرهم النقادة, قد حكموا بوجوب معرفته,وأفرطوا في قريضته ومدحته
ثم تصدى لشرحه جماعة من الفضلاء, وطائفة من الأذكياء, من السلف النحارير المحققين, وممن عاصرناهم من المهرة المدققين, فمنهم من أخذ جانب التطويل, وشحنه من الأبحاث بما عليه الاعتماد والتعويل, ومنهم من لازم الاختصار في البحث عما في المتون, ووشحه بجواهر النكات والعيون, ومنهم من أخذ جانب التوسط مع سوق الفوائد, ورصعه بقلائد الفرائد, ولكن الشرح أي الشرح ما يشفي العليل, ويبل الأكباد ويروي الغليل, حتى يرغب فيه الطلاب, و يسرع إلى خطبته الخطاب, سيما هذا الكتاب, الذي هو بحر يتلاطم أمواجا, رأيت الناس يدخلون فيه أفواجا, فمن خاض فيه ظفر بكنز لا ينفد أبدا, وفاز بجواهره التي لا تحصى عددا, وقد كان يختلج في خلدي أن أخوض في هذا البحر العظيم, لأفوز من جواهره ولآليه بشيء جسيم, ولكني كنت أستهيب من عظمته أن أحول حوله, ولا أرى لنفسي قابلية لمقابلتها هوله, ثم إني لما رحلت إلى البلاد الشمالية الندية, قبل الثمانمائة من الهجرة الأحمدية, مستصحبا في أسفاري هذا الكتاب لنشر فضله عند ذوي الألباب, ظفرت هناك من بعض مشايخنا بغرائب النوادر, و فوائد كاللآلي الزواهر, مما يتعلق باستخراج ما فيه من الكنوز, واستكشاف ما فيه من الرموز, ثم لما عدت إلى الديار المصرية, ديار خير وفضل وأمنية, أقمت بها برهة من الخريف, مشتغلا بالعلم الشريف, ثم اخترعت ( شرحا ) (1) لكتاب ( معاني الآثار ) المنقولة من كلام سيد الأبرار,
__________
(1) - سماه ( مباني الأخيار شرح معاني الآثار ), وله أيضا عليه (مغاني الأخيار في رجال معاني الآثار) طبع في مكتبة نزار الباز مكة المكرمة1418 هـ في( 3 ) مجلدات بتحقيق ( أسعد محمد الطيب ), وقد اختصره الشيخ (أبو تراب رشد الله السندهي) و سماه ( كشف الأستار عن رجال معاني الآثار تلخيص مغاني الأخبار) طبع في مكتبة الدار بالمدينة مصورا عن طبعة هندية(2/33)
تصنيف حجة الإسلام الجهبذ العلامة الإمام, أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاوي, أسكنه الله تعالى من الجنان في أحسن المآوي, ثم أنشأت ( شرحا ) (1) على ( سنن أبي داود السجستاني ) بوأه الله دار الجنان, فعاقني من عوائق الدهر ما شغلني عن التتميم, واستولى على من الهموم ما يخرج عن الحصر والتقسيم, ثم لما انجلى عني ظلامها, وتجلى علي قتامها, في هذه الدولة المؤيدية, والأيام الزاهرة السنية, ندبتني إلى شرح هذا الكتاب, أمور حصلت في هذا الباب
الأول أن يعلم أن في الزوايا خبايا, وأن العلم من منايح الله عز وجل ومن أفضل العطايا, والثاني إظهار ما منحني الله من فضله الغزير, وإقداره إياي على أخذ شيء من علمه الكثير, والشكر مما يزيد النعمة, ومن الشكر إظهار العلم للأمة, والثالث كثرة دعاء بعض الأصحاب, بالتصدي لشرح هذا الكتاب, على أني قد أملتهم بسوف ولعل, ولم يجد ذلك بما قل وجل, وخادعتهم عما وجهوا إلي بأخادع الالتماس, و وادعتهم من يوم إلى يوم وضرب أخماس لأسداس, والسبب في ذلك أن أنواع العلوم على كثرة شجونها, وغزارة تشعب فنونها, عز على الناس مرامها, واستعصى عليهم زمامها, صارت الفضائل مطموسة, المعالم, مخفوضة الدعائم, وقد عفت أطلالها ورسومها, واندرست معالمها, وتغير منثورها و منظومها, وزالت صواها, وضعفت قواها
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا *** أنيس ولم يسمر بمكة سامر
ومع هذا فالناس فيما تعبت فيه الأرواح, وهزلت فيه الأشباح, على قسمين متباينين, قسم هم حسدة, ليس عندهم إلا جهل محض, وطعن وقدح وعض, لكونهم بمعزل عن انتزاع أبكار المعاني, وعن تفتيق ما رتق من المباني, فالمعاني عندهم تحت الألفاظ مستورة, وأزهارها من وراء الأكمام زاهرة منظورة
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة *** فلا غروان يرتاب والصبح مسفر
__________
(1) - طبع مؤخرا في دار الرشد الرياض في ( ) مجلدات, تحقيق ( )(2/34)
وصنف هم ذوو فضائل وكمالات, وعندهم لأهل الفضل اعتبارات, المنصفون اللاحظون إلى أصحاب الفضائل و التحقيق, وإلى أرباب الفواضل والتدقيق, بعين الإعظام والإجلال, والمرفرفون عليهم أجنحة الأكرام والأشبال, و المعترفون بما تلقنوا من الألفاظ ما هي كالدر المنثور, والأرى المنشور, والسحر الحلال, والماء الزلال, وقليل ما هم و هم كالكثير, فالواحد منهم كالجم الغفير, فهذا الواحد هو المراد الغارد, ولكن أين ذاك الواحد, ثم إني أجبتهم بأن من تصدى للتصنيف, يجعل نفسه هدفا للتعسيف, و يتحدث فيه بما فيه, وما ليس فيه, وينبذ كلامه بما فيه التقبيح والتشويه, فقالوا ما أنت بأول من عورض, ولا بأول من كلامه قد نوقض, فإن هذا داء قدي,م وليس منها سالم إلا وهو سليم, فالتقيد بهذا يسد أبواب العلوم عن فتحها, وإلا كتراث به يصد عن التمييز بين محاسن الأشياء وقبحها(2/35)
هذا ولما لم يرتدعوا عن سؤالهم, ولم أجد بدا عن آمالهم, شمرت ذيل الحزم, عن ساق الجزم, وأنخت مطيتي, وحللت حقيبتي, ونزلت في فناء ربع هذا الكتاب, لأظهر ما فيه من الأمور الصعاب, وأبين ما فيه من المعضلات, وأوضح ما فيه من المشكلات, وأورد فيه من سائر الفنون بالبيان, ما صعب منه على الأقران, بحيث أن الناظر فيه بالأنصاف, المتجنب عن جانب الاعتساف, أن أراد ما يتعلق بالمنقول, ظفر بآماله, وأن أراد ما يتعلق بالمعقول, فاز بكماله, وما طلب من الكمالات يلقاه, وما ظفر من النوادر والنكات يرضاه, على أنهم قد ظنوا في قوة لإبلاغهم المرام, وقدره على تحصيل الفهم والأفهام, ولعمري ظنهم في معرض التعديل, لأن المؤمن لا يظن في أخيه إلا بالجميل, مع أني بالتقصير لمعترف, ومن بحر الخطايا لمغترف, ولكني أتشبه بهم متمنيا أن تكون لي حلية في ميادينهم, وشجرة مثمرة في بساتينهم, على أني لا أرى لنفسي منزلة تعد من منازلهم, ولا لذاتي منهل مورد يكون بين مناهلهم, ولكني أرجو والرجاء من عادة الحازمين الضابطين, واليأس من عادة الغافلين القانطين, ثم أني قدحت أفكاري بزناد الذكاء, حتى أورت أنوارا انكشفت بها مستورات هذا الكتاب, وتصديت لتجليته على منصة التحقيق حتى كشف عن وجهه النقاب, واجتهدت بالسهر الطويل في الليالي الطويلة, حتى ميزت من الكلام ما هي الصحيحة من العليلة, وخضت في بحار التدقيق, سائلا من الله الإجابة والتوفيق, حتى ظفرت بدرر استخرجتها من الأصداف, وبجواهر أخرجتها من الغلاف, حتى أضاء بها ما أبهم من معانيه على أكثر الطلاب, وتحلى بها ما كان عاطلا من شروح هذا الكتاب, فجاء بحمد الله وتوفيقه فوق ما في الخواطر, فائقا على سائر الشروح بكثرة الفوائد والنوادر, مترجما بكتاب : ( عمدة القاري في شرح البخاري ), ومأمولي من الناظر فيه أن ينظر بالإنصاف, ويترك جانب الطعن والاعتساف, فإن رأى حسنا يشكر سعى زائره, ويعترف بفضل عاثره, أو خللا يصلحه(2/36)
أداء حق الأخوة في الدين, فإن الإنسان غير معصوم عن زلل مبين
فإن تجد عيبا فسد الخللا *** فجل من لا عيب فيه وعلا
فالمنصف لا يشتغل بالبحث عن عيب مفضح, والمتعسف لا يعترف بالحق الموضح
فعين الرضا عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا
فالله عز وجل يرضى عن المنصف في سواء السبيل, ويوفق المتعسف حتى يرجع عن الأباطيل, ويمتع بهذا الكتاب المسلمين من العالمين العاملين, فإني جعلته ذخيرة ليوم الدين, وأخلصت فيه باليقين, والله لا يضيع أجر المحسنين, وهو على كل شيء قدير, وبالإجابة لدعانا جدير, وبه الإعانة في التحقيق, وبيده أزمة التوفيق (1)
إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للحافظ أبي العباس أحمد بن محمد القسطلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي شرح بمعارف عوارف السنة النبوية صدور أوليائه, وروح بسماع أحاديثها الطيبة أرواح أهل وداده وأصفيائه, فسرح سر سرائرهم في رياض روضة قدسه وثنائه, أحمده على ما وفق من إرشاده, وأسدى من آلائه, وأشكره على فضله المتواتر الكامل الوافر, وأسأله المزيد من عطائه وكشف غطائه
وأشهد أن لا إلا الله, وحده لا شريك له, الفرد المنفرد في صمدانيته, بعز كبريائه, وأصل من انقطع إليه إلى حضرة قربه وولائه, ومدرجه في سلسلة خاصته وأحبائه, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المرسل بصحيح القول وحسنه, رحمة لأهل أرضه وسمائه, الماحي للمختلق الموضوع بشوارق بوارق لألائه, فأشرقت مشكاة مصابيح الجامع الصحيح من أنوار شريعته وأنبائه, وعلى آله وأصحابه وخلفائه آمين
__________
(1) - طبع في دار الفكر في ( 12 ) مجلدا بدون تحقيق, ثم في دار الكتب العلمية 2001 في ( 25 ) مجلدا, ترجمة الحافظ (العيني) في (الضوء اللامع)(10\131) و(نظم العقيان)(174) و(البدر الطالع)(2\294) و(الشذرات)(7\287) و (الجواهر المضية)(2\165)(2/37)
وبعد : فإن علم السنة النبوية بعد الكتاب العزيز أعظم العلوم قدرا, وأرقاها شرفاوفخرا, إذ عليه مبنى قواعد أحكام الشريعة الإسلامية, وبه تظهر تفاصيل مجملات الآيات القرآنية, وكيف لا ومصدره عمن لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى
فهو المفسر للكتاب وإنما *** نطق النبي لنا به عن ربه
وإن كتاب البخاري ( الجامع ) قد أظهر من كنوز مطالبها العالية إبريز البلاغة, وأبرز وحاز قصب السبق في ميدان البراعة وأحرز, وأتى من صحيح الحديث وفقهه, بما لم يسبق غليه, ولا عرج أحد عليه, فانفرد بكثرة فرائد فوائده, و زوائد عوائده, حتى جزم الراون بعذوبة موارده, فلذا رجح على غيره من الكتب بعد كتاب الله, وتحركت بالثناء عليه الألسن والشفاه
ولطالما خطر في الخاطر المخاطر أن أعلق عليه شرحا أزجه فيه مزجا, وأدرجه ضمنه درجا, أميز فيه الأصل من الشرح بالحمرة والمداد, واختلاف الروايات بغيرهما, ليدرك الناظر سريعا المراد, فيكون باديا بالصفحة, مدركا باللمحة, كاشفا بعض أسراره لطالبيه, رافع النقاب عن وجوه معانيه لمعانيه, موضحا مشكله, فاتحا مقفله, مقيدا مهمله, وافيا بتغليق تعليقه, كافيا في إرشاد الساري لتحقيقه, محررا لرواياته, معربا عن غرائبه وخفياته,فأجدني أحجم عن سلوك هذا المسرى, وأبصرني أقدم رجلا وأخر أخرى, إذ أنا بمعزل عن هذا المنزل, لا سيما وقد قيل إن أحدا لم يستصبح سراجه, ولا استوضح منهاجه, ولا اقتعد صهوته, ولا افترع ذروته, ولا تفيأ ظلاله, فهو درة لن تثقب, ومهرة لم تركب, ولله در القائل:
أعيى فحول العلم حل رموز ما *** أبداه في الابواب من أسرار
فازوا من الأوراق منه بما جنوا *** منها ولم يصلوا على الأثمار
ما زال بكرا لم يفض ختامه *** وعراه ما حلت عن الأزرار
حجبت معانيه التي أوراقها *** ضربت على الأبواب كالأستار
من كل باب حين يفتح بعضه *** بنهار منه العم كالأنهار
لا غرو أن أمسى البخاري للورى *** مثل البحار لمنشأ الأمطار(2/38)
خصعت له الأقران فيه إذ بدا *** خروا على الأقان والأكوار
ولم أزل على ذلك مدة من الزمان حتى مضى عصر الشباب وبانو فانبعث الباعث على ذلك راغبا, وقام خطيبا لبنات أبكار الافكار خاطبا, فشمرت ذيل العزم عن ساق الحزم, وأتيت بيوت التصنيف من أبوابها, وقمت في جامع التأليف بين أئمته بمحرابها, وأطلقت لسان القلم في ساحات الحكم بعبارة صريحة واضحة, وإشارة قريبة لائحة, لخصتها من كلام الكبراء الذين رقت في معارج علوم هذا الشأن أفكارهم, وإشارات الألباء الذين أنفقوا على اقتناص شوارد أعمالهم, وبذلت الجهد في تفهم أقاويل الفهماء المشار إليهم بالبنان, وممارسة الدواوين المؤلفة في هذا الشأن،,ومراجعة الشيوخ الذين حازوا قصب السبق في مضماره, ومباحثة الحذاق الين غاصوا على جواهر الفرائد في بحاره, ولم أتحاش عن الإعادة في الإفادةعند الحاجة إلى البيان, ولا في ضبط الواضح عند علماء هذا الشأن, قصدا لنفع الخاص والعام, راجيا ثواب ذي الطول والإنعام, فدونك شرحا قد أرقت عليه من شرفات هذا الجامع أضواء نوره اللامع, وصدع خطيبه على منبره السامي بالحجج القواطع, القلوب والمسامع أضاءت بهجته فاختفت منه كواكب الدراري, وكيف لا وقد فاض عليه النور من فتح الباري, على أنني أقول كما قال الحافظ أبو بكر البرقاني:
وما لي فيه سوى أنني *** أراه هوى وافق المقصدا
وأرج الثواب بكتب الصلاة *** على السيد المصطفى أحمدا
وبالجملة فإنما أنا من لوامع أنوارهم مقتبس, ومن فواضل فضائلهم ملتمس, وخدمت به الأبواب النبوية, والحضرة المصطفوية, راجيا أن يتوجني بتاج القبول والإقبال, ويجيزني بجائزة الرضا في الحال والمآل(2/39)
وسميته : ( إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ), والله أسأل التوفيق والإرشاد, على سلوك طرق السداد, و أن يعينني على التكميل, فإه حسبي الله ونعم الوكيل, وهذه مقدمة مشتملة على وسائل المقاصد, يهتدي بها على الإرشاد السالك والمقاصد, جامعة لفصول هي لفروع قواعد هذا الشرح أصول.
الفصل الاول: في فضيلة أهل الحديث, وشرفهم في القديم والحديث
الفصل الثاني : في ذكر أول من دون الحديث والسنن, ومن تلاه في ذلك سالكا أحسن السنن
الفصل الثالث : في نبذة لطيفة جامعة لفرائد فوائد مصطلح الحديث, عند أهله, وتقسيم أنواعه, وكيفية تحمله,وأدائه و نقله, مما لا بد للخائض في هذا الشرح منه, لما علم أن لكل أهل فن اصطلاحا يجب استحضاره عند الخوض فيه
الفصل الرابع : فيما يتعلق بالبخاري في ( صحيحه ) من تقرير شرطه,وتحريره وضبطه, وترجيحه على غيره ,(كصحيح مسلم ) ومن سار كسيره, والجواب عما انتقذه عليه النقاذ من الأحاديث, ورجال الاسناد, وبيان موضوعه, وتفرده بمجموعه, وتراجمه البديعة المثال, المنيعة المنال, وسبب تقطيعه للحديث واختصاره, وإعادته له في الأبواب وتكراره, و عدة أحاديثه الأصول والمكررة, حسبما ضبطه الحافظ ابن حجر وحرره
الفصل الخامس : في ذكر نسب البخاري ونسبته, ومولده وبدء أمره ونشأته, وطلبه للعلم وذكر بعض شيوخه ومن أخذ عنه ورحلته, وسعة حفظه وسيلان ذهنه, وثناء الناس عليه بفقهه, وزهده وورعه وعبادته, وما ذكر من محنته و منحته, بعد وفاته وكرامته. (1)
تنوير الحوالك على موطأ الإمام مالك للسيوطي
__________
(1) - طبع في دار الفكر في ( 10 ) مجلدات, وبهامشه ( شرح النووي على مسلم ) ثم طبع مفردا في دار الكتب العلمية في ( 15 ) مجلدا. بتصحيح ( محمد عبدالعزيز الخالدي )(2/40)
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله, قال الشيخ الامام العالم العلامة, البحر الحبر الفهامة, مفيد الطالبين, وحيد دهره, وفريد عصره, بقية السلف الصالح جلال الدين عبدالرحمن بن ابي بكر السيوطي الشافعي رحمه الله : الحمد لله الذي بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بأوضح المسالك, ونور به أرجاء كل حالك, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, له الملك المالك, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله, صاحب الطريقة الغراء, التي من رغب عنها فهو الهالك, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه المخصوصين بالشرف الأعلى, وهو أهل ذلك.
هذا تعليق لطيف على موطأ الإمام مالك بن أنس - رضي الله عنه - على نمط ما علقته على صحيح البخاري, المسمى ( بالتوشيح ), وما علقته على ( صحيح مسلم ), المسمى ( بالديباج ), وأوسع منهما قليلا, لخصته من شرحي الأكبر الذي جمع فأوعى, وعمد إلى الجفلى (1) حين دعا, وقد سميت هذا التعليق :
( تنوير الحوالك على موطأ مالك ) والله أسأل أن يسلك بنا في الدنيا والآخرة أحسن المسالك (2)
التوشيح على الجامع الصحيح للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, يقول الفقير إلى عفو ربه عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي لطف الله به : الحمد لله الذي أجزل لنا المنة, وجعلنا من حملة السنة
__________
(1) - دَعاهم الجَفَلَى و الأَجْفَلَى أَي بجماعتهم، وهو أَن تدعو الناس إِلى طعامك عامّة. ( لسان العرب )
(2) - وهو مطبوع متداول, وله أيضا شرح كبير سماه ( كشف المغطى في شرح الموطأ ), ومصنف في رجال ( الموطأ ) سماه ( إسعاف المبطأ برواة الموطأ ) مطبوع أيضا, و ( تجريد أحاديث الموطأ ), ذكره في ( فهرست مؤلفاته )(ص25 رقم 151)(2/41)
وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة أعدها لهول يوم القيامة جنة, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله, أول من يقرع باب الجنة, المبعوث إلى كافة الإنس والجنة, صلى الله عليه و على آله وصحبه الذين جعل حبهم أية الإيمان و مظنة
هذا تعليق على صحيح الأستاذ شيخ الإسلام أمير المؤمنين أبي عبد الله البخاري يسمى : ( بالتوشيح ) يجري مجرى تعليق الإمام بدر الدين الزركشي المسمى ( التنقيح ) ونسقه, بما حواه من الفوائد الزوائد, يشتمل على ما يحتاج إليه القارئ والمستمع, من ضبط ألفاظه, وتفسير غريبه, وبيان اختلاف رواياته, وزيادة في خبر لم ترد في طريقه, وترجمة ورد بلفظها حديث مرفوع, ووصل تعليق لم يقع في الصحيح وصله, وتسمية مبهم, وإعراب مشكل, وجمع بين مختلف, بحيث لم يفته من الشرح إلا الاستنباط
وقد عزمت على أن أضع على كل من الكتب الستة كتابا على هذا النمط, ليحصل به النفع بلا تعب, و بلوغ الأرب بلا نصب, حقق الله تعالى ذلك بمنه وكرمه (1)
الديباج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم , وبه العون, الحمد لله الذي سلك بأصحاب الحديث أوضح نهجة, وجعلهم بما دعا نبيه صلى الله عليهم وسلم من النضرة في وجوههم والبهجة, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له شهادة يلوح لها إشراق وبهجة, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بأبلغ حجة, وأوضح محجة, صلى الله عليه, وسلم وعلى آله وصحبه ما أشرق صبح ببلجة, وغسق ليل بدلجة
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( علاء إبراهيم الأزهري )(2/42)
وبعد : فلما من الله تعالى وله الفضل بإكمال ما قصدته من التعليق على ( صحيح الإمام البخاري ) رضي الله تعالى عنه المسمى ب( التوشيح ), وجهت الوجهة إلى تعليق مثله على ( صحيح ) الإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رضي الله تعالى عنه, مسمى ( بالديباج ) لطيف مختصر, ناسج على منوال ذلك التعليق, وإن كان لهو على هذا الصحيح مبتكر, يشتمل على ما يحتاج إليه القارئ والمستمع من ضبط ألفاظه, وتفسير غريبه, وبيان اختلاف رواياته على قلتها, وزيادة في خبر لم ترد له طريقه, وتسمية مبهم, وإعراب مشكل, وجمع بين مختلف, وإيضاح مبهم, بحيث لا يفوته من الشرح إلا الإستنباط, وإذا يسر الله بإنتمامه وجهت الوجهة إلى بقية الكتب الستة (1), فوضعت على كل تعليقا كذلك لتحصل به المعونة, وتسهل المؤونة, أعان الله على ذلك بمنه ويمنه.(2)
زهر الربى على المجتبى للسيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي لا تحصى مننه, والصلاة والسلام على رسوله, محمد الذي أشرقت أنواره وسننه
هذا الكتاب الخامس مما وعدت بوضعه على الكتب الستة, وهو تعليق على سنن الحافظ أبي عبد الرحمن النسائي, على نمط نما علقته على (الصحيحين), و(سنن أبي داود), و(جامع الترمذي), وهو بذلك حقيق, إذ له مند صنف أكثر من ستمائة سنة, ولم يشتهر عليه من شرح, ولا تعليق, وسميته :
__________
(1) - وقد فعل رحمه الله, فله ( مرقاة الصعود على سنن أبي داوود ) اختصره الشيخ علي بن سليمان الدمنتي البوجمعوي المغربي وسماه ( درجات مرقاة الصعود ) طبع في المطبعة الوهبية سنة 1298هـ , , له ( قوت المغتذي على جامع الترمذي ) و( زهر الربى على المجتبى ) و( مصباح الزجاجة على سنن ابن ماجة ) اختصره الدمنتي وسماه : ( نور مصبح الزجاجة )
(2) - طبع في دار ابن عفان الرياض 1416هـ في ( 6) مجلدات بتحقيق ( أبي إسحاق الحويني )(2/43)
( زهر الربى على المجتبى ) والله تعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه, سالما من الرياء والخطل وشبهه(1)
فيض القدير شرح الجامع الصغير للعلامة عبد الرؤوف المناوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل الإنسان هو الجامع الصغير، فطوى فيه ما تضمنه العالم الأكبر الذي هو الجامع الكبير، و شرف من شاء من نوعه في القديم والحديث، بالهداية إلى خدمة علم الحديث. وأوتد له من مشكاة السنة لاقتباس أنوارها مصباحاً وضاحاً، ومنحه من مقاليد الأثر مفتاحاً فتاحاً, والصلاة والسلام على أهل العالمين منصباً, وأنفسهم نفساً وحساً، المبعوث بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، حتى أشرق الوجود برسالته ضياءاً وابتهاجاً, ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجاً، ثم على من التزم العمل بقضية هديه العظيم المقدار، من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم إلى يوم القرار، الذين تناقلوا الخبر والأخبار، ونوّروا مناهج الأقطار, بأنوار المآثر والآثار، صلاة وسلاماً دائمين ما ظهرت بوازغ شموس الأخبار, ساطعة من آفاق عبارات من أوتي جوامع الكلم والاختصار.
__________
(1) - مطبوع بحاشية ( السنن ) .في دار المعرفة بتحقيق ( مأمون شيخا )(2/44)
وبعد : فهذا ما اشتدت إليه حاجة المتفهم، بل وكل مدرس ومعلم، من شرح على ( الجامع الصغير ) للحافظ الكبير الإمام الجلال الشهير، بنشر جواهره، ويبرز ضمائره، ويفصح عن لغاته، ويفصح القناع عن إشاراته، ويميط عن وجود خرائده اللثام، ويسفر عن جمال حور مقصوراته الخيام، ويبين بدائع ما فيه من سحر الكلام، ويدل على ما حواه من درر مجمعة على أحسن نظام، ويخدمه بفوائد تقر بها العين، وفرائد يقول البحر الزاخر من أين أخذها من أين، وتحقيقات تنزاح بها شبه الضالين, وتدقيقات ترتاح لها نفوس المنصفين، وتحرق نيرانها أفئدة الحاسدين, لا يعقلها إلا العالمون، ولا يجحدها إلا الظالمون، ولا يغص منها إلا كل مريض الفؤاد، من يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فما له من هاد، ومع ذلك فلم آل جهداً في الاختصار, والتجافي عن منهج الإكثار، فالمؤلفات تتفاضل بالزهر والثمر لا بالهذر، وبالملح لا بالكبر، وبجموم اللطائف، لا بتكثير الصحائف، وبفخامة الأسرار، لا بضخامة الأسفار، وبرقة الحواشي، لا بكثرة الغواشي، ومؤلف الإنسان، على فضله أو نقصه عنوان، وهو بأصغريه اللفظ اللطيف, والمعنى الشريف، لا بأكبريه اللفظ الكثير والمعنى الكثيف, وهنالك يعرف الفرض من النافلة، وتعرض الإبل فرب مئة لا تجد فيها راحلة, ثم إني بعون أرحم الراحمين، لم أدخل بتأليفه في زمرة الناسخين، ولم أسكن بتصنيفه في سوق الغث والسمين، بل أتيت بحمد الله، بشوارد فرائد باشرت اقتناصها، وعجائب غرائب, استخرجت من قاموس الفكر وعباب القريحة مغاصها، فمن استلحق بعض أبكاره الحسان، لم ترده عن المطالبة بالبرهان, ولم أعرب من ألفاظه إلا ما كان خفياً، فقد قال الصدر القونوي: غالب ممن يتكلم على الأحاديث إنما يتكلم عليها من حيث إعرابها, والمفهوم من ظاهرها, بما لا يخفى على من له أدنى مسكة في العربية, وليس في ذلك كبير فضيلة, ولا مزيد فائدة، إنما الشأن في معرفة مقصوده - صلى الله عليه وسلم - ,(2/45)
وبيان ما تضمنه كلامه من الحكم والأسرار بياناً تعضده أصول الشريعة، وتشهد بصحته العقول السليمة, وما سوى ذلك ليس من الشرح في شيء, قال ابن السكيت : خذ من النحو ما تقيم به الكلام فقط, ودع الغوامض, ولم أكثر من نقل الأقاويل والاختلافات، لما أن ذلك على الطالب من أعظم الآفات، إذ هو كما قال حجة الإسلام يدهش عقله, ويحير ذهنه, قال: وليحذر من أستاذ عادته نقل المذاهب, وما قيل فيها فإن إضلاله أكثر من إرشاده, كيقما كان، ولا يصلح الأعمى لقود العميان, و من كان دأبه ليس إلا إعادة ما ذكره الماضون, وجمع ما دوّنه السابقون, فهو منحاز عن مراتب التحقيق، معرّج عن ذلك الطريق, بل هو كحاطب ليل، وغريق في سيل، إنما الحبر من عوّل على سليقته القويمة، وقريحته السليمة, مشيراً إلى ما يستند الكلام إليه من المعقول والمنقول، رامزاً إلى ذلك رمز المفروغ منه المقرر في العقول(2/46)
قال حجة الإسلام في ( الإحياء ) : ينبغي أن يكون اعتماد العلماء في العلوم على بصيرتهم وإدراكهم, وبصفاء قلوبهم لا على الصحف والكتب, ولا على ما سمعوه من غيرهم, فإنه إن اكتفى بحفظ ما يقال كان وعاء للعلم, لا عالماً اهـ. فيا أيها الناظر اعمل فيه بشرط الواقف من استيفاء النظر بعين العناية, وكمال الدراية، لا يحملك احتقار مؤلفه على التعسف، ولا الحظ النفساني على أن يكون لك عن الحق تخلف، فإن عثرت منه على هفوة أو هفوات، أو صدرت فيه عن كبوة أو كبوات، فما أنا بالمتحاشي عن الخلل, ولا بالمعصوم عن الزلل، ولا هو بأول قارورة كسرت، ولا شبهة مدفوعة زبرت، ومن تفرد في سلوك السبيل، لا يأمن من أن يناله أمر وبيل، ومن توحد بالذهاب في الشعاب والقفار، فلا يبعد أن تلقاه الأهوال و الأخطار, وكل أحد مأخوذ من قوله ومتروك، ومدفوع إلى منهج مع خطر الخطأ مسلوك, و لا يسلم من الخطأ إلا من جعل التوفيق دليله في مفترقات السبل، وهم الأنبياء والرسل، على أني علقته باستعجال، في مدة الحمل والفصال، والخواطر كسيرة، وعين الفؤاد غير قريرة، والقرائح قريحة, والجوارح جريحة، من جنايات الأيام و الأنام، تأديباً من الله عن الركون إلى من سواه، واللياذ بمن لا تؤمن غلسة هواه، فرحم الله امرءاً قهر هواه، وأطاع الإنصاف وقوّاه، ولم يعتمد العنت ولا قصد قصد من إذا رأى حسناً ستره, وعيباً أظهره ونشره, وليتأمله بعين الإنصاف، لا بعين الحسد والانحراف, فمن طلب عيباً وجدّ وجد، ومن افتقد زلل أخيه بعين الرضا والإنصاف فقد فقد، والكمال محال لغير ذي الجلال
ولما منّ الله تعالى بإتمام هذا التقريب، وجاء بحمد الله آخذاً من كل مطلب بنصيب، نافذاً في الغرض بسهمه المصيب، كامداً قلوب الحاسدين بمفهومه ومنطوقه، راغماً أنوف المتصلفين لما استوى على سوقه.(2/47)
سميته : ( فيض القدير، بشرح الجامع الصغير ), ويحسن أن يترجم ( بمصابيح التنوير، على الجامع الصغير )، ويليق أن يدعى: ( بالبدر المنير، في شرح الجامع الصغير )، ويناسب أن يترجم: ( بالروض النضير في شرح الجامع الصغير ), هذا وحيث أقول ( القاضي ) فالمراد البيضاوي, أو (العراقي ) فجدّنا من قبل الأمهات الحافظ الكبير زين الدين العراقي، أو ( جدي ) فقاضي القضاة يحيى المناوي، أو ( ابن حجر ) فخاتمة الحفاظ أبو الفضل العسقلاني، رحمهم الله تعالى سبحانه,
وأنا أحقر الورى,خويدم الفقهاء: محمد المدعو عبد الرؤوف المناوي، حفه الله بلطف سماوي، وكفاه شر المعادي والمناوي، ونور قبره حين إليه يأوي، وعلى الله الإتكال، وإليه المرجع والمآل، لا ملجأ إلا لإياه، ولا قوة إلا بالله، وها أنا أفيض في المقصود، مستفيضاً من ولي الطول والجود (1)
التيسير شرح الجامع الصغير للمناوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي علمنا من تأويل الأحاديث, فاطر السماوات والأرض , وأشهد أن لا إله إلا الله, شهادة تنجي قائلها يوم العرض, وأشهد محمدا رسوله الذي خصه الله بجوامع الكلم في مقال, وجمع فيه كل خلق وخلق حسن فاستوى على أكمل الأحوال, صلى الله عليه و سلم وعلى آله وأصحابه الأشداء الرحماء, الذين اشبهوا في الهداية بهم نجوم السماء وعلى آله الأئمة الأعلام, والأولياء الكرام
__________
(1) - طبع في دار الفكر بيروت في ( 6 ) مجلدات بدون تاريخ, و في دار الكتب العلمية 1994 بتصحيح ( أحمد عبد السلام ),(2/48)
أما بعد : فإني لما شرحت فيما مضى ( الجامع الصغير من حديث البشير النذير ) كوى قلب الحاسد لما استوى, فجهد أن يأتي له بنظير, فرجع إليه بصره خاسئا وهو حسير, فلما أنس من نفسه القصور و التقصير, عمد إلى الطعن فيه بالتطويل, وكثرة القال والقيل, فلقطع ألسنة الحسدة المتعنتين, وقصور همم الراغبين, وخوف انتحال السارقين, أمرني بعض المحبين أن أختصر اللفظ اختصارا, وأقتصر في المعاني ما يظهر جهارا, فعمدت أختصر, وطفقت أقتصر, ثم عَنَّ لي أنه كيف يليق إهمال هاتيك النكت البديعة اللطيفة, والتحقيقات المنيفة الشريفة لخوف السارقين والمنتهبين, وقصور الأغبياء والمتعنتين, فإن لم ينتفع به الحاسدون والقاصرون, فسينتفع به المنصفون الكاملون, فرأيت إبقاء الأصل على حاله حذرا من إضاعة هاتيك البدائع الروائع, التي هي خلاصة أبكار العلماء, وعصارة أنظار الفضلاء, وأن يكون هذا شرحا ثانيا وجيزا(2/49)
فدونك يا طالب الإختصار والإقتصار, شرحا كأنه سبيكة نضار, ومع ذلك فيه طرف من الظرف, ونبذة من الأدب, وقف عليها وقف, ومع وصفي له بذلك ما أبرئه ولا نفسي من ريب, ولا أبيعه بشرط البراءة من كل عيب, ولا أدعي فيه كمالا الإستقامة, ولا أقول بأنه كأصله جمع سلامة, بل أعترف بالقصور, و أسأل الله الغفور, العفو عما طغى به القلم, فكم جرى بهذه السطور, فما حرج على من عثر على هفوة, أو كبوة, أن يرقع خرقه, ويفتق رتقه, ويصلح خلله, ويستر زلله, فمن تجنب الإنصاف, ونظر بعين الإنحراف, وطلب عيبا, و جَدَّ وجد, وافتقد زلل أخيه بعين الرضا فقد فقد, فرحم الله امرءا أغلب هواه, وعمل بالإنصاف, وعذرني في خطأ كان مني, وزلل صدر عني, فالكمال محال, لغير ذي الجلال,والمرء غير معصوم, والنسيان في الإنسان غير معدوم, وسميته : ( التيسير بشرح الجامع الصغير ) والله سبحانه المسئول, أن يجعل مقاساتي فيه كأصله لوجهه الكريم, و يثيبني عليه بجنات النعيم (1)
أبهج المسالك شرح موطأ الإمام مالك للشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أطلع شموس أصحاب الحديث في سماء السعادة, وأشرق أقمار صنيعهم في أرقعة مرفوعات السيادة, ووصل حبل انقطاعهم إليه, فأدرجهم مع الصديقين و أثابهم الحسنى وزيادة, وأرسل فينا رؤوفا رحيما بالحنيفية السمحة المنقاذة, أحمده وأشكره على تواتر آلائه راجيا الزيادة, وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, عالم الغيب والشهادة
__________
(1) - طبع في المطبعة الأميرية ببولاق 1286 هـ في مجلدين, ثم صور في دار البشائر الإسلامية, والمكتب الإسلامي ببيروت, ثم طبع في دار الحديث مصر ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( حسن الذهبي )(2/50)
وأشهد أن محمدا عبده و رسوله وحبيه وخليله المرسل رحمة للعالمين, فوطأ الدين المينن, فاقبسنا الهدى من كواكب أنواره الوقادة, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه نجوم الهدى الفائزين برؤية وجهه الحسن, فسلسل عليهم إسعاده, فوقفوا أنفسهم على نصر شريعته, ومهدوا إرشاده, صلاة وسلاما أرجو بهما في الدارين قربه وإمداده
أما بعد : فان العاجز الضعيف الفاني محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني لما من الله عليه بقراءة كتاب (الموطأ) بالساحات الأزهرية, وكان الابتداء في عاشر جمادى الأولى سنة تسع بعد مائة وألف من الهجرة النبوية بعد ما هجر بمصر المحمية, حتى كاد لا يعرف ما هو, كتبت عليه ما أتاحه له ذو المنة والفضل, وإن لم أكن لذلك ولا لأقل منه بأهل, لأن شروحه وإن كثرت عزت, بحيث لا يوجد منها في بلادنا إلا ما قل, وجعلته وسطا لا بالقصير ولا بالطويل, وأتيت في ضبطه بما يشفي للقواصر مثلي الغليل, غير مبال بتكراره, كبعض التراجم لما علم من غالب حالنا من النسيان, ثم إني لا أبيعه بالبراءة من العيوب, بل هي كثيرة لا سيما لأهل هذا الزمان, لكني أعوذ بالله من حاسد يدفع بالصدر, فهذا لله لا لزيد ولا لعمرو(2/51)
والله أسال من فضله العظيم متوسلا إليه بحبيبه الكريم, أن يجعله خالصا لوجهه ويسهل بالتمام , وأن يجعله وصلة إلى خير الأنام, وأن يأخذ بيدي في الدنيا ويوم القيامة, ويمتعني برؤيته ورؤية حبيبه في دار السلام, و حيث أطلقت لفظ ( الحافظ ) فمرادي ختام الحفاظ ابن حجر العسقلاني, والله حسبي وعيه توكلت, وما شاء الله ولا قوة إلا بالله, وكل أمري له أسلمت وفوضت (1)
مرقاة المفاتيح لمشكاة المصابيح للعلامة علي القاري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي فتح قلوب العلماء بمفاتيح الإيمان, وشرح صدور العرفاء بمصابيح الإيقان, وأفضل الصلوات, وأكمل التحيات, على صدر الموجودات, وبدر المخلوقات, أحمد العالمين, وأمجد لعالمين محمد المحمود في أقواله و أفعاله وأحواله, المنور مشكاة صدره بأنوار جماله, وأسرار كماله, وعلى آله وأصحابه, حملة علومه, ونقلة آدابه
أما بعد : فيقول أفقر عباد الله الغني البارئ, علي بن سلطان محمد الهروي القاري, عاملهما الله بلطفه الخفي, وتجاوز عنهما بكرمه الوفي, لما كان كتاب ( مشكاة المصابيح ) الذي ألفه مولانا الحبر العلامة, و البحر الفهامة, مظهر الحقائق, وموضح الدقائق, الشيخ التقي النقي, ولي الدين محمد بن عبدالله الخطيب التبريزي, أجمع كتاب في الأحاديث النبوية, وأنفع لباب من الاسرار المصطفوية, ولله در من قال من أرباب الحال:
لئن كان في المشكاة يوضع مصباح *** فذلك مشكاة وفيها مصابيح
وفيها من الأنوار ما شاع نفعها *** لهذا على كتب الأنام تراجيح
__________
(1) - وهو شرح بسيط في ثلاث مجلدات,طبع مرارا في ( 4 ) مجلدات منها في دار الكتب العلمية ودار الفكر و غيرها بدون تحقيق, استمد فيه كثيرا من ( فتح الباري ), و للشيخ أبي عبد الله محمد المدني بن الغازي بن الحسني الرباطي المتوفى سنة 1378هـ ( حواشي على الزرقاني على الموطأ ) ذكره ابن الماحي في ( معجم المطبوعات المغربية )(ص70)(2/52)
فيه أصول الدين والفقه والهدى *** حوائج أهل الصدق منه مناجيح
تعلق الخاطر بقرائته, وتصحيح لفظه وروايته, والإهتمام ببعض معانيه ودرايته, رجاء أن أكون عاملا بما فيه من العلوم في الدنيا, وداخلا في زمرة العلماء العاملين في العقبى
فقرأت هذا الكتاب المعظم على مشايخ الحرم المحترم, نفعنا الله بهم وببركات علومهم, منهم فريد عصره, وحيد عصره, ومولانا العلامة الشيخ عطية السلمي, تلميذ شيخ الإسلام, ومرشد الأنام, مولانا الشيخ أبي الحسن الكردي , ومنهم زبدة لفضلاء, وعمدة العلماء, مولانا السيد زكريا, تلميذ العالم الرباني, مولانا إسماعيل الشرواني, من أصحاب قطب العارفين, وغوث السالكين, خواجة عبيد الله السمرقندي, أحد أتباع خواجه بهاء الدين النقشينذي روح الله روحهما, ورزقنا فتوحها, ومنهم العالم العامل, والفاضل الكامل, العارف بالله الوالي, مولانا الشيخ علي المتقي, أفاض الله علينا من مدده العلي
لكن لكون هؤلاء الأكابر غير حفاظ للحديث الشريف, ولم يكن في أيديهم أصل صحيح يعتمد عليه العبد الضعيف, و الشراح ما اعتنوا إلا بضبط بعض الكلمات, وكانت البقية عندهم من الواضحات, ما اطمأن له قلبي, ولا انشرح صدري إلا بأن جمعت النسخ المصححة, المقروءة المسموعة المصرحة,التي تصلح للإعتماد, وتصح عند الإختلاف للإستناد, فمنها نسخة هي أصل السيد أصيل الدين, والسيد جمال الدين, ونجله السعيد مير كشاه المحدثين المشهورين, و منها نسخة قرأت على شيخ مشايخنا في القراءة و الحديث النبوي, مولانا الشيخ شمس الدين محمد بن الجزري, ومنها نسخة قرأت على شيخ الإسلام الهروي, وغيرها من النسخ المعتمدة الصحيحة, التي وجدت عليها آثار الصحة الصريحة, فأخذت من مجموع النسخ أصلا أصيلا, ولمثوبة الأخروية كفيلا, وقد حصل لي إجازة عامة, ورخصة تامة(2/53)
[ وذكر أسانيده للكتاب ] فلما حصلت هذه النسخة المذكورة, وصححتها من النسخ المعتمدة المسطورة, رأيت أن أضبطها تحت شرح لطيف, على منج شريف, يضبط ألفاظه مع مبانيه, ويبحث عن رواياته و معانيه, فإن همم إخوان الزمان قد قصرت, ومجاهدتهم في تحصيل العلوم لا سيما في هذا الفن الشريف ضعفت, وهو مقتضى الوقت الذي تجاوز الألف, وبقي ضعف العلم و العمل, بل ضعف الإيمان على ضعف, والله ولي دينه, وناصر نبيه, وهو بكل جميل كفيل, وحسبنا الله ونعم الوكيل
وأيضا من البواعث أن غالب الشراح كانوا شافعية في مطلبهم, وذكروا المسائل المتعلقة بالكتاب على منهاج مذهبهم, واستدلوا بظاهر الأحاديث على مقتضى مشربهم, وسموا الحنفية أهل الرأي على ظن أنهم ما يعملون بالحديث, بل ولا يعلمون الرواية والتحديث, لا في القديم ولا في الحديث, مع أن مذهبهم القوي تقديم الحديث الضعيف على القياس المجرد الذي يحتمل التزييف, نعم من رأي ثاقبهم,الذي هو معظم مناقبهم, أنهم ما تشبتوا بالظواهر, بل دققوا النظر فيها بالبحث عن السرائر, وكشفوا عن وجوه المسائل نقاب الستائر, ولذا قال الامام الشافعي : الخلق كلهم عيال على أبي حنيفة في الفقه, وهذا الاعتراف يدل على الإغتراف وكمال الإنصاف منه, رضي الله تعالى عنهما, ونفعنا بعلومهما ومددهما, فأحببت أ، أذكر أدلتهم, وأبين مسائلهم,و أدفع عنهم مخالفتهم, لئلا يتوهم العوام الذين ليس لهم معرفة بالأدلة الفقهية, أن المسائل الحنفية تخالف الدلائل الحنيفية(2/54)
وسميته : ( مرقاة المفاتيح لمشكاة المصابيح ), والله تعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه, من فضله, وأن ينفع المسلمين به, كما نفعهم بأصله وفصله, فأقول وبالله التوفيق, وبيده أزمة التحقيق (1)
سبل السلام شرح بلوغ المرام للعلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي مَنَّ علينا ببلوغ المرام من خدمة السنة النبوية, وتفضل علينا بتيسير الوصول إلى مطالبها العلية, وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تنزل قائلها الغرف الأخروية
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي باتباعه يرجى الفوز بالمواهب اللدنية, صلى الله عليه وسلم وعلى آله الذين حبهم ذخائر العقبى وهم خير البرية
__________
(1) - طبع (المرقاة ) في دار الفكر بيروت في ( 10 ) مجلدات, ثم في دار الكتب العلمية 1998 في ( 11 ) مجلدا بتحقيق ( جمال عيتاني ), والقاري هو الشيخ العلامة نور الدين علي بن محمدسلطان الهروي القاري فقيه حنفي ، من صدور العلم في عصره, ولد في هراة, وسكن مكة, وصنف كتبا كثيرة, منها شرح الشفا و ( شرح الشمائل) وغير ذلك, توفي سنة1014هـ(2/55)
وبعد : فهذا شرح لطيف على ( بلوغ المرام ) , تأليف الشيخ العلامة شيخ الإسلام أحمد بن علي بن حجر, أحله الله دار السلام, اختصرته من شرح القاضي العلامة شرف الدين الحسين بن محمد المغربي (1), أعلى الله درجاته في عليين, مقتصرا على حل ألفاظه, وبيان معانيه, قاصدا بذلك وجه الله, ثم التقريب للطالبين فيه والناظرين , معرضا عن ذكر الخلافات والأقاويل, إلا أن يدعو إليه ما يرتبط به الدليل, متجنبا للإيجاز المخل, والإطناب الممل, وقد ضممت إليه زيادات جمة, على ما في الأصل من الفوائد, وأسأل الله أن يجعله في المعاد من خير العوائد, فهو حسبي ونعم الوكيل, و عليه في البداية والنهاية التعويل (2)
نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار للعلامة محمد بن علي الشوكاني اليمني
__________
(1) - المغربي هو الشيخ العلامة الحسين بن محمد اللاعي اليمني، المعروف بالمغربي نسبة الى مغارب صنعاء, قاضي صنعاء ومحدثها. له ( البدر التمام في شرح بلوغ المرام ) جزآن مخطوط في مجلد ضخم، في خزانة الرباط ( 420 كتاني ), ورسالة في حديث ( أخرجوا اليهود من جزيرة العرب ) توفي بالروضة سنة 1119هـ ترجمته في البدرطالع)(1\230\153)
(2) - والصنعاني هو الإمام الكبير المجتهد المطلق السيد محمد بن إسماعيل الحسني الكحلانى ثم الصنعانى, المعروف بالأمير, صاحب التصانيف الجليلة, برع في جميع العلوم وفاق الأقران, وتفرد برئاسة العلم في صنعاء, وتظاهر بالاجتهاد وعمل بالأدلة, ونفر عن التقليد, له مصنفات جليلة حافلة منها (منحة الغفار) حاشية على (ضوء النهار) للجلال, و(العدة ا حاشية على شرح العمدة) لابن دقيق العيد, و( شرح الجامع الصغير) وغير ذلك, توفي سنة 1182هـ ترجمته في (البدرطالع)(2\133\)(2/56)
بسم اللَّه الرحمن الرحيم, أحمدك يا من شرح صدورنا بنيل الأوطار من علوم السنة, وأفاض على قلوبنا من أنوار معارفها ما أزاح عنا من ظلم الجهالات كل دجنة, وحماها بحماة صفدوا بسلاسل أسانيدهم الصادقة أعناق الكاذبين, و كفاها بكفاة كفوا عنها أكف غير المتأهلين من المنتابين المرتابين, فغدا معينها الصافي غير مقذر بالأكدار,. و زلال عذبها الشافي غير مكدر بالأقذار, والصلاة والسلام على المنتقى من عالم الكون والفساد, المصطفى لحمل أعباء أسرار الرسالة الإلهية من بين العباد, المخصوص بالشفاعة العظمى في يوم يقول فيه كل رسول: نفسي نفسي, ويقول : أنا لها أنا لها, القائل : بعثت إلى الأحمر والأسود, أكرم بها مقالة ما قالها نبي قبله ولا نالها, وعلى آله المطهرين من جميع الأدناس والأرجاس, الحافظين لمعالم الدين عن الاندراس والانطماس, و على أصحابه الجالين بأشعة بريق صوارمهم دياجر الكفران, الخائضين بخيلهم ورجلهم لنصرة دين اللَّه بين يدي رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كل معركة تتقاعس عنها الشجعان.
وبعد : فإنه لما كان الكتاب الموسوم بالمنتقى من الأخبار في الأحكام, مما لم ينسج على بديع منواله, ولا حرر على شكله ومثاله أحد من الأئمة الأعلام, قد جمع من السنة المطهرة ما لم يجتمع في غيره من الأسفار, وبلغ إلى غاية في الإحاطة بأحاديث الأحكام تتقاصر عنها الدفاتر الكبار, وشمل من دلائل المسائل جملة نافعة تفنى دون الظفر ببعضها طوال الأعمار, وصار مرجعاً لجلة العلماء عند الحاجة إلى طلب الدليل لا سيما في هذه الديار, وهذه الأعصار, فإنها تزاحمت علي مورده العذب أنظار المجتهدين, وتسابقت على الدخول في أبوابه أقدام الباحثين من المحققين, وغدا ملجأ للنظار يأوون إليه, ومفزعاً للهاربين من رق التقليد يعولون عليه, وكان كثيراً ما يتردد الناظرون في صحة بعض دلائله, و يتشكك الباحثون في الراجح والمرجوح عند تعارض بعض مستندات مسائله(2/57)
حمل حسن الظن بي جماعة من حملة العلم بعضهم من مشايخي على أن التمسوا مني القيام بشرح هذا الكتاب, وحسنوا لي السلوك في هذه المسالك الضيقة التي يتلون الخريت في موعرات شعابها والهضاب, فأخذت في إلقاء المعاذير, وأبنت تعسر هذا المقصد على جميع التقادير
وقلت: القيام بهذا الشأن يحتاج إلى جملة من الكتب يعز وجودها في هذه الديار, والموجود منها محجوب بأيدي جماعة عن الأبصار بالاحتكار والادخار كما تحجب الأبكار, ومع هذا فأوقاتي مستغرقة بوظائف الدرس والتدريس, والنفس مؤثرة لمطارحة مهرة المتدربين في المعارف على كل نفيس, وملكتي قاصرة عن القدر المعتبر في هذا العلم الذي قد درس رسمه, وذهب أهله منذ أزمان قد تصرمت, فلم يبق بأيدي المتأخرين إلا اسمه, لا سيما وثوب الشباب قشيب, وردن الحداثة بمائها خصيب, ولا ريب أن لعلو السن و طول الممارسة في هذا الشأن أوفر نصيب.
فلما لم ينفعني الإكثار من هذه الأعذار, ولا خلصني من ذلك المطلب ما قدمته من الموانع الكبار, صممت على الشروع في هذا المقصد المحمود, وطمعت أن يكون قد أتيح لي أني من خدم السنة المطهرة معدود, و ربما أدرك الطالع شأو الضليع وعد في جملة العقلاء المتعاقل الرقيع, وقد سلكت في هذا الشرح لطول المشروح مسلك الاختصار, وجردته عن كثير من التفريعات والمباحثات التي تقضي إلى الإكثار, لا سيما في المقامات التي يقل فيها الاختلاف, ويكثر بين أئمة المسلمين في مثلها الائتلاف, وأما في مواطن الجدال و الخصام, فقد أخذت فيها بنصيب من إطالة ذيول الكلام, لأنها معارك تتبين عندها مقادير الفحول, و مفاوز لا يقطع شعابها وعقابها إلا نحارير الأصول, ومقامات تتكسر فيها النصال على النصال, ومواطن تلجم عندها أفواه الأبطال, بأحجار الجدال, ومواكب تعرق فيها جباه رجال حل الإشكال والإعضال.(2/58)
وقد قمت وللَّه الحمد في هذه المقامات مقاماً لا يعرفه إلا المتأهلون, ولا يقف على مقدار كنهه من حملة العلم إلا المبرزون, فدونك يا من لم تذهب ببصر بصيرته أقوال الرجال, ولا تدنست فطرة عرفانه بالقيل و القال, شرحاً يشرح الصدور ويمشي على سنن الدليل وإن خالف الجمهور, وإني معترف بأن الخطأ و الزلل, هما الغالبان على من خلقه اللَّه من عجل, ولكني قد نصرت ما أظنه الحق بمقدار ما بلغت إليه الملكة ورضت النفس حتى صفت عن قذر التعصب الذي هو بلا ريب الهلكة
وقد اقتصرت فيما عدا هذه المقامات الموصوفات, على بيان حال الحديث وتفسير غريبه وما يستفاد منه بكل الدلالات, وضممت إلى ذلك في غالب الحالات, الإشارة إلى بقية الأحاديث الواردة في الباب, مما لم يذكر في الكتاب, لعلمي بأن هذا من أعظم الفوائد التي يرغب في مثلها أرباب الألباب من الطلاب
ولم أطول ذيل هذا الشرح بذكر تراجم رواة الأخبار, لأن ذلك مع كونه علماً آخر يمكن الوقوف عليه في مختصر من كتب الفن من المختصرات الصغار, وقد أشير في النادر إلى ضبط اسم راوٍ أو بيان حاله على طريق التنبيه, لا سيما في المواطن التي هي مظنة تحريف أو تصحيف, لا ينجو منه غير النبيه, وجعلت ما كان للمصنف من الكلام على فقه الأحاديث, وما يستطرده من الأدلة في غضونه من جملة الشرح في الغالب, ونسبت ذلك إليه, وتعقبت ما ينبغي تعقبه عليه, وتكلمت على ما لا يحسن السكوت عليه, مما لا يستغني عنه الطالب, كل ذلك لمحبة رعاية الاختصار, وكراهة الإملال بالتطويل والإكثار, وتقاعد الرغبات, وقصور الهمم عن المطولات.(2/59)
وسميت هذا الشرح لرعاية التفاؤل الذي كان يعجب المختار : ( نيل الأوطار من أسرار منتقى الأخبار ), واللَّه المسؤول أن ينفعني به, ومن رام الانتفاع من إخواني, وأن يجعله من الأعمال التي لا ينقطع عني نفعها بعد أن أدرج في أكفاني, وقبل الشروع في شرح كلام المصنف, نذكر ترجمته على سبيل الاختصار فنقول: (1)
المسوى شرح الموطأ برواية يحيى بن يحيى للشيخ أحمد ولي الله بن عبد الرحمن الدهلوي
__________
(1) - طبع ( نيل الأوطار ) في المطبعة الأميرية ببولاق 1297هـ, ثم في المطبعة المنيرية 1345 هـ, في ( 5 ) مجلدات ضمت ( 9 ) أجزاء, وقد صورت هذه الطبعة في دار الجيل,ثم طبع في دار الحديث بمصر1993 في ( 4 ) مجلدات, وخامس لفهرس الأحاديث بتحقيق ( عصام الدين الصبابطي ) وهي طبعة مرقمة ومخرجة أحاديث المتن أي ( المنتقى ),ثم طبع في مكتبة الإيمان بالمنصورة 2000 بتحقيق عدة, وله طبعات أخرى متداولة
ترجمة الشوكاني في (البدر الطالع)(2\214) و(التاج المكلل)(305) و (معجم كحالة)(3\542)(2/60)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما, وعلمه حكما وأحكاما ليكون للعالمين سراجا منيرا, وداعيا الى الله بإذنه وهاديا وإماما, وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس وأفضلها منزلا ومقاما, ولم يزل يلهم من يشاء في كل طبقة استنباط ما خفي من أحكام الدين إلهاما, ونهاهم عن التفرق في أصول الدين, وجعل تفرقهم في الفروع رحمة وإنعاما, كلما تحير عامتهم في اختلاف السلف أعلم خاصتهم كيف يحكمون في ذلك إعلاما, فهدى الناس على ألسنتهم من الغواية وكشف بالخاصة عن العامة ظلاما, ولا تزال طائفة منهم قائمين على الحق صنع ذلك لطفا بهم وإكراما, ولا يزال عدول كل طبقة منهم ينفون التحريف والانتحال ليصير العلم معتدلا قواما, وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له, ملكا فادرا صمدا سلاما, وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمدا عبده ورسوله الذي آدم ومن دونه تحت لوائه حين يقوم للشفاعة قياما, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى أمته, الذين حازوا من السعادة سهاما
أما بعد : فيقول الفقير إلى رحمة الله الكريم, أحمد المدعو بولي الله ابن عبدالرحمن الدهلوي وطنا, العمري نسبا, عفا الله عنه وألحقه بسلفه الصالحين, إن علم الفقه أشرف العلوم وأنفعها وأوسعها, وكتاب (الموطأ) أصح كتب الفقه و أشهرها, و أقدمها, وأجمعها, وقد اتفق السواد الأعظم من الملة المرحومة على العمل به, والإجتهاد في روايته, ودرايته, والاعتناء بشرح مشكلاته, ومعضلاته, والاهتمام باستناط معانيه, وتشييد مبانيه, ومن تتبع مذاهبهم, ورزق الإنصاف من نفسه علم لا محالة أن (الموطأ) عُدَّة مذهب مالك وأساسه, وعمدة مذهب الشافعي وأحمد ورأسه, ومصباح مذهب أبي حنيفة وصاحبيه ونبراسه(2/61)
وهذه المذاهب بالنسبة (للموطأ) كالشروح للمتون, وهو منها بمنزلة الدوحة من الغصون, وأن الناس وإن كانوا من فتاوى مالك في رد وتسليم, وتنكيت وتقويم, فما صفا لهم المشرب, ولا تأتي لهم المذهب إلا بما سعى في ترتيبه, و أجتهد في تهذيبه, وقال الشافعي لذلك : ليس أحد أمن علي في دين الله من مالك
وعلم أيضا أن الكتب المصنفة في السنن (كصحيح مسلم), و(سنن أبي داود), والنسائي وما يتعلق بالفقه من (صحيح البخاري), و(جامع الترمذي) مستخرجات على (الموطأ) تحوم حومه, وتروم رومه, مطمح نظرهم فيها وصل ما أرسله, ورفع ما أوقفه, واستدراك ما فاته, وذكر المتابعات والشواهد لما أسنده, وإحاطة جوانب الكلام بذكر ما روي خلافه, وبالجملة فلا يمكن تحقيق الحق في هذا ولا ذاك إلا بالإكباب على هذا الكتاب(2/62)
هذا وقد شرح الله صدري والحمد لله أن أرتب أحاديثه ترتيبا يسهل تناوله, وأترجم على كل حديث بما استنبط منه جماهير العلماء, وأضم إلى ذلك من القرآن العظيم ما لا بد للفقيه حفظه, ومن تفسيره ما لا بد له من معرفته, وأذكر في كل باب مذهب الشافعية والحنفية, إذ هم الفئتان العظيمتان اليوم, وهم أكثر الأمة, وهم المصنفون في أكثر الفنون الدينية, وهم القادة الأئمة, ولم أتعرض لمذهب غيرهما تسهيلا على حاملي الكتاب, ورغبة فيما هو الأهم في الباب, إلا في مواضع النكت, وأبين ما تعقب به الأئمة على مالك بإشارة لطيفة, حيث كان التعقب بحديث صحيح صريح, وأبين ما مست إليه الحاجة في معانيه اللغوية, من شرح غريب, وضبط مشكل, أو معانيه الفقهية من بيان علة الحكم وأقسامه, وتأويل الحديث عند الفريقين, ونحو ذلك, ولم أتعرض لذكر من أخرج الحديث من أصحاب الأصول الستة, إلا في مواضع يسيرة, لأن العلماء قد فرغوا منه, وأغنونا عنه, علما مني بأن (مسند الدارمي) إنما صنف لإسناد أحاديث (الموطأ) وفيه الكفاية لمن اكتفى, وفهمني الحق أن في ذلك فتحا لباب الخير, وجمعا لشمل الأمة المرحومة, وهزا لطبائع جامدة طالما ركدت, وإرشادا على طرق من العلم طالما تركت
وأرجو من فضل الله ورحمته أن يكون هذا الكتاب جامعا لخمسة أنواع من الأحكام, هي العمدة لمن أراد أن ينتهج مناهج الكرام, وما أخذ من نصوص الكتاب, وما أثبتته الأحاديث المستفيضة, أو القوية المروية في الاصول في كل باب, وما اتفق عليه جمهور الصحابة والتابعين, وما استنبطه مالك وتابعه جماعات من الفقهاء المحدثين(2/63)
وقد اقتضى الحال في بعض المواقع أن أفرق الحديث في بابين, فراعيت في ذلك شرطه المعتبر عند أهله, وفي بعضها أن أذكر حديثا واحدا مرتين, فإن كان بإسنادين فبها, وإلا سقت الإسناد في موضع وقلت في الموضع الآخر قال مالك بإسناده كذا وكذا, وقد استوعبت أحاديث (الموطأ) وآثاره في هذه النسخة, و ما كان من قوله من السنة كذا أو كان استنباطا منه أتيت من ذلك بما ذهب إليه إحدى الطائفتين, ولم أتعرض لما سوى ذلك إلا في مواضع, وقد تأكد العزم مني أن أشرحه أيضا شرحا بالفارسية, رجاء أن أكون ممن علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلمه وحفظه على الناس, وأشاعه و روجه,
وسميت الكتاب : ( بالمسوى من أحاديث الموطأ برواية يحيى بن يحيى ) (1)
__________
(1) - طبع قديما في دهلي 1293هـ,على هامش ( المصفى ) ثم سنة 1347هـ, ثم حديثا في مجلدين في دار الكتب العلمية 1983 وقد رتب فيه ( الموطأ ) ترتيبا يسهل تناوله وحذف منه بعض أقوال مالك مما تفرد به عن سائر المجتهدين, وزاد فيه الآيات الشريفة المتعلقة بتلك الأبواب, وعلق عليها تعليقات مختصرة مفيدة, وله ( شرح ) آخر بالفارسية سماه ( المصفى ) شرح فيه ( الموطأ ) على ترتيبه في ( المسوى ) شرحا مفيدا للغاية طبع مرارا, قال الحسني في ( المعارف )(ص150): صنفه على وجه الاجتهاد والتحقيق, وصححه وهذبه بعد وفاته صاحبه الشيخ ( محمد أمين الولي اللاهي وفرغ من تهذيبه في سنة 1179هـ
والدهلوي هو الشيخ العلامة أبو عبد العزيز أحمد بن عبد الرحيم الفاروقي الهندي، الملقب شاه ولي الله: فقيه حنفي من المحدثين, من أهل دهلي بالهند.. قال صاحب (فهرس الفهارس) : أحيا الله به وبأولاده وأولاد بنته وتلاميذهم الحديث والسنة بالهند بعد مواتهما ، وعلى كتبه وأسانيده المدار في تلك الديار,له تصانيف كثيرة منها (الفوز الكبير في أصول التفسير -ط )، و (فتح الخبير بما لابد من حفظه في علم التفسير- ط ) و(حجة الله البالغة- ط) مجلدان، و(إزالة الخفاء عن خلافة الخلفاء- ط) و (عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد- ط ) و(شرح تراجم أبواب البخاري- ط) توفي سنة 1176هـ , ترجمته الدهلوي في (أبجد العلوم) للقنوجي(3\241) و(اإاعلام في تاريخ الهند من الاعلام)(2\958)(2/64)
عون المعبود على سنن أبي داود للعلامة شمس الحق العظيم آبادي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, صلى الله تعالى على رسوله محمد الذي جعل أتباعه سببا لكفارة السيئات, وعلى آله وأزواجه وسائر أصحابه الذين نالوا به المنازل الرفيعة والدرجات
أما بعد : فيقول الفقير على الله تعالى أبوعبد الرحمن شرف الحق الشهير بمحمد أشرف بن أمير بن علي بن حيدرو الصديقي العظيم آبادي, غفر الله له, وستر عيوبهم, إن هذه الفوائد والحواشي النافعة على أحاديث سنن الإمام الهمام المجتهد المطلق, أبي داود سليمان بن الأشعت السجستاني رضي الله تعالى عنه, جمعتها من كتب أئمة هذا الشأن رحمهم الله تعالى, مقتصرا على حل بعض المطالب العالية, وكشف بعض اللغات المغلقة, وتراكيب بعض العبارات, مجتنبا عن الإطالة والتطويل إلا ما شاء الله تعالى(2/65)
وسميتها : ( بعون المعبود على سنن أبي داود ), تقبل مني, والمقصود من هذه الحاشية المباركة الوقوف على معنى أحاديث الكتاب فقط, من غير بحث لترجيح الأحاديث بعضها على بعض, إلا على سبيل الإيجاز والإختصار, ومن غير ذكر أدلة المذاهب المتبوعة على وجه الإستيعاب, إلا في المواضع التي دعت إليها الحاجة, أعان الله تعالى وتبارك على إتمام هذه الحواشي, ونفع بها إخواننا أهل العلم وإياي خاصة, وأما الجامع لهذه المهمات المذكورة من الترجيح والتحقيق, وبيان أدلة المذاهب والتحقيقات والشريفة, وغير ذلك من الفوائد الحديثية في المتون والأسانيد وعللها, الشرح الكبير لأخينا العلامة ( أبي الطيب محمد شمس الحق العظيم آبادي ) المسمى (بغاية المقصود في حل سنن أبي داود) (1) وفقه الله تعالى لإتمامه, كما وفقه لابتدائه, وهو شرح كبير جليل عظيم الشأن وشارحه العلامة صرف همته إلى إتمامه, والمشغول فيه بحسب الإمكان, جزاه الله تبارك وتعالى وتقبل منه, و جعله خير العقبى, وإني استفدت كثيرا من هذا الشرح المبارك, وقد أعانني شارحه في هذه الحاشية في جل من المواضع, وأمدني بكثير من المواقع, فكيف يكفر شكره
__________
(1) - قال الحسني في (المعارف) : شرح كبير, ولم يتم وقال ولده ابو الحسن الندوي : شرح عظيم محيط بمباحث الكتاب و المتون والاسانيد لو تم لكان عملا جليلا ومن شروح الحديث الكبيرة الشاملة إلا أنه لسعة دائرته وضخامة عمله لم يتم, وقد احتوى على بحوث مفيدة و فوائد كثيرة(2/66)
والباعث على تأليف هذه الحاشية المباركة أن أخانا الأعظم الأمجد أبا الطيب شارح السنن ذكر غير مرة في مجلس العلم والذكر أن شرحي ( غاية المقصود ) يطول شرحه إلى غير نهاية, لا أدري كم تطول المدة في إتمامه, والله يعينني, والآن لا نرضى بالإختصار, لكن الحبيب المكرم الشفيق المعظم, جامع الفضائل و الكمالات, خادم سنن سيد الكونين الحاج تلطف حسين العظيم آبادي مصر على تأليف الشرح الصغير سوى ( غاية المقصود ), فكيف أرد كلامه, فأمرني أخونا العلامة الأعظم أبو الطيب أدام الله مجده لإبرام هذا المرام, فاعتذرت كثيرا, لكن ما قبل عذري, وقال: لا بد عليك هذا الأمر, وإني أعينك بقدر الإمكان والإستطاعة, فشرعت متوكلا على الله في إتمام هذه الحاشية, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, أستغفر الله رب من كل ذنب, وأتوب إليه (1)
تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي للعلامة محمد بن عبد الرحمن المباركفوري
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله الذي شرح صدور أصفيائه بعلوم كتابه المعجز القديم, وعرف أولياءه بمعارف كتابه المهيمن الكريم, وروح أرواح أهل وداده بفوحات عرف ذكره الحكيم
والصلاة والسلام على رسوله الذي بين للناس ما نزل إليهم, وهداهم الصراط المستقيم, وعلى آله وأصحابه الذين هم كالنجوم, في نقل أموره, وأيامه, وسننه, وتبليغ دينه القويم
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1410هـ وغيرها في( 7 ) مجلدات, وشارحه هو العلامة الشيخ محمد أشرف بن أمير شرف الحق الصديقي العظيم آبادي, علامة بالحديث هندي, من تصانيفه (التعليق المغني على سنن الدراقطنيط) و(عون المعبود على سنن أبي داود) و(المكتوب اللطيف إلى المحدث الشريف) و(عقود الجمان) في تعليم المرأة, و(القول المحقق) في الحديث توفي بعد سنة 1310هـ(2/67)
أما بعد : فهذه فوائد مهمة فريدة, ومباحث جمة مفيدة, ومعارف رائقة عجيبة, وعوارف رائعة غريبة, وتحقيقات بديعة لطيفة, لا يستغني عنها كل من يشتغل بعلم الحديث وكتبه, بل لا بد منها لمن يشتغل ( بالجامع الصحيح ) للإمام الهمام أبي عيسى الترمذي رحمه الله, جمعها وحررها إمام العصر, مسند الوقت, شيخ المعارف وإمامها, ومن في يديه زمامها, المحقق المحدث, الفقيه, الأجل, الشيخ أبو العلى محمد بن عبدالرحمن المباركفوري طيب الله ثراه, وجعل الجنة مثواه, صنفها وجعلها مقدمة لشرحه ( تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ) وهي مشتملة على بابين, الباب الأول في فوائد متعلقة بعلم الحديث وأهله, وكتبه عموما, والباب الثاني في فوائد متعلقة بالإمام الترمذي وجامعه خصوصا تقبلها الله و نفع بها المسلمين (1)
انتهى القسم الأول من ( جامع المقدمات ) ويليه
القسم الثاني وأوله : كتب الأحاديث الموضوعة والمشتهرة
__________
(1) - طبع أولا في الهند بدهلي1353 هـ, ثم أعيد صور ببيروت في دار الكتاب العربي 1984 في (5) مجلدات, ثم طبع عدة طبعات,من أحسنها طبعة دار إحياء التراث العربي بتحقيق (علي محمد معوض) و (عادل أحمد عبد الموجود) في (10) مجلدات(2/68)
كتب الأحاديث الموضوعة والمشتهرة
الموضوعات في الأحاديث المرفوعات للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على التعليم, حمدا يوجب المزيد من التقويم, والصلاة الكاملة و التسليم, على محمد النبي الكريم, المبعوث بالهدى إلى الصراط القويم, المقدم على الخليل وعلى الكليم, (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ) (التوبة:128) صلى الله عليه وعلى آله و أصحابه وأتباعه إلى يوم ظهور الهول العظيم, (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ, إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:88\89) أيقظنا الله وإياكم قبل ذلك الحين لأخذ العدة و ثبت أقدامنا إذا زعزعت الأقدام الشدة, ورزقنا قولا وفعلا قبل انقضاء المدة وختم صحائفنا بالعفو قبل جفوف قلم الأجل وانتهاء المدة, وبيض وجوهنا بالصدق يوم نرى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة
أما بعد : فإن بعض طلاب الحديث ألح على أن أجمع له الأحاديث الموضوعة, وأعرفه من أي طريق تعلم أنها موضوعة, فرأيت أن إسعاف الطالب للعلم بمطلوبه يتعين خصوصا عند قلة الطلاب لا سيما لعلم النقل, فإنه قد أعرض عنه بالكلية, حتى أن جماعة من الفقهاء يبنون على العلوم الموضوعة, وكثيرا من القصاص يريدون الموضوعات, وخلقا من الزهاد يتعبدون به, وها أنا أقدم قبل الشروع في المطلوب فصولا, تكون لذلك أصولا, والله الموفق
[ وذكر فصولا انقسام الأحاديث على ستة أقسام وأقسام الرواة ثم قال](3/1)
فصل: وإذ قد أنهيت هذه الفصول التي هي كالأصول, فأنا أرتب هذا الكتاب كتبا يشتمل كل كتاب على أبواب, فأذكره على ترتيب الكتب المصنفة في الفقه, ليسهل الطلب على طالب الحديث, وأذكر كل حديث بإسناده, وأبين علته, والمتهم به, تنزيها لشريعتنا عن المحال, وتحذيرا من العمل بما ليس بمشروع, و أنا أحرج على من يروي من كتابنا هذا حديثا منفصلا عن القدح فيه, فإنه يكون خائنا على الشرع.
فصل : وقبل الشروع في ذكر الأحاديث نذكر أربعة أبواب, ذكرها [ مهم ], الباب الأول في ذم الكذب, والباب الثاني في قوله عليه السلام (من كذب علي متعمدا ) في ذكر طرق الحديث, وعدد من رواه من الصحابة, و الكلام في معناه وتأويله, والباب الثالث : يأمر فيه بانتقاد الرجال, ويحذر من الرواية عن الكذابين والمجهولين, الرابع نذكر فيه ما يشتمل عليه هذا الكتاب من الكتب(3/2)
الباب الرابع في ذكر الكتب التي يشتمل عليها هذا الكتاب, ذكرتها لك لتعلم ترتيبها, وتعرف مواضعها, وليسهل عليك منها, وهي خمسون كتاباً, كتاب التوحيد, كتاب الإيمان, كتاب المبتدأ, كتاب الأنبياء, كتاب العلم ,وفيه فضائل القرآن كتاب السنة وذم أهل البدع, كتاب الفضائل و المثالب, وهو ينقسم إلى فضائل الأشخاص والأماكن والأيام ومثالبهم, كتاب الطهارة, كتاب الصلاة, كتاب الزكاة, كتاب الصدقة, كتاب فعل المعروف, كتاب مدح السخاء والكرم, كتاب الصوم, كتاب الحج, كتاب السفر, كتاب الجهاد, كتاب البيوع والمعاملات, كتاب النكاح, كتاب النفقات, كتاب الأطعمة, كتاب الأشربة, كتاب اللباس, كتاب الزينة, كتاب الطيب, كتاب النوم, كتاب الأدب, كتاب معاشرة الناس, كتاب البر, كتاب الهدايا, كتاب الأحكام و القضايا, كتاب الأحكام السلطانية, كتاب الإيمان و النذور, كتاب ذم المعاصي, كتاب الحدود و العقوبات, كتاب الزهد وفيه الأبدال والصالحون, كتاب الذكر, كتاب الدعاء, كتاب المواعظ, كتاب الوصايا, كتاب الملاحم والفتن, كتاب المرض, كتاب الطب, كتاب ذكر الموت, كتاب الميزان, كتاب القبور, كتاب البعث, وأهوال القيامة, كتاب صفة الجنة, كتاب صفة النار, كتاب المستبشع من الموضوع على الصحابة
فذلك خمسون كتابا,ً كل كتاب يشتمل على أبواب, فمن أراد حديثاً طلبه في مظانه, من هذه الكتب, والله الموفق (1)
__________
(1) - طبع بالمكتبة السلفية بالمدينة المنورة 1966 بتحقيق ( عبد الرحمن محمد عثمان ) في ( 3 ) مجلدات و صور في دار الفكر بيروت ثم بدار الكتب العلمية1995 في مجلدين بتحقيق (توفيق حمدان), وقد لخصه الحافظ الذهبي فحذف أسانيد الأحاديث و المكررات, وهو مطبوع باسم ( ترتيب الموضوعات ) ا في دار الكتب العلمية 1994 بتحقيق ( كمال بسيوني زغلول) وعدد أحاديثه ( 1172 ) حديثا
وابن الجوزي هو الإمام العلامة الحافظ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي القرشي البكري الصديقي البغدادي الحنبلي الواعظ , صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم, عرف جدهم بالجوزي لجوزة كانت في دراهم لم يكن بواسط سواها, توفي سنة 597هـ (طبقات الحفاظ ) للسيوطي (1\480\1036)(3/3)
المغني عن الحفظ والكتاب للعلامة أبي حفص عمر بن بدر الموصلي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي لا أمد لمداه ولا غاية لمنتهاه وأشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, ولا إله سواه وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أرسله إلى الكافة فكفهم عن الكفر, وأكفهم كفاه, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله و أصحابه ومن وافقه على مقصده و مغزاه,صلاة دائمة إلى يوم يلقاه, وسلم تسليما كثيرا
وبعد : فإني صنفت في الموضوعات مصنفات لم أسبق إليها, ولا دللت عليها, ومن أبدعها هذا الكتاب ( المغني عن الحفظ و الكتاب ), إذ لا متن فيه ولا إسناد, ولا تكرر فيه الأحاديث ولا تعاد فيه ترجمة الأبواب, تدلك على الخطأ من الصواب, وإنما فعلت ذلك لوجوه, إحداها مبالغة في إيصال العلم إلى المتعلمين, ثانيها أن في الناس من لا يتفرغ للعلم و دراسته كالأمراء, و الوزراء, والقضاة, وأرباب الحرف, ثالثها أن الإنسان إذا وجد حلاوة القليل دعاه إلى الكثير
و على الله أعتمد فيما أقصد, وأتوكل, وبرسوله أتوسل , لبلوغ الآمال, تقوم ما مني مال, إنه قريب مجيب (1)
التذكرة في الأحاديث المشتهرة للإمام محمد بن عبد الله بن بهادر الزركشي المتوفى سنة 794هـ
__________
(1) - طبع في المطبعة السلفية بالقاهرة 1343هـ, ثم في دار الكتاب العربي 1987 وبهامشه كتاب ( جنة المرتاب ) للشيخ ( أبي اسحق الحويني ) وله عليه (كتاب) آخر اصغر منه سماه ( فصل الخطاب بنقد كتاب المغني عن الحفظ والكتاب ) طبع في دار الكتب العلمية 1985
والموصلي هو الإمام المحدث المفيد الفقيه ضياء الدين أبو حفص عمر بن بدر بن سعيد الكردي الحنفي, تلميذ على أبي الفرج ابن الجوزي, وجمع وصنف وحدث بحلب ودمشق, له تواليف مفيدة منها ( الجمع بين الصحيحين ) و( العقيدة الصحيحة في الموضوعات الصريحة ) و( الوقوف على الموقوف ), توفي سنة 622هـ ترجمته في (السير)(22/ص287)(3/4)
بسم الله الرحمن الرحيم , وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وهو رب العرش العظيم, رب يسر يا كريم
الحمد لله حمدا يليق بجلاله، ويستمطر من عطاياه غيث نواله، والصلاة والتسليم الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وآله
أما بعد: فإن من النصيحة الواجبة في الدين التنبيه على ما يشتهر بين الناس مما ألفه الطبع وليس له أصل في الشرع
وقد صنف الإمام تاج الدين [ الفزاري] كتابا في فقه العوام وإنكار أمور قد اشتهرت بينهم لا أصل لها، أجاد فيها الإنتقاد وصان الشريعة أن يدخل فيها ما خل بالإعتقاد, شكر الله صنعه وأثاب جمعه, وقد رأيت ما هو أهم من ذلك، وهو تبيين الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام، وكثير من الفقهاء الذين لا معرفة لهم بالحديث، وهي إما أن يكون لها أصل يتعذر الوقوف عليه لغرابة موضعه، ولذكره في غير مظنه، وربما نفاه بعض أهل الحديث لعدم اطلاعه عليه و النافي له كمن نفى أصلا من الدين، وضل عن طريقه المبين
وإما لا أصل له البتة فالناقل لها يدخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم :
(( من يقل عني ما لم اقل فليتبوأ مقعده من النار ))
رواه البخاري بهذا اللفظ عن مكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيدة عن سلمة بن الأكوع به وهو من ثلاثياته
وقد اخبرنا أبو الفتح القلانسي أخبرتنا خاتون ابنة الملك العاقل سيف الدين أبي بكر بن أيوب أنا أبو الفخر أسعد بن سعيد وجماعة ، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد الجوزانية، أنا ابن زيد، أنا الطبراني، ثنا خلف بن الحسن، الواسطي ثنا محمد بن إبراهيم الشامي، ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن قتادة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( هلاك أمتي في ثلاث في القدرية والعصبية والرواية من غير ثبت))
قال الطبراني لم يروه عن الأوزاعي إلا سويد ، تفرد به محمد بن إبراهيم انتهى
وكذا قال ابن عدي وقال : عامة أحاديثه غير محفوظة(3/5)
ثم أخرجه من طرق من حديث ابن عباس وقال( بلاؤها) عن هارون بن هارون وهو منكر الحديث , وأخرجه ابن عبد البر في مقدمة التمهيد من جهة بقية ثنا أبو الوليد عن أبي العلاء عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا ثم قال : هذا حديث انفرد به بقية عن أبي العلاء
وهو إسناد فيه ضعف لا تقوم به حجة والحديث الضعيف لا يدفع وإن لم يحتج به ورب حديث ضعيف الإسناد صحيح المعنى انتهى
قلت : أخرجه الطبراني من جهة سعيد بن عبد العزيز عن هارون بن هارون عن مجاهد به
ونقل البيهقي في المعرفة عن الشافعي أن النبي صلى الله عليه وسلم فرق بين الحديث عنه والحديث عن بني إسرائيل فقال : (( حدثوا عي ولا تكذبوا علي ))
وذلك الكذب المنهي عنه هو الكذب الخفي، بأن يقبل الحديث عمن لا يعرف صدقه، وأباح قبول الحديث عن بني إسرائيل عمن حدث عنهم، ممن يقبل صدقه وكذبه، ولم يبحه عمن يعرف كذبه، لأنه صلى الله عليه وسلم قال :
(( من حدث عني بحديث وهو يراه كذبا فهو أحد الكاذبين ))
وحديث التفريق أخرجه النسائي بإسناد صحيح عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، وحدثوا عني ولا تكذبوا علي ))
وأخرجه مسلم عن أبى سعيد بغير هذا اللفظ
وأخرجه البخاري عن عبد الله بن عمرو بلفظ : (( وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ))
وقد اختلف في أنه خطاب للمحدث عنهم والمحدث فقيل خطاب للمحدث عنهم ثم في المعنى قولان : أحدهما أنه إباحة بعد حظر، وليس ثم حظر صريح، لكنه قد صح أن عمر أتاه بشيء من التوراة فغضب وقال : (( اسهولون فيها يا ابن الخطاب ))
فهذا نهي فكأنه أباح الحديث عنهم بعد ذلك النهي
والثاني : أنه لما قال : حدثوا كان لفظ أمر فأتبعه بقوله : ولا حرج ليعلم أنه ليس بأمر وجوب(3/6)
قال ابن الجوزي : وقد حكى لنا شيخنا ابن ناصر عن إبراهيم الحربي انه قال : معنى الحديث (( حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج إن لم تحدثوا ))
وقيل أنه خطاب للمحدث وقوله ( لا حرج ) لفظ خبر ومعناه الأمر أي لا يحرج فيه سامع لكثرة العجائب فإنه كانت فيهم عجائب
وقال الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين البغدادي في كتابه (( معرفة الرجال )) سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل ما الحجة على من أنكر البحث وتفتيش الخبر , قال:
الحجة عليهم ما روى عن أبي بكر الصديق في الجدة، فإنه بلغنا أنه قال : من عنده في الجدة، فقام المغيرة بن شعبة فقال : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال: هل من آخر فقام محمد بن مسلمة فحكى مثل ما حكى المغيرة ، فلم يكن هذا من أبي بكر تهمة للمغيرة إذ قال هل من آخر ، ولكنه أراد بهذا الإحتياط في الدين و التثبيت في الأحكام
وفي هذا دلالة أخرى على من أنكر البحث في حديث أبي موسى الأشعري في الإستئذان لما حدث به عمر فقال :
لتأتيني على ما قلت بشاهدين، فأتى حلقة الأنصار فأخبرهم بما قال عمر، فقام أبو سعيد الخدري فحدث عمر بالحديث فلم يكن هذا من عمر لأبي موسى على التكذيب ، ولكنه أراد الثبات والبيان لئلا يأتي آت فيدعي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله
قال أبو عبد الله : وقد بلغني عن أبي هريرة أنه حدث عمر بحديث فطلب منه شاهدا فأتى عمر شيخ من قريش فشهد له
وكان علي رضي الله عنه إذا حدثه أحد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم استحلفه أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : والإستحلاف لعله السكون والطمأنينة لقوله صلى الله عليه وسلم :
(( من حلف بالله فليصدق ومن حلف له فليصدق ))(3/7)
وقال أبو بكر أحمد بن محمد المروزي ليحيى بن معين : إن هاهنا من ينكر البحث ، فقال يحيى : ذلك مبلغهم من العلم ، كيف ينكر وقد بحث الأئمة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كشفو ، وإنما ينكر البحث من قصر عنه وقل فهمه
وروى ابن عدي عن عبده بن سليمان المروزي قال : قيل لابن المبارك : هذه الأحاديث المصنوعة قال : يعيش لها الجهابذة
وقال عباس الدوري : سمعت أحمد بن حنبل يقول : إن للناس في أرباضهم وعلى باب دورهم أحاديث يتحدثون بها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم نسمع نحن بشيء منها انتهى
ولما رأيت الحال دائر بين هذين الأمرين وجبت العناية من ذلك بما وصل العلم إليه ووقع الإطلاع عليه , وعن الربيع بن خثيم :قال :
إن للحديث ضوءا كضوء النهار تعرفه ، وظلمة كظلمة الليل سكره, وقال ابن الجوزي : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب، وينفر منه قلبه في الغالب
وسميته (( اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهور ة))، ورتبته على أبواب : الأول فيما اشتهر على ألسنتهم من أحاديث الأحكام، والثاني في أحاديث الحكم والآداب، والثالث في الزهد، والرابع في الطب والمنافع، والخامس في أبواب الفضائل، والسادس في الأدعية و الأذكار، والسابع في القصص والأخبار،والثامن في الفتن، والتاسع في أمور منثورة (1)
المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة للحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي
بسم اللَّه الرحمن الرحيم, الحمد للَّه مميز الخبيث من الطيب، ومحرز الحديث بنقاده من الخطأ و الكذب, والصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد وعلى آله وأزواجه ومن له صحب، صلاةً وسلاماً نرجو بهما الاستقامة للنفس والأهل والعقب.
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1403 هـ في مجل واحد بتحقيق (مصطفى عبد القادر عطا)(3/8)
وبعد : فهذا كتاب رغب إلي فيه بعض الأئمة الأنجاب، أبين فيه بالعزو والحكم المعتبر، ما على الألسنة اشتهر، مما يظن إجمالاً أنه من الخبر، ولا يهتدي لمعرفته إلا جهابذة الأثر، وقد لا يكون فيه شيء مرفوع، وإنما هو في الموقوف أو المقطوع وربما لم أقف له على أصل أصلاً، فلا أبت بفصل فيه قولاً، غير ملتزم في ذلك الاستيفاء ولا مقدم على تنقيص لمتقدم أو جفاء، وإن لم يسلم كلامه من خلل، ولا تكلم بما يتضح به زوال العلل، تأدباً مع الأئمة كالزركشي وابن تيمية، فالفضل للسابق، والعدل هو الموافق، مرتباً على حروف المعجم في أول الكلمات، وإن كان ترتيبه على الأبواب للعارف من أكبر المهمات، ولذا جمعت بين الطريقتين، ورفعت عني اللوم ممن يختار إحدى الجهتين، فبوبت للأحاديث بعد انتهائها، وأشرت لمظانها من ابتدائها، ولاحظت في تسميتها أحاديث المعنى اللغوي
كما أني لم أقصد في الشهرة الاقتصار على الاصطلاح القوي، وهي ما يروى عن أكثر من اثنين في معظم طباقه أو جميعها بدون مين، بل القصد الذي عزمت على إيضاحه وأن أتقنه، ما كان مشهوراً على الألسنة من العالم المتقن في سبره, أو غيره, في بلد خاص، أو قوم معينين، أو في جل البلدان وبين أكثر الموجودين، و ذلك يشمل ما كان كذلك، وما انفرد به راويه بحيث ضاقت مما عداه المسالك، وما لا يوجد له عند أحد سند معتمد، بل عمن عرف بالتضعيف, والتلفيق و التحريف، وما لم يجيء كما أشرت إليه إلا عن الصحابة، فمن بعدهم من ذوي الرجاحة و الإصابة، وما لم يفه به أحد من المعتمدين بالظن الغالب لا اليقين, وربما أنشط لشيء من المعنى، وأضبط ما يزول به اللبس بالحسنى(3/9)
وكان أعظم باعث لي على هذا الجمع، وأهم حاث لعزمي فيما تقر به العين ويلتذ به السمع، كثرة التنازع لنقل ما لا يعلم في ديوان، مما لا يسلم عن كذب وبهتان، ونسبتهم إياه إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، مع عدم خبرتهم بالمنقول، جازمين بإيراده، عازمين على إعادته وترداده، غافلين عن تحريمه، إلا بعد ثبوته وتفهيمه، من حافظ متقن في تثبيته، بحيث كان ابن عم المصطفى علي بن أبي طالب، لا يقبل الحديث إلا ممن حلف له من قريب أو مناسب، لأن الكذب عليه صلى اللَّه عليه وآله وسلم ليس كالكذب على غيره من الخلق والأمم، حتى اتفق أهل البصيرة والبصائر، أنه من أكبر الكبائر، و صرح غير واحد من علماء الدين و أئمته، بعدم قبول توبته، بل بالغ الشيخ أبو محمد الجويني فكفره, وحذر فتنته و ضرره (1)، إلى غيره من الأسباب، التي يطول في شأنها الانتخاب
__________
(1) - هو الشيخ أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني, والد إمام الحرمين, كان يلقب بركن الإسلام, أوحد زمانه علما ودينا وزهدا وتقشفا, له المعرفة التامة بالفقه والأصول والنحو والتفسير, توفي سنة 438هـ ( طبقات الشافعية) للسبكي (5\73\440)(3/10)
وسميته : ( المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ), واللَّه أسأل أن يسلك بنا طريق الحق والاعتدال, وأن لا يترك الأحمق المائق يتمادى بالضلال، فيما لم يحققه مع الفحول الأبطال، وأن يجعل هذا التأليف خالصاً لوجهه الكريم، موجباً لرضاه العميم، إنه قريب مجيب.(1)
اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة للحافظ جلال الدين السيوطي
بسم اللّه الرحمن الرحيم, الحمد للّه محق الحق و مبطل الباطل، ومعلي الصدق و منزل الكذب إلى أسفل سافل، و الصلاة والسلام على سيدنا محمد ذي القول الفاضل, والحكم الفاصل، وعلى آله و صحبه النجباء الأماثل.
__________
(1) - طبع ( المقاصد ) في مكتبة الخانجي بمصر بتحقيق الشيخ ( عبد الله بن الصديق الغماري ) وعدد أحاديثه ( 1356 ), ثم في دار الكتب العلمية 1987, و في دار الكتاب العربي, بيروت بتحقيق ( عثمان الخشت ) وقد اختصره الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد بن عبد السلام المنوفي تلميذ ( السخاوي) المتوفى سنة 931 هـ وسماه ( الدرة اللامعة في بيان كثير من الأحاديث الشائعة) ذكره في (كشف الظنون)(ص 1780), وكذا للشيخ أبي عبد الله محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني المالكي، المتوفى سنة 1122هـ عليه مختصران: كبير وصغير, طبع الأخير في المكتب الإسلامي بيروت, وللشيخ أبي الحسن علي بن محمد المنوفي تلميذ السيوطي كتاب ( الوسائل السنية من المقاصد السخاوية والجامع والزوائد الأسيوطية ), وممن اختصره أيضا الشيخ محمد بن عمر اليمني المشهور ( ببحرق ) المتوفى سنة 930هـ و سماه ( تحرير المقاصد عن الأسانيد و الشواهد), وللشيخ أحمد بن عبد الله بن أحمد الوزيراليمني المتوفى سنة985 هـ كتاب ( تحرير مختصر المقاصد الحسنة ) و هو مخطوط , ذكره الحبشي في (مصادر الفكر باليمن)(ص54)(3/11)
وبعد : فإن من مهمات الدين التنبيه على ما وضع من الحديث, واختلق على سيد المرسلين, صلى اللّه عليه وعلى آله و صحابته أجمعين، وقد جمع في ذلك الحافظ أبو الفرج بن الجوزي كتاباً فأكثر فيه من إخراج الضعيف الذي لم ينحط إلى رتبة الوضع, بل ومن الحسن, ومن الصحيح, كما نبه على ذلك الأئمة والحفاظ, ومنهم ابن الصلاح في ( علوم الحديث ) وأتباعه
وطالما اختلج في ضميري انتقاؤه, وانتقاده, واختصاره, لينتفع به مرتاده، إلى أن استخرت اللّه تعالى و انشرح صدري لذلك، وهيأ لي إلى أسبابه المسالك
فأورد الحديث من الكتاب الذي أورده هو منه, (كتاريخ الخطيب) والحاكم, و(كامل ابن عدي), و(الضعفاء للعقيلي), ولابن حبان, وللأزدي, و(أفراد الدارقطني), و (الحلية لأبي نعيم), وغيرهم بأسانيدهم, حاذفاً إسناد أبي الفرج إليهم، ثم أعقبهم بكلامه, ثم إن كان متعقباً نبهت عليه, وأقول في أول ما أزيده ( قلت ), وفي آخره واللّه أعلم، ورمزت لما أورده الحافظ أبو عبد اللّه الحسين بن إبراهيم الجوزقاني (1) صورة ( ج ) إعلاماً بتوافق المصنفين على الحكم بوضع الحديث
وسميته : ( اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ), وأسأل اللّه الإعانة عليه, والتوفيق لما يرضيه, ويقربني إليه, واعلم إني كنت شرعت في هذا التأليف في سنة سبع وثمانمائة, وفرغت منه في سنة خمس وسبعين, وكانت التعقبات فيه قليلة, وعلى وجه الاختصار
__________
(1) - الجوزقاني هو الحافظ الإمام أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن حسين بن جعفر الهمذاني, مصنف كتاب (الأباطيل و المناكير والصحاح والمشاهير ) وغيره توفي سنة 543هـ , ترجمته في ( طبقات الحفاظ) للسيوطي(1\471\1050)(3/12)
وكتب منه عدة نسخ راحت إلى بلاد التكرور، ثم بدا لي في هذه السنة وهي سنة خمس وتسعمائة استئناف التعقبات على وجه مبسوط, وإلحاق موضوعات كثيرة, فاتت أبا الفرج فلم يذكرها, ففعلت ذلك فخرج الكتاب عن هيأته التي كان عليها أولاً, وتعذر إلحاق ما زدته في تلك النسخ التي كتبت, إلا بإعدام تلك, وإنشاء نسخ مبتدأة, فأبقيت تلك على ما هي عليه، ويطلق عليها ( الموضوعات الصغرى ) وهذه ( الكبرى ), وعليها الاعتماد. (1)
النكت البديعات على الموضوعات للحافظ جلال الدين السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة, والسلام على رسول الله
__________
(1) - طبع ( اللالئ ) في دار المعرفة بدون تحقيق قي مجلدين, ثم في دار الكتب العلمية 1996 بتحقيق ( صلاح عويضة )(3/13)
وبعد : فإن كتاب ( الموضوعات ) جمع الإمام أبي الفرج ابن الجوزي, وقد نبه الحافظ قديما وحديثا على أن فيه تساهلا كثيرا, وأحاديث ليست بموضوعة, بل هي من وادي الضعيف, وفيه أحاديث حسان, وأخرى صحاح, وفيه حديث من صحيح مسلم, فيه علة, .[ نص عليه ] (1).الحافظ أبو الفضل ابن حجر, ووجدت فيه حديثا من (صحيح البخاري), رواية حماد بن شاكر (2), وآخر فيه في البخاري برواية صحابي آخر,
__________
(1) - زيادة مني يقتضعيها السياق, وقد له في المطبوع, قال المؤلف في ( تدريب الراوي )(1\279) : قد اختصرت هذا الكتاب فعلقت أسانيده وذكرت منها موضع الحاجة وأتيت بالمتون وكلام ابن الجوزي عليها و تعقبت كثيرا منها, وتتبعت كلام الحفاظ في تلك الأحاديث خصوصا شيخ الإسلام في تصانيفه وأماليه, ثم أفردت الأحاديث المتعقبة في تأليف وذلك أن شيخ الإسلام ألف القول المسدد في الذب عن المسند أورد فيه أربعة و عشرين حديثا في المسند وهي في الموضوعات وانتقدها حديثا حديثا, ومنها حديث في صحيح مسلم ( 7374 ) و هو ما رواه من طريق أبي عامر العقدي عن أفلح بن سعيد عن عبد الله بن رافع عن أبي هريرة قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن طالت بك مدة أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله, ويروحون في لعنته, في أيديهم مثل أذناب البقر ), قال شيخ الإسلام : لم أقف في كتاب ( الموضوعات ) على شيء حكم عليه بالوضع وهو في أحد الصحيحين غير هذا الحديث, وإنها لغفلة شديدة, ثم تكلم عليه وعلى شواهده اهـ
(2) - قال المؤلف في ( تدريب الراوي )(1/\280 ): ومنها ما هو في ( صحيح البخاري ) رواية حماد بن شاكر, وهو حديث ابن عمر : كيف يا ابن عمر إذا عمرت بين قوم يخبئون رزق سنتهم ...)هذا الحديث أورده الديلمي في ( مسند الفردوس ) وعزاه للبخاري, وذكر سنده إلى ابن عمر, ورأيت بخط العراقي أنه ليس في الرواية المشهورة, وأن المزي ذكر أنه في رواية حماد بن شاكر, فهذا حديث ثان من أحاديث الصحيحين(3/14)
غير الذي أورد فيه.
وقد قال شيخ الإسلام ابن حجر عن تساهله وتساهل الحاكم في (المستدرك) أعدم النفع بكتابيهما, إذ ما من حديث فيهما إلا ويمكن أنه مما وقع في التساهل, فلذلك وجب على الناقذ الإعتناء بما نقله منهما من غير تقليد لهما , وقد اعتنى الحافظ الذهبي (بالمستدرك), فاختصره معلقا أسانيده, وأقره على ما لا كلام فيه, وتعقب ما فيه الكلام, وجرد بعض الحفاظ مائة حديث موضوعة في جزء
وأما (موضوعات ابن الجوزي) فلم أقف على من اعتنى بشأنها, فاختصرتها معلقا أسنيدها, وتعقبت منها كثيرا على وجه الإختصار, على نحو ما صنع الذهبي في (المستدرك), ثم جمعت كتابا حافلا في الأحاديث المتعقبة خاصة (1), بسطت فيها الكلام على كل حديث, مع ذكر طرقها وشواهدها, وما وقفت عليه من كلام الحفاظ, وما عثرت أنا عليه في ضمن المطالعة من المتابعات, ونحو ذلك, غير أن الهمم عن الإعتناء بتحصيله قواصر, وأهل هذا الفن كانوا في الصدر الأول قليلا فما ظنك به في هذا العصر الدائر, فأردت أن ألخص الكتاب المذكور في تأليف وجيز, اقتصرت فيه على إيراد الحديث على طريقة الأطراف, أعقبه بذكر من أعله بهو, ثم أردفه برده, إما بتوثيقه, أو بذكر متابعه, أو شاهده, وأنبه على من خرجه من الأئمة المعتبرة في شيء من كتبه الجليلة, وها هو هذا, وإلى الله الضراعة في القبول, وبلوغ غاية المأمول, واعلم أن هذا الكتاب وإن كان وجيز الحجم, فهو عندي من مفردات الكتب التي يتعين على كل طالب علم تحصيلها, وقد قلت فيه:
هذا الكتاب مفرد حقه *** يكتبه الراوي بماء الذهب
ما ألف الحفاظ من قبله *** كمثله ولا ما اقترب
وهذا فهرسة أبوابه : التوحيد, العلم, فضائل القرآن، الطهارة, الصلاة, الجنائز, الحج, البيع, النكاح, الفرائض, الجنايات, الأطعمة, اللباس, الأدب, والرقائق, بدء الخلق, والأنبياء, أشراط الساعة, البعث, المناقب
__________
(1) - هو كتاب ( اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ) وقد تقدمت مقدمته(3/15)
ورمزت لما أخرجه أحمد ( ح ), وأبو داود ( د ), والترمذي ( ت ), والنسائئ ( ن ), وابن ماجة ( هـ ), والحاكم في (المستدرك) ( ك ),وابن حبان ( حب ), والدارمي ( ي ),والدراقطني ( ط ) والييهقي في شيء من تصانيفه ( ق ), [ والبخاري في تاريخه ( تخ ) ] (1)
تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث للشيخ عبد الرحمن بن علي الشيباني ابن الديبع
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي رفع بعض خلقه على بعض في الدرجات والمنازل, وميز بين الخبيث والطيب بمحكمات الدلائل, وتفرد بالملك و إليه المنتهى وإليه ينتهي مطلب كل طالب وسؤال كل سائل
أحمده على ما من به من نعمه التي لا تحصى بعد الدلائل, وأشهد أن لا إله الله, وحده لا شريك له, و لا شبيه ولا مماثل, الناقد البصير فلا تخفى عليه خافية وما الله بغافل, الحكم العدل فلا يظلم مثقال ذرة بل هو الحكيم العادل, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالآيات البينات وواضحات الدلائل, الآمر بتنزيل الناس ما يليق بهم من المقامات والمنازل, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وأصحابه السادات الكرماء العلماء الأفاضل
__________
(1) - طبع ( النكت البديعيات ) في مؤسسة الكتب الثقافية بتحقيق الشيخ ( أحمد عماد حيدر )(3/16)
أما بعد : فإني وقفت على كتاب ( المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث الدائرة على الألسنة ) لشيخنا الإمام الحافظ الناقذ الحجة أبي الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي القاهري رحمه الله تعالى, وأجزل ثوابه, وجعل الفردوس على حسن علمه مآبه, فرأيته كتابا حسنا, اشتمل على جمل من النفائس والمهمات, والعوائد والتتمات, لكنه رحمه الله تعالى أطاله وبالغ في تطويله بما تضعف مطالعته, فضلا عن تحصيله, والهمم في هذا الزمان قاصرة الذيل, ولها الى المختصرات انحراف وميل, ورأيت شيخنا رحمه الله تعالى يورد الترجمة ويذكر ما ورد في معناها, وما يقارب فحواها, والمقصود الكلام على نفس الترجمة, وتبين ما ورد فيها للطالب حتى يفهمه, فجردت في هذا المختصر فوائده, وقيدت فيه أوابده, وبذلت في ذلك جهد المقل, وتجنبت من التطويل ما يضجر أو يمل, وتبعته في جميع ما ذكره من التصحيح والتمريض,وتركت ما وراء ذلك من الكلام الطويل العريض
وغرضي تقريبه للطالبين, وتيسيره إلى الراغبين, والله تعالى يصلح المقاصد, وينفع بما فيه من الفوائد, وجعلته على الحروف, تبعا لأصله, وأرجو من الله تعالى أن ينفعني ببركة هذا العلم وأهله, وقد أخبرني بالكتاب المذكور شيخنا المقدم ذكره, فيما شافهني به بالمسجد الحرام, تجاه بيت الله العلام, في أوائل سنة سبع وتسعين وثمانمائة, فأسال الله تعالى أن يجزيه أحسن الجزاء و يكافئه, ولي في هذا المختصر زيادات يسيرة, ميزتها عن كلام شيخنا المقدم بقولي في أولها ( قلت ) وفي آخرها ( انتهى ) والله تعالى اعلم(3/17)
وسميت هذا الكتاب المبارك : ( تمييز الطيب من الخبيث مما يدر على السنة الناس من الحديث ), وأسأل الله تعالى أن يوفقني للصواب فيما أقول وأفعل, فهو حسبي وبه توفيقي وعليه أتوكل (1)
تمييز الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة للشيخ أبي الحسن بن عراق الكناني
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم قال الفقير إلى عفو الخلاق, على بن محمد بن علي بن عراق, الشافعي
الحمد لله الذي من بتنزيه الشريعة عن كل حديث مفترى, وهتك حجاب الكاذب عليها فلا يلقى إلا ساقطا مزدرى, أحمده و أشكره, وأدعوه وأستغفره, وألوذ به معتصما ومنتصرا, أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة لا شك فيها ولا امترا, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق بشيراً و منذرا,ً وعلى آله وصحبه سادة الورى وأئمة الأمصار والقرى, ما غبر جيوش الحق في وجوه المبطلين حتى رجعوا القهقرى
__________
(1) - طبع في دار الكتاب العربي لبنان 1985 بدون تحقيق, وفي مكتبة ابن سينا بالقاهرة 1985 بتحقيق ( محمد عثمان الخشت ) وعدد أحاديثه كما في الطبعة الأخيرة ( 1679) حديثا, وللشيخ عبد الحق بن فضل الله النيوتني الهندي كتاب بنفس الاسم لخصه من ( المقاصد ) ذكره الحسني في( معارفه ) (ص158)(3/18)
وبعد : فإن من المهمات عند أهل العلم والتقى معرفة الأحاديث الموضوعة على سيد المرسلين لتتقى, و للإمام الحافظ أبى الفرج ابن الجوزي فيها كتاب جامع, إلا أن عليه مؤاخذات ومناقشات في مواضع, و قد اعتنى شيخ شيوخنا الإمام الحافظ جلال الدين عبد الرحمن ابن أبي بكر الأسيوطي بكتاب ابن الجوزي المذكور, فاختصره وتعقبه في كتاب سماه : ( اللآلى المصنوعة في الأحاديث الموضوعة ), ثم عمل ذيلا ذكر فيه أحاديث موضوعة فاتت ابن الجوزي, وأفرد أكثر المواضع المتعقبة بكتاب سماه ( النكت البديعات ), وهذا كتاب لخصت فيه هذه المؤلفات بحيث لم يبق لمحصله إلى ما سواه التفات, وبالغت في اختصاره وتهذيبه, وتبعت ( اللآلى ) في تراجمه وترتيبه, وجعلت كل ترجمة غير كتاب المناقب في ثلاثة فصول :
الأول : فيما حكم ابن الجوزي بوضعه, ولم يخالف فيه, والثاني : فيما حكم بوضعه, وتعقب فيه, والثالث : فيما زاده الأسيوطي على ابن الجوزي حيث كانت له في تلك الترجمة زيادة, وقد أخل السيوطي في زياداته ببعض تراجم أصله, وأورد في الكتاب الجامع آخر الكتاب ما حقه أن يفرد بالترجمة المتروكة ويورد فيها, فأنا نقلت ذلك من الكتاب الجامع, وأوردته في التراجم اللائق بها, في ثالث فصولها, أما كتاب المناقب ففيه أبواب, وفي كل باب منها الفصول المذكورة, وحيث لم يكن في فصل منها شيء قلت, والفصل الفلاني خال(3/19)
وجعلت أوائل الأحاديث في أوائل السطور تسهيلا للكشف والظفر بالحديث المطلوب, وإذا كان الحديث مرفوعا قلت حديث كذا واللفظ المضاف إليه لفظة حديث هو اللفظ المرفوع, وبعد تخريجه أذكر صحابيه المنسوب إليه بقولي من حديث فلان, إلا أن يكون في الحديث حكاية مخاطبة منه لمعين, أو مراجعة بينه وبين غيره, أو حكاية مخاطبة جبريل له , والحاكي غير النبي - صلى الله عليه وسلم - أو حكاية قصة ليست من لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - فأضيف لفظة حديث إلى اسم الصحابي, أو التابعي الذي نسب إليه الحديث, وإذا كان الحديث موقوفاً قلت أثر فلان وأتبعته لفظه, ثم أعقب كلا بذكر مخرجه, ثم بيان علته, وما في زيادات السيوطي مما لم يبين علته, ذكرت علته إن لاحت لي, ومواد ابن الجوزي التي يسند الأحاديث من طريقها غالبا ( الكامل ) لابن عدى, و( الضعفاء ) لابن حبان, وللعقيلي, وللأزدي, و( تفسير ابن مردويه ), و (معاجم الطبراني ), و( الأفراد ) للدارقطني, وتصانيف الخطيب, وتصانيف ابن شاهين, و( الحلية ), و( تاريخ أصبهان ) و غيرهما من مصنفات أبي نعيم, و( تاريخ نيسابور ), وغيره من مصنفات الحاكم, و( الأباطيل ) للجوزقاني
وقد جعلت لكل علامة للاختصار فلابن عدى ( عد ), ولابن حبان ( حب ), وللعقيلى ( عق ), ولأبي الفتح الأزدى ( فت ), ولابن مردويه ( مر ), وللطبراني ( طب ), وللدارقطني ( قط ), وللخطيب( خط ) , ولابن شاهين ( شا ), و لأبي نعيم ( نع ), وللحاكم ( حا ), وللجوزقاني
( قا ), وما كان من غير الكتب المذكورة سميت من رواه إن عرفته, و إلا نسبته لابن الجوزي, ومواد السيوطي, هي مواد أصله, وزاد ( تاريخ ابن عساكر ), و( تاريخ ابن النجار ), و( مسند الفردوس للديلمي ), وتصانيف أبي الشيخ(3/20)
فأعلمت لابن عساكر ( كر ), ولابن النجار ( نجا ), وللديلمي ( مى ), ولأبي الشيخ ( يخ ), وإذا قلت قال ابن الجوزي أو السيوطي فلست أعني عبارتهما بلفظها, وإنما أعني ملخصها ومحصولها, وإذا قال ابن الجوزي في حديث: لا يصح أو منكر ونحوهما, أوردت لفظه في ذلك, فإن صرح بكونه موضوعا, أو باطلا, أو كذبا أحد ممن بعد ابن الجوزي ذكرته, فإن كان في أوله قلت فمن زيادتي, وإلا فمن مؤلف السيوطي, فأما إذا قال ابن الجوزي موضوع, أو لا أصل له أو كذب فلا أذكر ذلك غالباً اختصارا, ولأن موضوع الكتاب بيان الموضوع فهو كاف في الحكم عليه, بذلك إلا أن يقال ذلك في حديث لم يصرح بوصف أحد من رواته بكذب, ولا وضع فأذكره
وراجعت حال جمعي لهذا التلخيص ( موضوعات ابن الجوزي ), و( العلل المتناهية ) له, وتلخيصهما (1) للحافظ الذهبي و( تلخيص موضوعات الجوزقاني) و( الميزان للذهبي ) أيضا, و( لسان الميزان ) و( تخريج الرافعي ), و( تخريج الكشاف) و ( المطالب العالية ), و( تسديد القوس ), و( زهر الفردوس ) الستة للحافظ ابن حجر, و( تخريج الإحياء ) للحافظ العراقي, و( الأمالي ) له, و( تلخيص الموضوعات ) للعلامة جلال الدين إبراهيم بن عثمان بن إدريس بن درباس, فربما أزيد من هذه الكتب وغيرها, ما يحتاج إليه, وأميز ما أزيده غالبا بقولي في أوله: قلت, وفي آخره: والله أعلم, وقدمت قبل الخوض في المقصود فصولا نافعة في معرفة مقدار هذا الفن لطالبيه
__________
(1) - والأول مطبوع باسم ( ترتيب الموضوعات ) في دار الكتب العلمية 1994 بتحقيق ( كمال بسيوني زغلول ) وعدد أحاديثه (1172) حديثا حذف منه أسانيد الأحاديث و المكررات, والثاني باسم ( تلخيص العلل الواهية ) طبع في مكتبة الرشد الرياض 1419هـ في مجلد بتحقيق ( أبي تميم ياسر بن إبراهيم بن محمد )(3/21)
وسميته : ( تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة ), والله المسؤل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم, و أن ينفعني به ومن طالعه بنية صادقة وقلب سليم (1)
تذكرة الموضوعات للعلامة محمد بن طاهر الفتني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي ميز الخبيث من الطيب، وأحرز الحديث بالعلماء النقاد من الخطأ والكذب، والصلاة على سيد الورى وخير البرية، وجميع صحابته دعاة الله إلى سبله المرضية، وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته الطيبين , ونسأله التوفيق والتأييد , فبيده أزمة التحقيق و التسديد .
وبعد : فقال أضعف عباد القوي الولي, محمد بن طاهر بن علي الفتني, الهندي مسكنا ونسبا, والحنفي مذهبا , هذا مختصر يجمع أقوال العلماء النقاد, والمحدثين السراد, في وضع الحديث أو ضعفه, حتى يتبين أن وضعه أو ضعفه متفق أو أنه بسبب قصور قاصر, أو سهو ساه مختلف, كيلا يتجاسر الكسل على الجزم بوضعه بمجرد نظرة في كلام قائل أنه موضوع, ولا يتسارع إلى الحكم بصحة كل ما نسب إلى الحديث غافل مخدوع, فإن الناس فيه بين إفراط وتفريط, فمن مفرط يجزم بالوضع, بمجرد السماع من أحد لعله ساه أو ذو تخليط, ومن مفرط يستبعد كونه موضوعا وظن الحكم به سوء أدب, ومخترعا ولم يدر أن ليس حكمه على الحديث بل على مخترع الكذب الخاذل, أو ما زل فيه قدم الغافل
__________
(1) - قال (الجلبي) : أهداه إلى السلطان (سليمان خان العثماني), طبع في دار الكتب العلمية 1981 في مجلدين بتحقيق الشيخ ( عبد الله الغماري ) و ( عبد الوهاب هبد اللطيف )
وابن عراق هو الشيخ العلامة أبوالحسن سعد الدين علي بن محد بن عراق الكناني الدمشقي الشافعي نزيل المدينة وخطيبها, له (شرح مسلم) و(شرح العباب) في فقه الشافعية, وغير ذلك, توفي سنة 963هـ(3/22)
ومما بعثني إليه أنه اشتهر في البلدان ( موضوعات الصغاني ) وغيره, وظني أن أمامهم كتاب ابن الجوزي و نحوه, ولعمري أنه قد أفرط في الحكم بالوضع حتى تعقبه العلماء من أفاضل الكاملين, فهو ضرر عظيم على القاصرين المتكاسلين .
