الأمالي المكية
على
المنظومة البيقونية
أملاه فضيلة العلامة المحدث:
أبي عبد الله سليمان بن ناصر العلوان
بسم الله الرحمن الرحيم
بدأ المصنف ـ رحمه الله ـ منظومته بالبسملة (1) اقتداءً بالكتاب العزيز، وتأسياً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، في مراسلاته ومكاتباته، وكذلك التسمية يبتدئ بها في أي أمر مهم شرعاً كالوضوء والأكل، ( كما في الحديث الصحيح ) ولذلك أوجب التسمية غير واحد من أهل العلم عند الأكل وهو ظاهر النصوص، (( وأحاديث الأمر صحيحة صريحة ولا معارض لها ولا إجماع يسوغ مخالفتها ويخرجها عن ظاهرها )) ((2 ))
ـ وروى الحاكم بسنده في مستدركه (( بسم الله الرحمن الرحيم )): اسم من أسماء الله، وسنده باطل وإنما ذكرناه لننبه عليه حتى لا يغتر به.
(1) انظر مواطن البحث على ((البسملة)) في تفسير ابن جرير ج1/50 ـ 59. وتفسير البغوي ج1/37 ـ 39، والبيان لابن الأنباري ج1/31 ـ 34، وزار المسير لابن الجوزي ج1/ 7 ـ 9، والتبيان في إعراب القرآن للعكبري ج1/3 ـ 4، وتفسير القرطبيج1/91 ـ 107، ومعاني القرآن للنحاس ج1/50 ـ 56، والكشف عن وجود القراءات السبع للقيسي ج1/13 ـ 24، وتفسير ابن كثير ج1/ 17 ـ 23، الدار المصون ج1/13 ـ 35، الحلبي )) وروح المعاني للآلوسي ج1/39 ـ 67.
أبدأ بالحمد مصليا على محمد خير نبي أرسلا
ـ ثم ثنى المصنف ( بالحمد(1) لله ) والعلماء تارة يفتحون مصنفاتهم بالحمد، وبعضهم بالبسملة، وأفضل ما يستفتح به، خطبة الحاجة لأن النبي، صلى الله عليه وسلم ، كان يستفتح بها، فروى أحمد، وأبو داود، والنسائي، والترمذي، وابن ماجه، وابن الجارود وغيرهم عن عبدالله بن مسعود(1/1)
ـ رضي الله عنه ـ قال: علمنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة، فقال والتشهد في الحاجة أن يقول: إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ثم يرقأ ثلاث آيات من القرآن، اتقوا الله تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، اتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا، اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً.
وحمد الله سبب من أسباب إجابة الدعاء، ويدل على ذلك حديث فضاله بن عبيج ـ رضي الله عنه(2)
(1)انظر الكلام على ((الحمد)) في تفسير ابن جرير ج1/59 ـ 62، ومعاني القرآن للنحاس ج1/57 ـ 59، والمفردات للرغب.ص (( 131 )) والأذكار النووية ج3/285 ـ 268 ـ الفتوحات الربانية، ومدارج السالكين ج2/256، وبدائع الفوائد ج2/92 ـ 96، وغذاء الألباب للسفاريني ج1/10 وتفسير ابن كثير.
(2)ولفظه: سمع النبي صلى الله عليه وسلم، رجلاً يدعو في صلاته فلم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره، إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله والثناء عليه ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليدع بعد ما شاء)) وفي رواية: يدعو في صلاته ولم يحمد الله ولم يصل... الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه أبو داود وغيرهم.
والحمد لغة: الثناء.
وشرعاً الثناء على المحمود بالصفات اللازمة والمتعدية.
وصفات الله ـ عز وجل ـ تنقسم إلى قسمين:
1- صفات لازمة: كالحياة والعلم، والسمع، والبصر، والوجه، وغيرها.
2- صفات متعديه: كالرضى والحب والكره وغيرها.(1/2)
والله ـ تعالى ـ يحمد بما له من الصفات اللازمة، والمتعدية، وأما الشكر فلا يشكر إلا على الصفات المتعدية لا الصفات اللازمة، ومن هذه الحيثيه صار الحمد أعم من الشكر، ومن جهة أخرى أن الحمد يكون باللسان، والقلب، والشكر يكون باللسان والقلب، والجوارح.
فمن هذه الحيثية صار الحمد أخص والشكر أعم.
قوله: { مصلياً } اقتداء بقوله ـ تعالى ـ: (( يا أيها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )).
وأظهر أقول العلماء أن الصلاة على النبي، صلى الله عليه وسلم، واجبة كلما ذكر فقد روى الترمذي وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، : (( رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي )).
ومعنى رغم أي لصق بالرغام وهو التراب وهذا من النبي صلى الله عليه وسلم، دعاء على من لم يصل عليه إذا ذكر.
( 1 ) انظر هذا البث محرراً في تفسير القرطبي ج14/232 ـ 236، والأذكار النووية ج3/318 ـ 326 ـ الفتوحات الربانية )). وجلاء الأفهام لابن القيم ص (( 214 ـ 223 )) القول البديع للسخاوي ص (( 244 ـ 245 )) وروح المعاني للآلوسي ج11/81 ـ 83 ** وتفسير القاسمي ج13/4901)).
