تحقيقُ الرغبةِ في توضيح النخبة
فضيلة الشيخ / عبد الكريم بن عبد الله الخضير
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبيّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد : فإن علوم الحديث من أهم العلوم وأشرفها ، إذ به يعرف صحة ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضعفه وثبوته من عدمه ، فشرفه وأهميته تابع لشرف مقصده وهو سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم ، المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي ، كلام من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى صلى الله عليه وسلم .
ومن أجمع وأخصر ما ألّف في هذا الفن (( نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر )) للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني الشافعي .
قال الشيخ كمال الدين الشمني في نظمه :
وبعد فاعلم أن نخبة الفكر أجلّ ما صنّف في علم الأثر
قد جمعت أنواع هذا العلم وقربت قصيّه للفهم
فاللّه يجزي من لها قد صنفا أعظم ما جازى به مصنِّفا .
وقال الصنعاني :
وبعد فالنخبة في علم الأثر مختصر يا حبذا من مختصر
ألَّفها الحافظ ثاقب النظر (1) وهو الشهاب بن علي بن حجر
وقال غيره :
علم الحديث غدا في نخبة الفكر ناراً على علم يدعو أولي الأثر .
وغير ذلك مما قيل في مدح الكتاب ، لذا طلب مني بعض طلبة العلم أن أساهم في كتابة شرح متوسط يُحلّ ألفاظها ويوضح معانيها بأسلوب سهل بيّن واضح ، يناسب أفهام المبتدئين من طلاب العلم في هذا العصر ، فترددت مدة لكثرة ما كتب عليها من شروح وحواش جزماً بأن ذلك كافٍ وافٍ بالغرض ، ثم طُلِبَ مني أن أشارك في دورة علمية أشرح فيها النخبة فأجبت الطلب ، ثم سجلت الدورة ونُسخ ما في الأشرطة ، فلم يكن هناك عذر من إجابة الطلب بعد الإلحاح ، فسمَّيته بعد مراجعته : (( تحقيق الرغبة في توضيح النخبة )) .
وقدمت بين يدي الشرح بمقدمة تشمل فصولاً :
أولها : في ترجمة مصنفها الحافظ ابن حجر .
ثانيها : في عناية العلماء بالنخبة .(1/1)
ثالثها : في مناقشة ما أثير حول كتب المصطلح .
أسأل الله جلّ وعلا أن يجعل عملي خالصاً لوجهه موصلاً إلى رضوانه ، كما أسأله سبحانه أن ينفع به من قرأه ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
الفصل الأول
في ترجمة المصنف
هو أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي بن أحمد أبو الفضل الكناني العسقلاني المصري ، ثم القاهري الشافعي ، ويعرف بابن حجر ، وهو لقب لبعض آبائه ، كذا في الضوء اللامع والبدر الطالع .
ولد في ثاني عشر شعبان سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة بمصر العتيقة ، ونشأ بها يتيماً في كنف أحد أوصيائه الزكي الخروبي.
فحفظ القرآن وهو ابن تسع عند الصدر السفطي ، كما حفظ ، العمدة ، وألفية العراقي ، والحاوي الصغير ، ومختصر ابن الحاجب الأصلي ، والملحة ... وغيرها (2) .
من شيوخه :
1- زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن الحسين العراقي الحافظ الشهير ، المتوفى سنة ست وثمانمائة ، قال الشوكاني : حمل عنه جملة نافعة من علم الحديث سنداً ومتناً وعللاً واصطلاحاً . كما أخذ عن أعيان شيوخ عصره مثل .
2- عفيف الدين النشادري ، المتوفى سنة تسعين وسبعمائة .
3- أبي الحسن الهيثمي ، المتوفى سنة سبع وثمانمائة .
4- ابن الملقن ، المتوفى سنة أربع وثمانمائة .
5- سراج الدين البُلقيني ، المتوفى سنة خمس وثمانمائة .
6- عز الدين ابن جماعة ، المتوفى سنة تسع عشرة وثمانمائة .
7- مجد الدين الفيروزآبادي ، المتوفى سنة سبع عشرة وثمانمائة .
8- محمد بن عبد الله بن ظهيرة المكي ، المتوفى سنة ست عشرة وثمانمائة .
وغيرهم كثير .(1/2)
وجدّ واجتهد وبرع في فنون كثيرة ، ثم حبّب إليه علم الحديث ، قصر نفسه عليه مطالعة وقراءة وإقراءً وتصنيفاً ونشراً ، وشهد له أعيان عصره بالحفظ والإتقان حتى صار إطلاق لقب الحافظ عليه كلمة إجماع ، ورحل الطلبة إليه من الأقطار وطارت مؤلفاته في حياته وانشطرت في البلاد ، وتكاتبت الملوك من قطر إلى قطر في شأنها وهي كثيرة منها :
1- فتح الباري شرح صحيح البخاري .
2- تبصير المنتبه بتحرير المشتبه .
3- تهذيب التهذيب .
4- الإصابة في تمييز الصحابة .
5- لسان الميزان .
6- تعجيل المنفعة .
7- نخبة الفكر .
8- نزهة النظر .
9- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير .
10- تغليق التعليق .
11- نزهة الألباب في الألقاب .
12- الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة .
13- إنباء الغمر بأبناء العمر .
وغير ذلك من المؤلفات التي زاد عددها على مائة وخمسين تصنيفاً ورزق فيها من القبول خصوصاً : فتح البارئ شرح البخاري الذي لم يسبق له نظير كما شهد بذلك له علماء عصره ومن جاء بعدهم .
وقد توافد عليه الطلبة من الأقطار وكثروا حتى كان رؤوس العلماء من كل مذهب من تلامذته .
ومن أبرزهم :
1- شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي ، المتوفى سنة اثنين وتسعمائة .
2- برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي ، المتوفى سنة خمس وثمانين وثمانمائة .
3- ابن قاضي شهبة ، المتوفى سنة 874هـ .
4- ابن فهد المكي ، المتوفى سنة إحدى وسبعين وثمانمائة .
5- ابن تغري بردي صاحب النجوم الزاهرة ، المتوفى سنة 874هـ .
6- الشيخ زكريا الأنصاري صاحب التصانيف ، المتوفى سنة ست وعشرين وتسعمائة .
7- محمد بن سليمان الكافيجي الحنفي ، المتوفى سنة تسع وسبعين وثمانمائة .
8- إسماعيل بن محمد بن أبي بكر المقرئ اليمني ، المتوفى قبل ابن حجر سنة سبع وثلاثين وثمانمائة .
وغيرهم كثير حتى أوصل السخاوي عددهم في الجواهر والدرر إلى خمسمائة شخص .(1/3)
وأما ثناء العلماء عليه وشادتهم له بالتقدم في الحديث وعلومه وعلله ، فأكثر من أن يُحصر ، سرد من ذلك السخاوي في الجواهر والدرر ، الباب الثالث أكثر من ستين صفحة ، فليراجع.
توفي رحمه الله في أواخر ذي الحجة سنة اثنين وخمسين وثمانمائة ، وتزاحم الأمراء والأكابر على حمل نعشه ، رحمه الله رحمة واسعة .
* من أراد المزيد في ترجمته فليراجع .
1- الجواهر والدرر ، للسخاوي .
2- الضوء اللامع ، للسخاوي .
3- حسن المحاضرة ، للسيوطي .
4- البدر الطالع ، للشوكاني .
5- ابن حجر العسقلاني وكتابه الإصابة ، لشاكر عبد المنعم... وغيرها .
الفصل الثاني
في عناية العلماء بالنخبة
اهتمَّ بهذا المختصر الجامع لأنواع وفنون علوم الحديث جمعٌ من أهل العلم ، فدرسوها وقرّروها وشرحوها ونظموها ، فممن شرحها :
1- مؤلفها الحافظ ابن حجر في نزهة النظر .
2- كمال الدين الشمني ، المتوفى سنة 821هـ في كتاب أسماه : نتيجة النظر .
3- محمد بن موسى المراكشي ، المتوفى سنة 823هـ .
4- أبو الفضل أحمد بن صدقة ، المعروف بابن الصيرفي ، المتوفى سنة 905هـ.
5- ابن همات الدمشقي ، المتوفى سنة 1175هـ .
6- عبد العزيز بن عبد السلام العثماني واسمه : استجلاء البصر .
7- إسماعيل حقي البروسوي ، المتوفى سنة 1137هـ .
8- محمد بن عبد الله الخرشي المالكي ، المتوفى سنة 1101هـ واسمه : منتهى الرغبة ، وغيرهم كثير .
وشرح الشرح للمصنف جمع منهم:
1- ملاّ علي بن سلطان القاري الحنفي, المتوفي سنة 1014هـ, مطبوع.
2- محمد عبد الرؤوف المناوي ، المتوفى سنة 1031هـ واسم شرحه : اليواقيت والدرر ، مطبوع .
3- برهان الدين اللقاني, المتوفي سنة 1041, واسم شرحه: قضاء الوطر.
4- محمد أكرم السندي ، من أعلام القرن العاشر الهجري ، واسم شرحه : إمعان النظر .
5- أبو الحسن السندي سنة 1187هـ ، واسم شرحه : بهجة النظر .(1/4)
6- فصيح الدين الحيدري ، المتوفى نسة تسع وتسعين ومائتين وألف ، واسم شرحه : أعلى الرتبة . وفي الأعلام 1/38: أعلى الرتبة في شرح النخبة ، وفي معجم المؤلفين 1/40: أعلى الرتبة في شرح نظم النخبة .
وعلى النخبة حواشٍ كثيرة منها :
1- القول المبتكر لقاسم بن قطلوبغا ، المتوفى سنة 879هـ .
2- حاشية محمد بن أبي شريف ، المتوفى سنة 906هـ
3- حاشية لرضي الدين ابن الحنبلي ، المتوفى سنة 971هـ .
4- حاشية لأبي الحسن الأجهوري ، المتوفى سنة 1066هـ .
5- حاشية إبراهيم الشهرزوري ، المتوفى سنة 1101هـ
6- حاشية للشيخ إبراهيم الكردي .
7- لقط الدرر ، للشيخ عبد الله بن حسين العدوي المالكي .
وللنخبة رغم اختصارها مختصرات منها :
1- بلغة الأريب ، للمرتضى الحسيني الزبيدي ، المتوفى سنة 1205هـ
2- المختصر من نخبة الفكر ، لعبد الوهاب بن أحمد بن بركات
3- مختصر النخبة ، لمحمد بن مصطفى الأقكرماني ، المتوفى سنة 1160هـ , ولهذه المختصرات شروح لا نطيل بذكرها .
وقد نظم النخبة جمع غفير من أهل العلم ، فمنهم :
1- كمال الدين الشمني ، المتوفى سنة 821هـ ، ولابنه أحمد تقي الدين ، المتوفى سنة 877هـ ، شرح على نظم والده سمَّاه : عالي النخبة شرح نظم النخبة, طبع أخيراً.
2- أحمد بن إبراهيم بن نصر الله العسقلاني ، المتوفى سنة 879 هـ .
3- برهان الدين محمد بن إبراهيم المقدسي ، المتوفى سنة 900 هـ .
4- شهاب الدين أحمد الطوفي ، المتوفى سنة 893هـ .
5- شهاب الدين أحمد بن صدقة ، المتوفى سنة 905هـ .
6- رضي الدين الغزي ، المتوفى سنة 935هـ ولحفيده شهاب الدين أحمد بن عبد الكريم ، المتوفى سنة 1143هـ شرح على نظم جده .
7- الشيخ منصور الطبلاوي ، المتوفى سنة 1012هـ .
8- الشيخ محمد العربي بن يوسف الفاسي أو حامد ، المتوفى بتطوان سنة 1052 هـ ، له : عقد الدرر نظم نخبة الفكر لابن حجر ، وله عليه شرح. قاله الزركلي في الأعلام (3)(1/5)
9- الأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني ، المتوفى سنة 1182هـ ، واسمه : قصب السكر في نظم نخبة الفكر ، وممن شرح هذا النظم :
أ - مؤلفه في كتاب أسماه : إسبال المطر .
ب - عبد الكريم بن مراد الأثري ، واسم شرحه : سحّ المطر
ج - لنا عليه شرح يصدر قريباً إن شاء الله تعالى .
10- الشيخ عبد الله بن عمر اليماني ، المتوفى سنة 1196هـ .
11- الشيخ عثمان بن سند البصري ، المتوفى سنة 1236هـ وله شرح على نظمه أسماه : الغرر شرح بهجة النظر .
ومن الصعوبة بمكان الإحاطة بجميع ما كتب حول النخبة من شروح وحواش ونظم ، وكذلك الإحاطة بنسخها المنتشرة في العالم ، والله المستعان .
الفصل الثالث
في مناقشة ما أثير حول كتب المصطلح
هناك دعوةٌ تُرَدَّدٌ على ألسنة بعض طلبة العلم ، وهي الدعوة إلى نبذ قواعد المتأخرين في مصطلح الحديث والأخذ مباشرة من كتب المتقدمين ، وذلك لأن قواعد المتأخرين قد تختلف أحياناً عن مناهج المتقدمين ، فمثلاً: زيادة الثقة أو تعارض الوصل والإرسال أو الوقف والرفع عند المتأخرين في كتبهم النظرية يحكمون بحكم عام مطرد ، فيرجحون قبول الزيادة مطلقاً والحكم للوصل مطلقاً والرفع دائماً ، ومنهم من يرجح ضد ذلك لأنه المتيقن .
وإذا راجعنا أحكام المتقدمين كالبخاري وأبي حاتم وأحمد وغيرهم كالدارقطني ، وجدناهم لا يحكمون بحكم عام مطرد بل ينظرون إلى كل حديث على حدة ، تارة يحكمون بالزيادة وقبولها ، وتارة يحكمون بردها لأنها شاذة ، وتارة يحكمون للوصل ، وتارة يحكمون للإرسال ، وهكذا في الرفع والوقف تبعاً لما ترجحه القرائن .(1/6)
وهي دعوة في جملتها وظاهرها مقبولة ، لكنها لا تصلح أن يخاطب بها جميع الطلبة ، فالمبتدئ في حكم العامي عليه أن يقلد أهل العلم ، وتقليد المتقدمين يجعل الطالب في حيرة لصعوبة محاكاتهم ممن هو في البداية لأنه يلزم عليه أن يقلدهم في كل حديث على حدة ، وهذا يلزم عليه قطع باب التصحيح والتضعيف من قِبَل المتأخرين ، وهذا ما دعى إليه ابن الصلاح - رحمه الله - ، لكنه قول رده أهل العلم عيه وفنَّدوه وقوَّضوا دعائمه .
وأما طالب العلم المتمكّن من جمع الطرق واستيعابها ، وإدامة النظر في أحكام المتقدمين بعد أن تخرّج على قواعد المتأخرين وطبقها في حياته العلمية مدة طويلة ، وحصل عنده مَلَكة تؤهله للحكم بالقرائن ، فهذا هو المطلوب بالنسبة لهذا النوع ، وهذا هو مسلك المتأخرين أنفسهم كالذهبي ، وابن حجر لا تجد لهم أحكاماً مطردة في التطبيق وإن اطرد قولهم في التقعيد للتمرين .
وإذا كان كبار الأئمة في عصرنا وقبله كسماحة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز ، ومحدث العصر الشيخ ناصر الدين الألباني رحمهما الله ، قد اعتمدا كثيراً على قواعد المتأخرين ، فكيف بمن دونهما بمراحل ، وليست قواعد المتأخرين قواعد كلية لا يخرج عنها أي فرع من فروعها ، بل هي قواعد أغلبية يخرج عنها بعض الفروع كغير هذا العلم من العلوم الأخرى .
ونظير هذه الدعوى دعوى سبقتها ، وهي الدعوة إلى نبذ كتب الفقه ، وطرح كلام الفقهاء وعدم اعتبارها ، والتفقه مباشرة من الكتاب والسنة ، وهي دعوة كسابقتها لا يمكن أن يخاطب بها جميع فئات الطلبة بل يخاطب بها طالب العلم المتمكن الذي لديه أهلية النظر في الأدلة وما يتعلق بها ، فليست كتب الفقه وأقوال الفقهاء دساتير لا يحاد عنها بل ينظر فيها ، فما وافق الدليل عمل به ، وما خالف الدليل ضرب به عُرض الحائط كما أوصى به الأئمة أنفسهم .(1/7)
وقد اطّلعت أخيراً على كتاب ألّفه فضيلة الشيخ الشريف حاتم بن عارف العوفي وفقه الله وسمَّاه : (( المنهج المقترح لفهم المصطلح ، دراسة تأريخية تأصيلية لمصطلح الحديث )) وهو كتاب يدل على دقة فهم وسبر واستقراء انتقد المؤلف فيه بعض المصطلحات التي شاع استعمالها عند المتأخرين كالمتواتر والآحاد وغيرها .
وشدد في هذه المسألة ، وهي مجرد اصطلاح والخلاف فيها لفظي إذ لا نزاع بين أحد أن الأخبار متفاوتة قوة وضعفاً وكثرة في رواتها وقلة وفيما تفيده من القطع أو الظن .
وأكثر ما يخاف من استعمال بعض المصطلحات الالتزام بلوازمها الباطلة عند المخالفين من المتكلمين كقولهم : إن الآحاد لا يفيد إلا الظن والعقائد لا تثبت بالآحاد تبعاً لذلك ، ولذا قال الشيخ أحمد شاكر بعد أن اعتمد تقسيم الأخبار إلى ما ذكر قال : ودع عنك تفريق المتكلمين في اصطلاحاتهم بين العلم والظن ، فإنهم يريدون بهما معنى غير ما تريد (4)
فإذا قلنا بالتقسيم المذكور ولم نلتزم باللازم الباطل فلا أرى مانعاً من استخدام هذه المصطلحات لا سيّما وقد اعتمدها الأئمة الذين لا يشك في خدمتهم للسنة وغيرتهم على العقيدة مثل شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن باز وغيرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (2/325) لما ذكر حديث الرؤية المخرج في الصحيحين وغيرهما قال : وهذا الحديث متفق عليه من طرق كثيرة وهو مستفيض بل متواتر عند أهل العلم بالحديث أهـ .
وقال في الكتاب المذكور (6/408) : كل واحد من أهل خبر التواتر يجوز عليه الخطأ وربما جاز عليه تعمد الكذب لكن المجموع لا يجوز عليهم ذلك في العادة .
وقال في ( 6/457) : بل الشرع إذا نقله أهل التواتر كان خيراً من أن ينقله واحد منهم . . . وعصمة أهل التواتر حصل في نقلهم أعظم عند بني آدم كلهم من عصمة من ليس بنبي .
إلى أن قال ( ص 458) : والتواتر يحصل بأخبار المخبرين الكثيرين وإن لم تعلم عدالتهم .(1/8)
وقال - رحمه الله - في الكتاب المذكور (7/386) : وقد تواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )) .
وقال في ( 7/516) : وخبر الواحد لا يفيد العلم إلا بقرائن وتلك قد تكون منتفية أو خفية عن أكثر الناس .
وفي ( ص 249) من الجزء الثامن : من شرط التواتر حصول من يقع به العلم من الطرفين والوسط .
وقال في ( ص 251) : ونحن إذا ادعينا التواتر في فضائل الصحابة ندعي تارة التواتر من جهة المعنى كتواتر خلافة الخلفاء الأربعة ووقعة الجمل وصفين وتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وعلى بفاطمة ونحو ذلك ما لا يحتاج فيه إلى نقل معين يحتاج إلى درس وكتواتر ما للصحابة من السابقة والأعمال وغير ذلك وتارة في نقل ألفاظ حفظها من يحصل العلم بنقله
وقال في (8/300) : الرابع أنه لا يجوز أن يظن أن تبليغ القرآن يختص بعليٍّ فإن القرن لا يثبت بخبر الآحاد بل لا بد أن يكون منقولاً بالتواتر .
وقال في (8/357- 358) : كل واحد من المخبرين يجوز عليه الغلط والكذب فإذا انتهى المخبرون إلى حد التواتر امتنع عليهم الكذب والغلط ، وكل واحد من اللُّقَم والجُزَع والأقداح لا يشبع ولا يروي ولا يسكر ، فإذا اجتمع من ذلك عدد كثير أشبع وأروى وأسكر ، وكل واحد من الناس لا يقدر على قتال العدو ، فإذا اجتمع طائفة كثيرة قدروا على القتال ، فالكثرة تؤثر في زيادة القوة وزيادة العلم وغيرهما .
ولهذا قد يخطئ الواحد والاثنان في مسائل الحساب ، فإذا كثر العدد امتنع ذلك فيما لم يكن يمتنع في حال الانفراد ، ونحن نعلم بالاضطرار أن علم الاثنين أكثر من أعلم أحدهما إذا انفرد ، وقوتهما أكثر من قوته ، فلا يلزم من وقوع الخطأ حال الانفراد وقوعه حال الكثرة . قال تعالى : (( أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى )) ( البقرة : 282) .(1/9)
والناس في الحساب قد يخطئ الواحد منهم ولا تخطئ الجماعة ؛ كالهلال فقد يظن الواحد هلالاً وليس كذلك فأما العدد الكثير فلا يتصور فيهم الغلط .. إلخ كلاه رحمه الله .
وقال في (8/433) من منهاج السنة : قد علم بالتواتر المعنوي أن أبا بكر كان محباً للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، مؤمناً به ، من أعظم الخلق اختصاصاً به ، أعظم مما تواتر من شجاعة عنترة ومن سخاء حاتم ومن موالاة علي ومحبته له ونحو ذلك من التواترات المعنوية التي اتفق فيها الأخبار الكثيرة على مقصود واحد .
وقال في مجموع الفتاوى (18/40) .
وأما المتواتر فالصواب الذي عليه الجمهور : أن المتواتر ليس له عدد محصور ، بل إذا حصل العلم عن إخبار المخبرين كان الخبر متواتراً ، وكذلك الذي عليه الجمهور أن العلم يختلف باختلاف حال المخبرين به ، فرب عدد قليل أفاد خبرهم بالعلم بما يوجب صدقهم ، وأضعافهم لا يفيد خبرهم العلم ، ولهذا كان الصحيح أن خبر الواحد قد يفيد العلم إذا احتفت به قرائن تفيد العلم .
وعلى هذا فكثير من متون الصحيحين متواتر اللفظ عند أهل العلم بالحديث وإن لم يعرف غيرهم أنه متواتر ، ولهذا كان أكثر متون الصحيحين مما يعلم علماء الحديث علماً قطعياً أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله .(1/10)
وخبر الواحد المتلقى بالقبول يوجب العلم عند جمهور العلماء أصحاب أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ، وهو قول أكثر أصحاب الأشعري كالإسفرائيني وابن فورك فإنه وإن كان في نفسه لا يفيد إلا الظن ، لكن لما اقترن به إجماع أهل العلم بالحديث على تقليه بالتصديق كان بمنزلة إجماع أهل العلم بالفقه على حكم مستندين في ذلك إلى ظاهر أو قياس أو خبر واحد ، فإن ذلك الحكم يصير قطعياً عند الجمهور وإن كان بدون الإجماع ليس بقطعي ، لأن الإجماع معصوم ، فأهل العلم بالأحكام الشرعية لا يجمعون على تحليل حرام ولا تحريم حلال ، كذلك أهل العلم بالحديث لا يجمعون على التصديق بكذب ولا التكذيب بصدق، وتارة يكون علم أحدهم لقرائن تحتف بالأخبار توجب لهم العلم ، ومن علم ما علموه حصل له من العلم ما حصل لهم . اهـ .
وقال رحمه الله في رفع الملام عن الأئمة الأعلام ( ضمن مجموع الفتاوى 20/257-258) : ثم هي - يعني الأحاديث - منقسمة إلى : ما دلالته قطعية بأن يكون قطعي السند والمتن وهو ما تيقنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله وتيقنا أنه أراد به تلك الصورة ، وإلى ما دلالته ظاهرة غير قطية .
فأما الأول فيجب اعتقاد موجبه علماً وعملاً وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء في الجملة .
وإنما يختلفون في بعض الأخبار هل هو قطعي السند أو ليس بقطعي ؟ وهل هو قطعي الدلالة أو ليس بقطعي ؟
مثل اختلافهم في خبر الواحد الذي تلقته الأمة بالقبول والتصديق أو الذي اتفقت على العمل به فعند عامة الفقهاء وأكثر المتكلمين أنه يفيد العلم ، وذهب طوائف من المتكلمين إلى أنه لا يفيده .
وكذلك الخبر المروي من عدة جهات يصدق بعضها بعضاً من أناس مخصوصين قد تفيد العلم اليقيني لمن كان عالماً بتلك الجهات وبحال أولئك المخبرين وبقرائن وضمائم تحتف بالخبر وإن العلم بذلك الخبر لا يحصل لمن لا يشركه في ذلك .(1/11)
ولهذا كان علماء الحديث الجهابذة المتبحرون في معرفته قد يحصل لهم اليقين التام بأخبار وإن كان غيرهم من العلماء قد لا يظن صدقها فضلاً عن العلم بصدقها ، ومبني هذا على أن الخبر المفيد للعلم يفيده من كثرة المخبرين تارة ، ومن صفات المخبرين أخرى ، ومن نفس الإخبار به أخرى ، ومن نفس إدراك المخبر له أخرى ، ومن الأمر المخبر به أخرى ، فرق عدد قليل أفاد خبرهم العلم لما هم عليه من الديانة والحفظ الذي يؤمن معه كذبهم أو خطؤهم وأضعاف ذلك العدد من غيرهم قد لا يفيد العلم . هذا هو الحق الذي لا ريب فيه وهو قول جمهور الفقهاء والمحدثين وطوائف من المتكلمين . اهـ .
وقال الإمام المحقق شمس الدين ابن القيم رحمه الله في الصواعق (4/1459) . من مختصره .
الأخبار المقبولة في باب الأمور الخبرية العلمية أربعة أقسام :
أحدها : متواتر لفظاً ومعنى .
الثاني : أخبار متواترة معنى وإن لم تتواتر بلفظ واحد .
الثالث : أخبار مستفيضة متلقاة بالقبول بين الأمة .
الرابع : أخبار آحاد مروية بنقل العدل الضابط عن العدل الضابط عن مثله حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم ذكر الأمثلة على ذلك واستطرد رحمه الله على عادته .
ثم قال في ( 1465) : فصل خبر الواحد بحسب الدليل الدال عليه فتارة يجزم بكذبه لقيام دليل كذبه ، وتارة يظن كذبه إذا كان دليل كذبه ظنيّاً ، وتارة يتوقف فيه فلا يترجح صدقه ولا كذبه إذا لم يقل دليل أحدهما ،وتارة يترجح صدقه ولا يجزم به ، وتارة يجزم بصدقه جزماً لا يبقى معه شك .
فليس خبر كل واحد يفيد العلم ولا الظن ولا يجوز أن ينفى عن خبر الواحد مطلقاً أنه يحصل العلم فلا وجه لإقامة الدليل على أن خبر الواحد لا يفيد العلم وإلا اجتمع النقيضان ، بل نقول : إن خبر الواحد يفيد العلم في مواضع . . . فذكرها وأطال في تقريرها فليرجع إليه .(1/12)
وقال الإمام الحافظ زين الدين ابن رجب الحنبلي في شرح البخاري (1/189) : في خبر تحويل القبلة ، وما يقال من أن هذا يلزم منه نسخ المتواتر - وهو الصلاة إلى بيت المقدس - بخبر الواحد فالتحقيق في جوابه : أن خبر الواحد يفيد العلم إذا احتفت به القرائن فنداء صحابي في الطرق والأسواق بحيث يسمعه المسلمون كلهم بالمدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بها موجود لا يتداخل مع سمعه شك فيه أنه صادق فيما يقوله وينادي به والله أعلم .
وقال شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله في مجموع فتاوى ومقالات (4/99) .
المقبول عندهم - يعني أهل العلم - أربعة أقسام :
صحيح لذاته ، وصحيح لغيره ، وحسن لذاته ، وحسن لغيره ، هذا ما عدا المتواتر ، أما المتواتر فكله مقبول سواء كان تواتره لفظياً أو معنوياً فأحاديث المهدي من هذا الباب متواترة تواتراً معنوياً فتقبل بتواترها من جهة اختلاف ألفاظها ومعانيها وكثرة طرقها وتعدد مخارجها ونص أهل العلم الموثوق بهم على ثبوتها وتواترها . اهـ .
الخلاصة : أن خبر الآحاد إذا احتفت به القرائن أفاد العلم القاطع وهذا ما ذهب إليه أهل السنة والجماعة وجمهور الأمة (5)
وإذا تجرد عن القرائن لا يحصل به اليقين ولا يفيد العلم باتفاق وهذا أمر لا نزاع فيه (6)(1/13)
إذا عرفنا هذا وجزمنا بوجوب العلم بما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولو لم يبلغ حد التواتر ولو لم تحتف به قرينة في جميع أبواب الدين كما هو قول جميع من يعتد به من أهل العلم ولا فرق في ذلك بين العقائد والأحكام وغيرهما قال الإمام المحقق ابن القيم في الصواعق (4/1570) المختصر : المقام الخامس أن هذه الأخبار لو لم تفد اليقين فإن الظن الغالب حاصل منها ولا يمتنع إثبات الأسماء والصفات بها كما لا يمتنع إثبات الأحكام الطلبية بها فما الفرق بين الطلب وباب الخبر بحيث يحتج في أحدهما دون الآخر؟ وهذا التفريق باطل بإجماع الأمة فإنها لم تزل تحتج بهذه الأحاديث في الخبريات العلميات كما تحتج بها في الطلبيات العمليات ولا سيما والأحكام العملية تتضمن الخبر عن الله بأنه شرع كذا وأوجبه ورضيه ديناً راجع إلى أسمائه وصفاته ، ولم تزل الصحابة والتابعون وتابعوهم وأهل الحديث والسنة يحتجون بهذه الأخبار في مسائل الصفات والقدر والأسماء والأحكام ولم ينقل عن أحد منهم البتة أنه جوَّز الاحتجاج بها في مسائل الأحكام دون الإخبار عن الله وأسمائه وصفاته .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 13/125) : ولم يفرق أحد من السلف والأئمة بين أصول وفروع بل جعْلُ الدين قسمين أصولاً وفروعاً لم يكن معروفاً في الصحابة والتابعين ولم يقل أحد من السلف والصحابة والتابعين : إن المجتهد الذي استفرغ وسعه في طلب الحق يأثم لا في الأصول ولا في الفروع ، ولكن هذا التفريق ظهر من جهة المعتزلة وأدخله في أصول الفقه من نقل ذلك عنهم . . . إلى أن قال ( ص 126) : والذين فرقوا بين الأصول والفروع لم يذكروا ضابطاً يميز بين النوعين بل تارة يقولون : هذا قطعي وهذا ظني وكثير من مسائل الأحكام قطعي وكثير من مسائل الأصول ظني عند بعض الناس فإن كون الشيء قطعياً وظنياً أمر إضافي.(1/14)
وتارة يقولون : الأصول هي العلميات الخبريات والفروع العمليات وكثير من العمليات من جحدها كفر كوجوب الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج . . . إلى آخر كلامه رحمه الله .
وقال في منهاج السنة (5/87-88) : الفرق بين مسائل الأصول والفروع إنما هو من أقوال البدع من أهل الكلام من المعتزلة والجهمية ومن سلك سبيلهم وانتقل هذا القول إلى أقوام تكلموا بذلك في أصول الفقه ولم يعرفوا حقيقة هذا القول ولا غوره .
قالوا : والفرق في ذلك بين مسائل الأصول والفروع كما أنه بدعة محدثة في الإسلام لم يدل عليها كتاب ولا سنة ولا إجماع بل ولا قالها أحد من السلف والأئمة فهي باطلة عقلاً ، فإن المفرقين بين ما جعلوه مسائل أصول ومسائل فروع لم يفرقوا بينهما بفرق صحيح يميز بين النوعين ؛ بل ذكروا ثلاثة فروق أو أربعة كلها باطلة . أهـ .
وإذا تقرر هذا فالعلم : مصدر عَلِم يعلَم علماً : وقال الراغب : علَّمته وأعلمته في الأصل واحد إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار صحيح والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحدث منه اثر في نسف المتعلم . المفردات (مادة علم ) .
وفي اللسان ، العلم نقيض الجهل وعلمت الشيء أعلمه علماً عرفته . وقال الفيروزآبادي في بصائر ذوي التمييز : العلم ضربان :
الأول : إدراك ذات الشيء .
والثاني : الحكم على الشيء بوجود شيء هو موجود له ، أو نفي شيء هو منفي عنه .
وفي المصباح المنير : العلم : اليقين يقال : علم يعلم إذا تيقن وجاء بمعنى المعرفة أيضاً كما جاءت بمعناه ، ضُمِّن كل واحد منهما الآخر لاشتراكهما في كون كل واحد مسبوقاً بالجهل لأن العلم وإن حصل عن كسب فذلك الكسب مسبوق بالجهل وفي التنزيل (( مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ )) أي علموا وقال تعالى : (( لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ )) أي لا تعرفونهم الله يعرفهم .(1/15)
وفي تعريفات الجرجاني : العلم هو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع . وأنكر ابن العربي على من تصدى لتعريف العلم ، نقله عنه ابن حجر في فتح الباري (1/141) . وقال : هذه طريقة الغزالي وشيخه الإمام أن العلم لا يجد لوضوحه أو لعسره .
وأما الظن فقال الراغب الأصبهاني في المفردات : الظن اسم لما يحصل عن أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم ومتى ضعفت جداً لم يتجاوز حد التوهم .
وفي بصائر ذوي التمييز للفيروزآبادي (3/ 545) : ورد الظن في القرآن مجملاً على أربعة أوجه :
بمعنى اليقين ، وبمعنى الشك ، وبمعنى التهمة ، وبمعنى الحسبان . فالذي بمعنى اليقين في عشرة مواضع فذكرها ومنها :
(( الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ )) ( البقرة : 46) .
((وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ )) ( القيامة : 28) .
((أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ )) ( المطففين : 4) .
وأما الذي بمعنى الشك والتهمة فمنه :
((فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ )) ( الأنبياء : 87) .
((مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ )) ( الحج : 15)
((إِنَّ الظَّنَّ لاّ يُغْنِي مِنَ الحَقِّ شَيْئًا )) [ يونس : 36)
((إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ ( 14) بَلَى ))( الانشقاق : 14 ، 15).
ثم قال : والظن في كثير من الأمور مذموم ولهذا قال تعالى : (( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلاَّ ظَنّاً )) وقال تعالى : ((اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ )) .
فالظن على ما جاء في النصوص متفاوت جداً بين اليقين والاحتمال الراجح والشك والوهم وكونه لا يغني من الحق شيئاً وكونه أكذب الحديث .
والمراد به هنا الاحتمال الراجح وذلك أن الخبر إما أن لا يحتمل النقيض وهو العلم ، أو يحتمله مع الرجحان وهو الظن ، أو مع المساواة وهو الشك ، أو مع المرجوحية وهو الوهم .(1/16)
وإذا استحضرنا ما ذكرناه سابقاً عن أئمة التحقيق : شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن رجب وابن باز وغيرهم مما لم نذكره وقلنا بأن ما دون المتواتر مما لم يتلق بالقبول ولم تحتف به قرينة وقلنا بأن الآحاد تثبت بها العقائد كغيرها من أبواب الدين ولا فرق كما تقدم نقله عن شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله فما المانع من ذلك ؟
ثم تناول الكتاب المذكور بعض كتب المصطلح بالنقد :
فذكر المحدث الفاصل وأشاد به ثم قال : غير أنه فقير في باب أقسام الحديث وشرح مصطلحاته حيث لم يكن ذلك من أغراض مصنفه .
ثم ذكر كتاب الحاكم معرفة علوم الحديث ، وذكر أنه مختص بما كان أهمله كتاب الرامهرمزي من الاعتناء بمصطلح الحديث وشرح معناه وضرب الأمثلة له ، وقد سار في ذلك كله على فهم أهل الحديث أنفسهم ، لأن الحاكم يعلم أن غير أهل هذا العلم وغير أهل الصنعة وغير المتبحر في صنعة الحديث غير الفرسان نقّاد الحديث ، لا يفقه هذا العلم كما كان يعبر الحاكم بذلك كثيراً .
وعلى هذا المنهج نفسه في الأغلب صنَّف الحافظ أبو نعيم الأصبهاني مستخرجة على معرفة علوم الحديث للحاكم ، لأن طبيعة المستخرجات تلزم بذلك .
ثم تحدث عن الخطيب ومؤلفاته ثم قال :
فهل سار الخطيب على المنهج السليم في شرح مصطلح الحديث ؟
يجيب عن ذلك الخطيب نفسه في مقدمة الكفاية من حين ذِكره لسبب تصنيفه له حيث يقول : وقد استفرغت طائفة من أهل زماننا وسعها في كتب الحديث والمثابرة على جمعه من غير أن يسلكوا مسلك المتقدمين وينظروا نظر السلف الماضين في حال الراوي والمروي وتمييز المرذول والمرضي
هذا هو المنهج النظري الذي قرّره الخطيب في مقدمة كتابه . . . إلا أنه لم يستطع أن ينجو تماماً من أثر العلوم العقلية على علوم الحديث الذي توسّع نطاقه في عصره فهو ابن عصره .(1/17)
ثم تحدث عن أثر أصول الفقه في كتابه ثم قال : وهذا التأثر من الخطيب بأصول الفقه مع وضوحه إلا أن إمامته في علم الحديث وعدم تعمّق أثر أصول الفقه عليه جعل ذلك الأثر الأصولي على كتابه غير مخوف منه لأنه أثر مفضوح لا يشتبه بعلوم الحديث ومسائله عند أهل الاصطلاح التي ملأ الخطيب غالب كتابه بها ، كذا قال .
ولا أدري كيف صار تأثر بعض العلوم الشرعية ببعض عيباً وشيناً يعاب به من مزج بين هذه العلوم التي في الأصل علوم مترابطة لا غنى لبعضها عن بعض .
كيف وعلماء الأصول لا سيّما الأوائل منهم هو المفسرون وهم المحدثون كالشافعي وغيره ، وهل الأصول إلا قواعد استنبطها أتباع الأئمة من أقوالهم وتصرفاتهم ، وهؤلاء الأئمة أرباب المذاهب هم أصحاب الحديث كمالك والشافعي وأحمد ، وهم حملة رايته ، وهم المفسرون كالبخاري وابن أبي حاتم والطبري وغيرهم .
ثم إن كثيراً من مباحث الأصول المدوّنة في كتبهم تشارك ما يبحثه المحدثون في علوم الحديث لا سيّما ما يتعلق بالسنّة منها .
نعم كثير من كتب الأصول تأثر بعلم الكلام والجدل ، ولكنه لا يعدو - في الغالب - أن يكون تأثراً في كيفية العرض والوسائل دون المقاصد ، ثم إن علم الأصول كغيره من علوم الوسائل التي يسميها بعضهم علوم الآلة هي وسائل لغيرها كالعربية وعلوم القرآن وأصول الحديث لا ينبغي لطلب العلم أن يفرغ نفسه لها دون مقاصدها ، فإنها إنما دوّنها العلماء لتكون وسائل لفهم المقاصد التي هي نصوص الكتاب والسنّة وما يستنبط منهما ويستند إليهما .
ثم ذكر الإرشاد للخليلي وذكر مقدمته وأنها من معين المحدثين
ثم تحدث عن المدخل للبيهقي ، ومقدمة دلائل النبوة ، ومقدمة معرفة السنن والآثار له ، وانتقد ما ينتقد فيها من تأثير النزعة الأصولية بل والأشعرية .(1/18)
ثم ذكر مقدمة ابن عبد البر لكتابه التمهيد وذمَه أهل الكلام والأشعرية ، ثم قال : وعلى هذا فلن يكون للمذاهب الكلامية أثر على ابن عبد البر من جهة العقيدة ، لكن ابن عبد البر ممن استبق جيلهم التأثر بأصول الفقه وهو ابن جيله فلا بدّ أن يكون لأصول الفقه أثر عليه . . .
أما التأثر بالمنطق وصناعة المعرِّفات فلم يظهر لها أثر على ابن عبد البر في شرحه للمصطلحات وتعريفه بها .
ثم انتقل إلى الطور الثاني لكتب علوم الحديث ( كتاب ابن الصلاح فما بعده ) فقال :
إن معرفة أنواع علم الحديث لابن الصلاح من الكتب النادرة في العلوم الإسلامية التي ما إن صنفت حتى أصبحت إماماً لأهل فنِّها وهمّاً لطلاب ذلك العلم ولعلمائه ، وأصلاً أصيلاً يرجعون إليه، ومورداً لا يصدرون إلا عنه ولا يحومون إلا عليه .
ثم ذكر تأثره بالخطيب البغدادي وأنه تبعاً له تأثر بالعلوم العقلية ، لكنه زاد على الخطيب نتيجة لتأخُّره عنه بما يقارب القرنين من الزمان ، ثم ذكر أمثلة لتأثر ابن الصلاح بالأصول ثم قال :
ومع هذا التأثر الكبير بالأصول عند ابن الصلاح إلى درجة ترجيح رأي الأصوليين على رأي أهل الفن من المحدثين إلا أنه زاد في بيان عمق هذا الأثر وأنه تعمّد مخالفة المحدثين إلى رأي الأصوليين . . . إلخ كلامه .
ثم تحدث عن ابن دقيق العيد وكتابه الاقتراح وانتقده ولم يطل في ذلك ، ومثله في الكلام على الذهبي وكتابه الموقظة .
ثم خصص بقية الكلام على كتب المصطلح للحافظ ابن حجر وكتابه النخبة وشرحها ونزهة النظر ، وأطال في ذلك معللاً ذلك ، بما لنزهة النظر من قدسية لا تنال عند أهل عصره وكأنها كتاب ناطق أو سنّة ماضية.(1/19)
فانتقد ترتيب النزهة لأنه مغاير لكل الكتب في علوم الحديث ، فالكتاب مبني في ترتيبه على أساس التقسيم العقلي عند المناطقة .. ثم قال : وليس في هذا الترتيب مؤاخذة على الحافظ لكن ذلك يدل على تغلغل أثر علم المنطق وتعميقه في فكر الحافظ ومنهجيته إلى درجة بناء الكتاب في ترتيبه على أساسها .
ثم انتقد فيه تقسيم الأخبار ورأيه في معنى المنقطع والمرسل والفرق بينهما والعلة والشاذ والمنكر والمحفوظ والمعروف ومختلف الحديث والمرسل الخفي والتدليس والمصحَّف والمحرَّف وغيرها من الأنواع فانتقدها .
ثم تحدث عن مناهج كتب علوم الحديث بعد الحافظ ابن حجر فقال : إن أشهر الكتب في علوم الحديث بعد الحافظ ابن حجر هي:
1- فتح المغيث للسخاوي ، 2 - تدريب الراوي للسيوطي ، 3- توضيح الأفكار للصنعاني .
وقد اتخذت هذه الكتب وغيرها مما وضع في عصرها أو بعده من نزهة النظر أصلاً أصيلاً ومصدراً أساسياً في فهم مصطلح الحديث وتقرير قواعده ، فتناقلت الكتب ما جاء في النزاهة ونصرته غالباً .
ولقد كان السخاوي مثالاً للتلميذ المتعصّب لشيخه الحافظ ابن حجر وحق له والله ذلك !! لكن الحافظ عندي إمام وابن الصلاح إمام والخطيب إمام والحاكم إمام ، وغيرهم من نقّاد الحديث أئمة أيضاً ، فلا معنى للتعصب عندي لأحدهم دون الآخر ، لذلك رأيت الحق أولى ما ابتغي وسعي إليه وأحق ما نصر وتعصّب له .
والسيوطي في التدريب أخف من غيره تعصُّباً للحافظ ، ولعلّ سبب ذلك أنه يشرح كتاباً للنووي ، ثم هو لم يتتلمذ على الحافظ ابن حجر .
وأما الأمير الصنعاني فأبعدهم عن التعصُّب لكنه لا يجري مجرى غيره في ممارسة علم الحديث تطبيقاً وعملاً ، ثم يؤخذ عليه تعويله على كتب الأصول وترجيح آراء أصحابها على آراء أصحاب الفن من المحدثين .(1/20)
غير أنه مما يميز هذه الكتب وأشباهها أنها كتب موسعة مليئة بالنقول والأمثلة ، إضافة إلى تحريرات وفوائد وفرائد لا يستغنى عنها إلا من استغنى عن هذا العلم ؟ .
بهذا ختم الكلام عن كتب المصطلح ، وهو كلام جيد يحفظ له ، ولا ضير في النقد لأن هؤلاء وإن كانوا أئمة فإنهم غير معصومين يقع منهم كغيرهم الخطأ ، والغالب هو الصواب ، إلا أن إبرازه والاهتمام به بهذا الأسلوب وإظهار الملاحظات بهذه الطريقة قد تزهِّد الطالب المبتدئ في هذه الكتب التي هي العدة الحقيقية والزاد الوحيد للطالب في بداية الطلب ، لكن المؤلف وفّقه الله لو اعتنى بهذه الكتب كلٌّ منها على حِدة فحققها ونشرها وعلّق عليها وبيّن رأيه في مسائلها لكان عين الحكمة والصواب ، لأن إبراز الأخطاء يزهد في كتب العلم ، ولذا لا يرى كبار علمائنا أن تُفرد الملاحظات على تفاسير الأئمة وشروحهم للأحاديث مثل : فتح الباري وشرح النووي على مسلم وغيرها مما نفعه كبير والضرر فيه نزر يسير قد يغتفر بمقابل ما اشتمل عليه من نفع عظيم .
فائدة :
ذكر على صفحة العنوان من هدي الساري مقدمة فتح الباري الطبعة الأولى بالمطبعة الكبرى الميرية ببولاق ما نصّه :
قال في الضوء اللامع في ترجمة الحافظ ابن حجر ما لفظه :
وسمعته يقول : لست راضياً عن شيء من تصانيفي لأني عملتها في ابتداء الأمر ثم لم يتهيأ لي من تحريرها سوى : شرح البخاري ومقدمته والمشتبه والتهذيب ولسان الميزان ، بل كان يقول فيه : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أتقيّد بالذهبي ولجعلته كتاباً مبتكراً .
بل رأيته في مواضع أثنى على شرح البخاري والتغليق والنخبة ثم قال : وأما سائر المجموعات فهي كثيرة العَدد ، واهية العُدد ، ضعيفة القوى ، ظامية الروى ، ولكنها كما قال بعض الحفاظ من أهل المائة الخامسة:
وما لي فيه سوى أنني أراه هوى وافق المقصدا
وأرجو الثواب بكتب الصلاة على السيد المصطفى أحمدا(1/21)
وهذا الحافظ الشهم هو أبو بكر البرقاني وقبلهما :
أعلل نفسي بكتب الحديث وأحمد فيه لها الموعدا
وأشغل نفسي بتصنيفه وتخريجه دائماً سرمدا
قلت : لم أجد هذا في ترجمة الحافظ من الضوء اللامع ( 2/36-40) ، بل هو في الجواهر والدرر في ترجمة ابن حجر للسخاوي ورقة 152 / ب مخطوط .
متن نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (7) .
بسم الله الرحمن الرحيم .
رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وَيَسِّرْ يَا كَرِيْمُ (8)
قال الشيخُ الإمامُ العَالِمُ العلَّامةُ الرُّحْلَةُ ، فَرِيدُ عَصرِهِ ، ووَحِيدُ دَهْرِهِ ، وشَيخُ مَشايخِ ( ... ) ومِصْرِهِ ، بحرُ الفوائِدِ ، ومَعْدِنُ الفَرائِدِ ، عُمدةُ الحفَّاظِ والمحدِّثينَ ، شهابُ الملَّةِ والدِّينِ ، أبو الفَضْلِ أحمدُ بنُ عَليِّ بنِ محمَّد بنِ محمَّدٍ العَسْقَلانِيُّ ، الشهيرُ بـ ( ابنِ حَجَرٍ ) رضيَ الله عنْهُ وأبقَاهُ في خيرٍ وعافيةٍ ونَفَعَ بِعُلومِهِ ... آمين (9) .
الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لِمْ يَزَلْ عَالِماً قَدِيراً ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَى النَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً .
أمَّا بَعْدُ :
فَإِنَّ التَّصَانِيفَ فِي إصْطِلَاحِ أَهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ وَبُسِطَتْ وَاخْتُصِرَتْ ، فَسَأَلَنِيْ بَعْضُ الإِخْوَانُ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُمْ المُهِمَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ فَأَجَبْتُهُ إلى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ فِي تِلْكَ المَسَالِكِ ، فَأَقُولُ :
الخَبَرُ إمَّا : أنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ بِلا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ ، أوْ مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوقَ الاثْنَيْنِ ، أوْ بِهمَا ، أوْ بِوَاحِدٍ .(1/22)
فالأوَّلُ : المُتَواتِرُ المُفِيدُ لِلْعِلْمِ اليَقِينِيِّ بِشُرُوطِهِ ، والثَّانِي : المَشْهُورُ ، وَهُوَ المُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ . والثَّالِثُ : العَزِيْزُ ، وَلَيْسَ شَرْطاً لِلْصَّحِيحِ خِلافاً لِمَنْ زَعَمَهُ . وَالرَّابعُ : الغَرِيبُ .
وَكُلُّهَا - سِوَى الأَوَّلِ - آحادٌ وَفِيهَا المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ ؛ لِتَوَقُّفِ الاسْتِدْلالِ بِهَا عَلَى البَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ رُوَاتِهَا دُونَ الأَوَّلِ ، وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يُفِيدُ العِلْمَ النَّظَرِيَّ بِالقَرَائِنِ عَلَى المُخْتَارِ .
ثُمَّ الغَرَابَةُ إِمَّا : أنْ تَكُونَ في أصلِ السَّنَدِ ، أوْ لا .
فالأَوَّلُ : الفَرْدُ المُطْلَقُ . والثَّانِي : الفَرْدُ النِّسْبِيُّ ، وَيَقِلُ إطْلاقُ الفَرْدِيَّةِ عَلَيهِ .
وخبر الآحاد بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبْطِ ، مُتَّصِلَ (10) السَّنَدِ ، غَيْرَ مُعَلَّلٍ وَلا شَاذٍّ ، هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ .
وَتَتَفَاوَتُ رُتَبُهُ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الأوْصَافِ ، وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ صَحِيحُ البُخَارِيِّ ، ثُمَّ مُسْلِمٌ ، ثُمَّ شُرُوطُهُمَا (11)
فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ ، فَالْحَسَنُ لِذَاتِهِ ، وَبِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ .
فَإِنْ جُمِعَا فَلِلتَّرَدُّدِ في النَّاقِلِ حَيْثُ التَّفَرُّدُ ، وَإلا فَبِاعْتِبَارِ إسْنَادَيْنِ .
وَزِيَادَةُ رَاوِيهِمَا مَقْبُوْلَةٌ ، مَا لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أوْثَقُ . فَإِنْ خُوْلِفَ بِأَرْجَحَ ، فَالرَّاجِحُ المَحْفُوظُ ، وَمُقَابِلُهُ الشَّاذُّ ، وَمَعَ الضَّعْفِ الرَّاجِحُ المَعْرُوفُ ، وَمُقِابِلُهُ المُنْكَرُ .
وَالْفَرْدُ النِّسْبِيُّ : إنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ المُتَابِعُ (12) . وإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ فَهُوَ الشَّاهِدُ ، وتََتَبُّعُ الطُّرِقِ لِذَلِكَ هُوَ الاعْتِبَارُ .(1/23)
ثُمَّ المَقْبُولُ : إنْ سَلِمَ مِنَ المُعَارَضَةِ فَهُوَ المُحْكَمُ , وإِنْ عُورِضَ بِمِثْلِه فَإِنْ أمْكَنَ الجَمْعُ فَهو مُخْتَلِفُ الحَدِيثِ ، أَوْ ثَبَتَ المُتَأخِّرُ فَهُوَ النِّاسِخُ وَالآخِرُ المَنْسُوخُ ، وَإلا فَالتَّرْجِيحُ ، ثُمَّ التَّوَقُّفُ .
ثُمَّ المَرْدُودُ : إمَّا أنْ يَكُونَ : لِسَقَطٍ (13) ، أوْ طَعْنٍ .
فَالسَّقَطُ إمَّا أَنْ يَكُونَ : مِنْ مَبَادِئِ السَّنَدِ مِنْ مُصَنَّفٍ ، أوْ مِنْ آخِرِه بَعْدَ التَّابِعِيِّ ، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ .
فالأَوَّلُ : المُعَلَّقُ . والثَّانِي : المُرْسَلُ . والثَّالِثُ : إنْ كَانَ بِاثْنَينِ فَصَاعِداً مَعَ التَّوَالِي فَهُوَ المُعْضَلُ وَإلا فَالمُنْقَطِعُ .
ثُمَّ قَدْ يَكُونُ : وَاضِحاً ، أَوْ خَفِياً .
فالأَوَّل : يُدْرَكُ بِعَدَمِ التَّلَاقِي ، وَمِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إلى التَّأرِيخِ ، والثَّانِي : المُدَلَّسُ (14) ، ويَرِدُ بِصِيغَةٍ تَحْمِلُ اللُّقَىَّ ؛ كَـ ( عَنْ ) ، وقال ) ، وكَذَا المُرْسِلُ الخَفِيُّ مِنْ مُعَاصِرٍ لَمْ يَلْقَ (15) .
ثم الطَّعْنُ إمَّا أنْ يَكُونَ : لِكَذِبِ الرَّاوِيْ ، أَوْ تُهَمَتِهِ (16) بِذَلِكَ ، أَوْ فُحْشِ غَلَطِهِ ، أَوْ غَفْلَتِهِ ، أَوْ فِسْقِهِ ، أَوْ وَهَمِهِ (17) , أَوْ مُخَالَفَتِهِ ، أَوْ جَهَالَتِهِ ، أَوْ بِدْعَتِهِ ، أَوْ سُوءِ حِفْظِهِ .
فالأوَّلُ : المَوْضُوعُ . وَالثَّانِي : المَتْرُوكُ . والثَّالِثُ : المُنْكَرُ عَلَى رَأْيٍ . وَكَذَا الرَّابِعُ وَالخَامِسُ .
ثُمَّ الوَهَمُ إِنْ اطُّلعَ عَلَيْهِ بِالقَرَائِنِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ : فَالْمُعَلَّلُ .(1/24)
ثُمَّ المُخَالَفَةُ إنْ كَانَتْ بِتَغْيِيرِ السِّيَاقِ : فَمُدْرَجُ الإسْنَادِ . أوْ بِدَمْجِ مَوقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ : فَمُدْرَجُ المَتْنِ . أَوْ بتَقْدِيْمٍ أَوْ تَأْخِيرْ : فَالمَقْلُوبُ . أوْ بِزِيَادَةِ رَاوٍ : فَالْمَزيدُ في مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ . أَوْ بِإبْدَالِه وَلا مُرَجِّحَ : فَالْمُضْطرِبُ ، وَقَدْ يَقَعُ الإِبْدَالُ عَمْداً امْتِحَاناً . أوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفٍ مَعَ بَقَاءِ السِّيَاقِ : فَالمُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ .
وَلا يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْيِيرِ المَتْنِ بِالنَّقصِ وَالمُرَادِفِ إلا لِعَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ المَعَانَى ، فَإِنْ خَفِيَ المَعْنَى احْتِيْجَ إلَى شَرْحِ الغَرِيبِ وبَيَانِ المُشْكِلِ .
ثُمَّ الجَهَالَةُ ، وَسَببُهَا أنَّ الرَّاوِيَ : قَدْ تَكْثُرُ نَعُوتُهُ فَيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتَهَرَ بِهِ لِغَرَضٍ ، وَصَنَّفُوا فِيهِ ( المُوْضِحَ ) (18) ، وَقَدْ يَكُونُ مُقِلّاً فَلا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ ، وَفِيهِ ( الوُحْدَانَ ) ، أوْ لا يُسَمَّى اخْتِصَاراً وَفِيهِ المُبْهَمَاتُ . وَلَا يُقْبَلُ المُبْهَمُ وَلَو أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ عَلَى الأَصَحِّ ، فَإِنْ سُمِيَ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْهُ . فَمَجْهُولُ العَيْنِ . أَوْ اثْنَانِ فَصَاعِداً وَلَمْ يُوَثَّقْ : فَمَجْهُولُ الحَالِ ، وَهُوَ المَسْتُورُ .
ثُمَّ البِدْعَةُ إمَّا : بِمُكَفِّرٍ ، أَوْ بِمُفَسِّرٍ .
فَالأَوَّلُ : لا يَقْبَلُ صَاحِبَهَا الجُمْهُورُ . والثَّانِيْ : يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيةً في الأَصَحِّ ، إلا إنْ رَوَى مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ فَيُرَدُّ عَلَى المُخْتَارِ ، وَبِهِ صَرَّحَ الجُوْزَجَانِيُّ (19) شَيْخُ النَّسَائِيِّ .
ثُمَّ سُوءُ الحِفْظِ إنْ كَانَ : لازِماً : فَالشَّاذُّ - عَلَى رَأْيٍ - أَوْ طَارِئاً : فَالمُخْتَلِطُ .(1/25)
وَمَتَى تُوبِعَ سَيِّئُ الحِفْظِ بِمُعْتَبَرٍ ، وَكَذَا المَسْتُورُ (20) ، وَالمُرْسَلُ (21) وَالمُدَلَّسُ (22) صَارَ حَدِيثُهُم حَسَناً لا لِذَاتِه ؛ بَلْ بِالْمَجْمُوعٍ .
ثُمَّ الإِسْنَادُ إِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ : إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَصْرِيحاً أَوْ حُكْماً ؛ مِنْ قَوْلِهِ ، أَوْ فِعْلِهِ ، أَوْ تَقْرِيرِهِ ، أَوْ إلى الصَّحاَبِيِّ كَذَلِكَ ، وَهُوَ مَنْ لَقيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مُؤْمِناً بِهِ وَمَاتَ عَلَى الإِسْلامِ ، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ في الأصَحِّ ، أَوْ إِلَى التَّابِعِيِّ ، وَهُوَ مَنْ لَقِيَ الصَّحَابِيَّ كَذَلِكَ .
فالأوَّلُ : المَرْفُوعُ . والثَّانِي : المَوْقُوفُ . والثَّالِثُ : المَقْطُوعُ ، وَمَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ فِيْهِ مِثْلُهُ . وَيُقَالُ لِلأخِيرَيْنِ : الأَثَرُ . وَالمُسْنَدُ مَرْفُوعُ صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الاتِّصَالُ . فَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُ فَإِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ : إلى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ إلى إِمَامٍ ذِيْ صِفَةٍ عَلِيَّةٍ كَـ شُعْبَةَ .
فالأَوَّلُ : العُلُوُّ المُطْلَقُ . والثَّانِي : العُلُوُّ النِّسْبِيُّ ، وفِيهِ المُوَافَقَةُ : وَهِيَ الوُصُولُ إلى شَيْخِ أحَدِ المُصَنِّفِينَ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِهِ . وَالبَدَلُ الوُصُولُ إلى شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَلِكَ . وَالمُسَاوَاةُ : وَهِيَ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الإِسْنَادِ مِنَ الرَّاوِي إلى آخِرِهِ مَعَ إسْنَادِ أَحَدِ المُصَنِّفِينَ . وَالمُصَافَحَةُ : وَهِيَ الاسْتِوَاءُ مَعَ تِلْمِيذِ ذَلِكَ المُصَنَّفِ .(1/26)
وَيُقَابِلُ العُلُوَّ بِأَقْسَامِهِ : النُّزُولُ . فَإنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ في السِّنِّ أو في اللُّقِيِّ فَهُوَ : الأقْرَانُ . وَإنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الآخَرِ : فَالمُدَبَّجُ . وَإنْ رَوَى عَمَّنْ دُونَهُ : فَالأَكَابِرُ عَنِ الأَصَاغِرِ ، وَمِنْهُ الآبَاءُ عَنِ الأبْنَاءِ ، وَفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ ، وَمِنْهُ مَنْ رَوَى عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، وَإنِ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ وَتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ : السَّابِقُ وَاللاحِقُ . وَإنْ رَوَى عَنْ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَي الاسْمِ وَلَمْ يَتَمَيَّزَا فَباخْتِصَاصِهِ بأَحَدِهِمَا يَتَبَيَّنُ المُهْمَلُ .
وَإِنْ جَحَدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ جَزْماً رُدَّ ، أوْ احْتِمَالاً قُبِل في الأَصَحِّ ، وَفِيهِ : مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ . وَإِنْ الرُّوَاةُ في صِيَغِ الأَدَاءِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الحَالاتِ ، فَهُوَ : المُسَلْسَلُ .
وَصِيَغُ الأَدَاءُ : سَمِعْتُ وَحَدَّثَنِيْ ، ثُمَّ أَخْبَرنِي وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ ، ثُمَّ أَنْبَأَنِيْ ، ثَمَّ نَاوَلَِنِيْ ، ثَمَّ شَافَهَنِي ، ثُمَّ كَتَبَ إليَّ ، ثُمَّ عَنْ وَنَحْوَهَا .
فَالأَوَّلانِ لِمَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ ، فَإِنْ جَمَعَ فَمَعَ غَيْرِهِ ، وَأَوَّلُهَا ، أَصْرَحُهَا وَأَرْفعُهَا في الإِمْلاءِ . وَالثَّالِثُ وَالرَّابعُ (23) : لِمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ . فَإِنْ جَمَعَ : فَهُوَ كَالخَامِسِ .
وَالإِنْبَاءُ بِمَعْنَى الإِخْبَارِ (24) . إلا فِي عُرْفِ المُتَأْخِّرِينَ فَهُوَ لِلإِجَازَةِ كَـ ( عَنْ ) .(1/27)
وَعَنْعَنَةُ المُعَاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إلا مِنَ المُدَلِّسِ ، وَقِيلَ : يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقَائِهِمَا وَلَوْ مَرَّةً ، وَهُوَ المُخْتَارُ . وَأَطْلَقُوا المُشَافَهَةَ في الإِجَازَةِ المُتَلَفَّظِ بِهَا ، وَالمُكَاتَبَةَ في الإِجَازَةِ المَكْتُوبِ بِهَا . وَاشْتَرَطُوا في صِحَّةِ المُنَاوَلَةِ اقترانَها بِالإِذْنِ بِالرِّوَايَةِ ، وَهِيَ أَرْفَعُ أَنْوَاعُ الإِجَازَةِ . وَكَذَا اشْتَرَطُوا الإذْنَ فِيْ الوِجَادَةِ ، وَالوَصِيَّةِ بِالكِتَابِ ، وَالإِعْلامِ ، وَإلا فَلا عِبْرَةَ بِذَلِكَ ، كَالإِجَازَةِ العَامَّةِ ، وَلِلْمَجْهُولِ وَالمَعْدُومِ (25) عَلَى الأَصَحِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ .
ثُمَّ الرُّوَاةُ : إِنْ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ فَصَاعِداً وَاخْتَلَفَتْ أَشْخَاصُهُمْ فَهُوَ المُتَّفِقُ وَالمُفْتَرِقُ . وَإِنْ اتَّفَقَتِ الأسْمَاءِ خَطّاً واْخْتَلَفَتْ نُطْقاً فَهُوَ المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ . وَإنْ اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الآبَاءُ ، أَوْ بِالعَكْسِ فَهُوَ المُتَشابِهُ ، وَكّذَا إنْ وَقَعَ ذَلِكَ الاتِّفَاقُ في اسْمٍ وَاسْمِ أبٍ والاخْتِلافُ في النِّسْبَةِ ، وَيُرَكَّبُ مِنْهُ وَمِمَّا قَبْلهُ أَنْوَاعٌ ؛ مِنْهَا : أَنْ يَحْصُلَ الاتِّفَاقُ أَوْ الاشْتِبَاهُ إلا في حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ ، أَوْ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ .
خَاتِمَةٌ
وَمِنَ المُهِمِّ :
مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ ، وَمَوَالِيدِهِمْ ، وَوَفِيَّاتِهِمْ ، وَبُلْدَانِهِمْ ، وَأَحْوَالِهِمْ : تَعْدِيلاً وَتَجْرِيحاً وَجَهَالَةً .(1/28)
وَمَرَاتِبِ (26) الجَرْحِ : وَأَسْوَأُهَا : الوَصْفُ بِأَفْعَلَ كَـ : ( أَكْذَبِ النَّاسِ ، ثُمَّ دَجَّالٌ ، أَوْ وَضَّاعٌ ، أَوْ كَذَّابٌ ، وَأَسْهَلُهَا : لَيِّنٌ ، أَوْ سَيِّئُ الحِفْظِ ، أَوْ فِيهِ أَدْنَى مَقَالٍ .
وَمَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ : وَأَرْفَعُهَا : الوَصْفُ بأَفْعَلَ كَـ : أَوْثَقِ النَّاسِ ، ثُمَّ مَا تَأَكَّدَ بِصَفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ كَـ : ثِقَةٍ ثِقَةٍ ، أَوْ ثِقَةٍ حَافِظٍ . وَأَدْنَاهَا: مَا أَشْعَرَ بِالقُرْبِ مِنْ أَسْهَلِ التَّجْرِيحِ كَشَيْخٍ . وَتُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهَا ، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الأَصَحِّ .
وَالجَرْحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ إنْ صَدَرَ مُبَيَّناً مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهِ .
فَإِنْ خَلا عَنْ تَعْدِيلٍ قُبِلَ مُجْمَلَا عَلَى المُخْتَارِ .
وَمَعْرِفَةُ كَنَى المُسَمَّيْنَ ، وَأَسْمَاءِ المُكَنَّيْنَ ، وَمَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ ، وَمَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ (27) ، وَمَنْ كَثُرَتْ كَنَاهُ أَوْ نُعُوتُهُ ، وَمَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيْهِ أَوْ العَكْسِ ، أَوْ كُنْيَتُهُ كُنْيَةَ زَوْجَتِهِ ، وَمَنْ نُسِبَ إلى غَيْرِ أبِيهِ ، أو غَيْرِ مَا يَسْبِقُ للفَهْمِ ، وَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدّهِ ، أَوِ اسْمُ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ فَصَاعِداً ، وَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ .
وَمَعْرِفَةِ الأَسْمَاءِ المُجَرَّدَةِ وَالْمُفْرَدَةِ ، وكَذَا الكُنَى ، وَالأَلْقَابِ ، وَالأَنْسَابِ ، وَتَقَعُ إلى القَبَائِلِ وَالأَوْطَانِ ، بِلاداً ، وَضِيَاعاً ، وَسِكَكَا ، وَمُجَاوَرَةً ، وَإِلى الصَّنَائِعِ وَالحِرَفِ ، وَيَقَعُ فِيهَا (28) الاشْتِبَاهُ وَالاتِّفَاقُ كَالأَسْمَاءِ ، وَقَدْ تَقَعُ أَلْقَاباً ، وَمَعْرِفَةُ أَسْبَابِ ذَلِكَ .(1/29)
وَمَعْرِفَةُ المَوَالِي مِنْ أَعْلَى وَمِنْ أَسْفَلَ بِالرِّقِّ ، أَوْ بِالْحِلْفِ ، وَمَعْرِفَةُ الإخْوَةِ وَالأخَوَاتِ ، وَمَعْرَفَةُ آدَاب الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ ، وَوَقتِ سِنِّ التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ ، وَصِفَةِ الضَّبْط بِالْحِفْظِ والكِتَابِ ، وَصِفَةِ كِتَابِةِ الحَدِيثِ ، وَعَرْضِهِ ، وَسَمَاعِهِ ، ( وَإِسْمَاعِهِ ) (29) ، وَالرِّحْلَةِ فِيهِ ، وَتَصْنِيفِهِ : عَلَى المَسَانِيدِ ، أَوْ الأَبْوَاب ، أَوِ الشُّيُوخِ ، أَوِ العِلَلِ ، أَوِ الأَطْرَافِ . وَمَعْرِفَةُ سَبَبِ الحَدِيثِ وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى ابْن الفَرَّاء ، وَصَنَّفُوا في غَالِبِ هَذِهِ الأَنَوَاعِ ، وَهِي (30) نَقْلٌ مَحْضٌ ظَاهِرَةُ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ التَّمْثِيلِ ، وَحَصْرُهَا مَتَعَسِّرٌ ، فَلْيُرَاجَعْ (31) لَهَا مَبْسُوْطَاتُهَا ، وَاللهُ المُوَفِّقُ وَالهَادِي ، لا إلَهَ إلا هُوَ .