قال مجدد المائة السيوطي, قد أكثر ابن الجوزي في ( الموضوعات ) من إخراج الضعيف, بل ومن الحسان و من الصحاح, كما نبه عليه الحفاظ, ومنهم ابن الصلاح, وقد ميز في حيزه ثلاثمائة حديث, وقال لا سبيل إلى إدراجها في الموضوعات, فمنها حديث في ( صحيح مسلم ), وفي ( صحيح البخاري ) رواية حماد بن شاكر, وأحاديث في بقية الصحاح والسنن, ونقل فيه عن أحمد بن أبي المجد أنه قال : ومما ولم يصب فيه ابن الجوزي إطلاقه الوضع بكلام قائل في بعض رواته فلان ضعيف, أو ليس بقوي, أو لين, فحكم بوضعه من غير شاهد عقل ونقل, ومخالفة كتاب, أو سنة, أو إجماع, وهذا عدوان ومجازفة انتهى
وأنا أورد بعض ما وقع في ( مختصر ) الشيخ محمد بن يعقوب الفيروز آبادي من كتاب ( المغني من حمل الأسفار في الأسفار ) للشيخ زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي, في تخريج (الإحياء), وفي (المقاصد الحسنة ) للشيخ العلامة أبي الخير شمس الدين السخاوي, وفي كتاب ( اللآلئ ) للشيخ جلال الدين السيوطي, وفي كتاب ( الذيل ) له, وفي كتاب ( الوجيز ) له, و( موضوعات الصغاني ), و( موضوعات المصابيح ) التي جمعها الشيخ سراج الدين عمر بن علي القزويني, ومؤلف الشيخ علي بن إبراهيم العطار, وغير ذلك(3/23)
فأجمع أقوال العلماء في كل حديث, كي يتضح لك الحق الحقيق بالقبول, وقد حثني عليه بعض الأعزة الكرام, و استبطئوا حين شرعت الاختتام, وهو كالتذكرة للموضوعات, وكاف عن المطولات, وحين وقع الفراغ عن التسويد تحرك عزمي إلى أن أجمع من أجد من الكذابين والضعاف, ليكون قانونا في غير ما في هذا الكتاب, من الموضوعات و الضعاف, والله الموفق لهذا المرام, وبعونه التيسير للاختتام, والمرجو من الإخوان ذوي الطباع الصحيحة, إذا اطلعوا على سهو أو طغيان أن يصلحوا بأقلامهم الفصيحة, ويعذروا الكاتب الحقير بعين النصيحة, فإن الخطأ ديدني, لقلة عدتي, و كثرة أشغالي, وتشتت أحوالي, بتفاقم النوائب من أرباب الدولة الآخذين سيف العدوان على الضعفة من الإخوان, فالله المستعان , هذا مع عدم من أراجعه في هذه البلاد من المحدثين, أو عالم العلماء, وأفاضل الفضلاء, فإن هز عطف أحد استطراف شيء من المكاتب, فلا ينس قراءة الفاتحة لمن تعنى فيه مدة مديدة, وإراحة من التبعات الشديدة, والمرجو من فضل الله العظيم, أن يجعله خالصا لوجهه الكريم . (1)
إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن للشيخ نجم الدين محمد بن محمد الغزي
__________
(1) - طبع في دار إحياء التراث العربي,بدون تحقيق, وبذيله كتابه الآخر ( قانون الموضوعات ).والفتني هو العلامة جمال الدين محمد طاهر الهندي الملقب بملك المحدثين,برع في فنون عديدة,أخذ عن أبي الحسن البكري وابن حجر الهيتمي والمتقي الهندي له مصنفات منها مجمع ( بحار الأنوار في غرائب التنزيل ولطائف الأخبار), توفي رحمه الله مقتولا شهيدا سنة 986هـ ترجمته في (الشذرات)(8\410)(3/24)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي حفظ سنة نبيه عليه الصلاة و والسلام بعلماء أمته الأعلام فصانها, وجمع بهم متفرقات جوامع كلمه فزانتهم وزانها, وامتازوا صحاحها وحسانها مما أدخله أهل الضلالة وأهل الجهالة و أبانوها, وفازوا بشهادته لهم بالعدالة, حيث قال: ( يحمل هذا العلم من أمتي عدولها ) فكانوها (1), وصلى الله عليه و سلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبته, وسائر علماء أمته الذين دونوا الشريعة ودانوها
أما بعد : فقد تواتر عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) فاتفق أهل البصائر أن ذلك من أعظم الذنوب والأوزار
ولما كان كثيرا ما يجري على الألسنة كلمات ترفع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضها وارد عنه, وبعضها لم يؤثر ولم يعلم, تعين حينئذ على من امتن الله عليهم بالإطلاع على أصول الحديث, وأنعم أن يبينوا الثابت من ذلك من غيره, ويعربوا عما استعجم, فتصدى لذلك الإمام بدر الدين الزركشي رحمه الله تعالى, وألف في ذلك تأليفا (2), لكنه غير واف بالمقصود, لكونه قليلا لطيفا, فذيل عليه الحافظان الشمس السخاوي, والجلال السيوطي رحمهما الله تعالى, وأسبل عليهما من رضوان الله سجالا, وجمعا في ذلك كتابين حافلين, ومؤلفين كاملين, غير أن تأليف السخاوي أتم فائدة, وأكثر عائدة, وقد سماه : ( المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث الجارية على الألسنة ), وسمى السيوطي كتابه : ( بالدرر المنثرة في الأحاديث المشتهرة ), ولا يخلو من أحاديث ليست في ( المقاصد ) موجودة, لكنها قليلة معدودة
__________
(1) - إشارة إلى حديث إبراهيم بن عبد الرحمن العذري وقد تقدم تخريجه (ص110)
(2) - هو كتاب ( التذكرة في الأحاديث المشتهرة ) طبع في دار الكتب العلمية1986 بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا )(3/25)
فرأيت الجمع بين الكتب الثلاثة في كتاب, مع زيادات لا غنى عنها لطالب هذا الباب, يستفاد الجميع منه بشيء كثير, ولا ينبئك مثل خبير, فجاء كتابا نافعا, مفردا في بابه جامعا, مع جودة الإختصار وحسن التأليف, وبيان الصحيح والحسن والضعيف, وما كان من الأحاديث مرسلا أو موقوفا, صرحت بإرساله أو وقفه, وما كان متصلا مرفوعا اكتفيت بذكر صحابيه, ولم أعرج على وصفه
ولما أردت المبالغة في الإختصار والإيجاز رمزت لأصحاب الأصول بقصد الإمتياز: فللبخاري ( خ ), و للمسلم ( م ), و لهما ( ق ), ولأبي داود ( د ), وللترمذي ( ت ), وللنسائي ( ن ), ولابن ماجة ( ما ), و للإمام أحمد ( أ ), وللدارمي ( مي ), ولابن ابي الدنيا ( نيا ), وللبزار ( بز ), ولأبي يعلى ( ع ), وللطبراني ( ط ) , ولابن حبان ( حب ), و للحاكم ( حا ), وللدراقطني ( قط ), وللبيهقي ( هـ ), ولأبي نعيم الأصبهاني ( عم ), ولابن عدي ( ي ), ولأبي الشيخ ( ش ) , وللعقيلي ( عق ), وللعسكري ( عس ), وللقضاعي ( قض ), وللديلمي ( ل ), و للخطيب البغدادي ( خط ) ومن سوى هؤلاء أذكر أسماؤهم, واخترت أن أحذف لفظة حديث من أول كل لفظ يذكر, لأن بعض الألفاظ الموردة موضوع أو منكر, وذكرت أول كل لفظ في أول كل سطر بالأحمر, ورمزت على الأوائل لما اتفق عليه الثلاثة الزركشي, والسخاوي, والسيوطي ( ث ) ولما انفرد به السخاوي ( و ), ولما انفرد به السيوطي ( ط ), و لما اتفقا عليه دون الزركشي ( طو ), ولما زدته عليهما ( ز )
ورتبت كتابي كالسخاوي, والسيوطي, على ترتيب حروف المعجم, حرفا بعد حرف, ليكون ذلك أقرب على التناول, و أسهل في الكشف(3/26)
وسميته : ( إتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الالسن ), جعله الله خالصا لوجهه الكريم, موجبا للفوز بجنات النعيم, إنه ولي النعمة, ومولى الرحمة, وهو القريب المجيب, وما توفيقي إلا بالله و عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
الجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث للشيخ أحمد بن عبد الكريم الغزي العامري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي نزل الذكر و حفظه على ممر الأزمان, فقيض له عدولا يحملون العلم في كل عصر وأوان, لينفوا عنه تحريف الجاهلين وانتحال المبطلين وغلو الغالين من أهل الكذب والهوان
أحمده على تمام الإحسان, وأشكره على كمال الامتنان, و أشهد أن لا إله إلا الله الملك الديان, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلى الخلائق أملاكها وإنسها والجان, صلى الله و سلم عليه وعلى آله وأصحابه أهل الجد والعرفان, وعلى التابعين لهم بإحسان, من كل من حفظ الشريعة ولها صان, صلاة وسلاما دائمين ما تعاقب الملوان وتتابع الجديدان
أما بعد : فلما كان الكتاب المسمى ب( اتقان ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن ) لجدنا شيخ الإسلام نجم الدين الغزي العامري سقى الله ثراه صبيب الرحمة والرضوان, كتابا كمل في بابه, وفاق على أترابه, يحتوي على بيان ما دار من الأحاديث على الألسن, وما يصح فيها وما يحسن, وعلى بيان ما لم يرد عن سيد البشر, لكنه ورد في الأثر, وما هو كذب وموضوع, ومختلق ومصنوع
__________
(1) - طبع في دار الفاروق الحديثة مصر 1415هـ في مجلدين بتحقيق (خليل بن محمد العربي ), وعدد أحاديثه ( 2444) وقد اختصره حفيده في( الجد الحثيث ) الآتي, والغزي هو نجم الدين أبو السعود محمد بن محمد الدمشقي, فقيه محدث شافعي, له تصانيف كثيرة منها (الكواكب السائرة بمناقب اعيان المائة العاشرة) و (حسن التنبه لما ورد في التشبه) وغير ذلك توفي سنة 1061هـ , (خلاضة الأثر)(04\189)(3/27)
أحببت أن أنتقي منه القسمين الأخيرين, أعني ما ورد في الأثر وما هو كذب عليه ومَيْنٌ, ليعلم أن ما عداهما قد ورد في السنن, غير أنه منقسم إلى صحيح وضعيف وحسن, فهو وإن لم يصح جله, لكنه ورد في السنة كله
فوضعت هذا الجزء اللطيف لذلك وإن كنت لست هنالك ولكنه من قبيل بذل الوسع والهمم والاقتداء بالآباء في العلم والحكم جعله الله خالصا لوجهه الكريم وسببا للفوز بالنعيم المقيم
وقد وسمته : ( بالجد الحثيث في بيان ما ليس بحديث ), ورتبته كالأصل على حروف المعجم لتسهل مطالعته, و تقرب مراجعته, وقد وافقت الأصل في مصطلحه من أنه إذا أورد حديثا مرسلا أو موقوفا صرح بإرساله أو وقفه أو متصلا مرفوعا اكتفى بذكر صحابيه, وقد ابتدأت في المقصود, مستعينا بالملك المعبود, سبحانه فقلت (1)
كشف الخفاء ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس للشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي حفظ السنة المصطفوية بأهل الحديث, والصلاة و السلام على نبينا محمد المرسل بأصدق الكلام و الحديث, وعلى آله وأصحابه الذين أعزوا دينه الصحيح بسيرهم في نصرته السير الحثيث, و على التابعين بإحسان وسائر المؤمنين في القديم و الحديث
__________
(1) - طبع في دار الراية 143 بتحقيق الشيخ ( بكر أبوزيد ) وعدد احاديثه ( 547 ) حديثا, والغزي هو أحمد بن عبدالكريم بن سعودي بن نجم الدين محمد العامري, فقيه شافعي, تولي الفتيا بدمشق, توفى سنة 1143هـ(3/28)
أما بعد : فيقول العبد الفقير إلى مولاه الفتاح, اسماعيل العجلوني بن محمد جراح, إن الأحاديث المشتهرة على الألسنة قد كثرت فيها التصانيف, وقلما يخلو تصنيف منها عن فائدة لا توجد في غيره من التآليف, فأردت أن ألخص مما وفقت عليه منها مجموعا تقر به أعين المصنفين, ليكون مرجعا لي ولمن يرغب في تحصيل المهمات من المستفيدين, ولما أخرجه إبن ماجه, وابن خزيمة, عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إن مما يلحق المؤمن من حسناته بعد موته علما نشره ) (1)
__________
(1) - حديث : (إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علما علمه ونشره وولدا صالحا تركه ومصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته يلحقه من بعد موته ) أخرجه ابن ماجة (242) و قال الشيخ الألباني : حسن(3/29)
وهو شامل للتصنيف والتعليم, وهو في التصنيف أظهر, لأنه أطول استمرارا وأكثر,وأنص إن شاء الله تعالى في هذا المجموع على بيان الحديث من غيره, وتميز المقبول منه السالم من ضيره, إذ من النصيحة في الدين كما قال الحافظ بن حجر في خطبة كتابه ( اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة ) التنبيه على ما يشتهر بين الناس مما ألفه الطبع, وليس له أصل في الشرع, قال وقد صنف الإمام تاج الدين الفزاري (1) كتابا في فقه العوام, وانكار أمور إشتهرت بين الأنام, لا أصل لها, أجاد فيها الانتفاد, وصان الشريعة أن يدخل فيها ما يخل بالإعتقاد, قال : وقد رأيت ما هو أهم من ذلك, وهو تبين الأحاديث المشتهرة على ألسنة العوام, وكثير من الفقهاء الذين لا معرفة لهم بالحديث, وهي إما أن يكون لها أصل يتعذر الوقوف عليه, لغرابة موضعه, أو لذكره في غير مظنته, وربما نفاه بعضهم لعدم إطلاعه عليه, والنافي له كمن تفي أصلا من الدين, وضل عن طريقه المبين, وأما لا أصل لها البتة فالناقل لها يدخل تحت ما رواه البخاري في ثلاثياته من قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( من نقل عني ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ) انتهى
ثم نقل فيها بسنده الى أبي قتادة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :: ( هلاك أمتي في ثلاث في القدرية والعصبية والرواية من غير تثبت ) (2) لكنه منكر
__________
(1) - هو تاج الدين أبو محمد عبدالرحمن بن إبراهيمالفزاري البدري المصري الأصل الدمشقي الفركاح, تفقه في صغره على الشيخين ابن الصلاح وابن عبد السلام, وبرع في المذهب, من تصانيفه (شرح التنبيه) (شرح الورقات ط) و(شرح الوجيز) وغير ذلك, توفي سنة 690هـ (طبقات الشافعية)(2\174)
(2) - أخرجه ابن أبي عاصم في ( السنة )( 326 ) قال الألباني : ضعيف جدا, وقال في ( السلسلة الضعيفة )(3406) : موضوع(3/30)
وبسنده أيضا الى ابن المبارك أنه قيل له في هذه الأحاديث الموضوعة قال : يعيش لها الجهابذة, وبسنده إلى الإمام أحمد أنه قال : إن للناس في أرباضهم, وعلى باب دورهم أحاديث يتحدثون بها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم نسمع نحن بشئ منها, ولذلك وجبت العناية بما وصل العلم إليه, ووقع الإطلاع عليه, قال الربيع بن خيثم : إن للحديث ضوءا كضوء النهار يعرف, وظلمة كظلمة الليل تنكر, وقال ابن الجوزي : الحديث المنكر يقشعر له جلد الطالب, وينفر منه قلبه في الغالب, وروى أبو نعيم في ( الحلية ) عن أبي هريرة رفعه : ( ان الله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام وليا من أولياءه يذب عن دينه ) (1) انتهى
وإن من أعظم ما صنف في هذا الغرض وأجمع ما ميز فيه السالم من العلة والمرض الكتاب المسمى :
( بالمقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة ) المنسوب للإمام الحافظ الشهير أبي الخير شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي, لكنه مشتمل على طول بسوق الأسانيد التي ليس لها كبير فائدة إلا للعالم الحاوي, ومن ثم لخصته في هذا الكتاب مقتصرا على مخرج الحديث وصحابيه روما للإختصار, غير مخل إن شاء الله تعالى بما اشتمل عليه مما يستطاب أو يستحسن عند أئمة الحديث الأخيار
وضاما إليه مما في كتب الأئمة المعتبرين ( كاللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة ) لأمير الحفاظ والمحدثين من المتأخرين, الشهاب أحمد بن حجر العسقلاني, بلغنا الله وإياه في الدارين الأماني
__________
(1) - من حديث أبي هريرة ولفظه:( إن لله تعالى عند كل بدعة كيد بها الإسلام و أهله وليا صالحا يذب عنه, و يتكلم بعلاماته فاغتنموا حضور تلك المجالس بالذب عن الضعفاء, و توكلوا على الله و كفى بالله وكيلا ) (الحلية )(10\400) وقال تفرد به عبدالغفار عن سعيد وعنه عباد اهـ قال الألباني : ( ضعيف الجامع الصغير) (1951) : موضوع(3/31)
واعلم أني حيث أقول قال في ( اللآلئ ) أو ذكرها فيها فالمراد به كتاب الحافظ العسقلاني المذكور, وحيث أقول قال في الأصل أو في ( المقاصد ) فمرادي به : ( المقاصد الحسنة ) المذكورة, وحيث أقول قال في ( التمييز) فمرادي الكتاب المسمى ( بتمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث ) للحافظ عبد الرحمن بن الديبع, تلميذ الإمام السخاوي, فإنه اختصر ( المقاصد الحسنة ) لشيخه المذكور, لكنه أخل بأشياء مما فيه مسطور, وحيث أقول قال في ( الدرر ) فالمراد الكتاب المسمى ( بالدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ) للحافظ جلال الدين السيوطي, وهي نسختان صغرى, وكبرى, وحيث أقول رواه أبو نعيم فمرادي في ( الحلية ), وحيث أقول : رواه الشيخان أو اتفقا عليه فالمراد أنه في ( الصحيحين ) لشيخي الحديث البخاري ومسلم, وإن كان في أحدهما قلت : رواه البخاري أو مسلم, وحيث أقول رواه أحمد فالمراد الامام أحمد في ( مسنده ), وحيث أقول رواه البيهقي فالمراد في ( الشعب ), وحيث أقول رواه الأربعة فالمراد أبو داود والنسائي والترمذي وابن ماجه في ( سننهم ), وحيث اقول رواه الستة فالمراد هؤلاء الأربعة والشيخان في الكتب الستة, وكذا إذا أفردت واحدا منهم فالمراد في كتابه أحد السنن الستة, وحيث أقول : قاله النجم فالمراد : شيخ مشايخنا العلامة محمد نجم الدين الغزي في كتابه المسمى ( اتفاق ما يحسن من الأخبار الدائرة على الألسن ), وحيث أقول : قال القاري فالمراد به :الملا على القاري في كتابه ( الموضوعات ) المسمات ( بالأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ), وهي صغرى, وكبرى, وقد نقلت منهما, وحيث أقول : قاله الضغاني, فالمراد به : العلامة حسن بن محمد الضغاني مؤلف ( المشارق )(3/32)
وما لم يكن كذلك في جميع ما مر فأنص على الكتاب الذي رواه مؤلفه فيه, وربما تعرضت لحديث ليس من المشهورات لمناسبة أو غيرها من المقاصد الصحيحات, هذا والحكم على الحديث بالوضع أو الصحة أو غيرهما إنما هو بحسب الظاهر للمحدثين, باعتبار الإسناد أو غيره, لا باعتبار نفس الأمر والقطع, لجواز أن يكون الصحيح مثلا باعتبار نظر المحدث موضوعا أو ضعيفا في نفس الأمر, وبالعكس, ولو لما في الصحيحين على الصحيح, خلافا لابن الصلاح, كما أشار إلى
ذلك الحافظ العراقي في ( ألفيته ) بقوله
وقطع بصحة لما قد أسندا *** كذا له وقيل ظنا ولد
محققيهم قد عزاه النووي *** وفي الصحيح بعض شيء قد روي
نعم المتواتر مطلقا قطعي النسبة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اتفاقا, ومع كون الحديث يحتمل ذلك فيعمل بمقتضى ما يثبت عند المحدثين, ويترتب عليه الحكم الشرعي المستفاد منه للمستنبطين
وفي ( الفتوحات المكية ) للشيخ الأكبر قدس الله سره الأنور ما حاصله : فرب حديث يكون صحيحا من طريق رواته يحصل لهذا المكاشف أنه غير صحيح لسؤاله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيعلم وضعه, ويترك العمل به, وإن عمل به أهل النقل لصحة طريقه, ورب حديث ترك العمل به لضعف طريقه من أجل وضاع في رواته, يكون صحيحا في نفس الأمر لسماع المكاشف له, من الروح حين إلقائه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -انتهى(3/33)
واعلم أن الحافظ جلال الدين السيوطي قال في خطبة ( جامعه الكبير ) (1)ما حاصله : كل ما كان في ( مسند أحمد ) فهو مقبول, فإن الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن, وكل ما كان في كتاب ( الضعفاء للعقيلي ), ولابن عدي في ( الكامل ), وللخطيب البغدادي, ولابن عساكر في ( تاريخه ), وللحكيم الترمذي في ( نوادر الأصول ), وللحاكم في ( تاريخه ), ولابن النجار في ( تاريخه ), وللديلمي في ( مسند الفردوس ) فهو ضعيف فيستغنى عن بيان حاله بالعزو إليها أو إلى أحدها انتهى, لكنه مقيد بما لم يجبر بتعدد طرقه, وإلا فيصير حسنا لغيره, فيعمل به, ولعل ما ذكره أغلبي, وإلا فيبعد كل البعد أنه لا يكون في كتاب منها حديث حسن أو صحيح, فتأمل
وسميت ما جمعته من ذلك : ( كشف الخفا ومزيل الإلباس عما إشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس ), ورتبته على حروف المعجم كأصله, ليكون أسهل في المراجعة لنقله, لكن لا أرمز بحروف الى المخرجين, ( كالنجم )بل أصرح بأسمائهم, دفعا للبس والوهم, جعله الله خالصا لوجهه الكريم, وسببا للفوز بجنات النعيم, وهذا أوان الشروع في المقصود, بعون الملك المعبود (2)
النخبة البهية في الأحاديث المكذوبة على خير البرية للشيخ محمد بن محمد الأمير الكبير المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, و الصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيدنا محمد و على آله وصحبه أجمعين
وبعد : فيقول المضطر لمن يغفر المساوي, عبده الفقير محمد الأمير الكبير المالكي, العلامة الشهير الذي للفضائل والفواضل حاوي :
__________
(1) - (الجامع الكبير)(1\21)
(2) - طبع في مؤسسة الرسالة في مجلدين بتحقيق ( أحمد القلاش ), وفي دار الكتب العلمية بتصحيح ( محمد عبد العزيز الخالدي ), والعجلوني هو إسماعيل بن محمد الجراحي الدمشقي, فقيه شافعي, من تصانيفه : (شرح على البخاري) و (شرح الشمائل) وغير ذلك, توفي سنة 1162هـ , ترجته في (سلك الدرر)( )(3/34)
هذه رسالة لطيفة صغيرة خفيفة, قد جمعت فيها الأحاديث المكذوبة على النبي الباطلة, التي لا أصل لها, الجارية على ألسنة العوام, على قدر ما تيسر لي جمعه من كتب السنة المعتبرة, لأجل معرفة الأحاديث الصحيحة من المكذوبة الباطلة, خدمة للنبي - صلى الله عليه وسلم -ولنفع إخواني المسلمين, ليظهر لهم الغث من السمين, فكان جميع الذي تيسر لي جمعه على قدر الإمكان أربعمائة حديث, كلها مكذوبة, وباطلة, ومنكرة, و تركت أسانيدها لكونها لا أصل لها, وقليل ما أبين قائله, تبعاً للأصل المأخوذ منه
وسميتها : ( النخبة البهية في الأحاديث المكذوبة على خير البرية ), راجياً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - النبي الصادق الأمين أن يشفع لي يوم الموقف العظيم, والكرب الجسيم, عند رب العالمين, ورتبتها كأصلها على حروف المعجم, لأجل التسهيل على القارئ, وعلى الذي يريد الكشف على حديث اشتبه فيه, فيجده في حرفه براحة, وليدعو لي دعوة صالحة من أخ صالح عند الله تعالى عند الله مقبول, وعلى الله القبول, وقد استعنت على جميع ذلك بالله,وقلت مسابقاً للقلم في مجراه: لا حول ولا قوة إلا بالله (1)
الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة للعلامة محمد بن علي الشوكاني اليمني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وبه نستعين, والصلاة والسلام على رسوله الأمين وآله الطاهرين
__________
(1) - طبع في المكتب الإسلامي بيروت 1409هـ بتحقيق ( زهير الشاويس ), والأمير هو محمد بن محمد السنباوي الأزهري, فقيه مالكي مشهور, ذو تصانيف منها : (المجموع), و(شرح مختصر خليل) وغير ذلك توفي سنة 1232هـ ترجمته في (عجائب الآثار) للجبرتي (3\573)(3/35)
وبعد : فلما كان تمييز الموضوع من الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -من أجل الفنون وأعظم العلوم, و أنبل الفوائد من جهات يكثر تعدادها ولو لم يكن منها إلا تنبيه المقصرين في علم السنة على ما هو مكذوب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليجتنبوه, ويحذروا من العمل به, واعتقاد ما فيه, وإرشاد الناس إليه, كما وقع لكثير من المصنفين في الفقه, و المتصدرين للوعظ, والمشتغلين بالعبادة, والمتعرضين للتصنيف في الزهد, فيكون لمن بين لهؤلاء ما هو كذب من السنة أجر من قام بالبيان الذي أوجبه الله, مع ما في ذلك من تخليص عباد الله من معرة العمل بالكذب, وأخذه على أيدي المتعرضين لما ليس من شأنهم من التأليف, والاستدلال والقيل والقال
وقد أكثر العلماء رحمهم الله من البيان للأحاديث الموضوعة, وهتكوا أستار الكذابين, ونفوا عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -انتحال المبطلين, وتحريف الغالين, وافتراء المفترين, وزور المزورين, وهم رحمهم الله تعالى قسمان : قسم جعلوا مصنفاتهم مختصة بالرجال الكذابين والضعفاء,وما هو أعم من ذلك, وبينوا في تراجمهم ما رووه من موضوع, أو ضعيف كمصنف ابن حبان, والعقيلي, والأزدي في ( الضعفاء ), و( أفراد ) الدارقطني, و( تاريخ ) الخطيب, والحاكم, و( كامل ) ابن عدي, و ( ميزان ) الذهبي.
وقسم جعلوا مصنفاتهم مختصة بالأحاديث الموضوعة, ( كموضوعات ابن الجوزي ), والصغاني, و الجوزقاني, والقزويني, ومن ذلك ( مختصر ) المجد (1)صاحب القاموس, و( مقاصد ) السخاوي, و( تمييز الطيب من الخبيث ) للديبع, و( الذيل على موضوعات ابن الجوزي ) للسيوطي, وكذلك كتاب ( الوجيز ) له, و ( اللآلىء المصنوعة ) له, و ( تخريج الإحياء ) للعراقي, و ( التذكرة ) لابن طاهر الفتني
__________
(1) - هو مجد الدين الفيروأبادي اللغوي صاحب ( القاموس المحيط ) المتوفى سنة 817هـ(3/36)
وها أنا بمعونة الله وتيسيره أجمع في هذا الكتاب جميع ما تضمنته هذه المصنفات من الأحاديث الموضوعة, وقد أذكر ما لا يصح إطلاق اسم الموضوع عليه, بل غاية ما فيه أنه ضعيف بمرة, وقد يكون ضعيفا ضعفا خفيفا, وقد يكون أعلى من ذلك, والحامل على ذكر ما كان هكذا التنبيه على أنه قد عد ذلك بعض المصنفين موضوعا, كابن الجوزي, فإنه تساهل في ( موضوعاته ), حتى ذكر فيها ما هو صحيح, فضلا عن الحسن, فضلا عن الضعيف, وقد تعقبه السيوطي بما فيه كفاية, وقد أشرت إلى تعقباته تارة منسوبة إليه, وتارة منسوبة إلى كتبه, واختصرتها اختصارا لا يخل بالمراد, ودفعت ما يستحق الدفع منها, وأهملت ما لا يتعلق به فائدة
وسميت هذا الكتاب : ( الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة ), فمن كان عنده هذا الكتاب فقد كان عنده جميع مصنفات المصنفين في الموضوعات, مع زيادات وقفت عليها في كتب الجرح والتعديل, وتراجم رجال الرواية, و تخريجات المخرجين, وتصنيفات المحققين, وقد اقتصرت على قولي حديث كذا فيما كان قد رفعه واضعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - , فإن كان الواضع وضعه على صحابي أو من بعده اقتصرت على لفظ قول فلان كذا, ثم أذكر من روى ذلك الموضوع من المصنفين في الجرح والتعديل, والتاريخ فإن لم أجده إلا في كتب المصنفين في المتون الموضوعة, اقتصرت على عزوه إلى من أورده في مصنفه
وأسأل الله الإعانة على التمام, وأن يجعله من الأعمال المبلغة إلى دار السلام, والموجبة للفوز بحسن الختام(3/37)
وقد قدمت الأحاديث الموضوعة في مسائل الفقه, مبوبا ذلك على الأبواب, ثم ذكرت بعد ذلك سائر الموضوعات, وقد ذكرت في أخريات مناقب الخلفاء الأربعة وسائر الصحابة ومن بعدهم أبحاثا مفيدة في ذكر النسخ الموضوعة, ومن هو مشهور بالوضع, والأسباب الحاملة على الوضع, وكذلك ذكرت في آخر باب فضائل القرآن الكتب الموضوعة في التفسير, فليراجع ذلك من احتاج إليه, وأسأل الله الإعانة على التمام, وأن يجعله من الأعمال المبلغة إلى دار السلام, و الموجبة بالفوز بحسن الختام (1)
كتب أحاديث الأحكام والخلاف
التحقيق في أحاديث الخلاف للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي الحنبلي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ الإمام العلامة, الحافظ المتقن المحقق, أبو الفرج بن الجوزي, رضي الله عنه و أرضاه, وجعل الجنة منقلبه و مثواه :
أحمد الله على الإنعام المترادف, وأشكره على الإكرام المتكاثف, حمدا يقوم بشكر التالد و الطارف, وشكرا يصدر من مقر بالفضل عارف, وكيف لا وبحر فهمي يهمي, وكم فهم واقف, وبصر بصيرتي في العلوم ينفي, في نقده الزائف, وأصلي على أشرف راكب وملب و طائف, محمد الذي شرع أحسن الشرائع, و وظف أزين الوظائف, وعلى كل من صحبه وتبعه خالفا لسالف
وبعد : فهذا كتاب نذكر فيه مذهبنا في مسائل الخلاف, ومذهب الخالف, ونكشف عن دليل المذهبين من النقل كشف مناصف, لانميل لنا و لا علينا فيما نقول ولا نجازف, وسيحمدنا المطلع عليه إنه كان منصفا والواقف, ويعلم أنا أولى بالصحيح من جميع الطوائف, و الله الموفق لأرشد الطرق و أهدى المعارف
__________
(1) - طبع في مطبعة السنة المحمدية بتحقيق العلامة (عبد الرحمن بن يحيى المعلمي) وإشراف (عبد الوهاب عبد اللطيف)(3/38)
فصل : كان السبب في إثارة العزم لتصنيف هذا الكتاب أن جماعة من إخواني و مشايخي في الفقه, كانوا يسألوني في زمن الصبا جمع أحاديث ( التعليق ) (1) وبيان ما صح منها, و ما طعن فيه, و كنت أتوانى عن هذا لشيئين, أحدهما اشتغالي بالطلب, والثاني ظني أن ما في التعاليق في ذلك يكفي, فلما نظرت في التعاليق, رأيت بضاعة أكثر الفقهاء في الحديث مزجاة, يعول أكثرهم على أحاديث لا تصح, ويعرض عن الصحاح, ويقلد بعضهم بعضا فيما ينقل, ثم قد انقسم المتأخرون ثلاثة أقسام :
القسم الأول : قوم غلب عليهم الكسل, ورأوا أن في البحث تعبا و كلفة, فتعجلوا الراحة, واقتنعوا بما سطره غيرهم
والقسم الثاني : قوم لم يهتدوا إلى أمكنة الحديث, وعلموا أنه لا بد من سؤال من يعلم هذا, فاستنكفوا عن ذلك
والقسم الثالث : قوم مقصودهم التوسع في الكلام, طلبا للتقدم والرئاسة, واشتغالهم بالجدل والقياس, ولا التفات لهم إلى الحديث, لا إلى تصحيحه, ولا إلى الطعن فيه, وليس هذا شأن من استظهر لدينه, وطلب الوثيقة من أمره, ولقد رأيت بعض الأكابر من الفقهاء ويقول في تصنيفه عن ألفاظ قد أخرجت في الصحاح : لا يجوز أن يكون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال هذه الألفاظ ويرد الحديث الصحيح, ويقول : هذا لا يعرف, و إنما هو لا يعرفه, ثم رأيته قد استدل بحديث زعم أن البخاري أخرجه, وليس كذلك, ثم نقله عنه مصنف آخر كما قال تقليدا له, ثم استدل في مسألة فقال : دليلنا ما روى بعضهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كذا
__________
(1) - ( التعليق ) كتاب في الخلاف العالي من تأليف الشيخ الإمام أبي يعلى الفراء محمد بن الحسين الحنبلي المتوفى سنة 526هـ , وهو مخطوط المجلد الرابع منه يبتدئ بكتاب الحج وينتهي بكتاب العتق (دار الكتب المصرية رقم 140 فقه حنبلي)(3/39)
ورأيت جمهور مشايخنا يقولون في تصانيفهم دليلنا ما روى أبو بكر الخلال (1) بإسناده عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودليلنا ما روى أبو بكر عبد العزيز (2) بإسناده, و دليلنا ما روى ابن بطة (3) بإسناده, و جمهور تلك الأحاديث في الصحاح, و في (المسند), وفي (السنن), غير أن السبب في اقتناعهم بهذا التكاسل عن البحث
والعجب ممن ليس له شغل سوى مسائل الخلاف, ثم قد اقتصر منها في المناظرة على خمسين مسألة, وجمهور هذه الخمسين لا يستدل فيها بحديث, فما قدر الباقي حتى يتكاسل عن المبالغة في معرفته
__________
(1) - هو أبو بكر أحمد بن محمد بن هارون الخلال الفقيه الحنبلي, صنف ( الجامع ) في عدة مجلدات, و(السنة ), و( العلل لأحمد ابن حنبل), توفي سنة 311هـ
(2) - هو أبو بكر عبد العزيز بن جعفر المعروف بغلام الخلال, فقيه حنبلي,كان أحد أهل الفهم موثوقا به في العلم متسع الرواية مشهورا بالديانة, له مصنفات منها (الشافي) و(المقنع) و ( تفسير القرآن)و (الخلاف مع الشافعي), وغير ذلك, توفي سنة 363هـ , ترجمته في ( طبقات أبي يعلى)(2\119)
(3) - هو أبو عبدالله عبيد الله بن محمد العكبري المعروف بابن بطة, محدث حنبلي, سافر الكثير إلى مكة والثغور والبصرة وغير ذلك من البلاد, له مصنفات كثيرة منها (الإبانة الكبيرة) و(الإبانة الصغيرة) و(السنن) وغير ذلك, قيل إنها تزيد على مائة مصنف توفي سنة 387هـ ,ترجمته في (طبقات أبي يعلى)(2\144\622)(3/40)
فصل : و ألوم عندي ممن قد لمته من الفقهاء جماعة من كبار المحدثين, عرفوا صحيح النقل وسقيمه, و صنفوا في ذلك, فإذا جاء حديث ضعيف يخالف مذهبهم بينوا وجه الطعن فيه, وإن كان موافقا لمذهبهم سكتوا عن الطعن فيه, وهذا ينبيء عن قلة دين, وغلبة هوى, أخبرنا أبو الحسين بن عبد الخالق, قال أنبأنا أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف, قال أنبأنا محمد بن عبد الملك بن بشران, قال حدثنا علي بن عمر بن الدارقطني, قال حدثنا أحمد ابن محمد بن سعيد, قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد السكوني, قال سمعت أبي قال سمعت وكيعا يقول : أهل العلم يكتبون ما لهم و ما عليهم, و أهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم
وهذا حين شروعنا فيما انتدبنا له من ذكر الأحاديث, معرضين عن العصبة التي نعتقدها في مثل هذا حراما, ولو ذكرنا كل حديث بجميع طرقه,وأشبعنا الكلام فيها لطال ومل, وإنما هذا موضوع للفقهاء, وغرضهم يحصل مع الاختصار, و للمحدثين فيه يد بقليل من البسط و الأسانيد, والله الموفق.(1)
تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للحافظ شمس الدين ابن عبد الهادي
بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل على وسلم على محمد وآله, الحمد لله نحمده ونستعينه, ونستهديه و نستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له , ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله, وعلى آله وسلم تسليما كثيرا
__________
(1) - طبع ( التحقيق ) في دار الكتب العلمية 1415هـ في مجلدين بتحقيق (محمد حسن إسماعيل ) و (مسعد السعدني) , و عدد أحاديثه ( 2072) حديثا, وللكتاب (مختصر) للحافظ الذهبي, طبع في مكتبة الباز مكة 1422هـ بتحقيق ( رضوان جامه رضوان) في مجلدين , و (مختصر) آخر للشيخ برهان الدين إبراهيم بن علي الحنفي المعروف بابن عبدالحق الدمشقي المتوفى سنة 744هـ(3/41)
أما بعد : فهذا كتاب أذكر فيه المسائل والأحاديث التي ذكرها الشيخ الإمام العلامة الحافظ أبوالفرج بن الجوزي رحمه الله في كتاب ( التحقيق ) محذوفة الأسانيد في الغالب منه إلى مؤلفي الكتب من الأئمة الحفاظ, كالإمام أحمد, و البخاري, ومسلم, والترمذي, والنسائي, والدراقطني, وغيرهم
ثم أتبعها بزيادات مفيدة, من ذكر من روى الحديث, أو صححه, أو ضعفه, وذكر بعض علل الأحاديث, والتنبيه على أحوال رجل سكت عنهم المؤلف, وهم غير محتج بهم, أو محتج بهم تكلم فيهم, وهم صادقون محتج بهم, ورجال وثقهم في موضع, وضعفهم في موضع آخر, وغير ذلك من الزيادات المحتاج إليها, و ذلك على وجه الإختصار في الغالب, و أكتب في أول الزيادة ( ز ) بالأحمر, وآخرها دائرة ( o ) بالأحمر أيضا , لكي يتميز من كلام المؤلف
وسميته كتاب : ( تنقيح التحقيق في أحاديث التعليق ), والله أسأل أن ينفع به, إنه قريب مجيب, و ما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
الأحكام الوسطى للحافظ عبد الحق الإشبيلي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم, قال الفقيه المحدث الحافظ, أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي, رحمه الله تعالى
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين, وإمام المرسلين و على جميع عباد الله الصالحين
__________
(1) - طبع ( التنقيح ) في دار الكتب العلمية 1419هـ في (3) مجلدات بتحقيق ( أيمن صالح شعبان ), وابن عبدالهادي هو الإمام الأوحد المحدث الحافظ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادي بن قدامة المقدسي الحنبلي أحد الأذكياء تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية ومهر في الحديث والفقه والأصول والعربية, له تصانيف منها ( الصارم المنكي ) و( المحرر في اختصار الإلمام ) وغيرها توفي سنة 844 هـ ترجمته في ( ذيل تذكرة الحفاظ ) (1\351)(3/42)
أما بعد : وفقنا الله وإياك, فإني جمعت في هذا الكتاب مفترقا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لوازم الشرع وأحكامه, و حلاله وحرامه, وفي ضروب من الترغيب والترهيب, وذكر الثواب والعقاب, إلى غير ذلك من الآداب والرقائق و الحكم والمواعظ, وفنونا من الأدعية والأذكار, وجملا في الفتن والأشراط, و أحاديث في معان أخر, مع نبذ من التفسير, مما يكسب حافظه العلم الكثير, والعامل به الحظ الخطير, والملك الكبير, ونقلتها الأئمة المشهورين, والجلة السابقين, سُرُج الدين, وهداة المسلمين, أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي, وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري, وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري, وأبو داود سليمان بن الأشعت السجستاني, وأبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي, وأبو عيسى محمد بن سورة الترمذي
وأضفت إلى ذلك أحاديث من كتب أخر, أذكرها عند ذكر الحديث منها, أو أذكر أصحابها أو المشهور برواية ذلك الحديث الذي أخرج, مثل أن أقول ومن ( مسند أبي بكر بن أبي شيبة ), أو ذكر ابن أبي شيبة, أو روى وكيع بن الجراح, أو فلان, وإذا ذكرت الحديث لمسلم أو لغيره عن صاحب, ثم أقول و عنه, أو عن فلان, وإذا ذكرت الحديث لمسلم, أو لغيره, وعن صاحب, ثم أقول وعنه, أو عن فلان و أذكر ذلك الصاحب أو صاحب آخر, فإنما كل ذلك لمسلم, أو من الكتاب الذي أذكر أولا, حتى أسمي غيره, وربما تخللها كلام في رجل, أو في شيء(3/43)
وإذا قلت وفي رواية أخرى أو وفي طريق آخر, ولا أذكر الصاحب, فإنه من ذلك الكتاب, وإن كانت الزيادة عن صاحب آخر ذكرت الصاحب وذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن ذلك الصاحب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه السلام, وإذا ذكرت الحديث لمسلم أو لسواه, ثم أقول زاد البخاري كذا وكذا وزاد فلان كذا كذا, أو قال كذا و كذا, ولم أذكر الصحاب ولا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه عن ذلك الصاحب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وإن كانت الزيادة عن صاحب أخر ذكرت الصاحب وذكرت النبي - صلى الله عليه وسلم -
وربما ذكرت الزيادة وقلت: خرجها من حديث فلان, ولم أذكر النبي عليه السلام, وإن كانت الزيادة أو الحديث الكامل بإسناد معتل ذكرت علته, ونبهت عليها, بحسب ما اتفق من التطويل أو الإختصار, وإن لم تكن فيه علة كان سكوتي عنه دليلا على صحته, هذا فيما أعلم, ولم أتعرض لإخراج الحديث المعتل كله, وأنما أخرجت منه يسيرا مما عمل به, أو بأكثره عند بعض الناس, واعتمد عليه, وفزع عند الحاجة إليه, والحديث السقيم أكثر من أن أتعرض له, أو أشتغل به, و بعض هذه الأحاديث المعتلة ورد من طريق واحد, فذكرته منها, وربما بينته, ومنها ما ورد من طريقين, أو أكثر, فذكرت منها ما أمكن, وأضربت عن سائرها, ومنها ما لم أحص طرقه, ولو أردت ذلك لم أقدر عليه, ولا وجدت سبيلا إليه لضيق الباع, وقلة الإتساع, مع ما أكرهه أيضا من التكرار, وأرغب فيه من التقريب و الإختصار.
وكثيرا ما أخذت متن كتب أبي أحمد بن عدي الجرجاني حديثا وتعليلا, وكذلك من كتاب أبي الحسن علي بن عمر الدراقطني, كتاب ( السنن ) وكتب ( العلل ) له, وأخذت كلاما كثيرا في التجريح والتعليل من كتاب أبي محمد عبد الرحمن بن حاتم الرازي, ومن كتاب غيره, وربما أخذت حديثا وتعليلا من كتاب آخر, أو كلاما في رجل, وقد بينت ذلك في المواضع.(3/44)
وأكثر ما أذكر من العلل ما يوجب حكما, ويثبت ضعفا, ويخرج الحديث من العمل به إلى الرغبة عنه, والترك له, أو على الاعتبار بروايته, مثل القطع, والإرسال, والتوقيف, وضعف الراوي, والإختلاف الكثير,في الإسناد
وليس كل إسناد يفسده الإختلاف, وليس كل الإرسال أيضا علة عند قوم, إذا كان الذي أرسله إمام, و لا التوقيف علة أخرى, إذا كان يسنده ثقة, وضعف الراوي علة عند الجميع.
وضعف الراوي يكون بالتعمد للكذب, ويكون بالوهم, وقلة الحفظ, وكثرة الخطأ, وإن كان صادقا, ويكون بالتدليس, وإن كان ثقة, فيحتاج حديثه إلى نظر, ويكون أيضا لجرحة أخرى مما يسقط العدالة أو يوهنها, أو رأي يراه الراوي, أو مذهب يذهب إليه مما يخالف السنة, ويفارق الجماعة, وقد يكون داعية إلى مذهبه ذلك, وقد يكون يعتقده ويقول به ولا يدعو إليه, وبينهما عند بعضهم فرق.
وللكلام في هذا موضع آخر, وإنما أذكر في هذا الباب كلام الأئمة في الراوي مختصرا, وإذا ذكرته في موضع, و ذكرت الكلام فيه, ووقع ذكره في موضع آخر
وربما ذكرت من تكلم فيه, وربما ذكرت ضعفه خاصة, وربما ذكرت إلا لجرحة في بعض المواضع
وربما قلت: لا يصح هذا من قبل إسناده, اتكالا على شهرة الحديث في الضعف
وإنما أعلل من الحديث ما كان فيه أمر أو نهي أو يتعلق به حكم, وأما ما سوى ذلك فربما كان في بعضها سمح, وليس منها شيء عن متفق علي تركه فيما أدري, وليس فيه أيضا من هذا النوع إلا القليل.(3/45)
ولعل قليلا يقول قد كان فيما جمع أبو القاسم [ الزيدزي ] رحمه الله (1) ما يريحك من تعبك , ويغنيك عن نصبك فما فائدتك فيما قصدت, وما الفائدة التي تعود عليك في هذا الذي جمعت, فأقول والله المستعان, إن لكل أحد رأيا يراه, و طريقا يلتمسه ويتوخاه.
وإن أبا القاسم رحمه الله أخذ الأحاديث غثها وسمينها, وصحيحها وسقيمها, فأخرجها بجملتها, ولم يتكلم في شيء من عللها, إلا في الشيء اليسير, والنادر القليل, وقد ترك أحاديث في الأحكام لم يخرجها, إذ لم تكن في الكتب التي أخرج حديثها, وإن كان فيها أحاديث معتلة, فقد أخرج أمثالها في الوهن
وأيضا فان أبا القاسم عمد إلي الحديث فأخرجه من كتب كثيرة, وترجم عليه بأسماء عديدة, ولم يذكر إلا لفظا واحدا , ولم يبين لفظ من هو, ولا من انفرد به.
وقلما يجيء الحديث الواحد في كتب كثيرة إلا باختلاف لفظ أو معنى, أو زيادة أو نقصان, ولم يبين هو شيئا من ذلك إلا في النزر القليل, أو في الحديث من المائة, أو في أكثر, أو في مكان من ذلك, وليس الاختلاف في الحديث مما يقدح في الحديث, إذا كان المعنى متفقا, ولكن الأولى أن ينسب كل كلام إلى قائله, ويعزى كل لفظ إلى الناطق به.
وأما ما كان في الحديث من الإختلاف معنى أو زيادة أو نقصان, فإنه يحتاج إلى تبيين ذلك وتمييزه, وتهذيبه, وتحصيله, حتى يعرف صاحب الحكم الزائد, والمعنى المختلف, وإنما ترجم رحمه الله على الحديث الواحد بما ترجم عليه من الكتب, لتعرف شهرة الحديث, وإخراج الناس له.
__________
(1) - كذا في المطبوع ولعل الصواب [ زيدون ] فهو الشيخ ( أبي القاسم زيدون بن علي السبيعي القيرواني ) وكتابه اسمه (الجامع لنكت الأحكام المستخرج من الكتب المشهورة في الإسلام), وهو من مرويات القاضي عياض في فهرسته (الغنية)(ص99)(3/46)
وعمدت أنا إلى الحديث وأخرجته من كتاب واحد, ولفظ واحد, وكذلك ذكرت الزيادة من كتاب واحد, و بلفظ واحد ليعرف صاحب اللفظ, ويتبين صاحب النص, وتقع نسبة الحديث إليه صحيحة.
وإن الحديث إذا جاء من طريق واحد صحيح, ولم يجئ ما يعارضه فإنه يوجب العمل, وتلزم به الحجة, كما يوجب العمل وتلزم به الحجة إذا جاء من طريق كثيرة, وإن كانت النفس إلى الكثرة أميل, وبها أطيب, إذا كانت الكثرة إنما اجتمعت ممن يوثق بحديثه,ويعتمد على روايته, وإن ذكر الحديث في مواضع كثيرة, ومجيئه في دواوين عديدة, شهرته عند الناس لا يخرجه عن منزلته, ولا يرفعه عن درجته في الحقيقة, وإنه إذا رجع إلى طريق واحد حكم له بحكم الواحد, فإن كان صحيحا حكم له بحكم الصحيح, وإن كان سقيما حكم له بحكم السقيم, لأن الفرع لا يطيب إلا بطيب الأصل, وكما أن التواتر إذا رجع إلى آحاد حكم له بحكم الآحاد, إلا أن يكون الإجماع على عمل يوافق حديثا معتلا, فإن الإجماع حكم آخر وهو الأصل.الثالث الذي يرجع إليه, وليس ينظر على علة الحديث, ولا لضعف الراوي ولا لتركه
ولم يشتهر بالصحة من الكتب التي أخرج أبي القاسم رحمه الله حديثها إلا كتاب الإمامين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري, وأبي الحسن مسلم بن الحجاج, رحمة الله عليهما وسائرها لم يعرف بالصحة,ولا اشتهر بها و إن كان فيها من الصحيح ما لم يجيء في الكتابين, كما أن فيها من السقيم ما يحتاج إلى الكلام فيه, والتنبيه عليه, والتمييز له, وإلا كان قارئه والعامل به يسير في ظلماء, ويخبط في عشواء
مع أن أحاديث في الكتابين قد تكلم فيها, ولم يسلم لصاحبها إخراجها في جملة الصحيح, وإن كان ذلك الإعتراض لا يخرج الكتابين عن تسميتها بالصحيحين, ومع أن بعض الكلام في تلك الأحاديث تعسف وتشطط لا يصغى إليه, ولا يعرج عليه(3/47)
وقد أخرجت في هذا الكتاب أحاديث قليلة من كتاب, وتركتها في كتاب أشهر من الكتاب الذي أخرجتها منه, ثم نبهت على كونها في ذلك الكتاب المشهور, وإنما فعلت ذلك لزيادة في الحديث , أو لبيانه, أو لكماله, و حسن سياقه, أو لقوة سند في ذلك الحديث على غيره, ومنها ما فعلته نسيانا, ونبهت على الكل, وقد يكون حديثا بإسناد صحيح, و له إسناد آخر أنزل منه في الصحة, لكن يكون لفظ الإسناد النازل أحسن مساقا أو أبين, فآخذه لما فيه من البيان و حسن المساق, إذ المعنى واحد, وإذ هو صحيح من أجل الإسناد الآخر
أو يكون حديث تعضده آية ظاهرة البيان من كتاب الله تعالى, فإنه وإن كان معتلا أكتبه, لأن معهما يقويه ويذهب علته, وهذا النوع المعتذر عنه غي هذا المجموع قليل
وجعلت هذا الكتاب المختصر, ليسهل حفظه, ويقرب تناوله, وتتيسر فائدته, إلا أحاديث يسيرة ذكرت سندها, أو بعضه ليتبين الراوي المتكلم فيه, لأنه ربما كان الراوي لا يعرف إلا حتى يذكر عن من روي, ومن روى عنه, وربما فعلت ذلك لقرب السند, وربما ذكرت من الإسناد رجلا مشهورا يدور الحديث عليه, ويعرف به كما تقدم, وعلى كتاب مسلم في الصحيح عولت, ومنه أكثر ما نقلت.(3/48)
وإلى الله عز وجل أرغب, ومنه تبارك وتعالى أسأل وأطلب, أن يجعل ذلك خالصا لوجهه, مقربا إليه, مزلفا لديه, وأن يعين على العمل به, والأخذ بما فيه, وأن ييسر لنا طريق النجاة, وسبيل الهداة, وأن يرزقنا طيب الحياة, وكرم الوفاة, برحمته لا رب غيره, وهو المستعان, وعليه التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
__________
(1) - طبعت ( الوسطى ) في مكتبة الرشد 1416هـ في ( 4 ) مجلدا بتحقيق ( حمدي السلفي ) و ( صبحي السامرائي ) قال محقق كتاب ( بيان الوهم لابن القطان )(ص1\176): لما كانت ( الأحكام الكبرى ) طويلة بأسانيدها اختصر منها المؤلف ( الأحكام الوسطى ) بحذف الأسانيد, وجملة من الكتب والمتون , توجد في تلك دون هذه, وعوضها في هذه بالإكثار من الكلام على علل الأحاديث, واختلاف ناقليه وتحرير الزيادات فيه.. ومن خصائص ( الأحكام الوسطى ) أن المؤلف حشد فيها من الأحاديث كًما هائلا الزم فيها الصناعة الحديثية من الكلام على كل حديث حديث, و التعقيب عليه بما فيه من علة إن كانت, ثم التنصيص على التصحيح والتضعيف.اهـ
وأما ( الأحكام الكبرى ) فقد طبعت في مكتبة الرشد الرياض 1422هـ بتحقيق (أبي عبد الله حسين بن عكاشة) في (6) مجلدات, عن نسخة واحدة فريدة موجودة في بدا الكتب المصرية برقم ( 29 ) حديث فرغ من نسخها سنة 774هـ بخط محمد بن قنان, وعلى طرة المجلد الأول شهادة الحافظ ( ابن حجر ) على السلطان الملك المؤيد أبي النصر شيخ المحمودي المتوفى سنة 824هـ أنه وقف هذا الكتاب بخط الحافظ , وفي الكتاب نقص, فقد فقدمنه المجلد الثالث والرابع ويشتملان على: كتب الصيام, والحج, والجهاد, والصلح والجزية, و النكاح,والطلاق, والبيوع, والديات والحدود, والصيد والذبائح, والضحايا, و الأطعمة, والأشرة, والزينة واللباس.
والإشبيلي هوأبو محمد عبدالحق بن غالب المحاربي, كان فقيها عالما بالتفسير والأحكام والحديث والفقه و النحو واللغة و الأدب, ولي القضاء بمدينة المرية, وكان غاية في الدهاء والذكاء, من كتبه (الجمع بين الصحيحين ط) و(الجمع بين الكتب الستة) وكتاب في المعتل من الحديث, وغير ذلك , توفي سنة 518هـ ترجمته في (الديباج المذهب)(1\174)(3/49)
الأحكام الصغرى للحافظ عبد الحق الإشبيلي
بسم الله الرحمن الرحيم, رب تمم بخير, قال الشيخ الفقيه الحافظ المحدث أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي الإشبيلي رحمه الله :
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والتسليم على محمد خاتم النبيين, وإمام المرسلين, وعلى صحابته الطاهرين, وجميع عباد الله الصالحين
أما بعد : وفقنا الله أجمعين لطاعته, وأمدنا بمعونته, وتوفانا على شريعته, فإني جمعت في هذا الكتاب مفترقا من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في لوازم الشرع وأحكامه, وحلاله وحرامه, وفي ضروب من الترغيب والترهيب, وذكر الثواب والعقاب, إلى غير ذلك مما تميز حافظها, وتسعد العامل بها, وتخيرتها صحيحة الإسناد, معروفة عند النقاد, قد نقلتها الأثبات, وتداولتها الثقات, أخرجتها من كتب الأئمة وهُداة الأمة, أبو عبد الله مالك بن أنس بن أبي عامر الأصبحي, وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي البخاري, وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري, وأبو داود سليمان بن الأشعت السجستاني, وأبو عيسى محمد بن سورة الترمذي
وفيه أحاديث من كتب أخر, أذكرها عند ذكر ما أخرج منها, وإذا ذكرت الحديث لواحد ممن أخرجت حديثه, فكل حديث أذكره بعد ذلك فهو له, ومن كتابه, وعن ذلك الصاحب المذكور فيه, حتى أذكر غيره, وأسمي سواه, وربما تخللها في تفسير لغة, أو في شيء ما(3/50)
وإذا ذكرت الحديث لأحدهم وقلت: زاد فلان كذا وكذا, أو قال فلان كذا وكذا, فهو عن ذلك الصاحب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , وإن لم أذكر الصاحب ولا النبي - صلى الله عليه وسلم - , وان كان من غيره سميته, وذكرت عمن أخرجته, وربما وقع في هذا الكتاب ما قد تكلم فيه من طريق الإرسال والتوقيف, أو تكلم في بعض نقلته, و ليس كل كلام يقبل, ولا كل قول به يعمل, ولو ترك كل من تكلم فيه لم يبق بأيدي أهل هذا الشأن منه إلا القليل, وللكلام في هذا الموضوع موضع آخر, وهذا النوع المعتذر عنه في هذا المجموع قليل, وربما نبهت على بعضه.
وكتبت هذه الأحاديث مختصرة الأسانيد, لتسهل على من أراد حفظها, وتقرب على من أراد التفقه فيها, والنظر في معانيها, إذ التفقه في حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هو المعنى المقصود, والرأي المحمود, والعمل الموجود, في المقام المحضور, و اليوم المشهود, وإلى الله عز وجل أرغب في أن يجعل ذلك خالصا لوجهه, مدنيا من رحمت, مقربا إلى جنته, معينا على أداء ما أوجب, منهضا إلى ما فيه رغب, وإليه ندب, برحمته, لا رب سواه, وهو المستعان, وعليه التكلان ولا حول ولا قوة إلا به, وهو حسبنا ونعم الوكيل (1)
بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام للحافظ أبي الحسن بن القطان الفاسي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ الفقيه المحدث العالم الأوحد أبو الحسن علي بن الشيخ الفقيه المرحوم أبي عبد الله محمد بن عبد الملك بن يحيى المعروف بابن القطان رحمه الله و رضي عنه :
الحمد لله كما يحق له ويجب, التسليم على محمد نبيه المصطفى المنتخب
__________
(1) - طبعت ( الأحكام الصغرى ) في مكتبة ابن تيمية مصر 1413 في مجلدين بتحقيق ( أم محمد بنت أحمد الهليس )(3/51)
وبعد: فإن أبا محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي ثم الإشبيلي رحمة الله عليه قد خلد في كتابه الذي جمع فيه أحاديث أحكام أفعل المكلفين علما نافعا, وأجرا قائما زكا به عمله, ونجح فيه سعيه, وظهر عليه ما صلح فيه من نيته, وصح من طويته, فلذلك شاع الكتاب المذكور وانتشر, و تلقي بالقبول, وحق له ذلك, لجودة تصنيفه, واقتصاده, وجودة اختياره, فلقد أحسن فيه ما شاء, وأبدع فوق ما أراد, وأربى على الغاية وزاد, ودل منه على حفظ وإتقان, وعلم وفهم, واطلاع و اتساع, فلذلك لا تجد أحدا ينتمي إلى نوع من أنواع العلوم الشرعية إلا والكتاب المذكور عنده, أو نفسه معلقة به
فقد حداهم حسن تأليفه على الإكباب عليه, وإيثاره, وخاصة من لا يشارك في طلبه بشيء من النظر في علم الحديث من فقهاء ومتكلمين وأصوليين, فإنهم الذين قد قنعوا به, ولم يبغوا سواه, حتى لربما جر عليهم جهالات.
منها اعتقاد أحدهم أنه لو نظر في كتب الحديث نظر أهله, فرواها وتفقد أسانيدها, وتعرف أحوال رواتها فعلم بذلك صحة الصحيح, وسقم السقيم, وحسن الحسن, فاته كثير مما احتوى عليه الكتاب المذكور من مشتت الأحاديث, التي لا تحتوي إلا ما يتعذر على الأكثر من الناس جمعه
وهذا ممن اعتقده غلط, بل إتقان كتاب من كتب الحديث, وتعرفه كما يجب, يحصل له أكثر مما يحصل له الكتاب المذكور من صناعة النقل, فإنه ما من حديث يبحث عنه حق البحث, إلا ويجتمع له من أطرافه وضم ما في معناه إليه, و التنبه لما يعارضه في جميع ما يقتضيه, أو بعضه, أو ما يعاضده, ومعرفة أحوال نقلته, وتواريخهم ما يفتح له في الألف من الأحاديث.
وكذلك يجر عليهم أيضا اعتقاد أن ما ذكره من عند البخاري مثلا لا بد فيه من البخاري, وما علم أنه ربما يكون عند جميعهم, وما ذكره من عند أبي داود, ربما ليس هو عند الترمذي, أو النسائي, ولذلك ذكره من عند أبي داود, وما علم أنه ربما لم يخل منه كتاب أيضا.(3/52)
وكذلك أيضا يجر عليهم تحصيل الأحاديث مشتتة غاية التشتت, بحيث يتعرض للغلط في نسبتها إلى مواضعها بأدنى غيبة عنها, ولذلك ما ترى المشتغلين به, الآخذين أنفسهم بحفظه, ينسبون إلى مسلم ما ليس عنده, أو إلى غيره ما لم يذكر كذلك, وربما شعر أحدهم بأنه بذلك مدلس, كتدليس من يروي ما لم يسمع عمن قد روي عنه, من حيث يوهم قوله ذكر مسلم, أو البخاري كذا, أنه قد رأى ذلك في موضعه, ونقله من حيث ذكر, فيتحرج من ذلك أحدهم, فيحوجه ذلك إلى أن يقول ذكره عبد الحق فيحصل من ذلك في مثل ما يحصل فيه من يذكر من النحو مسألة وهي في كتاب سيبويه, أو يذكر مسألة في الفقه هي في أمهات كتبه, فينسبها إلى متأخري الناقلين منها, بخلاف ما يتحصل الأمر عليه في نفس قارئ كتاب مسلم, أو أبي داود مثلا, فإنه يعلم الأبواب مرتبة مصنفة, وأطرافها من غيره, وما عليه من زيادات , أو معارضات أو معاضدات, مرتبة في خاطره بحيث لا يختل ولا يتثبج إلا في النذرة
والذي يحصل من علم صحة هذا الذي وصفناه للمزاول أكثر, وأبين مما وصفنا منه, فالكتاب المذكور من حيث حسنه وكثرة ما فيه, قد جر الإعراض عن النظر الصحيح, والترتيب الأولى من تحصيل الشيء من معدنه, وأخذ من حيث أخذه هو وغيره.
هذا على تقدير سلامته من اختلال نقل, أو إغفال, أو خطأ, في نظر أهل هذا الشأن, فأما والأمر على هذا, فقد يجب أن يكون نظر من يقرؤه وبحثه أكثر وأكبر من بحث من يقرأ أصلا من الأصول, لا كما يصنعه كثير ممن أكب عليه, من اعتمادهم على ما نقل, وتقليدهم إياه فيما رأى وذهب إليه من تصحيح أو تسقيم, وقد يعمم بعضهم هذه القضية في جميع نظر المحدث, ويقول: إنه كله تقليد, وإن غاية ما ينتهي إليه الناظر بنظرهم, تقليد معدل أو مجرح, فهو كتقليد مصحح أو مضعف للحديث(3/53)
وهذا ممن يقوله خطأ, بل ينتهي الأمر بالمحدث إلى ما هو الحق من قبول الرواية, ورد الرأي, فهو لا يقلد من صحح, ولا من ضعف, كما لا يقلد من حرم, ولا من حلل, فإنها في العلمين مسائل مجتهدة, لكنه يقبل من رواية العدل الناقل له من أحوال من روى عنه الحديث, ما يحصل عنده الثقة بنقله, أو عكس ذلك
ونقلهم لذلك إما مفصلا, وإما مجملا, بلفظ مصطلح عليه, كألفاظ التعديل والتجريح, فإنهم قد تواضعوا عليها بدلا من التطوف على جزئيات الأحوال, وتأديتها على التفصيل
فكما كان يحصل لنا من نقل العدل إذا قال لنا: إن فلانا كان ورعا حافظا, ضابطا, فهما, عالما أن فلانا المذكور مقبول الرواية, مرجح جانب صدقه على جانب كذبه, فكذلك يحصل لنا ذلك, إذا قال لفظا من الألفاظ المصطلح عليها, و لبيان المعنى والانفصال عما يعترض به عليه مواضعه
ولما كان الحال على ما وصفت من احتواء الكتاب المذكور على ما لا يعصم منه أحد, ولا سيما من جمع جمعه, وأكثر إكثاره, وكفى المرء نبلا أن تعد معايبه, تجردت لذكر المعثور عليه من ذلك, فذكرته مفيدا به, وممثلا لما لم أعثر عليه من نوعه, إذ الإحاطة متعذرة, وانحصر لي ذلك في أمرين وهما نقله ونظره أما نقله فأبواب منها:(3/54)
1- باب ذكر الزيادة في الأسانيد, 2- باب ذكر النقص في الأسانيد, 3- باب نسبة الأحاديث إلى غير رواتها, 4- باب ذكر الأحاديث يوردها من موضع عن راو , ثم يردفها زيادة, أو حديثا من موضع آخر, موهما أنها عن ذلك الراوي أو بذلك الإسناد, أو في تلك القصة, أو في ذلك الموضع, وليس كذلك, 5- باب ذكر أحاديث يظن من عطفها على آخر, أو إردافها إياها, أنها مثلها في مقتضياتها, وليست كذلك, 6- باب أشياء مفترقة تغيرت في نقله, أو بعده عما هي عليه, 7- باب ذكر رواة تغيرت أسماؤهم أو أنسابهم عما هي عليه, 8- باب ذكر أحاديث أوردها ولم أجد لها ذكرا, أو عزاها إلى مواضع ليست هي فيها, أو ليست كما ذكر, 9- باب ذكر أحاديث أوردها على أنها مرفوعة, وهي موقوفة, أو مشكوك في رفعها, 10- باب ذكر ما جاء موقوفا, وهو في الموضع الذي نقله منه مرفوع, 11- باب ذكر أحاديث أغفل نسبتها إلى المواضع التي أخرجها منها, 12- باب ذكر أحاديث أبعد النجعة في إيرادها, ومتناولها أقرب وأشهر
وها هنا انتهى القسم الأول الراجع إلى نقله, فإن جميع هذه الأبواب أوهام, إما منه, وإما ممن بعده(3/55)
فأما ما يرجع إلى نظره فمنه: 1- باب ذكر أحاديث أوردها إلى أنها متصلة, وهي منقطعة, أو مشكوك في اتصالها, 2- باب ذكر أحاديث ردها بالانقطاع, وهي متصلة, 3- باب ذكر أحاديث ذكرها على أنها مرسلة, لا عيب لها سوى الإرسال, وهي معتلة بغيره, ولم يبين ذلك منها, 4- باب ذكر أحاديث أعلها برجال, وفيها من هو مثلهم, أ, أضعف, أو مجهول لا يعرف, 5- باب ذكر أحاديث أعلها بما ليس بعلة, وترك ذكر عللها, 6- باب ذكر أحاديث أعلها, ولم يبين من أسانيدها مواضع العلل, 7- باب ذكر أحاديث سكت عنها, وقد ذكر أسانيدها, أو قطعا منها, ولم يبين من أمرها شيئا 7- باب ذكر أحاديث أتبعها منه كلاما يقضي ظاهره بتصحيحها, وليست بصحيحة, 10- باب ذكر أحاديث أتبعها كلاما منه كلاما لا يبين منه مذهبه فيها, فنبين أحوالها, من صحة أو سقم, أو حسن, 11- باب ذكر أحاديث أوردها على أنها صحيحة, أو حسنة, وهي ضعيفة من تلك الطرق, صحيحة أو حسنة من غيرها, 12- باب ذكر أحاديث ضعفها من الطرق التي أوردها منها, وهي ضعيفة منها, صحيحة أو حسنة من طرق أخر, 13- باب ذكر أحاديث ضعفها وهي صحيحة, أو حسنة, وما أعلها به ليس بعلة, 14- باب ذكر أحاديث ضعفها, ولم يبين بماذا, وضعفها إنما هو الانقطاع, أو توهمه, 15- باب ذكر أمور جميلة من أحوال رجال يجب اعتبارها, فأغفل ذلك أو تناقض فيه, 16- باب ذكر رجال لم يعرفهم, وهم ثقات, أو ضعاف, أو اختلف فيهم, 17- باب ذكر أحاديث عرف ببعض رواتها فاخطأ في التعريف بهم, 18- باب ذكر رجال ضعفهم بما لا يستحقون, وأشياء ذكرها عن غيره, محتاجة إلى التعقب, 19- باب ذكر أحاديث أغفل منها زيادات مفسرة, أو مكملة, أو متممة, 20- باب ذكر المصنفين الذين أخرج عنهم في كتابه ما أخرج من حديث, أو تعليل, أو تجريح, أو تعديل, 21- باب ذكر مضامين هذا الكتاب على نسق التصنيف(3/56)
فهذا هو القسم الراجع إلى نظره, ما عدا البابين الأخيرين, فجميع هذا القسم إيهام منه لصحة سقيم, أو لسقم صحيح, أو لاتصال منقطع, أو لانقطاع متصل, أو لرفع موقوف, أو لوقف مرفوع, إن لثقة ضعيف, أو لضعف ثقة, أو لتيقن مشكوك, أو لتشكك في مستيقن, إلى غير ذلك من مضمنه, وباعتبار هذين القسمين من الأوهام والايهامات
سميناه كتاب : ( بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام ), والباب الذي هو لذكر الزيادة المفسرة, أو المكملة هو باب يتسع, ويكثر مضمنه, ولن نقصده بالجمع, فالذي ذكرنا فيه إنما هو المتيسر ذكره, ولعلنا نعثر منه على أكثر من ذلك بعد إن شاء الله
وقد كنت شرعت في باب أذكر فيه ما ترك ذكره من الأحاديث الصحاح, المفيدة أحكاما لأفعال المكلفين, لست أعني ما ترك من حسن, أو ضعيف فان هذا قد اعترف هو بالعجز عنه, وهو فوق ما ذكر, بل من قسم الصحيح
فرأيته أمرا يكثر, أو يتعذر الإحاطة به, ورأيت منه أيضا كثيرا لا أشك في أنه تركه قصدا, بعد العلم به, والوقف عليه, وعلمت ذلك إما بأن رأيته قد كتبه في كتابه الكبير (1), الذي يذكر فيه الأحاديث بأسانيدها, الذي منه اختصر هذا, وإما بان يكون مذكورا في باب واحد من مصنف, أو في حديث صحابي واحد من مسند, مع ذكر ما ذكر هنا
فعلمت أنه ترك ذلك قصدا, خطأ أو صوابا, فأعرضت عن هذا المعنى, وهو أيضا إذا تعرض له لا يصلح أن يكون في باب من كتاب, بل ديوانا قائما بنفسه, يتجنب فيه ما ذكره هو فقط
وقد يظن ظان أن كتابنا هذا مقصور الإفادة على من له بكتاب أبي محمد عبد الحق اعتناء, فذلك الذي يستفيد منه إصلاح خلل, أو تنبيها على مغفل
__________
(1) - يقصد ( الأحكام الكبرى ) وقد طبع الموجود منها(3/57)
وهذا الظن ممن يظنه خطأ, بل لو كان كتابنا قائما بنفسه, غير مشير إلىكتاب أبي محمد المذكور, كان بما فيه من التنبيه على نكت حديثية خلت عنها وعن أمثالها الكتب, وتعريف برجال يعز وجودهم, ويتعذر الوقوف على الموضع الذي استفدنا أحوالهم منها, وأحاديث أفدنا فوائد في متونها, أو في أسانيدها, وعلل نبهنا عليها, وأصول أشرنا إليها أفيد كتاب, وأعظم ثمرة تجتنى
ومن له بهذا الشأن اعتناء, يعرف صحة ما قلناه, وقد كاد مما لم نسبق إلي مثله في الصناعة الحديثية, وترتيب النظر فيها, المستفاد بطول البحث, وكثرة المصاحبة, والمناظرة, والمفاوضة, وشدة الاعتناء, ووجود الكتب المتعذر وجودها على غيرنا, مما تيسر الإنعام به من الله سبحانه علينا, له الحمد والشكر, فليس في كتاب أبي محمد عبد الحق حديث إلا وقفت عليه في الموضع الذي نقله منه, بل وفي مواضع لم يرها هو قط, بل لعله ما سمع بها, إلا أحاديث يسرة جدا, لم أقف عليها في مواضعها, ولم آأل جهدا, ولا أدعي سلامة من الخطأ, لكني أتيت بالمستطاع, فإن أصبت فأرجو تضعيف الأجر, والله يعفو عن الزلل, ويتفضل بإجزال ثواب بذل المجهود, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وهذا حين ابتدئ مستعينا بالله سبحانه (1)
__________
(1) - طبع ( بيان الوهم ) في دار طيبة الرياض 1997 في ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( الحسين آيت سعيد ), وقد تعقب كتابه هذا في توهيمه لعبد الحق تلميذه الحافظ الناقد المحقق أبو عبد الله محمد بن الإمام يحيى بن المواق في كتاب سماه: بكتاب ( المآخذ الحفال السامية عن مآخذ الإهمال في شرح ما تضمنه كتاب بيان الوهم والإيهام من الإخلال والإغفال وما انضاف إليه من تتميم و إكمال ), تعقبا ظهر فيه كما قاله الشيخ القصار إدراكه و نبله وبراعة نقده إلا أنه تولى تخريج بعضه من المبيضة ثم اخترمته المنية ولم يبلغ من تكميله الأمنية، فتولى تكميل تخريجه مع زيادة تتمات وكتب ما تركه المؤلف بياضا أبو عبد الله محمد بن عمر بن محمد بن عمر بن رُشيد السبتي الفهري صاحب (الرحلة), وللحافظ الذهبي ( مختصر كتاب الوهم والإيهام) طبع في دار الثقافة 1988 في جزء لطيف, بتحقيق( د.فاروق حمادة ) بلغت الأحاديث التي تتبعه فيها( 91 ) حديثا, وقام الحافظ مغلطاي بن قليج الحنفي المتوفى سنة762 هـ بترتيب ( بيان الوهم لابن القطان ) وأضافها إلى ( الأحكام ) وسماه ( منارة الإسلام ) ذكره الحافظ في (الدرر الكامنة)(|6\116)
وابن القطان هو الحافظ العلامة قاضي الجماعة أبو الحسن علي بن محمد الحميري الكتامي الفاسي, سمع أبا ذر الخشني و طبقته, وكان من أبصر الناس بصناعة الحديث, وأحفظهم لأسماء رجاله, وأشدهم عناية في الرواية, صنف (الوهم والإبهام), و أحكام النظر, وغير ذلك, توفي سنة 628هـ , ترجمته في (طبقات الحفاظ)(1\498\1096)(3/58)
خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الإسلام للحافظ أبي زكريا محيي الدين النووي
بسم الله الرحيم , قال الشيخ الإمام العالم العامل, الورع الزاهد الحافظ, محيي الدين أبو زكرياء يحيى بن شرف بن مري بن حسن بن حسين بن محد بن حزام النووي رحمه الله
الحمد لله رب العالمين, وصلواته وسلامه على سيدنا محمد خير خلقه, وعلى سائر النبيين, وآل كل وسائر الصالحين, و أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - عبده ورسوله, وزاده فضلا وشرفا لديه
أما بعد : فإنه ينبغي لكل أحد أن يتخلق بأخلاق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويقتدي بأقواله, وأفعاله, وتقريره في الأحكام, والآداب وسائر معالم الإسلام, وأن يعتمد في ذلك على ما صح, ويجتنب ما ضعف, ولا يغتر بمخالفي السنن الصحيحة, ولا يقلد معتمدي الأحاديث الضعيفة
فإن الله سبحانه قال: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا )(الحشر:7) و قال تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (آل عمران:31)(3/59)
فهذه الآيات وما في معناها حثنا على اتباعه - صلى الله عليه وسلم - , ونهانا عن الابتداع, والاختراع, وأمرنا الله سبحانه وتعالى عند التنازع بالرجوع الى الله و الرسول, أي الكتاب والسنة, وهذا كله في سنة صحت, أما ما لم تصح فكيف تكون سنة, وكيف يحكم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قاله, أو فعله من غير مسوغ لذلك, ولا تغترن بكثرة المتساهلين في العمل, والاحتجاج في الاحكام بالأحاديث الضعيفة, وإن كانوا مصنفين, وأئمة في الفقه وغيره, وقد أكثروا من ذلك في كتبهم, ولو سئلوا عن ذلك لأجابوا بأنه لا يعتمد في ذلك الضعيف, وإنما أباح العلماء العمل بالضعيف في القصص, وفضائل الأعمال, التي ليست فيها مخالفة لما تقرر في أصول الشرع مثل فضل التسبيح, وسائر الأذكار, والحث على مكارم الأخلاق, والزهد في الدنيا, وغير ذلك مما أصوله معلومة مقررة.(1)
__________
(1) - قال ابن عبد البر: إنهم يتساهلون في الحديث إذا كان من فضائل الأعمال، فإن قيل: كيف هذا مع اشتراطهم في جواز العمل بالضعيف عدم اعتقاد ثبوته؟ قلنا: بحمله على ما صح مما ليس بقطعي حيث لم يكن صحيحاً في نفس الأمر، أو بحمله إن كان عاماً بحيث يشمل الضعيف على اعتقاده الثبوت من حيث إدراجه في العمومات لا من جهة السند.اهـ من ( مقاصد للسخاوي ) وقال في (القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع)( ): سمعت شيخنا (أي ابن حجر) مرارا يقول وكتبه لي بخطه : إن شرائط العمل بالضعيف ثلاثة: الأول : متفق عليه أن يكون الضعف غير شديد, فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب, ومن فحش غلطه, الثاني : أن يكون متدرجا تحت أصل عام,. فيخرج ما يخترع بحيث لا يكون له أصل, الثالت: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته لئلا ينسب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ما لم يقله قال: والأخيران عن ابن عبدالسلام وعن صاحبه ابن دقيق العيد, والأول نقل العلائي: الإتفاق عليه اهـ(3/60)
وقد استخرت الله الكريم, الرؤوف الرحيم, في جمع مختصر في الأحكام, اعتمد فيها الصحيح, والحسن, وأفرد الضعيف في أواخر الأبواب, تنبيها على ضعفه, لئلا يغتر به, وأذكر فيه إن شاء الله جملا متكاثرة, هي أصول قواعد الأحكام, و أضيفها إلى الكتب المشهورة, مصرحا بصحتها وحسنها, وأنبه على بعض خفي معانيها, وضبط لفظها
فما كان في (صحيحي) البخاري, ومسلم أو أحدهما اقتصرت على إضافته إليهما, أو إليه, لحصول المقصود, وهو بيان صحته, فإنهما صحيحان بإجماع المسلمين, وما كان في غيرهما ذكرت جماعة ممن رواه من المشهورين كأبي داود,والترمذي, و الدراقطني, والحاكم, و البيهقي, وغيرهم من أعلام الحفاظ المصنفين, فما كان في (صحيحي) البخاري, ومسلم رحمهما الله قلت في آخره : ( متفق عليه ), فإن اتفق لفظهما اقتصرت على : ( متفق عليه ), وإلا قلت : ( لفظه لفلان ),وإن زاد أحدهما أو غيرهما زيادة فيه نبهت عليها, وما اتفق عليه أبو داود,و الترمذي, والنسائي قلت في آخره : ( رواه الثلاثة ), وما سوى هذا أصرح بإضافته
وقد التزمت في هذا المختصر أن لا أهمل بيان شيء من الأحاديث في الصحة, والحسن, والضعف, والحسن كالصحيح في جواز الاحتجاج به في الأحكام, وإن كان دونه, وأما الضعيف فأنبه عليه مختصرا جدا, وعلى الله الكريم اعتمادي, و إليه تفويضي واستنادي, حسبي الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم (1)
عمدة الأحكام من كلام خير الأنام للحافظ تقي الدين أبي محمد عبد الغني المقدسي
__________
(1) - طبع ( الخلاصة )في مؤسسة الرسالة 1997 في مجلدين بتحقيق ( حسين إسماعيل الجمل ), ثم في دار الكتب العلمية في ( 3 ) مجلدات, ,ولم يكمله مصنفه وصل فيه إلى كتاب الزكاة باب اسن التي يؤخد من الغنم وغيرها(3/61)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الملك الجبار, الواحد القهار, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المصطفى المختار, وصلى الله عليه وعلى آله وصحبه الخيار
أما بعد : فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة في أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإمامان أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري, ومسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري, فأجبته إلي سؤاله رجاء المنفعة
وأسأل الله أن ينفعنا به, ومن كتبه, أو سمعه, أو قرأه, أو حفظه, أو نظر فيه, وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم, موجباً للفوز لديه في جنات النعيم, فإنه حسبنا ونعم والوكيل (1)
دلائل الأحكام في أحاديث الأحكام للشيخ بهاء الدين يوسف بن رافع بن شداد
بسم الله الرحمن والرحيم, وبه العون والعصمة والتوفيق, الحمد للله على الهداية على الإسلام, والإرشاد إلى حكم ما شرع من الأحكام, والتمسك بشريعة محمد نبيه المبعوث إلى سائر الأنام, صلى الله عليه وعلى آله و صحبه أفضل الصلوات والسلام
__________
(1) - طبع باسم ( العمدة في الأحكام في معالم الحلال والحرام عن خير الأنام محمد عليه الصلاة والسلام ) سنة 1373هـ, بتحقيق الشيخ (أحمد محمد شاكر), ثم صور في دارالجيل1991, وعدد أحاديثه ( 501 ) حديثا, وله طبعات عديدة وشروح كثيرة
والمقدسي هو أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي, صنف في الحديث كتبا منها (المصباح) و(نهاية المراد) و(الكمال) في رجال الكتب الستة, وغير ذلك, وكان غزير الحفظ والإتقان, كثير العبادة ورعا ماشيا على قانون السلف, توفي سنة 600هـ ترجمته في (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\487)(3/62)
وبعد : فانه لما رأيت الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هي أدلة غالب الأحكام, وأصولها التي تجري بمعرفتها على نظام, وإن الفقهاء قد شحنوا كتبهم و تصانيفهم, ولم ينبهوا على الصحيح منها والحسن والغريب, ولم يشيروا إلى أي كتاب تضمنها, ولم يشرحوا غريبها, ولا نبه أكثرهم على وجه الدليل منها, رأيت أن أجمع كتابا يجمع بين التنبيه على الحديث في أي كتاب ذكر, ومن اتفق على نقله من أئمة الحديث المشهورين, و أنبه على أنه صحيح أو حسن أو غريب, وأنبه على اختلاف العلماء من الصحابة فمن بعدهم من المجتهدين في أخذ الأحكام منه, مع الاختصار عن التطويل, المانع من التحصيل, سيما لأبناء الزمان المجبولين [ على ضعف الهمم, ورتبته ] (1) على أبواب الفقه, لتسهل على المتعلم مطالعته, و حل الأشكال منه (2)
المنتقى في أحاديث الأحكام عن خير الأنام للإمام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن تيمية
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي الذي لم يتخذ ولدا, ولم يكن له شريك في الملك , وخلق كل شيء فقدره تقديرا, وصلى الله على محمد النبي الأمي المرسل كافة للناس بشيرا ونذيرا, و على آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
__________
(1) - زيادة مني يقتضيها السياق
(2) - طبع في دار الكتب العلمية 1412هـ في مجلدين بتحقيق الشيخ (محمد بن يحيى التميمي) ومؤلفه ابن شداد هو قاضي القضاة بهاء الدين أبو العز يوسف بن رافع الأسدي الحلبي الشافعي, وبرع في الفقه والعلوم, وساد أهل زمانه ونال رياسة الدين والدنيا, وصنف التصانيف, منها (دلائل الأحكام) وكتاب (الموجز الباهر) في الفقه, وكتاب (ملجأ الحكام) و(سيرة صلاح الدين) توفي سنة 632هـ (شذرات الذهب)(5\158)(3/63)
هذا كتاب يشتمل على جملة من الأحاديث النبوية التي ترجع إليها أصول الأحكام إليها ويعتمد علماء الإسلام عليها انتقيتها من ( صحيحي ) البخاري, ومسلم, و( مسند ) الإمام أحمد بن حنبل, و( جامع ) أبي عيسى الترمذي, وكتاب ( السنن ) لأبى عبدالرحمن النسائي, وكتاب ( السنن ) لأبى داود السجستاني, وكتاب( السنن ) لابن ماجة, واستغنيت بالعزو إلى هذه المسانيد عن الإطالة بذكر الأسانيد, والعلامة لما رواه البخاري ومسلم ( أخرجاه ), ولبقيتهم ( رواه الخمسة ), ولهم سبعتهم ( رواه الجماعة ), ولأحمد مع البخاري ومسلم ( متفق عليه ), وفيما سوى ذلك أسمي من رواه منهم, ولم أخرج فيما عزوته عن كتبهم إلا في مواضع يسيرة
وذكرت في ضمن ذلك شيئا يسيرا من آثار الصحابة - صلى الله عليه وسلم - , ورتبت الأحاديث في هذا الكتاب على ترتيب فقهاء زماننا, لتسهل على مبتغيها, وترجمت لها أبوابا ببعض ما دلت عليه من الفوائد, ونسأل الله أن يوفقنا للصواب, ويعصمنا من كل خطأ وزلل, إنه جواد كريم (1)
الإحكام بأحاديث الأحكام للحافظ تقي الدين محمد بن علي ابن دقيق العيد
__________
(1) - طبع (المنتقى) في مطبعة السنة المحمدية مصر في مجلدين بتحقيق الشيخ ( محمد حامد الفقي ) ,ثم صور في دار المعرفة. بيروت1978, وعدد أحاديثه ( 5029 ) حديثا ,ثم في دار الكتب العصرية 2000بيروت بتحقيق ( عبد الكريم الفضيلي )
ومؤلفه هو الإمام شيخ الإسلام مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني, جد شيخ الإسلام أبي العباس بن تيمية, كان فرد زمانه في معرفة المذهب, مفرط الذكاء, متين الديانة, كبير الشأن, من مصنفاته (أطراف أحاديث التفسير) في عدة مجلدات, و(المحرر) في الفقه, وغير ذلك, توفي سنة 652هـ , ترجمته في (شذرات الذهب)(5\257)(3/64)
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ المصنف الإمام تقي الدين أبو الفرج محمد بن علي بن وهب بن مطيع القشيري المعروف بابن دقيق العيد, رحمه الله تعالى
الحمد لله منزل الشرائع والأحكام, ومفصل الحلال و الحرام, والهادي من اتبع رضوانه سبل السلام, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, توحيدا هو في التقرير محكم النظام, وفي الإخلاص وافد الاقسام, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أرسله رحمة للأنام, فعليه منه أفضل صلاة وأكمل سلام, ثم على آله اطيبين الكرام, وأصحابه نجوم الهدى الأعلام
وبعد : فهذ ا مختصر في علم الحديث, تأملت مقصوده تأملا, ولم أدع الأحاديث إليه الجفلا, ولا ألوت في وضعه محررا, ولا أبرزته كيف اتفق تهورا, فمن فهم معناه شد عليه يد الضنانة, وأنزله من قلبه وتعظيمها الأعزين,مكانا وكنانة, و سميته بكتاب : ( الإلمام بأحاديث الأحكام ), وشرطي فيه أن لا أورد إلا حديث من وثقه إمام من مزكي رواة الأخبار, وكان صحيحا على طريقة أهل الحديث الحفاظ, أو أئمة الفقه النظار, فان لكل منهم معزى قصده وسلكه, و طريقا أعرض عنه وتركه, وفي كل خير, والله تعالى ينفع به دنيا ودينا, ويجعله نورا يسعى بين أيدينا, ويفتح لدارسيه حفظا وفهما, ويبلغنا ببركته منزلة من كرامته عظمى, إنه الفتاح العليم, الغني الكريم (1)
المحرر في اختصار الإلمام للحافظ أبي علي بن عبد الهادي
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1986 بدون تحقيق وعدد أحاديثه (1473) حديثا, و ابن دقيق العيد هو الإمام الفقيه الحافظ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي القشيري, كان من أذكياء زمانه, واسع العلم, له تصانيف منها (شرح العمدة) و(الإمام في الأحكام) و(الإلمام) و(الاقتراح في علوم الحديث ) وغير ذلك, توفي سنة 702هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\516\1134)(3/65)
بسم الله الرحمن الرحيم,قال الشيخ الإمام العلامة, الزاهد الناسك, شمس الدين, أبوعبد الله محمد ابن لشيخ الصالح عماد الدين أحمد بن عبدالهادي بن عبدالحميد بن عبدالحميد بن يوسف بن قدامة المقدسي الحنبلي, تغمده الله برحمته: الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين, وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد : فهذا مختصر يشتمل على جملة من الأحاديث النبوية في الأحكام الشرعية, و انتخبته من كتب الأئمة المشهورين, والحفاظ المعتمدين, (كمسند الإمام أحمد بن حنبل ), و( صحيحي ) البخاري ومسلم, و( سنن ) أبي داود, وابن ماجة, والنسائي,و( جامع ) أبي عيسى الترمذي, و( صحيح ) أبي بكر بن خزيمة, وكتاب ( الأنواع والتقاسيم ) لأبي حاتم بن حبان, و( المستدرك ) للحاكم أبي عبدالله النيسابوري, و( السنن الكبرى ) للبيهقي, وغيرهم من الكتب المشهورة, وذكرت بعض من صحح الحديث, أوضعفه, والكلام على بعض رواته, من جرح وتعديل, واجتهدت في اختصاره, وتحرير ألفاظه, ورتبته على ترتيب بعض فقهاء زمانا, ليسهل الكشف منه, وما كان فيه متفقا عليه فهو ما اجتمع البخاري ومسلم على روايته, وربما أذكر فيه شيئا من آثار الصحابة, رضي الله عنهم أجمعين(3/66)
والله المسئول أن ينفعنا بذلك, ومن قرأه, أو حفظه, أو نظر فيه, وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم, موجبا لرضاه, إنه على كل شيء قدير, وهو حسبنا ونعم الوكيل (1)
إحكام الأحكام الصادرة من شفتي سيد الأنام للشيخ شمس الدين محمد بن علي النقاش المغربي
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر, الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونؤمن به, ونتوكل عليه, ونعوذ بالله من شرو أنفسنا, ومن سيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله
__________
(1) - طبع ( المحرر ) في دار الكتب العلمية1997 بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ) وعدد أحاديثه( 1304 ) حديث, قال الحافظ ابن حجر في (الدرر الكامنة)(5\62) في ترجمته : اختصره من (الإلمام) فجوده جدا.اهـ , ومؤلفه هو شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد الهادى بن قدامة المقدسى الحنبلى أحد الأذكياء, قال ابن كثير: كان حافظا علامة ناقدا حصل من العلوم ما لا يبلغه الشيوخ الكبار, وبرع في الفنون وكان جبلا في العلل والطرق والرجال حسن الفهم جدا صحيح الذهن, من كتبه (الأحكام) في ثمان مجلدات, و (الصارم المنكي في الرد على السبكي), و(تنقيح التحقيق) و(شرح التسهيل) في مجلدين,وغير ذلك سنة 744 هـ ترجمته في (الدرر الكامنة)(5\61\888(3/67)
أما بعد : فقد جمعت مما يناسب ( العمدة ) من الأحكام الصادرة من بين شفتي سيد الأنام, من غير ما ذكره الشيخ فيها غالبا, ولم أذكر غير متن الحديث, ومن خرجه مرتبا على أبواب ( العمدة ), مخرجا من الكتب العشرة, وغيرها, وهي : كتاب ( الجامع الصحيح ) لمحمد بن إسماعيل البخاري, الذي هو أصح الكتب المصنفة, ومن ( تاريخه ) أيضا, ومن كتاب مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري, وكتاب الإمام أبي عيسى محمد بن سورة الترمذي, وكتاب ( السنن ) لأبي عبدالرحمن النسائي, وكتاب ابن ماجة, وكتاب ( السنن ) لأبي داود, وكتاب الدراقطني, وكتاب الإمام أحمد بن حنبل, وغيرهم, كسعيد بن منصور, ومالك بن أنس, والشافعي, وابن أبي شيبة, وخلق من الأئمة, كالأثرم, والحاكم, وابن حبان, و عبدالله بن أحمد, والحميدي, وغيرهم, رحمهم الله تعالى.
والله تعالى أسأله أن يجعل ذلك خالصا لوجهه الكريم, ومقربا إلى جانب النعيم, وأن يجعلنا من العلماء العاملين, ويتوفانا على الإسلام والإيمان به, وبما جاءنا عن نبيه, عليه أفضل الصلاة والسلام, إنه ولي ذلك, والقادر عليه, وهو حسبنا, و نعم الوكيل (1)
تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد للحافظ أبي الفضل العراقي
__________
(1) - طبع في مكتبة الخانجي بالقاهرة 1409هـ بتحقيق ( رفعت فوزي عبدالمطلب ) وعدد احاديثه ( 1037 ) حديثا, مؤلفه هو الإمام شمس الدين أبو أمامة محمد بن علي المغربي الأصل المصري المعروف بابن النقاش, كان من الفقهاء المبرزين و الفصحاء المشهورين, له نظم ونثر حسن, من كتبه (شرح العمدة) في نحو ثمان مجلدات, و (شرح ألفية ابن مالك), و(شرح التسهيل) وخرج أحاديث الرافعي, وغير ذلك, , توفي سنة 763هـ (طبقات الشافعية)(3\131)(3/68)
بسم الله الرحمن الرحيم, وهو حسبي ونعم الوكيل, قال الشيخ الإمام العالم زين الدين عبد الرحيم العراقي, رحمه الله , ونفعنا بعلمه وتأليفه, وجميع المسلمين, الحمد لله الذي أنزل الأحكام لإمضاء علمه القديم, وأجزل الإنعام لشاكر فضله العميم, و أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, البر الرحيم, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالدين القويم, المنعوت بالخلق العظيم, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أفضل الصلاة والتسليم.
وبعد : فقد أردت أن أجمع لابني أبي زرعة (1)
__________
(1) - أبوزرعة ابن العراقي هو الإمام الحافظ ولي الدين أحمد بن عبد الرحيم الكردي المصري الشافعي, ظهرت نجابته و اشتهرت نباهته, وأجيز وهو شاب بالافتاء والتدريس, وصار يزداد فضلا مع ذكائه وتواضعه, فأقبل عليه الناس وساد بجميع ذلك في حياة والده, له كتب منها (البيان والتوضيح لمن خرج له في الصحيح وقد مس بضرب من التجريح) و(المستفاد من مبهمات المتن والإسناد ط), و(تحفة التحصيل في ذكر رواة المراسيل ط) وغير ذلك توفي سنة 826هـ (ذيل تذكرة الحفاظ)(1\284)(3/69)
مختصرا في أحاديث الأحكام, يكون متصل الأسانيد بالأئمة الأعلام, فإنه يقبح بطالب الحديث, بل بطالب العلم أن لا يحفظ بإسناده عدة من الأخبار, ويستغني بها عن حمل الأسفار في الأسفار, وعن مراجعة الأصول عند المذاكرة والاستحضار, ويتخلص به من الحرج بنقل ما ليست له به رواية, فإنه غير سائغ بإجماع أهل الدراية, ولما رأيت صعوبة حفظ الأسانيد في هذه الأعصار لطولها, وكان قصر أسانيد المتقدمين وسيلة لتسهيلها, رأيت أن أجمع أحاديث عديدة في تراجم محصورة, وتكون تلك التراجم فيما عد من أصح الأسانيد مذكورة إما مطلقا على قول من عممه, أو مقيدا بصحابي تلك الترجمة, ولفظ الحديث الذي أورده في هذا المختصر هو لمن ذكر الإسناد إليه من ( الموطإ ), و( مسند أحمد ) فإن كان الحديث في ( الصحيحين ) لم أعزه لأحد, وكان ذلك علامة كونه متفقا عليه, وإن كان في أحدهما اقتصرت على عزوه إليه, وإن لم تكن في واحد من ( الصحيحين ) عزوته إلى من خرجه من أصحاب ( السنن ) الأربعة وغيرهم ممن التزم الصحة, كابن حبان, والحاكم, فإن كان عند من عزوت الحديث إليه زيادة تدل على حكم ذكرتها, وكذلك أذكر زيادات أخر من عند غيره, فإن كانت الزيادة من حديث ذلك الصحابي لم أذكره, بل أقول : ولأبي داود أو غيره كذا, وإن كانت من غير حديثه قلت : ولفلان من حديث فلان كذا, وإذا اجتمع حديثان فأكثر في ترجمة واحدة كقولي عن نافع عن ابن عمر لم أذكرها في الثاني وما بعده, بل أكتفي بقولي : وعنه, ما لم يحصل اشتباه, وحيث عزوت الحديث لمن خرجه, فإنما أريد أصل الحديث لا ذلك اللفظ, على قاعدة المستخرجات, فإن لم يكن الحديث إلا في الكتاب الذي رويته منه عزوته إليه, بعد تخريجه, وإن كان قد علم أنه فيه, لئلا يلبس ذلك بما في ( الصحيحين )(3/70)
فما كان فيه من حديث نافع عن ابن عمر, ومن حديث الأعرج عن أبي هريرة, ومن حديث أنس, ومن حديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة, فأخبرني به محمد بن أبي القاسم بن إسماعيل الفارقي, ومحمد بن محمد بن محمد القلانسي بقراءتي عليهما, قالا : أخبرنا يوسف بن يعقوب المشهدي, وسيدة بنت موسى المارانية, قال يوسف أخبرنا الحسن بن محمد البكري, قال أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي
( ح ), وقالت سيدة أنبأنا المؤيد, قال أخبرنا هبة الله بن سهل, قال أخبرنا سعيد بن محمد, قال أخبرنا زاهر بن أحمد, قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد, قال : حدثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر, قال حدثنا مالك بن أنس, عن نافع, عن ابن عمر, و مالك, عن أبي الزناد, عن الأعرج, عن أبي هريرة, ومالك, عن الزهري, عن أنس, ومالك, عن عبد الرحمن بن القاسم, عن أبيه, عن عائشة
وما كان فيه من غير هذه التراجم الأربعة فأخبرني به محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز, بقراءتي عليه بدمشق في الرحلة الأولى, قال أخبرنا المسلم بن مكي, قال أخبرنا حنبل بن عبد الله, قال أخبرنا هبة الله بن محمد الشيباني, قال أخبرنا الحسن بن علي التميمي, قال أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي, قال حدثنا عبد الله بن أحمد, قال حدثني أبو أحمد بن محمد بن حنبل
فما كان من حديث عمر بن الخطاب, فقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق, قال حدثنا معمر, عن الزهري, عن سالم عن أبيه, عن عمر
وما كان من حديث سالم عن أبيه, فقال أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة, عن الزهري, عن سالم عن أبيه
وما كان من حديث علي بن أبي طالب فقال أحمد : حدثنا يزيد هو ابن هارون, قال أخبرنا هشام, عن محمد, عن عبيدة, عن علي
وما كان من حديث عبد الله بن مسعود فقال أحمد : حدثنا أبو معاوية, قال, حدثنا الأعمش, عن إبراهيم, عن علقمة , عن عبد الله
وما كان من حديث همام, عن أبي هريرة, فقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق, قال : حدثنا معمر, عن همام, عن أبي هريرة(3/71)
وما كان من حديث سعيد عن أبي هريرة فقال أحمد : حدثنا سفيان بن عيينة, عن الزهري, عن سعيد, عن أبي هريرة
وما كان من حديث أبي سلمة وحده عن أبي هريرة فقال أحمد : حدثنا حسن بن موسى, قال حدثنا شيبان بن عبد الرحمن, قال حدثنا يحيى بن أبي كثير, عن أبي سلمة, عن أبي هريرة
وما كان من حديث جابر فقال أحمد : حدثنا سفيان, عن عمر وعن جابر
وما كان من حديث بريدة, فقال أحمد : حدثنا زيد بن الحباب, قال : حدثني حسين بن واقد, عن عبد الله بن بريدة, عن أبيه
وما كان من حديث عقبة بن عامر, فقال أحمد : حدثنا حجاج بن محمد, قال : حدثنا ليث بن سعد, عن يزيد بن أبي حبيب, عن أبي الخير, عن عقبة بن عامر
وما كان من حديث عروة عن عائشة, فقال أحمد : حدثنا عبد الرزاق, عن معمر, عن الزهري, عن عروة, عن عائشة
وما كان من حديث عبيد الله, عن القاسم, عن عائشة , فقال أحمد : حدثنا يحيى هو ابن سعيد, عن عبيد الله, قال سمعت القاسم يحدث عن عائشة(3/72)
ولم أرتبه على التراجم بل على أبواب الفقه لقرب تناوله, وأتيت في آخره بجملة من الأدب والاستئذان وغير ذلك, وسميته : ( تقريب الأسانيد وترتيب المسانيد ) والله أسأل أن ينفع به من حفظه, أو سمعه, أو نظر فيه, وأن يبلغنا من مزيد فضله ما نؤمله, ونرتجيه, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير, ورأيت الابتداء بحديث النية مسندا بسند آخر, لكونه لا يشترك مع ترجمة أحاديث عمر, فقد روينا عن عبد الرحمن بن مهدي قال : من أراد أن يصنف كتابا فليبدأ بحديث { الأعمال بالنيات } (1)
__________
(1) - طبع ( تقريب المسانيد ) في دار الكتب العلمية 1404هـ بدون تحقيق, ثم فيمكتبة اللباز مكة 1419هـ بتحقيق (عبد المنعم إبراهيم) وعدد أحاديثه (1111) حديثا,قال ا لحافظ السيوطي في ( تدريب الراوي)(ص 48) : جمع الحافظ أبو الفضل العراقي في الأحاديث التي وقعت لأحمد و الموطأ بالتراجم الخمسة التي حكاها المصنف, وهي المطلقة وبالتراجم التي حكاها الحاكم, وهي المقيدة ورتبها على أبواب الفقه, وسماها ( تقريب المسانيد ) قال ابن حجر : وقد أخلى كثيرا من الأبواب لكونه لم يجد فيها تلك الشريطة وفاته أيضا جملة من الأحاديث على شرطه لكونه تقيد بالكتابين الغرض الذي أراده من كون الأحاديث المذكورة تصير متصلة الأسانيد مع الاختصار البالغ قال: ولو قدر أن يتفرغ عارف لجمع الأحاديث الواردة بجميع التراجم المذكورة من غير تقييد لكتاب ويضم إليه التراجم المزيدة عليه لجاء كتابا حافلا حاويا لأصح الصحيح. اهـ قال في ذيل تذكرة الحفاظ: ثم اختصره في نحو نصف حجمه, وشرح قطعة صالحة من الأصل في قريب من مجلد ثم أكمله ولده شيخنا الحافظ أبو زرعة بعده.اهـ والشرح اسمه ( طرح التثريب ) طبع فيدار إحياء التراث العربي مصرفي (4) مجلدات بدون تحقيق, ثم في دار الكتب العلمية 1995 بتحقيق ( عبد القادر محمد علي )
والعراقي هو الإمام العلامة الحافظ زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين الكردي المصري الشافعي, كان إماما مفننا حافظا ناقدا,له المؤلفات المفيدة المشهورة في علم الحديث والتخاريج الحسنة من ذلك (إخبار الإحياء بأخبار الأحياء)في أربع مجلدات , ثم اختصره في مجلد ضخم سماه (المغني عن حمل الاسفار), و (الألفية) المسماة (بالتبصرة والتذكرة)في علم الحديث, وغير ذلك توفي سنة 826هـ (ذيل تذكرة الحفاظ)\230)(3/73)
البلغة في أحاديث الأحكام للحافظ أبي حفص ابن الملقن
بسم الله الرحمن الرحيم, ( رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10)
الحمد لله على إسباغ النعم, وأشكره على دفع النقم, وأصلي على سيدنا محمد نبيه أفضل العرب والعجم, وعلى آله وصحبه أهل الفضل والكرم
وبعد : فهذه بلغة في أحاديث الأحكام مما اتفق عليه الإمامان محمد بن إسماعيل البخاري, ومسلم بن الحجاج, مرتبة عبى أبواب ( المنهاج ) للعلامة محيي الدين النووي, انتخبتها من تأليفي ( تحفة المحتاج على أدلة المنهاج ) لا يستغنى عنها, مع زيادات يسيرة مهمة, ليسهل حفظها في أيسر مدة, وتكون للطالب اعتمادا وعدة, وربما ذكرت أحاديث يسيرة من أفراد الصحيحين وغيرهما, لأني لم أجد في ذلك الباب ما يستدل به غيره, أو دلالته أظهر من دلالة غيره, وإلى الله أرغب في النفع بها, إنه بيده, والقادر عليه, وهو حسبي ونعم الوكيل.(1)
بلوغ المرام في أحاديث الأحكام للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على نعمه الظاهرة و الباطنة, قديما وحديثا, والصلاةوالسلام على نبيه ورسوله محمد وآله وصحبه الذين ساروا في نصرة نبيه سيرا حثيثا, و على أتباعهم الذين درسوا علمهم, والعلماء ورثة الأنبياء أكرم بهم وارثا وموروثا.