فائدة:
قام الإجماع على أن أفضل الرسل هو محمد صلى الله عليه وسلم، (1)
قال شيخ الإسلام ابن تيميه، في الاختيارت(2): وقع النزاع في أنه وحده: هل هو أفضل من جملتهم؟ قطع طائفة من العلماء بأنه وحده أفضل من جملتهم)).. وقد جاء في فضله على سائر الأنبياء، ما أخرجه مسلم في صحيحه وفيه: (( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ))
- أما حديث: (( ولا تفضلوا بين أنبياء الله )) وحديث: ((لا تخيروا بين الأنبياء)) المتفق عليهما فهما محمولان على التواضع منه صلى الله عليه وسلم ـ والنهي عن التخير في هذين الحديثين إذا كان على وجه الإزراء ببعضهم، والإخلال بحقوقهم.(1/3)
- وخير النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بين أن يكون عبداً ورسولا، أو يكون ملكاً نبيا (3)، فقال له جبريل عليه السلام ـ تواضع لربك يا محمد ـ قال (( بل عبداً ورسولا ))
(1 ) انظر الاختيارات ص (( 57 )).
(2) ص (( 57 ))
(3) رواه أحمد في مسنده ج2/231. وابن حبان في صحيحه رقم (( 2137)) موارد الضمان. والبزار وأبو يعلى ورجال الأولين رجال الصحيح)). والحديث سنده على شرط الشيخين.
وذي من أقسام الحديث عدة
- قوله: { وذي } بمعنى هذه و ( عدة ) خبر ( ذي )
- قوله { من أقسام الحديث عدة}
- أقسام الحديث ثلاثة (1):
حديث صحيح، وحديث حسن، وحديث ضعيف، وذهب بعضهم إلى تقسيم الحديث إلى قسمين: حديث صحيح، وحديث ضعيف، وقالوا إن الحسن يندرج تحت الصحيح، والموضوع تحت الضعيف، وهذا صحيح بالنسبة إلى ما في الأمر فليس هنالك إلا صحيح أو ضعيف، كما قال ابن كثير ـ رحمه الله ـ ولكن في إصلاح المحدثين فالمشهور هو الأول.
والحديث: ضد القديم في اللغة.
أما في الاصطلاح: فهو ما يشتمل على أقوال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وعلى أفعاله وتقريراته.
(1 ) انظر هذا البحث محرراً في مقدمة ابن الصحاح ص ((18 ـ التقيد والإيضاح )) والباعث الحيث ص ((17)) والتقريب للنووي ج1/62 ـ تدريب الراوي)) وألفية العراقيج1/12 ـ التبصر والتذكرة)) وفتح المغيث للسخاوي ج1/14 ـ 15)). والمختصر في أصول الحديث للجرجاني ص((33 ـ 41 )) وكتاب الدرر حاشية نخبة الفكر
وكل واحد أتى وحَدَه
أولها الصحيح وهو ما اتصل إسناده ولم يشذ أو يعل
_ قوله [كل واحد أتى وحده] بمعنى:كل واحد من أقسام الحديث أتى وله حد فمثلاَ:
أولا: الصحيح (1)، وهو ما توافرت فيه خمسة شروط وهي:
1-عدالة الرواة.
2-تمام الضبط.
3-اتصال السند.
4-عدم العلة (كالانقطاع، وكوقف موصول، وكوصل مرسل)
5-عدم الشذوذ وهو: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه(1/4)
ـ مثال للصحيح: وهو عند البخاري حدثنا آدم بن أبي إياس ، قال حدثنا شعبة قال عن عبد العزيز بن صهيب قال: سمعت أنساَ يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إذا دخل الخلاء قال: (( اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث)) خرجه السبعة والسند للبخاري(2)
(1)انظر:بحثه محرراً في المداخل إلى كتاب الإكليل للحاكم ص((29ــ35))0ومعالم
السنن للخطابي ج1/11، وشرح علل الترمذي لابن رجب ج2/576-577]
والموقظة للذهبي ص((24-26))والاقتراح لابن دقيق العيد ص((5)) والنكت على كتاب ابن الصلاح ج1/234))وانظر كتابي 0إيقاف اللبيب على حكم العمل بالحديث الضعيف والدرر حاشية نخبة الفكر))
(2) البخاري (( باب ما يقول عند الخلاء)) ج1242 ـ فتح الباري )). ومسلم ج4/70 شرح النووي)) وأبو داود ج1/21 ـ عون المعبود )) والترمذي ج1/42 ـ تحفة، والنسائي ج1/20)) وابن ماجه ج1/109)) وأحمد في مسندهج3/99))
يرويه عدل ضابط عن مثله معتمد ضبطه ونقله
والحسن المعروف طرقا وغدت رجاله لا كالصحيح اشتهرت
ثانياً: الحسن(1)، ويشترط في شروط الصحيح إلا أنه يكون أقل منه رتبه وسيأتي ـ إن شاء الله ـ.
مثال الحسن: حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، وأيضاً حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وهذان من ارفع الحديث الحسن.
وقد زعم بعضهم أن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ضعيف بحجة أنه عمرو بن شعيب بن محمد بن عبدالله بن عمرو بن العاص، فجده الأدنى محمد وهو تابعي فيكون الحديث مرسلاً لأن المراد بجده هو محمد، وإن أراد جده عبدالله فشعيب لم يلقه فيكون منقطعاً)) قال الذهبي(2): (( هذا لا شيء لأن شعيباً ثبت سماعه من عبدالله وهو الذي رباه حتى قيل أن محمداً مات في حياة أبيه عبدالله فكفل شعيباً جده عبدالله، فإذا قال عن أبيه ثم قال عن جده، فإنما يريد بالضمير في جده أنه عائد إلى شعيب)).(1/5)
وقد خرج البخاري لعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في صحيحة (3 ) معلقاً بصيغة الجزم وهو أول حديث من كتاب اللباس.