أخر الكتاب والله أعلم بالصواب .
علَّقَهُ لنفسه أفقرُ العباد وأحوجُهم إلى البرّ الجواد ، إبراهيمُ بنُ عمرَ بنِ حسن الرُّباطِ الرَّوحائِي
عامله الله بلطفه وغفر له ولوالديه
وذلك في بيت المقدس الشريف في المدرسة الصلاحية بباب حطه في الليلة التي يسفر صاحبها عن يوم الثلاثاء .
ثاني عشر ربيع الأول من شهور سنة اثنين وثلاثين وثمانمائة أحسن الله تقضيها والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم حسبنا والله ونعم الوكيل .
ولكاتب النسخة التي نَقَلْتُ منها وهو شيخنا الشيخ الإمام العالم العلامة الرحلة المفَننُ الشيخ عماد الدين إسماعيل بن شرف المقدسي أمتع الله بوجوده بيتان يمدح بهما المصنف فسح الله في مدته وأعاد على المسلمين من بركته :
أَجَدْتَ يا بحرُ فِيمَا قَد أَتَيْتَ بِهِ من نخبةِ الفِكْرِ فَاقَتْ كُتْبَ مَن سَبَقَا(1/30)
مَنْ قَالَ لَمْ تَسْطُر الأقَلَامُ مُشْبِهَهَا في سَالِفِ الدَّهْرِ يَا مَولايَ قَد صَدَقَا (32)
تحقيق الرغبة
في
توضيح النخبة
النُّخبة :
في القاموس : النُّخْبة بالضم وكهمزة المختار ، وانتخبه : اختاره (33)
الفِكَر :
جمع فكرة ، مثل ، نِحلة ونِحَل ، وهي _ أعني الفكرة _ كالفِكْرِ والفَكْر : إعمال الخاطر في الشيء (34)
قال الجوهري : التفكر : التأمل ، والاسم ، الفكر والفِكرة ، والمصدر : الفَكْرة بالفتح (35)
في مصطلح أهل الأثر :
المصطلح والاصطلاح :
العرف الخاص ، وهو التوافق على استعمال ألفاظ مخصوصة يتداولها أهل كل فن على وجه التعارف فيهما بينهم كما اصطلحوا عليها (36)
ومصطلح أهل الحديث أو أهل الأثر ، ويسمى أيضاً أصول الحديث ، كما يسمى علوم الحديث وقواعد الحديث .
والمصطلح : أولى ما يقال في تعريفه ، كما قال الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح : معرفة القواعد المعرَّفة بحال الراوي والمروي (37)
أهلُ الأثر :
هم أهل الحديث ، وسيأتي إن شاء الله تعالى تعريف الحديث وتعريف الأثر (38)
قال المصنف رحمه الله تعالى :
(( الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لِمْ يَزَلْ عَالِماً قَدِيراً ))
ابتدأ المصنف رحمه الله بالحمدلة عملاً بحديث : (( كل أمر ذي باب لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع )) (39) .
حسّنه النووي في الأذكار (40) وضعفه آخرون .
و ( الحمد ) : كما في الوابل الصيب للإمام ابن القيم : وهو الإخبار عن الله بصفات كماله مع محبته والرضا به .
والثناء : هو تكرير المحامد شيئاً بعد شيء (41)(1/31)
و( أل ) : في الحمد للجنس أو الاستغراق . و (اللام ) : في لله للاختصاص . و ( لله ) عَلَم على الذات الإلهية ، وهو أعرف المعارف على الإطلاق . قاله سيبويه . ( الذي ) : اسم موصول يقال للمفرد المذكر . ( لم يزل ) : لم حرف نفي وجزم وقلب ، ويزل مضارع زال مجزوم بـ (لم ) ، وما زال من أخوات كان ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ، واسمها مستتر تقديره هو ، وعليماً خبرها ، وقديراً معطوف عليه . ( عليماً قديراً ) : العليم والقدير من أسماء الله الحسنى ، ومذهب أهل السنّة والجماعة في إثبات ما أثبته الله لنفسه وأثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تكييف ولا تمثيل ولا تعطيل معروف
قال المصنف رحمه الله :
(( وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَى النَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً ، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً ))
(( صلى الله )) : روى البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً به عن أبي العالية قال : صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة الدعاء. وروى عن ابن عباس أنه قال : يصلون يبرِّكون (42) ، وفي سنن الترمذي روى عن سفيان الثوري وغير واحد من أهل العلم قالوا : صلاة الرب الرحمة ، وصلاة الملائكة الاستغفار (43)
(( على سيدنا ) : أي عظيمنا وشريفنا وأعلانا وأسمانا قدراً .
(( مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَى النَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً )) : أي مبشراً للمؤمنين بالجنة ومنذراً ومخوفاً للكافرين بالنار .
(( وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ )) : الآل اختلف في أصله ، فقيل: أهل ثم قلبت الهاء همزة فقيل: ءأل ثم سهلت فقيل: آل. وضعف ابن القيم هذا القول من أوجه (44)
وقيل : أصله أَوْل ، وذكره الجوهري في باب الهمزة والواو واللام قال : وآل الرجل أهله وعياله وأتباعه ، وهو عند هؤلاء مشتق من الأَوْل وهو الرجوع .
واختلف في المراد بآله صلى الله عليه وسلم على أربعة أقوال :(1/32)
1- أنهم الذين حرّمت عليهم الصدقة .
2- أنهم ذريته وأزواجه خاصة .
3- أنهم أتباعه إلى يوم القيامة .
4- أنهم الأتقياء من أمته (45) .
قال ابن القيم : والصحيح هو القول الأول ويليه الثاني ، وأما الثالث والرابع فضعيفان (46) .
(( وَصَحْبِهِ )) : جمع صاحب كركب جمع راكب ، مأخوذ من الصحبة ، والمختار في تعريف الصحابي ما سيأتي في النخبة أنه من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام ولو تخلَّلت ردة .
(( وَسَلِّمَ تَسْلِيماً كَثِيراً)) : تسليماً مصدر مؤكد ، والمراد بإيراده إظهاره زيادة التعظيم وإفادة التكثير كما أشار إليه بقوله كثيراً .
وجمع المصنف بين الصلاة والسلام امتثالاً للأمر بالآية ولم يفرد الصلاة عن السلام أو العكس لتصريح النووي رحمه الله بكراهة ذلك وإن خصها المصنف بمن جعل ذلك ديدناً لوقوع الإفراد في كلام كثير من الأئمة منهم : الشافعي ومسلم وأبو إسحاق الشيرازي ومنهم النووي نفسه (47) ، وجمع بين الآل والصحب لما للجميع من فضل ولم يفرد الآل مخالفة للروافض ولم يقتصر على الصحب مخالفة للنواصب .
قال المصنف رحمه الله :
(( أمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ التَّصَانِيفَ فِي إصْطِلاحِ أَهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ وَبُسِطَتْ وَاخْتُصِرَتْ ))
(( أما بعد )) : أما حرف شرط . ( بعدُ ) : قائم مقام الشرط مبني على الضم لقطعه عن الإضافة مع نية المضاف إليه . واختلف في أول من قال : أما بعد ، على ثمانية أقوال يجمعها قول الناظم :
جرى الخلف أما بعد من كان بادئاً
……………بها عد أقوالاً وداود أقرب
ويعقوب أيوب وآدم
وقس وسحبان وكعب ويعرب
(( فَإِنَّ التَّصَانِيفَ . . . )) إلخ جواب الشرط . والتصانيف جمع تصنيف وأصل التصنيف تمييز بعض الأشياء عن بعض ومنه أخذ تصنيف الكتب ؛ لأن المؤلف يجمع بين أنواع الكلام ويجعلها صنفاً صنفاً .(1/33)
((فِي إصْطِلاحِ أَهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ )) : من قبل علماء الشأن قديماً وحديثاً ، واختلف في أول من صنف في علوم الحديث :
1- فمنهم من يرى أنه الإمام الشافعي فيما ذكره في ثنايا كتبه
2- ومنهم من يرى أنه الإمام علي بن المديني لكثرة مؤلفاته في غالب فنون علوم الحديث .
3- ومنهم من يرى أنه الإمام الترمذي في ثنايا جامعه وفي علله المفردة وعلل الجامع .
ولذا خرج الحافظ ابن حجر من هذا الخلاف بقوله . فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الراهرمزي في كتابه المحدث الفاصل لكنه لم يستوعب ، والحاكم أبو عبد الله لكنه لم يهذّب ولم يرتّب ، كذا قال الحافظ (48) . وقال ابن خلدون : هو الذي هذَبه وأظهر محاسنه يعني علوم الحديث (49) وعندي أن الحافظ نظر إلى من جاء بعد الحاكم وابن خلدون نظر إلى من كان قبله .
قال الحافظ : ثم جاء بعدهم الخطيب البغدادي فصنَّف في قوانين الرواية كتاباً سمّاه : الكفاية ، وفي آدابها كتاباً سمّاه : الجامع لآداب الشيخ والسامع ... إلخ
ثم جاء الحافظ تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح الشهرزوري فجمع كتابه الشهير (( علوم الحديث )) ، واجتمع في كتابه ما تفرَّق في غيره ، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصر (50)
ثم جاء الإمام الحافظ ابن حجر فألَّف كتابه المختصر النافع الماتع العجاب (( نخبة الفكر )) فاعتنى الناس بها عناية فائقة .
ثم تتابع العلماء على هذه الطريقة وما زالوا يكتبون في هذا العلم ومن أنفع ما كتابه المتأخرون :
1- قواعد التحديث : للشيخ محمد جمال الدين القاسمي .
2- توجيه النظر : للشيخ طاهر الجزائري .
3- الوسيط : للشيخ محمد أبي شبهة رحمهم الله .
(( وَبُسِطَتْ )) : ليتوفر علمها . (( وَاخْتُصِرَتْ )) : ليتيسَّر حفظها .
قال المصنف رحمه الله :(1/34)
((فَسَأَلَنِيْ بَعْضُ الإِخْوَانُ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُمْ المُهِمَّ مِنْ ذَلِكَ ؛ فَأَجَبْتُهُ إلى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ فِي تِلْكَ المَسَالِكِ )) .
لما أشار الحافظ رحمه الله إلى كثرة التصانيف التي قد تكون سبباً لتشتيت أذهان بعض المبتدئين الذين لا يحسنون الاختيار ، ذكر رحمه الله أنه سأله بعض الإخوان من الطلاب أن يلخص ويختصر ويستخرج له خلاصة ما في تلك الكتب المشار إليها ، فأجابه إلى سؤاله ونفذَّ طلبه رجاء الانخراط والدخول في مسالك المصنفين السابقين ، ومراده بذلك أن ينال من أجر نشر العلم ما ناله أولئك المخلصون المتقدمون .
قال المصنف رحمه الله :
(( فَأَقُولُ : الخَبَرُ إمَّا : أنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ بِلا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ ، أوْ مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوقَ الاثْنَيْنِ ، أوْ بِهمَا ، أوْ بِوَاحِدٍ .
فالأوَّلُ : المُتَواتِرُ المُفِيدُ لِلْعِلْمِ اليَقِينِيِّ بِشُرُوطِهِ ، والثَّانِي : المَشْهُورُ ، وَهُوَ المُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيٍ . والثَّالِثُ : العَزِيْزُ ، وَلَيْسَ شَرْطاً لِلْصَّحِيحِ خِلافاً لِمَنْ زَعَمَهُ . وَالرَّابعُ : الغَرِيبُ . وَكُلُّهَا - سِوَى الأَوَّلِ - آحادٌ ))
(( أقول )) : سلك الحافظ رحمه الله في ترتيب نخبته مسلك اللف والنشر المرتَّب ، وهو في لسان علماء البيان ، عبارة عن ذكر الشيئين على جهة الإجتماع ثم يوفي بما يليق بكل واحد منهما (51) . وهو في الحقيقة جمع ثم تفريق ، واشتقاقهما ، من لفّ الثوب ونشره أي جمعه وتفريقه ، وهو نوعان : مرتّبِ ومشوّش ، وكلاهما مستعمل في اللغة بل في أفصح الكلام .(1/35)
قال تعالى في المرتب في سورة هود : (( فَمِنْهُمْ شَقِيُُّ وَسَعِيْدٌ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ{106} خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ{107} وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا . . . )) الآيات .
وقال في غير المرتب في سورة آل عمران : ((يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ{106} وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{107} ))
( الخبر ) : في اللغة : ما ينقل ويتحدث به . وفي البلاغة: ما يحتمل الصدق والكذب لذاته . وعند علماء الحديث: مرادف للحديث. وقيل : الحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم والخبر ما جاء عن غيره .
ومن ثمَّ قيل لمن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها الإخباري ، ولمن يشتغل بالسنّة النبوية المحدث .
قال الحافظ : وقيل بينهما عموم وخصوص مطلق ، فكل حديث خبر من غير عكس (52) .
(( إمَّا : أنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ )) : الطرق جمع طريق . والمراد بالطريق الإسناد ، والإسناد عرَّفه الحافظ بأنه حكاية طريق المتن (53) ، وكما عرّف السند بقوله :
الطريق الموصلة إلى المتن ، والسند والإسناد - كما قال المناوي - لا يشك محدث أنهما مترادفان (54) .(1/36)
((بِلا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ )) : على الصحيح بل تكون العادة قد أحالت تواطؤهم على الكذب ، وكذا وقوعه منهم اتفاقاً من غير قصد ، ومنهم من عيّن العدد المطلوب للتواتر في الأربعة . وقيل: في الخمسة ، وقيل: في السبعة ، وقيل: في العشرة ، وقيل: في الاثني عشر ، وقيل: في الأربعين ، وقيل: في السبعين ، وقيل غير ذلك . وتمسك كل قائلٌ بدليل جاء فيه ذكر ذلك العدد . فأفاد العلم وليس بلازم أن يطرد في غيره لاحتمال الاختصاص (55)
(( أوْ مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوقَ الاثْنَيْنِ )) : وسيأتي الكلام على المراد به وهو المشهور . ((أوْ بِهمَا )) وهو العزيز وسيأتي الحديث عنه :
(( أوْ بِوَاحِدٍ )) : وهو الغريب, وسيأتي الحديث عنه أيضاً .
(( فالأوَّلُ : المُتَواتِرُ )) :
تعريفه :
لغة: مشتق من التواتر بمعنى التتابع ، يقال : تواترت الإبل والقطا إذا جاءت في إثر بعض ولم تجئ دفعة واحدة (56)
واصطلاحاً: عرّفه ابن الصلاح وتبعه النووي في التقريب بأنه الخبر الذي ينقله من يحصل العلم بصدقه ضرورة عن مثلهم من أوله إلى آخره (57). وعرّفه النووي في شرح مسلم بأنه ما نقله عدد لا يمكن مواطأتهم على الكذب عن مثلهم ويستوي طرفاه والوسط ، ويخبرون عن حسي لا مظنون (58). وقريب منه تعريف الحافظ في النخبة وشرحها (59)
شروطه:
تؤخذ من التعريف وهي:
1- أن يخبر به عدد كثير يحصل العلم الضروري بصدق خبرهم من غير حصر على الصحيح كما تقدم .
2- أن يخبروا عن علم لا عن ظن ، فلو أخبر أهل بلد عظيم عن طائر ظنوا أنه حمَام ، أو عن شخص ظنوه زيداً ، لم يحصل العلم بكونه حماماً أو زيداً .
3- أن يكون خبرهم مستنداً إلى الحس، إذ لو أخبروا عن معقول لم يحصل لنا العلم ، فلا بد أن يستند ناقلوه إلى الحواس كالسمع والبصر لا لمجرد إدراك العقل .
4- أن توجد هذه الشروط في جميع طبقات السند لأن كل عصر يستقل بنفسه .
أقسامه:
ينقسم المتواتر إلى أربعة أقسام:(1/37)
1- المتواتر اللفظي: وهو ما تواتر لفظه ومعناه. ومثاله: حديث: (( من كذَّب عليَّ متعمّداً فليتبوأ مقعده من النار )) (60). وقد سمى الشيخ محمد أنور الكشميري هذا القسم ( تواتر الإسناد ))
2- المتواتر المعنوي : وهو ما تواتر معناه دون لفظه، وذلك كأحاديث رفع اليدين في الدعاء والحوض والرؤية وغيرها. وسمّاه الكشميري : توتر القدر المشترك .
3- تواتر الطبقة : كتواتر القرآن الكريم ، فقد تواتر على البسيطة شرقاً وغرباً درساً وتلاوةً وحفظاً وقراءةً ، وتلقَّاه الكافة عن الكافة طبقة عن طبقة إلى حضرة الرسالة.
4- تواتر العمل والتوارث: وهو أن يعمل به في كل قرن من عهد صاحب الشريعة إلى يومنا هذا جمّ غفير من العاملين، بحيث يستحيل عادة تواطؤهم على كذب كأعداد الصلوات الخمس (61)
وجوده: زعم ابن حبان والحازمي أن الحديث المتواتر غير موجود أصلاً (62)
وزعم ابن صلاح والنووي (63) أنه قليل نادر، لكن الحافظ رد هذين القولين في شرح النخبة فقال: ما ادّعاه - يعني ابن الصلاح - من العزة ممنوع ، وكذا ما ادّعاه غيره من العدم؛ لأن ذلك نشأ عن قلة الاطلاع على كثرة الطرق وأحوال الرجال وصفاتهم المقتضية لإبعاد العادة أن يتواطؤوا على كذب أو يحصل منهم اتفاقاً.
ومن أحسن ما يقرّر به كون المتواتر موجوداً وجود كثرة في الأحاديث أن الكتب المشهورة المتداولة بأيدي أهل العلم شرقاً وغرباً المقطوع عندهم بصحة نسبتها إلى مصنفيها إذا اجتمعت على إخراج حديث وتعدّدت طرقه تعدداً تحيل العادة تواطؤهم على الكتاب إلى آخر الشروط ، أفاد العلم اليقيني إلى قائله، ومثل ذلك في الكتب المشهورة كثير (64)
حكمه:
الخبر المتواتر يجب تصديقه ضرورة؛ لأنه مفيد للعلم القطعي الضروري فلا حاجة إلى البحث عن أحوال رواته.(1/38)
قال الحافظ: المعتمد أن الخبر المتواتر يفيد العلم الضروري، وهو الذي يضطر إليه الإنسان بحيث لا يمكنه دفعه. وقيل: لا يفيد العلم إلا نظرياً، وليس بشيء؛ لأن العلم حاصل به لمن ليس له أهلية النظر كالعامي ، والنظري يفيد العلم لكن بعد النظر والاستدلال(65).
وخالف في إفادة الخبر المتواتر العلم فرقة من عبدة الأصنام يقال لهم: السُّمَنيَّة الذين حصروا العلم في الحواس(66). وهذا مذهب باطل؛ لأنه لا يختلف اثنان في بلدة تسمى مكة وأخرى تسمى بغداد وإن لم يدخلاهما.
وقد نبّه الله سبحانه وتعالى في مواضع من كتابه على إفادة المتواتر العلم اليقيني، حيث جعله بمنزلة الرؤية البصرية، فخاطب الله رسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين وغيرهم بأمثال قوله تعالى: (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ )) ( الفيل : 1)، وقوله : (( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ )) ( الفجر : 6) ، وقوله: (( أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ )) ( الأنعام : 6).
فإن هذه الوقائع معلومة عندهم بالتواتر، فعبَّر عن علمها برؤيتها، وفيه إشارة إلى أنه جعل العلم الحاصل من المتواتر بمنزلة المشاهد في القطعية(67)
مصادره:
1- الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة، للسيوطي .
2- قطف الأزهار له، وهو مختصر من الذي مثله .
3-نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني.
إشكال:
عرفنا في شروط المتواتر أنه لا بد أن يخبر به عدد يحصل بهم العلم من غير حصر. فهل معنى هذا أننا لا نعرف اكتمال العدد حتى يحصل العلم، ولا يحصل العلم إلا إذا كان اكتمل العدد فيلزم عليه الدور؟(1/39)
جوابه ما جاء في : جامع الأصول لابن الأثير (68)، والمستصفى للغزالي (69).عدد المخبرين ينقسم إلى ناقص فلا يفيد العلم، وإلى كامل فيفيد العلم، وإلى زائد يحصل العلم ببعضه، والكامل وهو أقل عدد يورث العلم ليس معلوماً لنا، لكنا بحصول العلم الضروري نتبين كمال العدد، لا أنّا بكمال العدد نستدل على حصول العلم.
وفي لوامع الأنوار البهية:اعلم أن خبر التواتر لا يوَلِّد العلم بل يقع العلم عنده بفعل الله تعالى عند الفقهاء وغيرهم من أهل الحق(70).
وكلامه جار على قاعدة الأشاعرة في نفي تأثير الأسباب، فعندهم أن الشبع يحصل عند الأكل لا به، والري يحصل عند الشرب لا به، ولذا يجوز عندهم أن يرى أعمى الصين بقة الأندلس، كما صرح بذلك الكرماني شارح البخاري وغيره (71)، والسفاريني رحمه الله قد أدخل الأشاعرة والماتريدية في أهل السنّة (72), وجاء في مختصر التحرير وشرحه لابن النجار .
ولا ينحصر التواتر في عدد عند أصحابنا والمحققين ويعلم حصول العدد إذا حصل العلم ( ولا دور ) إذ حصول العلم معلوم الأخبار، ودليله كالشبع والري المشبع والمروي، ودليلهما وإن لم يعلم ابتداء القدر الكافي منهما.
نعم؛ لو أمكن الوقوف على حقيقة اللحظة التي يحصل لنا العلم بالمخبر عنه فيها أمكن معرفة أقل عدد يحصل العلم بخبره لكن ذلك متعذر، إذ الظن يتزايد المخبرين تزايداً خفياً تدريجياً، كتزايد النبات وعقل الصبي ونموّ بدنه ونور الصبح وحركة الفيء فلا يدرك (73) اهـ .
(( والثاني : المشهور وهو المستفيض على رأي )) :
تعريف المشهور :
لغةً : اسم مفعول مأخوذ من الشهرة التي هي في الأصل وضوح وانتشاره وذيوعه، ومنه أخذ الشهر لشهرته. وفي المصباح: شهرت الحديث شهراً وشهرة إذا أفشيته فاشتهر (74).(1/40)
وفي الاصطلاح : ما رواه ثلاثة فأكثر في كل طبقة ما لم يبلغ حد التواتر (75). ويرى ابن الصلاح تبعاً لابن مندة أن مروي الثلاثة لا يسمى مشهوراً (76)، وإنما يسمى عزيزاً كما سيأتي(77).
ويسمى بعض العلماء هذا النوع ( المستفيض )، ومنهم من غاير بينهما بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه بحيث يتحد عد رواته في كل طبقة من طبقاته، والمشهور أعم من ذلك ومنهم من عكس (78)
رأي الحنفية:
يرى الحنفية أن المشهور ليس بقسم من أقسام الآحاد، بل هو قسم متوسط بين المتواتر والآحاد، ويخصون المشهور بما فقد شرط التواتر في طبقة الصحابة فقط فهو أصله آحاد لكنه انتشر بعد ذلك. وقال الجصاص منهم: إنه أحد قسمي المتواتر(79).
مثال المشهور:
حديث : (( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ))(80). وانظر : تقرير شهرته في فتح الباري (81) .
تنبيه:
ما تقدم هو المشهور الاصطلاحي. وهناك مشهور غير اصطلاحي ويقصد به ما اشتهر على الألسنة من غير اعتبار أي شرط (82) ، فيشمل ما له سند واحد، وما له أكثر من سند، وما لا إسناد له أصلاً .
حكم المشهور:
المشهور بقسميه الاصطلاحي وغير الاصطلاحي لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح على الإطلاق ، بل منه الصحيح ومنه الحسن ومنه الضعيف، لكن إذا صح المشهور الاصطلاحي كانت له ميزة ترجحه. هذا على مذهب الجمهور، إما على رأي الحنفية فعند الجصاص أنه مثل المتواتر، ومنهم من يرى أنه يوجب علم طمأنينة لا علم يقين (83)
(( والثالث العزيز )) :
تعريفه :
لغةً : مأخوذ من العزة، تقول: عزّ يَعز من باب تعب فهو عزيز، وجمعه أعزّة، وتعزَّز: تقوَّى ، وعززته بآخر، قوّيته. وعزَّ: ضعف فيكون من الأضداد. وعزّ الشيء: يعِز من باب ضرب لم يقدر عليه لقلّته وندرته (84).(1/41)
وإصطلاحاً: اختار الحافظ ابن حجر أنه ما رواه اثنان ولو في بعض طبقات السند (85) عرّفه ابن منده بأنه ما رواه اثنان أو ثلاثة، وتبعه على ذلك ابن الصلاح والنووي وابن كثير(86). سمّى بذلك إما لقوته أو لندرته وقلّته.
وقد تمنى صاحب فتح الملهم أن لو سمّى المحدثون ما رواه الثلاثة بالعزيز لقوله تعالى : (( فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ))، وما رواه اثنان بالمؤزر لقوله تعالى : (( وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي )) ( طه : 29 ) ؛ لأن الاصطلاح كلما قَرُب من الاستعمال القرآني كان أحسن وأليق (87) .
مثاله: حديث: (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولدِه )) فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنس كما في الصحيحين (88) وأبو هريرة كما في البخاري (89) ، ورواه عن أنس قتادة وعبد العزيز بن صهيب، ورواه عن قتادة شعبة وسعيد بن أبي عروبة، ورواه عن عبد العزيز إسماعيل بن علية وعبد الوارث، ورواه عن كل جماعة(90).
تتمة:
ادّعى ابن حبان أن رواية اثنين لا توجد أصلاً، قال الحافظ ابن حجر: إن أراد أن رواية اثنين فقط عن اثنين فقط لا توجد أصلاً فيمكن أن يسلم. وأما صورة العزيز التي حرَّرناها بأنه لا يرويه أقل من اثنين عن أقل من اثنين فموجودة(91).
حكمه:
العزيز كغيره من أقسام الآحاد لا يوصف بكونه صحيحاً أو غير صحيح بل منه الصحيح والحسن والضعيف.
قال المصنف رحمه الله:
((ولَيْسَ شَرْطاً لِلْصَّحِيحِ خِلَافَاً لِمَنْ زَعَمَهُ))(1/42)
يعني: أن كون الحديث عزيزاً بأن يروى عن اثنين ليس بشرط لصحة الحديث خلافاً لمن زعم ذلك كما يومئ إليه كلام الإمام الحاكم أبي عبد الله في المعرفة (92). وقد ادعى ابن العربي في عارضة الأحوذي(93) ، والكرماني في شرح البخاري( 94) أن ذلك شرط البخاري في صحيحه. وقد فنّد الحافظ ابن حجر رحمه الله هذه الدعوى في فتح الباري(95)، ويكفي في رد هذه الدعوى أول حديث في الصحيح حديث: ((الأعمال بالنيات))، وأخر حديث فيه: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ...)). فإن كلّاً منهما لم صيح في طبقاته الأولى الأربع إلا من طريق واحد عن واحد فالأول لم يروه عن عمر إلا علقمة ولا رواه عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم ولا عن محمد إلا يحيى بن سعيد وعنه انتشر كما سيأتي (96) قريباً. والثاني لم يصح إلا عن أبي هريرة وتفرد به عنه أبو زرعة بن عمرو بن جرير البجلي وتفرد به عنه عمارة بن القعقاع وعنه محمد بن فضيل وعنه انتشر.
وقال ناظم النخبة:
وليس شرطاً للصحيح فاعلم وقيل شرط وهو قول الحاكم (97)
((والرابع : الغريب)):
تعريفه:
لغةً: مأخوذ من الغرابة، تقول: غرب الشخص عن وطنه؛ أي بَعُد، وجمعه غرباء (98). ويجمع المحدثون الغريب على غرائب كما في غرائب مالك للدارقطني.
واصطلاحاً: ما رواه واحد منفرداً بروايته في أي موضع من السند(99)
قال الحافظ: الغريب والفرد مترادفان لغةً واصطلاحاً إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلّته فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق. والغريب: أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي(100).
هذا من حيث إطلاق الاسمية عليهما، وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون فيقولون في المطلق والنسبي: تفرّد به فلان، أو أغرب به فلان. وقد نوزع الحافظ رحمه الله في دعواه الترادف اللغوي.
يقول ابن فارس في المجمل : غَرُب : بَعُدَ ، والغربة: الاغتراب عن الوطن والفرد الوتر والمنفرد . اهـ .
أقسامه:(1/43)
يأتي الكلام عنها قريباً.
مثال الغريب: حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (( ومسح رأسه بماء غير فضل يديه )) رواه مسلم (101). قال الحاكم : هذه سنّة غريبة تفرَّد بها أهل مصر ولم يشاركهم فيها أحد(102).
ومثال الفرد: حديث: (( إنما الأعمال بالنيات ))، حيث تفرد بروايته عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتفرّد بروايته عنه علقمة بن وقاص، وتفرّد بروايته عنه محمد بن إبراهيم التيمي ، وعنه يحيى بن سعيد ، ثم انتشر (103).
حكمه :
الغريب كسابقيه لا يحكم له بحكم عام مطرد بل قد يكون صحيحاً ، وقد يكون حسناً ، وقد يكون ضعيفاً . والغالب في الغرائب الضعف لأن تفرُّد الراوي بالحديث مظنة الخطأ والوهم ، ولذا حذّر العلماء من الغرائب ونهوا عن الاستكثار منها.
قال الحافظ رحمه الله :
(( وَكُلُّهَا - سِوَى الْأَوَّلِ - آحادٌ )) .
يعني: إن الأقسام الثلاثة المشهور والعزيز والغريب آحاد سوى الأول يعني المتواتر.
تعريف الآحاد:
لغة: جمع أحد بمعنى الواحد (104) وفي العباب سئل أبو العباس ( ثعلب ) هل الآحاد جمع أحد؟ فقال: معاذ الله ليس للأحد جمع، ولكن إن جعلته جمع الواحد فهو محتمل كشاهد وأشهاد (105)
واصطلاحاً: ما اختلّ فيه شرط من شروط المتواتر، أو ما لم يجمع شروط المتواتر(106)
قال إمام الحرمين: ولا يراد بخبر الواحد الخبر الذي ينقله الواحد، ولكن كل خبر عن جائز ممكن لا سبيل إلى القطع بصدقه ولا إلى القطع بكذبه، لا اضطرار ولا استدلالاً فهو خبر الواحد وخبر الآحاد، سواء نقله واحد أو جماعة منحصرون(107)
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَفِيهَا المَقْبُولُ وَالمَرْدُودُ; لِتَوَقُّفِ الاسْتِدْلالِ بِهَا عَلَى البَحْثِ عَنْ أَحْوَالِ رُوَاتِهَا دَونَ الأَوَّلِ )) .(1/44)
يعني: أن في أخبار الآحاد ما يقبل لكونه صحيحاً أو حسناً، وفيها ما يكون مردوداً لضعفه تبعاً لأسانيدها ونتيجة البحث عن أحوال رواتها دون القسم الأول وهو المتواتر.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَقَدْ يَقَعُ فِيهَا مَا يُفِيدُ العِلْمَ النَّظَرِيَّ بِالقَرَائِنِ عَلَى المُخْتَارِ ))
يعني: أن أخبار الآحاد قد يقع فيها ما يفيد العلم النظري الذي يحتاج إلى نظر واستدلال. وقد اختلف العلماء فيما يفيده خبر الواحد على أقوال:
1- أن خبر الواحد لا يفيد العلم وإنما يفيد الظن مطلقاً، ونسبه النووي إلى المحققين والأكثرين(108). وحجة هؤلاء أن الراوي وإن كان ثقة حافظاً ضابطاً غير معصوم من الخطأ والسهو، وإذا وجد هذا الاحتمال فإن النفس لا تجزم بصحة الخبر.
2- وذهب حسين الكرابيسي وداود الظاهري والحارث المحاسبي إلى أن خبر الواحد إذا صح يوجب العلم، وهو مروي عن الإمام أحمد. ولعل مما يحتج لهؤلاء وجوب العمل به والعمل ملازم للعلم؛ لأن الظن لا يغني من الحق شيئاً.
3- أنه يوجب العلم ويقطع به إذا احتفت به قرينة، مثل:
أ - كون الحديث مشهوراً بحيث تكون له طرق متباينة سالمة من ضعف الرواة والعلل.
ب - كون الحديث مسلسلاً بالأئمة الحفاظ المتقنين، وذلك بأن يكون رجال إسناده الأئمة كأحمد عن الشافعي عن مالك . .
ج- أن يكون الحديث مما أخرجه الشيخان في صحيحيهما لجلالتهما في هذا الشأن وتقدمهما في تمييز الصحيح على غيرهما، ولتلقي الأمة لكتابيهما بالقبول(109)
الراجح:(1/45)
لعلّ أرجح هذه الأقوال ما اختاره الحافظ ابن حجر من أن خبر الواحد إذا احتفت به قرينة أفاد العلم وإلا فلا ، ورجّحه ابن القيم أيضاً وأطال في تقريره في الصواعق(110). وممن صرح بذلك الغزالي في المنخول (111) والرازي في المحصول (112) والآمدي (113) وابن الحاجب(114)، ونقله السفاريني في لوامع الأنوار عن الإمام الموفق وابن حمدان والطوفي، وقال المرداوي في شرح التحرير: وهذا أظهر وأصح(115). اهـ .
وسبب ترجيحه أن القرينة التي احتفت بالخبر تكون في مقابل الاحتمال الذي أبداه أصحاب القول الأول .
قال المصنف رحمه الله :
(( ثُمَّ الغَرَابَةُ إِمَّا : أنْ تَكُونَ في أصلِ السَّنَدِ ، أوْ لا .
فالأَوَّلُ : الفَرْدُ المُطْلَقُ . والثَّانِي: الفَرْدُ النِّسْبِيُّ ، وَيَقِلُ إطْلاقُ الفَرْدِيَّةِ عَلَيهِ ))
حاصل كلام الحافظ أن الغريب ينقسم قسمين :
(( الأول: الفرد المطلق )): وهو ما كانت الغرابة في أصل سنده، أي طرفه الذي فيه الصحابي.
ومثاله: حديث: (( الأعمال بالنيات )) لم يروه عن النبي صلى الله عليه وسلم سوى عمر بن الخطاب ، ولم يروه عن عمر إلا علقمة بن وقاص كما تقدم(116)
(( الثاني : الفرد النسبي )): وهو ما كانت الغرابة في أثناء سنده كأن يرويه عن الصحابي أكثر من واحد ثم يتفرد بروايته عن واحد منهم شخص واحد.
ومثاله: حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم : (( دخل مكة وعلى رأسه المغفر ))(117) فقد تفرّد به مالك عن الزهري. ويدخل في النسبي ما يقع فيه التفرد بالنسبة إلى جهة خاصة أياً كانت تلك الجهة.
كأن يتفرد به ثقة عن ثقة وإن رواه جماعة من الضعفاء، أو يتفرد به أهل بلد أو قطر أو قبيلة بحيث لا يرويه غيرهم، أو يتفرد به راو عن غيره ثقة كان أو غير ثقة بأن لا يرويه عن هذا الشيخ غيره، وإن كان مروياً من وجوه أخرى عن غيره.
قال المصنف رحمه الله:(1/46)
(( وخبر الآحاد بِنَقْلِ عَدْلٍ تَامِّ الضَّبْطِ، مُتَّصِلَ (118) السَّنَدِ ، غَيْرَ مُعَلَّلٍ وَلا شَاذٍّ: هُوَ الصَّحِيحُ لِذَاتِهِ )) .
ما تقدم من تقسيم لخبر الآحاد هو بالنسبة إلى تعدد طرقه، ثم شرع الحافظ رحمه الله في تقسيم آخر لخبر الواحد وهو من حديث قوته وضعفه فقسّمه قسمين: مقبول ومردود، ثم قسّم المقبول إلى أربعة أقسام:
1- الصحيح لذاته. 2- الصحيح لغيره. 3- الحسن لذاته. 4- الحسن لغير .
والمردود ينقسم إلى أقسام كثيرة جداً يأتي ذكر بعضها إن شاء الله تعالى.
والخلاصة أن أقسام الحديث ثلاثة: صحيح، وحسن، وضعيف.
قال الحافظ العراقي :
وأهل هذا الشأن قسموا السنن إلى صحيح وضعيف وحسن
فالأول: الصحيح لذاته وهو ما تقدم تعريفه في كلام الحافظ رحمه الله وحاصله أنه ما اشتمل على شروط خمسة.
1- عدالة رواته.
2- تمام ضبطهم
3- اتصال السند.
4- انتفاء العلة.
5- انتفاء الشذوذ.
فالعدل: من له مَلَكَة تحمله على ملازمة التقوى والمروءة.
والملكة: هي الصفة الراسخة (119)
التقوى: فعل المأمورات واجتناب المنهيات.
والمروءة : آداب نفسانية تحمل مراعاتها على التحلّي بمحاسن الأخلاق وجميل العادات ويرجع في معرفتها إلى العرف، فيختلف باختلاف الأشخاص والبلدان، فكم من بلد جرت عادة أهله بمباشرة أمور لو باشرها غيرهم لعدّ خرماً للمروءة(120)
والضابط: الحافظ اليقظ غير المغفل والشاك والساهي في حالتي التحمل والأداء، والضبط نوعان:
1- ضبط صدر، وهو الذي يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء.
2- ضبط كتاب، وهو صونه عن تطرق الخلل له من حين سمع فيه وقابله إلى أن يؤدي منه(121).
واتصال السند: بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله ممن فوقه بطريق معتبر من طرق التحمل كالسماع والعرض والمناولة وغيرها.
والعلة المشترط انتفاؤها: عبارة عن سبب خفي غامض يقدح في صحة الحديث الذي ظاهره السلامة منها. ويأتي الكلام عن الحديث المعل(122) إن شاء الله.(1/47)
والشاذ: هو ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه. ويأتي الحديث عن الشاذ(123) في موضعه إن شاء الله.
وقوله: هو ا لصحيح لذاته يخرج الصحيح لا لذاته بل لغيره.
وفي تعريف الصحيح يقول الحافظ العراقي:
فالأول المتصل الإسناد بنقل عدل ضابط الفؤاد .
عن مثله من غير ما شذوذ وعلة قادحة فتوذي(124).
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَتَتَفَاوَتُ رُتَبُهُ بِتَفَاوُتِ هَذِهِ الأَوْصافِ )) .
يعني:
أن درجات الحديث الصحيح تتفاوت في القوة بحسب تمكُّن الحديث من الصفات المذكورة التي تنبني الصحة عليها، قال ابن الصلاح: وتنقسم باعتبار ذلك إلى أقسام يستعصي إحصاؤها على العادِّ الحاصر(125)
وقال الحافظ في النزهة: لما كانت هذه الأوصاف يعني الشروط مفيدة لغلبة الظن الذي عليه مدار الصحة، اقتضت أن يكون لها درجات بعضها فوق بعض بحسب الأمور المقوية، وإذا كان كذلك فما يكون رواته في الدرجة العليا من العدالة والضبط وسائر الصفات التي توجب الترجيح كان أصح مما دونه.
فمن المرتبة العليا ما أطلق عليه بعض الأئمة أنه أصح الأسانيد:
كالزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه، ودونها: حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، ودونها: سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة.
فإن الجميع يشملهم اسم العدالة والضبط، إلا أن للمرتبة الأولى من الصفات المرجّحة ما يقتضي تقديم روايتهم على التي تليها، وفي التي تليها من قوة الضبط ما يقتضي تقديمها على الثالثة، والثالثة مقدمة على رواية من يعد ما ينفرد به حسناً، كمحمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر عن جابر، وعمر بن شعيب عن أبيه عن جده (126).
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَمِنْ ثَمَّ قُدِّمَ صَحِيحُ البُخَارِيِّ ، ثُمَّ مُسْلِمٌ ، ثُمَّ شُرُوطُهُمَا )) .
أول من صنّف في الصحيح المجرد الإمام محمد بن إسماعيل البخاري ثم تلاه تلميذه الإمام مسلم بن الحجاج.(1/48)
وقول الإمام الشافعي: ما على ظهر الأرض كتاب في العلم بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك (127)، كان قبل وجود الصحيحين(128). إذا علم هذا فالصحيحان أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل.
وجهور العلماء على أن صحيح البخاري أصحهما وأكثرهما فوائد لتقدم البخاري في الفن ومزيد استقصائه، ومسلم تلميذه وخرّيجه، حتى قال الدارقطني: لولا البخاري لما راح مسلم ولا جاء(129). وهذا التفضيل من حيث الإجمال.
وأما من حيث التفصيل، فالإسناد الصحيح مداره على الاتصال وعدالة الرواة، وصحيح البخاري أعدل رواة وأشد اتصالاً، وبيان ذلك:
1- أن الذين انفرد البخاري بالإخراج لهم دون مسلم 435 رجلاً, المتكلم فيه بالضعف منهم 80 رجلاً راوياً. والذين انفرد مسلم بالإخراج لهم دون البخاري 620 راوياً، المتكلم فيه بالضعف منهم 160 على الضعف.
2- وأيضاً الذين انفرد بهم البخاري ممن تكلم فيه لم يكثر من التخريج عنهم بخلاف مسلم.
3- وأيضاً الذين تكلم فيهم عند البخاري غالبهم من شيوخه الذين لقيهم وعرفهم وخبر أحاديثهم، بخلاف مسلم فأكثر رواته ممن تقدم عصره، ولا شك أن المرء أعرف بحديث شيوخه من حديث غيرهم.
4- وأيضاً أكثر هؤلاء الذين تكلم فيهم عند البخاري يخرج أحاديثهم في الشواهد بخلاف مسلم، فإنه يخرج أحاديثهم في الأصول وإن كان الإمام مسلم لا يستوعب أحاديث هؤلاء بل ينتقي منها ما وُوْفِقَ عليه(130).
5- وأما ما يتعلق باتصال الإسناد، فمسلم كان رحمه الله مذهبه، بل نقل فيه الإجماع في مقدمة صحيحة(131 ). أن الإسناد المعنعن له حكم الاتصال إذا تعاصر المعنعنُ ومن عنعن عنه وأمكن اجتماعهما، والبخاري لا يحمله على الاتصال حتى يثبت اجتماعهما ولو مرة(132)
وحكى القاضي عياض رحمه الله في إكمال المعلم (133) عمن لم يسمه من المغاربة وسماه الحافظ ابن حجر في نكته على ابن الصلاح (134): القاسم التجيبي في فهرسته (135) أنهم فضلوا صحيح مسلم على صحيح البخاري.(1/49)
وهذا القول منسوب إلى الحافظ أبي علي الحسين بن علي النيسابوري(136). وعلل ابن حزم تفضيل مسلم على البخاري بأنه ليس فيه بعد الخبطة إلا الحديث السرد(137).
وهذا غير راجع إلى الأصحيَّة بل راجع إلى التجريد، فإذا استثني من صحيح البخاري المعلقات والموقوفات ونحوها لم يتجه ما قاله ابن حزم.
وأما المنقول عن أبي علي النيسابوري ولفظه: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم(138)
فأجيب عنه: بأنه لا يقتضي ترجيح مسلم على البخاري بل ينفي أن يوجد أصح منه دون المساوي له، ولذا لا يحسن أن ينسب إليه الجزم بالأصحية(139)
قال الحافظ العراقي:
أول من صنف في الصحيح محمد وخُصَّ بالترجيح .
ومسلم بعد وبعض الغرب مع أبي علي فضلوا ذا لو نفع .
وهذه المفاضلة لا تعني أن كل حديث في البخاري أصح من كل حديث في مسلم، بل قد يوجد في صحيح مسلم أحاديث أصح من أحاديث في البخاري، لكن الأصح في البخاري أكثر فلذا ترجح على صحيح مسلم. ثم يلي ما خرّجه مسلم في صحيحه ما حوى شرطَهما.
وقد اختلف العلماء في المراد بشرط الشيخين على أقوال:
1- فذهب الحافظ ابن حجر في النزهة أن المراد به رواتهما مع باقي شروط الصحيح(140). وبهذا قال ابن الصلاح(141) والنووي(142). وابن دقيق العيد(143) والذهبي(144).
قال السخاوي: ويقوِّيه تصرف الحاكم في مستدركه، فإنه كان عنده الحديث قد أخرجا معاً لرواته فإنه يقول: صحيح على شرط الشيخين أو أحدهما. وإذا كان بعض رواته لم يخرجا له قال صحيح الإسناد حسب، أي لا يقول على شروطهما ولا على شرط أحدهما(145)(1/50)
2- وذهب الحاكم أبو عبد الله إلى أن شرطهما أن يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي زائل عن اسم الجهالة بأن يروي عنه تابعيان عدلان، ثم يروي عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة وله راويان ثقتان ثم يرويه عنه من أتباع التابعين حافظ متقن وله رواة من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظاً مشهوراً بالعدالة في روايته(146). واعترض على هذا القول بما في الصحيحين من الغرائب مثل حديث:(( إنما الأعمال بالنيات )) على ما تقدم(147).
3 - وقال ابن طاهر في شروط الأئمة الستة: شرط البخاري ومسلم أن يخرجا الحديث المجمع على ثقة نقلته إلى الصحابي المشهور (148). واعترض على هذا القول بأنهما قد خرّجا لبعض من مُسّ بضرب من التجريح(149)
4 - وقال الحازمي: شرط البخاري أن يخرج ما اتصل إسناده بالثقات المتقنين الملازمين لمن أخذوا عنه ملازمة طويلةً. وقد يخرج أحياناً عن أعيان الطبقة التي تلي هذه في الإتقان والملازمة لمن رووا عنه فلم يلزموه إلا ملازمة يسيرة وهو شرط مسلم، وقد يخرج مسلم حديث من لم يسلم من غوائل الجرح إذا كان طويل الملازمة لمن أخذ عنه(150).
قال الحافظ العراقي:
وأرفع الصحيح مرويهما ثم البخاري فمسلم فما
شرطهما حوى فشرط الجعفي فمسلم فشرط غير يكفي (151)
وقال الحافظ ابن حجر خرَج لنا من هذا ستة أقسام:
1- ما اتفق الشيخان على إخراجه.
2- ما انفرد البخاري بإخراجه.
3- ما انفرد مسلم بإخراجه.
4- ما كان على شرطهما معاً.
5- ما كان على شرط البخاري.
6- ما كان على شرط مسلم.
وثمت قسم سابع وهو ما صح مما ليس على شرطهما اجتماعاً وانفراداً(152)
قال الحافظ رحمه الله:
(( فَإِنْ خَفَّ الضَّبْطُ ، فَالْحَسَنُ لِذَاتِهِ )) .(1/51)
المراد ( فإن خف )): أي قلّ الضبط المشترط لصحة الحديث مع وجود بقية الشروط الأربعة نزل الحديث عن درجة الصحيح لذاته إلى درجة الحسن لذاته. (( فالحسن لذاته )): ما اتصل إسناده بنقل عدل خف ضبطه غير معلل ولا شاذ.
هذا ما اختاره الحافظ ابن حجر وعرفه الخطابي بقوله: ما عرف مخرجه واشتهر رجاله(153)
فلم يشرط انتفاء الشذوذ والعلة، وفيه مناقشات طويلة وأجوبة لا يتسع لها المقام.
* وعرّف الترمذي الحسن بقوله: كل حديث يروي لا يكون في إسناده من يتهم بالكذب ولا يكون الحديث شاذاً ويروي من غير وجه نحو ذلك(154)
فاشترط لتسمية الحديث حسناً ثلاثة شروط، لكنه لم يشترط اتصال السند فيدخل فيه المنقطع بكافة أنواعه ولم يشترط انتفاء العلة القادحة فيدخل فيه المعل.
* وعرّف ابن الجوزي الحسن بقوله: الحديث الذي فيه ضعف قريب محتمل(155)
وفيه مناقشات طويلة حتى قال السخاوي: إنه ليس على طريقة التعاريف (156) يعني التي من شروطها أن تكون جامعة مانعة واضحة.
قال الحافظ العراقي:
والحسن المعروف مخرجاً وقد اشتهرت رجاله بذاك حد
حمد وقال الترمذي: ما سلم من الشذوذ مع راو ما اتهم
بكذب ولم يكن فرداً ورد قلت:وقد حسن بعض ما انفرد
وقيل: ما ضعف قريب محتمل فيه وما بكل ذا حد حصل (157)
ولكثرة الاضطراب في تعريفه قال الحافظ الذهبي في الموقظة: لا تطمع بأن للحسن قاعدة تندرج كل الأحاديث الحسان فيها فإنا على إياس من ذلك(158).
قال ابن الصلاح بعد أن ذكر تعاريف الخطابي والترمذي وابن الجوزي:
قلت: كل هذا مستَبْهَمْ لا يشفي الغليل وليس فيما ذكره الترمذي والخطابي ما يفصل الحسن من الصحيح، وقد أمعنت النظر في ذلك والبحث جامعاً بين أطراف كلامهم ملاحظاً مواقع استعمالهم فتنقَّح لي، واتضح أن الحديث الحسن قسمان:(1/52)
أحدهما: الحديث الذي لا يخلو رجال إسناده من مستور لم تتحقق أهليته،غير أنه ليس مغفلاً كثير الخطأ فيما يرويه ولا هو متهم بالكذب في الحديث، ويكون متن الحديث مع ذلك قد عرف بأنه روى مثله أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد بمتابعة أو شاهد، فخرج بذلك عن أن يكون شاذاً ومنكراً، وكلام الترمذي على هذا القسم يتنزَّل.
القسم الثاني: أن يكون راويه من المشهورين بالصدق والأمانة، غير أنه لم يبلغ درجة رجال الصحيح لكونه يقصر عنهم في الحفظ والإتقان وهو مع ذلك يرتفع عن حال من يعد ما ينفرد به من حديثه منكراً، ويعتبر في كل هذا مع سلامة الحديث من أن يكون شاذاً ومنكراً سلامته من أن يكون معلّلاً وعلى القسم الثاني يتنزَّل كلام الخطابي(159)
قلت: والقسم الثاني هو الحسن لذاته عند الحافظ والقسم الأول هو ما قال يعرف بالحسن لغيره. والله أعلم.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَبِكَثْرَةِ طُرُقِهِ يُصَحَّحُ )).
يريد أن الحسن الذي قصر عن رتبة الصحيح لذاته إذا روي من أكثر من طريق، كلها بمرتبة الحسن فإنه يجبر بعضها بعضاً وترتقي إلى مرتبة الصحيح لغيره.
قال الحافظ ابن حجر في النزهة: لأن للصورة المجموعة قوة تجبر القدر الذي قصر ضبط راوي الحسن عن راوي الصحيح، ومن ثم تطلق الصحة على الإسناد الذي يكون حسناً لذاته لو تفرد إذا تعدد(160)
ومثاله: حديث محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:( لو لا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة )) رواه الترمذي وقال: صحيح لأنه قد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (161).
قال الحافظ العراقي:
والحسن المشهور بالعدالة والصدق راويه إذا أتى له
طرق أخرى نحوها من الطرق صححته كمتن لو لا أن أشق
إذ تابعوا محمد بن عمرو عليه فارتقى الصحيح يجري .
قال الحافظ رحمه الله:(1/53)
(( فَإِنْ جُمِعَا فَلِلتَّرَدُّدِ في النَّاقِلِ حَيْثُ التَّفَرُّدُ، وَإلا فَبِاعْتِبَارِ إِسْنَادَيْنِ ))
يعني: إذا جُمِع وصفا الصحة والحسن في حديث واحد كقول الترمذي كثيراً: حديث حسن صحيح؛ فلا يخلو من حالين:
الأولى: أن يروي الحديث بإسناد واحد، فإطلاق الوصفين ناشئ عن التردد الحاصل من المجتهد في راويه الناقل له هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها. وعلى هذا فما قيل فيه: حسن صحيح ؛ دون ما قيل فيه: صحيح فقط؛ لأن الجزم أقوى من التردد.
الثانية: أن يروي بأكثر من إسناد ، فإطلاق الوصفين معاً على الحديث يكون باعتبار إسنادين أحدهما صحيح والآخر حسن ، وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح فوق ما قيل فيه: صحيح فقط.
وهناك جواب أخر: وهو أن المراد بالحسن اللغوي دون الاصطلاحي، فيراد بقوله: حسن أن لفظه حسن، لكونه مما فيه بشرى للمكلف وتسهيل عليه وتيسير له، وغير ذلك مما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب.
وقال ابن الصلاح: إنه غير مستنكر (162)، يعني هذا الجواب, وهناك أجوبة أخرى لا نطيل بذكرها.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَزيَادَةُ رَاوِيهِمَا مَقْبُولَةٌ، مَا لَمْ تَقَعْ مُنَافِيَةً لِمَنْ هُوَ أَوْثَقُ ))
يريد أن زيادة راوي الحديث الصحيح وهو الثقة وراوي الحديث الحين ممن قصرت رتبته عن راوي الصحيح قليلاً بحيث لا يصل إلى درجة من ترد راويته، مقبولة لدى الجمهور من الفقهاء وأصحاب الحديث فيما حكاه الخطيب البغدادي سواء كان ذلك من شخص واحد بأن رواه مرة ناقصاً ورواه مرة أخرى وفيه تلك الزيادة، أو كانت الزيادة من غير من رواه ناقصاً(163), خلافاً لمن رد ذلك مطلقاً من أهل الحديث، وخلافاً لمن ردّ الزيادة منه وقبلها من غيره(164).
قال ابن الصلاح: وقد رأيت تقسيم ما ينفرد به الثقة إلى ثلاثة أقسام:
أحدها: أن يقع مخالفاً منافياً لما رواه سائر الثقات، فهذا حكمه الرد وهو الشاذ وسيأتي.(1/54)
الثاني: أن لا يكون فيه منافاة ومخالفة أصلاً لما رواه غيره كالحديث الذي تفرد برواية جملته ثقة، ولا تعرض فيه لما رواه الغير بمخالفة أصلاً فهذه مقبول، وادّعى الخطيب اتفاق العلماء عليه.
الثالث: ما يقع بين هاتين المرتبين مثل زيادة لفظة في حديث لم يذكرها سائر من روى ذلك الحديث(165)
ومن أمثلة ذلك: حديث: (( جعلت لنا الأرض مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً ))(166). فهذه الزيادة تفرد بها أبو مالك الأشجعي، وسائر الروايات لفظها: (( وجعلت لِيَ الأرض مسجداً وطهوراً ))(167)
فهذا يشبه الأول من وجه ويشبه الثاني من وجه، فيشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عامٌ، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص، وفي ذلك مغايرة في الصفة ونوع من المخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما(168) من جهة أن التربة من الأرض.
ومن هذا تعارض الوصل مع الإرسال والوقف مع الرفع، فمن قَبِل الوصل والرفع ألحقه بزيادة الثقة. ومن رجّح الإرسال والوقف قال: إنه هو المتيقن وما عداه مشكوك فيه.
والحق أنه في جميع ذلك لا يحكم بحكم عام مطرد لا في الزيادة ولا الوصل ولا الرفع، بل يترك الحكم في كل مسألة على حِدَة على ما ترجحه القرائن كما هو الظاهر من صنيع الأئمة الحفاظ، فقد يقبلون الزيادة وقد يردونها، وقد يحكمون بالرفع وقد يحكمون بالوقف، وتارة يحكمون للوصل وتارة للإرسال.
قال الحافظ رحمه الله:
(( فَإِنْ خُولِفَ بِأَرْجَحَ ، فَالرَّاجِحُ المَحْفُوظِ ، وَمُقَابِلُهُ الشَّاذُّ ))
إذا حصلت المخالفة بين روايات الثقات فلابد حينئذ من الترجيح، إما بمزيد الضبط أو كثرة العدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات، والراجح حينئذ يقال له: المحفوظ، ومقابله وهو المرجوح يقال له: الشاذ.
فالمحفوظ:
لغةً: اسم مفعول من الحفظ يقال: حفظ المتاع يحفظه حفظاً، فهو حافظ، والمتاع محفوظ.(1/55)
و في الاصطلاح: ما رواه الثقة مخالفاً لمن هو دونه في القبول(169)
ومثاله: ما رواه الترمذي وأبو داود من حديث عبد الواحد بن زياد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : (( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع على يمينه ))(170).
فقد خالف عبد الواحد بن زياد - وهو ثقة - غيره من أصحاب الأعمش فرواه من قوله صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ أنه من فعله(171). ولذا نقل ابن القيم في الهدي عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه قال: الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم الفعل لا الأمر له، والأمر به تفرد به عبد الوَاحد بن زياد وغلط فيه(172).
والشاذ:
لغةً: المنفرد عن الجمهور، يقال: شذ يشُّذُّ - بضم الشين المعجمة وكسرها - شذوذاً إذا انفرد(173)
واصطلاحاً: اختلف في تعريفه على أقوال:
1- عرّفه الشافعي رحمه الله بقوله: إنما الشاذ أن يروي الثقة حديثاً يخالف ما روى الناس(174).
2- وعرّفه أبو يعلى الخليلي بقوله: الشاذ ما ليس له إلا إسناد واحد يشذّ بذلك شيخ ثقة كان أو غير ثقة، فما كان عن غير ثقة فمتروك لا يقبل، وما كان عن ثقة يتوقف فيه ولا يحتج به(175)
3- وذكر الحاكم أبو عبد الله أن الشاذ هو الحديث الذي ينفرد به ثقة من الثقات وليس له أصل بمتابع لذلك الثقة(176)
قال ابن الصلاح في علوم الحديث: أما ما حكم الشافعي عليه بالشذوذ فلا إشكال في أنه شاذ غير مقبول، وأما ما ذكره غيره فيشكل بما يتفرد به العدل الحافظ الضابط كحديث: (( إنما الأعمال بالنيات ))(177).
قال الحافظ العراقي:
وذو الشذوذ ما يخالف الثقة فيه الملا فالشافعي حققه
والحاكم الخلاف فيه ما اشترط وللخليلي مفرد الراوي فقط
ورد ما قالا بفرد الثقة كالنهي عن بيع الولاء والهبة
وقول مسلم روى الزهري تسعين فرداً كلها قوي.
ومثاله: ما تقدم قريباً (178) حديث: (( إذا صلّى أحدكم ركعتى الفجر فليضطجع على يمينه )).
وحكمه:
الرد لأنه من أقسام الضعيف.
قال الحافظ رحمه الله:(1/56)
(( وَمَعَ الضَّعِفِ الرَّاجِحُ المَعْرُوفُ، وَمُقَابِلُهُ المُنْكَرُ ))
أي: إن وقعت المخالفة للراوي الثقة مع ضعف الراوي المخالف، فالراجح يسمى المعروف ومقابله المرجوح يقال له: المنكر.
فالمعروف:
لغةً: اسم مفعول من المعرفة والعرفان. قال في القاموس: عرَفه يعرفه معرفة وعرفاناً وعِرفة - بالكسر( 179)-. وفي المفردات للراغب: المعرفة والعرفان: إدراك الشيء بتفكُّر وتدبُّر الأثرة، وهو أخص من العلم، ويضاده الإنكار(180). والمعروف: اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسْنه، ويقابله المنكر وهو ما ينكر بهما.
وفي الاصطلاح: ذكر الحافظ أنه مقابل المنكر، فإذا كان المعتمد في تعريف المنكر أنه ما رواه الضعيف مخالفاً فيه الثقات.
فإن تعريف المعروف: حديث الثقة الذي خالف رواية الضعيف. وعلى هذا كثير من المحدثين، بل هو الذي استقرَّ عليه الاصطلاح عند المتأخرين في تعريف المنكر.
قال السيوطي في ألفيته:
المنكر الذي روى غير الثقة مخالفاً في نخبة قد حقّقه(181)
وقال ابن الصلاح: بلغنا عن أبي بكر البرديجي الحافظ أنه - يعني المنكر - الحديث الذي ينفرد به الرجل ولا يعرف متنه من غير روايته لا من الوجه الذي رواه منه ولا من وجه آخر، فأطلق البرديجي ذلك ولم يفصل(182)
وقال ابن الصلاح: وإطلاق الحكم على التفرُّد بالرد أو النكارة أو الشذوذ موجود في كلام كثير من أهل الحديث(183).
قال الحافظ العراقي:
والمنكر الفرد كذا البرديجي أطلق والصواب في التخريج
إجراء تفصيل لدى الشذوذ مر فهو بمعناه كذا الشيخ ذكر.
نحو كلوا البلح بالتمر الخبر ومالك سمى ابن عثمان عمر(184)(1/57)
ومثاله: مثل له الحفاظ رحمه الله(185) بما رواه ابن أبي حاتم من طريق حُبَيِّب بن حبيب - وهو أخوة حمزة بن حبيب الزيات عن المقرئ - عن أبي إسحاق عن العَيْزار بن حريث عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة )). ورواه الطبراني وابن عدي وغيرهما(186).
قال أبو حاتم: هو منكر لأن غيره من الثقات رواه عن أبي إسحاق موقوفاً، يعني على ابن عباس وهو المعروف(187).
والتمثيل بما ذكره الحافظ العراقي رحمه الله إنما هو على مذهب ابن الصلاح من عدم الفرق بينه وبين الشاذ(188)
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَالْفَرْدُ النِّسْبِيُّ: إِنْ وَافَقَهُ غَيْرُهُ فَهُوَ المُتَابِعُ. وَإِنْ وُجِدَ مَتْنٌ يُشْبِهُهُ فَهُوَ الشَّاهِدُ ))
يعني: أن الفرد النسبي وهو ما كان التفرُّد فيه في أثناء السند لا في أصله إن وجد بعد ظن كونه فرداً ما يوافق من طريق غير راويه المتفرّد به عن الصحابي نفسه فهو المتابع، وإن وجد متن يروي من حديث صحابي آخر يشبهه في اللفظ والمعنى أو المعنى فقط فهو الشاهد.
فالمتابع:
لغةً: بكسر الباء الموحدة، اسم فاعل من المتابعة بمعنى الموافقة.
وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنىً، أو معنىً فقط مع الاتحاد في الصحابي.
والشاهد:
لغةً: اسم فاعل من الشهادة.
وفي الاصطلاح: هو الحديث الذي يشارك فيه رواته رواة الحديث الفرد لفظاً ومعنىً ، أو معنىً فقط مع الاختلاف في الصحابي. هذا ما جرى عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله من أن العبرة في المتابعات اتحاد الصحابي، وفي الشواهد اختلاف الصحابي.
وأما ما جرى عليه ابن الصلاح فالعبرة باللفظ والمعنى بغضّ النظر عن الصحابي مخرج الحديث، فإن اتحد اللفظ فالمتابع، وإن اختلف اللفظ مع اتحاد المعنى فالشاهد. ويجوز عنده أن يسمى الشاهد متابعاً والعكس.(1/58)
إذا عرف هذا فالمتابعات على مراتب؛ لأنها إن حصلت للراوي نفسه فهي التامة، وإن حصلت لشيخه فمن فوقه فهي القاصرة، والفائدة من المتابعات والشواهد التقوية.
ومثال المتابع: حديث: (( الشهر تسع وعشرون )). رواه الشافعي في الأم عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر (189) وتابع الشافعي في روايته عن مالك القعنبي أخرجه البخاري، فهذه متابعة تامّة(190). وفي صحيح مسلم متابعة قاصرة من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر(191)
ومثال الشاهد: ما رواه النسائي في الحديث السابق من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثل حديث ابن عمر(192) سواء. وما رواه البخاري من حديث أبي هريرة بمعنى حديث ابن عمر(193).
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَتَتَبُّعُ الطُّرُقِ لِذَلِكَ هُوَ الاعْتِبَارُ ))
يعني: أن الاعتبار ليس قسيماً للمتابعات والشواهد كما توهمه عبارة ابن الصلاح(194) بل هو هيئة التوصل إليهما، من خلال البحث في دواوين السنَّة كالصحاح والسنن والجوامع والمعاجم والمشيخات والفوائد وغيرها.
قال الحافظ العراقي رحمه الله:
الاعتبار سبرك الحديث هل شارك راو غيره فيما حمل
عن شيخه فإن يكن شورك من معتبر به فتابع وإن
شورك شيخه ففوق فكذا وقد يسمى شاهداً ثم إذا
متن بمعناه أتى فهو الشاهد وما خلا عن كل ذا مفارد.
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ المَقْبُولُ: إنْ سَلِمَ مِنَ المُعَارَضَةِ فَهُوَ المُحْكَمُ )).
هذا تقسيم ثان للمقبول، وهو تقسيمه إلى معمول به وغير معمول به، لأنه إن سلم الحديث المقبول من المعارضة فلم يأتِ خبر يضاده فهو المحكم.
فالمحكم:
لغةً: مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان, والمحكم المتقن، وإحكام الكلام إتقانه. ففي المصباح: أحكمت الشيء بالألف أتقنته فاستحكم هو صار كذلك(195).
وفي الاصطلاح: هو الحديث المقبول السالم من المعارضة، وأمثلته كثيرة جداً، فأكثر الأحاديث محكمة سالمة من المعارض.
قال الحافظ رحمه الله:(1/59)
(( وَإنْْ عُورِضَ بِمِثْلِهِ فَإِنْ أَمْكَنَ الجَمْعُ فَهو مُخْتَلِفُ الحَدِيثِ )).
يعني: أن الخبر المقبول إن عورض بخبر مثله مقبول صحيح أو حسن، فإن أمكن الجمع بين الخبرين المتعارضين المقبولين فمختلف الحديث، وإن كان الحديث المعارض مردوداً فلا أثر له لأن القوي لا تؤثر فيه مخالفة الضعيف وسبق في المنكر.
فمختلف الحديث:
هو أن يأتي حديث مضاد لآخر في الظاهر فيوفّق بينهما، وهو من أهم أنواع علوم الحديث لأن العلماء في الحديث والفقه والأصول وغيرهم مضطرون إلى معرفته. ولا يتقنه إلا العلماء الجامعون بين الفقه والحديث والأصول ممن أوتوا فهماً ثاقباً وقدرة على الغوص على المعاني الدقيقة.
ومن هؤلاء: إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة الذي قال عنه تلميذه ابن حبان: ما رأيت على أديم الأرض من كان يحسن صناعة السنن ويحفظ الصحاح بألفاظها ويقوم برد كل لفظة تُزاد في الخبر حتى كأن السنن كلها نصب عينيه إلا محمد بن إسحاق بن خزيمة(196).
وقال ابن خزيمة: لا أعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين صحيحين متضادين، فمن كان عنده فليأتيني لأؤلف بينهما(197).
