- - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - -
جمهوريّة السودان
وزارة التعليم العالي
جامعة أم درمان الإسلاميَّة
قسم الدراسات العليا
السنَّة النبويَّة
مكانتها و أثرها في حياة مسلمي البوسنة و الهرسك
رسالة أكاديميَّة أعدَّت لنيل الدرجة العالميَّة ( الدكتوراة ) من قسم السنة و علوم الحديث بكليَّة أصول الدين في جامعة أم درمان الإسلاميَّة
إعداد الطالب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
إشراف
الأستاذ الدكتور : مصطفى ديب البغا
وكيل كلِّية الشريعة للشؤون العلميَّة في جامعة دمشق سابقاً
أستاذ في قسم الفقه و الأصول بكلّية الشريعة و القانون في جامعة قطر حالياً
- - - - - - - - - - - - - - -
- - - - - - - - - - - - - - -
بسم الله الرحمن الرحيم
شكرٌ و عرفان
في مستهل هذه الرسالة أتوجّه بالشكر الجزيل إلى جامعَتَيْ :
أم درمان الإسلامية في السودان و الجنان في طرابلس بلبنان
حاضنتي العلم و العلماء و القائمين عليهما من الفضلاء و العاملين فيهما من الأجلاّء
و أخص بالشكر و التقدير العلاّمة الدكتور مصطفى بن ديب البغا المشرف على إعداد هذه الرسالة لقاءَ ما أولاني من الرعاية و العناية خلال فترة البحث
و أثني بشكر الأخ هشام الكدش على ما بذله من جهدٍ مشكور في تخريج أحاديث هذا البحث و تعليق كثيرٍ من حواشيه ، فلهما و لكلّ من أسدى إليّ أثناء البحث إحساناً أو ساهم في تسهيل مهمتي أو جاد عليّ ببعض وقته أو جهده
منّي الشكر و من الله الأجر
بسم الله الرحمن الرحيم
مناقشة رسالة دكتوراه
تعلن كليّة أصول الدين بجامعة أم درمان الإسلاميّة أنّه تقرّر مناقشة الرسالة المقدّمة إلى قسم السنّة و علوم الحديث لنيل درجة الدكتوراه بعنوان :
السنَّة النبويَّة
مكانتها و أثرها في حياة مسلمي البوسنة و الهرسك
من إعداد الطالب : أحمد عبد الكريم نجيب
و بإشراف الأستاذ الدكتور : مصطفى ديب البغا(1/1)
و ذلك في تمام الساعة السابعة و النصف ( عقب صلاة المغرب مباشرةً ) يوم الأربعاء 22 صفر 1422هـ الموافق 16/5/2001م في قاعة الشهداء بأم درمان أمام لجنة المناقشة المكوّنة من أصحاب الفضيلة :
الأستاذ الدكتور : بابكر حمد الترابي رئيساً
الدكتور : الفاتح الحبر عمر أحمد مناقشاً داخليّاً
الدكتور : علي عيسى حمد الحكيم مناقشاً خارجيّاً
و الدعوة عامّة
التقديم
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته و لا تموتنَّ إلا و أنتم
مسلمون } [ آل عمران : 102 ] .
{ يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثَّ منهما رجالاً كثيراً و نساء ، و اتقوا الله الذي تساءلون به
و الأرحام إن الله كان عليكم رقيباً } [ النساء : 1 ] .
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و قولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم - و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [الأحزاب :
70،71] .
أمّا بعد :
فها هي الفتن تتوالى على الأمّة الإسلاميّة ، و تنهال على البقية الباقية من أهل الإسلام ، فتفتك بهم فتك السهام .
و كلما ازدادت الفتن وقوعاً ، ازدادت معالم الغربة وضوحاً ، حتى تطبق على كل شيء ، و يعود الإسلام غريباً كما بدأ .
روى مسلم و الترمذي عن عدد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله :(( إن الإسلام بدأ غريباً و سيعود غريباً كما بدأ ، فطوبى للغرباء )) قيل : من هم يا رسول الله ؟ قال : (( الذين يصلحون إذا فسد الناس )) .
و هذه الغربة المذهلة ظهرت خيوطها الأولى بعد عصر صدر الإسلام(1/2)
مباشرةً ، و لا زالت هذه الخيوط تترابط و تتشابك حتى أفضت إلى ظلمة مدلهمة تعيشها بعض الشعوب الإسلامية اليوم ، و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.
روى البخاري في صحيحه عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت : دخل عليَّ أبو الدرداء مغضباً ، فقلت له : ما لك ؟ فقال : (( و الله ما أعرف فيهم شيئاً من أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلا أنهم يصلون جميعاً )) .
و سأله رجل فقال : رحمك الله ! لو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أظهرنا هل كان ينكر شيئاً مما نحن فيه ؟ فغضب ، و اشتد غضبه ، ثم قال : (( و هل كان يعرف شيئاً مما أنتم عليه )) .
و تأمل خاتمة الحفاظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله هذا الحديث ؛ فكان من فتح الله عليه قوله في ( فتح الباري ) : كأن ذلك صدر من أبي الدرداء في أواخر عمره و كان ذلك في أواخر خلافة عثمان ، فياليت شعري ، إذا كان ذلك العصر الفاضل بالصفة المذكورة عند أبي الدرداء ، فكيف بمن جاء بعدهم من الطبقات إلى هذا الزمان ؟ . اهـ .
و قد كان صَحبُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يبكون حنيناً إلى السنة ، و هي فيهم أعز ما تكون.
قال الإمام الزهري ، كما في الصحيح : دخلت على أنس بدمشق و هو يبكي ، فقلت له : ما يبكيك ؟ فقال : (( ما أعرف شيئاً مما أدركت إلا هذه الصلاة ، و هذه الصلاة قد ضيعت )) .
و روى الإمام الطرطوشي عن المبارك بن فضالة أنه قال : صلى الحسن
الجمعة ، ثم جلس فبكى ، فقيل له : ما يبكيك يا أبا سعيد ؟ فقال : (( تلومونني على البكاء ، و لو أن رجلاً من المهاجرين اطلع من باب مسجدكم ، ما عرف شيئاً مما كانوا عليه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، مما أنتم عليه ، إلا قبلتكم هذه )) .
هذا كله في عهد الصحابة الكرام ، و هم أنقى الناس سريرةً ، و أحفظهم على الشرعة و الشعيرة .(1/3)
و لو أردنا تتبع حال من بعدهم لرأينا ما يفطر الأكباد ، من اندثار السنن و غياب أهلها ، و قلة المدافعين عنها .
و حسبنا من ذلك ، قول ميمون بن مهران ، الذي أورده الشاطبي في
( الاعتصام ) : (( لو أن رجلاً أنشر فيكم من السلف ، ما عرف غير هذه
القبلة )) .
فقد ضاع أهل السنة في زحام المبتدعة ، و حجبت أشعة هداهم بسحب الشبه و الأهواء ، و رحم الله سفيان الثوري ، إذ قال : (( استوصوا بأهل السنة خيراً فإنَّهم غرباء )) ، كما روى ذلك عنه السيوطي في ( الأمر
بالاتباع ) ، و روى فيه أيضاً قول أبي أيوب السختياني رحمه الله : (( إني لأخبر بموت الرجل من أهل السنة ، فكأني أفقد بعض أعضائي )) .
و قولَ يوسف بن أسباط رحمه الله : (( إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام فقد قل أهل السنة )) .
و جدير بنا ، و قد غربت شمس أهل السنة في مختلف الأنحاء أن نبعث بالسلام إلى البقية الباقية من شعب البلقان في الغرب الإسلامي حيث هم من القلة بمكان ، و من الغربة بحيث لا يكاد يعرفهم أو يسمع بهم أحد .
شعوب كانت أرض الإسلام في بلادهم خصبة ، و دعوة أهل السنة في حياتهم ريّانةً رطبة ، حيث العلم و العلماء ، و المعاهد و المدارس في مختلف
الأنحاء .
حتى غابت عنهم شمس الخلافة ، و عدت عليهم العوادي ، فقتلت
عالمهم ، و مسخت هويتهم ، و أبعدتهم عن دينهم بالوعيد و التهديد ، و النار و الحديد ، حتى نشأ فيهم نشؤٌ لا يعرف من الإسلام إلا اسمه ، و من القرآن إلا رسمه و كثيرٌ منهم لا يعرف حتى ذلك الرسم المبارك .
و تقادم الزمن حتى نسي المسلمون أن لهم إخواناً في العقيدة ، يعيشون تحت الحكم الشيوعي في دولة عنصرية تدعى ( يوغسلافيا ) و يصورها الإعلام العربي دولةً صديقةً ذات مواقف مشرفة من قضايا العرب و المسلمين في أنحاء العالم و خاصةً فلسطين ، في إطار ما كان يعرف بحركة عدم الانحياز .(1/4)
و صحا العالم كله بما فيه المسلمون في مشارق الأرض و مغاربها على صرخات الاستغاثة التي انبعثت من حناجر المسلمين البشانقة ( أهل البوسنة
و الهرسك ) و قد أعمل الصرب و الكروات و من تبقى من الشيوعيين الذين يحمل بعضهم أسماء إسلامية القتل و التشريد ، في زمن تقاعس فيه المسلمون و تسلط فيه الحاقدون .
غير أن الله تعالى قيّض من أبناء هذه الأمة من يرفع لواء الجهاد في سبيله في كل عصر و مصر ، و من هؤلاء { رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً } [ الأحزاب : 23 ] .
و كان نصيب البوسنة من هؤلاء الرجال وافراً ، حيث تجمّع على أرضها آلاف الأنصار ، و عامّتهم من العرب ؛ منهم من يجاهد في الله بسلاحه ، و يجود بنفسه ، و منهم من يعمل في حقل الدعوة إلى الله ، ليبصر إخوانه المسلمين بحقيقة و أهداف المعركة التي يخوضونها مرغمين ، و يسعى لتعليمهم أمور دينهم و ردهم إليه رداً جميلا ، إلى جانب من هبَّ يجاهد بماله ، و يغيث إخوانه منفقاً من بعيد ، أو عاملاً في الميدان ؛ منفرداً أو تحت مظلة إحدى الهيئات الخيرية العاملة في البوسنة و الهرسك أثناء الحرب الأخيرة .
و قد أكرمني الله تعالى بشرف التعاون مع هؤلاء الأخيار ، حيث
كنت ـ و الحرب في البوسنة على أشدها ـ أدير مؤسسةً إغاثيةً دعويَّة عريقة
و أعمل أستاذاً للحديث النبوي و علومه ، و اللغة العربية للناطقين بغيرها
في كلية الدراسات الإسلامية بسرايفو و الأكاديمية الإسلامية في زينتسا
و { ذلك من فضل الله عليَّ ليبلوني ءأشكر أم أكفر } [ النمل : 40 ] .(1/5)
و من توفيق الله تعالى لي ، أن جمعني في أيام الحرب الأخيرة بالأستاذ الدكتور علي لاغا ، رئيس قسم الدراسات العليا بجامعة الجنان في طرابلس ؛ فرع جامعة أم درمان الإسلامية ، و كان على علم بما أنا عليه ، و قد أخبرته يومها أني اخترت تحقيق كتاب ( منتقى الأخبار ) لمجد الدين ابن تيمية رحمه الله ، موضوعاً لأطروحة الدكتوراة التي شرعت في إعدادها ، فأشار عليَّ باختيار موضوع يتناسب و الزمان و المكان الذين كنت أعمل فيهما ، رغبة منه في تقديم جديد إلى المكتبة الإسلامية من جهة ، و مساعدتي على البقاء في الثغر الذي كنت فيه إذ ذاك من جهة أخرى .
فأخذت برأيه ، و عملت بنصيحته ،حين وقع اختياري على البحث في الموضوع الذي أقدم له الآن ، و هو بعنوان :
السنَّة النبويَّة
مكانتها و أثرها في حياة مسلمي البوسنة و الهرسك
و فضلاً على إشارة الدكتور عليٍّ باختيار هذا الموضوع رأيتني مندفعاً إلى البحث فيه ، مقتنعاً بأهميَّته لأسباب عدَّةٍ من أبرزها :
... - عدم وجود دراساتٍ كافية تعطي الموضوع حقّه من البحث .
- ظهور قضيّة البوسنة و الهرسك على مسرح الأحداث في السنوات الأخيرة ، و ما رافقه من تساؤلات قد يجد صاحبها إجابةً وافيةً عليها في بحثٍ كهذا .
- ضرورة وضع حدٍّ للإهمال الذي عاناه تراث مسلمي القارة الأوروبية ، حيث لا نكاد نرى من يعرف أحداً من علمائهم ، أو شيئاً من تراثهم ، أو أخبار النهضة العلميّة التي ظهرت يوماً في بلادهم .
- حاجتي الخاصّة للكتابة في موضوعٍ مراجع البحث فيه أقلّ ندرة من المواضيع السائدة عند الكتّاب المعاصرين ، حيث أنّ موضوع بحثي هذا موضوعٌ ميدانيٌ يصعب إعداده خارج حدود البوسنة ، كما أن مواضيع التحقيق و التخريج و نحوها يصعب إعدادها في الأمصار النائية كالبوسنة و غيرها .(1/6)
و اعترضت سبيلي ، أثناء جمع مادة هذا البحث معوقات عدة ، و عانيت من صعوباتٍ شتى ، حاولت قدر المستطاع تخطيها بالتسديد و المقاربة ، و من تلك المعوٍّقات و الصعوبات :
? قلّة المراجع العربيّة التي تتناول حال مسلمي البوسنة ، و صعوبة الاعتماد على المراجع المصنّفة باللغات الأوروبيّة ؛ السلافيّة و غيرها .
? اندراس كثيرٍ من الآثار الإسلامية التي يعوّل عليها في توثيق بعض الدراسات ذات الصلة بموضوع البحث كالمدرسة الحديثيّة بأقحصار و غيرها .
? ضعف الخدمات التي تعين الباحثين في البوسنة ، حيث أن عدداً من المكتبات
العامّة الحاوية لنفائس المخطوطات لا تزال مغلقة حتى الساعة ، إضافةً إلى ما أغلق منها أثناء الحرب الأخيرة مؤقّتاً ، فضلاً على ما دمّره الصرب والكروات أثناء تلك الحرب ، و ما وقع منها تحت سلطة الصرب الذين لا يزالون يحتلون نصف بلاد البوسنة حتى اليوم .
? البعد عن المشرف ، و هو ممّا جعل التواصل معه مجهداً ، فضلاً على تكلفته المادّية الباهظة .
? بعد بلاد البوسنة عن ديار الإسلام الأخرى ، و خاصّة البلاد العربية التي كثيراً ما كنتُ أضطرُّ للسفر إلى بعضها في طلب مرجعٍ ، أو استشارة
مطَّلِع .
و خشية أن تتشعب بي سبل البحث ، فأخلط الثمين بالغث ، رأيت أن ألتزم خطة مقتضبة ، بين الموجزة و المسهبة ، أسير على مقتضاها في الكتابة ، في دراسة المسائل و استخلاص ثمارها المستطابة ، و رأيت أن أبدأها بمقدمة ، و أذيلها بخاتمة، و أنثر بينهما ستة أبواب تتفرع إلى أربعةً و عشرين فصلاً ، ثم تتشعب تلك الفصول إلى عشرات المباحث و المطالب و المقاصد و المسائل على النحو التالي :
الباب الأول
التمهيد
الفصل الأول : مدخل إلى دراسة السنة النبوية .
المبحث الأول : تعريف السنة .
المبحث الثاني : حجية السنة .
المطلب الأول : الأدلة على حجية السنة في القرآن الكريم .
المطلب الثاني : الأدلة على حجية السنة في الأحاديث النبوية .(1/7)
المطلب الثالث : الإجماع على حجية السنة .
المطلب الرابع : آثار ونقول في حجية السنة وعمل السلف بها .
المبحث الثالث : حفظ السنة .
المبحث الرابع : أقسام السنة .
المطلب الأول : السنة مع القرآن .
المطلب الثاني : السنة من حيث ورودها .
المطلب الثالث : السنة من حيث وصولها إلينا .
الفصل الثاني : البوسنة و الهرسك ... دراسة عامَّة
المبحث الأول : نبذة جغرافيَّة عن البوسنة و الهرسك .
المبحث الثاني: التركيبة السكانية في البوسنة و الهرسك.
المطلب الأول : سُكّان البوسنة قبل هجرة الصقالبة .
المطلب الثاني: الصقالبة في البوسنة .
المقصد الأول : أصل الصقالبة .
المقصد الثاني : هجرة الصقالبة إلى البلقان .
المقصد الثالث : قبائل الصقالبة التي استوطنت البلقان .
المقصد الرابع : البوشناق و علاقتهم بالصقالبة .
المبحث الثالث : تاريخ البوسنة و الهرسك .
المطلب الأول : البوسنة قَبل الفتح الإسلامي .
المطلب الثاني : البوسنة في ظل الحكم العثماني .
المطلب الثالث : الحكم النمساوي الهنغاري للبوسنة .
المطلب الرابع : البوسنة في المملكة اليوغسلافيَّة .
المطلب الخامس: البوسنة تحت الحكم الشيوعي اليوغسلافي .
المطلب السادس: استقلال البوسنة و الهرسك .
المبحث الرابع : العقائد و الأديان في البوسنة و الهرسك .
المطلب الأول : العقائد و الأديان القديمة في البوسنة .
المطلب الثاني : النصرانيَّة في البوسنة و الهرسك .
المقصد الأول : ظهور النصرانيَّة و انتشارها في البوسنة .
المقصد الثاني : الكنيسة البوسنويَّة ( البوغوميليَّة ) .
المطلب الثالث : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك .
المقصد الأول :إسلام الصقالبة قبل الفتح العثماني للبلقان .
المقصد الثاني :انتشار الإسلام البشانقة بعد الفتح الإسلامي .
الباب الثاني
علماء الحديث و المشتغلون به في البوسنة
الفصل الأول : أشهر علماء الحديث و المشتغلين به في البوسنة .(1/8)
المبحث الأول : علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة في
العهد العثماني .
المبحث الثاني: علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة المعاصرين .
الفصل الثاني : مظاهر اهتمام علماء البوسنة بعلم الحديث .
المبحث الأول : الرحلة في طلب العلم .
المبحث الثاني : الحرص على الإجازة في علم الحديث .
المبحث الثالث : اهتمام علماء البوسنة بالإسناد .
المبحث الرابع : العناية بكتب الحديث .
الباب الثالث
الحديث النبوي في مكتبات البوسنة
الفصل الأوَّل : المكتبات و خزائن المخطوطات في البوسنة.
الفصل الثاني : مخطوطات الحديث النبوي و علومه في البوسنة.
المطلب الأول : مخطوطات علم الحديث درايةً .
المطلب الثاني : مخطوطات علم الحديث روايةً .
المطلب الثالث : جهود أهل البوسنة المتعلقة بمخطوطات
الحديث وعلومه .
الفصل الثالث : مؤلّفات علماء البوسنة في علم الحديث النبوي .
المطلب الأول : مؤلّفات علماء البوسنة باللغة العربية .
المطلب الثاني : مؤلّفات علماء البوسنة باللغة المحلّية .
المبحث الأول : مؤلّفات علم الحديث دراية .
المبحث الثاني : مؤلّفات علم الحديث رواية .
الفصل الرابع : كتب الحديث المترجمة إلى اللغة اللبوسنوية .
الباب الرابع
منارات نشر السنن و تعليم الحديث النبوي في البوسنة
الفصل الأول : المساجد و الكتاتيب .
المبحث الأول : المساجد .
المبحث الثاني : الكتاتيب .
الفصل الثاني : التعليم الشرعي النظامي .
المبحث الأول : المدارس الشرعية .
المبحث الثاني : التعليم الإسلامي العالي .
المطلب الأول : مدرسة نواب الشرع .
المطلب الثاني : كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو .
المطلب الثالث : معاهد التربية الإسلامية .
الفصل الثالث : دُور الحديث .
الفصل الرابع : مجالس التحديث .
الفصل الخامس : وسائل الإعلام .
الفصل السادس : المجاهدون في سبيل الله .
الباب الخامس
أثر السنة النبوية في مسلمي البوسنة و التزامهم بها(1/9)
الفصل الأول : عقيدة أهل السنة أصحاب الحديث في البوسنة .
الفصل الثاني : الفكر الإسلامي الحديث و تأثره بالسنة النبوية .
الفصل الثالث : حال المرأة المسلمة في البوسنة و تأثره بالسنة ... ... ... ... النبوية .
الفصل الرابع : أثر السنة النبوية في الأحوال الشخصيَّة للأسرة ... ... ... ... البوسنوية المسلمة .
الفصل الخامس : نماذج من عبادات البشانقة و عاداتهم
و علاقتها بالسنة النبوية .
الفصل السادس : أثر السنة النبوية في جهاد المسلمين البوشناق.
الباب السادس
عوائق انطلاقة أهل السنة أصحاب الحديث في البوسنة
الفصل الأول : تفشي الجهل و قلّة العلم .
الفصل الثاني : ظهور علماء السوء .
الفصل الثالث : انتشار الطرق الصوفية و تفشي البدع .
الفصل الرابع : التأثر بمنهج المدرسة العقلية الحديثة .
و قد التزمت في بحثي هذا جملة أمورٍ تكوّن مجتمعةً منهجي في البحث
و أهمّها :
أوّلاً : عزوتُ الآيات القرآنيَّة الواردة في صُلب البحث إلى مواضعها من كتاب الله تعالى ، بذكر اسم السورة و رقم الآية التي وردت فيها ، مُبتدئاً بالسورة ضمن معكوفتين ، هكذا : [ السورة : رقم الآية ] ، و جَعلتُ ذلك عقب ذكر الآية مباشرةً ، و ليس في الحواشي .
ثانياً : خرّجت جميع الأحاديث و الآثار الواردة في أصل البحث و التزمت في التخريج ما يلي :
? إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما ، فإني أذكر من أخرجه من العلماء بدون توسع ، و أكف عن بيان درجته ، مكتفياً بما تفيد رواية أحد الشيخين له من الجزم بصحته .
? أما إذا لم يكن الحديث في أيٍّ من الصحيحين فإني أبدأ ببيان درجته من حيث القبول أو الرد ، ثم أخرّجه من دواوين المحدثين المعتبرة ،
و أورد كلام العلماء فيه ، مع التفصيل في بيان حال رجال الإسناد المُتكلَّم فيهم ، و علله إن وُجدت ، و توثيق ذلك كلِّه ، و ما أنا في الحكم على الحديث إلاَّ ناقلٌ عن المُتقدِّمين ، أو مُستأنسٌ بآراء المُتأخِّرين .(1/10)
? و أثناء العزو إلى الكتب الستة إلتزمت بذكر الكتاب و الباب الذي ورد فيه الحديث ، مع ما يسهل الرجوع إليه من رقم الحديث التسلسلي ، أو رقم الجزء و الصفحة ، أو جميع ما تقدم .
? عند عزو الحديث أو الأثر إلى غير الكتب الستة فإني أكف عن ذكر اسم الكتاب و الباب مكتفياً بالإشارة إلى موضع النص بالجزء و الصفحة أو الرقم التسلسلي أو هما معاً .
ثالثاً : عرَّفتُ بمُعظم الأعلام المذكورين في أصل البحث ، جاعلاً الترجمة في الحواشي السفلية ، عند أوَّل ذكرٍ للعلم ، و رجعت في التعريف ببعضٍ منهم إلى مراجع عصريَّة - عربيَّة أو مُعرَّبة - رُغمَ ما يُؤخذُ على بعضها كالمنجد في الأعلام ، و دائرة المعارف الإسلاميَّة . مضطراً إلى ذلك لعدم وجود البديل أو وقوفي عليه في مُصنَّفات أهل الإسلام المعتبرة .
أمَّا من كانت له ترجمة في سفرٍ مُوثَّق من مُصنفات أهل الإسلام ، فكنتُ أقتصر على ما أجده فيه ، مع التزامي بالإحالة إلى المراجع التي اقتبستُ منها ، لتمكين طالب الاستزادة من الرجوع إليها عند الحاجة ، كما اعتمدتُ في الترجمة لبعض المعاصرين على ما عرفته منهم مباشرةً أو ممَّن عرفهم عن كثب و أفادني بذلك شفاهاً ، و في هذه الحال ، أذكر عقب الترجمة كلمة ( الباحث ) بين قوسين للإشارة إلى أن الترجمة غير مستمدة من أي كتابٍ أو مادَّة علميَّة مطبوعة.
رابعاً : اعتمدت عدداً كبيراً من المصادر و المراجع باللغة العربيّة ، و المترجمة إليها ، كما رجعت إلى عدد من المؤلَّفات بعدة لغاتٍ غربيَّة ، و أثبتُّ في الهوامش مصادر اقتباساتي مسبوقة بكلمة ( انظر ) إذا كان الاقتباس بالمعنى ، و مجرّدةً من هذه الكلمة إذا كان الاقتباس حرفيّاً .
خامساً : فيما يخص التعريف بطبعات المراجع المعتمدة راعيت الأمور التالية :(1/11)
? حرصتُ في الهوامش على تعريب عناوين المراجع الأعجميّة على الأقل ، أمَّا في ثبت المراجع الوارد في ختام البحث فقد أوردت معلومات مفصَّلة عن الطبعة المعتمدة باللغة الأصليَّة ، إضافة إلى عنوان الكتاب باللغة العربيَّة مراعياً ما يلي :
? عند العزو إلى المراجع العريقة و المعروفة كالأمهات ، و المتون و شروحها ، فقد التزمتُ الاختصار عند ذكرها ، فربما ذكرت في الحواشي السفلية عنوان الكتاب كاملاً أو مختصراً ، و لم أشر إلى مؤلفه ، و ربما جمعت بينهما ، بحسب ما يقتضيه المقام ، لأنَّ التعريف بالمعروفُّ من فُضُول الكلام ، و أعقبت ذلك بذكر رقم الصفحة مسبوقاً بالحرف ( ص ) أو رقم الجزء ثمّ الصفحة ، و بينهما خطٌّ مائلٌ هكذا ( رقم المجلّد / رقم الصفحة ) .
? عند التعريف بطبعة معتمدة لكتاب عربي اللغة ، أو مترجمٍ إلى اللغة العربية في ثبت المراجع ، أورد اسم المؤلف ، ثم عنوان الكتاب ، و أفصل بينهما بنقطتين كهاتين ( : ) ، و بعدهما أذكر بين حاصرتين رقم الطبعة ، ثم اسم الناشر ، فمكان النشر فتاريخه ، أما ما لم تحمله الطبعة من هذه المعلومات فلا أشير إليه بشيءٍ ، لأن في إغفال ذكره دلالة كافية على عدم علمي به .
? عند التعريف بطبعة معتمدة لكتاب لاتيني اللغة ( إنجليزي ، أو فرنسي ، أو بوسنوي ) ، أورد اسم المؤلف و ترجمة عنوان كتابه ، باللغة العربية ثمَّ أعقب بذكرهما بلغة الكتاب الأصليَّة .
سادساً : نظراً لأنَّ عدداً من الأحرف المستعملة في الكتابة البوسنوية اليوم ، تخالف المعروف كتابةً و نُطقاً في اللغات اللاتينية الشائعة ، مما قد يشكل على
القارئ ، فقد كتبت الكلمات مظنَّة الإشكال باللغتين العربية ثُمَّ البوسنوية ، و جعلتُ الأخيرة ضمن قوسين هكذا ( ... ) .
سابعاً : تعدّدت المصطلحات التي استعملتها في البحث ، و لم ألتزم بالتعريف بما هو مشهورٌ منها ، غير أنّي أرى هنا ضرورة الإشارة إلى الأمرين التاليين :(1/12)
? رُبَّما عبَّرتُ عن فترة الحكم العثماني للبوسنة بمُصطلحات من قبيل (( الفتح العثماني ، أو الخلافة العثمانية ، أو الحُكم العثماني ... )) ، و هذا للتعريف بفضل العهد العثماني - رُغم ما فيه من ثَغرات ، و ما عليه من مآخذ - في خدمة الإسلام ، و لا أقصد من نسبة الفتح ، أو الخلافة ، أو الحُكم ، إلى العثمانيين نفي الصفة الإسلاميَّة عن شيءٍ من ذلك ، خلافاً لما جرى عليه بعض الكتاب المعاصرين ، حين وصفوا العثمانيين بالمستعمرين ، أو الترك ، أو غير ذلك من الأوصاف المُجحفة 0
? استعملتُ مصطلح ( النصارى ) للدلالة على أتباع الديانة النصرانيَّة ، متحاشياً بذلك استعمال اصطلاح ( المسيحيين ) أو ( المسيحيَّة ) ، تأسياً بما ورد في الكتاب و السنة ، و تأكيداً لبراءة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام ممَّن ألَّهه أو اتخذه ثالث ثلاثة .
ثامناً : نظراً لكوني قد أتيتُ على ذكر عددٍ كبيرٍ من المخطوطات في هذا البحث و خاصّة الباب الثالث منه فقد راعيت الأمور التالية عند التعريف بالكتب المخطوطة :
? عند ذكر عنوان النسخة الخطّية لكتابٍ ما التزمت الإشارة إلى عدد أوراقها ، و رقم تصنيفها ، و مكان وجودها الحالي و السابق ، و ما تحمله من معلومات حول النسخ ( مكاناً و زماناً و خطاً و ناسخاً ) ، مع ذكر اسم مالكها أو واقفها أو بائعها في حال وجوده ، مع ما أرى له فائدةً في إبراز قيمة النسخة من الناحية العلمية و التاريخية ، و ما يدل على عناية أهل البوسنة بها .
? غالباً ما أشير في الهامش إلى من ذكر الكتاب الذي له نسخ خطية في البوسنة من المهتمين بفهرسة الكتب و المصنفات كحاجي خليفة ، و كارل بروكلمان و أشير إلى أقدم طبعاته التي وقفتُ عليها .
تاسعاً : أثبتُّ في ختام البحث فهارس لتقريب آيات القرآن الكريم ،(1/13)
و الأحاديث النبويّة ، و الآثار ، و الأعلام ، و الأمم و الأقوام ، و المواقع و البلدان ، و المعالم الإسلاميّة ( كالمساجد و دور التعليم ) ، ثمّ فهرس المحتوى .
عاشراً : ذيّلت البحث بملحق فيه مصورات لبعض ما له دلالة على واقع المسلمين في البوسنة و تراثهم العلمي عموماً ، و اهتمامهم بالسنة النبويّة و علوم الحديث على وجه الخصوص .
و إنني إذ أدفع بهذا الجهد المتواضع إلى المكتبة الإسلاميَّة ، قطرةً في بحر المعرفة الزاخر ، لا أدعي الكمال و لا الإحاطة ، فقد أبى الله ذلك إلا لكتابه ، و جعل النقص و القصور صفتين ملازمتين لأعمال البشر .
قال إسماعيل بن يحيى المزني رحمه الله فيما رواه عنه الإمام البيهقي في ( مناقب الشافعي ) : (( قرأت كتاب الرسالة على الشافعي ستاً وثلاثين مرة ، فما من مرّة إلا و كان يقف على خطأ )) .
فلا عدمتُ أخاً يتداركني بالنصيحة ، و يدرأ عني النقيصة ، و الله المستعان ، و عليه التكلان ، و الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات ، و صلى الله و سلَّم و بارك على نبيِّنا محمَّدٍ و آله و صحبه أجمعين .
و كتب
أحمد بن عبد الكريم نجيب
سراييفو : في ثالث أيّام التشريق ، عام 1421للهجرة
الموافق للثامن من آذار ( مارس ) عام 2001 للميلاد(1/14)
الباب الأول
التمهيد
الفصل الأول : مدخل إلى دراسة السنة النبوية
المبحث الأول : تعريف السنة .
المبحث الثاني : حجية السنة .
المبحث الثالث : حفظ السنة .
المبحث الرابع : أقسام السنة .
الفصل الثاني : البوسنة و الهرسك ... دراسة عامَّة
المبحث الأول : نبذة جغرافيَّة عن البوسنة و الهرسك
المبحث الثاني : التركيبة السكانية في البوسنة و الهرسك
المبحث الثالث : تاريخ البوسنة و الهرسك
المبحث الرابع : العقائد و الأديان في البوسنة و الهرسك
الفصل الأول
مدخل إلى دراسة السنة النبوية
السنّة النبويّة التي عليها مدار البحث في هذا الفصل ، هي المصدر الثاني للتشريع في الإسلام ، و قد حفظها الله تعالى فيما مضى ، و تكفّل بحفظها إلى يوم القيامة من وضع الوضّاعين ، وإرجاف المرجفين المقللين من شأنها ، و الصادّين عن سبيلها بإثارة الشبه و الإرجاف حولها .
و من حفظ الله تعالى لها أن قيّض من علماء هذه الأمّة من يفني عمره في خدمة علومها و إشاعتها بين الناس بالتدريس و التصنيف .
و من آثار اهتمام الأمّة بسنّة نبيّها - صلى الله عليه وسلم - ظهور مئات الكتب المصنّفة في علومها و لعلّ في الإحالة على ما هو معروف و مشهور منها بين أيدي القارئ الكريم ما يغني عن التوسّع في دراستها ههنا ، و يبرر الإيجاز في تناول المباحث التالية لتكون مدخلاً لدراسة السنّة النبويّة في البوسنة و الهرسك :
المبحث الأول
تعريف السنة
السنة في اللغة :
للعلماء أقوالٌ كثيرة في المعنى اللغوي للسنة ، وهي متقاربة إلى حدٍ بعيد ، و منها :(2/1)
? قال الأزهري (1) : السنة : الطريقة المستقيمة المحمودة ، و سنَّ فلانٌ طريقاً من الخير يسنّه ، إذا ابتدأ أمراً من البر ، لم يعرفه قومه فاستنوا به وسلكوه.اهـ (2) .
و من ورودها بمعنى الطريقة قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر، و ذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا حجر ضب تبعتموهم )) ، قالوا : يا رسول الله ، اليهود و النصارى ؟ قال : (( فمن )) (3) .
و من ذلك أيضاً قول خالد بن زهير الهذلي (4) :
__________
(1) 1 ... الأزهري ، هو : محمد بن أحمد بن الأزهر ، أبو منصور ، الهروي ، اللغوي ، الشافعي ( 282 – 370 هـ / 895 – 981 م ) كان رأساً في اللغة والفقه ، متفق على فضله وثقته ودرايته وورعه ، رحل وطاف في أرض العرب في طلب اللغة ، ولد بهراة من مدن خراسان ، وتوفي فيها . من كتبه : تهذيب اللغة ، و غريب الألفاظ التي استعملها الفقهاء .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 4 / 334 ، سير أعلام النبلاء 16 / 315 - 317 ، الطبقات الكبرى للسبكي
3 / 63 – 68 ، بغية الوعاة 1 / 19 .
(2) ... تهذيب اللغة ، للأزهري : 12 / 298 ، 299 .
(3) 3 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 3456 ) في الاعتصام ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "لتتبعن سنن من كان قبلكم" ، وفي الأنبياء (7320 ) باب : ما ذكر عن بني إسرائيل . ومسلم ( 2669 ) في العلم ، باب : اتباع سنن اليهود و النصارى ، من حديث أبي سعيد الخدري به .
... و في الباب عن جماعة من الصحابة : عبد الله بن عباس ، و أبوهريرة ، و عبدالله بن عمرو بن العاص ،
و غيرهم - رضي الله عنهم -
(4) 1 ... خالد بن زهير ، هو : خالد بن زهير بن حارث ، و قيل : محرث . ابن أخت أبي ذؤيب الشاعر المشهور ، و أبو ذؤيب هو الذي رباه ، و قدم أبو ذؤيب على النبي - صلى الله عليه وسلم - مسلماً فدخل المدينة حين مات النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يدفن .
أما خالد فلم يأت في خبر قط أنه اجتمع بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو رآه . لذا ذكره الحافظ ابن حجر في القسم الثالث من
" الإصابة " : 2 / 146 ، و نص على ذلك .(2/2)
فلا تجزعن من سنة أنت سرتها فأول راض سنة من يسيرها
و بهذا المعنى ورد لفظ السنة في القرآن الكريم
? قال الراغب الأصفهاني (1) في ( مفردات القرآن ) (2) : و سُنَّة الله قد تُقال لطريقة حكمته ، و طريقة طاعته، نحو: { سُنَّة الله التي خلت من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلاً } [ الفتح : 23]
? و قال الخطَّابيّ (3) : أصلها الطريقة المحمودة ، فإذا أُطلقت انصرفت إليها ، وقد
تستعمل في غيرها مُقيَّدةً ، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( من سنَّ سُنَّةً سيِّئةً )) (4) .
__________
(1) 2 ... الراغب الأصفهاني ، هو : الحسين بن محمد بن المفضل ، أبو القاسم ، اختلف في تاريخ وفاته ، قيل : سنة 502 هـ / 1109 م ، و قيل : سنة 452 هـ / 1060 م . أحد أذكياء المتكلمين ، صاحب التصانيف .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 18 / 120 ، و بغية الوعاة 2 / 297 ، و الأعلام 2 / 255 .
(2) ... مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ، ص : 245 ، و انظر : لسان العرب لابن منظور : 13 /225 .
(3) 4 ... الخطابي ، هو : حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي ، الإمام ، العلامة ، الحافظ ، اللغوي ( ت 388 هـ / 988 م ) كان فقيها ، أدبياً ، محدثاً ، ورعاً ، له التصانيف البديعة .
انظر ترجمته في : المنتظم 6 / 397 ، معجم الأدباء 4 / 246 – 260 ، وفيات الأعيان 2 / 214 – 216 ، سير أعلام النبلاء 17 / 23 .
(4) 1 ... الحديث : أخرجه مسلم ( 1017 ) في الزكاة ، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة . والترمذي
( 2675 ) في العلم ، باب : ما جاء فيمن دعا إلى هدى فاتبع أو إلى ضلالة . والنسائي 5 / 75-77 في
الزكاة ، باب : التحريض على الصدقة . وابن ماجة ( 203 ) في المقدمة ، باب : من سن سنة حسنة أو سيئة . من حديث جرير بن عبد الله البجلي - رضي الله عنه - .
و لفظه بتمامه عند مسلم :
(( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ، وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء ومن
سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ، و وزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم
شيء )) .(2/3)
اهـ (1) .
? و قال الطبريُّ (2) في تفسيره (3) : السنة هي المثال المتبع ، و الإمام المؤتمُّ به ، و منه قول لبيد بن ربيعة (4) :
مِنْ مَعشرٍ سنَّت لهم آباؤهم و لكُلِّ قومٍ سنَّةٌ و إمامُها
? و ذكر الفخر الرازي (5) ، في تفسيره (6) ثلاثة وجوهٍ لاشتقاق لفظ السنة :
__________
(1) ... انظر : إرشاد الفحول ، للشوكاني ، ص : 31 .
(2) 3 ... الطبري ، هو : محمد بن جرير بن يزيد ، أبو جعفر ( 224 – 310 هـ / 839 - 922 م ) الإمام العلم
المجتهد ، عالم العصر ، صاحب التصانيف البديعة ، كان من أفراد الدهر علماً ، وذكاءً ، وكثرة تصانيف ، "قل أن ترى العيون مثله" كما قال الذهبي .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 2 / 162 – 169 ، تذكرة الحفاظ 2 / 710 – 716 ، سير أعلام النبلاء 14 / 267 ، طبقات القراء للجزري 2 / 106 – 108 .
(3) 4 ... تفسير الطبري : 4/65 .
(4) 5 ... لبيد بن ربيعة - رضي الله عنه - ، هو : ابن عامر بن مالك بن جعفر ، الكلابي ، الجعفري ، أبو عقيل ، الشاعر المشهور ، كان فارساً شجاعاً سخياً ، قال الشعر في الجاهلية دهراً ، ثم أسلم ، و ما أحدث في الإسلام شعرا ، قال : أبدلني الله بالشعر سورة البقرة و آل عمران . قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع ثلاثة نفر من وفد كلاب ، نزل الكوفة حتى مات بها في سنة 41 هـ / 661 م .
انظر ترجمته في : التاريخ الكبير للبخاري 7 / 249 ، الثقات لابن حبان 2 / 111 ، 3 /360 ، الإصابة لابن حجر 6 / 4 .
(5) 1 ... الفخر الرازي ، هو : محمد بن عمر بن الحسين ، القرشي ، البكري ، الطبرستاني ( 544 ـ 606 هـ / 1149 - 1210 م ) علامة كبير ، أصولي ، مفسر ، كبير الأذكياء و الحكماء و المصنفين .
انظر ترجمته في : التكملة للمنذري 2/ ترجمة 1121 ، وفيات الأعيان 4 / 248 ـ 252 ، دول الإسلام
2 / 84 ، سير أعلام النبلاء 21 / 500 - 501 .
(6) ... تفسير الرازي : 3 / 54 .(2/4)
أوَّلها : أنها فُعلةٌ بمعنى مفعولة ، من سنَّ الماء يسنُّه ، إذا والى صبَّه (1) .
و ثانيها : أن تكون من سننتُ النصل ، و السنان ، أسنه سنَّاً فهو مسنون إذا حددته على المِسنِّ ، فالفعل المنسوب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - سمِيَ سنَّةً على معنى أنَّه مسنون.
و ثالثها : أن يكون من قولهم : سنَّ الإبل ، إذا أحسن رعيها ، و الفعل الذي داوم عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - سُمِّيَ سنةً بمعنى أنَّه - صلى الله عليه وسلم - أحسن رعايته ، و إدامته (2) .
ومن مجموع ما تقدم يُمكننا إرجاعُ مُصطلح السنة إلى الطريق (أو الطريقة)، و الدوام ( أو الموالاة ) 0
السنة في الاصطلاح :
حدّ علماء الشريعة ( السنة ) بتعريفات متقاربة في المعنى ، و إن اختلفت في ألفاظها و مبانيها ، و مرد اختلافهم في تعريفها راجع إلى اختلاف الأغراض التي اتجهوا إليها من أبحاثهم ، فمثلاً : علماء أصول الفقه عنوا بالبحث عن الأدلة الشرعية وعلماء الحديث عنوا بنقل ما نسب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و علماء الفقه عنوا بالبحث عن الأحكام الشرعية من فرض و واجب و مندوب و مكروه ، والمتصدرون للوعظ والإرشاد عنوا بكل ما أمر به الشرع أو نهى عنه ، لذلك اختلف المراد من لفظ السنة عندهم (3) .
فذهب أهل الأصول إلى أن السنة هي : ( ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير ) (4) و اختصر الإمام البيضاوي (5)
__________
(1) ... هذا المعنى ذكره ابن فارس في " مقاييس اللغة " : 3 / 60 - 61 ، و عزاه الشوكاني في " إرشاد الفحول " ، ص : 31 ، إلى الكسائي .
(2) 4 ... نقل الشوكاني عن الكسائي : أنَّ السنة بمعنى الدوام . انظر : المرجع و الصفحة السابقين .
(3) 1 ... الحديث و المحدثون . للشيخ محمد أبو زهو ، ص : 9 .
(4) 2 ... السنة للسلفي ، ص : 12 .
(5) 2 ... الإمام البيضاوي ، هو : عبد الله بن عمر بن محمد بن علي ، ناصر الدين ، أبو الخير ، الشافعي ، قاضي القضاة ،
3 ... توفي سنة ( 691 هـ / 1292 م ) ، وقيل ( 685 هـ / 1286 م ) ، كان إماماً ، مبرزاً ، نظاراً خيرا ،
صالحاً ، متعبداً ، صاحب تصانيف ، عالم أذربيجان ، ولي قضاء شيراز .
انظر ترجمته في : طبقات الشافعية الكبرى 8 / 157 ـ 158 ، البداية و النهاية 13 / 309 ، شذرات الذهب
7 / 685 ـ 686 .(2/5)
رحمه الله هذا التعريف فقال : ( السنة هي قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو فعله ) (1) .
و يُعلَّل إسقاطه للتقرير في هذا التعريف بكونه داخلاً في مسمى الفعل ، ولذلك قال السبكي (2) في شرح المنهاج : ( تطلق السنة على ما صدر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأقوال و الأفعال التي ليست للإعجاز ، ويدخل في الأفعال التقرير ؛ لأنه كف عن الإنكار ،
والكف : فعل على المختار ) (3) .
ويلاحظ أن تعريفات الأصوليين تخرج :ما صدر عن غير النبي عليه الصلاة والسلام من الصحابة وغيرهم ؛ خلفاء كانوا أو لا . كما يخرج التعريف الأصولي : ما صدر
عنه - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة ، خلافاً لما عليه أهل الحديث ، كما سيأتي .
أما في اصطلاح الفقهاء ، فالسنة كما قال الشوكاني (4)
__________
(1) 4 ... منهاج البيضاوي بشرح البدخشي 2 / 261 .
(2) 5 ... السبكي ، هو : عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي ، تاج الدين ، أبو نصر ، الفقيه الشافعي ، الحافظ المؤرخ ، ولد بمصر سنة 728 هـ / 1328 م ، ثم رحل مع أبيه إلى دمشق عندما تولى أبوه منصب قاضي قضاة الشام ، اعتنى به والده فطلب العلم صغيراً ، حتى مهر و هو شاب ، أخذ عن أعلام عصره كالذهبي و المزي و نجم الدين القحقازي ، تولى عدة مناصب ، منها : الخطابة بالجامع الأموي ، و قضاء الشام ، و التدريس في عدد من
المدارس ، مات سنة 771 هـ / 1370 م ، عن أربع و أربعين سنة .
انظر ترجمته في : البداية و النهاية 14 / 295 – 318 ، الدرر الكامنة 2 / 425 – 428 ، حسن المحاضرة
1 / 148 ، النجوم الزاهرة 11 / 108 .
(3) 1 ... الإبهاج في شرح المنهاج 2 / 263 .
(4) 2 ... الشوكاني ، هو : محمد بن علي بن عبد الله ، الشوكاني ، ثم الصنعاني ، اليماني ( 1172 ـ 1250هـ / 1759 ـ 1834 م ) مفسر ، محدث ، فقيه ، أصولي ، مؤرخ ، أديب ، نحوي ، حكيم ، نشأ بصعناء ، وولي القضاء بها.
انظر ترجمته في : البدر الطالع 2 / 214 ـ 215 ، الرسالة المستطرفة ، ص : 114 ، معجم المؤلفين 11 / 53 .(2/6)
رحمه الله : ( ما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من غير افتراض و لا إيجاب ، و تقابل الواجب و غيره من الأحكام الخمسة ) (1) .
و هذا التعريف ليس محل اتفاق بين المذاهب الأربعة ، فقد ذهب فقهاء الشافعية إلى أن السنة : ماكان فعله راجحاً على تركه ، و لا إثم في تركه والسنة والمندوب والتطوع والنفل والمرغب فيه و المستحب كلها بمعنى واحد عندهم (2) .
وزاد الحنفية على تعريف الإمام الشوكاني المتقدم : أفعال الصحابة بعد
النبي - صلى الله عليه وسلم - . قال النسفي (3) في ( كشف الأسرار ) : ( السنة عبارة عما هو المروي عن
النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً أو فعلاً ) .
ثم تعقبه الصديقي المبهوي (4) فزاد قائلاً : ( و تطلق على سكوته (5) ،
و على أقوال الصحابة و أفعالهم ) (6) .
__________
(1) 3 ... انظر : السنة و مكانتها ، للدكتور مصطفى السباعي ، ص : 48 .
(2) 4 ... سعدي أبو جيب : القاموس الفقهي لغة واصطلاحاً ، ص : 184 .
(3) 5 ... النسفي ، هو : عمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل ، أبو حفص الفقيه ، الحنفي ، من أهل سمرقند ( 461- 537هـ / 1069- 1143 م ) إمام فقيه ، عارف بالمذاهب ، والأدب ، صنف التصانيف في الفقه و الحديث و التفسير و الشروط ، له نحو من مئة مصنف . =
= ... انظر ترجمته في : التحبير للسمعاني 1/ 527 - 529 ، معجم الأدباء 16 / 70 ، سير أعلام النبلاء 20/126 ، الجواهر المضية 1 / 394 – 395 .
(4) 1 ... الصديقي ، هو : أحمد بن أبي سعيد بن عبد الله بن عبد الرزاق بن خاصة ، الحنفي ، الهندوي ، اللكنوي المدعو بشيخ جيون ، أو ملا جيون ، فقيه ، أصولي ، محدث . توفي بدلهي سنة 1130هـ / 1718 م .
انظر ترجمته في : أبجد العلوم 3 / 135 ، معجم المؤلفين 1 / 233 .
(5) 2 ... لعله أراد السكوت التقريري ، فيكون السكوت هنا بمعنى الإقرار .
(6) 3 ... الصديقي : شرح نور الأنوار ، بذيل كشف الأسرار للنسفي 2 / 30 .(2/7)
ويراد بالسنة عند الكلام في العقائد و أصول الدين ما يقابل البدعة و من القائلين بذلك الشاطبي (1) من المالكية حيث قرره في (الموافقات) (2) ، و على هذا المعنى يقال : فلان على سنة ، و فلان على بدعة إذا عمل على خلافه (3) .
كما وافق الشاطبي رحمه الله السادة الحنفية فيما ذهبوا إليه من إدخال أفعال الصحابة و أقوالهم تحت مسمى السنة (4) .
واستدل من ذهب إلى جعل أفعال الصحابة و أقوالهم سنة معتبرة بما رواه العرباض بن سارية (5) - رضي الله عنه - في حديث خطبة النبي - صلى الله عليه وسلم - و فيه : (( عليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ )) (6) .
__________
(1) 4 ... الشاطبي ، هو : إبراهيم بن موسى بن محمد ، اللخمي ، الغرناطي ، المالكي ، أبو إسحاق ، محدث ، فقيه أصولي ، لغوي ، مفسر . توفي سنة790 هـ / 1388 م .
انظر ترجمته في : إيضاح المكنون 2 / 127 ، معجم المؤلفين 1 / 119 .
(2) ... الموافقات ، للشاطبي : 4 / 40 .
(3) 6 ... سيأتي بيان ذلك بمزيد من التفصيل عند الحديث عن عقيدة أهل السنة أصحاب الحديث في البوسنة ، في الباب الخامس من هذا البحث إن شاء الله .
(4) 7 ... انظر : المرجع و الصفحة السابقين .
(5) 1 ... العرباض بن سارية - رضي الله عنه - ، هو : أبو نجيح السلمي ، الصحابي الجليل ، من أعيان أهل الصفة ، سكن حمص، و توفي سنة ( 75 هـ / 694 م ) .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 4 / 276 و 7 / 412 ، الاستيعاب 3 / 166 ، أسد الغابة 4 / 19، الإصابة 2 / 473 .
(6) 2 ... صحيح مشهور :
وهو قطعة من حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - الذي أخرجه أبو داود ( 4618 ) في السنة ، باب : مجانبة أهل الأهواء و بغضهم ، و الترمذي ( 2676 ) في العلم ، باب : ماجاء في الأخذ بالسنة و اجتناب البدع ، و ابن ماجة ( 42 و 43 و 44 ) في المقدمة ، باب : اتباع سنة الخلفاء الراشدين .
و الحديث صححه الترمذي ، والبزار كما في "جامع بيان العلم " 2 / 924 وابن حبان 1 / 178 (5) ، و الحاكم 1/95 ، و أبو العباس الدغولي نقله عنه الهروي في " ذم الكلام " (4/ 37 ) ، و ابن عبد البر ، و ابن تيمية في
" منهاج السنة " (4 / 164 ) .
وقال أبو نعيم بعد أن رواه في " المستخرج على مسلم " 1 /36 : " هو حديث جيد من صحيح حديث الشاميين... وقد روي هذا الحديث عن العرباض بن سارية ثلاثة من تابعي الشام معروفين مشهورين : عبد الرحمن بن عمرو السلمي ، وحجر بن حجر ، و يحيى بن أبي المطاع " .
وقال الجوزقاني في "الأباطيل" (288) : " هذا حديث صحيح ثابت مشهور " .
وقال أبو إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" ( 4 / 31 ) : "هذا من أجود حديث أهل الشام و أحسنه " .
و قال ابن حجر في " تخريج أحاديث المختصر " 1 / 137 : " هذا حديث صحيح رجاله ثقات ، قد جود الوليد بن مسلم إسناده ، فصرح بالتحديث في جميعه ، و لم ينفرد به مع ذلك " .(2/8)
و وجه الدلالة على المراد في الحديث أمره - صلى الله عليه وسلم - باتباع سنة الخلفاء الراشدين وهم من الصحابة .
و مثله حديث (( تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة كلها في
النار إلا واحدة )) .قالوا : و من هم يا رسول الله ؟ قال : ((ما أنا عليه
و أصحابي )) (1) .
فدل على أن ما كان عليه الصحابة له حكم ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) 1 ... حسن بشواهده ، احتج به جماعة من الأئمة :
أخرجه الترمذي ( 2641 ) في الإيمان ، باب : ما جاء في افتراق هذه الأمة ، و محمد بن نصر في "السنة"
( 59 ) ، و الآجري في " الشريعة " ( 23، 24 ) ، و " الأربعين " ص ـ 54 ، و الطبراني في "الكبير" 13 / 30 ( 62 ) ، و اللاكائي في " السنة " 1 / 99 ( 147 ) من طرق عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، عن عبد الرحمن الحبلي ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - مرفوعا ، بزيادة في أوله .
و عبد الرحمن الأفريقي : ضعيف يعتبر به .
? ... و له شاهد بنحوه من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - :
أخرجه العقيلي 2 / 262 ، و الطبراني في " الأوسط " ( 4886 و 7840 ) و فيه : عبدالله بن سفيان المدني ، قال عنه العقيلي : لا يتابع على حديثه .
و للحديث شواهد بمعناه أحصاها سليم الهلالي في رسالته " درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه اليوم
و الأصحاب " ، فلتراجع .
و قد احتج بهذا الحديث اللاكائي 1 / 100 وقال : " حديث ثابت " . و شيخ الإسلام ابن تيمية ، و ابن القيم ، و الشاطبي ، و غيرهم ، راجع الرسالة المذكورة .
... قلت : أما ذكر الافتراق دون قوله : ( ما أنا عليه اليوم و أصحابي ) فصحيح ثابت مشهور عن عدد من الصحابة كأبي هريرة ، و سعد بن مالك ، و معاوية ، و عمرو بن عوف ، و غيرهم - رضي الله عنهم - .(2/9)
و من أبرز ما ثبت من السنة بهذا المعنى حد الخمر (1) ، و تضمين
الصناع (2) ، وجمع المصاحف (3) ، وتدوين الدواوين (4) ، وما أشبه ذلك مما اقتضاه النظر المصلحي الذي أقره الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين (5) .
__________
(1) 2 ... حيث كان الجلد أربعين ، ثم جلد عمر - رضي الله عنه - ثمانين ؛ نزولاً على قول عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - : ( اجعله كأخف الحدود ثمانين ) . أخرجه مسلم ( 1706 ) ( 36 ) في الحدود ، باب : حد الخمر .
ووافقه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فقال : ( نرى أن تجلده ثمانين ، فإنه إذا شرب سكر ، و إذا سكر هذَى، و إذا هذَى افترى ) . أخرجه مالك في الموطأ 2 / 842 .
و انظر في هذه المسألة : المغني لابن قدامة 12/ 498 – 499 ، و سبل السلام للصنعاني 4 / 28 .
(2) 1 ... قضي خلفاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتضمين الصناع . قال علي - رضي الله عنه - : ( لا يصلح الناس إلا ذاك ) . أخرجه البيهقي في
" السنن الكبرى " 6 / 122 .
فكان هذا سنة سنها صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعمل بها المسلمون من بعدهم .
و انظر : المغني لابن قدامة 8 / 103 .
(3) 2 ... حيث جمعها عثمان - رضي الله عنه - بمشورة الصحابة ، في المصحف المعروف بمصحف عثمان ، وأرسل به إلى الآفاق، و لا يزال المسلمون يعتمدونه إلى اليوم .
انظر : باب اتفاق الناس مع عثمان على جمع المصاحف ، من كتاب المصاحف لابن أبي داود 1 / 185 .
(4) 3 ... أول من دون الدواوين عمر - رضي الله عنه - . قاله جابر - رضي الله عنه - . أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 8 / 108 .
و نقل ابن عبد البر إجماع أهل العلم على ذلك . كما في " تلخيص الحبير " 4 / 36 .
ثم أصبحت سنة استن بها الخلفاء من بعده و إن اختلفت المسميات من ديوان إلى وزارة أو نحوها .
(5) 4 ... انظر : الموافقات للشاطبي 4 / 605 .(2/10)
أما علماء الحديث فيوسعون دائرة السنة في تعريفهم حتى تجمع جوانب عدة من سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - القولية و العملية و التقريرية ، فهي عندهم : ( ما أثر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من قول ، أو فعل ، أو تقرير ، أو صفة خَلقية ، أو صفة خُلقية، أو سيرة ، سواء كان قبل البعثة أو بعدها ) (1) .
و هذا التعريف يختلف عن تعريف الفقهاء و الأصوليين من وجوه :
أولها : أنه يصح أن يطلق على السيرة النبوية بكل ما تضمنته من معان لعمومه .
و ثانيها : أنه يتناول الصفات الخلقية ، وهي : ما لا دخل للإنسان في اكتسابها وتنميتها ، كاختصاصه عليه الصلاة و السلام بخاتم النبوة بين كتفيه (2) ، و ما كان من صفة لونه و طوله و لحيته و نحو ذلك .
و ثالثها : أن هذا التعريف جمع ماكان من نبأ النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة و بعدها.
__________
(1) 5 ... الدكتور عبد الله التركي : أصول مذهب الإمام أحمد ، ص : 199 -200 .
(2) 1 ... انظر أحاديث خاتم النبوة ، و صفته في المصادر الآتية :
صحيح البخاري ( 6/ 561 – فتح ) في كتاب المناقب ، باب : خاتم النبوة ، و مسلم ( 15 / 97 – نووي ) في الفضائل ، باب : إثبات خاتم النبوة ، و صفته ، و محله من جسده - صلى الله عليه وسلم - ، و سنن الترمذي ( 5 / 263 ) في
المناقب ، باب : خاتم النبوة . ودلائل النبوة للبيهقي 1 / 259 - 267 .
و غيرها من كتب السنن ، و الشمائل ، و الدلائل .(2/11)
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية (1) رحمه الله تعالى بعد أن أشار إلى اتحاد معنى السنة و الحديث : ( و قد يدخل فيها – أي السنة – أخباره قبل النبوة
و بعض سيرته قبل النبوة ) (2) .
و من أمثلة ما كان من سيرته قبل النبوة تحنثه في غار حراء (3) ، وكذا ما كان عليه قبل البعثة من حسن الخلق ، و جميل السجايا ، و غير ذلك .
و من مجموع التعريفات التي ساقها أئمة الإسلام و علماء المسلمين نخلص إلى أن السنة لفظ عام يطلق اصطلاحاً على ( كل ماتلفظ به رسول الله ما عدا القرآن أو ظهر منه - في الواقع و نفس الأمر - من ابتداء رسالته إلى نهاية حياته ، سواء أثبت حكماً عاماً لسائر أفراد الأمة - و هذا هو الأصل - أم أثبت حكماً خاصاً به - صلى الله عليه وسلم - ، أو خاصاً ببعض الصحابة - رضي الله عنهم - ، وسواء أكان فعله – صلوات الله و سلامه عليه - جبلياً أو كان غير جبلي ) (4) .
__________
(1) 2 ... هو : أحمد بن عبد الحليم بن عبد الله بن أبي القاسم ، أبو العباس ، الحراني ( 661 ـ 728 هـ / 1263 ـ 1328 م ) ، الشيخ الإمام العلامة ، الحافظ الناقد ، الفقيه المجتهد ، المفسر البارع ، علم الزهاد ، نادرة العصر ، أحد الأعلام ، كان من بحور العلم ، و من الأذكياء المعدودين ، و الزهاد الأفراد ، و الشجعان الكبار ، و الكرماء الأجواد ، أثنى عليه الموافق و المخالف ، و سارت بتصانيفه الركبان . قاله الذهبي .
انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ 4 / 1496 ، البداية و النهاية 14 / 135- 139 ، فوات الوفيات 1 / 74 -80 شذرات الذهب 6 / 80 - 86 .
(2) 3 ... انظر : مجموع فتاوى شيخ الإسلام 18 / 9 –10 .
(3) 4 ... الحديث : أخرجه البخاري في بدء الوحي ، باب : كيف كان بدء الوحي ، حديث رقم ( 3 ) ، و مسلم ( 252 ـ 254 ) في الإيمان ، باب : بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
(4) 1 ... أكرم العمري : بحوث في السنة المشرفة ، ص : 15 .(2/12)
و لما كان هذا التعريف جامعاً مانعاً ، متضمناً لما كان معتبراً عند جمهور أهل الحديث رغم تباين ألفاظ التعريف الدال على السنة لدى كل منهم ، فإني أذهب إلى ترجيح اختياره للدلالة على المطلوب ، و الله أعلم .
تعريف السنّة عند الفرق المخالفة لأهل السنّة و الجماعة :
قبل التحول عن مدلول السنة و تعريفها إلى المبحث التالي نقف على تعريف الفرق المخالفة لما عليه أهل السنّة و الجماعة من تعريف السنة ، و أشهر المخالفين هم الرافضة و الخوارج .
فالرافضة الإمامية : توسعوا في تعريف السنة من جهة حتى أدخلوا فيها ما ليس منها انطلاقاً من اعتقادهم العصمة لأئمتهم ، فلما رأوا أن المعصوم - الإمام - من آل البيت يجري قوله مجرى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - من حيث كونه حجة على العباد واجب الاتباع كانت السنة في اصطلاحهم : ((قول المعصوم أو فعله أو تقريره )) (1) .
ثم ضيقوه من جهة أخرى ؛ حيث جرحوا جمهور الصحابة ، ولم يعدلوا إلا نفراً ممن عرفوا بولائهم لأمير المؤمنين علي - رضي الله عنه - !!
و بهذه الذريعة عطلوا وردوا القدر الأوفر من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، مما رواه عنه أصحابه الثقات ، كالخلفاء الثلاثة ، وعائشة ، وطلحة ، والزبير ، وعمرو بن العاص ومعاوية ، وغيرهم ، وعدلوا بذلك عن السنة النبوية إلى السنة (الإمامية) !! التي رووها و تناقلوها عن أئمتهم ، فضلوا و أضلوا كثيراً (2) .
__________
(1) 2 ... محمد رضا المظفر : أصول الفقه 2 / 61 .
(2) 1 ... السباعي ، السنة و مكانتها في التشريع ، ص : 131 .(2/13)
و في المقابل نجد الخوارج يقفون موقفاً مشابها ؛ من حيث تضيق معنى السنة إذ يردون أخبار الصحابة الذين ابتلوا في الفتنة ، فيكفرون عثمان ، وعلياً ، وأصحاب الجمل ، والحكمين ، ومن رضي بالتحكيم وصوب الحكمين ، أو أحدهما. و بهذه الذريعة ردوا أحاديث جمهور الصحابة بعد الفتنة ، لرضاهم بالتحكيم ، و اتباعهم أئمة الجور ( ! ) على زعم الخوارج فلم يكونوا أهلاً لثقتهم (1) ( ! ) .
و مع هذا التنازع المرير حول سنة البشير النذير لا يثبت أمام موازين النقد العلمي إلا تعريف أهل السنة و الجماعة ، السائرين على ما سار عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و صحابته الحاكمين بعدالة الصحابة ، وصحة نقلهم لسنة نبيهم ، المتلقين بالقبول ما صح عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - قولاً و فعلاً و تقريراً و صفةً و سيرةً و ...
المبحث الثاني
حجية السنة
الحجة - بضم المهملة و فتح الموحدة مع التشديد - في اللغة : البرهان . تقول: حاجه فحجه ، أي : غلبه بالحجة . و في المثل ( لج فحج ) ، وهو رجل محجاج، أي : جدل (2) .
أما في الاصطلاح : فالحجة ذات معان عدة ، منها : الدليل المفيد غلبة الظن (3) أو الدليل الذي يفيد العلم سواء كان ضرورياً أم نظرياً استدلالياً .
و عليه فإننا حينما نتساءل عن السنة : أحجة هي أم لا ؟ فمعنى تساؤلنا هذا هو : هل السنة دليل يفيدنا شرعاً ما يصلح أن يكون دليلاً لتقرير حكم شرعي أو إفادة خبر قطعي أو نحو ذلك ؟
و لا شك أن الحجية قرينة العمل فإذا سلمنا بأن السنة حجة قائمة في الشرع مستقلة في إنشاء الأحكام الشرعية فإن ذلك يقتضي وجوب العمل بما جاء فيها ، و هذا ما سنبينه قريباً بتوفيق الله و عونه .
أما حجية السنة فهي ثابتة لا ينكرها إلا مكابر متبع لهواه منكر للنصوص الشرعية و مخالف لإجماع الأمة .
__________
(1) 2 ... المرجع السابق ، ص : 130 .
(2) 1 ... انظر : الصحاح 1/ 304 مادة : " حجج " .
(3) 2 ... معجم لغة الفقهاء ، ص : 175 .(2/14)
و قد دل على حجيتهاكتاب الله - و حسبك به دليلاً - كما دل على ذلك صحيح السنة و صريحها ، وانعقد إجماع الأمة عليه ، و إليك بيان ذلك من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول : دلالة القرآن الكريم على حجية السنة .
دلت الآيات المحكمات في كتاب رب البريات على وجوب الأخذ بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - والتحاكم إليها حين الخلاف ، ولا ريب في ذلك عند أهل الحق . قال الموفق (1) في " الروضة " : ( و قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حجة لدلالة المعجزة على صدقه وأمر الله سبحانه بطاعته وتحذيره من مخالفة أمره ) (2) .
- قوله تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } [آل عمران:
31].
- و قوله { قل أطيعوا الله والرسول فإنْ تولّوا فإنّ الله لا يحب الكافرين } [ آل عمران : 33 ] .
- و قوله : { و أطيعوا الله و الرسول لعلكم ترحمون } [ آل عمران : 132 ].
- و قوله : { و ما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله } [ النساء : 64 ] .
- و قوله : { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً } [ النساء : 65 ] .
__________
(1) 1 ... الموفق ، هو : موفق الدين ، أبو محمد ، عبد لله بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر ، المقدسي،
الدمشقي ، الحنبلي ( 541 – 634 هـ / 1147 ـ 1237 م ) الإمام القدوة المجتهد ، إمام الحنابلة ، ثقة
حجة ، حسن الاعتقاد ، ورع عابد ، عالم أهل الشام في زمانه .
انظر ترجمته في : تكملة وفيات النقلة للمنذري 5 / 158 - 159 ، البداية والنهاية 13 / 99 - 101، سير أعلام النبلاء 22 / 165 - 172 ، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 133 - 149 .
(2) 2 ... موفق الدين ابن قدامة : روضة الناظر ص 82 .(2/15)
- و قوله : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر ذلك خير و أحسن تأويلا } [ النساء : 59 ] .
- و قوله : { و من يطع الله و رسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن أولئك رفيقاً } [ النساء : 69 ].
- و قوله : { من يطع الرسول فقد أطاع الله و من تولى فما أرسلناك عليهم
حفيظاً } [النساء : 80] .
- و قوله : { و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و احذروا } [ المائدة : 92 ] .
- و قوله : { فآمنوا بالله و رسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون } [ الأعراف : 158 ] .
- و قوله : { و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة و أطيعوا الرسول لعلكم ترحمون } [ النور : 56 ] .
- و قوله : { إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله و إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستئذنوه } [النور : 62 ] .
- و قوله : { فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم } [النساء : 63] .
- و قوله : { إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله و رسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا و أطعنا و أولئك هم المفلحون - و من يطع الله و رسوله و يخش الله و يتقه فأولئك هم الفائزون } [النور : 51-52] .
- و قوله : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله و اليوم الآخر و ذكر الله كثيراً } [الأحزاب : 36] ?
- و قوله : { ومن يعص الله و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } [الأحزاب:21].
- و قوله : { ومن يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [الأحزاب : 71].
- و قوله : { و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا و اتقوا الله إن الله شديد العقاب } [الحشر : 7] .(2/16)
و المتأمل في هذه الآيات ، و نحوها من كتاب الله ؛ يرى أنها تدور حول محور التمسك بالسنة النبوية ، سواء كانت الإشارة إلى هذا المحور بالحث على اتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أو بالأمر بطاعته و التحاكم إليه ، أو قرن طاعته بطاعة الله تعالى ، أو التحذير من عصيانه ومخالفة أمره ، أو غير ذلك ممّا يدل على مكانة السنّة ووجوب لزومها .
و الجامع بين هذه الآيات جميعاً هو الدعوة إلى التمسك بالسنة و الاعتصام بها و البعض عليها بالنواجذ ، وسيأتي تأكيد هذا المعنى في نصوص السنة من خلال المطلب التالي إن شاء الله :
المطلب الثاني : دلالة الحديث النبوي على حجية السنة :
إنّ الأحاديث النبوية الثابتة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ذات الدلالة الصريحة على حجية السنة أكثر من أن تحصى و فيما يلي أورد بعضها :
عن عبد الله ابن مسعود (1) - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( نضر الله امرءاً سمع منا شيئاً فبلغه كما سمعه ، فرب مبلغ أوعى من سامع )) .
وفي رواية : (( نضر الله امرءاً سمع مقالتي فحفظها و وعاها وأداها ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه )) (2) .
__________
(1) 1 ... عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - ، هو : ابن غافل بن حبيب ، أبو عبد الرحمن ، الهذلي ، ابن أم عبد ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و خادمه ، وأحد السابقين الأولين ، من كبار البدريين ، و من نبلاء الفقهاء والمقرئين ، أسلم قديماً و حفظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبعين سورة . توفي بالمدينة سنة ( 32 هـ / 653 م ) وله نحو من ستين سنة .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 1 / 147 - 150 ، حلية الأولياء 1 / 124 ، الإصابة 7 / 209 .
(2) 2 ... حديث صحيح متواتر ، رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جماعة من أصحابه ، منهم :
عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - :
أخرجه الترمذي ( 2657 ـ 2658 ) في العلم ، باب : ما جاء في الحث على تبليغ السماع ، و حسنه وابن ماجه ( 232 ) في المقدمة ، باب : من بلغ علماً ، و أحمد 1 / 437 ، و الحميدي ( 88 ) ، و ابن حبان ( 66 ) من طرق عنه .
... و زيد بن ثابت - رضي الله عنه - :
أخرجه أبو داود ( 3660 ) في العلم ، باب: فضل نشر العلم ، و الترمذي ( 2656 ) في العلم ، باب: ما جاء في الحث على تبليغ السماع و قال : حسن صحيح ، وابن ماجه ( 230 ) في المقدمة ، وأحمد 5/183 وغيرهم بإسناد صحيح.
جبير بن مطعم - رضي الله عنه - :
أخرجه ابن ماجه أيضاً ( 231 ) و أحمد 4 / 80 ، 82 ، والدارمي 1 / 74 ، و الطبراني في "الكبير"
( 1541 ) والحاكم 1 /87 ـ 88 ، وقال : ( و في الباب عن جماعة من الصحابة منهم : عمر ، و عثمان ، و علي ، و عبد الله بن مسعود ، و معاذ بن جبل ، و ابن عباس ، و أبو هريرة ، و أنس ، رضي الله عنهم ، و غيرهم عدة ) .
و ذكر أبو القاسم بن مندة في ( تذكرته ) أنه رواه عن المصطفى - صلى الله عليه وسلم - أربعة وعشرون صحابياَ . انظر : فيض القدير 6 / 369 .
و ذكر السيوطي في " تدريب الراوي " 2 / 179 " أنه أورد هذا الحديث في كتابه : ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ) من رواية نحو ثلاثين صحابياَ .(2/17)
وعن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال : صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ، ثم أقبل علينا بوجهه ، فوعظنا موعظة ذرفت لها العيون ، و وجلت منها القلوب ، فقال رجل : يا رسول الله ! كأن هذه موعظة مودع فأوصنا ، فقال : (( أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة ، وإن كان عبداً حبشياً ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، وإياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة )) (1) .
__________
(1) 1 ... حديث معروف مشهور عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل العلم شهرة يكاد يستغني بها عن الإسناد . قاله ابن عبد البر في
" التمهيد " 24 / 331 .
و قد روي هذا الحديث عن جماعة من الصحابة ، بأسانيد يقوي بعضها بعضاً ، منهم :
... 1- عبدالله بن عباس - رضي الله عنه - :
أخرجه الحاكم 1 / 93 ، و صححه ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 10/ 114 .
و فيه : ابن أبي أويس ، صدوق أخظأ في أحاديث من حفظه ، كما في " التقريب " ترجمة ( 460 ) .
2- أبوهريرة - رضي الله عنه - :
أخرجه الحاكم 1 / 93 ، و العقيلي في " الضعفاء " 2 / 250 ـ 251 ، و البيهقي في " السنن الكبرى "
10 / 114 ، و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " 1/ 94 و ابن عبد البر في " التمهيد " 24 / 331 ، و اللاكائي في " أصول الأعتقاد " ( 90 ) .
و فيه : صالح بن موسى الطلحي متروك ، كما في " التقريب " ترجمة ( 2891 ) ، و اكتفى الذهبي بتضعيفه في " الميزان " 2 / 301 ـ 302 .
3- عمرو بن عوف - رضي الله عنه - :
عند ابن عبد البر في " التمهيد " ، و " جامع بيان العلم " ( 1389 ) .
و في إسناده : إسحاق بن إبراهيم الحنيني ، و شيخه كثير بن عبد الله : ضعيفان . كما في " التقريب " ترجمة
( 337 و 5617 ) .
4- أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - :
عند الخطيب في " الفقيه " 1 / 94 .
و فيه : سيف بن عمر ، وهو: ضعيف كما في " التقريب " ترجمة (2724) .
هذه شواهد للحديث بلفظه ، وله شواهد أخرى بمعناه ، أوردها وأطال البحث فيها الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة ( 1716 ) فلتراجع .(2/18)
و عن المقدام بن معد يكرب (1) - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( ألا إني أوتيت القرآن و مثله معه ، ألا يوشك رجلٌ شبعانٌ على أريكته ، يقول : عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه ، و ما وجدتم فيه من حرام فحرموه و إن ما حرم رسول الله كما حرم الله )) (2) .
__________
(1) 1 ... المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - ، هو : ابن عمرو بن يزيد ، الكندي ، نزيل حمص ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . مات بالشام سنة ( 87هـ / 706 م ) وله إحدى وتسعين سنة .
انظر ترجمته في : أسد الغابة 5 / 254 ، تهذيب الكمال 28 / 458 ، وسير أعلام النبلاء 3/472 ، و البداية و النهاية 9 / 73 .
(2) 2 ... صحيح :
... أخرجه الترمذي ( 2664 ) في العلم ، باب ما نهى عنه أن يقال عند حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و حسنه ، و ابن ماجه ( 15 ) في المقدمة ، باب تعظيم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و التغليظ على من عارضه ، و أحمد في " مسنده " 4 / 132 ، و الدارمي " سننه " 1 / 144 ، و الحاكم في " المستدرك " 1 / 109 و صححه ، و غيرهم من طرق عن : معاوية بن صالح ، عن الحسن بن جابر اللخمي ، عن المقداد - رضي الله عنه - به .
والحسن بن جابر : وثقه ابن حبان 4/125. وقال فيه ابن حجر في " التقريب " ( 1220 ) : مقبول .
لكن تابعه عبد الرحمن بن أبي عوف . عند أبي داود ( 4604 ) في السنة ، باب : لزوم السنة ، و أحمد
4 / 131 ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 12 ) .
قلت : و إسناده صحيح ، و عبد الرحمن بن أبي عوف ، و هو : الجرشي ، ثقة ، يقال أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - . كما في
" التقريب " ترجمة ( 3974 ) .(2/19)
وعن أبي رافع (1) مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه عليه الصلاة و السلام قال : (( لا ألفين أحدكم متكئاً على أريكته يأتيه الأمر من أمري ، مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: لا
أدري ما وجدناه في كتاب الله اتبعناه )) (2) .
__________
(1) 3 ... أبو رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من قبط مصر . قيل إن اسمه : إبراهيم . وقيل : أسلم . كان عبداً للعباس - رضي الله عنه - ، فوهبه للنبي - صلى الله عليه وسلم - ، فلما أن بشّر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلام العباس أعتقه ، شهد غزوة أحد ، والخندق ، وكان ذا علم وفضل . - رضي الله عنه - ، توفي بالكوفة سنة (40 هـ / 660 م ) .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 4 / 73 - 75 ، حلية الأولياء 1 / 183 ، أسد الغابة 1 / 52 ، الاستيعاب 4 / 1656 ، و سير أعلام النبلاء 2 / 16 .
(2) 1 ... صحيح :
أخرجه أبو داود ( 4605 ) في السنة ، باب : في لزوم السنة ، و الترمذي ( 2663 ) في العلم ، باب : ما نهى عنه أن يقال عند حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقال : حسن صحيح . و الشافعي في "الرسالة" ( 295 ) ، و الحاكم
1 / 108 ، 109 ـ و صححه ـ و غيرهم من طرق عن : سفيان بن عيينة ، عن سالم أبي النضر ، عن عبيد الله بن أبي رافع ، عن أبيه - رضي الله عنه - .
... و قد اختلف في إسناد هذا الحديث على وجوه أخر ، أشار إليها الترمذي و الحاكم ، لكن صوّب منها الدار قطني في " العلل " 7 / 10 ، و الحاكم ، و اللاكائي في " أصول الاعتقاد " ( 97 ) الطريق الذي ذكرناه ، و إسناده صحيح ، رجاله كلهم ثقات .(2/20)
وعن أبي هريرة (1) - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أطاعني فقد أطاع الله ، و من عصاني فقد عصى الله )) (2) .
و عنه - رضي الله عنه - : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( من أطاعني دخل الجنة ، و من عصاني
فقد أبى )) (3) .
__________
(1) 2 ... أبو هريرة - رضي الله عنه - ، هو : الدوسي ، و اسمه : عبد الرحمن بن صخر . كما رجحه ابن عبد البر ، حيث اختلف في اسمه و اسم أبيه على نحو من ثلاثين قولاَ ، صحابي جليل مشهور ، أسلم عام خيبر ( 7 هـ / 628 م ) ، و شهدها مع النبي صلى الله عليه و سلم ، ولي ولاية البحرين مدة في عهد الفاروق ، و كان أحفظ أهل عصره و من أكثر الصحابة حديثا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . مات سنة ( 59 هـ / 679 م ) و هو ابن ثمان و سبعين سنة .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 2 / 362 ـ 364 ، الاستيعاب 4 / 1768 ، حلية الأولياء
1/376–385 ، سير أعلام النبلاء 2 / 578 ، الإصابة 12 / 63 .
(2) 3 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 2957 ) في الجهاد ، باب : يقاتل من وراء الإمام ويتقي به ، و (7137) في الأحكام ، باب : قوله { أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و أولي الأمر منكم } . و مسلم ( 1835 ) في الإمارة ، باب : وجوب طاعة الأمراء في غير معصية ، و النسائي ( 7 / 154 ) في البيعة ، باب : الترغيب في طاعة الإمام و 8 / 276 في الاستعاذة ، باب : الاستعاذة من فتنة المحيا ، وابن ماجه ( 3 ) في المقدمة ، باب : اتباع سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و ( 2859 ) في الجهاد ، باب : طاعة الإمام ؛ من طرق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) 4 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 7280 ) في الاعتصام ، باب : الاقتداء بسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و أحمد 2 /361 ، و الحاكم 1 / 55 ، و قال : ( حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) . و وهم في ذلك مع أنه في
4 / 247 عزاه إلى البخاري . فسبحان من لا تأخذه سنة و لا نوم .(2/21)
وجنس هذه الأخبار ؛ من حيث دلالتها على حجية السنة ، و دعوتها إلى العمل بمقتضاها ، و تحذيرها من مخالفتها ، و الإعراض عنها كثير في مصنفات المحدثين ، و دواوين الحديث ، وحسبنا منها ما ذكرنا ؛ لدلالته على المطلوب ، ففيه الكفاية إن شاء الله .
المطلب الثالث : الإجماع على حجية السنة .
حكى غير واحد من أهل العلم الإجماع على حجية السنة المطهرة ، وعدَّ ابن حزم الظاهري (1) الإجماع على حجيتها إجماعاً في المعتقد يكفر من خالفه ، و قال : (( واتفقوا أن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صح أنه كلامه بيقين فواجب اتباعه )) (2) .
و قال مستشهداً بقوله تعالى : { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر } [النساء : 59] : (( و البرهان على أن المراد بهذا الرد إنما هو القرآن و الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا و إلى كل من يخلق و يركب روحه في جسده إلى يوم القيامة من الجنة و الناس )) (3) .
__________
(1) 1 ... ابن حزم ، هو : علي بن أحمد بن سعيد بن حزم ، الأندلسي ، القرطبي ، أبو محمد (384 ـ 456 هـ / 994ـ 1064 م ) الإمام ، الفقيه الظاهري ، الحفاظ ، المتكلم ، الأديب ، الوزير ، تفقه على مذهب الإمام الشافعي
أولاً ، ثم أداه اجتهاده إلى القول بنفي القياس ، و الأخذ بظاهر النص ، صاحب التصنايف المفيدة .
انظر ترجمته في : جذوة المقتبس ، ص : 308 - 311 ، بغية الملتمس ص 415 - 418 ، وفيات الأعيان
3 / 325 - 330 ، تذكرة الحفاظ 3 / 1146 ـ 1155 ، سير أعلام النبلاء 18 / 184 ، البداية و النهاية 12/ 91- 92 .
(2) 2 ... ابن حزم : مراتب الإجماع ، ص : 175 .
(3) 3 ... ابن حزم : الإحكام 1 / 95 - 96 .(2/22)
وقد ذهب إلى مثل هذا القول الإمام الشافعي (1) في ( الأم ) فقال : (( لم أسمع أحداً نسبه الناس ، أو نسب نفسه إلى علم يخالف في أن الله فرض اتباع أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و التسليم لحكمه ، و أن الله عز و جل لم يجعل لأحد بعده إلا اتباعه ، و أنه يلزم قول بكل حال إلا بكتاب الله أو سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، و أنّ ما سواهما تبع لهما ، و أن فرض الله علينا وعلى من بعدنا وقبلنا في قبول الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واحد ) (2) .
وخلاصة القول أن الأمة الإسلامية أجمعت على العمل بالسنة ، و قد عمل المسلمون بسنة نبيهم عليه الصلاة و السلام جيلاً بعد جيل ، و عضوا عليها بنواجذهم ، و ما أعرض عنها إلا ذو حظ من العلم قليل ، أو تابع لهوى مخالف للجماعة .
المطلب الرابع : آثار و نقول في حجية السنة و تمسُّك السلف الصالح بها :
لا يخفى على أريب أن السلف الصالح قد اتفقوا على العمل بالسنة النبوية ، موقنين بحجيتها و معتصمين بها ، والأمثلة على ذلك أكثر من أن يحصيها عد ، أو يحويها سرد ، و حسبنا من ذلك ما يقيم الدليل على تمسكهم واحتجاجهم بها :
__________
(1) 1 ... الإمام الشافعي ، هو : محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد ، أبو عبد الله القرشي المطلبي ، الشافعي (150 – 204هـ / 767 ـ 820 م ) ، عالم العصر ، و ناصر السنة ، فقيه الملة ، صنف التصانيف ، و دون العلم ، في أصول الفقه و فروعه ، و مناقبة كثيرة مدونة .
... انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 2/ 56 - 73 ، الأنساب 3 / 251-254 ، وفيات الأعيان 4/163-169 ، وكتابي مناقب الشافعي للرزاي ، و البيهقي ، وغيرها كثير .
(2) 2 ... الشافعي : الأم 7 / 273 .(2/23)
- كان عمر بن الخطاب (1) - رضي الله عنه - يقول : (( سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن فخذوهم بالسنن ، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله )) (2) .
__________
(1) 1 ... عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، هو : أبو حفص ، القرشي ، أمير المؤمنين ، يجتمع مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي، أسلم سنة ست من النبوة ، و قيل : خمس ، بعد أربعين رجلاً ، و شهد المشاهد كلها مع رسول الله ، و له مشاهد في الإسلام ، و فتوحات في العراق والشام ، أحد المبشرين بالجنة ، صاحب فضائل و مناقب كثيرة ، توفي سنة
( 24هـ / 654 م ) .
... انظر ترجمته في : مسند أحمد 1/14 ، أسد الغابة 4/ 53 ، الإصابة 4/ 279 ، تهذيب التهذيب 7 / 438- 441 ، وغيرها كثير .
(2) 2 ... رجاله ثقات إلا أنه منقطع ؛ راويه عن عمر - رضي الله عنه - لم يدركه :
رواه أبو الوليد الطيالسي ، و عاصم بن علي ، و أبو بكر بن أبي داود عن عيسى بن حماد ؛ ثلاثتهم عن: الليث بن سعد ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن بكير بن الأشج ، عن عمر - رضي الله عنه - به .
و مروياتهم عند : الآجري في " الشريعة " ( 99 و 107 و 108 ) ، و ابن بطة في " الإبانة ـ كتاب الإيمان " ( 84 ) ، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1927 ) .
وبكير بن الأشج ، هو : بكير بن عبد الله المدني ، نزيل مصر ، ثقة . كما في " التقريب " ( 760 ) .
و اختلف فيه على الليث بن سعد ، في اسم ابن الأشج خلافاً لايضر ، حيث رواه : عبد الله بن وهب ، و عبدالله بن صالح كاتبه ، و أحمد بن عيسى الوشا عن عيسى بن حماد ؛ ثلاثتهم عنه ، عن يزيد ، عن عمرو - أو عمر - بن الأشج ( بدل بكير ) ، عن عمر - رضي الله عنه - به .
ومروياتهم عند الدارمي ( 119 ) ، واللاكائي في " شرح أصول الاعتقاد " ( 202 ) ، و عنه أبو القاسم الأصبهاني في " المحجة " 1 / 312 ـ 313 ، وابن أبي زمنين في " أصول السنة " ( 7 ) .
وعمر بن الأشج ، هو : عمر بن عبد الله بن الأشج ، أخو بكير ، وهو ثقة أيضا ؛ وثقه ابن سعد في " الطبقات ـ الجزء المتمم " ، ص : 309 ، وابن حبان في " الثقات " 7 / 172 ، والعجلي في " الثقات " رقم 1270 ، و سماه الأخير : عمرو .
لكن تبقى علة الانقطاع ؛ فكلاهما لم يدرك عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - . وهي علة لا تمنع من الاستئناس به .(2/24)
- و وقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على الركن أمام الحجر الأسود ثم قال : (( إني لأعلم
أنك حجر ، و لو لم أر حبيبي - صلى الله عليه وسلم - قبَّلك ، أو استلمك ، ما استلمتك و لا
قبلتك )) (1) .
- وقال عليّ بن أبي طالب (2) - رضي الله عنه - : (( كنت أرى باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما ، حتى رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمسح ظاهرهما )) (3) .
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 1597 ) في الحج ، باب : ما ذكر في الحجر الأسود ، ومسلم ( 1270 ) في الحج ، باب : استحباب تقبيل الحجر الأسود في الطواف ، و أبو داود ( 1873 ) في المناسك ، باب : في تقبيل الحجر ، و الترمذي ( 860 ) في الحج ، باب : ما جاء في تقبيل الحجر ، و النسائي 5 / 227 في الحج ، باب : تقبيل الحجر ، و ابن ماجه ( 2943 ) في المناسك ، باب : استلام الحجر ، و الدارمي ( 1864 ) في المناسك ، باب : في تقبيل الحجر ، و أحمد 4 / 125 .
(2) 2 ... علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، هو : أمير المؤمنين ، أبو الحسن ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أول من أسلم من الذكور ، شهد المشاهد كلها إلا غزوة تبوك ، أقامه النبي - صلى الله عليه وسلم - في المدينة خليفة عنه ، استخلف يوم قتل عثمان - رضي الله عنه - سنة ( 35 هـ / 656 م ) ، واستشهد في رمضان سنة (40هـ /660 م ) ، و ألفت في صفاته وأحواله كتب جمة .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 2 / 337 و 3 / 19 و 6 / 12 ، تاريخ بغداد 1 / 133 - 141 ، تهذيب الأسماء 1 / 344 ، أسد الغابة 4 / 16 ، و غيرها .
(3) 3 ... صحيح :
أخرجه أبو داود ( 162 ) في الطهارة ، باب : كيف المسح ، و النسائي في " السنن الكبرى " 1 / 90
( 119 ) ، و الدارمي ( 715 ) في الطهارة ، باب : المسح على النعلين ، و الداراقطني في "سننه "
(
1 /199 ) في الطهارة ، باب : الرخصة في المسح على الخفين و ما فيه ..إلخ ، و أحمد 1 / 46 ، 77، 114 ، 124 ، 148 ، و البزار 3 / 36 ( 789 ) و غيرهم ، من طرق عن علي - رضي الله عنه - به .
و حكى الداراقطني في " العلل " ( 4 / 46 ) اختلاف الرواة على ألفاظه ، ثم صحّح اللفظ الذي أوردناه .
و الأثر : صححه الضياء في " المختارة " 2 / 283 ، و الحافظ ابن حجر في " تلخيص الحبير" 1/160 و حسنه في " بلوغ المرام " ( 1 / 99 – مع السبل ) .(2/25)
- و عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال : (( من سرَّه أن يلقى الله غداً مسلماً فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن ، فإن الله عز و جل شرع سنن الهدى لنبيه ، و إنهن من سنن الهدى ، و إني لا أحسب منكم أحداً إلا له مسجد يصلي فيه في بيته ، فلو صليتم في بيوتكم ، و تركتم مساجدكم ؛ لتركتم سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ، و لو تركتم سنة نبيكم لضللتم )) (1) .
- و قيل لعبد الله بن عمر (2) رضي الله عنهما : لا نجد صلاة السفر في القرآن ؟
فقال : (( إن الله عز و جل بعث إلينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - و لا نعلم شيئاً ، فإنما نفعل كما رأينا محمداً - صلى الله عليه وسلم - يفعل )) (3) .
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه مسلم ( 654 ) في المساجد ، باب : صلاة الجماعة من سنن الهدى ، وأبو داود (550 ) في الصلاة باب : في التشديد في ترك الجماعة ، والنسائي 2 / 108 ـ 109 في الإمامة ، باب : المحافظة على الصلوات حيث ينادى بهن ، وابن ماجه ( 777 ) في المساجد ، باب : المشي إلى الصلاة .
(2) 2 ... عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - ، هو : ابن الخطاب ، أسلم صغيراً بمكة ، و أول مشاهده الخندق ، وهو ممن بايع تحت الشجرة ، كان من أوعية العلم . كانت وفاته بمكة سنة ( 73 هـ / 693 م ) .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 2 / 373 و 4 /142 - 188 ، الحلية 1 / 292 و 2 / 7 ، أسد الغابة
3 / 22 ، تاريخ الإسلام 3 / 177 ، سير أعلام النبلاء 3 / 203 .
(3) 3 ... إسناده حسن :
أخرجه النسائي 3 / 117 في الصلاة ، باب : تقصير الصلاة في السفر ، و في " السنن الكبرى " 1/ 583
(
1892 ) في قصر الصلاة ، باب : تقصير الصلاة في السفر ، و ابن ماجه ( 1066 ) في إقامة الصلاة ، باب : تقصير الصلاة في السفر ، و أحمد 2 / 94 ، و ابن خزيمة ( 946 ) ، و ابن حبان ( 2735 ) في "صحيحيهما " ، و الحاكم 1 / 266 ، و ابن عبد البر في " التمهيد " 11 / 163 ؛ كلهم من طريق الليث بن سعد ، عن ابن شهاب الزهري ، عن عبد الله بن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أمية بن عبد الله بن خالد الأموي ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - به .
و تابع الليث بن سعد كل من :
... 1- فليح بن سليمان : قاله البخاري في " التاريخ الكبير " ( 5 / 55 ) .
2- يونس بن يزيد : رواه عنه شبيب بن سعيد عند ابن عبد البر 11 / 164 ، و حسان بن إبراهيم : قاله البخاري في " التاريخ " أيضاَ .
كما تابع الزهري : محمد بن عبد الله الشعيثي . عند النسائي 1 / 226 .
و أخطأ ابن وهب ، و الزبيدي حيث روياه ، عن يونس به ، فقالا : ( عبد الملك بن أبي بكر ) . بدل : عبد الله . =
= ... قال البخاري : ( لا يصح ) . و قال النسائي - كما في " غوامض الأسماء المبهمة " 2 / 606 - :
( و حديث الليث بن سعد أولى بالصواب عندنا من حديث ابن وهب ، عن يونس ) .
و قال ابن عبد البر : ( غلط و وهم ) .
و خالف فيه معمر بن راشد أيضاً ، حيث رواه عن الزهري فقال : عبد الله بن أبي بكر ، عن عبد الرحمن ابن أمية بن خالد . أخرجه عنه عبد الرزاق في " المصنف " ( 4276 ) . قال البخاري في " التاريخ " أيضا و أبو حاتم الرازي ـ كما في " الجرح و التعديل " ( 5 / 18 ) ـ : ( لا يصح ) .
... و قال ابن عبد البر : ( هو غلط من الكاتب ) . يعني : تصحيف من ناسخ المصنف .
قلت بل هو وهم ، يدل عليه رواية أحمد ، و قول البخاري ، و أبي حاتم السابقين .
أما مالك في " الموطأ " 1 / 145 ، فلم يقم الحديث ـ كما قال ابن عبد البر ـ حيث رواه عن الزهري عن رجل من آل خالد بن أسيد . فأبهم أمية بن خالد ، وأسقط عبد الله بن أبي بكر .
و كذلك ابن أبي ذئب ؛ رواه منقطعاَ بدون ذكر : عبد الله بن أبي بكر . عند ابن جرير الطبري في
" تفسيره " ( 1038 ) .
قلت : و رواية الليث ومن تابعه هي المحفوظة ، كما قال النسائي . ورواتها كلهم ثقات ، سوى عبد الله بن أبي
بكر ، وثقه ابن حبان ، و ابن عبد الرحيم البرقي ، كما في " تهذيب التهذيب " 5 / 163 .
و وثقه الحاكم في " المستدرك " ضمن توثيق مجمل لرواة هذا الحديث ، وهو تابعي ، روى عنه غير واحد و قد روى ما لا ينكر ، وصدّقه ابن حجر في " التقريب" ترجمة ( 3237 ) ، فحديثه لا ينزل على رتبة الحسن
عندي ، و الله أعلم .(2/26)
- وكان إسحاق بن راهويه (1) رحمه الله يقول : (( من بلغه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر يقر بصحته ، ثم رده بغير تقية فهو كافر )) (2) .
و الآثار و الأخبار الدالة على تمسك الصحابة الكرام و من بعدهم بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - غير ما تقدّم ؛ أظهر و أشهر من أن تخفى ، على من له أدنى إطلاع على أخبار السلف الصالح - رضي الله عنهم - أجمعين .
و أخيراً : يتضح لنا من استقراء أدلة الكتاب و السنة و الإجماع و الوقوف على آثار السلف الصالح أن السنة النبوية المطهرة حجة لا مراء فيها ولا جدال ؛ لأنها وحي من الله تعالى { و ماينطق عن الهوى - إن هو إلا وحي يوحى } [النجم : 3-4] فتُنَزَّل في حجيتها منزلة المتلو ، و من خالف في ذلك دعوناه لاستماع رأي ابن حزم رحمه الله إذ يقول :
(( فليتق الله الذي إليه المعاد امرؤٌ في نفسه ، و لتوجل نفسه عند قراءة هذه
الآية : { و إذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله و إلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً } [النساء : 61] ، و لينشد إشفاقه من أن يكون مختاراً للدخول تحت هذه الصفة المذكورة المذمومة الموبقة الموجبة للنار )) (3) .
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة ، وقنا مزالق الردى ومضلات الهوى . آمين .
المبحث الثالث
حفظ السنة
__________
(1) 1 ... إسحاق بن راهويه ، هو : إسحاق بن إبراهيم بن مخلد ، أبو يعقوب ، التميمي ، ثم الحنظلي ، المروزي ، نزيل نيسابور ( 261 – 338 هـ / 875 ـ950 م ) الإمام الكبير ، شيخ المشرق ، سيد الحفاظ ، ثقة ، فقيه
مجتهد ، قرين أحمد بن حنبل .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 6 / 345 – 355 ، طبقات الحنابلة 1 / 109 ، وفيات الأعيان 1 / 199- 201 تذكرة الحفاظ 2 / 433 .
(2) 2 ... صحيح :
رواه عنه تلميذه الإمام الحافظ الثقة الثبت محمد بن نصر المروزي ، كما في " الإحكام " لابن حزم 1 / 97 .
(3) 1 ... ابن حزم : الإحكام 1 / 97 .(2/27)
من المعلوم بالضرورة و ما لا يخالجه شك و لا ظن أن السنة النبوية صنو القرآن الكريم ، من حيث أن كلاً منهما وحي منزل من عند الله تعالى إن بلفظه ومعناه ، أو بمعناه دون لفظه .
فالقرآن الكريم كلام رب العالمين في لفظه ومعناه ، أما السنة ، فهي : وحي من الله تعالى ، و إن كانت ألفاظها و مبانيها صادرةً عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
وقد قرر هذا المعنى أئمة الإسلام ، و فيه قال ابن حزم :
(( لما بينا أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه في الشرائع ؛ نظرنا فيه فوجدنا فيه إيجاب طاعة ما أمرنا به الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، و وجدناه عزَّ و جل يقول فيه واصفاً رسوله - صلى الله عليه وسلم - : { و ما ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحي يوحى } [ النجم : 3 – 4 ] فصح لنا بذلك أن الوحي ينقسم من الله عز وجل إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم - على قسمين ، أحدهما : وحي متلوٌ مؤلفٌ تأليفاً معجز النظام ، وهو القرآن ، والثاني : وحي مرويٌ منقولٌ ، غير مؤلف ولا معجز النظام ، و لا متلو لكنه مقروء ، و هو الخبر الوارد عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - )) (1) .
و قد تكفل الله تعالى بحفظ الشريعة بأسرها بما فيها الكتاب و السنة ، قال
تعالى : { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواهم و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون } [ التوبة : 32 ] .
ونور الله ، هو : الإسلام (2) ، و إتمامه يقتضي حفظ ما يقوم به كتاباً و سنةً على ما يقتضيه قوله تعالى { و يأبى الله إلا أن يتم نوره } في الآية .
و يقول سبحانه و تعالى أيضاً : { إنا نحن نزلنا الذكر و إناله لحافظون } [الحجر:
9].
وفي هذه الآية أيضاً دلالةٌ على حفظ الله تعالى للسنة ، و للمفسرين في تفسيرها مذهبان :
__________
(1) 1 ... ابن حزم : الإحكام 1/95 .
(2) 1 ... انظر : فتح القدير للشوكاني 2/355 .(2/28)
أحدهما : أن الضمير في قوله ( له ) يرجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المذكور في الآيات السابقة ، و على هذا القول فإن حفظه عليه الصلاة و السلام يقتضي حفظ سنته التي أُمر بتبليغها ، إذ لا اعتبار في هذه الحالة لحفظ شخصه عليه الصلاة و السلام و ذهاب
سنته .
والثاني : أن الضمير في الآية يعود على القرآن الكريم فقالوا : إن الحفظ المذكور يختص به القرآن دون السنة .
وعلى هذا المذهب يدخل حفظ السنة ضمناً في حفظ القرآن الكريم ؛ لأن (( حفظ القرآن متوقف على حفظها ، وصونه مستلزم لصونها بما أنها : حصنه الحصين ، ودرعه المتين ، وحارسه الأمين ، وشارحه المبين ؛ تفصل مجمله ، و تفسر مشكله ، وتوضح مبهمه ، وتقيد مطلقه ، و تبسط مختصره ، وتدفع عنه عبث العابثين ، و لهو اللاهين ، وتأويلهم إياه على حسب أهوائهم و أغراضهم ، ووفق ما يملى عليهم من رؤساهم وشياطينهم ، فحفظها من أسباب حفظه ، وصيانتها صيانة له )) (1) .
و التاريخ خير شاهد على حفظ السنة ؛ فقد شهد رحلة العلماء في طلب الحديث (2) ، و تقعيدهم القواعد لتمييز صحيحه من سقيمه ، و تحريهم الدقة في روايته و تدوينه ، حتى أوصلوه إلينا غضاً طرياً كما نطق به نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
و لا يعني هذا أن بوسع فرد من الأمة أن يحيط بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فالخلق من سيماهم القصور ، و لا كمال إلا للودود الغفور سبحانه ، لكن علم أهل الحديث و حفاظ السنة إذا ضم بعضه إلى بعض في أي عصر من العصور فإنه سيأتي بلا ريب على جميع السنن التي تقوم بها الحجة على الخلق ، كما قرر ذلك الإمام الشافعي رحمه الله في ( رسالته ) في معرض كلامه عن سعة لسان العرب حيث قال :
((
__________
(1) 2 ... العمري : بحوث في السنة المشرفة ، ص : 58 .
(2) 1 ... سيأتي الحديث عن الرحلة في طلب العلم ، وذكر بعض أخبار سلف هذه الأمة في ذلك ، في أول المبحث الثاني من الباب الثاني إن شاء الله .(2/29)
و لا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ، و لكنه لا يذهب منه شيء على عامتها ، حتى لا يكون موجوداً فيها من يعرفه ، و العلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه : لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء فإذا جمع علم عامة أهل العلم بها أتى على السنن ، و إذا فرق علم كل واحد منهم : ذهب عليه الشيء منها، ثم كان ما ذهب عليه منها موجوداً عند غيره ، و هم في العلم طبقات : منهم الجامع لأكثرها ، وإن ذهب عليه بعضها ، و منهم الجامع لأقل مما جمع غيره . و ليس قليل ما ذهب من السنن على من جمع أكثرها دليلاً على أن يطلب علمه عند غير طبقته من أهل العلم ، بل يطلب عند نظرائه ماذهب عليه ، حتى يؤتى على جميع سنن رسول الله، بأبي هو و أمي ، فيتفرد جملة العلماء بجمعها ، و هم درجات فيما وعوا منها، و هكذا لسان العرب عند خاصتها و عامتها ... )) (1) .
فالسنة محفوظة إذن لا يعرض لها الضياع ، و لا يزاد فيها ، و لا ينقص منها ما دام في أهل الحق عين تطرف .
و أختم كلامي عن حفظ السنة بما يحسن أن يختم به مثل هذا الموضوع من كلام ابن حزم ، و هو قوله :
(( و الذكر محفوظ بنصّ القرآن . فصح بذلك أن كلامه - صلى الله عليه وسلم - كله محفوظ بحفظ الله عز و جل ، مضمون لنا أنه لا يضيع منه شيء إذ ما حفظه الله تعالى فهو باليقين لا سبيل إلى أن يضيع منه شيء ، فهو منقول إلينا كله ، فلله الحجة علينا أبداً ، قال تعالى : { و ما اختلفتم فيه من شيءٍ فحكمه إلى الله } [الشورى : 10] والله تعالى يردنا إلى كلام نبيه - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق لمسلم يقر بالتوحيد أن يرجع عند التنازع إلى غير القرآن و الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )) (2) .
المبحث الرابع
أقسام السنة
__________
(1) 2 ... الشافعي : الرسالة ، ص : 42 ـ 44 ، المسائل 138- 143 .
(2) 1 ... ابن حزم : الإحكام 1 / 96 - 97 .(2/30)
نظر العلماء إلى السنة حين عمدوا إلى ذكر أقسامها من زوايا مختلفة ، فقسمها بعضهم بحسب موقعها من كتاب الله ، و قسمها البعض الآخر حسب صدورها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و قسمها آخرون بحسب كيفية وصولها إلينا .
وفيما يلي أعرض بإيجاز لهذه التقسيمات :
المطلب الأول : السنة مع القرآن :
تأتي السنة مع القرآن الكريم على إحدى حالات ثلاث ، فإما أن تكون :
- مؤكدة لما جاء في القرآن الكريم ؛ كحد القذف و السرقة ، و إقامة الصلاة جملة و إيتاء الزكاة ، و حج البيت ، و أمور العقيدة و نحوها ، فالسنة جاءت في هذا كله مؤكدة على ما جاء في القرآن الكريم و في هذه الحالة يكون للحكم دليلان معتبران أحدهما من الكتاب و الآخر من السنة .
- أو مفصلة لما أجمل في القرآن ، و مفرعة عليه ، أو مقيدة لمطلقه ، أو
مخصصة لعامِّه كما هو الحال في حد الزنى المذكور في قوله تعالى : { الزانية
و الزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة و لا تأخذكم بهما رأفة في دين
الله إن كنتم تؤمنون بالله و اليوم الآخر } [ النور:2 ] ، فقد خَصَّصَت السنة عموم
اللفظ في قوله تعالى { الزانية و الزاني } بالحر غير المحصن (1) .
__________
(1) 1 ... وقع هذا التخصيص بأحاديث منها :
ما أخرجه البخاري ( 2724 ) في الشروط ، باب : الشروط التي لا تحل في الحدود ، و ( 2827 ) في الحدود باب : الاعتراف بالزنى و انظر أيضاَ ( 2695 و 6633 و 6842 و 7260 ) . و مسلم ( 1697 ) في الحدود ، باب : من اعترف على نفسه بالزنى ؛ من حديث أبي هريرة و زيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما ، أنهما قالا :
((
إن رجلاَ من الأعراب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : يا رسول الله ! أنشدك الله ، إلا قضيت لي بكتاب الله. فقال الخصم الآ خر ، و هو أفقه منه : نعم فاقض بيننا بكتاب الله ، و ائذن لي . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قل " . قال : إن ابني كان عسيفاَ على هذا ، فزنى بامرأته ، و إني أخبرت أنّ على ابني الرجم ، فافتديت منه بمئة شاة و وليدة . فسألت أهل العلم ، فأخبروني ؛ أنما على ابني جلد مائة و تغريب عام . و أنّ على امرأة هذا الرجم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
و الذي نفسي بيده ، لأقضين بينكما بكتاب الله . الوليدة والغنم رد ، و على ابنك جلد مئة ، و تغريب عام . و اغد يا أنيس إلى امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها .
قال : فغدا عليها . فاعترفت .فأمر بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرجمت )).
قال ابن كثير في " تفسيره " 3 / 225 : ( و في هذا دلالة على تغريب الزاني ، مع جلد مائة إذا كان بكراَ لم يتزوج ، فأما إذا كان محصناَ ، و هو الذي قد وطيء في نكاح صحيح ، و هو حر بالغ عاقل فإنه يرجم ) .(2/31)
- أو منشئة لحكم سكت عنه القرآن الكريم ، مستقلةً في إثباته و هذا كثير الوقوع في السنة ، و حكمه كحكم ما ورد في كتاب الله ؛من حيث وجوب العمل به ، و الانقياد له و مثاله : تحريم الحُمُر الأهلية ، و إثبات الخيارات في البيوع ، و تحريم الجمع بين المرأة و عمتها أو خالتها .
فينزل ما ورد في السنّة النبويّة من هذا القبيل منزلة ما ورد في القرآن الكريم في حجيته و دلالته .
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى :
(( و ما سنَّ رسول الله فيما ليس لله فيه حكم فبحكم الله سنّه ، و كذلك أخبرنا الله في قوله : { و إنك لتهتدي إلى صراط مستقيم ، صراط الله } [الشورى :52-53] وقد سن رسول الله مع كتاب الله ، و سن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب . وكل ماسن فقد ألزمنا الله اتباعه ، و جعل في اتباعه طاعته وفي العنود (1) عن اتباعه معصيته التي لم يعذر بها خلقاً ، و لم يجعل له من اتباع سنن رسول الله مخرجاً )) (2) .
ولا خلاف في وجوب طاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما سنه و شرعه ابتداءاً ؛ لكونه لا ينطق عن الهوى ، و كون من أطاعه فقد أطاع الله ؛ كما دلت عليه النصوص .
قال ابن القيم (3) رحمه الله :
((
__________
(1) 1 ... العنود ، هو : الميل والإعراض .
(2) 2 ... الشافعي : الرسالة ، ص : 88 ـ 89 ، المسائل 292-294 .
(3) 3 ... ابن القيم ، هو : محمد بن أبي بكر بن أيوب ، أبو عبد الله ، الزرعي ، المشهور بابن قيم الجوزية ، الدمشقي
( 691 – 751هـ / 1292 ـ1350 م ) الفقيه ، الأصولي ، المفسر ، النحوي ، محدث ، عابد ، ورع ، صاحب التصانيف البديعة ، في أنواع العلوم ، تلميذ شيخ الإسلام ابن تيمية .
انظر ترجمته في : ذيل طبقات الحنابلة 2 / 447 ، شذرات الذهب 8 / 287 ، بغية الوعاة 1 / 62 ، البدر الطالع 2/143 .(2/32)
فما كان منهما - أي من السنة - زائداً على القرآن فهو تشريع مبتدَأ من النبي - صلى الله عليه وسلم - تجب طاعته فيه ، و لا تحل معصيته )) (1) .
فطوبى لمن اعتصم بالسنة ، و سلك سبيلها { و من يطع الله و رسوله فقد فاز فوزاً عظيماً } [الأحزاب : 71] .
المطلب الثاني : أقسام السنة حسب صدورها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
تنقسم السنة حسب صدورها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ثلاثة أقسام هي :
? السنة القولية : و هي عبارة عن الأحاديث المحكية بالقول عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و
تُصدَّر بلفظ : قال رسول الله ، أو سمعته يقول ، أو حدثني ، أو أخبرني ،
أو ... (2)
والأمثلة في هذا الباب تغص بها كتب الصحاح و منها – مثلاً - :
قوله عليه الصلاة و السلام : (( أسلمت على ما أسلفت من خير )) . جواباً لقول حكيم بن حزام (3)
__________
(1) 4 ... أعلام الموقعين 4/289 .
(2) 1 ... راجع باقي ألفاظ الأحاديث القولية لدى الموفق في " الروضة " ص82-85 .
(3) 2 ... حكيم بن حزام - رضي الله عنه - ، هو : ابن خويلد ، أبو خالد القرشي ، الأسدي ، أسلم يوم الفتح ، و حسن إسلامه ، و غزا حنيناً و الطائف ، كان من أشراف قريش و عقلائها و نبلائها ، و كانت خديجة أم المؤمنين عمته ، و كان الزبير - رضي الله عنه - ابن عمه ، و له أربعة أولاد كلهم صحابيون : عبد الله ، و خالد ، ويحيى ، و هشام - رضي الله عنهم - . ولد قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة ، و توفي بالمدينة سنة أربع وخمسين هجرية ( 674 م ) عن مائة و عشرين سنة.
انظر ترجمته في : نسب قريش 231 ، جمهرة نسب قريش 121 ، الجرح و التعديل 3/202 ، أسد الغابة 2 / 40 سير أعلام النبلاء 3 / 44 - 51 ، الإصابة 2 / 32 .(2/33)
- رضي الله عنه - : يا رسول الله أرأيت أموراً كنت أتحنث بها في الجاهلية من صدقة أو عتاقة ، أو صلة رحم ، أفيها أجر ؟ (1) .
? السنة الفعلية : و يراد بها الأعمال التي أداها رسول الله و فعلها ، و هي
كثيرة متضافرة ، منها : فعله عليه الصلاة و السلام في صلاته كما تروي أم
المؤمنين عائشة (2) - رضي الله عنه - :
((
__________
(1) 3 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 1436 ) في الزكاة ، باب : من تصدق في الشرك ثمّ أسلم . و باقي أطرافه عنده في ( 2220 و 2538 و5992 ) ، و أخرجه مسلم ( 195 ) في الإيمان ، باب : بيان حكم عمل الكافر إذا أسلم بعده ، و أحمد 3 / 402 و 434 ، و الحميدي ( 554 ) ، و الحاكم 3 / 483 و 484 .
وسبب ورود هذا الحديث أن حكيم بن حزام - رضي الله عنه - سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال أرأيت أموراَ كنت اتحنث بها في الجاهلية ؛ من صدقة ، أو عتاقة ، أو صلة رحم ، أفيها أجر .
وفي رواية : ( أرأيت أشياء كنت أصنعها في الجاهلية ، كنت أتحنث بها ـ يعني : أتبرر بها ـ ) .
(2) 1 ... عائشة أم المؤمنين ، هي : بنت الصديق أبي بكر بن أبي قحافة ، القرشية ، التيمية ، رضي الله عنها ، زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - بكراً غيرها ، ولا أحب امرأة حبها ، وأفقه نساء الأمة على الإطلاق. توفيت سنة ( 57 هـ / 677 م ) ، و قيل : ( 58 هـ / 678 م ) .
انظر ترجمتها في : طبقات ابن سعد 8/85-81 ، حلية الأولياء 2/43 ، أسد الغابة 7/188 ، سير أعلام النبلاء 2/135 .(2/34)
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح الصلاة بالتكبير و القراءة بالحمد لله رب العالمين ، و كان إذا ركع لم يشخص رأسه ، و لم يصوبه ، و لكن بين ذلك ، و كان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً ، و كان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى يستوي جالساً ، و كان يقول في كل ركعتين التحية ، و كان يفرش رجله اليسرى ، و ينصب رجله اليمنى ، و كان ينهى عن عقبة الشيطان ، وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع ، و كان يختم الصلاة بالتسليم )) (1) .
? السنة التقريرية : و هي أن يرى النبي - صلى الله عليه وسلم - أمراً ؛ فعلاً كان أو قولاً فلا ينكره بل يسكت عنه أو يستحسنه و من أمثلة ما سكت عنه عليه الصلاة والسلام فكان بمثابة التقرير ما يلي :
- قول ابن عمر رضي الله عنهما : (( كنا نفاضل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنقول : أبو بكر (2) ،
__________
(1) 2 ... الحديث : أخرجه مسلم ( 498 ) في الصلاة ، باب : ما يجمع صفة الصلاة ، وما يفتتح به ، و أبو داود ( 783 ) في الصلاة ، باب : من لم ير الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وابن ماجه ( 869 ) في الإقامة ، باب : الركوع في الصلاة ، و أحمد 6/ 31 و 171 و 194 و281 ، و غيرهم .
(2) 1 ... أبو بكر - رضي الله عنه - ، هو : الصديق عبد الله بن عثمان : أبي قحافة ، القرشي التميمي ، خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و صاحبه في الغار ، وهو أفضل هذه الأمة بعد نبيها - صلى الله عليه وسلم - ، أول الناس إسلاماً ، هاجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وشهد معه بدرا ًوأحداً ، والمشاهد كلها ، ومناقبه وفضائله كثيرة جداً ، مدونة في كتب العلماء ، توفي في جمادي الأولى سنة ثلاث عشرة للهجرة ( 634 م ) .
انظر ترجمته في : فضائل الصحابة لأحمد 1 / 65 - 335 ، حلية الأولياء 1 / 28 - 38 ، أسد الغابة 3 / 205 وفيات الأعيان 3 / 64 - 71 ، تهذيب الكمال 15 / 282 ، وغيرها كثير .(2/35)
ثم عمر ، ثم عثمان (1) ، فيبلغ ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا ينكره )) (2) .
- عن ابن عباس (3) رضي الله عنهما قال : (( أُكل الضبّ على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و
__________
(1) 2 ... عثمان - رضي الله عنه - ، هو : ابن عفان ، أبو عبد الله الأموي ، القرشي ، ثالث الخلفاء ، وأحد العشرة المبشرين بالجنة ، أسلم في أول الإسلام ، وهاجر على الحبشة الهجرتين ، وتزوج بنتي الرسول - صلى الله عليه وسلم - رقية أولاً ، ثم لما توفيت زوجه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأم كلثوم ، استخلف في أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين هجرياَ ( 645م ) و قتل يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين ( 656 م ) ، و عمره اثنتان وثمانون سنة ، و قيل غير ذلك . و مناقبه كثيرة جمة .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 3 / 53 - 84 ، فضائل الصحابة لأحمد 1 / 448 - 527 ، الاستيعاب
3 / 1037 – 1053 ، أسد الغابة 3 / 376 . وغيرها كثير .
(2) 3 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 3655 ) في فضائل الصحابة ، باب : فضل أبي بكر - رضي الله عنه - بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و
( 3697 ) باب : مناقب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، و أبو داود ( 4627 و 4628 ) في السنة ، باب : في التفضيل ، و الترمذي (3707 ) في المناقب ، باب : مناقب عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، و أحمد 2 / 14 ، و غيرهم.
(3) 4 ... ابن عباس - رضي الله عنه - ، هو : عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، القرشي ، الهاشمي ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حبر الأمة وفقيه العصر ، وإمام التفسير ، ولد قبل الهجرة بثلاث سنوات ، ومات سنة 68 هـ/688 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 2 / 365 ، الحلية 1 / 314 ، تاريخ بغداد 1 / 173 ، أسد الغابة 3 / 290 سير أعلام النبلاء 3 / 331 .(2/36)
إنما تركه رسول الله تقذراً ، و لم ينكر على من أكله )) (1) .
- كما أقرّ عليه الصلاة و السلام عائشة على اللعب مع البنات (2) ،
وأقرّ المخابرة (3) ،
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 2575 ) في الهبة ، باب : قبول الهدية ، و انظر أطرافه في ( 5223 و 5263 و 5267 و 5389 و 5402 و 7358 ) ، و أخرجه مسلم ( 1947 ) في الصيد ، باب : إباحة الصيد ، و أبو داود ( 3793 ) في الأطعمة ، باب : في أكل الضب ، و النسائي ( 7 / 198 و 199 ) في الصيد ، باب : الضب ، و أحمد 1 / 255 و غيرهم .
(2) 2 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 6130 ) في الأدب ، باب : الانبساط إلى الناس ، و مسلم ( 2440 ) في فضائل الصحابة ، باب : في فضل عائشة رضي الله عنها ، و أبو داود ( 4931 و 4932 ) في الأدب ، باب : في اللعب بالبنات ، و النسائي 6 / 131 في النكاح ، باب : البناء بابنة تسع ، و ابن ماجه ( 1982 ) في النكاح باب : حسن معاشرة النساء ، وأحمد 6 / 57 و 166 و 234 ، وغيرهم .
ولفظ الحديث عند البخاري :
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : كنت ألعب بالبنات عند النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان لي صواحب يلعبن معي ، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل ينْقَمِعْن منه ، فيُسَرّبُهنّ إليّ يلعبن معي .
(3) 3 ... المخابرة : هي : المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما ، والخبرة : النصيب ، و قيل : أصل المخابرة من خيبر ، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقرها في أيدي أهلها على النصف من محصولها ، فقيل : خابرهم ، أي : عاملهم . انظر : النهاية لابن الأثير 2/7 ، ونزهة الخاطر لابن بدران 1/242 .
... و الحديث الذي فيه إقراره - صلى الله عليه وسلم - على المخابرة :
أخرجه البخاري ( 2328 ) في الحرث والمزارعة ، باب : المزارعة بالشطر و نحوه ، و ( 2329 ) باب : إذا لم يشترط السنين في المزارعة ، و ( 2331 ) باب : في المزارعة مع اليهود ، و مسلم ( 1551 ) في الشرب و المساقاة باب : المساقاة و المعاملة بجزء من الثمر و الزرع ، و أبو داود ( 3408 ) في البيوع و الإجارات ، باب : في المساقاة ، و الترمذي ( 1383 ) في الأحكام ، باب : ما ذكر في المزارعة ، و النسائي 7 / 53 في المزارعة ، باب : اختلاف الألفاظ المأثورة في المزارعة ؛ من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - ، و فيه : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع .
قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 5 / 13 :
(هذا الحديث هو عمدة من أجاز المزارعة و المخابرة لتقرير النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك ، و استمراره على عهد أبي بكر - رضي الله عنه - ، إلى أن أجلاهم عمر - رضي الله عنه - ).(2/37)
وأقرّ الحبشة على لعبهم بالحراب في
المسجد (1) ، و نحو هذا كثير .
وأما النوع الثاني من الإقرار فيكون بإظهار استحسانه ، كما في :
حديث أبي سعيد الخدري (2) - رضي الله عنه - أنه (( خرج رجلان في سفر ، و ليس معهما ماء ، فحضرت الصلاة فتيمما صعيداً طيباً ، فصليا ، ثم وجدا الماء في الوقت ، فأعاد أحدهما الصلاة و الوضوء و لم يعد الآخر ، ثم أتيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد : ( أصبت السنة ) ، و قال للآخر : ( لك الأجر مرتين) )) (3) .
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 2901 ) في الجهاد ، باب : اللهو بالحراب و غيرها ، و مسلم ( 893 ) في العيدين باب : الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه في أيام العيد ، و النسائي 3 / 196 في العيدين، باب اللعب في المسجد يوم العيد و نظر النساء إلى ذلك ، و أحمد 2 / 540 ؛ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
و أخرجه البخاري ( 949 و 950 ) في العيدين ، باب : الحراب و الدرق يوم العيد ، و ( 2906 و 2907 ) في الجهاد ، باب الدرق ، و ( 5229 ) في النكاح ، باب : نظر المرأة إلى الحبش و نحوهم من غير ريبة ، و مسلم
( 892 ) في العيدين أيضاَ ، و النسائي 3 / 195 ـ 196 في العيدين أيضاَ ؛ من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها .
(2) 2 ... أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، هو : سعد بن مالك بن سنان ، الأنصاري ، الخزرجي ، استشهد أبوه - رضي الله عنه - يوم أحد ، وشهد أبو سعيد الخندق ، وبيعة الرضوان ، حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكثر ، و كان أحد الفقهاء المجتهدين . مات سنة 74 هـ / 693 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 1 / 180 ، أسد الغابة 2 / 289 و 5 / 211 ، تذكرة الحفاظ 1 / 41 سير أعلام النبلاء 3 / 168 .
(3) 3 ... جاله ثقات ، إلا أنه معلول بالإرسال ؛ لكن رجح ابن القطان وصله :
... أخرجه أبوداود ( 338 ) في الطهارة ، باب : المتيمم يجد الماء بعدما يصلي في الوقت ، و النسائي 1 / 213 في الغسل ، باب : التيمم لمن لم يجد الماء بعد الصلاة ، و الدارمي ( 744 ) في الطهارة ، باب : التيمم ، و الطبراني في " الأوسط " ( 1842 و 7922 ) ، و الدارقطني في " السنن " 1 / 231 ، و الحاكم في " المستدرك " 1 / 178 ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 1 / 231 ؛ من طرق عن عبد الله بن نافع ، عن الليث بن سعد ، عن بكر بن سوادة ، عن عطاء بن يسار ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - به . =
= ... قال الحاكم : ( صحيح على شرط الشيخين ) . قلت : و فيه نظرلما سيأتي . و ذكر الطبراني ، والدارقطني تفرد عبد الله بن نافع به عن الليث بهذا الإسناد موصولا .
و قال موسى بن هارون الحافظ : ( رفعه وهم من ابن نافع ) .
قلت : و عبد الله بن نافع وثقه ابن معين و غيره ؛ لكن قال أحمد : ( لم يكن في الحديث بذاك ) . و قال أبو حاتم : ( ليس بالحافظ هو لين في حفظه و كتابه أصح ) . انظر : تهذيب الكمال 22 / 399 .
وقال أبو داود : ( و غير ابن نافع يرويه عن الليث ، عن عميرة بن أبي ناجية ، عن بكر بن سوادة ، عن عطاء بن يسار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ـ و ذكر أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في هذا الحديث ليس بمحفوظ ، وهو مرسل ) .
قلت : و ممن خالف ابن نافع فأرسله على الوجه الذي ذكره أبو داود آنفاً : عبدالله بن المبارك .
أخرجه الدارقطني في " السنن " 1 / 189 .
و أرسله أيضاً ابن لهيعة إلا أنه زاد راوياً بين بكر بن سوادة ، و عطاء :
أخرجه أبو داود ( 339 ) ، ومن طريقه البيهقي 1 / 231 : عن عبد الله بن مسلمة ، عن ابن لهيعة ، عن بكر بن سوادة ، أبي عبد الله مولى إسماعيل بن عبيد ، عن عطاء بن يسار مرسلا .
لكن تابع ابن نافع على وصله الثقة الحافظ أبو الوليد الطيالسي :
رواه أبو علي بن السكن : قال :حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي ، ثنا عباس بن محمد ، ثنا أبو الوليد الطيالسي ، ثنا الليث بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، و عميرة بن أبي ناجية ، عن بكر بن سوادة ، عن عطاء ، عن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن رجلين _ فذكره .
أورده ابن القطان في كتابه " الوهم والإيهام " ( 2 / 434 ) و قال : ( فهذا اتصال ما بين الليث و بكر بعمرو بن الحارث ، وهو : ثقة ، قرنه بعميرة ، ووصله بذكر أبي سعيد - رضي الله عنه - ) .
قلت : و رجاله ثقات أعلام سوى أبا بكر الواسطي ، لم أقف على ترجمته ، و أخشى أن يكون وهم في إسناده ، لاستبعاد أن يفوت هؤلاء الحفاظ : أبو داود ، و موسى بن هارون ، و الطبراني ، و الدارقطني هذا الإسناد إن كان محفوظا . و الله أعلم .(2/38)
فكان قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا إقراراً لكل من الصاحبين على ما فعل و استحساناً لاجتهادهما رضي الله عنهما و أرضاهما .
و قس على ذلك أيضاً إقراره لاجتهاد أصحابه في تحديد وقت صلاة العصر في غزوة بني قريظة حين قال لهم: ((لا يصلينّ أحد العصر إلا في بني قريظة)) (1) .
ففهم بعضهم هذا النهي على ظاهره فأخر صلاة العصر إلى ما بعد مغيب الشمس ، وفهم البعض الآخر النهي على أنه لحث الصحابة على الإسراع فصلاها في وقتها ، ثمّ واصل المسير ، و بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فعل الفريقان فأقرهما جميعاً ، ولم ينكر على أحد .
و خلاصة ما يمكن قوله في هذا الباب أن إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - سنّة كالقول و الفعل تماماً ، والله أعلم و أحكم .
المطلب الثالث : السنة من حيث وصولها إلينا
تنقسم السنة من حيث وصولها إلينا إلى : مُتواترة ، وآحاد :
أولاً : السنة المتواترة :
ومعنى المتواترة في اللغة : المتتابعة ، ولا تكون بين الأشياء إلا إذا وقعت بينهما فترة ، وإلا فهي مُداركة ومُواصلة (2) .
وفي الاصطلاح : قال الخطيب البغدادي (3) : ((
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 946 ) في صلاة الخوف ، باب : صلاة الطالب و المطلوب ، و( 3810 ) في المغازي باب : مرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحزاب و مخرجه إلى بني قريظة و محاصرته إياهم ، و مسلم ( 1771 ) في الجهاد و السير ، باب : المبادرة بالغزو ، و تقديم أهم الأمرين المتعارضين ؛ من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - .
(2) ... مختار الصحاح ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مادة ( وتر ) ص 295 .
(3) ... الخطيب البغدادي ، هو : أحمد بن علي بن ثابت ، أبو بكر العلامة الحافظ الناقد ، ولد سنة 392 هـ / 1002 م بقرية درزيجان من قرى العراق ، ونشأ ببغداد ، ورحل في سماع الحديث والأخبار ، وجمع وصنف وصحح ، وعلل وجرح ، وعدل وأرخ ، وصار أحفظ أهل عصره على الإطلاق . توفي سنة 463 هـ / 1071 م ببغداد .
انظر ترجمته في : المنتظم 8 / 265 - 270 ، معجم الأدباء 4 / 13 - 45 ، وفيات الأعيان 1 / 92 - 93 ، سير أعلام النبلاء 18 / 270 - 297 ، تذكرة الحفاظ 3 / 1135 - 1146 .(2/39)
خبر التواتر (1) هو ما يخبر به القوم الذين يبلغ عددهم حدّاً يُعلم عند مشاهديهم بمُسْتقر العادة أنّ اتّفاق الكذب منهم محال (2) وأن التواطؤ منهم في مقدار الوقت الذي انتشر الخبر عنهم فيه متعذّر، وأن ما أخبروا عنه لا يجوز دخول اللبس والشبهة في مثله ، وأن أسباب القهر والغلبة والأمور الداعية إلى الكذب منتفية عنهم )) (3) .
وقال ابن جماعة (4) : (( شروط المتواتر ثلاثة : تعدّد المُخبرين تعدّداً يستحيل معه التواطؤ على الكذب ، واستنادهم إلى الحسِّ (5) ، واستواء الطرفين والوسط على أصله (6) . وشَرَطَ قومٌ فيه شروطاً أُخر كلها كمال ، والصحيح أنه لا يشترط في المتواتر سوى الثلاثة المذكورة )) (7) .
__________
(1) ... الخبر هنا يشمل السنة ؛ لأنه أعمّ منها .
(2) ... قال الأصطخري : ( أقله عشرة ) . قال السيوطي : ( وهو المختار لأنه أول جموع الكثرة ) .
انظر : تدريب الراوي 2 / 177 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : ( والصحيح الذي عليه الجمهور أن التواتر ليس له عدد محصور ) . واستدل على ذلك فأجاد . انظر : مجموع الفتاوى 18 / 50 .
(3) ... الخطيب البغدادي : الكفاية ، ص : 50 ، وهو أقدم ما وقفت عليه في تعريف المتواتر ، لذا أوردته .
(4) ... ابن جماعة ، هو : بدر الدين محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة ، الكناني ، القاضي ، الشافعي ، شيخ الإسلام الخطيب المفسر ، له تعاليق في الفقه ، والحديث ، و الأصول ، و التواريخ ، مع دين وتعبد توفي سنة 733 هـ / 1333 م بمصر .
انظر ترجمته في : المعجم المختص ، ص : 209 ، و معجم الشيوخ 2 / 130 و كلاهما للذهبي ، و الطبقات الكبرى للسبكي 9 / 139 - 146 ، شذرات الذهب 8 / 184 .
(5) ... أي من مشاهدة و سماع ، لا عن نظر واجتهاد ، كقولهم : سمعنا أو رأينا .
(6) ... أي : أن توجد هذه الكثرة من المخبرين في جميع طبقات السند .
(7) ... المنهل الروي في علوم الحديث النبوي ، لبدر الدين ابن جماعة ، ص : 31 .(2/40)
والخبر المتواتر يفيد ، ويحصل به العلم الضروري ، وهو الذي يضطر الإنسان إليه بحيث لا يمكنه دفعه .
ولا يخفى أن المتواتر ليس من مباحث علم الإسناد ، إذ علم الإسناد ما يبحث فيه عن صحة الحديث أو ضعفه ليعمل به ، أو يترك من حيث صفات الرجال ، وصيغ الأداء وغيرها ، والمتواتر لا يبحث عن رجاله ، بل يجب العمل به من غير بحث (1) .
? والمتواتر ضربان : لفظي ، ومعنوي .
فأما المتواتر اللفظي ، فهو : ما تواتر لفظه .
ومثاله قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( من كذب علي متعمداً فليتبؤ مقعده من النار )) (2) . قال ابن الصلاح (3) : رواه اثنان وستون من الصحابة (4) .
__________
(1) ... انظر : إسبال المطر على قصب السكر نظم نخبة الفكر ، لمحمد بن إسماعيل الصنعاني ، ص : 13 .
(2) ... الحديث : أخرجه البخاري ( 110 ) في العلم ، باب : إثم من كذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و ( 6197 ) في الأدب باب : من سمى بأسماء الأنبياء . و مسلم ( 3 ) في المقدمة ، باب : تغليظ الكذب على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
و الحديث عندهما أيضاً من حديث علي بن أبي طالب ، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم أجمعين .
(3) ... ابن الصلاح ، هو : عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان ، أبو عمرو ، الكردي الموصلي الشافعي الحافظ . قال الذهبي : كان متين الديانة ، سلفي الجملة ، صحيح النحلة ، كافاً عن الخوض في مزلات الأقدام . توفي سنة 643 هـ / 1246 م بدمشق . انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 2 / 243 ، سير أعلام النبلاء 23 / 140 ، البداية والنهاية 13 / 168 - 169 ، النجوم الزاهرة 6 / 354 .
(4) ... علوم الحديث ، لابن الصلاح ، ص : 75 .(2/41)
وحديث : (( نضر الله امرأً سمع منَّا شيئاً ، فبلغه كما سمعه ، فربّ مبلغٍ أَوْعى من سامع )) (1) . جاء من رواية نحو ثلاثين صحابياً . (2)
والنوع الثاني من المتواتر ، هو : التواتر المعنوي ، وهو أن ينقل جماعة يستحيل تواطؤهم على الكذب وقائع مختلفة تشترك في أمر ، يتواتر ذلك القدر المشترك (3) .
وأمثلة هذا النوع بالنسبة لما قبله كثيرة ، منها ما روي من عدد الصلوات وركعاتها ، وأركانها ، وترتيبها ، وفرض الزكاة ، والصوم ، والحج ، وما روي من خروج النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة ، ووفاته بها ، ودفنه فيها ، ومسجده ، وقبره ، وما روي من تعظيمه الصحابة ، وموالاتهم له ، ومباينته لأبي جهل وسائر المشركين ، وتعظيمه القرآن ، وتحديهم به ، واحتجاجه بنزوله (4) .
ثانياً : الآحاد :
والآحاد في اللغة ، جمع أحد (5) . ويسمى أيضاً بخبر الواحد وهو : ما يرويه واحد .
وفي الاصطلاح : ما لم يجمع شروط المتواتر ، وإن رواه أكثر من واحد (6) . وقيل : هو ما يفيد الظن (7) .
وخبر الآحاد ينقسم إلى مشهور ، وعزيز ، وغريب .
فالمشهور : ماله طرق محصورة بأكثر من اثنين ، ولم يبلغ حد التواتر . سمي بذلك لوضوحه .
__________
(1) ... تقدم تخريجه ، ص : 43 .
(2) ... و قد صنف في المتواتر اللفظي جلال الدين السيوطي كتابه : ( الأزهار المتناثرة في الأخبار المتواترة ) . و رتبه على الأبواب . و استدرك عليه محمد بن جعفر الكتاني في كتابه : ( نظم المتناثر من الحديث المتواتر ) و هما مطبوعان .
(3) ... انظر : تدريب الراوي ، لجلال الدين السيوطي : 2 / 180 .
(4) ... انظر : الفقيه و المتفقه ، للخطيب البغدادي : 1 / 95 .
(5) ... لسان العرب ، لابن منظور : 3 / 448 .
(6) ... إسبال المطر ، للصنعاني ، ص : 18 .
(7) ... قاله ابن جماعة في المنهل الروي ، ص : 32 . ومرضه للاختلاف فيه .
و انظر : مجموع الفتاوى لابن تيمية 18 / 50 - 51 ، و الباعث الحثيث ، ص : 30 .(2/42)
وسماه جماعة من الفقهاء المستفيض ؛ لانتشاره . من فاض الماء يفيض فيضاً .
ومنهم من غاير بينهما بأن المستفيض يكون في ابتدائه وانتهائه سواء ، والمشهور أعم من ذلك ، ومنهم من عكس (1) .
وقد يراد بالمشهور ما اشتهر على الألسنة ، وهذا يطلق على ماله إسناد واحد فصاعداً بل ما لا يوجد له إسناد أصلاً ، بل قد يشتهر على الألسنة وهو
موضوع (2) .
- أما العزيز فهو ما انفرد بروايته اثنان أو ثلاثة . قاله ابن الصلاح وغيره (3) .
وخص الحافظ ابن حجر (4) الاثنين بالعزيز ، والثلاثة فما فوقها بالمشهور .
وسمي بذلك إما لقلة وجوده وندرته ، وإما لكونه عزَّ ، أي قوي بمجيئه من طريق أخرى (5) .
ومَثَّل له الحافظ ابن حجر (6) بما رواه الشيخان من حديث أنس - رضي الله عنه - (7) ،
__________
(1) ... انظر : نزهة النظر ، للحافظ ابن حجر ، ص : 13 .
(2) ... انظر : تدريب الراوي ، للسيوطي : 2 / 173 .
(3) ... انظر : علوم الحديث ، لابن الصلاح ، ص : 77 . و السيوطي : تدريب الراوي 2 / 181 .
(4) ... الحافظ ابن حجر ، هو : أحمد بن علي بن محمد ، أبو الفضل الكناني ، العسقلاني ، المصري ، القاهري ، الشافعي علامة محدث ، فقيه مؤرخ ، مفسر ، علم من الأعلام ، له المصنفات المفيدة البديعة المتداولة في أنواع الفنون . توفي سنة 852 هـ / 1449 م .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 2 / 36 - 40 ، طبقات الحفاظ ، ص : 547 ، الذيل على رفع الإصر ، ص : 75 - 79 ، حسن المحاضرة 1 / 363 ، معجم الشيوخ لابن فهد ، ص :70 ، شذرات الذهب 9 / 395، النجوم الزاهرة 15 / 532 .
(5) ... انظر : تدريب الراوي للسيوطي 2 / 181 .
(6) ... انظر : نزهة النظر ، ص : 15 .
(7) ... أنس - رضي الله عنه - ، هو : ابن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي ، خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، خدمه عشر سنين ، و هو آخر الصحابة موتاً ، توفي سنة 92 هـ / 711 م ، و قيل : 93 هـ / 712 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 17 ، سير أعلام النبلاء 3 / 395 ، أسد الغابة 1 / 151 .(2/43)
والبخاري من حديث أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده ، وولده ، والناس أجمعين )) (1) . قال ابن حجر : رواه عن أنس : قتادة (2) ، و عبد العزيز بن صهيب (3) . و رواه عن قتادة : شعبة (4) و سعيد (5) .
__________
(1) ... الحديث :أخرجه البخاري ( 15 ) في الإيمان ، باب : حب الرسول من الإيمان ، و مسلم ( 44 و 45 ) في الإيمان باب : و جوب محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
و البخاري ( 14 ) أيضاً من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) ... قتادة ، هو : ابن دعامة السدوسي ، أبو الخطاب ، البصري ، الضرير ، تابعي ثقة ثبت ، إمام التفسير و الحديث كان من أوعية العلم ، و ممن يضرب به المثل في قوة الحفظ ، مات سنة بضع عشرة ومئة هجرية / سبع مئة وبضع وثلاثين ميلاديه .
انظرترجمته في : سير أعلام النبلاء 5 / 269 ، تذكرة الحفاظ 1 / 122 ، التقريب ترجمة ( 5518 ) .
(3) ... عبد العزيز بن صهيب ، هو : البناني ، البصري ، الأعمى ، الحافظ الثقة ، من صغار التابعين ، مات سنة 30 هـ / 651 م .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 6 / 103 ، التقريب ترجمة ( 4102 ) .
(4) ... شعبة ، هو : ابن الحجاج الواسطي ثم البصري ، إمام حافظ ، ثقة متقن ، أمير المؤمنين في الحديث ، و هو أول من فتش بالعراق عن الرجال ، و ذب عن السنة ، و كان عابداً ، مات سنة 160 هـ / 777 م . انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 9 / 255 ، سير أعلام النبلاء 7 / 202 ، التقريب ترجمة ( 2790 ) .
(5) ... سعيد ، هو : ابن أبي عروبة ، أبو النضر البصري ، ثقة حافظ ، له تصانيف ، كثير التدليس ، و اختلط ، و كان من أثبت الناس في قتادة . مات سنة 56 هـ / 676 م ، و قيل : 57 هـ / 677 م .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 6 / 413 ، التقريب ترجمة ( 2365 ) .(2/44)
و رواه عن عبد العزيز : إسماعيل بن علية (1) و عبد الوارث (2) . و رواه عن كلٍ جماعة .
قلت : و الرسم التالي يوضح ذلك :
عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
أبو هريرة - رضي الله عنه - ... أنس بن مالك - رضي الله عنه -
قتادة ... عبد العزيز بن صهيب
شعبة ... سعيد ... إسماعيل بن علية ... عبد الوارث
- أما الغريب : فهو ما انفرد راوٍ بروايته ، أو بزيادة في متنه أو في إسناده (3) .
و قد يكون ذلك الراوي المتفرد ثقة ، وقد يكون ضعيفاً ، ولكلٍ حكمه (4) .
و المحدثون يقسمونه بحسب موضع التفرد (5) : فإن كان في أصل السند – أي طرفه الذي فيه الصحابي من أول التابعي – فهو الفرد أو الغريب المطلق .
وإن كان التفرد فيما دون ذلك فهو الفرد النسبي . لكون التفرد حصل بالنسبة إلى شخص معين ، وإن كان الحديث في نفسه مشهوراً .
__________
(1) ... إسماعيل بن علية ، هو : إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم الأسدي مولاهم ، أبو بشر البصري ، المعروف بابن عليِّة ثقة حافظ ، مات سنة 193 هـ / 809 م ، و هو ابن ثلاث وثمانين .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 9 / 107 ، التقريب ترجمة ( 416 ) .
(2) ... عبد الوارث ، هو : ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم ، أبو عبيدة التنوري ، البصري ، ثقة ثبت . مات سنة ثمانين و مئة هجريا / 796 م .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 8 / 300 ، التقريب ترجمة ( 4251 ) .
(3) ... انظر : مبحث الغريب من كتب المصطلح .
(4) ... انظر : : مختصر علوم الحديث ، لابن كثير ، مع شرحه الباعث الحثيث ، ص : 141 .
(5) ... انظر : علوم الحديث ، لابن الصلاح ، ص : 80 .(2/45)
ومثال الفرد المطلق الذي صح إسناده : ما رواه ضمرة بن سعيد (1) ، عن عبيد الله بن عبد الله (2) ، عن أبي واقد الليثي - رضي الله عنه - (3) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في الأضحى والفطر بقاف واقتربت الساعة (4) .
حيث لم يروه أحد من الثقات إلا ضمرة بن سعيد (5) .
ومثال الفرد النسبي : ما رواه عبد الواحد بن أيمن (6) ،
__________
(1) ... ضمرة بن سعيد ، هو : الأنصاري ، المدني ، تابعي ثقة . انظر : التقريب ترجمة ( 2989 ) .
(2) ... عبيد الله بن عبد الله ، هو : ابن عتبة بن مسعود ، أبو عبد الله المدني ، أحد الفقهاء السبعة ، ثقة ثبت ، كثير الحديث و العلم بالشعر . مات سنة 94 هـ / 713 م و قيل غير ذلك .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 3 / 115 ، سير أعلام النبلاء 4 / 475 ، التقريب ترجمة ( 4309 ) .
(3) ... أبو و اقد الليثي - رضي الله عنه - ، سماه البخاري وغيره : الحارث بن عوف ، صحابي ، عداده في أهل المدينة . مات سنة 68 هـ / 688 م .
انظر ترجمته في : التاريخ الكبير للبخاري 2/ 58 ، سير أعلام النبلاء 3 / 574 ، أسد الغابة 6 / 325
(4) ... الحديث : أخرجه مسلم ( 891 ) في العيدين ، باب : ما يقرأ به في صلاة العيدين ، والترمذي ( 534 ) في الصلاة ، باب : ما جاء في القراءة في العيدين ، و أبو داود ( 1154 ) في الصلاة ، باب : ما يقرأ في الأضحى و الفطر ، و النسائي 3 / 183 - 184 في العيدين ، باب : القراءة في العيدين بـ ( ق ) و ( اقتربت ) ، و ابن ماجه ( 1282 ) في إقامة الصلاة ، باب : ما جاء في القراءة في صلاة العيدين .
(5) ... قاله العراقي ، وبقية كلامه : ( وله طريق أخرى من حديث عائشة رضي الله عنها سندها ضعيف ) . انظر : النكت على كتاب ابن الصلاح ، لابن حجر 2 / 704 .
(6) ... عبد الواحد بن أيمن ، هو : أبو القاسم ، المخزومي مولاهم ، المكي ، ثقة ، من أتباع التابعين .
انظر : تهذيب الكمال 18 / 446 .(2/46)
عن أبيه (1) ،
عن جابر - رضي الله عنه - (2) في قصة الكدية (3) التي عرضت لهم يوم الخندق .
أخرجه البخاري (4) ، وقد تفرد به عبد الواحد ، عن أبيه . وقد روي من غير حديث جابر - رضي الله عنه - .
( وخبر الآحاد بأنواعه الثلاثة يوجب العمل به بشروطه من العدالة وغيرها ، وذلك لإجماع الصحابة على العمل بأخبار الآحاد ، وشيوع ذلك بينهم من غير نكير .
قال الخطيب البغدادي : (( روى جماعة كثيرون من عمل الصحابة بخبر الواحد، والأحكام المختلفة ، والأحاديث المتغايرة ، ولكن جميعها يتضمن العمل بخبر الواحد العدل (5) ) .
ولا أدلّ على ذلك من فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بإرساله الآحاد إلى الملوك وغيرهم ، يدعوهم إلى الإيمان ، ويعلمونهم الشرائع ، يعرف ذلك يقيناً ، من عرف السنن النبوية والسير
__________
(1) ... عن أبيه ، هو : أيمن بن نابل ، أبو عمران الحبشي المكي ، ثقة ، من صغار التابعين ، كان من العباد الأخيار . انظر : سير أعلام النبلاء 6 / 309 ، التقريب ترجمة ( 598 ) .
(2) ... جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - ، هو : ابن عمرو بن حرام الأنصاري الخزرجي السلمي ، المدني ، الحافظ ، الفقيه ، صحابي بن صحابي ، من أهل بيعة الرضوان ، و آخر من شهد ليلة العقبة موتاً ، روى علماً كثيراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكبار الصحابة ، و كان مفتي المدينة في زمانه ، غزا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة . مات بالمدينة سنة 78 هـ / 697 م ، و هو ابن أربع و تسعين سنة .
انظر ترجمته في : أسد الغابة 1 / 256 ، تهذيب الأسماء واللغات 1 / 142 ، تذكرة الحفاظ 1 / 40 ، سير أعلام النبلاء 3 / 189 .
(3) ... الكدية : قطعة غليظة صلبة لا تعمل فيها الفأس . انظر : النهاية في غريب الحديث 4 / 156 .
(4) ... في المغازي ( 4101 ) باب : غزوة الخندق .
(5) ... الفقيه و المتفقه 1 / 95 .(2/47)
المحمدية ، وكانت تقوم بذلك الحجة على المرسل إليه ، ويقبل - صلى الله عليه وسلم - خبر المرسل الأحاد بأخبارهم ، بإسلام من أسلم ، وامتناع من امتنع ، ويرتب - صلى الله عليه وسلم - على ذلك الأحكام الشرعية في الفريقين ، ولم يقل أحد ممن أرسل إليه - صلى الله عليه وسلم - الآحاد : هذا خبر واحد لا يجب العمل به .
يضاف إلى ذلك تقريره - صلى الله عليه وسلم - المسلمين على قبولها والعمل بها ، فلا يشك عارف أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعلم عمل أصحابه بأخبار الآحاد في عدة قضايا لا تنحصر ، ولم ينكر عليهم ، بل يقرهم على ذلك (1) .
وفي تثبيت و حجية خبر الواحد الذي صح إسناده أحاديثٌ ، مرَّ منها طرف تحت المبحث الثاني من هذا الفصل : حجية السنة .
الفصل الثاني
البوسنة و الهرسك
دراسة عامَّة
المبحث الأول
نبذة جغرافية عن البوسنة و الهرسك
تتكوَّن بلاد البوسنة و الهرسك - كما يظهر من اسمها الثُنائي - من إقليمَي
( البوسنة ) في الشمال و ( الهرسك ) في الجنوب ، و هذان الإقليمان المتجاوِران المتكاملان ، كثيراً ما كانا يتَّحِدان و يتكاملان ، أو ينفصلان و يتناحران ، تَبعاً لأهواء السَّاسة المُتربِّعين على عرش كُلٍ منهما ، خلال الحُقَب المُتعاقبة .
و فيما يلي تعريفٌ موجز بكلا الإقليمين :
? أوَّلاً : إقليم البوسنة : و هو عبارة عن بلاد واسعة تقع في الشمال الغربيِّ من شبه جزيرة البلقان (2)
__________
(1) ... انظر : الشافعي في الرسالة ص 410 رقم ( 1125 ) وما بعده . و الخطيب البغدادي في الفقيه و المتفقه1 / 99 .
(2) 1 ... البلقان : Balkan : شبه جزيرة جبلية ، جنوبي شرق أوربا ، يدخل فيها ألبانيا ، اليونان ، جنوب شرق رومانيا ، بلغاريا ، تركيا الأوربية ، ومعظم يوغسلافيا سابقاً .
... انظر : الموسوعة العربية الميسرة لأشرف غربال ، ص : 399 – 400 .(2/48)
في أوروبَّا الشرقيَّة ، و يحدُّه من الشمال نهر صاوة (Sava) و من الشرق نهر درايينا ، ومن الغرب بلاد دلماسيا (Dalmacija) ، ومن الجنوب إقليم الهرسك (1) .
و قد اكتسبت البوسنة اسمها هذا - على الراجح - من أحد أشهر أنهار يوغسلافيا ، و هو نهر البوسنة ( Bosna Rijeka ) ، الذي ينبع من سفح جبل إغْمِن
( Igman ) الواقع جنوب البوسنة و يمتد في أنحاء البلاد مروراً بثلاثةٍ من كبريات مدن البوسنة هي : سراييفو ( Sarajevo ) و زينتسا ( Zenica ) و دوبوي
( Doboj ) بطوله البالغ ( 303 ) كيلو متراً ، أي ( 188 ) ميلاً (2) و تتفرَّع منه فروعٌ كثيرة يبلغ طولها نحو (10480 ) كيلو متراً ، أي ( 6513 م ) تُغذِّي مُختلف أنحاء البوسنة و تصُبُّ في نهر صاوة شمال البوسنة و ربّما كانت تسمية نهر البوسنة هذه مُقتبسةٌ من الكلمة الإيليريّة ( بوسينوس ) أو من كلمة ( بوس ) التي تعني الماء الجاري (3) .
و قد ذهب بعضُ المُؤرِّخين إلى أنَّ القبائل السلافية المهاجرة من القوقاز إلى البلقان ، جلبت هذا الاسم معها و أطلقته على الإقليم بعد أن استوطنته ، وبموجِب هذا الرأي يكون اسماً طارئاً على البوسنة ، ورد عليها من خارجها .
بينما يرى آخرون أنَّه اسمٌ مُشتقٌ من كلمة ( باساتي ) القديمة ، أو كلمة
( باز ) التي تعني المِلح ، إذ تشتهر به بعض مناطق البوسنة مثل توزلا
(
__________
(1) ... انظر : مُحمَّد بن مُحمَّد الخانجي : الجوهر الأسنى في تراجم علماء و شعراء بوسنة ، بتحقيق الدكتور عبد الفتاح مُحمَّد الحلو ، ص : 10 .
(2) ... انظر : وكالة الأنباء الإسلاميَّة : البوسنة و الهرسك ، قصَّة شعب مسلم ، ص : 142143.
(3) ... انظر : الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة00 دراسةً ، ص : 11 .(2/49)
Tuzla) حتى إن عوائد الآبار المالحة فيها كانت إحدى الموارد الاقتصادية الهامة في البلاد ، و كان ينفق منها على المؤسسات التعليمية ( المدارس و الكتاتيب والمدارس ) بتوزلا العليا و الدنيا ، حتى سقوط البوسنة تحت الاحتلال النمساوي المجري سنة 1295هـ / 1878م (1) .
و استعمِل اسم البوسنة للدلالة على كيانٍ جُغرافي و سياسي مُستقِل منذ القرن الرابع للهجرة / العاشر للميلاد ، حين كانت المنطقة – كسائر مناطق البلقان – مرتعاً خِصباً للإقطاع .
و أقدم استعمال موثق لهذه التسمية ورد في كتاب الإمبراطورالبيزنطي (2) قسطنطين بورفيروجينيتس ( إدارة الإمبراطوريَّة ) الذي كتبه عام 346 هـ / 958 م في إشارةٍ إلى المنطقة الواقعة حول مجرَيَي نهر البوسنة الأعلى و الأوسط ، والتي لم تكن تشمل سوى مدينتين فقط هما : كاتيرا ( Katera ) ، و ديسنيك (Destinikon ) .
__________
(1) ... انظر : مجلَّة البِلاد اللُّبنانيَّة ، ص : 128 .
... و : إدريس عبد الله الدريس : مُدُنٌ تقطر دماً ، ص : 143 .
و : الجوهر الأسنى ، اللشيخ محمد الخانجي : الجوهر الأسنى ، ) ، ص : 51 .
و : محمد صالح سباهيتش : توزلا بين الماضي و الحاضر ، ص : 250 .
(2) ... البيزنطي : نسبة إلى بيزنطة ، و هي معروفة في التاريخ ببلاد الروم ، تُطل على البحر المتوسط ، و منها استمدت الدولة البيزنطية اسمها ، و كانت الامبراطورية البيزنطية تمتد من البحر المتوسط ( و الذي كان يُعرف ببحر الروم ) إلى البحر الأسود و بحر إيجة ، و تضم أراضيها الشام و مصر و شمال إفريقية حتى شبه جزيرة إيبيريا ، و قد سقطت بيزنطة عقب فتح المسلمين لبلاد الشام في خلافة عمر الفاروق رضي الله عنه0محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا - الجزء 12 من القاموس الإسلامي للناشئين - ) ص : 88--89 .(2/50)
إلا أنَّ حدود البوسنة توسعت مع الزمن لتشمل منطقة أوسع بكثير بعد أن أصبحت دولةً مُستقلَّة (1) ، و بلغت أوج اتساعها في ظل الفتح الإسلامي ، على حساب البلاد المجاورة ، مثل كرواتيا ( Hrvatska ) ، و دالماسيا ، حتى ارتقت من درجة سنجق ( لِواء ) إلى درجة باشا عام 987 هـ / 1580 م أيام واليها العثماني بكلربيك ، حيث أضيف إلى البوسنة في عهده ستة ألوية ( سناجق ) أخرى ، و في عام 991 هـ / 1583 م أصبح يحكم البوسنة الباشوات , أوَّلهم فرهد باشا صوقولوفيتش ، و هو من أصل صربي (2) .
و على الرغم من اتساع رقعة البوسنة في هذه الفترة لم تستقر حدودها على حال ، بسبب ما كانت تتعرض له من اعتداءات و حروب يشنُّها بين الفينة والفينة أعداء الدولة العثمانية في المنطقة ، و لاسيما المجر ، و النمسا ، والبندقيَّة ( Venecia ) ، علاوة على ما كان يجتاحها من الفتن و النزاعات الداخليَّة (3) .
__________
(1) ... انظر : Fine, J, V, A : The Early Medieval Balkans ( Ann Arbor, Michigan,1983 ) P, 159, 262 .
و : و : الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ، ص : 1566 .
... و : مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، ص : 442 .
و : زكريا علي أفسكي ، و ياسمين كانتاروفيتش : الأندلُس الثانية ، ص : :10 10 .
(2) ... حمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ، – ) ،ص : 77 .
(3) ... انظر : 1945g ) P : 105 Uzuncarsinli , I.H ; Osmanli ( Devltinin merkez ve
bahriye teskilati , Ankara , Sabanovi? , H; Bosanski pasaluk , Naucno drustvo BiH , Sarajevo , Djela . Knjiga XIV , 1959g ) P : 78-79(2/51)
و تمتاز البوسنة بطبيعةٍ خلاَّبة ، أحسن وصفها الشيخ محمد الخانجي (1) رحمه الله - وهو أحدُ أبنائها الأوفياء - فقال : (( ...و أكثر بلادها جبلية ، و السهول فيها قليلة و أنهارها كثيرةٌ جداً ، تتفجر في كل جهة من جهاتها عيون الماء العذب، و زرعها يُسقى بالأمطار ، و فيها فواكه كثيرةٌ متنوعة ، و هواؤها حَسَنٌ جِداً للصحة صيفاً و شتاءً ، و إذا حضر الشتاء ... تتغطى الأرض بغطاءٍ من الثلج
الأبيض ...( (2) .
__________
(1) ... الشيخ محمد الخانجي ، هو : مُحمَّد بن مُحمَّد بن مُحمَّد بن صالح بن مُحمَّد خانجيتش ( الخانجي ) البوسنويُّ ، الحنفي ، ولد في سراييفو سنة 1324 هـ / 1906 م ، رحل إلى مصر سنة 1345 هـ / 1926 م ، و تتلمذ على عُلَمائها ، و تخرَّج في الأزهر ، ثم رجع إلى بلاده بلاده ، و عملَ مُدرِّساً بمدرسة الغازي خسروبك ، و عُيِن مديراً لمكتبتها ، إلى أن توفي سنة 1363 هـ / 1944 م و هو دون الأربعين ، من مؤلَّفاته : الحاوي للرسائل و الإجازات و المهمات و الفتاوى ، و تفسير آيات الأحكام من سورة النساء ، و الجوهر الأسنى في تراجم علماء و شعراء بوسنة ، و كثيرٌ غيرها .
وسوف نورد له ترجمة مفصلة في المبحث الثاني : علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة في العصر الحديث من الباب الثاني اُنظُر : عمر رضا كحالة : معجم المؤلِّفين و تراجم مصنفي الكتب العربيَّة ( مطبعة الترقي ، دمشق 1376هـ/1957م ) : 11/280
و : سيد كسروي حسن : مُقدمة كتاب الجوهر الأسنى (الطبعة الأولى ، دار الكتب العلميَّة ، بيروت 1413هـ/1993م ) ص: 33 و ما بعدها .
(2) ... انظر : الخانجي : الجوهر الأسنى ، ص : 11 .(2/52)
? ثانياً : إقليم الهرسك : إقليم يصغر إقليم البوسنة قليلاً ، حيث تبلغ مساحته 3.529 ميلاً مُربَّعاً (1) ، و يتاخمه من الجنوب ، تحُدُّه شرقاً و غرباً جمهورية الجبل الأسود ( Crna Gora ) إحدى الجمهوريات الست التي كانت تكون متحدةً : جمهورية يوغسلافيا الاتحادية السابقة ، و من الغرب بلاد دالماسيا .
تعتبر مدينة موستار ( Mostar ) الشهيرة اليومَ عاصمة الهرسك و عاصمته (2) ، و قد كان أكثر سكانها مسلمين لولا ما تعرضوا له من حملات التهجير و المذابح و الإبادة الجماعيَّة المنظمة على أيدي الكروات ، الذين اتخذوها مركزاً و عاصمةً لجمهوريَّة الهرسك التي أعلنوها من جانبهم أثناء الحرب الأخيرة ، ثم تلاشت بعد دخولهم مع المسلمين في الاتحاد الحالي .
و أصل تسمية إقليم الهرسك بهذا الاسم مأخوذ من لقب ملوكه في العصور الوسطى حيث كان الواحد منهم يسمَّى هرتزغ ( Hertzeg ) التي تعني : الدوق أو الأمير باللغة الألمانية ، و أول من حمل هذا اللقب من حكام الهرسك هو الملك ستيبان فوكتشيتش كوساتشا ( Stifan Vok?i? Kosa?a ) ، الذي حكم الهرسك بصفته أميراً ( دوقاً ) تابعاً لإمبراطورية النمسا عام 851 هـ /1448 م بعد أن استقلَّ ملك البوسنة ، و أعلن نفسه هرتزغ ( أميراً ) على إقليم القدِّيس صاوة ( St.Sava ) و من ذلك التاريخ عُرف الإقليم باسم الهرسك ( Hercegovina ) أي : أرض الدوق ، و ظل يُعرف بهذا الاسم حتى الفتح العثماني حيث أصبح يعرف بسنجق
( لواء ) الهرسك (3) .
__________
(1) ... دائرة المعارف الإسلامية ): 8 / 348 .
(2) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 10-11 .
(3) ... انظر : د. الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ص : 11 .
و : الدكتور وِسام عبد العزيز : البوسنة – الصرب – كرواتيا ، قراءةٌ في التاريخ الباكر ، ص : 50 .(2/53)
و يشكل الإقليمان معاً ما يُعرف اليوم بجمهورية البوسنة و الهرسك ، التي كانت إحدى جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي السابق ، و تبلغ مساحتهما الكلية 19768 ميلاً مربعاً ، و تدخل غالبية أراضيهما في حوض الدانوب و مُعظمها جبلية وعِرة ، تتخلَّلها أنهارٌ كثيرة ، أشهرها نهر صاوة في البوسنة ، و نهر نارتيفا في الهرسك ، و تُشكل جبال الألب النّاريَّة سلسلة الجبال الرئيسة فيها (1) ، و هي إحدى عشرة سلسلة جبليَّة تمتد في البوسنة الغنيَّة بالثروات المعدنيَّة .
و للبوسنة ميناء صغير للغاية على ساحل البحر الأدرياتيكي لمسافة عِشرين ميلاً
فقط (2) ، و قد مُنِحَ هذا الميناء – على الرغم من صِغَره – للكروات بموجب اتفاقيَّة دايتون للسلام سنة 1417 هـ / 1996 م التي أدَّت إلى إيقاف الحرب الأخيرة في البوسنة ، فأصبحت البوسنة بلداً مُحاصراً ليس له أيُّ منفذ بريٍّ أو بحريٍّ إلى العالم الخارجي إلا عن طريق الصرب أو الكروات .
و في البوسنة مُدُنٌ كثيرة أشهرها : سراييفو ( Sarajevo ) العاصمة ، وهي مدينة تاريخيَّة عريقة تحولت من قلعة حصينة كانت تُسمَّى فرهبوسنة (Vrhbosna) إلى مدينة عامرة ظلَّت حاضرة البوسنة و عاصمتها على مرِّ العصور (3) .
__________
(1) ... انظر : دائرة معارف إيفرمان ( Everman’s Encyclopeadia ) مادَّة : Bosnia
(2) ... انظر : وكالة الأنباء إسلاميَّة ،) ص : 139 و ما بعدها .
(3) ... انظر : الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ،) ص : 151 .(2/54)
و قد أطلق عليها اسم سراييفو لأوَّل مرَّةٍ في رسالة لوالي البوسنة فيروزبيك يعود تاريخها إلى سنة 1166 هـ / 1507 م (1) ، (( و يقال لها سراية ، و يسمِّيها الأتراك بوسنة سراي ، أو سراي بوسنة ، و هي مدينة متوسِّطة أسَّسها المسلمون في بداية دخولهم تلك البلاد على شاطئ نهر صغير ... قال القرماني (2) : و هي قاعدة بلاد بوسنة ، ذات أنهار و أشجار و أهلُها أحسن الناس خَلقاً و خُلُقاً)) (3) .
و تعتبر سراييفو إلى جانب توزلا ( Tuzla ) و زينيتسا ( Zenica ) وبيهاتش
( Biha? ) أهمَّ مراكز المسلمين بعد انتهاء الحرب الأخيرة .
أمَّا بنيالوكا ( Banja Luka ) – ثاني أكبر مُدُن البوسنة – فهي حاليَّاً عاصمة كيان صرب البوسنة المسمى ( جمهورية صربسكا ) أي ( الجمهوريّة الصربيّة ) ، وتليها مدينة دوبوي ( Doboj ) التي استولوا عليها أيضاً .
بينما نجد للكروات عِدَّة جُيُوبٍ ( قُرىً و مدن صغيرة ) مثل جِبتشة
( ?eb?a ) و فيتِز ( Vitez) إضافة إلى موستار عاصمة كروات البوسنة الحالية .
و بلغ عدد سُكَّان البوسنة خمسة ملايين نسمة بموجب إحصاء السلطات المحلِّيَّة عام 1412 هـ / 1991 م منهم :
? 45 بالمئة مسلمون أي نحو 2250000 نسمة .
? 31 بالمئة صِرب أي نحو 1550000 نسمة .
? 17 بالمئة كروات أي نحو 850000 نسمة .
? 07 بالمئة قوميات متعددة أي نحو 350000 نسمة .
__________
(1) ... انظر : المرجعٌ السابق ، ص : 172 .
(2) 2 ... القرماني ، هو : أحمد بن يوسف ، و يقال له أيضاً : أحمد بن سنان الدمشقي ، أبو العباس ،كاتب و مؤرخ توفي سنة ( 1019 هـ / 1611 م ) ، من تصانيفه : أخبار الدول و آثار الأول ، و الدر اليتيم في مناقب السلطان إبراهيم بن أدهم .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 1 / 209 – 210 ، كشف الظنون 1 / 26 ، معجم المؤلفين 2 / 208 .
(3) ... مُحمَّد الخانجي : الجوهر الأسنى ،ى ( مر جع سابق ) ص : 11 .(2/55)
و لم تلبث هذه النسب أن تغيرت أثناء الحرب الضروس التي دارت رحاها على مسلمي البوسنة و الهرسك ، على إثر استقلالها عن يوغسلافيا السابقة مباشرةً عام 1413 هـ / 1992 م إذ انخفضت نسبة المسلمين إلى أقلَّ من 30 بالمئة من مجموع السكان ، بسبب ما تعرَّضوا له من إبادة و تهجير ، بينما ازدادت نسبة كلٍ من الصِرب و الكروات بسبب التوطين الذي انتهجوه في المناطق الإسلامية بعد إجلاء أهلها عنها .
و من الجدول التالي يتضح لنا التغير الملحوظ في أعداد السكان ، و تركيبتهم العرقيَّة و الدينيَّة منذ العهد العثماني حتى يومنا هذا :
سنة الإحصاء ... عدد السكان إجمالاً ... عدد المسلمين ... النسبة المئويَّة للمسلمين
هـ/1548م (1)
هـ/1879م (2) ... 38.73 بالمئة
هـ/1895م (3) ... 35 بالمئة
هـ/1910م (4) ... 32.2 بالمئة
هـ/1918م (5) ... 38.7 بالمئة
هـ/1931م (6)
هـ/1953م (7) ... 32.3 بالمئة
هـ/1971م (8) ... 39.57 بالمئة
هـ/1981م (9) ... 39.5 بالمئة
هـ/1991م (10) ... 43.7 بالمئة
__________
(1) ... انظر : Hand?i?, A : Tuzla I njena okolina u 16. Vijeku ( Sarajevo,1975g ) ... 40 بالمئة
P: 132-142
(2) ... الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ،) ص : 185.
(3) ... مُحمَّد قاروط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 213 .
(4) ... محمود شاكر : المسلمون تحت السيطرة الشيوعيَّة ، ص : 127 .
(5) ... المرجعٌ و الصفحة السابقان .
(6) ... مُحمَّد قاروط : الإسلام في يوغسلافيا ،( مر جع سابق ) ص : 213 . ... 30.9 بالمئة
و انظر : محمود شاكر : المسلمون تحت السيطرة الشيوعيَّة ، )ص : 127 .
(7) ... دائرة المعارف الإسلاميَّة ، لمجموعة من المُستشرقين، النسخة العربيَّة ، إعداد و تحرير : إبراهيم زكي خورشيد و آخرين : 8/375 .
(8) ... الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا )، ص : 209 .
(9) ... حسين عبد القادر : انشطار يوغسلافيا ، ص : 38.
(10) ... عن صحيفة ( الأهرام ) القاهريَّة الصادرة بتاريخ 10/12/1412 هـ الموافق 10/6/1992 م .(2/56)
و فيما يلي - بمشيئة الله تعالى و توفيقه - سأسلِّط مزيداً من الضوء على هؤلاء السكان ، و أتناول أصولهم و طبقاتهم و أحوالهم من جوانب عدة .
المبحث الثاني
التركيبة السُكَّانية في البوسنة
و الهرسك
المطلب الأول : سُكَّان البوسنة قبل هجرة الصقالبة :
إنَّ سكان البوسنة المعروفين بالبشانقة اليوم – و إن كانوا يُشكِّلون القوميَّة الأولى و الأشهر في البوسنة و الهِرسِك – ليسوا أهل البلاد الأصليين ، و لكنَّها آلت إليهم بعد حروب ضروس بين أجدادهم الصقالبة ( السلاف ) ، و من سبقهم إلى هذه البلاد كالرومان ، و الدياستيين (1) و غيرهم .
و إذا كان الصقالبة ( و منهم البوشناق ) قد نزلوا في البوسنة في القرن الأول من الهجرة / السابع من الميلاد فإنَّهم آخر - و ليسوا أوَّل - من استوطنها ، حيثُ إنَّ البوسنة كانت مأهولةً منذ أقدم العصور ، حتى إنَّ بعض مناطقها ، كمدينة ترافنيك
(
__________
(1) ... الديالستيُّون : قبيلة من المقاتلين الأشداء كانت مستقرَّةً في البوسنة الوسطى ، هزمهم الرومان في القرن الثالث للهجرة / التاسع للميلاد مما أدَّى إلى تلاشي وجودهم في البوسنة 0
اُنظُر : نويل مالكوم : البوسنة BOSNIA : A SHORT HISTORY: Noel Malcom
ترجمه إلى العربيَّة : عبد العزيز توفيق جاويد ، ص : 23 .(2/57)
Travnik ) مثلاً كانت آهلةً بالسكان قبل الميلاد بآلاف السنين ، الأمر الذي يؤكده اكتشاف آثار بوتمير ( Butmir ) الواقعة في سراييفو (1) ، و التي تعتبر أقدم الشواهد الحضاريَّة التي خلَّفها سُكان البوسنة الأوائل فمنذ العصر الحجري (2) ، تواجدت فيها مناطق سكنية امتدت في جميع الاتجاهات قبل ثلاثة آلاف عام قبل الميلاد .
و حتى الحقبة الرومانية كان يستوطن هذه المنطقة الإيلير ، أو الإيليريُّون
(Ilirians ) (3) الذين اختلطوا في عام ( 400 ) قبل الميلاد تقريباً بالكِلْت ، و شكلوا معهم السكان الأصليين لهذه المنطقة (4) .
__________
(1) ... انظر : دائرة المعارف الإسلاميَّة : 8 / 349 .
(2) ... العصر الحجري : اصطلاح يُطلِقُه المؤرخون للدلالة على الحقبة الزمنيَّة التي كان الإنسان فيها يتخذ من الأحجار المصدر الأوَّل لتصنيعع ما يحتاجه من آلات ، و قد كان ذلك قبل الميلاد بآلاف السنين و قبل اكتشاف الحديد و البرونز و غيرهما من المعادن ، حيث ظهر ( العصر الحديدي ) و ( العصر البرونزي ) فيما بعد .
انظر : المير إسماعيل علي : السلالات البشريَّة ، ص : 86 ، 95، 96 0
(3) ... الإيلير أو الإيليريون : مجموعة من القبائل الهند أوروبيَّة كانت تُغطِّي جُزءاً كبيراً من يوغسلافيا و ألبانيا ، معظمهم من الرعاة ، و همم من أقدم العناصر البشريَّة في أوروبا ، حيث استوطنت مناطق لم تُسكن من قبل على شواطئ البحر الأدرياتيكي ، و قد سميت تلك المناطق باسمهم في عصور ما قبل التاريخ .
اُنظُر : الدكتور رجب بويا : الألبانيون الأرناؤوط و علاقتهم بالإسلام ، ص : 7 .
و : نويل مالكوم : البوسنة ، ) ص : 32 -– 33 .
(4) ... الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، )ص : 113 -– 114 .(2/58)
عاش الإيليريون ملوكاً مُتسلِّطين في البلقان ، كثيراً ما كانوا يُغيرون على السواحل ، فينهبون و يُخرِّبون ، و يقطعون الطرق ، و يدكُّون الحصون ، في وحشيَّة ضارية ، حتَّى قيل عنهم : (( إنَّهم حشدٌ مُختلِط من الجند ، هو أعظم ما يكون منظراً ، و أجلف ما يكون عند الحِوار ( (1) .
و قد كان الصراع بينهم و بين الرومان متواصلاً ، لا يكاد يعرف هدوءاً أو مُهادنة ، حتى أفضى إلى انهيار مملكة الإيليريين أمام الغزو الروماني لبلادهم قبيل الميلاد حين سقطت حصونهم و ديارهم في قبضة الرومان الذين ضموا مملكة الإيلير إلى إمبراطوريًّتهم .
بيد أنَّ هذا لا يعني انقراض الجنس الإيليري ، بل على العكس من ذلك نجد الإيليريين يتأثَّرون بالحضارة الرومانيَّة ، و يتفاعلون معها ، حتَّى إنَّ كثيراً منهم انخرط في الجيش الروماني و برز في صفوفه .
ولا شكَّ في أنَّ القبائل الإيليريَّة قد تغيَّرت بعد خضوعها للرومان تغيُّراً كبيراً و أنَّ طبعها الهمجي قد تهذَّب مع الأيَّام بشكل لا يُستغرب معه وُجود بعض الآثار الحضاريَّة لهم في البوسنة كمناجم الفحم ، و شقِّ الطُرُق ، و غير ذلك من المعالم الحضاريَّة (2) .
و في القرن الميلاديّ الرابع كان مُعظم سكان شمال غرب البلقان اكتسبوا عناصر الحضارة الرومانيَّة بما في ذلك اللغة اللاتينيَّة التي أصبحت لُغة العامَّة ، بينما استمرَّت اللغة الإيليريَّة في بعض المناطق الجبليَّة من شمال ألبانيا ، وإقليم قوصُوة
( Kosovo ) (3) ،
__________
(1) ... هذا وصف الإيليريين على لسان المؤرِّخ الروماني ديو كاسيوس ( Dio Cassius ) .
... انظر : Wilkes, J : The illyrians ( Ozford 1992g ) P : 160
(2) ... انظر: أشرف المهداوي : قصَّة البوسنة ، ص : 8 .
(3) ... قوصوة : إقليم يقع جنوب غرب يوغسلافيا ، و يعرف اليوم باسم كوسوفو ، عاصمته بريشتينا ، و عدد سكانه ثلاثة ملايين نسمة تقريباً ، 95 بالمئة منهم من المسلمين الألبان
انظر : محمد شفيق غربال ، و زملاؤه : الموسوعة العربية الميسرة : 2 / 1504 .(2/59)
و يُأكَّد هذا استمرار اللغة الألبانيَّة التي ترجع في أصولِها إلى اللغة الإيليريَّة إلى يومنا هذا في ألبانيا و قوصوة (1) .
و ما لبث الضعف أنَّ تسرَّب إلى بُنية الدولة الرومانيَّة ، فبدأت تؤول إلى الزوال بعد انتصار القوط الغربيين على الجيش الروماني في معركة أدرنة (2) عام 378 م فقد قضى القوط الغربيُّون على الجيوش الرومانيَّة المرابطة في البلقان ، و انهارت تبعاً لذلك خطوط دفاعها في حوض الدانوب ؛ ممَّا فتح الطريق أمام الوافدين الجدد إلى المنطقة (3) .
و في القرن السادس بعد الميلاد أطاح البربر (4)
__________
(1) ... انظر : الدكتور وسام عبد العزيز ، ) ص : 23 .