قال النووي رحمه الله (4): ذهب أكثر المحدثين إلى صحة الاحتجاج وهو الصحيح المختار روى الحافظ عبدالغني بن سعيد المصري بإسناده أنه سئل أيحتج به، فقال رأيت أحمد بن حنبل و وعلي بن المديني، والحميدي، وإسحاق بن راويه يحجون بعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ما تركه أحد من المسلمين، وذكر غير عبدالغني هذه الحكاية ثم قال: قال البخاري من الناس بعدهم ))، وذكر الذهبي في الموقظة (5)، رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، (( في أعلى مراتب الحسن )) وقال في الميزان(6) (( هو من قبيل الحسن ))، قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في الفروسية(7):
ولقد أحسن الترمذي كل الإحسان إذ صحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وأطال النووي ـ رحمه الله ـ الكلام على تحسين حديث عمرو بن شعيب في مقدمة المجموع (8) وهو الصواب الذي لا معدل عنه.
(1) انظر بحث محرراً في. معالم السنن ج1/11)) والتقريب للنوويج1/153 ـ 165 ـ تدريب الراوي))، والاقتراح لابن دقيق العيد ص(7 ـ 11) والموقظة للذهبي ص(26 ـ 33)) وكتابنا الدرر حاشية نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر.
(2) ميزان الاعتدال ج3/266.
(3) ج10/252 ـ فتح الباري )).
(4) المجموع شرح المهذب ج1/65.
(5) ص((32))
(6) ج3/268.
(7) ص (( 136 )).
(8) المجموع ج1/65 وانظر ميزان الاعتدال ج3/263 ـ 286)). وتهذيب التهذيب ج8/85 ـ 59)) وتنقيح التحقيق ج1/452، وج2/1381، والتنكيل ج2/116 ـ 118 )) وتعليق الشيخ أحمد شاكر على الترمذي ج2/140 ـ 144)).
وكل ما عن رتبة الحسن قصر فهو ضعيف وهو أقساماً كثر
مسألة:(1/6)
أجمع العلماء على العمل بالحديث الصحيح، والحديث الحسن ولا يجوز معارضة الحديث إذا صح (( برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائناً كان ))(1) ولا يجوز التوقف عن العمل به بحجة: (( لم يعمل به فلان، وفلان قال ابن القيم رحمه الله: (( لا يعرف إمام من أئمة المسلمين البتة قال لا يعمل بحديث رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى نعرف من عمل به ))(2)
الحديث الضعيف(1)
وهو ما قلت رتبته عن الحسن، وهو ما كان في السند أحد عشرة أشياء تتعلق بالضبط وخمسه تتعلق بالعدالة.
فالأشياء التي تتعلق بالضبط هي:
1- فحش غلطه.
2- غفلته.
3- سوء حفظه.
4- مخالفته.
5- وهمه.
وخمسة أشياء باقية تتعلق بالعدالة وهي:
1- فسقه وهذا القسم ينقسم إلى قسمين:
- مخرج عن الملة كقوله ـ تعالى ـ أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون )(2).
- غير مخرج من الملة كقوله تعالى: (( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا)(3).
2- كذب الراوي.
3- تهمته بذلك.
4- بدعة الراوي.
5- جهالة الراوي.
والحديث الضعيف له ثلاث حالات:
1- أن يكون ضعيفاً.
2- أن يكون شديد الضعف.
3- أن يكون موضوعاً.
* * أمثلة لقوم من الرجال أحاديثهم دائرة بين الضعف والضعف الشديد.
1- الحجاج بن أرطأة.
1- علي بن زيد بن جدعان.
2- رشدين بن سعد.
3- حميد الأعرج القاص.
4- عطية العوفي.
5- عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب.
6- أحاديث المدلسين الثقات إذا لم يصرحوا بالسماع واشتهروا بالتدليس، مثال الحديث الضعيف.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت.....))(4) الحديث في إسناده أبوبكر بن أبي مريم، وهو ضعيف الحديث، ولما قال الحاكم: هذا حديث صحيح تعقبه الذهبي بقوله: لا والله أبوبكر: (( بن أبي مريم )) واه، وقال عنه في موضع آخر(5) ((مجمع على ضعفه ))(1/7)
2- وكذلك حديث: ((إذا رأيتم الرجل يعتاد المساجد فاشهدوا له بالإيمان)) رواه الترمذي وغيره، وفي سنده أبو السمح.
عن أبي الهيثم، وأبو السمح صدوق ولكن روايته عن أبي الهيثم فيها ضعف.
- قوله { كثر}: يدخل في ذلك المنقطع والمعضل والمدلس.
(1) تهذيب السنن ج2/421 ـ عون المعبود)).
(2) انظر مراجعة ص15.
(3) السجدة آية 18.
* الحجرات آية6
(4) رواه الترمذي في صفة القيامة ج7/115 ـ تحفة الأحوذي)) وأحمد في المستدرك ج4/124)) وابن ماجه ج2/1423، والحاكم في مستدركه ج1/75)).
(5) المستدرك ج1/309.
{قوله ، وما أضيف.....}.
شرح المصنف ـ رحمه الله ـ يعر ف الحديث المرفوع سواء كان- ظاهر الاتصال أم لا، فإذا أضيف إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهو مرفوع ويدخل في ذلك المعضل والمنقطع والمرسل، وأما إن قيل هذا حديث مسند فيشترط فيه الإتصال وعدم الانقطاع فيخرج بذلك المرسل.
ومثال مرفوع كأن يقول أبو هريرة، قال النبي صلى الله عليه وسلم فهذا من قبيل المرفوع.