__________
(1) - طبع في دار البشائر بتحقيق ( محيي الدين نجيب ) وعدد أحديثه (508) حديثا, وابن الملقن الإمام الحافظ سراج الدين أبو علي عمر بن علي الأنصاري المصري الشافعي, عرف بابن النحوي,كان أكثر أهل زمانه تأليفا بلغت مصنفاته في الحديث والفقه وغير لك قريبا من ثلاثمائة مؤلف, منها (شرح البخاري) في (20) مجلدا, و (البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير) في (6)جلدات, و(خلاصة البدر المنير ) وغير ذلك, توفي سنة 804هـ ,(ذيل تذكرة الحفاظ)(1\197)(3/74)
أما بعد : فهذا مختصر يشتمل على أصول الأدلة الحديثية, للأحكام الشرعية, حررته تحريرا بالغا, ليصير من يحفظه من بين أقرانه نابغا, ويستعين به الطالب المبتدئ, ولا يستغني عنه الراغب المنتهي, وقد بينت عقب كل حديث من أخرجه من الأئمة, ولإرادة نصح الأمة, فالمراد بالسبعة أحمد, و البخاري, و مسلم, وأبو داود, و الترمذي, والنسائي, وابن ماجة, وبالستة من عدا أحمد, وبالخمسة من عدا البخاري ومسلما, وقد أقول الأربعة وأحمد, وبالأربعة من عدا الثلاثة الأول, وبالثلاثة من عداهم, وعدا الأخير, وبالمتفق عليه البخاري ومسلم, وقد لا اذكر معهما غيرهما, وما عدا ذلك فهو مبين(3/75)
وسميته : ( بلوغ المرام من أدلة الأحكام ), والله أسأل أن لا يجعل ما عملنا علينا وبالا, وأن يرزقنا العمل بما برضيه سبحانه وتعالى (1)
الإعلام بأحاديث الأحكام للشيخ زكريا بن الأنصاري السنيكي
__________
(1) - طبع على حجر ب لكناو 1837 1253هـ و لاهور 1305ههـ وعلى طبع حروف هند 1312 مط التمدن الصناعية 1320 هـ ثم تعدد طبعاته وعليه عدة شروح منها(شرح) للشيخ إبراهيم بن أبى القاسم بن إبراهيم جعمان الذؤالي المتوفى سنة 897هـ ذكره في الضوء (1\117), و(شرح) للشيخ عبد الرحمن بن محمد الحيمي اليمني المتوفى سنة 1068هـ ذكره في هدية العارفين(1\548), و(شرح) للشيخ الحسين بن محمد المغربي اللاعي, سماه (البدر التمام شرح بلوغ المرام), وهو شرح حافل نقل ما في (التلخيص) من الكلام على متون الأحاديث و أسانيدها ثم إذا كان الحديث في البخاري نقل شرحه من (فتح الباري) ومن سائر شروح المتون, ولكنه لا بنسب هذه الأقوال إلى أهلها, مع كونه يسوقها باللفظ , ذكره الشوكاني في البدر الطالع في ترجمته (1\230), وقد اختصره العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني في كتابه (سبل السلام الموصلة إلى سبل السلام ) مع زيادات,وهو مطبوع مرارا ,أقدمها بالهند سنة1302 هـ , و(شرح) للشيخ محمد عابد السندي ذكره الحسني في (المعارف) ( ص156) و(شرح) الشيخ يوسف بن محمد البطاح الأهدل اليمني المتوفى سنة 1246هوسماه (إفهام الإفهام بشرح بلوغ المرام ), ذكره الحبشي في مصادر الفكر باليمن(ص69) وشرحه بالفارسية العلامة صديق حسن خان القنوجي في أربع مجلدات وسماه ( مسك الختام ), و(شرح) له أيضا بالعربية سماه (فتح العلام) وهو مطبوع في مجلدين, ونظم (بلوغ المرام ) العلامة الصنعاني ولم يكمله و أتمه تلميذه الحسين بن عبدالقادر الكوكباني المتوفى سنة 1198هـ,طبع(3/76)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد, الذي أنزل عليه الكتاب هدى وموعظة وتفصيلا, وعلى آله و أصحابه وأتباعه بكرة وأصيلا
وبعد : فهذا مختصر يشتمل على أدلة نبوية, للأحكام الشرعية, لخصته من البخاري, ومسلم وغيرهما, ( كسنن ) أبى داود, و الترمذي, و النسائي, ولا أذكر فيه إلا ما صح, أو قاربه, بأن يكون حسنا, أو معتضدا بما يلحقه ما في الاحتجاج به, وسميته : ( الإعلام بأحاديث الأحكام ), والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم, وأن ينفع به مع الفوز بجنان النعيم.(1)
عقود الجواهر المنيفة في أدلة مذهب أبي حنيفة للشيخ محمد بن محمد بن مرتضى الزبيدي
بسم الله الرحمن الرحيم , وصلى لله على سيدنا محمد وسلم, والحمد لله منور البصائر بحقائق معارفه, وجاعل الخواطر خزائن لدقائق لطائفه, الذي أودع القلوب من حكمه جواهر, جعل نجوم الهداية بذكره زواهر, أحمده ولا يستحق الحمد على الحقيقة سواه, وأعتقد التقصير في أداء شكر ما أنعم به على عبده وأولاه, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تكون للنجاة وسيلة, وبرفع الدرجات كفيلة, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, وحبيبه وخليله, , المبعوث من ذي الجلال لتبيين الحرام والحلال,.إمام المتقين, وعصمة أهل اليقين, خير الخلائق, وبحر العلوم والحقائق, الذي بعثه وطرق الإيمان قد عفت آثارها, وبت أنوارها, ووهت أرهانها, وجهل مكانها, فأحياه إحياء الأرض بالأمطار, ونشره في جميع الأقطار, وبلغ به غاية الأوطار, وأعاد روضه نضيرا, وماءه نميرا, و موارده صافية, وحلله ضافية, وأقسامه وافية, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, صلاة تستنزل غيث الرحمة من سحابه,وتحل صاحبها من الرضوان أوسع رحابه, و كرم تكريما, وزاده شرفا وتعظيما
__________
(1) - شرحه في كتاب سماه (فتح العلام ), طبع مع وشرحه في دار الكتب العلمية1990 في مجلد, بتحقيق ( علي محمد معوض) و ( عادل احمد عبد الموجود )(3/77)
ورضي الله عن إمامنا وهمامنا المقدم, ومقدمنا الأفخم , الجليل قدره, المشرق في أفق الفضائل بدره, المملوء بعلوم الشريعة صدره, بحر العلوم الزاخر, الحائز لأنواع المفاخر,المجتهد الحنيفي, الإمام أبو حنيفة النعمانبن ثابت الكوفي, أسكنه الله الفردوس الأعلى, ورواه من الكوثر الأحلى, وتغنده بارحمة الكاملة, والمغفرة الشاملة, وعن بقية المجتهدين الكرام, والعلماء الأعلام, الذين دنوا العلوم وقرروها, وهذبوا المذاهب وحرروها, وسلكوا شعابها, وراضوا صصعابها, وأعربوا عنها, وبينوا ما أستشكل منها بالأدلة القاطعة, والبراهين الساطعة, حتى وضح سبيلها للمقلدين, وصفا سلسبيلها للواردين, وراق زلالها للشاربين, وامتدت ظلالها للساربين, وأحكمت قواعدها للمستنبطين, واشتدت سواعدها للمخرجين, وعلا مكانها وثبت أركانها, أفحم من رام معارضتها, وقصد ناقضتها, فأغرق عندما انهلت سحب صوابها وهطلت, واضمحلت حجته عند ظهور الحق الواضح وعطلت, وعن التابعين لمنهاجهم الواضح, والمقلدين لمذاهبهم بالإحسان والعمل الصالح, وعن سائر مشايخنا الفاتحين لنا باب الفهم, المخلصين أذهاننا من الوهم, المرشدين إلى الصواب, المتكلين بحسن الجواب(3/78)
أما بعد : فهذا كتاب نفيس, أذكر فيه أحاديث الأحكام التي رواها إمامنا الأعظم المشار إليه, روح الله روحه, ونور ضريحه,مما وافقه الأئمة الستة, البخاري, ومسلم, و أبو داود, و الترمذي, والنسائي, وابن ماجة في كتبهم المشهورة, و سننهم المأثورة, أو بعضهم, وأشير إلى موافقاتهم باللفظ في سياق المتن, والسند, أو بالمعنى, وقد أذكر غيرهم تبعا لهم, و إذا وجدت حديثا للإمام استدل به على حكم من الأحكام, ولم يخرجه أحد من هؤلاء الأعلام, لم أعرج عليه, إذ المقصود موافقات الأئمة المذكورين فقط, لما اشتهر فضلهم المعلوم, وسارت كتبهم في الآفاق مسير النجوم, حتى ظن من لا دراية له في الفن أن كل حديث لا يوجد في كتب هؤلاء فلا يعول عليه, وهذا القول ليس بصحيح بل مخالف النص الصريح,.معتمدا فيما أخرجته على مسانيد الإمام الأربعة عشر, المنسوبة إليه من تخاريج الأئمة, فمنها ما لأصحابه الأربعة, حماد ابنه, وأبي يوسف, ومحمد يعرف ( بالآثار ), والحسن بن زياد اللؤلؤي, روايتهم عنه بلا واسطة, وللأئمة من بعدهم, أي محمد عبداله بن محمد بن يعقوب بن الحرث الحارثي البخاري,العمروف بالأستاذ, تلميذ أبي حفص الصغير, وأبي القاسم طلحة بن محمد بن جعفرالعدل, وأبي نعيم أحمد بن عبدالله الأصبهاني, صاحب ( الحلية ), , وأبي أحمد بن عدي الجرجاني, وتامر بن الحسن الأشناني, وأبي الحسين محمد بن المظفر , وهؤلاء الستة حفاظ, والإمامين أبي بكر أحمد بن محمد بن خالد الكلاعي, ومحمد بن عبدالباقي الأنصاري, وأبي القاسم عبد اللله بن محمد بن أبي العوام السعدي, وأبي بكر المقرئ, والحسين بن محمد بن خسرو.(1)
__________
(1) - تقدمت تراجم هؤلاء عند مقدمة (جامع المسانيد ) لأبي المؤيد(3/79)
وقد جمع كل ذلك الإمام المؤيد محمد بن محمد الخوارزمي المتوفى سنة 675هـ في كتاب سماه ( جامع المسانيد ) مما وصل إلي بعضها بالسماع المتصل, وبعضها بالإجازة المشافهة, وبعضها فيما يندرج تحت الإجازة العامة, وسميت ما جمعته : ( عقود الجواهر المنيفة في أدلة الإمام أبي حنيفة ), فيما وافق الأئمة الستة, أو بعضهم, , ورتبته ترتيب كتب الحديث, من تقديم ما روي عنه في الإعتقاديات, ثم في العمليات على ترتيب كتب الفقه, واقتصرت في كل باب على حديث أو حديثين, أو اكثر على ما تيسر وجدانه, وظهرت لي فيه الموافقة مع أحد المذكورين, وإلا فحديث الإمام - رضي الله عنه - أكثر من أن يحاط في الصحاف, إذ أخذه عن رجال القرن الأول المشهود لهم بالخيرية معروف عند أهل الإنصاف, ونبهت أحيانا على من في السند ممن جرح بقادح, إلا أن يكون الحديث له طرق كثيرة متباينة, و الضعف إنما طرأ ممن هو دونه الإمام, فلا أذكره أصلا بعد أن يكون الحديث ثابتا في حد ذاته, وربما ذكرت من خرج الحديث بلفظه, أو خرج أصله أو معناه, سواء كان من حديث الصحابي المروي عنه, أو من حديث غيره, مقتطفا مما وقفت عليه من الكتب المعتمدة المشهورة ,( كالسنن الكبرى ) للبيهقي, ( العلل ), و( الغرائب والأفراد ) كلاهما للإمام أبى الحسن الدراقطني, و( شرح معاني الآثار ) للإمام أبى جعفر الطحاوي, و( تعجيل المنفعة في زوائد رجال الأربعة ), و ( مختصر تخريج أحاديث كتاب الهداية ) (1), و( تخريج أحاديث شرح الرافعي ) (2), و( تقريب التهذيب), الأربعة للحافظ ابن حجر, و( شرح جامع المسانيد ) للحافظ أبى العدل قاسم لن قطلوبغا الحنفي, و( الجوهر النقي في الرد على البيهقي ) لقاضي القضاة علاء الدين علي بن عثمان الحنفي الشهير بابن التركماني, و( الجامع الكبير)
__________
(1) - هو كتاب (الدراية تخريج احاديث الهداية ) للحافظ, وهو مطبوع وتأتي مقدمته
(2) - هو كتاب (التلخيص الحبير) للحافظ, وهو مطبوع وتأتي مقدمته(3/80)
للحافظ جلال الدين السيوطي, و( المنهج المبين في أدلة المجتهدين ) للشيخ الشعراني, وغير ذلك من مسانيد , و سنن, ومعاجم, وأجزاء متفرقات, التي طالعتها واستفدت منها, ولو مسألة, مع ما انضم إليها من كتب المذهب الأصلية والفرعية, متونها وحواشيها, مما يسر الله على مراجعتها حسب الإمكان, وسعة الوقت وفرصة الزمان .اهـ (1)
أنجح المساعي في الجمع بين صفتي السامع والواعي للشيخ أبي اليسر فالح بن محمد الظاهري
بسم الله الرحمن الرحيم, يقول عبيدربه المتعرض لنفحة من نفحاته تسعده بقربه, فالح بن عبداله الظاهري حامدا الله تعالى لذاته, ومصليا ومسلما على أشرف مخلوفاته, محمد المبعوث بدين الفطرة, وعلى آله وأصحابه القائمين له بالمحبة والنصرة, في حالتي المنشط والمكره, بدون توان ولا فترة
أما بعد : فإن المصيب في العقليات واحد, والمخطئ آثم بل كافر, إن نفى الإسلام, وهو التصديق بوجود إله واحد متصف بصفات الكمال, و الإيمان برسله الصادقين في المقال, والإعتراف بوعد بثواب, ووعيد بعقاب, لهذا الهيكل الإنساني في المآل, والقيام بعبادات يمجد الله تعالى فيها بنعوت الجلال, والإنقياد للقوانين الشرعية الحافظة للأمور الدينية من طوارق الإختلال, وهذا إجمال تفصيله ما أودعته في هذا المؤلف الذي جمعته, وسميته : ( أنجح المساعي في الجمع بين صفتي السامع والواعي )
__________
(1) - طبع في مؤسسة الرسالة بتحقيق (وهبي سليمان غاوجي الألباني) في جزءين, والزبيدي هو الشيخ ابو القبض السيد محمد بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الشهير بمرتضى الحسيني الحنفي,اللغوي المحدث الفقيه له مصنفات كثيرة منها ( تاج العروس شرح القاموس) في (20) مجلدا, و(شرح الاحياء), ورسائل كثيرة جدا, وفي سنة 1205هـ (عجائب الآثار)(2\104)(3/81)
وما هو إلا أحاديث نبوية, وحكم مصطفوية, ليس فيها لي إلا زيادة الترصيف إجادة, وإيضاح المعنى لتتم الإفادة, والذي حداني على ذلك أن فن الحديث في هذه القرون الثلاثة الأخيرة قد قويت شوكته, وعلت في الخافقين رتبنه, وارتفع له أعلى منار, وتبين أن زمنه قد استدار, والسبب في ذلك بديارنا الحجازية وجود مسانيد الحجاز السبعة, أولهم الحافظ الفقيه العلامة أبو مهدي عيسى الثعالبي الجعفري المتوفى سنة اثنين وثمانين وألف (1), ويليه الإمام المسند العلامة محمد بن محمد بن سليمان الروداني (2), ويليه الإمام المسند العلامة أبو إسحاق الكوراني السهراني (3), بضم السين المهملة فالهاء فراء فالالف فالنون, ويليه الفقيهةالمسندة قريش الطبرية آخر فقهاء الطبريين, تروي عاليا عن الإمام عبدالواحد بن إبراهيم الحصاري المكي, عن السيوطي, و زكرياء, وبيني وبينها واسطتان, ووفاتها سنة سبع ومائة وألف, ويليها أبوالبقاء, وأبو الاسرار حسن بن علي العجيمي الأنصاري, ويليه الشمس محمد بن أحمد النخلي, ويليه الإمام المسند عبدالله بن سالم البصري المتوفى سنة أربع وثلاثين و مائة وألف, وهو آخرهم وفاة
__________
(1) - هو الشيخ العلامة جار الله أبو مكتوم عيسى بن محمد المغربى الجعفرى الثعالبى الهاشمى نزيل المدينة المنورة ثم مكة المشرفة امام الحرمين وعالم المغربين والمشرقين له مؤلفات منها (مقاليد الاسانيد) ذكر فيه شيوخه المالكيين, ترجمته في (خلاصة الأثر) (3\240)
(2) - هو صاحب ( جمع الفوائد ) تقدمت مقدمة كتابه وترجمته
(3) - هوشيخ الشيوخ برهان الدين ابراهيم بن حسن بن شهاب الدين الكوراني المدني, لازم الصيفي القشاشي ويه تخرج و أجازه الشهاب الخفاجي والشيخ سلطان , توفي سنة 1101هـ ترجمته في (عجائب الآثار)(1\117)(3/82)
وأسانيدي المتصلة بهم مبينة في ثبتي الذي عنوانه: ( ما تشتد إليه الحال وحاجة الطالب الرحال ) كأصله ( شيم البارق من ديم الهارق ), وإذا جعلت أيها الموفق هذا المجموع سميرك, بل أميرك, فأنت المدني الماهر, بل الرباني الذي لم يزل على الحق ظاهر, أنشدنا شيخنا الأستاذ أبو عبدالله محمد بن علي السنوسي الحسني الشريف المغربي, أخبرنا شيخنا الأستاذ ابوسليمان العجيمي حفيد المسند المذكور, أنشدنا الإمام المسند الشيخ محمد سعيد صفر المدني المحدث الحنفي نظمه ( رسالة الهدى) (1) ومنها :
وقول أعلام الهدى لا يعمل *** بقولنا بدون نص يقبل
فيه دليل الأخذ بالحديث *** وذاك في القديم والحديث
قال أبو حنيفة الإمام *** لا ينبغي لمن له إسلام
أخذ بأقوالي حتى تُعرَضَا *** على الكتاب والحديث المرتضى
ومالك إمام دار الهجرة *** قال وقد أشار نحو الحجرة
كل كلام منه ذو قبول *** ومنه مردود سوى الرسول
والشافعي قال إن رأيتم *** قولي مخالفا لم رويتم
من الحديث فاضربوا الجدارا *** بقولي المخالف الأخبارا
وأحمد قال لهم لا تكتبوا *** ما قلته بل أصل ذلك اطلبوا
فاسمع مقالات الهداة الأربعة *** واعمل بها فإنها منفعة
لقمعها لكـ ذي تعصب *** والمنصوفون يكتفون بالنبي
إلى أن قال:
وقال بعض لو أتتني مائة *** من الأحاديث رواها الثقة
وجائني قول عن الإمام *** قدمته يا قبح ذا الكلام
من استخف عامدا بنص ما *** عن النبي جا كفرته العلما
فليحذر المغرور بالتعصب *** من فتنة برده قول النبي
إلى أن قال في رد قولهم إن الإجتهاد انقطع :
إن قيل بالعجز مع المخالفه *** قال النبي لا تزال طائفة
__________
(1) - هو الشيخ محمد سعيد بن محمد أمين سفر المدني الحنفي الأثري,شيخ (صالح الفلاني), نزيل كة والمدرس بحرمها, المتوفى سنة 1194هـ ترجمه الكتاني في (فهرس الفهارس)(2\986) وقال: له قصيدة عجيبة في الحض على السنة, و العمل بها, والرد على متعصبة المقلدة, سماها (رسالة الهدى)(3/83)
أو قيل بالعجز عن التحديث *** فعصرنا أكثر للحديث
كم ترك الأول للآخير *** وذاك فضل الواسع القدير
واعجب لما قالوا من التعصب *** أن المسيح حنفي المذهب
والحاصل أنه قد جرب على ممر الأعصار, ، محلا تكثر فيه مقلدة المذاه لا بد أن يؤول أمره إلى البدع و الدمار, ووقوعه بآخرة في قبضة الفجرة الكفار, فالوااجب على المسلمين وأهل حلف الفضول, أن تكون الصولة دائما فيهم الأقوال الرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (1)
فيض الغفار في أحاديث المختار للشيخ محمد بن أحمد الداه الشنقيطي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل العلم أفضل ما سعى له وما له المرء دعى, ولا سيما علم الحديث, فإنه أفضل العلوم واشرفها, والصلاة والسلام على من أعطي جوامع الكلم, سيدنا محمد وعلى آله وصحبه, ومن تبعه إلى يوم الدين
وبعد: فيقول أفقر العبيد إلى مولاه, ولا سيما في رمسه, وفي وقوفه بين يدي الإله, الطالب من ربه أن يقابله بما يرضاه, وأن يجعل الجنة الفردوس مثواه, محمد بن أحمد الملقب بالداه, الشنقيطي إقليما
فإني جمعت في هذا المصنف ما اتفق عليه الصحاح الخمسة (2)
__________
(1) - طبع أولا بتحقيق السيد ( عبدالله هاشم اليماني المدني ) ثم في دار الشريف الرياض 1414هـ بتحقيق
( إبراهيم بن عبدالله الحازمي ), والمؤلف هو الشيخ أبواليسرفالح بن محمد المدني الظاهري نسبة إلى عرب الظواهر قبيلة حجازية, له حواش على (الصحيح ) و(الموطأ) في عدة أسفار, ومنظومة في مصطلح الحديث, و شرحها, و(صحائف العامل بالشرع الكامل) توفي سنة 1328هـ ترجمته في (فهرس الفهارس) للكتاني(2\895)
(2) - إطلاق الصحا على الكتب الستة فيه تساهل كبير قال الحافظ العراقي في ألفية الحديث:
ومن عليها أطلق الصحيحا *** فقد أتى تساهلا صريحا(3/84)
من الأحاديث التي تتعلق بالأحكام, تاركا السند و التكرار, وإن اتفقوا في اللفظ والراوي أثبت بلفظ البخاري غالبا, ومسلم نادرا, وإن اختلفوا في اللفظ أو الراوي و اتحد المعنى أتيت بلفظ المخالف
والصحاح الخمسة هي : ( صحيح البخاري ), وهو محمد بن إسماعيل البخاري, ولد ببخارى يوم الجمعة ثالث شوال سنة مائة وأربع وتسعين, وتوفي ليلة عيد الفطر سنة مائتين وست وخمسين, تربى في بلاده, وحفظ القرآن, وتفقه في الدين, و برع في علم الحديث, وألف كتابه ( الجامع الصحيح ) في ست عشرة سنة, وضمنه أربعة آلاف حديث أصول دون المكرر, والمكرر سبعة الاف ومائتان وخمسة وسبعون
و( صحيح مسلم ) وهو مسلم بن الحجاج النيسابوري, ولد سنة مائتين وست, وتوفي سنة إحدى وستين ومائتين, وكان - رضي الله عنه - عالما ورعا متقنا, اتفق العلماء على صحة صحيحه, وقد ضمنه أربعة آلاف حديث أصول دون المكررات
و( سنن أبي داود ).وهو سليمان بن الأشعث السجستاني, ولد رحمه الله في سنة مائتين واثنين, وتوفي في شوال سنة مائتين وخمس وسبعين, كان - رضي الله عنه - عالما متقنا, وكتابه على صحته, وقد ضمنه أربعة وسبيعين ومائتي حديث وخمسة آلاف حديث
و( سنن الترمذي ) وهو محمد بن عيسى الترمذي ولد سنة مائتين, وتوفي بترمذ في رجب سنة مائتين وتسع وسبعين, و كان - رضي الله عنه - عالما, أخذ عن البخاري, وكتابه معدود من الصحاح
و( سنن النسائي ) هو أحمد بن شعيب الخراساني, أول سنة مائتين وخمس عشرة, وتوفي في صفر سنة
[ ثلاث ] مائة و ثلاث, وكان - رضي الله عنه - عالما, وكتابه معدود من الصحاح
وأرجو ممن اطلع على كتابي هذا أن ينظر إلي بعين الرضا, فما كان من نقص كمله, ومن خطأ أصلحه, فقلما يخلص مصنف من الهفوات, إما لغفلة, أوسبق قلم في المنقولات.(3/85)
وأطلب من الله العون والتوفيق, وقبول العمل, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير, فهو حسبي ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
كتب الأطراف
الإيماء إلى أطراف الموطأ لأبي العباس أحمد بن طاهر الداني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وصلى الله على محمد خاتم النبييين, وعلى آله الطيبين, والسلام عليهم أجمعين
أما بعد : فإني أومئ في هذا الكتاب إلى أحاديث مالك بن أنس في
( موطئه ), أترجم عنها بذكر أطرافها, وما يدل عليها من مشهور ألفاظها ومعانيها, وأذكر أسانيدها, مختصرا ما دل على مواقعها فيه, بذكر الكتاب, أو ترجمة الباب, و أشير إلى مواضع الخلف منها, بتعيين النكت المختلف فيها, وأنبه على القصص المنوطة بها, وأبين ما أبهم من أسماء ناقليها, وأسند مراسلها, وأصل مقطوعها, وأرفع موقوفها, وأتقصى عللها وأجبر خللها, وأوضح ما أشكل معناه, وأنفي عنها طرق التعارض والإشتباه, وأذيلها بنكت لا يستغني المحدث عنها, و أحيل في هذا كله إلى الكتب المستخرج ذلك منها
__________
(1) - طبع ( فيض الغفار ) في دار الفكر بيروت بدون تاريخ بتعليق الشيخ ( عبدالله بن محمد بن الصديق الغماري), ومعه شرح للمؤلف عليه سماه ( فتح الإله ), والمؤلف محمد بن أحمد الشنقيطي إمام جامع الختمية بالأيض السودان, ولد سنة 1334هـ بشنقيط, وتفقه على علمائها في المذهب المالكي, ثم انتقل إلى الحرمين الشريفين, وأقام بهما مدة له مصنفات منها (اختصار سنن البيهقي) طبع في (5) مجلدات في دار الفكر , و(الآيات المحكمات في آيات اأحكام ط) و(فتح الرحيم على فقه الإمام مالك بالأدلة) ط) و(الفتح الرباني شرح نظم الرسالة) توفي سنة(3/86)
وأبنيه على رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي القرطبي عنه, أقدم ما رواه مما انفرد به أو شورك فيه, ثم أتبع ذلك ما شذ من سائر الروايات الواصلة إلينا, وأذكر رواته, و بعض رواته عن مالك, ليتصل سنده بذلك, وأرتب الكل على حروف المعجم, فيما اشتهر به من أسند الحديث, إليه من اسم أو كنية
وأقسمه على خمسة أقسام: الأول: في الأسماء خاصة, الثاني: في الكنى والأنساب وسائر الألقاب, الثالث: في النساء, الرابع: في الزيادات على رواية يحيى بن يحيى الليثي لسائر رواة ( الموطأ ), الخامس: في المراسل
وأرتب المراسل على أسماء المرسلين في ( الموطأ ) من التابعين فمن دونهم, وأنسبها إلى من أمكن من رواتها من الصحابة في غير ( الموطأ ), وأدل على بعض من أسندها من أئمة الحديث في التواليف المشهورة
وأذكر المقطوع والموقوف و اللاحق بالمرفوع, وسائر الحديث المعلول المضاف إلى الصحابة, مع المسند المتصل المرفوع الصحيح, وأنبه على ذلك كله, وأميز بعضه من بعض, وأحيل على مظان وجوده إن شاء الله تعالى, وبه أستعين, وهو حسبي ونعم الوكيل
[ ثم ذكر أسانيده في كتاب ( الموطأ ) رواية يحيى بن يحيى ] (1)
ذخيرة الحفاظ أطراف المجروحين لابن حبان للخافظ محمد بن طاهر المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم
__________
(1) - طبع كتاب ( الإيماء ) في مكتبة المعارف الرياض 1414هـ في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( أبي عبدالباري رضا بوشامة الجزائري )(3/87)
هذه أحاديث رواها الكذبة والمجروحون والضعفاء و المتروكون يتداولها الناس في احتجاجهم ومناظرتهم, أوردتها على ترتيب ألفاظ حروفها, لتكون أقرب على من أراد معرفة الحديث الذي يريده منها, و الله أسأل العصمة من الخطإ والزلل (1)
أطراف الغرائب والأفراد للحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد : فإن أبا الحسن علي بن عمر الحافظ الدار قطني رحمه الله خرج لنفسه فوائد من الغرائب والأفراد, دونت عنه فنقلت, وأجمع حفاظ عصره على تفوقه في علمه,(2) وجمعوا هذا الكتاب منه ستمائة, وسمعت جماعة من أهل الحديث يذكرون أنَّ عيب هذا الكتاب إيراده على غير ترتيب, وأنه لو كان مرتباً لعظمت به المنفعة, وعمت, وأنه لا يمكن استخراج الفائدة منه إلا بعد مشقة وتعب
__________
(1) - طبع سنة 1323هـ ثم سنة 1327هـ, وطبع أيضا باسم ( معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة ) في مؤسسة الكتب الثقافية 1406هـ بتحقيق ( عماد الدين حيدر), ثم طبع أخيرا باسمه الصحيح ( تذكرة الحفاظ ) في دار الصميعي بالرياض 1415هـ بتحقيق الشيخ (حمدي السلفي) وعدد أحاديثه(1139) حديثا, والكتاب ترتيب لأطراف أحاديث كتاب (المجروحين لابن حبان)
(2) - قال الذهبي في (سير أعلام النبلاء)(16\455): قال أبو بكر البرقاني : كان الدارقطني يملي علي العلل من حفظه, قلت(والقائل الذهبي) : إن كان كتاب ( العلل ) الموجود قد املاه الدارقطني من حفظه كما دلت عليه هذه الحكاية فهذا امر عظيم, يقضى به للدارقطني أنه أحفظ اهل الدنيا, وان كان قد أملى بعضه من حفظه فهذا ممكن اهـ , كتب ( العلل ) طبع في دار طيبة الرياض في ( 11 ) مجلدا بتحقيق ( محفوظ الرحمن زين الله السلفي)(3/88)
فافتح كتابه بحديث لعائشة رضي الله عنها, أخبرناه أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمر الخطيب الصريفيني (.....), قال حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي الفراء, قال حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي شريح الفقيه الأنصاري, ح وأخبرناه أبو محمد عبد الله بن الحسن بن محمد الحسن الخلال, قال حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم المقرئ الكناني, قال وأخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي, قال حدثنا علي بن الجعد, قال حدثنا سفيان الثوري, عن علي بن الأقمر, عن أبي حذيفة, عن عائشة قالت :
حكيت إنساناً فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( ما أحب أني حكيت إنساناً وإن لي كذا وكذا ), وكلامه عليه ويكون برحمته إن شاء الله تعالى, ثم أتبعه بحديث عمار بن ياسر, وعلى من عهد السباق, ومائة جزء من أجزائه, ولما دخلت بغداد في أول رحلتي إليها, وذلك في سنة سبع وستين وأربعمائة, كنت مع جماعة من طلاب الحديث في بعض المساجد, ننتظر شيخنا فوقف علينا أبو الحسن أحمد بن الحسن المقري وكيل القضاة ببغداد فقال:
يا أصحاب الحديث اسمعوا ما أقول لكم, فأنصتنا إليه, فقال : كتاب الدار قطني في الأَفراد غير مُرتب, فمن قدر منكم على ترتيبه أفاد واستفاد, فوقع إذ ذاك في نفسي ترتيبه, إلى أن تسهّل الله عز وجل ذلك في سنة خمسمائة, فحصلت نسخه بخط أبي الحسن علي بن محمد الميداني الحافظ, نقلها في خط الدار قطني, وقابلها به, فاستخرت الله عز وجل , ورتبته على ترتيب الأطراف, ليكون فائدة لكل من عرض له حديث أراد معرفته, فإن أصحابنا قديما وحديثا استدلوا على معرفة الصحيح بما صنعه أبو مسعود الدمشقي رحمه الله, وغيره من ( أطراف الصحيحين ) فاهتدوا بذلك إلى معرفته من غير مشقة وتعب(3/89)
وأما الغريب والأفراد فلا يمكن الكلام عليها لكل أحد من الناس, إلا من برع في صنعة الحديث, فمن جمع بين هذين الكتابين أمكنه الكلام على أكثر الصحيح, والغريب والأفراد
ثم إنا ذاكرون بعون الله أمام هذا الكتاب نُبَذَا تدل على استحقاقه للاقتداء به والاعتماد على قوله, فإنا رأيناه استدرك على أبي بكر داود قوله على حديث عبد الله بن وهب, عن عمرو بن الحارث, عن عبد الرحمن بن القاسم, عن أبيه, عن ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( صلاة الليل مثنى مثنى )
قال إن أبي داود لم يروه عن ابن وهب إلا أحمد بن صالح المقري, قال الدارقطني مستدركاً عليه : قد يتابعه عيسى بن إبراهيم الغافقي, فرواه عن ابن وهب, فعلمنا أن فيما خرّجه من الأحاديث إنما تكلم على توثيقه واحتاط
(وذكر نقولا في سعة علم الحافظ أبي الحسن الدراقطني وثناء العلماء عليه)
قال المقدسي : اعلم أن الغرائب والأفراد على خمسة أنواع : النوع الأول : غرائب وأفراد صحيحة, وهو أن يكون الصحابي مشهورا برواية جماعة من التابعين عنه, ثم ينفرد بحديث عنه أحد الرواة الثقات, لم يروه عنه غيره, ويرويه عن التابعي رجل واحد من الأتباع ثقة, وكلهم من أهل الشهرة والعدالة, وهذا حد في معرفة الغريب والفرد الصحيح, وقد أخرج نظائر في الكتابين
والنوع الثاني : من الأفراد أحاديث يرويها جماعة من التابعين عن الصحابي, ويرويها عن كل واحد منهم جماعة, فينفرد عن بعض رواتها بالرواية عنه رجل واحد, لم يرو ذلك الحديث عن ذلك الرجل غيره من طرق تصح, فإن كان قد رواه عن الطبقة المتقدمة عن شيخه إلا أنه من رواية هذا المتفرد عن شيخه لم يرويه عنه
والنوع الثالث : أحاديث يتفرد بزيادة ألفاظ فيها واحد عن شيخه, لم يرو تلك الزيادة غيره عن ذلك الشيخ, فينسب إليه التفرد بها, وينظر في حاله(3/90)
والنوع الرابع : متون اشتهرت عن جماعة من الصحابة, أو عن واحد منهم, فروي ذلك المتن عن غيره من الصحابة ممن لا يعرف به إلا من طريق هذا الواحد, ولم يتابعه عليه غيره
والنوع الخامس : من التفرد أسانيد ومتون ينفرد بها أهل بلد, لا توجد إلا من روايتهم, وسنن ينفرد بالعمل بها أهل مصر لا يعمل بها في غير مصرهم, وليس هذا النوع مما أراده الدار قطني, ولا ذكره في هذا الكتاب إلا أن ذكراه في بابه, ولكل نوع من هذه الأنواع شواهد وأدلة لم نذكرها للاختصار, والمتبحر يعلم ذلك في أثناء هذا الكتاب(3/91)
ورُب حديث صحيح متنه مخرج في الصحيح, إلا أن أبا الحسن أورد هاهنا من طريق آخر, ينفرد بروايته بعض المقلة, و له طرق صحيحة على ما بيناه, فيعتقد من لا خبرة له بالحديث أن هذا الأمر لم يروه عن هذا الرجل المتفرد به ليس كذلك, فإن الرواة يتميز بعضهم على بعض بالحفظ والإتقان, فإن عيسى بن يونس يروي عن هشام بن عروة, عن أخيه عبد الله بن عروة, عن عروة, عن عائشة حديث أم زرع, ويرويه غيره ممن لا يحفظ عن هشام غير أبيه عن عائشة, فتلك الطريق المشهورة, فيورده أبو الحسن من هذه الرواية الثانية, ويذكر تفرده به عن هشام, وعلى هذا المثال أحاديث كثيرة, يختلف الرواة في إيراد طرقها, وينفرد بها رجل فيعد في أفراده, ويكون الصحيح خلافه, وإن كانت متونها صحيحة ثابتة من رواية الثقات, ممن ينظر في تفرد باب الحديث في هذا الكتاب عن غيره, فإن كان من الأحاديث المشهورة الصحيحة عرف تفرد هذا الراوي, وأنه قد روي من غير وجه من غير طريقه, وإن كان حُكماً لم يرد إلا من طريق هذا المتفرد, نظر في حاله وحال رواته عن آخرهم, فإن كانوا هم من أهل العدالة, والثقة, والحفظ قبل منه ما تفرد به عنهم, وقد تقدم بابه وهو الصحيح من الأفراد, وإن كانوا من أهل الجرح, والضعف, وسوء الحفظ, وكثرة الخطأ لم يحتج بتفرده, ولم يعتد به, لا سيما الأحاديث التي يتفرد بروايتها أهل الأهواء عن الكذبة المتروكين, والضعفاء و المجروحين, عن الثقات, أو عن أمثالهم من الضعفاء, مثل تعلق معتقداتهم ومذاهبهم, والله يعصمنا من الأهواء المعتلة , والانا المضمحلة, بمنه ولطفه
فصل : وتختصر على إيراد أطراف ما ذكر أبو الحسن في فوائده, لأنا قصدنا ترتيبه, وأما الغريب والأفراد في الحديث فأضعاف هذا, وليس قصدنا استقصاء هذا النوع(3/92)
ورتبناه على الأطراف مختصرا للفائدة, لأنا لو أوردناه بأسانيده ومتونه لطال الكتاب, ولم ينتفع به إلا من كان مسموعا له, وهذا الكتاب لو وقع إلينا عن أصحاب أبي الحسن كان عاليا, ولا يقع إلا عن رجلين عنه, فيكون نزولا لنا, فإنا نظرنا فوجدنا أسند رجل عنده أبو القاسم البغوي, وأقدمهم متونا أبو بكر بن أبي داود, وقد حدثونا عن جماعة من أصحابهما, ثم نظرنا في مولد أبي الحسن فقرأت بخط أبي الحسن علي بن محمد الميداني رحمه الله على ظهر جزء من الأفراد روايته عن أبي طالب العُشاري, توفي أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني رحمه الله آخر نهار يوم الثلاثاء, السابع من ذي القعدة, سنة خمس وثمانين ودفن في مقابر قبر معروف يوم الأربعاء, وكان مولده لخمس خلون من ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة فكمل له ست وسبعون سنة ويومان
فعلى هذا يكون آخر سماعه من البغوي وله إحدى عشرة سنة لأن البغوي توفي سنة سبع عشرة, ومن ابن أبي داود وله عشر سنين لأنه توفي سنة ست عشرة
وتراه حدث عنهما بالكثير, وكان له رحمه الله مذهباً في التدليس سليم عما يسقط العدالة, ويخفى على كثير من المحدثين,
كان يقول فيما جمعه من البغوي, حدثنا أبو القاسم إملاء وقراءة, وقرىء عليه وأنا أسمع, ويقول فيما لم يسمع قرىء على أبي القاسم البغوي, حدثكم فلان ولا ينسب إلى نفسه من ذلك شيئاً
فكان إيراد أحاديثه على الأطراف ( ) لجميع المحدثين, من روى الكتاب من ( ) أحاديثه ينتفع بعلمه, ويخرج آخرون أطراف هذا الكتاب على فصول خمسة, يهتدي بها الطالب إلى بغيته من غير تعب
فالفصل الأول المسند بالعشرة في هذا الكتاب
والفصل الثاني مسانيد من اشتهر بالآباء من الصحابة - رضي الله عنه - على المعجم, وترتيب الرواة منهم على المعجم أيضاً, في حين كثرة الرواة عنه
الفصل الثالث من اشتهر بالكنى, وإن كان له اسم معروف, أو لم يكن مثل أبي هريرة والخدري و الأشعري وغيرهم(3/93)
الفصل الرابع ما أسند عن التسامي هذا النوع من سمى وكنى على المثال الأول
الفصل الخامس ما تفرد به من المراسيل والمجاهيل, ومن لم يسم ليعرف بذاك المسترشد مقصوده
والله المستعان لذلك والمعين عليه إنه سميع مجيب (1)
تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف للحافظ أبي الحجاج يوسف المزي
بسم الله الرحمن الرحيم, وما توفيقي إلا بالله , رب يسر وأعن يا كريم, الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, إله الأولين والآخرين, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, إمام المتقين, وخاتم النبيين, وخيرته من خلقه أجمعين, صلى الله عليه وسلم وعلى آله الطيبين الطاهرين, وإخوانه من النبيين والمرسلين و الصالحين, من أهل السماوات والأرضين, وسلم تسليما
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1998 في (5) مجلدات بتحقيق ( محمود محمد نصار ) و ( السيد يوسف ), وهو مرتب على مسانيد الصحابة ذكر في الفصل الأول : مسانيد الصحابة العشرة المبشرون , وفي الفصل الثاني مسانيد من اشتهر بالآباء منهم مرتبين على حروف المعجم وكذا الرواة عنهم إذا كثروا, وفي الفصل الثالث من اشتهر بالكنى أولم يكن له, والفصل الرابع ما أسند عن التسامي هذا النوع من سمي وكنى على المثال الأول والفصل الخامس ما تفرد به من المراسيل والمجاهيل ومن لم يسم . وعدد أطراف أحاديثه (6400), و الدارقطني هو الإمام شيخ الإسلام حافظ الزمان أبو الحسن علي بن البغدادي الحافظ الهشير صاحب السنن و العلل والأفراد وغير ذلك توفي سنة سنة 385هـ (طبقات الحفاظ)(1\393\893)(3/94)
أما بعد : فإني عزمت على أن أجمع في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى أطراف الكتب الستة التي هي عمدة أهل الإسلام وعليها مدار عامة الأحكام وهي: ( صحيح محمد بن إسماعيل البخاري ), و( صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري ), و( سنن أبي داود السجستاني ), و( جامع أبي عيسى الترمذي ), و( سنن أبي عبدالرحمن النسائي ), و( سنن أبي عبدالله بن ماجة القزويني )وما يجري مجراها من ( مقدمة كتاب مسلم ), وكتاب ( المراسيل ) لأبي داود , وكتاب ( العلل ) للترمذي, وهو الذي في آخر كتاب ( الجامع ) له, و كتاب ( الشمائل ) له, وكتاب ( عمل اليوم والليلة ) للنسائي, معتمدا في عامة ذلك على كتاب أبي مسعود الدمشقي (1), و كتاب خلف الواسطي (2) في أحاديث ( الصحيحين ), وعلى كتاب ابن عساكر (3) في كتب ( السنن ), وما تقدم ذكره, ورتبته على نحو ترتيب كتاب أبى القاسم, فإنه أحسن الكل ترتيبا, و أضفت إلى ذلك بعض ما وقع لي من الزيادات التي أغفلوها, أو أغفلها بعضهم, أو لم يقع له من الأحاديث, ومن الكلام عليها, و أصلحت ما عثرت عليه في ذلك من وهم أو غلط
__________
(1) - هو الحافظ أبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي المتوفى سنة 401هـ
(2) - خلف بن محمد الواسطي الحافظ الكبير صاحب الأطراف سمع أبا بكر القطيعي وطبقته, كان له فضل ومعرفةوتعانى التجارة جود تصنيف أطراف الصحيحين وأفاد ونبه قال الذهبي : وهو أقل اوهاما من أطراف أبي مسعود الدمشقي, ( تذكرة الحفاظ )(3\\1067\976)
(3) - ابن عساكر هو الإمام الحافظ الكبير محدث الشام فخر الأئمة ثقة الدين أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين الدمشقي الشافعي صاحب التصانيف و( تاريخ دمشق ) في ثمانين مجلدا, وا و( الأطراف الأربعة ) أربع مجلدات وغي ذلك توفي سنة 571هـ ( تذكرة الحفاظ )(4\1328\1094)(3/95)
وسميته : ( تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ), طالبا من الله تعالى التوفيق والمعونة على إتمامه, راجيا ن كرمه و إحسانه أن ينفعني بذلك , ومن كتبه, أو قرأه, أو نظر فيه, وأن يجعله لوجهه خالصا, وإلى مرضاته مقربا, ومن سخطه مبعدا, فإنه لا حول ولا قوة إلا به, وهو حسبنا ونعم الوكيل
فصل في شرح الرقوم المذكورة في هذا الكتاب : علامة ما اتفق عليه الجماعة الستة ( ع ), وعلامة ما أخرجه البخاري ( خ ), وعلامة ما استشهد به تعليقا ( خت ), وعلامة ما أخرجه مسلم ( م ), وعلامة ما أخرجه أبوداود ( د ), و علامة ما أخرجه الترمذي في (الجامع) ( ت ), وعلامة ما أخرجه في (الشمائل)
( تم ), وعلامة ما أخرجه النسائي في (السنن) ( س ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (عمل وليلة) ( سي ), و علامة ما أخرجه ابن ماجة القزويني ( ق )
وما في أوله ( ز ) من الكلام على الأحاديث فهو مما زدته أنا, وما قبالته (كـ ) فهو مما استدركته على الحافظ أبي القاسم ابن عساكر رحمة الله عليهم جميعا, وكان الشروع فيه يوم عاشوراء سنة ستة وتسعين و ستمائة, وتم في الثالت من ربيع الآخر سنة اثنين وعشرين و سبعمائة (1)
__________
(1) - طبع في المطبعة القيمة بالهند 1384 هـ بتحقيق ( عبدالصمد شرف الدين ) و كذا في دار الكتب العلمية1999 في ( 16 ) مع فهارس علمية مجلدات و عدد أحاديثه ( 19626 ) حديثا, وقد طبع أيضا في مؤسسة الكتب الثقافية 1994 باسم ( تقريب تحفة الإشراف ) في (3) مجلدات بتحقيق( أبى عبد الله المندوه ) و( سامي التوني ) و( محمد بسيوني زغلول ) و قد قام المحققون بتخريج الأحاديث على أصول ( الكتب الستة ) المطبوعة وحذفوا الأسانيد اكتفاء بالرقم التسلسلي للحديث , و زادوا مجلدا رابعا فيه فهرس للرواة مرتبين على حروف المعجم ومجلدين آخرين وفيه فهرس لأحاديث ( الكتب الستة ) و مواضعها في ( التحفة ) وهو من إعداد ( محمد عبد القادر عطا ) فمجموع مجلدات هذه الطبعة ( 6 ) مجلدات
والمزي الإمام العالم الحبر الحافظ الأوحد محدث الشام جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن القضاعي الشافعي, رحل وسمع الكثير, ونظر في اللغة ومهر فيها, وفي التصريف وقرأ العربية, وأما معرفة الرجال فهو حامل لوائها, و القائم بأعبائها, لم تر العيون مثله, صنف ( تهذيب الكمال ) و( تحفة الأطراف ) وأملى مجالس, توفي سنة 742هـ في (تذكرة الحفاظ)(4\1498) و(طبقات الحفاظ) السيوطي(1\521\1143)(3/96)
تحفة الظراف بأوهام الأطراف للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي لا تتعقب أحكامه, و لا ينفذ ولو كان البحر مدادا مداد كلمات كلامه, والصلاة و السلام على محمد الذي نعمه إن توفرت في أغراض الدين سهامه, ولم ينتثر في طالب الصواب نظامه, وعلى آله وصحبه الذي كل منهم شيخ الإسلام وإمامه
أما بعد : فإن من الكتب الجليلة المصنفة في علوم الحديث كتاب ( تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف ) تأليف شيخ شيوخنا الحافظ أبى الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف المزي, وقد حصل الإنتفاع به شرقا وغربا, وتنافس العلماء في تحصيله بعدا وقربا, وكنت ممن مارسه ودارسه, فوقفت أثناء العمل على أوهام يسيرة, فكنت أكتبها في طرر عندي تارة, وفي هوامش النسخة أخرى, ثم وقفت على (جزء) جمعه العلامة مغلطاي في ذلك, فيه أوهام منه, ثم وجدت جملة من الأحاديث أغفلها, وخصوصا من كتاب النسائي, رواية ابن الأحمر وغيره, وكذلك من تعاليق البخاري, ثم وقفت على (جزء) لطيف بخط المصنف, تتبع فيه أشياء كثيرة من كتاب النسائي رواية ابن الأحمر, وسماه ( لَحْقُ الأطراف ), ثم رأيتها بخطه في هوامش نسخة تلميذه الحافظ عماد الدين ابن كثير بدمشق, ونقلت كثيرا من هوامش نسخة شيخي حافظ العصر أبي الفضل, ثم وقع لي (جزء) لطيف بخط الإمام الحافظ القاضي ولي الدين ابن شيخنا المذكور, جمع فيه بين حواشي والده وبين (جزء) مغلطاي, و أضاف إليه من عمله هو شيئا يسيرا, و أكثر فيه من التنبيه على أوهام مغلطاي, فذاكرته (بالجزء) الذي جمعه المزي, وفي ( الأشراف ), وأوقفته عليه, فألحق ما فيه في هوامش نسخته بخطه, فسألني الآن جماعة من الإخوان خصوصا المغاربة في جمع ذلك, فجمعته كله على ترتيب الأصل, ليستفاد, وأكثر ذلك ما هو من عملي و تنقيبي, ولا أدعي العصمة ولا الإستيعاب, مع أن حجمه أضعاف حجم كتاب العراقي, ومع ذلك فكتابه يكون قدر العشر من كتابي هذا, والله(3/97)
المستعان, مع أنى لم أتشاغل فيه بمغلطاي غالبا, بل اقتصرت على ما لا اعتراض فيه, ولا تعقب
وهذه رقوم الأصل البخاري ( خ ), وله في التعليق ( خت ), ومسلم ( م ), وأبوداود ( د ), والترمذي
( ت ), وله في (الشمائل) ( تم ), والنسائي ( س ) وله في (عمل يوم ليلة) ( سي ), وابن ماجة ( ق )
والله أسأل أن ينفع به سامعه وناظره, ويعلى درجاتنا في الدنياو الآخرة, إنه سميع قريب (1)
أطراف مسند الإمام أحمد المسمى إطراف المسنِد المعتلي بأطراف المسند الحنبلي للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه ثقتي, رب زدني علما يا أرحم الراحمين وصلى الله على سيدنا محمد واله وصحبه وسلم
الحمد لله الذي أحاط علمه بأطراف المخلوقات, وأرسل محمدا بالحق واصطفاه بالآيات البينات, وخص أمته باتصال سبب الإسناد بينهم وبينه فكان ذلك من أجزل الكرامات, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين, والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
أما بعد : فهذا كتاب أطراف الأحاديث التي اشتمل عليها المسند الشهير الكبير للإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل مع زيادات ابنه, رتبت أسماء الصحابة الذين فيه على حروف المعجم, ثم من عرف بالكنية, ثم المبهم, ثم النساء كذلك, فإن كان الصحابي مكثرا رتبت الرواة عنه على حروف المعجم, فإن كان بعض الرواة مكثرا على ذلك المكثر فربما رتبت الرواة عنه أيضا, أو رتبت أحاديثه على الألفاظ , وقد أشرت في أوائل تراجم الصحابة المقلين إلى أماكنها من الأصل
__________
(1) - طبع بذيل ( تحفة الأشراف )(3/98)
وأما من كان مكثرا فأني أرمز على اسم شيخ أحمد عددا بالهندي, يعلم منه محل ذلك في أي جزء هو من مسند ذلك الصحابي, وإذا كان الحديث عنده من طريق واحدة سقت إسناده بحروفه, فان كان المتن قصيرا سقته أيضا بحروفه, إن لم يكن مشهور اللفظ , وإلا اكتفيت بطرفه, وإذا كان الحديث عنده من طرق جمعتها في مكان واحد بالعنعنة, واللفظ حينئد لأول شيخ يذكر, وإذا كان من زيادات عبد الله قلت في أول الإسناد : قال عبد الله, ( وأسند عن إبراهيم النخعي : قال: لا باس بكتابة الأطراف )
وهذه أسماء المسانيد التي اشتمل عليها أصل المسند: 1- مسند العشرة, وما معه 2- ومسند أهل البيت, وفيه مسند العباس وبنيه 3- ومسند ابن عباس 4- ومسند عبد الله بن عباس 5- ومسند أبي هريرة 6- ومسند عبد الله بن عمر 7- ومسند عبد الله بن عمرو بن العاص 8- ومسند أبي سعيد الخدري 9- ومسند أنس 10- ومسند جابر 11- ومسند الأنصار 12- ومسند المكيين والمدنيين 13- ومسند الكوفيين 14- ومسند البصريين 15- ومسند الشاميين 16- ومسند عائشة 17- ومسند النساء
[ وذكر أسانيده إلى المسند ] وعلى الله سبحانه أتوكل فيما قصدت له أعتمد, ومن فيض كرمه أستمد, لا إله إلا هو عليه توكلت, وإليه أنيب, وهو حسبي ونعم الوكيل (1)
إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي لا يحيط العاد لنعمائه بطرف, و أشهد أن لا إله الا الله, وحده لا شريك له, إقرار من لاح له الهدى فعرف, وأشهد أن محمدا عبده و رسوله منتهى الكرم و الشرف, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ومن قف أثرهم ومن بحار علومهم غرف
__________
(1) - طبع في دار ابن كثير ودار الكلم الطيب 1414 في ( 10 ) مجلدات بتحقيق ( زهير الناصر )(3/99)
أما بعد : فقد أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الحاكم أن عمر بن حسين أخبرهم قال: أنا أبو الفرج ابن نصر أنا أبوطاهر بن المعطوش, أنا الحافظ أبوالبركات الأنماطي, أبو محمد الخطيب, أنا عمر بن إبراهيم الكناني, ثنا أبو القاسم البغوي , ثنا أبو خيثمة في كتاب ( العلم ) له, حدثنا جرير, عن منصور, عن إبراهيم قال : لا بأس بكتابة الأطراف, وهذا الأثر إسناده صحيح , وهو موقوف على ابراهيم بن يزيد النخعي, أحد فقهاء التابعين, وعنى بذلك ما كان السلف يصنعونه من كتابة أطراف الأحاديث, ليذاكروا بها الشيوخ فيحدثوهم بها, قال ابن أبي خيثمة في ( تاريخه ) حدثنا مسدد, ثنا حماد بن زيد, عن ابن عون, عن محمد بن سيرين, قال: كنت ألقى عبيدة هو ابن عمرو السلماني بالأطراف, إسناده صحيح أيضا
ثم صنف الأئمة قفي ذلك تصانيف قصدوا بها ترتيب الأحاديث, وتسهيلها على من يروم كيفية مخارجها, فمن أول من صنف في ذلك خلف الواسطي, جمع أطراف ( الصحيحين ), وأبو مسعود الدمشقي جمعها أيضا, و عصرهما متقارب, وصنف الداني أطراف ( الموطأ ), ثم جمع أبوالفضل ابن طاهر أطراف السنن, وهي لأبي داود والنسائي, والترمذي, و ابن ماجة, وأضافها الى أطرف ( الصحيحين ), ثم تتبع الحافظ أبو القاسم بن عساكر أوهامه في ذلك, وأفرد أطراف الأربعة, ثم جمع الستة أيضا الحافظ قطب الدين القسطلاني, ثم الحافظ أبو الحجاج المزي, وقد كثر النفع به
ثم إني نظرت فيما عندي من المرويات فوجدت عدة تصانيف, قد التزم مصنفوها الصحة, فمنهم من تقيد بالشيخين كالحاكم, ومنهم من لم يتقيد كابن حبان, والحاجة ماسة إلى الإستفادة منها, فجمعت أطرافها على طريقة الحافظ أبي الحجاج المزي وترتيبه, إلا أني أسوق ألفاظ الصيغ في الإسناد غالبا, لتظهر فائدة ما يصرح به المدلس, ثم إن كان حديث التابعي كثيرا رتبته على أسماء الرواة عنه غالبا, وكذا الصحابي المتوسط, وجعلت لها رقوما أبينها :(3/100)
فللدارمي وقد أطلق عليه الحافظ المنذري اسم الصحيح, فيما نقله الشيخ علاء الدين مغلطاي فيما رأيته بخطه ( مي ), ولابن خزيمة ( خز ), ولم أقف إلا على ربع العبادات بكامله, ومواضع مفرقة من غيره, ولابن الجارود, وقد سماه ابن عبدلبر وغيره (صحيحا) ( جا ) , وهو في التحقيق مستخرج على ( صحيح ابن خزيمة ) باختصار, ولابي عوانة وهو في الأصل مستخرج على مسلم, لكنه زاد فيه زيادات كثيرة جدا من الطرق المفيدة, بل ومن الأحاديث المستقلة( عه ), و لابن حبان ( حب ), وللحاكم أبي عبد الله في ( المستدرك ) ( كم ), ثم أضفت إلى هذه الكتب الستة كتب أخرى, و هي ( الموطأ ) لمالك , و( المسند ) للشافعي, و( المسند ) للامام أحمد, و ( شرح معاني الآثار ) للطحاوي, لأني لم أجد عن أبي حنيفة مسندا يعتمد عليه, فلما صارت هذه عشرة كلملة أردفتها ( بالسنن ) للدراقطني جبرا لما فات من الوقوف على جميع ( صحيح ابن خزيمة) وجعلت للطحاوي ( طح ) وللدراقطني ( قط ), فإن أخرجه الثلاثة الأول أفصحت بذكرهم, أعني مالكا والشافعي وأحمد, وقد ذكرت أسانيدي إلى أصحاب التصانيف المذكورين بتصانيفهم المذكورة ( وذكر الأسانيد )
وسميت هذا الكتاب : ( إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة ), و هذا حين الشروع فيما إليه قصدت, و الإعتماد فيما أردت من ذلك على من عليه اعتمدت, وهو الله لا إله إلا هو, عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
تسديد القوس في ترتيب الفردوس للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم ....................................
__________
(1) - طبع في مركز خدمة السنة والسيرة النبوية المدينة المنورة 1415هـ بتحقيق مجموعة من الباحثين(3/101)
أما بعد : فإني كنت أرى شيخنا الإمام شيخ الإسلام حافظ عصره زين الدين المكنى بأبي الفضل العراقي تغمده الله برحمته, يكشف كثيرا عن الأحاديث الغريبة التي يسال عنها من (مسند الفردوس) الذي أخرجه الحافظ أبو منصور شهردار بن الإمام أبي شجاع شيرويه بن شهردار الديلمي الأصل الهمداني, فأسند الأحاديث التي ذكرها والده في كتاب (الفردوس), الذي ضاهى به كتاب الفضائل, مقتصرا فيه على الألفاظ النبوية, وذكر أن كتاب (الشهاب) ألف حديث, فجمع هو في (الفردوس) اثني عشر ألف من المسانيد, والجوامع, والنسخ, والصحف, ورتب ذلك على حروف المعجم.
فلما تأملته وجدته بالنسبة لأصل موضعه سهل الكشف على من لم يستحضر كثيرا من هذه الأحاديث, بدلالته على من خرجها, ليراجع الناظر في ذلك ما يحتاج إلى مراجعته بحسب وسعه, مع تسهيله بتوتيب الكتاب على الحروف, وعسر ذلك جدا فإنه رتب الحرف الواحد على فصول كثيرة, بحسب تصاريف الكلمة, وبالغ في ذلك حتى فات مقصود الترتيب, وهو تسهيل الكشف, وصار من يريده يحتاج في مراجعة الكلمة إلى تصفح الفصول المتعددة, فرأيت أن ترتيبه على الحروف, مراعيا الثاني والثالث وكذا الرابع وما بعده غالبا أولى, فاختصرت الكتاب المذكور مقتصرا طرق كل حديث (1)
ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث للشيخ عبد الغني بن إسماعيل النابلسي
__________
(1) - هو مخطوط , وقد أخدت مقدمته متن تقديم ( د-زهير الناصر ) لكتاب ( أطراف مسند أحمد )(3/102)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الكبير المتعال, المفيض ذخائر المواريث بأنواع الأحاديث من أنوار الأحوال على أهل الكمال, والموصل سند الأخلاف بالأسلاف مع تحقيق الأطراف في المبدإ والمآل, والصلاة والسلام على سيدنا وسندنا محمد الذي رفع الله تعالى قدره بالبعث والإرسال, لهداية الأمة بسنته الغراء الثابتة بأسانيد الرجال, تأكيدا للهداية بمحكم كتابه المجيد في الماضي والاستقبال, فمهدت ملته الحنيفية بالصحيحين من المعقول والمنقول على كل حال
أما بعد : فيقول العبد الفقير إلى مولاه الخبير عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني بن إسماعيل بن أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة النابلسي الدمشقي الحنفي عاملهم الله تعالى في الدنيا والآخرة بلطفه الخفي :
لما كانت كتب الحديث الشريف النبوي جامعة لأنواع الروايات, ولامعة في قلوب الأفاضل بأسرار العلوم والدرايات, وحاوية للأسانيد المختلفة, والتخاريج والتحاويل المؤتلفة, عن الأساتذة الثقات, و كانت الكتب الستة من بين كتب الحديث مشهورة عند علماء الإسلام, وقد اعتنت بروايتها ودرايتها الأكابر الاماجد من الحفاظ الأعلام, وهي : كتاب ( الصحيح من السنن ) للشيخ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري, وكتاب ( الصحيح ) للإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري, وكتاب ( السنن ) للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعت السجستاني, وكتاب ( السنن ) للحافظ أبي عيسى محمد بن سورة الترمذي, وكتاب (السنن الصغرى ) المسماة ( المجتبى من السنن ) للحافظ أبي عبد الرحمن أحمد بن علي النسائي, وقد اختلف في السادس فعند المشارقة هو كتاب ( السنن ) لأبي عبد الله محمد بن ماجة القزويني, و عند المغاربة كتاب ( الموطأ ) للإمام مالك بن أنس الأصبحي رحمهم الله تعالى(3/103)
وكانت الحاجة داعية لعمل أطراف لهذه الكتب السبعة المذكورة على طريقة الفهرست, لمعرفة موضع كل حديث منها, ومكان كل رواية مأثورة, وأن يكون ذلك على وجه الاختصار من غير إخلال ولا إملال, ولا إكثار, شرعت في كتابي هذا على هذا الوصف المشروح, فجاء بحمد الله تعالى مما تقر به العين, ويفرح به القلب, وتنشط له الروح.
وقد سبقني إلى التصنيف في ذلك أجلاء الأئمة من العلماء الأخيار, فتشبتث بأذيالهم في اقتفاء هذا الأثر ولحوق هذا الغبار, إذ كان أول من صنف في ذلك الإمامان الحافظان أبو محمد خلف بن محمد بن علي الواسطي, وأبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الدمشقي, فجمعا أطراف ( الصحيحين ) فقط, فكان كتاب خلف أحسنهما جمعا, وأقلهما خطأ ووهما, ثم صنف في ذلك الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي, فجمع أطراف الكتب الستة المذكورة غير ( الموطأ ), لكن حصل في كتابه من الخلل, ما شهد به بعض أقرانه من أئمة القول والعمل, ثم صنف بعده الحافظ الإمام أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي أطراف الكتب الأربعة, وهي ما عدا ( الصحيحين ), و( الموطأ ), فإنه اكتفى بأطراف خلف وأبى مسعود المذكورين(3/104)
فلما رأى ذلك العلامة عمدة الحفاظ أبو الحجاج يوسف المزي مشى على طريقته الأنيقة, وسار على سيرته متمسكا بعراه الوثيقة, وجمع أطراف الكتب الستة أكمل جمع, فشرح صدر الطالبين وأطرب السمع, ولكنه أطال إلى الغاية و أسهب, وركب في تكرار الروايات كل أدهم وأشهب, وأكثر من ذكر الوسائط فيما بعد الصحابي من الرواة, بحيث من أراد استخراج حديث منه فلا بد من معرفة صحابيه, وتابعيه, وتابع تابعيه, وما بعد ذلك بلا اشتباه, وسرد أسانيد الكتب الستة على التمام, مما يحصل به الغنية بمراجعة المتون الموجودة بأيدي أهل الإسلام, مع إخلاله في بعض المواضع بروايات لم يحذ فيها على حذوه في إتمام الأسانيد الموجودة عند الثقات, حتى جاء الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى فاستدرك عليه أشياء عديدة, ومواضع محتاجة إلى البيان مما كانت إعادته لها مفيدة في مجلدة كبير, واف بعلم كثير سماه ( النكات الظراف على الأطراف )
وقد ظفرنا للشيخ الإمام العمدة الرحلة الشريف ابن الشريف أبي المحاسن محمد بن علي بن الحسن بن حمزة بن أبي المحاسن الحسيني تلميذ الحافظ المزي ببعض أجزاء من أطراف للكتب الستة أحاديثها مرتبة على حروف المعجم, و أسماء الصحابة فيها مذكورة في أثناء ذلك, وقد تبع فيه شيخه المزي في سرد أسانيد كلها من الكتب الستة, ولكنه حذف الوسائط والتكرار, وسلك فيه مسلكا لطيفا تنشرح به الخواطر والأفكار
فدونك أيها الطالب الراغب في حصول أسنى المواهب, كتابي هذا المفيد للمراد بأدنى ارتياد, وقد سلكت فيه مسلك من تقدمني من الترتيب, وبنيته على مثال تلك الأبنية مع التبويب, ولكني اقتصرت على بيان الرواية المصرح بها دون المرموزة, ولن أذكر من الأسانيد غير مشايخ أصحاب الكتب على طريقة وجيزة(3/105)
واقتصرت على ذكر الصحابة الأولين, وتركت ذكر الوسائط كلها من التابعين, وتابعي التابعين, ولم أكرر رواية, بل وضعت كل شيء في موضعه بداية ونهاية, وزدت أطراف روايات ( الموطأ ) للإمام مالك, من رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي فإنها المشهورة بين الممالك, وجعلت كان ( سنن ) الإمام النسائي الكبرى حيث قل وجودها في هذه الأعصار ( سننه الصغرى ) المسماة ( المجتبى من سنن النبي المختار )
وقد اعتبرت المعنى أو بعضه دون اللفظ في جميع الروايات, بحيث تذكر الرواية من الحديث, و يشار برموز الحروف إلى ما يوافقها في المعنى دون الكلمات, فعلى الطالب أن يعتبر في مطلوبه المعاني, وهذا أمر واضح عند من يتداول كتب الأطراف ولها يعاني, وإن روى الحديث الواحد عن جملة من الصحابة ذكرت أسماؤهم في محل واحد, أذكر ذلك في مسند واحد منهم, اكتفاء بحصول المقصود والإصابة, وإذا أردت الاستخراج منه فتأمل في معنى الحديث الذي تريده في أي شيء هو, ولا تعتبر خصوص ألفاظه, ثم تأمل الصحابي الذي عنه رواية ذلك الحديث, فقد يكون في السند عن عمر أو انس مثلا والرواية عن صحابي آخر مذكور في ذلك الحديث, فصحح الصحابي المروي عنه ثم اكشف عنه في محله تجده إن شاء الله تعالى
ورمزت للكتب السبعة بالحروف هكذا ( خ ) (لصحيح البخاري), ( م ) (لصحيح مسلم), ( د ) (لسنن أبي داود),( ت ) (لسنن الترمذي), ( س ) (لسنن النسائي), ( هـ ) (لسنن ابن ماجة), ( ط ) (لموطأ الإمام مالك), ورتبته على سبعة أبواب, كل باب منها مرتب ما فيه على ترتيب حروف المعجم, تسهيلا للاستخراج منه على أولي الألباب
الباب الأول في مسانيد الرجال من الصحابة أهل الكمال, الباب الثاني في مسانيد من اشتهر منم بالكنية, الباب الثالث في مسانيد المبهمين من الرجال على حسب ما ذكر فيهم من الأقوال, الباب الرابع في مسانيد النساء من الصحابيات(3/106)
الباب الخامس في مسانيد من اشتهر منهن بالكنية, الباب السادس في مسانيد النساء المبهمات من النساء الصحابيات, الباب السابع في ذكر المراسيل من الأحاديث, وفي آخره ثلاثة فصول في الكنى وفي المبهمين وفي مراسيل النساء
وسميت كتابي : ( ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث ), وأسال من الله تعالى أن يوفقني إلى إكماله وإتمامه, ويرزقني حسن الخاتمة بحسن اختتامه, ويحفظني من الخطإ فيه والخطل, وينفع من استعمله من علماء هذا الشأن, ويسهل عليهم به كل إيضاح وتبيان, إنه على ما يشاء قدير, وبالإجابة جدير, وحسبنا الله ونعم الوكيل, والله يقول الحق وهو يهدي السبيل (1)
كتب التخاريج
تحفة الطالب في تخريج أحاديث مختصر ابن الحاجب للحافظ عماد الدين ابن كثير الدمشقي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله حق حمده, وصلواته وسلامة على محمد خير خلقه, وآله أجمعين وصحبه
__________
(1) - طبع في دار المرفة في مجلدين, وفي دار الكتب العلمية بيروت 1998 في (3) مجلدات بتحقيق ( عبدالله محمود عمر )(3/107)
وبعد :فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه العزيز : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ و َالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة:2), وكان مما من الله سبحانه وتعالى علي أني قرأت الكتاب المختصر الصغير في أصول الفقه, للشيخ الإمام العالم العلامة المتقن, المحقق وحيد عصره, جمال الدين أبي عمرو عثمان بن عمر المالكي, المعروف بابن الحاجب, رحمه الله تعالى, وهو كتاب نفيس جدا في هذا الفن, ووجدت فيه أحاديث جمة, لا يستغني من قرأه عن معرفتها, ولا تتم فائدة الكتاب إلا بمعرفة سقمها من صحتها, فأحببت إذ كان الأمر كذلك أن أجمعها كلها, والآثار الواقعة فيه معها على حدة, وأن أعزو ما يمكن عزوه منها إلى الكتب الستة, البخاري, ومسلم, و أبي داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجة, أو إلى بعضها, أو إلى غيرها إن لم يكن في شيء منها إن شاء الله تعالى(3/108)
فما كان في البخاري ومسلم معا, أو في أحدهما, إكتفيت بعزوه إليهما, أو إلى أحدهما, وإن كان مع ذلك في كتب ( السنن ) وإن لم يكن فيهما ولا في أحدهما وهو في ( السنن ) الأربعة قلت : رواه الأربعة, وإلا بينت من رواه منهم, و ما لم يكن في شيء من الكتب الستة المذكورة ذكرت من رواه من غيرهم, وقد أذكر سند الحديث, ليعرف حال صحته من سقمه, وما لا يعرف له سند بالكلية كقليل من أحاديث الكتاب, سألت عنه مشايخي في الحديث, ونبهت عليه, و الكلام في الآثار كالأحاديث سواء, وجعلت ذلك كله مرتبا بحسب وقوعه في الكتاب, أولا فأولا, ومتى كرر المصنف حديثا, أو آثرا في موضعين, أو مواضع, تكلمت عليه أول مرة, ونبهت على ما عداها, ثم إن ذكر المصنف حديثا ليس هو في شيء من هذه الكتب الستة بذلك اللفظ الذي أورده, نبهت على ذلك, وذكرت أقرب الألفاظ إلى لفظه, إن شاء الله تعالى, ووسمته : ( بتحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب ), والله أسأل أن ينفع به وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم, إنه قريب مجيب (1)
المغني عن حمل ااسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار للحافظ زين الدين العراقي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أحيا علوم الدين فأينعت بعد اضمحلالها، وأعيا فهوم الملحدين عن دركها فرجعت بكلالها، أحمده وأستكين له من مظالم أنقضت الظهور بأثقالها, وأعبده وأستعين به لعصام الأمور وعضالها, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة وافية بحصول الدرجات وظلالها، واقية من حلول الدركات و أهوالها, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أطلع به فجر الإيمان من ظلمة القلوب وضلالها، وأسمع به وقر الآذان وجلا به زين القلوب بصقالها، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلاة لا قاطع لاتصالها
__________
(1) - طبع في دار حراء مكة 1406هـ بتحقيق ( عبدالغني بن حميد الكبيسي ) وعدد أحاديثه (377) حديثا(3/109)
وبعد : فلما وفق الله تعالى لإكمال الكلام على أحاديث ( إحياء علوم الدين ) في سنة إحدى وخمسين تعذر الوقوف على بعض أحاديثه, فأخرت تبييضه إلى سنة ستين, فظفرت بكثير مما عزب عني علمه, ثم شرعت في تبييضه في مصنف متوسط حجمه, وأنا مع ذلك متباطئ في إكماله, غير معترض لتركه وإهماله, إلى أن ظفرت بأكثر ما كنت لم أقف عليه, وتكرّر السؤال من جماعة في إكماله, فأجبت وبادرت إليه, ولكني اختصرته في غاية الاختصار, ليسهل تحصيله وحمله في الأسفار, فاقتصرت فيه على ذكر طرف الحديث, وصحابيه, ومخرجه, وبيان صحته, أو حسنه, أو ضعف مخرجه, فإن ذلك هو المقصود الأعظم عند أبناء الآخرة, بل وعند كثير من المحدثين عند المذاكرة والمناظرة, وأبين ما ليس له أصل في كتب الأصول, والله أسأل أن ينفع به إنه خير مسؤول.
فإن كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بعزوه إليه, وإلا عزوته إلى من خرجه من بقية الستة, وحيث كان في أحد الستة لم أعزه إلى غيرها إلا لغرض صحيح, بأن يكون في كتاب التزم مخرجه الصحة, أو يكون أقرب إلى لفظه في ( الإحياء ), وحيث كرر المصنف ذكر الحديث، فإن كان في باب واحد منه اكتفيت بذكره أول مرة, وربما ذكرته فيه ثانياً, وثالثاً لغرض, أو لذهول عن كونه تقدم، وإن كرره في باب آخر ذكرته, ونبهت على أنه قد تقدم, وربما لم أنبه على تقدمه لذهول عنه, وحيث عزوت الحديث لمن خرجه من الأئمة فلا أريد ذلك اللفظ بعينه, بل قد يكون بلفظه, وقد يكون بمعناه, أو باختلاف على قاعدة المستخرجات، وحيث لم أجد ذلك الحديث ذكرت ما يغني عنه غالباً وربما لم أذكره(3/110)
وسميته : ( المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار ), جعله الله خالصاً لوجهه الكريم, ووسيلة إلى النعيم المقيم.(1)
البدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير للحافظ أبي حفص عمر بن علي ابن الملقن الشافعي
بسم الله الرحمن الرحيم, ( رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10)
__________
(1) - طبع عدة مرات بهامش ( الإحياء ), وطبع مفردا في مكتبة طبرية بالرياض 1995 في مجلدين مع ثالث للفهارس بتحقيق (أشرف بن عبد المقصود), وعدد أحاديثه (4613) حديثا, وللعراقي أيضا تخريج وسط سماه ( الكشف المبين عن تخريج إحياء علوم الدين ) و تخريج كبير قال الحافظ في ( النكت )(ص 305) : التخريج الكبير الذي مات عن أكثره وهو مسودة .اهـ ,وقد نقل منه العلامة الزبيدي في (إتحاف السادة المتقين), ذكر ذلك في مقدمة كتابه(1\5) فقال:لم أظفر منه إلا على كراريس .اهـ و سماه (إخبار الإحياء بأخبار الأحياء), قال ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(4\32) : بيض منه قدر مجلدين, ولو كمل لكان في ستة, مع أن مسودته كاملة بخطه, ثم اختصر هذا في مجلد سماه ( المغني ).اهـ , وللشيخ تقي الدين أبي بكر محمد بن عبد المؤمن الحصني المتوفى سنة 929هـ ( تلخيص تخريج الإحياء ), قال (ابن قاضي شهبة)(4\77): في مجلد, وللشيخ عبد الحق بن فضل الله النيوتني الهندي كتاب ( تذكرة الأصفياء بتصفية الأحياء ), قال الحسني في ( معارفه ) (ص158):مختصر مأخوذ من كتاب العراقي(3/111)
الحمد لله رافع منار الأحكام, ومظهر دينه بأقوى عرى وإحكام, ومشيده بحفاظ جهابذة أعلام, مستمرين مدى الدهور والأعوام, نحمده على ذلك كله وعلى سائر الإنعام, ونشكره على أن جعلنا ممن تصدى لجمع سنن الكرام, ونشهد أن لا إله الله, وحده لا شريك له , شهادة مستمرة على الدوام, وأن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, وأزواجه,وذرياته, وأتباعه الغر الكرام
وبعد : فإن أولى العلوم بعد معرفة كتاب الله تعالى سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم -, إذ هي مبينة الكتاب العزيز الذي : ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42) ولذلك أدلة ظاهرة, وبراهين متظاهرة, قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) (النحل:44)0( وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:64)
وقال عليه الصلاة والسلام في حديث طويل : ( إن ما حرم رسول الله كما حرم الله عز وجل ) حديث صحيح من غير شك ولا مرية, أوده الأئمة الترمذي في (جامعه)[2664], والحاكم في (مستدركه)[1\109], وصححه, والبيهقي [9\331], وقال : إسناده صحيح
هذا مع اتفاق أهل لحل والعقد على أن من شرط المجتهد من القاضي والمفتي أن يكون عالما بأحاديث الأحكام, ليعرف بها الحلال من الحرام, والخاص من العام, والمطلق من المقيد, والناسخ من المنسوخ, وقد ندب الشارع عليه أفضل الصلاة والسلام إلى نقلها, وحثهم على حفظها, و تبليغها من لم يشهدها, فقال في خطبة حجة الوداع : ( هل بلغت ؟, قالوا نعم, قال: فليبلغ الشاهد منكم الغائب, فرب مبلغ أوعى من سامع ) حديث صحيح باتفاق الأئمة, أودعه الشيخان في (صحيحهما) [خ 1741 م 1679](3/112)
وقال أيضا ( نضر الله أمرا سمع مقالتي فحفظها ووعاها, فأداها إلى من لم يسمعها, فرب حامل فقه غير فقيه, ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) رواه ابن حبان في (صحيحه)[66], والحاكم أبو عبد الله في (المستدرك على الصحيحين )[1\87] قال : صحيح على شرط الشيخين
وقال : ( بلغوا عني ولو آية ) رواه البخاري في (صحيحه)[3461]
وقال : ( تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن سمع منكم ) رواه أبو حاتم في ( صحيحه )[62] والحاكم في (المستدرك)[1\95], وقال صحيح على شرط الشيخين
فامتثلت الصحابة حينئد الذين هم خير قرون هذه الأمة, بشهادته عليه أفضل الصلاة والسلام فحفظوا عنه أحواله, و أقواله, وأفعاله, امتثالا لأمره, وابتغاء ثوابه وأجره, ثم فعل ذلك بعدهم التابعون وتابعوهم, قبيلا بعد قبيل, وجيلا بعد جيل, تلقوا ذلك عنهم, و استفادوه منهم, رضي الله عنا وعنهم
لكن دخل في ذلك قوم ليسوا من أهل هذا الشأن، ولا جري لهم في هذا الميدان, فأخطأوا فيما نقلوا, و حرفوا, وربما وضعوا, فدخلت الآفة من هذا الوجه, واختلط الصحيح بالسقيم, والمجروح بالسليم, فحينئد أقام الله سبحانه وله الحمد والمنة طائفة كبيرة من هذه الأمة, هم نجوم للدين, و علم للمسترشدين, فدونوا التصانيف المبتكرة, المبسوطة و المختصرة, ونظروا في رجالها جرحا و تعديلا, وانقطاعا وصلا بالنظر التام, وبذلوا وسعهم في ذلك وقاموا به أحسن قيام, أعظم الله أجرهم, ولا خيب سعينا وسعيهم, وهم مستمرون على ذلك مدى الدهور والأعوام, من زمنه عليه الصلاة والسلام إلى انقضاء الدنيا والذهاب بإخباره عليه أفضل الصلاة والسلام حيث قال: ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) (1)
__________
(1) - حديث صحيح أخرجه البخاري (7311) ومسلم (1921) من حديث المغيرة بن شعبة(3/113)
فكانت هذه الطائفة كما وصفهم عليه أفضل الصلاة والسلام في الخبر المروي عنه مرسلا من جهة إبراهيم بن عبد الرحمن العذري, ومسندا من جهة أبي هريرة, وعبد الله بن عمرو كما رواهما العقيلي, قال عبد الحق : والأول أحسن, ونازعه ابن القطان, وفيه وقفة, فقد سئل أحمد عنه, فقال : صحيح , ( يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله, ينفون عنه تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين ) (1)
ومَنَّ الله سبحانه وتعالى وله الحمد والنعمة على هذه الطائفة بالحفظ الوافر, كالبحر الزاخر, و هذه نبذة من حالهم لتعرف قدرهم واجتهاده ومحلهم [ وذكر نقولا كثير ة في حفظ أئمة الحديث ]
فصل : فهذه نبذة من أحوال هؤلاء الحفاظ الذين تتنزل الرحمة بذكرهم, وهي مختصرة بالنسبة إلى ما تركناه, ذكرتها لك مجموعة أيها الناظر في هذا الموضع لتعرف منازلهم, وما كانوا عليه, و كيف حالهم في اجتهادهم في هذا العلم, والإكباب عليه, فلعل ذلك يكون محركا في المسارعة إلى تتبع أثرهم, والسير إليه, لعلك تصل إلى بعض ما وصلوا إليه, أو إلى كله, ففضل الله وعطاؤه واسع, لا زال منهلا لديه
__________
(1) - تقدم تخريجه (ص110)(3/114)
ثم وفق الله العظيم وله الحمد والمنة, هؤلاء الحفاظ, الأئمة النقاذ إلى [ وصول ٍ] ما حفظوه إلينا و تقريب ما تقلدوه علينا, فصنفوا في ذلك مصنفات مبتكرة, مطولة ومختصرة, واختلف العلماء في أول من صنف الكتب على ثلاثة أقوال, أحدها عبد الملك بن جريج, ثانيها الربيع بن صبيح, ثالثها سعيد بن أبي عروبة, حكاه ابن الجوزي في (جامع المسانيد), واختلفت في ذلك مقاصدهم, وتشعبت آراؤهم, وكلها مقاصد حسنة, وأفعال مستحسنة, فمنهم من رأى أن تدوينه على مسانيد الصحابة - رضي الله عنهم - أقرب إلى ضبطه, فرتبه كذلك, كالإمام أحمد بن حنبل في (مسنده) ونظرائه, قال الحاكم : أول من صنف (المسند) على تراجم الرجال عبيد الله بن موسى العبسي, وأبو داود ومنهم من رأى تدوينه على ترتيب أبواب الفقه أسرع لتناوله, فرتبه كذلك, وقيل أول من فعل ذلك الربيع بن صبيح, وقيل مالك بن أنس في (موطئه), و به جزم الإمام الرافعي في (أماليه), ثم من بعدهم جمع كبير, وجم غفير, كعبد الرزاق, وابن أبي شيبة, وغيرها(3/115)
وهلم جرا إلى زمن الإمامين الحافظين الناقدين, أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري, وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري, في كتابيهما (الصحيحين), والتزما ألا يوردا فيهما إلا حديثا صحيحا, وتلقتهما الأمة بالقبول, ثم ألف جماعة في زمنهما كتبا على الأبواب, من غير التزام فيها ما التزمناه, فلم تلتحق بها, (كسنن أبي داود سليمان بن الأشعت السجستاني), و(جامع أبي عيسى محمد بن سورة الترمذي الضرير), و(سنن أبي عبد الرحمن النسائي), و(سنن أبي عبد الله بن ماجة القزويني), وألف جماعة أخر كتبا كذلك, فبعضهم شرط أن يكون مصنفه مخرجا على أحاديث (الصحيحين) أو أحدهما, ككتاب أبي نعيم, والبرقاني, والإسماعيلي, وأبي عوانة, وبعضهم شرط أن يستدرك ما أهمله الشيخان في (صحيحيهما), كما فعل الحاكم أبو عبد الله في الكتاب الذي سماه (بالمستدرك على الصحيحين), وبعضهم شرط في مصنفه الصحة مطلقا, لا على رأي, بل على رأيهم, (كصحيح إمام الأئمة أبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة), و(صحيح أبي حاتم بن حبان) المسمى (بالتقاسم و الأنواع), لم يرتبه مصنفه على الترتيب المذكور, وإنما رتبه على ترتيب خاص بديع, وبعضم لم يشترط شرطا, وإنما أودعا في تصانيفهما الصحيح, ولضعيف, مبينبن ذلك, (كسنن أبي الحسن الدراقطني), و (السنن الكبير) للحافظ أبي بكر البيهقي, المرتب على ترتيب (المبسوط) الذي صنفه على ترتيب (مختصر المزني)(3/116)
هذا كله كان على رأي السلف الأول, يذكرون الأحاديث بالأسانيد في هذه التصانيف, إذ عليه المعول, وأما المتأخرون فاقتصروا على إيراد الأحاديث في تصانيفهم بدون الإسناد, مقتصرين على العزو إلى الأئمة الأول, إلا أفرادا من ذلك و آحادا, كأحكام عبد الحق (الكبرى) , و(الصغرى)(1) و(الوسطى) (2), وعلى (الوسطى) اعتراضات للحافظ أبي الحسن ابن القطان (3), وما أكثر نفعه, وعن بعضها أجوبة لبعض المتأخرين (4), و(أحكام) الحافظ أبي عبد الله محمد بن عبد الواحد المعروف بالضياء المقدسي (5), و لم يتمم كتابه, وصل فيه إلى أثناء الجهاد, وهو أكثرها نفعا, و (أحكام) الحافظ عبد الغني المقدسي
__________
(1) - مطبوع تأتي مقدمته
(2) - مطبوع تأتي مقدمته
(3) - وهو كتابه المسمى ( بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام ) تأتي مقدمته
(4) - تعقبه الحافظ أبو عبد الله محمد بن يحيى بن المواق في كتاب سماه: ( المآخذ الحفال السامية عن مآخذ الإهمال في شرح ما تضمنه كتاب بيان الوهم والإيهام من الإخلال والإغفال وما انضاف إليه من تتميم وإكمال) بيض بعضه ولم يتم ه فتولى تكميل تخريجه مع زيادة الحافظ أبو عبد الله محمد بن عمر بن رُشيد السبتي الفهري المتوفى سنة 722هـ .
(5) - قال الذهبي في ( السير )(23\128) : لم يتم, في ثلاث مجلدات, اهـ, وقال ابن رجب في (طبقاته) (4\192) في نحو عشرين جزءا في ثلاث مجلدات اهـ(3/117)
( الكبرى) (1), و(الصغرى) (2), و(أحكام) الحافظ مجد الدين عبد السلام ببن تيمية المسمى : (بالمنتقى)(3), وهو كاسمه وما أحسنه, لولا إطلاقه في كثير من الأحاديث العزو إلى كتب الأئمة دون التحسين و التضعيف, يقول مثلا رواه أحد رواه الدراقطني, رواه أبو داود, و يكون الحديث ضعيفا, و أشد من ذلك كون الحديث في (جامع الترمذي) مبينا ضعفه فيعزيه إليه من غير بيان ضعفه, و ينبغي للحافظ جمع هذه المواضع, وكتبها على حواشي هذا الكتاب, أو جمعها في مصنف, لتكمل فائدة الكتاب المذكور, وقد شرعت في كتب ذلك على حواشي نسختي, وأرجو إتمامه, و(أحكام) الحافظ محب الدين الطبري (4), نزيل مكة شرفها الله تعالى, وهو أبسطها, وأطولها, و (أحكام) بقية المجتهدين في هذا الفن تقي الدين أبي الفتح القشيري المسمى (بالإلمام) (5), وشرط فيه كما قال في خطبته : أن لا يخرج إلا حديثا قد صححه أحد من الأئمة, أو زكى رواته واحد منهم, وإن كان غيره قد ضعفه.
__________
(1) - طبعت في مكتبة الخانجي مصر, في مجلد بتحقيق ( رفعت فوزي عبد المطلب )
(2) - هي المشهورة ( بعمدة الأحكام ) وهي متداولة وتقدمت مقدمته
(3) - مطبوع تأتي مقدمته
(4) - هو الإمام المحدث فقيه الحرم أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري الشافعي , صاحب ( الرياض النضرة ) و ( ذخائر العقبي في مناقب ذوي القربى ) المتوفى سنة 694هـ قال ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(2\162): صنف كتابا كبيرا إلى الغاية في الأحكام في ست مجلدات, وتعب عليه مدة ,ورحل إلى اليمن وأسمعه للسلطان صاحب اليمن, وقال ابن كثير : مصنف الأحكام المبسوطة, أجاد فيها و أفاد , وأكثر وأطنب, وجمع الصحيح و الحسن, ولكن ربما أورد الأحاديث الضعيفة ولا ينبه على ضعفها. اهـ وقال السبكي في ( طبقاته )(8\19) : الأحكام الكتاب المشهور المبسوط دل على فضل كبير.اهـ
(5) - مطبوع تأتي مقدمته(3/118)
وأما كتابه (الإمام) (1) فهو للمسلمين إمام, ولهذا الفن زمام, لا نظير له لو تم جاء في خمسة وعشرين مجلدا كما قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتابه (سير النبلاء), وهو حقيق بذلك, فقد رأيت من أوله على أثناء كتاب الصلاة في الكلام على رفع اليدين في ثلاث مجلدات ضخمات.
__________
(1) - طبع في دار المحقق الرياض 1420 بتحقيق ( سعد بن عبد الله آل حميد ) في(4) مجلدات , وهو غير تام, وصل فيه إلى كتاب الصلاة باب فضل وقت الفضيلة.اهـ(3/119)
ونقل الذهبي في الكتاب المذكور عن شيخنا قطب الدين عبد الكريم الحلبي (1) رحمة الله عليه أنه كمل تسويد هذا الكتاب, كذلك سمعته من بعض مشايخنا يحكي عن الهمذاني عن المصنف أنه كمله, و الموجود بأيدينا منه متواليا ما قدمته, و قطعة من الحج والزكاة, ولو بيض هذا الكتاب, و خرج إلى الناس لاستغى به عن كل كتاب صنف في نوعه, أو بقيت مسودته, ويقال : إن بعضهم أفسد قطعة منه حسدا, فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (2)
__________
(1) - هو الإمام الحافظ أبو علي عبد الكريم بن عبد النور الحلبي الشافعي المتوفى سنة 735هـ
(2) - قال الذهبي في (تذكرة الحفاظ)(4\1482): عمل كتاب (الإمام) في الأحكام, ولو كمل تصنيفه وتبييضه لجاء في خمسة عشر مجلدا. اهـ, وقال في (سير الإعلام)(17\143): شرع في عمل كتاب (الإمام) في الأحكام, وفرغ منه في مجلدات نحو الربع, ولو كمل لكان عديم النظير, تكلم على علل الحديث ورجاله وأحوالهم, وقوة الحديث وسقمه .اهـ وقال أيضا: كمل تسويد كتاب (الإمام) وبيض منه قطعة.اهـ ,وقال الادفوي: لو كملت نسخه في الوجود لأعنت عن كل مصنف موجود.اهـ, وقال الأسنوي في (طبقات الشافعية)(2\229): كان رحمه الله قد أكمل كتابه الكبير العظيم الشأن المسمى (بالإمام) وهو الذي استخرج منه كتابه المختصر المسمى (بالإلمام) فحسده بعض كبار هذا الشأن ممن في نفسه منه عداوة, فدس من سرق أكثر هذه الأجزاء وأعدمها, وبقي منه الموجود عند الناس اليوم,وهو نحو أربعة أجزاء, فلا حول ولا قوة إلا بالله, كذا سمعته من الشيخ شمس الدين ابن عدلان رحمه الله, وكان عارفا بحاله.اهـ, وقال الحافظ في (الدرر الكامنة)(4\92): جمع كتاب (الإمام) في عشرين مجلدة, عدم أكثره بعده .اهـ, وقال في (رفع الإصر)(ص395): قد كنت أسمع شيخنا حافظ العصر أبا الفضل بن الحسين يحكي أن الشيخ أكمل (الإمام) فجاء في عشرين مجلدا.اهـ وانظر مقدمة (سعد بن عبد الله) لكتاب (الإمام) فقد استوفى الكلام حول اسم الكتاب وعدد أجزائه فجزاه الله خيرا,فغالب النقول منه.وقال تلميذه السخاوي في (الغاية في شرح الهداية)(2\615): عندي منه خمس مجلدات, وهو القدر الذي وجد منه, ويقال أنه أكمله.اهـ(3/120)
هذا كلامهم فيما يتعلق بمتن الحديث, وأما متعلقاته, فأمر غريبه فأفرده بالتصنيف أبو عبيد معمر بن المثنى, وتلميده أبي عبيد القاسم بن سلام, و النضر بن شميل, والهروي, وابن الأثير, وغيرهم
وأمر أسماء رواته جرحا وتعديلا, وأول من تكلم في ذلك شعبة, ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان, ثم أحمد بن حنبل, ويحيى بن معين, كما قاله صالح بن محمد البغدادي (1), فأفرده بالتصنيف يحيى بن معين, وهو أول من وضع كتابا في ذلك, ثم البخاري ثم أبو زرعة , وأبو حاتم, والنسائي, ومن بعدهم كالعقيلي, والأزدي, وابن حبان
قال الشيخ تقي الدين في كتابه (الإقتراح): أعراض المسلمين حفرة من حفر النار, وقف على شفيرها طائفتان من الناس: المحدثون والحكام.
قال : و كان شيخ شيوخنا أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح : هذا جاز القنطرة, يعني بذلك أنه لا يلتفت إلى ما قيل فيه, قال الشيخ : وهكذا نعتقد, وبه نقول, ولا نخرج عنه إلا ببيان شاف, وحجة ظاهرة.
وأمر صحابته أفرده بالتصنيف أبو نعيم, وأبو موسى الأصبهانيان, وابن قانع, وابن عبد البر, وابن الأثير, وغيرهم, و كذلك فعلوا قدس الله أرواحهم ونور ضرائحهم بباقي أنواعه, وفنونه الزائدة على الستين نوعا, أنجح الله قصدهم, ولا خيب سعينا وسعيهم, فلقد بذلوا جهدهم فيما صنفوه, وأتعبوا فكرهم فيما وضعوه, وحرروه, ولم يبق همة أكثر الفضلاء من المتأخرين إلا النظر فيما هذبوه, والإقتباس مما قيدوه, وضبطوه, ولعمري إن ذلك اليوم لمن أشرف المطالب, وأعظم المقاصد
__________
(1) - هو أبو علي الحافظ الأسدي مولاهم الملقب ب ( جزرة ) المتوفى سنة 293هـ , ترجمته في (تاريخ بغداد)(9\322)(3/121)
وكنت ممن أنعم الله سبحانه وتعالى وله الحمد والمنة عليه محبة العلوم الشرعية, خصوصا هذا العلم الشريف, فكنت أعلق فوائده, وأضبط شوارده, وأقيد أوابده, وأسمع عاليه ونازله, كاشفا عن فنونه, باحثا عن علمه, أعني صحيحه, وحسنه, وضعيفه, ومتصله, ومرسله, و منقطعه, ومعضله, ومقلوبه, مشهوره, وغريبه, وعزيزه, و منكره, ومعروفه, وآحاده, ومتواتره, و أفراده, وشاذه, ومعلله, ومدرجه, ومسلسله, وموضوعه, ومختلفه, إلى غير ذلك من معرفة حال أسانيده جرحا, وتعليلا , وأنسابا, وتاريخا, وصدقا, و تدليسا, واعتبارا, ومتابعة, ووصلا, و إرسالا, ووقفا, وانقطاعا, وزيادة الثقات, وما خولف فيه الأثبات, و معرفة الصحابة, وتابعيهم, و تابعي التابعين, رضي الله عنهم أجمعين, ويسر الله تعالى لنا سبحانه وله الحمد والمنة من الكتب التي يحتاج إليها طالب هذا الفن زيادة على مائة تأليف, كما سأعدها لك في آخر الخطبة, فأحببت أن أشتغل بكتابة الحديث النبوي عليه أفضل الصلاة والسلام, وأعظم التحية والإكرام, رجاء شفاعته في يوم القيامة, يوم الهول و الملامة, وثواب الله الكريم, وفضله العميم
وقد قال عبد الله بن مسعود فيما روينا عنه : ( اغد عالما, أو متعلما, ولا تغد الثالثة فتهلك ), وفي (المعجم الكبير) للطبراني من حديث عطاء بن مسلم, عن خالد الحذاء, عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ( اغد عالما, أو متعلما, أو مستمعا, أو محبا, ولا تكن الخامسة فتهلك ) (1)
__________
(1) - أخرجه في ( المعجم الصغير )( 786 ) و( البزار), قال الهيثمي في (المجمع)(1\122) رجاله موثقون(3/122)
قال يعني بالخامسة المبغض, ورجاء وصول هذا العلم الشريف إلى ذهني الركود, وقريحتي التي قل أن تجود, وامتثالا لقول العلماء أولي الفضل والتفضيل, التصنيف أحد طريقي التحصيل, ولا شك ولا مرية أن أهم أنواعه قبل الخوض في فهمه, معرفة صحيحه من سقيمه, قال الشيخ تقي الدين في كتابه (الاقتراح) نحن نرى أن من أهم علوم الحديث ما يؤدي إلى معرفة صحيح الحديث
فبقيت زمنا متحيرا فيم أكتبه, وما أعلقه, وأصنفه, إلى أن أختار الله سبحانه وتعالى و الخيرة بيده, كما قال في كتابه ( مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ) (القصص:68), وله الحمد والمنة بتأليف كتاب نفيس, لم أسبق إلى وضعه, ولم ينسج على منواله و جمعه, وأهل زمانا وغيرهم شديدوا الحاجة إليه, وكل المذاهب تعتمد في الإستدلال عليه, وهو أن أتكلم على الأحاديث والآثار الواقعة في ( الفتح العزيز في شرح الوجيز ) (1)
__________
(1) - هو الشرح المشهور الكبير على كتاب (الوجيز) لأبي حامد الغزالي المسمى ( العزيز في شرح الوجيز ) الذي يقول فيه النووي : اعلم أنه لم يصنف في مذهب الشافعي - رضي الله عنه - ما يحصل لك مجموع ما ذكرته أكمل من كتاب الرافعي ذي التحقيقات, بل اعتقادي واعتقاد كل مصنف أنه لم يوجد مثله في الكتب السابقات, ولا المتأخرات, فيما ذكرته من المقاصد المهمات اهـ , وقال السبكي في (طبقاته)(8\281): (الشرح الكبير المسمى : ( بالعزيز ) وقد تورع بعضهم عن إطلاق لفظ ( العزيز ) مجردا على غير كتاب الله, فقال ( الفتح العزيز في شرح الوجيز ), اهـ, وللرافعي شرح آخر أصغر منه, وقد اختصر الشيخ محيي الدين يحيى بن شرف النووي كتاب ( روضة الطالبين ) من شرح الرافعي, وطبع ( العزيز ) في دار الفكر بهامش ( المجموع شرح المهذب للنووي) و (التلخيص الحبير ) وهي طبعة ناقصة, ثم طبع كاملا في دار الكتب العلمية في ( 14 ) مجلدا بتحقيق ( عادل عبدالموجود ) و ( علي معوض )(3/123)
وهو الشرح الكبير الذي صنفه إمام الملة والدين أبو القاسم عبد الكريم ابن الإمام أبي الفضل محمد بن عبد الكريم الرافعي قدس الله روحه, ونور ضريحه, فإنه كتاب لم يصنف في المذهب على أسلوبه, ولم يجمع أحد سلف كجمعه, في ترتيبه وتنقيحه وتهذيبه, ومرجع فقهائنا في كل الأقطار اليوم في الفتوى و التدريس والتصنيف إليه, واعتمادهم في هذه الأمور عليه, لكنه أجزل الله مثوبته مشى في هذا الشرح المذكور على طريقة الفقهاء الخلص, في ذكر الأحاديث الضعيفة والموضوعات والمنكرة والواهيات, والتي لا تعرف أصلا في كتاب حديث, لا قديم ولا حديث, في معرض الإستدلال من غير بيان ضعيف من صحيح, وسليم من جريح, وهو رحمه الله إمام في الفن المذكور, وأحد فرسانه كما سيأتي إيضاحه في ترجمته, فتوكلت حينئد على الله سبحانه وتعالى في ذلك وسألته التوفيق في القول والعمل, والعصمة من الخطأ والخطل
وكنت عزمت على أن أرتب أحاديث وآثار الكتاب المذكور على مسانيد الصحابة, فأذكر الصحابي وعدة ما روي من الأحاديث, وماله من الآثار, فثنيت العنان عن ذلك لوجهين :
أحدهما أن الإمام الرافعي في كثير من المواطن لا يذكر إلا نفس الحديث, ويحدف الراوي إذ هو موضع الحاجة, فلا يهتدي طالب الحديث إليه, لأنه لا يعرف مظنته
الثاني: أن ذلك يعسر على الفقيه, فإنه يستدعي معرفة جميع الأحاديث والآثار الواقعة في (شرح الرافعي), واستحضارها وهي زائدة على أربعة آلاف بمكررها, وربما عسر ذلك عليهم
فرتبته على ترتيب (شرح الرافعي) لا أغير منه شيئا بتقديم ولا بتأخير, فأذكر كل باب وما تضمنه من الأحاديث و الآثار, فمتى طلب الطالب حديثا أو أثرا في كتاب الطهارة منه, فزع إلى كتاب الطهارة من هذا التأليف, أو في كتاب الصلاة فزع إلى كتاب الصلاة منه, وهكذا أولا فأول, على الترتيب والولاء, إلى آخر الكتاب, إن شاء الله تعالى ذلك وقدره.(3/124)
معزيا إلى الأصول المخرج منها,فإن كان الحديث أو الأثر في (صحيحي) الإمامين أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري, وأبي الحسين مسلم بن الحجاج القشيري, أو أحدهما, اكتفيت بعزوه إليهما, أو إليه, و لا أعرج على من رواه غيرهما من باقي أصحاب الكتب الستة, والمسانيد, و الصحاح, لأنه لا فائدة في الإطالة بذلك, وإن كان الحافظ مجد الدين عبد السلام ابن تيمية اعتمد ذلك في (أحكامه), لأن الغرض الإختصار, وذلك عندي بحمد الله من أيسر شيء, اللهم إلا يكون في الحديث زيادة عند غيرهما, والحاجة داعية إلى ذلك, فأشفعه بالعزو إليهم(3/125)
وإن لم يكن الحديث في واحد من (الصحيحين) عزوته إلى من أخرجه من الأئمة, كمالك في (موطئه), والشافعي في (الأم), و(مسنده), الذي جمع من حديثه, و(سننه) التي رواها الطحاوي, عن المزني عنه, و(سننه) التي رواها أبو عبدا لله محمد بن عبد الحكم عنه, وأحمد في (مسنده), و عبد الله بن وهب في (موطئه), وأبي داود في (سننه), وأبي عيسى الترمذي في (جامعه), وأبي عبد الرحمن النسائي في (سننه الكبير) المسمى (المجتبى) (1), و(الصغير) المسمى (المجتبى), وأبي عبد الله بن ماجة القزويني في (سننه), وأبي عوانة في (صحيحه), وإمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة في القطعة التي وقف عليها من (صحيحه), و أبي حاتم ابن حبان في (صحيحه) المسمى : (بالتقاسيم و الأنواع) (2) , وفي كتابه ( وصف الصلاة بالسنة)(3) , وأبي بكر الإسماعيلي في (صحيحه), وأبي عبد الله الحاكم فيما استدرك على (الصحيحين), و ابن أبي شيبة, والحميدي, والدارمي, وأبي داود الطيالسي, وإسحاق بن راهويه, وأبي يعلى, والبزار, و الحارث بن أبي أسامة في (مسانيدهم), وابن الجارود في (المنتقى), والدراقطني في (سننه), وأبي بكر البيهقي
__________
(1) - كذا في المطبوع وإنما يعرف بهذا الإسم (سننه الصغرى), ذكر ابن خير في (فهرسته)(ص97) عن أبي علي الغساني قال: اختصره من كتابه الكبير في (السنن), وذلك أن بعض الأمراء سأله عن كتابه في (السنن):أكله صحيح ؟, فقال:لا,قال: فاكتب لنا الصحيح منه مجودا, فصنع المجتبى, فهو (المجتبى من السنن), ترك كل حديث أورده في (السنن) مما تكلم في إسناده بالتعليل.اهـ
(2) تقدمت مقدمته
(3) - قال في كتاب ( التقاسيم) له: وهو ( الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان )(5\184) كتاب الصلاة, باب ذكر وصف بعض صلاة الذي أمرنا الله جل وعلا باتباعه واتباع ما جاء به, حديث رقم (1867): في أربع ركعات يصليها الإنسان ستمائة سنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - , أخرجناها بفصولها في كتاب ( صفة الصلاة ) اهـ(3/126)
في (السنن الكبير), وانتقد عليه بعض شيوخنا مواضع يمكن الجواب عنها (1), و(معرفة السنن والآثار), و (شعب الإيمان), و (المعاجم الثلاثة) للطبراني, وجميع (المعجم الكبير) (2) ستون ألف حديث, كما قاله ابن دحية في كتاب (الآيات البينات), وقال في موضع آخر منه: وقيل ثمانون ألفا, وجمع بين القولين في كتابه (خصائص أعضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) وعاش مائة سنة, وقال صاحب (مسند الفردوس)(3) : ويقال (الأوسط) (4) ثلاثون ألفا حديث, و( الطهور) لأبي عبيد القاسم بن سلام (5)
__________
(1) - هي حاشية للشيخ علاء الدين عز الدين علي بن فخر الدين عثمان المارديني الحنفي، المعروف بابن التركماني المتوفى سنة 750هـ ، سماها ( الجوهر النقي في الرد على البيهقي ) في سفر كبير، أكثرها اعتراضات عليه ومناقشات له و مباحثات معه, طبعت بهامش (السنن) الطبعة الهندية,والطبعة العلمية, وقد لخصها الحافظ زين الدين قاسم بن قطلوبغا الحنفي, وسماه : ( ترصيع الجوهر النقي ) و رتبه على ترتيب حروف المعجم, وصل فيه إلى حرف الميم. وقد عزم الشيخ محمد عبد الرحمن المباركفوري على الرد عليه, و علق في برنامجه مذكرة ومباحث تتعلق بالرد عليه, غير أنه توفي قبل ذلك رحمه الله, ذكره في مقدمة ( تحفة الأحوذي )(ص631)
(2) - طبع في دار إحياء التراث العربي 1983 بتحقيق الشيخ (حمدي عبد المجيد السلفي) (25)مجلدا, وفيه نقص, و طبع (جزء) مفرد فيه أحاديث العبادلة في دار بتحقيق ( \ )
(3) - هو الحافظ أبو منصور شهردار بن الحافظ شهرويه الديلمي المتوفى سنة 558 هـ
(4) - طبع ( المعجم الأوسط ) في مكتبة المعارف الرياض 1415هـ بتحقيق الشيخ ( محمود الطحان ) وعدد أحاديثه (9495) حديثا و في دار الحديث بمصر1996 في (10) مجلدات بتحقيق ( أيمن صالح شعبان ) و( سيد أحمد إسماعيل ) وعدد أحاديثه (9489) حديثا,و في دار الكتب العلمية في( 7 ) مجلدات بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل )
(5) - طبع في مكتبة الصحابة بالشارقة بتحقيق ( مشهور حسن سلمان ), وفي دار الكتب العلمية 1996 بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ) وفي مكتبة الصحابة بطنطا 1413هـ بتحقيق ( مسعد السعدني ), وعدد أحاديثه ( 420 ) حديثا(3/127)
, و(سنن الألكائي) (1), و (سنن) أبي علي بن السكن المسمى (بالسنن الصحاح المأثورة) (2)
__________
(1) -قال الخطيب: صنف كتابا في السنة, وكتابا في رجال الصحيحين, وكتابا في السنن اهـ
(2) - نزيل مصر، المتوفى بها سنة 353هـ,و هو كتاب محذوف الأسانيد. جعله أبوابا في جميع ما يحتاج إليه من الأحكام، ضمنه ما صح عنده من السنن المأثورة،قال السبكي في كتابه ( شفاء السقام )(ص 19)قال: وما ذكرته في كتابي هذا مجملا فهو مما أجمعوا على صحته، وما ذكرته بعد ذلك مما يختاره أحد من الأئمة الذين سميتهم. فقد بينت حجته في قبول ما ذكره، ونسبته إلى اختياره دون غيره. وما ذكرته مما ينفرد به أحد من أهل النقل للحديث فقد بينت علته، ودللت على انفراده دون غيره .اهـ , وكتابه ذكره ابن خير في (فهرسته) (170) وقال : جمع فيه سنن المصنفات الأربعة : كتاب البخاري ومسلم و أبى داود و النسائي , قال ابن عساكر:رأيت له جزءا من كتاب كبير صنفه في معرفة أهل النقل يدل على توسعه في الرواية إلا أن فيه أغالط(3/128)
ناظرا على ذلك من كتب الصحابة ما صنفه أبو نعيم (1), وأبو موسى الأصبهانيان, وابن عبد البر, و ابن قانع في ( معجمه) (2), وعبد الكريم الجزري في كتابه (أسد الغابة)(3), وما زاده الحافظ أبو عبد الله الذهبي من (طبقات ابن سعد) وغيره, في اختصاره للكتاب المذكور وما أهمله (4)
__________
(1) - في ( معرفة الصحابة ) له طبع في دار الوطن الرياض 1419هـ في ( 7 ) مجلدات بتحقيق (عادل بن يوسف العزازي ), ثم في دار الكتب العلمية بيروت
(2) - طبع في مكتبة الغرباء1997 في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( صلاح بن سالم المصراتي ) وعدد تراجمه (1226) ترجمة,ثم طبع في مكتية نزار بمكة1998 في(15) مجلدا بتحقيق ( حمدي الدمرداش محمد ), وللشيخ أبي بكر محمد بن أبي القاسم خلف بن سليمان بن فتحون الأندلسي المتوفى سنة 520هـ كتاب (إصلاح أوهام المعجم لابن قانع) ذكره ابن الأبار في (معجمه)(ص105)
(3) - هو كتاب ( أسد الغابة في معرفة الصحابة ) تقدمت مقدمته
(4) - في كتابه ( تجريد أسماء الصحابة ) وتأتي مقدمته(3/129)
ومن كتب الأسماء جرحا وتعديلا وغير ذلك (تواريخ البخاري)(1)
__________
(1) - يقصد (التاريخ الكبير) و(الأوسط) و(الصغير), وكلها مطبوعة, (فالكبير) وهو في ( 30 ) جزء حديثي, طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند, ثم صور في دار الفكر بيروت في ( 9 ) مجلدات, وطبع في دار الكتب العلمية 2001في ( 9 ) مجلدات بتحقيق (عبد القادر أحمد عطا), أخرج الخطيب في(تاريخ بغداد)(2\7)عن البخاري قوله: لما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف قضايا الصحابة والتابعين و أقاويلهم وذلك أيام عبيد الله بن موسى,وصنفت كتاب( التاريخ ) إذ ذاك ثم قبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الليالي المقمرة,وقال:قَلَّ اسم في( التاريخ ) إلا وله عندي قصة إلا إني كرهت تطويل الكتاب.اهـ, وعن محمد بن أبى حاتم وراق البخاري قال سمعت البخاري يقول:لو نشر بعض أساتذي هؤلاء لم يفهموا كيف صنفت كتاب ( التاريخ ) ولا عرفوه, ثم قال:صنفته ثلاث مرات.اهـ وعن محمد بن إسماعيل(البخاري) قال:أخذ إسحاق بن راهويه كتاب ( التاريخ ) الذي صنفت فادخله على عبد الله بن طاهر فقال: أيها الأمير ألا أريك سحرا؟ قال:فنظر فيه عبد الله بن طاهر فتعجب منه, وقال : لست أفهم تصنيفه,وعن أبي العباس بن سعيد قال : لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغنى عن كتاب ( التاريخ ) تصنيف محمد بن إسماعيل البخاري, وللحافظ عبد الرحمن بن أبى حاتم الرازي كتاب ( بيان خطأ محمد بن إسماعيل في تاريخه ) طبع بآخر المجلد, وفيه أحاديث أسندها البخاري خرجها الشيخ (محمد بن عبدالرحيم بن عبيد) في كتاب (تخريج الأحاديث المرفوعة المسندة في التاريخ الكبير) طبع في مكتبة الرشد الرياض 1420هـ في (3) مجلدات, و(الأوسط ) طبع في دار المعرفة 1406هـ, بتحقيق ( محمود إبراهيم زايد ) في مجلدين, وقد طبع خطأ باسم (التاريخ الصغير), ثم طبع على الصواب في دار الصميعي 1418هـ في مجلدين بتحقيق ( محمد بن إبراهيم اللحيدان ), و( التاريخ الصغير )وهو المعروف بكتاب ( الضعفاء ) طبع في دار القلم 1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان), وعدد رجاله ( 418 ) رجلا(3/130)
, و(الضعفاء) له (1), و (الضعفاء) للنسائي (2), و (الجرح والتعديل) لابن أبي حاتم (3), و(الضعفاء) للعقيلي (4), و (الكامل) (5)
__________
(1) - له كتاب ( الضعفاء ) المعروف ( بالتاريخ الصغير ), طبع في دار القلم 1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان), وعدد رجاله ( 418 ) رجلا
(2) - طبع في دار القلم بيروت1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان ) وعدد تراجمه ( 675 ) ترجمة
(3) - طبع في مطبعة دائرة المعارف العثمانية بحيدرأباد الهند 1373هـ في(9) مجلدات, ثم صور في دار الفكر بيروت بدون تاريخ,ثم فيها أخرى في (10) مجلدات بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا ), قال ابن عساكر في( تاريخ دمشق ) في ترجمة ابن أبي حاتم : صنف كتاب ( الجرح و التعديل ) فأكثر فائدته وأسند عن أبي عبد الله الحافظ قال سمعت أبا أحمد الحافظ (أي محمد بن محمد بن احمد بن إسحاق الحاكم) يقول : كنت بالري فرأيتهم يوما يقرؤون على أبي محمد بن أبي حاتم كتاب ( الجرح والتعديل ) فلما فرغوا قلت لابن عبدويه الوراق: ما هذه الضحكة, أراكم تقرءون كتاب ( التاريخ لمحمد بن إسماعيل البخاري ) على شيخكم على الوجه, وقد نسبتموه إلى أبي زرعة وأبي حاتم فقال: يا أحمد اعلم أن أبا زرعة وأبا حاتم لما حمل إليهما هذا الكتاب قالا:هذا علم حسن لا يستغني عنه, ولا يحسن بنا أن نذكره عن غيرنا, فأقعدا (أبا محمد عبدا الرحمن) حتى سألهما عن رجل بعد رجل, وزادا فيه ونقصا, ونسبه عبد الرحمن إليهما, قال قلت لأبي أحمد رحمه الله :فيهما زادا ونقصا فوائد كثيرة لا توجد في كتاب البخاري اهـ
(4) - طبع في دار الكتب العلمية في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( عبد المعطي قلعجي ), وعدد تراجمه ( 2101 ) ترجمة, ثم الرياض في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( حمدي عبد المجيد السلفي )
(5) - طبع ( الكامل ) في دار الكتب العلمية في( 7 ) مجلدات بتحقيق ( د.عبد المعطي قلعجي ), ثم في دار الكتب العلمية في(9) مجلدات بتحقيق ( علي معوض ) و( عادل عبد الموجود ),وقد سقط ت منه بعض التراجم جمعها ( أبو الفضل عبد المحسن الحسيني ) في ( جزء ) طبع باسم ( التراجم الساقطة من الكامل في معرفة الضعفاء ) في مكتبة ابن تيمية 1993, قال الذهبي في(السير)(12\287) قال حمزة بن يوسف [ يعني السهمي]:سألت الدارقطني أن يصنف كتابا في الضعفاء ,فقال: أليس عندك كتاب ابن عدي ؟ , قلت: بلى, قال: فيه كفاية لا يزاد عليه .اهـ, و( للكامل ) عدة مختصرات: 1- (مختصر) للشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأشبيلي، المعروف بابن الرومية في مجلدين, ذكره المقرى في ترجمته من (نفح الطيب)(3\352) وله أيضا( الحافل في تكملة الكامل ) ذكر المقرى أنه كتاب كبير, 2- (مختصر) للشيخ تقي الدين المقريزي المؤرخ,حذف الأحاديث الأسانيد, واقتصر على كلام الأئمة في الرجال, طبع في مجلد ضخم في دار الجيل بيروت 2002 بتحقيق ( أيمن عارف الدمشقي ), وفي دار الكتب العلمية بيروت 1424هـ بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ), 3- (مختصر) للشيخ أبي العلاء إدريس بن محمد العراقي الفاسي المتوفى سنة 1183هـ , ذكره في كتابه ( فتح البصير ) كما في (فهرس الكتاني)(2\816)(3/131)
لابن عدي, و(الضعفاء) لابن حبان (1), و(الثقات ) له (2), و(الثقات) لابن شاهين (3), و(المختلف فيهم) له(4) , و (الضعفاء) لأبي العرب (5), و(الضعفاء) لأبي الفرج ابن الجوزي (6), وما جمعه الحافظ أبو عبد الله الذهبي في كتابه المسمى (بالمغني في الضعفاء) (7) وما ذيل عليه, وما جمعه آخرا, وسماه (بميزان الإعتدال في نقد الرجال) (8), وهو من أنفس كتبه, و(رجال الصحيحين) لابن طاهر (9), غير معتمد عليه, و(الكنى) للنسائي (10), و (الكنى) للدولابي (11), و (الكنى) للحافظ أبي أحمد الحاكم (12), وهو أكبرها, و(المدخل إلى الصحيحين) للحاكم أبي عبد الله (13)
__________
(1) - مطبوع تأتي مقدمته
(2) - مطبوع تأتي مقدمته
(3) - كتاب (تاريخ أسماء الثقات) للحافظ (ابن شاهين) طبع بالدر السلفية1404 اهـ بتحقيق (صبحي السامرائي)
(4) - هو كتاب (ذكر من اختلف في توثيقه وتضعيفه) وهو مخطوط في الجامعة الإسلامية (487)
(5) - هو العلامة المفتي ذو الفنون أبو العرب محمد بن أحمد بن تميم الإفريقي المتوفى سنة 333هـ
(6) - مطبوع تأتي مقدمته
(7) - مطبوع تأتي مقدمته
(8) - مطبوع تأتي مقدمته
(9) - مطبوع تأتي مقدمته
(10) - ذكره ابن خير في (فهرسته)(358) وسماه : (الأسماء والكنى) وذكر أنه من تبويب أبي عبدالله محمد بن أحمد بن مفرج القاضي
(11) - طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند 1322 هـ في مجلد كبير,ثم صور بدار الكتب العلمية 1983, ثم فيها في مجلدين بتحقيق (أحمد شمس الدين) وعدد تراجمه (2145) ترجمة, وعدد أحاديثه(3090) حديثا, ثم طبع في دار ابن حزم 1421هـ في (3) مجلدات بتحقيق( أبي قتيبة محمد نظر الفريابي)
(12) - طبع في مكتبة الغرباء الأثرية المدينة المنورة 1414هـ في(4) مجلدات بتحقيق (يوسف الدخيل), و هو لأبي أحمد محمد بن محمد النيسابوري الكَرَابِيسي الحاكم الكبير, المتوفى سنة 378هـ
(13) - طبع باسم (المدخل في أصول الحديث) سنة1932 بتحقيق الشيخ (راغب الطباخ), ثم طبع مع (المنار المنيف) للحافظ (ابن القيم) في دار الكتب العلمية 1988, وطبع بالمكتبة التجارية بمكة بتحقيق (فؤاد عبد المنعم أحمد), وذكر أن اسمه في المخطوط (المدخل إلى معرفة كتاب الإكليل, المصنف للأمير أبى علي محمد بن محمد بن إبراهيم صاحب الجيش, وفيه كيفية معرفة الصحيح والسقيم وأقسامه وأنواع الجرح), ثم في دار الهدى مصر2002 بتحقيق (أبى إسحاق إبراهيم بن مصطفى الدمياطي)(3/132)
, و(التذهيب) (1) للحافظ أبي عبد الله الذهبي, و أصله المسمى (بتهذيب الكمال) للحافظ جمال الدين المزي (2), وما نقب عليه, و(الكمال), و (الكاشف) (3), و(الذب عن الثقات) (4), و (من تكلم فيه وهو موثق) (5) للحافظ أبي عبد الله الذهبي, و(الأسماء المفردة) للحافظ أبي بكر البرديجي (6), و(أسماء رواة الكتب) لأبي عبد الله ابن نقطة (7), و (كشف النقاب عن الأسماء و الألقاب) لأبي الفرج ابن الجوزي (8), و(الأنساب) لابن طاهر (9), و(إيضاح الإشكال) للحافظ عبد
__________
(1) - هو كتاب (تذهيب الكمال) طبع مؤخرا في دار الفاروق الحديثة مصر
(2) - في رجال الكتب الستة وهو مطبوع تأتي مقدمته
(3) - في رجال الكتب الستة مطبوع تأتي مقدمته
(4) - لعله كتابه ( معرفة الرواة الثقات المتكلم فيهم بما لا يوجب ردهم ) طبع دار البشائر الإسلامية بيروت بتحقيق ( محمد إبراهيم الموصلي ) 1992 هـ, وفي دار المعرفة 1986 بتحقيق ( أبى عبد الله إبراهيم سعيداي إدريس ) وفي مصر بتحقيق ( عبد المجيد زكرياء ) وعدد تراجمه ( 92 ) ترجمة
(5) - مطبوع تأتي مقدمته
(6) - طبع في دار طلاس دمشق 1987 بتحقيق (سكينة الشهابي)
(7) - كتاب ( التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد ) جمع الحافظ المفيد تقي الدين ابي بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن النقطة البغدادي الحنبلي
(8) - طبع في دار ابن كثير بيروت بتحقيق (رياض محمد المالح), وفي دار الجيل.بيروت بتحقيق (إبراهيم السامرائي), وفي دار السلام 1993 الرياض بتحقيق (عبد العزيز بن راجي الصاعدي) في مجلدين
(9) - اسم الكتاب (الأنساب المتفقة في الخط المتماثلة في النقط والضبظ), ذكره السيوطي في (تدريب الراوي)02\327) وقال: لابن طاهر فيه تأليف حسن اهـ قد ذيله في (جزء) لطيف لتلميذه (أبي موسى الأصبهاني المديني)الحافظ المشهور, طبع في حيدر آباد سنة 1323هـ وفي ليدن 1825م , وفي دار الكتب العلمية 1411هـ بتحقيق (كمال يوسف الحوت) ومعه ذيل لأبي موسى المديني(3/133)
الغني المصري (1), و(غنية الملتمس في إيضاح الملتبس) للخطيب البغدادي (2), و (موضح أوهام الجمع والتفريق) له (3), وهو كتاب نفيس, وقع لي بخطه, و (تلخيص المتشابه في الرسم و حماية ما أشكل نه عن بوادر التصحيف والوهم) له أيضا (4), و (أسماء من روى عن مالك) له (5), وكتاب (الفصل للوصل المدرج في النقل) له(6), و(التهذيب) (7)
__________
(1) - قال السيوطي في ( تدريب الراوي ): صنف فيه الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي كتابا نافعا سماه (إيضاح الإشكال ) وقفت عليه اهـ
(2) - طبع في مكتبة الرشد 1422هـ في مجلد بتحقيق ( محمد بن عبد الله البكري الشهري )
(3) - طبع في مؤسسة الكتب الثقافية في مجلدين بتحقيق العلامة ( عبد الرحمن المعلمي), وفي دار المعرفة بيروت 1497هفي مجدلين بتحقيق (عبد المعطي قلعجي) وهو ذيل التاريخ الكبير
(4) - طبع في دار طلاس بدمشق1985 بتحقيق (سكينة الشهابي) في مجلد ين ثم في دار الكتب العلمية 2003 في مجلد واحد بتحقيق (محمد حسن اسماعيل), قال الحافظ (ابن الصلاح) في (مقدمته)(ص417) : وهو من أحسن كتبه.اهـ
(5) - هو (كتاب أسماء من روى عن مالك مبوبا على حروف المعجم), وهو مخطوط في مكتبة أحمد الثالث بتركيا, ومصور في الجامعة الإسلامية 1818هـ.والكتاب في (9) أجزاء, وقد لخصه الحافظ (جلال الدين السيوطي) في كتابه (تزيين الممالك) وهو مطبوع في مقدمة (مدونة سحنون) وعدد رجاله (964) حسب ترقيمي, فلعل في الطبعة سقط.والله أعلم, قال (الذهبي) في (السير)(7\234): ما علمت أحدا من الحفاظ روى عنه عدد أكثر من (مالك), وبلغوا بالمجاهيل وبالكذابين ألفا وأربع مائة اهـ وقال أيضا: (8\52): كنت أفردت أسماء الرواة عنه في جزء كبير يقارب عددهم ألفا وأربع مائة اهـ
(6) - طبع في دار الهجرة الرياض 1418هـ في مجلدين بتحقيق ( محمد بن مطر الزهراني)
(7) - هو كتاب ( تهذيب الأسماء واللغات ) في دار الفكر 1416هـ في (3) مجلدات , جمع فيه الألفاظ الموجودة في (مختصر أبي إبراهيم المزني) و (المهذب) و(التنبيه) و(الوسيط) و(الوجيز) و(الروضة) و هو الكتاب الذي اختصرته من (شرح الوجيز) للإمام (أبي القاسم الرافعي)(3/134)
للشيخ محيي الدين النواوي
ومن كتب العلل: ما أورده أحمد (1), وابن المديني (2), وابن أبي حاتم (3), والدراقطني (4), وابن القطان (5), وابن الجوزي (6) في عللهم, قال ابن مهدي: لأن أعرف علة حديث هو عندي أحب إلي من أن أكتب عشرين حديثا ليس عندي
__________
(1) - طبع في مكتبة المعارف 1409 بتحقيق (صبحي البدري السمرائي) و هو من رواية (أبى بكر أحمدبن محمد بن الحجاج المروذي) و(أبى الحسن الميموني) و(صالح بن أحمد)و في المكتب الإسلامي ودار الخاني 1408 بتحقيق (وصي الله بن محمد عباس) وهو من رواية ابنه (عبد الله) وعدد أحاديثه وسؤالا ته(6161) و كذا في مؤسسة الكتب الثقافية باسم (الجامع في معرفة العلل) باعتناء (محمد حسام بيضون) وهذه الطبعة جامعة لكل الروايات
(2) - طبع في المكتب الإسلامي 1980 بتحقيق (محمد مصطفى الأعظمي), وفي دار غراس بتحقيق (حسام محمد بوقريص)
(3) - قال (الذهبي) في (السير)(13\265): مجلد كبير, طبع في دار المعرفة في مجلدين, مصورا عن طبعة (محب الدين الخطيب) ومعه مجلد ثالث للفهارس من إعداد (يوسف المرعشلي), ثم طبع في مكتبة الفاروق الحديثة مصر في (4) مجلدات, بتحقيق (أبي يعقوب نشأت بن كمال المصري) وفي دار ابن حزم 1424هـ في (3) مجلدات تحقيق (محمد بن صالح بن محمد الدباسي), وشرع الحافظ ابن عبد الهادي المقدسي في ( شرحه) وتوفي قبل إتمامه, طبع الموجود منه في دار الفاروق الحديثة مصر في مجلد بتحقيق (مصطفى أبو الغيط) و (إبراهيم فهمي)
(4) - طبع في دار طيبة 1405 في( 11 ) مجلدا بتحقيق (محفوظ الرحمن بن زين الله السلفي) وهو مرتب على المسانيد
(5) - يقصد كتابه ( بيان الوهم والإيهام الواقعين في كتاب الأحكام ) وهو مطبوع وتقمت مقدمته
(6) - طبع بدار الكتب العلمية 1983 بتحقيق الشيخ ( خليل الميس ) وعدد أحاديثه ( 1579 ) حديثا, وقد لخصه الحافظ الذهبي(3/135)
ومن كتب المراسيل: ما أودعه أبو داود (1), وابن أبي حاتم (2), وابن بدر الموصلي (3), وشيخنا صلاح الدين العلائي حافظ زمانه (4), أبقاه الله في خير وعافية في (مراسيلهم)
__________
(1) - لكتاب (المراسيل)عدة طبعات منها: طبعة مطبعة التقدم بالقاهرة 1310هـ بعناية الشيخ ( علي السني المغربي ) وهي مجردة الأسانيد, ثم في مطبعة محمد علي صبيح بمصر, ثم في دار القلم 1406 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان ) وقد أضاف إليها الأسانيد من ( تحفة الأشراف ) للمزي , ثم في دار المعرفة ببيروت 1406 هـ بتحقيق ( يوسف المرعشلي ) وهي محذوفة الأسانيد أيضا, وقد رقمت أحاديثها ترقيما تسلسليا, ثم في دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية 1988 بتحقيق (كمال يوسف الحوت) وعدد أحاديثه ( 580 ) حديثا, وفي مؤسسة الرسالة بتحقيق الشيخ ( شعيب الارناؤوط ) وعدد أحاديث هذه الطبعة (544) حديثا, وهي مخرجة الأحاديث
(2) - طبع في دار الكتب العلمية 1983 بتحقيق ( أحمد عصام الكاتب ) و بعد الباب الأول ذكر الباب الثاني وهو في شرح المراسيل المروية عن النبي وعن أصحابه والتابعين ومن بعدهم على حروف الهجاء وعدد تراجمه ( 476 ) ترجمة
(3) -هو الشيخ ضياء الدين عمر بن بدر الموصلي الحنفي المتوفى سنة 622هـ, وكتابه المذكور لعله يقصد ( الوقوف على الموقوف) طبع في دار العاصمة الرياض 1407هـ, وله ( مختصر ) للحافظ ابن الملقن
(4) - طبع في عالم الكتب 1978 بتحقيق ( حمدي عبد المجيد السلفي ) وعدد تراجمه ( 1039 ) ترجمة(3/136)
ومن كتب الموضوعات: ما أودعه ابن طاهر(1), والجوزقاني (2), وابن الجوزي (3), والصغاني (4), وابن بدر الموصلي (5)
__________
(1) - طبع سنة 1323هـ ثم سنة 1327هـ, وطبع أيضا باسم ( معرفة التذكرة في الأحاديث الموضوعة ) في مؤسسة الكتب الثقافية 1406هـ بتحقيق ( عماد الدين حيدر ), ثم طبع أخيرا باسمه الصحيح ( تذكرة الحفاظ ) في دار الصميعي بالرياض 1415هـ بتحقيق الشيخ ( حمدي السلفي ), وعدد أحاديثه( 1139) حديثا, و عد بعضهم هذا الكتاب من الكتب المصنفة في ذكر الأحاديث الموضوعة خطأ, وإنما هو ترتيب لأطراف أحاديث كتاب ( المجروحين لابن حبان )
(2) - هو كتاب اسم الكتاب ( الأباطيل والمناكير والصحاح والمشاهير ),طبع بالمطبعة السلفية ببنارس بالهند 1403بتحقيق ( عبد الرحمن عبد الجبار الفريوائي ) ثم في دار الفكر1996 بتحقيق( كمال عبد الله ), وفي دار الكتب العلمية 2001 بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل )
(3) - طبع بالمكتبة السلفية بالمدينة المنورة 1966 بتحقيق ( عبد الرحمن محمد عثمان ) في (3 ) مجلدات و صور في دار الفكر بيروت ثم بدار الكتب العلمية1995 في مجلدين بتحقيق (توفيق حمدان)
(4) - هو رضي الدين أبي الفضائل الحسن بن محمد العدوي العمري الصَّغاني المتوفى سنة 650هـ له رسالتان في الباب, الأولى سماها ( الدر الملتقط في تبيين الغلط ) وهو في بيان أحاديث موضوعة في كتابي ( الشهاب ) للقضاعي, وكتاب ( النجم ) للاقليشي, والثانية سماها ( الموضوعات ) وقد طبعتا في دار الكتب العلمية بتحقيق (عبد الله القاضي)
(5) - له كتابان في الباب, الأول : ( المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء في هذا الباب) طبع في المطبعة السلفية بالقاهرة 1343هـ, ثم في دار الكتاب العربي 1987 وبهامشه كتاب (جنة المرتاب) للشيخ (أبي اسحق الحويني) وله عليه (كتاب) آخر أصغر منه باسم (فصل الخطاب بنقد كتاب المغني عن الحفظ والكتاب) طبع في دار الكتب العلمية 1985, والثاني ( العقيدة الصحيحة في الموضوعات الصريحة)(3/137)
في موضوعاتهم
ومن كتب الأطراف (أطراف) الحافظ جمال الدين المزي, حافظ الوقت, المسماة (بتحفة الأشراف بمعرفة الأطراف) (1), اقتصرت عليه, لكونه هذب الأطراف المتقدمة عليه, مع جمعه لها, (كأطراف) خلف وأبي مسعود, وابن عساكر, وابن طاهر, واستدرك جملة عليهم, و(أطراف) خلف أقل وهما و خطأ من (أطراف) أبي مسعود, و(أطراف) ابن طاهر كثيرة الوهم, كما شهد بذلك حافظ الشام ابن عساكر
ومن كتب الأحكام: (أحكام) عبد الحق (الوسطى) و(الصغرى), و(أحكام الضياء), و (الأحكام الكبرى) لعبد الغني المقدسي, و(أحكام أبي عبد الله محمد بن فرج المعروف بالطلاع) (2), و (المنتقى) لمجد الدين ابن تيمية, و(الإلمام) للشيخ تقي الدين,والموجود من (الإمام) له, و(الخلاصة) للشيخ محيي الدين النووي (3), وهي مفيدة, ولم يكملها, وما ذكره الحافظ أبو محمد المنذري في كتاب (اختصار سنن أبي داود) (4) من اعتراضات وفوائد
__________
(1) - طبع في المطبعة القيمة بالهند بتحقيق (عبد الصمد شرف الدين) 1384 و كذا بدار الكتب العلمية1999 في (16) مع فهارس علمية مجلدات و عدد أحاديثه (19626) حديثا, وقد تقدمت مقدمته
(2) - هو الإمام مفتي الأندلس القرطبي المالكي المتوفى سنة 497هـ, وكتابه سماه (أحكام النبي - صلى الله عليه وسلم - ) ذكره ابن خير في (فهرسته)( )
(3) - هو كتاب ( خلاصة الأحكام في مهمات السنن وقواعد الأحكام ),طبع ( الخلاصة )في مؤسسة الرسالة 1997 في مجلدين بتحقيق ( حسين إسماعيل الجمل ),وفي دار الكتب العلمية في (3) مجلدات
(4) - اختصر ( سنن أبي داود ) وسماه ( المجتبى ), وطبع في مطبعة أنصار السنة المحمدية بمصر 1948م, ثم أعيد طبعه في دار المعرفة1980 في( 8 ) مجلدات بتحقيق العلامة ( أحمد شاكر ) و( محمد حامد الفقي ), وأعيد طبعه دار ابن كثير, ثم طبع مؤخرا في دار الكتب العلمية2000 في( 4 ) مجلدات بتحقيق ( كامل مصطفى هنداوي )(3/138)
ومن كتب الخلافيات: (خلافيات) الحافظ أبي بكر البيهقي (1), ولم أر مثلها, بل ولا صنف, و (خلافيات) الحافظ جمال الدين أبي الفرج ابن الجوزي, المسماة ( التحقيق في أحاديث التعليق) (2), و هي مفيدة, وما نقب عليها
ومن كتب الأمالي: (أمالي) ابن السمعاني, و(أمالي) ابن منده (3), و(أمالي) ابن عساكر, و (أمالي) إمام الملة والدين أبي القاسم الرافعي, الذي تصدينا لإخراج أحاديث شرحه الكبير, وهي مفيدة جدا, لم أر أحدا مشى على منوالها, فإنه أملاها في ثلاثين مجلسا, ذكر في كل مجلس منها حديثا بإسناده, على طريقة أهل الفن, ثم تكلم عليه بما يتعلق بإسناده, و حال رواته, وغريبه, وعربيته, و فقهه, ودقائقه, ثم يختمه بفوائد, وأشعار, وحكايات, ورتبها ترتيبا بديعا على نظم كلمات الفاتحة, بإرداف كلمة أمين لأنها بها ثلاثون كلمة, فاشتمل الحديث الأول على كلمة الإسم, و الثاني على اسم الله العظيم, والثالث على الرحمن, و هلم جرا إلى آخرها, وهذا ترتيب بديع , وسماها (الأمالي الشارحة لمفردات الفاتحة), ومن نظر في الكتاب المذكور عرف قدر هذا الإمام, و حكم له بتقدمه في هذا العلم خصوصا
__________
(1) - طبع منه إلى ألان (3) مجلدات بتحقيق ( مشهور حسن سلمان ), وقد اختصر ( الخلافيات ) الشيخ أحمد بن فرح الإشبيلي الشافعي المتوفى سنة 699هـ, وطبع (مختصره) في مكتبة الرشد.الرياض 1997 بتحقيق ( د.إبراهيم الخضيري ) و ( ذياب عبد الكريم ذياب عقل ) في( 5 ) مجلدات وطبع أيضا بدار الكتب العلمية 1420هـ في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( علاء إبراهيم الأزهري ) وعدد مسائل الكتاب (609 ) مسألة
(2) - مطبوع تأتي مقدمته, وقد اختصره الحافظ ابن عبد الهادي في كتابه ( تنقيح التحقيق) مطبوع أيضا
(3) - لعله (الأمالي) للحافظ أبي زكرياء يحيى بن عبد الوهاب بن منده, وكذا لجده (أبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده)(3/139)
ومن كتب الناسخ والمنسوخ : ما أودعه الإمام الشافعي في (اختلاف الحديث) (1), والأثرم (2), و الحازمي (3), وابن شاهين (4), وابن الجوزي (5), في تواليفهم
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1986 بتحقيق ( محمد عبد العزيز ) وفي دار الفكر بيروت 1996 وعدد أحاديثه ( 238 ) حديثا قال العراقي في( شرح الألفية )(ص336)ذكر فيه جملة من ذلك يتنبه بها على طريق الجمع, ولم يقصد استيفاء ذلك ولم يفرده بالتأليف إنما هو جزء من كتاب ( الأم ) .اهـ
(2) - طبع في دار الحرمين مصر 1419هـ بتحقيق ( إبراهيم إسماعيل القاضي ) و(السيد عزت المرسي) و( محمد عوض المنقوش ) وهي طبعة محذوفة الأسانيد على غير عادة مصنف الكتاب
(3) - هو كتاب ( الإعتبار في الناسخ و المنسوخ من الأخبار ) طبع في إدارة الطباعة المنيرية بمصر 1346 وفي مطبعة دائرة المعارف بالهند 1359هـ,ثم صور في دار إحياء التراث العربي عن الطبعة المنيرية, ثم دار الوعي بحلب 1403هـ بتحقيق ( د.عبد المعطي قلعجي ), واختصره الشيخ شهاب الدين أبي الفتح أحمد بن عثمان الكرماني الحنفي المعروف بالكلوتاني المتوفى سنة 835هـ,ذكره في (الضوء اللامع)(1\379)
(4) - طبع في دار التراث العربي بمصر 1988 بتحقيق ( محمد إبراهيم الحفناوي ) ومكتبة المنار بالأردن 1988 بتحقيق ( سمير بن أمين الزهيري ) وعدد أحاديثه ( 676 ) حديثا, ودار الكتب العلمية 1992 بتحقيق ( علي معوض ) و( عادل عبد الموجود ) وعدد أحاديث هذه الطبعة ( 652 ) حديثا
(5) - اسمه ( إعلام العالم بعد رسوخه ) طبع في دار ابن حزم تحقيق ( أحمد بن عبد الله الزهراني ) و عدد أحاديثه ( 403 ) حديثا, واختصره في كتاب ( إخبار أهل الرسوخ في الفقه والتحديث بمقدار المنسوخ و الناسخ من الحديث ) طبع في دار الوفاء بالمنصورة بتحقيق ( محمد الحفناوي ), ثم دار المأمون للتراث دمشق بتحقيق ( علي رضا بن عبد الله بن علي رضا ) و عدد أحاديثه ( 21 ) حديثا(3/140)
ومن كتب المبهمات في الحديث: ما أودعه الحافظ الخطيب أبو بكر البغدادي (1), وابن بشكوال (2), و ابن طاهر (3) في تواليفهم, وما زاده الشيخ محيي الدين النووي في اختصاره لكلام الخطيب (4), والحافظ أبو الفرج ابن الجوزي في أخر كتابه المسمى (بتلقيح فهوم الأثر في المغازي والسير) (5)
__________
(1) - واسمه بالكامل ( الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة ), طبع في مكتبة الخانجي القاهرة 1992 بتحقيق ( عز الدين علي السيد )
(2) - طبع في دار الأندلس جدة 1415 بتحقيق ( حمود مغراوي ), وقد اختصره الشيخ أبو الخطاب أحمد بن محمد القيسي البلنسي المتوفى سنة 64هـ, ذكره الزركلي في (أعلامه)(1\217) و كذا اختصره الحافظ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي سبط ابن العجمي المتوفى سنة 840هـ, وهو مخطوط
(3) - في كتابه ( إيضاح الإشكال في من أبهم اسمه من النساء والرجال ) طبع في مكتبة المعلا الكويت 1408هـ بتحقيق ( باسم الجوابرة )
(4) - طبع باسم (الإشارات إلي بيان الأسماء المبهمات) بذيل (كتاب الخطيب (الأسماء المبهمة )
(5) - طبع في مجلد ضخم بمكتبة الآداب مصر 1975 بدون تحقيق(3/141)
ومن شروح الحديث والغريب: ما ذكره القاضي عياض (1), والمازري قبله (2), والنووي, القرطبي (3), في شروحهم (لمسلم), وما شرحه الخطابي من (سنن أبي داود) (4) و(البخاري) المسمى (بالأعلام) (5), و ما شرحه النووي من (البخاري) (6), و(سنن أبي داود) (7), ولم يكملهما, وما شرحه الشيخ تقي الدين من أوائل (الإلمام) (8)
__________
(1) - سماه ( إكمال المعلم ) كمل به ( المعلم للمازري ) طبع مؤخرا في
(2) - في كتابه ( المعلم بفوائد مسلم ) طبع في دار الغرب الإسلامي 1988 في (3) مجلدات بتحقيق (محمد الشاذلي النيفر)
(3) - هو أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم القرطبي المتوفى سنة656 هـ, وهو شرح على (مختصره لصحيح مسلم) وسماه (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم) وقد طبع في (6) مجلدات في دار ابن كثير دمشق
(4) - هو الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي المتوفى سنة 388 هـ و شرحه سماه (معالم السنن ), طبع عدة مرات منها بحاشية (مختصر السنن للمنذري) في مطبعة أنصار السنة المحمدية, بتحقيق الشيخين ( حامد الفقي ) و( أحمد شاكر ), و في دار الكتب العلمية في مجلدين
(5) - وسماه ( أعلام السنن) ذكر فيه انه لما فرغ عن تأليف (معالم السنن) ببلخ سأله أهلها أن يصنف شرحا فأجاب, وهو في مجلد, طبع في منشورات عكاظ المغرب, في مجلدين, بتحقيق (يوسف الكتاني)
(6) - وهو شرح قطعة من أوله إلى آخر كتاب الإيمان, ذكر في ( شرح مسلم ): أنه جمع فيه جملا مشتملة على نفائس من أنواع العلوم, طبع الموجود منه في دار الكتب العلمية بدون تاريخ مع شرح القسطلاني
(7) - قال السيوطي في ( المنهاج السوي في ترجمة النووي )(ص ): كتب منه يسيرا .اهـ
(8) - قال الذهبي في (سير الأعلام)(17\143): شرح من أول ( الإلمام ) ورقات جاءت في مجلدين لا مثل لها في الحسن اهـ , وقال الحافظ ابن حجر في ( الدرر الكامنة )(5\348): شرع في شرحه فخرج منه أحاديث يسيرة في مجلدين, أتى فيهما بالعجائب الدالة على سعة دائرته في العلوم, خصوصا في الاستنباط,.اهـ ونقل الذهبي (4\1482) عن قطب الدين الحلبي قوله: وشرح بعض ( الإلمام ) شرحا عظيما .اهـ، طبع الموجود من ( شرح الإلمام ) في دار أطلس 1418هـ في مجلدين بتحقيق ( عبد العزيز السعيد )(3/142)
, وما شرحه شيخنا حافظ مصر فتح الدين ابن سيد الناس من (جامع الترمذي)(1), و لو كمل كان في غاية الحسن, و(شرح مسند الإمام الشافعي) لابن الأثير (2), وللإمام أبي القاسم الرافعي أيضا (3), وهو من جملة ما يعرف به قدره في هذا الفن,وما أودعه أبو عبيد القاسم بن سلام في (غريبه) (4) الذي جمعه في أربعين سنة, وكان خلاصة عمره, والحربي صاحب الإمام أحمد في (غريبه الكبير) (5), والزمخشري في (فائقه) (6)
__________
(1) - سماه ( النفح الشذي في شرح جامع الترمذي ) بلغ فيه إلى دون ثلثي الجامع في نحو عشر مجلدات, ولم يتم, ولو اقتصر على فن الحديث لكان تماما, ثم أكمله الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن حسين العراقي, وهو مخطوط وصل فيه إلى باب ما جاء من الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام, قال ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(4\31) : كتب منه عشر مجلدات إلى دون ثلثي ( الجامع ).اهـ, طبع الموجود منه في مجلدين في دار العاصمة الرياض بتحقيق ( أحمد معبد عبد الكريم )
(2) - سماه ( الشافي ), قال ياقوت الحموي في( معجم الأدباء ): أبدع في تصنيفه فذكر أحكامه و لغته ونحوه ومعانيه, نحو مائة كراسة, وهو لا يزال مخطوطا في أربع مجلدات في دار الكتب المصرية ( 306 حديث)
(3) - قال الذهبي في (السير)(16\221): في مجلدين تعب عليه,قال الجلبي : ابتدأه عقيب ( الشرح الكبير ) في رجب سنة612 هـ
(4) - طبع في دائرة المعارف العثمانية 1396هـ, ثم بالمكتبة الأزهرية للتراث بالقاهرة, و في دار الكتب العلمية 1986 في مجلدين
(5) - طبع في معهد البحوث العلمية و إحياء التراث الإسلامي بمكة في(3) مجلدات بتحقيق (سليمان بن إبراهيم بن محمد العايد), ونقل عن راويه عنه (محمد بن إسحاق المقرئ) أن (أبا اسحق الحربي) مات ولم يتم الديوان, وأن الذي انتهى إليه بالتأليف حديث لابن عمر (ليت الأشج من ولد عمر .).اهـ
(6) - طبع في دار الفكر1993 في(4) مجلدات بتحقيق (علي محمد البجاوي) و (محمد أبو الفضل إبراهيم), وفي دار الكتب العلمية في(4) مجلدات بتحقيق (إبراهيم شمس الدين)(3/143)
, وابن قرقول في (مطالعه) (1), و الهروي في (غريبه) (2), وابن الأثير في (نهايته), وما ذكره في (جامع الأصول), وما ذكره القلعي (3), وابن باطيش (4), وابن معن(5), في كلامهم على (المهذب), والخطابي في (تصحيفات المحدثين) (6), والصولي فيه أيضا, و العسكري فيه أيضا (7), و المطرزي في (مغربه) (8)
__________
(1) - هو ( مطالع الأنوار على صحاح الآثار) للحافظ أبي إسحاق إبراهيم بن يوسف الوهراني الحمزي المعروف بابن قرقول المتوفى سنة 569هـ ,اختصره من ( مشارق الأنوار على صحاح الآثار ) للقاضي عياض
(2) - هو أبو عبيد أحمد بن محمد العبدي المؤدب الهروي المتوفى سنة 401هـ وكنابه ( الغريبين ) طبع في المكتبة العصرية بيروت في (6) مجلدات بتحقيق (أحمد فريد المزيدي
(3) - هو الإمام أبو عبد الله محمد بن علي القلعي المتوفى سنة 630هـ وكتابه ذكره السبكي في (طبقاته)(6\155) فقال: له كتاب آخر في مستغرب ألفاظه(أي المهذب) وف أسماء رجاله اهـ
(4) - هو أبو المجد إسماعيل بن هبة الله الوصلي المتوفى سنة 655هـ وكتابه ( المغني في غريب المهذب)
(5) - هو محمد بن معن بن سلطان الشيباني الدمشقي المتوفى سنة 640هـ وكتابه ( التنقيب )
(6) - هو كتاب ( إصلاح خطأ المحدثين ) طبعت في مؤسسة الرسالة 1405هـ بتحقيق ( حاتم الضامن )
(7) - طبع في نصفه الأول بهامش ( النهاية لابن الأثير ) سنة 1326هـ وهي طبعة مشوهة, ثم طبع كاملا في دار الكتب العلمية 1988 بتصحيح ( أحمد عبد الشافي ),منسوبا لتلميذه أبي هلال العسكري, وقد اختصره مؤلفه في جزء صغير,طبع باسم ( أخبار المصحفين ) في عالم الكتب 1406 هـ بتحقيق ( صبحي البدري السامرائي ) وهو بالأسانيد, وله أيضا كتاب ( التصحيف والتحريف وشرح ما يقع فيه ) طبع الجزء الأول في مطبعة الظاهر سنة 1327 هـ ذكره في (معجم المطبوعات العربية)(2\1327)
(8) - هو الإمام أبو الفتح ناصر بن عبد السيد المطرزي المتوفى سنة 61 هـ, وكتابه (المعرب في شرح المغرب), قال ابن خلكان : وهو للخنفة ككتاب الأزهري, و( المصباح المنير ) للشافعية, تكلم فيه على الألفاظ الذي يستعملها الفقهاء من الغريب(3/144)
, وما أكثر فوائده
ومن كتب أسماء الأماكن : ما أدعه الوزير أبو عبيد البكري في (معجم ما استعجم من البلدان), والحافظ أبو بكر الحازمي في تأليفه المسمى (بالمختلف والمؤتلف من أسماء الأماكن), وهما غاية في بابهما
ومن كتب أخرى حديثية: (كمعجم أبي يعلى الموصلي) (1), و(جامع المسانيد بألخص الأسانيد)(2) لأبي الفرج بن الجوزي, وهو تلخيص (مسند الإمام أحمد بن حنبل), و(نقي النقل) له (3), وكتاب (تحريم الوطء في الدبر) (4) له, و (بيان خط من أخطأ على الشافعي في الحديث) للبيهقي (5), و(في اللغة ) له أيضا, و(حياة الأنبياء في قبورهم) (6) له أيضا, وكتاب (الأشربة) للإمام أحمد (7)
__________
(1) - طبع في إدارة العلوم الأثرية باكستان في مجلد واحد بتحقيق ( إرشاد الحق الأثرى ) وعدد أحاديثه ( 334 ) حديثا
(2) - بل جمع فيه بين (الصحيحين) و(الترمذي) و (مسند أحمد)، رتبه على المسانيد, في سبع مجلدات, ذكره في (كشف الظنون)(1\572) وسماه (جامع المسانيد و الألقاب)قال:.وهو كتاب كبير اهـ قال الذهبي في (السير)(21\368): ما استوعب ولا كاد
(3) - ذكره ابن رجب في ( ذيل طبقات الحنابلة )(2\417) وقال : في خمسة أجزاء, وذكره الذهبي في (التذكرة) (4\1343) وقال : مجلد كبير
(4) - ذكره ابن رجب في ( ذيل طبقات الحنابلة )(2\419) وسماه : ( تحريم المحل المكروه )
(5) - طبع في مؤسسة الرسالة بيروت بتحقق ( نايف الدعاس )
(6) - طبع في دار الحديث بمص1988 بتحقيق ( فريد عبد العزيز الجندي ) وعدد أحاديثه ( 21 ) حديثا, و في مكتبة السنة 1419هـ بتحقيق ( أبي عبد الله سيد بن عباس الجليمي )
(7) - له كتابان بهذا الإسم ( كبير) و( صغير ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية في ( الفتاوى )(21\26) : صنف الإمام أحمد كتابا كبيرا في الأشربة, ما علمت أحدا صنف أكبر منه, وكتابا أصغر منه اهـ
( الأشربة الصغير ) في دار الجيل بيروت 1985 بتخريج ( عبد الله حجاج) و عدد أحاديثه ( 242 ) حديثا, و في دار الضياء مصر 1423هـ بتحقيق ( أبي يعقوب نشأت بن كمال المصري )(3/145)
, و(الحلية)(1) لأبي نعيم, و(أمثال الحديث) للرمهرمزي (2), و(الأوائل) للطبراني (3), و(علوم الحديث) للحاكم أبي عبد الله, وابن الصلاح, و(الدعوات الكافية في الأدوية الشافية) لابن القسطلاني , و (الأدعية) للحافظ أبي الفضل المقدسي, و0(الصوم) له (4), و(الصيام من السنن المأثورة) للقاضي يوسف بن يعقوب بن إسماعيل (5), و (كلام الحافظ أبي الفضل بن طاهر على حديث معاذ) (6), و (أحاديث الشهاب) (7), و(المحلى شرح المجلى) لأبي محمد بن حزم (8), وما رده عليه ابن عبد الحق, وابن مفوز, وشيخنا قطب الدين عبد الكريم الحلبي الحافظ في جزء جيد (9), وما أكثر فوائده, و(رسائل ابن حزم في القياس),
__________
(1) - طبع في دار الفكر وفي غيرها في ( 101 ) مجلدبدون تحقيق, ثم في دار الكتب العلمية 1997في ( 10 ) مجلدات مع مجلدين للفهارس بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا ) وهي مرقمة ومخرجة الأحاديث, وعدد أحاديثها (15790)
(2) - طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1409هـ بتحقيق ( أحمد عبد الفتاح تمام ) عدد أحاديثه (140) حديثا, قال الذهبي: ما أحسنه من كتاب, قيل إن السلفي كان لا يكاد يفارق كمه, يعني في بعض عمره اهـ , وقال أيضا: كتابه المذكور ينبئ بإمامته
(3) - طبع في دار الكتب العلمية 1986 بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ) وعدد أحاديثه ( 86 ) حديثا
(4) - هو الحافظ ( أبي الحسن علي بن المفضل المقدسي ) المتوفى سنة611 هـ, قال الذهبي في(السير)(16\100): رأيت له في سنة 86 كتاب ( الصيام ) بالأسانيد.اهـ
(5) - ذكره الذهبي في (السير)(14\86), والكتاني في (رسالته)(ص36)
(6) اسمه ( علة حديث معاذ في القياس )
(7) - سماه ( الكشف عن أحاديث الشهاب ومعرفة الخطأ فيها والصواب )
(8) - طبع في دار الفكر في ( 8 ) مجلدات كبار بتحقيق العلامة ( أحمد محمد شاكر ), وفي دار الكتب العلمية و غيرها في ( 12 ) مجلدا بتحقيق (عبد الغفار البنداري )
(9) - هو كتاب ( القدح المعلى في الرد على أحاديث المحلى )(3/146)
و(فضائل الجهاد) لبهاء الدين ابن عساكر ابن الحافظ المشهور(1)
ومن مصنفات أبي الخطاب ابن دحية, (الآيات البينات في أعضائه عليه السلام) (2), و(مرج البحرين في فوائد المشرقين والمغربين), و(العلم المشهور في فضائل الأيام والشهور), و(خصائص الأعضاء), و(التنوير في مولد السراج المنير) (3), وغيرها من مؤلفاته المفيدة
ومن كتب أخرى متعلقة بالفقه: (كتخريج أحاديث المهذب)(4) للشيخ زكي الدين عبد العظيم المنذري, رأيت منه إلى أواخر الحج, وشأنه إيراد الأحاديث بأسانيده, وكلام الشيخ تقي الدين ابن الصلاح, والنووي على 0الوسيط) (5),و(المهذب), وكلام الإمام الرافعي في (التذنيب) الذي له على (الوجيز), وكلام الشيخ نجم الدين ابن الرفعة في (شرحي الوسيط) و(التنبيه) وغير ذلك
__________
(1) - هو من تأليف بهاء الدين أبي محمد قاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله ابن عساكر, الحافظ ابن الحافظ، المتوفى بدمشق، سنة 600هـ, وهو ولد أبي القاسم بن عساكر صاحب (تاريخ دمشق) الشهير وكتابه هذا في مجلدين, غير أنه أطال بكثرة أسانيده وطرقه إلى نحو خمسه عند الاختصار. كشف الظنون)(2\1275) وقد هذبه الشيخ محيي الدين أحمد بن إبراهيم النحاس الدمشقي المتوفى سنة 814هـ في كتابه ( مشارع الأشواق ) و زاد عليه
(2) - سماه ( الآيات البينات في ذكر ما في أعضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المعجزات )
(3) - ذكره في (كشف الظنون)(1\502) وقال: ألفه بأربل سنة 604 هـ وهو متوجه إلى خراسان بالتماس الملك المعظم الأيوبي, وقد قرأه عليه بنفسه و أجازه بألف دينار غير ما أجرى عليه مدة إقامته.
