تاريخ نشوء مصنفات السنة
? لماذا كان عرض مصنفات السنة عرضاً تاريخياً ولم يكن عرضها حسب مناهج التصنيف(1)؟
1. للتأكيد على أن الأمة قابلت السنة النبوية في كل مرحلة بالطريقة الصحيحة الكاملة الشاملة للحفاظ عليها, فكلما استجد أمر يخشى معه أن يتفلت شيء من السنة بادرت الأمة بسد تلك الثغرة, وأن هذا كان شأن الأمة في جميع عصورها, فلا يحدق في السنة خطر من الأخطار ولا تستجد حاجة من الحاجات الا ووجدت علماء الأمة نفروا نفرت واحدة لسد تلك الثغرة ولرد ذلك الخطر.
2. الاطمئنان وزيادة اليقين الى أن السنة النبوية قد حفظت حفظاً كاملاً تاماً شاملاً على مر عصورها, وأننا لم نفقد شيء من سنة النبي صلى الله عليه وسلم, فلم يعرف للأحد من لدن آدم عليه السلام الى عصرنا هذا, أحد قد حفظت سنته كما حفظت سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
3. بيان سبب وجود كل وجه من وجوه التصنيف في سنن النبي عليه الصلاة والسلام(2).
4. تذكير طلبة العلم بالواجب المتحتم عليهم تجاه السنة النبوية.
? متى كان أول ظهور للسنة النبوية؟
أول ظهور لسنة النبي عليه الصلاة والسلام حين نزل على النبي صلى الله عليه وسلم جبريل وهو في غار حراء وذهب النبي عليه الصلاة والسلام ليخبر خديجة رضي الله عنها ما حصل له في الغار(3)
__________
(1) كأن يكون العرض عن طريق ذكر الصحاح والمسانيد ... الخ, ويتكلم عن منهج كل منها على حدى. ...
(2) ذكر الشيخ حفظه الله مثالاً على ذلك : وجود المسانيد ... لما وجدت في عصر ما, ولم تكن في العصر الذي قبله أو العصر الذي بعده.
(3) وهو الحديث المعروف المشهور, البخاري – الحديث الثالث في باب بدء الوحي, الذي يروى عن عائشة رضي الله عنها:
أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال ( ما أنا بقارىء ) . قال
: ( فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ قلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال { اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم } ) . فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال ( زملوني زملوني ) . فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر ( لقد خشيت على نفسي ) . فقالت خديجة كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق, فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة وكان امرءا تنصر في الجاهلية وكان يمتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة يا بن عم اسمع من ابن أخيك . فقال له ورقة يا بن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى فقاله له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله به على موسى يا ليتني فيها جذع ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أومخرجي هم ) . قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا . ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي. ...(1/1)
, فكان هذا أول أداء للسنة النبوية من الرسول عليه الصلاة والسلام الى أصحابه, وكان أول تبليغ للسنة من خديجة الى ورقة بن نوفل رضي الله عنهم جميعاً.
ومن هذا نستنبط أن أول ظهور لسنة النبي عليه الصلاة والسلام كان عند بعثة النبي عليه الصلاة والسلام.
مع التنبيه أن هناك من سنة النبي عليه الصلاة والسلام ما كان قبل بعثته عليه الصلاة والسلام كما هو معروف.
? ما يترتب على وجود سنة النبي عليه الصلاة والسلام؟
طاعة النبي عليه الصلاة والسلام في امتثال سنته, وهناك ما يدل على هذا المعنى في الكتاب والسنة :
o ما يدل على طاعة النبي عليه الصلاة والسلام في الكتاب:
? قوله تعالى : }وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا{ (1).
? قوله تعالى : }مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {(2).
? قوله تعالى : }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ{(3).
__________
(1) النساء – 64. ...
(2) الحشر – 7. ...
(3) آل عمران – 31. ...(1/2)
? قوله تعالى : }قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ {(1).
? قوله تعالى : }مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا {(2).
? قوله تعالى : }فَلَا وَرَبِّكَ(3) لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ(4) فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ(5) ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا(6) مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(7) {(8).
o ما يدل على الوعيد من مخالفة النبي عليه الصلاة والسلام وعدم امتثال أوامره في الكتاب:
? قوله تعالى : }لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ {(9).
__________
(1) النور – 54. ...
(2) النساء – 80.
(3) ذكر الشيخ حفظه الله : أن الله سبحانه وتعالى قد استفتح الآية بالقسم وخص بها النبي عليه الصلاة والسلام لبيان عظمة النبي عليه السلام, ولشد الانتباه لعظمة الأمر الذي سيقال بعد ذلك.
(4) ذكر الشيخ حفظه الله : أي يحكموك في حياتك ويحكموا سنتك بعد موتك. ...
(5) ذكر الشيخ حفظه : أن الأصل في وقوع الاختلاف تحكيم الرسول عليه السلام أو سنته. ...
(6) ذكر الشيخ حفظه الله : أي لا يجدوا في أنفسه أدنى ظيق. ...
(7) ذكر الشيخ حفظه الله : أي التسليم الكامل. ...
(8) النساء – 65.
(9) النور – 63.(1/3)
? قوله تعالى : }يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا {(1).
? قوله تعالى : }وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا {(2).
? قوله تعالى : }إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {(3).
o ما يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى من الكتاب:
? قوله تعالى : }وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {(4).
o ما يدل على ثناء الله تعالى على سنة نبيه عليه الصلاة والسلام في الكتاب:
? قوله تعالى : }وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا {(5).
? قوله تعالى : }كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ {(6).
? قوله تعالى : }يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ {(7).
? قوله تعالى : }إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {(8).
__________
(1) النساء – 42.
(2) النساء – 115.
(3) الجن – 23.
(4) النجم – (4,3).
(5) الأحزاب – 34.
(6) البقرة - 151.
(7) البقرة – 269.
(8) الجن – 23.(1/4)
o ما يدل على وجوب الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في فعله, في الكتاب:
? قوله تعالى : }قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ{(1).
? قوله تعالى : }لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا {(2).
o ما يدل على وجوب اتباع سنة النبي عليه الصلاة والسلام وتبليغها والتمسك بها من السنة:
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ، فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي ، فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا(3) ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي(4) ، وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا ، وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ ، فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ{(5).
__________
(1) آل عمران – 31. ...
(2) الأحزاب - 21.
(3) هنا نبه النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أنه سيكون الاختلاف في هذه الامة وأن هذا الافتراق حاصل لا محالة. ...
(4) ثم دل النبي عليه أفضل الصلاة والسلام في هذا الموضع الى الحل والمخرج من هذا الاختلاف وما يعقب هذا الاختلاف من الفتن, ألا وهو سنة النبي عليه الصلاة والسلام وسنن خلافائه الراشدين من بعده. ...
(5) الحديث صحيح, حكم عليه بالصحة الامام الألباني رحمه الله تعالى في سنن أبي داود (4607), وسنن الترمذي (2676), وبن ماجة (42).
وحكم عليه بالصحة العلامة شعيب الأرنؤوط في المسند (17185).(1/5)
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : }خَلَّفْتُ فِيكُمْ شَيْئَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُمَا كِتَابَ اللَّهِ وَسُنَّتِى وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَىَّ الْحَوْضَ{(1).