المقطوع(1)
هو ما ينتهي إلى التابعي ومن دونه، كقول الحسن: (( لا يحل السحر إلا الساحر)). وفرق بين الحديث المنقطع والحديث المقطوع، فالمنقطع يتعلق بالسند والمقطوع يتعلق بالمتن، وقد استعمله الشافعي ـ رحمه الله ـ في المنقطع ولكن قيل وذلك قبل استقرار الاصطلاح، وقول التابعي ومن دونه يسمى مقطوعاً سواء كان أمراً غيببياً أم لا.
مثال لقول التابعي أمراً غيببياً:
عن سعيد بن جبير قال: (( من قطع تميمة من إنسان كان كعدل رقبة )). رواه بان أبي شبيه في المصنف ج5/36 ـ والإمام وكيع، وهل قول التابعي إذا كان لا مجال للاجتهاد فيه له حكم الرقع أم لا.
قولان لأهل العلم، أظهر ما عندنا، أنه ليس له حكم الرفع والله أعلم.
1- وأما قول التابعي بما ليس بأمر غيبي فهو كقول محمد بن سيرين: (( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم)). رواه مسلم في مقدمة صحيحة.(1/8)
وهناك حالة ثالثة لقول التابعي وهي أن يخبر أنهم كانوا يفعلون كذا
وكذا، مثاله: ما رواه ابن أبي داود وغيره عن إبراهيم النخعي قال: (( كانوا يتحبون أن يقرؤوا هؤلاء السور في كل ليلة ثلاث مرات: قل هو الله أحد والمعوذتين)) وسنده صحيح.
(1) مراجعة (( مقدمة ابن الصلاح ص66))، والتقييد والإيضاح، والتقريب للنووي ج1/194 ـ تدريب الراوي)) ونزهة النظر ص57 والنكت على كتاب ابن الصلاح ج2/514 وفتح المغيث ج1/ 110 ـ 111
والمسند المتصل الإسناد من راويه حتى المصطفى ولم يبن
قوله { المسند }(1)
وهو ما اتصل على إسناده من مخرجه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وهذا التعريف الذي جرى عليه الحاكم في معرفة علوم الحديث.
قوله { ولو لم يبن }: أي لم ينقطع، فإذا قيل هذا حديث حسن مسند خرج بذلك كل من المنقطع والمعضل والمرسل، والمدلس الظاهر والموقوف، على ما تقدم تعريفه.
قال ابن حجر في النكت: ت(( والذي يظهر لي بالإستقراء من كلام أئمة الحديث وتصرفهم أن المسند عندهم ما إضافة من النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إليه بسند ظاهر الإتصال))
(1) مراجعة الكفاية للخطيب ص58، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص 17 ـ 19)). والتقريب للنووي ج1/182 ـ تدريب الراوي)) النكت للحافظ ابن حجر ج1/505 السخاوي ج1/104 والدرر الحاشية نخبة الفكر.
فصل
روى مسلم في مقدمة الصحيح(1) عن عبدالله بن المبارك أنه قال: (( الإسناد من الدين ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء)).
وقال سفيان الثوري: (( الإسناد سلاح المؤمن إذا لم يكن معه سلاح فبأي شيء يقاتل))(2)، وقال شعبة: (( كل حديث ليس فيه سمعت قال ((سمعت)) فهو خل وبقل))(3)، والإسناد من خصائص هذه الأمة المحمدية، وهذا من حفظ الدين، ولذلك كانت الأمم السابقة ليس لها إسناد فبدلت شريعتهم وغيرت، أما هذه الأمة فحفظ لها دينها.(1/9)
فإذا صح الإسناد فهو الغاية, عن لم يصح فلا يجوز عزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه من جملة الكذب عليه صلى الله عليه وسلم.
(1) ج1/78 ـ نووي)).
رواه ابن حبان في المجروحين ج1/27)) والحاكم في المدخل إلى كتاب الإكليل ص24.
(3) رواه الخطيب في الكفاية ص454.
وهناك آداب يجب أن تراعى عند رواية الحديث بأقسامه وهي(4):
إذا روى حديثاً صحيحاً يجب أن يقول الراوي: قال أو فعل أو قضى أو حكم وذلك بصيغة الجزم لأنها تقضي بصحة الحديث، وإن كان الحديث ضعيفاً فيجب عليه أن يقول: قيل أو روي أو حكي وذلك بصيغة التمريض لأنها تقضي بضعف الحديث، وعدم صحته إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأما الموضوع، فلا يجوز ذكره بالحال إلا مع بيان وضعه.
وهذه الآداب أخل بها الكثير من الفقهاء.
فضلاً عن غيرهم ويقولون فيما صح عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يروي أو روي بصيغة التمريض وفي الحديث الضعيف يقولون: قال أو لنا قوله ونحو ذلك من صيغ الجزم، وهذا خطأ يجب تداركه وتحاشيه، فعلى كل طالب علم أن يراعى المصطلحات العلمية التي وضعها المحدثون كي يسير على قواعدهم بينه وبرهان ويخرج عهدة الكذب على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأن من قال في الحديث الضعيف قال النبي بصيغة الجزم فقد كذب والله أعلم.
(4) راجع (( المجموع للنووي ج1/63))، ورسالتنا الإعلام بوجوب التثبت في رواية الحديث...) وأحكام أهل الذمة للعلامة ابن القيم ج1/20)).