(2) ... أدرنة : مدينة تركية تقع على مرتفع من الأرض عند ملتقى أنهار : مريج ، و آرادا ، و طونجة .، على الجانب الأوروبي من بحر مرمرة ، كانت تعرف باسم أدرينانوبل ( Adriunople ) قبل أن يفتحها العثمانيُّون عام 763 هـ / 1362 م ،، جعل منها السلطان مراد الأول بعد أن فتحها مقاماً لسلاطين آل عثمان في أوروبا عام 768 هـ / 1366 م ، و ظلَّت كذلك حتى فتح القسطنطينية .
اُنظُر : الدكتور عدنان علي رضا النحوي : ملحمة البوسنة و الهرسك ، ص : 48 .
و : محمد شفيق غربال ، و زملاؤه : الموسوعة العربية الميسرة ) : 1/98 .
و : محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ، )
ص : 73 .
(3) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 17 .
(4) ... البربر : شعبٌ عظيم عريق يعمر المغرب العربي كله ، و يرى ابن خلدون : أن سبب تسميتهم بربراً هو أن الملك إفريقش بن قيس التُبَّعي ، سمع السكان الأصليين لشمال إفريقيا يتكلمون بلهجات مختلفة غير مفهومة له ، فأطلق لفظة البربرة على الكلام الذي يتكلمون به ، و من ثمَّ أخذ السكان أنفُسهم تسمية البربر ، و هم قبائل كثيرة =
= ... منها صنهاجة ، و مصمودة ، و زناتة ، و قد استعرب العرب مع انتشار الإسلام في المغرب ، و تكلَّموا اللغة العربية ، و كتبوا بها 0
انظر : محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا - )، ص : 87-88 .(2/60)
بالإمبراطوريَّة الرومانيَّة الغربيَّة ، فتمزَّق شملُ الإيليريين تبعاً لذلك ، حتى اضطُرُّوا إلى التفرُّق بين قِمم الجبال و بُطون الأودية ، إلى أن استوطنوا الجنوب الشرقيّ لقارَّة أوروبا ، غرب شبه جزيرة البلقان ، و على شواطىء البحر الأدرياتيكي (1) .
المطلب الثاني : الصقالبة في البوسنة :
بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية على يد البربر ذرَّ قرنُ الصقالبة المهاجرين من أعماق آسيا ، و بدؤوا عملية استيطان واسعة ، مهَّدت لاستقرارهم في أنحاء متفرقة من شبه جزيرة البلقان ، وما لبِثوا أن استولوا على معظم المناطق التي عُرفت فيما بعد باسم يوغسلافيا ( أي بلاد الصقالبة الجنوبيين ) بينما ظلَّ صقالبة الشمال في موطنهم الأصلي روسيا حتى يومنا هذا .
فمن هم الصقالبة ؟ و ما الذي جاء بهم إلى البوسنة ؟
المقصد الأول : أصل الصقالبة :
عرف التاريخ منذ القدم قبائل هند أوروبية ، تنسب إلى يافث بن نوح عليه السلام ، وتستوطن المنطقة الممتدة من سواحل بحر البلطيق شمالاً إلى ضفاف الأنهار التي تصب في البحر الأسود مثل ( الدون ) و ( الدنيبر ) و ( الدينسبر ) قِبَل جبال الكربات و حوض الفستولا جنوباً ، حيث الملتقى البري بين قارتي آسيا وأوروبا (2) .
__________
(1) ... انظر : رجب بويا : الألبانيُّون الأرناؤوط و علاقتهم بالإسلام ، ص : 7 -– 8 .
(2) ... انظر : أشرف المهداوي : قصَّة البوسنة ،( مر جعٌ سابق ) ص : 85 .(2/61)
قال الشيخ محمد الخانجي رحمه الله : (( أما مساكن الصقالبة الأصليَّة ، فمؤرخو العربِ يخْتلِفُون فيها اختلافاً كثيراً ، وذلك لقلَّة الأخبارِ الواردةِ إليهم عنهم واخْتلافِها ، ويُستخرَج من مجموعِ أَقوالِهم ، أنَّهم كانوا يسكنون في آسيا من بحر الخَزَرِ ، ثم لمَّا هجمت عليهم القبائلُ المختلِفة من الجهةِ الشَّرقيَّةِ من بِلادهم تحرَّكوا إلى الغربِ ، وفي النّهاية استقرَّ بعض قبائلهم في القرن الأول للهجرة / السابع للميلاد في بلاد بوسنة و ما حولها من البلاد ، وهؤلاء هم المعروفون بصقالبة الجنوب ، وتضم الآن شتاتهم دولة يوغسلافيا ، ومعناه دولة صقالبة الجنوب ( (1) .
وتمثل هذه الشعوب جرثومة الشعوب السلافية ( Slavs ) المعروفة عند مؤرخي أوروبا بهذا الاسم ، اشتقاقاً من الأصل البيزنطي للتسمية ، وهو : أسكلافينوي (Asklavinoi ) (2) ، بينما تعرف عند مؤرخي العرب باسم الصَقَالِبَة جمع صَقْلَب بفتح فسكون ففتح .
قال الأزهري : الصقالبة جيل حمر الألوان ، صهب الشعور ، يتاخمون الخزر وبعض جبال الروم ، و قيل للرجل الأحمر صِقلاب تشبيهاً بهم (3) .
و في القاموس المُحيط : (( الصقالبة جيلٌ بلادهم تتاخم بلاد الخزر بين بُلْغَر وقسطنطينيَّة)) (4) .
و قال الإصطَخَري (5) :
__________
(1) ... الخانجي : الجوهر الأسنى ،) ص : 13 .
(2) ... انظر : الدكتور وسام عبد العزيز ،) ص : 25 .
(3) ... اُنظُر : جمال الدين مُحمَّد بن مكرم بن منظور الإفريقي : لسان العرب : 1/526 .
و : ياقوت الحموي : مُعجم البلدان ( ليبسك 1283 هـ / 1866 م ) : 3 / 405 .
و : عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي : مراصد الاطلاع ، بتحقيق و تعليق علي محمد البجاوي: 2/ 847 .
(4) ... مجد الدين مُحمَّد بن يعقوب الفيروز آبادي : القاموس المحيط : 1 / 96 .
(5) 1 ... الإصطخري ، هو : إبراهيم بن محمد الفارسي ، المعروف بالكرخي ، أبو إسحاق ، جغرافي ، توفي سنة 346 هـ / 957 م . ...
انظر ترجمته في : إيضاح المكنون 2 / 473 ، و معجم المؤلفين 1 / 104 .
2 ... الإصطخري : مسالك الممالك ، ص : 134 .(2/62)
الصقالبة أو الصقلبيَّة هم السلاف أو السكلاف ، كان العرب يجلبون من بلادهم الرقيق (1) .
قلتُ : و ما ذكره الإصطخري من جلب العرب الرقيق من بلاد الصقالبة يؤيِّد الرأي القائل : إن الصقالبة كانوا أحد أهمِّ مصادر الرقيق في العالم (2) حتى اشتقت كلمة عبد ( Slave ) في كثيرٍ من اللغات الأوروبيَّة من اسم الصقالبة (السلاف) .
ولعل العرب اشتقوا هذه التسمية للصقالبة من لون بشرتهم المُشَرَّبة بالحمرة ، حيث
__________
(1) الأصطخري : مسالك الممالك (الطبعة الليدن 1927م ) ص : ؟
و للاستزادة اُنظُر : مرر وج الذهب للمسعودي : 2 / 32 و ما بعدها .
و أبو عبيد البكري : جغرافية الأندلُس و أوروبا ،) ص : 154 و ما بعدها .
... و الدكتور سيد عبد الفتاح عاشور : أوروبا في العصور الوُسطى : 1/631 و ما بعدها 0
(2) ... قال المؤرخ الفرنسيُّ الشهير ( موريس لومبارد ) : كانت بلاد الإيلير التي تشمل يوغسلافيا و ألبانيا حالياً تُشكِّل المصدر الثاني للرقيق في العالم بعد البلغار . اهـ . انظر : موريس لومبارد : الجغرافيا التاريخيَّة للعالم الإسلامي ، ترجمة الدكتور عبد الرحمن حميدة ، ص : 13 .
و قال الأستاذ محمد عنان : كانت الصقالبة تُطلق في الأصل على الأسرى الذين يأسرهم الألمان و البيزنطيون و الفرنج من الأمم السلافية ، و يبيعونهم للعرب ... و كان معظم هؤلاء الصقالبة يؤتى بهم أطفالاً بواسطة اليهود ، الذين كانوا أقطاب تجارة الرقيق في العصور الوسطى ، ليخدموا في بلاد الخليفة ، و من ثمَّ كانوا يعتنقون الإسلام و يتعلَّمون العربية بسهولة . اهـ .
اُنظر : محمد عبد الله عنان : مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام ، ص : 234 .(2/63)
استعمل لفظ الصَقْلاب مقترناً بما يدل على ذلك في أشعار العرب ، كما في قول الأخطل (1) ، يمدح بشر بن مروان (2) :
عَوَادِلُ عوجا عن أناسٍ كأنما ترى بهم جمع الصقالبة الصُّهبِ (3)
والصُّهبة ، و الصُّهوبة : الحمرة أوالشقرة في شعر الرأس ، و يُقال : رجلٌ
أصهب (4) .
وقد أورد ابن قتيبة (5)
__________
(1) ... الأخطل ، هو : غياث بن غوث بن الصلت بن طارقة بن عمر و التغلبي ، أبو مالك ، شاعر نصرانيٌّ ، نشأ بأطراف الحيرة و اشتهر بالشام في عهد بني أميَّة ، و أكثَرَ من مدحهم ، له ديوان شعر مطبوع ، توفي 90 هـ /
708 م .
انظر : الشعر و الشعراء لابن قتيبة 393 ، و الأعلام للزركلي) 5 / 318 ، و: خزانة الأدب و لُبُّ لُباب لسان العرب العرب ، لعبد القادر البغدادي 1 (الطبعة الأولى ، دار صادر ، بيروت ) 1/ 219 و ما بعدها ، و دائرة المعارف الإسلاميَّة ) 1 / 515 515 .
و : عبد القادر بن عمر البغدادي
(2) ... بشر بن مروان ، هو بشر بن مروان بن الحكم بن أبي العاص القُرَشي ، العبشمي ، الأموي ، ولِيَ إمرة العِراقين
( البصرة و الكوفة ) في خلافة أخيه عبد الملك ، توفي 75 هـ / 694 م بالبصرة ، و له من العمر بضعٌ و أربعون سنة.
اُنظُر : المعارف لابن قتيبة 355 ، البداية و النهاية 9 / 7 ، خزانة الأدب للبغدادي )4 / 117 .
(3) ... ديوان الأخطل لأنطوان صالحاني ، ص : 18 .
(4) 4 ... انظر: معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس ، بتحقيق عبد السلام هارون: 3 / 316 .
و: الصحاح في اللغة لاسماعيل بن حماد الجوهري : : 1 / 166 .1984م ) : 1/166
(5) 5 ... ابن قتيبة ، هو : عبد الله بن مسلم بن قتيبة ، الدينوري ، و قيل : المروزي ، الكاتب ، ولد سنة 213 هـ /
828 م ، ولي قضاء الدينور مدة ، ثم نزل بغداد ، و مات بها ، صاحب التصانيف المفيدة ، كان رأسا في اللغة و الأدب و الأخبار و أيام الناس ، قال الخطيب البغدادي : ( كان ثقة دينا فاضلا ) ، مات سنة 276 هـ /
889 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 10 / 170 ، وفيات الأعيان 3 / 42 ، بغية الوعاة 2 / 63 .(2/64)
في (عيون الأخبار) (1) في مدح بشرٍ أيضاً قول الشاعر :
ولو شاء بشر كان من دون بابه طماطم سود أو صقالبةٌ حمر
و كثيراً ما يرد ذكر الصقالبة في أشعار العرب كما في قول جرير (2) :
حكمتَ بحُكم أمِّك حيث تلقى خليطاً من صقالبةٍ و رومِ
و قد أنشد الجندل :
بين مَقَذَّى رأسِهِ الصقلابُ (3)
أما عن نسب الصقالبة فيرجعه معظم من ذكرهم من مؤرخي العرب ونسَّابتهم إلى يافث بن نوح ، كما قال الشيخ الخانجي في الجوهر الأسنى (4) .
وقال الحافظ أبو سعد السمعاني (5)
__________
(1) 6 ... عيون الأخبار 1 / 88 .
(2) ... جرير ، هو : ابن عطية بن الخطمي ، التميمي ، البصري ، الشاعر المشهور ، كان من فحول شعراء الإسلام مدح يزيد بن معاوية ، و خلفاء بني أمية ، كانت بينه و بين الفرزدق مهاجاة و نقائض ، و هو أشعر من الفرزدق عند أكثر أهل العلم ، و كان عفيفاً منيباً ، توفي 110 هـ / 728 م باليمامة ، عاش نيفا و ثمانين سنة .
انظر ترجمته في : الشعر و الشعراء 374 ، وفيات الأعيان 1 / 321 ، البداية و النهاية 9 / 260 ، سير أعلام النبلاء 4 / 590 .
(3) ... لسان العرب ، لابن منظور : 1 / 526 .
(4) ... الخانجي : الجوهر الأسنى ، بتحقيق الدكتور عبد الفتاح مُحمَّد الحلو ، ص : 11 .
(5) ... أبو سعد السمعاني ، هو : عبد الكريم بن محمد بن منصور ، التميمي ، المروزي ، ولد 506 هـ / 1110م وبيته من بيوتات العلم ، وهو إمام ، حافظ ، ثقة ، محدث خراسان ، صاحب التصانيف المفيدة ، رحل في طلب العلم صغيرا ، و عاد إلى بلاده بعدما دوخ الأرض سفرا للتحديث و التدريس و التصنيف ، مات سنة 562 هـ / 1166 م .
انظر ترجمته في : المستفاد من ذيل تاريخ بغداد 172 ـ 173 ، تذكرة الحفاظ 4 / 1316 ـ 1318 ، البداية و النهاية 12 / 175 ، سير أعلام النبلاء 20 / 456 .هو هشام بن مُحمَّد بن السائب ، يُكنَّى أبا المُنذر ، كان علاَّمةً في الأنساب و التاريخ ، توفي سنة 204 و قيل
206 للهجرة ?
اُنظر ترجمته في : وفِيَّات الأعيان لابن خلَّكان ( بتحقيق : الدكتور إحسان عباس ، دار صادر ، بيروت 1978م ) : 6 / 82 و ما بعدها 0(2/65)
في كتابه ( الأنساب ) : الصَقْلَبيُّ بفتح الصاد المهملة والقاف الساكنة واللام المفتوحة وفي آخرها الباء الموحدة : هذه النسبة إلى الصقالبة ، وهي منسوبة إلى صقلب بن لَنْطي بن يافث ، ويقال : صقلب بن يافث والمشهور بهذه النسبة جماعة كثيرة (1) .
ونقل ياقوت الحموي (2) عن ابن الكلبي (3)
__________
(1) ... عهشامبد الكريم بن محمد السمعاني : الأنساب : 3 / 549 .
(2) هو ... ياقوت ، هو : ابن عبد الله الرومي جنساً ، البغداديُّ مننزلاً ، الحمَويُّ شُهرةً ، أديب شاعر ، لُغويٌّ نحويٌّ عالم بتقويم البلدان ، وُلد ببلاد الروم سنة 574 هـ / 1178 م ، و كان رقيقاً فأعتقه مولاه عسكر الحموي اشتغل بالتجارة بعد وفاة سيِّده ،و جعل بعض تجارته كُاُباً ، ارتحل كثيراً ثمَّ نزل حلب ، و أقام بظاهرها في الخان حتى توفي بها سنة 626 هـ / 1228 م ، رحمه الله .
اُنظر ترجمته في :) وفيات الأعيان (2 / 210 ،) سير أعلام النبلاء (22 / 312 - 313) ، ديوان الإسلام لابن الغزِّي (4 / 387 - 388) ، شذرات الذهب لابن العماد (5/1217 / 184 ، الأعلام للزركلي ي (8 / 131) ، معجم المؤلِّفين (13 3/ 178 ).
(3) ... ابن الكلبي ، هو : هشام بن مُحمَّد بن السائب ، يُكنَّى أبا المُنذر ، كان علاَّمةً في الأنساب و التاريخ ؛ لكنه مضعّف في الحديث ، قال عنه أحمد بن حنبل : ( إنما كان صاحب سمر و نسب ، ما ظننت أن أحدا يحدث عنه ) . و قال ابن عساكر : ( رافضي ليس بثقة ). توفي سنة 204 هـ /819 م ، و قيل : 206 هـ / 821 م.
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 14 / 45 ، معجم الأدباء 19 / 287 ، و فِيَّات الأعيان 6 / 82 ، سير أعلام النبلاء 10 / 101 ، ميزان الأعتدال 4 / 304 . هو محمد بن السائب ، أبو النصر ، نسّابة و راوية ، كوفي المولد و الوفاة ، كان سبئيَّا على رأي عبد الله بن سبأ الذي كان يقول بعدم وفاة عليٍ - رضي الله عنه - ، و أنه سيرجع فيملأ
الأرض عدلاً كما ملئت جوراً و ظلماً ، له كتاب ( الأصنام ) ، توفي سنة 146هـ .
ظتـ الأعلام : 6/133 .(2/66)
أنه قال : (( من أبناء يافث بن نوح عليه السلام : يونان ، و الصقلب ، و العبدر ، و برجان ، و جرزان ، و فارسُ ، و الروم فيما بين هؤلاء )) .
و قال ياقوت أيضاً : و قال ابن الكلبي في موضع آخر : أخبرني أبي (1) قال : (( روميٌّ ، و صَقلَب ، و أرمينٌّي ، و إفرنجيٌّ ، إخوة ، وهم بنو لَنْطِيِّ بن كَسْلُوخِيم بن يونان بن يافث ، سكَنَ كل واحدٍ منهم بُقعةً من الأرض
فسمِّيَت به )) (2) .
و ذكر الإمام ابن حزم الظاهري رحمه الله أنَّه جاء في التوراة أنَّ يأجوج و مأجوج و الصقالبة ، و الإفرنج ، و البُلغَر من أولاد يافث بن نوح (3) .
وهذه الأخبار تفتقر إلى الصحة والتوثيق ، ولذلك أحسن الخانجي حينما سردها وغيرها ثم علّق عليها مُجتمعةً بقوله : (( ويكفي من هذه الأقوال سماعها )) (4) .
__________
(1) 4 ... الكلبي ، هو : محمد بن السائب ، أبو النصر ، نسّابة و راوية ، كوفي المولد و الوفاة ، كان سبئيَّا على رأي عبد الله بن سبأ الذي كان يقول بعدم وفاة عليٍ - رضي الله عنه - ، و أنه سيرجع فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، قال أبو حاتم الرازي : ( الناس مجمعون على ترك حديثه ) . له كتاب ( الأصنام ) ، توفي سنة 146 هـ / 763 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 6 / 249 ، الجرح و التعديل لابن أبي حاتم 7 / 270 ، و فيات الأعيان
4 / 309 ، ميزان الأعتدال 3 / 556 .
(2) ... ياقوت الحمويّ : مُعجم البلدان )3 / 405 .
(3) ... ابن حزم : جمهرة أنساب العرب بتحقيق عبد السلام هارون 2 / 463 .
و انظر : قاموس الكتاب المقدس ، ص : 1047 .
3 ... الخانجي : الجوهر الأسنى ، ص : 12 ابن حزم الأندلسي : جمهرة أنساب العرب ، بتحقيق عبد السلام هارون (الطبعة الخامسة ، دار المعارف ، القاهرة 1982م ) 2 / 463
و اُنظُر : قاموس الكتاب المقدّس (الطبعة السادسة ، مكتبة المشعل ، بيروت 1981م ) ص : 1047.
(4) الخانجي : الجوهر الأسنى ) ص : 12(2/67)
بيد أنَّه جاء نحوٌ من هذا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، حيث رُوي من حَديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( وَلَدَ نوحٌ : سام و حام و يافث ، فوَلَد سامُ العربَ و فارس و الروم ، و الخيرُ فيهم ، و ولد يافِثُ يأجوج و مأجوج و التُرْكَ والصقالبة و لا خير فيهم ، و ولد حام القِبْطَ و البَرْبَر و السودان )) .
و هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة (1) ،
__________
(1) 4 ... أخرجه البزار في مسنده ( 1/ رقم 218 ـ كشف ) ، و ابن حبان في المجروحين 3 / 107 ، و ابن عدي في " الضعفاء " 7 / 271 ، و الخطيب في " تالي التلخيص " ( 43 ) ، و السمعاني في " الأنساب " 1 / 29 ، و ابن عساكر في " تاريخه " 62 / 277 من طرق عن : محمد بن يزيد بن سنان ، حدثنا أبي ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به .
وأشار البزار ، و ابن عدي إلى تفرد يزيد بن سنان بهذا الإسناد ، و تفرد ابنه عنه .
... و محمد بن يزيد بن سنان ، قال فيه أبو حاتم : ( ليس بالمتين ، هو أشد غفلة من أبيه مع أنه كان رجلاً صالحاً ) . و قال النسائي : ( ليس بالقوي ) . انظر : ميزان الاعتدال 4 / 69 ( 8330 ) .
... وأبوه : يزيد بن سنان : قال البخاري : ( مقارب الحديث ، إلا أن ابنه محمداً يروي عنه مناكير ) . وقال الآجري : ( ليس بشيء ، وابنه ليس بشيء ) . انظر : تهذيب الكمال 27 / 21 . =
= و قال البزار : ( و رواه غيره عن يحيى بن سعيد مرسلاً ، و لم يسنده ، و إنما جعله من قول سعيد ) .
... قلت : و مرسل سعيد هذا ؛ أخرجه ابن وهب في " الجامع " ( 25 ) ، و ابن سعد 1 / 42 – 43 ، و الحاكم
4 / 463 ، و ابن جرير في " تاريخه " 1 / 210 ، و أبو عمر بن عبد البر ـ كما قال ابن كثير في " قصص الأنبياء " ص 86 ـ من طريق : إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن سعيد ، عن سعيد بن المسيب موقوفاً .
قال ابن كثير : ( وهذا الذي ذكره أبو عمر هو المحفوظ عن سعيد قوله ، وهكذا روي عن وهب بن منبه مثله و الله أعلم ، و يزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي : ضعيف بمرّة ولا يعتمد عليه ) .(2/68)
فضلاً على كونه مُخالفاً لما رُوي
عن سمُرة بن جندب (1) - رضي الله عنه - من أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( سامُ أبو العرب ، ويافثُ أبو الروم ، وحامُ أبو الحبش )) ، وهو حديث ضعيفٌ أيضاً (2) .
__________
(1) 1 ... سمرة بن جُندب - رضي الله عنه - ، هو : ابن هلال الفزاري ، من علُماء الصحابة ، كان زياد بن أبيه يستخلفه على البصرة إذا سار على الكوفة ، ويستخلفه على الكوفة إذا سار إلى البصرة ، وكان شديداً على الخوارج ، قتل منهم جماعةً ، قال الذهبي : ( له أحاديث صالحة ، حدَّثَ عنه الحسن البصري ، و ابن سيرين ، و جماعة ) تُوُفَي سنة 58 هـ / 677 م ، و قيل : 59 هـ / 678 م .
... انظر ترجمته في : أسد الغابة 2 / 354 ، تهذيب الأسماء و اللغات 1 / 235 ، سير أعلام النبلاء 3 / 183 الإصابة 2 / 78.
(2) 2 ... أخرجه الترمذي ( 3231 ) في التفسير ، باب : من سورة الصافات ، و (3931) في المناقب ، باب : مناقب في فضل العرب – وحسنه - ، وأحمد 5 / 9 و 9 – 10 و 10 – 11 ، والطبري في " تاريخه " 1 / 128-129 و الطبراني في " الكبير " 7 / رقم 6871 – 6873 ، و في " مسند الشاميين " (2644 و 2645 ) ، و ابن المقرئ في " معجمه " ( 947 ) ، و الخطيب في " المتفق والمفترق " 2 / 840 ( 500 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 62/276 – 277 ؛ من طرق عن : قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة به .
... و علته عنعنة قتادة ، و الحسن البصري ، فكلاهما مدلس . و ضعفه الألباني رحمه الله في " ضعيف الجامع "
( 6131 ) .
· ... و له طريق أخرى لا تصلح للاعتبار : أخرجها الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7033 ) من طريق مروان بن جعفر السمري ، عن محمد بن إبراهيم ، عن جعفر بن سعد بن سمرة ، عن خبيب بن سليمان بن سمرة ، عن أبيه ، عن سمرة به .
... و إسناده مظلم ؛ مسلسل بالمجاهيل و الضعفاء :
1- ... مروان بن جعفر السمري ، قال فيه الذهبي في " الميزان " ( 4 / 89 ) : ( له نسخة عن قرابته محمد بن إبراهيم فيها ما ينكر ) .
2- محمد بن إبراهيم ، هو : ابن خبيب بن سليمان بن سمرة . قال فيه ابن حبان في " الثقات " 9 / 58 : ( لا يعتبر بما انفرد به من الإسناد ) . =
= ... 3- و جعفر بن سعد بن سمرة .
4- ... و ابن عمه : خبيب بن سليمان بن سمرة . قال فيهما ابن القطان : ( ما من هؤلاء من يعرف حاله ، وقد جهد المحدثون فيهم جهدهم ) . و قال الأزدي : ( خبيب ضعيف ، وليس جعفر ممن يعتمد عليه ) . انظر : الميزان 1 / 407 .
وعلى كل فهو إسناد لا ينهض به حكم كما قال الذهبي .(2/69)
و التعارض بين الحديثين في نسبة الروم ، حيث وَرَدَ في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ أباهم سام ، بينما وَرَدَ في حديث سَمُرة - رضي الله عنه - أنهم من أبناء يافث .
ومثل هذه الأخبار يكثر ذكرها في كتب الأمم السابقة ، وأخبار بني إسرائيل .
و إذا كان أصل الصقالبة واحداً ، فإنَّ فروعهم متعدِّدة ، حيث تدخل تحت مُسمَّى الصقالبة اليوم مجموعاتٌ بشريَّة كبرى أشهرها :
? الصقالبة الشرقيون : و منهم الروس و الأُكرانيُّون .
? الصقالبة الغربيُّون : و منهم البولنديُّون و السلوفاك و التشيكيون .
? الصقالبة الجنوبيُّون : و منهم الصرب و الكروات و السلوفينيُّون و البلغار والمقدونيُّون و البوشناق ( أو البّشانقة ، و هم غالبيَّة سُكَّان البوسنة اليوم ) .
فكيف وصل الصقالبة إلى البلقان ، و ما الذي وطَّد لهم الُمقام في
البوسنة ، و جعل من البشانقة سكان البوسنة الأصليِّين ؟
المقصد الثاني : هجرة الصقالبة إلى البلقان :
من البدهي أن إحدى مميزات الحياة القبلية للشعوب كثرة التنقل والترحال طلباً للأمن والاستقرار تارةً ، وسعياً وراء مصادر العيش وتتبع مواطن القطر والأرزاق تارةً أخرى .
وإذا عرفنا أن قبائل الصقالبة ( الشعوب السلافية ) مكونة من عناصر غير منتظمة لم تجمعها أية وحدة سياسية ، بل كانت كل قبيلة منها – على صِغَرها – تعمل كوحدة مستقلة عن غيرها ، وتتحرك بأفرادها المزارعين والرعاة المتطلعين إلى أرض زراعية للاستقرار فيها وإعمارها (1) ، عرفنا أن للزحف الصقلبي باتجاه شبه جزيرة البلقان دافعين اثنين هما :
أولاً : البحث عن أرض خصبة تؤمن القوت للصقالبة والكلأ لمواشيهم ، حيث إن القوم – كما أسلفنا – رعاة مزارعون .
__________
(1) ... انظر : R, Browning : Byzantium & Bulgaria Acomparative Study Across the Early Medieval Frotier ( London,1975g ) P : 36 – 37(2/70)
ثانياً : التطلُّع إلى الخلاص و التحرر من وطأة حكامهم المتسلطين ، و بخاصةٍ الهون المتسلِّطين الذين أخضعوا القبائل السلافية لسلطانهم في أواخر القرن الرَابع للميلاد ، مَّما جعل الصقالبة يسعون للتخلُّص من سيطرتهم بالهجرة ، حيث انطلقوا على نطاق واسع باتجاه الغرب و الشرق و الجنوب ، و انتشروا على مساحةٍ واسعة من شرق أوروبا تمتد من نهر الألب غرباً إلى نهر الدنيبر شرقاً ، ومن بحر البلطيق شمالاً إلى نهر الدانوب جنوباً (1) .
و قد استغرقت هذه الهجرة نحو قرنين من الزمان حتى استقر بهم المقام في البلقان ، فوصلت طلائع المهاجرين عقِب الهزيمة التي مُنيَ بها الجيش الروماني في معركة أدرنة سنة 779 هـ / 1378 م حيث أصبح الطريق مفتوحاً أمام الوافدين الجدد الذين استمر تدفقهم على المنطقة منذ أواخر القرن الرابع و حتى أواخر القرن السادس للميلاد .
و كانوا في البداية يتنقلون على الأقدام أو يبحرون في الأنهار بقوارب صغيرة مُتترِّسين بالدروع ، و مُسلَّحين بأدوات الرمي البدائية (2) ، و لكنَّهم ما لبثوا أن تحوَّلوا إلى غُزاةٍ أشداء يغيرون على شبه جزيرة البلقان منذ أواخر القرن الخامس للميلاد ، و بِشكلٍ مُتواصل إلى أن استتبَّت لهم الأمور ، فاستوطنوا المنطقة ، وعمِلوا على تغيير تركيبتها السُكانيَّة ، حتَّى صارت لهُم الغلبة ، و كوَّنوا السواد الأعظم بين الشعوب التي سبقتهم إليها كالإيبيريِّين و البلغار و غيرهم .
المقصد الثالث : قبائل الصقالبة التي استوطنت البلقان :
قبائل الصقالبة التي نزلت في البلقان كثيرةٌ ، من أشهرها : الصرب و الكروات و السلوفينيُّون و البلغار و المقدونيُّون ، و يُعرفُ هؤلاء باسم صقالبة الجنوب ، و إليهم ينتمي البشانقة (3) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور وسام عبد العزيز : البوسنة - الصرب - الكروات ، ص : 24 .
(2) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 24 -– 25 .
(3) ... انظر : أشرف المهداوي : قصَّة البوسنة ، ص : 89 .(2/71)
اشتهر من بين القبائل الصقلبيَّة التي استقرَّت أواخر القرن الأوُّل للهجرة / السابع للميلاد في البوسنة و ما حولها ( من البلاد التي عُرفت فيما بعد
بيوغسلافيا ) قبيلتان جديدتان هما الكروات و الصرب ، ثمَّ ما لبث أن ظهر البوشناق بصفتهم كياناً صقلُبياً متميزاً عن سابِقيه و إن اتَّحدوا جميعاً في الأصل .
فمَنْ هم الصرب و مَنْ هم الكروات ؟؟ و ما علاقتهم بالبوشناق ؟
يرى المؤرِّخون أنَّ كلمة كروات ، أو هِرْفات ( Hrvat ) - كما تُكتب وتُنطق باللغة الصربوكرواتية - ليست كلمةً سلافية ، و يُرجعونها إلى الاسم الإيراني كُرواتوس (Choroatos ) الموجود على نُصُب القبور القريبة من مدينة تانايس
( Tanais ) جنوبيَّ روسيا ، حيث كان سكان تلك المنطقة في القرون الأولى للميلاد مؤلَّفين من الصقالبة و السرماتيين ذوي الأصول الإيرانية ، ممَّا يُرجِّح الرأيَ القائل : إنَّ بعض القبائل الصقلبيَّة – بما فيها الصرب و الكروات – قد عاشت تحت سُلطة صفوةٍ حاكمة من ذوي الأصول الإيرانية ، أو أنَّها كانت في الأصل قبائل إيرانيَّة انحازت إليها رعايا صقلبيَّة ، و أنَّ الصرب و الكروات ومعهم البوشناق لهم تاريخ مشتركٌ منذ أقدم العصور ، إذ إنَّهم مُتَّصلون أوثق اتصال ، يعيشون و يُهاجرون في تلازم تام على الرُغم مما بينهم من التمايز ، إلى أن استوطن الصرب منطقة صربيا المعاصرة بحدودها الحاليَّة ، التي كانت تُعرف في القرون الوُسطى باسم راشكا ( Raڑka ) أو راشيا
( Raڑaji ) ثم أخذوا يوسعون سلطانهم تدريجيَّاً إلى المناطق المجاورة كإقليم الهرسك ، أمَّا الكروات فقد كانوا يستوطنون منطقةً تُقاربُ في حدودها كرواتيا المعاصرة ، ورُبَّما كانت تضُم مُعظم أجزاء البوسنة بحدودها الأصليَّة (1) .
__________
(1) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 28 -– 29 .(2/72)
و يتفق المؤرِّخون على أنَّ لفظة كروات ظهرت لأوَّل مرة في عهد تيربومير، الذي حكم منطقة كرواتوروم بين عامي 230 هـ / 845 م و 249 هـ / 864 م ، و أعلنت المملكة الكرواتيَّة استقلالها في عام 312 هـ / 925 م ، و لكنها لم تتمتع بالاستقلال طويلاً و خضعت للعرش الهنغاري في القرن السادس للهجرة / الثاني عشر للميلاد (1) .
و في المقابل أنشأ الصرب إمبراطوريَّتهم التي شهدت قمَّة ازدهارها في عهد إيتيان دوشان ، و كان مركزها في إقليم قوصوة ( كوسوفو ) الذي يقطنه الألبان حالياً ، وكانت هذه الإمبراطورية من القوَّة بمكان ، حتى إن دوشان كان يتطلّع إلى الاستيلاء على القسطنطينية لولا أنَّ الأجل عاجله فمات ، و بموته تمزَّقت الدولة الصربيَّة .
و اغتنم العثمانيُّون هذه الفرصة فسحقوا أوَّل دولة صربيَّة في المهد بعد معركة كوسوفو الشهيرة عام 791هـ/1389م (2) .
و على الرُغم من انتماء كلٍ من الصرب و الكروات إلى القوميَّة الصقلبيَّة واتحاد لُغتهما التي عرفت فيما بعد باللغة الصربوكرواتية ( نسبةً إليهما ) باعتبارها لغةً مُشتركةً للجميع ، فإنَّ الفوارق بين القبيلتين لم تذب تماماً ، بل عاد الانقسام والتشرد لأسبابٍ مختلفة – و إن كانت دينيَّة في الغالب – أدَّت إلى حروبٍ طاحنة و مُواجهاتٍ عنيفة بين الطرفين ، ازدادت حِدّةً بعد أن دان الصرب بالأُرثوذكسية (3)
__________
(1) ... حسين عبد القادر : انشطار يوغسلافيا ، ص : 15 .
(2) ... المرجع السابق ، ص : 15 -– 16 .
(3) ... الكنيسة الأرثوذكسيَّة ، هي : إحدى الكنائس الثلاث الرئيسية في النصرانية ، و قد انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية تماماً بحلول عام 445هـ / 1054م ، و تمثَّلت في عدة كنائس مُستقلة ، لا تعترف بسيادة بابا روما عليها ، و تختلف عقيدة الأرثوذكس عن عقيدة الكاثوليك في طبيعة المسيح عليه السلام ، و تدعى هذه الكنيسة : الكنيسةَ الشرقية ، و يُمثلها في الشرق الكنيسة القبطية المصرية ، و كنيسة القسطنطينية 0
انظر : الموسوعة المُيسرة في الأديان و المذاهب و الأحزاب المعاصرة ، إعداد وحدة الدراسات و البحوث ، بالندوة العالمية للشباب الإسلامي ، ص : 593-609 .(2/73)
و دانوا بالتبعيَّة للإمبراطوريَّة البيزنطيَّة ، و انتحل الكروات العقيدة الكاثوليكيَّة (1) ، تبعاً للبابوية الرومانيَّة .
أمَّا بقية صقالبة الجنوب ، فقد استقرَّوا بين الصرب و الكروات متمركزةً حول نهر البوسنة ، و انتشرت في المنطقة الواقعة بين نهر درينا شرقاً و نهر فرباس غرباً، و هؤلاء هم البوسنويُّون ( البشانقة ) الذين يثور الخلاف كثيراً حول نسبتهم و أصولهم العِرقيَّة .
المقصد الرابع :البوشناق وعلاقتهم بالصقالبة :
البوشناق كلمة مُحوَّرة عن الكلمة البوسنوية ( Boڑnjaci ) التي تُستعمل للدلالة على النسبة إلى البوسنة في اللغة البوسنوية ، فالبوشناقي و البوسني ( أو البوسنوي ) بمعنى واحد (2) ، غير أنَّ الاسم الأوّل حمله البشانقة المهاجرون إلى البلاد العربية و تركيا و عُرِفوا به ، حتى صارت كلمة ( بوشناق ) علماً في الدلالة على الأُسر المستعربة من أصلٍ بوسنويّ ، تماماً كما هو الحال بالنسبة لكلمة (أرناؤوط) التي تُطلق على مُستعربة ألبانيا .
__________
(1) ... الكنيسة الكاثوليكية ، هي : أكبر الكنائس النصرانية في العالم ، و قد عُرفت بهذا الاسم منذ القرن الثانِي للميلاد ، و تدَّعي أنها أم الكنائس ، يُزعم أن مؤسسها بُطرس الرسول ( ت 62 م ) ، تتمثَّل في عدَة كنائس تتبع الكنيسة الرومانية ، و تتبع لسيادة بابا روما عليها ، تُسمَّى أيضاً الكنيسة الغربية أو اللاتينية 0
انظر : الموسوعة المُيسرة في الأديان و المذاهب و الأحزاب المعاصرة ، ص : 610- 624 .
انظر : الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ( مر جع سابق ) ، ص : 11 .
(2) ... انظر : الجوهر الأسنى للخانجي ، ص : 173 .(2/74)
إنَّ التاريخ قد قال كلمته مثبتاً أن البوشناق ( سُكان البوسنة ) يُصنَّفون ضمن الصقالبة على الرغم من بعض التميُّز عنهم قاطِعاً بذلك الشكَّ عند المؤرِّخين والعلماء في أصول الشعب البوسنويّ (1) .
وبينما تؤكد طائفةٌ كبيرةٌ من المؤرّخين إلى أنَّ البوشناق هم ( البُجناك ) الذين كانوا يسيطرون على منطقة نهر الفولغا ثُمَّ حاصروا القسطنطينية ، و وصلوا إلى حدود إيطاليا ، و أنَّه تم تحريف كلمة ( بجناك ) بقلب الجيم الفارسيَّة المثلثة التحتية إلى شين (2) ، قاطعةً بذلك الطريق أمام من يُشكِّك في عراقة هذا الشعب و صقلبيَّته ، تثور مزاعم مُضادَّةٌ طُرِحت بقوًّة في أثناء الحرب العالميَّة الثانية و جاء التأكيد عليها في مُذكرةٍ بعثت بها طائفةٌ من مسلمي البوسنة إلى هتلر في عام 1342 هـ / 1924 م تقول : (( نحنُ جِنساً و دماً لسنا من السلاف - الصقالبة - و إنما نحن من أصلٍ قوطي ، و قد جئنا إلى البلقان في القرن الثالث للميلاد بوصفنا قبيلةً جرمانيَّة )) (3) .
و بهذا الادعاء – الذي قد يكون الخوف من فتك النازية التي يقودها هتلر مُسوغا له – فتح البوسنويُّون على أنفسهم باب الرفض و اللفظ من قبل شعوب يوغسلافيا ، إذ طالبت هذه الشعوب بإجلائهم عن بلادهم ، لأنهم
– و باعترافهم – دخلاء عليها ، سواء أكانوا جِرمانيين أو أتراكاً ، و هذا سبب كافٍ لتأليب الناس ضِدَّهم .
__________
(1) ... انظر : مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، ص : 442 .
(2) ... اُنظُر : نزار سمك : البوسنة و الميراث الدامي ، ص : 21 .
(3) Radiو, E : Muslimansko autonomaڑtvo I 13. SS divizija : autonomija Bosne I Hercegovine I Hitlerovtreو I rajh ( Sarajevo, 1987g ) P : 72(2/75)
و إذا كان بعضُ البوسنويين أنفسهم قد آثر الانتماء إلى الجرمانيين ، فإنَّ هذا الادعاء لم يُقنع خصومهم ، كما لم يكن هتلر نفسُه ليصدِّقه (1) ، و ظلَّ البشانقة في نظر صقالبة الجنوب دُخلاء ينظر إليهم على أنَّهم أتراكاً أو من غرس الأتراك ، و لا يزال الصرب حتى يومنا هذا يرددون في أناشيدهم الحماسيّة القديمة عبارة : (( تعالوا نذبح أبناء الأتراك )) (2) .
فهل كان البوشناق كذلك ؟
إنَّ نظرةً سريعة على الصراع بين البشانقة و الأتراك الذي أثبته المؤرخون الصقالبة أنفسهم كفيلة بنفي أيِّ صلةٍ تجمع بين الطرفين أو تُقرِّبُ بينهما ، اللهُمَّ إلا صلة الدين و عُروته الوُثقى التي لا انفصام لها ، و مما يؤكد هذا الثورات التي واجه بها الشعب البوسنويُّ الحُكم العثمانيِّ منذ أيَّامه الأولى و حتَّى جلائه عن البوسنة .
و قد اشتهرت في تاريخ المُقاومة البوسنيَّة للعُثمانيِّين ثورة عام 1245هـ/1830م التي قضى عليها العثمانيُّون بقيادة عمر باشا (3) قضاءً مُبرماً لجؤوا فيه إلى أعنف أساليب القمع وأشدِّها مما فاق شدَّة العمليَّات المماثلة للقضاء على ثورات الشعوب الأخرى ، لأنَّ ثورة البوسنة قام بها شعبٌ مسلم تربطه بالعثمانيين علاقاتٌ أقوى من تلك التي تربط الشعوب الأخرى بدولة الخلافة .
__________
(1) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 36 .
(2) ... بسَّام العسلي : المسلمون في البوسنة و الهرسك ، ص : 58 .
(3) 2 عمر باشا : قائد عثماني شهير ، نمساوي الأصل ، ولد سنة 1246 هـ / 1830 م ، و مات سنة 1288 هـ / 1871 م ، خدم في الجيش النمساوي ، ثم اهتدى إلى الإسلام بعد أن هاجر إلى البوسنة ، و خدم في الجيش العثماني ، رقي تدريجيا حتى وصل رتبة عالية ، هزم الروس في عدة مواقع منها حرب القلزم .
انظر ترجمته في : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 77 ، مذكراتي السياسية للسلطان عبد الحميد الثاني ، ص : 179 .(2/76)
و (( قد أبرزت هذه الثورة تميز الشعب المسلم في البوسنة عن العثمانيين ، ودحضت كلَّ مقولةٍ ترمي إلى إزالة الحدود و الفواصل بين هذا الشعب المُسلم والأتراك ، و هي المقولة التي كان نصارى البلقان و أوروبا يرمون بها كلَّ المسلمين ، و يعنون بها أنَّ كلَّ مسلم تركيٌ بالضرورة )) (1) .
و كفى بهذا الحدث دليلاً على التباين الجذري بين البشانقة و الأتراك .
و يبقى القول الفصلُ في نسب البشانقة هو أنَّهم صقالبة ، لا يقلوُّن شأناً و لا نسباً عن صقالبة الجنوب الآخرين صرباً كانوا أو كرواتاً أو غير ذلك ، و هذا الرأي هو السائد عند مؤرِّخي المنطقة .
و لكن يبقى أن نتساءل : من أيِّ الصقالبة هم ؟
لقد دأب الكتَّاب المسلمون من أبناء البوسنة و غيرهم على تسمية البوسنويين بالبوشناق أو البشانقة ، و على هذا الاعتبار فإنهم يُصنَّفون في عِداد صقالبة الجنوب
( اليوغسلاف ) .
و إذا ثبت هذا فإنَّ من لا يعارضه أحياناً من متعصّبة الصرب و الكروات سيتنازعون البشانقة ، و سينسبهم كلٌ منهما إلى قوميَّته – و لو عن غير قناعة - لتبرير إبادتهم و ضمّ بلادهم ، و هذا هو الواقع المرير الذي يُعاني منه أبناء البوسنة منذ قرون ، و إن كانت مُعاناتُهم قد بلغت ذِروتها بعد سقوط الخلافة العثمانيَّة ، حيث يدَّعي الكروات أنَّ البشانقة من أبناء جِلدتهم في الأصل ، و أنهم أُجبروا على الدخول في الإسلام مما ميَّزهم عن أبناء قوميَّتهم الأصليَّة ، كما يذهب الصرب إلى نحوٍ من ذلك بادِّعائهم – و بدون انقطاع – أنَّ البشانقة صربيون أصلاً (2) !! وكفى بهذين الادعاءين مسوغاً لما تعرَّض و ما يتعرَّض له مسلمو البوسنة من النكبات و الحروب .
__________
(1) ... انظر : مُحمَّد خليفة : الإسلام والمسلمون في البلقان ، ص : 451 .
(2) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 29 .(2/77)
قُلتُ : قد أخذ منِّي العجب كُلَّ مأخذ ، و أنا أتأمَّل ما ذهب إليه بعضُ الكُتَّاب المعاصرين من إثبات أن الشعب البوسنويَّ صقلبي ، مع نفيه أن يكون بوشناقياً ، على الرغم من أنَّ الخلاف حول نسَب البوسنويِّين هو : هل كانوا صقالبةً أم لا ؟ مع التسليم بأنَّهم من البوشناق !!
يقول الدكتور وسام عبد العزيز : (( يُخطئ من يعتقد أنَّ أهل البوسنة هم البشناق التُرك (Patzinaks ) الذين هدَّدوا الدولة البيزنطيَّة في القرن الخامس للهجرة / الحادي عشر للميلاد ، فأهل البوسنة هم السلاف الذين استقروا حول نهر البوسنة منذ مطلع القرن الأول للهجرة / السابع للميلاد و شكَّلوا دولةً حاجزة بين الكروات و الصرب قبل أوَّل ظهور للبشناق في وثائق التاريخ بثلاثة قرون على الأقل ( (1) .
و يبدو لي أن السبب الذي حدا بالدكتور وسام إلى نفي اسم البوشناق عن أهل البوسنة هو اقتران هذه التسمية بحدثٍ تاريخيٍ مُحدَّدٍ بِمَعلَمين :
أحدُهما : أن البوشناق المذكورين من الترك .
و ثانيهما: تهديدهم للدولة البيزنطية في القرن الخَامس للهجرة / الحادِي عشَر
للميلاد .
أمَّا كونهم من الترك ، فقد ذكر الدكتور بعد قليل أنَّ سكان البوسنة كانوا من السلاف ( الصقالبة ) و ليسوا أتراكاً ، ممَّا يدلُّ على أنَّ المعنيِّين بالحدث التاريخي الذي ساقه ليسوا بشانقة البوسنة ، و قد كان بِوُسعه أن ينفي الحدث بدون نفي التسمية ، إذ لا يغير من الواقع شيئاً قولُنا : إنَّ سكان البوسنة هم بشانقة صقالبة ، غير البشانقة التُرك أو أنهم غير أولئك الذين هدَّدوا الدولة البيزنطيَّة ذات يوم و الله أعلم .
__________
(1) ... انظر : الدكتور وسام عبد العزيز : البوسنة - الصرب - الكروات ، ص : 43 .(2/78)
و أخيراً ، أعود لأقرر أنَّ شعب البوسنة البوشناقيَّ ليس صربياً و لا كرواتياً كما أنه ليس تركياً و لا جرمانيَّاً ، و لكنَّه شعبٌ مُتميِّزٌ عن الجميع ، بِشهادةٍ عُمرها يناهز الثمانية قرون ، و قد أدلى بها الكاتب كيناموس ( Kinnamos ) أمين سر الإمبراطور مانويل كوفينوس قائلاً : (( إنَّ البوسنة لم تعد تُطيع أوامِر الزوبان الأعظم للصرب ، إنَّه شعبٌ مُجاورٌ له عاداته و سماته و حكومته الخاصَّة )) (1) .
المبحث الثالث
تاريخ البوسنة و الهرسك
شهدت البوسنة و الهرسك تاريخاً حافلاً بالأحداث و الصراعات والحروب ، و برزت فيها أنظمة و سُلُطات ، و مرّت بها أحداثٌ جِسام عبر حُقب التاريخ المُتتالية .
و تسهيلاً لدراسة تاريخ البوسنة ، سأسرد في المطالب الستة التالية - التي يمثل كلٌّ منها مرحلةً من مراحل تاريخ البوسنة - أهمّ أحداثه مرتّبةً حسب تاريخ حدوثها مع التركيز على ما أرى له أهميّة خاصّة كجوانب المُعاناة التي تعرَّض لها المسلمون ، باعتبارها أحد أبرز المعالم في تاريخ البوسنة على مرِّ العصور ، ملتزماً الإيجاز قدر الإمكان :
المطلب الأوَّل : البوسنة قبل الفتح الإسلامي :
× خضعت البوسنة لحكم إمارة راشكا ( صربيا ) في عهد الأمير تشاسلاف إلاَّ أنَّها استقلَّت بعد مقتله سنة 276 هـ / 960 م (2) .
× أوَّل حاكم معروف للبوسنة المستقلَّة هو بوريس ( Boric ) ، و قد حكم البوسنة مُدَّة عشر سنين بين 549 هـ / 1154 م ، و 558 هـ /1163 م (3) .
__________
(1) ... Cinnamus, Epitome rerome ab Ioanne et Alexio Comnenis gestarum
ed. A. Meinecke ( Bonn, 1836 ): 3/104
(2) ... الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 156.
(3) ... انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 208.(2/79)
× حَكَم البانات (1) ( أمراء المقاطعات ) مناطق مُختلفة من البوسنة حتى
عام 779 هـ / 1377 م (2) .
× توسَّعت البوسنة في عهد البان كولين الذي تولَّى عرشها حتى عام 641هـ / 1245 م ، و ازدهرت كثيراً حتَّى أصبحت دولةً منافسة للدول المجاورة (3) .
× حُكمت البوسنة من قِبَل البانات القطرمانيين (4) بين عامي 815 هـ / 1314 م و 779 هـ/ 1377 م (5) ، و من أشهر الحكام المنتسبين لهذه الأسرة أصطفان قطرومانيتش الذي حكم البلاد مدة ثلاثين سنة انتهت بوفاته عام 754 هـ / 1353 م (6) .
× في عام 721 هـ / 1322 م تولى حكم البوسنة البان كوترومانيتش الذي انتزعت البوسنة استقلالها ثمرةً للنضال الطويل الذي قاده ، ثم سارت في طريق الازدهار على عهده (7) .
__________
(1) ... البان : تعبير فارسي الأصل بمعنى الحامية أو الراعي ، و قد جاء مع الكروات إلى المنطقة ، و هو ما دفع بعض الباحثين إلى الاعتقاد بوجود تواصل بينهم و بين الكروات في موطنهم الأصلي شمال آسيا الوسطى وبين الفرس.
انظر :الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 156 – 157 .
(2) ... الدكتور فِكرَت كارجيتش : تاريخ التشريع الإسلامي في البوسنة ، ص : 16 .
(3) ... الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 157 .
(4) ... القطرمانيُّون : نسبة إلى أسرة " قطرمان " البوسنوية الشهيرة التي ظهرت في البوسنة عام 713هـ/1314م.
انظر : دائرة المعارف الإسلامية : 4/396 .
(5) ... انظر : دائرة المعارف الإسلاميَّة ، لمجموعة من المُستشرقين : 4/396 .
(6) ... المرجع السابق : 4 / 269 .
(7) ... الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 157 .
و : فؤاد شاكر : البوسنة و الهرسك ، مأساة شعبٍ و هوانُ أمَّة ، ص : 20 .(2/80)
× في عام 753 هـ / 1353 م قام البان تفرتكو بتأسيس المملكة البوسنوية ، و تولى حُكمها بنفسه حتَّى عام 779 هـ/1377م ، و أطلق على نفسه لقب الملك و في عهده توسَّعت مملكة البوسنة و شملت أجزاء من صربيا ، ممَّا جعل تفرتكو أبرز شخصيَّة في تاريخ البوسنة قبل الفتح الإسلامي (1) .
× ومع بداية القرن الهجريِّ التاسع / الميلادي الخامس عشر للميلاد آلت مقاليد الأمور في البوسنة والهرسك إلى رجلين ، أحدهما في الشمال ( البوسنة ) و الآخر في الجنوب ( الهرسك ) . أما الأول فهو هرفوجه دوق اسيلاتو ( توفي سنة 819 هـ / 1416 م ) ، وأما الثاني فهو سندلج هارانيش من الأسرة التي انحدر منها الأمراء المستقلون الحاكمون للهرسك في الجنوب ( توفي سنة 838 هـ / 1435 م ) (2) .
× اتَّحدت مملكة البوسنة و دوقيَّة ( إمارة ) سان سافا عام 779 هـ / 1377 م ، و استمرَّتا مُتَّحِدتين حتَّى وُصول العثمانيين عام 867 هـ / 1463 م (3) ، و بذلك بدأت مرحلةٌ جديدة من مراحل التاريخ البوسنويّ .
قلتُ : لعلَّ أبرز معالم هذه المرحلة من مراحل التاريخ البوسنويّ هو قيام كيانٍٍ بوسنوي مستقل على هذه الرقعة من الأرض ، و أنَّ هذا الكيان قد استمرَّ منذ إعلان البوشناق استقلالهم و إقامة دولتهم في أواخر عام 525 هـ / 1137 م ، حيث توحَّدت بلادهم تحت سلطة البانات ، و استمرًّت كذلك حتى دخولها تحت الحكم العثماني (4) .
و للتأكيد على استقلالية البوسنة عبر العصور يُمكن الاستئناس بالوقائع التاريخيَّة التالية :
__________
(1) ... الدكتور كارجيتتش : تاريخ التشريع الإسلامي في البوسنة و الهرسك ، ص : 16 .
(2) ... دائرة المعارف الإسلاميَّة : 4 / 296 .
(3) ... انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 219 .
(4) ... دائرة المعارف الإسلاميَّة : 4 / 269 .(2/81)
1. إنَّ البشانقة منذ وصولهم إلى البوسنة و استيطان جبالها الوعرة ، أيَّام هبوط صقالبة الجنوب شبه جزيرة البلقان ، و هم في حالة دفاعٍ عن النفس ، و تصدٍ لهجمات الصرب و الكروات التوسعية .
2. إنَّ البشانقة قد جمعوا إضافةً إلى العنصر الصقلبي مجموعةً من العناصر المُمَيِّزة مثل استقلال الكنيسة البوسنويَّة سيأتي تفصيل ذلك في المبحث الرابع من العقائد والأديان في البوسنة والهرسك من هذا الباب ، و قيام زعامات وطنية مستقلة تسوسهم و تدير شؤون بلادهم ، و لو لم يكونوا مُستقلِّين لما كان معنى لحكم البانات البوسنويين لهم ، و لا لاستقلال كنيستهم و التفرُّد بعقائد لا يدين بها سواهم .
3. إنَّ العثمانيين وصلوا إلى البوسنة و هي دولةٌ مستقلَّة ليس للصرب و لا لسواهم فيها من الأمر شيء ، و لم يكن يربط البوسنة بجيرانها سوى معاهداتٌ و تحالفاتٌ ضعيفة.
المطلب الثاني : البوسنة في ظلِّ الحُكم العثماني :
× بدأ دخول العثمانيِّين إلى البلقان بعد أن فتحوا مدينة غاليبولي (1) سنة 754 هـ / 1353 م (2) .
__________
(1) ... غاليبولي : مدينة ساحليَّة و ميناءٌ هام ، يُطلُّ على مضيق الدر دنيل ، قرب جزيرة غاليبولي الواقعة ضمن الحدود الحالية لتركيا ، و تسمى بالتركية (غليبولو) ، على بعد 140 ميلاً عن مدينة أدرنة ، و يبلغ عدد سكانها 16496 نسمة تقريباً0
انظر : دائرة المعارف اليوغسلافيَّة : 8 / 214 Encilopedija Jugoslavije ( JLZ, Belgrad; 1965g )
(2) و : الموسوعة العربية الميسرة : 1 / 596 .
... انظر : حامد عثمان : المسلمون في العالم ، قضايا و تحديات ، ص : 381 .(2/82)
× في عام 771 هـ / 1370 م ، أُلحقت مملكة بلغاريا بالدولة العثمانيَّة بعد جهاد طويل ، و خضعت بعض الشعوب الصربيَّة في البلقان للحكم العثماني ، حتى اعترف ملك صربيا ( استيفان ) بالسيادة الإسلاميَّة العثمانية ، و تعهَّد بدفع الجزية للسلطنة سنويا (1) ، لكنَّ الدولة العثمانيَّة واجهت في البلقان نوعاً من الأعداء المعروفين بالغدر و الخيانة و هم الصرب ، حيث تحالف ملك الصرب مع ملك البلغار - الذي كان خاضعاً للدولة العثمانية - لمهاجمة قوَّات العثمانيين و التصدي لزحفهم في البلقان ، و لكن هذا التحالف باء بالفشل الذريع و سرعان ما آل إلى الانهيار ، ممَّا أعطى السلطان مراد الأول (2) تبريراً للتقدم بجيشه و التوغُّل في أعماق البلقان باتجاه بلاد الصرب (3) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور سوسن سويلم : دراسة في حلقات ( ضمن مجلَّة المختار الإسلامي ، ع : 129 بتاريخ 2 / 3 / 1414 هـ الموافق 19 / 8/ 1993 م ) ، ص : 92 .
(2) ... مراد الأول ، هو : السلطان مراد بن أورخان الغازي ، ثالث الخلفاء العثمانيين ، بويع بالسلطنة بعد أبيه ، في سنة 761 هـ / 1359 م ، و استمرَّ حكمه إلى سنة 791 هـ / 1388 م حيث قتله غيلةً صربيٌ يدعى : ميلوش ، مات مراد الأول وهو في أوج انتصاره ، عرف بالكفاءة القيادية العالية ، قهر الأمبراطور البيزنطي يوحنا ، وهو الذي أحدث الراية العثمانية – علم تركيا الآن - .
انظر : طاشكبري زاده : الشقائق النعمانية ( مطبوعٌ على هامش وفيَّات الأعيان ، القاهرة 1310هـ ): 1/ 77 ، شذرات الذهب 8/ 567 ، تاريخ الدولة العلية ص 129 - 136 .
و إسماعيل سرهنك : حقائق الأخبار عن دُول البحار ( المطبعة الأميري’ بالقاهرة 1312هـ ) 1 / 491 .
(3) ... انظر : علي حسون : االعثمانيون و البلقان ( المكتب الإسلامي ، بيروت 1406هـ/1986م ) ، ص : 49 و ما بعدها 0(2/83)
× استولى العثمانيُّون على مقدونيا كاملةً عام 772 هـ / 1371 م ، وتوغَّلت قوات السلطان مراد الأول في البلقان ، و هزمت قوَّات الصرب التي قادها لازار في معركة قوصوة ( كوسوفو ) الشهيرة عام 791 هـ/ 1389 م ، و بذلك استتبت الأمور للعثمانيِّين في شبه جزيرة البلقان (1) و أعطى حُكامها الجزية
(( عن يدٍ و هم صاغرون )) ،? و في معركة قوصوة أسر ملك الصرب لازار ثمَّ قتل و في المقابل قُتل غيلةً السلطان مراد الأول بطعنةٍ من صربيٍ تقدَّم إليه زاعماً أنَّه سيُسلِّم عليه و يُعلن إسلامه بين يديه ، و بينما كان السلطان يجود بنفسه أخذ البيعة من الحاضرين لابنه الغازي بايزيد الأول (2) ، و أوصى بالأسرى خيراً ، ثمَّ تشهَّد و فاضت روحه إلى بارئها رحمه الله في منتصف شعبان 791 هـ الموافق للتاسع من أغسطس
( آب ) 1389 م (3) .
__________
(1) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 26 و ما بعدها 0
(2) ... بايزيد الأول : سلطان عثماني ، وُلد سنة 747 هـ/1347م ، تولى حكم السلطنة عام 791هـ/1389م بعد وفاة أبيه السلطان مراد الأول ، يعتبر أبرز بُناة الدولة العثمانية لكثرة غزواته و إصلاحاته ، هزم الصليبيين في
( نيقوبوليس ) سنة 798هـ/1395م ، و لكن تيمورلنك ألحق به هزيمة نكراء عند أنقرة ، و اقتاده أسيراً عام 804 هـ / 1402 م ، و يقال إنه كان يحمله أينما ذهب في قفصٍ من حديد ، حتى مات كمداً سنة 799 هـ / 1403 م 0
انظر : الموسوعة العربية الميسرة 1 / 322 322 .
و : منير البعلبكي : موسوعة المورد العربية .
(3) ... انظر : أشرف المهداوي : قصَّة البوسنة ، ص : 154 - 155 .
... و : علي حسون : المسلمون في البلقان ، ص : 52 – 53 .(2/84)
× بدأ العثمانيون محاولاتهم دخول البوسنة في عهد ملكها استيفان الثاني (1) ، ووصلوا إلى مدينة بيليتسا ( Bileca ) عام 790 هـ / 1388 م ، إلاَّ أنَّ الجيش البوسنوي تصدَّى لهم و هزمهم .
× في عام 820 هـ / 1418 م أُسِّس لواء البوسنة ، و كان مركزه مدينة سراي بوسنة ( سراييفو ) ، و عُيِّنَ أوَّل مُتصرِّف فيها و هو إسحاق بيك
( إسحاقوفيتش ) و هو من أهل البوسنة .
× و في عام 831 هـ /1428 م خضع ملك البوسنة لسيادة السلطان العثماني و بدأ بدفع الجزية ، بعد أن أبرم عهداً مع السلطان مراد الثاني (2) يحظى بموجبه بحماية العثمانيين (3) .
__________
(1) 3 ... استيفان الثاني ، هو : استيفان دوشان بن استيفان أروش ، كان في عهد أبيه وليا للعهد ، ثم خلف والده بعد أن شنقه ، وحكم البلاد الصربية بقبضة من حديد لمدة جيل كامل ، كان بشع المنظر عملاقا ، سيطر على البوسنة و ألبانيا و مقدونيا ، و غيرها . انظر : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 64 .
(2) ... هو : السلطان مراد الثاني بن محمد الأول و خليفته ، استولى سنة 833 هـ / 1430 م على (سالونيك ) ، و غزا بلاد اليونان ، كان بلاطه مركزاً للثقافة العالية ، و كان هو نفسه محباً للشعر و الأدب ، توفي عام 854 هـ / 1451 م 0
انظر : الموسوعة العربية الميسرة 2 / 1677 .
(3) ... انظر : مُحمَّد فريد بك : تاريخ الدولة العليَّة ، ص : 135 .(2/85)
× في عام 855 هـ / 1451 م بويع محمد بن مراد الثاني ( الفاتح ) (1) سلطاناً على الدولة العثمانيَّة ، و كان هذا إيذاناً بفتح القسطنطينيَّة ، مصداقاً لبشارة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبد الله بن عمرو (2) - رضي الله عنه - ، قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نكتب ما نسمع منه ، فقلنا : أي المدينتين تفتح قبل ، يا رسول الله قسطنطينية أم رومية ؟ قال : بل مدينة هرقل . يريد القسطنطينية (3) .
__________
(1) ... هو هو : السلطان أبو المعالي مُحمَّد خان الثاني بن مراد ، المعروف بالفاتح ، ولد سنة 832 هـ / 1428 م ، بويع بالسلطنة بعد وفاة أبيه في 855 هـ / 1451 م ، و الفاتح لم يفتح القسطنطينية فقط لكنه غيّر تاريخ أووربا أيضاً وثّمة اتفاق بين المؤرخين على أن العصر الحديث يبدأ بفتح القسطنطينية ، وكان مثقفا يعرف عددا من اللغات و هي : العربية ، و الفارسية ، و التركية ، وهو شاعر له ديوان بالتركية ، ومن صفاته الشجاعة و عدم التردد ، و حبه للأدب سنة خمسٍ و
خمسين و ثمانمائة ، و استمرَّ حكمه إلى سنةةستٍ و ثمانين و ثمانمائة 886 هـ / 1481 م .?
... انظر ترجمته في : الضوء اللامع 10 / 47 ، شذرات الذهب 9 / 516 ، طاشكبري زاده : الشقائق النعمانيَّة :
1 / 181 ، و المجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية ع. الاول و الثاني ، كانون الثاني
1990 م .
(2) 4 ... عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ، هو : ابن العاص بن وائل ، السهمي القرشي ، أسلم عبد الله قبل أبيه ، و كان أبوه أكبر منه بثلاث عشرة سنة ، و كان عبد الله عالماً ، حافظاً ، عابداً ، و كتب الكثير من الحديث بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - له ، مات بمصر بداره سنة 65 هـ/ 684 م .
... انظر ترجمته في : الحلية 1 / 283 ، أسد الغابة 3 / 349 – 351 ، تذكرة الحفاظ 1 / 49 ، سير أعلام النبلاء 3 / 89 - 94 ، العقد الثمين 5 / 223 .
(3) 1 حديث صحيح :
أخرجه أحمد 2 / 176 ، و ابن أبي شيبة في " مصنفه " 5 / 329 ، و الدارمي في سننه ( 486 ) ، والطبراني في " الأوائل " ( 61 ) ، و في المعجم الكبير ( 13 / 68 رقم 166 – قطعة منه ) ، و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " ( 5 / رقم 607 ) عن طريق يحيى بن إسحاق السيلحيني ، قال : حدثنا يحيى بن أيوب ، عن أبي قبيل ، أنه سمع عبد الله بن عمرو ، يقول ، و قد ذكروا فتح القسطنيطينة و رمية أيهما تفتح قبل ؟ فدعا عبد الله بصندوق ففتح ، فقال كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكره .
... قلت : هذا إسناد حسن ؛ لأجل يحيى بن أيوب ، و هو الغافقي : صدوق ، كما قال البخاري ، انظر ترجمته في : تهذيب الكمال 31 / 233 ،. ثم إنه متابع كما سيأتي .
... أما يحيى بن إسحاق السيلحيني ، فهو : ثقة . و ثقة أحمد ، و ابن سعد ، و الذهبي ، و ابن حبان . وقال فيه ابن معين : صدوق . انظر : تهذيب الكمال 31 / 195 .
و قال الهيثمي في " المجمع " 6 / 219 : ( رواه أحمد ، و رجاله الصحيح غير أبي قبيل ، و هو ثقة ) .
و تابع يحيى بن إسحاق ، كلاً من :
1- عبد الله بن وهب : عند نعيم بن حماد في " الفتن " ( 1344 ) ، والحاكم في "المستدرك" (4 / 555 ، 598) ـ و قال : صحيح الإسناد ـ .
2- و سعيد بن أبي مريم : عند الطبراني في " الكبير " 13 / 166 .
و تابع يحيى بن أيوب : سعيد بن أبي أيوب . أخرجه الحاكم 4 / 422 من طريق هاشم بن مرشد ، عن سعيد بن عفير ، عنه .
قلت : وهذا إسناد حسن أيضاً ، به يصح الحديث ؛ سعيد بن أبي أيوب هو : المصري ، ثقة ثبت ، كما في
" التقريب " ( 2274 ) .
و سعيد بن عفير ، هو : سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري المصري ، قال فيه ابن حجر في " التقريب "
( 2382 ) : ( صدوق عالم بالأنساب وغيرها ، قال الحاكم : يقال : إن مصر لم تخرج أجمع للعلوم منه . و قد ردّ ابن عدي على السعدي في تضعيفه ) .
و هاشم بن مرشد ، هو : الطبراني ، و ثقة الخليلي ، و قال ابن حبان : ليس بشيء .
انظر : لسان الميزان 6 / 185 .
... و خالف ابن لهيعة ، فرواه عن أبي قبيل ، فزاد ( عمير بن مالك ) بينه وبين عبد الله بن عمرو ، و أوقفه ولم يرفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .
... أخرجه نعيم بن حماد في " الفتن " ( 1337 و 1354 ) ، و ابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص257) . =
= ... لكن رواية يحيى بن أيوب ، و سعيد بن أبي أيوب أصح ، فابن لهيعة متكلم فيه و هما أحفظ منه .
و الحديث : صححه الحاكم كما تقدم ، و حسنه عبد الغني المقدسي في كتاب العلم – فيما عزاه الألباني - ، و صححه الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على " المسند " 10/131 ، و الألباني في " الصحيحة " (4) .
· ... و جاء في البشارة بفتح القسطنطينية حديث آخر :
عن عبد الله بن بشر الغنوي : حدثني أبي ، قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
(( لتفتحنَّ القسطنطينية ، ولنعم الأمير أميرها ، ولنعم الجيش ذلك الجيش )) . قال عبد الله بن بشر : فدعاني مسلمة بن عبد الملك ، فسألني عن هذا الحديث ، فحدثته ، فغزا القسطنطينية .
أخرجه عبد الله بن أحمد ، و أبوه في " المسند " 4 / 335 ، و البخاري في " التاريخ الكبير " ( 2/ 81 رقم 1760 ) ، و " التاريخ الصغير " ( 1/306 رقم 1483 ) ، و البزاز في " مسنده " ( 2 / رقم 1848 – زوائد ) و الطبراني في " المعجم الكبير " ( 2 / 38 رقم 1216 ) ، و ابن قانع في " المعجم " 1 / 81 ، و أبو سعيد بن يونس في " تاريخه " – كما في تاريخ دمشق 58 / 35 - ، و أبو نعيم في " معرفة الصحابة " ( 3 / رقم 1155 ) ، و الحاكم 4 / 422 ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " من طرق : عن زيد بن الحباب ، قال : حدثني الوليد بن المغيرة ، حدثني عبد الله بن بشر الغنوي ، عن أبيه به .
و رجاله ثقات سوى عبد الله بن بشر الغنوي ، وقيل : الخثعمي ، قال فيه علي بن المديني – كما في تاريخ
دمشق - : ( مجهول ) . ووثقه ابن حبان على عادته في توثيق المجاهيل .
و قد اختلف الرواة في اسمه و نسبه على وجوه ذكرها الحافظ في " تعجيل المنفعة " ص 213 ، و فرّق بينه و بين عبد الله بن بشر الخثعمي الكوفي الصدوق الذي روى له النسائي والترمذي .
أما توثيق الهيثمي في " المجمع " 6 / 219 ، و البوصيري في " إتحاف المهرة " ( 9943 ) لرجال إسناده فالظاهر لخلطهما بينهما .
و قال أبو سعيد بن يونس : ( ما حدث به إلا زيد بن الحباب . وعبد الله بن بشر الخثعمي يشبه أن يكون من ناقلة الشام ) .
و قال ابن عبد البر في " الاستيعاب " 1 / 170 : ( إسناده حسن ) .(2/86)
× تقدَّم السلطان محمد الفاتح - رحمه الله - بعد أن فتح الله على يديه القسطنطينيَّة بقوَّاته نحو بلاد الصرب ، و خاض حرباً ضروساً استبسل فيها المسلمون ضد الصرب و حلفائهم الذين دافعوا عن بلغراد (1) باستماتةٍ سنة 860هـ / 1456 م ، و قبل أن تُفتح المدينة عاد الفاتح إلى إسطنبول ، و أناب على الجيش الصدر الأعظم محمود باشا الذي أتمَّ فتح بلاد الصرب - عدا بلغراد - خلال عامَين ، و أعلنها ولايةً عثمانية عام 864 هـ /1460 م (2) ، بينما استعصت بلغراد على المسلمين فلم يدخلوها فاتحين إلا أيَّام سليمان القانوني (3) عام 927 هـ / 1521 م (4) ،
__________
(1) ... بلغراد أو بيوغراد : أي أرض الجبل الأبيض ، عاصمة يوغسلافيا الاتحادية تقع على نهر الدانوب ، و تشرف عليها قلعة العرب المعروفة باسم قلعة العرب ، و هي الآن عاصمة صربيا ، تعرَّضت معالمها الإسلامية للخراب و الدمار إبَّان الحربين العالميَّتين ، و لم يبق منها سوى قلعتها و مسجدها الوحيد0
انظر : محمد الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا 75-76 .
(2) ... المسلمون في العالم ، ) ص : 381 .
(3) ... سليمان القانوني ، هو : عاشر سلاطين الدولة العثمانية ، و يُعرف بسليمان الأول ، لُقِّب بالقانوني بسبب التشريعات الإصلاحية التي سنها و جعلها دستوراً للحكم ، وُلد عام 900 هـ / 1519 م ، و خلف أباه السلطان سليم الأول على الحكم بعد وفاته عام 926 هـ / 1519 م ، و استمر على عرش السلطنة نحو نصف قرن حتى توفي عام 974 هـ / 1566 م ، و خلفه ابنه الوحيد سليم الثاني 0
انظر : شذرات الذهب لابن العماد 10 / 549 ، محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ،- ) ، ص : 79 ، ت 73 .
(4) ... انظر : أشرف المهداوي : قصَّة البوسنة ) ، ص : 177 .
و علي حسُّون : العُثمانيَُون و البلقان ، )ص : 114 -– 116 .(2/87)
و صادف فتحها يوم الجمعة الخامس و العشرين من رمضان ، فدخل السلطان إحدى الكنائس ، وأقام فيها صلاة الجمُعة ، و أمر بتحويلها إلى مسجد فكان ذلك أوَّل مسجدٍ في بلغراد (1) .
× ذكر بعض المؤرخين أنه بعد انتصار العثمانيِّين على الصرب و ضمِّ بلادهم إلى دولة الخلافة ، استغاث زعيما البوغوميل (2) في البوسنة ، و هما : فوكجيتش ، و بافلوف بالمسلمين لنصرتهم ، و دعوهم إلى بلادهم بعدما سمعوا و عرفوا من رُقِيِّهم و تسامحهم مع مخالفيهم (3) .
× في عام 867 هـ / 1463 م تمرّد ملك البوسنة على السلطة العُثمانيَّة ، و رفض إعطاء الجزية ، و سعى إلى عقد اتفاقٍ مع الصرب ضدَّ العُثمانيِّين ، و كان هذا السبب كافياً لدخول الجيش العُثماني إلى البوسنة و فتْحِها (4) .
× في عام 868 هـ / 1463 م (5) توجهت جيوش العثمانيِّين إلى البوسنة ، و اجتاحتها من الشرق حيث دخلت مدينة سربرنيتسا ( Srebrnica ) (6) ، و منها توجَّهت إلى بقيَّة أرجاء البوسنة فافتتحتها كلَّها ، و أحكمت سيطرتها على البوسنة بينما
__________
(1) ... بسام العسلي : المسلمون في البوسنة ، ص : 25 .
(2) 5 ... البوغوميل ،( أو أحباب الله :) مذهب الكنيسة البوسنويّة ، سيأتي التعريف به في المبحث الرابع ، من هذا الفصل إن شاء الله .
6 ... علي المنتصر الكُتَّاني : المُسلِمون في أوروبا و أمريكا ، ص : 118. الله ?
(3) علي المنتصر الكُتَّاني : المُسلِمون في أوروبا و أمريكا ( الطبعة الأولى ، دار إدريس 1396هـ/1976م ) ، ص :
(4) 1 ... مُحمَّد الخانجي : الجوهر الأسنى ، ص : 13.
(5) 2 ... انظر : فؤاد شاكر : البوسنة و الهرسك ، ص : 20 .
(6) 3 ... سربرنيتسا : تقع على الحدود الشرقية للبوسنة ، ومعظم سكانها اليوم من المسلمين ، وقد تعرضت إلى مجزرة رهيبة أودت بحياة عدة آلاف من المسلمين قبل سقوطها في يد الصرب أثناء الحرب الأخيرة ( الباحث ) .(2/88)
ظلّ إقليم الهرسك خارج سلطة العثمانيِّين حتى فتحه السلطان بايزيد الثاني (1) ، سنة 888 هـ / 1483 م (2) . و قد وحَّد العثمانيون إقليميْ البوسنة و الهرسك في ولاية واحدة سنة 988 هـ / 1580 م ، و ظلَّ الإقليمان كذلك حتى عام 1266 هـ / 1850 م (3) ، ثم فتح العثمانيُّون بلاد الجبل الأسود عام 901 هـ /1496 م ، و لكنهم لم يلبثوا أن انسحبوا منها مؤثرين الاكتفاء بتبعيَّتها الاسميّة و دفع الجزية للسلطنة (4) ، و بعد ذلك تمَّ فتح كرواتيا في عهد سليمان القانوني عام 932 هـ / 1526 م (5) .
× في ظل الحكم العثماني أصبح للبوسنة كيان يضمُّ إلى جانب البوسنة والهرسك أجزاء من سلوفينيا و كرواتيا و دالماسيا و صربيا ، وظلَّت متمتعةً بهذا الوضع بوصفها وحدةً ذاتية لمنطقة كبرى طوال الحكم العثماني (6) .
__________
(1) 4 ... بايزيد الثاني ، هو : السلطان بايزيد الثاني بن السلطان محمد الفاتح ، وخلفه ، ولد سنة 850 هـ / 1447 م ، وتولى الحكم بعد وفاة أبيه سنة 885 هـ / 1481 م ، وظل متربعاً على عرش السلطان إلى أن خلعه ابنه سليم الأول سنة 919 هـ / 1512 م ، ثم سمه وقضى عليه .
... انظر : الموسوعة العربية الميسرة 1 / 323 .
(2) 5 ... انظر : يلماز أوزتونا : تاريخ الدولة العثمانية ، ترجمة عدنان محمود سلمان ، ص : 153 .
(3) 6 ... انظر : الاندلس الثانية ، ص : 24 .
(4) 1 ... انظر : بول كولز : العثمانيون في أوروبا ، ترجمة الدكتور عبد الرحمن عبد الله الشيخ ، ص : 113 .
(5) 2 ... انظر : البوسنة والهرسك أمة تذبح وشعب يباد ، إعداد قسم البحوث بدار الدعوة للطبع والنشر ، ص : 16 .
(6) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 85 .(2/89)
× في ظلِّ الحكم العثماني تولَّى المسلمون البشانقة مقاليد الأمور في بلادهم و كان منهم قادةٌ و باشواتٌ يحكمون البلاد و يقودون الجيوش ، و كان من أشهر ولاة البوسنة و أحبهم إلى أهلها على الإطلاق الغازي خسروبك ، الذي حكم البوسنة لفترتين أولاهما بين عام 912 هـ / 1506 م و عام 918 هـ/1512م و الثانية بين عامَيْ 926 هـ / 1520 م و 949 هـ / 1542 م ، كما برزت شخصيَّاتٌ بوسنويَّة تولَّت أرفع المناصب في دولة الخلافة بما فيها منصب الصدارة العظمى ، الذي تولاَّه لفترة طويلة محمد صوكولي البوشناقي ، الذي كان من نصارى البوسنة قبل إسلامه (1) ، و سنان باشا البوشناقي وغيرهما (2) ، و اشتهر من بين أبناء البوسنة البارزين في دولة الخلافة تسعةٌ من الساسة من بينهم ثلاثةُ أخوة من أسرة صوقولوفيتش من أهالي بلدة فيشِغراد ( Viڑegrad ) البوسنوية .
× ظلَّت البوسنة و الهرسك محطّ أنظار و أطماع الدُول المجاورة ، فما إن سنحت الفرصة لملك المجر متياس كورفينوس حتى أغار على شماليَّ البوسنة ، واستولى على بعض مناطقها مثل زفتشا ( Zveوa ) ، و ياييتسا ( Jajca ) نحو سنة 867هـ/
1463م (3) .
__________
(1) ... انظر : بول كولز : العُثمانيَُون في أوروبا ، ص : 163 .
(2) ... أحصى بعضُهم أسماء من أسندت إليهم الصدارة العظمى ( أي رئاسة الوزراء باصطلاح اليوم ) في الدولة العثمانيَّة من البوشناق فبلغ عددهم أربعة وعشرين .
انظر : الدكتور عدنان النحوي : ملحمة البوسنة ، نقلاً عن سماحة الشيخ مُحمَّد أمين الحسيني : كلمة هامة عن البوسنة و الهرسك ( نشرت في مجلَّة فلسطين ، ع : 142 ذي الحجة 1392هـ ) .
(3) ... دائرة المعارف الإسلاميَّة : 8 / 355 .
و : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 77 .(2/90)
× بقيت البوسنة و الهرسك مقسمةً بين النفوذ العثماني و النفوذ المجري حتى عام 934 هـ / 1528 م ، حيث انتصر العثمانيُّون في موقعة موهاك ( أو موهاكس ) على المجريِّين انتصاراً حاسماً أخضع المجر لسلطتهم (1) ، و بذلك أصبحت البوسنة ولايةً عثمانية بلا نزاع .
× هُزمت الجيوش العثمانية أمام النمساويين في سِنتا ( Senta ) عام 1108هـ / 1697 م ، و قُتل الصدر الأعظم الماس محمود باشا و كثير من قُوَّاد جيشه فتقدَّم الجيش النمساوي عبر نهر صاوة ( سافا ) ، حتى وصل إلى ضواحي سراييفو في يوم الثُلاثاء السابع من ربيع الأول سنة 1109 هـ ، الموافق للثاني و العشرين من أكتوبر
( تشرين أوَّل ) سنة 1697 م ، و دعا المسلمين إلى الاستسلام ليحولوا دون تدمير كلِّ شيء بالحديد و النار ، فاستسلم عامّتهم و لكن استسلامهم لم يحُل دون تدمير المدينة و إحراقها ، و أسر من نجا من أهلها ، و يكفي للدلالة على حجم الدمار الذي لحق بسراييفو إثر هذه الكارثة ، أنَّ من بين مائة و أربعة مساجد كانت موجودة يومئذٍ لم يسلم من الحرق و التدمير سوى خمسة أو ستة مساجد (2) .
× في عام 1130 هـ / 1718 م وقع إقليم الهرسك تحت حكم النمسا ،
و ظلَّ كذلك إلى أن حرَّره العثمانيُّون و أعادوه إلى البوسنة بحلول عام 718 هـ /1837 م (3) .
__________
(1) ... حول تفاصيل هذه المعركة انظر : فؤاد شاكر : البوسنة و الهرسك ، ص : 43 -– 47 .
(2) ... انظر : الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 176 .
(3) ... فؤاد شاكر : البوسنة و الهرسك ، ص : 21 .(2/91)
× في عام 1149 هـ / 1737 م علم والي البوسنة أن دولة النمسا عازمة على الاعتداء عليهم و قد حشدت في سبيل ذلك جيشاً جرّاراً ، و لما كانت الدولة العثمانية آنذاك مشتبكة مع روسيا في حربٍ عنيفة ، لم تستطع أن تمد للبوسنويين يد العون ، فاجتمعت كلمتهم على مقاومة النمسا ، و صد عدوانها ، و كذلك فعلوا . و دارت معارك دامية شاركت فيها نساء البوسنة إلى جانب رجالها ، فكان النصر حليفهم ، و كافأ السلطان زعماءهم و قادة الدفاع بأعلى الرتب ، و منح محمد بيك الفدائي البوشناقي لقب الغازي الذي كان أشرف الألقاب و أندرها (1) .
× دخل الصرب مدينة بلغراد يوم الخَميس التاسع و العشرين من شوَّال سنة 1221 هـ الموافق للثامن من يناير ( كانون الثاني ) 1807 م ، و أعملوا السيوف في رقاب المسلمين ، و هدموا المساجد و المدارس و القبور ، و لم تشهد بلغراد مثل ذلك العنف في تاريخها الحافل بالمآسي من قبل (2) .
× قامت في البوسنة عام 1246 هـ / 1831 م حركة تمرد بقيادة حسين قبطان غراشتشفيتش ضد الحكم العثماني ، و نجح حسين في بداية الأمر ، و لكن سرعان ما انهزم أمام الجيش العثماني عام 1247 هـ / 1832 م (3) .
× في عام 1259 هـ / 1844 م أعلن الصرب برنامجهم القومي ، الذي قرَّروا فيه تهجير جميع المسلمين من السنجق و البوسنة و الهرسك و كوسوفو ، أو تنصيرهم و تحويلهم إلى الديانة الأرثوذكسيَّة (4) .
__________
(1) 3 ... انظر : الحاج أمين الحسيني : كلمة هامة عن البوسنة و الهرسك ( مقال منشور في مجلة فلسطين ، العدد : 142 السنة : 13 ، ذو الحجة 1392هـ /1973م ) ، ص : 11 .
(2) ... انظر : وكالة الأنباء الإسلاميَّة ، ص : 13 -– 14 .
(3) ... الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ص : 16 .
(4) ... انظر : البوسنة و الهرسك ( من إعداد دار الدعوة ) ، ص : 16 .(2/92)
× حصلت صربيا على حُكم ذاتي بموجب معاهدة باريس عام 1273 هـ/ 1856 م ، و واصلت الضغط و المقاومة للحكم العثماني ، بدعم حلفائها الروس و غيرهم إلى أن جلت آخر القوات العثمانيَّة عنها عام 1284 هـ / 1867 م حيث بقي حاكمها تابعاً للدولة العثمانيَّة شكلياً فقط (1) .
× في عام 1291 هـ / 1875 م نشبت في منطقة البلقان ثورة عارمة ضدَّ العثمانيين ، بدأت في الهرسك ، ثم امتدت إلى المناطق المجاورة في البوسنة و بلغاريا و تضامنت صربيا معها ، إلاَّ أن القوَّات العثمانيَّة تمكنت من إخمادها (2) .
× في عام 1292 هـ / 1876 م أعلنت كلٌ من صربيا و الجبل الأسود الحرب على الدولة العثمانية (3) .
× خلال ثلاثين سنة فقط تنتهي بانتهاء عام 1330 هـ / 1912 م ، كانت عمليات التطهير قد طالت ستة و ثلاثين ألف مسلم من البوسنة و السنجق ، بحسب ما تقر به وثائق الدولة المجرية النمساوية ، أما مصادر المسلمين فتؤكد أن عدد المهجرين الحقيقي يتراوح بين مئة و أربعين ألفاً ، و مئة و ستين ألف
مسلم (4) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور فهد بن عبد الله السماري : المسلمون في البوسنة و الهرسك من مآسي الماضي إلى معاناة اليوم،
... ص : 13 .
(2) ... الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ص : 16 .
(3) ... الدكتور رشدي عزيز مُحمَّد : المسلمون في البوسنة و الهرسك بين الماضي و الحاضر )، ص : 73 .
(4) 1 انظر : محمد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ) ، ص : 721 .(2/93)
جاءت حروب البلقان المعروفة بين عامَيْ 1330 هـ / 1912 م ، و 1331 هـ / 1913 م لكي تنهي ما تبقى من النفوذ العثماني في منطقة البلقان ، حيث ارتسمت صورة طبيعيَّة للتكاتف النصراني ضد الدولة التي ترفع راية الإسلام ، و انعكست فيها مراحل التخلُّص من النفوذ العثماني باستخدام شتى الوسائل ، و قد تمخَّضت هذه الحروب - التي انتهت رسميَّاً بالتوقيع على معاهدة لندن عام 1331 هـ / 1913 م عن خسارة كبيرة للدولة العثمانيَّة حيث فقدت أكثر من 83 بالمئة من الأراضي التي كانت تحكمها في البلقان (1) ، منهية بذلك عدة قرون من الوجود العثماني في البلقان الذي استمر 415 سنةً في البوسنة ، و 380 سنة في صربيا ، و 420 سنة في الجبل الأسود ، و 430 سنة في قوصوة ( كوسوفو ) ، و 547 سنة في مقدونيا (2) .
المطلب الثالث : الحكم النمساوي و الهنغاري للبوسنة :
__________
(1) 2 ... الدكتور فهد بن عبد الله السماري : المسلمون في البوسنة ، ) ص : 14 .
(2) 3 انظر : الدكتور رشدي عزيز محمد : المسلمون في البوسنة بين الماضي و الحاضر ، ص : 88 .(2/94)
× في عام 1295 هـ / 1878 م منحت البوسنة و الهرسك حكماً ذاتياً في ظل الحكم العثماني بموجب معاهدة سان ستيفانو (1) ، لكن هذا الحكم لم يدم طويلاً حيث وُضعت في العام نفسه تحت الإدارة النمساويَّة المجريَّة المشتركة ، مع الإقرار بسيادة السلطان العثماني عليها بموجب قرار مؤتمر برلين ، الذي ضمن (( أن لا تمسَّ حقوق السيادة للسلطان العثماني ، و أن يستمر تداول العملة العثمانية، و أن تستخدم إيرادات البوسنة محليَّاً ، و أن تستعمل الإدارة الجديدة موظفين بوسنويين أو أتراكاً ، و أن تُتاح للمسلمين حرية العبادة ، و أن يظل اسم الخليفة مردداً على المنابر في الجُمَع )) (2) إلا أن شيئاً من هذه الأمور لم يُطبق اللهم إلا الأخير منها ، و قد قاوم الشعب البوسنوي الحكومة النمساوية المجرية ببسالة مدة ثلاثة أشهر ، و لكنه غُلب على أمره ، و لم يتمكن من الإفلات من الاستعمار الذي فرض عليه بموجب معاهدة برلين (3) .
× حرص المسلمون الواقعون تحت حكم النمسا و المجر على إيجاد تنظيم يجمعهم - و كان ذلك قاصراً على الأمور الدينية - فاقترحوا إنشاء مشيَخةٍ دينية في البوسنة مستقلة عن اسطنبول ، و كان لهم ما أرادوا في عام 1237 هـ/ 1882م حيث عيَّن السلطان العثماني رئيساً لعلماء البوسنة ، و أُسندت إليه رئاسة مجلس الطائفة الإسلامية المكوَّن من أربعة أعضاء و هيئةٍ من المستشارين (4) .
__________
(1) انظر : عبد الله سماييتش : الصراع في يوغسلافيا ،) ص : 56 .
(2) Schmitt, B; The Annexation of Bosnia 1908 - 1909 ( Cambridge, 1937g ) P:2 و : الأرقم الزعبي : قضيَّة البوسنة و الهرسك ، دراسة تاريخيَّة و إنسانيَّة ، ص : 28 .
(3) 2 ... الحاج أمين الحسيني : كلمة هامة عن البوسنة و الهرسك ( مقال منشور في مجلة فلسطين ، العدد 142 ، السنة : 13 ، ذو الحجة 1392هـ /1973م ) ، ص : 10.
(4) ... نويل مالكوم : البوسنة ، ) ص : 187 .(2/95)
× استمرت البوسنة تحت السيطرة الفعلية للنمسا و المجر ، مع تبعيَّتها الشكلية للسلطنة العثمانية إلى أن انتزعت تماماً من جسد الأمَّة الإسلاميَّة ، و فُصلت عن الدولة العثمانيَّة عام 1326 هـ / 1908 م (1) ، حيثُ أعلنت النمسا ضمَّ إقليمي البوسنة و الهرسك ، و خَلعَ آخر الولاة المسلمين من قبل العثمانيِّين ، و هو أحمد مظهر باشا (2) ، الأمر الذي أثار أحقاد أبناء البوسنة ( المسلمين منهم ، و الصرب و الكروات على حدٍ سواء ) ضد النمساويِّين ، و ردّاً على قرار النمسا هذا أقدم صربيٌّ من أعضاء منظمة
( البوسنة الفتاة ) على اغتيال ولي عهد النمسا و زوجته في سراييفو ، الأمر الذي استنكره المسلمون البشانقة ، و أدَّى بمُضاعفاته إلى نشوب الحرب العالمية الأولى (3) .
× في عام 1318 هـ / 1900 م ثار مسلمو البوسنة بزعامة علي فهمي جاويتش (4)
__________
(1) ... فؤاد شاكر : البوسنة و الهرسك ، ص : 21 .
و الدكتور رُشدي عزيز : المسلمون في البوسنة ، ) ص : 85 .
(2) ... انظر : الدكتور عبد الحيّ فرماوي : الصربيُّون خنازير أوروبا ، ص : 40 .
... و محمد الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ، ص : 77 .
(3) ... انظر : حسين عبد القادر : انشطار يوغسلافيا ، ص : 17.
... و نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 199 .
(4) ... علي فهمي جاويتش : ولد سنة 1269 هـ / 1853 م ، كان مفتي موستار ، مُنع من العودة إلى البوسنة بعد أن غادرها إلى تركيا عام 1319 هـ / 1902 م ، عمل أستاذاً للغة العربيَّة في جامعة اسطنبول بين عامي 1320 هـ / 1903 م ، و 1325 هـ / 1908 م ، توفي في اسطنبول عام 1336 هـ / 1918 م 0
انظر : الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 187 .(2/96)
ضدَّ الحكم النمساوي ، و أعلنوا الجهاد ضدَّ النمساويين طيلة تسع سنوات ، حتى أدى جهادهم إلى قيام حكم ذاتي محدود لمسلمي البوسنة عام 1327 هـ / 1909 م يُمكنهم من تسيير أمورهم الدينية باستقلال تام (1) ، ثُمَّ انتخب مجلس بوسنويٌ يمثِّل البوشناق دون أن تكون له سلطةٌ تشريعيَّة و لكنَّه مكَّن بالفعل المنظَّمات المحليَة مثل المنظمة الوطنيَّة الإسلاميَّة التي أُسِّسَت عام 1323 هـ / 1906 م من العمل (2) .
× في سنة 1327 هـ / 1910 م أقرّ دستور جديد يجيز للبوسنة إنشاء مجلسٍ نيابي مكوَّن من اثنين وسبعين نائباً بالإضافة إلى عشرين عضواً يعيَّنون من أعضاء الهيئات الدينيَّة (3) .
× اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1332 هـ / 1914 م ، و انتهت عام 1336 هـ / 1918 م مخلَّفةً وراءها مآسي مفجعة لمسلمي البوسنة و الهرسك ، حيث استبيحت مدنهم ، و أحرقت مساجدها ، و نهبت ثرواتها ، و غدر الأرثوذكس بالمسلمين ، فصادروا أراضيهم ، و قضوا على المدارس و الكتاتيب والمعالم الإسلامية في بلادهم (4) .
__________
(1) ... المسلمون تحت السيطرة الشيوعية ، ص : 126 – 127 .
و انظر : الدكتور عدنان علي رضا النحوي : ملحمة البوسنة و الهرسك ، ص : 63 .
(2) انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ) ص : 195 .
(3) الدكتور عدنان النحوي : ملحمة البوسنة ، ) ص : 65 .
(4) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 69 ، نقلاً عن مقالٍ لمحمود السيد الدغيم ، نشرته صحيفة الحياة ( ع : 10868 بتاريخ 17 جمادى الأولى 1413هـ الموافق 11/ 11/ 1992م ) .(2/97)
× فضلاً عمَّا خلَّفته الحرب العالمية الأولى ، عانى المسلمون في ظلِّ الحكم النمساوي للبوسنة من الاضطهاد الديني و العِرقي الشيء الكثير ، و تعرَّضوا لحملات التنصير و التهجير ، ممَّا حمل الكثيرين منهم على الهجرة من البلاد إلى أراضي الدولة العثمانيَّة ، فقد هاجر في هذه الفترة أكثر من ثلاثمائة ألف مسلم بوشناقي ، فضلاً عن المهاجرين الآخرين من غير البشانقة (1) .
× تحرَّرت البوسنة من حكم النمسا و المجر في عام 1336هـ/1918م ، أي بعد أربعين عاماً من الاحتلال ، و انتقلت السلطة فيها إلى المجلس الوطني البوسنوي و لكنها لم تنعم بالتحرر المنشود طويلاً ، فما لبثت أن وقعت عقِب الاستقلال فريسةً للأعداء ضمن ما عُرف باسم المملكة اليوغسلافيَّة .
المطلب الرابع : البوسنة في المملكة اليوغسلافيَّة :
× ظهر بين الصقالبة على اختلاف أعراقهم شعور مُتنامٍ ضدَّ حكم النمسا و المجر للبوسنة ، و قد بلغ هذا الشعور ذروته بين عاميْ 1324 هـ / 1907 م ، و1327هـ/1910م ، حيث شهد تشكيل عدَّة تنظيمات تدعوا إلى إقامة دولةٍ يوغسلافيةً على أنقاض الحكم النمساوي المجري ، مثل حركة الشباب اليوغسلافيَّة ، و جمعيَّة البوسنة الفتاة (2) .
× تكونت في عام 1333 هـ / 1915 م لجنة تمثل معظم مجموعات الصقالبة الجنوبيين عُرفت باسم ( اللجنة اليوغسلافية ) ، و في عام 1335هـ / 1917 م ، قامت صربيا بتوقيع معاهدة تحالف مع هذه اللجنة ، و قد تمَّ بموجب هذه المعاهدة الإعلان ، عن السعي لإنشاء دولة واحدة ، تضم الغالبية العظمى للصقالبة الجنوبيين (3) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور عبد الحيّ فرماوي : الصربيُّون خنازير أوروبا ، ) ص : 40 .
و نويل مالكوم : البوسنة ، ) ص : 182 .
(2) ... انظر : نويل مالكوم : المرجعٌ السابق ، ص : 197 .
(3) ... انظر : عبد الله سماييتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 22 .(2/98)
× في عام 1335 هـ / 1917 م صدر إعلان ( مايو ) الداعي إلى توحيد الأراضي التي يسكنها السلوفينيون و الكروات و الصرب ، أمَّا المسلمون فلم يكن أمامهم
إلاَّ الحصول على الحكم الذاتي تحت سلطة المجر ، أو الدخول في الدولة اليوغسلافيَّة المستقلة و قد آثر كثيرٌ منهم - بمن فيهم رئيس العلماء محمد جمال الدين تشاوشيفتش (1)
- الخيار الثاني (2) .
__________
(1) 3 ... محمد جمال الدين أفندي تشاوشيفيتش : ولد سنة 1870م بقرية عرابوشا قرب مدينة بوسانسكا كروبا ، عاش و درس في اسطنبول خمسة عشر سنة ، وهناك تخرج من كلية الحقوق ، ثم رجع إلى وطنه سنة 1903 م فعمل في التدريس إلى أن انتخب رئيسا للعلماء سنة 1913 م ، وتقاعد منها سنة 1930م ، وتوفي سنة 1938 م ، اشتهر بشجاعته و منعه الحكومة اليوغسلافية من التدخل في الشؤون الإسلامية ، له عدة مصنفات أبرزها ترجمته لتفسير القرآن باللغة البوسنية .
انظر : عاكف إسكندروفتش : الدعوة و الدعاة في يوغسلافيا ، ص : 362 ، و الحافظ محمود ترالييتش : البسنويون البارزون ، ص : 157 ـ 161 .
(2) ... نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 204 -– 205 .(2/99)
× أُعلن عن قيام الدولة اليوغسلافيَّة لأوَّل مرة في الأول من ديسمبر ( كانون الأول ) عام 1918 م / 1336 هـ ، و حملت في البداية اسم مملكة الصرب والكروات و السلوفينيين ( SHS ) (1) ، و ضمَّت إلى جانب هذه القوميَّات الثلاث دالماسيا ، و جزءاً من مقدونيا ، و إقليمي البوسنة و الهرسك دون أن يكون لهما تمثيل يذكر في حكومتها ، بل على العكس من ذلك ، تمَّت مصادرة أراضي المسلمين و أُعطيت للصرب مما زاد في إفقار المسلمين (2) ، و قد أفصح الزعيم الصربي ستويان بروتينتش عن الهدف من هذا التصرُّف بقوله : (( لا تقتلوا المسلمين و لا تطردوهم ، و لكن اعملوا على إفقارهم و إضعافهم حتى يموتوا أو يضطروا إلى الهجرة من تلقاء أنفسهم )) (3) .
× نصَّت مُعاهدة ( سان جرمان ) الموقعة بين الصرب و النمساويين عام 1337هـ/1919م على إلحاق البوسنة و الهرسك و دالماسيا بصربيا (4) .
__________
(1) ... من الملاحظ أنه لم يُذكر اسم البوسنويين أو المسلمين في اسم هذه الدولة الجديدة ، و قد كان هذا الأمر مُدبَّراً لأنَّ الشعوب الأساسيَّة المكونة للمملكة كانت تعتبر المسلمين البوشناق جزءا من الصرب أو الكروات ، و لم تكن تعترف بتميزهم الديني أو القومي . انظر : الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ص : 17 .
(2) 3 المسلمون تحت السيطرة الشيوعية ، ص : 127 ، و عبد الله إسمايتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 23 -– 24.
(3) 4 ... انظر : ما كتبه أسعد طه حول البوسنة في صحيفة الشرق الأوسط ع : 4830 بتاريخ 15 / 8 / 1412هـ الموافق 18 / 2 / 1992م ، ص : 22 .
(4) ... الأرقم الزعبي : قضيَّة البوسنة ، ص : 29 .(2/100)
× نهجت حكوممة المملكة اليوغسلافية الجديدة نهجاً جديداً في التخلص من المسلمين بتهجيرهم عملاً بتوجيهات زعيمهم ستويان بروتشينتش ، و لكن تمسك المسلمين بأرضهم و ديارهم على الرغم من معاناتهم الشديدة دفع أعداءهم إلى العدول عن تهجيرهم إلى العمل على إبادتهم و الفتك بهم بأفظع الوسائل المعروفة في تلك الحقبة .
× بلغت معاناة المسلمين أشدها حينما أطلق الملك كارل بيتر ملك يوغسلافيا في فترة ما بين الحربين العالميتين الإشارة للقضاء على المسلمين بأية وسيلة ، الأمر الذي أشار إليه المؤرخ الكرواتي ( برانكو هرفات ) في كتابه ( مسألة كوسوفو ) ، حيث ذكر أن الملك بيتر مر في طريقه من كوسوفو إلى مقدونيا بحشد من المسلمين تحت رقابة الجنود الصرب ، فسأل مساعديه : من هؤلاء ؟ فأجابوه : إنهم مسلمون. فقال : لا فائدة للمملكة اليوغسلافية منهم ، و يجب أن يبادوا جميعاً ، و لكن دون أن نخسر عليهم تكلفة الذخيرة و الرصاص . اقتلوهم بالعصي على حافة الطرقات . و نُفّذت أوامره على الفور (1) .
× وقعت أشنع عمليًَّات الإبادة ضدَّ المسلمين البوشناق في مملكة يوغسلافيا مع بداية نوفمبر ( تشرين الثاني ) عام 1342هـ/1924م ، حيث أقدم صرب الجبل الأسود على قتل المئات من المسلمين ، و التمثيل بهم برسم الصلبان بالخناجر على جثثهم و غير ذلك ، بينما اضطر من نجا منهم إلى الهجرة إلى البوسنة و بلاد البلقان الأخرى إلى غير عودة (2) .
__________
(1) ... انظر : بسام العسلي : المسلمون في البوسنة و الهرسك ، ص : 57 نقلاً عن المؤرخ الكرواتي المذكور .
(2) ... انظر : وكالة الأنباء الإسلاميَّة ، ص : 16 .(2/101)
× كان دور المسلمين في هذه المملكة شبه معدوم ، و يمكن الاستشهاد على ذلك بحادثةٍ وقعت في الجمعية الوطنية اليوغسلافية عام 1343هـ/1925م ، عندما قام الوزير الكرواتي ستيبان راديتش بالرد على اعتراض قدمه وفد المنظمة الإسلامية اليوغسلافية ، حيث قال بحدة و صرامة : (( أنتم أيُّها الأتراك ارحلوا إلى
آسيا ) ) و تُعبِّر هذه الكلمات عن الوضع الحقيقي للمسلمين بين الصرب
و الكروات (1) .
× نتيجةً لنزاعات وقعت و تفاقمت بين الصرب و الكروات ، أقدم الملك ألكسندر على إلغاء دستور عام 1339هـ/1921م ، ليستهل عصراً جديداً من عصور الاستبداد ، و غيَّر اسم المملكة إلى مملكة يوغسلافيا عام 1347هـ/
1929م مما أثار حفيظة الناس و أدى إلى خروجهم عليه ، إلى أن لقى مصرعه على يد أحد الكروات عام 1352هـ/1934م (2) .
× عانى مسلمو البوسنة و الهرسك في ظل المملكة اليوغسلافيَّة أنواع الاضطهاد و التضييق ، الذي كان من صُوَره أن ألغت الحكومة الملكية في سنة 1349هـ/1930م القانون الذي تتمتع الهيئات الإسلاميَّة و الأوقاف بموجبه بالاستقلال ، كما ألغت وظيفة المفتي الأكبر لمسلمي يوغسلافيا (3) .
× في عام 1357هـ/1938م وقعت الحكومة التركية و الحكومة اليوغسلافية اتفاقية رسمية لتهجير مئتي ألف مسلم من البوسنة و السنجق إلى تركيا ، و تم بالفعل تهجير عدد من المسلمين بموجب هذه الاتفاقية في عملية تهجير منظمة أوقفت فيما بعد بسبب اندلاع الحرب العالمية (4) .
__________
(1) ... عبد الله إسمايتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 25 .
(2) ... عبد الله إسمايتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 28 .
(3) ... انظر : ناشد إبراهيم مصطفى : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 48 .
(4) 3 ... مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقاان ن ) ، ( ص : 723 .(2/102)
× ما إن استقرَّت الأمور في المملكة اليوغسلافيَّة ، و وافق المسلمون على التعايش مع المتسلِّطين عليهم فيها ، حتى اتفق الصرب و الكروات على اقتسام البوسنة و الهرسك فيما بينهم ، و تم التوقيع على اتفاقيَّة حول هذا الأمر في عام 1358هـ/1939م ، تسيطر كرواتيا بموجبها على كافة الأراضي التي يفوق فيها عدد الكروات عددَ الصرب ، سواء كانت في إقليم الهرسك الذي يعتبرونه أرضاً كرواتيّة أصلاً أو في البوسنة ذات الأكثريّة المسلمة ، مُتجاهلة الوجود الإسلامي في هذه المناطق (1) .
× نتيجة لمعاناة المسلمين في يوغسلافيا أثناء هذه المرحلة ، اضطر كثيرٌ منهم إلى النزوح عن بلادهم ، فقد (( حدثت هجرة إسلاميَّة من يوغسلافيا إلى تركيا لأسبابٍ دينيَّة و سياسية ، خاصة من منطقة البوسنة و الهرسك و سنجق و قوصوة ، و قد بلغ عدد المهاجرين حتى عام 1359هـ/1940م 250000 )) (2) أما مُجمل من هاجر قبل ذلك العام و بعده فأكثر من ذلك بكثير ، و يكفي للدلالة على ذلك وجود نحو أربعة ملايين مسلم بوشناقي الأصل في تركيا اليوم (3) .
× في عام 1360هـ/1941م اندلعت الحرب العالمية الثانية و استمرَّت أربع سنوات وقعت يوغسلافيا خلالها تحت الحكم النازي ، و في بداية الحرب أعلن النازيون قيام دولة كرواتيا المستقلة ، التي تضمَّ البوسنة و الهرسك بالكامل (4) .
__________
(1) ... الدكتور علي حسون : محنة المسلمين في البلقان ، ص : 125 .
و : عبد الله إسمايتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 29 .
(2) ... دائرة المعارف الإسلاميَّة ).
و: الدكتور مُحمَّد حرب : الإسلام في آسيا الوسطى و البلقان ، ص : 217 ، نقلاً عن دائرة المعارف اليوغسلافية.
(3) الدكتور فهد بن حمود العصيمي : مأساة إخواننا في البوسنة و الهرسك ، ص : 10 .
و انظر : Mr. Safer Bandoviو : Vrisci Muhadira ( Muslimanski Glas; Broj :
38; Datum: 03 / 01 / 1992g Sarajevo )
(4) ... نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 220 .(2/103)
× استغلَّ الصرب فرصة اضطراب الأوضاع أثناء الحرب العالمية الثانية للعمل على إقامة صربيا المتجانسة و النقيَّة من الأعراق غير الصربيَّة ، فقد جاء في خطاب للزعيم الصربي موليفيتش بعث به عام 1360هـ/1942م إلى فازيتش : (( إنَّ الأرض الصربية ينبغي أن تُبسط إلى دلماسيا ، و ينبغي تطهيرها من جميع العناصر غير الصربيَّة و عندئذٍ يجب إرسال الكروات إلى كرواتيا و المسلمين إلى تركيا و ألبانيا )) (1) .
× عان المسلمون في أثناء الحرب العالميَّة الثانية أشد المعاناة ، حيث كانت تنتظرهم حملات القتل و التهجير و الإبادة الجماعية ، و قد اشتهرت من بينها ثلاث مجازر، راح ضحيَّتها مئات الآلاف من المسلمين بين قتيلٍ و طريد (2) :
المجزرة الأولى : حدثت بين شهري يونيو من عام 1941م/1360هـ و فبراير ( شباط ) من عام 1942م/1361هـ و شملت معظم مناطق البوسنة الشرقية و في الفترة نفسها غدر الزعيم الصربي ميخائيلوفيتش بالمسلمين ، و أمر عصاباته بذبحهم عن بكرة أبيهم ، و خلال بضعة أيام ذُبح من المسلمين أكثر من مئة و خمسين ألفاً ، و من لم يمت ذبحاً مات حرقاً أو غَرَقاً أو تحت الأنقاض (3) .
__________
(1) ... المرجع السابق ، ص : 224 .
(2) ... حول هذه المجازر انظر : وكالة الأنباء الإسلاميَّة ) ( ، ص : 21 .
(3) ... الدكتور علي حسون : محنة المسلمين في البلقان ) ، ص : 126 .(2/104)
المجزرة الثانية : وقعت في صيف عام 1361هـ/1942م و تركَّزت في منطقة فوتشا ( Foوa ) ، حيث كان الرجال يخوضون القتال في أتون الحرب العالميَّة الثانية ، فأفاد الصرب من غياب رجال المسلمين و جمعوا الأطفال و النساء و الشيوخ من بعض المدن ، و اقتادوهم إلى سهل فوتشا ، و أبادوهم جميعاً ثم ألقوا جُثَثهم في نهر درينا ، و عادوا فكرروا المذبحة بعد عدَّة شهور حيث كانت درجة الحرارة دون العشرين تحت الصفر حينما فتك الصرب بأطفال المسلمين ، و بقروا بطون الحوامل ، و عاملوهم بوحشية تفوق وحشية التتار (1) ببغداد ، ثمّ قذفوا بهم إلى النهر المتجمد ، فتحوَّلوا إلى هياكل ثلجية تصبغها الدماء (2) ، و نتيجة لهذه المجزرة انخفض عدد مُسلمي فوتشا من 75? إلى 52 ? أي بمقدار الثُلُث (3) .
المجزرة الثالثة : وقعت في مطلع عام 1362هـ/1943م و هي أفظع ما تعرض له المسلمون في تلك الفترة حيث شملت مناطق واسعة من البوسنة مثل ليوبينيه ، و آوتوفاتس ، و بيليتشا ، و قورن وقف ، و كواري ، و فيشغراد و روغاتيتسا و غوراجدة ، و ياييتسا ، و فلاسنيتسا ، و فوتشا ، و أوستيكولينا ، و غيرها .
__________
(1) ... التتار : قبائل كانت تسكن في بلاد الاستبس شمال شرقيَّ بلاد المغول ، و جنوبيَّ سهول سيبيريا الجليدية ، و قد انضمَّ كثيرٌ منهم إلى جنكيز خان ، ثمَّ بدؤوا زحفهم نحوا الغرب ، غارتهم على المسلمين و مجازرهم عند دخول بغداد معروفةٌ مشتهرة يُضرب بها المثل 0
انظر : محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ، ص :- ) 89-90 .
(2) ... بسام العسلي : المسلمون في البوسنة ) ،( ص : 57 .
(3) ... انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 189 .(2/105)
و قد كشفت الوثائق التي نشرت عن هذه المجزرة أن أعضاء عصابات الصرب المعروفة باسم جتنك (1) كانوا يُعرُّون المسلمين و يخرجونهم قسراً من منازلهم ، ثم يربطونهم بالحبال و يقتادونهم إلى حتفهم كالقطعان ثمَّ يقتلونهم بأفظع الوسائل ، و الطرق (2) .
× أسفرت الحرب العالميَّة الثانية عن مقتل ما لا يقل عن خمسة و سبعين ألف مسلم في البوسنة ( أي 8.1? منهم ) حتَّى قيل : إنَّ المسلمين قاتلوا إلى جانب الجميع ، و لاقوا حتفهم على أيدي الجميع (3) .
× و بعد انتهاء الحرب مباشرة أبيد في يوغسلافيا أربعة و عشرون ألف مسلم منهم ثمانية عشر ألفاً في مدينتي توزلا ، و سراييفو ( البوسنويين فقط ) ، و أُغلقت الكلية الإسلامية و جميع المدارس الإسلامية خلا واحدةً في سراييفو ثم صدر قرار بإلغاء المحاكم الشرعية في جميع أنحاء يوغسلافيا (4) .
المطلب الخامس : البوسنة تحت الحكم الشيوعي اليوغسلافي :
× في عام 1361هـ/1943م شكل شيوعيو يوغسلافيا حكومة مؤقتة في مدينة يايتسة البوسنوية ، مهَّدت لإنشاء الجمهورية اليوغسلافيَّة المكوَّنة من ست جمهوريَّات فيما بعد (5) .
__________
(1) ... كان تعبير جتنيك ( بetnik ) الذي يعني في اللغة الصربوكرواتية عضواً مسلحاً في وحدة عسكرية ، يطلق في يوغسلافيا الملكية ( 1918هـ / 1941م ) على منظمة سياسية شبه عسكرية موالية للحكومة ، أما خلال الحرب العالمية الثانية فقد أصبح يطلق على أفراد الحركة العسكرية الموالية للملك حصراً بزعامة الجنرال ميخائيلوفيتش .
انظر : الدكتور محمد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ، ص : ) 235 .
(2) ... انظر : الدكتور فهد السماري : المسلمون في البوسنة ) ،( ص : 22 -– 23 .
(3) ... نويل مالكوم : البوسنة ،) (ص : 238 -– 239 .
و : وكالة الأنباء الإسلاميَّة ،) ( ص : 25 .
(4) ... المسلمون تحت السيطرة الشيوعية ، ) (ص : 126 .
(5) ... انظر : الدكتور عدنان النحوي : ملحمة البوسنة ) ، ( ص : 76 .
و : عبد الله سماييتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 59 .(2/106)
× أُعلن بشكلٍ رسمي عن تشكيل جمهورية يوغسلافيا الاتحادية الاشتراكية ، في الرابع و العشرين من ذي الحجة عام 1364هـ الموافق للتاسع و العشرين من نوفمبر ( تشرين الثاني ) عام 1945م ، بعد أن رُسمت حدودها من جديد بموجب معاهدات عقدت بعد الحرب العالمية الثانية (1) .
× تمَّ تشكيل أوَّل حكومة مستقلة للبوسنة و الهرسك في إطار يوغسلافيا الاتحادية عام 1364هـ/1945م (2) .
× فور استتباب الأمور في يد الشيوعيين الجدد في يوغسلافيا بدأت المضايقات و القرارات الجائرة تنهال على المسلمين ، حيث أُلغيت المحاكم الشرعية عام 1365هـ/1946م ، و مُنع الحجاب عام 1369هـ/1950م ، و في السنة نفسها أُغلق آخر كتاتيب تحفيظ القرآن الكريم ، و في سنة 1371هـ/1952م أُغلقت جميع التكايا و حُظرت الطرق الصوفية ، كما لم يعد مسموحاً بالعمل للجمعيات الثقافية و التربوية للمسلمين مثل جايِرْت ، و نارودْنا ، و أُوزدانِيكا ، ولم تسمح الشيوعية بالبقاء إلاَّ لرئاسة الطائفة الإسلامية ( رئاسة العلماء ) التي وُضعت تحت السيطرة المباشرة للدولة منذ عام 1947م مع المدرسة الإسلامية التابعة لها (3) .
__________
(1) ... الأرقم الزعبي : قضية البوسنة ، ) ( ص : 33 .
(2) ... الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ،) ( ص : 18 .
(3) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ،( ص : 242 -- 243 .(2/107)
× في محاولة لدفع العدو الصائل اضطر مسلمو البوسنة إلى عمل تنظيمات سرِّية للحفاظ على وجودهم ، و من ذلك حركة ( بوغال ) ، لكن المخابرات اليوغسلافيَّة اكتشفتها عام 1366هـ/1947م ، و قُبض على زعمائها ، و أعدم من رجالها من أعدم ، و حُبس محكوماً بالأعمال الشاقة مدى الحياة من حُبس (1) ، كما ظهر تنظيم للطلبة المسلمين يحمل اسم : جمعيَّة الشبَّان المسلمين (2) ، و قد كُشف ، و سُجن بعض
أعضائه عام 1968هـ/1949م و 1969هـ/ 1950 م (3) .
× لأوَّل مرة يشار إلى المسلمين كأمَّةٍ مستقلَّةٍ جاء في دستور يوغسلافيا لعام 1963م أنَّ ((الصرب و الكروات و المسلمين كانت تجمعهم حياةٌ مشتركة)) (4) و اعتبرت هذه الإشارة في حينها اعترافاً بأن للمسلمين البوسنويين قوميّة خاصّة تجمعهم و أنها متميزة عن القوميّتين السائدتين ( الصربية و الكرواتية ) .
× في عام 1387هـ/1968 م صدر بيانٌ عن لجنة البوسنة المركزية ، جاء فيه : (( لقد أظهرت الأيَّام كما أكدت الممارسات الاشتراكيَّة الحالية أن المسلمين أمةٌ متميزة بذاتها )) ، و أعقب ذلك وصف المسلمين لأوَّل مرَّة في تعداد السكان عام 1390هـ/1971م بأنَّهم أمَّةٌ (5) .
__________
(1) ... الدكتور مُحمَّد حرب : الإسلام في آسيا الوسطى و البلقان ، ص : 217 .
(2) ... عرفتُ من المطلعين على سير الجمعيَّة و بعض أعضائها القدامى أنها تُعتبر امتداداً لحركة الإخوان المسلمين المصريَّة الأصل ، و قد قامت في البداية على أكتاف الطلاب و العلماء الذين تتلمذوا في مصر ، ثم انتسب إليها و برز بين صفوفها الرئيس المجاهد علي عزَّت بيكوفيتش . =
= ... للاستزادة انظر : أحمد منصور : تحت وابل النيران في سراييفو ، ص : 215 – 216 .
(3) ... نويل مالكوم : البوسنة ) ( ، ص : 243 .
(4) ... نويل مالكوم : البوسنة ) ( ، ص : 246 .
(5) ... نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 246 .(2/108)
× اعترف النظام الشيوعي الحاكم ليوغسلافيا في دستور سنة 1974م بالقوميَّة الإسلاميَّة على قدم المساواة مع الصرب ، و الكروات (1) .
× قُدِّم للمحاكمة في سراييفو عام 1403هـ/1983م ثلاثة عشر رجلاً تقدمهم
الرئيس المجاهد علي عزَّت بيكوفيتش (2) ، و ثلاثة من أعضاء حركة الشبَّان المسلمين ، اتُّهموا بأنهم ( قاموا بأعمال معادية للثورة ، و نابعة من القومية الإسلامية ) ، و قد حُكم على الرئيس آنذاك بالسجن مُدَّة أحد عشر عاماً (3) .
× مارس الشيوعيون سياسةً قمعيَّة ضد المسلمين في البوسنة ، و كانت سياستهم تقوم على الآتي (4) :
1. إلغاء أي كيان مستقل للبوسنة ، و تقسيم أراضيها بين صربيا و كرواتيا .
__________
(1) ... الدكتور عدنان النحوي : ملحمة البوسنة ،) ( ص : 76 .
و : علي المنتصر الكتاني : المسلمون في أوروبا و أمريكا ، ص : 122 .
(2) وُلد الرئيس علي عزت بيكوفيتش عام 1343هـ/1925م ، و درس القانون و الآداب و العلوم في مطلع حياته عمل مستشاراً قانونيَّاً لربع قرن من الزمن ، حوكم و
سُجن أكثر من مرة بسبب انتمائه و عمله الإسلاميين ، تولي رئاسة البوسنة بعد تفكك الاتحاد اليوغسلافي عام 1410هـ/1990م 0
محمد علي الهمشري و زملاؤه : انتشار الإسلام في أوروبا ، ص : 84 . وسيأتي الحديث عنه في مواضع من هذا البحث .
(3) ... نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 256 .
(4) ... انظر : الدكتور العصيمي : مأساة إخواننا ،) ( ص : 14 -– 15 .(2/109)
2. عدم الاعتراف بوجود شعب بوسنوي متميز ، و تقسيم السكان المسلمين حسب السلالات و الأعراق السابقة لإسلامهم (1) .
3. سلب جميع أملاك المسلمين و البوسنويين حتى الأوقاف ، و تحويلهم إلى أجراء و عبيد عند الإقطاعيين و الملاَّك الصرب ، و الكروات .
4. العمل على تنصيرهم بالقوة .
5. إغلاق جميع المدارس ، و المؤسسات التي تعلِّم باللغة العربية ، أو التركية ، أو تعلم الدين الإسلامي .
6. تدمير جميع الرموز التاريخيَّة التي تظهر الطابع الإسلامي للبوسنة بما في ذلك المكتبات و المساجد (2) .
أخذت يوغسلافيا في التفكك بعد تنامي القومية الصربية في أعقاب هلاك رئيسها الكرواتي الأصل تيتو (3) ،
__________
(1) ... تردَّد هذا المطلب الصربي في بداية الحرب الأخيرة التي شهدتها البوسنة ، و تحديداً في سنة 1991م حيث قال الزعيم الصربي سلوبودان ميلوسوفيتش : ( الحقيقة أنَّ مسلمي البوسنة صربٌ دُفعوا إلى الإسلام ) ثم وُجِّه إليه سؤال حول ما سيفعله الصرب إذا قاوم المسلمون إلغاء قوميَّتهم الإسلاميَّة ، فأجاب : ( في تلك الحالة سنركلهم خارج البوسنة ) . انظر : نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 275 -– 276 .
(2) ... للاطلاع على بعض ما اقترفته يد الصرب تحقيقاً لهذا الهدف انظر : نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 30 .
(3) ... تيتو ، هو : جوزيف بروز تيتو ، كرواتي الأصل ، ولد عام 1309هـ/1892م ، أصبح أميناً عاماً للحزب الشيوعي اليوغسلافي ، ثم رئيساً للوزراء و وزيراً للدفاع ، و قائداً أعلى للجيش بعد تحرير يوغسلافيا عام 1364هـ/1945م ثم رئيساً للدولة عام 1372هـ/1953م حتى وفاته عام 1400هـ/1980م 0
انظر : عبد الله إسمايتش : الصراع في يوغسلافيا ،) ( ص : 30 .(2/110)
و قد بلغت هذه القومية ذروة النمو و الانبعاث بفوز الحزب الاشتراكي الصربي في الانتخابات النيابية عام 1409هـ/1989م ، مما حدا بالجمهوريات المنافسة لصربيا إلى السير في طريق الاستقلال ، الذي نالته كرواتيا عام 1410هـ/1990م و بعدها جاء دور البوسنة و الهرسك .
المطلب السادس : استقلال البوسنة و الهرسك :
× أُطلق سراح الرئيس المجاهد علي عزَّت بيكوفيتش بعد أن قضى أكثر من ثماني سنوات في سجون الشيوعية مُتَّهماً بالتخطيط لإقامة دولة إسلامية في بلاده كما تقدم .
× أُعيد في سراييفو سنة 1410هـ/1990م طبع كتاب ( البيان الإسلامي ) الذي كتبه الرئيس المجاهد علي عزَّت بيكوفيتش مما يعني وجود بوادر صحوةٍ إسلامية قادمة في البوسنة .
× أسس الرئيس المجاهد علي عزَّت بيكوفيتش مع بعض أعوانه حزب العمل الديمقراطي (1) ، و تولَّى زعامته في عام 1410هـ/1990م .
× حصل أوَّل انشقاقٍ في صفوف المسلمين البشانقة في البوسنة في سبتمبر ( أيلول ) عام 1990م حيث خرج عادل ذو الفقار باشيتش على حزب العمل الديموقراطي ليؤسس حزباً إلحادياً سمَّاه ( المنظمة الإسلاميَّة البوسنوية ) (2) .
__________
(1) ... تأسس حزب العمل الديمقراطي (SDA ) بهدف تنظيم المسلمين و الدفاع عن حقوقهم في الاتحاد اليوغسلافي المنهار سياسياً ، في الفترة التي تلت الحكم الشيوعي ، و قد نصَّ برنامج الحزب على أن الديمقراطيَّة من أهم
مقوماته 0 و إذا ذُكر الحزب على أنه حزب إسلامي فالمقصود أنه حزب خاصٌ بالمسلمين و ليس المراد بذلك أنه حزبٌ إسلاميُّ المبادئ أو الأهداف المعلنة .
انظر : عبد الله إسمايتش ، ) ( ص : 37 .
(2) ... نويل مالكوم : البوسنة ،) ( ص : 267 .(2/111)
× في أوَّل انتخابات حرَّة شهدتها البوسنة و الهرسك عام 1410هـ/1990م فاز حزب العمل الديمقراطي بأكبر عددٍ من الأصوات ، و انتُخِب الرئيس المجاهد علي عزت بيكوفيتش لمنصب الرئاسة ، و تم تقسيم النفوذ السياسي وفقاً لنسب التوزيع السكاني بين المسلمين ، و الصرب ، و الكروات .
× بعد انهيار الشيوعية الأم في الاتحاد السوفييتي المنحل مع نهاية عام 1411هـ/1991م و ظهور الشعور القومي و الديني الكامن في نفوس شعوبه ، و ما تبعه من سقوط الشيوعية في يوغسلافيا ، تمهَّد طريق الاستقلال أمام البوسنة ، خاصَّة و أن دستور يوغسلافيا المُقر عام 1393هـ/1974م يضمن حق كلِّ جمهورية في تقرير مصيرها (1) .
× حذَت البوسنة حذو الجمهوريات اليوغسلافية الأخرى ، فأعلنت استقلالها في الحادي عشر من رجب سنة 1412هـ ، الموافق للخامس عشر من يناير ( كانون
الثاني ) 1992م و أُقرَّ قرار الاستقلال في الاستفتاء الذي تمَّ في مطلع شهر مارس ( آذار) من العام نفسه ، حيثُ أسفر الاستفتاء الذي شارك فيه 63 بالمئة من مجموع الناخبين ، و قاطعه الصرب و نسبتهم لم تكن تتعدى إذ ذاك 31 بالمئة من مجموع السكان عن رغبة أكثر من 99 بالمائة من المدلين بأصواتهم في الاستقلال ، و بناءً على ذلك أعلن الرئيس البوسنوي علي عزت بيكوفيتش استقلال بلاده رسميّاً (2) .
× وقع في ليلة الأحد السابع و العشرين من شعبان 1412هـ/الأول من مارس
(
__________
(1) ... الأرقم الزعبي : قضية البوسنة ) ، ( ص : 37 .
(2) 1 انظر : الدكتور علي حسون : محنة المسلمين في البلقان ، ص : 182 . و انظر : 188(2/112)
آذار ) 1992م إطلاق نارٍ من طرف ثلاثة شبان ( كرواتيين و مسلم ) على صربيٍ استفزهم بالتلويح بالعلم الصربي في حفل زواج ، مما أدى إلى قتل الصربي على الفور ، و اتخذ الصرب هذا الحادث ذريعة لإذكاء نار الحقد على المسلمين ، و شن حرب إبادة لا هوادة فيها ضدهم ، رغم شجب الرئيس علي عزت و عموم المسلمين و زعماءهم في البوسنة للحادث ، و تعهدهم بتعقب منفذيه (1) .
× في صبيحة يوم الاثنين الثامن و العشرين من شعبان 1412هـ ، الموافق للثاني من مارس ( آذار ) 1992م الذي أعلنت فيه نتائج الاستفتاء نزل أعضاء القوات العسكرية الصربية إلى الميدان ليبدؤوا حربهم ضد مسلمي البوسنة و الهرسك متذرِّعين بحقِّهم في معارضة الاستقلال .
× بدأت صربيا تنقل أعدادا كبيرة من الجيش اليوغسلافي إلى البوسنة لإجبارها على إلغاء قرار الاستقلال ، و عندما رفض البوسنويُّون التراجع بدأ الصرب هجوماً واسعاً على البوسنة بتاريخ 24/9/1412هـ ، الموافق 27 / 3 / 1992م (2) .
× اعترفت منظمة الأمم المتحدة بالبوسنة و الهرسك جمهوريةً مستقلَّة عن يوغسلافيا في 21/11/1412هـ ، الموافق 22 مايو ( أيار ) 1992م .
× في 30/11/1412هـ ، الموافق 31 / 5 / 1992م حظرت منظمة الأمم المتحدة برئاسة الأرثوذكسي القبطي بُطرُس غالي توريد السلاح إلى يوغسلافيا وكافَّة الدول المستقلَّة عنها ، لكنَّ هذا الحظر لم يسرِ فِعليَّاً إلاَّ على مسلمي البوسنة ممَّا أتاح المجال أمام مجرمي الصرب و الكروات لشنِّ حرب إبادة جديدة ضدَّ المسلمين .
× دخل الصرب المساجد و الجوامع في مدينة زفورنيك و تعاطوا الخمور ، إلى جانب الغناء و الرقص بداخلها ، و رفعوا أعلامهم على مناراتها يوم 26 شوَّال 1412هـ ، الموافق 29/2/1992م (3) .
__________
(1) 2 ... انظر : أكرم رزق محمد نور : البوسنة و الهرسك بين الأمس و اليوم ، ص : 129 .
(2) ... عبد الله سماييتش : الصراع في يوغسلافيا ، ص : 62 .
(3) ... المرجع السابق ، ص : 39 .(2/113)
× في 4 / 10 / 1412هـ ، الموافق 6 / 4 / 1992م تعرَّضت عدة مدن في البوسنة و الهرسك لمذابح رهيبة ، و شهدت مدينة بيليينا أكبر المذابح التي نفَّذها الصرب بحق المسلمين منذ الحرب العالمية الثانية (1) .
× نفذت القوات الصربية مجزرة في مدينة فوتشا راح ضحيَّتها آلاف المسلمين يوم الاثنيْن 18 / 10 / 1412هـ ، الموافق 20/4/1992م (2) .
× في التاسع من ذي القعدة 1412هـ ، الموافق 10/5/1992م دفن ألف مسلم في مقابر جماعيَّة بسراييفو ، بعد أن ظلَّت جثثهم في العراء ثلاثة أيام (3) .
× في الثاني من شهر ذي الحجة عام 1412هـ ، الموافق 2/6/1992م قتل الصرب ستة وخمسين من أئمة المساجد و أبادوا أسر معظمهم بالكامل (4) .
× بلغت محصلة الشهور الأربعة الأولى فقط من الحرب الصربية ضد المسلمين أكثر من أربعين ألف قتيل مسلم ، و نحو مليون و نصف مُهجَّر من المسلمين (5) .
× و على هذه الوتيرة سارت الأحداث خلال الفترات التالية ، حتى وضعت الحرب أوزارها ، مُتمخِّضة عن سلام سلب المسلمين حقوقهم ، و أقرَّ الأعداء على ما في أيديهم من ديار المسلمين، و لو أني تتبعت أحداث هذه الحرب ، و الأحداث المواكبة لها من مؤامرات و اتفاقات و غيرها لطال بنا البحث ، و أفلتت مني أزمته و لذلك آثرت الاقتصار على ما ذكر ، موقناً أن ما لا يدرك كله لا يترك جُلُّه .
× لقد استمرَّت الحرب الأخيرة في البوسنة زهاء أربع سنوات عجاف أتت خلالها على كلِّ رطب و يابس ، و غيَّرت التركيبة السكانيَّة ، و دمَّرت الموارد المعيشيَّة للمسلمين ، بينما كانت الجمهوريات المستقلة عن يوغسلافيا - عدا البوسنة - تزداد رخاءً و ازدهاراً .
__________
(1) ... وكالة الأنباء الإسلاميَّة ) ، ( ص : 34 .
(2) ... المرجع السابق ، ص : 37 .
(3) ... المرجع السابق ، ص : 43 .
(4) المرجع السابق ، ص : 50 .
(5) المرجع السابق ، ص : 50 .(2/114)
× لم تتوقف الحرب إلاَّ عقب توقيع الاتفاقيًّة المعروفة باتفاقيَّة دايتون ، و التي أعطت المسلمين رُبُع مساحة بلادهم ، و منحت الصرب ثُلثَي المساحة المتبقية ، و ثلثها للكروات .
لقد كان السلام في البوسنة أمراً لا مفرَّ منه أمام الضغط الصليبي الأوروبي و الأمريكي بسبب تقدم المجاهدين في نهاية المطاف ، و ضرورةً مُلحَّة لحقن دماء البقية الباقية من مسلمي البوسنة و الهرسك ، و جمع شتاتهم في كيانٍ مُستقلٍ و لو كمفحص قطاة .
و لا شك عندي في أنَّ هذه الحرب قد أيقظت الهمم ، و ردَّت الكثيرين من المسلمين التائهين إلى دينهم ، و أحيت في النفوس الحميَّة للإسلام و الغيرة عليه ، وهذه بعض ظواهر الصحوة الإسلاميَّة الواعدة في البوسنة إن شاء الله .
المبحث الرابع
العقائد و الأديان في البوسنة و الهرسك
في البوسنة اليوم ثلاثُ عقائد دينية رئيسة هي : المذهبان النصرانيَّان ، الأرثوذكسيَّة ، و ينتمي إليها الصرب ، و الكاثوليكية ، و يتَّبعها الكروات ، إضافةً إلى الإسلام ، الذي يدين به عامَّة البشانقة و كثيرٌ من الأتراك و المقدونيين و أهل الجبل الأسود و الصرب و الكروات (1) ، كما توجد في البوسنة عدة آلاف من اليهود ، و أعداد متزايدة من المُلحدين الذين تربوا في أحضان الشيوعية خلال العقود الأخيرة من القرن الرابع عشر للهجرة / العشرين للميلاد .
فما هي البدايات الأولى لهذه الأديان ؟ و كيف وصلَت إلى البوسنة ؟
المطلب الأول : العقائد و الأديان القديمة في البوسنة :
قبل سقوط البوسنة في قبضة الرومان ، وظهور الديانة النصرَانِيَّة على يدهم
__________
(1) ... انظر : علي سالم النباهين : دراسة مقارنة للأوضاع التعليميَّة للأقلِّيَّات الإسلاميَّة في الهند و سريلانكا و يوغسلافيا، ص : 240 .(2/115)
فيها كان أبناؤها غارقين في وثنية يرى بعض الكُتَّاب أن لها صلة بأديان الشرق القديمة، و خاصة ما كان منها ناشئا في بلاد فارس كالمثنوية(Dualist) (1)
والمانوية ( Manichean ) (2) .
غير أن الربط بين الوثنية التي كانت سائدة في بلاد البلقان - و منها البوسنة - في القرون الوسطى و العقائد الوثنيّة في الشرق ، أمر تعوزه الحجة والبرهان ، ولكن القَدْر الذي يمكن التسليم به بهذا الخصوص هو أن سكان البلقان عُرفوا بوثنيتهم حقيقةً ، وكانوا ( يعبدون مجموعة متنوعة من الآلهة ، لا تزال أسماء بعضها باقية إلى اليوم وتطلق على بعض الأماكن اليوغسلافية مثل : آلهة الحيوانات المقرَّنة فيليس ( Veles) ، وإله الرعد بيرون ( Pirun ) أو ( Pir ) ، و أوجاني ( Ogani ) ، و تور
(
__________
(1) ... العقيدة المثنوية ، و تسمى الثُنائيَّة ، و الثنوية ، تقوم على النظريَّة القائلة : إن الكون خاضعٌ لسيطرة مبدأين مُتعارضين ، أحدهما خير و الآخر شرٌّ ، و هي النظرية التي تقوم عليها الديانة الزرادشتية ، و يُطلق هذا الاسم أيضاً على النظرية القائلة : إنَّ العالم عقلٌ و مادَّةٌ ، أو مادَّةٌ و روح 0
انظر : منير البعلبكي : موسوعة المورد 3/225 .
و عامر عبد الله فالح : معجم ألفاظ العقيدة ، ص : 80 .
(2) ... المانويَّة : عقيدةٌ فارسيَّة قديمة تُنسب إلى ( ماني ) و هو رجلٌ اشتّقَّ من النصرانيَّة الأولى ديانة عُرفت باسمه و نُسبت إليه ، و هي عقيدةٌ قوامُها الصراع بين النور و الظلام ، و تقول بثُنائيَّة الخالق ، و يُقال : إنَّ اليزيدية ( ديانة عُبَّاد الشيطان ) المعروفة امتدادٌ للمانوية التي دعا إليها ماني .
0 انظر : نزار سَمَك : البوسنة و الميراث الدامي ،) ( ص : 24 -–25 .
و : عامر عبد الله فالح : معجم ألفاظ العقيدة ، ص : 356 .
و : المنجد في اللغة و الأعلام ، ص : 517 .(2/116)
Tur ) ، (1) و هذه الأسماء لا تزال باقية في الروايات المتواترة بين الناس إلى يومنا هذا .
و عرفت البوسنة أيضاً ديانة ميتريزام (Mitrizam ) (2) و لكنَّها لم تدُم طويلاً ، و لم تلبث أن تلاشت قبيل انتشار النصرانية بين البوشناق ، حيث أعرض الناس عنها لأنَّها ديانةٌ رِجاليَّةٌ ليس للنساء مكان فيها ، و استبدلوها بالنصرانيَّة (3) .
و يذكر المُؤَرِّخون أنَّ الإيليريُّون (( كانوا يعبدون آلهةً كثيرةً منها الشمس و القمر و المطر و الرعد و الماء و النار و النور ، و غيرها من الآلهة و كانوا يُؤْمِنون بالحياة بعدَ الموت )) (4) .
و قد امتدَّت بعض هذه العقائد إلى الصقالبة القدماء الذين عُرف عنهم التعلق بالظواهر الطبيعية وتفشي السحر والخرافات فيهم (5) ،
__________
(1) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 39 -– 40 .
(2) ... ميتريزام : ديانةٌ شرقية تُنسب إلى ميتريزام الإيراني ، الذي يُعتبر بموجب هذه الديانة إله الشمس ، و تقوم الميترازمية على أساس الإيمان بثُنائيَّة الآلهة ، فهناك إله للخير و إله للشر ، و من مبادئها : إعلان المُساواة بين جميع الناس حتى استقطبت الفقراء و المساكين و العبيد و غيرهم من الطبقات المستضعفة 0
انظر :عُمر ناكيجيفيتش : الشيخ حسن كافي الآقحصاري رائد العلوم العربيَّة و الإسلاميَّة في البوسنة و الهرسك،
ص : 23 .
(3) ... انظر : المرجع و الصفحة السابِقَيْن 0
(4) ... رجب بويا : الألبانيُّون و الإسلام ،) ( ص : 12 .
(5) ... و ممَّا يعرف عن الصقالبة أيضاً التأثُّر بعقائد الهند القديمة ، حيث كانوا يحرقون موتاهم و دوابَّهم ، و إذا مات فيهم الرجل أحرقوا معه زوجته ، إلى غير ذلك ، إلاَّ أنَّ شيئاً من ذلك لم يُروَ عن صقالبة البوسنة 0
انظر : المسعودي : مروج الذهب ) 2 / 9 ، و أبو عبيد البكري : جغرافية الأندلُس و أوروبا )
(
ص : 186 -– 187 .(2/117)
الأمر الذي تجسده الروايات الخرافية التي لايزال الناس يتناقلونها حتى اليوم و ينسبونها إلى أجدادهم الصقالبة الأوائل (1) قبل تحولهم إلى النصرانية ثم الإسلام كما سيأتي إن شاء الله .
المطلب الثاني : النصرانية في البوسنة و الهرسك :
أثبتت الوقائع والأحداث التاريخية أن (( الناس على دين ملوكهم )) ، مصداقاً لما اشتهر على الألسنة أنَّه مما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و ليس كذلك في حقيقة الأمر (2) ، وهذه حقيقة كونية تبدو ماثلة للعيان ، ناصعة الوضوح و البيان في البوسنة والهرسك التي دأب أهلها على متابعة حكامهم فيما يحملونه إليهم أو يملونه عليهم من عقائد وأديان ، الأمر الذي يبدو واضحا عند دراسة انتشار النصرانية في البوسنة وتزامنها مع الاحتلال الروماني لأرجائها ، و هو ما سأتناوله في المطالب التالية :
__________
(1) ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ،) ( ص : 24 .
(2) ... قال السخاوي في " المقاصد " ، ص : 441 : " لا أعرفه حديثاً " .
قلت : لكن روي من الآثار ما يؤكد معناه :
أخرج البخاري (3834) في المناقب ، أن امرأة من أحمس ، يقال لها : زينت سألت أبا بكر الصديق في الحج ، فقالت : ما بقاؤنا على هذا الأمر الصالح الذي جاء الله به بعد الجاهلية ؟ فقال - رضي الله عنه - : ( بقاؤكم عليه ما استقامت بكم أئمتكم ) .
قال الحافظ في " الفتح " 7 /151 : ( أي لأن الناس عل دين ملوكهم ، فمن حاد من الأئمة عن الحال ؛ مال وأمال ) .
وروي البيهقي في " السنن " 8/162 ، و " الشعب " 6/42 بسند صحيح : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عند موته : ( إن الناس لن يزالوا بخير ما استقامت لهم ولاتهم وهداتهم ) . =
= ... وقال الفضيل بن عياض : ( لو كانت لي دعوة مستجابة لم أجعلها إلا في إمام ، لأنه إذا صلح الإمام أمن البلاد والعباد ) . ذكره اللالكائي في " اعتقاد أهل السنة " 1/176 .(2/118)
المقصد الأوَّل : ظهور النصرانيَّة و انتشارها في البوسنة :
سبقت العقيدة النصرانية القومية الصقلبية في الوصول إلى البوسنة ، فما كاد الصقالبة يستقرون في البلقان حتى وجدوا النصرانية أرست دعائمها و بثَّت دعاتها بين السكان الأصليين ، وخاصة في ما يُعرف اليوم بسلوفينيا وكرواتيا ، و شقَّت النصرانية طريقها إلى البوسنة في وقت مُبكِّر جدَّا ، و لكنها وُئدت في مهدها ، ثمَّ عادت إلى الظهور من جديد .
فقد جاء أوَّل ذكرٍ للأساقفة في البوسنة أواخر القرن الميلاديِّ الأوَّل في مدينة سرميوم ( Sermium ) الواقعة شمال شرقيّ البوسنة و أسفرت عمليَّات التنقيب عن الآثار عن اكتشاف أكثر من عِشرِين كاتدرائيَّة رومانيَّة داخل الأراضي البوسنويَّة ، تقع إحداها قرب ستولاتس ( Stolac ) بمنطقة الهرسك و قد عُثِرَ عليها و هي عبارة عن طللٍ مُحترق و فيها نقودٌ من القرن الأول للهجرة / السابع للميلاد ، ممَّا يدُلُّ على أنَّ النصرانيَّة في البوسنة قد قُضيَ عليها قضاءً مُبرماً في ذلك الزمن (1) . لكنَّ الانبعاث الحقيقي و بداية الانتشار الواسع للنصرانيَّة في المنطقة كان بحدود القرن الأوَّل للهجرة / السَابع للميلاد ، و تحديداً بعد أن اعترف كلٌ من الصرب و الكروات بالسيادة الاسميَّة للإمبراطور البيزنطي ، حيث بدأت كنيسة روما إرسال بِعثاتٍ تبشيريَّة لتنصيرهم ، و على الرغم من أنَّ هذه البعثات تُعتبر باكورة النشاط التنصيري في المنطقة ، إلا أنَّ النشاط الحقيقي لنشر النصرانيَّة جاء من القسطنطينيَّة فيما بعد (2) .
__________
(1) انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 33 .
(2) انظر : الدكتور وسام عبد العزيز ، ص : 37 .(2/119)
وتبعاً للصراع بين الإمبراطوريتين البيزنطية والرومانية نشأ تنافسٌ بين الأرثوذكس والكاثوليك في استقطاب الصقالبة وتنصيرهم ، وظهر ذلك جلياً حينما طلب راستيسلاف أمير مورافسكا ( Moravska ) سنة 248هـ/863م من الإمبراطورية البيزنطية إرسال مبشرين باللغة الصقلبية لبث النصرانية بين
مواطنيه ، وقد استجابت حكومة بيزنطة على الفور وبعثت الأخوين تسيريلو و ميتوييه الذَيْن ابتكرا طريقةً للكتابة عرفت باسم غلاغوليتسا ودوَّنا بها ما ترجماه من الكتب النصرانية إلى اللغة الصقلبية في منطقة سلانيك ، وأخذا ينشران عقيدتهما الأرثوذكسية، ويوطِّدان للإمبراطورية البيزنطية في البوسنة ، وما جاورها .
ولما استشعر الرومان ورجال الكنيسة الكاثوليكية البعد السياسي لدعوة هذين الأخوين حاولوا منعهما وإيقاف دعوتهما ، و وشوا بهما إلى البابا (1) في روما بدعوى أنهما يبشران بلغة غير معترف بها من قبل الكنيسة الرسمية وتفاقم الأمر كثيراً ، حتى أصبحت قضية هذه اللغة عامل تفريق ، على الرغم من حظرها في النصف الأول من القرن العاشر للميلاد / الرابع للهجرة حيث اتسعت الهُوَّة بين الكاثوليك الذين انحازوا إلى شمال غرب شبه جزيرة البلقان ، و مُنافسيهم الأرثوذكس الذين لجؤوا إلى المناطق الجنوبية الشرقية من شبه الجزيرة الواقعة تحت نفوذ الامبراطورية البيزنطية والكنيسة الأرثوذكسية (2) .
__________
(1) ... البابا :كلمةٌ مشتقة من الكلمة القبطية بي أبا أي الأب ، و هو الرئيس الأول للكاثوليك، أول ظهور هذا اللقب و المنصب كان في مصر ، ثم انتقل إلى روما .
انظر : الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب ، ) ص : 991 .
(2) ... بتصرف عن : عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ،) ( ص : 25 -– 26 .(2/120)
وقد مكنت الخلافات المستمرة والتنافس المرير بين الكنيستين المذكورتين لبروز عقيدة محليَّةٍ دان بها البشانقة ، و أخذت فيما بعد صِفة الكنيسة البوسنوية المعروفة باسم الكنيسة البوغوميليًّة ( Bogu Milje ) التي سنتناولُها بالدراسة فيما يلي إن شاء الله .
المقصد الثاني : الكنيسة البوسنويَّة ( البوغوميلية )
ظلَّ عامة أهل البوسنة محافظين على تقاليدهم القبلية التي توارثوها ، ولم يتأثروا بشكل جماعي - على الأقل - في العقيدة بأيَّة مِلَّة سواء كانت أرثوذكسية أم كاثوليكية بل بقوا وثنيِّين في مُجملهم (1) إلى أواسط القرن السَادس للهجرة/ الثاني عشر للميلاد حيث انتشرت عقيدةٌ جديدة عرفت بالبُوغُومِيليَّة ( أي أحباب الله ) (2) ، نسبةً إلى مؤسسها بوغوميل ، ورسَّخت جذورها في البوسنة (3) .
و نظراً إلى أن البُوغُومِيليَّة تُمثِّل خروجاّ وتحدياً سافراً للنصرانية المُحرفَّة و الشائعة فقد نظرت إليها الكنائس النصرانية على أنها عقيدة مبتدعة ، خارجة عن النصرانية ، وعادةً ما يستعمل النصارى كلمة ( هرطقة ) للدلالة على ما يعتقدونه حركاتٍ مُنشقةً أو خارجةً عن ( أو على ) تعاليم الكنيسة (4) .
أما البوغوميل أنفسهم فيرونَ أنَّهم يُمثلون النصرانية الحقيقية في صفائها وبعدها عن الوثنية ، وهذا ما أكدته الوثائق التاريخية التي يُحفظ أكثرها اليومَ في دار المخطوطات بمدينة راكوزة ، ومنها وصية كوستارادين (5)
__________
(1) ... انظر : أشرف المهداوي ، ) ( ص : 99 .
(2) ... انظر : الدكتور الفاتح حسنين : الطريق إلى فوجا ( مقال منشور في مجلَّة الشاهدة الصادرة عن المجلس الإسلامي لشرق أوروبا ، فيِّنا، العدد الأوَّل، ربيع الأوَّل 1413هـ/ أيلول 1992م ) ، ص : 11 .
(3) ... انظر: عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ،) ( ص : 27 .
(4) ... انظر : بول بوكلز ،) ( ص : 100 .
(5) ... أحد آباء الكنيسة البُوغُوميليَّة ، توفيَ في القرن التَاسع للهجرة / الخَامس عشَر للميلاد 0
انظر : عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ، ) ص : 28 .(2/121)
التي كتبها سنة 867هـ/1463م و فيها يُسمي أتباعه بالنصارى صراحةً ويصفهم بأنهم نصارى حقيقيون يؤمنون بمذهب الحواريِّين ،و أنَّهم (( لا يأكلون اللحوم ، أما العوام الآخرون فكانوا يأكلون كل ما وقع في أيديهم ولابد لهم يوماً أن يرجعوا إلى النصارى الحقيقيِّين )) (1) .
كما وردت في إحدى الوثائق المكتوبة باللغة التركية سنة 993هـ/1585م عبارات تؤكد أن البُوغُوميل فرقة نصرانية محضة ، وتصف مذهبهم و مِلَّتهم بمذهب النصارى وملة حضرة المسيح ، وأنهم كانوا يعبدون المسيح - عليه السلام - و يقرؤون الأناجيل و يعتبرونها كتبهم المقدسة (2) .
وبهذا يتضح أن البوغوميلية فرقة نصرانية و إن كثرت نقاط الاختلاف بينها وبين الفرق النصرانية الأخرى ، و إذا كانت لها صلةٌ بديانة أخرى غير النصرانية ، فإنها أقرب ما تكون إلى المانوية التي كانت منتشرة في آسيا الوسطى وروسيا ثم عرفت في بلغاريا ، و غيرها من مناطق البلقان .
و من بُلغاريا – مهد البوغوميلية – و صلت عقيدة البوغوميل إلى البوسنة ، و أقدمُ إشارة إلى وصول هذه العقيدة إلى البوسنة وردت في خطابٍ أرسله كبير أساقفة سبليت ( Split ) في عام 596هـ/1200م ، و ذَكَر فيه أنَّه عندما طرد الهراطقة الباتاريين من سبليت و تروغير ( Trogir ) لجؤوا إلى البوسنة حيث رحَّب بهم بان كولين (3) .
و لمعرفة البوغوميل على حقيقتهم يحسُن أن نتناول بالذكر أصول عقائدهم و مبادئهم الرئيسة التي أهمُّها :
__________
(1) انظر : المرجع السابق ، ص : 28
(2) انظر : Muhammed Handiو: Islamizacija Bosne I Hercegovine; S :, I Hercegovine; S : 4
(3) انظر : Thouzellier, C; Hërësie et hërëtigues : Vaudois, CatharesMPatarins, Albigeois,Storia e letteratura: raccoltadi studi e testi, (rome, 1969g) p: 216(2/122)
1. حسب اعتقادهم : فإنَّ الله هو خالق الروح وعالم الغيب والخير ، و الشيطان هو خالق المادة وعالم الظاهر والشر، و هنا يظهر مدى تأثُّر هذه العقيدة بالمانويَّة الفارسيَّة التي سبقت الإشارة إليها .
2. كانوا يقولون بالتثليث ويؤمنون بالحساب والجنة والنار .
3. ينظر البوغوميل إلى المسيح على أنه روح الله وينكرون عقيدة التجسُّد و كانوا يرفضون تبعاً لهذا الاعتقاد كثيراً ممَّا هو معروفٌ عند الطوائف النصرانيَّة الأخرى ، مِثل التعميد ، و الاستنطاق ، و الزواج المُقدَّس ، و كانوا يُقِرُّون الزواج خارج الكنيسة و لا يُنكرون الطلاق .
4. كتابهم المقدس هو الإنجيل ( المعروف عند النصارى بالعهد الجديد ) وبعض الأجزاء اليسيرة من التوراة ( العهد القديم ) وهو مترجم إلى اللُّغة السلافية باعتبارها لغة الكنيسة البوسنوية .
5. كانوا ينفرون من بعض المظاهر الوثنية التي تغلغلت في طوائف النصرانية الأخرى كالاهتمام بتشييد الكنائس ، و المباني الفخمة ، و تزيينها ، و تعليق الأيقونات و الصلبان و الصور فيها .
6. تميَّز البوغوميل عن أتباع المذاهب النصرانيَّة المعروفة بقِلَّة تعلُّقِهِم بالقُسُس والرُهبان فقد كانوا يؤدون الصلاة - مثلاً - بشكلٍ جماعي في البيوت ، والحقول ، والغابات بعيداً عن الكنائس و قُسُسِها ، و يعتقدون أن التوبة تكون مباشرةً بين العبد والرب ، بدون استنطاق من القسِّ ، أو طلب الغفران بواسطته.
7. في البوغوميلية طبقة عليا هي طبقة رجال الدين المعروفين باسم كريستاني
((2/123)
Kristani ) أي : النصارى ، أو ستروينيتسي ( Strojnici ) ، و يوجدون في أماكن خاصة تشبه الأديِرة ، و يُسمَّى الواحد منها هِزَة ، ومن بينهم يتم اختيار رئيس الكنيسة البوسنوية المعروف بينهم بلَقَب ديد ( Did ) (1) ، و قد عرف عن رجال الدين هؤلاء الانصراف عن الزواج ، وملازمة الزهد والتقشف (2) ، إلا أن هذه الصفات ما لبثت أن تلاشت بعد أن انفتحت عليهم الدنيا بحلول القرن التاسع للهجرة / الخامس عشر للميلاد حيث ظهرت عليهم مظاهر النعيم و الترف واتصلوا بقصور النُبلاء وتقربوا إليهم وراعوا مصالحهم الخاصة ، حتى فقد العامة ثقتهم فيهم (3) .
__________
(1) ... حاول بعض الكُتَّاب المتحمسون لإثبات وجود علاقةٍ ما بين البوغوميليَّة و الإسلام الاستدلال بأن كلمة (Did) مأخوذة من كلمة (جَدّ ) العربيَّة رغم ما بين الكلمتين من الفرق ، و لو سلَّمنا بوجود تقارب بين الكلمتين ، فليس في ذلك ما يمكن الاستدلال به على التقارب بين العقيدتين 0
انظر مثل هذا الاستدلال لدى :
زهدي بكر عادلوفيتش : المسلمون في يوغسلافيا ( مجلَّة الحرس الوطني السعوديَّة ، ع : 112 ) ، ص : 35.
و عنه أخذ أشرف المهداوي في كتابه: قصَّة البوسنة ، ) ( ص : 100 .
(2) 2 ... هذا المظهر من مظاهر البوغوميليَّة ليس – كما يظنُّه البعض – علامةً على أنَّ ديانة البوغوميل قريبة من النصرانيَّة المنزلة على نبيِّ الله عيسى عليه السَّلام ، بل على العكس من ذلك ، هي علامةٌ على التحريف و التزييف ، لأنَّ الرهبانيَّة حالةٌ مُبتدعةٌ في النصرانيَّة 0 قال تعالى : { و رهبانيَّة ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حقَّ رعايتها } [الحديد : 27] .
(3) ... نياز شُكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك ، ) ( ص : 74 .(2/124)
وإذا تأملنا ما عرفناه من عقائد البوغوميل تأكد لدينا أنها عقيدة نصرانية في الأصل ، وإن كان فيها ما يوافق المانوية من حيث تعدد الآلهة ، وبعض ما يوافق الإسلام كالبعد عن مظاهر وثنية كثيرة من قبيل التعلق بالصلبان و النواقيس و غيرها غير أن هذا لا يسوغ بحال ما وقع فيه بعض الكتاب المسلمين ، حينما أدخل البوغوميل في دائرة التوحيد (كذا ) بلا دليل ولا برهان سوى أنهم لا يقولون بالتثليث (1) ، هذا إذا ثبت أنهم لا يقولون بالتثليث أصلاً ، وهي مسألة تجاذبتها الأدلة ولم نقف فيها على مرجح
مقبول .
و لا يخفى أن التوحيد الذي يعني إفراد الله بالألوهية و الربوبية ليس مجردَ نفيٍ للثالوث المزعوم عند النصارى فما أكثر من نفى الثالوث وأشرك مع الله مالا يكاد يحصى من الآلهة .
فضلاً على أن البوغوميل يشركون الشيطان مع الرحمن فيقولون : (( إنَّ الله خالق الروح وعالم الغيب والخير ، و الشيطان خالق المادة وعالم الظواهر
والشر )) (2) فأيُّ توحيد هذا ؟!
وقد أحسن الأستاذ الدكتور عمر ناكيجيفيتش حين ختم بحثه حول هذه المسألة بقوله : (( إلى جانب اعتقادهم بأن الإله واحد فإنهم يؤمنون بأن صانع العالم ليس
واحداً )) (3) ، و في هذا إشارة إلى أنَّهم لا يَسْلَمون من الشرك في الربوبيَّة ، فضلاً على الشرك في الأُلوهيَّة .
علاقة الكنيسة البوسنوية بالكنائس النصرانية الأخرى :
__________
(1) ... قال الأستاذ أشرف المهداوي في كتابه: قصَّة البوسنة ،) ( ص : 100 ما نصُّه : ( كما أنهم لا يقولون بالتثليث ، و بذلك يدخلون في دائرة التوحيد ) ، فتامَّل !!
(2) ... نياز شُكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك ،) ( ص : 70 .
(3) ... عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ، ( ص : 29 .(2/125)
لقد حرص كلٌ من الكاثوليك ( و منهم الكروات ) و الأرثوذكس ( و منهم الصرب ) على إخضاع الكنيسة البوسنوية لسلطتهم وجعل رعاياها من البوغوميل تحت سلطان كنيستهم حيث يزعم كل من الطرفين أن البوغوميل فرقة تابعةٌ له أصلاً ، وإنْ أظهرت بعض الطقوس الهرطقية ( المبتدعة ) ، أو أنهم مُرتدون عن الكاثوليكية أو الأرثوذكسية وعليهم العودة إليها ثانية .
موقف الأرثوذكس من الكنيسة البوسنوية :
تظهر بجلاءٍ في كتابات مؤرخي الصرب عموماً و المُعاصرين منهم على وجه الخصوص ، أحقادٌ مُتأصِّلة في نفوسهم على البشانقة المسلمين ، و أجدادهم البوغوميل من قبلهم ، و تجلَّت هذه الأحقاد بوضوح في الشعار الذي أعلنه الصرب في حروبهم ضدَّ البوغوميل و هو : (( عودوا إلى حظيرة الرب حتى لايسري عليكم الأمر المقدس )) والمراد بالأمر المقدّس هنا الإبادة بالحرق أو غيره ، و قد قام الصرب الأرثوذكس بترجمة هذا الشعار على أرض الواقع منذ أن رفعوه فجرَّدوا الحملات العسكرية الواحدة تِلوَ الأُخرى للقضاء على البوغوميل (1) .
و يسوغ الصرب حقدهم هذا بتبني نظرية تاريخية مفادها : أنَّ الكنيسة البوسنوية كانت تابعةً للكنيسة الأرثوذكسية الشرقية ، و قد تكونُ صربيةً انفصلت عن الكنائس الأرثوذكسيَّة الأُخرى واختارت بعض المعتقدات الهرطقية .
و يدافع الصرب بحماس عن هذا الرأي انطلاقاً من حرصهم على إظهار البوسنة تابعةً لصربيا ليس سياسيّاً و حسب ، بل دينيَّاً أيضاً ، و في جوانبها كافَّة و لا سيما
__________
(1) ... انظر : الدكتور عدنان علي رضا النحوي : ملحمة البوسنة و الهرسك ، ) ص : 38 .
و قد عاد الصربُ لرفع هذا الشعار مُجدداً في حربهم الأخيرة ضدَّ المُسلِمين .
انظر : صحيفة المسلمون بتاريخ 14/11/1412هـ الموافق 15/5/1992م .(2/126)
الجوهريَّة (1) ، الأمر الذي نجم عنه شنّ عدة حروبٍ على أهل البوسنة و الإغارة عليهم باستمرار على مرِّ التاريخ لأهدافٍ سياسية تارة ، و دينيةٍ ( تنصيرية ) تارةً أخرى .
و أمام هذا البطش الشديد ، و الفتك العنيف ، اضطُر الآلاف من البوغوميل إلى الانتقال إلى الأرثوذكسية ، وتأكيداً لذلك نجد في رسالة بطريرك استنبول غينادي الثاني سكولاريا ، التي بعث بها إلى رهبان سيناء عام 856هـ/1453م قوله :
(( إن رئيس الكنيسة الأرثوذكسية في بلاد الهرسك أرجع الكثيرين إلى المذهب الأرثوذكسي حتى أن هرسك نفسه - أي أمير إقليم الهرسك - أرثوذكسي في
ذاته ... )) (2) .
فالهرسك إذن ارتدَّ عن البوغوميلية وصار أرثوذكسياً ، وهذا ما يشهد له ما جاء في جواب البطريرك المذكور على إحدى رسائل الهرسك استفان حيث قال : (( إذا أرسل صدقةً فتقبلوها لأنه من صالحه البقاء في المذهب البوغوميلي و لا تذكروا اسمه في الكنيسة لأنه لا يعترف بها علناً ، بل ادعوا له بالخير و ليكن الدعاء في غرفة طعامكم )) (3) .
و على الرغم من عداء الأرثوذكس الشديد للبوغوميل ، فإنه لا يقارن بعداء الكاثوليك لهم ، حيث كانت الصدامات معهم عنيفةً ودموية إلى أبعد الحدود ، و بخاصةٍ في القرن التَاسع للهجرة / الخامس عشر للميلاد و يُرجَع هذا إلى عدم وجود أطماع سياسية من ناحية صربيا في البوسنة في تلك الفترة بخلاف ما هو عليه الحال من جهة الكروات .
ولذلك يحسن أن نسلط الضوء على علاقة الكنيسة البوسنوية بالبابا والكنيسة الكاثوليكية في القرن التاسع للهجرة / الخامس عشر .
موقف الكاثوليك من الكنيسة البوسنويَّة :
__________
(1) ... انظر: نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 60 .
(2) ... عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ، ص : 27 -– 28 .
(3) ... المرجع السابق ، ص : 28 .(2/127)
الكاثوليكية عقيدة راسخة في البلقان عموماً ، يمثلها في البوسنة وماحولها الكروات حيث ينتسب أكثر من تسعة أعشارهم إليها ، و يتمسكون بها و يدعون إليها بحماسٍ شديد .
وعلى الرغم من التعايش المسالم - سواء كان بدافع الرغبة أو الرهبة - الذي عرف عن البوغوميل تجاه الكروات فقد تبنى الكتَّاب الكاثوليك ( و يمثلهم الكروات في المقام الأول ) في مُقابل مزاعم الصرب المتقدِّمة نظريةً مفادها أن الكنيسة البوسنوية كانت في البداية فرعًا من الكنيسة الكاثوليكية و رُبَّما كانت هيئةً ديريَّةً آثرت الانفصال و تبنَّت بعض العقائد و الأفكار الهرطقية (1) .
و تذهب الكنيسة الكاثوليكيَّة أبعدَ من ذلك ، و لا تتوانى في السعي إلى القضاء على البوغوميل واستئصال شأفتهم حيث تنظر إليهم نظرة احتقار ، وتراهم زنادقةً بل تُسمِّيهم ( خدم الأبالسة ) وتصفهم بأنهم ( يذهبون في ظلام الليل كاللصوص لصدِّ النصارى عن دينهم الحقيقي (2) .
و من هنا كان موقف البابوية ( المرجعية الدينية لكاثوليك العالم ) سلبياً من البوغوميل كما يظهر من وثائق الفاتيكان و الوثائق الخاصة بالكنيسة البوسنوية التي يحفظ جلها في دار المخطوطات بمدينة راكوزة .
و من بين تلك الوثائق تبرز وثيقة منسوبة إلى البابا غورغو الكبير و ترجع إلى القرن العَاشر للهجرة / السادس عشر للميلاد ، و هي تعكس صورة البوغوميل في نظر الكنيسة الغربية ، حيث جاء فيها : (( أيتها الكنيسة البوسنوية التعيسة التي لا يهطل على أرضها غيثٌ ولا ندى ، من أين ستأتين بالمحصول الوفير ، و من أين ستطعمين هذا العدد الكبير من الزنادقة ... ) (3) .
__________
(1) ... انظر :المرجع السابق ، ص : 61 .
(2) ... انظر : Coroviو, V : Bosna I Hercegovina; S: 46
(3) ... انظر : المرجع و الصفحة السابقين .(2/128)
فهم زنادقةٌ في نظر الكاثوليك ، وكفى بهذا سبباً للعمل على استئصال شأفتهم ، فضلاً عن كون البوسنويِّين كثيراً ما كانوا يستثيرون خصومهم حينما يزعمون أن مذهب البوغوميل هو النصرانية الحقيقية التي كان عليها حواريو المسيح - عليه السلام - ، مما يؤلب الكاثوليك ( الكروات ) ضدهم ويوغر صدور الأعداء تجاههم .
و أمام كثرة مطالبة كاثوليك المنطقة باباوات روما بالتدخل للحد من اتساع نفوذ الكنيسة البوسنوية ، بدأ التخطيط لحرب صليبية حاسمة ضد البوغوميل ، وقد بدأت إرهاصاتها عندما بعث الأمير فوكان ابن الملك ستيفان ملك دلماسيا عام 595هـ/1199م رسالة إلى البابا انيوجينيتيه يشكو إليه فيها من (( انبعاث ديانة فاسدةٍ تنتشر في البوسنة بشكل فظيع حتى إن كولين بان البوسنة وكثيرٌ من أقربائه قد انتسبوا إليها و عملوا على إضلال أكثر من عشرة آلاف نصراني )) (1) و عندها انطلقت الشرارة الأولى للمواجهة العنيفة بين البوغوميل والكنيسة الكاثوليكية ، حيث سمى البابا المذكور أهل البوسنة (باتارين) أي : ضالين (2) ، وطلب إلى ملك المجر (ميركو) إبادتهم جميعاً بدعوى أن خطرهم يهدد المجر ومذهبها الديني (3) .
__________
(1) Handiو, M; Islamizacija Bosne I Hercegovine. S : 6
(2) ... استعملت كلمة باتارين ، أو باتاريني ( Patarini ) لأول مرة في القرن الخامس للهجرة / الحادي عشر للميلاد في وصف حركة إصلاحيَّة ظهرت في الكنيسة الكاثوليكية في روما ، ثمَّ أصبحت اسماً يُطلَق على أصحاب الدعاوى الفكرية و الدينية المناوئة للكنيسة الرسمية .
اأنظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 64 .
(3) ... انظر : عمر ناكيجيفيتش : الشيخ الآقحصاري ، ص : 27 .(2/129)
و أمام هذا الضغط و التهديد اضطر زعماء البوسنة ( كولين و أقرباؤه ) إلى التخلي عن الديانة البوغوميلية و تعهدوا أمام مندوب البابا الرسولي إلى البوسنة سنة 1203م بإقامة الكنائس و دور العبادة في كل مكان ، ونصب الصلبان فيها ، و قراءة الكتب المقدسة ، كما أعطوا تنازلاً آخر أطلقوا بموجبه على أنفسهم اسم
( الأخوة ) بدلاً من النصارى كي لا يقلِّلوا من شأن النصارى الآخرين ، و للحد من استثارة خصومهم .
و أمام تمكن مذهب البوغوميل ورسوخه في البوسنة ، ازداد حرص الكنيسة الكاثوليكية على التصدي له ، مما سبب للبشانقة اضطهادًا و عنتاً شديدَيْن حيث أخذ باباوات روما يُؤَلِّبون الملوك ضدهم ، و من ذلك ما جاء في رسالة البابا جون الثاني و العشرين التي بعث بها إلى ملك البوسنة قائلاً : (( إلى ولدنا الحبيب الحسيب استيفن بان البوسنة ! لعلمنا بأنك ابنٌ مُخلصٌ للكنيسة نعهد إليك أن تستأصل شأفة الخوارج في ملكك ، و أن تبذل العون و المساعدة لقاضينا فابتيان ، لأن جمهوراً عظيماً من الخوارج تجمعوا من نواح كثيرة متعددة ، و تدفقوا جميعاً على إمارة البوسنة واثقين من أنَّهم سيُبرزون هناك خطاياهم الفاحشة ، و يعيشون في أمن و دَعَة ..)) (1) .
و أخذ باباوات روما يدعون إلى حرب صليبية ضد البوغوميل ، لاسيما هنوريوس الثالث 617هـ/1221م وجوريحبوري التاسع سنة 635هـ/1238م وإنوسنت الرابع في سنة 637هـ/1240م ، وتلا ذلك تأسيس ديوان التفتيش سنة 1291م ، ناهيك عمَّا جرى بعده من تعذيب كنسي قامت به الفئات الكاثوليكية الحاكمة للشعب البوغوميلي بدعم من البابويَّة في روما ، ممَّا اضطرَّ نحو أربعين ألفاً منهم للهجرة إلى البلاد المجاورة ، أما الذين لم يستطيعوا الهرب ، فقد أُرسلوا إلى روما مُكبَّلين في الأصفاد (2) .
__________
(1) ... حتَّى لا تضيع البوسنة كما ضاعت الأندلُس ، ص : 19 .
(2) ... انظر : المسلمون تحت السيطرة الشيوعيَّة ، ص : 121 -– 122 .(2/130)
وهكذا نرى أن البوغوميل ظلُّوا يعانون من الاضطهاد و يُقاسون القمع بين حجري الرحى الصرب والكروات حتى بزغت شمس الإسلام في بلادهم فكانت بداية التحرر والتمكين لهم .
المطلب الثالث : الإسلام في البوسنة و الهرسك :
كان الإسلام و لا يزال إحدى الديانات المعروفة في البوسنة منذ عشرة قرون أو يزيد و إن كان أتباعه متفاوتين في العَدد بين فترةٍ و أخرى ، أو بين جيلٍ و جيل قبل أن يبلغوا الصدارة في ظل الخلافة العثمانية حيث ازدادت نسبتهم أمام تراجع أعداد أتباع الديانات الأُخرى ، تحت تأثير الهجرة تارة ، و الدخول في الإسلام بأعداد كبيرة تارةً أخرى ، إضافة إلى التناسل الخصب بين المسلمين دون غيرهم .
و إذا استحضرنا هذه المعلومات و تلك التي أوردتها في آخر النبذة الجغرافية عن البوسنة و الهرسك قبلاً فإنَّنا سنلحظ بوضوح أنَّ نسبة المسلمين بين سكان البوسنة كانت في ارتفاع مستمر خلال حقب التاريخ المتتالية ، باستثناء الأزمنة التي كان المسلمون فيها عرضةً لحملات التهجير و القمع و الإبادة الجماعيَّة و الأوضاع المأساوية .
و هذه كلُّها مُسلَّمات لا مُنْكِر لها و لا خلاف حولها ، بَيْدَ أنَّ في الباب مسألتين طال حولهما الجدل :
أولاهُما : طريقة وُصول الإسلام إلى البوسنة و ضبطُ ذلك تاريخياً .
و ثانيتهما : أسباب الانتشار السريع و الاقبال منقطع النظير على اعتناق الإسلام لدى البشانِقة .
و نظراً إلى أهميَّة البحث في هاتين المسألتين ، فإني سأتناولُ ، أولاهما بالبحث التاريخي ، و أخراهما بالدراسة التحليلية مُلتمساً إصابة الحقيقة و مبرهناً عليها ما وجدت إلى ذلك سبيلاً من خلال البحث في المقاصد التالية :
المقصد الأوَّل : إسلام الصقالبة قبل الفتح العُثماني للبلقان :(2/131)
دأب كثير من الباحثين على القول : إنَّ الصقالبة قد عَرفوا الإسلام منذ القدم و تفاعلوا معه حتَّى إنَّ بعضهم قد اعتنقه قبل وصول العثمانيين إلى البلقان بقرون ، بل ربما كان بعض الصقالبة قد أسلم و هو في موطنه الأصلي و مات على الإسلام أيام الدولة العباسية و قبل أن تقوم للعثمانيين قائمة أو تكون لهم دولة أصلاً (1) .
و كان أول ظهور الإسلام في البلقان عند وصول الفاتحين الأوائل إلى القسطنطينية في العامين الأخيرين من القرن الهجري الأوَّل / 717-718 م بقيادة مسلمة بن عبد الملك (2) الذي فتح مدينة غالاتا ، و بنى فيها أوَّل مسجد ، و هو المسجد الشهير المعروف بمسجد العرب ، الذي حوَّله البيزنطيون إلى كنيسة و ظل كذلك حتى دخل العثمانيون المدينة فأُعيد مسجداً من جديد ، و كان المسلمون قد وصلوا بقيادة مسلمة إلى أدرنه
( Edirne ) و سولون ( Solun ) فيما يعتبر أولَ حملة يقومون بها إلى شبه جزيرة البلقان (3) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور عبد الحيّ فرماوي : الصربيُّون خنازير أوروبا يُحاولون إبادة الوُجود الإسلامي في البَلقان ،
)ص 47 .
و : مُحمَّد قاروط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 143 .
و : نزار سمك : البوسنة و الميراث الدامي ، ص : 21 .
(2) ... مسلمة بن عبد الملك ، هو : ابن مروان بن الحكم ، الأموي ، الدمشقي ، أبو سعيد و أبو الأصبغ ، أمير و فاتح أموي ، غزا القسطنطينية ، و بنى فيها مسجداً حمل اسمه ، وهو أخو الخلفاء الأمويين : الوليد و سليمان و هشام و يزيد ، ولي العراق لأخيه يزيد ، ثم أرمينية ، قال الذهبي : ( كان أولى بالخلافة من سائر إخوته ). توفي سنة 120 هـ / 738م .
ظتـ انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 5 / 241 ، تهذيب التهذيب 10 / 144 ، الأعلام ، للزركلي : 7/22.
(3) ... انظر : مُحمَّد قاروط : الإسلام في يوغسلافيا ) ، ص : 53 .(2/132)
و يَرى بَعضُ مُؤَرِّخي المنطقة أنَّ النواة الأوَّلى لمسلمي البلقان كوَّنها أولئك المسلمون المهاجرون من آسيا أيام الملك البيزنطي توفيل ( توفي سنة 214هـ/842م ) الذين استقروا في منطقة سولون الواقعة ضمن حدود اليونان المعاصرة ، على ضفاف نهر وردار ، حيث نُسِبَ هؤلاء المسلمون إليه فيما بعد فعرفوا باسم المسلمين الوَرْدَارِيِّين ، و بالرُغمِ من أنَّ الكثير من الكتاب قد أغفلوا هذا الحدث فإنَّ معظمهم يشيرون إلى حدث أهم و أكثر وضوحاً في هجرة المسلمين من آسيا إلى البلقان و هو نبأ ساري ساتلوك المهاجر الصقلبي الذي غادر بلاط ملك التتار نوغاي مهاجراً إلى البلقان مع نحو أربعين قبيلة تركمانية استقرت في دوربرودا (Dorbruda ) وكان له دور كبير في نشر الإسلام بين البلقانيين (1) .