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : }مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ وَاخْتِلَافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ{(2).
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتْ الْمَاءَ فَأَنْبَتَتْ الْكَلَأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتْ الْمَاءَ فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً وَلَا تُنْبِتُ كَلَأً فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقُهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ فَعَلِمَ وَعَلَّمَ وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ.
__________
(1) مستدرك الحاكم ولم يعلق عليه الذهبي (291), والسنن الكبرى للبيهقي (10/114), وسنن الدارقطني (4665), وحسن الحديث الامام الألباني في كتابه منزلة السنة في الاسلام (ص18).
(2) الحديث صحيح, مسلم (كتاب الفضائل – باب توقير النبي عليه الصلاة والسلام).(1/6)
قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ قَالَ إِسْحَاقُ وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتْ الْمَاءَ قَاعٌ يَعْلُوهُ الْمَاءُ وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِي مِنْ الْأَرْضِ{(1).
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ{(2).
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } يُوشِكُ الرَّجُلُ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يُحَدَّثُ بِحَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِي فَيَقُولُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَلَالٍ اسْتَحْلَلْنَاهُ وَمَا وَجَدْنَا فِيهِ مِنْ حَرَامٍ حَرَّمْنَاهُ أَلَّا وَإِنَّ مَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ مَا حَرَّمَ اللَّهُ{(3).
__________
(1) متفق عليه البخاري (77), مسلم (كتاب الفضائل – باب بيان مثل ما بعث الله النبي عليه الصلاة والسلام من الهدى والعلم).
(2) متفق عليه البخاري (2499), مسلم (كتاب الأقضية – باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور).
(3) الحديث صحيح, بن ماجة (12) وصححه الأباني, الدارمي في السنن (586) وصححه حسين الأسدي, الدار قطني في السنن (58), سنن البيهقي الكبرى (19252).(1/7)
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلاَ إِنِّي أُوتِيتُ الْقُرْآنَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ، أَلاَ يُوشِكُ رَجُلٌ يَنْثَنِي شَبْعَانًا عَلَى أَرِيكَتِهِ ، يَقُولُ : عَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ ، فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَلاَلٍ فَأَحِلُّوهُ، وَمَا وَجَدْتُمْ فِيهِ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ ، أَلاَ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ لَحْمُ الْحِمَارِ الأَهْلِيِّ ، وَلاَ كُلُّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ ، أَلاَ وَلاَ لُقَطَةٌ مِنْ مَالِ مُعَاهِدٍ ، إِلاَّ أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا صَاحِبُهَا ، وَمَنْ نَزَلَ بِقَوْمٍ فَعَلَيْهِمْ أَنْ يَقْرُوهُمْ ، فَإِنْ لَمْ يَقْرُوهُمْ فَلَهُمْ أَنْ يُعْقِبُوهُمْ بِمِثْلِ قِرَاهُمْ. حم{(1).
__________
(1) الحديث صحيح, صححه الامام الألباني في سنن أبي داود (4604), وصحح اسناده العلامة شعيب الأرنؤوط في المسند (17213).(1/8)
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : } جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ ، وَقَالَ آخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللهِ ، إِنِّي لأَخْشَاكُمْ ِللهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي{(1).
? حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : }كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُ الْجَنَّةَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلاَّ مَنْ أَبَى ، قَالُوا : وَمَنْ يَأْبَى يَا رَسُولَ اللهِ ؟ قَالَ : مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى{(2).
__________
(1) الحديث صحيح, أخرجه البُخَارِي في صحيحه (باب النكاح – الحديث الأول).
(2) الحديث صحيح, أخرجه البُخَارِي في صحيحه (باب الاعتصام بالسنة).(1/9)
? أمثلة على دقة نقل الصحابة(1) رضي الله عنهم لسنة النبي عليه الصلاة والسلام:
1. الحديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام : } أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا قَعَدَ فِى التَّشَهُّدِ وَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ لاَ يُجَاوِزُ بَصَرُهُ إِشَارَتَهُ.
__________
(1) ذكر الامام البخاري في تعريف الصحابي ما نصه : من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين فهو من أصحابه (باب فضائل أصحاب النبي), ويدل على ذلك, الحديث المتفق عليه : ((يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال فيكم من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال نعم فيفتح عليه ثم يأتي زمان فيقال فيكم من صحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال نعم فيفتح ثم يأتي زمان فيقال فيكم من صحب صاحب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ فيقال نعم فيفتح)).
... والحديث المخرج في صحيح الامام مسلم : ((يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال لهم فيكم من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم فيكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فيقولون نعم فيفتح لهم)).
? ... وذكر شيخ الاسلام عن الحديث الأخير ما نصه : (وحديث أبى سعيد هذا يدل على شيئين على أن صاحب النبى هو من رآه مؤمنا به وان قلت صحبته كما قد نص على ذلك الأئمة أحمد وغيره وقال مالك من صحب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم سنة او شهرا أو يوما أو رآه مؤمنا به فهو من أصحابه له من الصحبة بقدر ذلك وذلك ان لفظ الصحبة جنس تحته أنواع يقال صحبه شهرا وساعة, وقد بين فى هذا الحديث ان حكم الصحبة يتعلق بمن رآه مؤمنا به فانه لابد من هذ) – مجموع الفتاوى (20/298).(1/10)
- وفي رواية :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ يَدْعُو وَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَيَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ السَّبَّابَةِ وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى إِصْبَعِهِ الْوُسْطَى وَيُلْقِمُ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ.
- وفي رواية :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا قَعَدَ فِى الصَّلاَةِ جَعَلَ قَدَمَهُ الْيُسْرَى بَيْنَ فَخِذِهِ وَسَاقِهِ وَفَرَشَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُسْرَى عَلَى رُكْبَتِهِ الْيُسْرَى وَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُمْنَى وَأَشَارَ بِإِصْبَعِهِ.
- وفي رواية :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ , صلى الله عليه وسلم , إِذَا جَلَسَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ , افْتَرَشَ الْيُسْرَى , وَنَصَبَ الْيُمْنَى , وَوَضَعَ إِبْهَامَهُ عَلَى الْوُسْطَى , وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ , وَوَضَعَ كَفَّهُ الْيُسْرَى عَلَى فَخِذِهِ الْيُسْرَى , وَأَلْقَمَ كَفَّهُ الْيُسْرَى رُكْبَتَهُ. {(1).