وما بسمع كل راو يتصل إسناده للمصطفى فالمتصل
{ المتصل } (1):(1/10)
والمتصل: هو الذي يسمعه كل راو إلى منتهاه. قال الذهبي: المتصل ما اتصل إسناده من الانقطاع ويصدق ذلك على المرفوع والموقوف، وقول الناظم: ( للمصطفى ) ظاهرة أن الموقوف لا يدخل فيكون المسند والمتصل متساويين في التعريف، ولكن قال الزقاني: (( وقد علمت مما قررنا أن (( المصطفى )) متعلق بمحذوف هو كان وأن قوله: (( يتصل إسناده )) متعلقه محذوف لا قوله (( للمصطفى )) لأن مطلق المتصل كما قال ابن الصلاح وغيره يقع على المرفوع، والموقوف)). ويمثل للمتصل بما لو قال البخاري مثلاُ حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، فهذا الحديث متصل موقوف وهو من أقوى- أحاديث الاتصال، فليس في سنده اتصال.
فكل من رواته سمع من الآخر، علاوة على ذلك أنهم أئمة حفاظ ثقات، وللبخاري أحاديث بهذا السند في صحيحة مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
(1) مراجعه (( مقدمة ابن الصلاح ص65 التقييد والإيضاح)) والموقظة للذهبي ص42 وفتح المغيث ج1/107)) وشرح الزقاني على البيقونية ص36 ـ 37))
مسلسل قل ما على وصف أتى مثل أما والله أنبأني الفتى
{المسلسل}(1):
وهو ما كان سنده على صفة واحدة من صيغ الأداء مثل لو قال البخاري مثلاً: حدثني عبدالله بن يوسف قائماً، قال حدثن مالك قائماً، وهكذا حتى ينتهي السند.
مثال ذلك: ما رواه أبو داود وغيره من طريق أبي عبدالرحمن الحلبي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ كذلك قد حدثنيه قائماً أو بعد أن حدثني تبسما أخذ بيده وقال: يا معاذ والله إني لأحبك فقال: (( أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)).
فمعاذ أوصى بذلك الصنابحي أوصى أبا عبدالرحمن الحبلي قال الحافظ العراقي تسلسل لنا بقول كل من رواته و أنا أحبك.(1/11)
ومنهم مثلاُ من إذا حدث تبسم وكذلك الحال في كل من يحدث به بعده وهكذا، وقد يكون التسلسل صفات فعليه وقد يكون صفات قولية وقد يجتمعان. قال الذهبي ـ رحمه الله ـ: (( وعلامات المسلسلات واهية، وأكثرها باطلة، لكذب رواتها، وأقواها المسلسل بقراءة سورة الصف والمسلسل بالدمشقيين والمسلسل بالمصريين، والمسلسل بالمحمديين إلى ابن شهاب))(2).
(1) راجع معرفة علوم الحديث 29 ـ 34)) والتقييد والإيضاح ص276، والتقريب للنووي ج2/187 ـ تدريب الراوي)). والموقظة ص 34، والباعث الحثيث ص142 والنخبة لا بن حجر ص62، نزهة النظر)) وفتح المغيث ج3/75.
(2) الموقضة ص44.
عزيز مروي اثني أو ثلاثة مشهور مروي فوق ما ثلاثة
قوله { عزيز(1) مروي....}
العزيز الصواب فيه أنه لا يرويه أقل من اثنين عن اثنين ويمثل له بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنس وأبو هريرة رواه أنس عن قتادة وعبدالعزيز بن صهيب ورواه عن عبدالعزيز بن إسماعيل بن عليه وعبدالوارث بن سعيد بن ذكوان، ورواه قتادة شعبة وسعيد.
وهذا المثال مثل به ابن حجر في نزهة النظر للعزيز، ولكني لم أجد لسعيد رواية عن قتادة في هذا الحديث(2)، فإن وجد لسعيد رواية عن قتادة، وإلا فلا يصح أن يمثل به للعزيز على التعريف الذي قدمناه والله أعلم.
وقال بعض أهل العلم: إن صورة هذا العزيز لا توجد ولكن أثبته الحافظ في النزهة وتقدم الكلام قبل قليل، والله أعلم.
(1) انظر (( التبصرة والذكرى للعراقي)) ج2/256)) ونزهة النظر ص25)) وتدريب الراوي ج2/181))، وفتح المغيث ج3/28 وشرح الزقاني على البيقونية ص40 والدرر حاشية نخبة الفكر.
(2) وأشار إلى هذا السخاوي في فتح المغيثج3/33)).
قوله { مشهور فوق }(1): فوق هنا زائدة، وإلا لو لم تكن زائدة لقلنا إن قوله فيه نظر لأن مفهومة أن ما رواه الثلاثة لا يسمى مشهوراً.(1/12)
المشهور: هو أن يروي ثلاثة عن ثلاثة فأكثر ولم يبلغ حد التوتر ويطلق عليه بعضهم المستفيض وذلك لانتشاره, والمشهور من أخبار الآحاد قد يكون صحيحاً وقد يكون ضعيفاً بل قد يكون لا أصل له ومع ذلك يكون مشهوراً, ولكن يزداد بالاشتهار هنا ما اشتهر على الألسنة.
(1) مراجعة ( معرفة علوم الحديث للحاكم, ص92, والتبصرة للعراقي ج2/265 ـ 277, ونزهة النظر ص23, وفتح المغيث ج3/28, وتدريب الراوي ج2/173, والدرر حاشية نخبة الفكر, وشرح الزرقاني على البيقونية ص541.
معنعن كعن سعيد عن كرم
{ المعنعن}(1)
وهو ما يقال عن فلان عن فلان وله حالتان:
1- أن يكون المعنعن مدلساً فله حالات:
أ- أن يكون تدليسه نادراً كيحيى بن سعيد الأنصاري.
فهذا يغتفر له كما نص على ذلك ابن حجر في كتابة ( تعريف أهل التقديس ).