ومثال ذلك: حديث: (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر )) متفق عليه(198) مع حديث: (( لا يورد ممرض على مصح ))، أخرجه البخاري(199) وحديث: (( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وفرّ من المجذوم كما تفر من الأسد ))(200). وفي رواية عند البيهقي: (( فرارك ))(201)
وللعلماء في الجمع بينهما عدة مسالك:
أحدهما: أن هذه الأمراض لا تعدي بطبعها، لكن الله تعالى جعل مخالطة المريض بها للصحيح سبباً لأعدائه مرضه. وقد يتخلف ذلك عن سببه كما في غيره من الأسباب. وهذا مسلك ابن الصلاح(202)(1/60)
الثاني: أن نفي العدوى باق على عمومه والأمر بالفرار من باب سدّ الذرائع لئلا يتفق للذي يخالطه شيء من ذلك بتقدير الله تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن أن ذلك بسبب مخالطته، فيعتقد صحة العدوى فيقع في الحرج فأمر بتجنُّبه حسماً للمادة. وهذا مسلك الحافظ ابن حجر( 203).
الثالث: أن إثبات العدوى في الجذام ونحوه مخصوص من عموم نفي العدوى، فيكون معنى قوله: (( لا عدوى )), أي إلا من الجذام ونحوه. وهذا مسلك القاضي الباقلاني(204)
ومن أمثلته: حديث: (( لا يؤمنَّ عبدٌ قوماً فيخص نفسه بدعوة دونهم )) رواه أبو داود عن أبي هريرة والترمذي عن ثوبان وحسّنه(205). مع قوله عليه الصلاة والسلام الثابت في الصحيحين وغيرهما: (( اللهم باعد بيني وبين خطاياي ))(206)
حكم ابن خزيمة رحمه الله على الأول بالوضع لمعارضة الثاني(207).
قال السخاوي في فتح المغيث: وهذا خطأ لإمكان حمله - يعني الحديث الأول - على ما لم يشرع للمصلي من الأدعية بخلاف ما يشترك فيه الإمام والمأموم، وقبله شيخه ابن حجر(208).
ويرى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الممنوع من ذلك الدعاء الذي يؤمّن عليه كدعاء القنوت، وأما لا يؤمن عليه فلا يدخل في المنع(209).
وقد صنّف فيه الإمام الشافعي رحمه الله كتاباً أسماه: اختلاف الحديث، على خلاف بين العلماء، هل هو كتاب مستقل أو فصل من كتاب الأم؟(210).
وألّف فيه أيضاً ابن قتيبة كتابه: تأويل مختلف الحديث، وفيه ما هو غثّ كما قال الحافظ ابن كثير(211)
وألّف فيه أيضاً أبو جعفر الطحاوي كتابه الكبير: مشكل الآثار، وهو أوسع كتب هذا الفن وأحفلها، وإن قال السخاوي أنه قابل للاختصار غير مستغن عن الترتيب والتهذيب(212. ).
قال الحافظ رحمه الله:
(( أَوْ لا وثَبَتَ المُتَأَخِّرُ فَهُو النَّاسِخُ وَالآخَرُ المَنْسُوخُ ))(1/61)
يعني: وإن لم يكمن الجمع بين الحديثين المتعارضين فلا يخلوا إما أن يعرف التاريخ أو لا، فإن عرف المتأخر فهو الناسخ والمتقدم المنسوخ.
والنسخ:
لغةً: يطلق ويراد به الإزالة والرفع، يقال: نسخت الشمس الظل ونسخت الريح الأثر؛ أي أزالته(213). ويطلق ويراد به ما يشبه النقل فيقولون:
نسخ زيد الكتاب إذا نقل منه نسخة.
واصطلاحاً: عرّفه الأكثر بأنه رفع الشارع حكماً منه متقدماً بحكم منه متأخر(214). والناسخ: اسم فاعل منه والمنسوخ اسم مفعول.
أهمية معرفته:
معرفة الناسخ والمنسوخ من الحديث علم مهم لا ينهض به إلا الفحول من المحدثين والفقهاء، وهو من ضرورات الفقه والاجتهاد.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لما مر على قاصٍّ: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت(215)
وقال الزهري: أعيى الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا ناسخ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من منسوخه(216).
ما يُعرفُ به النسخ:
يُعَرفُ النسخ بأمور:
1- تصريح الرسول صلى الله عليه وسلم كحديث: (( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها )). رواه مسلم(217).
2- يُعرَف بقول الصحابي، مثل حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما: (( كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار ))، أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة(218)
3- يُعرَف بالتاريخ، مثل حديث شداد بن أوس مرفوعاً: (( أفطر الحاجم والمحجوم ))، أخرجه أبو داود وابن ماجه(219). وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم: (( احتجم وهو صائم )) البخاري(220). بيَّن الإمام الشافعي ((221) . أن الثاني ناسخ للأول لأن شداداً كان مع النبي زمان الفتح سنة ثمان فرأى رجلاً يحتجم في رمضان فقال.. الحديث وابن عباس مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع سنة عشرة.(1/62)
4- يُعرَف بدلالة الإجماع كحديث: (( قتل شارب الخمر في الرابعة )) أخرجه أبو داود وغيره(222). قال النووي في شرح مسلم: دلّ الإجماع على نسخه(223).اهـ. والإجماع لا يَنسخ ولا يُنسخ لكن يدل على ناسخ.
حكمة النسخ:
للنسخ فوائد جمّة لكن من أظهرها فائدتان:
1- رعاية الأصلح للمكلفين تفضُّلاً من الله تعالى لا وجوباً عليه. فمصالح الناس التي هي المقصود الأصلي من تشريع الأحكام تختلف باختلاف الأحوال والأزمان.
2- امتحان المكلفين بامتثالهم الأوامر واجتنابهم النواهي وتكرار الاختبار خصوصاً في أمرهم بما كانوا منهيين عنه ونهيهم عما كانوا مأمورين به، فالانقياد في حالة التغيير أدل على الإذعان والطاعة.
الفرق بين النسخ والتخصيص:
النسخ رفع للحكم بالكلية والتخصيص قصر للحكم على بعض أفراده. فهو رفع جزئي.
المؤلفات في الناسخ والمنسوخ:
1- الناسخ والمنسوخ، لابن شاهين.
2- الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار، للحازمي.
3- رسوخ الأحبار، لبرهان الدين الجعبري.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَإلاَّ فَالتَّرْجِيحُ, ثُمَّ التَّوَقُّفُ )).
يعني: أنه إن لم يمكن الجمع بين النصوص المتعارضة ولم يعرف التاريخ فلا يخلو إما أن يمكن ترجيح أحدهما على الآخر بوجه من وجوه الترجيح الكثيرة جداً، بحيث أورد الحازمي منها في الاعتبار خمسين وجهاً، وأناف بها الحافظ العراقي في نكته على ابن الصلاح على المائة. وحصرها السيوطي في تدريب الراوي في سبعة أقسام:
1- الترجيح بحال الراوي: كالحفظ والفقه وملازمة الشيوخ والسلامة من التدليس وغيرها.
2- الترجيح بطريق المتحمل: كالسماع والعرض والإجازة وغيرها.
3- الترجيح بكيفية الرواية: كالمروي باللفظ وما ذكر سبب وروده وكونه متفقاً على رفعه ووصله.
4- الترجيح بوقت الورود: فيقدم المدني على المكي والمتضمن للتخفيف على المتضمن للتشديد، وقيل: عكسه. قال الرازي: الترجيح بهذا غير قوي(224).(1/63)
5- الترجيح بلفظ الخبر: فيرجح الخاص على العام، والمنطوق على المفهوم، ومفهوم الموافقة على مفهوم المخالفة وهكذا.
6- الترجيح بالحكم: فيقدم الناقل عن البراءة الأصلية على المقرر لها. والمؤسس على المؤكد.
7- الترجيح بأمر خارجي: فيقدم ما يوافق ظاهر القرآن أو سنّة أخرى وغير ذلك من المرجحات التي لا تكاد تنحصر(225).
وإذا لم يكن الترجيح بوجه من الوجوه لزم التوقف عن العمل بأحد الحديثين.
قال الحافظ رحمه الله: والتعبير بالتوقف أولى من التعبير بالتساقط لأن خفاء ترجيح إحداهما على الآخر إنما هو بالنسبة للمعتبر في الحالة الراهنة مع احتمال أن يظهر لغيره ما خفي عليه. والله أعلم(226).
فائدتان:
الأولى: منع بعض العلماء الترجيح بين الأدلة قياساً على البينات، وقال: إذا تعارضا لزم الوقف.
الثانية: التعارض بين الأخبار إنما هو بالنسبة إلى ظن المجتهد وما يظهر له، وإلا ففي نفس الأمر لا تعارض.
قال الحافظ رحمة الله عليه:
(( ثُمَّ المَرْدُودُ: إمَّا أنْ يَكُونَ : لِسَقَطٍ، أوْ طَعْنٍ. فَالسَّقَطُ إمَّا أَنْ يَكُونَ: مِنْ مَبَادِئِ السَّنَدِ مِنْ مُصَنَّفٍ، أوْ مِنْ آخِرِه بَعْدَ التَّابِعِيِّ، أوْ غَيْرِ ذَلِكَ. فالأَوَّلُ: المُعَلَّقُ ))
يعني: أن الحديث المرود وهو الضعيف لا يخلو من سببين، إما أن يكون بسبب سقط في إسناده أو طعن وجرح في أحد رواته، والسقط إما أن يكون من مبادئ السند من تصرف مصنف بحذف شيخه أو هو من شيخه ولو إلى آخره، ومثل هذا يسمى في اصطلاح المحدثين المعلَّق.
فالمعلَّق:
لغةً: اسم مفعول من التعليق، تقول: علَّق الشيء بالشيء ومنه وعليه بمعنى أناطه به. قاله في المحكم(227)
واصطلاحاً: ما حذف من مبتدأ إسناده واحد أو أكثر ولو إلى آخر الإسناد(228). وقيده ابن الصلاح وتبعه النووي والعراقي بكونه مجزوماً به.
قال الحافظ العراقي رحمه الله:
وإن يكن أول الإسناد حذف مع صيغة الجزم فتعليقاً عرف(1/64)
ولو إلى آخره أما الذي لشيخه عزا يقال فكذي.
عنعنة كخبر المعازف لا تصغ لابن الحزم المخالف(229).
لكن الذي يراه كثير من المحققين أن غير المجزوم به داخل في مسمى المعلَّق منهم: أبو الحجاج المزي حيث أورد في تحفة الأشراف(230) ما في البخاري من ذلك معلماً عليه علامة التعليق ( خت ). بل إن النووي نفسه أورد في رياض الصالحين(231) حديث عائشة : (( أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ))(232). وقال: ذكر مسلم في صحيحه تعليقاً فقال: وذُكر عن عائشة؛ بصيغة التمريض.
سمّى هذا النوع من الحديث معلَقاً؛ لأنه بحذف أوله صار كالشيء المقطوع عن الأرض الموصول من الأعلى بالسقف مثلاً.
قال ابن الصلاح: كأنه مأخوذ من تعليق الجدار وتعليق الطلاق ونحوه لما يشترك الجميع فيه من قطع الاتصال(233). وتعقّبه السراج البلقيني قائلاً: إن أخذه من تعليق الجدار ظاهر، أما من تعليق الطلاق ونحوه فليس التعليق هناك لأجل قطع الاتصال، بل لتعليق أمر على أمر(234)
قلت: لعلّ مراد ابن الصلاح تعليق المرأة لا تعليق الطلاق، ومنه قوله تعالى: ((فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ ))، أي ليست مطلقة ولا ذات زوج.
قال القرطبي: هذا تشبيه بالشيء المعلَّق من شيء لأنه لا على الأرض استقرّ ولا على ما علق عليه انحمل(235). ومنه قول المرأة في حديث أم زرع: (( إن أنطق أطلق وإن أسكت أعلق ))(236)
واستبعد الحافظ رحمه الله أخذه من تعليق الجدار.
صور المعلَّق:
للحديث المعلّق صور كثيرة منها:
1- أن يحذف جميع السند مع إضافة القول إلى قائله.
2- أن يحذف جميع السند مع عدم إضافة القول إلى قائل.
3- أن يحذف جميع السند إلا الصحابي.
4- أن يحذف جميع السند إلا الصحابي والتابعي.
5- أن يحذف من حدثه ويضيفه إلى من فوقه.
والأمثلة على جميع هذه الصور في صحيح البخاري (237) .(1/65)
وليس من صور المعلَّق ما عزاه المصنف لشيخه بصيغة قال بها حكمها حكم المعنعن ، فيشترط للحكم باتصالها شيئان:
1- لقاء الراوي لمن روى عنه.
2- سلامة الراوي من التدليس(238).
حكم المعلَّق:
الحديث معلّق ضعيف لأنه فَقَدَ شرطاً من شروط القبول وهو اتصال السند بحذف راو أو أكثر من أوّل إسناده مع عدم علمنا بحال ذلك المحذوف.
وهذا الحكم خاص بما إذا كان المعلَّق في كتاب لم يشترط مؤلفه الصحة أو اشترطها ولم يفِ بشرطه(239).
أما إذا وجد المعلق في كتاب التزمت صحته كالصحيحين(240). ، فهذا له حكم خاص، وهو أنه لا يخلو من حالين:
الأولى: ما كان معلقاً وجاء موصولاً في الكتاب نفسه، وهذا هو الكثير الغالب على معلقات الصحيحين.
الثانية: ما لم يوجد إلا معلقاً إذ لم يوصل في موضع آخر من الكتاب. وهذه لا تخلو من صورتين:
الأولى: أن يصدَّر بصيغة الجزم مثل: قال وروي وذكر وحكى، فهذه الصيغة يستفاد منها الصحة إلى من علق عنه، لكن يبقى النظر فيمن أبرز من الرجال. فمنهم من هو على شرط الصحيح، ومنهم من لا يلتحق بشرطه، وهذا قد يكون صحيحاً على شرط غيره وقد يكون حسناً، وقد يكون ضعيفاً لا من جهة قدح في رجاله بل من جهة انقطاع يسير في إسناده.
والأمثلة على ذلك في هدي الساري(241) مقدمة فتح الباري.
الثانية: أن يصدر المعلَّق بصيغة التمريض مثل: رُوِي ويُروى ويُذكر ويُقال: فهذه الصيغة لا يُستفاد منها الصحة ولا الضعف، ففيها ما هو صحيح على شرطه، وفيها ما هو صحيح ليس على شرطه، وفيها ما هو حسن، وفيها ما هو ضعيف.
قال ابن الصلاح: ومع ذلك فإيراده له في أثناء الصحيح مشعر بصحة أصله إشعاراً يؤنس به ويركن إليه(242).
وقال الحافظ ابن حجر: الضعيف الذي لا عاضد له في الكتاب قليل جداً، وحيث يقع ذلك فيه يتعقبه المصنف بالتضعيف(243).
ومثال ذلك: قول البخاري: ويُذكر عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه: (( لا يتطوّع الإمام في مكانه )) ولم يصح(244)(1/66)
وطريق معرفة الصحيح من غيره من هذه المعلقات هو البحث عن إسناد الحديث والحكم عليه بما يليق به، وقد تولى ذلك بالنسبة لصحيح البخاري الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابيه: فتح الباري وتغليق التعليق.
قال الحافظ رحمه الله:
(( والثَّاني المُرْسَلُ )) .
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول من الإرسال وأصله من قولهم: أرسل الشيء أطلقه وأهمله، ومنه قوله تعالى: (( أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ )) (( مريم : 83 )). ويحتمل أن يكون من قولهم: جاء القوم إرسالاً، أي متفرقين. ويحتمل أن يكون من قولهم: ناقة مرسال أي سريعة السير. ويجمع على مراسل ومراسيل.
واصطلاحاً: ما رفعه التابعي إلى النبي صلى الله عليه وسلم, وقيل: إن المرسل يختص بما أرسله كبار التابعين دون صغارهم فأحاديثهم تسمى منقطعة. والمشهور عند الفقهاء والأصوليين أن المرسل قول غير الصحابي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعرّفه الخطيب في الكفاية بأنه ما انقطع إسناده بأن يكون في رواتِه من لم يسمعه ممن فوقه(245). فعلى هذا يشمل جميع أنواع الانقطاع الظاهر فيدخل فيه المنقطع والمعضل والمعلّق.
قال الحافظ العراقي:
مرفوع تابع على المشهور مرسل أو قيده بالكبير.
أو سقط راوٍ منه ذو أقوال والأول الأكثر في استعمال.
مثاله: ما رواه الإمام مالك عن عبيد الله بن عدي بن الخيار قال: بينما رسول الله جالس بين ظهراني الناس إذا جاءه رجل فسارَّه فلم يدر ما سارَّه به حتى جهر رسول الله، فإذا هو يستأذنه في قتل رجل من المنافقين .. الحديث(246).
حكمه:
اختلف العلماء في المرسل على أقوال:
الأول: فذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد في رواية عنه إلى أن المرسل صحيح يحتج به في الدين ونسبه الغزالي(247) إلى الجماهير، بل نقل ابن عبد البر(248). عن الطبري: بأن التابعين بأسرهم أجمعوا على قبول المرسل ولم يأت عنهم إنكاره ولا عن أحد من الأئمة بعدهم إلى رأس المائتين.(1/67)
وغالى بعض القائلين بهذا القول حتى قدَّموا المرسل على المسند.
واحتج لهذا القول بأن سكوت الراوي مع عدالته عن ذكر من روى عنه وعلمه أن روايته يترتّب عليها شرع عام يقتضي الجزم بعدالة المسكوت عنه, فسكوته كإخباره بعدالته.
واحتج له أيضاً بأن الغالب على أهل تلك القرون الصدق والعدالة بشهادة النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (( خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) (249).
الثاني: وذهب أكثر المحدثين وكثير من الفقهاء وأصحاب الأصول إلى أن المرسل ضعيف لا يحتج به(250)، وحكاه الحاكم عن سعيد بن المسيب والزهري ومالك والأوزاعي والشافعي وأحمد بن حنبل ومن بعدهم من فقهاء المدينة، وهو ما قرره الإمام مسلم في صدر صحيحه(251)، ونسبه ابن عبد البر(252). إلى سائر الفقهاء وجميع المحدثين.
والعلة في رد المرسل هو الجهل بحال الراوي الساقط؛ لأنه يحتمل أن يكون الساقط من السند غير الصحابي، وإذا كان كذلك فيحتمل أن يكون ضعيفاً.
قال الحافظ العراقي:
واحتج مالك كذا النعمان وتابعوهما به ودانوا
ورده جماهير النقّاد للجهل بالساقط في الإسناد.
وصاحب التمهيد عنهم نقله ومسلم صدر الكتاب أصله.
الثالث: وتوسط الإمام الشافعي فقبله لكن بشرط أربعة، ثلاثة منها في المرسِل.
والرابع: في الحديث المرسَل، وتفصيل هذه الشروط في رسالته الشهيرة(253).
مرسل الصحابي:
تعريفه:
هو ما أخبره به الصحابي عن قول الرسول صلى الله عليه وسلم أو فعله مما لم يسمعه أو يشاهده، إما لصغره سنه، أو تأخر إسلامه أو غيابه.
ومثاله: ما رواه الشيخان عن عائشة رضي عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة .. الحديث. ومعلوم أن عائشة رضي الله عنها لم تدرك هذه القصة(254)
حكمه:
مرسل الصحابي مقبول عند جماهير الأمة، بل نقل الإسنوي والنسفي الإجماع على ذلك(255).(1/68)
وشذّ قوم منهم: أبو إسحاق الإسفرائيني فقالوا: مرسل الصحابي لا يقبل إلا إذا عرف بصريح خبره أو بعادته أنه لا يروي إلا عن صحابي(256).
قال الحافظ العراقي:
أما الذي أرسله الصحابي فحكمه الوصل على الصواب.
قال الحافظ رحمه الله:
(( والثَّالِثُ: إنْ كَانَ بِاثْنَيْنِ فَصَاعِداً مَعَ التَّوَالِي فَهُوَ المُعْضَلُ وَإلا فَالمُنْقَطِعُ ))
يعني: رحمه الله بالثالث ما كان السقط في إسناده لا في أوله ولا في آخره بل في أثنائه، فإن كان السقط باثنين فصاعداً على التوالي فهو الحديث المعضل، وإن كان بواحد أو بأكثر من واحد من أكثر من موضع فالمنقطع.
فالمعضل:
لغةً: مأخوذ من الإعضال، يقال: عضل بي الأمر وأعضل بي إذا صعب وكل مستعصب فقد عضل، وكذلك كل شيء ضاق به موضعه فقد عضل به، فهو معضل(257).
والمحدثون يقولون: معضَل - بفتح الضاد - وهو من حيث الاشتقاق مشكل، لكن ابن الصلاح بحث فوجد له قولهم: أمر عضيل، أي مستغلق شديد(258).
واصطلاحاً: هو ما سقط من أثناء إسناده اثنان فصاعداً على التوالي.
سمي هذا النوع معضلاً؛ لأن الراوي له بإسقاطه رجلين فأكثر قد ضيّق المجال على من يريد معرفة حاله من القوة والضعف وحال بينه وبين معرفة رواته بالجرح والتعديل، أو لأن المحدث أعضله وأعياه فلم ينتفع به من يرويه عنه.
مثاله: ما رواه الإمام مالك أنه بلغه أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق ))(259)
فهذا الحديث معضل؛ لأنه سقط منه راويان متواليان بين مالك وأبي هريرة هما محمد بن عجلان وأبوه.
وهناك نوع آخر من المعضل ذكره الحاكم وهو أن يعضله الراوي من أتباع التابعين فيقفه على التابعي فيحذف النبي صلى الله عليه وسلم والصحابي(260).(1/69)
قال ابن الصلاح: إنه حسن، فالانقطاع بواحد مع الوقف صدق عليه الانقطاع باثنين: الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابي وهو باستحقاق اسم الإعضال أولى(261). اهـ.
قال الحافظ العراقي:
والمعضل الساقط منه اثنان فصاعداً ومنه قسم ثان
حذف النبي والصحابي معاً ووقف متنه على من تبعا (262)
زاد البرهاني الحلبي:
والشرط في ساقطة التوالي والانفراد ليس بالإعضال.
حكمه: المعضل ضعيف لا يُحتج به لأنه أسوأ حالاً من المرسل لتعدُّد الساقط من إسناده، وهو أسوأ من المعلّق والمنقطع.
والمنقطع:
لغةً: اسم فاعل من الانقطاع، يقال: قطعه واقتطعه فانقطع وتقطّع، والقطع إبانة بعض أجزاء الجرم من بعض فصلاً(263)، والانقطاع ضد الاتصال.
واصطلاحاً: عُرِّف بأنه ما لم يتصل إسناده على أي وجه كان انقطاعه، أي سوء كان هذا الانقطاع في أول السند أو في آخره، واعتبر النووي هذا التعريف هو الصحيح(264).
وعُرّف بأنه ما سقط من أثناء إسناده راو أو أكثر من راوٍ في أكثر من موضع.
مثاله: ما رواه الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الجبار بن وائل بن حجر عن أبيه قال: استكرهت امرأة على عهد رسول الله فدرأ عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم الحدّ .. الحديث(265)
قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل، وعبد الجبار لم يسمع من أبيه؛ لأنه ولد بعد أبيه بستة أشهر(266)
حكمه:
الحديث المنقطع ضعيف لا يحتج به لتخلُّف شرط من شروط القبول وهو الاتصال.
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ قَدْ يَكُونُ: وَاضِحاً، أَوْ خَفِياً. فالأَوَّل: يُدْرَكُ بِعَدَمِ التَّلاقِي، وَمِنْ ثَمَّ احْتِيجَ إلى التَّارِيخِ ))
يعني: أن السقط من الإسناد قد يكون واضحاً جلياً يدركه آحاد الطلبة ممن له أدنى عناية بالحديث وعلومه ورجاله، وهو ما تقدّم من الإرسال والتعليق والإعضال والانقطاع.
ويُعرَف هذا النوع بعدم التلاقي بين الراوي وشيخه لكونه لم يدرك عصره.(1/70)
وقول الحافظ رحمه الله في النزهة: أو أدركه لكنهما لم يجتمعا، فيه نظر؛ لأن هذا من السقط الخفي على ما سيأتي تقريره في المرسل الخفي.
وقول الحافظ رحمه الله: (( ومن ثم احتيج إلى التاريخ ))، لتضمنه معرفة مواليد الرواة ووفياتهم ورحلاتهم واختلاطهم وغير ذلك.
والتاريخ ذكر السخاوي في حقيقته أنه الوقت التي تضبط به الأحوال من المواليد والوفيَات ويلتحق به ما يتفق من الحوادث التي ينشأ عنها معان حسنة من تعديل وتجريح ونحو ذلك(267)
قال الحافظ: وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم(268).
قال الحاكم: لما قدم علينا أبو جعفر الكُشِّي وحدَّث عن عبد بن حميد سألته عن مولده فذكر أنه سنة ستين ومائتين، فقلت لأصحابنا: هذا الشيخ سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة.
وسبب وضع التاريخ أول الإسلام: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بصك مكتوب إلى شعبان فقال: أهو شعبان الماضي أو شعبان القابل؟ ثم أمر بوضع التاريخ.
واتفق الصحابة على ابتداء التاريخ من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وجعلوا أول السنة المحرم.
قال الحافظ رحمه الله:
(( والثَّانِي: المُدَلَّسُ ، ويَرِدُ بِصِيغَةٍ تَحْمِلُ اللُّقَىَّ ؛ كَـ ( عَنْ ، وقال ) ، وكَذَا المُرْسِلُ الخَفِيُّ مِنْ مُعَاصِرٍ لَمْ يَلْقَ )).
يعني: أن القسم الثاني وهو ما كان السقط فيه خفياً بحيث يخفى على كثير ممن يشتغل بهذا العلم، بل لا يدركه إلا الأئمة الحذاق المطّلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد لخفائه وغموضه، وهو نوعان هما: 1 - المدلَّس. 2 - المرسل الخفي.
فالمدلَّس:
لغةً: اسم مفعول مشتق من الدَّلَّس - بفتحتين - وهو الظلمة كالدلسة - بالضم - ومنه قولهم: أتانا دلس الظلام، وخرج في الدلس والغلس. والتدليس كتمان عيب السلعة عن المشتري(269)
واصطلاحاً: ما أُخفي عيبه على وجه يوهم أنه لا عيب فيه.(1/71)
سمي بهذا الاسم لأن الراوي لما أخفى وجه الصواب على المواقف على الحديث كأنّه أظلم أمره وغطاه.
أقسامه:
ينقسم التدليس إلى خمسة أقسام:
1- تدليس الإسناد.
2- تدليس التسوية.
3- تدليس القطع.
4- تدليس العطف.
5- تدليس الشيوخ.
1- تدليس الإسناد:
تعريفه:
هو أن يروي المحدث عمن لقيه ما لم يسمعه منه موهماً أنه سمعه منه، ويكون ذلك بلفظ محتمل للسماع وغيره، كـ: قال أو عن، ليوهم غيره أنه سمعه منه. ولا يصرح بأنه سمع منه هذا الحديث بعينه فلا يقول: سمعت أو حدثني أو أخبرني ممن لم يسمع منه حتى لا يصير كذاباً بذلك.
وقولنا: عمن لقيه شامل لمن يسمع منه غير الحديث المراد أو لم يسمع منه شيئاً.
وأدخل ابن الصلاح(270) في هذا القسم رواية الراوي عمن عاصره ولم يلقه موهماً أنه قد لقيه وسمعه منه. وتبعه على ذلك ابن كثير في اختصاره. وذهب الإمام الشافعي والبزار والخطيب والحافظ ابن حجر وغيرهم إلى هذه الصورة ليست من التدليس لأن مجرد ثبوت المعاصرة لا يكفي في تحقيق التدليس. بل لا بد من ثبوت اللقاء بينهما.
وأيّدوا ما ذهبوا إليه بأن أهل العلم أجمعوا على أن المخضرمين الذين عاصروا النبي صلى الله عليه وسلم مثل: أبي عثمان وقيس بن أبي حازم وغيرهما، إذا روى أحدهم حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت روايته من قبيل الإرسال وليست من قبيل التدليس(271)
الخلاصة:
أن للراوي مع من يروى أربع حالات:
الأولى: أن يثبت سماعه منه.
الثانية: أن يثبت لقاؤه له دون السماع.
الثالثة: أن تثبت المعاصرة له دون اللقاء.
الرابعة: أن لا تثبت المعاصرة ومن باب أولى اللقاء والسماع، ويروى عنه بصيغة موهمة للسماع كـ: عن و أن.
فالأولى: إذا روى عنه ما لم يسمعه منه فتدليس اتفاقاً.
والثانية: إذا روى عن بصيغة موهمة شملها مسمى التدليس عند الجمهور خلافاً لأبي بكر البزار وأبي الحسن ابن القطان حيث جعلاها من الإرسال الخفي.(1/72)
والثالثة: إذا روى عن المعاصر ممن لم يلقه، فالجمهور على أنه ليس من التدليس، كما تقدم قريباً خلافاً لابن الصلاح حيث جعلها من التدليس.
والرابعة: ليست من التدليس عند جماهير المحدثين خلافاً لجماعة من أهل الحديث فيما نقله ابن عبد البر في التمهيد لاحتمال الصيغة.
وتدليس الإسناد يسميه بعضهم تدليس الإسقاط.
ومثاله: ما رواه أبو عوانة عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( فلان في النار ينادي: يا حنّان يا منّان )).
قال أبو عوانة: قلت للأعمش: سمعت هذا من إبراهيم؟ قال: لا، حدثني به حكيم بن جبير عنه. فقد دلس الأعمش الحديث عن إبراهيم، فلما استفسر بيَّن الواسطة بينه وبينه(272).
حكمه:
مكروه جداً ذمّه أكثر العلماء، وكان شعبة بن الحجاج من أشدهم ذماً له، فقد قال فيه أقولاً منها: التدليس أخو الكذب، وقال: لأن أزني أحبّ إلىّ من أدلس، وهذا من شعبة إفراط محمول على المبالغة في الزجر عنه(273)
وقال النووي: وظاهر كلام شعبة أنه حرام وتحريمه ظاهر فإنه يوهم الاحتجاج بما لا يجوز الاحتجاج به، ويتسبّب أيضاً إلى إسقاط العمل بروايات نفسه مع ما فيه من الغرر(274).
ثانياً: تدليس التسوية:
تعريفه: هو أن يروي المدلس حديثاً عن ضعيف بين ثقتين لقي أحدهما الآخر فيسقط الضعيف الذي في السند ويجعل السند عن شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل، فيستوي الإسناد كله ثقات(275 ) بحسب الظاهر لمن لم يَخبر هذا الشأن.
وقد سماه بعض القدماء تجويداً فقالوا: جوّده فلان، يريدون ذكر من فيه من الأجود وحذف الأدنياء(276).
مثاله: روى ابن أبي حاتم في العلل(277) عن بقية بن الوليد قال: حدثني أبو وهب الأسدي عن نافع عن ابن عمر قال: لا تحمدوا إسلام امرئ حتى تعرفوا عقدة رأيه.(1/73)
قال أبو حاتم: هذا الحديث له علة قَلَّ من يفهمها. روى هذا الحديث عبيد الله بن عمرو عن إسحاق بن أبي فروة عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعبيد الله بن عمرو، كنيته أبو وهب وهو أسدي، فكأن بقية بن الوليد كنى عبيد الله بن عمرو ونسبه إلى بني أسد لكي لا يفطن به، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فروة من الوسط لا يهتدي إليه وكان بقية من أفعل الناس لهذا.
حكمه:
تدليس التسوية شر أقسام التدليس؛ لأن الثقة الأول ربما لا يكون معروفاً بالتدليس ويجده الواقف على السند بعد التسوية قد رواه عن ثقة آخر فيتحكم له بالصحة وفي هذا غرر شديدي.
تنبيه:
ليس من هذا النوع إذا روى الثقة عن اثنين أحدهما: ضعيف، والآخر: ثقة، فيحذف الضعيف ويبقي الثقة. كما فعل الإمام البخاري في حذفه عبد الله بن عمر العمري واقتصاره على مالك حديث: (( إذا جاءكم أحدكم إلى فراشه فلينفضه بصنفة ثوبه ثلاث مرات .. ))(278)
ثالثاً: تدليس القطع:
تعريفه:
هو أن يسقط الراوي اسم الشيخ الذي سمع الحديث منه مباشرة مقتصراً على ذكر أداة الرواية، فيقول الراوي: حدثنا أو سمعت ثم يسكت، ثم يقول: فلان وفلان موهماً أنه سمع منهما وليس كذلك.
مثاله: ما ذكره ابن سعد في الطبقات(279) عن عمر بن علي المقدمي أنه كان يقول: سمعت وحدثنا، ثم يقول: هشام بن عروة والأعمش. وجعل بعضهم من هذا النوع إسقاط أداة الرواية والاقتصار على اسم الشيخ الذي لم يسمع منه الحديث مباشرة.
ومثَّل له ابن الصلاح بما قاله علي بن خشرم: كنا عند ابن عيينة فقال: الزهري، فقيل له: حدثك؟ فسكت، ثم قال: الزهري، فقيل له: سمعته منه؟ فقال: لم أسمعه منه و لا ممن سمعه منه، حدثني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري(280). وليس من هذا النوع صنيع الإمام النسائي في حذفه صيغة التحديث واقتصاره على اسم شيخه الحارث بن مسكين حيث يقول: الحارث بن مسكين فيما قرئ عليه وأنا أسمع لما وقع بينهما مما هو معلوم في مكانه(281)(1/74)
رابعاً: تدليس العطف:
تعريفه:
هو أن يروي المحدث عن شيخين من شيوخه ما سمعاه من شيخ اشتركا فيه، ويكون قد سمع من أحدهما دون الآخر، فيصرح عن الأول ويعطف الثاني عليه، فيوهم أنه حدث عنه بالسماع أيضاً، وإنما حدث بالسماع عن الأول ونوى القطع فقال: وفلان أي وحدث فلان.
ومثاله: ما ذكره الحاكم في المعرفة أن جماعة من أصحاب هشيم اجتمعوا يوماً على أن لا يأخذوا منه التدليس ففطن لذلك، فكان يقول في كل حديث يذكره: حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم، فلما فرغ قال لهم: هل دلست لكم اليوم؟ فقالوا: لا، فقال: لم أسمع من مغيرة حرفاً مما ذكرته وإنما قلت: حدثني حصين ومغيرة غير مسموع لي(282). فأضمر في الكلام محذوفاً ففسّره بما ذكره.
خامساً تدليس الشيوخ:
تعريفه:
هو أن يروي المحدث عن شيخ حديثاً سمعه منه، فيسميه أو يكنيه أو ينسبه أو يصفه بما لا يعرف به كي لا يعرف.
ومثاله: ما رواه الخطيب البغدادي عن شيخه الحسن بن محمد الخلال قول سعيد بن المسيب: إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث، وسمّى الخطيب شيخه الحسن بن أبي طالب، ومرة قال: أخبرنا أبو محمد الخلال(283).
تنبيه:
ذكر الخزرجي في الخلاصة في ترجمة الإمام محمد بن يحيى الذهلي أن البخاري روى عنه ويدلسه(284).
نعم؛ البخاري لم يقل في موضع: حدثنا محمد بن يحيى بل قال تارة: محمد من غير نسبة، وتارة: محمد بن عبد الله فينسبه إلى جده، وتارة: محمد بن خالد فينسبه إلى والد جده.
ويجاب عن صنيع الإمام البخاري هذا بما كان بينهما من الخلاف في مسألة اللفظ، فلثقته عند خرَّج له، ولئلا يظن موافقته له في هذه المسألة لم يصرح باسمه كاملاً(285).
حكم تدليس الشيوخ:(1/75)
تدليس الشيوخ مكروه إلا أنه أخف من الأنواع السابقة لأن المدلس لم يسقط أحداً، وإنما الكراهة بسبب تضييع المروي عنه وتوعير طريق معرفته على السامع، أما إذا كان امتحاناً للطلاب أو تفنناً في العبارة بحيث لا يخفى على أهل الفن فهو جائز، وهذا ما يستعمله الخطيب البغدادي في مصنفاته.
تنبيه:
يلحق بتدليس الشيوخ تدليس البلدان، كأن يقول المصري: حدثني فلان بالأندلس وأراد موضعاً بالقرافة، أو يقول : بزِقاق حلب، وأراد موضعاً بالقاهرة وهكذا(286)
الأغراض الحاملة على التدليس:
الأغراض الحاملة على التدليس كثيرة منها:
1- ضعف الشيخ المدلَّس.
2- صغر الشيخ بحيث يأنف الراوي عنه فيدلسه.
3- إيهام علوم الإسناد.
4- كثرة الرواية عنه.
5- الخوف من عدم أخذ الحديث مع الاحتياج إليه.
6- التفنن في العبارة(287).
طبقات المدلسين:
قسّم الحافظ ابن حجر المدلسين إلى خمس طبقات:
1- من لم يوصف بذلك إلا نادراً، كيحيى بن سعيد الأنصاري.
2- من احتمل الأئمة تدليسه وأخرجوا له في الصحيح لإمامته وقلة تدليسه كالثوري، أو لكونه لا يدلس إلا عن ثقة كابن عيينة.
3- من أكثر من التدليس مع ثقته، كأبي الزبير المكي.
4- من أكثر من التدليس عن الضعفاء والمجاهيل.
5- من ضُعف بأمر آخر سوى التدليس.
حكم رواية المدلّس:
عرفنا في طبقات المدلسين أن الأئمة احتملوا تدليس أصحاب الطبقتين الأولى والثانية، فتقبل عنعناتهم ولو من غير تصريح بالتحديث، وأما أصحاب الطبقة الرابعة فلا خلاف في عدم قبولهم إلا مع التصريح بالسماع، وأما أصحاب الطبقة الخامسة فلا يقبل حديثهم ولو صرحوا، وقد اختلف العلماء في قبول رواية المدلس من أصحاب الطبقة الثالثة على أقوال:
الأول: يرى جماعة من الفقهاء وأصحاب الحديث أن خبر المدلس غير مقبول مطلقاً، لما يتضمن من الإيهام لما لا أصل له وترك تسمية من لعله غير مرضي ولا ثقة(288).(1/76)
الثاني: ويرى جمع من أهل العلم أن خبره مقبول مطلقاً، فلم يجعلوه بمثابة الكذاب، ولم يروا التدليس ناقضاً لعدالته، وزعموا أن نهاية أمره أن يكون ضرباً من الإرسال(289)
الثالث: وقال آخرون بالتفصيل، فإن كان المدلس يروي بلفظ السماع أو التحديث فهو مقبول محتج به، وإن روى بلفظ محتمل كالعنعنة فلا يقبل، وبهذا قال الشافعي وابن الصلاح والنووي وابن حجر وغيرهم(290).
الرابع: وفصَّل آخرون فقالوا: إن عُرف من المدلس أنه لا يروي إلا عن ثقة فإنه يقبل بأي صيغة كان، وإن كان المدلس يدلس عن ثقة وغير ثقة فلا يقبل إلا إذا صرح بالتحديث.
وذكر ابن عبد البر في التمهيد عن أئمة الحديث أنهم قالوا: لا يقبل تدليس الأعمش؛ لأنه إذا وقف أحال على غير مليء، يعنون: على غير ثقة، وقالوا: يقبل تدليس ابن عيينة؛ لأنه إذا وقف أحال على ابن جريج ومعمر ونظائرهما(291).
والراجح والله أعلم هو القول الثالث, وهو ما اختاره المحققون من العلماء وهو قبول خبر المدلس إذا صرح بالتحديث، وإلا فلا.
وقوله: وكذا المرسل الخفي من معاصر لم يلق.
تقدم تحقيق معنى المرسل الخفي والفرق بينه وبين المدلس.
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثم الطَّعْنُ إمَّا أنْ يَكُونَ: لِكَذِبِ الرَّاوِيْ، أَوْ تُهَمَتِهِ بِذَلِكَ، أَوْ فُحْشِ غَلَطِهِ، أَوْ غَفْلَتِهِ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ وَهَمِهِ, أَوْ مُخَالَفَتِهِ، أَوْ جَهَالَتِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، أَوْ سُوءِ حِفْظِهِ )).
بعد أن أنهى الحافظ رحمه الله المسلك الأول من مسالك الضعف إلى الحديث وهو السقط من السند بأنواعه الظاهرة والخفية، شرع رحمه الله في بيان المسلك الثاني وهو الطعن في الراوي.
فالطعن:
لغة: مصدر طعن يطعَن - بفتح العين - طعناً وطعناناً، ثلب بالقول السيئ، وفلان طعّان: أي وقّاع في أعراض الناس بالذم والغيبة ونحوهما.(1/77)
ومنه الحديث الذي رواه الإمام أحمد والترمذي بلفظ: (( ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش البذيء ))(292).
والمراد بالطعن هنا جرح الراوي باللسان والتكلم فيه من ناحية عدالته ودينه ومن ناحية ضبطه وحفظه وتيقُّظه.
تنبيه:
الكلام في الرواة ليس من الغيبة المحرمة، بل هو أمر جائز بإجماع أهل العلم فيما نقله النووي في رياض الصالحين(293). وقد أوجبه بعضهم للحاجة إليه(294)، إذ به يعرف صحيح الحديث من ضعيفه. وهذا لا يعني إطلاق عنان اللسان بجرح الرجال من غير حاجة، فإن ذلك إنما جوّز للضرورة الشرعية، ولهذا حكم العلماء بأنه لا يجوز الجرح بما فوق الحاجة.
قال السخاوي: لا يجوز التجريح بشيئين إذا حصل بواحد(295)، إذا عرف ذلك فليس لكل شخص أن يجرح ويعدل، بل لا بد من توافر شروط اشترطها العلماء في الناقد للرجال والمتكلم فيهم كالعلم والتقوى والورع والصدق، والتجنُّب عن التعصب ومعرفة أسباب الجرح والتزكية، وسيأتي الكلام بالتفصيل عن هذه المسألة عند ذكر الحافظ رحمه الله لمبحث الجرح والتعديل.
إذا تقرر هذا فالطعن في الراوي من ناحيتين:
الأولى: من حديث عدم عدالته.
الثانية: من حيث عدم ضبطه.
وتقدّم تعريف العدالة والضبط عند الكلام على الحديث الصحيح.
وأوجه الطعن المتعلقة بانتفاء العدالة خمسة هي:
1- الكذب. 2- التهمة بالكذب. 3- الفسق. 4- البدعة. 5 - الجهالة.
وأوجه الطعن المتعلقة بانتفاء الضبط خمسة هي:
1- فحش الغلط . 2- الغفلة. 3- مخالفة الثقات. 4- الوهم. 5- سوء الحفظ.
لكن الحافظ رحمه الله لم يعتنِ بتمييز أحد القسمين عن الآخر لمصلحة اقتضت ذلك وهي ترتيبها على الأشد فالأشد في موجب الرد على سبيل التدلي من الأعلى إلى الأدنى فيها.
الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي:
الكذب:
تعريفه:
لغةً: نقيض الصدق، يقال: كذب يكْذِب كَذِباً وكِذْباً، وكَذِبة وكِذْبة، وكِذاباً وكِذَّاباً(296).(1/78)
واصطلاحاً: هو الأخبار عن الشيء على خلاف ما هو عمداً كان أو سهواً(297). فلا يشترط لتسمية الكلام كذباً كونه صدر من قائله عمداً بل مجرد الإخبار على خلاف الواقع يسمّى كذباً بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ))(298).
ووجه الاستدلال من الحديث حيث قيّد الكذب بالتعمُّد، فدل على أن هناك كذباً آخر إلا أنه لا وعيد فيه وهو السهو والغلط، خلافاً للمعتزلة الذين يرون اشتراط العمدية لتسمية الكلام كذباً، ولذا يثبتون واسطة بين الصدق والكذب وهي كلام ليس بصدق ولا كذب(299).
حكم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أجمع من يُعتد بقوله من المسلمين على تحريم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحكم بأنه من كبائر الذنوب، لما تواتر عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: (( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )).
بل نقل أبو المعالي الجويني عن أبيه تكفير من يضع الحديث، لكن أبا المعالي ضعف هذا القول وقال: إنه لم يره لأحد من الأصحاب وأنه هفوة عظيمة(300).
ونقل الذهبي عن ابن الجوزي قوله: ولا ريب أن الكذب على الله وعلى رسوله في تحليل حرام أو تحريم حلال كفر محض، وإنما الشأن في الكذب عليه فيما سوى ذلك(301).
ولا عبرة بما ذهب إليه محمد بن كرَّام السجستاني من إباحة وضع الأحاديث المتضمنة للترغيب في الطاعة والتنفير من المعصية دون ما يتعلق به حكم من أحكام الشريعة، مؤولين حديث من كذب عليّ بقولهم: إنا نكذب له ولسنا نكذب عليه. ولا شك أن هذا القول متهافت، وهو أقل من أن يرد عليه، والبرهان على خلافه أظهر وأشهر(302).
رواية الكاذب:
إذا تقرر هذا، فمن كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمداً في حديث واحد فسق، ورُدَّت روايته كلها، وبطل الاحتجاج بها جميعاً.
توبة الكاذب:
فإن تاب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد اختلف العلماء في قبول روايته على قولين:(1/79)
الأول: ذهب الإمام أحمد بن حنبل وأبو الحميدي شيخ البخاري وأبو بكر الصيرفي إلى أن توبته لا تؤثر في ذلك ولا تقبل روايته أبداً، بل يحتم جرحه دائماً(303).
الثاني: ويرى آخرون أن توبته صحيحة وروايته مقبولة إذا صحت توبته، ورجّحه النووي وقال: إنه الجاري على قواعد الشرع، وقاسه على رواية الكافر إذا أسلم، وضعَّف الرأي الأول(304).
الوجه الثاني من أوجه الطعن في الراوي: التهمة بالكذب:
التهمة في اللغة: الظن، أصلها الوهمة، تاؤه مبدلة من واو كما أبدلت في تخمة، يقال: أوهمته واتهمته أدخلت عليه التُّهَمة كهُمزة ورُطبة والسكون لغة، واتهمته شككت في صدقه(305).
واصطلاحاً: عرّف الحافظ ابن حجر في النزهة تهمة الراوي بالكذب، بأن لا يُروى ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة، وكذا من عُرِف بالكذب في كلامه العادي وإن لم يظهر منه وقوع ذلك في الحديث النبوي(306).
ومن هذا نعرف أسباب اتهام الراوي بالكذب وهما:
1- أن لا يروي ذلك الحديث إلا من جهته ويكون مخالفاً للقواعد المعلومة.
2- أن يعرف الراوي بالكذب في كلامه العادي، لكن لم يظهر منه الكذب في الحديث النبوي.
ومتى اتهم الراوي بالكذب ترك حديثه. قال الإمام مالك ابن أنس: لا يؤخذ العلم عن أربعة ويؤخذ ممن سوى ذلك: لا يؤخذ من صاحب هوى يدعو الناس إلى هواه، ولا من سفيه معلن بالسفه، ولا من رجل يكذب في أحاديث الناس وإن كنت لا تتهمه أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا من رجل له فضل وصلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحدث به(307).
والوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي: فحش الغلط:
تعريفه:
يقال: غلط في منطقه غلطاً، أخطأ وجه الصواب، وغلَّطته أنا قلت له: غلطت أو نسبته إلى الغلط، وأغلطته إغلاظاً أوقعته في الغلط ويجمع على أغلاط، ورجل غلطان كسكران، وكتاب مغلوط قد غلط فيه(308)(1/80)
وفحش الغلط: كثرته، وكل شيء جاوز حدّه فهو فاحش(309)، وذلك بأن يكون غلط الراوي أكثر من صوابه أو يتساويان. أما إذا كان الغلط قليلاً فإنه لا يؤثر، إذ لا يخلو الإنسان من الغلط والنسيان.
روى الخطيب البغدادي بسنده عن سفيان الثوري أنه قال: ليس يكاد يفلت من الغلط أحد إذا كان الغالب على الرجل الحفظ، فهو حافظ وإن غلط وإن كان الغالب عليه الغلط ترك(310)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: وأما الغلط فلا يسلم منه أكثر الناس، بل في الصحابة من قد يغلط أحياناً، وفيمن بعدهم(311).
وإذا كَثُر غلط الراوي تُرك حديثه، روى الخطيب البغدادي عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان لا يترك حديث رجل إلا رجلاً متهماً بالكذب أو رجلاً الغالب عليه الغلط(312).
الوجه الرابع من أوه الطعن في الراوي: الغفلة:
تعريفها:
لغةً: يقال: غفل الرجل عن الشيء يغفل غفولاً فهو غافل، ورجل مغفَّل لا فطنة له، وغفلت الشيء تغفيلاً إذا كتمته وسترته(313). وتغفَّلته عن كذا تخدَّعته عنه على غفلة منه، وفلان غُفْل لم تَسِمْه التجارب(314)
والاسم: الغفلة والغفل والغفلان، والغُفْل بالضم من لا يرجى خيره ولا يخشى شره(315).
واصطلاحاً: غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكُّره له(316). كذا في المصباح. وعرّفه الفيروزآبادي في البصائر: بأنه سهو يعتري عن قلة التحفُّظ والتيقُّظ(317).
ولا بد من تقييد الغفلة بالكثرة؛ لأن مجرد الغفلة ليست سبباً للطعن لقلة من يعافيه الله منها(318)
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله للسهو والغفلة سبعة أسباب هي:
1- الاشتغال عن هذا الشأن بغيره ككثير من أهل الزهد والعبادة.
2- الخلو عن معرفة هذا الشأن.
3- التحديث من الحفظ، فليس كل أحد يضبط ذلك.
4- أن يُدخَل في حديثه ما ليس منه ويزوَّر عليه.
5- أن يركن إلى الطلبة فيحدث بما يظن أنه من حديثه.
6- الإرسال، وربما كان الراوي له غير مرضي.
7- التحديث من كتاب لإمكان اختلافه.(1/81)
وقال: فلهذه الأسباب وغيرها اشترط أن يكون الراوي حافظاً ضابطاً، معه من الشرائط ما يؤمن معه كذبه من حيث لا يشعر(319).
وذكر الخطيب عن الحميدي ضابطاً للغفلة التي يرد بها حديث العدل فقال: أن يكون في كتابه غلط فيقال له في ذلك فيترك ما في كتابه ويحدث بما قالوا، أو بغيره في كتابه بقولهم لا يعقل فرق ما بين ذلك(320).
وحديث المغفل مردود، روى الخطيب البغدادي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: لا يكتب عن الشيخ المغفل(321).
الوجه الخامس من أوجه الطعن في الراوي: الفسق:
تعريفه:
لغةً: الخروج, تقول العرب، فسقت الرطبة من قشرها لخروجها منه، والفويسقة الفأرة لخروجها من جُحْرها على الناس(322). لأجل المضرة(323).
يقال: فسق يفسق فسقاً - بالكسر - وفسوقاً: فجر وخرج عن الحق، ورجل فسق وفسيق دائم الفسق(324). والفسق في الشرع: الخروج عن طاعة الله عز وجل(325).
فالكافر فاسق لخروجه عما ألزمه العقل واقتضته الفطرة السليمة. قال تعالى: (( وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) (( النور : 55 )), وقال تعالى: (( أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً لاَّ يَسْتَوُونَ )) ( السجدة : 18 ) فقابل الإيمان به(326)
والعاصي - بما دون الكفر - يقال له: فاسق، قال تعالى في شأن القاذف: (( وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) ( النور : 4 )).
والمراد بالفاسق هنا: المتلبس بمعصية دون الكفر؛ لأن الكلام في الراوي المسلم(327).
حكم رواية الفاسق:
الفاسق قسمان:
1- الفاسق المتأوّل وهم طوائف المبتدعة، وهذا القسم سيأتي الكلام عليه قريباً إن شاء الله.
2- الفاسق غير المتأول - وهو المراد هنا - المخل بشيء من أحكام الشرع من ترك واجب أو ارتكاب محرم.(1/82)
وهذا القسم قد اتفق العلماء على عدم قبول روايته، لأن الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانة ودين، والفسق يبطلها لاحتمال كذب الفاسق على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال ابن العربي: من ثبت فسقه بطل قوله في الأخبار إجماعاً، لأن الخبر أمانة والفسق قرينة تبطلها(328).
وقال العلامة الشنقيطي في تفسير قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا )) ( الحجرات : 6 ) هي تدل على عدم تصديق الفاسق في خبره، وصرَّح تعالى في موضع آخر بالنهي عن قبول شهادة الفاسق وذلك في قوله : (( وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ )) ( النور : 4 )). ولا خلاف بين العلماء في رد شهادة الفاسق وعدم قبول خبره(329). أهـ.
وقال أبو حاتم ابن حبان في المجروحين: ومنهم - يعني الضعفاء - المعلق بالفسق والسفه وإن كان صدوقاً في روايته لأن الفاسق لا يكون عدلاً، والعدل لا يكون مجروحاً، ومن خرج عن حد العدالة لا يعتمد على صدقه، وإن صدق في شيء بعينه في حالة من الأحوال، إلا أن يظهر عليه ضد الجرح حتى يكون أكثر أحواله طاعة الله عز وجل فحينئذ يحتج بخبره، فأما قبل ظهور ذلك عنه فلا(330).
الوجه السادس من أوجه الطعن في الراوي: الوهم:
تعريفه:
لغةً: يقال: وهم - بكسر الهاء - غلط، وقد توهم الشيء تخيّله وتمثّله سواء كان في الوجود أو لم يكن، ويقال: وهم إليه يهم وهماً ذهب وهمه إليه، والوهم من خطرات القلب، والجمع أوهام(331).
ويقال: وهمت في كذا وكذا فأنا أوهم وهماً إذا سهوت(332).(1/83)
واصطلاحاً: هو رواية الحديث على سبيل التوهم، أي بناء على الطرف المرجوح(333). المقابل للظن. وبيان ذلك أن المعلوم إما أن يستقر في الذهن من غير تردد أو بتردُّد، فالأول: يسمى العلم، والثاني: إما أن يكون راجحاً أو مرجوحاً أو مساوياً، فالراجح هو الظن، والمرجوح هو الوهم، والمساوي هو الشك(334).
والوهم عند الحكماء قوة جسمانية للإنسان محلها آخر التجويف الأوسط من الدماغ من شأنها إدراك المعاني الجزئية المتعلقة بالمحسوسات، وهذه القوة هي التي تحكم في الشاة بأن الذئب مهروب منه، وأن الولد معطوف عليه(335). فإذا كان الوهم هو الغالب على رواية الراوي تُرك حديثه، أما الوهم اليسير فإنه لا يضر ولا يخلو عنه أحد(336).
قال ابن مهدي: الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن فهذا لا يختلف فيه، وأخر يهم والغالب على حديثه الصحة فهذا لا يترك حديثه، وآخر يهم والغالب على حديثه الوهم فهذا يترك حديثه(337).
الوجه السابع من أوجه الطعن في الراوي: مخالفة الثقات:
التعريف:
لغةً: الثقات جمع ثقة، والثقة مصدر قولك: وثقت به فأنا أوثق به ثقة، وأنا واثق به، وهو موثوق به، وهي موثوق بها، وهم موثوق بهم. ويقال: فلان ثقة وهي ثقة وهم ثقة، وقد تجمع فيقال: ثقات في جماعة الرجال والنساء(338)، ووثقه به ثقة ووثوقاً ائتمنه(339). ووثَّقت فلاناً إذا قلت: إنه ثقة(340). فهو موثوق(341).
والثقة في الاصطلاح: هو من جمع بين صفتي العدالة والضبط(342).
وسبق الكلام عليهما.
فمن خالف الثقات ليس بثقة؛ لأن موافقة الثقات هي المقياس لمعرفة ضبط الراوي.
قال ابن الصلاح: يعرف كون الراوي ضابطاً بأن يعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة ولو من حيث المعنى لرواياتهم, أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطاً ثبتاً، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم عرفنا اختلال ضبطه ولم يحتج بحديثه(343).(1/84)
وهذه المخالفة إن كانت من ثقة فحديثه شاذ، وإن كانت من ضعيف فحديثه يسمّى المنكر. وتقدم شرحهما عند قول الحافظ: فإن خولف بأرجح فالراجح المحفوظ ومقابله الشاذ(344). ومع الضعف فالراجح المعروف ومقابله المنكر.
قال الحافظ العراقي:
ومن يوافق غالباً ذا الضبط فضابط أو نادراً فمخطي(345).
الوجه الثامن من أوجه الطعن في الراوي: الجهالة:
تعريفها:
الجهل والجهالة نقيض العلم، يقال: جهله يجهله جهلاً وجهل عليه: أظهر الجهل كتجاهل وهو جاهل، والجمع جُهُل وجهْل وجهَّل وجهّال وجُهَلاء.
والجهل على ثلاثة أضرب:
1- خلوّ النفس من العلم، وهذا هو الأصل.
2- اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه.
3- فعل الشيء بخلاف ما حقه أن يفعل(346).
والمراد هنا: الراوي المجهول، وهو عند أهل الحديث كما في النزهة: من لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين( 347).
ويرى الخطيب البغدادي أن المجهول من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه ولا عرفه العلماء به، ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راوٍ واحد(348).
وقد اعترض ابن الصلاح على كلام الخطيب بقوله: قد خرّج البخاري حديث جماعة ليس لهم إلا راوٍ واحد، منهم: مرداس الأسلمي، لم يرو عنه غير قيس بن أبي حازم.
وكذلك خرّج مسلم حديث قوم لا راوي لهم غير واحد، منهم: ربيعة بن كعب الأسلمي لم يرو عنه غير أبي سلمة بن عبد الرحمن وذلك منهما مصير إلى أن الراوي قد يخرج عن كونه مجهولاً مردوداً برواية واحد عنه(349).
وقد أجاب النووي عن هذا الاعتراض بقوله: والصواب نقل الخطيب ولا يصح الرد عليه بمرداس وربيعة فإنهما صحابيان مشهوران، والصحابة كلهم عدول(350)، فلا يحتاج إلى رفع الجهالة عنهم بتعدد الرواة(351)
أما غير الصحابة فأقل ما يرفع الجهالة عن الواحد منهم: أن يروي عنه اثنان فصاعداً من المشهورين بالعلم.(1/85)
روى الخطيب بسنده عن يحيى بن معين أنه قال: إذا روى عن المحدث رجلان ارتفع عنه اسم الجهالة(352)، لكن قد ترتفع الجهالة برواية واحد إذا كان من النقّاد الذين لا يروون إلا عن الثقات كالإمام مالك وشعبة بن الحجاج وغيرهما.
قال ابن حجر في ترجمة عبد الله بن أبي حبيبة المدني: من تعجيل المنفعة. قال ابن الحذاء: هو من الرجال الذين اكتفي في معرفتهم برواية مالك عنهم(353).
أقسام المجهول:
يختلف المجاهيل في قوة الجهالة وضعفها، وعلى ضوء هذا الاختلاف قسّم العلماء المجهول إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مجهول الذات: تعريفه:
هو الراوي الذي لم يصرّح باسمه أو بما يدل عليه.
أسباب جهالة الذات:
لجهالة الذات سببان هما:
1- عدم التصريح باسم الراوي ويسمى هذا النوع بالمبهم.
2- كثرة نعوت الراوي، فيشتهر بشيء منها, فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض، فيظن أنه راوٍ آخر فيحصل الجهل به.
حكم رواية مجهول الذات:
لا تقبل رواية مجهول الذات حتى يصرح الراوي عنه باسمه، أو يعرف اسمه بوروده من طريق آخر مصرح فيه باسمه.
قال الحافظ ابن حجر: ولا يقبل حديث المبهم ما لم يسم لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه، ومن أبهم اسمه لا يعرف فكيف تعرف عدالته، وكذا لا يقبل خبره ولو أبهم بلفظ التعديل على الأصح(354).
قال الحافظ العراقي:
ومبهم التعديل ليس يكتفي به الخطيب والفقيه الصيرفي.
القسم الثاني: مجهول العين: تعريفه:
هو الراوي الذي ذكر اسمه وعرفت ذاته لكنه مقل في الحديث فلا يكثر الأخذ عنه، فلم يرو عنه إلا راو واحد(355). وتسمية هذا النوع بمجهول العين مجرد اصطلاح وإلا فعينه معروفة.
حكم رواية مجهول العين:
اختلف العلماء في رواية مجهول العين من حيث قبولها أو ردُّها على أقوال أهمها:
1- أنه لا يقبل مطلقاً، واختاره أكثر العلماء من أهل الحديث وغيرهم(356).(1/86)
2- أنه يقبل مطلقاً، وهو قول من لم يشترط في الراوي غير الإسلام، وعزاه النووي للكثير من المحققين(357).
3- التفصيل: فإن كان الراوي المتفرّد بالرواية عنه لا يروي إلا عن عدل مثل: ابن مهدي ويحيى بن سعيد القطان ومالك وأمثالهم قُبل وإلا فلا.
4- تفصيل أيضاً: فإن كان مشهوراً في غير العلم كأن يكون مشهوراً بالزهد كمالك بن دينار أو النجدة فإنه يقبل وإلا فلا، واختاره ابن عبد البر(358).
5- تفصيل أيضاً: وهو إن زكّاه أحد أئمة الجرح والتعديل مع رواية واحد عنه قُبل وإلا فلا، وهو اختيار أبي الحسن ابن القطان وصححه ابن حجر(359)، ولعله أرجح الأقوال وأعدلها.
القسم الثالث: مجهول الحال: تعريفه:
هو من عرفت عينه برواية اثنين عنه ولم يوثق، فلا يعرف بعدالة ولا بضدها(360).
أنواعه:
مجهول الحال نوعان هما:
1- مجهول العدالة ظاهراً وباطناً.
2- مجهول العدالة باطناً لا ظاهراً، وهو المستور(361).
حكم رواية النوع الأول:
اختلف العلماء في رواية من عُرفت عينه وجُهِلت عدالته ظاهراً وباطناً على أقوال هي:
1- ذهب الجمهور إلى أن روايته لا تقبل؛ لأن تحقق العدالة شرط في قَبول رواية الراوي، وهذا النوع لم تتحقق فيه العدالة(362)، وعزاه ابن الموَّاق للمحققين(363).
2- يرى بعض العلماء قَبول روايته معلّلاً قوله: بأن معرفة عينه تغني عن معرفة عدالته(364).
3- ويرى آخرون التفصيل, فإن كان الراويان أو الرواة عنه فيهم من لا يروي إلا عن عدل قُبل وإلا فلا(365).
والراجح والله أعلم ما ذهب إليه الجمهور لقوة دليلهم.
حكم رواية النوع الثاني:
اختلف العلماء في رواية من عُرفت عينه وعُرفت عدالته الظاهرة وجُهلت عدالته الباطنة، وهو ما يعرف بالمستور عند بعضهم، على قولين:(1/87)
القول الأول: يرى جمهور العلماء أن روايته مردودة ما لم تثبت عدالته، مستدلين بأن الفسق يمنع القبول، وما لم تثبت العدالة فلا يظن عدم فسقه، لأنه أمر مغيّب عنا فكيف نقبله؟ وللأمر بالتثبت في قبول الأخبار في قوله تعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا )) (الحجرات : 6).
قال إمام الحرمين الجويني: الذي صار إليه المعتبرون من الأصوليين أنه لا تقبل روايته، وهو المقطوع به عندنا(366). وقال الرافعي: وأطلق بعض المصنّفين الاكتفاء بالعدالة الظاهرة وهو بعيد(367).
القول الثاني: يرى جماعة من العلماء أن رواية المستور مقبولة وبه يقول الحنفية وابن حبان(368). وعلّلوا ما ذهبوا إليه بما يلي:
1- لأن الناس في أحوالهم على الصلاح والعدالة حتى يتبين منهم ما يوجب الطعن، ولم يكلف الناس معرفة ما غاب عنهم، وإنما كلفوا بالظاهر من الأشياء غير المغيب عنهم(369).
2- لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعمل بالظاهر ويتبرّأ من علم الباطن(370)، وإلى ذلك الإشارة بقوله تعالى: (( لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ )) ( التوبة : 101 ). وفي الحديث: (( أفلا شققت عن قلبه ؟ )) (371). ولذا قال النووي: الأصح قبول رواية المستور (372).
الراجح والله أعلم قبول رواية المستور لقوة الأدلة على قوله: ويجاب عما استدل به أصحاب الرأي الأول بأن سبب التثبُّت هو الفسق، فإذا انتفى الفسق كما هنا انتفى وجوب التثبت(373).
الوجه التاسع من أوجه الطعن في الراوي: البدعة:
تعريفها:(1/88)
لغةً: البدعة في الأصل اختراع الشيء لا على مثال سابق، يقال: ابتدع فلان بدعة يعني: ابتدأ طريقة لم يسبقه إليها سابق سوء كانت هذه الطريقة مذمومة أو ممدوحة(374). وأكثر ما يستعمل في الابتداع عرفاً في الذم(375). والله سبحانه وتعالى بديع السموات والأرض، أي: هو الخالق المخترع لهما لا عن مثال سابق: فعيل بمعنى مُفعِل، يقال: أبدع فهو مبدع(376).
واصطلاحاً: كل ما أحدث في الدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم(377). وعرّفها الشاطبي بأنه طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها ما يقصد بالطريقة الشرعية(378).
والابتداع شامل لما تخترعه القلوب، وتنطق به الألسنة، وتفعله الجوارح، كما قرّره الطرطوشي(379).
تقسيم البدع:
قسّم بعض العلماء البدعة إلى قسمين:
1- بدعة حسنة . 2 - بدعة قبيحة.
قال ابن الأثير: البدعة بدعتان: بدعة هدى وبدعة ضلال. فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيّز الذم والإنكار، وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحضّ عليه ورسوله فهو في حيّز المدح(380).
فمن القسم الأول قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قيام رمضان: (( نعم البدعة هذه )) رواه البخاري(381). ويدل على القسم الثاني قول النبي صلى الله عليه وسلم: (( كل بدعة ضلالة )) رواه مسلم(382). وقسّمها العز بن عبد السلام إلى خمسة أقسام: واجبة ومحرّمة ومندوبة ومكروهة ومباحة.
ثم قال: والطريق في معرفة ذلك أن تعرض البدعة على قواعد الشريعة، فإن دخلت في قواعد الإيجاب فهي واجبة، وإن دخلت في قواعد التحريم فهي محرمة، وإن دخلت في قواعد المندوب فهي مندوبة، وإن دخلت في قواعد المباح فهي مباحة، ثم مثَّل لهذه الأقسام بأمثلة(383)(1/89)
لكن العلاّمة الشاطبي رحمه الله لم يرتضِ هذا التقسيم بل رده وقوّض دعائمه في كتابه (( الاعتصام )) حيث يقول: هذا التقسيم أمر مخترع لا يدل عليه دليل شرعي لا من نصوص الشرع ولا من قواعده، إذ لو كان هنالك ما يدل من الشرع على وجوب أو ندب أو إباحة لما كان ثَمَّ بدعة، ولو كان العمل داخلاً في عموم المأمور بها أو المخيّر فيها، فالجمع بين كون تلك الأشياء بدعاً وبين كون الأدلة تدل على وجوبها أو ندبها أو إباحتها جمع بين متنافيين(384). اهـ.
الإجابة عن قول عمر رضي الله عنه:
حمل شيخ الإسلام ابن تيمية البدعة في قول عمر رضي الله عنه في اقتضاء الصراط المستقيم على البدعة اللغوية لا الشرعية، حيث قال في معرض رده التقسيم المذكور: أكثر ما في هذا تسمية عمر تلك بدعة مع حسنها، وهذه تسمية لغوية لا شرعية، وذلك أن البدعة في اللغة تعمّ كل ما فعل ابتداء من غير مثال سابق، وأما البدعة الشرعية فما لم يدل عليه دليل شرعي(385) ..إلخ.