(4) - قال ابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية)\112): خرج بعض أحاديث المهذب بأسانيده في مجلد اهـ وقد خرج أحاديث المهذب أيضا لحافظ أبو بكر محمد بن موسى الحازمي والحافظ ابن الملقن
(5) - طبع في هامش ( الوسيط ) في دار السلام عمان(3/147)
هذا ما حضرني الآن من الكتب التي نظرتها واعتمدت عليها في هذا التصنيف وانتخبتها, وأما الأجزاء الحديثية, و المصنفات اللطيفة, والفوائد المنتخبة من الخبايا والزوايا, فلا تنحصر مصنفاتها, وكل نقولاتها في الكتاب معزوة على قائلها وناقلها فإن كان في المظنة أطلقته, وإن لم يكن فيها قيدته ببابه
وعددت هذه الكتب هاهنا لفائدتين: إحداهما أن الناظر قد يشكل عليه شيء مما ذكرناه عن هؤلاء الأئمة فيراجعه من تواليفهم, الثانية:ليعرف مقدار هذا الكتاب وبذل جهد الطاقة والوسع فيه, فإن كمل ما رمناه, وحصل ما قصدناه,حصل عندك أيها الطالب خزانة من أنواع العلوم المذكورة فيه, وكملت فائدة (شرح الرافعي), لأن محصلهما حينئد يكون جامعا للفنين, أعني الفقه والحديث, وحائزا للمنفعتين, و يلتحق بمن إذا ذكروا في القديم والحديث, يقال في حقهم الجامعون بين الفقه والحديث,وأتوسط في العبارة فيما أورده من علل الحديث, ومتعلقاته, وإذا تورد على التعليل أو غيره من الفنون المتعلقة به أئمة ذكرت قول أشهرهم لئلا يطول الكتاب,وأنبه مع ذلك على ما أظهره الله على يدي مما وقع للمتقدمين والمتأخرين من وهم, أو غلط, أو اعتراض, أو استدراك, قاصدا بذلك النصيحة للمسلمين, حاشا الظهور أو التنقيص, معاذ الله من ذلك, فهل الفضل إلا للمتقدم, وغالب ذلك إنما يقع من التقليد, ونحن برآء منه بحمد الله, وأتبع الكلام غالبا بعد بيان صحة الحديث, وضعفه, وغرابته, إلى غير ذلك من فنونه, بما وقع فيه من ضبط ألفاظ, وأسماء, وفوائد وإشكالات, وهذا النوع وإن كان كتابنا هذا غير موضوع له, فبه تكمل الفائدة,.وتتم العائدة, غلا أنا نتحرى الإختصار في إيراده, ونقتصر في إبرازه, حذر السآمة والملل(3/148)
ووسمته : ( بالبدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير ), وقدمت في أوله فصولا, تكون لمحصله وغيره قواعد يرجع إليها, وأصولا في شروط الكتب الستة, وغيرها من الكتب المصنفة المتقدمة, ليعتمد على شرطها من أول الكتاب إلى آخره, وفي أخرها فصلا في حال الإمام الرافعي, ومولده, ووفاته, وشيوخه, ومصنفاته, فإنه في الإسلام بمحل خطير, وبكل فضيلة جدير, ليعرف قدره, ويرد على من جهل حاله وفضله, وبيان حال والده, ووالدته, فإنهما من الذين تتنزل الرحمة بذكرهم, ويبتهل على الله ببركتهم, جعله الله مقربا من رضوانه, مبعدا من سخطه وحرمانه, نافعا لكاتبه, وسامعه, نفعا شاملا في الحال والمآل, إنه لما يشاء فعال, لا رب سواه, ولا مرجوا إلا إياه
الهم انفعني به يوم القيامة, يوم الحسرة والندامة, ووالدي مشايخي, وأحبابي, والمسلمين أجمعين, إنه على ما يشاء قدير, و بكل مأمول جدير
[ثم ذكر فصولا في شروط الأئمة في كتبهم, وفصلا في معرفة حال الإمام الرافعي وسيرته,ثم قال]
هذا آخر ما أردت ذكره من هذه الفصول وهي مهمة, نافعة, سيما مناقب الإمام الرافعي ووالده, ووالدته, فإن بذلك يعرف قدرهم, وفضلهم, بسطناها هنا بسطا حسنا,و لا يوجد كذلك في كتاب, وإذ قد فرغنا من هذه الفصول, فلنشرع الآن في الغرض الأهم, المقصود, متوكلين على الصمد المعبود, أسأل الله الكريم إتمامه مصونا عاجلا على أحسن الوجوه, وأبركها, وأعمها, وأنفعها, وأدومها, بمحمد وآله (1)
__________
(1) - غفر الله للمؤلف وتجاوز عنه , فهذا من التوسل الذي لا يجوز, وإنما المشروع هو التوسل بأسماء الله الحسنى وصفاته العلى, و التوسل بالأعمال الصالحة التي يوفق الله لها من يشاء من عباده, ومن أفضلها محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومتابعته ومحبة سنته, وأصحابه, وأهل بيته, والله أعلم
طبع ( البدر المنير ) في دار العاصمة بتحقيق ( جمال محمد السيد ) و ( أحمد شريف الدين عبد الغني ) وطبع منه ( 3 ) مجلدات ولم يكمل طبعه بعد,قال ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(4\46): من تصانيفه ( تخريج أحاديث الرافعي ) سماه ( البدر المنير ) في ست مجلدات, واختصره في نحو عشره, سماه ( الخاصة ), ثم اختصره في تصنيف لطيف وسماه ( المنتقى ).اهـ , طبع (الخلاصة ) في دار الرشد بالرياض 1989 في مجلدين بتحقيق
( حمدي السلفي ) وعدد أحاديثه ( 2995 ) حديثا, واختصره أيضا الشيخ ( محمد بن درويش الحوت البيروتي ) المتوفى سنة 1276 هـ, وطبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1987 بتحقيق ( كمال يوسف الحوت ), و عدد أحاديثه (2288) حديثا(3/149)
خلاصة البدر المنير تخريج أحاديث الشرح الكبير للحافظ ابن الملقن
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين, وعليه نتوكل, الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, ونشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, و نشهد أن محمدا عبده ورسوله, أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون
وبعد : فلما يسر الله تعالى وله الحمد والمنة الفراغ من كتابي المسمى ( بالبدر المنير في تخريج أحاديث الشرح الكبير ) لإمام الملة والدين حجة الإسلام والمسلمين, أبي القاسم عبد الكريم الرافعي شرح وجيز حجة الإسلام أبي حامد الغزالي, أسكنهما الله وإياي بحبوحة جنته, وجمع بيني وبينها في دار كرامته, حمدت الله سبحانه وتعالى على إتمامه, وسألته المزيد من فضله وإنعامه, وشكرته إذ جعلني من خدام العلوم الشرعية, سيما هذا العلم الذي هو أساس العلوم بعد كتاب الله تعالى(3/150)
وكان الكتاب المذكور قد اشتمل على زبد التآليف الحديثية, أصولها وفروعها, قديمها وحديثها, زائدة على مائة تأليف, نظرتها كما عددتها فيه, أرجو أن باحثه ومحصله يلتحق بأئمته الأكابر, ولا يفوته من المحتاج إليه إلا النادر, لأن شرح ( الوجيز ) احتوى على غالب ما في كتب الأصحاب من الأقوال, والوجوه والطرق, وعلى ألوف من الأحاديث و الآثار, تنيف على أربعة آلاف بمكررها, وقد بيناها في الكتاب المذكور, على حسب أنواعها من الصحة, والحسن, و الضعف, والاتصال, والإرسال, والإعضال, والانقطاع, والقلب, والغرابة, والشذوذ, والنكرة, والتعليل, والوضع, و الإدراج, والاختلاف, والناسخ, والمنسوخ إلى غير ذلك من علومه الجمة, كضبط ألفاظ, وأسماء, وتفسير غريب, و إيضاح مشكل, وجمع متن أحاديث متعارضة, والجواب عنها, فمن جمع بين الكتابين المذكورين أعني كتابنا هذا, و الشرح الكبير للإمام الرافعي وفقه مغزاهما فقد جمع بين علمي الفقه والحديث, وصار حافظ أوانه, وشافعي زمانه, وبرز على شيوخه عوضا عن أقرانه, لا يساوونه ولا يدانونه, إلا أن العمر قصير, والعلم بحر مداه طويل, والهمم فاترة, و الرغبات قاصرة, والمستفيد قليل, والحفيظ كليل, فترى الطالب ينفر من الكتاب الطويل, ويرغب في القصير, ويقنع باليسير, وكان بعض مشايخنا عامله الله بلطفه في الحركات والسكنات, وختم أقواله وأفعاله بالصالحات, أشار باختصاره في نحو عشر الكتاب, تسهيلا للطلاب, وليكون عمدة لحفظ الدارسين, ورأس مال لإنفاق المدرسين(3/151)
فاستخرت الله تعالى في ذلك, وسألته التوفيق في القول والعمل, والعصمة من الخطأ والخطل, من غير إعراض عن الأول, إذ عليه المعول, فشرعت في ذلك ذاكرا من الطرق أصحها, أو أحسنها, ومن المقالات أرجحها, مشيرا بقولي : ( متفق عليه ), لما رواه إماما المحدثين, أبو عبد الله محمد ابن إسماعيل بن إبراهيم بن بردذبه الجعفي البخاري, وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري, وبقولي : ( رواه الأربعة ) لما رواه الترمذي في ( جامعه ), وأبو داود, والنسائي, وابن ماجه في ( سننهم ), وبقولي : ( رواه الثلاثة ) لما رواه المذكورون خلا ابن ماجه في ( سننهم ), وبقولي: ( غريب ), أني لا أعلم من رواه, وما عدا ذلك أسمي من رواه, وحيث أطلقت النقل عن البيهقي فهو في ( سننه ) الكبير, وهذا المختصر على ترتيب أصله, لا أغير منه شيئا, بتقديم ولا تأخير, فلعلك ترى أيها الناظر حديثا غير مناسب للباب, فأعلم أن الرافعي ذكره كذلك, فإن دعي هذا المختصر ( بالخلاصة ) كان باسمه وافيا, ولما يرومه طالبا كافيا, أو ( المدخل ) كانت سمة صادقة, وللحقيقة مطابقة(3/152)
وهذا المختصر أسلك فيه طريق الإيضاح قليلا, لا الاختصار جدا, فإن رمت جعلته كالأحراف, فقد لخصته في كراريس لطيفة, مسمى ( بالمنتقى ), نفع الله بالجميع بمحمد وآله, وجعلهم مقربين من رضوانه, مبعدين من سخطه وحرمانه, نافعين لكاتبهم وسامعهم, نفعا شاملا في الحال والمآل, إنه لما يشاء فعال, لا رب سواه, ولا مرجو إلا إياه (1)
تحفة المحتاج لأدلة المنهاج للحافظ ابن الملقن
بسم الله الرحمن الرحيم, رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10), الحمد لله على إحسانه وإنعامه وإرشاده للقيام بالسنة وإلهامه, و أشهد أن لا إله, إلا الله لا شريك له, شهادة دائمه بدوامه, وأن محمدا عبده ورسوله خاتم رسله ومسك ختامه, صلى الله عليه وعلى آله صلاة مقرونة بسلامه
__________
(1) طبع في دار الرشد بالرياض1989 في مجلدين بتحقيق ( حمدي السلفي ) وعدد أحاديثه ( 2995 ) حديثا و طبع أصله 0الدر المنير) في دار العاصمة بتحقيق ( جمال محمد السيد ) و( أحمد شريف الدين عبد الغني ) و طبع منه ( 3 ) مجلدات ولم يكمل بعد, واختصره أيضا الشيخ ( محمد بن درويش الحوت البيروتي ) المتوفى سنة 1276 هـ, طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1987 بتحقيق ( كمال يوسف الحوت ), و عدد أحاديثه ( 2288 ) حديثا, وابن الملقن الإمام العلامة الحافظ عمر بن علي عرف بابن النحوي الأنصاري المصري, نزيل القاهرة الشافعي, تفقه واشتغل في فنون, فبرع ودرس وأفتى, وصنف وجمع, بلغت مصنفاته في الحديث والفقه وغير لك قريبا من ثلاثمائة مؤلف منها ( شرح البخاري ) في عشرين مجلدا, و( شرح عمدة الأحكام ) و( شرح الأربعين النواوية ) وغير ذلك توفي سنة 804هـ . ترجمه في (ذيل طبقات الحفاظ)(1\199)(3/153)
و بعد : فهذا مختصر في أحاديث الأحكام, ذو إتقان وإحكام, عديم المثال لم ينسج مثله على منوال, شرطي أن لا أذكر فيه إلا حديثا صحيحا, أو حسنا, دون الضعيف, وربما ذكرت شيئا منه لشدة الحاجة إليه, منبها على ضعفه, مشيرا بقولي ( متفق عليه ) لما رواه البخاري ومسلم في ( صحيحهما ), وبقولي ( رواه الأربعة ) لما رواه أبو داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجة, في ( سننهم ), وبقولي ( رواه الثلاثة ) لهم خلا ابن ماجة, وما عدا ذلك أوضح من رواه, كالشافعي, وأحمد, والدارمي في ( مسانيدهم ), وابن خزيمة, وابن حبان, وأبي عوانة في ( صحاحهم , والحاكم في ( مستدركه ), والدار قطني والبيهقي في ( سننهما ), وغيرهم كما ستراه واضحا إن شاء الله تعالى
وأقتصر فيما أورده من قسم الصحيح, والحسن على الأصح, والأحسن مما روى فيه, وربما نبهت مع الأصح والأحسن على الصحيح, و الحسن, كما فعلت في أوائل كتاب الطهارة, حيث ذكرت حديث : ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته ) أولا من حديث جابر, ثم عزوته إلى رواته الإمام أحمد, وابن ماجة, وابن حبان, وأن ابن السكن قال: إنه أصح ما روي في الباب, ثم قلت بعده : وهو للأربعة من حديث أبي هريرة, وأن الترمذي وغيره صححه, وكذا حديث بئر بضاعة, حيث أخرجته أولا من حديث سهل بن سعد الساعدي, وعزوته إلى رواية قاسم بن أصبغ, ثم قلت بعد ذلك : وهو للثلاثة من حديث أبي سعيد الخدري, وأنه صحح وحسن إلى غير ذلك من المواضع الآتية
وقد يخطر للناظر في كتابنا هذا أنه يجب تقديم رواية الأشهر على غيره, فليعلم إنما فعلت ذلك لأن الأول أصح, أو أحسن من الثاني, فتدبر ذلك, واعرف لما وقع في هذا المختصر من الاعتناء والفحص حقهما(3/154)
وقد استخرت الله سبحانه وتعالى في ترتيب هذا المختصر المبارك على ترتيب كتاب ( المنهاج ) للعلامة محي الدين النووي - رضي الله عنه - في المسائل والأبواب, وخصصت هذا المختصر به, لإكباب الطلبة في هذه الأزمان عليه, وانتفاعهم بما لديه,
وأرجو أنه واف بكل مسألة ذكرها, وورد فيها حديث صحيح, أو حسن, وأما الأحاديث الضعيفة والآثار فلم أتعرض لشيء منها, إلا نادرا, نعم تعرضت لهما في شرحي له المسمى : ( بعمدة المحتاج إلى كتاب المنهاج ), فإذا لم تجد حديثا عقب المسألة فذلك إما لعدمه, أو لضعفه, أو لذكره في مواضع أخر من الباب, اقتضى الإختصار عدم إعادته, وكذا إذا كان الحديث يصلح للاستدلال به في عدة أبواب, فإني أذكره في أولها, وربما نبهت على تقدمه كحديث : ( إنما الأعمال بالنيات ), وحديث : ( رفع القلم عن ثلاثة ), وما وقع من الأحكام على سبيل الاستطراد فقد لا ألتزم الاستدلال عليه هناك, وأؤخر دليله إلى موضعه, كما في أغسال الحج المذكورة في باب الجمعة, على سبيل الاستطراد, فمن تأمل هذا المختصر حق التأمل, وجده وافيا لما ذكرته, قائما بما شرطته
وسميته : ( تحفة المحتاج إلى أدلة المنهاج ), والله أسأله أن يعم النفع به وبأمثاله في الحال والمآل, إنه لما يشاء فعال, لا رب سواه, ولا نرجو إلا إياه, وحسبنا الله ونعم الوكيل, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
تلخيص الحبير تخريج أحاديث الشرح الكبير للحافظ ابن حجر العسقلاني
__________
(1) - طبع في دار حراء بمكة في مجلدين , بتحقيق ( عبد الله بن سعاف اللحياني )(3/155)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله مخرج الحي من الميت, ومخرج الميت من الحي, العليم بما تخفي الصدور, وتبديه من كل شيء, أحمده على نعمه, وأعوذ به في أداء شكرها من المطل واللي, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, الذي هدانا إلى الرشد على رغم أنف أهل الغي, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أباح له الفيء, وأظل أمته من ظل هديه بأوسع فيء, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه من كل قبيلة وحي
أما بعد : فقد وقفت على تخريج أحاديث ( شرح الوجيز ) للإمام أبي القاسم الرافعي (1), شكر لله سعيه لجماعة من المتأخرين, منهم القاضي عز الدين بن جماعة (2), والإمام أبو أمامة بن النقاش (3), والعلامة سراج الدين عمر بن علي الأنصاري (4), والمفتي بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي (5)
__________
(1) -- الرافعي الإمام أبو القاسم عبد الكريم بن محمد صاحب الشرح المشهور ( العزيز في شرح الوجيز )
(2) - هو قاضي القضاة عز الدين أبي عمر عبد العزيز بن قاضي القضاة بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة الكناني الحموي الشافعي المتوفى سنة 767هـ , وكتابه ذكره ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(3\102) فقال: من تصانيفه ( تخريج أحاديث الرافعي ) مجلدين, و هو كتاب نفيس جليل.اهـ
(3) - هو الإمام شمس الدين أبو أمامة محمد بن علي المعروف بابن النقاش, المتوفى سنة 763هـ تقدمت ترجمته عند مقدمة كتابه (إحكام الأحكام), وكتابه ذكره ابن قاضي شهبة في (طبقات الشافعية)(3\132) قال: وخرج أحاديث الرافعي
(4) - هو المعروف (بابن الملقن) وقد تقدمت مقدمة (خلاصته)
(5) - هو الحافظ بدر الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن بهادر المصري الشافعي، المشهور بالزَّركَشي المتوفى سنة 794هـ, وكتابه ذكره ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(3\168), وسماه (الذهب الإبريز في تخريج أحاديث الفتح العزيز) وهو مخطوط بمكتبة طبقبو سراي رقم (2973), و للحافظ السيوطي،أيضا تخريج لأحاديث الرافعي وهو المسمى : ( نشر العبير في تخريج أحاديث الشرح الكبير) نسبه لنفسه في (حسن المحاضرة)(1\292)(3/156)
, وعند كل منهم ما ليس عند الآخر من الفوائد و الزوائد, وأوسعها عبارة, وأخلصها إشارة, كتاب شيخنا سراج الدين, إلا أنه أطاله بالتكرار فجاء في سبع مجلدات, ثم رأيته لخصه في مجلدة لطيفة, أخل فيها بكثير من مقاصد المطول وتنبيهاته, فرأيت تلخيصه في قدر ثلث حجمه, مع الالتزام بتحصيل مقاصده, فمن الله بذلك ثم تتبعت عليه الفوائد الزوائد, من تخاريج المذكورين معه, ومن ( تخريج أحاديث الهداية ) (1) في فقه الحنفية, للإمام جمال الدين الزيلعي, لأنه ينبه فيه على ما يحتج به مخالفوه, وأرجو الله إن تم هذا التتبع أن يكون حاويا لجل ما يستدل به الفقهاء في مصنفاتهم في الفروع, وهذا مقصد جليل
والله تعالى المسئول أن ينفعنا بما علمنا, ويعلمنا ما ينفعنا, وأن يزيدنا علما, وأن يعيذنا من حال أهل النار, وله الحمد على كل حال (2)
الدراية تخريج أحاديث الهداية للحافظ ابن حجر العسقلاني
__________
(1) - هو كتاب (نصب الراية لأحاديث الهداية) طبع في المكتب العلمي بالهند في (4) مجلدات,وبهامشه حاشية في تخريج أحاديثه للشيخ (عبدالعزيز الفنجاني) وصل فيها إلى كتاب الحج , ثم أتمه الشيخ (محمد يوسف الكاملفوري),وقد صورت هذه الطبعة عدة مرات, منها في مكتبة الرياض الحديثة , و طبع أيضا في دار الحديث بمصر في بتحقيق (أيمن صالح شعبان), و أخرى في دار الكتب العلمية1416هـ في (5) مجلدات على هامش كتاب (الهداية) بتحقيق ( أحمد شمس الدين)
(2) - طبع ( التلخيص الحبير ) على الحجرفي الهند سنة1303 هـ,ثم في شركة الطباعة الفنية المتحدة بالقاهرة في مجلدين 1384 هـ بتحقيق ( عبد الله هاشم اليماني المدني ), وفي دار الكتب العلمية 1419هـ بتحقيق ( عادل عبدالموجود ) و( علي محمد عوض ) في ( 4 ) مجلدات(3/157)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على التوفيق إلى الهداية, و سلوك طريق أهل الدراية, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وله على ذلك في كل شيء آية, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي له في الشرف أعلى غاية, وفي السؤدد أقصى نهاية, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما دائمين ما استلزمت النهاية والبداية
أما بعد : فإنني لما لخصت تخريج الأحاديث التي تضمنها ( شرح الوجيز ) للإمام أبي القاسم الرافعي, وجاء اختصاره جامعا لمقاصد الأصل, مع مزيد كثير, كان فيما راجعت عليه ( تخريج أحاديث الهداية ) الكتاب الآخر, لينتفع به أهل مذهبه, كما انتفع أهل المذهب, فأجبته إلى طلبه وبادرت إلى وفق رغبته, فلخصته تلخيصا حسنا مبينا, غير مخل من مقاصد الأصل, إلا ببعض ما قد يستغنى عنه, والله المستعان في الأمور كلها, لا إله إلا هو, وهذه فهرسة كتبه :
الطهارة, الصلاة, الجنائز, الزكاة, الصوم, الحج, النكاح, وتوابعه, العتق, وتوابعه, الإيمان و النذور, الحدود والسير, و فيه الجزية والموادعة, والبغاة وأحكام المرتدين, واللقيط واللقطة, والآبق والمفقود, والشركة, الوقف, البيوع, الصرف, الحوالة, والكفالة, القضاء, والشهادات وفيه الوكالة, والدعوى و الإقرار,والصلح, المضاربة والوديعة العارية, الهبة الإجارة, المكاتب, الولاء, الإكراه, الحجر, الغصب, الشفعة, القسمة, المزارعة, المساقاة, الذبائح الأضحية, الكراهية, إحياء الموات, الأشربة, الصيد, الرهن, الجنايات, الديات, القسامة, العقول, الوصايا, آخر الكتاب (1)
تغليق التعليق للحافظ ابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, ربنا آتنا من لدنك رحمة, وهيئ لنا من أمرنا رشدا, وصل و سلم على سيدنا محمد وآله وصحبه
__________
(1) - فرغ من تلخيصه في ذي القعدة سنة827 هـ, طبع في دهلي 1882 م طبعة حجرية ثم في لكنو ثم في دار المعرفة بيروت 1384هـ في مجلد بتحقيق ( عبد هاشم اليماني المدني )(3/158)
الحمد لله الذي من تعلق بأسباب طاعته فقد أسند أمره إلى العظيم جلاله, ومن انقطع لأبواب خدمته متمسكا بنفحات كرمه قرب اتصاله, ومن انتصب لرفع يديه جازما بصحة رجائه مع انكسار نفسه صلح حاله, وصلى الله على سيدنا محمد المشهور جماله المعلوم كماله, وعلى آل محمد وصحبه الطيبين الطاهرين, فصحبه خير صحب وآله
أما بعد : فإن الاشتغال بالعلم خير عاجل, وثواب حاصل, لا سيما علم الحديث النبوي, ومعرفة صحيحة من معلله, و موصوله من مرسله, ولما كان كتاب ( الجامع الصحيح المسند المختصر من أمور سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وسننه وأيامه ) تأليف الإمام الأوحد عمدة الحفاظ تاج الفقهاء أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري رحمه الله, وشكر سعيه, قد اختص بالمرتبة العليا, ووصف بأنه لا يوجد كتاب بعد كتاب الله مصنف أصح منه في الدنيا, وذلك لما اشتمل عليه من جمع الأصح والصحيح, وما قرن بأبوابه من الفقه النافع, الشاهد لمؤلفه بالترجيح, إلى ما تميز به مؤلفه عن غيره بإتقان معرفة التعديل والتجريح, وكنت ممن من الله عز وجل عليه بالاشتغال بهذا العلم النافع, فصرفت فيه مدة من العمر الذي لولاه لقلت البضائع, وتأملت ما يحتاج إليه طالب العلم من شرح هذا ( الجامع ) فوجدته ينحصر في ثلاثة أقسام من غير رابع :(3/159)
الأول : في شرح غريب ألفاظه, وضبطها وإعرابها, والثاني في معرفة أحاديثه, وتناسب أبوابه, والثالث : وصل الأحاديث المرفوعة, والآثار الموقوفة المعلقة فيه, وما أشبه ذلك من قوله تابعه فلان, ورواه فلان, و غير ذلك, فبان لي أن الحاجة الآن إلى وصل المنقطع منه ماسة, أن كان نوعا لم يفرد ولم يجمع, ومنهلا لم يشرع فيه ولم يكرع, وإن كان صرف الزمان إلى تحرير القسمين الأولين أولى وأعلى, والمعتني بهما هو الذي حاز القدح المعلى, ولكن ملئت منهما بطون الدفاتر, فلا يحصى كم فيها من حبلى, وسبق إلى تحريرهما من قصاراي وقصارى غيري أن ينسخ نص كلامه فرعا و أصلا
فاستخرت الله في جمع هذا القسم, إلى أن حصرته, وتتبعت ما انقطع منه, فكل ما وصلت إليه وصلته, وسردته على ترتيب الأصل, بابا بابا, وذكرت من كلام الأصل ما يحتاج إليه الناظر, وكان ذلك صوابا, وغيبته عن عيون النقاد, إلى أن أطلعته في أفق الكمال شهابا
وسميته : ( تغليق التعليق ), لأن أسانيده كانت كالأبواب المفتحة, فغلقت, ومتونه ربما كان فيها اختصار فكملت واتسقت, وقد نقلت من كتاب ( ترجمان التراجم ) للحافظ أبي عبد الله بن رشيد (1) ما نصه :بعد أن ذكر التعليق, وهل هو لاحق بحكم الصحيح, أم متقاصر عنه, قال : وسواء كان منسوبا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إلى غيره, وأكثر ما وقع للبخاري من ذلك في صدور الأبواب, وهو مفتقر إلى أن يصنف فيه كتاب يخصه, تسند فيه تلك المعلقات, وتبين درجتها من الصحة, أو الحسن, أو غير ذلك من الدرجات, وما علمت أحدا تعرض لتصنيف في ذلك, وإنه لمهم, لا سيما لمن له عناية بكتاب البخاري انتهى
__________
(1) - هو المحدث الحافظ محمد بن عمر الفهري السبتي يكنى أبا عبدالله, ويعرف بابن رشيد, كان رحمه الله تعالى فريد عصره جلالة وعدالة وحفظا وأدبا وسمتا وهديا, توفى بفاس سنة 721هـ ترجمته في (الديباج المذهب)(ص310)(3/160)
وكفى بها شهادة من هذا المحقق الحافظ, المدقق الرحال إلى المشرق والمغرب, ولقد وقفت على فوائد (رحلته) (1) في ست مجلدات, أتى فيها بالعجب العجاب, ولقي فيها مسند دمشق الفخر بن البخاري, ومسند مصر العز الحراني, و مجتهد العصر ابن دقيق العيد, وأقرانهم, ورجع إلى بلده سبتة, بعلم جم رحمه الله تعالى
فأما تسمية هذا النوع بالتعليق فأول ما وجد ذلك في عبارة الحافظ الأوحد أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني, وتبعه عليه من بعده, فقال الشيخ أبو عمرو ابن الصلاح, فيما أخبرنا أبو الحسن بن أبي المجد, عن محمد بن يوسف بن عبد الله الشافعي عنه, كأنه مأخوذ من تعليق الجدار, وتعليق الطلاق ونحوه لما يشترك الجميع فيه من قطع الاتصال, والله أعلم
قلت أخذه من تعليق الجدار فيه بعد وأما أخذه من تعليق الطلاق وغيره فهو أقرب للسببيه لأنهما معنويان
وأما التعريف به في ( الجامع ) فهو أن يحذف من أول الإسناد رجلا فصاعدا, معبرا بصيغة لا تقتضي التصريح بالسماع, مثل قال, وروي, وزاد وذكر أو يروى, ويذكر, ويقال, وما أشبه ذلك من صيغ الجزم والتمريض, فإن جزم به فذلك حكم منه بالصحة إلى من علقه عنه, ويكون النظر إذ ذاك فيمن أبرز من رجاله, فإن كانوا ثقات فالسبب في تعليقه إما لتكراره, أو لأنه أسند معناه في الباب, ولو من طريق أخرى, فنبه عليه بالتعليق اختصارا, أو ليبين سماع أحد رواته من شيخه, إذا كان موصوفا بالتدليس, أو كان موقوفا, لأن الموقوف ليس من موضوع الكتاب, أو كان في رواته من لم يبلغ درجة الضبط والإتقان, أو إن كان ثقة في نفسه فلا يرتقي إلى شرط أبي عبد الله المؤلف في ( الصحيح ) فيعلق حديثه, تنبيها عليه تارة أصلا, وتارة في المتابعات
__________
(1) - سماها ( ملء العيبة فيما جمع بطول الغيبة, في الوجهتين الكريمتين إلى مكة وطيبة) طبع الموجود منها في مجلد في دار الغرب الإسلامي بيروت(3/161)
فهذه عدة أوجه من الأسباب الحاملة له على تعليق الإسناد المجزوم به, وسيأتي مزيد بيان لذلك في أثناء هذا التصنيف
وإن أتى به بصيغة التمريض فهو مشعر بضعفه عنده إلى من علقه عنه, لكن ربما كان ذلك الضعف خفيفا, حتى ربما صححه غيره, إما لعدم اطلاعه على علته, أو لأن تلك العلة لا تعد عند هذا المصحح قادحة, و النظر فيما أبرزه من رجاله كالنظر فيما أبرزه من رجال الأول, والسبب في تعليقه بعض ما تقدم
فهذا حكم جميع ما في الكتاب من التعاليق, إلا إذا ما علق الحديث عن شيوخه الذين سمع منهم, فقد ذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح أن حكم قال حكم عن وأن ذلك محمول على الاتصال, ثم اختلف كلامه في موضع آخر فمثل التعاليق التي في البخاري بأمثلة ذكر منها شيوخ البخاري, كالقعنبي, والمختار الذي لا محيد عنه أن حكمه مثل غيره من التعاليق, فإنه وإن قلنا يفيد الصحة لجزمه به, فقد يحتمل أنه لم يسمعه من شيخه الذي علق عنه, بدليل أنه علق عدة أحاديث عن شيوخه الذين سمع منهم, ثم أسندها في موضع آخر من كتابه, بواسطة بينه وبين من علق عنه, كما سيأتي إن شاء الله تعالى في مواضعه
وقد رأيته علق في ( تاريخه ) عن بعض شيوخه شيئا, وصرح بأنه لم يسمعه منه, فقال في ترجمة معاوية قال: إبراهيم بن موسى فيما حدثوني عنه, عن هشام ابن يوسف فذكر خبرا
فإن قلت هذا يقتضي أن يكون البخاري مدلسا, ولم يصفه أحد بذلك إلا أبو عبد الله بن منده, وذلك مردود عليه(3/162)
قلت : لا يلزم من هذا الفعل الاصطلاحي له أن يوصف بالتدليس, لأنا قد قدمنا الأسباب الحاملة للبخاري على عدم التصريح بالتحديث في الأحاديث التي علقها, حتى لا يسوقها مساق أصل الكتاب, فسواء عنده علقها عن شيخه, أو شيخ شيخه, وسواء عنده كان سمعها من هذا الذي علقه عنه, أو سمعها عنه بواسطة, ثم ان ( عن ) في عرف المتقدمين محمولة على السماع, قبل ظهور المدلسين, وكذا لفظة ( قال ) لكنها لم تشتهر اصطلاحا للمدلسين مثل لفظة ( عن ) فحينئذ لا يلزم من استعمال البخاري لها أن يكون مدلسا, وقد صرح الخطيب بأن لفظة ( قال ) لا تحمل على السماع إلا إذا عرف من عادة المحدث أنه لا يطلقها إلا فيما سمع
وقد قرأت على أحمد بن عمر اللؤلؤي, عن يوسف بن عبد الرحمن القضاعي, أن يوسف بن يعقوب بن المجاور أخبره, أن أبو اليمن الكندي, أنا أبو منصور القزاز, أنا أبو بكر الخطيب, حدثني أبو النجيب الأرموي, حدثني محمد بن إبراهيم الأصبهاني, أخبرني محمد بن إدريس الوراق, ثنا محمد بن حم بن ناقب البخاري, ثنا محمد بن يوسف الفريابي, ثنا محمد بن أبي حاتم, قال : سئل محمد بن إسماعيل عن خبر حديث فقال : يا أبا فلان, أتراني أدلس, وأنا تركت عشرة آلاف حديث لرجل لي فيه نظر, يعني إذا كان يسمح بترك هذا القدر العظيم, كيف نشره لقدر يسير, فحاشاه من التدليس المذموم
وبه إلى الخطيب, أخبرني أبو الوليد الدربندي, ثنا محمد بن أحمد بن محمد بن سليمان, ثنا محمد بن سعيد, ثنا محمد بن يوسف هو الفربري, ثنا محمد بن أبي حاتم قال سمعت أبا عمرو المستنير بن عتيق البكري, سمعت رجاء بن مرجى يقول : فضل محمد بن إسماعيل على العلماء كفضل الرجال على النساء(3/163)
فأما إذا قال البخاري قال لنا, أو قال ل,ي أو زادنا, أو زادني, أو ذكر لنا, أو ذكر ل,ي فهو وإن ألحقه بعض من صنف في الأطراف بالتعاليق, فليس منها, بل هو متصل صريح في الاتصال, وإن كان أبو جعفر ابن حمدان قد قال : إن ذلك عرض ومناولة, وكذا قال ابن منده : إن قال لنا إجازة
فإن صح ما قالاه فحكمه الاتصال أيضا, على رأي الجمهور, مع أن بعض الأئمة ذكر أن ذلك مما حمله عن شيخه في المذاكرة, والظاهر أن كل ذلك تحكم,وإنما للبخاري مقصد في هذه الصيغة وغيرها, فإنه لا يأتي بهذه الصيغة إلا في المتابعات والشواهد, أو في الأحاديث الموقوفة, فقد رأيته في كثير من المواضع التي يقول فيها في ( الصحيح ) قال لنا قد ساقها في تصانيفه بلفظ حدثنا, وكذا بالعكس, فلو كان مثل ذلك عنده إجازة, أو مناولة, أو مكاتبة, لم يستجز إطلاق حدثنا فيه من غير بيان القاعدة, فإن المخالف لها إذا رأى حديثا علقه البخاري ولم يوصل إسناده حكم عليه بالانقطاع, لا سيما إن كان علقه عن شيوخ شيوخه, أو عن الطبقة التي فوق
فإن قال له خصمه هذا معلق بصيغة الجزم, فطلب منه الدليل على أنه موصول عند البخاري ما يكون جوابه, إن أجاب بأن القاعدة أنه لا يجزم إلا بما صح عنده, قال له : أنا لا ألتزم هذه القاعدة بلا دليل, لأنها على خلاف الأصل, وإنما أحكم بما ظهر لي من أن هذا السياق حكمه الانقطاع, وأن البخاري لم يلق هذا الرجل المعلق عنه, وأي فرق يبقي بين هذا وبين المنقطع, وإن أجابه بأن الإمام فلانا روى هذا الحديث في تصنيفه مسندا متصلا, كان ذلك أدعى لرجوعه و أذعن لخضوعه, ولم يبق إلا التسليم, وفوق كل ذي علم عليم(3/164)
والتزمت في وصل هذا التعليق أن أسوق أحاديثه المرفوعة, وآثاره الموقوفة, بإسنادي إلى من علق عنه المصنف, لا إلى غيره, إلا أن يتكرر النقل من كتاب كبير, هو عندي, أو أكثره بإسناد واحد إلى مصنفه, فإني أحيل عليه غالبا, وأجمع أسانيدي في الكتب التي أحيل عليها, في فصل أختم به هذا المجموع, يتلو فصلا آخر في سياق ترجمة المؤلف ومناقبه
فإن علق الحديث في موضع, وأسنده, نبهت عليه, واكتفيت به إلا أن يختلف لفظ المعلق, ولفظ الموصول, فأنبه حينئذ على من وصله بذلك اللفظ, وإذا لم يسم أحدا من الرواة بل قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثلا كذا, فإنني أخرجه من أصح طرقه, إن لم يكن عنده في موضع آخر كما سبق
وأما التبويب فإنه يبوب كثيرا بلفظ حديث, أو أثر, ويسوقه في ذلك الباب مسندا, أو يورد معناه, أو ما يناسبه, كقوله في كتاب الأحكام باب الأمراء من قريش, وساق في الباب حديث معاوية : ( لا يزال وال من قريش ), واللفظ الأول لم يخرجه, وهو لفظ حديث آخر, وقوله باب اثنان فما فوقهما جماعة, ثم ساق فيه حديث : ( أذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما ) فلم أتكلف لتخريج ذلك, إلا إذا صرح فيه بالرواية
وإذا أخرجت الحديث من مصنف غير متداول فذلك لفائدتين : أحدهما, أن يكون من مسموعي, والثانية, أن يكون عاليا, ومع ذلك فأنبه على من أخرجه من أصحاب الكتب المشهورة, وعلى كيفية ما أخرجوه في الغالب
وقد قرأت على شيخ الإسلام أبي حفص بن أبي الفتح, عن الحافظ أبي الحجاج المزي, أن يوسف بن يعقوب بن المجاور أخبره أنا أبو اليمن الكندي, أنا أبو منصور القزاز, أنا الحافظ أبو بكر الخطيب, أنا البرقاني يعني أبا بكر أحمد ابن محمد بن غالب الفقيه الحافظ فيما أنشد لنفسه من أبيات
أعلل نفسي بكتب الحديث *** وأجمل فيه لها الموعدا
وأشغل نفسي بتصنيفه *** وتخريجه دائما سرمدا
وأقفوا البخاري فيما نحاه *** وصنفه جاهدا مرشدا
ومالي فيه سوى أنني*** أراه هوى صادف المقصدا(3/165)
وأرجو الثواب بكتب الصلاة *** على السيد المصطفى أحمدا
وأسأل ربي إله العباد *** جريا على ما لنا عودا
قلت : وهذه الأبيات أطول من هذا, وهي حسنة في معناها, مناسب لمغزانا مغزاها, فأسأل الله السميع القريب, الإعانة على إكماله مخلصا له, فما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, ( الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا) (الكهف1) وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له يخشى, ولا نظير له يرتجى, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله مصباح الدجى, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه في النهار إذا ضحى, والليل إذا سجى
أما بعد : فهذا تخريج الأحاديث الواقعة في التفسير المسمى ( بالكشاف ) الذي أخرجه الإمام أبو محمد الزيلعي (2), لخصته مستوفيا غير مخل بشيء من فوائده
وقد كنت تتبعت جملة كثيرة لا سيما من الموقوفات فاته تخريجها, إما سهوا و إما عمدا, ثم أخرت ذلك, و أضفته إلى المختصر من هذا التلخيص, واقتصرت في هذا على تجريد الأصل, والله المستعان (3)
__________
(1) - طبع في المكتب الإسلامي بيروت 1405هـ في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( سعيد عبدالرحمن القزقي ), وقد لخصه الحافظ, و ضمنه مقدمته ل( فتح الباري ) المسماة ( هدي الساري ) وهو فيها (ص21 ) إلى (94) طبعة دار الكتب العلمية
(2) - طبع في دار ابن خزيمة بالرياض 1414 في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( سلطان بن فهد الطبيشي ) وقد خرج أحاديثه أيضا الشيخ أحمد بن علي بن محد الغرباني, وفرغ من تأليفه سنة 763هـ ,وهو مخطوط ذكره الحبشي في كتابه( مصادر الفكر باليمن) (ص45)
(3) - طبع (الكافي) في دار عالم المعرفة بآخر ( تفسير الكشاف ) في المجلد الرابع في (190) صفحة, بدون تحقيق في دار عالم المعرفة, وطبع مرة أخرى مفرقا على مواضع أحاديث ( الكشاف ) في دار الكتب العلمية(3/166)
هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على نعمه التي لا تحصى عددا دائما أبدا, و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه و سلم, و شرف وكرم, ومجد وبجل وعظم
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, و الصلاة والسلام من الله سبحانه وتعالى على نبيه محمد وعلى آله محمد وصحبه ومتبعه رضي الله عنهم
أما بعد : فإني وقفت على كتاب ( المشكاة ) الذي لخصه الخطيب الفاضل ولي الدين محمد بن عبدالله التبريزي من كتاب ( المصابيح ) لأبي محمد الحسين بن عبدالله الفراء البغوي رحمة الله عليهما, وخرج فيه أحاديثه فعزاها على مخرجيها بحسب طاقته, وزاد في أبوابه فصولا مخرجه أيضا (1)
ثم وقفت على ( تخريج المصابيح ) لقاضي القضاة صدر الدين محمد بن إبراهيم المناوي رحمه الله (2), وقد سمعت عليه بعضه, فوجدت الأول قد أطال بإيراد الأحاديث, والثاني ساق الأحاديث أيضا بتمامها, وأطال النفس في التخريج, و تجاوز ذلك إلى بيان الغريب, وربما أَلَمَّ بنقل الخلاف وبيان الحكم, ثم وقفت على
__________
(1) - تقدمت مقدمة ( مشكاة المصابيح ) وفيه تبيين لمنهجه
(2) - سماه ( المناهج و التناقيح في تخريج أحاديث المصابيح ) وهو للشيخ صدر الدين أبي المعالي محمد بن إبراهيم بن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن السلمي المناوي ثم القاهري، الشافعي، المتوفى ، سنة 803(3/167)
( شرح المشكاة ) (1) للإمام شرف الدين الحسين بن عبدالله بن محمد الطيبي, فوجدته حدف العزو أصلا, و كتابه أحسن ما وضع على ( المصابيح ) لذكائه وتبحره في العلوم, وتأخره, فحداني ذلك إل أن ألخص في هذا الكتاب عزو الأحاديث إلى مخرجيها بألخص عبارة, لينتفع بذلك من تسمو همته ممن يشتغل في شرح ( المشكاة ) إلى الإطلاع على معرفة تلك الأحاديث, ولا سيما الفصل الثاني من ( المصابيح ) الذي اصطلح على تسمية ( لحسان ) وقد نوقش في هذه التسمية, وأجيب عنه بأنه لا مشاحة في الإصطلاح, و قد التزم في خطبته كتابه بأنه مهما أورد فيه من ضعيف, أو غريب, يشير إليه, وأنه أعرض عما كان منكرا, أو موضوعا
قلت : وقد وجدت في أثناء كلامه ما يقتضي مشاححته فيما تكلم عليه من ذلك الفصل الثاني من الإعراض عن بعض ما يكون منكرا, ووجدته ينقل تصحيح الترمذي أحيانا, وأحيانا لا ينقل ذلك, مع نص الترمذي على ذلك, ووجدت في أثناء الفصل الاول وهو الذي سماه ( الصحاح ) وذكر أنه يقتصر فيه على ما يخرجه الشيخان, أو أحدهما عدة روايات ليست فيهما, ولا في أحدهما لكن العذر عنه أنه يذكر أصل الحديث منهما, أو من أحدهما, ثم يتبع ذلك باختلاف في لفظ ولو بزيادة في نفس ذلك الخبر يكون بعض من خرج السنن أوردها, فيشير هو إليها لكمال الفائدة
فالتزمت في هذا التخريج أن أبين حال كل حديث من الفصل الثاني من كونه صحيحا, أو ضعيفا, أو منكرا, أو موضوعا, وما سكت عن بيانه فهو حسن
__________
(1) - هو المسمى ( الكشف عن حقائق السنن ) وقد تقدمت مقدمته(3/168)
وقد أخبرنا بجميع ( المصابيح ) إجازة الشيخ أبو إسحاق التنوخي, عن أبي نصر الشيرازي عن أبي المحاسن يوسف بن شداد, عن محمد بن الحسين العطاري, عن مصنفه, وأخبرنا بجميع ( المشكاة ) و( شرحها ) شيخنا مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي إجازة بجميع ( المشكاة ), عن جمال الدين حسين الأخلاطي, وشمس الدين القرشي, كلاهما عن الطيب والخطيب, وألحقت في كل فصل منه مما ألحقه صاحب ( المشكاة ) معزوا كما عزاه ما أغفله, ولم أسق المتون بتمامها غالبا , بل أوردت طرف الحديث الدال على بقيته , فمن أراد مراجعة بقية لفظه, وجدها في ( المصابيح ) أو في (المشكاة) أو في الكتاب الذي أعزوها إليه, وقد رمزت للمصنفين : فللبخاري ( خ ), ولمسلم ( م ), ولأبي داود ( د ), وللترمذي ( ت ), وللنسائي ( س ), و لابن ماجة ( ق ), ولمالك ( كاف ), وللشافعي ( شف ), ولأحمد ( أ ), و للدارمي ( مي ), وللدراقطني ( قط ), ولابن حبان ( حب ), ولابن خزيمة ( خز ), وللحاكم ( كم ) و للبيهقي ( هق ), وللمصنف في (شرح السنة) ( غس ), و لرزين في (جامعه) ( ز ), والمراد بالجماعة الستة المتقدم ذكرها, وبالخمسة الستة إلا ابن ماجة, وبالأربعة من عدا البخاري ومسلم, وبالثلاثة الشيخان و أحمد رحمهم الله في فصل الصحاح, و أصحاب السنن إلا ابن ماجة في غيره, و بالمتفق عليه البخاري و مسلم , وأكتفي برمزهما أو أحدهما غالبا
وقد رتبت الأصل هكذا وإذا قلت الجماعة فالمراد بهم الستة المقدمة, وإذا قلت الاربعة فهم إلا البخاري ومسلم, وإذا قلت الخمسة فهم إلا ابن ماجة, وإذا قلت الثلاثة فهم إلا البخاري ومسلم وابن ماجة, وإذا قلت متفق عليه فالمراد البخاري ومسلم, وأكتفى برمزهما أو أحدهما غالبا, فإن أخرجه غيرهما من الستة اكتفيت برمزه(3/169)
وهذا ترتيب الكتاب : الإيمان, والإعتصام, والعلم, والطهارة, الصلاة وفي آخره بعد صلاة العيدين, الأضحية, كتاب الجنائز, الزكاة, الصيام, فضائل القرآن, الدعوات, الإستغفار, الأذكار, والمناسك, البيوع, الفرائض, الوصايا, النكاح, العتق, الأيمان والنذور, القصاص, الديات, البغاة, الحدود, الإمارة, القضاء, الشهادات, الجهاد وفيه أداب السفر, و قسمة الغنيمة, والجزية, والصيد, والذبائح, الأطعمة, وفيه الضيافة, الأشربة, اللباس, الطب والرقى, الرؤيا, الأدب, البر والصلة, والرقاق, الفتن والملاحم, علامات الساعة, أحوال القيامة والجنة والنار, بدء الخلق, الفضائل والشمائل , جامع المناقب, والله سبحانه وتعالى أسأل عوني, وأرغب إليه أن يديم عن الخطأ والخطل صوني, إنه سميع مجيب (1)
الفتح السماوي في تخريج أحاديث تفسير البيضاوي للشيخ عبد الرؤوف المناوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الله أحمد أن جعلني من خدام أهل الكتاب و السنة النبوية, وجبلني على الاعتناء بتمييز صحيح الحديث وسقيمه من غير تحامل ولا عصبية, والصلاة والسلام على خير البرية, وعلى آله و صحبه ذوي المناقب العلية
وبعد : فيقول العبد المقصر القاصر, الراجي عفو الرءوف القادر, إنني قد وقفت على عدة تخاريج للأحاديث الواقعة في ( الكشاف ), ولم أقف على من أفرد تخريج الأحاديث الواقعة في ( تفسيرالقاضي ) طيب الله ثراه و جعل الجنة مثواه, بتأليف مستقل, مع دعاء الحاجة بل الضرورة إلى ذلك, أشد إذ منها الصحيح, والضعيف, والموضوع, وما لا أصل له, ولم يوقف له على خبر بالكلية
__________
(1) - طبع في دار ابن عفان الرياض 14220 في ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( علي حسن عبدالحميد الحلبي )(3/170)
فأفردت لذلك هذه العجالة, مع شغل البال, وسوء الحال, وكثرة الهموم, وترادف المصائب والغموم, حتى أصبحت القريحة قريحة, والجوارح جريحة, والدمع منهمل, والخاطر منكسر, إلى الله أشكو صدعة أذهبت بالي, فمن هولها ربع اصطباري غدا بالي
وسميته : ( الفتح السماوي بتخريج أحاديث القاضي البيضاوي ), ومن ممد الكون أستمد العون, وهو حسبي ونعم الوكيل (1)
التنكيت والإفادة في تخريج أحاديث خاتمة سفر السعادة للشيخ شمس الدين محمد بن حسن ابن همات الدمشقي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وكفى, وسلام على عباده الذين اصطفى
أما بعد : فهذا تخريج لطيف, وتحرير ان شاء الله تعالى منيف, على خاتمة (سفر السعادة) (2) للشيخ الامام مجد الدين الفيروابادي اللغوي روح الله تعالى روحه, ونور ضريحه, وهو كتاب نفيس غير أنه محتاج الى تنقيح وزيادة, وتنكيت وإفادة, ولم يتيسر لي الكتابة على جميع الكتاب, فاقتصرت على الخاتمة, و لخصت من كلام الأئمة ما هو الجم الغفير, ونبهت على ما فيه اعتراض من كلامه وتغيير, وعلى الله سبحانه اعتمادي, وعليه في كل الامور استنادي (3)
التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل للشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حَمْداً لا يَنْفد، أفضل ماينبغي أن يُحْمَد، وصلى الله وسلم على أفضل المصطَفَيْن محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تَعَبَّد
__________
(1) - طبع في دار العاصمة 1409هـ في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( أحمد مجتبى بن نذير السلفي ) وعدد أحاديثه
( 1051 ) حديثا
(2) - كتاب ( سفر السعادة ) طبع في دا ر لبنان 1408هـ بتحقيق ( عبدالعزيز عز الدين السيروان )
(3) - طبع في دار المأمون للتراث دمشق 1407هـ بتحقيق ( أحمد البرزة )(3/171)
أما بعد : فهذا كتابٌ في التخريج وجيزٌ سميتُه : ( التكميل لما فات تخريجه من إرواء الغليل ), خرجت فيه جملةً من الأحاديث والآثار التي جاءت في كتاب : ( منار السبيل شرح الدليل ) للشيخ الفقيه إبراهيم بن ضويان رحمه الله تعالى، مما لم يقفْ على مَخْرَجِها العلامةُ الشيخُ محمد ناصر الدين نوح نجاتي الأرنؤوط الألباني في كتابه : ( إرواء الغليل), وشرطي فيه أن أخرج مالم يخرجه الألبان,ي بأن ذكر الحديث وجعله غفلاً من التخريج، أو قال في تخريجه : لم أقف عليه, أو لم أجده ونحوهما من العبارات المفيدة أنه لم يَعْثُر على مخرج الحديث, أو الأثر، وكذا ماعزاه في ( منار السبيل ) لأحد الأئمة ولم يخرجُه الألباني من ذلك المصدر، ونحو ذلك مما ستراه، إلا قليلاً خرج عن ذلك, وتركتُ فيه التطويلَ في التراجم، وذكرَ أقوال أهل الجرح والتعديل في الرواة، ولو نقلت الكلام عليهم لصار الكتاب أضعاف حجمه, كما هو معلوم عند المشتغلين بالحديث وعلومه .
ومرادي بقولي : قال المصنف ابن ضويان رحمه الله، وبـ قال مخرجه الألباني ختم الله لي وله براه, ، وبقال مقيده نفسي, والله أسأل أن ينفع به كما نفع بأصله, وصلى الله على سيد ولد آدم والآل والصحب أجمعين.(1)
كتب معرفة الصحابة
الاستيعاب في معرفة الأصحاب للحافظ أبي عمر بن عبد البر القرطبي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري الفقيه الحافظ الأندلسي رحمه الله : بحمد الله أبدىء, وإياه أستعين وأستهدي, وهو ولي عصمتى من الزلل في القول والعمل, وولى توفيقي لا شريك له, ولا حول ولا قوة إلا به, الحمد الله رب العالمين, جامع الأولين و الآخرين, ليوم الفصل والدين,حمدا يوجب رضاه, ويقتضي المزيد من فضله ونعماه, وصلى الله على محمد نبي الرحمة وهادي الأمة وخاتم النبوة, وعلى آله أجمعين وسلم تسليما
__________
(1) - طبع في دار العاصمة(3/172)
أما بعد : فإن أولى ما نظر فيه الطالب وعني به العالم بعد كتاب الله عز وجل سنن رسوله صلى لله عليه وآله وسلم, فهي المبنية لمراد الله عز وجل من مجملات كتابه, والدالة على حدوده والمسرة له, والهادية إلى الصراط المستقيم صراط الله من اتبعها اهتدى, ومن سلك غير سبيلها ضل وغوى, وولاه الله ما تولى, ومن أوكد آلات السنن المعنية عليها و المؤدية إلى حفظها معرفة الذين نقلوها عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة, وحفظوها عليبه وبلغوها عنه وهم صحابته الحواريون الذين وعوها وأدوها ناصحين محسنين, حتى أكمل بما نقلوه الدين, وثبت بهم حجة الله تعالى على المسلمين, فهم خير القرون وخير أمة أخرجت للناس, ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز وجل عليهم, وثناء رسوله عليه السلام, و لا أعدل ممن ارتضاه الله لصحبة نبيه ونصرته, ولا تزكية أنضل من ذلك, ولا تعديل أكمل منه, قال الله تعالى : ( مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ الآية)(الفتح:29)
فهذه صفة من بادر إلى تصديقه, والإيمان به, وآزره ونصره ولصق به و صحبه, وليس كذلك جميع من رآه, ولا جميع من آمن به, وسترى منازلهم من الدين والإيمان, وفضائل ذوي الفضل و التقدم منهم, فالله قد فضل بعض النبيين على بعض, وكذلك سائر المسلمين, والحمد الله رب العالمين, وقال عز وجل : ( و َالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ,الآية ...) (التوبة:100)
[ وأسند أحاديث في فضائل الصحابة ](3/173)
وبعد : فإن العلم محيط بأن السنن أحكام جارية على المرء في دينه, في خاصة نفسه, وفي أهله وماله, ومعلوم أن من حكم بقوله وقضى بشهادته فلا بد من معرفة اسمه, ونسبه, وعدالته, والمعرفة بحاله, ونحن وإن كان الصحابة - رضي الله عنهم - قد كفينا البحث عن أحوالهم, لإجماع أهل الحق من المسلمين وهم أهل السنة والجماعة على أنهم كلهم عدول, فواجب الوقوف على أسمائهم, والبحث عن سيرهم, وأحوالهم ليهتدي بهديهم, فهم خير من سلك سبيله, واقتدى به, وأقل ما في ذلك معرفة المرسل من المسند, وهو علم جسيم لا يعذر أحد ينسب إلى علم الحديث بجهله, ولا خلاف علمته بين العلماء أن الوقوف على معرفة أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أوكد علم الخاصة, وأرفع علم أهل الخبر, وبه ساد أهل السير, وما أظن أهل الدين من الأديان إلا وعلماؤهم معنيون بمعرفة أصحاب أنبيائهم, لأنهم الواسطة بين النبي وبين أمته,
وقد جمع قوم من العلماء في ذلك كتبا صنفوها, ونظرت إلى كثير مما صنفوه في ذلك, وتأملت ما ألفوه, فرأيتهم رحمة الله عليهم قد طولوا في بعض ذلك, وأكثروا من تكرار الرفع في الأنساب, ومخارج الروايات, وهذا وإن كان له وجه فهو تطويل على من أحب علم يعتمد عليه من أسمائهم ومعرفتهم, وهم مع ذلك قد أضربوا عن التنبيه على عيون أخبارهم, التى يوقف بها على مراتبهم, ورأيت كل واحد منهم قد وصل إليه من ذلك شيء ليس عند صاحبه
فرأيت أن أجمع ذلك, وأختصره وأقربه على من أراده, وأعتمد في ذلك على النكت التى هي البغية من المعرفة بهم, و أشير إلى ذلك بألطف ما يمكن, وأذكر عيون فضائل ذي الفضل منهم وسابقته ومنزلته, وأبين مراتبهم بأوجز ما تيسر و أبلغه, ليستغني اللبيب بذلك, ويكفيه عن قراءة التصنيف الطويل فيه(3/174)
وجعلته على حروف المعجم, ليسهل على من ابتغاه, ويقرب تناوله على طالب ما أحب منه, رجاء ثواب الله عز وجل وإلى الله أرغب, وسلامة النية وحسن العون على ما يرضاه, فإن ذلك به لا شريك له, وأرجو أن يكون كتابي هذا أكبر كتبهم تسمية, وأعظمها فائدة, وأقلها مثونة, على أني لا أدعي الإحاطة, بل أعترف بالتقصير الذي هو الأغلب على الناس, وبالله أستعين وهو حسبي ونعم الوكيل
وأعتمد في هذا الكتاب على الأقوال المشهورة عند أهل العلم بالسير, وأهل العلم بالأثر والأنساب, على التواريخ المعروفة, التى عليها عول العلماء, في معرفة أيام الإسلام, وسير أهله
[ وذكر أسانيده إلى كتب موسى بن عقبة, وابن إسحاق, والواقدي في كتاب ( الطبقات ) له,(التاريخ ), و خليفة بن خياط, و [ الزبير بن بكار ], ومصعب بن عبدالله والمدائني من كتاب ابن أبي خثيمة عنهما, وكذلك ما كان فيه عن أبي معشر فمن كتاب ابن أبي خثيمة أيضا, وما كان فيه عن البخاري فمن كتابه الكبير في تاريخ المحدثين, وما كان فيه من تاريخ أبي العباس محمد بن إسحاق بن إبراهيم السراج فمن طريق أبي جعفر الطبري في كتابه ( ذيل الذيل ), وما كان فيه عن الدولاني فمن كتابه ( المولد والوفاة )(3/175)
وأما ما فيه من تسمية الرواة من الصحابة - رضي الله عنهم - دون من قتل في المشاهد منهم أو مات على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , أو أدركه بمولده, أو كانت له لقية, أو رواية, أو كان مسلما على عهده ولم يره, فإن هذه الطبقات كثير منها مذكور في الكتب التى قدمنا ذكرها, وما عداهم من الرواة خاصة, فمن كتاب أبي علي بن عثمان بن السكن الحافظ المعروف بكتاب ( الحروف في الصحابة ), ومن كتاب ( الآحاد ) لأبي محمد عبدالله بن محمدالجارود في الصحابة, ومن كتاب أبي جعفر العقيلي محمد بن عمرو بن موسى المكي في ( الصحابة ), وقد طالعت أيضا كتاب ابن أبي حاتم الرازي, وكتاب الأزرق والدولابي والبغوي في الصحابة, وفي كتابي هذا من غير هذه الكتب من منثور الروايات والفوائد والمعلقات عن الشيوخ مالا يخفى على متأمل ذي عناية والحمد الله ](3/176)
ولم أقتصر في هذا الكتاب على ذكر من صحت صحبته ومجالسته, حتى ذكرنا من لقي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو لقية واحدة, مؤمنا به, أو رآه رؤية, أو سمع منه لفظة, فأداها عنه, واتصل ذلك بنا على حسب روايتنا, وكذلك ذكرنا من ولد على عهده من أبوين مسلمين, فدعا له, أو نظر إليه, وبارك عليه, ونحو هذا, ومن كان مؤمنا به وقد أدى الصدقة إليه, ولم يرد عليه, وبهذا كله يستكمل القرن الذي أشار عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ما قاله عبدالله عن أبي أوفى صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد ذكرنا أنساب القبائل من الرواة من قريش والأنصار,وسائر العرب في كتاب ( الإنباه على القبائل الرواة ), و جعلناه مدخلا ل هذا الكتاب, ليغنينا عن الرفع في الأنساب, ويعيننا على ما شرطناه من الاختصار والتقريب, وبالله العون, لا شريك له, ونبدأ بذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ونقتصر من خبره وسيرته على النكت التى يجب الوقوف عليها, ولا يليق بذي علم جهلها, وتحسن المذاكرة بها, لتتم الفائدة للعالم الراغب, والمتعلم الطالب, في التعرف بالمصحوب والمصاحب, مختصرا ذلك أيضا موعبا مغنيا, عما سواه كافيا, ثم نتبعه ذكر الصحابة بابا بابا, على حروف المعجم, على ما شرطنا من التقصي و الاستيعاب مع الاختصار, وترك التطويل والإكثار, وبالله عز وجل أتوصل إلى ذلك كله, وهو حسبي, عليه توكلت, و إليه أنيب (1)
أسد الغابة في معرفة الصحابة لابن الأثير الجزري
__________
(1) - طبع ( الاستيعاب ) في مطبعة السعادة بمصر 1328 في ( 4 ) مجلدات وبهامشه كتاب ( الإصابة ), وقد صورت هذه الطبعة في دار إحياء التراث العربي وغيرها, و طبع في مطبعة نهضة مصر 1960 في( 4 ) مجلدات بتحقيق ( علي محمد البجاوي ),ثم في دار الكتب العلمية 1996 بتحقيق ( عادل عبد الموجود ) و ( علي معوض ) وعدد تراجمه ( 3659 ) ترجمة(3/177)
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ الإمام العالم، الحافظ البارع الأوحد، بقية السلف عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري، المعروف ب"ابن الأثير - رضي الله عنه - :
الحمد لله الذي هدانا لهذا, وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، و الحمد لله المنزه عن أن يكون له نظراء وأشباه، المقدس فلا تقرب الحوادث حماه، الذي اختار الإسلام ديناً وارتضاه، فأرسل به محمد - صلى الله عليه وسلم - واصطفاه، وجعل له أصحاباً فاختار كلاً منهم لصحبته واجتباه، وجعلهم كالنجوم بأيهم اقتدى الإنسان اهتدى إلى الحق واقتفاه، فصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة توجب لهم رضاه، أحمده على نعمه كلها حمداً يقتضي الزيادة من نعمه، ويجزل لنا النصيب من قسمه.(3/178)
أما بعد : فلا علم أشرف من علم الشريعة, فإنه يحصل به شرف الدنيا والآخرة، فمن تحلى به فقد فاز بالصفقة الرابحة، والمنزلة الرفيعة الفاخرة، ومن عري منه فقد حظي بالكرة الخاسرة, والأصل في هذا العلم كتاب الله عز وجل، وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - فأما الكتاب العزيز فهو متواتر مجمع عليه, غير محتاج إلى ذكر أحوال ناقليه، وأما سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهي التي تحتاج إلى شرح أحوال رواتها, وأخبارهم,.وأول رواتها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ولم يضبطوا ولا حفظوا في عصرهم,كما فعل بمن بعدهم من علماء التابعين وغيرهم إلى زماننا هذا, لأنهم كانوا مقبلين على نصرة الدين, وجهاد الكافرين, إذ كان المهم الأعظم, فإن الإسلام كان ضعيفاً وأهله قليلون، فكان أحدهم يشغله جهاده ومجاهدة نفسه في عبادته عن النظر في معيشته, والتفرغ لمهم، ولم يكن فيهم أيضاً من يعرف الخط إلا النفر اليسير، ولو حفظوا ذلك الزمان لكانوا أضعاف من ذكره العلماء، ولهذا اختلف العلماء في كثير منهم, فمنهم من جعله بعض العلماء من الصحابة، ومنهم من لم يجعله فيهم، ومعرفتهم أمورهم, وأحوالهم, وأنسابهم, وسيرتهم مهم في الدين(3/179)
ولا خفاء على من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد أن من تبوأ الدار والإيمان من المهاجرين و الأنصار السابقين إلى الإسلام والتابعين لهم بإحسان الذين شهدوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسمعوا كلامه, وشاهدوا أحواله, ونقلوا ذلك إلى من بعدهم من الرجال و النساء, من الأحرار والعبيد والإماء أولى بالضبط و الحفظ، وهم الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم, أولئك لهم الأمن و هم مهتدون, بتزكية الله، سبحانه و تعالى لهم, وثنائه عليهم، ولأن السنن التي عليها مدار تفصيل الأحكام, ومعرفة الحلال والحرام, إلى غير ذلك من أمور الدين، إنما ثبتت بعد معرفة رجال أسانيدها ورواتها، و أولهم والمقدم عليهم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, فإذا جهلهم الإنسان كان بغيرهم أشد جهلاً، وأعظم إنكاراً، فينبغي أن يعرفوا بأنسابهم, و أحوالهم, هم وغيرهم من الرواة، حتى يصح العمل بما رواه الثقات منهم، وتقوم به الحجة, فإن المجهول لا تصح روايته، ولا ينبغي العمل بما رواه، والصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك إلا في الجرح و التعديل, فإنهم كلهم عدول, لا يتطرق إليهم الجرح, لأن الله عز وجل ورسوله زكياهم, وعدلاهم، وذلك مشهور لا نحتاج لذكره، ويجيء كثير منه في كتابنا هذا، فلا نطول به هنا
وقد جمع الناس في أسمائهم كتباً كثيرة، ومنهم من ذكر كثيراً من أسمائهم في كتب الأنساب, والمغازي, و غير ذلك، و اختلفت مقاصدهم فيها، إلا أن الذي انتهى إليه جمع أسمائهم الحافظان أبو عبد الله بن منده(1)
__________
(1) - ابن منده هو الإمام الحافظ المحدث الجوال محدث العصر أبو عبد الله أبي يعقوب إسحاق بن الحافظ أبي عبد الله محمد بن زكريا يحيى بن منده, قال الذهبي : ولم يبلغنا أن أحدا من هذه الأمة سمع ما سمع ولا جمع ما جمع وكان ختام الرحالين وفرد المكثرين مع الحفظ والمعرفة والصدق وكثرة التصانيف توفي سنة 395هـ
( طبقات الحفاظ )(1\408\924)(3/180)
, وأبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصفهانيان (1)، والإمام أبو عمر بن عبد البر القرطبي - رضي الله عنهم -، وأجزل ثوابهم، وحمد سعيهم، وعظم أجرهم وأكرم مآبهم, فلقد أحسنوا فيما جمعوا، وبذلوا جهدهم, وأبقوا بعدهم ذكراً جميلاً, فالله تعالى يثيبهم أجراً جزيلاً, فإنهم جمعوا ما تفرق منه, فلما نظرت فيها رأيت كلاً منهم قد سلك في جمعه طريقاً غير طريق الآخر، وقد ذكر بعضهم أسماء لم يذكرها صاحبه، وقد أتى بعدهم الحافظ أبو موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى الأصفهاني (2)، فاستدرك على ابن منده ما فاته في كتابه، فجاء تصنيفه كبيراً نحو ثلثي كتاب ابن منده
__________
(1) - هو الحافظ الإمام الكبير صاحب ( حلية الأولياء ) المتوفى سنة 430هـ
(2) - هو الحافظ الكبير شيخ الإسلام أبو موسى محمد بن أبي بكر عمر المديني الإصبهاني, صاحب التصانيف, سمع الكثير و رحل وعني بهذا الشأن وانتهى إليه التقدم فيه له ( الطوالات ) و( تتمة الغريبين ) و( عوالي التابعين ) وغير ذلك توفي لى سنة 581هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\477\1060)(3/181)
فرأيت أن أجمع بين هذه الكتب، وأضيف إليها ما شذ عنها ما استدركه أبو علي الغساني، علي أبي عمر بن عبد البر، كذلك أيضاً ما استدركه عليه آخرون وغير من ذكرنا فلا نطول بتعداد أسمائهم هنا، ورأيت ابن منده وأبا نعيم وأبا موسى عندهم أسماء ليست عند ابن عبد البر، وعند ابن عبد البر أسماء ليست عندهم. فعزمت أن أجمع بين كتبهم الأربعة، وكانت العوائق تمنع, والأعذار تصد عنه، وكنت حينئذ ببلدي, وفي وطني، وعندي كتبي, وما أراجعه من أصول سماعاتي، وما أنقل منه، فلم يتيسر ذلك لصداع الدنيا و شواغلها,.فاتفق أني سافرت إلى البلاد الشامية عازماً على زيارة البيت المقدس جعله الله سبحانه وتعالى داراً للإسلام أبداً, فلما دخلتها اجتمع بي جماعة من أعيان المحدثين، وممن يعتني بالحفظ والإتقان فكان فيما قالوه: إننا نرى كثيراً من العلماء الذين جمعوا أسماء الصحابة يختلفون في النسب و الصحبة والمشاهد التي شهدها الصاحب, إلى غير ذلك من أحوال الشخص, ولا نعرف الحق فيه، وحثوا عزمي على جمع كتاب لهم في أسماء الصحابة - رضي الله عنهم -, أستقصي فيه ما وصل إلي من أسمائهم، وأبين فيه الحق فيما اختلفوا فيه، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, مع الإتيان بما ذكروه, واستدراك ما فاتهم، فاعتذرت إليهم بتعذر وصولي إلى كتبي وأصولي, و أنني بعيد الدار عنها، ولا أرى النقل إلا منها, فألحوا في الطلب, فثار العزم الأول وتجدد عندي ما كنت أحدث به نفسي، وشرعت في جمعه, والمبادرة إليه، وسألت الله تعالى أن يوفقني إلى الصواب في القول والعمل، وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم بمنه وكرمه.(3/182)
واتفق أن جماعة كانوا قد سمعوا علي أشياء بالموصل, وساروا إلى الشام فنقلت منها أحاديث مسندة, وغير ذلك، ثم إنني عدت إلى الوطن بعد الفراغ منه, وأردت أن أكثر الأسانيد, وأخرج الأحاديث التي فيه بأسانيدها، فرأيت ذلك متعباً يحتاج أن أنقض كل ما جمعت، فحملني الكسل وحب الدعة والميل إلى الراحة إلى أن نقلت ما تدعو الضرورة إليه، مما لا يخل بترتيب، ولا يكثر إلى حد الإضجار والإملال.وأنا أذكر كيفية وضع هذا الكتاب، ليعلم من يراه شرطنا وكيفيته، والله المستعان
فأقول : إني جمعت بين هذه الكتب كما ذكرته قبل، وعلمت على الاسم علامة ابن منده صورة ( د ), و علامة أبي نعيم صورة ( ع )، وعلامة ابن عبد البر صورة ( ب ), وعلامة أبي موسى صورة ( س ), فإن كان الاسم عند الجميع علمت عليه جميع العلائم، وإن كان عند بعضهم علمت عليه علامته، وأذكر في آخر كل ترجمة اسم من أخرجه, وإن قلت أخرجه الثلاثة فأعني ابن منده وأبا نعيم وأبا عمر بن عبد البر, فإن العلائم ربما تسقط من الكتابة وتنسى
ولا أعني بقولي أخرجه فلان وفلان أو الثلاثة أنهم أخرجوا جميع ما قلته في ترجمته, فلو نقلت كل ما قالوه لجاء الكتاب طويلاً, لأن كلامهم يتداخل, ويخالف بعضهم البعض في الشيء بعد الشيء، وإنما أعني أنهم أخرجوا الاسم,.ثم إني لا أقتصر على ما قالوه إنما أذكر ما قاله غيرهم من أهل العلم، وإذا ذكرت اسماً ليس عليه علامة أحدهم، فهو ليس في كتبهم. ورأيت ابن منده وأبا نعيم قد أكثرا من الأحاديث والكلام عليها، وذكرا عللها، ولم يكثرا من ذكر نسب الشخص، ولا ذكر شيء من أخباره وأحواله، وما يعرف به(3/183)
ورأيت أبا عمر قد استقصى ذكر الأنساب وأحوال الشخص ومناقبه، وكل ما يعرفه به، حتى إنه يقول: هو ابن أخي فلان وابن عم فلان وصاحب الحادثة الفلانية، وكان هذا هو المطلوب من التعريف, أما ذكر الأحاديث وعللها وطرقها فهو بكتب الحديث أشبه, إلا أني نقلت من كلام كل واحد منهم أجوده وما تدعو الحاجة إليه طلباً للاختصار، ولم أخل بترجمة واحدة من كتبهم جميعها, بل أذكر الجميع، حتى إنني أخرج الغلط كما ذكره المخرج له، وأبين الحق والصواب فيه إن علمته, إلا أن يكون أحدهم قد أعاد الترجمة بعينها، فأتركها, وأذكر ترجمة واحدة، وأقول: قد أخرجها فلان في موضعين من كتابه,.وأما ترتيبه ووضعه فإنني جعلته على حروف أ، ب، ت، ث، ولزمت في الاسم الحرف الأول والثاني الثالث وكذلك إلى آخر الاسم، وكذلك أيضاً في اسم الأب والجد ومن بعدهما والقبائل أيضاً.مثاله: أنني أقدم ( أبانا ) على ( إبراهيم ), لأن ما بعد الباء في ( أبان ) ألف، وما بعدها في ( إبراهيم ) راء، وأقدم ( إبراهيم بن الحارث )، على ( إبراهيم بن خلاد ), لأن ( الحارث ) بحاء مهملة و( خلاد ) بخاء معجمة، وأقدم ( أبانا العبدي ) على ( أبان المحاربي )
وكذلك أيضاً فعلت في التعبيد, فإني ألزم الحرف الأول بعد عبد، وكذلك في الكنى فإني ألزم الترتيب في الاسم الذي بعد ( أبو ) فإني أقدم ( أبا داود ) على ( أبي رافع )، وكذلك في الولاء، فإني أقدم ( أسود مولى زيد) على ( أسود مولى عمرو ), وإذا ذكر الصحابي ولم ينسب إلى أب, بل نسب إلى قبيلة, فإنني أجعل القبيلة بمنزلة الأب, مثاله: ( زيد الأنصاري ) أقدمه على ( زيد القرشي )، ولزمت الحروف في جميع أسماء القبائل, وقد ذكروا جماعة بأسمائهم، ولم ينسبوهم إلى شيء، فجعلت كل واحد منهم في آخر ترجمة الاسم الذي سمعي به مثاله: ( زيد ), غير منسوب، جعلته في آخر من اسمه زيد, وأقدم ما قلت حروفه على ما كثرت, مثال: أقدم ( الحارق ) على ( حارثه ).(3/184)
وقد ذكر ابن منده، وأبو نعيم، وأبو موسى في آخر الرجال والنساء جماعة من الصحابة والصحابيات لم تعرف أسماؤهم, فنسبوهم إلى آبائهم, فقالوا: ابن فلان، وإلى قبائلهم وإلى أبنائهم، وقالوا: فلان عن عمه، وفلان عن جده وعن خاله، وروى فلان عن رجل من الصحابة, فرتبتهم أولاً بأن ابتدأت بابن فلان، ثم بمن روى عن أبيه, لأن ما بعد الباء في ابن نون، وما بعدها في أبيه ياء، ثم بمن روى عن جده، ثم عن خاله، ثم عن عمه, لأن الجيم قبل الخاء، وهما قبل العين، ثم بمن نسب إلى قبيلة، ثم بمن روى عن رجل من الصحابة
ثم رتبت هؤلاء أيضاً ترتيباً ثانياً, فجعلت من روى عن ابن فلان مرتبين على الآباء، مثاله: ابن الأدرع أقدمه على ابن الأسقع، وأقدمهما على ابن ثعلبة، وأرتب من روى عن أبيه على أسماء الآباء، مثاله: إبراهيم عن أبيه أجعله قبل الأسود عن أبيه، وجعلت من روى عن جده على أسماء الأحفاء، مثال: أقدم جد الصلت على جد طلحة وجعلت من روى عن خاله على أسماء أولاد الأخوات، مثاله: أقدم خال البراء على خال الحارث، ومن روى عن عمه جعلتهم على أسماء أولاد الإخوة، مثاله: عم أنس مقدم على عم جبر، ومن نسب إلى قبيلته ولم يعرف اسمه جعلتهم مرتبين على أسماء القبائل, فإنني أقدم الأزدي على الخثعمي
وقد ذكروا أيضاً جماعة لم يعرفوا إلا بصحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرتبتهم على أسماء الراوين عنهم، مثاله: ( أنس بن مالك ) عن رجل من الصحابة أقدمه على ( ثابت بن السمط )عن رجل من الصحابة, وإن عرفت في هذا جميعه اسم الصحابي ذكرت اسمه, ليعرف ويطلب من موضعه(3/185)
ورأيت جماعة من المحدثين إذا وضعوا كتابا على الحروف يجعلون الاسم الذي أوله ( لا )، مثل: ( لاحق ), و(لاشر ) في باب مفرد عن حرف اللام، وجعلوه قبل الياء، فجعلتها أنا من حرف الله في باب اللام مع الألف, فهو أصح وأجود، وكذلك أفعل في النساء سواء, وإذا كان أحد من الصحابة مشهوراً بالنسبة إلى غير أبيه ذكرته بذلك النسب: ك ( شرحبيل ابن حسنة )، أذكره فيمن أول اسم أبيه حاء، ثم أبين اسم أبيه، ومثل ( شريك ابن السحماء )، وهي أمه، أذكره أيضاً فيمن أول اسم أبيه سين، ثم أذكر اسم أبيه، أفعل هذا قصداً للتقريب وتسهيل طلب الاسم.
وأذكر الأسماء على صورها التي ينطق بها, لا على أصولها، مثل: ( أحمر )، أذكره في الهمزة, ولا أذكره في الحاء، ومثل ( أسود ) في الهمزة أيضاً، ومثل ( عمار ) أذكره في ( عمار ) ولا أذكره في ( عمر ), لأن الحرف المشدد حرفان الأول منهما ساكن, فعلته طلباً للتسهيل, وأقدم الاسم في النسب على الكنية، إذا اتفقا، مثاله: أقدم ( عبد الله بن ربيعة ) على: ( عبد الله بن أبي ربيعة )
وأذكر الأسماء المشتبهة في الخط وأضبطها بالكلام لئلا تلتبس, فإن كثيراً من الناس يغلطون فيها، وإن كانت النعتية التي ضبطها تعرف الاسم وتبينه، ولكني أزيده تسهيلاً ووضوحاً، مثال ذلك: ( سلمة ) في الأنصار، بكسر اللام، والنسبة إليه سلمي، بالفتح في اللام والسين، وأما ( سليم ) فهو ابن منصور من قيس عيلان,.وأشرح الألفاظ الغريبة التي ترد في حديث بعض المذكورين في آخر ترجمته.(3/186)
وأذكر في الكتاب فصلاً يتضمن ذكر الحوادث المشهورة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، كالهجرة إلى الحبشة، وإلى المدينة، وبيعة العقبة، وكل حادثة قتل فيها أحد من الصحابة, فإن الحاجة تدعو إلى ذلك, لأنه يقال: أسلم فلان قبل دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم، أو وهو فيها، وهاجر فلان إلى الحبشة، وإلى المدينة، وشهد بدراً، وشهد بيعة العقبة، وبيعة الرضوان، وقتل فلان في غزوة، كذا أذكر ذلك مختصراً, فليس كل الناس يعرفون ذلك ففيه زيادة كشف.(3/187)
وأذكر أيضاً فصلاً أضمنه أسانيد الكتب التي كثر تخريدي منها, لئلا أكرر الأسانيد في الأحاديث طلباً للاختصار, وقد ذكر بعض مصنفي معارف الصحابة جماعة ممن كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يره، ولم يصحبه ساعة من نهار، كالأحنف بن قيس وغيره، ولا شبهة في أن الأحنف كان رجلاً في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يره, ودليل أنه كان رجلاً في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدومه على عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في وفد أهل البصرة، وهو رجل من أعيانهم، والقصة مشهورة إلا أنه لم يفد إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يصحبه، فلا أعلم لم ذكروه وغيره ممن هذه حاله ? , فإن كانوا ذكروهم لأنهم كانوا موجودين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسلمين فكان ينبغي أن يذكروا كل من أسلم في حياته ووصل إليهم اسمه، لأن الوفود في سنة تسع وسنة عشر قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -من سائر العرب بإسلام قومهم, فكان ينبغي أن يذكروا الجميع قياساً على من ذكروه,.وأذكر فيه في فصل جميع ما في هذا الكتاب من الأنساب، وجعلتها على حروف المعجم، ولم أذكر من الأنساب إلا ما في هذا الكتاب، لئلا يطول ذلك، وإنما فعلت ذلك, لأن بعض من وقف عليه من أهل العلم والمعرفة أشار به, ففعلته، وليكون هذا الكتاب أيضاً جامعاً لما يحتاج إليه الناظر فيه, غير مفتقر إلى غيره, وما يشاهده الناظر في كتابي هذا من خطأ ووهم فليعلم أني لم أقله من نفسي، وإنما نقلته من كلام العلماء وأهل الحفظ والإتقان، ويكون الخطأ يسيراً إلى ما فيه من الفوائد والصواب، ومن الله سبحانه استمد الصواب في القول والعمل، فرحم الله امرأ أصلح فاسده، ودعا لي بالمغفرة والعفو عن السيئات، و أن يحسن منقلبنا إلى دار السلام عند مجاورة الأموات والسلام.(1)
__________
(1) - طبع ( أسد الغابة )في دار الشعب مصر 1390 بتحقيق ( محمد إبراهيم البنا ) و( محمد أحمد عاشور ), وفيدار الكتب العلمية1994 في( 7 ) مجلدات بتحقيق ( عادل عبد الموجود ) و( علي معوض ) وعدد تراجمه ( 7711 ) ترجمة, واختصر (أسد الغابة) الحافظ النووي, قال السيوطي في (تدريب الراوي) (ص378) : ولم يشتهر هذا المختصر اهـ , واختصره أيضا الشيخ محمد بن محمد الكاشغري النحوي اللغوي المتوفى سنة 705هـ , وهو مخطوط في (شستر بتي)(3213), واختصره الحافظ الذهبي وهو المسمى ( تجريد أسماء الصحابة ) في مجلدين وهو مطبوع، واختصره الشيخ الفقيه بدر الدين محمد بن أبي زكريا يحيى القدسي الحنفي الواعظ, وسماه ( درر الآثار وغرر الأخبار ) ذكره في (كشف الظنون)(1\82)
ومؤلفه هو العلامة عز الدين أبو الحسن علي بن محمد الشيباني الجزري المؤرخ الحافظ المعروف بابن الأثير, كان إماما نسابة مؤرخا أخباريا أديبا,صنف التاريخ المشهور ( بالكامل ) في عشر مجلدات, واختصر الأنساب لأبي سعد السمعاني وهذبه غير ذلك, توفي سنة 630هـ ( طبقات ابن قاضي شهبة )(2\80)(3/188)
تجريد أسماء الصحابة للحافظ الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, وهو حسبي ونعم الوكيل, الحمد لله العلي الأعلى, الذي خلق فسوى, وقدر فهدى, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ذو الصفات العلى, والأسماء الحسنى, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, النبي المصطفى, والخليل المجتبى, صلى الله عليه وعلى آله أهل الفضل والتقوى
وبعد : فهذا تجريد أسماء الصحابة الذي صنفه العلامة عز الدين أبو الحسن علي بن الأثير محمد بن محمد بن عبد الكريم الجزري رحمه الله, ورضي عنه, فإنه كتاب نفيس مستقصى لأسماء الصحابة - رضي الله عنه - الذين ذكروا في الكتب الأربعة المصنفة في معرفة الصحابة : كتاب أبي عبد الله بن منده, وكتاب أبي نعيم, وكتاب أبي موسى الأصبهانييين, وهو ذيل على كتاب ابن منده, وكتاب أبي عمر ابن عبد البر, وما زاده أيضا المصنف عز الدين, و قد علم المصنف على الصحابي إذا كان في هذه الكتب الأربعة أو أحدها ( د ), إذا كان في كتاب ابن منده, و( ع ) إذا كان في كتاب أبي نعيم, و( ب ) إذا كان في كتاب ابن عبد البر, و( س ) إذا كان في كتاب أبي موسى
وزدت أنا طائفة كثيرة من ( تاريخ الصحابة الذين نزلوا حمص), وزدت من ( تاريخ دمشق ) كثيرا, و زدت من ( مسند أحمد ) طائفة, وزدت من ( عدد الصحابة الذين في مسند بقي بن مخلد ) جماعة (1), و زدت من حواشي على ( الاستيعاب ) عدة, ولا سيما من ( طبقات محمد بن سعد ) خصوصا النساء
__________
(1) - أي في ( المسند ) للحافظ أبي عبد الرحمن بقي بن مخلد القرطبي صاحب (التفسير) الجليل, و(المسند) الكبير, قال ابن حزم : كان ذا خاصة من أحمد بن حنبل وجاريا في مضمار البخاري ومسلم والنسائي, توفي سنة 276هـ, و( مسنده ) ذكره ابن خير في ( فهرسته ) وقال : في نحو ( 200 ) جزء, وذكر الذهبي في (السير) (11\631) أن الحافظ أبا محمد عبد الله بن محمد بن حسن الكلاعي الصائغ المتوفى سنة 318هـ اختصره(3/189)
وزدت أنا أسماء الصحابة الشعراء الذين دونهم الإمام أبو الفتح بن سيد الناس (1), والاسم منهم مخضر, ومن حمر اسمه فهو تابعي, وخبره مرسل
ومن ضبب عليه بحمرة فهو غلط,ومن عليه ( ع ) فرووا له في الكتب الستة, وكذا من عليه رمز أحد الستة فقد خرج له في كتابه, و من عليه, ( هـ ) فهو في ( مسند أحمد ), ومن أوله ( د ) فقد روى له بقي حديثا واحدا, ومن أوله ( س ) فله حديثان عند بقي
وقد قال الشافعي : توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون ستون ألفا, ثلاثون ألفا بالمدينة, وثلاثون ألفا بغيرها, وقال أبو زرعة توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان, قال الحاكم : روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعة آلاف نفس, قلت: بل لعل الرواية عنه نحو ألف وخمسمائة نفس بالغون ألفين أبدا, وأظن أن المذكورين في كتابي هذا يبلغون ثمانية ألف نفس (2)
__________
(1) - في كتابه ( منح المدح ) أو (شعراء الصحابة الذين مدحوا الرسول أو رثاه), طبع في دار الفكر بيروت
(2) - قال الحافظ في ( الإصابة ) : قرأت بخط الحافظ الذهبي من ظهر كتبه ( التجريد ): لعل الجميع ثمانية آلاف, إن لم يزيدوا لم ينقصوا, ثم رأيت بخطه أن جميع من في ( أسد الغابة ) سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسون نفسا(3/190)
وأكثرهم لا يعرفون, ثم ذكر ابن الأثير فصلا في ذكر أسانيده الى الكتب التي يخرج منها الأحاديث, فذكر سنده إلى الثعلبي ( بتفسيره ) (1), الى الواحدي ( بوسيطه) (2), والى البخاري من طريق أبي الوقت, وإلى مسلم عن يحيى الثقفي أنبأنا الفراوي, والى مالك ( بموطأه ) من طريق المغاربة, وإليه بالكتاب طريق القعنبي, والى الإمام أحمد ( بمسنده ) سمعه من أبي حبة, وإلى أبي داود الطيالسي ( بمسنده ), والى الترمذي ( بجامعه ), وإلى أبي داود ( بسننه), وإلى النسائي
( بسننه ), و إلى أبي يعلى ( بمسنده ), وإلى ابن اسحاق ( بمغازيه ), من طريق يونس بن بكير, وإلى ابن أبي عاصم بكتاب ( الآحاد و المثاني ), وإلى أبي زكرياء الأزدي ب( تاريخ الموصل ), وإلى المعافى ( بمسنده ), روى الكتابين عن أبي منصور بن مكارم ثم ابتدأ الكتاب بترجمة مختصرة نبوية في عدة أوراق, ثم قال: (3)
الإصابة في تمييز الصحابة للحافظ ابن حجر العسقلاني
__________
(1) - اسم تفسيره ( الكشف والبيان في تفسير القران ) طبع مؤخرا في دار إحياء التراث العربي بتحقيق ( أبي محمد بن عاشور ) وقد جمع بينه وبين ( الكشاف ) الشيخ مجد الدين المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير صاحب ( جامع الأصول ) المتوفى سنة 606هـ وسماه ( الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف), واختصره الشيخ أبو بكر محمد بن الوليد الفهري الطرطوشي ذكره ابن خير في (فهرسته)(99), و تفسيره هذا قال في حقه الإمام ابن تيمية رحمه الله: الثعلبي هو في نفسه كان فيه خير ودين, وكان حاطب ليل, ينقل ما وجد في كتب التفسير, من صحيح وضعيف وباطل
(2) - طبع في دار الكتب العلمية بتحقيق ( علي معوض ) و( عادل عبد الموجود )
(3) - طبع ( التجريد ) في بومباي الهند بتصحيح ( صالحة عبد الحكيم شرف الدين ) في مجلدين نشره ( شرف الدين الكتبي ) سنة 1389 هـ(3/191)
بسم الله الرحمن الرحيم, قال شيخنا شيخ الاسلام, ملك العلماء الأعلام, حافظ العصر, أبو الفضل أحمد شهاب الدين بن علي بن محمد بن محمد بن علي العسقلاني الشافعي, أدام الله تعالى أيامه
الحمد لله الذي أحصى كل شيء عددا, ورفع بعض خلقه على بعض فكانوا طرائق قددا, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, لم يتخذ صاحبة ولا ولدا, ولم يكن له شريك في الملك ولا يكون أبدا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه و خليله, أكرم به عبدا سيدا, و أعظم به حبيبا مؤيدا, فما أزكاه أصلا ومحتدا, وأطهره مضجعا ومولدا, وأكرمه أصحابا كانوا نجوم الإهتدا, وأئمة الإقتدا, صلى الله عليه وسلم وعليهم صلاة خالدة وسلاما مؤبدا
أما بعد : فإن من أشرف العلوم الدينية الحديث النبوي, ومن أجل معارفه تمييز أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ممن خلف بعدهم, وقد جمع في ذلك جم من الحفاظ تصانيف بحسب ما وصل إليه اطلاع كل منهم(3/192)
فأول من عرفته صنف في ذلك أبو عبد الله البخاري, أفرد في ذلك تصنيفا, فنقل منه أبو القاسم البغوي وغيره, وجمع أسماء الصحابة مضمومة إلى من بعدهم جماعة من طبقة مشايخه, كخليفة بن خياط, ومحمد بن سعد , ومن قرنائه كيعقوب بن سفيان (1), وأبي بكر بن أبي خيثمة (2), وصنف في ذلك جمع من بعدهم كأبي القاسم البغوي (3), وأبي بكر بن أبي داود (4), وعبدان (5)
__________
(1) - هو الحافظ الإمام الحجة أبو يوسف يعقوب بن سفيان بن جوان الفارسي الفسوي, صاحب ( التاريخ الكبير), و( المشيخة ) سمع عنه الترمذي والنسائي وابن خزيمة وأبو عوانة وابن أبي حاتم وآخرون, وبقى في الرحلة ثلاثين سنةتوفي سنة 377هـ (تذكرة الحفاظ)(2\582\607)
(2) - هو الحافظ الحجة الإمام أبو بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب النسائي ثم البغدادي صاحب ( التاريخ الكبير ), قال الخطيب: ثقة عالم متقن حافظ بصير بأيام الناس راوية للأدب, أخذ علم الحديث عن احمد بن حنبل و ابن معين, وعلم النسب عن مصعب, وأيام الناس عن علي بن محمد المدائني, والأدب عن محمد بن سلام الجمحي, ولا اعرف اغزر فوائد من تاريخه اهـ توفي سنة 299هـ (تذكرة الحفاظ)(2/\596\619)
(3) - البغوي الحافظ الكبير الثقة أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن المرزبان البغوي الأصل البغدادي ابن بنت أحمد بن منيع, سمع ابن الجعد وأحمد وابن المديني وخلقا, وصنف ( معجم الصحابة ), و( الجعديات ), وطال عمره وتفرده في الدنيا توفي سنة 317 هـ , (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\315\712 )
(4) - ابن أبي داود الحافظ العلامة أبو بكر عبد الله ابن الحافظ الكبير سليمان بن الأشعث السجستاني صاحب التصانيف, حدث عنه الدارقطني, صنف ( المسند ), و( السنن ), و( التفسير), وغير ذلك توفي سنة 316هـ (طبقات الحفاظ)(1\324)
(5) - هو أبو محمد عبد الله بن محمد بن عيسى الفقيه المروزي, المعروف بعبدان, قال أبو بكر السمعاني : إمام أصحاب الحديث بمرو وقال الإسنوي كان إماما حافظا زاهدا صنف كتاب (المعرفة ) في مائة جزء, وكتاب (الموطأ) وانتفع به خلق كثيرون, وصاروا أئمة منهم ابن خزيمة, توفي سنة 293هـ (طبقات الشافعية) لابن قاضي شهبة (2/\79)(3/193)
, ومن قبلهم بقليل, كمطين (1), ثم كأبي علي بن السكن (2), وأبي حفص بن شاهين (3), و أبي منصور الباوردي (4), وأبي حاتم بن حبان(5), وكالطبراني ضمن ( معجمه الكبير ), (6), ثم كأبي عبد الله بن منده (7), وأبي نعيم, ثم كأبي عمر بن عبد البر, وسمى كتابه ( الاستيعاب ), لظنه أنه استوعب ما في كتب من قبله, ومع ذلك ففاته شيء كثير, فذيل عليه أبو بكر بن فتحون (8)
__________
(1) - (أبي جعفر محمد بن عبد الله الحضرمي) الملقب ( بمطين ) المتوفى سنة 297هـ
(2) - هو الحافظ أبي علي سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغدادي المصري وكتاه ويسمى :( بالحروف )
(3) - ابن شاهين الحافظ الإمام المفيد الكبير محدث العراق أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان البغدادي, صنف ثلاثمائة وثلاثين مصنفا منها ( الترغيب ), و(التفسير الكبير) ألف جزء, و( المسند) ألف وثلاثمائة جزء, وغير ذلك, توفي سنة 385هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\392\891)
(4) - هو الحافظ أبو منصور محمد بن سعد الباوردي نسبة إلى ( باورد ) ويقال ( أبيورَد ْ)، بليدة بخراسان بين سرخس ونسا، وهو من شيوخ أبي عبد الله بن مَنْده الأصبهاني
(5) - طبع باسم ( تاريخ الصحابة الذين روي عنهم الأخبار ) في دار الكتب العلمية1988, بتحقيق( بوران الضناوي ) وهو جزء من كتابه ( الثقات )
(6) - بل له كتاب مفرد اسمه ( معرفة الصحابة ), ذكره (الذهبي) في (السير)(12\269) و(تذكرة الحفاظ )(3\914) فقال : له (معرفة الصحابة) مجلد
(7) - وله أيضا كتاب ( معرفة أسامي أرداف النبي - صلى الله عليه وسلم -) طبع في دار المدينة 1410هـ بتحقيق ( يحيى مختار عزاوي ) وعدد أحاديثه ( 62 ) حديثا, وله أيضا ( من عاش من الصحابة مائة وعشرين ) طبع في الدر الشامية عمان
(8) -( أبي بكر محمد بن أبي القاسم خلف بن سليمان بن خلف بن محمد بن فتحون الأندلسي المتوفى سنة 517هـ وهو من شيوخ القاضي عياض,قال الكتاني :وهو ذيل حافل أحسن من ذيل من قبله, ذكر فيه: أن ابن عبد البر ذكر في كتابه من الصحابة ثلاثة آلاف وخمسمائة، يعني: ممن ذكره بإسمه أو كنيته أو حصل له فيه وهم، وأنه استدرك فيه عليه ممن هو على شرطه قريبا ممن ذكره.(3/194)
ذيلا حافلا, وذيل عليه جماعة في تصانيف لطيفة (1), وذيل أبي موسى المديني على ابن منده ذيلا كبيرا
__________
(1) - من ذيولاته أيضا : ذيل الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم بن الأمين القرطبي المالكي المتوفى سنة 544هـ , سمى كتابه: ( الإعلام بالخيرة الأعلام من أصحاب النبي عليه السلام ) ذكره ابن الأبار في (معجمه)(ص64), وذيل الشيخ أبي الحجاج يوسف بن محمد الجماهري التنوخي الشافعي المتوفى سنة 558هـ ، سماه :( الارتجال في أسماء الرجال ), ذكر الزركلي في (أعلامه):عن السبكي قوله: وقفت له على المجلد الأول من كتاب ( الارتجال في أسماء الرجال ) بخطه و تصنيفه, وهو وقف في دار الحديث القوصية بدمشق, وربما استدرك فيه على ابن عبد البر أسامي لم يذكرها في ( الاستيعاب ) اهـ,, وذيل الشيخ أبي القاسم محمد بن عبد الواحد الغافقي الغرناطي الملاحي المتوفى سنة 619هـ, قال الذهبي : له استدراك على الحافظ أبي عمر بن عبد البر في الصحابة اهـ(3/195)
وفي أعصار هؤلاء خلائق يتعسر حصرهم ممن صنف في ذلك (1)
__________
(1) - و للحافظ أبي عيسى الترمذي كتاب ( تسمية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) طبع في دار البارودي بيروت بتحقيق (حيدر), وأبى العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي المتوفى سنة 325هـ وأبى الحسن محمد بن صالح الطبري), والعثماني, ولأبى القاسم عبد الصمد بن سعيد الحمصي كتاب ( من نزل منهم حمص خاصة ), ولمحمد بن الربيع الجيزي كتاب ( من نزل منهم مصر ), قال السيوطي في (حسن المحاضرة)(1\132): في مجلد, ذكر فيه مائة و نيفا وأربعين صحابيا, وقد فاته مثل ما ذكر أو أكثر, وقد الفت في ذلك تأليفا لطيفا, استوعبت فيه ما ذكره, وزدت عليه ما فاته من ( تاريخ ابن عبد الحكم ), و( تاريخ ابن يونس ), و( طبقات ابن سعد ), و( تجريد الذهبي ), وغيرها, فزاد في العدة على ثلاثمائة .اهـ , والإمام الحافظ أبو الربيع سليمان بن موسى الكلاعي محدث الأندلس المتوفى سنة 634هـ, قال الذهبي في (تذكرة الحفاظ)(4\1418) :له مؤلف حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله اهـ و( نهج الإصابة في معرفة الصحابة ) للحافظ محب الدين أبي عبد الله محمد بن محمود البغدادي)، المعروف ( بابن النجار ),المتوفى سنة 643هـ و(لمحب الدين أحمد بن عبد الله الطبري) الشافعي المتوفى سنة 694هـ كتاب ( الرياض النضرة في مناقب العشرة ) طبع في دار الكتب العلمية في مجلدين بدون تحقيق, وللحافظ أبى محمد بن الجارود كتاب ( الآحاد ) نقل منه أبو عمر في ( الإستيعاب ), ولأبى عبيدة معمر بن المثنى, وزهير بن العلاء, ذكر أغلب هذه السخاوي في ( الإعلان بالتوبيخ )(ص112) و( الاستبصار في نسب الصحابة من الأنصار ) لابن قدامة للمقدسي طبع في مجلد في دار الفكر بيروت ,و في دار إحياء التراث العربي بيروت , وللحافظ للسيوطي كتاب (در السحابة فيمن دخل مص من الصحابة ), ضمنه كتابه ( حسن المحاضرة )(1\132) لخص كتاب محمد بن الربيع الجيزي,ورتبه على حروف المعجم, وزاد في تراجمه, طبع مفردا في مؤسسة الكتب الثقافية بيروت بتحقيق ( خالد شبل ), وفي المكتبة القيمة القاهرة, و( عنوان النجابة فيمن مات بالمدينة من الصحابة ) تأليف مصطفى الرافعي طبع في المكتبة القيمة القاهرة 1998 بتحقيق( النشرتي ) و( مصنف في أسماء الصحابة الذين خرج لهم في الصحيحين ) تأليف الشيخ ( فتح الدين أبي محمد عبد الله بن محمد بن احمد بن خالد المخزومي المعروف بابن القيسراني المتوفى سنة ذكره ابن كثير في (البداية)(14\31) فقال: وأورد شيئا من أحاديثهم في مجلدين كبيرين موقوفين بالمدرسة الناصرية بدمشق اهـ(3/196)
أيضا إلى أن كان في أوائل القرن السابع فجمع عز الدين بن الأثير كتبا حافلا سماه ( أسد الغابة ) جمع فيه كثيرا من التصانيف المتقدمة, إلا أنه تبع من قبله, فخلط من ليس صحابيا بهم, وأغفل كثيرا من التنبيه على كثير من الأوهام الواقعة في كتبهم, ثم جرد الأسماء التي في كتابه مع زيادات عليها الحافظ أبوعبدالله الذهبي, وأعلم لمن ذكر غلطا, ولمن لا تصح صحبته, ولم يستوعب ذلك ولا قارب
وقد وقع لي فيه بالتتبع كثير من الأسماء التي ليست في كتابه, ولا أصله على شرطهما, فجمعت كتابا كبيرا في ذلك ميزت فيه الصحابة من غيرهم, ومع ذلك فلم يحصل لنا من ذلك جميعا الوقوف على العشر من أسامي الصحابة, بالنسبة على ما جاء عن أبي زرعة الرازي قال :توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن رآه وسمع منه زيادة على مائة ألف إنسان, من رجل وامرأة, كلهم قد روى عنه سماعا أو رؤية
قال ابن فتحون في ذيل ( الاستيعاب ) بعد أن ذكر ذلك أجاب أبو زرعة بهذا سؤال من سأله عن الرواة خاصة, فكيف بغيرهم, ومع هذا فجميع من في ( الإستيعاب ) يعني فمن ذكر فيه باسم وكنية, وهما ثلاثة آلاف وخمسمائة, وذكر أنه استدرك عليه على شرطه قريبا ممن ذكر.