__________
(1) الحديث صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (5803) ما نصه:
أخرجه أحمد 4/3(16199) قال : حدثنا يَحيى بن سعيد ، عن ابن عَجلان. و"عَبد بن حُميد" 99 قَالَ : حدثني ابن أبِي شَيبة. قال : حدثنا أبو خالد الأَحمر ، عن محمد بن عَجلان. و"مسلم" 2/90(1245) قال : حدثنا محمد بن مَعمر بن رِبعي القَيسي ، حدثنا أبو هشام المخزومي ، عن عبد الواحد ، وهو ابن زياد ، حدَّثنا عثمان بن حكيم. وفي (1246) قال : حدثنا قُتيبة ، حدثنا لَيث ، عن ابن عَجلان (ح) قال : وحدثنا أبو بكر بن أبِي شَيبة. قال : حدثنا أبو خالد الأَحمر ، عن ابن عَجلان. و"أبو داود" 988 قال : حدثنا محمد بن عبد الرحيم البَزاز ، حدثنا عَفان ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا عُثمان بن حَكيم. وفي (990) قال : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا يَحيى ، حدثنا ابن عجلان. و"النَّسَائي" 3/39 ، وفي "الكبرى" 1199 قال : أخبرنا يعقوب بن إبراهيم. قال : حدَّثنا يحيى ، عن ابن عَجْلان. و"ابن خزيمة" 696 قال : حدثنا يوسف بن مُوسى القطان ، حدثنا العلاء بن عبد الجبار ، حدثنا عبد الواحد بن زياد ، حدثنا عُثمان بن حَكيم. وفي (718) قال : حدَّثنا بندار , حدثنا يَحيى بن سعيد ، حدثنا ابن عَجلان.
كلاهما (محمد بن عَجلان ، وعُثمان بن حَكيم) عن عامر بن عبد الله بن الزبير ، فذكره.(1/11)
2. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :} تَكُونُ الأَرْضُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُبْزَةً وَاحِدَةً ، يَتَكَفَّؤُهَا الْجَبَّارُ بِيَدِهِ ، كَمَا يَكْفَأُ أَحَدُكُمْ خُبْزَتَهُ فِي السَّفَرِ ، نُزُلا لأَهْلِ الْجَنَّةِ. فَأَتَى رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ ، فَقَالَ : بَارَكَ الرَّحْمَنُ عَلَيْكَ ، يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، أَلا أُخْبِرُكَ بِنُزُلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قَالَ : بَلَى. قَالَ : تَكُونُ الأَرْضُ خُبْزَةً وَاحِدَةً - كَمَا قَالَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم - قال : فَنَظَرَ إِلَيْنَا رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. قَالَ : أَلا أُخْبِرُكَ بِإِدَامِهِمْ ؟ قَالَ : إِدَامُهُمْ بَالامٌ وَنُونٌ. قَالُوا : وَمَا هَذَا ؟ قَالَ : ثَوْرٌ وَنُونٌ ، يَأْكُلُ مِنْ زَائِدَةِ كَبِدِهِمَا سَبْعُونَ أَلْفًا.{(1).
__________
(1) الحديث صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (4743) ما نصه:
أخرجه عَبْد بن حُمَيْد (962) قال : حدَّثني إبراهيم بن الأَشْعَث ، حدَّثنا مُحَمد بن الفُضَيل بن عياض و"البُخَارِي" 8/135(6520) قال : حدَّثنا يَحيى بن بُكَيْر. و"مسلم" 8/128(7159) قال : حدَّثنا عَبْد الملك بن شُعَيْب بن اللَّيْث ، حدَّثني أَبي.
ثلاثتهم (مُحَمد بن الفُضيل ، ويَحيى بن بُكَيْر ، وشُعَيْب) عن لَيْث بن سَعْد ، قال : حدَّثني خالد بن يَزِيد ، عن سَعِيد بن أَبي هِلاَل ، عن زَيْد بن أَسلم ، عن عَطَاء بن يَسَار ، فذكره.(1/12)
? كان الصحابة رضوان الله عليهم كثيروا الانشغال بحال النبي عليه الصلاة والسلام, ولعل هذا هو السبب الذي أدى الى أمر النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة بعدم الكتابة الا بما جاء به القرآن الكريم, والذي نصه: }لاَ تَكْتُبُوا عَنِّى شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَمَنْ كَتَبَ عَنِّى شَيْئًا غَيْرَ الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ. وَقَالَ : حَدِّثُوا عَنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ وَلاَ حَرَجَ , حَدِّثُوا عَنِّى وَلاَ تَكْذِبُوا عَلَىَّ , قَالَ : وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ (قَالَ هَمَّامٌ : أَحْسَبُهُ قَالَ مُتَعَمِّدًا) فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ{(1).
__________
(1) الحديث اسناده صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (4603) ما نصه:
أخرجه أحمد 3/12(11101) قال : حدَّثنا إِسْمَاعِيل. وفي 3/12(11103) قال : حدَّثنا شُعَيْب بن حَرب. وفي 3/21(11175) قال : حدَّثنا يَزِيد. وفي 3/39(11364) قال : حدَّثنا أبو عُبيدة. وفي 3/46(11444) قال : حدَّثنا عَبْد الصَّمَد. وفي 3/56(11557) قال : حدَّثنا عَفَّان. و"الدارِمِي" 450 قال : أخبرنا يَزِيد بن هارون. و"مسلم" 8/229(7620) قال : حدَّثنا هَداب بن خالد الأَزْدي. و"النَّسائي" في "الكبرى" 5818 و7954 قال : أخبرنا الفَضْل بن العَبَّاس بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا عَفَّان. وفي (7954) قال : أخبرنا مُحَمد بن إِسْمَاعِيل بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا يَزِيد.
سبعتهم (إِسْمَاعِيل ، وشُعَيْب ، ويَزِيد بن هارونِ ، وأبو عُبيدة ، وعَبْد الصَّمَد ، وعفان , وهداب) عن هَمام بن يَحيى ، عن زَيْد بن أسلم ، عن عَطَاء بن يَسَار ، فذكره.
وذكر العلامة شعيب الأرنؤوط في أكثر من موضع في المسند أن الحديث اسناده صحيح (11100, 11102, 11174, 11362, 11553).(1/13)
ونقل(1) عن البخاري أنه خالف في ثبوت هذا النص مرفوعاً(2) الى النبي عليه الصلاة والسلام, بل يصح موقوفاً(3) عن أبي سعيد الخدري(4).
__________
(1) بضم النون. ...
(2) تعريف الحديث المرفوع : ما أضيف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – خاصة, ولا يقع مطلقه على غير ذلك نحو الموقوف على الصحابة وغيرهم. ( مقدمة بن الصلاح– النوع السادس).
(3) تعريف الحديث الموقوف : ما يروي عن الصحابة رضي الله عنهم من أقوالهم أو أفعالهم ونحوها فيوقف عليهم ولا يتجاوز به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم. ( مقدمة بن الصلاح – النوع السابع). ...
(4) ذكر الشيخ عبد الرحمن الفقيه على موقع أهل الحديث, على الرابط : ((http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=71377)) ما نصه:
حول سؤالك الأول حفظك الله فالإمام البخاري رحمه الله يرى أن الصواب في الحديث الوقف دون الرفع لأن بعض الرواة رووه موقوفا وبعضهم رووه مرفوعا ، فصوب هو الموقوف.
وهذا كلام كتبته سابقا حول الحديث
13-أخرجه مسلم (3004) يراجع فتح الباري (1/251)رقم (113) قال الحافظ ابن حجر (ومنهم من أعل حديث ابي سعيد وقال الصواب وقفه على أبي سعيد قاله البخاري وغيره)اه وانظر الأنوار الكاشفه ص43 والمحدث الفاصل ص379وتقييد العلم ص36
وأخرجه كذلك أحمد(3/46،39،12)و(11085) وأبو يعلى(1288)وابن حبان(64)والحاكم(1/127،126) والخطيب في تقييد العلم ص29
،31,30 وابن عبد البر في جامع بيان العلم(1/268)
وأخرجه أبو داود(3648) من طربق أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد موقوفا بلفظ(ما كنا نكتب غير التشهد والقران)
وأخرج الدارمى(1/119) وابن عبد البر فى الجامع(1/272)من طريقين عن أبي نضرة عن أبي سعيد موقوفا بلفظ(قال أبو نضرةلأبي سعيدألا تكتبنا فانالانحفظ قال لا انا لن نكتبكم ولن نجعله قرانا ولكن أحفظوا عنا كما حفظنا نحن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم)اهـ.