و من جُملة الروايات التي تناولت هجرة الصقالبة إلى البلقان ، يظهر أنَّ كثيراً من البوشناق وصلوا إلى المنطقة ، و هُم يحملون معهم عقيدة الإسلام ، حيث اعتنقه بعضهم قبل الهجرة إلى المنطقة التي تُشكِّل البوسنة و الهرسك اليوم ، و إن لم تكُن تعاليمه قد رسخت تماماً في نفوسهم (2) .
و بغضِّ النظر عن كيفيَّة وصول المسلمين ، فإنَّ المهم أنَّهم كانوا موجودين فعلاً في المنطقة ، و خاصة على سواحل البحر الأدرياتيكي (( فقد حدث أن طلب لويس الثاني في المغرب المعونة من باسل المقدوني ضد المسلمين ، فأرسل الإمبراطور البيزنطي سنة 254هـ / 868م أسطوله الذي عمل على تطهير الأدرياتي من
المسلمين )) (3) ، ممَّا يؤكِّد وُجودهم في البوسنة و ما حولها ، و أنَّه كان لهم كيانٌ لا يُستهان به .
__________
(1) ... باختصار و تصرُّف يَسيرَين ، عن : الأندلُس الثانيَّة ، ص : 18 - 20 .
و : مُحمَّد قاروط : الإسلام في يوغسلافيا ، ) (ص : 53 .
(2) ... انظر : الدكتور علي حسُّون : محنة المسلمين في البلقان ، ص : 175 .
(3) ... الدكتور سعيد عبد الفتَّاح عاشور : أوروبا في العصور الوسطى ، ( ص : 127 .(2/133)
أمَّا المراجع التاريخيَّة العربية فنادراً ما تشير إلى الصقالبة أو البلقان ، أو أحوال المسلمين في تلك الديار النائية ، و من هذا النادر أقتطف الأحداث الثلاثة التالية :
أولاً : رحلة ابن فضلان (1) إلى بلاد الصقالبة :
يذكر أصحاب التاريخ أن الخليفة العباسي المقتدر (2) أرسل بعثةً تضم عدداً من علماء المسلمين في الشؤون الدينية و الدنيوية إلى بلاد الصقالبة لنشر الإسلام و الدعوة إليه في أرجائها ، و تحصينها من هجمات يهود الخزر (3)
__________
(1) هو يحيى بن علي ، البغدادي ، فقيه شافعي ، توفي سنة 595 هـ ... ابن فضلان , هو : أحمد بن فضلان بن العباس بن راشد بن حماد مولى محمد بن سليمان , البغدادي , فقيه . ذكره ياقوت الحموي في مواضع من معجم البلدان : 1 / 87 و 322 و 486 , 2 / 367 و 397 , 3/79. ناقلا أخبارا عن رحلته معتمدا إياها . ظتـ الأعلام ، للزركلي : 8/159 .
(2) ... المُقتدر بالله , هو : جعفر بن المعتضد بالله , أبو الفضل ، الهاشمي ، البغدادي ، ولي الخلافة سنة 259 هـ / 873 م و هو ابن ثلاث عشرة سنة , وما ولي أحد قبله أصغر منه , وخلعه الجند في أوائل دولته , ثم لم يتم ذلك . =
= ... قال التنوخي : كان جيد العقل , صحيح الرأي , و لكنه كان مؤثرا للشهوات . قتل سنة 320 هـ / 932 م ، و عمره ثمان و ثلاثون سنة .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 7 / 213 ـ 219 , المنتظم 6 / 243, الكامل 8 / 8 ، سير أعلام النبلاء 15 / 43 ـ 57 .أبو الفضل جعفر بن المعتضد تولي الخلافة سنة 259هـ حتى سنة 320هـ
(3) 1 ... الخزر : مملكة لليهود بمدينة تسمى : إتل ، يقطعها نهر ، تجاور بلاد الترك و بلغار ، و أهلها صنف من الترك و هم طوائف ، منهم : المسلمون و النصارى .
انظر : معجم البلدان 2 / 367 ، البدء و التاريخ 4 / 66 ، مراصد الاطلاع ص 465 .(2/134)
الغادرين . و خير من يروي أخبار هذه البعثة أحمد بن فضلان العباسي الذي أوفده المقتدر معها فكتب عنها رسالة مستفيضة ، ذكر في مطلعها أنَّ ملك الصقالبة ألمش بن يلطوار (1) طلب إلى أمير المؤمنين المقتدر بالله أن يرسل إليه من يفقهه في الدين و يعرفه الشرائع ، و يبني له مسجداً و ينصب له منبراً يقيم عليه الدعوة للخليفة في أنحاء مملكته ، و سأله أن يبني له حصناً يتحصن به من ملوك الخزر اليهود فأجاب الخليفة المقتدر طلبه ، و انتدب ثلاثة آلاف من المسلمين ما بين فقيه و عامل و طبيب و صانع ، ليفدوا عليه في بلاده بما أراد ، و أمَّر عليهم سوسن الرسِّي (2) ، و أردفه مترجماً من الترك ، و فقيهاً من العرب هو أحمد بن فضلان مؤرخ الرحلة .
انطلقت الرحلة من بغداد لإحدى عشرة ليلة خلت من صفر الخير سنة 309هـ/ 21 حزيران عام 921م و سارت شهراً و بضعة أيام .
__________
(1) ... اختُلِف في اسم الملك المذكور اختلافاً شديداً فقيل : هو الحسن بن يلطوار ، و قيل : هو ألمش بن شلكي ، و قيل : هو ألمس بن شلكي يلطوار إلى غير ذلك من الأقوال التي لا مرجِّحَ مقبول لأيٍ منها 0
للاستزادة انظر : دائرة المعارف الإسلاميَّة ، مادة بلغار .
و انظر: تعليق الدكتور سامي الدهَّان على رسالة ابن فضلان ، ص : 67 .
(2) 3 ... زاد في معجم البلدان : مولى نذير الحزمي . ولم أقف له على ترجمة مفردة .(2/135)
يقول ابن فضلان : (( فلما كنَّا من ملك الصقالبة - و هو الذي قصدنا - على مسيرة يوم و ليلة وجَّه لاستقبالنا الملوك الأربعة الذين تحت يده ، و إخوته و أولاده ، فاستقبلونا و معهم الخبز و اللحم و الجاورس (1) ، و ساروا معنا ، فلما صرنا منه على فرسخين تلقانا هو بنفسه ، فلما رآنا نزل فخرّ ساجداً شكراً لله جل و عزّ ، و كان في كمه دراهم فنثرها علينا ، و نصب لنا قباباً فنزلناها .
و كان وصولنا يوم الأحد لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة عشرة و ثلاثمائة من الهجرة / 22 أيار 922 للميلاد ... فأقمنا في القباب التي ضُربت لنا حتى جمع الملوك و القُوَّاد و أهل بلده ليسمعوا قراءة الكتاب ... فأخرجت كتاب الخليفة فقرأته )) (2) .
و يذكر ابن فضلان أنَّ ملك الصقالبة سأله : ما اسم مولاي أمير المؤمنين ؟
قال : قلت : جعفر .
قال : فيجوز أن أتسمى باسمه ؟
قلت : نعم .
قال : قد جعلت اسمي جعفراً و اسم أبي عبدَ الله ، فتقدَّمْ إلى الخطيب بذلك ! فَفَعَلْتُ، فكان يخطب له : (( اللهم أصلح عبدك جعفر بن عبد الله أمير البلغار مولى أمير المؤمنين ... )) (3) .
... قال ابن فضلان : (( و كان يخطب له على منبره قبل قدومي : اللهم أصلح الملك يلطوار ملك البلغار )) (4)
__________
(1) 1 ... الجاورس أصلُه كاوَرس و هو :حبٌ معروف ٌ يُشبه الأرز ، يؤكل مثل الدهن ، من فوائده إمساك الطبيعة و إدرار البول . انظر : تاج العروس مادة : جرس .
(2) 2 ... باختصار عن : رسالة ابن فضلان ، بتحقيق الدكتور سامي الدهان ، ص : 113 -– 114 .
(3) 3 ... رسالة ابن فضلان ) ( ، ص : 118 .
(4) 1 ... المرجعُ السابِق ، ص : 117 .(2/136)
قلت : و حسبنا من خبر ابن فضلان ما أوردناه ، و كفى بما فيه دلالة على أن الصقالبة قد عرفوا الإسلام قبل نهاية القرن الثالث للهجرة / العاشر للميلاد ، و أقبلوا عليه بشغف ، حتى تمكن من أفئدتهم و ديارهم ، و من تأمل كلام ملكهم يلطوار وقف على حقيقة رسوخ الإسلام في نفوس الصقالبة و تعلقهم به ، و توقيرهم كل ما جاء به ، و فتح ديارهم و بلادهم أمام دُعاته ، مما يؤكد الحقيقة التاريخية
القائلة : إنَّ كثيراً من مناطق الصقالبة قد دخلها الإسلام و انتشرت فيها المساجد و المكاتب الدائمة و العادات الإسلامية حتى في الزيّ و المقابر قُبيل القرن الرابع للهجرة / العاشر للميلاد (1) .
ثانياً : ذِكر ياقوت الحمويّ للباشغرديَّة :
علاوةً على ما ذكره ياقوت الحموي في كتابه الشهير ( معجم البلدان ) من احتكاك التجار العرب و المسلمين بالصقالبة في البلاد التي وصلوا إليها ، حيث
(( إن تجار المسلمين كانوا يقصدون بلاد الصقالبة بأنواع التجارات )) (2) كان بعض الصقالبة المسلمين يفدون إلى بلدان العالم الإسلامي طلباً للعلم ، أورد ياقوت و صفاً دقيقاً لاجتماعه بنفرٍ من الصقالبة الذين وفدوا على بلاد الشام طلباً للعلم فقال :
((
__________
(1) 2 ... انظر : ابن رستة : الأعلاق النفيسة ، ص : 145 .
(2) 3 ... معجم البلدان ، لياقوت الحموي : 1/69 .(2/137)
وجدت بمدينة حلب طائفة كثيرة يقال لهم الباشغردية ، شقر الشعور و الوجوه جداً ، يتفقهون على مذهب أبي حنيفة - رضي الله عنه - ، فسألتُ رجلاً استعقلته منهم عن بلادهم و حالهم فقال : أما بلادنا فمن وراء القسطنطينية ، في مملكة أمة من الفرنج ، يقال لهم : الهنكر ، و نحن مسلمون رعية لملكهم في طرف من بلاده نحو ثلاثين قرية ، كل واحدة تكاد أن تكون بليدة ، إلاّ أن ملك الهنكر لا يمكننا أن نعمل على شيء منها سوراً خوفاً من أن نعصى عليه ، و نحن في وسط بلاد النصرانية ، و لساننا لسان الإفرنج ، و زينا زيهم و نخدم معهم في الجندية ، و نغزو معهم كل طائفة ، لأنهم لا يقاتلون إلا مخالفي
الإسلام . فسألته عن سبب إسلامهم ، مع كونهم في وسط بلاد الكفر ، فقال : سمعت جماعة من أسلافنا يتحدثون أنه قدم إلى بلادنا منذ دهر طويل سبعة نفر من بلاد البلغار ، وسكنوا بيننا ، وتلطفوا في تعريفنا ، و ما نحن عليه من الضلال ، و أرشدونا إلى الصواب من دين الإسلام ، فهدانا الله و الحمد لله فأسلمنا جميعاً ، و شرح الله صدورنا للإيمان ، و نحن نقدم إلى هذه البلاد ، و نفقه ، فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها و ولونا أمور دينهم . فسألته لم تحلقون لحاكم كما تفعل الإفرنج ؟ فقال : يحلقها منَّا المتجندون ، ويلبسون لبسة السلاح مثل الإفرنج ، أما غيرهم فلا . قلت : فكم مسافة ما بيننا و بين بلادكم ؟ فقال : من هاهنا إلى القسطنطينية نحو شهرين و نصف ، و من القسطنطينية إلى بلادنا نحو ذلك )) (1) .
__________
(1) ياقوت الحموي مُعجم البلدان ) : 1 / 469 -– 470 .(2/138)
ثالثاً : زيارة الرحالة المسلم أبي حامد الغرناطي (1) لمنطقة البلقان :
يذكر بعض الباحثين أن عدداً من الدعاة المسلمين وصل إلى منطقة البلقان قبل تسعة قرون تقريباً ، و من هؤلاء الرحالة المسلم أبو حامد الغرناطي ( ت 565هـ/1169م ) حيث زار المجر و تولى مشيخة الإسلام فيها ، و كان له نشاط و جهدٌ عظيم بين أبنائها و قد توغل في تلك البلاد فوصل إلى ( بشغرديا ) (2) سنة 545هـ/1150م ، و زوّج ابنه من إحدى بنات أعيانها.
__________
(1) 2 ... أبو حامد الغرناطي ، هو : محمد بن عبد الرحيم بن سليمان ، المازني ، القيسي ، ولد سنة 473هـ/1081م ودخل الأسكندرية سنة 508 هـ / 1115 م ، و الشام سنة 556 هـ / 1161 م ، و رحل إلى خراسان و غيرها ، رأى عجائب في بلاد شتى ، و صنف في ذلك كتابا سماه : تحفة الألباب . قال المقري : ( كان حافظا عالما أديبا ) . و تكلم فيه الحافظ ابن عساكر و رماه بالكذب ، و قال ابن النجار : ( ما علمته إلا أمينا ) . مات سنة 565 هـ / 1170 م بحلب .
انظر ترجمته في : تاريخ دمشق 54 / 113 ـ 114 ، مختصر تاريخ ابن الدبيثي ، ص : 39 ، العبر للذهبي
4 / 199 ، نفح الطيب للمقري 2 / 712 .
(2) 121 لعلها البلدة التي ينتسب إليها طلبة العلم الذين لقيهم ياقوت في حلب ، و ذكرهم في ( معجم البلدان ) كما تقدم .(2/139)
و تعتبر رسالة ابن فضلان المتقدِّمة، و مقابلة ياقوت السالفة الذكر – على وجه الخصوص - وثيقتين واضحتي الدلالة على أنَّ الإسلام وصل إلى بلاد الصقالبة قبل الفتح العثماني بقرون طويلة و هذه الحقيقة بشواهدها التاريخية الثابتة ، و دلالتها الجلية على السبق الإسلامي في المنطقة تدفع دعاوى كتاب الغرب المتحاملين بما لا يسعهم ردُّه ، و ليس بمقدورهم أن يأتوا بمثله ، فإذا انكشف تلبيسهم ، و سقطت دعواهم التي مؤدَّاها أنَّ الإسلام قد انتشر في أوروبا بالسيف ، تقرر لزاماً أنَّ الإسلام قد انتشر بمبادئه لا بمعاوِله كما يُلبِّس الأعداء (1) .
فكيف وصلت هذه المبادئ إلى البلقان ، و كيف تلقَّاها الصقالبة و ارتضوها ؟
يذكر المؤرخون أنَّ الصقالبة القدماء احتكوا بالعرب و المسلمين المُشتغلين بالتجارة (2) و عمل بعضهم في بلاط السلاطين زمناً أتاح لهم الفرصة للتعرف على الإسلام و الوقوف عليه عن كثب ..
يقول الأستاذ رونسو : (( إن بعض المناطق اليوغسلافية عرفت الإسلام في وقت مبكر جداً ، و ذلك على إثر فتح المسلمين لجزيرة صقلية ، و بعض مناطق البحر المتوسط الأخرى ، فقد وصلوا إلى البحر الأدرياتيكي – المطل على
يوغسلافيا – و إذا أضفنا إلى ذلك مكوث عدد كبير من أهل هذه
__________
(1) 2 ... و تأكيداً لعدم قسر الناس على الدخول في الإسلام تحت الحكم العثماني انظر : بول كولز : العُثمانيَُون في أوروبا ، ) ص : 119 . و قد أحسن الدكتور شوقي أبو خليل في تفنيد و دحض هذا الزعم في كتابه القيِّم : الإسلام في قفص الاتهام ، ص : 89-135 فليراجَع فإنَّه نفيس0
... و انظر : ما كتبه الدكتور جميل عبدالله محمد المصري حول هذا الموضوع في كتابه: دواعي الفتوح الإسلامية و دعاوي المستشرقين .
... و الدكتور : حسين مؤنس في : كتاب الإسلام الفاتح .
(2) ... انظر : أبو عبيد البكري : جغرافية الأندلُس و أوروبا ،) ( ص : 161 .(2/140)
المنطقة – يوغسلافيا – في بلاط الحكام الأندلسيين فإنه يمكن القول : إن جذور الإسلام قد زرعت مباشرة على يد العرب المسلمين ، و إن العديد من المناطق اليوغسلافية عرفت الإسلام منذ أكثر من اثني عشر قرناً )) (1) .
و قد يكون هؤلاء المسلمون الأوائل قد عملوا على بث الدعوة الإسلامية بجهودهم الذاتية ، و حببوا الإسلام إلى قلوب الناس بالحكمة و الموعظة الحسنة مكونين جماعات إسلامية على شكل واحات جميلة في شبه جزيرة البلقان سعدت بتعاليم الإسلام فذاع صيتها ، حتى زارها العلماء العرب المسلمون من مؤرخين و جغرافيين و اقتصاديين مما زاد من احتكاك مسلمي تلك الديار بالعرب و التمكين للإسلام في بلادهم (2) .
و لاريب في أن هذا الاحتكاك و التلاقي بين العرب و الصقالبة كانا مقترنين بالحركة التجارية تارةً ، و بالحملات الدعوية فرديةً و جماعيةً تارةً أخرى ، و رُبَّما أسهم في ذلك التقاء الطرفين في المعارك و الحروب سواءً أكان لقاؤهم لقاء مواجهة أو لقاء مناصرة .
قال ياقوت : (( إنَّ تجار المسلمين كانوا يقصدون بلاد الصقالبة بأنواع
التجارات )) (3) و ربما كان من هذه الأنواع تجارة الرقيق و غيرها مما كان يربط دوبروفنيك (4) بالبلاد الإسلامية الواقعة على حوض البحر المتوسط .
__________
(1) ... مجلًّة هُدى الإسلام ( ع : 4 ، ربيع الأوَّل 1403هـ ) ، ص : 60 .
(2) ... انظر : الهادي كودرة : المسلمون في يوغسلافيا ( ضمن مجلَّة الوعي الإسلامي ، ع : 6 ، جُمادى الآخر
1385هـ ) ، ص : 72 و ما بعدها 0
(3) ... ياقوت الحمويّ مُعجم البُلدان ): 1 / 69 .
(4) ... دوبروفنيك : مدينة عريقة ، تمتعت بالاستقلال و السيادة لفترات طويلة ، و كانت تعرف باسم راجوسا
( Ragusa ) و هي اليوم ضمن حدود يوغسلافيا 0 الباحث .(2/141)
و قد كان اسم الصقالبة يُطلق على الأسرى من الأمم السلافية في العصور الوسطى و كان معظمهم يؤتى بهم أطفالاً بواسطة أقطاب تجارة الرقيق من اليهود و يبيعونهم للعرب ، ليخدموا في بلاط الخُلفاء ، و من ثمَّ كانوا يعتنقون الإسلام ، و يتعلَّمون اللغة العربية (1) .
و ما دمنا قد ذكرنا الرقيق فمن المناسب أن نشير إلى سبب رئيسي في وجودهم هو الجهاد في سبيل الله الذي يعتبر المصدر الأوَّل بل الأوحد لحيازة الرقيق ابتداءً في الإسلام فقد اصطدم العرب بالصقالبة مراراً أثناء الحروب الإسلامية البيزنطية .
يقول الأستاذ أشرف المهداوي : (( في عهد الخلافة الراشدة قابل المسلمون جنود الصقالبة مكبَّلين بالسلاسل – على ما هو مبسوط في مواضعه من كتب التاريخ – فأسروا منهم الكثير ، ومن الأسرى من أسلم بعد ذلك وحرر وعاد إلى قومه . وفي أيام الدولة الأموية تأكدت الصلة بهروب مجموعة من مُقاتِلة الصقالبة ، و انضمامهم إلى قوات المسلمين ، التي كانت تخرج مرتين في السنة ، في الصيف و الشتاء ... فيما يعرف باسم بالصوائف و الشواتي بعد عام 43هـ/664م ... و بعد ذلك - إبَّان اشتعال الحروب بين الأمويين و البيزنطيين – هربت مجموعة تقدر بعشرين ألف من جيش جستنيان الثاني ، و انضمت إلى جيش المسلمين عام 73هـ/692م ، ثم رحل هؤلاء إلى الشام و اندمجوا مع العرب ديناً و جنساً و لغةً )) (2) .
و من الباحثين من يعزو نسب قبيلة ( الجبالية ) المقيمة في جبل موسى حول دير
( سانت كاترين ) بسيناء إلى الصقالبة ، و يقول إنهم قدموا بأمر القائد البيزنطي
(
__________
(1) ... انظر : محمد عبد الله عنان : مواقف حاسمة في تاريخ الإسلام ، ) ص : 135 .
(2) 1 ... أشرف المهداوي ،) ( ص : 102 -– 103 .(2/142)
جستنيان ) مع أسرهم لحراسة الدير ، حتى إذا ما فتح المسلمون مصر ، أسلموا ، و عاشوا مع العرب ، و تعلموا لغتهم (1) ، فضلاً عمّن هرب منهم قبل ذلك ، حيث يذكر – كما تقدّم - أن عشرين ألف صقلبي فروا من جيش ( جستنيان ) ليلحقوا بصفوف المسلمين مؤازرين و مناصرين ، و لا شك أن أكثرهم قد أسلم بعد ذلك و أن منهم من استقر في الشام ، و منهم من خرج يجاهد في الطلعات الإسلاميّة ، و يرشد إلى مثالب البيزنطيين ، و ربما عاد من هؤلاء الصقالبة أقوام إلى مواطنهم في البلقان و آسيا الصغرى للتجارة ، أو الزيارة أو الدعوة إلى الإسلام في بلادهم الأصليًة ، و بلغة قومهم (2) .
بينما نال من بقي منهم الحظوة عند حكام المسلمين و القربى على بلاط السلاطين ، حيث كان جماعة كثيرة من الصقالبة يعملون في خدمة الخلفاء الأمويين بالأندلس (3) ، منهم الحاجب جعفر بن عثمان المُصْحَفِيّ الصقلبي (4)
__________
(1) 2 ... انظر : قصة البوسنة ، لأشرف المهداوي ، ص : 104 ، نقلاً عن مقال للأستاذ إبراهيم الفحام بعنوان : قبائل و عشائر عربية من أصول أوروبية ( مجلة العربي ، العدد 58 ، سنة 1383هـ ) ، ص : 42 .
(2) 3 ... انظر : قصة البوسنة ، لأشرف المهداوي ، ص : 114 .
و : نزار سمك : البوسنة و الميراث الدامي ، ص : 20 ، 21 .
(3) 4 ... يرى بعض المؤرِّخين أنَّ لَقب الصقالبة في الأندلس لم يكن قاصراً على القوميَّة الصقلبيَّة المعروفة ، و لكنَّه يُطلق على عموم الأوروبيين المتواجدين في بلاط السلاطين و الجنود الأندلُسيين 0 انظر : تعليق الدكتور عبد الرحمن الحجِّي على أبو عبيد البكري : جغرافية الأندلُس و أوروبا ،) ص : 169 .
(4) 5 جعفر بن عثمان : انظر ترجمته في : بغية الملتمس ص 257 ، الحلة السيراء 1 / 257 ، نفح الطيب
1 / 402 - 403 ، 2 / 196 ، جذوة المقتبس ، ص : 187 ـ 188 .(2/143)
وزير المستنصر بالله (1) ، و غيره ، حتى كان الملوك يأخذون البيعة منهم أولاً ، و هؤلاء يأخذونها ممّن وراءهم .
أما في البلاط العبَّاسي فكفى للدلالة على حَظوة الصقالبة أن ( مُخَارق ) أمّ المستعين العباسي (2) كانت صقلبية (3) .
و بالنظر إلى هذه الشواهد ، إلى جانب الحملات الدعوية التي قام بها العرب المسلمون إلى البلقان كبعثة المقتدر و غيرها – تتضح لنا بجلاء حقيقة العلاقة بين العرب و الصقالبة ، التي أثرت و لا ريب في نشر الإسلام و إرساء دعائمه في المنطقة حيث البوسنة و الهرسك و ديار صقالبة الجنوب ، و ما من شك في أنَّ التمكين للإسلام هناك قد أتاح السبيل أمام عدد لا بأس به من العرب التجار و الدعاة و غيرهم للاستقرار في المنطقة ، و البروز فيها ، حتى إنهم بحسب ما يقرره مؤرخو الغرب قد حكموا بعض أقاليم البلقان حكماً مباشراً ، بما في ذلك بعض مناطق الهرسك و الجبل الأسود قبل عشرة قرون من الزمن على الأقل (4) .
__________
(1) 1 ... المستنصر بالله ، هو : الحكم بن عبد الرحمن الناصر بن محمد ، الأموي ، الخليفة ، الأندلسي ، أبو العباس ، كان حسن السيرة ، جامعا للعلوم ، محبا لها ، مكرما لأهلها ، مواصلا لغزو الروم ، ولد سنة 302 هـ ، و مات سنة 366 هـ / 977 م .
انظر ترجمته في : جذوة المقتبس ، ص : 16 ، تاريخ علماء الأندلس ، ص : 7 .
(2) 2 ... المستعين العباسي ، هو : الخليفة أحمد بن محمد بن محمد المعتصم بالله بن هارون الرشيد ، أبو العباس ، دعي ليبايع له بالخلافة ، فقال : أستعين الله و أفعل . فسمي المستعين . و ذلك سنة 248 هـ / 862 م ، و مات سنة 252 هـ / 866 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 5 / 84 ـ 86 ، المنتظم 12 / 6 ، تاريخ الخلفاء 1 / 358 .
(3) ... انظر : مروج الذهب للمسعودي ( : 4 / 60 . و النجوم الزاهرة 2 / 335 .
(4) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 40 .(2/144)
و قبل أن أختم الحديث عن إسلام الصقالبة ، أودُّ أن أؤكِّد حقيقتين تاريخيتين هما :
الأوَّلى : أن إسلام الصقالبة الأوائل ( قبل الفتح الإسلامي لبلادهم ) لم يتجاوز الحدود الشخصية و الفردية ، حتى و إن كان بين أوائل الصقالبة المسلمين وجهاء ونبلاء وملوك ، كملك البلغار و بعض خاصته و حاشيته ، فإنه من غير المتصور أن يكون هؤلاء قد حولوا بلادهم إلى بلاد إسلامية أو تكون ديارهم ديار إسلام بالمعنى الشرعي لدار الإسلام (1) ، ذلك لأن اسم المملكة في القرون الوسطى كان يطلق تجاوزاً على أية مجموعة بشرية مستقلة و إن قلّ أفرادها أو انزوت في رقعة ضيقة من الأرض .
والثانية : أن مسلمي الصقالبة الأوائل اندثرت معالمهم و تلاشت آثارهم قبل وصول طلائع الفتح الإسلامي إلى بلادهم ، و هذا ما تؤكده الوثائق التاريخية ، حيث لم يبق في البلقان و جود يذكر للمسلمين عند وصول العثمانيين إلى البلقان ، ممَّا يجعل انتشار الإسلام في المنطقة يبدأ بعد الفتح من درجة الصفر تقريباً ، ثمّ ينطلقُ بقوَّة فلا يلبثُ أن ينتشر في كُلِّ مكان و يبلغ الصدارة في عدد أتباعه بين سكان البوسنة على وجه الخصوص .
__________
(1) لدار الإسلام تعريفات متقاربة عند الفقهاء ، فهي عند ابن القيم : الدار التي نزلها المسلمون و جرت عليها أحكام الإسلام 0
انظر : أحكام أهل الذمة لابن القيم ، بتحقيق الدكتور صبحي الصالح :
1/ 277 .
... و : د. محمد رواس قلعجي : معجم لغة الفقهاء ( الطبعة الأولى ، دار النفائس ، بيروت 1416هـ/
1996م ) ص :182 .
... و قال التهانوي في كشَّافه : دار الإسلام عند الفقهاء ما يجري فيه حكم إمام المسلمين من البلاد كما في الكافي و في الزاهدي : ما غلب فيه المسلمون و كانوا فيه آمنين 0
انظر : : محمد علي التهانوي : موسوعة كشاف اصطلاحات الفنون ، بتحقيق الدكتور على دحروج ، و ترجمة الدكتور عبد الله الخالدي ( الطبعة الأولى ، مكتبة لبنان ، بيروت 1996م ) ، ص : 779 .(2/145)
المقصد الثاني : إسلام البشَانِقة بعد الفتح العثماني للبوسنة :
ثمة حقيقة أثبتها مؤرخو الغرب و الشرق جميعاً ، هي أن الإسلام انتشر في البوسنة انتشاراً واسعاً في ظل الحكم العثماني للمنطقة ، و لا يعني انتشاره الواسع النطاق أنه كان بشكل جماعي في فترة زمنية وجيزة كما يُردِّدُ بعض الكتَّاب
الغربيُّين (1) - مما قد يوحي بأنه قد تم قسراً و قهراً - بل على العكس من ذلك (( لم يكن العثمانيُّون يُشجِّعون أيَّ خِطَّة أو برنامج لتحويل الشعوب النصرانيَّة تحوُّلاً جماعيَّاً إلى الإسلام )) (2) فقد استمر المد الإسلامي في البوسنة قرنين من الزمن على الأقل ، حتى بدت ملامحه جليةً و ظهر أتباعه بوضوح كتجمع كبير إلى حدٍ ما .
و إذا أردنا الوقوف على حقيقة إقبال الناس على الإسلام أيام الحكم العثماني للبوسنة فإن أوثق مصدر يمكننا الرجوع إليه هو الوثائق المحفوظة في السجلات ( الدفاتر ) (3) العثمانية المتعلقة بالمنطقة ، و التي تحوي إحصاءات دقيقة ، و تفاصيل وافية حول أعداد السكان بحسب انتمائهم الديني في ظل الخلافة .
و نظراً إلى أنّ هذه السجلات تعد المرجع الأكثر دقّةً ، و تعطي الصورة التقريبيَّة (4)
__________
(1) 1 ... انظر : بول كولز : العُثمانيَُون في أوروبا ،) ( ص : 59 .
(2) ... المرجعُ السابِق ، ص : 72 .
(3) ... حول هذه الدفاتر انظر : قاروط 163 و ما بعدها .
(4) ... إنَّ ما يمكن أخذه من إحصاءات هذه الدفاتر تقريبي ، لأنَّ الدفاتر تحصي عدد الأُسر و ليس الأفراد ، و لا شك أنَّ عدد أفراد الأُسر متفاوتٌ إلى حدِّ بعيد ، و ربما كان السبب في تركيز العُثمانيَُين على عدد الأسر هو أنَّ الهدف من تدوين الدفاتر هو تسهيل استيفاء الجزية من الذِمِّيين و قد كانت الجزية تُضرب على الأسر لا على الأفراد 0
(
الباحث ) 0(2/146)
الأكثر وضوحاً لانتشار الإسلام المتدرج في البوسنة فقد عكف عدد من العلماء المعاصرين على دراستها و تحليلها ، و من مجموع تلك الدراسات يمكن أن نخلص إلى نتائج من أبرزها :
1. أن النصارى الكاثوليك كانوا أكثر من غيرهم إقبالاً على دخول الإسلام .
2. أن انتشار الإسلام في مدن البوسنة و الهرسك كان أوسع و أسرع من انتشاره في المناطق الريفية .
3. أن أعداد المسلمين في البوسنة في الغالب ظلّت تتراوح بين خمسٍ و عشرين ، و خمس و أربعين بالمائة من مجموع السكان منذ قيام كيانهم إلى يومنا هذا باستثناء السنوات الأوَّلى من الحكم العثماني للبوسنة حيث بدأ انتشار الإسلام بطيئاً و متعثراً في أول الأمر .
و فيما يلي خلاصة لبعض تلك الدفاتر من دلائل و إحصاءات ذات صلة بالانتشار التدريجي للإسلام في البوسنة .
? الدفتر الأوَّل : هو أقدم الدفاتر المحفوظة حيث يعود تاريخه إلى عامي 872 ـ 873 هـ / 1468 ـ 1469 م ، و يُغَطِّي وسط البوسنة و شرقها ، و يظهر من خلاله أن انتشار الإسلام كان محدوداً في السنوات الأوَّلى من الفتح حيث كان للنصارى سبعٌ و ثلاثون ألفاً و سبعمئة و خمس و عشرون داراً ( أي
أسرة ) و تِسعة آلاف عازبٍ و أرمل بينما بلغ عدد دور المسلمين ثِنتين و ثلاثين و ثلاثمئة دار فقط ، أي أن عدد المسلمين لم يكن قد بلغ العشرة من الألف على الرغم من مرور سبعة أعوامٍ تقريباً على الفتح (1) .
__________
(1) انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 87 .(2/147)
? الدفتر الثاني : يرجع تاريخه إلى عام 889هـ/1485م و يغطي منطقة البوسنة كامِلةً ، موضحاً ارتفاع نسبة المسلمين فيها إلى 12 بالمئة تقريباً حيث بلغ عدد دورهم (أسرهم ) واحداً و أربعين ألفاً و أربعةً و ثلاثين داراً ، إضافةً إلى ألفٍ و أربعمئة و ستين فرداً ( بين عازب و أرمل ) ، بينما انخفض عدد دور النصارى إلى ثلاثين ألفاً و ثلاثمئة و اثنتين و خمسين داراً ، و عدد أفرادهم إلى أربعةِ آلاف و مئتين و اثنين و تسعين فرداً (1) .
? الدفتر الثالث : يرجع تاريخه إلى عام 894هـ/1489 م أي بعد سابقه بأربع سنوات فقط ، و بحسب ما فيه تبلغ نسبة المسلمين (15.5 بالمئة ) بالنظر إلى عدد الدور ، وضِعفَ هذه النسبة بالنظر إلى عدد العازبين و الأرامل !! حيث كان للمسلمين أربعة آلاف و خمسمئة و خمسٌ و ثمانون داراً ، و عشرون ألفاً و ثلاثمئة و ثمانية و عشرون فرداً ، بينما بلغ عدد دور النصارى عشرين ألفاً و خمسمئة و تسعين داراً ، و خمسة آلافٍ و ثلاثمئة و ثمانية و خمسين فرداً ( بين عازب و أرمل ) (2) .
? الدفتر الرابع : يشمل إحصاءاً تم تقييده عام 934هـ/1528م - أي بعد ستةٍ و ستين عاماً من الفتح – و جاء فيه أن عدد دور المسلمين تضاعف أربع مرات تقريباً عمَّا كان عليه عام 894هـ/1489م ليبلغ ستَّة عشر ألفاً و تسعمئة و خمساً و ثلاثين داراً مما يشير إلى ازدياد انتشار الإسلام مع ظهور الجيل الثاني من أجيال البوسنة الإسلامية (3) .
__________
(1) ... انظر : المرجعُ السابِق ، ص : 88 .
(2) ... نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 119 .
(3) ... المرجعُ السابِق ، ص : 120 .(2/148)
و هكذا نجد أن انتشار الإسلام في البوسنة كان تدريجياً ، بل بطيئاً نوعاً ما بالمقارنة مع سرعة انتشاره في مناطق أخرى فتحها المسلمون كالشام و العراق و المغرب و الأندلس و هذه حقيقة غفل عنها كثير من الباحثين و أعرض عنها آخرون ليسوغوا زعمهم بأن الإسلام انتشر قسراً بقوة السيف مما أدى إلى تحول البشَانِقة بشكل جماعي و فجائي من النصرانية إلى الإسلام بحسب زعمهم .
و يظهر من استقراء الدفاتر العثمانية ، و تاريخ الفتوح الإسلامية في البوسنة أن سرعة انتشار الإسلام فيها كانت متأثرة بشكل مباشر بحركة الفتح (( و بما أن هذه الفتوحات كانت تحدث بالتدريج و على مراحل فإن انتشار الإسلام كان يحدث على مراحل أيضاً )) (1) .
أضف إلى ذلك بعض العوامل الأخرى التي أثرت بدرجات متفاوتة في سرعة انتشار الإسلام ، و من أهمها :
1. التنوع الديني في البوسنة : حيث كان انتشار الإسلام بطيئاً في المناطق التي تسود فيها الخلافات الدينية ، بينما كان أسرع انتشاراً في سواها .
2. القرب و البعد من المراكز الإدارية و العسكرية للمسلمين العثمانيين .
3. انتشار المؤسسات الإسلامية و ازدياد عدد العلماء و الدعاة المسلمين .
إلى غير ذلك من العوامل ذات الأثر المباشر و غير المباشر في سرعة انتشار
الإسلام (2) .
و لاشك في أن هذه العوامل قد تفاعلت مع شغف البشَانِقة الذي دفع بهم نحو الإسلام بعد أن رأوا فيه ضالتهم المنشودة ، فأقبلوا عليه زرا فات و وحداناً تحدوهم في ذلك جملة من البواعث الذاتية و الأسباب الموضوعية و منها :
__________
(1) ... المرجعُ السابِق ، ص : 118 .
(2) ... انظر : المرجعُ السابِق ، ص : 118 -– 119 .(2/149)
أوَّلاً : ملائمة الإسلام بعقائده و شرائعه الفطرة البشرية ، و الاقتناع الشخصي به كسبيل صلاح و إصلاح (( نتيجة للتفاعل العميق و الطويل الذي جرى بين المسلمين و النصارى في البلقان ، لاسيما أن النموذج العثماني في العصر الأوَّل كان يتمتع بخصائص و مواصفات كانت في غاية الروعة و القوة و المجد ، و كانت عامل جذب لعشرات الآلاف من نصارى البلقان و عموم أوروبا للتحول إلى الإسلام )) (1) .
ثانياً : انتشار عقيدة البُوغُومِيل بين نصارى البوسنة ، من خلال ما يسمى ( الكنيسة البوسنوية ) و قد مهد وجود هذه الكنيسة لانتشار الإسلام من جوانب عدة أبرزها (2) :
وجود بعض التشابه – على الرغم من كونه ضعيفاً و محدوداً – بين تعاليم البُوغُومِيل و المبادئ الإسلامية ، مثل :
1. البعد عن بعض مظاهر الوثنيَّة كالتعلق بالنُصُب و القبور و غيرها ، و هذا يُوافق ما جاء عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - من النهي عن اتخاذ القبور مساجد (3) .
__________
(1) ... مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان المرجعُ السابِق ، ص : 95.
(2) ... انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ) ص : 141 .
(3) ... وردت فيه أحاديث صحاح ، منها :
... ما أخرجه البخاري (1330 ) في الجنائز ، باب : ما يكر ه من اتخاذ المساجد على القبور ، و ( 1341 ) باب : بناء المسجد على القبور . =
= ... وانظر باقي أطرافه في : 1390 و 4441 ، 3453 و 443 و 25815 ، وأخرجه مسلم (529) في المساجد ، باب النهي عن بناء المساجد على القبور ، من حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) قالت عائشة رضي الله عنها : يحذر من ذلك .(2/150)
2. البعد عن تزيين المعابد و الاهتمام الزائد بها (1) .
3. أداء الصلوات و سائر العبادات في أيِّ مكان ، و عدم اشتراط أدائها في الكنائس ، و هذا يوافق قول النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - : (( و جُعِلت ليَ الأرض مسجداً و طهوراً )) (2) .
__________
(1) ... و جاءت شريعة الإسلام بذلك ، فلقد كان المسجد على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبنياً باللبن ، و سقفه الجريد ، و عمده خشب النخل . أخرجه البخاري 1/449 في المساجد ، باب : بنيان المسجد .
و جاءت نصوص بكراهة تزيين المساجد ، و اعتبار ذلك من أشراط الساعة . منها ما أخرجه أبو داود (448) في الصلاة ، باب : في بناء المسجد : بإسناد صحيح ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( ما أمرت بتشيد المساجد )) . قال ابن عباس : لتزخرفنها كما زخرفت اليهود و النصارى .
و معنى قول ابن عباس : أن اليهود و النصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حروفا و بدلوا أمر دينهم ، و أنتم تصيرون إلى مثل حالهم ، و سيصير أمركم إلى المراءات بالمساجد و المباهاة بتشييدها وتزيينها . انظر : شرح السنة للبغوي
2/350.
وأخرج أبو داود (449) أيضاً ، وابن ماجه (739) بإسناد صحيح ، عن أنس بن مالك ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال : (( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد )) .
(2) 2 ... أخرجه البخاري (335) في التيمم ، باب : التيمم ، و (438) في الصلاة ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : جعلت لي الأرض مسجداً و طهوراً . و (3122) في الجهاد ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : أحلت لكم الغنائم . و مسلم (521) في المساجد في فاتحته ، والنسائي 1/109-211 في الغسل ، باب : التيمم بالصعيد ، و أحمد 3/403 وغيرهم ؛ من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - .
و أخرجه مسلم (523) في أول كتاب المساجد ، و الترمذي 4/123 في السير ، باب : ما جاء في الغنيمة ، و ابن ماجة (567) في الطهارة ، باب : ما جاء في السبي . من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .(2/151)
4. إباحة الطلاق ، و حلِّ العلاقة الزوجية خلافاً لما عليه المذاهب النصرانيَّة الأخرى (1) .
إهمال رجال الدين البُوغُومِيل شؤون رعاياهم و ضعف الروابط الدينية فيما
بينهم .
حداثة تعاليم الكنيسة البوسنوية وعدم رسوخها في بلاد و نفوس أتباعها .
فلا غرو إذن أن ينتشر الإسلام على أنقاض الكنيسة البوسنوية التي تلاشت من الوجود في أعقاب الفتح .
ثالثاً : تطلع البشَانِقة إلى التحرر الذي كفله الإسلام لأتباعه بعد طول عناء و شدة ما لاقوه من صُنوف الاضطهاد و الاستعباد ، سواءً أكان استعباداً مادِّياً أم دينياً ، و هو ما دفع بجُموعٍ غفيرة منهم إلى طلب حماية الفاتحين الجدد لإنقاذهم من سطوة الإقطاع ، و سلطة الكنيسة على حدٍّ سواء (2) ، حيث وجد البشانقة في قدوم الفاتحين المسلمين قُوَّةً تحميهم من الاضطهاد ، و تنهي عصور الطغيان و القهر و تمنحهم فُرصاً حقيقيَّة للتحرُّر و الإحساس بالعدل و الكرامة (3) ، مِمَّا يُذكِّر بمقولة أحد سُكَّان القسطنطينيَّة الذين عاصروا الفتح الإسلامي لها : (( إنَّه لخيرٌ لنا أن نرى العمامة التركيَّة في بلادنا من أن نرى فيها تاج البابويَّة )) (4) .
__________
(1) ... و إباحة الطلاق في شريعة الإسلام من الأمور القطعية ، التي جاء بها الكتاب الكريم ، و السنة التواترة .
(2) ... مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ،) ( ص : 688 .
(3) ... للاستزادة حول هذه النقطة انظر : الهادي كودرة ، ص : 75 - 76 .
و نياز شكرتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 135 .
و الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ص : 15 .
و دائرة المعارف الإسلاميَّة : 8 / 358 -– 381 .
و مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، ص : 440 .
و الدكتور مُحمَّد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا ، ص : 158-159 .
(4) ... مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، ص : 97 هامش : 6 .(2/152)
رابعاً : العلاقات الاجتماعية بين البشانقة و المسلمين الأتراك ، و بخاصةٍ علاقة المصاهرة ، حيثُ كثُرت حالات زواج المسلمين من فتياتٍ نصرانيَّات ، كما جاء في كتاب القس بوسيدرسكي الذي بعث به إلى البابا سنة 926هـ/1520م و من الطبيعي أن تُسلم الفتيات المتزوّجات من مسلمين ثمَّ تؤثرن على بنات جنسهن و تدعوهنّ للزواج من المسلمين ، الأمر الذي نتج عنه ظهور أسلوبٍ جديدٍ في الدعوة إلى الإسلام بين أفراد الأسرة الواحدة ، و تكوين روابط جديدة من المودة و الرحمة إلى جانب الإيمان و الدعوة (1) .
خامساً :الحوافز المادِّية التي يحظى بها المسلمون ، بدءاً من وضع الجزية عنهم و انتهاءً بتأهُّلهم لتولي المناصب العُليا في دولة الخلافة ، علاوةً على رغبة عددٍ من أصحاب الثروات في حماية أملاكهم و ثرواتهم ، حيث (( كلُّ المسلم على المسلم حرام : دمه و ماله و عرضه )) (2) ، كما مهَّد الانتماء إلى الإسلام طريق التحرر و الانعتاق أمام الرقيق و الأسرى ، ممَّا يجعل لهذا
الحافز أثراً كبيراً في إقبال البشانقة على الإسلام (3) .
__________
(1) ... انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 135 .
(2) 2 ... أخرجه مسلم (2564) في البر والصلة ، باب : تحريم ظلم المسلم و خذله و احتقاره و دمه و عرضه و ماله ، و أبو داود (4882) في الأدب ، باب : في الغيبة ، و الترمذي (1927) في البر والصلة ، باب : ما جاء في شفقة المسلم على المسلم ، و ابن ماجة (3933) في الفتن ، باب : حرمة دم المؤمن وماله ، و أحمد 2/277 و0 36 من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(3) ... انظر : مُحمَّد خليفة : الإسلام و المسلمون في بلاد البلقان ، ) ( ص : 94 .
... و بول كولز : العُثمانيَُون في أوروبا ، ) ( ص : 118 .
و الدكتور جمال الدين سيِّد مُحمَّد : البوسنة ، ) ( ص : 15 15 .
و نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 103 .(2/153)
قُلتُ : و قد دأب مُعظم الباحثين الغربيِّين ، و كثيرون غيرهم على التركيز على الدافع المادِّي و اعتباره السبب الرئيس - و رُبَّما الوحيد - لانتشار الإسلام في البوسنة (1) .
و اعتمدت الكنيسة الكاثوليكيَّة هذا الرأي ، و أكَّدته حتَّى شاع على ألسنة قساوستها ، و منهم أّسْتَيفَان بوسَدُرسكي ، الذي بعث إلى البابا سنة 926هـ/1520م برسالةٍ يقول فيها : (( إنَّ العثمانيِّين خلال خمسين سنةً قد نجحوا في جذب سُكان هذه المنطقة ، حتَّى إنَّ كثيرين منهم يتركون دينهم و يدخلون الإسلام . إنَّهم يعيِّنون في الحصون المفتوحة القُواد الذين يجذبون السكان النصارى إلى جانبهم )) (2) .
و هذه بلا ريب مزاعم واهية تنقُضها الحقائق التاريخيَّة الماثلة للعيان ، و منها أنَّ حُكم الأتراك لم يكُن مُقتصراً على البوسنة ، و لكنَّه شمل بلداناً كثيرةً في منطقة البلقان و غيرها ، و لا شك في أنَّ العثمانيِّين قد حكموا بلاداً مجاورة للبوسنة مثل بلغاريا ، و كرواتيا و الجبل الأسود و صربيا ، و على الرغم من وحدة الحكم عقيدةً و منهجاً ، و احتمال كون المصلحة المزعومة قائمةً على قدم المُساواة ، نجدُ إقبال البشانقة على الإسلام يفوق إقبال الآخرين بمئات المرَّات .
{
__________
(1) ... انظر : بول كولز : العثمانيُّون في أوروبا ، ص : 118 - 119 حيث يقول : ( كان التحوُّل إلى الإسلام مرتبطاً بالرغبة في تحقيق وضعيَّة اجتماعيَّة أو مزايا اقتصاديَّة ... و كانت تلك هي الدوافع الحقيقيَّة التي تؤتي أُكُلها أكثر من أيِّ دعوات مخلصة للتحول إلى الإسلام كان يقوم عليها العُثمانيَون ) .
و : دائرة المعارف الإسلاميَّة ) ، و فيها : ( اعتنقت الطبقات الغنيَّة المثقفة من السكان و أغلب ملاَّك الأراضي الإسلام و أظهروا غيرةً عظيمةً على الدين الإسلامي ، و خاصَّةً لأنَّه حافظ على موروث حقوقهم ) 8/354.
(2) ... نياز شُكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ) ( ص : 133 .(2/154)
فماذا بعد الحقِّ إلاَّ الضلال } [ يونس : 32 ] . ...
و في نهاية هذا المطلب تحسن الإشارة إلى أنَّ وراء ارتفاع نسبة السكان المسلمين سببٌ بالغ الأهميَّة و هو نزوح الصقالبة المسلمين إلى البوسنة من البلاد المجاورة مثل صربيا و بُلغاريا و مقدونيا فراراً من الفتك الذي حاق بهم في فترات متعددة ، و كان أعظم نزوح إلى البوسنة قد حدثَ عند تقهقر العثمانيين و انحسار حُكمهم عن البلقان ، حيث كان المسلمون يلوذون بالمناطق المتبقية تحت الحكم العثماني ، ممَّا أضاف أعداداً كبيرةً من الصقالبة المسلمين إلى البوسنة (1) .
المطلب الرابع : عقيدة البوتور ( الدين المختلط ) في البوسنة :
كثيراً ما يتهكم أعداء البوشناق بهم فينبذونهم بلقب بوتور ، أو بوتوريتسا (2) و هذا اللقب ليس وليد العصر الحاضر ، و لكنَّه يرمز إلى ديانة غريبة ظهرت في البوسنة قبل مئات السنين ، و كانت إحدى الظواهر التي واكبت انتشار الإسلام في أيَّامه
الأولى .
فما هو الدين المُختلط ؟ و ما هي عقيدة أتباعه البوتوريون ؟
إن ممَّا أُخذ على العثمانيين عموماً توسعهم في الفتوحات الإسلامية ، و القيام بلازم هذا الأمر من تحصين الثغور ، و حماية الديار و الذود عن بيضة الإسلام و أهله ، الأمر الذي استنفذ جُلَّ طاقاتهم و إمكاناتهم و نجم عنه قصور في الجوانب الأخرى مثل التعليم و الدعوة ، و تبصير المسلمين الجدد بأمور دينهم ، حتى انتشر الجهل ، و تفشَّت الأمية في مناطق كثيرة ، و خاصَّة تلك الواقعة على أطراف السلطنة .
و كأثر طبيعيٍّ لقلَّة العلم ، و تفشِّي الجهل ، ضعُف الوازع الديني في النفوس و انتشرت البدع و الخرافات ، و ذاعت الضلالات و الأساطير ، و تعدَّدت مظاهرها و آثارها .
__________
(1) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 105 .
(2) ... الدكتور فهد السماري : المسلمون في البوسنة ، ص : 19 .(2/155)
و قد عرفت البوسنة ظاهرة غريبة من ظواهر ضعف الوازع الديني نتج عنها ظهور ديانة جديدة ، وُصفت بأنها ( الدين المختلط ) و أطلق على أتباعها اسم ( بوتوريُّون ) و ( بوتور ) و ( بولوتورك ) .
و من الصعب جداً تحديد معنى ( البوتور ) بدقة ، فبينما يرد هذا الاسم في الكتابات العثمانية منذ عام 945هـ/1539م و يُطلق على البشانقة المسلمين خاصة و لا يحتمل أيَّ معنى آخر (1) ، يتنازع أهل اللغة البوسنوية في معناه ، فيذهب بعضهم إلى أنَّه اختصار للكلمة التركية ( بوتورك ) أو ( بولوتورك ) و كلٌ منهما تعني نصف تركي (( أو نصف مسلم لأنَّ المسلمين كانوا يُسمَّون أتراكاً على ألسنة خصومهم خلال فترة القرون الوسطى )) (2) .
بينما يرى آخرون أن كلمة ( بوتور ) لها علاقة بعبارة ( بوتور جيتي سَه ) التي تعني في اللغة البوسنويَّة : أَسْلَمَ ، أو دَخل في الإسلام (3) ، و الحاصل (( أن هؤلاء كانو مُسلمين ضعيفي الإيمان ، مما جعلهم يُسمون بوتور ، أي أنصاف مسلمين )) (4) .
و بغضِّ النظر عن الأصل أو الجذر اللغوي للكلمة ، فإنَّها تطلق على
البشانقة - عموماً و القرويين منهم خاصَّة - الذين أسلموا ، و ظلُّوا بعد إسلامهم محتفظين ببعض الممارسات و العقائد النصرانية (5) ، و تلك التي ورثوها عن أجدادهم البوغوميل (6) و غيرهم .
__________
(1) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 96 .
(2) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 95 .
و : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 151 حاشية 52 .
(3) ... نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 151 .
(4) ... المرجع السابق ، ص : 151 ، حاشية 52 .
(5) ... نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 95 .
(6) ... نظراً لوجود بعض التشابه بين كلمة ( بوتور ) و كلمة ( باتارين ) التي تُطلق على البوغوميل ، ذهب بعض الكتَّاب إلى اعتبار البوتور امتداداً طبيعيَّاً للبوغوميل ( الباحث )0(2/156)
و إذا تأمَّلنا عقائد البوتور و شعائرهم التعبُّديَّة ظهر لنا بجلاء أنهم كانوا يعيشون في ازدواجيَّة دينية ، و يدينون ديناً مختلطاً لا يختلف كثيراً عن النصرانيَّة المحرَّفة، و لا يتفق تماماً مع عقيدة التوحيد السمحة ، و لمزيد بيان هذه المسألة أسوق بعض النماذج التي توضحها :
· كان بعض المسلمين و النصارى في البوسنة يشتركون في اتخاذ الحروز و الحُجُب ( التمائم ) التي كان كثيرٌ من المسلمين يلجؤون إلى مباركتها من القسس، و يُعلِّقونها على ملابس و أطفالهم و طرابيشهم (1) ، كما أن بعض النصارى كانوا يستدعون الدراويش ( من جهلة المتصوِّفة ) المسلمين لقراءة القرآن على مرضاهم التماساً للشفاء و البرء من الأمراض (2) .
· كان كثير من البوتور يقصدون الكنائس النصرانيَّة للدعاء و التبرك ، و تلاوة القداسات و التوسل بالعذراء ، و قد ذكر شيئاً من ذلك حارس دير أولوفو في كتابٍ له يرجع إلى عام 1004هـ/1596م ، و أكّد فيه أنَّ كنيسته كانت تحظى بالتبجيل و التقدير عند المسلمين بسبب كثرة المعجزات الباهرة (كذا) التي كانت تجري عندها بسبب شفاعة العذراء المقدَّسة (بحسب زعمه) (3) .
__________
(1) ... انظر : Bordeaux, A; La Bosnie populaire : paysages, moeurs et coutumes, lëgendes, chants populaires,mines ( Paris, 1904g ) p: 52
... و : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ) (، ص : 143 .
(2) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ) ( ، ص : 95 .
(3) ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 25 .(2/157)
و لا شك في أنَّ هذه الأخبار و ما شابهها يعوزها الضبط و التوثيق ، لأنَّها لا تعدو أن تكون روايات قُصَّاص ، و مذكرات رحَّالة ، ممَّا يجعلنا نعدل عنها إلى دليل مادِّيٍ محسوس ، لا تزال آثاره قائمة إلى يومنا هذا ، هو النقوش الباقية على قبور البوتور ، حيث إنَّ عدداً من القبور المكتشفة في مَنطقَتَيْ كنزينة ، و دوبرون الواقعتين شرقيَّ البوسنة نُقِشت عليها رموز تشير إلى الإسلام كالهلال و النجمة الثمانيَّة و غيرهما ، و نُقِشَت إلى جانبها رموز أخرى من قبيل صور الناس و الحيوانات و الصلبان (1) .
و كانت المقابر الأولى للمسلمين ، تقع بجوار مقابر النصارى ، الأمر الذي استدلَّ به بعض الكُتَّاب على أن أصحابها كانوا يُحبِّذون أن يكونوا قُربَ أقربائهم النصارى (2) .
و قد تجسَّدت صورة الدين المُختلط في طريقة لبست لبوس الصوفيَّة ، و دعت إلى تهذيب النفوس و الرقيِّ بها إلى أن ظهرت على حقيقتها و بدت للعيان طريقةً ضالةً تجمع بين عقائد شتى في محاولةٍ للجمع بين المتناقضات .
تلك هي الطريقة القاضيزادية ، التي كان أتباعُها ((يخلطون خلطاً عجيباً بين
النصرانيَّة و الإسلام ... و يقرؤون الإنجيل باللغة السلافية ... كما يدرسون باهتمام أسرار القرآن باللغة العربيَّة ... و في شهر الصوم يشربون النبيذ ... و يُسمونه خردالي
زاعمين أنه حلال ... كما يحسنون و يعطفون على النصارى ... و مع ذلك فهم يعتقدون أنَّ محمَّد هو روح القدس الذي بشَّر به المسيح ... كما يُفسِّرون
كلمة فارقليط (3)
__________
(1) ... نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 142 .
(2) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 191 .
(3) ... الفارقليط : لفظٌ من ألفاظ الحَمد ، إمَّا أحمد ، أو محمد ، أو محمود ، أو نحو ذلك 0
انظر : هداية الحيارى إلى أجوبة اليهود و النصارى ، لابن القيِّم ، ص :366 و ما بعدها 0
و هناك كلمة مُقاربةٌ لها بالإنجليزيَّة هي : Paracletus و معناها : المعزي ، أو روح القدس 0 انظر : منير البعلبكي : قاموس المورد ص : 656 .
... و يرد هذا اللفظ في الأناجيل المتداولة اليوم في البشارة ببعثة نبي آخر الزمان ، كالقول المنسوب إلى المسيح عليه السلام في الإصحاح الرابع عشر ، من إنجيل يوحنَّا ( طبيعة المَوْصِل 1876م ) : (( و أنا أطلب من الآب فيعطيكم فارقليطاً آخر يثبت معكم إلى الأبد ) ، و يرى علماء مقارنة الأديان أن في هذا إشارة إلى بعثة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - ، و قد كانت البشارة ببعثته الشريفة مثبتتة في نصوص الأسفار المقدَّسة قبل أن يبحرِّفها المترجمون 0 فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى بنفسه في نُسَخ الزبور ما فيه تصريحٌ بنبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - باسمه .
انظر : الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ، لابن تيمية : 2/27 .(2/158)
بأنها تعني نبيَّهم)) (1) .
و على الرغم من أن القاضيزادية انتهت تماماً ، و تلاشت من الوجود في البوسنة منذ بداية القرن الحادي عشر للهجرة / السابع عشر للميلاد فإنها قد تركت أثراً سلبيَّاً على انتشار الإسلام في البوسنة ، لأنَّها أساءت فهمه و شوَّهت تعاليمه ، بل ساعدت على بث الزندقة و إثراء الجهالة بين المسلمين الجدد .
و قد تمثَّل أثرها السلبي على انتشار الإسلام في :
أولاً : استقطاب النصارى المتعطِّشين إلى الحنيفية و قطع الطريق عليهم دون الإسلام بعرض مبادئ مختلطة يُمكن أن تُغرِّر بهم ، حيث توهمهم بأنَّهم قد بلغوا ما أرادوا دون التخلِّي عن كثيرٍ من عقائدهم الفاسدة .
ثانياً : إشغال الدعاة و العلماء بالتصدِّي لها و لأتباعها ، و كشف زيفها و ضلالها ، و إهدار جهودهم و طاقاتهم في هذا السبيل بدلاً من صرفها في بيان الحق للناس و الدعوة إليه (2) .
__________
(1) Rycaut, P : The Present State of the Ottoman Empire ( London, 1668g ) :
2 / 129 – 130
(2) ... انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة ، ص : 143 .(2/159)
و مما يندى له الجبين ، أنَّ احتكاك المسلمين في البلقان بجيرانهم النصارى و المُلحدين قد أبعد المسلمين عن دينهم ، و أعادهم إلى بعض مظاهر الدين المختلط التي عمَّت و طمَّت في بعض مناطق البلقان ، و منها البوسنة ، و إن كانت أكثر ظهوراً في قرى المسلمين الواقعة جنوبيَّ ألبانيا بمحاذاة مناطق الصرب و اليونانيين الأرثوذكس ، حيث ضعُف الوازع الديني في نفوس المنتسبين للإسلام ، و تدنَّى إلى الحضيض ، حتى أصبح عامَّتهم (( يعتقدون أن المسلم هو الذي يذهب مرة أو مرتين في السنة إلى مكان مقدس مثل القبر أو الكنيسة أو المسجد ، فيضع فيه نقوداً و يُشعل شمعةً ، و يعود القهقرى حتى لا يستدبر الشمعة ، و هناك يطلبون من الرب أو من صاحب القبر أن يوفقهم في هذه الدنيا ، أما الآخرة فلم يسمعوا عنها أبداً )) (1) ، و بالإضافة إلى ذلك نجد (( أكثر مسلمي القرى يُحبون الإسلام ، لكنهم يعتقدون أن عيسى عليه السلام ابن الله ، و يظنون أن الإسلام يدعوا إلى ذلك أيضاً )) (2) .
فأيُّ توحيدٍ هذا الذي يدينون به ؟؟
خاتمة الباب الأوّل
يقوم بحثي هذا - كما أسلفت سابقاً - على عنصرين أساسين هما :
- السنّة النبويّة بكل ما يصدق عليه اصطلاحها .
- البوسنة و الهرسك ، تلك البلاد التي تنصبّ عليها الدراسة .
و كمدخل للبحث لا بدّ من التعريف بعنصريه ، و هو ما تقدّم و الحمد لله ، حيث عرّفت بالسنّة النبويّة الشريفة و تناولت بالبحث ما لا غنى للقارئ عن معرفته من علومها على وجه الإيجاز ، حيث إنّ هذا الموضوع كثير الطرق عند الباحثين و قد ظهرت فيه مؤلّفات كثيرةٌ أماتته بحثاً ، و في الإحالة عليها ما يغني عن التوسّع و التفصيل .
__________
(1) ... قاسم حمادي : من مذكرات داعية في بلدٍ مسلم ( مقال منشور في مجلة الأسرة ، الصادرة عن مؤسسة الوقف الإسلامي بهولندا ، ع :66 رمضان 1419هـ ) ، ص : 60 .
(2) ... المرجع السابق ، ص : 61 .(2/160)
أما البوسنة و الهرسك فدولةٌ حديثة الظهور على خارطة العالم ، و قد تزامن ظهورها و علم جلّ المسلمين بها بمعاناة أهلها التي استمرّت أربع سنواتٍ عجافٍ أتت على الأخضر و اليابس .
و نظراً لندرة ما أُلِّف في التعريف بها باللغة العربية ، و ما قد يحتاج القارئ العربي إليه قبل التعمّق في موضوع هذه الرسالة فقد ناسب أن أبسط الكلام عنها و أدرس تاريخها و أديان أهلها و غير ذلك من المسائل ذات الأهمّية و الصلة بهذا الموضوع ممهّداً بذلك إلى ما أنا بصدد البحث و الكتابة عنه .
و قد انتهيت في هذا التمهيد - إضافة إلى التأكيد على ما هو معروفٌ من معنى السنّة النبويّة في لغة العرب و اصطلاح العلماء ، و حفظ الله تعالى لها و تقرير حجيّتها و ذكر أقسامها مع ما اقتضاه ذلك من تمثيل و تدليل و تفصيل أحياناً - إلى التعريف بالبوسنة و الهرسك تعريفاً بسيطاً انتهيت فيه إلى :
- أن البوسنة و الهرسك بلد أوروبي أكبر نسبة من أهله مسلمون .
- أنّ سكّانها الأصليّين كانوا من الإيليريِّين ، و قد استوطنها الصقالبة قبل ألفي عامٍ تقريباً ، و من نسل الصقالبة جاء البوشناق .
- عرض تاريخ البوسنة الحافل بالأحداث و الحروب منذ فجر التاريخ و حتى الاستقلال الذي لم يمض عليه عقد من الزمان بعد ، مع التركيز على وجوه المعاناة التي تعرّض لها البوسنة عبر التاريخ.
- أنَّ سكّان البوسنة كانوا يدينون بالوثنيّة ، و يتأثرون ببعض أديان الشرق القديمة ، قبل أن يتحوّلوا إلى النصرانيّة ، و يعتنقوا المذهب البوغوميلي الذي لم يعرف خارج البلقان ، و منه كان تحوّلهم إلى الإسلام الذي أقبلوا عليه طوعاً ، و ارتضوه ديناً يجبّ ما قبله .
و في هذا القدر كفاية و الله الموفق .(2/161)
الباب الثاني
علماء الحديث و المشتغلون به في البوسنة
توطئة
الفصل الأول : أشهر علماء الحديث و المشتغلين به في البوسنة
المبحث الأول : علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة في العهد العثماني
المبحث الثاني : علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة المعاصرين
الفصل الثاني : مظاهر اهتمام علماء البوسنة بعلم الحديث
المبحث الأول : الرحلة في طلب العلم
المبحث الثاني : الحرص على الإجازة في علم الحديث
المبحث الثالث : اهتمام علماء البوسنة بالإسناد
لم تخل البوسنة - شأنها شأن سائر ديار الإسلام - من علماء أعلام ، عرفوا الحديث و علومه ، و درسوا شروحه ، و ضبطوا متونه ، فمنهم الحفاظ الأثبات ، و المصنفون الثقات ، الذين أُجيزوا في الرواية و الدراية و أجازوا ، و بلغوا ما بلغ إخوانهم في الأمصار الأخرى و جازوا 0
غير أنَّ بُعد ديارهم ، و اندراس جُلِّ آثارهم ، أدى إلى انقطاع أخبارهم ، و حال دون الانتفاع بجلّ تراثهم ، على جلالة ما فيه ، و حصافة و براعة مُخلِّفيه .
و ها أنا ذا أسعى لإحياء بعض ذلك الموات ، و حفظ ما بقي منه من الضياع و الفوات ، و لو بإشارة يسيرة ، و عبارة موجزةٍ قصيرة ، أعرِّف فيها بطائفة من علماء الحديث ، و المهتمين به من أبناء البوسنة و الهرسك ، و هم - كما أسلفت - كثر ، لكن من لم يطوه النسيان منهم قلة و من هذه القلة :
الفصل الأول
أشهر علماء الحديث و المشتغلين به في البوسنة
المبحث الأول
علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة في العهد العثماني
1 الشيخ محمد البوسنوي :
من علماء البوسنة في القرن العاشر الهجري / السادس عشر الميلادي .
قال الشيخ محمد الخانجي في ترجمته : (( لا أدري شيئا من أحواله إلا أن له تأليفاً جمع فيها أربعين حديثاً )) (1) .
كانت وفاته سنة 980هـ /1572م .
__________
(1) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 167 رقم الترجمة : 165 .(3/1)
2 الشيخ علاء الدين علي دده بن مصطفى الموستاري ثم السكتواري :
ولد في موستار ، و طلب العلم على علمائها ، ثم ارتحل إلى اسطنبول لمتابعة طلب العلم ، و فيها تتلمذ على الشيخ مصلح الدين بن نور الدين الخلوتي ، و أخذ عنه الطريق الخلوتية ، و الإجازة في الإرشاد .
لقب بشيخ التربة ، و جمع بين العلم و التصوف و الجهاد في سبيل الله ، و تحريض الغزتة على النفير ، و شارك في عدّة غزواتٍ ، كانت آخرها غزوة وارات التي توفي في طريق عودته منها و هو ساجد في صلاة العصر سنة 1007هـ/1598م ، و دفن بسكتوار من بلاد المجر عند قبر الشيخ قاسم أحد من استشهد في تلك الغزوة ، عملاً بوصيته .
قال عنه الشيخ الخانجي: (( كان عالماً جليلاً ، متصوّفاً ، ناسكاً ، زاهداً ، متعبّداً مجاب الدعوة ، قانعاً باليسير ، صاحب تآليف حسنة )) (1) ، و ذَكر من تآليفه :
- محاضرة الأوائل و مسامرة الأواخر (2) : الذي لخّص فيه كتاب ( الأوائل ) لجلال الدين السيوطي ( ت 911 هـ / 1505 م ) (3) بحذف التكرار و الزوائد ، و زاد عليه ، و أضاف إليه الأواخر .
__________
(1) 1 ... انظر : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 137 – 139 .
(2) 2 ... يوجد منه نسخة خطية بدار الكتب المصرية . انظر فهرس دار الكتب 7 / 212 .
(3) 3 ... جلال الدين السيوطي ، هو : عبد الرحمن بن أبي بكر بن محمد ، أبو الفضل الخضيري ، الطولوني ، المصري الشافعي . عالم مشارك في أنواع من العلوم . ولد سنة 849هـ/1445م ، ونشأ بالقاهرة يتيماً ، و قرأ على جماعة من العلماء ، و لما بلغ أربعين سنة اعتزل الناس ، فألف أكثر كتبه ، و توفي بمنزله بروضة المقياس على النيل. و مؤلفاته كثيرة تزيد على خمسمائة مؤلف .
انظر ترجمته في : حسن المحاضرة 1/335 ، الضوء اللامع 4/65 ، البدر الطالع 1/328 ، الكواكب السائرة 1/226 ، الأعلام 71 .(3/2)
- خواتم الحكم و حل الرموز و كشف الكنوز لما فيها من لطائف العلوم ، في الأسئلة الحكميّة و الأجوبة العلمية : الذي ألّفه في المسجد الحرام ، و ذكر فيه ثلاثمائة و ستين سؤالاً متعلّقاً بالتفسير و الحديث و التصوف و غير ذلك مع أجوبتها .
- تمكين المقام في المسجد الحرام : الذي فسر فيه قوله تعالى : (( فيه آياتٌ بيّنات مقام إبراهيم )) [ آل عمران : 97 ] و ذكر سبب نزولها ، ثمّ ذكر ما ورد في فضل الصلاة في المقام ، و ذكر أسراره ، و أوائل المقامات المعروفة ، و ما قيل في مدحه .
- مواقف الآخرة و اللطائف الفاخرة .
- كتاب السباعيّات في الفروع .
- كتاب فضائل الجهاد .
إلى جانب عددٍ آخر من الكتب أوصله بعضهم إلى التسعة .
توفي رحمه الله سنة 1007هـ / 1598م (1) .
3 أحمد و الي :
وذكر الشيخ شمس الدين سامي في ( قاموس الأعلام ) أن اسمه : عبد الرحمن (2) .
ولد الشيخ أحمد والي رحمه الله في مدينة نوفي بازار حاضرة إقليم السنجق المقسّم بين جمهوريّتَي صربيا و الجبل الأسود المكوّنتين ليوغسلافيا اليوم .
كان رحمه الله عالماً بالعلوم العقليّة و النقليّة ، شاعراً فصيحاً .
تولي القضاء زمناً ، و اشتغل بالشعر و العلم ، و له كتاب جمع فيه أربعين حديثاً و ديوان شعر .
كانت وفاته سنة 1007هـ ، 1598م (3) .
__________
(1) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 138 رقم الترجمة : 126
و : كشف الظنون ، لحاجي خليفة : 1/91-20-483-686 ، 2/974-1610-1891 .
و : هديّة العارفين ، للبغدادي : 1/ 750- 751 .
و : خلاصة الأثر ، للمحبي : 3-279 و ما بعدها .
و : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 243 .
(2) 2 ... نقله عنه الخانجي في الجوهر الأسنى ، ص : 35 .
(3) 3 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، ص : 35 ـ 36 ، و : أهل البوسنة في الأدب الإسلامي ، ص : 57 .(3/3)
4 الشيخ محمد بن محمد بن إدريس المعروف بابن قولقسز (1) :
يلقّب بشمس الدين الحلبي ، ثم الدمشقي ، و هو بوسنويُّ الأصل ، ولد سنة 936هـ / 1530 م .
قال عنه صاحب سلك الدرر (2) : (( أخذ بدمشق عن مشائخ كالبدر الغزي (3) و النجم البهنسي (4) وغيرهما ، و كان من خيار الأفاضل ، فقيهاً له اطلاع تام على المسائل )) (5) .
__________
(1) 4 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 170 رقم الترجمة : 175 ، خلاصة الأثر 3/355 ، سلك الدرر 4/29 .
(2) 1 ... هو : محمد بن خليل بن علي ، المرادي ، المؤرخ ، مفتي الشام ، و نقيب أشرافها ، توفي سنة 1206 هـ/ 1791 م. انظر ترجمته في : الأعلام 6 / 352 ، معجم المؤلفين 9 / 290 .
(3) 2 ... البدر الغزي ، هو : محمد بن محمد بن محمد ، أبو البركات ، الشافعي ، رحل إلى القاهرة ، ثم عاد للتدريس و التصنيف توفي سنة 984 هـ . انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 593 ـ 595 ، الأعلام
7 / 59.
(4) 3 ... البهنسي ، هو : محمد بن محمد بن بن عبد الرحمن بن رجب ، أحد الرؤساء بدمشق ، و خطيب خطبائها ، توفي سنة 987 هـ . انظر ترجمته في : الكواكب السائرة 3 / 13 ـ 15 .
(5) 4 ... سلك الدرر : 4/29(3/4)
و قال صاحب خلاصة الأثر (1) في وصفه : (( كان فاضلاً بارعاً فقيهاً ، له اطلاعٌ على مسائل فقه الإمام الأعظم أبي حنيفة . قرأ في حلب على عالمها الإمام النجم بن الحنبلي الأصول و الفقه و الحديث ، و أخذ عن منلا أحمد القزويني (2) المعاني و البيان و التفسير . ثم رحل إلى دمشق و أخذ بها الفقه عن خطيب الشام و فقيهها النجم البهنسي ، و الحديث عن شيخ الإسلام البدر الغزي ، و قرأ البخاري عن النور النسفي ، و أخذ الفرائض عن الشيخ عبد الوهاب الحنفي (3) ، و القراءات عن الطيبي (4) ، و المنطق عن منلا إبراهيم الكردي القزويني الحلبي )) (5) .
قال عنه الشيخ محمد الخانجي بعد ذكر ما تقدّم : كانت وفاته سنة 1021هـ/1612م بدمشق ، و دفن في مقبرة باب الصغيرة (6) .
5 أحمد بن محمد الآقحصاري الحنفي ، المعروف بالرومي :
له مؤلفاتٌ عديدة منها :
حاشية على تفسير أبي السعود .
دقائق الحقائق في التصوُّف ، نظماً ، و نثراً .
شرح درّ اليتيم في أحكام اليتيم .
__________
(1) 5 ... هو : محمد أمين بن فضل الله المحبي ، الدمشقي ، الحنفي ، المؤرخ، الأديب، توفي سنة 1111هـ/1699م. انطر ترجمته في : سلك الدرر 4 / 86 ، معجم المؤلفين 9 / 78 .
(2) 6 ... القزويني ، هو : أحمد بن عبد الأول ، السعدي ، توفي سنة 966 هـ . انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 504 ، الكواكب السائرة 2 / 110 .
(3) 7 ... عبد الوهاب ، هو : ابن محمد ، تاج الدين ، إمام الجامع الأموي ، توفي سنة 980 هـ . انظر ترجمته في : الكواكب السائرة 3 / 174 ، 175 .
(4) 8 ... الطيبي ، هو: أحمد بن أحمد بن بدر ، الشافعي ، المقرئ ، أحد مشايخ دمشق و علمائها ، توفي سنة 981 هـ انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 576 ، الأعلام 6 / 325 ، معجم المؤلفين 11 / 114 .
(5) 9 ... خلاصة الأثر ، للمحبي : 3/ -355 .
(6) ... انظر : الجوهر الأسنى ، ص : 171 .(3/5)
أمَّا جهده في علوم الحديث فيظهر في كتابه ( مسالك الأخبار ، و محائق البدع ، و مقامع الأشرار ) ، الذي أورد فيه مئة حديث مختارة من كتاب ( مصابيح
السنة ) ، و شرحها شرحاً وافياً .
كانت وفاته سنة 1034هـ /1625 م (1) 0
6 الشيخ فضل الله بن عيسى البوسنوي الحنفي (2) :
ولد في سراييفو سنة 969هـ/1561م ، و نشأ و بدأ طلب العلم في مدارسها و على مشائخها حتى برع في علوم الشريعة و اللغة العربية ، ثم انتقل إلى بلغراد و ولي منصب الإفتاء فيها ، و منها ذهب إلى الحج عن طريق دمشق سنة 1026هـ/1811م ، و في طريق عودته نزل بها و اقتنى داراً في باب الجابية بمحلّة الشيخ عامود حيث طاب له المقام .
كان عارفاً بالحديث و العلوم المختلفة حقّ المعرفة ، مميّزاً بين الصحيح و الضعيف من الأقوال و الآثار .
قال عنه صاحب خلاصة الأثر : (( هو الإمام المفنن الأستاذ الشهير ، كان أحد أعيان العلماء معرفةً و إتقاناً و حفظاً و ضبطاً و فهماً في علله ، مميِّزاً لصحيح الأقوال من سقيمها ، مستحضراً لكثيرٍ من الفروع على تشعبها ، وكان عارفاً بالأصول و الحديث و فنون الأدب حق المعرفة )) (3) .
درّس الشيخ فيض الله بالمدرسة الأمينيّة و غيرها من مدارس دمشق الشهيرة ، و اشتغل بالفتيا أثناء إقامته فيها .
كانت وفاته بدمشق سنة 1039هـ / 1630 م و دفن بمقبرة باب الصغير ، بالقرب من قبر بلال الحبشي - رضي الله عنه - .
7 الشيخ علي بن مصطفى البوسنويُّ الحنفي الخلوتي ، الملقب بدرويش (4) :
__________
(1) ... انظر ترجمته في : خلاصة الأثر : 3/276 ، الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 15 رقم الترجمة :141 ، معجم المؤلفين 2 / 83 .
(2) ... انظر ترجمته في : خلاصة الأثر : 3/276 .
و : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 15 رقم الترجمة : 14 .
و : المسلمون في يوغسلافيا ، لمحمد قاروط ، ص : 242 ، 243 .
(3) 1 خلاصة الأثر ، 3/ 276- 277 .
(4) 2 انظر ترجمته في : كتاب الحديث ، لمحمد طيّب أوكيتش ، ص : 30 ، 31 .
و : أهل البوسنة والهرسك في الأدب الإسلامي ، ص : 191 .
و : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 94 .(3/6)
أحد أعيان علماء زمانه في سراييفو ، تولى مشيخة خانقاه الغازي خسرو بيك مدة طويلة .
من آثاره كتاب ( فضائل الجهاد في سبيل الله ) و فيه مائة و عشرون حديثاً في موضوع الجهاد . كانت وفاته سنة1050هـ/1640م ، بسراييفو 0
8 الشيخ عثمان البوسنوي السرّائي النقشبندي :
أخذ العلم في بلاده ابتداءً ، ثم واصل طلبه في اسطنبول ، التي استوطنها و تقلّد بها وظائف عديدة من بينها الوعظ و تدريس التفسير و الحديث في عددٍ من مساجد اسطنبول ابتداءً من عام 1031هـ/1621م و حتى وفاته .
و من المساجد التي درّس فيها أياصوفيا ، و جامع السلطان محمد الفاتح ، و الجامع البايزيدي ، و الجامع السليماني و غيرها .
كانت وفاته سنة 1074هـ/1663م (1) .
9 الشيخ محمد أفندي القسّام البوسنوي :
أصله من بلدة تِشِن ، و بها بدأ طلب العلم ، ثم انتقل إلى سراييفو فاسطنبول ، و فيها كان ظهوره .
اشتغل بالتدريس في أيا صوفيا ، و في دار الحديث السليمانيّة ، ثمّ بالقضاء في الشام ، ثمّ في مكّة المكرّمة .
كانت وفاته سنة سنة 1104هـ / 1693 م (2) .
10 الشيخ إبراهيم أفندي البوسنوي :
طلب العلم في البوسنة صغيراً ، ثم ارتحل في طلبه إلى اسطنبول ، وأخذ عن علمائها حتى إذا علا كعبه في علوم الشرع ، وخاصة علم الحديث الشريف عين مدرساً في مدرسة محمد باشا ، ثم في دار الحديث باسطنبول سنة 1099هـ/ 1987م، فكان أحد القلائل الذين اشتغلوا بالتدريس في دور الحديث من البشانقة.
كانت وفاته سنة 1106هـ / 1694م باسطنبول . (3)
11 سليمان أفندي البوسنوي ، كان يلقب بقاضي مكة :
تتلمذ على علماء اسطنبول ، ودرّس في دار الحديث المعروف باسم ( جيفي
__________
(1) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 137 رقم الترجمة : 123 .
(2) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 166 رقم الترجمة : 162 .
(3) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسني ، للخانجي ، ص : 30 رقم الترجمة : 11 .(3/7)
زاده ) سنة 1091هـ / 1680م .
ولي القضاء ، واشتغل به حتى وفاته سنة 1124هـ / 1712م (1) .
12 الشيخ مصطفى البوسنوي :
بدأ طلب العلم في البوسنة ، ثم ارتحل إلى اسطنبول في طلبه ، و بعد أن تخرج على علمائها انصرف إلى الوعظ والتدريس ، حيث درس الحديث والتفسير في جامع السلطان سليم الأول وغيره من مساجد اسطنبول .
قربه السلطان مصطفى الثاني (2) ، واصطبحه في رحلته إلى بلاد المجر سنة 1108هـ / 1696م ، وكلفه بالوعظ أثناء تلك الرحلة .
كانت وفاته سنة 1127هـ / 1715م (3) .
13 الشيخ مصطفى بن محمد بن أحمد الآقحصاري النوآبادي البوسنوي (4) :
__________
(1) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسني ، للخانجي ، ص : 101 رقم الترجمة : 91 .
... و : أهل السنة والهرسك في الأدب الإسلامي ، ص : 191 .
(2) ... السلطان مصطفى الثاني ، هو : ابن السلطان محمد الرابع . ولد في 1074هـ / 1664م ، كان متصفا بالشجاعة ، حيث أعلن بعد توليته بثلاثة أيام رغبته في قيادة الجيوش بنفسه ، فقاد عدة غزوات . و عزل سنة 1115هـ / 1703م ، وتوفي في السنة التي عزل فيها و عمره أربعون سنة .
(3) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسني ، للخانجي ، ص : 187-188 .
... و : أهل البوسنة و الهرسك في الأدب الإسلامي ، ص : 192 .
(4) 1 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 193، 194 .
و : أهل البوسنة والهرسك في الأدب الإسلامي ، ص : 196-198،
و : محمد طيب اوكيتش : كتاب الحديث ، ص : 31-32،
و : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 166-167.
و : المحدث مصطفى الآقحصاري ( بحث للدكتور عمر ناكيجيفيتش نشرته مجلة مكتبة الغازي خسرو بيك في عدديها الحادي عشر و الثاني عشر ، سنة 1405هـ/1985م ) ، ص : 3 ـ 17 .
ص : 3 - 17(3/8)
ولد الشيخ مصطفى الآقحصاري في أواخر القرن السابع عشر الميلادي (1) ، و نشأ في آقحصار حاضرة البوسنة العلميّة في زمنه ، و تخرّج في مدرستها الإسلاميّة على يد عددٍ من العلماء الآقحصاريين المشاهير .
بعد أن أتم الشيخ الدراسة في بلاده رحل إلى اسطنبول فتتلمذ على علمائها ، ثم نزل مصر لمواصلة طلب العلم ، و هناك التحق بمدرسة اسكندر باشا في الإسكندرية سنة 1132هـ/ 1719م .
و خلال مسيرته العلميّة التقى بأكابر العلماء ، و تتلمذ على عشرات المحدّثين و الفقهاء ، مع أنّه لم يذكر أحداً منهم سوى من ذُكر في إجازته و هم :
الشيخ مصطفى الأرزن الرومي الأسكداري (2) ، و قد أخذ عنه العلوم النقلية .
الشيخ محمد التفسيري الدباغي السواسي ، و قد أخذ عنه العلوم العقلية ، و
اللغة .
الشيخ عبد الملك بن يوسف الجويني الذي أجازته بالرواية و التحديث عنه .
عاد الشيخ مصطفى إلى بلاده سنة 1133هـ/ 1720م ، بعد أن تخرّج في مدارس مصر ، و حصل على إجازة شيخه عبد الملك بن يوسف الجويني فيها .
في آقحصار اشتغل الشيخ بعد عودته بالتدريس في المدرسة التي أسّسها الشيخ حسن كافي الآقحصاري ، كما اشتغل بالقضاء مدّةً ، ثمّ أسندت إليه الفتيا فاشتغل بها حتى وفاته .
تخرّج عليه العشرات من طلاّب المدارس الشرعيّة في بلاده ، و خاصة طلاّب المدرسة الحديثيّة التي أنشأها الشيخ حسن كافي رحمه الله ، و لكن أسماء تلاميذه لم تصل إلينا .
__________
(1) 2 ... انظر : محرم عمرديتش : ممصطفى الآقحصاري ورسالته في فضائل الجماعة ، ص : 69.
(2) 3 ... مصطفى الأسكداري هو : ابن عمر بن محمد الحنفي ، واعظ ، نحوي ، فقيه ، بياني ، وعظ بجامع السليمانية ت 1093هـ/1682م .
انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 12/267 ، هدية العارفين 2/441 .(3/9)
أثنى عليه معاصروه و من بعده من العلماء بالغ الثناء ، فقال عنه شيخه مصطفى الأرزن الرومي الأسكداري : (( هو الكامل العالم العامل في العلوم العقلية والنقلية في أصولها وفروعها )) (1) .
و قال عنه الشيخ محمد الخانجي : (( كان عالماً جليلاً ، يستخدم الآيات و الأحاديث و الأمثال بمهارة العليم . و لم يكن يراقب الأحداث فقط ، و لكنّه
حاول أن يساهم بكتاباته النفيسة في تغيير الأحداث بقدر الإمكان )) (2) .
توفي الشيخ بآقحصار سنة تسع و تسعين و مائة و ألف للهجرة / خمس و خمسين و سبعمائة و ألف للميلاد ، مخلّفاً وراءه عدداً من الآثار العلمية ، تم العثور على سبعٍ منها حتى الآن ، و لا يزال الأمل قائماً بالعثور على المزيد منها في المكتبات الخاصّة ، أو العامّة التي لا تزال مغلقةً في أنحاء صربيا .
و قد اقتصر الشيخ محمد الخانجي على ذكر اثنين من مؤلّفاته ، و تابعه عمر رضا كحالة رحمهما الله (3) ، بينما بلغ عددها عند بعض المتأخرين سبعاً (4) ، و هي :
? كتاب الراضي للمرتضى ، وهو : شرح على الهادي للمهتدي لمحمد بن أبي الحسن المغربي التلمساني (5) .
__________
(1) 1 ... انظر : إجازة الشيخ مصطفى الآقحصاري المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم 551 .
(2) 2 ... العمل الأدبي لمسلمي البوسنة و الهرسك ، ص : 10 .
(3) 1 ... انظر : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 183
و : معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 12-275
(4) 2 ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 166 ، 167 .
(5) 3 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .(3/10)
? كتاب تبشير الغزاة ، وقد أهداه إلى حكيم أوغلى على باشا ، و هو كتاب نفيسٌ في بابه ، تمسّ حاجة أهل البوسنة إليه ، و قد قال عنه الشيخ محمد الخانجي : (( هذا الكتاب بقيّةٌ من ذلك الزمن السعيد ، حين كان كلّ مسلم في تلك البلاد للحرب ، منتظراً متى يُقال : حَيْعَلا )) (1) .
? رسالة في فضائل الجماعة .
? رسالة في الرحمة والشفقة على الخلق و لها ترجمةٌ إلى اللغة البوسنوية قام بإعدادها الأستاذ نياز شكريتش رحمه الله .
? رسالة في صوم الأيّام الست من شوال ، و هي رسالةٌ حديثيّةٌ فقهيّة ، ترجمها إلى اللغة البوسنوية و حققها الأستاذ محرم عمر ديتش .
? رسالة الذاكر في زيارة أهل المقابر ، كتبها سنة 1152هـ 1739م ، استجابة لرغبة أحد طلابه و قد ترجمتها إلى اللغة البوسنوية و حققتها عذراء قاضيتش .
? رسالة في حكم القهوة والدخان والأشربة ، و قد ترجمتها إلى اللغة البوسنوية نيفينا كرستيتش .
14 الحاج محمد كامل بك الهرسكي بن الحاج عبدالله أفندي :
ولد في اسطنبول لأسرة بوسنويّة الأصل من إحدى قرى موستار عاصمة إقليم الهرسك .
طلب العلم في اسطنبول و أجاد اللغة العربيّة و عدداً من العلوم الشرعيّة .
اهتمّ بالتأليف في علم التراجم على وجه الخصوص ، و اشتهر من بين كتبه في هذا المجال كتاب ( مطالع النجوم ) في أسماء الصحابة ، رغم أنّه لم يكمله ، و قد اقتبس عنوانه من الحديث الضعيف (( أصحابي كالنجوم ، بأيِّهم اقتديتم
اهتديتم )) (2) ،
__________
(1) 4 ... الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 184 .
(2) 1 ... الحديث : قال فيه الحافظ أبو بكر البراز فيما ـ نقله عنه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ، ص
: 924 ـ :
( و هذا الكلام لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ... ـ إلى أن قال : ـ و الكلام أيضاً منكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) .
و قال ابن حزم في " الإحكام " (5/64) : ( هذا خبر مكذوب موضوع ، باطل ) .
و قال البيهقي في " المدخل " تحت رقم 152 : ( هذا حديث متنه مشهور ، و أسانيده ضعيفة ، لم يثبت في هذا إسناد ) .
قلت : وقد ذكر أسانيده وبين شدة ضعفها ابن عبد البر في " الجامع " ، ص : 923 : 925 ، والحافظ ابن حجر في " التلخيص "(1/190-191) ، و الألباني في " السلسلة الضعيفة" رقم (58 و 59 و 60 و 61). فلتراجع .(3/11)
و له تصانيف أخرى في الوعظ و الأدب و غيرهما .
كانت وفاته سنة 1315هـ/1898م ، باسطنبول و دفن فيها (1) .
15 الشيخ أحمد بن محمد الموستاري (2) :
لا يعرف على وجه الدقة تاريخ ميلاده أو وفاته ، غير أنّ من المرجّح أنّه عاش في القرن الثاني عشر الهجري حسب ما تدل عليه تواريخ تأليف و نسخ كتبه ، فقد فرغ سنة 1130هـ/1717م من تأليف كتابه الشهير في علم الحديث ( ذكر اصطلاحات أصحاب الحديث ) (3) .
و نسخ كتاب ( سلسلة النقشبندية ) باللغة التركية سنة 1122 هـ/1709م (4) .
و فرغ من تأليف كتاب ( تنوير القلوب من ظلمة الذنوب ) سنة 1162هـ/1748 م (5) .
و في سنة 1131هـ/1718م أتمّ كتابه ( تلخيص البيان في علامات مهدي آخر الزمان ) .
16 الشيخ حسن بن مصطفى البوسنوي المدني الحنفي :
قال الخانجي : له روايةٌ عن الشيخ عمر عبد الرسول المكي ، و ذكره صاحب (الأسانيد العلية المتصلة بالأوائل السنبليَّة) ، و روى عنه ابنه أمين (6) ، ولا أدري تاريخ وفاته ولا شيئاً من ترجمة حاله سوى ما ذكرت اهـ (7) .
17 الشيخ أمين بن حسن بن مصطفى البوسنوي المدني الحنفي :
__________
(1) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 169 رقم الترجمة :171 ، و معجم المؤلفين 11/159 .
(2) ... انظر ترجمته في : عمر : 169-170 .
(3) 1 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(4) 2 ... توجد نسخة هذه المخطوط في مكتبة غازي خسروبك تحت الرقم 4652,5 .
(5) 3 ... نسخة المخطوط في مكتبة غازي خسروبك تحت عدد 4633 .
(6) 4 ... هو صاحب الترجمة التالية .
(7) 5 ... انظر : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 75 رقم الترجمة : 62(3/12)
أحد المكثرين من الرواية ، المهتمِّين بالإسناد ، أجازه والده حسن بن مصطفى برواية كتاب ( الأوائل السنبليَّة ) (1) لمؤلِّفه الشيخ محمد سعيد بن سنبل (2) .
قال رحمه الله في مقدّمة كتابه ( الأسانيد العليَّة المتصلة بالأوائل السنبليَّة ) : أخبرني بالأوائل السنبلية والدي حسن بن مصطفى ، إجازةً عن الشيخ عمر عبد الرسول المكي ، أخبرنا الشيخ العلاَّمة المحقق طاهر سنبل المكي الحنفي ، قال : أخبرني والدي مؤلِّفها ، و هو محمد سعيد سنبل الشافعي المكي ، فذكرها .
لا تعرف سنة وفاته رحمه الله (3) .
18 الشيخ بالي بن يوسف ، المشهور بمعلم الوزير الكبير :
أحد شيوخ الشيخ حسن كافي الآقحصاري الآتي ذكره .
لم تتوفر لديَّ معلومات عن ولادته أو وفاته ، ولم أقف على ما يفيد اهتمامه بعلم الحديث سوى قول الشيخ حسن كافي الآقحصاري في ترجمته : هو الشيخ الفاضل العلامة في مشكلات الأحاديث و الآي ، قاضي سراييفو و مفتيها ، قدوة المشائخ الأعالي ، عمدة أفاضل الموالي . اهـ (4) .
19 الشيخ حسن كافي بن طورخان الآقحصاري ( المتوفى سنة 1025هـ/1616م ) :
ستناول ترجمته بالتفصيل إن شاء الله في فصل : أثر الحديث النبوي في عقيدة أهل البوسنة و الهرسك ، من الباب الخامس من هذا البحث .
20 الشيخ حسن بن نصوح البوسنوي :
__________
(1) 6 ... الأوائل السنبلية : طبع في القاهرة سنة 1347هـ/1929م ، بمكتبة ومطبعة محمد علي صبيح في 62 صفحة .
(2) 7 ... محمد سعيد بن محمد سنبل المكي الشافي المحلاتي : فقيه ، محدث ، تولي الافتاء والتدريس في المسجد الحرام ، و توفي بالطائف سنة 1175هـ/1761م ، له رسالة الأوائل السنبلية في أوائل كتب الحديث ، و ثبت .
انظر ترجمته في : الأعلام /12 ، معجم المؤلفين 10/36 ، فهرس التيمورية 2/285 ، 412 .
(3) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 46-47 .
(4) ... انظر ترجمته في : نظام العلماء ، للشيخ حسن كافي الآقحصاري ، لوحة : 17/ب .(3/13)
عاش في القرن الثاني عشر للهجرة / الثامن عشر للميلاد .
قال عنه الخانجي : نعرفه بكتابٍ له سمَّاه ( مجمع ترجيح البيِّنات ) ، و لا ندري شيئاً من ترجمته سوى هذا. اهـ (1) .
له أيضاً كتابٌ بعنوان ( أربعون حديثاً مختارةً ) .
21 الشيخ عبد الله بن محمد محتشم بن خدم شعبان زادة البوسنوي (2) :
من علماء البوسنة في القرن الثاني عشر الهجري (3) .
ذكره الشيخ الخانجي ، و لم يزد في ترجمته على ذكر اسمه و كتابه ( أحسن الخبر من كلام سيد البشر - صلى الله عليه وسلم - ) (4) .
22 الشيخ عثمان بن إبراهيم البوسنوي :
من علماء البوسنة في القرن الثاني عشر الهجري (5) .
له كتاب ( تحقيق النيات ) في شرح الأحاديث ، و لا يعرف من ترجمته شيئٌ سوى ذلك (6) .
المبحث الثاني
علماء الحديث والمشتغلون به من البشانقة في العصر الحديث
الشيخ محمد سعد سرداريفيتش :
كانت وفاته سنة 1336هـ/1918م ، ولم أقف له على ترجمة ، غير أن له جزءاً حديثياً غير معنون ، وقد طبعته المطبعة الإسلامية الأولى بموستار ، سنة 1332هـ/1914م .
الشيخ سيف الله أفندي الملقب ببرهو زاده الفقيه ، الحنفي ، الفرضي :
__________
(1) ... انظر ترجمته في : جوهر 72 رقم الترجمة : 54
(2) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 131 ، رقم الترجمة : 115 .
(3) 3 ... حسب استنتاج شفيق كرديتش في كتابه : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 94 .
(4) 4 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(5) 5 ... حسب استنتاج شفيق كرديتش في كتابه : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 94 ، و فيه : ( عاش في القرن الثامن عشر الهجري ) و هو خطأ ، صوابه : الثاني .
(6) 6 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 163 رقم الترجمة : 122
و : محمد طيب أوكيتش : كتّاب الحديث ، ص : 32 .(3/14)
وُلد في ( كونيتس ) من بلاد الهرسك الواقعة بين سراييفو و موستار ، و تلقَّى العلوم الشرعيَّة في البوسنة منذ نعومة أظفاره ، ثمَّ رحل إلى اسطنبول ، فأخذ عن علمائها ، و مكث بها مدَّةً ، قضاها في الدعوة و التعليم ، حتى انتفع به خلقٌ كثيرٌ و تخرَّج عليه طلبةٌ اشتغلوا بالقضاء و غيره .
درَّس الفقه و الفرائض و غيرهما من علوم الشرع ، في مدرسة نواب قضاة الشرع بسراييفو و بعض مدارس البوسنة الأُخرى .
نعته الخانجي بالفقيه الجليل ، و الفرضي الماهر ، و قال : له بصيرة في مذهب أبي حنيفة ، أما الفرائض فلا يُشقُّ فيها غُباره .اهـ (1) .
له بضعٌ و ثلاثون كتاباً جُلُّها بالعربية ، و منها :
- كتاب النكاح ، بيَّن فيه ما يحتاجه القضاة من أحكام النكاح بطريقة سلسة و عبارة مبسَّطة ، مقتصراً فيه على الراجح من مذهب السادة الحنفيَّة .
- زُبدة الفرائض ، وهو عبارة عن متن وجيز ، و شرحه في كتاب أسماه : نزهة الرائض .
- عُمدة الفرائض ، و شرحه في : عقدة الفرائد .
- الفوائد النفيسة ، في ترتيب الحجج و الأقيسة .
- تسهيل الوصول ، في علم الوضع و الاصطلاح .
- العبادات ، و هو كتاب فقهيٌّ استهلَّه بمقدِّمة أصوليَّة .
__________
(1) انظر : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 103-104 .(3/15)
أما مكانته في علم الحديث فتظهر في جميع كتاباته ، حيث برع رحمه الله في قرن المسائل بأدلَّتها ، و ردِّ الأقوال إلى الكتاب و السنة ، و إن كانت هذه المكانة تزداد وضوحاً في بعض مؤلفاته ، ككتاب ( ما ينتفع به المرء بعد موته ) حيث ساق أقوال العلماء في هذه المسألة ، ثم شرع في ذكر أدلتهم من الكتاب و صحيح السنة ، و ضبط ذلك كلَّه بذكر الروايات المختلفة ، و بيان درجاتها و شرح غريبها و بيان ما يؤخذ منها في هذا الباب كحديث : (( إذا مات ابن آدم انقطع عمله من الدنيا إلاَّ من ثلاث . . . )) (1) .
يعرف تاريخ وفاته ، غير أنّه كان حيّاً سنة 1349هـ/1930م ، حيث قال عنه الشيخ محمد الخانجي في ( الجوهر الأسنى ) الذي طبع في تلك السنة للمرّة الأولى :
( هو الآن على قيد الحياة متقاعد عن التدريس ) (2) .
الشيخ محمد توفو (3) :
طلب العلم في بلاده ، و لم تذكر له رحلة خارجها ، ثم اشتغل بالتدريس في المعهد الشرعي العالي بسراييفو حتى و فاته سنة 1358هـ/1939م .
يُذكر الشيخ توفو في عداد المشتغلين بعلم الحديث في البوسنة ، و لم أقف له على أثرٍ في هذا الباب سوى ما نشرته مجلَّة البلاغ من أبحاثه في أصول مصطلح الحديث ، سنة 1357هـ/1938م .
__________
(1) 1 ... أخرجه مسلم (1631) في الوصية ، باب : ما يلحق الإنسان من الثواب بعد وفاته ، و أبو داود (2880) في الوصايا ، باب : ما جاء في الصدقة عن الميت ، و النسائي 6/251 في الوصايا ، باب : فضل الصدقة عن الميت . و الترمذي (1376) في الأحكام ، باب : الوقف . والبخاري في " الأدب المفرد " (38) ؛ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
(2) ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 103 رقم الترجمة 94 .
(3) ... انظر عدنان سيلايجيتش : طبيعة البحوث في الحديث في بلادنا مع نظرة خاصة في آثار حمد توفو ، و محمد طيب أوكيتش . مجلة البلاغ ، ص : 433 – 439 ( العدد 4 ، وص 564 – 575 ، العدد 5 ، السنة 1404هـ/1984م ) .(3/16)
الشيخ مصطفى بوسولاجيتش (1) :
لم يبرح البلدان الأوروبية في طلبه العلم ، و رغم ذلك حاز منه حظاً وافراً .
قُتل سنة 1364هـ/1945م غيلةً على أيدي الشيوعيين ، و هو في مستهلِّ العقد الرابع من عمره .
من آثاره في علوم الحديث : مجموعة أحاديث مختارة و شرحها ، نشرها في مجلَّة البلاغ سنة 1359هـ/1940م .
الشيخ محمد علائي بيكوفيتش :
لم أقف على شيءٍ من ترجمته ، سوى أنَّ له كتاباً في منهج النقد عند علماء الحديث ، سماه ( منهج النقد في علم الحديث أساس التشريع الإسلامي ) (2) ، و قد ألَّفه سنة 1360هـ/1941م ، و نُشرت طبعته الأولى في السنة ذاتها بزاغرب ، ثمَّ أعيدت طباعته مراراً ، بعناية مدرسة الغازي خسرو بيك التي اعتمدته مرجعاً لطلاَّبها في بابه .
الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن صالح الخانجي (3) :
ولد الشيخ محمد الخانجي سنة 1342هـ/1906م ، في مدينة سراييفو حاضرة البوسنة والهرسك ، و نشأ فيها ، و التحق منذ صغره بأحد كتاتيبها ، كما هي عادة مسلمي البوسنة فتعلم القراءة والكتابة بالعربيّة ، و قراءة القرآن الكريم و تجويده .
__________
(1) ... تراليتش : البوسنويون البارزون ، ص : 101 : وما بعدها .
(2) ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(3) ... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين : 11/280 .
و : الأعلام الشرقية : 1/396 ، لزكي محمد مجاهد .
و : سيد كسروي : حسن في مقدمة كتاب الجوهر الأسنى ، ص : 33- 35 .
و : قاسم دوبراجا : محمد خانجيتش عالم الدين ( بحث منشور في العددين الثاني و الثالث من مجلة الهدية سنة 1364هـ/1945م ) ، ص : 53-58 .
و : الحافظ محمود ترالييتش : البوسنويون البارزون ، ص : 49- 55 .
و : محمد الطيب أوكيتش : كتاب الحديث ، ص : 36 – 37 .(3/17)
بعد أن أتمّ دراسته في الكتّاب ، درس في المدرسة الرُشديّة ، ثم التحق بالعهد الثانوي الإسلامي المشهور باسم ( غيمنازيوم شرعي ) سنة 1345هـ/1926م و تخرّج فيها متفوّقاً على أقرانه ، و قد تمكّن من اللغة العربية قراءةً و كتابةً و محادثةً بطلاقةٍ ، و نظم الشعر بها .
و يقرّ الشيخ محمد بالفضل لعددٍ من مشائخه و معلّميه الأوائل في البوسنة ، و من أبرزهم (1) :
- يوسف أفندي إماموفيتش .
- محمد أفندي .
- عارف أفندي .
- الحافظ سليمان أفندي جوجاق .
- محمد أفندي حاجي ياماقوفيتش .
- الحافظ جعفر أفندي قولينوفيتش .
- صالح أفندي مفتيش .
- الدكتور شاكر أفندي سيكيريتش .
- محمد أفندي باشيتش .
رحل الشيخ محمد الخانجي إلى مصر في طلب العلم سنة 1345هـ/1926م فدرس على بعض مشائخها ، و تسجل في جامعة الأزهر بالقاهرة ، و واظب على الدراسة حتى تخرّج فيها سنة 1350هـ/1931م .
و كان إلى جانب دراسته النظاميّة يرتاد مجالس العلم و حِلَقه في طول البلاد و عرضها ، كما يتردد على المشائخ في بيوتهم و يلزم أعتابهم ليأخذ عنهم ما أتيح له ذلك ، و من هؤلاء (2) :
? الشيخ على شائب ، و قد قرأ عليه كتاب ( الدر المختار ) في الفقه الحنفي ، و مختصر صحيح البخاري للزبيدي .
? الشيخ على أبو ذرة ، و قد قرأ عليه من تفسير النسفي .
? الشيخ على محفوظ (ت 1361هـ/1942) (3) ، و قد قرأ عليه من تفسير النسفي أيضاً ، ولازم وعظه وخطبه في المساجد يوم الجمعة .
? الشيخ محمد العزبي ، قرأ عليه من شرح جوهرة التوحيد .
? الشيخ محمد أبو سلامة ، قرأ عليه مختصر السعد التفتازاني في علوم البلاغة .
? الشيخ معوض السخاوي ، قرأ عليه من الدر المختار في الفقه الحنفي .
__________
(1) 1 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 108 .
(2) 2 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 108 ، 109 .
(3) 1 ... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 7/175 – 176 .(3/18)
? الشيخ حسن جبريل ، قرأ عليه شرح الجوهر المكنون في علوم البلاغة ، و بعض شرح الملوي على السلم في المنطق .
? الشيخ الحلبي (1) ، قرأ عليه قطعة من صحيح مسلم .
? الشيخ محمد حبيب الله الشنقيطي (2) (ت 1363هـ/1944م) ، قرأ عليه كتاب: زاد المسلم فيما اتفق عليه البخاري و مسلم .
? الشيخ عبد العزيز المكي ، قرأ عليه كتاب الإحكام في أصول الأحكام ،
للآمدي (3) .
? الشيخ محمد حسنين مخلوف (4) (ت 1355هـ/1936م) ، قرأ عليه شرح المحلى على جمع الجوامع في الأصول .
? الشيخ العشري ، قرأ عليه من تفسير الجلالين .
? الشيخ محمد سالم ، قرأ عليه شرح المحلى على جمع الجوامع في أصول الفقه .
و كثيرٌ غيرهم .
و مع أنّ الشيخ محمد كان في مصر طالباً لا يزال في مرحلة التحصيل ، فقد نبغ في عددٍ من العلوم و شرع في التأليف باللغتين العربيّة و البوسنويّة ، و لمّا ينه دراسته النظاميّة في الأزهر بعد .
و بعد تخرّجه حجّ بيت الله الحرام بصحبة والده ، و كما هو المعتاد في رحلات الحج و العمرة عند السابقين ، فقد التقى خلال رحلته إلى البيت العتيق عدداً من علماء الآفاق الذين وافوا الموسم عام 1350هـ/1931م ، و أفاد منهم ، ثمّ عاد إلى بلاده ليؤرّخ لتلك الرحلة في كتاب مستقل عظيم النفع ، عميم
الفائدة (5) .
__________
(1) 2 ... هكذا ذكر الخانجي أسماء مشايخه فاختصر ، مما صعب تعيينهم و الوقوف على تراجمهم .
(2) 3 ... انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي 6/307 ، معجم المؤلفين 9/176 .
(3) 4 ... الآمدي ، هو : علي بن أبي علي بن محمد ، التغلبي ، الحنبلي ، ثم الشافعي ، سيف الدين ، الأصولي المتكلم .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 23/364 ، شذرات الذهب 7/253 ,
(4) 1 ... انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي 6/326 ، معجم المؤلفين 9/231 .
(5) 2 ... انظر : مقدمة كتاب السنة للخانجي ، التي كتبها الحافظ محمود ترالييتش ، ص : 3 .(3/19)
اشتغل الشيخ محمد الخانجي بالتدريس فور عودته من مصر ، حيث درّس عدداً من العلوم الشرعيّة في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو بين عامي 1350هـ/1931م و 1356هـ/1937م ، ثمّ انتقل للعمل مديراً لمكتبة الغازي خسرو بيك حتى أواخر سنة 1358هـ/1939م ثم غادرها بعد أن أجاد وأفاد في ترتيب و تنظيم خزانة المخطوطات فيها ، و ألحق مخطوطات عددٍ من المكتبات الأخرى
بها .
اشتغل الشيخ الخانجي بالتدريس ثانيةً في المعهد الشرعي العالي بسراييفو ، و ظلّ على رأس عمله فيه حتى وافاه الأجل (1) .
كان الشيخ الخانجي في أصول الدين و فروعه على مذهب عموم أهل البوسنة الذين كانوا كما قال : (( كلّهم على مذهب أبي حنيفة - رضي الله عنه - (2) في الفروع ، لا يوجد فيهم من انتسب إلى مذهب غيره . و أمّا مذهبهم في الأصول فمذهب أبي منصور الماتريدي (3) رحمه الله تعالى )) (4) .
غير أنّ الشيخ لم يعرف عنه تعصّبٌ لرأي لا دليل عليه ، و كان يعذر المخالف في مسائل الاجتهاد و يناقشه بالحكمة و الدليل ، خلافاً لما عرف عليه أهل بلاده من التعصّب المذموم .
توفي الشيخ محمد الخانجي بعد حياة حافلة بالتعليم و التصنيف و الدعوة إلى الله على بصيرة إثر عمليّة جراحيّة أجريت له سنة 1363هـ/1944م ، عن ثمانٍ وثلاثين سنة .
__________
(1) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 4 .
(2) 2 ... أبو حنيفة ، هو : العنمان بن الثابت الكوفي (80هـ/699م – 150هـ/767) أحد الأعلام ، صاحب المذهب ، الإمام الفقيه .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 13/323 ، وفيات الأعيان 5/415-423 ، السير 6/390 ، تذكرة الحفاظ
1/168 ، الميزان 4/265 .
(3) 3 ... أبو منصور الماتريدي ، هو : محمد بن محمد بن محمود ، السمرقندي ، متكلم ، أصولي ، توفي بسمرقند سنة 333 هـ / 944 م .
انظر ترجمته في : تاج التراجم لابن قطلوبغا ، ص : 43 ، 44 ، الجواهر المضية 2 /130 – 131 ، معجم المؤلفين 11/300 .
(4) 4 ... الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 20 .(3/20)
و ودّعت البوسنة أكبر علمائها في العصر الحديث (1) ، و مجدد الإسلام فيها خلال القرن الرابع عشر الهجري (2) ، و عماد أهلها الذين كان مرجعهم إليه في ذلك
الوقت (3) ، بعد أن خلّف تراثاً جليلاً حوته بطون الكتب و صدور الرجال الذين نالوا شرف التتلمذ على يديه .
و من أشهر تلاميذه الذين نالوا هذا الشرف العظيم (4) :
- أحمد بن إسماعيل عليجيتش .
- إبراهيم بن عثمان براداريتش .
- مصطفى بن إسماعيل بوسولاجيتش .
- الحافظ إبراهيم بن محمد تريبينياتس .
إلى جانب الكثيرين من طلاب المدارس والمعاهد التي اشتغل الشيخ بالتدريس
فيها .
أما آثاره العلمية التي خلفها فتشتمل على نحو ثلاثمئة مقال صدر أولها سنة 1346هـ/1927م ، وعشرات الرسائل والكتب ، أحصاها بعضهم فبلغت ثلاثة وأربعين مصنفاً بين كتاب ورسالة (5) ، بينما لم يقف البعض الآخر على أكثر من بعضة عناوين منها (6) .
والذي يعنينا في هذا البحث هو مؤلفاته في الحديث النبوي وعلومه ، وهي : إظهار البهاجة بشرح سنن ابن ماجة ، وهو شرح ناقص لم يكمل كتاب الطهارة من الأصل .
السنة في شرح الأربعين النووية وترجمتها إلى اللغة البوسنوية ، وقد طبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1388هـ/1968م ، بعد أن نشره على حلقات في مجلة
( الحكمة ) .
__________
(1) 5 ... وصفه بذلك قاسم دوبراجا في مقال له بعنوان : محمد خانجيتش عالم الدين ( نشرته مجلّة الهداية في عدديها الثاني و الثالث الصادرين سنة 1364هـ/1945م ) ، ص : 55 .
(2) 6 ... وصفه بذلك الحافظ محمود ترالييتش في كتابه : البوسنويون البارزون ، ص : 51 .
(3) 1 ... وصفه بذلك شفيق كرديتش في كتابه : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 128 .
(4) 2 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 110، 111 .
(5) 3 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 112-126 .
(6) 4 ... انظر مثلا : معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحالة : 11/280 .(3/21)
شرج تيسير الوصول إلى جامع الأصول من أحاديث الرسول لابن الديبع
الشيباني (1) رحمه الله . وهو شرح ناقص يقع في مجلدين وقد وصل إلى الفصل الثالث في بيع الثمار والزروع من الباب الثاني ثم توقف رحمه الله .
شرح وتخريج أحاديث كتاب ( حياة الأنبياء في قبورهم ) لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي (2) ( ت 458هـ/1066م) ، وقد طبع هذا الكتاب بالمطبعة المحمودية في القاهرة سنة 1357هـ/1938م (3) .
شرح وتخريج أحاديث كتاب الكلم الطيب لأبي العباس تقي الدين أحمد
بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني ، وقد طبع هذا الكتاب في القاهرة سنة 1346هـ/1927م (4) .
__________
(1) 1 ... ابن الديبع الشيباني ، هو : عبد الرحمن بن علي ، أبو محمد العبدري ، الزبيدي ، الشافعي ، ولد سنة 866هـ كان ثقة صالحاً ، حافظاً للأخبار والآثار ، متواضعاً ، انتهت إليه رئاسة الرحلة في علم الحديث ، وقصده الطلبة من نواحي الأرض . توفي سنة 944هـ/1537م .
... انظر ترجمته في : البدر الطالع للشوكاني 1/335-336 ، شذرات الذهب 10/362 ، الأعلام 3/318 ، معجم المؤلفين 5/159 .
(2) 2 ... البيهقي : فقيه شافعي ، أصولي ، ومحدث مشهور ، له السنن الكبرى ، وغيرها من المصنفات المتداولة .
... انظر ترجمته في : تبيين كذب المفترى 265-267 ، المنتظم 8/242 ، معجم البلدان 1/538 ، وفيات الأعيان 1/75-76 ، السير 18/163-171 ، طبقات السبكي 4/816 .
(3) 3 ... ذكره الدكتور نجم عبد الرحمن خلف في كتابه : الصناعة الحديثة في السنن الكبرى للإمام البيهقي : 1/110 .
(4) 4 ... ذكره الحافظ محمود ترالييتش في كتابه : البسنويون البارزون ، ص : 53 .(3/22)
مقدمة الحديث ، و هو كتاب في مصطلح الحديث و المسائل المتعلقة به و هو أحد أهم مراجع مادة الحديث النبوي وعلومه في المدارس الإسلامية بالبوسنة ، و قد طبع مع ( مقدمة التفسير ) لنفس المؤلف عدة مرات ، أولاها في سراييفو سنة 1356هـ/1937 ، وآخرها ( و هي الطبعة الرابعة حسب علمي ) طبعة مدرسة عثمان أفندي راجوفيتش في غراجانيتسا بمحافظة فيسوكو سنة 1416هـ/1995م .
أما جهوده في الترجمة فليست أقل أهمية مما ألفه ابتداء باللغة العربية أو
البوسنوية ، حيث قام رحمه الله بترجمة بعض الكتب والمقالات من اللغتين العربية والتركية إلى اللغة البوسنوية ، غير أنه ليس فيما ترجمه شيء من كتب الحديث أو مقالاته .
كما كانت للشيخ جهود بارزة في مجالات أخرى لا تقل أهمية عن التأليف و والتدريس والترجمة ، و من ذلك قيامه بنسخ عدد كبير من المخطوطات بيده ، وجلبه عدداً آخر منها إلى مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، فضلاً عن تصدره للفتيا في زمنه وتخريج عشرات الدعاة والوعاظ والدعاة الذين عملوا على الحفاظ على ما تبقى من الإسلام في ديارهم .
وبالجملة فإن الشيخ محمد الخانجي رائد علماء البوسنة في العصري الحديث ، و أكثرهم أثراً في شعبه ، وجهداً في التصنيف و التعليم و الدعوة إلى الله ، و أبرعهم في علم الحديث ، و أكثرهم سعياً في الدعوة إلى الكتاب و السنة ، و مناقبه أكثر من أن تحصى .
الشيخ عبد الرحمن عادل جوكيتش (1) :
__________
(1) 1 ... تراليتش : البوسنويون البارزون ، ص : 26 و ما بعدها .(3/23)
طلب العلم في بلاده ابتداء ، ثم رحل إلى اسطنبول لمتابعة الطلب ، حتى بلغ مكانة رفيعة بين علماء البوسنة ، أهلته لتصدر الدعوة في مدينة توزلا ، و قد امتاز بالدعوة إلى العودة إلى الكتاب و السنة ، و التمسك بهما ، و خاصة في الجانب العلمي ، الذي أكد عليه ودعا باندفاع وحماس ، متخذاً من مجلة الحكمة ، التي أسسها ورأس تحريرها ، منبراً لدعوته ، وقد نشر على صفحاتها مجموعة أبحاث في السيرة النبوية ، استمرت زهاء سبع سنين متواصلة ، بين عامي 1348هـ/1929م ، و 1355هـ/1376م ، ركز فيها على ضرورة التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في دعوته ، و سيرته ، و سنته ، و كان على الاتباع مدار دعوته حتى وفاته سنة 1376هـ/1957م رحمه الله .
الشيخ قاسم دوبراجا (1) :
طلب العلم في سراييفو ابتداء ، ثم رحل إلى مصر ، فأخذ من علمائها ، حتى اتسعت معارفه ، وبزغ نجمه ، ثم عاد إلى البوسنة ليؤسس مع الشيخ محمد الخانجي رحمهما الله حركة الشبان المسلمين ، مما تسبب في سجنه سنين طويلة خرج بعدها ليواصل جهوده العلمية ، فأسندت إليه إدارة مكتبة الغازي خسرو بيك ، فاستغل و جوده بين أمهات الكتب ، و عكف على التأليف و التصنيف و كان من ثمرة جهده:
? فهرس المخطوطات العربية و التركية و الفارسية ، في ثلاث مجلدات كبار ، طبعت على مراحل بين عامي 1383هـ/1963م ، و 1407هـ/1987م و قد بذل في وضع هذا الفهرس جهداً مشكوراً ، تجلى في إبداعه ، و جلى أمارات نبوغه في العلوم الشرعية على تنوعها .
? كتاب في النهي عن المنكرات السائدة ، سماه ( اجتنب السيء ) ، وذكر فيه جملة من المنكرات التي زينها الشيوعيون ، و عملوا على غرسها في نفوس المسلمين ، حتى عمت و طمت و تقبلتها النفوس الضعيفة .
__________
(1) 1 ... انظر ترجمته في : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 143 .(3/24)
? و قد التزم الشيخ قاسم رحمه الله في كتابه هذا الرد إلى الكتاب و السنة فيما وقع فيه النزاع ، و ذكر الأدلة الشرعية على مسائله ، مع الاقتصار على صحيح الحديث دون ضعيفه غالباً ، و قد طبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1394هـ/1974م .
الشيخ حسن شكابور (1) :
طلب العلم في بلاده ، وتحمل المشاق في سبيله ، رغم قلة العلماء ، و صعوبة طلب العلم و تحصيله ، حتى علا كعبه ، و فاق أقرانه ، في علوم شتى ، و إن كان قد تميز في علم الحديث النبوي ، على وجه الخصوص .
و قد كان له أثر بالغ في تعليم الحديث النبوي ، و نشر علومه في البوسنة ، و تدريس صحيح البخاري للأئمة و الدعاة ، و الوعاظ ، و طلبة العلم في سراييفو لسنوات طويلة .
ترجمة الأجزاء الثلاثة الأولى من ( صحيح البخاري ) ترجمة موسعة شملت ذكر المسائل ، و الأحكام ، و ترجمة الرواة ، و شرح الغريب ، حتى غدت ترجمته هذه موسوعة حديثية نفع الله بها من و فقه للوقوف عليها و الإفادة منها .
و قد شرع الشيخ رحمه الله في ترجمة الجزء الرابع من ( الجامع الصحيح ) ، و لكن المنية عاجلته قبل الفراغ منه حيث كانت وفاته سنة 1396هـ/1976م رحمه الله رحمة واسعة .
الشيخ محمد طيب أوكيتش (2) :
طلب العلم في بلاده أولاً ثم أرتحل إلى تركيا ، حيث درس ودرس في الكلية الإسلامية بأنقرة ، و ظل فيها حتى وافه الأجل سنة 1397هـ/1977م .
له في علم الحديث النبوي كتاب نفيس ، يعتبر أحد أهم المراجع العلمية لطلبة المدارس الإسلامية في البوسنة حتى يومنا هذا ، و هو ( كتاب الحديث ) (3) ، و يمتاز هذا الكتاب بجزالة عباراته ، و توسط حجمه ، و سهولة عرضه ، و قد طبع لأول مرة في سراييفو سنة 1355هـ/1936 ، ثم أعيد طباعته و تصويره مراراً .
__________
(1) 1 ... انظر ترجمته في : ماكيتش : كتاب الحديث 48 .
(2) 2 ... عدنان سيلايجبيتش : مجلة البلاغ ، ص : 561 ، ع3 ، سنة 1977م .
(3) 3 ... سيأتي ذكره لاحقا هذا البحث بمشيئة الله تعالى .(3/25)
الشيخ شوقي شابيتش (1) :
تتلمذ على علماء بلاده و لم يبرحها قط .
له ترجمة لصحيح مسلم ، لم أقف عليها مخطوطة و لا مطبوعة ، رغم طول بحث و لعلها تكون محفوظة عند ورثته ، في مدينة توزلا .
توفي في توزلا سنة 1400هـ/1980م .
الشيخ الحافظ إبراهيم تريبينياس (2) :
طلب العلم في سراييفو ثم رحل عنها إلى مصر ، فأخذ العلم عن علمائها ، ثم عاد إلى البوسنة و انتسب إلى حركة الشبان المسلمين ، مما أدى إلى سجنه بضع سنين خرج بعدها ليدعو إلى الله تحت الحكم الشيوعي لبلاده ، فعمل مدرساً لمادة الحديث النبوي و علومه في مدرسة الغازي خسرو بيك ، ثم في كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو ، و هو إلى جاب التدريس يصنف و يترجم ، و من آثاره العلمية ترجمة كتاب ( حياة محمد ) لمحمد حسنين هيكل (3) .
غير أن ما يهمنا في هذا المقام هو مجموعة محاضراته في علوم الحديث ، التي ألقاها على طلابه ، أثناء تدريس هذه المادة بالكلية ، و قد ظلت هذه .
المحاضرات مرجعاً لطلاب العلوم الشرعية في البوسنة لسنوات ، رغم أنها لم تطبع بعد .
كانت وفاته سنة 1402هـ/1984م .
الشيخ الحافظ فؤاد سوباشيتش :
طلب العلم في بلاده ، و تخرَّج في كلية الآداب بجامعة سراييفو ، و كان ذا اهتمام بالغ بلغة القرآن الكريم ، بصفتها مفتاح العلوم الشرعية و آلتها ، فعكف على تعلُّمها حتى أجادها .
__________
(1) 1 ... ماكيتش : بحوث الحديث في بلادنا ، ص : 48 .
(2) 2 ... تراليتش ، البوسنويون البارزون ، ص80 وما بعدها .
(3) 3 ... محمد حسنين هيكل : مصري ، أديب ، ناثر ، صحفي ، سياسي ، مؤرخ ( 1305هـ/1888م – 1376هـ/1956م ) حصل على الدكتوراه في الحقوق من باريس ، كان رئيساً لتحرير ( السياسية ) ، ثم رئيساً لحزب الأحرار الدستوريين ، وتولى وزارة المعارف والشؤون الاجتماعية ، ورئاسة مجلس الشيوخ .
... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 9/262-263 .(3/26)
اشتغل بالدعوة إلى الله طيلة ربع قرن من عمره ، جامعاً بين الإمامة و الخطابة منذ عام 1360 هـ/1941م إلى أن توفاه الله سنة 1405هـ/1985م .
إلى جانب ذلك اشتغل رحمه الله بالتدريس و التأليف ، فكانت له دروسٌ في الحديث النبوي و علومه ، توَّجها بعملين جليلين في هذا الباب هما :
أوّلاً : ترجمة ( الجامع الصحيح ) للإمام البخاري (1) ، و هي ترجمة دقيقة ، أثنى عليها معاصروه من العلماء ، و لكنها لم تطبع حتى يومنا هذا .
ثانياً : ترجمة كتاب ( ألف حديث و حديث ) للشيخ محمد عارف (2) ، من التركية إلى البوسنويَّة ، و قد جمع مؤلِّف هذا الكتاب فيه العدد الذي دلَّ عليه عنوانه من الأحاديث المنتقاة ، في العقائد و الأحكام ، و الآداب ، و في سراييفو طبع الكتاب سنة 1412هـ/1991م ، في الأيام الأولى لاستقلال البوسنة و الهرسك .
الشيخ فيض الله حاجي بايريتش :
له كتاب في أصول الدين اسمه ( علم الحال ) (3) ، و جزءٌ جمع فيه أربعين حديثاً قُدسياً ، بعنوان ( الأربعون القدسيَّة ) ، و قد نُشر في مجلَّة البلاغ ، سنة 1395هـ/1975م .
كانت وفاته سنة 1406هـ / 1986م .
الشيخ العلاَّمة الدكتور عمر ناكيجيفيتش :
قارىءٌ نهم ، عرف منذ نعومة أظفاره بإقباله على طلب العلم بشغف .
__________
(1) 1 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(2) 2 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(3) ... كثيرٌ من أهل العلم في البوسنة قد ألفوا كتباً بهذا الاسم ، و قد أحصيتُ أكثر من عشرة كتب بنفس العنوان و البشانقة المعاصرون يستعملون هذا العنوان على الكتب التي تتناول العقائد ، و المبادئ الإسلامية المبسَّطة
[ الباحث ] .(3/27)
درس في سراييفو زمناً ثمَّ ارتحل إلى مصر ، فنزل القاهرة ، و حاز من كلِّية الآداب بجامعة القاهرة درجة التخصُّص ( الماجستير ) بعد أن تقدَّم ببحث عن علاَّمة البوسنة و أشهر أعلامها على الإطلاق ، الشيخ حسن كافي الأقحصاري (1) ، ثمَّ توجَّه إلى بلغراد ، و حصل على الدرجة العالميَّة ( الدكتوراه ) من جامعتها .
انتسب إلى حركة الشبان المسلمين ، و أوذي في سبيل الله أذىً شديداً ، فأبدى صبراً و تجلَّد حتى فك الله أسره ، فخرج عليلاً ، و عمل أستاذاً لمادة الحديث بكليَّة الدراسات الإسلاميَّة التي أسندت إليه عِمادتها فيما بعد ، و لا يزال يشغلها حتى اليوم إلى جانب تدريس الحديث ( من صحيح الإمام مسلم بن الحجاج ) و مصطلحه من كتاب ( المدخل إلى علوم الحديث ) الذي ألَّفه لهذا الغرض .
من مؤلَّفاته في علم الحديث :
- المدخل في علوم الحديث ، و هو كتاب بسيط ، طبع مراراً ، و قُرِّر مرجعاً للدراسة في كلية الدراسات الإسلاميَّة ، و الأكاديميَّتين الإسلاميَّتين في كلٍ من زينيتسا و بيهاتش .
- ترجمة كتاب سبل السلام للصنعاني (2) ، و هو شرح كتاب بلوغ المرام من أدلَّة الأحكام لابن حجر العسقلاني ، و قد تركت الشيخ أواخر عام 1417هـ / 1997م ، و لمَّا يفرغ من ترجمته بعد .
__________
(1) ... ستأتي ترجمته و جهوده العلميَّة مفصَّلة إن شاء الله في فصل : أثر الحديث النبوي في عقيدة أهل البوسنة ، من الباب التالي إن شاء الله .
(2) 1 ... الصنعاني ، هو : محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد ، الحسني ، الكحلاني ، الصنعاني ، اليمني ، الأمير أبو إبراهيم ، محدث ، فقيه ، أصولي ، مجتهد ، أصيب بمحن كثيرة من الجهلاء و العوام . و لد سنة 1099هـ/1688م ، ومات في 1182هـ/1768م .
انظر ترجمته في : البدر الطالع 2/133-139 ، معجم المؤلفين 9/56 .(3/28)
- بحوث الحديث في بلادنا ، و هو عبارة عن دراسة تناول فيها الشيخ جهود أهل البوسنة في علم الحديث حتى منتصف القرن الحادي عشر للهجرة / التاسع عشر للميلاد ، و قد نشرت في العددين الرابع و الخامس من مجلَّة البلاغ ، سنة 1403هـ/1983م .
- دراسة و تحقيق كتاب : أنواع الحديث ( أو اصطلاحات أهل الحديث ) (1) ، و قد نشر هذا البحث في العدد الثالث من حولية كلِّية الدراسات الإسلاميَّة بسراييفو ، عام 1410هـ/1990م .
- المحدِّث مصطفى الأقحصاري ، و هي دراسة حول أشهر علماء البوسنة في علم الحديث ، كتبها عام 1405هـ/1985م ، و نشرت في السنة ذاتها ضمن حوليات مكتبة الغازي خسرو بيك في أربع عشرة صفحة .
أمَّا في العلوم الشرعيَّة الأخرى فللشيخ مؤلَّفات كثيرة ما بين كتاب ، و بحثٍ و مقال ، منها المنشور ، و منها ما لم يُنشر بعد ، و إن كان أشهر أعماله ترجمة كتاب ( في ظلال القرآن ) ، للشهيد سيد قطب (2) رحمه الله الذي كان لكتاباته و أفكاره امتدادٌ و تأثيرٌ واسع النطاق في البوسنة و الهرسك و خاصة في أعضاء حركة الشبان المسلمين المعروفة .
الشيخ حسن ماكيتش :
مفتي بيهاتش اليوم ، عالمٌ جليل ، درس في نجد ، و تخرَّج في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة ، و اختصَّ في علم الحديث ، فكان له فيه مقالاتٌ حسان ، و أبحاث نفيسة في بابها ، مثل :
__________
(1) 2 ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .
(2) 3 ... سيد قطب : ( 1324 هـ/1906 م – 1387هـ/ 1967م ) مصري من مواليد قرية موشا في أسيوط شاعر ، أديب ، باحث إسلامي معروف ، انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين فترأس قسم نشر الدعوة ، و تولى تحرير جريدتهم ، وسجن معهم ، و صدر الأمر بإعدامه فأعدم . =
= ... انظر ترجمته في : الأعلام 3/147-148 ، المستدرك على معجم المؤلفين ، ص : 284 .(3/29)
- بحوث الحديث في بلادنا ، و هو بحث قيِّم ذكر فيه عدداً من علماء الحديث البشانقة ، و عرض جوانب نشاطهم في هذا المجال تدريساً ، و ترجمةً ، و تصنيفاً و آثارهم الحديثيَّة ، و قد قُدِّم هذا البحث إلى ندوة الحديث النبوي ، الذي عُقد في ترافنيك عام 1414هـ/1994م ، و نشر ضمن الدراسات المقدَّمة إليه.
إلاَّ أن العمل المميز الذي قام به الشيخ حسن ، هو إتمام العمل الذي بدأه الشيخ حسن شكابور ، و هو ترجمة ما تبقى من صحيح البخاري ، حيث ترجم إلى اللغة البوسنويَّة الجزءين الرابع و الخامس ، إلاَّ أنَّ الأخير منهما قد ضاع بعد أن سقطت مدينة بريييدور ( Prijedor ) التي ينتسب إليها (1) في يد الصرب أثناء الحرب الأخيرة .
الأستاذ حسين عمر سباهيتش :
طلب العلم في فيسوكو ( على بُعد عشرين ميلاً من سراييفو ) ثم التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، و تخرج في كلية أصول الدين ، ثمَّ تطلَّع للتخصص في علم الحديث ، فانتسب لقسم الدراسات العليا ، و لكنه انصرف عنها ، ليُمثِّل بلاده في الرياض ، ثمَّ ليشغل منصب مستشار بسفارة البوسنة و الهرسك في دولة قطر .
من آثاره في علم الحديث ترجمة مختصر كتاب الشمائل المحمَّديَّة ، للترمذي ، إلى اللغة البوسنويَّة ، و من تأمَّل الترجمة بدت له براعة الشيخ حسين ، في علم الحديث من حيث الضبط و الإتقان ، و إيراد الحكم على الحديث ، و ما قيل فيه (2) .
الشيخ عدنان سيلايجيتش :
أكبّ على طلب العلم في بلاده حتى تخرَّج في كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو ثم واصل دراساته العليا في زاغرب بكرواتيا .
__________
(1) ... سنتناول منهج الشيخين حسن شكابور ، و حسن ماكيتش في ترجمة صحيح البخاري ، و ما بذلاه من جهدٍ في سبيل إظهاره ، في الفصل القادم إن شاء الله .
(2) ... سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .(3/30)
اشتغل بالصحافة و التعليم ودرّس مادَّة الحديث النبوي و علومه بكلِّية الدراسات في سراييفو ، إلى جانب رئاسة تحرير مجلَّة المعلِّم و لا يزال في عمله هذا حتى اليوم .
من آثاره في علم الحديث كتابٌ جمع فيه أربعين حديثاً ، و قام بترجمتها إلى اللغة البوسنوية ، ثمَّ شرحها شرحاً وجيزاً ، و قد طبعت هذا الكتاب دار الإفتاء في زنيتسا سنة 1415هـ / 1994م .
و للشيخ عدنان أيضاً مقالات و بحوث في الحديث النبوي لم تطبع بعد .
الشيخ فؤاد سيديتش :
درس في نجد ، حتى حاز العالميَّة في علوم الحديث من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض ، ثمَّ عاد إلى بلاده
اشتغل فور عودته بتدريس علوم الحديث في المعهد الإسلامي العالي لإعداد المعلمين ( المعروف بالأكاديميَّة الإسلاميَّة ) في بيهاتش ، و لا يزال على رأس عمله ثمّ حتى اليوم .
له كتابٌ في اللغة البوسنوية بعنوان ( أشراط الساعة ) جمع فيه الأشراط الكبرى و الصغرى لقيام الساعة من الكتاب و السنة ، و درس أحاديث الباب دراسة علميَّة .
الشيخ مرصاد محمودوفيتش :
طلب العلم في البوسنة أوَّلاً ، ثمَّ التحق بكلية الحديث في الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة النبويَّة ، و تخرَّج فيها .
عاد إلى البوسنة بعد تخرّجه فاشتغل بالدعوة و التعليم ، و عمل مدرِّساًً لعلوم الحديث ، في مدرسة إبراهيم باشا ، في مدينة فيسوكو ، إلى جانب اشتغاله بالتأليف حيث أخرج كتاباً لم يُسبق إلى مثله في البوسنة ، سمَّاه ( البيان و التعريف في أسباب ورود الحديث الشريف ) (1) ، و قد طبع هذا الكتاب في فيسوكو ، و الحرب على أشُدِّها سنة 1414هـ/1993م .
الشيخ محمد كاراليتش :
__________
(1) 1 سيأتي ذكره لاحقا في هذا البحث بمشيئة الله تعالى .(3/31)
ابتدأ طلب العلم في مدارس سراييفو ، ثم التحق بالجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية و تخرَّج فيها ، و عاد إلى بلاده بعدُ تخرجه ، فعُيِّن مدرِّساً للحديث ، في مدرسة الغازي خسرو بيك ، إلاَّ أن اشتغاله بالتدريس ، لم يصرفه عن التصنيف ، و عهدي به مُكبٌ على ترجمة و شرح سنن الإمام أبي عيسى الترمذي رحمه الله .
الشيخ محمد علي حاجيتش :
طلب العلم في بلاده ابتداءً حتى أتم المرحلة الثانويّة .
سافر إلى المغرب العربي طلباً للعلم ، ثم عاد إلى بلاده متمكناً من عدة فنون ، من بينها علم الحديث الذي كان مجال اختصاصه ، و من آثاره التي قدَّمها حتى الآن في هذا العلم :
- مجموعة مقالات شرح فيها أحاديث مختارة ، و نشرتها مجلّة البعث الإسلامي البوسنويَّة .
- كتاب ( المنتخب من أقوال الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، و هو كتابٌ قيم مُرتَّبٌ بحسب المواضيع ، و فيه ذكرٌ للأحاديث المنتخبة ، ثمَّ ترجمةٌ ، فشرحٌ لها يليه بيان ما يؤخذ منها من أحكام و آداب ، و قد طُبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1398هـ/1978م .
الفصل الثاني
مظاهر اهتمام علماء البوسنة بعلم الحديث
المبحث الأول
الرحلة في طلب العلم
توطئة :
تعدُّ الرحلة في طلب العلم بعامَّة ، و علم الحديث بخاصَّة أحد المعالم البارزة في مسيرة العلوم الشرعية ، و سبل تلقِّيها و تبليغها ، التي تميَّزت بها الأمَّة الإسلاميَّة ، لذلك حرص العلماء على الرحلة في طلب الحديث و تواصوا بها ، و واظبوا عليها .
و قد سأل يزيد بن هارون (1) ،
__________
(1) 1 ... يزيد بن هارون ، هو : الإمام القدوة ، شيخ الإ سلام ، أبو خالد ، السلمي مولاهم ، الواسطي ، الحافظ العابد ، كان رأساَ في العلم و العمل ، ثقة حجة ، كبير الشأن ، ولد سنة ( 118 هـ / 736 م ) ، و توفي سنة ( 206 هـ / 822 م ) .
انظر ترجمته في : تاريخ الفسوي 1 / 195 ـ 196 ، الجرح و التعديل 9 / 295 ، تاريخ بغداد 14 / 337 ، تذكرة الحفاظ 1 / 317 ، سير أعلام النبلاء 9 / 358 .(3/32)
حمَّاد بن زيدٍ (1) قائلاً : يا أبا إسماعيل ، هل ذكر الله تعالى أصحاب الحديث في القرآن ؟ فقال : نعم . ألم تسمع إلى قوله :
{ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و ينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم } فهذا في كلِّ من رحل في طلب العلم و الفقه ، و رجع به إلى من وراءه ، فعلَّمه إيَّاه . اهـ (2) .
__________
(1) 2 ... حماد بن زيد ، هو : ابن درهم ، الحافظ الثبت ، محدث الوقت ، أبو إسماعيل الأزدي ، البصري ، أحد الأعلام أصله من سجستان ، سبي جده : درهم منها . قال عبد الرحمن بن مهدي : ما رأيت بالبصرة أحداَ أفقه من حماد بن زيد . توفي سنة ( 179 هـ / 795 م ) .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 286 ـ 287 ، حلية الأولياء 6 / 257 ـ 267 ، تهذيب الأسماء و اللغات 1 / 167 ـ 168 ، سير أعلام النبلاء 7 / 456 .
(2) ... صحيح : أخرجه الرحلة في طلب الحديث ، للخطيب ، ص:86-87 .الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ، ص : 26-27 ، والخطيب في " شرف أصحاب
الحديث " (119) ، و " الرحلة في طلب الحديث " ، ص : 86-87 ، وأبو اسماعيل الهروي في " ذم الكلام " (985) من طريقين عن : محمد بن الوزير الواسطي ، قال : سمعت يزيد بن هارون يقول لحماد : فذكره . ومحمد بن الوزير : ثقة عابد ، كما في " التقريب " .(3/33)
و لذلك تواصى أهل الحديث بالرحلة في طلبه ، بدءاً من عهد الصحابة الكرام فمن بعدهم ، كما فعل جابر بن عبد الله الذي تكبَّد مشاق الرحلة ، و وعثاء السفر من أجل سماع حديثٍ واحدٍ ، و في ذلك يقول : (( بلغني عن رجلٍ من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث سمعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم أسمعه منه ، قال : فابتعت بعيراً فشددت عليه رحلي ، فسرتُ إليه شهراً حتى أتيت الشام ، فإذا هو عبد الله بن أنيس الأنصاري (1) ) (2) .
__________
(1) 1 ... عبد الله بن أنيس الأنصاري : صحابي ، شهد العقبة مع السبعين من الأنصار ، و كان يكسر أصنام بني سلمة من الأنصار هو و معاذ بن جبل حين أسلما ، شهد أحدا َو الخندق ، و ما بعدهما من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . توفي بالشام سنة ( 80 هـ / 669 م ) ، و قيل قبلها .
انظر ترجمته في : مسند أحمد 3 / 495 ـ 498 ، المعرفة للفسوي 1 / 268 ـ 269 الثقات لابن حبان
3 / 233 ـ 234 ، تهذيب الكمال 14 / 313 ـ 315 .
(2) ... أثر جابر حسن :
علقه البخاري ( 1 / 173 ) في العلم ، باب : الخروج في طلب العلم ، بصيغة الجزم ، بلفظ : ( و رحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد ) .
و رواه موصولاَ البخاري في ( الأدب المفرد ) ( 970 ) ، و في ( خلق أفعال العباد ) ، و أحمد 3 / 495 ، و الحارث بن أبي أسامة في ( مسنده ) (1 / 189 ـ زوائد ) ، و الحاكم ( 2 / 475 و 4 / 618 ) ،
و الطبراني في ( المعجم الكبير ) 13 / 331 ، و البيهقي في ( الأسماء و الصفات ) ( 431 و 600 ) و الخطيب في ( الجامع لأخلاق الراوي ) ( 1686 ) ، و في ( الرحلة ) ( 31 ـ 32 ) ، و ابن عبد البر في
( التمهيد ) (23 / 232 ) ، و ابن بشكوال في ( الأسماء المبهمة ) ( 2 / 732 ) ، و المزي في (تهذيبه)
(
23 / 393 ) من طرق عن : همام بن يحيي قال : حدثنا القاسم بن عبد الواحد المكي ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر رضي الله عنه به ـ إلا أنه جاء في بعض طرقه : أنه رحل إلى مصر ، دون الشام
و تابع همام بن يحيي: داود بن الوازع عند الطبراني في ( الأوسط ) ( 8593 ) .
و قال الحاكم : صحيح الإسناد و لم يخرجاه .
و قال الحافظ في ( الفتح ) ( 1 / 174 ) : ( ذكر الارتحال فقط ( أي : دون الحديث المرفوع ) ، جزم به لأن الإسناد حسن و قد اعتضد ) .
و قال الهيثمي في ( المجمع ) 10 / 345 : ( رواه أحمد و رجاله وثقوا ) و قال في 10 / 351 : ( هو عند أحمد و الطبراني في الأوسط بإسناد حسن ) .
قلت : و في هذا نظر لأن القاسم بن عبد الواحد المكي قال فيه الحافظ في ( التقريب ) : ( مقبول ) . و قال في عبدالله بن محمد بن عقيل : ( صدوق في حديثه لين ) . =
= ... لكنه يعتضد كما قال الحافظ بما أخرجه الطبراني في ( مسند الشاميين ) ( 1/ 104 ) ( 156 ) ، و تمام في
( الفوائد ) ( 928 ) من طريق : عثمان بن سعيد الصيداوي ، حدثنا سليم بن صالح ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن حجاج بن دينار ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله به .
قلت : ابن ثوبان : صدوق . و حجاج ، و ابن المنكدر : ثقتان .
أما سليم بن صالح ، فهو : العنسي الصيداوي الشامي ، قال فيه الذهبي في ( الميزان ) ( 2/ 3546 ) : ( لا يعرف ) . و ذكره ابن ماكولا في ( الإكمال ) ( 4 / 330 ) ، و قال : ( روي عن ابن ثوبان نسخة ) .
لكن روى عنه أيضاَمحمد بن شبويه كما في ( تعزية المسلم ) ( 31 ) و بهذا ترتفع عنه جهالة العين ، و يصلح حديثه للاعتبار .
و كذلك الراوي عنه عثمان بن سعيد الصيداوي ، روى عنه جماعة من أهل العلم ذكرهم ابن عساكر في ترجمته من ( تاريخ دمشق ) (38 / 367 ) . المرجع السابق ، ص:196 .
و قال الحافظ في " الفتح " (1/173) عن هذا الطريق : " إسناده صالح " فكأنه أراد صالح للاعتبار و هو كذلك.
و للحديث طريق أخرى لكنها شديدة الضعف : أخرجها الخطيب في " الرحلة " (33) من طريق عمر بن صبح عن مقاتل بن حيان ، عن أبي الجارود العنسي ، عن جابر به .
و عمر بن صبح قال فيه الحافظ : " متروك كذبه ابن راهويه " . و قصر في " الفتح " فقال : " إسناده
ضعيف " .
... و يروى في ارتحال الصحابة في طلب العلم أثر آخر :
... عن عبد الله بن بريدة ، أن رجلاً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - رحل إلى فضالة بن عبيد ، و هو بمصر ، فقدم عليه و هو يمد لناقة له ، فقال : مرحباً ، قال : أما إني لم آتك زائراً ، و لكن سمعت أنا وأنت حديثاً من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجوت أن يكون عندك منه علم . قال : ما هو ؟ قال : كذا و كذا ...
أخرجه أبو دواد (4160) في أول كتاب الترجل ، و أحمد 6/22 ، والدرامي (571) ، البيهقي في " الشعب " (6468) ، والخطيب في " الرحلة " (39) عن يزيد بن هارون ، عن سعيد بن إياس الجريري ، عن عبد الله بن بريدة به .
قلت : ورجاله ثقات إلا أن الجريري كان قد اختلط ، ويزيد بن هارون ممن سمع منه بعد اختلاطه ، كما قال يحيى بن معين . انظر : شرح علل الترمذي لابن رجب ، ص : 314 .(3/34)
و على النهج نفسه سار التابعون فمن بعدهم ، فهذا سعيد بن المسيب (1)
يقول : إن كنت لأسير الليالي والأيام في طلب الحديث الواحد (2) ، و هذا أبو قلابة (3)
__________
(1) 1 ... سعيد بن المسيب ، هو : أبو محمد القرشي المخزومي ، الإمام العلم ، عالم أهل المدينة ، و سيد التابعين في زمانه ولد لسنتين مضت من خلافة عمر - رضي الله عنه - ، و كان يفتي و أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحياء ، و كان عابداً ورعاً . توفي سنة 94 هـ/ 713 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5/119 ، المعرفة والتاريخ 1/468 ، وفيات الأعيان 2/375 ، سير أعلام النبلاء4/217 ، تهذيب التهذيب 4/84 .
(2) 1 ... إسناده حسن :
أخرجه الخطيب في " الرحلة في طلب الحديث " (43) ، و " الجامع لأخلاق الراوي " 2/26 ، و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (569) من طريق خالد بن نزار ، قال : حدثنا مالك بن أنس ، عن يحيى بن سعيد ، قال : سمعت سعيد ، يقول – فذكره .
و خالد بن نزار : ذكره ابن حبان في " الثقات " و قال : يغرب ويخطئ . و أطلق ابن وضاح القرطبي و ابن عبد البر توثيقه . انظر : تهذيب التهذيب 3/123 .
و تابعه إسحاق بن محمد الفروي ، عن مالك به . عند الحاكم في " معرفة علوم الحديث " ، ص : 8 . و الفروي : ضعيف يعتبر به .
(3) 2 ... أبو قلابة ، هو : عبد الله بن زيد الجرمي البصري ، إمام تابعي ، ثقة ، فقيه ، محدث . أريد على القضاء فهرب إلى الشام ، و انقطع بداريا ، مات بعريش مصر سنة ( 104 هـ / 723 م ) وقيل بعدها ، و قد ذهبت يداه و رجلاه و بصره ، و هو مع ذلك حامد شاكر . قال فيه عمر بن عبد العزيز الخليفة :
... لن تزالوا بخير ما دام فيكم هذا ، أو مثل هذا .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 183 ، الحلية 2 / 282 ، تاريخ داريا ، ص : 60 ، سير أعلام النبلاء : 4 / 468 ، تذكرة الحفاظ 1 / 88 .(3/35)
يقول : (( لقد أقمت في المدينة ثلاثاً ، مالي حاجة إلا و قد فرغت منها ، إلا أن رجلاً كانوا يتوقعونه ، كان يروي حديثاً ، فأقمت حتى قدم ، فسألته )) (1) .
وعن بسر بن عبيد الله (2) ، قال : إن كنت لأركب إلى مصر من الأمصار في
الحديث الواحد لأسمعه (3) .
... حتى إن بعضهم ليصله الحديث عن الصحابة ، وهو في بلده ، فلا يقنع إلا بالعلو والمشافهة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيرحل لأجل ذلك ، يقول أبو
العالية (4) :
__________
(1) 3 ... إسناده صحيح :
أخرجه الدرامي (562) ، والرامهرمزي في " المحدث الفاصل " ، ص : 223 ، والخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " 2/226 ، وابن عساكر في " تاريخه " 28/295 من طرق عن : حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن أبي قلابة به .
و رجاله كلهم ثقات أعلام ، وأيوب ، هو : السختياني .
(2) 4 ... بسر بن عبيد الله ، هو : الحضرمي ، الشامي ، التابعي ، الفقيه ، ثقة جليل ، عاش إلى حدود سنة عشر ومئة هجرياً ، وكان من علماء دمشق .
انظر ترجمته في : المعرفة والتاريخ ليعقوب 28386 ، تهذيب الكمال 4/75 ، سير أعلام النبلاء 4/592 ، تهذيب التهذيب 1/438 .
(3) 1 ... إسناده صحيح :
... أخرجه الدرامي في " سننه " (563) ، والفسوي في " المعرفة والتاريخ " 2/386 ، والخطيب في " الرحلة في طلب العلم " (57) ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (10/164-165) من طرق عن : الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن بسر بن عبد الله به .
و رجاله ثقات . قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 1/192 : " روى الدرامي بسند صحيح – فذكره –".
(4) 2 ... أبو العالية ، هو : رفيع بن مهران الرياحي البصري ، الإمام المقرئ الحافظ المفسر ، أحد الأعلام ، أدرك زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - و هو شاب ، و أسلم في خلافة أبي بكر الصديق ، و دخل عليه ، و حفظ القرآن ، و قرأه على أبي بن كعب . توفي سنة 90هـ/ 709م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7/112 ، الحلية 2/217 ، تهذيب الأسماء و اللغات 2/251 ، سير أعلام النبلاء4/207 .(3/36)
كنا نسمع الرواية بالبصرة ، عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فما نرضى حتى نركب إلى المدينة ، فنسمعها من أفواههم (1) .
بل كان يرحل بعضهم فيما دون الحديث ، كأثر أوفتوى ، ونحوهما ، فقد روى أن عامر الشعبي الكوفي (2) حدث رجلاً بحديث مرفوع ، ثم قال له : أعطيناكها بغير
شيء ، و إن كان الراكب ليركب إلى المدينة فيما دونه (3) .
رحلة أهل البوسنة في طلب العلم :
__________
(1) 3 ... إسناده صحيح :
أخرجه الدرامي في " سننه " (564) ، وابن سعد في " الطبقات الكبرى " 7/113 ، و يعقوب الفسوي في
" المعرفة والتاريخ " 1/441 ، والخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " 2/224 ، و " الرحلة في طلب الحديث " (48) ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 18/174-175 من طرق عن : أبي قطن عمرو بن الهيثم ، عن أبي خلدة ، هو : خالد بن دينار التميمي السعدي .
و تابع أبا خلدة : سليمان بن يزيد أبو أيوب البصري . عند ابن عدي في " الكامل " 3/162-163 ، و عنه ابن عساكر في " تاريخه " 18/175 .
(2) 4 ... عامر الشعبي ، هو : ابن شراحيل ، أبو عمرو ، الإمام العلامة ، الفقيه القاضي ، رأى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - . و قال : أدركت خمس مئة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، توفي سنة 104هـ/723م . =
= ... انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 6/246 ، أخبار القضاة لوكيع 2/413 ، تاريخ بغداد 12/227 ، وفيات الأعيان 3/12 ، سير أعلام النبلاء4/294 .
(3) 1 ... أخرجه البخاري (95) في العلم ، باب : تعليم الرجل أمته وأهله ، والدارمي في " سننه " (2244 و
2245) في النكاح ، باب : فضل من أعتق أمة ثم تزوجها ، و ابن أبي شيبة في " مصنفه " 5/285 ، و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (563) .(3/37)
عرف عن أهل البوسنة و الهرسك شغفهم بالرحلة في طلب العلم الشرعي و شاع عن علمائهم الحرص على الرحلة و التواصي بها ، فانتشروا في الأرض ، و انتقلوا إلى أقاصي ديار الإسلام يتعلَّمون ، و يُعلِّمون ، و يبذرون العلم
و يحصدون .
قال الشيخ الخانجي رحمه الله : (كان من أراد التوسع في العلم ، يرحل إلى الخارج بعدما يتعلم العلم في بلاده ، و كان أكثر الطلبة بل كلُّهم يذهبون إلى مدارس اسطنبول ، فيأخذون من علمائها ... ) (1) .
و يعتبر علماء البوسنة الرحلة ضرورة لا بد منها لتحصيل علم الحديث خاصةً و يكثرون من ذكرها في تراجم علمائهم ، و يذكرونها في عداد مناقب أهل الإجازة منهم .
و من ذلك قول الشيخ مصطفى بن حسين بن الحاج مصطفى الموستاري رحمه الله (2) الذي حدّث عن سيرته في طلب العلم فقال : (( إنني في السنة السابعة من الطفولة بدأت بتعلم العلم في الوطن الذي مس جلدي ترابه ، و هو استوليتشا المدينة المشهورة في البوسنة ، و لما بلغت أوان الحلم ، حثني تحصيل العلوم
__________
(1) 2 ... الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 21 .
(2) 3 ... تأتي ترجمته لاحقاً إن شاء الله .(3/38)
و المعارف ... على الارتحال إلى مدينة سراي بوسنة (1) ... فأقمت فيها قريباً من ثلاث سنين ، و أخذت من بعض فضلائها نبذاً من علوم العربية كالصرف و النحو و بعد رجوعي إلى الوطن بعثني صدق الهمة في الارتقاء إلى مدارج الكمال ، و فرط الرغبة في أخذ العلم من أفواه الرجال ، على الرحيل إلى البلدة المسماة بالقسطنطينية محط الرجال الأفاضل ، و مجمع أرباب الفضائل ، فركبت لاكتساب الفوائد متن المشاق و الشدائد ... فصادفت فيها رجالاً أفاضل ، و أرباب فضائل ، و حضرت مجالسهم . و منهم ... المولى حسن بن محمد الطرابزوني ... فأخذت عنه العلوم في أربع سنين ، ثم رجعت إلى الوطن ... و اشتغلت بالتدريس و الافتاء ... )) (2) .
ثمّ قال رحمه الله موصياً تلميذه بالرحلة في طلب العلم أيضاً :
((
__________
(1) ... و هي مدينه سراييفو ، حيث كانت تعرف بسراي بوسنة في العهد العثماني .
(2) ... الدكتور عمر ناكيجيفيتش : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنوية ، ص : 5-7 .(3/39)
إن أنفس ما صرفت فيه نفائس الأعمار ، و ركبت في تحصيله البراري و القفار ، و أحسن ما تدور عليه سعادة الدارين العلم الذي يتجلى ... و لتحصيل الأحاديث أسباب عديدة أقدمها العقل السليم من الآفات ، و لكن العقل لما كان قد لا يخلو عن عقال الأوهام ، و لم يقتصر عليه في السمعيات ، سيما في علوم الدين ، بل لا بد من الإسناد إلى الأستاذ حتى يأتيه اليقين ، لأن الإسناد من الدين و قد قيل : (( لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء )) (1) ... و لهذا لم يزل العالمون يركبون على متن مشاق الاغتراب ، و يتحملون المحن في هذا الباب ، للتشرف بهذا الشرف ، و الترقي إلى مراقي تلك الشرف )) (2) .
و شهدت المدارس الإسلامية في أنحاء تركيا و حواضر العالم الإسلامي العلميّة كمكة و المدينة و دمشق و القاهرة و غيرها مئات البوسنويين الذين وفدوا إليها في طلب العلم .
و قد تقدّم في الفصل الأوّل من هذا البحث ذكر ما أثبته ياقوت الحموي في
( معجم البلدان ) من لقائه طائفة من الصقالبة المسلمين الأوائل الذين رحلوا إلى حلب في طلب العلم ، حيث قال : (( وجدت بمدينة حلب طائفة كثيرة يقال لهم الباشغردية ، شقر الشعور و الوجوه جداً ، يتفقهون على مذهب أبي حنيفة ، رضي الله عنه ، فسألتُ رجلاً منهم استعقلته عن بلادهم و حالهم ، فقال أما بلادنا فمن وراء القسطنطينية ، في مملكة أمة من الفرنج ، يقال لهم : الهنكر . ونحن مسلمون رعية لملكهم في طرف من بلاده نحو ثلاثين قرية ، كل واحدة تكاد أن تكون
__________
(1) 3 ... أخرجه من كلام عبد الله بن المبارك رحمه الله مسلم في مقدمة الصحيح 1/15 باب : بيان الإسناد من الدين و رواه الترمذي 5/740 في كتاب العلل الذي في آخر السنن ، و ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل 1/26 و الرامهرمزي في " المحدث الفاصل " (96) .
(2) 4 ... الدكتور عمر ناكيجيفيتش : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنوية ، ص : 5-7 .(3/40)
بليدة ... و نحن نقدم إلى هذه البلاد ، و نتفقه ، فإذا رجعنا إلى بلادنا أكرمنا أهلها و ولونا أمور دينهم . )) (1) .
و بعد سقوط الخلافة العثمانيّة التي كان يؤمّ حاضرتها ( اسطنبول ) طلاّب العلم من كلّ حدب و صوب أوصد الحكام الماديون الذين خلفوا آل عثمان على حكم تركيَّة أبواب جامعاتها و معاهدها أمام من كان يؤمها طلباً للعلم و ملازمة العلماء ، مما جعل البديل الوحيد هو الأزهر الشريف في القاهرة المحروسة ، فقصده من أصقاع الدنيا الطلاب الذين وجدوا في أبوابه المشرعة ، و قاعات جامعته الفسيحة ، ملاذاً لكلِّ طالب علم حريص ، بمن فيهم الكثير من البشانقة ، الذين كانوا إلى جانب إخوانهم ( الذين بدأوا يفدون إلى الأزهر الشريف أصلح الله شأنه لاقتباس العلم من علمائه ... يقطعون البحار و القفار ، و يكابدون المشاق
و يقاسون الشدائد ، و يصبرون على شظف عيش الغربة ، كل ذلك لأجل تعلُّم الدين ، و الاطلاع عليه ، لعل الله ينفعهم و ينفع بهم غيرهم ) (2) .
__________
(1) ... ياقوت الحموي : مُعجم البلدان ) ( : 1 / 469 -– 470 .
(2) ... ، 11 الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 21 ، 22 .(3/41)
و مع تغيُّر الأزهر بين الأمس و اليوم ، أمام زحف دعاة التطوير إلى تصدر مناصبه ، و تبديل مناهجه ، أصيب الكثيرون من طلاَّب العلم بالإحباط و الإهمال في أروقته ، فصاروا ( إذا وردوا إلى الأزهر يتحيَّر عالمهم ، و يبقى في الجهل جاهلهم ، لأنَّ أكثر الدروس تستغرقها أبحاثٌ لا طائل تحتها ، لا تنفع في الدنيا و لا في الأخرى و يهمل فيها ما له منافع جليلة ، و فوائد ثمينة ، و هذا مما يستنكف عنه العاقل ) ، فضلاً عمَّا شاع في أروقة الأزهر بعد ذلك من ( إهمال الغرباء ، و إثقال كواهلهم بالقيود و الشروط ، و الأنظمة المحدثة ، التي تميت الهمم ، و تضيع العمر الثمين ، و تسبب ضياع النفوس ) ، كما يرى الشيخ الخانجي رحمه الله (1) .
و إذا كانت الرحلة في طلب العلم سمةً عامّة لطلاّب العلوم الشرعيّة في الآفاق فيما مضى ، فلا بدّ من التسليم بأن للتواصل بين الطالب و الشيخ وسائل أخرى ظهرت في العصر الحديث ، و حدّت من الرحلات التي يقوم بها الطلاّب إلى حدٍ
بعيد .
فانتشار الكتب بعد ظهور الطباعة ، وانتشار دور التعليم الشرعي النظامي و الخاص ، و ثورة الحاسبات الآلية الآخذة في الانتشار وغيرها من العوامل حدّت من حرص الطلاّب على ركوب المشاق لضبط حديث أو حفظ متن يمكن الرجوع إليه في ثوانٍ عبر الكتب المنشورة أو شبكة المعلومات الإلكترونيّة .
و لعلّ هذا هو السبب في قلّة من يرتحل من البوسنويين اليوم لطلب العلم خارج بلاده ، باستثناء طلبة العلم في الجامعات النظاميّة الذين يتم ابتعاثهم
و إعطاؤهم منحاً دراسيّة مغريةً للدراسة في بعض الدول العربية .
__________
(1) ... الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 21 .(3/42)
... و إقراراً بالواقع أشير هنا إلى أني لقيت بضعة طلاّب بوسنويين يترددون على دمشق الشام في مواسم الصيف ، فيدرسون على بعض علمائها مختلف العلوم الشرعيّة و خاصّة علوم الحديث النبوي التي كانوا يدرسونها على الشيخ عبد القادر الأرناؤوط في منزله ، و يسألونه الإجازة فيما درسوه .
... كما لقيت في مدينة الشارقة بدولة الإمارات العربية المتحدة بضعة طلاّب بوسنويين يطلبون علم الحديث النبوي الشريف و غيره من العلوم على الشيخ علي بن محمد عميش الليببي و غيره في منزل خاصٍ يجمعهم ، إلى جانب دراستهم الجامعيّة في كلّياتٍ مختلفة .
... و خلاصة ما يمكن ذكره حول رحلة أبناء البوسنة في طلب العلم ، أن الرحلة كانت دأب الطلاب الأوائل إلى اسطنبول و غيرها من بلدان العالم الإسلامي و قد تضاءلت كثيراً في العصر الحديث ، و لكنها لا تزال موجودة معروفة ، و لعلّها تأخذ بالازدهار من جديد مع عودة الصحوة الإسلاميّة إلى البوسنة اليوم .
المبحث الثالث
الحرص على الإجازة في علم الحديث
توطئة :
عرف أهل الإجازة لغة فقالوا : هي من الجواز بمعنى الإباحة والإذن (1) .
واصطلاحاً : الإذن في الرواية (2) .
__________
(1) ... انظر توضيح الأفكار بشرح تنقيح الأنظار ، للأمير الصنعاني ( ط1 إحياء التراث العربي 1366هـ 2/309) .
(2) ... فتح الباقي بشرح ألفية العراقي 2/60 .(3/43)
وهي إحدى طرق التحمل عند المحدثين ، لكنها دون القراءة على الشيخ والسماع منه ، وقد ظهرت مع تكاثر نسخ الكتب ، وتزايد عددها على نحو يتعسر معه على طالب العلم سماعها ، أو قراءتها مباشرة على شيوخه ، فجعل العلماء يجيزون الطلاب برواية شيء من كتبهم ، أو مروياتهم ، بعد الاختلاف الشديد عند المتقدين في صحتها ، حيث لم تكن شائعة عندهم ، وإنما كان النقل معتمداً على السماع والقراءة على الشيخ ، قال ابن الصلاح : ( .. لأن الإجازة الخاصة المعينة بلا قراءة شيء عليه مختلف في صحتها اختلافاً قوياً عند القدماء ، وإن كان العمل استقر على اعتبارها عند المتأخرين ، فهي دون السماع بالاتفاق ) (1) .
وصورتها : أن يقول الشيخ للراوي شفاها ، أو كتابة ، أو برسالة : أجزت لك
أن تروي عني الكتاب الفلاني ، أو ما صح لك من مسموعاتي (2) ، من غير أن يسمع ذلك منه أو يقرأه عليه .
وللإجازة أنواع كثيرة ، ذهب الجمهور إلى قبول اثنين منها وهما :
1- إجازة المعيَّن للمعيَّن وصورتها أن يقول الشيخ للراوي : أجزتك البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ، وهذا أعلى أنواع الإجازة المجردة عن المناولة (3) .
2- إجازة المجاز ، وصورتها أن يقول الشيخ للراوي : أجزت لك رواية مجازاتي أو ما أجزت في رواياته (4) .
قال ابن عبد البر (5) (
__________
(1) ... مقدمة ابن الصلاح ، ص : 262 .
(2) ... جامع الأصول 1/81 .
(3) ... مقدمة ابن الصلاح / 262 ، تدريب الراوي 2/29 ، التبصرة والتذكرة 2/60 ، توضيح الأفكار 2/310 ، 317.
(4) ... مقدمة ابن الصلاح / 272 ، فتح الباقي 2/82 ، فتح المغيث 2/88 ، الكفاية ، ص : 349 ، تدريب الراوي 2/42 .
(5) ... ابن عبد البر ، هو : يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر ، أبو عمر ، النمري ، الأندلسي ، القرطبي ، الفقيه المالكي ، حافظ المغرب في زمانه ، عالم بالقراءات و الخلاف و علوم الحديث و الرجال ، صاحب التصانيف الفائقة ، ولد سنة 368هـ / 979م ، و مات 463هـ / 1071م .
... انظر ترجمته في : جذوة المقتبس 367-369 ، ترتيب المدارك 4/808 ، وفيات الأعيان 7/66-72 ، سير أعلام النبلاء 18/153 .(3/44)
تلخيص هذه الباب أن الإجازة لا تجوز إلا لمن هو بالصناعة حاذق بها ، يعرف كيف يتناولها ، و يكون في شيء معين معروف ، لا يشكل إسناده فهذا هو الصحيح من القول في ذلك ) (1) .
اهتمام أهل البوسنة بالإجازات الحديثية
دأب أهل البوسنة كغيرهم من المسلمين في الشرق و الغرب على ملازمة العلماء و الرحلة في طلب العلم في أقطار الدنيا ، و ترتب على ذلك أن يتخرجوا بإجازات علمية ، على غرار ما شاع عند علماء الشرق من الإجازات ، و قد حفظت خزائن المخطوطات في البوسنة بعضاً منها ، و من الإجازات التي لا تزال محفوظة حتى
الآن :
1- إجازة مصطفى بن محمد الموستاري (2) :
صدرت هذه الإجازة في موستار ، ولا يعرف تاريخ صدورها على وجه الدقة ، لأنه غير مثبت على نسختها الموجودة بين أيدينا .
و قد منحها الشيخ مصطفى بن حسين الموستاري (3) لتلميذه الشيخ مصطفى بن محمد الموستاري (4) ،
__________
(1) ... جامع بيان العلم وفضله 2/18 ، وانظر مثل هذا الكلام في : جامع الأصول 1/82 ، ابن الصلاح ص276 فتح الباقي 2/87 ، تدريب الراوي 2/43 .
(2) ... توجد نسخة المخطوط في مكتبة غازي خسروبك بسراييفو تحت عدد (4650 ) في (10) ورقات مكتوبة بخط واضح .
(3) ... الشيخ مصطفى بن حسين بن الحاج الموستاري : من مواليد مدينة آقحصار (ستولاتس) ، وهي مدينة أثرية في الهرسك . أخذ العلم في بلاده ثم طلب العلم في اسطنبول وبعد إتمام دراسته رجع إلى وطنه وأصبح مفتياً لمنطقة موستار [ الباحث ] .
(4) ... لم أقف من ترجمته إلا أنه ولد بمدينة موستار ، وعاش في القرن السابع عشر الميلادي ، وقد بالغ شيخه مصطفى بن حسين الموستاري في الثناء عليه فقال :
" ... لما رغب العلم والعمل طلباً لمرضاة الله تعالى حضر مجلس هذا الأدنى عده من الأعوام و أخذ بعضاً من العلوم النقلية والعقلية ثم هاجر وطنه إلى قسطنطينية المحمية ، و جد كل الجد ودار دور الفحول ، و دق أبوابهم و صار عبدا لهم إلى الوطن ، و حضر بمجلس الفقير أيضاً ، و أخذ مني علوماً من الأصول و الفروع و البلاغة و غيرها من العقلية و النقلية ، فآنست منه الرشد الرشيد ، أفاض الله عليه المزيد .(3/45)
و استهلها بحمد الله تعالى و الثناء عليه بما هو أهله ، و الصلاة والسلام على نبيه الكريم - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر آيات في الحث على طلب العلم و بيان مكانة العلماء ، وعقبها بعدد من نصوص السنة النبوية منها :
عن أبي الدرداء (1) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة ، و إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع ، و إن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض ، حتى الحيتان في الماء ، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب ، وإن العلماء ورثة الأنبياء ، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ، و لكن ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ
وافر )) (2) .
__________
(1) ... أبو الدرداء ، هو : عويمر بن زيد ، و قيل : ابن قيس ، الأنصاري ، الخزرجي ، الإمام القدوة ، قاضي دمشق وسيد القراء فيها ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، حكيم هذه الأمة ، وهو ممن جمع القرآن في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ومعدود فيمن تلا عليه ، مات سنة 32هـ / 653م .
(2) ... حسن :
... أخرجه أبو داود (3641) في العلم ، باب : الحدث على طلب العلم ، و ابن ماجة (223) في المقدمة ، باب: فضل العلماء و الحث على طلب العلم ، و الدرامي (342) ، و البزار (1/رقم 136 – زوائد) و غيرهم من طرق عن عبد الله بن داود الخريبي ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن دواد بن جميل ، عن كثير بن قيس به .
... و تابع عبد الله بن داود : إسماعيل بن عياش عند أ؛مد 5/196 ، و الخطيب في " الرحلة " (5) ، و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " (171) .
... و اختلف على عاصم بن رجاء في إسناده هذا الحديث على و جوه أخر ، هذا أصحها ، كما قال الترمذي في " السنن " (2682) و نقله عن شيخه البخاري ، و صوبه أيضاً ابن عبد البر في " الجامع " (1/162) .
و مدار هذا الطريق على داود بن جميل ، عن كثير بن قيس ، وهما مجهولان .
وقال الدار قطني في " العلل " 6/2187 : " و عاصم بن رجاء ومن فوقه إلى أبي الدرداء ضعفاء ، ولا
يثبت " .
و قال البزار 2/211 : " لا نعلمه يروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه ، و إسناده صالح ، داود بن جميل وكثير بن قيس لا نعلمهما معروفين في غير هذا الحديث " .
... و قال الحافظ في " الفتح " 1/193 : " حسنه حمزه الكناني ، و ضعفه بعضهم باضطراب في سنده ، لكن له شواهد يتقوى بها " .
? ... قلت : و له متابعات أيضاً منها ما أخرجه أبو دواد (3642) عن محمد بن الوزير الدمشقي : حدثنا الوليد ، قال : لقيت شبيب بن شيبة فحدثني به عن عثمان بن أبي سودة ، عن أبي الدرداء مرفوعاً بمعناه .
قال في " التهذيب " بعد أن ذكر هذه الرواية : " وقال عمرو بن عثمان : عن الوليد ، عن شعيب بن رزيق عن عثمان ، وهو أشبه الصواب " .
و شعيب قال عنه في " التقريب " : " صدوق يخطئ " .
و للحديث طريق آخر عن أبي الدرداء :
أخرجه الخطيب في " تاريخه " ( 1/398 ) من طريق ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن عطاء الخرساني قال : قال أبو الدرداء – فكذره مرفوعاً .
و رجاله ثقات إلا أنه منقطع فعطاء لم يسمع من أبي الدرداء . =
= ( ... وللحديث شواهد كثيرة يتوقى بها كما قال ابن حجر ، منه : حديث أبي هريرة مرفوعاً : " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " أخرجه مسلم (2699) ، و أبو داود
(3643) ، و الترمذي (2945 و 2646 ) .
و حديث صفوان بن عال مرفوعاً : " إن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب " أخرجه أحمد (4/239 و 240) ، و النسائي 1/98 ، و الترمذي (3535 و 3536) و غيرهم بإسناد حسن .(3/46)
ثم ذكر أقوال بعض السلف في بيان أهمية الأسانيد ، والحث على العناية بها في الرواية كقول عبد الله بن المبارك (1) رحمه الله : (( الإسناد من الدين ، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء )) (2) .
ثم ذكر سلسلة مشائخه الذين أخذ عنهم العلم ، وحصل منهم على الإجازة (3) ، و عقب على ذلك بأنه يجيز تلميذه حامل هذه الإجازة بكل ما سمعه منه ، و ما هو مجاز به من العلوم العقلية و النقلية .
ثم توجه إلى تلميذه المجاز بجملة من الوصايا قال فيها :
( أعلم أن العلوم كلها ليست بمقاصد في ذاتها ، بل تقصد للعمل بها ، والعبادة لله تعالى التي هي الحكمة الكبرى ، والغاية القصوى من تخمير طين آدم عليه
السلام (4) .
__________
(1) ... عبد الله بن المبارك : أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم ، التركي ، ثم المروزي ، مولده سنة 118هـ/736م الإمام ، شيخ الإسلام ، عالم زمانه ، وأمير المتقين في وقته ، الحافظ ، الغازي ، صنف التصانيف النافعة الكثيرة مات سنة 181هـ/797م .
انظر ترجمته في : حلية الأولياء 8/162 ، تاريخ بغداد 10/152 ، وفيات الأعيان 3/32 ، سير أعلام النبلاء 8/378 ، تهذيب التهذيب 5/382 .
(2) ... صحيح : تقدم تخريجه .
(3) ... سنأتي على ذكر هذه السلسلة في المبحث التالي إن شاء الله .
(4) ... التخمير : أي الترك . قال ابن الأعرابي : سميت الخمر خمراً لأنها تركت .
... انظر : مختار الصحاح مادة ( خ م ر ) .
يشير إلى ما روي من تركه سبحانه وتعالى تراب آدم ، وطينه قبل أن ينفخ فيه الروح مدة . =
= ... قال البيضاوي – كما في فيض القدير 5/379 - : " الأخبار متظاهرة على أن الله تعالى خلق آدم من تراب قبضه من وجه الأرض ، وخمره حتى صار طيناً ، ثم تركه حتى صار صلصالاً .. " .
قلت : منها ما رواه مسلم في صحيحه (2611) في كتاب البر والصلة ، باب : خلق الإنسان خلقاً لا يتمالك من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لما صور آدم في الجنة تركه ما شاء الله أن يتركه ، فجعل إبليس يطيف به ، ينظر ما هو ، فلما رآه أجوف ، عرف أنه خلق خلقاً لا يتمالك " .
وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " (6/364) : " .. ومما لم يذكره – يعني : البخاري – ما رواه الترمذي والنسائي ، والبزار ، و صححه ابن حبان من طريق سعيد المقبري وغيره ، عن أبي هريرة مرفوعاً : إن الله خلق آدم من تراب ، فجعله طيناً ، ثم تركه ، حتى إذا كان حمأ مسنوناً خلقه و صوره ثم تركه ، حتى إذا كان صلصالاً كالفخار كان إبليس يمر به ، فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ، ثم نفخ الله فيه من
روحه ... "(3/47)
فمن لم تكن علومه موصلة إلى تلك النتيجة يكون سعيه عبثاً وكده ضلالا
.. فأوصي نفسي وإياكم أن تقوا الله .. فإنها رأس كل شيء .. ) (1) .
( و الزم التوقي عن الشبهات في الأكل واللبس والكسنى ، وتطهير القلب عما سوى الله تعالى ، وإنارته بالاستغراق في ذكر الله .. ) (2) .
( و لا تجعل نفسك منكوسة في مهاوي الرجس والزور بحب كل خطيئة ، و اطلب الفرج في خدمة مولاك ، و لا تطلب الدنيا من أهلها ، و إلا فلن تحصل شيئاً من الدنيا ولن تنفك عن الافتقار إلى كل أحد ، والذل في مدة عمرك ، و توكل على بارئك في الدنيا مستغنيا عما سواه فيعزك ) (3) .
( و خالف نفسك في السعي لحطام الدنيا ، باكتساب ما يؤنسك في قبرك ، ويوصلك إلى رفقة المنعم عليهم ، مخالفاً لجمهور من تبع هواه من أهل الدنيا . و احذر الصحبة معهم ، و اياك وميولاتهم إلى الزخارف والزهور ) (4) .
( و كن مع الخالق على حسن معاشرة ، بالمرحمة و الحلم والتودد والشفقة ، ولتكن صحبتك مع الصلحاء ، سيما فقراءهم ، والزم التأدب بآدابهم ، و الانجذاب من حالاتهم ، و توفير قربهم ، و تكثير قضاء حاجاتهم ) (5) .
( و اجتهد على الوظائف العلمية نشراً وتدريساً مقدماً إياها على جميع المهمات و مرجحاً لها على كل الحاجات ، بأن تدوم بالسعي على درسك ، و تجعله أعظم همك . و تجعل درسك مانعاً عن كل شيء من أمور الدنيا ، ولا تجعل أمراً من أمور الدنيا مانعاً منه ) (6) .
__________
(1) ... ص : 6 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(2) ... ص : 7 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(3) ... ص : 8 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(4) ... ص : 8 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(5) ... ص : 9 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(6) ... ص : 9 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .(3/48)
2- إجازة الشيخ مصطفى بن محمد الآقحصاري (1) :
صدرت هذه الإجازة بمصر سنة 1133هـ / 1720م من الشيخ مصطفى الأرزني الرومي ثم الأسكداري من علماء مصر لتلميذه الشيخ مصطفى بن محمد الآقحصاري النوابادي .
وقد استهلها المجيز رحمه الله – كما هو المعتاد – بحمد الله والصلاة والسلام على رسوله ، ثم انتقل مباشرة إلى التذكير بفضل علم الحديث ، فقال :
( إن أولى ما صرفت إليه أعنة العزائم ، وظلت على وروده عقبات الهمم حوائم و ركبت في طلبه الأخطار ، و أنفقت في تحصيله الأعمار ؛ علم حديث سيد المرسلين وصفوة رب العالمين ، إذ به عرفت حقائق التنزيل وأنواره ، وكشفت دقائق التأويل وأسراره ، فتوصل إلى فهم كتاب الله المبين . و منه استخرجت معاقد قواعد الدين ، و قواعد عقائد المسلمين ، و جليت أخبار الأولين و الآخرين وتليت آثار العلماء والصالحين .
و قد تخيّر الله تعالى من كلّ خلف عدوله لحمله ، و اصطفاهم و اختارهم لنقده و نقله ، فميّزوا منه الصحيح و السقيم ، و صانوه عن قول كل أفّاك أثيم ، و حفظوه من التبديل و التحريف ، و عرّفوا ما ينكر من مشكله أوضح التعريف ، و تصرّفوا في أنواع بيانه أحسن التصريف ، حتى استبان الصحيح و الحسن و المنكر و الضعيف و هم القائمون بخصّيصة الأمّة من علم الإسناد ، الذي لم يشاركها فيها أحد من الأمم على تكرّر الآباد (2) ، و هم أركان الشّريعة الزاهرة الذين لا يزالون على الحقّ ظاهرين ، و لمن عاداهم أو ناوأهم قاهرين ، مستمرّين على ذلك إلى المعاد ... )) (3) .
__________
(1) ... توجد نسخة خطية من هذه الإجازة تقع في أربع أوراق ضمن مجموعة بمكتبة الغازي خسرو بيك بسارييفو تحت رقم (551) . وقد تقدمت ترجمة الشيخ مصطفى .
(2) 1 ... الآباد : جمع أبد ، وهو : الدهر .
(3) 2 ... الصفحتان الأولى و الثانية من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .(3/49)
ثمّ ذكر التلميذ المُجاز فأثنى عليه و بيّن ما أجازه فيه فقال : (( سمع منّي مولانا الكامل العالم العامل الفاضل الأنبل الجامع للمنقول و المعقول و الأصول و الفروع كليّاً و جزئياً مصطفى بن محمد البوسنوي الآقحصاري النوآبادي الحديث المسلسل بالأوّلية ، ثم التمس منّي أن أجيزه بذلك وبغيره .
و قد قرأ عليّ بعضا من العلوم الآلية ، و الفنون الكمالية ، و تفسير القرآن الكريم فاستخرت الله سبحانه وتعالى و أجزته بذلك و بغيره كالبخاري و مسلم و بقية الكتب الستة ، و بما يجوز لي و عنّي روايته من مقروءٍ و مسموعٍ و مُجازٍ إجازةً خاصّةً أو عامّة ، و من معقول و منقول من فروعٍ و أصولٍ ، و من مناولةٍ و مراسلةٍ و بسائر كتب القراءات ، و التفسير ، و الحديث ، و من كلامٍ و نحوٍ و تصريفٍ و معانٍ و بيانٍ و بديعٍ ممّا أخذته و دريته أو وجدته أو رويته . كلّ ذلك مع مراعاة شرطه المعتبر عند أهله )) (1) .
3- إجازة محمد الموستاري (2) :
صدرت هذه الإجازة في التاسع عشر من ربيع الآخر سنة 1294هـ/1877م من الشيخ محمد أمين بن عثمان بن أحمد الباطومي لتلميذه الشيخ محمد فاضل بن الحاج أحمد بن نوح الموستاري (3) .
و سيراً على المعتاد بدأ الشيخ محمدّ أمين الباطومي إجازته بحمد الله و الصلاة و السلام على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم التعريف بتلميذه المجاز ، بين يدي النصائح التالية التي أسداها إليه :
((
__________
(1) 3 ... الصفحة الثانية من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(2) 1 ... توجد نسخة من هذه الإجازة في أحد عشر ورقة محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
(4679) و هي ممهورة بخاتم الشيخ محمد أمين الباطومي .
(3) 2 ... أحد علماء مدينة موستار في نهاية القرن الثالث عشر وفي بداية القرن الرابع عشر الهجري [ الباحث ] .(3/50)
أوصي نفسي وإيّاك وسائر الإخوان بما وصّى به الله تعالى عامّة أنبيائه ، و كافّة أوليائه ، و النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و خُلّص إخوانه ، و أعزّة أصحابه من تقوى الله تعالى في السرّ والعلن ، فإنّه رأس كلّ شيء ،ٍ و مال كلّ بضاعة . و مراتبها المتفاوتة معلومة فعليك بأعلاها ، و بأن تلازم الاشتغال بالعلم و نشره ، و لا سيّما العلوم
الشرعية ، فإنّها مفتاح السعادة الأبدية و التجنّب عن ما لا يعنيك .
و لا تضع ذرّة من وقتك بصرفه في ما لا يعنيك ، و إلاّ طالت حسرتك يوم
القيامة ، و لازم التّوقّي عن الشبهات في الأكل و اللبس و السكنى ، و تطهير القلب عمّا سوى الله تعالى ، و ذلك يسهل بالخلوة و الرّياضة ، و ترك صحبة الخلق ، و الاشتغال بتهذيب الأخلاق ، و فرط التجانب عن أسباب الشهرة ، فإنّ الشهرة آفة...
و لا تضع وقتك العزيز بالصرف إلى الميولات الفاسدة و الأهواء الشيطانية ، و لا تجعل نفسك منكوسة في مهاوي هذا الرّجس و الزور بحبّ رأس كل خطيئة ، واطلب العزّ في خدمة مولاك ، و لا تطلب الدنيا و أهلها و إلاّ فلا تحصل شيئا من الدنيا بل لا تنفعك عن الافتقار إلى كلّ أحد ، والذلّ في مدّ عمرك ، و توكّل على بارئك في أمر دنياك مستغنيا عمّا سواه فيعزّك ويجعل كلّ عباده عبيدك ...
و اعلم أنّ الحكمة الكبرى و الغاية القصوى من تخمير طين آدم عليه مقصورة على العبادة و الاتّفاق على أنّ أفضلها في الفضائل هو تلاوة القرآن ، و لا سيّما في الصّلاة خصوصا في التهجّد ، و الأفضل من القرآن ما يتعلّق بذكره تعالى لأنّه على قدر مذكوره تعالى ، و اجتهد كل اجتهادٍ على دوام عبوديّته ... كي تصل إلى لقاء الله عزّ وجلّ ، وهو أعلى المقاصد وأسنى المآرب )) (1) .
__________
(1) 1 ... ص : 8 - 10 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .(3/51)
4 - إجازة إبراهيم زهني الحبيبي (1) :
صدرت هذه الإجازة في السادس عشر من شهر شعبان سنة 1303هـ /
1883م ، و قد منحها الشيخ حسن السرايلي (2) لتلميذه الشيخ إبراهيم زهني بن صالح الحبيبي الكونيجاوي ( نسبة إلى بلدة كونيتس الواقعة في إقليم الهرسك ) .
... و فيها بعد التصدير بالبسملة و حمد الله تعالى ثناءٌ على التلميذ المجاز ، ثمّ ذكر المشائخ الذين تتلمذ عليهم الشيخ السرايلي و مشائخهم ، و ختمها بقوله : (( أرجو من هذا الفاضل أن لا ينساني في مواطن الإجابة من دعائه الخالص ، ربّنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا ، و هب لنا من لدنك رحمة إنّك أنت الوهّاب ، ربّنا اغفر لنا ولوالدينا وللمؤمنين والمؤمنات يوم يقوم الحساب ... و الحمد لله تعالى بعزّته
و كرمه )) (3) .
5- إجازتا الشيخ محمد خانجيتش (4) :
بعد أن أتم الشيخ محمد الخانجي دراسته في الأزهر توجّه بصحبة والده إلى المشاعر المقدّسة لأداء فريضة الحج سنة 1349هـ/1930م ، و قد حصل إضافةً إلى الشهادة الجامعيّة على إجازتين من شيخين جليلين نال شرف التتلمذ على أيديهما في مختلف العلوم ، و هما :
__________
(1) 2 ... توجد نسخة خطيّة من هذه الإجازة تقع في خمس وراق ، محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم (2862) .
(2) 3 ... هو الشيخ حسن بن حسني بن أحمد السرايلي ، المشهور بسباهو زاده ، من علماء سراييفو ، و إليها نسبته عاش حتى بداية القرن الرابع عشر / نهاية القرن التاسع الميلادي .
(3) 1 ... ص : 5 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسارييفو .
(4) 2 ... نصّ هاتين الاجازتين بخط الشيخ محمد الخانجي ضمن كتابه ( الحاوي للإجازات و الفتاوي ) المحفوظ في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (2650) .(3/52)
- الشيخ عبد الله بن علي بن يابس آل يابس (1) .
- و الشيخ أحمد بن محمد بن عبد العزيز الطهطاوي الحسيني القاسمي الحنفي المصري المعروف بالشيخ رافع (2) .
و قد أتيح لي الاطّلاع على إجازة الشيخ عبد الله بن علي بن يابس آل يابس للخانجي ، و هي مكتوبةٌ بخطّ نسخي جميل ، و تقع في خمس أوراق أوّلها حمد الله تعالى و الثناء عليه ، و الصلاة و السلام على رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم - ثمّ ذكر إسناد الحديث المسلسل بالأوّليّة من الشيخ عبد الله إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) .
__________
(1) 3 ... ابن يابس : فقيه حنبلي ، من أهل القويعية في منطقة نجد ، درس على الشيخ محمد عبد الرحمن بن عبد الرحيم المباركفوري ، صاحب تحفة الأحوذي بشرح جامع
الترمذي .أقام في مصر نحو أربعين سنة ، ثم عاد إلى الرياض ، و فيها كانت وفاته سنة1389هـ/1969م ، و له عددٌ من المؤلّفات .
... انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي :4/108 ، المستدرك على معجم المؤلفين لعمر رضا كحالة ، ص :
425 ..
(2) 4 ... الطهطاوي : فقيه حنفي ، ولد في طهطا بمصر ، و نشأ بها و نسب إليها . درس في الجامع الأزهر اثنتي عشرة سنة ، تصدّر بعدها للتدريس فيه من سنة 1299هـ / 1882 م ،
/1883م إلى أن توفّي بالقاهرة سنة 1355هـ/1936م .
له تصانيف كثيرة منها : المسعى الحميد في بيان و تحرير المسانيد ( أو إرشاد المستفيد إلى بيان و تحرير الألسانيد ) في مجلّدين كبيرين ، و التنبيه و الإيقاظ لما في ذيول تذكرة الحفّاظ للذهبي .
انظر ترجمته في : اسماعيل باشا البغدادي : إيضاح المكنون : 1/196 و : الأعلام الزّركلي : 1/124-125 . و : معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 2/119-120 .
(3) 1 ... سيأتي عرض هذا الإسناد ، في المبحث= التالي إن شاء الله ، أما تخريج الحديث فسيأتي قريبا له .(3/53)
ثم ذكر الشيخ عبد الله آل يابس رحمه الله ما أجازه شيخه المباركفوري بروايته عنه فقال : (( أجازني بعد القراءة عليه جميع صحيح البخاري ، و صحيح مسلم ،
و جميع موطّأ الإمام مالك ، و كتاب بلوغ المرام ، و كتاب المنتقى إلى باب الجهاد و أطرافاً من السنن الأربعة ، و سنن الدارمي ، و الدارقطني ، و مقدّمة ابن الصلاح و ألفيّة ابن مالك في النحو ، و أجازني بجميع هذه الكتب المذكورة ، قائلاً : قد أجزت الشيخ عبد الله بن علي آل يابس من بني زيد أن يروي عنّي هذه الكتب و غيرها من كتب الحديث و أصوله و التفسير ، و أن يشتغل بإقرائها و تدريسها فإنّه أهلها بالشروط المعتبرة عند أهل الحديث )) (1) .
ثم ذكر اثنين من شيوخ العلامة محمد بن عبد الرحمن المباركفوري (2) الذين درس عليهم وأجيز من قبلهم و هما : الشيخ محمد نذير حسين الدهلوي (3) ، و الشيخ حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي (4) رحمهما الله و الكتب التي درسها على كل منهما ، وما أجازه فيه .
__________
(1) 2 ... ص : 23 من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(2) 3 ... المباركفوري ، هو : أبو العلي ، محمد عبد الرحمن ، عالم مشارك في أنواع العلوم .
... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 5/166 .
(3) 4 ... محمد نذير الدهلوي : كان حياً قبل سنة 1311هـ / 1893م ، فاضل من أهل الهند ، له رفع الالتباس عن بعض الناس .
... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 12/75 .
(4) 5 حسين بن محسن الأنصاري : يمني ، فقيه ، توفي بهوبال سنة 1327هـ / 1909م .
... انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 4/43 .(3/54)
وختم ذكر مشائخه بقول الشيخ المباركفوري : (( قد أجزت الشيخ عبد الله بن علي آل يابس أن يروي عني جميع ما حواه إتحاف الأكابر من الكتب الحديثية وغيرها كما أجازتي برواية جميع ما فيه شيخنا العلامة حسين بن محسن الأنصاري الخزرجي اليماني رحمه الله )) وأتبعه بالقول : (( قلت : قد أجزت الشيخ محمد بن محمد الخانجي المذكور بما أجازتي به شيخنا العلامة محمد عبد الرحمن بن الحافظ عبد الرحيم المباركفوري بأسانيده المذكورة )) (1) .
وختم الإجازة بقوله : (( أوصي المجاز المذكور بتقوى الله تعالى ، و اتباع السنة النبوية ، و أن يقدمها على قول كل قائل ، و بالسمت الصالح و الأفعال الحسنة و أسأل الله أن يجعله من أئمة العلم الرافعين لواءه ، الداعين إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، إنه على ما يشاء قدير و بالإجابة جدير ، وحسبنا الله ونعم الوكيل وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ) (2) .
أما إجازة الشيخ الطهطاوي للخنجي فلم أقف عليها بعد ، وأرجو أن أوفق لذلك عن قريب .
كلمة أخيرة حول إجازات علماء البوسنة والهرسك :
إن الإجازات الخمس التي أشرت إليها في الصفحات السابقة قليل من كثير وما اختياري لها إلا بقصد التمثيل والتدليل على اهتمام البشانقة بالإجازات العلمية .
وكما هو شائع فإن إجازات المتأخرين عموماً والأعاجم خصوصاً لا تخلوا من أمورٍ تؤخذ عليها وعلى مانحيها ، ومن هذه الأمور :
__________
(1) ... ص : 27 من نسخة الإجازة المحفوظة في كتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(2) ... الصفحة الأخيرة من نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .(3/55)
- الإطراء المفرط للمجاز ، وكيل المدائح له إلى حدٍ قد يصوره أجل وأفضل حتى من شيخه المجيز ، كقول الشيخ مصطفى الأرزني في وصف تلميذه مصطفى الآقحصاري : (( مولانا الكامل العالم الفاضل الأنبل الجامع للمنقول والمعقول والأصول والفروع كلياً وجزئياً مصطفى بن محمد الآقحصاري )) (1) .
- ضعف العبارة وركاكة الأسلوب وكثرة التكلف في بناء التراكيب اللغوية وسجعها كما هي حال كثيرٍ من المستعربين .
- إطلاق الإجازة من الضوابط التي وصفها العلماء لها ، وإيقاعها على كم هائل من المصنفات والفنون كقول الشيخ مصطفى الأرزني في إجازته لمصطفى الآقحصاري : (( أجزته بذلك – يريد ما قرأه عليه – وبغيره كالبخاري ومسلم وبقية الكتب الستة ، وبما يجوز لي وعني روايته من مقروء ومسموع ومجاز إجازة خاصة أو عامة ، ومن معقول ومنقول من فروع وأصول ، ومن مناولة ومراسلة ، وبسائر كتب القراءات ، والتفسير ، والحديث ، ومن كلام ، ونحو ، وتصريف ، ومعان ، وبيان وبديع مما أخذته ودريته أو وجدته أو رويته )) (2) فهل بقي شيء من العلوم يسعى المجاز في طلبه بعد هذا ؟.
وحيث أن المراد هنا هو مجرد تقرير عناية أهل البوسنة بتحصيل الإجازات العلمية كمنهج في الطلب بغض النظر عما تحويه من حسنات أو هفوات ففي ذكر الأمثلة المتقدمة تحقيق المراد ، وبالله التوفيق .
المبحث الثاني
اهتمام علماء البوسنة بالإسناد
تظهر عناية علماء البوسنة بالأسانيد ، و حرصهم عليها عند التحمّل و الأداء من الإجازات التي حملوها ، و التي تقدّم عرض بعضها في المبحث السابق .
__________
(1) ... انظر : الصفحة الثانية من نسخة الإجازة المذكورة والمحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
(2) ... انظر : الصفحة الثانية من نسخة الإجازة المذكورة والمحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .(3/56)
و قد جاء التأكيد على أهمية معرفة الأسانيد و دراستها لطالب علم الحديث على و جه الخصوص على لسان الشيخ مصطفى بن حسين بن الحاج مصطفى الموستاري في إجازته لتلميذه الشيخ مصطفى بن محمد الموستاري ، حيث قال : لا بد منه - أي من الإسناد - في علوم الدين ) ، ثم استشهد على أهميته بقول عبد الله بن المبارك (1) رحمه الله : ( الإسناد من الدين ، و لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء ) (2) ، و قول سفيان الثوري (3) رحمه الله : ( الإسناد سلاح المؤمن ) (4) ، و قول بقية بن الوليد (5)
__________
(1) ... تقدمت ترجمته .
(2) ... أثر صحيح : تقدم تخريجه .
(3) ... سفيان الثوري ، هو : ابن سعيد بن مسروق بن حبيب ، أبو عبد الله ، الكوفي ، الفقيه المجتهد ، شيخ الإسلام إمام الحفاظ ، سيد العلماء العاملين في زمانه ، ولد سنة 97 هـ / 716 م ، و مات بالبصرة سنة 161 هـ / 778 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 6 / 371 ، المعارف لابن قتيبة 497 ـ 498 ، الجرح و التعديل 1 / 55 ـ 126 ، حلية الأولياء 6 / 356 حتى 7 / 144 ، سير أعلام النبلاء 7 / 229 .
(4) 4 ... إسناده لا يصح :
... أخرجه ابن حبان في " المجروحين " (1/27) ، والحاكم في " المدخل " ، ص : 29 ، والخطيب في " شرف أصحاب الحديث " (81) من طريق : الحسين بن الفرج ، عن عبد الصمد بن حسان المروزي ، عن الثوري به.
و فيه : الحسين بن الفرج ، كذبه ابن معين ، وضعفه غيره . انظر : لسان الميزان 3/رقم 2821 .
و تابع الحسين : ابنه صالح ، عند الهروي في " ذم الكلام " (891) ، والسمعاني في أدب الإملاء " ، ص :
8 . و صالح بن الحسين : لم أقف له على ترجمة .
(5) ... بقية بن الوليد ، هو : ابن صائد بن كعب ، أبو يحمد ، الحميري ، الحمصي ، الحافظ ، العالم ، محدث حمص أحد المشاهير الأعلام ، ولد سنة 110 هـ / 728 م ، و مات سنة 197 هـ / 812 م . =
= ... انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 7 / 123 ، سير أعلام النبلاء 8 / 518 ، ميزان الاعتدال 1 / 154 ، تهذيب التهذيب 1 / 473 .(3/57)
رحمه الله : ( ذاكرت حماد بن زيد أحاديث فقال : ما أجودها لو كان لها أجنحة ، يريد أسانيد ) (1) .
و قد عرف عن عدد من علماء البوسنة تلقي الحديث مسنداً إلى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - و رواية كتب الحديث بأسانيدها المتلقاة عن الشيوخ ، و من أمثلة ذلك :
الشيخ مصطفى بن محمد البوسنوي الآقحصاري ، الذي أجازه الشيخ مصطفى الأرزني الرومي الأسكداري برواية حديث مسلسل ، إضافة إلى الصحيحين بإسنادهما عنه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و فيما يلي بيان تلك الأسانيد (2) :
أوّلاً : إسناد حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما المسلسل
بالأوَّلية (3) ،
__________
(1) 1 ... أثر صحيح :
أخرجه العقلي في " الضعفاء " 1/162 ، والخطيب في " تاريخ بغداد " 7/124 من طريق أحمد بن علي الأبار : حدثنا أحمد بن مصعب ، حدثنا الفضل بن موسى ، قال : قال بقية بن الوليد فذكره .
و رجاله ثقات كلهم . و أحمد بن مصعب ، هو : أبو عبد الرحمن المروزي ، و ثقة ابن حبان 8/37 .
(2) 2 ... ذكر هذه الأسانيد الثلاثة في الإجازة المذكورة ، و هي محفوظة ضمن مجموع في خزانة محفوظات مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم (551) ، و تقع في خمسة أوراق (112-116) ، مكتوبة بخط تعليقي سيئٍو لا يعرف اسم ناسخها و لا مكان نسخها .
(3) 3 ... الحديث المسلسل ، هو : ما تتابع رجال إسناده عند روايته على صفة أو حالة إما في الراوي أو في الرواية . و صفة الراوي إما قول أو فعل ذلك ، كمسلسل القسم بالله ، و كمسلسل التشبيك باليد . انظر : تدريب الراوي 2 / 187 ، المنهل الراوي ص 57 .
و قد عرف هذا الحديث بالحديث المسلسل بالأوَّلية لأنَّ كل واحدٍ من رجال إسناده كان يقول عند
روايته : ( و هو أوَّل حديثٍ سمعته من شيخي ) و ذلك حتى سفيان بن عيينة . و ما بعد سفيان حتى النبي صلى الله عليه و سلم ليس بمسلسل . وفي هذا الحديث يقول الشيخ حماد الأنصاري ـ رحمه الله ـ ( مقدمة المجلس الأول من أمالي ابن ناصر الدين ، ص : 51 ) عن بعضهم :
سمعنا حديثا مسندا و مسلسلا بأول مسموع لنا قد تسلسلا
و صحح من سفيان دون تسلسل إلى خير مبعوث من الناس مرسلا(3/58)
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك و تعالى
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) (1) .
__________
(1) 1 ... صحيح :
... أخرجه أبو داود (4149) في الأدب ، باب : في الرحمة ، و الترمذي (1924) في البر ، باب : ما جاء في رحمة الناس . و أحمد 2/160 ، و الحميدي 2/269-270 ، و الحاكم 4/159 من طريق سفيان بن عينية، عن عمرو بن دينار ، عن أبي قابوس ، قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص به .
و فيه أبو قابوس قال فيه الحافظ ابن حجر : " مقبول " أي عند المتابعة ، و قد توبع : تابعه حبان بن زيد الشرعبي عند البخاري في " الأدب المفرد " (380) ، و أحمد 2/165 و 219 .
و تابعه أيضاًً : عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده . عند ابن أبي الدنيا في " الزهد " .
و الحديث : صححه الترمذي ، و الحاكم ، و العراقي ، و ابن ناصر الدين في " المجلس الأول من أماليه "
ص : 26 ، وقال : " و للحديث شاهد من حديث أبي بكر ، و عمر ، و علي ، و عبد الرحمن بن عوف ، و عبد الله بن مسعود ، و جرير بن عبد الله ، و آخرون رضي الله عنهم " . قال السخاوي في " المقاصد " ،
ص : 48 معقباً على من صححه : " كل ذلك باعتبار ماله من المتابعات و الشواهد " .(3/59)
يقول الشيخ الأرزني رحمه الله : حدثني به الشيخ محمد الدباغي ، عن الشيخ أبي الضياء و النور الشيخ علي الشبراملستي ، عن الشيخ إبراهيم اللقاني ، و الشيخ المسند المعمر أحمد بن خليل السبكي ، عن الشيخ أبي النجا سالم السنهوري ، عن النجم الغيطي ، عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، عن الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ، عن الحافظ الكبير الزين عبد الرحيم العراقي ، عن الصدر أبي الفتح محمد الميدومي ، عن النجيب أبي الفرج عبد اللطيف بن المنع الحراني ، عن الحافظ أبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي ، عن أبي سعيد إسماعيل بن أبي صالح أحمد بن عبد الملك النيسابوري ، عن أبيه ، عن أبي طاهر محمد بن محمد الزيادي ، عن أبي حامد أحمد بن محمد البزار ، عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم النيسابوري ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : فذكره .
ثانياً : إسناد صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري :(3/60)
يقول الشيخ الأرزني رحمه الله : أما صحيح البخاري فقد اتصل سندي به عن طرق أشهرها عن الشيخ محمد السيواسي ، عن الشيخ أبي الضياء و النور الشيخ علي الشبرملستي ، عن أبي الأمراء الشيخ إبراهيم اللقاني ، و الشيخ الآخر طيب النشر حرز الأماني عبد الرحمن اليماني، بروايتهما معاً عن أبي النجا الشيخ سالم السنهوري بقراءته لجميع البخاري على الإمام العلامة الفقير ، رحلة المحدثين محمد نجم الدين الغيطي ، عن شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ، عن حافظ العصر أبي الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ، عن العفيف أبي محمد عبد الله بن محمد النيسابوري المكي ، عن إمام المقام المرضي أبي أحمد إبراهيم بن أحمد الطبراني ، عن الزكي أبي عاصم عبد الرحمن بن حزامي المكي ، عن أبي الحسن علي بن حميد الطرابلسي ، عن أبي مكتوم عيسى بن الحافظ أبي ذر الهروي ، عن أبيه ، عن مشائخه الثلاثة : أبي عبد الله محمد السرخسي ، و أبي الهيثم محمد الكشمهيني ، و أبي إسحاق إبراهيم المستملي ، ثلاثتهم جميعاً عن أبي عبد الله محمد بن يوسف الفربلي ، عن مؤلف الصحيح الإمام الحجة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل الجعفي مولاهم ، البخاري ، برَّد الله مضجعه ، و طيَّب مهجعه .
ثالثاً : إسناد صحيح الإمام مسلم بن الحجاج القشيري رحمه الله :
يقول يقول الشيخ الأرزني رحمه الله : أما صحيح الإمام مسلم ، فعن عن الشيخ علي الشبراملستي ، عن الشيخ اللقاني ، عن الشيخ سالم السنهوري ، عن جلال السيوطي عن شيخ الإسلام علم الدين صالح بن شيخ الإسلام البراني البلقيني ، عن أبي الفضل سليمان بن حمزة المقدسي ، عن أبي الحسين المقتر ، عن الحافظ أبي الفضل السلامي ، عن الحافظ أبي مندة العبدي عن الحافظ أبي بكر الجوزقي ، عن أبي الحسن المكي النيسابوري ، عن مؤلفه الإمام الحجة مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري ، رحمه الله .(3/61)
كما نلحظ العناية بالإسناد في الإجازات الأخرى التي حصل عليها علماء بوسنويّون من خلال ذكر مشائخهم و من أخذوا عنهم العلم ، و الكتب التي قرأوها عليهم ، و أجيزوا بروايتها عنهم و من أمثلة ذلك :
في إجازة الشيخ حسن بن محمد الطبرابزوني للشيخ مصطفى الموستاري رحمه الله برواية عدد من كتب الحديث و غيرها ، جاء ما يلي :
(( ... أخذ الشيخ الطبرابزوني العلوم عن العالم الكامل والنحرير الفاضل السيّد أبي مصطفى محمد ابن السيّد مصطفى العلائي ، وهو آخذ عن شيخه مولانا أبي الصالح السيد الحاج عمر بن صالح التوقادي ، وهو آخذ عن شيخه أبي محمد ابراهيم التوقادي ، وهو آخذ عن شيوخه أبي الفخر خليل القنوي ، وأبي سعيد سليمان الجانكي ، الآخذين عن شيوخهم الكرام ، وأيضا أخذ المولى المذكور عن الفاضل السيّد محمد أمين الخادمي أنعم الله عليه بالنعم الدائمة ، والأستاذ أيضا أخذ العلوم والإجازة من هذا الفاضل .
وهو أخذ عن والده الشيخ السيّد أبي سعيد محمد الخادمي الشهير بمفتي الخادم ، وأيضا أخذ المولى المذكور عن مولانا الحاج حافظ عثمان الاقشهري ، وهو آخذ عن الشيخ عمر الخربوطي وعن الشيخ السيد أبي سعيد الخادمي وعن الشيخ السيد محمد سعيد المدني المجازون من شيوخهم الكرام.(3/62)
والأستاذ روّح الله روحه أيضا أخذ العلوم والإجازة عن الفاضل المحقّق والكامل المدقّق السيّد محمد أمين المعروف بعثمان أفندي زاده ، أحسن الله إليه بالحسنى والزّيادة ، وهو آخذ عن أبيه عثمان ابن مصطفى الزعفراني وعن الشيخ العلاّمة المفتي المشهور إسماعيل بن الشيخ مصطفى بن الشيخ محمود الكليني وعن الشيخ الإمام الهمام محمد بن الشيخ يوسف الأنطاكي المعروف بمفتي زاده أفندي ، والإمام أخذ عن والده وعن شارح صحيح البخاري و مسلم ، المعروف بيوسف أفندي زاده ، إلى أن يصل سندهما إلى أبي حنيفة النعمان بن ثابت وعن السيّد الخادم أحمد بن عبد الرحمن بن عبد الله النوشهري الشهير بجلبي زاده ، الآخذ عن أبيه وعن محمد الفاضل المعروف بساجقلي زاده سندهما الواصل إلى المحقّق السعد التفتزاني ، والإمام آخذ أيضا عن الشيخ المقتدى به صاحب التأليفات المرغوبة السيّد أبي سعيد محمد الخادمي الشهير بمفتي الخادم .(3/63)
وهو أخذ العلوم عن والده النحرير مصطفى الخادمي ، الآخذ عن محمد الطرسوسي عن والده أحمد الطرسوسي عن أحمد بن حيدر الكردي عن محمد شرويني عن أحمد بن المنجلي إلى أن يصل إلى السيّد الشريف الجرجاني ، وأيضا هو آخذ العلوم عن شيخه المدقّق أحمد القازابادي وهو عن محمد التفسيري عن علي الكوركاني عن عبد الجزري عن أحمد بن المنجل عن مراد مجذوم عن جمال الدين محمود الشيرازي عن العلاّمة جلال الدين الدواني عن محمود الكشكشاني عن سيّد المحقّقين الجرجاني عن مبارك شاه الاسفراني عن قطب الدين الرّازي عن الكاتب القزويني عن الإمام فخر الدين الرّازي ، عن الإمام الغزالي عن إمام الحرمين ، عن أبي الطيّب بن محمد سليمان الصعلوكي عن ابراهيم المروزي عن أبي العبّاس أحمد عن أبي القاسم عثمان عن أبي ابراهيم اسماعيل عن أبي عبد الله محمد بن ادريس الشافعي عن محمد بن حسن الشّيباني عن الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي عن حمّاد عن ابراهيم النخعي عن علقمة وأبي عبد الرحمن بن الأسود بن زيد وأبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب والأوّلان عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، والثالث عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه وكرّم الله وجهه وهما عن خاتم النبيّين صلوات الله عليهم أجمعين )) (1) .
و في إجازة الشيخ حسن حسني بن أحمد السرايلي المشهور بسباهو زاده للشيخ إبراهيم زهني بن صالح الحبيبي الكونيجاوي البوسنوي رحمه الله ، برواية عدد من كتب الحديث و غيرها مما تجوز له روايته ، مما أخذه عن الشيخ الفاضل عمر خلوصي قال الشيخ سباهو زادة :
((
__________
(1) نسخة الإجازة المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك ، ص : 2 .(3/64)
كان ذلك الفاضل -يعني عمر خلوصي- مجازا من العالم المحقّق والفاضل الكامل المدقّق شيخ الإسلام ومفتي الأنام السيد خليل بن خليل الآماسياوي ، رحمه الله ، وكان السيد خليل بن خليل مجازا من العالم المحقّق والفاضل الكامل المدقّق ، فريد دهره ووحيد عصره ، السيد مصطفى بن عمر الوديني، رحمه الله الملك الباري وجعل مسكنه في الجنّة العالي .
وكان ذلك الفاضل مجازا من قدوة العلماء وبرهان الفضلاء علاّمة عصره وفهّامة دهره إبراهيم بن محمد الأسبيري الأرضرومي ، وكان المرحوم مجازا من قدوة العلماء وعمدة الفضلاء أفضل زمانه ، أعلم أوانه ، العالم العامل المحقّق والحبر الكامل المدقّق الحاج عبد الرحيم بن يوسف العلوي الشهير بأخي بالابيق أفندي .
وكان ذلك الفاضل ، رحمه الله تعالى رحمة واسعة ، مجازا من أخيه قدوة العلماء وعمدة الفضلاء ، وحيد العصر وفريد الدهر ، الحكيم المحقّق والفيلسوف المدقّق محمد بن يوسف العلوي المشتهر ببالابيق أفندي . وكان المرحوم مجازا من أعلم العلماء وأفضل الفضلاء العالم محمد بن أحمد الكوزلحصاري الشهير بحاجي أمير
زاده .
وكان المرحوم مجازا من اشهر العلماء المحقّقين وأكمل الفضلاء المتبحّرين محمد حفيد علي النيسابوري ، وكان المرحوم مجازا من سلطان العلماء ، برهان الفضلاء ، علاّمة عصره ، كشّاف زمانه السيد عبد الرحمن الروحي ابن الشيخ الشّهيد عبد الله السيد الرّاقد في تبوك عائدا من الحجّ الشّريف .(3/65)
وكان المرحوم مجازا من علي النيسابوري المفتي بقيصرية الروم تلميذ رجب القيصري الآمدي وإبراهيم القرماني ، وهما أخذا عن المولى الفريد سليمان الشّروني المجاز له من يحيى بيك التبريزي ، وهو عن حبيب الله ميرزجان الشّيرازي أفضل تلاميذ جمال الملّة والدّين محمود الشّيرازي الغازي وكلّ علومه تنتهي إلى العلاّمة الصّديقي الدّواني ، وهو ينتهي إلى عدّة فحول أكبرهم أبوه أسعد الدّواني ، ومظهر الدّين كاذروني ، وهما مفتخران بالاغتنام من علوم العلاّمة الشّريف الجرجاني ، تلميذ مبارك شاه ، تلميذ المحقّق قطب الدين الرّازي ، تلميذ العلاّمة الشّيرازي ، تلميذ الكاتب القزويني ، تلميذ الإمام فخر الدّين الرّازي ، تلميذ الإمام حجّة الإسلام الغزالي ، تلميذ إمام الحرمين عبد الملك بن عبد الله بن يوسف الجويني .
ولقد أجيز المرحوم محمد حفيد علي النيسابوري أيضا من العالم العامل والفاضل الكامل ، سيّد المحقّقين وسند المدقّقين محمد الدارندي . وكان المرحوم مجازا من الفاضل محمد بن أبي بكر المرعشتي الشّهير ببجاقلي زاده ، وهو منتسب إلى حمزة الدارندي أشهر مأذوني محمد التفسيري المستفيض من حضرت علي الكوراني وزين العابدين الكوراني ، وهما تلميذا الشيخ عبد الله الجزري ، من أصحاب أحمد المنجلي تلميذ ميرزاجان .
ولقد أجيز العالم الفاضل محمد بن أحمد الكوزلحصاري أيضا من العالم العامل والفاضل الكامل التّقيّ النّقيّ ، شيخ الشّيوخ عثمان المعروف بياسنجي زاده .
وكان المرحوم مجازا من العالم النّحرير والفاضل الإكسير علي بن الحسين
الكليسي .
وكان هو مجازا من أستاذ الكلمة وحذّاق المهرة أبي الفاضل المشتهر بين المشارق والمغارب اشتهار الشّمس بين النّجوم والكواكب ، أحمد بن محمد
القازايادي .(3/66)
وقرأ هو على المولى الفاضل والأستاذ الكامل هداية الرّواية وكفاية الدّراية حسن الأرضرومي ثمّ التّوقادي الشّهير بزولي ، ثمّ قرأ على أستاذ الأساتذة قطب زمانه ونعمان أوانه محمد التفسيري .
وقرأ ذلك العالم الفاضل والعالم الكامل على محمد بن الكوزلحصاري الشّهير بحاجي أمير زاده ، وعلى قدوة المحقّقين وعمدة المدقّقين عديم المثل في عصره ، فريد الدّهر في فكره السيّد الحاج أحمد بن مصطفى .
ولقد قال الحكيم المحقّق والفيلسوف المدقّق محمد بن يوسف الشّهير ببالابيق
أفندي : "ولقد أفاض علي كثير من العلوم حين كنت بين يديه حضرة والدي المستكمل بحسب قوته الحاج يوسف بن إبراهيم وأخذت شيئا من محمد الشّهير بمفتي زاده" .
وقال العالم الكامل المحقّق والعامل الفاضل المدقّق الحاج عبد الرّحيم أفندي : "وأنا قرأت أيضا على أستاذ أستاذي الحاج أمير زاده في أوائل الشّباب من إيساغوجي إلى مطلب حاشية الآداب واستفدت كثيرا من العلوم من تأليفات الفاضل العلاّمة والنحرير الفهّامة إسماعيل الكلنبوي حتى صار أستاذا معنويّا لهذا الفقير ، نوّر الله قبورهم وأفاض علينا من بركاتهم وحشرنا وإيّاهم إلى الرّفيق الأعلى وما ذلك على الله بعزيز )) .
وبعد ، فإن فيما دأب عليه علماء البوسنة من العناية بالأسانيد في رواية الأحاديث وأمهات المصنفات ، أو ضبط سلاسل الإجازات التي يحملونها ، ما يؤكد عظم مكانة الإسناد في مسيرتهم العلمية .
خاتمة الباب الثاني
الإسناد في الدين ، وهو مما أختص الله تعالى به هذه الأمة دون سائر الأمم .
وحيث إن علوم الشريعة يحملها من كل خالف عدو له ، ومن أشرفها علم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي أولاه علماء السلف والخلف عناية فائقة .
وكان علماء الحديث في ديار الإسلام من الكثرة بحيث يستحيل أمام جهودهم أن تضيع السنن ، أو يدخل فيها ما ليس منها ، حيث كان نقد الأسانيد والمتون صنعتهم التي لا يبارون فيها .(3/67)
ولم تخل بقعة من بلاد المسلمين من علماء يدعون إلى السنة وينشرون علومها بين العامة والخاصة .
ومن البلاد التي شرفها الله بثلة من علماء الحديث والمشتغلين به البوسنة والهرسك التي ظهر فيها عشرات المحدثين ، ومئات المهتمين بعلم الحديث من طلاب وكتاب ودعاة . الأمر الذي درسناه في هذا الباب ، وها نحن نخلص من دراسته إلى النتائج التالية :
- أن في البوسنة والهرسك عدد من علماء الحديث والمشتغلين به ظهروا واشتهروا بعضهم في العهد العثماني وما بعده ، وإن كانوا أقل شهرة من علماء الأمصار الأخرى ، وأقصر منهم باعاً في الرواية والدراية .
- عرف عن علماء البوسنة ما عرف عن غيرهم من الرحلة في طلب العلم والحرص على أخذه من الأكابر والإجازة في فنونه المختلفة ، إلى جانب اهتمامهم بالإسناد في التحمل والأداء ، وحتى في الإجازات .
وفي الباب الثالث نقف على مزيد من مظاهر اهتمامهم بعلم الحديث النبوي تأليفاً وتحقيقاً وترجمة ، إلى جانب جهودهم في جمع مخطوطاته ، ونسخها والعناية بها إن شاء الله .(3/68)
الباب الثالث
الحديث النبوي في مكتبات البوسنة
الفصل الأوَّل : المكتبات و خزائن المخطوطات في البوسنة
الفصل الثاني : مخطوطات الحديث النبوي و علومه في البوسنة
المبحث الأول : مخطوطات علم الحديث درايةً
المبحث الثاني : مخطوطات علم الحديث روايةً
المبحث الثالث : جهود مسلمي البوسنة المتعلّقة بمخطوطات الحديث النبوي و علومه
الفصل الثالث : مؤلّفات علماء البوسنة في علم الحديث النبوي
المبحث الأول : مؤلّفات علماء البوسنة باللغة العربية
المبحث الثاني : مؤلّفات علماء البوسنة باللغة المحلّية
الفصل الرابع :كتب الحديث المترجمة إلى اللغة اللبوسنويّة
الفصل الأوَّل
المكتبات و خزائن المخطوطات في البوسنة
شغف المسلمون بالكتب ، و حرصوا على اقتنائها منذ القدم ، باذلين في سبيل ذلك عظيم الجهد ، و نفائس الأموال .
و كان الواحد منهم إذا حاز كتاباً أولاه من العناية و الرعاية ، و الحفظ والصون و الحماية ، ما لا يخطر ببال المعاصرين الذين أدركوا الكتب مطبوعةً منمقةً تباع و تشترى على قارعة الطريق في كثيرٍ من الأحيان في مختلف أنحاء العالم الإسلامي .
و على الرغم من أن الإسلام وصل إلى البوسنة متأخراً - بالمقارنة مع بلدان العالم الأخرى - فقد عُرِف عن أهلها استباق الخيرات ، والسعي الحثيث إلى اللحاق ببلدان العالم الإسلامي الأخرى ، و لا سيّما في ميادين الدعوة والتعليم الإسلامي ، و العناية بكتب الدين على مختلف المستويات .(4/1)
ومن المظاهر التي من شأنها إعطاء صورة حقيقية عن مدى التقدم الذي أحرزه البشانقة في هذا المجال ، تلك المدارس والمكتبات العامة التي أمَّها طلبة العلم من أنحاء بلاد البلقان ، بل و المناطق التي وصلها الإسلام في أوروبا كافة ، وملئت خزائنها بنفائس المخطوطات ، سواء منها تلك التي نسخت في البوسنة نفسها ، أو التي جلبت إليها من أقاصي الدنيا ، و لما كان معظمها مكتوباً باللغات الشرقية (العربية و التركية و الفارسية) فقد عرفت كبرى مكتبات البوسنة باسم (المكتبات الشرقية) (1) .
و كانت النواة الأولى التي تشكلت منها المكتبات البوسنوية الجهود الفردية التي بذلها أهل البوسنة في :
1- جمع المخطوطات من أنحاء العالم الإسلامي ، حيث جلب البشانقة إلى بلادهم آلاف النسخ الخطية من نفائس الكتب ، التي تملكوها ابتداءً ، ثم أودعوها على سبيل الإهداء أو الوقف أو البيع في المكتبات الإسلامية فور ظهورها .
ويكفي لتأكيد الجهود البارزة لأهل البوسنة في هذا المجال ؛ أن لسبع وثلاثين من مشاهير البوسنة ما يثبت تملكهم للعشرات من مخطوطات الحديث النبوي وعلوم السنة التي أتيت على ذكرها في بحثي هذا .
2- نسخ المخطوطات على أيدي نساخ بوسنويين مهرة ، لم يكن للكثيرين منهم مهنة سوى تحرير الكتب وعرضها ومقابلتها . كما أن بين هؤلاء النساخ عظماء و ساسة ومشاهير كتبوا بأيديهم ، ما اعتبروا كتابته قربة يتقربون بها إلى الله ، و يحتسبون الأجر عليها عنده .
وبين ما ذكرت في بحثي هذا من مخطوطات الحديث ( 37 ) نسخة خطية كتبت بأقلام أهل البوسنة و الهرسك ، و تعاقب عليها مُلاّك بوسنويون إلى أن حفظت أخيراً في مكتبات البوسنة العامرة .
__________
(1) 1 انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ، دراسة ( ) ، ص : 54 .(4/2)
و يدلنا على كثرة النساخ البوسنويين الذين أفنوا أعمارهم ، و أنفقوا أوقاتهم في حفظ التراث أن في وسط سراييفو اليوم شارعين ، اسم أحدهما ( المجلِّدوُن الصغار ) و اسم الآخر ( المجلِّدون الكبار ) ، لأنهما كانا بمثابة المراكز الثقافيَّة التي يكثر فيها مجلدو الكتاب ، ومن المعروف أن أغلب الكتب التي كانت تقدم للتجليد هي من الكتب المخطوطة (1) .
و زاد من أهمية النّسخ المحلي للكتاب في البوسنة ، و دور النساخ في ذلك كثرة علماء البوسنة الذين ألفوا و صنفوا باللغة العربية ، وكان لزاماً على تلاميذهم و مريديهم أن ينسخوا كتبهم ، و يحافظوا على تراثهم العلمي الرفيع .
و من أشهر هؤلاء العلماء البوسنويين الذين أثروا المكتبات بمؤلَّفاتهم :
? الشيخ حسن كافي الأقحصاري (2) ( ت : 1025 هـ / 1616 م ) .
? الشيخ المفتي علاء الدين علي ددة بن مصطفى الموستاري(ت : 1090هـ / 1680 م ).
? الشيخ أحمد بياضي زاده (3) ( ت : 1098 هـ / 1679 م ) .
? الشيخ مصطفى بن يوسف أيوبي زاده الموستاري (4) (
__________
(1) ... انظر : قاسم دوبراجا : مقدمة فهرس المخطوطات العربية و التركية و الفارسية في مكتبة الغازي خسرو بيك ص : 9 .
(2) 1 ... تأتي ترجمته في فصل : أثر الحديث النبوي في عقيدة أهل البوسنة و الهرسك ، من الباب الخامس من هذا البحث إن شاء الله .
(3) 2 ... أحمد بياضي زاده ، هو : أحمد بن الحسن بن سنان الدين يوسف البسنوي ، المعروف ببياضي زاده ، الحنفي كمال الدين ، من قضاة الأناضول .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 1 / 181 ، معجم المؤلفين 1 / 192 ، الجوهر الأسنى ، ص : 37 .
(4) 3 ... مصطفى الموستاري ، هو : ابن يوسف بن مراد الأيوبي ، الرومي ، الحنفي ، فقيه ، أصولي ، منطقي ، بياني ، فرضي ، مشارك في غير ذلك ، تعلم في القسطنطينية ، و تولى الإفتاء في موستار إلى أن توفي .
انظر ترجمته في : سلك الدرر 4 / 218 ، الأعلام 8 / 148 ، معجم المؤلفين 12 / 290 ـ 291 .(4/3)
ت : 1119 هـ / 1687 م ) .
? الشيخ أحمد بن محمد الموستاري ( ت : 1190هـ / 1776 م ) .
وبذلك يتأكد لنا وجود المكتبات الإسلامية في البوسنة والهرسك ، و تميزها عن مثيلاتها من المكتبات الشرقية في بلاد البلقان و بقية بلدان أوروبا و روسيا ، حيث إن بين المخطوطات المحفوظة في البوسنة عدداً كبيراً من الكتب المؤلفة والمنسوخة محلياً ، أما المكتبات ودور المخطوطات الشرقية في البلدان الأوروبية الأخرى فقد جُمع جلُّ ما فيها من مكتبات أخرى ، أو جلب إليها من البلدان الإسلامية نهباً ، أو شراء ، أو بتواطؤ من القائمين على المراكز العلمية ، و مكامن التراث في العالم الإسلامي ، إبان عصور الضعف و الركود التي دامت
طويلاً .
وقد ساعد على جلب المخطوطات إلى بلاد البلقان عامة و البوسنة خاصة ما كان لمسلميها من العلاقات القوية مع العالم الإسلامي (( إذ كثيراً ما كان بعضهم يرحل في طلب العلوم إلى أشهر مراكز المعارف الإسلامية ، مثل اسطنبول و القاهرة ، و بغداد ، و دمشق ، و مكة ، و المدينة ، و غيرها . كما كان البعض الآخر منهم يسافرون إلى بلاد الشرق الأدنى و إفريقية الشمالية ، لغرض الحج أو التجارة أو شغل بعض الوظائف ، و كان الكثير من أولئك و هؤلاء يرسلون إلى وطنهم كتباً ، أو يأتون بها معهم عند رجوعهم إلى الوطن للاحتفاظ بها في مكتباتهم الخاصة ، أو لتقديمها إلى الأصدقاء ، أو لتزويد المكتبات المحلية بها )) (1) .
و مع انتشار الإسلام في البوسنة ، أكبّ أهلها على التعليم والتعلم ، وانتشرت في بلادهم المؤسسات الثقافية ، و المراكز التعليمية ، فقد كان في البوسنة والهرسك وحدها ما يزيد على ألف مسجد جامع و ألف و خمسمئة مكتب
(
__________
(1) ... قاسم دوبراجا : مقدمة فهرس المخطوطات العربية والتركية والفارسية في مكتبة الغازي خسرو بيك ، ص : 9.(4/4)
كُتَّاب ) لتعليم الأطفال مبادئ الإسلام وقراءة القرآن ، و نحو مئة مدرسة ( أي معهد ديني ) و بجانب هذه المراكز كانت تقام المكتبات ، ويتجمع إلى جوارها المثقفون و العلماء فيجمعون الكتب ، و يقتنون مكتبات خاصة ، تؤول فيما بعد إلى الأوقاف بناء على وصاياهم (1) .
وبسبب ما كان يعصف بالبوسنة من الحروب و ما يلحق بها من الدمار ، و ما كان يدور على أهلها من الدوائر ، تعرضت مكتباتها - شأنها في ذلك شأن غيرها من المراكز الثقافية - إلى الخراب و الدمار ، و أتلف ما فيها من التراث و الآثار مراراً ، من دون أن توجد الظروف الملائمة لإعادة ترميمها و حفظها .
و تحت وطأة التسلط الخارجي ، تسرب كثيرٌ من المخطوطات النفيسة من مكتبات البوسنة إلى خارجها ، و بيع بأبخس الأثمان ، و نقلت مجموعات هامة ، و مكتبات كاملة إلى الخارج ، كما فعل بمكتبة الدكتور صفوت بيك باشاغيتش ( ت 1353 هـ / 1934م ) ، التي نقلت بكاملها إلى مكتبة جامعة براتسلافا ، في تشيكوسلوفاكيا السابقة ( جمهورية التشيك حالياً ) (2) .
ويذكر بعض الباحثين أن في سراييفو - وحدها - نحو عشرين ألف مخطوط يضم معهد الاستشراق نحو سبعة آلاف منها ، و معظم الباقي محفوظ في مكتبة الغازي خسرو بيك ، إلى جانب آلاف المخطوطات الموزعة على المكتبات الأخرى في البوسنة و الهرسك ، كما يقول الدكتور سليمان غروزدانيتش (3) .
__________
(1) ... نويل ما لكوم : البوسنة ، ص : 139 ، 336.
(2) ... انظر : قاسم دوبراجا : المرجع السابق ، ص : 10 .
(3) ... انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 291 .
و الدكتور سليمان غروزدانيتش أستاذ سابق و رئيس قسم الاستشراف في كلية الفلسفة بجامعة سراييفو ، و أحد رؤوس الشيوعية فيها ، و قد توفي سنة 1417 هـ/ 1997 م ، و لم يدفن في المدافن الخاصة بالمسلمين و لم يصلى عليه ؛ عملاً بوصيته . ] الباحث [ .(4/5)
و الفضل فيه يرجع إلى العثمانيين ، و هذا أمر يبعث على الفخر ؛ إلا أن من المؤسف أن ينظر بعض البوسنويين إلى العثمانيين نظرة جحود و تنكرٍ لأثرهم في إثراء الحضارة والثقافة لدى البشانقة ، كما فعل الروائي الشهير إيفو أندريتش في رسالته عن الثقافة العثمانية البوسنوية ، حيث قال : (( كان أثر الحكم العثماني سلبياً على الإطلاق إنهم عجزوا عن تقديم أي مضمون ثقافي أو رسالة سامية ، لأولئك السلاف الجنوبية الذين اتخذوا الإسلام ديناً )) (1) .
و هذه النظرة المجحفة بحق التراث العثماني يشترك فيها الشيوعيون من أبناء مسلمي البوسنة المتنكرين لتاريخهم ، و المجتثين من جذورهم .
وقد ذكرت بعض التقارير المعنية بمتابعة الحرب الأخيرة في البوسنة أن الدمار قد طال المجموعة الكاملة للمخطوطات ، في معهد الدراسات الشرقية بسراييفو ، وعددها يناهز الخمسة آلاف بعد قصف المعهد بالمدفعية الصربية (2) .
و من الممكن تقسيم مكتبات البوسنة المؤسسة على نظام الأوقاف أصلاً ، إلى ثلاثة أنواع هي (3) :
المكتبات الخاصّة :
و هي المكتبات التي أنشأها العلماء و الأدباء و النسّاخ بجهودهم الشخصيّة و جمعوا محتواها من مشترياتهم أو موروثاتهم ، أو ممّا نسخوه بأنفسهم .
__________
(1) Andric, Ivo : The Development of spiritual Life in Bosnia under the Influence of Turkish Rule ( Durham , North Carolina , 1990 ) P : 38
(2) ... انظر :نويل مالكوم : البوسنة ، ص :139 ، 336 .
(3) ... انظر :المخطوطات العربية في يوغسلافيا ، بقلم الدكتور حسن قلشي ( بحث منشور في مجلة معهد المخطوطات العدد الثاني من المجلد الثاني عشر ، شعبان 1386 هـ ) ، ص : 4 ، 5 .
و : مجلة الفيصل : ( العدد 203 ، جمادى الأولى 1414هـ / تشرين الثاني 1993م ) ، ص : 30 .(4/6)
و قد اشتهر من بين المكتبات الخاصّة في البوسنة المكتبة القنطميريّة ، المنسوبة إلى الشيخ عبد الله أفندي القنطميري ، و هو أشهر نساخ المخطوطات من البوسنويين على الإطلاق ، و قد أقامها إلى جانب مدرسة الحاج إسماعيل آغا بن حوسيو البوشناقي ( المعروف بالمصري ) و أودعها نسخاً من نفائس المخطوطات التي كتبها رحمه الله بيده ، و لا شك أن قرب المكتبة من المدرسة قد ساعد طلابها و حفز هممهم على النشاط في نسخ الكتب ، حتى صارت هذه الصنعة إحدى مميزاتهم و اشتهر عدد من طلابها النساخ كالشيخ عثمان أفندي جمهور الفيشغرادي (1) .
المكتبات العامَّة :
و هي التي أنشأها بعض العلماء و العظماء و هواة جمع الكتب الذين يملكون الوسائل المادية الوافرة لشراء الكتب ، حيث كانت الكتب باهظة الأثمان ، بسبب كتابتها بخط اليد ، و كثرة ما فيها من الزينة و الزخارف المكلفة .
و من أشهر مكتبات البوسنة المصنّفة ضمن هذا النوع مكتبة ألجي إبراهيم باشا والي البوسنة في زمنه ( و تعرف باسم : المكتبة الفيروزية ) التي ألحقها بمدرسته الشهيرة في ترافنيك .
و كانت هذه المكتبة تضم نحو ثلاثمئة مخطوطٍ تم نقلها إلى مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو مؤخراً .
مكتبات المساجد و الزوايا و التكايا :
و كانت تتكون غالباً من نسخ المصحف الشريف ، و أجزائها ، و بعض الكتب الدينية العامة ، التي يستفيد منها عامة المسلمين ، و ربما أعيرت لمن يقرأها أو ينسخها ، أما التكايا فجلُّ ما كانت تحويه هو من كتب الصوفية ، و سير مشائخهم و قد كان بينها الكثير من المؤلَّفات باللغتين التركية و الفارسية ، إضافة إلى القليل المحرر باللغة العربية (2) .
مكتبات المدارس :
__________
(1) 3 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 184 .
(2) 1 ... انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ، دراسة ( ) ، ص : 54 .(4/7)
و هي في الواقع أهم هذه المكتبات لاحتوائها على كتبٍ أكثر عدداً و تنوعاً من حيث المضمون ، علاوة على أنها كانت بمثابة مكتبات عامَّة ، و كان الأهالي يستعيرون الكتب منها لقراءتها أو نسخها ، و من الأسباب التي أدت إلى اتساع هذه المكتبات و انتشارها في البوسنة و الهرسك ما ينقل إليها من مجموعات الكتب و المكتبات الخاصة التي كان أصحابها يقفون كتبهم قبل موتهم ، أو يقفها ورثتهم من بعدهم على بعض المدارس ، و ربما أوقفها بعض العامة ، و حتى الفقراء و طلبة العلم ، مما أدى إلى ازدياد هذا النوع من المكتبات حتى بلغ عددها في أيام الحكم العثماني للبوسنة نحو مئتي مكتبة متفاوتة الحجم و الأهمية و المحتوى (1) .
و من أشهر مكتبات المدارس في البوسنة المكتبة التي أقامها المحسن الكبير الحاج محمد بيك الشهير بقركوز بيك رحمه الله سنة 977 هـ / 1569 م ، في مدينة موستار ، إلى جانب مدرسته الشهيرة في موستار و التي عرفت باسمه أيضاً ، و جعل نواتها كتبه الخاصة التي أوقفها على طلاب المدرسة ، و سماها في وقفيته ، و هي :
سبع مصاحف مجلدة ، و ثامن مجزّأ .
تفسير ( الكشاف ) للزمخشري .
تفسير القاضي البيضاوي .
حاشية على كتاب ( شرعة الإسلام ) لسيد علي .
قاموس عربي تركي .
... و مع الزمن أغنى مدرسوا و طلاب مدرسة قرجوز بيك الموستاري هذه المكتبة بما نسخوه من المخطوطات حتى غدت إحدى أثرى مكتبات المنطقة بالكتب العربية و التركية و الفارسية ، إلى جانب مؤلفات علماء موستار ، أمثال الشيخ يويو ، و الشيخ إبراهيم أوبياتش و غيرهما .
__________
(1) 1 انظر : المرجع و الصفحة السابقين .(4/8)
و قد عانت هذه المكتبة من الإهمال في ظل الحكم الشيوعي للبوسنة حتى كادت تفقد ما في خزانتها من نفائس المخطوطات ، بعد أن طالتها الأرضة ، والأيدي الآثمة ، حتى تنبه لذلك بعض الغيارى فسعوا إلى نقل مخطوطاتها إلى مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، و نفذوا ذلك فعلاً سنة 1379 هـ / 1950م ، جزاهم الله خيراً .
و إلى جانب ما تقدّم ذكره عرفت البوسنة منذ وصول الإسلام إليها مكتبات عديدة من أشهرها :
? مكتبة مدرسة حسن ناظر ، وقد أنشئت سنة 957 هـ/1550م في مدينة
فوتشا .
? مكتبة المدرس عثمان أفندي ، و قد أسست في القرن الحادي عشر من الهجرة / السابع عشر من الميلاد في مدينة فوتشا .
? مكتبة مميشاه بيك ، و قد أسست سنة 983 هـ/1575 م في مدينة فوتشا .
? مكتبة درويش باشا بن بايزيد آغا ( ت : 1012 هـ / 1603 م ) في موستار.
? مكتبة مصطفى أيوب زاده المعروف بالشيخ يويو ( ت : 1119 هـ / 1707 م ) في موستار .
? مكتبة إبراهيم أفندي بن إسماعيل الموستاري ( ت : 1138 هـ / 1726 م ) في موستار .
? مكتبة علي باشا الاستولييتشوي ، في استوليتشا .
? مكتبة مدرسة إبراهيم أفندي الموستاري ، و قد أسست في القرن الحادي عشر الهجري ، في قصبة بوجيتيل ، الواقعة قرب موستار .
? مكتبة محمد باشا كوكاويتشا ، و قد أسسها قبل سنة 1173هـ / 1759 م في ترافنيك .
? مكتبة مدرسة عبد الكريم سيم زاده كومشيتش ، و قد أسست في القرن الثاني عشر للهجرة ، في سراييفو .
? مكتبة عثمان شهدي أفندي، التي أسسها سنة 1173هـ / 1759 م في سراييفو.
? مكتبة جامع أحمد باشا ، المؤسسة في القرن الثاني عشر للهجرة ، في بلدة غرادتشانيتسا .
? مكتبة الحاج خليل أفندي بن أحمد الغرادتشانيتسوي القاضي في المحكمة الشرعية ببلغراد ، وقد أسسها في القرن الثاني عشر للهجرة ، ببلدته غرادتشانيتسا .(4/9)
و إذا تأمَّلنا حال هذه المكتبات ، سنلاحظ أنها في الغالب قامت عن طريق الوقف أصلاً ، أو أنها آلت إلى الوقف بصورةٍ ما .
و من أشهر المكتبات العامة في البوسنة والهرسك : مكتبة الغازي خسرو بيك الشهيرة التي سأفردها بالذكر فيما يلي لبيان أهميتها ومكانتها بصفتها المكتبة الأم في البوسنة ؛ و مستقرّ معظم المكتبات الأخرى – التي ألحقت بها تباعاً – و مستودع مخطوطات البوسنة و تراث أهلها العلمي عبر العصور .
مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو :
ممّا يلفت نظر المتأمّل في منطقة سراييفو القديمة ( المسمّاة عند أهل البوسنة ستاري غراد ) أحد المباني القديمة التي لا تزال شامخة على مقربة من مسجد الغازي خسرو بيك و مكبته الشهيرين ، و قد كتب على باب هذا المبنى :
مجمّع الأبرار ، دار الكاملين
(( فيها كتبٌ قيّمة ))
بنى هذا البناء للطالبين الغازي خسرو بيك
944 هـ / 1537 م
و ما ذلك المبنى إلا مبنى مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ؛ أقدم و أعرق و أكبر المكتبات و خزائن المخطوطات الشرقيّة في منطقة البلقان بعد مكتبات تركيا .
و قد أسس هذه المكتبة الغازي خسرو بيك سنة 944 هـ / 1537 م كما يظهر من الكتابة المنحوتة على مدخلها ، و الوقفيّة المحفوظة ضمن مخطوطاتها ، و كانت في بداية الأمر ملحقة بمدرسة الغازي و وقفاً على طلاّبها حسب ما يوحي به قوله في وقفيّة المدرسة (( و ما يفضل من خرج البناء تبتاع به الكتب المعتبرة ، و تستعمل في المدرسة المذكورة ليستفيد منها من يطالعها من المستفيدين ، و يستنسخها من يستنسخها من المحصّلين )) (1) .
__________
(1) 1 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركية و الفارسية ( نشر المشيخة الإسلامية ، سراييفو 1383 هـ / 1963م ) ، ص : 12 .(4/10)
و ظلّت المكتبة ملحقةً بالمدرسة حتى فصلها عنها عثمان باشا طوبال والي البوسنة سنة 1354 هـ / 1935 م (1) .
و تحوي المكتبة آلاف المخطوطات العربية و التركيّة و الفارسيّة التي جلبت إليها بطرق مشروعة – خلافاً لما هو عليه الحال في مكتبات و متاحف أوروبا الغربيّة – أو نسخت بأيدي أبناء البوسنة الذين شغفوا بالكتب ، و بذلوا وسعهم في نسخها ، و الاعتناء بها كما تقدّم .
و قد تعرّضت المكتبة و مخزونها النفيس إلى محن شتى ( من الدمار و الفيضانات و الحرائق و غيرها ) ، شأنها في ذلك شأن سائر المنشآت الإسلاميّة في البوسنة ، و من أشد ما لحق بها عمليّة السلب و التدمير التي وقعت أثناء عدوان أوغين سافويسكي النمساوي على سراييفو سنة 1109 هـ / 1697م ، التي نتج عنها فقدان عدد كبير من نفائس مخطوطاتها بما في ذلك مخطوطات أوقفها الغازي خسرو بيك نفسه رحمه الله (2) .
__________
(1) 2 ... انظر : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ( نشر المشيخة الأسلاميّة سراييفو 1402هـ/1982م ) ، ص : 11 .
(2) 1 ... انظر : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ( ) ، ص : 13 .(4/11)
... و زاد من أهمّية المكتبة نقل عدد كبير من مخطوطات مكتبات البوسنة الأصغر حجماً و الأقلّ شأناً إليها عبر التاريخ ، فقد نقلت إليها مكتبة حسن ناظر و مكتبة مميشاه بيك ، و مكتبة قرجوز بيك ، و مكتبة درويش باشا بايزيد آغيتش ، و مكتبة ألجي إبراهيم باشا ، و مكتبة مصطفى أفندي أيّوبوفيتش ، و مكتبة الشيخ يويو و مكتبة الحاج خليل أفندي الغرادتشاينتشوي ، و مكتبة عثمان شهدي أفندي ، و مكتبة الشيخ عبد الله القنطميري ، و مكتبة المصري ، و مكتبة مدرسة آتميدان ، و مكتبة مدرسة سيم زاده كومشيتش ، و مكتبة مدرسة و جامع إبراهيم باشا في بوجتل و عددٍ من المكتبات التي كان يملكها معاصرون ، و أشهرها مكتبة الشيخ محمد الخانجي رحمه الله ، و مكتبة القاضي حسن أفندي بويو زادة ، و مكتبة متولي وقف الغازي خسرو بيك أحمد عاصم متوليتش ، و مكتبة الحاج أحمد أفندي بن مصطفى ، و مكتبة مصطفى بيك جنتي زاده ، و مكتبة عائلة جينو زاده ، و مكتبة عائلة المظفّري ، و مكتبة هرمو زاده ، و مكتبة مميش آغا قاسم آغيتش ، و كثيرٌ غيرها (1) .
__________
(1) 2 ... حول حركة نقل المكتبات إلى مكتبة الغازي خسرو بيك انظر : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 14 .
و : انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركية و الفارسية ، ص : 14 أيضاً .(4/12)
... و بلغ عموم ما أودع خزائن المكتبة خمسين ألف وحدةٍ من المجلّدات و المؤلّفات و المجلاّت و الوثائق التركيّة باللغات الشرقيّة و الغربية ، منها سبع آلافٍ و خمسمئة مجموعةٍ ، و خمسة عشر ألف كتابٍ و رسالة في العلوم الإسلاميّة و اللغات الشرقيّة و الأداب ، إلى جانب مثل هذا العدد باللغات السلافيّة و الأوروبيّة ، و نحو أربعة آلاف وثيقةٍ تاريخيّة تتعلّق بتاريخ البوسنة و الهرسك ، و ألفاً و أربعمئة وثيقة حول أوقاف البوسنة ، و ستاً و ثمانين سجلاً للمحاكم الشرعيّة البوسنويّة ، و كتب و وثائق أخرى بالغة الأهمّيّة (1) .
و أقدم ما في مكتبة الغازي خسرو بيك من المخطوطات نسخة من كتاب إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي ، نسخت عام 525 هـ /1131م ، أي بعد وفاة المؤلّف رحمه الله بعشرين سنة فقط .
يليه كتاب فردوس الأخبار في مأثور الخطاب للديلمي الهمذاني (2) ( ت 509 هـ /1116 م ) ، و هو منسوخ عام 546هـ / 1151م بيد عبد السلام بن محمد الخوارزمي بهمذان .
ثمّ الجزء الثالث من كتاب الكشف و البيان في تفسير القرآن لأبي إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري (3) (
__________
(1) 1 ... انظر : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ( ) ، ص : 14 ، 15 .
و قارن بـ : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركية و الفارسية ، ص : 15 .
و : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 315 .
(2) 2 ... الديلمي ، هو : شيرويه بن شهردار بن شيرويه ، أبو شجاع ، ولد سنة 445 هـ / 1053 م ، المحدث الحافظ ، مؤرخ همذان ، و هو من ولد الصحابي الجليل الضحاك بن فيروز .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 19 / 294 ، تذكرة الحفاظ 4 / 1259 ، شذرات الذهب 5 / 127 .
(3) 3 ... الثعلبي : كان رأساَ في التفسير و العربية ، متين الديانة ، حافظا ، واعظا .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 1 / 79 ـ 80 ، سير أعلام النبلاء 17 / 435 ، العبر 3 / 163 .(4/13)
ت 427 هـ / 1036 م ) ، و يرجع تاريخ هذه النسخة إلى عام 571هـ/1176م و هو بخط بركات بن عيسى بن أبي يعلى .
و إلى جانب أمّهات الكتب التي ألّفها علماء الإسلام على مرّ العصور - و كان حظ مكتبة الغازي خسرو بيك منها وافراً - نجد في خزائن تلك المكتبة ما لا نجده في سواها من مؤلّفات علماء البوسنة الذين كان لهم أثر قلّ من اطلّع عليه في إثراء حركة التأليف و النسخ في الولايات العثمانيّة ، و برز منهم علماء أعلام لا يقلّون شأناً عن أقرانهم من العلماء العاملين في ديار الإسلام الأخرى .
و من علماء البوسنة الذين حفظت مكتبة الغازي خسرو بيك تراثهم باللغات الشرقيّة كلٌّ من : الشيخ حسن كافي الأقحصاري (1) ، و الحاج مصطفى بن محمد الأقحصاري ، و حسن شلبي بن علي الموستاري المعروف بحسن
ضيائي (2) ، و أحمد بياضي زاده ، و علاء الدين دده بن مصطفى البوسنوي ، و مصطفى أيوبوفيتش ( الشيخ يويو ) (3) ، و أحمد بن مصطفى المفتي الموستاري (4) ، و محمد بن موسى علاّمك (5) ،
__________
(1) 1 ... تأتي ترجمته بالتفصيل في فصل : أثر الحديث النبوي في عقيدة أهل البوسنة و الهرسك ، من الباب الخامس من هذا البحث .
(2) 2 ... شاعر باللغتين العربية و التركية ، له كتاب ( ترجئ بند ) باللغة التركية في التصوف ، توفي سنة 992 هـ / 1584م .
انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 71 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 17 .
(3) 3 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص :ص 179 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 17 .
(4) 4 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمد الخانجي ص 43 .
(5) 5 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 155 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 17 .(4/14)
و أحمد بن محمد الموستاري ، و إبراهيم بن إسماعيل أوبياتش (1) ، و حسين البلغرادي (2) ، و غيرهم .
... و بالجملة فإن مكتبة الغازي خسرو بيك كانت و لا تزال ذات دورٍ رئيسٍ في خدمة تراث الأمّة و حفظه ، و لها مع سائر مكتبات البوسنة دور كبيرٌ في حفظ مخطوطاتٍ نفيسة ، و أصول قيّمة للكتب الإسلاميّة و غيرها .
... و في الفصل التالي عرضٌ لما حوته خزائن هذه المكتبات من مخطوطات علم الحديث النبوي الشريف ، و هو قليلٌ من كثير ، و غيض من فيض يشهد على عظم هذه المكتبات و أهمّيّة ما تحويه .
الفصل الثاني
مخطوطات الحديث النبوي و علومه في البوسنة
المبحث الأول
مخطوطات علم الحديث درايةً
أوَّلاً : مخطوطات علم مصطلح الحديث :
الكتاب الأوَّل :
مقدمة ابن الصلاح ( أو علوم الحديث ) .
تأليف أبي عمرو عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح ، المتوفى سنة 643 هـ /1246 م.
توجد منه نسخةٌ خطيَّة وحيدة ، تقع في ( 167 ) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ كبير ، كتبه سيف الدين محمد بن أبي سعد السرايجوقي ( نسبةً إلى سراييفو ) ، سنة 791 هـ / 1389 م .
و هي من أوقاف عصمت أفندي سفرزو بن فيسِل أفندي، من أهالي سراييفو و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
(603/382 ) .
الكتاب الثاني :
ألفيَّة العراقي في أصول الحديث ( و هو كتاب التبصرة و التذكرة ، و يُسمَّى أيضاً نظم الدرر في علم الأثر ) (3) .
__________
(1) 6 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 30 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 17
(2) 7 ... انظر ترجمته في : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 76 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، ص : 17
(3) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في ( ) تاريخ الأدب العربي )( 2/66 ، و هو كتاب مطبوع نشرته المكتبة الجديدة بفاس ، سنة 1357هـ / 1939 م .(4/15)
تأليف زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي ( ت : 806هـ/
1404 م ) (1) .
يوجد منه أربع نسخٍ خطيَّة في مكتبات البوسنة فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (30) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ قديم ، كتبه عبادة المالكي الأنصاري سنة 796 هـ / 1394 م .
و عليها ما يفيد ملكيَّتها لمحمد الثعلبي ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (855/383) .
النسخة الثانية :
تقع في (51) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ ، كتبه محمد بن عبد الله ، سنة 1094هـ / 1683 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (2243/384).
النسخة الثالثة :
تقع في ( 37 ) ورقةٍ ( 23-60 ) ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ كبير ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 3505,6 / 591 )
النسخة الرابعة :
__________
(1) ... العراقي ، هو هو :زين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرححجمنيم بن أبي بكر بن إبراهيم ، المهراني المولد ، العراقي الأصل الكردي ، ثمَّ المصري ، حافظ العصرالحافظ ، زين الدينالعراقي ، الفقيه ، الشافعي ، ولي قضاء المدينة المنورة ثلاث سنوات ، ثم سكن القاهرة ، نَظَم علوم الحديث ، و السيرة النبويَّة ، و منهاج الوصول إلى علم الأصول للبيضاوي =
= ... و غيرها من فنون العلم ، له : النكت على مقدمة ابن الصلاحتقريب الأسانيد و ترتيب المسانيد ، و طرح التثريب في شرح التقريب ، و المغني عن حمل الأسفار في تخريج ما في الإحياء من الأخبار و كثيرٌ غيرها .
انظر ترجمته في : إنباء الغمر 5 / 170 ، ذيل طبقات الحفاظ ، ص : 370 ، حسن المحاضرة 1 / 360 ، شذرات الذهب 9 / 87 هديّة العارفين ، للبغدادي : 5/562.(4/16)
تقع في (50) ورقةٍ ( 32 - 112 ) ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ واضح ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي من أوقاف إبراهيم زفرانيا ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2734,3 / 597 ) .
كما يوجد في البوسنة كتابان لشرح ألفية العراقي في علوم الحديث :
الشرح الأول :
فتح المغيث بشرح ألفيَّة الحديث (1) .
تأليف الحافظ العراقي ، صاحب الأصل المنظوم .
و له في البوسنة نسخة خطية واحدة تقع ( 163 ) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ كتبه محمد بن الحاج سالم بن محمد بن سالم بن سعيد بن عمر العذري الشافعي المصري ، سنة 893 هـ/ 1488 م بمصر ، و عليها تملك باسم محمد بن شمس الدين ، سنة 983 هـ / 1588 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (234/385 ).
و هي نسخة بالغة الأهميَّة ، و القيمة التاريخية ، حيث جاء في آخرها ما نصُّه : (( نُقلت هذه النسخة من خط مؤلفها الشيخ الإمام الحافظ المحدث شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي .. ))
و عليها إجازة بخط الحافظ العراقي نفسه رحمه الله هذا نصُّها : (( و أجزت لكل من سمع مني الأرجوزة المذكورة أو بعضها أن يروي عني جميع الشرح عليها ، و جميع ما يجوز لي و عني روايته قاله و كتبه مؤلِّفه عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي ... )) .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2 / 1235 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 35 ، و هو كتاب مطبوع بدار الكتب العلمية سنة 1413 هـ / 1993 م ، في 472 ، ص : وع نشر في لكهنؤ بالهند ، سنة 1303هـ .(4/17)
و ممَّا يزيد في قيمة هذه النسخة ما ذّيِّلت به من سماعاتٍ و إجازات منها ما نصه : (( قرأت على شيخنا الإمام الحافظ الرحلة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن ناصر الدين الدمشقي (1) ، أدام الله تعالى به النفع و رحم سلفه جميع هذه المجلَّدة و هي شرح ألفيَّة الإمام الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي ، مع المنظومة قراءة بحثٍ و تقريرٍ بإجازة الشيخ لذلك من مؤلفه مكاتبة من مصر غير مرة ، و صح ذلك و ثبت في عدة مجالس من آخرها مجلس بلدان الرواة و أوطانهم إلى آخر الكتاب ، فسمع المجلس الآخر المذكور كاملاً الشيخ أحمد بن موسى بن رجب الفاخوري ، و الشيخ عبد الله بن محمد بن جمعة بن راجح السويدي ثم الدمشقي ، و الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ أحمد بن الشيخ بدر الدين حسن العجلوني ، في آخرين ، و اتفق آخر المجالس في يوم الأحد رابع جمادى الأولى سنة ست و ثلاثين و ثمانمئة ، بالجامع الناصري ، من مسجد القصي ، خارج باب السلام من دمشق المحروسة ، و أجاز المسمع أبقاه الله تعالى . قاله و كتبه : محمد بن حسن بن علي بن حسن البلعوي الخطيب ، و لله الحمد و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلَّم )) . اهـ .
و عليها تعليقاتٌ قليلة بخط الشيخ محمد خانجيتش ( الخانجي ) البوسنوي رحمه الله تعالى .
الشرح الثاني ، و هو بنفس الاسم :
فتح المغيث بشرح ألفية الحديث (2) .
__________
(1) 2 ... ابن ناصر الدمشقي : الإمام الحجة ، محدث الديار الشامية و مؤرخها ، من آثاره : توضيح المشتبه ، و الرد الوافر على من زعم أن شيخ الإسلام كافر ، توفي سنة 842 هـ / 1439 م . =
= انظر ترجمته في : الضوء اللامع 8 / 103 ـ 106 ، البدر الطالع 2 / 198 ـ 199 .
(2) 1 ... ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون 2 / 1235 ، و المستشرق كارل بروكلمان في تاريخ الأدب العربي 2 / 35 ، و هو مطبوع في لكنؤ بالهند ، سنة 1303 هـ / 1886 م ، في 3 مج .(4/18)
تأليف الحافظ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن السخاوي (1) ( ت 902 هـ / 1497 م ).
و لهذا الشرح نسخة و حيدة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 423 / 386 ) ، و تقع في ( 127 ) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ قديم ، سنة 785هـ / 1383 م ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
الكتاب الثالث :
رسالة في أصول الحديث ( و هو كتاب إشراقات الأصول في علم حديث الرسول ) (2) .
تأليف جلال الدين محمد بن عبد الله القايني ( ت : 838 هـ /
1435 م ) (3) .
توجد في البوسنة نسخة خطية واحدة ، تقع في ( 24 ) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي واضح لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 4429,2 / 517 ) .
الكتاب الرابع :
نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (4) .
__________
(1) 2 ... السخاوي : فقيه شافعي ، مقرئ ، محدث ، مؤرخ ، مشارك في الفرائض ، و الحساب ، و التفسير ، و أصول الفقه ، و الميقات ، أصله من سخا من قرى مصر ، ولد بالقاهرة ، و توفي بالمدينة سنة 902 هـ / 1497 م صاحب التصانيف الكثيرة المفيدة ، و التي منها : الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ، و المقاصد الحسنة في الأحاديث المشتهرة على الألسنة . =
= ... انظر ترجمته في : الضوء اللامع 8 / 302 ، البدر الطالع 2 / 184 ـ 187 ، الكواكب السائرة 1 / 53 النور السافر 16 ـ 21 .
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 103 .
(3) ... القايني : فقيه ، و محدث ، وأصولي ، توفي بهراة .
انظر ترجمته في : هديّة العارفين 2 / 189 ، معجم المؤلفين 10 / 231
و : معجم المؤلفين ، لعمر رضا كحالة ( مكتبة المثنى ، و دار إحياء التراث العربي ، بيروت ، بدون تاريخ ) : 10/231
(4) ... طبع بكلكته سنة 1280 هـ / 1864 م في 74 صفحة ، باعتناء وليم تاسوليس ، و عبد الحق كينان ، و غلام قادر .(4/19)
تأليف الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت : 852هـ /
1448 م ).
توجد ست نسخ خطية من متن النخبة في مكتبات البوسنة فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ( 3 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ جميل ، كتبها عبد الله بن حاج مصطفى في طاشليجة ، بمدينة بليفليا ، الواقعة في جمهورية الجبل الأسود اليوغسلافية اليوم ، سنة 1104 هـ / 1693 م .
و هي من أوقاف عصمت أفندي سفرزو بن فيسِل أفندي، من أهالي سراييفو. و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 950.1 / 388 ) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 4 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ سيئ ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 1945.1 / 398 ) .
النسخة الثالثة :
تقع في ( 4 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، كتبه سليمان بن حبيب أفندي بن حاج شعبان بن حاج مالكوتش ، سنة 1126 هـ / 1714 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم
( 3058.2 / 402 ) .
النسخة الرابعة :
تقع في ( 4 ) أوراق ( 6-9 ) ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 1418,2 / 691 ) .
النسخة الخامسة :
تقع في ( 4 ) أوراق ( 27-30 ) ، مكتوبةٍ سنة 1116 هـ / 1704 م ، بخطٍ نسخي واضح ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2168,3 / 778 ) .
النسخة السادسة :(4/20)
تقع في ( 6 ) أوراق ( 198 - 203 ) ، مكتوبةٍ سنة 1142 هـ / 1730 م بخطٍ نسخي، و في آخرها ثبت باسم ناسخين هما بهلول بن سليم نوسنلي ( نسبة إلى بلدة نوسنة البوسنوية ) ، و محمد السوختة بن شعبان من مدرسة قركوز محمد بيك في موستار ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 4087 , 4 / 1123 ) ، و قد نقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
كما توجد لشروح نخبة الفكر عدة نسخ في مكتبات البوسنة ، هي :
الشرح الأوَّل :
بعنوان : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (1) .
للإمام ابن حجر العسقلاني ( 852 هـ / 1448 م ) ، صاحب المتن نفسه ،
و لهذا الشرح اثنتا عشرة نسخة خطية في مكتبات البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ( 33 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ ، سنة 1127 هـ / 1715 م .
و على هذه النسخة تملك باسم الحاج مصطفى ، مفتي المأذون في سراييفو ، سنة 1157 هـ / 1744 م ، و الحاج عبد الله بن حاج أحمد ماتشكوفيتش .
و هي من أوقاف مميش آغا كاسوماغيتش ، و تحفظ اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 725,5 / 113 ) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 40 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ جميل ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و هي من أوقاف سالم أفندي مفتيتش ، و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 937 / 387 ) .
النسخة الثالثة :
توجد منها نسخةٌ خطيَّة ، و تقع في ( 48 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، كتبها أحمد بن الحسين ، و لم يؤرخ لكتابته .
و هي من أوقاف سالم أفندي مفتيتش , و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2221,1 / 391 ) .
__________
(1) ... ذكره بروكلمان 2 / 68 ، و هو كتاب مطبوعٌ نشرته المكتبة التجارية الكبرى بالقاهرة ، سنة 1368هـ / 1949 م .(4/21)
النسخة الرابعة :
تقع في ( 48 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي و نسخي ، كتبها خليل بن عمر الأرزنجاني، سنة 1165 هـ / 1752 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2678 / 392 ) .
النسخة الخامسة :
تقع في ( 57 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخي جميل ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 3486 / 393 ) .
النسخة السادسة :
تقع في (27) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و عليها أختام بأسماء مُلاَّكٍ ، لم تتضح أسماؤهم ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو,تحت رقم ( 3955 / 394 ) ، و قد نقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة السابعة :
تقع في ( 50 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخي و تعليقي ، كتبها أحمد بن يوسف بمدرسة جرقلي ، في نكدة ، بتركيا سنة 1143 هـ / 1731 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (4147 / 395 )
النسخة الثامنة :
تقع في ( 32 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (3058,3/402) .
النسخة التاسعة :
تقع في ( 24 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 3655,3 / 2102 ) ، و قد نقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة العاشرة :(4/22)
تقع في ( 40 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2035,1/ 390 ) ، و هي من أوقاف هرمو زاده
النسخة الحادية عشرة :
تقع في (40) ورقة ( 90-130 ) ، مكتوبةٍ سنة 1156 هـ / 1743 م ، بخطٍ نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 1489,5 / 697 ) .
النسخة الثانية عشرة :
تقع في ( 22 ) ورقة ( 33-65 ) ، مكتوبةٍ سنة 1116 هـ /1704 م ، بخطٍ نسخي واضح ، لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2168,4 /
778) .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : مصطلحات أهل الأثر على نخبة الفكر (1) .
و هو عبارة عن حاشية من تأليف علي بن سلطان محمد الهروي القاري ، المعروف بالملا علي القاري ( ت : 1014 هـ / 1606 م ) (2) .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/395 ، و حاجي خليفة ، في : كشف
الظنون : 2/1937 ، و هو كتابٌ مطبوع ، نشرته مكتبة أُخُوَّت باسطنبول في 269 ص ، سنة 1327هـ / 1909 م .
(2) ... علي القاري الهروي ، هو : الحنفي ، نزيل مكة ، عالم موسوعي ، اشتهر ذكره ، وطار صيته ، وألف التآليف الكثيرة المفيدة ، و التي منها :ع مرقاة المفاتيح لمشكاة المصابيح ، و أنوار القرآن و أسرار الفرقان ، و شرح الشمائل ، و شرح الشفا و غيرها ، قال المحبي : لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة ، لاسيما الشافعي وأصحابه و اعترض على مالك في إرسال اليد في الصلاة – إلى أن قال – و بالجملة فقد صدر منه أمثال لما ذكر ،كان غنيا عن أن تصدر منه ، و لولاها لاشتهرت مؤلفاته بحيث ملأت الدنيا لكثرة فائدتها ، و حسن انسجامها .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 3 / 185 البدر الطالع للشوكاني 1 / 445 ، معجم المؤلفين 7 / 100 .(4/23)
و توجد منه نسخةٌ خطيَّة واحدة في البوسنة ، تقع في ( 135 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ و تعليقي ، كتبها الحاج محمد بن وليّ الدين المدرِّس ، سنة 1196 هـ/1781 م .
و هي من أوقاف أحمد عاصم متوليتش ، سنة 1284هـ / 1867 م ، على مكتبة الغازي خسرو بيك، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , تحت رقم ( 324 / 396 ) .
الشرح الثالث :
و هو بعنوان : حواشي نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر
تأليف إبراهيم الكردي (1) .
يوجد منه نسخةٌ خطيَّة واحدة في البوسنة ، تقع في ( 13 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ و تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 4، 3655 ) ، و قد نقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الشرح الرابع :
و هو بعنوان : شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر .
لمؤلِّفٍ مجهول .
توجد نسخةٌ خطيَّة واحدةٌ منه في البوسنة ، تقع في ( 35 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ
نسخيٍ و تعليقي ، مكتوبةً سنة 1119 هـ / 1707 م ، بخطِّ الكاتب عثمان . وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 1316 / 389 ) ، و قد نقلت إليها من شهدي أفندي .
الكتاب الخامس :
نظم نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر (2) .
__________
(1) 2 ... إبراهيم الكردي : لعله إبراهيم بن عبد الكريم الكردي ، الحلبي ، دخل بلاد العجم ، و أقام بمكة ، و كان حسن الخلق ، كثير البشر بالطلبة ، مات سنة 840 هـ / 1437 م .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 1 / 19 ، شذرات الذهب 9 / 340 . هو إبراهيم بن إبراهيم اللقاني ( نسيته إلى قرية بمصر ) برهان الدين ، فقيه مصري ، توفي سنة 1041 هـ
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر : 1/6 و هدية العارفين : 1/30 و معجم المؤلفين : 1/2
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1936 .(4/24)
تأليف كمال الدين محمد بن محمد بن حسن الشمني ( ت : 821 هـ /
1418 م ) (1) .
توجد منه نسخةٌ خطيَّة واحدة في البوسنة، تقع في ( 4 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ و تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 2 ، 1868 / 2127 ) ، و قد نقلت إليها من شهدي أفندي .
الكتاب السادس :
رسالة في أصول الحديث .
تأليف محمد بن بير البركوي ( ت : 981 هـ / 1574 م ) (2) .
توجد منه ثلاث نسخ خطيَّة في مكتبات البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ( 8 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ ، مكتوب سنة 1163هـ /1750م و لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 675,7 / 2107 ) .
النسخة الثانية :
__________
(1) ... الشمني : نسبة إلى شمنه مزرعة بباب قسطنطينية ، ثم الإسكندري القاهري ، المغربي الأصل ، المالكي ، فقيه ، أصولي ، تقدم في الحديث و صنف فيه ، تخرج بالزركشي و العراقي ، ونظم الشعر ، و أصيب في بعض
كتبه .
انظر ترجمته في: : إنباء الغمر 7 / 339 ، الضوء اللامع 9 / 74 ـ 75 ، هديّة العارفين ، للبغدادي : 2/183، شذرات الذهب 9 / 221، معجم المؤلفين 11 / 208 ـ209 .
(2) 1 ... البركوي : تقي الدين ، رومي ، نحوي ، و فقيه حنفي ، و مفسر ، و محدث ، و واعظ ، توفي سنة 981 هـ / 1573 م رومي ، له : شرح لب الألباب في علم الإعراب للقاضي البيضاوي ، و الأربعون في الحديث .
انظر ترجمته في : هديّة العارفين ، للبغدادي : 2 / 252 و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 9 / 123 .(4/25)
تقع في ( 4 ) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و عليها تملك باسم صالح عزَّت ، و هرموزاده صالح أفندي، و قد أوقفها هرموزاده صالح أفندي , على من ينتفع بها من بعده ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 7 ، 675 / 2107 ) .
النسخة الثالثة :
تقع في خمس أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 3562 / 400) .
و للكتاب شرحٌ بعنوان : شرح رسالة البركوي في أصول الحديث (1) .
تأليف داود بن محمد القارصي ( ت : 1169هـ /1756 م ) (2) .
و توجد منه ثلاث نسخ خطيَّة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ( 23 ) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، كتبها عثمان بن محرم الفوتشوي ( نسبة إلى مدينة فوتشا البوسنوية ) ، سنة 1212 هـ / 1798 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (3285,1/397).
النسخة الثانية :
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 440 . وقد طبع باسطنبول ، طبع أول نوب سنة 1298 هـ / 1881 م ، في 48 صفحة ، وبهامشه شروح و تعليقات لمصطفى شوكت .
(2) ... القارصي : رومي ، نزيل مصر ، فقيه حنفي ، أديب ، فقيه و أديب ، رومي ، له مؤلفات في علم الكلام و المنطق .
له مؤلفات في علم الكلام و المنطق و آداب البحث .
انظر ترجمته في : تاج التراجم لابن قطلوبغا 20 ، 21 ، هديّة العارفين 1 / 363 ، معجم المؤلفين 4 /142 ارفين ، للبغدادي : 1/363 و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 4/142(4/26)
تقع في ( 47 ) ورقة ، كُتب في مصر بخطٍ نسخيٍ ، سنة1151 هـ / 1739 م و لا يُعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 1322,3 / 151 ) .
النسخة الثالثة :
تقع في ( 32 ) ورقة ( 124-155 ) ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار , ضمن مجموعٍ تحت رقم ( 710,10 /295 ) .
الكتاب السابع :
منظومة البيقوني في مصطلح الحديث ( و تعرف بالبيقونية ) (1) .
تأليف الشيخ عمر بن محمد بن فتوح الدمشقي البيقوني (2) .
توجد نسخة خطية كاملةٌ ، و قطعةٌ من نسخةٍ أخرى منها في البوسنة .
أمَّا النسخة الكاملة فتقع في ( 17 ) ورقة ( 5-21 ) ، مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي نسخة كاملة و عليها حواشٍ لم يُذكر اسم معلقها ، و قد أوقفها سليم أفندي مفتيتش ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (1356,2/2147) .
و أمَّا القطعة الأخرى فتقع في ورقتين ( 9-10 ) ، مكتوبتين بخط تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (1418,3/691) .
الكتاب الثامن :
نتيجة النظر في علم الأثر (3) .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 307 .
(2) 2 ... البيقوني : كان حيا قبل سنة 1080 هـ / 1669 م ، يعرف بـ ( طه ) ، محدث ، أصولي .
انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 5 / 44 .
(3) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/309 . و لها طبعات كثيرة متداولة .(4/27)
تأليف محمد بن حسن بن الهمات الحنفي الدمشقي (1) ( ت :1175 هـ /
1761 م )
توجد نسخةٌ خطيَّة واحدة منه في البوسنة ، تقع في ( 12 ) ورقة ( 56-
67 ) مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها مراد باشا زاده علي صادق شكري ، المدرس بمدرسة علي باشا ، سنة 1208 هـ / 1794 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو , ضمن مجموعٍ تحت رقم (1401,3/149) .
الكتاب التاسع :
رسالة في تقسيم الحديث .
تأليف الشيخ عمر الأسكوبي (2) ، من تلاميذ الشيخ محمد بن الهمات الدمشقي .
و توجد منه نسخةٌ خطيَّة واحدة في البوسنة ، تقع في ثلاثة أوراق ( 67-
69) مكتوبة بخط تعليقي ، كتبه مراد باشا زاده علي صادق شكري ، المدرس بمدرسة علي باشا ، سنة 1208هـ /1794 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم (1401,4/149) .
الكتاب العاشر :
رسالة في بيان أسماء الحديث على وجه الإيجاز .
لمؤلف مجهول .
يوجد منها نسخةٌ خطيَّة واحدة ، تقع في (3) أوراق ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخي لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم (1045,1/401) ، و قد نقلت إليها من محمد أنور قاضيتش .
الكتاب الحادي عشر :
رسالة في أقسام الحديث .
لمؤلف مجهول .
يوجد منها نسخةٌ خطيَّة وحيدة و ناقصة له في البوسنة ، و هي واقعة في ورقتين ، مكتوبتين بخطٍ نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
__________
(1) 2 ... ابن الهمات : الحنفي ، التركماني الأصل ، الدمشقي ، القسطنطيني ، شمس الدين ، أبو عبد الله ، محدث ، مسند أصولي ، شارك في العلوم ، ولد بدمشق سنة 1091 هـ / 1680 م ، و رحل إلى مكة ، و سكن القسطنطينية ، و توفي بمصر .
انظر ترجمته في : سلك الدرر 4 / 37 ـ 38 ، الأعلام 6 / 322 ـ 323 ، معجم المؤلفين 9 / 225 .
(2) 3 ... عمر الأسكوبي : لم أجد له ترجمة .(4/28)
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم (1045,2/401) و قد نقلت إليها من محمد أنور قاضيتش .
ثانياً : مخطوطات الطبقات و التراجم و رجال الأسانيد :
الكتاب الأوَّل :
مختصر كتاب الألقاب (1) للشيرازي (2) .
تأليف أبي الفضل محمد بن طاهر بن علي القَيسَراني المقدسي (ت:507هـ/ 1113م ) (3) .
و هو اختصارٌ لألقاب الشيرازي . قال ابن طاهر في مقدمة المختصر : )) أما
بعد ... فإني رأيت كتاباً لأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الشيرازي رحمه الله في ألقاب المحدثين ، لا يستغني المحدث عن كونه عنده ، و لم أجد من يرويه ، فاقتصرت منه على ذكر الأسماء دون إيراد أحاديثهم و حكاياتهم ، إذ كان ذلك هو المقصود من ذلك الكتاب ... (( .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/157 - 2/13921.
(2) ترجمة ... الشيرازي ، هو : أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن موسى ، أبو بكر ، الفارسي ، الحافظ ، الإمام ، الجوال ، الصدوق ، سكن همذان سنين ، ثم خرج منها إلى شيراز ، ومات فيها سنة 407 هـ / 1017 م
... انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 17 / 242 ـ 245 ، تذكرة الحفاظ 3 / 1065 ، الوافي بالوفيات 7 / 38 ، مرآة الجنان 3 / 20 ، شذرات الذهب 5 / 57 ، في هديّة العارفين ، للبغدادي : 5 / 71 .
(3) ... القيسراني المقدسي : الحافظ المحدث الرحال ، الظاهري الصوفي ، قال الذهبي : برع في هذا الشأن - يعني الحديث – و عني به أتم عناية ، وغيره أكثر إتقانا وتحريا منه . له : رجال الصحيحين ، و أطراف الكتب الستة .
انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ للذهبي ( مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية ، حيدر آباد ، الهند 1955م ) : 4 / 37 ، و سير أعلام النبلاء 19 / 361 ، و هديّة العارفين ، للبغدادي : 2//82 ، و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 10/98 .(4/29)
و يوجد في البوسنة نسخةٌ خطيَّة واحدة للكتاب ، و هي ناقصة من آخرها و يقع القدر الموجود منها في (24) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ قديم ، لا يعرف اسم كاتبها و لا تاريخ نسخها.
و هي محفوظة اليوم في في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم (2734,1/597)
الكتاب الثاني :
أعمار الأعيان (1) .
لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي (2) ( ت : 597هـ / 1204 م ) .
يوجد منه نسخة و حيدة في البوسنة ، تقع في (15) ورقة ، (96-110) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1024 هـ / 1615م ، و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى ، و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (300,9/162) .
الكتاب الثالث :
الإكمال في أسماء الرجال (3) .
تأليف ولي الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله الخطيب التبريزي ( ت نحو سنة 743هـ/1342م ) (4) .
و يشمل هذا الكتاب تراجم الرواة الذين أخرج حديثهم المؤلف رحمه الله في
( مشكاة المصابيح ) .
__________
(1) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/916 .
(2) 2 ... ابن الجوزي ، هو : عبد الرحمن بن علي بن محمد بن علي ، البكري ، الحنبلي ، الواعظ ، البغدادي ، أحد الأعلام ، ولد سنة 510 هـ / 1117 م ، صاحب التصانيف السائرة في فنون العلم .
انظر ترجمته في : التكملة لوفيات النقلة ترجمة 608 ، الوفيات لابن خلكان 3 / 140 ، سير أعلام النبلاء 21 / 365 ـ 384 ، تذكرة الحفاظ 4 / 1342 ، طبقات الحفاظ 1 / 480 ، المعين في طبقات المحدثين 1 / 182 .
(3) 3 ... طبع في دلهي بالمطبع المجتبائي سنة 1397 هـ / 1890 م ، في 44 صفحة ، مع مشكاة المصابيح .
(4) 4 ... و لي الدين التبريزي : محدث ، كمل ( المصابيح ) في الحديث ، و ذيل أبوابه ، و فرغ منه سنة 737 هـ / 1337 م ، كما
انظر ترجمته في : معجم المؤلِّفين لعمر رضا كحالة : 10/211 .(4/30)
و يوجد في البوسنة نسخة واحدة منه ، تقع في ( 128 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخي ٍ، كتبها صالح بن يحيى ، سنة 1200 هـ/1785 م ، و هي من أوقاف إبراهيم زفرانيا .
و هي محفوظة اليوم في في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (641/598) .
الكتاب الرابع :
سرح النهر لشرح الزهر (1) .
تأليف أبي عبد الله محمد بن عبد الدايم البرماوي ( ت:831هـ /
1428 م ) (2) .
يوجد في البوسنة نسخة خطية واحدة منه ، تقع في (139) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي ، كتبها أبو البركات محمد بن محمد العراقي ، عن نسخة المؤلِّف في حياته سنة 827 هـ / 1424 م .و في آخر هذه النسخة إجازة من المؤلِّف للناسخ برواية الكتاب عنه ، قال فيها : (( الحمد لله ... و بعد فقد قرأ عليَّ الشيخ ... أبو
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/958-959 ، و قال عنه و عن أصله و هو كتاب العمدة ما نصُّه : (( الزهر البسَّام فيمن ( فيما ) حوته عمدة الأحكام من الأنام ، لابن عبد الدائم محمد البرماوي الشافعي و هو أرجوزة ابتدأ فيها بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم الخلفاء الأربعة ، و الباقي على حروف المعجم ، و رمز فيها إلى الوفاة بالحروف ... ثمَّ شرحها و سمَّاه سرح النهر بشرح الزهر ، فرغ منه في شوَّال 796 هـ )) .
(2) ... البرماوي ، هو : محمد بن عبد الدايم بن موسى ، النعيمي ، العسقلاني ، البرماوي ،، نسبةته إلى برمة ( من الغربية ) بمصر ، أبو عبد الله ، شمس الدين ، الشافعي ، كان عالماً بالفقه و الحديث .
انظر ترجمته في :الأعلام للزركلي الضوء اللامع 7 / 281 ، حسن المحاضرة 1 / 250 ، البدر الطالع 2 / 181 . { { { { { { { { (((4/31)
البركات ... العراقي ، جميع هذا الكتاب قراءة بحث و تحقيق و مقابلة بالأصل الذي بخطي ، و قد أجزته أن يقرأه و يرويه عني ، و جميع ما يجوز لي و عني روايته و كذا أجزت لولده محمد ... و ذلك في مجالس آخرها في العشرين من جمادى الأولى سنة ثلاثين و ثمانمئة ، قال ذلك و كتبه : محمد البرماوي الشافعي ، عفا الله عنه ، و السلام )) .
و هذه النسخة من أوقاف سالم مفتيتش .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (3050/599) .
الكتاب الخامس :
المنتخب من كتاب الأوائل للعسكري (1) .
لمؤلف مجهول
يوجد منه نسخة واحدة في البوسنة ، تقع في عشرة أوراق (77-86) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1042 هـ / 1633 م ، و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى ، و محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (300,6/162) .
الكتاب السادس :
الوسائل إلى معرفة الأوائل (2) :
لجلال الدين السيوطي ( 911 هـ / 1505 م ) .
و هو تلخيص و ترتيب لكتاب الأوائل للعسكري .
يوجد منه نسخة و حيدة في البوسنة ، تقع في (29) ورقة ، (77-86) ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها صالح بن شعبان النِكْشِكَوي ، بسراييفو ، سنة 1211 هـ / 1796 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (3434,2/2122) .
الكتاب السابع :
__________
(1) 1 ... العسكري ، هو : الحسن بن عبد الله بن سهل بن سعيد ، أبوهلال ، اللغوي ، الأديب ، صاحب التصانيف ، كان عالما عفيفا ، توفي سنة 395 هـ / 1005 م .
انظر ترجمته في : البلغة في أئمة النحو و اللغة 1 / 87 ، طبقات المفسرين 1 / 44 .
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/200 ، 207 .(4/32)
محاضرة الأوائل و مسامرة الأواخر (1) .
تأليف الشيخ علاء الدين علي دده بن مصطفى الموستاري، الملقب بشيخ التربة (ت: 998 هـ/ 1590 م ) (2) .
لخص فيه كتاب الأوائل للسيوطي ؛ بحذف التكرار و الزوائد ، و زاد عليه كثيراً من كتب أخرى ، و أضاف إليه الأواخر ، و لم تكن مذكورة في كتاب السيوطي .
النسخة الأولى :
تقع في (117) ورقة (101-217) ، مكتوبة بخط نسخي، كتبها علاء الدين بن حرم الصوفي ، سنة 1129 هـ / 1717 م ، عن نسخة المصنف بالمشهد السليماني قرب سكتوار .و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم (3573,2/756) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 70 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و هي محفوظة في خزانة المحفوظات ، بموستار تحت رقم ( 627/269 ) .
الكتاب الثامن :
ذكر طبقات هذه الأمة .
لمؤلف مجهول .
توجد منه نسخة واحدة في البوسنة ، تقع في أربع أوراق (86-89) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1042 هـ / 1633 م .
و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (300,7/162) .
الكتاب التاسع :
الإسعاد فيما للكتب السبعة من الإسناد .
و هو كتابٌ جمع فيه مؤلفه الأسانيد التي روى بها الكتب السبعة ( الصحيحين و السنن ، و الموطأ ) .
تأليف محمد بن الحسن ، المعروف بابن الهمات ( 1175 هـ / 1761 م ) .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2 / 1610 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 427 ، و الشيخ محمد الخانجي رحمه الله ، في : الجوهر الأسنى ، ص: 138 ، و قال عنه : ( هو كتابٌ جليل نافع ، طبع في القاهرة مرتين ) .
(2) ... الشيخ علاء الدين : تقدمت ترجمته في فصل : أشهر علماء الحديث والمشتغلين به في البوسنة ، في الباب السابق .(4/33)
توجد نسخة واحدة منه في البوسنة ، و تقع في (6) أوراق ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ كبير ، كتبها المؤلف رحمه الله بنفسه .
و هي محفوظة اليوم في ضمن مجموع تحت رقم (3505,5/591) .
الكتاب العاشر :
أسماء أهل بدر :
لمؤلف مجهول .
يوجد منه نسختان فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
تقع في ( 18 ) ورقة ( 93 –110 ) ، مكتوبة بخط نسخي، لا يعرف اسم كاتبها، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم ( 2 ، 3807 / 761 ) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 7 ) أوراق ( 120 – 126 ) ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، كتبها الحافظ إبراهيم بن محمد السرائي ، حوالي سنة 1213 هـ / 1799 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم ( 3 ، 2569 / 772 ) ، و قد نقلت إليها من محمد أنور قاضيتش .
الكتاب الحادي عشر :
مزيل الاشتباه في أسماء الصحابة رضوان الله عليهم (1) .
تأليف الشيخ عبد الكريم بن ولي الدين بن يوسف بن ولي الدين ( ت نحو سنة 1100 هـ / 1689م ) (2) .
فرغ المؤلف من هذا الكتاب سنة 1057 هـ / 1647 م ، و هو كتابٌ في مجلد واحد ذكر فيه المؤلف أسماء الصحابة مرتبة على حروف المعجم .
__________
(1) 1 ... ذكره البغدادي في : هديّة العارفين 2 / 471 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي 2 /640 .
(2) 2 ... عبد الكريم بن ولي الدين : محدث ، له من التصانيف أيضا : تبيين الكلام في القيام و الصيام ، و تنوير السالكين و ترتيب الطالبين في الأحاديث الواردة في فضل الذكر سرا و جهرا و التهليل صريحا و ضمنا ، مجمع الفوائد و معدن الفرائد في الأحاديث الواردة في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - .
انظر ترجمته في : معجم المؤلفين 6 / 7 .(4/34)
و توجد منه نسخة وحيدة في البوسنة ، تقع في ( 140 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها حسن البيكاني ، و لم يذكر تاريخ النسخ ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 3013 /
601 ) .
الكتاب الثاني عشر :
مختصر السيرة النبوية و أخبار بعض الصحابة .
لمؤلِّف مجهول .
و هو كتابٌ صغير ذكر فيه المؤلف طبقات الصحابة مرتبة على حروف المعجم ، مثل :
- ذكر من صح أنه شهد بدراً .
- ذكر من آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
- ذكر المؤلَّفة قلوبهم .
و توجد منه نسخة وحيدة في البوسنة ، تقع في ( 23 ) ورقة ، (45-67) ، مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (300 / 4162 ) .
الكتاب الثالث عشر :
مشيخة أبي المعالي يحيى بن فضل الله بن مجلي بن دعجان القرشي العدوي العمري (1) ( 738 هـ / 1338 م ) .
تقع في ( 164 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه ، و قد كتبها للغازي علي باشا ، أحد أعيان البوسنة ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
( 1796 / 600 ) .
ثالثاً : مخطوطات علم غريب الحديث :
__________
(1) 1 ... أبو المعالي ، هو : القاضي ، محيي الدين ، أبو أحمد ، الدمشقي ، الشيخ الكبير ، الصدر الرئيس ، صاحب ديوان الإنشاء بالديار المصرية ، ولد بالكرك سنة 645 هـ / 1247 م ، سمع بدمشق و القاهرة و حدث بهما ، و كان كثير السكون مهيبا و قورا ، قال ابن رافع السلامي : ( خرج له بعض المحدثين مشيخة كبيرة ، و حدث بها ) .
انظر ترجمته في : الوفيات لابن رافع السلامي 1 / 216 ، معجم الشيوخ للذهبي 2 / 371 ، ذيل التقييد 2/ 305 ، الدرر الكامنة 4 / 424 ، حسن المحاضرة 1 / 394 ، النجوم الزاهرة 9 / 316 .(4/35)
غريب الحديث ، هو : العلم الذي يتناول حلَّ الألفاظ الواردة في الحديث النبوي ، و بيان معاني مفرداته ، و يختلف على شرح الحديث حيث يقف علم الغريب عند حدِّ بيان معنى الكلمة ، دون شرح عبارات الحديث ، أو استنباط أحكامه و حكمه ، بينما يتناول شرح الحديث هذه الأمور كلَّها ، و ربَّما زاد عليها ترجمة الرواة ، و رجال الإسناد .
و في مكتبات البوسنة نسخٌ خطيَّة لثلاثة كتب من أشهر ما صنِّف في غريب الحديث ، و هي :
الكتاب الأوَّل :
معاني الأخبار ، و يعرف باسم : بحر الفوائد (1) .
تأليف أبي بكر محمد بن إبراهيم بن يعقوب الكلاباذي البخاري (2) ( ت 380هـ/990م ) .
توجد نسخة خطية وحيدة منه ، و هي ناقصةٌ من نهايتها ، و تقع في
(304) أوراق ، مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ قديم . لا يعرف اسم كاتبها ، و لا تاريخ نسخها.
و هي من أوقاف داوود آغا على مدرسة أحمد آغا بموستار .
و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم (4094) .
و قد نقلت إليها من مكتبة قرجوز بيك ، بموستار .
الكتاب الثاني :
مشارق الأنوار على صحاح الآثار (3)
__________
(1) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/200 ، و حاجي خليفة ، في : كشف الظنون :1/225 .
(2) 2 ... محمد بن إبراهيم الكلاباذي ، هو : تاج الإسلام ، الحنفي ، وسماه بعضهم : محمد بن إسحاق . أصولي ، محدث ، صوفي ، من مصنفاته أيضا : الأشفاع و الأوتار ، التعرف لمذهب التصوف ، و شرحه : حسن التصرف ، و الأربعين .
(3) 1 ... ذكره حاجي خليفة في : كشف الظنون : 2/ 1687 ، و هو مطبوعٌ في المطبعة المولوية بفاس ، سنة 1329هـ / 1911 م ، ثمَّ نشرته المكتبة العتيقة بالقاهرة سنة 1397 هـ / 1977 م ، و أعادت نشره وزارة الأوقاف المغربية سنة 1402هـ / 1982 م بتحقيق البلعمشي أحمد يكن .(4/36)
تأليف القاضي أبي الفضل عِياض بن موسى اليحصبي (1) (ت :544 هـ 1149 م ).
يوجد منه نسخة خطية وحيدة (2) ، تقع في (475) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و عليها حواشٍ و تعليقات كثيرة بخط الشيخ محمد الخانجي رحمه الله الذي أتمَّ ما كان فيها من نقصٍ في بعض المواضع ، مستعيناً في ذلك بقيِّم مكتبة محمد أفندي تارابارا في دِرفينتا ، بالبوسنة .
و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو، تحت رقم (170) .
الكتاب الثالث :
البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير (3) .
تأليف الإمام عبد الوهاب بن أحمد بن علي الشعراني (ت : 973 هـ /
1656 م ) (4) .
__________
(1) 2 ... عياض بن موسى ، هو : السبتي ، المالكي ، العلامة ، عالم المغرب ، إمام الحديث في وقته ، و أعرف الناس بعلومه ، و بالنحو و اللغة و كلام العرب و أيامهم و أنسابهم ، من مصنفاته كتاب الشفاء الذي لم يسبق إلى مثله .
انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ للذهبي 4 - 96 ، شذرات الذهب 6 / 226 ، هديّة العارفين ، للبغدادي : 1 - 805 و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 8-16 .
(2) 3 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/ 295 تحت رقم 482 .
(3) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/338 ، و هو كتاب مطبوعٌ ، نشرته في القاهرة المطبعة الكستليَّة ، سنة 1280 هـ / 1864 م .َ
(4) 2 ... الشعراني : الأنصاري ، الشافعي ، الشاذلي ، المصري ، أبو المواهب و أبو عبد الرحمن ، فقيه ، أصولي ، محدث صوفي ، مشارك في أنواع من العلوم ، له : شرح جمع الجوامع في أصول الفقه للسبكي .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 544 ، هديّة العارفين ، للبغدادي : 1/ 641 ، معجم المؤلِّفين لعمر رضا كحالة : 6/ 218 .(4/37)
توجد منه نسخة وحيدة (1) ، و هي كاملة تقع في (80) ورقة ، مكتوبة بخطٍ تعليقي ، كتبها عبد الله قنطميري .
و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 1688 / 1 ) ، و قد نقلت إليها من مكتبة الشيخ محمد الخانجي رحمه الله .
المبحث الثاني
مخطوطات علم الحديث روايةً
أوَّلاً : الكتب الستة .
يطلق العلماء مصطلح الكتب الستة على ، الصحيحين و السنن الأربعة ، أي أنَّها تشمل :
1) الجامع الصحيح ، و هو صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري .
2) صحيح الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري .
3) السنن الكبرى ، و هو سنن الإمام النسائي .
4) الجامع الصحيح ، و هو سنن الإمام الترمذي .
5) سنن الإمام أبي داود .
6) سنن الإمام ابن ماجة القزويني .
و قد وقفت على نسخٍ خطيَّة لثلاثة كتبٍ من هذه الكتب الستة ، و هي :
الكتاب الأوَّل :
الجامع الصحيح ، المعروف بصحيح البخاري .
تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري الجعفي (2) (ت : 256هـ / 870 م ) :
و توجد ثمانية عشر نسخة خطيَّة لأجزاء منه في مكتبات البوسنة و الهرسك ، فيما يلي وصفها :
... النسخة الأولى :
__________
(1) 3 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/361 تحت رقم 577 .
(2) 1 ... البخاري : شيخ الإسلام ، و إمام الحفاظ ، كان رأسا في الذكاء ، رأسا في العلم ، رأسا في الورع و العبادة كان يقول : أحفظ مئة ألف حديث صحيح ، و مئة ألف حديث غير صحيح . قال ابن خزيمة : ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من البخاري .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 2 / 4 ، الأنساب للسمعاني 2 / 68 ، وفيات الأعيان لابن خلكان 4 / 188 ، طبقات الحنابلة 1 / 271 ، طبقات السبكي 2 / 212 .(4/38)
... تقع في ( 131 ) ورقة ، و هي للجزء الأول من ( الصحيح ) ، و قد تمّ نسخها سنة 1041هـ/1631م ، بخط نسخي جميل ، كتبها عبد القادر بن مصطفى الأزهري بالقاهرة سنة 841هـ / 1437م ، و قرأها على الشيخ علاء الدين القلقشندي (1) ( ت 856 هـ / 1452 م ) .
تبدأ هذه النسخة من أوَّل الصحيح ، حتى نهاية أبواب الاعتكاف ، و عليها سماعات و إجازات عدّة .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (110/403) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثانية :
... تقع في (187) ورقة ، و هي للجزء الثاني من ( الصحيح ) ، و قد تمّ نسخها ، بخط نسخي جميل ، كتبها عبد القادر بن مصطفى الأزهري في القاهرة سنة 841هـ / 1437م ، و قرأها على الشيخ علاء الدين القلقشندي أيضاً .
... تبدأ هذه النسخة بكتاب البيوع ، و تنتهي بباب إسلام سلمان الفارسي
- رضي الله عنه - (2) ، و عليها سماعات و إجازات عدّة . و هي كما يبدو مكملة للنسخة المذكور
سابقاً .
__________
(1) 1 ... علاء الدين القلقشندي ، هو : علي بن أحمد بن إسماعيل المصري ، الشافعي ، القرشي ، العلامة ، فقيه ، أصولي ، لغوي ، شارك في عدة علوم ، و تصدى للإفتاء و التدريس ، و انتفع به الطلبة .
انظر ترجمته في : معجم الشيوخ لابن فهد ص 166 ، الضوء اللامع 5 / 161 ، شذرات الذهب 9 / 422 ، معجم المؤلفين 7 / 10 .
(2) 2 ... سلمان الفارسي - رضي الله عنه - ، هو : أبو عبد الله ، سابق الفرس إلى الإسلام ، صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - و خدمه ، وحدث عنه، و كان لبيبا حازما ، من عقلاء الرجال و عبادهم و نبلائهم ، توفي بالمدائن سنة 33 هـ / 654 م .
... انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 4 / 54 ، حلية الأولياء 1 / 185 – 208 ، سير أعلام النبلاء 1 / 505 – 558 ، تهذيب التهذيب 4 / 137 .(4/39)
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (114/404) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثالثة :
... تقع في (435) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها عبد الله بن أحمد بن حاجي خليل القنطميري ، و لم يذكر سنة النسخ و لا مكانه .
... تبدأ هذه النسخة بباب المغازي ، و تنتهي بنهاية ( الصحيح ) ، و في نهايتها حاشية فيها ذكر جوانب من سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و هي منسوبة إلى الإمام محيي الدين النووي رحمه الله (1) ( ت 676 هـ/ 1278 م ) .
و محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (330/405) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الرابعة :
... تقع في (511) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها عبد المعطي الخليلي الأزهري المقدسي ، سنة 1141هـ/1728م ، في المسجد الأقصى ببيت المقدس .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (121/406) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الخامسة :
... تقع في ( 422 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، و تعليقي في بعض المواضع ، كتبها إلياس بن يحيى بن حمزة الرومي ، سنة 821 هـ / 1418 م ، في خانقاه الخواجة محمد بارسة ، قرب مدينة بُخارى .
__________
(1) 1 ... محيي الدين النووي ، هو : يحيى بن شرف بن مري ، أبو زكريا الحزامي ، الحواربي ، الشافعي ، ولد سنة 631هـ/ 1233 م ، إمام حافظ ، فقيه بارع ، ولي مشيخة دار الحديث بعد أبي شامة إلى أن مات ، كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا و تصحيحا .
انظر ترجمته في : طبقات الأسنوي 2 / 476 ، تذكرة الحفاظ 4 / 1470 – 1486 ، البداية و النهاية 13/278 – 279 ، طبقات الشافعية للسبكي 8 / 395 – 400 ، النجوم الزاهرة 7 / 278 .(4/40)
... و على النسخة هذه ما يفيد ملكيتها للشيخ محمد متولى السلطان بايزيد ، و قد وقفها في مدينة سولون ، سنة 1131هـ / 1718 م ، و عليها أوقاف أخرى آخرها باسم هرمو زاده .
... و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 443 / 407 ) .
النسخة السادسة :
... تقع في (267) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، لا يعرف كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
... و تبدأ هذه النسخة بكتاب الحج ، و تنتهي بباب فضل عائشة رضي الله عنها .
... و هي من أوقاف أحمد عاصم بن محمد متوليتش سنة 1269 هـ/ 1852 م على مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
... و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (451/408) .
النسخة السابعة :
... تقع في (292) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، مكتوبة سنة 700 هـ / 1300 م ، و لا يعرف اسم الناسخ ، و لا مكان النسخ .
... و تبدأ هذه النسخة بباب الاستئذان من أجل البصر ، و تنتهي بنهاية الجزء ، و عليها قراءاتٌ عدة .
... و عليها ما يفيد ملكيتها لمحمد رفدي المدرس بمدرسة خير الدين باشا .
... و هي من أوقاف هرمو زاده .
... و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (455/409) .
النسخة الثامنة :
... تقع في (254) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن يوسف الدميري ، و لا يعرف مكان النسخ أو تاريخه .
... و تبدأ هذه النسخة بكتاب البيوع ، و تنتهي بباب دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - على كفار قريش ، و عليها سماعاتٌ عدة .
... و هي من أوقاف محسن زاده عبد الله باشا والي البوسنة سنة 1146هـ/
1733م .
... في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (498/410) .
النسخة التاسعة :
... تقع في (242) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها أحمد بن أحمد بن صدقة بن حسين الفارسكوري الغمري ، و لا يعرف مكان النسخ أو تاريخه .(4/41)
... و تبدأ هذه النسخة بباب النذر فيما لا يملك و في معصية ، و تنتهي بنهاية ( الصحيح ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (584/411) .
النسخة العاشرة :
تقع في (192) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها علي بن برجة الصرخاني ، و جزَّأها إلى ثلاثين جزءاً ، و لا يعرف مكان النسخ أو تاريخه .
و تبدأ هذه النسخة باب الاستعفاف عن المسألة من كتاب الزكاة ، و تنتهي بنهاية الكتاب .
و هي من أوقاف هرموزاده عزَّت صالح أفندي.
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1525/412) .
النسخة الحادية عشر :
تقع في (248) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و تبدأ هذه النسخة بكتاب القدر ، و تنتهي بنهاية الجزء السادس من (الصحيح) و عليها ثبت قراءة باسم زين الدين عبد الرحمن الآمدي بن إبراهيم بن محمد سنة 875 هـ /1470 م .
و هي من أوقاف مميش آغا كاسوماغيتش .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 1555 / 413 ) .
النسخة الثانية عشر :
تقع في (215) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم ناسخها و لا مكان النسخ أو تاريخه .
تبدأ هذه النسخة من أوَّل الصحيح ، و تنتهي بباب لبس الخفين للمحرم إذا لم يجد النعلين .
و عليها ما يفيد ملكيتها لقاسم بن إبراهيم بن قاسم بن علي سنة 1203هـ/1788م ، ثُم أحمد سعيد بن أحمد سنة 1208هـ/1793م ، ثمَّ مصطفى بن محمد بن خليل موكا زاده الموستاري .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3754/416) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الثالثة عشر :
تقع في (361) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ أو تاريخه .(4/42)
تبدأ هذه النسخة من باب قول الله تعالى { فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام } ] البقرة : 184 [ ، و تنتهي بنهاية الجزء الأوَّل من
( الصحيح ) .
و عليها ما يفيد ملكيتها لمصطفى بن محمد بن خليل موكازاده الموستاري .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3748/416) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الرابعة عشر :
تقع في (185) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الماجدي الشافعي ، سنة 876 هـ/1471م .
تبدأ هذه النسخة من كتاب الأيمان و النذر ، و تنتهي بنهاية الجزء الثامن من ( الصحيح ) .
و عليها إجازة برواية الصحيح و سائر مرويات الإمام أحمد بن إبراهيم بن أحمد الزرعي الدمشقي الشافعي (1) ، لبهاء الدين أحمد بن الشيخ شمس الدين الحمصي .
و عليها ما يفيد ملكيتها لأحمد آغا البوشناقي ، سنة 1055هـ/1645م .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3798/418) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الخامسة عشر :
تقع في (171) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن سليمان العرَّائي ، سنة 880هـ/1475م .
و عليها ما يفيد ملكيتها لأحمد آغا البوشناقي ، سنة 1055هـ/1645م ، الذي أوقفها على مدارس موستار .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3813/419) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة السادسة عشر :
تقع في (24) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ولا مكان النسخ أو تاريخه .
__________
(1) 1 ... الزرعي الدمشقي ، هو : شهاب الدين ، الأقباني الصوفي ( ت 932 هـ / 1526 م ) ، اشتغل بالعلم على والده برهان الدين ، و ابن عمته رضي الدين .
انظر ترجمته في : الكواكب السائرة 1 / 130 ، شذرات الذهب 10 / 254 .(4/43)
و أوَّل القدر الموجود هو باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد قيس على أن يحفظوا الإيمان و العلم ، و آخره بداية كتاب الصلاة من الصحيح .
و هي من أوقاف موستاي بيك جنتيتش على عقبه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (141/420) .
النسخة السابعة عشر :
تقع في (188) ورقة مكتوبة بخط نسخي كبير، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و القدر الموجود في هذه النسخة يبدأ من تفسير قوله تعالى { و الأرض جميعاً قبضته يوم القيامة } ] الزمر : 67 [ ، و ينتهي بنهاية كتاب التفسير من
( الصحيح ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (278/421) .
و على صلة بصحيح البخاري
و قفت في البوسنة على جزءٍ بعنوان : ( ثلاثيات البخاري ) (1) .
و هي لمؤلِّفٍ مجهول .
و الثلاثيات عبارة عن الأحاديث التي رواها الإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ، و بينه و بين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة رواة فقط .
و تقع هذه النسخة في ستة أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد بن حسن بن همات الدمشقي ( ت : 1175هـ/1761م ) ، و لم يشر إلى مكان النسخ أو تاريخه .
__________
(1) 1 ... قال حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : : المراد بالثلاثيَّات ما اتصل إسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، من الحديث بثلاثة رواة ، و تنحصر الثلاثيَّات في صحيح البخاري في (22) حديثاً ، الغالب منها عن مكي بن إبراهيم ، و هو ممَّن حدَّثه عن التابعين ، و هم في الطبقة الأولى من شيوخه ، مثل محمد بن عبد الله الأنصاري ، و أبي عاصم النبيل ، و أبي نعيم ، و خلاَّد بن يحيى ، و علي بن عبَّاس . اهـ(4/44)
و على هذه النسخة تعليقات مختصرة ، صرَّح الناسخ أنه اقتبسها من شرح أحمد بن أحمد العرفاني المصري ، حيث قال في نهاية المخطوط : (( لم أقف على جامع هذه الثلاثيات ، و وقفت على جمعٍ آخر لمحدث مصر أحمد بن العجمي (1) ، شكر الله مسعاه ، و جعل الجنة مثواه ... أوقعَ عليه شرحاً لطيفاً ، و هو كما قال في خطبة كتابه مستمدٌّ من فيض فتح الباري للحافظ بن حجر ، و جميع ما أشرت إليه في هوامش هذه الأحاديث من الشرح ، فالمراد به هذا الشرح ... ))
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3505/591) .
شروح البخاري
أمَّا شروح صحيح البخاري ، ففي البوسنة نسخٌ خطيَّة لأربعة منها ، و هي :
الشرح الأوَّل :
بعنوان : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري .
تأليف محمد بن يوسف بن علي الكرماني ( ت : 786هـ / 1384 م ) (2) .
و لهذا الشرح أو بعض أجزائه في البوسنة و الهرسك خمس نسخ خطية فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
__________
(1) 1 ... أحمد بن العجمي ، هو : أحمد بن أحمد بن محمد العرفاني ، المصري ، الشافعي ، شهاب الدين المعروف بالعجمي ( ت : 1086هـ / 1675 م ) ، له : شرح ثلاثيات البخاري ، و تنزيه المصطفى المختار عمَّا لم يثبت من الأخبار و الآثار ، و جمع أشعار الإمام الشافعي رحمه الله .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 1 / 175 و ما بعدها ، إيضاح المكنون 1 / 329 ، هدية العارفين 1 / 162 ، معجم المؤلفين 1 / 152 .
(2) 2 ... الكرماني : فقيه شافعي و محدث ، طاف البلاد ، دخل مصر و الشام و الحجاز و العراق ، ثم استوطن بغداد. مات عن تسع و ستين سنة ، له شرح صحيح البخاري المذكور أعلاه ، و شرح المواقف للإيجي . =
= ... انظر ترجمته في : طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3 / 245 بغية الوعاة في طبقات اللغويين و النحاة ، للسيوطي 1/279 ،النجوم الزاهرة 11 / 303 ، شذرات الذهب 8 / 505 .(4/45)
تحوي قطعة من الجزء الأول للكتاب ، تقع في (187) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي من أوقاف مميش آغا . ومحفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (598/428) .
النسخة الثانية :
و هي للجزء الأوَّل من الكتاب ، و تبدأ من أوَّله ، و تنتهي بنهاية كتاب الحوالات ، و تقع في (465) ورقة مكتوبة بخط نسخي قديم ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (334) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الثالثة :
و هي للجزء الثاني من الكتاب ، و تبدأ بكتاب الكفالة ، و تنتهي بنهاية الجزء ، و تقع في (523) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي قديم و جميل ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و عليها ما يفيد ملكيَّتها للقاضي زاهر بن سعد الله ، سنة 873 هـ / 1469 م ثم لمحمد بن عبد اللطيف الحنبلي ، ثم لأبي الفلاح عبد الحيِّ بن أحمد بن محمد بن العماد (1) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (465/425) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الرابعة :
و هي للجزء الثالث من الكتاب ، و تبدأ من كتاب الجمعة ، و تنتهي بباب من لم ير عليه صوماً ، و تقع في ( 196 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، كتبه محمد بن محمد بن أحمد الحجازي الغزي الشافعي (2)
__________
(1) 1 ... ابن العماد ، هو : شهاب الدين ، المؤرخ الإخباري ، الدمشقي الحنبلي ( ت 1089 هـ / 1678 م ) صاحب كتاب شذرات الذهب . انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 2 / 340 ، الأعلام 4/61.
(2) 2 ... الغزي ، هو : أبو الفضل رضي الدين ، عالم ، أديب ، مشارك في بعض العلوم أصله من غزة ، و ولد بدمشق و نشأ بها ، توفي سنة 935 هـ / 1529 م .
انظر ترجمته في :الكواكب السائرة 2 / 3 ، شذرات الذهب 10 / 292 ، الأعلام 7 / 56 ، معجم المؤلفين 11 / 184 .(4/46)
سنة 877 هـ / 1473 م . و لم يشر إلى مكان نسخها .
و هي من أوقاف هرمو زاده .
و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (495/426) .
النسخة الخامسة :
هي للجزء الرابع من الكتاب ، تبدأ من أوَّل كتاب البيوع ، و تنتهي بباب إسلام سلمان الفارسي - رضي الله عنه - ، و تقع في (240) ورقة ، و هي كسابقتها - و لعلَّها تتمة لها - مكتوبة بخط نسخي قديم ، كتبها محمد بن محمد بن أحمد الحجازي الغزي الشافعي سنة 877 هـ / 1473 م . و لم يشر إلى مكان النسخ .
و هي من أوقاف هرموزاده ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (454/427) .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : فتح الباري شرح صحيح البخاري (1)
تأليف الحافظ أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني ( ت : 852 هـ/ 1448م ) .
توجد في البوسنة قطعة من الجزء السابع من الفتح ، أوَّلها كتاب : علامات النبوة، و آخرها باب : كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب المغازي .
و تقع في (197) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، كتبها إبراهيم بن إبراهيم البصري .، و هي من أوقاف محمد ( ؟ ) رئيس الأطباء على عموم المسلمين في موستار .
و تحفظ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم :
(3821) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك .
الشرح الثالث :
و هو بعنوان : عمدة القاري شرح صحيح البخاري (2) .
__________
(1) 1 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/263 تحت رقم : 422 .
(2) 2 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/264 تحت رقم : 423(4/47)
تأليف الحافظ بدر الدين محمود بن أحمد بن موسى العيني الحنفي (1) (ت : 855هـ / 1451 م ) .
و ليس لهذا الشرح في البوسنة سوى نسخة من جزئه الأول ، تبدأ ببدايته ، و تنتهي بباب الصلاة بين السواري في غير جماعة .
و تقع في (575) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم و جميل ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف أحمد آغا على مدرسته في موستار ، سنة 1064 هـ / 1654 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3740) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك .
الشرح الرابع :
بعنوان : إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري .
تأليف أحمد بن محمد الخطيب القسطلاني (2) ( ت : 923 هـ / 1517 م ) .
توجد للكتاب نسخة خطية واحدة في البوسنة ، تشمل الأجزاء الثلاثة الأُول ، إضافة إلى الجزء الخامس منه .
يقع الجزء الأوّل في (482) ورقة ، و يبدأ من أوَّل الشرح و ينتهي بباب : هل يؤذن أو يقيم إذا جمع بين المغرب و العشاء .
و يقع الجزء الثاني في (118) ورقة ، و يبدأ بباب : يؤخر الظهر إلى العصر إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس ، و ينتهي بباب منتهى التلقي من كتاب البيوع .
__________
(1) 1 ... العيني : برع في الفقه ، و التفسير ، و الحديث ، و اللغة ، و النحو ، و التصريف ، و التاريخ ، وكان من أوعية العلم ، و قاضي قضاة الحنفية بالديار المصرية ، صاحب التصانيف المفيدة .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 10 / 131 ، بغية الوعاة 2 / 275 ، النجوم الزاهرة 16 / 8 ، شذرات الذهب 9 / 418 .
(2) 2 ... القسطلاني : شهاب الدين ، أبو العباس الشافعي ، فقيه ، مقرئ ، محدث ، مسند ، ولد بمصر سنة 851 هـ / 1447 م ، لم يكن له نظير في الوعظ ، حسن الجمع و التأليف .
انظر ترجمته في : الكواكب السائرة 1 / 126 – 127 ، شذرات الذهب 10 / 169 – 170 ، الأعلام 1/232 .(4/48)
و يقع الجزء الثالث في (609) ورقة ، و يبدأ بباب : إذا اشترط شروطاً في البيع لا تحل ، من كتاب البيوع ، و ينتهي ببداية كتاب المناقب .
و يقع الجزء الخامس في (554) ورقة ، و يبدأ بباب : قوله تعالى { و لو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم ... } ] الحجرات : 5 [ و ينتهي بنهاية باب : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا ... }
] المجادلة:11 [ .
و مجموع مايوجد من الكتاب واقع في (1763) ورقة مكتوبة بخط نسخي كتبها الناسخ عبد الغني الشبراوي الأزهري ، سنة 1162هـ / 1749 م .
و الكتاب من أوقاف الحاج محمد باشا ، سنة 1166هـ / 1753 م .
و هو محفوظٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (116/429 و 119/433) ، و قد نُقل إليها من مكتبة ألجي إبراهيم بترافنيك .
الكتاب الثاني
صحيح الإمام مسلم بن الحجاج النيسابوري (1) .
لم أقف على أي نسخة خطيَّة منه في البوسنة ، و لكنَّ هناك نسخة لأجزاء من شرحه للإمام النووي ، و أخرى لشرح مختصر صحيح مسلم ، فيما يلي وصفهما :
الشرح الأوَّل :
و هو بعنوان : المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج .
تأليف يحيى بن شرف النووي ( ت :676هـ/1277م ) .
و توجد نسخة خطية من جزئه الثالث ، تبدأ بكتاب الحج ، و تنتهي بكتاب الإمارة ، و تقع في (257) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها علي بن محمد الكتبي ، و لم يشر إلى مكان النسخ أو تاريخه .
__________
(1) 1 ... مسلم بن الحجاج : القشيري ، أبو الحسين ، الحافظ الحجة الصادق ، أحد أئمة الدنيا .
انظر ترجمته في : الجرح و التعديل 8 / 182 ، تاريخ بغداد 13 / 100 ، الأنساب للسمعاني 4 / 503 ، سير أعلام النبلاء 12 / 557 .(4/49)
و على هذه النسخة ما يفيد مقابلتها على نسخة الشيخ علاء الدين بن العطَّار (1) ، المنقولة من نسخة المصنِّف الإمام النووي رحمه الله تعالى .
و عليها ما يفيد ملكيتها لإبراهيم بن حمزة الشهير بعشاقي زاده .
و هي من أوقاف كاسوماغيتش مميش آغا .
و هي تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (446/552) .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : شرح مختصر صحيح مسلم .
لمؤلِّفٍ مجهول (2) .
توجد نسخة خطية لقطعة منه ، أوَّلها : في حكم ما افتتح من القرى بقتالٍ أو بغير قتال ، و آخرها : تنفيل و فد المسلمين بالأسرى ، و تقع في (341) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي من أوقاف إبراهيم باشا من أهالي بوجيتيل ، و هي قرية قرب موستار .
و النسخة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3801/555) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الكتاب الثالث :
__________
(1) 1 ... علاء الدين ابن العطار ، هو : علي بن إبراهيم بن داود الشافعي ، يلقب بمختصر النووي ، محدث ، فقيه ، زاهد عابد ، له مصنفات مفيدة ، و هو أشهر أصحاب النووي و أخصهم به ، لزمه طويلا ، و كتب مصنفاته توفي بدمشق سنة 724 هـ / 1324 م .
انظر ترجمته في : طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2 / 355 – 356 ، البداية و النهاية 14 / 117 ، المعجم المختص للذهبي ص 156 ، شذرات الذهب 8 / 114 .
(2) 2 ... ذكر حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 558 أنَّ لصحيح مسلم مختصرين أحدهما لأبي الفضل محمد بن عبد الله المريسي ( ت : 656 / 1257 م ) ، و لم يذكر له شرحاً ، و ثانيهما لزكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري ( ت : 656 هـ / 1258 م ) ، و لهذا المختصر شرحان : الأوَّل لعثمان بن عبد =
= ... الملك الكردي المصري ( ت : 738 هـ / 1336 م ) ، و الآخر لمحمد بن أحمد الإسنوي ( ت : 763هـ / 1361 م ) .(4/50)
السنن (1) :
تأليف أبي عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني ( ت : 273 هـ /
887 م ) (2) .
توجد نسخة وحيدةٌ كاملة منه (3) ، تقع في (501) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، كتبها محمد الخليلي الشافعي .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1604) .
و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
ثانياً : المسانيد
المسانيد ، هي : كتبٌ مرتبة على أسماء رواة الأحاديث من الصحابة ، بحيث تجمع كلَّ ما رواه الصحابي ، و رُوي عنه ، في مكانٍ واحد ، بغض النظر عن موضوعاتها الفقهية .
و في البوسنة منها كتاب : فردوس الأخبار بمأثور الخطاب (4) .
تأليف أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الحمداني ( ت : 509 هـ/ 1116 م ) .
توجد نسختان خطيتان منه في البوسنة فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
__________
(1) 1 ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2 / 1004 ، و هو كتاب مطبوعٌ معروف .
(2) 2 ... ابن ماجه : الربعي مولاهم ، أبو عبد الله ، حافظ قزوين في عصره ، ثقة كبير ، متفق عليه ، محتج به ، ارتحل إلى العراقين ، ومكة ، و الشام ، و مصر ، و الري ؛ لكَتْب الحديث ، ولد سنة 209هـ / 824 م ، من آثاره : تاريخ قزوين ، و تفسير القرآن .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 4 / 279 ، تهذيب الكمال 27 / 40 ، تذكرة الحفاظ 2 / 636 ، سير أعلام النبلاء 13 / 277 ، البداية و النهاية 11 / 52 ، طبقات المفسرين 2 / 272 .
(3) 3 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركييَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/267 تحت رقم : 434 .
(4) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/344 و حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2 / 1254 ، و هو كتابٌ مطبوع ، نشرته دار الكتب العلمية ، في بيروت ، سنة 1406هـ/ 1986م ، بتحقيق محمد السعيد البسيوني .(4/51)
تقع في ( 417 ) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي قديم ، كتبها عبد السلام بن محمد بن حسن بن علي الخوارزمي ، سنة 546 هـ / 1151 م في المدرسة العمادية بهمذان ، و هي ناقصة من بدايتها ، و فيها سَقَطٌ في مواضع عدَّة ، و قد أوقفها محمد أفندي مفتيتش ، المدرس بمدرسة الغازي خسرو بيك ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات تلك المدرسة بسراييفو تحت رقم : ( 475 / 451 ) .
و هذه النسخة أقدم ما يوجد في البوسنة من مخطوطات الحديث النبوية ، و قد كتبت سنة 546 هـ / 1151م ، أي بعد وفاة المؤلف رحمه الله بإحدى و ثلاثين سنة فقط .
النسخة الثانية :
و تقع في (138) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه و هي كسابقتها كثيرة النقص و السقط . و أوَّل القدر الموجود منها : فصلٌ في إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما باباً (1) ، و آخره حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
(( إذا اغتسلت المرأة من حيضها نقضت شعرها )) (2) ،
__________
(1) 1 ... وهذا الفصل منزوع من حديث ، و لفظه كاملاََ :
إذا اجتمع الداعيان فأجب أقربهما باباَ ، فإن أقربهما باباَ أقربهما جواراَ ، و إذا سبق أحدهما فأجب الذي يسبق .
و هو حديث حسن :
أخرجه أبو داود ( 3756 ) في الأطعمة ، باب : إذا اجتمع داعيان أيهما أحق . و أحمد في " مسنده " 5 / 408 ، و إسحاق بن راهويه في " مسنده " 3 / 755 ( 1368 ) ، و الطحاوي في " مشكل الآثار "
( 2798 ) من طرق عن عبد السلام بن حرب ، حدثنا أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني ، عن أبي العلاء الأزدي ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ـ فذكره .
قلت : و إسناده حسن . رجاله كلهم ثقات سوى أبي خالد يزيد بن عبد الرحمن الدالاني ، فإنه صدوق
(2) 2 ... انظر : تهذيب الكمال 33 / 275 ، و ميزان الاعتدال 4 / 432 .
و قال ابن الملقن في " خلاصة البدر المنير" 2 / 208 : ( رواه أبو داود بإسناد فيه مقال ) .
و ضعفه الحافظ ابن حجر في " بلوغ المرام " ، فتعقبه الصنعاني في " سبل السلام شرح بلوغ المرام " 3 / 158 بقوله : ( و لكن رجال إسناده موثوقون ، و لا يدرى ما وجه ضعف سنده ) ، ثم ذكر إسناده ، و أقوال العلماء في أبي خالد الدالاني .
و ضعفه أيضاَ الحافظ في " تلخيص الحبير " 3 / 196 ، و قال : ( و رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة ، من رواية حميد بن عبد الرحمن ، عن أبيه به . و له شاهد في البخاري من حديث عائشة : قيل : يا رسول الله ، إن لي جارين ، فإلى أيهما أهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك بابا ) .
قلت : ورواية أبي نعيم ـ التي أشار إليها ابن حجر ـ في " معرفة الصحابة " ( 4683 ) رواها إسماعيل بن عمرو البجلي ، عن عبد السلام بن حرب به بنفس الإسناد . إلا أنه قال : ( عن أبيه ) . بدل : ( عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ) .
... و إسماعيل : ضعيف كما في " لسان الميزان " 2 / 118 . وقد خالف جماعة كما في الرواية السابقة ، وهي المحفوظة . =
= ... ضعيف :
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " ـ كما في " نصب الراية " 1/ 80 ـ و من طريقه الخطيب البغدادي في " تلخيص المتشابه " 2 / 341 ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 1 / 182 من طريق : مسلم بن صبيح ، ثنا حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - به .
ونقل الخطيب البغدادي ، عن الدارقطني قوله : ( هذا حديث غريب من حديث حماد بن سلمة ، عن ثابت عن أنس ، تفرد به مسلم بن صبيح ، عن حماد ، و لم نكتبه إلا من هذا الوجه ) .
و مسلم بن صبيح : تصحف اسمه عند الطبراني في " المعجم الكبير " 1 / 260 ( 755 ) ، و من طريقه الضياء في " المختارة " 5 / 68 ( 1693 ) إلى : سلمة بن صبيح ، و زاد في نسبه : اليحمدي .
قال الهيثمي في " المجمع " 1 / 273 : ( رواه الطبراني في الكبير و فيه سلمة بن صبيح اليحمدي ، و لم أجد من ذكره ) .
و قال الشوكاني في " السيل الجرار " 1 / 115 : ( في إسناده مسلم بن صبيح اليحمدي ، و هو مجهول ، وهو غير أبي الضحى مسلم بن صبيح المعروف فإنه أخرج له الجماعة ) .
و قد تساهل الضياء في إخراج هذا الحديث في كتابه ، مع جهالة مسلم ، و انفراده به عن حماد بن سلمة ، مع أن حماد بن سلمة إمام مشهور ، له أصحاب كثر اعتنوا بحديثه ، أين هم من هذا الحديث ؟!
ويبدو أن الصنعاني لم يقف على إسناده حيث قال في " سبل السلام " 1 / 92 : ( فهذا الحديث مع إخراج الضياء له وهو يشترط الصحة فيما يخرجه يثمر الظن في العمل به ) .(4/52)
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (2709/452) .
ثالثاً : المجاميع :
المجاميع : جمع ( مجمع ) ، و المقصود بالمجمع كل كتاب جمع فيه مؤلِّفه أحاديث عدة مصنَّفات ، و رتَّبها على ترتيب تلك المصنفات التي جمعها فيه (1) .
و في البوسنة منها :
الكتاب الأول :
مصابيح السنَّة (2) .
للإمام البغوي (3) ( ت 516 هـ / 1122 م ) .
وقد جمع الإمام البغوي في ( المصابيح ) الكتب الستة ( الصحيحين ، و السنن الأربعة ) ، و أضاف إليها سنن الدارمي (4) ، و عدة ما في مصابيح السنة من الأحاديث أربعة آلافٍ و سبعمئة و تسعة عشر حديثاً :
و لكتاب ( المصابيح ) أربع عشرة نسخة خطيَّة في مكتبات البوسنة و الهرسك فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (487) ورقة ، تمّ نسخها سنة 1121هـ / 1709 م ، في اسطنبول ، بخط نسخيٍّ ، كتبها مصطفى بن محمد بن علي زمينك ، مؤذن جامع جلبي زاده باسطنبول ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (248/453).
النسخة الثانية :
__________
(1) 1 ... أصول التخريج و دراسة الأسانيد ، للدكتور محمود الطحان ، ص : 103 .
(2) 2 ... ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " 2 / 1698 . و قد طبع في مطبعة بولاق بالقاهرة سنة 1294 هـ / 1877 م ، ثم أعيد طبعه بعد ذلك مرات .
(3) 3 ... البغوي ، هو : الحسين بن مسعود بن محمد ، أبو محمد محي الدين ، الفراء الشافعي ، الإمام العلامة القدوة ، فقيه ، محدث ، مفسر ، عابد ورع ، صاحب التصانيف المفيدة ، رحل إلى مَرْو الرّوْز ، و طاف بلاد خراسان ، و سمع خلقا كثيرا من علمائها ، ثم عاد إلى مرو الروز يؤلف الكتب ، حتى توفي عن ثمانين عاما . =
= ... انظر ترجمته في : طبقات المفسرين للداودي 1 / 175 ، تذكرة الحفاظ 4 / 1257 ، الطبقات الكبرى للسبكي 7 / 75 – 80 ، شذرات الذهب 6 / 79 ، النجوم الزاهرة 5 / 223 ، الأعلام 2 / 259 .
(4) ... اُنظُر : كشف الظنون ، لحاجي خليفة : 2/ 1698 .(4/53)
تقع في (267) ورقة ، تمّ نسخها سنة 714هـ/1314م ، بخط نسخي قديم كتبها الناسخ إسماعيل بن خليل بن جوبان ، و على هذه النسخة شروحٌ و تعليقات معظمها من شرح زين العرب (1) للمصابيح .
و هي من أوقاف موستاي بيك جنتيتش ، أوقفها سنة 1289هـ/ 1872 م ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (462/454) .
النسخة الثالثة :
تقع في (284) ورقة ، تمّ نسخها سنة 756 هـ / 1355 م ، بخط نسخي قديم كتبها الناسخ محمد بن خضر بن إسفَهلار ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (481/455) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الرابعة :
تقع في (242) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ عبد الله قنطميري ، و عليها ختم يثبت كونها نسخة موقوفة ، دون ذكر اسم الواقف ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (514/456) ، و قد نقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الخامسة :
تقع في ( 149 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي ناقصة من أولها و آخرها ، حيث تبدأ بالصفحة
( 105 ) من باب : الدعوات و تنتهي بحديث من باب : مناقب أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (589/457) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة المدرسة الفيضية .
النسخة السادسة :
تقع في (368) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم أحمد سيم زاده ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (678/458) .
النسخة السابعة :
تقع في (70) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه و هي كثيرة النقص ، سقط معظمها .
__________
(1) 2 ... زين العرب : تأتي ترجمته عند ذكر كتابه المذكور قريبا .(4/54)
... و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم :
( 2543 / 459 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة محمد أنور قاضيتش .
النسخة الثامنة :
تقع في (295) ورقة ، مكتوبة بخط نسخيٍّ دقيق ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف سليم مفتيتش ، و محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3080/460) .
النسخة التاسعة :
تقع في (378) ورقة ، تمّ نسخها سنة 1120 هـ / 1708 م ، بخط نسخي صغير ، كتبها سليمان بن حبيب ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3130/461)
النسخة العاشرة :
تقع في (320) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي واضح ، كتبها الناسخ محمد بن يوسف بن عمر ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3400/462) .
النسخة الحادية عشر :
تقع في ( 188 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، و هي نسخة ناقصة من آخرها ، و فيها سقط في بعض الأماكن ، و يتخلَّلها تعليقاتٌ و حواشٍ كثيرة و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3789 / 463 ) ، و نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الثانية عشر :
تقع في ( 144 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، و ربما كانت تكملة للنسخة السابقة الذكر ، و هي ناقصة في كثير من المواضع ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3790 / 464 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الثالثة عشر :(4/55)
تقع في ( 225 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه و هي ناقصة من أوَّلها حيث تبدأ بباب : أشراط الساعة من الصحاح ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3802 / 465 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
النسخة الرابعة عشر :
تقع في ( 201 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3899 / 466 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
شروح المصابيح
و إلى جانب مخطوطات ( المصابيح ) تتوفر في مكتبات البوسنة نسخ من شروحه الخمسة التالية :
الشرح الأوَّل :
بعنوان :شرح مصابيح السنة .
تأليف علي بن عبد الله بن أحمد المعروف بزين العرب (1) ( ت سنةَ 758 هـ/ 1286 م ) .
و لهذا الشرح أربع نسخ خطية في مكتبات البوسنة فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (287) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها يوسف بن إدريس بن عبد الوهَّاب ، البيبزاري ، و لا يُعرف مكان نسخها و لا تاريخه ، و هي ناقصة من أوّلها بنحو تسعين ورقة .
و عليها تملك مؤرَّخ في عام 1106هـ / 1695 م باسم شيت شكوري بن نوح بن أحمد الأسكوبي .
و هي من أوقاف سفرزو محمد أفندي بن محمد آغا ، البوسنوي ، من أهالي سراييفو ، و محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم :
(292/471).
النسخة الثانية :
__________
(1) 1 ... زين العرب : عالم بالحديث ، و نقل حاجي خليفة عن قاسم زاده ( أنه نخواني ) ، ثم تعقبه فقال : ( و الذي في شرح علي القارئ : أنه مصري ) .
انظر ترجمته في : كشف الظنون 2 / 1699 ، هديّة العارفين ، للبغدادي 1 /720 ، الأعلام 4/ 310 ، معجم المؤلفين 7 / 135 .(4/56)
ناقصة من بدايتها و نهايتها ، تقع (470) ورقة ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (331/472) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الثالثة :
تقع في جزأين عدة الأوَّل منها ( 274 ) ورقة ، و عدّة الثاني ( 363 ) ورقة ، و هي مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ عبد الله بن أحمد قنطميري البوسنوي سنة 1179 هـ / 1766 م ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 516 / 474 ) و ( 525 / 473 ) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الرابعة :
تقع في ( 464 ) ورقة ، تمّ نسخها سنة 1041 هـ / 1632 م ، بخط نسخي جميل .
كتبها المؤلف بنفسه ، و كفى بهذا دلالة على قيمتها العلمية و التاريخية ، و عليها ما يفيد مكليتها لمحمد الإزنكي ، و الحافظ أحمد أفندي بن محمد محمود بن علي ، و هي من أوقاف موستاي بيك جنتيتش على ذريته من بعده ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3779/478).
الشرح الثاني :
بعنوان : الميسر في شرح مصابيح السنة .
تأليف شهاب الدين فضل الله بن حسن التوربشتي ( المتوفّى سنة 661 هـ / 1263 م ) (1) .
و توجد منه نسخة خطية وحيدة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 1392 / 467 ) و تقع في ( 327 ) ورقة ، تمّ نسخها سنة 749 هـ / 1348 م ، بخط تعليقي دقيق ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه و قد نُقلت إليها من المكتبة الشهدية .
الشرح الثالث :
__________
(1) 1 ... التوربشتي : فقيه و محدث من أهل شيراز ، قال السبكي : ( شرح مصابيح البغوي شرحا حسنا ) . له أيضا : مطلب الناسك في علم المناسك ، و المعتمد في المعتقد ، و تحفة السالكين .
انظر ترجمته في : طبقات الشافعية الكبرى للسبكي 8 / 349 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 2 / 34، كشف الظنون : 1/ 366 ، 373 و 2 / 1698 و 1719 و 1733 .(4/57)
و هو بعنوان : تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة .
تأليف ناصر الدين عبد الله بن عمر البيضاوي (المتوفَّى سنة 685 هـ / 1286 م ) (1) .
توجد نسخة خطية واحدة منه في البوسنة ، تقع في (179) ورقة ، تمّ نسخها سنة 1041هـ/1631م ، بخط تعليقي ، كتبها الناسخ علي بن سنان .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (375/468) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
الشرح الرابع :
و هو بعنوان : المفاتيح في شرح المصابيح ، أو حل المصابيح .
تأليف مظهر الدين الحسين بن محمود بن الحسن الزيداني رحمه الله ( المتوفَّى سنةَ 727 هـ / 1326 م ) (2) .
و توجد منه نسختان خطيتان في مكتبات البوسنة فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
تقع في ( 205 ) ورقة ، تمّ نسخها سنة 845 هـ / 1441م ، بخط معظمه تعليقي.
كتبها الناسخ إبراهيم بن حسن بن إلياس ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3794/469) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك .
النسخة الثانية :
__________
(1) 1 ... البيضاوي : نسبة إلى البيضاء من بلاد فارس ، و هو : أبو الخير الشيرازي ، الشافعي ، القاضي ، كان إماماً مبرزاً ، صالحاً متعبداً ، عالماً بالفقه و التفسير و النحو و علم الكلام ، توفي بمدينة تبريز ، له : تفسير القرآن الكريم ، و شرح كافية ابن الحاجب في النحو .
(2) انظر ترجمته في : طبقات الشافعية للأسنوي 1 / 283 ، البداية و النهاية 13 / 309 ، الطبقات الكبرى للسبكي 8 / 157 ، بغية الوعاة 2 / 50 ، شذرات الذهب 7 / 685 .
... الزيداني : محدث ، نعته حاجي خليفة بالإمام الفاضل . له أيضا المكمل شرح التنبيه على أغلاط الزمخشري .
انظر ترجمته في : كشف الظنون ، لحاجي خليفة : 2/ 1699و 1776 ، و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 4 / 60 .(4/58)
تقع في (293) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا تاريخ نسخها أو مكانه ، و عليها تملك باسم الأخوين مصطفى و حسين جابيتش . و هي محفوظة في دار محفوظات الهرسك ، تحت رقم : (742/334) .
الشرح الخامس :
و هو بعنوان : شرح مصابيح السنة (1) .
تأليف محمد بن عبد اللطيف بن الملك الرومي ( المتوفى قبل سنة 806 هـ / 1403 م ) (2) .
النسخة الأولى :
... و هي عبارة عن المجلد الثاني من الكتاب ، الذي يبدأ بكتاب البيوع و ينتهي بنهاية الكتاب ، و تقع في (289) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي يتخلَّله بعض التعليق كتبها الناسخ عبد الرحمن الشريف بن حاجي نصوح فقيه بن حاجي طور حسن ، سنة 914 هـ/ 1508 م ، و في نهايتها ذكر المدرسَين صالح أفندي، و محمد أفندي، وهما ممن أفاد منها ، و هي من أوقاف المرحوم مميشاه أفندي على المسجد القديم في مدينة فوتشا ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (289/475) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 289 ) ورقة ، هي مكتوبة بخط تعليقي ، يعود إلى سنة 1058 هـ / 1648 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، وهي من أوقاف سفرزو محمد أفندي بن محمد آغا ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (293,1/476) .
النسخة الثالثة :
__________
(1) 1 ... ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " 2 / 1701 ، و قال : ( هو شرح لطيف ممزوج ) . و ذكره عمر كحالة في " معجم المؤلفين " 10 / 193 لكنه سماه : ( شرح مشكاة المصابيح ) . وهو خطأ !
(2) 2 ... ابن عبد الملك الرومي : فقيه و محدث ، فاضل ، و من آثاره أيضا : شرح الوقاية ، و روضة المتقين .
انظر ترجمته في : الشقائق النعمانية 1 / 31 ، كشف الظنون 932 و 1701 ، معجم المؤلِّفين10/193.(4/59)
تقع في ( 365 ) ورقة ، هي مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ عبد الله بن أحمد قنطميري البوسنوي ، و لم يذكر تاريخ نسخها ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 428 / 477 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الرابعة :
تقع في ( 464 ) ورقة ، و هي مكتوبة بخط نسخي جميل ، يعود إلى سنة 799 هـ / 1397 م ، كتبها الناسخ جيوان بن عبد الله ، نزيل إسطنبول ، و قد وقع في بدايتها أنَّ عنوانها : ( المفاتيح شرح المصابيح ) ، و هو خطأٌ جليٌّ ، و قد تقدَّم ذكر كتاب المفاتيح و شروحه ، و ليست هذه النسخة منها . وهي من أوقاف الغازي درويش باشا الموستاري ، و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3779 / 478 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار.
النسخة الخامسة :
تقع في ( 334 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخي ، كتبها حسين بن عثمانوف ، قاضي زفورنيك ، سنة 1064 هـ / 1654 م .
و هي محفوظة في دار محفوظات الهرسك بموستار ، تحت رقم : (754/549) .
و على هذه النسخة ما يفيد ملكيتها سنة 1263 هـ / 1847 م للحاج إبراهيم بن الحاج دوراكوما ، و من بعده الحافظ حسن ، ثمَّ أحمد لاكيشتش بن عبد الله .
الشرح السادس :
شرح مصابيح السنة .
لمؤلِّفٍ مجهول ، أكثر النقل من المشكاة ، و الكاشف ، و شرح التوربشتي ، و غيرها .
توجد نسخة خطية وحيدة منه في البوسنة ، و هي ناقصة من أوَّلها و آخرها ، و يقع القدر الموجود منها في ( 384 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، كتبها الناسخ أبو بكر بن حمزة بن عثمان الذرتنكي ، في المدرسة النظامية ببغداد ، سنة 740 هـ / 1340 م .
و عليها تملك باسم عبدُه شيخ محمد ، سنة 1114 هـ / 1703 م .
و هي محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 169 / 479 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة الشيخ محمد خانجيتش (الخانجي).(4/60)
و بذكر هذه النسخة نأتي على تمام عشر نسخ خطية لشروح ( مصابيح السنة ) للإمام البغوي رحمه الله .
الكتاب الثاني :
مشكاة المصابيح (1) :
للخطيب محمد بن عبد الله التبريزي ( ت نحو 737 هـ/ 1337 م ) .
لم أقف لكتاب مشكاة المصابيح ، في مكتبات البوسنة سوى على نسخة خطية واحدةٍ ، و هي نسخة كاملةٌ تقع في ( 583 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخيٍّ واضح و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف هرمو زاده صالح أفنديرحمه الله ، و تحفظ اليوم في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (457/480) .
أما شروح ( المشكاة ) في مكتبات البوسنة شرحٌ واحد منها ، و هو بعنوان :
الكاشف عن حقائق السنن :
تأليف الحسين بن محمد بن عبد الله الطيببي (المتوفَّى سنة َ743 هـ /
1343 م ) (2) .
توجد نسخة خطية للجزء الثاني منه ، تقع في ( 318 ) ورقة ، تمّ نسخها سنة 1043 هـ / 1634 م ، و هي مكتوبة بخطٍ نسخي واضح ، بدأ ببداية كتاب النكاح و ينتهي بنهاية الكتاب ، و عليها تملك باسم الفقير شيخ محمد المولوي بمصر القاهرة سنة 1075 هـ / 1665 م ، و قد أوقفها على فقراء المولويَّة القادرين على مطالعتها من بعده ، و عليها وقفٌ آخر من إبراهيم باشا على جامعه في قصبة بوجيتل قرب موستار .
و هي اليوم محفوظة في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3768 / 481 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك في موستار .
الكتاب الثالث :
مختصر جامع الأصول في أحاديث الرسول .
__________
(1) 1 ... طبع في بومباي سنة 1270 هـ/ 1854 م ، ثم طبع بعد ذلك عدة طبعات .
(2) 2 ... الطيبي : شرف الدين ، عالم موسوعي ، قال ابن حجر : ( كان آية في استخراج الدقائق من القرآن و السنن ، متواضعا ، حسن الاعتقاد ، شديد الرد على الفلاسفة و المبتدعة ) .
انظر ترجمته في : الدرر الكامنة 2 / 68 – 69 ، بغية الوعاة 1 / 522 ، البدر الطالع ، للشوكاني : 1/229 معجم المؤلفين 4 / 53 .(4/61)
تأليف نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن الأثير الجزري ( ت : 637هـ/1240م ) (1) .
توجد في البوسنة نسخةٌ خطيَّة للمجلَّد الأوَّل من الكتاب ، تقع في ( 232 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، مكتوبة سنة 691 هـ / 1291 م ، و لا يعرف اسم كاتبها . و هي من أوقاف إبراهيم باشا على مسجده بقصبة بوجيتيل .
و تحفظ اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 563 / 508 ) .
الكتاب الرابع :
مختصر آخر لجامع الأصول في أحاديث الرسول (2) - صلى الله عليه وسلم - لابن الأثير ، و اسمه : تيسير
الوصول إلى جامع الأصول (3) .
تأليف الشيخ عبد الرحمن بن عليّ الشهير بابن الدَيْبَع الشيباني اليمني ( ت : 944 هـ / 1537 م ) .
__________
(1) ابن الأثير ، هو : نصر الله بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني ، المعروف بابن الأثير الجزري ، أبو الفتح ، ضياء الدين ، أخُ مؤلِّف جامع الأصول ، كان أديباً ، كاتباً ، تقلَّب في المناصب أيام الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي ، و من بعده ، من آثاره : المثل السائر في أدب الكاتب و الشاعر ، و الوشي المرقوم في حلِّ المنظوم .
انظر ترجمته في : وفيَّات الأعيان 2 / 208 ، تذكرة الحفَّاظ 4 / 201 ، شذرات الذهب 5 / 188 ، هديَّة العارفين 2 / 492 .
(2) ... و قد طبع هذا الكتاب لأول مرة بتحقيق الشيخ محمد حامد الفقي ، ثم حققه و خرج أحاديثه تحقيقاً متقناً الشيخ عبد القادر الأرناؤوط ، ثم أعاد إخراجه الشيخ بشير عيون ، و أضاف إليه بعض الأجزاء الناقصة في الطبعتين السابقتين .
و لصعوبة البحث فيه عمل الأستاذ يوسف الزبيبي فهرساً لأحاديثه على حروف المعجم .
(3) 1 ... طبع في القاهرة سنة 1331 هـ / 1913 م ، بالمطبعة الجمالية في ثلاث مجلدات ، ثم طبع بعد ذلك عدة طبعات .(4/62)
توجد نسخةٌ خطيَّة للمجلَّدين الأوَّلين من الكتاب ، يقع الأول منهما في (203) أوراق ، و ينتهي بالفصل الثالث فيمن غيَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - اسمه .
أما الجزء الثاني من الكتاب ، فيقع في ( 66 ) ورقة تبتدئ بالفصل الثالث فيمن غيَّر النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - اسمه . و تنتهي بفصلٍ في بيع الثمار و الزروع ، و هي مكتوبة بخطٍ نسخيٍ .
و هذان المجلدان مع ترجمتهما إلى اللغة البوسنوية مكتوبان بخطِّ المترجم الشيخ محمد خانجيتش ( الخانجي ) رحمه الله ، و قد فرغ من نسخهما سنة 1348هـ/ 1930م .
و هما محفوظان في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو برقم تحت رقم : (16/596 و 203/595) .
أمَّا بقيَّة أجزاء الكتاب فلا وجود لها فيما وقفت عليه من مخطوطات البوسنة .
رابعاً : الجوامع العامَّة :
الجوامع : جمع ( جامع ) ، و هو في اصطلاح المحدثين : كلُّ كتاب حديثي يوجد فيه من الحديث جميع ما يُحتاج إليه في العقائد و الأحكام و الرقاق
و الآداب ، و ما يتعلَّق بالتفسير و التاريخ ، و السير و الفتن و المناقب و المثالب
و غير ذلك (1) .
و قد وقفت على تسعة كتب من هذا القبيل ، و هي :
الكتاب الأوَّل :
شهاب الأخبار في الأحاديث المرويَّة عن الرسول المختار ( و يعرف اختصاراً باسم : الشهاب في الحكم و الآداب ) (2) .
__________
(1) 2 ... انظر : أصول التخريج و دراسة الأسانيد ، للدكتور محمود أحمد الطحان ، ص : 97 .
(2) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/343 ، و حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1067 ، و سمَّاه ( شهاب الأخبار في الحكم و الأمثال و الآداب ) ، و هو كتابٌ مطبوعٌ قامت بنشره مطبعة الشابندر في بغداد ، سنة 1372هـ .(4/63)
تأليف أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القُضاعي ( ت : 454هـ/ 1062 م ) (1) .
و هو كتاب جامعٌ ، أورد فيه مؤلفه رحمه الله ألف حديث في الوصايا و الآداب و المواعظ و الأمثال ، و ساقها مسرودة يتلو بعضها بعضاً ، مجرَّدة من أسانيدها، و مبوبة بحسب المواضيع .
و في البوسنة ثلاث نسخ خطيَّة من الكتاب باللغة العربية ، و نسخة رابعة مترجمة إلى اللغة التركية ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (21) ورقة ، مكتوبة بخط الرقعة ، مع بعض النسخ و التعليق . و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و في آخرها ترجمة لجملة من الأحاديث النبوية الشريفة إلى اللغة التركية ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (901,1/448) .
النسخة الثانية :
تقع في (78) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه بدقة ، بسبب تأثير الأرَضة على ختم الناسخ ، و الذي ظهر لي أن سنة النسخ هي 901هـ/ 1496 م ، و الله أعلم ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (2742/449).
النسخة الثالثة :
__________
(1) 2 ... القضاعي ، هو : العلامة القاضي ، المحدث الواعظ ، الفقيه الشافعي ، المصري ، قال السلفي : ( كان من الثقات الأثبات ، شافعي المذهب و الاعتقاد ) . و قال ابن ماكولا : ( كان متفننا في عدة علوم ، لم أر بمصر من يجري مجراه ) . قدم إلى صور رسولا من المصريين إلى بلد الروم ، و من آثاره أيضا : تاريخٌ مختصرٌ ، و أخبار الشافعي .
انظر ترجمته في : الإكمال لابن ماكولا 7 / 147 ، الأنساب للسمعاني 4 / 516 ، وفيات الأعيان 4 / 212 سير أعلام النبلاء 18 / 92 ، هديّة العارفين 2/71 .(4/64)
تقع في (22) ورقة ( 1-22 ) ، مكتوبةً بخط النسخ و التعليق ، كتبها خضر بن إلياس ، و لم يذكر تاريخ نسخها ، و يتخلَّلها نقصٌ في بعض المواضع ، لولاه لكانت لها قيمةٌ خاصة ، حيث كتبت في عصر المؤلِّف ، و قُرئت عليه رحمه الله ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (3098 ,1/450) .
أما النسخة المترجمة التركية ، فهي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : (1349/583) ، و قد تعذر علي الحصول عليها ، أو وصفها .
الكتاب الثاني :
نصاب الأخبار لتذكرة الأخيار (1) .
تأليف سراج الدين أبي محمد علي بن عثمان بن محمد الأوشي الفرغاني (2) ( ت : 569 هـ/ 1174 م ) .
و هو كتاب جامع أورد فيه مؤلفه ألف حديث اختارها من الصحاح ، و وزَّعها على مئة باب ، في كلٍّ منها عشرة أحاديث في الآداب و الأحكام ، جمعها المؤلف رحمه الله بناء على طلب مصطفى باشا .
و للكتاب نسخة واحدة في البوسنة و الهرسك ، مع الترجمة التركيَّة المسماة : ( زكاة الأخيار من نصاب الأخبار ) ، تقع في (88) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها نور الدين بن علي ، سنة 1051 هـ / 1641 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3399/504) .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1954 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/430 .
(2) 2 ... الأوشي الفرغاني : نسبة إلى أوش من بلاد فرغانة ، و فرغانة كورة واسعة بما وراء النهر متاخمة لبلاد تركستان. انظر : معجم البلدان لياقوت 1 / 281 و 4 / 253 . =
= ... و هو حنفي ، و لقبه حاجي خليفة في موضع بركن الدين ، و من آثاره أيضا : قصيدة في أصول الدين ، و شرح منظومة النسفي في الخلاف ، و ثواقب الأخبار .
انظر ترجمته في : توضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1 / 284 ، الجواهر المضية 1 / 285 و 367 ، كشف الظنون 1/ 526 و 2 / 1867 و 1954 ، معجم المؤلفين 7 / 148 .(4/65)
الكتاب الثالث :
أنس المنقطعين إلى عبادة رب العالمين (1) .
تأليف أبي محمد معافى بن إسماعيل بن الحسن الشيباني الموصلي (2) ( ت : 630 هـ /1233 م ) .
و هو كتاب جامع أورد فيه مؤلفه ثلاثمئة حديث محذوفة الأسانيد ، و مثلها من الآثار و أخبار الصالحين .
و للكتاب نسخة واحدة في البوسنة و الهرسك ، تقع في (215) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم عبد الباقي محمد بن الحاج محمد آغا ، الشهير بجنتيتش ، و هي من أوقافه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1509/507) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة جنتيتش .
الكتاب الرابع :
مشارق الأنوار النبوية من صحاح الأخبار المصطفوية (3) .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/178 المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي: 1/358
(2) 2 ... الموصلي : يعرف بابن الحدوس ، إمام فقيه شافعي ، مفسر ، محدث ، أديب ، عابد ، ولد بالموصل و توفي بها ، و من تصانيفه : الكامل في الفقه ، البيان في تفسير القرآن ، و الموجز في الذكر .
... انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ 4 / 1456 ، سير أعلام النبلاء 22 / 356 ، الطبقات الكبرى للسبكي 8/374 ، طبقات ابن قاضي شهبة 2 / 116 ، شذرات الذهب 7 / 259 ، معجم المؤلفين 12 / 301 .
(3) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 361 ، و حاجي خليفة في : كشف الظنون : 2 / 1688 ، و هو كتابٌ مطبوع ، نشرته الشركة الخيريَّة الصحافيَّة الشمالية بالآستانة ، سنة 1311هـ.(4/66)
تأليف الإمام حسن بن محمد بن حسن بن حيدر بن علي الصغاني ( ت : 650هـ/ 1252 م ) (1) .
و هو كتابٌ شهير ، قال عنه حاجي خليفة في ( كشف الظنون ) : 2/1688 : جمع فيه من الأحاديث الصحاح 2246 حديثاً و بين في آخر كل باب أو نوع عدد أحاديثه . اهـ
و للكتاب إحدى عشرة نسخة خطية في البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (163) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ كبير ، سنة 794 هـ /
1592 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف الحاج مرتضى آغا بن محمد بيك ، على طلبة العلم و أهله ، في مدينة فوتشا سنة 1000 هـ / 1592 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (241/509) .
النسخة الثانية :
تقع في (144) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ، سنة 1192هـ / 1778 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف محمد أفندي ، من أهالي مدينة غراجانيتسا ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1902/510) .
النسخة الثالثة :
__________
(1) 2 ... الصغاني ، هو : القرشي ، العدوي ، العمري ، اللاهوري ، البغدادي ، رضي الدين ، أبو الفضائل ، ولد بلاهور ، و نشأ بغزنة ، و قدم بغداد ، ثم ذهب رسولا إلى ملك الهند سنة 617 هـ / 1221 م ، ثم قدم سنة 624 هـ / 1227 م فأعيد إليها رسولا لسنته ، فما رجع إلى سنة 637 هـ / 1240 م ، قال الدمياطي : كان شيخا صالحا صدوقا إماما في اللغة و الفقه و الحديث . توفي ببغداد ، له : مجمع البحرين ، و العباب ، و هما معجمان .
انظر ترجمته في : معجم الأدباء 9 / 189 ، سير أعلام النبلاء 23 / 282 ، الوافي بالوفيات 12 / 240 ، بغية الوعاة 1/ 519 ، شذرات الذهب 7 / 431 .(4/67)
تقع في ( 195 ) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ ، كتبها يوسف بن حسن ، سنة 989هـ / 1581 م ، في اسطنبول .و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1951/511) .
النسخة الرابعة :
تقع في ( 201 ) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ، كتبها حسين بن إبراهيم بن أحمد ، سنة 1162 هـ / 1749 م ، في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو. و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1972/512) .
النسخة الخامسة :
تقع في (136) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ واضح ، كتبها محمد بن أحمد ، سنة 791هـ / 1389 م ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3265/513) .
النسخة السادسة :
تقع في (101) ورقة . مكتوبةً بخطٍ تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا
مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة اليوم ضمن مجموع في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3499,1/514) .