وأقول: حمل شيخ الإسلام رحمه الله البدعة في قول عمر رضي الله عنه إنما يتم لو لم يصل الرسول صلى الله عليه وسلم صلاة التراويح قبل عمر أو على الأقل لو لم يصلها جماعة لكان فعل عمر لها على غير مثال سابق، لكن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه فعلها على مثال سابق وهو فعل الرسول صلى الله عليه وسلم وتعليله الترك بخشية أن تفرض.
والأَوْلَى في نظري أن يحمل قول عمر رضي الله عنه على المشاكلة في التعبير، فكأن قائلاً قال لعمر رضي الله عنه: ابتدعت يا عمر؟! فقال عمر رضي الله عنه على سبيل التنزُّل والمشاكلة: نعمت البدعة، كما في قوله تعالى: (( وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا )) ( الشورى : 40 )
وقول الشاعر:
قالوا اقترح شيئاً نجد لك طبخه قلت: اطبخوا لي جبّة وقميصاً.(1/90)
فالسيئة الثانية ليست بسيئة في الحقيقة، فمعاقبة الجاني حسنة للأمر به لكنه سمي سيئة للمجانسة في التعبير والمشاكلة، وكذلك الجبة والقميص لا يمكن طبخهما، بل المتصور في حقهما الخياطة فسمّى الخياطة طبخاً للمشاكلة في التعبير. والله أعلم.
إذا عُلم هذا، فالمبتدع في اصطلاح المحدِّثين كما في فتح المغيث للسخاوي، وهو مأخوذ من تعريف الحافظ للبدعة: من اعتقد ما أحدث في الدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم بنوع شبهة لا بمعاندة(386).
وحكم رواية المبتدع سيأتي الحديث عنه حيث ذكره الحافظ رحمه الله.
الوجه العاشر من أوجه الطعن في الراوي: سوء الحفظ:
تعريفه:
الحفظ يطلق على الحراسة والاستظهار، يقال: حفظت الشيء حفظاً أي حرسته، وحفظته بمعنى استظهرته، وهو التعاهد وقلة الغفلة.
والتحفظ: قلة الغفلة في الكلام والتيقُّظ من السقطة، ورجل حافظ وقوم حفّاظ، وهم الذين رزقوا حفظ ما سمعوا وقلّما ينسون شيئاً يعونه(387).
ويطلق الحفظ على هيئة النفس التي بها يثبت ما يؤدي إليه الفهم، كما يطلق على ضبط الشيء في النفس ويضاده النسيان، ثم هو أيضاً يستعمل في كل تفقُّد وتعهُّد ورعاية(388). والمراد به هنا: ما يقابل النسيان وهو ضبط الشيء في النفس: وسوء الحفظ قلّته ورداءته.
وسيء الحفظ هو من لم يرجح جانب إصابته على جانب خطئه(389)، فلا يقال لمن وقع له الخطأ مرة أو مرتين: إنه سيء الحفظ؛ لأن الإنسان ليس بمعصوم من الخطأ(390).
أقسام سوء الحفظ :
ينقسم سوء الحفظ إلى قسمين:
1- لازم - غير منفك - : للراوي في جميع حالاته ومن غير أن يعرض له أي سبب.
2- طارئ على الراوي إما لكبر سنّه أو ذهاب بصره أو لاحتراق كتبه التي يعتمد عليها أو غير ذلك، وهذا القسم هو ما يسمى بالمختلط.
والاختلاط هو عدم انتظام القول(391). وسيأتي الكلام على حكم رواية سيّئ الحفظ بنوعيه اللازم والطارئ حيث يذكره الحافظ رحمه الله.
قال الحافظ رحمه الله:
(( فالأوَّلُ: المَوْضُوعُ )).(1/91)
يقصد الحافظ رحمه الله أن حديث أصحاب الوجه الأول من أوجه الطعن في الراوي وهو الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمى الموضوع، وهذا شروع منه رحمه الله في تفصيل ما أجمله من الأوجه العشرة.
تعريفه:
لغةً: يقال: وضع الشيء من يده يضعه وضعاً وموضعاً وموضوعاً حطّه. وفي حسبه ضعة: انحطاط ولؤم وخسّة، وقد وضع الدين: أسقطه(392 ). قال ابن دحية: الموضوع الملصق، يقال: وضع فلان على فلان عاراً إذا ألصقه به، والوضع أيضاً الحطّ والإسقاط(393).
واصطلاحاً: هو المختلق المصنوع(394) المفترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم(395). سُمّي بذلك لأن الأحاديث التي اختلقها الفسقة ساقطة ومنحّطة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ هي كلام غيره(396).
وقد استنكر العلماء على الخطابي(397). وابن الصلاح(398). قولهما: إنه شر الأحاديث الضعيفة؛ لأن الموضوع ليس من الحديث النبوي، وأفعل التفضيل إنما يضاف إلى بعضه.
وقد أجيب بأنهما لم يقصدا بالأحاديث الأحاديث النبوية بل مرادهما ما هو أعم من ذلك وهو ما يتحدث به، أو سمّي بذلك تجوُّزاً حسب دعوى من اختلقه.
أسباب الوضع:
الأسباب التي حملت بعض الناس على اختلاق الأحاديث وافترائها على رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جداً، لكن يمكن أن نجمل أهمها فيها يلي:
1- التقرُّب إلى الله تعالى بوضع الحديث ترغيباً للناس في الخيرات وترهيباً من فعل المنكرات، وهؤلاء قوم ينسبون إلى الزهد والصلاح، وهم شر أنواع الوضَّاعين لقبول الناس موضوعاتهم ثقةً بهم، ومن هؤلاء: أبو عصمة نوح بن أبي مريم.
2- قصد الواضع إفساد الدين على أهله وتشكيكهم فيه، وهذا إنما صدر عن الزنادقة، ومنهم: عبد الكريم بن أبي العوجاء، ومحمد بن سعيد المصلوب(399).(1/92)
3- الانتصار للمذاهب ولا سيما أصحاب الأهواء والبدع كالخطابية وبعض السالمية، فقد وضعوا أحاديث نصرة لمذاهبهم، أو ثلباً لمخالفهم، فقد روي عن رجل من أهل البدع رجع عن بدعته قوله: انظروا هذا الحديث ممن تأخذون فإنا كنا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً(400).
4- الرغبة في التكسُّب والارتزاق، كبعض القصاص الذين يتكسّبون بالتحدث إلى الناس، فيوردون بعض القصص المسلية والعجيبة، حتى يستمع الناس إليهم ويعطوهم، وقد اشتهر بذلك جماعة منهم: أبو سعيد المدائني.
5- قصد الواضع التزلف إلى الخلفاء والنفاق لهم لتتسع له مجالسهم، وتنفق سوقه عندهم، ومن هؤلاء: غياث بن إبراهيم النخعي(401).
6- قصد الواضع الشهرة ومحبة الظهور حيث جعل بعضهم لذي الإسناد الضعيف إسناداً صحيحاً مشهوراً، وجعل بعضهم للحديث إسناداً غير إسناده المشهور ليستغرب ويطلب سماعه منهم.
هذه أسباب دفعت أصحابها إلى تعمُّد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن هناك أسباب أوقعت أصحابها في الكذب من غير تعمُّد له، أهمها ما يلي:
1- غلبة الزهد والعبادة على بعض الناس حتى جعلتهم يغفلون عن الحفظ والتمييز، حتى صار الطابع لكثير من الزهاد الغَفْلَةِ.
2- ضياع الكتب أو احتراقها ممن يعتمد عليها، ثم بعد ذلك يحدّث من حفظه فيقع الغلط في كلامه، وذلك مثل: عبد الله بن لهيعة.
3- الاختلاط، فقد حصل لقوم ثقات أن اختلطت عقولهم في أواخر أعمارهم فخلطوا في الرواية وقلبوا المرويات، وذلك مثل: إسماعيل بن عياش وغيره(402).
ما يعرف به الحديث الموضوع :(1/93)
ذكر العلاّمة ابن القيّم رحمه الله في المنار المنيف: أن من تضلّع في معرفة السنن الصحيحة واختلطت بلحمه ودمه، وصار له فيها ملكة، وله اختصاص شديد بمعرفة السنن والآثار ومعرفة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه فيما يأمر به وينهى عنه ويخبر عنه ويدعو إليه ويحبه ويكرهه ويشرعه للأمة، بحيث يصير كأنه مخالط للرسول صلى الله عليه وسلم كواحد من أصحابه، فمثل هذا يعرف من أحوال الرسول صلى الله عليه وسلم وهديه وكلامه، ومما يجوز أن يخبر به، وما لا يجوز، ما لا يعرفه غيره، وهذا شأن كل متّبع مع متبوعه فإن للأخص به الحريص على تتبُّع أقواله وأفعاله من العلم بها والتمييز بين ما يصح أن ينسب إليه وما لا يصح ما ليس لمن لا يكون كذلك، وهذا شأن المقلدين مع أئمتهم يعرفون أقوالهم ونصوصهم ومذاهبهم(403). اهـ.
وقال السراج البلقيني: إن لأئمة الحديث ملكة يعرفون بها الموضوع. وشاهده أن إنساناً لو خدم إنساناً سنين وعرف ما يحب وما يكره، فجاء إنسان وادّعى أنه يكره شيئاً يعلم ذلك أنه يحبه، فبمجرد سماعه يبادر إلى تكذيب من قال: إنه يكرهه(404).
وعلى ضوء تلك المعرفة من قبل هؤلاء النقّاد مع خشيتهم من التباس الأمر على من يأتي بعدهم هبّوا لوضع علامات يعرف بها الموضوع ويميّز بها بين الصحيح وغيره منها:
1- إقرار واضعه(405), بأن يقر الواضع أنه وضع الحديث بعينه، كإقرار عمر بن صبح بأنه وضع خطبة نسبها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن قال ابن دقيق العيد: وهذا - يعين إقرار الواضع - كافٍ في تركه لكنه ليس بقاطع في كونه موضوعاً لجواز أن يكون كاذباً في هذا الإقرار(406).(1/94)
قال ابن حجر: وقد فهم منه _ أي كلام ابن دقيق العيد - بعضهم أنه لا يعمل بذلك الإقرار أصلاً وليس ذلك مراده وإنما نقى القطع بذلك، ولا يلزم من نفي القطع نفي الحكم لأن الحكم يقطع بالظن الغالب وهو هنا كذلك، ولولا ذلك لما ساغ قتل المقر بالقتل ولا رجم المعترف بالزنا لاحتمال أن يكونا كاذبين فيما اعترفا به(407)
2- ما يتنزَّل منزلة إقراره(408)، كأن يحدَّث بحديث عن شيخ ثم يُسأل عن مولده فيذكر تاريخاً يعلم وفاة ذلك الشيخ قبله ولا يوجد ذلك الحديث إلا عنده، فهذا لم يعترف بوضعه ولكن اعترافه بوقت مولده يتنزّل منزلة إقراره بالوضع(409).
3- ما يؤخذ من حال الراوي بحيث تقوم قرينة من حاله تدل على أن ذلك المروي موضوع.
ومن أمثلته: ما أخرجه الحاكم عن سيف بن عمر التميمي أنه قال: كنا عند سعد بن طريف فجاءه ابنه يبكي فقال: ما لك ؟ قال: ضربني المعلم، قال: لأخزينّهم اليوم. حدثني عكرمة عن ابن عباس مرفوعاً: (( معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة لليتيم وأغلظهم على المساكين ))(410).
4- ما يؤخذ من حال المروي، وله عدة وجوه منها:
أ - ركاكة معنى الحديث، سواء انضم إليها ركاكة لفظه أم لا، أما ركاكة اللفظ وحدها فلا تكفي دليلاً على الوضع عند جمهور المحدثين الذين جوّزوا الرواية بالمعنى.
ب- كون الحديث مناقضاً لما جاء به القرآن الكريم أو السنّة الصحيحة الصريحة مناقضة بينة، فكل حديث يشتمل على فساد أو ظلم أو مدح باطل أو ذمّ حق أو نحو ذلك فرسول الله صلى الله عليه وسلم منه بريء(411).
ج - مخالفة الحديث لصريح العقل، وفي هذا يقول ابن الجوزي: كل حديث رأيته يخالف المعقول أو يناقض الأصول فاعلم أنه موضوع فلا تتكلف اعتباره(412).
د- مخالفة الحديث للحس والمشاهدة وحائق التاريخ.(1/95)
هـ- كون المروي خبراً عن أمر جسيم تتوافر الدواعي على نقله، ثم لا يرويه إلا واحد فإن انفراد هذا الواحد برواية هذا الحديث مع جسامة موضوعه وعظيم شأنه دليل على أن هذا الواحد مختلق كذاب(413).
و- أن يكون المروي قد تضمّن الإفراط بالوعيد الشديد على الأمر الهيّن اليسير، ومثاله: (( من أكل الثوم ليلة الجمعة فليهوِ في النار سبعين خريفاً )). أو يتضمن الإفراط بالوعد العظيم على الفعل القليل، ومثاله: (( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة أعطي ثواب سبعين نبياً ))(414).
ز- عدم وجود الحديث في بطون الأسفار بعد تدوين السنن إذا فتشت ولم يظفر فيه، فإنه يعلم كذبه لعلمنا أن الأخبار قد دوّنت، نقله ابن الصلاح عن البيهقي( 415)، ونقله الصنعاني عن الفخر الرازي(416).
وغير ذلك من العلامات التي نصبَها الأئمة دلائل على وضع الحديث، وليس معنى ذلك أن هذه العلامات يسيرة معلومة لكل إنسان، وإنما ذلك لجهابذة الحديث فقط، فهم الذين لديهم الأدوات الصحيحة التي يميّزون بها صحيح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره تمييزاً دقيقاً.
جواز رواية الحديث الموضوع:
اتفق العلماء على تحريم رواية الأحاديث الموضوعة مع العلم بوضعها سواء أكانت في الأحكام أم في القصص والترغيب والترهيب ونحوها إلا مبيّناً وضعها، فمن بيّن فهو مثاب على صنيعه، لأنه ينفي الزغل عن سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما من يرويه من غير أن يبيّن حاله فهو آثم شديد الإثم لحديث: (( من حدَّث عني حديثاً يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ))، رواه مسلم في مقدمة الصحيح(417).
وبهذا نعلم خطأ من أورد الموضوعات من المفسرين كالنقاش والثعلبي والواحدي والزمخشري والبيضاوي، وإسماعيل حقي وغيرهم، وكذلك من أوردها من الفقهاء والمؤرخين والأدباء وغيرهم.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَالثَّانِي: المَتْرُوكُ )).
تعريفه:(1/96)
لغةً: اسم مفعول من الترك، يقال: تركه يتركه تركاً وتركاناً، واتّركه كافتعله، والتريكة كسفينة البيضة بعد أن يخرج منها الفرخ، والتريك العنقود إذا أكل ما عليه فهي فعيل بمعنى مفعول. فكل هذه متروكة لأنها لا فائدة فيها، فالمتروك ما لا فائدة فيه(418).
واصطلاحاً: هو الحديث الذي في إسناده راوٍ متهم بالكذب،
وهو نوع مستقل ذكره الحافظ(419). ولم يذكره قبله ابن الصلاح ولا النووي(420).
مثاله: ما رواه ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس قدر ما إذا فرغ من رميه صلى الظهر ))(421). فهذا الحديث متروك لأنه من رواية إبراهيم بن عثمان العبسي، وهو متروك الحديث كما في التقريب وغيره.
رتبته:
تقدم أن شرَّ الأحاديث الضعيفة الموضوع ويليه المتروك، ثم المنكر، ثم المعلّ، ثم المدرج، ثم المقلوب، ثم المضطرب. كذا رتَّبها الحافظ ابن حجر على سبيل التنزُّل من الأعلى في الشدة إلى الأدنى فيها(422)، لذا يرى العلماء أن المتروك لا يصلح للاعتبار.
ودليل ذلك أن الترمذي لم يعتبر رواية الحسن بن دينار عن ابن سيرين لأن الحسن متروك الحديث، ولذلك قال - أي الترمذي - بعد رواية حديث: (( أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وأبغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما ))(423)، قال: هذا حديث غريب لا نعرفه بإسناد إلا من هذا الوجه. وقد أوضح السيوطي عبارة الترمذي هذه بقوله: أي من وجه يثبت، وإلا فقد رواه الحسن بن دينار عن ابن سيرين، والحسن متروك لا يصلح للمتابعات(424).
قال الحافظ رحمه الله:
(( والثَّالِثُ المُنْكَرُ عَلَى رَأْيٍ. وكَذَا الرَّابِعُ وَالخَامِسُ ))(1/97)
يعني: أن الوجه الثالث من أوجه الطعن في الراوي، وهو فحش الغلط حديثه يسمى المنكر على رأي من لا يشترط قيد المخالفة. وكذا الوجهان الرابع والخامس وهما كثرة الغفلة والفسق فإن الحديث يسمّى المنكر. وتقدم الكلام على المنكر(425).
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ الوَهَمُ إِنْ اطُّلع عَلَيهِ ِبالقَرَائِنِ وَجَمْعِ الطُّرُقِ: فَالْمُعَلَّلُ )).
يعني: أنه إذا قامت القرائن على وهم الراوي من وصل مرسل أو منقطع أو إدخال حديث في حديث أو نحو ذلك من القوادح فإن حديثه يسمى المعلل :
المعلّل:
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول من علل ولا يوجد في كتب اللغة علله إلا بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به من تعليل الصبي بالطعام. وأما معلول فهو موجود في كلام كثير من اللغويين(426) والمحدثين(427) ولم يرتضها كثير من أهل العلم.
قال ابن الصلاح: إنه مرذول (428)، وقال النووي: لحن(429)، وقال الحريري: لا وجه لهذا الكلام البتة(430)، وقال ابن سيده: لست منها على ثقة ولا تَلَج(431). وإن كان يمكن تخريجه على ما نقله سيبويه في كتابه عن العرب من قولهم: مجنون ومسلول(432).
والأَوْلى في تسميته أن يقال: مُعلّ. ورجّحه الحافظ العراقي(433)، وهو اسم مفعول من علّ يعلّ واعتلّ، وأعلّه الله فهو معلّ(434). بلام واحدة، وهو الأكثر عند اللغويين والمحدثين لأنهم يقولون: أعلّه فلان بكذا(435).
واصطلاحاً: هو الحديث الذي اطّلع فيه على علة تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها(436). والعلة عبارة عن أسباب خفية غامضة تقدح في الحديث(437).(1/98)
وعِلَل الحديث من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقّها وأشرفها، حتى قال ابن مهدي: لأن أعرف علة حديث واحد أحبّ إلىّ من أن أكتب عشرين حديثاً ليست عندي(438). ولا يقوم لهذا النوع إلا من رزقه الله تعالى فهماً ثاقباً وحفظاً واسعاً ومعرفةً تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتون، ولهذا لم يتكلم فيه إلا القليل من أهل هذا الشأن: كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري ويعقوب بن شيبة وأبي حاتم وأبي زرعة والدارقطني ونحوهم(439).
أجناس العلل:
للعلل أجناس كثيرة ذكر الحاكم(440) في معرفة علوم الحديث عشرة منها على سبيل التمثيل لا الحصر؛ إذ لا يمكن حصرها لدقة هذا النوع من أنواع علوم الحديث وخفائه، بل مجرد ما يشتمل الحديث على سبب يخرجه من حال الصحة إلى حال الضعف فإنهم يسمونه معلاّ. ولذلك نجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب والغفلة وسوء الحفظ والجهالة وغيرها. وقد أطلق بعضهم اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف نحو إرسال من أرسل الحديث الذي أسنده الثقة الضابط.
قال أبو يعلى الخليلي: من أقسام الصحيح ما هو صحيح معلول(441 ). وسمّى الترمذي النسخ علة من علل الحديث(442).
أقسام المعلّ:
ينقسم المعلّ بحسب موقع العلة إلى ثلاثة أقسام:
الأول: المعلّ في السند:
ومثاله: ما روى ابن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم: (( من جلس مجلساً فكَثُر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك ))(443)
فهذا الحديث ظاهره الصحة حتى اغترّ به غير واحد من الحفّاظ كالترمذي وغيره فصحّحوه، لكن فيه علة خفية قادحة، والصواب فيه: ما رواه وهيب بن خالد الباهلي عن سهيل عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود.(1/99)
وسبب تصويب هذه الرواية قول البخاري: لا أعلم لموسى سماعاً من سهيل يعني: أنه إذا لم يكن معروفاً بالأخذ عنه، وجاءت عنه رواية راويها من أكثر ملازمة لموسى بن عقبة منه رجحت رواية الملازم، فبهذا يوجَّه تعليل البخاري(444). وأما من صححه فإنه لا يرى هذا الاختلاف علة قادحة بل يجوز أنه عند موسى بن عقبة على الوجهين(445).
الثاني: المعلّ في المتن:
ومثاله: ما روى معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه ))(446).
ولما كان ظاهر هذا الإسناد في غاية الصحة صحّح الحديث جماعة وقالوا: هو على شرط الشيخين. ولكن أئمة الحديث طعنوا فيه ولم يروه صحيحاً، بل رأوه خطأ محضاً(447).
قال الترمذي(448): هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، والصحيح حديث الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن فأرة سقطت في سمن فقال: (( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم ))، رواه البخاري(449). وعندي أن سبب تعليل متنه أن الفأرة لا تموت في السمن الجامد بخلاف المائع الذي تموت فيه بسبب الغرق.
الثالث: المعلّ في السند والمتن معاً:
ومثاله: حديث بقية عن يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه قال: (( من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها فقد أدرك ))(450). قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن هذا الحديث فقال: هذا خطأ في المتن والإسناد، إنما هو الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها ))، متفق عليه(451).
وأما قوله: (( من صلاة الجمعة )) فليس هذا في الحديث، فوهم في كليهما(452).(1/100)
ونقل ابن الجوزي عن ابن حبان أن هذا الحديث خطأ إنما الخبر: (( من أدرك من الصلاة ركعة ))، وذكر الجمعة أربعة أنفس عن الزهري عن أبي سلمة كلهم ضعفاء(453).
ما تُعرف به علة الحديث:
تُعرف العلة في الحديث بأمور منها:
1- الإلهام من الله سبحانه وتعالى الناشئ عن الإخلاص لله تعالى وممارسة هذا العلم بحفظ متونه والنظر في رجاله، فبه يستطيع المحدث التمييز بين صحيح الحديث من عليله، وقد لا يستطيع المحدث التعبير عن إقامة الحجة على دعواه. قال عبد الرحمن بن مهدي: معرفة علل الحديث إلهام، فلو قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم يكن له حجة(454). وكم من شخص لا يهتدي لذلك.
2- كثرة الممارسة للحديث ومعرفة رجاله وأحاديث كل واحد منهم يتوصّل به إلى معرفة أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعلّوه الأحاديث بذلك(455).
3- جمع طرق الحديث والنظر في اختلاف رواته والاعتبار بمكانتهم من الحفظ ومنزلتهم في الإتقان والضبط. قال علي بن المديني: الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه(456).
4- النص على علة الحديث أو القدح فيه أنه معلّ من قِبَل إمام من أئمة الحديث المعروفين بالغوص في هذا الشأن، فإنهم الأطباء الخبيرون بهذه الأمور الدقيقة.
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ المُخَالَفَةُ: إنْ كَانَتْ بِتَغْيِيرِ السِّيَاقِ: فَمُدْرَجُ الإسْنَادِ. أوْ بِدَمْجِ مَوقُوفٍ بِمَرْفُوعٍ: فَمُدْرَجُ المَتْنِ )).
يقصد الحافظ رحمه الله أن مخالفة الراوي لغيره من الرواة الثقات وهي الوجه السابع من أوجه الطعن في الراوي إن كانت بتغيير سياق الإسناد فالواقع فيه ذلك التغيير مدرج الإسناد، وإن كانت المخالفة بدمج موقوف من كلام صحابي أو من دونه بمرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فهذا ما يسمى بمدرج المتن.
المُدرج:
تعريفه:(1/101)
لغةً: اسم مفعول من الإدراج، يقال: أدرجت الشيء في الشيء إذا أدخلته فيه وضمنته إياه. ويقال: أدرجت الكتاب في الكتاب إذا جعلته في درجه أي طيّه(457). وأُدرج فلان في أكفانه إذا أدخل فيها(458).
واصطلاحاً: هو ما غُيّر سياق إسناده أو أدخل في متنه كلاماً ليس منه(459).
أقسام المُدرج:
من خلال التعريف الاصطلاحي للمدرج يتضح أنه قسمان:
1- مدرج الإسناد . 2- مدرج المتن.
أولاً: مدرج الإسناد:
تعريفه:
ما غُيّر سياق إسناده.( 460) سمّي بذلك لأن المغير له أدخل الخلل في إسناد الحديث(461).
صُوَره:
لمدرج الإسناد أربع صور ذكرها الحافظ في الشرح(462). هي:
الصورة الأولى: أن يروي جماعةٌ الحديثَ بأسانيد مختلفة، فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف.
ومثالها: ما روى أبو داود عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( فإذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم .. ))(463) الحديث. فهذا الحديث قد أدرج فيه إسناد آخر.
وبيان ذلك: أن عاصم بن ضمرة رواه موقوفاً على علي، والحارث الأعور رواه مرفوعاً، فجاء جرير بن حازم وجعله مرفوعاً من روايتهما، مع أن أبا داود ذكر أن شعبة وسفيان وغيرهما رووا هذا الحديث عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه، فعلمنا أن جريراً قد أدرج رواية عاصم مع رواية الحديث فجعل الحديث مرفوعاً(464).
الصورة الثانية: أن يكون المتن عند راوٍ بإسناد واحد إلا طرفاً منه، فإنه عنده بإسناد آخر، فيرويه راوٍ عنه تاماً بالإسناد الأول ويحذف الإسناد الثاني(465).
ومثالها: ما روى أبو داود عن زائدة بن قدامة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي آخره: أنه جاء بعد ذلك في زمان فيه برد شديد فرأى الناس عليهم جلّ الثياب تحرك أيديهم تحت الثياب(466).(1/102)
والصواب: رواية من روى عن عاصم بن كليب بهذا الإسناد صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وفصَل ذكر رفع الأيدي عنه، فرواه عن عاصم عن عبد الجبار بن وائل عن بعض أهله عن وائل بن حجر(467). ويلتحق بهذه الصورة ما إذا سمع الراوي من شيخه حديثاً بلا واسطة إلا طرفاً منه فيسمعه عن شيخه بواسطة فيرويه عند راوٍ تاماً بحذف الواسطة مع أنه لم يسمع الطرف إلا بواسطة(468).
الصورة الثالثة: أن يكون عند الراوي حديثان مختلفان بإسنادين مختلفين فيرويهما عنه راوٍ مقتصراً على أحد الإسنادين، أو يروي أحد الحديثين بإسناده الخاص به، لكن يزيد فيه من المتن الآخر ما ليس في الأول(469).
ومثالها: ما روى سعيد بن أبي مريم عن مالك عن الزهري عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا ... )) الحديث، متفق عليه(470).
الصورة الرابعة: أن يسوق الراوي الإسناد فيعرض له عارض فيقول كلاماً من قبل نفسه فيظن من سمعه أن ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد فيرويه عنه كذلك(471).
ومثالها: ما وقع لثابت بن موسى الزاهد أنه دخل على شريك القاضي وهو يقول: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخل ثابت عليه فلما نظر إلى ثابت قال: (( من كَثُرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار ))(472). يريد به ثابتاً فظنّ ثابت أن ذلك سند الحديث فكان يحدث به بهذا الإسناد(473).
ثانياً: مدرج المتن:
تعريفه:
هو أن يُدخَلَ في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم شيءٌ من كلام بعض الرواة من غير فصل(474).(1/103)
و حاصله أن يذكر الراوي صحابياً أو غيره كلاماً لنفسه أو لغيره، فيرويه من بعده متصلاً بالحديث من غير فصل يميّزه عن الحديث، فيتوهم من لا يعرف حقيقة الحال أنه من الحديث. والفرق بينه وبين الصورة الرابعة من مدرج الإسناد أن مدرج الإسناد يكون بتمامه مما يظن أنه حديث مستقل، وأما مدرج المتن فيظن أنه جزء من الحديث(475).
أقسامه:
مدرج المتن ثلاثة أقسام:
1- مدرج في أول المتن:
ومثاله: حديث (( أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار ))(476) فقوله: (( أسبغوا )) من قول أبي هريرة رضي الله عنه، يدل على الإدراج ما رواه البخاري عن أبي هريرة أنه قال: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: (( ويل للأعقاب من النار ))(477).
هذا القسم نادر جداً حتى إنه يعز أن يوجد له مثال ثان(478).
2- مدرج في أثناء المتن:
ومثاله: ما رواه الدارقطني عن بسرة بنت صفوان قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( من مسّ ذكره أو أنثييه أو رفغيه(479) فليتوضأ ))، فقوله: (( أو أنثييه أو رفغيه )) مدرج من قول عروة غير مرفوع(480)، وهو في السنن الأربعة بدونها(481).
ومن أمثلة المدرج في أثناء المتن تفسير التحنث بالتعبُّد في حديث بدء الوحي(482).
3- مدرج في آخر المتن وهو الأكثر:
ومثاله: حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( إن أمتي يدعون يوم القيامة غرّاً محجّلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل ))(483). فقوله: (( فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل )) مدرج من كلام أبي هريرة رضي الله عنه(484).
قال الحافظ ابن حجر: لم أرَ هذه الجملة في رواية أحد ممن يروي هذا الحديث من الصحابة وهم عشرة ولا ممن عن أبي هريرة غير رواية نعيم هذه(485)، كذا قال. وهو مسند الإمام أحمد رحمه الله وفيه: هذه الزيادة من رواية ليث عن كعب عن أبي هريرة(486).
منشأ الإدراج:(1/104)
ينشأ الإدراج في المتن عن عدة أسباب منها:
1- أن يقصد الراوي تفسير كلمة غريبة كتفسير التحنُّث بالتعبّد(487).
2- أن يقصد الراوي بيان تمام عمل. ومثاله: حديث ابن مسعود في التشهّد(488)، وفي آخره: فإذا قلت ذلك فقد قضيت صلاتك إن شئت أن تقوم فقم وإن شئت أن تقعد فاقعد(489). فقوله: فإذا قلت .. إلخ مدرج من كلام ابن مسعود لا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم(490).
ما يعرف به الإدراج:
يعرف الإدراج بأمور منها:
1- النص عليه من الراوي أو من بعض الأئمة.
2- ورود اللفظ المدرج منفصلاً في رواية أخرى.
3- استحالة صدوره من النبي صلى الله عليه وسلم, كقول أبي هريرة في حديث: (( للعبد المملوك الصالح أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله وبرّ أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك))(491)
ووجه استحالته: أن أمه عليه الصلاة والسلام قد ماتت وهو صغير(492)
حكم الإدراج:
لا يخلو الإدراج إما أن يكون عن خطأ أو عن عمد، فإن كان عن خطأ فلا حرج على المخطئ، إلا أن كثرة خطئه تقدح في ضبطه وإتقانه، وإن كان عن عمد فإنه يكون حينئذ حراماً لما يتضمن من التلبيس والتدليس ومن عزو القول إلى غير قائله، إلا أن يكون الإدراج لتفسير شيء في الحديث ففيه بعض التسامح والأَوْلى أن ينص الراوي على بيانه(493).
قال الحافظ رحمه الله:
(( أَوْ بِتَقْدِيمٍ أَوْ تَأْخِيرٍ: فَالْمَقْلُوبُ )).
يقصد الحافظ رحمه الله أن مخالفة الراوي لغيره من الرواة إن كانت بتقديم أو بتأخير في أسماء رجال الإسناد أو في متن الحديث، فهذا النوع يسمى المقلوب.
المقلوب:
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول من القلب، تقول: قلبته قلْباً من باب ضرب حوّلته عن وجهه، وكلام مقلوب مصروف عن وجهه، وقلَّبت بالتشديد مبالغة وتكثير، وفي التنزيل : (( وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ )) (( التوبة : 48 )). فالمقلوب: المصروف عن وجهه(494).(1/105)
واصطلاحاً: هو الحديث الذي تُصرّف في سنده أو متنه بتقديم أو تأخير ونحوه(495). عمداً أو سهواً(496).
أنواع القلب:
القلب في الحديث على ثلاثة أنواع:
1- قلب في الإسناد: وله صورتان:
الأولى: أن يكون الحديث مشهوراً براوٍ فيجعل مكان آخر في طبقته نحو حديث مشهور عن سالم فيجعله الراوي عن نافع.
الثانية: أن يكون القلب بالتقديم والتأخير في رجال الإسناد، كان يقول: كعب بن مرة، بدل: مرة بن كعب.
2- القلب في المتن:
ومثاله: ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة في حديث السبعة: (( الذين يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظله.. )) و (( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله ... )) الحديث(497). كذا وقع في صحيح مسلم. والصحيح المعروف: (( حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه )) كما في البخاري وغيره(498). على أنه يمكن تخريج رواية مسلم صيانة للصحيح، على أن الوارد في هذه الرواية يمدح بكثرة الإنفاق مع إخفائه، فلكثرة إنفاقه يحتاج إلى أن ينفق أحياناً بشماله كما في الحديث الصحيح المخرج في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي ذر قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرة المدينة فاستقبلنا أُحُد فقال: (( يا أبا ذر )) قلت: لبيك يا رسول الله، قال: (( ما يسرني أن عندي مثل أحد ذهبا تمضي عليَّ ثالثة وعندي منه دينار إلا شيئاً أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله: هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه )), ثم مشى فقال: (( إن الأكثرين هم الأقلّون يوم القيامة إلا من قال: هكذا وهكذا وهكذا عن يمينه وعن شماله ومن خلفه وقليل ما هم ... ))(499).
وقد يكون عن يمين المنفق من يحتاج إلى إخفاء الصدقة عنه فيحتاج إلى أن يدفع الصدقة بشماله لا سيما إذا كان السائل في جهة الشِمال؛ لأن المقام مقام مدح إخفاء الصدقة.
3- القلب في السند والمتن معاً:(1/106)
وهو أن يؤخذ إسناد متن فيجعل على متن آخر وبالعكس. وهذا النوع قد يقصد به الإغراب فيكون كالوضع وقد يفعل اختباراً لحفظ المحدث كما وقع للإمام البخاري لما ورد بغداد فيما رواه ابن عدي وغيره. فعمد أصحاب الحديث إلى مائة حديث فقلّبوا متونها وأسانيدها ودفعوها إلى عشرة لكل واحد منهم عشرة أحاديث .. إلخ القصة. وفي آخرها: فرد كل متن إلى إسناده وكل إسناد إلى متنه فأقرّ له الناس بالحفظ وأذعنوا له بالفضل(500).
حكم القلب:
لا يخلو القلب إما أن يكون عن قصد أو عن غفلة وغير قصد، فإن كان عن قصد فلا يخلو، إما أن يكون للإغراب فلا شك في أنه لا يجوز، وإما أن يكون للاختبار فقد فعله كثير من المحدثين مما يدل على جوازه شريطة أن لا يستمر عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة، وإن كان القلب من غير قصد فلا شك أن فاعله معذور لأنه لا يقصد إليه، إلا أنه إذا كثر يجعل المحدث ضعيفاً لضعف حفظه وضبطه(501)
قال الحافظ رحمه الله :
(( أَوْ بِزِيَادَةِ رَاوٍ: فَالْمَزِيدُ في مُتَّصِلِ الأَسَانِيدِ ))
يقصد الحافظ رحمه الله أن مخالفة الراوي لغيره من الرواة إن كانت بزيادة راوٍ في أثناء الإسناد ومن لم يزدها أتقن ممن زادها، فهذا النوع يسمى المزيد في متصل الأسانيد.
المزيد في متصل الأسانيد:
تعريفه:
عرّفه الحافظ ابن كثير رحمه الله بقوله: هو أن يزيد راوٍ في الإسناد رجلاً لم يذكره غيره(502). وفي شرح القاري على النزهة: هو أن يزيد الراوي في إسناد حديث رجلاً أو أكثر وهماً منه وغلطاً(503).
وشرطه كما قال الحافظ في النزهة: أن يقع التصريح بالسماع في موضوع الزيادة، وإلا فمتى كان معنعناً ترجحت الزيادة(504).اهـ .
ومثاله: حديث أبي مرثد الغنوي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها ))، رواه مسلم(505).(1/107)
قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن حديث رواه ابن المبارك عن ابن جابر عن بسر بن عبيد الله عن أبي إدريس عن واثلة عن أبي مرثد فقال: يرون أن ابن المبارك وهم في هذا الحديث، أدخل أبا إدريس الخولاني بين بسر بن عبيد الله وبين واثلة(506). وقال الترمذي: الصحيح أنه ليس فيه عن أبي إدريس(507).اهـ.
وقد صرح بسر بالسماع من واثلة كما في رواية أبي داود. وأيضاً في إسناده زيادة أخرى وهي: ذكر سفيان بين ابن المبارك وابن جابر وهي وهم ممن دون ابن المبارك لأن جماعة ثقات رووه عن ابن المبارك عن ابن جابر نفسه، ومنهم من صرّح فيه بلفظ الإخبار بينهما(508).
قال الحافظ رحمه الله:
(( أَوْ بِإِبْدَالِهِ وَلاَ مُرَجِّحَ: فَالْمُضْطرِبْ )).
يقصد الحافظ رحمه الله أن المخالفة إن كانت من الراوي بإبداله الشيخ المروي عنه أو بعضاً من المروي، فالحديث حينئذ يسمى المضطرب، فعلى هذا يكون شاملاً لمضطرب السند ومضطرب المتن.
المضطرب:
تعريفه:
لغةً: اسم فاعل من الاضطراب وهو اختلال الأمر وفساد نظامه، يقال: اضطرب الأمر: اختلّ واضطرب البرق في السحاب، تحرك، واضطرب الحبل بين القوم إذا اختلفت كلمتهم(509).
واصطلاحاً: هو الحديث الذي يُروي على أوجه مختلفة متساوية(510).
قال ابن الصلاح: المضطرب من الحديث هو الذي تختلف الرواية فيه، فيرويه بعضهم على وجه وبعضهم على وجه آخر مخالف له، وإنما نسميه مضطرباً إذا تساوت الروايتان، أما إذا ترجحت إحداهما بحيث لا تقاومها الأخرى بأن يكون راويها أحفظ أو أكثر صحبة للمروي عنه أو غير ذلك من وجوه الترجيحات المعتمدة، فالحكم للراجحة ولا يطلق عليه حينئذ وصف المضطرب ولا له حكمه(511).
أقسام الاضطراب:
ينقسم الاضطراب بحسب موقعه في الحديث إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الاضطراب في السند وهو الأكثر:
ومثاله: حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أراك شبت؟ قال: (( شيَّبتني هود وأخواتها ))(512).(1/108)
قال الدارقطني: هذا حديث مضطرب فإنه لم يرو إلا من طريق أبي إسحاق، وقد اختلف عليه فيه على نحو عشرة أوجه: فمنهم من رواه مرسلاً، ومنهم من رواه موصولاً، ومنهم من جعله من مسند أبي بكر، ومنهم من جعله من مسند سعد، ومنهم من جعله من مسند عائشة، ورواته ثقات لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض والجمع متعذر(513)
ومثَّل ابن الصلاح لمضطرب السند بحديث الخط في السترة(514)، لكن الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام نفى الاضطراب عن الحديث فقال: ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل هو حديث حسن(515).
الثاني: الاضطراب في المتن وهو نادر:
ومثاله: حديث البسملة الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك قال: صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ (( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )) ( الفاتحة : 2) ولا يذكرون (( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ )) في أول قراءة ولا في آخرها(516).
قال ابن عبد البر: هذا الحديث مضطرب(517).
وبيان ذلك: أن البخاري ومسلماً قد اتفقا على إخراج رواية أخرى في الموضوع نفسه لم يتعرض فيها الراوي لذكر البسملة بنفي أو إثبات بل اكتفى بقوله: (( فكانوا يستفتحون القراءة بـ (( الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ))(518).
وهناك رواية: ثالثة عن أنس تفيد أنه سئل عن الافتتاح بالتسمية، فأجاب: أنه لا يحفظ في ذلك شيئاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم(519). على أن الحافظ ابن حجر يرى أن الحديث ليس فيه اضطراب لأنه يمكن الجمع بين الروايات المختلفة بحمل نفي القراءة على نفي السماع ونفي السماع على نفي الجهر(520).
والحديث المذكور ذكره الحافظ العراقي مثلاً لعلة المتن فقال:
وعلة المتن كنفي البسملة إذ ظن راو نفيها فنقله.
الثالث: الاضطراب في السند والمتن معاً:(1/109)
ومثاله: حديث عبد الله بن عكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر: (( أن لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )) رواه الخمسة(521) .
قال الترمذي: ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده، حيث رواه بعضهم فقال: عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له من جهينة(522).
وقال الحافظ ابن حجر: الاضطراب في سنده فإنه تارة قال: عن كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: وتارة: عن مشيخة من جهينة، وتارة: عن من قرأ الكتاب. والاضطراب في المتن فرواه الأكثر من غير تقييد، ومنهم من رواه بقيد شهر أو شهرين أو أربعين يوماً أو ثلاثة أيام(523).
حكم الاضطراب:
الاضطراب حيث وقع في سند حديث أو متنه موجب للضعف لإشعاره بعدم ضبط راويه(524)، ذلك أنه لما كان يروي الحديث تارة على وجه وأخرى على وجه آخر فإن ذلك معناه أنه لم يستقر الحديث في حفظه، وكذا إذا وقع التعارض بين الرواة المتعددين ولا يعلم أيهم ضبط الحديث فيحكم بضعفه من أجل ذلك.
لكن هناك اضطراب لا يضر ولا يقدح في صحة الحديث، وذلك بأن يقع الاختلاف في اسم راوٍ أو اسم أبيه أو نسبته ونحو ذلك مع كون ذلك الراوي ثقة فيحكم للحديث حينئذ بالصحة ولا يضر الاختلاف فيما ذكر مع تسميته مضطرباً. وفي الصحيحين أحاديث بهذه المثابة(525).
وأما حكم الاحتجاج بالحديث الضعيف إجمالاً فينظر فيه كتابنا (( الحديث الضعيف وحكم الاحتجاج به ))(526).
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَقَدْ يَقَعُ الإِبْدَالُ عَمْداً امْتِحَاناً )).
يقصد الحافظ رحمه الله أن الراوي قد يبدل راوٍ بآخر عمداً لمن يراد اختبار حفظه امتحاناً من فاعله كما وقع للبخاري والعقيلي وغيرهما كالدارقطني، وشرطه أن لا يستمر عليه بل ينتهي بانتهاء الحاجة إليه، وسبقت الإشارة إليه في المقلوب(527). قال القاري في شرح النزهة: والأظهر عندي أن مناسبته بالقلب أقوى فإنه يفيد العكس بخلاف الإبدال كما يظهر وجهه في المثال(528).(1/110)
قال الحافظ: فلو وقع الإبدال عمداً لا لمصلحة بل للإغراق مثلاً فهو من أقسام الموضوع، ولو وقع غلطاً فهو من المقلوب أو المعلل(529).
قال الحافظ رحمه الله:
(( أَوْ بِتَغْيِيرِ حُرُوفٍ مَعَ بَقَاءِ السِّيَاقِ: فَالمُصَحَّفُ وَالمُحَرَّفُ )).
يقصد الحافظ رحمه الله أنه إن كانت مخالفة الراوي لغيره من الرواة بتغيير حرف أو حروف مع بقاء صورة الخط في السياق: فإن كان ذلك بالنسبة إلى النقط فالمصحّف، وإن كان ذلك بالنسبة إلى الشكل فالمحرّف.
المصحَّف:
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول من التصحيف، وهو في الأصل تغيير اللفظ حتى يتغير المعنى المراد من الموضع، وأصله الخطأ(530).
قال المطرزي: التصحيف أن يقرأ الشيء على خلاف ما أراده كتابه أو على خلاف ما اصطلحوا عليه(531).
والمصحَّف والصحفي هو الذي يروي الخطأ على قراءة الصحف(532).
واصطلاحاً: هو ما وقعت المخالفة فيه بتغيير النقط في الكلمة مع بقاء صورة الخط فيها، وبهذا الحد. قال الحافظ ابن حجر(533)
وعرّفه السخاوي بأنه تحويل الكلمة من الهيئة المتعارفة إلى غيرها(534)
وبين هذين التعريفين عموم وخصوص, فمجرد التغيير بأي صفة كان يسمى تصحيفاً عند السخاوي، ولا شك أن المعنى اللغوي يعضد هذا، والحافظ ابن حجر يخصّه بالتغيير بالنقط فقط، وهو اصطلاح ولا مشاحة في الاصطلاح.
أقسام التصحيف:
* ينقسم التصحيف باعتبار موقعه إلى قسمين:
* الأول: تصحيف في السن:
* ومثاله: العوام بن مراجم صحّفه ابن معين فقال: ابن مزاحم(535).
* الثاني: تصحيف في المتن.
* ومثاله: حديث: (( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال ))(536).
* صحّفه الصُّولي فقال: شيئاً بالمعجمة بدل ستاً(537).
* كما أنه ينقسم باعتبار اللفظ والمعنى إلى قسمين:
الأول: تصحيف لفظي: وأمثلته كثيرة منها المثالان السابقان.(1/111)
الثاني: تصحيف معنوي: ومثاله: قول أبي موسى العنزي : نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم(538)، يريد بذلك حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى إلى عنزة(539)، فتوهم أنه صلّى إلى قبيلتهم. والمراد بالعنزة هنا عصا عليه زج(540).
وينقسم التصحيف باعتبار منشئه إلى قسمين:
الأول: تصحيف بصر وهو الأكثر, وهو أن يشتبه الخط على بصر القارئ إما لرداءة أو لضعف البصر.
الثاني: تصحيف سمع, ومنشؤه رداءة السمع أو بُعد السامع أو نحو ذلك, فتشتبه عليه بعض الكلمات لكونها على وزن صرفي واحد. ومن ذلك: تصحيف بعضهم اسم عاصم الأحوال فقال: واصل الأحدب, فقد ذكر الدار قطني أنه من تصحيف السمع لا من تصحيف البصر, كأنه ذهب والله أعلم إلى أن ذلك مما لا يشتبه من حيث الكتابة وإنما أخطأ فيه سمع من رواه(138).
المحرَّف:
تعريفه:
لغةً: اسم مفعول من التحريف، وهو تغيير الكلمة عن معناها، وهي قريبة الشبه كما كانت اليهود تغيِّر معاني التوراة بالأشباه فوصفهم الله بفعلهم، قال تعالى: (( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ )) ( المائدة: 13 ). ويقال: تحرَّف وانحرف واحرورف عن الشيء إذا مال. قال تعالى: (( إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ )) ( الأنفال : 16 ).
واصطلاحاً: هو ما وقعت المخالفة فيه بتغيير الشكل في الكلمة مع بقاء صورة الخط فيها(541). وإفراده عن المصحَّف اصطلاح لبعض العلماء كالحافظ ابن حجر(542)، وإلا فكثير من العلماء لا يفردون المحرّف بل يجعلونه داخلاً في المصحف، ويطلقون كلاًًّ منهما على كل تغيير يقع في الكلمة ولو مع عدم بقاء صورة الخط فيها.
أقسام التحريف:
ينقسم التحريف باعتبار موضعه إلى قسمين:
1- تحريف في السند، كأن يجعل بَشيراً ولَهيعة - بفتح أولهما - بُشيراً ولُهيعة بضمهما.(1/112)
2- تحريف في المتن، ومثاله: ما وقع لبعض الأعراب في حديث: (( صلّى النبي صلى الله عليه وسلم إلى عنزة ))(543)، فحرّف العنزة وسكَّن النون ثم روى الحديث بالمعنى على حسب وهمه فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلّى نصبت بين يديه شاة(544).
حكم تصحيح التصحيف والتحريف:
اختلف العلماء فيما إذا وجد الراوي أو المحدث في سند حديث أو متنه تصحيفاً أو تحريفاً فهل له تصحيح هذا التصحيف أو ضبط التحريف على قولين:
الأول: ذهب بعض أهل العلم إلى أن ذلك لا يجوز بل يبقي كما هو إذا كان مكتوباً، ذكره الخطيب(545) عن عبد الله بن داود الخريبي وذكره ابن الصلاح عن محمد بن سيرين(546).
الثاني: وذهب ابن المبارك والأوزاعي إلى جواز تغييره وإصلاحه وروايته على الصواب(547)، وأما إصلاحه في الكتاب فجوّزه بعضهم. قال النووي: والصواب تقريره في الأصل على حاله والتضبيب عليه وبيان الصواب في الحاشية(548).
ومما ينبغي الاهتمام به لطالب الحديث وغيره أن يتعلم من النحو واللغة ما يسلم به من اللحن والتصحيف، وطريقه في السلامة من التصحيف الأخذ من أفواه أهل المعرفة والتحقيق والضبط عنهم لا من بطون الكتب.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَلاَ يَجُوزُ تَعَمُّدُ تَغْيِيرِ المَتْنِ بِالنَّقْصِ وَالمُرَادِفِ إلاَّ لِعَالِمٍ بِمَا يُحِيلُ المَعَانِي )).
يقصد الحافظ رحمه الله أنه لا يجوز تغيير متن الحديث بنقص من ألفاظه وجمله، وهو ما يعرف باختصار الحديث والاقتصار على بعضه دون بعض ولا تعمد إبدال ألفاظ أو بعضها بالمرادف، وهو ما يعرف بالرواية بالمعنى إلا لعالم بما يحيل المعاني ومدلولات الألفاظ وفي كل من المسألتين خلاف.
الأولى: اختصار الحديث:
اختلف العلماء في حكم اختصار الحديث والاقتصار على بعضه دون بعض، فمنعه بعضهم مطلقاً وأجازه بعضهم مطلقاً.(1/113)
والصحيح التفصيل وهو المنع من غير العالم وجوازه من العارف، إذا كان ما تركه متميزاً عما نقله غير متعلق بما رواه بحيث لا يتخلّ البيان ولا تختلف الدلالة سواء رواه قبل تاماً أم لا؛ لأن ذلك بمنزلة خبرين منفصلين. روى البيهقي في المدخل عن ابن المبارك قال: علمنا سفيان اختصار الحديث.
هذا إن ارتفعت منزلة الراوي عن التهمة، فأما من رواه مرة تاماً فخاف إن رواه ناقصاً ثانياً أن يتهم بزيادة فيما رواه أولاً أو نسيان لغفلة وقلة ضبط فيما رواه ثانياً فلا يجوز له النقصان ثانياً, كما أنه لا يجوز له النقصان ابتداء إن تعين عليه أداء تمامه لئلا يخرج بذلك باقيه عن حيز الاحتجاج به.
وإذا جاز الاقتصار على بعض الآية دون بعض فالحديث بالشرط المتقدم من باب أولى، فكما أنه لا يجوز أن تقول: (( َوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ )) وتسكت، لا يجوز أن تقول: (( فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم )) وتسكت، فلا بد من إتمام مثل هذا الحديث لتعلق ما ذكر بما حذف وهو إذا كان يداً بيد(549).
وإذا جاز الاقتصار على بعض الآية في مثل قوله تعالى: (( إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا )) (( النساء: 58 ))، ولا يجب الإتمام لمن أراد أن يحتج بالآية على وجوب أداء الأمانة ولا يلزمه أن يقول: (( وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ )). وجوازه في الحديث من باب أولى.
وصنيع الأئمة جار على جواز الاختصار وصحيح البخاري مملوء من أجزاء الأحاديث التي يقتصر فيها الإمام البخاري على موضع الحاجة من الحديث(550).
الثانية: رواية الحديث بالمعنى:
إذا لم يكن الراوي عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها، خبيراً بما يحيل معانيها، بصيراً بمقادير التفاوت بينها، لم تجز له الرواية لما سمعه بالمعنى بلا خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه، فإن كان عالماً بذلك فقد اختلف العلماء في حكم روايته الحديث بالمعنى:(1/114)
* فقالت طائفة من أصحاب الحديث والفقه والأصول: لا يجوز له الرواية بالمعنى كذلك بل يتعيّن اللفظ، وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية وروى عن ابن عمر.
* وجوَّز بعضهم في غير حديث النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجوز فيه.
* وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف: يجوز بالمعنى في جميعه إذا قطع بأداء المعنى؛ لأن ذلك هو الذي تشهد به أحوال الصحابة والسلف، ويدل عليه روايتهم القصة الواحدة بألفاظ مختلفة.
* قال الحافظ ابن حجر: ومن أقوى حججهم الإجماع على جواز شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به، فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى.
* وقيل: إنما يجوز في المفردات دون المركبات.
* وقال الماوردي: إن نسي اللفظ جاز لأنه تحمل اللفظ والمعنى وعجز عن أداء أحدهما فيلزمه أداء الآخر، لا سيما أن تركه قد يكون كتماً للأحكام، فإن لم ينسه لم يجز أن يورده بغيره لأن في كلامه صلى الله عليه وسلم من الفصاحة ما ليس في غيره.
* وقيل: عكسه وهو الجواز لمن يحفظ اللفظ ليتمكن من التصرف فيه دون من نسيه.
* وقال القاضي عياض: ينبغي سد باب الرواية بالمعنى لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع للرواة كثيراً قديماً وحديثاً. والأولى إيراد الحديث بلفظه دون التصرف فيه، ولا شك في اشتراط أن لا يكون الحديث مما تعبِّد بلفظه(551). وقد صرّح به الزركشي.
وهذا الخلاف إنما يجري في غير المصنفات ولا يجوز تغيير شيء من مصنف وإبداله بلفظ آخر وإن كان بمعناه قطعاً؛ لأن الرواية بالمعنى رخّص فيها من رخّص لما كان عليهم في ضبط الألفاظ من الجرح، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه الكتب، ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره.
وينبغي للراوي بالمعنى أن يقول عقيبه: أو كما قال، أو نحوه، أو شبهه أو ما أشبه هذا من الألفاظ.(1/115)
وقد كان قوم من الصحابة يفعلون ذلك وهو أعلم الناس بمعاني الكلام خوفاً من الزلل لمعرفتهم بما في الرواية بالمعنى من الخطر.
روى الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم عن ابن مسعود أنه قال يوماً: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاغرورقت عيناه وانتفخت أوداجه ثم قال: أو مثله أو نحوه أو شبيه به(552). ومثل ذلك في سنن الدارمي عن أبي الدرداء (553).
وفي المسند وابن ماجه عن أنس بن مالك أنه كان إذا حدث عن رسوله صلى لله عليه وسلم ففرغ قال: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(554).
قال الحافظ رحمه الله:
(( فَإِنْ خَفِيَ المَعْنَى احْتِيجَ إلَى شَرْحِ الغََرِيبِ وَبَيَانِ المُشْكِلِ )).
يقصد الحافظ رحمه الله إنه إن خفي معنى الحديث من أجل لفظة غريبة يقلّ استعمالها ودورانها، احتيج إلى شرح الغريب من كلمات الحديث بواسطة الكتب المصنّفة في الغريب ومنها:
1- غريب الحديث، لأبي عبيد القاسم بن سلاّم.
2- غريب الحديث، للنضر بن شميل.
3- غريب الحديث، لأبي عبيدة معمر بن المثنى.
4- غريب الحديث، لابن قتيبة.
5- غريب الحديث، لإبراهيم الحربي.
6- غريب الحديث، لأبي سليمان الخطابي.
7- الفائق في غريب الحديث ، للزمخشري.
8- النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، وهو أحسن كتب الغريب وأجمعها وأشهرها وأكثرها تداولاً.
فالمراد بغريب الحديث غريب ألفاظه، وهو ما وقع في متن الحديث من لفظة غامضة بعيدة من الفهم لقلة استعمالها. فهو فن مهم جداً يقبح جهله بأهل الحديث والخوض فيه صعب, حقيق بالتحري جدير بالتوقّي، فليتحر خائضه وليتقِ الله أن يقدم على تفسير كلام نبيه صلى الله بمجرد الظنون وكان السلف يثبتون فيه أشد تثبت.
فهذا الإمام أحمد بن حنبل إمام السنّة سئل عن حرف منه فقال: سلوا أصحاب الغريب فإني أكره أن أتكلم في قول رسول الله صلى الله عليه بالظن(555).(1/116)
وسئل الأصمعي عن معنى الحديث: (( الجار أحق بسقبه )) فقال: أنا لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن العرب تزعم أن السقب اللزيق(556).
وإن كان اللفظ مستعملاً بكثرة لكن في مدلوله دقة احتيج حينئذ إلى الكتب المصنّفة في شرح معاني الآثار وبيان المشكل فيها. وقد أكثر الأئمة من التصانيف في ذلك كالطحاوي والخطابي وابن عبد البر وغيرهم.
ومن أهم الكتب في شرح متون السنّة مع الكلام على أسانيدها:
1- شرح الخطابي أعلام السنن على صحيح البخاري.
2- شرح الكرماني على صحيح البخاري.
3- فتح الباري شرح صحيح البخاري، للحافظ ابن حجر العسقلاني.
4- عمدة القاري شرح صحيح البخاري، لبدر الدين العيني الحنفي.
5- إرشاد الساري شرح صحيح البخاري، للقسطلاني.
6- شرح القاضي عياض على صحيح مسلم، إكمال المعلم.
7- شرح النووي على مسلم.
8- المفهم لما أشكل من تلخيص صحيح مسلم، للقرطبي.
9- معالم السنن، للخطابي.
10-تهذيب السنن، لابن القيم.
11-شرح سنن أبي داود، لابن رسلان.
12-عون المعبود شرح سنن أبي داود.
13-تعليقات السندي والسيوطي على سنن النسائي.
14- عارضة الأحوذي شرح الترمذي، لابن العربي.
15-تحفة الأحوذي شرح الترمذي، للمباركفوري.
16-حاشية السندي على ابن ماجه.
17-التمهيد والاستذكار على الموطأ، لابن عبد البر.
18-المنتقى شرح الموطأ للباجي، وغيرها كثير(557).
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ الجَهَالَةُ، وَسَبُهَا أنَّ الرَّاوِيَ: قَدْ تَكْثُرُ نَعُوتُهُ فَيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتَهَرَ بِهِ لِغَرَضٍ، وَصَنَّفُوا فِيهِ ( المُوْضِحَ ) ))
تقدم الحديث عن الجهالة(558). وحكم رواية المجهول بأقسامه(559).
ذكر الحافظ هنا سبب الجهالة وهي أمران: أحدهما: كثرة نعوت الراوي من اسم أو كنية أو لقب أو صفة أو نسب أو حرفة فيشتهر بشيء منها، فيذكر بغير ما اشتهر به لغرض من الأغراض، وقد تقدم شيء من ذلك في مبحث تدليس الشيوخ.(1/117)
ومن أمثلة ذلك: ما يفعله الخطيب البغدادي في تنويع الشيخ الواحد حيث قال مرة: أخبرنا الحسن بن محمد الخلال، ومرة أخبرنا الحسن بن أبي طالب، ومرة أخبرنا أبو محمد الخلال والجميع واحد.
وقال مرة عن أبي القاسم الأزهري، ومرة عبيد الله بن أبي القاسم الفارسي، ومرة عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي والجميع واحد. قال السخاوي: وهو مكثر في تصانيفه من ذلك جداً(560).
ومثّل له الحافظ في شرح النخبة بمحمد بن السائب بن بشر الكلبي نسبه بعضهم إلى جده فقال: محمد بن بشر، وسمّاه بعضهم حمّاد بن السائب، وكنّاه بعضهم أبا النضر، وبعضهم أبا سعيد، وبعضهم أبا هشام، فصار يظن أنه جماعة وهو واحد( 561).
وصنّف في ذلك الخطيب البغدادي الحافظ كتاباً سمّاه: (( موضح أوهام الجمع والتفريق ))، ذكر فيه الرواة الذين يظن فيهم أنهم عدد وهم في الحقيقة واحد وعكسه، وأجاد فيه كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وصدر الخطيب كتابه بمقدمة اعتذر فيها عن صنيعه(562) بقوله: ولعل بعض من ينظر فيما سطّرناه ويقف على ما لكتابنا هذا ضمناه يحلق سيء الظن بنا، ويرى أنا عمدنا للطعن على من تقدمنا وإظهار العيب لكبراء شيوخنا وعلماء سلفنا، وأنّى يكون ذلك وبهم ذكرنا، وبشعاع ضيائهم تبصّرنا، وباقتفائنا واضح رسومهم تميّزنا، وبسلوك سبيلهم عن النهج تحيّزنا.
ثم ساق بسنده عن أبي عمرو بن العلاء قوله: ما نحن فيمن مضى إلا كبقل في أصول نخل طوال، ثم قال:(1/118)
ولما جعل الله تعالى في الخلق أعلاماً ونصب لكل قوم إماماً، لزم المهتدين بمبين أنوارهم والقائمين بالحق في اقتفاء آثارهم ممن رزق البحث والفهم وإنعام النظر في العلم بيان ما أهملوا وتسديد ما أغفلوا، إذ لم يكونوا معصومين من الزلل ولا آمنين من مقارفة الخطأ والخطل. وذلك حق العالم على المتعلم وواجب على التالي للمتقدم، وعسى أن يتضح العذر لنا عند من وقف على كتابنا المصنف في تاريخ مدينة السلام وأخبار محدثيها وذكر قُطَّانها العلماء من غير أهلها ووارديها، فإنا قد أوردنا فيه من مناقب البخاري وفضائله ما ينفي عنا الظنة في بابه والتهمة في أصلاحنا بعض سقطات كتابه إن شاء الله تعالى(563).
ونقلت هذا الكلام استطراداً لما فيه من توجيه ودرس تربوي من إمام حافظ كبير يعترف لأهل الفضل بفضلهم.
وقبل الخطيب صنف أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي كتاباً في بيان خطأ الإمام محمد بن إسماعيل البخاري في تاريخه.
وسبق الخطيب إلى التصنيف في ذلك الحافظ عبد الغني بن سعيد الأزدي المصري سنة 409 هـ، ثم تلاه أبو عبد الله محمد بن علي الصوري سنة 441 هـ وهو من شيوخ الخطيب.
والأمر الثاني ذكره بقوله:
(( وَقَدْ يَكُونُ مُقِلّاً فَلَا يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ، وَفِيهِ (( الوُحْدَانَ )) )).
يعني: أن الراوي قد يكون مقلّاً من الرواية للحديث أو من التحديث به فلا يكثر الآخذون عنه والرواة. قال القاري في شرحه: فيصير مجهول الذات، كذا قال.
وسبق أن عرفنا فيما تقدم(564) أن هذا النوع يسمى عند أهل العلم مجهول العين، وسيأتي في كلام الحافظ رحمه الله، وسبق أن أطلقتُ جهالة الذات على المبهم الآتي، ومن كثرت نعوته بحيث لا يتميز فيحصل الجهل به وهو الذي تقدم ذكره قريباً.
وصنّفوا في هذا النوع الوحدان فصنّف فيه الإمام مسلم بن الحجاج والحسن بين سفيان وأبو الفتح الأزدي وغيرهم.
ثم قال الحافظ رحمه الله تعالى:(1/119)
(( أَوْ لاَ يُسَمَّى اخْتِصَاراً وَفِيهِ المُبْهَمَاتُ )).
يعني: أن الراوي قد لا يسمى شيخه من باب الاختصار فيقول: أخبرني فلان أو شيخ أو رجل أو بعضهم أو ابن فلان.
ويستدل على معرفة اسم المبهم بوروده من طريق أخرى مسمى منها، وصنّفوا في هذا النوع (( المبهمات )) وهي كثيرة منها:
1- أول من صنف في ذلك عبد الغني بن سعيد الأزدي الحافظ سنة 409 هـ .
2- ثم تلاه الخطيب البغدادي الحافظ في كتابه: الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة .
3- ثم تلاه الحافظ أبو الفضل بن طاهر المتوفى سنة 507 هـ في إيضاح الإشكال . .
4- ثم أبو القاسم خلف بن بشكوال واسم كتابه: الغوامض والمبهات.
5- قطب الدين محمد بن أحمد القسطلاني سنة 686 هـ.
6- ولي الدين أبو زرعة بن الحافظ العراقي سنة 826 هـ: المستفاد من مبهات المتن والإسناد.
7- جلال الدين عبد الرحمن البلقيني سنة 824هـ: الإفهام بما وقع في البخاري من الإبهام.
قال رحمه الله:
(( وَلاَ يُقْبَلُ المُبْهَمُ وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ عَلَى الأَصَحِّ )).
يعني: أن الراوي المبهم الذي لم يسم لا يقبل حديثه؛ لأن شرط قبول الخبر عدالة راويه ومن أبهم اسمه لا تعرف عينه، فكيف تعرف عدالته؟.
وكذا لا يقبل خبره ولو أبهم بلفظ التعديل، كأن يقول الراوي عنه:
أخبرني الثقة أو الضابط أو العدل من غير تسمية؛ لأنه قد يكون ثقة عنده مجروحاً عند غيره.
بل صرَّح الخطيب بأنه لو قال: جميع أشياخي ثقات ولو لم أُسمُّ، ثم روى عن واحد أبهم اسمه فإنه لا يقبل من أبهم للعلة المذكورة مع كون الراوي في هذه الصورة أعلى مما تقدم، قال السخاوي.
ثم قال: فإنه - كما نقل عن المصنف يعني العراقي - إذا قال: حدثني الثقة يحتمل أن يروي عن ضعيف يعني عند غيره، وإذا قال: جميع أشياخي ثقات عُلم أنه لا يروي إلا عن ثقة فهي أرفع بهذا الاعتبار.(1/120)
قال السخاوي: وفيه نظر، إذ احتمال الضعف عند غيره يطرقهما معاً بل تمتاز الصورة الثانية باحتمال الذهول عن قاعدته، أو كونه لم يسلك ذلك إلا في آخر أمره(565).أهـ.
وهذا على الأصح في هذه المسألة كما قال الحافظ وقيل: يقبل تمسُّكاً بالظاهر إذ الجرع خلاف الأصل، وقيل: إن كان القائل عالماً أجزأ ذلك في حق من يوافقه في مذهبه.
وقال السخاوي: كثيراً ما يقع للأئمة ذلك، فحيث روى مالك عن الثقة عن بكير بن عبد الله بن الأشج فالثقة مخرمة ولده، أو عن الثقة عن عمرو بن شعيب فقيل: إنه عبد الله بن وهب أو الزهري أو ابن لهيعة، أو عمن لا يتهم من أهل العلم فهو الليث.
وجميع ما يقول: بلغني عن علي سمعه من عبد الله بن إدريس، وحيث روى الشافعي عن الثقة عن ابن أبي ذئب فهو ابن أبي فديك، أو عن الثقة عن الليث بن سعد فهو يحيى بن حسان، أو عن الثقة عن الوليد بن كثير فهو أبو أسامة، أو عن الثقة عن الأوزاعي فهو عمر بن أبي سلمة، أو عن الثقة عن ابن جريج فهو مسلم بن خالد، أو عن الثقة عن صالح مولى التوأمة فهو إبراهيم بن أبي يحيى، أو عن الثقة وذكر أحداً من العراقيين فهو أحمد بن حنبل.