قلت: وقرأت بخط الحافظ الذهبي من ظهر كتبه ( التجريد ): لعل الجميع ثمانية آلاف, إن لم يزيدوا لم ينقصوا, ثم رأيت بخطه أن جميع من في ( أسد الغابة ) سبعة آلاف وخمسمائة وأربعة وخمسون نفسا
ومما يؤيد قول أبي زرعة ما ثبت في ( الصحيحين ) عن كعب بن مالك في قصة كعب بن مالك في قصة تبوك: ( والناس كثير لا يحصيهم ديوان)
وثبت عن الثوري فيما أخرجه الخطيب بسنده الصحيح إليه قال: من قَدَّمَ عليا على عثمان فقد أزرى على اثني عشر ألفا مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض.(3/197)
فقال النووي وذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - باثني عشر عاما بعد أن مات في خلافة أبي بكر في الردة و الفتوح الكثير ممن لم يضبط أسماؤهم, ثم مات في خلافة عمر, وفي الطاعون العام وعمواس وغير ذلك ممن لا يحصى كثرة, وسبب خفاء أسماؤهم أن أكثرهم أعراب, وأكثرهم حضروا حجة الوداع, والله اعلم
وقد كثر السؤال جماعة من الإخوان في تبييضه, فاستخرت الله تعالى في ذلك, ورتبته على أربعة أقسام في كل حرف منه
فالقسم الأول: فيمن وردت صحبته بطريق الرواية عنه, أو عن غيره سواء كانت الطريقة صحيحة أو حسنة أو ضعيفة, أو وقع ذكره بما يدل على الصحبة, بأي طريق كان, وقد كنت أولا رتبت هذا القسم الواحد على ثلاثة أقسام, ثم بدا لي أن أجعله قسما واحدا, وأميز ذلك في كل ترجمة
القسم الثاني: فيمن ذكر في الصحابة من الأطفال الذين ولدوا في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله و سلم لبعض الصحابة من النساء والرجال ممن مات - صلى الله عليه وسلم - وهو في دون سن التمييز, إذ ذكر أولئك في الصحابة إنما هو على سبيل الإلحاق, لغلبة الظن علي أنه صلى الله عليه وآله وسلم رآهم, لتوفر دواعي أصحابه على إحضارهم أولادهم عند ولادتهم ليحنكهم, ويسميهم, ويبرك عليهم, والأخبار بذلك كثيرة شهيرة, وفي ( صحيح مسلم )(286) من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بالصبيان قيبرك عليهم )(3/198)
وأخرجه الحاكم في كتاب الفتن من ( المستدرك ) عن عبد الرحمن بن عوف قال: ( ما كان يولد لأحد مولود إلا أتى به النبي - صلى الله عليه وسلم - فدعا له ... ) الحديث, وأخرج ابن شاهين في كتاب ( الصحابة ) في ترجمة محمد بن طلحة بن بيد الله من طريق محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن محمد بن طلحة قال: ( لما ولد محمد بن طلحة أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - ليحنكه, ويدعو له, وكذلك كان يفعل بالصبيان ), لكن أحاديث هؤلاء عنه من قبيل المراسيل عند المحققين من أهل العلم بالحديث, ولذلك أفردتهم عن أهل القسم الأول
القسم الثالث : فيمن ذكر في الكتب المذكورة من المخضرمين الذين أدركوا الجاهلية والإسلام, ولم يرد في خبر قط أنهم اجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم, ولا رأوه, سواء أسلموا في حياته أم لا, وهؤلاء ليسوا من أصحابه باتفاق من أهل العلم بالحديث, وإن كان بعضهم قذ ذكر بعضهم في كتب معرفة الصحابة, فقد أفصحوا بأنهم لم يذكروهم إلا لمقاربتهم لتلك الطبقة, لا أنهم من أهلها, وممن أفصح بذلك ابن عبد البر, وقبله أبو حفص بن شاهين, فاعتذر عن إخراجه ترجمة النجاشي لأنه صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حياته وغير ذلك, ولو كان من كان هذا سبيله يدخل عنده في الصحابة ما احتاج إلى اعتذار, وغلط من جزم في نقله عن ابن عبد البر بأنه يقول بأنهم صحابة, بل مراد ابن عبد البر بذكرهم واضح في مقدمة كتابه, بنحو ما قررناه, وأحاديث هؤلاء عن النبي صلى الله عليه وآله سلم مرسلة بالاتفاق بين أهل العلم بالحديث, وقد صرح ابن عبد البر نفسه بذلك في ( التمهيد ) وغيره من كتبه(3/199)
القسم الرابع : فيمن ذكر في الكتب المذكورة على سبيل الوهم والغلط, وبيان الظاهر الذي يعول عليه على طرائق أهل الحديث, ولم أذكر فيه إلا ما كان الوهم فيه بَيِّنا, وأما مع احتمال عدم الوهم فلا, إلا إن كان ذلك الإحتمال يغلب على الظن بطلانه, وهذا القسم لا أعلم من سبقني إليه, ولا من حام طائر فكره عليه, وهو الضالة المنشودة في هذا الباب الزاهر, وزبدة ما يمخضه من هذا الفن اللبيب الماهر,والله تعالى أسأل أن يعين على إكماله, وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم, ويجازيني به خير الجزاء في دار إفضاله, إنه قريب مجيب, وقبل الشروع في الأقسام المذكورة أذكر فصولا مهمة يحتاج إليها في هذا النوع
[ ثم ذكر الفصل الأول في تعريف الصحابي ..., الفصل الثاني في الطريق إلى معرفة كون الشخص صحابيا..., الفصل الثالث في بيان حال الصحابة من العدالة ...](3/200)
ثم قال: وقد جعلت على كل اسم أردته زائدا على ما في ( تجريد الذهبي ) وأصله, والله المسؤول أن يهدينا على سواء الطريق, وأن يسلك بنا مسالك التحقيق, وأن يرزقنا التسديد والتوفيق, وأن يجعلنا في الذين أنعم الله عليهم مع خير فريق وأعلى رفيق, آمين آمين (1)
..............................................
انتهى القسم الثاني من كتاب ( جامع المقدمات )
ويليه القسم الثالث وأوله
كتب الرجال ورواة الحديث
__________
(1) - طبع في مطبعة السعادة بمصر 1328 في ( 4 ) مجلدات, وبهامشه كتاب ( الاستيعاب ), وقد صورت هذه الطبعة في دار إحياء التراث العربي وغيرها, ثم في دار الكتب العلمية في(9) مجلدات بتحقيق ( عادل عبد الموجود ) و( علي معوض ) وهي أحسن طبعات هذا الكتاب, قال السخاوي في (فتح المغيث)(3\93):انتدب شيخنا لجمع ما تفرق من ذلك وانتصب لدفع المغلق منه على السالك مع تحقيق غوامض, وتوفيق بين ما هو بحسب الظاهر كالمتناقض, وزيادات جمة, وتتمات مهمة, في كتاب سماه ( الإصابة ), ومات قبل عمل المبهمات وأرجو عملها .اهـ , و لكتاب ( الإصابة ) عدة مختصرات منها (مختصر) للحافظ السيوطي، وسماه ( عين الإصابة في معرفة الصحابة ) وعزاه لنفسه في (حسن المحاضرة)(1\291) و(فهرست مؤلفاته)( ص 29) وقال: لم يتم, و(مختصر) للشيخ أبي عبدا لله محمد بن عبد الرحمن بن عبد القادر الفاسي الفهري المتوفى سنة 1134هـ ,ذكره (ابن الماحي) في (معجم المطبوعات)(ص269) قال: اختصره إلى حرف العين, و( مختصر ) للشيخ علي بن أحمد الحريشي الفاسي المتوفى سنة 1145هـ, ذكره القادري في (التقاط الدرر)(ص359), و(مختصر) للشيخ أبي عبد الله محمد فتحا بن أحمد السوسي الحضيكي المغربي المتوفى سنة 1189هـ ,ذكره ابن الماحي في (معجم المطبوعات)(ص177), و(مختصر) للشيخ أحمد بن محمد بن عبد الهادي اليمني المعروف (بابن قاطن) المتوفى سنة 1199هـ, ذكره الزركلي في ( الأعلام )(1\244)(3/201)
القسم الثالث كتب الرجال ورواة الأحاديث
الثقات لأبي حاتم ابن حبان
بسم الله الرحمن الرحيم, صلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما, قال أبو حاتم محمد بن حبان بن أحمد التميمي :
الحمد لله الذي ليس له حد محدود فيتوى, ولا له أجل معدود فيفنى ولا يحيط به جوامع المكان,ولا يشتمل عليه تواتر الزمان, ولا يدرك نعمته بالشواهد والحواس, ولا يقاس صفات ذاته بالناس, تعاظم قدره عن مبالغ نعت الواصفين, وجل وصفه عن إدراك الناطقين, وكل دون وصف صفاته تحبير اللغات, وضل عن بلوغ قصده تصريف الصفات, و جاز في ملكوته غامضات أنواع التدبير, وانقطع عن دون بلوغه عميقات جوامع التفكير, وانعقدت دون استبقاء حمده ألسن المجتهدين, وانقطعت إليه جوامع أفكار آمال المنكرين, إذ لا شريك له في الملك ولا نظير, ولا مشير له في الحكم ولا وزير, وأشهد أن لا إله إلا الله, أحصى كل شيء عددا, وضرب لكل امرئ ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(لأنفال: من الآية42) وأشهد أن محمدا عبده المجتبى ورسوله المرتضى, بعثه بالنور الساطع, والضياء اللامع, فبلغ عن الله عز و جل الرسالة, وأوضح فما دعا إليه الدلالة, فكان في اتباع سنته لزوم الهدى, وفي قبول ما أتى به وجود السنا, فصلى الله عليه وعلى آله الطيبين(4/1)
أما بعد : فإن الله اختار محمدا - صلى الله عليه وسلم - من عباده, واستخلصه لنفسه من بلاده, فبعثه غلى خلقه بالحق بشيرا, ومن النار لمن زاغ عن سبيله نذيرا, ليدعو الخلق من عباده إلى عبادته, ومن اتباع السبيل إلى لزوم طاعته, ثم لم يجعل الفزع عند وقوع حادثة, ولا الهرب عند وجود كل نازلة, إلا على الذي أنزل عليه التنزيل, وتفضل على عباده بولايته التأويل, فسنته الفاصلة بين المتنازعين, وآثاره القاطعة بين الخصمين, فلما رأيت معرفة السنن من أعظم أركان الدين, وأن حفظها يجب على أكثر المسلمين, وأنه لا سبيل إلى معرفة السقيم من الصحيح, ولا صحة إخراج الدليل من الصريح, إلا بمعرفة ضعفاء المحدثين, وكيفية ما كانوا عليه من الحالات, أردت أن أملي أسامي أكثر المحدثين, ومن الفقهاء من أهل الفضل و الصالحين, ومن سلك سبيله من الماضين بحذف الأسانيد, الإكثار, ولزم سلوك الاختصار, ليسهل على الفقهاء حفظها, ولا يصعب على الحافظ وعيها
والله أسأل التوفيق لما أوصانا, والعون على ما له قصدنا, وأسأله أن يبني دار المقامة من نعمته, ومنتهى الغاية من كرامته, في أعلى درجة الأبرار المنتخبين الأخيار إنه جواد كريم, رؤف رحيم
[ وذكر فصلا الحث على لزوم سنن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وطاعته ]
ذكر الخبر الدال على استحباب حفظ تاريخ المحدثين :
أخبرنا محمد بن محمد الهمداني, ثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني, ثنا بشر بن المفضل, ثنا بن عون, عن محمد بن سيرين, عن عبد الرحمن بن أبي بكرة, عن أبي بكرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :(4/2)
وقف على بعيره, وأمسك إنسان بخطامه, أو قال بزمامه, فقال : أي يوم هذا ؟, فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه, فقال: أليس بيوم النحر, قلنا: بلى قال: فأي شهر هذا ؟, فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه, فقال: أليس بذي الحجة ؟, قلنا: بلى, قال: فأي بلد هذا ؟, فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه, فقال : أليس البلد الحرام, قلنا:بلى , فقال : إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام عليكم, كحرمة يومكم هذا, في شهركم هذا, في بلدكم هذا, ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب, فإن الشاهد عسى أن يبلغ من أوعى له منه
قال أبو حاتم : في قوله - صلى الله عليه وسلم - ليبلغ الشاهد منكم الغائب, كالدليل على استحباب حفظ تاريخ المحدثين, والوقوف على معرفة الثقات منهم من الضعفاء, إذ لا يتهيأ للمرء أن يبلغ الغائب ما شهد إلا بعد المعرفة بصحة ما يؤدي إلى من بعده , وإنه إذا أدى إلى من بعده ما لم يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكأنه لم يؤد عنه - صلى الله عليه وسلم -شيئا ولا سبب له إلى معرفة صحة الأخبار وسقيمها إلا بمعرفة تاريخ من ذكر اسمه من المحدثين, وكتابا أبين فيه الضعفاء والمتروكين
وأبدأ منهما بالثقات, فنذكر ما كانوا عليه في الحالات, فأول ما أبدأ في كتابنا هذا ذكر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ومولده, ومبعثه, وهجرته إلى أن قبضه الله تعالى إلى جنته, ثم نذكر بعده الخلفاء الراشدين المهديين, بأيامهم إلى أن قتل على رحمة الله عليه(4/3)
ثم نذكر صحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحدا على المعجم, إذ هم خير الناس قرنا بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نذكر بعدهم التابعين الذين شافهوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأقاليم كلها على المعجم, إذ هم خير الناس بعد الصحابة قرنا, ثم نذكر القرن الثالث الذين رأوا التابعين, فأذكرهم على نحو ما ذكرنا الطبقتين الأوليين, ثم نذكر القرن الرابع, الذين هم أتباع التابعين على سبيل من قبلهم, وهذا القرن ينتهي إلى زماننا هذا
ولا أذكر في هذا الكتاب الأول إلا الثقات, الذين يجوز الاحتجاج بخبرهم, وأقنع بهذين الكتابين المختصرين عن كتاب ( التاريخ الكبير ) الذي خرجناه, لعلمنا بصعوبة حفظ كل ما فيه من الأسانيد, والطرق, والحكايات, ولأن ما نمليه في هذين الكتابين إن يسر الله ذلك, وسهله من توصيف الأسماء بقصد ما يحتاج إليه يكون أسهل على المتعلم, إذا قصد الحفظ, وأنشط له في وعيه إذا أراد العلم, من التكلف بحفظ ما لو أغضى عنه في البداية لم يخرج في فعله من التكلف لحفظ ذلك
فكل من أذكره في هذا الكتاب الأول فهو صدوق, يجوز الاحتجاج بخبره, إذا تعرى خبره عن خصال خمس, فإذا وجد خبر منكر عن واحد ممن أذكره في كتابي هذا, فإن ذلك الخبر لا ينفك من إحدى خمس خصال
إما أن يكون فوق الشيخ الذي ذكرت اسمه في كتابي هذا, في الإسناد رجل ضعيف, لا يحتج بخبره, أو يكون دونه رجل واه, لا يجوز الاحتجاج بروايته, أو الخبر يكون مرسلا, لا يلزمنا به الحجة, أو يكون منقطعا, لا يقوم بمثله الحجة, أو يكون في الإسناد رجل مدلس, لم يبين سماعه في الخبر من الذي سمعه منه, فإن المدلس ما لم يبين سماع خبره عمن كتب عنه لا يجوز الاحتجاج بذلك الخبر, لأنه لا يدري لعله سمعه من إنسان ضعيف, يبطل الخبر بذكره, إذا وقف عليه, وعرف الخبر به, فما لم يقل المدلس في خبره وإن كان ثقة سمعت, أو حدثني,فلا يجوز الاحتجاج بخبره(4/4)
فذكرت هذه المسألة بكمالها بالعلل والشواهد, والحكايات في كتاب ( شرائط الأخبار ), فأغنى ذلك عن تكرارها في هذا الكتاب, وإنما أذكر في هذا الكتاب الشيخ بعد الشيخ, وقد ضعفه بعض أئمتنا, ووثقه بعضهم, فمن صح عندي منهم أنه ثقة بالدلائل النيرة, التي بينتها في كتاب ( الفصل بين النقلة ), أدخلته في هذا الكتاب, لأنه يجوز الاحتجاج بخبره, ومن صح عندي منهم أنه ضعيف بالبراهين الواضحة التي ذكرتها في كتاب ( الفصل بين النقلة ), لم أذكره في هذا الكتاب, لكني أدخلته في كتاب ( الضعفاء ) (1), بالعلل, لأنه لا يجوز الاحتجاج بخبره, فكل من ذكرته في كتابي هذا إذا تعرى خبره عن الخصال الخمس التي ذكرتها, فهو عدل, يجوز الاحتجاج بخبره, لأن العدل من لم يعرف منه الجرح ضد التعديل, فمن لم يعلم يجرح فهو عدل, إذا لم يبين ضده, إذ لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم, وإنما كلفوا الحكم بالظاهر من الأشياء, غير المغيب عنهم, جعلنا الله ممن أسبل عليه جلاليب الستر في الدنيا, واتصل ذلك بالعفو عن جناياته في العقبى, إنه الفعال لما يريد (2)
__________
(1) - هو كتاب ( المجروحين من المحدثين ) مطبوع تأتي مقدمته
(2) - طبع دائرة المعارف العثمانية بالهند1393 هـ ثم مصورا في دار الفكر بيروت في (10) مجلدا ت و آخر للفهارس صنعه ( حسين إبراهيم زهران ) ثم طبع أيضا في دار الكتب العلمية 1998 في (5) مجلدات بتحقيق ( إبراهيم شمس الدين ) و( تركي فرحان المصطفى ) وعدد تراجمه (4488 ) ترجمة وذكر في أوله سيرة رسول الله( و قد طبعت مفردة في دار الفكر1991 باسم ( السيرة النبوية ) ثم أتبعه بطبقة الصحابة( مرتبة أسماؤهم على حروف المعجم وقد طبع كذلك مفردا في دار الكتب العلمية باسم ( تاريخ الصحابة الذين روي عنهم الأخبار ) بتحقيق ( بوران الضناوي ) ثم طبقة التابعين كذلك فطبقة أتباع التابعين فطبقة أتباع الأتباع .وقد روى فيه أحاديث مسندة في بعض التراجم تبلغ (712) حديثا وقد جردت و طبعت مع الفهارس(4/5)
تاريخ أسماء الثقات للحافظ أبي حفص بن شاهين
بسم الله الرحمن الرحيم, عونك اللهم, اللهم صلي على سيدنا محمد وآله, أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله الحميدي - رضي الله عنه - قرة عينيه في منزله ببغداد قال: أخبرنا الشيخ الإمام القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله إجازة في الإجازة وغيره, عن أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين الواعظ رحمه الله تعالى قال :
كتاب الثقات ممن روي حديث ممن انتهى إلينا ذكره عن نقاد الحديث, ممن قبلت شهادته, واشتهرت عدالته, وعرف ونقل, مثل يحيى بن معين, وأحمد بن حنبل, وعلي بن المديني, وعثمان بن أبي شيبة, ومحمد بن عبد الله بن عباد الموصلي, وأحمد بن صالح, ومثل من تقدمهم, ومثل من قاربهم, وأخرجت أسماء الثقات على حروف المعجم, ليقرب على الناظر, فيه اسم من قصده بالله, نستعين وعليه نتوكل (1)
التعديل و التجريح لمن خرج له البخاري في الجامع ا لصحيح للحافظ أبي سليمان الباجي المالكي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم, الحمد لله ذي الأسماء الحسنى, والصفات العلى, وصلى الله على نبيه محمد المصطفى, وعلى آله وسلم تسليما
أما بعد : فإنك سألتني أن أصنف لك كتابا آتي فيه بأسماء من روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري في ( صحيحه ) من شيوخه, ومن تقدمهم إلى الصحابة - رضي الله عنهم -, وأثبت فيه ما صح عندي من كناهم, وأنسابهم, وما ذكره العلماء من أحوالهم, ليكون مدخلا للناظر في هذا العلم إلى معرفة أهل العدالة من غيرهم, وسببا إلى معرفة كثير من الرواة, والوقوف على طرف من أخبارهم, فأجبتك إلى ذلك لما رجوت فيه من جزيل الثواب, وتحريت الصواب جهدي, واستنفدت في طلبه وسعي
__________
(1) - طبع في الدار السلفية الكويت 1404هـ تحقيق ( صبحي السامرائي )(4/6)
والله أسأل أن يوفقنا له, وينفعنا به, ويعين الناظر فيه على حسن مقصده, وجميل مذهبه برحمته, وأنا إن شاء الله آتي بما شرطته في أسماء الرجال, على حروف الهجاء, بالتأليف المعتاد في بلدنا, وبالله التوفيق, وهو حسبنا ونعم الوكيل (1)
الجمع بين رجال الصحيحين للحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ الإمام الحافظ, أبو الفضل محمد بن طاهر بن علي المقدسي, رحمه الله
الحمد لله على كل حال, وأمام كل حاجة وسؤال, وصلاته على خيرته من خلقه, محمد وآله وصحبه أجمعين
أما بعد : وفقنا الله عزوجل للعمل الصالح كما وفقنا لسلوك سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ولم يجعلنا ممن ابتدع بعده بدعة يدعو إليها, أو عصبية يحث عليها, إذ كان قد نص - صلى الله عليه وسلم - في مقالات شتى على فضل هذه الطائفة المنصورة, ودعا لهم فاستجيب له - صلى الله عليه وسلم - , فبعث الله عزوجل في كل وقت وزمان من يقوم بهذا الشأن, وبينه للناس حق البيان إلى عصر الإمامين الحافظين أبي عبد الله البخاري, وأبي الحسين مسلم بن الحسين النيسابوري, فميزا بين صحيح الحديث من سقيمه, واقتصرا من جملة الصحيح على ما في كتابيهما, فصارا حجة لأهل الإسلام لما علم الله عز وجل من صدق نيتهما, وصحة عقيدتهما فيما قصداه, إذ كان في عصرهما من الأئمة شرقا وغربا في هذا الشأن من يكون منزلته من الفضل في أنواع شتى من علوم الشريعة, أو في منزلتهما منهم من هو من مشائخهما الذين أخرجا عنهم في هذين الكتابين.
__________
(1) - طبع في وزارة الأوقاف المغربية في ( 3 ) مجلدات, وفي دار اللواء الرياض 1406هـ بتحقيق(أبو لبابة حسين).(4/7)
ثم من بعد هؤلاء أئمة كل عصر إلى يومنا هذا, شرحوا ما أشكل, وخرجوا على تراجمهما إذ لم يمكن الزيادة في الصنعة عليهما, ثم طائفة من حفاظ الحديث مثل أبي أحمد بن عدي, وأبي الحسن الدراقطني, وأبي عبد الله بن منده, وأبي عبد الله الحاكم, ثم من بعدهم على يومنا هذا لما صح عندهم أن كل من أخرجا حديثه في هذين الكتابين وإن تكلم فيه بعض الناس يكون حديثه حجة لروايتهما عنه في الصحيح, إذ كانا رحمة الله عليهما لم يخرجا إلا عن ثقة, عدل, حافظ, يحتمل سنه ومولده السماع ممن تقدمه, على هذه الوتيرة إلى أن يصل الإسناد إلى الصحابي المشهور, إلا أحرفا نبينها في مواضعها إن شاء الله عز وجل, على حسب ما انتهى إلينا علم ذلك.
صنفوا في ذلك تصانيف كثيرة مختصرة, بحيث لا يقف الطالب المبتدئ على كثير فائدة منها, ومشروحة بحيث يغيب المقصود في كثرة الشرح, فالذي اختصر أشار إلى الأسماء فحسب, والذي شرح ذكر الإسم في الترجمة, وذكر طائفة ممن سمع منهم, وطائفة ممن سمع منه في الصحيح, وخارج الصحيح, كما صنف أبو القاسم الألكائي وغيره
ووقفت على كثير من تصانيف هؤلاء المتقدمين, والمتأخرين في هذا الفن, فلم أر أحدا شفى في تصانيفه إلا رجلين, سلكا في تصنيفهما طريقا بين الطريقين, ذكرا الإسم , وطرفا من مشائخه الذين حدث عنهم في الكتاب, ومن روى عنه في الكتاب فقط, وربما استقصيا هذا المعنى في المحدث والمحدث عنه.(4/8)
صنف أحدهما أسماء ما اشتمل عليه كتاب أبي عبد الله البخاري, وهو أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي (1), و صنف الآخر بعده أسماء ما اشتمل عليه كتاب أبي الحسين مسلم النيسابوري, وهو أبو بكر أحمد بن علي الأصبهاني (2) فأحسنا في تصنيفيهما وأجملا.
ولما رأيت أكثر الأسماء مما اتفقا عليه, وأقلها مما انفردا به حملني ذلك على أن جمعت بين الكتابين, ليخف حجمه, ويكثر نفعه, ثم أورد ما أورداه, وأستدرك ما أغفلاه,وأختصر ما يستغيى عنه من التطويل, وأشير عند ذكر الراوي الذي له حديث واحد عندهما أو عند أحدهما إلى ذلك الحديث, إما بإسناده إن علوت فيه, وإما بمتنه إن وقع نازلا.
__________
(1) - هو الحافظ الإمام أبو نصر أحمد بن محمد البخاري الكلاباذي, سمع الهيثم بن كليب الشاشي, ومنه جعفر المستغفري, و هو أحفظ من كان بما وراء النهر في زمانه, توفي سنة 398هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\407\921)
(2) - هو الحافظ الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه اليزدي الأصبهاني, سمع ابن المقرئ والإسماعيلي, واسع الحفظ, له مستخرجات على الصحيحين وسنن أبي داود والترمذي, توفي سنة 428هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي (1\421\952)(4/9)
وكذلك أبين ما تكلم فيه الحفاظ من علل أحاديث أدخلاها في الصحيحين عند ذكر الراوي المشهور بتلك الرواية, و أذكر هل لما علل به ذلك الحديث وجه أو لا, وأبين من أوردا حديثه استشهادا به, ومن أورداه مقرونا بغيره, قبل متن الحديث, أو بعده مردوفا به, ومن أوردا له حديثا في موضع, وأوردا له في غير ذلك الباب حديثا آخرا, فنسباه على غير النسبة الأولى, لئلا يظن أنهما اثنان, ومن أورداه غير منسوب, فقالا أو أحدهما حدثنا فلان, ويشتبه به غيره, ومن حدثا عنه وحدثا عن رجل عنه, ووقع لأحدهما عاليا وللآخر نازلا وأرتب على نسق حروف المعجم ما اتفقا عليه, وما انفردا به, وقدمنا من اسمه أحمد, ليجمع معنيين, أحدهما تبركا بالإبتداء باسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, والثاني أنه أول باب الألف, والله الموفق لجميع ما ذكرته, و المعين عليه بمنه وفضله.(1)
نهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي
__________
(1) - طبع ( الجمع بين الصحيحين ) في دائرة المعارف العثمانية بالهند 1323هـ في مجلدين, ثم صور في دار الكتب العلمية 1405هـ قال في ( كشف الظنون )(1\89),:جمع فيه بين كتابي أبي نصر وابن منجويه, وأحسن في ترتيبه على الحروف, و استدرك عليها.اهـ(4/10)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي أنار طريق الحق و أبان سبيل الهدى وأزاح العلة, وأزال لشبهة, وبعث النبيين مبشرين ومنذرين, ليلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل, لهلك من هلك على بينة, ويحيى من حيي على بينة وصلى الله على خيرته من خلقه, وصفوته من بريته, إمام المتقين, وخاتم النبيين, وخطيبهم إذا وفدوا, وشافعهم إذا حبسوا, ومبشرهم إذا يئسوا, صاحب لواء الحمد والمقام المحمود, أبي القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين, وإخوانه من النبيين و المرسلين, وسائر عباد الله الصالحين, صلاة دائمة أبدية غير زائلة, وباقية غير فانية, ومتصلة غير منقطعة, وسلم تسليما
أما بعد : فان الله تعالى وله الحمد لم يخل الأرض من قائم له بحجة, وداع إليه على بصيرة, لكي لا تبطل حجج الله و بيناته, كما وصفهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - حيث يقول : أولئك هم الأقلون عددا, الأعظمون عند الله قدرا هجم بهم العلم على حقيقة الأمر, فاستلانوا ما استوعره المترفون, وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون, صحبوا الدنيا بأبدان قلوبها معلقة بالمحل الأعلى, آه آه شوقا إلى لقائهم (1)
__________
(1) - طرف من وصية الإمام علي لكميل بن زياد أخرجها أبو نعيم في (الحلية)( ), وشرحها الشيخ (سليم الهلالي) في جزء مفرد سماه ( )طبع في دار(4/11)
وإذا كان الأمر كما ذكرنا, والحال على ما وصفنا, فواجب إذا على كل مكلف ذي عقل سليم مطلق من آسار الشهوات الحيوانية, والشبهات الشيطانية, أن يبذل جهده, ويستفرغ وسعه في تحصيل الفوز بالنعيم الأبدي, والنجاة من العذاب السرمدي, ومن المعلوم الواضح عند كل ذي بصيرة أن ذلك لا يحصل إلا بتزكية النفس وتطهيرها من الأدناس الطبيعية, والأخلاق البهيمية, وذلك منحصر في أمرين لا ثالث لهما, وهما العلم النافع, والعمل الصالح, ولاكن الناس مختلفون في ذلك اختلافا كثيرا, ومتباينون فيه تباينا شديدا, فكل قوم يدعون أن ما هم عليه من القول والعمل هو الحق المؤدي إلى طهارة النفس وتزكيتها وأن ما سوى ذلك باطل, مضر بصاحبه, ويقيمون على ذلك دلائل من آرائهم, وبراهين من أفكارهم, ويدعي خصومهم, مثل ذلك ويعارضونهم بمثل ما ادعوه لأنفسهم, وعارضوا به خصومهم, فكل بكل معارض, وبعض من بعض مناقض, وما كان هذا سبيله فليس فيه شفاء غليل, ولا برء عليل, وإذا كان كذلك لم يبق من يقصد إليه, ولا شيء يعول عليه إلا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه, تنزيل من حكيم حميد, وسنة الرسول الكريم, المؤيد بالدلائل الواضحات, والمعجزات الباهرات, التي تعجز كل أحد من البشر عن معارضتها, والإتيان بمثلها, فأما الكتاب العزيز فإن الله تعالى تولى حفظه بنفسه, ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه, فقال تعالى ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون َ) (الحجر:9) فظهر مصداق ذلك مع طول المدة, وامتداد الأيام, وتوالي الشهور, وتعاقب السنين, وانتشار أهل الإسلام واتساع رقعته(4/12)
وأما السنة فإن الله تعالى وفق لها حفاظا عارفين, وجهابذة عالمين, وصيارفة ناقذين, ينفون عنها تحريف الغالين, وانتحال المبطلين, وتأويل الجاهلين, فتنوعوا في تصنيفها, وتفننوا في تدوينها على أنحاء كثيرة, وضروب عديدة, حرصا على حفظها, وخوفا من إضاعتها, فكان من أحسنها تصنيفا, وأجودها تأليفا, و أكثرها صوابا, وأقلها خطأ, وأعمها نفعا, و أعودها فائدة, وأعظمها بركة, وأيسرها مؤونة, وأحسنها قبولا عند الموافق والمخالف, وأجلها موقعا عند الخاصة و العامة, (صحيح) أبي عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري, ثم (صحيح) أبي الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري, ثم بعدهما كتاب (السنن) لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني, ثم كتاب (الجامع) لأبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي, ثم كتاب (السنن) لأبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي, ثم كتاب (السنن) لأبي عبد الله محمد بن يزيد المعروف بابن ماجة القزويني, وإن لم يبلغ درجتهم(4/13)
ولكل واحد من هذه الكتب بين الأنام, وانتشرت في بلاد الإسلام, وعظم الانتفاع بها, وحرس طلاب العلم على تحصيلها, وصنفت فيها تصانيف, وعلقت عليها تعاليق, لبعضها في معرفة ما اشتملت عليه من المتون, وبعضها في معرفة ما احتوت عليه من الأسانيد, وبعضها في مجموع ذلك, فكان من جملة ذلك كتاب ( الكمال ) الذي صنفه الحافظ أبي محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدسي (1) رحمه الله في معرفة أحوال الرواة الذين اشتملت عليهم هذه الكتب الستة, وهو كتاب نفيس, كثير الفائدة, لكن لم يصرف مصنفه رحمه الله عنايته إليه حق صرفها, ولا استقصى الأسماء التي اشتملت عليها هذه الكتب استقصاء تاما, ولا تتبع جميع تراجم الأسماء التي ذكرها في كتابه تتبعا شافيا, فحصل في كتابه بسبب ذلك إغفال وإخلال
__________
(1) - هو الإمام العالم الحافظ الكبير, تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي الدمشقي الحنبلي, صاحب ( عمدة الأحكام ) و (المصباح في عيون الأحاديث الصحاح) و (نهاية المراد في السنن) نحو مائتي جزء, لم يبيضه, و أشياء كثيرة جدا ما تمت, توفي سنة 600هـ ترجمته في (سير الأعلام )(21\443) و كتابه ( الكمال في معرفة رجال الكتب الستة ) في أربعة أسفار يروي فيه بأسانيده وذكره بروكلمان في (تاريخ الأدب العربي)(6\188) وذكر مواضع مخطوطاته(4/14)
ثم إن بعض ولده ممن لم يبلغ في العلم مبلغه, ولا نال من الحفظ درجته, رام تهذيب كتابه وترتيبه, واختصاره, واستدراك بعض ما فاته من الأسماء, فكتب عدة أسماء من أسماء الصحابة الذين أغفلهم والده من تراجم كتاب ( الأطراف ) الذي صنفه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي المعروف بابن عساكر رحمه الله وأسماء يسيرة من أسماء التابعين من كتاب ( الأطراف ) أيضا, وكتب عدة أسماء ممن أغفلهم والده من كتاب ( المشايخ النبل ) الذي صنفه الحافظ أبو القاسم بن عساكر أيضا, ولم يزد في عامة ذلك على ما ذكره الحافظ أبو القاسم شيئا, فوقعت عامة تلك الأسماء المستدركة في الكتاب مختصرة منتفة, لا يحصل بذكرها كذلك أكثر فائدة, ووقع في بعض ما اختصره بلفظه من كتاب والده خلل كثير, ووهم شنيع, فلما وقفت على ذلك أردت تهذيب الكتاب, وإصلاح ما وقع فيه من الوهم والإغفال, واستدراك ما حصل فيه من النقص والإغفال
فتتبعت الأسماء التي حصل إغفالها منهما جميعا, فإذا هي أسماء كثيرة, تزيد على مئات عديدة, من أسماء الرجال والنساء, ثم وقفت على عدة مصنفات لهؤلاء الأئمة الستة غير هذه الكتب الستة, وستأتي أسماؤها قريبا إن شاء الله تعالى, فإذا هي يشتمل على أسماء كثيرة ليس لها ذكر في الكتب الستة, ولا في شيء منها, فتتبعتها تتبعا تاما, وأضفتها إلى ما قبلها, فكان مجموع ذلك زيادة على ألف وسبعمائة اسم من الرجال والنساء, فترددت بين كتابتها مفردة عن كتاب الأصل, وجعلها كتابا مستقلا بنفسه, وبين إضافتها إلى كتاب الأصل, ونظمها في سلكه فوقعت الخيرة على إضافتها إلى كتاب الأصل ونظمها في سلكه وتمييزها بعلامة تفرزها عنه, وهو أن أكتب الإسم واسم الأب أو ما يجري مجراه بالحمرة, وأقتصر في الأصل على كتابة الإسم خاصة بالحمرة, وجعلت لكل مصنف علامة, فإن تكرر الإسم في أكثر من مصنف واحد اقتصرت على عزوه إلى بعضها في الغالب(4/15)
فعلامة ما اتفق عليه الجماعة الستة في الكتب الستة ( ع ), وعلامة ما اتفق عليه أصحاب (السنن) الأربعة في (سننهم) ( عو ), وعلامة ما أخرجه البخاري في (الصحيح) ( خ ), وعلامة ما استشهد به في (الصحيح) تعليقا ( خت ), و علامة ما أخرجه في كتاب (القراءة خلف الإمام) (1) ( ر ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (رفع اليدين في الصلاة) (2) ( ي ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (الأدب) (3) ( بخ ), و علامة ما أخرجه في كتاب (أفعال العباد) (4)
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1984 بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ) وعدد أحاديثه ( 450 ) حديثا
(2) - طبع في دار الأرقم بالكويت بتحقيق ( أحمد الشربف ) وعدد أحاديثه (118) حديثا,وفي مؤسسة الكتب الثقافية 1989, وطبع بهامشه كتاب (جلاء العينين بتخريج روايات البخاري في جزء رفع اليدين) للشيخ (بديع الدين الراشدي السندي),وعدد أحاديث هذه الطبعة (122) حديثا
(3) - طبع في دار الكتب العلمية 1990 بتحقيق ( محمد عبد القادر عطا ) وعدد أحاديثه ( 1322) حديثا وقد شرحه الشيخ فضل الله الجيلاني, وسماه ( فضل الله الصمد في توضيح الأدب المفرد ) طبع في مكتبة الاستقامة 1999 مجلدين, ثم في دار الكتب العلمية 1422 بتحقيق ( أحمد شمس الدين ), وللحافظ ابن حجر كتاب ( زوائد الأدب المفرد على الكتب الستة ), و للحافظ جلال الدين السيوطي (منتقى) منه نسبه لنفسه في ( فهرست مؤلفاته )( ص 25), وللشيخ الألباني رحمه الله كتاب ( صحيح الأدب المفرد ) طبع في وعدد أحاديثه (993) حديثا, ( ضعيف الأدب المفرد ) وعدد أحاديثه (217) حديثا
(4) - طبع عدة طبعات منها: طبعة في مكتبة التراث الإسلامي 1988 بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ) وعدد أحاديثه (484) حديثا وقد كان هذا الكتاب المبارك شجى في حلوق الجهمية وأفراخهم, فقد ذكر الذهبي في (سير الأعلام)(17\551):في ترجمة شيخه أبي الحجاج المزي : أنه أوذي في سنة 705هـ بسبب ابن تيمية لأنه لما وقعت المناظرة له مع الشافعية, و بحث معه الصفي الهندي ثم ابن الزملكاني بالقصر الأبق, شرع المزي يقرأ كتاب ( خلق أفعال العباد ) للبخاري وفيه فصل في الرد على الجهمية, فغضب بعض, وقلوا: نحن المقصودون بهذا, فبلغ ذلك القاضي الشافعي يومئذ فأمر بسجنه, فتوجه ابن تيمية وأخرجه من السجن, فغضب النائب فأعيد ثم أفرج عنه, وأمر النائب وهو الأفرم بأن ينادى: من يتكلم في العقائد يقتل(4/16)
( عخ ), وعلامة ما أخرجه مسلم في (الصحيح) ( م ), و علامة ما أخرجه في مقدمة كتابه ( مق ), علامة ما أخرجه أبو داود ( د ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (التفرد) (1) وهو ما انفرد به أهل الأمصار من السنن ( ف ) , وعلامة ما أخرجه في (فضائل الأنصار)
( صد ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (المسائل التي سأل عنها أبا عبد الله أحمد بن حمد بن حنبل)(2) ( ل ), وعلامة ما أخرجه في (مسند حديث مالك بن أنس) ( كد ),وعلامة ما أخرجه الترمذي في(الجامع) ( ت ) وعلامة ما أخرجه في كتاب (الشمائل) (3) (تم) , وعلامة ما أخرجه النسائي في كتاب (السنن) ( س ) , و علامة ما أخرجه في كتاب (عمل يوم و ليلة)(4)
__________
(1) - سماه (خير)(158) : ( التفرد ) قال :ما تفرد به أهل الأمصار من السنن الواردة, وسماه الكتاني في ( رسالته ) : ( السنن التي تفرد بكل سنة منها أهل بلدة )
(2) - طبع في دار المعرفة بيروت مصورا عن طبعة الشيخ ( محمد رشيد رضا )
(3) - طبع مرارا منها طبعة مؤسسة الكتب الثقافية 1993 بتحقيق ( سيد عباس الجليمي ) وعدد أحاديثه ( 417 ) حديثا وعلى ( الشمائل ) عدة شروح وحواش
(4) - هو مجلد, وهو جزء من جملة ( السنن الكبرى ) في بعض النسخ.وهو في المطبوع منها في المجلد ( 6 \ص 3 ) الحديث
( 9829) إلى ( 10980 ), وقد طبع مفردا في مؤسسة الرسالة بتحقيق (فاروق حمادة), و في دار الفضيلة بالقاهرة بتحقيق ( محمد الصايم ) و في مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر 1986 بدون تحقيق, وعدد أحاديثه حسب هذه الطبعة ( 1149) حديثا(4/17)
( سي ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (خصائص أمير المؤمنين علي - رضي الله عنه -) (1) ( ص ), وعلامة ما أخرجه أعني النسائي في (مسند علي - رضي الله عنه -) ( عس ), وعلامة ما أخرجه في ( مسند مالك بن أنس - رضي الله عنه - ) ( كن ) , وعلامة ما أخرجه ابن ماجة القزويني في كتاب (السنن) ( ق ) , وعلامة ما أخرجه في كتاب (التفسير) ( فق )
__________
(1) - قال الذهبي في(السير)(11\200): هو داخل في (سننه الكبير) قلت: و في المطبوع منها في(المجلد الخامس ص105 الحديث رقم ( 8391 ) إلى رقم ( 8579 ), وقد طبع مفردا في دار لعلمية 1984 بتحقيق الشيخ ( أبي إسحاق الحويني ) وفي مكتبة الآداب بمصر بتحقيق( عبد الرحمن حسن محمود) وعدد أحاديثه ( 185 ) حديثا, وهناك طبعات أخرى للكتاب, وسبب تأليف الكتاب ما ذكره الوزير ابن حنزابة : سمعت محمد بن موسى المأموني صاحب النسائي, قال : سمعت قوما ينكرون على أبي عبد الرحمن النسائي كتاب ( الخصائص لعلي( ) وتركه تصنيف فضائل الشيخين فذكرت له ذلك, فقال: دخلت دمشق و المنحرف بها عن علي( كثير, فصنفت كتاب ( الخصائص ) رجوت أن يهديهم الله تعالى(4/18)
ولم يقع لي من (مسند حديث مالك بن أنس) لأبي داود سوى جزء واحد, وهو الأول , ولا من (تفسير ابن ماجة) سوى جزأين منتخبين منه, وما سوى ذلك مما سميته هنا فقد وقع لي كل واحد منه بكماله ولله الحمد, وللأئمة الستة الستة مصنفات عديدة سوى ذلك, منها ما لم أقف عليه, ومنها ما وقفت عليه, ولم أكتب منها شيئا, إما لكونه ليس من غرض كتابنا هذا, أو لكونه ليس فيه إسناد نحو (تاريخ البخاري) (1) و(تاريخه الأوسط)(2) و (تاريخه الصغير), ونحو كتابي (الضعفاء)(3) له, ونحو كتاب (الكنى) لمسلم (4), و كتاب (التمييز) (5) له, و كتاب (الوحدان) له (6), وكتاب (الإخوة) له, ونحو كتاب (الإخوة) لأبي داود, وكتاب (معرفة الأوقات) له, ونحو كتاب (العلل) (7)
__________
(1) - وهو في ( 30 ) جزء حديثي, طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند, ثم صور في دار الفكر بيروت في ( 9 ) مجلدات, وطبع في دار الكتب العلمية 2001في ( 9 ) مجلدات بتحقيق ( عبد القادر أحمد عطا)
(2) - ذكره ابن خير في ( فهرسته )(332) وقال: سبعة أجزاء, طبع ( التاريخ الأوسط ) في دار المعرفة 1406هـ في مجلدين, بتحقيق ( محمود إبراهيم زايد ), وقد طبع خطأ باسم ( التاريخ الصغير ), ثم طبع على الصواب في دار الصميعي 1418هـ في مجلدين بتحقيق ( محمد بن إبراهيم اللحيدان )
(3) - ذكره ابن خير في ( فهرسته )(334) وقال : وهو ( التاريخ الصغير ) له, طبع في دار القلم 1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان )
(4) - ذكره ابن خير في (فهرسته)(352) وسماه : ( الأسماء والكنى )
(5) - طبع في مكتبة الكوثر المربع 1410هـ بتحقيق ( محمد مصطفى الأعظمي )
(6) - طبع باسم ( المنفردات والوحدان ) في دار الكتب العلمية 1988 بتحقيق ( عبد الغفار سليمان البنداري ) و( السعيد بسيوني زغلول )
(7) - طبع ( العلل الصغير ) عدة مرات مع ( الجامع للترمذي) طبعة دار الفكر, وقد شرحه الحافظ ابن رجب الحنبلي, و ( العلل الكبير ) طبع في عالم الكتب ومكتبة النهضة العربية 1989 في مجلد بتحقيق ( صبحي السامرئي ) و( أبو المعاطي النوري ) و ( محمود خليل الصعيدي ) وهو بترتيب أبى طالب القاضي من تلاميذ الحافظ ابن بشكوال القرطبي(4/19)
للترمذي, وهو غير الذي ذكره في آخر (الجامع) و نحو كتاب(الكنى) للنسائي (1), و كتاب (أسماء الرواة والتمييز بينهم) له, وكتاب (الضعفاء) (2) له, و كتاب (الإخوة) له, وكتاب (الإغراب), و هو ما أغرب شعبة على سفيان, وسفيان على شعبة له, و (مسند منصور بن زادان) له, وغير ذلك, إلا أن عامة من ذكر روايته في هذه الكتب المصنفة على التراجم, لا يجري في الاحتجاج به يجري من ذكروا روايته في الكتب الستة, و ما تقدم ذكره مهما من الكتب المصنفة على الأبواب.
وقد جعلت على كل اسم كتبته بالحمرة رقما من الرقوم المذكورة, أو أكثر بالسواد , ليعرف الناظر إليه عند وقوع نظره عليه من أخرج له من هؤلاء الأئمة, وما في أي كتاب من هذه الكتب أخرجوا له, ثم أنص على ذلك نصا صريحا عند انقضاء الترجمة, أو قبل ذلك على حسب ما يقتضيه الحال إن شاء الله تعالى, وذكرت أسماء من روى عنه كل واحد منهم , وأسماء من روى عن كل واحد منم في هذه الكتب, أو في غيرها على ترتيب حروف المعجم أيضا, على نحو ترتيب الأسماء في الإسم , وقد رقمت عليها أو على بعضها رقوما بالحمرة يعرف بها في أي كتاب من هذه الكتب وقعت روايته عن ذلك الإسم المرقوم عليه عنه, ثم ذكرت في تراجمهم روايتهم عنه أو روايته عنهم كذلك, ليكون كل ترجمة شاهدة للأخرى بالصحة والأخرى شاهدة لها بذلك
__________
(1) - ذكره ابن خير في ( فهرسته )(358) وسماه : ( الأسماء والكنى ) وذكر أنه من تبويب أبي عبد الله محمد بن أحمد بن مفرج
(2) - طبع في دار القلم بيروت1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان ) وعدد تراجمه ( 675 ) ترجمة(4/20)
فان كان للصحابي رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن غيره ابتدأت بذكر روايته عن غيره, راقما على ما يحتاج من ذلك إلى رقم, وإن كان الراوي ممن روى عنه هؤلاء الأئمة أو بعضهم بغير واسطة, ابتدأت بذكر روايتهم, ورواية من روى عنهم عنه, ثم ذكرت من روى عنه من غيرهم على الترتيب المذكور, وإن كان فيهم من روى عنه بغير واسطة, ثم روى عنه بواسطة, ابتدأت بذكر روايته عنه بغير واسطة, ثم رقمت على اسم من روى عنه من الرواة من الرواة عنه على نحو ما تقدم, وإن كان بعضهم قد روى عنه بغير واسطة, وبعضهم روى عنه بواسطة ابتدأت بذكر من روى عنه منهم بغير واسطة كما تقدم, ثم ذكرت من روى عنه منهم بواسطة في آخر الترجمة قائلا: وروى فلان أو فلان إن كان أكثر من واحد
واعلم أن ما كان في هذا الكتاب من أقوال الجرح والتعديل ونحو ذلك فعامته منقول من ( الجرح والتعديل ) لأبي محمد عبدا لرحمن بن أبي حاتم الرازي, الحافظ بن الحافظ, ومن كتاب ( الكامل ) لأبي أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني, ومن كتاب ( تاريخ بغداد ) لأبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي الحافظ, ومن كتاب ( تاريخ دمشق ) لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر الدمشقي الحافظ.
وما كان فيه من ذلك منقولا من غير هذه الكتب الأربعة فهو أقل مما كان فيه من ذلك منقولا منها, أو من بعضها ولم يذكر إسناد كل قول من ذلك فيما بيننا وبين قائله خوف لتطويل
وقد ذكرنا من ذلك الشيء بعد الشيء لئلا يخلو الكتاب من الإسناد على عادة من تقدمنا من الأئمة في ذلك, وما لم يذكر إسناد فيما بيننا وبين قائله فما كان من ذلك بصيغة الجزم فهو مما لا نعلم بإسناده عن قائله المحكي ذلك عنه بأسا, وما كان منه بصيغة التمريض فربما كان في إسناده إلى قائله ذلك نظر(4/21)
فمن أراد مراجعة شيء من ذلك, أو زيادة اطلاع على حال بعض الرواة المذكورين في هذا الكتاب فعليه بهذه الأمهات الأربعة, فإنا قد وضعنا كتابنا هذا متوسطا بين التطويل الممل, والإختصار المخل, وقد اشتمل هذا الكتاب على ذكر عامة رواة العلم, وحملة الآثار, وأئمة الدين, وأهل الفتوى والزهد, والورع و النسك, وعامة المشهورين من كل طائفة من طوائف أهل العلم المشار إليهم من أهل هذه الطبقات, ولم يخرج عنه منهم إلا القليل فمن أراد زيادة اطلاع على ذلك فعليه بعد هذه الكتب الأربعة بكتاب (الطبقات الكبير) لمحمد بن سعد كاتب الواقدي, وكتاب (التاريخ) لأبي بكر أحمد بن أبي خيثمة زهير بن حرب, وكتاب (الثقات) لأبي حاتم محمد بن حبان البستي, وكتاب (تاريخ مصر) لأبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى الصدفي, وكتاب تاريخ (نيسابور) للحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ , وكتاب (تاريخ أصبهان) لأبي نعيم أحمد بن عبيد الله الأصبهاني الحافظ, فهذه الكتب أمهات الكتب العشرة أمهات الكتب المصنفة في هذا الفن.(4/22)
وقد كان صاحب الكتاب رحمه الله ابتدأ بذكر الصحابة أولا, الرجال منهم والنساء على حدة, ثم ذكر من بعدهم على حدة فرأينا ذكر الجميع على نسق واحد أولى, لأن الصحابي ربما روى عن صحابي آخر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيظنه من لا خبرة له تابعيا, فيطلبه في أسماء التابعين فلا يجده, وربما روى التابعي حديثا مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيظنه من لا خبرة له صحابيا, فيطلبه في أسماء الصحابة فلا يجده, وربما تكرر ذكر الصحابي في أسماء الصحابة وفيمن بعدهم, وربما ذكر الصحابي الراوي عن غير النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير الصحابة, وربما ذكر التابعي المرسل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحابة, فإذا ذكر الجميع على نسق واحد زال ذلك المحذور, وذكر في ترجمة كل إنسان منهم ما يكشف عن حاله إن كان صحابيا أو غير صحابي
وقد رتبنا أسماء الرواة من لرجال في كتابنا هذا على حروف المعجم في هذه البلاد, مبتدئين بالأول فالأول منها, ثم رتبنا أسماء لآبائهم, وأجدادهم على نحو ذلك, إلا أنا ابتدأنا في حروف الألف بمن اسمه أحمد, وفي حرف الميم بمن اسمه محمد لشرف هذا الإسم على غيره, ثم ذكرنا باقي الأسماء على الترتيب المذكور
فإذا انقضت الأسماء ذكرنا المشهورين بالكنى على نحو ذلك, فإن كان في أصحاب الكنى من اسمه معروف من غير اختلاف فيه ذكرناه في الأسماء, ثم نبهنا عليه في الكنى خاصة, ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف في ترجمته, ثم ذكرنا أسماء النساء على نحو ذلك, وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمتين, أو أكثر, فنذكره في أولى التراجم به, ثم ننبه عليه في الترجمة الأخرى, وقد ذكرنا في أواخر هذا الكتاب فصولا أربعة مهمة, لم يذكر صاحب الكتاب شيئا منها, وهي:
1- فصل فيمن اشتهر اسمه بنسب إلى أبيه, أو جده, أو أمه, أو عمه, أو نحو ذلك, مثل ابن بجره, ابن الأصلح, وابن أشوع, وابن جريج, وابن علية, وغيرهم(4/23)
2- وفصل فيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة, أو بلدة, أو صناعة, أو نحو ذلك, مثل الأنباري, والأنصاري, و الأوزاعي, و الزهري, والشافعي, والعدني, والمقابري, والصيرفي, والفلاس, وغيرهم
وفصل في من اشتهر بلقب, أو نحوه, مثل الأعرج, والأعمش, وبندار, وغنذر, وغيرهم, ونذكر فيهم و فيمن قبلهم نحو ما ذكرنا في الكنى
3- وفصل في المبهمات, مثل فلان عن أبيه, أو عن جده, أو عن أمه, أو عن عمه, أو عن خاله, أو عن رجل, أو عن امراة, أو نحو ذلك, وننبه على اسم من عرفنا اسمه منهم, وينبغي للناظر في كتابنا
هذا إن يكون قد حصل طرفا صالحا من علم العربية نحوها, ولغتها, وتصريفها, ومن علم الأصول, والفروع, ومن علم الحديث, والتواريخ, وأيام الناس, فانه إذا كان كذلك كثر انتفاعه به, وتمكن من معرفة صحيح الحديث من ضعيفه, و ذلك خصوصية المحدث التي من نالها وقام بشرائطها ساد أهل زمانه في هذا العلم, وحشر يوم القيامة تحت اللواء الحمد إن شاء الله تعالى
فصل : وهذه نبذة من أقوال أهل الأئمة في هذا العلم تمس الحاجة إليها.....
فصل : فيما روي عن الأئمة في فضيلة هذه الكتب الستة .....
فصل : وهذا حين نبتدئ بعون الله تعالى فيما له قصدنا من الأسماء بعد ذكر نسب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - , وذكر شيء من سيرته ومعجزاته على طريق الاختصار, إذ الكتاب لم يوضع لذلك, لكن أحببنا أن لا نخلي الكتاب من ذلك, طلبا للبركة, و تشرفا بذكره - صلى الله عليه وسلم -.(4/24)
[ وذكر سيرة مختصرة في نحو (13) صفحة ] والله ولي التوفيق (1)
الكاشف في معرفة من له رواية في الكتب الستة لللإمام شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد الذهبي
بسم الله ارحمن الرحيم, الحمد لله والشكر لله, ولا حول ولا قوة إلا بالله, وأشهد أن لا اله إلا الله, وأشهد أن محمدا رسول الله, يقول محمد بن أحمد ابن الذهبي سامحه الله تعالى :
هذا مختصر نافع في رجال الكتب الستة : ( الصحيحين ), و( السنن الأربعة ), مقتضب من ( تهذيب الكمال ) لشيخنا الحافظ أبي الحجاج المزي, اقتصرت فيه على ذكر من له رواية في الكتب, دون باقي تلك التواليف التي في ( التهذيب ) ودون من ذكر للتمييز, أو كرر للتنبيه, والرموز فوق اسم الرجل
( خ ) للبخاري, و( م ) لمسلم, و( د ) لأبي داود, و ( ت ) للترمذي, و( س ) للنسائي, و( ق ) لابن ماجة, فان اتفقوا فالرمز ( ع ), وإن اتفق أرباب ( السنن الأربعة ) فالرمز ( 4 )
__________
(1) - طبع ( تهيب الكمال ) في مؤسسة الرسالة بتحقيق1998 الشيخ ( بشار عواد معروف ) في ( 35 ) مجلدا, ثم أعيد طبعه فيها في ( 8 ) مجلدات كبار, وعدد تراجمه ( 8645 ) ترجمة قال الحافظ ابن كثير في ( تاريخه ) : قد هذب شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي كتابه ( الكمال في أسماء الرجال ) رجال الكتب الستة ( بتهذيبه ) الذي استدرك عليه فيه أماكن كثيرة, نحوا من ألف موضع, وذلك الإمام المزي الذي لا يمارى ولا يجارى, و كتابه
( التهذيب ) لم يسبق إلى مثله, ولا يلحق في شكله,فرحمهما الله فلقد كانا نادرين في زمانهما في أسماء الرجال, حفظا وإتقانا, وسماعا و إسماعا, وسردا للمتون وأسماء الرجال, والحاسد لا يفلح ولا ينال منالا طائلا.اهـ, قال الذهبي : من نظر في كتابه ( تهذيب الكمال ) علم محله من الحفظ, فما رأيت مثله, ولا رأى هو مثل نفسه في معناه.اهـ(4/25)
وعلى الله أعتمد, وإليه أنيب (1)
معرفة الرواة المتكلم فيهم بما لا يوجب الرد للإمام شمس الدين أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا فصل مفيد من كلام الإمام الحافظ الناقد أبي عبد الله محمد ابن الذهبي رحمه الله قال :
وقد كتبت في مصنفي ( الميزان ) عددا كثيرا من الثقات الذين احتج البخاري, أو مسلم, أو غيرهما بهم لكون الرجل منهم قد دون اسمه في مصنفات الجرح, وما أوردتهم لضعف فيهم عندي, بل ليعرف ذلك, وما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به, ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة, فبعض الصحابة كفر بعضهم بتأويل ما, والله يرضى عن الكل, ويغفر لهم, فما هم بمعصومين, وما اختلافهم ومحاربتهم بالتي تلينهم عندنا أصلا, وبتكفير الخوارج لهم أنحطت رواياتهم, بل صار كلام الخوارج والشيعة فيهم جرحا في الطاعنين, فانظر إلى حكمة ربك, نسأل الله السلامة
__________
(1) - طبع ( الكاشف )في دار القبلة ومؤسسة علوم القران في مجلدين 1992 بتحقيق ( محمد عوامة ) و( أحمد محمد نمر الخطيب ) وعدد رجاله ( 7179 )رجلا, وللحافظ أبي زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي كتاب ( ذيل الكاشف ) طبع في دار الباز بمكة 1406هـ بتحقيق ( بوران الضناوي ) قال في مقدمته: هذا ذيل على (الكاشف) للحافظ أبى عبد الله الذهبي رحمه الله ذكرت فيه بقية التراجم التي في ( التهذيب ) للحافظ أبى الحجاج المزي رحمه الله فان الذهبي اقتصر على رجال ( الستة ) فذكرت رجال بقية كتبهم وضممت إلى ذلك رجال ( مسند الإمام أحمد بن حنبل ) وزيادات ولده عليه..اهـ
قال الحافظ في ( تعجيل المنفعة )(ص 4): اختبرته فوجدته قلد الحسيني والهيثمي في أوهامها وأضاف إلى أوهامها من قبله أوهاما أخرى وقد تعقبت جميع ذلك مبينا محررا اهـ فرغ منه يوم الأربعاء 11 صفر سنة 805هـ و عدد رجاله 2198 رجلا(4/26)
وهذا كثير من كلام الأقران بعضهم في بعض, ينبغي أن يطوى ولا يروى, ويطرح ولا يجعل طعنا, ويعامل الرجل بالعدل والقسط, وسوف أبسط فصلا في هذا المعنى يكون فصلا بين الجرح المعتبر, وبين الجرح المردود, إن شاء الله
فأما الصحابة - رضي الله عنه - فبساطهم مطوي, وإن جرى ما جرى, وإن غلطوا كما غلط غيرهم من الثقات, فما يكاد يسلم أحد من الغلظ لكنه غلط نادر, لا يضر أبدا, إذ على عدالتهم وقبول ما نقلوه العمل, وبه ندين الله تعالى
وأما التابعون فيكاد ينعدم فيهم من يكذب عمدا, ولكن لهم غلط وأوهام, فمن ندر غلطه في جنب ما قد حصل احتمل ومن تعدد غلطه وكان من أوعية العلم اغتفر له أيضا, ونقل حديثه وعمل به, على تردد بين الأئمة الأثبات في الاحتجاج عمن هذا نعته, كالحارث الأعور, وعاصم بن ضمرة, وصالح مولى التوأمة, وعطاء بن السائب, ونحوهم, و من فحش خطأه وكثر تفرده لم يحتج بحديثه, ولا يكاد يقع ذلك في التابعين الأولين, ويوجد ذلك في صغار التابعين فمن بعدهم
وأما أصحاب التابعين كمالك والأوزاعي وهذا الضرب فعلى المراتب المذكورة, ووجد في عصرهم من يتعمد الكذب, أو من كثر غلطه, وغلظ تخبيطه فترك حديثه
هذا مالك هو النجم الهادي بين الأمة, وما سلم من الكلام فيه, ولو قال قائل عند الاحتجاج بمالك فقد تكلم فيه لعذر واه, وكذلك الأوزاعي ثقة حجة, وربما انفرد ووهم,وحديثه عن الزهري فيه شيء ما, وقد قال فيه أحمد بن حنبل رأي ضعيف, وحديث ضعيف, وقد تكلف لمعنى هذه اللفظة, وكذا تكلم من لا يفهم في الزهري, لكونه خضب بالسواد, و لبس زي الجند, وخدم هشام بن عبد الملك, وهذا باب واسع, والماء إذا بلغ قلتين لم يحمل الخبث, والمؤمن إذا رجحت حسناته وقلت سيآته فهو من المفلحي,ن هذا إن لو كان ما قيل في الثقة الرضي مؤثرا, فكيف وهو لا تأثير له(4/27)
فمنهم فضيل بن عياض ثقة بلا نزاع, سيد, قال أحمد بن أبي خيثمة سمعت قطبة بن العلاء يقول : تركت حديث فضيل بن عياض لأنه روى أحاديث أزرى على عثمان بن عفان - رضي الله عنه -
وحدثنا عبد الصمد بن يزيد الصائغ قال : ذكر عند الفضيل وأنا أسمع اصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : اتبعوا فقد كفيتم, أبو بكر وعمر وعثمان وعلي - رضي الله عنهم - , قلت: لا يقبل قول قطبة, ومن هو قطبه حتى يسمع قوله واجتهاده, فالفضيل روى ما سمع, ولم يقصد غضا, ولا أزرى على أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه -, ففعل ما يسوغ, أفبمثل هذا يقول تركت حديثه, فهو كما قيل : رمتني بدائها وانسلت
وقطبة قد قال البخاري : فيه نظر, وضعفه النسائي وغيره, وأما الفضيل فلإتقانه وثقته, لا حاجة لذكر أقوال من أثنى عليه, فإنه رأس في العلم والعمل رحمه الله
محمد بن إدريس الإمام الشافعي ممن سارت الركاب بفضائله, ومعارفه, وثقته وأمانته, فهو حافظ متثبت, نادر الغلط, حتى أن أبا زرعة قال : ما عند الشافعي حديث غلط فيه, وقال: ما أعلم للشافعي حديثا خطأ
وقال أبو عمر ابن عبد البر : رويناه عن محمد بن وضاح, قال : سألت يحبى بن معين عن الشافعي, فقال : ليس ثقة, ثم قال يعني ابن عبد البر : ابن وضاح ليس بثقة, قال ابن عبد البر أيضا : قد صح من طرق عن ابن معين أنه يتكلم في الشافعي(4/28)
قلت : قد آذى ابن معين نفسه بذلك, ولم يلتفت الناس إلى كلامه في الشافعي, ولا إلى كلامه في جماعة من الأثبات, كما لم يلتفتوا إلى توثيقه لبعض الناس, فإنا نقبل قوله دائما في الجرح والتعديل, ونقدمه على كثير من الحفاظ, ما لم يخالف الجمهور في اجتهاده, فإذا انفرد بتوثيق من لينه الجمهور, أو بتضعيف من وثقه الجمهور وقبلوه, فالحكم لعموم أقوال الأئمة, لا لمن شذ, فإن أبا زكريا من أحد أئمة هذا الشأن وكلامه كثير إلى الغاية في الرجال, وغالبه صواب, وجيد, وقد ينفرد بالكلام في الرجل بعد الرجل, فيلوح خطأه في اجتهاده بما قلناه, فإنه بشر من البشر, وليس بمعصوم, بل هو في نفسه يوثق الشيخ, تارة يختلف اجتهاده في الرجل الواحد, فيجيب السائل بحسب ما اجتهد من القول في ذلك الوقت
قال المؤلف رحمه الله تعالى : وكلامه يعني ابن معين في الشافعي ليس من هذا اللفظ الذي كان عن اجتهاد, وإنما هذا من فلتات اللسان بالهوى والعصبية, فإن ابن معين كان من الحنفية الغلاة في مذهبه, وإن كان محدثا, وكذا قول الحافظ أبي حامد ابن الشرقي : كان يحيى ابن معين وأبو عبيد مسيئا الرأي في الشافعي, قصد والله ابن الشرقي أساءا في ذاتهما في عالم زمانه, وكذا قول أحمد بن عبد الله (1) في الإمام أبي عبد الله هو ثقة, صاحب رأي, ليس عنده حديث, وكان يتشيع, فكان العجلي يوهم في الإمام أبي عبد الله التشيع لقوله :
إن كان رفضا حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي
__________
(1) - هو أحمد بن عبد الله بن صالح أبي الحسن العجلي صاحب ( تاريخ الثقات )(4/29)
وكذا تكلم فيه بالتشيع بعض أعدائه من كبار المالكية, لموافقته الشيعة في مسائل فروعية, أصابوا فيها, ولم يبدعوا بها كالجهر بالبسملة, والقنوت في الصبح, والتختم في اليمين, وهذا قله ورع, وتسرع إلى الكلام في الإمام, فالشافعي رحمه الله أبعد شيء من التشيع, كيف وهو القائل فيما ثبت عنه: الخلفاء الراشدون خمسة, أبو بكر وعمر وعثمان وعلي و عمر بن عبد العزيز, أفشيعي يقول هذا قط !؟
وقد صنف الخطيب الحافظ ( مسألة الاحتجاج بالشافعي ) (1) فشفى و كفى, فقول العجلي : ليس عنده حديث, قول من لا يدري ما يقول في حق الإمام أبي عبد الله, وما عرفه العجلي, ولا جالسه, فالشافعي من جلة أصحاب الحديث, رحل فيه, وكتب بمكة والمدينة والعراق واليمن, ولقب ببغداد : ناصر الحديث, وهو قلما يوجد له حديث غلط, والله حسيب من يتكلم بجهل أو هوى, فإن السكوت يسع الشخص, نعم لم يكن الشافعي رحمه الله في الحديث كيحيى القطان, أو ابن مهدي, أو احمد بن حنبل, بل ما هو في الحديث بدون الأوزاعي, ولا مالك, وهو في الحديث ورجاله وعلله فوق أبي مسهر, وأبي يوسف القاضي, وعبد الرحمن بن القاسم , و إسحاق بن الفرات, وأشهب, وأمثالهم, فرحم الله الجميع (2)
ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق للإمام شمس الدين أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على الإيمان ومتابعة سنة نبيه أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) - وكذا صنف الحافظ أبو بكر البيهقي كتاب ( بيان خطأ من أخطأ الشافعي ) طبع في مؤسسة الرسالة 1406هـ بتحقيق ( الشريف نايف الدعيس )
(2) - طبع دار البشائر الإسلامية بيروت بتحقيق ( محمد إبراهيم الموصلي ) 1992 هـ وفي دار المعرفة 1986 بتحقيق ( أبى عبد الله إبراهيم سعيداي إدريس ) وفي مصر بتحقيق ( عبد المجيد زكرياء ) وعدد تراجمه ( 92 ) ترجمة(4/30)
أما بعد : فهذا فصل نافع في معرفة ثقات الرواة الذين تكلم فيهم بعض الأئمة بما لا يرد أخبارهم, وفيهم بعض اللين, وغيرهم أتقن منهم, وأحفظ فهؤلاء حديثهم إن لم يكن في أعلى مراتب الصحيح فلا ينزل عن رتبة الحسن, اللهم إلا أن يكون للرجل منهم أحاديث تستنكر عليه, وهي التي تكلم فيه من أجلها, فينبغي التوقف في هذه للأحاديث, والله الموفق بمنه, فأما العلامات فإشارة إلى مخرج حديثه في كتب هؤلاء
فعلامة البخاري ( خ ), ومسلم ( م ), وأبو داود ( د ), والترمذي ( ت ) والنسائي ( س ), وابن ماجةه
( ق ), و السنن الأربعة ( عه ), والجماعة كلهم ( ع ), فنقول وبالله التوفيق (1)
تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي تفرد بالبقاء والكمال, وقسم بين عباده الأرزاق والآجال, وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا, وملوكا وسوقة ليتناصفوا, و بعث الرسل مبشرين ومنذرين, لئلا يكون للناس على الله حجة, وختمهم بخيرته من خليقته, السالك بتأييده الطريق المستقيم على المحجة, وأشهد أن لا إله إلا الله على الإطلاق, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث إلى أهل الآفاق, المنعوت بتهذيب الأخلاق, ومكارم الأعراق, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه صلاة وسلاما متعاقبين إلى يوم التلاق
أما بعد : فإن كتاب ( الكمال في أسماء الرجال ) الذي ألفه الحافظ الكبير أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد بن سرور المقدسي, وهذبه الحافظ الشهير أبو الحجاج يوسف بن الزكي المزي, من أجل المصنفات في معرفة حملة الآثار وضعا, و أعظم المؤلفات في بصائر ذوي الألباب وقعا
__________
(1) - طبع في مكتبة المنار الأردن 1406 بتحقيق ( محمد شكور امرير المياديني ) وعدد تراجمه ( 396 ) ترجمة(4/31)
ولا سيما ( التهذيب ) فهو الذي وفق بين اسم الكتاب ومسماه, وألف بين لفظه ومعناه, بيد أنه أطال و أطاب, ووجد مكان القول ذا سعة فقال وأصاب, ولكن قصرت الهمم عن تحصيله لطوله, فاقتصر بعض الناس على الكشف عن ( الكاشف ) الذي اختصره منه الحافظ أبو عبد الله الذهبي, ولما نظرت في هذه الكتب وجدت تراجم ( الكاشف ) إنما هي كالعنوان, تتشوق النفوس إلى الاطلاع على ما وراءه, ثم رأيت للذهبي كتابا سماه ( تذهيب التهذيب ) (1) أطال فيه العبارة, ولم يَعْدُ ما في ( التهذيب ) غالبا, وإن زاد ففي بعض الأحايين وفيات بالظن والتخمين, أو مناقب لبعض المترجمين, مع إهمال كثير من التوثيق و التجريح الذين عليهما مدار التضعيف و التصحيح, هذا وفي ( التهذيب ) عدد من الأسماء لم يعرف الشيخ بشيء من أحوالهم, بل لا يزيد على قوله: روى عن فلان, روى عنه فلان, أخرج له فلان, وهذا لا يروي الغلة, ولا يشفي العلة
فاستخرت الله تعالى في اختصار ( التهذيب ) على طريقة أرجو الله أن تكون مستقيمة وهو أنني اقتصر على ما يفيد الجرح والتعديل خاصة, وأحذف منه ما أطال به الكتاب من الأحاديث, التي يخرجها من مروياته العالية من الموافقات والأبدال, وغير ذلك من أنواع العلو, فإن ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه منه بموضوع الكتاب, وإن كان لا يلحق المؤلف من ذلك عيب, حاشا وكلا بل هو والله العديم النظير, المطلع النحرير, لكن العمر يسير, والزمان قصير, فحذفت هذا جملة, وهو نحو ثلث الكتاب
__________
(1) - طبع في دار الفاروق الحديثة مصر(4/32)
ثم إن الشيخ رحمه الله قصد استيعاب شيوخ صاحب الترجمة, واستيعاب الرواة عنه, ورتب ذلك على حروف المعجم, في كل ترجمة, وحصل من ذلك على الأكثر, لكنه شيء لا سبيل إلى استيعابه, ولا حصره, وسببه انتشار الروايات, وكثرتها, وتشعبها, وسعتها, فوجد المتعنت بذلك سبيلا إلى الاستدراك على الشيخ بما لا فائدة فيه جليلة, ولا طائلة فإن أجل فائدة في ذلك هو في شيء واحد, وهو إذا اشتهر أن الرجل لم يرو عنه إلا واحد, فإذا ظفر المفيد له براو آخر أفاد رفع جهالة عين ذلك الرجل, برواية راويين عنه, فتتبع مثل ذلك, والتنقيب عليه مهم(4/33)
وأما إذا جئنا إلى مثل سفيان الثوري, وأبي داود الطيالسي, ومحمد بن إسماعيل, وأبي زرعة الرازي, ويعقوب بن سفيان, وغير هؤلاء ممن زاد عدد شيوخهم على الألف, فأردنا استيعاب ذلك, تعذر علينا غاية التعذر, فإن اقتصرنا على الأكثر والأشهر بطل ادعاء الاستيعاب, ولا سيما إذا نظرنا إلى ما روى لنا عن من لا يدفع قوله, أن يحيى بن سعيد الأنصاري راوي حديث الأعمال حدث به عنه سبعمائة نفس, وهذه الحكاية ممكنة عقلا ونقلا, لكن لو أردنا أن نتبع من روى عن يحيى بن سعيد فضلا عن من روى هذا الحديث الخاص عنه, لما وجدنا هذا القدر, ولاما يقاربه, فاقتصرت من شيوخ الرجل ومن الرواة عنه إذا كان مكثرا على الأشهر, والأحفظ, والمعروف, فإن كانت الترجمة قصيرة لم أحذف منها شيئا في الغالب, وإن كانت متوسطة اقتصرت على ذكر الشيوخ, والرواة الذين عليهم رقم في الغالب, وان كانت طويلة اقتصرت على من عليه رقم الشيخين, مع ذكر جماعة غيرهم, ولا أعدل من ذلك إلا لمصلحة, مثل أن يكون الرجل قد عرف من حاله أنه لا يروي إلا عن ثقة, فإنني أذكر جميع شيوخه, أو أكثرهم كشعبة ومالك وغيرهما, ولم ألتزم سياق الشيخ, والرواة في الترجمة الواحدة على حروف المعجم, لأنه لزم من ذلك تقديم الصغير على الكبير, فأحرص على أن أذكر في أول الترجمة أكثر شيوخ الرجل, وأسندهم, وأحفظهم, إن تيسر معرفة ذلك, إلا أن يكون للرجل ابن أو قريب فإنني أقدمه في الذكر غالبا, وأحرص على أن أختم الرواة عنه بمن وصف بأنه آخر من روى عن صاحب الترجمة, وربما صرحت بذلك, وأحذف كثيرا من أثناء الترجمة إذا كان الكلام المحذوف لا يدل على توثيق, ولا تجريح(4/34)
ومهما ظفرت به بعد ذلك من تجريح وتوثيق ألحقته, وفائدة إيراد كل ما قيل في الرجل من جرح وتوثيق يظهر عند المعارضة, وربما أوردت بعض كلام الأصل بالمعنى, مع استيفاء المقاصد, وربما زدت ألفاظا يسيرة في أثناء كلامه, لمصلحة في ذلك, وأحذف كثيرا من الخلاف في وفاة الرجل إلا لمصلحة تقتضي عدم الاختصار, ولا أحذف من رجال
( التهذيب ) أحدا, بل ربما زدت فيهم من هو على شرطه, فما كان من ترجمة زائدة مستقلة فإنني أكتب اسم صاحبها, واسم أبيه بأحمر, وما زدته في أثناء التراجم قلت في أوله :( قلت ) فجميع ما بعد قلت فهو من زيادتي إلى آخر الترجمة فصل
وقد ذكر المؤلف الرقوم فقال للستة ( ع ), وللأربعة ( 4 ), وللبخاري ( خ ), ولمسلم ( م ), ولأبي داود ( د ) و للترمذي ( ت ), وللنسائي ( س ), ولابن ماجة ( ق ), وللبخاري في التعاليق ( خت ) وفي (الأدب المفرد) ( بخ ), وفي جزء (رفع اليدين) ( ي ), وفي (خلق أفعال العباد) ( عخ ),وفي جزء (القراءة خلف الإمام) ( ز ), ولمسلم في مقدمة كتابه ( مق ), ولأبي داود في (المراسيل) ( مد ), وفي (القدر) ( قد ) وفي (الناسخ والمنسوخ) ( خد ) وفي كتاب (التفرد) ( ف ), وفي (فضائل الأنصار) ( صد ), وفي (المسائل) ( ل ), وفي (مسند مالك) ( كد ) و للترمذي في (الشمائل) ( تم ), وللنسائي في (اليوم والليلة) ( سي ), وفي (مسند مالك) ( كن ), وفي (خصائص علي) ( ص ), وفي (مسند علي) ( عس ), ولابن ماجة في (التفسير) ( فق )
هذا الذي ذكره المؤلف من تآليفهم, وذكر أنه ترك تصانيفهم في التواريخ عمدا, لأن الأحاديث التي تورد فيها غير مقصودة بالاحتجاج, وبقي عليه من تصانيفهم التي على الأبواب عدة كتب, منها (بر الوالدين) للبخاري, وكتاب (الانتفاع بأهب السباع) لمسلم, و كتاب (الزهد), و(دلائل النبوة), و(الدعاء), و (ابتداء الوحي), و (أخبار الخوارج) من تصانيف أبي داود, وكأنه لم يقف عليها, والله الموفق(4/35)
وأفرد (عمل اليوم والليلة) للنسائي على (السنن) وهو من جملة كتاب (السنن) في رواية بن الأحمر, وابن سيار, وكذلك أفرد (خصائص علي) وهو من جملة المناقب, في رواية بن سيار, ولم يفرد (التفسير) وهو من رواية حمزة وحده, ولا كتاب (الملائكة) و(الاستعاذة) و(الطب) وغير ذلك, وقد تفرد بذلك راو دون راو عن النسائي, فما تبين لي وجه إفراده (الخصائص), و(عمل اليوم والليلة) والله الموفق
ثم ذكر المؤلف الفائدة في خلطه الصحابة بمن بعدهم خلافا لصاحب ( الكمال ), وذلك أن للصحابي رواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن غيره فإذا رأى من لا خبرة له رواية الصحابي عن الصحابي ظن الأول تابعا, فيكشفه في التابعين فلا يجده, فكان سياقهم كلهم مساقا واحدا على الحروف أولى
قال : وما في كتابنا هذا مما لم نذكر له إسنادا فما كان بصيغة الجزم فهو مما لا نعلم بإسناده إلى قائله المحكي عنه بأسا, و ما كان بصيغة التمريض فربما كان في إسناده نظر
ثم قال : وابتدأت في حرف الهمزة بمن اسمه أحمد, وفي حرف الميم بمن اسمه محمد, فإن كان في أصحاب الكنى من اسمه معروف من غير خلاف فيه ذكرناه في الأسماء, ثم نبهنا عليه في الكنى, وإن كان فيهم من لا يعرف اسمه أو اختلف فيه ذكرناه في الكنى, ونبهنا على ما في اسمه من الاختلاف, ثم النساء كذلك, وربما كان بعض الأسماء يدخل في ترجمتين فأكثر فنذكره في أولي التراجم به, ثم ننبه عليه في الترجمة الأخرى, وبعد ذلك فصول فيمن اشتهر بالنسبة إلى أبيه, أو جده, أو أمه, أو عمه, ونحو ذلك, وفيمن اشتهر بالنسبة إلى قبيلة, أو بلدة, أو صناعة, وفيمن اشتهر بلقب, أو نحوه, و فيمن أبهم مثل فلان عن أبيه, أو عن جده, أو أمه, أو عمه, أو خاله, أو عن رجل, أو امرأة, ونحو ذلك, مع التنبيه على اسم من عرف اسمه منهم, والنساء كذلك(4/36)
هذا المتعلق بديباجة الكتاب, ثم ذكر المؤلف بعد ذلك ثلاثة فصول, أحدها في شروط الأئمة الستة, والثاني في الحث على الرواية عن الثقات, والثالث في الترجمة النبوية
فأما الفصلان الأولان فإن الكلام عليهما مستوفي في علوم الحديث, وأما الترجمة النبوية فلم يعد المؤلف ما في كتاب ابن عبد البر, وقد صنف الأئمة قديما وحديثا في السيرة النبوية عدة مؤلفات, مبسوطات ومختصرات, فهي أشهر من أن تذكر, وأوضح من أن تشهر, ولها محل غير هذا نستوفي الكلام عليها فيه إن شاء الله تعالى, وقد ألحقت في هذا المختصر ما التقطته من ( تذهيب التهذيب ) للحافظ الذهبي, فإنه زاد قليلا, فرأيت أن أضم زياداته لتكمل الفائدة, ثم وجدت صاحب ( التهذيب ) حذف عدة تراجم من أصل ( الكمال ) ممن ترجم لهم بناء على أن بعض الستة أخرج لهم, فمن لم يقف المزي على روايته في شيء من هذه الكتب حذفه, فرأيت أن أثبتهم, وأنبه على ما في تراجمهم من عوز, وذكرهم على الاحتمال أفيد من حذفهم, وقد نبهت على من وقفت على روايته منهم في شيء من الكتب المذكورة, وزدت تراجم كثيرة أيضا, التقطتها من الكتب الستة, مما ترجم المزي لنظيرهم, تكملة للفائدة أيضا, وقد انتفعت في هذا الكتاب المختصر بالكتاب الذي جمعه الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي على ( تهذيب الكمال ) مع عدم تقليدي له في شيء مما ينقله, وإنما استعنت به في العاجل, وكشفت الأصول التي عزا النقل إليها في الآجل, فما وافق أثبته, وما باين أهملته, فلو لم يكن في هذا المختصر إلا الجمع بين هذين الكتابين الكبيرين في حجم لطيف لكان معنى مقصودا, هذا مع الزيادات التي لم تقع لهما, والعلم مواهب, والله الموفق (1)
تقريب تهذيب التهذيب للحافظ ابن حجر
__________
(1) - طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند في ( 12 ) مجلدا ثم صور في دار صادر وغيرها, وطبع في مؤسسة الرسالة 1996في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( إبراهيم الزيبق ) و( عادل مرشد )(4/37)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي رفع بعض خلقه على بعض درجات، وميز بين الخبيث والطيب بالدلائل المحكمات والسمات، و تفرد بالملك فإليه منتهى الطلبات والرغبات، وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ذو الأسماء الحسنى و الصفات، الناقد البصير لأخفى الخفيات، الحكم العدل، فلا يظلم مثقال ذرة، ولا يخفى عنه مقدار ذلك في الأرض والسماوات,.وأشهد أن محمداً عبده ورسوله المبعوث بالآيات البينات، والحجج النيرات، الآمر بتنزيل الناس ما يليق بهم من المنازل والمقامات، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه السادة الأنجاب الكرماء الثقات.
أما بعد : فإنني لما فرغت من تهذيب (تهذيب الكمال) في أسماء الرجال، الذي جمعت فيه مقصود (التهذيب) لحافظ عصره أبي الحجاج المزي، من تمييز أحوال الرواة المذكورين فيه، وضممت إليه مقصود (إكماله) للعلامة علاء الدين مغلطاي، مقتصراً منه على ما اعتبرته عليه، وصححته من مظانه، من بيان أحوالهم أيضاً، وزدت عليهما في كثير من التراجم ما يتعجب من كثرته لديهما، ويستغرب خفاؤه عليهما,وقع الكتاب المذكور من طلبة الفن موقعاً حسناً عند المميز البصير، إلا أنه طال إلى أن جاوز ثلث الأصل، والثلث كثير
فالتمس مني بعض الإخوان أن أجرد له الأسماء خاصة، فلم أوثر ذلك، لقلة جدواه على طالبي هذا الفن، ثم رأيت أن أجيبه إلى مسألته، وأسعفه بطلبته، على وجه يحصل مقصوده بالإفادة، ويتضمن الحسنى التي أشار إليها و زيادة، وهي:(4/38)
أنني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به، بألخص عبارة، و أخلص إشارة، بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالباً، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راوٍ منهم، بحيث يكون قائماً مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمنه لبسه.وباعتبار ما ذكرت انحصر لي الكلام على أحوالهم في اثنتي عشرة مرتبة، وحصر طبقاتهم في اثنتي عشرة طبقة فأما المراتب:
فأولها : الصحابة, فأصرح بذلك لشرفهم.
الثانية : من أُكد مدحه, إما : بأفعل, كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظاً, كثقة ثقة، أو معنى, كثقة حافظ
الثالثة: من أفرد بصفة، كثقة، أو متقن، أو ثَبْت، أو عدل.
الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق، أو لا بأس به، أو ليس به بأس.
الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلاً، وإليه الإشارة بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغير بآخرة, ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة، كالتشيع والقدر، والنصب، والإرجاء، والتجهم، مع بيان الداعية من غيره.
السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يثبت فيه ما يترك حديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ مقبول، حيث يتابع، وإلا فلين الحديث.
السابعة : من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ مستور، أو مجهول الحال.
الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر، ووجد فيه إطلاق الضعف، ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ ضعيف.
التاسعة: من لم يرو عنه غير واحد، ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ: مجهول.
العاشرة: من لم يوثق البتة، وضعف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة: بمتروك، أو متروك الحديث، أو واهي الحديث، أو ساقط.
الحادية عشرة: من اتهم بالكذب.
الثانية عشرة: من أطلق عليه اسم الكذب، والوضع
وأما الطبقات:(4/39)
فالأولى : الصحابة، على اختلاف مراتبهم، وتمييز من ليس له منهم إلا مجرد الرؤية من غيره.
الثانية: طبقة كبار التابعين، كابن المسيب، فإن كان مخضرماً صرحت بذلك.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين، كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها: جُلُّ روايتهم عن كبار التابعين، كالزهري, وقتادة.
الخامسة : الطبعة الصغرى منهم، الذين رأوا الواحد والاثنين، ولم يثبت لبعضهم السَّماع من الصحابة، كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة , لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة, كابن جريج
السابعة: طبقة كبار أتباع التابعين، كمالك والثوري.
الثامنة: الطبقة الوسطى منهم، كابن عيينة وابن علية.
التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين: كيزيد بن هارون، والشافعي، وأبي داود الطيالسي، وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن تبع الأتباع، ممن لم يلق التباعين، كأحمد بن حنبل.
الحادية عشرة: الطبقة الوسطى من ذلك، كالذهلي والبخاري.
الطبقة الثانية عشرة: صغار الآخذين عن تبع الأتباع، كالترمذي، وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة، الذين تأخرت وفاتهم قليلاً، كبعض شيوخ النسائي.
وذكرت وفاة من عرفت سنة وفاته منهم، فإن كان من الأولى والثانية: فهم قبل المائة، وإن كان من الثالثة إلى آخر الثامنة: فهم بعد المائة، وإن كان من التاسعة إلى آخر الطبقات: فهم بعد المائتين، ومن ندر عن ذلك بينته, وقد اكتفيت بالرقم على أول اسم كل راوٍ، إشارة إلى من أخرج حديثه من الأئمة :(4/40)
فالبخاري في (صحيحه) ( خ )، فإن كان حديثه عنده معلقاً (خت)،و للبخاري في (الأدب المفرد) ( بخ )، و في (خلق أفعال العباد) (عخ)، وفي (جزء القراءة) ( ر )، وفي (رفع اليدين) ( ي ), ولمسلم ( م ) ولمقدمة (صحيحه) ( مق ), ولأبي داود ( د )، وفي (المراسيل) له ( مد )، وفي (فضائل الأنصار) ( صد ) ، وفي (الناسخ) ( خد )، وفي (القدر) ( قد ) ، وفي (التفرد) ( ف ) ، وفي (المسائل) ( ل ) ، وفي (مسند مالك) ( كد ) وللترمذي ( ت ) ، وفي (الشمائل) له( تم ) و للنسائي ( س ) ، و في (مسند علي) له ( عس )، و في (مسند مالك) ( كن ), وفي كتاب (العمل اليوم والليلة) ( سي )، و في (خصائص علي) ( ص ),.ولابن ماجه ( ق ) ، وفي (التفسير) له( فق ), فإن كان حديث الرجل في أحد الأصول الستة، أكتفي برقمه، ولو أخرج له في غيرها,وإذا اجتمعت فالرقم ( ع )، و أما علامة ( 4 ) فهي لهم سوى الشيخين, ومن ليست له عندهم رواية مرقوم عليه : ( تمييز ) ، إشارة إلى أنه ذكر ليتميز عن غيره,.ومن ليست عليه علامة نبه عليه، وترجم قبل أو بعد, وسميته : ( تقريب التهذيب )
والله سبحانه وتعالى أسأل أن ينفع به قارئه, وكاتبه, والناظر فيه، وأن يبلغنا من فضله وإحسانه ما نؤمله و نرتجيه، إنه ولي ذلك والقادر عليه، لا إله إلا هو، عليه توكلت وإليه أنيب.(1)
تعجيل المنفعة في رجال الأربعة للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله على إحسانه المترادف المتوال, و أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له الكبير المتعال, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي أضاءت أوصافه الحسنى إضاءة الآل, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه أولى الهمم العوال, صلاة وسلاما دائمين ما دامت الأيام والليال
__________
(1) - طبع ( التقريب ) عدة طبعات منها طبعة دار الرشيد حلب 1412هـ بتحقيق ( محمد عوامة ) وفي مؤسسة الرسالة 146هـ بتحقيق ( عادل مرشد ) وعدد رجاله ( 8826 ) ) رجلا(4/41)
أما بعد : فقد وقفت على مصنف للحافظ أبي عبد الله محمد بن علي بن حمزة الحسيني الدمشقي سماه (التذكرة برجال العشرة), ضم إلى من في ( تهذيب الكمال ) لشيخه المزي من في الكتب الأربعة, وهي (الموطأ), و (مسند الشافعي) و(مسند أحمد), و(المسند) الذي خرجه الحسين بن محمد بن خسرو من حديث الإمام أبي حنيفة, وحذا حذو الذهبي في (الكاشف) في الاقتصار على من في الكتب الستة, دون من أخرج لهم في تصانيف لمصنفيها خارجة عن ذلك, (كالأدب المفرد) للبخاري, و(المراسيل) لأبي داود, و (الشمائل) للترمذي فلزم من ذلك أن ينسب ما خرج له الترمذي, أو النسائي مثلا إلى من أخرج له في بعض المسانيد المذكورة, وهو صنيع سواه أولى منه
فإن النفوس تركن إلى من أخرج له بعض الأئمة الستة أكثر من غيرهم لجلالتهم في النفوس, وشهرتهم,, و لأن أصل وضع التصنيف للحديث على الأبواب أن يقتصر فيه على ما يصلح للاحتجاج, أو الاستشهاد, بخلاف من رتب على المسانيد, فإن أصل وضعه مطلق الجمع
وجعل الحسيني علامة مالك ( ك ), وعلامة الشافعي ( ش ),وعلامة أبي حنيفة ( فه ), وعلامة أحمد ( أ ) ولمن أخرج له عبد الله بن أحمد عن غير أبيه ( عب ), ورموز الستة على حالها
وكنت قد لخصت ( تهذيب الكمال ) وزدت عله فوائد كثيرة, وسميته : ( تهذيب التهذيب ), وجاء نحو ثلث الأصل, ثم لخصته في تصنيف لطيف, سميته : ( التقريب ), وهو مجلد واحد, يحتوى على جميع من ذكر في ( التهذيب ) مع زياداته في التراجم, فالتقطت الآن من كتاب الحسيني من لم يترجم له المزي في ( التهذيب ), وجعلت رموز الأربعة على ما اختاره الشريف, ثم عثرت في أثناء كلامه على أوهام صعبة, فتعقبتها, ثم وقفت على تصنيف له أفرد فيه رجال أحمد, سماه : ( الإكمال عن من في مسند أحمد من الرجال ممن ليس في تهذيب الكمال ) , فتتبعت ما فيه من فائدة زائدة على ( التذكرة )(4/42)
ثم وقفت على (جزء) لشيخنا الحافظ نور الدين الهيثمي, استدرك فيه ما فات الحسيني من رجال أحمد, لقطه من (المسند), لما كان يكتب زاوئد أحاديثه على الكتب الستة, وهو (جزء) لطيف جدا, و عثرت فيه مع ذلك على أوهام, وقد جعلت على من تفرد به ( هب ), ثم وقفت على تصنيف للإمام أبي زرعة بن شيخنا حافظ العصر أبي الفضل بن الحسين العراقي, سماه : ( ذيل الكاشف ), تتبع الأسماء التي في ( تهذيب الكمال ) ممن أهمله ( الكاشف ), وضم إليه من ذكره الحسيني من رجال أحمد و بعض من استدركه الهيثمي, وصير ذلك كتابا واحدا, واختصر التراجم فيه على طريقة الذهبي, فاختبرته فوجدته قلد الحسيني والهيثمي في أوهامها, وأضاف إلى أوهامها من قبله أوهاما أخرى, وقد تعقبت جميع ذلك مبينا محررا, مع أني لا أدعى العصمة من الخطأ والسهو, بل أوضحت ما ظهر لي, فليوضح من يقف على كلامي ما ظهر له, فما القصد إلا بيان الصواب طلبا للثواب
ثم قال الحسيني في خطبة ( التذكرة ) مرغبا في كتابه : ذكرت رجال الأئمة الأربعة المقتدى بهم, لأن عمدتهم في الاستدلال لهم لمذاهبهم في الغالب, على ما رووه في مسانيدهم باسأنيدهم, فإن ( الموطأ ) لمالك هو مذهبه الذي يدين الله به أتباعه, ويقلدونه, مع أنه لم يرو فيه إلا الصحيح عنده, وكذلك (مسند الشافعي) موضوع لأدلته على ما صح عنده من مروياته, وكذلك (مسند أبي حنيفة), وأما (مسند أحمد) فإنه أعم من ذلك كله وأشمل انتهى كلامه
وفيه مناقشات : الأولى : ليس الأمر عند المالكية كما ذكر, بل اعتمادهم في الأحكام والفتوى على ما رواه أبو القاسم عن مالك, سواء وافق ما في (الموطأ) أم لا, وقد جمع بعض المغاربة كتابا فيما خالف فيه المالكية نصوص (الموطأ) كالرفع عند الركوع, والاعتدال
الثانية : قوله أن مالكا لم يخرج في كتابه إلا ما صح عنده في مقام المنع, وبيان ذلك يعرفه من أمعن النظر في كتابه(4/43)
الثالثة : ما نسبه (لمسند الشافعي) ليس الأمر فيه كذلك, بل الأحاديث المذكورة فيه منها ما يستدل به لمذهبه, ومنها ما يورده مستدلا لغيره, ويوهيه, ثم أن الشافعي لم يعمل هذا (المسند), وإنما التقطه بعض النيسابوريين من (الأم)(1) وغيرها, من مسموعات أبي العباس الأصم (2), التي كان انفرد بروايتها عن الربيع, وبقى من حديث الشافعي شيء كثير لم يقع في هذا (المسند), ويكفى في الدلالة على ذلك قول إمام الأئمة أبي بكر بن خزيمة, أنه لا يعرف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - سنة لم يودعها
__________
(1) - طبع كتاب ( الأم ) في المطبعة الأميرية بمصر 1326هـ, ثم صور في الهيئة المصرية للكتاب 1987 في ( 4 ) مجلدات, ثم في دار الفكر بيروت 1990, وفي دار الكتب العلمية في( 8 ) مجلدات بتحقيق ( محمد مطرجي ), و طبع معه بهامشه و بآخره كتب أخرى للشافعي و هي( المسند ) و( اختلاف الحديث ) و( مختصر المزني), ثم طبع مؤخرا في دار الوفاء 1422هـ في ( 11 ) مجلدا, بتحقيق (فوزي عبد المطلب) وهي أحسن طبعاته, وقد رتب (الأم ) عدة علماء منهم :1- الشيخ سراج الدين عمر بن رسلان البلقيني الشافعي المتوفى سنة 805هـ على الأبواب, وقد أكمله ,ولكن بقي منه بقايا, ذكره (ابن قاضي شهبة) في (طبقاته)(4\42), 2- وذكر أيضا في (3\25) نقلا عن الحافظ زين الدين العراقي: أن الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الجاولي رتب (الأم) (للشافعي) 3- ورتبه أيضا الشيخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عبد المؤمن ابن اللبان المصري المتوفى سنة 749هـ , ولم يبيضه, ذكره (ابن قاضي شهبة)(3\53)
(2) - هو أبو العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأصم النيسابوري المتوفي سنة 346هـ قال (لذهبي): الإمام المحدث مسند العصر, رحلة الوقت, أبو العباس الأموي مولاهم السناني المعقلي, ولد المحدث الحافظ أبي الفضل الوراق, حدث في الإسلام ستا وسبعين سنة اهـ, ترجمته في (السير)(15\452), و (التذكرة)(رقم 835)(4/44)
الشافعي كتابه, وكم من سنة وردت عنه - صلى الله عليه وسلم - لا توجد في هذا (المسند)
ولم يرتب الذي جمع حديث الشافعي أحاديثه المذكورة, لا على المسانيد ولا على الأبواب (1), وهو قصور شديد, فإنه اكتفى بالتقاطها من كتاب (الأم) و غيرها, كيف ما اتفق, ولذلك وقع فيها تكرار في كثير من المواضع , ومن أراد الوقوف على حديث الشافعي مستوعبا, فعليه بكتاب (معرفة السنن والآثار) للبيهقي(2)
__________
(1) - رتب أحاديثه على الأبواب الفقهية الشيخ محمد عابد السندي المتوفى 1257هـ , طبع في دار الفكر بتقديم محمد زاهد الكوثري, و رتبه أيضا الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا الساعاتي, وسماه (بدائع المنن في جمع و ترتيب السنن) ثم شرحه بكتاب ( القول الحسن ) في مجلدين, وعلى ( مسند الإمام الشافعي ) عدة شروح منها:1- شرح للشيخ أبي القاسم عبد الكريم بن محمد الرافعي, قال الذهبي في (السير)(16\221): في مجلدين تعب عليه,قال الجلبي:ابتدأه عقيب (الشرح الكبير) في رجب سنة612 هـ 2- و شرح للشيخ مجد الدين ابن الأثير صاحب ( جامع الأصول ) سماه ( الشافي ), قال ياقوت في(معجم الأدباء): أبدع في تصنيفه فذكر أحكامه و لغته ونحوه ومعانيه, نحو مائة كراسة, وهو لا يزال مخطوطا في أربع مجلدات (دار الكتب المصرية 306 حديث) 3- شرح للأمير سنجر بن عبد الله الجاولي المتوفى سنة 745هـ, ذكره الفاسي في (ذيل التقييد) في ترجمته (1069),قال ابن قاضي شهبة في (طبقاته)(3\25): رتب ( مسند الشافعي ) ترتيبا حسنا, و شرحه في مجلدات, بمعاونة غيره, جمع بين شرحيه لابن الأثير والرافعي وزاد عليهما من ( شرح مسلم للنووي).اهـ 4- وشرح للحافظ السيوطي سماه ( الشافي العين على مسند الشافعي ) نسبه لنفسه في (فهرست مؤلفاته)( ص 23)
(2) - طبع مجلد واحد منها في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة, بتحقيق ( السيد أحمد صقر ), ثم طبع كاملا في دار الكتب العلمية في ( 7 ) مجلدات بتحقيق ( سيد كسروي ) وعدد أحاديثه (6179) حديثا, قال التاج السبكي في ( طبقاته )(04\9) : سمعت الشيخ الإمام رحمه الله يقول مراده معرفة الشافعي بالسنن والآثار.اهـ أي بالتسمية(4/45)
, فإنه تتبع ذلك أتم تتبع, فلم يترك له في تصانيفه القديمة الجديدة حديثا إلا ذكره, وأورده مرتبا على أبواب الأحكام, فلو كان الحسيني اعتبر ما فيه, لكان أولى
الرابعة : قوله وكذلك (مسند أبي حنيفة), توهم أنه جمع أبي حنيفة, وليس كذلك, والموجود من حديث أبي حنيفة مفردا إنما هو كتاب (الآثار) التي رواها محمد بن الحسن عنه (1), ويوجد في تصانيف محمد بن الحسن, وأبي يوسف قبله من حديث أبي حنيفة أشياء أخرى
__________
(1) - طبع بعضه في مجلدين في دارالكتب العلمية بتحقيق الشيخ ( أبي الوفاء الأفغاني )(4/46)
وقد اعتنى الحافظ أبو محمد الحارثي (1), وكان بعد الثلاثمائة بحديث أبي حنيفة فجمعه في مجلدة, ورتبه على شيوخ أبي حنيفة, وكذلك خرج المرفوع منه الحافظ أبو بكر بن المقرئ (2), وتصنيفه أصغر من تصنف الحارثي, ونظيره (مسند أبي حنيفة) للحافظ أبي الحسين بن المظفر (3), وأما الذي اعتمد الحسيني على تخريج رجاله فهو ابن خسرو (4)
__________
(1) - هو عبد الله بن محمد بن الحارثي السبذموني نسبة إلى قرية من قرى بخارى, قال الذهبي في ( الميزان )(4571) : عرف بالأستاذ أكثر عنه أبو عبد الله بن منده وله تصانيف, قال ابن الجوزي : قال أبو سعيد الرواس: يتهم بوضع الحديث, وقال الخطيب : لا يحتج به, وقال الخليلي: يعرف بالأستاذ, له معرفة بهذا الشأن, وهو لين, ضعفوه, حدثنا عنه الملاحمي و أحمد بن محمد البصير بعجائب.اهـ واختصر مسنده هذا القاضي صدر الين موسى بن زكرياء الحصكفي المتوفى سنة 650هـ ثم رتبه الشيخ محمد عابد السندي المتوفى سنة 1257هـ على أبواب الفقه, وشرحه الشيخ محمد حسن الإسرائيلي السنبلي الهندي المتوفى سنة 1305ه’ شرحا بسيطا , قال أبو الوفاء الأفغاني: مفيد جدا
(2) - هو الإمام الحافظ الرحال الثقة أبو بكر محمد بن إبراهيم الأصبهاني ابن المقرئ محدث أصبهان صاحب ( المعجم الكبير ) و ( مسند أبي حنيفة), و( الأربعين ), توفي سنة 381هـ (طبقات الحفاظ) للسيوطي(1\388\881)
(3) - هو الشيخ الحافظ المجود محدث العراق أبو الحسين محمد بن المظفر بن موسى بن عيسى بن محمد البغدادي وتقدم في معرفة الرجال وجمع وصنف وعمر دهرا وبعد صيته واكثر الحفاظ عنه مع الصدق و الإتقان توفي سنة 379هـ ترجمته في (سير أعلام النبلاء)(16\418)
(4) - قال الذهبي في (الميزان): الحسين بن محمد بن خسرو البلخي محدث مكثر, أخذ عنه ابن عساكر, كان معتزليا اهـ وذكره ابن أبي طي في ( رجال الشيعة ) وقال : صنف مناقب أهل البيت وكلام الأئمة, وروى عن طراد الزينبي ودونه, وهو الذي جمع ( مسند الإمام أبي حنيفة ) وأتى فيه بعجائب, وقيل: إن مسنده أوفى المسانيد جمعا, وللحافظ القاسم بن قطلوبغا عليه إملاء في مجلدين(4/47)
كما قدمت, وهو متأخر, وفي كتابه زيادات على ما في كتابي الحارثي, و ابن المقري.
الخامسة : قوله وأما (مسند أحمد) إلى آخره, فكأنه أراد أنه أكثر هذه الكتب حديثا, وهو كذلك, لكن فيها عدة أحاديث ورجال ليسوا في (مسند أحمد), ففي التعبير بأعم نظر, و(مسند أحمد) أدعى قوم فيه الصحة, وكذا في شيوخه, وصنف الحافظ أبو موسى المديني في ذلك تصنيفا (1), والحق أن أحاديثه غالبها جياد, والضعاف منها إنما يوردها للمتابعات, وفيه القليل من الضعاف الغرائب الإفراد, أخرجها ثم صار يضرب عليها شيئا فشيئا, وبقى منها بعده بقية, وقد ادعى قوم أن فيه أحاديث موضوعات, وتتبع شيخنا أمام الحافظ أبو الفضل العراقي من كلام ابن الجوزي في (الموضوعات) تسعة أحاديث, أخرجها من (المسند), وحكم عليها بالوضع, وكنت قرأت ذلك الجزء عليه, ثم تتبعت بعده من كلام ابن الجوزي في (الموضوعات) ما يلتحق به, فكملت نحو العشرين, ثم تعقبت كلام ابن الجوزي فيها حديثا حديثا, فظهر من ذلك أن غالبها جياد, وأنه لا يتأتي القطع بالوضع في شيء منها, بل ولا الحكم بكون واحد منها موضوعا, إلا الفرد النادر, مع الاحتمال القوى في دفع ذلك, وسميته (القول المسدد في الذب عن مسند أحمد) وإنما حدا بي على هذا التلخيص أن إعادة ما كتب وشاع واشتهر تستلزم التشاغل بغير ما هو أولى, وكتابة ما لم يشتهر ربما كانت أعود منفعة,وأحرى
__________
(1) - هو كتاب (خصائص المسند) للحافظ (أبي موسى المديني) المتوفى سنة581 هـ , طبع بتحقيق الشيخ ( أحمد شاكر ) في مقدمة طبعته ( للمسند ), ثم طبع مفردا في دار البشائر دمشق, وفي دار التراث الإسلامي بيروت(4/48)
ورجال الكتب الستة قد جمعوا في عدة تصانيف كرجال (الصحيحين) لأبي الفضل محمد بن طاهر, ومن قبله للحاكم, ورجال البخاري لأبي نصر الكلاباذي, ثم لأبي الوليد الباجي, ورجال مسلم لأبي بكر بن منجويه, ورجال (الصحيحين) وأبي داود, والترمذي لبعض المغاربة, سماه : (الزهرة) وقد ذكر عدة ما لكل منهم عند من أخرج له, وأظنه اقتصر فيه على شيوخهم, ورجال أبي داود لأبي على الغساني, وكذا رجال النسائي, ثم جمع الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي رجال البخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة في كتابه ( الكمال ), وكان سبب ذلك أن ابن طاهر أهمل أطراف هذه الكتب الستة, فأراد عبد الغني أن يفرد رجالها بالذكر, وهو الذي هذبه المزي, وسماه (تهذيب الكمال), ثم اختصره الذهبي في (تذهيب التهذيب), ثم اختصره في (الكاشف), واشتهرت هذه الكتب قديما وحديثا, و إنما حدا بي على عمل (تهذيب التهذيب) أن العلامة شيخ الشيوخ علاء الدين مغلطاي وضع عليه كتابا سماه : (إكمال تهذيب الكمال) تتبع فيه ما فإنه من رواة الشخص الذي يترجم له, ومن شيوخه, ومن الكلام فيه, من مدح و قدح, وما ظهر له مما يرد على المزي من تعقب, وجاء كتابا كبيرا يقرب حجمه من حجم (التهذيب), وقفت عليه بخطه, وفيه له أوهام كثيرة, وقد اختصره هو في قدر نصف حجمه, ثم اقتصر منه على التعقبات في مجلد واحد(4/49)
فعمدت أنا إلى (التهذيب) فلخصته حذفت منه الأحاديث التي يسوقها المزي بأسانيده من رواية ذلك الشخص المترجم, فإن ذلك بالمعاجم والمشيخات أشبه, وكذلك ما يورده من مناقب الصحابة والأئمة, ومن سير الملوك والأمراء في تراجمهم, لأن لذلك محلا آخر, وموضع الكتاب إنما هو لبيان حال الشخص المترجم, من جرح أو تعديل, فاقتصرت على ما في كتابه من ذلك, وأضفت إليه ما في كتاب مغلطاي من هذا الغرض, متجنبا ما ظهر لي أنه وهم فيه غالبا, و ميزت كلام المزي مما زدته عليه من عند مغلطاي, ثم تتبعت بمبلغ نظري وتفتيشي على ما يتعلق بهذا الغرض بعينه, فألحقت في كل ترجمة ما عثرت عليه من ذلك, فلما رأيت كتاب الحسيني أحببت أن التقط منه ما زاد, لينتفع به من أراد معرفة حال ذلك الشخص, فلذلك اقتصرت على رجال الأربعة(4/50)
وسميته : ( تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة ), وعزمي أني أتتبع ما في كتاب (الغرائب عن مالك) (1) الذي جمعه الدارقطني, فإن فيه من الأحاديث مما ليس في (الموطأ) شيئا كثيرا, ومن الرواة كذلك, ثم أتتبع ما في (معرفة السنن والآثار) للبيهقي من الرجال الذين وقع ذكرهم في روايات الشافعي, مما ليس في ( المسند ), ثم أتتبع ما في كتاب (الزهد) لأحمد, فألتقط منه ما فيه من الرجال مما ليس في (المسند), فإنه كتاب كبير يكون في قدر ثلث (المسند) (2), مع كبر (المسند), وفيه من الأحاديث والآثار مما ليس في (المسند) شيء كثير, ثم أتتبع ما في كتاب (الآثار) لمحمد بن الحسن, فإني أفردته بالتصنيف لسؤال سائل من حذاق أهل العلم الحنفية, سألني في إفراده فأجبته, وتتبعته واستوعبت الأسماء التي فيه (3)
__________
(1) - قال ابن عبد الهادي : وهو كتاب ضخم, وذكره ابن خير في ( فهرسته )(275),وسماه ( جزء فيه الأحاديث التي خولف فيها إمام دار الهجرة مالك بن أنس وفي تصانيفها أحاديث حدث بها في ( الموطأ ) على وجه, وحدث بها في غير ( الموطأ ) على وجه آخر), وقد اختصره الشيخ أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأشبيلي، المعروف بابن الرومية المتوفى سنة 637هـ ذكره المقرى في ترجمته من ( نفح الطيب )(3\353) وللحافظ أبي الحسين محمد بن المظفر البزاز المتوفى سنة 379هـ كتاب ( غرائب حديث الإمام مالك بن أنس ) طبع في دار السلف الرياض 1418هـ بتحقيق ( أبي عبد الباري رضا بن خالد الجزائري ), وعدد أحاديثه (184) حديثا
(2) - ذكره ابن خير في (فهرسته)(549), وقال: هو عشرون جزءا, طبع عدة طبعات منها طبعة دار الريان للتراث الإسلامي بالقاهرة 1408هـ, ودار الكتاب العربي 1414هـ بتحقيق (محمد بسيوني زغلول) وعدد أحاديثه ( 2379) حديثا
(3) - وهو المسمى ( الإيثار بمعرفة رواة الآثار ) طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1411هـ تحقيق ( أبي مصعب محمد سعيد البدري ) وعدد رجاله (247) رجلا(4/51)
فمن كان في (التهذيب) اقتصرت على اسمه فقط, وقلت هو في (التهذيب), ومن زاد عليه ذكرت ما وقفت عليه من حاله ملخصا, وبانضمام هذه المذكورات يصبر (تعجيل المنفعة) إذا انضم إلى رجال (التهذيب) حاويا إن شاء الله تعالى لغالب رواة الحديث في القرون الفاضلة, إلى رأس الثلاثمائة
وقد كنت أفردت الأوهام التي وقعت للحسيني وتبعه عليها ابن شيخنا في (جزء) مفرد, كتب عني بعضه العلامة شيخ الإقراء شمس الدين الجزري, لما قدم القاهرة سنة سبع وعشرين وثمانمائة, وأعجله السفر عن تكملته, وبلغني أنه ضمه إلى شيء مما يتعلق (بالمسند الأحمدي) (1), فلما وقفت على (إكمال) الحسيني عزوت الوهم إليه, فإن تفرد به ابن شيخنا, أو شيخنا الهيثمي بينته, فأقول عقب كل ترجمة عثرت فيها على شيء من ذلك : (قلت), فما بعد قلت فهو كلامي, وكذا أصنع فيما أزيده من الفوائد من جرح أو تعديل, أو ما يتعلق بترجمة ذلك الشخص غالبا
__________
(1) - هو الشيخ الإمام محمد بن محمد الجزري المحدث المقرئ المتوفى سنة 833هـ له كتاب ( المصعد الأحمد في ختم مسانيد أحمد ) طبع بتحقيق الشيخ أحمد شاكر, نشرته دار المعارف بالقاهرة 1964م ثم صور في مكتبة التراث الإسلامي, قال في (ص24) : وأما رجال ( المسند ) فما لم يكن في ( تهذيب الكمال ) أفرده المحدث الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن الحين الحسيني بإفادة شيخنا الحافظ أبي بكر محمد بن المحب فما قصر, وما فاته فإني استدركته وأضفته إليه في كتاب سميته ( المقصد الأحمد في رجال مسند أحمد ) وقد تلف بعضه في الفتنة, فكتبته ذلك مختصرا اهـ كتاب في تراجم رجال (المسند) اهـ(4/52)
وبالله أستعين فيما قصدت, وعليه أتوكل فيما أعتمد, لا إله إلا هو, عليه توكلت, وإليه أنيب, وإياه أسأل أن ينفع به كاتبه, وجامعه, وناظره, وسامعه, إنه قريب مجيب (1)
الإيثار بمعرفة رواة كتاب الآثار للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله المحيط بكل شيء علما, العالي علي كل مسمى اسمه, والصلاة والسلام على نبيه محمد الذي توفر في أغراض المعلومات سهمه, وعلى آله وصحبه الذين ما منعهم إلا من علا في أفق الهداية نجمه
أما بعد : فإن بعض الإخوان التمس مني الكلام على رواة كتاب ( الآثار ) للإمام أبي عبد الله محمد بن الحسن الشيباني, التي رواها عن الإمام أبي حنيفة, فأجبته إلى ذلك مسارع, ووقفت عند ما اقترح طائعا, ورتبته على حروف المعجم في الأسماء, ثم الكنى, ثم المبهم, مع بيان ما أمكن الوصول إلى معرفته, فإن كان الرجل مترجما في ( تهذيب الكمال ) لم أعرف من حاله بأكثر من أن أقول في ( التهذيب )
وربما عرفت ببعض حاله لأمر يقتضيه, فإن لم يكن من رجال ( التهذيب ) ذكرت في ترجمته ما تيسر الوقوف عليه, متعرضا لما فيه من مدح, أو قدح على سبيل الإيجاز والإختصار, ولم أقتصر على ذكر من له رواية في الكتاب, بل ذكرت كل من وقع فيه مسمى, أو غير مسمى, تكثرا للفائدة, ومطابقة للمسألة
وسميته : ( الإيثار بمعرفة رواة الآثار ) والله تعالى أسأل أن ينفعنا بما علمنا, وأن يسلمنا من شر ما خلق, فلا نجاة لنا إلا إن سلمنا بمنه وكرمه (2)
ذيل الكاشف لأبي زرعة العراقي
__________
(1) - طبع في دار الكتاب العربي مصورا عن طبعة هندية بتحقيق (إكرام الله إمداد الحق), ثم دار الكتب العلمية 1416هـ بتحقيق (ايمن صالح شعبان) وعدد رجاله (1731) رجلا
(2) - طبع ( الإيثار ) للحافظ طبع في مؤسسة الكتب الثقافية 1411هـ بتحقيق (أبي مصعب محمد سعيد البدري) وعدد رجاله (247) رجلا(4/53)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, والصلاة والسلام على سيدنا محمد صاحب المعجزات الباهرات, وعلى آله وصحبه الأولياء السادات
وبعد : فهذا ذيل على (الكاشف) للحافظ أبى عبد الله الذهبي رحمه الله, ذكرت فيه بقية التراجم التي في (التهذيب) للحافظ أبى الحجاج المزي رحمه الله, فإن الذهبي اقتصر على رجال الستة, فذكرت رجال بقية كتبهم, وضممت إلى ذلك رجال (مسند الإمام أحمد بن حنبل), وزيادات ولده عليه
فعلامة ما استشهد به البخاري في (صحيحه) تعليقا ( خت ), وعلامة ما أخرجه في (القراءة خلف الإمام) ( ز ), وعلامة ما أخرجه في (رفع اليدين في الصلاة) ( ي ), وعلامة ما أخرجه في (الأدب) ( بخ ), وعلامة ما أخرجه في (أفعال العباد) (عج ), وعلامة ما أخرجه مسلم في مقدمة (صحيحه) ( مق ), وعلامة ما أخرجه أبو داود في (المراسيل) ( مد ), وعلامة ما أخرجه في (الرد على أهل القدر) ( قد ), وعلامة ما أخرجه في (الناسخ والمنسوخ) ( خذ ), وعلامة ما أخرجه في كتاب (التفرد) وهو ما تفرد به أهل الأمصار من السند ( ف ), وعلامة ما أخرجه في (فضائل الأنصار) (صد ), وعلامة ما أخرجه في (المسائل التي سأل عنها أحمد بن حنبل) ( ل ), وعلامة ما أخرجه في (مسند مالك بن أنس) ( كد ), وعلامة ما أخرجه الترمذي في (الشمائل) ( تم ), وعلامة ما أخرجه النسائي في (عمل يوم وليلة) ( سي ) علامة ا أخرجه في (خصائص علي - رضي الله عنه -) ( ص ), وعلامة ما أخرجه في (مسند علي) ( عس ), وعلامة ما أخرجه في (مسند مالك) ( كن ), وعلامة ما أخرجه ابن ماجة في (التفسير) ( فق )
قال المزي : ولم يقع لي من (مسند مالك) لأبي داود سوى جزء واحد, وهو الأول, ولا من (تفسير ابن ماجة) سوى جزئين منتخبين منه(4/54)
قلت : وعلامة ما أخرجه أحمد في (مسنده) زائدا على الكتب المذكورة ( أ ), وعلامة زيادة ابنه عبد الله ( عب ), و على الله أعتمد, وإليه أستند, وهو حسبي ونعم الوكيل (1)
نهاية السول في رواة الستة الأصول للحافظ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي
بسم الله الرحمن الرحيم, رب أعن, الحمد لله الواحد القهار, الحليم الستار, مكور الليل على النهار, تذكرة لأولي النهى والأبصار, الذي أيقظ من خلقه من اصطفاه, فزهدهم في هذه الدار, وشغلهم بتلاوة كتابه مع تدبره, و الصلاة وطلب العلم وملازمة الأذكار, بالليل والنهار, و أشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة أعدها جُنَّة من مثوى الفجار, وموصلة إلى جَنَّة الأبرار, وأشهد أن سيدنا محمدا صفيه من خليقته, وحبيبه من جميع بريته, صلى الله عليه وسلم وشرف وبجل وعظم
أما بعد : فلما كان كتاب ( تهذيب الكمال ) لشيخ شيوخنا الحافظ الجهبذ جمال الدين أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي كتابا جليلا, مستودعا طويلا, ليس ببلدتنا الآن منه نسخة, ولا يقدر على تحصيله إلا من بذل في ذلك جهده ووسعه, وكتاب (الكمال) للحافظ عبد الغني المقدسي طويلا أيضا, وفيه أغاليط, وقد أهمل أشخاصا لهم رواية في بعض الكتب الستة, قد نبه عليها المزي, وذكر ما أهمله في (تهذيبه), وزاد مصنفات للأئمة الستة, فحصل من مجموع ما أغفله عبد الغني, والمصنفات التي زادها المزي للأئمة المشار إليهم زيادة على ألف وسبعمائة اسم, برد الله ثراهما وجعل الجنة مأواهما
__________
(1) - فرغ منه يوم الأربعاء 11 صفر سنة 805هـ,, طبع في دار الباز مكة 1406هـ بتحقيق ( بوران الضناوي ) وعدد رجاله ( 2198 ) رجلا(4/55)
وكتاب (التذهيب اختصار التهذيب) للحافظ أبي عبد الله الذهبي شيخ شيوخنا كتابا جليلا, غير أن فيه طولا أيضا, و كتاب (الكاشف) مختصره له, ذكر فيه رواة الكتب الستة فقط , وكثيرا لا يذكر فيه تعديلا ولا تجريحا, ولا وفاة بعض الشيوخ, لا رمزا ولا تصريحا, وكان شيخنا العراقي قد شرع في عمل كتاب يحتوي على أسماء رواة الكتب الستة وفيه استدراكات على المزي وفوائد, وذلك لسؤالنا وصل فيه إلى أثناء الأحمدين وقد قرأت بعض ذلك عليه, ثم تركه قبل خروجنا من القاهرة في الرحلة الثانية, أحببت أن أؤلف كتابا جامعا, لا طويلا مملا, ولا مختصرا مخلا, أذكر في أوله سيرة مختصرة لسيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبركا به عليه الصلاة والسلام, وبأحواله الشريفة, ثم أذكر فيه مسائل يحتاج مطالع هذا الكتاب إليها, ثم أذكر رواة الكتب الستة فقط, التي هي أصول الإسلام
ومن علق له الحافظ أبو عبد الله البخاري في (صحيحه), أو روى له في المتابعات فقط, وكذا ( م ), أو قيل إنه روى له أحدهما, ومن هو في في مقدمة (صحيح مسلم), أو(اليوم والليلة) للنسائي, وأذكر بعض من يشتبه ما صورته تمييز, وأذكر مع ذلك من كتاب (التقريب) المختصر من (التنقيب) ما تعقب به الحافظ أبو سعيد مغلطاي شيخ بعض شيوخنا الحافظ المزي في بعض تراجم الرواة المذكورين في هذه الكتب المذكورة, دون غيرها من الكتب المذكورة في (التهذيب) , وإن كان لي معه مناقشة ذكرتها, وأذكر أيضا ما زاده مغلطاي من رجال, لم يذكرهم المزي ممن له رواية في بعض الكتب الستة كما ذكر, وأذكر أيضا ما عثرته فيه على تعديل أو تجريح أو وفاة في الشخص المترجم من غير تمييز بقلت ولا غيرها(4/56)
وأذكر في أول هذا المؤلف بعد السيرة الشريفة ألفاظ التعديل والتجريح ومراتبها, ومسألة ما إذا اجتمع في الشخص الواحد تعديل وتجريح, ما حكمه ؟, وهل يقبل التعديل والتجريح من غير ذكر سبب أم لا ؟, وسؤالا للحافظ أبي عمرو ابن الصلاح, وجوابه له, وهل يكتفي في الجرح والتعديل بواحد أم لا بد من اثنين ؟, وهل يشترط في الواحد الذكورة أو الحرية أم لا ؟, وما حكم رواية المبتدع والداعية إلى بدعته ؟, والتدليس, وما حكم المدلس ؟, ومن قبل الأئمة تدليسه ؟, ومراتبهم, والمخضرم وضبطه, ومن هو؟, والاختلاط, ومن اختلط منهم ؟, وما حكمه ؟, والمجهول, ومن هو؟, وأقسامه, وما حكم روايته ؟
وأذكر في الشخص وما قيل فيه من تعديل, أو تجريح, أو هما مختصرا, وأذكر فيه بعض أو كل ما ذكره فيه الذهبي في (ميزانه) مختصرا, وأشير في بعض التراجم إلى بعض أحاديث استغربت عليه, أو استنكرت في (الميزان) أو غيره, وإذا قلت في ترجمة الشخص وصحح عليه فأعني الذهبي, ويكون العمل على توثيق المقول فيه ذلك , كما شرطه هو في حاشية (الميزان), وأذكر فيه من نبز منهم بوضع, أو من هو مجهول
ولا أذكر في ترجمة الشخص من مناقبه ومآثره إلا قليلا, وأذكر من هو مدلس, أو أرسل, وعمن أرسل مختصرا, وهل هو مخضرم, أو اختلط, أو مبتدع, أو داعية إلى بدعته, وكفيت الناظر في هذا المؤلف التعب والفحص عن المؤتلف والمختلف, وضبط نسب المترجم فيه, أو قبيلته, أو بلده, أو صناعته, أو حرفته, وكذا من أذكره من مشايخه والآخدين عنه, وأضبط ذلك بالأحرف, لا بالقلم(4/57)
وكنت قد عزمت على أن أذكر الرجال المذكورين في (تهذيب الكمال) برمتهم, وأضيف إليهم رواة (مسند الإمام أحمد بن حنبل), ورواة عبد الله ابنه في (المسند) فأشار علي بعض الإخوان بأنه يطول هذا المؤلف جدا, وربما يكون طوله سببا لعدم الانتفاع به, والرغبة عنه, وذكر أن أهل بلدتنا المعاني منهم لهذا الفن وهم القليل من الناس, حسبه أن ينظر أو يقرأ واحدا من الكتب الستة, أو كلها ليس غيره, فردني ذلك عما كنت عزمت عليه, مع ميل النفس إلى الراحة والدعة, و أرجو من فضل الله تعالى أن الناظر في هذا المؤلف لا يحتاج معه إلى كتب المؤتلف والمختلف, ولا إلى كتب الجرح و التعديل, ولا إلى من ترد روايته أم لا, ولا إلى كتب المراسيل, ولا أنه دلس أم لا, ولا داعية أو مبتدع فقط, بل هو كتاب فارغ المؤنة في الرجل المذكور فيه, إذ استحضرت المسائل المذكورة في أوله.