النسخة السابعة :
تقع في (151) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخيٍ كبير، سنة 835 هـ / 1432 م ، لا يعرف اسم كاتبها ، و هي من أوقاف إبراهيم باشا على مسجده في قصبة بوجيتيل ، الواقعة قُرب موستار ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3796/515) و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة الثامنة :
تقع في ( 162 ) ورقة . مكتوبةً بخطٍ تعليقي دقيق ، كتبها أحمد بن علي الغزغاني البوسنوي السرائي ( نسبةً إلى سراييفو ) سنة 1146 هـ /1734 م ، وعليها تملك باسم الحاج إبراهيم بن الحاج دوراك ، سنة 1164 هـ / 1751 م ، ثمَّ عبيد الله زهدي ، سنة 1186 هـ / 1772 م ، ثم الحاج باشا زاده مميش آغا ، سنة 1230 هـ / 1815 م ، ثم سليمان سليموفيتش ، سنة 1322 هـ / 1904 م ، و هي محفوظة اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 4284 / 516 ) .(4/68)
النسخة التاسعة :
تقع في ( 29 ) ورقة ، و هي نسخة ناقصة ، مكتوبة بخطٍ نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف مراد قبودان مراد بن عثمان قبودان ، من أهالي بلدة قراداتشتس بالبوسنة ، و هي نسخة ناقصة ، تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم : (4429 ,1 /517 ) .
النسخة العاشرة :
تقع في ( 154 ) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي ، سنة 1196 هـ / 1782 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة اليوم في خزانة دار المحفوظات بموستار تحت رقم : ( 479 / 92 ) .
النسخة الحادية عشر :
و هي ناقصة و يقع القدر الموجود منها في (309) أوراق ، مكتوبةً بخطٍ
نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، و عليها حواشٍ لم يُذكر اسم مُعلِّقها ، و هي محفوظة اليوم في دار المحفوظات بموستار ضمن مجموع تحت رقم : (65/134) .
شروح مشارق الأنوار :
أما شروح كتاب ( مشارق الأنوار النبويَّة ) ، فهي كثيرة ، و في مكتبات البوسنة مخطوطات كثيرة لعدد منها ، و هي :
الشرح الأول :
و هو بعنوان : روضة الأخيار في شرح مشارق الأنوار (1) .
تأليف عمر بن عبد المحسن الأرزنجاني (2) (
__________
(1) ... أشكل على حاجي خليفة في " كشف الظنون " 2/1689 اسم هذا الكتاب و اسم مؤلفه ، حيث خلط بين كتاب ( روضة الأخيار ) ، و كتاب ( حدائق الأزهار ) الآتي بعده ، فنسب كتاب الحدائق ، إلى عمر بن عبد المحسن الأرزنجاني ، و سكت عن الروضة و مؤلِّفها عبد الرحمن بن محمد بن عبد العزيز الأرزنجاني ، فلم يذكرهما ألبتة ، و في مثل ذلك الخلط وقع عمر رضا كحالة في معجم المؤلفين : 7 / 295 .
(2) عمر الأرزنجاني ، هو : وجيه الدين ، الحنفي ، عالم بالحديث و العربية ، و الأصول ، و من آثاره أيضا : شرح أصول البزدوي ، و حاشية على الفوائد الضيائية لجامي في النحو . =
= ... انظر ترجمته في : كشف الظنون 1 / 112 و 132 و 2/ 1689 ، هديّة العارفين 1/ 794 ، معجم المؤلِّفين 7 /295 .(4/69)
ت نحو 871 هـ / 1467 م ) .
توجد نسخة خطية وحيدة منه تقع في ( 301 ) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي واضح ، كتبها المؤلِّف بيمينه سنة 697 هـ / 1298 م ، و ختمها بقوله : ( هذا آخر ما تيسر لي جمعه على مشارق الأنوار النبوية و الأحاديث المصطفويَّة من مصنفات أئمة الدين و علماء الصدق و اليقين ، و قد سمَّيته روضة الأخيار في شرح مشارق الأنوار ... فرغ من تعليقه مؤلِّفه العبد الضعيف ... عمر بن عبد المحسن بن أبي بكر الأرزنجاني ، غفر الله له و لوالديه ... ) ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 587 / 520 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ) الفيروزيَّة ( بترافنيك .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار .
تأليف وجيه الدين عبد الرحمن بن محمد الأرزنجاني (1) (المتوفّى سنة 643 هـ /1245 م ).
توجد في البوسنة نسختان خطيتان منه فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
تقع في ( 337 ) ورقة . مكتوبةً بخطٍ تعليقي ، كتبها عبد الله قنطميري ، و لم يذكر سنة نسخها ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 1726 / 519 ) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثانية :
تقع في (266) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخي ، كتبها حسام بن قطرو بيك بن عمر ، سنة 773 هـ / 1372 م .
و هي من أوقاف المدرس الحاج أحمد أفندي .
و هي محفوظة حالياً ضمن مجموع في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3499,1/518) .
الشرح الثالث :
__________
(1) 1 ... عبد الرحمن الأرزنجاني : قال عنه طاش كبري زاده في " الشقائق النعمانية " 1 / 36 – 37 : ( الشيخ العارف بالله ، كان من خلفاء الشيخ صفي الدين ، ثم أتى بلاد الروم ، و توطن بها قريباً من أماسية ، و كان منقطعا عن الناس ، ساكنا في الجبال ) .(4/70)
و هو بعنوان : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار (1) .
تأليف عبد اللطيف بن عبد العزيز بن الملك (2) ( ت نحو 885 هـ / 1480م).
و لهذا الشرح في البوسنة عدة نسخ ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (272) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، كتبها خليل بن حمزة الكرمياني ، سنة 961 هـ / 1554 م ، و هي محفوظة حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (104/523) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي .
النسخة الثانية :
تقع في (310) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلله بعض النسخ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (221/524) .
النسخة الثالثة :
نسخة ناقصة يقع القدر الموجود منها في (112) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلله بعض النسخ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي قطعة من بداية الجزء الأوَّل من الكتاب ، تنتهي عند حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - : ( لا يحلبنَّ أحدكم ماشية أحدٍ إلا بإذنه ) (3) ،
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون : 2/ 1688 ،و هو مطبوع بالآستانة ، مطبعة الشركة الصحافية العثمانية سنة 1311هـ / 1894 م .
(2) ... عبد اللطيف بن عبد العزيز بن الملك ، هو : المولى عز الدين ، الشهير بابن قرشته ، قال في " الشقائق النعمانية " : كان عالما فاضلا ماهرا في جميع العلوم الشرعية ، و من آثاره أيضا : شرح مجمع البحرين ، و شرح كتاب المنار في الأصول ، و رسالة في علم التصوف .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 4 / 329 ، الشقائق النعمانية ص 30 ، شذرات الذهب 9 / 512 ، البدر الطالع 1 / 374 ، هديّة العارفين 1 / 617 ، معجم المؤلِّفين 6 / 11 .
(3) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 2435 ) في اللقطة ، باب : لا تحتلب ماشية أحد إلا بإذنه . و مسلم
(
1726 ) في اللقطة ، باب : تحريم حلب الماشية بغير إذن مالكها . و أبو داود ( 2623 ) في الجهاد ، باب : فيمن قال لا يحلب . و مالك في الموطأ 2 / 971 في الاستئذان ، باب : ما جاء في أمر الغنم . من حديث عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - .(4/71)
و هي من أوقاف الحاج مميش آغا كاسوماغيتش ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (226/525)
النسخة الرابعة :
تقع في (172) ورقة ، وهي ناقصة كثيراً ، و قد كُتبت بخط تعليقي ، كتبها إسماعيل بن حمزة بن إسماعيل ، سنة 872 هـ / 1467 م ، و في نهايتها حواشٍ باللغتين العربية و التركية ، لا يُعرف كاتبها ، و هي من أوقاف الحاج مميش آغا كاسوماغيتش . و توجد في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (242/526) .
النسخة الخامسة :
تقع في (327) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلَّله بعض النسخ ، كتبها عبد الله بن المؤمن في مدينة بلغراد سنة 1077هـ/ 1667 م ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (288/517) .
النسخة السادسة :
تقع في (225) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها يوسف بن عبد القادر ، سنة 872هـ / 1468 م ، ببلدة آق بينار ، و هي نسخة ناقصة في مواضع عدة ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (473/528) .
النسخة السابعة :
تقع في (214) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (529/529) .
النسخة الثامنة :
تقع في (164) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها أحمد بن بيرم بن سليم الصوفيوي ، سنة 1126هـ / 1714 م ، في مدينة صوفيا ، و هي من أوقاف الحاج مميش آغا كاسوماغيتش . و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (551,1/530) .
النسخة التاسعة :(4/72)
تقع في (551) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم الوزير أحمد آغا البوشناقي ، و صالح عزت المعروف بهرموزاده ، قاضي منطقة بوسنة برود (في محافظة ترافنيك) .
و هي من أوقاف القاضي هرموزاده صالح عزت ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (698/531) .
النسخة العاشرة :
تقع في (339) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي جميل ، كتبها الناسخ عبد الله قنطميري ، و لم يذكر تاريخ نسخها ، و هي من أوقاف موستاي بيك جنتيتش ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم: (1324/532) .
النسخة الحادية عشر :
تقع في (270) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ عبد الله قنطميري ، و لم يذكر تاريخ نسخها ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (533) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثانية عشر :
تقع في (401) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي غالباً ، و نسخيٌّ أحياناً ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (2191/534) .
النسخة الثالثة عشر :(4/73)
تقع في (393) ورقة ، كتب الصفحات السبعين الأولى منها إسماعيل بن ميكائيل بخط تعليقي ، سنة 871هـ / 1467 م ، و أتمَّها الحسن بن الحاج عثمان ، بخطٍ نسخي ، سنة 1085هـ / 1674 م ، و عليها تملك باسم عبيد الله زهدي ، سنة 1186هـ / 1772 م ، و إبراهيم بن محمد الجبشوي (1) ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (2280/535) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا (الفيروزيَّة) بترافنيك .
النسخة الرابعة عشر :
تقع في ( 354 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ تعليقي ، كتبها الناسخ : صالح بن أحمد كريسو الموستاري ، أثناء دراسته بمدرسة قركوز بيك في موستار سنة 1242هـ/ 1827 م ، و هي من أوقاف محمد سباهيتش الموستاري ، على مكتبة قركوز بيك ، بموستار ، سنة 1324هـ / 1906 م ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : ( 3785 / 536 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة الخامسة عشر :
__________
(1) ... لعلَّ هذه النسبة تعود إلى مدينة جبشة الواقعة بين زينتسا و دوبوي ، و الواقعة حالياً في قبضة الكروات ، الذين أجلوا المسلمين عنها ، أثناء الحرب الأخيرة ، و قد شهدت مدينة جبشة مقتل أمير المجاهدين الشيخ أنور شعبان المصري رحمه الله و ثلاثة من رفاقه قادة الجهاد غيلةً على أيدي عصابات الكروات الكاثوليك .(4/74)
تقع في ( 308 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ تعليقي ، كتبها الناسخ يوسف بن إبراهيم بن الشيخ زين العابدين ، في مدينة ( يدرن ) ، سنة 1122هـ/1710م، و هي من أوقاف علي غالب باشا ستوجيفيتش على مكتبة تكيَّته بموستار ، سنة 1258هـ / 1842 م ، و عليها ما يفيد أنَّ صالح أفندي حسناغيتش عثر عليها معروضةً للبيع بين متاع مصطفى أفنديحاجي محمودوفيتش فابتاعها و أوقفها على مكتبة قركوز بيك ، بموستار ، و منها نقلت إلى مكتبة الغازي خسرو بيك حيث تحفظ حالياً تحت رقم : ( 3799 / 537 ) .
النسخة السادسة عشر :
تقع في (340 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخي جميل ، مكتوب سنة 1122هـ/1710م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف جيوان كيتهودا في موستار ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (5886/538) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الشرح الرابع :
و هو بعنوان : تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار .
تأليف أكمل الدين محمد بن محمد بن محمود بن أحمد البابرتي الرومي الحنفي (1)
( ت :786 هـ/ 1384 م ) .
و توجد في البوسنة نسختان خطِّيتان منه فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
__________
(1) ... البابرتي : ولد سنة بضع عشرة و سبع مئة ، و اشتغل بالعلم ، و رحل إلى حلب ، فأقام بها مدة ، ثم نزل القاهرة ، فأخذ عن علمائها ، و كان قوي النفس عظيم الهمة ، مهابا عفيفا ، حسن المعرفة بالفقه و العربية و الأصول و التفسير ، عرض عليه القضاء مرارا فامتنع ، و كان السلطان الظاهر يبالغ في تعظيمه ، إلى أن مات بمصر .
انظر ترجمته في : إنباء الغمر 2 / 179 ، الدرر الكامنة 4 / 250 ، النجوم الزاهرة 11 / 302 ، شذرات الذهب 8 / 504 – 505 ، هديّة العارفين 2/ 171 ، معجم المؤلِّفين 11/ 299 .(4/75)
تقع في (321) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، كتبها علي بن محمد الدمياطي و لا يعرف مكان نسخها أو تاريخه ، و هي للجزء الأوَّل من الكتاب ، و عليها تملك باسم عبد الله بن درسون ، و هي من أوقاف أحمد آغا للتدريس العام بمدينة موستار . و تحفظ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3805/521) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك .
النسخة الثانية :
تقع في ( 289 ) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلله بعض النسخ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم مصطفى بن يوسف الموستاري ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3755 / 522 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة
قركوز بيك .
الكتاب الخامس :
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين (1)
تأليف الإمام أبي زكريا يحيى بن شرف النووي (ت: 676 هـ/1278م ) .
توجد منه نسخة و حيدة في البوسنة ، تقع في ( 103 ) أوراق ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلله بعض النسخ ، سنة 670 هـ / 1272 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3649/2105 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
و لهذا الكتاب شرح بعنوان :
الفوائد المنزعة الحياض في شرح كتاب الرياض (2) :
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 936 ، و هو مطبوع متداول مشهور .
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/936 ، و البغدادي في هديّة العارفين : 2/283 .(4/76)
تأليف محمد علي بن محمد علان بن إبراهيم البكري الصديقي (1) ( ت :1057 هـ / 1647 م ) .
توجد منه نسخةٌ وحيدة في البوسنة ، و هي واقعة في (386) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
الكتاب السادس :
الجامع الصغير من حديث البشير النذير (2)
تأليف جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ت : 911هـ /
1505 م ) .
و هو كتابٌ جامع ، جمع فيه الإمام السيوطي الأحاديث النبوية القولية مرتبة على حروف المعجم ، و قد بلغ عدد الأحاديث التي جمعها ، عشرة آلافٍ و واحدٍ و ثلاثين حديثاً ، ثمَّ أضاف إليها زيادة أخرى من الأحاديث فاتت عليه ، بلغ عددها أربعة آلافٍ و أربعمئة و أربعين حديثاً ، و رمز السيوطي لكل حديث منها بما يبين درجته من حيث الصحة أو الضعف .
و للكتاب في البوسنة و الهرسك ست نسخ خطية فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
__________
(1) 3 ... البكري الصديقي : مشهور بابن علاّن ، مفسر ، محدث ، مشارك في عدة علوم ، قال المحبي : ( كان شبيهاً بالجلال السيوطي في معرفة الحديث و ضبطه ، و كثرة مؤلفاته و رسائله ، ألف كتبا كثيرة في عدة فنون تزيد على الستين و تآليفه كلها غرر ، فمنها : التفسير ، سماه ضياء السبيل إلى معالم التنزيل ، و..) . ولد بمكة سنة 996 هـ / 1588 م ، و نشأ و توفي بها .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 4 / 184 ، معجم المؤلفين 11 / 54 – 55 .
(2) 1 ... وهو كتاب مطبوعٌ ، نُشر لأول مرة في مرسيليا ، سنة 1268هـ ، ثم طبع في المطبعة الأميرية بالقاهرة سنة 1286هـ ، و بعد ذلك كثرت طبعاته .(4/77)
و هي نسخة كاملة ، تقع في ( 215 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها و لا تاريخه على وجه الدقة ، غير أنَّها قد تكون ممَّا كتب في زمن المؤلِّف رحمه الله ، حيث جاء في آخرها ما يفيد ذلك ، و هو قول الناسخ : ( ... هذا آخر كتاب الجامع الصغير من حديث البشير النذير و هو عشرة آلاف حديث مرتبة على حروف المعجم ، تأليف سيدنا و مولانا ... أبي الفضل السيوطي الشافعي ، فسح الله تعالى في مدته ، و نفعنا و المسلمين بعلومه و بركته ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (377/557) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الثانية :
و هي نسخة كاملة ، تقع في ( 238 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها الناسخ : عبد الرازق بن عبَّاس العبادي الشافعي الأزهري ، سنة 968 هـ / 1561 م .
و على هذه النسخة ما يفيد ملكيتها للقاضي معروف بمصر سنة 969 هـ /1562 م ، ثمَّ لابنه محمد بن معروف ، بالقدس الشريف ، سنة 972 هـ/
1565 م .
و هي من أوقاف الحاج محمد بيجاكجيتش بن فضل الله ، من أهالي سراييفو على مكتب عيني بيك ، سنة 1254هـ/1838م ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (377/558)
النسخة الثالثة :
و هي نسخة كاملة ، تقع في ( 238 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي دقيق ، و جميل ، كتبها الناسخ محمد بن إبراهيم السروري المقدسي الغانمي ، سنة 1128 هـ / 1716 م .
و هي من أوقاف هرموزاده . و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (723/559) .
النسخة الرابعة :
و هي نسخة كاملة ، تقع في (358) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، كتبها الناسخ علي بن محمد المؤذن سنة 1098هـ/ 1687 م .(4/78)
و على هذه النسخة ما يفيد أنها من ممتلكات الشيخ محمد الخانجي ( خانجيتش ). و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1340/560) .
النسخة الخامسة :
و هي نسخة كاملة ، تقع في (241) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم ناسخها و لا تاريخ نسخها .
و هي من أوقاف علي غالب باشا ، على مكتبته بموستار ، سنة 1257 هـ / 1841 م .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (3840/561) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز .
النسخة السادسة :
و هي نسخة كاملة ، تقع في (470) ورقة ، و هي مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3902/562) و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز.
شروح الجامع الصغير :
أمَّا شروح ( الجامع الصغير ) للسيوطي ، ففي البوسنة و الهرسك نسخ خطيَّة لاثنين من أجلّها ، و هي :
الشرح الأوَّل :
و هو بعنوان : الكوكب المنير شرح الجامع الصغير (1) .
تأليف شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي العلقمي الكوكبي (2) (
__________
(1) 1 ... ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " 1 / 560 ، و هو مطبوع سنة 1329 هـ / 1911 م ، بمطبعة الجمالية بالقاهرة ، بهامش فيض القدير شرح الجامع الصغير .
(2) 1 ... العلقمي الكوكبي ، هو : شمس الدين ، الإمام العلامة ، الفقيه الشافعي ، ولد سنة 897 هـ / 1492 م ، و هو تلميذ الجلال السيوطي ، درّس بالأزهر ، قال ابن العماد الحنبلي : ( له حاشية حافلة على الجامع الصغير للسيوطي ، و كتاب سماه : ملتقى البحرين ، و كان متضلعاً من العلوم العقلية و النقلية ، قوّالاً بالحق ، ناهياً عن المنكر ) .
انظر ترجمته في : الكواكب السائرة للغزي 2 / 41 ، شذرات الذهب 10 / 490 - 491 ، هديّة العارفين 2 / 244 ، الأعلام للزركلي 6 / 195 ، معجم المؤلِّفين لعمر رضا كحالة 10 / 144 .(4/79)
ت نحو : 963 هـ / 1556 م ) .
و له في البوسنة نسختان خطيتان فيما يلي وصفهما :
النسخة الأولى :
و هي ناقصة من بدايتها و من نهايتها ، و ينتهي القدر الموجود منها بحديث من كتاب التوبة ، و تقع في ( 447 ) ورقة ، مكتوبة سنة 1000 هـ / 1592م ، بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، و لا يُعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (129/563) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قرجوز بيك الموستاري .
النسخة الثانية :
و هي كالنسخة السابقة ناقصة من بدايتها و من نهايتها ، و أول الموجود من الكتاب حديث : ( إنَّ الله نظيف يحبُّ النظافة ) (1) ، و تقع في (277) ورقة ، و هي مكتوبة بخط نسخي سنة 1000 هـ / 1592 م ، و لا يعرف اسم ناسخها أو مكان نسخها .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : ( 3359 / 564 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : السراج المنير بشرح الجامع الصغير (2) .
تأليف : علي بن أحمد بن محمد بن إبراهيم العزيزي (3) (
__________
(1) 2 ... إسناده ضعيف جدا :
أخرجه الترمذي ( 2799 ) في الاستئذان ، باب : ما جاء في النظافة ، و أبو يعلى في " مسنده " ( 970 و 971 ) ، و ابن عدي في " الكامل " 3 / 6 ، و ابن حبان في " المجروحين "1 / 275 ، و الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " ( 855 ) ؛ من حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - و لفظه : =
(2) 1 وهو مطبوع بالقاهرة سنة 1357 هـ / 1938 م ، بمطبعة مصطفى الحلبي في ثلاث مجلدات .
(3) 2 ... العزيزي : نسبة إلى العزيزية من الشرقية بمصر ، و هو : نور الدين ، البولاقي ، الشافعي ، قال المحبي :
(
كان إماماً ، فقيهاً محدثاً ، حافظاً متقناً ، ذكياً ، سريع الحفظ ، بعيد النسيان ) و بالغ في الثناء عليه ، إلى أن قال : ( و له مؤلفات كثيرة ، نقله فيها يزيد على تصرفه ، منها شرح على الجامع الصغير للسيوطي في
مجلدات ) . توفي ببولاق في مصر .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 3 / 201 ، هديّة العارفين 1 / 760 ، معجم المؤلِّفين 7 / 24 .(4/80)
ت:1070هـ/
1660م).
و له في البوسنة نسختان خطيتان فيما يلي وصفهما :
النسخة الأولى :
و هي ناقصة من آخرها ، و يقع القدر الموجود منها في (193) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1399/568) و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي .
النسخة الثانية :
و هي ناقصة من أوَّلها ، و يقع القدر الموجود منها في (288) ورقة ، يبدأ
بحديث : ( إنَّ الودَّ يورث و العداوة تورث ) (1) ،
__________
(1) 1 ... ضعيف :
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 1 / 121 ، و الطبراني في " المعجم الكبير " 17 / 189 (507) ، ، و الحاكم في " المستدرك " 4 / 176 ، و الخطيب في " الموضح " 1 / 34 من طريق أبي بكر عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ، عن محمد بن طلحة بن عبد الله ، عن أبيه ، أن رجلاَمن العرب كان يغشى أبا بكر ، يقال له : عفير . فقال له أبو بكر - رضي الله عنه - : يا عفير ، ما سمعت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في الود ؟ ، فذكره .
·وروي من طريق أبي بكر المليكي أيضاَ ، و فيه : ( عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) . بدون ذكر : ( عفير ) . و ذلك فيما أخرجه البخاري في " التاريخ " أيضا ، و الخطيب في " الموضح " 1 / 33 .
قلت : و إسناده ضعيف ؛ أولاً : لضعف عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ، كما في " التقريب " ( 3813 ) و ثانياً : للانقطاع : قال أبو زرعة الرازي : ( طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أبي بكر الصديق مرسل ) .
انظر : " المراسيل " لابن أبي حاتم رقم 154 .
وفي إسناده علة ثالثة ، هي أن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن لم يوثقه سوى ابن حبان في " ثقاته " 4 / 392 ، و قال يعقوب بن شيبة كما في " تهذيب الكمال " 13 / 404 : ( لا علم لي بطلحة ) .
و الحديث : صححه الحاكم ، فتعقبه الذهبي بقوله : ( المليكي واه ، و في الخبر انقطاع ) .
و قال ابن حبان في " الثقات " 3 / 322 في ترجمة عفير : ( إسناد خبره ليس بشيء ) .(4/81)
و ينتهي بحديث : ( الحمى من كير جهنم ، وهي نصيب المؤمن من النار ) (1) ، و خط هذه النسخة نسخي سيئ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (784/569) . (2)
__________
(1) و قال ابن حجر في " الإصابة " 4 / 348 : ( فيه عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ، وهو ضعيف ) .
·و رواه يوسف بن عطية أحد المتروكين فوصل إسناده بذكر : ( عبد الرحمن بن أبي بكر ) . بين طلحة ، و أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - : وذلك فيما أخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 176 .
فتعقبه الذهبي بقوله : ( يوسف هالك ) .
·و له شاهد من حديث رافع بن خديج ، بلفظ : "الود يتوارث في أ هل الإسلام " .
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 4419 ) .
قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1 / 28 : ( فيه محمد بن عمر الواقدي ، و هو متروك ، و لذا حكم عليه شيخنا – يعني الحافظ العراقي – بالوضع ) .
2 ... صحيح بشواهده :
روي هذا الحديث عن أبي أمامة ، و أبي هريرة ، و أبي ريحانة الأنصاري ، و عثمان بن عفان ، و عائشة ، وأنس - رضي الله عنهم - .
1- ... فحديث أبي أمامة - رضي الله عنه - :
أخرجه أحمد 5 / 252 و 264 ، و الطحاوي في " مشكل الآثار " 5 / 468 ( 2216 ) . =
= ... و فيه أبو الحصين الفلسطيني : قال فيه ابن حجر في " التقريب " ( 8055 ) : ( مجهول ) .
2 - ... حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - :
أخرجه ابن ماجه ( 3470 ) في الطب ، باب : الحمى ، و أحمد في " مسنده " 2 / 440 ، و الحاكم في " المستدرك "1 / 345 ـ و صححه ـ
و رجاله كلهم ثقات .
3- ... حديث أبي ريحانة الأنصاري - رضي الله عنه -
أخرجه البخاري في " التاريخ الكبير " 7 / 63 ، و الطحاوي في " مشكل الآثار " ( 2217 ) .
(2) و إسناده حسن في الشواهد ، رجاله من أهل الصدق .
فيه أشعث بن جابر الحداني ، هو: صدوق ، كما في " التقريب " ( 527 ) .
و فيه أيضاً شهر بن حوشب : صدوق كثير الإرسال و الأوهام ، كما في " التقريب " ( 2830 ).
4- ... حديث عثمان بن عفان - رضي الله عنه - :
أخرجه العقيلي في " الضعفاء " 2 / 287 ، و قال : ( إسناده غير محفوظ ، و المتن معروف بغير هذا الإسناد و قد رويت في هذا أحاديث مختلفة الألفاظ ، بأسانيد صالحة ) .
5- ... حديث عائشة رضي الله عنها :
أخرجه البزار في " مسنده " ( رقم 765ـ كشف ) وقال : ( لا نعلم أسنده عن هشيم إلا عثمان ) .
قلت : و هو عثمان بن مخلد الواسطي التمار في عداد المجهولين ؛ ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح و التعديل " 6 / 170 ، و لم يذكر فيه جرحاً و لا تعديلاً ، و باقي رجاله ثقات .
و قال الهيثمي في " المجمع " 2 / 306 : ( رواه البزار ، و إسناده حسن ) .
6- ... حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - :
أخرجه البزار ( 762 – كشف ) ، و الطبراني في " الأوسط " ( 5299 ) .
وفيه الوليد بن محمد الموقري : متهم .
انظر : التقريب ( 7453 ) ، و ميزان الاعتدال 4 / رقم (9400 ) .(4/82)
مختصرات الجامع الصغير .
و إضافةً إلى أصل الكتاب و شروحه يوجد في مكتبات البوسنة ثماني نسخ خطية يحمل العنوان ذاته ، و هو : مختصر الجامع الصغير للإمام السيوطي ، و لا تحمل أيٌّ منها أسماء المُختَصِرين ، و فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (136) مكتوبة بخط تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .
و هي من أوقاف أحمد عاصم بن محمد متوليتش على مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (715/2189) .
النسخة الثانية :
تقع في (57) ورقة ، و قد كتبها بخط نسخي الناسخ إبراهيم الموستاري المعروف باسم سباهي .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم : (3594،8/2188) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك .
النسخة الثالثة :
تقع في (204) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (1345/2190) .
النسخة الرابعة :
تقع في (195) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و عليها ما يفيد ملكيتها للحافظ سابت أحمد عبد الصمد ، سنة 1282 هـ / 1866 م .
و هي من أوقاف سالم أفندي مفتيتش .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (1360/2191) .
النسخة الخامسة :
تقع في (134) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : ( 1626 / 2191 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ( الفيروزيَّة ) بترافنيك .
النسخة السادسة :(4/83)
تقع في (199) ورقة مكتوبة بخط نسخي غالباً ، و تعليقي أحياناً ، كتبها الناسخ يحيى بن صالح ، و لم يذكر مكان نسخها أو تاريخه .
و عليها ما يفيد ملكيتها لسليمان بن مراد ، سنة 1223هـ / 1808 م .
و هي من أوقاف إبراهيم بييفو ، على مكتبة جامع السلطان بسراييفو سنة 1232هـ / 1887 م .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (1887/2194) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة السابعة :
تقع في ( 118 ) ورقة مكتوبة بخط تعليقي ، يرجع إلى سنة 980 هـ / 1572 م ، و لا يعرف اسم كاتبها و لا مكان النسخ .
و قد جاء في آخر المخطوط بخط الشيخ محمد الخانجي ما نصُّه : ( ... فُرغ من قراءته و تدريسه لأصحابه فقير رحمة ربه ، و أسير و سمة ذنبه ، محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد الخانجي البوسنوي ، عفا الله عنه و عن والديه و أجداده ، و غفر له و لهم بمنه و كرمه ، في أواسط ذي الحجة الشريفة من سنة إحدى و ستين و ثلاثمئة و ألف ، في مدينة سراي بوسنة ، صانها الله تعالى ، و جعلها دار أمن و إيمان و مأوى للإسلام و أهله إلى يوم القيامة ، إنه وليُّ الإسلام و أهله . قاله بلسانه ، و كتبه ببنانه ، الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد الخانجي ... ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : ( 2271 / 2195 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة الشيخ محمد الخانجي ( خانجيتش ) .
النسخة الثامنة :
تقع في (164) ورقة مكتوبة بخط تعليقي دقيق ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : ( 1973 ) .
جزء من الكتاب :
كما يوجد جزء مستخرج من كتاب (الجامع الصغير من حديث البشير النذير).(4/84)
للسيوطي ، جمَعَ أحاديث الشمائل من ( الجامع الصغير ) في تسع و عشرين ورقة (101 - 130) ، مكتوبة بخطِّ نسخيٍّ كتبها الناسخ علي بن بيري بن يوسف ، سنة 1034هـ / 1625 م ، في حصن ( بدرنش ) ، و هي من أوقاف ألجي إبراهيم باشا ، محافظ البوسنة في زمنه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (881/6)و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ) الفيروزيَّة ( بترافنيك . .
الكتاب السابع :
مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار للتحضيض إلى سنن السيد المختار - صلى الله عليه وسلم - (1) .
لعلاء الدين علي بن محمد المصري (2) ( ت نحو : 1127هـ / 1715 م ) .
و هو كتابٌ جامعٌ لأحاديث سنن الأقوال و الأفعال ، و غيرها ، في ثمانٍ و أربعين باباً ، يكثر فيه مؤلِّفه النقل عن الإمام محمد بن محمد حجة الإسلام
الغزالي (3)
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1693 .
(2) 2 ... علاء الدين المصري : فقيه ، واعظ ، من آثاره أيضاً : كشف القناع عن ألفاظ شبهة السماع ، و الأجوبة الغالية عن المسائل الخافية .
انظر ترجمته في : الأعلام 5 / 168 ، هدية العارفين 1 / 773 ، معجم المؤلفين 7 / 233 .
(3) 3 ... الغزالي ، هو : زين الدين ، أبو حامد ، الطوسي ، الشافعي ، الشيخ الإمام البحر ، أعجوبة الزمان ، صاحب التصانيف ، و الذكاء المفرط ، تفقه ببلده أولا ، ثم رحل إلى نيسابور ، فلازم إمام الحرمين ، قدم بغداد فولي تدريس النظامية ، ثم درس بنظامية نيسابور ، و صحب الفقيه نصر المقدسي بدمشق ، قال الذهبي : ( أدخله سيلان ذهنه في مضايق الكلام ، و مزالق الأقدام 00 فرحم الله أبا حامد فأين مثله في علومه و فضائله ، ولكن لا ندعي عصمته من الخطأ و الغلط ، و لا تقليد في الأصول ) .
انظر ترجمته في : تبيين كذب المفتري ص 291 ، الكامل لابن الأثير 10 / 491 ، وفيات الأعيان 4 / 216 سير أعلام النبلاء 19 / 322 ، الطبقات الكبرى للسبكي 6 / 191 ، طبقات الأسنوي 2 / 242 ، النجوم الزاهرة 5 / 203 .(4/85)
رحمه الله .
و توجد منه ثلاث نسخ خطية في البوسنة فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (320) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه على وجه التحديد ، إلاَّ أنه قريب من خط عبد الله قنطميري البوسنوي المعروف ، و عليها تملك باسم أبي بكر بن محرم بن ولي الأقحصاري ، و حسين عبدي قدري أفندي زاده ، و عبد الله بن أحمد ، و كلُّهم بوسنويون ، و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار تحت رقم : (1709/2272) و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثانية :
تقع في (306) أوراق ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم مصطفى بن سليم مؤذن مسجد سنان باشا في بلدة ( ليفنو ) قرب موستار ، سنة 1067هـ / 1657 م ، و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار تحت رقم : (5656/2270) و قد نُقلت إليها من مكتبة عثمان أفندي صوقولوفيتش .
النسخة الثالثة :
تقع في (367) ورقة ، مكتوبة بخط نسخ تعليقي ، مكتوب سنة 1185هـ/ 1771م ، لا يعرف اسم كاتبها، و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار تحت رقم : (6394/2271) و قد نُقلت إليها من مكتبة بسيم أفندي قرقط الخاصة .
الكتاب الثامن :
رياض الآحايين .
تأليف أبي جعفر بن بختيار البخاري (1) .
توجد منه نسخة وحيدة في البوسنة ، تقع في ( 55 ) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي سنة 1185 هـ / 1771 م ، و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار ، تحت رقم :( 372 / 257 ) .
الكتاب التاسع :
كنز العرفان .
تأليف محمد أسعد أفندي (2) .
__________
(1) ... لم أقف له على ترجمة .
(2) 1 ... لم أقف له على ترجمة .(4/86)
و هو كتاب جامع أورد فيه مؤلفه ألف حديث و حديث مختارة ، جمعها و ترجمها إلى اللغة التركية ، في عهد السلطان عبد الحميد (1) رحمه الله .
و للكتاب نسخة واحدة في البوسنة و الهرسك ، تقع في (88) ورقة ، مكتوبة بخط الرقعة ، و قد كتبها محمود جميل بن مصطفى ، سنة 1319هـ /1901م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (4139/593) .
الكتاب العاشر :
مجموعة الأحاديث المئة و العشرين .
تأليف أبي الأسعد أحمد بن محمد الشهير بكاتب الفتوى (2) .
و هو كتاب جامع أورد فيه مؤلفه مئة و عشرين حديثاً مختار مما رواه الشيخان أو أحدهما ، و قسَّمه إلى ثلاثة أقسام ، أورد في القسم الأوَّل منها أربعين حديثاً مما اتفق الشيخان على صحته ، و في الثاني أربعين حديثاً أخرى ممَّا انفرد به البخاري في صحيحه ، و في القسم الأخير أربعين حديثاً مما انفرد به الإمام مسلم رحمه الله .
و للكتاب نسخة واحدة في البوسنة و الهرسك ، تقع في عشرة أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، كتب سنة 1319 هـ /1901 م ، و لا يعرف اسم كاتبها، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (1045.1/401) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة محمد أنور قاضيتش .
الكتاب الحادي عشر :
رسالة في كلام خاتم الأنبياء و الخلفاء و الأولياء .
لمؤلِّفٍ مجهول .
__________
(1) 2 ... السلطان عبد الحميد ، هو : الثاني ، آخر سلاطين الدولة العثمانية ، تولى الحكم بعد خلع أخيه السلطان : مراد بن عبد الحميد ، سنة 1293 هـ / 1876 م ، و حكم أكثر من ثلث قرن ، و نادى بالجامعة
الإسلامية ، ثم تم خلعه بانقلاب قام به رجال الاتحاد و الترقي سنة 1327 هـ / 1909 م .
(2) 3 ... لم أقف له على ترجمة .(4/87)
و هي رسالة صغيرة جمعت طائفة من الأحاديث ( و معظمها يتردد بين الضعيف و الموضوع ) مع ما يناسبها من الآثار ، و لها في البوسنة ثلاث نسخ خطية ، فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
و هي كثيرة النقص ، ويقع القدر الموجود منها في عشرة أوراق ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها عبد الوهاب بن عبد الوهاب ، سنة 1208هـ/ 1794 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3302،6/2129).
النسخة الثانية :
تقع في (71) ورقة ، مكتوبة بخط نسخ تعليقي ، سنة 1214 هـ / 1800 م لا يعرف اسم كاتبها ، و عليها تملك باسم صالح بن مصطفى شمعي زاده (شمعيتش) البوسنوي ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 3993 / 2130 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة الثالثة :
تقع في (85) ورقة ، و هي ناقصة الآخر ، و قد كتبت بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (930/2131) .
الكتاب الثاني عشر :
أوائل كتب الحديث ( و يعرف اختصاراً بأوائل القلعي ) (1) .
تأليف : القلعي ( ؟ ) (2) .
و هو كتابٌ صغير جمع فيه مؤلِّفه رحمه الله الحديث الأوَّل من كلِّ كتاب من كتب الحديث الشهيرة ، و أوَّلها الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله .
توجد نسخة خطية واحدة منه و تقع في (114) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ
تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (3505،18/591) .
خامساً : كتب الأحاديث القدسيَّة :
الأحاديث القدسية :
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 522 .
(2) 2 القلعي : لم أعرفه .(4/88)
قال شهاب الدين بن حجر الهيتمي رحمه الله (1) ( ت 973 هـ / 1566 م ) في شرح الحديث الرابع و العشرين من ( الأربعين النووية ) ، و هو حديث أبي ذر الغفاري (2)
__________
(1) 3 ... الهيتمي ، هو : أحمد بن محمد بن محمد بن علي بن حجر – نسبة على ما قيل إلى جدّ من أجداده كان ملازماً للصمت فشبه بالحجر - السعدي ، الأنصاري ، أبو العباس ، الفقيه الشافعي ، مشارك في أنواع من =
= ... العلوم ، أذن له بالإفتاء و التدريس و عمره دون العشرين ، قال ابن العماد : ( ازدحم الناس على الأخذ عنه ، و افتخروا بالانتساب إليه ) ، ولد بمصر في محلة أبي الهيتم بالغربية فنسب إليها ، و توفي بمكة
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 541 - 542 ، النور السافر ص 287 – 292 ، الكواكب السائرة 3 / 111 ، البدر الطالع 1 / 109 ، معجم المؤلفين 2 / 152 .
(2) 1 ... أبو ذر الغفاري - رضي الله عنه - ، هو : صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، اختلف في اسمه ، فقيل : جندب بن جنادة ، و قيل غير ذلك ، كان خامس خمسة في الإسلام ، أسلم بمكة ، ثم رجع إلى قومه بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم قدم المدينة على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلازمه و جاهد معه ، من القراء و علماء الصحابة .
قال الذهبي : ( كان رأسا في الزهد و الصدق و العلم و العمل ، قوالا بالحق ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، على حدة فيه ) . توفي بالربذة في خلافة عثمان - رضي الله عنه - سنة 32 هـ / 653 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 4 / 227 ، الحلية لأبي نعيم 1 / 156 – 170 ، أسد الغابة 1/357، تهذيب الكمال 33 / 294 ، سير أعلام النبلاء 2 / 46 – 78 .(4/89)
- رضي الله عنه - ، أ ن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( يا عبادي إني حرَّمت الظلم على نفسي ، و جعلته بينكم محرَّماً فلا تظالموا ) (1) : ( اعلم أن المضاف إليه تعالى أقسام
ثلاثة ، أوَّلها – و هو أشرفها – القرآن الكريم ... و ثانيها كتب الأنبياء قبل تغييرها و تبديلها ... و ثالثها بقيَّة الأحاديث القدسية ، و هي ما نقل إلينا آحاداً عنه - صلى الله عليه وسلم - مع إسناده لها عن ربه ، فهي من كلامه تعالى ، فتضاف إليه ، و هو الأغلب و نسبتها إليه حينئذٍ نسبة إنشاء ، لأنَّه المتكلم بها أوَّلاً ، و قد تضاف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه المخبر بها عن الله تعالى، بخلاف القرآن فإنه لا يُضاف إلاَّ إليه تعالى ، فيقال فيه : قال الله تعالى، وفيها – أي في الأحاديث القدسية – قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يروى عن ربِّه تعالى) (2) .
و قد أفرد عدد من أهل العلم الأحاديث القدسية بالجمع ، كما فعل محيي الدين محمد بن علي بن عربي الحاتمي الأندلسي (3) (
__________
(1) 2 ... الحديث : أخرجه مسلم ( 2577 ) في البر و الصلة ، باب : تحريم الظلم ، و الترمذي ( 2495 ) في صفة القيامة ، و ابن ماجه ( 4257 ) في الزهد ، باب : ذكر التوبة ، و البخاري في " الأدب المفرد " ( 490 ) باب : الظلم ظلمات ، و عبد ا لرزاق في " المصنف " ( 20272 ) ، و أحمد 5 / 160 ، و الطيالسي ( 463 ) و ابن حبان ( 619 ) ، و الحاكم في " المستدرك " 4 / 241 ، و أبو نعيم في " الحلية " 5/125 –126.
(2) ... ذكر هذا الكلام جمال الدين القاسمي ، في " قواعد التحديث " ص 57 .
(3) 1 ... ابن عربي : علامة صوفي ، صاحب التواليف الكثيرة ، إلا أنه متكلم فيه بكلام شديد ، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : ( هو شيخ سوء مقبوح كذاب ) . و قال الذهبي : ( و من أردأ تواليفه كتاب الفصوص ، فإن كان لا كفر فيه فما في الدنيا كفر ) .
انظر ترجمته في : التكملة لوفيات النقلة للمنذري 3 / 555 ترجمة 2972 ، سير أعلام النبلاء 23 / 48 ، العقد الثمين 2 / 160 – 199 .(4/90)
ت : 638 هـ / 1241 م ) في كتاب مشكاة الأنوار فيما روي عن الله سبحانه و تعالى من الأخبار (1) . و الشيخ عبد الرؤوف المناوي (2) ( ت : 1031 هـ/ 1621 م ) في كتاب الإتحافات السنية بالأحاديث القدسية (3) .
و أثناء بحثي لم أقف فيما زرت من مكتبات البوسنة على ما كنت أتوقع من مجامع ( الأحاديث القدسية ) ، بل كلُّ ما وقفتُ عليه في هذا الباب كتابان لمؤلفين مجهولين و جزء صغير .
أما الكتابان فهما :
الكتاب الأوّل :
الصحائف القدسية ( أو الموعظة في الأحاديث القدسية ) .
و هو كتاب مختصر يحوي إحدى و أربعين موعظة ، أقام مؤلِّفه كلاً منها على حديث قدسي ، بدأها بذكره ، و له في البوسنة نسختان خطيتان فيما يلي
وصفهما :
النسخة الأولى :
تقع في ( 32 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و عليها تملُّكٌ باسم القاضي مصطفى أديب بن إبراهيم المعروف باسم قُجق زاده السرائي ، و هي من أوقاف ذي الفقار آغا بن محمد سباهي زاده ، من أهالي الهرسك ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2407،1/578) .
النسخة الثانية :
و هي كثيرة النقص ، و يقع القدر الموجود منها في خمسة أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1652،18/1214) .
الكتاب الثاني :
الأحاديث القدسية .
__________
(1) 2 ... طبع بالقاهرة سنة 1369 هـ / 1950 م بمطبعة الصدق الخيرية ، تعليق أبي بكر مخيون ، في 111 صفحة.
(2) 3 ... المناوي ، هو : زين الدين ، القاهري ، الشافعي ، عالم مشارك في أنواع العلوم ، صاحب تصانيف كثيرة ، توفي بالقاهرة .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 2 / 412 ، البدر الطالع 1 / 357 ، معجم المؤلفين 5 / 220 .
(3) 4 ... طبع بالقاهرة سنة 1393 هـ / 1973 م ، في مطبعة محمد علي صبيح .(4/91)
توجد منه نسخة خطية وحيدة في البوسنة ، تقع في عشرة أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (921،1/549) .
أمّا الجزء الذي أشرت إليه آنفاً ففيه جملة من الأحاديث القدسية مستخرجة من كتاب ( مشارق الأنوار ) .
تأليف الحسن الصغاني .
و يقع في ثلاثة أوراق (126-128) ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ عبد الوهاب بن الشيخ أحمد بن الحاج عبد الله ، سنة 1177 هـ / 1764 م ، و عليها تملُّكٌ باسم الحاج محمد آغا الغراتشانيتسي ( من أهالي بلدة غراتشانيتسا البوسنوية ) سنة 1180 هـ / 1767 م .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (4150،4/2290) .
سادساً : كتب الأحاديث المشهورة :
يوجد في البوسنة نسخٌ خطيَّة لكتابين من كتب هذا الفن ، و هما :
الكتاب الأوَّل :
اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة (1) .
تأليف بدر الدين محمد بن بهادر الزركشي (2) ( ت : 794 هـ / 1392 م ) .
__________
(1) 1 ... كتاب مطبوع ، نشرته دار الكتب العلمية في بيروت ، سنة 1406 هـ ، بتحقيق مصطفى عبد القادر عطا.
(2) 2 ... الزركشي ، هو : محمد بن بهادر بن عبد الله الزركشي ، بدر الدين ، المصري ، الشافعي ، أصولي ، أديب ، فاضل ، له من الكتب إعلام الساجد بأحكام المساجد ، و البحر المحيط في أصول الفقه ، و البرهان في علوم القرآن ، و التنقيح في شرح الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و كثيرٌ غيرها .
انظر ترجمته في : إنباء الغمر 3 / 138 ، الدرر الكامنة 3 / 397 ، شذرات الذهب 8 / 752 ، هديّة العارفين 2/175 .(4/92)
توجد في البوسنة قطعة من إحدى نسخ الكتاب تقع في (22) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف ألجي إبراهيم باشا ، محافظ البوسنة في زمنه ، و قد نقلت من مكتبته في ترافنيك ، إلى خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، حيث تحفظ حالياً ضمن مجموعٍ تحت رقم : (881،17/1974) .
الكتاب الثاني :
الدرر المنتثرة في الأحاديث المنتشرة (1) .
تأليف الإمام عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (2) (ت : 911 هـ / 1505 م).
توجد بالبوسنة نسخة (3) كاملة منه ، تقع في (30) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، كتبها عبد الله قنطميري .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1688،2/577) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
سابعاً : كتب الترغيب و الترهيب :
الترغيب و الترهيب (4) .
تأليف الحافظ أبي محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري (5) (
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/148 ، و هو كتاب مطبوع ، قامت بنشره مطبعة البابي الحلبي ، في القاهرة ، سنة 1380 هـ / 1960 م .
(2) 2 ... السيوطي : تقدمت ترجمته .
(3) 3 ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/362 تحت رقم : 577 .
(4) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/367 ، حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/400 ، و هو كتاب مطبوع ، نُشر في الهند سنة 1300هـ/ 1883 م .
(5) 5 ... المنذري ، هو : أبو محمد الشامي الأصل ، المصري ، الشافعي ، الإمام الحافظ العلامة ، ولد سنة 581 هـ /1185 م ، قال عنه الذهبي : ( كان متين الديانة ، ذا نسك و سمت و جلالة ، و ما كان في زمانه أحفظ
منه ) .
انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ 4 / 220 ، سير أعلام النبلاء 23 / 319 ، الطبقات الكبرى للسبكي 8 / 259 ، شذرات الذهب 7 / 479 ، هديّة العارفين 1 / 586 ، معجم المؤلِّفين 5 / 264 .(4/93)
ت : 656 هـ / 1258 م ) .
و للكتاب ذي المجلَّدين في البوسنة و الهرسك نسختان خطيتان ، كلٌ منهما لمجلَّدٍ منه ، و فيما يلي وصفهما :
النسخة الأولى :
للجزء الأوَّل من الكتاب ، و فيها نقصٌ من البداية ، و يقع القدر الموجود منها في (253) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ قديم ، كتبها عبد الله بن أبي بكر بن عبد الله المؤذن الشافعي البعلي ، سنة 867 هـ /1462م . و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : ( 376 ) .
و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الثانية :
للجزء الثاني من الكتاب ، تبدأ بباب : النكاح ، و تقع في ( 257 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخيٍ قديم ، كتبها أبو بكر بن يوسف بن أحمد بن محمد بن إسماعيل المعوي العدوي الشافعي ، في المدرسة الفارسيَّة قرب المسجد الأموي بدمشق ، سنة 845 هـ / 1441 م ، و هي محفوظةٌ حالياً خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 398 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
التقريب من الترغيب و الترهيب :
و هو مختصر كتاب الترغيب و الترهيب للمنذري (1) .
تأليف محمد بن أبي بكر بن خضر الديري (2) ( ت : 862 هـ /1458م ) .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/367 - 1/627 ، و هديّة العارفين ، للبغدادي : 2/201 ، و قد طبع مؤخَّراً ، و نشرته دار اليمامة بدمشق ، سنة 1411هـ .
(2) ... الديري ، هو : شمس الدين ، أبو عبد الله ، الصفدي ، القادري ، فاضل ، ولد بدير الخليل من الناصرة بقرب صفد ، وزار دمشق و مصر غير مرة .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 7 / 167 ، هديّة العارفين 2 / 201 ، الأعلام 6/284 ، معجم المؤلفين 9/108.(4/94)
توجد منه نسخة للجزء الثاني فقط و هي ناقصة من أوَّلها و آخرها (1) ، و يقع القدر الموجود منها في (150) ورقة مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، كتب معظمها علي بن أبي بكر ، و هو حفيد المؤلِّف رحمه الله ، و أتمَّه محمد بن الأمير ، سنة 1053هـ / 1643 م .
و على هذه النسخة ما يفيد ملكيتها لمحمد جاويش ، بطرابلس ، سنة 1062هـ/1652م ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (398) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
ثامناً : كتب الشمائل و الخصائص النبويَّة .
إنَّ موضوع شمائل النبي - صلى الله عليه وسلم - و صفاته وثيق الصلة بموضوع السيرة النبوية مباحثها ، و إن استقل عنها في التأليف و التصنيف ، لذلك ألحق مباحث الشمائل بمباحث السيرة غير واحد من العلماء ، و منهم الحافظ ابن كثير الدمشقي (2) رحمه الله ، حيث شرع في جمع الشمائل بعد أن فرغ من كتابة السيرة مباشرةً (3) ، و قال :
__________
(1) ... نظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/332-333 تحت رقم : 542 .
(2) ... ابن كثير ، هو : إسماعيل بن عمر بن كثير ، عماد الدين ، أبو الفداء ، محدث ، مؤرخ ، مفسر ، فقيه ، أصولي ورع ، صاحب التصانيف الرائقة المفيدة ، توفي سنة 774 هـ / 1373 م .
انظر ترجمته في : المعجم المختص للذهبي ص 74 – 75 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3 / 113 ، الدرر الكامنة 1 / 373 ، البدر الطالع 1 / 153 .
(3) ... لقد ألَّف الحافظ ابن كثير رحمه الله كتاباً بسيطاً في سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه ( السيرة النبوية ) و كثيراً ما كان يُحيل عليه في تفسيره و غيره ، إلا أن هذا الكتاب ظلَّ ضمن ( البداية ) و طبع معه مراراً ، إلى أن ارتأى القائمون على مكتبة عيسى البابي إفراده بطبعة خاصة ، فطبعوه مستقلاً جزاهم الله خيراً 0(4/95)
... (( وهذا أوان إيراد ما بقي علينا من متعلقات السيرة الشريفة ، و ذلك أربعة كتب : الأول في الشمائل ، و الثاني في الدلائل ، و الثالث في الفضائل ، و الرابع في الخصائص ، و بالله المستعان )) (1) .
و عليه فإن موضوع الشمائل يُعد من ملاحق السير التي أردفت بها في التأليف و التصنيف .
غير أن هذا لم يحل دون إفراد الشمائل الشريفة بكتب مستقلة ، فقد عدها كثير من العلماء من علوم الحديث ، بحكم مادتها التي تبحث في أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - ، سواء في العبادات أم الأخلاق ، أم المعاملات ، و جمعوا ما روي عنه من الأقوال و الأفعال و التقريرات إلى جانب صفاته الخَلقية ، و الخُلُقية مما هو منثور في كتب الحديث و السير و غيرها 0
و كتاب ( الشمائل النبوية و الخصال المصطفويَّة ) المعروف اختصاراً بالشمائل ، للإمام أبي عيسى الترمذي (2) رحمه الله ، هو أشهر الكتب التي تناولت هذا الموضوع و هو كتاب نفيس في بابه عني به العلماء ، و تواصوا به ، و أفادوا منه ، فمنهم الشارح له ، و المحشِّي عليه ، و منهم المترجم و الناسخ له ، و كلُّهم يثني عليه خيراً .
__________
(1) 1 ... شمائل الرسول ، للحافظ ابن كثير ، بتحقيق مصطفى عبد الواحد ، ص : 3 .
(2) ... الترمذي ، هو : محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك ، السلمي ، إمام في الحديث ، ارتحل فسمع بخراسان و العراق و الحرمين ، و لم يرحل إلى مصر و الشام ، و قد أضر في كبره بعد رحلته و كتابته العلم ، قال الذهبي : ( جامعه قاض له بإمامته و حفظه و فقهه ، و لكن يترخص في قبول الأحاديث ، و لا يشدد ، و نفسه في التضعيف رخو ) ، مات بترمذ .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 4 / 278 ، تذكرة الحفاظ 2 / 633 ، سير أعلام النبلاء 13 / 270 ، البداية و النهاية 11 / 66 ، النجوم الزاهرة 3 / 88 ، الأعلام 2 / 367 .(4/96)
قال الحافظ ابن كثير رحمه الله : (( قد صنف الناس في هذا - يريد موضوع الشمائل النبوية الشريفة - قديماً و حديثاً ، كتباً مفردةً و غير مفردة ، و من أحسن من جمع في ذلك فأجاد الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي رحمه الله أفرد في هذا المعنى كتابه المشهور بالشمائل )) (1) .
و في البوسنة و الهرسك نسخ خطيَّة لأربعة من كتب الشمائل المعروفة ، مع بعض شروحها و مختصراتها ، فيما يلي وصفها :
الكتاب الأوَّل :
الشمائل النبويَّة .
للإمام أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي ( 279 هـ / 892 م ) .
وقد وقفتُ على إحدى عشرة نسخة خطِّيَّة من كتاب الشمائل و عدَّة نسخ خطيَّة لشروحه في مكتبات البوسنة و الهرسك فيما يلي وصفها :
أوَّلاً : مخطوطات كتاب الشمائل النبويَّة :
النسخة الأولى :
و هي كاملة تقع في ( 87 ) ورقة ، كتبها بخطٍ نسخيٍّ واضحٍ القاضي عزَّتي صالح سنة 1094 هـ / 1682م ، و عليها إهداءٌ من قاضي سراييفو إبراهيم أفندي ، يرجع تاريخه إلى سنة 1169 هـ / 1755م ، و هي من أوقاف هرمو زاده .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (1790/437) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 45 ) ورقة ، و هي ناقصة من آخرها ، و مكتوبة بخط تعليقي جميل ، كتبها مصطفى النقشبندي ، المعروف باسم عطَّار زاده ، سنة 1169 هـ /
1756 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : (2408،1/438) .
النسخة الثالثة :
و هي كاملة تقع في أربع و أربعين ورقة ، كتبها عبد الرحمن بن أبي بكر البانيالوكي (2) ، سنة 1113هـ/1701م ، في المدرسة السليمانية بمكة المكرمة .
__________
(1) ... شمائل الرسول ، لابن كثير ، ص : 5 .
(2) ... البانيالوكي نسبة إلى مدينة ( بانيالوكا ) ثاني مدن البوسنة بعد العاصمة سراييفو ، و قد احتلها الصرب في الحرب الأخيرة ، و اتخذوا منها عاصمة لكيان صرب البوسنة .(4/97)
و هي محفوظةٌ حالياً ضمن مجموعة الكتب الشرقيَّة في الأكاديميَّة اليوغسلافيَّة تحت رقم (1167/1) .
النسخة الرابعة :
و هي ناقصةٌ من أوَّلها و تقع في سبعٍ و خمسين ورقة ، في بداية مجموعٍ يحوي بالإضافة إليها قصيدة البردة للبوصيري (1) ، و يعود تاريخ نسخها إلى سنة 1127هـ / 1748 م .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 883 / 1 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا
( الفيروزيَّة ) بترافنيك (2) .
النسخة الخامسة :
و هي كاملة مُتقنة ، تقع في سبع و أربعين ورقة ، مكتوبة في سراييفو بخط تعليقي واضح ، كتبها الناسخ البوسنوي عبد الله بن أحمد قنطميري (3) 0
و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم (1742،1/436) .
النسخة السادسة :
و هي كاملة تقع في سبعٍ و أربعين ورقة ، جاء في آخرها ما نصُّه: ( قد اتفق الفراغ من تسويده وقت العصر بمدرسة حكيم جلبي لسنة أربع و ستين و مئتين بعد ألفٍ ) ، و عليها تملك باسم حسين بن مفيد الدين الحسيني .
و هي موجودة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم (1322،4/152) .
النسخة السابعة :
__________
(1) 2 ... البوصيري ، هو : محمد بن سعيد بن حماد بن محسن بن عبد الله ، شرف الدين ، أبو عبد الله الصنهاجي ، الدلاصي ، المغربي الأصل ، البوصيري المنشأ ، صوفي من أهل الطرق ، ناظم ، ولد بدلاص سنة 608 هـ / 1211 م ، و توفي بالأسكندرية سنة 694 هـ / 1294 م .
انظر ترجمته في : الوافي بالوفيات 3 / 105 – 113 ، شذرات الذهب 7 / 753 ، كشف الظنون 1331 و 1349 ، معجم المؤلفين 10 / 28 .
(2) ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/268 تحت رقم : 435 .
(3) ... لم أقف على ترجمة له .(4/98)
و هي كاملة و واضحة ، تقع في ثنتين و تسعين ورقة ، كُتبت بخط الناسخ البوسنوي أحمد بن محمد بن علي بن مصطفى آغا بن صالح آغا ديزدتر بن حسين آغا بن أحمد آغا ، سنة 1284هـ/1867م ، و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو برقم (3029) ، و لم تتح لي فرصة معاينتها بسبب عمليات الترميم في المكتبة .
النسخة الثامنة :
تقع في مئةٍ و أربع عشرة ورقة متوسطة الحجم ، نسخها بخطٍ نسخيٍّ جميل الناسخ البوسنوي سليمان جابيتش بن شاكر أفندي، سنة 1285هـ/1868م (1) .
وهي موجودة في دار مخطوطات الهرسك بمدينة موستار تحت رقم (256) .
كما يوجد في دار مخطوطات الهرسك ثلاث مخطوطات أُخرى ، أرقامها (209-211-222) (2) ، و قد حال دون تمكني من معاينتها سقوط موستار في أيدي كروات البوسنة ، و اتخاذها عاصمة لدولة الهرسك التي أعلنوها سنة 1415هـ/1995م 0
ثانياً : مخطوطات شروح ( الشمائل ) في مكتبات البوسنة :
كان لمكتبات البوسنة حظٌ وافر من شروح شمائل الترمذي ، و دورٌ هام في
حفظها ، و قد وقفتُ على عدة نسخٍ خطيَّة لبعض شروح ( الشمائل ) أعرضها في ما يلي :
الشرح الأول :
و هو بعنوان : أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل .
للحافظ أحمد بن حجر الهيتمي (ت :973هـ/1565م) .
__________
(1) ... انظر : فهرس المخطوطات الشرقية بدار مخطوطات الهرسك ، في موستار ، ص : 37 تحت رقم : 36 .
(2) ... انظر : فهرس المخطوطات الشرقية بدار مخطوطات الهرسك ، في موستار ، ص :24-40- 31 تحت رقم : 6 - 43- 23 .(4/99)
شرح الهيتمي رحمه الله شمائل الترمذي في المسجد الحرام ، و أثبت ذلك في مقدمته فقال : ( الحمد لله رب العالمين ... و بعد فهذه عجالةٌ علَّقتها على مشكل شمائل الإمام الحافظ أبي عيسى الترمذي رحمه الله علَّقتها لمَّا قرئ عليَّ في رمضان سنة تسع و أربعين و تسعمئة بحرم مكة المكرمة ... ) ، و قال في آخره : ( فرغتُ منه لثمانية عشر من رمضان سنة تسعٍ و أربعين و تسعمئة ( 1561 م ) ، و كان الابتداء فيه ثالث رمضان من السنة المذكورة ) .
و لهذا الشرح في البوسنة نسخة واحدة كاملة تقع في ثنتين و تسعين ورقة ، كتبها محمد بن صلاح الدين البكري التيمي الدمنهوري ، في حياة مؤلفها ، و قرأ غالبها عليه عام ثمان و ستين و تسعمئة ، و عليها ما يفيد ملكيتها للشيخ عبد العزيز مؤمن زاده المدرس في مدرسة كركجي باشا بتركيا 0
و ترجعُ أهميَّتها إلى قِدم تاريخ نسخها ، و كون ناسخها أحد تلاميذ المؤلف ، و قد قرأ معظمها عليه ، كما صرَّح بذلك في نهايتها .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (507/441) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : جمع الوسائل في شرح الشمائل .
للشيخ علي القاري رحمه الله (ت : 1014هـ/1605م) .
و قد شرح الشيخ علي القاري رحمه الله كتاب ( الشمائل ) في مكة المكرمة سنة ثمانٍ و ألفٍ للهجرة .
و لهذا الشرح في البوسنة عدَّة نسخ خطية فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
و هي كاملة تقع في مئتين و ثمان و سبعين صفحة مكتوبة بخط نسخي واضح يتخلله بعض التعليق و لا يُعرف اسم ناسخها و لا تاريخ النسخ .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (325/443) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي بسراييفو .
النسخة الثانية :(4/100)
تقع في ثنتين و خمسين و مئتي ورقة مكتوبة بخطٍ نسخي قديم ، كتبها إسماعيل ( كذا ورد ذكره ) باسطنبول ، في رمضان سنة 1127هـ/1715م ، و عليها ما يفيد ملكيتها لعمر بن محمد البوسنوي عام 1176هـ/1762م ، ثم عمر زهدي عام 1193هـ/1779م ، ثم محمد شاكر مويدوفيتش .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (1327) ، و قد أهدتها إلى المكتبة الخسرويَّة أخيراً السيدة منيبة مويدوفيتش .
النسخة الثالثة :
تقع في تسعٍ و سبعين و ثلاثمئة ورقة ، مكتوبة بخط نسخ تعليق ، كتبها الناسخ البوسنوي مصطفى بن إبراهيم الملقب بجقوري ، في مدينة بانيالوكا سنة 1065هـ/1654م ، و عليها ما يفيد ملكيتها للقاضي محمد رشيدحافظ زادة ، قاضي
بانيالوكا .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (3374/444) .
النسخة الرابعة :
تقع في ثنتين و سبعين و خمسمئة ورقة ، كتبها بخط النسخ عبد الله الأبوصيري الشافعي ، سنة 1156هـ/1743م (1) 0
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (3903) ، و قد نقلها إلى الخسروية من مكتبة قركوز بك في موستار عبد الرؤوف ساجني الشهيد رحمه الله .
كما توجد في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
( 2147 / 18) قطعة صغيرة من ( جمع الوسائل ) للشيخ علي القاري ، تقع في ثلاثة أوراق ، و هي وقف من سليم أفندي مفتيتش و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1356،18/2147).
الشرح الثالث :
و هو من تأليف الشيخ عبد الرؤوف المناوي رحمه الله ( ت : 1031 هـ /1621 م ) .
__________
(1) ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/274 تحت رقم : 445(4/101)
و أوَّله : ( شمائل أهل الفضائل في الحديث و القديم ... ) . و هو مكتوب بخط النسخ ، بقلم الناسخ علي بن حسن بن تاج الدين ، سنة 1109 هـ / 1697 م ، ، و هو محفوظ اليوم تحت رقم : ( 3358 / 446 ) ، في مكتبة الغازي خسرو بيك ، و قد نقل إليها من مكتبة الحاج خليل أفندي الغراجانيتسي الوقفية (1) .
الكتاب الثاني :
و هو : كتاب الشِّفا بتعريف حقوق المُصطفى .
تأليف : القاضي أبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي السبتي ( ت : 544 هـ / 1150 م ) .
و لهذا الكتاب في مكتبات البوسنة عدة نسخ خطية ، إضافة إلى عدة نسخٍ خطِّيَّة لشروحه، فيما يلي وصفها :
أوَّلاً : مخطوطات كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى .
النسخة الأولى :
تقع في (250 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها خالد بن إسماعيل الطرابلسي في دمشق سنة 764 هـ / 1463 م ، و هي من أوقاف مميشاه أفندي البوسنوي و قاضي فوتشا مصطفى بن إبراهيم على أهالي مدينة ( فوتشا ) البوسنوية ، سنة 1116 هـ / 1705 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 130/483 ) .
النسخة الثانية :
تقع في (211 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي يتخلله بعض النسخ ، ذُكر في آخرها أنَّها بخط أحمد بن محمد بن محمد بن إسماعيل بن عيسى العفطي الشافعي ، المعروف بابن دينار ، سنة 738 هـ / 1338 م ، و في مكان آخر ذُكر أن محرِّر هذه النسخة هو سليمان بن علي بن محمد ، المدرس في مدرسة ( نَشانجي باشا ) باسطنبول ، سنة 1130 هـ / 1718 م . و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 256/484 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ) الفيروزيَّة ( بترافنيك .
النسخة الثالثة :
__________
(1) ... انظر : قاسم دوبراجا : فهرس المخطوطات العربية و التركيَّة و الفارسيَّة في مكتبة الغازي خسروبيك : 1/275 تحت رقم : 446(4/102)
تقع في (174 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي كتبها خجا زاده أحمد بن محمد ، سنة 1141 هـ / 1729 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 368/485 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الرابعة :
تقع في (230 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها علي بن أيوب بن موسى المالكي ، سنة 748 هـ / 1347 م ، و عليها تملك باسم محمد صالح عبد الرحيم و عبد الله حسن بيك محرمي زاده ، و محمد خانجيتش ، و من مكتبة هذا الأخير نُقلت إلى مكتبة الغازي خسرو بيك حيث تحفظ اليوم تحت رقم : ( 483/486) .
النسخة الخامسة :
تقع في (316 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : (704/487) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة حسن أفندي يويو زاده .
النسخة السادسة :
تقع في (281) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها مصطفى بن مصطفى الأَسكوبي في مدرسة الغازي خسرو بيك سنة 1211 هـ / 1797 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 1231/488 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ) الفيروزيَّة ( بترافنيك .
النسخة السابعة :
تقع في (132) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها فيض الله إسماعيل جنتي زاده ( جنَّتيتش ) البوسنوي ، في سراييفو سنة 1219 هـ / 1804 م ، و قد أوقفها موستاي بيك جنتيتش على عقبه ، سنة 1289 هـ / 1872 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 1234/489 ) .
النسخة الثامنة :
تقع في (188 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ النستعليق ، كتبها محمد حلوى زاده ، سنة 1166 هـ / 1753 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 2113 /490 ) .
النسخة التاسعة :(4/103)
تقع في ( 237 ) ورقة ( 1-237 ) ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها سيد حسين صادق القادري ، سنة 997 هـ / 1589 م ، و هي من أوقاف أحمد عاصم متولي على مدرسة الغازي خسرو بيك و تحفظ اليوم ضمن مجموع في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 2808،1/491 ) .
النسخة العاشرة :
تقع في ( 197 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها حسين بن حسين البلغرادي سنة 1151 هـ / 1738 م ، و عليها تملك باسم الحاج خليل الغرادجانيتسوي ( من أهالي غرادجانيتسا في البوسنة ) ، و قد نُقلت من مكتبته إلى مكتبة الغازي خسرو بيك حيث تحفظ في خزانتها تحت رقم : (3482/
492 ) .
النسخة الحادية عشرة :
تقع في ( 226 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها محمد بن خليل ، في مدرسة رئيس الكُتَّاب بمنطقة ( كاستامونيا ) ، سنة 1162 هـ / 1749 م ، و عليها تملك باسم هرمو زاده صالح صدقي ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 4213 /493 ) .
النسخة الثانية عشرة :
تقع في ( 309 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها عبد الله بن منلا صالح حرميك ( حرميتش ) ، في مدرسة قرة كوز بيك بموستار ، و لم يذكر تاريخ نسخها و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : (4308/494).
النسخة الثالثة عشر :
تقع في ( 42 ) ورقة (31-72) ، و هي كثيرة النقص ، و قد كتبت بخطٍّ نسخي واضح ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 3492،2/1688 ) .
ثانياً : مخطوطات مختصرات كتاب الشفا :
اختصر الشيخ محمد بن أحمد بن علي بن عمر الإسنوي رحمه الله (1) (
__________
(1) 1 ... الإسنوي ، هو : شمس الدين ، ابن عم جمال الدين ، الشافعي ، محدث ، فقيه ، نحوي ، كان أحد العلماء العاملين ، أقام بإسنا مدة ، ثم بمكة ، و توفي بها بعد الحج ، و له أيضا : شرح مختصر مسلم للمنذري ، و شرح ألفية ابن مالك .
انظر ترجمته في : الدرر الكامنة 3 / 342 ، ذيل العبر لابن العراقي 1 / 107 ، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3 / 155 – 156 ، بغية الوعاة 1 / 35 ، شذرات الذهب 8 / 338 ، معجم المؤلفين 8 / 297 .(4/104)
ت : 763 هـ / 1362 م ) كتاب الشفا بتعريف أحوال المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في جزءٍ واحدٍ سمَّاه : تحفة إخوان الصفا في اختصار كتاب الشفا (1) .
و توجد في البوسنة نسخة خطية واحدة منه تقع في ( 91 ) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي كتبها مسعود بلال ، سنة 793 هـ / 1391 م ، و هي محفوظةٌ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 3379/495 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك في موستار .
ثالثاً : شروح كتاب الشفا :
لكتاب الشفا شروحٌ كثيرة ، ذكر منها حاجي خليفة بضعة عشر شرحاً من بينها ثلاثة شروح لها نسخ خطِّية في مكتبات البوسنة ، و فيما يلي ذكر هذه الشروح و بيان نسخها الخطيَّة :
الشرح الأوَّل :
و هو بعنوان : رفع الخفاء عن ذات الشفاء (2) .
للشيخ علي بن سلطان القاري ( ت : 1014هـ / 1606 م ) .
و توجد ثلاث نسخ خطية منه في البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ( 413 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف جينو زاده ، و تحفظ اليوم في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 130/483 ) .
النسخة الثانية :
تقع في ( 656 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها الحاج محمد بن ولي الدين المدرس بزاوية خانقاه بسراييفو ، سنة 1193 هـ / 1779 م ، و عليها تملك باسم الحاج عبيد الله زهدي بن الحاج إبراهيم ، سنة 1284 هـ / 1868 م ، و تحفظ اليوم في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 689/498 ) .
النسخة الثالثة :
تقع في ( 501 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي واضح ، كتبها علي المنوفي ، سنة 1165 هـ / 1752 م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 3742/499 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الشرح الثاني
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1053-1054 .
(2) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/369 .(4/105)
و هو عبارة عن حواش على الكتاب ، تعرف بحاشية الشفا .
لشهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاَّني ( ت : 923هـ / 1517 م ) .
وله في البوسنة نسخة واحدة ، و هي نا قصة ، يقع القدر الموجود منها في (174) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي ، كتبها سليمان بن محمد المالكي الأبياري ، سنة 1075 هـ / 1665 م ، و هي ممَّا نُقل إلى المكتبة الخسروية من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الشرح الثالث :
بعنوان : نسيم الر ياض في شرح شفاء القاضي عياض (1) .
للشيخ أحمد بن محمد بن عمر الخفاجي المصري (2) (ت : 1069هـ/ 1659م).
توجد في البوسنة نسخةٌ من هذا الشرح بمجلَّداته الثلاثة ، و تقع مجتمعةً في
( 1247 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و تحمل اسمين لناسخين مختلفين ،هما : محمد بن داود العناني ، و محمد اليعقوبي الونامي ، و قد تم نسخها بين عامي 1062 ، و 1068 هـ/ 1652 و 1658 م .
و هي محفوظةٌ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت الأرقام
( 110/500 ) و ( 111/501 ) و ( 112/512 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي بسراييفو .
الكتاب الثالث :
و هو كتاب : الشمائل الشريفة ، المقتصر على أحاديث الشمائل النبوية الشريفة من كتاب ( الجامع الصغير ) ، للإمام السيوطي (ت : 911 هـ / 1505 م ) .
توجد منه نسخةٌ واحدة في البوسنة تقع في تسعٍ و عشرين ورقة ، مكتوبة بخط نسخيّ و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 631 .
(2) 2 ... الخفاجي ، هو : شهاب الدين ، أبو العباس ، الحنفي ، لغوي ، أديب ، مشارك ، ولد بمصر سنة 979 هـ / 1571 م ، و توفي بها و قد أناف على التسعين ، و له مؤلفات كثيرة ، منها شرح درة الغواص في أوهام الخواص للحريري ، ديوان العرب في ذكر شعراء العرب .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 1 / 331 – 343 ، كشف الظنون 699 و 741 ، هدية العارفين 1 / 160 معجم المؤلفين 10 / 138 .(4/106)
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (881،6/1974) .
الكتاب الرابع :
خلاصة الأخبار في أحوال النبي المختار - صلى الله عليه وسلم - (1) .
تأليف الشيخ عزيز محمود أفندي بن فضل الله بن محمود الأسكداري (2) (ت : 1038هـ/ 1629 م ) .
توجد في البوسنة نسخة واحدة منه ، تقع في (85) ورقة (1-85) ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (634،1/2254) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
تاسعاً : كتب الفضائل و المناقب :
الكتاب الأوَّل :
فضائل الشام و دمشق (3) .
تأليف أبي الحسين علي بن محمد الربعي المالكي (4) .
و هو جزءٌ صغيرٌ يجمع بين دفتيه جملة واسعة من الأحاديث الواردة في فضائل بلاد الشام ، و حاضرتها دمشق .
و توجد في البوسنة نسخة وحيدة منه ، تقع في ( 17 ) ورقة ( 171-187 ) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها الناسخ عثمان بن بالين ، سنة 1033 هـ / 1624 م و هي محفوظة في دار المحفوظات بموستار ضمن مجموعٍ تحت رقم : ( 473،5 / 253 ) .
__________
(1) 1 ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/717 .
(2) 2 ... محمود الأسكداري : ويعرف بالهدائي ، حنفي ، صوفي ، ناظم ، ناثر ولد ببلده حصار ، و توفي باسكدار ، له مصنفات كثيرة .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 4 / 327 – 329 ، معجم المؤلفين 12 / 189 .
(3) 3 ... كتاب مطبوع ، نشره المجمع العلمي العربي ، بدمشق ، سنة 1370هـ/ 1951 م ، بتحقيق صلاح الدين المنجد .
(4) 1 ... الربعي : يعرف بابن أبي الهول ، المالكي ، من أهل دمشق ، توفي 444 هـ / 1052 م ، كذا في الأعلام للزركلي ، و في الديباج المذهب ص 203 : أنه قيرواني ، نزل سفاقس ، و حاز رئاسة إفريقيا ، ت 498 هـ / 1105 م ، و أرخه صاحب شجرة النور الزكية ص 117 ، سنة 478 هـ / 1085 م .(4/107)
الكتاب الثاني :
القرب في فضل ( محبة ) العرب (1) .
تأليف الإمام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين العراقي ( ت : 806 هـ/ 1404 م ) .
و هو كتاب جمع فيه الحافظ العراقي رحمه الله طائفة صالحة من الأحاديث الثابتة في فضائل العرب .
و توجد في البوسنة نسخة واحدة منه ، و قطعةٌ من نسخةٍ أخرى .
أمَّا النسخة الكاملة فتقع في (12) ورقة (75-86) ، مكتوبة بخط نسخي، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3505،10/391) .
و أمّا القطعة فتقع في ورقتين فقط (232-233) ، و هي مكتوبة بخط نسخي سنة 996 هـ / 1588 م ، لا يعرف اسم كاتبها ، و في الصفحتين الموجودتين جملة من الأحاديث الصحيحة الواردة في فضل العرب ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم :
(1643،2/981) .
الكتاب الثالث :
مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرَّتين ( أو فيمن يؤتى أجرين ) (2) .
تأليف الإمام جلال الدين عبد الرحمن السيوطي (ت: 911هـ / 1506م ).
و هو في الفضائل جمع فيه الإمام السيوطي رحمه الله ما ورد من الأحاديث الدالة على مضاعفة الأجور ، و شرحها .
توجد في البوسنة نسخة واحدة منه تقع في أربعة أوراق ( 136 – 139 ) ، مكتوبة بخط الناسخ البوسنوي الشهير عبد الله قنطميري ( قنطمير زاده ) ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : ( 1688 ، 5 /577 ) .
الكتاب الرابع
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 137.
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1719 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/147 ، و هو كتاب مطبوع نشرته دار الهجرة في الدمام ، سنة 1410 هـ / 1990 م ، بتحقيق سليم بن عيد الهلالي .(4/108)
لباب الأحاديث ( أو كتاب اللباب في الحديث ) (1) .
لمؤلف مجهول .
و هو كتاب في الفضائل - كما قال حاجي خليفة - رحمه الله ، جعله مؤلفه في أربعين باباً ، أورد في كل باب منها عشرة أحاديث في فضائل الأعمال (2) .
و توجد في البوسنة نسخة واحدة منه تقع في تسعة أوراق ، مكتوبة بخط تعليقي، كتبها أحمد بن مصطفى ، سنة 1154 هـ / 1741 م ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3505،10/391) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة محمد أنور قاضيتش .
كما توجد في البوسنة مجموعة أجزاء حديثية يحوي كلٌ منها جملة من الأحاديث الواردة في فضائل بعض الشهور ، و كلُّها مجهولة أسماء المؤلفين ، و هي مشحونة بكثيرٍ من الأحاديث الواهية و الموضوعة ، و هي :
1. جزءٌ بعنوان ( فضائل رجب ) ، يقع في ثماني أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هو محفوظ في دار المحفوظات بموستار تحت رقم : (4961/1304) .
2. جزءٌ بعنوان ( فضائل شهر رجب ) ، يقع في خمسة أوراق (84-88) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها الناسخ محمد سلطان باشا ، سنة 1265هـ / 1849 م ، و هو محفوظ في دار المحفوظات بموستار ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3536،2/2136) ، و قد نُقلت إليها سنة 1401هـ/ 1981 م ، شراءً من إسماعيل سليموفيتش ، آخر مُلاَّكها ، و هو إمام مسجد في زفورنيك .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2 / 1540 مقتصراً على اسمه ، دون ذكر مؤلفه ، و للسيوطي كتاب بنفس الاسم ( لباب الحديث ) طبع بالقاهرة سنة 1374 هـ ، كما في " دليل مؤلفات الحديث الشريف المطبوعة " رقم 1555 ، و لم أقف عليه حتى الآن .
(2) 2 قول حاجي خليفة نقلته من على طرة الكتاب المخطوط ، و لم أقف عليه في " كشف الظنون " .(4/109)
3. جزءٌ بعنوان ( فضائل شعبان العظيم ) ، يقع في خمسة أوراق ( 88 – 92 ) مكتوبة بخط نسخي ، كتبها الناسخ محمد سلطان باشا ، سنة 1265 هـ / 1849 م ، و هو محفوظ في دار المحفوظات بموستار ضمن مجموعٍ تحت رقم : ( 3536 ، 3 / 2136 ) ، و قد نُقلت – مع سابقتها - إلى مكتبة الغازي خسرو بيك سنة 1401 هـ / 1981 م ، شراءً من إسماعيل سليموفيتش .
4. جزءٌ بعنوان ( فضائل شعبان العظيم ) ، يقع في خمسة أوراق ( 88-92 ) مكتوبة بخط نسخي ، كتبها الناسخ محمد سلطان باشا ، سنة 1265 هـ/ 1849 م ، و هو محفوظ في دار المحفوظات بموستار ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3536،3/2136) ، و قد نُقلت - مع سابقتها - إلى مكتبة الغازي خسرو بيك سنة 1401هـ / 1981 م ، شراءً من إسماعيل سليموفيتش .
كما يوجد عدد من الأجزاء الحديثية المجموعة في فضائل بعض الأعمال و الأماكن و الأزمنة ، و لا تحمل أسماء مؤلفيها ، و ربما لم تحمل عليها أسماء النساخ أيضاً ، و غالبها مثقل بالأحاديث الضعيفة و الموضوعة ، و من هذه الأجزاء ما هو محفوظ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت الأرقام التالية:
(914.4/116) بعنوان : فضائل عاشوراء .
(3098،9/450) بعنوان : أحاديث في فضائل السور .
عاشراً : كتب أحاديث الأحكام :
حظيت مكتبات البوسنة و الهرسك باثنين من أشهر ما صُنِّف في ( أحاديث الأحكام ) ، و جزءٍ لمؤلف مجهول . أمّا الكتابان فهما :
الكتاب الأول :
بستان العارفين (1) .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/348 .
و قال عنه حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/243 : ( و هو كتاب مختصر مفيد على مئة و خمسين باباً في الأحاديث و الآثار الواردة في الآداب الشرعية ، و الخصال و الأخلاق و بعض الأحكام الفرعية ) ، قلت : و هذا معارضٌ بكلام السمرقندي نفسه في مقدمة كتابه ، حيث عرَّف بالكتاب فقال : ( إني قد جمعت في كتابي هذا فنوناً من العلم ... و استخرجت ذلك من كتب كثيرة ، و سميته كتاب البستان ، مشتملاً على مئة و اثنتين و ستين باباً ... ).
انظر : نسخة المخطوط المحفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم :
(1533،2/2015) ، ص : 3 .
و هو مطبوع سنة 1402 هـ / 1982 م ، بدار الرائد العربي مع كتاب تنبيه الغافلين .(4/110)
تأليف أبي الليث نصر بن محمد السمرقندي ( ت : 393 هـ / 1003 م ) (1) .
توجد منه خمس نسخ خطية في البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (160) ورقة مكتوبة بخط نستعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (863/1963) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
النسخة الثانية :
تقع في (113) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، سنة 872 هـ / 1468 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1303/1962) .
النسخة الثالثة :
تقع في (100) ورقة (92-191) ، مكتوبة بخط تعليقي ، سنة 1055 هـ / 1645 م ، لا يعرف اسم كاتبها ، و عليها تملُّكٌ باسم قاسم بن إبراهيم ، سنة 1039هـ / 1630 م ، و هي من أوقاف عبد الباقي جينو زاده ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1533،2/2015) .
النسخة الرابعة :
تقع في (93) ورقة (86-179) ، مكتوبة بخط تعليقي ، و لا يعرف اسم
كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم صالح أفندي شميتش ، و هي من أوقافه رحمه الله ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (4614،2/2115) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة الخامسة :
و قد سقط معظمها ، و يقع القدر الموجود منها في (8) أوراق تشمل باب : طلب العلم من الكتاب فقط ، و هي مكتوبة بخطٍ تعليقي ، كتبها أحمد بن مصطفى سنة 1154 هـ / 1741 م .
__________
(1) ... السمرقندي ، هو : الإمام ، الفقيه ، المحدث ، الزاهد ، الحنفي ، صاحب كتاب تنبيه الغافلين ، و كتاب الفتاوى .
انظر ترجمته في : تذكرة الحفاظ للذهبي : 3-169 و هديّة العارفين ، للبغدادي : 2-490 و معجم
المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 13-91 .(4/111)
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (2539،3/585) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة محمد أنور قاضيتش .
الكتاب الثاني :
المنتقى في أحاديث الأحكام عن خير الأنام ( و هو كتاب منتقى الأخبار ) (1) .
تأليف مجد الدين أبي البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيميَّة الحرَّاني (2) ( ت : 652هـ / 1254 م ) .
و هو من أشهر ما أُلِّف في أحاديث الأحكام ، و قد استخلصه المجد رحمه الله من الكتب السبعة ( الصحيحين ، و السنن ، و الموطأ ) .
و للكتاب في البوسنة نسخة خطيةٌ واحدة فقط ، و هي ناقصةٌ من أوَّلها
و آخرها ، و يقع القدر الموجود منها في ( 128 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ قديم و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (775/539) .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/399 ، و هو مطبوعٌ نشرته المكتبة الفاروقيَّة بدلهي ، سنة 1296هـ / 1879 م ، مع حاشية بعنوان ( نزل من اتقى ببيان أحوال المنتقى ) ، لعبد الرشيد بن محمود الإبراهيمي الكشميري ، و نشرته مفرداً بعد ذلك مطبعة البابي الحلبي بالقاهرة ، سنة 1351هـ / 1933 م .
(2) ... المجد ابن تيمية ، هو : الإمام ، العلامة ، فقيه العصر ، شيخ الحنابلة ، المحدث ، المفسر ، الأصولي ، ولد سنة 590 هـ / 1194 م ، صنف التصانيف مع الدين و التقوى ، و حسن الاتباع ، و جلالة العلم ، قال ابن مالك – صاحب الألفية في النحو - : ( ألين للشيخ المجد الفقه كما ألين لداود الحديد ) .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 23 / 291 ، معرفة القراء الكبار 2 / 520 ، العبر 5 / 212 ، البداية و النهاية 13 / 185 ، ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب 2 / 249 ، النجوم الزاهرة 7 / 33 ، شذرات الذهب 7 / 443 .(4/112)
·و إلى جانب هذين الكتابين ثمة جزءٌ فيه ذكر الأحاديث التي تدور عليها أبواب الفقه .
لمؤلف مجهول .
و هو جزءٌ صغيرٌ يجمع بين دفتيه الأحاديث التي استنبط منها الفقهاء قواعد الفقه الكلِّية ، و تخريجها ، و له في البوسنة نسخة وحيدة ، تقع في ( 9 ) أوراق ( 68-76 ) ، مكتوبة بخط الناسخ محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1042 هـ / 1633 م ، و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى .
و هو محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (300،5/162) .
حادي عشر : الأجزاء الحديثية :
الأجزاء : جمع ( جزء ) ، و الجزء الحديثي في اصطلاح المحدثين ، يعني كتاباً صغيراً يشتمل على أحد أمرين :
? جمع الأحاديث المروية عن صحابي واحد من الصحابة أو من بعدهم .
? أو جمع الأحاديث المتعلِّقة بموضوع واحد ، على سبيل البسط
والاستقصاء (1) .
و في البوسنة و الهرسك الكثير من الأجزاء الحديثية ، التي تتناول موضوعات متعددة ، و قد وقفت من هذه الأجزاء على ما يلي :
الجزء الأول :
جزء فيه مرويات إبراهيم بن سعد الزهري (2) .
__________
(1) ... انظر : أصول التخريج و دراسة الأسانيد ، للدكتور محمود الطحان ، ص : 121 .
(2) 1 ... هو : أبو إسحاق إبراهيم بن سعد بن صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن بن عوف الزهري - رضي الله عنه - ، المدني قاضي المدينة و محدثها ، نزيل بغداد ، ثقة حجة ، روى عنه : شعبة و ابن مهدي و أبو داود الطيالسي ، و خلقٌ كثير ، ت : 184 هـ / 800 م ، في المدينة المنورة رحمه الله .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 6 / 81 – 86 ، تذكرة الحفاظ 1 / 252 ، سير أعلام النبلاء 8 / 304 ، شذرات الذهب لابن العماد 1/ 306 .(4/113)
جمعه و رواه مسنداً الشيخ جمال الدين إبراهيم بن علاء الدين على بن أحمد بن إسماعيل القرشي القلقشندي الشافعي (1) رحمه الله ، و هو مما سمعه من شيخه أبي الفضل محمد بن محمد بن العماد البلبيسي (2) رحمه الله (ت : 917هـ / 1511م).
و يقع هذا الجزء في (13) ورقة ، (59-71) ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، و هو محفوظ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2682،2/556) .
الجزء الثاني :
جزء فيه ما رواه الشيخ زين الدين أبو يحيى زكريا بن محمد بن أحمد الأنصاري (3) ( ت : 926 هـ / 1520م ) ، عن شمس الدين أبي الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي ( ت : 902 هـ / 1497 م ) .
__________
(1) 2 ... جمال الدين القلقشندي : أبو إسحاق و أبو الفتح القاهري ، الإمام المحدث الحافظ الرّحلة القدوة ، ولد سنة 831 هـ / 1428 م ، و توفي سنة 922 هـ / 1516 م ، عن ( 91 ) سنة .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 149 ، معجم المؤلفين 1 / 61 ، كشف الظنون 1 / 57 .
(2) 3 ... البلبيسي ، هو : محمد بن محمد بن علي بن محمد بن محمد ، الحملي ، ثم البلبيسي ، المصري ، الشافعي ، شمس الدين ، ولد في بلبيس بمصر سنة 825 هـ / 1422 م ، و رحل عنها إلى الحرمين ، و بيت المقدس ، و غيرها ، و من آثاره : مختصر تفسير القاضي البيضاوي .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع للسخاوي 9 / 162 ، و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة 11 / 251 .
(3) ... زين الدين الأنصاري ، هو : السنيكي ، ثم القاهري الأزهري ، الشافعي ، الفقيه ، المحدث ، النحوي ، له الباع الطويل في كل فن ، ولي تدريس عدة مدارس ، إلى أن رقي إلى منصب قاضي القضاة . =
= ... انظر ترجمته في : الضوء اللامع 3 / 234 ، الكواكب السائرة للغزي 1 / 196 ، و هدية العارفين للبغدادي 1 / 374 ، و الأعلام 3 / 64 .(4/114)
و هو عمل جليل جمع فيه جملة صالحة من مرويات الشيخ الأنصاري عن الإمام الصغاني ، و أوردها بأسانيدها ، مرتبة بحسب أنواعها مبتدئاً بما رواه مسلسلاً ، ثمَّ بقية أنواع الحديث .
و عليه تعليقات حسان بخط الشيخ محمد الخانجي رحمه الله ، يبين فيها أهميَّة هذا الجزء ، و يثني عليه ، و يحشي على بعض أحاديثه .
و تقع نسخة هذا الجزء في ( 58 ) ورقة ، (1-58) ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2682/556) .
الجزء الثالث :
جزء من حديث أبي الحسين أحمد بن محمد القُدُوري (1) ( ت : 428 هـ / 1037 م )
لم يذكر اسم جامعه ، لكن من المرجح أن يكون الشيخ جمال الدين إبراهيم بن علي القرشي القلقشندي الشافعي ، و ذلك لسببين :
الأول أنه جاء ملحقاً بالجزء الذي جمعه القلقشندي من مرويات إبراهيم بن سعد الزهري ، و ناسخهما واحد ، فلعله أسقط اسم الجامِع للجزء الثاني مكتفياً بذكره في مطلع الجزء الأوَّل .
و الثاني : أنَّ المؤلف ذكر أن ما أورده في هذا الجزء هو مما سمعه من شيخه كريم الدين أبي الفضل محمد بن محمد بن العماد البلبيسي ، و هذا موافق لما ذكره في مطلع الجزء السابق ، و الله أعلم .
و يقع هذا الجزء في ثلاثة أوراق (72-75) ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، و هو محفوظ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2682،3/556) .
الجزء الرابع :
جزء فيه جملة من الأحاديث القدسية
__________
(1) 1 ... القدوري : نسبة إلى بيع القدور ، بغدادي ، انتهت إليه رئاسة الحنفية بالعراق ، و عظم و ارتفع جاهه ، له مؤلفات كثيرة ، أشهرها : المختصر في فروع الحنفية .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 4 / 377 ، وفيات الأعيان 1 / 78 ، تذكرة الحفاظ 3 / 1086 ، سير أعلام النبلاء 17 / 574 ، معجم المؤلفين 2 / 66 .(4/115)
المستخرجة من كتاب مشارق الأنوار من صحاح الآثار
تأليف الإمام حسن بن محمد بن حسن الصغاني (ت : 650 هـ / 1252م ).
و يقع في ثلاثة أوراق (126-128) ، مكتوبة بخط الناسخ عبد الوهاب بن الشيخ أحمد بن الحاج عبد الله ، سنة 1177 هـ / 1764 م ، و عليها تملُّكٌ باسم الحاج محمد آغا الغراجانيتسا ( من بلدة غراجانيتسا البوسنوية ) ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (4150،4/2290) .
الجزء الخامس :
جزء فيه جملة من أحاديث الجهاد .
لمؤلف مجهول .
و هو جزء صغير يحوي ثمانية و عشرين حديثاً في فضل الجهاد و المجاهدين في سبيل الله ، مع ترجمتها إلى اللغة التركية ، و أوَّل أحاديثه حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال قلت : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال : ( إيمان بالله ، و جهادٌ في سبيله ) الحديث (1) . و يقع في سبعة أوراق (169-175) ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها محمد الحسيني ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3634،15/848) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الجزء السادس :
جزء فيه ستة أحاديث من كتاب ( الثمانين ) .
تأليف الإمام أبي بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري (2) (
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 2518 ) في العتق ، باب : أي الرقاب أفضل ؟ ، و مسلم ( 84 ) في الإيمان ، باب : كون الإيمان بالله أفضل الأعمال ، و النسائي 6 / 19 في الجهاد ، باب : ما يعدل الجهاد في سبيل الله عز وجل ؛ من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - .
و أخرجه البخاري ( 26 ) في الإيمان ، باب : من قال : الإيمان هو العمل ، و ( 1519 ) في الحج ، باب
(2) فضل الحج المبرور . و مسلم ( 83 ) في الإيمان ، باب : بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال و النسائي 6 / 19 في الجهاد ، باب : ما يعدل الجهاد ، و الترمذي ( 1658 ) في فضائل الجهاد ،
باب : ما جاء أي الأعمال أفضل ؛ من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - .
2 ... الآجري ، هو : البغدادي ، الإمام الحافظ المحدث القدوة ، شيخ الحرم الشريف ، كان عالما عاملا ، ثقة صدوقا ، دينا خيرا ، صاحب سنة و اتباع ، مصنف كتاب الشريعة ، و الأربعين و غيرهما .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 2 / 243 ، الأنساب للسمعاني 1 / 59 ، وفيات الأعيان 4 / 292 ، تذكرة الحفاظ 3 / 936 ، سير أعلام النبلاء 16 / 133 ، معجم المؤلفين 9 / 243 .(4/116)
ت 360 هـ / 971 م ).
يقع هذا الجزء في ورقتين (81-82) ، مكتوبتين بخط نسخي ، كتبه محمد بن ياشباك اليوسفي .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2682،3/556) .
الجزء السابع :
جزءٌ فيه شرح حديث الحوض .
لمؤلف مجهول .
و هو شرح لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الثابت في الصحيحين و غيرهما ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( حوضي مسيرة شهر ماؤه أبيض من اللبن ، و ريحه أطيب من المسك ، و كيزانه كنجوم السماء ، من شرب منها فلا يظمأ أبداً ) (1) .
وله في البوسنة نسخة وحيدة تقع في ثمانية أوراق (243-250) ، مكتوبة بخط تعليقي جميل ، كتبها محمد الحسيني ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3634،6/848) و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
الجزء الثامن :
جزءٌ فيه ذكر الأحاديث التي تدور عليها أبواب الفقه .
لمؤلف مجهول .
__________
(1) 1 ... الحديث :أخرجه البخاري ( 6579) في الرقاق ، باب : ذكر الحوض ، و مسلم ( 2292 ) في الفضائل ، باب : إثبات حوض نبينا - صلى الله عليه وسلم - .
قال القاضي عياض : أحاديث الحوض صحيحة ، و الإيمان به فرض ، و التصديق به من الإيمان ، وهو على ظاهره عند أهل السنة و الجماعة لا يتأول ، و لا يختلف فيه . و قال أيضا : و حديثه متواتر النقل رواه خلائق من الصحابة ، فذكره مسلم في صحيحه من رواية ابن عمرو بن العاص ، و عائشة ، و أم سلمة ، وعقبة بن عامر ، و ابن مسعود .رضي - رضي الله عنهم - ... إلى أن ذكر عددا من الصحابة .
انظر : شرح مسلم للنووي 15 / 53 .(4/117)
و هو جزءٌ صغيرٌ يجمع بين دفتيه الأحاديث التي استنبط منها الفقهاء قواعد الفقه الكلِّية ، و تخريجها ، و له في البوسنة نسخة وحيدة ، تقع في ( 9 ) أوراق ( 68 – 76 ) ، مكتوبة بخط الناسخ محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1042 هـ / 1633 م ، و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (300،5/162) .
الجزء التاسع
جزءٌ فيه عدد ما لكلِّ واحدٍ من الصحابة من الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
لمؤلِّفٍ مجهول .
و هو جزءٌ صغير أورد فيه المؤلِّف أسماء عشرات الصحابة الكرام ، رضوان الله عليهم ، مرتبة على حروف المعجم ، و ذكر عدد مرويَّات كلٍّ منهم من الأحاديث المرفوعة .
توجد في البوسنة نسخة وحيدة منه ، تقع في سبعة أوراق (90-96) ، كتبها الناسخ محمد بن عبد الفتاح ، سنة 1024هـ / 1615 م ، و هي من أوقاف أحمد بن مصطفى.
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (300،8/162) .
و إلى جانب ما تقدم ، في البوسنة عددٌ كبيرٌ من الأجزاء الحديثية متنوعة
المواضيع ، لا يُعرف مؤلفوها ، و ربما كان بعضهم بشانقة ، أو ممن نزل البوسنة يوماً ، كتلك المحفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت الأرقام التالية:
( 4344،3/2301 ) ، و ( 4150،3/2290 ) (1) ، و ( 2627/1629 ) و ( 1890،8/1255 ) ، و ( 1973،8/1030 ) ، و ( 2682،4/556 ) ، و
( 1197،4/139 ) (2) ، و ( 4253،2/592 ) ، و ( 4673و2/2022 ) ، و
(
__________
(1) ... هي بخط الناسخ عبد الوهاب بن الشيخ أحمد بن الحاج عبد الله ، سنة 1177 هـ / 1764 م ، و عليها تملك باسم الحاج محمد آغا الغراجانيتسي ( من بلدة غرادجانيتسا البوسنوية ) ، سنة 1180هـ/1767م.
(2) ... هي بخط الناسخ البوسنوي أحمد بن والي ، و قد نسخها في مدرسة سيم زاده بسراييفو ، سنة 1117 هـ/ 1764 م .(4/118)
4898،3/2051 ) ، و ( 6836،2/2069 ) ، و ( 3499،3،5/514 ) و
( 1945،2/398 ) ، و ( 561/2246 ) (1) ، و ( 4178،3/590 ) (2) ، و
( 2585،2/2621 ) ، و ( 4807/2622 ) (3) ، و ( 6852/2623 ) .
و جزءٌ واحد في دار المحفوظات بموستار ، تحت رقم : (658،5/79) .
ثاني عشر : الأربعينيات الحديثية :
لقد أكثر العلماء من جمع الأربعينيات الحديثية ، حفزهم على ذلك حديث :
( من حفظ على أمتي أربعين حديثاً ينتفعون بها بعثه الله يوم القيامة فقيها عالماً ) (4) ،
__________
(1) ... قد نقلت إلى خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو من مكتبة شهدي أفندي بسراييفو .
(2) ... تسمى هذه المجموعة بالأحاديث الكنزية ، و هي تتناول الثناء على الفقراء الصابرين و تسليتهم ، و ذم الغنى و الترف ، و فيها كثير من الضعاف و الموضوعات .
(3) ... عل هذه النسخة تملك باسم الحاج درويش أفندي ريجانوفيتش ، سنة 1275 هـ / 1859 م .
(4) 5 ... هذا الحديث متفق على ضعفه بين العلماء ، و أنا ذاكر أقوالهم مرتبة بحسب تقدم وفاة أصحابها :
قال أبو علي صالح بن محمد الحافظ ( ت 293 هـ / 906 م ) - فيما رواه عنه الخطيب في " تاريخه " 6 / 322 - : ( هذا الحديث باطل ) .
و قال أبو علي سعيد بن السكن الحافظ ( ت 353 هـ / 964 م ) – فيما نقله عنه ابن عبد البر في
" جامع بيان العلم " 1 / 198 - : ( ليس يروى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه ثابت ) .
... و قال الدارقطني ( ت 385 هـ / 995 م ) – نقله عنه ابن الجوزي في " العلل المتناهية " 1 / 128 - :
( كل طرق هذا الحديث ضعاف ، و لا يثبت منها شيء ) .
و قال البيهقي ( ت 458 هـ / 1066 م ) في " شعب الإيمان " 2 / 271 : ( هو متن مشهور فيما بين الناس و ليس له إسناد صحيح ) .
و قال البيهقي أيضا في " الأربعون الصغرى " ، ص : 73 : ( أسانيده واهية ) .
و قال البيهقي أيضا – فيما نقله عنه ابن حجر في " الإمتاع " ص 298 - : ( أسانيده كلها ضعيفة ) .
و قال ابن عبد البر ( ت 463 هـ / 1071 م ) في " جامع بيان العلم " 1 / 192 : ( و إسناد هذا الحديث كله ضعيف ) . =
= ... و قال ابن عساكر ( ت 571 هـ / 1176 م ) في كتابه " الأربعين البلدانية " ، ص : 43 : ( أسانيده كلها فيها مقال ، ليس للتصحيح فيها مجال ، و لكن الأحاديث إذا ضم بعضها إلى بعض أخذت قوة ، لا سيما ما ليس فيه إثبات فرض ) .
و قال ابن الجوزي ( ت 597 هـ / 1201 م ) في " العلل المتناهية " 1 / 126 – 129 بعد أن أورد الحديث من طرقه ، وتكلم على كل طريق بمفرده : ( هذا لا يصح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقد بنى على هذا الحديث الذي بينا علله جماعة من العلماء ، فصنف كل منهم أربعين حديثا منهم من ذكر فيها الأصول ، و منهم من قصر على الفروع ، و منهم من أورد الرقاق ، ومنهم من جمع بين الكل ، فأولهم أبو عبد الرحمن عبد الله بن المبارك المروزي ، و بعده – فذكر جماعة ثم قال : - و أكثرهم لا يعرف علل الحديث ومنهم من تسامح بعد العلم لحث على الخير ) .
و قال عبد القادر الرهاوي ( ت 612 هـ / 1215 م ) – فيما نقله عنه ابن حجر في " الإمتاع " ، ص : 298 ، و الزبيدي في " إتحاف السادة المتقين " 1 / 76 - : ( طرقه كلها ضعاف ؛ إذ لا يخلو طريق منها أن يكون فيها مجهول لا يعرف ، أو معروف مضعف ) .
و قال ابن حجر : ( و قال الحافظ رشيد الدين العطار - ( ت 622 هـ / 1264 م ) - ، و زكي الدين المنذري - ( ت 656 هـ / 1258 م ) - نحو ذلك ) .
ولفظ المنذري – كما في " إتحاف السادة المتقين " 1 / 76 - : ( ليس في جميع طرقه ما يقوى و تقوم به الحجة ، إذ لا يخلو طريق منها أن يكون فيها مجهول ، أو معروف مشهور بالضعف ) .
و قال النووي ( ت 676 هـ / 1278 م ) في خطبة كتابه الأربعين ، ص : 7 : ( اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف و إن كثرت طرقه ) .
و قال النووي أيضا في " الفتاوى " ص 272 – 273 : ( طرقه كلها ضعيفة و ليس هو بثابت ) .
و قال الحافظ ابن حجر ( ت 850 هـ / 1446 م ) في " تلخيص الحبير " 3 / 108 : ( روي من رواية ثلاث عشر من الصحابة ، أخرجها ابن الجوزي في العلل المتناهية ، و بين ضعفها كلها ، و أفرد المنذري الكلام عليه في جزء مفرد ، وقد لخصت القول فيه في المجلس السادس عشر من الإملاء ، ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة ) .
و قال ابن حجر أيضا في " الإمتاع " ص 297 : ( و لا يصح منها شيء ) .
قلت : و انفرد الحافظ السلفي ( ت 576 هـ / 1181 م ) فذكر في كتابه " الأربعين البلدانية " أن العلماء رووه من طرق وثقوا بها و عولوا عليها و عرفو صحتها و ركنوا إليها !!
قال المنذري : ( لعل السلفي كان يرى أن مطلق الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها إلى بعض أحدث
قوة ) .
قال الحافظ ابن حجر : ( لكن تلك القوة لا تخرج هذا الحديث من مرتبة الضعف ، فالضعف يتفاوت ، فإذا كثرت طُرُق حديثٍ رجحت على حديثٍ فَرْد ، فيكون الضّعف الذي سببه ناشئٌ عن سوء حفظ رواته إذا كثرت رواته ارتقى عن مرتبة المردود و المنكر الذي لا يجوز العمل به بحال إلى مرتبة الضعيف الذي يجوز العمل به في فضائل الأعمال ) . =
= ... و قال ابن حجر الهيتمي المكي ( ت 973 هـ / 1566 م ) في " فتح المبين شرح الأربعين - النووية " ص 33 : ( و لا يَرِدُ على قول المصنف – يعني النووي في حكاية التضعيف – قول الحافظ أبي طاهر السلفي في " أربعينه " أنه روي من طرق وثقوا بها و ركنوا إليها و عرفوا صحتها و عولوا عليها . انتهى ؛ لأنه مُعْتَرَضٌ و إن أجاب عنه الحافظ المنذري ؛ بأنه يمكن أن يكون سلك في ذلك مسلك من رأى أن الأحاديث الضعيفة إذا انضم بعضها لبعض أحدث قوة ، و لا يَرِدُ على المصنف ذكر ابن الجوزي له في الموضوعات ؛ لأنه تساهل منه ، فالصواب أنه ضعيف لا موضوع ، فإن قلت : سلمنا عدم وضعه ، لكنه شديد الضعف ، و الحديث إذا اشتد ضعفه لا يعمل به ولا في الفضائل ، كما قال السبكي و غيره ، و حينئذ فكيف عمل به جمع من الأئمة ، أتعبوا أنفسهم في تخريج الأربعينيات، اعتمادا عليه ؟ قلت : لا نسلم أنه شديد الضعف ؛ لأنه الذي لا يخلو طريق من طرقه عن كذاب ، أو متهم بالكذب ، و هذا ليس كذلك ؛ كما دل عليه كلام الأئمة ، و لئن سلمنا ذلك ، فهم لم يعتمدوا في ذلك عليه ؛ بل على ما سيذكره المصنف من الأحاديث الصحيحة ، مثل : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، و نضر الله أمرا سمع مقالتي فوعاها ، فأداها كما سمعها ) اهـ .
و علق المناوي في " فيض القدير " 6 / 119 على قول ابن عساكر : ( ليس للتصحيح فيه مجال ) بقوله : ( لكن كثرة الطرق تقويه ) .
مع أنه قال في 1 / 41 : ( قالوا : و إذا قوي الضعف لا ينجبر بوروده من وجه آخر ، وإن كثرة طرقه ، ومن ثم اتفقوا على ضعف حديث : " من حفظ على أمتي أربعين حديثا " ، مع كثرة طرقه لقوة ضعفه و قصورها عن الجبر بخلاف ما خف ضعفه ) .
قلت : وكذا نقل العجلوني في " كشف الخفاء " 1 / 33 الاتفاق على قصورها عن الجبر لشدة ضعفها .
و تساهل ملا علي القاري في " مرقاة المفاتيح " 1 / 253 فحسنه لاجتماع طرقه .
ومن تدبر طرق هذا الحديث ، وكلام العلماء عليها علم شدة ضعفها كلها ، و صحة من قال بعدم انجبارها.
و للاستزادة انظر : المقاصد الحسنة للسخاوي ص 411 ، تنزيه الشريعة لابن عراق 1 / 33 و 2 / 340 ، تذكرة الموضوعات لابن القيرواني ص 187 ، الفوائد المجموعة للشوكاني ص 290 .(4/119)
وفي رواية : ( ... قيل له : ادخل من أيِّ أبواب الجنة شئت ) ، و في رواية :
( ... بعثه الله فقيهاً ، و كنت له شافعاً وشهيداً ) ، إلى غير ذلك من الروايات ،
و كلُّها متقاربة في المعنى .
و قد حرص العلماء على التصنيف في الأربعينيات الحديثيَّة و شرحها ، و التعليق عليها ، حتى جاوزت المصنفات في هذا الموضوع المئة مصنَّف ، و انتشرت مخطوطةً و مطبوعةً في المكتبات الإسلامية المنتشرة في شتى أنحاء العالم .
وكان للبوسنة حظٌّ وافرٌ منها ، حيث توجد في مكتباتها عشرات المخطوطات ، لأربعينيَّاتٍ حديثيَّة ، و قفتُ منها على ما يلي :
أولاً : مخطوطات الأربعين النووية للإمام يحيي بن شرف النووي ( ت : 676 هـ / 1278 م ) وشروحها :
أ) مخطوطات المتن :
توجد ثنتا عشرة نسخة خطية لمتن الأربعين النووية ، في مكتبات البوسنة ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في ثلاث و أربعين ورقة مكتوبة بخط نسخي ، وهي مرقمة الأحاديث ، نسخت سنة 842 هـ / 1439 م ، بخط محمد بن عبد المنعم بن طاهر بن كريم الحسيني رحمه الله . وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع برقم ( 1،2825/544 ) .
النسخة الثانية :
تقع في أربع وثلاثين ورقة ( 189 – 223 ) مكتوبة بخط نسخي ، وهي من أوقاف الحاج محمد أفندي البوسنوي ، و تحفظ حالياً ضمن مجموع تحت رقم ( 2،4215 / 549 ) .
النسخة الثالثة :
تقع في احدى وثلاثين ورقة ( 130 – 161 ) مكتوبة بخط نستعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم
( 2،2854/439 )
النسخة الرابعة :
تقع في إحدى و عشرين ورقة ( 119 – 140 ) مكتوبة سنة 1176هـ / 1763 م ، بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2،3386 /
854 ) .
النسخة الخامسة :(4/120)
تقع في خمس عشرة ورقة ( 1-15) مكتوبة بخط نسخي ، وعليها تملك يرجع إلى سنة 1221 هـ / 1806 م باسم لطف الله لطفي ، ولا يعرف اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 1،2166 / 543 ) .
النسخة السادسة :
تقع في عشر ورقات ( 1-10) مكتوبة بخط نسخي ، ولا يعرف اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 1،3331 / 545 )
النسخة السابعة :
تقع في عشر ورقات ( 3-7-316) مكتوبة بخط نسخي ، ولا يعرف اسم ناسخها ، ولا تاريخ نسخها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 3،1533 / 2015 ) .
النسخة الثامنة :
تقع في تسع أوراق ( 5-13) ، و لا يعرف اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
( 2،2898 / 740 ) .
النسخة التاسعة :
تقع في ثماني عشرة ورقة ( 1-18) مكتوبة بخط نسخي جميل ، تضم الأربعين النووية و تكملتها للحافظ ابن رجب الحنبلي (1) ( ت 790هـ / 1388 م ) وتحمل عنوان ( خمسون حديثا للنووي وابن رجب ) و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم
( 1،2650/553 ) .
النسخة العاشرة :
__________
(1) 1 ... ابن رجب الحنبلي ، هو : زين الدين ، عبد الرحمن بن أحمد بن رجب بن عبد الرحمن ، أبو الفرج ، البغدادي الدمشقي ، الإمام العالم العلامة ، الزاهد القدوة ، الحافظ العمدة ، الثقة الحجة ، أعرف أهل عصره بالعلل و تتبع الطرق ، ولد سنة 736 هـ / 1336 م .
انظر ترجمته في : تاريخ ابن قاضي شهبة 3 / 488 ، إنباء الغمر 3 / 175 ، الدرر الكامنة 2 / 321 ، شذرات الذهب 8 / 578 ، المقصد الأرشد 2 / 81 ، معجم المؤلفين 5 / 136 .(4/121)
و هي قطعة من الأربعين تقع في صفحة واحدة ، لا يعرف اسم ناسخها ، ولا تاريخ نسخها ، وقد أوقفها موستاي بيك جنتيتش سنة 1289هـ / 1872 م ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2752.2 / 551) .
النسخة الحادية عشر :
تقع في (13) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، سنة 1316 هـ / 1899 م لا يعرف اسم كاتبها ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2036.2/1039) .
النسخة الثانية عشر :
تقع في (12) ورقة ، مكتوبة سنة 1181 هـ / 1768م ، و لا يعرف اسم ناسخها ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2036.2/1039) .
ب) مخطوطات شروح الأربعين النووية :
في مكتبات البوسنة أربعة شروح للأربعين النووية فيما يلي وصفها :
الشرح الأول :
و هو بعنوان : المبين المعين لفهم الأربعين (1)
للشيخ علي بن سلطان محمد القاري الهروي ( ت : 1014هـ / 1606م ).
و توجد في البوسنة ثلاث نسخ خطية منه ، فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (118) ورقة ( 1-118) مكتوبة بخط نسخي ، كتبها عمر بن علي بن يعقوب بن علي في المدينة المنورة سنة 1174 هـ / 1761م ، وهي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم
( 1،3386/548) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
النسخة الثانية :
تقع في (162) ورقة مكتوبة بخط نسخي جميل ، كتبها أحمد أفندي الأقحصاري بمدرسة الغازي خسروبيك في سراييفو سنة 1163هـ / 1750 م ، وهي محفوظة تحت رقم ( 4225/550) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
النسخة الثالثة :
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/ 396 ، و قد طبع بالقاهرة سنة 1328 هـ / 1910 م بمطبعة الجمالية في 239 صفحة .(4/122)
تقع في (188) ورقة ( 1-188) مكتوبة بخط نسخي كتبها علي بن أحمد بن صالح بن درميش في بلدة ستوليتسا بالبوسنة ، سنة 1215هـ / 1801 م ، و هي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( 1/ 3215/549) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
الشرح الثاني :
و هو بعنوان : الجواهر البهية في شرح الأربعين النووية (1) :
للشيخ أبي الفضل ولي الدين المصري الشافعي الأشعري البكري (2) ( ت نحو 990هـ / 1582 م ) .
و توجد منه نسخة خطية واحدة تقع في ثلاث و أربعين ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، ولا يعرف اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها أو مكانها .
وقد أوقفها إبراهيم باشا على مسجد قصبته بوجتيل ، وهي محفوظة اليوم تحت رقم ( 4083 / 547 ) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، وقد نقلت اليها من مكتبة قركوزبيك في موستار .
الشرح الثالث :
و هو بعنوان : المجالس السنية في الكلام على الأربعين النووية (3)
تأليف أحمد بن حجازي الفشني (4) ( ت : نحو 978هـ / 1570م ) .
و توجد منه نسخة خطية واحدة تقع في ( 166) ورقة مكتوبة بخط تعليقي ، وعليها تملك باسم حسن بن محمد الموستاري ، وهي محفوظة تحت رقم (320/
16) في دار محفوظات الهرسك بموستار .
الشرح الرابع :
و عنوانه : شرح الأربعين النووية .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 60 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 396 و قد طبع سنة 1318 هـ / 1901 م بدمشق ، بهامش كتاب مصباح الظلام ، و بهجة الأنام في شرح نيل المرام للجرداني .
(2) 2 ... البكري ، هو : أبو الفضل ، ولي الدين محمد بن علي بن سالم الشّبْشيري ، القاهري ، العالم الفاضل المعمر أخذ عن السخاوي ، و الديمي ، و السيوطي ، و القاضي زكريا ، و آخرين .
انظر ترجمته في : الكواكب السائرة 3 / 66 ، شذرات الذهب 10 / 614 .
(3) ... و هو مطبوع نشرته دار إحياء الكتب العربية بالقاهرة ، سنة 1343 هـ .
(4) 1 ... أحمد حجازي الفشني ، هو : شهاب الدين ، الشافعي ، محدث .(4/123)
لمؤلف مجهول .
و توجد في البوسنة نسخة خطية ناقصة منه ، يقع القدر الموجود منها في (24) ورقة ( 1-24) لا يعرف اسم ناسخها ، ولا مكان نسخها ، وقد أوقفها موستاي بيك جنتيتش على ذريته من بعده ،سنة 1289هـ / 1872م .
وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( 1،2752/551) في مكتبة الغازي خسر وبيك بسراييفو .
ثانياً : مخطوطات الأربعين البركوية للشيخ محمد بن علي البركوي ( ت : 981هـ / 1574م ) وشروحها .
أ ) مخطوطات متن الأربعين البركوية (1) :
توجد منه نسخة وحيدة في ستة أوراق ( 1-6) مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم ناسخها ، ولا مكان نسخها ، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم
(1،1141/573) في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
ب ) مخطوطات : شرح الأربعين البركوية (2) :
تأليف محمد بن مصطفي الآق كرماني (3) ( ت : 1174 هـ/ 1761 م ) .
وهو شرح قيم مقسم إلى ثمانية أبواب ، بعدد أبواب الجنة ، صدر المؤلف كل باب منها بكلمة دالة على جملة ما فيه بإيجاز ثم سرد الأحاديث المندرجة تحته وشرحها الواحد تلو الآخر . وقد وضح منهجه هذا في مقدمة الشرح .
ولهذا الشرح ست نسخ خطية في البوسنة ، فيما يلي بيانها :
النسخة الأولى :
تقع في (140) ورقة مكتوبة سنة 1142 هـ / 1857 م ، بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها .
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/54 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/654 .
(2) 1 ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 942 ، و هو كتاب منشور في مطبعة أحمد كامل ، باسطنبول سنة 1328 هـ .
(3) 2 ... محمد بن مصطفي , هو : الكفوي , الحنفي , المعروف بآقكرماني , عالم مشارك في بعض العلوم , تولى القضاء بمكة , و توفي بها , و من تصانيفه : حاشية على الجامع الصحيح للبخاري , و حاشية على أنوار التنزيل للبيضاوي .
انظر ترجمته في : هدية العارفين 2 / 332 , معجم المؤلفين 12 / 28 .(4/124)
وقد أوقفها إبراهيم نافرانيا ، المدرس بمدرسة سرياتسكاسواتشكا في سراييفو ، وهي محفوظة تحت رقم (605/575) في مكتبة الغازى خسرو بيك بسراييفو .
النسخة الثانية :
وهي ناقصة من عدة مواضع فيها ، ويقع القدر الموجود منها في ( 19 ) ورقة (1-19) مكتوبة بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، كتبها صالح بن شعبان النيكشيتشوي ( من بلدة نيكشيتسا البوسنوية ) سنة 1207 هـ / 1793 م .
و هي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم (ا،666/576) في مكتبة الغازي خسرو بيك سراييفو .
النسخة الثالثة :
تقع في ( 132 ) ورقة ( 30-162 ) ، وهي ناقصة من آخرها ، ولا يعرف اسم ناسخها ولا مكان نسخها ، وتحفظ حالياً ضمن مجموع تحت رقم (2،8434/2236) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الرابعة :
و هي ناقصة ، يقع القدر الموجود منها في ( 39 ) ورقة مكتوبة بخط نسخي ولا يعرف اسم كاتبها ، ولا تاريخ نسخها أو مكانها ، وهي محفوظة تحت رقم (4678/2237) بمكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الخامسة :
و هي كسابقتها ناقصة ، يقع القدر الموجود منها في (39) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، كتبها فيض الله بن إسماعيل جنتي زاده ( جنتيتش ) سنة 1236هـ / 1821م ، وهي من أوقافه . وتحفظ حالياً ضمن مجموع تحت رقم (ا،1183/2238) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
النسخة السادسة :
تقع في (61) ورقة (4-65) مكتوبة بخط نسخي ، لا يعرف اسم كاتبها ولا تاريخ نسخها ، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( 3،4296/2248) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
ثالثاً : مخطوطات الأربعين العصفورية :
لأبي بكر بن محمد العصفوري (1) ( ت : 1103هـ / 1692 م ) .
__________
(1) 1 ... العصفوري : سماه الجبرتي : أبو بكر بن محمود بن أبي بكر بن أبي الفضل العمري ، الدمشقي ، الشافعي . شاعر ، ولد بدمشق ، و بها نشأ ، و رحل إلى مصر ، و تَوَطّنها ، و توفي بها .
انظر ترجمته في : عجائب الآثار للجبرتي 1 / 66 ، إيضاح المكنون 1 / 513 ، معجم المؤلفين 3 / 75 .(4/125)
للأربعين العصفورية في البوسنة أربع نسخ خطية فيما يلي بيانها :
النسخة الأولى :
تقع في (47) ورقة مكتوبة بخط نسخي ولا يعرف اسم ناسخها ولا تاريخ نسخها ، وهي محفوظة تحت رقم ( 1242/586) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الثانية :
تقع في (18) ورقة ( 81-89) مكتوبة بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، ولا يعرف اسم ناسخها ، ولا تاريخ نسخها ، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم
(6ر1401/149) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الثالثة :
تقع في (37) ورقة ( 1-37) و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( ا،3978/587) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الرابعة :
تقع في (27) ورقة (1-27) مكتوبة سنة 1164هـ / 1751 م ، بخط نسخي ولا يعرف اسم ناسخها ، ولا تاريخ نسخها ، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( ا،4369/588) في مكتبة الغازي خسرو بيك.
رابعا : مخطوطات كتاب الأحاديث الأربعين (1) :
تأليف شمس الدين أحمد بن سليمان بن كمال باشا ( كمال باشا زاده ) (2)
( ت : 940 هـ / 1533 م ) .
و توجد منه ثلاث نسخ خطية في البوسنة فيما يلي بيانها :
النسخة الأولى :
تقع في تسع أوراق (27-35) مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه وهي ناقصة من آخرها بمقدار خمسة أحاديث ، والقدر الموجود منها محفوظ ضمن مجموع تحت رقم (3،3411/571) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الثانية :
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/54 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/450
(2) 2 ... ابن كمال باشا ، هو : شمس الدين ، الرومي ، الحنفي ، عالم مشارك في كثير من العلوم ، ولي قضاء العسكر الأناضولي ، ثم صار مفتيا بالقسطنطينية إلى وفاته .
انظر ترجمته في : الشقائق النعمانية ص 226 – 228 ، الكواكب السائرة 2 / 107 ، الأعلام 1 / 133 ، شذرات الذهب 10 / 335 .(4/126)
تقع في ثنتي عشرة ورقة (1-12) مكتوبة بخط نسخي لا يعرف اسم ناسخها ولا مكان نسخها وعليها تملك باسم فهمي علي قاضي بلدة بلاغاي بالبوسنة . وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم ( ا،3411/571) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الثالثة :
تقع في ست عشرة ورقة (13-26) مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه، وهي محفوظة ضمن مجموع تحت رقم
(2،3411/571) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
خامساً : مخطوطات كتاب الأربعين حديثاً من جوامع الكلم (1)
تأليف الشيخ علي بن سلطان القاري الهروي ( ت1044 هـ/1606 م ) .
و توجد منه نسختان خطيتان في البوسنة ، فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
و هي ناقصة ، يقع القدر الموجود منها في أربع أوراق ( 11 – 14 ) مكتوبة سنة 1189 هـ / 1775 م ، و لا يعرف اسم ناسخها و هي محفوظة تحت رقم
(2،3331/545) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
النسخة الثانية :
و هي ناقصة أيضاً ، يقع القدر الموجود منها في ورقتين (162-163) مكتوبتين بخط نستعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2854,3/439) .
سادساً : مخطوطات كتاب : الأربعين في أصول الدين (2) :
تأليف الإمام حجة الاسلام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي ( ت : 505 هـ / 1112 م ) .
وهو جزء من كتابه ( جواهر القرآن ) وقد أجاز أن يكتب مفرداً فكتب كذلك .
توجد في البوسنة نسخة وحيدة منه تقع في (144) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي جميل ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة تحت رقم (1530/615) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2 / 494 ، و قد طبع في الآستانة سنة 1317 هـ / 1900 م .
(2) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 61 .(4/127)
سابعاً : شرح كتاب الأربعين الودعانية الموضوعة (1) :
و هو شرح لكتاب القاضي أبي نصر محمد بن علي بن عبيد الله بن ودعان (2)
( ت : 494 هـ / 1101 م ) الذي جمع فيه أربعين خطبة .
والشارح هو أبو نصر عبد العزيز بن أحمد البارجيلغي (3) ( ت : 750 هـ / 1349 م ) .
توجد منه نسخة خطية وحيدة تقع في ( 109 ) أوراق ، مكتوبة بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، وقد نسخها عبد الرحمن بن قاسم في بلغراد سنة 970 هـ / 1563م ، ووقفها على مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، وهي محفوظة تحت رقم (705/505) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
ثامناً : كتاب الأربعين في إرشاد السائرين إلى منازل المتقين ( أو الأربعون
الطائية ) (4) :
تأليف أبي الفتوح محمد بن محمد بن علي الطائي الهمداني (5) (
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 60 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 355 ، و قد نشره المكتب الإسلامي في بيروت سنة 1407 هـ / 1987 م ، بتحقيق علي حسن عبد الحميد .
(2) 3 ... ابن ودعان ، هو : الموصلي ، القاضي ، قال ابن ناصر : ( رأيته و لم أسمع منه ؛ لأنه كان متهما بالكذب ). و ذمه ، و قال أبو طاهر السلفي : ( هالك متهم بالكذب ) . و قال الذهبي : ( إنه غير ثقة و لا مأمون ) .
انظر ترجمته في : ميزان الاعتدال 3 / 657 ، سير أعلام النبلاء 19 / 164 ، لسان الميزان 5 / 305 ، معجم المؤلفين 11 / 26 .
(3) 4 ... البارجيلغي : الحنفي ، محدث . انظر ترجمته في : هدية العارفين 1 / 582 ، معجم المؤلفين 5 / 240 .
(4) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1 / 56 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/355
(5) 2 ... الطائي الهمداني ، هو : الشيخ الإمام الصالح الواعظ المحدث الحافظ ، ولد بهمذان سنة 475هـ/1082م. قال السمعاني : كان يرجع إلى نصيب من العلوم فقه و حديث و أدب و وعظ ، حضرت وعظه بهمذان ، فاستحسنته .
انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 20 / 360 ، العبر 4 / 159 ، الوافي بالوفيات 1 / 144 ، طبقات السبكي 6 / 188 – 189 ، معجم المؤلفين 11 / 251 .(4/128)
ت : 555 هـ / 1160م ) .
و قد جمع فيه مؤلفه أربعين حديثاً عن أربعين شيخاً ، كل حديث عن صحابي ، وضمنه ترجمة من روى عنهم من الصحابة ، وذكر فوائد الأحاديث ، وشرح غريبها .
توجد منه نسخة خطية وحيدة في البوسنة ، تقع في خمس و أربعين ورقة ، نسخها وتملكها الحاج حسن مظفري البوسنوي ( من أهالي سراييفو ) سنة 1115 هـ/ 1704 م ، وهي نسخة قيمة عليها سماعات كثيرة ، وقد قابلها ناسخها بأصل الشيخ تاج الدين القسطلاني (1) ( 665 هـ/ 1267 م ) . وتحفظ اليوم تحت رقم
(1323/503) في مكتبة الغازي خسرو بيك .
تاسعاً : أربعينات حديثية ، وشروح لها ، لا يعرف مؤلفوها :
و هي كثيرة في مكتبات البوسنة ، منها أربعة عشرة نسخة خطية في مكتبة الغازي خسرو بيك أشير إلى أرقامها فيما يلي على وجه الاختصار ، معرضاً عن وصفها خشية الإطالة فيما لا طائل من ورائه .
( 2،1912/360 ) (2) ، و ( 2،2166 / 543 ) ، و ( 3،3978 / 587 ) ، و ( ا،2435 / 589 ) ، و ( ا،4178 / 590 ) ، و ( 2،4178 / 590 ) ، و ( 5ر1533/2015 ) و ( 2،1892/ 2071 ) (3) ، و ( 2،1850/2091 ) ، و
( 2،1422 / 2156 ) ، و ( 6254 /231 ) (4) ، و ( 1624,4/ 945 ) (5) ، و
(
__________
(1) 3 ... تاج الدين القسطلاني ، هو : علي بن أحمد بن علي القيسي ، المصري ، المالكي ، المفتي ، العدل ، درس بمصر ، ثم ولي مشيخة الكمالية إلى أن توفي ، وله سبع و سبعون سنة . =
= ... انظر ترجمته في : العبر 5 / 281 ، شذرات الذهب 7 / 556 ، النجوم الزاهرة 7 / 223 .
(2) ... و هي من أوقاف جنتيتش .
(3) ... نُقلت إلى مكتبة الغازي خسرو بيك من مكتبة شهدي أفندي .
(4) ... نُقلت إلى مكتبة الغازي خسرو بيك من مكتبة ألجي إبراهيم باشا بترافنيك .
(5) ... و قد نقلت إلى مكتبة الغازي خسرو بيك من المكتبة الفيضية .(4/129)
293,2/476 ) (1) ، و ( 2407,1/578 ) (2) .
و نسختان خطيتان في دار محفوظات الهرسك بموستار محفوظتان تحت الرقمين : (ا،423/157) و (443,1/697) .
ثالث عشر : كتب الأدعية و الأذكار :
في البوسنة نسخ خطية لثلاثة من كتب الأدعية و الأذكار ، الواسعة الانتشار ، وهي :
الكتاب الأول
و هو بعنوان : حلية الأبرار و شعار الأخيار في تلخيص الدعوات و الأذكار المستحبة في الليل و النهار ( المعرف بكتاب الأذكار ) (3) .
تأليف الإمام يحيى بن شرف النووي رحمه الله ( ت : 676هـ/ 1278م ) .
و هو كتاب معروف مشهور جمع فيه المؤلف رحمه الله الأذكار الواردة في الكتاب و السنة و قسَّمها بحسب الأحوال و الأزمان ، فكان من أنفس ما أُلِّف في بابه .
و له في البوسنة و الهرسك نسختان خطيتان فيما يلي بيانهما :
النسخة الأولى :
تقع في ( 280 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي من أوقاف جنتي زاده (جنتيتش) على مكتبة شهدي أفندي ، و من هذه المكتبة نقلت إلىخزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو حيث تحفظ حالياً تحت رقم : ( 2374 /752 ).
النسخة الثانية :
__________
(1) ... تحمل هذه النسخة عنوان ( جوهر الأخبار) ، و هي من أوقاف سفرو محمد أفندي بن محمد آغا البوسنوي .
(2) هذه النسخة من أوقاف ذي الفقار آغا بن محمد سباهي زاده ( سباهيتش ) من أهالي الهرسك ، و عليها تملك باسم القاضي مصطفى أديب بن إبراهيم قجق زاده السرائي .
(3) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 688-689 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1/397 ، 685 ، و هو كتاب مطبوع نشرته دار الكتب العربية في القاهرة سنة 1321 هـ .(4/130)
تقع في (253) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها نصر بن إسحاق بن عبد المجيد بن جرجس بن يعقوب الزاهدي الحسيني ، سنة 822 هـ / 1419 م ، و عليها تملك باسم علي بن محمد بن إسماعيل الشيرازي و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3289/753) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ) الفيروزيَّة ( بترافنيك .
الكتاب الثاني :
و هو بعنوان : الكلم الطيب و العمل الصالح ( و هو كتاب الوابل الصيب و رافع الكلم الطيب ) (1) .
تأليف الإمام محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية ( ت : 751 هـ/
1350م ).
و هو كتاب جليل يبدأ بمقدمة في بيان فضائل و فوائد الذكر ثم يجمع الأذكار الواردة في الكتاب و السنة الصحيحة .
و في البوسنة قطعة فقط من هذا الكتاب و هي عبارة عن فوائد الذكر التي جمعها الإمام ابن القيم رحمه الله ، و عددها ثلاثٌ و سبعون فائدة ، مع ما يكملها على المئة من كلام قاضي القضاة شهاب الدين أحمد الحموي الشهير بالرسَّام (2) ( ت 844 هـ / 1440 م ) .
و يقع القدر الموجود من الكتاب في خمسة أوراق (26-30) ، مكتوبة بخط نسخي جميل ، كتبها محمد بن عمر أفندي شاكرد ، سنة 1103 هـ / 1692 م ، و هي من أوقاف هرمو زاده ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2100,6/769) .
الكتاب الثالث :
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1994 ، و هو مطبوع نشرته مكتبة المؤيد بالطائف سنة 1393 هـ ، بتحقيق و تخريج عبد القادر الأرناؤوط .
(2) 2 ... الرسام ، هو : أحمد بن أبي بكر بن أحمد بن علي بن إسماعيل ، الحموي الأصل ، الحلبي ، الحنبلي ، القادري ولد بحماة سنة 773 هـ / 1371 م ، و جمع في فضائل الأعمال كتابا سماه : عقد الدرر و اللآلي في فضل الشهور و الأيام و الليالي .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 1 / 249 ، شذرات الذهب 9 / 367 ، معجم المؤلفين 1 / 174 .(4/131)
و هو بعنوان : الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين (1)
تأليف الإمام شمس الدين محمد بن محمد بن الجزري (2) ( ت : 833هـ /
1430م ) .
و هو من الكتب الجامعة للأدعية و الأذكار المروية عن سيد الأخيار - صلى الله عليه وسلم - ، صدَّره المؤلف رحمه الله بمقدمة في فضل الأدعية و الأذكار و آداب الدعاء ، و قد فرغ من تأليفه سنة 791 هـ / 1389 م ، و التزم فيه بعزو الأحاديث الواردة فيه إلى الكتب المأخوذة عنها .
و قد اختصره في كتاب سماه : ( عدة الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين - صلى الله عليه وسلم - الجامع للأحاديث و الأوراد و الأذكار الواردة في الحديث و الآثار ) (3) .
و لأصل الكتاب في البوسنة و الهرسك نسختان خطيتان و لمختصره نسخة واحدة فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/669 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/203 ، و هو كناب مطبوع نشر في القاهرة ( طبع حجر ) سنة 1277 هـ .
(2) 2 ... ابن الجزري ، هو : محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف ، العمري ، الدمشقي ، الشيرازي ، الشافعي، مقرئ ، مجود ، محدث ، حافظ ، مؤرخ ، مفسر ، فقيه ، ولد سنة 751 هـ / 1350 م ، قال ابن حجر : ( انتهت إليه رئاسة علم القراءات في الممالك ، و ذيل طبقات القراء للذهبي ، و أجاد فيه ، و كان يلقب في بلاده الإمام الأعظم ، و لم يكن محمود السيرة في القضاء ) . و قال ابن العماد : ( انتفع الناس بكتبه ، و سارت في الآفاق مسير الشمس ) .
انظر ترجمته في : غاية النهاية في طبقات القراء لابن الجزري 2 / 247 ، الضوء اللامع 9 / 255 ، شذرات الذهب 9 / 298 ، كشف الظنون 53 .
(3) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 1/669 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/277 ، و هو كناب مطبوع نشرته مطبعة لجنة البيان العربي في القاهرة سنة 1381 هـ/ 1962 م ، مع شرحٍ للأستاذ حسنين محمد مخلوف .(4/132)
تقع في (43) ورقة (29-72) ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، كتبت سنة 1164 هـ / 1751 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (4369.3/588) .
النسخة الثانية :
و هي مترجمة إلى اللغة التركية ، و تقع في (386) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (2952/790) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
أما نسخة المختصر فتقع في (34) ورقة (1-34) ، مكتوبة بخط نسخي يتخلله بعض التعليق ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2360,1 /755) .
رابع عشر : كتب الأحاديث الموضوعة :
الوضع في الحديث النبوي أحد الأمور التي ابتليت بها الأمَّة ، و قد جاء به الزنادقة و القصاص ، عن سوء قصدٍ من الأوَّلين ، و سذاجة و جهل من الآخرين - في الغالب - حتى عمَّ خطرها ، ممَّا حدا بأهل العلم أن يقفوا في طريقها و يكشفوا حقيقتها للأمَّة ، إبراءً للذمة ، و ذباً عن السنة .
و قد انتشر و اشتهر في المكتبات الإسلامية عدد من المصنفات التي تجمع الأحاديث الموضوعة ، للتحذير و التنفير منها ، و كان نصيب مكتبات البوسنة و الهرسك منها الكتب الخمسة التالية :
الكتاب الأول :
و هو بعنوان : مختصر كتاب الموضوعات لابن الجوزي (1) .
__________
(1) 1 ... ابن الجوزي ، هو : عبد الرحمن بن علي بن محمد القرشي ، التميمي ، البكري ، البغدادي ، الفقيه الحنبلي ، الحافظ ، المفسر ، الواعظ ، المؤرخ ، الأديب ، صاحب المصنفات الكثيرة في فنون العلم . توفي سنة 597 هـ / 1201 م .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 3 / 140 ، تذكرة الحفاظ 4 / 136 ، سير أعلام النبلاء 21 / 365 ، البداية و النهاية 13 / 28 ، غاية النهاية لابن الجزري 1 / 375 .(4/133)
تأليف عبد الله بن محمد بن سليمان بن داود بن يوسف النواجي الشافعي (1) .
و له في البوسنة نسخة خطيةٌ واحدة و تقع في ( 147 ) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، كتبها المؤلِّف بنفسه سنة 748 هـ / 1347 م . و أردفها نبذةً في الموضوعات من كلام الإمام أبي حفص عمر بن بدر الموصلي (2) ، بحدود صفحتين، و أعقبها بنبذة أيضاً من فتاوى الشيخ تقيِّ الدين ابن تيميَّة فيها جواب لمن سأله عن الموضوعات .
و على هذه النسخة ما يفيد ملكيتها لأبي بكر بن رستم بن أحمد الشرواني ، ثمَّ الحاج مصطفى أفندي .
و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : ( 3313 /554 ) .
الكتاب الثاني :
بعنوان : المقتضب من كتاب الموضوعات من الأحاديث المرفوعات (3) .
و هو مختصر آخر لكتاب ( الموضوعات من الأحاديث المرفوعات ) للإمام ابن الجوزي رحمه الله .
و لا يُعرف اسم مؤلف هذا المختصر .
توجد منه في البوسنة نسخة خطيَّة واحدة ، تقع في (143) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، سنة 626هـ / 1229 م .
و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (619/506) .
الكتاب الثالث :
__________
(1) ... لم أقف للمؤلف على ترجمة ، و النواجي : نسبة إلى نواج من الغربية بمصر ، بالقرب من المحلة . قاله السخاوي . انظر : " التحفة السنية في أسماء البلاد المصرية " لابن الجيعان ص 99 .
(2) 3 ... أبو حفص الموصلي ، هو : ضياء الدين ، الكردي ، الحنفي ، الإمام المحدث المفيد الفقيه ، ولد سنة 557 هـ / 1162 م ، قال الذهبي : جمع و صنف و حدث بحلب و دمشق و بيت المقدس ، و له تواليف مفيدة.
انظر ترجمته في : التكملة للمنذري 3 / 2072 ، سير أعلام النبلاء 22 / 287 ، العبر 5 / 91 ، شذرات سالذهب 7 / 178 ، معجم المؤلفين 7 / 278 .
(3) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 503 .(4/134)
و هو بعنوان : رسالة في بيان الأحاديث الموضوعة ( و هو موضوعات الصغاني ) (1) .
تأليف الحسن بن محمد الصغاني ( ت : 650هـ / 1252 م ) .
توجد منه سبع نسخ في البوسنة خطية فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
تقع في (7) أوراق ، مكتوبة بخط تعليقيٍ واضح ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (3151,5/120) .
النسخة الثانية :
تقع في (6) أوراق .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1682,2/580) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة الثالثة :
تقع في (4) أوراق .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3325,2/582) .
النسخة الرابعة :
تقع في (5) أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها مصطفى بن علي البابداغي ، سنة 1160هـ/ 1748 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3499,4/580) .
النسخة الخامسة :
تقع في (3) أوراق ، مكتوبة بخط نسخي و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي من أوقاف هرموزاده صالح أفندي.
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (675,6/2107) .
النسخة السادسة :
تقع في (4) أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها عمر بن محمد ، سنة 1114هـ / 1703 م .
و عليها ما يفيد ملكيَّتها للأحمد نَيْلي ميرزا زاده .
__________
(1) ... ذكره المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 1 / 361 ، و هو كتاب مطبوعٌ ، نشرته دار نافع ، بالقاهرة ، سنة 1401هـ/ 1981 م ، بتحقيق نجم عبد الرحمن خلف .
... و نشرت دار المأمون بدمشق طبعة مزيدة و منقحةً منه سنة 1405هـ / 1985 م .(4/135)
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1773,18/2292) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
النسخة السابعة :
تقع في (6) أوراق ، مكتوبة بخط نسخي ، كتبها أحمد بن عثمان الطوسوي سنة 1137هـ/ 1725 م .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2369,3/623) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
الكتاب الرابع :
و هو بعنوان : الموضوعات الصغرى ( أو المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ) (1) .
تأليف علي بن سلطان بن محمد القاري ( ت : 1014 هـ / 1606 م ) .
و له في البوسنة تسع نسخ خطية فيما يلي وصفها :
النسخة الأولى :
__________
(1) ... ذكر غير واحد ممن ترجموا للشيخ على القاري رحمه الله ، أنَّه صنف كتابين في الموضوعات ، أحدهما
( الموضوعات الكبرى ) المسماة بـ ( الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ) ، و الآخر ( الموضوعات الصغرى ) ، و هو ( المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ) .
و الكتاب المشهور المتداول بين أهل العلم هو ( الموضوعات الكبرى ) ، و جميع ما ذكرته أعلاه من مخطوطاته .
أما كتاب الموضوعات الصغرى ، يحوي ثمانية و سبعين و أربعمئة حديث ، مما حكم عليه المؤلف رحمه الله بالوضع ، و هو مطبوعٌ ، نشره مكتب المطبوعات الإسلاميَّة بحلب ، سنة 1389هـ ، بتحقيق الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله . =
= حول تسمية الكتابين ، و ما وقع العلماء من الخلط فيه ، انظر : مقدمة الشيخ العلامة عبد الفتاح أبو غدة رحمه الله على الموضوعات الصغرى ( المصنوع ) للشيخ علي القاري رحمه الله ( ط1 ، مكتب المطبوعات الإسلامية ، حلب 1389 هـ ) ، ص : 14 و ما بعدها .(4/136)
تقع في (79) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي سنة 1295 هـ / 1878 م ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و هي ناقصة من أوّلها و آخرها ، و تحفظ اليوم في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم :
(1164,3/240) .
النسخة الثانية :
توجد منه نسخةٌ خطيَّة ناقصة من بدايتها و نهايتها و تقع في (79) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (778/579) .
النسخة الثالثة :
تقع في (88) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ تعليقي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي ناقصة من بدايتها و من نهايتها ، و عليها ما يفيد ملكيتها للشيخ عبد الله قاوقجي زاده ، من أهالي سراييفو .
و هي من أوقاف هرمو زاده .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (2482,2/166)
النسخة الرابعة :
تقع في (127) ورقة ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (840,2/2) .
النسخة الخامسة :
تقع في (96) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، يتخلَّله بعض التعليق ، كتبها الناسخ يوسف الإسكوبي ، سنة 1151هـ/ 1739 م ، بمدينة إسكوبيا المقدونيَّة .
و هي من أوقاف إبراهيم زافرانيا .
و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (2308/581) .
النسخة السادسة :
تقع في (73) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه .
و عليها ما يفيد ملكيتها لصالح عزَّت ، و هرموزاده صالح أفندي.
و هي من أوقاف هرموزاده صالح أفندي.
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (675,8/2107) .
النسخة السابعة :(4/137)
تقع في (79) ورقة ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الناسخ خليل أفندي ، الكاتب بمحكمة بلغراد لنفسه ، ثمَّ وقفه على عموم المسلمين من بعده .
و هي محفوظةٌ في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (3325,1/582) .
النسخة الثامنة :
تقع في (84) ورقة ( 1-84 ) مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها عبد الله قنطميري ، و لم يذكر تاريخاً لذلك ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1682,1/580) .
النسخة التاسعة :
تقع في (20) ورقة مكتوبة بخط نسخي ، كتبها أحمد بن عثمان الطوسوي ، سنة 1137 هـ / 1725 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2369,2/623) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي .
الكتاب الخامس :
و هو بعنوان : الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة (1) .
تأليف الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي الحنبلي (2) ( ت: 1033هـ/1623م ) .
توجد منه نسخةٌ خطيَّة محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (1688/3) ، و تقع في (12) ورقةٍ ، كتبها الناسخ عبد الله قنطميري .
و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
خامس عشر : كتب شروح الحديث :
__________
(1) ... ذكره البغدادي في هدية العارفين 2/ 426-427 ، و هو كتاب مطبوعٌ نشرته دار العربية ، في بيروت سنة 1395هـ / 1975 م ، بتحقيق الشيخ محمد بن لطفي .
(2) ... مرعي بن يوسف ، هو : ابن أبي بكر بن أحمد الكرمي ، المقدسي , الحنبلي , محدث فقيه , مؤرخ , أديب , ولد في طور كرم قرية بقرب نابلس بفلسطين , و انتقل إلى القدس , ثم إلى القاهرة , فكان أحد أكابر علماء الحنابلة فيها , من مؤلَّفاته : البرهان في تفسير القرآن ، و أقاويل الثقات في تأويل الأسماء و الصفات .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 4 / 358 ـ 361 , كشف الظنون 1948 , معجم المؤلفين 12/218 ، هديّة العارفين 2 / 426 – 427 .(4/138)
لم أقف فيما وصلت إليه من مخطوطات في البوسنة و الهرسك إلا على ثلاثة كتب و رسالتين صغيرتين في شروح الحديث .
أمَّا الكتب فهي :
الكتاب الأوَّل :
و هو بعنوان : مجالس الأبرار و مسالك الأخيار و محائق البدع و مقامع الأشرار (1) .
تأليف الشيخ أحمد بن عبد القاهر الآقحصاري الرومي (2) ( ت : 1041هـ/ 1631 م ) .
و هو أحد كتب الشروح ، حيث شرح فيه المؤلف رحمه الله مئة و بضعة أحاديث مختارة من كتاب ( مصابيح السنة ) ، للإمام البغوي رحمه الله ، و توجد نسختان خطيتان منه في البوسنة ، فيما يلي وصفهما :
النسخة الأولى :
... تقع في (204) أوراق ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها الشيخ عثمان (؟) ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم :
(2623/2256) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك ، بموستار .
النسخة الثانية :
تقع في (205) ورقة (1-250) ، مكتوبة بخط تعليقي يتخلله بعض النسخ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و عليها تملك باسم شيخ زاده علاء البيضاوي ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (3649,1/2105) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة المفتي عيني بيك بيرقداروفيتش .
النسخة الثالثة :
تقع في (392) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي واضح ، كتبها مصطفى بن يوسف سنة 1162هـ/ 1749 م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (748/2255) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
__________
(1) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 2/1590 ، و قال : ( و هو على مئة مجلس في شرح مئة حديث من أحاديث المصابيح ) . قلتُ : بل هي على أكثر من مئة مجلس .
(2) 2 ... أحمد الرومي : أصولي ، مفسر ، محدث ، صوفي ، و له أيضا رسالة في التقليد ، و تعليقات على ديباجة لتفسير العمادي .
انظر ترجمته في : كشف الظنون 1/ 65 و 856 و 2 / 1590 ، معجم المؤلفين 1 / 280 .(4/139)
الكتاب الثاني :
و هو بعنوان : رشحات النصيح في شرح الحديث الصحيح (1) .
تأليف محمد بن محمود بن الشيخ أحمد ، المعروف بدبَّاغ زاده (2) .
توجد منه نسخة خطية و حيدة في البوسنة ، تقع في (218) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ تعليقي ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا تاريخ نسخها.
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (2413) .
الكتاب الثالث :
و هو بعنوان : مجموعة الأحاديث الشريفة و الأخبار اللطيفة .
لمؤلف مجهول .
و هو أحد كتب الشروح ، ذكر مؤلفه أنه كتبها نزولاً عند رغبة السلطان العثماني مراد الثاني ، أي إن تأليفه كان بين عامي (981 و 1007 هـ / 1574 و 1599 م ) ، و قسمه إلى مقالات أورد في كل منها طائفة من الأحاديث و الأخبار و تناولها بالشرح .
و توجد في البوسنة نسخة وحيدة منه ، تقع في (34) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها أو تاريخه ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (561/2246) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة شهدي أفندي.
أمّا الرسالتان فهما :
الرسالة الأولى :
__________
(1) ... ذكره إسماعيل باشا البغدادي ، في : ذيل كشف الظنون 1/573 ، و المستشرق كارل بروكلمان في : تاريخ الأدب العربي : 2/430 ، و سمَّياه ( رشحة النصيح من شرح الحديث الصحيح ) ، و قد نشرت مطبعة السنة المحمدية بالقاهرة ، سنة 1398هـ/ 1978 م ، كتاباً بعنوان : ( الآداب الملوكيَّة في صلاح الراعي و الرعيَّة من رشحة النصيح على الحديث الصحيح ) ، بتحقيق عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ .
(2) ... دباغ زاده : مفسر ، فقيه حنفي ، محدث ، رومي ، تولى المشيخة مرتين ، ثم عزل ، توفي سنة 1114 هـ/ 1702 م .
انظر ترجمته في : هدية العارفين 2 / 307 ، إيضاح المكنون 1 / 573 ، معجم المؤلفين 11 / 313 .(4/140)
و هي بعنوان : بلوغ الأمنية في شرح حديث ( إنما الأعمال بالنية ) (1) .
تأليف أحمد بن محمد بن أبي الخير المرحومي الشافعي (2) ( ت : 1097 هـ/ 1668م ).
توجد منه نسخة واحدة في البوسنة ، و هي واقعة في (48) ورقة ، كتبها الناسخ عبد العزيز الزيناتي الأزهري ، سنة 1107 هـ/ 1696 م ، و عليها ما يفيد أن المؤلف رحمه الله قدَّمها إلى حمزة باشا ، سنة 1095 هـ/ 1684 م ، و هي من أوقاف حمزة باشا على من ينتفع به من المسلمين .
وهي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ تحت رقم : (1695/2264) ، و قد نُقلت إليها من المكتبة القنطميريّة .
الرسالة الثانية :
و هي بعنوان : مشكاة الاستنارة في معنى حديث الاستخارة (3) .
تأليف عبد البر بن عبد القادر الفيومي الحنفي (4) ( ت : 1071هـ/
1660م ) .
توجد منها في البوسنة نسخة وحيدة ناقصة من أوَّلها و آخرها ، و تقع في
(11) ورقة (138-149) ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ ، و لا يعرف اسم كاتبها ، أو تاريخ نسخها ، و عليها ما يفيد ملكيَّتها لمصطفى المحبِّي بن مصطفى ، سنة 1237هـ/1821م .
__________
(1) ... الحديث :أخرجه البخاري 1 / 7 و 15 في بدء الوحي ، باب : كيف كان الوحي ، ثم كرره في مواضع ، و مسلم ( 1907 ) في الإمارة ، باب : قوله - صلى الله عليه وسلم - ( إنما الأعمال بالنية ) .
(2) 2 ... أحمد المرحومي ، هو : الأزهري ، الشافعي ، ومن تصانيفه أيضا : اتحاف الوزير بهدية الفقير .
انظر ترجمته في : إيضاح المكنون 1 / 21 ، معجم المؤلفين 2 / 100 .
(3) ... ذكره حاجي خليفة ، في : كشف الظنون : 4/488 .
(4) ... الفيومي الحنفي ، هو : زين الدين ، العوفي ، المصري ، عالم ، فقيه ، أديب ، ولد في القاهرة ، ورحل إلى مكة و الشام ، و مكث بدمشق سنين ، و تولى إفتاء الحنفية بالقدس ، و ولي القضاء ، و توفي بالقسطنطينية.
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي : 2 / 291 و معجم المؤلِّفين ، لعمر رضا كحالة : 5 / 76 .(4/141)
و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (6365/3) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة بسيم أفندي كوركوت .
سادس عشر : كتب الفتاوى الحديثيَّة :
عثرت في مكتبات البوسنة على كتاب واحد في هذا الفن ، يحمل عنوان : فتاوى و أجوبة حديثية
أجاب عليها فخر الدين عثمان الديمي (1) .
و رواها عنه أحمد بن إبراهيم الكناني العسقلاني (2) ( ت : 876 هـ/1472م) .
توجد نسخة خطية منه في البوسنة ، تقع في ستة أوراق (21-26) ، مكتوبة بخط نسخي ، سنة 1076 هـ / 1666 م ، لا يعرف اسم كاتبها ، و هي من أوقاف ألجي إبراهيم ، و قد نقلت من مكتبته الواقعة في ترافنيك ، إلى خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو حيث تحفظ حالياً ضمن مجموعٍ تحت رقم : (2565,2/1967) .
المبحث الثالث
__________
(1) 1 فخر الدين الديمي :لم أقف على ترجمته .
(2) 2 ... أحمد بن إبراهيم ، هو أحمد بن إبراهيم بن نصر بن أحمد الكناني العسقلاني الأصل ، الحنبلي ، عز الدين ، أبو البركات ، و لد في القاهرة و نشأ فيها و تعلَّم ، كان قاضي الحنابلة ، له مصنفاتٌ كثيرة منها ، نظم أصول ابن الحاجب و توضيحه ، و مختصر المحرر في الفقه ، و طبقات الحنابلة ، و كثير غيرها .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 1 / 205 ، حسن المحاضرة 1 / 484 ، شذرات الذهب 9 / 479 ، و هديّة العارفين ، للبغدادي : 1/323 . أحمد بن إبراهيم ، هو أحمد بن إبراهيم بن نصر بن أحمد الكناني العسقلاني الأصل ، الحنبلي ، عز الدين ، أبو البركات ، و لد في القاهرة و نشأ فيها و تعلَّم ، كان قاضي الحنابلة ، له مصنفاتٌ كثيرة منها ، نظم أصول ابن الحاجب و توضيحه ، و مختصر المحرر في الفقه ، و طبقات الحنابلة ، و كثير غيرها .
انظر ترجمته في : الضوء اللامع 1 / 205 ، حسن المحاضرة 1 / 484 ، شذرات الذهب 9 / 479 ، و هديّة العارفين ، للبغدادي : 1/323 .(4/142)
جهود أهل البوسنة المتعلقة بمخطوطات الحديث النبوي و علومه
يجدر بنا بعد الانتهاء من وصف مخطوطات الحديث النبوي درايةً و روايةً في مكتبات البوسنة و الهرسك ، أن نسلّط الضوء على جهود البوسنويين المتعلّقة بهذه المخطوطات ، إذ إن هذه هي غاية البحث ، و ليست الغاية إعداد فهرسة وصفيّة لمخطوطات الحديث النبوي و علومه و حسب .
و فيما يلي سأسلّط الضوء على جهود مسلمي البوسنة في هذا المجال من خلال المحاور الخمسة التالية :
أولاً : جلب نفائس المخطوطات و نوادرها إلى االبوسنة و الهرسك :
تقدم ذكر جهود البشانقة في جلب المخطوطات إلى بلادهم عند الحديث عن كيفية تكوين المكتبات الأولى في البوسنة ، و بعد أن استعرضنا ما جلبوه من أنحاء العالم المختلفة من تلك المخطوطات تجدر الإشارة إلى أنّ عدداً منها كان نفيساً في بابه ، و ذا قيمة بالغة بين أمثاله ، الأمر الذي يدل على أن حال البوسنويين في جمع للمخطوطات التي جلبوها إلى بلادهم لم يكن قط كحال حاطب ليل ، بل على العكس من ذلك مفعماً بالوعي و العلم ، و ربما الخبرة الماديّة بجودة المخطوط و كيفية حفظه .
و من الشواهد الدالة على هذه الحقيقة عشرات المخطوطات النادرة و النفيسة التي لا تزال محفوظة في مكتبات البوسنة ، و قد تقدّم وصف عدد منها ، و ممّا تقدّم وصفه أذكر على سبيل المثال لا الحصر :
? النسخة الثالثة من كتاب : شهاب الأخبار في الأحاديث المرويَّة عن الرسول المختار .
تأليف أبي عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر بن علي القُضاعي ( ت : 454هـ ) .
تقع في (22) ورقة ، مكتوبةً بخط النستعليق ، كتبها خضر بن إلياس ، و لم يذكر تاريخ نسخها . ، و يتخلَّلها نقصٌ في بعض المواضع ، لولاه لكانت لها قيمةٌ خاصة ، حيث كتبت في عصر المؤلِّف ، و قُرئت عليه رحمه الله .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم : (3098,1/450) .(4/143)
? النسخة الأولى من كتاب : فردوس الأخبار بمأثور الخطاب .
تأليف أبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الحمداني
( ت : 509 هـ ) .
تقع في (417) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي قديم ، كتبها عبد السلام بن محمد بن حسن بن علي الخوارزمي ، سنة 546 هـ في المدرسة العمادية بهمذان ، و هي ناقصة من بدايتها ، و فيها سَقَطٌ في مواضع عدَّة .
و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (475/451) .
و هذه النسخة أقدم ما يوجد في البوسنة من مخطوطات الحديث النبوية ، و قد كتبت سنة 1151م ، أي بعد وفاة المؤلف رحمه الله بإحدى و ثلاثين سنة
فقط .
? النسخة الوحيدة من كتاب : سرح النهر لشرح الزهر .
تأليف أبي عبد الله محمد بن عبد الدايم البرماوي ( ت : 831هـ ) .
تقع هذه النسخة في (139) ورقة ، و هي مكتوبةً بخطٍ نسخي ، كتبها أبو البركات محمد بن محمد العراقي ، عن نسخة المؤلِّف في حياته ، سنة 827 هـ.
و في آخر هذه النسخة إجازة من المؤلِّف للناسخ برواية الكتاب عنه ، قال فيها : (( الحمد لله ... و بعد فقد قرأ عليَّ الشيخ ... أبو البركات ... العراقي ، جميع هذا الكتاب قراءة بحث و تحقيق و مقابلة بالأصل الذي بخطي ، و قد أجزته أن يقرأه و يرويه عني ، و جميع ما يجوز لي و عني روايته ، و كذا أجزت لولده محمد ... و ذلك في مجالس آخرها في العشرين من جمادى الأولى سنة ثلاثين و ثمانمئة قال ذلك و كتبه محمد البرماوي الشافعي ، عفا الله عنه ، و السلام )) .
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (3050/599) .
? النسخة الثانية من كتاب : فتح المغيث بشرح ألفيَّة الحديث .
تأليف الحافظ زين الدين العراقي .
تقع هذه النسخة في (127) ورقةٍ ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ قديم ، سنة 785هـ ، لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان النسخ أو تاريخه .(4/144)
و على الرغم من جهالة اسم الناسخ تعتبر هذه النسخة بالغة الأهميَّة ، و القيمة التاريخية ، حيث جاء في آخرها ما نصُّه : (( نُقلت هذه النسخة من خط مؤلفها الشيخ الإمام الحافظ المحدث شيخ الإسلام زين الدين عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي ... )) .
و عليها إجازة بخط الحافظ العراقي نفسه رحمه الله هذا نصُّها : (( و أجزت لكل من سمع مني الأرجوزة المذكورة أو بعضها أن يروي عني جميع الشرح عليها ، و جميع ما يجوز لي و عني روايته ، قاله و كتبه مؤلِّفه عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي ...
و ممَّا يزيد في قيمة هذه النسخة ما ذّيِّلت به من سماعاتٍ و إجازات جاء فيها : قرأت على شيخنا الإمام الحافظ الرحلة أبي عبد الله محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن ناصر الدين الدمشقي ، أدام الله تعالى به النفع و رحم سلفه جميع هذه المجلَّدة و هي شرح ألفيَّة الإمام الحافظ أبي الفضل عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن العراقي ، مع المنظومة قراءة بحثٍ و تقريرٍ بإجازة الشيخ لذلك من مؤلفه مكاتبة من مصر غير مرة ، و صح ذلك و ثبت في عدة مجالس من آخرها مجلس بلدان الرواة و أوطانهم إلى آخر الكتاب ، فسمع المجلس الآخر المذكور كاملاً الشيخ أحمد بن موسى بن رجب الفاخوري ، و الشيخ عبد الله بن محمد بن جمعة بن راجح السويدي ثم الدمشقي ، و الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن الشيخ أحمد ين الشيخ بدر الدين حسن العجلوني ، في آخرين ، و اتفق آخر المجالس في يوم الأحد رابع جمادى الأولى سنة ست و ثلاثين و ثمانماية ، بالجامع الناصري ، من مسجد القصي ، خارج باب السلام من دمشق المحروسة ، و أجاز المسمع أبقاه الله تعالى . قاله و كتبه محمد بن حسن بن علي بن حسن البلعوي الخطيب ، و لله الحمد و صلى الله على محمد و على آله و صحبه و سلَّم . اهـ .
و عليها تعليقاتٌ قليلة بخط الشيخ محمد خانجيتش ( الخانجي ) البوسنوي رحمه الله تعالى .(4/145)
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (423/386
? النسخة الوحيدة من كتاب : روضة الأخيار في شرح مشارق الأنوار.
تأليف عمر بن عبد المحسن الأرزنجاني .
تقع في (301) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي واضح ، كتبها المؤلِّف بيمينه سنة 697هـ ، و ختمه بقوله : ( هذا آخر ما تيسر لي جمعه على مشارق الأنوار النبوية و الأحاديث المصطفويَّة من مصنفات أئمة الدين و علماء الصدق و اليقين ، و قد سمَّيته روضة الأخيار في شرح مشارق الأنوار ... فرغ من تعليقه مؤلِّفه العبد الضعيف ... عمر بن عبد المحسن بن أبي بكر الأرزنجاني ، غفر الله له
و لوالديه ... ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (587/520) .
? النسخة الأولى من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير.
تأليف جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي ( ت : 911هـ ) .
و هي نسخة كاملة ، تقع في (215) ورقة ، مكتوبة بخط نسخي قديم ، و لا يعرف اسم كاتبها ، و لا مكان نسخها و لا تاريخه ، غير أنَّها قد تكون ممَّا كتب في زمن المؤلِّف رحمه الله ، حيث جاء في آخرها ما يفيد ذلك ، و هو قول الناسخ : ( ... هذا آخر كتاب الجامع الصغير من حديث البشير النذير ، و هو عشرة آلاف حديث مرتبة على حروف المعجم ، تأليف سيدنا و مولانا ... أبي الفضل السيوطي الشافعي ، فسح الله تعالى في مدته ، و نفعنا و المسلمين بعلومه و بركته ) .
و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (377/557) .
? النسخة الوحيدة لكتاب : أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل
للحافظ أحمد بن حجر الهيثمي ( ت : 973هـ/1565م ) .
و هي نسخة كاملة تقع في ثنتين و تسعين ورقة ، كتبها محمد بن صلاح الدين البكري التيمي الدمنهوري ، في حياة مؤلفها ، و قرأ غالبها عليه عام ثمان و ستين و تسعمئة .(4/146)
و ترجعُ أهميَّتها إلى قِدم تاريخ نسخها ، و كون ناسخها أحد تلاميذ المؤلف و قد قرأ معظمها عليه ، كما صرَّح بذلك في نهايتها .
و هي محفوظة حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (507/441) .
? النسخة الوحيدة من جزء : الإسعاد فيما للكتب السبعة من الإسناد .
تأليف محمد بن الحسن المعروف بابن الهمات .
و قد جمع فيه مؤلفه الأسانيد الثي روى بها الكتب السبعة ( الصحيحين ، و السنن ، و الموطأ .
تقع هذه النسخة في (6) أوراق ، مكتوبة بخطٍ نسخيٍ كبير ، كتبها المؤلف رحمه الله بنفسه .
و هي محفوظة اليوم في ضمن مجموع تحت رقم (3505,5/591) .
ثانياً : تنافس البوسنويين في اقتناء المخطوطات :
شغف البوسنويون باقتناء المخطوات و العناية بها عبر تاريخهم الطويل ، و هذا ما نلحظه من ثبت الملكية الذي حملته مئات المخطوطات المحفوظة في مكتبات البوسنة حالياً وللتمثيل على ذلك يحسن بنا استعراض ما ورد على مخطوطات الحديث النبوي و علومه التي تقدم وصفها في هذا الباب من ذكر أسماء ملاكها من البوسنويين حيث سنلاحظ الآتي :
? لمصطفى بن محمد بن خليل موكا زاده الموستاري تملك على النسخة الثانية عشرة و النسخة الثالثة عشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري .
? لمحمد رفدي المدرس في مدرسة خير الدين باشا تملك على النسخة السابعة من الجامع الصحيح للإمام البخاري .
? للوزير أحمد آغا البوشناقي تملك على النسخة الرابعة و النسخة الخامسة عشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و النسخة التاسعة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
? للحاج خليل الغرادتشانيتسوي تملك على النسخة العاشرة من كتاب : فتح الباري بشرح صحيح البخاري ، لابن حجر العسقلاني .
? لإبراهيم بن محمد الجبشوي تملك على النسخة الثالثة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .(4/147)
? لأحمد سيم زادة تملك على النسخة السادسة من كتاب : مصابيح السنة ، للإمام البغوي .
? لأحمد لاكشيتش بن عبد الله تملك على النسخة الخامسة من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لزين العرب .
? لمصطفى بن يوسف الموستاري تملك على النسخة الثانية من كتاب : تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار ، للبابرتي .
? لمصطفى بن سليم ، مؤذن مسجد سنان باشا قرب موستار تملك على النسخة الثانية من كتاب : مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار ، لعلاء الدين المصري .
? لقاضي سراييفو إبراهيم أفندي تملك على النسخة الأولى من كتاب : الشمائل النبويّة ، لأبي عيسى الترمذي .
? لعمر زهدي بن محمد البوسنوي و محمد شاكر مؤيدوفيتش تملك على النسخة الثانية من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري .
? لحسن بن محمد الموستاري تملك على النسخة الوحيدة من كتاب : المجالس السنيّة في الكلام على الأربعين النووية ، لأحمد بن حجازي الغشني . .
? للحاج محمد آغا الغرادتشانيتسوي تملك على النسخة الوحيدة جزء فيه أحاديث قدسيّة مستخرجة من كتاب ( مشارق الأنوار ) للصغاني . وجزء حديثي لا يعرف اسم مؤلفه ، يحفظ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 4150.3 /2290 ) .
? للقاضي فهمي علي البوسنوي تملك على النسخة الثانية من كتاب : الأحاديث الأربعين ، لابن كمال باشا .
? للحاج مصطفى مفتي ، المؤذن في سراييفو ، و الحاج عبد الله بن الحاج أحمد ماتشكوفيتش تملك على النسخة الأولى من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لابن حجر العسقلاني .
? للأخوين مصطفى وحسين جابيتش تملك على النسخة الثانية من كتاب : المفاتيح في حل المصابيح ، لمظهر الدين الزيداني .
? لعبد الله بن حسن بيك محرمي زادة ( محرميتش ) تملك النسخة الرابعة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .(4/148)
? للحاج حسن مظفري البوسنوي ( من أهالي سراييفو ) تملك على النسخة الوحيدة من كتاب : الأربعين في إرشاد السائرين ، لمحمد بن محمد الطائي .
? لأبي بكر بن محرم بن ولي الأقحصاري ، وحسين عبدي قدري أفندي زادة ، وعبد الله بن أحمد البوسنوي تملك على النسخة الأولى من كتاب : مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار ، لعلاء الدين المصري . .
? لصالح بن مصطفى شمعي زادة ( شمعيتش ) البوسنوي تملك على النسخة الثانية من كتاب : رسالة في كلام خاتم الأنبياء و الخلفاء و الأولياء ، لمؤلّف مجهول ِ.
? للقاضي مصطفى أديب بن إبراهيم المعروف بقجق زادة السرائي تملك على النسخة الأولى من كتاب : الصحائف القدسية ، لمؤلف مجهول ، وجزء فيه أربعونه حديثاً لمؤلف مجهول ، يحفظ حالياً في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم ( 2407.1 /578 ) .
? لإبراهيم بن حمزة الشهير بعشاقي زادة تملك على النسخة الوحيدة من كتاب : المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج ، للإمام النووي ِ.
? لمحمد رشيد حافظ زادة قاضي بانيالوكا تملك على النسخة الثالثة من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري .
? للشيخ عبد الله قاوقجي زادة من أهالي سراييفو تملك على النسخة الثالثة من كتاب : الموضوعات الصغرى ، للملا علي القاري . .
? لعبد الباقي بن الحاج محمد آغا الشهير بجنتيتش تملك على النسخة الوحيدة من كتاب : أنس المنقطعين إلى عبادة ربّ العالمين ، لمعافى بن إسماعيل الشيباني .
? لصالح أفندي ميميتش تملك على النسخة الرابعة من كتاب : بستان العارفين لأبي الليث السمرقندي .
? للحاج إبراهيم بن الحاج دوراك ، و الحاج باشا زاده مميش آغا تملك على النسخة الثامنة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني .(4/149)
? لعبيد الله زهدي بن الحاج إبراهيم تملك على النسخة الثامنة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني ، و النسخة الثانية من كتاب : رفع الخفاء عن ذات الشفاء ، للملا علي القاري.
? للحاج سليمان سليموفيتش تملك على النسخة الثامنة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني .
? للحاج درويش أفندي ريجانوفيتش تملك على جزء حديثي لمؤلف مجهول ، يحفظ حالياً في خزانة مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو تحت رقم ( 4807 /2622 ) .
? لعزت صالح أفندي المعروف بهرمو زاده ، قاضي منطقة بوسنة برود بمحافظة ترافنيك تملك على النسخة التاسعة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك ، و النسخة الثانية من كتاب : رسالة في أصول الحديث ، لمحمد بن بير البركوي ، و النسخة السادسة من كتاب : الموضوعات الصغرى ، للملا علي القاري .
? للشيخ محمد بن محمد الخانجي ( خانجيتش ) تملك على النسخة الرابعة من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير ، لجلال الدين السيوطي ، و النسخة الثانية من كتاب : فتح المغيث بشرح ألفيّة الحديث ، للحافظ العراقي ، و النسخة الرابعة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
ثالثاً : جهود الكتّاب البوسنويين في نسخ المخطوطات :
تقدم معنا عند ذكر المكتبات و خزائن المخطوطات في البوسنة التنوية إلى نسخ المخطوطات ؛ وكان من أبرز جهود الطلاب و المدرسين في المدارس الشرعية و غيرهم من أهل العلم والأدب البوسنويين ، حتى إن شارعين من شوارع سراييفو اكتسبا تسميتهما من هذه الصنعة النفيسة ، و اشتهر العشرات من النساخ البوسنويين بعد أن بلغت آثارهم الآفاق .
و لتقرير هذا الواقع أشير باختصار – فيما يلي – إلى أسماء أهم النساخ البوسنويين و ما سطروه بأيديهم من مخطوطات في الحديث النبوي وعلومه مما تقدم ذكره في هذا الباب :(4/150)
? قام الكاتب البوسنوي الشهير عبد الله بن أحمد بن الحاج خليل القنطميري بنسخ الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و مصابيح السنة للإمام البغوي ، و نسختين من مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، و الشمائل النبوية للإمام الترمذي ، و شرح مصابيح السنة لابن الملك ، و حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار للأرزنجاني ، و الموضوعات الصغرى للملا علي القاري ، و مطلع البدرين فيمن يؤتى أجره مرّتين لجلال الدين السيوطي و مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار لعلاء الدين المصري ، و البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير للشيخ عبد الوهاب الشعراني ، و الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي ، و الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة لجلال الدين السيوطي .
? و نسخ الكاتبان بهلول بن سليم نوسنلي ( نسبة إلى بلدة نوسنة البوسنوية ) و محمد السوخنة بن شعبان ( من مدرسة قركوز بيك في موستار ) نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لابن حجر العسقلاني .
? و نسخ الكاتب عبد الله بن المؤمن كتاب :مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك ، في بلغراد .
? و نسخ إبراهيم الموستاري المعروف باسم سباهي مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي .
? و نسخ صالح بن أحمد كريسو الموستاري ، أثناء دراسته في مدرسة قركوز بيك بموستار كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
? و نسخ أحمد بن محمد بن علي بن مصطفى آغا البوسنوي كتاب : الشمائل النبوية ، لأبي عيسى الترمذي .
? و نسخ فيض الله إسماعيل جنتي زادة ( جنتيتش ) البوسنوي كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي ، في سراييفو .
? و نسخ حسين بن إبراهيم بن أحمد كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني ، في مدرسة الغازي خسروبيك بسراييفو .(4/151)
? و نسخ سليمان جابيتش بن شاكر أفندي كتاب : الشمائل النبوية ، لأبي عيسى الترمذي .
? و نسخ خليل أفندي ، الكاتب بمحكمة بلغراد كتاب : الموضوعات الصغرى للملا علي القاري .
? و نسخ حسين بن حسين البلغرادي كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
? و نسخ سيف الدين محمد بن أبي سعد السرايجوقي مقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث .
? و نسخ عبد الله بن الحاج مصطفى كتاب نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لابن حجر العسقلاني ، في مدينة طاشليجة بالجبل الأسود .
? و نسخ مراد باشا زاده علي صادق شكري المدرس بمدرسة علي باشا كتاب : نتيجة النظر في علم الأثر ، لابن همات الحنفي .
? و نسخ سليمان بن حبيب أفندي بن الحاج شعبان بن الحاج مالكوتش كتاب : نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لابن حجر العسقلاني .
? و نسخ صالح بن شعبان النكشكوي كتاب : الوسائل إلى معرفة الأوائل ، لجلال الدين السيوطي .
? و نسخ الحاج محمد بن ولي الدين المدرس كتاب : مصطلحات أهل الأثر على نخبة الفكر ، للملا علي القاري .
? و نسخ علي بن أحمد بن صالح بن درويش كتاب : المبين المعين لفهم الأربعين ، للملا علي القاري في بلدة ستوليتسا بالبوسنة .
? و نسخ عثمان بن محرم الفوتشوي كتاب : شرح رسالة البركوي في أصول الحديث ، لداوود بن محمد القارصي .
? و نسخ الحافظ إبراهيم بن محمد السرائي كتاب : أسماء أهل بدر ، لمؤلّف مجهول .
? و نسخ عبد الرحمن بن قاسم كتاب :شرح الأربعين الودعانيّة ، لأبي نصر الباغيلاني ، في بلغراد .