وفي مسند الشافعي وساقه البيهقي في مناقبه عن الربيع أن الشافعي إذا قال: أخبرني الثقة فهو يحيى بن حسان، أو من لا أتهم فهو إبراهيم بن أبي يحيى(566). اهـ المقصود من فتح المغيث.
قال الحافظ رحمه الله:
((فَإِنْ سُمِيَ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْهُ: فَمَجْهُولُ العَيْنِ. أَوْ اثْنَانِ فَصَاعِداً وَلَمْ يُوَثَّقْ: فَمَجْهُولُ الحَالِ، وَهُوَ المَسْتُورُ )).
يعني: أن الراوي الذي ذكر اسمه ولكونه مقلاًًّ من الرواية لا يكثر الرواة عنه بل يتفرد بالرواية عنه راوٍ واحد، فإنه يسمى مجهول العين وتسميته بمجهول العين مجرد اصطلاح، وسبق(567) ذكر الخلاف في حكم روايته.(1/121)
وإذا روى عنه راويان فأكثر لكنه لم يذكر بتوثيق من قبل أهل العلم، فإن هذا يسمى عندهم مجهول الحال وهو المستور وتقدم ذكر أنواعه والخلاف في روايته.
ومما ينبغي التنبُّه له هنا أمران:
1- هل الجهالة جرح أو عدم علم بحال الراوي؟ وسيأتي الكلام عليه عند قول الحافظ: ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً وتجريحاً وجهالة(568 ).
2- من ذكر في كتب الجرح والتعديل وسكت عنه أهل العلم فلم يذكر بجرح ولا تعديل. وهذا كثير في تاريخ البخاري والجرح والتعديل لابن أبي حاتم وغيرهما من كتب المتقدمين.
فهل سكوت الأئمة تعديل كما ذهب إليه بعض العلماء كالشيخ أحمد شاكر رحمه الله حيث يقول في بعض الرواة: ذكره البخاري وابن أبي حاتم في كتابيهما ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً فهو ثقة، وربما قال: وهذه أمارة توثيقه عندهما.
والصواب أن هذا السكوت ليس بتعديل، لأن القاعدة أن لا ينسب لساكت قول، وقد قال ابن أبي حاتم في آخر التقدمة لكتابه: على أنا قد ذكرنا أسامي كثيرة مهملة من الجرح والتعديل كتبناها ليشتمل الكتاب على كل من روى عنه العلم رجاء وجود الجرح والتعديل فيهم، فنحن ملحقوها بهم من بعد إن شاء الله تعالى(569).
وهذا نصٌّ أنه أهمل ذلك لعدم علمه بحال من ذكر مجرداً، وبسط هذه المسألة في موضع آخر إن شاء الله تعالى.
قال الحافظ رحمه الله:
(( ثُمَّ البِدْعَةُ إمَّا : بِمُكَفِّرٍ ، أَوْ بِمُفَسِّقٍ.
فَالأَوَّلُ: لاَ يَقْبَلُ صَاحِبَهَا الجُمْهُورُ. والثَّانِيْ: يُقْبَلُ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيةً في الأَصَحِّ، إلاًّ إنْ رَوَى مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ فَيُرَدُّ عَلَى المُخْتَارِ، وَبِهِ صَرَّحَ الجُوْزَجَانِيُّ شَيْخُ النَّسَائِيِّ ))(570).
لما أنهى الحافظ رحمه الله الحديث عن الجهالة وأسبابها وأنواعها شرع في بيان السبب التاسع من أسباب الطعن في الراوي وهو البدعة، وسبق الحديث عنها(571) من حديث تعريفها وتقسيمها.
أما حكم رواية المبتدع:(1/122)
اختلف العلماء في الرواية عن الراوي المبتدع كالمرجئ والقدري والخارجي والرافعي وغيرهم: وفي الاحتجاج بما يروونه على أقوال:
الأول: يرى جمع من أهل العلم أن رواية أهل البدع لا تقبل مطلقاً وذلك لأنهم إما كفار أو فسّاق بما ذهبوا إليه، وكل من الكافر والفاسق مرود الرواية.
وهذا القول مروي عن الإمام مالك(572) والقاضي أبي بكر الباقلاني(573), واختاره الآمدي(574)، وجزم به ابن الحاجب(575).
وأيّد هذا الرأي بأن في الرواية عن المبتدع ترويجاً لأمره وتنويهاً بذكره.
وقد رد ابن الصلاح هذا الرأي وقال: إنه مباعد للشائع عن أئمة الحديث فإن كتبهم طافحة بالرواية عن المبتدعة(576).
القول الثاني: يرى بعض العلماء التفصيل، فإن كانت البدعة صغرى قُبل وإلا فلا، وبهذا قال الذهبي معلّلاً بأنه لو ردت مرويات هذا النوع - يعين من كانت بدعته صغرى - لذهب جملة من الآثار النبوية وفيه مفسدة بيّنة؛ لأن هذا النوع كثير في التابعين وتابعيهم مع الدين والورع والصدق.
وقال: وإن كانت البدعة كبرى كالرفض الكامل والغلو فيه والحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما والدعاء إلى ذلك، فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة، لا سيما ولست أستحضر الآن من هذا الضرب رجلاً صادقاً ولا مأموناً، بل الكذب شعارهم والنفاق والتقية دثارهم فكيف يقبل من هذا حاله حاشا وكلاّ؟!(577).
القول الثالث: تفصيل أيضاً: وهو إن كان المبتدع داعية إلى مذهبه لم يقبل وإلا قبل إن لم يرو ما يؤيد بدعة وهو مذهب أكثر العلماء، ونسبه الخطيب البغدادي للإمام أحمد بن حنبل(578).
بل نقل ابن حبان الاتفاق عليه حيث قال في ترجمة جعفر بن سليمان الضبعي من الثقات(579): وليس بين أهل الحديث من أئمتنا خلاف أن الصدوق المتقن إذا كانت فيه بدعة ولم يكن يدعو إليها أن الاحتجاج بأخباره جائز، فإذا دعا إليها سقط الاحتجاج بأخباره.(1/123)
لكن قال السخاوي في فتح المغيث: كلام ابن حبان ليس صريحاً في الاتفاق لا مطلقاً ولا بخصوص الشافعية(580).
وأضاف الجمهور إلى كونه غير داعية أن لا يروي ما يؤيِّد بدعته، وبذلك صرّح الحافظ أبو إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني شيخ أبي داود والنسائي في كتابه معرفة الرجال فقال في صوف الرواة: ومنهم زائغ عن الحق صادق اللهجة، فليس فيه حيلة إلا أن يؤخذ من حديثه ما لا يكون منكراً إذا لم يقو بدعته(581).اهـ.
قال الحافظ: وما قاله متجه؛ لأن العلة التي لها رد حديث الداعية واردة فيما إذا كان ظاهر المروي يوافق مذهب المبتدع ولو لم يكن داعية(582).
قال الحافظ العراقي(583):
والأكثرون ورآه الأعدلا ردوا دعاتهم فقط ونقلا
فيه ابن حبان اتفاقاً ورووا عن أهل بدع في الصحيح ما دعوا
وما يرد على هذا القول تخريج البخاري لبعض الدعاة إلى البدع مثل عمران بن حطان(584). الذي قال فيه المبرد: كان رأس القعديّة من الصفرية وخطيبهم وشاعرهم (585).
وقال ابن حجر: إنه كان داعية إلى مذهبه(586).
وأجيب عن ذلك: بأن البخاري إنما خرّج له ما حُمل عنه قبل ابتداعه ورده ابن حجر(587).
وقال ابن حجر في الفتح: إنما أخرج له البخاري على قاعدته في تخريج أحاديث المبتدع إذا كان صادق اللهجة متديناً(588).
لكن ردّ ذلك البدر العيني على ابن حجر بقوله: ومن أين كان له صدق اللهجة وقد أفحش في الكذب في مدحه ابن ملجم اللعين؟ والمتدين كيف يفرح بقتل مثل علي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى يمدح قاتله(589).
قلت: المعروف أن الخوارج أصدق أهل الأهواء، وكونه يمدح قاتل علي هو يتديّن بذلك وينصر ما يراه حقاً؛ نعوذ بالله من الفتن المضلة.
القول الرابع: تفصيل أيضاً، وهو أنه إذا كان المبتدع يستحل الكذب لنصرة مذهبه لم يقبل وإلا قبل؛ لأن اعتقاد حرمة الكذب يمنع من الإقدام عليه فيحصل صدقه.(1/124)
وممن قال بهذا الإمام الشافعي، فقد روى الخطيب عنه قوله: وتقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية من الرافضة لأنهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم(590).
وحكاه الخطيب عن ابن أبي ليلى(591). وسفيان الثوري(592)، وأبي يوسف القاضي(593). ونسبه الحاكم لأكثر أئمة الحديث(594).
قال الحافظ العراقي:
وقيل: بل إذا استحلّ الكذبا نصرة مذهب له ونسبا
للشافعي إذ يقول أقبل من غير خطابية ما نقلوا(595).
لكن قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: هذا المذهب فيه نظر؛ لأن من عرف بالكذب ولو مرة لا تقبل روايته، فأولى أن ترد رواية من يستحل الكذب(596).
القول الخامس: يرى جماعة من أهل النقل والمتكلمين أن أخبار أهل الأهواء كلها مقبولة سوء كانوا فسّاقاً أو كفّاراً بالتأويل.
قال ابن حجر في شرح النخبة: والتحقيق أنه لا يرد كل مكفر ببدْعته لأن كل طائفة تدّعي أن مخالفيها مبتدعة، وقد تبالغ فتكفر مخالفيها، فلو أخذ ذلك على الإطلاق لا ستلزم تكفير جميع الطوائف، فالمعتمد أن الذي ترد روايته من أنكر أمراً متواتراً من الشرع معلوماً من الدين بالضرورة، وكذا من اعتقد عكسه، فأما من لم يكن بهذه الصفة وانضم إلى ذلك ضبطه لما يرويه مع ورعه وتقواه فلا مانع من قبوله(597). وينظر في إمكان اجتماع الورع والتقوى مع البدعة المكفرة.
وأما ابن الصلاح فلم يدخل من كفر ببدعته في الخلاف أصلاً، بل حصر الخلاف فيمن لا يكفر ببدعته وتبعه على ذلك الحافظ العراقي:
والخلف في مبتدع ما كفرا قيل يرد مطلقاً واستنكرا
واختار الصنعاني في شرحه على نظم النخبة له أن يجعل المعيار في قبول الرواية الصدق ويطرح رسم العدالة وغيره لأن قبولهم رواية الدعاة إلى البدع كعمران بن حطان يقوّي القول بقبول المبتدع مطلقاً إذا كان صدوقاً(598).
ورجّح الشيخ أحمد شاكر ما حقّقه الحافظ ابن حجر وقال: إنه الحق الجدير بالاعتبار ويؤيده النظر الصحيح(599).(1/125)
واختاره أيضاً الشيخ محمد بخيت المطيعي في حاشيته على نهاية السول للأسنوي(600).
قال رحمه الله:
(( ثُمَّ سُوءُ الحِفْظِ إنْ كَانَ : لاَزِماً : فَالشَّاذُّ - عَلَى رَأْيٍ - أَوْ طَارِئاً: فَالمُخْتَلِطُ )).
سوء الحفظ هو السبب العاشر من أسباب الطعن في الراوي.
وتقدم الحديث في الحفظ وسوئه وأقسامه(601). والغرض هنا حكم رواية سيء الحفظ: فإن كان من النوع الأول الملازم للراوي فحديثه مردود لضعف الراوي بسبب عدم غلبة الظن لحفظه ما روى، والضبط كما تقدم شرط لقبول الرواية(602)، وإن كان من النوع الثاني وهو الطارئ وهو الاختلاط، فإن تميّز ما حدَّث به قبل الاختلاط قُبل، وإن لم يتميز توقف فيه، وكذا من اشتبه الأمر فيه. ويعرف ذلك باعتبار الآخذين عنه ليعلم متى أخذوا، أو أين أخذوا أو كيف أخذوا: فمنه من سمع منه قبل الاختلاط فقط، ومنهم من سمع بعد الاختلاط فقط، ومنهم من سمع في الحالين.
فحديث الأول مقبول: وحديث الثاني مردود، والثالث فيه تفصيل(603).
ومثال ذلك: عطاء بن السائب اختلط في أخر عمره، فممن سمع منه قبل الاختلاط شعبة وسفيان الثوري، وممن سمع منه بعد الاختلاط جرير بن عبد الحميد. وممن سمع منه في الحالين معاً أبو عوانة فلم يحتج بحديثه(604).
وحديث سيء الحفظ يسمى الشاذ، وتقدم في شرح تعريف الصحيح أن الشاذ ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه(605)، وهذا ما حقّقه الغمام لشافعي رحمه الله.
قال الحافظ العراقي:
والشاذ ما يخالف الثقة فيه الملا فالشافعي حققه.
ويطلق الشاذ على المنكر، فهما بمعنى واحد عند بعضهم. ومن المتقدمين من يطلق الشذوذ على مطلق الفرد.
قال الحافظ رحمه الله:
(( وَمَتَى تُوبِعَ سَيِّئُ الحِفْظِ بِمُعْتَبَرٍ، وَكَذَا المَسْتُورُ، وَالمُرْسَلُ وَالمُدَلَّسُ صَارَ حَدِيثُهُم حَسَناً لاَ لِذَاتِه؛ بَلْ بِالْمَجْمُوعٍ ))(1/126)
يشير المصنف رحمه الله تعالى إلى أنه متى توبع السيّئُ الحفظ - سواء في ذلك الملازم والطارئ الذي لم يتميز - بمعتبر كان يكون فوقَه أو مثله لا دونه، وكذا المستور والمرسل والمدلس إذا لم يعرف المحذوف من إسناده صار حديثهم حسناً لغيره لا لذاته بل باعتبار مجموع الطرق؛ لأن مع كل واحد منهم احتمال كون روايته صواباً أو غير صواب على حدّ سواء.
فإذا جاءت من المعتبرين رواية موافقة لأحدهم رجّح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين، ودلّ ذلك على أن الحديث محفوظ(606)، فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القَبول.
وينبغي أن يعلم أنه مع ارتقائه إلى درجة القَبول فهو منحط عن رتبة الحسن لذاته، وربما توقف بعضهم في إطلاق اسم الحسن عليه.
ومثال ذلك: ما رواه الترمذي عن عاصم بن عبيد الله قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أرضيت من نفسك ومالك بنعلين؟ ))، قالت: نعم. فأجاز(607).
قال الترمذي: وفي الباب عن عمر وأبي هريرة وعائشة وأبي حدرد الأسلمي، وعاصم بن عبيد الله ضعيف لسوء حفظه(608)، وقد حسّن الترمذي له هذا الحديث لمجيئه من غير وجه.
أما إذا كان الضعف لجهالة راويه، فقد اختار بعضهم أنه يرتقى إلى درجة الاحتجاج بعمل السلف وسكوتهم عند اشتهار روايته كعملهم، إذ لا يسكتون عن منكر يستطيعون إنكاره(609).
وإذا كان الضعف ناشئاً عن فسق الراوي أو كذبه فهذا النوع لا تؤثر فيه موافقة غيره له إذا كان الآخر مثله لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن أن يرفعه إلى درجه الحسن.
قال ابن الهمّام في التحرير: حديث الضعيف بالفسق لا يرتقى بتعدد الطرق إلى الحجة وبغيره مع العدالة يرتقي (610) اهـ .(1/127)
وخلاصة القول : أن العدالة والضبط إما أن يجتمعا في الراوي أو ينتفيا عنه أو يوجد فيه أحدهما دون الآخر ، فإن انتفيا لم يقبل حديثه أصلاً ، وإن اجتمعا فيه قُبلَ ، وإن وجدت العدالة دون الضبط توقف القبول فيه على التابع والشاهد ليجبر ما فات من صفة الضبط ، وإن وجد الضبط دون العدالة لم يقبل حديثه لأن العدالة هي الركن الأكبر في الرواية (611) اهـ .
واختار البقاعي أن الضعيف الواهي - شديد الضعف - الذي لا يعتبر به ربما كَثُرت طرقه حتى أوصله إلى درجة رواية المستور وسيء الحفظ ، بحيث إن ذلك الحديث إذا كان مروياً بإسناد آخر فيه ضعف قريب محتمل ، فإنه يرتقى بمجموع ذلك إلى درجة الحسن ؛ لأن مجموع تلك الطرق الواهية صارت بمنزلة الطريق الذي فيه ضعف يسير ، فصار ذلك بمنزلة طريقين في كل منهما ضعف يسير .
وما ذكر عن البقاعي هو اختيار السيوطي في ألفيته (612) ، وعليه عمله في مصنفاته وتخاريجه .
قال رحمه الله :
(( ثُمَّ الإِسْنَادُ إِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ : إلى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَصْرِيحاً أَوْ حُكْماً ؛ مِنْ قَوْلِهِ ، أَوْ فِعْلِهِ ، أَوْ تَقْرِيرِهِ )) .
لما أنهى الحافظ رحمه الله تعالى ما يتعلق بالمتن من حيث القبول والرد ، أردفه بما يتعلق بالإسناد .
والإسناد : هو الطريق الموصلة للمتن أو سلسلة الرواة الذين يذكرهم المحدث ابتداء بشيخه وانتهاء بمن يسند إليه الخبر . والمتن غاية ما ينتهي إليه الإسناد من الكلام .
شرع المصنف رحمه الله في تقسيم آخر للخبر باعتبار النسبة والإضافة ، وما سبق الحديث فيه فتقسيمات أخرى بحسب تعدد الطرق وباعتبار القوة والضعف فقال :
فإن انتهى الإسناد إلى ( تصريحاً بأن كانت الإضافة إلى النبي ( صريحة لا تحتمل من قوله ( كقول عمر( يقول : سمعت رسول الله ( يقول : (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) (613) .(1/128)
وقول ابن مسعود ( : حدثنا رسول الله ( وهو الصادق المصدوق أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه .. إلخ (614) . أو يقول الصحابي أو غيره : قال رسول الله(? : أو عن رسول الله ( ، أنه قال كذا .
ومثال المرفوع من الفعل تصريحاً ما نقله عنه الصحابة من رَمَلِه في الطواف وسعيه الشديد في السعي .
ومنه قول الصحابي : كان آخر الأمرين من رسول الله ( ترك الوضوء مما مسَّته النار (615) . ومنه قول الصحابي أو غيره: كان رسول الله ( يفعل كذا أو يترك كذا ؛ لأن كلاًّ من فعله وتركه عليه الصلاة والسلام شرع يقتدى به فيه .
ومثال المرفوع من التقرير تصريحاً كأن يقول الصحابي : فعلت أو فعل بحضرة النبي ( كذا ، ولا يذكر إنكاره لذلك .
ومنه قول الصحابي : أكل الضب على مائدة رسول الله ( .
* أو تكون الإضافة إلى النبي ( حكماً لا صراحة ومن ذلك :
أولاً : قول الصحابي : كنا نفعل كذا أو كنا نقول كذا في عهد رسول الله ( ، فقد قطع أبو عبد الله الحاكم وغيره من أهل الحديث أن ذلك من قبيل المرفوع (616) .
قال ابن الصلاح : وبلغني عن أبي بكر البر قاني أنه سأل أبا بكر الإسماعيلي الإمام عن ذلك فأنكر كونه من المرفوع والأول هو الذي عليه الاعتماد ؛ لأن ظاهر ذلك مشعر بأن رسول ( اطّلع على ذلك وقرّرهم عليه وتقريره أحد وجوه السنن المرفوعة (617)
وقد استدل جابر رضي الله عنه على جواز العزل بأنهم كانوا يفعلونه والقرآن ينزل ، ولو كان مما ينهى عنه لنهى عنه القرآن(618) .
وأما إذا قال الصحابي : كنا نفعل كذا من غير إضافة إلى زمن النبي ( فجزم ابن الصلاح بأنه من قبيل الموقوف( 619) . لكن ذهب العراقي وابن حجر والسيوطي إلى أنه مرفوع أيضاً (620) وهو اختيار النووي والرازي (621) والآمدي (622) . ؛ لأن الظاهر من مثل قول الصحابي ذلك أنه يحكي الشرع .(1/129)
ثانياً : قول الصحابي : أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا من نوع المرفوع عند أصحاب الحديث ، وهو قول أكثر أهل العلم ، وخالف في ذلك فريق منهم :
أبو بكر الإسماعيلي وأبو الحسن الكرخي .
قال ابن الصلاح : والأول هو الصحيح لأن مطلق ذلك ينصرف إلى من إليه الأمر والنهي وهو رسول الله ( (623) .
وإذا صرح الصحابي بالآمر والناهي فهو مرفوع صراحة قطعاً ، لكن دلالته على الأمر والنهي خالف فيها داود الظاهري وبعض المتكلمين ؛ لأن الصحابي قد يسمع كلاماً فيظنه أمراً أو نهياً وهو في الحقيقة ليس كذلك (624) .
وهو مردود ؛ لأن الصحابي عدل عارف بلسان العرب فلا يطلق ذلك إلا بعد التحقق .
ثالثاً : قول الصحابي : من السنّة كذا ، الأصح أنه مرفوع ؛ لأن الظاهر أنه لا يطلق ذلك إلا مريداً به سنة رسول الله ( وما يجب اتباعه . ونقل ابن عبد البر الاتفاق على ذلك (625)، وفي نقله نظر . فعن الشافعي في المسألة قولان (626) .
وذهب أبو بكر الصيرفي (627) ، وأبو بكر الرازي (628) ، وابن حزم (629) إلى أنه غير مرفوع لكن الصحيح الأول .
قال الحافظ العراقي :
قول الصحابي من السنة أو نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصر على الصحيح وهو قول الأكثر (630) .
وقد روى البخاري في صحيحه من حديث ابن شهاب ، عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه في قصته حين قال له : إن كنت تريد السنّة فهجِّر بالصلاة يوم عرفة .
قال ابن شهاب : فقلت لسالم : أفعله رسول الله ؟ فقال : وهل يعنون بذلك إلا سنّته (؟! فنقل سالم وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة وأحد الحفّاظ من التابعين عن الصحابة أنهم إذا أطلقوا السنّة لا يريدون بذلك إلا سنّة النبي ( (631) .(1/130)
رابعاً : من المرفوع حكماً أن يقول الصحابي الذي لم يعرف بالأخذ عن أهل الكتاب ما لا مجال للرأي فيه ولا مدخل فيه للاجتهاد ولا تعلق له ببيان لغة أو شرح غريب ، كالإخبار عن الأمور الماضية من بدء الخلق وأخبار الأنبياء ، أو الآتية كالملاحم والفتن وأحول يوم القيامة ، وكذا الإخبار عما يحصل بفعله ثواب مخصوص أو عقاب مخصوص .
قال ابن حجر في النزهة : وإنما كان له حكم المرفوع ؛ لأن إخباره بذلك يقتضي مخبراً له ولا مجال للاجتهاد فيه يقتضي مُوقِفاً للقائل به ، ولا مُوقِف للصحابة إلا النبي ( أو بعض من يخبر عن الكتب القديمة ، فلهذا وقع الاحتراز عن القسم الثاني .
وإذا كان كذلك فله حكم ما لو قال : قال رسول الله ( ، فهو مرفوع سواءً كان مما سمعه منه أو عنه بواسطة (632) . اهـ .
خامساً : تفسير الصحابي للقرآن الكريم جزم الحاكم بأن له حكم الرفع ، وحمله ابن الصلاح على ما يتعلق بسبب نزول آية يخبر به الصحابي أو نحو ذلك ، كقول جابر رضي الله عنه : كانت اليهود تقول : من أتى امرأته من دبرها في قُبلها جاء الولد أحول ، فأنزل الله عز وجل : ((نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ )) ( البقرة : 223 ) .
فأما سائر تفاسير الصحابة التي تشمل على إضافة شيء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمعدودة في الموقوفات (633) .
قال الحافظ العراقي :
وعد ما فسره الصحابي رفعاً فمحمول على الأسباب (634) .
سادساً : قال ابن الصلاح : من قبيل المرفوع الأحاديث التي قيل في أسانيدها عند ذكر الصحابي : يرفع الحديث أو يبلغ به أو ينْميه أو رواية.
مثال ذلك : سفيان بن عُيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رواية : (( تقاتلون قوماً صغار الأعين .. )) الحديث (635) .(1/131)
وبه عن أبي هريرة يبلغ به قال : الناس تبع لقريش .. الحديث (636) . فكل ذلك وأمثاله كناية عن رفع الصحابي الحديث إلى رسول ( وحكم ذلك عند أهل العلم حكم المرفوع صريحاً .
قال ابن الصلاح : وإذا قال الراوي عن التابعي يرفع الحديث أو يبلغ به فذلك مرفوع أيضاً ولكنه مرفوع مرسل (637) اهـ .
فعلى هذا كل ما يضاف إلى النبي ( من قول أو فعل أو تقرير أو وصف فهو مرفوع . وزاد بعضهم : الهمّ ، لأنه لا يهم إلا بما يجوز له فعله . واشترط الخطيب البغدادي لتسمية الخبر مرفوعاً أن يكون مما أضافه الصحابي إلى النبي ( فقط .
فعلى هذا ما يضيفه التابعي فمن بعده إلى النبي ( لا يسمى مرفوعاً ولفظه في الكفاية : المرفوع ما أخبر فيه الصحابي عن قول رسول الله ( أو فعله (638) .
لكن الحافظ ابن حجر توقف في كونه يشترط ذلك فإنه قال : يجوز أن يكون ذكر الخطيب للصحابي على سبيل المثال أو الغالب لكون غالب ما يضاف إلى النبي ( هو من إضافة الصحابة لا أنه ذكره على سبيل التقييد ، فلا يخرج حينئذ عن الأول ويتأيد بكون الرفع إنما ينظر فيه إلى المتن دون الإسناد (639) .اهـ.
قال السخاوي : وفيه نظر :
وقد يطلق المرفوع ويُراد به المتصل لا سيما عند مقابلته بالمرسل ، فإذا قيل رفعه فلان وأرسله فلان يعني: أن أحدهما واصل إسناده والآخر قطعه وحينئذ فهو رفع مخصوص ، على أن ابن النفيس مشى على ظاهر هذا فقيد المرفوع بالاتصال (640) .
قال الحافظ العراقي :
وسم مرفوعاً مضافاً للنبي واشترط الخطيب رفع الصاحب .
ومن يقابله بذي الإرسال فقد عنى بذاك ذا اتصال (641)
قال الحافظ رحمه الله :
(( أَوْ إلى الصَّحاَبِيِّ كَذَلِكَ ، وَهُوَ مَنْ لَقِيَ النَّبِيَّ ( مُؤْمِناً بِهِ وَمَاتَ عَلَى الإِسْلَامِ ، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ رِدَّةٌ في الأصَحِّ )) .(1/132)
لما فرغ الحافظ رحمه الله من بيان المرفوع وقدمه لشرف النسبة والإضافة أردفه بالموقوف فقال : أو تنتهي غاية الإسناد إلى الصحابي ، كذلك أي مثل ما تقدم مما يضاف إلى النبي ( ، وإن منه ما هو قول ، ومنه ما هو فعل، ومنه ما هو تقرير - وأو هنا للتقسيم - .
ثم عرّف الصحابي بأنه من لقي النبي ( مؤمناً به ومات على الإسلام ولو تخلّلت ردة.
هذا ما رجحه ابن حجر رحمه الله. والمراد باللقاء ما هو أعم من المجالسة والمماشاة ووصول أحدهما إلى الآخر وإن لم يكلمه.
قال الحافظ : والتعبير باللقي أولى من قول بعضهم : الصحابي من رأى النبي ( لأنه يخرج ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهو صحابة بلا تردد. وقوله : " مؤمناً " : يخرج من حصل له اللقاء المذكور لكن حال كونه كافراً (642).
وقوله : " به " : يخرج من كان مؤمناً لكن بغيره من الأنبياء. لكن هل يخرج من لقيه مؤمناً بأنه سيبعث ولم يدرك البعثة؟
قال الحافظ : فيه نظر.
قلت : ومثاله: ورقة بن نوفل حيث ذكره الطبري والبغوي وابن قانع وابن السكن وغيرهم في الصحابة.
قال الحافظ في الإصابة وفي إثبات الصحبة: له نظر(643)، لقوله في قصة بدء الوحي: فلم ينشب ورقة أن توفي، فهذا ظاهره أنه أقرّ بنبوته ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله ( الناس إلى الإسلام.
ثم ذكر الحافظ خبراً مرسلاً - وصفه بأنه جيد - يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي ( إلى الإسلام حتى أسلم بلال.
ثم قال: والجمع بينه وبين حديث عائشة أن يحمل قوله: ولم ينشب ورقة أن توفي؛ أي قبل أن يشتهر الإسلام(644).
ثم ذكر الحافظ خبراً ضعيفاً يدل على أن ورقة مات على نصرانيته(645).
وقوله: " ومات على الإسلام ": يخرج من ارتد بعد أن لقيه مؤمناً به ومات على الردة كعبيد الله بن جحش وابن خطل.(1/133)
وقوله: " ولو تخللت ردة " : أي بين لقيه له مؤمناً به وبين موته على الإسلام، فإن اسم الصحبة باقٍ له سواء أرجع إلى الإسلام في حياته ( أو بعده، وسواء لقيه ثانياً أم لا؟ كالأشعث بن قيس، فإنه كان ممن ارتد وأُتي به أبو بكر الصديق أسيراً فعاد إلى الإسلام فقبل منه ذلك وزوَّجه أخته ولم يتخلّف أحد عن ذكره في الصحابة ولا عن تخريج أحاديثه في المسانيد وغيرها.
وقال الحافظ في الإصابة: ويدخل في قولنا: مؤمناً به، كل مكلف من الجن والإنس، فحينئذ يتعيّن ذكر من حُفِظ ذكره من الجن الذين آمنوا به بالشرط المذكور (646).
وأما إنكار ابن الأثير على أبي موسى تخريجه لبعض الجن الذين عرفوا في كتاب الصحابة فليس بمنكر لما ذكرته.
وقال ابن حزم في المحلي في الأقضية: من ادّعى الإجماع فقد كذب على الأمة، فإن الله تعالى قد أعلمنا أن نفراً من الجن آمنوا وسمعوا القرآن من النبي ( فهم صحابة فضلاء فمَن أين للمدّعي إجماع أولئك؟.
قال ابن حجر في الإصابة: وهذا الذي ذكره في مسألة الإجماع لا نوافق عليه، وإنما أردت نقل كلامه في كونهم صحابة. وهل تدخل الملائكة؟ محل نظر.
قد قال بعضهم: إن ذلك ينبني على أنه هل كان مبعوثاً إليهم أولا؟ وقد نقل فخر الدين الرازي في أسرار التنزيل الإجماع على أنه ( لم يكن مرسلاً إلى الملائكة. ونوزع في النقل بل رجّح الشيخ تقي الدين السبكي أنه كان مرسلاً إليهم.
قال ابن حجر: وفي صحة بناء هذه المسألة على هذا الأصل نظر لا يخفى(647).
وقال بعضهم : لا يعد صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة: من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه.
واشترط بعضهم في صحة الصحبة بلوغ الحلم أو المجالسة ولو قصرت(648).(1/134)
واختار البخاري في صحيحه أن من صحب النبي ( أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه(649). ورجحه ابن حجر في الفتح إلا أنه هل يشترط في الرائي أن يكون بحيث يميّز ما رآه أو يكتفي بمجرد حصول الرؤية؟ محل نظر.
وعمل من صنّف في الصحابة يدل على الثاني فإنهم ذكروا مثل محمد بن أبي بكر الصديق، وإنما ولد قبل وفاة النبي ( بثلاثة أشهر وأيام كما ثبت في الصحيح أن أمه أسماء بنت عميس ولدته في حجة الوداع قبل أن يدخلوا مكة في أواخر ذي القعدة سنة عشر. ومع ذلك فأحاديث هذا الضرب مراسيل.
والخلاف الجاري بين الجمهور وبين أبي إسحاق الإسفرائيني ومن وافقه على رد المراسيل مطلقاً حتى مراسيل الصحابة لا يجري في أحاديث هؤلاء لأن أحاديثهم لا من قبيل مراسيل كبار التابعين ولا من قبيل مراسيل الصحابة الذين سمعوا من النبي (.
وهذا مما يلغز به فيقال: صحابي مرسل لا يقبله من يقبل مراسيل الصحابة.
ومنهم من بالغ فكان لا يعد في الصحابة إلا من صحب الصحبة العرفية، كما جاء عن عاصم الأحول قال: رأي عبد الله بن سرجس رسول الله، غير أنه لم يكن له صحبة، أخرجه أحمد هذا مع كون عاصم قد روى عن عبد الله بن سرجس هذا عدة أحاديث وهي عند مسلم وأصحاب السنن وأكثرها من رواية عاصم عنه. فهذا رأي عاصم أن الصحابي من يكون صحب الصحبة العرفية.
وروي عن سعيد بن المسيب أنه كان لا يُعدّ في الصحابة إلا من أقام مع النبي ( سنة فصاعداً أو غزا معه عزوة فصاعداً.
قال ابن حجر: والعمل على خلاف هذا القول لأنهم اتفقوا على عدّ جمع جمّ في الصحابة لم يجتمعوا بالنبي ( إلا في حجة الوداع (650 ).
قال الحافظ رحمه الله:
" أَوْ إِلَى التَّابِعِيِّ ، وَهُوَ مَنْ لَقِيَ الصَّحَابِيَّ كَذَلِكَ ".
لما فرغ رحمه الله من المرفوع والموقوف أردفه بالمقطوع فقال: أو تنهي غاية الإسناد إلى التابعين. ثم عرّف التابعي بقوله:
هو من لقي الصحابي كذلك أي كما تقدم في تعريف الصحابي.(1/135)
ولذا قال القاري في شرح النخبة: التابعي هو من لقي الصحابي مؤمناً بالنبي ( ولو تخللت ردّة في الأصح، كذا قال. لكن الحافظ نفسه قال: هذا متعلق باللقي وما ذكر معه إلا قيد الإيمان به، فذلك خاص بالنبي ( وهذا هو المختار(651).
وفي اليواقيت للمُناوي: ولا يلزم أن يكون مؤمناً حال ملاقاته للصحابي، بل لو كان كافراً ثم أسلم بعد موت الصحابي وروى عنه سميناه تابعياً وقبلناه . اهـ .
ولا يشترط في التابعي طول الملازمة أو التمييز أو صحة السماع من الصحابي، قال الخطيب: التابعي من صحب الصحابي. وقال ابن الصلاح ومطلقه مخصوص بالتابع بإحسان(652). وقال القاري: والظاهر منه طول الملازمة، إذ الاتباع بإحسان لا يكون بدونه(653).
واشترط ابن حبان أن يكون رآه في سن من يحفظ عنه، فإن كان صغيراً لم يحفظ عنه فلا عبرة لرؤيته كخلف بن خليفة فإنه لم يعده في التابعين وإن كان رأى عمرو بن حريث لكونه صغيراً. اهـ .
قال ابن الصلاح: وكلام الحاكم أبي عبد الله وغيره مشعر بأنه يكفي فيه أن يسمع من الصحابي أو يلقاه وإن لم توجد الصحبة العرفية، والاكتفاء في هذا بمجرد اللقاء والرؤية أقرب منه في الصحابي نظراً إلى مقتضى اللفظين فيهما(654).
وقال ابن حجر: وبقي بين الصحابة والتابعين طبقة اختلف في إلحاقهم بأيّ القسمين، وهم المخضرمون الذين أدركوا الجاهلية والإسلام ولم يروا النبي ( .
وادّعى عياض وغيره أن ابن عبد البر يقول: إنهم صحابة وفيه نظر لأنه أفصح في خطبة كتابه بأنه إنما أوردهم ليكون كتابه جامعاً مستوعباً لأهل القرن الأول.
والصحيح أنهم معدودون في كبار التابعين سواء عرف أن الواحد منهم كان مسلماً في زمن النبي ( كالنجاشي أم لا.
وذكر مسلم المخضرمين فبلغ بهم عشرين نفساً، منهم: أبو عمرو الشيباني وسويد بن غفلة وعمرو بن ميمون وعبد خبر بن يزيد وأبو عثمان النهدي، وممن لم يذكره أبو مسلم الخولاني، والأحنف بن قيس، والله أعلم(655).(1/136)
ومن أكابر التابعين الفقهاء السبعة من أهل المدينة وهم عند أكثر العلماء:
1- سعيد بن المسيب, 2- والقاسم بن محمد، 3- وعروة بن الزبير، 4- وخارجة بن زيد، 5- وأبو سلمة بن عبد الرحمن.
6- وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، 7- وسليمان بن يسار.
وذكر ابن المبارك سالم بن عبد الله بن عمر بدل أبي سلمة بن عبد الرحمن. وذكر أبو الزند أبا بكر بن عبد الرحمن بد أبي سلمة وسالم، وقد جمع بعضهم الفقهاء السبعة في قوله:
فخذهم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة(656) .
واختلف في أفضل التابعين؛ فقال أحمد بن حنبل: سعيد بن المسيب، فقيل له: فعلقمة والأسود؟ فقال: سعيد بن المسيب وعلقمة والأسود.
وعنه أنه قال: لا أعلم في التابعين مثل أبي عثمان النهدي وقيس بن أبي حازم، وقال الشيخ أبو عبد الله بن خفيف الزاهد الشيرازي اختلف الناس في أفضل التابعين، فأهل المدينة يقولون: سعيد بن المسيب، وأهل الكوفة يقولون: أويس القرني، وأهل البصرة يقولون: الحسن البصري(657).
قال الحافظ رحمه الله :
" فالأوَّلُ: المَرْفُوعُ. والثَّانِي: المَوْقُوفُ. والثَّالِثُ: المَقْطُوعُ، وَمَنْ دُونَ التَّابِعِيِّ فِيْهِ مِثْلُهُ ".
فالأول: وهو ما أضيف إلى النبي ( من قول أو فعل أو تقرير أو صف يسمى المرفوع، وهو اسم مفعول من الرفع.
والثاني: وهو ما أضيف إلى الصحابي من قول أو فعل يسمى الموقوف, اسم مفعول أيضاً من الوقف ضد الرفع.
والثالث: وهو ما أضيف إلى التابعي فمن دونه يسمى المقطوع، اسم مفعول من القطع، ويجوز في جمعه المقاطع والمقاطيع بإثبات الياء آخر الحروف وحذفها كالمسانيد والمراسيل، لكن المنقول في مثل المقاطيع عن البصريين سوى الجرمي الإثبات جزماً، والجرمي مع الكوفيين في جواز الحذف واختاره ابن مالك(658).
قال ابن الصلاح: وهو غير المنقطع، وقد وجدت التعبير بالمقطوع عن المنقطع غير الموصول في كلام الشافعي وأبي القاسم الطبراني وغيرهما(659 ).(1/137)
وعكس ما ذكره ابن الصلاح عن الشافعي ما حكاه الخطيب عن بعض أهل العلم بالحديث أن المنقطع ما روي عن التابعي أو من دونه موقوفاً عليه من قوله أو فعله.
قال ابن الصلاح: وهذا غريب بعيد(660).
قال الحافظ العراقي:
وسم بالمقطوع قول التابعي وفعله وقد رأى للشافعي
تعبيره به عن المنقطع قلت: وعكسه اصطلاح البردعي(661)
ويجوز إطلاق الموقوف على ما يروى عن التابعي فمن دونه لكن مع التقييد، فلك أن تقول: هذا الخبر موقوف على الحسن أو على سعيد أو نحوهما(662).
قال الحافظ رحمه الله:
" وَيُقَالُ لِلأخِيرَيْنِ: الأَثَرُ ".
يعني: أن يقال للأخيرين -وهما الموقوف والمقطوع-: الأثر، وهو في الأصل ما ظهر على الأرض من مشي الشخص.
قال زهير:
والمرء ما عاش ممدود له أثر لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر(663)
قال ابن الصلاح: وموجود في اصطلاح الفقهاء الخراسانيين تعريف الموقوف باسم الأثر.
قال أبو القاسم الفوراني منهم: الفقهاء يقولون: الخبر ما يروى عن النبي ( والأثر، ما يروى عن الصحابة ((664). وقد وجد ذلك في كلام الأئمة كثيراً، ففي الرسالة للإمام الشافعي، وجهة العلم الكتاب والسنّة والآثار(665). وقال: وأما القياس فإنما أخذناه استدلالاً بالكتاب والسنّة والآثار(666).
وظاهر تسمية الإمام البيهقي كتابه المشتمل على الأنواع الثلاثة بـ " معرفة السنن والآثار "، ومثله تسمية الطحاوي كتابيه " شرح معاني الآثار "، و " مشكل الآثار " يؤيد ما يراه المحدثون كما عزاه إليهم النووي من إطلاق الأثر على المرفوع والموقوف(667).
ويؤيده انتساب بعض المحدثين إلى الأثر كالحافظ العراقي قال: يقول راجي ربه المقتدر عبد الرحيم بن الحسين الأثري.
وفي الجامع للخطيب البغدادي من حديث عبد الرحيم بن حبي الفاريابي عن صالح بن بيان عن أسد بن سعيد الكوفي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده مرفوعاً:(1/138)
ما جاء عن الله فهو فريضة، وما جاء عني فهو حتم وفريضة، وما جاء عن أصحابي فهو سنّة، وما جاء عن أتباعهم فهو أثر، وما جاء عمن دونهم فهو بدعة(668). والخبر باطل لا أصل والفاريابي رمي بالوضع(669).
قال رحمه الله:
" وَالمُسْنَدُ مَرْفُوعُ صَحَابِيٍّ بِسَنَدٍ ظَاهِرُهُ الاتِّصَالُ ".
والمسند: مبتدأ خبره مرفوع صحابي؛ أي ما رفعه الصحابي إلى النبي ( بسند ظاهر الاتصال بأن يكون كل راوٍ من رواته قد تحمله عمن فوقه بطريق معتبر.
قال ابن حجر في النزهة: فقولي مرفوع كالجنس(670)، وقولي صحابي كالفصل يخرج ما رفعه التابعي، فإنه مرسل أو من دونه فإنه معضل أو معلق، وقولي ظاهره الاتصال يخرج ما ظاهره الانقطاع ويدخل فيه الاحتمال وما يوجد فيه حقيقة الاتصال من باب أولى.
ويفهم من التقييد بالظهور أن الانقطاع الخفي كعنعنة المدلس والمعاصر الذي لم يثبت لقيُّه لا يخرج الحديث عن كونه مسنداً لإطباق الأئمة الذين خرجوا المسانيد على ذلك(671).
وهذا التعريف موافق لتعريف الحاكم فإنه قال في المعرفة: المسند ما رواه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه، وكذا شيخه عن شيخه متصلاً إلى صحابي إلى رسول الله ( (672). فعلى هذا يشترط لتسمية الخبر مسنداً الرفع مع الاتصال.
وذهب ابن عبد البر في التمهيد إلى أن المسند المرفوع إلى النبي ( خاصة، وقد يكون متصلاً كمالك عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو منقطعاً؛ لأن الزهري لم يسمع من ابن عباس، فهو مسند لأنه قد أسند إلى النبي ((673). وعلى هذا فالمسند والمرفوع شيء واحد والانقطاع يدخل عليهما جميعاً. ويلزم من ذلك شموله المرسل والمعضل.
قال ابن حجر في النكت: وهو مخالف للمستفيض من عمل أئمة الحديث في مقابلتهم بين المرسل والمسند فيقولون: أسنده فلان وأرسله فلان (674). أهـ .(1/139)
وذهب الخطيب إلى أن المسند ما اتصل إسناده ولو كان موقوفاً على الصحابي أو غيره، وقد عزاه في الكفاية لأهل الحديث. ثم قال: إلا أن أكثر استعمالهم له فيما أسند عن النبي ( خاصة (675).
قال الحافظ العراقي:
والمسند المرفوع أو ما قد وصل لو مع وقف وهو في هذا يقل
والثالث الرفع مع الوصل معاً شرط به الحاكم قد قطعا
قال رحمه الله:
" فَإِنْ قَلَّ عَدَدُهُ فَإِمَّا أَنْ يَنْتَهِيَ : إلى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ إلى إِمَامٍ ذِيْ صِفَةٍ عَلِيَّةٍ كَـ شُعْبَةَ .
فالأَوَّلُ : العُلُوُّ المُطْلَقُ . والثَّانِي : العُلُوُّ النِّسْبِيُّ ".
رجال الإسناد الموصل إلى المتن يتفاوتون من حديث إلى آخر قلة وكثرة، فبعض الأحاديث تُروى بأسانيد قليلة رجالها وبعضها بأسانيد تطول ويكثر الرواة فيها، فالأول يسمى عند أهل العلم بالعالي والثاني يسمى بالنازل.
والمراد بقلة الرواة هنا بالنسبة إلى أيّ سند آخر يرد به ذلك الحديث بعينه بعد كثير.
وقد عظمت رغبة المتأخرين في العلو حتى غلب ذلك على كثير منهم، بحيث أهملوا الاشتغال بما هو أهم منه من الثبوت والفهم والاستنباط.
وإنما كان العلو مرغوباً فيه لكونه أقرب إلى الصحة وقلة الخطأ؛ لأنه ما راوٍ من رجال الإسناد إلا والخطأ جائز عليه، فكلما كثرت الوسائط وطال السند كثرت مظان التجويز، وكلّما قلَّت قلّت. قاله الحافظ.
وقال ابن الصلاح: طلب العلوّ سنّة ولذلك استحبت الرحلة فيه. قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: طلب الإسناد العالي سنّة عمن سلف. وقد روينا أن يحيى بن معين قيل له في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ قال: بيت خالي وسنَد عالي(676).
وقال الحافظ: فإن كان في النزول مزية ليست في العلو كأن يكون رجاله أوثق منه أو أحفظ أو أفقه أو الاتصال فيه أظهر فلا تردد في أن النزول أولى(677).(1/140)
ونقل ابن كثير عن بعض المتكلمين أنه كلما طال الإسناد كان النظر في التراجم والجرح والتعديل أكثر، فيكون الأجر على قدر المشقة.
قال ابن كثير: وهذا لا يقابل ما ذكرناه(678). اهـ .
فإن قلّ عدد رجال السند وانتهى إلى النبي ( بذلك العدد القليل بالنسبة إلى أي سند آخر يرد به ذلك الحديث بعينه فهو العلو المطلق، فإن اتفق أن يكون مع العلو سنده صحيحاً كان الغاية القصوى، وإلا فصورة العلو فيه موجودة ما لم يكن موضوعاً فهو كالعدم.
وإن قلّ عدد رجال السند وانتهى إلى إمام من أئمة الحديث ذي صفة علية كالحفظ والضبط والإتقان والفقه والتصنيف وغير ذلك، كشعبة ومالك وسفيان الثوري والشافعي والبخاري ومسلم وغيرهم، فهو العلو النسبي وهو ما يقل العدد فيه إلى ذلك الإمام ولو كان العدد من ذلك الإمام إلى منتها كثيراً.
وأعلا ما في الكتب الستة الثلاثيات، ففي البخاري منها اثنان وعشرون حديثاً غالبها عن المكي عن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، وليس في مسلم شيء منها، وكذلك أبو داود والنسائي.
وأما الترمذي ففيه حديث ثلاثي واحد(679 )، وابن ماجه ففيه عدة أحاديث ثلاثية(680). وفي المسند أكثر من ثلاثمائة حديث ثلاثي لتقدم مؤلفه، وهي مجموعة شرحها السفاريني في مجلدين كبيرين، ومثال النازل في المسند ما سيأتي(681)، وكثير من أحاديث الموطأ ثنائيات وثلاثيات.
قال الحافظ رحمه الله :
" وفِيهِ المُوَافَقَةُ : وَهِيَ الوُصُولُ إلى شَيْخِ أحَدِ المُصَنِّفِينَ مِنْ
غَيْرِ طَرِيقِهِ . وَالبَدَلُ الوُصُولُ إلى شَيْخِ شَيْخِهِ كَذَلِكَ . وَالمُسَاوَاةُ : وَهِيَ اسْتِوَاءُ عَدَدِ الإِسْنَادِ مِنَ الرَّاوِي إلى آخِرِهِ مَعَ إسْنَادِ أَحَدِ المُصَنِّفِينَ . وَالمُصَافَحَةُ : وَهِيَ الاسْتِوَاءُ مَعَ تِلْمِيذِ ذَلِكَ المُصَنَّفِ ".
لما عرف الحافظ العلو ووضَّح المراد به وذكر قسميه المطلق والنسبي ذكر أقسام ثاني نوعيه وهو النسبي:(1/141)
فأول هذه الأقسام: الموافقة: وعرّفها ابن الصلاح بقوله: هي أن يقع لك الحديث عن شيخ مسلم فيه مثلاً عالياً بعدد أقل من العدد الذي يقع لك به ذلك الحديث عن ذلك الشيخ إذا رويته عن مسلم عنه(682 ).
ومثَّل له الحافظ بما إذا روى البخاري عن قتيبة عن مالك حديثاً، فلو رويناه من طريقه كان بيننا وبين قتيبة ثمانية، ولو روينا ذلك الحديث بعينه من طريق أبي العباس السراج عن قتيبة مثلاً لكان بيننا وبين قتيبة فيه سبعة، فقد حصلت لنا الموافقة مع البخاري في شيخه بعينه مع علوّ الإسناد على الإسناد إليه(683).
والثاني: البدل: وهو كما قال ابن الصلاح أن يقع لك هذا العلوّ من شيخ غير شيخ مسلم هو مثل شيخ مسلم في ذلك الحديث.
ومثاله في الحديث السابق: أن يقع ذلك الإسناد بعينه من طريق أخرى إلى القعنبي عن مالك، فيكون القعنبي بدلاً فيه من قتيبة.
قال ابن الصلاح: وقد يرد البدل إلى الموافقة فيقال فيما ذكرناه: إنه موافقة عالية في شيخ شيخ مسلم، ولو لم يكن ذلك عالياً فهو أيضاً موافقة وبدل، لكن لا يطلق اسم الموافقة والبدل لعدم الالتفات إليه(684).
والثالث: المساواة: وهي أن يقع بين الراوي من المتأخرين وبين رسول الله ( مثل ما وقع من العدد بين مسلم أو البخاري إلى النبي (
قال ابن حجر: كأن يروي النسائي مثلاً حديثاً يقع بينه وبني النبي ( أحد عشر نفساً فيقع لنا ذلك الحديث بعينه بإسناد آخر إلى النبي ( يقع بيننا وبين النبي صلى الله عليه وسلم أحد عشر نفساً، فنساوي النسائي من حيث العدد مع قطع النظر عن ملاحظة ذلك الإسناد الخاص(685).
والرابع: المصافحة: وهي أن تقع تلك المساواة مع تلميذ المصنف فتكون: كأنك لقيت مسلماً أو البخاري في ذلك الحديث وصافحته به لكونك قد لقيت شيخك المساوي للبخاري أو مسلم.
قال ابن الصلاح: فإن كانت المساواة لشيخ شيخك كانت المصافحة لشيخك. وهكذا(686).(1/142)
ثم قال: اعلم إن هذا النوع من العلو علو تابع لنزول، إذ لولا نزول ذلك الإمام في إسناده لم تعلُ أنت في إسنادك(687).
ثم ذكر ابن الصلاح أنواعاً من العلو منها:
أ- العلو المستفاد من تقدم وفاة الراوي: ومثَّل له بما يرويه عن
شيخ أخبره به عن واحد عن البيهقي الحافظ عن الحاكم أبي عبد الله أعلى من روايتي لذلك عن شيخ أخبرني به عن واحد عن أبي بكر بن خلف عن الحاكم، وإن تساوى الإسنادان في العدد لتقدم وفاة البيهقي على وفاة ابن خلف؛ لأن البيهقي مات سنة ثمان وخمسين وأربعمائة، ومات ابن خلف سنة سبع وثمانين وأربعمائة(688).
ب - العلو المستفاد من تقدم السماع مثل: أن يسمع شخصان من شيخ واحد وسماع أحدهما من ستين سنة وسماع الآخر من أربعين سنة، فإذا تساوى السند إليهما في العدد، فالإسناد إلى الأول الذي تقدم سماعه أعلى(689).
قال رحمه الله :
" ويُقَابِلُ العُلُوَّ بِِأَقَسَامِهِ: النُّزُولُ ".
مقابل العلو السابق المرغوب فيه هو النزول، فكل قسم من أقسام العلو ضده قسم من أقسام النزول تدرك من التفصيل السابق.
قال الحافظ: خلافاً لمن زعم أن العلو قد يقع غير تابع للنزول.
وقال ابن الصلاح: وأما قول الحاكم أبي عبد الله: لعلّ قائلاً يقول: النزول ضد العلو، فمن العلو عرف ضده وليس كذلك. فإن للنزول مراتب لا يعرفها إلا أهل الصنعة ... إلى آخر كلامه. فهذا ليس نفياً لكون النزول ضداً للعلو على الوجه الذي ذكرته، بل نفياً لكونه يعرف بمعرفة العلو، وذلك يليق بما ذكره هو في معرفة العلو فإنه قصر في بيانه وتفصيله، وكذلك ما ذكرناه نحن في معرفة العلو فإنه مفصل تفصيلاً مفهماً لمراتب النزول والعلم عند الله تبارك وتعالى(690).(1/143)
ثم إن النزول حيث ذمّه من ذمّه كقول علي بن المديني وأبي عمرو المستملي: النزول شؤم, وكقول ابن معين: الإسناد النازل قرحة في الوجه، فهو محمول على ما إذا لم يكن مع النزول ما يجبره كزيادة الثقة في رجاله على العالي أو كونهم أحفظ أو أفقه أو كونه متصلاً بالسماع، وفي العالي حضور أو إجازة أو مناولة أو تساهل من بعض رواته في الحمل ونحو ذلك، فإن العدول حينئذ إلى النزول ليس بمذموم ولا مفضول، قاله العراقي في شرح ألفيته.
وقال: وقد رأينا عن وكيع، قال الأعمش:أحبّ إليكم عن أبي وائل عن عبد الله أو سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله؟ فقلنا: الأعمش عن أبي وائل أقرب فقال: الأعمش شيخ وأبو وائل شيخ، وسفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة فقيه عن فقيه عن فقيه.
وروينا عن ابن المبارك قال: ليس جودة الحديث قرب الإسناد بل جودة الحديث صحة الرجال. وروينا عن السلفي قال: الأصل الأخذ عن العلماء، فنزولهم أولى من العلو عن الجهلة على مذهب المحققين من النقلة.
والنازل حينئذ هو العالي في المعنى عند النظر والتحقيق كما روينا عن نظام الملك قال: عندي أن الحديث العالي ما صحّ عن رسول الله ( وإن بلغت رواته مائة، وكما روينا عن السلفي من نظمه:
ليس حسن الحديث قرب رجال عند أرباب علمه النقاد
بل علو الحديث بين أولي الحفـ ظ والإتقان صحة الإسناد
وإذا ما تجمعا في حديث فاغتنمه فذاك أقصى المراد(691)
اهـ عراقي.
وقال ابن الصلاح: هذا ونحوه ليس من قبيل العلوم المتعارف إطلاقه بين أهل الحديث، وإنما هو علو من حديث المعنى فحسب.والله أعلم(692).
فائدة :
أنزل حديث في البخاري حديث: " ويل للعرب من شر قد اقترب " فهو ثماني أو تساعي(693)، وفي السنّة حديث: " فضل سورة الإخلاص " عند النسائي، ففيه ستة من التابعين يروي بعضهم عن بعض(694).
قال رحمه الله :(1/144)
" فَإنْ تَشَارَكَ الرَّاوِي وَمَنْ رَوَى عَنْهُ في السِّنِّ أو في اللُّقِيِّ فَهُوَ: الأقْرَانُ. وَإنْ رَوَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الآخَرِ : فَالمُدَبَّجُ ".
الأقران: هم المتقاربون في السن والإسناد. قاله ابن الصلاح(695). وزاد العراقي في شرح ألفيته: غالباً(696). وقال الحاكم: إنما القرينان إذا تقارب سنهما وإسنادهما. وقال ابن الصلاح: وربما اكتفى الحاكم أبو عبد الله بالتقارب في الإسناد وإن لم يوجد التقارب في السن(697).
والمدبج: بضم الميم وفتح الدال وتشديد الباء الموحدة وآخره جيم، فإذا روى كل من القرينين عن الآخر فهذا النوع يسمى المدبج، وهو أخص من الأول، فكل مدبج أقران وليس كل أقران مدبجاً.
فعلى هذا فإن رواية القرين عن قرينه تنقسم إلى قسمين:
الأول: أن يروي أحد القرينين عن الآخر ولا يروي الأخر عنه فيها يعلم. ومثاله: رواية سليمان التيمي عن مسعر وهما قرينان.
قال الحاكم: ولا أحفظ لمسعر عن سليمان رواية. قال العراقي: وقد يجتمع جماعة من الأقران في حديث واحد كحديث رواه الإمام أحمد بن حنبل عن أبي خيثمة زهير بن حرب عن يحيى بن معين عن علي بن المديني عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: " كان أزواج النبي ( يأخذن من رؤوسهن حتى يكون كالوفرة ". فأحمد والأربعة خمستهم أقران كما قال الخطيب(698). وصنف في رواية الأقران أبو الشيخ الأصبهاني .
والثاني: أن يروي كل من القرينين عن الآخر وهو المدبج، وبذلك سمّاه الدارقطني، وجمع فيه كتاباً حافلاً في مجلد.
ومثاله في الصحابة: رواية أبي هريرة عن عائشة ورواية عائشة عنه. وفي التابعين: رواية الزهري عن أبي الزبير ورواية أبي الزبير عنه. وفي أتباعهم: رواية مالك عن الأوزاعي وراوية الأوزاعي عنه.(1/145)
قال الحافظ في النزهة: وإذا روى الشيخ عن تلميذه صدق أن كلاً منهما يروي عن الآخر فهل يمسى مدبجاً؟ فيه بحث. والظاهر لا؛ لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر، والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون ذلك مستوياً من الجانبين فلا يجيء فيه هذا(699).
قال السيوطي: من فوائد معرفة الأقران: أن لا يظن الزيادة في الإسناد أو إبدال عن بالواو(700).
قال الحافظ رحمه الله :
" وَإنْ رَوَى عَمَّنْ دُونَهُ: فَالأَكَابِرُ عَنِ الأَصَاغِرِ، وَمِنْهُ الآبَاءُ عَنِ الأبْنَاءِ، وَفي عَكْسِهِ كَثْرَةٌ، وَمِنْهُ مَنْ رَوَى عَنْ أبِيهِ عَنْ جَدِّهِ ، ".
إذا روى الراوي عمن هو دونه في السن أو في المقدار فليعلم أن هذا النوع يسمى رواية الأكابر عن الأصاغر.
قال ابن الصلاح(701): ومن الفائدة فيه أن لا يتوهم كون المروي عنه أكبر أو أفضل من الراوي نظراً إلى أن الأغلب كون المَروي عنه كذلك فيجهل بذلك منزلتهما، وقد صح عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أمرنا رسول الله ( أن ننزل الناس منازلهم(702).
قال الحافظ العراقي في شرح ألفيته(703): والأصل في هذا الباب رواية النبي ( عن تميم الداري حديث الجساسة وهو في صحيح مسلم(704).
وقال ابن الصلاح: ثم إن ذلك يعني رواية الأكابر عن الأصاغر على أضرب:
منهما: أن يكون الراوي أكبر سنّاً وأقدم طبقة من المَروي عنه كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري في روايتهما عن مالك.
ومنها : أن يكون الراوي أكبر قدراً من المَروي عنه بأن يكون حافظاً عالماً والمروي عنه شيخاً راوياً فحسب، كمالك في روايته عن عبد الله بن دينار وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه في روايتهما عن عبيد الله بن موسى.
ومنها: أن يكون الراوي أكبر من الوجهين جميعاً، كرواية كثير من العلماء والحفاظ عن أصحابهم وتلامذتهم، كالحافظ عبد الغني في روايته عن الصوري وكرواية البرقاني عن الخطيب ورواية الخطيب عن ابن ماكولا.(1/146)
ويندرج تحت هذا النوع ما يذكر من رواية الصحابي عن التابعي، كرواية العبادلة وغيرهم من الصحابة عن كعب الأحبار، وكذلك رواية التابعين عن تابع التابعين وهكذا(705).
ومن جملة هذا النوع وهو أخص من مطلقه رواية الآباء عن الأبناء وصنَّف فيه الخطيب كتاباً روى فيه من حديث العباس بن عبد المطلب عن ابنه الفضل أن رسول الله ( جمع بين الصلاتين بالمزدلفة(706).
وقال ابن الصلاح: روينا عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل وهما ثقتان أحاديث منها: عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ( : " أخّروا الأحمال فإن اليد معلَّقة والرجل موثقة "( 707).
قال الخطيب: لا يروى عن النبي ( فيما نعلمه إلا من جهة بكر وأبيه (708).
وعكس ذلك رواية الأصاغر عن الأكابر وهذا هو الكثير الغالب والجادة المسلوكة، وأمثلته كثيرة جداً بحر في كثرتها فلا يغالب، ومنه رواية الأبناء عن الآباء، وصنّف فيه أبو نصر الوائلي الحافظ.
قال ابن الصلاح: وأهمه ما لم يسمع فيه الأب والجد وهو نوعان: أحدهما: رواية الابن عن الأب عن الجد نحو: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وله بهذا نسخة كبيرة أكثرها فقهيات جياد. وشعيب هو ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص.
وقد احتج أكثر أهل الحديث بحديثه حملاً لمطلق الجد فيه على الصحابي عبد الله بن عمرو دون ابنه محمد والد شعيب، ونحوه: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، روى بهذا الإسناد نسخة كبيرة حسنة وجدُّه هو معاوية بن حيدة القشيري، وطلحة بن مصرف عن أبيه عن جده وجدُّه عمرو بن كعب اليامي، ويقال: كعب بن عمرو(709)(1/147)
قال الحافظ: وجمع الحافظ صلاح الدين العلائي من المتأخرين مجلداً كبيراً في معرفة من روى عن أبيه عن جده عن النبي ( وقسّمه أقساماً، فمنه ما يعود الضمير في قوله عن جده على الراوي، ومنه ما يعود الضمير فيه على أبيه وبين ذلك وحقّقه وخرّج في كل ترجمة حديثاً من مرويه. وقد لخّصت كتابه المذكور وزدت عليه تراجم كثيرة جداً. وأكثر ما وقع فيه ما تسلسلت فيه الرواية عن الآباء بأربعة عشراً أباً(710).
وصنّف فيه ابن قطلوبغا كتاباً سمّاه من روى عن أبيه عن جده(711).
قال الحافظ رحمه الله:
" وَإنِ اشْتَرَكَ اثْنَانِ عَنْ شَيْخٍ وَتَقَدَّمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا فَهُوَ : السَّابِقُ وَاللّاحِقُ ".
السابق: اسم فاعل من السبق واللاحق مثله.
والمراد به أن يشترك اثنان في الرواية عن شيخ ويتقدم موت أحدهما عن الآخر، بحيث يتباين وقت وفاتيهما تبايناً شديداً فيحصل بينهما أمد بعيد وإن كان المتأخر منهما غير معدود من معاصري الأول وذوي طبقته.
فالمتقدم يقال له: السابق، والمتأخر يقال له: اللاحق.
ومثاله: روى الإمام البخاري في تاريخه عن محمد بن إسحاق السراج النيسابوري وروى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد الخفاف النيسابوري، وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر، وذلك أن البخاري مات سنة ست وخمسين ومائتين، ومات الخفاف سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة(712).
ومثل له الخطيب برواية الزهري عن الإمام مالك وروى عنه أيضاً: زكريا بن دويد الكندي وبين وفاتيهما مائة وسبع وثلاثون سنة أو أكثر. كذا مثل الخطيب بابن دويد ولا ينبغي أن يمثل به لأنه كذاب(713).
فالصواب أن آخر أصحاب مالك أحمد بن إسماعيل السهمي، مات سنة تسع وخمسين ومائتين وبينه وبين الزهري مائة وخمس وثلاثون سنة. وينظر المثال الذي ذكره الحافظ في شرحه(714).
ومن فوائد هذا النوع كما قال ابن الصلاح تقرير حلاوة علو الإسناد في القلوب(715).(1/148)
وقال السيوطي: ومن فوائده أيضاً أن لا يظهر سقوط شيء من الإسناد(716). وقال الصنعاني في شرح نظمه للنخبة: عدّ هذا النوع من أنواع علوم الحديث قليل الجدوى عديم الفائدة، وهذه الحلاوة التي ذكرت ما أظن عارفاً يذوقها، ثم إنه ليس اسماً لرتبة معينة كرواية الآباء عن الأبناء والأكابر عن الأصاغر ونحوها(717).
وقد صنّف الخطيب كتاباً سمّاه: " السابق واللاحق "(718).
قال الحافظ رحمه الله:
" وَإنْ رَوَى عَنْ اثْنَيْنِ مُتَّفِقَي الاسْمِ وَلَمْ يَتَمَيَّزَا فَبِاخْتِصَاصِهِ بأَحَدِهِمَا يَتَبَيَّنُ المُهْمَلُ ".
المهمل: اسم مفعول من الإهمال. وحقيقته عند أهل الحديث أن يروي الراوي عن اثنين متفقي الاسم فقط أو الكنية أو مع اسم الأب أو مع الجد أو مع نسبته، ولم يتميزا بما يخص كلاًّ منهما أو يخص أحدهما فقط.
والفرق بين المبهم والمهمل أن المبهم لم يذكر له اسم، والمهمل ذكر اسمه مع الاشتباه.
قال ابن حجر: ومن أراد لذلك ضابطاً كلياً يمتاز به أحدهما عن الآخر، فباختصاصه بأحدهما يتبيّن المهمل، ومتى لم يتبين ذلك أو كان مختصاً بهما معاً، فإشكاله شديد فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب(719).
ومثال ذلك: ما يقع كثيراً في صحيح البخاري عن محمد غير منسوب، ولذا يختلف فيه الشراح كثيراً، ويرجح بعضهم ما لا يرجحه الآخر ويحتمل أن يكون الذهلي أو ابن سلام، كما يقع في صحيح البخاري رواية عن أحمد غير منسوب عن ابن وهب، فهو إما أحمد بن صالح المصري أو أحمد بن عيسى(720).
وقد استوعب ذلك الحافظ ابن حجر في هدي الساري مقدمة فتح الباري(721). والذي يضر من ذلك أن يكون أحدهما ضعيفاً من ذلك قول وكيع حدثنا النضر عن عكرمة وهو يروي عن النضر بن عربي وعن النضر بن عبد الرحمن وهو ضعيف(722).
أما إذا كانا ثقتين فإن عدم تميّز أحدهما عن الآخر لا يضر كعدم تميز سفيان أو حماد(723).
قال الحافظ رحمه الله:(1/149)
" وَإِنْ جَحَدَ الشيخُ مَرْوِيَّهُ جَزْماً رُدَّ، أوْ احْتِمَالاً قُبِل في الأَصَحِّ، وَفِيهِ: مَنْ حَدَّثَ وَنَسِيَ ".
إذا روى شيخ عن ثقة حديثاً فجحد الشيخ المروي عنه ونفى ما نسب إليه فقال ابن الصلاح: المختار أنه إن كان جازماً بنفيه بأن قال: ما رويته أو كذب عليّ أو نحو ذلك فقد تعارض الجزمان والجاحد هو الأصل فوجب رد حديث الفرع(724). اهـ.
قال القاري: على المختار وهو محكي عن الشافعي، وبالغ بعضهم في ذلك فنقل الإجماع عليه(725).