ورقمت على كل راو من أخرج له من الأئمة الستة, فرقم الستة ( ع ), وللأربعة ( 4 ), ومن أخرج له البخاري فقط ( خ ), ومن أخرج له تعليقا ( خت ) فإن روى له في المتابعات نصصت عليه بالكتابة, لا رقما, وكذا إذا قرنه, ورقم مسلم ( م ), ورقم مقدمته ( مق ), وإذا روى له في المتابعات نصصت عليه كتابة, وكذا إذا قرنه, والاحتجاج بمن له ( خ م )أو أحدهما في الأصول لا مقرونا, ولا متابعا, ولا تعليقا, ولا في مقدمة مسلم , وعلامة أبي داود ( د ), ورقم الترمذي ( ت ), وعلامة النسائي ( س ), ومن أخرج له في اليوم والليلة ( سي ), ورقم ابن ماجة ( ق ), وهذا معروف عند أهل الحديث, وجعلت رقم المولد والوفاة غالبا بالهندي طلبا للإختصار(4/58)
وسميته : ( نهاية السول في رواة الستة الأصول ), والله أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم, ومقربا إلى جنات النعيم, إنه على كل شيء قدير, وبالإجابة جدير, وهذا حين الشروع في السيرة الشريفة ثم ذكر ما بعدها فأقول (1)
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال للعلامة صفي الدين أحمد بن عبد الله الخزرجي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله العليم الحكيم, الفرد الصمد العظيم, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة واقية من عذاب الجحيم, مبوئة دار الخلد والنعيم, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده النبي الكريم ورسوله الرؤوف الرحيم الحليم, وعلى آله وأصحابه و سلم تسليما كثيرا مقرونا بالتبجيل والتعظيم
وبعد : فهذا مختصر في أسماء الرجال, اختصرته من ( تذهيب تهذيب الكمال ) وضبطت ما يحتاج إلى ضبطه في غالب الأحوال, وزدت فيه زيادات مفيدة, ووفيات عديدة, من الكتب المعتمدة, والنقول المسندة, أسأل الله تعالى التوفيق و الهدى إلى سواء الطريق بمنه وكرمه, آمين
__________
(1) - طبع كتاب ( نهاية السول ) في جامعة أم القرى مكة 1421هـ, بتحقيق ( د- عبد القيوم رب النبي ) ( 3 ) مجلدات منه, وصل فيه إلى حرف الحاء ترجمة ( حيي بن حارثة الثقفي ) و عدد التراجم ( 1561 ), والباقي لم يطبع بعد, و الحافظ سبط ابن العجمي هو الإمام العلامة برهان الدين أبو الوفاء إبراهيم بن محمد بن خليل الطرابلسي ثم الحلبي صاحب التصانيف المفيدة منها ( التنقيح لفهم قارئ الصحيح ) تعليق على البخاري, و( نور النبراس على سيرة ابن سيد الناس ) في مجلدين و( حواش على سنن ابن ماجة ) مجلد و( نقد النقصان في معيار الميزان ) مجلد و غير ذلك توفي سنة 841هـ (ذيل تذكرة الحفاظ)(1\308)(4/59)
فصل في ذكر الكتب التي احتوى هذا المختصر وأصله على رجالها : (صحيح البخاري), وعلامته ( خ ), وما كان فيه تعليقا فعلامته ( خت ), و(جزء القراءة) له ( ز ), و(رفع اليدين) له ( ي ) و(الأدب المفرد) له ( بخ ) , و (أفعال العباد)له ( عخ ) , و(صحيح مسلم) علامته ( م ) , وما كان في مقدمة (صحيحه)
( مق ), و(سنن أبي داود) و علامتها ( د ), و(المراسيل) له ( مد ), و(القدر) له ( قد ), و(الناسخ و (المنسوخ) له ( خد ), و(تفرد أهل الأمصار بالسنن) له ( ف ), و(فضائل الأنصار) له ( صد ), و(مسائل أحمد) له ( ل ), و(مسند مالك) له ( كد ) و(جامع الترمذي) وعلامته ( ت ), و(الشمائل) له ( تم ), و (سنن النسائي) علامتها ( س ), وكتاب (عمل يوم وليلة) له ( سي ), و(خصائص علي) له ( ص ), و (مسند علي) له ( عس ) , و(مسند مالك) له ( كن ) , و(سنن ابن ماجة) علامتها ( ق ) , و(التفسير) له
( فق ), فإن اجتمع الستة فالرمز ( ع ) أو الأربعة فالرمز ( عـ ) أومن ذكر في هذا الكتاب, وليست له رواية في الكتب فالرمز عليه ( تمييز )
وقد أخبرني (بالتذهيب ) شيخنا الحافظ أبو فارس عز الدين فهد المكي إجازة منه, عن الإمام شرف الدين أبي الفتح محمد بن الحافظ زين الدين أبي بكر ابن الحسين المراغي, عن أبيه, قال أنبأنا الحافظ الحجة شمس الدين أبو عبد الله أحمد بن عثمان الذهبي رحمه الله تعالى آمين(4/60)
[كتاب الرجال, وهو قسمان, وخاتمة, القسم الأول في ترتيبهم على الأسماء, القسم الثاني في ترتيب الرجال على الكنى, وفيه نوعان, النوع الأول فيمن عرف بكنية ولم يتقدم اسمه, أو تقدم اسمه وروى عنه مكنى, ولم يتضح أو اختلف في اسمه أو لا يعرف له اسم, النوع الثاني فيمن اشتهر بكنية واسم وتقدم اسمه في الأسماء, ومن كني باسم ابنه فإنما يذكر اسمه حسب اسمه, الخاتمة, وفيها ثمانية فصول, الفصل الأول فيمن عرف بإبن فلان ولم يتقدم اسمه, أو تقدم ولم يشتهر بهذه النسبة, الفصل الثاني فيمن تقدم اسمه, الفصل الثالث فيمن عرف بنسبه ولم يتقدم اسمه, الفصل الرابع فيمن عرف بنسبه وتقدم اسمه في الأسماء, الفصل الخامس في الألقاب, الفصل السادس فيمن لقب بكنيته, الفصل السابع فيمن لقب بنسبه, الفصل الثامن في المبهمات(4/61)
كتاب النساء وهو قسمان وخاتمة, القسم الأول في ترتيبهن على الأسماء, القسم الثاني في ترتيبهن على الكنى, وفيه نوعان, النوع الأول فيمن عرفت بكنية ولم يتقدم اسمها, أولا يعرف لها اسم, النوع الثاني فيمن عرفت بكنية وتقدم اسمها, خاتمة وفيها ثلاثة فصول, الفصل الأول فيمن عرفت بابنة فلان وفيه نوعان, النوع الأول فيمن لم يتقدم اسمها, النوع الثاني فيمن تقدم اسمها, الفصل الثاني في الألقاب, الفصل الثالث في المجهولات (1) ] (2)
إسعاف المبطإ برجال الموطأ للحافظ جلال الدين السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال شيخنا العلامة حافظ العصر, جلال الدين السيوطي الشافعي, فسح الله في مدته :
الحمد لله على فضله العميم, والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أزكى صلاة وأتم تسليم,
هذا تأليف لطيف في تراجم الرواة المذكورين في ( موطأ مالك) - رضي الله عنه -, مهذب محرر, يفوق الكتب المؤلفة في ذلك لمن تبصر,
__________
(1) - هذه عناوين أبواب الكتاب لم يسردها المؤلف في مقدمته, وإنما تتبعتها من كتابه في مواضعها, وهي مفيدة لمعرفة ترتيبه فلذلك أوردتها والله الموفق
(2) - طبع في المطبعة الأميرية ببولاق 1301هـ في مجلد, ثم في دار الكتب العلمية2001 في (3) مجلدات بتحقيق (مجدي محمد الشوري), وقد تعقبه الشيخ السيد ( علي بن صلاح الدين الحسنى الكوكبانى اليمني ) المتوفى سنة1191 هـ بكتاب سماه ( إتحاف الخاصة بتصحيح الخلاصة ) قال الشوكاني (البدر الطالع)(2\165): جاء مصححا لها ومكملا, ومؤلف الكتاب هو صفي الدين أحمدبن عبد الله بن علي بن حسن الخزرجي ، الانصاري ، الساعدي عالم بالرجال . من تصانيفه ( خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال ), صنفه سنة 923 ه . (معجم المطبوعات)سر كيس(822)و(الأعلام للزركلي)(1\154)(4/62)
سميته : ( إسعاف المبطإ برجال الموطأ ) (1)
كتب الرواة الضعفاء
المجروحين من المحدثين للحافظ أبي حاتم ابن حبان
__________
(1) - طبع عدة طبعات بذيل ( الموطأ ), ومفردا في دار الهجرة سوريا بتحقيق ( موفق فوزي جبر ), وعدد رجاله ( 392 ) رجلا وممن صنف في رجاله أيضا ،الشيخ أبي عبد الله محمد بن يحيى بن أحمد بن محمد يعرف بابن الحذاء التميمي له كتاب ( التعريف برجال الموطأ ) في أربعة أسفار, طبع في وزارة الأوقاف المغربية في (3) مجلدات, والشيخ يحيى بن إبراهيم بن مزين القرطبي المتوفى سنة 259هـ, له ( رجال الموطأ ) ذكره (ابن خير)(149), والشيخ (أبي بكر محمد بن عبد الرحيم البرقي) المتوفى سنة 249هـ له ( التعريف بمن ذكر في الموطأ من الرجال و النساء ),ذكره (ابن خير)(150) وسماه ( التاريخ في رجال الموطأ وغيرهم ), والحافظ محدث الأندلس محمد بن أحمد بن مفرج الأموي مولاهم القرطبي المتوفى سنة 380هـ, وأبو عمر الطليطلي, وأبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي المتوفى سنة 429هـ, ذكرهما القاضي عياض في مقدمة كتاب ( ترتيب المدارك), و للشيخ إدريس بن عبد العلي النكرامي الهندي كتاب ( القول المسدد في رواة موطأ الإمام محمد ) ذكره الحسني في ( معارف العوارف ) (ص160)(4/63)
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر بفضلك, الحمد لله الواحد الأحد, المحمود الصمد, الذي لا يفنيه تكرر دور الأحوال, ولا أنواع التغيير والانتقال, وهو خالق الخلائق ومنشئهم, ورازق العباد ومغنيهم, قد كون الأشياء من غير امتثال بأصل, وذرأ البشر من غير اتسام بنسل, ثم شرح منهم صدور أوليائه, حتى انقادت أنفسهم لعبادته, وطبع على قلوب أعدائه حتى ازوارت عن الاكتساب لطاعته, ثم اصطفى منهم طائفة أصفياء, وجعلهم بررة أتقياء, فأفرغ عليهم أنواع نعمه, وهداهم لصفوة طاعته, فهم القائمون بإظهار دينه, والمتمسكون بسنن نبيه - صلى الله عليه وسلم - , فله الحمد على ما قدر وقضى, ودبر وأمضى, حمدا لا يبلغ الذاكرون له حدا, ولا يحصي المحصون له عددا
وأشهد أن لا اله إلا الله, الذي لا اله إلا هو, شاهد نجوى كل نجوى, ومنتهى كل شكوى, ( لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَر ُ) (سبأ:3), وأشهد أن محمدا عبده المصطفى, ورسوله المرتضى, بعثه إليه داعيا, والى جنابه هاديا, فصلى الله عليه وعلى أله الطيبين الأخيار(4/64)
أما بعد : فإن أحسن ما يدخر المرء من الخير في العقبى, وأفضل ما يكتسب به الذخر في الدنيا حفظ ما يعرف به الصحيح من الآثار, ويميز بينه وبين الموضوع من الأخبار, إذ لا يتهيأ معرفة السقيم من الصحيح, ولا استخراج الدليل من الصريح إلا بمعرفة الضعفاء المحدثين والثقات, وكيفية ما كانوا عليه في الحالات, فأما الأئمة المرضيون والثقاة المحدثون فقد ذكرناهم بأسمائهم, وما نعرف من أنبائهم (1), وإني ذاكر ضعفاء المحدثين, وأضداد العدول من الماضين, ممن أطلق أئمتنا عليهم القدح, وصح عندنا فيهم الجرح, وأذكر السبب الذي من أجله جرح, والعلة التي بها قدح, ليرفض سلوك الاعوجاج, بالقول بأخبارهم عند الاحتجاج, وأقصد في ذلك ترك الإمعان والتطويل, وألزم الإشارة إلى نفس التحصيل, وبالله أستعين على السداد في المقال, وبه نتعوذ من الحيرة والضلال, إنه منتهى رجاء المؤمنين وولي جزاء المحسنين
__________
(1) - أي في كتابه الآخر ( الثقات ) وقد تقدمت مقدمته(4/65)
[ وذكر بابا في الحث على حفظ السنن ونشرها (ص14), وبابا في ذكر التغليظ في الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ص15), وذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه (ص16), وذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه (ص16), ذكر خبر ثالث يدل على صحة ما ذهبنا إليه (ص17), وباب ذكر الخبر الدال على استحباب معرفة الضعفاء (18), ذكر خبر فيه كالأمر بالجرح للضعفاء (ص19), ذكر السنة في ذلك (ص20), ذكر السنة المصرحة بذلك (ص21), ذكر خبر ثان يدل على استحباب معرفة الضعفاء من المحدثين(ص22), ذكر خبر توهم الرعاع من الناس ضد ما ذهبنا إليه (ص23) ذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه (ص24), وكيف لا يجوز القدح فيمن تبوأ من النار بفعل فعله (ص35), ذكر أول من وقي الكذب على رسول الله (ص36), ذكر بعض السبب الذي من أجله منع عمر بن الخطاب أصحابه من إكثار الحديث (ص37), والدليل على صحة ما تأولنا فعلهما ذلك (ص39), ذكر الخبر الدال على صحة ما ذهبنا إليه (ص56), ذكر خبر يدل على صحته(ص57), ذكر أنواع جرح الضعفاء (ص58),( وذكر عشرين نوعا منهم ), ذكر إثبات النصرة لهذه الطائفة على قيام الساعة(ص83), ذكر أجناس من أحاديث الثقات التي لا يجوز الإحتجاج بها (ص84), وذكر ستة أجناس ]
وإنما نملي من أسامي من ضعف من المحدثين, وتكلم فيه الأئمة المرضيون, ونذكر ما نعرف من أنسابهم, وأسبابهم, و نذكر عند كل شيء منهم من حديثه ما يستدل به على وهائه في روايته تلك, وأقصد في ذكر أسمائهم المعجم, إذ هو أدعى للمتعلم إلى حفظه, وأنشط للمبتدئ في وعيه,وأسهل عند البغية لمن أراده, والله أسأل السداد في الخطاب, وهو الدافع عنا سوء يوم الحساب, إنه غاية مفر الهاربين, وملجأ البغية للطالبين (1)
__________
(1) - طبع في بالمطبعة العزيزية في حيدرآباد الهند 1390 هـ ثم في دار الوعي.حلب 1402 في مجلد بتحقيق
( محمود إبراهيم زيد ), ثم في دار الصميعي الرياض 1420هـ في مجلدين بتحقيق ( حمدي عبد المجيد السلفي) وعدد تراجمه ( 1282) ترجمة, و ذكر الكتاني في ( رسالته ): أن للدارقطني حواش عليه(4/66)
الضعفاء والمتروكين للحافظ أبي الفرج بن الجوزي
بسم الله الرحمن الرحم, رب عونك, أخبرنا الشيخ الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد بن الجوزي فيما كتبه إلي من بغداد قال/
الحمد لله الذي قدر الإعوجاج والإستقامة, وقضى بالسقم والسلامة, ونصب على وحدانيته من كل شيء علامة, والصلاة على ...... الحزب في القيامة, و على من صحبه وتحرى سبيله ورامه, .....وبالغين مرامه.
اعلموا إخواني وفقكم الله أنه ليس بمحفوظ سوى ما في كتاب الله المنزه عن التحريف وسنة الرسول المرسل - صلى الله عليه وسلم - فإن الكتب قبل كتابنا بدلت والدعاوي على......الأقرب بالصحيح وعسر التمييز, وكتابنا بحمد الله محفوظ من التبديل, و سنة نبينا صلى الله عليه وآله سليمة من التغيير, و لقد عجز الزنادقة أن يدخلوا في....... سبحانه في كل عـ...... في جرح الرواة....... أنه قد استبد......في ذلك القدح غيبة......وسفيان بن عيينة عن الرجل يتهم, أو لا يحفظ الحديث, فقالوا: بين,وكان شعبة يقول : لا يسعني أن اكف عن أبان, وقال محمد بن بندار الجرجاني قلت لأحمد بن حنبل : إنه ليشتد علي أن أقول فلان ضعيف, وفلان كذاب, فقال : إذا سكت أنت, وسكت أنا, فمتى يعرف الجاهل الصحيح من السقيم
فصل : قال المصنف : وقد جمعت بحمد الله كتابا كبيرا يحتوي على الأحاديث الواهية سميته كتاب ( العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ), ثم أفردت للموضوعات كتابا سميته كتاب ( الموضوعات من الأحاديث المرفوعات )(4/67)
وهذا كتاب أسماء الضعفاء والواضعين, وذكر من جرحهم من الأئمة, الكبار مثل أحمد بن حنبل, ويحيى بن معين, وعلي بن المديني, والبخاري, ومسلم, وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي, وكان من الحفاظ, كان أحمد بن حنبل يكاتبه, وأبي حفص عمرو بن علي الفلاس, وعبد الرحمن بن أبي حاتم, وأبيه, وأبي زرعة, وزكريا الساجي' وأبي جعفر العقيلي, وأبي الحسن علي بن الجنيد, وكان حافظا من أصحاب محمد بن عبد الله بن نمير, وأبي أحمد بن عدي, وأبي الفتح الأزدي, وأبي الحسن الدار قطني, وغيرهم من العلماء.
وقد يقع خلاف في بعض المجروحين, فيعده بعضهم من الثقات...... (1)أحد الأمرين إلى المجتهدين من علماء النقل, على أن تقديم الجرح على التعديل متعين
فصل :قال المصنف : وقد اختصرت هذا الكتاب, ورتبت المذكورين فيه على حروف المعجم, ثم رتبتهم في أنفسهم على الحروف أيضا, وبيانه أني أقدم إبراهيم على أحمد, لأن, الباء قبل الحاء, ثم رتبت أسماء آبائهم على الحروف أيضا, وبيانه أني أقدم إبراهيم بن بشير على إبراهيم بن الحكم, لأن الباء قبل الحاء, وذلك ليسهل الأمر على طالب الإسم, ولا يعاني في ذلك كل مشقة
وقد جمع كتابي هذا زبد ما ذكره المتكلمون في التضعيف, وانتقى من الكتب المصنفة في ذلك, ومتى رأيت المصنف لا ينتقي ويتوقى فليس بمصنف, والله الموفق (2)
المغني في الضعفاء للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, صلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
__________
(1) - مواضع النقظ سقط من المطبوع
(2) - إسمه الكامل ( أسماء الضعفاء والوضاعين, وذكر من جرحهم من الأئمة الكبار والحافظين ), كما في مخطوط (الظاهرية), ذكره ( الألباني ) في (فهرس الظاهرية)(127), طبع في دار الكتب العلمية بتحقيق (أبى الفداء عبد الله القاضي ) في مجلدين, قال الذهبي في ( الميزان ) : كنت اختصرته أولا, ثم ذيلت عليه ذيلا بعد ذيل(4/68)
الحمد لله العادل في القضية, الحاكم في البرية, الذي قضى على الخلق بالسهو و النسيان, وحرم عليهم الكذب والبهتان, في جميع الملل والأديان, وحفظ دينه بالحفاظ أولي الصدق والإتقان, والحذق والتبيان, وجبلهم على الإنصاف, و حماهم من المحاباة والاختلاف, وبصرهم في نقد حملة الآثار, و رزقهم ذوقا في التمييز بين الثقة والمغفل المكثار, وضبط بهم السنن في سائر الأقطار, فشهادة الفرد منهم ترد الكثير من الأخبار, وتوثيق الحجة منهم موجبة للاحتجاج بما ثبتوه من أحاديث سيد الأبرار, إن هذا لهو الفخار, وإن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار
وصلى الله على محمد عبده ورسوله المبعوث إلى الناس, من أشرف ولد إلياس بن مضر بن نزار وعلى آله وأزواجه الأطهار, وعلى سائر المهاجرين والأنصار
أما بعد : فهذا كتاب صغير الحجم, كبير القدر, كثير النفع, أسأل الله تعالى فيه حسن النية والقصد, والعفو عن السهو والتجاوز عن تجاوز الحد, هذبته وقربته وبالغت في اختصاره, تيسيرا على طلبة العلم المعتنين بالحديث في معرفة الضعفاء, قد احتوى على ذكر الكذابين الوضاعين, ثم على ذكر المتروكين الهالكين, ثم على الضعفاء من المحدثين و الناقلين, ثم على الكثيري الوهم من الصادقين, ثم على الثقات الذين فيهم شيء من اللين, أو تعنت بذكر بعضهم أحد من الحافظين, ثم على خلق كثير من المجهولين, ولم يمكني استيعاب هذا الصنف لكثرتهم في الأولين والآخرين, فذكرت منهم من نص على جهالته أبو حاتم الرازي, وقال : هذا مجهول, وذكرت خلقا منهم لم أعرف حاله, ولا روى عنه سوى رجل واحد متنا منكرا, وكذا لم أذكر فيه من قيل فيه : محله الصدق, ولا من قيل فيه : يكتب حديثه, ولا من : لا بأس به, ولا من قيل فيه : هو شيخ, أو هو صالح الحديث, فإن هذا باب تعديل, وكذا لم أعتن بمن ضعف من الشيوخ, ممن كان في المائة الرابعة وبعدها, ولو فتحت هذا الباب لما سلم أحد إلا النادر من رواة الكتب والأجزاء(4/69)
وقد جمعت في كتابي هذا أمما لا يحصون, فهو مغن عن مطالعة كتب كثيرة في الضعفاء, فإني أدخلت فيه إلا من ذهلت عنه ( الضعفاء لابن معين ), وللبخاري, وأبي زرعة, وأبي حاتم, والنسائي, وابن خزيمة, و العقيلي, وابن عدي, وابن حبان, والدارقطني, والدولابي, والحاكمين (1), والخطيب, وابن الجوزي, وزدت على هؤلاء ملتقطات من أماكن متفرقات, وأشرت إلى حال الرجل بأخصر عبارة, إذ لو استوفيت حاله وما قيل فيه وما أنكر من الحديث عليه لبلغ الكتاب عدة مجلدات, فمن أراد التبحر في المعرفة فليطالع المؤلفات الكبار, وليأخذ من حيث أخذت
وقد رمزت على من له رواية في كتب الإسلام الستة كما تراه, فالبخاري ( خ ), ومسلم ( م ), وأبو داود ( د ), و الترمذي ( ت ), والنسائي ( س ), ولابن ماجة ( ق ), والجماعة كلهم ( ع ), والسنن الأربعة ( عه ), والله حسبي, وعليه اعتمادي, وهذا مبلغ ما عندي, ولا آلو جهدي (2)
ديوان الضعفاء والمتروكين للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر, وأعن يا معين, الحمد لله, والشكر لله, ولا حول ولا قوة إلا بالله , والصلاة على رسول الله
__________
(1) - الأول هو الحاكم الكبير أبو أحمد محمد بن محمد النيسابوري الكَرَابِيسي صاحب كتاب ( الكني ) المتوفى سنة 378هـ شيخ الثاني أبي عبد الله محمد بن عبد الله لحاكم النيسابوري صاحب ( المستدرك )
(2) - طبع في دار الكتب العلمية1997 في مجلدين بتحقيق ( أبى الفداء عبد الله القاضي ) وعدد تراجمه( 7855 ) ترجمة(4/70)
أما بعد : فهذا ( ديوان الضعفاء والمتروكين ), وخلق من المجهولين, وأناس فيهم لين, على ترتيب حروف المعجم, بأخصر عبارة, وألخص إشارة, فمن كان في كتاب من الكتب الستة: البخاري , و مسلم, وأبي داود, و الترمذي, والنسائي, وابن ماجة له رواية فعليه رمز ذلك الكتاب, فالبخاري ( خ ), ومسلم ( م ), وأبي داود ( د ), والترمذي ( ت ), والنسائي ( ن ), وابن ماجة ( هـ ), وممن كان في الكتب الستة جميعها و هذا نادر جدا فعليه ( ع ), ومن كان في السنن الأربعة فعليه ( عو )
والله المسؤول أن ينفع به, إنه سميع الدعاء (1)
ميزان الاعتدال في نقد الرجال للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الحكم العدل العلي الكبير, اللطيف الخبير, الماجد البصير, الذي خلق كل شيء فأحسن التقدير, ودبر الخلائق فأكمل التدبير, وقضى بحكمته على العباد بالسعادة والشقاوة, فريق في الجنة وفريق في السعير, وأرسل رسله الكرام بأصدق الكلام وأبين التحرير, وختمهم بالسيد أبي القاسم البشير النذير, السراج المنير, فأرسله رحمة للعالمين وصير أمته خير أمة أخرجت للناس فيا حبذا التصيير, وجعل فيهم أئمة ونقادا يدققون في النقير والقطمير, ويتبصرون في حفظ آثار نبيهم أتم التبصير, و يتعوذون بالله من الهوى والتقصير, ويتكلمون في مراتب الرجال وتقرير أحوالهم من الصدق والكذب والقوة والضعف أحسن تقرير, وأشهد أن لا إله إلا الله, شهادة أدخرها لسؤال منكر ونكير, وأردفها بشهادة أن محمدا عبده ورسوله خير نبي وأصدق نذير, صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أولي العزم والتشمير
__________
(1) - طبع في دار القلم 1988 في مجلدين بتحقيق الشيخ ( خليل الميس ) وعدد رجاله ( 5099 ) ترجلا(4/71)
أما بعد : هدانا الله وسددنا ووفقنا لطاعته, فهذا كتاب جليل مبسوط في إيضاح نقلة العلم النبوي, وحملة الآثار, ألفته بعد كتابي المنعوت (بالمغني) (1) وطولت العبارة, وفيه أسماء عدة من الرواة زائدا على من في (المغني) زدت معظمهم من الكتاب (الحافل المذيل على الكامل) لابن عدي (2)
وقد ألف الحفاظ مصنفات جمة في الجرح والتعديل, ما بين اختصار وتطويل, فأول من جمع كلامه في ذلك الإمام الذي قال فيه أحمد بن حنبل ما رأيت بعيني مثل يحيى بن سعيد القطان, وتكلم في ذلك بعده تلامذته يحيى بن معين, وعلي بن المديني (3), وأحمد بن حنبل, وعمرو بن علي الفلاس (4), وأبو خيثمة
__________
(1) - تقدمت مقدمته
(2) - ( الحافل في تكملة الكامل ),من تأليف الحافظ أبي العباس أحمد بن محمد بن مفرج الأموي الأشبيلي، المعروف بابن الرومية، المتوفى سنة 637هـ ، ذكره (المقرى) في (نفح الطيب)(3\353), وقال: هو كتاب كبير
(3) - له كتاب (الضعفاء) عشرة أجزاء, ذكره (الذهبي) في (السير)(9\351)
(4) - اسم كتابه (تضعيف الرجال) ذكره ابن خير في (فهرسته)(350) و قال: جزء صغير(4/72)
وتلامذتهم مثل أبي زرعة (1), وأبي حاتم, والبخاري (2), ومسلم, وأبي إسحاق الجوزجاني السعدي (3), وخلق من بعدهم مثل النسائي (4), و ابن خزيمة, والترمذي, و الدولابي (5), و العقيلي (6), و له مصنف مفيد في معرفة الضعفاء(7), و لأبي حاتم بن حبان كتاب كبير عندي في ذلك (8), ولأبي أحمد بن عدي كتاب (الكامل) (9), هو أكمل الكتب و أجلها في ذلك, وكتاب أبي الفتح الأزدي,
__________
(1) - له ( الضعفاء ) طبع في مكتبة ابن القيم المدينة المنورة 1409 هـ ,بتحقيق ( سعدي الهاشمي ) في كتاب سماه ( أبو زرعة وجهوده في السنة النبوية )
(2) - له كتاب ( الضعفاء ) المعروف ب(التاريخ الصغير), طبع في دار القلم 1985 بتحقيق ( عبدالعزيز السيروان), وعدد رجاله ( 418 ) رجلا
(3) - هو الحافظ إبراهيم بن يعقوب بن إسحاق السَّعْدي المتوفى سنة 259هـ وكتابه طبع باسم ( أحوال الرجال) في مؤسسة الرسالة بيروت 1405هـ بتحقيق (صبحي السمرائي)
(4) - طبع في دار القلم بيروت1985 بتحقيق ( عبد العزيز السيروان ) وعدد تراجمه ( 675 ) ترجمة
(5) - هو الحافظ أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي المتوفى سنة 310هـ, صاحب ( الأسماء والكنى )
(6) - طبع في دار الكتب العلمية في (4) مجلدات بتحقيق (عبد المعطي قلعجي) وعدد تراجمه ( 2101 ) ترجمة, ثم الرياض في (4) مجلدات بتحقيق (حمدي عبد المجيد السلفي)
(7) - طبع في دار الكتب العلمية في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( عبد المعطي قلعجي ) وعدد تراجمه ( 2101 ) ترجمة,
(8) - طبع في بالمطبعة العزيزية في حيدرآباد بالهند 1390هـ, ثم في دار الوعي.حلب 1402 في مجلد بتحقيق( محمود إبراهيم زيد ), ثم في دار الصميعي الرياض 1420هـ في مجلدين بتحقيق ( حمدي عبد المجيد السلفي ) وعدد تراجمه ( 1282) ترجمة
(9) - طبع ( الكامل ) في دار الكتب العلمية في( 7 ) مجلدات بتحقيق ( د.عبد المعطي قلعجي ), ثم في دار الكتب العلمية في( 9) مجلدات بتحقيق ( علي معوض ) و( عادل عبد الموجود )(4/73)
وكتاب أبي محمد بن أبي حاتم في (الجرح والتعديل), و كتاب (الضعفاء) للدارقطني (1), و(الضعفاء) للحاكم, وغير ذلك (2), وقد ذيل ابن طاهر المقدسي على (الكامل) لابن عدي بكتاب لم أره (3)
__________
(1) - هو كتاب (الضعفاء و المتروكون) طبع في مكتبة المعارف 1984 بتحقيق ( موفق بن عبد الله بن عبد القادر ), وفي مؤسسة الرسالة 1984 بتحقيق ( صبحي السامرائي ), وفي دار القلم .بيروت بتحقيق ( عبد العزيز السيروان ) وعدد تراجمه (632) ترجمة
(2) - من المصنفات في الباب أيضا : ( الضعفاء ) لأبي عبد الله محمد بن عبد الله البرقي الزهري المصري المتوفى سنة 249هـ, ذكره الكتاني في (رسالته), ( الضعفاء والمتروكين) للحافظ أبي علي سعيد بن عثمان بن السكن المصري, ذكره ابن خير في (فهرسته)(344), و(الضعفاء ) للحافظ أبي نعيم الأصبهاني, وهو مقدمة ( المستخرج على صحيح مسلم), طبع معه في دار الكتب العلمية 1417هـ بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ), وطبع مفردا باسم ( كتاب الضعفاء) في دار الثقافة بالمغرب بتحقيق ( د فاروق حمادة ), وكتاب ( التذكرة في الضعفاء ) للحافظ شمس الدين محمد بن المحب المقدسي الحنبلي المعروف بالصامت، قال ابن حجر في (إنباء الغمر)(1\70) : صنف في الضعفاء كتابا سماه (التذكرة) عدم في الفتنة اللنكية
(3) - هو الحافظ محمد بن طاهر المقدسي المعروف بان القيسراني المتوفى سنة 507هـ ,وقد جمع أحاديث (الكامل ), ورتبها على حروف المعجم. في كتاب سماه ( ذخيرة الحفاظ المخرج على الحروف والألفاظ ) طبع في دار السلف الرياض ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( عبد الرحمن بن عبد الجبار الفريوائي ), وعدد أطرافه (6597) طرفا, واستدرك عليه محققه ( يلحظ الألحاظ في الإستدراك والزيادة على ذخيرة الحفاظ ) وعدد أطرافه (836) طرفا(4/74)
, وصنف أبو الفرج بن الجوزي كتابا كبيرا في ذلك, كنت اختصرته أولا, ثم ذيلت عليه ذيلا بعد ذيل والساعة فقد استخرت الله عز وجل في عمل هذا المصنف ورتبته على حروف المعجم, حتى في الآباء, ليقرب تناوله, و رمزت على اسم الرجل من أخرج له في كتابه من الأئمة الستة, البخاري, ومسلم, وأبي داود, والنسائي, والترمذي, و ابن ماجة, برموزهم السائرة, فان اجتمعوا على إخراج رجل فالرمز ( ع ), وإن اتفق عليه أرباب السنن الأربعة فالرمز ( عو ) وفيه من تكلم فيه مع ثقته وجلالته بأدنى لين وبأقل تجريح, فلولا أن ابن عدي أو غيره من مؤلفي كتب الجرح ذكروا ذلك الشخص لما ذكرته لثقته, ولم أر من الرأي أن احذف اسم أحد ممن له ذكر بتليين ما في كتب الأئمة المذكورين, خوفا من أن يتعقب علي, لا أني ذكرته لضعف فيه عندي, إلا ما كان في كتاب البخاري, وابن عدي و غيرهما من الصحابة, فإني أسقطتهم لجلالة الصحابة, ولا أذكرهم في هذا المصنف, فإن الضعف إنما جاء من جهة الرواة إليهم, وكذا لا أذكر في كتابي من الأئمة المتبوعين في الفروع أحدا, لجلالتهم في الإسلام, وعظمتهم في النفوس, مثل أبي حنيفة والشافعي والبخاري, فان ذكرت أحدا منهم فأذكره على الإنصاف, وما يضر ذلك عند الله, ولا عند الناس, إذ إنما يضر الإنسان الكذب, والإصرار على الخطأ, والتجري على تدليس الباطل, فإنه خيانة وجناية, والمرء المسلم يطبع على كل شيء إلا الخيانة والكذب(4/75)
فقد احتوى كتابي هذا على ذكر الكذابين, الوضاعين, المتعمدين, قاتلهم الله, وعلى الكاذبين في انهم سمعوا ولم يكونوا سمعوا, ثم على المتهمين بالوضع بالتزوير, ثم على الكذابين في لهجتهم, لا في الحديث النبوي, ثم على المتروكين الهلكى الذين كثر خطاؤهم, وترك حديثهم, ولم يعتمد على روايتهم, ثم على الحفاظ الذين في دينهم رقة, وفي حديثهم وهن, ثم على المحدثين الضعفاء من قبل حفظهم, فلهم غلط وأوهام, ولم يترك حديثهم, بل يقبل ما رووه في الشواهد والاعتبار بهم, لا في الأصول والحلال والحرام, ثم على المحدثين الصادقين أو الشيوخ المستورين, الذين لم يبلغوا رتبة الأثبات المتقنين, وما أوردت منهم إلا من وجدته في كتاب أسماء الضعفاء, ثم على خلق كثير من المجهولين ممن نص أبو حاتم الرازي على أنه مجهول, أو قال غيره : لا يعرف, أو فيه جهالة, أو غير ذلك من العبارات التي تدل على عدم شهرة الشيخ بالصدق, إذ المجهول غير محتج به, ثم على الثقات الأثبات الذين فيهم بدعة, والثقات الذين تكلم فيهم من لا يلتفت إلى كلامه, ولا إلى تضعيفه, لكونه تعنت فيه, وخالف الجمهور من أولي النقد والتحرير, فإنا لا ندعي العصمة من السهو والخطأ في الإجتهاد في غير الأنبياء عليهم السلام
ثم إن البدعة صغرى وكبرى, روى عاصم الأحول عن ابن سيرين قال : لم يكونوا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة, فلما وقعت نظروا من كان من أهل السنة أخذوا حديثه, ومن كان من أهل البدع تركوا حديثه
وروى هشام عن الحسن قال : لا تفاتحوا أهل الأهواء, ولا تسمعوا منهم, فالتليين بالبدعة باب سلف فيه اختلاف بين العلماء, ليس هذا موضع تقريره, ولم أتعرض لذكر من قيل محله الصدق, ولا من قيل فيه صالح الحديث, أو يكتب حديثه, أو هو شيخ, فان هذا وشبهه يدل على عدم الضعف المطلق(4/76)
فأعلى العبارات في الرواة المقبولين : ثبت حجة, وثبت حافظ, وثقة متقن, وثقة ثقة, ثم ثقة, ثم صدوق, ولا بأس به, و ليس به بأس, ومحله الصدق, وجيد الحديث, وصالح الحديث, وشيخ وسط, وشيخ, وحسن الحديث, وصدوق إن شاء الله تعالى, وصويلح, ونحو ذلك
وأردى عبارات الجرح : دجال كذاب, أو وضاع يضع الحديث, ثم متهم بالكذب, ومتفق على تركه, ثم متروك, وليس بثقة, وسكتوا عنه, وذاهب الحديث, وفيه نظر, وهالك, وساقط, ثم واه بمرة, وليس بشيء, وضعيف جدا, وضعفوه وضعيف, واه, منكر الحديث, ونحو ذلك
ثم يضعف, وفيه ضعف, وقد ضعف, ليس بالقوي, غير حجة, ليس بحجة, ليس بذاك, يعرف وينكر, فيه مقال, تكلم فيه, لين, سيء الحفظ, لا يحتج به, اختلف فيه, صدوق لكنه مبتدع, ونحو ذلك من العبارات التي تدل بوضعها على اطراح الراوي بالأصالة, أو على ضعفه, أو على التوقف فيه, أو على جواز أن يحتج به مع لين فيه
وكذلك من قد تكلم فيه من المتأخرين لا أورد منهم إلا من قد تبين ضعفه, واتضح أمره من الرواة إذ العمدة في زماننا ليس على الرواة, بل على المحدثين والمفيدين, والذين عرفت عدالتهم, وصدقهم في ضبط أسماء السامعين, ثم من المعلوم أنه لابد من صون الراوي, وستره, والحد الفاصل بين المتقدم والمتأخر هو رأس سنة ثلاث مائة, ولو فتحت على نفسي تليين هذا الباب ما سلم معي إلا القليل, إذا الأكثر لا يدرون ما يروون, ولا يعرفون هذا الشأن, وإنما سمعوا في الصغر واحتيج إلى علو سندهم في الكبر, والعهدة على من أفادهم, ومن أثبت طباق السماع لهم, كما هو مبسوط في علوم الحديث, والله الموفق, ولا حول ولا قوة إلا بالله (1)
لسان الميزان للحافظ ابن حجر العسقلاني
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية في ( 4 ) مجلدات بتحقيق ( علي محمد البجاوي ) وعدد تراجمه ( 11061 ) رجلا(4/77)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله المحمود بكل لسان, معروف بالجود و الإحسان, الذي خلق الإنسان, وعلمه البيان, وأشهد أن لا إله إلا الله, شهادة ادخرها يوم العرض على الميزان, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المنتخب من ولد عدنان, صلى الله عليه وسلم وعلى عترته الطاهرين, و صحبه الأكرمين, ما اتفق الفرقدان, واختلف الجديدان
أما بعد : فان خير الأعمال الإشتغال بالعلم الديني, وأفضله وأعظمه بركة معرفة صحيح حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مدخوله, ومنقطعه من موصوله, وسالمه من معلوله, ولما خص الله هذه الأمة المحمدية بضبط حديث نبيها بالإسناد المأمون, وتولى هو حفظ كتابه العزيز فقال: : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)(الحجر:9), وندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الأخذ منه, والتبليغ عنه, وأوضح أن أحاديثه عليها مدار الشريعة, وبيان مراد الكتاب العزيز, وأنها المفسرة لمجمله, والفاتحة لمغلقه, فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( نضر الله امرأ سمع منا حديثا فأداه كما سمعه, فرب حامل فقه غير فقيه, ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه )
وقال - صلى الله عليه وسلم - في خطبة حجة الوداع وقد بلغت التواتر : ( ألا هل بلغت ؟, قالوا: نعم, قال : فليبلغ الشاهد الغائب, فرب مبلغ أوعى من سامع )
وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه, إلا أني أوتيت القرآن ومثله معه, ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن ), وفي لفظ : ( ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته, فيقول : بيننا و بينكم كتاب الله, فما وجدنا فيه حلالا استحللناه, وما وجدنا فيه حراما حرمناه, وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله ), حسنه الترمذي, وصححه الحاكم, والبيهقي(4/78)
وفي ( المستدرك ) أيضا من حديث الحسن قال : بينا عمران بن حصين يحدث عن سنة نبينا - صلى الله عليه وسلم - إذ قال له رجل : يا أبا نجيد, حدثنا بالقرآن, فقال : أنت وأصحابك تقرءون القرآن, أكنت محدثي عن الصلاة وما فيها وحدودها, أكنت محدثي عن الزكاة في الذهب, والإبل, والبقر, وأصناف المال, فقال له رجل : أحييتني أحياك الله ), رواه ابن حبان في (صحيحه), ولفظه : بينما نحن عند عمران بن حصين فذكره ), وقال - صلى الله عليه وسلم - : ( لتسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم ) رواه أبو داود بإسناد صحيح, فامتثل أصحابه أمره نقلوا أقواله, وأفعاله, ونومه, ويقظته, وغير ذلك, ثم إن من بعد الصحابة تلقوا ذلك منهم, وبذلوا أنفسهم في حفظه و تبليغه, وكذلك من بعدهم, إلا أنه دخل فيمن بعد الصحابة في كل عصر قوم ممن ليست له أهلية ذلك, وتبلغه فأخطأوا فيما تحملوا ونقلوا.
ومنهم من تعمد ذلك, قد خلت الآفة فيه من هذا الوجه, فأقام الله طائفة كثيرة من هذه الأمة للذب عن سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فتكلموا في الرواة على قصد النصيحة, ولم يعد ذلك من الغيبة المذمومة, بل كان ذلك واجبا عليهم وجوب كفاية, ثم ألف الحفاظ في أسماء المجروحين كتبا كثيرة, كل منهم على مبلغ علمه ومقدار ما وصل إليه اجتهاده, ومن أجمع ما وقفت عليه في ذلك كتاب ( الميزان ) الذي ألفه الحافظ أبو عبد الله الذهبي, وقد كنت أردت نسخه على وجهه فطال علي, فرأيت أن أحذف منه أسماء من أخرج له الأئمة الستة في كتبهم, أو بعضهم, فلما ظهر لي ذلك استخرت الله تعالى, وكتبت منه ما ليس في ( تهذيب الكمال )(4/79)
وكان لي من ذلك فائدتان, إحداهما: الاختصار والاقتصار, فإن الزمان قصير, والعمر يسير, والأخرى أن رجال ( التهذيب ) أما أئمة موثوقون, وإما ثقات مقبولون, وإما قوم ساء حفظهم, و لم يطرحوا, وأما قوم تركوا وجرحوا, فإن كان القصد بذكرهم أنه يعلم أنه تكلم فيهم في الجملة فتراجمهم مستوفاة في (التهذيب) وقد جمعت أسماءهم أعني من ذكر منهم في (الميزان) وسردتها في فصل أم الكتاب, ثم إني زدت في الكتاب جملة كثيرة, فما زدته عليه من التراجم المستقلة جعلت قبالته أو فوقه ( ز )
ثم وقفت على مجلد لطيف (1) لشيخنا حافظ الوقت أبي الفضل بن الحسين جعله ذيلا على (الميزان) ذكر فيه من تكلم فيه وفات صاحب (الميزان) ذكره, والكثير منهم من رجال (التهذيب), فعلمت على من ذكره شيخنا في هذا الذيل صورة ( فيه ) إشارة إلى أنه من الذيل لشيخنا, وما زدته في أثناء ترجمة ختمت كلامه بقول ( انتهى ) وما بعدها فهو كلامي
وسميته : ( لسان الميزان ) وها أنا أسوق خطبته على وجهها, ثم أختمها بفوائد وضوابط نافعة, إن شاء الله تعالى (2)
نثل الهميان في معيار الميزان للحافظ برهان الدين الحلبي
بسم الله الرحمن الرحيم :....................................
__________
(1) - طبع مفردا في جامعة أم القرى 1406هـ بتحقيق ( د.عبد القيوم عبد رب النبي) في مجلد, وطبع بذيل (الميزان) في دار الكتبة العلمية 1416هـ المجلد |(7) بتحقيق (أبو رضا الرفاعي) وعدد تراجمه (789) ترجمة
(2) - طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند 1329هـ في(7) مجلدات ثم صور في مؤسسة الأعلمي بيروت 1986 وبغيرها, ثم طبع محققا بدار الكتب العلمية في(7)مجلدات بتحقيق (علي معوض) و(عادل عبد الموجود) وعدد تراجمه( ) ترجمة(4/80)
وبعد : فلما وقفت على كتاب (ميزان الاعتدال في نقذ الرجال) للإمام ابن الذهبي فوجدته أجمع كتاب وقفت عليه في الضعفاء, مع الاختصار الحسن, لكن قد أهمل الذهبي في (الميزان) جماعة ضعفاء و مجهولين قد ذكرهم نفسه في تراجم آخرين, ولم يذكرهم في أماكنهم من هذا المؤلف, فذكرتهم في أماكنهم مرتبين على ترتيب المؤلف, ورأيته أهمل آخرين ضعفاء أو مجهولين فألحقت من وقفت عليه من هذا القبيل, وليعلم أن المؤلف الذهبي أهمل جماعة ممن ذكر في كتاب (الجرح والتعديل) بتجهيل من الصحابة, ولم يذكر منم إلا نادرا, ولم أستدرك أنا عليه أحدا منهم, ورأيت المؤلف قد اقتصر على تضعيف أشخاص أو تجهيلهم, وقد ذكرهم بعض الحفاظ بتوثيق, أو هو في مكان أخر, وهذا على نوعين : نوع وقف المؤلف على كلام الموثق له ولم يذكره, ونوع لا أعلم هل وقف المؤلف على الكلام فيه أم لا ؟, فذكرت هذين النوعين وغالبهم في (ثقات ابن حبان)(4/81)
ورأيت المؤلف قد ذكر جماعة كل ترجمة في مكانين, وأيضا قد ذكر في بعض الأشخاص فيقول: تقدم ولم يكن تقدم, و كذا يقول في ترجمة: تأتي ولا يذكرها, فأنبه على ما وقع من ذلك, وقد رأيت المؤلف قد ذكر غير واحد من الثقات, ولم يذكر فيه جرحا بالكلية, ولا ذكره تمييزا, وما أدري لما صنع ذلك؟, وقد أهملت أقساما من التنبيهات وإنما أهملت ذلك وإن كان ينبني عليه فائدة وهي زيادة المعدلين والمجرحين وذلك يقتضي الترجيح عند فريق, لأن ذلك يقتضي تتبعا كبيرا, بل ولا يمكنني استيعابه ولم أكن أنا في هذا الذيل بصدد ذلك..... اهـ (1)
تعريف أهل التقديس بمراتب الموصوفين بالتدليس للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله المنزه عن النقائص بالتسبيح و التقديس, و الصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله المبرأ عن كل عيب ينشأ عن توضيح أو تلبيس و على آله وصحبه الذين شملتهم أنواره فاستغنوا بها عن التدليس
أما بعد : فهذه معرفة مراتب الموصوفين بالتدليس في أسانيد الحديث النبوي لخصتها في هذه الأوراق لتحفظ, وهي مستمدة من ( جامع التحصيل ) للإمام صلاح الدين العلائي شيخ شيوخنا تغمده الله برحمته من زيادات كثيرة في الأسماء تعرف بالتأمل, وهم على خمس مراتب:
__________
(1) - ذكره السخاوي في( الضوء اللامع)(1\141) وقال : يشتمل على تحرير بعض تراجمه وزيادات عليه ,وهو في مجلدة لطيفة, ثم ذكر قول شيخه (ابن حجر), وقد تحرف اسم هذا الكتاب عند بعض من ترجم لمؤلفه إلى ( نقد النقصان في معيار الميزان ), والكتاب مخطوط بخط مؤلفه في دار الكتب المصرية رقم (23346 ب) وفيه خرم كبير من ترجمة ( حاضر بن المهاجر ) الى ترجمة ( عبد الرحمن بن صحار العبدي ) فرغ من تأليفه قبل فتنة تمرلنك وكان قد سقط منه أوراق فأكملها مؤلفه في ربيع الأول من سنة 8085هـ بالشرفية بحلب(4/82)
الأولى : من لم يوصف بذلك إلا نادرا, كيحيى بن سعيد الأنصاري, الثانية : من احتمل الأئمة تدليسه, وأخرجوا له في الصحيح لإمامته, وقلة تدليسه في جنب ما روى, كالثوري أو كان لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة, الثالثة : من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع, ومنهم من رد حديثهم مطلقا, ومنهم من قبلهم كأبي الزبير المكي, الرابعة : من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم على الضعفاء و المجاهيل, كبقية بن الوليد, الخامسة : من ضعف بأمر آخر سوى التدليس, فحديثهم مردود, ولو صرحوا بالسماع إلا أن يوثق من كان ضعفه يسيرا كابن لهيعة, وهذا التقسيم المذكور حرره الحافظ صلاح الدين المذكور في كتابه المذكور, فمن عليه رقم ( ه ) فهو مذكور في الفصل الذي ذكره في أسماء المدلسين, وإلا فهو من الزيادات عليه, وقد أفرد أسماء المدلسين بالتصنيف من القدماء الحسين بن علي الكرابيسي صاحب الإمام الأعظم الشافعي(1), ثم النسائي, ثم الدارقطني, ثم نظم شيخ شيوخنا الحافظ شمس الدين الذهبي في ذلك (أرجوزة)(2), و تبعه بعض تلاميذه و هو الحافظ أبو محمود أحمد بن المقدسي, فزاد عليه من تصنيف العلائي شيئا كثيرا, مما فات الذهبي ذكره, ثم ذيل شيخنا حافظ العصر أبو الفضل بن الحسين في هوامش كتاب العلائي أسماء وقعت له زائدة, ثم ضمها ولده العلامة قاضي القضاة ولي الدين أبو زرعة الحافظ بن الحافظ إلى من ذكره العلائي وجعله تصنيفا مستقلا, وزاد من تتبعه شيئا يسيرا جدا, وعلم بما زاده على العلائي ( ز ), وأفرد المدلسين بالتصنيف من المتأخرين المحدث الكبير المتقن برهان الدين الحلبي سبط بن
__________
(1) - قال في ( كشف الظنون )(1\89) وهو أول من أفردهم بالتصنيف
(2) - و شرحها الشيخ ( عبد العزيز بن محمد بن الصديق الغماري ) وسماه ( التأنيس بشرح منظومة الذهبي في أهل التدليس) طبع في مؤسسة الرسالة 1404هـ(4/83)
العجمي, غير متقيد بكتاب العلائي, فزاد عليهم قليلا
فجميع ما في كتاب العلائي من الأسماء ثمانية وستون نفسا, وزاد عليهم ابن العراقي ثلاثة عشر نفسا, وزاد عليه الحلبي اثنين وثلاثين نفسا, وزدت عليهما تسعة وثلاثين نفسا, فجمله ما في كتابي هذا مائة واثنان وخمسون نفسا, ومن عليه رمز أحد الستة فحديثه مخرج فيه (1)
كتاب المختلطين للحافظ أبي سعيد العلائي
بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل على سيدنا محمد وآل محمد وصحبه وسلم, قال شيخ الإسلام علامة الزمان صلاح الدين أبو سعيد العلائي رحمه الله تعالى
__________
(1) - فرغ من تحريره سنة 815هـ, طبع في دار الكتب العلمية 1986 بتحقيق ( عبد الغفار البنداري ) و( محمد عبد العزيز ) و وما صنف في الباب أيضا: كتاب (المدلسين) للحافظ علي بن المديني, ذكره (الذهبي) في(السير)(9\351), وهو في عشرة أجزاء, والحافظ السيوطي له كتاب (أسماء المدلسين), طبع في دار الجيل 1992 بتحقيق( محمود محمد نصار ), رتبه على حروف المعجم وعدد تراجمه( 71 ) ترجمة, والشيخ أبي عبد الله محمد بن الطيب بن عبد السلام القادري الحسني الفاسي المتوفى سمة 1187هـ, (نظم الدر النفيس فيمن وصف بالتدليس) ذكره ابن الماحي في (معجم المطبوعات)(ص283) و لشيخ محمد بن علي بن أدم بن صالح الإثيوبي منظومة (الجوهر النفيس في نظم أسماء ومراتب الموصوفين بالتدليس) وشرحها (الجليس الأنيس) طبع(4/84)
فصل فيمن حصل له اختلاط في آخر عمره من الرواة أما الرواة الذين حصل لهم الاختلاط في آخر عمرهم فهم على ثلاثة أقسام أحدها من لم يوجب ذلك له ضعفا أصلا ولم يحط من مرتبته إما لقصر مدة الاختلاط وقلته كسفيان بن عيينة وإسحاق بن إبراهيم بن راهويه وهما من أئمة الإسلام المتفق عليهم وإما لأنه لم يرو شيئا حال اختلاطه فسلم حديثه من الوهم كجرير بن حازم وعفان بن مسلم ونحوهما, والثاني من كان متكلما فيه قبل الاختلاط فلم يحصل من الاختلاط إلا زيادة في ضعفه كابن لهيعة ومحمد بن جابر السحيمي ونحوهما, والثالث من كان محتجا به ثم اختلط أو عمر في آخر عمره فحصل الاضطراب فيما روى بعد ذلك فيتوقف الاحتجاج به على التمييز بين ما حدث به قبل الاختلاط عما رواه بعد ذلك
وهذه أسماء من وقفت عليهم من الرواة المشار إليهم على حروف المعجم منبها على من هو منهم من الأقسام المذكورة إن شاء الله تعالى (1)
الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث للحافظ برهان الدين الحلبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل الكذب سوى ما رخص فيه في ملتنا محرما في جميع الملل, ولا سيما إذا كان على الله عز و جل, أو على أحد من الأنبياء أو الرسل, وصير حفظ اللسان مقوما مطلوبا في كل دين يعتقد, خصوصا ديننا الذي ليس فيه شيء ينتقد, وأشهد أن لا إله إلا الله الصادق وعده رسله, الذي لا يخيب من حفظ لسانه وأمله, وأشهد أن محمدا رسول الصادق المصدوق, الذي بلغ ما أنزل الله إليه, ولم يحطه ولا بعض ثفروق - صلى الله عليه وسلم - , وزاده فضلا وشرفا لديه, وعلى أصحابه الأمم الصادقين اللهجة, الذين بلغوا ما قال لهم نبيهم أو فعله, أو أقره, وكانوا على من بعدهم الحجة
__________
(1) - طبع في مكتبة الخانجي مصر بتحقيق ( رفعت فوزي عبد المطلب ) و( علي عبد الباسط مزيد )(4/85)
أما بعد : فقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يطبع المؤمن على كل خصلة إلا الخيانة والكذب ) رواه ابن أبى شيبة في (المصنف) من حديث أبي أمامة, ورواه ابن عدي أبو احمد الحافظ في مقدمة (الكامل) من حديث سعد بن أبي وقاص أحد العشرة - رضي الله عنهم -, وابن عمر وأبى أمامة أيضا, ورويناه في كتاب (الصمت) لابن أبي الدنيا من حديث سعد مرفوعا و موقوفا, والموقوف أشبه بالصواب, قاله الدر اقطني, ورواه الإمام الذهبي في (الكبائر) في الكبيرة التاسعة وسكت عليه, وكذا الكبيرة السادسة عشرة, وفي الكبيرة الرابعة والعشرين, وقال: روي بإستادين ضعيفين
وقد جمعت في هذا الكتاب من وقعت عليه أنه رمي بوضع الحديث على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وغالبهم انتخبته من كتاب (ميزان الاعتدال في نقذ الرجال) للحافظ الجهبذ مؤرخ الإسلام, شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي, شيخ جماعة من شيوخنا رحمهم الله من أماكنهم فيه, ومن تراجم غيرهم
وزدت عليه تراجم من (موضوعات) الحافظ أبي الفرج بن الجوزي, ومن (تلخيص المستدرك) للحاكم أبي عبد الله بن البيع تلخيص الذهبي أيضا, ومن غيرها
ولم أذكر فيه من قيل فيه أنه متهم, وذلك لأنه يحتمل أن يراد به ذلك أنه متهم بالكذب وهو ظاهر عبارة أهل هذا الفن, وإنما أذكر فيه من صُُرح في ترجمته بالوضع, أو ظن حافظ من الحفاظ أنه وضع أن غالب من قيل فيه أنه متهم بغير قيد قد رأيته في كلام بعض الأئمة, وقد صرح فيه بالوضع, فإذا رأيته كذلك قد صرح عنه بالوضع ذكرته, وربما أذكر من قوي في فهمي من كلام بعضهم أنه وضع فأذكره, ولا أذكر فيه من اقتصر فيه على أنه دجال, أو كذاب, ولا يكذب, ولا متهم بالكذب, وإنما أذكر منهم من قد وصفته لك قبل ذلك قريبا(4/86)
وقد رتبته على حروف المعجم في الإسم, واسم الأب, ليسهل تناوله, ومن كانت له رواية منهم في شيء من الكتب الستة, رقمت على اسمه رقمه المشهور عند أهل الحديث
وإذا كان تشبه بغيره أذكره في أول من تشبه بالواحد منم ( تمييز ), وتركت كثيرا ممن يشبه بالواحد منهم خوف الإطالة, ثم ليعلم أني أذكر تراجمهم مختصرة جدا, وما أذكر في الترجمة إلا موضع الحاجة غالبا, وإلا فلو ذكرت كل ما قيل في الواحد منهم لجاء مجلدا ضخما
[ ثم نقل أقوال العلماء في حكم الكاذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وقبول توبته, وذكر حديث ( من كذب علي...) وقول العلماء في تواتره, ثم ذكر أصناف الوضاعين وأطال في ذلك قدر صفحتين ] ثم قال:
ولا يسأم من طول هذه المقدمة فإنها كالمدخل إلى هذا المؤلف, والله أسأل أن ينفع به قارئه, وكاتبه, و الناظر فيه, إنه قريب مجيب (1)
التبيين في أسماء المدلسين للحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, و صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
__________
(1) - طبع في عالم الكتب 1996 بتحقيق ( صبحي السامرائي ) وعدد ترجمه ( 880 ) ترجمة(4/87)
أما بعد : فهذا تعليق في أسماء المدلسين, كنت قد جمعته قديما سنة 792 هـ في تعليق لي على سيرة أبي الفتح اليعربي (1), ثم في تعليق لي على البخاري (2), ثم إني نقلتهم إلى هذا المؤلف المفرد, و أسماؤهم تحتمل مجلدا, إذا ذكرت تراجمهم, ولكني اختصرتها الآن جدا ليسهل تحصيلهم, وغالبهم في كلام شيخ شيوخنا الحافظ صلاح الدين خليل العلائي في كتابه (المراسيل), وقد أخبرني به إجازة شيخنا الحافظ سراج الدين بن الملقن بقراءته له عليه أجمع ببيت المقدس, وبعضهم رأيته في قصيد الإمام أبي محمود المقدسي, أخبرني بأنها له شيخنا بن الملقن, وبعضهم ظفرت أنا به في تواليف أذكرها في ذكر أسمائهم, وقد رأيت في كتاب (المراسيل) المشار إليه أن الحافظ الذهبي نظم غالبهم في قصيد انتهى, ولم أر هذه القصيد أنا, ثم اعلم أن التدليس على ثلاثة أقسام : الأول تدليس الإسناد, وهو أن يسقط اسم شيخه الذي سمع منه, ويرتقي إلى شيخ شيخه ( بعن ), و ( أن ) و ( قال ) أو يسقط أداة الرواية, ويسمي الشيخ فقط فيقول فلان مثلا, و اختلف في أهل هذا القسم, فقيل يرد حديثهم
__________
(1) - وهو المسمى( نور النبراس في شرح سيرة ابن سيد الناس ) وهو تعليق على سيرة الحافظ أ بي الفتح بن سيد الناس المسماة ( نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون ) مختصرة من السيرة الكبرى له المسماة ( عيون الأثر )
(2) - هو المسمى ( التلقيح لفهم قارىء الصحيح ),قال السخاوي في (ا لضوء اللامع )(1\141) : هو بخطه في مجلدين, وبخط غيره في أربعة, وفيه فوائد حسنة, وقد التقط منه شيخنا ابن حجر حيث كان بحلب ما ظن أنه ليس عنده, لكونه لم يكن معه إلا كراريس يسيرة, والذي كتبه منه ما يحتاج إلى مراجعته قبل إثباته, ومنه ما لعله يلحقه, ومنه ما يدخل في القطعة التي كانت بقيت على شيخنا من شرحه, هذا مع كون المقدمة التي لشيخنا من جملة أصول البرهان .اهـ ثم قال: وله على ( البخاري ) عدة إملاءات كتبها عنه جماعة من طلبته(4/88)
مطلقا, سواء بينوا السماع, أم لا, وأن التدليس نفسه جرح, والصحيح التفصيل, فإن صرح بالإتصال كقوله سمعت, أو حدثنا, أو أنبأنا, فهو مقبول يحتج به, وإن أتي بلفظ يحتمل فحكمه حكم المرسل
والقسم الثاني : تدليس الشيوخ, وهو أن يصف الشيخ المسمع بوصف لا يعرف به, من اسم, أو كنية, أو لقب, أو نسبة إلى قبيلة, أو بلدة, أو صنعة, ونحو ذلك, ولم أذكر أنا من أهل هذا القسم أحدا, قال ابن الصلاح : وأمره أخف يعني من القسم الأول انتهى, وقد جزم ابن الصباغ في (العدة) (1) بأن من فعل ذلك لكون من روى عنه غير ثقة عند الناس, وإنما أراد أن يغير اسمه ليقبلوا خبره يجب أن لا يقبل خبره, وإن كان هو يعتقد فيه الثقة فقد غلط في ذلك, لجواز أن يعرف غيره من جرحه ما لا يعرفه هو, وإن كان لصغر سنه فهو رواية عن مجهول لا يجب قبول خبره حتى يعرف من روى عنه انتهى
والقسم الثالث : وهو تدليس التسوية, ولم يذكره ابن الصلاح, وقد ذكره غيره, وهو أن يروي حديثا عن شيخ ثقة غير مدلس, وذلك الثقة يرويه عن ضعيف, فيأتي المدلس الذي سمع من الثقة الأول غير المدلس فيسقط الضعيف الذي في السند, ويجعل الحديث عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني, بلفظ محتمل, فيستوي الإسناد كله ثقات, وهذا شر الأقسام, قال شيخنا الحافظ العراقي في (النكت) له على ابن الصلاح, وهذا قادح فيمن تعمده انتهى
وقال العلائي في كتاب (المراسيل) : ولا ريب في تضعيف من أكثر هذا النوع, وقد وقع فيه جماعة من الأئمة الكبار, ولكن يسيرا, كالأعمش, والثوري, حكاه عنهما الخطيب انتهى
__________
(1) - هو الشيخ أبو نصر عبد السيد بن محمد بن الصباغ الشافعي, روى عنه الخطيب في( التاريخ ) وهو أكبر منه سنا, توفي سنة 400هـ, , وكتابه اسمه ( عدة العالم والطريق السالم ), ترجمته في (طبقات السبكي)(5\122\465)(4/89)
وممن نقل عنه فعل ذلك بقية بن الوليد, والوليد بن مسلم, والحسن بن ذكوان, كما سيأتي, وقال الخطيب البغدادي : وكان الأعمش والثوري وبقية يفعلون مثل هذا انتهى, وقد تقدم بعض هذا, ونقل الذهبي عن أبي الحسن بن القطان في بقية أنه يدلس عن الضعفاء, ويستبيح ذلك, و هذا إن صح عنه مفسد لعدالته, قال الذهبي في (الميزان) : قلت : نعم والله صح هذا عنه, أنه يفعله, وصح عن الوليد بن مسلم, بل وعن جماعة كبار فعله, وهذا بلية منهم, ولكنهم فعلوا ذلك باجتهاد, وما جوزوا على ذلك الشخص الذي يسقطون ذكره بالتدليس أنه تعمد الكذب, وهذا أمثل ما يعتذر به عنهم انتهى
اعلم أن الشافعي أثبت أصل التدليس بمرة واحدة, قال بن الصلاح : والحكم بأنه لا يقبل من المدلس حتى يبين, قد أجراه الشافعي فيمن عرفناه فدلس مرة انتهى, وممن حكاه عن الشافعي البيهقي في (المدخل) والله أعلم
واعلم أنه لا يدخل في المدلسين القسم الذين أرسلوا, وقد ذكر منهم العلائي في كتاب (المراسيل), جملة, وزدت أنا جملة ذكرتهم على هوامش كتابه, لكن الفرق بين التدليس وبين الإرسال الخفي أن الإرسال رواية الشخص عمن لم يسمع منه, قال أبو بكر البزار : إن الشخص إذا روى عمن لم يدركه بلفظ موهم, فإن ذلك ليس بتدليس على الصحيح المشهور انتهى
والتدليس إذا روي ( بعن ), أو ( أن ), أو ( قال ), وكان قد عاصر المروي عنه, أو لقيه, ولم يسمع منه, أو سمع منه,ولم يسمع منه ذلك الحديث الذي دلسه
وقد حكى بن عبد البر في (التمهيد) عن قوم الذي ذكرته في الإرسال, أنه تدليس فجعلوا التدليس أن يحدث الرجل عن الرجل بما لم يسمعه منه, بلفظ لا يقتضي تصريحا بالسماع, وإلا لكان كذبا, والصحيح الأول, وهو الفرق بين التدليس, والإرسال الخفي, والله أعلم(4/90)
والله أسأل أن ينفع به قارئه, وكاتبه, والمنتفع به, إنه قريب مجيب بمنه وكرمه, وقد رتبتهم على حروف المعجم في الإسم واسم الأب, ورقمت على من له رواية في الكتب الستة, أو بعضها, برقومهم المعروفة عند أهل الحديث, ووسمته : ( بالتبيين لأسماء المدلسين ) (1)
الاغتباط بمن رمي بالاختلاط للحافظ برهان الدين سبط ابن العجمي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال سيدنا وشيخ شيوخنا, الإمام الحافظ العلامة برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن خليل الحلبي, الشهير بالمحدث, رحمه الله, و أعاد علينا من بركاته :
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين, وأشرف السابقين واللاحقين, وعلى آله و صحبه, و بجل وكرم وعظم
أما بعد : فهذا كتاب جمعته على حروف المعجم في الإسم واسم الأب في معرفة من خلط في آخر عمره من الثقات و غيرهم, وذلك لأن الحافظ تقي الدين أبا عمرو ابن الصلاح قال في ( علومه ): إنه فن عزيز مهم, لم أعلم أحدا أفرده بالتصنيف, واعتنى به, مع كونه حقيقا بذلك جدا
قال شيخنا أبو الفضل العراقي فيما قرأته عليه : وبسبب كلام ابن الصلاح أفرده شيخنا صلاح الدين العلائي بالتصنيف, في (جزء) حدثنا به, ولكنه اختصره, ولم يبسط الكلام فيه, ورتبهم على حروف المعجم, انتهى
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1986 بتحقيق ( يحيى شفيق ), وفي مؤسسة الريان بيروت 1414هـ بتحقيق ( محمد إبراهيم داود الموصلي ) وعدد تراجم الكتاب ( 96 ) رجلا(4/91)
ولم أقف عليه,.وقد ذكرهم ابن الصلاح في (علوم الحديث) ستة عشر رجلا ثقة, وقد زدت عليه جماعة كثيرة, منهم و من غيرهم, ثم الحكم في حديث من اختلط من الثقات التفصيل, فما حدث به قبل الاختلاط فإنه يقبل, وإن حدث به فيه, أو أشكل أمره, فلم يدر أ أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده فإنه لا يقبل, وكان ينبغي لي أن أذكر في كل ترجمة من الثقات من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده, أو أبهم أمره, ليعرف ما يقبل من حديثه دون غيره, وقد ذكر ابن الصلاح بعض ذلك, ولكن هذا يستدعي كتبا كثيرة من التواريخ وغيرها, وبلدنا حلب عري عن ذلك
وقد ذكر شيخنا العراقي هذا في التراجم التي ذكرها ابن الصلاح في ( النكت على ابن الصلاح ), وذكر بعض ذلك في ( شرح الألفية ) له, وقد قرأتهما عليه, فمن أراد شيئا من ذلك فلينظر في المؤلفين المذكورين
قال ابن الصلاح: واعلم أن من كان من هذا القبيل محتجا برواته في ( الصحيحين ) أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز, وكان مأخوذا عنه قبل الإختلاط انتهى, وهذا من باب إحسان الظن بهما, والله أسأل أن ينفع به, إنه قريب مجيب, ولم أذكر فيه من قيل فيه ساء حفظه بآخره, ونحوه, فإن النسيان يعتري كثيرا الكبار في السن, وقد رقمت على من له شيء في الكتب الستة, أو بعضها بالرقوم المشهورة عند أهل الحديث, ورقمت على من ذكره ابن الصلاح, وتركت من زدته بغير علامة (1)
البيان والتوضيح لمن أخرج له في الصحيح ومس بضرب من التجريح للحافظ أبي زرعة العراقي
__________
(1) - طبع في دار الحديث بالقاهرة 1988بتحقيق ( علاء الدين علي رضا ) وعدد تراجمه ( 123 ) ترجمة(4/92)
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه, الحمد لله الذي أنزل الذكر وحفظه, وأجزل الأجر بأن ضبطه من الأئمة الحفظة, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, العالم بما تجنه الصدور وتلفظ به اللفظة, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الذي حفظه بحمايته وبعين رعايته لحظه, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه ذوي الأسماع الواعية والقلوب المتعظة
أما بعد : فإن الله حفظ الدين بحفاظ الأمصار, ورد كذب المفترين بنقاذ الآثار, فبينوا أحوال الرواة هذه والإعتبار, وكشفوا عن زيف الهرج بمحك الإختبار, ولو نوى امرئ أن يكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - لأظهر الله عليه بالنهار, ومع ذلك فربما جرح الجارح منهم بما لا يحسن جرحا, وقدح عالم من الأئمة قدحا, بأن يكون الجرح غير مفسر فإنه لا يقدح عند الأكثرين, وربما جرح منهم الجارح فاستفسر بذكر ما ليس بقادح له, وربما كان المتكلم والمتكلم فيه ما يرد كلامه فيه, لأمر يقتضيه, والآفة تدخل في ذلك من وجوه خمسة, ذكرها الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في (الإقتراح) أحدها : الكلام بسبب الهوى والتحامل, ثانيها : المخالفة في العقائد, ثالثها : الاختلاف الواقع بين المتصوفة وأهل العلم بالظاهر, رابعها : الكلام بسبب الجهل بالعلوم ومراتبها, خامسها : الأخذ بالتوهم والقرائن التي قد تختلف لاحتجاج إماما الصحيح بجماعة مسهم بعض ما ذكرناه من الجرح (1), فلم يعتدا بذلك وطرحاه, لما اقتضى عندهما الطرح, فربما وقف الواقف على كلام من جرحه فعتب على من أخرج حديثه وصححه
__________
(1) - كذا في المطبوع وأظن أن في الكلام سقطا(4/93)
فأردت أن أذكر في هذه الأوراق ما وقع لي ممن احتجا به, أو أحدهما على التعيين, وقد تكلم فيه ولو بأدنى لين, وبدأت بكلام الجارحين, ثم أتبعته بكلام المعدلين, ليتضح الحق المبين, وكذلك ذكرت من أخرجا له أو أحدهما مقرونا بغيره, تماما للفائدة, فإن كانت هذه التراجم عما احتجا به زائدة, وكذلك من أخرجا له أو أحدهما ولم يرو عنه غير واحد في مبلغ علمي, وإن كان هو بالجرح غير مرمي, واقتصرت في التراجم على ذكر الجرح والتعديل, واختصرت بقية الكلام والوفيات خشية التطويل, والله أسأل أ ن يعصمني من الزلل في القول والعمل, إنه المستعان وعليه التكلان (1)
الكواكب النيرات فيمن اختلط من الرواة لأبي البركات محمد بن أحمد الخطيب ابن الكيال
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر, قال الفقير أبو البركات محمد بن أحمد بن محمد الخطيب الشافعي الشهير بابن الكيال الذهبي, لطف الله تعالى به و بمحبيه, وجميع المسلمين
الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين, وصلى الله على سيدنا محمد خير الخلائق أجمعين, وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين
__________
(1) - طبع في دار الجنان بيروت 1410هـ في مجلد واحد بتحقيق ( كمال يوسف الحوت ) وعدد تراجمه 560 ترجمة فرغ منه يوم الأحد رابع المحرم سنة تسع وثمانين(4/94)
أما بعد : فهذا كتاب مشتمل على معرفة من صح أنه خلط في عمره من الرواة الثقات, في الكتب الستة وغيرها, وهو مؤلف وجيز, وعلم غزير, ينبغي أن يعتني به من له اعتناء بحديث سيد المرسلين, وسند المتقدمين والمتأخرين, أفرده بالتصنيف الحافظ صلاح الدين العلائي في (جزء), اختصره جدا, ورتبهم على حروف المعجم, قاله الحافظ زين الدين العراقي, وذكر الحافظ تقى الدين أبو عمرو بن الصلاح في (علومه) ستة عشرة رجلا, وأفرده بالتصنيف الحافظ برهان الدين سبط بن العجمي, ورتبهم على حروف المعجم, لكنه ذكر الثقات وغيرهم, ومن قيل إنه اختلط, ولم يثبت ذلك, حتى ذكر رحمه الله من تغير في مرض الموت, وليس المقصود ذلك, لأن عامة من يموت يختلط قبل موته, ولا يضره ذلك, وإنما المضعف للشيخ أن يروى شيئا حين اختلاطه
فجمعت في هذا المصنف سبعين راويا من رواة الأصول المشهورين الثقات, مبسوطة تراجمهم فيما صح واشتهر, ومن رووا له, وروى عنهم من أهل الأثر
رتبتهم على حروف المعجم, وجمعت ذلك من (مختصر التهذيب) للأندرشي (1), ومن كتاب ابن ماكولا الحافظ, ومن (الكاشف) للذهبي الحافظ, ومن (علوم بن الصلاح) الحافظ, و(علوم) الحافظ العراقي, ومن (الشذا الفياح) للأبناسي الحافظ (2), ومن (الأغتباط) للحافظ الحلبي, ومن (التمهيد) لابن عبد البر الحافظ, ومن (الإنتصار) للحافظ المقدسي, وغيرهم, وغير ذلك مما وقعت عليه, واستندت إليه
__________
(1) هو الشيخ أبو العباس أحمد بن سعد الأندرشي المتوفى سنة 750هـ قال الذهبي: إنه نسخ (تهذيب الكمال) كله واختصره
(2) - هو الشيخ العلامة برهان الدين إبراهيم بن موسى الأبناسي الشافعي المتوفى سنة 802هـ وكتابه (الشذا الفياح من علوم ابن الصلاح ) طبع مؤخرا في دار الكتب العلمية بيروت 1418هـ في مجلد بتحقيق (أبي عبد الله محمد سمك) وطبع في مجلين في غيرها(4/95)
ثم الحكم في حديث من اختلط من الثقات التفصيل, فما حدثه قبل الاختلاط فإنه يقبل, وإن حدث به فيه أو أشكل أمره فلم يدر أ أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده, فإنه لا يقبل, وقد ذكرت في بعض التراجم من أخذ عنه قبل الاختلاط أو بعده, ثم هم منقسمون, فمنهم من خلط لاختلاطه وخرفه, ومنهم من خلط لذهاب بصره, أو لغير ذلك, قال بن الصلاح : واعلم أن من كان بهذا القبيل محتجا بروايته في ( الصحيحين ) أو أحدهما فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز, وكان مأخوذا عنه قبل الاختلاط, قلت : وهذا من باب حسن الظن بهم, رضى الله تعالى عنهم
وسميته : ( الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات ), وعلى الله الكريم اعتمادي, وإليه تفويضي واستنادي, وأسأله النفع به لي, ولسائر أحبابي (1)
كتب السيرة النبوية
الدرر في اختصار المغازي والسير للحافظ أبي عمر بن عبد البر القرطبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, وحسبنا الله ونعم الوكيل, وصلي الله على محمد رسوله وعلى آله أجمعين
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1407هـ بتحقيق ( كمال يوسف الحوت )(4/96)
هذا كتاب اختصرت فيه ذكر مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -, وابتداء نبوته, وأول أمره في رسالته, ومغازيه, وسيرته فيها, لأني ذكرت مولده, و حاله في نشأته, وعيونا من أخباره في صدر كتابي في الصحابة (1), و أفردت هذا الكتاب لسائر خبره في مبعثه, وأوقاته - صلى الله عليه وسلم - , اختصرت ذلك من كتاب موسى بن عقبة (2), و كتاب ابن إسحاق, رواية ابن هشام ,(3) وغيره وربما ذكرت فيه خبرا ليس منهما, و النسق كله على ما رسمه ابن إسحاق, فذكرت مغازيه وسيره على التقريب والاختصار, والاقتصار على العيون من ذلك, دون الحشو والتخليط.
__________
(1) - يعني ( الإستيعاب في معرفة الأصحاب ) وتقدمت مقدمته
(2) - هو كتاب ( المغازي ) لموسى بن عقبة بن أبي عَيّاش القرشي المدني التابعي الصغير، المتوفى سنة 141هـ , ومغازيه أصح المغازي، كما قاله تلميذه مالك بن أنس, وقال الشافعي : ليس في المغازي أصح من كتابه, مع صغره وخلوه من أكثر ما يذكر في كتب غيره, وقال أحمد : عليكم بمغازي موسى بن عقبة فإنه ثقة.
(3) - طبع ( تهذيب السيرة لابن هشام ) عدة مرات منها: طبعة في مطبعة محمد علي صبيح بمصر بتحقيق الشيخ ( محمد محيي الدين عبد الحميد ), وفي مطبعة البابي الحلبي 1396هـ بتحقيق ( إبراهيم الأبياري ) و( عبد الحفيظ شلبي ) و مصطفى السقا ) في (4) مجلدات ثم صورت بدار الكتب العلمية وكذا في غيرها, وطبعت أيضا في دار الجيل بدون تاريخ في مجلدين بتحقيق ( طه عبد الرؤوف سعد ) , وفي دار الحديث بالقاهرة 1998 في مجلدين بتحقيق ( جمال ثابت ) و( محمد محمود )و ( سيد إبراهيم ) وهي مخرجة الأحاديث و كذا طبعة دار الكتب العلمية 2000 في مجلدين بتحقيق (فؤاد بن علي حافظ ), وقد اختصر ( سيرة ابن هشام ) الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله, وطبع في مطبعة السنة المحمدية 1375 بتحقيق الشيخ ( محمد حامد الفقي ) وفي غيرها(4/97)
وإلى الله أرغب في العون على الأمل فيه, والتوفيق لما يرضيه, وهو حسبي لا شريك له (1)
الوفا بأحوال المصطفى للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي قدم نبينا - صلى الله عليه وسلم - على كل نبي أرسله, و فضل كتابنا على كل كتاب أنزله, وجعل أمتنا الأخيرة الأولة, فله الشكر من معتقدٍ أنه بِهِ ولَه
اعلموا رحمكم الله أن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلاصة الوجود, وواسطة العقود, لا يداني باحة مجده بشر ولا ملك, ولا يطرق ساحة جده مخلوق إذا سلك, نوه بذكره قبل خلق آدم, وأمر الأنبياء أن يُعْلِموا بوجوده العالم, ولم يبعث نبي قبله على غير أمته, وشرف هو على الكل بعموم دعوته, ونسخ كثيرا من شرائع الأنبياء بشريعته
وإني رأيت خلقا من أئمتنا لا يحيطون علما بحقيقة فضيلته, فأحببت أن اجمع كتابا أشير فيه إلى مرتبته, وأشرح حاله من بدايته إلى نهايته, وأدرج في ذلك الأدلة على صحة رسالته, وتقدمه على جميع الأنبياء في رتبته, فإذا انتهى الأمر إلى مدفنه في ترتيبته ذكرت فضل الصلاة عليه, وعرض أعمال أمته, وكيفية بعثته, وموقع شفاعته, وأخبرت بقربه من الخالق يوم القيامة, ومنزلته, ولا أطرق الأحاديث خوفا علىالسامع من ملالته, ولا أخلط الصحيح بالكذب كما يفعل من يقصد تكثير روايته, مثل حديث هامة بن الهيم, وزريب بن برثلمي, وما جاء في مجانسته, إذ في الصحيح غنية لمن قضى الله بهدايته, وقد زادت أبوابه على خمسمائة باب, والله الموفق برحمته (2)
الشفا للتعريف بحقوق المصطفى للقاضي عياض السبتي اليحصبي
__________
(1) - طبع في لجنة إحياء التراث الإسلامي 1386 بتحقيق ( شوقي ضيف ) وفي دار الكتب العلمية 1984 هـ
(2) - طبع في دار الكتب الحديثة مصر 1386هـ في مجلدين بتحقيق ( مصطفى عبد الواحد )(4/98)
بسم الله الرحمن الرحيم, اللهم صل على سيدنا محمد وآله و سلم, قال الفقيه القاضي الإمام الحافظ أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي - رضي الله عنه - :
الحمد لله المتفرد باسمه الأسمى، المختص بالملك الأعز الأحمى، الذي ليس دونه منتهى، ولا وراءه مرمى، الظاهر لا تخيلا و وهما، الباطن تقدسا لا عدماً، وسع كل شيء رحمةً وعلماً، وأسبغ على أوليائه نعما عماً، وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم عرباً وعجماً، و أزكاهم محتداً ومنمى، وأرجحهم عقلاً و حلماً، وأوفرهم علماً وفهماً، وأقواهم يقيناً وعزماً، وأشدهم بهم رأفة ورحمى، وزكاه روحاً وجسماً، وحاشاه عيباً ووصماً، وآتاه حكمة وحكماً، وفتح به أعيناً عمياً، وقلوباً غلفاً، و آذاناً صماً، فآمن به وعزره، ونصره من جعل الله له في مغنم السعادة قسماً، وكذب به وصدف عن آياته من كتب الله عليه الشقاء حتماً، ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى, - صلى الله عليه وسلم - صلاةً تنمو و تنمى، و على آله و سلم تسليماً كثيراً.
أما بعد : أشرق الله قلبي و قلبك بأنوار اليقين، ولطف لي و لك بما لطف لأوليائه المتقين، الذين شرفه م الله بنزل قدسه، وأوحشهم من الخليقة بأنسه، وخصهم من معرفته ومشاهدة عجائب ملكوته وآثار قدرته, بما ملأ قلوبهم حبرة، و وله عقولهم في عظمته حيرة ، فجعلوا همهم به واحداً ، ولم يروا في الدارين غيره مشاهدا، فهم بمشاهدة جماله وجلاله يتنعمون، وبين آثار قدرته وعجائب عظمته يترددون، وبالإنقطاع إليه والتوكل عليه يتعززون، لهجين بصادق قوله :
( قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ) (سورة الأنعام)( آية 91 ), فإنك كررت علي السؤال في مجموع يتضمن التعريف بقدر المصطفى عليه الصلاة والسلام، وما يجب له من توقير و إكرام، وما حكم من لم يوف واجب عظيم ذلك القدر، أو قصر في حق منصبه الجليل قلامة ظفر، وأن أجمع لك ما لأسلافنا وأئمتنا في ذلك من مقال، وأبينه بتنزيل صور وأمثال.(4/99)
فاعلم أكرمك الله أنك حملتني من ذلك أمراً إمراً، وأرهقتني فيما ندبتني إليه عسراً، وأرقيتني بما كلفتني مرتقى صعباً، ملأ قلبي رعباً، فإن الكلام في ذلك يستدعي تقرير أصول, وتحرير فصول، والكشف عن غوامض ودقائق من علم الحقائق، مما يجب للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويضاف إليه، أو يمتنع أو يجوز عليه، ومعرفة النبي والرسول، والرسالة والنبوة، والمحبة والخلة، و خصائص هذه الدرجة العلية، وها هنا مهامه فيح تحار فيها القطا، وتقصر بها الخطا، ومجاهل تضل فيها الأحلام إن لم تهتد بعلم علم, ونظر سديد، ومداحض تزل بها الأقدام، إن لم تعتمد على توفيق من الله وتأييد, لكني لما رجوته لي ولك في هذا السؤال والجواب, من نوال وثواب، بتعريف قدره الجسيم، وخلقه العظيم، وبيان خصائصه التي لم تجتمع قبل في مخلوق، وما يدان الله تعالى به من حقه الذي هو أرفع الحقوق، ( لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَاناً) (المدثر:31)، ولما أخذ الله تعالى على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه, ولما حدثنا به أبو الوليد هشام بن أحمد الفقيه بقراءتي عليه، قال : حدثنا الحسين ابن محمد، حدثنا أبو عمر النمري, حدثنا أبو محمد بن عبد المؤمن، حدثنا أبو بكر محمد ابن بكر، حدثنا سليمان بن الأشعث، حدثنا موسى بن اسماعيل، حدثنا حماد، حدثنا علي بن الحكم، عن عطاء ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم القيامة ) (1)
__________
(1) - 1135 قال في (المقاصد الحسنة): [رواه] أحمد، وأبو داود، وابن ماجة، وأبو يعلى، والترمذي وحسنه، و الحاكم وصححه، والبيهقي، من حديث أبي هريرة به مرفوعاً، وهو عند الحاكم أيضاً وغيره عن ابن عمرو، وعند ابن ماجه عن أنس وأبي سعيد، وعند الطبراني من حديث ابن عباس وابن عمر وابن مسعود اهـ(4/100)
فبادرت إلى نكت مسفرة عن وجه الغرض، مؤدياً من ذلك الحق المفترض، اختلسها على استعجال، لما المرء بصدده من شغل البدن والبال، بما طوقه من مقاليد المحنة التي ابتلى بها، فكادت تشغل عن كل فرض ونفل، و ترد بعد حسن التقويم إلى أسفل سفل، ولو أراد الله بالإنسان خيراً لجعل شغله وهمه كله فيما يحمد غداً أو يذم محله، فليس ثم سوى حضرة النعيم، أو عذاب الجحيم، و لكان عليه بخويصته، و استنفاذ مهجته وعمل صالح يستزيده، وعلم نافع يفيده أو يستفيده, جبر الله صدع قلوبنا، وغفر عظيم ذنوبنا، وجعل جميع استعدادنا لمعادنا، وتوفر دواعينا فيما ينجينا ويقربنا إليه زلفة، ويحظينا بمنه وكرمه ورحمته, ولما نويت تقريبه، ودرجت تبويبه، ومهدت تأصيله، وخلصت تفصيله، وانتحيت حصره وتحصيله
ترجمته ( بالشفا بتعريف حقوق المصطفى ), وحصرت الكلام فيه في أقسام أربعة :
القسم الأول : في تعظيم العلي الأعلى لقدر هذا النبي قولاً وفعلاً، وتوجه الكلام فيه في أربعة أبواب :
الباب الأول : في ثنائه تعالى عليه، وإظهاره عظيم قدره لديه، وفيه عشرة فصول
الباب الثاني : في تكميله تعالى له المحاسن خلقاً وخلقاً، قرانه جميع الفضائل الدينية والدنيوية فيه نسقاً، وفيه سبعة و عشرون فصلاً
الباب الثالث : فيما ورد من صحيح الأخبار ومشهورها بعظيم قدره عند ربه ومنزلته ، وما خصه به في الدارين من كرامته ، وفيه اثنا عشر فصلاً
الباب الرابع : فيما أظهره الله تعالى على يديه من الآيات والمعجزات ، وشرفه به من الخصائص والكرامات ، وفيه ثلاثون فصلا, القسم الثاني : فيما يجب على الأنام من حقوقه عليه السلام ، ويترتب القول فيه في أربعة أبواب : الباب الأول : في فرض الإيمان به ووجوب طاعته واتباع سنته، وفيه خمسة فصول
الباب الثاني : في لزوم محبته ومنا صحته ، وفيه ستة فصول
الباب الثالث : في تعظيم أمره ولزوم توقيره وبره، وفيه سبعة فصول(4/101)
الباب الرابع : في حكم الصلاة عليه و التسليم وفرض ذلك وفضيلته، وفيه عشرة فصول
القسم الثالث : ـ فيما يستحيل في حقه، وما يجوز عليه شرعاً، وما يمتنع ويصح من الأمور البشرية أن يضاف إليه و هذا القسم أكرمك الله هو سر الكتاب، ولباب ثمرة هذه الأبواب، وما قبله له كالقواعد والتمهيدات, والدلائل على ما نورده فيه من النكت البينات، وهو الحاكم على ما بعده، والمنجز من غرض هذا التأليف وعده ، وعند التقصي لموعدته، والتفصي عن عهدته، يشرق صدر العدو اللعين ، ويشرق قلب المؤمن باليقين، وتملأ أنواره جوانح صدره ويقدر العاقل النبي حق قدره, ويتحرر الكلام فيه في بابين :
الباب الأول : فيما يختص بالأمور الدينية، ويتشبث به القول في العصمة, وفيه ستة عشر فصلاً
الباب الثاني : في أحواله الدنيوية، وما يجوز طروءه عليه من الأعراض البشرية، وفيه تسعة فصول
القسم الرابع : في تصرف وجوه الأحكام على من تنقصه أو سبه - صلى الله عليه وسلم - وينقسم الكلام فيه في بابين :
الباب الأول : في بيان ما هو في حقه سب ونقص، من تعريض ، أو نص، وفيه عشرة فصول
الباب الثاني : في حكم شانئه ومؤذيه ومتنقصه وعقوبته، وذكر استتابته، والصلاة عليه ووراثته، وفهي عشرة فصول(4/102)
وختمناه بباب ثالث جعلناه تكملة لهذه المسألة، ووصلة للبابين اللذين قبله في حكم من سب الله تعالى ورسله وملائكته وكتبه، وآل النبي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه, وأختصر الكلام فيه في خمسة فصول، وبتمامها ينتجز الكتاب، وتتم الأقسام والأبواب، وتلوح في غرة الإيمان لمعة منيرة، وفي تاج التراجم درة خطيرة، تزيح كل لبس، وتوضح كل تخمين وحدس، وتشفي صدور قوم مؤمنين، وتصدع بالحق، وتعرض عن الجاهلين، وبالله تعالى لا إله سواه أستعين .(1)
عيون الأثر في المغازي والسير للحافظ ابن سيد الناس اليعمري
__________
(1) - طبع عدة مرات منها: الطبعة الأولى باستنبول1264 و الثانية بمصر 1276 بتصحيح الشيخ ( حسن العدوي الحمزاوي ) و في دار الأرقم بيروت في مجلدين بتحقيق ( حسين أبو ناصر نيل ) وفي دار الفكر بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ), وأخرى سنة 2001 بتحقيق ( محمد المنوني ), ثم في دار ابن رجب مصر بتحقيق ( ) وهي طبعة جيدة مخرجة الأحاديث والآثار(4/103)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله محلي محاسن السنة المحمدية بدرر أخبارها, ومجلي ميامن السيرة النبوية عن غرر آثارها, ومؤيد من اقتبس نور هدايته من مشكاة أنوارها, ومسدد من التمس عز حمايته من أزرق سنانها وأبيض بتارها, ومسهل طريق الجنة لمن اتبع مستقيم صراطها, واهتدى بضياء منارها, ومذلل سبيل الهداية لمن اقتفى سرائر سيرها, وسير أسرارها, أحمده على ما أولى من نعم قعد لسان الشكر عن القيام بمقدارها, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تبلغنا من ميادين القبول غاية مضمارها, وتسوغنا من مشارع الرحمة أصفى مواردها, وأعذب أنهارها, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, الذي ابتعثه و قد طمت بحار الكفر بتيارها, وطغت شياطين الضلال بعنادها وإصرارها, وعتت طائفة الأوثان وعبدة الأصنام على خالقها وجبارها, فقام بأمره حتى تجلت غياهب ظلمها عن سنا أبدارها, و جاهد في الله حق جهاده حتى أسفر ليل جهلها عن صباح نهارها, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين حازت نفوسهم الأبية من مراضية غاية أوطارها, وفازت من سماع مقاله ورواية أحواله ورؤية جلاله بملء مسامعها وأفواهها و أبصارها, وسلم تسليماً كثيراً.
وبعد : فما وقفت على ما جمعه الناس قديماً وحديثاً من المجاميع في سير النبي - صلى الله عليه وسلم - ومغازيه وأيامه إلى غير ذلك مما يتصل به, لم أر إلا مطيلاً مملاً, أو مقصراً بأكثر المقاصد مخلاً, والمطيل إما معتن بالأسماء والأنساب, والأشعار والآداب, أو آخر يأخذ كل مأخذ في جمع الطرق والروايات,. ويصرف إلى ذلك ما تصل إليه القدرة من العنايات, والمقصر لا يعدو المنهج الواحد, ومع ذلك فلابد وأن يترك كثيراً مما فيه من الفوائد، وإن كانوا رحمهم الله هم القدوة في ذلك, ومما جمعوه يستمد من أراد ما هنالك, فليس لي في هذا المجموع إلا حسن الاختيار من كلامهم, والتبرك بالدخول في نظامهم(4/104)
غير أن التصنيف يكون في عشرة أنواع, كما ذكره بعض العلماء, فأحدها جمع المتفرقات, وهو ما نحن فيه, فإني أرجو أن الناظر في كتابي هذا لا يجد ما ضمنته إياه في مكان ولا مكانين, ولا ثلاثة, ولا أكثر من ذلك, إلا بزيادة كثيرة تتعب القاصد, وتتعذر بها على أكثر الناس المقاصد, فاقتضى ذلك أن جمعت هذه الأوراق, وضمنتها كثيراً مما انتهى إلي من نسب سيدنا ونبينا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -., ومولده, ورضاعه, وفصاله, وإقامته في بني سعد, وما عرض له هنالك من شق الصدر وغيره, ومنشئه, وكفالة عبد المطلب جده إياه إلى أن مات, وانتقاله إلى كفالة عمه أبي طالب بعد ذلك, وسفره إلى الشام, ورجوعه منه, وما وقع له في ذلك السفر من إظلال الغمامة إياه, وإخبار الكهان والرهبان عن نبوته. وتزويجه خديجة عليها السلام, ومبدأ البعث والنبوة ونزول الوحي, وذكر قوم من السابقين الأولين في الدخول في الإسلام, وما كان من الهجرتين إلى أرض الحبشة، وانشقاق القمر، وما عرض له بمكة من الحصار بالشعب, وأمر الصحيفة وخروجه إلى الطائف, ورجوعه بعد ذلك إلى مكة وذكر العقبة, وبدء إسلام الأنصار, والإسراء والمعراج, وفرض الصلاة وأخبار الهجرة إلى المدينة ودخوله عليه السلام المدينة, ونزوله حيث نزل, وبناء المسجد واتخاذ المنبر, وحنين الجذع. ومغازيه و سيره وبعوثه, وما نزل من الوحي في ذلك, وعمره وكتبه إلى الملوك, وإسلام الوفود، وحجة الوداع, ووفاته صلى الله عليه وسلم وغير ذلك, ثم أتبعت ذلك بذكر أعمامه وعماته وأزواجه وأولاده وحليته وشمائله وعبيده وإمائه ومواليه و خيله وسلاحه وما يتصل بذلك مما ذكره العلماء في ذلك, على سبيل الاختصار والإيجاز, سالكاً في ذلك ما اقتضاه التاريخ من إيراد واقعة بعد أخرى, لا ما اقتضاه الترتيب من ضم الشيء إلى شكله ومثله حاشا ذكر أزواجه وأولاده عليه السلام فإني لم أسق ذكرهم على ما اقتضاه التاريخ بل دخول ذلك كله فيما أتبعت به(4/105)
باب المغازي والسير من باب الحلى والشمائل ولم أستثن من ذلك إلا ذكر تزويجه عليه السلام خديجة عليها السلام لما وقع في أمرها من أعلام النبوة.
وقد أتحفت الناظر في هذا الكتاب من طرف الأشعار بما يقف الاختيار عنده, ومن نتف الأنساب بما لا يعدو التعريف حده ومن عوالي الأسانيد بما يستعذب الناهل ورده, ويستنجح الناقل قصده, وأرحته من الإطالة بتكرار ما يتكرر منها وذلك أني عمدت إلى ما يتكرر النقل منه من كتب الأحاديث والسنن, والمصنفات على الأبواب والمسانيد, وكتب المغازي والسير, وغير ذلك مما يتكرر ذكره, فأذكر ما أذكره من ذلك بأسانيدهم إلى منتهى ما في مواضعه, وأذكر أسانيدي إلى مصنفي تلك الكتب في مكان واحد, عند انتهاء الغرض من هذا المجموع, وأما مالا يتكرر النقل منه إلا قليلاً أو مالا يتكرر منه نقل فما حصل من الفوائد الملتقطة والأجزاء المتفرقة فإني أذكر تلك الأسانيد عند ذكر ما أورده بها, ليحصل بذلك الغرض من الاختصار, وذكر الأسانيد مع عدم التكرار
فأما الأنساب فمن ذكرته استوعبت نسبه إلى أن يصل إلى فخذه, أو بطنه المشهور, أو أبعد من ذلك من شعبه, أو قبيلته بحسب ما يقتضيه الحال, إن وجدته, فإن تكرر ذكره لم أرفع في نسبه, واكتفيت بما سلف من ذلك, غير أني أنبه على المكان الذي سبق فيه نسبه مرفوعاً, بعلامة أرسمها بالحمرة, فمن ذكر في السابقين الأولين أعلمت له ( 3 ), وللمهاجرين الأولين إلى أرض الحبشة ( ها ), وللثانية ( هب ), والمهاجرة المدينة ( ه ), ولأهل العقبة الأولى ( عا ), و الثانية ( عب ), وللمذكورين في النقباء ( ق ), ولأهل العقبة الثالثة ( عج ), وللبدريين ( ب ), ولأهل أحد(4/106)
وعمدتنا فيما نورده من ذلك على محمد بن اسحق, إذ هو العمدة في هذا الباب لنا ولغيرنا, غير إني قد أجد الخبر عنده مرسلاً, وهو عند غيره مسنداً, فأذكره من حيث هو مسند, ترجيحاً لمحل الإسناد, وإن كانت في مرسل ابن اسحق زيادة, أتبعته بها, ولم أتتبع إسناد مراسليه, وإنما كتبت ذلك بحسب ما وقع لي، وكثيراً ما أنقل عن الواقدي من طريق محمد بن سعد وغيره أخبارا,ً ولعل كثيراً منها لا يوجد عنده غيره, فإلى محمد بن عمر انتهى علم ذلك أيضاً في زمانه، و إن كان قد وقع لأهل العلم كلام في محمد بن اسحق(1), وكلام في محمد بن عمر الواقدي أشد منه (2), فسنذكر نبذة مما انتهى إلي من الكلام فيهما جرحاً وتعديلاً, فإذا انتهى ما أنقله من ذلك أخذت في الأجوبة عن الجرح, فصلاً فصلاً, بحسب ما يقتضيه النظر, ويؤدي إليه الاجتهاد والله الموفق (3)
__________
(1) - قال ابن عدي : قد روى عنه " المبتدأ و المبعث " ، و لو لم يكن لابن إسحاق من الفضل إلا أنه صرف الملوك عن الاشتغال بكتب لا يحصل منها شئ إلى الاشتغال بمغازى رسول الله ( و مبعثه و مبتدأ الخلق لكانت هذه فضيلة سبق بها ابن إسحاق ، ثم من بعده صنفها قوم آخرون فلم يبلغوا مبلغ ابن إسحاق منها و قد فتشت أحاديثه الكثير فلم أجد فى أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف ، و ربما أخطأ ، أو يهم في الشيء بعد الشيء ، كما يخطئ غيره ، و لم يتخلف في الراواية عنه الثقات و الأئمة ، و هو لا بأس به .قال المزي في ( تهذيب الكمال ) :استشهد به البخاري في " الصحيح " ، و روى له في كتاب (القراءة خلف الإمام)و غيره . و روى له مسلم في " المتابعات " ، و احتج به الباقون اهـ
(2) - و قال النووى في ( شرح المهذب ) في كتاب الغسل منه : الواقدى ضعيف باتفاقهم, و قال الذهبى في ( الميزان ): استقر الإجماع على وهن الواقدى.