وأخرجه كذلك النسائي فى الكبرى(8008)وابن أبي داودفي المصاحف ص4 والطحاوي فى بيان مشكل الآثار(402)
ولعل الصواب في هذا الحديث الوقف على ابن مسعود والله اعلم كما قال الخطيب في تقييد العلم ص(32،29)والله اعلم
قال الشيخ إبراهيم بن شريف الميلي حفظه الله في تعليقه على كتاب رسوم التحديث للجعبري ص 116-117
(والحديث أعله بعض الأئمة :
قال أبو داود (هو منكر ، أخطأ فيه همام ، وهو من قول أبي سعيد) حكاه عنه أبو عوانة في المستخرج كما في (التحفة3/408) وإتحاف المهرة5/324)000)انتهى. ...(1/14)
ولو صح الحديث كما ذهب الى هذا الامام مسلم فأقوى الأقوال فيه أنه منسوخ.
وأدلة النسخ كثير ومتعددة, منها:
1. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :} لَمَّا اشْتَدَّ بِالنَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَجَعُهُ قَالَ ائْتُونِى بِكِتَابٍ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لاَ تَضِلُّوا بَعْدَهُ(1) قَالَ عُمَرُ إِنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم غَلَبَهُ الْوَجَعُ وَعِنْدَنَا كِتَابُ اللَّهِ حَسْبُنَا فَاخْتَلَفُوا وَكَثُرَ اللَّغَطُ. قَالَ قُومُوا عَنِّى ، وَلاَ يَنْبَغِى عِنْدِى التَّنَازُعُ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ(2) كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ كِتَابِهِ.{(3).
__________
(1) ذكر الشيخ حفظه الله : وهذا دليل قوي على جواز كتابة السنة, فهذا الموقف كان في آخر حياة النبي عليه الصلاة والسلام, وهو بلا شك متأخر عن حديث أبي سعيد الخدي الذي ينص على النهي عن كتابة السنة. ...
(2) المصيبة. ...
(3) الحديث صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (6897) ما نصه:
أخرجه أحمد 1/324(2991) قال : حدثني وهب بن جَرير ، قال : حدثنا أبي. قال : سمعت يونس يحدث. وفي 1/336(3111) قال : حدثنا عبد الرزاق ، حدثنا معمر و"البُخَاريّ" 1/39(114) قال : حدثنا يحيى بن سليمان ، قال : حدثني ابن وهب. قال : أخبرني يونس. وفي 1/11(4432) قال : حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر. وفي 7/155(5696) قال : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عن معمر (ح) وحدثني عبد الله بن محمد ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر. وفي 9/137(7366) قال : حدثنا إبراهيم بن موسى ، حدثنا هشام ، عم معمر. و"مسلم" 5/76(4244) قال : حدثني محمد بن رافع ، وعبد بن حُميد ، قال عبد : أخبرنا، وقال ابن رافع : حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر. و"النَّسَائي" في "الكبرى" 5822 و7474 قال : أخبرنا زكريا بن يحيى ، قال : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : حدثنا معمر.
كلاهما (معمر ، ويونس) عن الزهري ، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، فذكره.(1/15)
2. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :} عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو . قَالَ:كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ ، أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، أُرِيدُ حِفْظَهُ ، فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ . وَقَالُوا : أَتَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ ؟ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَشَرٌ ، يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، فَأَمْسَكْتُ عَنِ الْكِتَابِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَوْمَأَ بِإِصْبَعِهِ إِلَى فِيهِ . فَقَالَ : اكْتُبْ ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا يَخْرُجُ مِنْهُ إِلاَّ حَقٌّ.{(1).
3. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام :} عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ بِكِتَابٍ فِيهِ الْفَرَائِضُ ، وَالسُّنَنُ ، وَالدِّيَاتُ ، وَبَعَثَ بِهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ...الخ(2) {(3).
__________
(1) ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (8669) ما نصه:
أخرجه أحمد 2/162(6510) و2/192(6802) . والدارمي (484) قال : أَخْبَرنا مُسَدَّد . و"أبو داود" 3646 قال : حدثنا مُسدد ، وأبو بكر بن أبي شيبة.
ثلاثتهم (أبو بكر بن أبي شيبة ، وأحمد بن حنبل ، ومُسدد) عن يحيى بن سعيد ، عن أبي مالك ، عُبيد الله بن الأخنس ، عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث ، عن يوسف بن ماهك ، فذكره.
... وحكم على اسناده بالصحة العلامة شعيب الأرنؤوط في المسند, حديث رقم (6510).
... وحكم عليه الامام الألباني بالصحة في سنن أبي داود, حديث رقم (3646).
(2) وذكر الشيخ حاتم حفظه الله أن الأمة أجمعت على الأخذ بهذا الحديث, وأن كل الفقهاء احتجوا بهذا الكتاب, اما كله أو بعض منه.
(3) ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (10733) ما نصه:
أخرجه أبو داود في (المراسيل)259 . والدَّارِمِي (1621 و1628 و1635 و2266 و2352 و2354 و2364 و2365 و2366 و2371 و2373 و2375) مُقَطَّعًا . والنَّسَائِي 8/57 ، وفي "الكبرى"7029 قال : أَخْبَرنا عَمْرو ابن مَنْصُور.
ثلاثتهم (أبو داود ، والدَّارِمِي ، عَبْد الله بن عَبْد الرَّحْمان ، وعَمْرو بن مَنْصُور) عن الحَكَم بن مُوسَى ، قال : حدَّثنا يَحيى بن حَمْزَة ، عن سُلَيْمان بن داود الخَوْلاَنِي ، قال : حدَّثنا الزُّهْرِي ، عن أَبي بَكْر بن مُحَمد بن عَمْرو بن حَزْم ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، فذكره.
- قال أبو داود : وَهِمَ فيه الحَكَم.
- قال أبو مُحَمد الدَّارِمِي (2352) : اعْتَبَطَ : قَتَلَ مِنْ غَيْرِ عِلَّةٍ.
أخرجه أبو داود في )المراسيل(258 قال : حدَّثنا أبو هُبَيْرة (ح) وحدَّثنا هارون بن مُحَمد بن بَكَّار ، حدَّثني أَبي ، وعَمِّي . وو"النَّسائي"8/58 ، وفي "الكبرى"7030 قال : أَخْبَرنا الهَيْثَم بن مَرْوَان ابن الهَيْثَم بن عِمْران العَنْسِي ، قال : حدَّثنا مُحَمد بن بَكَّار بن بِلاَل.