ب ـ أن يكون تدليسه قليلاً في جانب ما روى من الأحاديث الكثيرة فهذا قد احتمل الأئمة تدليسه كما نص على ذلك ابن حجر وغيره
جـ ـ أن يكون ثقة حافظاً ولكنه يكثر من التدليس فهذا لا يحتج من حديثه إلا بما صرح بالسماع وسواءً كان مدلساً تدليس التسوية أو غيره.
د ـ أن يجتمع فيه وصفان: التدليس والضعف، فهذا إذا عنعن يعظم الخطب، وإذا صرح بالسماع فهو ضعيف.
2- أن يكون غير مدلس ولكنه ثقة فهذا سواءً عنعن أم لم يعنعن فحديثه مقبولاُ مطلقاً. كعنعة مالك وأحمد وغيرهما من الثقات الذين لم يعرفوا بالتدليس.
(1) انظر بحثه محرراً في { مقدمة ابن الصلاح ص83ـ التقييد والإيضاح والتقريب للنووي ج1/214 ـ تدريب الراوي, والباعث الحثيث ص43، والموقظة للذهبي ص544 وجامع التحصيل للعلائي ص116, وفتح المغيث للسخاوي ج1/163.
{المبهم}(1)
كأن يقول: حدثني فلان أو يقول: حدثني من سمع فلاناً، ونحو ذلك، وحديث المبهم حديث ضعيف، وأما إبهام الصحابي فلا يضر، لأن الصحابة كل عدول، فلا تضر جهالتهم.(1/13)
والمبهم حديثه ضعيف ولو جاء بلفظ التعديل كأن يقول حدثني الثقة، لأنه قد يكون ثقة عنده ولكن عند غيره ليس بثقة، والإبهام جهالة، فإذا كان الرجل إذا صرح باسمه وهو ضعيف لا يقبل فالإبهام أولى، ولأن من شروط قبول الحديث عدالة الرواة ، ومعرفة العدالة منتفية في المبهم والله أعلم.
واعلم أن المبهم سبب من أسباب الجهالة ولذلك ما ينبغي معرفته وعلمه أن نعلم أن الجهالة نوعان.
1- جهالة حال: وهي إذا روي عن الراوي اثنان فصاعداً ولم يوثق فهذا مجهول الحال.
2- جهالة عين: وهي أن يسمى المروي عنه ولكن ينفرد واحد بالرواية عنه.
وما يتعلق بقبول رواية المجهول جهالة عين وجهالة حال يراجع فيه المطولات.
(1) مراجعة { الكفاية للخطيب ص149} والتقريب للنووي ص 316 ـ 323، ج/1 تدريب الراوي، والباعث الحثيث ص77 ـ 83, ونزهة النظر ص49, وفتح المغيث ج3/301 وشرح الزرقاني على البيقونية ص46.
وكل ما قلت رجاله علا
{العالي}(1)
الحديث إذا قلت رجاله من مخرجه إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فهذا الإسناد العالي, وقد كان جماعة من السلف يحرصون على طلب الإسناد العالي, قال الإمام أحمد: إنه سنة.
ولكن محله إذا كان الحديث صحيحاً، أما إن كان الحديث ضعيفاً فلا يهتم به.
مثال الإسناد العالي: قال عبد بن حميد حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله)). أخرجه مسلم عن عبد بن حميد، فهو بالنسبة لعبد بن حميد إسنادٍ عال أعلى من مسلم.
ومثال ما كان أنرل ـ أي النازل ـ قال البخاري: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان قال حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال أخبرني محمد بن إبراهيم التميمي أنه سمع علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (( إنما الأعمال بالنيات ....))(2). وهذا الحديث نازل بالنسبة لحديث أنس المتقدم.(1/14)
(1) راجع { معرفة علوم الحديث للحاكم ص5 ـ 12, ومقدمة ابن الصلاح ص257ـ التقييد والإيضاح)) والتقريب للنووي ج2/159/ تدريب الراوي)) والباعث الحثيث ص134, وفتح المغيث للسخاوي ج3/3 والدرر حاشية نخبة الفكر.
(2) البخاري ج1/9 فتح الباري، وروى الحديث مسلم والنسائي وأبي داود والترمذي وابن ماجه وأحمد بن حنبل وأبو عوانة وابن خزيمه والحميدي والبغوي في شرح السنة وغيره كثير....}.
وضده ذاك الذي قد نزلا
{النازل}(2)
وهو ما كثرت رجاله من مخرجه إلى النبي- صلى الله عليه واّله وسلم ـ ثم اعلم أن الإسناد العالي ينقسم إلى قسمين:
1- أن ينتهي إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا يسمى العلو المطلق.
2- أن ينتهي إلى إمام ذي صفة عليّة كشعبة بن الحجاج وهذا يسمى العلو النسبي، ومثاله:
كقول البخاري حدثنا آدم بن أبي إياس حدثنا شعبة، أو كقول الإمام أحمد ثنا الشافعي ثنا مالك وهذا باب واسع قد اهتم به كثير من العلماء، قال ابن حجر ـ رحمه الله ـ: (( وقد عظمت رغبة المتأخرين فيه حتى غلب ذلك على كثير منهم بحيث أهملوا الإشتغال بما هو أم منه))(3) اهـ.
وهو كما قال بعض أهل العلم: ولكن يهتم به مع الصحة أما مع الضعيف فلا يفرح به.
(2) انظر معرفة علوم الحديث ص12، والتبصرة للعراقي ج1/251 ـ 265، ونزهة النظر لابن حجر ص59، والباعث الحثيث ص134، وفتح المغي ج3/2 ـ 27، وشرح البيقونية للزرقاني ص51، والدرر حاشية نخبة الفكر.