? و نسخ عبد الرحمن بن أبي بكر البانيالوكي كتاب : الشمائل النبوية ، لأبي عيسى الترمذي ، في المدرسة السليمانية بمكة المكرمة .
? و نسخ مصطفى بن إبراهيم الملقب بجقوري كتاب : مع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري ، في بانيالوكا .(4/152)
? و نسخ كل من علي بن سنان البوسنوي و فيض الله بن إسماعيل جنتي زادة ( جنتيتش ) نسخة من كتاب : شرح الأربعين البركوية ، لمحمد بن مصطفى الآق كرماني .
? و نسخ عبد الله بن منلا صالح حرميك ( حرميتش ) كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي ، في مدرسة قركوز بيك بموستار .
? و نسخ أحمد أفندي الآقحصاري كتاب : المبين المعين لفهم الأربعين ، للملا علي القاري بمدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو .
? و نسخ يوسف الإسكوبي كتاب : كتاب : الموضوعات الصغرى ، للملا علي القاري ، في مدينة إسكوبيا بمقدونيا .
? و نسخ أحمد بن علي السرائي كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني .
? و نسخ مصطفى بن مصطفى الإسكوبي كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي ، في مدرسة الغازي خسروبيك بسراييفو .
? و نسخ الحاج محمد بن ولي الدين المدرس بزاوية و خانقاه الغازي خسرو بيك بسراييفو كتاب : رفع الخفاء عن ذات الشفاء ، للملا علي القاري .
? و نسخ عبد الوهاب بن الشيخ أحمد بن الحاج عبد الله جزءاً حديثاً يحفظ اليوم في مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو ضمن مجموعة تحت رقم ( 4150.3 /2290 ) ولا يعرف اسم مؤلفه .
? و نسخ أحمد بن والي ، المدرس في مدرسة سليم زادة بسراييفو جزءاً حديثاً يحفظ اليوم في مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو ضمن مجموعة تحت رقم ( 1197.4 /139 ) ولا يعرف اسم مؤلفه .
رابعاً : وقف المخطوطات عند مسلمي البوسنة الهرسك :
... الوقف رافد عظيم من روافد التعليم الشرعي ، فمن ريعه تقام المدارس و ينفق عليها ، و يكفل الدعاة وتنشر علومهم ، ويرعى الطلبة ويكفون المؤونة ، و تحبس الكتب و تصان المكتبات .
و قد دأب المسلمون في كل عصر و مصر على ِإجراء الصدقات على المدارس و المكتبات و حبس نبلاؤهم أنفس المقتنيات على طلاب العلم و أهله ، و من أنفس ما يجود المحسنون بوقفه الكتاب .(4/153)
و لو تأملنا ما أودع خزائن المخطوطات في البوسنة لوجدنا جله من أوقاف أهل تلك البلاد ، و ربما تعددت أسماء الواقفين على الكتاب الواحد مما يدل على أنه وقف وقفاً خاصاً مرةً أو أكثر إلى أن وقفه آخر من حازه وقفاً عاماً على مدرسة او مكتبة أو جامع كما الغالب .
و إذا أعدنا النظر فيما تقدم وصفه من نسخ خطية لكتب الحديث النبوي و علومه في هذا البحث سنلحظ أن معظمها موقوف من بوسنويين على من ينتفع به من أهليهم و ذويهم و أهل العلم في بلادنا ، و إليك سرد لما وقفوه من تلك النفائس :
? وقف أحمد عاصم بن محمد متوليتش النسخة السادسة من الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و النسخة التاسعة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي أبي الفضل اليحصبي ، و النسخة الأولى من كتاب : مختصر الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي ، و النسخة الوحيدة من كتاب : مصطلحات أهل الأثر على نخبة الفكر للملا علي القاري على مدرسة الغازي خسروبيك بسراييفو .(4/154)
? و وقف عزت صالح أفندي المعروف بهرموزادة ، قاضي منطقة بوسنة برود في محافظة ترافنيك النسخة الخامسة و النسخة السابعة و النسخة العاشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و النسخة الرابعة و النسخة الخامسة من كتاب : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني ، و النسخة العاشرة من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني ، و النسخة التاسعة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، و النسخة الثالثة من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير لجلال الدين السيوطي ، و النسخة الأولى من كتاب : الشمائل النبويّة لأبي عيسى الترمذي ، و النسخة الخامسة من كتاب : الموضوعات للحسن بن محمد الصغاني ، و النسخة الوحيدة من كتاب : مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي ، و النسخة الوحيدة من كتاب : الوابل الصيّب و رافع الكلم الطيب لابن قيّم الجوزيّة ، و النسخة الثانية من كتاب : رسالة في أصول الحديث لمحمد بن بير البركوي ، و النسختين الثالثة و السادسة من كتاب : الموضوعات الصغرى للملا علي القاري ، على عموم المسلمين في البوسنة .
? و وقف محسن زادة عبد الله باشا ، والي البوسنة سنة 1146هـ النسخة الثامنة من الجامع الصحيح للإمام البخاري و كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
? و وقف مميش آغا كاسوماغيتش النسخة الحادية عشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و النسخة الأولى من كتاب : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني ، و النسخة الوحيدة من كتاب : المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج للإمام النووي ، و النسختين الأولى و الرابعة من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني ، و النسختين الرابعة و الثامنة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك .(4/155)
? و وقف الوزير أحمد آغا البوشناقي النسخة الخامسة عشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري ، و النسخة الوحيدة من كتاب : رسالة في أقسام الحديث ، لمؤلّف مجهول ، و النسخة الأولى من كتاب : تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار للبابرتي ، و النسخة الوحيدة من كتاب : الوابل الصيّب و رافع الكلم الطيب ، لابن قيّم الجوزيّة على مدارس موستار.
? و وقف سفرو محمد أفندي بن محمد آغا البوسنوي ، و هو من أهالي سراييفو النسختين الأولى و الثانية من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لابن الملك الرومي ، وجزءاً فيه أربعون حديثاً لا يعرف مؤلفه ، و هو محفوظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو ، ضمن مجموع تحت رقم ( 293.2 /476 ) .
? و وقف سالم ( أو سليم ) أفندي مفتيتش النسخة الثانية من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني ، و النسخة الثامنة من كتاب : مصابيح السنة للإمام البغوي ، و قطعة من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل للملا علي القاري ، و النسخة الوحيدة من كتاب : سرح النهر بشرح الزهر لمحمد بن عبد الدايم البرماوي ، و النسخة الوحيدة من منظومة البيقوني في مصطلح الحديث ، و النسخة الرابعة من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي .
? و وقف موستاي بيك جنتيتش النسخة الرابعة من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني ، و النسخة العاشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، و النسخة العاشرة من كتاب : الأربعين النووية ، و النسخة الثانية من كتاب : مصابيح السنة للإمام البغوي ، و النسخة الوحيدة من كتاب : شرح الأربعين النوويّة لمؤلّف مجهول على ذريته سنة 1289هـ .
? و وقف المدرس الحاج أحمد أفندي البوسنوي النسخة الثالثة من كتاب : حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار للأرزنجاني .(4/156)
? و وقف جيوان كيتهودا في موستار النسخة السادسة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك .
? و وقف إبراهيم بييفو النسخة السادسة من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي ، على مكتبة جامع السلطان في سراييفو سنة 1232هـ .
? و وقف الحاج محمد بيجاكجيتش بن فضل الله ( من أهالي سراييفو ) النسخة الثانية من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير لجلال الدين السيوطي ، على كتّاب عيني بيك في سراييفو ، سنة 1254هـ /1838م .
? و وقف محمد سباهيتش الموستاري النسخة الرابعة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، على مكتبة قركوز بيك في موستار سنة 1324هـ .
? و وقف ألجي إبراهيم باشا والي ترافنيك و مؤسس مدرستها و مكتبتها (الفيروزية) ، ومحافظ البوسنة في زمنه النسخة الوحيدة من كتاب : الفتاوى و الأجوبة الحديثية لفخر الدين عثمان الديلمي ، و النسخة الوحيدة من كتاب : اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة لبدر الدين الزركشي ، و جزءاً فيه أحاديث الشمائل من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير لجلال الدين السيوطي .
? و وقف فيض الله إسماعيل جنتي زاده ( جنتيتش ) البوسنوي النسخة الأولى من كتاب : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري ، للكرماني ، و النسخة السابعة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي أبي الفضل اليحصبي ، و النسخة الرابعة من كتاب : شرح مصابيح السنة لابن الملك الرومي ، و النسخة الخامسة من كتاب : شرح الأربعين البركويّة لمحمد بن مصطفى الآق كرماني ، و النسخة الأولى من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام الصغاني ، على طلبة العلم وأهله في فوتشا سنة 1000هـ ، و جزءاً فيه أربعون حديثاً لمؤلف مجهول ، يحفظ اليوم في مكتبة الغازي خرسوبيك بسراييفو ، ضمن مجموعة تحت رقم ( 1912.2 /360 ) .(4/157)
? و وقف محمد أفندي ( من أهالي غرادتشانيتسا ) النسخة الثانية من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام الصغاني ، و النسخة السابعة من كتاب : الموضوعات الصغرى للملا علي القاري ، و النسخة الثانية من كتاب : الأربعين النووية .
? و وقف داوود آغا النسخة الوحيدة من كتاب : بحر الفوائد لأبي بكر الكلاباذي على مدرسة أحمد آغا في موستار .
? و وقف محمد الموستاري رئيس ِأطباء موستار النسخة الوحيدة من فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني على عموم المسلمين في بلدهِ .
? و وقف إبراهيم باشا ( من أهالي بوجتل قرب موستار ) النسخة الوحيدة من شرح مختصر صحيح مسلم ، لمؤلف مجهول ، و النسخة الوحيدة من مختصر جامع الأصول في أحاديث الرسول لابن الأثير الجزري ، و
النسخة الوحيدة من كتاب : الجواهر البهيّة في شرح الأربعين النوويّة لوليّ الدين البكري ، و النسخة الوحيدة من كتاب : الكاشف عن حقائق السنن للحسين الطيبي ، و النسخة السابعة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام الصغاني .
? و وقف عصمت ِأفندي سفرو ِ( من أهالي سراييفو ) النسخة الأولى من كتاب : نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني ، و النسخة الوحيدة من كتاب : علوم الحديث ( و هو : مقدّمة ابن الصلاح ) في مصطلح الحديث .
? و وقف مميشاه أفندي البوسنوي النسخة الأولى من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي أبي الفضل اليحصبي على أهالي ( فوتشا ) ، و النسخة الأولى من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لابن الملك الرومي على المسجد القديم في ( فوتشا ) أيضاً .
? و وقف مصطفى بن إبراهيم الفوتشوي النسخة الأولى من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي أبي الفضل اليحصب على أهالي بلدته .(4/158)
? و وقف إبراهيم زفرانيا المدرس في سراييفو النسخة الوحيدة من كتاب : الإكمال في أسماء الرجال للخطيب البغدادي ، و النسخة الأولى من كتاب : شرح الأربعين البركويّة لمحمد بن مصطفى الآق كرماني ، و النسخة الرابعة من ألفيّة العراقي في أصول الحديث ، و النسخة الخامسة من كتاب : الموضوعات الصغرى للملا علي القاري .
? و وقف صالح أفندي حسن ناغيتش النسخة الخامسة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، على مكتبة قركوز بيك في موستار سنة 1258هـ .
? و وقف الحاج محمد باشا النسخة الوحيدة من كتاب : إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري للخطيب القسطلاني ، سنة 1166هـ .
? و وقف محمد أفنديتش المدرس بمدرسة الغازي خسروبيك في سراييفو النسخة الأولى من كتاب : فردوس الأخبار بمأثور الخطاب لأبي شجاع الديلمي .
? و وقف الحاج مرتضى آغا بن محمد بيك ( من أهالي فوتشا ) النسخة الأولى من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام الصغاني .
? و وقف مراد بن عثمان قبودان ( من أهالي غرادتشانيتسا ) النسخة التاسعة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية للإمام الصغاني .
? و وقف أحمد بن مصطفى النسخة الوحيدة من فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني ، و النسخة الوحيدة من رسالة بعنوان : ذكر طبقات هذه الأمة لمؤلف مجهول ، و النسخة الوحيدة من كتاب : أعمار الأعيان لأبي الفرج ابن الجوزي .
? و وقف علي غالب باشا ستوجيفيتش النسخة الخامسة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار لابن الملك ، و النسخة الخامسة من كتاب : شرح الأربعين البركويّة لمحمد بن مصطفى الآق كرماني ، على مكتبة تكيته في موستار سنة 1258هـ .(4/159)
? و وقف عبد الباقي محمد بن الحاج محمد آغا الشهير بجينو زاده ، و بجنتيتش نسخ كتاب : فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني الأولى و الثالثة و التاسعة ، و النسخة الوحيدة من كتاب : أنس المنقطعين إلى عبادة ربّ العالمين لمعافى بن إسماعيل الشيباني .
? و وقف عبد الرحمن بن قاسم النسخة الوحيدة من كتاب : شرح الأربعين الودعانيّة لأبي نصر الباغيلان ، على مدرسة الغازي خسروبيك في سراييفو .
? و وقف حمزه باشا النسخة الوحيدة جزء بعنوان : بلوغ الأمنية في شرح حديث ( إنما الأعمال بالنية ) لأحمد بن محمد المرهومي .
? و وقف صالح أفندي ميميتش النسخة الرابعة من فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 0 .
? و وقف ذو الفقار آغا بن محمد سباهي زاده ( من أهالي الهرسك ) النسخة الأولى من كتاب : الصحائف القدسية لمؤلف مجهول ، وجزءاً فيه أربعون حديثاً لا يعرف جامعها ، وهو محفوظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو ضمن مجموعة تحت رقم ( 2407.1 /578 ).
أما واقفو المخطوطات من غير البشانقة فهم من الكثرة بمكان ، وقد اقتصرت على ذكر الواقفين البوسنويين كما اقتصرت على ذكر النساخ والملاك البوسنويين من قبل ؛ لأن على جهودهم مدار البحث ؛ والله الموفق .
خامساً : حركة دمج المكتبات ونقل المخطوطات إلى المكتبات الكبرى في البوسنة:
... ألحت الحاجة على من عرف قدر التراث المكتوب من مسلمي البوسنة تحت الحكم الشيوعي الجائر على السعي الدؤوب لتجميع ما أمكن من المخطوطات والكتب النادرة من ملاكها الخواص ، و أماكن تواجدها في المساجد و الكتاتيب و التكايا و غيرها في مكتبات أكبر حجماً و أكثر عناية و تنظيماً ، و كانت هذه العملية تمثل المرحلة الأولى و الأهم على طريق حفظ التراث العلمي لمسلمي البوسنة و الهرسك .(4/160)
ثم جاءت المرحلة الثانية متمثلة في إلحاق المكتبات الصغيرة التي كانت تنتشر في أنحاء البلاد بالمكتبة الأم و هي مكتبة الغازي خسروبيك في سراييفو .
و أشهر من سعى من أجل إنجاز هذه المهمة الشيخان الجليلان محمد الخانجي وقاسم دوبراجا رحمهما الله .
و بعد إنجاز المرحلة الثانية على أكمل وجه أصبح معظم التراث العلمي لأهل البوسنة محفوظاً في مكتبة الغازي بانتظار مرحلة ثالثة وأخيرة تعيد للمخطوطات قيمتها الحقيقية بعد ترميمها و ترتيبها و حفظها على حال تمكن رواد المكتبة من الإفادة منها على أفضل وجه و عسى أن لا يكون ذلك بعيداً .
و الذي يعنينا هنا هو الوقوف على أمثلة لحركة نقل الكتب إلى المكتبة الأم ، و هو نلحظه من خلال نظرة سريعة إلى ما نقل إلى هذه المكتبة من مخطوطات كانت قبل ذلك حبيسة مكتبات عامة أو خاصة أصغر حجماً و أقل شأناً و أضعف أمام عاديات الزمن التي كادت تأتي على ما تبقى في خزائنها من مخطوطات .
لذلك رأيت أن أسرد ما تم نقله من مخطوطات الحديث النبوي وعلومه من مكتبات البوسنة العامة و الخاصة إلى مكتبتها العامرة مكتبة الغازي خسروبيك في سراييفو ، و كانت حصيلتها كما يلي :
المخطوطات المنقولة من مكتبة قركوز محمد بيك في موستار :
النسخ الثانية عشرة و الثالثة عشرة و الرابعة عشرة من الجامع الصحيح للإمام البخاري
النسخة الثالثة من كتاب : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري للكرماني
النسخ الحادية عشرة و الثالثة عشرة و الرابعة عشرة من كتاب : مصابيح السنة للإمام البغوي .
النسخة التاسعة من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني .
النسخة السادسة من كتاب : نزهة النظر شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر لابن حجر العسقلاني
و النسخة الوحيدة من كتاب : فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني .
النسخة السادسة من كتاب : نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لابن حجر العسقلاني .(4/161)
النسخة السادسة عشرة من كتاب : حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار ، للأرزنجاني .
النسخة السادسة من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير ، لجلال الدين السيوطي .
النسخة الثانية من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي .
النسخة الثانية من كتاب : تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار ، للبابرتي .
النسخة الثانية من كتاب : الكوكب المنير شرح الجامع الصغير ، للعلقمي .
النسختان الرابعة عشرة و الخامسة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
النسخة الرابعة من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لابن الملك الرومي .
النسخة الثالثة من كتاب : رفع الخفاء عن ذات الشفاء ، للملا علي القاري.
النسخة الوحيدة من كتاب : الكاشف عن حقائق السنن ، للحسين الطيبي .
النسخة الرابعة من كتاب : بستان العارفين ، لأبي الليث السمرقندي .
النسخة الأولى من كتاب : المفاتيح في حل المصابيح ، لمظهر الدين الزيداني .
النسخة الرابعة من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري .
النسخة السابعة من كتاب : مشارق الأنوار النبويّة من صحاح الأخبار المصطفوية ، للإمام الصغاني .
النسخة الأولى من كتاب : مجالس الأبرار و مسالك الأخيار ، لأحمد بن عبد القادر الأقحصاري .
النسخة الوحيدة من شرح مختصر صحيح مسلم ، لمؤلف مجهول .
النسخة الأولى من كتاب : تحفة الأبرار في شرح مشارق الأنوار ، للبابرتي .
النسخة الخامسة من كتاب : شرح الأربعين البركويّة ، لمحمد بن مصطفى الآق كرماني.
النسخة الأولى من كتاب : حواشي نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لإبراهيم المدني الكردي .
النسخة الوحيدة من كتاب : الجواهر البهيّة في شرح الأربعين النوويّة ، لوليّ الدين البكري .
النسخة الثانية من كتاب : رسالة في كلام خاتم الأنبياء و الخلفاء و الأولياء ، لمؤلّف مجهول .(4/162)
النسخة الوحيدة من كتاب : الوابل الصيّب و رافع الكلم الطيب ، لابن قيّم الجوزيّة .
جزء فيه شرح حديث الحوض ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين ، للإمام النووي .
النسخة الأولى من كتاب : الكوكب المنير شرح الجامع الصغير ، للعلقمي ..
النسخة الوحيدة من كتاب : تحفة إخوان الصفا في اختصار كتاب الشفا ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : حاشية الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، لشهاب الدين القسطلاني .
جزء فيه جملة من أحاديث الجهاد لمؤلف مجهول ، و هذا الجزء محفوظ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم ( 3634,15/848 ) .
المخطوطات المنقولة من مكتبة شهري أفندي (الشهدية) في سراييفو :
النسخة الرابعة من الجامع الصحيح للإمام البخاري .
النسخة الثانية من كتاب : الكواكب الدراري شرح صحيح البخاري ، للكرماني .
النسخة السادسة من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي.
النسخة الأولى من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي .
النسخة الأولى من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري .
النسخة الثالثة من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لابن الملك الرومي .
النسخة التاسعة من كتاب : الموضوعات الصغرى ، للملا علي القاري .
النسخة السابعة من كتاب : الموضوعات ،للحسن بن محمد الصغاني .
النسخة الثالثة من كتاب : مجالس الأبرار و مسالك الأخيار ، لأحمد بن عبدالقادر الأقحصاري .
النسخة الوحيدة من سنن ابن ماجة القزويني .
النسخة الوحيدة من كتاب : شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي عياض ، لأحمد بن محمد الخفاجي .
النسخة الأولى من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
النسخة الأولى من كتاب : بستان العارفين ، لأبي الليث السمرقندي .(4/163)
النسخة الوحيدة من كتاب : مجموعة الأحاديث الشريفة و الأخبار اللطيفة ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : خلاصة الأخبار في أحوال النبي المختار ، للشيخ عزيز الأسكداري .
النسخة الوحيدة من كتاب : الحصن الحصين من كلام سيد المرسلين ، لابن الجزري .
النسختان الأولى و الثانية من كتاب : الترغيب و الترهيب ، للحافظ المنذري.
النسخة الوحيدة من كتاب : الميسر في شرح مصابيح السنّة ، لشهاب الدين التوربشتي .
و النسخة الأولى من كتاب : السراج المنير بشرح الجامع الصغير ، لعلي بن أحمد العزيزي .
النسخة الأولى من كتاب : الجامع الصغير من حديث البشير النذير ، لجلال الدين السيوطي .
النسخة الوحيدة من مختصر رفع الخفاء عن ذات الشفاء ، للملا علي القاري.
النسخة الثالثة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
و جزآن حديثيان لمؤلّفين مجهولين ، في أحدهما جملة من الأحاديث المختارة بلا عنوان ، و هو محفوظ تحت رقم ( 561/2246 ) في مكتبة الغازي خسرو بيك.
و في الثاني أربعون حديثاً لمؤلّفٍ مجهولٍ أيضاً ، و هو محفوظ ضمن مجموع ، تحت رقم ( 1892,2/2071 ) في مكتبة الغازي أيضاً .
المخطوطات المنقولة من مكتبة عبد الله قنطميري ( القنطميريّة ) في سراييفو :
النسخ الثلاثة الأولى من الجامع الصحيح للإمام البخاري .
النسخة الثالثة من كتاب : شرح مصابيح السنة ، لزين العرب .
النسخة الحادية عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
النسخة الأولى من كتاب : مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار ، لعلاء الدين المصري .
النسختان الثانية و السادسة من كتاب : الموضوعات للحسن بن محمد الصغاني .
النسخة الأولى من كتاب : حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار ، للأرزنجاني .
النسخة الوحيدة من جزء : بلوغ الأمنية في شرح حديث ( إنما الأعمال بالنية ) ، لأحمد بن محمد المرهومي .(4/164)
النسخة الوحيدة من كتاب : الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة ، للشيخ مرعي بن يوسف الكرمي .
النسخة الوحيدة من كتاب : تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة ، للبيضاوي .
النسخة الوحيدة من كتاب : الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة ،لجلال الدين السيوطي .
المخطوطات المنقولة من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ( الفيروزية ) بترافنيك:
النسخة الثالثة عشرة من كتاب : مبارق الأزهار في شرح مشارق الأنوار ، لابن الملك .
النسخة الرابعة من كتاب : الشمائل النبويّة ، لأبي عيسى الترمذي .
النسخة الثانية من كتاب : الأذكار ، للإمام النووي .
النسختان الثانية و السادسة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
النسخة الرابعة من كتاب : الشمائل النبويّة ، لأبي عيسى الترمذي .
النسخة الوحيدة من كتاب : أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل ، لابن حجر الهيثمي .
النسخة الوحيدة من كتاب : الفتاوى و الأجوبة الحديثية ، لفخر الدين عثمان الديلمي .
النسخة الوحيدة من كتاب : إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ، للخطيب القسطلاني .
النسخة الوحيدة من كتاب : روضة الأخيار في شرح مشارق الأنوار ، للأرزنجاني .
النسخة الخامسة من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي.
النسخة الوحيدة من كتاب : اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة ، لبدر الدين الزركشي .
جزء فيه أربعون حديثاً ، لا يعرف اسم جامعها ، و هو محفوظ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم ( 6254/2317 ) .
المخطوطات المنقولة من مكتبة محمد أنور قاضيتش :
النسخة السابعة من كتاب : مصابيح السنة ، للإمام البغوي .
النسخة الوحيدة من كتاب : مجموعة الأحاديث المئة و العشرين ، لكاتب الفتوى.
النسخة الوحيدة من كتاب : رسالة في بيان أسماء الحديث على وجه الإيجاز ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : اللباب في الحديث ، لمؤلف مجهول .(4/165)
النسخة الثانية من كتاب : أسماء أهل بدر ، لمؤلّف مجهول .
النسخة الخامسة من كتاب : بستان العارفين ، لأبي الليث السمرقندي .
المخطوطات المنقولة من الشيخ محمد بن محمد الخانجي ( خانجيتش ) :
النسخة السابعة من كتاب : مختصر الجامع الصغير ، لجلال الدين السيوطي .
النسخة الرابعة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي .
النسخة الوحيدةشرح مصابيح السنة ، لمؤلف مجهول .
النسخة الوحيدة من كتاب : البدر المنير في غريب أحاديث البشير النذير ، للشيخ عبد الوهاب الشعراني .
المخطوطات المنقولة من المكتبة الفيضيّة :
النسخة الخامسة من كتاب : مصابيح السنة ، للإمام البغوي .
النسخة الأولى من كتاب : الأذكار ، للإمام النووي .
جزء فيه أربعون حديثاً لمؤلف مجهول ، و هو وحفوظ حالياً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ضمن مجموع ، تحت رقم ( 1624,4/945 ) .
المخطوطات المنقولة من مكتبات خاصة متفرّقة :
تم نقل النسخة الثانية من كتاب : مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار ، لعلاء الدين المصري ، من مكتبة عثمان أفندي صوقولوفيتش .
و نقلت النسخة الثالثة من كتاب : مشكاة الأنوار في لطائف الأخبار لعلاء الدين المصري و النسخة الوحيدة من كتاب : مشكاة الاستنارة في معنى حديث الاستخارة ، لعبد البر بن عبد القادر الفيومي ، من مكتبة بسيم أفندي كركت .
النسخة الخامسة من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى ، للقاضي أبي الفضل اليحصبي من مكتبة حسن أفندي يويو زاده .
النسخة العاشرة من كتاب : الشفا ( السابق ) من مكتبة الحاج خليل الغرادتشانيتسوي
النسخة الثانية من كتاب : جمع الوسائل في شرح الشمائل ، للملا علي القاري إهداء من السيدة منيبة مؤيدوفيتش .
النسخة الوحيدة من جزء بعنوان : فضائل شهر رجب ، لمؤلّف مجهول من مكتبة إسماعيل سليموفيتش ، إمام مسجد ( زفورنيك ) .(4/166)
النسخة الوحيدة من كتاب : أنس المنقطعين إلى عبادة ربّ العالمين ، لمعافى بن إسماعيل الشيباني ، من مكتبة عبد الباقي محمد بن الحاج محمد آغا الشهير بجنتيتش .
النسخة الثانية من كتاب : مجالس الأبرار و مسالك الأخيار ، لأحمد بن عبدالقادر الأقحصاري ، مكتبة المفتي عيني بيك بيرقداروفيتش .
و بهذا نكون قد وقفنا على ما بذله المسلمون البوشناق من جهود جليلة في جلب المخطوطات إلى بلادهم ، أو نسخها محلّياً ، و اقتنائها أو وقفها على من يرجى انتفاعه بها ، و نقلها إلى حيث يمكن أن يعتنى بها على الوجه اللائق و المطلوب .
الفصل الثالث
مؤلفات علماء البوسنة في علم الحديث النبوي
المبحث الأول
مؤلفات علماء البوسنة باللغة العربية
ليس لعلماء البوسنة مؤلفات في علم الحديث باللغة العربية سوى كتاب واحد لا يزال مخطوطاً حتى اليوم ، و هو :
أنواع علم الحديث – أو - اصطلاحات أصحاب الحديث .
تأليف الشيخ أحمد بن محمد الموستاري البوسنوي .
و هو كتاب صغير الحجم لم يطبع بعد ، و توجد نسخة خطية منه تقع في
( 13 ) ورقة بخط المؤلف رحمه الله ضمن مجموع محفوظ في مكتبة الغازي خسروبيك بسراييفو تحت رقم ( 4652 ) .
و بحسب ما ذهب إليه الدكتور عمر ناكيجيفيتش (1)
__________
(1) 1 ... الدكتور عمر ناكيجيفيتش : ولد في سراييفو سنة 1345 هـ / 1927 م و طلب العلم في مدارسها ، ثم ارتحل إلى القاهرة ، و درس في جامعتها ، حتى حصل على درجة التخصص ( الماجستير ) من كليّة الآداب ، ثم عاد إلى بلاده ، و اشتغل في التدريس و التعليم مع متابعة دراساته العليا حتى نال الدرجة العالميّة
(
الدكتوراة ) من جامعة بلغراد ، و عاد بعدها إلى بلاده ليقضي بضع سنوات في معتقلاتها بدعوى قيامه بأنشطةٍ تهدد النظام العام ، و بعد الإفراج عنه عمل أستاذاً لمادة الحديث النبوي في كلّية الدراسات الإسلاميّة بسراييفو ، التي يتولى عمادتها حالياً . ( الباحث ) .(4/167)
من احتمال أنه انتهى من تأليفه نحو سنة 1130هـ/ 1717م (1) فإن هذا الكتاب أقدم ما ألّفه علماء البوسنة في علم الحديث على الإطلاق .
و كما يظهر من عنواني الكتاب اللذين عنون بهما المؤلف رحمه الله كتابه ، فإن موضوعه هو مصطلح الحديث ، و قد استهلّه بمقدمة يليها عشرون باباً هي :
الباب الأول : شروط التحديث ( و تشمل شروط الراوي و شروط
المروي ) .
الباب الثاني : الحديث الموقوف .
الباب الثالث : الحديث المرسل ( توسّع الشيخ في ذكره فأتى بتعريفه أوّلاً ثم تناول أقوال العلماء في مراسيل سعيد بن المسيب وغيره من التابعين ) .
الباب الرابع : الحديث المنقطع .
الباب الخامس : الحديث المعضل ( عرّف الشيخ الإعضال في الإسناد ثم ذكر الفرق بينه وبين غيره من صور انقطاع السند ) .
الباب السادس : الإدراج في الحديث ( بيّن الشيخ في هذا الباب معنى الإدراج و عقّب عليه بالتأكيد على ضرورة التثبت من وقوع الإدراج في الحديث قبل القول به و الجزم برفعه ) .
الباب السابع : الحديث الغريب .
الباب الثامن : الحديث العزيز .
الباب التاسع : الحديث المشهور ( ضمّن المؤلف هذا الباب كلاً من الحديث المشهور و الحديث المستفيض ، فعرّف بكلٍّ منهما ، ثمّ ساق عدة أحاديث للتمثيل لكل نوع ) .
الباب العاشر : الحديث المعلول ( أورد المؤلّف في هذا الباب تعريف الموضوع في الحديث ، والحديث المقلوب ، و الحديث المجهول ) .
الباب الحادي عشر : الحديث المرفوع ( عرّفه الشيخ في هذا الباب ، و لم يزد على تعريفه أكثر من القول : إنه يقابل الحديث الموقوف ) .
__________
(1) 2 ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : أنواع علم الحديث أو اصطلاحات المحدثين للشيخ أحمد الموستاري
( ضمن حولية كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو ، العدد 3، عام 1411هـ/1990م ) ، ص : 108 .
و انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 155 .(4/168)
الباب الثاني عشر : الحديث الضعيف ( عرّفه الشيخ في هذا الباب ، ثم تناول بعض المسائل ذات الصلة به و أورد عدّة أمثلة له ) .
الباب الثالث عشر : الحديث الشاذ ( أورد تعريفه و مثّل له في هذا الباب ) .
الباب الرابع عشر : فيه تعريف بالحديث المسند ، و الحديث الغريب ،
و الحديث العزيز ، و الحديث المشهور – مع تكراره في باب سابق - ، و الحديث المتصل ، و الحديث المعنعن ، مع أن المؤلف رحمه الله لم يعنون له .
الباب الخامس عشر : الحديث المسلسل ( عرّف به الشيخ في هذا الباب و ساق عدّة أمثلة له ، و عرّف بعد ذلك بكلٍ من الحديث الصحيح و الحديث
الحسن ) .
الباب السادس عشر : الحديث المختصر وجاء بتعريفه فقط .
الباب السابع عشر : الحديث المقتصي وقد ذكر فيه المقتصي والمتقصي والمستقصي .
البابان الثامن عشر والتاسع عشر : عرف فيهما الشيخ رحمه الله بالناسخ و المنسوخ من الحديث .
الباب العشرون : تناول فيه الشيخ رحمه الله جملة من اصطلاحات أهل الحديث كالإجازة و ما يستعمل فيها من ألفاظ ، و السماع و صيغ الأداء ، و العرض على الشيخ ، و غيرها .
قيمة الكتاب العلميّة :
لم يحظ كتاب الشيخ أحمد الموستاري رحمه الله في المصطلح بعناية تذكر من قبل علماء البوسنة فضلاً عن غيرهم قبل استقلال البوسنة عام 1412هـ/1992م ،
و هو العام الذي نشر فيه الدكتور عمر ناكيجيفيتش دراسةً للكتاب و ترجمة له إلى اللغة البوسنية ، مع ما جاد به لمؤلفه من مديح ، و ما نعته به من ألقاب إذ جعل منه محدّثاً فذّاً ، و من كتابه درّة نفيسةً و أثراً من آثار علماء البوسنة في علم الحديث .
و هذان الأمران يحتاجان بعض التصحيح و التعليق ، و في ذلك أقول :(4/169)
إذا أريد بسبق الشيخ أحمد الموستاري في علم مصطلح الحديث السبق الزمني المحض ، فهذا أمر لا خلاف فيه ، إذ لا يُعرف لأحدٍ من علماء البوسنة قبله تصنيف في المصطلح ، مع أنّ عدم وصول الشيء إلينا لا يعني عدم وجوده أصلاً ، فكم من النفائس غيبتها حقب التاريخ ، و عاديات الزمن .
و من العرض الوجيز الذي تقدّم لمحتويات الكتاب ذي العشرين باباً نلحظ ضعف مستواه العلمي بالنظر إلى الأمور التالية :
أوّلاً : صغر حجم الكتاب مع كثرة المصطلحات التي يحتاج طالب علم المصطلح الوقوف على معناها ، و ما يقرّب إليه فهمها من تقسيم و تمثيلٍٍ و نحوه .
ثانياً : عدم التزام المؤلف بمنهج واحد في تناول كلّ نوعٍ من أنواع الحديث ، إذ فاجأنا بإسهاب عند تناول بعض الأنواع كما في الأبواب الثالث و الخامس و التاسع حيث ذكر التعاريف و الأمثلة و المسائل المتعددة ، مقارنةً بما فعله في الأبواب الثاني و الرابع و السابع و الثامن حيث لم يزد في كلٍ منها على مجرّد التعريف بنوعٍ واحد من أنواع الحديث .
ثالثاً : عدم اعتماد الشيخ أيّ منهج من مناهج سابقيه المتقدمين في التأليف في علوم الحديث في تقسيم الحديث و تعداد أنواعه ، إذ لم يتناول أنواع الحديث بحسب درجتها من حيث الصحة و الضعف ، أو عدد الرواة ، و لكنه أودع كتابه ما جاء فيه بشكلٍ غير منظم فجمع بين المسلسل و الصحيح و الحسن في بابٍ واحدٍ بدون مقتضٍ للجمع بينها في الباب الخامس عشر ، و كذلك فعل في الباب الذي سبقه ، بينما أفرد أبواباً لأنواع من الحديث تعريف بعضها لم يبلغ السطر الواحد ، كما في الباب الرابع .
رابعاً : التكرار الذي لا مبرّر له ، و هو ممّا يؤكّد ضعف أسلوب المؤلف رحمه الله كما يلاحظ في الأبواب السابع و الثامن و الخامس عشر ، إذ عرّف بكلٍّ من الحديث الغريب و العزيز في الباب الخامس عشر ، على الرغم من إفراده قبل ذلك باباً كاملاً لكلًّ منهما .(4/170)
خامساً : ضعف المستوى اللغوي في عبارات الشيخ التي أودعها كتابه ، حيث لم يستطع رحمه الله التخلّص التام من لكنة العجمة ، فضلاً على ما ورد في كلامه من اصطلاحات غير متداولة عند علماء المصطلح السابقين ، كما فعل في البابين السادس عشر و السابع عشر .
و في الجملة فإنّ الكتاب لا يخلو من أن يكون سبقاً زمنياً في مجال التأليف في علوم الحديث لدى علماء البوسنة و الهرسك ، و بهذا الاعتبار يكون مؤلفه الشيخ أحمد الموستاري رائد علوم الحديث النبوي في بلاده ، علاوةً على كونه العالم البوشناقي الوحيد الذي تعرف له كتابة في علوم الحديث باللغة العربية منذ الفتح الإسلامي للبوسنة و حتى اليوم (1) .
__________
(1) 1 ... ذكر عدد من المهتمين بعلوم الحديث في البوسنة أن للشيخ محمد بن محمد الخانجي رحمه الله كتاباً باللغة العربية في غريب الحديث ، ذكر بعضهم أنّه بعنوان غريب الحديث ، و قد بحثت كثيراً عن هذا الكتاب فلم أجده ، فطفقت أجمع ما كُتب عنه في مؤلفات من ذكره كالدكتور عمر ناكيجيفيتش و الدكتور شفيق كرديتش و غيرهما حتى توصّلت إلى وجود نسخة خطيّة منه تحفظ في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 6968 ) ، و بالرجوع إلى المكتبة المذكورة وجدت أنّ ( غريب الحديث ) ما هو إلا جزءٌ يقع في ثنتين و ثلاثين ورقة من كتاب ضخم للشيخ محمد الخانجي يحمل عنوان : ( مجمع البحار في تاريخ العلوم والأسفار ) ، و قد وضعه للتعريف بفنون العلم المختلفة و ذكر ما أُلّف في كلٍ منها على حدةٍ ، مع بيان ما يذكر للكتب المتداولة في كل فنّ منها من محاسن ، و ما يؤخذ عليها في المادة و الصنعة .
و الجزء المذكور من ( مجمع البحار ) فيه تعريف بعلم غريب الحديث و أهم ما كُتب و أشهر من كتب
فيه ، و هذا لا يجعله كتاباً قائماً بذاته في علم ( الغريب ) ، و عليه فإن كتاب الشيخ أحمد الموستاري لا يزال الوحيد باللغة العربية بين مؤلّفات البوسنويين ، و الله أعلم . =(4/171)
أمّا مستواه العلمي فهو باعتبار الزمان و المكان اللذين شهدا ظهوره يعتبر مناسباً لمستوى المستفيدين منه من طلاّب تلك البلاد النائية ، و طلاّب المدارس الشرعيّة التي ظلّت تعمل في العهد الشيوعي .
أمّا إذا قورن بما سبقه من مؤلّفات علماء الأمّة في هذا الباب فهو دونها في المستوى علميّاً و منهجيّاً ، لما قدّمنا من ملاحظاتٍ تؤخذ عليه . (1)
المبحث الثاني
مؤلّفات علماء البوسنة باللغة المحلّية
المطلب الأول : مؤلفات علم الحديث دراية :
الكتاب الأوّل : مقدمة الحديث ( أو : المقدمة في علم الحديث ) (2)
تأليف الشيخ محمد بن محمد الخانجي رحمه الله .
و هو أوّل و أكبر أعمال علماء البوسنة في علوم الحديث درايةً باللغة
البوسنوية ، و لا يعرف على وجه التحديد تاريخ تصنيفه ، إلا أنّ الغالب كونه في أواخر النصف الأوّل من القرن الرابع عشر الهجري (3) .
__________
(1) = ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 166 و ما بعدها .
و : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 16 و ما بعدها ، و ص : 149 و ما بعدها .
(2) 1 ... لهذا الكتاب نسخة خطيَّة بعنوان ( المدخل إلى علوم الحديث ) محفوظةٌ في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم ( 6967) .
وللمؤلف مختصر لهذا الكتاب باللغة العربية والبوسنوية ومنه نسخة خطية توجد في مكتبة غازي خسروبك بسراييفو تحت عدد 6967 في تسع ورقات باللغة العربية وسبع ورقات باللغة البوسنوية .
(3) 2 ... يدل على ذلك أنّ للكتاب مختصراً باللغة البوسنوية ، صرّح فيه الشيخ الخانجي رحمه الله أنه اختصره من الأصل سنة 1351هـ/1932م .(4/172)
و قد ذاع صيت هذا الكتاب و اهتم علماء البوسنة به اهتماما بالغاً لأنه من المراجع القليلة باللغة البوسنوية في علوم الحديث ، و انتشر على نطاقٍ واسعٍ منذ طبعته الأولى سنة 1356هـ/1937م ، و اعتمد مرجعاً دراسيّاً في المدارس الشرعية في أنحاء يوغسلافيا ، وطبع في بعضها طبعاتٍ خاصّة تسهّل على الطلاب اقتناؤه و الإفادة منه ، كما فعلت مدرسة عثمان أفندي ريجوفيتش في غراجانيتسا بمحافظة فيسوكو ، قبيل انتهاء الحرب الأخيرة في البلاد سنة 1416هـ/1995م .
و الكتاب مقسّمٌ إلى ستةٍ و عشرين باباً ، في كلٍ منها موضوعٌ أو أكثر ، من موضوعات علوم الحديث ، و هي على النحو التالي :
الباب الأول : فرّق فيه المؤلف رحمه الله بين كلٍ من : الحديث والسنة والخبر والأثر بذكر أصل المورد اللغوي للتسمية ، و معناها في اصطلاح أهل العلم ، ثم إيراد مثالٍ لكلٍ منها .
الباب الثاني : تناول فيه حدّ المتن و السند في اللغة و الاصطلاح ، ثم تحدّث عن الإسناد عند المسلمين ، و ما اشترطوه في المروي و الراوي .
الباب الثالث : ذكر فيه أبرز ألقاب المحدثين كالمسنِد و المحدث و الحافظ و الحجة و الحاكم ، و صفة من يحمل كلّ لقب منها من حيث الحفظ و الضبط ، مؤكّداً على خلاف العلماء في إطلاقها ، و أنّها ليست من المسلّمات .
الباب الرابع : تناول فيه مصادر التشريع ، مركزاً على مكانة السنة النبوية بينها ، و بيان أنّها المصدر الثاني للتشريع في الإسلام ، مدعما ذلك بأدلة من الكتاب
والسنة .
الباب الخامس : قسّم فيه علم الحديث إلى : علم الحديث رواية ، و علم الحديث دراية ؛ و بيّن المقصود بكلٍ من القسمين و أهمّيته و عناية العلماء به و بعض ماصنّف فيه .
الباب السادس : ذكر فيه جملةً من الكتب المؤلّفة في علم مصطلح الحديث ، و بيّن مكانتها عند العلماء ، و عرّف بمؤلّفيها و مناهجهم فيها .
الباب السابع : تناول فيه مراحل جمع الحديث ، و هي عنده ستة مراحل :(4/173)
- مرحلة حفظ الصحابة للحديث بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
- بداية تدوين الحديث و ما جاء من الترخيص فيه و النهي عنه في زمن الصحابة - رضي الله عنهم - .
- تدوين الحديث في زمن التابعين .
- مرحلة الجمع الرسمي للحديث .
- الاقتصار على ما صحّ من السنة في الجمع و التأليف .
- ظهور الشروح و الحواشي و المستدركات على كتب الحديث الأولى .
الباب الثامن : ذكر فيه بعض أشهر كتب الحديث روايةً ، و منها الصحيحان ، و السنن الأربعة ، و الموطأ ، و عدد من المسانيد و غيرها متناولاً كلاً منها بالتعريف به و بمؤلّفه رحمه الله على وجه الإيجاز .
الباب العاشر : ترجم فيه لعدد من أئمة الحديث منهم : مالك بن أنس الأصبحي ( ت 179هـ/796م ) و أحمد بن حنبل ( ت 241هـ/854م ) و ابن ماجة القزويني ( ت 273هـ/869م ) و مسلم بن الحجاج ( ت 261هـ/874م ) و أبو داود السجستاني ( 275هـ/888م ) و أبو عيسى الترمذي
(ت 279هـ/892م) و النسائي (ت 303هـ/916م) و الدارمي
(ت 255هـ/868م) و ابن خزيمة (ت 311هـ/924م) و ابن حبّان
(ت 354هـ/965م) و الطبراني (ت360 هـ/971م) و الدارقطني
(ت 385هـ/995م) و الحاكم النيسابوري (ت405هـ/1015م) و البيهقي (458هـ/1066م) .
الباب الحادي عشر : تناول فيه أنواع الحديث بحسب عدد رواتها ، و هي : الحديث المتواتر و الحديث المشهور و خبر الآحاد .
الباب الثاني عشر : تناول فيه أنواع الحديث بحسب درجتها من حيث القبول و الرد ، و هي الحديث الصحيح و الحديث الحسن و الحديث الضعيف ، و بيّن شروط كلّ منها .
الباب الثالث عشر : تناول فيه أنواع الحديث بحسب قائله ، و هي المرفوع و الموقوف و المقطوع .
الباب الرابع عشر : تناول فيه أنواع الحديث بحسب حال سنده ، و هي : المنقطع و المعضل و المرسل و المعلق و المتصل و المعنعن و الغريب و المسلسل و المبهم ، مع تعريف كل نوع و التمثيل له .(4/174)
الباب الخامس عشر : تناول فيه بعض أنواع الحديث الضعيف ، و منها : الشاذ و المنكر و المقلوب و المعلل و المضطرب و المتروك و الموضوع .
الباب السادس عشر : ذكر فيه شروط الصحّة عند بعض العلماء الذين قصروا كتبهم على ما صحّ من الحديث كالشيخين ، و شرحها .
الباب السابع عشر : عرّف فيه المتابعات و الشواهد و الاعتبار ، و بيّن أثر ورود شيءٍ منها في الحكم على الحديث .
الباب الثامن عشر : تناول فيه شروط الرواة .
الباب التاسع عشر : في تحمل الحديث وأدائه ، و مسائل ذات صلة بذلك كالسماع و العرض و الإجازة و المناولة و الكتابة و الإعلام و الوصية و الوجادة و غيرها .
الباب العشرون : عرّف فيه بالصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ، و قرّر عدالتهم و دلّل عليها من الكتاب و السنّة ، ثمّ ذكر أهم المصنّفات في تراجمهم ، و ختم الباب بذكر المكثرين منهم في الرواية عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
الباب الحادي والعشرون : عرّف فيه بالتابعين ، و عدّد طبقاتهم ، و سمّى أشهر المحدثين منهم بدون توسع في إيراد تراجم لهم .
الباب الثاني والعشرون : تناول فيه مسألة رواية الحديث بالمعنى ، فذكر أقوال العلماء فيها ، و أدلّة كلّ مذهب ، و انتهى إلى ترجيح الجواز بشروطه المعروفة عند أهل الاختصاص .
الباب الثالث والعشرون : عرّف فيه الحديث القدسي ، و ذكر عدّة أمثلة له ، و ذكر الفرق بينه وبين القرآن الكريم من جهةٍ ، و بينه و بين الحديث النبوي من جهةٍ أخرى .
الباب الرابع والعشرون : تناول فيه مسألة النسخ في السنّة ، فعرّف بالناسخ و المنسوخ لغةً و اصطلاحاً ، و أورد مثالاً لكلٍ منهما ، ثم ذكر شروط القول
بالنسخ ، و كيفيّة معرفة الناسخ من المنسوخ .
الباب الخامس والعشرون : ذكر فيه الرموز التي استعملها الإمام الطبراني في معاجمه ، و من وافقه و غيره للدلالة على درجة الحديث ، أو الإشارة إلى من خرّجه من أهل العلم ، و بيّن المراد بكل رمز منها .(4/175)
الباب السادس والعشرون و هو الأخير : تناول فيه على وجه الإيجاز التعريف بجملة من العلوم التي تهم المشتغل بالحديث ، و يحتاجها أكثر من غيرها ، و هي : علم غريب الحديث ، و علم مختلف الحديث ، و أسباب ورود الحديث ، و المتفق و المفترق ، و المؤتلف و المختلف .
قيمة الكتاب العلميّة :
يمتاز كتاب الشيخ محمد الخانجي هذا بكونه من أوائل الكتب الشرعيّة المصنّفةباللغة البوسنوية المكتوبة بالرسم اللاتيني (1) ، و هو أوّل كتاب في علم الحديث يكتب بهذه الخصائص ، و ثاني ما بين أيدينا من مؤلّفات علماء البوسنة في هذا العلم بعد كتاب الشيخ أحمد الموستاري ، و هذه الأمور تعطي الكتاب مكانة سامية .
أما عن محتوى الكتاب فنجد بين دفتيه كلّ ما يحتاجه طلاّب العلم الذين كتب من أجل تلبية احتياجاتهم من المادة العلمية الوافرة بطريقة سلسة مبسّطة ، إلى جانب حسن الصنعة من حيث التبويب و الترتيب ، مع الاحتفاظ بالمصطلحات الأصلية و إثباتها باللغة العربية ، و كذلك تقديم النص العربي للأحاديث الواردة في ثنايا الكتاب للتمثيل لبعض أنواع الحديث ، أو الاستدلال على بعض مسائل هذا العلم .
__________
(1) 1 ... ظلّت الكتب العربية مصادر للتعليم الشرعي في المدارس الدينية لمسلمي البوسنة حتى عام 1348 هـ/ 1930م إذ رجع الشيخ محمد جمال الدين تشاوشيفيتش من اسطنبول بعد أن تخرّج في مدارسها و بدأ يدعو إلى إعادة النظر في مناهج التعليم الديني ، و إيجاد بديل عنها يكتب بالحروف اللاتينية التي تكتب بها =(4/176)
و قد لمس علماء البوسنة مزايا هذا الكتاب فأثنوا عليه كثيراً ، و ممّا جاء في وصفه قول الدكتور شفيق كرديتش (1) : (( مقدمة الحديث لمحمد خانجيتش كتاب صغير الحجم كبير النفع كتبه الشيخ على طريقة القدامى من علماء الحديث . وهو عبارة عن خلاصة للعلم الذي كتب حتى يبدو لقارئ هذا الكتاب كما لو أنه يقرأ كل كتب هذا العلم ، مع دقة في اللفظ وعمق في المعنى ، وقد اجتنب الحشو والزيادات والجوفاء ، وهذا الكتاب هو للباحث عن الضروري والمختصر المفيد من علوم الحديث ويعتبر من الكتب الأولى التي صدرت باللغة البوسنية )) (2) .
__________
(1) = ... اللغة البوسنوية ، و فوجئ بمعارضة شديدة ، فتنازل قليلاً و ألّف بعض الكتب الدراسيّة باللغة المحلية المكتوبة بالحروف العربية بطريقة تناسب النطق البوسنوي بدعوى أن ذلك سيمكن عامّة المسلمين الذين لا يجيدون اللغة العربية قراءةً و لا كتابة من قراءتها و الإفادة منها ، و شاع هذا النوع من الكتابة زمناً قبل أن تحظره السلطات الشيوعية التي منعت أيّ صلة للشعب البوسنوي المسلم باللغة العربية سواء بالنطق أو الكتابة ، في التعليم و غيره من نواحي الحياة .
انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 342 .
1 ... شفيق كرديتش ، هو : ابن عثمان ، أستاذ الحديث بالأكاديمية الإسلامية في زينتسا اليوم ، تخرج من كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو ، و حصل على الدكتوراة من جامعة الزيتونة سنة 1418 هـ / 1997 م .
( الباحث ) .
(2) 2 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل البوسنة بالحديث ، ص : 50 .(4/177)
و ثمّة مزيّة للكتاب تجدر الإشارة إليها ، و هي تصديه لمنكري حجيّة الحديث في البوسنة و خارجها ، حيث كانت دعاواهم على أشدّها عند تأليف الكتاب ، و للشيخ الخانجي جهود بارزة في الدعوة إلى الكتاب و السنّة ، و الرد على من ابتليت بهم بلاده من علماء السوء ، فقوّضوا بنيان العلوم الشرعية حينما عطّلوا السنن ، و ردّوا الأحاديث بدعاوى أوهن من بيت العنكبوت ، باسم التطوير و التقدم و الفكر الإسلامي الحرّ !
و في الباب الرابع – على وجه الخصوص - من هذا الكتاب جهد مشكور بذله الشيخ في إقرار الحق و إبطال الباطل في باب حجية السنة ، و وجوب الاحتكام إليها و العمل بمقتضاها ، فجزاه الله خيراً .
الكتاب الثاني : كتاب الحديث :
تأليف الشيخ : محمد طيب أوكيتش رحمه الله (1) .
كتاب مدرسي أُلف ليكون مقرراً دراسياً يجمع مفردات منهج مادّة علوم الحديث لطلاب المرحلة الثانوية في المدارس الشرعية في البوسنة قبيل سقوطها في قبضة الحكم الشيوعي ، و ظهرت طبعته الأولى في سراييفو سنة 1355هـ/ 1936م ، ثمّ أعادت طبعه مدرسة الغازي خسرو بيك عدة مرّات بعد أن اعتمد مقرراً دراسياً على طلابها .
و قد جاء الكتاب في مقدّمةٍ و ثمانية عشرة باباً ضمّنها المؤلف أهم اصطلاحات أهل الحديث و أقسامه عنهم ، مع بعض المسائل الهامّة في علوم الحديث ، فجاء على النحو التالي :
المقدمة : تكلم فيها عن أهمية علم الحديث و مكانته بين علوم الشريعة ، و عظم شأن حملته .
الباب الأول : في تعريف كلٍ من السنة و الحديث ، و بيان ما بينهما من فروق دقيقة .
الباب الثاني : في طرق تحمّل الحديث وأدائه ، و ذكر أسماء الصحابة المكثرين من الرواية .
الباب الثالث : في منهج النقد عند أهل الحديث ، و أهمية الإسناد عند علماء الشريعة .
__________
(1) 1 ... محمد طيب أوكيتش : تقدمت ترجمته ، في المبحث الثاني : علماء الحديث و المشتغلون به من البشانقة في العصر الحديث ، من الباب الثاني .(4/178)
الباب الرابع : في موقف المستشرقين من الحديث النبوي ، و نقد بعض آرائهم حول السنة النبوية من حيث حفظها و روايتها و صلاحيتها للتشريع .
الباب الخامس : في مواقف الفرق الإسلاميّة من الحديث النبوي ، مع مقارنة موقف كلٍ من الشيعة و الخوارج بموقف أهل السنة والجماعة من الحديث من حيث العناية بروايته و الاحتكام إليه .
الباب السادس : في طرق التحمل عند أهل الحديث و شروطه .
الباب السابع : في بيان المراد من بعض اصطلاحات المحدثين ، و تعريف الصحيح و الحسن و الضعيف ، و ذكر بعض أنواعه .
الباب الثامن : في تتبع حركة تدوين السنّة منذ العهد النبوي حتى ظهور أمّهات كتب الحديث في عهد التابعين و من بعدهم .
الباب التاسع : في التعريف بالكتب الستة وأصحابها .
الباب العاشر : في التعريف بسائر كتب الحديث و منها سنن الدارمي و البيهقي الدارقطني ، و جوامع السيوطي .
الباب الحادي عشر : في التعريف بالأربعينيّات الحديثيّة ، و فوائدها ، و البواعث على جمعها ، و ما جاء في فضله مع نقده و بيان درجته ، ثم ذكر أمثلة لما اشتهر منها بالعربية و الفارسية و السلافيّة .
الباب الثاني عشر : في بيان حقيقة كتب الحديث عند الرافضة ، و منها مؤلفات القمي والطوسي وغيرهما .
الباب الثالث عشر : في ذكر أهم الرموز التي تستعمل في كتب الحديث ، و بيان مدلول كلٍ منها .
الباب الرابع عشر : في التعريف ببعض الكتب التي تعين الباحثين في علم الحديث من إسهامات المستشرقين باللغات العربية و الألمانية و الفرنسية ، و غيرها .
الباب الخامس عشر: في جهود العلماء اليوغسلاف في التأليف في علم الحديث باللغتين العربية و التركية .
الباب السادس عشر : في جهود العلماء اليوغسلاف في التأليف في علم الحديث باللغة السلافية .
الباب السابع عشر : في تعليم الحديث في المدارس الشرعية في أنحاء يوغسلافيا السابقة .(4/179)
الباب الثامن عشر : في التعريف بدار الحديث في سراييفو و بعض العلماء الذين درّسوا الحديث فيها .
قيمة الكتاب العلميّة :
لهذا الكتاب مكانة خاصّة في نفوس البشانقة المعاصرين حيث أنّ غالبيّتهم قد درسوه أثناء تتلمذهم في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو و غيرها من المدارس الشرعيّة التي قرّرت الكتاب لأكثر من خمسين عاماً على طلاّبها ، و لذلك عظم ثناؤهم عليه و اعتدادهم به .
أمّا مادّته العلمية فامتازت بعدّة أمور ، هي :
- سعة اطلاع المؤلّف رحمه الله و غزارة مادّته العلمية التي أودعها بين دفّتيه فجاء وافياً بالمطلوب ، مناسباً لمستوى من سيدرسه من طلاّب المدارس الثانويّة الشرعيّة في البوسنة .
- حسن تبويبه و ترتيبه بما يتلاءم مع كونه كتابٌ مدرسيٌ أصلاً .
- تنوع مادّته العلمية ، فهو لا يقف عند التعريف بمصطلحات أهل الحديث أو التمثيل لها ؛ بل يتعدّاها إلى عرض آراء الفرق الإسلامية الأخرى ، و يتجاوزها إلى ما جاء في كتابات المستشرقين في كثيرٍ من الأحيان .
- تركيزه على تعليم الحديث النبوي و دَور علمائه و آثارهم باللغات المحلّية و غيرها في يوغسلافيا السابقة .
- ذكر إسهامات المستشرقين في خدمة علوم الحديث في اللغة العربيّة و عدّة لغات غربيّة ، و منها وضع المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي ، مع ما يرافق ذلك أحياناً من الإشادة بالجهد و الثناء على باذليه .
و إذا أخذنا بالاعتبار هذه الأمور مجتمعة تبيّن لنا أن هذا الكتاب يعدّ مرجعاً هامّاً لتاريخ علوم الحديث في البوسنة ، فضلاً على ما يحتاجه الطلاّب من أوّليّات علم المصطلح تناولها المؤلّف بدون توسع مملّ أو اختصار مخلّ فخرج سفراً نافعاً
قيّماً .
الكتاب الثالث :نقد الحديث أساس بناء الشريعة الإسلامية :
تأليف الشيخ محمد آلايبيجوفيتش رحمه الله .(4/180)
و هو كتاب في مصطلح الحديث ، فرغ المؤلف من تصنيفه سنة 1360هـ/1941م و نشره في زاغرب في العام ذاته ، ثم أعادت طبعه مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو بعد أن اعتمد في عداد مصادر مادّة الحديث المقرّرة على طلاّب المدرسة .
يركز الشيخ محمد آلايبيجوفيتش رحمه الله في هذا الكتاب على سبق المسلمين في مجال توثيق النقول و الأقوال ، و ما خصّ الله به هذه الأمّة من منهج دقيق في دراسة الأسانيد ، و نقد المتون حفظاً لشريعته و سنّة نبيّه - صلى الله عليه وسلم - .
و الكتاب صغير في حجمه ، هزيل في مضمونه ، قوامه مقدّمةٌ و خمسة أبواب جاءت على النحو التالي :
المقدمة : تناول فيها منزلة السنة النبوية في الإسلام ، و مكانتها في التشريع .
الباب الأول : تناول فيه تقسيم السنة إلى : سنة قولية و سنة فعلية و سنة
تقريرية ، و عرّف السنّة و الحديث كلاً على حدةٍ في اللغة و الاصطلاح ، ثمّّ ذكر بعض الفوارق بينهما .
الباب الثاني : تكلّم فيه عن ظهور الوضع في الحديث ، و دور علماء الحديث في كشف الموضوعات و التحذير منها .
الباب الثالث : تناول فيه منهج نقد الروايات عند علماء الإسلام ، مركزاً على اهتمامهم بدراسة الأسانيد ، و اقتضاء ذلك ظهور علم خاصٍ عرف باسم ( علم الجرح و التعديل ) ، مع ذكر بعض الكتب المؤلفة في الجرح و التعديل و التعريف بها بإيجاز .
الباب الرابع : ذكر فيه طائفةً من كتب الحديث كالمسانيد و الجوامع و السنن و عرّف بها باختصار .
الباب الخامس : عاد فيه ليركز على أهمّية نقد الأسانيد و اعتبره أساس بناء الشريعة الإسلاميّة كما فرّق بين المحدّثين و الفقهاء فجعل دور المحدثين قاصراً على الحكم على سند الحديث ، بينما رأى أن على الفقهاء أن ينقدوا المتون و يقولوا كلمتهم فيها قبولاً أو ردّاً .
القيمة العلميّة للكتاب :(4/181)
بعدما سمعت و لمستُ من تحفّظ عدد من علماء البوسنة المعاصرين على كتاب نقد الحديث ، و عدم نصحهم بتدريسه أو تقريره في أيٍ من الدورات الشرعيّة التي شاركت فيها في ديارهم ، يبدو لي أن اعتماده في قائمة مصادر مادّة الحديث النبوي بمدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو لم يكن إلاّ من باب إظهار جهود العلماء البوسنويين ، و أن الاعتداد به لا مبرر له سوى كونه لمؤلّفٍ بوسنوي .
فالكتاب هزيل – كما أسلفت – من الناحية العلمية ، و قد (( نهج المؤلف في تأليفه منهج المستشرقين ، و يظهر أنه كان متأثرا بأفكارهم و منهجهم و نظرتهم للحديث )) (1) ، و من ذلك التشكيك في ثبوت نقل السنة النبوية و سلامتها ، و المبالغة في الكلام عن الوضع في الحديث ، و غير ذلك (2) .
الكتاب الرابع : المدخل إلى علوم الحديث :
تأليف الدكتور عمر ناكيجيفيتش .
ظهر هذا الكتاب متأخّراً عن الكتب الثلاثة السابقة ، و نشر للمرّة الأولى في سراييفو على نفقة كلية الدراسات الإسلامية سنة 1406هـ/1986م ، أي بعد أقلّ من عام من فراغ الدكتور عمر من تأليفه ثمّ أعيد طبعه بشكلٍ سنويٍ تقريباً لسد احتياجات الكلّية و معاهد إعداد المعلمين في البوسنة بعد أن أصبح المقرر الأوّل في مادة علوم الحديث على الدارسين في كلٍ منها .
و لا أجد حاجةً هنا لعرض محتوى الكتاب كما فعلت عند التعريف بالكتب السابقة ، لأنّه قد جمع فأوعى كلّ ما فيها ، فقد اعتمدها ضمن مصادره التي اقتبس منها .
__________
(1) 1 ... انظر : شفيق كرديتش : عناية أهل الحديث ، ص : 67 .
(2) 2 ... انظر : محمد آلايبيجوفيتش : نقد الحديث ، ص : 11- 13.(4/182)
الكتاب مصدّرٌ بمقدّمةٍ يليها واحدٌ و ثلاثون باباًً تتناول التعريفات الأساسيّة للحديث و السنة و الخبر و الأثر و الحديث القدسي ، و الفوارق بينها ، ثم تعرّض للحديث عن مكانة السنّة في التشريع الإسلامي و بيّن أنواعها ، و علاقتها بالقرآن الكريم ، و فصّل القول في أخبار الآحاد و حجّيتها ، و الخلاف بين العلماء في الاستشهاد بخبر الواحد في أصول الدين .
كما ذكر المؤلف أهم التصانيف في علوم الحديث درايةً و روايةً و ذكر شروط الراوي عند أهل الحديث ثم شرع في التعريف بكلّ نوعٍٍ من أنواع الحديث على حدة و توضيح المراد منه بالتمثيل و التفصيل في تناول المسائل ذات الصلة بكل نوعٍ منها في بابٍ مستقل .
و ختم بإيراد تراجم وافيةً لأئمّة المحدثين في القديم و الحديث ، مع التركيز على علماء البوسنة .
قيمة الكتاب العلميّة :
حينما اطلعت على الكتاب أوّل الأمر أثناء عملي في كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو ، و الأكاديميّة الإسلاميّة بزينتسا عام 1416هـ/1995م لفت نظري شغف الطلاّب بهذا الكتاب ، و كثرة ثناء المدرّسين عليه فبادرت باقتناء نسخة منه و وقفت على ما فيها فوجدته كتاباً قيّماً يمتاز بأمورٍ عدّة منها :
أوّلاً : اعتماده على المصادر العربية القديمة و الحديثة مثل مقدّمة ابن الصلاح و الكفاية للخطيب البغدادي ، و كتاب علوم الحديث و مصطلحه للدكتور صبحي الصالح (1) ،
__________
(1) 1 صبحي الصالح ، هو : ابن إبراهيم الصالح ، عالم ، باحث ، كاتب ، داعية ، ولد في طرابلس سنة 1345 هـ / 1926 م ، سافر إلى فرنسا للدراسة ، و نال الدكتوراة في الآداب عام 1954 م ، و عمل أستاذا للإسلاميات و فقه اللغة في الجامعة اللبنانية ، تولى عدداً من المناصب آخرها نائب رئيس المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى ، و رئيس اللجنة العليا للقرن الخامس عشر الهجري في لبنان ، و الأمين العام لرابطة علماء لبنان ، و له العديد من المؤلفات ، اغتيل سنة 1407 هـ / 1986م .
انظر : صالح محمد الجسر في " أعلام في دائرة الاغتيال " ص 169 ، محمد خير رمضان في " تتمة الأعلام " ، ص : 242 .(4/183)
إلى جانب كتاب اصطلاحات المحدّثين للشيخ أحمد بن محمد الموستاري ، و ما ألف بعده باللغة البوسنوية مثل كتاب مقدمة الحديث للشيخ محمد الخانجي ، و كتاب الحديث لمحمد طيب أو كيتش (1) . و قد وُفّق في الجمع بين متانة القديم و سهولة الحديث و حسن ترتيبه و تبويبه .
ثانياً : اختص الشيخ المؤلّف في بحث تراث أهل البوسنة في علوم الحديث ، و لم يصنّف كتابه ( المدخل إلى علوم الحديث ) إلاّ بعد دراسة و نقدٍ عميقين قام بهما لكل ما صنّفه علماء البوسنة قبله في هذا الباب ، ثمّ دفع بكتابه إلى القرّاء جامعاً فيه بين محاسن مؤّلفات أهل البوسنة السابقين ، و متحاشياً ما أخذ على بعضها .
? فجمع بين رصانة العبارة عند السابقين ، و حسن التبويب و التفريع عند المتأخّرين .
? و أحسن الاقتباس من المصادر الأصيلة ، مع مراعاة الأمانة العلميّة بالإحالة إلى تلك المصادر .
? و تقيّد بحرفية المصطلحات و النصوص العربيّة فأثبتها كما هي ، و قرنها بترجمة إلى اللغة البوسنوية تسهّل فهمها .
? و اهتمّ بتراث البوسنويين ، و أعرض عن شبهات المستشرقين .
? اهتم الدكتور عمر اهتماماً بالغاً بعرض شبهات بعض فرق المسلمين المنحرفة ،حول السنة النبوية كالخوارج و الرافضة و المعتزلة ، و نقضها و التحذير منها . و سلك المسلك ذاته مع مشاهير المستشرقين الذين كالوا النقد و الانتقاص للسنة ، و عاشوا حرباً عليها بالتشكيك و التشويه مثل جولد زيهر الإنجليزي و شاخت الألماني ، و من تأثر بهم من أبناء المسلمين مثل أحمد أمين (2) ،
__________
(1) 2 ... كل أصحاب هذه المصادر التي اعتمد عليها تقدمت تراجمهم ، راجع الفهرس للوقوف عليها .
(2) 1 ... أحمد أمين : عضو المجمع اللغوي بالقاهرة ، تولى القضاء بمصر ، و درّس بكلية الآداب بجامعة القاهرة ، ولد سنة 1295 هـ / 1878 م ، و توفي سنة 1373 هـ / 1954 م ، من مؤلفاته : فجر الإسلام ، ضحى الإسلام النقد الأدبي .
انظر ترجمته في : تراجم الأدباء العرب للوهابي 1 / 168 ، معجم المؤلفين 1 / 263 .(4/184)
و توفيق صدقي ، و محمد أبو ريّة ، و أحمد زكي (1) ، و غيرهم ، و قد اعتمد في الردّ على هؤلاء و كشف زيغهم على مراجع باللغة العربية أبرزها كتاب السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي للدكتور مصطفى السباعي رحمه
الله (2) .
إلى غير ذلك ممّا جعل الكتاب يفوق ما سواه ، و يعتبر اليوم المرجع الأوّل للباحثين في علوم الحديث باللغة البوسنويّة .
و لا تفوتني الإشارة هنا إلى أنّ مما ساعد على جعل الكتاب في متناول أيدي القرّاء سعر توزيعه المخفض ، فضلاً على تمويل بعض الجهات الخيرية لتوزيع مئات النسخ منه مجّاناً على طلبة العلم (3) .
__________
(1) 2 ... أحمد زكي ، هو : ابن محمد أبو شادي ، دكتور في الطب ، أديب ، شاعر ، ولد بالقاهرة سنة 1309 هـ/ 1892م ، درس الطب ، ثم انصرف إلى الأدب و الشعر ، توفي بواشنطن سنة 1374 هـ / 1955 م ،
له : معشوقات ابن طولون ، مفخرة رشيد ، الزباء ملكة تدمر . =
= انظر ترجمته في : المنجد ص 281 ، تراجم أدباء العرب للوهابي 1 / 272 – 275 .
(2) 1 ... مصطفى السباعي ، هو : مصطفى بن حسني ، أبو حسان ، ولد بحمص في سورية سنة 1333 هـ / 1915م ، و تعلم بها و بالأزهر ، و اعتقله الانكليز في فلسطين ستة أشهر ، و أسلموه إلى الفرنسيين ، فسجنوه في لبنان 30 شهرا ، و انطلق بعدها ، فكان على رأس كتيبة من الإخوان المسلمين في الدفاع عن
فلسطين ، حصل على الدكتوراة في الشريعة الإسلامية من الأزهر ، و عمل أستاذا بكلية الحقوق بدمشق ، و مراقبا عاما لجمعية الإخوان المسلمين ، و عميدا لكلية الشريعة ، و نائبا عن مدينة دمشق ، أنشأ مجلة حضارة الإسلام ، و توفي بدمشق سنة 1384 هـ / 1967 م .
انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي 7 / 231 – 232 ، المستدرك على معجم المؤلفين ص 787 – 789 .
(3) 2 ... من ذلك تزويد كلّ طالب من طلاّب الأكاديميّة الإسلامية في زينتسا بنسخة من الكتاب على نفقة جمعية الحرمين الخيرية عام 1417هـ/1997م .(4/185)
المطلب الثاني : مؤلفات علماء البوسنة في الحديث النبوي رواية :
أوّلاً : كتب الأحاديث المختارة :
? كتاب : الأحاديث الأربعون
تأليف الشيخ : محمد البوسني ( ت980هـ/1572م ) .
? كتاب : الأحاديث الأربعون
تأليف الشيخ : أحمد والي البوسنوي ( ت 1007هـ/1598م ) .
? كتاب : الأحاديث الأربعون
تأليف الشيخ : محمد بن موسى البوسنوي السرائي (1) ( ت 1045هـ/
1640م )
? كتاب : الأربعون حديثاً في الصلاة و السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - :
تأليف : حسن بن نصوح الدمنوي البوسنوي .
جمع الشيخ في هذا الكتاب أربعين حديثاً ممّا جاء في الصلاة و السلام على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، أوّلها حديث : (( من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا و من صلى علي عشراً صلى الله عليه مائة و من صلى علي مائة صلى الله عليه ألفا و كتب بين عينيه براءة )) (2) .
__________
(1) 1 ... محمد بن موسى السرائي : الرومي ، الحنفي ، الملقب بغلامك ، مفسر ، منطقي ، نحوي ، كان قاضي القضاة بحلب ، و عالماً مشهوراً ، له عدة حواشي على مصنفات عدة و شروح مختلفة .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 4 / 302 ، الأعلام للزركلي 7 / 341 ، كشف الظنون 2 / 1064 هدية العارفين 2 / 578 ، معجم المؤلفين 11 / 113 و 12 / 62 .
(2) 2 ... ضعيف :
أخرجه الطبراني في " المعجم الصغير " 2 / 47 ، و في " الأوسط " 7 / 188 ( 7235 ) عن محمد بن مسلم بن عبد الله بن مسلم الجنديسابوري : ثنا إبراهيم بن سالم بن رشيد الهجيمي البصري : ثنا عبد العزيز بن قيس بن عبد الرحمن ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - به .
و فيه عبد العزيز بن قيس بن عبد الرحمن ، قال ابن حجر في " التقريب " ( 4118 ) : ( مقبول ) .
وشيخ الطبراني محمد بن مسلم بن عبد الله بن مسلم الجنديسابوري ، و شيخ شيخه إبراهيم بن سالم بن رشيد البصري لم أجد لهما ترجمة .
قال المنذري في " الترغيب و الترهيب " 2 / 323 : ( في إسناده إبراهيم بن سالم بن رشيد الهجيمي لا أعرفه بجرح و لا تعديل ) .
و قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10 / 163 : ( و فيه إبراهيم بن سالم الهجيمي بن رشيد و لم أعرفه ، و بقية رجاله ثقات ) .(4/186)
و آخرها حديث : (( إن أقربكم مني منزلة يوم القيامة أكثركم عليَّ
صلاة )) (1) .
و قد فرغ من جمعها و ترجمتها إلى اللغة التركيّة في يوم الأحد أواسط محرم الحرام من سنة ثلاث و سبعين و مائة و الف " 1 من الهجرة الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة و السلام ، حسب ما أثبته في آخر النسخة الخطية التي كتبها بنفسه في إحدى عشرة ورقة (2) ،
__________
(1) 1 ... ضعيف :
أخرجه البيهقي في " السنن الكبرى " 3 / 249 ، و " شعب الإيمان " ( 3032 ) من طريق إبراهيم بن الحجاج ، ثنا حماد بن سلمة ، عن برد بن سنان ، عن مكحول الشامي ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - مرفوعا بلفظ :
( أكثروا علي من الصلاة في يوم كل جمعة فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقربهم مني منزلة ) .
قال المنذري في " الترغيب و الترهيب " 2 / 503 : ( رواه البيهقي بإسناد حسن إلا أن مكحول قيل : لم يسمع من أبي أمامة ) .
وتساهل العجلوني فقال في كشف الخفاء " 1 / 167 : ( رواه البيهقي بإسناد جيد ) .
قلت : و لطرفه الأول حتى ( في كل يوم جمعة ) شاهد صحيح من حديث أوس بن أوس - رضي الله عنه - .
أخرجه أبو داود ( 1047 ) في الصلاة ، باب : فضل يوم الجمعة و ليلة الجمعة ، و غيره .
و صححه الحاكم و الذهبي و النووي .
انظر : جلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام لابن القيم ، ص : 42 – 45 .
و لطرفه الأخير شاهد من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ؛ لكن لا يصلح للتقوية :
(2) أخرجه البيهقي " في الشعب " ( 3035 ) ، و من طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 54 / 301 ؛ من طريق حكامة بنت عثمان بن دينار ، عن أبي : عثمان بن دينار ، عن أخيه مالك بن دينار ، عن أنس - رضي الله عنه - مرفوعا :
( إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا – الحديث ) .
و إسناده ضعيف جدا ؛ حكامة ، قال فيها ابن حبان : ( لا شيء ) . انظر : لسان الميزان 5 / 142 .
و قال العقيلي في " الضعفاء " 3 / 200 في ترجمة عثمان بن دينار : ( تروي عنه حكامة ابنته أحاديث بواطيل ليس لها أصل ، تشبه حديث القصاص ) .
2 ... انظر : الصفحة الأخيرة من مخطوط الأربعين حديثاً لحسن بن نصوح البوسنوي ، المحفوظ في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 2162,2 ) .(4/187)
تحفظ حاليّاً في خزانة مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموع تحت رقم ( 2162,2 ) .
و مما يلاحظ على هذه الأربعين أمور أبرزها :
- عدم إيراد أسانيد الأحاديث المجموعة ، أو حتى الإشارة إلى من رواها من الصحابة الكرام - رضي الله عنه - سوى في تسع مواضع ، أي أقلّ من ربعها .
- عدم ذكر من أخرج الأحاديث من أهل العلم ، أو موضعها في كتب الحديث سوى مرّتين .
- عدم بيان درجة ما يورده من الأحاديث من حيث الصحّة و الضعف .
- إيراد كثيرٍ من الأحاديث الضعاف و الموضوعات بدون بيان حالها أو التحذير منها كحديث : (( من شم الورد الأحمر ولم يصل علي فقد
جفاني )) (1) .
__________
(1) 1 ... موضوع :
قال الذهبي في " الميزان " 4 / 156 : (( رأيت ورقة فيها أحاديث سئلت عن صحتها ، فأجبت ببطلانها ،
و أنها كذب واضح ، وفيها ...أحمد بن إبراهيم الشيباني ، أخبرنا عبد المحمود المؤذن بسنجار ، أخبرنا صدر الدين عبد الوهاب ، سمعت علي بن إسماعيل السنجاري ، سمعت معمر بن بريك مرفوعا ( من شم – فذكره ) ثم قال : فهذا من نمط رتن الهندي ، فقبح الله من يكذب )) .
قلت : و رتن الهندي قال عنه الذهبي في " الميزان " 2 / 45 : ( شيخ دجال بلا ريب ، ظهر بعد الستمائة فادعى الصحبة ، و الصحابة لا يكذبون ، و هذا جريء على الله و رسوله ) .
و قال أيضا في " الميزان " 2 / 501 : ( عبد الله بن محمود بن محمد ، دجال بعد الستمائة ، و زعم أنه لقى الأشج بهمذان ، قال : كنت أحد ركابي الإمام علي ، فذكر أحاديث رفعها ، منها : من شم الورد و لم يصل علي فليس مني ) .
و ترجم ابن حجر في لسان الميزان " 6 / 58 لـ ( قيس بن تميم الطائي المعروف بالأشج ) فقال : ( من بابه رتن ، حدث في سنة سبع عشرة و خمسمائة بمدينة كيلان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ) . ثم ذكر له هذا الحديث .
و قال الصغاني – كما في " كشف الخفاء " 2 / 255 - : ( موضوع ) .
و قال السيوطي في " الفتاوى " 2 / 183 ، 192 ، 208 : ( هو من الأحاديث المقطوع ببطلانها ) .
و ذكره السيوطي في ذيل الموضوعات ، ص : 85 ، 86 .(4/188)
و حديث : (( من قال يوم الجمعة بعد صلاة العصر : اللهم صلّ على محمد ،
النبي الأمي و على آله و سلم ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين سنة )) (1) .
? كتاب : فضائل الجهاد في سبيل الله :
تأليف الشيخ : درويش علي بن مصطفى البوسنوي (ت 1050هـ/1640م).
و هو عبارة عن ثلاثة كتب جمعت في كتابٍ واحد لمؤلفٍ واحد ، في كلٍّ منها أربعون حديثاً مثبتةً باللغة العربيّة مع ترجمتها إلى اللغة التركيّة في فضائل الجهاد في سبيل الله ، و التحريض على النفير و الإعداد له ، و ما يتبع ذلك من تجهيز و خلافة الغزاة ، و نحو ذلك .
لغة الكتاب هي اللغة العربيّة وله شرح مترجم إلى اللغة التركيّة بقلم المؤلّف نفسه.
و قد استهل المؤلّف كتابه بمقدّمة ، و ختمه بإيراد سبع قصائد ، و عشر قصص في التحريض على الجهاد ، و الثناء على المجاهدين ، اقتبسها من كتاب ( فضائل الجهاد ) للدمشقي ، الذي اعتمد عليه إلى جانب كتاب ( رياض الصالحين ) للإمام النووي في جمع مادّته .
و هو غير مطبوع بعد ، على الرغم من حاجة البشانقة إلى ما يحفزهم على القيام بواجب الجهاد اليوم ، و كون المؤلّف جمع أحاديث الجهاد استجابةً لطلب مجاهدي أهل البوسنة في زمنه ، كما صرّح في مقدّمته .
__________
(1) 1 ... ضعيف جدا :
أخرجه الخطيب في " تاريخ بغداد " 13 / 489 ، و ابن الجوزي في " العلل المتناهية " 1 / 464 – 465 و الذهبي في " الميزان " 4 / 351 ؛ من طريق محمد بن جعفر المطيري ، قال : حدثنا وهب بن داود ، قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعا ، بلفظ :
( من صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفر له ذنوب ثمانين عاما ، فقيل له : كيف الصلاة عليك ؟ قال : يقول ، اللهم صلي على محمد عبدك و نبيك و رسولك النبي الأمي ، و يعقد واحدة ) .
فال ابن الجوزي : ( هذا لا يصح ) . =(4/189)
و للكتاب نسخة خطية وحيدة في البوسنة ، تقع في ( 55 ) ورقة ، محفوظةٌ حاليّاً في المتحف الوطني بسراييفو تحت رقم ( 489 ) ، و لم أتمكن من معاينتها بسبب إغلاق المتحف أثناء الحرب ، و استمرار إغلاق قسم المخطوطات فيه حتى اليوم .
? كتاب : أحسن الخبر من كلام سيد البشر :
تأليف الشيخ : عبد الله بن محمّد شعبان زادة (1) .
__________
(1) = ... و قال الذهبي في " المغني في الضعفاء " 2 / 727 : ( وهب بن داود ، قال الخطيب : لم يكن ثقة . ثم أورد له حديثا من وضعه ) . يعني هذا الحديث .
· وروي نحوه من حديث علي بن زيد ، عن سعيد بن المسيب ، قال : أظنه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا ، و لفظه : ( الصلاة علي نور على الصراط ، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة غفرت له ذنوب ثمانين
عاما ) .
أخرجه الدارقطني في " الأفراد " كما في أطرافه لابن طاهر 5 / 186 ، و الأزدي في " الضعفاء " كما في " ضعيف الجامع " رقم 3564 .
قال الدارقطني : ( غريب من حديث علي بن زيد ، تفرد به الحجاج بن سنان ، و عنه السكن بن إبراهيم الترجمي ، و عنه عون بن عمارة ) .
قال الحافظ ابن حجر في " تخريج الأذكار " كما في " فيض القدير " 4 / 328 : ( و الأربعة ضعفاء ) .
قلت : الحجاج بن سنان ، قال الأزدي كما في " الميزان " 1/ 463 : ( متروك ) . وقال ابن حجر في " اللسان " 2 / 389 : ( وجدت له حديثا منكراً ) . ثم ذكر هذا الحديث .
قال المناوي : ( و أخرجه أبو نعيم من وجه آخر و ضعفه ابن حجر ) .
و نقل العراقي في " تخريج الإحياء " 1 / 167 عن ابن النعمان أنه قال : ( حديث حسن ) .
قلت : قوله معترض بما تقدم ، و ما أدري من ابن النعمان ؟!
1 ... ترجم له الخانجي في " الجوهر الأسنى " ص 131 ترجمة مختصرة ، فقال : ( لا ندري سنة و فاته ) لكنه قال :
( سبق ذكر أخيه عازم ، و ربما كان هذا و ذاك متحدين ) . وعازم ترجمه ص 120 و قال : ( توفي مطعونا سنة أربع و عشرين ومئة و ألف / 1712 م ) .(4/190)
و هو من كتب الأربعينيّات الحديثيّة ، جمع فيه الشيخ عبد الله أربعين حديثاً ، مع ترجمتها إلى اللغة التركيّة ، و ألحق بكلٍ منها ترجمةً موجزةً لراوي الحديث .
و الكتاب غير مطبوعٍ بعد ، و لم أقف له على أي نسخة خطية في البوسنة ،
غير أن الشيخ محمد الخانجي الذي ذكر الكتاب أشار إلى وجود نسخةٍ خطيّةٍ منه في مكتبة أسعد أفندي باسطنبول (1) .
? كتاب : مسائل لطيفة و أحاديث شريفة :
تأليف الشيخ : علي بن بدر الدين البوسنوي
و هو في أحاديث الأحكام ، و فيه جملة من المسائل الفقهيَّة و الأحاديث
النبويَّة ، باللغة العربيّة .
لم يطبع بعد ، و له نسخة خطية محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 914 ) .
? كتاب : الأربعون حديثاً و شرحها :
تأليف الشيخ : عدنان سيلايجيتش .
كان هدفه من تأليف هذه المجموعة اختيار أحاديث متعلقة بالمشكلات الراهنة عند المسلمين اليوم ، فذكر أربعين حديثاً في مختلف المواضيع الشرعيّة ، مقدّماً أحاديث أصول الدين ، ثم أحاديث العبادات ، فالأخلاق و المعاملات ، ثم جملة من المواضيع التي تهمّ المجتمع الموجّهة إليه ، و آخرها في مجادلة أهل الكتاب .
و ذكر المؤلف في مقدّمة كتابه أنه وضعه لمساعدة الأئمّة و طلبة العلم في بلاده ، و لتقريبه إلى هذين الصنفين في الدرجة الأولى بدأ المؤلّف بذكر نص الحديث باللغة العربيّة مضبوطاً بالشكل ، و أعقبه بترجمة متنه ، ثم شرحه بإيجاز باللغة البوسنوية .
و قد ظهرت طبعة الكتاب الأولى في زينتسا ، بإشراف دار الإفتاء سنة 1415هـ /1994م .
و إذا تصفّحنا الكتاب سنلحظ فيه جملة من المحاسن ، أبرزها :
- ذكر متن الحديث باللغة العربية أوّلاً ، ثم ترجمته إلى اللغة البوسنوية .
- تخريج جميع الأحاديث في الكتاب ، سواءٌ منها أحاديث المتن ، أو الأحاديث الواردة في ثنايا الشرح .
__________
(1) 1 ... الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 132 .(4/191)
- ذكر اسم الصحابي : راوي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
- بيان درجة كل حديث ، وهي لم تنزل عن درجة الحسن ، بحسب الشرط الذي وضعه المؤلّف و التزم به في كتابه .
- ... كثرة المراجع و المصادر العربية و البوسنوية التي أفاد منها المؤلّف في اختيار الأحاديث الأربعين و شرحها ، و استنباط ما ترشد إليه من فوائد و أحكام فقهيّة ، مع الإفادة من جهود المستشرقين أحياناً ، و بيان ذلك في محلّه .
- ... ذكر المراجع التي أفاد منها المؤلّف عقب شرح كلّ حديثٍ مباشرةً ، فضلاً على سرد قائمة المراجع مجتمعةً في ذيل الكتاب .
- ... الإكثار من النقول و الاستئناس بآراء الأئمة و الفقهاء القدامى و المحدثين على حدٍ سواء ، و ذكر قائمة الكتب والمقالات التي استخدمها في شرح ذلك الحديث عقب ذكره .
? كتاب : الأحاديث المختارة :
تأليف : محرَّم عمرديتش (1)
و هو عبارة عن مجموعة من الأحاديث جمعها و ترجمها الأستاذ مُحرَّم ، في
جزأين :
الجزء الأوَّل جمع فيه أحاديث الإيمان و الإسلام ، و عددها أربعٌ و ثمانون حديثاً .
الجزء الثاني : جمع فيه أحاديث في فصل العلم و حملته ، و عددها ثمانون حديثاً .
و أصل هذا الكتاب دروس في ترجمة الحديث و شرحه ، ألقاها المؤلف في دورة للأئمة و الدعاة بنوفي بازار ، سنة 1394 هـ / 1974 م .
و هي مطبوعة بالآلة الكاتبة و متداولة بين الأئمة و الخطباء ، رغم كونها بحاجة إلى مزيد من التنقيح و التصحيح (2) .
? كتاب : المختار من أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
__________
(1) 1 ... محرم عمرديتش : الأستاذ المساعد لمادة العقيدة الإسلامية في كلية الدراسات الإسلامية و المدير الحالي للشؤون الدينية و التعليمية بالرئاسة الإسلامية ، و هو من أجل أهل العلم في البوسنة حاليا .
و له مصنفات كثيرة في العقيدة ، كما ترجم الفقه الأكبر لأبي حنيفة . ( الباحث ) .
(2) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنوية ، ص: 15.(4/192)
تأليف الشيخ : محمد علي حاجيتيش (1)
يحتوي هذا الكتاب على ( 202 ) حديثاً في خمسة عشر موضوعاً ممّا يحتاجه المسلمون جُلُّها في الأخلاق و المعاملات .
و يقتصر المؤلّف في ( مختاره ) على إيراد ترجمةٍ إلى اللغة البوسنوية لمتون الأحاديث ، مجرّدة من الأسانيد ، و من أسماء الصحابة الكرام الذين رفعوها إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم - و غير مقرونةٍ بذكر تخريجها ، أو عزوها إلى مواطنها في كتبهم .
طبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1398هـ/1978م ، و لم أقف على طبعةٍ لاحقة له .
? كتاب : هكذا قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
تأليف الشيخ : أحمد محمد أوفيتش .
يحتوي هذا الكتاب على نحو ثلاثة آلاف حديثٍ ، جمعها الشيخ أحمد من مصادر عدّة ، و رتّبها حسب المواضيع ، باللغة البوسنويّة فقط ، مجرّدة من الأسانيد و أسماء الرواة من الصحابة ، و غير مخرّجةٍ في الغالب .
ويصدق على هذا الكتاب ما يصدق على كثيرٍ من مؤلّفات الكتّاب البوسنويين من حيث عدم التمييز بين الصحيح و السقيم من أحاديثه ، و هو بحاجةٍ إلى مراجعة تقوّم عِوَجه ، و تصوّب خطأه ، لتسهيل الانتفاع به ، و نفي القصور عنه .
طبع هذا الكتاب بسراييفو سنة 1400هـ / 1980م ، و أعيد طبعه فيها أيضاً سنة 1412هـ/ 1991م .
? كتاب : المختار من الأحاديث النبوية :
تأليف الشيخ يعقوب ميميتش .
طبع هذا الكتاب في سراييفو سنة 1403هـ/1983م ، و أعيد طبعه فيها أيضا سنة 1405هـ/1985م .
يشتمل هذا الكتاب على (1977) حديثاً أوردها المؤلف باللغة العربية ، ثم قام بترجمتها إلى اللغة البوسنوية ، و رتبها حسب حروف الهجاء العربية ، فبدأ بالألف و ختم بالياء ، و ذيّل كتابه بفهرس للموضوعات .
__________
(1) 2 ... محمد علي حاجتيش : طلب العلم في بلاده ، و في المغرب العربي ، و له مقالات عديدة ، يستشهد فيها بالأحاديث النبوية بكثرة ، و له شروح لأحاديث كثيرة في مجلة البعث الإسلامي . ( الباحث ) .(4/193)
كما قام بتخريج كثيرٍ من الأحاديث التي أوردها ، و لم يلتزم بالتخريج أو بيان درجة الحديث كمنهج عام في كتابه .
و يظهر أن حال الأستاذ يعقوب في جمع مادّة كتابه هذا أشبه بحاطب ليل ، خلط الغث بالثمين ، و لم يحسن التفريق بينهما أو يسع إليه في كثيرٍ من الأحيان . الأمر الذي يدل عليه إيراد عشرات الأحاديث الضعاف و الواهية ، بدون إشارة إلى ضعف ضعيفٍ ، أو التحذير من حديث باطلٍ أو موضوعٍ أورده في كتابه .
ففي الكتاب أحاديث موضوعة مختلقة لا يخفى حالها على طالب علم الحديث ، فضلاً عن المختص في هذا العلم ، و أذكر منها على سبيل التمثيل لا الحصر :
حديث : (( أحبوا العرب لثلاث : لأني عربي ، والقرآن عربي ، وكلام أهل الجنة عربي )) (1) .
حديث : (( أطلبوا العلم ولو بالصين ، فإن طلب العلم فريضة على كل
مسلم )) (2) .
__________
(1) 1 ... موضوع :
أخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 87 ، و في " معرفة علوم الحديث " ص 161 – 162 ، و العقيلي في " الضعفاء " 3 / 348 ، و الطبراني في " الكبير " 11 / 185 (11441) ، و في " الأوسط " (5583) ، و تمام في " الفوائد " ( 134 ) ، و البيهقي في " الشعب " 2 / 230 ، 158 (1433) ، (1610) ، من طريق العلاء بن عمرو الحنفي : حدثنا يحيى بن يزيد الأشعري ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - به مرفوعا .
قال الحاكم : ( حديث يحيى بن يزيد عن ابن جريج صحيح ) .
فتعقبه الذهبي بقوله : ( بل يحيى ضعفه أحمد و غيره ، و العلاء بن عمرو الحنفي ليس بعمدة ، و أظن الحديث موضوعا ) .
و سأل ابن أبي حاتم الرازي في " العلل " 2 / 375 – 376 أباه عن هذا الحديث ، فقال : ( هذا حديث كذب ) .
و قال العقيلي : ( منكر لا أصل له ) .
(2) 2 ... إسناده ضعيف جدا :
أخرجه ابن عدي في " الكامل " 1 / 177 ، 4 / 118 ، و الخطيب في " تاريخه " 9 / 364 ، و العقيلي في " الضعفاء " 2 / 230 ، و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " 2 / 106 ، و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم "
1 / 27 – 30 ، و الدولابي في " الكنى " 2 / 23 .
وفيه : طريف بن سليمان أبو عاتكة ، و في ترجمته أورد الحديث العقيلي ، و ابن عدي . و هو متروك الحديث. قال فيه البخاري : ( منكر الحديث ) ، و قال أبو حاتم : ( ذاهب الحديث ) .
انظر : الجرح و التعديل 4 / ترجمة 2169 ، تهذيب الكمال 34 / 5 ,.
و الراوي عنه : الحسن بن عطية ، ضعيف أيضاً . انظر :" التقريب " ( 1256 ) .
قال البزار في " مسنده " 1 / 175 : ( ليس لهذا الحديث أصل ) .
و قال ابن عدي : (( قوله (و لو بالصين) ما أعلم يرويه غير الحسن بن عطية ، عن أبي عاتكة ، عن أنس
- رضي الله عنه - )) . =
= ... و قال العقيلي : (( لا يحفظ ( و لو بالصين ) إلا عند أبي عاتكة ، و هو متروك الحديث ، و ( فريضة على كل مسلم ) فيها لين أيضا متقاربة في الضعف )) .
قلت : أما قوله : ( طلب العلم فريضة على كل مسلم ) ، فحسن بشواهده ؛ له طرق كثيرة .
انظر : العلل المتناهية 1 / 54 – 66 ، المقاصد الحسنة 275 – 277 ، تنزيه الشريعة 1 / 258 ، و أبي الفيض الغماري في رسالته : المسهم في طرق حديث طلب العلم فريضة على كل مسلم ، و الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيقة رقم 416 .(4/194)
حديث : (( ثلاثة يزدن في قوة النظر : النظر إلى الخضرة ، وإلى الماء الجاري ، و الوجه الحسن )) (1) .
__________
(1) 1 موضوع :
روي هذا الحديث من طرق واهية كلها ، و قد حكم عليه بالوضع لنكارة متنه غير واحد من أهل العلم .
? ... أخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " كما في " اللآلئ المصنوعة " 1 / 114 – 115 ، و الخطيب في " تاريخ بغداد " 4 / 286 من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - .
قال ابن الجوزي في " الموضوعات " 1 / 163 : ( هذا الحديث باطل ، و وهب بن وهب لا يختلف في أنه كذاب ، هذا إن ثبت الحديث عن وهب ، و إنما فيه محنة أخرى ، و هو : أبو بكر الشافعي ، فإنه ليس بشيء و يغلب على ظني أنه هو الذي وضع هذا ، قال الحاكم : حدث عن قوم لا يعرفون ، فقلت له : إن أحمد بن عمر ما خلق بعد . و قال الخطيب : أحمد بن عمر أحد المجهولين ) . اهـ
· وأخرجه أبو نعيم في " الطب " كما في " اللآلئ المصنوعة " 1 / 115 ، من جديث عائشة رضي الله عنها .
وفيه : سليمان النخعي كذاب . قاله السيوطي .
? ... وأخرجه الحاكم في تاريخ نيسابور " كما في " اللآلئ " 1 / 115 ، من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - .
و فيه : عبد الله بن عبد الوهاب الخوارزمي ، قال أبو نعيم في " أخبار أصبهان " 2 / 13 : ( في حديثه
نكارة ) .
? ... وأخرجه الخرائطي في " اعتلال القلوب " - كما في " اللآلئ " للسيوطي 1 / 116 - من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
وفيه : الخرائطي ، ترجمه الخطيب فما وثقه و لا جرحه ، و إنما قال : ( كان حسن الأخبار ، مليح
التصانيف ).
و أحمد بن الهيثم بن خالد الكندي ، و شيخه محمد بن زكريا لم أعرفهما . قاله المعلمي اليماني رحمه الله في تعليقه على " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " ، ص : 218 .
و أورد ابن القيم في " المنار المنيف في الصحيح و الضعيف " ، ص : 61 – 62 فصولا يعرف بها الحديث الموضوع، منها : أن يكون كلامه لا يشبه كلام الأنبياء ، فضلا عن كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، كحديث :( ثلاث تزيد في البصر ..) فذكره ثم قال : ( و هذا الكلام مما يجل عنه أبو هريرة و ابن عباس - رضي الله عنهم - ، بل سعيد بن المسيب و الحسن ، بل أحمد و مالك رحمهم الله ) .
و الحديث حكم عليه الصغاني أيضاً بالوضع ، كما في " كشف الخفاء " 2 / 421 . =
= و له شواهد أخرى بألفاظ أخر ، عن جابر و بريدة ، شديدة الضعف .
انظر : أحمد بن محمد الغماري : فتح الوهاب بتخريج أحاديث الشهاب 1 / 260 – 262 ، و الألباني : السلسلة الضعيفة رقم 132 – 134 .(4/195)
حديث : (( البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلا ، ويذهب بالداء أصلا )) (1) .
حديث : (( من حج فزار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي )) (2) .
__________
(1) 1 موضوع :
أخرجه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 6 / 102 و 36 / 141 ، و قال : ( شاذ لا يصح ) .
قال المناوي في " فيض القدير " 3 / 290 : ( لا يصح أصلا ؛ إذ فيه مع شذوذه أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار الجرجاني ، قال البيهقي : روى أحاديث موضوعة لا أستحل رواية شيء منها ، و منها هذا الخبر ، و قال الحاكم : أحمد هذا يضع الحديث كاشفته و فضحته ) . اهـ
و نقل ابن القيم في " المنار المنيف " ، ص : 120 عن الإمام أحمد بن حنبل ، قوله : ( لا يصح في فضل البطيخ شيء ، إلا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأكله ) .
و قال السخاوي في " المقاصد " ، ص : 146 : ( حديث البطيخ و فضائله ، صنف فيه أبو عمرو النوقاني جزءا ، و أحاديثه باطلة ، قال أبو القاسم التيمي ، فيما أجاب به أبا موسى المديني : لا تزيده كثرة الطرق إلا ضعفا. و قال النووي : إنه غير صحيح ). اهـ
و انظر : كشف الخفاء 1 / 286 – 287 ، تذكرة الموضوعات 2 / 259 ، السلسلة الضعيفة رقم167.
(2) 2 ضعيف جدا :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " كما في " المطالب العالية " ( 1342 ) ، و الطبراني في " المعجم الكبير " 12/ 406 ( 13497 ) ، و في " الأوسط " ( 3376 ) ، و الدارقطني في " سننه " 2 / 279 ، و ابن عدي في " الكامل " 2 / 382 ، و البيهقي في " سننه " 5 / 246 ، و " شعب الإيمان " 3 / 489 ( 4154 و
4155 ) ؛ من طريق : حفص بن سليمان أبي عمر ، عن ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - به مرفوعا .
و فيه : حفص بن سليمان القارئ : متروك الحديث ، كما في " التقريب " ( 1405 ) .
وشيخه : ليث بن أبي سليم ، قال عنه ابن حجر في " التقريب " ( 5685 ) : ( صدوق اختلط جدا و لم يتميز حديثه فترك ) .
? ... و روي بإسناد آخر مظلم ، عن ليث بن أبي سليم به :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " 12 / 406 ( 13496 ) ، و في " الأوسط " ( 287 ) : حدثنا أحمد بن رشدين : حدثنا علي بن الحسن بن هارون الأنصاري : حدثني الليث ابن ابنة الليث بن أبي سليم ، قال : حدثتني عائشة ابنة يونس امرأة ليث بن أبي سليم ، عن ليث بن أبي سليم به .
قال محمد بن عبدالهادي في " الصارم المنكي " ص 99 –100 : ( ليس هذا الإسناد بشيء يعتمد عليه ، و لا هو مما يرجع إليه ؛ بل هو إسناد مظلم ، ضعيف جدا ؛ لأنه مشتمل على ضعيف لا يجوز الاحتجاج به ، و مجهول لم يعرف من حاله ما يوجب قبول خبره ، و ابن رشدين شيخ الطبراني قد تكلموا فيه ، و علي بن الحسن الأنصاري ليس هو ممن يحتج بحديثه ، و الليث ابن بنت الليث بن أبي سليم ، و جدته عائشة مجهولان =
= ... لم يشتهر من حالهما عند أهل العلم ما يوجب قبول روايتهما ، و لا يعرف لهما ذكر في غير هذا
الحديث ) . اهـ(4/196)
حديث : (( الدعاء سلاح المؤمن ، وعماد الدين ، ونور السماوات
والأرض )) (1) .
حديث : (( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم )) (2) .
حديث : (( خيار أمتي علماؤها رحماؤها ، ألا وإن الله يغفر للعالم أربعين ذنبا قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا ، ألا وإن العالم الرحيم يحيا يوم القيامة وإن نوره قد أضاء ، يمشي فيه بين المشرق والمغرب ، كما يضيئ الكوكب الدري )) (3) .
__________
(1) 1 ... موضوع :
أخرجه أبو يعلى في " مسنده " ( 439 ) ، و ابن عدي في " الكامل " 6 / 172 ، و القضاعي في " مسنده " 1 / 116 ، و الحاكم 1 / 492 من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -
و فيه : محمد بن الحسن الهمداني ، و هو : ابن أبي يزيد – كما جاء منسوبا عند أبي يعلى و ابن عدي – و هو كذاب ، كذبه ابن معين و غيره . انظر " الميزان " 3 / 514 .
و أخطأ الحاكم في تعينه فقال : ( محمد بن الحسن هو التل ، و هو صدوق في الكوفيين ) . و عليه صحح الحديث .
و قال الهيثمي في " المجمع " 10 / 147 : ( رواه أبو يعلى ، و فيه محمد بن الحسن بن أبي يزيد ، و هو
متروك ).
(2) 2 ... ضعيف : تقدم تخريجه .
(3) 3 ... حديث باطل :
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 8 / 188 ، و الخطيب في " تاريخه " 1 / 237 – 238 ، و في " الموضح "
2 / 106 ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 56 / 118 ، و الشجري في " أماليه " 1/ 52 و 62 , و ابن الجوزي في " العلل المتناهية "1 / 139 – 140 ؛ من طريق محمد بن إسحاق السلمي : حدثنا ابن المبارك ، عن الثوري ، عن أبي الزناد ، عن أبي حاتم ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به مرفوعا .
قال أبو نعيم : ( غريب من حديث الثوري و ابن المبارك ، لم نكتبه إلامن هذا الوجه ) .
و قال الخطيب : ( محمد بن إسحاق السلمي أحد الغرباء المجهولين ، حدث عن عبد الله بن المبارك حديثا منكرا ..) فذكره .
و قال ابن الجوزي : ( أنكره الخطيب و كأنه لم يتهم فيه إلا السلمي ) .
و قال الذهبي في " الميزان " 3 / 477 : ( محمد بن إسحاق السلمي المروزي فيه جهالة ، وأتى بخبر باطل ).(4/197)
و بالجملة فالكتاب يحتاج إلى مراجعة و تمحيص لتمييز النافع من الضار ممّا بين دفّتيه ، ليتم تقديمه إلى القرّاء على وجه أنسب ممّا هو عليه الآن .
ثانياً : شروح كتب الأحاديث :
? كتاب : الراضي للمرتضي :
تأليف الشيخ : مصطفى بن محمد بن محمد الآقحصاري .
و هو شرح لكتاب ( الهادي للمهتدي ) (1) لمحمد بن أبي الحسن بن محمد التلمساني المغربي (2) .
يحتوي هذا الكتاب علىمقدمةٍ بين يدي مائة و إثني عشر باباً في كلٍّ منهما أحاديث مختارة في مواضيع شرعيةٍ متعدّدةٍ ، منها : الذكر و الشهادة و التوبة و الدعاء و العبادات و الأخلاق ، و غير ذلك ، ممّا جمعه المؤلّف رحمه الله رجاء أن يبعث يوم القيامة في زمرة أهل الحديث ، المعتصمين بالسنة ، و المشتغلين بحفظها و تبليغها كما قال في مقدّمته (3) .
و قد اعتمد الشيخ مصطفى الآقحصاري في شرحه على أمّهات كتب الحديث و غيرها ، و صرّح بالاعتماد على ثلاثة منها ، هي : ( الجامع الصغير ) للسيوطي ، و
( الأربعين النووية ) و ( الحرز الثمين شرح الحصن الحصين ) (4) للشيخ علي بن سلطان محمد الهروي القاري .
__________
(1) 1 ... ذكره حاجي خليفة في " كشف الظنون " 2 / 2027 و قال : ( أورد فيه خمس مئة حديث و نيفا من أعمال البر و بدائع نكات أهل الحقيقة بحذف الأسانيد ، و هو اثنى عشر و مئة باب ) .
(2) 2 ... التلمساني : ذكره حاجي خليفة بكتابه هذا ، و لم يذكر سنة وفاته ، و لم أقف على ترجمته .
(3) 3 ... انظر : الصفحة الأولى من مخطوط كتاب الراضي للمرتضي المحفوظ في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم
( 5754 ) .
(4) 4 ... الحرز الثمين : طبع بمكة المكرمة ، بالمطبعة الميرية سنة 1305 هـ / 1888 م ، على هامش كتاب الدرر الغالي لعثمان وهبي .(4/198)
و جرى في شرحه على طريقة القدماء ؛ حيث التزم بإيراد المتن بين معكوفتين ، ثم التعقيب عليه بالشرح المفصّل المضمّن عدّة آياتٍ و أحاديث إلى جانب حديث الباب مع التزامه بتخريج الحديث و بيان درجته من حيث الصحّة و الضعف ، و استنباط ما يستفاد منه في الغالب .
و الكتاب لم يطبع بعد ، و له نسخة خطية ناقصة من أوَّلها و من آخرها ، يقع القدر الموجود منها في ( 152 ) صفحة ، و هي محفوظةٌ في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم ( 5754 ) .
? كتاب : شرح تيسير الوصول إلى جامع الأصول :
تأليف الشيخ : محمد بن محمد الخانجي رحمه الله .
و هو شرح لكتاب ( تيسير الوصول إلى جامع الأصول ) لابن الديبع الشيباني
( ت 944هـ /1537م ) الذي اختصر فيه كتاب ( جامع الأصول من حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - ) لابن الأثير الجزري ( ت 906هـ/1500م ) .
و هو مخطوط في جزأين كبيرين يقعان في ( 541 ) ورقة ، كتبهما الشارح
بيده ، و فرغ منهما في الثالث عشر من شعبان سنة 1348هـ/1930م . و هما محفوظان حاليّاً في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (164 و 203).
و شرح الشيخ الخانجي ناقص ، حيث وصل إلى الحديث الخامس من الفصل الثالث : في بيع الثمار و الزروع ، من الباب الثاني : فيما يجوز بيعه من كتاب
البيع ، ثم توقّف و لم يبلغ منتهاه .
و قد سار الخانجي في ( شرح تيسير الوصول ) على المنهج ذاته الذي وضعه و سار عليه في ( إظهار البهاجة ) الآتي ذكره .
? كتاب : إظهار البهاجة بشرح سنن ابن ماجة :
تأليف الشيخ : محمد بن محمد الخانجي رحمه الله .
بعد أن فرغ الشيخ الخانجي رحمه الله من شرح تيسير الوصول ، توجّه إلى سنن ابن ماجة ليكمل بشرحه مشوار خدمة السنة النبوية الذي بدأه ، و استهل عمله الجديد بإعداد دراسة حول سنن ابن ماجة و صاحبها ، كانت فاتحة كتابه الجديد ( إظهار البهاجة بشرح سنن ابن ماجة ) ، ثم شرع في شرح السنن حتى وصل إلى الباب التاسع و الثلاثين و هو :(4/199)
باب : الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه ، من باب الطهارة و سننها .
ثمّ توقّف عنده و لم يكمله .
و نظراً لأن الشيخ رحمه الله لم يثبت على الكتاب تاريخ بداية العمل فيه ، أو التوقّف عنه فإنّ من الصعب معرفة ما إذا كان توقّفه بسبب الوفاة أو غيره من الأسباب .
علماً بأنّ للكتاب نسخة خطية وحيدةٌ تقع في ( 118 ) ورقة مكتوبة بخط المؤلف رحمه الله ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم
( 6963 ) .
أما منهجه في هذا الشرح فهو ذكر كلّ حديثٍ من أحاديث الباب على حدةٍ باللغة العربيّة ، ثم اتباعه بأربعة أمورٍ هي :
- الأمر الأول : التعريف براوي الحديث عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
- الأمر الثاني : ذكر من أخرج الحديث من أهل العلم ، و تحديد موقعه في كتبهم بذكر الباب و الفصل الذين ورد فيهما .
- الأمر الثالث : شرح غريب الحديث إن وُجد .
- الأمر الرابع : شرح الحديث شرحاً إجماليّاً ، و دراسة فقهه ، مع الإكثار من ذكر أقوال العلماء ، و اختلاف المذاهب ، و ترجيح بعضها على بعض بعد عرض أدلّة الطرفين ، و مناقشة أدلّة المخالفين .
و في ثنايا شرحه الإجمالي للحديث يكثر الشيخ من إيراد أحاديث أخرى ، ممّا استدلّ به أهل العلم في فقه الحديث ، و يولي الشيخ هذه الأحاديث العناية ذاتها التي يوليها أحاديث المتن ، حيث يلتزم بتخريجها ، و بيان درجتها ، و أقوال العلماء ، و خلافهم فيها إن وُجدت .
كما يبرع الشيخ في نقد الأسانيد ، و بيان حال رجالها جرحاً و تعديلاً ، معتمداً في ذلك على كتب الرجال ، و الجرح و التعديل .
و الأمثلة على ذلك كثيرة محلّها ترجمة الشيخ محمد الخانجي رحمه الله ، و قد تقدّمت .
? كتاب : السنّة ، أو ( الواحد و الأربعون حديثاً ) جامع العلوم و الحكم :
تأليف الشيخ : محمد بن محمد الخانجي رحمه الله .(4/200)
أصل هذا الكتاب مجموعة أحاديث شريفة نشرها المؤلف تباعاً في حلقات بعنوان ( السنة ) على صفحات مجلة ( الحكمة ) الصادرة بمدينة توزلا بين عامي (1350هـ/1631م و 1355هـ/ 1936م ) ثم طبعت في كتاب مستقلٍّ يحمل العنوان ذاته في سراييفو سنة 1388هـ/1968م .
و استهلّ الشيخ الخانجي رحمه الله هذه السلسلة ما يرمي إليه من وراء هذا العمل فقال :
(( إن علم الحديث هو أحب العلوم إلى نفسي ، وقد عزمت على ترجمة خمسين حديثاً و شرحها ، لعلي أنتفع بها ، و ينتفع بها سائر المسلمين .
و هذه الأحاديث عليها مدار الدين ، و قد سعى إلى عملٍ كهذا ابن الصلاح قديماً فجمع ستةً و عشرين حديثاً من جوامع كلم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ثم جاء الإمام النووي فأضاف إليها ستة عشر حديثاً حتى بلغت اثنين و أربعين ، و زاد عليها ابن رجب ثمانية أحاديث أتم بها خمسين حديثاً .
و إنّي سأترجم إلى اللغة البوسنوية هذه الأحاديث الخمسين و أشرحها شرحاً موجزاً ، راجياً أن تكون منهجاً يسير عليه المسلمون في حياتهم اليومية ))
و قد مضى الشيخ الخانجي رحمه الله في هذا العمل قُدُماً ، حتى أتمّ ترجمة الحديث الحادي و الأربعين ، و هو حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهم - قال : قال رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به )) (1) ،
__________
(1) 1 ... إسناده ضعيف :
انفرد برواية هذا الحديث نعيم بن حماد ، نص على ذلك البيهقي في " المدخل " ص 188 ، و ابن رجب في
" جامع العلوم و الحكم " ص 364 .
و نعيم بن حماد : ضعفوه لسوء حفظه ، قال فيه ابن معين : ( ليس بشيء إنما هو صاحب سنة ) .
و قال صالح بن محمد الحافظ : ( كان يحدث من حفظه ، و عنده مناكير كثيرة لا يتابع عليها ) .
انظر : تهذيب الكمال 29 / 466 .
قلت : و مع ضعفه اختلف الثقات عليه في إسناده على وجوه ثلاث :
1- ... فرواه أبو حاتم الرازي ، و عثمان بن سعيد عنه ، عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، قال : سمعت بعض أشياخنا يقول : حدثنا هشام بن حسان ، أو غيره ، عن ابن سيرين ، عن عقبة بن أوس ، عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ، عن النبي صلى - صلى الله عليه وسلم - به .
أخرجه الهروي في " ذم الكلام " 2 / 170 ( 314 ) .
2– ... و رواه محمد بن مسلم بن وارة الرازي عنه : حدثنا عبد الوهاب الثقفي : حدثنا بعض أشياخنا هشام ، أو غيره ، عن ابن سيرين به .
أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " رقم 15 ، و ابن بطة في " الإبانة " 1 / 387 ( 279 ) .
3– ... و رواه محمد بن الحسن الأعين ، و جعفر بن محمد بن فضيل ، و عبد الرحمن بن حاتم المرادي ، ثلاثتهم عنه ، عن عبد الوهاب الثقفي ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين به .
مروياتهم أخرجها الحسن بن سفيان النسوي في " الأربعين " رقم 13 ، و أبو نعيم في " الأربعين " كما في " العلوم و الحكم " ص 364 ، و البيهقي في " المدخل " ص 188 ، و الخطيب في " تاريخ بغداد " 4 / 369 ، و الهروي في " ذم الكلام " 2 / 167 – 169 ( 313 ) ، و البغوي في " شرح السنة " 1 / 212 (104 ) ، و ابن الجوزي في " ذم الهوى " ص 22 – 23 . وعزاه صاحب " كنز العمال " 1 / 217 إلى السجزي في " الإبانة " ، و عزاه الألباني في " ظلال الجنة " 1 / 13 إلى ابن عساكر في " طرق الأربعين " ( ق 59 / 2 ) .
قال الهروي : ( جوّد إسناده الأعين ، و له علتان ) . =
= ... قلت : جوّد إسناده ، اصطلاح يستخدمه الدارقطني في " علله " كثيرا ، و معناه : أصلحه مما كان فيه من العيب و العلة ، فصار ظاهره الصحة ، فنسبة التجويد إلى الراوي لا إلى الإسناد إشارة إلى خطئه فيه .
و الأعين متابع كما تقدم ، و إنما هذا اضطراب من نعيم بن حماد .
وقال ابن عساكر : ( حديث غريب ) . يعني : ضعيف .
و قال السجزي : ( حسن غريب ) .
و قال أبو موسى المديني – فيما حكاه عنه ابن رجب - : ( هذا الحديث مختلف فيه على نعيم ، و قيل : فيه حدثنا بعض مشيختنا مثل هشام و غيره ) .
و أورده الحافظ ابن حجر في " الفتح " 13 / 289 من رواية أبي هريرة - رضي الله عنه - ! وقال : ( أخرجه الحسن بن سفيان و غيره ، و رجاله ثقات ، و قد صححه النووي في آخر الأربعين ) .
قلت : وهم الحافظ في نسبة هذا الحديث لأبي هريرة - رضي الله عنه - ، و في توثيق رجاله .
و قال ابن رجب الحنبلي : ( تصحيح هذا الحديث بعيد جداً من وجوه ) . فذكر – رحمه الله – انفراد نعيم بن حماد به ، و ضعفه ، ثم الاختلاف عليه في إسناده ، و أمراً ثالثاً ، وهو : أن في إسناده عقبة بن أوس ، جهّله ابن عبد البر ، و وثقه العجلي و ابن سعد و ابن حبان ، و قال الغلابي : ( يزعمون أنه لم يسمع من عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - ، و إنما يقول : قال عبد الله بن عمرو ) .
قال ابن رجب : ( فعلى هذا تكون روايته عن عبد الله بن عمرو منقطعة ) .(4/201)
ثمّ عاجلته المنيّة فأوقفته عن العمل .
و بسبب توقّف عمل الشيخ عند هذا القدر من الأحاديث قد شاعت عند البوسنويين تسمية كتابه بكتاب الأربعين للشيخ محمد خانجيتش ، و لو سمّوه ترجمة الأربعين النوويّة ، أو شرحها لكان أولى ، و الله أعلم .
أمّا فيما يخصّ منهج الشيخ الخانجي في هذا الكتاب فنلحظ فيه الأمرين التاليين :
- سار الشيخ محمد الخانجي على منهج الشرّاح القدامى في شرح الحديث ، حيث عني بفقه الحديث ، و توسّع في بيانه و ذكر الخلاف في مسائله إن وُجد ، مستأنساً بأقوال العلماء الذين سبقوه ، و إن لم يسمّهم أحياناً ، أو سمّاهم و لم يعزُ نقوله و اقتباساته إلى مواضعها من كتبهم .
- اعتمد الشيخ جملة صالحة من المراجع الأصيلة ، و جميعها باللغة العربية ، أمّا كتب المستشرقين ، فلم يلتفت إليها قط .
و نظراً لأهمّية هذا الكتاب ، و عظم فائدته لأبناء الشعب البوسنوي ، و خاصّةً غير المختصّين في علم الحديث أو علوم الشريعة عامّةً ، فقد حظي بعناية العلماء الذين أوصوا به ، و قرّروه في المناهج الدراسيّة الشرعيّة ، فساعد هذا على كثرة طبعاته ، و سرعة انتشاره ، حتى أنه ظهرت منه أربع طبعات في غضون السنوات الخمس الأخيرة ، و عمّ أرجاء البوسنة ، و دخل بيوت معظم المسلمين فيها ، و الحمد لله .
ثالثاً : الأجزاء الحديثيّة :
? جزءٌ بعنوان : تحقيق النيات :
تأليف الشيخ : عثمان بن ابراهيم البوسنوي (1)
و هو جزءٌ صغيرٌ شرح فيه المؤلّف ما ورد من الأحاديث الشريفة متعلّقاً بالنيّة قدمه إلى حكيم أوغلي باشا (2) .
? جزءًٌ في : شرح حديث المجدّدين ( أو تجديد الدين ) :
تأليف الشيخ : محمد الخانجي رحمه الله
__________
(1) 1 ... عثمان بن إبراهيم البوسنوي : ترجمه محمد الخانجي في " الجوهر الأسنى " ص 136 مقتصرا على ذكر اسمه ، و كتابه هذا .
(2) 2 ... انظر : الجوهر الأسنى ، للشيخ محمّد الخانجي ، ص : 136 .(4/202)
و هو جزءٌ لطيف باللغة العربيّة ، يقع في ثلاثة عشر ورقةٍ شرح فيه الشيخ الخانجي حديث :
(( إنّ الله يبعث لهذه الأمّة على رأس كلِّ مئة سنةٍ من يجدّد لها دينها )) (1) .
نزولاً عند رغبة الملحين عليه كما صرّح بذلك في مقدمته (2) .
__________
(1) 3 صحيح :
أخرجه أبو داود ( 4291 ) في الملاحم ، باب : ما يذكر في قرن المئة ، و الحاكم في " المستدرك " 4 / 522، و الطبراني في " الأوسط " ( 6527 ) ، و الخطيب في " تاريخه " 2 / 61 ، و ابن عساكر في " تبين كذب المفتري " ص 51 – 54 ؛ من طرق عن ابن وهب : أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن شراحيل بن يزيد المعافري ، عن أبي علقمة ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فذكره .
قال أبو داود عقب روايته : ( و رواه عبد الرحمن بن شريح الإسكندراني لم يجز به شراحيل ) .
يعني : عضله . =
= ... و أجاب السخاوي في " المقاصد " ص 122 عن هذه المخالفة بقوله : ( و سعيد الذي رفعه أولى بالقبول لأمرين ؛ أحدهما : أنه لم يختلف في توثيقه ، بخلاف عبد الرحمن ، فقد قال فيه ابن سعد إنه منكر الحديث ، و الثاني : أن معه زيادة علم على من قطعه ) .
وقال السخاوي أيضا : ( سنده صحيح ، و رجاله كلهم ثقات ، و كذا صححه الحاكم .. و قد اعتمد الأئمة هذا الحديث ) .
و قال السيوطي – كما في " عون المعبود " 4 / 182 - : ( اتفق الحفاظ على أنه حديث صحيح ، و ممن نص على صحته من المتأخرين : أبو الفضل العراقي ، و ابن حجر ، و من المتقدمين : الحاكم في " المستدرك " و البيهقي في " المدخل " ) .
(2) 1 ... انظر : الشيخ محمد الخانجي : تجديد الإسلام ( ضمن العددين الحادي عشر و الثاني عشر من مجلّة الهداية ، سنة 1363 هـ / 1944 م ) ، ص : 329 .(4/203)
و قد استهلّ الشيخ شرحه بتخريج الحديث و ذكر أقوال أهل العلم في بيان درجته ثمّ حلّ غريبه كلمةً كلمةً ، و عرّف براويه - رضي الله عنه - ، و شرحه شرحاً إجمالياً أتبعه بذكر عددٍ من أعلام الأمّة ، الذين نعتهم أهل العلم بالأئمّة المجدّدين ،
و منهم :
خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - (1) في القرن الأوّل بعد عهد الصحابة - رضي الله عنهم - .
و الإمام محمد بن إدريس الشافعي في القرن الثاني .
و أبو جعفر الطحاوي (2) ،
__________
(1) 2 ... الخليفة عمر بن عبد العزيز ، هو : ابن مروان بن الحكم بن أبي العاص ، أبو حفص القرشي الأموي المدني ، ثم المصري ، الإمام العادل ، العالم المجتهد ، الزاهد الورع الراشد ، الثقة الأمين ، ولد سنة 61 هـ / 681 م بمصر ، وكان أبوه واليا عليها ، و تعلم و تفقه بالمدينة . زوجه عمه الخليفة عبد الملك بن مروان بابنته فاطمة ، و ولي المدينة في خلافة الوليد بن عبد الملك سنة 86 هـ / 705 م ، وحج بالناس غير مرة ، مرض بدابق وتوفي بها سنة 101 هـ / 720 م ، و كانت خلافته سنتين و خمسة أشهر .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5 / 330 ، المعرفة و التاريخ ليعقوب الفسوي 1 / 568 ، تهذيب الكمال 21 / 432 ، سير أعلام النبلاء 5 / 114 – 160 ، تذكرة الحفاظ 1 / 118 ، تاريخ الخلفاء ص 228 .
(2) 1 ... أبو جعفر الطحاوي ، هو : أحمد بن محمد بن سلامة الأزدي الحجري ، المصري الطحاوي ، الحنفي ، الثقة الثبت ، الفقيه المجتهد ، المحدث الحافظ ، ولد سنة 239 هـ / 853 م ، جمع و صنف ، و ناب في القضاء ، أخذ بقول الشافعي عن المزني ، فلما قدم أحمد بن أبي عمران الحنفي قاضيا على مصر صحبه و أخذ بقوله ، و توفي سنة 321 هـ / 933 م .
انظر ترجمته في : الأنساب 4 / 53 ، وفيات الأعيان 1 / 71 ، سير أعلام النبلاء 15 / 27 ، تذكرة الحفاظ 3 / 808 ، البداية و النهاية 11 / 174 .(4/204)
و أبو الحسن الأشعري (1) في القرن الثالث .
و أبو حامد الإسفراييني (2) ، و أبو بكر الباقلاني (3) ، و الحاكم النيسابوري (4) في القرن الرابع .
و حجّة الإسلام أبو حامد الغزالي في القرن الخامس .
__________
(1) 2 ... أبو الحسن الأشعري : تقدمت ترجمته .
(2) 3 ... أبو حامد الإسفراييني ، هو : أحمد بن أبي طاهر محمد بن أحمد ، الأستاذ العلامة ، الثقة النبيل ، شيخ الشافعية ببغداد ، ولد سنة 344 هـ / 955 م ، و توفي سنة 406 هـ / 1016 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 4 / 368 ، الأنساب 1 / 144 ، وفيات الأعيان 1 / 72 ، تهذيب الأسماء و اللغات 2 / 208 ، سير أعلام النبلاء 17 / 193 ، الطبقات الكبرى للسبكي 4 / 61 .
(3) 4 ... أبو بكر الباقلاني ، هو : محمد بن الطيب بن جعفر بن قاسم ، البصري البغدادي ، المالكي القاضي المتكلم ، الإمام الثقة ، صاحب التصانيف ، صنف في الرد على الرافضة و المعتزلة و الخوارج و غيرهم ، كان يضرب به المثل بفهمه و ذكائه ، ولد سنة 338 هـ / 950 م ، و توفي سنة 403 هـ / 1013 م .
... انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 5 / 379 – 383 ، ترتيب المدارك 4 / 585 – 602 ، وفيات الأعيان 4 / 269 ، سير أعلام النبلاء 17 / 190 ، البداية و النهاية 11 / 350 .
(4) 5 ... الحاكم النيسابوري ، هو : محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم ، ابن البيع الضبي الطهماني ، أبو عبد الله ، الحافظ الناقد ، شيخ المحدثين ، قال الذهبي : ( صنف و خرج ، و جرح و عدل ، و صحح و علل و كان من بحور العلم على تشيع قليل فيه ) . ولد سنة 321 هـ / 933 م ، و توفي سنة 405 هـ /
1014 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 5 / 473 ، المنتظم 7 / 274 ، الأنساب 1 / 432 ، وفيات الأعيان 4/280 تذكرة الحفاظ 3 / 1039 ، البداية و النهاية 11 / 355 .(4/205)
و فخر الدين (1) ، و يحيى بن شرف النووي في القرن السادس .
و الإمام ابن دقيق العيد في القرن السابع .
و شيخ الإسلام تقيّ الدين ابن تيمية ، و زين الدين العراقي في القرن
الثامن .
و جلال الدين السيوطي في القرن التاسع .
و شمس الدين الرملي (2) في القرن العاشر.
و الإمام الزرقاني (3) في القرن الحادي عشر.
__________
(1) 1 ... فخر الدين ، هو : محمد بن عمر بن الحسين القرشي البكري ، الطبرستاني ، الأصولي المفسر ، كبير الأذكياء و الحكماء و المصنفين ، العلامة الكبير ذو الفنون ، ولد سنة 544 هـ / 1150 م ، قال الذهبي :( قد بدت منه في تواليفه بلايا و عظائم و سحر و انحرافات عن السنة ، و الله يعفو عنه ؛ فإنه توفي على طريقة حميدة ) . و توفي بهراة سنة 606 هـ / 1210 م .
انظر ترجمته في : التكملة لوفيات النقلة 2 / ترجمة 1121، وفيات الأعيان 4 / 248 – 252 ، سير أعلام النبلاء 21 / 500 ، طبقات السبكي 5 / 33 – 40 ، البداية و النهاية 13 / 55 – 56 .
(2) 2 ... شمس الدين الرملي ، هو : محمد بن أحمد بن حمزة ، الرملي ، المنوفي ، المصري ، الأنصاري ، الشهير بالشافعي الصغير ، اشتغل على أبيه شهاب الدين ، و تخرج على يديه ، وجمع بين الحفظ و الفهم ، و العلم و العمل ، قال المحبي : ( ذهب جماعة من العلماء إلى أنه مجدد القرن العاشر ، و وقع الاتفاق على المغالاة بمدحه ) . ولد بالقاهرة سنة 919 هـ / 1513 م ، و توفي بالرملة سنة 1004 هـ / 1596 م .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر للمحبي 3 / 342 – 348 ، الأعلام للزركلي 6 / 235 ، معجم المؤلفين 8 / 255 – 256 .
(3) 3 ... الزرقاني ، هو : محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان ، المالكي ، أبو عبد الله ، محدث ، فقيه ، أصولي ، ولد بالقاهرة سنة 1055 هـ / 1645 م ، و توفي بها سنة 1122 هـ / 1710 م .
انظر ترجمته في : عجائب الآثار للجبرتي 1 / 69 ، سلك الدرر 4 / 32 – 33 ، الأعلام 7 / 55 ، معجم المؤلفين 10 / 124 .(4/206)
و الإمام محمد بن اسماعيل الأمير الصنعاني ، و محمد بن علي الشوكاني في القرن الثاني عشر .
و صديق خان في القرن الثالث عشر .
و أخيراً محمد عبده (1) ، و جمال الدين الأفغاني (2) في القرن الرابع عشر .
و لا شك في أنّ تسميّة الأئمّة المجددين على رأس كلّ قرنٍ من الزمن مسألة اجتهاديّةٌ ، و ليست من المسلّمات ، و لذلك فلا طائل من مناقشة رأيٍ اجتهاديٍ كهذا الذي ذهب إليه الشيخ في تسمية المجدّدين .
و ختم الشيخ الخانجي بحثه بتوجيه نداء لعموم المسلمين للقيام بواجب التجديد ، و العودة إلى الإسلام من جديد ، و النهوض به في كافّة الميادين و المجالات (3) ، وِفق منهج يقوم على أربعة أمور هي :
- الدعوة إلى الله تعالى بالتعليم و الوعظ و الإرشاد ، و غير ذلك من وسائل الدعوة .
- العمل على فتح باب الاجتهاد ، الذي ظلّ موصداً في وجوه العلماء لعدّة قرون .
- الاعتصام بالكتاب و السنّة ، و التخلّص ممّا علق بالدين الحنيف من انحرافاتٍ و بدعٍ و دخيلة .
__________
(1) 1 ... محمد عبده ، هو : ابن حسن خير الله ، من آل التركمان ، فقيه ، مفسر ، متكلم ، حكيم ، أديب ، كاتب صحافي ، سياسي ، ولد سنة 1266 هـ / 1850 م ، و توفي سنة 1323 هـ / 1905 م . من تصانيفه : تفسير القرآن الكريم لم يتمه ، رسالة التوحيد ، الإسلام و الرد على منتقديه .
انظر ترجمته في : الأعلام للزركلي 7 / 131 ، إيضاح المكنون 2 / 535 ، معجم المؤلفين 10 / 272 .
(2) 2 ... جمال الدين الأفغاني ، هو : جمال الدين بن صفدر بن علي بن محمد ، حكيم واسع الاطلاع في العلوم العقلية و النقلية ، من آثاره : تاريخ الأفغان ، ولد سنة 1254 هـ / 1838 م ، و توفي سنة 1314 هـ / 1897 م .
انظر ترجمته في : أعلام الشيعة لآغا بزرك 1 / 310 ، معجم المؤلفين 3 / 154 .
(3) 3 ... انظر الشيخ محمد الخانجي : تجديد الإسلام ( ضمن العددين الحادي عشر و الثاني عشر من مجلّة الهداية ، سنة 1363هـ/1944م ) ، ص : 332 .(4/207)
- توحيد المسلمين ، و بعث الإخوّة الإسلاميّة في نفوسهم .
و على الرغم من أهميّة موضوع هذا الجزء ، و حاجة أهل البوسنة و غيرهم من المسلمين إلى فهم معناه ، و العمل بمقتضاه ، لم يطبع بعد في جزءٍ مفرد ، و لكنّه نشر في العددين الحادي عشر و الثاني عشر من مجلّة الهداية ، سنة 1363هـ/ 1944م ، بين الصفحتين ( 329 و 342 ) .
? جزءٌ بعنوان : شرح حديث المهلكات الثلاث :
تأليف : محمد سعيد سرداريفيتش ( ت 1336 هـ / 1918 م ) .
في هذا الجزء الصغير يشرح الشيخ محمد سعيد حديث : (( ثلاث مهلكات : شح مطاع ، وهوى متبع ، وإعجاب المرء بنفسه )) (1) .
__________
(1) 1 ... إسناده ضعيف :
روي هذا الحديث عن أنس ، و ابن عمر ، و ابن عباس ، و أبي هريرة ، و ابن أبي أوفى - رضي الله عنهم - ، من طرق كلها واهية ، مدارها على وضاعين و مجاهيل و متروكين ، و هذا بيانها :
حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، وله عنه أربع طرق :
1– ... أخرجه البزار ( رقم 81 – كشف الأستار ) ، و العقيلي في " الضعفاء " 3 / 447 ، و القضاعي في
" مسند الشهاب " ( 325 و 326 و 327 ) ، و الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " ( 362 ) ، و أبو نعيم في " الحلية "2 / 343 ، و البيهقي في " الشعب " ( 475 ) من طرق ، عن أيوب بن عتبة : ثنا الفضل بن بكر العبدي ، عن قتادة ، عن أنس - رضي الله عنه - به .
قال البزار : ( و هذا لم يروه هكذا إلا الفضل ، و لا عنه إلا أيوب ) .
... و قال العقيلي : ( الفضل بن بكر العبدي عن قتادة ، و لا يتابع عليه من وجه يثبت ) ، ثم رواه ، و قال : - ( و قد روي عن أنس من غير هذا الوجه ، و عن غير أنس بأسانيد فيها لين ) .
و قال أبو نعيم : ( هذا حديث غريب من حديث قتادة ) .
و قال الذهبي في " الميزان " 3 / 349 في ترجمة الفضل : لا يعرف ، و حديثه منكر .
و له طريق أخرى عن قتادة : أخرجها أبو الشيخ في " طبقات أصبهان " ( 121 و 270 ) ، و من طريقه الشجري في " أماليه " 2 / 218 ؛ عن عكرمة بن إبراهيم ، عن هشام ، عن يحيى بن أبي كثير عن قتادة به .
و عكرمة بن إبراهيم ، قال فيه ابن حبان في " المجروحين " 2 / 188 : ( كان ممن يقلب الأخبار ، و يرفع المراسيل ) .
قلت : فهذان الوجهان خطأ مؤكد على قتادة ، و إنما الثابت عنه أنه قال : ( ذُكر لنا أن النبي داود عليه السلام قال ..) فذكره بنحوه . =
= ... رواه عنه معمر بن راشد في " الجامع " 11 / 304 ( 20606 ) . و أخرجه الطبري في " تفسيره " 11 / 137 ( 30646 ) عن بشر بن معاذ العقدي ، ثنا يزيد بن زريع : ثنا سعيد عنه .
إذ كيف يزهد أصحاب قتادة الثقات – و هم كُثُر - في رواية الحديث المرفوع عنه ، ثم يروون عنه
المقطوع ؟!!
2– ... و أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 5452 ) ، و ابن حبان في " المجروحين " 1 / 263 ، و أبو نعيم في " الحلية " 2 / 160 ، و الدولابي في " الكنى " 1 / 151 من طريق حميد بن الحكم ، عن الحسن ، عن أنس - رضي الله عنه - به .
قال أبو نعيم : ( غريب من حديث أنس ، تفرد به حميد ) .
قلت : هذا إسناد ضعيف جدا ، حميد بن الحكم ، قال فيه ابن حبان : ( منكر الحديث جدا ) .
3– ... و أخرجه البزار ( رقم 80 – كشف الأستار ) ، و ابن شاهين في " الترغيب في فضائل الأعمال "
( 33 و 525 ) ، و أبو نعيم في " الحلية " 6 / 268 ؛ من طريق زائدة بن أبي الرقاد : حدثنا زياد النميري ، عن أنس - رضي الله عنه - به .
و هذا أيضا ضعيف جدا ؛ زائدة ، قال فيه البخاري : ( منكر الحديث ) . انظر : الميزان 2 / 65 .
و شيخه النميري : ضعيف أيضا ، كما في " التقريب " ( 2087 ) .
4– ... و أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 961 ) من طريق يغنم بن سالم ، عن أنس - رضي الله عنه - .
و يغنم ، قال ابن حبان : ( كان يضع الحديث على أنس ) . و قال ابن يونس : ( حدث عن أنس فكذب ) . انظر : الميزان 4 / 459 .
حديث ابن عمر - رضي الله عنه - :
أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 5750 ) عن محفوظ بن بحر الأنطاكي : حدثنا الوليد بن عبد الواحد التميمي ، عن ابن لهيعة ، عن عطاء بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - .
قال الطبراني : ( لم يرو هذا الحديث عن سعيد بن جبير إلا عطاء بن دينار ، و لا عن عطاء إلا ابن لهيعة ، تفرد به الوليد بن عبد الواحد ، و لا يروى عن ابن عمر إلا بهذا الإسناد ) .
قال الهيثمي في " المجمع " 11 / 91 : ( فيه ابن لهيعة ، و من لا يعرف ) .
قلت : فيه محفوظ بن بحر ، كذبه أبو عروبة كما في " الميزان " 3 / 444 .
حديث ابن عباس - رضي الله عنه - ، و له عنه طريقان :
1- ... أخرجه ابن عدي في " الكامل " 5 / 241 ، و أبو نعيم في " الحلية " 3 / 219 ، و شهدة بنت أحمد الدينوري في " العمدة في الفوائد " ( 87 ) ؛ عن شيبان بن فروخ ، عن عيسى بن ميمون ، عن محمد بن كعب ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
و فيه : عيسى بن ميمون ، قال فيه أبو حاتم و الفلاس و النسائي : ( متروك الحديث ) . و قال البخاري و يعقوب بن سفيان : ( منكر الحديث ) . و قال أبو زرعة : ( واهي الحديث ) .
انظر : تهذيب الكمال 23 / 48 – 52 . =
= 2– ... و أخرجه البزار ( 82 – كشف الأستار ) عن محمد بن عون ، عن محمد بن زيد ، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي الله عنه - .
و فيه : محمد بن عون ، قال ابن معين : ( ليس بشيء ) . و قال البخاري : ( منكر الحديث ) .
انظر : الميزان 3 / 676 .
و مع شدة ضعف ابن عون هذا فقد اضطرب فيه على وجه آخر ، حيث رواه من حديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - ، و هو الآتي :
حديث عبد الله بن أبي أوفى - رضي الله عنه - : ...
أخرجه البزار ( 83 – كشف ) عن محمد بن عون ( وهو المتروك السابق ذكره ) ، عن يحيى بن عقيل عن ابن أبي أوفى - رضي الله عنه - .
حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ، و له عنه طريقان :
1– ... أخرجه التيمي في " الترغيب " ( 346 ) ، و شهدة في " العمدة في الفوائد " ( 86 و 87 ) عن سعيد بن سعيد ، عن عبد الله بن سعيد ، عن أبيه ، عنه .
و فيه عبد الله بن سعيد ، هو المقبري ، متروك ، و اتهمه القطان . انظر : الميزان 2 / 429 .
2– ... و أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 7252 ) عن عبيد الله بن محمد ، عن بكر بن سليم الصواف ، عن أبي حازم سلمة بن دينار ، الأعرج ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - .
فيه بكر بن سليم ، قال ابن عدي في " الكامل " 2 / 462 : ( يحدث عن أبي حازم و غيره ما لا يوافقه أحد عليه ، و عامة ما يرويه غير محفوظ و لا يتابع عليه ، و هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم ) .
قلت : و مثل هذا يعتبر حديثه و يستشهد به في غير روايته عن أبي حازم ؛ لشدة ضعفه فيه خاصة .
و الراوي عنه : عبيد الله بن محمد ، هو ابن عمر بن موسى الجحشي المدني ، يقال له : ابن بارد ، ذكره ابن حجر في " نزهة الألباب في الألقاب " رقم 307 ، و لم أقف له على ترجمة .
و مع شدة ضعف هذه الطرق قال المنذري في " الترغيب " 1 / 286 : ( هو مروي عن جماعة من الصحابة و أسانيده و إن كان لا يسلم شيء منها من مقال ، فهو بمجموعها حسن إن شاء الله تعالى ) .
قلت : من المعلوم أن كثرة الطرق ترتفع بالحديث للحُسن إن كان الضعف يسيراً ، بخلاف الضعف الشديد و انظر ما نقلناه قبل عن أهل العلم في هذا تحت حديث : ( من حفظ من أمتي أربعين حديثاً ..) .(4/208)
و قد أورد المؤلّف نصّ الحديث باللغة العربيّة بين يدي الشرح الذي تضمّن :
- تخريج الحديث بدون ذكر درجته من حيث الصحّة و الضعف .
- شرح غريب الحديث .
- ترجمة راويه أنس بن مالك - رضي الله عنه - .
- شرح كلّ فقرةٍ من فقرات الحديث على حدة باللغة البوسنوية .
و قد طبع هذا الجزء مفرداً في موستار سنة 1332هـ / 1914م .
الفصل الرابع
كتب الحديث المترجمة إلى اللغة البوسنويّة
يرجع عدم التركيز على ترجمة كتب الحديث بشكلٍ أكبر ممَّا هو عليه في البوسنة و الهرسك إلى أن علماء تلك البلاد كانوا يركزون في دعوتهم على العامَّة ، و يرون أنَّ ترجمة الحديث شفهياً ، و شرحه أو التعليق عليه في المجالس و المساجد و المدارس ، من خلال الدروس و المحاضرات و المواعظ أجدى بكثير من تقديمه في كتاب ، قد يتعذَّر نشره في ظلِّ أنظمة سنَّتها الحكومات المعادية للإسلام و التي تعاقبت على البوسنة خلال قرنٍ من الزمان ، و قد لا يجد القارئ قدرة على تصفُّحه في زمن كان فيه تداول الكتب الدينية ( و خاصَّة الإسلاميَّة ) بما فيها القرآن الكريم جريمة يعاقب عليها القانون .
... فضلاً عن كون الترجمة الشفهيَّة أسهل بكثير من الترجمة التحريرية ،
و أقرب إلى أذهان المستمعين ، و أدعى للفهم و القبول ، لأنَّها تؤثِّر تأثيراً مباشراً ، و القائم بالترجمة الشفوية أقدر على التعبير لأنَّ من الممكن الاستعانة فيها بالإشارة ، بخلاف الترجمة التحريرية (1) .
__________
(1) ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ( بحث مطبوع بالآلة الكاتبة ، قدَّمه المؤلف إلى الجامعة الإسلاميَّة العالميَّة بكوالا لمبور ، ماليزيا ، سنة 1999م ) ، ص : 3 .(4/209)
... و للترجمة الشفوية الفوريَّة تأثيرٌ فريد في نفس المستمع ، الذي يسمع النصَّ باللغة العربيَّة أوَّلاً قبل سماع ترجمته أو شرح معانيه ، و لعلَّ هذا ما يبرر ما عليه المدرسون و الأئمة في البوسنة من التمسك بإيراد النص العربي للآيات و الأحاديث
و الآثار التي تتخلل كلامهم ، و يرجع بعضهم ذلك إلى عدَّة أسباب منها (1) :
? قداسة اللغة العربيَّة في نظر البوشناق .
? كثرة الإمكانيّات المتاحة لترجمة الحديث شفهياً .
? قوَّة تأثير الكلام في نفوس المستمعين ، في حال قراءة النص باللغة العربيَّة .
? احترام متن الحديث النبوي و تعظيمه .
? موقف المسلمين البوسنويين من العلوم العربية و الإسلامية ، و احترامهم
للحروف العربيَّة ، التي لم يعدلوا عن الكتابة بها إلاَّ مكرهين .
و قد اعتبر أحد أعلام البوسنة المتخصصين في علم الحديث في زمننا أن ترجمة الأحاديث كتابياً ظهرت مؤخَّراً ، و كان ظهورها مقترناً بظهور علماء ضعفاء ، إلى حدٍ أصبحوا معه عاجزين عن قراءة الكتب الشرعيَّة باللغة العربيَّة ، و تعذَّر عليهم فهم المصادر الإسلاميَّة ، ممَّا أوجد المبرر و الدافع لترجمة الكتب إلى اللغات الأخرى و منها اللغة البوسنويَّة (2) .
و في مكتبات البوسنة عدة كتب مترجمة إلى اللغة المحلية وقفت منها على ما يأتي :
صحيح الإمام البخاري .
و هو الجامع الصحيح للإمام محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله ( ت256هـ / 870 م ) .
و عنوانه في اللغة البوسنوية :
Sahihu-l-Buhari (Buharijeva Zbirka Hadisa)
و قد شرع في ترجمته إلى اللغة البوسنوية سنة 1385 هـ / 1965م الشيخ حسن شكابور رحمه الله ، بعد أن ألقى دروساً ترجم فيها فصولاً منه على أعضاء جمعيَّة العلماء في مدينة بريبيدور و ضواحيها ، و فرغ من ترجمة جزئه الأول سنة
__________
(1) ... انظر : ترجمة الأحاديث ، ص : 2 ، 3 .
(2) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 7 .(4/210)
1345هـ / 1965م ، و أدركه الأجل قبل طباعة الجزء الثالث و الشروع في ترجمة الجزء الرابع من الصحيح ، فأكمل الترجمة الأستاذ حسن ماكيتش .
و قد طبعت حتى الآن الأجزاء الأربعة الأولى من الصحيح ، على دفعات كان آخرها عام 1416هـ / 1995م ، حيث طبع الجزء الرابع في خمسين و ستمائة صفحة بدار القلم التابعة لرئاسة العلماء في سراييفو .
و ما قام به الأستاذ حسن ماكيتش في ترجمته للجزء الرابع و ما بعده من ( الجامع الصحيح ) للإمام البخاري رحمه الله جهد لا يستهان به ، حيث التزم فيه بالأمور التالية :
- كتابة اسم الباب و ما جاء تحته من الأحاديث المسندة و المعلَّقات في حال وجودها ، و الآيات القرآنيَّة ، باللغة العربيَّة .
- ترجمة جميع ما تقدَّم على التوالي إلى اللغة البوسنويَّة .
- وضع علامات الترقيم في مواضعها المناسبة .
- ضبط جميع نصوص اللغة العربيَّة بالشكل التام .
- عزو الآيات القرآنية إلى السور ، و ذكر أرقامها .
- ذكر أسانيد المعلَّقات و الآثار الواردة في تراجم الأبواب ، و مقدِّماتها ، بالرجوع إلى كتب أهل العلم في هذا المجال ، و خاصَّةً كتاب ( تغليق
التعليق ) ، للحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله .
- التعريف بالأعلام و الأماكن و غيرهما ممَّا يحتاج إلى تعريف ، و الاستعانة بالمراجع المختصَّة مثل كتاب ( الإصابة في تمييز الصحابة ) لابن حجر ، و معجم البلدان لياقوت الحموي .
- شرح غريب الحديث عند الحاجة إلى تبيين المراد من بعض الكلمات و العبارات ، و ذلك بالرجوع إلى كتب الغريب ، و منها كتاب ( النهاية ) لابن الأثير ، و غيره .
- ذكر الأحكام و المسائل المستفادة من الحديث ، و إرجاعها إلى كتب الفقه و آراء المذاهب المعتبرة .
- توثيق المسائل العلميَّة في الفقه و التفسير و الحديث و اللغة ، و غير ذلك من المصادر الأصليَّة .(4/211)
- شرح الترجمة بحسب ما يقتضيه المقام من توضيح أو زيادة ، مع تجنب إثقال الشرح بما لا داعي له من الحواشي .
- تخريج الأحاديث و الآثار الواردة في الشرح .
- تذييل كل جزءٍ من أجزاء الكتاب بفهارس عدّة ؛ تسهل على القارئ الوصول إلى المطلوب بأقلِّ جهدٍ ممكن .
و عليه فإنَّ هذا الجهد يتجاوز كونه مجرَّد ترجمة لكتاب ، إلى كونه دراسة متكاملة حول محتوى الكتاب ، و خدمته إلى حدٍّ يكاد يكون تحقيقاً .
و لا غرو إذن في أن يحصل الشيخ حسن ماكيتش على درجة التخصُّص في علوم الحديث من إحدى الجامعات الإسلاميَّة في جمهورية الباكستان الإسلاميَّة تقديراً لجهوده في خدمة ( الجامع الصحيح ) .
و للجامع الصحيح ترجمة أخرى ، للأستاذ الحافظ فؤاد سباشيتش ، و هي ترجمةٌ كاملة أنجزها الحافظ فؤاد أثناء شرح الصحيح في حلقاتٍ دراسيَّة خاصَّة ، لم تُطبع حتى الآن ، إلاَّ أن منها نسخاً محدودة يتداولها بعض من خصَّهم المترجم بها ، و هي مطبوعة بالآلة الكاتبة (1) .
صحيح الإمام مسلم .
و هو ثاني الصحيحين الذي جمعه الإمام مسلم بن الحجاج القشيري النيسابوري
( ت 261هـ / 875 م ) .
و قد ترجمه إلى اللغة البوسنوية الحافظ فؤاد أفندي سوباشيتش ، و لا تزال الترجمة محفوظة عند ورثة المترجم في منطقة زينتسا ، و قد سعيت للاطلاع عليها ، أو الحصول على نسخة منها ، و لم أتمكن من ذلك .
جواهر البخاري .
__________
(1) ... ورد ذكر هذه الترجمة في مقدِّمة الناشر لكتاب ( ألف حديث و حديث ) الذي ترجمه الحافظ فؤاد سوباشيتش و لم أقف على هذه الترجمة فيما وقفت عليه من مكتبات البوسنة و الهرسك ، و لعلَّها محفوظةٌ لدى ورثة المترجم في محافظة زينتسا ( الباحث ) .
انظر : مقدمة ناشر كتاب ( ألف حديثٍ و حديث ) ، ص : 11 .
و : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 15 .(4/212)
و قد ترجمه إلى اللغة البوسنويَّة شفهيَّاً بين عامي 1386 هـ / 1967 م و 1393 هـ / 1973 م الشيخ فيض الله حاج بايريتش (1) ، و كتبه عنه بعض
تلاميذه (2) .
مختارات من كتاب ( اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان ) .
وعنوانه في اللغة البوسنوية : Biseri I Merd?ani
و هو عبارة عن أربعين و مائة حديث مختارة من كتاب ( اللؤلؤ و المرجان فيما اتفق عليه الشيخان ) ، اختارها و أوردها باللغة العربية ثم ترجمها إلى اللغة البوسنوية الأستاذ فكرت باشانوفيتش ، و طبعها في جزء واحد ، عدة صفحاته تسعة عشر و مئة صفحة ، سنة 1416هـ / 1996م ، في دار غراجانيتسا مونوس للنشر بمنطقة توزلا .
سنن الإمام الترمذي .
و لم يطبع حتى الآن سوى جزؤه الأوَّل لعدم فراغ مترجمه الأستاذ محمود كاراليتش (3) من ترجمته بعد .
و قد طبع الجزء الأوَّل من الكتاب مع تعليقات و حواشٍ لطيفة للمترجم .
مختارات من كتاب ( الشمائل المحمدية ) .
للإمام أبي عيسى الترمذي رحمه الله ( ت 279هـ / 892 م ) .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Vrline Allahovo Poslanika ( Izbor ) و هو عبارة عن مختارات من أحاديث الشمائل النبوية ، اختارها و نقلها إلى اللغة البوسنوية الأستاذ حسين عمر سباهيتش .
__________
(1) 1 ... فيض الله حاج بايريتش : من العلماء البارزين في البوسنة ، له كتاب علم الحال ، و هو في أصول الدين ،
و مجموعة الأربعين حديثا القدسية ، و عدة مقالات ، توفي سنة 1406 هـ / 1986 م .
انظر : محمود تراليتش " فيض الله حاجي بحث منشور في مجلة البلاغ ، ص 53 – 58 ، العدد 21 ، سنة 1404 هـ/ 1984 م .
(2) ... انظر : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 10 .
(3) 1 ... محمود كاراليتش : طلب العلم في بلاده ، ثم رحل إلى المدينة المنورة ، و تخرج من كلية الحديث بها ، و هو أستاذ الحديث في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو حالياً ، له عدة مقالات جيدة في الحديث و غيره
( الباحث ) .(4/213)
و قد طبع الكتاب في دار القلم التابعة لرئاسة العلماء بسراييفو في جزء واحد ، عدة صفحاته أربع و عشرون و مائة صفحة من القطع المتوسط في عام 1412هـ/1991م ، و أعيد طبعه سنة 1417هـ / 1997م ، ثم طبع أخيراً على نفقة وزارة الشئون الإسلامية و الأوقاف بدولة قطر .
و ذكر بعض الكتاب المعاصرين الذين أرَّخوا للعلوم الشرعيَّة في البوسنة أن للكتاب ترجمتين أخريين :
الأولى : ترجمة الحافظ محمد حاجي موليتش (1) ( ت 1336هـ / 1918 م ) ، التي اعتمد عليها في تدريس الكتاب و شرحه في مجالس أهل البوسنة (2) .
و الثانية : ترجمة الشيخ محمد توفيق توفو ( ت 1358هـ/ 1938م ) ، الذي خلف الشيخ موليتش في تدريس الكتاب نفسه في مساجد البوسنة و مجالس
أعيانها (3) .
و قد حاولت الحصول على أيٍ من هاتين الترجمتين ، فأعياني البحث في طلبهما ، بلا جدوى .
أحاديث الجهاد .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
d?ihad Borba Na Allahovom D? .? Putu
و يضم هذا الكتاب بين دفتيه واحداً و سبعين و مائة حديث ، استخلصها من كتاب تيسير الوصول إلى جامع الأصول للحافظ ابن الديبع الشيباني ( ت 944هـ / 1537 م ) ، و ترجمها إلى اللغة البوسنوية ، و علَّق عليها الدكتور فؤاد
سيديتش .
و قد طبع في شهر رمضان المبارك من سنة 1413هـ / 1993م ، في جزء واحد ، عدة صفحاته سبعون صفحة ، و وزِّع مجاناً على نفقة مكتب مؤسسة الحرمين الخيرية في زاغرب .
__________
(1) ... الحافظ محمد موليتش ، أحد علماء البوسنة المشهورين في أواخر العهد العثماني ، و أحد المدرسين السابقين للعلوم الشرعيَّة في مدرسة الغازي خسرو بيك ، و مرحميتش بسراييفو و المعهد الإسلامي العالي للقضاء ، و أحد أفاضل الأئمة و الخطباء في البوسنة .
... انظر : محمود تراليتش : أعلام البوسنة ، ص : 42 و ما بعدها .
(2) ... انظر : المرجع و الصفحة السابقين .
(3) ... انظر : محمد طيب أوكيتش : كُتَّاب الحديث ، ص :29 .(4/214)
المختار من كتاب تيسير الوصول إلى جامع الوصول .
للحافظ ابن الديبع الشيباني ( ت 944هـ/ 1537 م ) .
أو : ثلاثة أبواب من كتاب ( تيسير الوصول ) .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Tri Poglavlja Iz Knijge( Tejsiru-L-Vusul)
و يجمع الكتاب أحاديث ثلاثة أبواب من كتاب ( تيسير الوصول ) للحافظ ابن الديبع الشيباني ، هي باب الإيمان ، و باب التمسك بالكتاب و السنة ، و باب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و عدد أحاديثها مجتمعة واحد و عشرون و مائة حديث .
و قد ترجمها إلى اللغة البوسنوية ، و علَّق عليها الدكتور فؤاد سيديتش ، و طبع الكتاب في شهر رمضان المبارك من سنة 1413هـ / 1993م ، في جزء واحد ، عدة صفحاته ست و خمسون صفحة ، و وزِّع مجاناً على نفقة مكتب مؤسسة الحرمين الخيرية في زاغرب .
الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير .
للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله .
و قد ترجمه الأستاذ درويش سباهيتش (1) ، أثناء عمله في المدرسة الإسلاميَّة ببلدة بولسكا ، و بعد إغلاق المدرسة في مجالس جمعت الطلاَّب الذين حرموا من مواصلة تعليمهم الشرعي و لم يطبع بعد (2) .
رياض الصالحين من كلام سيد المرسلين .
و قد ترجمه إلى اللغة البوسنويَّة الشيخ مصطفى تشوليتش (3) ، و هو إمام
__________
(1) 1 ... درويش سباهيتش : تخرج في المدارس الإسلامية في البوسنة ، أسس بمفرده المدرسة الثانوية الإسلامية في قريته قريبا من زينستا ، و درس فيها حتى حظر الحزب الشيوعي نشاطها بعد الحرب العالمية ، فعمل إماما داعيا ، من آثاره : كتاب شروط الإيمان و الإسلام ، العبر في التقوى و الأخلاق .
انظر : مجلة زمزم ، ص : 21 ، العدد 5 ، سنة 1398 هـ / 1978 م .
(2) انظر : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 15.
(3) 1 ... مصطفى تشوليتش : اشتهر بمعرفته بالتصوف ، صنف فيه مصنفات عديدة ، و ترجمها إلى البوسنية ، كان إماما و خطيبا ، و هو متقاعد الآن بمدينة فيسوكو . (الباحث) .(4/215)
و خطيب في أحد مساجد مدينة يايتسا ، و وزَّعه مطبوعاً بالآلة الكاتبة في ستٍ
و تسعين و ثلاثمائة صفحةٍ ، على عددٍ من أئمة و خطباء منطقته ، لسدّ احتياجاتهم في تحضير الخطب و المواعظ و الدروس سنة 1394 هـ / 1974م ، و قد كان لعلماء البوسنة مآخذ على هذه الترجمة بسبب ضعف المترجم في اللغة العربيَّة ، و هو ما جعلهم يعارضون طبعته ، و جعل الحاجة ماسَّةً إلى ظهور ترجمة جديدة ، و قد تمَّ ذلك لاحقاً و الحمد لله (1) .
المختار من كتاب ( رياض الصالحين ) .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Izbor Iz Zbirke Hadisa ( Rijadus Salihin )
و هو اختصار لكتاب ( رياض الصالحين ) الشهير للإمام محي الدين بن شرف النووي ، و قد اشترك في ترجمته إلى اللغة البوسنوية خمسة من الدعاة البوسنويين و هم :
فؤاد سيديتش ، و حسين عمر سباهيتش ، و زهدي عادلوفيتش ، و إبراهيم هوسيتش ، و شكري راميتش (2) ، و أشرف على الترجمة و قدَّم للطبعة البوسنويَّة الأستاذ حسن ماكيتش ، مفتي منطقة بيهاتش (3) .
__________
(1) ... انظر : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 15 .
(2) 3 ... إبراهيم هوسيتش ، و شكري راميتش : من المهتمين المشتغلين بعلم الحديث حاليا ، و الطلبة الدارسين بقسم الدراسات العليا بجامعة محمد بن سعود بالرياض ، لهما عدة مقالات . ( الباحث ) .
(3) 4 ... حسن ماكيتش ، هو : حسن بن أحمد ماكيتش ، ولد في بيهاتش غربي البوسنة سنة 1376هـ/1955م . درس في ثانوية الغازي خسرو بيك تم التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة و تخرج في كلية =
= ... أصول الدين سنة 1402هـ/1982م ، و انتسب إلى قسم الدراسات العليا ، شعبة الحديث ، و لكنه لم يستطع المواصلة بسبب منعه من السفر من قبل السلطات الشيوعيَّة آنذاك . يشغل حالياً منصب مفتي منطقة بيهاتش ، إضافة إلى توليه عِمادة الأكاديمية الإسلاميَّة ببيهاتش ، و تدريس اللغة العربية فيها ، و تدريس الحديث النبوي و اللغة العربية في المدرسة الثانوية الإسلاميَّة بمدينة تسازين . ( الباحث ) .(4/216)
و قد طبع الكتاب في جزء واحد عدة صفحاته مئتان و خمسون صفحة من القطع المتوسط ، عدة طبعات اطلعت على ستٍ منها بين عامي 1415هـ / 1994م و 1417هـ / 1996م ، و أولي عناية خاصة حيث وزعت مجاناً عشرات الآلاف من نسخه بتمويل من هيئات خيرية عربية منها : الهيئة السعودية العليا لمساعدة مسلمي البوسنة و الهرسك ، و جمعية التربية الإسلامية في البحرين ، و جمعية الوقف الإسلامي المسجلة في هولندا و مقرها في الرياض ، و مؤسسة الحرمين الخيرية ، و غيرها.
الألف حديث و حديث .
و عنوانه في اللغة البوسنوية : Hiljada Jedan Hadis
و كما يظهر من عنوانه ، فقد جمع فيه مؤلفه محمد عارف بيك
( ت 1259 هـ / 1843 م ) واحداً و ألفاً من الأحاديث النبوية ، و ترجمها إلى اللغة التركية ، دون أن يبين درجتها أو يفرق بين ما هو صحيح و ما هو ضعيف منها ، و قد طبعت باللغة التركيَّة بعنوان ( بيك حديث ) .
و ترجمها إلى اللغة البوسنوية الحافظ فؤاد أفندي سوباشيتش (1) ( ت 1405 هـ / 1985 م ) في سنة 1371 هـ / 1952 م ، و لكنها لم تطبع حتى عام 1412هـ / 1991 م ، أي بعد وفاة المترجم بست سنوات ، حيث نشرها مكتب رئاسة علماء البوسنة و الهرسك في بوجيم بمنطقة كرايينا في جزء واحد ، عدة صفحاته ستون و مئتا صفحة .
المختار من الأحاديث النبوية و الحكم المحمدية .
__________
(1) 1 ... فؤاد سوباشيتش : طلب العلم في بلاده ، ثم درس بكلية الآداب ، تعلم اللغة العربية و التركية ، و كان ميله لعلم الحديث أكثر من العلوم الأخرى ، كان إماما و خطيبا من سنة 1360 هـ / 1941 م إلى أن توفي .
انظر : إسحاق سيدتش : مقدمة كتاب ألف حديث و حديث ، ص : 11 .(4/217)
تأليف السيد أحمد الهاشمي (1) .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Izbor Poslanikovih Hadisa
و يضم الكتاب بين دفتيه 1396 حديثاً نبوياً فيها كثيرٌ من الأحاديث الضعيفة و الواهية ، مرتبة على حروف الهجاء ، و مثبتة باللغتين العربية و البوسنوية .
و لغة الكتاب الأصلية هي التركية ، و عنها جاءت ترجمة الأستاذ يعقوب ميميتش للكتاب ، سنة 1400هـ / 1980م ، في بعض مجالس التحديث ضمن برامج الحلقات الدراسية التي نظمتها المشيخة الإسلاميَّة في يوغسلافيا السابقة للأئمة و الخطباء في مدينة نوفي بازار ( عاصمة إقليم السنجق ) (2) .
و قد طبع هذا الكتاب سنة 1404هـ / 1984م ، بعد مراجعة علماء من المشيخة الإسلاميَّة له في جزء واحد ، عدة صفحاته ثمان و أربعون و أربعمائة صفحة ، و نشرته رئاسة العلماء بسراييفو .
أربعون حديثاً قدسيَّاً .
و عنوانه باللغة البوسنويَّة :
40 Kudsi Hadisa
و هو كتابٌ صغير الحجم ، يضمُّ بين دفتيه أربعين حديثاً مختارة ، جمعها
و ترجمها إلى اللغة الإنجليزيَّة الدكتور عزّالدين إبراهيم ، و من النسخة الإنجليزيَّة ، نقلها إلى اللغة البوسنويَّة الأستاذ حسين عمر سباهيتش .
و قد طبعت الترجمة البوسنويَّة سنة 1417هـ/1997م ، في دار القلم ، التابعة لرئاسة العلماء بسراييفو ، في جزءٍ واحد ، عدَّةُ صفحاته سبعٌ و ستون صفحةً من القطع الكبير .
يوم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
__________
(1) 1 ... أحمد الهاشمي ، هو : أحمد بن إبراهيم بن مصطفى ، الهاشمي ، الأزهري ، المصري ، أديب ، تلميذ للشيخ محمد عبده ، و كان مديراً لمدارس الجمعية الإسلامية ، و مراقبا لمدارس فيكتوريا الإنجيلية ، ولد سنة 1295 هـ / 1878 م ، و توفي بالقاهرة سنة 1362 هـ / 1943 م .
انظر ترجمته في : إيضاح المكنون 1 / 374 و 2 / 530 ، الأعلام 1 / 86 ، معجم المؤلفين 1 / 143 .
(2) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 14.(4/218)
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Jedan Dan s Bo?ijm Poslanikom
و هو عبارة عن كتاب جمع فيه مؤلفه : أحمد فون دنفر ، عدداً من الأحاديث الآداب و الأذكار النبوية لليوم و الليلة من أمهات كتب الحديث ، و ترجمتها إلى اللغة البوسنوية .
و عنه أخذها الأستاذ زياد دكتيش ، و ترجمها من اللغة الإنجليزية إلى اللغة البوسنوية .
و قد طبع الكتاب في شهر رمضان المبارك سنة 1415هـ / 1994م في جزء واحد ، عدة صفحاته أربع و تسعون صفحة ، بإشراف من المركز الثقافي الإسلامي بزاغرب .
مجموعة الأحاديث المترجمة .
و هي من جمع و ترجمة الأستاذ بكر زغانوري ، و قد جمع فيها 1328 حديثاً انتقاها ممَّا نُشر في الصحافة الإسلاميَّة و رتَّبها على حروف المعجم ، أثناء عمله في الإمامة و الخطابة بأحد المساجد ، و طبعها بالآلة الكاتبة مقدِّماً النص العربي على الترجمة ، مشفوعةً بفهارس أسماء المترجمين ، و عناوين المقالات التي نشرتها الصحف و فيها تلك الأحاديث ، إضافة إلى فهرس الموضوعات .
ثمَّ وزَّعها في نطاقٍ محدود بمناسبة الذكرى الثالثة و الستين لبدء حركة ترجمة الحديث النبوي إلى اللغة البوسنويَّة في الصحافة الإسلاميَّة بالبوسنة و الهرسك (1) .
مقدمة في علوم الحديث .
تأليف : أحمد بن عبد الكريم نجيب ( صاحب هذا البحث ) .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Uvod U Hadiske Znanosti
و هو عبارة عن مجموعة مختارة من جملة المحاضرات التي ألقيتها على طلاب الأكاديمية الإسلامية في زينتسا أثناء عملي أستاذاً لمادة الحديث النبوي بين عامي 1416هـ / 1995م و 1417هـ / 1996م .
__________
(1) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 14.(4/219)
و قد ترجمها إلى اللغة البوسنوية الأستاذ خليل أحمد سباهيتش ، و ظهرت طبعتها الأولى سنة 1418هـ / 1997م في جزء واحد ، عدة صفحاته عشرون صفحة ، و وزِّع مجاناً على طلاب الأكاديميَّة و غيرهم على نفقة مؤسسة الحرمين الخيرية ، التي كنت مدير مكاتبها الإقليميَّة في البوسنة و الهرسك و كرواتيا آنذاك .
و بعد سرد أهم كتب الحديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة من اللغة العربيَّة و غيرها ، أود الإشارة إلى أن جهد مترجمي هذه الكتب غالباً لم يقف عند حدِّ نقل النص من لغةٍ إلى أخرى ، بل تجاوز ذلك إلى تناول كثيرٍ من علوم الحديث ، و هو ما يؤكِّدُ رسوخ قدم المترجمين في علم الحديث ، و تمكنهم من كثيرٍ من علومه .
و بهذا أنهي التعريف بما وقفت عليه من جهود قام بها علماء البوسنة في ترجمة كتب الحديث النبوي و علومه إلى اللغة المحلية ؛ لتسهيل الوقوف عليها و الانتفاع بها . و الله الموفق .
خاتمة الباب الثالث
... التأليف و التصنيف أبرز جهود العلماء ، و صدقتهم الجارية التي يتفيأون ظلالها على الدوام ، و يظل الناس عيالاً عليها جيلاً بعد جيل ، يأخذون منها ، و يصدرون عنها ، و يتتلمذون عليها ، و يعرفون قدر مؤلّفيها بها .
... و إذا كان فيما وقفنا عليه من مخطوطات الحديث النبوي و علومه في البوسنة دليلٌ قاطعٌ على اهتماء الساسة و النبلاء و العوام إلى جانب العلماء بهذا العلم الشريف ، فإنّ فيما عرضنا من مؤلّفاتٍ و شروحٍ و ترجماتٍ لكتب الحديث ممّا قام به علماء البوسنة دليلٌ قاطعٌ كذلك على رسوخ أقدامهم ، و علوّ كعبهم ، و عظيم جهدهم الذي بذلوه في هذا الباب .
و تظل المكتبات البوسنوية بما فيها من تراث مخطوط ، و تآليف مطبوعة شاهدة على مدى اهتمام علماء البوسنة بالحديث النبوي و علومه ، و تأثرهم و اعتصامهم بسنة نبيهم صلى الله عليه و سلّم ، و التقرّب إلى الله تعالى بخدمتها .(4/220)
... ألآ ترى أن من بين المخطوطات التي عرضناها ثماني نسخ على الأقل من النفائس ذوات القيمة البالغة .
... و أن سبع و ثلاثين من مشاهير البوسنة تملك على نسخ متعدّدة من مخطوطات الحديث في البوسنة .
... و أنّ سبعةً و ثلاثين نسخةً منها كتبها نسّاخٌ بوسنويون ، ثلثها تقريباً قام بنسخه الحاج عبد الله قنطميري الشهير بمفرده .
... و أن أربعاً و ثلاثين بوسنويّاً وقفوا تسعاً و تسعين نسخةً خطّيّةً على ذرّياتهم و عموم المسلمين في بلادهم ، و المدارس الشرعيّة و المكتبات فيها .
... فإذا أضفنا إلى هذا الجهد المشكور ما بذل من جهودٍ في التأليف و الشرح و الترجمة ، فسيكون رصيد المكتبات الإسلاميّة في البوسنة من كتب الحديث النبوي و علومه وافراً .
... و هذه حقيقة إثباتها غاية ما نرمي إليه في هذا الباب .(4/221)
الباب الرابع
منارات نشر السنن و تعليم الحديث النبوي في البوسنة
توطئة
الفصل الأول : المساجد و الكتاتيب
المبحث الأول : المساجد
المبحث الثاني : الكتاتيب
الفصل الثاني : التعليم الشرعي النظامي
المبحث الأول : المدارس الشرعية
المبحث الثاني : التعليم الإسلامي العالي
الفصل الثالث : دُور الحديث
الفصل الرابع : مجالس التحديث
الفصل الخامس : وسائل الإعلام
الفصل السادس : المجاهدون في سبيل الله
خاتمة
توطئة :
إن الله تعالى قد جعل لكل شيئٍ سبباً ، فجعل حفظ الذكر الحكيم سبباً لحفظ الدين الخاتم الذي ارتضاه لعباده ، و من الذكر الذي تكفل سبحانه بحفظه وحيه المتلو و غير المتلو ، و هما كتابه و سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، الذين قيض لهما من كل خلفٍ عدوله يحملونه و يبلغونه إلى من بعدهم إلى أن يشاء الله .
و ما من شك في أن لهؤلاء العلماء العدول ، و هم حملة الشريعة ، و الموقعون عن رب العالمين في الأرض وسائل سخرها الله لهم ، و منارات اتخذوها وسائل لتبليغ ما كلفوا تبليغه ، وخاصة كتاب الله و سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - قولاً و عملاً.
و هذه الوسائل هي مدار هذا الفصل من الرسالة و سأتناولها من خلال الفصول التالية :
الفصل الأول
المساجد و الكتاتيب
اقترن ذكر الكتاتيب بذكر المساجد منذ ظهورها قبل مئات السنين ، إذ كان المسجد دار التعليم الأولى ، حينما كان الكتَّاب المقام في إحدى زواياه أو على مقربة منه يعد أولى مراحل التعليم الإسلامي ، و كان الكتاب و المسجد يلتقيان في شخص الإمام الذي يجمع بين الإمامة في المسجد و التعليم في الكتَّاب .
... لذا رأيت من المناسب أن أجمع بينهما في هذه الدراسة ، للوقوف على دور كلّ منهما في حياة مسلمي البوسنة بشكلٍ عامّةً ، و في نشر السنن و تعليم الحديث النبوي الشريف خاصّةً .
المبحث الأول
المساجد(5/1)
للمساجد دور كبير في إعداد الأمة ، و تربية أبنائها و تعليمهم ، بل تعبئتهم للغزو والنفير إذا استنفروا للجهاد في سبيل الله .
و قد كان المسجد في عهد النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - وخلفائه الراشدين - رضي الله عنهم - دار الحكومة ، وديوان القضاء ، و جامعة العلوم و المعارف ، علاوةً على كونه بيت العبادة و مجلس الذكر .
و كان رواده يستبقون الخيرات فيذكرون ربهم ، و يأخذون العلم عن نبيهم - صلى الله عليه وسلم - الذي قال : ( من جاء مسجدنا هذا يتعلم خيراً أو يعلمه ، فهو كالمجاهد في سبيل الله ) (1) .
__________
(1) 1 ... حسن بشواهده :
أخرجه ابن ماجة ( 227 ) في المقدمة ، باب : فضل العلماء ، و الحث على طلب العلم ، و أحمد 2/350 و 418 و 526 – 527 ، و ابن أبي شيبة في " المصنف " 2 / 371 و 12 / 209 ، و أبو يعلى في " مسنده " ( 6472 ) ، و ابن حبان في صحيحه " ( 87 ) ، و ابن عدي في " الكامل " 2 / 275 – 276 و الحاكم في " المستدرك " 1 / 91 ، و البيهقي في " الشعب " 2 / 263 ( 1698 ) من طرق عن حميد بن صخر ، عن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
و فيه حميد بن صخر ، و يقال : حميد بن زياد ، أبو صخر ، صدوق يهم . كما قال ابن حجر في " التقريب " ( 1546 ) .
قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ؛ فقد احتجا بجميع رواته ، و لم يخرجاه ، و لا أعلم له علة ) . =
= ... فتعقبه البوصيري في " مصباح الزجاجة " 1 / 95 – 96 ( 85 ) بقوله : ( قد أعله الدارقطني في علله ؛ بأنه اختلف فيه على سعيد المقبري ؛ فرواه حميد عنه هكذا ، و خالفه عبيد الله بن عمر ؛ فرواه عن المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن كعب الأحبار قوله . و رواه ابن عجلان عن المقبري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن كعب قوله ، و قول عبيد الله بن عمر أشبه بالصواب . وقول الحاكم : إن الشيخين احتجا بجميع رواته : فيه نظر ؛ فلم يحتج البخاري بحميد و لا أخرج له في صحيحه ، و إنما روى له في كتاب الأدب المفرد حديثين ، نعم أخرج له مسلم في صحيحه ) . اهـ
و قال المنذري في " الترغيب و الترهيب " 1 / 105 : ( رواه ابن ماجة و البيهقي ، و ليس في إسناده من ترك و لا أجمع على ضعفه ) . اهـ
( و له شاهد من حديث سهل بن سعد الساعدي - رضي الله عنه - :
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " 6 / 175 ( 5911 ) ، و أبو نعيم في " الحلية " 3 / 254 : من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب : ثنا عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل بن سعد - رضي الله عنه - رفعه.