- وأخرجه مالك "الموطأ"2458 . والنَّسَائِي 8/60 ، وفي "الكبرى"7033 قال : الحارث بن مِسْكين ، قراءةً عليه وأنا أَسْمع ، عن ابن القاسم ، قال : حدَّثني مالك ، عن عَبْد الله بن أَبي بَكْر بن مُحَمد ابن عَمْرو بن حَزْم ، عن أبيه ، قَالَ : الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي الْعُقُولِ : إِنَّ فِي النَّفْسِ مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الأَنْفِ إِذَا أُوعِيَ جَدْعًا مِئَةً مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ مِثْلُهَا ، وَفِى الْيَدِ خَمْسُونَ ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ ، وَفِى الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ . س
ولم يقل : عن جَدِّه.
- وأخرجه مالك "الموطأ"534 . وأبو داود في )المراسيل(93 قال : حدَّثنا القَعْنَبِي ، عن مالك ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِى بَكْرِ بن مُحَمد بن عَمْرو بْنِ حَزْمٍ ، أَنَّ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ : أَنْ لاَ يَمَسَّ الْقُرْآنَ إِلاَّ طَاهِرٌ . ط
- وأخرجه أبو داود في (المراسيل)257 قال : حدَّثنا وَهْب بن بَيَان ، وابن السَّرْح ، وأحمد بن سَعِيد . وو"النَّسائي"8/59 ، وفي "الكبرى"7031 قال : أَخْبَرنا أحمد بن عَمْرو بن السَّرْح.
ثلاثتهم (وَهْب بن بَيَان ، وابن السَّرْح ، وأحمد بن سَعِيد) عن ابن وَهْب ، قال : أخبرني يُونُس بن يَزِيد ، عن ابن شِهَاب ، قال : قَرَأْتُ فِي كِتَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، حِينَ بَعَثَهُ إِلَى نَجْرَانَ ، وَكَانَ الْكِتَابُ عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ ، فَكَتَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ : هَذَا بَيَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ : ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ? ، وَكَتَبَ الآيَاتِ مِنْهَا حَتَّى بَلَغَ : ?إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ? ، ثُمَّ كَتَبَ : هَذَا كِتَابُ الْجِرَاحِ : فِى النَّفْسِ مِئَةٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الأَنْفِ إِذا أُوعِبَ جَدْعُهُ مِئَةٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الأُذُنِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي كُلِّ إِصْبَعٍ مِمَّا هُنَالِكَ عَشْرٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ النَّفْسِ ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإِبِلِ.
قَالَ ابْنُ شِهَابٍ : فَهَذَا الَّذِي قَرَأْتُ فِي الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ . د
لم يذكر )أبا بَكْر بن مُحَمد( ولا )أباه( ولا )جَدَّه.
- ... قال أبو أبو داود : أُسْنِدَ هذا ، ولا يصح ، رواه يَحيى بن حَمزة ، عن سُلَيْمان بن أَرْقَم ، عن الزُّهْرِي ، عن أَبي بَكْر بن مُحَمد بن عَمْرو بن حَزم ، عن أبيه ، عن جَدِّه.
- وأخرجه النَّسَائِي 8/59 ، وفي "الكبرى"7032 قال : أَخْبَرنا أحمد بن عَبْد الواحد ، قال : حدَّثنا مَرْوَان بن مُحَمد ، قال : حدَّثنا سَعِيد ، وهو ابن عَبْد العَزِيز ، عن الزُّهْرِي ، قال : جَاءَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ بِكِتَابٍ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدَمٍ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم : هَذَا بَيَانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ : ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ? فَتَلاَ مِنْهَا آيَاتٍ ، ثُمَّ قَالَ : فِي النَّفْسِ مِئَةٌ مِنَ الإِبِلِ ، وَفِي الْعَيْنِ خَمْسُونَ ، وَفِي الْيَدِ خَمْسُونَ ، وَفِي الرِّجْلِ خَمْسُونَ ، وَفِي الْمَأْمُومَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْجَائِفَةِ ثُلُثُ الدِّيَةِ ، وَفِي الْمُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ فَرِيضَةً ، وَفِي الأَصَابِعِ عَشْرٌ عَشْرٌ ، وَفِي الأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ ، وَفِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ.
لم يذكر ) أباه ( ولا ) جَدِّه.
- وأخرجه النَّسَائِي 8/56 ، وفي "الكبرى"7022 قال : أَخْبَرنا الحُسَيْن بن مَنْصُور ، قال : حدَّثنا عَبْد الله بن نُمَيْر ، قال : حدَّثنا يَحيى بن سَعِيد ، عن سَعِيد بن المسيَّب ؛ أنه لما وُجِدَ الكتابُ الذي عند آل عَمْرو بن حَزْم ، الذي ذكروا أن رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ لهم ، وجدوا فيه : وَفِيمَا هُنَالِكَ مِنَ الأَصَابِعِ عَشْرًا عَشْرًا.
- وأخرجه أبو داود ، في )المراسيل(260 قال : حدَّثنا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل ، حدَّثنا حَمَّاد ، حدَّثنا مُحَمد بن إِسْحَاق ، عن عَبْد الله بن أَبي بَكْر بن عَمْرو بن حَزْم ، قال : كان في كتابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يعني هذا : وفي الذَّكَرِ الدِّيَةُ ، وفي اللِّسَانِ الدِّيَةُ.(1/16)
? وأجمعت الأمة على أن كتابة السنن هي أمر مباح, بل مستحب, بل فرض من فروض الكفايات.
? وكتابة السنن هي ما أبقى هذه السنن الى يومنا هذا ولولا كتابتها لضاعت هذه السنن من وقت طويل.
? ما هي عوامل حفظ السنة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في عهده؟
1. الايمان بالنبي عليه الصلاة والسلام هو من أعظم الأسباب في حفظ سنة النبي عليه الصلاة والسلام, وعلى هذا يترتب الايمان بكل ما يقوله عليه الصلاة والسلام, ومن ذلك ما ينقله عن رب العزة بوجوب الأخذ عنه عليه الصلاة والسلام واتباعه كما سبق ذكره.
2. الدرجة العالية التي بلغها صحابة النبي عليه الصلاة والسلام, فأثنى عليهم الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم حيث قال : }مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ(1) وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآَزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا{(2).
__________
(1) ذكر الشيخ حاتم حفظه الله تعالى تعليقاً على هذه الآية الكريمة ما معناه: أن كثير من طلبة العلم يغفلون عن معنى هذه الآية, حيث ذكر الله فيها حسن نوايا أصحاب النبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم, فقال ((يبتغون فضل من الله)), فهم لا يبتغون الدنيا ولكن يبتغون فضل الله عز وجل.
(2) الفتح – 29. ...(1/17)
وقوله تعالى : }وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى(1) وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{(2).
وقوله تعالى : }وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{(3)(4).
2. وفي علوا مرتبة الصحابة رضوان الله عليهم وشرفهم أحاديث ذكرها النبي عليه الصلاة والسلام, ومنها:
1. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : }خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ ذَلِكَ قَوْمٌ ، تَسْبِقُ شَهَادَاتُهُمْ أَيْمَانَهُمْ ، وَأَيْمَانُهُمْ شَهَادَاتِهِمْ.
- وفي رواية : سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : أَيُّ النَّاسِ خَيْرٌ ؟ قَالَ : قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَبْدُرُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَتَبْدُرُ يَمِينُهُ شَهَادَتَهُ.
__________
(1) الحسنى : أي الجنة. ...