(3) - طبعت في مكتبة القدسي بالقاهرة 1356هـ ثم صورت في دار الآفاق الجديدة, ثم طبعت في دار القلم بيروت بتحقيق ( إبراهيم رمضان ), وفي دار ابن كثير بيروت تحقيق ( محمد العيد الخطراوي )(4/107)
سبل الهدى والرشاد في سيرة خيرة العباد للإمام شمس الدين محمد بن يوسف الصالحي الشامي
بسم الله الرحمن الرحيم, قال سيدنا ومولانا و شيخنا, شيخ الإسلام, خاتمة المحدثين والأعلام, أبو عبد الله محمد بن يوسف الشامي, رحمه الله تعالى, و رحمنا بهو وجزاه خيرا عن تعبه ونصبه, آمين
الحمد لله الذي خص سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بأسنى المناقب, ورفعه في الشرف إلى الشرف أعلى المراتب, وأيده بالمعجزات الباهرات العجائب, التي فاقت ضوء النيرين, وزادت على عدد النجوم الثواقب, وجعل سيرته الزكية أمنا لمن تمسك بها ونجاة من المعاطب, أحمده سبحانه وتعالى حمدا أنال به رضاه وبلوغ المآرب, وأشهد أن لا إلا الله, وحده لا شريك له, رب المشارق و المغارب, و أشهد أن محمدا عبده ورسوله, المبعوث بالدين الواصب, - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وأصحابه الذين نالوا أشرف المناصب
أما بعد : فهذا كتاب اقتضبه من أكثر من ثلاثمائة كتاب, وتحريت فيه الصواب, ذكرت فيه قطرات من بحار فضائل سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مبدأ خلقه قبل خلق سيدنا آدم - صلى الله عليه وسلم - , وأعلام نبوته, وشمائله, وسيرته, وأفعاله, وأحواله, و تقلباته, إلى أن نقله الله تعالى إلى أعلى جناته, وما أعده له في فيها من الإنعام والتعظيم, عليه من الله أفضل الصلاة و أزكى التسليم
ولم أذكر فيه شيئا من الأحاديث الموضوعات, وختمت كل باب بإيضاح ما أشكل فيه, وبعض ما اشتمل عليه من النفائس المستجادات, مع بيان غريب الألفاظ وضبط المشكلات, والجمع بين الأحاديث التي قد يظن أنها من المناقضات
وإذا ذكرت حديثا من عند أحد من الأئمة فإني أجمع بين ألفاظ رواته إذا اتفقوا, وإذا عزوته لمخرجين فأكثر فإني أجمع بين ألفاظهم إذا اتفقوا, فلا يعترض علي إذا عزوت للبخاري ومسلم وذكرت معهما غيرهما, فإن ذلك لأجل الزيادة التي عندهما غالبا.(4/108)
وإذا كان الراوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - صحابيا قلت : ( رضي الله عنه تعالى ), وإن كان تابعيا أو أتباع التابعين قلت: ( رحمه الله تعالى), وإذا أطلقت ( الشيخين ) فالبخاري ومسلم, أو قلت: ( متفق عليه ) فما روياه, أو ( الأربعة ) فأبوداود, و الترمذي, وابن ماجة, و النسائي, أو ( الستة ) فالشيخان والأربعة, أو ( الخمسة ) فالستة إلا ابن ماجة, أو ( الثلاثة ) فالأربعة إلا هو, أو ( الأئمة ) فالإمام مالك, والأمام الشافعي, والإمام أحمد, والستة, والدراقطني, ولم أقف على شيء من الأسانيد المخرجة للإمام أبي حنيفة النعمان رضوان الله تعالى عليه, فلذلك لم أذكره(4/109)
أو ( الجماعة ) فالإمام أحمد, والستة, أو ( أبو عمر ) فالحافظ يوسف بن عبد البر, أو ( القاضي ) فأبو الفضل عياض, أو ( الأمير ) فالحافظ أبو نصر علي بن هبة الله الوزيري البغدادي, المعروف بابن ماكولا, أو (السهيلي) فالإمام عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي, أو ( الروض ) (فالروض الأنف) له (1), أو ( أبو الفرج ) فالحافظ عبد الرحمن بن الجوزي (2), و ( أبو ذر ) فالحافظ أبو ذر مصعب بن محمد بن مسعود الخشني (3), أو ( الإملاء ) فما أملاه على سيرة ابن هشام, أو ( زاد المعاد ) (فزاد المعاد في هدي خير العباد) للإمام العلامة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن القيم (4), أو ( أبو الربيع ) فالثقة الثبت سليمان بن سالم الكلاعي, أو ( الإكتفاء ) له (5)
__________
(1) - طبع في دار النصر بالقاهرة 1390 في( 4 ) مجلدات بتحقيق الشيخ ( عبد الرحمن الوكيل ) ثم في دار الكتب العلمية 1997 بتحقيق ( مجدي بن منصور الشوري ), و قد اختصره الشيخ عز الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة الكناني، وسماه : ( نور الروض ), وعليه ( حاشية) لشرف الدين يحيى بن محمد المناوي المتوفى سنة 871هـ
(2) - له في السيرة كتاب ( الوفا بأحوال المصطفى ) طبع في مطبعة السعادة 1966 في مجلدين بتحقيق ( مصطفى عبد الواحد ), وفي دار الكتب العلمية بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا )
(3) - أبو ذر الخشني مصعب بن محمد الجياني النحوي اللغوي الفقيه المالكي ويعرف أيضا بابن أبي ركب صاحب التصانيف وحامل لواء العربية بالأندلس توفي سنة604 هـ
(4) - طبع عدة مرات منها:طبعة دار الفكر في ( 5 ) مجلدات , بتحقيق الشيخ ( شعيب الأرناؤوط ) و( عبد القادر الأرناؤوط ) و هي أحسن الطبعات,وفي دار الكتب العلمية 1998 في( 6 ) مجلدات بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا )
(5) - هو كتاب ( الاكتفاء في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفاء ) طبع في عالم الكتب بيروت 1997 بتحقيق ( محمد كمال الدين عز الدين ), ثم في دار الكتب العلمية 2000 في مجلدين بتحقيق ( محمد عبد القادر عطا ) وشرحه الشيخ أبو عبد الله محمد بن عبد السلام البنّاني الفاسي، المتوفى سنة 1163هـ ,وعليه تعليق للشيخ أبي عبد الله محمد فتحا بن أحمد السوسي الحضيكي االمتوفى سنة 1189هـ ,ذكره ابن الماحي في ( معجم المطبوعات )(ص177)(4/110)
, أو ( أبو الفتح ) فالحافظ محمد بن محمد بن سيد الناس أو
( العيون ) (فعيون الأثر) له (1), أو( القطب ) فالحافظ قطب الدين الحلبي, أو( المورد ) (فالمورد العذب) له (2), أو( الزهر ) (فالزهر الباسم) له (3), أو( الإشارة ) (فالإشارة إلى سيرة سيدنا محمد رسول الله)(4) كلاهما للحافظ علاء الدين بن مغلطاي, أو( الإمتاع ) فكتاب (إمتاع الأسماع) (5) للأمام العلامة مؤرخ الديار المصرية الشيخ تقي الدين المقريزي, أو( المصباح ) (فالمصباح المنير) للإمام العلامة أبي العباس أحمد بن محمد بن علي الفيومي, أو ( التقريب ) (فالتقريب في علم الغريب) لولده محمود الشهير بابن خطيب الدهشة, أو ( الحافظ ) فشيخ الإسلام أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر, أو ( الفتح ) (ففتح الباري) له, أو ( شرح الدرر ) فشرحه على ألفية السيرة لشيخه
__________
(1) - هو كتاب ( نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون ) طبع في دار الترمذي بحمص 1990 في كتيب صغير, و نظمه الشمس محمد بن يونس الشافعي المتوفى سنة 845 هـ ذكره في (كشف الظنون)(2\183)
(2) - ذكره في (كشف الظنون)(2\1013) وسماه (المورد العذب الهني في الكلام على سيرة عبد الغني), وهو شرح على سيرة مختصرة للحافظ ( عبد الغني المقدسي الحنبلي ) المتوفى سنة 404هـ
(3) - هو كتاب ( الزهر الباسم في سيرة المصطفى أبي القاسم ) قال في (كشف الظنون)(2\958) وقال: واختصره أبو البركات محمد بن عبد الرحيم المتوفى سنة 776 هـ واقتصر فيه على اعتراضاته على (السهيلي
(4) - طبع في دار القلم بيروت في مجلد بتحقيق ( محمد الفتيح ), وفي دار المعارف مصر 1422هـ بتحقيق ( محمد زينهم عرب).وفي دار الكتب لعلمية 1424هـ بتحقيق ( آسيا كليبان علي بارح ) مختصر
(5) - هو كتاب ( إمتاع الأسماع فيما للنبي ( من الأحوال والأموال الحفدة والمتاع ) طبع في دار الكتب العلمية في ( 15 ) مجلدا بتحقيق ( محمد عبدالحميد النمسي ), و للكتاب طبعة أخرى غير تامة مصرية(4/111)
العراقي, أو ( النور ) (فنور النبراس) للحافظ برهان الدين الحلبي (1), أو ( الغرر ) (فالغرر المضيئة) للعلامة محب الدين بن الإمام العلامة شهاب الدين بن الهائم, أو ( السيد ) فشيخ الشافعية بطيبة نور الدين السمهودي (2), أو ( الشيخ ) أو شيخنا فحافظ الإسلام بقية المجتهدين من الأعلام جلال الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي رحمهم الله, وحيث أطلقت الموحدة فهي ثاني الحروف, أو المثلثة فهي الرابعة, أو التحية فهي آخر الحروف, وسميت هذا الكتاب :
( سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد وذكر فضائله, وأعلام نبوته, وأفعاله, و أحواله في لمبدأ والمعاد ), و إذا تأملت هذا الكتاب علمت أن نتيجة عمري, وذخيرة دهري, والله سبحانه وتعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم, وأن يمن علي بالنظر إليه بالنظر إليه في دار النعيم, وهو حسبي ونعم الوكيل, ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
وقبل الشروع في مقاصد الكتاب أثبت ما فيه من الأبواب, وهي نحو ألف باب, والله الهادي للصواب
__________
(1) - وهي المسماة:( نور النبراس في شرح سيرة ابن سيد الناس) ذكره ( السخاوي) في (الضوء اللامع)(1\141)
(2) - له كتاب ( الوفا بما يجب لحضرة المصطفى ) , للسيد الشريف نور الدين أبي الحسن علي بن عبد الله الحسني السَّمْهُودي ) المتوفى سنة 911هـ ، طبع في دار إحياء الكتاب العربي بيروت في مجلدين و له أيضا,( وفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ) طبع في دار الكتب العلمية بتحقيق الشيخ ( محمد محي الدين عبد الحميد ),ذكر انه اختصره من كتابه ( اقتفاء الوفا بأخبار دار المصطفى ), ثم لخصه وسماه ( خلاصة الوفا )(4/112)
[ ثم سرد الأبواب في (62) صفحة ], وقال هذا جميع ما تضمنه الكتاب من الأبواب, والله المسؤول في التوفيق في ذلك كله و الصواب (1)
كتب التواريخ
تاريخ الأمم والملوك للحافظ ابن جرير الطبري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الأول قبل كل أول, والآخر بعد كل آخر, و الدائم بلا زوال, والقائم على كل شيء بغير انتقال, والخالق خلقه من غير أصل ولا مثال, فهو الفرد الواحد من غير عدد, وهو الباقي بعد كل أحد, إلى غير نهاية ولا أمد, له الكبرياء والعظمة, والبهاء والعزة والسلطان والقدرة, تعالى عن أن يكون له شريك في سلطانه, أو في وحدانيته نديد, أو في تدبيره معين أو ظهير, أو أن يكون له ولد, أو صاحبة, أو كفؤا أحد, لا تحيط به الأوهام, ولا تحويه الأقطار, ولا تدركه الأبصار, وهو يدرك الأبصار, وهو اللطيف الخبير, أحمده على آلائه, وأشكره على نعمائه, حمد من أفرده بالحمد, وشكر من رجا بالشكر منه المزيد, و أستهديه من القول والعمل, لما يقربني منه ويرضيه, وأومن به إيمان مخلص له التوحيد, ومفرد له التمجيد, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده النجيب, ورسوله الأمين, اصطفاه لرسالته, وابتعثه بوحيه داعيا خلقه إلى عبادته, فصدع بأمره, وجاهد في سبيله, ونصح لأمته وعبده, حتى أتاه اليقين من عنده, غير مقصر في بلاغ, و لا وان في جهاد, صلى الله عليه أفضل صلاة وأزكاها وسلم
__________
(1) - طبع في دار الكتاب المصري ودار الكتاب المصري1392 هـ في (8) مجلدات بتحقيق(مصطفى عبد الواحد), و في دار الكتب العلمية1993 في (12) مجلدا, ومجلدين للفهارس بتحقيق (عادل عبد الموجود) و (علي معوض) ترجمته الشامي في (الشذرات)(8\250) و(معجم كحالة)(3\340)(4/113)
أما بعد : فإن الله جل جلاله, وتقدست أسماؤه, خلق خلقه من غير ضرورة كانت به إلى خلقهم, وأنشأهم من غير حاجة كانت به إلى إنشائهم, بل خلق من خصه منهم بأمره ونهيه, وامتحنه بعبادته ليعبدوه, فيجود عليهم بنعمه, و ليحمدوه على نعمه, فيزيدهم من فضله ومننه, ويسبغ عليهم فضله وطوله
كما قال عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ و َالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ, مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ, إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ) (الذريات: 56\57\58), فلم يزده خلقه إياهم إذ خلقهم في سلطانه على ما لم يزل قبل خلقه إياهم مثقال ذرة, ولا هو إن أفناهم و أعدمهم ينقصه إفناؤه إياهم ميزان شعرة, لأنه لا تغيره الأحوال, ولا يدخله الملال, ولا ينقص سلطانه الأيام والليال, لأنه خالق الدهور والأزمان, فعم جميعهم في العاجل فضله وجوده, وشملهم كرمه وطوله, فجعل لهم أسماعا وأبصارا وأفئدة, وخصهم بعقول يصلون بها إلى التمييز بين الحق والباطل, ويعرفون بها المنافع والمضار, وجعل لهم الأرض بساطا ليسلكوا منها سبلا فجاجا, والسماء سقفا محفوظا, وبناء مسموكا, وأنزل لهم منها الغيث بالإدرار, والأرزاق بالمقدار, وأجرى لهم فيها قمر الليل, وشمس النهار, يتعاقبان بمصالحهم دائبين, فجعل لهم الليل لباسا, والنهار معاشا, وخالف منا منة عليهم وتطولا بين قمر الليل وشمس النهار, فمحا آية الليل, وجعل آية النهار مبصرة, كما قال جل جلاله,وتقدست أسماؤه : ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً) (الاسراء:12) وليصلوا بذلك إلى العلم بأوقات فروضهم, التي فرضها عليهم في ساعات الليل والنهار, والشهور والسنين, من(4/114)
الصلوات و الزكوات, والحج والصيام وغير ذلك من فروضهم, وحين حل ديونهم وحقوقهم, كما قال عز وجل : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ) (البقرة:189), وقال : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ, إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (يونس:5\6) إنعاما منه بكل ذلك على خلقه, وتفضلا منه به عليهم وتطولا
فشكره على نعمه التي أنعمها عليهم من خلقه خلق عظيم, فزاد كثيرا منهم من آلائه و أياديه على ما ابتدأهم به من فضله وطوله, كما وعدهم جل جلاله بقوله : ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) (ابراهيم:7), وجمع لهم إلى الزيادة التي زادهم في عاجل دنياهم الفوز بالنعيم المقيم, والخلود في جنات النعيم, في آجل آخرتهم, وأخر لكثير منهم الزيادة التي وعدهم, فمدهم إلى حين مصيرهم إليه, ووقت قدومهم عليه, توفيرا منه كرامته عليهم, يوم تبلى السرائر
وكفر نعمه خلق منهم عظيم, فجحدوا آلاءه, وعبدوا سواه, فسلب كثيرا منهم ما ابتدأهم به من الفضل والإحسان, و أحل بهم النقمة المهلكة في العاجل, وذخر لهم العقوبة المخزية في الآجل, ومتع كثيرا منهم بنعمه أيام حياتهم استدراجا منه لهم, وتوقيرا منه عليهم أوزارهم, ليستحقوا من عقوبته في الآجل ما قد أعد لهم, نعوذ بالله من عمل يقرب من سخطه, ونسأله التوفيق لما يدني من رضاه ومحبته(4/115)
قال أبو جعفر : وأنا ذاكر في كتابي هذا من ملوك كل زمان, من لدن ابتدأ ربنا جل جلاله خلق خلقه, إلى حال فنائهم, من انتهى إلينا خبره, ممن ابتدأه الله تعالى بآلائه ونعمه, فشكر نعمه, من رسول له مرسل, أو ملك مسلط, أو خليفة مستخلف, فزاده إلى ما ابتدأه به من نعمه في العاجل نعما, وإلى ما تفضل به عليه فضلا, ومن أخر ذلك له منهم, و جعله له عنده ذخرا, ومن كفر منهم نعمه فسلبه ما ابتدأه به من نعمه, وعجل له نقمه, ومن كفر منهم نعمه فمتعه بما أنعم به عليه إلى حين وفاته وهلاكه, مقرونا ذكر كل من أنا ذاكره منهم في كتابي هذا بذكر زمانه, وجمل ما كان من حوادث الأمور في عصره وأيامه, إذ كان الاستقصاء في ذلك يقصر عنه العمر, وتطول به الكتب, مع ذكري مع ذلك مبلغ مدة أكله, وحين أجله, بعد تقديمي أمام ذلك ما تقديمه بنا أولى, والإبتداء به قبله أحجى, من البيان عن الزمان, ما هو ؟, وكم قدر جميعه؟ وابتداء أوله, وانتهاء آخره, وهل كان قبل خلق الله تعالى إياه شيء غيره؟, وهل هو فان؟, وهل بعد فنائه شيء غير وجه المسبح الخلاق تعالى ذكره؟, وما الذي كان قبل خلق الله إياه؟,وما هو كائن بعد فنائه, و انقضائه ؟, وكيف كان ابتداء خلق الله تعالى إياه ؟, وكيف يكون فناؤه؟, والدلالة على أن لا قديم إلا الله الواحد القهار, الذي له ملك السماوات والأرض وما بينهما, وما تحت الثرى, بوجيز من الدلالة غير طويل, إذ لم نقصد بكتابنا هذا قصد الإحتجاج لذلك بل لما ذكرنا من تاريخ الملوك الماضي,ن وجمل من أخبارهم, وأزمان الرسل, والأنبياء, ومقادير أعمارهم, وأيام الخلفاء السالفين, وبعض سيرهم, ومبالغ ولاياتهم, والكائن الذي كان من الأحداث في أعصارهم
ثم أنا متبع آخر ذلك كله إن شاء الله وأيد منه بعون وقوة ذكر صحابة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - وأسمائهم, و كناهم, ومبالغ أنسابهم, ومبالغ أعمارهم, ووقت وفاة كل إنسان منهم, والموضع الذي كانت به وفاته(4/116)
ثم متبعهم ذكر من كان بعدهم من التابعين لهم بإحسان, على نحو ما شرطنا من ذكرهم, ثم ملحق بهم ذكر من كان بعدهم من الخلف لهم كذلك, وزائد في أمورهم للإنانة عمن حمدت منهم روايته, وتقبلت أخباره, ومن رفضت منهم روايته, ونبذت أخباره, ومن وهن منهم نقله, وضعف خبره, وما السبب الذي من أجله نبذ منهم خبره, والعلة التي من أجلها وهن من وهن منهم نقله
وإلى الله عز وجل أنا راغب في العون على ما أقصده وأنويه, والتوفيق لما ألتمسه وأبغيه, فإنه ولي الحول و القوة, وصلى الله على محمد نبيه, وآله وسلم تسليما(4/117)
وليعلم الناظر في كتابنا هذا أن اعتمادي في كل ما أحضرت ذكره فيه مما شرطت أني راسمه فيه إنما هو على ما رويت من الأخبار, التي أنا ذاكرها فيه, والآثار التي أنا مسندها إلى رواتها فيه, دون ما أدرك بحجج العقول, واستنبط بفكر النفوس, إلا اليسير القليل منه, إذ كان العلم بما كان من أخبار الماضين, وما هو كائن من أنباء الحادثين, غير واصل إلى من لم يشاهدهم, ولم يدرك زمانهم, إلا بإخبار المخبرين, ونقل الناقلين, دون الاستخراج بالعقول, والاستنباط بفكر النفوس, فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضي,ن مما يستنكره قارئه, أو يستشنعه سامعه, من أجل أنه لم يعرف له وجها في الصحة, ولا معنى في الحقيقة, فليعلم أنه لم يؤت في ذلك من قبلنا, وإنما أتي من قبل بعض ناقليه إلينا, وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا (1)
تاريخ أصبهان للحافظ أبي نعيم
__________
(1) - طبع في دار الفكر في (6) مجلدات بدن تحقيق , وفي دار الكتب العلمية 2001في (6) مجلدات, قال في ( كشف الظنون )(1\297) : هو من التواريخ المشهورة الجامعة لأخبار العالم ابتدأ من أول الخليفة وانتهى إلى سنة 309هـ, وسماه ( تاريخ الأمم والملوك ) وذكر ابن الجوزي أنه بسط الكلام في الوقائع بسطا, وجعله مجلدات, وان المشهور المتداول مختصر من الكبير, وانه هو العمدة في هذا الفن. اهـ ونقل الذهبي في( السير )(11\296) عن القاضي أبو عبد الله القضاعي قال حدثنا علي بن نصر حدثنا أبو عمر عبيد الله بن أحمد السمسار وأبو القاسم بن عقيل الوراق: أن أبا جعفر الطبري قال لأصحابه هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا ؟, قالوا : كم قدره ؟ ,فذكر نحو ثلاثين ألف ورقة, فقالوا: هذا مما تفنى الأعمار قبل تمامه, فقال : إنا لله ماتت الهمم, فاختصر ذلك في نحو ثلاثة آلاف ورقة, ولما أن أراد أن يملي ( التفسير ), قال لهم نحوا من ذلك, ثم أملاه على نحو من قدر ( التاريخ ).اهـ(4/118)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, ومبدع السماوات و الأرضين موقت الآجال والأعمال, ومحصي الأقوال والأفعال, العظيم الكامل امتنانه, الحليم الشامل إحسانه, الذي لا منال للخيرات إلا بمعونته, ولا مدفع للبليات إلا بمغوثته, مبلغ الكهول والشيوخ, و مسددهم بالعقول إلى الوصول و الرسوخ, وصلى الله على سيد المرسلين, محمد المبعوث بالبركات وعلى جميع النبيين, أفضل الصلوات, وعلى التابعين من عترته وصحابته أكرم التحيات
أما بعد : فإن بعض الإخوان رعاهم الله سأل الاحتذاء بمن تقدمنا من السلف ورواة الحديث, في نظم كتاب يشتمل على أسامي الرواة والمحدثين من أهل بلدنا, بلد إصبهان ممن حدث بها, ويضاف إلى ذكرهم من قدمها من القضاة, و الفقهاء, مقدما طرفا من ذكر بدئها, وبنائها, وفتحها, وخصائصها, وأبتغي أن يكون ذلك مرتبا على ترتيب حروف المعجم, ليسهل الوقوف عليه, فأجبته إلى ذلك, واستعنت بالله تعالى الذي تيسير العسير عليه يسير, إذ هو نعم المولى, و نعم النصير, وسألته تعالى أن ينفعنا وإياهم بجميع ما أسدى من نعمه وأياديه, إنه الغني القدير, فبدأت أولا بذكر أحاديث رويت في فضيلة الفرس, والعجم, و الموالي, وأنهم المبشرون بمنال الإيمان, والتحقق به, وإن كان عند الثريا فقدمتها (1)
تاريخ جرجان للحافظ الجرجاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله أولا وآخرا, وظاهرا وباطنا, والصلاة على نبيه محمد و آله وسلم تسليما
__________
(1) - طبع في ليدن ثم مصورا في الكتاب الإسلامي في مجلدين ثم أعيد طبعه في دار الكتب العلمية بتحقيق (سيد كسروي)(4/119)
أما بعد : فإني لما رأيت كثيرا من البلدان تعصب أهلها وأظهروا مفاخرها بدخول الصحابة رضى الله تعالى عنهم أجمعين بلادهم, وكون الخلفاء والأمراء وجماعة من العلماء عندهم, حتى أرخوا لذلك تواريخ, وصنفوا فيها تصانيف على ما بلغهم, ولم أر أحدا من مشايخنا رحمهم الله صنف في ذكر علماء أهل جرجان تصنيفا, أو أرخ لهم تأريخا, على توافر علمائها, وتظاهر شيوخها, و فضلائها, فأحببت أن أجمع في ذلك مجموعا على قدر جهدي وطاقتي, مع قلة بضاعتي, وعرض لي جمعه حين تفانى العلماء الذين يوثق بعلمهم, ويعتمد على معرفتهم, ولم أتمكن من كتبهم, فأستمد منها, إذ كان أهلها قد أضاعوها, لقلة رغباتهم, وفتور نياتهم, فاقتصرت على ما حضر, وأخذت بما تيسر, وقدمت العذر حتى ان قصرت فيه تقصيرا, أو شذ عني شيء كنت في ذلك معذورا, وبالله استعنت, وعليه توكلت, وهو نعم المولى, ونعم النصير (1)
تاريخ بغداد للخطيب البغدادي
__________
(1) - طبع في عالم الكتب بيروت 1407هـ وعدد تراجمه ( 1194 ) ترجمة(4/120)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون لا يحصى عدد نعمته العادون ولا يؤدى حق شكره المتحمدون ولا يبلغ مدى عظمته الواصفون بديع السماوات والأرض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون أحمده على الآلاء وأشكره على النعماء وأستعين به في الشدة والرخاء وأتوكل عليه فيما أجراه من القدر والقضاء وأشهد أن لا إله إلا الله وأعتقد أن لا رب إلا إياه شهادة من لا يرتاب في شهادته واعتقاد من لا يستنكف عن عبادته وأشهد أن محمدا عبده الأمين ورسوله المكين حسن الله به اليقين وأرسله إلى الخلق أجمعين بلسان عربي مبين بلغ الرسالة وأظهر المقالة ونصح الأمة وكشف الغمة وجاهد في سبيل الله المشركين وعبد ربه حتى أتاه اليقين فصلى الله على محمد سيد المرسلين وعلى أهل بيته الطيبين وأصحابه المنتخبين وأزواجه الطاهرات أمهات المؤمنين وتابعيهم بالإحسان إلى يوم الدين
هذا كتاب تاريخ مدينة السلام وخبر بنائها وذكر كبراء نزالها وذكر وارديها وتسمية علمائها ذكرت من ذلك ما بلغني علمه وانتهت إلي معرفته, مستعينا على ما يعرض من جميع الأمور بالله الكريم فإنه لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم (1)
__________
(1) - طبع في القاهرة سنة 1349هـ عن نسخة (كوبريلي)(1022) وقد حدث سقط في القسم الخاص بالمحمدين, يشتمل على أكثر من(300) ترجمة, ولكنه استدرك في المجلد(5\ص231), ثم صورت هذه الطبعة في دار الفكر, دار إحياء التراث العربي وعدد تراجم الكتاب (7831) ترجمة, واختصره مسعود بن محمد بن احمد البخاري المتوفى سنة 461هـ , وكذا الشيخ أبو العلاء إدريس بن محمد العراقي الفاسي المتوفى سنة 1183هـ , ذكره في كتابه( فتح البصير ) كما في ( فهرس الكتاني) (2\816), و( لخلدون الأحدب ) كتاب ( زوائد تاريخ بغداد على الكتب الستة ) طبع في دار القلم دمشق في( 10 ) مجلدات(4/121)
تاريخ مدينة دمشق للحافظ ابن عساكر
بسم الله الرحمن الرحيم, ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا, إنك على كل شيء قدير, الحمد لله خالق الأرواح وبارئ الأجسام, وفالق الإصباح بالضياء بعد غسق الظلام, ورازق الطيور والإنس والجن والوحوش والأنعام, وفاتق السماء والأرض عن قطر الغمام, والحب ذو العصف والنخل ذات الأكمام, تبصرة لذوي العقول وتذكرة لأولي الأفهام, أحمده على تواتر إنعامه بنعمه العظام وأستزيده من مزيد مننه الجسام
وأشهد أن لا إله إلا الله محيي العظام, ذو الطول والعزة والبقاء والجلال والإكرام, وأشهد أن محمدا عبده الصادق الكلام, الداعي بإذنه إلى اتباع شريعة الإسلام, الماحي بنبوته عباد الأوثان والأصنام, الماحق برسالته معالم الأنصاب والأزلام, صلى الله عليه صلاة مقرونة بالمزيد والدوام, وعلى آله وأصحابه وأنصاره البررة الكرام, وأحله وإياهم بفضله ورحمته دار السلام, كما طهرهم من دنس العيوب ووضر الآثام
أما بعد : فإني كنت قد بدأت قديما بالاعتزام, لسؤال من قابلت سؤاله بالامتثال والالتزام, على جمع تاريخ لمدينة دمشق أم الشام, حمى الله ربوعها من ذوي الفضل والمزيد من أنبيائها وهداتها و خلفائها وولاتها و فقهائها وقضاتها وعلمائها ودراتها وقرائها ونحاتها وشعرائها ورواتها من أمنائها وأبنائها وضعفائها وثقاتها, وذكر ما لهم من ثناء ومدح, وإثبات ما فيهم من هجاء وقدح, وإيراد ما ذكرونه من تعديل وجرح, و حكاية ما نقل عنهم من جد ومزح, وبعض ما وقع إلي من رواياتهم, وتعريف ما عرفت من مواليدهم ووفاتهم, وبدأت بذكر من اسمه منهم أحمد, لأن الابتداء بمن وافق اسمه اسم المصطفى, ثم ذكرتهم بعد ذلك على ترتيب الحروف, مع اعتبار الحرف الثاني والثالث تسهيلا للوقوف(4/122)
وكذلك أيضا اعتبرت الحروف في أسماء آبائهم وأجدادهم, ولم أرتبهم على طبقات أزمانهم, أو كثرة أعدادهم, وعلى قدر علوهم في الدرجات والرتب, ولا لشرفهم في الأفعال والنسب, وأردفتهم بمن عرف بكنيته,ولم أقف على حقيقة تسميته, ثم ذكر تنسيبه وبمن لم يسم في روايته, وأتبعتهم بذكر النسوة المذكورات, و الإماء الشواعر المشهورات
وقدمت قبل جميع ذلك جملة من الأخبار في شرف الشام وفضله, وبعض ما حفظ من مناقب سكانه وأهله, وما خصوا به دون أهل الأقطار, وامتازوا به على سائر سكان الأمصار, ما خلا سكان الحرمين, وجيران المسجدين المعظمين, وبوبت ذلك جميعه تبويبا, ورتبته في مواضعه ترتيبا, وذلك مبلغ علمي, وغاية جهدي على ما وقع إلي أو ثبت عندي
فمن وقف فيه على تقصير أو خلل, أو غير ذلك منه على تغيير أو زلل, فليعذر أخاه في ذلك متطولا, وليصلح منه ما يحتاج إلى إصلاح متفضلا, فالتقصير من الأوصاف البشرية, وليست الإحاطة بالعلم إلا لبارئ البرية, فهو الذي وسع كل شيء علما, وأحصى مخلوقاته عينا واسما, ومع ذلك فمن ذكرت أقل ممن أهملت, وما أصبت في ذكره أكثر مما أغفلت
و ليس يخلو من فائدة من الفوائد المستفادة, وذكر حكاية من الحكايات المستحسنة المستجادة, لما جمعه من الأخبار الجامعة, و انطوى عليه من الآثار اللامعة, وحواه من الأذكار النافعة, وتضمنه من الأشعار الرائعة, مما يرغب في حسنة الراغب, و يستفيد لعزته وجودته الطالب, والله سبحانه وتعالى ييسر جمعه على من جمعه, وينفع به من رواه ومن سمعه, إنه جدير بإجابتي, قدير على تحقيق رجائي, وهو ولي كل خير, ودافع كل سوء وضير, والهادي في القول لصوابه, ولا حول ولا قوة إلا به (1)
__________
(1) - طبع (تاريخ دمشق) في دار الفكر بيروت في (70) مجلدا بتحقيق (عمر غرامة الغمروي),قال في (كشف الظنون)(1\294): وهو في نحو ثمانين مجلدا ذكر تراجم الأعيان والرواة ومروياتهم على نسق تاريخ بغداد للخطيب لكنه أعظم منه حجما
قال (ابن خلكان) قال لي شيخنا الحافظ (زكي الدين عبد العظيم المنذري) وقد جرى ذكر هذا (التاريخ)وطال الحديث في أمره,[ فقال]: ما أظن هذا الرجل إلا عزم على وضع هذا (التاريخ) من يوم عقل على نفسه, وشرع في الجمع من ذلك الوقت, وإلا فالعمر يقصر عن أن يجمع الإنسان مثل هذا الكتاب .اهـ
ول(تاريخ دمشق) عدة (ذيول) و(مختصرات) منها : 1- (ذيل) لولد المصنف (القاسم), ولم يكمله \ و(مختصر) لشهاب الدين عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان الدمشقي الشافعي، وهو نسختان:( كبرى) في خمسة عشر مجلدا, و( صغرى) المعروف (بأبي شامَة) \2- و(ذيل) (صدر الدين الكبرى)\3- و(ذيل) (عمر بن الحاجب) \4- و (ذيل) عليه الحافظ (علم الدين قاسم بن محمد البرازلي) إلي آخر سنة 738هـ ومات في الآتية \5- و(ذيل) (لأبي يعلى بن القلانسي) \6- و(ذيل)(لبدر الدين محمود بن احمد العيني) المتوفى سنة 855هـ \7- و(ذيل) على (ذيل البرزالي) للقاضي (تقي الدين أبي بكربن شهبة)\8- و(منتقى) منه للحافظ (ابن حجر العسقلاني),ذكره (عبد الستار الشيخ) في كتابه (الحافظ ابن حجر\ سلسلة أعلام المسلمين\دار القلم)(ص470)\9- (مختصر) للحافظ (السيوطي) سماه (تحفة المذاكر في المنتقى من تاريخ ابن عساكر) ذكره في (حسن المحاضرة) \10- و(مختصر) للعلامة اللغوي (محمد بن مكرم) المعروف (بابن منظور) المتوفى سنة 711هـ,طبع في دار الفكر.دمشق في (29) جزءا و(16) مجلدا بتحقق جماعة \11- و(مختصر) للشيخ (عبد القادر بن بدران الدمشقي الحنبلي) المتوفى سنة 1346هـ, وقد طبع في دار المسيرة بيروت 1399 في(7) مجلدات, وهو نحو نصف الكتاب, وبقيته مخطوطة وتقدر بستة أجزاء \12- و شرع الشيخ (أبو علي الحسن بن محمد القرشي التيمي البكري النيسابوري) المتوفى سنة 656هـ في (ذيل) على(تاريخ لدمشق) قال (الذهبي) في(السير): وعدمت المسودة
- (كشف الظنون)(1\308): وهو كبير,أوله: الحمد لله الذي اختار(4/123)
تاريخ العلماء بالأندلس للحافظ أبي الوليد ابن الفرضي
بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على محمد وآله, قال أبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي الحافظ رحمه الله :
الحمد لله الذي خلق الإنسان فأحسن وصور فأتقن وقدر فأحكم, وعلم الإنسان ما لم يعلم, ألهمه العلم الذي جعله دليلا ووسيلة إليه, وشفيعا مشفعا عنده, يصرف به الردى, ويرشد به إلى الهدى, ويرفع به الدرجات العلى في الآخرة و الأولى, به يوحد ويعبد, ويثنى عليه ويحمد, جعله من عباده في السعداء, وحظره على الأشقياء, علم الأشياء علم إحاطة أحصاها عددا, ولا يشرك معه في غيبه أحدا, يشاهد النجوى, ويعلم السر وأخفى, وله الأسماء الحسنى, سبحانه وتبارك وتعالى, وصلى الله على محمد عبده ورسوله, وصفوته من خلقه, صلاة زاكية نامية طيبة مباركة مرددة, وعلى آل محمد الطيبين, وعلى جميع النبيين وعليه وعليهم السلام أجمعين
هذا كتاب جمعناه في فقهاء الأندلس, وعلمائهم, ورواتهم, وأهل العناية منهم, ملخصا على حروف المعجم, قصدنا فيه قصد الاختصار, إذ كانت نيتنا قديما أن نؤلف في ذلك كتابا موعبا, على المدن يشتمل على الأخبار والحكايات, ثم عاقت عوائق عن بلوغ المراد فيه, فجمعنا هذا الكتاب مختصرا(4/124)
وغرضنا فيه ذكر أسماء الرجال وكناهم وأنسابهم, ومن كان يغلب عليه حفظ الرأي منهم, ومن كان الحديث والرواية أملك به, وأغلب عليه, ومن كانت له إلى المشرق رحلة, وعمن روى, ومن أَجَلُّ من لقى, ومن بلغ منهم مبلغ الأخذ عنه, ومن كان يشاور في الأحكام, ويستفتى, ومن ولى منهم خطة القضاء, ومن المولد والوفاة ما أمكنني, على حسب ما قيدته, ولم أزل مهتما بهذا الفن, معتنيا به, مولعا بجمعه, والبحث عنه, ومسائلة الشيوخ عما لم أعلم منه, حتى اجتمع لي من ذلك بحمد الله وعونه ما أملته, وتقيد في كتابي هذا من التسمية ما لم أعلمه يقيد في كتاب ألف في معناه في الأندلس قبله, وتركنا تكرار الأسانيد, مخافة أن نقع فيما رغبنا عنه من الإطالة, وبيناها في صدر الكتاب
فما كان في كتابنا هذا عن (أحمد) دون أن ننسبه فهو أحمد بن محمد ابن عبد الب,ر أخبرنا به عنه محمد بن رفاعة الشيخ الصالح في ( تاريخه )
وما كان فيه عن (خالد) فهو خالد بن سعد, أخبرنا به عنه إسماعيل بن إسحاق الحافظ في ( تاريخه) وما كان فيه عن (محمد) دون أن ينسب فهو محمد بن حارث القروي, أخذته من كتابه, وبعضه بخطه
وما كان فيه عن (أبي سعيد) فهو أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس ابن عبد الأعلى المصري, خرجته من ( تاريخه في أهل مصر و المغرب ), أخذ ذلك من كتاب أنففذه إليه أمير المؤمنين الحكم بن عبد الرحمن المستنصر بالله, رحمه الله, وفيه عن غير ذلك الكتاب, ما أخبرنا به يحيى بن مالك العائذي, عن أبي صالح أحمد بن عبد الرحمن بن أبي صالح الحراني الحافظ, عن أبي سعيد, ومنه ما أخبرني به أبو عبد الله محمد بن أحمد بن يحيى القاضي, عن أبي سعيد, وقد بينت ذلك في موضعه
وما جاء في كتابي هذا عن محمد بن أحمد فهو محمد بن أحمد بن يحيى القاضي هو ابن مفرج, أخذته من كتاب مختصر كان جمعه للإمام المستنصر بالله رحمه الله
وما كان فيه عن الرازي فإن العائذي أخبرنا به عنه(4/125)
وما كان فيه عن غير هؤلاء فقد ذكرت من حدثني به, وعمن أخذته إلا أن يكون مما قرب عهده, وأدركته بسني, وقيدته بخطي, وحفظي, وأخذته عن ثقة من أصحابي, فلم أحتج إلى تسميته, وأملنا جمع الكتاب الذي تقدم ذكره على البلدان, وتقصي ما اختصرناه في كتابنا هذا من الحكايات, والأخبار إن تأخرت بنا مدة, وصحبتنا من الله معونة, ولا حول ولا قوة إلا بالله, ولما رأيت كثيرا من الوفيات ترتبط بدول الملوك لم أجد بدا من ذكرها, في صدر هذا الكتاب, ليكون دليلا على ما تعلق بها, و أضيف إليها مع ما في علم ذلك من الفائدة, فرسمنا على المعنى الذي بنينا عليه من الاختصار
وبالله نستعين على ما نؤمله, وهو حسبنا ونعم الوكيل (1)
الصلة في تاريخ علماء الأندلس للحافظ أبي القاسم بن بشكوال
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على محمد, وعلى آله وسلم تسليما, الحمد لله الذي فطر بقدرته الأنام, وفضل بعضهم على بعض في الأفهام, وصلى الله على محمد وآله وصحبه البررة الكرام
أما بعد : فإن أصحابنا وصل الله توفيقهم, ونهج إلى كل صالحة من الأعمال طريقهم,سألوني أن أصل لهم كتاب القاضي الناقذ أبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف الأزدي الحافظ, المعروف بابن الفرضي رحمه الله, في رجال علماء الأندلس, الذي أخبرنا به جماعة من شيوخنا رحمهم الله, عن أبي عمر بن عبد البر النمري الحافظ عنه, وأخبرنا به أيضا شيخ عصره, أبو محمد بن عتاب, عن أبي حفص عمرو بن عبيد الله الذهلي, عن أبي الوليد الفرضي, وأن أبتدئ من حيث انتهى كتابه, وأين وصل تأليفه, متصلا إلى وقتنا
__________
(1) - طبع في مطبعة المدني القاهرة 1408هـ بتحقيق ( عزت اعطار الحسيني )(4/126)
وكنت قد قيدت كثيرا من أخبارهم, وآثارهم, وسيرهم, وبلدانهم, وأنسابهم, وموالدهم, ووفياتهم, وعمن أخذوا من العلماء, ومن روى عنهم من أعلام الرواة, وكبار الفقهاء, فسارعت إلى ما سألوا, وشرعت في ابتداء على ما أحبوا, و رتبته على حروف المعجم, ككتاب ابن الفرضي, وعلى رسمه, وطريقته, وقصدت عل ترتيب الرجال في كل باب, على تقادم وفياتهم, كالذي صنع هو رحمه الله , ونسبت كثيرا من ذلك إلى قائله, واختصرت ذلك جهدي, وقدمت هنا ذكر الأسانيد إليهم مخافة تكرارها في مواضعها
فما كان في كتابي هذا من كلام أبي عمرو المقرئ, فأخبرنا به القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الأنصاري, و أبو عامر محمد حبيب الشاطبي, جميعا عن أبي داود المقرئ, عن أبي عمرو, ذكر ذلك في كتاب (طبقات القراء و المقرئين) من تأليفه.
وما كان فيه من من كلام أبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي, نزيل بغداد, فهو من كتابه الذي جمعه لأهل بغداد, في (تاريخ علماء الأندلس) (1) أخبرني به القضي الإمام أبو بكر محمد بن عبد الله المعافري, جلة عن ابي بكر محمد بن طرخان, عن الحميدي, وأخبرني به ابو الحسن عباد بن سرحان عنه
وما كان من كلام أبي عمر بن عفيف, فإني نقلته من كتابه (المؤتلف في فقهاء قرطبة), الذي أخبرنا به غير واحد من شيوخنا عن أبي العباس العذري عنه
وما كان فيه من كلام أبي بكر الحسن بن محمد القبشي (2), فغني قرأته بخطه, في كتابه المسمى بكتاب (الإحتفال في تاريخ أعلام الرجال), ونقلته منه, وأخبرني به أبو محمد بن يربوع, عن أبي محمد بن خزرج
__________
(1) هو كتاب (جدوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس) طبع في دار الكتب العلمية 1417هـ بتحقيق (روحية السويفي)
(2) - هو أبو بكر محمد بن مفرج المعافري القبشي مرخ أديب قرطبيله كتاب |(الإحتفال في تاريخ أعلام الرجال) توفي سنة 432هـ(4/127)
وما كان فيه عن أبي مروان بن حيان (1), فأخبرنا به أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد رحمه الله عنه, و قرأت أكثره بخطه
وما كان فيه عن أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن شنظير (2), فإني نقلته من خطه, في كتاب رواياته, وفي (تاريخه) أيضا وأخبرني به أبو الحسن عبد الرحمن بن عبد الله العدل, عن أبي محمد قاسم بن محمد, عنه وعن صاحبه أبي جعفر بن ميمون, بما ذكر من أيضا عنه
ما كان فيه عن أبي جعفر بن مطاهر (3), فأخبرني به أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن بقي الحاكم, وغيره عنه, ذكر ذلك في (تاريخ فقهاء طليطلة) من جمعه
وما كان فيه عن أبي عمر بن عبد البر الحافظ, فأخبرني به غير واحد من شيوخي عنه
وما كان فيه عن أبي عبد الله بن عابد, فأخبرني به الشيخ الأحد أبو محمد بن عتاب, عنه
وما كان فيه عن أبي عبد الله الخولاني, فأخبرني به القاضي شريح بن محمد, مناولة منه لي بإشبيلية, عن خاله محمد بن محمد بن عبد الله الخولاني , عن أبيه
وما كان فيه عن أبي عمر أحمد بن محمد بن الحذاء, فأخبرني به شيخنا أبوالحسن بن مغيث, مناولة عنه
وما كان فيه عن أبي عبد الله محمد بن عتاب الفقيه (4), فأخبرني به ابنه أبو محمد شيخنا رحمه الله, وقرأت بعضه بخطه وخط ابنه أبي القاسم
وما كان فيه عن أبي محمد بن خزرج الإشبيلي, فأخبرني به غير واحد من شيوخي, رحمهم الله, منهم أبو محمد بن يربوع, وغيره,من شيوخنا عنه
__________
(1) - هو أبو مروان حيان بن خلف الأموي مؤرخ قرطبي له كتاب (المقتبس من تاريخ الأندلس) توفي سنة 469هـ
(2) - هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الأموي المعروف (بابن شنظير) مؤرخ طليطلي توفي سنة 402هـ
(3) - هو أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن بن مطاهر الأنصاري القرطبي المالكي له (تاريخ فقهاء قرطبة) توفي سنة 489هـ
(4) - هو أبو عبد الله محمد بن عتاب الجدامي المالكي مفتي قرطبة توفي سنة 462هـ(4/128)
وما كان فيه عن أبي القاسم بن مدير المقرئ, فأخبرني به أبو جعفر أحمد بن عبد الرحمن الفقيه, عنه
وما كان فيه عن أبي علي الغساني, فأخبرني به القاضي أبو عبد الله محمد بن أحمد التجيبي, وغير واحد من شيوخي رحمهم الله عنه
وما كان فيه من كلام أبي عمر بن مهدي المقرئ (1), فقرأت ذلك بخطه في كتاب (تسمية رجاله) الذين لقيهم, ونقلته منه وما كان فيه من (تاريخ) أبي طالب المرواني فأجاز لي بخطه رحمه الله
وكثيرا من ذلك ما سألت عنه شيوخنا, وثقات أصحابنا, وأهل العناية بهذاالشأن, ومن شهر منهم بالحفظ والإتقان, وقد نسبت ذلك إلى من قاله لي منهم, إلا ما لحقته بسني, وشاهدته بنفسي, وقيدته بخطي فلست أسنده على أحد, وأقتصر في ذلك على ما علمته وتحققته.
وأنا أسأل الله الكريم عونا وتأييدا, وتوفيقا وتسديدا, وعصمة من الزلل, سلامة من الخطل, والصواب في القول العمل, ثم إليه عز وجهه تتضرع في أن يجعلنا ممن تعلم العلم لوجهه, وعني به في ذاته, فإنه على ذلك وعلى كل شيء قدير.(2)
التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار القضاعي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم تسليما, قال الفقيه الكاتب, المحدث الحافظ, أبو عبيد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر القضاعي ابن الابار البلنسي رحمه الله :
الحمد لله وارث الأرض ومن عليها من الخلق, وباعث محمد رسوله بالهدي ودين الحق, وصلى الله عليه وآله وأصحابه ما شيم لماع البرق, واستديم هماع الودق
__________
(1) - هو أبو عمر أحمد بن محمد بن خالد بن مهدي القرطبي المالكي المتوفى سنة 432هـ
(2) - طبع في الدار المصرية القاهرة 1966, ثم في المكتبة العصرية بروت 1423هـ بتحقيق ( صلاح الدين الهواري )(4/129)
وبعد : فهذا كتاب ( التكملة لكتاب الصلة ) الذي ألف أبو القاسم بن بشكوال فوصل المنفصل, وطبق في معارضة أبي الوليد بن الفرضي, المفصل, وجاء بحسنة أثمرت له الحسنى, وجاد على عفاة العلم بصلة ما أسنى, لا جرم أنه أعاد بها من كان فانيا, وأعار الأندلس وأهلها عمرا ثانيا, كافأ الله صالح اعتماده واعتماله, و شكر له واضح احتفائه واحتفاله, من رجل ورد النمير المعين, ووجد الظهير والمعين, فقل في رواية منح الري, ونازع فري كيف شاء الفري, واتفق أن خلد حتى هيل على أترابه التراب, وخبأتهم في حقائبها الأحقاب, فانتظمهم حسابه, و شملهم كتابه, ولو أن هؤلاء الذين جرفهم سيله, وصرفهم إلى حجره ذيله, سمح بهم غناه, وسنح له ضد مأتاه, لتل أسماهم في يد من تلاه, وأمد بها من رام أن يلحق مداه, ولكن أبى إلا أن يوعب ليتعب من بعده, وينجز في الاستغراف و الاستلحاق وعده, وعلى ذلك فإنه أغفل مع أنه احتفل, وأسأر مع أنه أكثر, إذ الإحاطة لله وحده, وأنا وإن كنت ما ظفرت بغير سؤال, ولا عجت إلا على طلل بال, إلى تشعب حال, وتقلب بال, فقد وفيت ما اقتضاه الوفاء, وعند الله في ذلك الجزاء, حتى تيسر مع الإجمال في الطلب, والاحتمال للنصب المريح إن شاء الله في المنقلب, ما بلغ منه المراد, و أنجح فيه الإصدار والإيراد, على تفاوت أمرينا من قرار واضطراب, وتباين حالينا من إنفاض و إتراب(4/130)
وكان أنبعاثي لهذا التقييد الملتمس من الله فيه حسن العون والتأييد أول شهر الله المحرم مفتتح سنة إحدى وثلاثين و ستمائة, امتعاضا للجزيرة, وارتماضا من كوائنها المبيرة, ليعلم أنها ما أفلت أهلتها, وإن أعضلت علتها, وبطلت على البرء أدلتها, ولا هوت نجومها, وإن أقوت رسومها, وألوت بدولة عربها رومها, هذا وجنابها مضاع, وخلافها إجماع, فلم يبق فيها إلا حبابة كصبابة الإناء, وما بقاء اليفن شخص فيه يريد الفناء, ومع غربة الإسلام فيها, وعجز قومها عن تلافيها, فالعلوم بها ما صرمت علقها, ولا عدمت بالجملة حلقها, ومصداق ذلك وصل إحسانهم والحبل مبتور, ونظم جمانهم والشمل منثور, إلى أن ذهب السكن والمسكون, وكان من أمر الله ما علم أن سيكون, وفي وقتنا هذا وهو آخر سنة ست وأربعين وبلاد العدوة بجالية الأندلس غاصة, وازدياد الوحشة لا تنفرد به دون عامة خاصة, لا سيما وقد ختمت بالمصيبة الكبرى في إشبيلية مصائبها, ودهمت بالجلاء المكتوب والرجاء المكذوب عصائبها, كثرت مشافهة الإخوان بما في تزجية الأوان, وترجية ما لا يبدع بي من الأكوان, وجعلوا يخصون باللوم تلومي في هذه الفترة, ويحضون على إتمام المرام قبل قواطع الكبرة, إلى غيرها من محذور, ليس هجومه بمحظور ولا وقوعه غير منظور, وأنا أتعلل بما عاينوا من خطوب عانيتها, وأتسلل فرارا من خطة ليتني ما تعاطيتها, وهم يبرؤون من قبول معذرة, ويربؤون بميسرتي عن نظرة, وربما لجوا في تهوين المانع من إظهاره, واحتجوا بالمخاطب من القاهرة فيه على اشتهاره, فاستخرت الله تعالى في الإسعاف والإسعاد, واستجرت به نعم المجير في المبدأ والمعاد, وعليها من عزمة ما ضية, سوفت متقاضية, وتخوفت اللائمة, في رضا ما ليس راضيه, فلما أن استوفى عشرين حولا بل زاد, واستولى على الأمد الذي من تأنى فيه أصاب أو كاد أبرزته بعد طول الحجاب, وأبرأته ونفسي من دعوى الإعجاب, محرجا في إصلاح الخلل, ومستدرجا إلى اغتفار الزلل,(4/131)
فالنسيان موكل بالإنسان, والسهو لا تدخل البراءة منه تحت الضمان, ويعلم الله أني وهبت الكرى للسهاد, و ذهبت أبعد مذهب في الاجتهاد, وعنيت بهذا التصنيف أتم عناية, وبلغت به من التصحيح أقصى نهاية, وما زلت أسمو إليه حالا على حال, وأعكف عليه بين حل وارتحال, إلى أن بهر فجره وضاحا, وزخر وشله نهرا طفاحا, ولم أقتصر به على الابتداء من حيث انتهى ابن بشكوال, بل تجاوزته وابن الفرضي أتولى التقصي وأتوخى الإكمال, وربما أعدت من تحيفا ذكره, ولم يتعرفا أمره, وإن خالفتهما في نسق الحروف, فجريا على النهج المعروف, وأفردت لكافة الأدباء كتابا يلحق بهذا في الاكتفاء, إلا بعضا ممن دون كلامه, أو عرف بمجالس العلم إلمامه, وعلى مشارع الخير حيامه
والذين استضأت بشعاعهم, واستمليت من أوضاعهم, أتيت بالأسانيد إليهم بدءا, ورأيت أن أضع من عناء تكرارها عبثا, وكثير ممن أفاد القليل, قد أحذفهم لئلا أطيل
فما كان في كتابي هذا عن أبي بكر أحمد بن محمد الرازي, فأخبرني به القاضي أبو بكر محمد بن أحمد بن أبي جمرة مكاتبة عن أبيه, عن أبي عمر بن عبد البر, عن أبي محمد قاسم بن محمد بن عسلون, وعن أبي عمر أيضا, عن ابن الفرضي, عن أبي زكرياء العائذي كلاهما عن الرازي
وما كان فيه عن أبي إسحاق محمد بن القاسم بن شعبان, فقرأته بخط القاضي أبي محمد عبد الله بن ربيع, ويعرف بابن بنوش, وأخبرني به وبرجال مالك أبو بكر أيضا, عن أبيه, والفقيه المشاور أبو عبد الله محمد بن أيوب بن نوح الغافقي, عن أبي الحسن بن هذيل, عن أبي داود سليمان بن نجاح جميعا, عن أبي عمرو المقرىء, عن أبي عبد الله بن قاسم الفاكهي, وغيره, عن ابن شعبان, وبهذا الإسناد إلى أبي عمرو, عن أبي بكر عبد الرحمن بن أحمد التجيبي, عن أبي عبد الله محمد بن حارث بما فيه عنه, وقرأت بعضه بخطه, وكذلك ما فيه عن أبي عمرو, وأبي داود المذكورين(4/132)
وما كان فيه عن أبي بكر الزبيدي, فحدثني به القاضي أبو الخطاب أحمد بن محمد بن واجب القيسي بين سماع ومناولة, عن أبي الحسن ابن النعمة, قراءة عن أبي محمد بن عتاب, وغيره, عن أبي عمر النمري, عن ابن الفرضي, عنه وأخبرني به أيضا ابن أبي جمرة, عن أبيه, عن أبي عمر بمثله, وعن أبيه, عن جده, عن القاضي يونس بن عبد الله الزبيدي, وبه إلى يونس بما فيه عنه, ولأبي بكر بن عزير قريب أبي مروان ابن مسرة (تذييل لطبقات الزبيدي) نقلت منه كثيرا
وما كان فيه عن أبي عبد الله بن عبد السلام الطليطلي, ويعرف بابن شق الليل, فأخبرني به ابن أبي جمرة, عن أبي القاسم بن ورد, عن أبي محمد بن العسال عنه
وما كان فيه عن أبي مروان الطبني, فأخبرني به قاضي الجماعة أبو القاسم أحمد بن يزيد بن بقي, عن أبيه, عن أبي الحسن عبد الرحيم بن قاسم الحجاري, عن أبي الوليد العتبي, وعن أبي مروان بن قزمان, عن أبي علي الغساني كلاهما عن الطبني, وأخبرني أيضا أبو القاسم, عن أبي الحسن شريح بن محمد عن أبي محمد بن حزم بما فيه عنه
وما كان فيه عن القاضي أبي القاسم صاعد بن أحمد الطليطلي, فأخبرني به ابن أبي جمرة, عن الخطيب أبي عامر بن شرويه, والقاضي أبي محمد عبد الحق بن عطية جميعا, عن أبي بكر عبد الباقي بن برال الحجاري عنه
وما كان فيه عن أبي جعفر بن الباذش, فأخبرني به الأستاذ أبو جعفر أحمد بن علي بن عون الله, عن أبي محمد بن عبيد الله عنه, وعن أبي عبد الله بن عبد الرحيم الخزرجي, عن أبي الحسن والد أبي جعفر بن الباذش بما فيه عنه
وما كان فيه عن القاضي أبي الفضل عياض, فأخبرني به ابن أبي جمرة عنه, وكذلك عن أبي محمد الرشاطي, وأبي الوليد بن الدباغ, وأبي بكر يحيى بن محمد بن رزق بما فيه عنهم, وأخبرني ابن واجب, عن ابن الدباغ, وابن رزق منهم(4/133)
وما كان فيه عن أبي القاسم القنطري, فأخبرني به ابن واجب, في آخرين, عن أبي بكر بن خير عنه, وبهذا الإسناذ ما فيه عن أبي بكر هذا, وحدثني به بعض أصحابنا, عن أبي البقاء يعيش بن القديم الشلبي, عن القنطري
وما كان فيه عن الحافظ أبي القاسم بن عساكر فمن (تاريخه الكبير), في أهل دمشق والشام, وحدثني به الحاكم أبو عبد الله محمد بن أحمد الأندرشي, وغيره عنه, وأخبرني الحافظ أبو عمر أحمد بن هارون بن عات, عن أبي محمد العثماني, وأبي طاهر السلفي بما فيه عنهما
وما كان فيه عن أبي عمر بن عياد, فأخبرني به المقرىء أبو محمد غلبون بن محمد بن غلبون عنه, والقاضي أبو عيسى محمد بن محمد التدميري, والحافظ أبو الربيع سليمان بن موسى بن سالم الكلاعي, عن أبي محمد بن سفيان المعروف بالقونكي عنه, وأبو الربيع منهما, عن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن عياد, عن أبيه, وأفادني أبو الحجاج بن عبد الرحمن صاحبنا إجازةأبي جعفر بن عياد, عن أبيه, وغيره, وبهذا الإسناد ما فيه عن أبي القاسم بن حبيش, وابن سفيان هذا, وقرأت أكثر ذلك بخطهما
وما كان فيه عن غير المذكورين من شيوخ شيوخنا فحدثوني به عنهم, وكذلك ما كان لهم, وأكثرهم إفادة في هذا المعنى جازى الله جميعهم بالحسنى, أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن التجيبي, وأبو سليمان بن حوط الله, وأبو الربيع بن سالم, وهو ندبني إليه, وحضني عليه, فرواية لي عنهم بين سماع وإجازة منهم(4/134)
وما كان فيه عن آباء القاسم الملاحي, وابن فرقد ابن الطيلسان, فحدثت به عنهم, وكذلك عن أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي المعروف بابن نقطة, بما نقلته من تأليفه في المؤتلف والمختلف, وما ينقطع إسناده عينته, ليكون أشفى, و بينته حتى لا يخفى, وفي أثنائه عن أبي سعيد بن يونس, وأبي عبد الملك بن عبد البر, وأبي بكر القبشي, والصاحبين, وابن عفيف, وابن حيان, والخولاني, والحميدي, وغيرهم مما وجدته في تواليفهم, واستفدته من فهارسهم, والطرق إليهم يطول عدها, ويصرف عن المقصود سردها, وبعضها في (تاريخ) ابن الفرضي, وقرأت جميعه على أبي الخطاب بن واجب, عن أبي عبد الله بن عبد الرحيم قراءة عليه, عن أبي محمد بن عتاب, عن أبي عمر النمري, وأبي حفص الزهراوي عنه, وفي (تاريخ) ابن بشكوال, وقرأته أيضا على أبي الخطاب, عن مؤلفه قراءة, وما خرجت لهما من هذين الكتابين وغيرهما فبهذا الإسناد, وإلى ربنا الملك الجواد أضرع في العصمة والإنجاد, وإياه أسأل رشادا إلى التوفيق وتوفيقا إلى الرشاد, فذلك بيده, هو حسبي ونعم الوكيل (1)
المنتظم في تواريخ الملوك والأمم للحافظ أبي الفرج ابن الجوزي
__________
(1) - طبع في دار الفكر بيروت في ( 4 ) مجلدات بتحقق ( عبد السلام الهراس )(4/135)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي سبق الأزمان وابتدعها, و الأكوان واخترعها, والجواهر وجمعها والأجسام وصنعها والسماء ورفعها والأنوار وشعشعها والشمس واطلعها والمياه وأنبعها والأقوات وزرعها منع آلات الحس عن إدراكه وقطعها ووهب لنفس الآدمي نفائس المعارف واقطعها وخصها دون الخلائق بمعاني أودعها فعلمت أنها أين كانت وكيف كانت فهو معها, أحمده على نعم أكثرها وأوسعها, وأشهد بوحدانيته من براهين أكدت ما أودعها, إلى نفس تقر أنه يعلم مستقرها ومستودعها, وأصلي على رسوله محمد أشرف من جاء بملة وشرعها, وألطف من ضاقت حاله على أمته فوسعها, وعلى أصحابه وأتباعه إلى أن تسكن كل نفس من الجنة والنار موضعها
أما بعد : فإني رأيت النفوس تشرئب إلى معرفة بدايات الأشياء, وتحب سماع أخبار الأنبياء, وتحن إلى مطالعة سير الملوك والحكماء, وترتاح إلى ذكر ما جرى للقدماء, ورأيت المؤرخين يختلف مقادهم في هذه الأنباء, فمنهم من يقتصر على ذكر الأنبياء الإبتداء, ومنهم من يقتصر على ذكر الملوك والخلفاء, وأهل الأثر يؤثرون ذكر العلماء والزهاد, و يحبون أحاديث الصلحاء, وأرباب الأدب يميلون إلى أهل الأدب والشعراء, ومعلوم أن الكل مطلوب, والمحذوف من ذلك مرغوب, فآتيتك بهذا الكتاب الجامع لغرض كل سامع, يحوي عيون المراد من جميع ذلك, والله المرشد إلى أصوب المسالك(4/136)
ذكر ترتيب هذا الكتاب : وأبتدىء بعون الله وتوفيقه وأذكر الدليل على وجود الصانع سبحانه وتعالى, ثم أردف ذلك بذكر أول المخلوقات, ثم ما يلي ذلك من الموجودات, على ترتيب الوجود في الحادثات, إلا أن يخفى زمان حادث فيذكر في الجملة, ثم أتبع ذلك بذكر آدم عليه السلام, وأحواله, وما جرى له, ثم أذكر عظائم الحوادث التي كانت في زمانه, ومن كان في مدة ولايته من أهل الخير, ورؤوس أهل الشر, ثم أذكر من خلفه من أولاده, وما حدث في زمان ذلك الخالف من الأحداث, ومن كان في وقته من أهل الخير والشر, ثم من يخلف ذلك كذلك إلى زمان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -فيندرج في ذلك ذكر الأنبياء, والملوك والعلماء, والزهاد والحكماء, والفراعنة والنماردة, ومن له خبر يصلح إيراده من العوام, وما يحسن ذكره من الأمور والحوادث في كل زمن
فإذا آل الأمر إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أبتدأ بذكر مولده, ونسبه, وذكر عيون ما جرى في سنة مولده من الحوادث, ثم ما جرى في سنته الثانية من مولده كذلك, إلى زمان نبوته, ثم بذكر ما جرى في كل سنة من سني النبوة إلى سنة هجرته إلى المدينة(4/137)
فإذا انتهينا إلى مفتتح سني الهجرة, وهي التي عليها التاريخ إلى اليوم, ذكرنا ما كان في كل سنة من الحوادث المستحسنة والمهمة, وما لا بأس بذكره, ونضرب عن ما لا طائل في الإطالة به تحته, مما يضيع الزمان بكتابته, إما لعدم صحته, أو لفقد فائدته, فإن خلقا من المؤرخين ملأوا كتبهم بما يرغب عن ذكره, تارة من المبتدآت البعيدة الصحة, المستهجن ذكرها عند ذوي العقول, كما قد ذكر في مبتدأ وهب بن منبه, وغيره من الأخبار, التي تجري مجرى الخرافات, وتارة يذكر حوادث لا معنى لها, ولا فائدة, وتارة يذكر أحوال ملوك يذكر عنهم شرب الخمر, وفعل الفواحش, وتصحيح ذلك عنهم عزيز, فإن صح كان ذلك إشاعة الفواحش, وإن لم يصح كان في مرتبة القذف, وهو في العاجل يهون على أبناء الجنس ما هم فيه من الزلل, على أن الأخبار لا تسلم من بعض هذا
ومن أعظم خطأ السلاطين والأمراء نظرهم في سياسات متقدميهم, وعملهم بمقتضاها, من غير نظر فيما ورد به الشرع, ومن خطأهم تسمية أفعالهم الخارجة عن الشرع سياسة بأن الشرع هو السياسة, لا عمل السلطان برأيه وهواه, ووجه خطأهم في ذلك أن مضمون قولهم يقتضي أن الشرع لم يرد بما يكفي في السياسة, فاحتجنا إلى تتمة من رأينا, فهم يقتلون من لا يجوز قتله, ويفعلون ما لا يحل فعله, ويسمون ذلك سياسة
فصل : واعلم أن في ذكر السير والتواريخ فوائد كثيرة, أهمها فائدتان, أحدهما أنه إن ذكرت سيرة حازم, ووصفت عاقبة حاله, علمت حسن التدبير, واستعمال الحزم, وإن ذكرت سيرته مفرط, ووصفت عاقبته, خويت من التفريط, فيتأدب المسلط, ويعتبر المتذكر, ويتضمن ذلك شحذ صوارم العقول, ويكون روضة للمتنزه في المنقول
والثانية أن يطلع بذلك على عجائب الأمور, وتقلبات الزمن, وتصاريف القدر, والنفس تجد راحة بسماع الأخبار(4/138)
وقال أبو عمرو بن العلاء لرجل من بكر بن وائل قد كبر حتى ذهب منه لذة المأكل, والمشرب, والنكاح, أتحب أن تموت ؟, قال : لا , قيل: فما بقي من لذتك في الدنيا ؟, قال : أسمع بالعجائب
فصل : فإذا أنهينا ذكر المهم من الحوادث والحالات في كل سنة, ذكرنا من مات في تلك السنة من الأكابر, ويتعرض بذكر الجرح والتعديل, وقد يختلف في سنة موته, فنذكر الأصح, وذكر هذا من الحوادث أيضا, وترتب أسماؤهم في كل سنة على الحروف, فنقدم من اسمه على حرف الألف على الباء, فإن خفي زمان موت ذاك الشخص ذكرناه مع أقرانه, فقد اجتمع في كتابنا هذا ذكر الأنبياء, والسلاطين, والأحداث, والمحدثين, والفقهاء, والمحدثين, والزهاد, والمتعبدين, و الشعراء, والمتأدبين, وفي الجملة جميع المتميزين من أهل الخير والشر أجمعين, فيحصل بما يذكره مراد المسامر, والمحدث, ومقصود الناقل المحدث
فكان هذا الكتاب مرآة يرى فيها العالم كله, والحوادث بأسرها, إلا أن يكون من لا وقع له, فليس لذلك ذكر, أو حادثة لا يغنى تحتها, ولا وجه لذكرها, وقد انتقى كتابنا نقي التواريخ كلها, وأغنى من يعنى بالمهم منها, عنها وجمع محاسن الأحاديث, والأخبار اللائقة بالتواريخ, وانتخب أحسن الأشعار, عند ذكر قائلها, وسلم من فضول الحشو, و مرذول الحديث, ومن لم يدخل فيه ما يصلح حذفه
وقد كنت عزمت على مد النفس فيه بزيادة الأسانيد, وجمع وشرح أخبار الشخص كلها, ثم رأيت أن تخير الأوساط, خير من الإنبساط, فأخذت في كف الكف عن التطويل, وحذف أكثر الأسانيد, لئلا يوجب الطول بحر الكتاب, على أنه كثير بالإضافة إلى قلة الهمم, والله تعالى ملهم الإصابة, ومسعف الإجابة بمنه (1)
التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين للعلامة الرافعي
__________
(1) - طبع في دار الفكر بيروت في ( ) مجلدا بتحقيق ( سهيل زكار )(4/139)
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه الاستعاذة والتوفيق, رب يسر وأتمم بالخير, سبحان الله مقلب الليل والنهار, عبرة لأولى الأبصار, و الحمد لله الذي رفع بنعمته الأقدار, ووضع برحمته الأغلال و الآصار, ولا إله إلا الله المنزه عن أن يغيره تعاقب الأدوار, أو يبله تناسخ الأعصار, والله أكبر من أن يقاوم أن بدا منه اقتهار, أو أن ينحل بمكله إمهال واقصار, والصلاة على رسوله محمد المختار, وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار
وبعد : فقد كان يدور في خلدي أن أجمع ما حضرني من تاريخ بلدي, ووقع في ألسنة الناس قبل شروعي فبما أني مشغول بضم قوادمه إلى خوافيه, فطمعت في أن تكون الأراجيف مقدمات الكون, واستعنت بالله ونعم العون, و شارعت إلى تحقيق ظنون الطالبين, وسعيت في إقرار عيونهم, ونقلت ما ظفرت في الأصول, والتعاليق المتفرقة, والأوراق المسودة, إلى هذا البياض متحريا في ألفاظه الاختصار, وفي معانيه الاكتثار, مبينا لك أو مذكرا, أن كتب التاريخ ضربان, ضرب تقع العناية فيه بذكر الملوك, والسادات, والحروب, والغزوات, ونبأ البلدان وفتوحها, والحوادث العامة كالأسعار, والأمطار, والصواعق, والبوائق, والنوازل, والزلازل, وانتقال الدول, وتبدل الملل والنحل, وأحوال أكابر الناس, والمواليد, والاملاكات, والتهاني, والتعازي, وما يجري مجراها(4/140)
وضرب يكون المقصد فيه بيان أحوال أهل العلم, والقضاة, وفضلاء الرؤساء, والولاة, وأهل المقامات الشريفة, والسير المحمودة من أوقات ولادتهم, ووفاتهم, وطرف من مقالاتهم, ورواياتهم, ومشائخهم, و رواتهم, وبهذا الضرب اهتمام علماء الحديث للكتب المصنفة فيه, تنقسم إلى عامة (كالتاريخ), عن ابن نمير, وأحمد ابن حنبل, ويحيى بن معين (1), و علي بن المديني, و(تاريخ) محمد بن اسماعيل البخاري, وابن أبي خيثمة (2), وأبي زرعة الدمشقي (3), وأبي عبد الله بن منده, و(كالجرح و التعديل) لابن أبي حاتم, و ابن عدي رحمهم الله, وإلى خاصة, إما باقليم, (كتاريخ الشام) (4), وإما ببلدة (كتواريخ بغداد) للحافظ أبي بكر الخطيب (5), وغيره, و(تاريخ مصر) لأبي سعد بن يونس (6), و(واسط) لأسلم ابن سهل (7), و (أصبهان) لأبي بكر ابن مردويه, وابن مندة (8), وأبي نعيم (9), و(همدان) لصالح بن أحمد الحافظ, ثم لكيا شيرويه, و(نيسابور) للحاكم (10)
__________
(1) - طبع في دار القلم بيروت في مجلدين بتحقيق ( عبد الله أحمد حسن )
(2) - وهو (30) جزءا, طبع منه ( أخبار المكيين ) في دار الوطن 1997 في مجلد بتحقيق ( إسماعيل حسن حسين ) وعدد أحاديثه ( 480 ) حديثا
(3) - طبع في دار الكتب العلمية 417هـ بتحقيق ( خليل المنصور )
(4) - مطبوع تأتي مقدمته
(5) - مطبوع تأتى مقدمته
(6) - طبع باسم ( تاريخ المصرييين وتاريخ الغرباء ) في دار الكتب العلمية 2000 في مجلدين بتحقيق ( عبد الفتاح فتحي عبد الفتاح )
(7) - طبع في عالم الكتب في مجلد بتحقيق ( كوركيس عواد )
(8) - نسبه الذهبي في(السير)(13\9) لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن منده وقال: كتاب ( التاريخ ) كبير جدا
(9) - طبع في طبع في الكتاب الإسلامي في مجلدين ثم أعيد طبعه في دار الكتب العلمية بتحقيق ( سيد كسروي )
(10) - قال في (كشف الظنون)(1\308): هو كبير,أوله: الحمد لله الذي اختار محمدا.. الخ قال ابن السبكي في (طبقاته): هو التاريخ الذي لم تر عيني تاريخا أجل منه, وهو عندي سيد الكتب الموضوعة للبلاد, فأكثر من يذكره من أشياخه أو أشياخ أشياخه. انتهى ذكر فيه أيضا من ورد خراسان من الصحابة والتابعين, ومن استوطنها واستقصى ذكر نسبهم وأخبارهم, ثم اتباع التابعين, ثم القرن الثالث, والرابع, جعل كل طبقة منهم إلى ست طبقات, فرتب قرن كل عصر على حدة, على الحروف إلى أن انتهت إلى قوم حدثوا بعده من سنة عشرين وثلاثمائة إلى ثمانين, فجعلهم الطبقة السادسة.اهـ , ونقل الذهبي في (السير)(13\100) عن الخليل بن عبد الله الحافظ قال:قال لي(أي الحاكم): أعلم بأن خراسان وما وراء النهر لكل بلدة تاريخ صنفه عالم منها, ووجدت نيسابور مع كثرة العلماء بها لم يصنفوا فيه شيئا, فدعاني ذلك إلى أن صنفت تاريخ النيسابوريين, فتأملته ولم يسبقه إلى ذلك أحد.اهـ - وللحافظ الذهبي (مختصر تاريخ نيسابور للحاكم)(4/141)
, و(هراة) لأبي إسحاق بن معين, و(بلخ) لأبي إسحاق المستملي, وغيره, و(مرو) للعباس بن مصعب, ولأحمد بن سيار, وغيرهما, و(بخارى) لأبي عبد الله غنجار,و(سمرقند) لأبي سعد الإدريسي, لم أر من هذا الضرب تاريخا لقزوين, إلا المختصر الذي ألفه الحافظ الخليل بن عبد الله (1) , رحمه الله, وإنه غير واف بذكر من تقدمه, وقد خلت من عصره أمم, ونشأ في كل قرن ناشئة, ولم يقم إلى الآن أحد بتعريفهم في تأليف يشرح أحوالهم, وكان الإمام هبة الله بن زاذان رحمه الله على عزم أن يجمع فيه شيئا, فقد رأيت بخطه في خلال كلام في أحوال البلدة : إني معتزم قديما وحديثا أن أجمع في أخبارها, وأخبار ساكنيها, والصاد عن ذاك قلة الرغبات, في أمور عددها, ولم يساعده القدر فيما أظن.
وهذا كتاب إن يسره الله تعالى وفي بذكر أكثر المشهورين, والخاملين من الآخرين, والأولين من أرباب العلوم وطالبيها, وأصحاب المقامات المرضية وسالكيها, من الذين نشأوا بقزوين ونواحيها, أو سكنوها, أو طرقوها
أذكرهم وأورد أحوالهم فيه, بحسب ما سمعته من الشيوخ, والعلماء, أو وجدته في التعاليق, والأجزاء, وأودعه مما نقل من سيرهم, وكلماتهم, ومقولاتهم, ورواياتهم ما أراه أحسن وأتم فائدة
__________
(1) - وممن ألف في تاريخها أيضا الحافظ لابن ماجة القزويني صاحب ( السنن )(4/142)
وسميته كتاب : ( التدوين في ذكر أهل العلم بقزوين ), ورأيت أن أصدره بأربعة فصول, أحدها في فضائل البلدة وخصائصها, وثانيها في اسمها, وثالثها في كيفية بنائها, وفتحها, ورابعها في نواحيها, وأوديتها, وقنيها, ومساجدها, و مقابرها, ثم أتبع هذه الفصول بذكر من وردها من الصحابة, والتابعين رضي الله عنهم أجمعين, ثم أندفع في تسمية من بعدهم, والله الموفق (1)
الكامل في التاريخ للعلامة ابن الأثير
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله القديم فلا أول لوجوده, الدائم الكريم فلا آخر لبقائه ولا نهاية لجوده, الملك حقا فلا تدرك العقول حقيقة كنهه, القادر فكل ما في العالم من أثر قدرته, المقدس فلا تقرب الحوادث حماه, المنزه عن التعبير فلا ينجو منه سواه, مصرف الخلائق بين رفع وخفض, وبسط وقبض, وإبرام ونقض, وإماتة وإحياء, وإيجاد وإفناء, وإسعاد وإضلال, وإعزاز وإذلال, يؤتي الملك من يشاء, و ينزعه ممن يشاء, ويعز من يشاء, ويذل من يشاء, بيده الخير وهو على كل شيء قدير, مبيد القرون السالفة , و الأمم الخالفة, لم يمنعهم منه ما اتخذوه معقلا وحرزا, فهل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا, بتقديره النفع والضر, وله الخلق والأمر, تبارك الله رب العالمين, أحمده على ما أولى من نعمه, وأجزل للناس من قسمه, وأصلي على رسوله محمد سيد العرب والعجم, المبعوث إلى جميع الأمم, وعلى آله وأصحابه أعلام الهدى, ومصابيح الظلم, وعليهم وسلم
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية1408 هـ في (4) مجلدات بتحقيق (عزيز الله العطاري), وللحافظ (ابن حجر العسقلاني) (منتخب) من (تاريخ قزوين), انتقى منه عدة كراريس في السفرة الحلبية ستة 863هذكره في (الجواهر والدرر)(ص48)(4/143)
أما بعد : فإني لم أزل محبا لمطالعة كتب التواريخ ومعرفة ما فيها, مؤثرا للإطلاع على الجلي من حوادثها وخافيها, مائلا إلى المعارف والآداب والتجارب المودعة في مطاويها, فلما تأملتها رأيتها متباينة في تحصيل الغرض, يكاد جوهر المعرفة بها يستحيل إلى العرض, فمن بين مطول قد استقصى الطرق والروايات, ومختصر قد أخل بكثير مما هو آت, ومع ذلك فقد ترك كلهم العظيم من الحادثات, والمشهور من الكائنات, وسود كثير منهم الأوراق بصغائر الأمور, التي الإعراض عنها أولى, وترك تسطيرها أحرى, كقولهم خلع فلان الذمي صاحب العيار, وزاد رطلا في الأسعار, وأكرم فلان, وأهين فلان
وقد أرخ كل منهم إلى زمانه, وجاء بعده من ذيل عليه, وأضاف المتجددات بعد تاريخه إليه, والشرقي منهم قد أخل بذكر أخبار الغرب, والغربي قد أهمل أحوال الشرق, فكان الطالب إذا أراد أن يطالع تاريخا احتاج إلى مجلدات كثيرة, وكتب متعددة, مع ما فيها من الإخلال والإملال.(4/144)
فلما رأيت الأمر كذلك شرعت في تأليف تاريخ جامع لأخبار ملوك الشرق والغرب, وما بينهما, ليكون تذكرة لي, أراجعه خوف النسيان, وآتي فيه بالحوادث والكائنات من أول الزمان, متتابعة يتلو بعضها بعضا إلى وقتنا هذا, ولا أقول إني أتيت على جميع الحوادث المتعلقة بالتاريخ, فإن من هو بالموصل لا بد أن يشذ عنه ما هو بأقصى الشرق و الغرب, ولكن أقول إني قد جمعت في كتابي هذا ما لم يجتمع في كتاب واحد, ومن تأمله علم صحة ذلك, فابتدأت بالتاريخ الكبير الذي صنفه الإمام أبو جعفر الطبري, إذ هو الكتاب المعول عند الكافة عليه, والمرجوع عند الاختلاف إليه, فأخذت ما فيه من جميع تراجمه, لم أخل بترجمة واحدة منها, وقد ذكر هو في أكثر الحوادث روايات ذوات عدد, كل رواية منها مثل التي قبلها, أو أقل منها, وربما زاد الشيء اليسير أو نقصه, فقصدت أتم الروايات فنقلتها, وأضفت إليها من غيرها ما ليس فيها, وأودعت كل شيء مكانه, فجاء جميع ما في تلك الحادثة على اختلاف طرقها سياقا واحدا, على ما تراه(4/145)
فلما فرغت منه أخذت غيره من التواريخ المشهورة, فطالعتها وأضفت منها إلى ما نقلته من (تاريخ الطبري) ما ليس فيه, ووضعت كل شيء منها موضعه, إلا ما يتعلق بما جرى بين أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أضف إلى ما نقله أبو جعفر شيئا, إلا ما فيه زيادة بيان, أو اسم إنسان, أو ما لا يطعن على أحد منهم في نقله, وإنما اعتمدت عليه من بين المؤرخين, إذ هو الإمام المتقن حقا, الجامع علما وصحة اعتقاد وصدقا, على أني لم أنقل الا من التواريخ المذكورة, والكتب المشهورة, ممن يعلم بصدقهم فيما نقلوه, وصحة ما دونوه, ولم أكن كالخابط في ظلماء الليالي, ولا كمن يجمع الحصباء واللآلىء, ورأيتهم أيضا يذكرون الحادثة الواحدة في سنين, ويذكرون منها في كل شهر أشياء, فتأتي الحادثة مقطعة, لا يحصل منها على غرض, ولا تفهم إلا بعد إمعان النظر, فجمعت أنا الحادثة في موضع واحد, وذكرت كل شيء منها في أي شهر, أو سنة كانت, فأتت متناسقة متتابعة, قد أخذ بعضها برقاب بعض.(4/146)
وذكرت في كل سنة لكل حادثة كبيرة مشهورة ترجمة تخصها, فأما الحوادث الصغار التي لا يحتمل منها كل شيء ترجمة فإنني أفردت لجميعها ترجمة واحدة في آخر كل سنة, فأقول ذكر عدة حوادث, وإذا ذكرت بعض من تبع وملك في قطر من البلاد, ولم تطل أيامه فإني أذكر جميع حاله, من أوله إلى آخره, عند ابتداء أمره, لأنه إذا تفرق خبره لم يعرف للجهل به, وذكرت في آخر كل سنة من توفي فيها من مشهوري العلماء, والأعيان, والفضلاء, وضبطت الأسماء المشتبهة, المؤتلفة في الخط, المختلفة في اللفظ, الواردة فيه بالحروف, ضبطا يزيل الإشكال, ويغني عن النقاط و الأشكال, فلما جمعت أكثره أعرضت عنه مدة طويلة لحوادث تجددت, وقواطع توالت وتعددت, ولأن معرفتي بهذا النوع كملت وتمت, ثم إن نفرا من إخواني وذوي المعارف والفضائل من خلاني, ممن أرى محادثتهم نهاية أوطاري, و أعدهم من أماثل مجالسي وسماري, رغبوا إلي في أن يسمعوه مني, ليرووه, فاعتذرت بالإعراض عنه, وعدم الفراغ منه, فإنني لم أعاود مطالعة مسودته, ولم أصلح ما أصلح فيها من غلط وسهو, ولا أسقطت منها ما يحتاج إلى إسقاط ومحو, و طالت المراجعة مدة, وهم للطلب ملازمون, وعن الإعراض معرضون, وشرعوا في سماعه قبل إتمامه وإصلاحه, وإثبات ما تمس الحاجة إليه, وحذف ما لا بد من اطراحه, والعزم على إتمامه فاتر, و العجر ظاهر, للاشتغال بما لا بد منه لعدم المعين والمظاهر, ولهموم توالت, ونوائب تتابعت, فأنا ملازم الإهمال والتواني, فلا أقول إني لأسير إليه سير الشواني, فبينما الأمر كذلك إذ برز أمر من طاعته فرض واجب, واتباع أمره حكم لازب, من أعلاق الفضل بإقباله عليها نافقة, وأرواح الجهل بأعراضه عنها نافقة, من أحيا المكارم وكانت أمواتا, وأعادها خلقا جديدا بعد أن كانت رفاتا, من عم رعيته عدله ونواله, وشملهم إحسانه وإفضاله, مولانا مالك الملك الرحيم, العالم المؤيد المنصور, والمظفر بدر الدين, ركن الإسلام والمسلمين,(4/147)
محيي العدل في العالمين, خلد الله دولته, فحينئذ ألقيت عني جلباب المهل, وأبطلت رداء الكسل, و ألفت الدواة, وأصلحت القلم, وقلت : هذا أوان الشد, فاشتدي زيم, وجعلت الفراغ أهم مطلب, وإذا أراد الله أمرا هيأ له السبب, وشرعت في إتمامه مسابقا, ومن العجب أن السكيت يروم أن يجيء سابقا, ونصبت نفسي غرضا للسهام وجعلتها مظنة لأقوال اللوام, لأن المآخذ إذا كانت تتطرق إلى التصنيف المهذب, والاستدراكات تتعلق بالمجموع المرتب, الذي تكررت مطالعته وتنقيحه, وأجيد تأليفه وتصحيحه, فهي بغيره أولى, وبه أحرى, على أني مقر بالتقصير, فلا أقول أن الغلط سهو جرى به القلم, بل أعترف بأن ما أجهل أكثر مما أعلم
وقد سميته إسما يناسب معناه, وهو : ( الكامل في التاريخ ) (1)
تاريخ الإسلام للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله موّفق من توكل عليه، القيّوم الذي ملكوت كلّ شيء بيديه، حمداً طيّباً مباركاً فيه، كما ينبغي لجلال وجهه, وعظيم سلطانه، و أشهد أن لا إله إلاّ الله, وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله, أرسله رحمةً للعالمين وخاتماً للنّبيّين, وحرزاً للأميّين, وإماماً للمتّقين, بأوضح دليل, وأفصح تنزيل, وأفسح سبيل, وأنفس تبيان, وأبدع برهان, اللهمّ آته الوسيلة و ابعثه مقاماً محموداً يغبطه الأوّلون والآخرون، صلّى الله عليه وعلى آله الطّيبين, وصحابته المجاهدين, وأزواجه أمّهات المؤمنين.
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1998 في ( 11 ) مجلدا بتحقيق ( عبدالله القاضي ) و ( محمد يوسف الدقاق )(4/148)
أما بعد : فهذا كتاب نافع إن شاء الله، ونعوذ بالله من علم لا ينفع, ومن دعاء لا يسمع، جمعته وتعبت عليه, و استخرجته من عدّة تصانيف، يعرف به الإنسان مهمّ ما مضى من التّاريخ، من أوّل تاريخ الإسلام إلى عصرنا هذا, من وفيات الكبار من الخلفاء, والقرّاء, والزّهاد, والفقهاء, والمحدّثين, والعلماء, والسّلاطين, والوزراء, والنّحاة, والشّعراء، ومعرفة طبقاتهم, وأوقاتهم, وشيوخهم, وبعض أخبارهم, بأخصر عبارة, وألخص لفظ، وما تمّ من الفتوحات المشهورة, و الملاحم المذكورة, والعجائب المسطورة، من غير تطويل ولا استيعاب، ولكن أذكر المشهورين ومن يشبههم، وأترك المجهولين ومن يشبههم، وأشير إلى الوقائع الكبار، إذ لو استوعبت التراجم والوقائع لبلغ الكتاب مائة مجلّدة بل أكثر، لأنّ فيه مائة نفس يمكنني أن أذكر أحوالهم في خمسين مجلّداً.
وقد طالعت على هذا التأليف من الكتب مصنّفات كثيرةً، ومادّته من: (دلائل النّبوّة) للبيهقي، و(سيرة النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -) لابن إسحاق، و(مغازيه) لابن عائذ الكاتب، و(الطّبقات الكبرى) لمحمد بن سعد كاتب الواقديّ، و(تاريخ) أبي عبد الله البخاري، وبعض (تاريخ) أبي بكر أحمد بن أبي خيثمة، و(تاريخ) يعقوب الفسوي، و(تاريخ) محمد بن المثنّى العنزي, وهو صغير، و(تاريخ) أبي حفص الفلاّس، و(تاريخ) أبي بكر بن أبي شيبة، و(تاريخ) الواقدّي، و(تاريخ) الهيثم بن عديّ، و (تاريخ) خليفة بن خيّاط، و(الطبقات) له، و(تاريخ) أبي زرعة الدمشقي، و(الفتوح) لسيف بن عمر، وكتاب (النّسب) للزّبير بن بكّار، و(المسند) للإمام أحمد، و(تاريخ) المفضّل بن غسّان الغلاّبي، و(الجرح والتعديل) عن يحيى بن معين، و (الجرح والتعديل) لعبد الرحمن بن أبي حاتم.(4/149)
ومن عليه رمز فهو في الكتب السّتّة, أو بعضها، لأنّني طالعت مسودّة (تهذيب الكمال) لشيخنا الحافظ أبي الحجّاج يوسف المزّي، ثم طالعت المبيضّة كلّها, فمن على اسمه ( ع ), فحديثه في الستّة، ومن عليه( 4 ) فهو في السّنن الأربعة، ومن عليه ( خ ) فهو في البخاري، ومن عليه ( م ) ففي مسلم، ومن عليه ( د ) ففي سنن أبي داود، ومن عليه ( ت ) ففي (جامع) الترمذي، ومن عليه ( ن ) ففي (سنن) النّسائي، ومن عليه ( ق ) ففي (سنن) ابن ماجة, وإن كان الرجل في الكتب إلاّ فرد كتاب فعليه سوى ( ت ) مثلاً أو سوى ( د.)
وقد طالعت أيضاً عليه من التواريخ التي اختصرتها: (تاريخ) أبي عبد الله الحاكم، و(تاريخ) أبي سعيد بن يونس، و (تاريخ) أبي بكر الخطيب، و(تاريخ دمشق) لأبي القاسم الحافظ، و(تاريخ) أبي سعد بن السّمعانيّ، و(الأنساب) له، و (تاريخ) القاضي شمس الدين بن خلّكان، و(تاريخ) العلاّمة شهاب الدين أبي شامة، و (تاريخ) الشيخ قطب الدين بن اليونيني، و(تاريخه) ذيل على (تاريخ مرآة الزمان) للواعظ شمس الدين يوسف سبط ابن الجوزي, وهما على الحوادث و السّنين, وطالعت أيضاً كثيراً من: (تاريخ) الطبري، و (تاريخ) ابن الأثير، و(تاريخ) ابن الفرضيّ، و(صلته) لابن بشكوال، و(تكملتها) لابن الأبّار، و(الكامل) لابن عديّ، وكتباً كثيرة, وأجزاء عديدة، وكثيراً من: (مرآة الزمان).
ولم يعتن القدماء بضبط الوفيات كما ينبغي، بل اتّكلوا على حفظهم، فذهبت وفيات خلق من الأعيان من الصّحابة, و من تبعهم إلى قريب زمان أبي عبد الله الشافعيّ، فكتبنا أسماءهم على الطّبقات تقريباً، ثم اعتنى المتأخّرون بضبط وفيات العلماء وغيرهم، حتى ضبطوا جماعةً فيهم جهالة بالنّسبة إلى معرفتنا لهم، فلهذا حفظت وفيات خلق من المجهولين و جهلت وفيات أئمة من المعروفين.(4/150)
وأيضاً فإن عدّة بلدان لم يقع إلينا أخبارها, إمّا لكونها لم يؤرّخ علماءها أحد من الحفّاظ، أو جمع لها تاريخ ولم يقع إلينا، و أنا أرغب إلى الله تعالى وأبتهل إليه أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يغفر لجامعه, وسامعه, ومطالعه, وللمسلمين آمين.(1)
العبر في خبر من غبر للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله مميت الأحياء, ومحيي الأموات, ومبيد الأشياء, ومعيد البريات, ومنزل القرآن, ومجزل العطيات, ومجري الفلك, ومالك الملك, ومقدر الآجال والأفعال والأقوات, ومحصي عدد الرمل و القطر والنبات, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة مدخرة لوقت الممات, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله خاتم النبوات, و أفضل المخلوقات
وبعد : فهذا تاريخ مختصر على السنوات, أذكر فيه ما قدر لي من أشهر الحوادث والوفيات, مما يتعين على الذكي حفظه, وينبغي للطالب ضبطه, ويتحتم على العالم إحضاره, والله الموفق, والأعمال بالنية, ولا حول ولا قوة إلا بالله (2)
البداية والنهاية للحافظ عماد الدين ابن كثير
__________
(1) - طبع في دار إحياء الكتاب العربي بيروت بتحقيق ( عبد السلام تدمري ) وفي دار الغرب الإسلامي بيروت بتحقيق الشيخ
( بشار عواد معروف )
(2) - طبع في مطبعة حكومة الكويت في (5) مجلدات بتحقيق ( صلاح الدين المنجد ) وفي دار الفكر بيروت في مجلدين(4/151)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الأول الآخر, الباطن الظاهر, الذي هو بكل شيء عليم, الأول فليس قبله شيء, الآخر فليس بعده شيء, الظاهر فليس فوقه شيء, الباطن فليس دونه شيء, الأزلي القديم الذي لم يزل موجودا بصفات الكمال, ولا يزال دائما مستمرا باقيا سرمديا, بلا انقضاء ولا انفصال, ولا زوال, يعلم دبيب النملة السوداء, على الصخرة الصماء, في الليلة الظلماء, وعدد الرمال, وهو العلي الكبير المتعال, العلي العظيم الذي خلق كل شيء فقدره تقديرا, ورفع السماوات بغير عمد, وزينها بالكواكب الزاهرات, وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا, وسوى فوقهن سريرا شرجعا عاليا منيفا متسعا مقبيا مستديرا, وهو العرش العظيم, له قوائم عظام تحمله الملائكة الكرام, وتحفه الكروبيون عليهم الصلاة والسلام, ولهم زجل بالتقديس والتعظيم, وكذا أرجاء السماوات مشحونة بالملائكة, ويفد منهم في كل يوم سبعون ألفا إلى البيت المعمور بالسماء الرابعة لا يعودون إليه آخر ما عليهم في تهليل وتحميد وتكبير وصلاة وتسليم, ووضع الأرض للأنام على تيار الماء, وجعل فيها رواسي من فوقها, وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام, قبل خلق السماء, وأثبت فيها من كل زوجين اثنين, دلالة للألباء من جميع ما يحتاج العباد إليه في شتائهم وصيفهم, ولكل ما يحتاجون إليه ويملكونه من حيوان بهيم, وبدأ خلق الإنسان من طين, وجعل نسله من سلالة من ماء مهين, في قرار مكي,ن فجعله سميعا بصيرا, بعد أن لم يكن شيئا مذكورا, وشرفه بالعلم والتعليم, وخلق بيده الكريمة آدم أبا البشر, وصور جنته, ونفخ فيه من روحه, وأسجد له ملائكته, وخلق منه زوجه حواء أم البشر, فأنس بها وحدته, وأسكنها جنته, وأسبغ عليهما نعمته, ثم أهبطهما إلى الأرض لما سبق في ذلك من حكمة الحكيم, وبث منهما رجالا كثيرا ونساء, وقسمهم بقدره العظيم ملوكا ورعاة, وفقراء وأغنياء, وأحرارا وعبيدا, وحرائر وإماء, وأسكنهم أرجاء الأرض طولها(4/152)
والعرض, وجعلهم خلائف فيها يخلف البعض منهم البعض, إلى يوم الحساب والعرض, على العليم الحكيم, وسخر لهم الأنهار من سائر الأقطار, تشق الأقاليم إلى الأمصار, ما بين صغار وكبار, على مقدار الحاجات والأوطار, وأنبع لهم العيون والآبار, وأرسل عليهم السحائب بالأمطار, فأنبت لهم سائر صنوف الزرع والثمار, وآتاهم من كل ما سألوه بلسان حالهم وقالهم,( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الْأِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ) (إبراهيم:34), فسبحان الكريم العظيم الحليم, وكان من أعظم نعمه عليهم وإحسانه إليهم بعد أن خلقهم ورزقهم, ويسر لهم السبيل, وأنطقهم أن أرسل رسله إليهم, وأنزل كتبه عليهم, مبينة حلاله وحرامه, وأخباره وأحكامه, وتفصيل كل شيء في المبدإ والمعاد, إلى يوم القيامة, فالسعيد من قابل الأخبار بالتصديق والتسليم, والأوامر بالإنقياد, والنواهي بالتعظيم, ففاز بالنعيم المقيم, وزحزح عن مقام المكذبين في الجحيم, ذات الزقوم, والحميم والعذاب الأليم(4/153)
أحمده حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه, يملأ أرجاء السماوات والأرضي,ن دائما أبد الآبدين, ودهر الداهرين, إلى يوم الدين, في كل ساعة وآن, ووقت وحين, كما ينبغي لجلاله العظيم, وسلطانه القديم, ووجهه الكريم, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, ولا ولد له, ولا والد له, ولا صاحبة له, ولا نظير, ولا وزير له,ولا مشير له, ولا عديد, ولا نديد, ولا قسيم, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, وحبيبه وخليله المصطفى من خلاصة العرب العرباء, من الصميم خاتم الأنبياء, وصاحب الحوض الأكبر الرواء, وصاحب الشفاعة العظمى يوم القيامة وحامل اللواء, الذي يبعثه الله المقام المحمود, الذي يرغب إليه فيه الخلق كلهم حتى الخليل إبراهيم صلى الله عليه وعلى سائر إخوانه من النبيين والمرسلين و سلم, وشرف وكرم, أزكى صلاة وتسليم, وأعلى تشريف وتكريم, ورضي الله عن جميع أصحابه الغر الكرام, السادة النجباء الأعلام, خلاصة العالم بعد الأنبياء, ما اختلط الظلام بالضياء, وأعلن الداعي بالنداء, وما نسخ النهار ظلام الليل البهيم(4/154)
أما بعد : فهذا الكتاب أذكر فيه بعون الله وحسن توفيقه ما يسره الله تعالى بحوله وقوته من ذكر مبدإ المخلوقات, من خلق العرش, والكرسي, والسماوات, والأرضين, وما فيهن, وما بينهن, من الملائكة, والجان, والشياطين, وكيفية خلق آدم عليه السلام, وقصص النبيين, وما جرى مجرى ذلك إلى أيام بني إسرائيل, وأيام الجاهلية, حتى تنتهي النبوة إلى أيام نبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه, فنذكر سيرته كما ينبغي, فتشفي الصدور والغليل, وتزيح الداء عن العليل, ثم نذكر ما بعد ذلك إلى زماننا, ونذكر الفتن والملاحم, وأشراط الساعة, ثم البعث والنشور, وأهوال القيامة, ثم صفة ذلك, وما في ذلك اليوم, وما يقع فيه من الأمور الهائلة, ثم صفة النار, ثم صفة الجنان, وما فيها من الخيرات الحسان, وغير ذلك, وما يتعلق به, وما ورد في ذلك من الكتاب, والسنة, والآثار, والأخبار المنقولة, المقبولة عند العلماء, وورثة الأنبياء, الآخذين من مشكاة النبوة المصطفوية المحمدية, على من جاء بها أفضل الصلاة والسلام
ولسنا نذكر من الإسرائيليات إلا ما أذن الشارع في نقله, مما لا يخالف كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - , وهو القسم الذي لا يصدق, ولا يكذب, مما فيه بسط لمختصر عندنا, أو تسمية لمبهم ورد به شرعنا, مما لا فائدة في تعيينه لنا, فنذكره على سبيل التحلي به, لا على سبيل الاحتياج إليه, والإعتماد عليه, وإنما الإعتماد والإستناد على كتاب الله وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما صح نقله, أو حسن, وما كان فيه ضعف نبينه, وبالله المستعان, وعليه التكلان, ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم, العلي العظيم (1)
مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان لأبي عبد الله بن أسعد اليافعي
__________
(1) - طبع (البداية) عدة طبغات منها في دار الكتب العلمية 2001 في ( 8 ) مجلدات(4/155)
وبسم الله الرحمن الرحيم, قال العبد الفقير الى لطف الله الكريم, سيدنا الشيخ الامام, العالم العلامة, علم العلماء, وقدوة العرفاء, أبو محمد عبد الله بن أسعد بن على نزيل الحرمين الشريفين, اليمني المعروف باليافعى
أما بعد حمد الله المتوحد بالالهية والكمال, والعظمة والسلطان, مميت الاحياء ومحى الاموات, المعروف بالرحمة و الإحسان, موجد الوجود, ومفيض الفضل والجود في سائر الأكوان, الأزلى الأبدى الحى الباقى, وكل من عليها فان, و صلوته وسلامه على رسوله الحبيب الكريم, المنتخب من نسل عدنان, النازل في ذروة علياء المفاخر المجلى عند استباق الأصفياء النجباء يوم الرهان, و على آله وأصحابه الغر الكرام, المعز بهم دين الاسلام, السامى على سائر الأديان, فهذا كتاب لخصته و اختصرته مما ذكره أهل التواريخ والسير, أولو الحفظ والإتقان, في التعريف بوفيات بعض المشهورين المذكورين الأعيان, وغزوات النبي - صلى الله عليه وسلم - وشئ من شمائله, ومعجزاته, ومناقب أصحابه, وأموره, وأمور الخلفاء, والملوك, وحدوثها فى أي الازمان على وجه التقريب, لمعرفة المهم من ذلك, دون الإستيعاب و استقصاء ذكر الأوصاف, و الأنساب لاستغنى به في معرفة ما تضمنه عن الحاجة إلى استعارة التواريخ للمطالعة فى بعض الأحيان, معتمدا فى الشمائل والمناقب على ما أفصح به كتاب (الشمائل) للترمذى, (وجامعه), و(الصحيحان), وفي التواريخ على ما قطع به الذهبي أو أوله, وصحح, ومودعه أشياء من الغرائب, والنوادر, والطرف, والملح, ملتقطا ذلك من نفائس جواهر نوادر الفضلاء, ومعظمها من (تاريخ) الامام ابن خلكان (1), وشيئا من (تاريخ) ابن سمرة في قدماء علماء اليمن (2)
__________
(1) - هو كتاب ( وفيان الأعيان وأنباء أبناء الزمان ) تأتي مقدمته
(2) - هو الشيخ المؤرخ عمر بن علي بن سمرة الجعدي اليمني الشافعي المتوفى بعد سنة 586هـ ,وتاريخه هو كتاب ( طبقات فقهاء اليمن ) طبع في القاهرة سنة 1957 بتحقيق ( فؤاد سيد ), ثم صور في دار الكتب لعلمية 981هـ(4/156)
, أولى الفقه و الحكمة والبيان, مختصرا فى جميع ذلك على الاختصار بين التفريط المخل, والافراط الممل, محافظا على لفظ المذكورين في غالب الأوقات, حاذ فا للتطويل, وما يكره المتدين ذكره من الخلاعات, على حسب ما أشرت إليه في هذه الأبيات :
أيا طالبا علم التواريخ لم تشن *** باخلال تفريط واملال افراط
تلق كتاباً قد اتى متوسطا *** وخيرا مور حل منها باوساط
تجلى باشعار زهت ونوادر *** ومالاق من اثبات ذكر واسقاط
به يختلى الاسماع عند غرائب *** ولبا منقى من قشور واخلاط
ومن درر الالفاظ عين معاني *** ونجباة خودات نقاوة لقاط
بذاك اعتبار واطلاع مطالع *** على علم دهر رافع الخلق حطاط
وتصريف ايام حكيم مداول لها *** مسقط في خلقه غير قساط
فكم في تواريخ الوقائع عبرة *** لمعتبر خاشى العواقب محتاط
فنى من صروف الدهر حزم مجانب *** تعاطى امور معطيات لمتعاطى
قنوع بما فيه الخبير اقامة وقدره *** مراضى القضا غير مسخاط
أجر رب من كل البلايا وفتنة *** بدينا بها كم ذى افتنان وكم خاطى
وكم غارق في بحرها جاء شطه ***فكيف بمن للبحر قد جاوز الشاطى
وسميته :( مرآة الجنان وعبرة اليقطان, فى معرفة حوادث الزمان, وتقليب أحوال الانسان, وتاريخ موت بعض المشهورين من الأعيان ), مرتبا على سنى الهجرة النبوية, والله الموفق المستعان, والحمد لله رب العالمين على كل حال (1)
شذرات الذهب في أخبار من ذهب لابن العماد الحنبلي
__________
(1) - طبع في دار الكتاب الإسلامي القاهرة 143هـ في (4 ) مجلدات(4/157)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي خلق ما في الأرض جميعا للإنسان, وركبه في أي صورة شاء على أكمل وضع بأبهر إتقان, وجعله بأصغريه القلب واللسان, فهذا ملك أعضائه وهذا له ترجمان, فإذا صلح قلبه صلح منه سائر الأركان, وكان ذلك على فوزه بخيري الدارين أعظم عنوان, وإذا فسد فسد جسده واستدل على خسرانه بأوضح برهان, قضى سبحانه بأن يبلى ديباجة شبابه الجديدان, ويصير حديثا لمن بعده من أولى البصائر والعرفان, وأعد تعالى له بعد النشأة الآخرة إحدى داري العز و الهوان, حكمة بالغة تجير فيها عقول ذوي الأذهان, أحمده حمد معترف بالتقصير مقر, بأن إليه المصير, وأشكره شكر من توالت عليه آلاؤه, وتتابع عليه من فضله عطاؤه, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, إله أمات وأحيا, وخلق الزوجين الذكر والأنثى, وألهم نفس كل متنفس الفجور والتقوى, فأما أن يزكيها فيسعد أو يدسسها فيشقى, قدم إلى عباده بالوعيد, وقسمهم كما أخبر إلى شقي وسعيد, وأحصى لكل عامل ما فعل من طارف وتليد, حتى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير نبي أرسله, ففتح به آذانا صما, وأعينا عمياء, و قلوبا مقفلة, أرسله على حين فترة من الرسل, وطموس لمعالم الهدى والسبل, فكانت بعثته أنفع للخليفة من الماء الزلال, بل من الأنفس والأهل, والصحب والمال, إذ بمبعثه تمت للناس مصالح الدارين, واتضح بها لهم أقوم الطريقين, فطوبى لمن أمسى باتباع شريعته قرير العين, وويل لمن نبذ ما جاء به ظهريا, وأخرج هدية من البين, اللهم فصل وسلم عليه أفضل صلاة وأكمل سلام, وآته الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود أشرف مقام, وعلى آله وأصحابه خير صحب وآل, من بذلوا في طاعته رضا لمرسله المهج والمال, ففازوا بجزيل الثناء وجميل الخلال, وسعدوا بما نالوا من شريف المآل, وعلى تابعيهم و أتباعهم بإحسان ما تعاقب الجديدان, وأشرق النيران آمين(4/158)
وبعد : فهذه نبذة جمعتها تذكرة لي ولمن تذكر, وعبرة لمن تأمل فيها وتبصر, من أخبار من تقدم من الآماثل وغبر, وصار لمن بعده مثلا سائرا وحديثا يذكر, جمعتها من أعيان الكتب, وكتب الأعيان, ممن كان له القدم الراسخ في هذا الشأن, إذ جمع كتبهم في ذلك إما عسر أو محال, لا سيما من كان مثلي فاقد الجدة بائس الحال, فتسليت عن ذلك بهذه الأوراق, وتعللت بعلل عله يبرد أوام الاحتراق, إذ هذا شأو لا يدرك دقه وجله, فليكن كما قيل :: ما لا يدرك كله, لا يترك كله, أردت أن أجعله دفترا جامعا لوفيات أعيان الرجال, وبعض ما اشتملوا عليه من المآثر والسجايا والخلال, فإن حفظ التاريخ أمر مهم, ونفعه من الدين بالضرورة علم, لا سيما وفيات المحدثين, والمتحملين لأحاديث سيد المرسلين, فإن معرفة السند لا تتم إلا بمعرفة الرواة, وأجل ما فيها تحفظ السيرة, والوفاة
فممن جمعت من كتبهم, وكرعت من نهلهم, وعلمهم, مؤرخ الإسلام الذهبي, وفي الأكثر على كتبه أعتمد, ومن مشكاة ما جمع في مؤلفاته أستمد, وبعده من اشتهر في هذا الشأن, كصاحب (الكمال), و (الحلية) (1), و(المنهل) (2), و(ابن خلكان) (3), وغير ذلك من الكتب المفيدة, والأسفار الجميلة الحميدة وسميته : ( شذرات الذهب في أخبار من ذهب ), ورتبته على السنين, من هجرة سيد الأولين والآخرين, و أسأل الله تعالى أن يثقل به ميزان الحسنات, وأن يجعله مقربا إليه, وإنما الأعمال بالنيات, فأقول ومنه أطلب العون و القبول
عجائب الآثار في التراجم والأخبار للشيخ عبد الرحمن بن حسن الجبرتي
__________
(1) - هو كتاب ( حلية الأولياء ) للحافظ أبي نعيم الأصبهاني
(2) - هو كتاب ( المنهل الصافي ) لابن تغري بردي, طبع في مجلدين
(3) - هو كتاب ( وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان ) لابن خلكان تأني مقدمته(4/159)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله القديم الأول, الذي لا يزول ملكه ولا يتحول, خالق الخلائق, وعالم الذرات بالحقائق, مفنى الأمم, ومحيي الرمم, ومعيد النعم, ومبيد النقم, وكاشف الغمم, وصاحب الجود والكرم, لا إله الا هو كل شيء هالك إلا وجهه, له الحكم, وإليه ترجون, وأشهد أن لا إله إلا الله, تعالى عما يشركون, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله إلى الخلق أجمعين, المنزل عليه نبأ القرون الأولين, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما تعاقبت الليالي والأيام, وتداولت السنين والأعوام
وبعد : فيقول الفقير عبد الرحمن بن حسن الجبرتي الحنفي, غفر الله له ولوالديه, وأحسن إليهما وإليه إني كنت سودت أوراقا في حوادث آخر القرن الثاني عشر, وما يليه من أوائل الثالث عشر, الذي نحن فيه, جمعت فيها بعض الوقائع إجمالية, وأخرى محققة تفصيلية وغالبها محن أدركناها, وأمور شاهدناها, واستطردت في ضمن ذلك سوابق سمعتها, ومن أفواه المشيخة تلقيتها, وبعض تراجم الأعيان المشهورين, من العلماء والأمراء المعتبرين, وذكر لمع من أخبارهم, و أحوالهم, وبعض تواريخ مواليدهم, ووفياتهم
فأحببت جمع شملها, وتقييد شواردها, في أوراق متسقة النظام, مرتبة على السنين والأعوام, ليسهل على الطالب النبيه المراجعة, ويستفيد ما يرويه من المنفعة, ويعتبر المطلع على الخطوب الماضية, فيتأسى إذا لحقه مصاب, ويتذكر بحوادث الدهر إنما يتذكر أولو الألباب, فإنها حوادث غريبة في بابها, متنوعة في عجائبها
وسميته : ( عجائب الآثار في التراجم والأخبار ), وأنا لنرجو ممن اطلع عليه, وحل بمحل القبول لديه, أن لا ينسانا من صالح دعواته, وأن يغضى عما عثر عليه من هفواته (1)
انتهى القسم الثالث من كتاب ( جامع المقدمات )
و يليه القسم الرابع وأوله
كتب الطبقات و
التراجم
__________
(1) - طبع في دار الجيل في ( 3 ) مجلدات, بدون تحقيق(4/160)
القسم الرابع
كتب الطبقات والتراجم
طبقات الحنابلة لللإمام أبي الحسين محمد بن الحسين الفراء
بسم الله الرحمن الرحيم, نحمده ونصلي على رسول الكريم, الحمد لله العلي العظيم, السميع البصير ذي الفضل الواسع, والمنن التوابع, والنعم السوابغ, والحجج البوالغ, علا فكان فوق سبع سماواته, ثم على عرشه استوى, يعلم السر وأخفى, ويسمع الكلام والنجوى, أنزل القرآن بعلمه, وأنشأ خلق الإنسان من تراب بيده ثم كونه بكلمته, واصطفى رسوله إبراهيم بخلته, ونادى كليمه موسى بلغته, فقربه نجيا, وكلمه تكليما, وأمر نوحا بصنعة الفلك على عينه, وأخبرنا أن أنثى لا تحمل ولا تضع إلا بعلمه, كما أعلمنا أن كل شيء هالك إلا وجهه, وحذر عباده نفسه التي لا تشبه أنفس المخلوقين, أحمده على ما من علي من الإيمان بجميع صفات ربي عز وجل, وعلى جميع الأنبياء, حمد شاكر لنعمائه, التي لا يحصيها أحد سواه, وأشكره شكر مقر مصدق بحسن آلائه, التي لا يقف على كثرتها غيره, عز وجل, وأؤمن به إيمان معترف بوحدانيته, راغب في جزيل ثوابه, وعظيم ذخره بفضله, وكرمه, وجوده, راهب وجل خائف من أليم عقابه, لكثرة ذنوبه وخطاياه وحوباته
وأشهد أن لا إله إلا الله, إله واحد, فرد صمد, قاهر قادر, رؤوف رحيم, لم يتخذ صاحبة ولا ولدا, ولا شريكا في ملكه, العدل في قضائه, الحكيم في أفعاله, القائم على خلقه بالقسط, الممتن على المؤمنين بفضله, بذل لهم الإحسان, و زين في قلوبهم الإيمان, وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان, وأنزل على محمد رسول الفرقان, وعلم القرآن, فتمت نعماء ربنا جل وعلا,وعظمت آلاؤه على المطيعين له, فربنا جل ثناؤه المعبود موجودا, والمحمود ممجدا(5/1)
وأشهد أن محمد - صلى الله عليه وسلم - رسوله المصطفى, ونبيه المرتضى, اختاره الله تعالى لرسالته, ومستودع أمانته, فجعله خاتم النبيين, و خير خلقه أجمعين, أرسله بالهدى, ودين الحق, ليظهره على الدين كله, ولو كره المشركون, بعثه بالكتاب المسطور, في الرق المنشور, فبلغ عن الله عز وجل حقائق الرسالة, وأنقذ به أمته من الردى والضلالة, قام بما استرعاه ربه من حقه, و استحفظه من تنزيله حتى قبضه على كرامته, ومنزلة أهل ولايته, الذين رضي أعمالهم حميدا, رضيا سعيدا بما سبق له من السعادة في اللوح المحفوظ, قبل أن ينشئ الله نسمته, فعليه صلوات الله وسلامه حيا محمودا, وميتا مفقودا, أفضل صلوات وأنماها, وعلى إخوانه من النبيين وآله أجمعين
هذا كتاب استخرنا الله تعالى في تأليفه, وسألناه المعونة على تصنيفه, وسطرنا فيه ما انتهى إلينا من أخبار شيوخنا, أصحاب إمامنا الإمام الأفضل أبي عبد الله .
[ وذكر ترجمة الأمام أحمد ومناقبه في نحو ( 15 ) صفحة ].
ومن أراد أن ينظر في فضائله, فلينظر في كتابنا المجرد في فضائله, رحمة الله عليه ورضوانه, فلنذكر الآن يا أخي عمر الله مجلسك, وأمتع بك مجالسك, طبقات أصحابنا, وتجريد ما يسر الطالب, ويمتع الراغب, وقد جعلناه ست طبقات :
الطبقة الأولى في ذكر أصحاب إمامنا أحمد, ومن روى عنه حديثا, أو مسألة, أو حكاية, وذكرنا ما انتهى إلينا من مواليدهم, ووفاتهم, ومصنفاتهم, ومن كان منسوبا إلى بلد, أو غيرها(5/2)
والطبقة الثانية في ذكر أصحاب أصحابه, وكذلك الطبقات التي بعدهم, على الترتيب, وجعلنا الطبقة الأولى, والثانية, على حروف المعجم, في أوائل الأسماء, وكذلك أسماء آبائهم, ليسهل على من أراد أن ينظر في ترجمة منها, وما بعدها من الطبقات, على تقديم العمر, والوفاة, ونسأل الله المعونة والتوفيق, والمغفرة برحمته فمن ذلك (1)
التقييد لمعرفة رواة الأسانيد للحافظ أبي بكر بن نقطة
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين, وعلى آله وصحبه والتابعين, لهم بالإحسان إلى يوم الدين
__________
(1) - طبع في مطبعة أنصار السنة المحمدية مصر في مجلدين بتحقيق الشيخ ( حامد الفقي ) ثم في دار الكتب العلمية بيروت 1997 بتحقيق ( أسامة حسن ) و( حازم بهجت )(5/3)
أما بعد : فإنه سألني الشيخ الصالح الحافظ أبو الوليد عبد الملك بن عبد الله القرطبي - رضي الله عنه - أن أجمع له جزءا يشتمل على معرفة رواة الكتب الستة كتاب (صحيح البخاري), ومسلم, وأبي داود, والترمذي, والنسائي, وابن ماجة, وقال لي : أحب أن أعرف أخبارهم, وجرحهم, وتعديلهم, ومحلهم عند العلماء, فأجبته إلى ذلك, ثم أضفت إليهم جماعة من رواة السنن, والمسانيد, لا يستغني عن معرفتهم, من له اعتناء بهذا الشأن, وقد جمع غير واحد من أئمة الحديث المتقدمين كتبا في معرفة رجال (السنن), منهم أبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي (1), جمع رجال البخاري, وهبه الله بن الحسن اللألكائي جمع رجال البخاري, ومسلم, وكذلك محمد بن طاهر المقدسي (2), والحاكم أبو عبد الله النيسابوري, أيضا قد صنفا في هذا الفن, والحافظ أبو محمد عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي, جمع كتابا في معرفة رجال الكتب الستة (3)
__________
(1) - الحافظ المتقن، المتوفى سنة 398هـ وكتابه سماه ( الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة و السداد) ), طبع في دار المعرفة بيروت 1407هـ بتحقيق ( عبد الله الليثي ), وعدد رجاله (1525) رجلا
(2) - جمع فيه بين كتابي أبي نصر و ابن منجويه, وأحسن في ترتيبه على الحروف, واستدرك عليها, طبع في دائرة المعارف العثمانية بالهند 1323هـ في مجلدين, ثم صور في دار الكتب العلمية 1405هـ وقد تقدمت مقدمته
(3) - هو كتاب ( الكمال في أسماء الرجال ) قال الذهبي في (السير)(16\19): في أربعة أسفار يروي فيه بأسانيده.اهـ اختصره الحافظ المزي في ( تهذيب الكمال )(5/4)
فيكون هذا الكتاب لكتبهم مثل الذيل للتاريخ, ويعرف به ثقات الرواة ممن تكلم فيه, وإن كانت طرق هذه الكتب قد تشعبت, وافترقت في البلاد,ومن المعلوم أنه لا سبيل لأحد من الناس إلى استيعاب رواة كتب (السنن), بأسرهم إلا أنا نذكر إن شاء الله منهم الأشهر, والأعم, والأكثر, وقَلَّ أن يتصل لأحد فيما نعلم رواية كتاب من هذه الكتب, التي أشرنا إليها, إلا من رواية الرجال, الذين ذكرناهم, أو بعضهم, إلا القليل الشاذ, الذي يعز وجوده, ما خلا روايات أهل الغرب, فإن أهل المشرق لا يشتغلون بها, لنزولها عندهم, ولأن أهل المغرب يرحلون من بلادهم, فيستمعون (السنن), و(المسانيد), من هذه الطرق رغبة منهم في عالي الإسناد, فلهذا السبب لا يوجد في بلادنا طرق أسانيدهم, نسأل الله أن يوفقنا للصواب, إنه سميع الدعاء
معرفة أكثر (السنن) و(المسانيد) التي يشتمل هذا الكتاب على معرفة رواتها, كتاب (الموطأ) رواية أبي مصعب, و (صحيح البخاري), و(صحيح مسلم), وكتاب (السنن) لأبي داود, و(السنن) لسعيد بن منصور, و(السنن) للنسائي, و (السنن) لأبي عبد الله ابن ماجة, و(الجامع) لأبي عيسى الترمذي, و(السنن) للدارقطني, و(صحيح الإسماعيلي), و (صحيح أبي عوانة) وكتاب (المتفق) للجوزقي, وكتاب (السنن) لأبي قرة موسى بن طارق الزبيدي, وكتاب (السنن الكبري), و(السنن الصغير) لأبي بكر البيهقي, وكتاب (السنن والآثار) له(5/5)
وأما المسانيد (فمسند أحمد بن حنبل), و(مسند الشافعي) و(مسند أبي حنيفة) جمعه غير واحد من الحفاظ, و(مسند إسحاق بن راهويه), و(مسند مسدد), و(مسند عبد الله بن الزبير الحميدي), و(مسند عبد الله بن وهب), و(مسند عبد الله بن عبد الرحمن الدرامي), و(مسند محمد بن هارون الروياني), و(مسند أبي يعلى الموصلي), و(مسند محمد بن يحيى ابن أبي عمر العدني), و(مسند أحمد بن منيع), و(مسند أبي داود الطيالسي), و(مسند الحارث بن أبي أسامة التميمي), و (مسند الهيثم بن كليب الشاشي), وغير هذه مما يأتي ذكره في أثناء الكتاب
ورتبنا أسماءهم على حروف المعجم, وبدأنا بمن اسمه محمد, تبركا وتيمنا باسم سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -, و لا يخلو كل عصر من طالب, ومتتبع لمن بعده, ومذيل عليه, رحم الله امرءا اجتهد وجمع, ولمن بعده بجمعه وضبطه نفع, ورحمنا بفضله أنه جواد كريم (1)
ذيل التقييد في رواة السنن والمسانيد للحافظ أبي الطيب أحمد بن محمد الفاسي
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1988 في تحقيق ( كمال يوسف الحوت ) وعدد تراجمه ( 689) ترجمة(5/6)
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما, الحمد لله على إحسانه الجزيل, و الصلاة والسلام على سيدنا محمد المصطفى, الهادي لكل أمر جميل وبعد : فهذا كتاب جمعته فيمن علمته روى شيئا من الكتب الآتي ذكرها, وهي (الموطأ) للأمام مالك بن أنس, من رواية جماعة عنه, و(الصحيحان), و(السنن الأربعة), و(سنن الشافعي) برواية المزني, و (سنن الدارقطني), و(سنن البيهقي), و(صحيح بن حبان), و(صحيح أبي عوانة), والمروي من (صحيح الإسماعلي), و(المستخرج على مسلم) لأبي نعيم, و(المسانيد) للإمامين الشافعي, وأحمد بن حنبل, والطيالسي, والحميدي, والعدني, والدارمي, وعبد بن حميد الكشي, وأبي يعلى الموصلي, رواية ابن حمدان عنه, و(مسند الشهاب) للقضاعي, والمعاجم للطبراني, وابن قانع, وابن جميع, وغيرهم, وبعض المشيخات الكبار,والكتب المؤلفة في أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - (كالشمائل للترمذي), و(الدلائل للبيهقي), و(الشفا للقاضي عياض), و(السيرة لأبن إسحاق), و(السيرة لابن سيد الناس), و(مغازي موسى بن عقبة), و بعض الكتب المؤلفة في أخبار الصحابة - رضي الله عنهم - (كمعرفة الصحابة) لأبن منده, و(الإستيعاب) لابن عبد البر, و(الحلية) لأبي نعيم, وغير ذلك من كتاب التاريخ, وبعض الكتب المؤلفة في علوم الحديث, وما يتعلق بذلك, (كاختلاف الحديث) للشافعي, و(الرسالة) له, وبعض كتب التفسير, و(مكارم الأخلاق) للخرائطي (1), و(الترغيب و الترهيب) للتيمي (2)
__________
(1) - طبع في المكتبة السلفية 1350هـ ,ثم في دار الآفاق العربية بالقاهرة 1998 بتحقيق ( أيمن عبد الجابر البحيري ) وعدد أحاديثه ( 1097 ) حديثا, وللكتاب ( منتقى ) للحافظ أبي طاهر السلفي طبع في دار الفكر.دمشق تحقيق (محمد مطيع الحافظ) و(غزوة بدير) وعدد أحاديثه (613) حديثا
(2) - هو الحافظ أبو القاسم إسماعيل بن محمد القرشي التيمي الطَّلْحِي الأصفهاني الملقب بقوام الدين, طبع في دار الحديث بمصر 1993 في ( 3 ) مجلدات بتحقيق( أيمن صالح شعبان ) وعدد أحاديثه ( 2520 ) حديثا(5/7)
, و (الأدب) للبخاري, و(الأدب) للبيهقي (1), و(الزهد) لابن المبارك (2), و(رسالة القشيري) (3), و(عوارف المعارف) للسهروردي (4), و(المجالسة) للدينوري (5), و (الفوائد) المعروفة (بالغيلانيات) (6)
__________
(1) - طبع باسم ( الآداب ) في دار الكتب العلمية 1988 بتحقيق ( محمد بسيوني زغلول ) وعدد أحاديثه ( 1194 ) حديثا, و اختصره الشيخ زكرياء الأنصاري, وسماه ( الأدب في تبليغ الأرب ) وقد طبع في دار ابن حزم بتحقيق ( علي حسين البواب ).