قال أبو نعيم : هذا حديث غريب من حديث أبي حازم عن سهل بن سعد ، تفرد به عنه ابنه عبد العزيز .
قلت : فيه يعقوب بن حميد ، صدّقه البخاري ؛ لكن ضعّفه ابن معين و أبو حاتم و النسائي، و وهّاه أبو زرعة الرازي ، و قال أبو داود : ( رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها ، فطالبناه بالأصول ، فدافعنا ، ثم أخرجها بعد ، فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيرة بخط طري ، كانت مراسيل ، فأسندها و زاد فيها ) اهـ. انظر : تهذيب الكمال 32 / 321 – 323 .
و قال الهيثمي في " المجمع " 1 / 123 : ( وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب ، وثقه البخاري و ابن حبان، وضعفه النسائي و غيره ، و لم يستندوا في ضعفه إلا إلى أنه محدود ، و سماعه صحيح ) .
و قال السيوطي في " تنوير الحوالك " 1 / 135 : ( سنده حسن ) .
( وري من قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، أحد الفقهاء السبعة من تابعي المدينة :
أخرجه مالك في " الموطأ "1 / 175 عن سمي مولى أبي بكر ، أن أبا بكر بن عبد الرحمن كان يقول : من غدا أو راح إلى المسجد لا يريد غيره ليتعلم خيرا ، أو ليعلمه ، ثم رجع إلى بيته كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانما .
قال ابن عبد البر – كما في شرح الزرقاني 1 / 460 - : ( معلوم أن هذا لا يدرك بالرأي و الاجتهاد لأنه قطع على غيب من حكم الله و أمره في ثوابه ) .(5/2)
لذلك كان المسجد المدرسة الأولى ، و الجامعة الأم التي تنشر العلم ، و تشيع المعارف بين الناس ، وهو المكان الأفضل و الأمثل لهذا المقصد العظيم ، و ينبغي أن لا يعدل به شيئٌ في تعليم الناس و الدعوة إلى الله إلا لضرورة . و ما تنكبت الأمة و امتهنت علوم الشريعة ، و و لا جفت منابعها إلا بعد أن أغفل دور المسجد في التعليم .
يقول ابن الحاج الفاسي رحمه الله (1) : ( ... و المقصود بالتدريس ، إنما هو التبيين للأمة ، و إرشاد الضال و تعليمه ، و دلالة الخيرات ، و ذلك موجود في المسجد أكثر من المدرسة ضرورة ، وإذا كان المسجد أفضل ، فينبغي أن يبادر إلى الأفضل ويترك ماعداه ، اللهم إلا لضرورة ، و الضرورات لها أحكام أخر ) (2) .
و عرف المسلمون الأوائل قيمة المسجد و دوره الذي لا يؤدى بدونه في الحياة ، فأكثروا من بناء المساجد ، و رعوها حق رعايتها حتى غدت منارات لنشر العلم و تخريج الدعاة .
__________
(1) 1 ... ابن الحاج الفاسي ، هو : محمد بن محمد بن محمد ، أبو عبد الله العدوي ، العبدري ، الشهير بابن الحاج ، عالم مشارك في بعض العلوم ، ولد بفاس ، و قدم مصر ، و حج ، و كف بصره في آخر عمره ، توفي بالقاهرة سنة 737 هـ / 1336 م ، و له بضع و ثمانون سنة .
انظر ترجمته في : الدرر الكامنة 4 / 237 ، كشف الظنون 116 و 1401 ، هدية العارفين 2 / 149 ، الأعلام 7 / 264 ، معجم المؤلفين 11 / 284 .
(2) 2 ... المدخل ، لابن الحاج الفاسي 1/15.(5/3)
و بلغ هذا الازدهار أوجه في عهد الدولة العثمانية التي اتخذت من المسجد رمزاً لحضارتها ، فكانت طلائع الفاتحين في أوروبا تقدم بناء المساجد في البلاد المفتوحة على بناء القلاع و الحصون في كثيرٍ من الأحيان ، كما كان السلاطين و الولاة العثمانيون يتباهون و يتنافسون في تشييد المساجد و الجوامع (1) و العناية
بها ، و يسمونها بأسمائهم و أسماء الغزاة و الفاتحين العظماء .
و كان لحكم العثمانيين الطويل للبوسنة أثر بالغ في تدعيم دور المساجد و تفعيله في الحياة العامة للمسلمين ، حيث اتخذه البشانقة - إلى جانب كونه مقراً للعبادة يرتاده المسلمون للصلاة خمس مراتٍ في اليوم و الليلة - مقراً لتعليم كبارهم و تربية أبنائهم ، و رمزاً لوحدة و تضامن الطائفة المسلمة في البوسنة ، و ألحقوا بها الكتاتيب و المدارس و المكتبات ، و حبسوا للإنفاق عليها المال
و العقار (2) .
و غالباً ما يتزامن بناء المساجد في البلدان المفتوحة بإقامة ثكنات عسكرية
__________
(1) ... في عرف مسلمي البوسنة يختلف الجامع عن المسجد ، فالأول تقام فيه جميع الصلوات المشروعة ، و منها الجمعة و العيدين و التراويح و غيرها ، أما المسجد فيكون أصغر حجماً من الجامع في العادة ، و ربما لم تكن له منارة ، و عادة ما يقتصر دوره على إقامة الصلوات الخمس فيه ، و بعض المساجد لا تفتح إلا خلال شهر رمضان المبارك لإقامة صلاة التراويح .
(2) 2 ... للاستزادة حول دور المساجد و مكانتها في حياة المسلمين البوشناق انظر : مجلة البلاغ البوسنوية ، الأعداد 1 ، 3 ، 4 ، 5 .(5/4)
فيها ، لتمكين الجند المرابطين من أداء الصلاة في جماعة ، أو مع بداية انتشار الإسلام بين أهلها و إن كان انتشاراً محدوداً (1) .
و نتيجة لهذا الاهتمام ظل عدد المساجد يتزايد في البوسنة يوماً بعد يوم حتى أصبح في سراييفو قبيل الحرب الأخيرة سبعاً و سبعين جامعاً و ثلاثة و تسعين مسجداً (2) ، و بلغ عدد المساجد في المدن الأخرى قريباً من ذلك .
و إذا كانت المساجد قد حظيت بما تستحقه من العناية و الرعاية ، لما لها من المكانة السامية عند المسلمين في ظل الحكم العثماني للبوسنة ، فإن هذه المكانة لم تدم طويلاً بعد سقوط الخلافة .
يشهد لذلك ما عاينته بنفسي في منطقة البلقان من مساجد لا تقام فيها الصلاة ، و أخرى مغلقةٌ منذ عقود ، بالإضافة إلى منارات هدمت مساجدها و مساجد أحيلت أطلالاً، و أروقة حولت إلى مرافق عامة .
ففي بلغاريا رأيت مسجداً فخماً ، أغلق منذ عشرات السنين ، في بلدة ليس فيها اليوم مسلمٌ واحد ، إذ هاجر المسلمون أو قتلوا أو نُصِّروا { و الفتنة أكبر من القتل } [ البقرة : 217 ] .
__________
(1) ... من أمثلة ما ذكرته أعلاه مسجد حمزة بيك في مدينة فوتشا ، الذي بناه حمزة بيك والي البوسنة العثماني بين عامي 874 و 881 هـ / 1470 و 1477 م ، مع أنه لم يكن في فوتشا سوى ثلاث أسر مسلمة عام 881 هـ / 1477 م ، فتأمل ! ( الباحث )
... انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك في القرنين الخامس عشر و السادس عشر ،
ص : 208 .
(2) 1 ... انظر : مجلة الفيصل السعودية ( العدد 203 ، جمادى الأولى 1414هـ ، تشرين الأول و تشرين الثاني 1993م ) ، ص : 29 .(5/5)
و في مدينة بليفليا (1) رأيت منارة قائمة و ليس إلى جانبها مسجد ، فسألت عنه و كان الجواب أنه أحد سبعة مساجد هدمت في تلك المدينة ، و تركت تلك المنارة لتذكر المسلمين بأنه لا مكان لهم في مجتمع يراد له أن يكون صربياً بالكامل ، و تظلَّ شاهداً على جرائم الصرب و جراح المسلمين ، و تحذيراً للمسلمين من مجرد التفكير في استعادة هويتهم و العودة إلى دينهم .
و لإيصال هذه الرسالة القاسية إلى المسلمين ، كانت عمليات الهدم تتم بصور رهيبة ، قلما تخلوا من إراقة الدماء ، و من أمثلة ذلك الكثيرة ما حدث عام 1364هـ/1945م عندما أعدموا شنقاً إمام مسجد زغرب الشيخ عصمت مفتيتش ، أمام باب المسجد الذي سويت مآذنه بالأرض ، و أحيل إلى متحفٍ للثورة الشيوعية (2) .
و في شهادة على ما آلت إليه بعض مساجد المنطقة يقول الشيخ الخانجي رحمه الله : (و رأيت بعيني رأسي في مدينة سلانيك ، مساجد تهدم ، و أخرى توضع عليها النواقيس و الصلبان ، فتصير بيوت كفرٍ و قد كانت بيوت إيمان) (3) .
و في الحرب الأخيرة أقدم الصرب على هدم أربعةٍ و ثلاثين و خمسمئة مسجد أكثر من نصفها في المناطق التابعة لصرب البوسنة اليوم ، بموجب اتفاقيَّة دايتون كبانيالوكا و دوبوي ، ممَّا يحيل إعادة ترميما أو بناء بديلٍ عنها ، لا سيَّما و أنّ هذه المناطق يحظر على المسلمين ، و إن كانوا يشكلون غالبيَّة سكانها في الأصل دخولها ، أو استعادة شيءٍ من أملاكهم فيها .
__________
(1) 2 ... مدينة بليفليا تقع في إقليم السنجق ، و تتبع حالياً جمهورية الجبل الأسود الصربية ، و قد كان عامة أهلها من المسلمين قبل قرنٍ من الزمان ، و لكنهم لا يبلغون ثلث سكانها اليوم ، و الذين يشهدون الجمعة في مسجدها الذي لا يزال مفتوحاً لا يبلغون المئة . فتأمل . ( الباحث ) .
(2) محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 155 ، 156 .
(3) 2 ... محمد بن محمد الخانجي : الجوهر الأسنى في تراجم علماء و شعراء بوسنة ، ص : 8 .(5/6)
كما أقدم الكروات على هدم ثمانين مسجداً في المناطق التي استولوا عليها أثناء الحرب الأخيرة ، و قبل دخولهم في حكومة مشتركة ( فدراليَّة ) بموجب اتفاقيَّة دايتون أتاحت للمسلمين العمل على ترميم مساجدهم في تلك المناطق .
و من الاعتراف بالجميل ، و الإقرار بالفضل لأهله الإشارة إلى جهود محسنين من المملكة العربيَّة السعوديَّة في بناء مساجد البوسنة و الهرسك إعادة ترميم ما هدم منها فور انتهاء الحرب ، حيث تمَّ بناء نحو مائة مسجدٍ جديد ، و ترميم نحو خمسمائة مسجد متضررٍ خلال السنوات الأربع التي تلت الحرب ، عن طريق الهيئة السعوديَّة العليا لمساعدة مسلمي البوسنة و الهرسك ، كما ساهم مسلمو الكويت و ماليزيا بجهدٍ مشكور في هذا المجال ، غير أنَّ الإعلام لم يول هذا الأمر قدره من العناية و الاهتمام ، و بالغ بدلاً من ذلك في إظهار جهود النصارى في مساعدة مسلمي البوسنة ، كترميم مسجد كورشوميليا في مدينة مغلاي ، الذي ينسب إلى إحدى الهيئات السويدية القيام به (1) .
و مع عمليات ترميم المساجد المهدمة ، و تشييد أخرى حيث تكمن الحاجة إليها ، سواء أكان ذلك بالجهود الفردية أو الجماعية ، المحلية أو الخارجية ، بدأت المساجد تستعيد دورها و تؤدي دورها في حياة المسلمين البوشناق .
و الدور الذي تؤديه المساجد في نشر السنن و تعليم الحديث يتمثل في أمور من أبرزها :
1 ) تسخير المنابر لتبليغ دعوة أهل السنة و الجماعة ، حيث يرتقيها خطباء أكفاء – في الغالب – حيث تدور مواضيع الخطب في كثيرٍ من الأحيان حول إحياء السنن الموات في حياة المسلمين البوشناق ، و خاصة ما كان منها متعلِّقاً بالآداب الشرعية ، و الأخلاق و المعاملات .
__________
(1) ... انظر : كمال القيسي : البحث عن الهويَّة الإسلاميَّة بين أنقاض المساجد ( مقالٌ منشور في مجلَّة المجلَّة السعوديَّة الصادرة من لندن ، عدد : 933 ، بتاريخ 28/12/1997م ) ، ص : 39 .(5/7)
و حيث إن مجتمعاً فرضت عليه الأنظمة الشيوعية أكثر من نصف قرنٍ ، لم يعد يعرف من قيم الإسلام إلا القليل ، فقد كان دور الخطباء كبيراً في إعادة أبناء المجتمع إلى دينهم ، و غرس فضائل الأخلاق و القيم الرفيعة في نفوسهم ، الأمر الذي استعانوا في سبيل الوصول إليه برصيدهم العلمي المستمد من السنة النبوية ، موردهم العذب الذي ينهلون منه . فكانت أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا المجال عماد خطبهم . و سيرته الشريفة المثل الرفيع الذي يقدمونه للناس فيحتذي به من أراد الله به خيراً .
و بحسب الكفاءة العلمية للإمام ( الذي يشترط أن لا يقل مؤهله الدراسي عن الثانوية الشرعية ) يتم اختيار الأحاديث النبوية لترجمتها و شرحها أو الاستشهاد بها في الخطب المنبرية التي يلقيها يوم الجمعة ، أو في المناسبات الدينية التي ينتدب فيها الأئمة للوعظ و الخطابة .
فثمة من دأب على ترداد نصوص تقليدية يستهلها بعبارات منمقة باللغة العربية أو التركية ، و عمادها قصص الصوفية و كرامات الأولياء ، و ربما كان فيها من القصص المختلقة ، و الأخبار الضعيفة و الموضوعة ما لا يقبله عقلٌ ، و لا تقوم به حجة في الشرع .
و إلى جانب بقاء ثلة ممن هذا شأنهم تتصدر الخطابة و الوعظ حتى يومنا هذا ، فإن الغالبية من أئمة المساجد اليوم – و الحمد لله – على قدر كبير من الوعي بأهمية السنة النبوية ، و على قناعة تامة بأن الحجة لا تقوم إلا بما تواتر عن الله أو رسوله أو صح عنه - صلى الله عليه وسلم - ، و لدى الكثير منهم قدرة على تمييز الصحيح من الضعيف ، و هو ما يظهر من خطب الجمعة التي يلقونها .(5/8)
و قد جُبْتُ البوسنة بلداً بلداً خلال بضع سنوات شهدت خلالها أكثر من مئة خطبة جُمُعة ، شدّني فيها كثرة الاستشهاد بالحديث ، و رجحان كفة الصحيح على الضعيف ، مع حرص كثيرٍ من الخطباء على تخريج الأحاديث ، أو بيان درجتها في خطبهم ، و فيما يلي خلاصة ما سجلته من ملاحظات عن خمسٍ و عشرين خُطبة :
مواضيع الخطب ... عدد الخطب ... مجموع الآثار و الأحاديث ... الأحاديث الصحيحة ... الأحاديث الضعيفة ... الأحاديث المخرجة ... الأحاديث المبينة درجتها
آداب و أخلاق ... 19
عبادات ... 16
معاملات ... 8
قصص و رقائق ... 8
مواضيع أخرى ... 2
المجموع ... 53
و ممّا سجلته من ملاحظات ، و أودعته الجدول السابق أستخلص النتائج التالية :
? موضوع الآداب و الأخلاق الإسلامية هو الغالب بين مواضيع الخطب المنبرية.
? يكثر الاستشهاد بالأخبار و الآثار في خطب القصص و الرقائق ، مع أن غالبية ما يستشهد به فيها غير صحيح ، و لا يلتزم الخطباء عادة بتخريج ما يوردونه في هذه الخطب .
? 92 بالمئة من مواضيع الخطب يدور على الأخلاق و الآداب و العبادات و المعاملات و الرقائق ، أما الباقي فيتناول في الغالب بعض مواضيع الساعة في البوسنة كتوحيد المسلمين ، و الانتخابات التي تجري لاختيار ممثليهم ، و نحو ذلك .
? 52 بالمئة من الأحاديث التي يوردها الخطباء على المنابر يذكرون من – أو بعض من – خرّجها من أهل العلم بالحديث ، و يذكرون درجة 29 بالمئة من تلك الأحاديث .
? الأحاديث التي يبين الخطباء درجتها على المنبر هي الأحاديث المقبولة (الصحيحة و الحسنة) و لم أسمع قط خطيباً يشير إلى ضعف حديثٍ أورده في خطبته ، و هذا يدل على أن المسلم بطبيعته ينفر من الأحاديث الضعيفة ، و يطمئن قلبه لما صح من الأحاديث فقط ، و أن الخطباء على دراية بما يقولون، و ليسوا مجرد إمعاتٍ يرددون ما لا يعون .(5/9)
2 ) المساجد رياض الجنة ، تقام فيها الدروس و المواعظ بشكلٍ منتظم ، ففي كثيرٍ منها دروسٌ يوميةٌ بعد إحدى الصلوات الخمس ( و غالباً ما تكون بعد صلاة العصر من كل يوم ) ، و دروسٌ أسبوعية تكون في الغالب يومي السبت و الأحد ( الذين هما يوما عطلة عن العمل ) ، و محور هذه الدروس في الغالب هو حديثٌ نبويٌ أو أكثر ، يورده المدرس ( باللغة العربية غالباً ) ثم يترجمه إلى اللغة البوسنوية ، و بعد ذلك يسهب في شرحه و بيان فقهه و المسائل المستنبطة منه .
و على الرغم من أن هذه الدروس تستمر طوال العام ،فإنه غالباً ما يكون لها شأنٌ خاص في المواسم ، و خاصة خلال شهر رمضان المبارك ، حيث تكثف الدروس (( و يحدث هذا يومياً في أغلب الأحوال ، بالنسبة للنساء أولاً ثم للرجال، و ذلك بعد صلاة الظهر )) (1) .
و من دروس المساجد ما يعرف باسم ( مجالس التحديث ) التي تعقد بشكلٍ منتظم في المساجد ، و فيها يُدرِّس العلماء بعض أمهات كتب الحديث (في الغالب) أو يختارون أحاديث يجمعونها من بطون الكتب المختلفة و يقومون بترجمتها و شرحها و تقديمها لطلاب العلم من خلال مجالس التحديث .
و لأهمية هذه المجالس ، و كونها من المظاهر البارزة في الحياة التعليمية الدالة على عظم اهتمام العلماء البشانقة بتعليم الحديث النبوي الشريف ، أفردت فصلاً من هذا الباب للحديث عنها و سيأتي لاحقاً بعون الله و توفيقه .
3 ) في المساجد يجد المسلمون بيئة مثالية للالتزام بسنن الأقوال و الأفعال على مدار الساعة ، و قد أحسن أتباع جماعة الدعوة و التبليغ الإفادة من هذه البيئة لتربية أبنائها على حياة أيام إسلامية في جو المساجد بين الفترة و الفترة .
__________
(1) 1 ... الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك . دراسة ، ص : 110 .(5/10)
و إن لم يكن لهذه الجماعة وجود واضح في البوسنة ، فإن الإفادة من أسلوب أتباعها في تفعيل دور المسجد في التربية قائم في تلك البلاد بلا ريب ، و غالباًًً ما يظهر دور المسجد جلياً في شهر رمضان المبارك ، حيث تتم إلى جانب إقامة الصلوات الخمس ، عدة أمور تلعب دوراً في إحياء السنن ، و الالتزام بها في حياة البوشناق ، و منها :
? المواظبة على ختم القرآن الكريم في المساجد بالتلاوة أو الاستماع خلال شهر رمضان المبارك ، و يسمى عند البوسنويين ( المقابلة ) إذ يبدأ أحد القراء الحفاظ بتلاوة القرآن الكريم على أسماع من لا يجيدون تلاوته في المسجد بعد إحدى الصلوات ( و غالباًًً ما تكون صلاة العصر ) كل يوم ، استشعاراً لكون شهر رمضان شهرَ القرآن الكريم و لما روي في فضل تلاوته.
? المحافظة على صلاة التراويح في جماعة ، حيث تكتظ المساجد و تمتلئ أفنيتها بالمصلين طوال الشهر الكريم الذين يفوق عددهم أحياناً عدد من يشهدون الجُمَع .
? إحياء سنة الاعتكاف في العشر الأواخر من شهر رمضان ، و هي من السنن التي كادت تندثر أيام الحكم الشيوعي للبوسنة ، ثم عادت تنبعث و تنتشر من جديد بجهود العلماء و الدعاة جزاهم الله خيراً . ففي ليالي العشر (( يعتكف الإمام و المؤذن و من يرغب في الاعتكاف الذي يبدأ من عصر اليوم العشرين من رمضان ، و ينتهي بعد صلاة العشاء آخر يومٍ منه ، و يقوم الأثرياء من المسلمين في العادة بإعداد و إحضار طعام الإفطار لأولئك المعتكفين )) (1) . و قد رأيت مساجد تكتظ بالمعتكفين في العشر الأواخر حتى لا يكاد يجد فيها موطئ قدم من لم يشرع في الاعتكاف منذ أول الأيام العشر ، و هذه الظاهرة مما يميز مسجد ( بوتشينيا ) قرية المجاهدين ، إذ يعيش المئات في بيئة إسلامية مثالية .
__________
(1) 1 ... الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 112 .(5/11)
? إقامة الموائد لتفطير الصائمين في المساجد طوال شهر رمضان . و هي سنة حميدة تمسك بها البوسنويون منذ القدم ، ثم اضطروا إلى التحول بموائد الإفطار إلى أفنية بيوتهم بسبب الحظر الشيوعي لإقامة هذا النشاط في المساجد و عادت الموائد إلى المساجد من جديد على أيدي الهيئات الخيرية الإسلامية ( و معظمها عربية ) ، عند اندلاع الحرب الأخيرة ، حيث تنافست هذه الهيئات في استباق الخيرات ، و منها إقامة موائد الإفطار للصائمين التي يواكبها في الغالب برنامج دعوي يستمر من المغرب حتى الفراغ من صلاة التراويح .
... و هكذا نجد للمساجد دوراً لا يستهان به في نشر السنن و إحيائها ،
و تعليم الناس حديث نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بطرقٍ عدّةٍ نظرية و عمليّة في البوسنة و الهرسك.
المبحث الثاني
الكتاتيب
الكتاتيب ، : (جمع كتاب) ، و تعرف في البوسنة بالمكاتب (جمع مكتب) و هي : أماكن ( في المساجد أو غيرها ) ، مخصَّصة لتعليم الصبيان مبادئ العلوم الأولى ، كالهجاء و الكتابة ، و حفظ القرآن الكريم و تجويده .
عرفت الكتاتيب منذ فجرالإسلام و إن لم تحمل الاسم ذاته ، فقد سُئل أنس بن مالك - رضي الله عنه - ، كيف كان المؤدبون على عهد أبي بكر و عمر و عثمان و علي - رضي الله عنهم - ؟
فقال : كان المؤدب له الخابية (1) ، و كلُّ صبيٍّ يأتي كل يوم بنوبته ماءً طاهراً فيصبّونه فيها ، فيمحون به ألواحهم ، ثمَّ يحفرون حفرة في الأرض فيصبون ذلك الماء فيها فينشف (2) .
__________
(1) 1 الخابية : الجرة العظيمة ، و هي نحو القلة ، تسع ثلاث قرب . انظر : الأوسط لابن المنذر 1 / 262 .
(2) 2 ... أخرجه محمد بن سحنون في آداب المعلمين ، ص : 86 – 87 ، قال : حدثني محمد بن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن سعيد ، عن زيد بن ربيع ، عن بشر بن حكيم ، عن سعيد بن هارون ، عن أنس بن مالك به .
... قلت : في إسناده جماعة لم أقف لهم على ترجمة بعد طول بحث ! وأخشى أن يكون دخله تصحيف و تحريف، خاصة و أني قد وقفت في هذا الكتاب على تصحيفات في مواضع أخرى ، و الله أعلم .(5/12)
من هذه الرواية تتضح معالم التعليم في الكتاتيب البدائية ، فهي للصبيان الصغار ، و لكلِّ صبيٍّ لوح يكتب عليه ، و هي الصورة ذاتها التي ظلَّت معروفة حتى عهد قريب في معظم ديار الإسلام ، ثم انحسرت ، و عزَّ وجودها مع انتشار التعليم النظامي ، و زحف الحضارة الوافدة على البقيَّة الباقية منها (1) .
أمَّا فيما يخصُّ البوسنة فقد انتشرت فيها الكتاتيب ( أو المكاتب كما يسمونها ) على نطاق واسع . فمن المعلوم أنه بمجرد سيطرة الأتراك العثمانيين في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي على منطقة البوسنة و الهرسك ، و نشرهم الإسلام بين سكانها ، نقلوا إليها بعض عناصر الحضارة الإسلامية المأخوذة عن المسلمين العرب و منها الكتاتيب (2) .
__________
(1) 1 ... رأيت بعض الكتاتيب منذ سنوات في السودان ، و ما جاورها من بلدان إفريقيَّةَ و ربما عرفت هناك باسم (خلاوي تحفيظ القرآن الكريم) ، و قد كان التعليم في الكتاتيب سرَّاً الوسيلة الوحيدة للتعليم و تربية أبناء المسلمين على مبادئ دينهم في البلدان الشيوعية ، قبل انهيار ما كان يعرف بالاتحاد السوفييتي ، و تصدع الماركسيَّة .
أما في موريتانيا ( شنقيط ) فرأيت نموذجاً رائعاً للتعليم يسمونه بالمحاضر ، و هو امتدادٌ لأسلوب التعليم في الكتاتيب ، حيث يلازم التلميذ فيها المشائخ و العلماء السنين الطوال ، يأخذ عنهم العلوم الشرعيَّة على تنوعها ، و يحفظ المتون و الحواشي ، قبل أن يتخرَّج فيها مجازاً بالفتيا و الرواية و التدريس و القضاء ، و ما إلى ذلك ، و بين من يتخرَّج فيها جهابذة في الحفظ و الضبط و الإجادة ، و كأنَّهم بقيَّة من بقايا السلف رضوان الله عليهم .( الباحث )
(2) 2 ... انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 83 .(5/13)
و مع الفتح الإسلامي للبوسنة بدأ انتشار الكتاتيب التي استمرت زهاء ستة قرون في ظل الحكم العثماني ، و بلغ عددها – حسب المصادر الرسمية – في عام 1286 هـ / 1870 م ثمانمئة و خمسين كتّاباً ، يدرس فيها تسعةٌ و ثلاثون ألفاً و أربعمئة و اثنان و سبعون تلميذاً ، بينهم ثمانية و عشرون ألفاً و ستمئة و ثمانية من الذكور ، و عشرة آلاف و ثمانمئة و أربعٌ و ستون من الإناث ، و هو رقمٌ لا يستهان به .
و في عام 1293 هـ / 1876م بلغ عدد الكتاتيب تسعمئة و ستة عشر
كتاباً ، يتلقى التعليم فيها أربعون ألفاً و سبعمئة و تسعٌ و سبعون تلميذاً (1) ، و ظل عدد الكتاتيب في تزايد مستمر ، حتى بلغ ألفاً و خمسة كتاتيب سنة1317 هـ / 1900م (2) .
و في ظل حكم مملكة يوغسلافيا للبوسنة بلغ عدد هذه الكتاتيب سنة 1353هـ/1935م تسعمئة و ستةً و ثلاثين كتّاباً ، يتعلّم فيها ثلاثةٌ و أربعون ألفاً وسبعمئة و ثمانيةٌ و سبعون طالباً ، على يد ألفٍ و ستةٍ و عشرين معلماً ، و تنفق عليها إدارة الأوقاف الإسلامية (3) .
__________
(1) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 85 .
(2) 2 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 31 .
(3) 3 ... علي سالم إبراهيم النباهين : دراسة مقارنة للأوضاع التعليمية للأقليات الإسلامية في الهند و سيريلانكا و يوغسلافيا ، و مدى جهود العالم الإسلامي لمواجهة هذه الأوضاع ، أطروحة الدكتوراة ، ص : 216 .(5/14)
و أقدم الكتاتيب المعروفة في البوسنة الكتَّاب المقام في جامع كيوان كتخدا بسراييفو الذي يعود تاريخ إنشائه إلى سنة 961هـ/1554م ، و لا يعني هذا عدم وجود كتاتيب سابقة له ، بل قد يكون مسبوقاً بكتاتيب لم يؤرخ لها ، أما في موستار فهناك عدد من الكتاتيب الشهيرة ، و منها كتَّاب قركوز بيك الموستاري و كتَّاب كيوان بيك ، و كتَّاب درويش بيك ، و كتَّاب بيازيد آغا زادة ، و كتَّاب الحاج بالي ، و كتَّاب الحاج أحمد بيك ، و غيرها (1) .
و كانت مهمة التعليم في الكتَّاب الذي يقام في إحدى زوايا المسجد ، أو يكون في مبنىً ملحقٍ به أو قريبٍ منه توكل غالباً إلى الإمام ، و ربما ساعده غيره من أهل المحلة كالمؤذن (2) ، و يتعلم الطلاب المبتدئون فيه القراءة و الكتابة باللغة العربية ، إلى جانب أَوّليات أحكام الدين و الأخلاق و التوحيد و التاريخ ، و غير ذلك (3) .
و في البوسنة إلى جانب الكتاتيب المختلطة كتاتيب خاصة بالطلاب الذكور ، و أخرى تخص الفتيات المسلمات بعيداً عن الاختلاط (4) ، و هذا يتمشى مع الآداب الإسلامية التي عرف عن البشانقة تمسكهم بها ، و قد كان عامتهم يقصرون تعليم بناتهم على مرحلة الكتّاب ، و يعارضون مواصلتهن للتعلُّم في المدارس .
__________
(1) 4 ... انظر : محمد قاروط : المسلمون في يوغسلافيا ، ص : 265 .
(2) 1 ... الدكتور نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك في القرنين الخامس عشر و السادس عشر ، ص : 183 .
(3) 2 ... انظر : علي سالم إبراهيم النباهين : الأوضاع التعليمية للأقليات الإسلامية ، ص : 282 .
(4) 3 انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك في القرنين الخامس عشر و السادس عشر ، ص : 183 .(5/15)
ففي سنة 1329 هـ / 1911 م كان في البوسنة ثلاثة عشر كتاباً خاصاً بالبنات ، يدرسن فيه العلوم الشرعية فقط باللغة العربية ، و في تلك السنة اقترح بعض أعيان المسلمين تطوير مناهج تعليم الفتيات في الكتاتيب بإضافة مواد التدبير المنزلي ، و ما تحتاجه المرأة في حياتها كتربية الأبناء و رعايتهم إلى المقررات الدراسية في الكتاتيب (1) .
لكن قلة المعلمات المؤهلات للتدريس في الكتاتيب ظل عائقاً في طريق زيادة انتشارها في أنحاء البوسنة ، الأمر الذي تنبه له القائمون على التعليم الإسلامي في سراييفو فأقروا في سنة 1351 هـ/ 1933م إقامة دورات تأهيل للمعلمات مدة الدراسة فيها سنة واحدة ، يتخرجن بعدها بكفاءة تؤهلهن للقيام بمهمة التعليم في كتاتيب البنات ، فأقبلت المسلمات بشغف على الالتحاق بهذه الدورات ، مما دفع إلى تطويرها ، و إلحاقها بمدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، حتى أصبح في المدرسة قسم خاصٌ بالبنات (2) .
( و في القرى التي تخلوا من الكتاتيب كان يتم سد هذا الفراغ بالتعليم الديني للسكان المسلمين عن طريق الشيوخ الوافدين أو الزائرين . و كانوا يأتون على الأخص خلال شهر رمضان المبارك ، و يعلمون سكان هذه القرى مبادئ الدين الإسلامي و قواعد العبادات .
و كان معظم هؤلاء الشيوخ الوافدون من طلاب المدارس الإسلامية ، يقضون إجازة رمضان فيما ينفعهم ، و يخدم دينهم .
__________
(1) 4 انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 163 .
(2) 1 انظر : دائرة المعارف الإسلامية : 8 / 263 .
و : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 283 .(5/16)
كما كان هناك شيوخ وافدون يذهبون إلى القرى في الشتاء ، و يجمعون حولهم الكبار و الصغار و النساء ، و يعلمونهم في أحد منازل القرية ، و يحضر كذلك إلى هذا الكتّاب شبان من القرى المجاورة حرصاً على طلب العلم . و بعد إنهاء مهمته يذهب الشيخ المعلم إلى قرية أخرى و هذا دواليك ) (1) .
كما كانت هناك كتاتيب خاصة يقيمها بعض المتبرعين الأغنياء و يعينون المدرسين فيها على نفقتهم الخاصة (2) .
و قد شهدت كتاتيب البوسنة عصراً ذهبياً من الاهتمام و الرعاية في العهد العثماني ، ثمَّ ضيق عليها شيئاً فشيئاً بعد سقوط الخلافة حتى لم تعد شيئاً مذكوراً بعد الحرب العالمية الثانية ، و ظهور ما عرف بيوغسلافيا الاتحادية عام1364 هـ / 1945م ، حيث حظرت رسمياً ، و اعتبر من يعمل فيها , أو يدعو إلى إحيائها مجرماً و متآمراً , يستحق الملاحقة و العقوبة الصارمة (3) .
و على الرغم من أن القانون يسمح نظرياً بإقامة الكتاتيب ، فإن السجن لخمس سنوات هو عقوبة من يدرس الأطفال في الكتّاب عملياً , و قد أنزلت هذه العقوبة على العشرات من أئمة المساجد ، و من أشهرهم محمد حسن بيك إمام أحد مساجد غوراجدة الواقعة شرق البوسنة (4) .
__________
(1) 2 الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 86 .
(2) 1 انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 163 .
(3) 2 انظر : المجزرة في يوغسلافيا ، ص: 22
(4) 3 ... انظر : المجزرة في يوغسلافيا ، ص: 22، 53 .(5/17)
و أمام هذا التضييق و الملاحقة اضطر مسلمو البوسنة إلى نقلها إلى بيوتهم ، و حقولهم (1) ، و حصرها في أبناء العائلة الواحدة أو الجيران ، و قصر التعليم فيها على حروف الهجاء العربية ( و يسمونها السُفَرا في اللغة البوسنوية ) ، و قصار السور ، مما أدى إلى تفريغها من مضمونها تماماً .
و إذا أردنا أن نعرف دور الكتاتيب في نشر علوم الحديث بين أبناء البوسنة تعيَّن علينا أن نلحظ الأمور التالية :
1) ... الغاية الأولى من إقامة الكتاتيب هي تعليم و تربية الأطفال لا الكبار ، و لذلك نلحظ أن مستواها العلمي و التربوي محدود .
2) ... الكتاتيب نمط تعليمي أخذه الأتراك العثمانيون عن العرب ، ثم عمموه على مناطق نفوذهم في أوروبا و غيرها ، و لذلك فإن ما ينطبق على كتاتيب البوسنة غالباً ما ينطبق على مثيلاتها في أنحاء العالم الإسلامي الأخرى .
3) ... الدور الذي تؤديه الكتاتيب في حياة المسلمين ، يمكن أن يؤدى بدونها ، نظراًً للبساطة في تنظيمها و دورها التعليمي ، و هو ما ساعد البشانقة على مواصلة تعليم أبنائهم قدراً من مبادئ الإسلام في منازلهم و حقولهم ،
على الرغم من الحظر الشيوعي للتعليم في الكتاتيب .
و تميز دور الكتاتيب في نشر علوم الحديث بين أبناء البوسنة و الهرسك في عدة جوانب :
__________
(1) 4 ... قبل أن يصير هذا النوع من التعليم شائعاً في المساجد ، كانت له زوايا خاصَّة و أماكن عامَّة ملحقة بالمساجد أو بعيدةً عنها ، و ليس داخلها حيث لم يكونوا يستجيزون ارتياد الصبيان للمساجد للتعُّلم خشية العبث ، و لأنَّهم قد لا يحسنون التبرؤ من النجاسة ، و يعدون ذلك من تعظيم حرمات الله و شعائره ، و ينسب القول بهذا إلى الإمام مالك رحمه الله . انظر : الرسالة المفضلة للقابسي ، ص : 322 ، و آداب المعلمين لابن سحنون ، ص : 87 .(5/18)
أحدها : تعليم الأطفال حديث نبيّهم - صلى الله عليه وسلم - ، و تحفيظهم إياه ، و حفزهم على العمل بمقتضاه ، حيث إن معظم الكتاتيب تدرس بعض الأربعينيات الحديثية، وخاصة الأربعين النووية المعروفة عند المسلمين كافة .
و ممّا استوقفني و أنا أبحث في مخطوطات الحديث النبوي و علومه في مكتبات البوسنة أن عشرات النسخ الخطية لمخطوطات الأربعينيات الحديثية ( و خاصة النووية ) مكتوبة بخط ركيك ، لا يخلو من أخطاء إملائية ، يغلب على الظن أنه خط طفلٍ صغير لما يتقن أصول الكتابة و الإملاء بعد .
و ليس غريباً اليوم أن تلقى طفلاً صغيراً ممن تتلمذ في كتاتيب البوسنة ، يردد بعض قصار الأحاديث باللغة العربية ، و إن لم يكن يعي معناها بدقة .
و ثانيها : التربية على منهاج السنة النبوية للطفل المسلم ، إذ يتعلم في الكتاب الأخلاق الإسلامية ، و السيرة النبوية ، و يطبق الأطفال عملياً ما يتعلمونه كالوضوء ، و الصلاة ، و غير ذلك .
كما أن في البيئة التي يتعلم فيها طلاب الكتاتيب أموراً تُغرَسُ في نفوسهم منذ الصغر ، رجاء أن تُؤتي ثمارها في الكبر ، من ذلك تربيتهم على عدم الاختلاط، حيث يتم الفصل بين الجنسين في كثير من الكتاتيب كما تقدم ، و تنشئة الفتاة على الحياء و الحجاب الذي لا يسمح لها بدخول الكتَّاب ما لم تلتزم به .
هذه هي كتاتيب البوسنة ، و هذا هو دورها في نشر السنة النبوية ، و تعليم الحديث الشريف لأبناء المسلمين الذين يرتادونها .
الفصل الثاني
التعليم الشرعي النظامي(5/19)
إذا صح اعتبار التعليم الإسلامي في المساجد و الكتاتيب تعليماً غير نظامي، بسبب عدم تبعيته لجهة ما ، و عدم كونه مؤسسة حكومية ، أو تحت رعاية و إشرافٍ حكومي ، فضلاً على تباين أساليب التعليم ، و المناهج المقررة ( إن وجدت ) فيها ، فإن ذلك لا يصح بحال بالنسبة للمدارس الشرعيَّة بمستوياتها المتعددة ، و مراحل التعليم العالي ( فوق الثانوي ) حيث إنها - في الغالب – أكثر تنظيماً ، و أرفع مستوىً في التربية و التعليم ، إلى جانب كونها مسجلة في دواوين الدولة ، و تخضع لإشرافها إلى حدٍ ما .
و في البوسنة كثيرٌ من المدارس الشرعية ، إلى جانب بعض دور التعليم العالي ، أعرف بها فيما يلي ، ثم أقف عند دورها في نشر و إحياء السنن ، و تعليم الحديث النبوي و علومه لطلابها .
المبحث الأول
المدارس الشرعية
في البوسنة و الهرسك - كما هو الحال في معظم المدن التي فتحها العثمانيون - مدارس كثيرة تعلم العلوم الشرعية ، إلى جانب بعض علوم العصر , و المهن التي يحتاجها المسلمون في كل عصر و مصر .
... بدأ انتشار التعليم الإسلامي ، و تشييد المدارس في البوسنة مع مجيء السلطان محمد الفاتح رحمه الله إليها سنة 855 هـ / 1451 م ، حيث أحضر معه العلماء و شجع التعليم (1) ، و (( بُدِئ بتأسيس المدارس الإسلامية ، و بقي عدد المدارس ينمو باستمرار ، حتى وجد في نهاية القرن التاسع عشر للميلاد أكثر من مئتي مدرسة داخل أقاليم يوغسلافيا )) (2) ، و عين فيها المشائخ الأكفاء للتدريس ، و وقفت عليها الأوقاف ، و أجريت لها العطاءات السخية .
__________
(1) 1 ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : الشيخ حسن كافي الأقحصاري رائد العلوم العربية و الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 57 .
(2) 2 ... محمد بوفاكو : أقدم الوثائق الوقفية المكتوبة بالعربية في يوغسلافيا ( مقال نشرته مجلة العربي في عددها رقم 210 ، مايو 1976م ) ، ص : 145، 146 .(5/20)
... و لا يعرف مكان أو زمان إنشاء أول مدرسة إسلامية في البوسنة ، غير أن أقدم ما ذُكر من هذه المدارس يرجع إلى عهد والي البوسنة فيروز بيك بين عامي910 و 917 هـ / 1505م و 1512م ، حيث بنى مدرسة حملت اسمه في سراييفو ، و لا يعرف عنها الكثير ، لأنها احترقت بالكامل عندما أحرق القائد النمساوي ( أوغين ) مدينة سراييفو سنة1108 هـ / 1697 م ، و لم يبق من ذكراها سوى الحي الذي كانت فيه ، و الذي عرف بعد احتراقها باسم
(مدرست) (1) .
و خروجاً من المبالغة التي جرى عليها بعض الكتاب في الحديث عن المدارس الشرعية ، و التي توهم أن البوسنة كانت حاضرةً علمية ، تخرج عشرات - و ربما مئات - الآلاف من الطلاب ، على أيدي آلاف العلماء المدرسين ، أجد من الأهمية بمكان أن أؤكد هنا على نقطتين لا بد من الوقوف عليهما ؛ للوصول إلى تقييم واقعي لحال المدارس الشرعية في البوسنة ، و هاتان النقطتان هما :
أولاً : إن اسم ( مدرسة ) بحسب العرف العثماني ، الذي انتقل إلى البوسنة و غيرها من بلدان السلطنة كان يطلق على أي عدد من الطلاب يتجمعون حول شيخٍ يشرح لهم كتاباً أو أكثر في بعض العلوم ، و ربما كانت المدرسة بمدرسيها و تلاميذها لا تعدو أن تكون حلقة علم في صالة أو صحن مسجد ، (( و معظم الدروس في المدرسة كان يلقيها أستاذٌ واحدٌ بمساعدة معيدٍ أو معيدين ... و لهذا كان المستوى العلمي للمدرسة ، و سمعتها يتوقفان على مقدرة أستاذها )) (2) .
و ربما بلغ التساهل ببعض الكتاب أن يطلق اسم ( جامعة ) على بعض هذه المدارس ، كما فعل الرحالة الفرنسي ( لودي هة ) حين وصف إحدى مدارس فوتشا سنة 1344 هـ / 1926م بأنها جامعة (3) .
__________
(1) 1 ... انظر : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك في القرنين الخامس عشر و السادس عشر ، ص : 184 .
(2) 2 ... المرجع و الصفحة السابقان .
(3) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص: 222 .(5/21)
ثانياً : كثيرٌ من المدارس الشرعية في البوسنة لم يكن لها نظام تعليمي ثابت كما لم يكن عليها إقبال يُذكر في بعض الحقَب ، و خاصة بعد سقوط الخلافة العثمانية حيث انصرف الناس أو صُرفوا عن التعليم الإسلامي بكافة أنواعه .
فقد جاء في تقرير لمجلس العلماء بسراييفو عام 1348 هـ / 1930 م أن عدد طلاب مدرسة ألجي إبراهيم باشا في ترافنيك بفصولها الخمسة لا يتجاوز خمسةً و عشرين طالباً ، أي أن في الفصل الدراسي الواحد خمسة طلاب تقريباً (1) ، و عدد طلاب مدرسة عثمان كابيتان في غراداتشاتس كان واحداً و ثلاثين طالباً فقط (2) .
و في عام 1340 هـ/ 1922م لم يكن في مدرسة بهرم بيك بتوزلا سوى تسعة طلاب (3) .
أما مدرسة الغازي خسرو بيك الشهيرة في سراييفو فقد كان متوسط عدد طلابها المسجلين بين عامي 1302 و 1415 هـ / 1885م و 1995م أربعةً و
عشرين طالباً و حسب (4) .
و قس على ذلك حال الكثير من المدارس الشرعية في البوسنة .
لذلك ، كان من الواجب علينا الإقرار بأن بعض تلك المدارس لم يكن له دورٌ يذكر في مسيرة التعليم الإسلامي في البوسنة .
و لا ينفي هذا وجود عدد لا يستهان به من المدارس الشرعية التي كانت تنافس مثيلاتها في بلدان المسلمين الأخرى ، تحت ظلال الخلافة العثمانية و خارجها ، و أن هذه المدارس كان لها أثر كبيرٌ في نشر الإسلام و تعاليمه و علومه في محيطها .
__________
(1) 2 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 202 .
(2) 3 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 217 .
(3) 4 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 205 .
(4) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 266 .(5/22)
و أثناء الحكم العثماني للبوسنة (( كان التعليم يتم في جميع المدارس باللغات التركية و العربية و الفارسية ، إذ كانت اللغة التركية اللغة الرسمية للإدارة، أما اللغتان العربية و الفارسية فكانتا لغتي العلم و الدين و الأدب )) (1) .
و قد كانت هذه المدارس إلى جانب منارات العلم الأخرى في أنحاء يوغسلافيا السابقة من الكثرة بمكان كما نقل من عاصرها ، عرباً و عجماً ، و إن كان أشهر هؤلاء على الإطلاق الرحالة التركي الشهير بـ ( أوليا شلبي ) (2) ، الذي زار منطقة البلقان و قيد مشاهداته فيها في كتاب ضخم طبع باللغة التركية، و منها ترجم إلى عدة لغات أوروبية باسم ( سياحة نامة ) ، أي : سجل الزيارة ، و هو ما يعرف اختصاراً باسم ( رحلة أوليا شلبي ) (3) .
__________
(1) 2 ... انظر : علي سالم إبراهيم النباهين : دراسة مقارنة للأوضاع التعليمية للأقليات الإسلامية في الهند و سيريلانكا و يوغسلافيا ، ص : 261 .
و : محمد بوفاكو : أقدم الوثائق الوقفية المكتوبة بالعربية في يوغسلافيا ، ص : 146 .
(2) 3 ... أوليا شلبي : أديب تركي مشهور ، و رحالة معروف ، تنقل في أنحاء الدولة العثمانية ، و سجل ما شاهده فيها ، و كانت رحلته في أواسط القرن الحادي عشر ، بقيت كتاباته فصارت من المصادر التاريخية المهمة ، توفي سنة 1059 هـ / 1649 م . =
= ... انظر : الجوهر الأسنى ، للخانجي ، ص : 7 ، 10 ، 70 .
(3) 1 ... يذكر الخانجي في كتابه ( الجوهر الأسنى ) ص 7 , أن هذه الرحلة باللغة التركية و تقع في عشر مجلدات ، لم يصنف في العربية و لا التركية و لا الفارسية مثلها .(5/23)
و ذكر شلبي رحمه الله في معرض حديثه عن الآثار الإسلامية في منطقة البلقان و ما جاورها ، أنه وقف في مدينة بلغراد ، عاصمة يوغسلافيا اليوم ، على الكثير من الآثار و المعالم الإسلامية ، مئتان و سبعة عشر مسجداً ، و ثمان مدارس و تسع دور للحديث ، و سبع عشرة تكية ، و مئتا مكتب لتعليم الصبيان ، و ... و ليس فيها الآن من كل ما ذكره شلبي سوى مسجد واحد يرتاده للصلاة فيه عدد قليل من المسلمين ، و قس على هذه المدينة بقية المدن الواقعة تحت سيطرة الصرب اليوم .
و نظراً لأهمية هذه المدارس و مكانتها في حياة مسلمي البوسنة و الهرسك، و دورها الريادي في تخريج العلماء و الدعاة ، فضلاً على الساسة و القادة و غيرهم من المشاهير ، فمن المناسب أن نعرِّف بخمسة من أعرقها و أشهرها عبر التاريخ ، ثم نشير إلى بقية مدارس البوسنة باختصار فيما يلي :
أولاً : تعريف بأشهر المدارس الشرعية في البوسنة :
1) مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو (1) :
تعد هذه المدرسة من أقدم المدارس في منطقة البلقان ، و أهم مؤسسة علمية للمسلمين في البوسنة و الهرسك طوال الحكم العثماني ، و حتى اليوم (2) ، و من المتفق عليه لدى الكتاب و الباحثين في واقع و تاريخ مسلمي البوسنة أنها المدرسة الإسلامية الأولى في أوروبا من حيث الشهرة و المكانة ، و الأثر العلمي في محيطها .
__________
(1) 1 ... للاستزادة حول مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو , انظر : خالد عزب : مدرسة و مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ( مقال منشور في مجلة المنهل السعودية , عدد جمادى الأولى و الثانية 1417هـ/ سبتمبر و أكتوبر 1996م ) ، ص : 4-9 .
و : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 246-274 .
و : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 69-82 .
(2) ... عبد الحي فرماوي : الصربيون خنازير أوروبا ، ص: 68 ، 67 .(5/24)
و قد شيدها على طراز مدارس القسطنطينية العثماني الفريد ، الغازي خسرو بيك رحمه الله سنة 943هـ /1537م ، عقب الفراغ من بناء ( الخانقاه ) ، و مسجد الغازي خسرو بيك الشهير في وسط سراييفو تنفيذاً لوصيّة والدته السلطانة سلجوقة , التي وقفت لإنشائها سبعمئة ألف درهم (1) ، و كانت تعرف في بادئ الأمر بالمدرسة السلجوقية نسبة إليها (2) ، و على بابها عبارة ترحيب بالزائرين باللغة العربية جاء فيها : ( شُيِّد هذا المبنى من أجل أولئك الذين يطلبون
العلم ) (3) .
__________
(1) 3 ... انظر المرجع السابق ، ص : 68 ، 67 .
(2) 4 ... تشتهر مدرسة الغازي خسرو بيك بأسماء أخرى عند البوسنويين ، كالخسروية ، نسبة إلى مؤسسها الغازي خسرو بيك ، و يطلق عليها آخرون اسم مدرسة الكورشوميلية ، المشتقة من كلمة ( كورشوم ) التي تعني الرصاص ، الذي كان يغطي مبنى المدرسة . =
= ... انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 71 .
و : محمد مؤذنوفيتش و محمود تراليتش : مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، ص : 8 .
و : قاسم حاجيتش : مدرسة الغازي خسرو بيك في الذكرى الأربعين بعد الأربعمئة لتأسيسها ( بحث منشور في مجلة البلاغ البوسنوية ، العدد السادس ، سنة 1397هـ/1977م ) ص : 671 و ما بعدها .
(3) 1 ... انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 69 .(5/25)
و بحسب الوقفية ( و ثيقة الوقف ) التي تذكر مدرسة الغازي خسرو بيك الشرعية في سراييفو ، و المكتوبة سنة تشييد المدرسة الموصوفة بأنها ( مدرسة شريفة رفيعة البنيان ، جليلة القدر ، بين الخواص و العوام ) يلاحظ أن المواد التي يدرسها طلاب المدرسة محصورة في علوم الشريعة و اللغة العربية ، و يشترط في المدرس الذي يقوم بتدريسها أن يكون ( عالماً ، فاضلاً ، كاملاً ، حصيفاً ، جامعاً للفروع و الأصول ، و المعقول و المنقول ) (1) .
و من اللافت للنظر أن أول من تولى التدريس فيها كان عربياً ، و قد أطلق عليه اسم : عرب خوجة ، أي الشيخ العربي ، و كان في المدرسة ( معيدٌ ) يساعد الشيخ العربي في عمله (2) .
و من فضل الله تعالى و حسن توفيقه أن هذه المدرسة لم تتوقف قط عن تخريج الأئمة و الدعاة منذ افتتاحها و حتى يومنا هذا ، بل استمرت في العمل حتى في أثناء الحرب الأخيرة ، حيث واصل التلاميذ دراستهم في ملجئها تحت الأرض .
و قد تخرجت في هذه المدرسة خلال ما يزيد على الأربعة قرون و نصف
القرن ، أجيالٌ عديدة من العلماء الأكفاء و المفتين و القضاة و المدرسين و الأئمة
و الشعراء و غيرهم ، و تجاوزت شهرة بعضهم حدود البوسنة و الهرسك ؛ نتيجة لإنجازاته العلمية و الثقافية (3) .
__________
(1) 2 ... انظر : الدكتور محمد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ، ص : 173 .
و : نياز شكريتش : انتشار الإسلام في البوسنة و الهرسك في القرنين الخامس عشر و السادس عشر ،
ص: 241 .
(2) ... انظر : الدكتور محمد الأرناؤوط : الإسلام في يوغسلافيا من بلغراد إلى سراييفو ، ص : 173 ، 174 .
(3) 1 ... انظر : الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 74 .(5/26)
و كان في المدرسة قسم خاصٌ بالبنات أسس لتلبية الحاجة المتزايدة إلى تأهيل معلمات للتدريس في الكتاتيب الخاصة بالبنات – كما تقدم ، حيث إن قلة المعلمات المؤهلات للتدريس في الكتاتيب الخاصة بالبنات ظل عائقاً في طريق زيادة انتشارها في أنحاء البوسنة ، الأمر الذي تنبه له القائمون على التعليم الإسلامي في سراييفو فأقروا في سنة 1351 هـ / 1933 م إقامة دورات تأهيل للمعلمات مدة الدراسة فيها سنة واحدة ، يتخرجن بعدها بكفاءة تؤهلهن للقيام بمهمة التعليم في كتاتيب البنات ، فأقبلت المسلمات بشغف على الالتحاق بهذه الدورات ، مما دفع إلى تطويرها ، و إلحاقها بمدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، حيث عرفت منذ ذلك الوقت باسم مدرسة الغازي خسرو بيك للبنات، و لكن هذه المدرسة أغلقت بشكل نهائي من قبل السلطات الشيوعية سنة 1368 هـ / 1949م بحجة عدم الحاجة إليها (1) ، و منذ ذلك العام حولت مدرسة الغازي خسرو بيك إلى مدرسة مختلطة .
لا بد من الإشارة هنا إلى أن هذه المؤسسة العلمية الرائدة عانت كغيرها من المؤسسات الأخرى من وطأة التسلط الشيوعي ، حيث عمد الشيوعيون إلى إفسادها من الداخل بعد أن عجزوا عن إغلاقها كلياً ، فأقصوا المخلصين من المعلمين و الطلاب فيها ، و أشاعوا الرعب في أوساط من أصر على مواصلة التعليم أو التعلم فيها ، (( فحوّلها الشيوعيون إلى مركز مخابرات ، إذ أصبح عدد المخبرين أكثر من عدد الطلاب ، و لرجل المخابرات الدخول في أي صف دون استئذان من المعلم ، و دون إذن مدير المدرسة . و ركّبت أجهزة التنصت في كل الصفوف ، ليلفّقوا بواسطتها التهم ، و يفصلوا و يحاكموا بها أي طالب يرونه جاداً في تعلم الإسلام ، و يمكن أن يصبح مسلماً متمسكاً بالإسلام ... و لا أحد يملك حق الاعتراض )) (2) .
__________
(1) 1 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 283 ، 284.
(2) 2 ... المجزرة في يوغسلافيا ، ص: 26 .(5/27)
لكن هذه المدرسة استعادت دورها الحيوي في المجتمع ، و عادت لتنشر المعرفة و الوعي بين المسلمين بعد أن وضعت الحرب الأخيرة أوزارها ، و راح المسلمون يتنفسون الصعداء ، و هم يعودون إلى دينهم زرافاتٍ و وحداناً .
2) مدرسة قركوز بيك الموستاري في موستار (1) :
... شيد قركوز بيك الموستاري رحمه الله (2) مدرسته الشهيرة في بلدته موستار عام 1163 هـ / 1750م ، و عهد بمهام إدارتها و التعليم فيها إلى الشيخ حسن أفندي ، الذي قام بما عهد به إليه حتى وفاته .
... و قد تقلب في مهام التعليم و التدريس في هذه المدرسة عدد من مشاهير علماء البوسنة ، آخرهم الحاج إبراهيم أفندي فيتش (3) ، الذي استمر في عمله حتى إغلاقها سنة 1336هـ / 1918م .
__________
(1) 1 ... للاستزادة حول مدرسة قركوز بيك الموستاري في موستار انظر : حفظي حسن ديديتش : معاهد التربية و التعليم في موستار ، ص : 335 و ما بعدها .
و : سيف الدين قيموفيتش : مدرسة محمد بيك قركوز في موستار ( بحث منشور في مجلة البلاغ البوسنوية ، الصادرة عن رئاسة العلماء بسراييفو ، سنة 1996م ) ، ص : 466 .
(2) 2 ... قركوز بيك ، هو : محمد بك ، المشهور بقراجوز بيك ، توفي سنة 977 هـ / 1570 م .
(3) 3 ... الحاج إبراهيم أفندي فيتش : أخذ العلوم الشرعية من علماء البوسنة ، و تمكن فيها و تعلم العربية ، و كان رئيسا للعلماء في يوغوسلافيا ، كتب مقالات عديدة في المجلات الإسلامية ، توفي سنة 1383هـ /
1963م .
انظر : مجلة البلاغ البوسنوية , ص 3 – 7 ، العدد 1 – 2 ، سنة 1383 هـ / 1963 م .(5/28)
... و بعد أن أغلقت المدرسة عنوة ، و أوذي في الله جل من كان فيها من مدرسين و طلاب ، لجأ عدد من المدرسين إلى مواصلة تدريسهم من خلال مجالس خاصة كانوا يعقدونها لهذا الغرض ، و من أشهر من قام بهذه المهمة الشيخ قرابيتش الذي واصل تدريس التفسير ، و الحديث النبوي و علومه بشكلٍ منفردٍ في إحدى قاعات المدرسة زهاء عشرين عاماً انتهت بوفاته سنة 1361 هـ / 1942م رحمه الله .
و مما زاد من أهمية هذه المدرسة أن قركوز بيك الموستاري رحمه الله أقام إلى جوارها مكتبة عرفت باسمه أيضاً ، و جعل نواتها كتبه الخاصة التي أوقفها على طلاب المدرسة ، و سماها في وقفيته ، و هي :
? سبعة مصاحف مجلدة ، و ثامن مجزّأ .
? تفسير ( الكشاف ) للزمخشري (1) .
? تفسير القاضي البيضاوي .
? حاشية على كتاب ( شرعة الإسلام ) لسيد علي .
? قاموس عربي تركي .
و مع الزمن أغنى مدرسو و طلاب مدرسة قركوز بيك الموستاري هذه المكتبة بما نسخوه من المخطوطات حتى غدت إحدى أثرى مكتبات المنطقة بالكتب العربية و التركية و الفارسية ، إلى جانب مؤلفات علماء موستار ، أمثال الشيخ يويو ، و الشيخ إبراهيم أوبياتش و غيرهما .
__________
(1) 1 ... الزمخشري ، هو : محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي ، أبو القاسم ، جار الله ، كبير المعتزلة ، كان رأسا في البلاغة و العربية و المعاني و البيان ، وله نظم جيد ، و كان داعية إلى الاعتزال ، ولد سنة 467 هـ / 1075 م ، و توفي سنة 538 هـ / 1144 م .
انظر ترجمته في : الأنساب للسمعاني 3 / 163 ، معجم الأدباء 19 / 126 – 135 ، وفيات الأعيان 5 / 168 ، سير أعلام النبلاء 20 / 151 ، لسان الميزان 6 / 4 .(5/29)
و لقد عانت هذه المكتبة من الإهمال في ظل الحكم الشيوعي للبوسنة حتى كادت تفقد ما في خزانتها من نفائس المخطوطات ، بعد أن طالتها الأرضة ، و الأيدي الآثمة ، حتى تنبه لذلك بعض الغيارى فسعوا إلى نقل مخطوطاتها إلى مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، و نفذوا ذلك فعلاً سنة 1369 هـ / 1950م جزاهم الله خيراً .
كما بني من ريع أوقاف قركوز بيك الموستاري رحمه الله مدرسة أخرى تعرف باسم ( مدرسة بقعة ) ، و هي مدرسة صغيرة ( كانت تسمى دار القراء ، و دار الحديث ، و معهد تعليم القرآن و الحديث ... و كانت تتكون من أربع صالاتٍ ، و فناء واسع يصل حتى مدرسة قركوز بيك ... و توقفت عن العمل سنة 1325 هـ / 1907 م ، و حول مبناها عام 1331هـ / 1913م إلى محل تجاري ) (1) .
و من توفيق الله تعالى و فضله أن أعيد فتح هذه المدرسة أمام الطلبة بحلول عام 1415هـ/1995م ، و هو آخر أعوام الحرب الأخيرة في البوسنة .
3) مدرسة ألجي إبراهيم باشا في ترافنيك (2) :
... أسست هذه المدرسة عام 1117 هـ / 1706م في مدينة ترافنيك يوم كانت عاصمة لواء البوسنة ( قبل أن تنتقل إلى سراييفو ) على نفقة والي البوسنة إذ ذاك ألجي إبراهيم باشا رحمه الله .
و قد تعرضت للدمار ، و أعيد ترميمها مراراً عديدة كان أولها سنة 1195هـ/ 1781م و آخرها عام 1312هـ / 1895م .
__________
(1) 1 ... بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 189 .
(2) 2 ... للاستزادة حول مدرسة ألجي إبراهيم باشا في ترافنيك انظر : علي بيتيتش : أوقاف ألجي إبراهيم باشا في ترافنيك ( سراييفو 1942م ) ، ص : 11و ما بعدها .(5/30)
و بعد أن كانت مدرسة ألجي إبراهيم باشا شرعية متخصصة في العلوم الإسلامية و اللغة العربية ، حولت بقرار من مجلس العلماء إلى مدرسة عامة و أقحمت فيها مواد غير شرعية تفوق المواد الأساسية سنة 1358 هـ / 1939م، فكادت تفقد صفة المدرسة الشرعية (1) .
و تلحق بهذه المدرسة مكتبة شهيرة ، أوقفها ألجي إبراهيم باشا و تحمل اسمه ، كما تعرف باسم ( المكتبة الفيروزية ) أيضاً ، و كانت هذه المكتبة تضم نحو ثلاثمئة مخطوطٍ , تم نقلها إلى مكتبة الغازي خسرو بيك في سراييفو مؤخراً .
و قد تفاءل المسلمون خيراً حين لم يقدم النمساويون على إغلاق هذه المدرسة بعد استيلائهم على البوسنة ، و لكن هذا التفاؤل لم يدم طويلاً إذ أغلقت المدرسة على أيدي النازيين الذين دخلوا ترافنيك , و عاثوا فيها فساداً عام 1360 هـ / 1941م .
4) مدرسة بهرم بيك في توزلا (2) :
أقام بهرم بيك مدرسة عرفت باسمه في مدينة توزلا ، نحو سنة 1084 هـ / 1674م ، و يظهر أنه لم يوقف عليها ما يكفي ريعه للإنفاق عليها من بعده ، لذلك كان ينفق عليها من عوائد الآبار المالحة التي عرفت بها منطقة توزلا ، بقرار من السلطان عبد العزيز حتى سقوط البوسنة تحت الحكم النمساوي المجري عام 1295 هـ / 1878م .
و عانت هذه المدرسة من الإهمال و التسيب ، الذي يرجع في الغالب إلى حالة الحرب التي كانت تعيشها منطقة توزلا في الغالب ، و نتج عن هذه الحال عزوف الطلاب عنها ، حتى لم يكن فيها سوى تسعة طلاب في عام 1340 هـ / 1922م .
__________
(1) 1 ... انظر : علي بيتيتش : أوقاف ألجي إبراهيم باشا ، ص : 20 .
(2) 2 ... للاستزادة حول مدرسة بهرم بيك في توزلا انظر : محمد صالح سباهيتش : توزلا بين الماضي و الحاضر ،
ص : 250 و ما بعدها .(5/31)
لكنها عادت إلى النهوض من جديد بعد أن قيض الله لها عدداً من المدرسين المتحمسين ، فأقبل عليها الطلاب من جديد ، حتى جاوزوا المئة ، و تخرج منهم عشرات الأئمة و الدعاة و القضاة ، حتى اعتبرها الشيخ الخانجي رحمه الله قبيل الحرب العالمية الثانية أفضل مدرسة في البوسنة ، و أثنى على مدرسيها خيراً (1) .
و بدون أن تمتد إليها يد مستعمر خارجي ، قررت حكومة البوسنة و الهرسك إغلاق مدرسة بهرم بيك ، و قضت بنقض مبناها .
و لكن المدرسة عادت لتفتح أبوابها و الحرب الأخيرة على أشدها في البوسنة ، حيث فتحت أبوابها أمام الطلاب ، حيث استؤنفت الدراسة فيها عام 1413 هـ /1993 م بعد إغلاق دام أكثر من أربعين عاما ، و الحمد لله .
5) مدرسة السلطان أحمد (2) في زينيتسا (3) :
... زينتسا عاصمة البوسنة الوسطى ، و ثاني مدن المسلمين بموجب اتفاقية دايتون التي أنهيت بموجبها الحرب الأخيرة ، و فيها مدرسة السلطان أحمد التي يرجع تاريخ تأسيسها إلى القرن الثامن عشر للميلاد .
__________
(1) 1 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 205 .
(2) 1 ... السلطان أحمد ، هو : أحمد بن محمد بن مراد ، ولد سنة 999 هـ/ 1591 م ، و ولي السلطنة بعد وفاة والده و عمره أربعة عشرة سنة ، كان جميل الذكر ، محبا للعلماء ، مائلا إلى الأدب ، و له شعر بالتركية ، و كان مدة حياته لا يفتر عن عمارة المساجد ، و فعل الخيرات ، توفي بقرحة في ظهره سنة 1020 هـ / 1611 م ، و قد بلغ ثماني و عشرين سنة .
انظر ترجمته في : خلاصة الأثر 1 /284 – 292 .
(3) 2 ... للاستزادة حول مدرسة السلطان أحمد في زينتسا ، انظر : علي أحميتش : مدرسة السلطان أحمد المختلطة في زينتسا ( بحث منشور في مجلة الهداية ، العددان الثاني و الثالث ، سنة 1937هـ/1938م ) ، ص : 35 و ما بعدها .(5/32)
... انتقلت مدرسة السلطان أحمد في زينتسا إلى مبنى جديد ، شيد من الأموال الموقوفة عليها ، بحلول عام 1345 هـ / 1927م ، و كان انتقالها إلى المقر الجديد بداية تحول في منهجها التعليمي , إذ اعتمدت نظام الصفوف الدراسية بحسب السنوات ، و غيرت مناهج الدراسة فيها إلى مناهج مشابهة لتلك المقررة في مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو .
... و في عام1352 هـ /1934 م حولت المدرسة إلى مدرسة عامة ،
و أدخلت فيها المواد الكونية و المعارف العامة ، كما سمح للطالبات بالالتحاق بها، و غير اسمها ليتناسب مع هذه التعديلات إلى مدرسة السلطان أحمد الإعدادية المختلطة (1) .
و بعد مئتي عام من عمر هذه المدرسة التي تخرج فيها مئات الطلاب ، و شغلوا وظائف دينية كالتدريس و الإمامة و الخطابة ، طالتها يد الشيوعيين فأغلقوها بشكل نهائي ، و صادرت الأموال الموقوفة عليها بالكامل عام 1365 هـ / 1946 م ، و لا تزال مغلقة حتى اليوم (2) ، على الرغم من الحاجة الماسة إلى وجود مدرسة شرعية في مدينة زينتسا التي تقطنها غالبية إسلامية .
ثانياً : بقية المدارس الشرعية في البوسنة و الهرسك :
قامت إلى جانب المدارس الخمس السالفة الذكر ( و هي أشهر مدارس البوسنة ) في البوسنة عشرات المدارس الشرعية تشيع العلم و المعرفة ، و تربي الأجيال المسلمة التي تقاوم الذوبان في منطقة البلقان التي ما فتئت تتداعى عليها الأمم ، و تتنازع عليها القوى الصليبية و غيرها .
ففي عام 1327 هـ / 1909 م كان في البوسنة ألف و ستمئة و ثلاثة عشر طالباً يتلقون العلم في اثنتين و أربعين مدرسة (3) .
__________
(1) 3 ... انظر : علي أحميتش : مدرسة السلطان أحمد المختلطة في زينتسا ، ص : 36 .
(2) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 35 .
(3) 2 ... انظر : دائرة المعارف الإسلامية : 4/311(5/33)
و استناداً إلى ما أعلنه مجلس العلماء ، فقد كان في البوسنة و الهرسك سنة 1349 هـ /1930 م أربعون مدرسة , أغلقت السلطات اثنتين و عشرين منها، و ظلت المدارس الثمانية عشرة الأخرى تستقبل الطلاب , على الرغم من المضايقات الشديدة التي كانت تتعرض إليها (1) .
و المدارس التي ظلت الدراسة مستمرة فيها في ذلك العام هي :
? مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو ( تقدم الحديث عنها بالتفصيل ) .
? مدرسة مرحميتش ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة آتيمدان في سراييفو ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة بهرم بيك في توزلا ( تقدم الحديث عنها بالتفصيل ) .
? مدرسة السلطان أحمد في زينتسا ( تقدم الحديث عنها بالتفصيل ) .
? مدرسة ألجي إبراهيم باشا في ترافنيك ( تقدم الحديث عنها بالتفصيل ) .
? المدرسة الإسلامية في بيهاتش ( أسست عام 1282 هـ / 1866م ) .
? مدرسة شيبيتش في بنيالوكا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة أحمد أفندي في فيسوكو ( أسست عام 1253 هـ / 1838م ) .
? مدرسة فرهد باشا في زيبتشي ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة الحاج محمد باشا كوكافيتسا في فوتشا ( أسست عام 1171 هـ / 1758 م ) .
? المدرسة الإسلامية في جاينيجي ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في كونيتس ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة عثمان كابيتان في غراجانيتسا ( أسست قبل عام 1227 هـ / 1812 م ) .
? مدرسة صفيراتس في غرادجاتس ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في زفورنيك ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الأسلامية في يانيا .
? مدرسة جاجاك في بروتشكو ( أسست بعد عام 1230 هـ /1815 م ).
أما المدارس التي كان مصيرها الإغلاق ، فهي كثيرة جداً ، و منها :
? مدرسة تساريفا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
__________
(1) 3 ... الدكتور خير الدين جوريتش : تعليم المسلمين في البوسنة قبل عام 1918م ، ص : 118 .(5/34)
? مدرسة درفينيا في سراييفو ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة الحاج علي بيك ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة لونجاريتسا في ترافنيك ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة تشايفان بيك في موستار ( أسست بعد عام 965 هـ /
1558 م ) .
? مدرسة كوسكي محمد باشا في موستار ( أسست قبل عام 1021 هـ / 1612م ) .
? مدرسة روزناميجي إبراهيم أفندي في موستار ( أسست عام 1021 هـ / 1612 م ) .
? مدرسة قركوز بيك الموستاري في موستار ( تقدم الحديث عنها
بالتفصيل ) .
? مدرسة الغازي فرحات باشا ( و تعرف باسم تشارشيسكا ) في تشن
( أسست في القرن السابع الميلادي ) .
? مدرسة أوجاق ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في فونيتسا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في تسازين ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة الحاج حسن في سريبرينيتسا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في بوسانسكا غرادييشكا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في يايتسا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في كلادن ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في فيشغراد ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? مدرسة شجاع الدين في روغاتيتسا ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في مغلاي ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في بوغوينو ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في ستولاتس ( أقحصار ) ، ( لا يُعرف تاريخ
تأسيسها ) .
? المدرسة الإسلامية في غوراجدة ( لا يُعرف تاريخ تأسيسها ) .(5/35)
و في العهد الشيوعي الذي بدأ عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية أغلق الشيوعيون كل المدارس الشرعية ما عدا مدرسة الغازي خسرو بيك في سراييفو ، و لم يتمكن المسلمون من إعادة فتح أيٍ منها إلا بعد استقلال البوسنة إذ فتحت خمس مدارس شرعية في أثناء الحرب الأخيرة ، أولها في فيسوكو سنة 1412 هـ / 1992 م ، ثم مدرسة تسازين سنة 1413 هـ / 1993 م ، ثم مدرسة توزلا في العام نفسه ، ثم مدرسة ترافنيك سنة 1414 هـ / 1994 م ، و أخيراً مدرسة موستار سنة 1415 هـ / 1995 م .
المبحث الثاني
التعليم الإسلامي العالي
يطلق اصطلاح التعليم العالي غالباً على المرحلة التعليمية التالية للمرحلة الثانوية ، و تشمل المعاهد و الكليات و الدراسات العليا ( التخصص و العالمية ) ، و لكلٍ من هذه المراحل وجود و أثر في البوسنة , نتناوله في المطالب التالية :
المطلب الأول : مدرسة قضاة الشرع :
في عهد الحكم العثماني للبوسنة كان القضاء الشرعي مطبقاً في محاكم البلاد عامّةً ، و كان القضاة في الغالب يعينون مباشرة من قبل شيخ الإسلام في
اسطنبول ، أو من ينوب عنه .
و كان القضاة المعينون في تلك الفترة من فقهاء المذهب الحنفي ، و معظمهم ممن سبقت له دراسة في اسطنبول .
أما بعد وقوع البوسنة و الهرسك تحت الحكم النمساوي المجري ، فقد تغيرت الأمور بعد أن فرضت الأحكام الوضعيَّة على المسلمين ، و أقصيت أحكام الشريعة الإسلاميَّة عن التطبيق في نواحي الحياة المختلفة ما عدا القضاء ، بموجب قانون صادر في 26/ 10/1300 هـ/ 29/8/1883م ليحدد اختصاصات المحاكم الشرعيَّة في الأحوال الشخصيَّة ( الزواج و الطلاق ) ، و يجرِّد أحكامها من صفة الإلزام ، ممَّا أفقدها التأثير الفعلي في المجتمع (1) .
__________
(1) 1 ... انظر : عبد الحي فرماوي : الصربيون خنازير أوروبا ، ص : 66 .(5/36)
أمام هذا الواقع الجديد أصبحت الحاجة ماسة إلى تأهيل قضاة محليين من أبناء البوسنة ، ليسدوا الثغر الذي خلَّفه استقلال مؤسسة القضاء البوسنوي عن المؤسسات المماثلة في العالم الإسلامي ، حيث لم يعد القضاة يفدون من الخارج ، و ليس في البوسنة أو البلاد المجاورة مؤسسة علمية يتخرج فيها القضاة الشرعيين ، كما أن الحكومة النمساوية كانت تعارض ابتعاث الطلاب إلى تركيا , أو غيرها من بلدان العالم الإسلامي متذرعةً بأن ذلك يتعارض و مصالحها ، و يعرض أمن مستعمَرَتها الجديدة ( البوسنة و الهرسك ) للخطر .
لذلك أصدرت حكومة البوسنة و الهرسك في العهد النمساوي المجري في الحادي و العشرين من شعبان سنة 1304 هـ/ الرابع عشر من أيار ( مايو ) سنة 1887م قراراً يقضي بتأسيس مدرسة القضاة الشرعيين ( و كانت تعرف باسم مكتب نواب الشرع ) (1) ، و كان الهدف من تأسيس هذه المدرسة سد احتياجات مسلمي البوسنة و البلاد المجاورة من قضاة الشرع ، و كانت بمثابة معهد عالٍ لدراسة القانون وفق أحكام الشريعة الإسلامية مع بعض المواد الخارجة عنه خلال خمسة أعوام دراسية ، على الطالب بعد اجتيازها بنجاح ، أن يتقدم لاختبار الاختصاص في القضاء الشرعي أمام لجنة من رئاسة الطائفة الإسلامية .
و استمرت مدرسة القضاة في أداء رسالتها فخرجت ثلاثمئة و سبعين طالباً خلال نصف قرن انتهت عام 1356 هـ / 1937م ، و هو عام إغلاق المدرسة بشكل نهائي بدعوى أن المدارس الشرعية الثانوية تؤدي الغرض المنشود منها ،
__________
(1) 2 ... جاء في دائرة المعارف الإسلامية : 4/292 ذكر لكلية تسمى بكلية الشريعة في سراييفو ، و من المعلومات التي أوردت ثمَّ لا يكاد يوجد فرق بين الكلية المذكورة و بين مدرسة قضاة الشرع التي نحن بصدد الحديث عنها ، من حيث نظام الدراسة و المواد الدراسية ، فلعل هذه المدرسة كانت تعرف باسم كلية الشريعة ، باعتبار ما تقوم به . و الله أعلم .(5/37)
و على من يريد التخصص في القضاء الالتحاق بإحدى كليتَي القانون في زاغرب أو بلغراد (1) .
المطلب الثاني : كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو :
بعد إغلاق مدرسة القضاة في سراييفو سنة 1356 هـ / 1937م ، تنبه المسلمون إلى ضرورة إيجاد بديل للتعليم العالي لأبناء الطائفة الإسلامية ، و كان البديل المقترح تأسيس كلية جامعية تدرس العلوم الشرعية لأبناء المسلمين .
و على الرغم من ضعف إمكانيات أبناء الطائفة ، و ضيق ذات اليد ، فقد استطاعوا بتضامنهم إقامة الكلية الإسلامية التي استمرت حتى عام 1360 هـ / 1941م ثم أغلقت قبل أن تؤتي ثمارها (2) .
و بعد أكثر من خمس و ثلاثين سنة من إغلاق هذه الكلية ، وافقت السلطات الشيوعية في يوغسلافيا السابقة على افتتاح كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو عام 1397 هـ / 1977م بتمويل من المملكة العربية السعودية و دولة الكويت و دول إسلامية أخرى (3) .
ضمن توجهها للانفتاح على العالم الاسلامي ، و التعامل مع حكومات بعض دوله في إطار ما كان يعرف بحركة عدم الانحياز ، الذي استغله الشيوعيون لمصالحهم الاقتصادية التي غرروا في سبيل رعايتها بكثير من حكام الشعوب الإسلامية و أبنائها (4) .
__________
(1) 1 ... للاستزادة انظر : وليا سادوفيتش : مدرسة قضاة الشرع و الثانوية الشرعية ( دراسة نشرتها مجلة غيرت في عددها السادس ، سنة 1932م ) , ص : 94 و ما بعدها .
(2) 2 ... انظر : اسماعيل باليتش : أوروبا الشرقية و واقع الأقليات الإسلامية فيها ( بحث باللغة الإنجليزية نشرته مجلة جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، السنة الأولى ، العدد الأول ، مايو 1979م ) ، ص : 30 .
(3) 1 ... انظر : فهمي عبد العليم : يوغسلافيا و النشاط الإسلامي ( مقال منشور في مجلة الوعي الإسلامي الكويتية ، عدد 157 السنة الرابعة عشرة ، محرم 1398هـ/ديسمبر 1977م ) ، ص : 43 .
(4) 2 ... انظر : نويل مالكوم : البوسنة ، ص : 248 .(5/38)
و تعادل كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو مثيلاتها من كليات الشريعة و أصول الدين و الدراسات الإسلامية في أنحاء العالم الإسلامي ، حيث تستقبل خريجي المدارس الثانوية الشرعية مباشرة ، و خريجي المدارس الثانوية العامة بعد اجتياز سنة تمهيدية يدرسون خلالها بعض العلوم الشرعية الأساسية التي تؤهلهم لمتابعة الدراسة الجامعية في الدراسات الإسلامية .
و يدرس الطلاب في الكلية المواد الشرعية , و اللغة العربية , إضافة إلى عدد من المواد التربوية ، و المنطق و الفلسفة و غير ذلك خلال أربع سنوات يتخرج الطالب بعدها بإجازة جامعية تؤهله للتدريس في المدارس الثانوية ، و شغل سائر الوظائف الدينية التابعة للمشيخة الإسلامية و رئاسة العلماء في
البوسنة .
و بلغ عدد الدفعة الأولى من طلاب الكلية خمسةً و عشرين طالباً (1) ، ثم أخذ هذا العدد في الازدياد حتى جاوز المئة طالب في الأعوام الأخيرة .
يدرس في الكلية الطلاب و الطالبات جنباً إلى جنب ، و قد كانت الطالبات يدرسن فيها مختلطات مع الذكور ، و بدون حجاب ، و هو ما أدركته بنفسي أثناء محاضراتي في الكلية حتى أواخر عام 1416هـ/1996م ، لكن الأمر لم يدم طويلاً على هذه الحال بعد انتهاء الحرب حيث عمَّ الحجاب طالبات الكلية و غيرهن ، أمّا نظام التعليم المختلط فلا يزال سارياً فيها حتى يومنا هذا.
و في الكلية اليوم قسم للدراسات العليا يمنح درجات التخصص ( الماجستير ) ، و الدرجات العالمية ( الدكتوراة ) في معظم العلوم الإسلامية , بإشراف هيئة تدريس مكونة من مشاهير العلماء البوسنويين المختصين في العلوم الشرعية .
المطلب الثالث: المعاهد (الأكاديميات) الإسلامية لإعداد المعلمين :
__________
(1) 1 ... انظر : اسماعيل باليتش : أوروبا الشرقية و واقع الأقليات الإسلامية فيها ( بحث باللغة الإنجليزية نشرته مجلة جامعة الملك عبد العزيز بجدة ، السنة الأولى ، العدد الأول ، مايو 1979م ) ، ص : 137 .(5/39)
في زمن العودة إلى الإسلام ، و صحوة أبنائه التي بدأت بعد الاستقلال ، مواكبةً للحرب الأخيرة ، و متأثرة بمسيرة الجهاد في سبيل الله ، بدت الحاجة ماسة إلى إدخال التعليم الإسلامي إلى المدارس العامة للمسلمين بمراحلها المختلفة ، و لم يعق هذا الطموح سوى عدم توفر المدرسين المؤهلين للقيام بهذه المهمة .
و لسد الحاجة إلى مدرسي المواد الإسلامية في المدارس العامة أسس في زينتسا عام 1413هـ/1993م معهد إسلامي لإعداد المعلمين عرف باسم
( الأكاديمية الإسلامية التربوية ) بمبادرة من مفتي زينتسا السابق ، و رئيس الجمعية العلمية البوسنوية الشيخ خليل مهتيتش ، و عدد من زملائه الدعاة و منهم نصرت عيسانوفيتش ، الذي أسندت إليه عمادة الأكاديمية منذ افتتاحها إلى اليوم ، إلى جانب الأساتذة زهدي عادلوفيتش (1) , و شفيق كرديتش ، و بلال حسانوفيتش (2) ، و قد حصل ثلاثتهم على الدرجة العالمية ( الدكتوراة ) لاحقاً .
مدة الدراسة في الأكاديمية سنتان ، يتخرج الطالب بعد اجتيازهما بنجاج بمؤهل نصف جامعي يمكنه من مزاولة مهنة تدريس التربية الإسلامية في المدارس العامة ، و تفسح المجال أمامه لإكمال دراسته الجامعية في كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو .
__________
(1) 1 ... هو : زهدي بن بكر البوسنوي ، التحق بجامعة الإمام محمد بن سعود بمعهد اللغة العربية ، ثم درس بها في كلية أصول الدين ، ثم حصل على الماجستير في تحقيق شرح العقيدة الطحاوية ، لحسن كافي الأقحصاري ، ثم على الدكتوراة سنة 1418 هـ / 1997 م . ( الباحث ) .
(2) 2 ... هو : بلال بن محمد حسانوفيتش ، طلب العلم في البوسنة ، ثم رحل في تحصيله إلى مصر ، و حصل على الدكتوراة من جامعة الدراسات الإسلامية بكراتشي قريبا سنة 1420 هـ / 1999 م ، شغل مناصب مختلفة في الرئاسة الإسلامية ، و درس في مدرسة خسروبك بسراييفو ، له كتاب علم الحال في أصول الدين و كتاب الخطب ( الباحث ) .(5/40)
و بعد أن أحرزت الأكاديمية الإسلامية في زينتسا نجاحاً ملموساً ، انتقلت تجربتها إلى منطقة بيهاتش ، حيث أسست أكاديمية مماثلة سنة 1416هـ/1996م بمبادرة من الشيخ حسن ماكيتش مفتي بيهاتش ، الذي أسندت إليه عمادة الأكاديمية منذ تأسيسها و حتى اليوم .
تشترك الأكاديميتان في المنهج الدراسي ، و يتنقل عدد من المدرسين بينهما للتدريس فيهما بسبب عدم توفر عدد كافٍ من المختصين .
و قد ازدهرت الأكاديميتان كثيراً عقب الحرب الأخيرة مباشرةً ، حيث حصلتا على دعمٍ سخي من عدة هيئات خيرية إسلامية منها : الهيئة السعودية العليا لمساعدة البوسنة و الهرسك ، و اللجنة الكويتية المشتركة ، و هيئة أبوظبي الخيرية ، و هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية ، و هيئة الإغاثة الإنسانية العالمية ( المصرية ) و غيرها .
و لكن هذه المعونات لم تدم طويلاً ، و أصبح على الأكاديميتين البحث عن مصادر أخرى للتمويل ، بعد توقف المساعدات الخارجية ، و عدم اعتراف المشيخة الإسلامية بهما ، ممَّا حال دون استحقاقهما مساعدات مادية منها .
أثر التعليم الشرعي النظامي في نشر السنن و علوم الحديث :
لا ريب في أن عشرات المدارس الشرعية إلى جانب كلية الدراسات الإسلامية ، و مدرسة القضاة ، و معاهد إعداد معلمي التربية الإسلامية في
البوسنة ، قد خلَّفت آثاراً حميدة في نشر مفاهيم الإسلام ، و الدعوة إليه ، و إشاعة العلوم و المعارف و الآداب الإسلامية بين البشانقة ، و كان لها دورٌ عظيم في الحفاظ على وجودهم و هويتهم عبر التاريخ .
كما كان لتلك المرافق دور كبيرٌ في خدمة السنة النبويّة و علومها ، و المساعدة على التمسك و الاعتصام بها في سلوك الناس و مظاهر حياتهم العامة .
و يتمثل دور التعليم الإسلامي النظامي في هذا الباب في المجالات الأربعة التالية :
1 ) إيجاد بيئة مثالية للتمسك بالسنن و تطبيقها العملي منها في حياة الطلبة .(5/41)
2 ) تخريج طلاب علم أكفاء ملتزمين بالكتاب و السنة ، و الدعوة إليهما .
3 ) تدريس الحديث النبوي و علومه باعتبارها مادة رئيسة في كافة المراحل الدراسية .
4 ) العناية بأمهات كتب الحديث من قبل مشائخ و طلابهم في المدارس الشرعية.
و فيما يلي نتناول كلاً من هذه المجالات بشيءٍ من التفصيل :
1 ) إيجاد بيئة مثالية للتمسك بالسنن و تطبيقها العملي منها في حياة الطلبة:
إن ثمرة التعليم الإسلامي الأولى هي تزكية الطلاب الدارسين فيها أنفسهم، و هذه التزكية تحتاج ـ إلى جانب العلم النافع الذي يحملونه ـ إلى بيئة صالحة تترعرع فيها النفوس ، و تتربى على المكارم و الفضائل .
و هذه البيئة قد تكون مسجداً أسس على التقوى ، و قد تكون داراً من دور التعليم ، كما قد تكون مخيماً أو مجتمعاً مثالياً .
و دور المدارس لا يستهان به في هذا المجال ، حيث إن الأقسام الداخلية
و المجمعات الطلابية ، التي يبيت فيها الطلاب و لا يبرحونها إلا في الإجازات الرسمية ، تعدّ بيئة تربوية يعيش فيها الطلاب عيشة إسلامية طيبة بعيداً عن مظاهر الفساد المستشري في المجتمع البوسنوي .
ففي سكن طلاب المدارس الشرعية و الأكاديمية الإسلامية في زينتسا لا مكان لاختلاط الجنسين , و لا وجود للمحرمات في المأكل أو المشرب أو السلوك، كما يحافظ الطلاب على الواجبات الشرعية بما في ذلك صلاة الجماعة ، و الاجتماع على قراءة القرآن الكريم و تدارسه فيما بينهم ، و إقامة الحلقات التعليمية في مختلف العلوم .
و على غرار السكن الرسمي للطلاب تتجمع أعداد من الطلاب في مساكن خاصة ، ينفقون عليها بأنفسهم ، أو مما يقدم إليهم من مساعدات عن طريق هيئات الإغاثة ، و في هذه الحالة تكون بيوت الطلبة أكثر جدية و حرصاً على تربية الطلاب .(5/42)
و من بيوت الطلبة غير الرسمية ما أقامه مركز البلقان الإسلامي في زينتسا ، إذ كان يستقبل عدد من الطلاب الدارسين في الأكاديمية الإسلامية بزينتسا ، و يقدم لهم المسكن و النفقة في بيئة تربوية مثالية , يتلقى فيها الطلاب دراسةً إضافية على أيدي دعاة عرب مؤهلين ، إلى جانب ما يدرسونه في الأكاديمية ، ثم يكلفون بالمشاركة في أنشطة المركز ، فمنهم من يخطب في مسجده ، و منهم من ينادي للصلاة ، أو يؤم المصلين ، و منهم من يلقي المواعظ و الدروس في حلق التعليم المقامة فيه .
و في سراييفو أقامت مؤسسة الحرمين الخيرية داراً للطلبة في منطقة إيليجة يقيم فيها عشرةٌ من طلاب كلية الدراسات الإسلامية , و انتدبت للتعليم فيه عدداً من الدعاة العرب الجامعيين ، و يتضمن برنامج الدار أمرين :
أوّلهما : الالتزام الكامل بالسنن القولية و العملية ، بدءاً من صلاة الفجر في جماعة ، فالاجتماع في حلقة يذكرون الله فيها إلى طلوع الشمس ، ثم يصلون ركعتين و ينصرفون إلى الكلية للدراسة .
وثانيهما : إقامة دروس يومية للطلاب في علوم اللغة العربية و الشريعة تحتل مادتا القرآن الكريم ، و علوم الحديث الصدارة بينها ، فإضافة إلى حفظ الطلاب للقرآن الكريم و تجويده ، لديهم برنامج لحفظ الحديث النبوي ، حيث يدرسون كتاب ( رياض الصالحين ) للإمام النووي رحمه الله باللغتين العربية و البوسنوية ، و يحفظون متون أحاديثه . كما يدرسون مادة المصطلح من كتاب ( تيسير مصطلح الحديث ) للدكتور محمود الطحان ، فضلاً على علوم أخرى يدرسونها في دار الطلبة .
و ثمة هيئات و جمعيات خيريّة أخرى ( كجمعية الفرقان الخيرية ) تتوجه اليوم إلى إقامة بيوتٍ للطلبة ، على غرار ما أقامه مركز البلقان الإسلامي ، و جمعية الحرمين الخيرية ، علَّها تهيئُ بيئة مثالية لإحياء السنن في زمن غربة الدين .
2 ) تخريج طلاب علم أكفاء ملتزمين بالكتاب و السنة ، و بالدعوة إليهما :(5/43)
إن مئات الطلاب الذين تخرجوا في مدارس البوسنة الشرعية ، و دور التعليم الإسلامي العالي فيها قد شغلوا و يشغلون اليوم وظائف دينية منها الإمامة و الخطابة و التعليم ، حيث يبلّغون من خلال ذلك العلم النافع الذي يحملونه ، فمن كان الكتاب و السنة بضاعته ، كان تبليغهما و الدعوة إليهما في الحياة رسالته ، و من كانت بضاعته العلمية مزجاةً تخبَّط في الطريق و اضطرب ، و كانت دراسته حجة عليه لا له .
و حيث إنّ كثيرين من طلاب العلم الشرعي في البوسنة قد أصابوا من علم الحديث حظاً وافراً ، و تربوا على هدي الكتاب و السنة قولاً و عملاً ، فإن ذلك ترك أثراً على دعوتهم التي انتدبوا لتبليغها ، و ظهر ذلك جلياً في خروجهم إلى القرى و المناطق النائية لتبليغ دعوة الله في الأرض ، خلال شهر رمضان المبارك خاصة ، و في سائر العام على وجه العموم ، كما هو المعروف عن طلاب العلم الشرعي في البوسنة حيث (( يتم تكليف الطلاب القدامى في المدارس الإسلامية و كلية الدراسات الإسلامية و غيرهما لإلقاء الدروس و المحاضرات ، و هذه عادة ذات تاريخ قديم نسبياً . فقد كان من المعتاد أن يقيم هؤلاء الطلاب خلال شهر رمضان في بعض الأماكن التي يعيش فيها المسلمون ، و هناك يقومون بأداء جميع الأعمال الدينية ، مثل تلاوة القرآن و أداء صلوات التراويح ، و إلقاء دروس
الوعظ ، و الفقه في الدين ، و ما إلى ذلك في المساجد )) (1) .
... و قد حضرتُ بعضَ الدروس التي ألقاها طلاب في المناطق النائية داخل البوسنة و خارجها ( كإقليمي قوصوة و السنجق ) ، و مما لفت نظري أن أحد الدعاة كان يطوف مساجد السنجق ، و يلقي دروساً في كيفية صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله في المختصر في هذا الباب ، و يطبق الصلاة عملياً أمام السامعين .
__________
(1) 1 ... الدكتور جمال الدين سيد محمد : البوسنة و الهرسك ..دراسة ، ص : 110 ، 111 .(5/44)
كما حضرت في منطقة بيهاتش دروساً في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يلقيها أحد الطلاب في مساجد المنطقة الواقعة على حدود كرواتيا ، حيث تمر بها قوافل حجيج البر .
و يشارك بعض طلاب العلم الشرعي القدامى في عقد دوراتٍ شرعية لإخوانهم الطلاب الجدد ، يؤدون فيها واجب التبليغ ، عملاً بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( (( بلغوا عني و لو آية )) (1) .
3 ) تدريس الحديث النبوي و علومه باعتبارها مادة رئيسة في كافة المراحل الدراسية .
تدريس الحديث النبوي و علومه في كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو (2) :
يدرس طلاب كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو فيما يدرسون من علوم الشريعة الإسلامية الحديث النبوي و علومه ، خلال سنوات دراستهم الأربع، حيث يدرسون أصول الحديث و مصطلحه في السنة الأولى ، ثم ينتقلون إلى دراسة علوم الحديث رواية في السنوات الثلاث التالية من كتب الحديث وشروحه المصنفة في اللغتين العربية و البوسنوية .
و فيما يلي ذكر مفردات المنهج على سبيل الإيجاز :
أولاً مفردات منهج مادة علوم الحديث المقررة على طلاب السنة الجامعية الأولى :
مدخل لدراسة الحديث النبوي ومصطلحه ، و يشمل تعريف ما يلي :
- الحديث والسنة و الفرق بينهما .
- الخبر و الأثر .
- الحديث القدسي .
منزلة الحديث بين العلوم الشرعية و جهود الأمة في حفظه .
موقف منكري حجية السنة من الحديث قديماً و حديثاً ، و يشمل ما يلي :
- الحديث والهجوم عليه قديماً :
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 3461 ) في الأنبياء ، باب : ما ذكر عن بني إسرائيل ، و الترمذي (2669) في العلم ، باب : ما جاء في الحديث عن بني إسرائيل ، و قال : حسن صحيح ، و أحمد 2/ 159 و 202 و214 ، و ابن أبي شيبة في " مصنفه " 8 / 760 .
(2) 2 ... لمزيد من الاطلاع حول هذا الموضوع ، انظر : دليل كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو ( مطبوع باللغة العربية ) .(5/45)
و يتناول موقف كلٍ من الخوارج و الروافض و المعتزلة من السنة النبوية .
- الحديث والهجوم عليه حديثا :
و يتناول مواقف عدة فئات و أفراد من منكري حجية السنة النبوية ، و المشككين في صحتها ، و من هؤلاء المستشرقون ، و بعض المتأثرين بهم من العرب كالدكتور توفيق صدقي ، و أحمد أمين ، و الدكتور محمود أبو ريّة ، و أحمد زكي أبو شادي . إضافة إلى الهجوم عليه في شبه الجزيرة الهندية .
موضوع تدوين السنة النبوية :
- تعريف ( الأميّة ) ، و بيان معنى صفة ( الأمي ) التي وصف بها نبينا عليه الصلاة و السلام .
- أسباب قلة التدوين في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
- الصحف الحديثية المكتوبة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
- مكاتبات و مراسلات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
- موقف المستشرقين و آراؤهم في تدوين الحديث .
- تدوين السنة في عصر التابعين .
- الرحلة في طلب الحديث في عصر السلف الصالح .
- العناية بالحديث في أقاليم العالم الإسلامي المختلفة .
- أثر الرحلة في طلب الحديث في ضبط النصوص و استنباط الأحكام .
- جهود العلماء في التصدي للتساهل في الرواية ، و نشأةُ علم الرجال .
- دُور الحديث .
- أبحاث و دراسات الحديث النبوي في بلادنا ( البوسنة و الهرسك ) .
- حكم رواية الحديث بالمعنى .
التحمل و الأداء في علم الحديث :
يندرج تحت هذا الموضوع مباحث عديدة من علوم الحديث ، هي : السماع و المكاتبة و الاجازة و القراءة و العرض و المناولة و الإعلام و الوصية و الوجادة و التصحيف .
علوم الحديث :
و تشمل التعريف بالعلوم الحديثية التالية ، و أهم المؤلفات في كلٍ منها :
- علم الجرح والتعديل .
- علم الرجال .
- علم مختلف الحديث .
- علم علل الحديث .
- علم الناسخ والمنسوخ .
- علم غريب الحديث .
شروط راوي الحديث :
و هي أربعة ( العقل و الضبط و العدالة و الإسلام ) .
أقسام الحديث من حيث القبول و الرد ( بيان درجة الحديث ) :(5/46)
و يشمل المسائل المتعلقة بكل من :
- الحديث الصحيح ، و تقسيماته بحسب عدد الرواة ( المتواتر ، الآحاد ، الغريب ، المشهور ، العزيز ) .
- الحديث الحسن . أنواع الحديث التي تشمل الصحيح والحسن و الضعيف
( المرفوع و المسند و المتصل و المعنعن و المؤنن و المعلق و الفرد و الغريب و العزيز و المشهور و المستفيض و العالي و النازل و المتابعات و الشواهد و المدرج و المسلسل و المصحَّف ) .
- الحديث الضعيف بأنواعه ( المرسل و المنقطع و المعضل و المدلس و المعلل و المضطرب و الشاذ و المقلوب و المنكر و المتروك ) ، إضافة إلى حكم رواية الحديث الضعيف والعمل به ، و شروطه عند من رخص فيه .
- الحديث الموضوع ، و أسباب الوضع في الحديث ، و جهود العلماء في التصدي له .
التعريف بأشهر المصنفين في علم الحديث رواية و دراية :
و يتناول تراجم لكلٍ من (الإمام البخاري و الإمام مسلم و أبو داود السجستاني و ابن ماجه القزويني و أبي عيسى الترمذي و الإمام النسائي و مالك بن أنس الأصبحي و أحمد بن حنبل و محيي الدين النووي و ابن حجر
العسقلاني) .
إضافة إلى تراجم وافية لثلاثة من علماء الحديث البوسنويين ، و هم ( الشيخ مصطفى الأقحصاري و الشيخ أحمد بن محمد الموستاري و الشيخ مصطفى بن محمد الموستاري ) .
ثانياً : مفردات منهج مادة الحديث المقررة على طلاب السنوات الجامعية الثلاث الأخيرة :
يدرس طلاب كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو علوم الرواية و الدراية ، فبعد أن يحصلوا معظم أبواب علم مصطلح الحديث في سنة دراستهم الجامعية الأولى ، ينتقلون إلى دراسة النصوص الحديثية و شروحها و فقهها من أمهات الكتب المصنفة باللغة العربية ، مما يقوي ملكة التعامل مع النص باللغة العربية .
و يتم اختيار مفردات المقرر لكل سنة من السنوات الثلاث لتناسب مستوى الطلاب من حيث العمر ، و إجادة اللغة العربية ، و القدرة على الاستيعاب و التحصيل .(5/47)
ففي السنة الثانية حيث يختص الطالب في قسم التربية و التعليم أو قسم أصول الدين :
يدرس طلاب قسم أصول الدين كتاب الإيمان من صحيح مسلم بشرح الإمام النووي ، باللغة العربية ، و يقوم أستاذ المادة بترجمة ما يحتاج إلى ترجمته من الأسانيد و المتون و المسائل المتعلقة بهما ، و يدرب الطلاب على تطبيق ما درسوه في السنة السابقة تطبيقيا عملياً ، كتخريج الأحاديث ، و البحث في تراجم رجال الإسناد ، و تقصي أقوال العلماء في بيان درجة الحديث ، و الكلام عن علله إن وجدت .
بينما يدرس طلاب قسم التربية و التعليم في هذه السنة كتاب : الأحاديث المختارة مع شرحها للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، عميد الكلية ، و في هذا الكتاب طائفة صالحة من الأحاديث النبوية المشروحة و المترجمة إلى اللغة البوسنوية ، و فيها تركيزٌ على الجوانب السلوكية و التربوية في حياة المسلم .
و في السنة الثالثة :
يدرس الطلاب مختاراتٍ من أمهات الكتب تشمل :
- كتاب العلم من صحيح البخاري مع شرحه من كتاب فتح الباري للعلامة
ابن حجر العسقلاني .
- المقدمة و كتاب العلم من كتاب التاج الجامع للأصول في أحاديث
الرسول ، للشيخ منصور علي ناصف .
- باب الآداب من كتاب سبل السلام بشرح بلوغ المرام في أحاديث الأحكام للصنعاني .
و في السنة الرابعة :
يدرس الطلاب مختاراتٍ من أمهات الكتب تشمل :
- كتاب الصلاة من كتاب نيل الأوطار للإمام الشوكاني بشرح منتقى الأخبار للمجد بن تيمية .
- مواضيع مختارة من كتاب سبل السلام للصنعاني بمجلداته الأربعة .
تدريس الحديث النبوي و علومه في الأكاديميتين الإسلاميتين في البوسنة :
تقدم معنا عند التعريف بالأكاديميتين الإسلاميتين في البوسنة أن كلاً منهما تعد كلية متوسطة يدرس فيها الطلاب سنتين فقط بعد الثانوية العامة .(5/48)
و نظراً لأن الأكاديمية تعمل على تخريج مدرسين لمادة التربية الإسلامية في المرحلة الابتدائية و حسب . فإن الدراسة فيها تركز على المواد التربوية إلى جانب المواد الشرعية الاختصاصية ، و منها مادة الحديث النبوي و علومه .
و قد كانت مفردات المادة و مقرراتها مطابقة لمثيلتها في كلية الدراسات الإسلامية في سراييفو ، حين كنت أعمل محاضراً في كلتيهما عام 1416هـ/1996م و الذي يليه ، و لكن حصل اختلاف بعد ذلك نتج عنه توحيد المنهج بمفرداته في السنة الأولى ، و استقلال الأكاديميتين الاسلاميتين بتدريس أربعة كتب من سنن الإمام أبي عيسى الترمذي مع شرحها من كتاب تحفة الأحوذي للمباركفوري ، و هي كتب : الأدب , و الدعاء , و فضائل الجهاد , و البر و الصلة .
أما عن المراجع و الكتب المقررة في دراسة مفردات المادة فهي في السنوات الثلاث الأخيرة من الكتب المعروفة التي لا أرى ما يدعو لاعادة سردها .
و هي في السنة الأولى محصورة في كتاب المدخل إلى علوم الحديث للدكتور عمر ناكيجيفيتش باعتباره الكتاب المقرر ، و يستعين الطلبة إلى جانبه بجملة من الأبحاث و الكتب المتخصصة كمراجع إضافية للتوسع ، و منها :
كتب باللغة العربية مثل :
- دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه ، للدكتور محمد مصطفى
الأعظمي _ حفظه الله _ .
- السنة ومكانتها في التشريع الإسلامي ، للدكتور مصطفى السباعي.
- السنة في مواجهة الأباطيل ، للأستاذ محمد طاهر الحكيم (1) .
- الحديث والمحدثون ، لمحمد محمد أبو زهو .
__________
(1) 1 ... محمد طاهر الحكيم , هو : محمد طاهر بن علي الفتني , الهندي ، الصديقي ، الملقب بملك المحدثين ، محدث ، مفسر ، لغوي ، عارف بالرجال ، قال ابن العماد : كان عالما عاملا ، متضلعا متبحرا ، ورعا ، ولد سنة 913 هـ / 1507 م ، و توفي سنة 986 هـ / 1578 م .
انظر ترجمته في : شذرات الذهب 10 / 601 ، النور السافر ، ص 361 ، الأعلام 6 / 172 ، معجم المؤلفين 10 / 100 .(5/49)
- أضواء على السنة المحمدية ، للدكتور محمود أبو رية .
كتب باللغة البوسنية و منها :
- المدخل إلى علوم الحديث .، للدكتور عمر ناكيجيفيتش .
- مقدمة الحديث ، للشيخ محمد الخانجي .
- كتاب الحديث ، لمحمد طيب أوكيتش .
إضافة إلى أبحاث مقالات و رسائل أخرى في علوم الحديث ، لأعلام البوسنة و منهم الشيخ محمد الخانجي ، و محمد توفو ، و الدكتور عمر ناكيجيفيتش ، و محمود كاراليتش ، و عدنان سيلايجيتش ، و كثيرٌ غيرهم .
تدريس الحديث النبوي و علومه في المدارس الثانوية الشرعية في البوسنة :
1 ) في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، و مدرسة بهرم باشا في توزلا ، يدرس طلاب السنة الثالثة مصطلح الحديث ، من مذكرة يجمعها و يمليها عليهم أستاذ المادة ، و تتغير من سنة إلى سنة ، و من أستاذ إلى أستاذ .
أما في السنة الرابعة و الأخيرة فالمقرر عليهم فيها هو كتاب ( السنة ) للشيخ محمد الخانجي ، و فيه واحدٌ و أربعون حديثاً يحفظها الطلاب كاملة ، و يدرسون شرحها و ترجمتها إلى اللغة البوسنوية .
2) في مدرسة تسازين الشرعية بمنطقة كرايينا ، يدرس طلاب السنة الثالثة المصطلح ، من كتاب مصطلح الحديث للشيخ محمد الخانجي رحمه الله كاملاً .
أما في السنة الرابعة و الأخيرة فالمقرر عليهم فيها بضعٌ و أربعون حديثاً من جمع أستاذ المادة يحفظها الطلاب كاملة ، و يدرسون شرحها و ترجمتها إلى اللغة البوسنوية .
3 ) في مدرسة قركوز بيك بموستار ، و الثانوية الشرعية في فيسوكو ، يدرس طلاب السنة الثالثة مصطلح الحديث من خلال مذكرة تشبه في مفرداتها مثيلاتها المقررة في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
أما في السنة الرابعة فعلى الطلاب حفظ خمسةٍ و عشرين حديثاً مختاراً ، و دراسة بعض ما يتعلق به مثل :
- ضبط الحديث باللغة العربية ، و ترجمة معانيه إلى اللغة البوسنوية .
- ترجمة راوي الحديث .
- سبب ورود الحديث ( إن وجد ) .
- فقه الحديث .(5/50)
- استنباط ما يستفاد من الحديث .
تتم الدراسة في هذه السنة من مذكرة يعدها مدرس المادة ، لهذا الغرض ، يستعين فيها بعدد من المراجع المصنفة باللغة الإسلامية ، كمقدمة علمي التفسير و الحديث للشيخ محمد الخانجي ، و كتاب أسباب ورود الحديث الشريف لمحمد محمودوفيتش ، و غيرها .
4 ) في مدرسة ألجي إبراهيم باشا بترافنيك ، يدرس طلاب السنة الثالثة مادة مصطلح الحديث ، كغيرهم من طلاب المدارس الشرعية في أنحاء البوسنة .
أما في السنة التالية فيدرسون كتاب أسباب ورود الحديث الشريف لمحمد محمودوفيتش ، و يحفظون أحاديثه بالكامل .
و إذا تأمّلنا مناهج و مقررات مادة الحديث النبوي و علومه في هذه المدارس الشرعية و دُور التعليم العالي في البوسنة وجدنا أنها لا تقل شأناً عن مثيلاتها في دول العالم الإسلامي الأخرى ، و أن عناية مسلمي البوسنة بتعلُّم الحديث و تعليمه في المرافق النظامية بالغة .
العناية بأمهات كتب الحديث من قبل مشائخ و طلابهم في المدارس
الشرعية :
إن من المهام الجليلة التي يقوم بها طلبة العلم و حملته في كل زمان و مكان ، العناية بمصنفات السابقين ، سواءاً كان ذلك بالدراسة أم التدريس ، أو خدمتها مادياً كالحرص على اقتنائها و نسخها و حفظها و وقفها على من يرجى انتفاعه
بها ، و نحو ذلك .
و قد تقدمت الإشارة إلى عناية الطلبة و المدرسين في البوسنة بنسخ الكتب ، و ممّن عرف بعلو الهمة ، و كثرة النشاط في نسخ الكتب طلاب مدرسة الحاج إسماعيل المصري بسراييفو ، و من أشهر طلابها النساخ عثمان أفندي جمهور الفيشغرادي (1) .
و أثناء بحثي في مخطوطات الحديث النبوي و علومه في مكتبات البوسنة وقفت على كثيرٍ ممّا نسخه طلاب المدارس الشرعية و مدرسوهم ، و من أمثلة ذلك :
? نسخة من كتاب ( المبين المعين لفهم الأربعين النووية .
__________
(1) 1 ... انظر : بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 184 .(5/51)
للشيخ علي بن سلطان محمد القاري الهروي ( ت : 1014هـ / 1606 م)
تقع في (162) ورقة مكتوبة بخط نسخي جميل ، كتبه أحمد أفندي الأقحصاري في مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو سنة 1163هـ / 1750 م وهي محفوظة اليوم تحت رقم ( 4225/550) في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو .
? و نسختان من كتاب : الشفا بتعريف حقوق المصطفى .
للقاضي عياض .
تقع الأولى منهما في ( 309 ) أوراق ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها عبد الله بن منلا صالح حرميك ( حرميتش ) ، في مدرسة قركوز بيك الموستاري بموستار، و لم يذكر تاريخ نسخها ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 4308/494 ) .
و تقع الثانية في (281) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ نسخي كتبها مصطفى بن مصطفى الأَسكوبي ، في مدرسة الغازي خسرو بيك ، سنة 1211 هـ / 1797م ، و هي محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 1231/488 ) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة ألجي إبراهيم باشا ( الفيروزيَّة ( بترافنيك .
? و نسخة من كتاب : رفع الخفاء عن ذات الشفاء .
للشيخ علي بن سلطان القاري ( ت : 1014هـ / 1606م ) .
تقع في ( 656 ) ورقة ، مكتوبة بخطٍّ تعليقي ، كتبها الحاج محمد بن ولي الدين المدرس بزاوية خانقاه بسراييفو ، سنة 1193 هـ / 1779م ، و تحفظ اليوم في مكتبة الغازي خسرو بيك تحت رقم : ( 689/498 ) .
? و نسخة من كتاب : مصطلحات أهل الأثر على نخبة الفكر .
للملا علي بن سلطان محمد الهروي القاري ، المعروف بالملا علي القاري
( ت: 1014هـ / 1606م ) .
تقع في (135) ورقة ، مكتوبةٍ بخطٍ نسخيٍ و تعليقي ، كتبها الحاج محمد بن وليّ الدين المدرِّس ، سنة 1196هـ/1781م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (324/396) .
? و نسخة من كتاب : نتيجة النظر في علم الأثر .
تأليف محمد بن حسن بن الهمات الحنفي الدمشقي ( ت :1175 هـ /
1762م )(5/52)
تقع في ( 12 ) ورقة ( 56-67 ) ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها مراد باشا زادة علي صادق شكري ، المدرس بمدرسة علي باشا ، سنة 1208هـ /
1794م.
و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ برقم تحت رقم (1401,3/149) .
? و نسخة من كتاب : رسالة في تقسيم الحديث .
تأليف الشيخ عمر الأسكلبي ، من تلاميذ الشيخ محمد بن الهمات الدمشقي.
تقع في ثلاثة أوراق ( 67-69) ، مكتوبة بخط تعليقي ، كتبها مراد باشا زادة علي صادق شكري ، المدرس بمدرسة علي باشا ، سنة 1208هـ / 1794م ، و هي محفوظة في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ضمن مجموعٍ برقم تحت رقم (4ر1401/149) .
? و نسخة من كتاب : حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار .
تأليف وجيه الدين عبد الرحمن بن محمد الأرزنجاني ( ت : 643 هـ / 1246 م ) .
تقع في (354) ورقة ، مكتوبة بخطٍ تعليقي ، كتبها الناسخ صالح بن أحمد كريسو الموستاري في أثناء دراسته بمدرسة قركوز بيك في موستار سنة 1242هـ / 1827م ، و هي محفوظةٌ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، تحت رقم : (3785/536) ، و قد نُقلت إليها من مكتبة قركوز بيك بموستار .
كما نجد كثيراً من كتب الحديث قد أوقفها المدرسون و طلاب المدارس الشرعية في البوسنة ، و منها :
? نسخة من كتاب : فردوس الأخبار بمأثور الخطاب .
لأبي شجاع شيرويه بن شهردار بن شيرويه الديلمي الحمداني ( ت : 509 هـ / 1116م ) .
تقع في (417) ورقة ، مكتوبةً بخطٍ نسخي قديم ، كتبها عبد السلام بن محمد بن حسن بن علي الخوارزمي ، سنة 546 هـ / 1151م في المدرسة العمادية بهمذان ، و قد أوقفها محمد أفندي مفتيتش ، المدرس بمدرسة الغازي خسرو بيك ، و تحفظ حالياً في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (475/451) .
? و نسخة من كتاب ( حدائق الأزهار بشرح مشارق الأنوار .(5/53)
لوجيه الدين عبد الرحمن بن محمد الأرزنجاني ( ت : 643هـ /
1246م ) .
تقع في (266) ورقة . مكتوبةً بخطٍ نسخي ، كتبها حسام بن قطرو بيك بن عمر ، سنة 773 هـ / 1392م .و هي من أوقاف المدرس الحاج أحمد أفندي ، و تحفظ اليوم ضمن مجموع في خزانة مخطوطات مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم : (3499,1/518) .
إلى غير ذلك من مخطوطات الحديث النبوي و علومه ، التي نسخها أو وقفها الطلاب و المدرسون في دور التعليم الشرعي بالبوسنة ، ممَّا يؤكد فعالية دورهم في خدمة علوم الحديث .
الفصل الثالث
دُور الحديث و المدارس الحديثية
وردت عبارة ( دار الحديث ) و ( المدرسة الحديثية ) كثيراً في كلام الرحالة التركي أوليا شلبي ، و لهاتين العبارتين عنه مدلول واحد فيما يظهر ، حيث تطلقان على مدارس صغيرة ، يقوم على كلٍ منها شيخٌ واحدٌ في الغالب ، و يدرس فيها الحديث النبوي و علومه حصراً ، و ربما تخرج عليه من يساعده أو يخلفه في أداء هذا الواجب حتى تتسع المدرسة و تشتهر .
و قد كانت هذه الدور كثيرة واسعة الانتشار في ولايات الدولة العثمانية ، لكنها تلاشت من الوجود بعد سقوط الخلافة العثمانية ، و لم يعد لها في البوسنة وجود يذكر .
و إذا رجعنا إلى العهد العثماني سنجد في البوسنة ثلاثة مراكز حديثية ، كثر فيها علماء الحديث ، و أمها الطلاب من البلدان المجاورة ، و هذه المراكز
هي : سراييفو و موستار و أقحصار .
كانت مدينة سراييفو في العهد العثماني أحد المراكز الهامة لتعليم الحديث في منطقة البلقان ، الأمر الذي تدل عليه كثرة علماء الحديث الذين تخرجوا فيها في ذلك العهد (1) .
__________
(1) 1 ... انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : العلوم العربية و الإسلامية و المدارس المركزية في البوسنة و الهرسك ، ص : 150 .(5/54)
و كان الحديث يدرس في معظم مساجد سراييفو ، و قد ذكر الرحالة أوليا شلبي عشرة منها : جامع تساريفا ، و فرهد بيك ، و خسرو بيك ، وخوجة علي باشا ، و عيسى بيك وغيرها (1) .
أما في موستار ، فقد تخرج عدد كبير من علماء الحديث الذين أجيزوا و أجازوا في علمي الرواية و الدراية ، مثل الشيخ مصطفى بن محمد الموستاري ، و الشيخ أحمد بن محمد الموستاري ، صاحب كتاب ( ذكر اصطلاحات أصحاب الحديث ) و شيخه مصطفى بن حسين الموستاري الإستلجاوي (2) ، و الشيخ محمد فاضل بن الحاج أحمد بن نوح الموستاري ، و غيرهم .
و في مدينة أقحصار (بروساتس ) أسس الشيخ حسن كافي الأقحصاري رحمه الله مدرسة حديثية عرفت باسمه ، و تميزت بالعناية بعلوم الحديث ، فضلاً على اعتصام الشيخ حسن كافي الأقحصاري و تلاميذه من بعده بمنهج أهل السنة أصحاب الحديث في أصول الدين ، الأمر الذي بيناه في هذه الرسالة و الحمد لله .
أما دور الحديث المعروفة في البوسنة و الهرسك فأهمها :
1) دار الحديث في ليفنو :
تتكون من خمس عشرة حجرة أسسها المحسن مصطفى بيك بن إبراهيم رحمه الله من أهالي بلدة ليفنو ، التي تنسب إليها هذه الدار .
و بحسب الوقفية التي كتبها مصطفى بيك باللغة التركية ، سنة 1052هـ/1642م (3) ، يذكر الواقف أن الباعث له على تأسيس دار الحديث هو امتثال قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية و علم ينتفع به و ولد صالح يدعو له ) (4) .
__________
(1) 1 ... انظر : أولياء شلبي : كتاب الرحلات ، ص 109.
(2) 2 انظر :إجازة الشيخ مصطفى بن حسين لتلميذه الشيخ أحمد بن محمد الموستاري ( المخطوط رقم 4650 في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو ) ، و نظراً لأهمية هذه الاجازة أوردت نصها بالكامل فيما تقدم من هذه الرسالة .
(3) 1 ... هذه الوقفية محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم ( 286 ) .
(4) 2 ... صحيح : تقدم تخريجه .(5/55)
و اشترط في من يقوم بالتدريس في دار الحديث ، فضلا على تمكنه من علوم الحديث ، أن يكون متقنا لبقية العلوم النقلية و العقلية ، كالتفسير والفقه و البيان و المنطق و غيرها من العلوم ، و أن يشرع المدرس درس الحديث بعد صلاة الفجر مباشرة باعتبارها المادة الأساسية في الدار ، ثم بعد ذلك يدرس الفقه والتفسير لمن أراد أن يتعمق في هذه العلوم .
و لأهمية هذه المؤسسة التعليمية ، أشهد عليها الواقف عدداً من أعيان عصره و منهم :
القضاة : عثمان اليايتسوي ، الملقب بقدوة القضاة ، و سليمان اليايتسوي وهما - رحمهما الله – من مدينة يايتسة . و محمد أفندي بن حسين الفوتشوي قاضي فوتشا ، و أحمد بن إبراهيم ، حسين بن أحمد ، قاضيا ليفنو .
و المدرسون : أحمد أفندي بن حسن ، و إسحاق أفندي بن حسين ، و عمر آغا.
و الخطباء : نوح بن علي ، و خضر بن محمود ، و علي بن الحاج أحمد ، و الحاج يوسف بلال زاده .
إلى جانب عدد من وجهاء مدينة ليفنو .
و قد آل حال هذه الدار إلى الإغلاق ، حيث لا وجود لها أو لشيء من آثارها حتى اليوم ، و إن كان لا يعرف بالتحديد تاريخ إغلاقها أو سببه .
2) مدرسة بقعة الحديثية في موستار :
بني من ريع أوقاف قركوز بيك الموستاري رحمه الله إلى جانب المدرسة الشهيرة التي تحمل اسمه ، مدرسة أخرى تعرف باسم ( مدرسة بقعة ) ، و هي مدرسة صغيرة ( كانت تسمى دار القراء ، و دار الحديث ، و معهد تعليم القرآن و الحديث ... و كانت تتكون من أربع صالاتٍ ، و فناء واسع يصل حتى مدرسة قركوز بيك ... و توقفت عن العمل سنة 1907م ، و حول مبناها عام 1913م إلى محل تجاري ) (1) .
3) دار الحديث في نيفيسينيي :
__________
(1) 1 ... بلال حسانوفيتش : المؤسسات التربوية الإسلامية في البوسنة و الهرسك ، ص : 189 .(5/56)
ذكر هذه المدرسة الرحالة أوليا شلبي ، و سماها ( دار الحديث ) التي تدرس الحديث النبوي ، إلى جانب دار القراء حيث تدرس القراءات السبع ، و يذكر شلبي أن دار القراء و دار الحديث كانتا مقامتين تحت سقف واحد ، بني على شكل قبة كبيرة من الرصاص ، ولا مثيل لها في كافة أنحاء الهرسك ، كما قال (1) .
كما أشار الرحالة أوليا شلبي باختصار شديد إلى أنه كان في البوسنة دار أخرى للحديث كانت تقع في وسط مدينة أقحصار ، إلى جانب مدرسة حسن كافي الحديثية (2) .
و ثمة دار أخرى للحديث ، وقفها فرهد باشا صوقولوفيتش إلى جانب مسجده في مدينة بانيالوكا (3) .
هذا عن دُور الحديث ، أما عن دَورِها و أثرها في نشر علوم الحديث في
البوسنة ، فلا أرى داعياً للكلام عنه ، لكونه تحصيل حاصل ، و لا داعي للخوض فيه ، حيث إن هذه الدُور لم تُقم أصلاً إلا لتعليم الحديث النبوي ، و نشر علومه، و ما دامت هذه هي الرسالة ، فلنا أن نتخيل الأثر و النتيجة ، و الله المستعان .
الفصل الرابع
مجالس التحديث
منذ وصول الفتح الإسلامي إلى البوسنة و الهرسك ، بدأ التعليم الإسلامي ينتشر بين أبنائها ، و كانت طرق التعليم المتبعة في البوسنة كتلك المطبَّقة في ديار الإسلام الأخرى التابعة لدولة الخلافة العثمانية ، و لم يكن هناك أيُّ فرقٍ بين المواد الدراسيَّة المقررة في المدارس ذات المستوى الواحد في منطقة الأناضول ( آسيا الصغرى ) و مثيلاتها في منطقة البلقان (4) .
مجالس التحديث عند علماء الإسلام القدامى :
__________
(1) 2 ... انظر : أوليا شلبي : سياحة نامة ، ترجمة الدكتور شعبانوفيتش ، إلى اللغة البوسنوية ، ص : 412 .
(2) 1 ... انظر : المرجع السابق ، ص : 133 .
(3) 2 ... انظر : انظر : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : العلوم العربية و الإسلامية و المدارس المركزية في البوسنة و الهرسك ، ص : 153 .
(4) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 4 .(5/57)
عرف العلماء نوعين من مجالس المحدثين .
1. المجلس الأول : مجلس التحديث ، و هو مجلس رواية و دراية ، يروي فيه المحدث على من يأخذ عنه أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و يشرحها ، و يستنبط أحكامها ، و يحل مشاكلها ، ويبين غريبها .. إلى غير ذلك .
2. المجلس الثاني : و هو ما يعرف بمجلس الإملاء ، حيث يملي الشيخ على تلاميذه رواياته ، أو مصنفاته ، و هم يكتبون عنه ، و يتبعه العرض على الشيخ ، و استجازته و إن تعذر هذان لجأ الطالب إلى مقابلته على ما كتب غيره .
- أما النوع الأول فهو مشهور و معروف لم يخل منه عصرً و لا مصر ، فمنذ زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - عُرف التحديث ، إذ كان يحدث أصحابه ، ويتخولهم بالموعظة ، و يعيد الحديث ثلاثاً رجاء أن يعقل حديثه .
- فقد روى أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه (1) .
- وعن أبي سلام (2) ،
__________
(1) 1 ... الحديث : أخرجه البخاري في العلم ، باب : من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه ، و الترمذي ( 2723 ) في الاستئذان ، باب : ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئا ، و أحمد 3 / 221 ، و البغوي في " شرح السنة " 1 / 303 ( 141 ) ، و في " الشمائل " 1 / 266 ( 334 ) .
و بقية لفظه : (( و إذا سلم على قوم سلم عليهم ثلاثا )) .
و وهم الحاكم في " المستدرك " 4 / 273 في استدراكه هذا الحديث ، و دعواه أن البخاري لم يخرجه .
(2) 2 ... أبو سلام ، هو : ممطور الأسود الحبشي ، الأعرج الدمشقي ، من أجلة العلماء بالشام ، تابعي ثقة ، قال ابن ماكولا : ليس من الحبشة ؛ و إنما هو منسوب إلى حبشة بطن من حمير . استقدمه عمر بن عبد العزيز ؛ ليسمع منه حديث الحوض عن ثوبان - رضي الله عنه - ، فقال له : شققت علي ، فاعتذر إليه عمر و أكرمه .
انظر ترجمته في : المعرفة و التاريخ للفسوي 2 / 334 ، تهذيب الكمال 28 / 484 ، سير أعلام النبلاء 4 / 355 .(5/58)
عن رجل خدم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا حدّث حديثاً أعاد ثلاثاً (1) .
- و عن أبي أمامة (2) - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا تكلم تكلم ثلاثاً لكي يفهم عنه (3) .
__________
(1) 3 ... حسن لغيره :
أخرجه أبو داود ( 3653 ) في العلم ، باب : تكرير الحديث ، و البخاي في " التاريخ الكبير " 4 / 201 ، عن عمرو بن مرزوق ، أخبرنا شعبة ، عن أبي عقيل هاشم بن بلال ، عن سابق بن ناجية ، عن أبي سلام
به .
و رجاله كلهم ثقات سوى سابق بن ناجية ، لم يوثقه غير ابن حبان ، لذلك أورده الذهبي في " الميزان "
2 / 109 ، و قال : ( ما روى عنه سوى هاشم بن بلال ) . و قال ابن حجر في " التقريب " ( 7253 ) : ( مقبول ) .
لكن يشهد له الحديث السابق ، و الآتي .
(2) 1 ... أبو أمامة - رضي الله عنه - ، هو : صدي بن عجلان بن وهب ، الصحابي الجليل ، نزيل حمص ، شهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع و هو ابن ثلاثين سنة توفي بالشام سنة 86 هـ / 705 م ، في خلافة عبد الملك بن مروان عن 106 سنة ، و هو آخر من مات من الصحابة بالشام .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 411 ، أسد الغابة 3 / 16 و 6 / 16 ، سير أعلام النبلاء 3 / 359 ، تهذيب الكمال 13 / 158 ، البداية و النهاية 9 / 73 ، الإصابة 3 / 241 ، شذرات الذهب 1 / 351 .
(3) 2 ... حسن :
... أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير" 8 / 342 ( 8095 ) من طريق علي بن خشرم : ثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد ، عن أبي غالب ، عن أبي أمامة به .
وفيه أبو غالب ، و هو : صاحب أبي أمامة ، بصري ، نزل أصبهان ، و هو مختلف فيه ؛ قال ابن حجر في " التقريب " ( 8298 ) : صدوق يخطئ .
و قال في الحسين بن واقد ( 1358 ) : ثقة له أوهام .
و باقي رجاله ثقات .
و قال الهيثمي في" المجمع " 1/ 129 : إسناده حسن .(5/59)
- وكان الصحابة يلازمون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و يشهدون مجلسه .
- أما مجالس الإملاء ، فقد كانت بدايتها أيام تدوين الوحي في زمن النبوة . قال زيد بن ثابت (1) : ( كنت أكتب الوحي عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و هو يملي علي
فإذا فرغت ، قال : اقرأه ، فأقرؤه ، فإن كان فيه سقط أقامه ) (2) .
__________
(1) 3 ... زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ، هو : الأنصاري ، الخزرجي ، من علماء الصحابة ، و كتاب الوحي ، قدم رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة و هو ابن إحدى عشر سنة ، استصغر يوم بدر و أحد و أجيز يوم الخندق ، أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بتعلم الكتابة السريانية ، فحذقها في نصف شهر ، و هو الذي قسم الغنائم يوم اليرموك ، توفي سنة 45 هـ /666 م و قيل غير ذلك . =
= ... انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 2 / 358 ، مسند أحمد 5 / 181 ، المعرفة و التاريخ للفسوي 1 / 300 ، 483 ، سير أعلام النبلاء 2 / 426 ، الإصابة 3 / 22 .
(2) 1 ... حسن لغيره :
أخرجه يعقوب الفسوي في " المعرفة و التاريخ " 1 / 377 ، و الطبراني في " المعجم الكبير " 5 / 142 ( 4888 و 4889 ) ، و في " الأوسط " 2 / 257 ( 1913 ) ، و الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " 2 / 133 ، و السمعاني في " أدب الإملاء و الاستملاء " ص 77 ، من طريقين عن عقيل بن خالد ، عن ابن شهاب الزهري ، قال : حدثني سعيد بن سليمان ، عن أبيه سليمان ، عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - – فذكره .
و رجاله كلهم ثقات سوى سليمان ، و هو : ابن زيد بن ثابت الأنصاري ، تابعي ، قتل مع إخوانه يوم الحرة سنة 63 هـ / 683 م ، و لم يرو عنه سوى ابنه سعيد ، و لم يوثقه غير ابن حبان في " الثقات " 4 / 315 ؛ لذا قال ابن حجر في " التقريب " ( 2560 ) : مقبول .
و قال السيوطي في " تدريب الراوي " 2 / 77 : رواه الطبراني في الأوسط بسند رجاله موثقون .
... قلت : و له شاهد يتقوى به :
أخرجه السمعاني في " أدب الإملاء " ص 77 – 78 ، من طريق ابن الدراوردي ، عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر ، عن. عطاء بن يسار ، أن رجلا كتب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كتبت ؟ قال : نعم ، قال : عرضته ؟ قال : لا ، قال : لم تكتبه حتى تعرضه فيصح .
و هذا مرسل ، إسناده حسن إلى عطاء .
فابن الدراوردي ، هو : عبد العزيز بن محمد ، و ثقه مالك و ابن معين و غيرهما .
انظر : تهذيب الكمال 18 /191 – 194 .
و شريك بن عبد الله بن أبي نمر : صدوق حسن الحديث ، قال الذهبي في " الميزان " 2 / ترجمة 3696 : تابعي صدوق .(5/60)
وإني لأكبر في سلفنا الأخيار جعل دورهم و مساكنهم رياضاً للجنة تحفها الملائكة ، و تستمطر فيها الرحمات .
قد اشتهر من هذه المجالس ، مجلس أبي إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي (1) الذي وصفه محمد بن حبيب البصري (2) فقال : ( كنا نحضر مجلس أبي إسحاق الهجيمي للحديث ، فكان يجلس على سطح له ، و يمتلئ شارع الهجيم بالناس الذين يحضرون للسماع ، و يبلِّغ المستملون عنه ، قال : وكنت أقوم في السحر ، فأجد الناس قد سبقوني ، وأخذوا مواضعهم ، و حسب الموضع الذي يجلس الناس فيه ، فوجد مقعد ثلاثين ألف رجل و كسر ) (3) .
مجالس التحديث في البوسنة و الهرسك :
عرف أهل البوسنة و الهرسك مجالس التحديث من النوع الأوَّل إذ كان علماؤهم يعقدون جلسات علميَّة يترجمون و يشرحون فيها مختارات من
الأحاديث و كتبها ، على جموع من طلبة العلم و المريدين و العامَّة ، و كانت هذه المجالس إحدى الظواهر البارزة في حياة الشعب البوسنوي قبل قيام الحكم
__________
(1) 1 ... الهجيمي ، هو : الشيخ المحدث الصدوق المعمر ، و هجيم نسبة إلى بني الهجيم ، بطن من تميم ، و إلى محلة بالبصرة نزلها بنو هجيم فنسبت إليهم ، توفي سنة 351 هـ / عاش قرابة 103 عاما .
انظر ترجمته في : المنتظم 7 / 23 ، سير أعلام النبلاء 15 / 525 ، الوافي بالوفيات 6 / 57 .
(2) 2 ... محمد بن حبيب البصري : يشبه أن يكون هو المترجم في " تاريخ بغداد " 2 / 277 : قال الخطيب : محمد بن حبيب الجارودي ، بصري ، قدم بغداد و حدث بها ، و كان صدوقا .
و وثقه ابن حبان في " الثقات " 9 / 110 .
(3) ... أخرجه الخطيب البغدادي في " الجامع لأخلاق الراوي " 2 / 53 – 54 ( 1163 ) ، و من طريقه السمعاني في " أدب الإملاء " ص 18 ، عن القاضي أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري ، حدثني أبي ، قال كنا نحضر مجلس – فذكره .(5/61)
الشيوعي ، ثمَّ أصبحت وسيلة ( سرِّيةً في الغالب ) لا بديل عنها بعد أن حظر الشيوعيُّون التعليم الشرعي ، و أغلقوا مؤسساته الرسميَّة في أنحاء جمهوريات يوغسلافيا الست ، و إقليم قوصوة ( كوسوفا ) .
فتحت وطأة الحكم الشيوعي تعين على العلماء أن يلتمسوا سبيلاً يبلغون من خلاله دين الله تعالى بعد أن أغلقت معظم المساجد ، و لم يعد يرفع نداء الله فيها إلا في المناسبات و الأعياد ، و أوصدت أبوابها أمام روّاد حلق العلم و الذكر و لم يكن ثمة بديل مُتاح إلا منازلهم الفسيحة ، و أفنيتهم التي لم يشملها حظر التجمعات ، و البقية الباقية من المساجد على قلتها .
ولهم في ذلك أسوة حسنة بالنبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - الذي لقَّن أصحابه مبادئ الإسلام في دار الأرقم بن أبي الأرقم ابتداءً ، ثم في شعب عمه أبي طالب أيام الحصار ، ثم في بيته - صلى الله عليه وسلم - ، ثم في سائر بيوت الصحابة أمثال عبد الله بن عباس - رضي الله عنه - . ثم مالك بن أنس ، وقبيصة بن ذؤيب (1) ، وأبي غطفان بن طريف (2) ،
__________
(1) 1 ... قبيصة بن ذؤيب ، هو : أبوسعيد الخزاعي ، المدني ثم الدمشقي ، الوزير ، الإمام ، الفقيه ، الثقة المأمون ، مولده عام الفتح سنة 8 هـ / 630 م ، كان على الختم و البريد للخليفة عبد الملك بن مروان ، و كان أعلم الناس بقضاء زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ، توفي سنة 86 أو 87 هـ / 705 أو 706 م.
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5 / 176 و 7 / 447 ، تذكرة الحفاظ 1 / 57 ، سير أعلام النبلاء 4/282 .
(2) 2 ... أبو غطفان بن طريف : و يقال ابن مالك ، هو : المري ، حجازي مدني ، قيل : اسمه سعد ، تابعي ثقة ، لزم عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، و كتب له ، و كتب أيضاً لمروان .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5 / 176 ، الثقات لابن حبان 5 / 567 ، تهذيب الكمال 34 / 177.(5/62)
وغيرهم في زمن التابعين (1) .
... و أصبح من السنن الحسنة أنَّ بعض العلماء البشانقة ، كانوا يقيمون دروساً منتظمة في العلوم الشرعيَّة في أنحاء البوسنة ، و خاصَّةً في مدينة سراييفو
و ضواحيها ، و كان مقر كثيرٍ منها بيوت العلماء ، و بعض تلامذتهم ، و وجهاء المجتمع ، إضافة إلى ما يلقى في المدارس و المساجد و الزوايا ، أمَّا وقتها فكان في الغالب مساءً تحت جنح الظلام ، و أحياناً بعد صلاتي الفجر و العصر ، فضلاً على الدروس الخاصَّة التي تقدم في أيَّام الجُمَع .
أمَّا عن سير مجلس التحديث فقد كان يبدأ بقراءة الكتاب باللغة العربيَّة ،
ثمَّ يترجم إلى اللغة البوسنوية ، ثمَّ يشرع شيخ المجلس في شرحه و التعليق عليه واستخلاص الأحكام و الفوائد منه (2) .
... و من مجالس التحديث التي كان يعقدها علماء البوسنة ، إذ كانوا يشرحون فيها كتب الحديث ، و ينطلقون منها في نشر علومه :
أولاً : مجلس الشيخ محمد بن محمد الخانجي رحمه الله ( ت 1363 هـ / 1944 م ) :
و كان يشرح فيه و يدرِّس مختصر الجامع الصغير لجلال الدين السيوطي ، و قد أثبت ذلك بخطِّه على إحدى النسخ الخطيَّة لهذا الكتاب ، فقال :
( ... فُرغ من قراءته و تدريسه لأصحابه فقير رحمة ربه ، و أسير و سمة ذنبه محمد بن محمد بن محمد بن صالح بن محمد الخانجي البوسنوي ، عفا الله عنه و عن والديه و أجداده ، و غفر له و لهم بمنه و كرمه ، في أوسط ذي الحجة الشريفة من سنة إحدى و ستين و ثلاثمائة و ألف ، في مدينة سراي بوسنة ، صانها الله تعالى ، و جعلها دار أمن و إيمان ، و مأوى للإسلام و أهله إلى يوم القيامة ، إنه وليُّ الإسلام و أهله . قاله بلسانه ، و كتبه ببنانه ، الفقير إلى الله تعالى محمد بن محمد الخانجي ... ) .
__________
(1) ... انظر : الطبقات الكبرى ، لابن سعد : 5/176 ، الشفا ، للقاضي عياض : 2/99 ، .
(2) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، ص: 7،8 .(5/63)
و هذه النسخة محفوظة في مكتبة الغازي خسرو بيك بسراييفو تحت رقم (2271/2195) ، و قد نقلت إليها من مكتبة الشيخ محمد الخانجي رحمه الله بعد وفاته .
ثانياً : مجلس الشيخ مصطفى حلمي عميروفيتش (1) ( ت 1313هـ/ 1895م) أوَّلِ رئيسٍ للعلماء في البوسنة و الهرسك (
و قد كان يدرِّس صحيح البخاري ، و يشرحه في مجلس أسبوعيٍ ، يعقده كلَّ يوم جمعة في بهو مدرسة الغازي خسرو بيك بسراييفو ، و قد استمرَّ هذا المجلس إلى وفاته ، ثمَّ خلفه في تدريس ( الجامع الصحيح ) في نفس الزمان والمكان
و بنفس الأسلوب الشيخ محمد توفيق عزاباغييتش (2) (
__________
(1) 1 ... مصطفى حلمي عميروفيتش : من أكبر علماء البوسنة ، و هو أول رئيس لها بعد مغادرة العثمانيين للبلاد ، ولد عام 1232 هـ / 1817 م ، في كولين وقف ، و رحل في طلب العلم إلى استنبول سنة1255 هـ / 1839 م ، فأخذ العلم عن مشايخها ، و حصل على الإجازة من شيخه تيكويشلي ، عاد إلى البوسنة عام 1263هـ / 1857 م ، فدرس بمدرسة غازي خسروبك ، و عين مفتيا لمنطقة سراييفو ، ثم أصبح رئيسا للعلماء سنة 1300 هـ / 1882م .
انظر : فرحات شيتي : المشيخة الإسلامية في البوسنة من عام 1295 هـ/ 1878م إلى تعيين رئيس العلماء الأول ، مقال في مجلة الفكر الإسلامي ، ص 40 ، العدد 128 ، سنة 1410 هـ / 1989 م .
(2) 1 ... محمد توفيق عزاباغييتش : من أكابر العلماء في زمانه ، ولد بمدينة توزلا سنة 1254 هـ / 1838 م ، طلب العلم في بلاده ، ثم رحل إلى استنبول ، وعاد بعد إكمال دراسته عام 1285 هـ / 1868 م ، و بعد رجوعه عين قاضيا بمدينة توزلا ، ثم مفتيا بعد احتلال القوات النمساوية – المجرية للبوسنة ، ثم صار رئيسا للعلماء سنة 1311 هـ / 1393 م ، إلى أن توفي .
انظر : المقال السابق بمجلة الفكر الإسلامي ، ص 40 ، العدد 128 ، سنة 1410 هـ / 1989 م .(5/64)
ت 1336هـ/1918م ) الذي عيِّن رئيساً للعلماء بعد وفاة الشيخ مصطفى حلمي رحمهما الله (1) .
ثالثاً : مجلس الشيخ أحمد أفندي بُريك (2) ( ت 1367هـ/1848م ) :
و هو مجلس في شرح صحيح الإمام البخاري ، استمر عشرين سنةً بين عامي 1926م و 1946م ، و كان مقرُّه هو الخانكاه التي وقفها الغازي خسرو بيك رحمه الله بجوار مدرسته و جامعه في سراييفو ، و امتاز هذا المجلس عن غيره من مجالس بحرص الشيخ أحمد أفندي فيه على الجوانب اللغويَّة للحديث ، و قراءته مسنداً باللغة العربيَّة (3) .
رابعاً : مجلس مفتي بنيالوكا الشيخ الحافظ مصطفى نوريكيتش (4) ( ت 1386هـ/1966م ) في ترجمة و شرح صحيح البخاري بمسجد فرهد بيك في مدينة بنيالوكا (5) .
__________
(1) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 9 .
(2) 3 ... أحمد أفندي بريك : من علماء البوسنة الكبار و الدعاة المعروفين ، المدرس في مدرسة غازي خسروبك بسراييفو إلى أن توفي ، عرفته مساجد البوسنة بدروسه و مواعظه ، كانت له مكتبة قيمة آلت الآن إلى كلية الدراسات الإسلامية بسراييفو .
انظر : الحافظ محمود تراليتش : " بمناسبة ذكرى ثلاثين سنة من موت أحمد بوريك " مجلة البلاغ ، ص 309 – 310 ، العدد 4 ، سنة 1398 هـ / 1978 م .
(3) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللعة البوسنويَّة ، ص: 9 ، 10 .
(4) 1 ... مصطفى نوركيتش : أحد العماء البارزين في البوسنة ، كان مفتي لمنطقة بانيالو كا إلى أن توفي .
انظر : الحافظ محمد ظاهروفيتش : " موت المفتي الأخير بالبوسنة : الحافظ مصطفى نوريكيتش " مجلة البلاغ ص 364 – 367 ، العدد 8 – 7 ، سنة 1386 هـ / 1966 م .
(5) 2 ... الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 63 .(5/65)
خامساً : مجلس الشيخ حسن شكابور ( ت 1396هـ/1976م ) في ترجمة و شرح صحيح البخاري أيضاً ، في المسجد الجامع بمدينة برييدور أثناء عمله رئيساً للأئمة فيها (1) .
سادساً : مجلس الأستاذ الحافظ فؤاد سوباشيتش ( ت 1405هـ/
1985م ) في شرح و ترجمة الجامع الصحيح للإمام البخاري رحمه الله، حيث أنجز الحافظ فؤاد ترجمةً كاملة للصحيح أثناء شرحه في حلقاتٍ دراسيَّة خاصَّة كان يعقدها في مسجد السلطان أحمد بزينتسا ، ولم تُطبع ترجمته حتى الآن ، إلاَّ أن منها نسخاً محدودةً يتداولها بعض من خصَّهم المترجم بها ، و هي مطبوعة بالآلة الكاتبة (2) .
سابعاً : مجلس الشيخ بكير ياحيتش (3) ( ت 1401هـ/1981م ) اليومي بمسجد فرهد بيك بسراييفو ، الذي كان يترجم و يشرح فيه حديثاً واحداً من صحيح البخاري ، بعد صلاة الظهر يومياً ، و قد عاجلت المنية الشيخ بكير قبل أن يفرغ من ترجمته للجامع الصحيح .
ثامناً : مجلس الشيخ شوقي شابيتش ( ت 1400هـ/1980م ) في ترجمة و شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج ، بمدينة توزلا (4) .
__________
(1) 3 ... الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 63 .
(2) ... ورد ذكر هذه الترجمة في مقدِّمة الناشر لكتاب ( ألف حديث و حديث ) الذي ترجمه الحافظ فؤاد سوباشيتش ، و لم أقف على هذه الترجمة فيما وقفت عليه من مكتبات البوسنة ، و لعلَّها محفوظةٌ لدى ورثة المترجم في محافظة زينتسا . ( الباحث ) .
... انظر : مقدمة ناشر كتاب ( ألف حديثٍ و حديث ) ، ص : 11 .
... و : ترجمة الأحاديث إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 15 .
(3) 1 ... بكير ياحيتش : داعية واعظ ، اشتغل بالقضاء بالسنجق و مقدونيا و مدينة تيسليتش ، توفي بمدينة نيتس بفرنسا .
انظر : مصطفى ميهيتش : " الحاج بكير أفندي ياحيتش " مجلة البلاغ ، العدد 4 ، سنة 1401 هـ / 1981 م ص 438 – 441.
(4) 2 ... انظر : حسن ماكيتش : البحث في بلادنا ، مجموعة دراسات مؤتمر الحديث ، إيفاتوفيتسا 94 ، ص 48 .(5/66)
تاسعاً : مجلس الشيخ محمد توفو ( توفيق ) :
في شرح كتابي ( الشفا في تعريف حقوق المصطفى ) (1) ، و ( مشارق الأنوار النبوية ) لحسن بن محمد الصاغاني (2) .
عاشراً : مجلس الشيخ الحافظ محمد حاجي موليتش ، إمام مسجد الغازي خسرو بيك بسراييفو في شرح كتاب ( مشارق الأنوار النوويَّة ) خلال عشرين سنة ، في غرفة الإمام الملحقة بالمسجد المذكور (3) .
كما شرح الحافظ محمد حاجي رحمه الله كتاب ( الشمائل النبوية ) للإمام الترمذي في مجالسه العلمية بمسجد الغازي خسرو بيك بسراييفو ، و في بعض بيوت أعيان المدينة .
حادي عشر : مجلس الشيخ الحافظ مصطفى نوريكيتش (ت 1386هـ / 1966م) في شرح أحاديث مختارة ، مدينة بانيالوكا (4) .
ثاني عشر : مجلس الشيخ فيض الله حاجي بايريتش ( ت 1406 هـ /
1986 م ) في شرح كتاب ( جواهر البخاري ) و كتاب ( الألف حديث ) لعمر نصوح بلمن التركي ، بين عامي 1966م و 1973م في سراييفو (5) .
ثالث عشر : مجلس الشيخ يعقوب ميميتش في شرح كتاب المختار من الأحاديث النبوية و الحكم المحمدية ، من تأليف السيد أحمد الهاشمي ، و قد شرحه سنة 1400هـ / 1980م ، في بعض مجالس التحديث التي عقدها ضمن برامج الحلقات الدراسية التي نظمتها المشيخة الإسلاميَّة في يوغسلافيا السابقة للأئمة و الخطباء في مدينة نوفي بازار ( عاصمة إقليم السنجق ) (6) .
__________
(1) انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللعة البوسنويَّة ، ص : 10 .
(2) 3 ... انظر : محمد طيب أو كيتش : الآثار الإسلامية ، ص : 39 .
... و : الدكتور عمر ناكيجيفيتش : المدخل إلى علوم الحديث ، ص : 63 .
(3) ... الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، ص : 10 .
(4) ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللعة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 10 .
(5) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 10 .
(6) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 14 .(5/67)
و يضم الكتاب المشروح في حلقات هذا المجلس بين دفتيه 1396 حديثاً نبوياً فيها كثيرٌ من الأحاديث الضعيفة و الواهية ، مرتبة على حروف الهجاء ، و مثبتة باللغتين العربية و التركية .
و قد تمت الإفادة من مجلس الشيخ يعقوب بعد جمعها ، ومراجعة علماء من المشيخة الإسلاميَّة لها ، في طبع الكتاب مترجماً إلى اللغة البوسنوية في جزء واحد ، عدة صفحاته ثمان و أربعون و أربعمائة صفحة ، و نشرته رئاسة العلماء بسراييفو، سنة 1404هـ / 1984م .
رابع عشر : مجلس الأستاذ درويش سباهيتش في شرح و ترجمة الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير للإمام جلال الدين السيوطي رحمه الله .
و قد بدأ الأستاذ درويش في هذا العمل الجليل ، في أثناء عمله في المدرسة الإسلاميَّة ببلدة بولسكا ،و بعد إغلاق المدرسة في مجالس جمعت الطلاَّب الذين حرموا من مواصلة تعليمهم الشرعي ، و جمعت ثمرة هذه المجالس في كتاب قيم لم يطبع بعد (1) .
خامس عشر : مجلس الأستاذ محرَّم عمرديتش ، في شرح و ترجمة كتاب
( رياض الصالحين ) للإمام النووي رحمه الله ، الذي كان يقوم به في عدة مساجد بمدينة أقحصار .
كما كان للأستاذ محرم مجلس آخر يشرح فيه أحاديث مختارة ، قام بجمعها و ترجمتها ثم شرحها باللغة البوسنوية ، و ألقاها المؤلف في دورة للأئمة و الدعاة في مدينة نوفي بازار ، سنة 1974م .
و قد ظهرت مجموعة الأحاديث التي جمعها و ترجمها الأستاذ مُحرَّم ، في
جزأين :
الجزء الأوَّل : جمع فيه أحاديث الإيمان و الإسلام ، و عددها أربعةٌ و ثمانون حديثاً.
الجزء الثاني : جمع فيه أحاديث في باب العلم و حملته ، و عددها ثمانون حديثاً .
و هما مطبوعان بالآلة الكاتبة ، و متداولان بين الأئمة و الخطباء ، على الرغم من كونهما بحاجة إلى مزيد من التنقيح و التصحيح (2) .
__________
(1) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 15 .
(2) ... انظر : المرجع السابق ، ص : 15 .(5/68)
سادس عشر ( المجلس الأسبوعي للأستاذ شفيق كرديتش ، أستاذ الحديث بالأكاديمية الإسلامية في زينتسا اليوم ، في شرح صحيح مسلم أيضاً ، و قد بدأ هذا المجلس عام 1415هـ/1995م ، و لا يزال قائماً إلى اليوم في مسجد السلطان أحمد بزينتسا .
و إن كان العلم بهذه المجالس الستة عشر من مجالس التحديث هو ما أحطتُ به فلا يعني ذلك أن لا مزيد عليها . و بسبب الظروف الصعبة التي مرَّ بها مسلمو البوسنة ، فمن المحتمل أن يكون الكثير من أنشطة المسلمين و جهودهم العلمية لا يزال طي الكتمان .
الفصل الخامس
وسائل الإعلام
للإعلام اليوم دور كبير يؤديه ، و أثر عظيمٌ يخلِّفه في توجيه و تعليم الأفراد و الشعوب .
و مع أن الأمة الإسلامية من أقل الأمم إفادة منه ، و أكثرها تأثّراً به ، فإن من الحكمة – و الحكمة ضالة المؤمن – أن يستفيد المسلمون من وسائله في تبليغ رسالتهم للعالم ، و نشر العلم و المعرفة النافعة بين أبنائهم بواسطة ما يتاح لهم من قنواته .
و هذا الأمر الذي ننشده ، لمَّا يتحقق منه إلا القليل في بلاد المسلمين التي تمتلك ثروات هائلة ، أما في البوسنة التي تعاني من الحروب و الفقر ، فلا تكاد تجد للإعلام المرئي و المسموع أثراً في تعليم المسلمين أو خدمة مصالحهم .
لقد تتبعت عدداً من القنوات المرئية و الإذاعات المسموعة أملاً في الوقوف على برنامج يعمل على نشر السنة النبوية أو علوم الحديث الشريف فلم أجد سوى برنامج إذاعي كان الدكتور عزت طَََرَزيتش يقدم فيه ترجمة لأحاديث من كتاب ( رياض الصالحين ) للإمام النووي رحمه الله ، و قد استمر بث هذا البرنامج أكثر من سنة عبر إذاعة ( حياة ) البوسنوية الخاصة ، ثم توقف ، و لا أعرف له خَلفاً .
أما الصحافة فقد كان لها دور مشهود في خدمة علوم الشريعة كافة ، و منها علوم السنة النبوية ، و هو ما سأبينه في هذا الفصل بعونه تعالى .
صحافة المسلمين في البوسنة و أثرها في نشر السنة النبوية :(5/69)
أصدر مسلمو البوسنة و الهرسك عدداً من الصحف ( الجرائد ) و المجلات ، التي جسَّدت عقيدتهم ، و فكرهم ، و وثقت معارفهم ، و أحداث بلادهم ، و ترجمة لأعلامهم ، باللغة المحلِّية المكتوبة بالحروف العربية أو اللآَّتينية تارةً ، و باللغة التركية تارةً أخرى ، و من أشهر هذه الإصدارات :
- صحيفة ( سرايفسكي تسفييتنيك - كلش سراي ) التي أسسها الصحفي المسلم محمد شاكر كورتشهايتش ( ت 1288 هـ / 1872م ) ، بين عامي ( 1869م ) و ( 1872م ) .
- صحيفة البوسنة التي صدرت تحت الحكم النمساوي المجري ، بين عامي ( 1878م ) و ( 1882م ) .
- صحيفة ( سرايفيسكي ليست ) ، أي صحيفة سراييفو اليومية .
- صحيفة ( سرايفيسكي نوفي ليست ) أي صحيفة سراييفو الجديدة اليومية.
- صحيفة ( أوسلبوجينية ) اليومية .
- مجلة بيهار ( Behar ) التي أسسها الصحفي الأديب أدهم مولى عبديتش (1) سنة 1318هـ/1900م .
- مجلة غيرت ( Gajret ) التي أسسها صفوت بيك باشاغيتش (2) ، سنة 1325هـ/ 1907م .
- مجلة بيسير ( Biser ) التي أسسها محمد بكير غلايجيتش (3) ، سنة 1330هـ/1912م .
__________
(1) 1 ... أدهم مولى عبديتش : ولد بمدينة ماغلاي سنة 1279 هـ / 1862 م ، و توفي سنة 1363 هـ /
1954 م .
انظر : البوسنويون البارزون ص 128 – 133 .
(2) 1 ... صفوت باشاغيتش : العالم في الفنون العديدة ، و الشاعر الكبير ، ولد سنة 1287 هـ / 1870 م ، طلب العلم ببلاده ، و حصل على الدكتوراة من جامعة فيينا بالنمسا بعنوان : أهل البوسنة و الهرسك في الأدب الإسلامي ، توفي سنة 1353 هـ / 1934 م .
انظر : البوسنويون البارزون ص 12 – 18 .
(3) 2 ... محمد بكير : كان من ذوي الثقافة العلية ، و من الذين حثوا المسلمين على النشاطات العلمية و الثقافية ، ولد سنة 1310 هـ / 1892 م ، بموستار ، و هو مؤسس المطبعة الإسلامية و الكتب المتعلقة بالإسلام و علومه .
انظر : لامعة حاجي عثمانوفيتش : المكتبات في البوسنة و الهرسك ، ص 4 – 7 .(5/70)
- مجلّة ( الطارق ) التي صدرت بين عامي ( 1908م ) و ( 1910م ) ، و كانت تطبع بالحروف العربية .
- مجلّة ( المعلم ) التي صدرت بين عامي ( 1910م ) و ( 1913م ) ، و كانت تطبع بالحروف العربية .
- مجلّة ( المصباح ) التي صدرت بين عامي ( 1912م ) و ( 1913م ) ، و كانت تطبع بالحروف العربية .
- مجلّة الحكمة ، و هي المجلة الوحيدة التي استمرّ صدورها حتى بداية الحكم الشيوعي للبوسنة ، و قد أشار إلى ذلك الشيخ الخانجي رحمه الله بقوله :
(( الحكمة تدافع عن الإسلام و تجاهد فيه . . . و إني لأكتب و أستحيي أن أكتب أن جماعة من المسلمين يبلغ عددهم أكثر من نصف مليون ليس لهم في الحقيقة إلا مجلة إسلامية واحدة )) (1) .
كما يصدر في البوسنة و الهرسك اليوم عددٌ من الدوريات و الصحف ، و من أشهرها :
- مجلة البلاغ ( Glasnik ) التي تصدرها المشيخة الإسلامية ، مرة كل شهرين ، و تطبع في سراييفو باللغة المحلية مع موجز مترجم إلى اللغة العربية و آخر إلى الإنجليزية .
- مجلة الفكر الإسلامي ( Islamska Misao ) و هي مجلة شهرية تصدرها رئاسة الطائفة الإسلامية في سراييفو أيضاً .
- مجلة المعلم ( Mualalim ) و هي مجلة شهرية تصدرهما الجمعية العلمية ، و هي اتحاد الأئمة في البوسنة و الهرسك ، و كانت تحصل في سنوات الحرب الأخيرة و بعدها على دعم مادي لطباعتها من جمعية البحرين الخيرية.
- مجلة زمزم ( Zemzem ) و هي مجلة شهرية موجهة للشباب المسلم في البوسنة .
- صحيفة البعث الإسلامي ( Proporad ) ، و هي صحيفة نصف شهرية تهتم بمسألة توعية المسلمين فقهياً ، و مما تمتاز به كتابة عنوانها باللغة العربية إلى جانب اللغة المحلية ، و كثرة الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية الشريفة المكتوبة باللغة العربية ، مع ترجمتها إلى اللغة البوسنوية .
__________
(1) 1 الشيخ محمد بن محمد الخانجي ( الجوهر الأسنى ، ص : 23 .(5/71)
- صحيفة نداء المسلمين ( Muslimanski Glas ) ، و هي صحيفة أسبوعية مصورة ، تصدر في سراييفو ، و تحتوي مواضيع إسلامية متنوعة .
- حولية مكتبة الغازي خسرو بيك ، التي بدأ إصدارها سنة (1391هـ/1971م ) ، و هي مجلة متخصصة ، تنشر بحوثاً علميَّة و تاريخية و دينية متعلقةً بمؤسسات الغازي خسرو بيك الإسلامية و أنشطتها المختلفة .
- مجلة القبس .
- مجلة الصف .
- مجلة الدعوة .
... ... و هذه المجلات الثلاث الأخيرة بدأت في الصدور أثناء الحرب الأخيرة ، و لم تعاني ما عانته المجلات السابقة من القيود و الضغوط الشيوعية .
دَور الصحافة البوسنوية في خدمة السنة و علوم الحديث (
... كانت صحافة المسلمين البوشناق في العهد الشيوعي أشبه بأداة للترويج لسياسة الحكومة اليوغسلافية ، و الاتجاه الرسمي للمشيخة الإسلامية التي كانت تخضع للسلطات الشيوعية التي تعيِّن رئيسها ، و تعتمد برامجها و الأنظمة المنظمة لعملها في تلك الفترة .
... و من غير المتوقع - في هذه الظروف - أن تتمكن الصحافة – و هي الوسيلة الوحيدة من وسائل الإعلام التي كان للمسلمين حقٌ في تملكها – من العمل بحرية ، أو نشر شيءٍ من العلوم الشرعية كما ينبغي .
... و هذا هو السبب الرئيس في قلة المواد العلمية المتعلقة بعلوم الحديث على صفحات المجلات الإسلامية في العهد الشيوعي .
... أما في عهد الاستقلال الذي نالته البوسنة بعد الحرب الدامية الأخيرة ، فقد ازدادت دائرة الحريات التي يتمتع بها المسلمون ، في أجواء ما يُسمى بالنظام الديمقراطي ، ممَّا مكنهم من الإفادة من القنوات الإعلامية الموروثة عن العهد الشيوعي بشكلٍ أفضل ممّا كانت عليه سابقاً ، و مكنهم من الاستقلال بوسائل جديدة منها الصحافة الإسلامية .(5/72)
... و أوّل ما لفت نظري و دفعني إلى البحث في دَور الصحافة الإسلامية في نشر علوم الحديث ، مقال نشرته مجلة ( الصف ) في عددها السابع عشر ، الصادر في شهر مايو ( أيَّار ) 1998م ، حيث أتاني به من يسألني الموافقة على طبعه و توزيعه كمنشور على نفقة مؤسسة الحرمين الخيرية التي كنت أدير مكتبها في البوسنة في ذلك الوقت ، لِما رأى فيه من المنفعة .
كان ذلك المقال بعنوان : اتباع السنة .
و عنوانه باللغة البوسنوية :
Slje?enjenje Sunneta
و هو بقلم الشيخ عبد الصمد بوشاتليتش (1) ، و يتناول بعد تعريف السنة النبوية جملة من أدلة الكتاب و السنة على وجوب العمل و الاعتصام بها ، و بعض آثار السلف الصالح النماذج العمليَّة التي تؤكِّد على ذلك من سيرهم ، و في آخره ذكرٌ لبعض ثمار الاتباع .
و قرأت المقال على الفور ، فألفيته قيِّماً و مفيداً في الحثِّ على الاتباع و التحذير من الابتداع في الدين .
... و من ذلك الوقت بدأت في رصد الأبحاث و المقالات المنشورة في بعض المجلات البوسنوية ، فوجدتها وافرةً و الحمد لله ، و هي على نوعين :
النوع الأول : ترجمة أحاديث مختارة من السنة النبوية ، و هو كثيرٌ جداً حتى في العهد الشيوعي ، إذ لا يكاد يخلوا عددٌ من إحدى المجلات من أحاديث مترجمة إلى اللغة البوسنوية .
__________
(1) ... عبد الصمد بوشاتليتش : أحد دعاة جمعيَّة الشباب المسلم الملتزمين بالسنة و العاملين على نشرها اليوم ، و قد كان قبل ذلك إماماً بأحد مساجد البوسنة ، و لكنه أقصي عن الإمامة من قبل المشيخة الإسلامية بعد توجهه إلى العمل و التعاون مع المجاهدين . ( الباحث ) .(5/73)
و قد جمع الأستاذ بكر زغانوري ( 1328 ) حديثاً انتقاها ممَّا نُشر في الصحافة الإسلاميَّة و رتَّبها على حروف المعجم ، أثناء عمله في الإمامة و الخطابة بأحد المساجد ، و طبعها بالآلة الكاتبة بعنوان ( مجموعة الأحاديث المترجمة ) ، مقدِّماً النص العربي على الترجمة ، مشفوعةً بفهارس أسماء المترجمين ، و عناوين المقالات التي نشرتها الصحف و فيها تلك الأحاديث ، إضافة إلى فهرس الموضوعات .
ثمَّ وزَّعها في نطاقٍ محدود بمناسبة الذكرى الثالثة و الستين لبدء حركة ترجمة الحديث النبوي إلى اللغة البوسنويَّة في الصحافة الإسلاميَّة البوسنة و الهرسك (1) .
النوع الثاني : الأبحاث و المقالات ، التي يعدها الصحفيون و الكتاب حول علوم الحديث النبوي الشريف . و قد كانت مساهمات الكتاب في هذا المجال وافرة أيضاً . و للوقوف على مساهمات الصحافة الإسلامية في البوسنة في نشر علوم الحديث النبوي الشريف ، و الدعوة إلى الاعتصام بالسنة النبوية أعرّف فيما يلي بثلاثٍ من المجلات الإسلامية – كنموذج – و أعرض نماذج من المقالات و الأبحاث ذات الصلة بعلوم الحديث التي نشرت على صفحاتها :
مجلَّة الفكر الإسلامي
مجلَّة الفكر الإسلامي مجلةٌ فصليَّة محكَّمة متخصِّصةٌ في علوم الشريعة ، بالإضافة إلى تراث مسلمي البوسنة و الهرسك .
تولي هذه المجلَّة علم الحديث النبوي إلى جانب العلوم الشرعيَّة الأخرى عناية فائقة ، بنشر الأبحاث المعمقة ، و الدراسات المتخصِّصة .
و يكفي للدلالة على مدى اهتمام المجلَّة بالأبحاث الحديثيَّة الإشارة إلى أنَّها نشرت قدراً كبيراً من أحد أشهر الكتب التي وضعها علماء البوسنة مجزّءاًً في عددٍ من أعدادها ، سنة 1402هـ/1982م ، يوم كان نشر الكتب الإسلاميَّة باللغة البوسنويَّة متعسِّراً بسبب مخالفته لأنظمة الحكم الشيوعي .
__________
(1) 1 ... انظر : الأحاديث المترجمة إلى اللغة البوسنويَّة ، للدكتور عمر ناكيجيفيتش ، ص : 14 .(5/74)
ذلكم هو كتاب : الحديث النبوي و علومه .
و عنوانه باللغة البوسنويَّة :
Hadis I Hadiske Znanosti
و هو من تأليف الأستاذ محمود كراليتش .
و قد نُشر الجزء الأوَّل من الكتاب في العدد التاسع و الثلاثين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر مارس ( آذار ) سنة 1982 م ، متضمناً تعريف كلٍ من الحديث و السنة في اللغة و الاصطلاح ، و ذكر الأمور الفارقة بينهما ، ثمَّ تعريف الخبر و الأثر و الحديث القدسي ، مع التمثيل لكلٍ منها .
و نُشر الجزء الثاني منه في العدد الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر ( 6 ) سنة 1402 هـ الموافق ( 4 ) سنة 1982 م ، متضمناً مسألة الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم ، و ما فيه من كوامن الحكم ، و جوامع الكلم ، مع التركيز على علاقة السنة بالقرآن الكريم ، و ما فيها من تطبيق عمليٍ لأحكامه مما يؤكد استحالة فهم القرآن الكريم على الناس بمعزلٍ عن السنة النبويَّة و الإشارة إلى أهم الوسائل التي استعملها النبي - صلى الله عليه وسلم - في تبليغ الدين .
و نُشر الجزء الثالث منه في العدد الحادي و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر ( 7 ) سنة 1402 هـ ، الموافق ( 5 ) سنة 1982م ، متضمناً حجيَّة السنة النبويَّة بصفتها مصدراً من مصادر التشريع في الشريعة الإسلاميَّة ، و تقرير ذلك بثمانية أدلَّة من القرآن الكريم ، و مثلها من السنة .
و نُشر الجزء الرابع منه في العدد الثاني و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر ( 8 ) سنة 1402 هـ الموافق ( 6 ) سنة 1982م ، متضمناً مسألتين هامتين ذواتي صلة بمسألة حجية السنة التي تناولها المؤلف في الجزء السابق و هما :(5/75)
مسألة كون السنة وحياً غير متلو ، و ذكر الخلاف في ذلك مرجحاً كونها وحياً من عند الله تعالى القائل : { و ما ينطق عن الهوى - إن هو إلا وحيٌ يوحى } [ النجم : 3 و 4 ] و راداً على من زعم أنَّها مجرَّد اجتهادات بشرية لا يؤخذ بها في الأحكام الشرعيَّة .
أما المسألة الثانية ففيها زيادة تفصيل و بيانٍ عن سابقتها ، حيث سار المؤلف على منهج الإمام ابن قتيبة في كتاب ( تأويل مختلف الحديث ) فقسَّم السنة إلى ثلاثة أقسام (1) .
و نُشر الجزء الخامس منه في العدد الثالث و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر ( تموز ) سنة 1982م ، متضمناً البحث في مسألة نسخ الحديث ، مع التركيز على مسألتين هما :
مسألة نسخ الحديث بالقرآن ، و عرض أقوال العلماء في ذلك ثم ترجيح مذهب الجمهور القائلين بجواز ذلك و وقوعه خلافاً للإمام الشافعي رحمه الله .
و مسألة نسخ القرآن بالحديث ، و ترجيح رأي الجمهور الذي ينفي جواز ذلك أو وقوعه ، خلافاً لمذهب أبي حنيفة في جواز نسخ القرآن بالحديث المتواتر أو المشهور فقط ، و من قال بجواز و وقوع نسخ القرآن بالحديث الصحيح
مطلقاً .
__________
(1) 1 ... قال ابن قتيبة في " تأويل مختلف الحديث " ص 132 – 134 : ( السنن عندنا ثلاث : سنة أتاه بها جبريل عليه السلام عن الله تعالى ، كقوله : لا تنكح المرأة على عمتها ... و السنة الثانية : سنة أباح الله له أن يسنها ، و أمره باستعمال رأيه فيها ، فله أن يترخص فيها لمن شاء على حسب العلة و العذر ، كتحريمه الحرير على الرجال ، و إذنه لعبد الرحمن بن عوف فيه لعلة كانت به ... و السنة الثالثة : ما سنه لنا تأديباً ، فإن نحن فعلناه كانت الفضيلة في ذلك ، و إن نحن تركناه فلا جناح علينا إن شاء الله ، كأمره في العمة بالتحلي ، و كنهيه عن لحوم الجلالة ، و كسب الحجام ) .(5/76)
و نُشر الجزء السادس منه في العدد الرابع و الأربعين من مجلَّة (الفكر الإسلامي) الصادر في شهر أغسطس ( آب ) سنة 1982م ، متضمناً عدَّة مسائل متعلِّقة بتلقي الصحابة الكرام للحديث من الرسول - صلى الله عليه وسلم - و حفظه ، و من هذه المسائل :
? الأساليب التربويّة و التعليميَّة في تعليم النبي - صلى الله عليه وسلم - الصحابةَ أمور الدين : ( كالتدرج ، ومراعاة مستوى السامعين ، و التخوَّل بالموعظة خشية سآمة السامعين ) .
? انتشار الحديث النبوي في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
? اشتهار العرب بقوة الذاكرة ، و تميزهم بالقدرة على الحفظ و الضبط .
? نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة الحديث ثمَّ ترخيصه في الكتابة ، و ما يؤخذ من ذلك في مسألة تدوين السنة ، و الرد على شبهات العقلانيين في هذا الباب.
? أسباب استفاضة الحديث و سرعة انتشاره بين المسلمين في زمن الصحابة .
و نُشر الجزء السابع منه في العدد الخامس و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) الصادر في شهر سبتمبر ( أيلول ) سنة 1982 م ، متضمناً مكانة السنة النبويَّة في زمن الصحابة و التابعين ، و اتفاقهم على الاعتداد و وجوب العمل بها و شدة تمسكهم و اتباعهم لها ، مع ذكر أمثلة تؤيد ذلك ، و أخيراً ورع الصحابة و التابعين ، و مراقبتهم لله في تحمل الحديث و أدائه .
و نُشر الجزء الثامن منه في العدد السادس و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) الصادر في شهر أكتوبر ( تشرين الأول ) سنة 1982م ، متضمناً ما يتعلَّق بالوضع في الحديث النبوي بدءاً بتعريف الموضوع و بيان حكم روايته و ما جاء في الترهيب منها ، ثم تناول تاريخ هذه الظاهرة ، و أسبابها ، انتهاءً بذكر أشهر طبقات الوضَّاعين و أصنافهم كالرافضة و الزنادقة و القصاص و غيرهم .(5/77)
و نُشر الجزء التاسع منه في العدد السابع و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) سنة 1982 م ، متضمناً جهود المحدثين في حفظ السنة النبويَّة في زمن الصحابة فمن بعدهم ، و من هذه الجهود حرصهم على الإسناد ، و نظرهم في المتون ، و نقد رواتها و البحث في أحوالهم جرحاً و تعديلاً ، و آخر ما في هذا الجزء بيان شروط صحة الحديث الموجبة لقبوله .
و نُشر الجزء العاشر منه في العدد الثامن و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر ديسمبر ( كانون الأول ) سنة 1982م ، متضمناً حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه و رسالته ، و فيه طائفة من الأحاديث النبويَّة التي تبين سجاياه و خصاله الحميدة ، و ما امتن الله تعالى به عليه و على أمته من الرسالة الخاتمة و الدعوة إلى الإسلام .
و نُشر الجزء الحادي عشر منه في العدد التاسع و الأربعين من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر في شهر يناير ( كانون الثاني ) سنة 1983 م ، متضمناً مسألة تدوين السنة النبويَّة في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - و جهود الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين في ذلك ، و التعريف بالصحف التي كتبت في تلك المرحلة المباركة .
و نُشر الجزء الثاني عشر و ما بعده من الكتاب في العدد الحادي الخمسين و ما بعده من مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، الصادر اعتباراً من شهر مارس ( آذار ) سنة 1983 م ، متضمنةً التعريف بأمهات كتب الحديث و مصنِّفيها رحمهم الله تعالى .
و للأستاذ محمود كراليتش ، بحوثٌ أخرى قيِّمة كتبها في الحديث النبوي و علومه و نشرتها مجلَّة ( الفكر الإسلامي ) ، من أبرزها :
1- طرق تخريج الأحاديث
Metodi Pronala?enja Hadisa(5/78)
و هو بحثٌ قيم في بابه ، و الوحيد في اللغة البوسنوية ، و يظهر أنَّ كاتبه استعان في جمع مادَّته العلميَّة بكتاب الدكتور محمود الطحان ( أصول التخريج و دراسة الأسانيد ) ، و قد تناول فيه أهم ما يتعلَّق بهذا العلم من مباحث و من أبرزها :
? نشأة علم تخريج الأحاديث و تطوره .
? أشهر المصنفات في تخريج الأحاديث ( و ذكر منها : نصب الراية لأحاديث الهداية ، و الدراية ، و تلخيص الحبير ، و المغني عن حمل الأسفار في الأسفار ، و غيرها ) .
? طرق التخريج ، و استخراج الحديث من :
- أمهات كتب الحديث المعروفة .
- المسانيد المبوبة على أسماء الصحابة رواة الأحاديث .
- المعاجم المرتبة الأحاديث بحسب الحروف .
- كتب الأطراف .
- المصنفات المرتبة بحسب أولى كلمات الحديث .
- الكتب المصنفة بحسب الموضوعات .
- كتب الزوائد .
- الموطآت .
- الكتب التي تجمع الأحاديث بحسب نوعها ، أو درجتها .
- المعاجم المبوَّبة على كلمات الحديث .
و ختم الباحث بكلمة شدد فيها على أهميَّة علم التخريج للمؤلف و الطالب و الباحث ، و كل من يولي السنة النبوية و علم الحديث اهتماماً .
و قد نشر هذا البحث في الأعداد ( 59 – 61 ) من مجلة ( الفكر الإسلامي ) الصادرة بين شهري نوفمبر ( تشرين الثاني ) 1984 م ، و يناير ( كانون الثاني ) 1985 م .