(2) الحديد – 10. ...
(3) التوبة – 100. ...
(4) وهذه الآيات الكريمات هي شوكة في حلق كل من ينال من عرض أحد الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين, فشهد الله سبحانه للصحابة الذين أسلموا من قبل الفتح وبعده بالخير وبشرهم بالجنة, فالله الله بصحابة الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم. ...(1/18)
قَالَ إِبْرَاهِيمُ : كَانُوا يَنْهَوْنَنَا ، وَنَحْنُ غِلْمَانٌ ، عَنِ الْعَهْدِ وَالشَّهَادَاتِ
- وفي رواية : خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذيِنَ يَلُونَهُمْ ، فَلاَ أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ ، أّوْ فِي الرَّابِعَةِ ، قَالَ : ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ، تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ.
- وفي رواية : خَيْرُ أُمَّتِي الْقَرْنُ الَّذِينَ يَلُونِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ.{(1).
__________
(1) الحديث صحيح, ذكر صاحب الجامع المعلل في حديث رقم (3190) ما نصه:
... أخرجه أحمد 1/378(3594) قال : حدَّثنا أبو معاوية ، حدَّثنا الأعمش . وفي 1/417(3963) قال : حدَّثنا أزهر بن سعد ، أَخْبَرنا ابن عون . وفي 1/434(4130) قال : حدَّثنا عبد الرحمان ، قال : حدَّثنا سفيان ، عن منصور . وفي 1/438(4173) قال : حدَّثنا محمد بن جعفر ، حدَّثنا شُعبة ، عن منصور ، وسليمان . وفي 1/442(4216) قال : حدَّثنا وكيع ، حدَّثنا الأعمش . و)البُخاري( 3/224(2652) و5/3(3651) قال : حدَّثنا محمد بن كثير ، أَخْبَرنا سفيان ، عن منصور . وفي 8/113(6429) قال : حدَّثنا عبدان ، عن أبي حمزة ، عن الأعمش . وفي 8/167(6658) قال : حدَّثنا سعد بن حفص ، حدَّثنا شيبان ، عن منصور . و"مسلم" 7/184(6560) قال : حدَّثنا قُتيبة بن سعيد ، وهناد بن السري ، قالا : حدَّثنا أبو الأحوص ، عن منصور . وفي (6561) قال : حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم الحنظلي ، قال إسحاق : أَخْبَرنا ، وقال عثمان : حدَّثنا جرير ، عن منصور . وفي 7/185(6562) قال : وحدَّثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالا : حدَّثنا محمد بن جعفر ، حدَّثنا شُعبة (ح) وحدَّثنا محمد بن المثنى ، وابن بشار ، قالا : حدَّثنا عبد الرحمان ، حدَّثنا سفيان ، كلاهما عن منصور . وفي (6563) قال : حدثني الحسن بن علي الحلواني ، حدَّثنا أزهر بن سعد السمان ، عن ابن عون . و)اابن ماجة( 2362 قال : حدَّثنا عثمان بن أبي شيبة ، وعَمْرو بن رافع ، قالا : حدَّثنا جرير ، عن منصور . و"التِّرمِذي" 3859 قال : حدَّثني هناد ، حدَّثنا أبو معاوية ، عن الأعمش . و"النَّسائي" في "الكبرى"5987 قال : أَخْبَرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : أَخْبَرنا جرير ، عن منصور . وفي (5988/1) قال : أَخْبَرنا أحمد بن عثمان ، قال : حدَّثنا أزهر ، قال : حدَّثنا ابن عون . وفي (5988/2) قال : أَخْبَرنا محمد بن بشار ، ومحمد بن المثنى ، قالا : حدَّثنا محمد ، قال : حدَّثنا شُعبة ، عن منصور . وفي (5988/3) قال : أَخْبَرنا بشر بن خالد ، قال : أَخْبَرنا محمد ، عن شُعبة ، عن سليمان ، ومنصور . وفي (5988/4) قال : أَخْبَرنا عَمْرو بن علي ، قال : حدَّثنا يحيى ، قال : حدَّثنا سفيان ، قال : حدَّثنا منصور . وفي "الكبرى" عن قُتيبة ، عن أبي الأحوص ، عن منصور.
ثلاثتهم (منصور ، وسليمان الأعمش ، وابن عون) عن إبراهيم بن يزيد النخعي ، عن عَبيدة السلماني ، فذكره.(1/19)
2. حديث الرسول عليه الصلاة والسلام : }لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى(1) ، فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلاَ نَصِيفَهُ{(2).
__________
(1) وذكر الشيخ حاتم الشريف حفظه الله تعالى أن أعظم سب للمسلم, هو أن يشكك في عدالته. ...
(2) الحديث صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (4666) ما نصه:
أخرجه أحمد 3/11(11095) قال : حدَّثنا أبو مُعَاوِيَة. وفي 3/54(11536) قال : حدَّثنا وَكِيع. وفي 3/54(11537) قال : حدَّثنا مُحَمد بن جَعْفَر ، حدَّثنا شُعْبة. وفي 3/55(11538) قال : حدَّثنا أبو النضر ، حدَّثنا شُعْبة. وفي 3/63(11630) قال : حدَّثنا هاشم ، حدَّثنا شُعْبة. و"عَبد بن حُميد" 918 قال : حدَّثني أحمد بن يُونُس ، أخبرنا أبو بَكْر بن عَيّاش. و"البُخَارِي" 5/10(3673) قال : حدَّثنا آدم بن أَبي إِيَاس ، حدَّثنا شُعْبة. و"مسلم" 7/188(6580) قال : حدَّثنا عُثْمَان بن أَبي شَيْبَة ، حدَّثنا جَرِير. وفي 7/188(6581) قال : حدَّثنا أبو سَعِيد الأَشَجّ ، وأبو كُرَيْب ، قالا : حدَّثنا وَكِيع(ح) وحدَّثنا عُبَيْد اللهِ بن مُعَاذ ، حدَّثنا أَبي (ح) وحدَّثنا ابن المُثَنَّى ، وابن بَشَّار ، قالا : حدَّثنا ابن أَبي عَدِي ، جميعًا , عن شُعْبة. و"أبو داود" 4658 قال : حدَّثنا مُسَدَّد ، حدَّثنا أبو مُعَاوِيَة. و(الترمذى) 3861 قال : حدَّثنا محمود بن غَيْلاَن ، حدَّثنا أبو داوُد ، قال : أنبأنا شُعْبة (ح) وحدَّثنا الحَسَن بن علي الخلال , وكان حافظًا , حدَّثنا أبو معاوية. و"النَّسائي" في "الكبرى" 8250 قال : أخبرنا محمد بن هِشَام , عن خالد , وهو ابن الحارث , قال : حدَّثنا شعبة. خمستهم (أبو مُعَاوِيَة ، ووَكِيع ، وشُعْبة ، وأبو بَكْر بن عَيّاش ، وجَرير) عن الأَعْمَش.
- ... قال البُخَارِي ، عقب رواية شُعْبة : تابعه جَرِير ، وعَبْد اللهِ بن داود ، وأبو مُعَاوِيَة ، ومحاضر ، عن الأَعْمَش.
