اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون
وأربع مراتب المقبول ... بينها أئمة النقول
صحيحهم لذاته أو غيره ... ومثل ذين حسن فلتدركه
وكلها في عمل به اشترك ... وبينها تفاوت بدون شك
فما روى العدل عن العدل ... وتم ضبط الكل للمنقول
متصلاً ولم يشذ أو يعل ... فهو لذاته صحيح قد حصل
والعدل من يلزم تقى الخلاق ... مجتنباً مساوىء الأخلاق
والضبط ضبطان بصدر وقلم ... فالأول لذى متى يسمعه ولم
ينس فحيثما يشا أداه ... متحضر اللفظ الذى وعاه
والثاني من في سفره قد جمعه ... وصانه لديه منذ سمعه
حتى يؤدى منه أي وقت ... وسم ما يجمعه بالثبت
والاتصال كون كل سمعا ... عن شيخه من الرواة ووعى
وما التاذ من التعريف ... وللمعل يأت في تعريفي
وقد تفاوت رتب الصحيح ... بحسب الموجب للتصحيح
من أجل ذا قالوا أصح سند ... أصح سنة لأهل البلد(1/1)
وما روى الشيخان فيه قدموا ... ثم الباري يليه ومسلم
فما على شرطهما فما على ... شرط البخاري شرط مسلم تلا
يعنون أن ينقل عن رجال ... قد نقلا لهم مع اتصال
وما يماثله وكان للضبط خف ... فحن لذاته فان يحف
بمثله صحح بالمجموع ... واكتسب القوة بالجموع
ويطلق الوصفان لتردد ... إن أطلقوها مع التفرد
ويطلقان با ستبار الطرق ... في غير فرد فادره وحقق
واقبل زيادة بها تفردا ... راويهما مالم ينافي الأجودا
وما روى المستور أو من دلسا ... والمرسل الخفي ومن في الحفظ سا
عند اجتماع الطرق المعتبرة ... فحسن لغيره فاعتبره
وقولهم أصح شئ فيه أو ... أحسنه ليسوا ثبوته عنوا
بل زعموا أشبه شئ وأشف ... وأنه أقل ضعفا وأخف(1/2)
وليس في القبول شرطا الدد ... بل اشتراط ذاك بدعة ترد
ويقسم المقبول من حيث العمل ... إلى معارض ومحكم استقل
فالمحكم النص الذي ما عارضه ... نص كمثله بحيث ناقصه
فمن أتته سنة صحيحه ... عن النبي ثابتة صريحة
فماله عنها عدول الابد ... لأي قول كان من أي أحد
وغيره معارض إن امكنا ... بينهما الجمع فقد تعينا
كالأمر إن عورض بالجواز في ... ترك المأمور إلى الندب اصرف
ومثله النهي لكره صرفا ... بحل إتيان وحظره انتقى
واخصص بما خص عموما وردا ... والمطاق احمله على ما قيدا
وهكذا فاجمع بلا تعسف ... بل بين مدلوليهما فألف
ولا يجوز ردك المعارضا ... ما أمكن الجمع بوجه يرتضى
وحيث لم يمكن وسابق درى ... عين نسخ حكمه بالآخر(1/3)
ويعرف النسخ بنص الشارع ... أو صحبه ثم بتأريخ فع
وليس الاجماع على ترك العمل ... بناسخ لكن على الناسخ دل
وعند فقد العلم بالمقدم ... فأرجح النصين فليقدم
ككونه أشهر أو أصح أو ... ناقله أجل عند من رووا
أو حكمه فيمن رواه قد أتى ... ومن نفى قدم عليه المثبتا
كذاك ما خص على العموم ... وقدم المنطوق عن مفهوم
أن لم تجد من هذه شيئاً فقف ... في شأنه حتى على الحق تقف
ودون برهان بنص لا ترد ... نصاً فإن بعضها بعضا يشد
ولا تسئ الظن بالشرع ولا ... تحكمن العقل فيما نقلا
إياك والقول على الله بلا ... علم فلا أعظم منه زللا
وكلما شرط قبول فقدا ... فهو من المردود لن يعتمدا
والطعن في الراوي وسقط في السند ... ضدان للقبول أصلان لرد(1/4)
وجملة الأسباب منها تحصر ... خمسة عشر فادر ما اسطر
فخمسة تخرج بالعدالة ... أسوأها الكذب لا محاله