وقال ابن حجر: رد الخبر لكذب واحد منهما لا بعينه(726)، أي لكذب الأصل في قوله: كذب عليَّ أو ما رويت إن كان الفرع صادقاً، أو كذب الفرع في الرواية إن كان الأصل صادقاً في قوله: كذب عليَّ.
وقال ابن الصلاح: ثم لا يكون ذلك جرحاً له يوجب رد باقي حديثه لأنه مكذب لشيخه أيضاً في ذلك, وليس قبول جرح شيخه له بأولى من قبول جرحه لشيخه فتساقطا(727).
وفي شرح القاري: عدالة الأصل تمنع كذبه فيجوز النسيان على الفرع، وعدالة الفرع تمنع كذبه، فيجوز النسيان على الأصل، ولم يتبين مطابقة الواقع فلذلك لا يكون ذلك قادحاً(728). اهـ.
وإن كان إنكار الشيخ الحديث احتمالاً لا جزماً بأن قال المروي عنه: لا أعرفه أو لا أذكره أو نحو ذلك، فذلك لا يوجب رد رواية الراوي عنه، بل يقبل الخبر عند جمهور أهل الحديث وأكثر الفقهاء؛ لأن ذلك يحمل على نسيان الشيخ والحكم للذاكر، إذ المثبت الجازم مقدم على النافي المتردد.
وقال بعض الحنفية: لا يقبل لأن الفرع تبع للأصل في إثبات الحديث بحيث إذا ثبت أصل الحديث ثبتت رواية الفرع، فكذلك ينبغي أن يكون فرعاً عليه وتبعاً له في التحقق.
قال ابن حجر: وهذا متعقب فإن عدالة الفرع تقتضي صدقه وعدم علم الأصل لا ينافيه، فالمثبت مقدم على النافي، وأما قياس ذلك بالشهادة ففاسد لأن شهادة الفرع لا تسمع مع القدرة على شهادة الأصل بخلاف الرواية فافترقا.(1/150)
وبنى الحنفية على أصلهم ردّهم حديث سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة عن رسول الله ( : " إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها فنكاحها باطل " الحديث. من أجل أن ابن جريج قال: لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه(729).
وكذا حديث ربيعة الرأي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي ( " قضى بشاهد ويمين ", فإن عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال: لقيت سهلاً فسألته عنه فلم يعرفه(730).
قال ابن الصلاح: والصحيح ما عليه الجمهور، لأن المروي عنه بصدد السهو والنسيان والراوي عنه ثقة جازم فلا يرد بالاحتمال روايته، ولهذا كان سهيل بعد ذلك يقول: حدثني ربيعة عني عن أبي .. ويسوق الحديث.
وقد روى كثير من الأكابر أحاديث نسوها بعد ما حُدِّثُوا بها عمن سمعها منهم، فكان أحدهم يقول: حدثني فلان عني عن فلان بكذا وكذا(731).
وجمع الحافظ الخطيب ذلك في كتاب أخبار من حدث ونسي وقبله الدارقطني، وللسيوطي تذكرة المؤتسي في ذكر من حدث ونسي.
وقال ابن الصلاح: ولأجل أن الإنسان معرض للنسيان كره من كره من العلماء الرواية عن الأحياء منهم الشافعي، قال لابن عبد الحكم: إياك والرواية عن الأحياء(732).
قال رحمه الله :
"وَإِنْ الرُّوَاةُ في صِيَغِ الأَدَاءِ أَوْ غَيْرِهَا مِنَ الحَالَاتِ، فَهُوَ: المُسَلْسَلُ ".
المسلسل: اسم مفعول من التسلسل وهو في اللغة اتصال الشيء بعضه ببعض ومنه سلسلة الحديد.
قال ابن الصلاح: وهو عبارة عن تتابع رجال الإسناد وتواردهم فيه واحداً بعد واحد على صفة أو حالة واحدة(733). وهو من نعوت الأسانيد بخلاف المرفوع ونحوه فإنه من صفات المتن، وبخلاف الصحيح ونحوه فإنه من صفاتهما.
وينقسم ذلك إلى ما يكون صفة للرواية والتحمُّل، وإلى ما يكون صفة للرواة أو حالهم، ونوعه الحاكم أبو عبد الله إلى ثمانية أنواع.
قال ابن الصلاح: والذي ذكره فيها إنما هو صور وأمثلة ثمانية ولا انحصار ذلك في ثمانية.(1/151)
ومثال: ما يكون صفة للرواية والتحمُّل ما يتسلسل بـ سمعت فلاناً قال: سمعت فلاناً. إلى آخر الإسناد. أو يتسلسل بـ ( حدثنا ) أو أخبرنا .. إلى آخره.
ومن ذلك: أخبرنا والله فلان، قال: أخبرنا والله فلان ... إلى آخره.
ومثال: ما يرجع إلى صفات الرواة وأقوالهم ونحوها حديث: " اللهم أعنّي على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " المتسلسل بقولهم: " إني أحبك فقل ... " وحديث التشبيك باليد(734).
قال ابن الصلاح: وخيرها ما كان فيه دلالة على اتصال السماع وعدم التدليس، ومن فضيلة التسلسل اشتماله على مزيد الضبط من الرواة. وقلَّما تسلم المسلسلات من ضعف يعني وصف التسلسل لا في أصل المتن.
ومن المسلسل ما ينقطع تسلسله في وسط إسناده وذلك نقص فيه، وهو كالمسلسل بأول حديثه سمعته على ما هو الصحيح في ذلك(735)، فقد انقطع تسلسله في سماع سفيان .. إلخ. والحالات المذكورة قولية وفعلية.
فمثال القولية ما تقدم: " إني أحبك " والفعلية كقوله: دخلنا على فلان فأطعمنا تمراً .. إلخ. أو القولية والفعلية معاً كقوله: حدثني فلان وهو آخذ بلحيته وقال: آمنت بالقدر خيره وشره.
وقال الحافظ العراقي: ومثال التسلسل بصفات الرواة القولية كالحديث المسلسل بقراءة سورة الصف ونحوه.
وأحوال الرواة الفعلية كالحديث المسلسل بالفقهاء وهو حديث ابن عمر مرفوعاً: البيعان بالخيار، فقد تسلسل لنا برواية الفقهاء، وكالحديث المسلسل برواية الحفاظ ونحو ذلك(736).
قال رحمه الله:
" وَصِيَغُ الأَدَاءُ: سَمِعْتُ وَحَدَّثَنِيْ، ثُمَّ أَخْبَرنِي وَقَرَأْتُ عَلَيْهِ, ثُمَّ قُرِئَ عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، ثُمَّ أَنْبَأَنِيْ، ثَمَّ نَاوَلَِنِيْ، ثَمَّ شَافَهَنِي، ثُمَّ كَتَبَ إليَّ، ثُمَّ عَنْ وَنَحْوَهَا.(1/152)
فَالأَوَّلَانِ لِمَنْ سَمِعَ وَحْدَهُ مِنْ لَفْظِ الشَّيْخِ، فَإِنْ جَمَعَ فَمَعَ غَيْرِهِ، وَأَوَّلُهَا: أَصْرَحُهَا وَأَوْفَعُهَا في الإِمْلَاءِ. وَالثَّالِثُ وَالرَّابعُ: لِمَنْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ. فَإِنْ جَمَعَ: فَهُوَ كَالخَامِسِ.
وَالإِنْبَاءُ بِمَعْنَى الإِخْبَارِ. إلَّا فِي عُرْفِ المُتَأْخِّرِينَ فَهُوَ لِلإِجَازَةِ كَـ (عَنْ) ".
للتحديث طرفان تتحمل وأداء: فالتحمل أخذ الحديث عن الشيوخ، والأداء تبليغ الحديث للتلاميذ. وللتحمل ثمان طرق هي:
1- السماع من لفظ الشيخ. 2- القراءة على الشيخ، وتسمى العرض.
3- الإجازة. 4- المناولة. 5- المكاتبة. 6- الوصية. 7- الإعلام. 8 - الوجادة.
ويصح تحمل الحديث قبل وجود الأهلية فتقبل رواية من تحمّل حال الكفر قبل إسلامه وروى بعده، وكذلك تقبّل رواية من سمع قبل البلوغ وروى بعده، ومنع قوم تحمل الصبي فأخطؤا؛ لأن الناس قبلوا رواية أحداث الصحبة كالحسن وابن عباس وابن الزبير وأشباههم من غير فرق بين ما تحمّلوه قبل البلوغ وبعده. ولم يزالوا قديماً وحديثاً يحضرون الصبيان مجالس التحديث والسماع ويعتدون بروايتهم لذلك.
واختلفوا في أول زمان يصح فيه سماع الصغير:
فحدّد الجمهور في ذلك خمس السنين لأقله لحديث محمود بن الربيع أنه قال: عَقَلتُ من النبي ( مَجَّةً مَجَّها في وجهي وأنا ابن خمس سنين منْ دلوٍ. وترجم عليه الإمام البخاري في صحيحه: " متى يصح سماع الصغير "(737).
قال ابن الصلاح: التحديد بخمس هو الذي استقر عليه عمل أهل الحديث المتأخرين فيكتبون لابن خمس فصاعداً سمع، ولمن لم يبلغ خمساً حضر أو أحضر. قال: والذي ينبغي في ذلك أن يعتبر في كل صغير على الخصوص، فإن وجدناه مرتفعاً عن حال من لا يعقل فهماً للخطاب ورداً للجواب ونحو ذلك صححنا سماعه وإن كان دون خمس، وإن لم يكن كذلك لم نصحح سماعه وإن كان ابن خمس بل ابن خمسين(738).(1/153)
والحاصل أن مرد ذلك إلى التمييز، فإن كان مميزاً يفهم الخطاب ويرد
الجواب صح سماعه وإلا فلا.
وأما الأداء فلا يصح إلا بعد توافر شروط القبول من العدالة والضبط كما تقدم في مبحث الصحيح.
إذا علم هذا فلأداء الحديث صيغ كثيرة منها:
سمعت وحدثني، لمن سمع من لفظ الشيخ وحده.
وسمعنا وحدثنا، لمن سمع من لفظ الشيخ مع غيره.
وأول الصيغ أصرحها وأدلها على المراد (سمعت) بالإفراد. قال الخطيب: أرفع العبارات في ذلك سمعت ثم حدثنا وحدثني فإنه لا يكاد أحد أن يقول " سمعت " في أحاديث الإجازة والمكاتبة ولا في تدليس ما لم يسمعه، وكان بعض أهل العلم يقول فيما أجيز له حدثنا.
وروي عن الحسن أنه كان يقول: حدثنا أبو هريرة ويتأوّل أنه حدث أهل المدينة وكان الحسن بها إذ ذاك إلا أنه لم يسمع منه شيئاً.
قال ابن الصلاح: ومنهم من أثبت له سماعاً من أبي هريرة(739). ثم يتلو: سمعت وحدثني أخبرني. قال ابن الصلاح: وهو كثير في الاستعمال حتى إن جماعة من أهل العلم لا يكادون يؤدون مروياتهم إلا بلفظ أخبرنا. قال ابن الصلاح: وكان هذا قبل أن يشيع تخصيص أخبرنا بما قرئ على الشيخ: وفي حكم أخبرنا قرأت على فلان، وهما لمن قرأ على الشيخ بنفسه، فإن جمع فقال: أخبرنا أو قرأنا كان كالخامس (قرئ عليه وأنا أسمع).
وأرفع طرق التحمل هو السماع من لفظ الشيخ وهو الأصل في الرواية وأرفعه ما كان في حال الإملاء لما فيه التثبُّت والتحفُّظ من الطرفين الشيخ والطالب.
والقراءة على الشيخ أحد طرق التحمُّل المعتبرة عند الجمهور وشذّ من أبي ذلك من أهل العراق, واشتد إنكار الإمام مالك وغيره من المدنيين عليهم في ذلك حتى بالغ بعضهم فرجحها على السماع من لفظ الشيخ.
وذهب قوم منهم الإمام البخاري كما صرَّح به في صحيحه أن السماع من لفظ الشيخ والقراءة عليه سواء في القوة والصحة(740).(1/154)
ثم يلي: سمعت وحدثنا وأخبرنا، أنبأني والإنباء بمعنى الإخبار من حيث اللغة كما قوله تعالى: ( وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ( (فاطر:14). كما أن التحديث مثل الإخبار كما في قوله تعالى: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ( (الزلزلة:4).
هذا من حيث الأصل, وإلا فابن الصلاح قد خص سمعت وحدثنا بما تحمّل بطريق السماع، والإخبار بما تحمّل بطريق العرض، وأنبأنا بما تحمَّل بالإجازة، واستعمل بعضهم عن في الإجازة:
وكثر استعمال عن في ذا الزمن إجازة وهي بوصل ما قمن
قال رحمه الله:
" وَعَنْعَنَةُ المُعَاصِرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى السَّمَاعِ إلَّا مِنَ المُدَلِّسِ، وَقِيلَ: يُشْتَرَطُ ثُبُوتُ لِقَائِهِمَا وَلَوْ مَرَّةً، وَهُوَ المُخْتَارُ ".
العنعنة: وهي رواية الحديث بصيغة " عن " محمولة على الاتصال بشرطين:
الأول: براءة الراوي المعنعن من التدليس.
الثاني: ثبوت اللقاء ولو مرة واحدة على المختار تبعاً لعلي بن المديني. والبخاري وغيرهما من النقاد.
واكتفى الإمام مسلم بالمعاصرة مع إمكان اللقاء واشتدَّ نكيره على من اشترط اللقاء في مقدمة صحيحه(741).
ومثل " عن " في الحكم " أنّ "، فهي محمولة على السماع بالشرطين المذكورين. وحكى بعضهم أن السند المؤنن منقطع ومثلهما قال: إذا روى بها التلميذ عن شيخه فيه محمولة على الاتصال بالشرطين.
... أما الذي لشيخه عزا بقال فكذى
عنعنة كخبر المعارف لا تصغ لابن حزم لمخالف
قال رحمه الله:
" وَأَطْلَقُوا المُشَافَهَةَ في الإِجَازَةِ المُتَلَفَّظِ بِهَا، وَالمُكَاتَبَةَ في الإِجَازَةِ المَكْتُوبِ بِهَا ".
من طرق التحمُّل عند جمهور العلماء الإجازة وهي: الإذن في الرواية المفيد للإخبار الإجمالي عرفاً، وهي أنواع كثيرة.
1- أن يجيز معيّناً بمعين وهو أرفعها.
2- أن يجيز معيّناً في غير معين.
3- أن يجيز لغير معين بوصف العموم.
4- الإجازة للمجهول أو بالمجهول.
5- الإجازة المعلقة بشرط.(1/155)
6- الإجازة للمعدوم.
7- الإجازة للطفل.
8- إجازة ما لم يسمعه المجيز.
9- إجازة المجاز.
وأطلقوا المشافهة فيما تحمَّل بطريق الإجازة المتلفّظ بها، وكذا أطلقوا المكاتبة في الإجازة المكتوب بها وهو وجود في عبارات كثير من المتأخرين بخلاف المتقدمين، فإنهم إنما يطلقون المشافهة بما تحمِّل بطريق السماع والمكاتبة بما كتب به الشيخ إلى الطالب سواء أذن له في روايته أم لا.
قال رحمه الله:
" وَاشْتَرَطُوا في صِحَّةِ المُنَاوَلَةِ اقترانَها بِالإِذْنِ بِالرِّوَايَةِ، وَهِيَ أَرْفَعُ أَنْوَاعُ الإِجَازَةِ ".
من طريق التحمُّل عند الجمهور المناولة المقرونة بالإجازة, وهي: أن يناول الشيخ الطالب الكتاب من مرويه ويأذن له بروايته عنه، ويمكنه منه بهبة أو إعارة أو نحوها.
فإذا اقترنت المناولة بالإجازة صارت أعلى من الإجازة دون المناولة، وإذا خلت المناولة عن الإجازة لم تصح.
قال الحافظ العراقي رحمه الله.
وإن خلت من إذن المناولة قيل تصح والأصح باطلة(742).
قال رحمه الله:
" وَكَذَا اشْتَرَطُوا الإذْنَ فِيْ الوِجَادَةِ، وَالوَصِيَّةِ بِالكِتَابِ، وَالإِعْلَامِ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِذَلِكَ، كَالإِجَازَةِ العَامَّةِ، وَلِلْمَجْهُولِ وَالمَعْدُومِ عَلَى الأَصَحِّ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ ".
من طرق التحمُّل: الوجادة:
وهي مصدر وجد يجد موَلَّد غير مسموع من العرب لما أخذ من العلم من صحيفة من غير سماع للتفريق بين مصادر وجد للتمييز بين المعاني المختلفة، فقالوا: وجد ضالته وجداناً ومطلوبه وجوداً، وفي الغضب موجدة والغني وُجِداً وفي الجب وَجداً.
وحقيقتها: أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطّه ولم يلقه، أو لقيه ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطّه.
فليس للواجد حينئذ أن يروي هذه الأحاديث إلا إذا كان مأذوناً له بروايتها ومجازاً فيها، لكن له أن يقول: وجدت بخط فلان أو قرأت بخط فلان.(1/156)
والوجادة المجرّدة عن الإذن من باب المنقطع إلا أن فيه شوب اتصال بقوله: وجدت بخط فلان. قاله ابن الصلاح(743).
هذا من حيث الرواية؛ وأما بالنسبة للعمل وجوازه اعتماداً على ما يوثق به منها، فقد حكى بعض المالكية أن معظم المحدثين والفقهاء من المالكية وغيرهم على عدم العمل بذلك، وحكي عن الشافعي وطائفة من أصحابه جواز العمل بذلك(744).
ومن طرق التحمُّل: الوصية بالكتاب:
وحقيقتها: أن يوصي الراوي بكتاب يرويه عند موته أو سفره لشخص. فروي عن بعض السلف أنه جوَّز الراوية بمجرد الوصية، والصواب كما قال الحافظ أنها إن خلت عن الإجازة أنه لا عبرة بها.
ومن طرق التحمُّل: الإعلام:
والمراد به إعلام الراوي للطالب بأن هذا الحديث أو هذا الكتاب سماعه من فلان أو روايته مقتصراً على ذلك؛ فإن خلا الإعلام عن الإجازة فلا عبرة به كما قال الحافظ، وإن حكى ابن الصلاح جواز الرواية به عن كثيرين كابن جريج وطوائف من المحدثين والفقهاء والظاهرية. ثم قال ابن الصلاح: والمختار ما ذكر عن غير واحد من المحدثين وغيرهم من أنه لا تجوز الرواية بذلك، وأما العمل فإنه يجب عليه العمل بما ذكره له إذا صح إسناده وإن لم تجز له روايته عنه، لأن ذلك يكفي فيه صحته في نفسه(745).
وأما الإجازة العامة كأن يقول: أجزت لجميع المسلمين أو لمن قال: لا إله إلا الله, أو لمن أدرك حياتي.
وكذا الإجازة للمجهول كالمبهم والمهمل والمعدوم، كأن يقول: أجزت لمن سيولد لفلان تبعاً أو استقلالاً، كأن يقول: أجزت لفلان ومن سيولد له، فإنه لا عبرة بذلك كله على الأصح في جميع ذلك وإن جوّز لك بعضهم. والسبب في ذلك إن الإجازة في أصلها ضعف، وفي الاستدلال لها غموض كما قال ابن الصلاح(746). وتزداد ضعفاً بهذا التوسع.
قال رحمه الله:
" ثُمَّ الرُّوَاةُ: إِنْ اتَّفَقَتْ أَسْمَاؤُهُمْ وَأَسْمَاءُ آبَائِهِمْ فَصَاعِداً وَاخْتَلَفَتْ أَشْخَاصُهُمْ فَهُوَ المُتَّفِقُ وَالمُفْتَرِقُ ".(1/157)
المتفق والمفترق: هو أن يتفق الرواة وأسماء آبائهم فصاعداً، وتختلف أشخاصهم، سواء في ذلك اتفق اثنان منهم أو أكثر وكذلك إذا اتفق اثنان فصاعداً في الكنية والنسبة.
ومثاله: الخليل بن أحمد ستة أشخاص.
أولهم: النحوي البصري صاحب العروض.
والثاني: أبو بشر المزني بصري أيضاً، روى عنه العباس العنبري وغيره.
والثالث: أصبهاني، روى عنه روح بن عبادة وغيره.
والرابع: أبو سعيد السجزي القاضي الفقيه الحنفي، حدث عنه ابن خزيمة وغيره.
والخامس: أبو سعيد البستي القاضي المهلبي، روى عنه السجزي المذكور.
والسادس: أبو سعيد البستي أيضاً الشافعي، روى عن أبي حامد الإسفراييني وغيره.
وفات الخطيب الأربعة الأخيرة من هؤلاء. قاله ابن الصلاح(747).
ومن أمثلته: أحمد بن جعفر بن حمدان أربعة كلهم في عصر واحد: أحدهم القطيعي، والثاني: السقطي، والثالث: دينوري، والرابع: طرسوسي.
ومحمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري اثنان كلاهما في عصر واحد.
ومثال ما اتفق من ذلك في الكنية والنسبة معاً: أبو عمران الجوني: اثنان، وأبو بكر بن عياش: ثلاثة، وعكسه صالح بن أبي صالح: أربعة.
وفائدة معرفة هذا النوع خشية أن يُظَن الشخصان شخصاً واحداً عكس ما تقدم في المهمل لأنه يخشى أن يُظن الواحد اثنين. وصنَّف فيه الخطيب كتاباً حافلاً ولخَّصه الحافظ ابن حجر وزاد عليه أشياء كثيرة. قاله في النزهة(748).
قال رحمه الله:
" وَإِنْ اتَّفَقَتِ الأسْمَاءِ خَطّاً واْخْتَلَفَتْ نُطْقاً فَهُوَ المُؤْتَلِفُ وَالمُخْتَلِفُ ".
المؤتلف والمختلف: هو أن تتفق الأسماء في الخط وتختلف في النطق سواء كان مرجع الاختلاف النقط أم الشكل.
قال ابن الصلاح: وهذا فن جليل من لم يعرفه من المحدثين كَثُر عثاره ولم يعدم مُخجلاً، وهو منتشر لا ضابط في أكثره يفزع إليه، وإنما يضبط بالحفظ تفصيلاً(749).
ومعرفة هذا النوع من مهمات هذا الفن حتى قال علي بن المديني: أشد التصحيف ما يقع في الأسماء.(1/158)
ووجهه بعضهم بأنه شيء لا يدخله القياس ولا قبله شيء يدل عليه ولا بعده(750). وما يمكن ضبطه من ذلك على قسمين عام وخاص: فمن القسم الأول: سلّام وسلام.
قال ابن الصلاح: جميع ما يرد عليك من ذلك فهو بتشديد إلا خمسة وهم:
1- سلام، والد عبد الله بن سلام الصحابي.
2- سلام، والد محمد بن سلام البيكندي شيخ البخاري، لكن قال صحاب المطالع: إن منهم من خففه ومنهم من ثقل وهو الأكثر. وقال ابن الصلاح: التخفيف أثبت.
3- سلام بن ناهض المقدسي، وسماه الطبراني " سلامة ".
4- سلام، جد محمد بن عبد الوهاب الجبائي المعتزلي.
5- سلام بن أبي الحقيق.
ومن ذلك: عُمارة وعِمارة كلهم بالضم إلا أُبي بن عِمارة. كَريز وكُريز، وحزام وحرام والسفْر والسفَر. وعِسل وعَسَل، وغنَّام وعثَّام، وقُمير وقَمير، ومسور ومسوَّر، والحمَّال والجمَّال.
قال ابن الصلاح: وقد يوجد في هذا الباب ما يؤمن فيه من الغلط ويكون اللافظ فيه مصيباً كيفما قال: مثل عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو أيضاً الخبَّاط والخيَّاط، إلا أن شهرته بالنون.
والقسم الثاني (الخاص). ضبط ما في الصحيحين أو هما مع الموطأ من ذلك على الخصوص.
فمن ذلك: بشار بالشين والد بندار محمد بن بشار وسائر من في الكتابين يسار بالياء آخر الحروف والسين المهملة، وفيهما سيار بن سلامة وسيار بن أبي سيار وردان.
وجميع ما في الصحيحين والموطأ مما هو على صورة (بسر) فهو بالشين المنقوطة وكسر الباء إلا أربعة فإنهم بالسين المهملة وضم القباء وهم: عبد الله بن بسر المازني صحابي، وبسر بن سعيد، وبسر بن عبيد الله الحضرمي، وبسر بن محمد الديلي، وقيل فيه، بشر بالشين، وبالأول قال الأكثر.(1/159)
وجميع ما فيها على صورة بشير فهو بالياء المثناة من تحت قبل الراء فهو بالشين المنقوطة والباء الموحدة المفتوحة إلا أربعة، فاثنان بضم الباء وهما: بُشَير بن كعب العدوي وبُشير بن يسار، والثالث: بالياء يُسير بن عمرو بالياء ويقال: أُسير، والرابع: قطن بن نُسير بالنون.
وجمع ما فيها من البراء فإنه بتخفيف الراء إلا أبا معشر البرَّاء وأبا العالية البرَّاء فإنهما بتشديد الراء، والبراء الذي يبري العود، وخراش كله بالخاء المعجمة إلا والد ربعي بن حراش فبالمهملة، وزعم المنذري في مختصر سنن أبي داود أنه بالخاء المعجمة(751)، وحُصين كله بضم الحاء إلا أبا حَصين عثمان بن عاصم الأسدي وجميعه بالصاد إلا خُضين بن المنذر أبا ساسان فإنه بالضاد المعجمة، وعُبيدة في الكتب الثلاثة كله بالضم إلا عَبيدة السلماني، وعَبيدة بن حميد، وعَبيدة بن سفيان وعامر بن عَبيدة الباهلي.
السلمي: إذا جاء في الأنصار فهو بفتح السين نسبة إلى بني سَلمة، وأهل العربية يفتحون اللام منه في النسب كما في النَّمري والصدفَي وبابهما، وأهل الحديث يقولون بكسر اللام على الأصل وهو لحن. والله أعلم(752).
صنّف في هذا النوع الحافظ الدارقطني وذيل على كتابه الخطيب البغدادي، كما صنّف فيه عبد الغني بن سعيد، ثم جمع الجميع الأمير أبو نصر بن ماكولا في كتابه الإكمال، قال ابن حجر: وكتابه من أجمع ما جمع في ذلك، وهو عمدة كل محدث بعده. واستدرك عليه أبو بكر بن نقطة ما فاته في مجلد ضخم ثم ذيّل عليه منصور بن سَليم في مجلد لطيف وكذلك ابن الصابوني.
وجمع الذهبي في ذلك كتاباً مختصراً جداً. قال ابن حجر: اعتمد فيه على الضبط بالقلم فكَثُر فيه الغلط والتصحيف المباين لموضوع الكتاب. ثم صنّف الحافظ ابن حاجر كتاباً في توضيحه سمّاه: تبصير المنتبه بتحرير المشتبه(753).
قال رحمه الله:(1/160)
" وَإنْ اتَّفَقَتِ الأَسْمَاءُ وَاخْتَلَفَتِ الآبَاءُ، أَوْ بِالعَكْسِ فَهُوَ المُتَشابِهُ، وَكّذَا إنْ وَقَعَ ذَلِكَ الاتِّفَاقُ في اسْمٍ وَاسْمِ أبٍ والاخْتِلَافُ في النِّسْبَةِ، وَيُرَكَّبُ مِنْهُ وَمِمَّا قَبْلهُ أَنْوَاعٌ؛ مِنْهَا: أَنْ يَحْصُلَ الاتِّفَاقُ أَوْ الاشْتِبَاهُ إلَا في حَرْفٍ أَوْ حَرْفَيْنِ، أَوْ بِالتَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ ".
إذا اتفقت الأسماء خطاً ونطقاً واختلفت الآباء نطقاً مع ائتلافها خطاً أو عكسه بأن تختلف الأسماء نطقاً وتأتلف خطاً، وتتفق الآباء خطاً ونطقاً فهذا النوع يقال له: المتشابه.
ومثال الأول: محمد بن عَقيل - بفتح العين - ومحمد بن عُقيل - بضمها- الأول: نيسابوري، والثاني، فريابي، وهما مشهوران وطبقتهما متقاربة.
ومثال الثاني: شريح بن النعمان وسريج بن النعمان، الأول: بالشين المعجمة والحاء، والثاني: بالسين المهملة والجيم.
وكذا إن وقع ذلك الاتفاق في اسم الأب والاختلاف في النسبة ومثله: إن وقع الاتفاق في الاسم واسم الأب والاختلاف في النسبة.
وصنّف الخطيب البغدادي في ذلك كتاباً سماه: " تلخيص المتشابه ".
ويتركب من هذا النوع المتشابه مع ما قبله أنواع:
منهما: أن يحصل الاشتباه في الاسم واسم الأب مثلاً إلا في حرف أو حرفين فأكثر، من أحدهما أو منهما هو على قسمين:
الأول: ما وقع فيه الاختلاف بالتغيير مع أن عدد الحروف ثابت في الجهتين، كمحمد بن سنان ومحمد بن سيار ومحمد بن حنين ومحمد بن السحين، وحفص بن مسيرة وجعفر ميسرة.
والثاني: ما وقع فيه الاختلاف بالتغيير مع نقصان بعض الأسماء عن بعض في عدد الحروف، نحو عبد الله بن يزيد وعبد الله بن زيد، وعبد الله بن يحيى، وعبد الله بن نُجي.
ومن ذلك أن يحصل الاتفاق في الخط والنطق ويحصل الاختلاف أو الاشتباه بالتقديم والتأخير إما في الاسمين أو في أحدهما.(1/161)
مثال: ما كان ذلك في الاسمين معاً: الأسود بن يزيد ويزيد بن الأسود، وعبد الله بن يزيد ويزيد بن عبد الله، ونصر بن علي وعلي بن نصر.
ومثال: ما يكون ذلك في أحد الاسمين: أيوب بن سيار وأيوب بن يسار.
وصنّف الخطيب البغدادي كتاباً سمّاه: " رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب "(754).
قال رحمه الله:
" خَاتِمَةٌ: وَمِنَ المُهِمِّ: مَعْرِفَةُ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ، وَمَوَالِيدِهِمْ، وَوَفِيَّاتِهِمْ، وَبُلْدَانِهِمْ، وَأَحْوَالِهِمْ: تَعْدِيلاً وَتَجْرِيحاً وَجَهَالَةً ".
هذه خاتمة ختم بها الحافظ رحمه الله مسائل الكتاب وهي خبر المبتدأ محذوف تقديره هذه خاتمة.
من المهم لمن له أنس وارتاح بعلم الحديث معرفة أشياء تهم طالب الحديث ويقبح به جهلها فمن ذلك:
أولها: معرفة طبقات الرواة: وهي جمع طبقة، وهي في الاصطلاح عبارة عن جماعة من أهل زمان اشتركوا في السن ولقاء المشايخ والأخذ عنهم.
وقد يكون الشخص من طبقتين باعتبارين، أي على حيثيتين مختلفتين: كأنس بن مالك وغيره من أصاغر الصحابة، فإنه من حيث ثبوت الصحبة يعد في طبقة العشرة مثلاً، ومن حيث صغر السن يعد في طبقة من بعدهم، فمن نظر إلى الصحابة باعتبار الصحبة جعل الجميع طبقة واحدة كما صنع ابن حبان في الثقات وابن حجر في التقريب. ومن نظر إليهم باعتبار قدر زائد كالسبق إلى الإسلام أو شهود المشاهد الفاضلة جعلهم طبقات إلى ذلك جنح ابن سعد صاحب الطبقات. قال ابن حجر: وكتابه أجمع ما جمع في ذلك(755).
ومثل ذلك: طبقة التابعين بالاعتبارين المذكورين.
فائدة:
جعل ابن سعد طبقات الصحابة خمساً وجعلهم الحاكم اثنتي عشر طبقة وهكذا.
قال السخاوي(756): منهم يجعل كل طبقة أربعين سنة.
وجعل الحافظ ابن حجر طبقات رواة الكتب الستة اثنتي عشر طبقةً.
الأولى: الصحابة على اختلاف مراتبهم وتمييز من ليس له منهم إلا مجرد الرؤية من غيره.(1/162)
الثانية: طبقة كبار التابعين كابن المسيب فإن كان مخضرماً صرحت بذلك.
الثالثة: الطبقة الوسطى من التابعين كالحسن وابن سيرين.
الرابعة: طبقة تليها جلّ روايتهم عن كبار التابعين كالزهري وقتادة.
الخامسة: الطبقة الصغرى منهم الذين رأوا الواحد والاثنين ولم يثبت بعضهم السماع من الصحابة كالأعمش.
السادسة: طبقة عاصروا الخامسة لكن لم يثبت لهم لقاء أحد من الصحابة كابن جريج.
السابعة: كبار أتباع التابعين كمالك والثوري.
الثامنة: الطبقة الوسطى منهم كابن عيينة وابن علية.
التاسعة: الطبقة الصغرى من أتباع التابعين كيزيد بن هارون والشافعي وأبي داود والطيالسي وعبد الرزاق.
العاشرة: كبار الآخذين عن تبع الأتباع ممن لم يلقَ التابعين كأحمد بن حنبل.
الحادية عشرة: الطبقة الوسطى من ذلك كالذهلي والبخاري.
الثانية عشرة: صغار الآخذين عن تبع الأتباع كالترمذي، وألحقت بها باقي شيوخ الأئمة الستة الذين تأخرّت وفاتهم قليلاً كبعض شيوخ النسائي.
ومعرفة طبقات الرواة مهمّ جداً من فوائده: سد باب الكذب على الدجّالين وكشف خبيئة المدلسين وإزاحة الستار عن حقيقة العنعنة وإمكان الاطلاع على وصل الحديث أو إرساله والأمن من تداخل الاسمين إذا اتفقا في الاسم واختلافا في الطبقة وهكذا.
ثانياً: ومن المهم أيضاً معرفة مواليد الرواة ووفياتهم؛ لأن بمعرفتهما يحصل الأمن من دعوى المدعي للقاء بعضهم وهو في نفس الأمر ليس كذلك.
قال ابن الصلاح: روينا عن سفيان الثوري أنه قال: لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ.
وروينا عن حفص بن غياث أنه قال: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين، يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه.(1/163)
وهذا نحو ما روي عن إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا: ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان، فأتيته فقلت: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة يعني ومائة، فقلت: أنت تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع سنين!! قال إسماعيل: مات خالد سنة ست ومائة(757).
وروينا عن الحاكم أبي عبد الله قال: لم قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي وحدَّث عن عبد بن حميد سألته عن مولده، فذكر أنه ولد سنة ستين ومائتين، فقلت لأصحابنا: سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة(758).
ثالثاً: من المهم أيضاً معرفة بلدان الرواة وأوطانهم. قال ابن الصلاح: وذلك مما يفتقر حفّاظ الحديث إلى معرفته في كثير من تصرفاتهم(759).
ومن مظان ذكره الطبقات الكبرى لابن سعد وكتب تواريخ البلدان، كتاريخ بغداد للخطيب وتاريخ دمشق لابن عساكر وتاريخ نيسابور للحاكم وغيرها.
وقد كانت العرب إنما تنتسب إلى قبائلها، فلما جاء الإسلام وغلب عليهم سكنى القرى والمدائن حدث فيما بينهم الانتساب إلى الأوطان كما كانت العجم تنتسب، وأضاع كثير منهم أنسابهم فلم يبق لهم غير الانتساب إلى أوطانهم.
ومن انتقل من بلد إلى بلد وأراد الجمع بينهما في الانتساب فليبدأ بالأول ثم بالثاني المنتقل إليه, وحسن أن يدخل على الثاني كلمة: ثم، فيقال مثلاً: فلان المصري ثم الدمشقي وهكذا.
ومن كان من أهل قرية من قرى بلدة فجائز أن ينتسب إلى القرية وإلى البلدة أيضاً وإلى الناحية التي منها تلك البلدة أيضاً(760).
قال الحافظ: وفائدته الأمن من تداخل الاسمين إذا اتفقا لكن افترقا نسبة(761).
رابعاً: ومن المهم أيضاً بل من أهم المهمات لمن يتصدى لهذا الشأن: معرفة كل وصف قام بالرواة من الأوصاف المؤثرة في قبول أخبارهم أو ردّها من العدالة والجرح والجهالة.(1/164)
قال الحافظ: ومن المهم معرفة أحوال الرواة تعديلاً وتجريحاً وجهالة؛ لأن الراوي إما أن تعرف عدالته أو يعرف فسقه أولا يعرف فيه شيء من ذلك.
وكلام الحافظ هنا يدل على أن الجهالة ليست بجرح فليست بقسم من الجرح؛ بل قسيم له فهي على هذا عدم علم بحال الراوي، ويدل له كلام أبي حاتم الرازي في بعض الرواة حينما يقول: فلا مجهول أي لا أعرفه، وكثيراً ما يقول: مجهول فقط، أو لا أعرفه دون لفظ مجهول، لكن يشكل على هذا أن من رتب ألفاظ الجرح والتعديل كلهم جعلوا لفظ مجهول من ألفاظ الجرح.
ويترتّب على ذلك الحكم على الخبر المروي عن طريق من وصف بمجهول، فمقتضى كونه جرحاً أن يضعف الخبر بسببه ابتداءً، ومقتضى كونه عدم علم بحال الراوي أن يتوقف في الحكم على الخبر حتى تتبين حال الراوي.
قال رحمه الله:
" وَمَرَاتِبِ الجَرْحِ: وَأَسْوَأُهَا: الوَصْفُ بِأَفْعَلَ كَـ: ( أَكْذَبِ النَّاسِ، ثُمَّ دَجَّالٌ، أَوْ وَضَّاعٌ, أَوْ كَذَّابٌ.
وَأَسْهَلُهَا: لَيِّنٌ، أَوْ سَيِّئُ الحِفْظِ، أَوْ فِيهِ أَدْنَى مَقَالٍ ".
مراتب الجرح والتعديل أول من رتّبها وهذّبها وأدرج فيها الألفاظ المستعملة من قبل أئمة هذا الشأن: الإمام أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في تقدمة كتابه " الجرح والتعديل " فأجاد وأحسن.
وجعل ابن أبي حاتم المراتب في القسمين أربعاً في كل قسم وتبعه على ترتيبه ابن الصلاح والنووي وابن كثير(762).
ثم جاء الذهبي والعراقي فزادا في كل قسم مرتبة فصارت المراتب خمساً خمساً(763).
ثم جاء الحافظ ابن حجر فزاد في التقريب فزاد في التقريب مرتبة في كل قسم فصارت المراتب ستاً ستاً، لكنَّه نسق مراتب القسمين جميعاً، وأدرج مراتب الجرح بعد مراتب التعديل فصارت المراتب اثنتي عشرة مرتبة سيأتي ذكرها قريباً إن شاء الله تعالى.(1/165)
وقريب من صنيع الحافظ ما فعله السخاوي في فتح المغيث والسيوطي في التدريب، لكن الحافظ هنا اقتصر على ذكر أسوأ مراتب الجرح وأسهلها وترك ما بين ذلك من المراتب فقال في النخبة وشرحها: وأسوأها ما دلّ على المبالغة فيه، وأصرح ذلك التعبير:
1- بأفعل، كأكذب الناس، وكذا قولهم: إليه المنتهى في الوضع، أو هو ركن الكذب أو نحو ذلك.
2- ثم دجّال أو وضّاع أو كذّاب؛ لأنها وإن كان فيها نوع مبالغة لكنها دون التي قبلها.
وأَسْهلها - أي الألفاظ المستعملة في الجرح - قولهم: لين أو سيء الحفظ أو فيه أدنى مقال(764).
وقال في النزهة: وبين أسوأ الجرح وأسهله مراتب لا تُخفى.
فقولهم:
3- متروك أو ساقط أو فاحش الغلط أو منكر الحديث أشد من قولهم:
4- ضعيف أو ليس بالقوي أو فيه مقال(765).
قال رحمه الله:
" وَمَرَاتِبِ التَّعْدِيلِ: وَأَرْفَعُهَا: الوَصْفُ بأَفْعَلَ كَـ: أَوْثَقِ النَّاسِ، ثُمَّ مَا تَأَكَّدَ بِصَفَةٍ أَوْ صِفَتَيْنِ كَـ: ثِقَةٍ ثِقَةٍ، أَوْ ثِقَةٍ حَافِظٍ. وَأَدْنَاهَا: مَا أَشْعَرَ بِالقُرْبِ مِنْ أَسْهَلِ التَّجْرِيحِ كَشَيْخٍ ".
من المهم أيضاً معرفة مراتب التعديل:
وأرفعها عند الحافظ هنا في النخبة وشرحها الوصف بما دلّ على المبالغة فيه، وأصرح ذلك التعبير بأفعل كأوثق الناس أو أثبت الناس إلى إليه المنتهى في التثبت.
ثم ما تأكد بصفة من الصفات الدالّة على التعديل أوصفتين كثقة ثقة، أوثبت ثبت, أو ثقة حافظ أو عدل ضابط ونحو ذلك.
وأدنها ما أشعر بالقرب من أسهل التجريح كشيخ، ويروي حديثه ويعتبر به ونحو ذلك، وبين ذلك مراتب لا تَخفى(766).
وما تركه الحافظ من مراتب وألفاظ القسمين يمكن استكماله من مقدمة تقريب التهذيب، وقدّمته على غيره لصلته بالكتاب المشروح ولعناية الناس به واعتمادهم عليه فقال:
المرتبة الأولى: الصحابة فأصرح بلك لشرفهم.(1/166)
الثانية: من أكّد مدحه إما بأفعل كأوثق الناس، أو بتكرير الصفة لفظاً كثقة ثقة، أو معنى كثقة حافظ.
الثالثة: من أفراد بصفة كثقة، أو متقن، أو ثبت، أو عدل.
الرابعة: من قصر عن درجة الثالثة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق، أولا بأس به، أو ليس به بأس.
الخامسة: من قصر عن الرابعة قليلاً وإليه الإشارة بصدوق سيء الحفظ، أو صدوق يهم، أو له أوهام، أو يخطئ، أو تغيّر بأخرة. ويلتحق بذلك من رمي بنوع من البدعة كالتشيُّع والقدر والنصب والإرجاء والتجهم مع بيان الداعية من غيره.
السادسة: من ليس له من الحديث إلا القليل ولم يثبت فيه ما يترك تحديثه من أجله، وإليه الإشارة بلفظ: (مقبول) حيث يتابع وإلا فليِّن الحديث.
السابعة: من روى عنه أكثر من واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ (مستور) أو (مجهول الحال).
الثامنة: من لم يوجد فيه توثيق لمعتبر ووجد فيه إطلاق الضعف ولو لم يفسر، وإليه الإشارة بلفظ: (ضعيف).
التاسعة: من لم يرو عند غير واحد ولم يوثق، وإليه الإشارة بلفظ:
(مجهول).
العاشرة: من لم يوثق البتة وضعف مع ذلك بقادح، وإليه الإشارة بمتروك أو متروك الحديث أو واهي الحديث أو ساقط.
الحادية عشرة: من اتهم بالكذب.
الثانية عشرة: من أطلق عليه اسم الكذب والوضع(767).
والحكم في أهل هذه المراتب الاحتجاج بأهل المراتب الثلاثة بلا خلاف، واختلاف في أهل المرتبة الرابعة وهم من قيل فيه صدوق.
فذهب ابن أبي حاتم وابن الصلاح ومن تبعه إلى أنه لا يحتج به ابتداء بل يكتب حديثه وينظر فيه؛ لأن هذا اللفظ لا يشعر بشريطة الضبط.
وذهب آخرون إلى الاحتجاج بحديث الصدوق لأن العدول من صادق إلى صدوق، يدل على ملازمة الراوي للصدق وأن الكذب المقصود وغير المقصود لا يقع في كلامه وإلا لم يستحق بما يدل على المبالغة.
قال رحمه الله:
" وَتُقْبَلُ التَّزْكِيَةُ مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهَا، وَلَوْ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الأَصَحِّ ".(1/167)
ذكر الحافظ رحمه الله هنا بعض القواعد المتعلقة بالجرح والتعديل، فذكر أن تزكية الرواة والمراد بها ما يشمل الجرح والتعديل إنما تقبل من الإمام العارف بأسباب الجرح والتعديل، لئلا يعدل أو يجرح بمجرد ما يظهر له ابتداء من غير ممارسة واختبار، وأنه يكفي على القول الصحيح في التزكية واحد خلافاً لمن شرط التعدد(768)
قال ابن الصلاح: اختلفوا في أنه هل يثبت الجرح والتعديل بقول واحد أو لابد من اثنين؟
فمنهم من قال: لا يثبت ذلك إلا باثنين كما في الجرح والتعديل في الشهادات، ومنهم من قال: وهو الصحيح الذي اختاره الحافظ أبو بكر الخطيب وغيره، أن يثبت بواحد لأن العدد لم يشترط في قبول الخبر فلم يشترط في جرح راويه وتعديله بخلاف الشهادات(769).
قال الحافظ العراقي:
.................. ومن زكّاه عدلان فعدل مؤتمن
وصحح اكتفاؤهم بالواحد جرحاً وتعديلاً خلاف الشاهد(770)
وقال الحافظ: والفرق بينهما بعني - التزكية والشهادة - أن التزكية تنزل منزلة الحكم، فلا يشترط فيها العدد، والشهادة تقع من الشاهد عند الحاكم فافترقا.
ولو قيل: يفصل بين ما إذا كانت التزكية في الراوي مستندة من المزكي إلى اجتهاده إلى النقل عن غيره لكان متجهاً لأنه إن كان الأول فلا يشترط العدد أصلاً؛ لأنه حينئذ يكون بمنزلة الحاكم، وإن كان الثاني فيجري فيه الخلاف، ويتبين أنه أيضاً لا يشترط العدد لأن أصل النقل لا يشترط فيه العدد فكذا ما تفرّع عنه(771). اهـ.
ثم قال الحافظ في النزهة: وينبغي أن لا يقبل الجرح والتعديل إلا من عدل متيقظ فلا يقبل جرح من أفرط فيه فجرح بما لا يقتضي رد حديث المحدث، كما لا تقبل تزكية من أخذ بمجرد الظاهر فأطلق التزكية.
وقال الذهبي - وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال -: لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف ولا على تضعيف ثقة، ولهذا كان النسائي من مذهبه أن لا يترك حديث الرجل حتى يجتمع الجميع على تركه.(1/168)
ثم قال الحافظ رحمه الله: وليحذر المتكلم في هذا الفن من التساهل في الجرح والتعديل، فإنه إن عدَّل أحداً بغير ثبت كان كالمثبت حكماً ليس بثابت، فيخشى عليه أن يدخل في زمرة من روى حديثاً وهو يظن أنه كذب. وإن جرح بغير تحرز أقدم على الطعن في مسلم بريء ومن ذلك ووسمه بميسم سوء يبقى عليه عاره أبداً.
والآفة تدخل في هذا تارة من الهوى والغرض الفاسد، وكلام المتقدمين سالم من هذا غالباً، وتارة من المخالفة في العقائد وهو موجود كثيراً قديماً وحديثاً، ولا ينبغي إطلاق الجرح بذلك فقد قدّمنا تحقيق الحال في العمل برواية المبتدعة. اهـ.
وليتقِ الله سبحانه وتعالى من يتصدى لنقد الرجال في أعراض المسلمين، فإنها كما قال ابن دقيق العيد رحمه الله: حفرة من حفر النار وقف على شفيرها العلماء والحكّام(772).
قال رحمه الله:
" وَالجَرْحُ مُقَدَّمٌ عَلَى التَّعْدِيلِ إنْ صَدَرَ مُبَيَّناً مِنْ عَارِفٍ بِأَسْبَابِهِ, فَإِنْ خَلَا عَنْ تَعْدِيلٍ قُبِلَ مُجْمَلَا عَلَى المُخْتَارِ "
إذا وجد في الراوي جرح وتعديل، فقد قال ابن الصلاح: الجرح مقدم على التعديل؛ لأن المعدل يخبر عما ظهر من حاله والجارح يخبر عن باطن خفي على المعدل، فإن كان عدد المعدلين أكثر فقد قيل التعديل أولى، والصحيح والذي عليه الجمهور أن الجرح أولى لما ذكرناه(773). اهـ.
قال الحافظ العراقي:
وقدموا الجرح لكن إن ظهر من عدل الأكثر فهو المعتبر
وقال الحافظ: أطلق جماعة تقديم الجرح على التعديل ولكن محل ذلك إن صدر مبيناً. من عارف بأسبابه، لأنه إن كان غير مفسّر لم يقدح فيمن ثبتت عدالته، وإن صدر من غير عارف بالأسباب لم يعتبر به أيضاً.
فإن خلا المجروح عن تعديل قُبل الجرح فيه مجملاً غير مبين السبب إن صدر من عارف على المختار؛ لأنه إذا لم يكن فيه تعديل فهو في حيز المجهول وإعمال قول الجرح أولى من إهماله، ومال ابن الصلاح في مثل هذا إلى التوقف(774).
قال رحمه الله:(1/169)
" وَمَعْرِفَةُ كَنَى المُسَمَّيْنَ، وَأَسْمَاءِ المُكَنَّيْنَ، وَمَنِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَمَنِ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ، وَمَنْ كَثُرَتْ كَنَاهُ أَوْ نُعُوتُهُ، وَمَنْ وَافَقَتْ كُنْيَتُهُ اسْمَ أَبِيْهِ أَوْ العَكْسِ، أَوْ كُنْيَتُهُ كُنْيَةَ زَوْجَتِهِ، وَمَنْ نُسِبَ إلى غَيْرِ أبِيهِ، أو غَيْرِ مَا يَسْبِقُ للفَهْمِ، وَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَجَدّهِ، أَوِ اسْمُ شَيْخِهِ وَشَيْخِ شَيْخِهِ فَصَاعِداً، وَمَنِ اتَّفَقَ اسْمُ شَيْخِهِ وَالرَّاوِي عَنْهُ ".
ذكر الحافظ رحمه الله تعالى في هذا الفصل ما يحتاج إليه في هذا الفن مما يتعلق بالرواة من الأسماء والكنى والأنساب والألقاب، فقال: ومن المهم في هذا الفن معرفة كنى المسمين ممن اشتهر باسمه، وله كنية لا يؤمن أن يأتي في بعض الرواية مكنياً لئلا يظن أنه آخر. اهـ.
مثال ذلك: قتادة بن دعامة البصري الثقة الثبت المشهور، كنيته أبو الخطاب، وقتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف، كنيته أبو رجاء.
ومن المهم أيضاً: معرفة أسماء الكنى أي معرفة اسم من اشتهر بكنيته وهو عكس الذي قبله؛ لأنه لا يؤمن أن يرد مسمى في بعض الطرق مع أن الجادة ذكره بالكنية، والغالب فيمن كان كذلك أن اسمه يضيع فلا يعرف إلا أفراد من الناس ممن له عناية بهذا الشأن. ومن ذلك: أبو عاصم النبيل اسمه: الضحاك بن مخلد، وأبو جمرة اسمه: نصر بن عمران الضبعي.
ومن المهم أيضاً: معرفة من اسمه كنيته وهم قليل، كأبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري النجاري المدني القاضي واسمه وكنيته واحد، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود مشهور بكنيته. قال ابن حجر في التقريب: والأشهر أنه لا اسم له غيرها.
ومن المهم أيضاً: معرفة من اختلف في كنيته كثير، مثل: عيسى بن موسى القرشي أبو محمد أو أبو موسى، وغالب بن سليمان العتكي أبو صالح أو أبو سلمة.(1/170)
ومن المهم أيضاً: معرفة من كَثُرت كناه كابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز، له كنيتان: أبو الوليد وأبو خالد، وفضالة بن إبراهيم التيمي أبو إبراهيم وأبو أحمد، وأحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة أبو محمد وأبو الوليد.
ومن المهم من ذلك أيضاً معرفة من كَثُرت نعوته وألقابه، ومعرفة من وافقت كنيته اسم أبيه كأبي إسحاق إبراهيم بن إسحاق المدني أحد أتباع التابعين.
وفائدة معرفته: نفي الغلط عمن نسبه إلى أبيه فقال: أخبرنا ابن إسحاق، فنسب إلى التصحيف، أو الصواب أخبرنا أبو إسحاق، وعكس ذلك كإسحاق بن أبي إسحاق السبيعي.
ومن المهم أيضاً: معرفة من وافقت كنيته كنية زوجته كأبي أيوب الأنصاري وأم أيوب صحابيان مشهوران، أو وافق اسم شيخه اسم أبيه كالربيع بن أنس عن أنس.
هكذا يأتي في الروايات فيظن أنه يروي عن أبيه كما وقع في الصحيح عن عامر بن سعد عن سعد وهو أبوه، وليس أنس شيخ الربيع والده بل أبوه بكري وشيخه أنصاري وهو أنس بن مالك الصحابي المشهور وليس الربيع المذكور من أولاده.
ومن المهم أيضاً: معرفة من نسب إلى غير أبيه كالمقداد بن الأسود، نُسِب إلى الأسود الزهري لكونه تبنّاه، وإنما هو المقداد بن عمرو، أو إلى أمه كابن علية وهو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم أحد الأعلام، وعلية اسم أمه اشتهر بها وكان لا يحب أن يقال له: ابن علية، ولهذا كان الشافعي يقول: أنبأنا إسماعيل الذي يقال له: ابن علية.
ومن المهم أيضاً: معرفة من نُسب إلى غير ما يسبق إلى الفهم كالحذّاء، ظاهره أنه منسوب إلى صناعة الحذاء أو بيعها وليس كذلك وإنما كان يجالسهم فنُسب إليهم، وكسليمان التيمي لم يكن من بني تيم ولكن نزل فيهم، وكأبي مسعود البدري عقبة بن عمرو ويسبق إلى الفهم أن نسبته إلى الغزوة المشهورة وليس كذلك، وإنما نزل بدراً فنُسب إليها، وإن قال بعضهم: إنه حضر بدراً. وكذا من نُسب إلى جده فلا يؤمن التباسه بمن وافقه اسمه واسم الجد المذكور.(1/171)
ومثال ذلك: سلمة بن الأكوع فإن اسمه سلمة بن عمرو بن الأكوع ومعرفة من اتفق اسمه واسم أبيه وجده كالحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد يقع أكثر من ذلك وهو من فروع المسلسل.
وقد يتفق الاسم واسم الأب مع اسم الجد واسم أبيه فصاعداً، كأبي اليمن الكندي زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين بن زيد بن الحسين.
وقد يتفق اسم الراوي واسم شيخه وشيخ شيخه فصاعداً، كعمران عن عمران عن عمران.
الأول: يعرف بالقصير.
والثاني: أبو رجاء العطاردي.
والثالث: ابن حصين الصحابي رضي الله عنه،
وسليمان عن سليمان عن سليمان.
الأول: الطبراني، والثاني: الواسطي، والثالث: الدمشقي.
وقد يقع ذلك للراوي ولشيخه معاً، كأبي العلاء الهمذاني العطار مشهور بالرواية عن أبي علي الأصبهاني الحداد، وكل منهما اسمه الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد، فاتفقا في ذلك وافترقا في الكنية والنسبة إلى البلد والصناعة.
وصنّف فيه أبو موسى المديني جزءاً حافلاً.
ومن المهم أيضاً: معرفة من اتفق اسم شيخه والراوي عنه.
قال الحافظ: وهو نوع لطيف لم يتعرض له ابن الصلاح.
وفائدته: رفع اللبس عمن يظن لم يتعرض أن فيه تكراراً أو انقلاباً.
فمن أمثلته: البخاري روى عن مسلم وروى عنه مسلم، فشيخه مسلم بن إبراهيم الفراديسي البصري والراوي عنه مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح.
وكذا وقع لعبد بن حميد أيضاً: روى عن مسلم بن إبراهيم وروى عنه مسلم بن الحجاج في صحيحه حديثاً بهذه الترجمة بعينها.
ومنها: يحيى ابن أبي كثير روى عن هشام وروى عنه هشام، فشيخه هشام بن عروة وهو من أقرانه والراوي عنه هشام الدستوائي.
ومنها: ابن جريج روى عن هشام وروى عنه هشام، فالأعلى ابن عروة والأدنى ابن يوسف الصنعاني.
ومنها: الحكم بن عتيبة روى عن ابن أبي ليلى وروى عنه ابن أبي ليلى، فالأعلى عبد الرحمن والأدنى محمد بن عبد الرحمن المذكور. وأمثلة ذلك كثيرة جداً(775).(1/172)
قال الحافظ رحمه الله:
" وَمَعْرِفَةِ الأَسْمَاءِ المُجَرَّدَةِ وَالْمُفْرَدَةِ، وكَذَا الكُنَى، وَالأَلْقَابِ، وَالأَنْسَابِ، وَتَقَعُ إلى القَبَائِلِ وَالأَوْطَانِ: بِلَاداً، وَضِيَاعاً، وَسِكَكَا، وَمُجَاوَرَةً، وَإِلى الصَّنَائِعِ وَالحِرَفِ، وَيَقَعُ فِيهَا(776) الاشْتِبَاهُ وَالاتِّفَاقُ كَالأَسْمَاءِ، وَقَدْ تَقَعُ أَلْقَاباً، وَمَعْرِفَةُ أَسْبَابِ ذَلِكَ.
وَمَعْرِفَةُ المَوَالِي مِنْ أَعْلَى وَمِنْ أَسْفَلَ بِالرِّقِّ، أَوْ بِالْحِلْفِ، وَمَعْرِفَةُ الإخْوَةِ وَالأخَوَاتِ ".
قال الحافظ في شرحه: ومن المهم في هذا الفن معرفة الأسماء المجرّدة وقد جمعها جماعة من الأئمة:
فمنهم: من جمعها بغير قيد - يعني بكونها أسماء ثقات أو ضعاف أو مذكورة في كتاب مخصوص - كابن سعد في الطبقات وابن أبي خيثمة والبخاري في تاريخهما وابن أبي حاتم في الجرح والتعديل.
ومنهم: من أفرد الثقات بالذكر كالعجلي والتعديل.
ومنهم: من أفرد المجروحين كابن عدي وابن حبان أيضاً.
ومنهم: من تقيد بكتاب مخصوص كرجال البخاري لأبي نصر الكلاباذي، ورجال مسلم لأبي بكر بن منجويه, ورجالهما لأبي الفضل بن طاهر، ورجال أبي داود لأبي علي الجياني، وكذا رجال الترمذي ورجال النسائي لجماعة من المغاربة، ورجال الستة الصحيحين وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه لعبد الغني المقدسي في كتابه الكمال، ثم هذّبه المزي في تهذيب الكمال.
قال ابن حجر:وقد لخّصته وزدت عليه أشياء وسميته: تهذيب التهذيب، وجاء مع ما اشتمل عليه من الزيادات قدر ثلث الأصل(777).
وتعقب الشيخ قاسم بن قطلوبغا تلميذ المصنف بأنه إن كان مراده بالمجردة التي لا تقيّد بكونهم ثقات أو ضعفاء أو رجال كتاب مخصوص، فلا يظهر معنى قوله: ومنهم من جمعها بغير قيد.(1/173)
وقال الملّا علي قاري: الأسماء المجرّدة أي من الكنى والألقاب أعم من أن يكون أصحابها ثقات أو ضعاف مذكورة في كتاب دون كتاب، وبهذا اندفع اعتراض التليمذ بقوله: إن كان المراد بالمجردة التي لا تقيد بكونهم ثقات أو ضعفاء أو رجال كتاب مخصوص، فلا يظهر معنى قولهم فمنهم من جمعها بغير قيد(778). انتهى.
قال الملّا: لكن لا يخفى أن الدفع إنما يتم لو ثبت أن جمع الأئمة مختص بمن لم يكن له كنية أو لقب أو بمن لم يشتهر بأحدهما. والظاهر أن جمعهم أجمع وأعم، والله أعلم(779).
وفي شرح أبي الحسن السندي الصغير " بهجة النظر " المراد بالمجرة العارية عن الخصوصيات المتقدمة من التوافق بالوجوه المذكورة، ومن اشتهار مسمياتها بالكنى يعني أن معرفة الأسماء المقيدة بالخصوصيات المذكورة من المهمات، وكذا معرفة الأسماء العارية عنها فمعرفة الكل من المهم. أهـ.
ومن المهم أيضاً: معرفة الأسماء المفردة وهي التي لم يشارك من تسمي بشيء منها غيره فيها.
وقد صنّف فيها - أي بخصوصها - وإلا فإن الجوامع المتقدمة شاملة للأسماء المفردة - الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون البرديجي.
قال الحافظ ابن حجر: ذكر يعني البرديجي- أشياء تعقّبوا عليه بعضها من ذلك قوله: صُغْدي ابن سنان أحد الضعفاء، وهو بضم المهملة وقد تبدّل سيناً مهملة وسكون الغين المعجمة بعدها دال معجمة ثم ياء كياء النسب، وهو اسم علم بلفظ النسب وليس هو فرداً.
ففي الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: صُغْدي الكوفي, وثقه ابن معين وفرّق بينه وبين الذي قبله فضعّفه.
وفي تاريخ العقيلي: صُغْدي بن عبد الله، يروي عن قتادة قال العقيلي: حديثه غير محفوظ، وأظنه هو الذي ذكره ابن أبي حاتم، وأما كون العقيلي ذكره في الضعفاء فإنه هو للحديث الذي ذكره وليست الآفة منه بل هي من الراوي عنه عنبسة بن عبد الرحمن. والله أعلم(780).(1/174)
ومن ذلك: سندر بوزن جعفر وهو مولى زنباع الجذامي له صحبة ورواية، والمشهور أنه يكنى أبا عبد الله وهو اسم فرد لم يتسم به غيره فيما نعلم. قاله ابن حجر.
لكن ذكر أبو موسى في الذيل على معرفة الصحابة لابن منده سندر أبو الأسود، وروى له حديثاً وتعقب عليه ذلك فإنه هو الذي ذكره ابن منده، وقد ذكر الحديث المذكور محمد بن الربيع الجيزي في تاريخ الصحابة الذين نزلوا مصر في ترجمة سندر مولى زنباع وقد حررت ذلك في كتابي في الصحابة(781).
ومن المهم: معرفة الكنى المجردة أي العارية عن الخصوصيات المتقدمة والألقاب(782). وهي- أي الألقاب- تارة تكون بلفظ الاسم كسفينة، وتارة بلفظ الكنية كأبي بطن, وتقع نسبة إلى عاهة كالأعمش أو حرفه كالعطار أو صفة كزين العابدين.
وكذا معرفة الأنساب وهي تارة تقع إلى القبائل وهو في المتقدمين أكثري بالنسبة إلى المتأخرين، وتارة إلى الأوطان، وهذا في المتأخرين أكثري بالنسبة إلى المتقدمين، وبالنسبة إلى الوطن أعم من أن يكون بلاداً أو ضياعاً أو سككاً أو مجاورة، وإلى الصنائع والحرف كالخياط والبزاز.
ويقع فيه الاتفاق والاشتباه كالأسماء، وقد تقع الأنساب ألقاباً كمحمد بن مخلد القَطَواني كان كوفياً ويلقّب بالقطواني وكان يغضب منها، وهي مأخوذة من القطوان وهو مقاربة الخطو مع النشاط، وفي شرح السندي نقلاً عن اللقاني: القطوان موضعان: أحدهما بسمرقند والآخر بالكوفة، وهذا منسوب إلى الذي بالكوفة. اهـ.
ومن المهم أيضاً: معرفة أسباب والنسب التي باطنها على خلاف ظاهرها:
كالضال: لقب معاوية عبد الكريم، اسم فاعل من ضلّ لأنه ضلّ بطريق مكة، والضعيف ضد القوي لقب عبد الله بن محمد لضعف جسمه، وصاعقة لقب بذلك لشدة حفظه، ومحمد بن سنان العوفي، باهلي نزل في العوقة بطن من عبد القيس فنسب إليها، وكأبي مسعود البدري لم يشهد بدراً في قول الأكثرين بل نزل بها أو سكنها فنسب إليها.(1/175)
ومن المهم: معرفة الموالي من أعلى ومن أسفل بالرق أو بالحلف أو بالإسلام؛ لأن كل ذلك يطلق عليه مولى ولا يعرف ذلك إلا بالتنصيص عليه من إمام معتمد للتفرقة بين الموالي المذكورين.
ومن المهم أيضاً: معرفة الإخوة والأخوات من العلماء كذلك وقد صنّف فيه القدماء كعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج والنسائي والسراج.
ومثال ذلك في الصحابة: عمر وزيد ابنا الخطاب وعبد الله وعبيد الله ابنا مسعود، ومن اللطائف أن ثلاثة أو أربعة وقعوا في إسناد واحد. ففي العلل للدارقطني من طريق هشام بن حسان عن أخيه يحيى بن سيرين عن أخيه أنس بن سيرين عن محمد سيرين عن أنس بن مالك أن رسول الله ( قال: " لبيك حقاً حقاً تعبُّداً ورقاً "(783).
وذكر ابن طاهر المقدسي أن محمد بن سيرين رواه عن أخيه سعيد عن أخيه أنس.
ومن فائدة معرفة الأخوة والأخوات كما قال القاري: دفع توهم اتحاد المتعدد حيث يكون البعض مشهوراً دون غيره، ومنها دفع ظن من ليس بأخ أخاً لاشتراك أبويهما في الاسم كأحمد بن أُشكاب وعلي بن أشكاب ومحمد بن أشكاب فالأول حضرمي والآخران غيره(784).
قال رحمه الله:
" وَمَعْرَفَةُ آدَاب الشَّيْخِ وَالطَّالِبِ، وَوَقتِ سِنِّ التَّحَمُّلِ وَالأَدَاءِ، وَصِفَةِ الضَّبْط بِالْحِفْظِ والكِتَابِ، وَصِفَةِ كِتَابِةِ الحَدِيثِ، وَعَرْضِهِ، وَسَمَاعِهِ، (وَإِسْمَاعِهِ)، وَالرِّحْلَةِ فِيهِ، وَتَصْنِيفِهِ: عَلَى المَسَانِيدِ، أَوْ الأَبْوَاب، أَوِ الشُّيُوخِ، أَوِ العِلَلِ، أَوِ الأَطْرَافِ ".
ذكر الحافظ رحمه مما يحتاج إليه طالب الحديث أشياء مهمّة فمنها:
آداب المحدث:(1/176)
1- الإخلاص وتصحيح النية: قال ابن الصلاح: علم الحديث علم شريف يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم، وينافر سيء الأخلاق ومشاين الشيم وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا، فمن أراد التصدي لإسماع الحديث أو لإفادة شيء من علومه فليقدم تصحيح النية وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها وليحذر بلية حب الرئاسة ورعوناتها(785). فقد أخرج أبو داود والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله (: " من تعلم علماً مما يُبتغى به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنة "(786).
2- أن يجلس للتحديث عند التأهيل الاحتياج إليه: قال ابن الصلاح:
وقد اختلف في السن الذي إذا بلغ استحب له التصدي لإسماع الحديث والانتصاب لروايته والذي نقوله: إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ونشره في أي سن كان.
واختار الرامهرمزي في الحدّ الذي إذا بلغه الناقل حسن به أن يحدث هو أن يستوفي الخمسين لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد.
قال: وليس بمستنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين لأنها حدّ الاستواء ومنتهى الكمال، نبئ رسول الله ( وهو ابن أربعين وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوّته ويتوفر عقله ويجود رأيه(787).