(3) نزهة النظر ص58.
الثلاثيات
واهتم جماعة من العلماء بالثلاثيات في كتب مستقله، وأكثر كتب ثلاثيات هو مسند الإمام أحمد ويليه عبد بن حميد ثم الإمام البخاري في صحيحة، وأما أبو داود والنسائي فلا يوجد ثلاثيات عندهم بل أعلى ما يكون عندهم الرباعيات وأما الترمذي فعنده حديث واحد ثلاثي(1)، وأما ابن ماجه فعنده خمسة أحاديث وكذلك يوجد عند الدارمي والطبراني وغيرهما ثلاثيات والله أعلم.(1/15)
(1) الترمذي ج6/538 ـ تحفة الأحوذي قال: حدثنا إسماعيل بن موسى الفزاري بن ابن السيدي الكوفي أخبرنا عمر بن شاكر عن أمس بن مالك قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( يأتي على الناس زمان الصابر فيهم ... الحديث.
وما أضفته إلى الأصحاب من قول وفعل موقوب ركن
قوله {ما أضفته } أيها الرجل الذي ما أضفته إلى الصحابي من قول، مثل ما روى البخاري في صحيحة عن علي ـ رضي الله عنه ـ قال: (( حدثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله)).
أو فعل (( وذلك كرفع اليدين في جميع تكبيرات الجنائز من فعل ابن عمر)). رواه البيهقي في السنن الكبرى.
فهو موقوف { زكن } أي علم.
وقول الصحابي تارة يكون أمراً غيبياً وله حالتان:
1- إن يحدث عن أهل الكتاب فلا يقبل حديثه.
2- إن كان لا يأخذ عن أهل الكتاب فله حكم الرفع.
- مثاله: عن ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: (( كيف أنتم إذا لبستم فتنة يهرم فيها الكبير ويربو فيها الصغير ويتخذها الناس سنة إذا ترك منها شيء قيل تركت السنة. قالوا متى ذاك قال: إذا ذهبت علماؤكم، وكثرت قراؤكم، وقلت فقهاؤكم، وكثرت أمراؤكم، وقلت أمناؤكم، والتمست الدنياء بعمل الآخرة، وتفقه لغير الدين))..
رواه الدارمي والحاكم وسنده صحيح.
ومن وجه آخر ينقسم قول الصحابي إلى ستة أقسام:
1- أن يكون مخالفاً للمرفوع فهذا لا يحج به بالإجماع.
2- أن يكون مخالفاً لصحابي غيره(1)، فإن كان من غير الخلفاء الراشدين، فقد نقل ابن عقيل عدم الإحتجاج به بالإجماع، وإن كان من الخفاء الراشدين فله حالات:
أ- أن يخالف الخلفاء الراشدين ـ رضي الله عنهم ـ فيطرح قوله لقولهم(2) عند جماعة من أهل العلم، وعند آخرين ليس قولهم حجة على غيرهم من الصحابة ورجح العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ القول الأول.
ب ـ أن يخالف قول أبي بكر وعمر، فذهب بعضهم إلى أنه يقدم قول أبي بكر وعمر على قوله، وذهب بعضهم إلى عدم ذلك ورجح ابن القيم(1/16)
3- أن يقول الصحابي قولاً ليس له حكم الرفع فيشتهر عند الصحابي ثم لا ينكره أحد فهذا إجماع سكوتي وهو حجة على الصحيح.
4- أن يقول قولاُ ولا يعلم أنه اشتهر ولا يعلم كذلك أنه لم يشتهر فهنا ذهب ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إعلام الموقعين إلى حجيته وذهب جمع من العلماء إلى جمع حجيته.
(1) وهذا وما سيأتي محله فيما لم يرد على المسألة من الكتاب والسنة.
(2) انظر إعلام الموقعين ج4/119 والمذكرة للشنقيطي ص 164 ـ 166)).
رحمه الله القول الأول(1).
ومرسل منه الصحابي سقط
المرسل هو: ما رواه التابعي عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهذا هو التعريف الصحيح وعلى هذا لتعريف يكون تعريف المصنف فيه نظر!!؟
وجه هذا النظر: أننا إذا علمنا أن الصحابي هو الساقط يكون الحديث متصلاً صحيحاً، ولا وجه لجعله مرسلا.
(1) قال البغوي ـ رحمه الله ـ في شرح السنة ج1/207/ على قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين ... الحديث )) قال فيه دليل على أن الواحد من الخفاء الراشدين إذا قال قولاً، وخالفه غيره من الصحابة كان المصير إلى قوله أولى, وإليه ذهب الشافعي في القديم)).
(2) راجع (( الكفاية للخطيب البغوي ص546 والتمهيد لان عبدالبر ج1/19، وشرح السنة للبغوي ج1/245، ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص25 ومقدمة ابن الصلاح ص70 ـ التقييد والإيضاح، والمنهاج لشيخ الإسلام ابن تيمية ج4/117 والموقظة للذهبي ص38، والنكت على كتاب ابن الصلاح ج2/540، وفتح المغيث للسخاوي ج1/134، والمراسيل لابن أبي حاتم والمراسيل لأبي داود وجامع التحصيل للعلائي والدرر حاشية نخبة الفكر للمؤلف.
مسألة
اختلف العلماء في حكم المرسل على عدة أقوال وهي:
1- القول الأول أن يقبل مطلقاً.
2- القول الثاني أن يرد مطلقاً.
3- القول الثالث مراسيل سعيد بن المسيب تقبل ومراسيل غيره لا تقبل.(1/17)
4- القول الرابع مراسيل من علم من حال أنه لا يرسل إلا عن ثقة))، قال شيخ الإٍسلام ابن تيمية في كتابة: ((المنهاج)) ج4/117.