مجلة الصف
مجلة إسلامية ، يقوم عليها شبان تربوا على الدعوة إلى الكتاب و السنة في كنف كتيبة المجاهدين التي استقلوا عنها _ رسمياً _ فيما بعد ، و انطلقوا ينشرون دعوتهم من خلال تنظيم جديد يحمل اسم ( جمعية الشباب المسلم ).
و قد أطلق على المجلة هذا الاسم استئناساً بقول الله تعالى : { إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاً كأنهم بنيان مرصوص } ] الصف : 2 [ و تأكيداً على الخط الجهادي الذي ينتهجه القائمون عليها .(5/79)
صدر العدد الأول من مجلة الصف في شهرشعبان 1417 هـ / ديسمبر 1996 م ، و كانت محدودة الانتشار إلى أن ذاع صيتها بين الشباب المسلم ، فاتسع نطاق توزيعها حتى بلغ عشرة آلاف نسخة شهرياً .
جاء في افتتاحية العدد الأول أن الهدف من تأسيس المجلة هو رد الناس إلى دينهم الحق رداً جميلاً ، و توعيتهم بالأخطار المحدقة بهم من كل جانب ، و تحذيرهم من الشرك و البدع و الخرافات و سائر المعاصي و المحرمات .
أما عن اهتمام المجلة بالحديث النبوي و علومه ، و سعيها في نشرها ، و رد الناس إليها فهو من أهم ما تتميز به ، و إذا ألقينا نظرة متفحصة على أعدادها الثمانية و العشرين الأولى سنلحظ ما يلي :
- الإكثار من إيراد الأحاديث النبوية باللغة العربية مع ترجمتها إلى اللغة البوسنوية.
- تخريج الأحاديث والحكم عليها من حيث القبول أو الرد ، و عزو الحكم إلى من قال به من الأقدمين و المعاصرين .
- عدم إيراد الأحاديث الموضوعة أو الضعيفة إلا في معرض بيان حالها و التحذير من خطرها .
- نشر الأبحاث المتعلقة بفقه الحديث ، و تراجم رجاله و أعلامه .
و مما يميز هذه المجلة على وجه الخصوص إسهام الدعاة العرب في تحرير بعض أبحاثها إلى جانب المتأثرين بهم منهجاً و عقيدةً و فكراً من البشانقة .
و نظراً لكثرة من كتب و نشر على صفحاتها من الدعاة الأفاضل ، مما يجعل من المتعذِّر تتبُّع و عرض نتاجهم جميعاً في علوم السنَّة و الحديث النبوي ، فإنني أقتصر فيما يلي على عرض أهم الأبحاث التي كتبها الشيخان الفاضلان :
أبو المهند التونسي ، كنموذج من كتابات الدعاة العرب المنشورة في المجلَّة.
و الأستاذ عبد الوارث ريبو ، كنموذج من كتابات الدعاة البوسنويين المنشورة في المجلَّة .
أولاً : أبحاث الشيخ أبو المهند التونسي(5/80)
للشيخ أبي المهند قلم سيال ، و نفس طويل في البحث العلمي ، و خاصة في علوم الحديث ، فهو شيخ الحديث في مدرسة بوتشينا منذ عدة سنوات ، و له أبحاث عدة ، و محاضرات قيمة .
إلا أن أبحاثه المنشورة باللغة البوسنوية على صفحات ( الصف ) تركز في غالبها على التعريف برجال الحديث ، و أهل هذا الفن ، و إيراد تراجم وافية شافية لأعلامهم .
و من الأبحاث التي سطرها الشيخ أبي المهند على صفحات ( الصف ) و تناول فيها سير أعلام الحديث ما يلي :
1- إمام دار الهجرة مالك بن أنس الأصبحي
Imam Medine : Malik Ibn Enes El (Asbehi)
... و هو بحث ترجمته صبحية حاجيميليتش ، و يتناول : اسم الإمام مالك ، ونسبه و مولده – نشأته العلميَّة – شيوخه – تلاميذه – تدريسه و دعوته – مدرسته الفقهيَّة – موقفه من أهل البدع ، و غلظته عليهم – مكانته العلميَّة – ثناء العلماء عليه – و فاته .
و قد نشر هذا البحث في العدد الثاني من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر فبراير ( شباط ) 1997م .
2 – ناصر السنة : الإمام أحمد بن حنبل
Imam Ahmed Ibn Hanbel
و هو بحث ترجمته صبحية حاجيمليتش ، و يتناول : اسم العلم المترجم ، ونسبه و مولده – نشأته العلمية – رحلاته في طلب الحديث – شيوخه – قوة ضبطه و سعة حفظه – ثناء العلماء عليه – محنته – تلاميذه – فقهه – أشهر مصنفاته – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العدد الرابع من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر ابريل ( نيسان ) 1997م .
3 – أمير المؤمنين في الحديث : الإمام محمد بن إسماعيل البخاري
Muhamed Ibn Ismail El-Buhari
و هو بحث مقتضب ترجمته صبحية حاجيميليتش أيضاً ، و فيه يتناول الباحث : اسم الإمام البخاري و نسبه و مولده – نشأته – رحلاته – شيوخه – حفظه و ضبطه – خدمته للسنة – و نشرها – أهم مصنفاته – ثناء العلماء عليه – محنته – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العدد الخامس من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر مايو 1997م .(5/81)
4 – شيخ المحدثين : مسلم بن الحجاج النيسابوري
Muslim Ibnu-l-Had?d?ad? En-nejsaburi
( Drugi Imam I ?ejh Muheddisa )
بحث ترجمته صبحية حاجيميليتش ، و يتناول : اسم الإمام مسلم و نسبه ، و مولده و نشأته – رحلاته في طلب الحديث – أشهر شيوخه – عبقريته العلمية – تلاميذه و رواة حديثه – مصنفاته –نبذة مختصرة عن صحيحه و مقارنة بينه وبين الجامع الصحيح للبخاري .
و قد نشر هذا البحث في العدد السادس من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر يونية 1997 م .
5 – الإمام الحافظ محيي الدين النووي
Muhji-d-Din En-Nevevi Imam I Hafiz Hadisa
بحث ترجمته صبحية حاجيميليتش ، و تناول فيه الباحث : اسم الإمام النووي ، و نسبه و مولده و نشأته – اجتهاده في طلب العلم – شيوخه – أهم مصنفاته – ورعه و تقواه – أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر – مكانته العلمية – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العدد السابع من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر يوليو ( تموز ) 1997 م .
6 – الإمام الحافظ : أبو عيسى الترمذي
Hafiz Ebu Isa Et-Tirmizi
بحث ترجمه إلى اللغة البوسنوية الأستاذ مصطفى حاجيتش ، المدرس بمدرسة فيسوكو الثانوية الشرعية ، و رئيس أئمة منطقة فيسوكو .
و في هذا البحث يتناول الباحث : اسم الإمام الترمذي و نسبه – مولده و نشأته – رحلاته – شيوخه – تلاميذه – ثناء العلماء عليه – كتبه – مذهبه – دراسة مختصرة عن جامعه عنيت بخصائصه و مميزاته ، و مصطلحات الإمام الترمذي فيه ، و الأحاديث الضعيفة فيه ، ثم شروحه ، و مكانته العلمية .
و قد نشر هذا البحث في العدد الثامن من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر أغسطس ( آب ) 1997م .
7 – الإمام الحافظ : أبو داوود السجستاني
Hafiz Ebu Davud Es-Sed?estani(5/82)
بحث ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و يتناول : اسم الإمام أبي داود ونسبه – مولده و نشأته – شيوخه – طلبه للعلم – رباطه و جهاده – أخلاقه وصفاته – ثناء العلماء عليه – أهم مصنفاته ، ثم دراسة مختصرة حول كتابه (السنن) و مكانته العلمية و أقوال العلماء فيه .
و قد نشر هذا البحث في العدد التاسع من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر سبتمبر ( أيلول ) 1997م .
8 – الإمام النسائي : صاحب السنن En-Nesai
بحث ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و يتناول : اسم الإمام النسائي ونسبه – مولده و نشأته – رحلاته في طلب الحديث – شيوخه – خصائصه وصفاته – ثناء العلماء عليه – تلاميذه – نبذة عن سننه – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العدد العاشر من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر أكتوبر ( تشرين الأوَّل ) 1997م .
9 – الإمام المجاهد الزاهد عبدالله بن المبارك
Abdullah Ibnu-l-Mubarek
بحث مطول ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و يتناول : اسم الإمام ابن المبارك و نسبه – مولده و نشاته – عصره – شيوخه – رحلاته في طلب العلم وعنايته بنشره – مرتبته العالية في الحفظ و الضبط و التحديث – تلاميذه – سجاياه و صفاته – جهاده و رباطه – بعض أقواله – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العددين الثالث عشر و الرابع عشر من مجلَّة (الصف) الصادرين في شهري يناير ( كانون الثاني ) و فبراير ( شباط ) 1998م.
10 – بطل الإصلاح و التجديد شيخ الإسلام ابن تيمية
بحث مطول ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و تناول اسم الشيخ ونسبه – أسرته ، و مولده ، و نشأته – عصره – شيوخه – شدة ذكائه – و قوة حفظه – تبحره في العلوم و استيعابه للسنة – جهوده في التدريس و نشر العلم – أهم مؤلفاته – و أبرز صفاته - و خصائصه – محنته و أسباب تعرضه لها – أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر – جهاده في سبيل الله – وفاته .(5/83)
و قد نشر هذا البحث في العددين الحادي و العشرين و الثاني و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادرين في شهري سبتمبر ( أيلول ) ، و أكتوبر ( تشرين الأول ) 1998م .
11 – الإمام العلامة ابن قيم الجوزية
بحث مطول ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و يتناول : اسم العلامة ابن القيم و نسبه – مولده و نشأته العلمية – شيوخه – تتلمذه على شيخ الإسلام ابن تيمية و الفارق بينهما – أسباب سجنه و محنته – نشره للعلم – مكانته في الفكر الإسلامي ، و إسهاماته في الحركة الإصلاحية – مصنفاته – ثناء العلماء عليه – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العددين الثالث و العشرين ، و الرابع و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادرين في شهري نوفمبر ( تشرين الثاني ) ، و ديسمبر ( كانون الأول ) 1998م .
12 – خاتمة الحفاظ ابن حجر العسقلاني
بحث مطول ترجمه الأستاذ مصطفى حاجيتش ، و يتناول : اسم العلامة ابن حجر العسقلاني و نسبه – مولده و نشأته – عصره – شيوخه – رحلاته – مكانته العلمية – مؤلفاته – الوظائف التي شغلها ( التعليم – الإفتاء – الإملاء – الخطابة – القضاء )- تلاميذه – أهم مصنفاته – وفاته .
و قد نشر هذا البحث في العددين الخامس و العشرين و السادس والعشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادرين في شهري يناير ( كانون الثاني ) و فبراير ( شباط ) 1999م .
تأمُّلاتٌ في أبحاث و كتابات الشيخ أبي المهنَّد في مجلة الصف
بعد أن تناولنا بالذكر أهمَّ المواضيع التي كتبها الشيخ أبو المهنَّد التونسي و نشرتها مجلَّة ( الصفّ ) تجدر الإشارة إلى عدَّة أمور نستطيع من خلالها الوقوف على قيمتها العلمية ، و أثرها في رد أهل البوسنة إلى السنة ، و تعزيز مكانة الحديث الشريف في نفوسهم .
1 ) يلاحظ في أبحاث الشيخ أبي المهند أن معظم أبحاثه منصبة على التراجم و أنه يختار الشخصيات التي يترجم لها بدقة و يوظفها لخدمة الهدف الإصلاحي الذي يتبناه .(5/84)
الأمر الذي نلحظه عند حديثه عن عبد الله بن المبارك ، و شيخي الإسلام ابن تيمية و تلميذه ابن القيم ، حيث يركز في ترجمة كل منهم على جهاده ، وإصلاحه ، و دعوته للسنة ، و تصديه للبدعة ، و هذان الأمران ( الجهاد والإصلاح القائم على الدعوة إلى الكتاب و السنة ) عليهما مدار عمل الأخوة العرب ؛ الذين هبوا لنصرة إخوانهم البشانقة أثناء الحرب الأخيرة و بعدها .
2 ) على الرغم من تتبعي لأبحاث الشيخ أبي المهند المنشورة في أكثر من عشرين عدداً لم أره يتجاوز التراجم إلى شيء من مباحث علم الحديث إلا نادراً ، فهو لا يكاد يضمن أبحاثه شيئاً من المواقف و الآراء العلمية للأعلام المترجم لهم ، كما أنه من المقلين في تناول المسائل ذات الصلة بعلوم الحديث على صفحات ( الصف ) ، حيث لم أقف له إلا على بحث واحد بعنوان :
شعبان و فضائله
?a,aban I Njegove Vrijednosti
و هو بحث وجيز تناول فيه الكاتب فضائل شعبان في ضوء السنة النبوية ، وفي هذا المقال حث على اغتنام أوقات شهر شعبان بالعبادة ، و النهي عن البدع الواقعة فيه كصلاة الرغائب ، ثم إشارة عاجلةٌ إلى بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة في شأنه ، و ختام البحث بالحث على اتباع السنن و الإعراض عن الحوادث و البدع .
و قد نشر هذا البحث في العدد الثاني عشر من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر ديسمبر ( كانون الأول ) 1997م .
3 ) لم أر لدى الشيخ أبي المهند منهجية ثابتة أثناء ترجمته للأعلام المختارين من حيث ترتيب المعلومات التي يسردها بحسب تسلسلها الزمني أو أهميتها ، و لكنَّه يهتمَّ – كما ظهر لي – بجمع المعلومات ، و ترتيبها بشكلٍ متباين بين شخصيَّة وأخرى .
فتارة يبدأ بالنشأة ، و تارة يبدأ بالنسب ، و تارة يبدأ بألفاظ الثناء والتبجيل للعلم المترجم له ، و هكذا دواليك .(5/85)
و على الرغم مما قد يؤخذ على أبحاث الشيخ أبي المهند التونسي فإن جهده يظل مشكوراً باعتباره الكاتب العربي الأوّل الذي أفاد من الصحافة البوسنوية في الدعوة إلى السنة و نشر علوم الحديث ، فجزاه الله خيراً .
ثانياً : أبحاث الشيخ عبد الوارث ريبو البوسنوي
عرف عن الشيخ عبد الوارث ريبو – منذ كان طالباً في الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنورة - تفانيه في الدعوة إلى منهج أهل السنة و الجماعة ، و إفادته في سبيل ذلك من كلِّ الوسائل المتاحة ، بما في ذلك النشر الصحفي الذي نشط فيه من خلال مجلة ( الصف ) ، فنشر على صفحاتها الكثير من أبحاثه في العلوم الشرعيَّة على تنوعها .
و يركز الشيخ عبد الوارث في أبحاثه على علوم الحديث درايةً أكثر من علم الرواية ، منطلقاً في ذلك من حاجة القارئ إلى ما يقنعه بحجيَّة السنة ، و ضرورة التمسُّك بها من أجل إصلاح أحوال آخر هذه الأمَّة .
و من أبرز أبحاثه المنشورة في المجلَّة ما يلي :
1 – السنَّة حجةٌ في الدين
Sunnet Je Dokaz U Vjeri
و هو بحثٌ قيِّمٌ تناول فيه الباحث تعريف السنَّة النبوية في اللغة ، و في اصطلاح كلٍ من المحدِّثين و الأصوليين و الفقهاء ، ثمَّ ذكر الفرق بين ( الحديث ) و ( السنة ) ، و مكانة السنة في الإسلام باعتبارها مصدراً من مصادر التشريع الإسلامي ، ثم ساق الأدلَّة على حجِّيتها من الكتاب و السنَّة و فعل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم ، و نقل الإجماع على ذلك ، ثمَّ فنَّد شبهات منكري حجيَّة السنَّة معتمداً في ذلك على عددٍ من المراجع ، من أبرزها كتاب ( السنة ومكانتها في التشريع ) للشيخ مصطفى السباعي رحمه الله
و قد نشر هذا البحث في العدد الثاني و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر أكتوبر ( تشرين الأوَّل ) 1998م .
2 - مصطلح الحديث
Termilogija Hadisa
و هو بحثٌ مختصر ، يقتصر فيه الكاتب على دراسة نشأة علم المصطلح و يتناول فيه :(5/86)
? اهتمام الصحابة الكرام رضوان الله عليهم بتلقي الحديث ، و نقله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - و حرصهم على الاتباع .
? جهود الصحابة الكرام في حفظ و رواية الحديث النبوي بعد وفاة
النبي - صلى الله عليه وسلم - .
? تثبت الصحابة الكرام من ثبوت الحديث قبل العمل به ، و أقوالهم في ذلك .
? نشأة علم الرجال ، و الظروف التي واكبت نشأته ، و الأسباب التي اقتضتها.
? أهميَّة الإسناد في الدين .
و قد نشر هذا البحث في العدد الثالث و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر نوفمبر ( تشرين الأول ) 1997م .
3 – إنَّما الأعمال بالنيَّات
Djela Se Cijene Prema Namjeri
و هو بحث قصير ، ذكر كاتبه نصَّ الحديث الشريف باللغة العربيَّة ، ثمَّ ترجمته إلى اللغة البوسنويَّة ، ثمَّ تناول أهمية هذا الحديث و مكانته بين نصوص الشريعة الغرَّاء ، و أعقب بذكر سبب وروده ثمَّ تناول فقه الحديث بدراسة المسائل التالية :
- شروط قبول العمل ، و ذكر – تَبَعاً لشيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله – أنَّ للعمل شرطين لا يقبل ما لم يتوافرا فيه ، و هما : الإخلاص ، و المتابعة ( أي موافقة السنة و مجانبة البدعة ) (1) .
- حكم التلفظ بالنيَّة عند الشروع في العبادة ، و انتهى إلى ترجيح عدم مشروعيَّة التلفظ بالنية ، و اعتبر ذلك بدعة محدثةً في الدين .
- مسألة تحوُّل العمل المباح إلى عبادة مشروعة يثاب فاعلها احتساباً ، إذا اقترنت بنيَّة التقرُّب إلى الله تعالى ، أو التقوِّي بالعمل المباح على ذلك .
و قد نشر هذا البحث في العدد السادس و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر فبراير ( شباط ) 1999م .
4- الإعجاز العلمي في الحديث
Hadiske Mud?ize
__________
(1) 1 انظر : مجموع الفتاوى 25 / 316 , 317 .(5/87)
و قد استعان الكاتب في كتابة هذا البحث بمقال منشورٍ في مجلَّة (الإعجاز) الصادرة عن هيئة الإعجاز العلمي في القرآن و السنة ، التابعة لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة ، و قد أشار الكاتب إلى ذلك ، و لكنَّه لم يذكر عنوان المقال الذي اعتمد عليه ، أو اسم كاتبه .
و في هذا البحث ركَّز الكاتب على حديث ( عجب الذنب ) ، و أورده باللغتين العربية و البوسنويَّة ، و ذكر رواياته المختلفة ، مع تخريج كلِّ رواية منها و بيان معانيه ، ثمَّ شرحه شرحاً إجمالياً ، و خلص إلى الحديث عن سبق السنة النبوية الشريفة في إثبات حقيقة علميَّة لم يثبتها العلم الحديث إلاَّ متأخراً ، و هي بقاء عجب الذنب ، و عدم فنائه ، رغم تعاقب عوامل التفتيت عليه بعد دفن المتوفى ، و ذكر عدداً من أقوال علماء الأحياء في هذا الموضوع .
و قد نشر هذا البحث في العدد السابع و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر مارس ( آذار ) 1999م .
5- تدوين السنة في عهد النبوَّة
Vrijeme Poslanika Bilje?enje Je Po?Elo jo? Za
... لمسألة تدوين السنة أهميَّة بالغة بين علوم الحديث ، نظراً للزوابع التي أثارها العقلانيُّون حولها ، و ما يترتب على القول بتدوين السنة النبوية في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو بعده ، من إثبات حفظ الله تعالى لها من التحريف و التبديل ، و خلوصها من شوائب الوضع و التحريف .(5/88)
... و من هذا المنطلق جاء هذا البحث مثبتاً شروع الصحابة في كتابة الحديث النبوي في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و هو ما يدفع شبه المرتابين في صحَّة نقل الحديث ، والمتذرِّعين بذلك في إنكار حجيَّة السنَّة النبويَّة (1) .
و قد ذكر الباحث ابتداءً أدلَّة النهي عن كتابة الحديث ، ثمَّ أدلَّة الترخيص في ذلك و الأمر به ، و جمع بينها بالقول : إنَّ النهي كان في أوَّل الأمر و نسخ بعد ذلك ، أو أنّه كان خاصاً بما إذا كان يؤدي إلى إهمال تدوين القرآن الكريم و جمعه في المصاحف ، أو اختلاطه به لقلَّة الكاتبين من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم .
و أعقب ذلك بالحديث عن حفظ السنَّة ، و حرص العلماء و حثِّهم على حفظ الحديث الشريف ، ثمَّ عرَّف بالصحف الحديثيَّة التي كتبت في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - و أمَّهات كتب الحديث بعد شيوع الكتابة و جمع السنَّة في المصنَّفات .
__________
(1) ... يرى منكرو السنة ، و جاحدوا حجيَّة ما بلغنا منها أنها لم تدوَّن إلاَّ على رأس المائة الأولى من الهجرة ، و أنَّ علماً ظل مائة عام بدون تدوين لا بد أن تدخله الزيادة و النقص ، و هم بذلك يخلطون بين الكتابة ، و بين التدوين الذي يقصد به الجمع الرسمي للسنة ، و تصنيف المصنَّفات في الحديث ، حيث إنَّ الجمع الرسمي كان على رأس مائة سنة من الهجرة ، و لكن تدوين الأحاديث في الصحف و الرقاع و غيرها كان موجوداً في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - .
للاستزادة حول هذا الموضوع ، انظر : الدكتور عبد المُهدي عبد القادر عبد الهادي : التعريف بمنكري السنة ( بحثٌ نشرته مجلة البيان ، التي يصدرها المنتدى الإسلامي في لندن ، العدد 144 ) ، ص : 8 .
و قد كتب أستاذنا الدكتور محمد عجَّاج الخطيب في هذا الموضوع كتاباً قيِّماً بعنوان : السنة قبل التدوين ، فليراجعه طالب الاستزادة و التوسع .(5/89)
و قد نشر هذا البحث في العدد الرابع و العشرين من مجلَّة ( الصف ) ، الصادر في شهر ديسمبر من عام 1998م .
تأمُّلاتٌ في أبحاث و كتابات الشيخ عبد الوارث ريبو في مجلة الصف
باستقراء ما نشرته مجلة ( الصف ) من أبحاث الشيخ عبد الوارث ريبو البوشناقي نلحظ أنه يخاطب شريحةً محددة من المسلمين في بلاده ، و هم الطبقة المثقفة ، سواء كانت ثقافتهم شرعية متأثرة بالمدرسة العقلية الحديثة ، أو طبقة غُرّر بها فابتعدت عن الإسلام ، و اتجهت نحو العلمانية ، فلم تعد ترى الإسلام صالحاً للزمان و المكان الذي تعيش فيه .
فللطائفة الأولى يطرح مسائل أشكلت على الكثيرين ، وتسببت في انحرافهم عن جادّة الصواب كمسألة حجية السنة ، و حفظ الله لها المقتضي ثبوت نقلها إلينا بدون تحريف ، الأمر الذي يؤكده البدء المبكر في تدوينها منذ عهد النبوة .
كما يتوجه أحياناًًً بأبحاثه نحو الإصلاح الذي يدعو إليه ، فيدعو إلى إصلاح العمل ، و عرضه على كتاب الله و سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، و إلى إصلاح النيات التي عليها مدار الثواب و العقاب ، و هو بهذا يخاطب عموم المسلمين في البوسنة.
و الحق أن مجموع ما يعرضه الشيخ عبد الوارث يلقى قبولاً عند القارئ البوسنوي سواء أكانت ثقافته مادية ، أو كان متعمّقاً في العلوم الشرعية ، و هو ما يجلي قيمة كتاباته جزاه الله خيراً .
مجلة الهلال
إذا كانت مجلة ( الصف ) هي صوت البشانقة الداعين إلى الكتاب و السنة و المتأثرين بمدرسة الجهاد التي كان كثير من روادها من الأنصار العرب .
فإن مجلة ( الهلال ) تعتبر المنبر الوحيد الذي يخاطب من خلاله عرب البوسنة الشعب البوسنوي ، و يبلغون من خلاله دعوتهم إلى الكتاب و السنة إلى جانب اهتمامها الأول بالأخبار و التحاليل السياسية و التوعية الإسلامية العامة .(5/90)
و ( الهلال ) مجلة شهرية جامعة تصدرها باللغة البوسنوية الهيئة السعودية العليا لإغاثة مسلمي البوسنة و الهرسك ، من مكتبها في فينا ( عاصمة النمسا ) ، وتوزع مجاناً على نطاق واسع داخل البوسنة و خارجها ، و تعتبر رافداً من الروافد الهامة التي تغذي التيار السني في تلك البلاد .
و قد اطلعت على أعداد المجلة الثمانية عشر الأولى التي نشرت حتى تحرير هذا البحث (1) ، و كان من اللافت فيها أمورٌ أهمها :
أولاً : غالبية الأبحاث الشرعية المنشورة في المجلة مترجمة من اللغة العربية ، ومنها ما هو مأخوذ من كتب السابقين ، و ما هو محرر بأقلام المعاصرين .
ثانياً : تركيزها على الدعوة إلى منهج أهل السنة و الجماعة في العقيدة ، إلى جانب الحث على لزوم السنة ، و مجانبة البدعة في الأقوال و الأفعال .
ثالثاً : تكثيف المقالات الدعوية في مواسم الخير ، كشهر رمضان المبارك ، و موسم الحج و غيرهما .
و من جملة ما نشرته المجلة من مقالات و أبحاث ذات صلة بالسنة النبوية وعلوم الحديث المواضيع التالية :
1 – الوصية المثلى
Najbolja Oporuka
عبارة عن ترجمة لمقتطفات مختارة من ( الوصية الكبرى ) لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( ت 728هـ / 1328 م ) نقلها إلى اللغة البوسنوية حسين أبو إدريس ، و نشرتها مجلة الهلال على حلقتين في العددين الثاني عشر و الخامس عشر ، الصادرين في شهري مايو ( أيار ) و اكتوبر ( تشرين الأول ) سنة
1997م .
و قد تم اختيار هذه المقتطفات بعناية بحيث تركز على إصلاح العقيدة ، والموالاة و المعاداة في الله ، و الالتزام بالكتاب و السنة ، و مجانبة البدع و الحوادث و نبذ التعصب و التقليد ، و ما إلى ذلك من الأمور التي عرف عن شيخ الإسلام رحمه الله الدعوة إليها .
2 – الفرقة الناجية
Uspje?na Skupina
__________
(1) ... توقفت طباعة مجلة ( الهلال ) بعد صدور عددها الثامن عشر ، و أصبحت تصدر من خلال موقعها على شبكة ( الانترنت ) فقط .(5/91)
هو عبارة عن ترجمة المقال في الحث على الاتباع ، و التحذير من الابتداع كتب باللغة العربية ، و لم يذكر اسم كاتبه الأصلي .
و قد نقلها إلى اللغة البوسنوية الأستاذ حسين أبو إدريس ، و نشرتها مجلة الهلال في عددها التاسع ، الصادر في شهر فبراير ( شباط ) سنة 1997م .
و في هذا الموضوع يتناول الكاتب أهم خصائص منهج أهل السنة والجماعة و منها :
? الاعتصام بالكتاب و السنة و اتباع سلف الأمة .
? عدم التقديم بين يدي الله و رسوله - صلى الله عليه وسلم - .
? غربة أهل السنة في زمن شيوع البدع و المحدثات .
? توقير علماء الأمة ، و الاعتراف لهم بالفضل و السبق ، مع الاعتقاد بأنهم بشر غير معصومين .
? وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، لإصلاح الأمة و النهوض بها .
3 – خصائص الطائفة المنصورة إلى يوم القيامة
Odlike Islamske Pobjedonosne Skupine Do Sudjeg Dana
هو عبارة عن بحث كتبه الشيخ صالح الكردي أحد دعاة الهيئة السعودية العليا لإغاثة مسلمي البوسنة و الهرسك ، و نقله إلى اللغة البوسنوية الأستاذ محمد جوليمان ، و نشرته مجلة ( الهلال ) في عددها الخامس عشر ، الصادر في شهر سبتمبر ( أيلول ) سنة 1997م .
و قد استهل الكاتب هذا الموضوع بإيراد الأدلة الشرعية على وجود الطائفة الظاهرة المؤيدة من الله تعالى إلى يوم القيامة ، و أولها قوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين )) (1) .
ثم ذكر خصائص هذه الأمة ، و حصرها في :
? اتباع الكتاب و السنة على فهم سلف الأمة الصالح .
__________
(1) 1 ... وهو حديث صحيح ، ثابت مستفيض عن جماعة من الصحابة ، منهم : معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - عند البخاري 6 / 464 في كتاب الأنبياء ، باب : سؤال المشركين أن يريهم النبي - صلى الله عليه وسلم - آية . و مسلم
( 1037 ) في الإمارة ، باب : قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم.(5/92)
? الجهاد في سبيل الله .
? الولاء و البراء في الله .
? شمولية الدين للعقائد و العبادات ، و وجوب الالتزام بالكتاب و السنة في ذلك كله بدون تفريق .
? الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر القائم على أساس من العلم و الحكمة والرفق .
? الصبر و الاحتساب و تحمل أعباء الدعوة إلى الله و الجهاد في سبيله.
4 - شروط منسية Zaboravljeni ?arti
هو عبارة عن بحث كتبه باللغة البوسنوية الدكتور شكري راميتش في الحث على الاتباع ، نشرته مجلة ( الهلال ) في عددها الثامن ، الصادر في شهر ( يناير ) سنة 1997م .
و يقصد الكاتب بالشروط المنسية : شرطي قبول العمل اللذين فرط فيهما أو تناساهما كثير من المتعبدين ، و هما الإخلاص لله و المتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم - و من هذين الشرطين ينطلق الدكتور للحديث عن مسألة تقسيم البدع إلى بدعة حسنة ، و بدعة سيئة و ينقض هذا التقسيم بأدلة شرعية ، و أقوال لأهل العلم، لينتهي إلى أن (( كل بدعة ضلالة )) (1) ، و أن ما كان حسناً فهو سنة و ليس بدعة ، و ما كان بدعة فهو سيء و ليس حسناً .
5 – أحاديث مختارة عن شهر رمضان
Odabravi Hadisi O Mjesecu Ramazanu
في هذا المقال ترجمة لاثني عشر حديثاً مختاراً في فضائل شهر رمضان المبارك إلى اللغة البوسنوية ، مع تخريجها و بيان درجتها .
و قد نشرته مجلة الهلال في عددها السادس عشر ، الصادر في شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) سنة 1997م ، بدون ذكر اسم جامعها أو مترجمها .
6 – أحكام صلاة الجمعة في الكتاب و السنة
Propisi D?ume Namaza Na Temeljima Kur`ana I Sunneta
و هو بحث كتبه باللغة العربية الشيخ صالح الكردي ، و ترجم إلى اللغة البوسنوية ، و قد نشرته مجلة ( الهلال ) في عددها الثامن عشر ، الصادر في شهر إبريل ( نيسان ) سنة 1998م ، بدون ذكر اسم مترجمه .
__________
(1) 1 و هو قطعة من حديث خطبة الحاجة ، و هو صحيح ، يأتي تخريجه .(5/93)
و قد تناول فيه الباحث عدداً من المسائل المتعلقة بصلاة الجمعة و أحكام يومها مقرونة بأدلتها الشرعية ، و هذه المسائل هي :
? الترهيب من ترك صلاة الجمعة .
? وجوب الاغتسال يوم الجمعة ، و استحباب الطيب و السواك فيه .
? فضل الإكثار من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة .
? فضل قراءة سورة الكهف .
? النهي عن الكلام أثناء الخطبة .
? صفة خطبتي الجمعة .
? حكم أداء ركعتي تحية المسجد و الإمام يخطب .
? ذكر عدد من البدع المحدثة في أيام الجمع ، و التحذير منها .
من مجموع ما تقدّم يظهر أن علوم الحديث النبوي و الدعوة إلى السنة اعتقاداً وعملاً حظيا باهتمام كبيرٍ من الصحافة الإسلامية في البوسنة ، و خاصة في عهد الاستقلال .
و لا تعني الإشادة بجهود الصحافة و الكتاب في نشر السنة و علوم الحديث ، أنها قد أدت ما ينبغي أداؤه كاملاً في هذا المجال ، بل يجب التأكيد على أن ميدان الصحافة الفسيح لم يستغل الاستغلال الكامل في نشر علوم الحديث .
و لعل الحوليات التي بدأت تصدرها دور التعليم الشرعي ( النظامي ) في البوسنة أو استأنفت إصدارها بعد توقفٍ طويل ، أو تحررت من إملاءات و قيود أنظمة العهد الشيوعي البائد تطلع علينا بالمزيد في هذا المجال في المستقبل القريب إن شاء الله .
الفصل السادس
الجهاد و المجاهدون في سبيل الله
إن من ثمار الجهاد في سبيل الله اليانعة في البوسنة و الهرسك ، أن طائفة من المجاهدين العرب ، و من تربى على أيديهم أو تأثر بهم انحازت بعد حل كتيبة المجاهدين ـ الذي كان شرطاً صربياً و أمريكياً لإيقاف الحرب في البوسنة بموجب اتفاقية دايتون سنة 1416هـ / 1995م ـ إلى موقعين هامين في البوسنة هما :
1ـ قرية أوراشتس :
و هي إحدى القرى التي حررها المجاهدون من كروات البوسنة ، و تقع على طريق جبلية تربط مدينتي زينتسا و ترافنيك الواقعتين تحت سيطرة المسلمين حالياً.(5/94)
و قد اتخذ منها المجاهدون مركزاً دعوياً و تعليمياً ، حيث بنوا فيها مسجداً و مدرسة ، و أقام فيها عدد من طلاب العلم حملة الإجازات الجامعية ، المشتغلين بالدعوة إلى الله على منهج أهل السنة و الجماعة في البوسنة .
2 – قرية بوتشينيا :
و هي إحدى القرى التي حررها المجاهدون من صرب البوسنة ، و تقع على الطريق الواصل بين مدينتي مغلاي و زفيدوفيتش الواقعتين تحت سيطرة المسلمين حالياً.
و يقطن هذه القرية التابعة لإمرة المجاهدين مئات الأسر المسلمة ، و تظهر فيها عزة المسلمين ، و شعائرهم على أحسن وجه ، حيث تطبق أحكام الشريعة على سكانها ، و تقام فيها الصلوات الخمس جماعة لا يتخلف عنها أحد إلا من عذر ، كما تظهر السنن على هيئة السكان و زيهم ، حيث اللحى المطلقة ، واللباس الشرعي ـ بما فيه النقاب ـ لدى نساء القرية في غالبيتهم العظمى .
و نظراً للضغوط التي مارستها قوات حفظ السلام التابعة لحلف شمال الأطلس خارجياً ، و كروات البوسنة المتحدين مع المسلمين داخلياً ، اضطر المجاهدون إلى إخلاء ( أوراشيتس ) و تسليمها للكروات و نقل مركزهم الدعوي إلى ( بوتشينا ) لتجتمع هناك إمارة المجاهدين مع إدارة الدعوة .
و من أبرز الأنشطة الدعوية في القرية المذكورة إقامة مدرسة عامرة تخرج مترجمين مختصين في اللغة العربية ، و دعاة مؤهلين يحملون العلم الشرعي و يبلغونه في أنحاء البوسنة و الهرسك .
ففي مدرسة ( بوتشينيا ) تعقد أربع دورات شرعية ، تمثل أربع مستويات يكمل بعضها بعضاً و خلال الدراسة في كل منها يقيم الطلاب في سكن داخلي لا يبرحونه إلا بعد التخرج و يعتبر بيئة إسلامية مناسبة تنقل الطالب من الحياة الجاهلية في الخارج إلى ما يجب أن يكون عليه بعد التخرج .
و هذه الدورات هي :(5/95)
الدورة الأولى : و هي دورة ابتدائية تعرف باسم (دورة ابن عباس الشرعية ) نسبة إلى حبر هذه الأمة ، و مدة الدراسة فيها خمس و أربعون يوماً ، مليئة بالدروس والمحاضرات المكثفة ، التي لا تقطعها إلا فترات قصيرة للغذاء و القيلولة و أداء الصلاة في جماعة .
و في هذه الدورة يدرس الطلاب مقدمة في علم المصطلح ، إضافة إلى مادة الحديث النبوي التي غالباً ما يكون في مفرداتها أحاديث مختارة من الأربعين النووية حفظاً و شرحاً .
و قد عقدت حتى الآن تسع و عشرون دورة شرعية بهذا المستوى ، أكثر من نصفها كان وقت الحرب .
الدورة الثانية : المعروفة باسم دورة ( ابن تيمية ) نسبة إلى شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية رحمه الله ، و امتداداً لنهجه في نشر السنة و قمع البدعة ، و تمثل مرحلة متقدمة من إعداد الدعاة الذين تميزوا في تحصيلهم العلمي في أثناء الدورة السابقة ، و يدرسون فيها أربعة أشهر على الأقل يدرس الطلاب خلالها مختلف العلوم الشرعية ، و منها المصطلح و مقرره كتاب ( تيسير مصطلح الحديث ) للدكتور محمود الطحان ، و مذكرة باللغة البوسنوية ، يعتبر كتاب التيسير ، من أهم مصادرها .
كما يدرس الطلاب خلال هذه الدورة الأربعين النووية كاملة مع شرحها من خلال خمس و ثلاثين محاضرة مكثفة .
الدورة الثالثة : و هي مخصصة لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها و إعداد مترجمين أكفاء و تستمر سنة كاملة يدرس الطلاب خلالها المناهج المقررة في وحدة اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
الدورة الرابعة : و تعد مستوى متقدماً ، حيث أن جميع الطلاب المنتسبين إليها من الدعاة العاملين الذي ينتظمون فيها أسبوعاً من كل شهر لتزودهم بالعلم الشرعي النافع ، و تحفزهم على الاستمرار في طريق الدعوة إلى الكتاب و السنة .(5/96)
و تنفذ جماعة المجاهدين سيايتها الدعوية من خلال جمعيتين أقيمتا لخدمة العمل الدعوي في البوسنة و الهرسك ، و هاتان المؤسستان هما :
الجمعية الأولى : جمعية الشباب المسلم :
جميع أعضائها بوسنويو الأصل و المولد و المنشأ ، و تجمع بينهم رابطة الدعوة إلى الكتاب و السنة على منهج سلف الأمة ( السلفية ) ، و هم جميعاً ممن تربى في صفوف المجاهدين أو تأثر بهم ، و ارتضى منهجهم و أخذ على عاتقه الدعوة إليه .
و للجمعية اليوم فروع و أعضاء في مختلف مناطق البوسنة ، و تأثير واضح في المجتمع ، حيث يجوب أعضاؤها البلاد طولاً و عرضاً ، داعين إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، بالكلمة و الكتاب و المنشورات النافعة .
كما تصدر الجمعية مجلة ( الصف ) الإسلامية من فينا ( بالنمسا ) .
و توزع منها نحو عشرة آلاف نسخة شهرياً ، كما تنشر من خلال شبكة الانترنت لتصل إلى المسلمين البوشناق المهاجرين حيث كانوا .
الجمعية الثانية : جمعية الفجر الخيرية :
تقوم على هذه الجمعية مجلس إدارة من المجاهدين العرب يرأسه أميرهم ، وينضوي في عضويتها عدد من الدعاة و مدرسي العلوم الشرعية في الدورات الأربع التي سبقت الإشارة إليها .
و يتركز نشاط هذه الجمعية في جانبين :
الأول : إعداد الأئمة و الدعاة من أبناء البوسنة ، سواءاً كان ذلك بتنظيم الدورات الشرعية لهم ، أم استضافة الدعاة و العلماء من البلدان العربية ( و خاصة جزيرة العرب ) خلال فصل الصيف ، و شهر رمضان من كل عام .
الثاني : الاتصال بالهيئات الخيرية و المؤسسات الإغاثية الإسلامية و التنسيق مع الجهات الأخرى ، بغرض تأمين الدعم المادي اللازم لتمويل ، و كفالة الدعاة البوسنويين.(5/97)
و من الإقرار بالواقع الإشارة إلى أن جهود المجاهدين في الدعوة إلى الكتاب و السنة هي الأكثر أثراً و تأثيراً في المجتمع البوسنوي اليوم ، و لذلك تعرضت لكيد القوات الدولية الرابضة في البوسنة و واجهت معارضة شديدة ممَّن اعتبروها منافساً لهم يهدد كيانهم و سلطتهم على مسلمي تلك البلاد ، و نذير صحوة إسلامية بين مسلمي منطقة البلقان و القارة الأوربية يهدد الفرنجة في عقر دارهم .
و على الرغم من ذلك كله ظل المجاهدون و من معهم يعملون في ثبات ، فصوتهم يبلغ الآلاف ، و كتبهم تتصدر المكتبات و { الله خير حافظاً و هو أرحم الراحمين } [ يوسف :64 ] .
خاتمة الباب الرابع
... بعد هذا البحث و التعريف بالمنارات و الوسائل التي كان لها دور و أثر بارز في نشر السنة ، و إشاعة الحديث النبوي و علومه بين البوشناق يتأكد لنا حفظ الله تعالى سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - ، حيث قيض لحملها من كل خلف عدوله ، يدعون إليها ، ويذبون عنها ، و يذودون عن حياضها حتى في أزمنة ضعف المسلمين ، و غربة الدين .
... و من فضله تعالى أن قيض لحَمَلة هذه الأمانة وسائل تعينهم على أدائها ، فمن الكتاتيب التي يستهين بها من لم يدركها ، إلى أعلى مراحل التعليم النظامي التي يباهى بحمل إجازتها من اغتر بها ، يلقى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و علومه العناية والحفظ ، و يحمله أشداء أخذوا على عاتقهم نشر علومه و العمل بهديه .
... و إن كان ثمّة تقصير في الإفادة من بعض الوسائل المساعدة على نشر علوم الحديث في البوسنة ، أو ضعفٌ و قصورٌ في الوسيلة ذاتها ، فإن الاعتذار عنه ببعد البوسنة عن بلاد المسلمين الأخرى ، و قلة من قصدها للدعوة و التعليم من غير أهلها ، مع ما مرَّت به من حروب و شدائد (( ليس لها من دون الله كاشفة )) عبرالتاريخ , هو ما يسعنا ، و يحسن بنا أن نصير إليه .(5/98)
... و مع هذا فإن في العودة إلى الإسلام ، و إعلاء شأنه و تبليغ رسالته في البلقان بعض آمالٍ ، نعقدها على الأجيال الصاعدة ، التي ذاق أفرادها مرارة الابتلاء و هم في مقتبل أعمارهم ، و عرفوا مقدار حقد أعدائهم عليهم بسبب انتمائهم للإسلام ، إلى جانب معرفتهم بما يعنيه انتماؤهم لهذا الدين العظيم (1) ، وخاصة أولئك الذين اغبرّت أقدامهم في سبيل الله ، و ذاقوا حلاوة التضحية بعد مرارة الابتلاء في سبيله ...إنهم المجاهدون . ...
__________
(1) 1 من أمارات الصحوة الإسلامية في البوسنة اليوم ترجمة كتاب ( ماذا يعني انتمائي للإسلام ) للعلامة الدكتور فتحي يكن إلى اللغة البوسنوية ، و قد طبع و وزعت منه أكثر من عشرة آلاف نسخة حتى اليوم ، و الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات .(5/99)
الباب الخامس
أثر السنة النبوية في مسلمي البوسنة و التزامهم بها
توطئة .
الفصل الأول : عقيدة أهل السنة أصحاب الحديث في البوسنة.
الفصل الثاني : الفكر الإسلامي الحديث و تأثره بالسنة النبوية .
الفصل الثالث : حال المرأة المسلمة في البوسنة و تأثره بالسنة النبوية
الفصل الرابع : أثر السنة النبوية في الأحوال الشخصيَّة للأسرة البوسنوية المسلمة .
الفصل الخامس : نماذج من عبادات البشانقة و عاداتهم و علاقتها بالسنة النبوية
الفصل السادس : أثر السنة النبوية في جهاد المسلمين البوشناق .
خاتمة .
توطئة :
إنّ رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - هو القدوة الرائدة ، والأسوة الحسنة التي أمرنا بالتأسي والاقتداء بها .
قال الله تعالى : { لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة } [الأحزاب : 21] .
ولهذا دأب المسلمون على التأسي بنبيهم - صلى الله عليه وسلم - في قوله وفعله وسائر شأنه ، حتى عرفت الأمة نماذج فريدة في الاقتداء بهديه و لزوم غرزه ، و اتباع سننه على نحو منقطع النظير .
فعن سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - (1)
__________
(1) 1 ... سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - ، هو : سلمة بن عمرو بن الأكوع : سنان بن عبد الله ، أبو عامر و أبو أسلم ، الأسلمي الحجازي المدني ، شهد بيعة الرضوان ، و بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - يومئذ على الموت ، و غزا مع رسول - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات كان يسكن الربذة ، و كان راميا ، محسنا خيرا ، مات بالمدينة سنة 74 هـ / 694 م ، و هو ابن ثمانين سنة .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 4 / 305 ، المعرفة للفسوي 1 / 336 ، سير أعلام النبلاء 3 / 326 ، البداية و النهاية 9 / 6 .(6/1)
أنه قال : (( بعث النبي - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان - رضي الله عنه - إلى مكة ، فأجاره أبان بن سعيد ، وحمله على سرجه ، و ردفه حتى قدم به مكة . فقال : يا ابن عم ! أراك مُتَخشّاً ، أَسْبل إزَرارك كما يسبل قومك . قال : هكذا يأتزر صاحبنا إلى أنصاف ساقيه . قال : يا ابن عم ، طُف بالبيت . قال : إنا لا نصنع شيئاً حتى يصنع صاحبنا و نتبع أثره )) (1) .
وعن سعيد بن يسار (2) أنه قال : (( كنت أسير مع ابن عمر بطريق مكة ، فلما خشيت الصبح ، نزلت فأوترت ثم أدركته . فقال لي : أين كنت ؟ فقلت : خشيت الصبح ، فنزلت فأوترت . فقال عبد الله : أليس لك في رسول الله أسوة ؟ ! فقلت : بلى ، والله . قال : إن رسول الله كان يوتر على البعير )) (3) .
__________
(1) 2 ... إسناده حسن لغيره :
أخرجه ابن سعد في " الطبقات " 1 / 461 ، و الطبراني في " الكبير " 1 / 90 ( 144 ) مختصرا . =
= ... و عزاه صاحب " كنز العمال " (0 1532 ) إلى " مسند " ابن أبي شيبة مطولا .
قال الهيثمي في " المجمع " 9 / 84 : ( فيه موسى بن عبيدة ، و هو ضعيف ) .
· ... وله شاهد أخرجه الطبري في " تفسيره " ( 31515 ) من طريق ابن إسحاق ، حدثني من لاأتهم ، عن عكرمة مولى ابن عباس ، مرسلا ، و فيه : (( ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - )) .
(2) 1 سعيد بن يسار ، هو : أبو الحباب المدني ، مولى ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها ، تابعي ثقة كثير الحديث ، كان من العلماء الأثبات ، توفي بالمدينة سنة 116 هـ / 734 م ، و قيل : 117 هـ / 735 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5 / 384 ، التاريخ الكبير للبخاري 3 /520 ، تهذيب الكمال 11 / 120، التقريب ترجمة رقم 2423 .
(3) 2 ... الحديث : أخرجه البخاري ( 999 ) في الوتر ، باب : الوتر على الدابة . و مسلم في صلاة المسافر وقصرها ( 36 ) ، باب : جواز صلاة النافلة على الدابة في السفر .(6/2)
ولا يستغرب موقف كهذا من ابن عمر - رضي الله عنهم - ، الذي كان يُخاف على عقله من فرط تعلقه بالسنة ، والتزامه بها ، وله في ذلك حجة ، وعليه برهان ، من قوله تعالى : { وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } [الحشر : 7 ] .
فلا غرو ، ولا غضاضة بعد هذا في أن يتبع ابن عمر آثار النبي الكريم ، إلى حد كبير حتى إنه ليشاهد شجرةً نزل تحتها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فيصب الماء على أصلها كي لا تيبس ، ويظل يأتيها ليستريح في ظلها لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك (1) .
وقد ترسخ مفهوم الاقتداء في نفوس الصحابة فمن بعدهم من سلف هذه الأمة وخلفها حتى أصبح الاتباع أحد أهم المعالم التي تميز المسلمين عن غيرهم في الحياة ، ومنهجاً لا يسع أحداً الخروج عليه .
أما نسبة الالتزام بهذا المنهج ، فقد تتفاوت بحسب القرب والبعد من عصر النبوة من جهة ، ومن ديار الإسلام و معاقله الأولى من جهة أخرى ، فنرى الصحابة رضوان الله عليهم في أعلى مراتب الاتباع ، وهو ما لا نجده في كثير من المتأخرين ، كما نجد أهل المدينة أقرب فهماً للسنة وعملاً بهدي رسول الله ، حتى عُدّ مذهبهم حجة شرعية عند كثير من أهل العلم ، بينما نجد أهل الآفاق والثغور أقل اتباعاً في الغالب .
ومن البلدان التي نأت عن مشكاة النبوة زماناً ومكاناً البوسنة والهرسك حيث وصلها الإسلام متأخراً ( بعد القرن الثامن الهجري ) فضلاً عن بعدها عن بقية أقطار المسلمين .
و على الرغم من ذلك تبوّأت البوسنة مكانة مرموقة في ظل الخلافة العثمانية و عرف العالم الإسلامي علماء و أدباء و شعراء أعلاماً من أبنائها .
__________
(1) 3 ... إسناده صحيح :
أخرجه الحميدي في " مسنده " ( 665 ) ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 7074 ) ، و البيهقي في " السنن الكبرى " 5 / 245 ، من طريقين عن نافع مولى ابن عمر ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - به .(6/3)
و كانت للعلم و العلماء فيها منزلةٌ رفيعة ، حتى ذاع صيت الكثيرين منهم و أمَّ مدارسها الشهيرة أبناء المسلمين من دول البلقان و أنحاء أوروبا .
... و كنتيجة حتميَّة لهذه المكانة السامية كان الوازع الديني ، و الالتزام بأحكام الإسلام ، و التمسُّك بكتاب الله و سنَّة نبيِّه - صلى الله عليه وسلم - على أشدِّه عند البوشناق .
و لكن هذا العهد الزاهر لم يدم طويلاً ، و آل إلى زوال بعد انحسار ظلّ الخلافة عن البوسنة ، و تداعي الأمم على أهلها ، حتى لم يعُد يعرف كثيرٌ منهم من الإسلام إلا اسمه ، و من كتاب الله إلاَّ رسمه (1) .
و لا ريب أننا سنجد من البوشناق من لا ينتسب إلى الإسلام حتى بالاسم (2) و لا يكاد يعرف شيئاً عنه ، إذا تجاوزنا فترة الحكم العثماني للبوسنة ، و استثنينا من المعاصرين طبقة العلماء و الكتَّاب و المفكِّرين الإسلاميين ، و من ورائهم فئة قليلة تأثرت بهم ، و ظلّت متمسكة بدينها ، ملتزمة بشرع ربها من طلبة العلم والمحافظين على فرائض الدين وشرائعه ، وحال معظم أفرادها كحال مؤمن آل فرعون إذ يكتم إيمانه .
__________
(1) ... انظر : عبد الحي الفرماوي : الصربيون 49 ، و د. محمد عبد القادر أحمد : مأساة البوسنة و الهرسك ، ص : 29 .
(2) ... يحمل الكثير من أبناء المسلمين البوشناق أسماء غريبة ، ربما كانت صربيَّة أو كرواتيَّة ، أو يهودية ، أو غير ذات معنى ، و لا يعرف أصلها ، و قد التقيت أحد الشبان الأفاضل بعد الحرب ، فعرَّفني على نفسه بأنَّه عبد الله ، وأخبرني أن اسمه الأصلي هو ( جي ) ، و قد سمَّاه أبوه المسلم بهذا الاسم بعد أن رفضت أمه الصربيَّة تسميته باسمٍ إسلامي عند ولادته ، فلم يكن أمام والده إلاَّ اختيار هذا الاسم له من معجم الأسماء الصينيَّة . و بعد أن أكرمه الله بالعودة إلى دينه و الاعتصام به أقدم على تغيير اسمه إلى عبد الله . ( الباحث ) .(6/4)
أما الغالبية فهم من المنتسبين إلى الإسلام نسباً و اسماً ، لا اعتقاداً و نهجاً ، الذين مسخت الشيوعية شخصيتهم الإسلامية ، وأخرجتهم من رحاب الإيمان إلى دهاليز الإلحاد والماركسية فتردت حالهم ، وانحرفت طباعهم حتى صدق عليهم الأثر (( يلبسون جلود الضّأن على قلوب الذئاب )) (1) .
ففي العُصور المُتأخِّرة ، و نتيجةً للقمع المتواصل ، و حملات التغريب والإبادة التي تعرَّض لها البشانقة ، ضعُفَ الوازعُ الدينيُّ في نفوسهم ، و تحلَّلوا من مظاهر انتمائهم إلى الإسلام إلى حدٍ بعيد .
__________
(1) 3 ... ثبت هذا عن كعب الأحبار ، و وهب بن منبه :
أولاً : أثر كعب الأحبار ، و لفظه :
((: إني لأجد في بعض الكتب نعت قوم يتفقهون لغير الله ، و يتعلمون لغير العبادة و يلتمسون الدنيا بعمل الآخرة ، يلبسون جلود الضأن على قلوب الذئاب ... )) . =
= ... أخرجه الدارمي في " سننه " 1 / 90 ، و البيهقي في " شعب الإيمان " 2 / 314 ( 1918 ) من طريقين عن حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، حدثني عمي جرير بن زيد ، أنه سمع تبيعا يحدث عن كعب قال :- فذكره .
و إسناده حسن ؛ رجاله كلهم ثقات سوى تبيع ، و هو الحميري ابن امرأة كعب ، فإنه صدوق ، كما في " التقريب " ( 795 ) .
ثانياً : أثر و هب بن منبه :
أخرجه ابن المبارك في " الزهد " ( 161 ) ، و أحمد في " الزهد " ص 69 ، و أبو داود في كتاب " الزهد " ( 7 ) ، و الآجري ، و أبو نعيم في " الحلية " 4 / 38 – 39 ، من طرق عن وهب بن منبه به .
· ... وروي هذا الوصف في أحاديث مرفوعة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؛ لكن بأسانيد ضعيفة ، ليس هذا موضع نقدها .(6/5)
و بلغ البعد عن الإسلام أقصى مدىً له في البوسنة تحت الحكم الشيوعي ، حين انحصر الالتزام بالإسلام عند البشانقة في قليل من التورّع عن المحرّمات ، و ظل (( المسلم الذي يشرب الخمر لا يأكل لحم الخنزير ، و الذي لا يصوم يصلي ، والذي لا يصلي يختن أولاده ، و الذي لا يفعل ذلك يقرأ المولد الشريف ، وخلاصة الأمر أنه يندر أن تجد مسلماً ينسلخ انسلاخاً تامّاً من الإسلام ، و كثيراً ما يترنح بعض المسلمين سكراً ، و لكنّه بمجرّد رؤيته أحد المسلمين ينفجر باكياً ، و يخرج من محفظته صورةً لوالده بملابس الإحرام ، أو صورة الكعبة ، أو صورة المسجد النبوي الشريف )) (1) ، و هذا يدل على بعد الشقة بين كثيرٍ من المسلمين في البوسنة و بين الإسلام الحقيقي أثناء تلك الفترة بسبب حملات التغريب و التجهيل التي تعرض لها البشانقة .
و مع ذلك فإن التمسك ببعض المظاهر الاجتماعية المميزة للمسلمين عن غيرهم في المجتمع البوسنوي تحت الحكم الشيوعي ، يعتبر أهم أسباب حقد الحزب الشيوعي اليوغسلافي على المسلمين ، حيث استعصت الأقلية المسلمة على الذوبان التام في المجتمع اليوغسلافي ، و لم ينخراط أبنائها تماماً في صفوف الحزب الشيوعي و لم ينتشر التفسخ العقدي و الانحلال الخلقي بينهم (2) .
و بناءً على ذلك فمن الأهميّة بمكان التأكيد على الفارق بين حال هذا الشعب في عهده الزاهر ، يوم كان للمجتمع المسلم دولة تظلُّه ، و شريعةٌ تحكمه ، و حاله بعد أن سقطت الخلافة التي أوصلت الإسلام إليه ، و وقع تحت حكم النصارى و الملاحدة الذين أولوا تغريبه و إبعاده عن دينه و عقيدته اهتماماً بالغاً ، وساموه في سبيل ذلك سوء العذاب حتى كان تمكنوا من تحقيق جلِّ مآربهم .
__________
(1) 1 المجزرة في يوغسلافيا ، ص : 10 .
(2) 1 انظر : المرجع السابق ، ص : 45، 46 .(6/6)
و إنني في هذا الفصل – و خاصة أثناء تناولي للعصر الحديث – أدرس تأثير السنة النبوية في شعب كادت الشيوعية تخرجه من الإسلام إخراجاً تاماً حتى أتى عليه زمان و عدد المحجبات من نسائه لا يتجاوز العشرات بين عدة ملايين من السكان المنتسبين إلى الإسلام ، أما مساجدهم فقد أغلق معظمها لعدة عقود ، و لم يكن لما تبقى منها دور يذكر سوى إحياء المناسبات الدينية كالأعياد و شهر رمضان ، و ذابت فيه شخصية المسلم ، و ضاعت هويته ، و لم يعد يرى في الإسلام أكثر من قومية ينتسب إليها ، و لا صلة لها بالدين ألبتة .
الأمر الذي جعلني – أمام هذا الواقع الأليم – أتشبث و لو بأقل القليل من مظاهر التدين حتى و إن مارسها أصحابها كعاداتٍ متوارثةٍ ، أو سمات عامة لقوميتهم فأذكرها و أردها إلى أصلها في السنة النبوية ما أمكنني ذلك لتكون شاهداً على بقاء بذور السنة النبوية – على الأقل – في نفوس أبعدها التيه عن حقيقة دينها وهدي نبيها - صلى الله عليه وسلم - .
الفصل الأول
عقيدة أهل السنة أصحاب الحديث في البوسنة
المبحث الأول
مدخل لدراسة عقيدة أهل السنة و الجماعة أصحاب الحديث
... أهل السنة و الجماعة هم صفوة هذه الأمة ، الملتزمون بكتاب ربهم وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ، و هم أصحاب حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - روايةً و دراية و سلوكاً واعتقاداً ، و حيث إننا في معرض التعريف بعقيدتهم ، و أثرها في البوسنة و الهرسك فمن المناسب أن نستهل البحث بالتعريف بهم من خلال المطالب التالية :
المطلب الأوَّل : العلاقة بين مصطلحَي ( السنة ) و ( عقيدة أهل الحديث ) :(6/7)
... تقدم معنا عند تعريف السنة النبوية في الباب الأول ، أنَّها تُطلق في مُقابل البدعة فيُقال : فلان على سنَّة ، و فلان على بدعة إذا عمل على خلافه (1) ، و هذا يعني أن لفظ السنة يستعمل للدلالة على عقيدة أهل السنة و الجماعة ، و قد شاع هذا الاستعمال على ألسنة الأئمة الأعلام من السلف و الخلف - رضي الله عنهم - أجمعين .
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله : (( إذا قيل عن رجلٍ إنه صاحب سنة ، فالمقصود به أنه على ما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - و صحابته الكرام رضوان الله عليهم من
أمور الدين قولاً ، و عملاً ، و اعتقاداً )) (2)
... و من الأمثلة لإطلاق لفظ السنة على ما يُقابل البدعة ، ما يلي :
... سُئِل الإمام مالك بن أنس رحمه الله : من أهلُ السنة ؟ فقال :
... (( أهل السنة الذين ليس لهم لقبٌ يُعرفون به ؛ لا جهميٌ (3) و لا قَدَريٌ (4)
__________
(1) ... انظر : الموافقات للشاطبي 4 / 40 .
(2) ... مجموع الفتاوى ، لابن تيمية : 19/ 306 - 307 .
(3) ... الجهمية : فرقة منحرفة ، تنسب إلى الجهم بن صفوان ( ت 128 هـ / 746 م ) الذي قال بالإجبار ، و الاضطرار إلى الأعمال ، و أنكر الاستطاعات كلها ، و زعم أن الإيمان هو مجرَّد المعرفة بالله تعالى ، و أن الكفر هو الجهل به ، و قال بفناء الجنة و النار جميعاً ، و بخلق القرآن ، و نفى الأسماء و الصفات جميعها عن الله تعالى .
انظر : الفرق بين الفرق ، للبغدادي ، ص 199 ، و الملل و النحل ، للشهرستاني 1 / 86 .
(4) ... القدرية : فرقة ضالة ، قسمها ابن تيمية في " مجموع الفتاوى " 8 / 256-260 إلى أصناف خمسة ، و هي : القدرية الغالية ، ثم المجوسية ، ثم المجبرة ، ثم المشركية ، ثم الإبليسية .
بيد أن هذه الأصناف تعود إلى رأيين في القدر :
الرأي الأول يعود إلى أصلين باطلين : الأول : إنكار علم الله السابق بأفعال العباد . وهو قول جهم بن صفوان. و الثاني : إنكار عموم المشيئة . مذهب القدرية الغالية ، وقد انقرض القائلون به .
و الرأي الثاني يقوم على أصلين ثانيهما باطل : الأول : الإقرار بعلم الله السابق ، و هو حق لا مراء فيه .
و الثاني : إنكار عموم المشيئة و الخلق . حيث جعلوا أفعال العباد الاختيارية بمشيئتهم و قدرهم و حدهم . و هو قول المعتزلة و متأخرو الشيعة ، وهم المسمون بالقدرية المجوسية .
انظر : شرح العقيدة الطحاوية ، ص : 305-306 ، فتح الباري 1 / 118 - 119 ، شفاء العليل لابن القيم ، ص : 109 ، الفرق بين الفرق ، ص : 19 - 20 .(6/8)
و لا رافضيٌ (1) ) (2) .
... و سُئل الإمام أبو بكر بن عيَّاش (3) رحمه الله مَن السُنِّيُّ ؟ فقال : (( الذي إذا ذُكِرت الأهواء لم يتعصَّب لشيءٍ منها )) (4) .
__________
(1) ... الرافضة : هم الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وذلك أنهم أرادوه أن يتبرأ من أبي بكر و عمر رضي الله عنهما ، فلم يفعل ، و يرون السيف على الأمة .
انظر : مقالات الإسلاميين ، ص : 16 ، الفرق بين الفرق ، ص : 17 ، الحجة في بيان المحجة 2 / 478 .
(2) ... أخرجه ابن عبد البر في " الانتقاء في فضائل الأئمة الفقهاء " ، ص : 35 من طريق إبراهيم بن حماد ، قال : نا الحسن بن عبد العزيز الجروي ، قال : نا شيخ لنا ، قال : جاء رجل إلى مالك ..فذكره .
قلت : وهذا إسناد صحيح لولا إبهام شيخ الحسن بن عبد العزيز .
فالحسن بن عبد العزيز الجروي ثقة ثبت عابد فاضل ، كما في " التقريب " ( 1253 ) .
و إبراهيم بن حماد ، هو : أبو إسحاق الأزدي القاضي ، قال الدارقطني : ثقة جبل . كما في " تاريخ بغداد " 6 / 61 .
(3) ... أبو بكر بن عياش ، هو : ابن سالم ، الأسدي مولاهم ، الكوفي ، قيل : اسمه شعبة ، و قيل : محمد ، و قيل غير ذلك ، المحدث الفقيه ، شيخ الإسلام ، و بقية الأعلام ، ولد سنة 95 هـ / 714 م ، قرأ القرآن على عاصم بن أبي النجود ، و تلا عليه جماعة ، حدث عن كبار التابعين ، و حدث عنه : جماعة منهم ابن المبارك ، و أبو داود ، و أحمد ، و في ضبطه مقال ؛ ذكره أحمد بن حنبل ، فقال : ( ثقة ، ربما غلط ، صاحب قرآن و خير ). .توفي سنة 191 هـ / 807 م ، عن ست و تسعين سنة .
انظُر ترجمته في : تهذيب الكمال 33 / 129 ، سير أعلام النبلاء 8 / 495 ، الحلية 7 / 303 ، تذكرة الحفاظ 1/ 265 ، ميزان الاعتدال 4 / 494 ، شذرات الذهب 1/ 334 .
(4) ... إسناده حسن :
أخرجه الآجري في " الشريعة " 3 / 581 ( 2112 ) ، و اللالكائي في " شرح أُصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة " 1 / 63 ( 53 ) من طريقين ، عن أبي عبيد علي بن الحسين بن حرب القاضي ، قال : حدثنا أبو السكين زكريا بن يحيى ، قال : سمعت أبا بكر بن عياش – فذكره .
و أبو عبيد ، هو : ابن حربويه الإمام الفقيه قاضي مصر .
و أبو السكين زكريا بن يحيى : وثقه ابن حبان و الخطيب البغدادي ، و قال ابن حجر : ( صدوق له أوهام لينه بسببها الدارقطني ) . انظر : التهذيب 3 / 337 ، و التقريب ترجمة ( 2034 ) .(6/9)
... و سئل عبد الرحمن بن مهدي (1) عن الأوزاعي (2) ، و سفيان الثوري ، ومالك بن أنس ، رحمهم الله جميعاً ، فأجاب : (( سفيان عالمٌ بالحديث ، والأوزاعيُّ عالمٌ
بالسنة ، و مالك عالمٌ بالحديث و السنَّة )) (3) .
__________
(1) ... ابن مهدي ، هو : عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبدا لرحمن ، أبو سعيد العنبري ، و قيل : الأزدي ، مولاهم البصري ، ولد سنة 135 هـ / 753 م ، أدرك صغار التابعين ، و سمع سفيان ، و شعبة ، و مالك بن أنس ، و أمماً سواهم ، و حدث عنه : ابن المبارك ، و ابن وهب ، و هما من تلاميذه ، و يحي ، و أحمد ، و إسحاق ، و ابن أبي شيبة ، و كثيرون ، و ارتحل في آخر عمره عن البصرة إلى أصبهان ، و حدث فيها ، ثم عاد إلى البصرة و بها كانت و فاته سنة 198 هـ / 814 م .
انظُر ترجمته في : سير أعلام النبلاء ، 9 / 192 ، الطبقات الكبرى 7 / 297 ، الحلية 9 / 3 ، تاريخ بغداد 10 / 240 ، شذرات الذهب 1 / 355 .
(2) ... الأوزاعي ، هو : عبدا لرحمن , و يقال : عبد العزيز بن عمرو بن يَحْمُد الأوزاعي ، أبو عمر ، الدمشقي ، التابعي ، أحد الأعلام ، و الفقهاء المجتهدين أصحاب المذاهب ، كان يسكن بمحلة الأوزاع بظاهر باب الفراديس بدمشق ، ثم تحول إلى بيروت إلى أن مات مرابطاً بها سنة 157 هـ / 774 م .
انظُر ترجمته في : سير أعلام النبلاء ، 7 / 107 ، شذرات الذهب 1 / 241 ، تذكرة الحفاظ 1 / 178 ، حلية الأولياء 6 / 135 ، ديوان الإسلام 1 / 159 .
(3) ... إسناده صحيح :
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 6 / 332 من طريق أبي أحمد القاضي ، يقول : سمعت أبا حاتم الرازي يقول : سمعت أحمد بن سنان الواسطي يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول – فذكره .
و هذا إسناد صحيح رجاله ثقات .(6/10)
... قال ابن الصلاح (1) في قول عبد الرحمن بن مهدي السابق : (( السنة هاهنا ضدَّ البدعة ، و قد يكون الإنسان من أهل الحديث و هو مبتدعٌ ، و مالك - رضي الله عنه - جمع بين السنتين فكان عالماً بالسنة أي الحديث ، و مُعتقداً للسنة ، أي كان مذهبه مذهب أهل الحقِّ من غير بدعة )) (2) ..
... و قد كان أئمة السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ، يُطلقون اسم السنة على الاعتقاد الصحيح ، الذي يقابل البدعة ، و يُضادُّها ، كما في قول سفيان بن عيينة (3) : ((
__________
(1) ... ابن الصلاح ، هو : تقي الدين ، أبو عمرو عثمان بن صلاح الدين عبد الرحمن بن عثمان بن موسى الشهرزوري الشافعي ، ولد بسنة 597 هـ / 1201 م ، و تفقه على والده بشهرزور ، ثم ارتحل إلى البصرة ، فدمشق ، فبيت المقدس ، دَرَّس بالمدرسة الصلاحية ، في بيت المقدس ثم بالرواحية بدمشق ، ثم صار شيخ الدار الأشرفية ، أشهر مؤلفاته كتاب علوم الحديث ، عاش ستاً و ستين سنة ، و توفي بدمشق سنة 643 هـ / 1246 م ، و دفن بمدافن الصوفية .
انظُر ترجمته في : سير أعلام النبلاء ، 23 / 140 , تذكرة الحفاظ 4 / 1430 ، شذرات الذهب 5/ 221 .
(2) ... فتاوى و مسائل ابن الصلاح ، ص : 213 .
(3) ... سفيان بن عيينة ، هو : أبو محمد الهلالي ، الكوفي ، ثم المكي ، الحافظ الكبير، أتقن ، و جوّد ، و جمع و صنف ، و عمر دهراً ، و ازدحم عليه الخلق ، و انتهى إليه علو الإسناد ، و رحل إليه من البلاد . قال عنه الشافعيُّ : ( ما رأيت أحسن تفسيراً للحديث منه ) . و قال أيضا : ( لولا مالك و سفيان بن عيينة لذهب علم الحجاز ) . توفي سنة 198 هـ / 814 م .
انظُر ترجمته في : طبقات ابن سعد 5 / 497 ، الجرح و التعديل 1 / 32 – 54 و 4 / 225 ، حلية الأولياء 7 / 270 ، تاريخ بغداد 9 / 174 ، وفيات الأعيان 2 / 391 ، سير أعلام النبلاء 8 / 454 .(6/11)
السنة عشرة ، فمن كُنَّ فيه فقد استكمل السنة ، و من ترك منها شيئاً فقد ترك السنَّة ... )) (1) ثمَّ ذكر مسائل من مُعتقد أهل السنة و الجماعة .
... و قال الإمام الشافعي رحمه الله : (( القول في السنة التي أنا عليها ، ورأيتُ أصحابنا عليها ، أهل الحديث الذين رأيتهم ، و أخذتُ عنهم ، مثل سفيان ، ومالك ، و غيرهما : الإقرار بشهادة أن لا إله إلا الله ، و أن محمداً رسول الله ، وأنَّ الله تعالى على عرشه ، في سمائه ، يقرب من خلقه كيف شاء ، و أن الله تعالى ينزل إلى سماء الدنيا كيف شاء )) (2) .
... و قال الإمام أحمد (3) رحمه الله : (( أصول السنة عندنا : التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... )) ، ثمَّ ذَكر جملة مسائل من معتقد أهل
__________
(1) ... أخرجه اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة " 1/ 155 ( 316 ) .
(2) ... أورده الذهبي في " العلو " ص 120 ، وسبقه بقوله : ( روى شيخ الإسلام أبو الحسن الهكاري ، و الحافظ أبو محمد المقدسي بإسنادهم إلى أبي ثور ، و أبي شعيب كلاهما عن الإمام الشافعي ) .
و أورده ابن القيم أيضا في " اجتماع الجيوش الإسلامية " ص 82 .
(3) ... أحمد بن حنبل ، هو : أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيباني ، أبو عبد الله المروزي ، ثم البغدادي إمام المذهب ، و صاحب المسند و غيره ، وُلد ببغداد سنة 164 هـ / 681 م ، و اعتنى بالحديث ، و ارتحل في طلبه ، روى عن ابراهيم بن سعد ، و إسماعيل بن علية ، و خلائق غيرهم ، و روى عنه الشيخان و غيرهم ت 241هـ / 856 م .
انظر ترجمته في : طبقات الحنابلة 1 / 4 و ما بعدها ، طبقات الحفاظ ص 186 ، تهذيب التهذيب 1 / 72 الأعلام للزركلي 1/192 ، الفهرست لابن النديم ، ص 32 .(6/12)
السنة و الجماعة (1) .
... وقال محمد بن يحيى الذهلي (2) : (( السنة عندنا : أن الإيمان قول
و عمل ...)) (3) فذكر جملة من معتقد أهل السنة و الجماعة .
... و قال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله : (( ... ثم صار في عُرف كثير من العلماء المتأخرين من أهل الحديث و غيرهم ، السنة عبارة عمَّا سلم من الشبهات في الاعتقادات . . . و صنفوا في هذا العلم تصانيف سموها كتب السنة ، و إنما خصوا هذا العلم باسم السنة لأن خطره عظيم ، و المخالف فيه على شفا هلكة ، و أما السنة الكاملة فهي الطريقة السالمة من الشبهات و الشهوات )) (4) .
__________
(1) ... كتاب : أصول السنة هذه للإمام أحمد رسالة طبعت مفردة ، برواية عبدوس بن مالك العطار عنه ، بتحقيق الوليد بن محمد بن سيف النصر ، بمكتبة العلم بجدة سنة 1416 هـ / 1996 م ، و رواها اللاكائي في " شرح أصول الاعتقاد " 1 / 156 ( 317 ) ، و أبو يعلى القاضي في " طبقات الحنابلة " 1 / 241 و إسنادها صحيح ، و قال أبو يعلى : ( لو رحل رجل إلى الصين في طلبها لكان قليلا ) .
(2) 2 ... محمد بن يحيى الذهلي ، هو : أبو عبد الله النيسابوري ، الإمام العلامة ، الحافظ البارع ، شيخ الإسلام ، و عالم المشرق ، و إمام أهل الحديث بخراسان ، ولد سنة بضع و سبعين و مئة للهجرة ، و مات سنة 258 هـ / 872 م ، قال الذهبي : ( كان له جلالة عجيبة بنيسابور ، من نوع جلالة الإمام أحمد ببغداد ، و مالك بالمدينة ) .
انظر ترجمته في : الجرح و التعديل 8 / 125 ، تاريخ بغداد 3 / 415 ، طبقات الحنابلة 1 / 327 ، تذكرة الحفاظ 2 / 530 ، سير أعلام النبلاء 12 / 273 .
(3) 3 ... أخرجه البيهقي في " القضاء و القدر " ( 549 ) ، بإسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات .
(4) ... كشف الكربة في وصف حال أهل الغربة ، لابن رجب الحنبلي ، ص : 11 .(6/13)
... و كما قال ابن رجب رحمه الله فإن من إطلاق مصطلح السنة ، على العقيدة السويَّة ، السليمة من الشبهات و الشهوات ، في مقابل الأهواء الرديَّة ، تسمية عدد من الأئمة ، مُصنَّفاتهم في أصول الدين باسم ( السنة ) ، و من تلك المصنَّفات :
? السنة ، للإمام أحمد بن حنبل ( المتوفى 241 هـ / 856 م ) ، و هو مطبوع.
? السنة لأبي بكر أحمد بن محمد بن الأثرم (1) ( المتوفى سنة 272 هـ / 886 م ).
? السنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل (2) ( المتوفى سنة 290 هـ / 903 م ) و هو مطبوع .
? السنة لمحمد بن نصر المروزي (3) (
__________
(1) 1 ... أبو بكر بن الأثرم ، هو : أحمد بن محمد بن هانئ الإسكافي الطائي ، خراساني الأصل ، إمام حافظ ثبت ثقة ، تلميذ الإمام أحمد ، كان من أذكياء الأمة ، مصنف السنن و علل الحديث ، مات بمدينة إسكاف .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 5 / 110 ، طبقات الحنابلة 1 / 66 ، تهذيب الكمال 1 / 476 ، تذكرة الحفاظ 2 / 570 ، سير أعلام النبلاء 12 / 623 .
(2) 2 عبد الله بن أحمد بن حنبل ، هو : الشيباني ، أبو عبد الرحمن المروزي ، الإمام الحافظ الناقد ، محدث بغداد ، كان ثقةً فهْماً ، أروى الناس عن أبيه ، وهو الذي رتب مسند أبيه ، و له عليه زيادات كثيرة ، طلب الحديث في العراق و غيرها ، و كان خبيرا بالحديث و علله .
انظر ترجمته في : الجرح و التعديل 5 / 7 ، تاريخ بغداد 9 / 375 ، طبقات الحنابلة 1 / 180 ، المنتظم 6 / 39 ، سير أعلام النبلاء 13 / 516 .
(3) 3 محمد بن نصر المروزي ، هو : أبو عبد الله ، الإمام الجليل ، الثقة العدل ، شيخ الإسلام ، أحد أعلام الأمة و عقلائها و عبادها ، ولد ببغداد و نشأ بنيسابور و سكن سمرقند ، و كان أبوه مروزيا ، و تفقه بمصر على أصحاب الشافعي ، و رحل إلى الأمصار ، و كان أعلم أهل زمانه في اختلاف الصحابة و التابعين ، مات بسمرقند ، وله 92 سنة .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 3 / 315 ، تذكرة الحفاظ 2 / 650 ، سير أعلام النبلاء 14 / 33 ، الطبقات الكبرى للسبكي 2 / 246-255 ، تهذيب التهذيب 9 / 489 .(6/14)
المتوفى سنة 294 هـ / 907 م ) و هو مطبوع .
? السنة لأحمد بن محمد بن هارون الخلاَّل (1) ( المتوفى سنة 311 هـ/ 923 م ) وهو مطبوع .
? شرح السنة لأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زمنين (2) ( المتوفى سنة 399 هـ / 1009 م ) وهو مطبوع .
? السنة لأبي بكر بن أبي عاصم (3) ( المتوفى سنة 287 هـ / 900 م ) ، و هو مطبوع .
? السنة لأبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (4) (
__________
(1) 4 أحمد بن محمد بن هارون الخلال ، هو : أبو بكر البغدادي ، الإمام الحافظ الفقيه ، شيخ الحنابلة و عالمهم ، رحل إلى فارس و الشام و الجزيرة ؛ يطلب فقه أحمد و فتاويه ، لم يسبقه أحد في جمع علم الإمام أحمد ، و لم يكن قبله للإمام مذهب مستقل .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 5 / 112 ، طبقات الحنابلة 2 / 12 ، المنتظم 6 / 174 ، تذكرة الحفاظ
3 / 785 ، سير أعلام النبلاء 14 / 297 ، البداية و النهاية 11 / 148 .
(2) ... ابن أبي زمنين ، هو : محمد بن عبد الله بن عيسى , المري الأندلسي القرطبي ، استبحر في العلم ، و ألف في الفقه و الزهد و الرقائق ، كان صاحب علم و سنة .
انظُر ترجمته في : جذوة المقتبس 56 – 57 ، ترتيب المدارك 4 / 672 ، سير أعلام النبلاء ، 17/ 188 - 189 .
(3) 2 ... أبو بكر بن أبي عاصم ، هو : أحمد بن عمرو بن الضحاك بن مخلد الشيباني ، البصري ، إمام بارع ، حافظ كبير ، ثقة نبيل معمر ، متبع للآثار ، ولي القضاء بأصبهان ثلاث عشرة سنة ، ظاهري المذهب ، له الرحلة الواسعة ، و التصانيف المفيدة .
انظر ترجمته في : الجرح و التعديل 2 / 67 ، ذكر أخبار أصبهان 1 / 135 ، تذكرة الحفاظ 2 / 640 ، سير أعلام النبلاء 13 / 430 .
(4) 3 ... أبو داود السجستاني ، هو : سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو الأزدي ، السجستاني ، الإمام شيخ السنة مقدم الحفاظ ، محدث البصرة ، قال ابن حبان : ( أبو داود أحد ائمة الدنيا فقها و علما و حفظا و نسكا و ورعا و إتقانا ، جمع و صنف و ذب عن السنة ).
انظر ترجمته في : الجرح و التعديل 4 / 101 ، تاريخ بغداد 9 / 55 ، طبقات الحنابلة 1 / 159 ، وفيات الأعيان 2 / 404 ، سير أعلام النبلاء 13 / 203 ، تذكرة الحفاظ 2 / 591 .(6/15)
المتوفى سنة 275 هـ / 889 م ) ، و هو مطبوع .
? السنة لأبي القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب اللخمي الطبراني (1) ( المتوفى سنة 360 هـ / 971 م ) .
? السنة لأبي عمرو أحمد بن محمد الطلمنكي (2) ( المتوفى سنة 427 هـ / 1036 م ) .
? شرح السنة للحسن بن علي البربهاري (3) ( المتوفى سنة 329 هـ / 941 م ) و هو مطبوع .
__________
(1) 4 ... أبو القاسم الطبراني ، هو : سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الشامي ، أبو القاسم , الإمام الحافظ العلم الثبت ، مسند العصر ، ولد بعكا و اعتنى به أبوه ، و رحل به في حداثة سنه ، طوف البلاد ، ثم سكن أصبهان و استقر فيها ، و بقى فيها محدثا ستين سنة إلى أن توفي .
انظر ترجمته في : أخبار أصبهان 1 / 335 ، وفيات الأعيان 1 / 215 ، تذكرة الحفاظ 3 / 118 ، المنتظم 7 / 54 ، البداية و النهاية 11 / 270 .
(2) 1 ... أبو عمرو الطلمنكي ، هو : أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى ، أبو عمر المعافري الأندلسي ، عالم أهل قرطبة ، الإمام المقرئ المحقق الحافظ الأثري ، رحل إلى مصر و مكة و المدينة ، كان خبيرا في علوم القرآن و تفسيره و قراءاته و إعرابه و أحكامه و معانيه ، و كان سيفا مجردا على أهل الأهواء و البدع .
انظر ترجمته في : بغية الملتمس ص 162 ، جذوة المقتبس ص 114 ، معجم البلدان 4 / 39 ، تذكرة الحفاظ 3 / 1098 ، سير أعلام النبلاء 17 / 566 . شذرات الذهب 5 / 147 .
(3) 2 ... الحسن بن علي البربهاري ، هو : ابن خلف ، أبو محمد ، شيخ الحنابلة ، القدوة الإمام الفقيه ، كان قوالاً بالحق ، داعيا إلى الأثر ، لا يخاف في الله لومة لائم ، عاش 77 سنة .
انظر ترجمته في : طبقات الحنابلة 2 / 18- 45 ، المنتظم 6 / 323 ، الكامل لابن الأثير 8 / 378 ، سير أعلام النبلاء 15 / 90 ، البداية و النهاية 11 / 201 .(6/16)
... و يكثُر - عند الكلام عن أصول الدين - أن يُقال : هذه عقيدة أهل السنة ، أو عقيدة أصحاب الحديث (1) ، و القولان بمعنىً .
... فما هي عقيدة أهل الحديث ؟ و هل لها وجودٌ يُذكر في البوسنة
والهرسك ؟
... هذا ما سأتناوله في السطور التالية إن شاء الله تعالى (
المطلب الثاني : العلاقة بين مُصطلَحَي ( أهل السنة ) و ( أصحاب الحديث ) :
... هناك علاقة وثيقة بين مُصطلح ( أهل السنَّة ) و مُصطلح ( أهل الحديث ) فهما مُتَعاوران في كلام العلماء ، و لبيان العلاقة بين أهل السنة و أهل الحديث يحسن بنا أن نُعرِّف بكُلٍ منهما أوَّلاً .
... فأهل السنة و الجماعة مصطلح مؤلف من لفظ السنة التي تقدَّم التعريف بها في الباب الأول ، و لفظ الجماعة المشتق من الجَمْعِ و هو : تأليف المفترق (2) .
... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (( الجماعة هي الاجتماع ، وضدها الفرقة ، و إن كان لفظ الجماعة قد صار اسماً لنفس القوم المجتمعين )) (3) .
... و اصطلاح أهل السنة و الجماعة ، مُقتبس من مجموع ما ورد في كتاب الله و سنة رسوله ، من الآيات ، و الأخبار الواردة في الحثّ على الاعتصام بالسنة ، و ملازمة الجماعة ، و النهي عن الابتداع و الفُرقة و الاختلاف في الدين .
... فمن ذلك قوله سبحانه و تعالى : { و لا تتبعوا السبل فتفرَّق بكم عن سبيله } [ الأنعام : 153 ] .
... و قوله : { أن أقيموا الدين و لا تتفرَّقوا فيه } ] الشورى : 13 [.
__________
(1) ... ألَّف الإمام عبد الرحمن بن إسماعيل الصابوني رحمه الله ، سفراً نفيساً في معناه ، يسيراً في مبناه ، أسماه عقيدة السلف أصحاب الحديث ، و الكتاب نشرته دار الفتح بالشارقة عام 1414 هـ / 1994 م تحقيق بدر البد.
(2) ... انظر : القاموس المحيط للفيروز آبادي ، ص : 917 ، و لسان العرب 8 / 53 .
(3) ... مجموع الفتاوى ، لابن تيمية 3 / 157.(6/17)
... و روي عن ابن عبَّاس - رضي الله عنه - في هاتين الآيتين قوله: (( أمر الله المؤمنين بالجماعة و نهاهم عن الاختلاف و الفرقة ، و أخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء
والخصومات في دين الله )) (1) .
... أما الأخبار الواردة في هذا الباب فكثيرة جداً و منها :
... قوله - صلى الله عليه وسلم - في وصيته لحذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - (2) :
__________
(1) ... إسناده لا بأس به :
... أخرجه الطبري في " تفسيره " 5 / 397 ( 14171 ) ، و ابن أبي حاتم في " تفسيره " ( 1134 ) ، و الآجري في " الشريعة " 1 / 116 ( 4 ) ، و ابن بطة في " الإبانة " 1 / 275 ( 105 ) من طرق عن عبد الله بن صالح ، حدثنا معاوية بن صالح ، عن علي بن طلحة ، عن ابن عباس - رضي الله عنه - به .
علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس منقطع ، لكن قال المزي في " تهذيبه " 20 / 490 : بينهما مجاهد .
قلت : و مجاهد إمام ثقة جليل .
و معاوية بن صالح ، هو الحمصي ، قاضي الأندلس ، و ثّقه جُلّ المحدثين ، قال فيه الترمذي : ( ثقة عند أهل الحديث ، و لا نعلم أحداً تكلم فيه غير يحيى بن سعيد القطان ) .
انظر ترجمته في : تهذيب التهذيب 10 / 209 – 212 .
و عبد الله بن صالح ، هو كاتب الليث بن سعد ، قال الذهبي في " المغني في الضعفاء " ( 4383 ) : ( صالح الحديث له مناكير ) .
(2) ... حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - ، هو : ابن جابر العبسي اليماني ، أبو عبدالله ، صحابي جليل ، من المهاجرين ، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، شهد مع أبيه أحداً ، فاستشهد أبوه فيها ، قتله بعض الصحابة غلطاً ، ولي إمرة المدائن لعمر ، و بقي عليها إلى خلافة عثمان ، و بها كانت وفاته بعد مقتل عثمان - رضي الله عنه - بأربعين ليلة .
انظُر ترجمته في : أسد الغابة 1 / 468 ، الإصابة 2 / 223 ، سير أعلام النبلاء 2 / 361 ، الحلية 1 / 270 ، شذرات الذهب 1 / 32 .(6/18)
... (( تلزم جماعة المسلمين وإمامهم )) ، قال حذيفة : قُلتُ : فإن لم يكن لهم جماعةٌ و لا إمام ؟ فقال :
... (( فاعتزل تلك الفرق كلَّها ، و لو أن تعضَّ بأصل شجرةٍ حتى يُدركك الموت ، وأنت على ذلك )) (1) .
... و عن حديث ابن عباس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
... (( ليس أحدٌ يفارق الجماعة شبراً فيموت إلا مات ميتةً جاهليَّةً )) (2) .
... و في حديث العرباض بن سارية - رضي الله عنه - ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعظهم موعظةً قال فيها :
... (( عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين ، تمسكوا بها ، وعضوا عليها بالنواجذ ، و إياكم و مُحدثات الأمور فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعة ، و كلَّ بدعة ضلالة )) (3) .
__________
(1) ... الحديث : أخرجه البخاري في كتابي المناقب ( 3606 ) باب علامات النبوة في الإسلام ، و الفتن ( 7084 ) باب : كيف الأمر إذا لم يكن جماعة ، و مسلمٌ ( 1847 ) في الإمارة ، باب : وجوب ملازمة =
= ... جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، و أبو داود ( 4244 ) في الفتن و الملاحم ، باب : ذكر الفتن و دلائلها ، و ابن ماجة ( 3979 ) في الفتن ، باب : العزلة .
(2) ... الحديث : أخرجه البخاري في كتاب الفتن ( 7054 ) ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - سترون بعدي أمورا تنكرونها ، و الأحكام ( 7143 ) باب : السمع و الطاعة للإمام ما لم تكن معصية ، و هذا لفظه في الأخير منهما ، و مسلم ( 1849) في الإمارة باب : وجوب ملازمة الجماعة عند ظهور الفتن .
و أخرج نحوه من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - : مسلم ( 1848 ) في الإمارة ، باب : وجوب ملازمة الجماعة عند ظهور الفتن ، و النسائي في تحريم الدم ( 1414 ) ، باب : التغليظ في من قاتل تحت راية عمية ، و ابن ماجة ( 3948 ) في الفتن ، باب : العصبية ، و أحمد في " المسند " 2 / 306 و 488 0
(3) ... حديث صحيح : تقدم تخريجه .(6/19)
... و لأهميَّة لزوم الجماعة ، و عظيم شأنها ، بوَّب الشيخان كلٌّ في صحيحه ، و النسائيُّ (1) و الترمذي ، كلٌّ في سننه ، على لزومها .
... فقال البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة من صحيحه : باب قوله تعالى : { و كذلك جعلناكم أمَّةً وسَطاً } و ما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلزوم الجماعة و هم أهل العلم (2) .
... و قال الإمام مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه : باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ، و في كل حال ، و تحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة (3) .
... و عَنوَن النسائي في سننه : قتلُ من فارق الجماعة ، و ذِكرُ الاختلاف على زياد بن عِلاقة عن عَرْفَجَةَ فيه (4) .
... وعقد الترمذي في سننه باباً سمَّاه : باب ما جاء في لزوم الجماعة (5) .
... و الجماعة التي يجب على المسلم لزومها ، و يحرم الخروج عليها ، ويستحق الوعيد من فارقها ، هم أهل الحقِّ في كل عصرٍ و مِصرٍ ، و إن قَلُّوا .
__________
(1) ... النسائي ، هو : أحمد بن شعيب بن علي بن سنان الخراساني النسائي ، صاحب السنن ، ولد بِنَسَا في سنة 215 هـ / 830 م ، طلب العلم في خراسان ، و ارتحل إلى الحجاز ، و مصر ، و العراق ، و الشام ، ثم
استوطن مصر ، و كان ورعاً متحرياً ، شافعي المذهب ، واسع الحفظ ، قال عنه الدار قطني : ( كان أفقه مشايخ مصر في عصره ، و أعلمهم بالحديث و الرجال ) . توفي سنة 303 هـ / 916 م ، قيل بمكة ، و قيل بالرملة ، و قيل بفلسطين .
انظُر ترجمته في : سير أعلام النبلاء ، 14 / 125 ، تذكرة الحفاظ 2 / 698 ، شذرات الذهب 2 / 239 تهذيب الكمال 1 / 23 .
(2) 1 ... صحيح البخاري 6 / 2675 .
(3) 2 ... صحيح مسلم 3 / 1172 .
(4) 3 ... سنن النسائي الصغرى ، الموسوم بالمجتبى 7 / 92 .
(5) 4 ... سنن الترمذي 4 / 465 .(6/20)
... قال أبو شامة المقدسي رحمه الله (1) :
... (( حيث جاء الأمر بلزوم الجماعة ، فالمراد به لزوم الحق و اتِّباعه ، و إن كان المستمسك به قليلاً ، و المخالف كثيراً )) .
... ثم استدل بقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : (( إن الجماعة ما وافق الحق ، و إن كنت وَحدَك )) (2) .
... قال نعيم بن حمَّاد (3) : ((
__________
(1) ... أبو شامة المقدسي ، هو : عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان ، أبو محمد ، الشيخ الإمام العلامة ، المعروف بأبي شامة لشامةٍ كبيرة فوق حاجبه الأيسر ، كان عالماً راسخاً في العلم ، مقرئاً محدثاً نحوياً ، مؤرخاً من كتبه : المقاصد السنية في شرح الشاطبية ، و زهر الروضتين ، و كثيرٌ غيرهما ، ت 665هـ / 1267 م مقتولاً .
انظر : ترجمته في : معجم المؤلفين 5 / 125 ، البداية و النهاية 13/ 250 ، تذكرة الحفاظ 4 / 243 ، شذرات الذهب 5 / 318 .
(2) 1 ... صحيح :
أخرجه اللاكائي في " شرح أصول الاعتقاد " 1 / 108 ( 169 ) ، و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 13 / 642 – 643 من طريقين عن الأوزاعي ، عن حسان بن عطية ، عن عبد الرحمن بن سابط ، عن عمرو بن ميمون عنه به .
و رجاله كلهم ثقات أعلام .
و رواه ابن عساكر أيضا بإسناد آخر حسن ، بلفظ نحوه فيه : ( ويحك إن جمهور الناس فارقوا الجماعة ، إن الجماعة ما وافق طاعة الله عز وجل ) .
(3) ... نعيم بن حماد ، هو : ابن معاوية بن الحارث ، أبو عبد الله الخزاعي المروزي ، الإمام العلامة الحافظ ، سمع بخراسان و الحرمين و العراق و الشام و اليمن و مصر ، سكن مصر حتى امتحن في القرآن ، فأشخص إلى سر من رأى ، فسئل عن القرآان ، فأبى أن يجيبهم إلى القول بخلقه ، فسجن ، فلم يزل في السجن حتى مات ، و أوصى أن يدفن في قيوده ، و قال : ( إني مخاصم ) .قال الذهبي : ( في قوة روايته نزاع ؛ منهم من وثقه ، و الأكثر منهم ضعفه ) . توفي سنة 229 هـ / 844 م .
انظر ترجمته في : التاريخ الكبير للبخاري 8 / 100 ، طبقات ابن سعد 7 / 519 ، المعرفة و التاريخ للفسوي 1 / 448 ، الجرح و التعديل 8 / 462 ، تاريخ بغداد 13 / 306 ، تذكرة الحفاظ 2 / 418 ، سير أعلام النبلاء 10 / 595 .(6/21)
أي إذا فسدت الجماعة ، فعليك بما كانت عليه قبل أن تفسد ، و إن كنت وحدك ، فإنَّك الجماعة حينئذٍ )) . (1)
... و قال أبو عيسى الترمذي رحمه الله تعالى في سننه : (( و تفسير الجماعة عند أهل العلم هم أهل الفقه و العلم و الحديث )) (2) .
... و روى رحمه الله عن عليِّ بن الحسن (3) ، قوله : ((سألتُ عبد الله بن المبارك مَن الجماعة ؟ فقال : أبو بكر وعُمر . قيل له : قد مات أبو بكرٍ و عُمر ، قال : فلانٌ و فلانٌ ، قيل له : قد مات فلانٌ و فلان . فقال : عبد الله بن المبارك و أبو حمزة السكري (4) و جماعة )) (5) .
__________
(1) ... أخرجه البيهقي في " المدخل " ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " 13 / 643 .
(2) 4 ... سنن الترمذي 4 / 467 .
(3) 1 ... علي بن الحسن ، هو : ابن شقيق ، أبو عبد الرحمن المروزي العبدي ، ثقة حافظ ، شيخ خراسان ، محدث مرو لزم ابن المبارك دهرا و حمل عنه جميع التصانيف ، كتب الكثير حتى كتب التوراة و الإنجيل ، و جادل اليهود و النصارى ، توفي سنة 215 هـ / 830 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 376 ، الجرح و التعديل 6 / 180 ، تاريخ بغداد 11 / 370 ، تذكرة الحفاظ 1 / 370 ، سير أعلام النبلاء 10 / 349 .
(4) ... أبو حمزة السكري ، هو : محمد بن ميمون المروزي ، الإمام الحافظ الحجة ، عالم مرو ، سمي السكري لحلاوة كلامه ، دخل بغداد في حداثته و الكوفة و مكة ، وكان من الثقات العباد ، مستجاب الدعوة ، كريما يقري الضيف و يبالغ في إكرامه ، توفي سنة 167 هـ / 784 م .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 373 ، الجرح و التعديل 8 / 81 ، تاريخ بغداد 3 / 226 ، تذكرة الحفاظ 1 / 230 ، سير أعلام النبلاء 7 / 385 .
(5) ... إسناده صحيح :
أخرجه الترمذي في " سننه "( 2167 ) في الفتن ، باب : ما جاء في لزوم الجماعة ، و الخطيب البغدادي في " تاريخه " 3 / 269 ، من طريقين عن علي بن الحسن بن شقيق به .(6/22)
... و قول الترمذي هذا موافقٌ لما تقدّم معنا قبل قليلٍ قول الإمام البخاريِّ رحمه الله في معنى الجماعة : هم أهل العلم .
... و قال الشاطبي : اختلف الناس في معنى الجماعة المرادة في الأحاديث على خمسة أقوالٍ :
? أحدها : إنها السواد الأعظم من أهل الإسلام .
? و الثاني : جماعة أئمة العلماء المجتهدين (1) .
? و الثالث : الصحابة على الخصوص .
? و الرابع : جماعة أهل الإسلام إذا أجمعوا على أمر .
? و الخامس : جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أمير (2) .
... و ذهب بعض المتأخرين كابن تيمية , و من وافقه إلى استعمال اصطلاح
( السلف الصالح ) كمرادف لاصطلاح ( أهل السنة ) ، و كثر في كلامهم ذكر عقيدة السلف ، و منهجهم ، و مذاهبهم ، و ما إلى ذلك مما يُراد به ما كان عليه أهل السنة و الجماعة رضوان الله عليهم أجمعين .
... وإذا أطلق لفظ السلف الصالح أريد به غالباً من عاش إلى نهاية القرن الثالث الهجري ، و قد كان ابن تيمية رحمه الله يحدُّهم فيجعل آخرهم الإمام ابن جرير الطبري ، وابن المنذر (3) .
__________
(1) ... و هو اختيار الإمام البخاري و الترمذي كما تقدم قبل قليل .
(2) ... باختصار عن الاعتصام للشاطبي : 2/260-265
(3) 2 ... ابن المنذر ، هو : محمد بن إبراهيم بن المنذر ، أبو بكر النيسابوري ، الإمام الحافظ العلامة الفقيه المحدث المفسر شيخ الإسلام ، نزيل مكة ، صاحب التصانيف المفيدة ، قال النووي : ( له من التحقيق في كتبه ما لا يقاربه فيه أحد ، وهو في نهاية من التمكن من معرفة الحديث ، و له اختيار فلا يتقيد في الاختيار بمذهب بعينه ، بل يدور مع ظهور الدليل ) . توفي سنة 318 هـ / 930 م .
انظر ترجمته في : تهذيب الأسماء و اللغات للنووي 2 / 196-197 ، وفيات الأعيان 4 / 207 ، تذكرة الحفاظ 3 / 782 ، الوافي بالوفيات 1 / 336 .(6/23)
(1)
... و قال البربهاريُّ رحمه الله في تعريف الجماعة المذكورة في الأحاديث : (( هم جماعة الحق و أهله )) (2) .
... و مال إلى هذا الرأي الحافظ ابن كثير في ( النهاية ) (3) ، و هو أولى الأقوال بالقبول فيما يظهر ، لكونه يشملها جميعاً ، و الله أعلم .
... و بعدُ ، فيسعنا الآن - و قد بيَّنا المراد من اصطلاحي السنَّة ، و الجماعة كلٍّ على حدة - القول :
... إنَّ اصطلاح أهل السنة و الجماعة يُطلق على أهل الحق ، في مُقابل أهل الضلال و البدع و الشقاق ، انطلاقاً من القول بأنَّ السنة تعني : (( ما كان عليه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - و أصحابه اعتقاداً ، و اقتصاداً ، و قولاً ، و عملاً )) (4) .
... و أوَّل ظهور لهذه التسمية كان في عهد الصحابة الكرام - رضي الله عنهم - ، أواخر عهد الخلافة الراشدة .
... قال محمد بن سيرين رحمه الله : (( لم يكونوا - أي الصحابة - يسألون عن الإسناد ، فلما وقعت الفتنة ، قالوا : سمُّوا لنا رجالكم ، فيُنظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم ، و يُنظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم )) (5) .
__________
(1) ... انظر : منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة و القدرية ، لابن تيمية : 6 / 52 ، 53 ، 7 / 13، 179 . و انظر نحو هذا في كتاب " فضل علم السلف " لابن رجب بتحقيق علي حسن ، ص : 41 و ما بعدها .
(2) ... السنة ، للبربهاري : 2 / 36 .
(3) ... انظر : النهاية لابن كثير : 2 / 36 .
(4) ... انظر : مجموع الفتاوى ، لابن تيمية 19/306-307 .
(5) ... الأثر : أخرجه مسلم في مقدمة الصحيح 1 / 15 .
و مما يستدل به على ظهور اصطلاح أهل السنة في مقابل أهل البدع في زمن الصحابة ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى : { يوم تبيضُّ وجوه و تسود وجوه } ] آل عمران : 106 [ :
{ أما الذين ابيضت وجوهم } فأهل السنة و الجماعة و أهل العلم { و أما الذين اسودت وجوهم } فأهل البدع و الضلال .اهـ .
و هذا الأثر : في إسناده مجاشع بن عمرو ، قال عنه البخاري : ( منكرٌ مجهول ) ، و قال عن شيخه مُيسَّر بن عبد ربه : ( رُميَ بالكذب .) .
انظر : ميزان الاعتدال ، للذهبي : 4/423 ، و الفوائد المجموعة , للشوكاني ، ص : 317 ، و مجموع فتاوى لشيخ الإسلام ابن تيميّة : 12/341 و 20/292 و 22/251 و 24/171 .(6/24)
... و قد اشتهر إطلاق هذه التسمية على ما يُقابل الشيعة (1) خاصةً ، حيث يكثر
أن يُقال : انقسمت الأمة إلى سُنة و شيعة ، إضافة إلى المعروف عند أهل العلم من إطلاقه على أهل السنة المحضة .
... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
... (( فلفظ السنة يراد به من أثبت خلافة الخلفاء الثلاثة ، فيدخل في ذلك جميع الطوائف إلاَّ الرافضة . . . و قد يراد به أهل الحديث و السنة المحضة ، فلا يدخل فيه إلاَّ من أثبت الصفات لله تعالى ، و يقول إنَّ القرآن غير مخلوق )) . وساق جملة من عقائد أهل السنة و الجماعة التي باينوا فيها أهل البدع (2) ..
... و الذي يعنينا في هذا المقام هو الإطلاق الثاني ، و عليه يمكن تعريف أهل السنة و الجماعة بأنهم : (( الثابتون على اعتقاد ما نقله إليهم السلف الصالح رحمهم الله ، عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو عن أصحابه - رضي الله عنهم - ، فيما لم يثبت فيه نصٌّ في الكتاب ، و لا عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - )) (3) .
__________
(1) ... الشيعة : فرقة نشأت أيام الفتنة في آخر عهد الخلفاء الراشدين ، و قد سمُّوا شيعةً لمشايعتهم الإمام علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، ومن عقائدهم : القول بإمامة عليٍ نصَّاً ، و وصيَّةً ، و أن الإمامة - و هي عندهم من أصول الدين - لا تخرج من ولده إلا بظلمٍ لهم ، أو تقيَّةٍ منهم ، و أن الأئمة معصومون من الكبائر و الصغائر .
انظر : الملل و النحل 1/146 و ما بعدها ، و الفرق بين الفرق ، ص : 53 و ما بعدها .
(2) ... منهاج السنة النبويَّة : 2 / 221 .
(3) ... الرد على من أنكر الحرف ، لأبي نصر السجزي ، ص : 99 .(6/25)
... و لأهل السنة و الجماعة ألقابٌ أخرى يُعرفون بها فهُم الفرقة الناجية ، و الطائفة المنصورة الثابتة على الحق في زمن الغربة ، لا يضرُّها من خذلها ، حتى تلقى الله و هي كذلك ، و قد ثبت وصفهم بذلك عن نبينا الأمين - صلى الله عليه وسلم - في الصحيحين و غيرهما ، حيث بوَّب الشيخان ، كلٌ في صحيحه على الطائفة المنصورة .
... فقال البخاريُّ في كتاب الاعتصام بالكتاب و السنة : باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تزال طائفةٌ من أمتي على الحق ، و هم أهل العلم (1) .
... و في كتاب الإمارة من صحيح مسلم : باب قوله - صلى الله عليه وسلم - : لا تزال طائفة من
أمتي ظاهرين على الحق ، لا يضرُّهم من خالفهم (2) .
... و في الصحيحين من حديث معاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - (3) ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
__________
(1) 3 ... صحيح البخاري 6 / 2667 .
(2) 1 ... صحيح مسلم 3 / 1209 .
(3) 2 ... معاوية بن أبي سفيان ، - رضي الله عنه - هو : أبو عبد الرحمن ، القرشي الأموي المكي ، أمير المؤمنين ، ملك الإسلام ، قيل إنه أسلم قبل أبيه وقت عمرة القضاء ، وبقي يخاف من اللحاق بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من أبيه ، و لم يظهر إسلامه إلا يوم الفتح ، حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و كتب له مرات يسيرة ، وحدث أيضا عن أخته أم المؤمنين أم حبيبة ، و عن أبي بكر و عمر رضي الله عنهما , مات معاوية في رجب سنة 60 هـ / 680 , عن 77 سنة .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 3 / 32 و 7 / 406 ، تاريخ بغداد 1 / 207 ، أسد الغابة 4 / 385 ، سير أعلام النبلاء 3 / 119- 162 .(6/26)
... (( لا تزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرُّهم من خذلهم ، و لا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله و هم كذلك )) (1) .
... و عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
... (( تفترق أمتي على ثلاثٍ و سبعين ملَّة ، كلُّهم في النار إلاَّ ملَّة واحدةٌ )) ، قالوا : و من هي يا رسول الله ؟ قال : (( ما أنا عليه و أصحابي )) (2) .
__________
(1) ... الحديث : أخرجه البخاري ( 3116 ) في فرض الخمس ، باب : قول الله تعالى { فإن لله خمسه } ، و ( 6341 ) في المناقب ، باب رقم ( 28 ) ، و ( 7312 ) في الاعتصام ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ) ، و ( 7460 ) في التوحيد ، باب : قوله تعالى { إنما قولنا لشيء إذا أردناه } ، و مسلم في الإمارة ( 1037 ) ، باب : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم ، و ابن ماجة في المقدمة ( 9 ) ، و أحمد في المسند 4 / 97 و 99 .
و جاء نحوه من حديث ثوبان - رضي الله عنه - :
أخرجه مسلم ( 1920 ) في الإمارة باب : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم .. ، و الترمذي ( 2229 ) في الفتن ، باب : ما جاء في الأئمة المضلين ، و أبو داود ( 4252 ) في الفتن و الملاحم ، باب : ذكر الفتن و دلائلها ، و ابن ماجة ( 10 ) في المقدمة ، و أحمد في " المسند " 5 / 278 و 279 .
و من حديث قرة بن إياس المزني - رضي الله عنه - :
أخرجه الترمذي ( 2192 ) في الفتن ، باب : ما جاء في الشام ، و ابن ماجة ( 6 ) في المقدمة ، و أحمد في " المسند " 3 / 436 و 5 / 34 و 35 ، و ابن حبان في " صحيحه " ( 61 ) .
(2) ... حسن : تقدم تخريجه .(6/27)
... قال ابن كثير رحمه الله : (( هم أهل السنة و الجماعة المتمسكون بكتاب الله و سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، و بما كان عليه الصدر الأول من الصحابة و التابعين ، وأئمة المسلمين )) (1) .
... و لمَّا كان أهل الحديث خاصةً أثبت الناس على السنة ، و أكثرهم تمسكاً و اعتصاماً بما كان عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - و صحابته الكرام ، ذهب غير واحدٍ من أهل العلم و التحقيق إلى الجزم بأن أهل السنة و الجماعة ، و الطائفة المنصورة ، هم أهل الحديث و الأثر .
... قال ابن المبارك رحمه الله : (( هم عندي أصحاب الحديث )) (2) .
... و قال الإمام أحمد رحمه الله : (( إن لم يكونوا أصحاب الحديث ، فلا أدري من هم )) (3) .
... و قال الإمام الترمذي رحمه الله : سمعت محمد بن إسماعيل – يريد البخاري -
يقول : سمعت علي بن المديني (4)
__________
(1) ... تفسير ابن كثير 4/433 .
(2) ... أثر ابن المبارك :
أخرجه الخطيب البغدادي في "شرف أصحاب الحديث " ص : 26 من طريق أبي بكر بن أبي داود ، قال حدثنا أبي ، عن سعيد بن يعقوب الطالقاني أو غيره ، قال : ذكر ابن المبارك حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من ناوأهم حتى تقوم الساعة ) فقال ابن المبارك :– فذكره . وهو إسناد صحيح لولا شك أبي داود .
(3) ... صحيح :
أخرجه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " ص25 و ص 27 ، بإسنادين رجالهما ثقات .
(4) 1 ... علي بن المديني ، هو : أبو الحسن علي بن عبد الله جعفر بن نجيح السعدي مولاهم ، البصري ، المعروف بابن المديني ، الشيخ الإمام الحجة ، أمير المؤمنين في الحديث ، إليه المنتهى في معرفة علل الحديث ، مع كمال المعرفة بنقد الرجال ، و سعة الحفظ ، كان أحمد بن حنبل لا يسميه ، و إنما يكنيه تبجيلا له . مات بسامراء سنة 204 هـ / 820 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 11 / 458 –473 ، طبقات الحنابلة 1 / 225 ، تهذيب الأسماء و اللغات
1 / 350 ، تذكرة الحفاظ 2 / 428 ، سير أعلام النبلاء 11 / 41 -60 .(6/28)
يقول ، وذكر هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تزال طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق )) : هم أهل الحديث .اهـ . (1)
... و ذكر الشيخ عبد القادر الجيلاني (2) رحمه الله ، أن ليس لأهل السنة إلا اسم واحدٌ يُعرفون به ، و هو أصحاب الحديث (3) .
... و قد رُوي مثل هذا عن غير واحدٍ من السلف رحمهم الله ، ورضي عنهم .
... و إنَّما حاز أهل الحديث هذا الشرف العظيم ، لكونهم جمعوا بين الرواية والدراية ، إلى جانب العمل بما جاء في الأثر ، عن خير البشر - صلى الله عليه وسلم - ، و اعتقاد ما أرشد إليه ، و قد تقدم معنا قول أبي عمرو بن الصلاح رحمه الله : (( قد يكون الإنسان من أهل الحديث و هو مبتدع )) (4) .
... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
__________
(1) ... صحيح :
أخرجه الترمذي في " سننه " ( 2229 ) في الفتن ، باب : ما جاء في الأئمة المضلين ، و من طريقه الخطيب في " شرف أصحاب الحديث " ص 27 .
(2) عبد القادر الجيلاني ، هو : الشيخ الإمام العارف القدوة ، شيخ الإسلام ، علم الأولياء ، أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح عبد الله بن جنكي ، الجيلي الحنبلي ، شيخ بغداد ، ولد بجيلان سنة 471 هـ /1079 م ، وقدم بغداد شابا ، كان فقيها صالحا دينا ، كثير الذكر ، دائم الفكر ، سريع الدمعة ، له سمت و صمت ، و كان يعظ إلى أن توفي سنة 561 هـ / 1166 م , عن تسعين سنة .
انظر ترجمته في : الأنساب للسمعاني 3 / 415 ، المنتظم 10 / 219 ، مرآة الزمان 8 / 164 ، سير أعلام النبلاء : 20 / 439 - 451 ، ذيل طبقات الحنابلة 1 / 290 .
(3) ... انظر : الغنية لطالبي طريق الحق لعبد القادر الجيلاني : 1 / 71 .
(4) ... انظر : فتاوى و مسائل ابن الصلاح ، ص : 213 .(6/29)
... (( و نحن لا نعني بأهل الحديث ، المقتصرين على سماعه ، أو كتابته ، أو روايته ، بل نعني بهم كلَّ من كان أحقَّ بحفظه ، و معرفته ، و فهمه ، ظاهراً ، وباطناً واتباعه باطناً ، و ظاهراً ، و كذلك أهل القرآن ، و أدنى خصلة في هؤلاء محبة القرآن و الحديث ، و البحث عنهما ، و عن معانيهما ، و العمل بما علموه من
موجَبهما )) (1) .
... و قد سمي أهل السنة ِ أهلَ الحديث ، لأنهم حفظته ، و نقلته ، و حَمَلته . قال اللالكائي (2) :
... (( لم نجد في كتاب الله و سنة رسوله ، و آثار صحابته ، إلا الحثَّ على الاتباع ، و ذم التكلف و الاختراع ، فمن اقتصر على هذه الآثار كان من المتبعين و كان أولاهم بهذا الوسم ، و أخصهم بهذا الرسم أصحاب الحديث ، لاختصاصهم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - و اتباعهم لقوله ، و طول ملازمتهم له ، و تحملهم علمه )) (3) .
__________
(1) ... مجموع الفتاوى ، لابن تيمية 4 / 95 .
(2) 2 ... اللالكائي ، هو : أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور ، الطبري الرازي الشافعي الإمام الحافظ المجود , عالم بغداد و شيخ أهل السنة فيها في وقته ، من مؤلفاته الجليلة : شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة ، و هو مطبوع .
انظُر ترجمته في : تاريخ بغداد 14 / 70 ، المنتظم 8 / 34 , الكامل في التاريخ 9 / 364 , تذكرة الحفاظ
3 / 1083 , سير أعلام النبلاء 17 / 419 , البداية و النهاية 12 / 24 .
(3) ... شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة ، للالكائي : 1 / 22 .(6/30)
... و الفرق التي تزعم الانتساب إلى أهل السنة و الجماعة ، و تدعي الاعتصام بخير الهديِ ، هديِ محمد - صلى الله عليه وسلم - في أصول الدين و فروعه ، كثيرة جداً ، (( غير أن الله أبى أن يكون الحق و العقيدة الصحيحة إلا مع أهل الحديث و الآثار ، لأنهم أخذوا دينهم و عقائدهم ، خلفاً عن سلف ، و قرناً عن قرن ، إلى أن انتهوا إلى التابعين ، و أخذه التابعون عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و لا طريق إلى معرفة ما دعا إليه رسول الله الناس من الدين القويم ، و الصراط المستقيم ، إلاَّ هذا الطريق الذي سلكه أصحاب الحديث ، أمَّا سائر الفرق ، فطلبوا الحديث لا بطريقه فحادوا عن الحق ، و زاغوا عنه )) (1) .
المطلب الثالث : المعالم العامة لعقيدة أهل السنَّة أصحاب الحديث و منهجهم في تقريرها (
... حينما أصبح كل صاحب هوى يزعم أن هواه موافق لما جاء به الكتاب والسنة ، و يجتهد في ليِّ أعناق النصوص لتوافق بدعته ، و ترد على مخالفيه ، وضع أهل السنة و الجماعة ضوابط لم يكن بدٌ من مراعاتها عند تقرير العقائد المستمدة من الوحيين الكتاب و السنة ، و أقاموا على أساسها المعالم العامة لعقيدتهم السوية حتى غدت منهجاًُ ينتهجه كلُّ ملتمس للصواب ، و ساعٍ إلى إدراك الحقيقة .
... و فيما يلي أحدد معالم هذا المنهج بعد بيان حدِّه عند أهل اللسان :
... ( المنهج و المنهاج ) في أصل الوضع اللغوي يعني : الطريق الواضح (2) ، ومنه قوله تعالى : { لكلٍ جعلنا منكم شرعةً و منهاجاً } ]المائدة : 48 [ ، أي : سبيلاً و سنَّة .
__________
(1) ... الحجة في بيان المحجة و شرح عقيدة أهل السنة ، لإسماعيل الأصفهاني : 2 / 22 و ما بعدها .
(2) ... انظر : معجم مقاييس اللغة ، لابن فارس : 5 / 361 ، و القاموس المحيط ، للفيروز آبادي ، ص : 266 .(6/31)
... قال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره : (( أمَّا المنهاج فهو الطريق الواضح السهل )) (1) .
... و عليه فإن المقصود بالمنهج العَقَديّ لأهل السنة و الجماعة ، هو طريقهم في تقرير مسائل الاعتقاد ، و إقامة الأدلة عليها مع ما يتفرَّع عن ذلك من مسائل ذات صلة ، كحكم العقل و نحوه ، و هو ما سأتناوله بتوفيق الله تعالى من خلال المقاصد التالية :
المقصد الأول ( مصادر أهل السنة أصحاب الحديث في تلقي وتقرير مسائل العقيدة (
ثمة مصادر عدة تستمد منها العقائد ، كالفطرة ، و العقل ، و الوحي ، والكشف ، و غيرها مما تعتمده بعض الفرق ، و ترده أخرى .
و من هذه المصادر ما هو حجة ، و منها ما لا حجة فيه أصلاً ، لذلك لم يأخذ أهل السنة و الجماعة إلاَّ بما تأكَّدت حجيته ، و استبانت دلالته ، كالكتاب والسنة الصحيحة ، و الإجماع المنضبط الوارد بشروطه ، مع الاستئناس أحياناً بدلالة العقل ، لا في تقرير عقيدة لم يثبتها النقل ، و لكن في التأكيد على ما ثبت بالنقل الصحيح .
و في هذا المجال نجد أهل السنة و الجماعة يلتزمون أموراً توضح منهجهم ، و تبين سبيلهم في تلقي العقائد و تقريرها ، و أبرز هذه الأمور :
أولاً : الرد إلى المصادر الثلاثة المتفق عليها ، و هي الكتاب و السنة والإجماع المنضبط ، و تقديمها على ما سواها .
و ما ذلك إلاَّ لأن الوحيين - الكتاب و السنة - قد جمعا الخير كله ، واستوفيا كل ما يحتاجه من حقق الإيمان بهما من سبل الهدى والصلاح ، كما قال تعالى : { ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيءٍ و هدى ورحمة وبشرى
للمسلمين } [ النحل : 89 ] .
و في الحديث : (( تركتكم على مثل البيضاء ليلها ونهارها سواء )) (2) .
__________
(1) ... تفسير ابن كثير : 2 / 66 ، و قد ذكر الشوكاني نحواً من هذا المعنى ، و عزاه إلى ابن المبرِّد .
انظر : فتح القدير : 2 / 48 .
(2) ... صحيح :
أخرجه أبو داود ( 4607 ) في السنة ، باب مجانبة أهل الأهواء و بغضهم ، و الترمذي ( 2676 ) في العلم ، باب : ما جاء في الأخذ بالسنة و اجتناب البدع ، و ابن ماجة ( 43 – 44 ) في مقدمة سننه ، باب اتباع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، و أحمد 4 / 126 – 127 ، و الدارمي في " سننه " 1 / 44 – 45 ، و ابن حبان في " صحيحه " 1 / 178 ( 5 ) ، و الحاكم في " المستدرك " 1 / 95 – 96 ، و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 27 ، 31 – 34 ، 48 ، 54 ، 56 ، 57 ) عن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري السلمي ، أنه سمع عرباض بن سارية - رضي الله عنه - يقول – فذكره مرفوعا .
و بعضهم يقرن بينه و بين حجر الكلاعي ، عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - .
و قال الترمذي : ( حسن صحيح ) .
و قال الحاكم : ( صحيح ، ليس له علة ) . و هو كما قال .(6/32)
و قد صدّق سلمان الفارسي - رضي الله عنه - يهودياً قال له : (( قد علمكم نبيكم كل شيءٍ حتى الخراءة )) ، أي : آداب قضاء الحاجة ، فقال سلمان : (( أجل ، لقد نهانا أن نستقبل القبلة لغائط أو بول )) (1) .
فهل يعقل أن يبين لنا - صلى الله عليه وسلم - هذا ، ويدع عقولنا تطيش فيما لا يدرك إلا بالوحي فيكل علمه إلى عقولنا القاصرة ولا يبينه ؟
كلاَّ و الله ، بل على العكس من ذلك ، فقد قال لنا - صلى الله عليه وسلم - : (( إن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد ، و شر الأمور محدثاتها ، و كل بدعة
ضلالة )) (2) .
فمن ترك خيري الحديث والهدى إلى غيرهما ، فقد ضل وزلّ .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
(( إن ما أخبر به الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن ربه ، فإنه يجب الإيمان به ، سواء عرفنا معناه أو لم نعرف ؛ لأنه الصادق المصدوق . فما جاء في الكتاب و السنة وجب على كل مؤمن الإيمان به ، و إن لم يفهم معناه )) (3) .
__________
(1) ... الحديث : رواه مسلم ( 262 ) ( 57 ) في كتاب الطهارة ، باب : الاستطابة ، و أبو داود ( 7 ) في الطهارة باب : كراهة استقبال القبلة عند قضاء الحاجة ، و النسائي 1 / 38 – 39 في الطهارة ، باب : النهي عن الاكتفاء في الاستطابة بأقل من ثلاث أحجار ، و الترمذي ( 16 ) في الطهارة ، باب الاستنجاء بالحجارة ، و قال : ( حسن صحيح ) .
(2) 3 ... قطعة من حديث خطبة الحاجة : أخرجه مسلم ( 867 ) في الجمعة ، باب : تخفيف الصلاة و الخطبة ، و النسائي 3 / 188 في العيدين ، باب : كيف الخطبة للعيد ، و الدارمي ( 212 ) في المقدمة ، باب في كراهية أخذ الرأي ، و غيرهم من حديث جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنه - .
(3) ... الرسالة التدمرية ، ضمن مجموع الفتاوى : 3 / 41.(6/33)
فالواجب على كل مسلم الالتزام بالكتاب و السنة و الاحتكام إليهما في كل شأن من شؤون الدين ، و الوقوف عند حكمهما ، وعدم مجاوزتهما إلى ما سواهما و لذلك ذاعت وشاعت وصايا السلف في هذا المجال ، وعُرف عنهم الإكثار من الوصية بلزوم السنة ، بعد أن عرفت الأمة من أعرض عنها واستبدلها بالأقيسة العقلية و الأهواء .
و قد خصَّ السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين لزوم السنة ، والاعتصام بها بالوصيَّة ، لأنه عُرف في الأمة من أعرض عنها و أنكر حجيتها ، بخلاف كتاب الله الذي لم يخالف أحدٌ يُعتد بخلافه في الاحتكام إليه ، و الاحتجاج بما جاء به .
و عليه فإذا صح شيء عن رسول الله ، فلا عذر لمخالفه في مخالفته ، ولذلك اشتد نكير السلف على من قدَّم بين يدي المأثور رأياً ، أو التمس حكماً غير ما حكم به .
فهذا الشافعي رحمه الله يُسأل عن مسألة فيقول : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا و كذا ، فيقول له رجلٌ : ما تقول أنت ؟ فيقول الشافعي رحمه الله : (( سبحان الله ! تَراني في كنيسة ؟ تراني في بيعة ؟ ترى على وسطي زُنّاراً ؟ أقول : قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذا و كذا ، وأنت تقول لي : ما تقول أنت ؟ )) (1) .
__________
(1) ... صحيح عن الشافعي :
أخرجه أبو نعيم في " الحلية " 9 / 106 بإسناد صحيح . و أورده ابن القيم في " مختصر الصواعق المرسلة " 2 / 25 .(6/34)
وقد ذكر ابن حزم الظاهري رحمه الله أن إسحاق بن راهويه قال : (( من بلغه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبر يقر بصحته ، ثم ردّه بغير تقيَّة (1) ، فهو كافر )) (2) .
و قال أبو القاسم الأصفهاني (3) : (( ليس لنا مع سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا الاتباع والتسليم ، و لا عُذر لأحد يتعمد ترك السنة ويذهب إلى غيرها ، لأنه لا صحة لقول أحد مع قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صحّ )) (4) .
و إلى جانب الكتاب و السنة يأخذ أهل السنة و الجماعة بالإجماع ، باعتباره ثالث مصادر الشريعة الإسلامية المتفق على حجتها ، و هو في اصطلاح الأصوليين : اتفاق المجتهدين من أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته في عصر من العصور على حكم شرعي .
ولابد في الإجماع من وجود مستند شرعي من نص أو قياس حتى يكون حجةً ترتقي بالحكم إلى مرتبة القطع واليقين (5) .
وقد دل على حجية الإجماع الكتاب و السنة ، قال تعالى : { ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً } ] النساء : 115 [ .
__________
(1) ... إذا ورد في كلام أئمتنا ما يوهم القول بالتقية حمل على مقتضى قوله تعالى : { إلا أن تتقوا منهم تقاة } ] آل عمران : 28 [ أي : الخوف على النفس الملجئ إلى النطق بالكفر ونحوه ؛ كما في قوله تعالى : { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } ] النحل : 106 [ ، وليس في هذا ما يوافق قول الروافض الذين جعلوا التقية أصلاً من أصول مذهبهم .
(2) ... صحيح عن ابن راهويه : تقدم ذكره .
(3) ... أبو القاسم الأصبهاني ، هو : إسماعيل بن محمد بن الفضل ، قوام السنة ، الإمام ، الحافظ ، المفسر ، الأديب . انظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء 20/80-88 ، و شذرات الذهب 4/105-106.
(4) ... الحجة في بيان المحجة لأبي القاسم الأصبهاني : 2 / 398 .
(5) انظر : د . وهبة الزحيلي : الوجيز في أصول الفقه .(6/35)
و في الحديث المشهور يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تجتمع أمتي على ضلالة )) (1) .
__________
(1) ... حديث صحيح :
رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدد من الصحابة منهم : عبد الله بن عمر ، و أبو مالك الأشعري ، و أبي ذر الغفاري ، و أبو بصرة الغفاري ، وأنس بن مالك ، وعائشة - رضي الله عنهم - ، و الحسن البصري مرسل ؛ بألفاظ متقاربة ، و أسانيد لا تخلو من مقال ، يقوي بعضها بعضاً ، و عن أبي مسعود الأنصاري البدري موقوف صحيح ، نذكر منها :
1– حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - : و لفظه : (( إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة )) ، و في لفظ (( لا يجمع الله أمتي – أو هذه الأمة – على ضلالة أبداً ، و يد الله على الجماعة ، و من شذ شذ في النار )) .
أخرجه الترمذي ( 2255 ) في الفتن ، باب : ما جاء في لزوم الجماعة ، و ابن أبي عاصم في " السنة "
(80) ، و الطبراني في " الأوسط " ( 7249 ) ، و الحاكم في " المستدرك " 1 / 115 – 116 و 507 ، و أبو نعيم في " الحلية " 3 / 37 ، و اللالكائي " في شرح أصول الاعتقاد " ( 154 ) ، و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " 1 / 161 ، و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( 701 ) ، و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " ( 368 ) ، من طريق المعتمر بن سليمان ، عن سليمان المدني عن عمرو بن دينار ، عن ابن عمر - رضي الله عنه - به مرفوعاً .
و قد اختلف في إسناده على المعتمر بن سليمان على أوجه أوصلها الحاكم إلى سبعة أوجه ، و أرجعها الألباني في " ظلال الجنة " 1 / 40 إلى أربعة .
و وجه آخر لم يذكره الحاكم : أخرجه الطبراني في " الكبير " ( 13623 ) عن المعتمر بن سليمان ، عن مرزوق مولى طلحة ، عن عمرو بن دينار به .
قال الترمذي : ( هذا حديث غريب من هذا الوجه ، و سليمان المدني هو عندي سليمان بن سفيان ) .
و قال الترمذي في " العلل الكبير " 2 / 817 : ( سألت محمداً – يعني البخاري – عن هذا الحديث ، فقال : سليمان المدني هذا منكر الحديث ، و هو عندي سليمان بن سفيان ) .
و قال البيهقي : ( أبو سفيان المديني ، يقال : إنه سليمان بن سفيان ، و اختلف في كنيته ، و ليس بمعروف ، و روي من وجه آخر ) .
و قال ابن كثير في " تحفة الطالب " 1 / 146 : ( في إسناده سليمان بن سفيان ، و قد ضعفه الأكثرون ) .
و قال ابن حجر في " تلخيص الحبير " 3 / 162 : ( فيه سليمان بن سفيان المدني و هو ضعيف ، و أخرج الحاكم له شواهد ) . =
= ... قال الهيثمي في " المجمع " : ( رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات رجال الصحيح خلا مرزوق مولى طلحة و هو ثقة ) .
2– حديث أبي مالك كعب بن عاصم الأشعري - رضي الله عنه - : و لفظه : (( إن الله أجاركم من خلال ثلاث : ...و ألا تجتمعوا على ضلالة )) .
و له عنه طريقان :
الطريق الأول : أخرجها أبو داود ( 4253 ) ،في الفتن , باب : ذكر الفتن و دلائلها ، و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 92 ) ، عن محمد بن عوف الطائي ، حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش ، عن أبيه ، عن ضمضم بن زرعة ، عن شريح بن عبيد ، عنه به .
و رجاله ثقات سوى محمد بن إسماعيل ، قال ابن حجر في " التقريب " ( 5735 ) : ( عابوا عليه أنه حدث عن أبيه بغير سماع ) .
قلت : لكن ذكر محمد بن عوف الطائي أنه قرأه في أصل إسماعيل كما في رواية أبي داود .
و قال ابن كثير في " تحفة الطالب " 1 / 146 : ( في إسناد هذا الحديث نظر ) .
و قال ابن حجر في " تلخيص الحبير " 3 / 162 : ( في إسناده انقطاع ) .
قلت : يشير إلى الانقطاع بين شريح ، و أبي مالك ، قال أبو حاتم الرازي : ( شريح بن عبيد ، عن أبي مالك الأشعري مرسل ) . انظر : المراسيل لابنه ص 78 .
الطريق الثاني : أخرجها ابن أبي عاصم في " السنة " ( 91 ) من طريق يزيد بن هارون ، أخبرنا سعيد بن زربي عن الحسن ، عنه .
و فيه سعيد بن زربي : منكر الحديث ، كما في " التقريب " ( 2304 ) .
3– حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - : و لفظه : (( اثنان خير من واحد ، و ثلاثة خير من اثنين ، و أربعة خير من ثلاثة ، فعليكم بالجماعة ، فإن الله عز و جل لم يجمع أمتي إلا على هدى )) .
أخرجه أحمد 5 / 145 من طريق البختري بن عبيد بن سلمان ، عن أبيه ، عن أبي ذر به .
قال الهيثمي في " المجمع " 1 / 177 و 5 / 218 : ( رواه أحمد ، و فيه البختري بن عبيد ، وهو ضعيف ) .
قال المناوي في " فيض القدير " 1 / 150 : ( رمز السيوطي لصحته ، و ليس كما زعم ، فقد أعله الحافظ الهيثمي بأن أبا البختري ضعيف ) .
4– حديث أبي بصرة الغفاري - رضي الله عنه - : و لفظه : (( سألت ربي أربعاً ، فأعطاني ثلاثاً و منعني واحدة ؛ سألته ألا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها ... )) .
أخرجه أحمد 6 / 396 ، و الطبراني في " الكبير " 2 / 280 ( 2171 ) ، و ابن عبد البر في " جامع بيان العلم " ( 1390 ) ، من طريق الليث بن سعد ، عن أبي هانئ الخولاني ، عن رجل قد سماه ، عنه .
قال الهيثمي في " المجمع " 1 / 177 و 7 / 222 : ( فيه راوٍ لم يُسم ) .
تنبيه : و قع في مسند أحمد ( أبو وهب ) بدل ( أبو هانئ ) فلعله تصحيف !
5– حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - :و لفظه (( إن أمتي لن تجتمع على ضلالة )) .
له عنه طريقان : =
= ... الطريق الأول : أخرجه ابن ماجه (3950 ) ،في الفتن , باب : السواد الأعظم , و عبد بن حميد في " مسنده " ( 1220 ) ، و إسحاق بن راهويه كما في " إتحاف المهرة " 1 / 399 ، و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 84 ) ، و الالكائي في " شرح أصول الاعتقاد " ( 153 ) ، و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " 1 / 161 ، من طريق معان بن رفاعة السلامي ، عن أبي خلف الأعمى ، عن أنس - رضي الله عنه - به .
قال ابن كثير في " تحفة الطالب " 1 / 149 : ( هذا الحديث بهذا الإسناد ضعيف ؛ لأن معان بن رفاعة ضعفه يحيى بن معين ، و قال السعدي و أبو حاتم الرازي : ليس بحجة .. و أبو خلف الأعمى : قال يحيى بن معين كذاب ، كذا حكاه ابن الجوزي ، و قال أبو حاتم منكر الحديث ليس بالقوي .. ) .
قال ابن حجر – كما في " فيض القدير " 2 / 245 – : ( غريب ضعيف ، لكن له شاهد عند الحاكم من حديث ابن عباس ). قلت : و هو الآتي .
قال البوصيري في " مصباح الزجاجة " 4 / 169 : ( هذا إسناد ضعيف ؛ لضعف أبي خلف الأعمى ، و اسمه حازم بن عطاء ) .
الطريق الثاني : أخرجه ابن أبي عاصم في " السنة " ( 83 ) ، و الضياء في " الأحاديث المختارة " 7 / 129
( 2559 ) ، من طريق مصعب بن إبراهيم القيسي ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس - رضي الله عنه - به .
فيه مصعب بن إبراهيم القيسي ، قال فيه العقيلي : ( في حديثه نظر ) . و قال ابن عدي : ( منكر الحديث ) .
انظر ميزان الاعتدال 4 / 118 .
و قال الضياء المقدسي : ( إسناده صحيح ) ! .
6 – حديث ابن عباس - رضي الله عنه - : و لفظه (( لا يجمع الله أمتي على ضلالة أبداً ، و يد الله مع الجماعة )) .
من طريق إبراهيم بن ميمون العدني ، أخبرني عبد الله بن طاوس ، أنه سمع أباه يحدث ، أنه سمع ابن عباس - رضي الله عنه - – فذكره .
أخرجه الترمذي ( 2166 ) مختصراً ، و حسنه ، و الحاكم في " المستدرك " 1 / 116 ، و صححه ، و البيهقي في " الأسماء و الصفات " ( 702 ) ، و اللفظ لهما ، و القضاعي في " مسندالشهاب " ( 239 ) .
قلت : هذا إسناد صحيح ، رجاله كلهم ثقات .
قال الحاكم : ( إبراهيم بن ميمون قد عدله عبد الرزاق ، و أثنى عليه ، و عبد الرزاق إمام أهل اليمن فتعديله حجة ) .
و قال ابن حجر – كما في " فيض القدير " 2 / 245 - : ( رجاله رجال الصحيح إلا إبراهيم بن ميمون ) .
7 – حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - :
أخرجه الحارث بن أبي أسامة في " مسنده " ( بغية الباحث رقم 54 ) ، و الخطيب في " الفقيه و المتفقه " 1 / 162 ، و أبو عمرو الداني في " السنن الواردة في الفتن " ( 367 ) ، من طريق يحيى بن عبيد الله ، عن أبيه ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - به .
و يحيى بن عبيد الله ، هو : ابن موهب المدني ، متروك ، كما في " التقريب " ( 7599 ) .
8- حديث أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - :موقوف ، و لفظه : (( اصبروا حتى يستريح بر ، أو يستراح من فاجر و عليكم بالجماعة فإن الله ـ تبارك و تعالى ـ لم يكن ليجمع أمة محمد على ضلالة )) . =
= ... و له عنه ثلاث طرق :
الطريق الأول : أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " 7 / 517 ( 37615 ) ، و إسحاق بن راهويه في
" مسنده " – كما في " المطالب العالية " ( 3039 ) – و يعقوب الفسوي في " المعرفة " 3 / 244 و 245 و الطبراني في " الكبير " 17 / 239 ( 665 و 666 و 667 ) , و ابن أبي عاصم في " السنة " ( 85 ) ، و اللالكائي في " شرح أصول السنة " ( 162 ) ، و الخطيب في " الموضح " 1 / 391 – 392 ، و البيهقي في " الشعب " 6 / 67 ( 7517 ) من طرقٍ ، عن يسير بن عمرو ، عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - موقوفاً من قوله.
قال الهيثمي في " المجمع " 5 / 219 : ( رجاله ثقات ) .
قلت : يسير بن عمرو ، أدرك زمان النبي ، و له رؤية ، روى له البخاري و مسلم .
انظر : تهذيب الكمال 32 / 302 – 305 .
و قال ابن حجر في " التلخيص " 3 / 162 : ( إسناده صحيح ، و مثله لا يقال من قبل الرأي ) .
الطريق الثاني : أخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 506 من طريق واصل بن عبد الأعلى ، حدثنا محمد بن فضيل ، حدثنا أبو مالك الأشجعي ، عن أبي الشعثاء ، عن أبي مسعود - رضي الله عنه - به .
قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم و لم يخرجاه .
الطريق الثالث : أخرجه ابن أبي شيبة في " مصنفه " 7 / 517 ( 37615 ) عن يزيد بن هارون ، عن التيمي عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي مسعود البدري - رضي الله عنه - به .
قلت : هذا إسناد صحيح أيضاً موقوف ، رجاله ثقات على شرط مسلم .و التيمي ، هو : سليمان بن طرخان.
· ... و الحديث : قال فيه ابن حجر في " تلخيص الحبير " 3 / 162 : ( حديث مشهور ، له طرق كثيرة ، لا يخلو واحد منها من مقال ) فذكر بعض طرقه ، ثم قال : ( و يمكن الاستدلال له بحديث :معاوية مرفوعاً : " لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم و لا من خالفهم ، حتى يأتي أمر الله " أخرجه الشيخان .. و وجه الاستدلال منه : أن بوجود هذه الطائفة القائمة بالحق إلى يوم القيامة لا يحصل الاجتماع على الضلالة ) .
قلت : و حديث معاوية - رضي الله عنه - الذي ذكره ، و شواهده ، سبق تخريجه في هذه الرسالة .
و قال ابن حزم في " الإحكام " 4 / 527 : ( هذا و إن لم يصح لفظه ، و لا سنده ، فمعناه صحيح ، بالخبرين المذكورين آنفاً ) . قلت : يريد حديث معاوية , و ثوبان .
و قال السخاوي في " المقاصد الحسنة "رقم 1288 – بعد أن ذكر طرفاً من شواهده و طرقه - : ( و بالجملة فهو حديث مشهور المتن ، ذو أسانيد كثيرة ، و شواهد متعددة في المرفوع و غيره ) .
و حسنه السيوطي في " الجامع الصغير " 2 / 271 .(6/36)
وكما أن الإجماع حجة في فروع الشريعة ، فهو حجة في أصول الدين
( العقائد ) ، حيث لا مسوِّغ للاجتهاد أو البحث فيما أجمع عليه السلف الصالح لهذه الأمة في قرونها الثلاثة الأولى المفضلة سواء كان ذلك في باب إثبات الصفات أو غيره.
و بهذا نأتي على نهاية ما نحن بصدده و هو تقرير اعتماد أهل السنة , والجماعة على المصادر الثلاثة المتفق عليها في باب أصول الدين تقريراً و اعتقاداً .
ثانياً : تقديم النقل على العقل عند تعذُّر الجمع بينهما ، مع التأكيد على أن (( المنقول الصحيح لا يعارضه معقول صريح قط ، و ما تنازع فيه الناس فوجدت ما خالف النصوص الصحيحة شبهات فاسدة يعلم بالعقل بطلانها ، بل يعلم بالعقل ثبوت نقيضها الموافق للشرع ... و ما يعلم بصريح العقل لم يخالفه السمع ، والذي يقال إنه يخالفه ؛ إما حديثٌ موضوع ، أو دلالة ضعيفة ، فلا يصلح أن يكون دليلاً لو تجرد عن معارضة العقل الصريح فكيف إذا خالفه صريح المعقول )) (1) .
... و حينما يعرض أهل السنة و الجماعة عن الاعتداد بالعقل في إقامة العقائد ، فهم بذلك يكرمونه و لا يلغونه ، لأنهم ينزلونه المنزلة التي أنزله الله إياها ، ويكفون عن الزج به فيما لا قبل له بعلمه و إدراك حقيقته .
يقول ابن خلدون (2)
__________
(1) ... درء تعارض العقل و النقل ، لابن تيمية 1 / 147 .
(2) 2 ... ابن خلدون ، هو : عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن محمد بن الحسن الحضرمي ، الإشبيلي الأصل ، التونسي ثم القاهري ، المالكي ، عالم ، أديب ، مؤرخ ، اجتماعي ، حكيم ، ولد بتونس ، و نشأ بها ، و ولي كتابة السر بمدينة فاس ، و رحل إلى غرناطة و بجاية ، و اعتقل ، و تنقلت به الأحوال إلى أن رجع إلى تونس ، فأكرمه سلطانها ، فسعوا به إلى السلطان ، ففر إلى الشرق ، و ولي قضاء المالكية بالقاهرة مرارا ، و اجتمع بتمر لنك و أعجبه كلامه و بلاغته ، و توفي بالقاهرة فجأة سنة 808 هـ / 1406 م .
انظر ترجمته في : الإحاطة في أخبار غرناطة 3 / 497 – 516 ، الضوء اللامع 4 / 145 ، حسن المحاضرة
1 / 462 ، شذرات الذهب 9 / 114 , الأعلام 3 / 330 ، معجم المؤلفين 5 / 188 – 191 .(6/37)
في مسألة تحكيم العقل في أمور الاعتقاد :
(( إنك لا تطمع أن تزن به أمور التوحيد ، و الآخرة ، و حقيقة النبوة ، وحقائق الصفات الإلهية ، و كل ما وراءه طوره ، فإن ذلك طمع في محال ، و مثال ذلك : مثال رجل رأى الميزان الذي يوزن به الذهب ، فطمع أن يزن به الجبال ، وهذا لا يدل على أن الميزان في أحكامه غير صادق ؛ لكن العقل قد يقف عنده ، ولا يتعدى طوره ، حتى يكون له أن يحيط بالله وبصفاته ، فإن ذرَّة من ذرات الوجود الحاصل منه )) (1) .
... و مما يدل على أن السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ، لم يعطلوا العقل و لم يلغوا دوره ما عُرف عنهم من الاعتداد بالقياس ، ولا يقوم قياس سديد بلا عقل رشيد .
... و قد قرر الأئمة الأعلام أن الذي يُعتد به في باب العقائد هو قياس الأولى ، وهو الذي يكون الفرع فيه أولى بالحكم من الأصل ؛ لقوة العلة فيه (2) ، ويستدل بهذا النوع من القياس للإثبات والنفي في حق الله تعالى .
و في القرآن الكريم استدلالٌ بهذا النوع من القياس على إثبات صفات الكمال للرب سبحانه ، قال تعالى : { و هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده و هو أهون عليه و له المثل الأعلى في السماوات والأرض و هو العزيز الحكيم } [ الروم : 27 ] .
و قال الله تعالى : { و لله المثل الأعلى } [ النحل :60 ] ، أي : الأكمل والأحسن والأطيب (3) .
__________
(1) ... مقدمة ابن خلدون ، ص : 364 ، 365 .
(2) ... انظر : الوجيز في أصول الفقه ، للدكتور وهبة الزحيلي ، ص : 83 .
(3) ... انظر : تفسير الطبري 8 / 14 ، 125 .(6/38)
و مما نُقل عن السلف من الاستدلال بهذا النوع من القياس (1) ، قول الإمام أحمد رحمه الله : (( ومن الاعتبار - أي القياس - لو أن رجلاً كان في يديه قدح من قوارير صافٍ ، و فيه شرابٌ صافٍ ، كان بصر ابن آدم قد أحاط بالقدح من غير أن يكون ابن آدم في القدح . فالله ، وله المثل الأعلى ، قد أحاط بجميع خلقه من غير أن يكون في شيء من خلقه )) (2) .
ولا يصح قياسٌ غير هذا في تقرير العقائد ، سواء كان قياس شمول أو تمثيل (3) لقوله تعالى : { فلا تضربوا لله الأمثال } [ النحل : 74 ] .
و قد اشتد نكير السلف الصالح على من اعتد بعلم الكلام في تقرير العقائد و عدوه من أخبث ما توصلت إليه العقول التائهة بعيداً عن هدي الكتاب و السنة .
فكانوا رضوان الله عليهم أجمعين يحجمون عن الخوض في علم الكلام ، مكتفين بما جاء في النقل الصحيح ، الذي لا يُخالفه عقلٌ صريح قط .
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
(( من عرف قدر السلف عرف أن سكوتهم عمّا سكتوا عنه من ضروب الكلام ، و كثرة الجدال والخصام ، و الزيادة في البيان على مقدار الحاجة ، لم يكن عيّا ، ولا جهلاً ، ولا قصوراً ، و إنما كان ورعاً ، و خشيةً لله ، و اشتغالاً عما لا ينفع بما ينفع ، وسواء ذلك كلامهم في أصول الدين وفروعه ... فمن سلك سبيلهم فقد اهتدى )) (4) .
و قال في موضع آخر :
((
__________
(1) ... انظر : درء تعارض العقل والنقل ، لابن تيمية ، بتحقيق محمد رشاد سالم : 1/30 .
(2) ... الرد على الزنادقة و الجهمية ، للإمام أحمد بن حنبل ، ص 39.
(3) ... يراد بقياس الشمول : ما كان مركباً من مقدمتين فأكثر مستعملاً فيه لفظة ( كل ) الدالة على الشمول .
و قياس التمثيل ، هو : إلحاق فرع بأصل في الحكم بجامع الوصف المشترك بينهما .
انظُر : التحفة المهدية شرح الرسالة التدمرية ، للشيخ فالح بن مهدي آل مهدي ، ص 119 ، 120 .
(4) ... فضل علم السلف ، لابن رجب الحنبلي ، ص161 .(6/39)
و أما ما كان مخالفاً لكلامهم فأكثره باطل ، أو لا منفعة فيه ، وفي كلامهم في ذلك كفاية وزيادة ، فلا يوجد في كلام من بعدهم من حق إلا و هو في كلامهم موجود بأوجز لفظ وأقصر عبارة ، ولا يوجد في كلام من بعدهم باطل إلا وفي كلامهم ما يبين بطلانه لمن فهمه وتأمله )) (1) .
المقصد الثاني : منهج أهل السنة و الجماعة في فهم نصوص الوحيين والأخذ بها :
... ... كما أسلفت في مطلع هذا المبحث ، ما من أحد ممن انتسب إلى الإسلام ، إلا و هو - بحسب زعمه - ملتزمٌ ما جاء به الكتاب و السنة ، لا يجاوزهما إلى ما عداهما حتى و إن خاض في لجج الشبهات ، و وقع في البدع و الضلالات ، وكان من أهل الزيغ و الأهواء .
... ... و لذلك تعين على أتباع السلف ، السائرين على منهج أهل السنة ، أن يأخذوا مما أخذ منه سلفهم ، و أن يصدروا عمَّا صدروا عنه ، فيكون مرجعهم في التلقي هو الكتاب و السنة ، على منهج سلف الأمة ، و بحسب فهم السلف الصالح للنصوص و تعاملهم معها .
... ... و من تأمَّل كلام السلف في هذا الباب ، وقف على منهج سديد ، و هدي رشيد ، في الاستدلال بالنصوص ، و مما يميز هذا المنهج أمورٌ أهمها :
... ... أوَّلاً : الإيمان المطلق بما جاء عن الله تعالى ، أو عن رسوله الأمين - صلى الله عليه وسلم - .
... ومفهوم الإيمان المطلق هو : الإمرار بلا كيف ، فنؤمن بما جاء عن الله و عن رسول الله ما عرفنا معناه و ما لم نعرفه ، و سيأتي معنا مزيد بيان لهذا الأمر ، في المطلب التالي إن شاء الله .
ثانياً : إثبات معاني النصوص على وجه الحقيقة لا المجاز ، و إمرارها مفهومة المعاني ، لا مُبهمة ، مع إثبات ما أثبتته ، و نفي ما نفته ، إذ إن العقل لا يحيل نفي التكييف مع إثبات المعنى وفهم المراد .
__________
(1) ... فضل علم السلف ، ص 147 .(6/40)
وقد قال الحسن البصري رحمه الله : (( ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن يعلم ما أراد بها )) (1) .
ثالثاً : ترك التأويل الذي يصرف النصوص عن ظاهرها :
ما ذلك إلا لأن الله تعالى خاطبنا بما نفهم ، فلا يجوز أن يُعدل عن الظاهر ، ما دام فهمه ممكناً وموجَبه مما لا تحيله الشرائع و لا العقول ، بل يقتصر من ذلك على ما جاء مبيناً لمراد الله في كتاب الله ، أو على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، أو صحابته الذين عايشوا التنزيل ، وفهموا مراد ربهم الجليل ، بدون ردٍّ أو تأويل .
رابعاً : الكف عن الخوض في المتشابه ، و تفويض معناه إلى الله ، وهو الذي يدل عليه قول الإمام الشافعي رحمه الله : (( آمنت بما جاء عن الله ، على مراد الله و بما جاء عن رسول الله ، على مراد رسول الله )) (2) .
خامساً : الاحتجاج بأخبار الآحاد الصحيحة ، و عدم التفريق بين الأدلة الشرعية الثابتة عن الشارع من حيث الأخذ بها في الاعتقاد ، فأهل السنة يستدلون بأدلة الشرع الأصلية كلها ، القرآن الكريم والحديث الشريف بقسميه المتواتر والآحاد التي تلقتها الأمة بالقبول ، وصحت أسانيدها .
قال الإمام أحمد إمام أهل السنة في أحاديث ( النزول ) ، و هي من قبيل أخبار الآحاد : (( نؤمن بها ، ونصدق بها ، ولا نرد شيئاً منها ، إذا كانت بأسانيد صحاح )) (3) .
__________
(1) ... أورده ابن تيمية في " درء تعارض العقل و النقل " 1 / 208 ، و ابن القيم في " الصواعق المرسلة "
3 / 925 . و انظر : مقدمة شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ، بقلم عبد القادر الأرناؤوط ، و عبد الله التركي ، ص : 32 .
(2) ... انظر : ذم التأويل ، ص : 11 و 44 ، ونقض المنطق ، ص : 2 ، و لمعة الاعتقاد ص : 10 ، و شرح كتاب التوحيد ص : 515 ، معارج القبول 1 / 204 .
(3) ... صحيح عن الإمام أحمد :
أخرجه الخلال – كما في " ذم التأويل " لابن قدامة المقدسي ص 22 - و اللالكائي ، برقم (777) ، ص : 453 ، من رواية حنبل بن إسحاق عنه .(6/41)
و قال رحمه الله في أحاديث ( الرؤية ) و هي من الآحاد أيضاً : (( أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر )) (1) .
وأهل السنة إذ يأخذون بأخبار الآحاد ، ولا يردُّون ما صح منها في تقرير عقائدهم ، يقابلون بذلك مذهب المعتزلة الذين قدموا العقل على ما نقل من طريق الآحاد ، حتى وإن كان صحيحاً ثابتاً ، فإن ألجئوا إلى قبول شيء منها تعسفوا في تأويله ، و جردوه من مضمونه .
يقول القاضي عبد الجبار الهمذاني المعتزلي (2) : (( وأما ما لا يُعلم كونه صدقاً و لا كذباً ، فهو كأخبار الآحاد ، وما هو سبيله يجوز العمل به إذا ورد بشرائطه ، فأما قبوله فيما طريقه الاعتقادات فلا ... إلا إذا كان موافقاً لحجج العقول ، واعتقد موجَبه لا لمكانه ، بل للحجة العقلية ، فإن لم يكن موافقاً لها فإن الواجب أن يُردّ ، وأن يُحكم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقله ، و إن قاله فإنما قاله عن طريق الحكاية عن
غيره )) (3) .
__________
(1) ... صحيح عن الإمام أحمد :
رواه اللالكائي ، برقم (889) ، ص : 507 ، من رواية حنبل بن إسحاق عنه.
(2) 3 ... القاضي عبد الجبار الهمذاني ، هو : ابن أحمد بن عبد الجبار بن أحمد بن خليل ، أبو الحسن ، الهمذاني الأسدآباذي ، المتكلم ، شيخ المعتزلة ، من كبار فقهاء الشافعية ، ولي قضاء القضاة بالري ، وتصانيفه كثيرة ، قال الذهبي : ( تخرج به خلق في الرأي الممقوت ) . توفي سنة 415 هـ / 1025 م ، من أبناء التسعين . =
= ... انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 11 / 113-115 ، ميزان الاعتدال 2 / 533 ، سير أعلام النبلاء 17 / 244 ، الطبقات الكبرى للسبكي 5 / 97 ، لسان الميزان 3 / 386 .
(3) ... شرح الأصول الخمسة ، لعبد الجبار الهمذاني ، ص : 768، 769 .(6/42)
وقد حكى الإجماع على الأخذ بأخبار الآحاد والقول بإفادته العلم اليقيني ، بذاته ، أو بما يحفه من القرائن ، جمعٌ من أهل العلم كأبي إسحاق الأسفرائيني (1) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وغيرهم (2) .
و كثيراً ما زلَّت الأقدام ، و طاشت الأقلام ، بسبب تعسف كثير من المتأخرين ؛ في رد أخبار جيادٍ صحاح في باب الصفات و غيره ، بدعوى أنها من قبيل الآحاد التي لا تفيد عندهم علماً ، و لا تؤخذ منها عقيدة ، و فتح بهذا باب فرقة و انقسام يطول بيانه .
المقصد الثالث : منهج أهل السنة و الجماعة في توحيد الأسماء والصفات :
إذا تأمَّلنا المسائل التي اختلفت الأمة فيها ، و أدت إلى تفرُّقها و ظهور البدع و الفرق فيها ، و جدنا أشهرها ثلاث مسائل طال حولها الجدل ، و هي :
? مسألة الخلافة و الإمامة ، و ما تبعها من التفضيل بين الصحابة ، و قد نتج عنها ظهور أهل الرفض و النصب .
? مسألة القدر ، و ما يتصل بها من أمور التكليف و الجزاء ، و نتج عنها ظهور فرق كثيرةٍ منها القدرية و المرجئة و المعتزلة و غيرهم .
__________
(1) 2 ... أبو إسحاق الإسفرائيني ، هو : إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن مهران ، الفقيه ، الأستاذ ، الإمام ، قال عبد الغفار الفارسي : ( أحد من بلغ حد الاجتهاد ؛ لتبحره في العلوم ، و استجماعه شرائط الإمامة من العربية و الفقه و الكلام و الأصول و معرفة الكتاب و السنة ، و كان ثقة ثبتا في الحديث ) . توفي بنيسابور سنة 418 هـ / 1027 م .
انظر ترجمته في : المنتخب من السياق رقم 269 ، تهذيب الأسماء و اللغات 2 / 169 ، تبيين كذب المفتري ص 243 ، سير أعلام النبلاء 17 / 353 ، طبقات ابن قاضي شهبة 1 / 160 .
(2) ... وقد تتبعث أقوال العلماء في هذه المسألة في رسالتي للماجستير ( أخبار الآحاد : دلالتها وصحتها في الشرائع والأحكام ) المسجلة بجامعة الدراسات الإسلامية بكراتشي سنة 1416هـ / 1996 م ، بين صفحتي 69 ، 109 فليراجع .(6/43)
? مسألة الأسماء و الصفات ، و ما يجوز في حق الله تعالى و ما يمتنع ، و قد نتج عنها ظهور المعطلة ، و المجسمة ، و المشبهة ، و غيرهم .
و قد ظهرت مدارس عقديَّة اشتهر الخلاف بينها في المسألة الثالثة من هذه المسائل ، كمدرسة أهل الحديث من جهة ، و مدرسة الأشاعرة و الماتريدية من جهة أخرى . (1)
و الذي يعنينا في هذا المقام هو منهج أهل السنة أصحاب الحديث في فهم النصوص المتعلقة بأسماء الله الحسنى و صفاته العلى ، و اعتقاد ما جاءت به .
إنَّ أهل السنة هم أوسط الناس في كلِّ ما شجر فيه الخلاف ، فهم وسطٌ في باب أفعال الله تعالى بين القدرية و الجبرية ، و هم في باب وعيد الله وسطٌ بين المرجئة و الوعيدية (2) ، و هم وسط في باب الإيمان و الدين بين الحرورية و المعتزلة ، و بين المرجئة و الجهميَّة ، و هم في باب أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - و رضي عنهم أجمعين وسطٌ بين الروافض و الخوارج (3) .
أمَّا في باب الصفات فهم أيضاً وسطٌ بين المجسمة و المشبهة من جهة ، والمعطلة و المؤولة من جهة أخرى ، حيث قام مذهبهم على الجمع بين قاعدتي الإثبات و التنزيه فكانوا أوسط الناس .
و بهذا تتقرر قاعدة : (( الإثبات بدون كيف و النفي بدون حيف )) .
__________
(1) 1 ... ليس اختلافهم في هذا الأصل فقط ، و هو التأويل كما هو مشهور ، بل هناك فروق في أصول أخرى ، كالإيمان و القدر و النبوات و غيرها .
و للاستزادة حول هذا الموضوع ، انظر : رسالة " منهج الأشاعرة في العقيدة " للشيخ سفر عبد الرحمن الحوالي.
(2) ... يراد بالوعيدية المعتزلة و من وافقهم كالخوارج الذين قالوا بإنفاذ الوعيد في حق صاحب الكبيرة حيث حكموا بخلوده في النار إذا لم يتب منها قبل موته .
(3) ... للتوسع حول وسطية أهل السنة و الجماعة انظُر : كتابنا : فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهَّاب ، ص : 56 -56 ، و تعليق الشيخ الدكتور صالح العبود عليه في الموضع المشار إليه .(6/44)
غير أن لكلٍ من الإثبات ( الإقرار ) و النفي ( التنزيه ) أصولاً لا بد من مراعاتها ، ولأهمية الإحاطة بها ، أوجز الحديث عنها فيما يلي (1) :
أولاً : الأصول التي تقوم عليها قاعدة الإثبات في الإيمان بالأسماء والصفات :
? القول في الصفات كالقول في الذات ، فهي صفات كمالٍ وجلال يليقان بالله تعالى لا يشركه و لا يشبهه فيها شيءٌ ، كما أنه متفرِّدٌ بذاته تعالى (2) .
? القول في بعض الصفا ت كالقول في بعضها الآخر ، فإن أثبت بعض الصفات على وجه الحقيقة لم يجز له أن يجعل ما لم يثبته من قبيل المجاز .
? إثبات صفات الكمال بلا تمثيل ولا تكييف ، فلا يسأل عنها ، بكيف هي؟ ولا يقال : هي مثل صفات كذا أو فلان .
? إطلاق ما ورد به الشرع ، والاستفصال في العبارات المحدثة .
ثانياً : الأصول التي تقوم عليها قاعدة التنزيه في نفي ما ينفى من الصفات:
? لايستلزم التنزيه تعطيل الصفات الثبوتية لله تعالى .
? الإجمال في النفي غالباً ، بخلاف الإثبات الذي يسوغ فيه التفصيل .
? إثبات كمال ضد ما ينفى عن الله تعالى من صفات .
? اتباع الكتاب والسنة في النفي ، و عدم مجاوزة ما ورد فيهما بنفيٍ أو غيره ، أو التردد في نفي ما قرر نفيه .
__________
(1) ... انظر هذه الأصول والكلام عليها في كتاب : منهج أهل السنة والجماعة و منهم الأشاعرة في توحيد الله تعالى لخالد عبد اللطيف محمد نور ، ص : 402 .
و كتاب : منهج الإمام الشوكاني في العقيدة ، للدكتور عبد الله نومسوك ، ص: 359 و ما يليها .
(2) ... قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " العقيدة الحموية " : (( من المعلوم أن صفات كل موصوفٍ تناسب ذاته ، و تلائم حقيقته ، فمن لم يفهم من صفات الرب الذي ليس كمثله شيءٌ ، إلا ما يُناسب المخلوق فقد ضلَّ في عقله و دينه )) .
انظُر : مجموعة الرسائل الكبرى ، لابن تيمية : 1/ 474.(6/45)
و بمجموع هذه الأصول التي قام عليها مذهب أهل السنة و الجماعة في مسألة الأسماء و الصفات يكون الجمع بين الإثبات و التنزيه المتعلقين بصفات الرب عز وجل .
و قد جمع الله بينهما في قوله سبحانه : { ليس كمثله شيء وهو السميع البصير } ] الشورى : 11 [ حيث بدأ بنفي المثيل تنزيهاً ، ثم نسب إليه صفتي السمع و البصر إثباتاً .
و اعتصم بهذه الأصول ا السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين فيما روي عنهم ، وهو كثيرٌ مشهورٌ منه قول الإمام الأوزاعي رحمه الله : (( كنا و التابعون متوافرون نقول : إن الله تعالى فوق عرشه ، و نؤمن بما وردت به السنة من
الصفات )) (1) .
و روى أبو القاسم اللالكائي عنه - أيضاً - أنه قال : (( كان الزهري (2) ،
__________
(1) ... حسن :
رواه البيهقي في " الأسماء و الصفات " 2 / 304 ( 865 ) عن أبي عبد الله الحاكم ، قال : أخبرني محمد بن علي الجوهري ببغداد ، ثنا إبراهيم بن الهيثم ، ثنا محمد بن كثير المصيصي ، قال : سمعت الأوزاعي ، يقول – فذكره .
و رجاله ثقات سوى محمد بن كثير المصيصي ، قال فيه الحافظ ابن حجر في " التقريب " ( 6251 ) : ( صدوق كثير الخطأ ) .
وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في " الحموية الكبرى " ( 5 / 39 – ضمن مجموع الفتاوى ) ، و قال : ( إسناده صحيح ) .
وتبعه ابن القيم ، فصحح إسناده في " الجيوش الإسلامية " ص 43 ، و قال في " مختصر الصواعق المرسلة " ( 2 / 211 ) بعد أن ذكره بسنده هذا : ( رواته كلهم أئمة ثقات ) .
و صحح إسناده أيضاً الذهبي في " تذكرة الحفاظ " 1 / 181 – 182 بعد أن رواه من طريق البيهقي .
و ذكره الحافظ ابن حجر في " الفتح " 13 / 406 و عزاه للبيهقي و جوّد إسناده .
(2) ... الزهري ، هو : محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب , أبو بكر القرشي الزهري , المدني ، الإمام العلم , حافظ زمانه ، تابعي ، فقيه ، محدث ، أول من جمع الحديث في زمن عمر بن عبد العزيز رحمه الله ، توفي سنة 124 هـ / 742 م .
انظر ترجمته في : وفيات الأعيان 3 / 317 ، المعرفة و التاريخ 1 / 620 , الجرح و التعديل 8 / 71 , حلية الأولياء 3 / 360 , سير أعلام النبلاء 5 / 326 .(6/46)
و مكحول (1) يقولان : أمرُّوا الأحاديث كما جاءت )) (2) ، يريدان أحاديث الصفات .
و مثل هذا قول إمام دار الهجرة مالك بن أنس - رضي الله عنه - ، و قد سُئل عن قوله تعالى : { الرحمن على العرش استوى } [ طه : 5 ] كيف استوى ؟ فقال : ((الكيف غير معقول ، و الاستواء منه غير مجهول ، و الإيمان به واجب ، و السؤال عنه
بدعة )) (3) .
__________
(1) ... مكحول ، هو : ابن أبي مسلم شهراب بن شاذل , أبو عبد الله , الدمشقي ، تابعي ثقة ، عالم الشام و فقيهها توفي سنة 113 هـ / 732 م ، و قيل في غيرها .
انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد 7 / 453 , الجرح و التعديل 8 / 407 , حلية الأولياء 5 / 177 , وفيات الأعيان 5 / 280 ، تهذيب الكمال 28 / 464 , سير أعلام النبلاء 5 / 125 .
(2) ... صحيح :
أخرجه ابن عبد البر في " جامع بيان العلم و فضله " 2 / 943 ( 1801 ) ، و أبو القاسم اللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة 3 / 431 ، ومن طريقه ابن قدامة في " ذم التأويل " ، ص:20 =
= ... من طريقين عن أحمد بن زهير ، قال : ثنا عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، قال : ثنا بقية ، قال : ثنا الأوزاعي فذكره .
قلت : و رجاله كلهم ثقات ، و بقية ، هو : ابن الوليد مدلس و قد صرح بالتحديث .
و أحمد بن زهير هو : أبو بكر بن أبي خيثمة الحافظ الكبير ابن الحافظ .
و الأثر : عزاه صاحب " التحفة المدنية في العقيدة السلفية " 1 / 76 إلى الخلال في كتاب السنة .
(3) ... صحيح ثابت عن مالك :
أخرجه الدارمي " في الرد على الجهمية " ( 104 ) ، و أبو نعيم في " الحلية " 6 / 325 - 326، و اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة " 2/398 ، و البيهقي في " الأسماء و الصفات " 2 / 304 – 305 ( 866 و 867 ) و في " الاعتقاد " ، و البغوي في " شرح السنة " 1 / 171 ، و الصابوني في " عقيدة أصحاب الحديث " ( 24 و 25 ) ، و ابن عبد البر في " التمهيد " 7 / 151 ؛ من طرق عن مالك به .
قال الذهبي في " مختصر العلو " ص : 104 : ( و روى يحيى بن يحيى التميمي و جعفر بن عبد الله و طائفة ، قالوا : جاء رجل إلى مالك - فذكره ). ثم قال : ( هذا ثابت عن مالك ، و تقدم نحوه عن ربيعة شيخ مالك وهو قول أهل السنة قاطبة ) .
و قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " 13 / 406 ، 407 : ( و أخرج البيهقي بسند جيد عن عبد الله بن وهب ، قال : كنا عند مالك ..) فذكره .(6/47)
و مثل هذا الجواب ثابتٌ عن ربيعة الرأي (1) ، شيخ مالك (2) .
و قال سفيان بن عيينة (3) : (( كلُّ شيءٍ وصف الله به نفسه في القرآن الكريم فقراءته تفسيره ، لا كيف ، و لا مِثل )) (4)
__________
(1) 2 ... ربيعة الرأي ، هو : ربيعة بن أبي عبد الرحمن فروخ ، الإمام ، مفتي المدينة ، و عالم الوقت ، أبو عثمان ، و يقال : أبو عبد الرحمن ، القرشي التيمي مولاهم ، من صغار التابعين ، كان من أئمة الاجتهاد ، حافظا للفقه و الحديث ، توفي 136 هـ / 754 م .
انظر ترجمته في : تاريخ بغداد 8 / 420 ، وفيات الأعيان 2 / 288 – 290 ، تذكرة الحفاظ 1 / 157 ، سير أعلام النبلاء 6 / 89 – 96 .
(2) ... صحيح عن ربيعة :
أخرجه البيهقي في " الأسماء و الصفات " 2 / 306 ( 868 ) ، و اللالكائي في " شرح أصول الاعتقاد " رقم 665 ، و ابن قدامة في " إثبات صفة العلو " ( 90 ) من طريق : يحيى بن آدم ، عن ابن عيينة ، عن ربيع =
= ... وأخرجه العجلي في " تاريخ الثقات " ص 158 رقم 431 قال : حدثني أبي عبد الله ، قال : قيل لربيعة :- فذكره .
و قال شيخ الإسلام ابن تيمية في " الحموية " ( 5 / 40 – ضمن مجموع الفتاوى ) : ( وروى الخلال بإسناد رجاله كلهم أئمة ثقات عن سفيان بن عيينة قال : سئل ربيعة .. ) فذكره .
و قال الذهبي في " مختصر العلو " ص 65 : ( هذا القول محفوظ عن جماعة كربيعة الرأي و مالك ) .
(3) ... سفيان بن عيينة ، هو : ابن أبي عمران ، أبو محمد ، الهلالي الكوفي ، الحافظ ، المتقن ، المحدث ، شيخ الإسلام طلب الحديث و هو غلام , و لقي الكبار و حمل عنهم علما جما , و أتقن , و جود , و جمع , و صنف , و عمر دهرا , سكن مكة و مات بها , سنة 198 هـ / 814 م .
انظر ترجمته في : الطبقات لابن سعد 5 / 497 , تاريخ بغداد 9 / 174 الجرح و التعديل 1 / 32 ، تهذيب الكمال 11 / 177 , سير أعلام النبلاء 8 / 454 .
(4) ... صحيح :
أخرجه الدارقطني في كتاب " الصفات " ص 70 ، و اللالكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة و الجماعة " 3 / 431 ، و البغوي في " شرح السنة " 1 / 171 من طريقين : عن عيسى بن إسحاق بن موسى الأنصاري ، قال : سمعت أبي يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : – فذكره .
و إسناده صحيح ، رجاله ثقات .
وأخرجه البيهقي في " الأسماء و الصفات " 2 / 307 ( 869 ) ، و في " الاعتقاد " ص : 118 ، و الصابوني في " عقيدة أصحاب الحديث " ( 89 ) من طريق أحمد بن أبي الحواري عنه ، بلفظ : ( كل ما وصف الله به نفسه في كتابه فتفسيره تلاوته و السكوت عنه ) .
وقال الحافظ في " الفتح " 13 / 407 : ( و أسند البيهقي بسند صحيح عن أحمد بن أبي الحواري ..) فذكره.(6/48)
و قد روي نحو هذا عن عددٍ من السلف رضوان الله عليهم أجمعين (1) .
و ممَّن لخص منهج أهل السنة و الجماعة في باب الصفات فأجاد ، الإمام ابن خزيمة النيسابوري رحمه الله (2) ، حيث قال بعد الكلام عن صفة الوجه : (( نحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز ، و تهامة اليمن ، و العراق ، و الشام ، و مصر ، مذهبنا : إنَّا نثبت لله ما أثبته لنفسه ، نقر بذلك بألسنتنا ، و نصدق ذلك بقلوبنا ، من غير أن نُشبِّه وجه خالقنا بوجه أحد من المخلوقين ، عزَّ ربنا عن أن يُشبه المخلوقين ، و جلَّ ربنا عن مقالة المعطلين ، و عزَّ أن يكون عدماً ، كما قاله المبطلون ، لأنَّ ما لا صفة له عَدَمٌ ، تعالى الله عمَّا يقول الجهميُّون الذين ينكرون صفات خالقنا الذي وصف بها نفسه في محكم تنزيله ، و على لسان نبيِّه محمد - صلى الله عليه وسلم - )) (3) .
و قال العلامة أبو محمد عبد الله بن يوسف الجويني رحمه الله (4)
__________
(1) ... انظر : جامع بيان العلم و فضله ، لابن عبد البر 2 / 944 .
(2) ... ابن خزيمة ، هو : محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة , أبو بكر , السلمي النيسابوري ، الشافعي الإمام الحافظ ، الحجة ، الفقيه ، إمام الأئمة , صاحب التصانيف : كصحيح ابن خزيمة ، و كتاب التوحيد و إثبات صفات الرب عز و جل ، توفي سنة 311 هـ / 924 م . =
= ... انظُر ترجمته في : الجرح و التعديل 7 / 196 ، تاريخ جرجان ص 413 ، المنتظم 6 / 184 ـ 186 , سير أعلام النبلاء 14 / 365 ، طبقات الشافعية للسبكي 3 / 109 و ما يليها .
(3) ... التوحيد و إثبات صفات الرب عزَّ و جل ، لابن خزيمة 1 / 26 .
(4) 2 ... أبو محمد الجويني ، هو : الشيخ الإمام عبد الله بن يوسف ، والد أبي إسحاق الجويني رحمهما الله ، كان ذا دراية تامة بالفقه و الأصول و النحو و التفسير و الأدب ، و بعد عن التقيد بالمذاهب الفقهية و التعصب لها ، فهو صاحب وجه في المذهب الشافعي ، لقب بركن الإسلام ، و توفي سنة 438 هـ / 1047 م .
انظر ترجمته في : المنتظم 8 / 130 ، سير أعلام النبلاء 17 / 617 ، البداية و النهاية 12 / 55 ، طبقات الشافعية للسبكي 5 / 73 – 93 .(6/49)
في رسالته التي وجهها إلى شيوخه بعد أن امتن الله عليه بالرجوع إلى مذهب السلف الحق الذي عليه أهل السنة و الجماعة في باب الأسماء و الصفات (1) :
(( فصفاته معلومة من حيث الجملة و الثبوت ، غير معلومة من حيث التكييف و التحديد ، فيكون المؤمن بها مبصرا من وجه أعمى من وجه ؛ مبصرا من حيث الإثبات و الوجود ، أعمى من حيث التكييف و التحديد ، و بهذا يحصل الجمع بين ما و صف الله تعالى نفسه به و بين نفي التحريف و التشبيه و الوقوف ، و ذلك هو مراد الرب تعالى منا في إ براز صفاته لنا ؛ لنعرفه بها و نؤمن بحقائقها وننفي عنها التشبيه ، و لا نعطلها بالتحريف و التأويل ، و لا فرق بين الاستواء والسمع ، ولا بين النزول و البصر ، الكل ورد فيه النص ... و من أنصف عرف ما قلناه ، و اعتقده و قبل نصيحتنا و دان لله بإثبات جميع صفاته هذه و تلك و نفى عن جميعها التشبيه و التعطيل و التأويل و الوقوف ... لأن هذه الصفات وتلك جاءت في موضع واحد ، و هو الكتاب و السنة فإذا أثبتنا تلك ، و حرفنا هذه وأولنا كنا كمن آمن ببعض الكتاب و كفر ببعض ، و في ذلك بلاغ و كفاية إن شاء الله تعالى )) (2)
فهذا مجمل مذهب أهل السنة و الجماعة في باب صفات الرب عز و جل ، أما تفصيله فيرجع إليه في مظانه من كتب العقائد ، و أصول الدين البسيطة .
المقصد الرابع : موقف أهل السنة و الجماعة من أهل الأهواء و البدع :
عُرف عن أهل السنة أصحاب الحديث رضوان الله عليهم أجمعين التصدي لأهل البدع ، بكشف زيغهم ، و نقض غزلهم ، و التحذير مما أحدثوا ، ومجاهدتهم باللسان و السنان .
__________
(1) ... هذه الرسالة مطبوعة ضمن مجموعة الرسائل المنيرية ، بين صفحتي 174 و 187 من المجلد الأول بعنوان : رسالة في إثبات الاستواء و الفوقية و تنزيه الباري عن الحصر و التمثيل و الكيفية .
(2) 1 ... مجموعة الرسائل المنيرية : 1/ 182، 163 .(6/50)