وأنكر القاضي عياض ذلك على ابن خلاد الرامهرمزي وقال: كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينته إلى هذا السن ومات قبله، وقد نشر من الحديث والعلم ما لا يحصى، هذا عمر بن عبد العزيز توفي ولم يكمل الأربعين، وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين، وكذلك إبراهيم النخعي.
وهذا مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين، وقيل: ابن سبع عشرة والناس متوافرون وشيوخه أحياء، وكذلك محمد بن إدريس الشافعي قد أخذ عنه العلم في سنّ الحداثة وانتصب لذلك، والله أعلم(788).(1/177)
وحمل ابن الصلاح ما ذكره الرامهرمزي على من يتصدى للتحديث ابتداء من نفسه من غير براعة في العلم. وأما الذين ذكرهم عياض من حدث قبل ذلك، فالظاهر أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت، ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك، أو لأنهم سُئلوا ذلك إما بصريح السؤال وإما لقرينة الحال(789).
وأما السنّ الذي بلغه المحدث أمسك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف ويخاف عليه فيه أن يخلّط ما ليس من حديثه، والناس في بلوغ هذه السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم، وهكذا إذا عمى وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية.
وقال الرامهرمزي: أعجب إليَّ أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم، فإن كان عقله ثابتاً ورأيه مجتمعاً يعرف حديثه ويقول به وتحري أن يحدث احتساباً رجوت له خيراً(790).
ووجه ابن الصلاح ما قاله الرامهرمزي أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب كما اتفق لغير واحد من الثقات كعبد الرزاق وسعيد بن أبي عروبة.
وقال ابن الصلاح: وقد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق وصحبتهم السلامة، منهم: أنس بن مالك وسهل بن سعد وعبد الله بن أبي أوفى من الصحابة، ومالك والليث وابن عيينة وعلي بن الجعد في عدد جمّ من المتقدمين والمتأخرين.
وفيهم غير واحد حدثوا بعد استيفاء مئة سنة، منهم: الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو إسحاق الهجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري وغيرهم(791).
3- أن لا يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشيء. وزاد بعضهم فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو لغيره ذلك.
قال ابن معين: إن الذي يحدث بالبلدة وفيها من هو أولى منه بالتحديث فهو أحمق(792).
4- ينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب ويرشده إليه فإن الدين النصيحة.(1/178)
5- أن لا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه، فإنه يرجي له حصول النية من بعد. قال معمر: كان يُقال إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبي عليه العلم حتى يكون لله عز وجل.
6- أن يكون حريصاً على نشره العلم مبتغياً جزيل أجره، وقد كان في السلف رضوان الله عليهم من يتألف الناس على حديثه، منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما.
7- قال ابن الصلاح: وليقتد بمالك رضي الله عنه فقد كان إذا أراد أن يحدث توضأ، وجلس على صدر فراشه وسرّح لحيته وتمكّن في جلوسه بوقار وهيبة وحدث، فقيل له في ذلك؟ فقال: أحب أن أعظم حديث رسول الله ( ولا أحدث إلى على طهارة متمكناً، وكان يكره أن يحدث في الطريق أو هو قائم أو يستعجل وقال: أحب أن أتفهّم ما أحدث به عن رسول الله (.
وروي عنه أن كان يغتسل لذلك ويتبخّر ويتطيّب فإن رفع أحد صوته في مجلس زجره، وقد قال الله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ( (الحجر: 2). فمن رفع صوته عند حديث رسول الله ( فكأنما رفع صوته فوق صوت النبي (.
8- أن يُقبل على طلابه جميعاً، ولا يخص بعضهم بمزيد عناية دون بعض، روي عن حبيب بن أبي ثابت أنه قال: إن من السنة إذا حدث ا لرجل القوم أن يُقبل عليهم جميعاً(793).
9- أن لا يسرد الحديث سرداً يمنع السامع من إدراك بعضه، وليفتتح مجلسه وليختمه بذكر ودعاء يليق بالحال.
10-أن يقعد مجلساً للإملاء، فإنه من أعلى مراتب الرواية والسماع فيه من أحسن وجوه التحمُّل وأقواه.
11-أن يتخذ مستملياً يبلغ عنه إذا كَثُر الجمع فذلك دأب أكابر المحدثين المتصدّين لمثل ذلك، وممن روى عنه ذلك: مالك وشعبة ووكيع وأبو عاصم ويزيد بن هارون في عدد كثير من الأعلام السالفين.(1/179)
وليكن المستملي محصلاً متيقّظاً كيلا يقع في مثل ما روينا أن يزيد بن هارون سئل عن حديث فقال: حدثنا به عدة ... فصاح به المستملي: يا أبا خالد عدة بن من؟ فقال له: عدة ابن فقدتك.
وعليه أن يتّبع لفظ المحدث فيؤديه على وجهه من غير خلاف(794).
ويحسن بالمحدث الثناء على شيخه في حالة الرواية عنه بما هو أهل له، فقد فعل ذلك غير واحد من السلف والعلماء كما روى عن عطاء بن أبي رباح أنه كان إذا حدث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: حدثني البحر.
وعن وكيع أنه قال: حدثنا سفيان أمير المؤمنين في الحديث، وأهم من ذلك الدعاء له عند ذكره فلا يغفلن عنه(795).
آداب طالب العلم:
1- أن يخلص النية لله سبحانه وتعالى: وأن يحذر من أن يتخذه وصلة إلى شيء من الأغراض الدنيوية، قال حماد بن سلمة: من طلب الحديث لغير الله مُكِرَ به(796).
2- أن يوقر شيخه وأن يتحرى رضاه، وأن لا يضجره بكثرة الأسئلة لاسيما إذا رأى عدم رغبته في ذلك.
3- أن يستشير الشيخ فيما يشتغل به، وفي كيفية اشتغاله، وفي سائر أموره.
4- أن يرشد غيره لما سمعه وأن لا يدع الاستفادة لحياء أو كبر، بل يأخذ الحديث عمن هو فوقه أو مثله أو دونه.
5- أن يعتني بتقييد ما سمعه ويضبطه وأن يذاكر بمحفوظه ليرسخ في ذهنه، وأن يكتب الأحاديث المشهورة، وأن يدع الغرائب والأحاديث المنكرة.
6- أن يبدأ بالأهم من كتب الحديث رواية ودراية:
أ- فيبدأ بالأربعين النووية، ثم عمدة الأحكام، ثم بلوغ المراد، والمحرر لابن عبد الهادي, والمنتقى للمجد بن تيمية.
ب-ثم الصحيحين، ثم كتب السنن، ثم صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ثم السنن الكبرى للبيهقي، ثم مسند الإمام أحمد، وسائر المسانيد.
ج- ثم الموطأ، وسائر الكتب الجوامع.
د- كتب العلل، مثل: العلل للإمام أحمد والدارقطني وابن أبي حاتم.(1/180)
هـ- ثم كتب الأسماء مثل: التاريخ الكبير للبخاري، والجرح والتعديل، وتاريخ ابن أبي خيثمة، والثقات لابن حبان والمجروحين له، والكامل لابن عدي، وتهذيب الكمال وتهذيبه وتقريبه، والكاشف والميزان ولسانه.
و- ثم كتب ضبط الأسماء مثل: الإكمال لابن ماكولا، وغيره مما مرّ ذكره.
7- أن يتعرّف درجة الحديث وفقهه ومعانيه ولغته وإعرابه وأسماء
رجاله محققاً، كل ذلك معتنياً بإتقان المشكل حفظاً وكتابةً فلا يقتصر على مجرد كتابة الحديث دون معرفته وفهمه.
8- أن يعتني بكتب غريب الحديث وكتب شروح الحديث مثل: فتح الباري، إرشاد الساري، عمدة القاري، شرح النووي على مسلم، عون الحديث لأبي عبيد، وللحربي، وأبي عبيدة، الهروي، والخطابي، وابن الجوزي، والزمخشري، وابن الأثير، وغيرهم كما تقدم.
9- أن يعمل بما سمع من أحاديث العبادات وفضائل الأعمال، فإن ذلك زكاة الحديث وسبب حفظه.
ثم بعد ذلك مما ينبغي لطالب الحديث معرفة سنّ التحمل والأداء، والأصح اعتبار سن التحمل والتمييز هذا في السماع.
وقد جرت عادة المحدثين بإحضار الأطفال مجالس الحديث ويكتبون لهم أنهم حضروا، ولا بدّ في ذلك من إجازة المسمع، والأصح في سن الطالب بنفسه أن يتأهل لذلك.
ويصح تحمُّل الكافر أيضاً إذا أدّاه بعد إسلامه، وكذا الفاسق من باب أولى إذا أدّاه بعد توبته وثبوت عدالته.
وأما الأداء فلا بدّ من أن يتأهل لذلك، وتتوافر فيه شروط القبول بكونه عدلاً ضابطاً أي مسلماً مكلفاً سالماً من خوارم المروءة وأسباب الفسق، وأن يكون ضابطاً لمرويه بحيث يؤديه متى شاء إذا حدث من حفظه حاوياً لكتابه حافظاً له إن أدّى منه بحيث لا يخرجه من يده إلا إلى ثقة.
ومن المهم أيضاً: معرفة صفة كتابة الحديث وهو أن يكتبه مفسراً مبيّناً ويَشْكُل المشكِل منه وينقطه ويكتب الساقط في الحاشية اليمنى ما دام في السطر بقية وإلا ففي اليسرى.(1/181)
ومن المهم أيضاً: معرفة صفة عرضه وهو مقابلته مع الشيخ المسمع، أو مع ثقة غيره، أو مع نفسه شيئاً فشيئاً.
وصفة سماعه بأن لا يتشاغل بما يخلّ به من نسخ أو حديث أو نعاس وصفة إسماعه كذلك، وأن يكون ذلك من أصله الذي سمع منه أو من فرع قوبل على أصله، فإن تعذر فليجبره بالإجازة لما خالف إن خالف.
ومن المهم أيضاً: الرحلة في طلب الحديث بعد أن يبدأ بحديث أهل بلده فيستوعبه ثم يرحل فيحصل في الرحلة ما ليس عنده ويكون اعتناؤه في أسفاره بتكثير المسموع أولى من اعتنائه بتكثير الشيوخ.
ومن ذلك: معرفة صفة تصنيف الحديث وذلك إما:
أ- على المسانيد بأن يجمع مسند كل صحابي على حِدَة, فإن شاء رتّبه على سوابقهم، وإن شاء رتّبه على حروف المعجم وهو أسهل تناولاً.
ب- تصنيفه على الأبواب الفقهية أو غيرها، بأن يجمع في كل باب ما ورد مما يدل على حكمه إثباتاً أو نفياً، والأولى أن يقتصر على ما صح أو حسن فإن جمع الجميع فليبين علة الضعيف.
ج- تصنيفه على العلل، فيذكر المتن وطرقه وبيان اختلاف نقلته والأحسن أن يرتّبها على الأبواب ليسهل تناولها.
د- أو يجمعه على الأطراف، فيذكر طرف الحديث الدال على بقيته ويجمع أسانيده، إما مستوعباً وإما مقيداً بكتب مخصوصة.
قال رحمه الله:
" وَمَعْرِفَةُ سَبَبِ الحَدِيثِ وَقَدْ صَنَّفَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِ القَاضِي أَبِي يَعْلَى ابْن الفَرَّاء ".
من المهم أيضاً: معرفة سبب ورود الحديث وهو نظير معرفة أسباب النزول بالنسبة للقرآن، فإن معرفة السبب مما يعين على فهم الحديث وفقهه، وإن كانت العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ما لم يعارض العموم ما هو أقوى منه.
وصنّف فيه أبو حفص العكبري شيخ القاضي أبي يعلى المشار إليه في المتن. وصنّف فيه أيضاً السيوطي وبن حمزة الحسيني وغيرهم.
قال الحافظ: وقد ذكر الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد أن بعض أهل عصره شرع في جمع ذلك(797).
قال رحمه الله:(1/182)
" وَصَنَّفُوا في غَالِبِ هَذِهِ الأَنَوَاعِ، وَهِي نَقْلٌ مَحْضٌ ظَاهِرَةُ مُسْتَغْنِيَةٌ عَنِ التَّمْثِيلِ، وَحَصْرُهَا مَتَعَسِّرٌ، فَلْيُرَاجَعْ لَهَا مَبْسُوْطَاتُهَا، وَاللهُ المُوَفِّقُ وَالهَادِي، لَا إلَهَ إلَّا هُوَ ".
وصنّف علماء الحديث وأئمة هذا الشأن في غالب هذه الأنواع ما أشير إليه في أثناء الشرح غالباً وسبق في أول الشرح أنه قلّ فن من فنون الحديث إلا وقد صنّف فيه الخطيب البغدادي كتاباً مفرداً، وتقدم قول الحافظ أبي بكر بن نقطة: كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتبه.
وهي- أي هذه الأنواع المذكورة في هذه الخاتمة- نقل محض لا مجال للاجتهاد فيها ظاهرة التعريف، واضحة جلية مستغنية عن التمثيل وحصرها كما قال الحافظ متعسر، فلتراجع لها مبسوطها ليحصل الوقوف على حقائقها.
والله أعلم، وصلّى الله وسلّم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الفهارس
وتشتمل على:
1- فهرس الآيات القرآنية.
2- فهرس الأحاديث.
3- فهرس الآثار.
4- فهرس الأعلام.
5- فهرس الكتب والمؤلفات المذكورة في الكتاب.
6- فهرس الأماكن والبلدان.
7- فهرس الفِرق والمذاهب.
8- فهرس الموضوعات.
فهرس الآيات القرآنية
الآية سورتها رقمها الصفحة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ( 144
(الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ( الفاتحة (1) 144
(الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُوا رَبِّهِمْ( البقرة ( 46) 22
(أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى( البقرة (282) 16
(نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ( البقرة ( 243) 172
( يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ( البقرة ( 106-107 ) 43
(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ( النساء (58) 151
( فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا( النساء ( 129) 82
(يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِه( المائدة ( 13) 148(1/183)
( أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ( الأنعام (6) 47
(إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ( الأنفال (16) 148
( وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ( التوبة (48) 139
(لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ ( التوبة (101) 116
(فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ( هود (106- 108) 43
(أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ( مريم (83) 85
(وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي( طه (29) 50
(فظن أن لن نقدر عليه( الأنبياء (87) 23
(مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ اللَّهُ( الحج (15) 23
(وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً وَأُوْلَئِكَ ( النور (4) 107-108
(وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ ( النور ( 55) 107
(أ َفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً( السجدة (18) 107
(وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ( فاطر (13) 201
(فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ( يس (14) 50
(وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ( الشورى (40) 118
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ( الحجرات (2) 231
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ ( الحجرات (6) 108-115
(وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ( القيامة ( 28) 22
(وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ( التكوير (24) 22
(أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ( المطففين (4) 22
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ( الفجر (6) 47
(يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا( الزلزلة (4) 202
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ( الفيل (1) 46
فهرس الأحاديث
ـــــــــــــــــــــ
بداية لفظ الحديث الراوي الصفحة
(( أحبب حبيبك هوناً عسى .... ... )) 127
(( أخّروا الأحمال فإن اليد معلّقة .. )) أبو هريرة 192
(( إذا جاء أحدكم إلى فراشه فلينفضه .. ) 95(1/184)
(( إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضجع .. ) أبو هريرة 69-70
(( إذا نكحت المرأة بغير إذن وليها .. ) عائشة 197
(( إذا وقعت الفأرة في السَّمن .. ) أبو هريرة 130
(( أرَضيت من نفسك ومالك بنعلين ... )) عامر بن ربيعة 167
(( أسبغوا الوضوء ، ويل للأعقاب من النار )) أبو هريرة 136
(( استكرهت أمرة على عهد رسول الله )) وائل بن حجر 90
(( أفطر الحاجم والمحجوم )) شدّاد بن أوس 78
( أكل الضب على مائدة رسول الله )) 170
( ألقوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم .. )) ابن عباس 131
(( اللهم باعد بيني وبين خطاياي .. )) 76
(( اللهم أعنّي على ذكرك وشرك وحسن عبادتك )) 198
(( أمرنا أن ننزل الناس منازلهم )) عائشة 82, 191
(( إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه .. ) ابن مسعود 169
( إن أمتي يُدعَون يوم القيامة غراً .. ) أبو هريرة 137
(( أنّ رسول الله صلى الله كتب إلى جهينة )) عبد الله بن عكيم 145
( إنْ كنت تريد السنة فهجِّر بالصلاة .. ) ابن عمر 172
(( إنّ الله لا يقبض العلم انتزاعاً .. ) 49
(( أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم )) ابن عبَّاس 78
(( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة .. ) أنس 56
(( أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فلان في النار .. ) أبو ذرّ 94
(( أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين ..) أبو هريرة 197 (أنه جاء بعد ذلك في زمان فيه برد شديد)عليّ بن أبي طالب 133,134
(أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي..)عائشة 87
(( إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث .. ) أبو هريرة 135
(بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين..)عبيد الله بن عدي 85
(البيّعان بالخيار) ابن عمر 199
(( تقاتلون قوماً صغار الأعين .. )) أبو هريرة 173
(( جُعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً ، وجعلت تربتها .. )) 68
حديث (الأعمال بالنيات)عمر بنُ الخطَّابِ 51, 53, 56, 70, 169
حديث أم زرع (( إن أنطق أطلق ... ) أم زرع 82(1/185)
حديث : ( الجار أحق بسقبه )) 154
حديث الجساسة تميم الداري 191
حديث الخطّ في السترة 144
حديث : ( السبعة الذين يظلهم الله في ظلمه ) أبو هريرة 140
حديث : ( الشهر تسع وعشرون ) 73
حديث فضل سورة الإخلاص 189
حديث قتل شارب الخمر في الرابعة 78
حديث النهي عن بيع الولاء وهبته 70
(خيركم قرني ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم..) عمران بن حصين 86
(( شيَّبتني هود وأخواتها )) أبو بكر الصديق 143
(صلى النبيّ ( إلى عنزة.. ) 149
(( صليت خلف النبي وأبي بكر وعمر... )) أنس 144
(عقلت مجة من النبي ( في وجهي..) محمود بن الربيع 200
(( فإذا قلت ذلك فقد قضيت صلاتك ... )) ابن مسعود 138
(فإذا كانت لك مئتا درهم وحال عليها الحول..)علي ابن أبي طالب 133, 134
(( كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما .. ) جابر 78, 169
(( كانت اليهود تقول : من أتى أمرأته من دبرها .. ) جابر .. 172
(كان يرمي الجمار إذا زالت الشمس قدر ما إذا فرغ..) ابن عباس 129
(كل أمر ذي بال لا يُبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع ) 38
(كلمتان خفيفتان على اللسان .. ) 51
( كُنَّ أزواج النبي ( يأخذن من شعورهن) عائشة 190
(( كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها )) 78
(( كلوا البلح بالتمر )) 72
( لبيك حقاً حقاً تعبُّداً ورقاً ) أنس 228
(( للعبد المملوك الصالح أجران، فوالذي نفس بيده..)) أبو هريرة 138
(( للمملوك طعامه وكسوته بالمعروف ... )) أبو هريرة 88
( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك ...) أبو هريرة 66
( ليس المؤمن بالطاعن ولا اللعان ولا الفاحش .. ) 100
( لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تنافسوا )) أنس 135
(( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها )) أبو مرثد الغنوي 142
( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ) 75
(( لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفرَّ .. )) 75
(( لا يتطوع الإمام في مكانه )) أبو هريرة 84(1/186)
( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه .. )) أنس، أبو هريرة 50
(( لا يؤمن عبدٌ قوماً فيخصّ نفسه بدعوة .. ) أبو هريرة 76
(( لا يوردنَّ ممرض على مصحِّ )) 75
( ما جاء عن الله فهو فريضة، وما جاء عنّي ) جعفر بن محمد 182
( معلمو صبيانكم شراركم أقلهم رحمة .. ) 124
( من أدرك ركعة من صلاة الجمعة وغيرها... ) ابن عمر 131
( من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها .. ) أبو هريرة 131
( من أدرك من الصلاة ركعة ) 131
( من أقام الصلاة وآتى الزكاة وحج البيت ... ) ابن عباس 72
( من أكل الثوم ليلة الجمعة فليهوِ .. ) 125
( من تعلّم علماً مما يبتغي به وجه الله .. ) أبو هريرة 228
( من جلس مجلساً فكثر فيه غلطه .. ) أبو هريرة 130
( من حدَّث عني حديثاً يرى أنه كذب .. ) 126
(( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من .. )) 147
(( من صلى الضحى كذا وكذا ركعة .. )) 135
(( من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه .. )) ثابت بن موسى 135
( من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده .. ) 15, 45, 102
( من مسّ ذكره أو انثييه أو رفغيه .. ) بسرة بنت صفوان 137
( ومسح رأسه بماء غير فضل يديه ..) عبد الله بن زيد 53
(( ويل للعرب من شر .............. )) 189
(( يا أبا ذرّ ، ما يسرُّني أن عندي مثل أحد )) أبو ذرٍّ 140
فهرس الآثار
الأثر قائله
(( أتعرف الناسخ والمنسوخ, قال:
لا، قال هلكت وأهلكت )) علي بن أبي طالب
(( إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين )) حفص بن غياث
((أعيى الفقهاء وأعجزهم أن يعرفوا
ناسخ حديث رسول الله )) الزهري
(( إن كنت لأرحل الأيام والليالي في طلب الحديث )) سعيد بن المسيِّب.
(( إنّ من السنّة إذا حدّث الرجل الناس أن يُقبل .. )) حبيب بن أبي ثابت.
(( الباب إذا لم تجمع الطرق له لم يتبيّن خطؤه )) علي بن المديني
(( التدليس أخو الكذب )) شعبة.
(( صلاة الرب الرحمة وصلاة الملائكة الاستغفار )) الثوري وغيره(1/187)
(( صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء )) أبو العالية.
(( طلب الإسناد العالي سنّة عمن سلف )) الإمام أحمد
(( طلب العلوّ سنّة ولذلك استُحب الرحلة فيه )) ابن الصلاح
(( كان يقال: إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه ... ) معمر
(( كل حديث رأيته يخالف المعقول أو يناقض الأصول .. ) ابن الجوزي
(( لأن أزني أحبّ إليّ من أن أدلِّس ) )) شعبة .
((ليس يكاد يغلبَ من الغلط أحد إذا كان الغالب . . . )) الثوريّ
(( لا أعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين صحيحين متضادين )) ابن خزيمة.
(( لا تحمدوا رأي امرئٍ حتى تعرفوا عقدة رأيه )) ابن عمر
(( لا يؤخذ العلم عن أربعة، ويؤخذ ممن سوى ذلك .. )) مالك
(( معرفة علل الحديث إلهام فلو قلت للعالم .. )) ابن مهديّ
(( من طلب العلم لغير الله مُكر به )) حماد بن سلمة.
(( الناس ثلاثة: رجل حافظ متقن فهذا لا يختلف .. ) ابن مهدي
(( نحن قوم لنا شرف، نحن من عنزة صلى إلينا .. ) أبو موسى العنزي.
( نعمت البدعة هذه ) عمر بن الخطاب.
( يصلّون، يبرّكون ) ابن عباس.
فهرس الأعلام .
- أ-
آدم عليه السلام: 40
الآمدي: 55، 162، 170
إبراهيم بن إسحاق المدني: 221، 222
إبراهيم الحربي: 153
إبراهيم الشهرزوري: 11
إبراهيم بن عثمان العبسي: 126
إبراهيم الكردي: 11
إبراهيم النخعي: 66، 185، 229، 230
إبراهيم بن أبي يحيى: 160
ابن الأثير: 117، 154، 176
أحمد بن إبراهيم العسقلاني: 11
أحمد بن إسماعيل السهمي: 194
أحمد بن أشكاب: 228
أحمد بن جعفر بن حمدان الدينوري : 206
أحمد بن جعفر بن حمدان السقطي : 206
أحمد بن جعفر بن حمدان الطرطوشي : 206
أحمدبن جعفر بن حمدان القطيعي : 206
أحمد بن الحسين : 210
أحمد بن حنبل : 13، 17، 25، 54، 85، 86، 100، 129، 145، 153، 154، 160، 163، 177، 180، 184 ، 190، 192، 212،
أحمد شاكر : 15، 161 ، 165.
أحمد بن صالح المصري : 195
أحمد بن الصدقة : 10، 11.(1/188)
أحمد بن عبد الكريم : 12.
أحمد بن عيسى : 195
أحمد بن كمال الدين الشمني : 11
أحمد بن محمد الخفَّف : 194
أحيد بن الحسين : 210
أبو إدريس الخولاني : 142
أبن أبي ذئب : 195
إسحاق بن راهويه : 192
إسحاق بن أبي فروة : 95
أبو إسحاق : 72، 134، 143
أبو إسحاق الإسفرائيني : 17، 87.
أبو إسحاق الشيرازاي : 40.
أبو إسحاق الهجيمي : 230
أسد بن سعيد الكوفي : 182
أسماء بنت عميس : 177
إسماعيل حقي البرسوي : 10
إسماعيل بن عياش : 122، 213
إسماعيل بن محمد المقرئ : 9
الأسنوي : 87، 166
الأسود الزهري : 222
الأسود بن يزيد : 210
الأسود : 180
الأشعث بن قيس : 175
الأشعري : 17
الأصمعي : 154
الأعرج : 135 ، 173
الأعمش : 69 ، 94 ، 96، 100، 135، 188، 189، 212، 226.
الألباني : 14
ابن أبي ليلى : 164
إمام الحرمين : 54، 115
أنس بن سيرين : 227 ، 230
أنس بن مالك : 50، 56، 59، 135، 144، 153، 211، 222، 227، 230
الأوزاعي : 86، 149، 160، 190.
أويس القرني : 180
أيوب بن سيّار : 210
أيوب بن يسار : 210
أبو أيوب الأنصاري 222.
أم أيوب : 222
- ب -
البخاري : 13، 25، 39 ، 51، 59، 60، 61 ن 62، 63 ، 73، 75، 78 ، 84، 95، 97، 103، 111، 117، 129، 130، 131، 135، 141، 144، 146، 151، 157، 161، 163، 164، 165، 171، 172، 173، 177، 185، 187، 193، 200، 201، 202، 212، 123، 224،
بدر الدين العيني : 164
البردعي : 181
برهان الدين اللقاني : 227 البَزّار : 92 ، 93
بسر بن سعد : 208
بسر بن عبيد الله الحضرمي : 142، 208
بسر بن محمد الديلي : 208
أبو بشر المزني : 206
أبو بطن : 226
البقاعي : 168
بقية بن الوليد : 94، 95، 131
البغويّ : 175
بكر بن وائل : 192
أبو بكر الإسماعيلي : 170، 171
أبو بكر البرديجي : 71، 225، 226
أبو بكر البرقاني : 170
أبو بكر بن حفص : 190
أبو بكر الحميدي : 103، 106
أبو بكر بن خلف : 187
أبو بكر الصديق : 143، 144، 162 ، 175(1/189)
أبو بكر الصيرفي : 103، 113، 171
أبو بكر ابن عبد الرحمن : 206
أبو بكر ابن عيّاش : 206
أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم : 221
أبو بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم : 221
أبو بكر المكي : 98
أبو بكر ابن منجويه : 224
أبو بكر ابن نقطة : 229 ، 235،÷ 236،
بكير بن عبد الله بن الأشج : 159
بلال : 175
البلقيني : 7، 82، 123، 158
بهز بن حكيم : 193
البيضاوي : 126
البيهقي : 26، 126، 150، 160 ، 182، 187
- ت -
ابن تغري بردي : 99
تقي الدين السبكي: 176
تميم الدارمي : 191
ابن تيمية : 15، 20، 69، 76، 105، 106، 118.
- ث -
ثابت البناني : 59
ثابت بن موسى الزاهد : 155
ثعلب : 151
الثعلبي : 126
ثوبان : 76
- ج -
جابر : 59، 73، 135 ، 170 ، 172 ن
ابن جابر : 142
جرير بن حازم : 134
جرير بن عبد الحميد : 164
الجرمي : 180
الجصاص : 49، 50
جعفر بن سليمان الضبعي : 163
جعفر بن محمد : 182
جعفر بن ميسرة : 210
أبو جعفر الكشي : 91 ، 213
جمال الدين القاسمي : 41
الجوزجاني : 161 ، 163
ابن الجوزي : 64، 65 ، 103، 124، 131،
الجوهري : 37، 39
ـــ ح ـــــ
حاتم بن عارف العوفي : 14
أبو حاتم : 13، 72 ، 95، 129 ، 131، 142
ابن أبي حاتم : 25 ، 72، 94 ، 131، 142، 157، 160، 161، 214، 215، 217، 224، 226،
ابن الحاجب : 55 ، 162
الحارث الأعور : 134
الحارث المحاسبي : 54
الحارث بن مسكين : 96
الحازمي : 45 ، 63 ، 79، 80
الحاكم : 25 ، 28، 41 ، 51، 52، 53 ، 62، 70، 86، 89، 91، 96، 124، 129، 153، 164، 172، 179، 180، 183، 184، 187، 188، 190، 198، 211، 213
أبو محمد الإسفرائيني : 206
ابن حبان : 45، 51، 75، 108، 115، 131، 163، 178، 211، 224
حبيب بن أبي ثابت : 231
حُبَيِّب بن حبيب : 72
حجاج بن أرطأة : 90
حجاج بن يوسف : 172(1/190)
ابن حجر الحافظ : 5، 7، 10، 12، 14، 26، 27، 37، 41، 42، 43، 44، 46، 50، 51، 52، 53، 54، 55، 56، 57، 58، 59، 61، 62، 63ـ 64، 65، 66، 67، 68، 70، 71، 72، 73، 77، 79، 80، 81، 84، 85، 88، 90، 91، 92، 98، 99، 100، 101، 102، 104، 110، 112، 113، 114، 120، 123، 126، 127، 132، 133، 137، 138، 141، 142، 144، 145، 146، 147، 149، 150، 152، 153، 155، 156، 157، 158، 159، 160، 161، 163، 164، 165، 167، 168، 170، 172، 173، 174، 175، 176، 177، 178، 179، 188، 191، 193، 194، 195، 196، 197، 204، 205، 209، 211، 214، 215، 216، 218، 219، 220، 221، 223، 224، 225، 226، 228، 234، 236.
أبو حَدْرد : 167
أبن الحذاء : 112
الحريري : 128
حزام : 207
ابن حزم : 61، 81، 171، 176
الحسن بن أبي الحسن البصري : 180 ، 181، 201، 212
الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي : 222
الحسن بن دينار : 127
الحسن بن سفيان : 158
أبو الحسن السندي : 11، 225
الحسن بن عرفة : 230
الحسن بن علي : 200
الحسن بن محمد الخلَّال : 97، 156
الحسين الكرابيسي : 54
حصين : 96
حضين بن المنذر : 208
أبو حفص العكبري : 235
حفص بن غياث : 213
حفص بن مسيرة : 210
الحكم بن عتيبة : 224
حكيم بن جبير : 94
حماد بن زيد : 195
حماد بن سلمة : 59 ، 195، 232
حمزة بن حبيب الزيات : 72
ابن حمزة الحسيني : 235
أبو حنيفة : 17، 85، 86
--- خ -
خارجة بن زيد : 179، 180
خالد بن الحذاء : 222
خالد بن معدن : 213
الخزرجي : 97
ابن خزيمة : 75، 76، 78، 206
الخطابي : 64، 65، 121، 153، 154
ابن خطل : 175
الخطيب البغدادي : 24، 26، 27 ، 41، 67 85، 92، 97، 98، 105، 106، 107، 111، 112، 113، 149، 156، 157، 159، 163، 164، 173، 174، 178، 181، 182، 183، 190، 192، 194، 197، 206، 209، 210، 218، 235، 236
خلف بن خليفة : 178
خليل بن أحمد الأصبهاني : 206
خليل بن أحمد النحوي : 205
الخليلي : 25(1/191)
أبو خيثمة زهير : 190
ابن أبي خيثمة : 224
- د -
الدارقطني : 13، 52، 60، 129، 137، 143، 146، 190، 209، 227،
داود عليه السلام : 40
داود الظاهري : 54، 171
أبو داود السجستاني : 69، 76، 78، 79، 133، 134، 142، 163، 228،
أبو الدرداء : 153
ابن دقيق العيد : 26، 62، 123، 219، 234
ابن دحية : 120
- ذ-
ابن أبي ذئب : 159
أبو ذر : 94، 140
الذهبي : 13، 26، 28، 62، 65، 103، 162، 209، 215، 219
- ر -
الراغب الأصفهاني : 21، 22، 71
الرافعي : 115
الرامهرمزي : 23، 41، 229، 230
ربعي بن حراش : 208
الربيع : 160
ربيع بن أنس : 222
ربيعة الرأي : 197
ربيعة بن كعب الأسلمي : 111، 112
ابن رجب الحنبلي : 15، 19
رضي الدين الغزي : 12
رضي الدين بن حنبلي : 11
روح بن عبادة : 206
- ز -
زائدة بن قدامة : 134
أبو الزبير المكي : 98، 190
أبو زرعة : 129
أبو زرعة العراقي : 159
أم زرع : 82
الزَّركشي : 122
زكريا الأنصاري : 9
زكريا بن دويد الكندي : 194
الزمخشري : 126، 154
زنباع الجذامي : 226
أبو الزناد : 135، 173، 180
الزهري : 56، 59، 70، 78، 86، 96، 130، 131، 135، 159، 171، 172، 183، 190، 191، 192، 194، 197، 212
زهير بن كعب : 181
زيد بن الحسن بن الحسن : 222
زيد بن الخطاب : 227
زيد بن العابدين : 226
- س -
سالم بن عبد الله بن عمر : 59، 131، 140، 171، 172، 180
سحبان وائل : 40
السخاوي : 9، 27، 28، 62، 64، 76، 77، 90، 101، 119، 147، 156، 159، 163، 174، 211، 215
السرَّاج : 227
سريج بن النعمان : 209
سعد بن طريف : 124
سعد : 143
ابن سعد : 96، 230
أبو سعيد السبتي : 206
سعيد بن جبير : 229
أبو سعيد بن السجزي : 206
سعيد بن سيرين : 228
سعيد بن أبي عروبة : 50
سعيد بن المسيِّب : 86، 97، 130، 177، 179، 180، 181، 192، 211،
السفاريني : 48، 55 ، 185
سفيان الثوري : 39، 98، 105، 134، 142، 150، 164، 166، 185، 188، 189، 195، 199، 212، 232(1/192)
أبو سفيان : 135
سفينة : 226
سلمة بن الأكوع : 185
أبو سلمة بن عبد الرحمن : 66، 111، 131، 179، 180، 190
سلّام بن أبي الحقيق : 207
سلّام بن أبي ناهض المقدسي : 207
سليمان التيمي : 190، 222
سليمان بن موسى : 197
سليمان الواسطي : 223
سليمان بن يسار : 179، 180
سندر : 226
سهيل بن سعد : 230
سهيل بن أبي صالح : 59، 130، 197
سويد بن غفلة : 179
سيبويه : 38، 128
ابن سيرين : 127، 149، 151، 212، 227، 228
سيف بن عمر التميمي : 124
السيوطي : 27، 47، 71، 80، 127، 168، 170، 191، 194، 197، 215، 234
- ش -
الشاطبي : 116، 117
الشافعي : 17، 24، 40، 41، 55، 58، 69، 70، 73، 76، 78، 86، 87، 92، 99، 159 ، 160، 164، 165، 166، 167، 171، 181، 182 ، 185، 196، 197، 204، 212، 222، 229،
ابن شاهين : 79، 224
شداد بن أوس : 78
شريح بن النعمان : 209
شريك القاضي : 135
شعبة : 50، 94، 112، 134، 166، 183، 185، 190، 232
الشعبي : 231
شعيب بن محمد : 193
شهاب الدين أحمد بن الطوفي : 11
شهاب الدين أحمد بن عبد الكريم : 13
الشوكاني : 7
الشيخان : 55، 62، 63، 87، 131،
أبو الشيخ الأصبهاني : 190
- ص -
ابن الصابوني : 209
صاعقة : 227
صالح بن بيان : 182
صالح بن أبي صالح : 206
أبو صالح ذكوان : 59، 130، 197
صالح مولى توأمة: 160
الصدر السفطي : 7
صفدي بن سنان : 226
صفدي بن عبد الله : 226
صلاح الدين العلائي : 193
ابن الصلاح : 13، 25، 26، 27، 37، 44، 46، 48، 50، 53، 62، 65، 67، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 81، 82، 84، 89 ، 93، 96، 99، 111، 121، 125، 126 ، 218، 143، 144، 149، 162، 163، 170، 171، 178، 179، 181، 184، 186، 187، 189، 189، 190، 191، 192، 194، 196، 197، 198، 200، 201، 204، 205، 206، 207 ، 212، 215، 217، 218، 220، 223، 228، 229، 230، 231
الصنعاني الأمير : 5، 12، 27، 52، 125، 165، 194
الصولي : 147
- ض -
الضحاك بن مخلد : 221(1/193)
الضحاك النبيل : 232
- ط -
ابن طاهر المقدسي : 228
الطبري : 25، 86، 175
الطبراني : 72، 181، 223
الطحاوي : 77 ، 154، 182
الطرطوشي : 177
طلحة بن مصرِّف : 193
الطوفي : 55
- ع -
عائشة : 16، 82، 87 ، 143، 167، 175، 190، 191، 197
عاصم الأحول : 147ن 177
عاصم بن ضمرة : 134
عاصم بن عبيد الله : 167، 168
عاصم بن عمر : 59
عاصم بن كليب : 134
أبو العالية البرَّاء : 208
عامر بن سعد : 222
عامر بن عبيدة : 208
العبادلة : 192
ابن عباس : 39 ، 72، 73، 78، 107، 124، 126، 131، 183، 200، 232،
عباس بن عبد المطلب : 192
العبّاس العنبري : 206
ابن عبد البر : 25 ، 86، 87، 93، 1400، 114، 144، 154، 171، 179، 183
عبد الجبار بن وائل : 90، 134
ابن عبد الحكم : 197
عبد خير بن زيد : 179
عبد بن حميد : 91، 213، 223
عبد الرحمن بن مهدي : 105، 109، 113، 129، 132
عبد الرحيم بن حبيب الفاريابي : 182
عبد الرزاق : 96، 212، 230
عبد العزيز بن با. : 14، 15، 19
عبد العزيز الدراوردي : 197
عبد العزيز بن صهيب : 50
عبد العزيز بن عبد السلام العثماني : 10
عبد الغني المقدسي : 224
عبد الكريم بن أبي العوجاء : 121
عبد الله بن إدريس : 159
عبد الله بن أبي أوفى : 230
عبد الله بن بسر المازني : 208
عبد الله بن أبي حبيبة : 112
عبد الله بن حسين العدوي : 11
أبو عبد الله بن خفيف : 180
عبد الله بن دينار : 73، 192
عبد الله بن الزبير : 200
عبد الله بن زيد : 53، 210
عبد الله بن سرجس : 177
عبد الله بن سلام : 206
عبد الله بن عكيم : 145
عبد الله بن عمر : 59 ، 73، 95، 131، 151، 172، 183، 199
عبد الله بن عمرو : 193،
عبد الله بن لهيعة : 122
عبد الله بن محمد الضعيف : 227
عبد الله بن مسعود : 138، 153، 169، 189، 227
عبد الله بن معاذ : 190
عبد الله بن نُجي : 210
عبد الله بن وهب : 159، 195
عبد الله بن يحيى : 210
عبد الله بن يزيد : 210
عبد الله بن يزيد : 210(1/194)
عبد الواحد بن زياد : 69
عبد الوارث : 51
عبيدة بن حميد : 208
عبيدة بن سفيان : 208
عبيدة السلماني : 208
أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود : 221
عبيد الله بن جحش : 175
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة : 179، 180
عبيد الله بن عدي بن خيار : 85
عبيد الله بن عمر : 73، 85، 131،
عبيد الله بن عمرو : 95
عبيد الله بن أبي القاسم الفارسي : 156
عبيد الله بن مسعود : 227
عبيد الله بن موسى : 192
عثمان بن سند البصريّ : 12
عثمان بن عاصم الأسدي : 208
عثمان بن عفان : 144
أبو عثمان النهدي : 93، 179، 180
ابن عثمان : 72
العجلي : 224
ابن عدّي : 72، 141، 224
العراقي : 7، 57، 58، 61، 63، 64، 66، 70، 71، 72، 73، 64، 66، 70، 71، 72، 73، 80، 81، 85، 87، 89، 110، 113، 128، 144، 159، 163ن 165، 167، 170، 171، 173، 174، 181، 182، 184، 188 ، 190، 191، 199، 203، 215، 218، 220
ابن العربي : 51، 108
عروة بن الزبير : 137 ، 179 ، 180، 197
العزّ بن عبد السلام : 177
عزّ الدين ابن جماعة : 7
عطاء بن أبي رباح : 232
عطاء بن السائب : 166
العطار : 226
عفيف الدين النشادري: 7
عقبة بن عامر : 222 ، 227
العقيلي : 146، 226
عكرمة : 124
علقمة بن وقاص : 53، 56، 180، 188، 189
علي بن أشكاب : 228
أبو علي الأصبهاني : 223
علي بن الجعد : 230
أبو علي الجيّاني : 224
علي بن حشرم : 96
علي ابن أبي طالب : 16، 77، 133، 134، 164
علي بن المديني : 40، 129، 132، 188، 190، 202، 207، 227
علي بن نصر : 210
أبو العلاء الهمداني : 223
ابن علية : 222
عمر بن الخطاب : 53، 56، 91، 117، 118، 144، 162، 167، 169، 227
عمر بن حفص : 123
عمر بن عبد العزيز : 229
عمر بن علي المقدمي : 96
عمران أبو رجاء العطاردي : 223
عمران بن حصين : 223
عمران بن حطان : 163، 165
عمران القصير : 223
أبو عمران الجوني : 206
عمرو بن أبي سلمة : 160
عمر بن شعيب : 59 ، 159، 193(1/195)
أبو عمرو بن الشيباني : 179
أبو عمرو بن العلاء : 156
عمر بن كعب اليامي : 193
أبو عمر المستملي : 188
عمرو بن ميمون : 179
عنبسة بن عبد الرحمن : 226
العوام بن مزاحم : 147
أبو عوانة : 94، 166
عون بن عبد الله بن عتبة : 130
العيزار بن حريث : 72
عيسى بن أبي عيسى الحنّاط : 207
عيسى بن موسى القرشي : 221
ابن عيينة : 96، 98، 100، 173، 199، 212، 230
- غ -
غالب بن سليمان العتكي : 221
الغزالي : 55، 86
غياث بن إبراهيم النخعي : 122
- ف -
فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم : 16
أبو الفتح الأزدي : 158
الفخر الرازي : 55ن 80، 125 ، 151،
170، 171، 176
فصحيح الدين الحيدري : 11
فضالة بن إبراهيم التيمي : 221
الفضل بن عباس : 192
أبو الفضل بن طاهر : 62، 158
ابن فهد المالكي : 9
- ق -
القاسم التجيبي : 61
قاسم بن قطلوبغا : 11، 193
القاسم بن محمد : 179، 180
القاضي البقلاني : 76، 162
القاضي عياض : 61، 152، 179، 229
القاضي أبو يعلى : 235
قتادة : 50، 212، 221، 226
قتيبة بن سعيد : 221
القرطبي : 82
قس بن ساعدة : 40
القعنبي : 73 ، 186
قيس بن أبي حازم : 93، 111، 180
ابن القيِّم : 15، 18، 20، 38، 39 ، 55، 69، 122
- ك -
الكتاني : 47
ابن كثير : 50، 77، 92، 141، 185، 215،
الكرماني : 48، 51
كريز : 207
كعب : 40
كعب : 137
كعب الأحبار : 192
كعب بن مرة : 140
كمال الدين الشمني : 5، 10، 11
- ل -
اللقاني : 227
ليث بن سعد : 137، 230
- م -
ابن ماجه : 78 ، 126، 153
مالك : 17 ، 27، 55، 56، 59، 72، 73، 85، 86، 88، 95، 104، 112، 113، 135، 159، 162، 183، 185، 186، 190، 191، 192، 194، 201، 212، 229، 230، 231، 232
مالك بن دينار : 114
ابن مالك : 180
أبو مالك الأشجعي : 68
ابن ماكولا : 192، 209
ابن المبارك : 142، 149، 150، 180، 189،
المبرِّد : 163
مجد الدين الفيروزآبادي : 21، 22، 106
محمد بن إبراهيم التيمي : 53، 94(1/196)
محمد إبراهيم القسطلاني : 159
محمد بن إسحاق : 59، 69
محمد بن إسحاق السرّاج : 193
محمد بن أشكاب : 228
محمد أكرم السندي : 10
محمد الأمين الشنقيطي : 108
محمد أنور كشميري : 45
محمد بن أبي بكر الصديق : 177
محمد بن بخيت المطبعي : 166
محمد بن الربيع الجيزي : 266
محمد بن السائب الكلبي : 156
محمد بن سعيد المصلوب : 121
محمد بن سليمان الصافيجي : 9
محمد أبي شريف : 11
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى : 224
محمد بن عبد الوهاب الجبائي : 207
محمد بن عجلان : 88
محمد العربي بن يوسف : 12
محمد بن علي الصوري : 157، 192
محمد بن عمرو بن علقمة : 66
محمد بن كرام السجستاني : 103
محمد بن مخلد التطواني : 227
محمد بن مصطفى الأقكرماني : 11
محمد بن موسى المراكشي : 10
محمد بن يحيى الذهلي : 195
محمد بن يعقوب النيسابوري : 206
محمود بن الربيع : 200
مرة بن كعب : 140
المرتضي الحسيني : 11
مرداس الأسلمي : 111، 112
المرداوي : 55
المزّي : 224
مسعر بن كدام : 190
مسلم بن إبراهيم الفراديسي : 223
مسلم بن الحجَّاج : 40، 53، 59، 60، 61، 62، 63، 70، 78، 82، 86، 87، 111، 117، 125، 140، 142، 144، 158، 177، 185، 186، 187، 223 ، 227
مسلم بن خالد : 160
أبو مسلم الخولاني : 179
المطرِّزي : 146
مطرف بن واصل : 210
معاوية بن حيدة : 193
معاوية بن عبد الكريم الضال : 227
معرِّف بن واصل : 210
أبو معشر بن البرَّاء : 208
معمر بن المثنى : 96، 100، 130، 131، 153، 231
ابن معين : 112، 147، 184، 188، 190، 226، 230
مغيرة : 96
المقرئ : 72
المقداد بن الأسود : 222
المكي : 185
ابن أم مكتوم : 174
ملّا علي القاري : 10، 142، 146، 157 ، 178، 196، 225، 228
ابن ملجم : 164
المناوي : 10، 43، 178
ابن منده : 48، 50
المنذري : 208
منصور بن سليم : 209
منصور الطبلاوي : 12
منصور : 188، 189
ابن الموافق : 114
الموفق : 55
- ن -
نافع : 73، 95، 1402، 183
النجاشي : 179(1/197)
النسفي : 87
النصر بن عبد الرحمن : 195
نصر بن علي : 210
نصر بن عمران الضبعي : 221
أبو نصر الوابلي : 191
أبو نصر الكلاباذي : 224
نضر بن شميل : 153
النضر بن عربي : 195
نظام الملك : 189
أبو نعيم الأصبهاني : 24
ابن النفيس : 174
النقاش : 126
النووي : 27، 38، 40، 44، 46، 50، 54، 62، 79، 81، 82، 89، 94، 99، 101، 104، 112، 113، 116، 126، 128، 150، 170، 182، 215
- هـ -
أبو هريرة : 50، 59، 66، 69، 73، 76، 84، 88، 130، 135، 136، 137، 138، 140، 167، 173، 190، 192، 197، 201، 228 ،
هشام بن حسان : 227
هشام الدستوائي : 223
هشام بن عروة : 96، 223،
هشيم : 96
ابن همات الدمشقي : 10
ابن الهمام : 168
- و-
وائل بن حجر : 134
واثلة بن الأسقع : 142
الواحدي : 126
ورقة بن نوفل : 175
وكيع 188 ، 195، 232
وليد بن كثير : 159
أبو وهب الأسدي : 95
وهيب بن خالد الباهلي : 130
- ي -
يحيى بن حسان : 159 ، 160
يحيى بن سعيد الأنصاريّ : 53، 103، 191
يحيى بن سعيد القطان : 113
يحيى بن سيرين : 227
يحيى بن أبي كثير : 223
يزيد بن الأسود : 210
يزيد بن عبد الله 210
يزيد بن أبي عبيد : 185
يزيد بن هارون : 212، 232
يُسير بن عمرو : 208
يعرب : 40
يعقوب عليه السلام : 40
أبو يعلى الخليلي : 69 ، 70، 129
أبو اليمن الكندي : 223
أبو يوسف القاضي : 164
يونس بن أبي إسحاق : 131
فهرس الكتب والمؤلفات المذكورة في الكتاب
اختلاف الحديث : للشافعي : 76
الأذكار ، للنووي : 38
الإرشاد ، للحنبلي : 25
إرشاد الساري ، للقسطلاني : 154، 233
الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ، للسيوطي : 47
استجلاء البصر ، لعبد العزيز العثماني : 10
الاستذكار ، لابن عبد البر : 233
أسرار التنزيل ، للرازي : 176
الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة ، للخطيب البغدادي : 158
الإصابة في تمييز الصحابة ، للحافظ بن حجر : 8، 175، 176، 226
الأطراف : 228، 234(1/198)
الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ، للحازمي : 79، 80
الاعتصام ، للشاطبي : 117
الأعلام ، للزركلي : 12
أعلام السنن ، للخطابي : 154
أعلى الرتبة ، لفصيح الدين الحيدري : 11
الإفهام بما وقع في البخاري من الإبهام للبلقيني : 158
الاقتراح : لابن دقيق العيد : 26
اقتضاء الصراط المستقيم ، لابن تيمية 118
إكمال المعلم ، للقاضي عياض 61، 155
الإكمال ، لابن ماكولا : 233
ألفية السيوطي : 68
ألفية العراقي : 7
إمعان النظر ، للسندي : 10
الأمّ ، للشافعي : 73، 76
إنباء الغمر بأبناء العمر ، للحافظ بن حجر : 8
إيضاح الإشكال ، لأبي الفضل ابن طاهر : 158
البدر الطالع ، للشوكاني : 7ن 9
بصائر ذوي التمييز ، للفيروزآبادي : 21، 22، 106
بلغة الأريب ، للزبيدي : 11
بلوغ المرام ، للحافظ بن حجر : 144، 233
بهجة النظر : لأبي الحسن السندي : 11، 225، 227
بيان خطأ البخاريّ في تاريخه ، لابن أبي حاتم : 157
تاريخ بغداد ، للخطيب البغدادي : 157، 213
تاريخ ابن أبي خيثمة : 224، 233
تاريخ دمشق ، لابن عساكر : 213
تاريخ الصحابة الذين نزلوا مصر ، للجيزي : 226
التارخ الكبير ، للبخاريّ ، 157، 160، 193، 224، 233
تاريخ النيسابور ، للحاكم أبي عبد الله : 213
تبصير المنتبه بتحرير المشتبه ، للحافظ ابن حجر : 209
التحرير : لابن الهمام : 168
تحفة الأحوذي ، للمباركفوري : 155، 233
تحفة الأشراف ، للمزي : 82
تدريب الراوي ، للسيوطي : 27، 80، 215
تذكرة المؤتسي في ذكر من حدّث ونسي ، للسيوطي : 197
تعجيل المنفعة ، للحافظ بن حجر : 8، 112
تعليقات السندي والسيوطي على سنن النسائي : 155
تغليق التعليق ، للحافظ بن حجر : 8، 84
التقريب والتيسير ، للنووي : 44
تقريب التهذيب : 126، 211، 215، 216
التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، للحافظ بن حجر : 8
تلخيص المتشابه ، للخطيب البغدادي : 210
التمهيد لابن عبد البر : 25، 87، 93، 100، 155، 183، 233(1/199)
توجيه النظر ، للجزائري : 42
التوراة : 148
توضيح الأفكار ، للصنعاني : 26، 165، 194
تهذيب التهذيب ، للحافظ بن حجر : 8، 28، 225
تهذيب السنن ، لابن القيّم : 155
تهذيب الكمال ، للمزيّ : 224
الثقات ، لابن حبان : 163، 211
جامع الأصول ، لابن الأثير : 47
الجامع الأصول : لابن الأثير : 47
الجامع لآداب الشيخ والسامع ، للخطيب البغدادي : 41، 182
الجرح والتعديل ، لابن أبي حاتم : 160، 161، 215، 226، 233
الجوامع : 74، 233
الجواهر والدرر ، للسخاوي : 9، 28
حاشية السندي على ابن ماجه : 155
الحاوي الصغير : 7
ابن حجر العسقلاني وكتابه الإصابة ، لشاكر عبد المنعم : 9
حسن المحاضرة ، للسيوطي : 9
الخلاصة ، للخزرجي : 97
الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة ، للحافظ ابن حجر : 8
دلائل النبوة ، للبيهقي : 25
الذّيل على معرفة الصحابة ، لأبي موسى : 226
رافع الارتياب في المقلوب من الأسماء والأنساب ، للخطيب البغدادي : 210
رجال البخاريّ ، للكلاباذي : 224
رجال الترمذي ، لجماعة من المغاربة 224
رجال الصحيحين ، لابن طاهر : 224
رجال مسلم ، لابن منجويه : 224
رجال النسائي ، لجماعة من المغاربة : 224
الرسالة ، للشافعي : 182
رسوخ الأخبار ، للجعبري : 79
رفع الملام عن الأئمة الأعلام ، ابن تيمية : 17
رياض الصالحين : 82، 101
السابق واللاحق ، للخطب البغدادي : 194
سحُّ المطر ، لعبد الكريم الأثري : 12
السنن : 74، 75، 233
سنن أبي داود ، لأبي داود السجستاني :185 ، 224
السنن الأربعة : 137
سنن الترمذي : 39 ، 41، 185
سنن الدارمي : 153
السنن الكبرى ، للبيهقي : 233
سنن ابن ماجه : 185
سنن النسائي : 185 ، 189، 224
شرح الألفية ، للعراقي : 188، 190، 191
شرخ البخاري : للكرماني : 51 ، 154
شرح التحرير : للمرداوي : 55
شرح سنن أبي داود ، لابن رسلان : 155
شرح شرح النخبة ، للملا القاري : 142، 146، 157، 171، 196
شرح مختصر التحرير : 48(1/200)
شرح معاني الآثار ، للطحاوي : 182
شرح النووي لصحيح مسلم : 29، 44، 79، 155، 233
شروط الأئمة ، لابن طاهر : 62
الصحابة ، لأبي موسى : 176
الصِّحاح ، للجوهري : 74، 75
صحيح البخاري : 39، 48، 50، 51، 59، 60، 61، 62، 82، 83، 84، 140، 151، 171، 177، 185، 189، 195، 200، 201، 224
الصحيحان : 50، 55، 59، 76، 83، 140، 145، 208، 224، 223
صحيح ابن حبان : 233
صحيح ابن خزيمة : 233
صحيح مسلم : 59، 60، 61، 62، 73، 82، 86، 126، 140، 144، 191، 202، 223، 224
الصواعق المرسلة ، لابن القيم : 18، 20، 55
الضعفاء للعقيلي : 226
الضوء للعقيلي : 226
الضوء اللامع ، للسخاوي : 7، 9، 28،
الطبقات الكبرى ، لابن سعد : 96، 211، 213، 224
عارضة الأحوذي ، لابن العربي: 51، 155
العباب : للثعلب : 53
عقد الدرر نظم نخبة الفكر ، للفاسي : 12
العلل ، للإمام أحمد : 233
العلل ، لابن أبي حاتم : 94، 233
العلل ، للدارقطني : 227، 233
العلل المفردة ، للترمذي : 41
علل الجامع ، للترمذي : 41
العلل : 228، 234
علوم الحديث ، لابن الصلاح : 25، 41
العمدة : 233
عمدة القاري ، للعيني : 154، 233
عون المعبود شرح سن أبي داود : 155، 233
غرائب مالك ، للدارقطني : 52
الغرر شرح بهجة النظر ، لعثمان بن سند البصري : 12
غريب الحديث ، لإبراهيم الحربي : 153، 233
غريب الحديث ، لابن الجوزي : 233
غريب الحديث ، للخاطبي : 153، 233
غريب الحديث ، للقاسم بن سلّام : 153، 233
غريب الحديث ، لابن قتيبة : 153
غريب الحديث ، للنضر بن شميل : 153
غريب الحديث ، للهروي : 233
الغوامض والمبهمات ، لابن بشكوال: 158
الفائق في غريب الحديث ، للزمخشري : 154 ، 233
فتح الباري : 8، 28، 49، 51، 84، 154 ، 177، 195، 233
فتح المغيث ، للسخاوي : 26، 76، 119، 160، 163، 215
فتح الملهم : 50
فهرسة التجيبي : 61
الفوائد : 74
القاموس المحيط ، للفيروزآبادي : 37، 71(1/201)
قصب السكّر في نظم نخبة الفكر ، لأمير الصنعاني : 12
قضاء الوطر ، لبرهان الدين اللقاني : 10
قطف الأزهار ، للسيوطي : 47
قواعد التحديث ، للقاسمي : 41
القول المبتكر : لابن قطلوبغا : 11
الكتاب ، لسيبويه : 128
الكتب الثلاثة : 208
الكتب الستة : 185، 208، 224
الكفاية ، للخطيب البغدادي : 41، 85، 173، 183
الكمال ، للمقدسي : 224
لسان الميزان ، لابن حجر الحافظ : 8، 21، 28
لقط الدرر ، لعبد الله بن حسين العدوي : 11
المبهمات : 158
المجروحين ، لابن حبان : 108
المجمل، لابن فارس : 52
مجموع فتاوى ابن تيمية : 17، 20
مجموع فتاوى ومقالات ابن باز : 19
المحدث الفاصل ، للرامهرمزي: 23، 41
المحرر ، لابن عبد الهادي : 233
المحصول ، للرازي : 55
المحكم ، لابن سيدة : 81
المحلي ، لابن حزم : 176
مختصر التحرير : 18
مختصر ابن الحاجب : 7
مختصر سنن أبي داود ، للمنذري : 208
المختصر من نخبة الفكر ، لعبد الوهاب بركات : 11
مختصر النخبة : لمحمد الأقكرماني : 11
مختلف الحديث ، لابن قتيبة : 77
المدخل ، للبيهقي : 25، 150
المسانيد : 175، 228، 233، 234
مستخرج أبي نعيم على معرفة علوم الحديث : 24
المستدرك ، للحاكم : 62
المستصفى ، للغزالي : 47
المستفاد من مبهمات المتن والإسناد ، لولي الدين أبي زرعة : 158
المسند ، للإمام أحمد : 137 ، 153، 185، 233
المشتبه : 28
مشكل الآثار ، للطحاوي : 77، 182
المشيخات : 74
المصباح المنير ، للفيومي : 48، 74، 106
المعاجم : 74
معالم السنن ، للخطابي : 155
معرفة الرجال ، للجوزجاني : 163
معرفة السنن والآثار ، للبيهقي : 25، 182
معرفة الصحابة : لابن منده : 226
معرفة علوم الحديث ، للحاكم : 24، 96، 129، 183
المفردات ، للراغب : 71
المفهم ، للقرطبي : 155
المنار المنيف ، لابن القيم : 122
مناقب الشافعي ، للبيهقي : 160
المنتقى شرح الموطأ ، للباجي : 155
منتهى الرغبة ، للخرشي : 10(1/202)
من حدث ونسي ، للخطيب البغدادي : 197
المنخول ، للغزالي : 55
من روى عن أبيه عن جده ، لابن قطلوبغا : 193
منهاج السنّة ، ابن تيمية : 15، 16، 21
المنهج المقترح لفهم المصطلح ، لحاتم العوفي : 14
الموضح لأوهام الجمع والتفريق ، للخطيب البغدادي : 156
الموطأ : 185، 208، 233
الموقظة ، للذهبي : 26، 65
الناسخ والمنسوخ ، لابن شاهين : 79
نتيجة النظر ، للشمني : 10
نخبة الفكر ، للحافظ ابن حجر : ، 26، 28، 39، 41، 44، 52، 215، 216
نزهة النظر ، للحافظ ابن حجر : 10 ، 26، 27 ، 44، 46، 62، 104، 133، 142، 146، 156، 165، 172، 183، 194، 206، 215، 216، 219، 224
نظم المتناثر من الحديث المتواتر ، للكتاني : 47
النكت على كتاب ابن الصلاح ، للعراقي : 80
النكت على كتاب ابن الصلاح ، للحافظ ابن حجر: 37، 61، 183
النهاية في غريب الحديث : 154، 233
نهاية السول ، للأسنوي : 166
الهدْي ، لابن القيّم : 69
هدي الساري ، للحافظ ابن حجر : 28، 84، 195
الوابل الصيِّب ، لابن القيم : 38
الوسيط ، للشيخ محمد بن أبو شهبة : 42
اليواقيت والدرر ، للمناوي : 10، 178
فهرس الأماكن والبلدان
المكان أو البلد الصفحة
أُحُد 140
الأندلس 48، 98
بدْر 222، 227
البصرة 80
بغداد 46، 414، 187
تطوان 12
زقاق حلب 98
سمرقند 227
الصين 48
العراق 201، 213
القاهرة 98
القرافة 98
القطوان 227
الكوفة 180 ، 227
المدينة 87، 91، 140، 172، 179، 180، 201
المزدلفة 192
مصر 7، 53، 226
مكة 46، 56، 177، 277
فهرس الفِرَق والمذاهب
الفرقة الصفحة
الخطّابيّة 121، 164 ، 165
الرافضة 164
الزَّنادقة 121
السَّالميّة 121
السُّمَّنية 46
الصُّفريّة 163
القُعديّة 163
المعتزلة 102
فهرس الموضوعات
الموضوع …………… الصفحة
* مقدمة الشارح ………… 5
- الفصل الأول في ترجمة المصنف…… . 7
- الفصل الثاني في عناية العلماء بالنخبة ...........10
ـ…… الفصل الثالث في مناقشة ما أثير حول كتب المصطلح ..... 13(1/203)
- فائدة مهمة .............28
* متن النخبة ......................29
* تحقيق الرغبة في توضيح النخبة .........37
* تعريف باسم الكتاب ، لغةً واصطلاحاً .... 37
- بداية شرح النخبة ....... 38
- تقسيم الخبر باعتبار وصوله إلينا..... 42
- تعريف الخبر ، لغة واصطلاحاً .. 43
- تعريف المتواتر ، لغة واصطلاحاً ... 44
- شروطه ............. 44
- أقسامه ...............45
- وجوده .............. 45
- حكمه ................46
- مصدره .............47
- إشكال وجوابه ............47
- تعريف المشهور ، لغةً واصطلاحاً ...48
- رأي الحنفية ........................49
- مثال المشهور ..................... 49
- تنبيه ............................... 49
- حكم المشهور ...................... 49
- تعريف العزيز ، لغةًً واصطلاحاً ...... 50
- مثاله .................................. 50
- تتمة ...................... ...........51
- حكمه ...................... ........... 51
ليس كون الحديث عزيزاً شرطاً
في الصحة ...................... 51
أقسامه ........................... 52
مثال الغريب ...................... 53
حكمه .... ........................ 53
تعريف الآحاد ، لغةً واصطلاحاً ................. 53
مما يفيده أخبار الآحاد والاختلاف في ذلك ...... 54
الراجح من الخلاف ................................ 55
أقسام الغريب والأمثلة على ذلك ................... 56
تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف ......... 57
شروط الحديث الصحيح ............................ 57
تعريف الضابط وأقسام الضبط ................. 85
أول من ألّف في الصحيح المجرد .............. 59
الأقوال في ذلك ............................... 60
الاختلاف في المراد بشرط الشيخين ............. 62
تعريف الحسن ................................. 64(1/204)
رأي ابن الصلاح في ذلك ..................... 65
قول الترمذي : (( حسن صحيح )) .............. 66
زيادات الثقات ................................... 67
أمثلة ذلك ........................................ 68
المحفوظ ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................ 69
الشاذ ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................... 69
مثال الشاذ ..................................... 70
حكمه ........................................... 70
المعروف ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ............... 71
مثال المعروف ................................... 72
الشاهد ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................. 73
مثالهما .......................................... 73
المحكم ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................. 74
مختلف الحديث ..................................75
النسخ ، لغةً واصطلاحاً ........................ 77
أهمية معرفته .................................. 77
ما يعرف به النسخ ........................ 78
حكمة النسخ .............................. 79
الفرق بين النسخ والتخصيص ............ 79
المؤلفات في الناسخ والمنسوخ ........... 79
أوجه الترجيح .......................... 80
فائدتان ................................. 81
المعلَّق ، لغةً واصطلاحاً ............... 81
صور المعلَّق .......................... 83
حكم المعلَّق ............................ 83
المرسل ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ....... 85
مثاله ................................... 85
حكمه ................................... 87
مرسل الصحابي ........................ 87
حكمه ... ................................ 87
المعضل ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ........ 88
مثاله ..................................... 88
حكمه ..................................... 89(1/205)
المنقطع ، تعريفه لغةً واصطلاحاً .......... 89
مثاله ...................................... 90
حكمه ...................................... 90
المدلس ، لغةً واصطلاحاً ................... 91
أقسامه .................................. 92
1- تدليس الإسناد ......................92
الخلاصة .............................. 93
مثال تدليس الإسناد ..................... 94
حكم تدليس الإسناد ...................... 94
2- تدليس التسوية ....................... 94
3- تدليس القطع ........................ 95
4- تدليس العطف ....................... 96
مثاله .................................. 96
5- تدليس الشيوخ .......................... 97
تنبيه مهم ................................. 97
الأغراض معه للتدليس ..................... 98
طبقات المدلسين ........................... 98
حكم رواية التدليس ......................... 99
الطعن ، لغةً والمراد به اصطلاحاً .......... 100
تنبيه مهم .................................... 101
الطعن في الراوي من ناحيتين ............... 101
الوجه الأول : من أوجه الطعن في
الراوي الكذب .............................. 102
الكذب ، لغةً واصطلاحاً .................... 102
حكم الكذب على رسول الله ................. 102
رواية الكاذب ............................ 103
توبة الكاذب .............................. 103
الوجه الثاني : من أوجه الطعن
في الراوي فحش الغلط .................... 105
تعريف فحش الغلط ........................ 105
الوجه الرابع : من أوجه الطعن
في الراوي الغفلة ........................... 105
تعريف الغفلة ، لغةً واصطلاحاً ....... 105، 106
الوجه الخامس ..................................107
تعريف الفسق ، لغةً واصطلاحاً ................ 107(1/206)
حكم رواية الفاسق ............................. 107
الوجه السادس : الوهم ......................... 108
تعريف الوهم لغةً واصطلاحاً .................. 108
الوجه السابع : مخالفة الراوي .................. 110
تعريف المخالفة .................................110
الوجه الثامن : الجهالة ........................... 111
تعريف الجهالة ...................................112
أقسام المجهول ................................. 112
أسباب جهالة الذاتي ............................. 112
حكم رواية مجهول الذات .......................113
مجهول العين ..................................113
مجهول الحال ............................... 114
أنواعه ....................................... 114
حكم رواية النوع الأول ...................... 114
حكم الرواية النوع الثاني ......................115
الوجه التاسع : البدعة .........................116
تعريف البدعة ، لغةً واصطلاحاً .............. 117
تقسيم البدع ................................... 117
الإجابة عن قول عمر : نعمت البدعة هذه ........ 118
الوجه العاشر : سوء الحفظ ..................... 119
أقسام سوء الحفظ ............................... 119
تعريف الموضوع ، لغةً واصطلاحاً .............. 120
أسباب الوضع ................................... 121
ما يعرف به الموضوع .......................... 125
المتروك ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................ 126
مثاله ............................................126
رتبته ........................................... 127
المعلل ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ................ 128
أجناس العلل .................................... 129
أقسام المعل .................................... 129
1- المعل في السند ومثاله .................... 130(1/207)
2- المعل في المتن ومثاله ................... 130
3- معل في السند والمتن معاً ................... 131
ما يعرف به علة الحديث ........................... 131، 132
المدرج ، تعريفه لغةً واصطلاحاً .......................... 133
أقسام المدرج ............................................. 133
أولاً : مدرج الإسناد ...................................... 133
صوره وأمثلته ......................................... 136
ثانياً : مدرج المتن ........................................ 136
أقسامه ................................................... 136
1- مدرج في أول المتن ومثاله ........................... 137
2- مدرج في أثناء السند ومثاله ........................... 137
3- مدرج في آخر المتن وهو الأكثر ....................... 137
منشأ الإدراج .................................................. 138
حكم الإدراج ................................................... 139
المقلوب ، تعريفه ............................................. 139
أنواع القلب .................................................... 139
1- القلب في الإسناد وصوره ................................. 140
2- القلب في المتن ومثاله ................................... 140
3- القلب في الإسناد والمتن معاً ............................. 140
حكم القلب ...................................................... 141
المزيد في متصل الأسانيد ....................................... 141
مثاله ............................................................ 142
المضطرب ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ...................... 143
أقسام المضطرب ......................................... 143
1- الاضطراب في السند وهو الأكثر .................. 143(1/208)
2- الاضطراب في المتن وهو نادر ............ .....144
3- الاضطراب في السند والمتن معاً ................. 145
حكم المضطرب ........................................... 145
المصحف ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ......................... 146
أقسام التصحيف ............................................147
1- تصحيف في السند ومثاله ............................ 147
المحرف ، تعريفه لغةً واصطلاحاً ........................... 148
أقسام التحريف ............................................ 149
حكم تصحيح التصحيف والتحريف .......................... 149
اختصار الحديث ............................................ 150
رواية الحديث بالمعنى ....................................... 151
المصنفات في غريب الحديث ................................ 153
من أهم الكتب في شرح متون الستة ......................... 154
حكم رواية المبتدع .......................................... 161
الأقوال في ذلك ............................................ 162
تعريف الإسناد .............................................. 169
تقسيم الخبر باعتبار النسبة والإضافة ........................ 169
قول الصحابي : كنا نفعل كذا .............................. 170
قول الصحابي : من السنّة كذا .................................. 171
المرفوع حكماً .................................................. 172
تفسير الصحابي للقرآن الكريم ................................... 172
تعريف الصحابي ................................................ 174
تعريف التابعي .................................................. 178
المرفوع والموقوف والمقطوع ................................... 180
المسند ........................................................... 182(1/209)
العلو والنزول ................................................... 184
أقسام العلو ...................................................... 186
الموافقة ......................................................... 186
البدل ومثاله ..................................................... 186
المساواة ومثاله .................................................. 187
المصافحة ومثاله ................................................ 187
النزول .......................................................... 188
فائدة ........................................................... 189
الأقران وأقسامه ................................................. 190
الأكابر عن الأصاغر .............................................191
الأصاغر عن الأكابر ............................................192
السابق واللاحق ................................................. 193
المهمل .......................................................... 194
الفرق بين المهمل والمبهم ...................................... 195
من حديث ونسي ................................................ 196
المسلسل ........................................................ 198
طرق التحمل والأداء ............................................ 199
العنعنة .......................................................... 202
الإجازة وأنواعها ................................................ 202
المناولة المقرونة بالإجازة ....................................... 203
الوجادة .......................................................... 204
الوصية بالكتاب ................................................ 204
الإعلام ........................................................ 205(1/210)
المتفق والمفترق .................................................205
المؤتلف والمختلف ............................................. 205
المتشابه ........................................................ 209
خاتمة مهمة ................................................ 210
معرفة طبقات الرواة ........................................... 211
فائدة مهمة ..................................................... 211
مراتب الجرح والتعديل ......................................... 215
مراتب التجريح .................................................. 215
مراتب التعديل ................................................... 216
القواعد المتعلقة بالجرح والتعديل ................................. 218
معرفة من كَثُرت كناه ............................................221
معرفة الأسماء والكنى ...........................................221
معرفة من اختلف في كنيته .................................... 221
معرفة من كَثُرت نعوته ........................................ 221
معرفة من نسب إلى غير أبيه ................................... 222
معرفة من نسب إلى غير ما يسبق إلى الفهم ..................... 222
من وافق كنيته كنية زوجته ..................................... 222
من اتفق اسم شيخه والراوي عنه .................................223
من اتفق اسمه واسم شيخه وشيخ شيخه ...........................223
معرفة الأسماء المجردة ......................................... 224
معرفة الأسماء المفردة ........................................... 225
معرفة الكنى المجردة ............................................ 226
معرفة الأنساب ................................................. 227(1/211)
معرفة أسباب الألقاب ........................................... 227
معرفة الموالي .................................................. 227
معرفة الإخوة والأخوات ........................................227
آداب المحدث .................................................. 228
آداب طالب العلم ............................................... 232
معرفة سبب ورود الحديث ..................................... 235
* الفهارس ...................................................237
* فهرس الآيات القرآنية ................................... 239
* فهرس الأحاديث ......................................... 241
* فهرس الآثار ............................................ 245
* فهرس الأعلام ...........................................247
* فهرس الكتب والمؤلفات المذكورة في الكتاب .............. 259
* فهرس الأماكن والبلدان ................................... 264
* فهرس الفِرق والمذاهب ................................... 265
* فهرس الموضوعات ...................................... 266
1 - في بعض النسخ : (ألّفها الحافظ في حال السفر) ، ولنا على النظم شرح بيّنا فيه اختلاف النسخ . فليراجع .