(2) - طبع في دار الكتب العلمية في مجلد مصورا عن طبعة هندية بتحقيق الشيخ ( حبيب الرحمن الأعظمي ) وعدد أحاديثه (1626) حديثا
(3) - لأبي القاسم عبد الكريم بن هَوازِن القشيري، الشافعي، المتوفى سنة 465هـ, ط بعت ( الرسالة ) عدة مرات منها طبعة دار أسامة بيروت 1407هـ,وبذيلها هوامش من شرح الشيخ زكرياء الأنصاري,ثم في دار الخير 1416 بتحقيق ( معروف رزيق ) و( علي عبد الحميد أبو الخير ) ثم مؤخرا في المكتبة التوفيقية مصر بتحقيق ( هاني الحاج ) وعيها تعليقات لشيخ الإسلام ابن تيمية من كتابه ( الاستقامة )
(4) - طبع في دار المعارف مصر في جزأين بتحقيق الشيخ ( عبد الحليم محمود ) و( طه عبد الرؤوف ), ثم في دار الكتب العلمية 1999 في مجلد بتحقيق ( محمد عبد العزيز الخالدي ), ثم طبع محققا تحقيقا جيدا في المكتبة المكية 1422هـ بتحقيق ( أديب الكيلاني ) و( محمد محمود المصطفى ), وطبع مرارا بهامش ( إحياء الغزالي ) وأخرى بذيله, وقد اختصره الحافظ محب الدين أبو العباس أحمد بن عبد الله الطبري الشافعي المتوفى سنة 694هـ, ذكره الفاسي في ( العقد الثمين )(3\63)
(5) - هو كتاب ( المجالسة وجواهر العلم ) لأبي بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري المتوفى سنة 298هـ طبع في دار الكتب العلمية في (3) مجلدات بتحقيق ( السيد يوسف أحمد)
(6) - طبعت (الفوائد) في أضواء السلف بالرياض 1996 في مجلد بتحقيق ( فاروق بن عبدا لعليم بن مرسي ) وعدد أحاديثه (1104) حديثا, وطبع بذيله (جزء عوالي الغيلانيات ) وعدد أحاديثه (80) حديثا, وسميت ( بالغيلانيات ) نسبة إلى راويها (أبى طالب محمد بن محمد بن غيلان الهمذاني البغدادي البزاز ) المتوفى سنة 352هـ قال ابن العماد في (الشذرات)(4\286): ابن غيلان هو آخر من روى عنه (أي أبى بكر الشافعي) تلك الأجزاء التي هي في السماء علوا اهـ(5/8)
, و(فوائد الخلعي) (1), و (فوائد الثقفي) (2), وغير ذلك من المؤلفات المذكورة في هذا الكتاب
وسبب جمعي لهذا التأليف أني لما وقفت على كتاب ( التقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد ) جمع الحافظ المفيد تقي الدين أبي بكر محمد بن عبد الغني بن أبي بكر بن النقطة البغدادي الحنبلي رحمه الله, استحسنته كثيرا, لما ذكر فيه من الفوائد الكثيرة, إلا أنه رحمه الله ذكر جماعة مشهورين, كانوا قبله رووا بعض الكتب التي ذكرها, وأهمل ذكر جماعة من الرواة كانوا في عصره, ليسوا أخفى حالا من غالب من ذكره من أهل عصره, وأهمل بعض مرويات جماعة وذكرهم, وأهمل بيان مرويات جماعة وذكرهم, وأهمل جماعة فرأيت أن أذيل عليه بذكر جملة ذلك كله, وبذكر الرواة الموجودين بعده إلى عصرنا لما في ذلك من الفائدة
__________
(1) - ( الأجزاء الجعديات ) وهي اثنا عشر جزءا من جمع أبي القاسم عبد الله بن محمد البغوي لحديث شيخ بغداد أبي الحسن علي بن الجَعْد بن عبيد الهاشمي مولاهم، الجوهري المتوفى سنة 230هـ ، عن شيوخه مع تراجمهم وتراجم شيوخهم, طبعت باسم ( مسند ابن الجعد) في (13) جزءا في دار الكتب العلمية 1990 بتحقيق (عامر أحمد حيدر), وعدد أحاديثه (3462) حديثا, وفي مكتبة الخانجي 1415هـ بتحقيق (رفعت فوزي عبد المطلب) في مجلدين, قال (الذهبي) في (السير) في ترجمة (البغوي): صنف كتاب (معجم الصحابة) وجوده, وكتاب (الجعديات) وأتقنه.اهـ
(2) - ( الأجزاء الثقفيات ) وهي عشرة أجزاء،(لأبي عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي الأصبهاني الحافظ، المتوفى: سنة 489هـ, و هي مخطوطة في الظاهرية مجموع (22) الجزء الثاني منه بخط الحافظ ( عبد الغني لمقدسي ) وسماعه, والجزء السادس و العاشر, ذكره (الألباني) في (فهرسه)(877)(5/9)
ولما تصور هذا الكتاب بذهني, رأيت كتابته خوفا من نسيانه, وأكثر من ذكرته من رواة المؤلفات المذكورة بعد المعاجم لم يذكرهم ابن نقطة, وكذلك جميع رواة (الموطأ) عن مالك, لم يذكر منهم ابن نقطة إلا رواة (الموطأ) من طريق أبي مصعب, ولا ذكر (مسند الشهاب), ولا أحد من رواته, ولا لزم عليه في تركه لذلك, ولرواة (الموطأ) والكتب التي لم يذكروها, لأنه إنما جمع كتابه لرواة (السنن), و(المسانيد) المشهورة
وسبب ذكري لرواة الكتب الذين لم يذكرهم ابن نقطة, أن الحاجة تدعو للرواية عنهم من الكتب المذكورة, وراعيت في هذا التأليف نحو ما راعاه ابن نقطة في ذكرهم على ترتيب حروف المعجم, وتقديم المحمدين والأحمدين منهم
ولم أذكر من الرواة الذين ذكرهم ابن نقطة إلا من اتصلت روايتنا إليه بإجازة واحدة, وإجازتين, لا أكثر, وتعقب ذلك سماع يتصل بنا, أو اجازة واحدة
وكل من ذكرته في هذا الكتاب قد سمع, أو قرأ ما ذكرت, أنه رواه في الكتب إلا قليلا منهم, فلم يسمعوا ما يروونه, و طريق روايتهم لذلك الإجازة, للحاجة للرواية بها إذ ذاك, وسمعه على من سمعه عليه ناس بعدهم, وربما ذلك حتى اتصل بأهل عصرنا, ولبعض الرواة الذين سمعوا بعض الكتب التي ذكرت فوت فيها, فروايته لذلك بطريق الإجازة عمن سمع عليه ذلك الكتاب, ولم أر ذكر رواية أحد من المغاربة, ولا رواية أحد من أهل اليمن لشئ من الكتب المذكورة في التأليف, لنزول روايتهم لذلك غالبا, إلا أن لجماعة من المغاربة رواية عالية في (الموطأ) رواية يحيى بن يحيى, وغير ذلك مما أهملت ذكر روايتهم لذلك(5/10)
وراعيت الاختصار في ما ذكرته من التراجم, وإنما لم التزم ذكر رواة لكل الكتب المذكورة في هذا الكتاب لتعذر الإحاطة بذلك, ولا سيما الرواة (لصحيح البخاري) عن وزيرة بنت المنجا, وأحمد بن أبي طالب الحجار, فإنهما حدثاه بدمشق, والقاهرة, وحدث به الحجار مرة أخرى بالقاهرة, وبغيرها من البلاد الشامية, وقد أهملت ذكر جماعة كثيرين من الرواة لبعض الكتب المذكورة, لكونهم ما بلغوا سن التحديث, وأسال الله أن يوفقني في ذلك للسداد, وأن يسعفني ومن أصلح فيه خللا نيل المراد, بمحمد سيد المرسلين, وآله وصحبه الأكرمين (1)
وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان لشمس الدين ابن خلكان
بسم الله الرحمن الرحيم, يقول الفقير إلى رحمة الله تعالى شمس الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي بكر بن خلكان الشافعي رحمه الله تعالى:
بعد حمد الله الذي تفرد بالبقاء, وحكم على عباده بالموت والفناء, وكتب لكل نفس أجلا لا تجاوزه عند الإنقضاء, وسوى فيه بين الشريف والمشروف, والأقوياء والضعفاء, أحمده على سوابغ النعم وضوافي الآلاء, حمد معترف بالقصور عن إدراك مراتب الثناء, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة مخلص في جميع الآناء, راج رحمة ربه في الإصباح والإمساء, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنبياء, وأكرم الأصفياء, والداعي على سلوك المحجة البيضاء, صلى الله عليه وسلم وعلى آله السادة النجباء, صلاة دائمة بدوام الأرض والسماء, ورضي الله عن أزواجه وأصحابه البررة الأتقياء
__________
(1) - طبع (ذيل التقييد ) في دار الكتب العلمية 1410هـ في مجلدين بتحقيق ( كمال يوسف الحوت )(5/11)
هذا مختصر في التاريخ, دعاني إلى جمعه أني كنت مولعا بالإطلاع على أخبار المتقدمين من أولي النباهة, وتواريخ وفياتهم, وموالدهم, ومن جمع منهم كل عصر, فوقع لي منه شيء حملني على الإستزادة, وكثرة التتبع, فعمدت إلى مطالعة الكتب الموسومة بهذا الفن, وأخذت من أفواه الأئمة المتقنين,له, ما لم أجده في كاب, ولم أزل على ذلك حتى حصل عندي منهم مسودات كثيرة, في سنين عديدة, وغلق على خاطري بعضه, فصرت إذا احتجت إلى معاودة شيء منه لا أصل إليه, إلا بعد التعب في استخراجه, لكونه غير مرتب, فاضطررت إلى ترتيبه, فرأيته على حروف المعجم أيسر منه على السنين, فعدلت إليه, والتزمت فيه تقديم من كان أول اسمه الهمزة, ثم من كان ثاني حرف من اسمه الهمزة, أو ما هو أقرب إليها, على غيره, فقدمت إبراهيم على أحمد, لأن الباء أقرب على الهمزة من الحاء, وكذلك فعلت على آخره, ليكون أسهل للتناول, وإن كان هذا يفضي إلى تأخير المتقدم وتقديم المتأخر في العصر, وإدخال من ليس من الجنس بين المتجانسين, لكن هذه المصلحة أحوجت إليه
ولم أذكر في هذا المختصر أحدا من الصحابة رضوان الله عليهم, ولا من التابعين - رضي الله عنهم - إلا جماعة يسيرة, تدعو حاجة كثير من الناس إلى معرفة أحوالهم, وكذلك الخلفاء, لم أذكر أحدا منهم اكتفاء بالمصنفات الكثيرة في هذا الباب, لكن ذكرت جماعة من الأفاضل الذين شاهدتهم, ونقلت عنهم, أو كانوا في زمني ولم أرهم, ليطلع على حالهم من يأتي بعدي(5/12)
ولم أقصر هذا المختصر على طائفة مخصوصة, مثل العلماء, أو الملوك, أو الأمراء, أو الوزراء, أو الشعراء, بل كل من له شهرة بين الناس, ويقع السؤال عنه ذكرته, وأتيت من أحواله بما وقفت عليه, مع الإيجاز كيلا يطول الكتاب, وأثبت وفاته, ومولده إن قدرت عليه, ورفعت نسبه على ما ظفرت به, وقيدت به ما يليق به من مكرمة, أو نادرة, أو شعر و أو رسالة, ليتفكه به متأهله, ولا يراه مقصورا على أسلوب واحد فيمله, والدواعي إنما تنبعث لتصفح الكتاب إذا كان مفننا, وبعد أن صار كذلك لم يكن بد من استفتاحه بخطبة وجيزة, للتبرك بها, فنشأ من مجموع ذلك هذا الكتاب, و جعلته تذكرة لنفسي
وسميته : ( وفيات الأعيان, وأنباء أبناء الزمان, مما ثبت بالنقل, أو السماع, أو أثبته العيان ), ليستدل على مضمون الكتاب بمجرد العنوان, فمن وقف عليه ممن أهل الدراية بهذا الشأن،, ورأى فيه خللا فهو المثاب في إصلاحه, بعد التثبت فيه, فإني بذلت الجهد في التقاطه من مظان الصحة, ولم أتساهل في نقله ممن لا يوثق به, بل تحريت فيه حسبما وصلت إليه القدرة, وكان ترتيبي له في شهور سنة أربع وخمسين وستمائة, بالقاهرة المحروسة, مع شواغل عائقة, وأحوال عن مثل هذا متضايقة
فليعذر الواقف عليه, وليعلم أن الحاجة المذكورة ألجأت إليه, لا أن النفس تحدثها الأماني من الانتظام في سلك المؤلفين بالمحال, ففي أمثالهم السائرة : لكل عمل رجال, ومن أين لي ذلك, والبضاعة من هذا العلم قدر منزور, والمتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور, حرسنا الله تعالى من التردي في مهاوي الغواية, وجعل لنا من العرفان بأقدرنا أمنع وقاية, بمنه وكرمه, آمين (1)
فوات الوفيات للكتبي
__________
(1) - طبع في دار الثقافة بيروت في ( 8 ) مجلدات بتحقيق ( د إحسان عباس ) , وفي دار الكتب العلمية 1998 في ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( يوسف طويل ) و( مريم طويل )(5/13)
بسم الله الرحمن الرحيم, رب يسر واختم بخير, أحمد الله على نعمه التي جلت مواقع ديمها, وعمت فوائد كرمها, وأشكره على مننه التي جادت رياض التحقيق من سحب الأفكار بمنسجمها, فأظهرت أزاهر المعاني التي انتشرت فأشرق الكون بتبسمها, الذي حكم بالموت على عباده إظهارا لبدائع قدرته وحكمها, وأسعد وأشقى فيا فوز فرقة نقل الرواة ما سلف من محاسن شيمها, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة يقترن بالخلود ذكرها, ويتجدد في كل يوم فخرها, وينسدل على هفوات الإنسان سترها, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي قلد بدرر محاسنه الأعناق, وبعثه على حين فترة من الرسل متمما لمكارم الأخلاق, وجعل شمس شريعته الغراء دائمة الإشراق, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين جملوا بذكر محاسنهم السير, وذهبوا وصف مفاخرهم الآصال والبكر, ما دونت الأقلام ذكر الأفاضل, وجلت الكتب على أسماع الأواخر ذكر الأوائل, وسلم(5/14)
وبعد : فإن علم التاريخ هو مرآة الزمان لمن تدبر, ومشكاة أنوار يطلع بها على تجارب الأمم من أمعن النظر, وتفكر وكنت ممن أكثر لكتبه المطالعة واستحلى من فوائده المطالعة والمراجعة فلما وقفت على كتاب وفيات الأعيان لقاضي القضاة ابن خلكان قدس الله روحه, وجدته من أحسنها وضعا, لما اشتمل عليه من الفوائد الغزيرة, والمحاسن الكثيرة, غير أنه لم يذكر أحدا من الخلفاء, ورأيته قد أخل بتراجم بعض فضلاء زمانه, وجماعة ممن تقدم على أوانه, ولم أعلم أذلك لذهول عنهم, أو لم يقع له ترجمة أحد منهم, فأحببت أن أجمع كتابا يتضمن ذكر من لم يذكره من الأئمة الخلفاء, والسادة الفضلاء, أذيل فيه من حين وفاته إلى الآن, فاستخرت الله تعال,ى فشرح لذلك صدري, وتوكلت عليه, وفوضت إليه أمري, ووسمته ( بفوات الوفيات ), والله تعالى المسئول أن يوفق في القول والعمل, وأن يتجاوز عن هفوات الخطأ والخطل (1)
تذكرة الحفاظ للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, إن الحمد لله سبحانه, وتعالى وتقدست أسماؤه وصفاته, وعز وجل, وهدي وأضل وأصح وأعل, وأذل, وبكل ما دق وجل استقل
وصلى الله على سيدنا محمد قدوة أهل العقد والحل, الذي قام بتبليغ الرسالة وما مل, ونهض بتبيين الوحي وعلى سبيل النجاة دل, وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
__________
(1) - طبع في دار الثقافة بيروت في (4) مجلدات بتحقيق ( د إحسان عباس ), في دار الكتب العلمية 2000في مجلدين بتحقيق ( عادل عبد الموجود ) و ( علي معوض )(5/15)
هذه تذكرة بأسماء معدلي حملة العلم النبوي, ومن يرجع إلى اجتهادهم في التوثيق, والتضعيف, و التصحيح, والتزييف, وبالله أعتصم, وعليه أعتمد, وإليه أنيب. (1)
ذيل طبقات الحفاظ للحافظ أبي المحاسن الحسيني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله تعالى على نعمائه, و صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد خاتم أنبيائه, ورضي عن آله وصحبه خير أوليائه
__________
(1) - طبع في دائرة المعارف العثمانية الهند 1955 بتحقيق العلامة ( عبد الرحمن بن يحيى المعلمي ) في ( 4 ) مجلدات ومجلد خامس فيه (ذيول) وعدد تراجم (التذكرة)(1176) ترجمة ثم ختم الكتاب بذكر بعض شيوخه في الحديث وعدتهم (36) شيخا وطبع في دار الكتب العلمية 1998 في (3) مجلدات بتحقيق ( زكرياء عميرات ), وعلى ( التذكرة ) عدة ذيول طبعت مجموعة في مجلد خامس مع (التذكرة) بتحقيق الشيخ (الكوثري) وقد نفث فيها سمومه وعقاربه كعادته , وهي: (ذيل) تلميذه الحافظ (أبي المحاسن الحسيني وعدد تراجمه ( 22 ) ترجمة, والذيل الثاني للحافظ تقي الدين محمد بن فهد المكي سماه ( لحظ الألحاظ بذيل طبقات الحفاظ ), والذيل الثالث للحافظ جلال الدين السيوطي وعدد تراجمه ( 47 ) ترجمة, وفي آخر المجلد كتاب ( التنبيه و الإيقاظ لما في ذيول تذكرة الحفاظ ) تأليف الشيخ أحمد رافع الحسيني الطهطاوي الحنفي(5/16)
وبعد : فهذه تراجم جماعة من الحفاظ, وأهل الحديث الأيقاظ, جعلتها ذيلا على الطبقات الكبرى, تأليف شيخنا الإمام الحافظ الكبير, والعلم الشهير, شمس الدين أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي الدمشقي الشافعي رحمة الله عليه, فأقول مستعينا بالله تعالى (1)
المعين في طبقات المحدثين للحافظ أبي عبد الله الذهبي
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين أما بعد حمد الأحد المحمود على الحمد له والصلاة على نبيه محمد, حامل لواء الحمد, وصاحب الوسيلة, والفضيلة, صلى الله عليه وسلم, وعلى آله وسلم تسليما
فهذه مقدمة في ذكر أسماء أعلام حملة الآثار النبوية, تبصر الطالب النبيه, و تذكر المحدث المفيد بمن يقبح بالطلبة أن يجهلهم, وليس هذا كتاب بالمستوعب للكبار, بل لمن سار ذكره في الأقطار, والأعصار, وبالله أعتصم وإليه أنيب (2)
الوافي بالوفيات للشيخ صلاح الدين الصفدي
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية و الحافظ أبو المحاسن الحسيني هو شمس الدين محمد بن علي الدمشقي الشافعي, كان إماما مؤرخا حافظا له قدر كبير, جمع له مؤلفات حسنة مطولة ومختصرة منها ( العرف الذكي في النسب الزكي ) و( الاكتفاء في الضعفاء ) و( أسامي رجال الكتب الستة ومسند الإمام أحمد ) وغير ذلك, توفي سنة 765هـ (ذيل تذكرة الحفاظ)(1\150)
(2) - طبع في دار الكتب العلمية 1998 في مجلد بتحقيق ( السعيد بسيوني زغلول )(5/17)
بسم الله الرحمن الرحيم, عونك اللهم وعفوك, الحمد لله الذي قهر العباد بالموت, ونادى بالفناء في فنائهم فانهل في كل بقعة صوب ذلك الصوت, وأسمع كل حي نسخة وجوده فلم يخل أحدهم من فوت, نحمده على نعمه التي جعلت بصائرنا تجول في مرآة العبر, وتقف بمشاهدة الآثار على أحوال من غبر, وتعلم بمن تقدم أن من تأخر يشاركه في العدم, كما اشترك في الرفع المبتدأ والخبر, و نشكره على مننه التي جلت لما جلت الضراء بمواقعها, وحلت عن وجوه حسانها بإحسانها معاقد براقعها, وحلت غمائم جودها على رياض عقولنا فأضحت كأن صغرى وكبرى من فواقعها
ونشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, شهادة تقر له بالبقاء السرمد, وتجرد من التوحيد سيوفا لم تزل في مفارق أهل الشرك تغمد, وتبعث لنا في ظلمات اللحود أنوارا لا تخبو أشعتها ولا تخمد, ونشهد أن محمدا سيدنا عبده ورسوله الذي أنذر به القوم اللد, ونصره بالرعب فقام له مقام المثقفة الملد, وأنزل عليه في محكم كتابه العزيز وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد, الأنبياء صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين خفقت بهم عذبات الإسلام, ونشرت أعلام علمهم حتى استبانت للهدى أعلام, واتضحت بهم غرر الزمن حتى انقضت مددهم فكأنها وكأنهم أحلام, صلاة لا تغيب من سماء روضها مجرة نهر, ولا تسقط من أنامل غصونها خواتم زهر, ما راح طائر كل حي وهو على حياض المون حايم, وأشبهت الحياة وإن طال أمدها حلم نائم, وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين(5/18)
وبعد : فلما كانت هذه الأمة المرحومة والملة التي أمست أخبارها بمسك الظلام على كافور الصباح مرقومة, خير أمة أخرجت للناس, وأشرف ملة أبطل فضلها المنصوص من غيرها قواعد القياس, علماؤها كأنبياء بني اسرائيل, وأمراؤها كملوك فارس في التنويه والتنويل, وفضلاؤها آربوا على حكماء الهند واليونان في التعليم والتعليل, كم فيهم من فرد جمع المفاخر وكاثرت مناقبه البحور الزواخر, وغدا في الأوائل وهو أمام فات سوابق الأواخر, وما أحسن قول الأرجاني :
إذا عرف الإنسان أخبار من مضى *** توهمته قد عاش في أول الدهر
وتحسبه قد عاش آخر دهره *** إلى الحشر إن أبقى الجميل من الذكر
فقد عاش كل الدهر من كان عالما كريما حليما, فاغتنم أطول العمر وربما أفاد التاريخ حزما وعزما, وموعظة وعلما, وهمة تذهب هما, وبيانا يزيل وهنا ووهما, وجيلا تثار للأعادي من مكامن المكائد, وسبلا لا تعرج بالأماني إلى أن تقع من المصائب في مصائد, وصبرا يبعثه التأسي بمن مضى, واحتسابا يوجب الرضا, بما مر وحلا من القضا, ( وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ) (هود:120), فكم تشبت من وقف على التواريخ بإذيال معال تنوعت أجناسها, وتشبه بمن أخلده خموله إلى الأرض وأصعده سعده إلى السهى, لأنه أخذ التجارب مجانا ممن أنفق فيها عمره, و تجلت له العبر في مرآة عقله فلم تطفح لها من قلبه جمرة, ولم تسفح لها في خده عبرة, (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) (يوسف:111)(5/19)
فأحببت أن أجمع من تراجم الأعيان من هذه الأمة الوسط, وكملة هذه الملة التي مد الله تعالى لها الفضل الأوفى وبسط, ونجباء الزمان وأمجاده, ورؤوس كل فضل وأعضاده, وأساطين كل علم و أوتاده, وأبطال كل ملحمة, وشجعان كل حرب, وفرسان كل معرك, لا يسلمون من الطعن, و لا يخرجون عن الضرب, ممن وقع عليه اختيار تتبعي واختباري, ولزنى إليه اضطرام تطلبي و اضطراري, ما يكون متسقا في هذا التأليف دره, منتشقا من روض هذا التصنيف زهره, فلا أغادر أحدا من الخلفاء الراشدين, وأعيان الصحابة والتابعين, والملوك, والأمراء, والقضاة, و العمال, والوزراء, والقراء, والمحدثين, والفقهاء, والمشايخ, والصلحاء, وأرباب العرفان, و الأولياء, والنحاة, والأدباء, والكتاب, والشعراء, و الأطباء, والحكماء, والألباء, والعقلاء, وأصحاب النحل, والبدع, والآراء, وأعيان كل فن اشتهر, ممن اتقنه من الفضلاء من كل نجيب مجيد, ولبيب مفيد
طواه الردى طي الرداء وغيبت *** فواضله عن قومه وفضائله
فقد دعوت الجفلى إلى هذا التأليف, وفتحت أبوابه لمن دخلها بلا تسويغ تسويف, ولا تكليم تكليف, وذكرت لمن يجب فتحا يسره, أو خيرا قرره, أو جودا أرسله, أو رأيا أعمله, أو حسنة أسداها, أو سيئة أبداها, أو بدعة سنها, وزخرفها, أو مقالة حرر فنها, وعرفها, أو كتابا وضعه, أو تأليفا جمعه, أو شعرا نظمه, أو نثرا أحكمه
ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته *** ما فاته وفضول العيش أشغال
ولم أخل بذكر وفاة أحد منهم, إلا فيما ندر وشذ, وانخرط في سلك أقرانه وهو فذ, لأني لم أتحقق وفاته, وكم من حاول أمرا فما بلغه وفاته, على أنه قد يجيء في خلال ذلك من لا يضطر إلى ذكره, ويبدو هجر شوكه بين وصال زهره(5/20)
قال الخليل بن أحمد رحمه الله تعالى : لا يصل أحد من النحو إلى ما يحتاج إليه إلا بعد معرفة ما لا يحتاج إليه, قلت : فقد صار ما لا يحتاج إليه محتاجا إليه, لأن المتوقف وجوده على وجود شيء آخر متوقف على وجود ذلك الشيء, وهكذا كل علم لا يبلغ الإنسان إتقانه إلا بعد تحصيل ما لم يفتقر إليه, فقد أذكر في كتابي هذا من لا له مزية, وجعلت أصبع القلم من ذكره تحت رزة رزية, غير أن له مجرد رواية عن المعارف متفردة, ولم تكن له دراية حمائمها على غصون النقل مغردة
والأيك مشتبهات في منابتها *** وإنما يقع التفضيل في الثمر
ولكن أردت النفع به للمحدث والأديب, والرغبة فيه للبيب والأريب, وجعلت ترتيبه على الحروف وتبويبه, وتذهيب وضعه بذلك وتهذيبه, على أنني ابتدأت بذكر سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ هو الذي أتى بهذا الدين القيم وسراجه وهاج, وصاحب التنبيه على هذه الشرعة والمنهاج, فأذكر ترجمته مختصرا, وأسرد أمره مقتصرا, لأن الناس قد صنفوا المغازي والسير, وأطالوا الخبر فيها كما أطابوا الخبر, ومليت لما ملئت بشمائله مهارق التواليف, ورفعت لما وضعت تيجانها على مفارق التصانيف(5/21)
فأول من صنف في المغازي عروة بن الزبير رضي الله عنهما, ثم موسى بن عقبة, ثم عبد الله بن وهب, ثم في السير ابن إسحاق, ورواها عنه جماعة, منهم من زاد, ومن نقص, فمنهم زياد بن عبد الله البكائي, شيخ عبد الملك بن هشام, مختصر (السيرة), وسلمة بن الفضل الأبرش, ومحمد بن سلمة الحراني, ويونس بن بكير الكوفي, وعمل أبو القاسم السهيلي رحمه الله تعالى كتاب (الروض الأنف) في شرح (السيرة) المشار إليها, ووضع عليه شيخنا الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي كتابا سماه (بلبل الروض) (1), وفي (الطبقات الكبرى) لابن سعد سيرة مطولة, ثم (دلائل النبوة) لأبي زرعة الرازي, شيخ مسلم, ثم (دلائل) السرقسطي, ثم (دلائل) الحافظ أبي نعيم, في سفرين (2), ثم (دلائل النبوة) للنقاش صاحب (التفسير), و(دلائل النبوة) للطبراني, و(دلائل) أبي ذر المالكي, ثم (دلائل) الإمام البيهقي في ستة أسفار كبار, فأجاد ما شاء, و(أعلام النبوة) لأبي المطرف قاضي الجماعة, و(أعلام النبوة) لابن قتيبة اللغوي, ومن أصغر ما صنف في ذلك (جزء) لطيف لابن فارس (3), صاحب (المجمل في اللغة), وكتاب (الشمائل) للترمذي رحمه الله, كتبته بخطى, وقرأته على شيخنا الحافظ جمال الدين المزي,
__________
(1) - واختصره أيضا الشيخ بدر الدين محمد بن أبي بكر بن جماعة وسماه ( نور الروض ) ذكره الكتاني في (رسالته)( )
(2) - طبع في دائرة المعارف العثمانية 1977, ثم صور في دار المعرفة بيروت, وطبع في دار النفائس بتحقيق ( محمد رواس قلعة جي )
(3) - اسمه ( أوجز السير لخير البشر ) لأبى الحسين أحمد بن فارس الرازي اللغوي, طبع في دار الرشاد بالقاهرة 1993 بتحقيق ( محمد محمود حمدان ), وعليها شرح للشيخ أبي مدين محمد بن أحمد الفاسي الفهري المتوفى سنة 1181هـ, سماه: ( مستعذب الأخبار بأطيب الأخيار ), ونظمها الشيخ أبو محمد عبد السلام بن الطيب القادري الحسني الفاسي المتوفى سنة 1110هـ, ذكرهما ابن الماحي في معجمه)(ص274)(5/22)
و(الشمائل) للحافظ المستغفري النسفي, و كتاب (صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -), للقاضي أبي البختري, وكتاب (الأخلاق) للقاضي إسماعيل المالكي, و كتاب (الشفا) للقاضي عياض (1), و(الوفاء) لابن الجوزي في مجلدين (2), و(الاقتفاء) لابن منير خطيب الاسكندرية(3), و(نظم الدرر) لابن عبد البر (4), و(سيرة) ابن حزم (5), و(حجة الوداع) فأجاد فيها (6), و(سيرة) الشيخ شرف الدين الدمياطي(7), و(سيرة) الحافظ عبد الغني مختصرة (8), و (عيون الأثر في المغازي و الشمائل والسير) لشيخنا الإمام الحافظ فتح الدين محمد بن سيد الناس(9), ورويتها عنه سماعا لبعضها من لفظه, وإجازة لعامتها, وله (سيرة) أخرى مختصرة (10)
__________
(1) - تقدمت مقدمته
(2) - هو كتاب ( الوفا بأحوال المصطفى ) مطبوع تقدمت مقدمته
(3) - ( ذكره في كشف الظنون ج1/ص136) فقال : (الاقتفا في فضائل المصطفى) عليه الصلاة والسلام لناصر الدين أحمد بن محمد بن المنير المتوفى سنة 683 هـ عارض به الشفا ورتب على قسمين, الأول في فضائله, والثاني في سيرته,وبسط قصة المعراج بسطا في أربعة أبواب, وفيه فوائد كثيرة
(4) - تقدمت مقدمته
(5) - طبع باسم ( جوامع السيرة النبوية ) في دار الكتب العلمية 1983)
(6) - طبع في دار الكتب العلمية 2001 بتحقق ( سيد كسروي )
(7) - ذكره الكتاني في (رسالته)( )
(8) - هو الحافظ (عبد الغني المقدسي الحنبلي) المتوفى سنة 404هـ صاحب ( عمدة الأحكام ), سيرته طبعت في المكتب الإسلامي, وقد شرحها الشيخ قطب الدين أبي محمد عبد الكريم بن عبد النور الحلبي الحنفي،المتوفى سنة 735هـ في كتابه ( المورد العذب الهني في الكلام على سيرة عبد الغني )
(9) - تقدمت مقدمته
(10) - سماها ( نور العيون في تلخيص سيرة الأمين المأمون ) طبعت في دار الترمذي بحمص 1990 في كتيب صغير, و نظمها الشمس محمد بن يونس الشافعي المتوفى سنة 845 هـ , وعليها ( تعليقة ) للحافظ برهان الدين إبراهيم بن محمد الحلبي سبط ابن العجمي سماها ( نور النبراس في شرح سيرة ابن سيد الناس)(5/23)
, سمعتها من لفظه, ولشيخنا الإمام الحافظ شمس الدين الذهبي في أول (تاريخ الإسلام), مجلد في (المغازي) ومجلد في (السيرة), قرأتهما عليه, وفي (تاريخ) ابن جرير في الأيام النبوية جملة من ذلك, ولابن عساكر في صدر (تاريخه لدمشق) جزء كبير, ولابن أبي شيبة في (مصنفه) فيما يتعلق بذلك نفس طويل, هذا إلى ما في الكتب الصحاح الستة من ذكر شمائله, ومغازيه, وسيره
ويبقى ضعف ما قد قيل فيه *** إذا لم يترك أحد مقالا
وقد أتيت في الترجمة النبوية بما لا غنى عن عرفانه, ولا يسع الفاضل غير الاطلاع على بديع معانيه وبيانه, وسردت ذكر من جاء بعده من المحمدين, إلى عصري, وأبناء زماني, الذين أينع زهرهم في روض دهري, ثم أذكر الباقين من حرف الألف إلى الياء, على توالي الحروف, وأتيت في كل حرف بمن جاء فيه من الآحاد, والعشرات, والمئين, والألوف, بشرط أن لا أدع كميت القلم يمرح في ميدان طرسه, إذا أجررته رسنه, ولا أكون إلا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه, ولا أغدو إلا ممن يلغي السيئة ويذكر الحسنه
لا خير في حشو الكلام *** إذا اهتديت إلى عيونه
اللهم إلا أن كان للقول مجال ومجاز, ولم يرخ دون الإطالة حجاب ولا حجاز, فقد رأيت كثيرا ممن تصدى لذلك أتى في كتابه بفضول كثيرة, وفصول لا تضطجع المنافع منها على فرش وثيرة, ونقول ليست مثيبة للواقف ولا للفوائد مثيرة
إن بعض القريض منه هذاء *** ليس شيئا وبعضه أحكام
منه ما يجلب البراعة والفضل *** ومنه ما يجلب البرسام(5/24)
وقد قدمت قبل ذلك مقدمة, فيها فصول فوائدها مهمة, وقواعدها يملك الفاضل بها من الإتقان أزمة, تتنوع الإفادة فيها كما تنوع الأعراب في كم عمة, وينال بها المتأدب ما ناله أبو مسلم (1) من الحزم وعلو الهمة, ويهيم بها فكره كما هام بمية ذو الرمة, ويبدو له من محاسنها ما بدا من جمال ريا للصمة, ثم إني أعقد لكل اسم بابا ينقسم إلى فصول, بعدد حروف المعجم, تتعلق الحروف في الفصول بأوائل أسماء الآباء, ليتنزل كل واحد في موضعه, ويشرق كل نجم في هذا الأفق من مطلعه, فلا يعدو أحدهم مكانه, ولا يرفع هذا تمسك تنسك, ولا يخفض ذاك جناية خيانة, ولا يتأخر هذا لمهابط مهانة, ولا يتقدم ذاك لمكارم مكانة
وقد سميته : ( الوافي بالوفيات ), ومن الله تعالى أطلب الإغاثة بالإعانة, و أستمد منه التوفيق لطريق الإنابة والإبانة, و أستعينه على زمان غلبت فيه الزمانة, لا رب غيره ينول العبد مناه وأمانة, و لا إله إلا هو, سبحانه هو حسبي, ونعم الوكيل.(2)
المقصد الأرشد في طبقات أصحاب الإمام أحمد للشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن مفلح المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم, وهو حسبي و نعم الوكيل, قال شيخنا الشيخ الإمام الحبر الهمام, العالم العلامة, المحرر المدقق الفهامة, قاضى القضاة, شيخ الإسلام, سيد العلماء والحكام, ذو الدين المتين, والورع واليقين, برهان الدين, حجة المصنفين, سيف المناظرين, بقية السلف الكرام, الصالحين, أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن مفلح المقدسى الحنبلي, أمتع الله الإسلام ببقائه, وحرسه بملائكه أرضه وسمائه
__________
(1) - هو أبو مسلم الخراساني القائد مؤسس الدولة العباسية بدهائه وحزمه وسيفه
(2) - طبع في دار إحياء التراث العربي 1420 في ( 29 ) مجلدا بتحقيق ( أحمد الأرناؤوط ) و ( مصطفى تركي )(5/25)
أحمد الله على إحسانه وإفضاله حمدا كما ينبغي لعز جلاله, وأشهد أن لا إله إلا الله, لا شريك له في أفعاله, وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي من على العالمين بإرساله, صلى الله عليه وعلى أصحابه, وآله وسلم وكرم, وشرف و عظم, وبعد فهذا كتاب جمعته وجعلته مشتملا على طبقات أصحاب الإمام أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -
وسميته : (بالمقصد الأرشد في ذكر أصحاب أحمد ), ورتبته على حروف المعجم, ليسهل تناوله, والكشف منه, والله المسئول أن ينفع به في الدنيا والآخرة بمنه وكرمه, فنبدأ أولا بذكر الإمام أحمد (1)
الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة للحافظ ابن حجر
بسم الله الرحمن الرحيم, رب أعن ويسر يا كريم, الحمد لله الذي يحيي ويميت, وله اختلاف الليل والنهار, بيده ملكوت كل شيء, يخلق ما يشاء ويختار, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده ولا شريك له, رب الأرض والسماوات وما بينهما العزيز الغفار, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى المختار - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه الطيبين الأطهار
أما بعد : فهذا تعليق مفيد جمعت فيه تراجم من كان في المائة الثامنة من الهجرة النبوية, من ابتداء سنة إحدى وسبعمائة, إلى آخر سنة ثمانمائة, من الأعيان, والعلماء, والملوك, والأمراء, والكتاب, والوزراء, والأدباء, والشعراء, وعنيت برواة الحديث النبوي, فذكرت من اطلعت على حاله, و أشرت إلى بعض مروياته, إذ الكثير منهم شيوخ شيوخي, وبعضهم أدركته, ولم ألقه, وبعضهم لقيته ولم أسمع منه, وبعضهم سمعت منه
__________
(1) - طبع في مكتبة الرشد الرياض 1410هـ بتحقيق ( عبد الرحمن العثيمين ) وكذا في دار الكتب العلمية في ( 3 ) مجلدات(5/26)
وقد استمددت في هذا الكتاب من (أعيان العصر) لأبي الصفاء الصفدي (1), و(مجاني العصر) لشيخ شيوخنا أبي حيان (2), و(ذهبية العصر) لشهاب الدين بن فضل الله (3), و(تاريخ مصر) لشيخ شيوخنا الحافظ قطب الدين الحلبي, و(ذيل سير النبلاء) للحافظ شمس الدين الذهبي, و (ذيل ذيل المرآة) للحافظ علم الدين البرزالي (4), و(الوفيات) للعلامة تقي الدين ابن رافع (5), و (الذيل) عليه للعلامة شهاب الدين ابن حجي (6), ومما جمعه صاحبنا تقي الدين المقريزي في أخبار الدولة المصرية وخططها (7), ومعاجم كثيرة من شيوخنا, و(الوفيات) للحافظ شمس الدين أبي الحسين ابن أيبك الدمياطي (8), و(الذيل) عليه لشيخنا الحافظ أبي الفضل بن الحسين العراقي, و (تاريخ غرناطة) للعلامة لسان الدين ابن الخطيب (9)
__________
(1) - طبع في دار الفكر بيروت في ( 4 ) مجلدات بتحقيق , وفي دار الفكر دمشق
(2) - هو الشيخ أثير الدين أبى حيان محمد بن يوسف الأندلسي المتوفى سنة 745 هـ
(3) - قال في ( كشف الظنون)( 1\829): ( ذهبية العصر ) لابن الشهاب وهو احمد بن يحيى بن فضل الله العمري المتوفى سنة 749 هـ ذكر فيه تراجم أهل المائة الثامنة وقسمه قسمين الأول القسم الشرقي والثاني القسم الغربي وذكر أشعارهم وأخبارهم ( كاليتيمة )
(4) - هو الحافظ علم الدين أبي محمد القاسم بن محمد البرزالي المتوفى سنة 738هـ
(5) - طبع في مؤسسة الرسالة 1402هـ في مجلدين بتحقيق ( صالح مهدي عباس ) و( بشار عواد معروف )
(6) - هو الشيخ شهاب الدين أحمد بن علاء الدين السعدي الدمشقي الحافظ المتوفى سنة 815هـ
(7) - هو كتاب ( المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار ) المعروف ( بالخطط المقريزية ) جمع فيها أخبار مصر وأحوال سكانها, طبع قديما في بولاق 1270 هـ في مجلدين كبيرين, ثم في دار الكتب العلمية 1998 في (4) مجلدات بتحقيق (خليل المنصور)
(8) - هو الشريف شهاب الدين أبو الحسين احمد بن أيبك الدمياطى الحافظ المحدث سنة 749 هـ
(9) - هو كتاب ( الإحاطة في أخبار غرناطة ) طبع في دار الكتب العلمية في ( 4 ) مجلدات(5/27)
, و(التاريخ) للقاضي ولي الدين ابن خلدون المالكي, وغير ذلك, وبالله الكريم عوني, وإياه أسأل عن الخطأ صوني, إنه قريب مجيب (1)
طبقات المفسرين للحافظ السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وسلم, الحمد لله الذي أسبغ علينا جزيل النعم, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, بارئ النسم, وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله سيد العرب والعجم, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أولي الفضل والكرم
وبعد : فهذا المجموع فيه ( طبقات المفسرين ) إذ لم أجد من اعتنى بإفرادهم كما اعتنى بإفراد المحدثين, والفقهاء, والنحاة وغيرهم, وأعلم أنهم أنواع, الأول : المفسرون من السلف, والصحابة, والتابعين, و أتباع التابعين, الثاني : المفسرون من المحدثين, وهم الذين صنفوا التفاسير مسندة, موردا فيها أقوال الصحابة, والتابعين بالإسناد, وهذان النوعان تراجمهم مذكورة في طبقات الفقهاء, الثالث : بقية المفسرين من علماء أهل السنة, الذين ضموا إلى التفسير التأويل, و الكلام على معاني القرآن, وأحكامه, وإعرابه, وغير ذلك, وهو الذي الإعتناء به في هذا الزمان أكثر
الرابع : من صنف تفسيرا من المبتدعة, كالمعتزلة, والشيعة, وأضرابهم, والذي يستحق أن يسمى من هؤلاء القسم الأول, ثم الثاني, على أن الأكثر في هذا القسم نقلة, وأما الثالث فمؤولة, ولهذا يسمون كتبهم غالبا بالتأويل, ولم أستوف أهل القسم الرابع, وإنما ذكرت منهم المشاهير, كالزمخشري, والرماني, والجبائي, وأشباههم, وبالله أستعين, إنه خير معين (2)
طبقات المفسرين للعلامة الداودي
__________
(1) - طبع في دائرة المعارف النعمانية بالهند في ( 4 ) مجلدا, ثم صور عنها في دار المعرفة بيروت, وطبع في دار الكتب العلمية1998 في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( عبد الوارث محمد علي )
(2) - طبع في دار الكتب العلمية(5/28)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وبذكر علمائه وأوليائه تنزل البركات, والصلاة والسلام على أشرف المخلوقات, المؤيد بأشهر المعجزات, محمد المصطفى على جميع البريات, وآله وصحبه وتابعيهم في جميع الحالات
وبعد : فهذا المجموع فيه ( طبقات المفسرين ) من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , ثم المفسرين من التابعين, ثم من سائر الأئمة المفسرين, على ترتيبهم رحمهم الله تعالى, وفي هذا إذ لم يوجد من اعتنى بإفرادهم كما اعتنى بأفراد المحدثين, والفقهاء, والنحاة, وغيرهم(5/29)
وما نقل في هذه الطبقات كان مأخوذا من (تاريخ ابن خلكان), و(تاريخ الحرمين) و(تاريخ القدس), و(طبقات الكتائب) للكفوي, و(تاريخ قطلوبغا) (1), و(الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية) (2), ومن (مختصر طبقات المفسرين) للبيضاوي, و(طبقات) الإمام السبكي (3), و(موضوعات العلوم) لطاش كبري زاده (4), و(محاضرات) الإمام السيوطي, وتاريخ (أنباء العمر) لا بن حجر(5), وطبقات (الضوء اللامع) للسخاوي (6), و(نفحات الأنس) للمولى الجامي (7), و تاريخ (مرآة الجنان) للإمام اليافعي (8), و(طبقات) الشعراوي (9), و (الكواكب الدرية) (10) للمناوي, و(تاريخ الإسلام), و (فضائل الشام), و(تاريخ المدينة) للسخاوي (11), ومن (أسامي الكتب) للمولى كاتب جلبي(12)
__________
(1) - هو كتاب ( تاج التراجم ) في من صنف من الحنفية طبع في مجلد في دار المأمون للتراث دمشق 1412هـ بتحقيق ( إبراهيم صالح )
(2) - طبع في مكتبة مير محمد كراتشي في مجلد
(3) - طبع في دار هجر 1413هـ في ( 10 ) مجلدات تحقيق ( محمود الطناحي ) و ( عبد الفتاح الحلو ), وفي دار الكتب العلمية 1999 في ( 6 ) مجلدات بتحقيق ( مصطفى عبد القادر عطا )
(4) - هو كتاب ( مفتاح السعادة ومصباح السيادة ) طبع في دار الكتب العلمية في ( 3 ) مجلدات
(5) - طبع في دار الكتب العلمية في( 5 ) مجلدات
(6) - طبع في دار الجيل(5) مجلدات بدون تحقيق
(7) - هو كتاب (نفحات القدس من حضرات الأنس ) للشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي الهروي المتوفى سنة 898 هـ , وهو كتاب في طبقات الصوفية, طبع في دار الكتب العلمية في مجلدين
(8) - مطبوع تقدمت مقدمته
(9) -هو ( طبقات الصوفية ) المسماة (لواقح الأنوار في طبقات الأخيار ) للشيخ عبد الوهاب الشعراني, وهو مطبوع تداول
(10) - طبع في
(11) - اسمه ( التحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة ) طبع في دار الكتب العلمية 1993 في مجلدين
(12) - هو كتاب ( كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون ) طبع في دار الكتب العلمية 1992 في مجلدين(5/30)
, ومن (الشقائق النعمانية) (1), ومن (ذيله) (2), وقد شرع في هذا بأحسن الترتيب, والله الموفق وعليه التكلان (3)
البدر الطالع في محاسن من بعد القرن السابع للعلامة محمد بن علي الشوكاني
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه نستعين, الحمد لله الذي جعل النظر في أخبار من غبر من أعظم العبر, والصلاة والسلام على صفوة الصفوة من البشر, و على آله قرناء القرآن كما صح بذلك الخبر, و على أصحابه الذين أرغم الله بفضائلهم وفواضلهم أنف من كفر
وبعد : فانه لما شاع على ألسن جماعة من الرعاع اختصاص سلف هذه الأمة بإحراز فضيلة السبق في العلوم دون خلفها, حتى اشتهر عن جماعة من أهل المذاهب الأربعة تعذر وجود مجتهد بعد المائة السادسة, كما نقل عن البعض أو بعد المائة السابعة, كما زعمه آخرون, وكانت هذه المقالة بمكان من الجهالة لا يخفى على من له أدنى حظ من علم, و نزر نصيب من عرفان, وأحقر حصة من فهم, لأنها قصر للتفضل الإلهي, والفيض الرباني على بعض العباد دون البعض, وعلى أهل عصر دون عصر, وأبناء دهر دون دهر, بدون برهان ولا قرآن, على أن هذه المقالة المخذولة, و الحكاية المرذولة, تستلزم خلو هذه الأعصار المتأخرة عن قائم بحجج الله, ومترجم عن كتابه, و سنة رسوله, ومبين لما شرعه لعباده, وذلك هو ضياع الشريعة بلا مرية, وذهاب الدين بلا شك, وهو تعالى قد تكفل بحفظ دينه, وليس المراد حفظه في بطون الصحف والدفاتر, بل إيجاد من يبينه للناس في كل وقت, وعند كل حاجة
__________
(1) - هو (الشقائق النعمانية في تاريخ علماء الدولة العثمانية ) تأليف المولى أحمد بن مصطفى المعروف بطاشكبرى زاده المتوفى سنة 968 هـ, طبع في دار الكتاب العربي بيروت 1395هـ بدون تحقيق
(2) - هو ( العقد المنظوم في ذكر أفاضل الروم ) تأليف المولى على بن بالى المتوفى سنة 992 هـ, طبع بذيل (الشقائق)
(3) - طبع في دار الكتب العلمية في مجلدين بتحقيق ( عبدالسلام عبدالمعين )(5/31)
حداني ذلك إلى وضع كتاب يشتمل على تراجم أكابر العلماء من أهل القرن الثامن, ومن بعدهم مما بلغني خبره إلى عصرنا هذا, ليعلم صاحب تلك المقالة أن الله وله المنة, قد تفضل على الخلف, كما تفضل على السلف, بل ربما كان في أهل العصور المتأخرة من العلماء المحيطين بالمعارف العلمية, على اختلاف أنواعها, من يقل نظيرة من أهل العصور المتقدمة, كما سيقف على ذلك من أمعن النظر في هذا الكتاب, وحل عن عنقه عرى التقليد, وقد ضممت إلى العلماء من بلغني خبره من العباد, والخلفاء, والملوك, والرؤساء, والأدباء, ولم أذكر منهم إلا من له جلالة قدر, ونبالة ذكر, و فخامة شأن, دون من لم يكن كذلك(5/32)
فالحاصل أن المذكورين في هذا الكتاب هم أعيان الأعيان, وأكابر أبناء الزمان, من أهل القرن الثامن, ومن بعدهم إلى الآن, وربما أذكر من أهل عصري ممن أخذت عنه, أو أخذ عني, أو رافقني في الطلب, أو كاتبني, أو كاتبته, من لم يكن بالمحل المتقدم ذكره, لما جبل عليه الإنسان من محبة أبناء عصره, ومصره, وربما أذكر من أهل عصري من لم يجر بيني وبينه شئ من ذلك, وقد استكثر المتأخرون من المشتغلين بأخبار الناس, المؤلفين فيها, من تسجيع الألفاظ, والتأنق في تنقيحها وتهذيبها, مع إهمال بيان الأحوال, والمولد, والوفاة, ومثل ذلك لا يعد من علم التاريخ, فإن مطمح نظر مؤلفه, وقصارى مقصوده هو مراعاة الألفاظ, وإبراز النكات البديعة, وهذا علم آخر غير علم التاريخ, إنما يرغب إليه من أراد أن يتدرب في البلاغة, ويتخرج في فن الإنشاء, فربما ألجأتني الضرورة إلى نقل ترجمة بعض الأعيان من مثل تلك المؤلفات ولم أجد له ذكرا في غيرها, فأذكره مهملا عن ذكر المولد, والوفاة, منبها على عصره إجمالا,مبينا لما أمكن بيانه من أحواله, وهذا هو القليل النادر, والمرجو من الله جل جلاله الإعانة على إتمام هذا الكتاب, وبروزه في الخارج على ما دار في الخلد من التصور, فيكون إن شاء الله من أنفس الكتب, وأنفعها لطالب هذا الفن, ويصير من أمعن النظر في مطالعته بعد إمعانه في مطالعة (تاريخ الإسلام), و (النبلاء), و(كامل ابن الأثير), و(تاريخ ابن خلكان) محيطا بأعيان أبناء الزمان من سلف هذه الأمة وخلفها.
وسميته : ( البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع ) قال مؤلفه الحقير أسير التقصير, محمد بن على بن محمد الشوكاني, غفر الله له ذنوبه, وستر عيوبه, وهذا أوان الشروع في المقصود, بمعونة الملك المعبود, وقد جعلته على حروف المعجم, مقدما لمن قدمته حروف اسمه, وإن كان غيره أقدم منه (1)
__________
(1) - طبع في دار المعرفة في مجلدين, ثم في دار الكتب العلمية 1998 بتحقيق ( خليل المنصور )(5/33)
كتب علوم الحديث وآداب الرواية
معرفة علوم الحديث للحاكم النيسابوري
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله ذي المن والإحسان, والقدرة والسلطان, الذي أنشأ الخلق بربوبته, وجنسهم بمشيته, واصطفى منهم طائفة أصفياء, وجعلهم بررة أتقياء, فهم خواص عباده, وأوتاد بلاده, يصرف عنهم البلايا, ويخصهم بالخيرات والعطايا, فهم القائمون بإظهار دينه, والمتمسكون بسنن نبيه, فله الحمد على ما قدر وقضى, وأشهد أن لا إله إلا الله, الذي زجر عن اتخاذ الأولياء دون كتابه, واتباع الخلق دون نبيه - صلى الله عليه وسلم -, وأشهد أن محمدا عبده المصطفى, ورسوله المجتبى, بلغ عنه رسالته فصلى الله عليه آمرا وناهيا, و مبيحا وزاجرا, وعلى آله الطيبين
قال الحاكم رحمه الله أما بعد : فإني لما رأيت البدع في زماننا كثرت, ومعرفة الناس بأصول السنن قلت, مع إمعانهم في كتابة الأخبار, وكثرة طلبها على الإهمال والإغفال, دعاني ذلك إلى تصنيف كتاب خفيف, يشتمل على ذكر أنواع علم الحديث, مما يحتاج إليه طلبة الأخبار المواظبون على كتابة الآثار, واعتمد في ذلك سلوك الاختصار, دون الإطناب في الإكثار, والله الموفق لما قصدته, والمان في بيان ما أردته, إنه جواد كريم, رءوف رحيم (1)
الكفاية في علم الرواية للحافظ الخطيب البغدادي
__________
(1) - طبع في دائرة المعارف العثمانية1977 بتحقيق ( معظم حسين ),ثم صور في دار الكتب العلمية 1977, ثم في دار ابن حزم 1424هـ بتحقيق ( أحمد بن فارس السلوم ) وبهامش هذه الطبعة تعليقات للحافظين المؤتمن الساجي وابن الصلاح, و هي مرقمة الأحاديث , وعددها ( 592 ) حديثا , وهي أحسن طبعات الكتاب(5/34)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي هدانا لدينه القويم، وأرشدنا إلى صراطه المستقيم، وألهمنا الحمد له على ما خوَّلنا من جزيل نعمه، وأجدنا نعمة علينا مضافة إلى سائر مِننه, أحمده حمد معترف بالتَّقصير فيما يلزمه من شكر هباته، و أسأله التَّوفيق للعمل بما يقرِّب إلى مرضاته، وأشهد أن لا إله إلا الله, شهادة تبلغ معتقدها أمله، ويختم الله لقائلها بالسَّعادة عمله، وأشهد أنَّ محمَّداً عبده المنتخب من بريته، ورسوله الدَّاعي لخلقه إلى طاعته، أرسله بالحقّ المبين، وابتعثه بالشرع المتين، فَجَلّى غوامض الشبهات، وأنار حنادس الظلمات، وأباد حزب الكفر وأنصاره، وشيَّد أعلام الدين ومناره، صلَّى الله عليه صلاةً يعطيه فيها أمنيته، و يرفع بها في الآخرة درجته، وعلى إخوانه من النَّبيّين، وآله الأخيار المنتخبين، وتابعيهم بالإحسان أجمعين.
أما بعد: فإن الله تبارك وتعالى أنقذ الخلق من نائرة الجهل، وخلَّص الورى من زخارف الضَّلالة، بالكتاب النَّاطق، و الوحي الصَّادق، المنزلين على سيد الورى، نبينا محمَّد المصطفى، ثمَّ أوجب النَّجاة من النَّار، وأبعد عن منزل الذل والخسار، لمن أطاعه في امتثال ما أمر، والكفِّ عمَّا عنه نهى وزجر، فقال : (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ)(النور:52) و طاعة الله في طاعة رسوله، وطاعة رسوله في اتباع سننه، إذ هي النُّور البهيّ والأمر الجليّ، والحجَّة الواضحة، والمحجة اللائحة، من تمسَّك بها اهتدى، ومن عدل عنها ضلَّ وغوى(5/35)
ولمَّا كان ثابت السّنن والآثار، وصحاح الأحاديث المنقولة والأخبار، ملجأ المسلمين في الأحوال، ومركز المؤمنين في الأعمال، إذ لا قوام للإسلام إلا باستعمالها، ولا ثبات للإيمان إلا بانتحالها، وجب الاجتهاد في علم أصولها، ولزم الحثّ على ما عاد بعمارة سبيلها، وقد استفرغت طائفة من أهل زماننا وسعها، في كتب الأحاديث، والمثابرة على جمعها، من غير أن يسلكوا مسلك المتقدمين، وينظروا نظر السَّلف الماضين في حال الرَّاوي والمروي، وتمييز سبيل المرذول والمرضي، واستنباط ما في السنن من الأحكام، وإثارة المستودع فيها من الفقه بالحلال والحرام، بل قنعوا من الحديث باسمه، و اقتصروا على كتبه في الصحف ورسمه، فهم أغمار، وحملة أسفار، قد تحمَّلوا المشاق الشديدة، وسافروا إلى البلدان البعيدة، وهان عليهم الدَّأب والكلال.
[.... إلى أن قال : ]..وأنا أذكر بمشيئة الله تعالى، وتوفيقه في هذا الكتاب، ما بطالب الحديث حاجة إلى معرفته، وبالمتفقة فاقة إلى حفظه ودراسته من بيان أصول علم الحديث وشرائطه.وأشرح من مذاهب سلف الرُّواة، والنَّقلة في ذلك ما يكثر نفعه، وتعمُّ فائدته، ويستدل به على فضل المحدِّثين، واجتهادهم في حفظ الدِّين، ونفيهم تحريف الغالين، وانتحال المبطلين ببيان الأصول من الجرح والتَّعديل، والتَّصحيح والتَّعليل، وأقوال الحفَّاظ في مراعاة الألفاظ، و حكم التَّدليس، والاحتجاج بالمراسيل، والنَّقل عن أهل الغفلة، ومن لا يضبط الرِّواية، وذكر من يرغب عن السَّماع منه لسوء مذهبه، والعرض على الرَّاوي(5/36)
والفرق بين قول: ( حدَّثنا )، و ( أخبرنا )، و ( أنبانا )، وجواز إصلاح اللَّحن و الخطأ في الحديث، ووجوب العمل بأخبار الآحاد، والحجَّة على من أنكر ذلك، وحكم الرِّواية على الشَّك وغلبة الظَّن، واختلاف الروايات بتغاير العبارات، ومتى يصحُّ سماع الصغير، وما جاء في المناولة، وشرائط صحَّة الإجازة والمكاتبة، وغير ذلك مما يقف عليه من تأمله ونظر فيه إذا انتهى إليه وبالله أستعين، وهو حسبي، ونعم الوكيل (1)
مقدمة علوم الحديث للحافظ أبي عمرو بن الصلاح
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الشيخ الإمام, الحافظ، مفتي الشام، تقي الدين، أبو عمر، عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان بن موسى بن أبي نصر، النصري الشهرزوري الشافعي، المعروف بابن الصلاح، عليه الرحمة: ( رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً) (الكهف:10), الحمد لله الهادي من استهداه، الواقي من اتقاه، الكافي من تحرَّى رضاه، حمداً بالغاً أمد التمام ومنتهاه, والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على نبينا والنبيين، وآل كل، ما رجا راجٍ مغفرته ورحماه، آمين.
هذا: وإن علم الحديث من أفضل العلوم الفاضلة، وأنفع الفنون النافعة، يحبه ذكور الرجال وفحولتهم، ويُعنى به محققو العلماء وكملتهم، ولا يكرهه من الناس إلا رُذالتهم وسفلتهم. وهو من أكثر العلوم تولجاً في فنونها، لا سيما الفقه الذي هو إنسان عيونها. ولذلك كثر غلط العاطلين منه من مصنفي الفقهاء، وظهر الخلل في كلام المخلين به من العلماء.
__________
(1) - طبع في المطبعة السلفية بإشراف ( محب الدين الخطيب ) في مجلد باسم ( الكفاية في علم الرواية ) ثم مصورا في دار الكتب العلمية, ثم في دار الهدى مصر 1422هـ في مجلدين, بتحقيق ( أبي إسحاق إبراهيم بن مصطفى الدمياطي )(5/37)
ولقد كان شأن الحديث فيما مضى عظيماً، عظيمة جموع طلبته، رفيعة مقادير حفاظه وحملته, وكانت علومه بحياتهم حية، وأفنان فنونه ببقائهم غضة، ومغانيه بأهله آهلة, فلم يزالوا في انقراض، ولم يزل في اندراس، حتى آضت به الحال إلى أن صار أهله إنما هم شرذمة قليلة العدد، ضعيفة العُدد, لا تغني على الأغلب في تحمله بأكثر من سماعه غفلاً، ولا تعنى في تقييده بأكثر من كتابته عطلاً، مُطَّرِحين علومه التي بها جل قدره، مباعدين معارفه التي بها فخم أمره
فحين كاد الباحث عن مشكله لا يلفي له كاشفاً، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفاً، منَّ الله الكريم تبارك وتعالى عليَّ وله الحمد أن أجمع بكتاب ( معرفة أنواع علوم الحديث )، هذا الذي باح بأسراره الخفية، وكشف عن مشكلاته الأبية، وأحكم معاقده، وأقعد قواعده، وأنار معالمه، وبَّين أحكامه، وفصل أقسامه، وأوضح أصوله، وشرح فروعه وفصوله، وجمع شتات علومه وفوائده، وقنص شوارد نكته وفرائده
فالله العظيم الذي بيده الضر والنفع، والإعطاء والمنع أسأل، وإليه أضرع وأبتهل، متوسلاً إليه بكل وسيلة، متشفعاً، إليه بكل شفيع، أن يجعله ملياً بذلك, وأملى، وفيِّاً بكل ذلك و أوفى, وأن يعظم الأجر والنفع به في الدارين، إنه قريب مجيب, ( وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) (هود:88)(5/38)
وهذه فهرسة أنواعه:فالأول منها: معرفة الصحيح من الحديث,.الثاني: معرفة الحسن من الحديث,.الثالث: معرفة الضعيف من الحديث,.الرابع: معرفة المسند,.الخامس: معرفة المتصل,.السادس: معرفة المرفوع,.السابع: معرفة الموقوف,.الثامن: معرفة المقطوع، وهو غير المنقطع,.التاسع: معرفة المرسل,.العاشر: معرفة المنقطع,. الحادي عشر: معرفة المعضل، ويليه تفريعات، منها في الإسناد المعنعن، ومنها في التعليق,.الثاني عشر: معرفة التدليس وحكم المدلّس,.الثالث عشر: معرفة الشاذ,.الرابع عشر: معرفة المنكر,.الخامس عشر: معرفة الاعتبار و المتابعات والشواهد, السادس عشر: معرفة زيادات الثقات وحكمها, السابع عشر: معرفة الأفراد,.الثامن عشر: معرفة الحديث المعلل,.التاسع عشر: معرفة المضطرب من الحديث,.العشرون: معرفة المدرج في الحديث,.الحادي و العشرون: معرفة الحديث الموضوع,.الثاني والعشرون: معرفة المقلوب,.الثالث والعشرون: معرفة صفة من تُقبل روايته و من تُرد روايته,.الرابع والعشرون: معرفة كيفية سماع الحديث وتحمّله، وفيه بيان أنواع الإجازة و أحكامها وسائر وجوه الأخذ و التحمل، وفيه علم جم,.الخامس والعشرون: معرفة كتابة الحديث, وكيفية ضبط الكتاب وتقييده، وفيه معارف مهمة رائقة,.السادس والعشرون: معرفة كيفية رواية الحديث وشرط أدائه وما يتعلق بذلك، وفيه كثير من نفائس هذا العلم, السابع و العشرون: معرفة آداب المحدِّث,.الثامن والعشرون: معرفة آداب طالب الحديث, التاسع و العشرون: معرفة الإسناد العالي والنازل,.الموفي ثلاثين: معرفة المشهور من الحديث, الحادي و الثلاثون: معرفة الغريب و العزيز من الحديث.الثاني والثلاثون: معرفة غريب الحديث, الثالث و الثلاثون: معرفة المسلسل,.الرابع والثلاثون: معرفة ناسخ الحديث ومنسوخه,.الخامس و الثلاثون: معرفة المصحَّف من أسانيد الأحاديث ومتونها,.السادس والثلاثون: معرفة مختلِف الحديث,.السابع والثلاثون: معرفة المزيد(5/39)
في متصل الأسانيد,.الثامن والثلاثون: معرفة المراسيل الخفي إرسالها, التاسع و الثلاثون: معرفة الصحابة - رضي الله عنهم -, الموفي أربعين: معرفة التابعين - رضي الله عنهم -, الحادي والأربعون: معرفة أكابر الرواة عن الأصاغر, الثاني والأربعون: معرفة المدبج وما سواه من رواية الأقران بعضهم عن بعض, الثالث والأربعون: معرفة الإخوة و الأخوات من العلماء والرواة,.الرابع و الأربعون: معرفة رواية الآباء عن الأبناء, الخامس والأربعون: عكس ذلك: معرفة رواية الأبناء عن الآباء, السادس والأربعون: معرفة من اشترك في الرواية عنه راويان متقدم ومتأخر، تباعد ما بين وفاتيهما, السابع والأربعون: معرفة من لم يروِ عنه إلا راوٍ واحد, الثامن والأربعون: معرفة من ذكر بأسماء مختلفة أو نعوت متعددة,.التاسع والأربعون: معرفة المفردات من أسماء الصحابة والرواة العلماء, الموفي خمسين: معرفة الأسماء و الكنى, الحادي والخمسون: معرفة كنى المعروفين بالأسماء دون الكنى, الثاني والخمسون: معرفة ألقاب المحدثين, الثالث والخمسون: معرفة المؤتلف والمختلف, الرابع والخمسون: معرفة المتفق والمفترق, الخامس والخمسون: نوع يتركب من هذين النوعين, السادس والخمسون: معرفة الرواة المتشابهين في الاسم و النسب، المتمايزين بالتقديم و التأخير في الابن و الأب, السابع والخمسون: معرفة المنسوبين إلى غير آبائهم, الثامن والخمسون: معرفة الأنساب التي باطنها على خلاف ظاهرها, التاسع والخمسون: معرفة المبهمات, الموفي ستين: معرفة تواريخ الرواة في الوفيات وغيرها, الحادي والستون: معرفة الثقات والضعفاء من الرواة, الثاني والستون: معرفة من خلَّط في آخر عمره من الثقات, الثالث والستون: معرفة طبقات الرواة والعلماء, الرابع والستون: معرفة الموالي من الرواة والعلماء, الخامس والستون: معرفة أوطان الرواة و بلدانهم.وذلك -أي النوع الخامس و الستون آخرها(5/40)
وليس بآخر الممكن في ذلك، فإنه قابل للتنويع إلى ما لا يحصى، إذ لا تحصى أحوال رواة الحديث, وصفاتهم، ولا أحوال متون الحديث, وصفاتها، وما من حالة منها ولا صفة إلا وهي بصدد أن تفرد بالذكر وأهلها، فإذا هي نوع على حياله، ولكنه نصب من غير أرب، وحسبنا الله ونعم الوكيل.(1)
اختصار علوم الحديث للحافظ عماد الدين ابن كثير
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله، والسلام على عباده الذين اصطفى.
__________
(1) - طبع طبعة حجرية في لكنو بالهند 1304هـ, ثم في القاهرة 1326هـ , وبومباي 1938هـ,ثم نشره ( محمد راغب الطباخ ) في حلب سنة 1350هـ, وأحسن طبعاته طبعة دار الفكر.دمشق بتحقيق ( نور الدين عتر )(5/41)
أما بعد: فإن علم الحديث النبوي على قائله أفضل الصلاة والسلام قد اعتنى بالكلام فيه جماعة من الحفاظ قديماً وحديثاً، كالحاكم, والخطيب، ومن قبلهما من الأئمة، ومن بعدهما من حفاظ الأمة, ولما كان من أهم العلوم وأنفعها, أحببت أن أعلق فيه مختصراً نافعا,ً جامعاً لمقاصد الفوائد، ومانعاً من مشكلات المسائل الفرائد, وكان الكتاب الذي اعتنى بتهذيبه الشيخ الإمام العلامة، أبو عمر بن الصلاح, تغمده الله برحمته من مشاهير المصنفات في ذلك بين الطلبة لهذا الشأن، وربما عُني بحفظه بعض المهرة من الشبان، سلكت وراءه، و احتذيت حذاءه، و اختصرت ما بسطه، ونظمت ما فرطه, وقد ذكر من أنواع الحديث خمسة وستين، وتبع في ذلك الحاكم أبا عبد الله الحافظ النيسابوري, شيخ المحدثين, وأنا بعون الله أذكر جميع ذلك، مع ما أضيف إليه من الفوائد الملتقطة من كتاب الحافظ الكبير أبي بكر البيهقي، المسمى (بالمدخل إلى كتاب السنن) (1), وقد اختصرته أيضاً نحو من هذا النمط، من غير وكس ولا شطط، والله المستعان، و عليه الاتكال.(2)
التقييد والإيضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح للحافظ أبي الفضل العراقي
الحمد لله الذي ألهم لإيضاح, ما أبهم وأفهم إلى الاصطلاح
__________
(1) - طبع في مكتبة أضواء السلف 1404هـ, بتحقيق ( محمد ضياء الرحمن الأعظمي ) في مجلدين
(2) - طبع في مجلد بتحقيق وتعليق العلامة ( أحمد محمد شاكر ) وسماه (الباعث الحثيث في اختصار علوم الحديث )(5/42)
وبعد : فإن أحسن ما صنف أهل الحديث في معرفة الاصطلاح كتاب ( علوم الحديث لابن الصلاح ) جمع فيه غرر الفوائد فأوعى, ودعي له زمر الشوارد فأجابت طوعا, إلا أن فيه غير موضع قد خولف فيه, وأماكن أحز تحتاج إلى تقييد وتنبيه, فأردت أن أجمع عليه نكتا تقيد مطلقه, وتفتح مغلقه, وقد أورد عليه غير واحد من المتأخرين إيرادات ليست بصحيحة فرأيت أن أذكرها, وأبين تصويب كلام الشيخ وترجيحه, لئلا يتعلق بها من لا يعرف مصطلحات القوم, ويتفق من مزجى البضاعات ما لا يصلح للسوم, وقد كان الشيخ الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي أوقفني على شئ جمعه عليه, سماه ( إصلاح ابن الصلاح ), وقرأ من لفظه موضعا منه, ولم أر كتابه المذكور بعد ذلك, وأيضا قد اختصره جماعة, وتعقبوه في مواضع منه, فحيث كان الاعتراض عليه غير صحيح, ولا مقبول ذكرته بصيغة اعترض عليه, على البناء للمفعول
وسميته : ( التقييد والايضاح لما أطلق وأغلق من كتاب ابن الصلاح ) (1)
شرح التبصرة والتذكرة للحافظ أبي الفضل العراقي
__________
(1) - طبع في دار الفكر 1389هـ بتحقيق ( عبد الرحمن محمد عثمان ), وفي دار الكتب العلمية 1999تحقيق (محمد عبد الله شاهين )(5/43)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ, الحمدُ للهِ الذي قَبِلَ بصحيحِ النيّةِ حسنَ العملِ، وحَملَ الضعيفَ المنقطِعَ على مراسيلِ لُطفِهِ فاتّصلَ، ورفعَ مَنْ أسندَ في بابهِ، ووقفَ مَنْ شَذَّ عنْ جنابهِ وانفصلَ، ووصلَ مقاطيعَ حُبِّهِ، وأدرجَهُمْ في سلسلةِ حزبهِ, فسكنَتْ نفوسُهُم عن الاضطرابِ والعِلل، فموضوعُهُم لا يكونُ محمولاً، و مقلوبُهُم لا يكونُ مقبُولاً ولا يُحْتَمَل,ُ وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ, وحدَهُ لا شريكَ لَه، الفردُ في الأزلِ, وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، أرسلَهُ والدينُ غريبٌ فأصبحَ عزيزاً مشهوراً واكتملَ، وأوضحَ به معضلاتِ الأُمورِ، وأزالَ به منكراتِ الدُّهُورِ الأُوَلِ، صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وصحبهِ وسلمَ ما علا الإسنادُ ونزَلَ، و طلعَ نجمٌ وأفل .
وبعدُ : فعلمُ الحديثِ خطيرٌ وَقْعُهُ، كثيرٌ نفعُهُ، عليه مدارُ أكثرِ الأحكامِ، وبه يُعْرَفُ الحلالُ و الحرامُ، ولأهلهِ اصطلاحٌ لابدَّ للطالبِ منْ فَهْمِهِ, فلهذا نُدِبَ إلى تقديمِ العنايةِ بكتابٍ في علمِهِ
وكنتُ نظمْتُ فيهِ ( أُرجوزةً ) (1)
__________
(1) - المسماة ( نظم الدرر في علم الأثر ) طبعت في عالم الكتب 1988 ضمن شرحها لمصنفها وعدد أبياتها ( 1002 ) لخص فيها كتاب (علوم الحديث لابن الصلاح ), وعبر عنه بلفظ الشيخ, وزاد عليه, وفرغ منها بطيبة في جمادى الآخرة سنة 768هـ أولها:
يقول راجي ربه المقتدر *** عبد الرحيم بن الحسين الأثري
ولها شروح كثيرة أهمها شرح الحافظ السخاوي تأتي مقدمته(5/44)
أَلَّفْتُهَا، ولبيانِ اصطلاحِهمُ أَلَّفْتُهُاْ، وشرعْتُ في شرحٍ لها، بسطتُهُ وأوضحتُه، ثم رأيتُه كبيرَ الحجم,ِ فاستطَلتُه,ُ ومَلِلتُه، ثم شرعْتُ في شرحٍ لها متوسطٍ, غيرِ مُفْرِطٍ و لا مُفَرِّطٍ، يُوضِحُ مُشْكِلَهَا، ويفتحُ مُقْفَلَها، ما كَثُرَ فأَمَلَّ، ولا قَصُرَ فأَخَلَّ، مَعَ فوائدَ لا يستغني عنها الطالبُ النبيهُ، وفرائدَ لا توجدُ مجتمعةً إلا فيهِ، جعلَهُ اللهُ تعالى خالصاً لوجهِهِ الكريمِ، ووسيلةً إلى جنات النعيمِ (1)
الإيضاح على نكت ابن الصلاح للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي لا تنفد مع كثرة الإنفاق خزائنه, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له يؤازره ، ولا نظير له يعاونه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله إلى الناس كافة، فقد فاز متابعة ومعاونه، وخسر مضاده ومباينه, صلى الله عليه و على آله وسلم وصحبه الذين جمعت لهم غرر الدين القويم ومحاسنه,
__________
(1) - طبع في بومباي بالهند بدون تاريخ, ذكره (بروكلمان)(6\208), ثم في عالم الكتب 1988 في مجلد, بتحقيق (محمود ربيع) و (ملخص) هذا الشرح للسيد الشريف (محمد أمين) الشهير (بأمير بادشاه البخاري) نزيل مكة, المتوفى بها سنة ,أوله: الحمد لله الذي اسند حديث الوجود. الخ,فرغ عنه بمكة في رمضان سنة 972هـ(5/45)
أما بعد : فإن الاشتغال بالعلوم الدينية النافعة أولى ما صرفت فيها فواضل الأوقات, وأحرى بأن يهجر لها الملاذ و الشهوات، ولم آل جهداً منذ اشتغلت بطلب الحديث النبوي في تعرف صحيحه من معلوله، ومنقطعه من موصوله, ولم آلو عناناً عن الجري في ميدان نقلته, والبحث عن أحوال حملته، لأن ذلك هو المرقاة إلى معرفة سقيمة من صحيحه, و تبيين راجحه من مرجوحه, ولكل مقام مقال, ولكل مجال رجال,.وكنت قد بحثت على شيخي العلامة حافظ الوقت أبي الفضل ابن الحسين الفوائد التي جمعها على مصنف الشيخ الإمام الأوحد الأستاذ أبي عمرو ابن الصلاح، و كنت في أثناء ذلك وبعده إذا وقعت النكتة الغربية، والنادرة العجيبة, والاعتراض القوي طوراً، والضعيف مع الجواب عنه أخرى, ربما علقت بعض ذلك على هامش الأصل، وربما أغفلته, فرأيت الآن أن الصواب الاجتهاد في جمع ذلك، وضم ما يليق به, ويلتحق بهذا الغرض, وهو تتمة التنكيت على كتاب ابن الصلاح، فجمعت ما وقع لي من ذلك في هذه الأوراق, ورقمت على أول كل مسألة إما ( ص ), وإما ( ع ), الأولى لابن الصلاح, أو الأصل, والثانية للعراقي, أو الفرع, وغرضي بذلك جمع ما تفرق من الفوائد, واقتناص ما لاح من الشوارد, والأعمال بالنيات.(1)
فتح المغيث شرح ألفية الحديث للحافظ شمس الدين السخاوي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل العلم بفنون الخبر، مع العمل المعتبر بها إِليه أتم وسيلة، ووصل من أسند في بابه وانقطع إليه، فأدرجه في سلسلة المقربين لديه، وأوضح له المشكل الغريب وتعليله,
__________
(1) - طبع في دار الراية الرياض 1408هـ بتحقيق الشيخ ( ربيع المدخلي) , وفي دار الكتب العلمية بتحقيق ( مسعد السعدني)(5/46)
وأشهد أن لا إله إلا الله, الواحد الأحد، الفرد الصمد, أنزل على عبده أحسن الحديث, وعلمه تأويله, وأشهد أن سيدنا محمداً المرسل بالآيات الباهرة، والمعجزات المتواترة، والمخصوص بكل شرف وفضيلة,صلى الله عليه وعلى آله وصحبه, وأنصاره, و حزبه الذين صار الدين بهم عزيزاً بعد فشو كل شاذ ومنكر ورذيلة، ورضي الله عن أتباعهم المعول على اجتماعهم ممن اقتفى أثره وسلك سبيله، صلاة وسلاماً دائمين غير مضطربين ينال بهما العبد في الدارين تأميله
وبعد : فهذا تنقيح لطيف، وتلقيح للفهم المنيف، شرحت فيه ألفية الحديث، وأوضحت به ما اشتملت عليه من القديم و الحديث، ففتح من كنوزها المحصنة الأقفال كل مرتج، وطرح عن رموزها الإِشكال ما بين الحجج، سابكاً لها فيه بحيث لا تتخلص منه إلا بالتمييز لأنه أبلغ في إظهار المعنى, تاركاً لمن لا يرى حسن ذلك في خصوص النظم والترجيز، لكونه إن لم يكن متعنتاً لم يذق الذي هو أهنى، مراعياً فيه الاعتناء بالناظم رجاء بركته، ساعياً في إفادة ما لا غنا عنه لأئمة الشأن وطلبته، غير طويل ممل، ولا قصير مخل، استغناء عن تطويله بتصنيفي المبسوط، المقرر المضبوط، الذي جعلته كالنكت عليها, وعلى شرحها للمؤلف، وعلماً بنقص همم أماثل الوقت, فضلاً عن المتعرف, إجابة لمن سألني فيه من الأئمة ذوي الوجاهة والتوجيه، ممن خاض معي في الشرح وأصله، وارتاض فكره بما يرتقى به عن أقرانه وأهله, نفعني الله وإياه و المسلمين بذلك، ويسر لنا إلى كل خير أقرب المسالك بمنه وكرمه.(1)
تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي للحافظ جلال الدين السيوطي
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية في ( 3 ) مجلدات بتحقيق ( صلاح عويضة ) و هناك طبعات أخرى(5/47)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله الذي جعل أنساب من انقطع إليه موصولة، ورفع مقام الواقف ببابه، و آتاه مناه وسوله، وأدرج في زمرة أحبابه من لم تكن نفسه بزخارف المبطلين معلولة، وأشهد أن لا إله إلا اللّه, وحده لا شريك له، شهادة برداء الإِخلاص مشمولة، وللملكوت الأعلى صاعدة مقبولة، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، الذي بلغ به من إكمال الدين مأموله، وآتاه جوامع الكلم، فنطق بجواهر الحكم، وفاحت من حدائق أحاديثه في الخافقين شذا أزهارها المطلولة، صلى اللّه عليه وعلى آله وصحبه ذوي الأصول الكريمة و الأمجاد المأثولة
أما بعد : فإن علم الحديث رفيع القدر، عظيم الفخر، شريف الذكر، لا يعتني به إلا كل حبر، ولا يحرمه إلا كل غمر، و لا تفنى محاسنه على ممر الدهر، وكنت ممن عبر إلى لجة قاموسه، حيث وقف غيري بشاطئه، ولم أكتف بورود مجاريه، حتى بقرت عن منبعه ومناشئه، وقلت لمن على الراحة عوَّل، متمثلاً بقول الأوّل
لسنا وإن كنَّا ذوي حسب *** َوْماً على الأحساب نتكل
نبني كما كانت أوائلنا *** نني ونفعل مثل ما فعلوا(5/48)
مع ما أمدني اللّه تعالى به من العلوم، كالتفسير الذي به يطلع على فهم الكتاب العزِيز، وعلومه التي دونتها ولم أسبق إلى تحريرها الوجيز, والفقه الذي من جهله فأنّى له الرفعة والتمييز، واللغة التي عليها مدار فهم السنة والقرآن، والنحو الذي يفتضح فاقده بكثرة الزلل ولا يصلح الحديث للحان، إلى غير ذلك من علوم المعاني والبيان، التي لبلاغة الكتاب و الحديث تبيان، وقد ألفت في كل ذلك مؤلفات، وحررت فيها قواعد ومهمات، ولم أكن كغيري ممن يدعي الحديث بغير علم، وقصارى أمره كثرة السماع على كل شيخ وعجوز، غير ملتفت إلى معرفة ما يحتاج المحدث إليه أن يجوز، ولا مكترث بالبحث عما يمتنع أو يجوز، ثم ظن الانفراد بجمع الكتب والضن بها على طلابها ، فهو كمثل الحمار يحمل أسفاراً, عارياً عن الانتفاع بخطابها, إن سُئل عن مسألة في المصطلح لم يهتد إلى جوابها، أو عرضت له مسألة في دينه لم يعرف خطأها من صوابها، أو تلفظ بكلمة من الحديث لم يأمن أن يزل في إعرابها، فصار بذلك ضحكة للناظرين، وهزأة للساخرين، و اللّه تعالى حسبي وهو خير الناصرين.(5/49)
هذا، وقد طال ما قيدت في هذا الفن فوائد وزوائد، وعلقت فيه نوادر وشوارد، وكان يخطر ببالي جمعها في كتاب، و نظمها في عقد لينتفع بها الطلاب، فرأيت كتاب ( التقريب والتيسير )(1) لشيخ الإِسلام الحافظ ، ولي اللّه تعالى, أبي زكريا النواوي ، كتاباً جل نفعه، وعلا قدره، وكثرت فوائده، وغزرت للطالبين موائده، وهو مع جلالته وجلالة صاحبه وتطاول هذه الأزمان من حين وضعه لم يتصد أحد إلى وضع شرح عليه، ولا الإِنابة إليه . فقلت لعل ذلك فضل ذَخَره اللّه تعالى لمن يشاء من العبيد، ولا يكون في الوجود إلا ما يريد، فقوى العزم على كتابة شرح عليه كافل بإيضاح معانيه وتحرير ألفاظه ومبانيه، مع ذكر ما بينه وبين أصله من التفاوت في زيادة أو نقص، أو إيراد واعتراض، مع الجواب عنه إن كان مضافاً إليه زوائد عَلية، وفوائد جلية، لا توجد مجموعة في غيره، ولا سار أحد قبله كسيره، فشرعت في ذلك مستعيناً باللّه تعالى، ومتوكلاً عليه، وحبذا ذاك اتكالاً
وسميته : ( تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي )، وجعلته شرحاً لهذا الكتاب خصوصاً، ثم ( لمختصر ابن الصلاح ), ولسائر كتب الفن عموما, واللّه تعالى أسأل أن يجعله خالصاً لوجهه، فهو بإجابة السائل أحرى، وينفع به مؤلفه وقارئه في الدنيا والأخرى.(2)
موضح أوهام الجمع والتفريق للحافظ الخطيب البغدادي
__________
(1) - طبع باسم ( التقريب والتيسير لمعرفة سنن البشير النذير ) في مؤسسة الكتب الثقافية 1986 بتحقيق ( عبد الله عمر البارودي )
(2) - طبع دار الفكر 1993, وفي دار الحديث مصر بتحقيق ( أيمن الشبراوي ), وله عليه أيضا ( التذنيب في الزوائد على التقريب)(5/50)
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وحده مستحق الحمد ووليه, وصلواته على خيرته من خلقه وصفيه, نبينا محمد خاتم الرسل المبعوث بأفضل الأديان والملل, وعلى مجيبي دعوته, ومصدقي كلمته, المتبعين لشريعته, و المتمسكين بسنته, وعليه وعليهم أفضل السلام, ومتتابع الرحمة والتحية و الإكرام, قد أوردنا في هذا الكتاب ذكر جماعة كثيرة من الرواة, انتهت إلينا تسمية كل واحد منهم, وكنيته, والأمور التي يعزى إليها, كنسبته على وجوه مختلفة, في روايات مفترقة, ذكر في بعضها حقيقة اسمه, ونسبه, واقتصر في البعض على شهرة كنيته, أو لقبه, وغير في موضع اسمه, واسم أبيه, وموه ذلك بنوع من أنواع التمويه, ومعلوم أن بعض من انتهت إليه تلك الروايات فوقوع الخطأ في جمعها وتفريقها غير مأمون عليه, ولما كان الأمر على ما ذكرته, بعثني ذلك أن بينته, وشرحته
ونسأل الله التوفيق لسلوك قصد السبيل, فإنه تبارك وتعالى حسبنا ونعم الوكيل (1)
الفصل للوصل المدرج في النقل للحافظ الخطيب البغدادي
بسم الله الرحمن الرحيم, عونك يا رب يسر, الحمد لله على سوابغ نعمائه, وتتابع أياديه وآلائه, وصلى الله على خيرته من عباده و أصفيائه, وأجزل النصيب من ذلك لسيدنا محمد خاتم أنبيائه, و سلم عليه وعليهم تسليما, وزاده ,وإياهم تشريفا وتعظيما, قال الإمام الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب - رضي الله عنه -:
__________
(1) - طبع في مطبعة دائرة المعارف العثمانية حيدرآباد الهند 1378 في مجلدين بتحقيق العلامة ( عبد الرحمن المعلمي ), ثم صورت هذه الطبعة في مؤسسة الكتب الثقافية(5/51)
هذا كتاب ذكرت فيه أحاديث يشكل شأنها على جماعة من أصحاب الحديث والأثر, ويخفى مكانها على غير واحد من أهل المعرفة والبصر, فمنها ما يلتبس على العالم الجليل القدر, فضلا عن المتعلم القليل الخير, ومنها أحاديث وصلت متونها بقول رواتها, وسيق الجميع سياقة واحدة, فصار الكل مرفوعا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -, ومنها ما كان متن الحديث عند راويه بإسناد غُيِّر لفظة منه, أو بألفاظ, فإنها عنده بإسناد آخر, فلم يبين ذلك بل أدرج الحديث, وجعل جميعه بإسناد واحد, و منها ما ألحق بمتنه لفظة أو ألفاظ ليست منه, وإنما هي من متن آخر, ومنها ما كان بعض الصحابة يروي متنه عن صحابي آخر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوصل بمتن يرويه الصحابي الأول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -, ومنها ما كان يرويه المحدث عن جماعة اشتركوا في روايته فاتفقوا غير واحد منهم خالفهم في إسناده فأدرج الإسناد, وحمل على الإتفاق, فذكرت جميع ذلك, وشرحته وبينته, وأوضحته, والله تعالى أسأل المنفعة به, والسلامة فيه, إنه على كل شيء قدير (1)
تلخيص المتشابه في الرسم وحماية ما أشكل منه عن بوادر التصحيف والوهم للحافظ الخطيب البغدادي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما, الحمد لله الذي بفضله ونعمته تتم الصالحات, ولا إله إلا الله, المحيط علما بكل المعلومات, وصلى الله على نبينا محمد أفضل البريات, وعلى إخوانه و أصحابه أجمعين, وأزواجه الطاهرات, وتابعيهم بإحسان, و عليه وعليهم من الله أعظم البركات
__________
(1) - طبع في دار الهجرة الرياض 1418هـ في مجلدين بتحقيق ( محمد بن مطر الزهراني ) وفي دار الكتب العلمية بيروت بتحقيق آخر(5/52)
ثم إني رسمت في هذا الكتاب بتوفيق الله وعونه من أسماء المحدثين وأنسابهم, ومن الأسماء, والأنساب التي يدونونها في كتبهم, ما تشتبه صورته في الخط دون اللفظ, مفردا عما يقع الإتفاق فيه حال النطق به, والكتب له, إذ كنا قد عرفنا قبل من ذلك النوع في كتابنا الذي ألفناه في ( المتفق و المفترق ) (1)
وقد جعلت هذا المرسوم فصولا خمسة, كل فصل منها يشتمل على أبواب عدة, يتضمن كل باب تراجم كثيرة, ذكرت في الفصل الأول ما تشتبه صورته في الخط , وتتفق حروفه في الهجاء, وفي الفصل الثاني ما يشتبه في الخط وهجاء بعض حروفه مختلف, وفي الفصل الثالث ما كان في بعض حروفه تقديم على بعض مع اتفاقها في الصورة, وفي الفصل الرابع ما يتقارب لاشتباهه وبعض حروفه مختلف في الصورة, وذكرت في الفصل الخامس نوادر هذا الكتاب, ولخصت جميع ذلك و قيدته بذكر لفظ حروفه وشكلها, وتسمية شيوخ المذكورين الذين سمعوا منهم, وخالفيهم الذين صحبوهم, ونقلوا عنهم, وسياق بعض رواياتهم وأخبارهم
والله أسأل التوفيق لما يحظى عنده, و يزلف لديه إنه سميع قريب (2)
الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة للحافظ الخطيب البغدادي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله إلهنا ومولانا, كفاء إنعامه وإفضاله, والصلاة على أفضل البرية نبينا محمد وعلى آله
هذا كتاب أوردت فيه أحاديث تشتمل على قصص متضمنة ذكر جماعة من الرجال والنساء أبهمت أسماؤهم, وكنى عنها, وجاءت في أحاديث أخر محكمة, فجمعت بينهما, وجعلت إثر كل حديث فيه اسم مبهم حديثا فيه بيانه, ورتبت ذلك على نسق حروف المعجم
__________
(1) - في ستة عشر جزءا قال ابن الصلاح : هو مع أنه كتاب حفيل غير مستوف للأقسام التي أذكرها
(2) - طبع في دار طلاس بدمشق1985 بتحقيق ( سكينة الشهابي ) في مجلد ين ثم في دار الكتب العلمية 2003 في مجلد واحد بتحقيق ( محمد حسن إسماعيل ), قال الحافظ ابن الصلاح في (مقدمته)(ص417) : وهو من أحسن كتبه.اهـ(5/53)
والله أسأل توفيق العمل بطاعته و إسلامه في كل الأمور بمنه و رأفته.(1)
الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف والمختلف في الأسماء والكنى والألقاب للحافظ أبي نصر بن ماكولا
بسم الله الرحمن الرحيم, رب أعن, قال الأمير الأجل الحافظ, أبو نصر علي ابن الوزير الأجل أبي القاسم هبة الله بن علي بن جعفر رحمه الله :
الحمد لله رب العالمين, وصلواته على أكرم المرسلين, محمد وآله الطاهرين, وأصحابه المنتجبين, وأزواجه المنزهات من الرجس أمهات المؤمنين, وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد : ذلك فإني لما نظرت في كتاب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الذي سماه (تكملة المؤتلف و المختلف) لكتاب أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني في (المؤتلف والمختلف)(2), ولكتابي عبد الغني بن سعيد الأزدي في (المؤتلف والمختلف ), و(مشتبه النسبة), وجدته قد أخل بأشياء كثيرة لم يذكرها, وكرر أشياء قد ذكراها أو أحدهما, و نسبهما إلى الغلط في أشياء لم يغلطها فيها, وترك أغلاطا لهما لم ينبه عليها, ووهم في أشياء مما استدركه سطرها على الغلط, فآثرت أن أعمل في هذا الفن كتابا جامعا لما في كتبهم, وما شذ عنها, وأسقط ما لا يقع الإشكال فيه مما ذكروه, وأذكر ما وهم فهي أحدهم على الصحة, وما اختلفوا فيه, وكان لكل قول وجه ذكرته, فبدأت به محتسبا بعمله وراجيا الثواب بتلخيصه, إذ كان أكبر عون لطالب العلم على معرفة ما يشتبه عليه من الأسماء, والأنساب, والألقاب, التي يحتاج إلى قراءتها, وكتابتها
__________
(1) - طبع في مكتبة الخانجي القاهرة 1992 بتحقيق ( عز الدين علي السيد ) وبذيله ( مختصر ) الحافظ ( النووي )
(2) - طبع في دار الغرب الإسلامي في ( 5 ) مجلدات بتحقيق ( موفق عبد القادر )(5/54)
ورتبه على حروف المعجم, و جعلت كل حرف أيضا على حروف المعجم, وبدأت في كل باب بذكر من اسمه موافق لترجمته, ثم بمن كنيته كذلك, ثم أتبعته بذكر الآباء والأجداد, وقدمت في كل صنف الصحابة, وأتبعتهم بالتابعين, و تابعيهم إن كانوا في ذلك الباب, وإلا فالأقدام من الرواة, ثم جعلت بعد ذكر من له رواية الشعراء, والأمراء, و الأشراف في الإسلام, والجاهلية, وكل من له ذكر في خبر من الرجال والنساء, وختمت كل حرف بمشتبه النسبة منه, ليقرب إدراك ما يطلب فيه, ويسهل على مبتغيه, ولو كنت قد ذكرت ما في كتبهم وحدها, ولم أهذب أغلاطها, و أسقط ما لا يحتاج إليه منها, ولم أضف إلى ذلك شيئا لكنت قد قربت طريقا شاسعا, وأزلت عناء كثيرا, فكيف وقد أضفت إلى ما ذكروا شيئا كثيرا لم يوردوه, وحققت أشياء كانت مضطربة في كتبهم, وأصلحت أوهاما ظاهرة قد سطرت فيها على السهو, ولست أدعي التقدم عليهم في هذا الفن, ولا المساواة لهم فيه ولا المقاربة, وإنما أدعي أني تتبعت هذا الفن أو في مما تتبعوه, وصرفت إليه اهتمامي أكثر مما صرفوه, وتركت التأول الضعيف الذي أجعله طريقا إلى تغليط أئمة هذا الشأن, الذين بأقوالهم نقتدي, ولآثارهم نقتفي, ولأني كفيت مؤنة التتبع لما أودعوه كتبهم فخف عني أكثر الثقل, وسقط عني أعظم العناء
وأنا أرغب إلى الله تعالى أن يمدني بالعون والتوفيق, وأن يهديني لأحب الطريق, ويحرسنى من السهو والخطإ, والزلل وما ذلك عليه بعزيز (1)
تهذيب مستمر الأوهام للحافظ أبي نصر بن ماكولا
__________
(1) - طبع في مطبعة دائرة المعارف بالهند 1381 في (5) مجلدات , ثم صور في بيروت في دار الكتب العلمية(5/55)
بسم الله الرحمن الرحيم, وبه أستعين, الحمد لله الذي تفرد بالكمال فلا نقص في تمامه, وتوحد بمتقن الفعال فلا خلل في أحكامه, وقرر الأمور على مشيئته فلا نقض لإبرامه, وصلواته على من أرسله رحمة إلى خير أمة أخرجت للناس, و ظهر به القلوب الصدية من الأدناس, وجعله للأنبياء صلوات الله عليه وعليهم مكملا وخاتما, وصيره إلى الحق داعيا وبه قائما, وعلى أهل بيته وأصحابه و أزواجه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين
وبعد : ذلك فإن أبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي, رحمه الله وكان أحد الأعيان ممن شاهدناه معرفة و إتقانا وحفظا وضبطا لحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتفننا في علله, وأسانيده, وخبرة برواته, وناقليه, وعلما بصحيحه, وغريبه, وفرده, ومنكره, وسقيمه, ومطروحه, ولم يكن للبغداديين بعد أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني من يجري مجراه, ولا قام بعده بهذا الشأن سواه, وقد استفدنا كثيرا من هذا اليسير الذي نحسنه, وبه وعنه تعلمنا شطرا من هذا القليل الذي نعرفه بتنبيهه, ومنه فجزاه الله عنا الخير, ولقاه الحسنى, ولجمع مشايخنا وأئمتنا ولجميع المسلمين, كان قد عمل بالشام كتابا سماه (المؤتنف تكملة المؤتلف), ولما عاد إلى بغداد قرأ علي شيئا من أوله, مغربا علي به, ومعرفا لي بما ضمنه إياه, ومعرفا لي قدر ما تيسر له, وأنه وفي الرابع أشياء ذاكرها وقصرا في شرحها وإيضاحها, فبينها وأتم نقصانها, وفي الخامس ما أورداه من الأحاديث نازلة ووقعت له عالية(5/56)
ولما أنعمت النظر فيه وجدته قد ذكر في الفصل الأول ما قد ذاكراه أو أحدهما, وفي الفصل الثاني قد غلطهما في أشياء لم يغلطا فيها, و أخل بأوهام لهما ظاهرة, وفي الفصل الثالث قد كرر أشياء ذاكرها أو أحدهما, و أخل بنظائر لما ذاكراه, ولم يهتد إليها, وفي الفصل الرابع لم يشرح من ما ضمن بيانه إلا شيئا يسيرا, وفي كتبهم أشياء كثيرة تحتاج إلى شرح وبيان, وإيضاح و تعريف, ولا سيما كتاب عبد الغني, فإن أكثر ما فيه غير مبين, ووجدت له في تضاعيف الكتاب أوهاما من تصحيف, و إسقاط أسماء من أنساب, وأغلاط غير ذلك, فتركته على ما هو عليه
وجمعت كتابي الذي سميته ( بالإكمال ) ولم أتعرض فيه لتغليطه, ولا لتغليط غيره, ورسمت ما غلط فيه واحد منهم في كتابي على الصحة, ولما أعان الله على تمامه ذكرت ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :(5/57)
من كتم علما علمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار, وما روي عن بعض السلف أنه قال : وما أوجب الله تعالى على الجهال أن يتعلموا حتى أوجب على العلماء أن يعلموا, وخشيت أن تبقى هذه الأوهام في كتبهم فيظن من يراهنا أنها الصحيح, ويتبع أمرهم فيها, فيضل من حيث طلب الهداية, ويزل من جهة ما أراد الإستثبات, وإذا رأى كتابي بما تصور أن الغلط ما ذكرته أنا, وإن أحسن الظن بي جعل قولي خلافا, وقال كذا ذكر فلان, وكذا ذكر فلان, فاستخرت الله تعالى ورغبت إليه في عضدي بالتوفيق والإرشاد, وسألته إلهامي القصد وتأييدي بالسداد, وجمعت في هذا الكتاب أغلاط أبي الحسن علي بن عمر, وعبد الغني بن سعيد مما ذكره الخطيب, ومما لم يذكره لتكون أغلاطهما في مكان واحد, وما غلطهما فيه وهو الغالط, وأغلاط الخطيب في (المؤتنف), ورتبته على حروف المعجم, ليسهل طلبه على ملتمسه, ويقرب وجوده من طالبه, وبينت الحجة على ما ذكرته, و الدليل على ما أوردته, واعتمدت الإيجاز والاختصار, ولم أشق الطرق, وأكثر بتكرير الأسانيد, وتركت أغلاطا للخطيب رحمه الله, في تراجم أبواب حكاها عن الشيخين وهم عليهما, أو على أحدهما فيها, ورتبها على غير ما رتباه تركا للمضايقة, ولأن ذلك مما لا يضر طالب العلم جهله, ولا ينفعه استفادته
ويعلم الله تعالى أن قصدي فيه تبصير المسترشد, وإرشاد الحايد, وتيسير الطرق على حافظي شريعة الإسلام, وتقريب البعيد على ناقلي سنن الأحكام, وهو بقدرته ولطفه لا يضيع أجر من أحسن عملا, إنه جواد كريم, رؤوف رحيم (1)
تكملة إكمال الإكمال للحافظ أبي بكر محمد بن عبد الغني البغدادي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, والصلاة و السلام على سيدنا محمد وآله وصحبه الطيبين الطاهرين, وعلى التابعين لهم بالإحسان إلى يوم الدين
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1410في مجلد بتحقيق ( سيد كسروي )(5/58)
أما بعد : فاعلم وفقك الله للخيرات إني نظرت في كتاب الأمير أبي نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر الحافظ المعروف بابن ماكولا الذي جمع فيه كتب الحفاظ المتقدمين, وصار قدوة وعلما للمحدثين, وعمدة للحفاظ المتقين, و فاصلا بين المختلفين, ومزيلا لشبه الشك عن قلوب المرتابين, فوجدته قد بيض فيه تراجم, واستشهد رحمه الله قبل أن يلحقها, ومواضع قد ذكر فيها قوما وترك آخرين, يلزمه ذكرهم ولم يبيض لهم, وتراجم قد نقلها ثقة بمن تقدمه من غير كشف, والصواب بخلافها, وأخرى كان الوهم من قبله فيها, ثم قد حدثت من بعده تراجم لها من أسماء المتقدمين و نسبهم ما يشتبه بها(5/59)
فاستخرت الله عز وجل في جمع أبواب تشتمل على ما وصل إلى من ذلك, وسطرتها على وضع كتابه, وأتبعنا كل حرف بمشتبه النسبة فيه, مع ضيق الزمان, وتعذر الإمكان, والاعتراف بالتقصير في هذا الشأن, ليستذكر بذلك من أحب أن يجمع كتابا في هذا الفن, ولو وجدنا بعض الطلبة المتيقظين قد نظر في هذا الباب, وصرف الهمة إليه لاعتمدنا في ذلك عليه, مع أنه لم يمنعنا أن نستكثر مما أوردناه إلا أنا وجدنا كثيرا من الأسماء التي نحتاج إليها بخط من لا يعتمد علي ضبطه, ولا تلوح آثار الإتقان في خطه, وإن كان من ثقات الرواة, وممن يتهمه بالحفظ بعض الطلبة الغباة, فأخذنا ما وجدنا بخط الحفاظ, مثل أبي نعيم الأصبهاني, ومؤتمن بن أحمد الساجي, و محمد بن طاهر المقدسي, وعبد الله بن أحمد السمرقندي, وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي, و أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي, وأبي العلاء الحسن بن أحمد العطار الهمذاني, وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب النحوي, وأبي القاسم علي بن الحسن بن عساكر الدمشقي, وأبي موسى محمد بن عمر الأصبهاني, وأبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني, وأبي عامر محمد بن سعدون العبدري, ومن بعدهم من ثقات الطلبة المميزين, و العلماء المبرزين, وما وجدناه بغير خط هؤلاء, ومن أشبههم رفضناه, ولم نلتفت إليه, ولم نعتمد في هذا الباب عليه, مع أن البشر لا يخلو من و هم وغلط
نسأل الله الكريم أن يوفقنا لصواب القول والعمل, وأن يحرسنا من الخطأ والزلل, بمنه وكرمه إنه سميع الدعاء (1)
الأنساب المتفقة في الخط المتماثلة في النقط والضبط للحافظ ابن طاهر المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله وبه أستعين, وصلواته على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين
__________
(1) - طبع في جامعة أم القرى 1410هفي ( 5 ) أجزاء بتحقيق ( عبد القيوم عبد رب النبي )(5/60)
أما بعد : فإن أئمتنا المتقدمين - صلى الله عليه وسلم - صنفوا في مشكلات الأسماء والأنساب كتبا يستضيء بها المنتهي, ويسترشد بها المبتدىء, لا غناء للمحدث عنها, فوقع بما صنفوا النفع العظيم, جزاهم الله خيرا
وكان النوع الذي رسموه على قسمين :
أحدهما في الأسماء, وهو ما اتفق في الصورة, واختلف في المعنى, والثاني في الأنساب, وهو نظيره أيضا ومعناه, وبقي من المشكلات غير ما قدمنا من ذكر هذين النوعين, لم أر لأحد من المتقدمين فيه تصنيفا, وهو ما اتفق في الخط, وتماثل في النقط والضبط, مثل بلدتين, أو قبيلتين, أو صناعة و نسب, أو بلدة, و لقب, على العكس والطرد, خرج منهما محدثان
وكنت في تحريري هذا النوع مقدما مرة ومؤخرا أخرى, حتى دخلت نيسابور, فرأيت في بعض تخاريج الحاكم أبي عبد الله الحافظ رحمه الله حديثا لإسماعيل بن عياش, عن مطعم بن المقدام الصنعاني, فقال عقبة : تفرد به الشاميون عن اليمانيين, واعتقد أن مطعما هذا من صنعاء اليمن, وإنما هو من صنعاء قرية بباب دمشق, نزلها جماعة من الصحابة, وخرج منها غير واحد من المحدثين, نذكرهم في بابهم إن شاء الله عز وجل, قال أبو عمرو الأوزاعي : ما أصيب أهل الشام بأعظم من مصيبتهم بالمطعم بن المقدام الصنعاني
فلما رأيت أبا عبد الله قد وقع له هذا الوهم, حينئذ تتبعت هذا النوع, وحررته وجعلته مرتبا على الحروف, ليكون أسهل على الناظر, ولا بد لهذا النوع من متتبع, وناقد, ومستدرك, وزائد كما فعل في حق من تقدم ذكرنا له, فرحم الله امرءا أنصف من نفسه, وانتصف من خصمه, فليس يسلم أحد من سهو وخطأ
والله بمنه وفضله يوفقنا للصواب فيما قصدنا له, إنه ولي الإجابة (1)
إيضاح الإشكال للحافظ ابن طاهر المقدسي
بسم الله الرحمن الرحيم, وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم
__________
(1) - طبع في دار الكتب العلمية 1411هـ بتحقيق ( كمال يوسف الحوت )(5/61)
قال الشيخ الإمام رحمه الله : هذه أسامي أقوام من الصحابة يروي عنهم أولادهم ولا يسمون في الرواية, فيعسر على من ليس الحديث من صناعته معرفة اسم ذلك الرجل, أفردنا لهم هذه الأجزاء, على اختصار دون ذكر أحاديثهم والاستدلال, إذ الحاجة تحصل بهذا القدر, والله الموفق للصواب (1)
الزيادات على كتاب الأنساب لابن القيسراني للحافظ أبي موسى المديني
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين, حق حمده وجوبه على عبده ابن عبده, والصلاة والسلام على محمد المصطفى عنده من عنده, وعلى آله وأصحابه من بعده
أما بعد : فإني لما طالعت كتاب شيخنا الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي رحمه الله في الأنساب المتفقه في الخط, المتماثلة في النقط والضبط, استملحته مع أن الحاكم أبا عبد الله قد سبقه بالإشارة إليه, إلا أن شيخنا قد أكثر منه, ورتب, وجمع, وبوب, حينئذ وقعت لي زيادات فيه لم يوردها, ولم تقع له علقتها على حواشيه, عملي في سائر ما كنت أطالعه من هذا النوع, وقد أشار هو إليه في خطبة كتابه, حيث قال : ولا بد لهذا النوع من متتبع, وناقد, و مستدرك, وزائد, وأنا أقوله أيضا, فسألني بعض الكبراء مرارا أن أجمعها, وأجعلها ذيلا لكتابه, ليقع النفع به, فأسألته طلبته مستعجلا من غير تنقيح مني لذلك كما يجب, مستعينا بربي تبارك وتعالى الذي لم يزل لي معينا, مع أن في بعض ما أورده أنا عسى أن يكون هو الذي أورده هو عند التحصيل, وإن كان خالفه في اللفظ والتسمية, كالذي أذكره في الآملي غير أنه لا يعرفه إلا المتبحر في الصنعة, وقد جعلت هذه الزيادات نوعين, أحدهما الزيادة فيما أورده هو, وهذا الذي يبدأ بذكره في كل حرف, والثاني ما لم يورده أصلا
__________
(1) - طبع في مكتبة المعلا الكويت بتحقيق 1408هـ ( باسم الجوابرة )(5/62)
ولما شرعت فيه تبين لي أنه من أغمض الأنواع, وقد كنت نظرت إلى كتابه من بعيد, فلما توسطته وتوسعت فيه وقعت على أوهام له كثيرة, أنا ذاكر أكثرها بعون الله تعالى, مع حفظه, وإتقانه, وشدة توقيه, من غير أمني وقوع مثلها في كتابي هذا الذي أمليه, لأن استناد أكثر هذه الأنساب إلى قبائل مختلفة في أصلها, ونسبها, وزمان لم يكن فيه ضبط و ثبت, ومن الله تعالى أستمد المعونة, وحسن التوفيق, وما توفيقي إلا بال,له عليه توكلت, وإليه أنيب (1)
الإشارات إلى بيان الأسماء المبهمات للحافظ أبي زكريا النووي
بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله بارئ المصنوعات, ومدبر المحدثات, ومصرف اللسن واللغات, الذي أسبغ علينا نعمه الظاهرات والباطنات, أحمده أبلغ الحمد وأكمله وأزكاه وأتمه وأشمله, واشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى من بريته, والمختار من خليفته - صلى الله عليه وسلم - وزاده فضلا وشرفا لديه
أما بعد : فإن علم الحديث من أنفس العلوم الشرعية, وأولى ما رغب أصحاب الأنفس الزكية, وأحق ما تفنن فيه ذوو الرغبة والأهلية, ومن جملة علومه الواهرات , ومستفادات أقسامه المطلوبات, معرفة ما يقع في متونه من الأسماء المبهمات فإنه يترتب عليه فوائد كثيرة يعرفها أهل العنايات, ويعرف به منازل أولي المرات والدرجات
__________
(1) - طبع بذيل كتاب ( ابن طاهر )(5/63)
وقد ألف العلماء في ذلك جملا من المصنفات المشهورات, من أحسنها كتاب الإمام الحافظ أبي بكر أحمد بن ثابت الخطيب البغدادي ذي التحقيقات , وصاحب النفائس ومستجادات المصنفات, التي زادت على خمسين مؤلفا في أنواع الحديث النيرات, فآثرت اختصار كتابه متوسطا بين البسط و الإطالات, و أذكر فيه طرفا من الحديث, بحيث يعرف بما فيه معرفة سالمة من الترددات, وأزيد فيه جملا نفيسة لم يذكرها, مِن ضبط ما يشكل ويخاف تصحيفه من الأسماء واللغات, وأنبه على ما خولف فيه الخطيب رحمه الله, أو كان فيه خلاف لم يذكره في معظم الحالات, وألحق في أثنائه أسماء قليلة لم يذكرها الخطيب, منبها على أنها من الزيادات, وأزيد في آخر الكتاب فصولا نفيسة في لطائف ما يحتاج إليه متعرف المستبهات
واعلم أن الخطيب رحمه الله رتب كتابه على حروف المعجم, معتبرا اسم الرجل المبهم, وهذا الذي اختاره رحمه الله من الترتيب يخل بتيسير حصول المطلوب, وقد رتبته أنا ترتيبا أسهل في التعريف, فإنه من مهمات مطلوبات التصنيف, فأعتبر إسم راوي الحديث الذي فيه المبهم ليقرب تناول الكتاب, وتتيسر فائدته على أولي الرغبة من الطلاب, فان كان الراوي مشهورا بكنيته دون اسمه ذكرته في حرف كنيته ليشترك الخواص وغيرهم في تيسير علمه, وخير المصنفات ما سهلت فائدته, وعظمت مع السلامة من الإشكال وغيره عائدته
وأسأل الله الكريم التوفيق لحسن النيات, وتيسير وجوه الطاعات, والتوفيق للعمل بها متقبلة دائما في عافية حتى الممات لي ولوالدي ومن أحبه و سائر من أحسن إلينا وجميع المسلمين والمسلمات, اعتصمت بالله, ما شاء الله لا قوة إلا بالله, ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم, حسبي الله ونعم الوكيل.(1)
المقتنى في سرد الكنى للحافظ الذهبي
__________
(1) - طبع بذيل ( كتاب الخطيب )(5/64)
بسم الله الرحمن الرحيم, قال الإمام الحافظ, الناقذ الحجة, مؤرخ العالم, شمس الدين, أبو عبد الله, محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز بن عبد الله الفارقي القلانسي ابن الذهبي رحمه الله: الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا , ولم يكن له شريك في الملك أبدا, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له إلها صمدا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث بالحق والهدى, وبجهاد العدا, وبالنجاة من الردا, وبالشفاعة غدا, وصلى الله عليه وعلى آله ما سار راكب منجدا, وما انتاب مؤمن مسجدا, يقول الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد الذهبي سامحه الله :
أما بعد : فهذا مؤلف تمس إليه أعظم الحاجة في معرفة الكنى, فإن الناس أقسام, منهم من اسمه كنيته, أو لا يعرف بغير كنية, ومنهم من اشتهر بالكنية, وخفي اسمه, ومنهم بالضد, من اشتهر باسمه, أو نسبه, وخفيت كنيته, ومنهم من شهر بالأمرين, ومنهم من لا يعرف سواء سمي أم كني, وقد جمع الحفاظ في الكنى كتبا كثيرة, ومن أجلها, وأطولها (كتاب) النسائي (1), ثم جاء بعده أبو أحمد الحاكم (2), فزاد وأفاد, وحرر وأجاد, وعمل ذلك في أربعة عشر سفرا, يجيء بالخط الرفيع خمسة أسفار, أو نحوها, ولكنه يتعب الكشف منه, لعدم مراعاته ترتيب الكنى على المعجم, فرتبته, و اختصرته, وزدته, وسهلته, ولا قوة إلا بالله تعالى.ا (3)
جامع التحصيل في المراسيل للحافظ العلائي
__________
(1) - ذكره ابن خير في (فهرسته)(358) وسماه : ( الأسماء والكنى ) وذكر أنه من تبويب أبي عبدالله محمد بن أحمد بن مفرج
(2) - طبع في مكتبة الغرباء الأثرية المدينة المنورة 1414هـ في( 4 ) مجلدات بتحقيق ( يوسف الدخيل ), و هو لأبي أحمد محمد بن محمد النيسابوري الكَرَابِيسي الحاكم الكبير, المتوفى سنة 378هـ
(3) - طبع في دار الكتب العلمية 1997 في مجلدين بتحقيق ( أيمن صالح شعبان )(5/65)
بسم الله الرحمن الرحيم, وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت, الحمد لله القديم الذي لم يزل قبل كل شيء أولا, الرحيم الذي ما برح لعباده المؤمنين ملاذا وموئلا, الكريم إذ جعل لهم من لدنه سندا إلى جنابه موصلا, وأبقى حديثهم الحسن بالأعمال الصحيحة عاليا في الملا, ووصل منقطعهم بمزيد لطفه فأزال مبهما وكشف معضلا, وأشهد أن لا إله إلا الله, وحده لا شريك له إلها واحدا منعما مفضلا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل من جاء عن ربه مرسلا, وأكمل من قام بالحق حتى أمسى جانب الضلال متروكا مهملا, الذي خصه بأوضح المعجزات كتابا منزلا, وأبان به من أنواع الهداية ما كان مجملا, صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه الذين تبوأوا الإيمان منزلا, وأعذبوا بنقلهم لمن جاء بعدهم من شريعته منهلا
أما بعد : فإن الله سبحانه فضل هذه الأمة بشرف الإسناد, وخصها باتصاله دون من سلف من العباد, وأقام لذلك في كل عصر من الأئمة الأفراد, والجهابذة النقاد, من بذل جهده في ضبطه وأحسن الاجتهاد, وطلب الوصول إلى غوامض علله فظفر بنيل المراد, وذلك من معجزات نبينا - صلى الله عليه وسلم - التي أخبر بوقوعها, ودعا لمن قام بهذه الخصيصة وكرع في ينبوعها, فقال - صلى الله عليه وسلم - : ( تسمعون ويسمع منكم, ويسمع ممن يسمع منكم ) رواه أبو داود في (سننه الجامع)(1)
قال - صلى الله عليه وسلم - : ( نضر الله امرءا سمع مقالتي فأداها إلى من لم يسمعها, فرب مبلغ أوعى من سامع ), فباتصال الإسناد عرف الصحيح من السقيم, وصان الله هذه الشريعة عن قول كل أفاك أثيم, فلذلك كان الإرسال في الحديث علة يترك بها و يتوقف عن الاحتجاج به بسببه, لما في إبهام المروي عنه من الغرر, والاحتجاج المبني على الخطر, وقد اختلف العلماء قديما وحديثا فيه, وكثرت أقوالهم, وتباينت آراؤهم, وتعارضت أفعالهم
__________
(1) - أبو داود ( 3659 ) قال الألباني رحمه الله: صحيح(5/66)
فاستخرت الله تعالى وعلقت هذا الكتاب, لبيان ذلك وإيضاح ما هو إلى الصواب, أقوم المسالك جامعا فيه بين طريقة أهل الحديث وأئمة الأصول والفقهاء الذين في الرجوع إليهم أنفس حصول, ذاكرا من المنقول ما أمكن الوصول إليه, ومن المباحث النظرية ما يعول عند التحقيق عليه, مميزا في ذلك الغث من السمي,ن مبينا ما هو الضعيف من المتين, مؤديا في جميعه حق النصيحة الواجبة علي, نازعا رداء التعصب حسب الجهد والطاقة عن منكبي, وإلى الله تعالى أرغب في الهداية لى الصواب, والنفع به عاجلا ويوم المآب, وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ,وسببا لنيل النعيم
وسميته : ( جامع التحصيل في أحكام المراسيل ), ورتبته على ستة أبواب, الباب الأول في تحقيق الحديث المرسل وبيان حده, الباب الثاني في ذكر مذاهب العلماء فيه, الباب الثالث في الاحتجاج لكل قول, وبيان الراجح من ذلك, الباب الرابع في فروع وفوائد غزيرة, يترتب بها ما تقدم, الباب الخامس في بيان المراسيل الخفي إرسالها في أثناء السند, الباب السادس في معجم الرواة المحكوم على روايتهم بالإرسال
وبالله تعالى أستعين لما قصدت, وأسأله التوفيق والإعانة فيما أردت, فهو حسبنا ونعم الوكيل, و الله يقول الحق, وهو يهدي السبيل (1)
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه للحافظ ابن حجر العسقلاني
بسم الله الرحمن الرحيم, قال شيخنا الشيخ الإمام، حافظ العصر، مُفتي الأنام، عمدة المحدّثين، مفيد الأئمة الأعلام، مُحْيي سنة النبي عليه أفضل الصلاة و السلام، العالم العلاّمة، البحر الفهّامة، شهاب الملّة والدين، أبو الفضل أحمد ابن الشيح الإمام العلاّمة نور الدين أبي الحسن علي بن قطب الدين محمد بن ناصر الدين محمد بن جلال الدين علي بن أحمد العسقلاني الشافعي المشهور بابن حَجَر، أدام الله نَهْجته، وحرس للأنام مهجته آمين.
__________
(1) - طبع في عالم الكتب 1978 بتحقيق ( حمدي عبد المجيد السلفي ) وعدد تراجمه ( 1039 ) ترجمة(5/67)
الحمدُ لله جامعِ الناس ليوم لا رَيْب فيه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا نظير ولا شبيه، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، المكمَّل الوجيه، المصطفى عَلَى جميع الخَلْقِ فجلَّ مُصْطَفيه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومَنْ تبعهم مِنْ متفقِّه، وخامل ونبيه.
أما بعد : فإنني لما علَّقت كتاب ( المشتبه ) (1) الذي لخصه الحافظ الشهير أبو عبد الله الذهبيِّ رحمه الله, وجدْت فيه إعوازاً من ثلاثة أوجه: أحدها وهو أهمّها, تحقيقُ ضَبْطه، لأنه أحال في ذَلِكَ عَلَى ضبط القلم، فما شفى من ألَم.ثانيها, إجحافه في الاختصار، بحيث إنه يعمد إلى الاسمين المشتبهين إذا كثرا, فيقول في كل منهما: فلان وفلان وفلان وغيرهم و هذا لا يُروى الغُلَّة، ولا يَشْفى العِلَّة، بل يُبقى اللبس عَلَى المستفيد كما هو، وكان ينبغي أن يستوعب أقلّهما, وثالثها وفيه ما لا يرد عليه إلا أن ذَلِكَ من تَتِمَّة الفائدة ما فاته من التراجم المستقلَّة التي لم يتضَمَّنَها كتابُه, مع كونها في أصل ابن ماكولا, وذَيل ابن نقطة اللذين لخّصهما، وزاد من ذَيل أبي العلاء الفرضي, وغيره ما استُدرك عليهما.
فاستخرْت الله تعالى في اختصار ما أسهب فيه، وبَسْط ما أجحف في اختصاره، بحيث يكون ما أقتصرُ عليه من ذَلِكَ أزيد من حجمه قليلاً, فأعان الله عَلَى ذَلِكَ، وله الحمد.
__________
(1) - طبع باسم ( المشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم ) في دار إحياء الكتب العربية 1962 بتحقيق
( علي محمد البجاوي )(5/68)
فكلُّ اسم كان شهيراً بَدأْت به، ولا أحتاجُ إلى ضبطه, بل أَضبِط ما يشتبه به بالحروف, وكل حرف لم أتعرّض له فهو نظيرُ الذي قبله، إهمالاً وإعجاماً، وحركة, وسكوناً, وعبَّرت عن الباء بالموحّدة، وعن التاء بالمثنّاة، وعن الثاء بالمثلثة، و أما الياء آخر الحروف فبالياء بلا وَصْفٍ غالباً, وقد مِزْت ما زدْتُه عليه بقولي في أوله: ( قلت )، وفي آخره: ( انتهى )، إلا الضبط فإنه مُدْمَج, واعتمدت عَلَى نسخة المصنف التي بخطه، وعلى الأصول التي تقل هو منها، وعلى غيرها ممَّا غلب ظَنّي أنه لم يراجعه حالة تصنيفه, (كالأنساب) للرُّشاطي (1) , ولابن السمعاني، و(كالذيل) الذي ذيّل به الحافظ منصور بن سليم الإسكندراني (2) عَلَى ذيل ابن نقطة، و(كالذيل) الذي ذيّل به العلاّمة علاء الدين مغلطاي أجزاء، و هو ذيل كبير, لكنه كثير الأوهام, والتنكرات, والإعادة, والإيراد لما لا تمسّ الحاجةُ إليه غالبا,.فتحرَّيت فيه الصوابَ بجهدي, مع اعترافي بفَضْلِ المتقدّم، ولم أُغيِّر ترتيبه إلا نادراً, ولكني أسرد في كل حرْفٍ الأسماءَ وغيرها عَلَى الولاء، ثم أسرد الأنساب، منفردة متوالية أيضاً
__________
(1) - لأبي محمد عبد الله بن علي اللخمي بالرشاطي المتوفى سنة 542هـ ، وكتابه اسمه ( اقتباس الأنوار والتماس الأزهار في أنساب الصحابة ورواة الآثار ), قال في (كشف الظنون)(1\134), قال: هو من الكتب القديمة في الأنساب, قال ابن الأبار في (معجمه)(ص218) : لم يسبق إلى مثله, واستعمله الناس اهـ لخصه مجد الدين إسماعيل بن إبراهيم البلبيسي المتوفى سنة 802هـ و أضاف إليه زيادات (ابن الأثير) على (أنساب السمعاني) وسماه ( القبس ) طبع (الإقتباس ) في دار الكتب العلمية1999 بتحقيق ( محمد سالم هتشم ) في جزء ضغير, وهي طبعة ناقصة جدا
(2) - هو محدث الإسكندرية وجيه الدين أبو المظفر منصور بن سليم بن منصور ابن فتوح الهمداني المتوفى سنة 673هـ(5/69)
وسميته: (تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ), والله أسأل أن ينفع به كاتبه, و ناظره، وأن يجمع لكل منا خيري الدنيا والآخرة، إنه قريب مجيب، عليه توكلت (1)
توضيح المشتبه للإمام الحافظ شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الدمشقي المعروف ب (ابن ناصر الدين) المتوفى سنة (843هـ)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي شرح للمتقين بتوضيح المشتبه صدورا, وجعل لسالكي سَنَنِ السُّنَنِ المحمدية نورا, فتبصر بتحقيقه كل منهم وانتبه, وتوصل بتدقيقه إلى بيان ما أشكل واشتبه, حتى صار المطلق مقيدا, والمعطل بالتحلية مشيدا, وبين المبهم, وأعرب المعجم, واتسع للطالب المجال, وحرست حوزة السنة بضبط الرجال, فلله الحمد على نعمه, وله الشكر على طَوْلِه وكرمه, وأفضل الصلاة وأزكى السلام, على رسوله محمد سيد الأنام, وعلى آله الطيبين وأصحابه الكرام
أما بعد: فإن كتاب (( المشتبه في الرجال أسمائهم وأنسابهم )) الذي ألفه في سنة ثلاث وعشرين وسبع مائة الإمام الحافظ الكبير, الثقة الحجة, شيخ المحدثين, عمدة المؤرخين, أبو عبد الله الذهبي رحمه الله كتاب مشتمل على فوائد, محتو على فرائد, ليس له في مجموعه نظير, لكن اختصاره أَدَّى إلى التقصير, وقد صرح بالمبالغة في اختصاره مؤلفه, وأحال على ضبط القلم من خط من يتقنه ويعرفه, فقال فيما أخبرنا ولده, الشيخ المسند الكبير, المحدث أبو هريرة عبد الرحمن, بن الحافظ الكبير أبي عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن الذهبي, إجازة إن لم يكن سماعا. قال أخبرنا أبي أبو عبد الله كذلك قال :
__________
(1) - طبع (التبصير) في الدار المصرية للتأليف 1964في (4) مجلدات بتحقيق (علي محمد البجاوي), ثم في دار الكتب العلمية(5/70)
الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا, ولم يشركه في الملك أحدا أبدا, ولم يكن له ولي من الذل على استمرار المدى, وأشهد أن لا إله, وحده لا شريك له إلها صمدا, وأشهد أن محمدا عبده ورسوله, أرسله بالهدى, وجعل دينه ظاهرا مؤيدا ومناره عاليا مشيدا, صلى الله عليه وعلى آله صلاة لا تحصى أبدا
هذا كتاب مبارك, جم الفائدة في معرفة ما يشتبه ويتصحف من الأسماء والأنساب, و والكنى والألقاب, مما اتفقا وضعا, واختلفا لفظا, ويأتي غالبه في الأسانيد والمرويات, اخترته وقربت لفظه, وبالغت في اختصاره, بعد أن كنت علقت في ذلك كلام الحافظ (عبد الغني بن سعيد الأزدي) (1), في (( المشتبه والمختلف )), وكلام الأمير الحافظ (أبي نصر بن ماكولا) (2), وكلام الحافظ (أبي بكر بن نقطة) (3)
__________
(1) - هو (أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي بن سعيد الأزدي المصري، الحافظ المشهور، النسابة المتفنن، المتوفى سنة 409هـ, وكتابه في (( مشتبه الأسماء)) طبع في المطبع الأحمدي بالهند 1322هـ , ومعه كتابه الأخر ((المؤتلف و المختلف))، ثم صورت هذه الطبعة في مكتبة الدار بالمدينة المنورة, ثم طبع ثانيا في مكتبة الثقافة الدينية مصر 1421هـ
(2) - هو الأمير (أبو نصر علي بن الوزير أبي القاسم هبة الله بن علي بن جعفر البغدادي العِجْلي) الحافظ المعروف (بابن ماكولا) المتوفى قتيلا سنة 475 هـ وقيل غير ذلك, وكتابه اسمه : (( الإكمال في رفع الارتياب عن المؤتلف و المختلف من الأسماء والكنى والأنساب)) طبع في مطبعة دائرة المعارف بالهند 1381 في (5) مجلدات , ثم صور في بيروت في دار الكتب العلمية
(3) - هو الحافظ (معين الدين أبو بكر محمد بن عبد الغني ابن أبي بكر بن شجاع البغدادي الحنبلي) المعروف: (بابن نُقْطة)، المتوفى ببغداد، سنة 629هـ, وكتابه ذيل على كتاب (ابن ماكولا) وقد طبع في جامعة أم القرى1410 في (5)مجلدات بتحقيق (د.عبد القيوم عبد رب النبي) وعدد تراجمه (5034) ترجمة , قال في مقدمته: أما بعد فاعلم وفقك الله(5/71)