فذاك موضوع ومن به اتهم ... ولم يبن عنه فمتروك وسم
ومن على النبي تعمدا كذب ... فليرتد ليقعد من ذات لهب
ومن يحدث بحديث يعلم ... تكذيبه عليه منه قسم
والثالث الفسق بدون المعتقد ... والرابع البدعة عند من نقد
فما رواه فاسق فقد دخل ... في منكر في رأى بعض من نقل
وفي قبول خبر المبتدع ... خلاصة البحث سأمليه فع
من لم تكن بدعته مكفره ... وليسس داعياً لها فاعتبره
مع حفظ دينه وصدق لهجته ... لا إن روى مقويا لبدعته
خامسها المجهول وهو يقسم ... مجهول عين ويسمى المبهم
وسبب الإبهام أن لا يذكرا ... أو ذكره بما به ما اشتهرا
ولا يضر مبهم الصحابي ... لثقة الكل بلا ارتياب
ثانيهما من حاله قد جهلا ... وذاك مستور وفي الذكر خلا
وأصله قلة من عنه نقل ... لكونه من الروايات أقل(1/5)
وخمسة تخرج بالظبط وتى ... وهم وفحش غلط وغفلة
وكثرة الخلاف للثقات ... وسوء حفظ فادر تفصيلاتي
فالوهم أن يروي على التوهم ... وهو المعلّ عندهم فليفهم
علته طورا بالإسناد تقع ... كرفع موقوف ووصل ما انقطع
وتارة في المتن حيث أدخلا ... في المتن لفظ من سواه نقلا
وقسم الحاكم عشرا العلل ... مرجعها هذين من دون خلل
وفاحش الغفلة حيث ينفرد ... كفاحش الاغلاط منكر يرد
وفي المخالفات أقسام تعد ... من ذاك شذ ومنكر يرد
ومدرج المتن ومدرج السند ... والقلب والمزيد فيه قد ورد
ومنه ما بالاضطراب يعرف ... كذلك التصحيف والمحرف
فالشاذ ما خالفهم به الثقة ... قابله محفوظهم فحققه
وما يخالطهم به الضعيف ... فمنكر قابله المعروف(1/6)
ومدرج المتن كلام أجنبى ... يدخله الناقل في لفظ النبي
فغالبا يكون في آخره ... وقل في أثنائه أو صدره
يعرف بالبيان ممن قد نقل ... أو استحال أو من المتن انفصل
وما بتغير سياقات السند ... خافهم فذاك مدرج السند
كأن يكون المتن عن جمع نقل ... كل له فيه طريف مستقل
فيجمع الكل على طريق ... من غير تبيين ولا تفريق
ومنه مروى بعض متن بسند ... لا طرفا فمن سواه قد ورد
رواه بالاول بالتمام ... ثم أضاف الزيد للإتمام
ومنه متنان باء سنادين ... رواهما بواحد من ذين
مقتصراً أو زاد ذا الآخر ... في ذاك لفظا كان منه قد برى
ومنه أن يعرض آخر السند ... قول يظن متن ذلك السند
وما بالانعكاس والإبدال ... فذاك مقلوب بلا جدال
فمنه قلب سند دون مرا ... أب يبدل الراوي براو آخر
ومنه بالتقديم والتأخير في ... الاسما كجعل الأب ابنا فاعرف
وقلب متن وهو أن يجعل ما ... يختص بالشئ لضد علما
كقوله فيما رواه مسلم ... في أحد سبعة من لا تعلم
يمينه ما بالشمال أنفقا ... والبذل من شان اليمين مطلنا
ومنه أن يجعل متنا لسند ... وقلب متنه لذلك السند(1/7)
وسوغوا هذا للاختبار ... لحاجة من دونها إصرار
وإن يزد في السند المتصل ... روا فذا المزيد فيه فصّل
فإن يكن من لم يزده أقتنا ... وقال قد سمعت أو حدثنا
ترجح الاسقاط لا شك وإن ... كان الذي قد زاده أتقن من
مسقطه لا سيما عن عنعنا ... فليك ترجيح المزيد أبينا
ويستوى الأمران حيث احتملا ... إن كان عن كليهما قد نقلا
وإن يكن روا برا وأبدلا ... كذاك مروىّ بمروي ولا
جمع وترجيح فيه حصلا ... فإنه مضطرب لا جدلا
في سند تلفيه أو متن وقد ... يكون قي كليهما وهو أشد
وليس قدحا خلفهم في اسم الثقة ... أو في صحابي له فحققه(1/8)