2 - أسهب تلميذه السخاوي في ترجمته ومقروءاته في الضوء اللامع ، وأفرد له ترجمة في ثلاثة مجلدات أسماها : الجواهر والدرر ، فليرجع إليها من أراد المزيد .
3 - 7/147، ط2.
4 - الباعث الحثيث لأحمد شاكر 1/127 .
5 - انظر الرسالة للإمام الشافعي 461 ، 599، الفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي 1/96، مجموع فتاوى شيخ الإسلام 13/351، 18/ 41، ومختصر الصواعق 4/1465، ومذكرة الشنقيطي في أصول الفقه ص 104.
6 - انظر المسودة لآل تيمية 244، والجواب الصحيح لشيخ الإسلام 4/293.(1/212)
7 - تم مقابلة المتن على نسختين خطّيَّتين مُتقدِّمتين ، منسوخين في زمن المصنف رحمه الله ، وبخطوط تلميذين من تلامذته رحمه عليهما ، الأولى منهما بخط الحافظ البقاعي وفرغ من نسخها سنة ( 823هـ ) ، وإليها الرمز بـ ( الأصل ) ، والأخرى بخط محمد بن الشيخ موسى بن عمران وفرغ من نسخها (850هـ ) أي قبل وفاة المصنف بنحو السنتين ، وإليها الرمز بـ ( ع ) ولعل الله ييسر طباعة المتن في القريب العاجل طبقة مفردةً وخدومةً بالدراسة والتعليق ، وكتب ياسر بن سعد العسكر غفر الله ذنونه وستر في الدارين عيوبه .
8 - في ( ع) : ( ربِّ يسِّر يا كريم ) .
9 - هذه المقدمة أثبتها مما وجدته في نسخة الأصل .
10 - بالنصب على الحالية .
11 - كذا هو في النسختين بصيغة الجمع .
12 - بكسر الباء الموحدة ، كما صرَّح به المصنف في ( النزهة ) .
13 - بفتح القاف وإسكانها ، ومثلها ما سيأتي قريباً .
14 - بفتح اللّام المشدَّدة .
15 - كذا وقع في النسختين الخطيتين من غير زيادة ، ووقع في بعض النسخ المطبوعة زيادة : ( مَنْ حَدَّثَ عَنهُ ) ، ولعلها محلقة من شرح المصنف .
16 - بضم التاء وفتح الهاء على زِنَةِ ( هُمَزَة ) .
17 - بفتح الهاء ، والوَهَمُ : الغَلَطُ وزناً ومعنىً ، ومثلها ما سيأتي قريباً .
18 - بكسر الضاد المعجمة مع التخفيف ، ويجوز فيها التشديد .
19 - ضُبِطَ الاسمُ في نسخة الأصل : بضم الجيم الأولى وإسكان الواو وفتح الزاي والجيم الثانية ، كما هو مُثْبَتٌ ( الجُوْزَجَاني ) ، وضُبِطَ في نسخة ( ع ) بفتح الجيم ( الجَوْزَجَاني ) وكلا الضبطين صحيحٌ معتبرٌ .
20 - وقع في نسخةٍ خطيَّةٍ متقدمةٍ : ( وكذا المختلط والمستور ... ) .
21 - كذا وقع مضبوطاً في كلا النسختين ؛ بفتح السين ، وهو مقتضى ما في ( النزهة ) . وقيل بالكسر ، وفيه نظر .(1/213)
22 - كذا وقع مضبوطاً في كلا النسختين ؛ بفتح اللام المشدَّدة ، وهو مقتضى ما في ( النزهة ) ، وقيل بالكسر ، وفيه نظر
23 - في ( ع ) : ( والثالث كالرابع ) .
24 - في ( ع ) : ( وَالإِنْبَاءُ كالإخْبَارِ ) .
25 - في (ع ) : ( والمَجْهُول والمعدُوم ) .
26 - ضُُبِطَت في نسخة الأصل و ( ع ) بالجر ، كما مثبتٌ ، وهو الصحيح ، فهي معطوفةٌ . على ( طبقات )
27 - جملة ( ومَنْ اخْتُلِفَ فِي كُنْيَتِهِ ) ليست في ( ع ) .
28 - في ( ع ) : ( ومنها ) .
29 - ما بين المعقوفتين من ( ع )
30 - في ( ع ) : ( وهو ) .
31 - ضُبطت في ( ع ) على وجهين : بالياء التحتية ، وبالتاء المثناة من فوق .
32 - ورد في آخر نسخة ( ع ) ما نصه : ( تمت بحمدِ الله وعونِه في يوم الثلاثاء ثامن المحرَّم الحرام سنة خمسين وثمان مائة ، على يد أضعف عَبِيدِ الله وأحوجِهم إلى رحمته وغُفرانِه محمَّد بنِ موسى عِمْرَان غفرَ الله له ولوالديه ولمشايخه ولجميع المسلمين أجمعين .. آمين ، وصلَّى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم ) .
33 - القاموس المحيط مادة ( نخب ) .
34 - اللسان مادة ( فكر ) .
35 - لسان العرب والصحاح مادة ( فكر ) .
36 - شرح القاري ص 9.
37 - النكت على ابن الصلاح بن حجر 1/225.
38 - ص 180- 181 .
39 - أخرجه أبو داود 4840 ، وابن ماجه 1894 ، وابن حبان 1/135 ، وأحمد 2/359 .
40 - ص 187 .
41 - الوابل الصيب ص 157 .
42 - صحيح البخاري 8/532 مع الفتح .
43 - جامع الترمدي 2/211.
44 - جلاء الأفهام لابن القيم ص 133.
45 - المصدر السابق ص 138- 140.
46 - المصدر السابق ص 147.
47 - انظر : شرح النووي على مسلم 1/44 ، والأذكار له ص 194 ، والرسالة للشافعي ص 11 ، وصحيح مسلم مع شرحه 1/44، والتبصرة للشيرازي ص 16 ، واللمع له ص 2 ، وفتح المغيث للسخاوي 1/9 تحقيقنا .
48 - شرح النخبة ص 47 .
49 - مقدمة ابن خلدون 1/369.
50 - شرح النخبة ص 50-51
51 - الطراز 2/404.(1/214)
52 - نزهة النظر ص 53 .
53 - المصدر السابق ص 53.
54 - اليواقيت والدرر 1/116.
55 - نزهة النظر ص 54-55.
56 - تاج العروس للزبيدي مادة ( وتر ) .
57 - علوم الحديث ص 241، التقريب مع تدريب الراوي 2/176.
58 - شرح النووي على صحيح مسلم 1/131.
59 - نزهة النظر ص 58- 62.
60 - رواه البخاري 1/200- 202 مع الفتح ، ومسلم 1/66- 67 مع النووي ، وأبو داود 3651 ، والترمذي 661 ، وابن ماجه 30، 37 ، وأحمد 2/159 .
61 - فيضح الباري لمحمد أنور الكشميري 1/71.
62 - شرح شرح النخبة لملا علي قاري ص 29 .
63 - علوم الحديث ص 242 ، والتقريب مع التدريب 2/176 .
64 - نزهة النظر ص 61- 62 .
65 - نزهة النظر ص 58- 59 .
66 - المستصفى للغزالي 1/132 .
67 - مقدمة فتح الملهم لشبير أحمد ص 11 .
68 - جامع الأصول 1/122 .
69 - المستصفى للغزالي 1/134 - 135 .
70 - لوامع الأنوار البهية للسفاريني 1/15.
71 - انظر : شرح الكرماني على البخاري 22/88.
72 - لوامع الأنوار للسفاريني 1/73 ، وانظر التعليق عليه .
73 - شرح الكوكب المنير 2/333- 334 .
74 - المصباح المنير للفيومي مادة ( شهر ) .
75 - هو مقتضى كلام الحافظ .
76 - علوم الحديث ص 243 .
77 - ص 50 .
78 - نزهة النظر ص 63 ، وتدريب الراوي ص 368- 369 .
79 - أصول السرخسي 1/220 - 224 ، وأصول البزدوي بهامش كشف الأسرار 2/368 .
80 - رواه البخاري 1/194 مع الفتح ، ومسلم 16/223 - 224 مع النووي ، والترمذي رقم 2654 ، وابن ماجه رقم 52 ، وغيرهم .
81 - فتح الباري 1/195 .
82 - صنفت في هذا النوع كتب منها : 1 - المقاصد الحسنة للسخاوي . 2- الدرر المنتثرة للسيوطي . 3- كشف الخفا للعجلوني . 4- تمييز الطيب من الخبيث لابن الدبيع . وكلها مطبوعة .
83 - انظر : كشف الأسرار 2/368 ، ومقدمة فتح الملهم ص 14- 15
84 - القاموس المحيط مادة ( عزز ) ، وبصائر ذوي التمييز 4/61 .
85 - نزهة النظر ص 64 - 65 .(1/215)
86 - علوم الحديث ص 243- ، التقريب للنووي ص 375 مع شرحه تدريب الراوي ، واختصار علوم الحديث ص 197 - 198 .
87 - مقدمة فتح الملهم ص 14 .
88 - البخاري 1/58 ، ومسلم 2/15.
89 - البخاري 1/58 .
90 - نزهة النظر ص 70 ، وفتح المغيث 3/32 ، وذكر أنه لم يقف على رواية سعيد ابن أبي عروبة وذكر أنه قلد شيخه فقط ، وهي مخرجة في الترغيب والترهيب للأصبهاني 1/98- 99 رقم 73 .
91 - نزهة النظر ص 69 .
92 - معرفة علوم الحديث ص 77 .
93 - عارضة الأحوذي 1/87 .
94 - شرح الكرماني 6/35 ، 22/ 46 .
95 - فتح الباري 10/575 .
96 - ص 53 ز
97 نظم النخبة للصنعاني ، وهذا في بعض النسخ ، وفي بعضها بدل الشرط الثاني : ( وقد رمى من قال بالتوهم ) .
98 - المصباح المنير مادة ( غرب ) .
99 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 244 ، وهو مقتضى كلام المصنف .
100 - نزهة النظر ص 25 .
101 - صحيح مسلم 3/124- 125 .
102 - معرفة علوم الحديث ص 98.
103 - البخاري 1/9 مع الفتح ، ومسلم 3/53 ، وأبو داود 2201 ، والترمذي 1647 ، والنسائي 1/51 ، وابن ماجه رقم 4227 ، وأحمد 1/25 ، 43 ، وغيرهم .
104 - القاموس مادة ( أحد ) .
105 - تاج العروس مادة ( أحد ) .
106 - هو مقتضى كلام الحافظ في النخبة ، وانظر : الكفاية للخطيب ص 50 .
107 - البرهان ، لإمام الحرمين 1/598-599.
108 - شرح مسلم 1/120 ، والتقريب ص 70 مع التدريب .
109 - نزهة النظر ص 74- 77 .
110 - مختصر الصواعق 2/ 483- 484.
111 - ص 240 .
112 - المحصول 2/1/ 402- 403 .
113 - الأحكام 2/32 .
114 - المختصر لابن الحاجب 2/55 .
115 - لوامع الأنوار 1/17 ، وانظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام . 18/ 41 ، ومحاسن الاصطلاح للبلقيني ص 101 .
116 - ص 53 .
117 - رواه البخاري 4/ 59 ، ومسلم 9/ 131 .
118 - بالنصب على الحالية .
119 - نزهة الناظر ص 83 .
120 - نقله السخاوي في فتح المغيث 1/270 عن الزنجاني في شرح الوسيط .(1/216)
121 - نزهة النظر ص 83 .
122 - ص 128 .
123 - ص 69 .
124 - ألفية العراقي رقم (12) .
125 - علوم الحديث ص 11 .
126 - نزهة النظر ص 84 - 85 .
127 - آداب الشافعي ومناقبه ، لابن حاتم ص 196 ، ومناقب الشافعي للبيهقي 1/507 .
128 - قاله ابن الصلاح في علوم الحديث ص 14 .
129 - تاريخ بغداد 13/ 102 .
130 - انظر : شرح النووي على مسلم 1/16 ، والنكت على ابن الصلاح لابن حجر 1/286-289، وهدى الساري ص 11 .
131 - انظر المسألة في : صحيح مسلم 1/127 - 144 مع شرح النووي .
132 - استفاض نقل هذا القول عن الإمام البخاري رحمه الله وأنكر بعض المعاصرين ، وليس هذا محل تحرير المسألة .
133 - إكمال المعلم 1/80 .
134 - النكت 1/282 .
135 - فهرست التجيبي ص 93 .
136 - تاريخ بغداد 13/ 101 وشرح النووي على مسلم 1/14 .
137 - - فهرست التجيبي ص 93 .
138 - تاريخ بغداد 13/ 101 ، وعلوم الحديث لابن الصلاح ص 14 - 15 ، وشرح النووي على مسلم 1/14 .
139 - نزهة النظر ص 86 ، وفتح المغيث 1/28 .
140 - نزهة النظر ص 89 .
141 - علوم الحديث ص 18 ، وصيانة صحيح مسلم ص 99 .
142 - شرح مسلم 1/ 26 .
143 - انظر : التقييد والإيضاح ص 30 ، والنكت لابن حجر 1/ 319-321.
144 - انظر المرجعين السابقين .
145 - فتح المغيث 1/48 .
146 - معرفة علم الحديث ص 62 ، والمدخل له ص 87 .
147 - ص 53 .
148 - شروط الأئمة الستة لابن طاهر ص 10 .
149 - انظر ما تقدم قريباً ص 60 .
150 - شروط الأئمة الخمسة لابن طاهر ص 43 - 47 .
151 - ألفية العراقي رقم ( 37 ) .
152 - نزهة النظر ص 90 .
153 - معالم السنن 1/ 11 .
154 - علل الجامع 9/ 457 ، ط . الدعاس .
155 - الموضوعات 1/35 .
156 - فتح المغيث 1/ 66 .
157 - ألفية العراقي رقم (50) .
158 - الموقظة ص 28 .
159 - علوم الحديث ص 27 -28 .
160 - نزهة النظر ص 92 .(1/217)
161 - الترمذي ، باب ما جاء في السواك رقم 22 ، وهو مخرج في البخاري من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رقم 887 ، ومسلم 3/142 ، 143 .
162 - علوم الحديث ص 35 .
163 - الكفاية ص 597 .
164 - انظر المصدر السابق .
165 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 87 .
166 - رواه مسلم 5/4 - 5 ، وابن خزيمة رقم 1/133 .
167 - رواه البخاري 1/ 435 - 436 ، ومسلم 5/3-4 .
168 - علوم الحديث ص 79 .
169 - مأخوذ من تعريف الحفاظ الشاذ .
170 - رواه أبو داود رقم 1261 ، والترمذي رقم 420 ، وصححه ابن خزيمة 2/ 167 ، وابن حبان 6/220 .
171 - سنن البيهقي 3/45 .
172 - زاد المعاد 1/319 .
173 - تهذيب اللغة 11/ 271 ، والقاموس مادة ( شذ ) .
174 - آداب الشافعي لابن أبي حاتم ص 233 ، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص 148 ، والكافية ص 223 ، وعلوم الحديث لابن الصلاح ص 68 .
175 - الإرشاد لأبي يعلى الخليلي 1/176 ، وعلوم الحديث ص 69 .
176 - معرفة علوم الحديث ص 148 .
177 - تقدم تخريجه ص 51 ، وانظر : علوم الحديث لابن الصلاح ص 69 .
178 - ص 69 .
179 - القاموس المحيط مادة ( عرف ) .
180 المفردات للراغب مادة ( عرف ) .
181 - ألفية السيوطي رقم (184 ) .
182 - علوم الحديث ص 71- 72 .
183 - المصدر السابق ص 72 .
184 - ألفية العراقي رقم (167) .
185 - نزهة النظر ص 98- 99 .
186 - الطبراني 12692، وابن عدي 2/821، وانظر : مجمع الزوائد 1/46، وانظر : العلل لابن أبي حاتم 2/ 182 .
187 الذي في العلل قال أبو زرعة : هذا حديث منكر إنما هو عن ابن عباس موقوف .
188 - علوم الحديث ص 72 ، 74 .
189 - الأم للشافعي 2/ 92 .
190 - رواه البخاري 4/119
191 - مسلم 7/ 189- 190
192 - سنن النسائي 4/135 .
193 - البخاري 4/119.
194 - من عطف المتابعات والشواهد على الاعتبار : انظر : علوم الحديث ص 74 .
195 - المصباح المنير مادة ( حكم ) .
196 - المجروحين لابن حبان 1/ 78 .(1/218)
197 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 258 .
198 - رواه البخاري 10/ 241 ، ومسلم 14/ 213 .
199 - البخاري 10 / 243 .
200 - البخاري 10 158 .
201 - البيهقي 7/ 135 .
202 - علوم الحديث ص 257 .
203 - فتح الباري 10/159 ، ونزهة النظر ص 104 .
204 نقله في فتح الباري 10 /160 .
205 - أبو داود رقم 90 ، والترمذي 357 ، وابن ماجه 922 ، وأحمد 5/ 250 ، 260 ، 280 .
206 - البخاري 2/ 227 ، ومسلم 5/ 96 .
207 - صحيح ابن خزيمة 3/ 63 .
208 - النكت على ابن الصلاح 2/622،وفتح المغيث للسخاوي1/ 238 .
209 - الاختيارات لشيخ الإسلام ص 56 ، وزاد المعاد 1/ 256 .
210 - انظر : الباعث الحثيث للشيخ أحمد شاكر ص 209 .
211 - اختصار علوم الحديث ص 210 .
212 - فتح المغيث 3/ 75 ، ط . السلفية .
213 - الصحاح والقاموس مادة ( نسخ ) .
214 - روضة الناظر 1/ 189 - 190 مع الشرح ، وإرشاد الفحول ص 184 .
215 - أخرجه أبو خيثمة في العلم ص 130 ، والبيهقي في السنن الكبرى 10/177، وذكره الحازمي في الاعتبار ص 60
216 علوم الحديث لابن الصلاح ص 249 ، والسير للذهبي 5/ 346 .
217 - صحيح مسلم 7/ 46 ، والترمزي رقم 1054 .
218 - أبو داود 190 ، والنسائي 1/ 108 ، وأحمد 3/ 307 ، وابن خزيمة 1/28 .
219 - أبو داود رقم 2367 ، وابن ماجه 1680 ، والبيهقي 4/265 .
220 - البخاري رقم 1938
221 - اختلاف الحديث في حاشية الأم 7/ 237 .
222 - أبو داود 4482 ، والترمذي 1444، والنسائي 8/ 313 ، وابن ماجه 2573 .
223 - شرح النووي على مسلم 11/ 217 .
224 - المحصول 5/ 427 .
225 - تدريب الراوي ص 388 - 391 .
226 - نزهة النظر ص 170 مع النكت .
227 - المحكم لابن سيده 1/122 .
228 - علوم الحديث ص 62 ، وهدي الساري ص 17 .
229 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 63 ، التقريب للنووي مع التدريب ص 136 ، ألفية العراقي رقم (44) .
230 - تحفة الأشراف 1/ 390 .
231 - رياض الصالحين ص 174 .(1/219)
232 - مسلم مع شرح النووي 1/55 .
233 - علوم الحديث ص 64 .
234 - محاسن الاصطلاح ص 174 .
235 - تفسير القرطبي 5/ 407 .
236 - حديث أم زرع .. رواه البخاري 9/254 ، ومسلم 15/212 مع النووى ونقله السخاوي في فتح المغيث 1/ 55.
237 - انظر : هدي الساري ص 17 - 73 .
238 - علوم الحديث ص 56 .
239 - كابن خزيمة وابن حبان والحاكم لوجود الصحيح وغيره في كتبهم
240 - الذي في صحيح مسلم من المعلقات أربعة عشر حديثاً ، منها ثلاثة عشر موصولة في صحيح مسلم نفسه والرابع عشر موصول في صحيح البخاري ،فلا تبحث معلقات صحيح مسلم والبحث خاص بمعلقات البخاري.
241 - هدي الساري ص 17 .
242 - علوم الحديث ص 21 .
243 - هدي الساري ص 19 .
244 - البخاري 2/334 مع الفتح ، وأبو داود رقم 1006 .
245 - الكفاية ص 58 .
246 - الموطأ 1/ 171 ، والبيهقي في السنن الكبرى 8/ 196 .
247 - في المستصفى 195 .
248 - التمهيد 1/ 4 .
249 - أخرجه البخاري 2650 ، ومسلم 2535 ، وأبو داود 2657 ، والترمذي 2221-2222 من حديث عمران بن حصين ، والنسائي في الكبرى رقم 4732، والمجتبى 7/17.
250 - المجموع 1/60 .
251 - مسلم مع شرح النووي 1/132.
252 - في التمهيد 1/5 .
253 - الرسالة ص 463 .
254 - البخاري رقم 3 في بدء الوحي ، ومسلم 2/ 197 مع النووي ، وأحمد 6/ 232 .
255 - نهاية السول 2/ 264 .
256 - انظر : المجموع 1/ 62 ، وروضة الناظر ص 1123 ، وفتح الباري 7/ 4 .
257 - انظر : الاشتقاق لابن دريد ص 178 .
258 - علوم الحديث ص 54 .
259 - الموطأ 2/ 980 ، وجاء في صحيح مسلم 3/ 1284 ، وأحمد 2/ 342 ، ابن حبان 10/ 152 من طريق بكير بن عبد الله عن العجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة به.
260 - معرفة علوم الحديث ص 37 .
261 - علوم الحديث ص 55 .
262 - ألفية العراق رقم (134 )
263 - المحكم 1/ 48 .
264 - التقريب ص 126 - 127 مع التدريب .
265 - رواه الترمذي 1452 ، وابن ماجه 2598 ، وأحمد 4/ 318 .(1/220)
266 - التاريخ الكبير 3/ 2/ 106 .
267 - فتح المغيث 3/ 308 .
268 - نزهة النظر ص 70 .
269 - انظر : تهذيب اللغة للأزهري 12/ 362 .
270 - علوم الحديث ص 66 .
271 - النكت لابن حجر 2/ 408 ، وفتح المغيث 1/ 208 .
272 - أحمد في مسنده 3/230 وفيه أبي ظلال القسملي .
273 - انظر : الكفاية ص 508 .
274 - شرح مسلم 1/33.
275 -شرح ألفية العراقي له 1/190، التبيين لأسماء المدلسين ص 343 .
276 - توضيح الأفكار للصنعاني 1/376 .
277 - العلل 2/ 154- 155 .
278 - البخاري 7393 ، 13/378، ومسلم 4/2084، واللفظ للبخاري .
279 - الطبقات الكبرى 7/281 .
280 - علوم الحديث ص 66 .
281 - فتح المغيث 2/ 20- 21 .
282 - معرفة علوم الحديث ص 105.
283 - انظر : الرحلة في طلب الحديث ص 128 - 129 ، شرف أصحاب الحديث ص 60 .
284 - خلاصة تهذيب تهذيب الكمال ص 363 .
285 - انظر : فتح المغيث 1/181 .
286 - فتح المغيث 1/184 .
287 - انظر : الكفاية ص 511 ، والتقريب للنووي مع التدريب ص 145 ، وفتح المغيث 1/179.
288 - الكفاية ص 515 ، وعلوم الحديث ص 67 .
289 - الكفاية ص 515 ، والتدريب ص 143 .
290 - الرسالة للشافعي ص 380 ، والمحدث الفاصل ص 404 - 405 ، وعلوم الحديث ص 67 ، والتقريب مع التدريب ص 144.
291 - التمهيد 1/30 -31، الكافية ص 151.
292 - رواه أحمد 1/405 ، والترمذي 1978 ، وصححه ابن حبان 1/421 .
293 - ص 581 .
294 - عدّه العز بن عبد السلام من البدع الواجبة في قواعده 2/173 ، ولا يوافق على عدّه من البدع إذا ليس في البدع ما يمدح لأن كل بدعة ضلالة .
295 - فتح المغيث 3/325 .
296 - إصلاح المنطق ص 189، والمحكم 6/ 491 ، ولسان العرب مادة ( كذب ) .
297 - شرح النووي على مسلم 1/69 ، 8/ 92 ، وفتح الباري 1/ 201 .
298 - تقدم تخريجه ص 45 .
299 - انظر : شرح النووي 1/69 ، 8/ 92 ، وانظر : تهذيب الأسماء واللغات 2/ 2/ 113 .
300 - شرح النووي على مسلم 1/69.(1/221)
301 - الكبائر للذهبي ص 70 ، والزواجر لابن حجر الهيثمي 1/ 97 .
302 - فتح المغيث للسخاوي 1/243- 244 .
303 - علوم الحديث ص 104 .
304 - شرح النووي على مسلم 1/69- 70 .
305 - المحكم لابن سيده 1/ 321، والصحاح واللسان والمصباح مادة ( وهم ) .
306 - شرح النخبة لابن حجر ص 75 .
307 - المحدث الفاصل ص 403 ، والمجروحين 1/80 .
308 - المصباح المنير وتاج العروس مادة ( غلط ) ، انظر : تهذيب اللغة 8/82 .
309 - انظر : مختار الصحاح مادة ( فحش ) .
310 - الكفاية ص 227 - 228 ، شرح علل الترمذي لابن رجب 1/110 .
311 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام 1/ 250 .
312 - الكفاية ص 227 ، وشرح علل الترمذي 1/190 .
313 - جمهرة اللغة لابن دريد 3/147 .
314 - أساس البلاغة للزمخشري مادة ( غفل ) .
315 - بصائر ذوي التمييز 4/140 .
316 - المصباح المنير مادة ( غفل ) .
317 - بصائر ذوي التمييز 4/140 .
318 - شرح شرح النخبة للملا علي القاري ص 121 .
319 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام 18/ 45- 46 .
320 - الكفاية ص 233 .
321 - المصدر السابق .
322 - القاموس المحيط مادة ( فسق ) .
323 - التفسير الكبير 2/147، والمصباح المنير مادة ( فسق ) .
324 - بصائر ذوي التمييز 4/192- 193 .
325 - تفسير القرطبي 1/245 .
326 - شرح شرح النخبة للقاري ص 122 .
327 - روح المعاني 26/ 147 .
328 - أحكام القرآن لابن العربي 4/1703 ، وتفسير القرطبي 16 / 312 .
329 - أضواء البيان 7/ 626 - 627 .
330 - كتاب المجروحين لابن حبان 1/79 .
331 - المحكم لابن سيده 4/ 321 .
332 - إصلاح المنطق ص 244 .
333 - شرح شرح النخبة للقاري ص 122.
334 - مختصر التحرير للفتوحي ص 11.
335 - التعريفات للجرجاني مادة (وهم ) ، وتاج العروس .
336 - قواعد في علوم الحديث ص 275 .
337 - الكفاية ص 227 ، وشرح علل الترمذي 1/109 .
338 - تهذيب اللغة 9/266 .
339 - المغرب للمطرزي ص 476 .
340 - بصائر ذوي التمييز 5/159 .(1/222)
341 - الصحاح مادة ( وثق ) .
342 - انظر : الباعث الحثيث لأحمد شاكر ص 77 ، وشرح ألفية السيوطي له ص 97 .
343 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 95- 96 ، وانظر الديباج المذهَب لملّا حنفي ص 58 .
344 - انظر ص 69 .
345 - ألفية العراقي رقم ( 267 ) .
346 - المفردات للراغب مادة ( جهل ) ، وبصائر ذوي التمييز 2/405 - 406 .
347 - شرح النخبة ص 76 .
348 - الكفاية للخطيب ص 149 .
349 - علوم الحديث ص 102 - 103 .
350 - التقريب للنووي مع التدريب ص 211 .
351 - تدريب الراوي ص 211- 212 .
352 - الكافية ص 150 .
353 - وتعجيل المنفعة ص 147 .
354 - شرح النخبة ص 96 - 97 .
355 - إتمام الدراية للسيوطي ص 63 ، وتوضيح الأفكار 2/185 .
356 - تدريب الراوي ص 210 .
357 - شرح مسلم للنووي 1/28 .
358 - علوم الحديث ص 289، ومقدمة فتح الملهم ص 152 .
359 - شرح النخبة ص 100 ، وانظر : شرح ألفية العراقي للناظم 1/324 ، وقواعد في علوم الحديث ص 206 - 207 .
360 شرح العضد على مختصر ابن الحاجب 2/64 ، وإتمام الدراية للسيوطي ص 63 -64 .
361 - علوم الحديث ص 101 ، وروضة الطالبين للنووي 7/46 .
362 - علوم الحديث ص 100 ، وتنقيح الأنظار مع شرحه 2/191- 192 .
363 - فتح المغيث للسخاوي 1/298 .
364 - شرح ألفية العراقي له 1/328 ، والسخاوي 1/298 .
365 - شرح ألفية العراقي له 1/329 .
366- البرهان في أصول الفقه 1/614 .
367 - فتح العزيز شرح الوجيز 6/ 257 .
368 الثقات لابن حبان 1/13 .
369 - الثقات لابن حبان 1/13 .
370 - كما جاء في حديث أسامة بن زيد في صحيح مسلم 2/99- 100 وغيره وفيه : ( أفلا شققت عن قلبه )) ، وأصله في البخاري 7/517 .
371 - كما جاء في حديث أسامة بن زيد في صحيح مسلم 2/99- 100 وغيره وفيه : ( أفلا شققت عن قلبه )) ، وأصله في البخاري 7/517
372 - المجموع شرح المذهب 6/277 .
373 مقدمة فتح الملهم ص 154 .(1/223)
374 - الصحاح واللسان مادة ( بدع ) ، وانظر : الاعتصام 1/18 ، وفتح الباري 13/ 253 . .
375 - لسان العرب مادة ( بدع ) ، وانظر : إصلاح المساجد للقاسمي ص 11 .
376 - النهاية في غريب الحديث لابن الأثير مادة ( بدع ) .
377 - مشارق الأنوار لعياض 1/81 .
378 - الاعتصام 1/19 ، وانظر : في مضار الابتداع ص 26 .
379 - الحوادث والبدع للطرطوشي ص 39 .
380 - النهاية لابن الأثير مادة ( بدع ) ، وانظر : الحلية 9/113، ومناقب الإمام الشافعي للبيهقي 1/468 - 469، وفتح الباري 4/ 53 .
381 - البخاري 4/250 مع الفتح ، ومالك 1/114 ، بلفظ : ( نعمت )) .
382 - مسلم 6/153 -154 ، وغيره .
383 - قواعد الأحكام 2/172- 174 ، وانظر : الفروق للقرافي 4/202 ، وشرح النووي على مسلم 6/ 154 - 155، والفتاوى الحديثية ص 130 ، وحاشية ابن عابدين 1/560- 561 .
384 - الاعتصام 1/150 - 151 ، وانظر : السنن والمبتدعات ص 17 .
385 - اقتضاء الصراط المستقيم ص 276 .
386 - فتح المغيث 1/303 .
387 - الصحاح مادة ( حفظ ) ، وتهذيب اللغة 4/ 458- 460 ، المحكم 3/212 .
388 - بصائر ذوي التمييز 2/480 .
389 -. شرح النخبة ص 104 .
390 - شرح شرح النخبة ص 160
391 - الحاوي في الطب 1/333 .
392 - القاموس المحيط وشرحه مادة ( وضع ) .
393 - أداء ما وجب لابن دحية ص 204 ، تحقيق جمال عزون ، مؤسسة الريان .
394 - علوم الحديث ص 89 .
395 - المصباح في أصول الحديث لقاسم اندجاني ص 96 .
396 - أداء ما وجب ص 104 .
397 - معالم السنن 1/ 6 .
398 - علوم الحديث ص 89 .
399 - الموضوعات لابن الجوزي 1/38 ، واللآلئ المصنوعة 2/468 ، والمصنوع للقاري ص 202 .
400 - المحدث الفاصل ص 416 ، والمجروحين 1/82 .
401 - المدخل في أصول الحديث ص 100 ضمن المجموعة الكاملة رقم (2) ، وتاريخ بغداد 12/ 323- 324 ، وميزان الاعتدال 3/337- 338 ، ولسان الميزان 4/422 .(1/224)
402 - الموضوعات 1/ 35 - 47 ، واللآلئ المصنوعة 2/467-467، والمصنوع ص 201 - 202 .
403 - المنار المنيف ص 44 .
404 - محاسن الإصلاح ص 215 .
405 - علوم الحديث ص 89 ، والتقييد والإيضاح ص 131 .
406 - الاقتراح لابن دقيق العيد ص 25 .
407 - شرح النخبة ص 78 .
408 - مقدمة ابن الصلاح مع التقييد ص 131 .
409 - الكفاية ص 192 - 193 ، والتقييد والإيضاح ص 132 .
410 - المدخل في أصول الحديث للحكم ص 101 ضمن المجموعة رقم (2) ، والمجروحين لابن حبان 1/66 .
411 - المنار المنيف ص 56- 57 ، 99- 100 .
412 - الموضوعات 1/160 .
413 - انظر : الموضوعات 1/355- 357 ، ومنهاج السنة 4/185 - 195 ، والمنار المنيف ص 57 - 58 ، وتنزيه الشريعة 1/379- 380 .
414 - المنار المنيف ص 50 .
415 - علوم الحديث ص 195 .
416 - توضيح الأفكار 2/97 .
417 - 1/62 مع شرح النووي،والمسند 5/14،وابن ماجه رقم 38-41 .
418 - القاموس المحيط مادة (ترك ) .
419 - النخبة وشرحها ص 81-82 .
420 - انظر التدريب ص 152 .
421 - ابن ماجه رقم 3054 ، والترمذي مختصراً رقم 898 ، والطبراني في الكبير 11/ 395 .
422 - شرخ النخبة ص 77 - 89 ، وشرح القاري ص 120 ، والتدريب ص 194 .
423 - الترمذي رقم 1998 ، والدارقطني في العلل 8/110 وقال : ولا يصح رفعه ، والصحيح عن علي موقوفاً .
424 - تدريب الراوي ص 154 .
425 - تدريب الراوي ص 71.
426 - الصحاح مادة ( علل ) ، والمغرب للمطرزي ص 326 .
427 - كالبخاري والترمذي والدارقطني : انظر : التدريب ص 161 .
428 - علوم الحديث ص 81 .
429 - التقريب ص 161 مع التدريب .
430 - درة الغواص ص 223 .
431 - المحكم 1/46 .
432 - الكتاب لسيبويه 4/67 .
433 - شرح ألفية العراقي له 1/225 ، والتقييد والإيضاح له ص 117 .
434 - القاموس المحيط مادة ( علل ) .
435 - التقييد والإيضاح ص 117 .
436 - علوم الحديث ص 81 .(1/225)
437 - علوم الحديث ص 81 ، والتقريب مع التدريب ص 161 .
438 - معرفة علوم الحديث للحاكم ص 112 .
439 - شرخ النخبة ص 83- 84 .
440 - انظر : معرفة علوم الحديث له ص 141- 147 .
441 - علوم الحديث ص 84 ، والتقريب مع التدريب ص 161 ، وغيرهما .
442 - علل الجامع 9/433 ، فذكر حديث قتل الشارب في الرابعة ، قال : قد بيّنا علته في الكتاب ، وما ذكره في الكتاب قوله : إنه منسوخ .
443 -رواه الترمذي رقم 3429،وابن حبان في صحيحه 2/354، والنسائي في الكبرى 6/105،والحاكم 1/536 - 537،وانظر طرقه والكلام عليه في:فتح الباري 13/ 544- 546والتقييد والإيضاح ص 118
444 - التاريخ الكبير 2/2/105 ، وفتح الباري 13/544- 545 .
445 - فتح الباري 13/ 545 .
446 - أبو داود 3842 ، والترمذي تعليقاً بعد حديث 1799 ، والنسائي 7/ 178 .
447 - تهذيب السنن لابن القيم 5/337 .
448 - بعد الحديث رقم 1799 .
449 - 1/343، 9/667 - 668 .
450 - رواه النسائي 1/274-245 ، وابن ماجه رقم 1123 .
451 - البخاري 2/57 ، ومسلم 5/104 .
452 - علل الحديث لابن أبي حاتم 1/172 .
453 - العلل المتناهية لابن الجوزي 1/469 ، وانظر : المجروحين 1/109 .
454 - معرفة علوم الحديث ص 113 .
455 - شرح علل الترمذي لابن رجب 2/756 .
456 - شرح ألفية العراقي له 1/227 .
457 - تهذيب اللغة 10/ 644 .
458 - بصائر ذوي التمييز 2/ 592 .
459 - شرح النخبة ص 85- 86 .
460 - شرح النخبة ص 85- 86 .
461 - شرح شرح النخبة ص 133 .
462 - ص 85- 86 .
463 - رواه أبو دود رقم 1573 ، والبيهقي في السنن الكبرى 4/137 ، والأحاديث المختارة 2/ 154 .
464 - انظر كلام أبي داود بعد الحديث رقم 1574 ، والمسند 1/148 ، والكبرى للبيهقي 4/95 ، والمحلي لابن حزم 6/ 68 ، وتهذيب السنن للمنذري 2/188 - 189 ، ونصب الراية 2/ 328- 329 . .
465 - علوم الحديث ص 87 .
466 - سنن أبي داود رقم 727 ، وانظر : سنن النسائي 2/ 126 .(1/226)
467 - سنن أبي داود رقم 725 ، وانظر : التدريب ص 176- 177 .
468 - شرخ النخبة ص 85 ، وشرح الشرح للقاري ص 134 .
469 - شرح النخبة ص 85- 86 ، وقارن به علوم الحديث ص 88 ، ويرى الشيخ أحمد شاكر أن هذه الصورة والتي قبلها نوع واحد . انظر : الباعث الحثيث ص 63 - 64 .
470 - البخاري 10/484 ، ومسلم 16 /118 -119 ، والموطأ 2/ 907 - 908 ، والمسند 5/ 517 . .
471 - شرخ النخبة ص 86 .
472 - سنن ابن ماجه رقم 1333.
473 - هذه الصورة ذكرها ابن الصلاح ص 90 في نوع الموضوع ، وجعلها شبه وضع من غير تعمد، وتبعه على ذلك النووي في التقريب ص 188 ، لكن ذكرها في المدرج أولى وهي به أشبه كما صنع الحافظ ابن حجر . انظر : شرح النخبة ص 86 ، والتدريب ص 188 ، والباعث الحثيث ص 64 ، وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه 1/ 207 ، الطبعة الأولى 1313هـ : معنى الحديث ثابت بموافقة القرآن وشهادة التجربة ، لكن الحفاظ على أن الحديث بهذا اللفظ غير ثابت فذكر القصة . اهـ . .
474 - شرح النخبة ص 86 ، والباعث الحثيث ص 61 .
475 - شرخ شرح النخبة للقاري ص 135 .
476 - يراجع كتاب الفصل للوصل المدرج في النقل للخطيب ، فقد نسب إليه من حديث أبي هريرة ، ورواه في تاريخ بغداد 6/ 4 لكن عن عبد الله بن عمرو ، وهو كذلك عند الطيالسي ص 302 رقم 2290 ، وأحمد 2/ 201 ، والبيهقي 1/ 69 .
- البخاري 1/ 267 مع الفتح .
477 - توجيه النظر ص 171 .
478 - الأرفاغ : المغابن من الآباط وأصول الفخذين الواحد رفغ ، الصحاح مادة ( رفغ ) .
479 - انظر سنن الدارقطني 1/148 ، والبيهقي في السنن الكبرى 1/137 .
480 - سنن أبي داود رقم 181 ، والترمذي رقم 82 ، والنسائي 1/100 ، وابن ماجه رقم 479 .
481 - البخاري مع الفتح 1/23 .
482
483 - البخاري 1/235 ، ومسلم 3/135 ، وأحمد 2/400 .
484 - انظر : تدريب الراوي 1/317 .
485 - فتح الباري 1/236 .
486 - المسند 2/334 ، 362 ، 523 .(1/227)
487 - التفسير من الزهري كما في الفتح 1/23 .
488 - حديث ابن مسعود في التشهد أخرجه البخاري 1/311 ، ومسلم 4/115- 117 ، وأبو داود رقم 968 ، والنسائي 3/40 - 41 ، والترمذي رقم 2/ 81 .
489 - الإدراج وقع في رواية أبي داود رقم 970 ، والطيالسي ص 36 .
490 - سنن الدارقطني 1/352 - 353 .
491 - رواه البخاري 5/175 .
492 - قال ابن حجر : ظاهر السياق يدل على رفع هذه الجمل إلى آخرها ، وعلى ذلك جرى الخطابي فقال : لله أن يمتحن أنبيائه وأصفيائه بالرق كما امتحن يوسف . اهـ . وجزم الداودي وابن بطال وغير واحد بأن ذلك مدرج من قول أبي هريرة ، ويدل عليه من حيث المعنى قوله : ( وبر أمي )) فإنه لم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم حينئذ أم يبرها . ووجهه الكرماني فقال : أراد بذلك تعليم أمته ، أو أورده على سبيل فرض حياتها ، أو المراد أمه التي أرضعته ، وفاته التنصيص على إدراج ذلك فقد فصله الإسماعيلي من طريق أخرى عن ابن المبارك ولفظه : والذي نفس أبي هريرة بيده ... إلخ فتح الباري 5/176، وانظر : صحيح مسلم 11/135، والأدب المفرد للبخاري 1/291 مع شرحه .
493 - علوم الحديث ص 89 ، وتدريب الراوي ص 178 .
494 - المصباح المنير مادة ( قلب ) .
495 - النخبة مع حاشيتها لقط الدرر ص 91 - 92 .
496 - فتح المغيث 1/253 .
497 - مسلم 7/120- 122 مع النووي .
498 - البخاري 2/143 مع الفتح وغيره ، وانظر: فتح الباري 2/146 .
499 - البخاري رقم 6444 ، ومسلم برقم 94 ، وغيرهما .
500 - تاريخ بغداد 2/ 20 -21 من طر يق ابن عدي قال : سمعت عدة مشايخ ، والبداية والنهاية 11/ 30 . ومشايخ ابن عدي وإن كانوا مجهولين إلا أن كثرتهم تجبر الجهالة .
501 - شرخ النخبة ص 91 ، وتنقيح الأفكار مع شرحه 2/102 .,
502 - اختصار علوم الحديث ص 149 .
503 - شرح القاري على النزهة ص 139-140 .
504 - شرخ النخبة مع شرحه للقاري ص 140 ، وانظر : علوم الحديث ص 260 .(1/228)
505 - مسلم 7/ 38 ، وأبو داود 3229 ، والترمذي 1050 .
506 - العلل لابن أبي حاتم 1/349 .
507 - جامع الترمذي بعد الحديث رقم 1051 .
508 - علوم الحديث ص 259 .
509 - القاموس المحيط وشرحه مادة ( ضرب ) .
510 - التقريب ص 169 مع التدريب .
511 - علوم الحديث ص 84 .
512 - رواه الترمذي رقم 3293 ؛ وأيضاً في العلل 1/358 وقال : سألت محمداً أيهما أصح ، فقال : دعني أنظر فيه ، ولم يقض فيه بشيء . وانظره في :علل أبي حاتم 2/110 ، 133 .
513 - الباعث الحثيث ص 60 .
514 - علوم الحديث ص 85 .
515 - بلوغ المرام 1/282 - 283 مع شرحه سبل السلام .
516 - صحيح مسلم 4/111 .
517 - الاستذكار 2/153 .
518 - البخاري 2/226- 227 ، ومسلم 4/111.
519 - علوم الحديث ص 83 ، وقد ذكر الحديث في نوع المعل والمضطرب بجامع المعل : لأنه قد تكون العلة هي الاضطراب .
520 - فتح الباري 2/228 .
521 - أحمد 4/ 310- 311 ، وأبو داود رقم 4127 - 4128 ، والترمذي 1729 ، والنسائي 7/175 ،و ابن ماجه رقم 3613 .
522 - جامع الترمذي بعد الحديث رقم 1729 .
523 - التلخيص الحبير 1/48 .
524 - انظر : ألفية العراقي وشرحها فتح المغيث 1/225 .
525 - تدريب الراوي ص 173 .
526 - ص 249- 316 .
527 - ص 141 .
528 - شرح شرح النخبة ص 142 .
529 - انظر : شرح النخبة ص 143 مع شرح القاري .
530 - المصباح المنير مادة ( صحف ) .
531 - المغرب ص 263.
532 - تهذيب اللغة 4/255 .
533 - شرح النخبة ص 92 ، ومقدمة فتح الملهم ص 142 .
534 - فتح المغيث 3/67 .
535 - علوم الحديث ص 252 ، وانظر المحاورة بني الإمام أحمد وابن معين فيه ، في تعليق الدكتور أحمد نور سيف على تاريخ ابن معين 4/258 .
536 - الحديث رواه مسلم 8/56 ، وأبو داود 2433 ، والترمذي 759 ، والنسائي في الكبرى . 2875 ، وابن ماجه 1716 ، من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه .
537 - تاريخ بغداد 3/ 431 .
538 - علوم الحديث ص 254 .(1/229)
539 - رواه البخاري 1/575، ومسلم 4/220، وأبو داود 688 ، والنسائي 1/235، وأحمد 4/307 من حديث أبي جحيفة
540 انظر : البخاري 1/252 ، والقاموس المحيط مادة ( عنز ) .
541 - مقدمة فتح الملهم ص 142 .
542 -شرح النخبة ص 92 .
543 - تقدم تخريجه ص 148 .
544 - فتح المغيث للسخاوي 3/ 72- 73 . .
545 - الكفاية ص 364 .
546 - علوم الحديث ص 195 .
547 الكفاية ص 365 ، وعلوم الحديث ص 196 .
548 - التقريب مع التدريب 1/543 .
549 - صحيح مسلم 1584 - 1589 .
550 - انظر المسألة في : علوم الحديث ص 192 - 194 ، وفتح المغيث للسخاوي 2/221- 225 .
551 - كما في حديث البراء في ذكر النوم حيث قال البراء : ( ورسولك الذي أرسلت )) ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا ونبيّك الذي أرسلت )) . والحديث أخرجه البخاري 1/97، 5/2327.
552 - المسند 1/452 ،و ابن ماجه ص 23 ، والحاكم 1/111.
553 - الدارمي 1/ 83 .
554 - المسند 3/205 ، وابن ماجه ص 24 . وانظر مسألة الرواية بالمعنى في : علوم الحديث لابن الصلاح ص 190- 192 ، وفتح المغيث للسخاوي 2/212- 212 ، وتدريب الراوي 1/532 وما بعدها ، وشرح النخبة مع شرحه للقاري ص 146- 148 .
555 - العلل ومعرفة الرجال للمرزوذي ص 413 ،وغيره .
556 - انظر بحث غريب الحديث في : علوم الحديث ص 245- 247 ،وغيره من كتب المصطلح .
557 - لنا مصنف يصدر قريباً إن شاء الله في مناهج هذه الشروح .
558 - ص 111 .
559 - ص 113 .
560 - انظر : الرحلة في طلب الحديث ص 128- 129 ، وشر ف أصحاب الحديث ص 60 ، وتقييد العلم ص 39 ، 65 ، 97 ، وفتح المغيث للسخاوي 1/180 .
561 - شرح النخبة ص 81 .
562 - لأنه يستدرك على الأئمة كالبخاري وغيره في كتابه هذا .
563 موضح أوهام الجمع والتفريق 1/5 .
564 - ص 113 .
565 - فتح المغيث 2/ 35- 36 .
566 - فتح المغيث 2/36 .
567 - ص 113 .
568 - ص 210 .
569 - الجرح والتعديل 1/1/38 .(1/230)
570 - أحوال الرجال للجوزجاني ص 32 .
571 - ص 116 .
572 - الكفاية ص 194 ، والمدخل للحاكم ص 96 .
573 - المستصفى 2/160 .
574 - الأحكام 2/83 ، ومنتهى السول 1/80 .
575 - - مختصر ابن الحاجب 2/62-63 .
576 - علوم الحديث ص 104 .
577 - ميزان الاعتدال 1/60 .
578 - الكفاية ص 195 ، وانظر : ميزان الاعتدال 2/260 ، وتهذيب التهذيب 4/301 .
579 - الثقات 6/140 .
580 - فتح المغيث 2/65 .
581 - أحوال الرجال ص 32.
582 - شرح النخبة ص 51 .
583 - ألفية العراقي رقم (297 ) .
584 - البخاري 10/285 رقم 5835 .
585 - الكامل للمبرد 3/895 .
586 - هدي الساري ص 432 .
587 - هدي الساري ص 433 .
588 - فتح الباري 10/290 .
589 - عمدة القاري 22/13 .
590 - الكفاية ص 194- 195 ، والحلية لأبي نعيم 9/ 114 ، والسنن الكبرى للبيهقي 10/108 ، وعلوم الحديث ص 103 ، وشرح مسلم للنووي 7/ 160 ، والطرق الحكمية ص 173 ، وانظر : الأم 6/206 ، ومختصر المزني 8/310 مع الأم .
591 - الكفاية ص 202 ، وانظر : أخبار القضاة لوكيع 3/133 .
592 - الكفاية ص 195 .
593 - الكفاية ص 202 .
594 - المدخل للحاكم ص 96 .
595 - ألفية العراقي رقم (295 ) .
596 - الباعث الحثيث ص 84 .
597 - شرخ النخبة ص 101 .
598 - إسبال المطر على قصب السكر ص 183 .
599 - الباعث الحثيث ص 84 .
600 - سلم الوصول لشرح نهاية السول 3/ 744 .
601 - ص 119- 120 .
602 - ص 58 .
603 - شرحه النخبة ص 104- 105 ، وشرحه للقاري ص 162 ، والاغتباط ص 366 مع المجموعة الكمالية رقم (2) .
604 - انظر : الكفاية ص 219 ، وتهذيب التهذيب 7/205 ، وشرح شرح النخبة ص 162 .
605 - ص 58 .
606 - شرخ النخبة ص 105 .
607 - الترمذي 1113 ، وابن ماجه 1888 ، وأحمد 3/ 445 - 466 .
608 - المجروحين 2/127 .
609 - التحرير لابن الهمام ص 318 ،
610 - التحرير ص 318 ، والتقريب ص 104 .
611 - توجيه النظر ص 30(1/231)
612 - في ألفيته السيوطي رقم 80- 81 .
613 - تقدم تخريجه ص 51 .
614 - رواه البخاري برقم 3036 ، ومسلم برقم 2643 .
615 - تقدم تخريجه ص 78 ، والترك عمل :
لئن قعدنا والنبي يعمل فذاك منا العمل المضلل
616 - معرفة علوم الحديث ص 22 .
617 - علوم الحديث ص 43.
618 - رواه البخاري 9/305 ، ومسلم 1440 .
619 - علوم الحديث ص 43 .
620 - شرح الألفية للعراقي 1/128- 132 ، ونزهة النظر 88 ، وتدريب الراوي 1/205 .
621 - المحصول 2/1/ 643 .
622 - الإحكام 2/99 .
623 - علوم الحديث ص 45 .
624 - فتح المغيث 1/108 .
625 - فتح المغيث 1/ 108
626 - نهاية السول 3/802 ، والبرهان 1/ 649 .
627 - التبصرة للشيرازي ص 331 ، والمسودة لآل تيمية ص 292 ، والنكت لابن حجر 2/523 .
628 - فتح المغيث 1/ 108 .
629 - الإحكام لابن حزم ص 194 .
630 - ألفية العراقي رقم 105 .
631 - صحيح البخاري 3/ 513 ، وابن خزيمة في صحيحه 4/253 ، والبيهقي في السنن الكبرى 5/ 114 .
632 - شرح النخبة ص 88 ، وفتح المغيث 1/ 122 - 123 .
633 - علوم الحديث ص 45- 46 ، أخرجه البخاري 8/ 189 ، ومسلم 2/ 1058 .
634 - ألفية العراقي رقم ( 112 ) .
635 - البخاري 6/ 104 ، ومسلم 18/ 37 ، واللفظ لمسلم .
636 - البخاري 3/ 1288 ، ومسلم 12/ 199 .
637 - علوم الحديث ص 46- 47 .
638 - الكفاية ص 58 .
639 - النكت 1/155 . اهـ .
640 - فتح المغيث 1/ 18 .
641 - ألفية العراقي رقم (95 ) .
642 - شرح النخبة ص 93 ، وفتح الباري 7/ 3- 5 .
643 - الإصابة 3/ 634 .
644 - حديث بدء الوحي مخرج في البخاري 1/ 22 ، وغيره .
645 - الإصابة 3/ 635 ، وقد ذكر الحافظ بعض ما يدل على أن النبي صلى الله عليه رآه في الجنة .
646 - الإصابة 1/ 7 .
647 - المصدر السابق 1/8 .
648 - المصدر نفسه .
649 - البخاري 7/3 .
650 - فتح الباري 7/ 3-4 .
651 - شرح شرح النخبة للقاري ص 184 .
652 - علوم الحديث ص 217 .(1/232)
653 - شرح شرح النخبة ص 185 .
654 - علوم الحديث ص 271- 272 ، وانظر : المعرفة للحاكم ص 42 .
655 - علوم الحديث ص 273 .
656 - الكرماني 1/50 .
657 - علوم الحديث ص 274 .
658 - فتح المغيث 1/105 .
659 - علوم الحديث ص 42 - 43 .
660 - علوم الحديث ص 53 .
661 - ألفية العراقي رقم ( 103 ) .
662 - علوم الحديث ص 42 ، وفتح المغيث 1/104 .
663 - فتح المغيث 1/104 .
664 - علوم الحديث ص 42.
665 - الرسالة ص 508 .
666 - الرسالة ص 218 .
667 - التقريب ص 109 مع التدريب .
668 - الجامع للخطيب 2/249 ، تحقيق محمد رأفت سعيد .
669 - فتح المغيث 1/104 .
670 - أي يشمل المحدود وغيره . قال القاري ص 191 .
671 - نزهة النظر ص 96 .
672 - معرفة علوم الحديث للحاكم ص 17 .
673 - التمهيد 1/21- 23 .
674 - النكت على ابن حجر 1/506 .
675 - الكفاية ص 58 .
676 - علوم الحديث ص 231 .
677 - شرح النخبة ص 123 .
678 - اختصار علوم الحديث ص 136 .
679 - هو في جامعه رقم 2260 حديث أنس : (( يأتي على الناس زمان الصابر فيهم على دنيه كالقابض على الجمر )) . وهو حديث حسن بشواهده .
680 - منها حديث رقم 3260 حديث أنسن : (( من أحب أن يكثر خير بيته فليتوضأ إذا حضر غداؤه وإذا رفع )) وهو حديث ضعيف .
681 - ص 190 حديث عائشة ، وسيأتي ص 189 أنزل حديث في البخاري .
682 - علوم الحديث ص 233 .
683 - شرح النخبة ص 124 .
684 - علوم الحديث ص 233 .
685 - شرح النخبة ص 125 .
686 - علوم الحديث ص 124.
687 - علوم الحديث ص 235.
688 - علوم الحديث ص 235 .
689 - علوم الحديث ص 236 .
690 - علوم الحديث ص 237- 238 .
691 - شرح العراقي على ألفيته 3/106- 107 .
692 - علوم الحديث لابن الصلاح ص 237 .
693 - الحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم 3168 ، ومسلم 4/2207 ، من حديث زينب بنت جحش .
694 - علوم الحديث ص 237 .
695 - علوم الحديث ص 278 .
696 - شرح العراقي على ألفيته 4/61 .(1/233)
697 - علوم الحديث ص 278، ومسلم في صحيحه 1/256 .
698 - شرح العراقي على ألفيته 4/62 .
699 - شرخ النخبة ص 127 .
700 - تدريب الراوي 2/716 .
701 - علوم الحديث ص 276 .
702 - أخرجه أبو داود في الأدب رقم 4842 ، والحاكم في المعرفة ص 49 ، وصححه وخرَّجه مسلم بلفظ : أمرنا أن ننزل منازلهم .
703 - شرح العراقي على ألفيته 4/60 .
704 - صحيح مسلم 4/2263 .
705 علوم الحديث ص 276- 277 .
706 - رواه الخطيب وأصله في الصحيحين وغيرهما ؛ البخاري 1/370، 2/602 ، ومسلم 2/933.
707 - كنز العمال للهندي 2495 ز
708 - علوم الحديث ص 281 - 282 ، قال البيهقي في السنن الكبرى 6/122: وصله قيس بن الربيع عن أبي بكر بن وائل ورواه سفيان بن عيينة عن وائل أو بكر بن وائل ، هكذا بالشك عن الزهري يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم
709 - علوم الحديث ص 283- 284 .
710 - شرح النخبة ص 128 - 129 .
711 - طبع محققاً في مجلد .
712 - علوم الحديث ص 286.
713 - يراجع : الميزان 2/72 ، ولسانه ، 2/479 .
714 - شرح النخبة ص 129 - 130 .
715 - علوم الحديث ص 286 .
716 - تدريب الراوي ص 2/ 737 .
717 - إسبال المطر للصنعاني ص 219 .
718 - طبع محققاً في مجلد .
719 - شرح النخبة ص 131 .
720 - شرح النخبة ص 131 .
721 - هدي الساري ص 222 .
722 - إسبال المطر ص 221 .
723 - يراجع : سير أعلام النبلاء للذهبي 7/ 464- 466 .
724 - علوم الحديث ص 105 .
725 - شرح شرح النخبة ص 206 .
726 - شرح النخبة ص 131 .
727 - علوم الحديث ص 105 .
728 - شرح شرح النخبة ص 206 .
729 - الحديث أخرجه الترمذي في النكاح 1102 ، وأبو داود 2083 ، وابن ماجه 1879 .
730 - الترمذي في الأحكام رقم 1343 ، وأبو داود في الأقضية 3610 ، وابن ماجه 2370 .
731 - الترمذي في الأحكام رقم 1343 ، وأبو داود في الأقضية 3610 ، وابن ماجه 2370 .
732 - ابن الصلاح ص 106 .
733 - علوم الحديث ص 248 .(1/234)
734 - أخرجه أبو داود 1/475 ، والنسائي 3/53 ، وابن خزيمة 1/369 .
735 - علوم الحديث ص 248- 249 .
736 - شرح العراقي على ألفيته 4/13 .
737 - البخاري ، كتاب العلم رقم 77 .
738 - علوم الحديث ص 117 .
739 - علوم الحديث ص 119 .
740 - صحيح البخاري 1/39 .
741 - صحيح مسلم ، المقدمة 1/29 وما بعدها .
742 - ألفية العراقي رقم (515 ) .
743 - علوم الحديث ص 158- 159 .
744 - علوم الحديث ص 160 .
745 - علوم الحديث ص 156 .
746 - المصدر السابق ص 135 - 136 .
747 - علوم الحديث ص 324- 325 .
748 - شرح النخبة ص 143- 144 .
749 - علوم الحديث ص 310 .
750 - شرح النخبة ص 144 .
751 - مختصر سنن أبي داود للمنذري 6/ 124 .
752 - علوم الحديث ص 310- 323 .
753 - شرح النخبة ص 145- 146 .
754 - انظر : علوم الحديث ص 334 - 335 .
755 - شرح النخبة ص 151 .
756 - فتح المغيث 3/352 .
757 - الكفاية ص 119 .
758 - علوم الحديث ص 343- 344 .
759 - علوم الحديث ص 362 .
760 - علوم الحديث ص 363 .
761 - شرح النخبة ص 153 .
762 - الجرح والتعديل 1/1/37 ، وعلوم الحديث ص 110 ، واختصار علم الحديث ص 105 .
763 - ميزان الاعتدال 1/4 ، وشرح ألفية العراقي له 2/36- 37 .
764 - انظر المصادر المتقدمة .
765 - شرح النخبة ص 153 .
766 - شرح النخبة ص 153 .
767 - مقدمة التقريب ص 96 .
768 - شرح النخبة ص 153- 154 .
769 - علوم الحديث ص 98- 99 .
770 - ألفية العراقي رقم (262 ) .
771 - شرح النخبة ص 154 .
772 - الاقتراح ص 61 .
773 - علوم الحديث ص 99 .
774 - شرح النخبة ص 155 .
775 - شرح النخبة ص 159- 160 .
776 - في ( ع ) : ( ومنها ) .
777 - شرح النخبة ص 160 - 161 .
778 - شرح شرح النخبة ص 247 .
779 - شرح شرح النخبة ص 247 .
780 - شرح النخبة ص 162 .
781 - شرح النخبة ص 163 ، وانظر : الإصابة 3/ 191 .
782 - الألقاب جمع لقب ، وهو ما أشعر بمدح أو ذم .(1/235)
783 - الأحاديث المختارة 3/309 ، مسند أبي داود الطيالسي 1/32 ، تلخيص الحبير 2/240 .
784 - شرح شرح النخبة ص 253 .
785 - علوم الحديث ص 213 .
786 - أخرجه أبو داود برقم 3664 ، وابن ماجه 1/92 ، وأحمد في مسنده 2/338 ، وصححه ابن حبان 1/279 .
787 - علوم الحديث ص 213- 214 ، وانظر : المحدث الفاضل ص 352 ، والإلماع ص 200.
788 - علوم الحديث ص 213- 214 ، وانظر : المحدث الفاضل ص 352 ، والإلماع ص 200.
789 -المصدر السابق ص 214- 215.
790 - ابن الصلاح ص 215 ، وانظر : المحدث الفاضل ص 354 .
791 - علوم الحديث ص 215- 216 .
792 - المصدر السابق ص 216 .
793 - علوم الحديث ص 217 .
794 - في عصرنا استغني عن المستملي بمكبرات الصوت .
795 - علوم الحديث ص 219- 220 .
796 - ابن الصلاح ص 222 .
797 - شرح النخبة ص 168 .
??
??
??
??
17
تحقيقُ الرغبةِ في توضيح النخبة
جميع الحقوق محفوظة لموقع فضيلة الشيخ / عبد الكريم بن عبد الله الخضير
www.alkhadher.islamlight.net(1/236)