- ... أخرجه مُسْلم 7/188(6579) قال : حدَّثنا يَحيى بن يَحيى التميمي ، وأبو بَكْر بن أَبي شَيْبَة ، ومُحَمد بن العَلاَء. قال يَحيى : أخبرنا. وقال الآخران : حدَّثنا أبو مُعَاوِيَة. و"ابن ماجة" 161 قال : حدَّثنا مُحَمد بن الصباح ، قال : حدَّثنا جَرِير (ح) وحدَّثنا علي بن مُحَمد ، حدَّثنا وَكِيع (ح) وحدَّثنا أبو كُرَيْب ، حدَّثنا أبو مُعَاوِيَة.
ثلاثتهم (أبو مُعَاوِيَة ، وجرير ، ووَكِيع) عن الأَعْمَش ، عن أَبي صالح ، عن أَبي هُرَيْرَة ، قال : قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم :لاَ تَسُبُوا أَصحَابِي. الحديث.(1/20)
? والأحاديث التي جاءت في فضل الصحابة, العامة منها والخاصة أكثر من أن تحصى(1).
? ينبه(2) هنا على قاعدة مهمة ألا وهي : كل ما زادة العدالة, زاد الضبط.
فكان العدل حريصاً على أن يروي ما سمعه بشكل متقن, غاية في الاتقان.
وها من جانب الورع والتقوى التي عند المحدث, حيث لا يحدث الا بما أتقنه وحفظه عن النبي عليه الصلاة والسلام.
3. أمثلة على ورع الصحابة عن التحديث بأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام:
1. عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةَ ، قَالَ : أُتِيَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِطَعَامٍ ، فَدَعَا إِلَيْهِ رَجُلاً ، فَقَالَ : إِنِّي صَائِمٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَأَيُّ الصِّيَامِ تَصُومُ ؟ لَوْلاَ كَرَاهِيَةُ أَنْ أَزِيدَ ، أَوْ أَنْقُصَ ، لَحَدَّثْتُكُمْ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، حِينَ جَاءَهُ الأَعْرَابِىُّ بِالأَرْنَبِ ، وَلَكِنْ أَرْسِلُوا إِلَى عَمَّارٍ...الخ(3).
__________
(1) ومن أراد أن يطلع على بعضها فاليذهب الى أمثال كتاب الشريعة للآجري أو كتاب أصول اعتقاد أهل السنة للآلكائي. ...
(2) بضم الياء. ...
(3) الحديث حسن لغيره, علق العلامة شعيب الأرنؤوط على الحديث رقم (210) في المسند وقال : حسن بشواهده وهذا إسناد ضعيف.(1/21)
2. وفي الباب من كانوا يحذرون من الزيادة والنقصان في حديث النبي عليه الصلاة والسلام كأنس رضي الله عنه مع اكثاره للرواية: }وَقَالَ هَاشِمٌ مَوْلَى بَنِي هُرْمُزَ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ : لَوْلَا أَنْ أَخْشَى أَنْ أُخْطِئَ لَحَدَّثْتُكُمْ بِأَشْيَاءَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكِنَّهُ قَالَ مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ قَالَ هَاشِمٌ قَالَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ{(1).
3. وهناك أمثال أبي ذر وبن مسعود أبي الدرداء ... وغيرهم, من كبار الصحابة ومالكثرين منهم اذا أراد أن يحدث ... احمر وجهه وتغرورق عيناه, بل منهم من يغمى عليه اذا قال سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم, كأبي هريرة رضي الله عنه, وهذا ما أورد الخشية عند ما دونهم, ومن ذلك ما قال شعبة رحمه الله عن عبدالله بن عوان, حيث قال : شك بن عون أحب إلي من يقين غيره(2).
4. علم الصحابة رضوان الله عليهم أن لا سبيل الى رضى الله عز وجل وبلوغ جنته ورضوانه الا بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.
__________
(1) الحديث صحيح, ذكر العلامة شعيب الأرنؤوط في تعليقه على المسند على حديث رقم (12787) : حديث صحيح , وهذا إسناد حسن , رجاله ثقات رجال الشيخين غير عتاب مولى بني هرمز , فمن رجال ابن ماجة ...
(2) الثقات للابن شاهين – باب العين – ترجمة رقم 616. ...(1/22)
5. السنة النبوية هي المبينة لدستور هذه الأمة, والتي لاغنى لكلام ربنا عز وجل عنها, فلا يمكن أن يحفظ القرآن بغير السنة, للأنه لا يمكن فهم القرآن بغير السنة, ولا يمكن فهم قول الله عز وجل الا من خلال السنة القولية أو الفعلية أو التقريرية للرسول عليه الصلاة والسلام, وفي ذلك قول رب العزة في الكتاب حيث قال سبحانه : }بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ(1) وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ{(2).
6. شدة محبة النبي عليه الصلاة والسلام في قلوب أصحابه, وهو قول الرسول عليه الصلاة والسلام : }َلاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَأَهْلِهِ ، وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ{ (3), ومن ذاك ما كان في تعذيب خبيب بن عدي رضي الله عنه وأرضاه وكيف أنه لا يرضي أن يكون معافى في ماله وولده ورسول الله عليه الصلاة والسلام يشاك بشوكة(4).
__________
(1) وهناك رسالة جميلة للامام الألباني رحمه الله تعالى في هذا المعنى بعنوان, كيف يجب علينا أن نفسر القرآن الكريم. ...
(2) النحل – 44. ...
(3) الحديث صحيح, ذكر صاحب المسند المعلل في حديث رقم (205) ما نصه:
أخرجه البُخَارِي (15) قال : حدَّثنا يَعْقُوب بن إبراهيم ، قال : حدَّثنا ابن عُلَيَّة . و"مسلم" 77 قال : حدَّثني زُهَيْر بن حَرْب ، حدَّثنا إِسْمَاعِيل ابن عُلَيَّة (ح) وحدَّثنا شَيْبَان بن أَبي شَيْبَة ، حدَّثنا عَبْد الوارث . و"النَّسائي" 8/115 قال : أخبرنا الحُسَيْن بن حُرَيْث ، قال : أنبانا إِسْمَاعِيل (ح) وأنبانا عِمْرَان بن مُوسَى ، قال : حدَّثنا عَبْد الوارث .
كلاهما (إِسْمَاعِيل ابن عُلَيَّة ، وعَبْد الوارث) عن عَبْد العَزِيز ، فذكره.
(4) راجع قصة خبيب رحمه الله في معجم الطبراني الكبير (5/259) حديث رقم (5284).(1/23)
7. ما فطر عليه الصحابة من قوة الحافظة, وهذا معروف عند العرب في الجاهلية.
8. شدة العناية بالسنة النبوية, ويظهر هذا في امور منها:
a. شدة انصاتهم للنبي عليه الصلاة والسلام, حتى وصف أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام بأن على رؤوسهم الطير.
b. التحري والتثبت في النقل عن النبي عليه الصلاة والسلام, ومثال ذلك ما شاع في عهد النبي عليه الصلاة والسلام في خبر تطليقه للأمهات المؤمنين, فذهب الى ابنته فوجدها تبكي... الى آخر الحديث.
c. طول المجالسة, وشدة الملازمة ... ومن ذلك ما كان في حال ابوبكر وعمر رضي الله عنهم وأرضاهم, أو كمن تأخرت فترت اسلامهم كأبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه.
d. التناوب على طلب العلم, وبوب عليه البخاري باب التناوب على طلب العلم, وفي هذا الباب حديث عمر بن الخطاب السابق.
9. تبليغ الحاضر منهم الغائب...فهذا أدعى الى نشر سنة النبي عليه الصلاة والسلام.
10. سؤال النبي عليه الصلاة والسلام والحرص على طلب العلم, ومن ذلك حديث أبي هريرة الذي في البخاري, حيث قال من أسعد الناس بشفاعتك يا رسول الله؟...الى آخر الحديث.
11. دعوة الرسول عليه الصلاة والسلام لبعض الصحابة بالعلم, أو من أثنى النبي عليه الصلاة والسلام بشيء من ذلك(1).
4. ما هي العوامل التي كانت في السنة ويسرت حفظها؟
1. تكفل الله عز وجل بحفظ هذه السنة, فهوا حفظ ضمني من حفظ القرآن الكريم, فلا حفظ للقرآن الكريم الا من خلال حفظ السنة للأن السنة هي المبينة للقرآن الكريم.
2. أسلوب النبي عليه الصلاة والسلام في الأحاديث القولية والفعلية, وأن الرسول عليه الصلاة والسلام أفصح الناس فالرسول عليه الصلاة والسلام أوتي جوامع الكلم.
__________
(1) حديث أبي هريرة وبن عباس وعمر بن الخطاب, لقد جعل الله الحق على لسان بن عمر وقلبه, وقرأت بن أم عبد.(1/24)
هذا من جهة ومن جهة السنة الفعلية, ما كان من حال النبي عليه الصلاة والسلام من تضرع وخشية وكمال عبادة, مما يلفت الأنظار ويجعل الانسان متنبه ومتابع لكل حركات النبي عليه الصلاة والسلام.
ومن ذلك شهادة عبدالله بن سلام للنبي عليه الصلاة والسلام أن وجهه ليش بوجه كاذب.
? ما هي العوامل المتعلقة بالنبي عليه الصلاة والسلام والداعية لحفظ السنة؟
1. الحرص الكامل على تمام التبليغ, ونصح الامة.
2. لم يكن النبي عليه الصلاة والسلام منعزل عن الناس, مع وجود امهات المؤمنين في بيته عليه الصلاة والسلام.
3. أسلوب النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث, ومن ذلك حديث عائشة : ان النبي لم يكن يسرد الحديث كسردكم, وفي الحديث الآخر عنها رضي الله عنها أن النبي عليه السلام كان يحدث بالحديث الذي لو أراد ان يعده العاد للأحصاه.
4. تكرار النبي عليه الصلاة والسلام للحديث الواحد في مجالس عديدة, مما يجعل حفظه وعدد ناقليه من الصحابة أكثر.
5. حث الناس على الحفظ والتبليغ, ومن ذلك حديث الرسول عليه السلام في حديث نضر الله وجه امريء ... الى آخر الحديث, وكقوله عليه السلام ... فليبلغ الحاضر والغائب, اخبار النبي عليه الصلاة والسلام عن سماع الصحابة والسماع منهم, وكقوله عليه السلام : حدثوا عني ولا تكذبوا علي.
6. بيانه عليه الصلاة والسلام حرمة الكذب عليه, كحديث من كذب علي فاليتبؤ مقعده من النار, وكحديث من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهوا أحد الكاذبين.
7. تدرج التشريع وطول مكث النبي عليه الصلاة والسلام بين أصحابه.
? ما هو الدليل على ضبط الصحابة؟
1. زيادة العدالة هي الدليل على زيادة الضبط.
2. حرصهم على التبليغ الحرفي.(1/25)
3. ثناء بعض الصحابة بعضهم على بعض بالضبط والاتقان, كثناء بن عمر رضي الله عنه على أبي هريرة, حيث قال : والله اننا لا نشك أنه كان ألزمنا الى النبي...الخ, ومن ذلك ثناء بن مسعود على عمر, وثناء عمر رضي الله عنه على عمار وبن مسعود وأبي موسى.
4. دعاء النبي عليه الصلاة والسلام, وثناء النبي على علم بعضهم.
5. قوة الذاكرة وشدة الحفظ عند العرب في عصرهم وعصر الجاهلية.
6. اجماع الأمة على الأخذ بقولهم دون الخوض في ضبطهم.
7. طول الملازمة للرسول عليه الصلاة والسلام.
8. حث النبي عليه الصلاة والسلام على التبليغ, مما يدل على ثقة النبي عليه الصلاة والسلام بهم وقدرتهم على النقل عنه.
9. معايشتهم للاحداث وحظور الصحابة وقت التليغ ومعرفة الأسباب الداعية لهذا الحديث أدعى لفهم وضبط هذه الأحدايث غايت الضبط.
10. انعدام الاسناد, فالرواية عن النبي عليه الصلاة والسلام مما يجعل داعي الضبط أقوى.
? ثبت أن بعض الصحابة قد رد على البعض الآخر, وأن الوهم قد وقع من بعضهم بالفعل, فما الرد على هذا؟
الصحابة هم كسائر البشر, يخطىء المرء منهم ويصيب, وهم ليسوا بمعصومين, ورد بعضهم على البعض الآخر هو من أدلة كمال العدالة عندهم, والوهم لو كان من بعضهم مع قلته, فان غالب الصحابة تأتي بالأدلة على مخالفة هذا الأمر أو من تكون له قرينة تزيد من قبول رأيه في مسألة معينة عن غيره.
أسئلة في نهاية الدرس
س1: ما أهم الكتب التي تكلمت عن مصادر السنة للمبتدئين؟
... الكتب كثيرة في هذا الباب, من أهم هذه الكتب كناب الدكتور أكرم ضياء العمري ((بحوث في تاريخ السنة المشرفة)).
ومن الكتب من تكلم عن التدوين خاصة, ككتاب الدكتور ضياء الدين الأعظمي ((دراسات في تدوين السنة النبوية)) و ((صحائف الصحابة)) للشيخ عبدالرحمن الصويان و ((تدوين السنة ونشأتها)) للشيح محمد مطر الزهراني.
س2: كيف يضعف حديث في مسلم وقد تلقته الأمة بالقبول؟(1/26)
... صحيح مسلم صحيح الا أحرف بسيطه مما انتقده الأئمة عليهما(1).
س3: ما هو الحد الأدنى من السنة الذي توجب على طالب علم الفقه من أن يحيط به؟
... المتخصص في الفقه أحوج ما يكون الى السنة النبوية, وأقل ما يجب أن يلم به طالب علم الفقه :
? ادمان المطالعة في الصحيحين, وصحيح بن خزيمة والحاكم وما صححه الترمذي, وما صححه أهل العلم السابقون واللاحقون, وخاصة كتب الاحكام كسنن أبي داوود وجامع الترمذي وسنن النسائي والسنن الكبرى للبيهقي.
? وكتب تخريج الأحكام كنصب الراية للزيلعي, وتلخيص الحبير للابن حجر وارواء الغليل للالباني.
__________
(1) وهذه الأحرف يرجع فيها الى الدراسة والتمحيص, فالحق يدور مع ما يترتب على الدراسة ومن ثم يتم الترجيح, وغالب ما انتقد على الصحيحين فيه نظر والحق ما كان في قول الشيخين لا غيرهما. ...(1/27)