مسألة
أوهى المراسيل هي مراسيل الحسن وعطاء، وقال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ: (( لأنهما يأخذان عن كل واحد)).
*تنبيه: ذكر العراقي مذاهب العلماء في الاحتجاج بالمرسل ولخص أقوالهم في بيتين فقال:
واحتج به مالك كذا النعمان وتابعوهما به ودانوا
ورده جماهير النقاد للجهل بالساقط في الإسناد
وقل غريب ما روى راوٍ فقط
قوله: { وقل غريب}(1) الغريب: هو ما انفرد به روا من الرواة من إحدى طبقات السند التي يدور عليها الإسناد ويبتدئ من الصحابي، ولو انفرد به راوٍ بأي طبقة من الطبقات.
مثاله: حديث عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وهو حديث النية انفرد به عمر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم.
وانفرد به عمر عن علقمة وانفرد به عمر عن علقمة محمد بن إبراهيم التميمي وانفرد به عن محمد يحيى ب سعيد الأنصاري ورواه عن يحيى جمع كثير من الأئمة الحافظ.
(1) انظر شرح العراقي لألفيته ج1/265، التبصر )) ونزهة النظر ص25. والباعث الحثيث ص141، وفتح المغيث ج3/128، والدرر حاشية نخبة الفكر..
فصل
قال غير واحد من أهل العلم: إن الغريب شر الحديث لذلك كان جماعة من السلف يحذرون من الغريب حتى إن الإمام مالكاً يقول: (( شر العلم الغريب، وخير العلم الظاهر الذي قد رواه الناس)).
وقال الإمام أحمد: لا تكتبوا هذه الأحاديث الغرائب مناكير وعامتها عن الضعفاء)).
ومع ذلك ربما يكون الحديث غريباً وتجتمع الأمة على صحته كحديث عمر بن الخطاب السابق.
قوله { إسناده منقطع}(1): الانقطاع عله من علل السند، والانقطاع لا يتوصل إليه في بعض الحالات إلا الأئمة الحذاق الذين يعلمون مواليد الرواة ووفياتهم لأنه قد يأتي حديث ظاهرة الاتصال وهو منقطع.(1/18)
مثاله: روى الإمام مسلم في صحيحة من طريق عبده بن أبي لبابة عن عمر بن الخطاب أنه كان يستفتح بسبحانك اللهم ../ قال ابن حجر في البلوغ: رواه مسلم بسند منقطع.
قلت الانقطاع ( عبدة لم يسمع من عمر ) والأثر صحيح عن عمر من غير هذه الطريق.
(1) مراجع الحديث المنقطع ما يلي ( معرفة علوم الحديث ص27، والتبصرة للعراقي ج1/158، ومقدمة ابن الصلاح ص76 ـ التقييد والإيضاح، والموقظة ص40، والباحث الحثيث ص41، ونزهة النظر ص42، وفتح المغيث ج1/156 وغيرها كثير....).
وكل ما لم يتصل بحال إسناده منقطع الأوصال
قلت الانقطاع ( عبدة لم يسمع من عمر ) والأثر صحيح عن عمر من غير هذه الطريق.
قوله: {والمعضل}(1) هو ما سقط منه اثنان.
قال العراقي ـ رحمه الله ـ:
والمعضل الساقط من اثنان فصاعداً ومنه قسم ثان
حذف النبي والصحابي معاً ووقف متنه على من تبعا
فنستطيع أن نقول أن شطر البيت الأول للعراقي والله أعلم.
والمعضل قسم من أقسام الحديث الضعيف لأنه سقط منه رجلان أو أكثر على التوالي، فإن لم يكن السقط متوالياً فهو المنقطع. وقد تقدم الكلام عليه.
مثاله: قال مالك ما بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( للملوك طعامه وكسوته )).
وقد وصل من طريق آخر عن مالك خارج الموطأ فوجد أن الساقط اثنان(2).
(1) راجع (( معرفة علوم الحديث للحاكم ص36، وشرح ألفية للعراقي المسماه بالتبصرة ج1/159، ومقدمة ابن الصلاح ص81 ـ التقييد والإيضاح والتقريب للنووي ج1/211 ـ تدريب الراوي، والموقظة للذهبي ص40، ونزهة النظر ص42، والنكت للحافظ ابن حجر ج2/575، والباغث الحثيث ص43، والدرر حاشية نخبة الفكر)).
(2) انظر معرفة علوم الحديث للحاكم ص37.
قلت الانقطاع ( عبدة لم يسمع من عمر ) والأثر صحيح عن عمر من غير هذه الطريق.
قوله: {والمعضل}(1) هو ما سقط منه اثنان.
قال العراقي ـ رحمه الله ـ:
والمعضل الساقط من اثنان فصاعداً ومنه قسم ثان(1/19)
حذف النبي والصحابي معاً ووقف متنه على من تبعا
فنستطيع أن نقول أن شطر البيت الأول للعراقي والله أعلم.
والمعضل قسم من أقسام الحديث الضعيف لأنه سقط منه رجلان أو أكثر على التوالي، فإن لم يكن السقط متوالياً فهو المنقطع. وقد تقدم الكلام عليه.
مثاله: قال مالك ما بلغني عن أبي هريرة أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( للملوك طعامه وكسوته )).
وقد وصل من طريق آخر عن مالك خارج الموطأ فوجد أن الساقط اثنان(2).
(1) راجع (( معرفة علوم الحديث للحاكم ص36، وشرح ألفية للعراقي المسماه بالتبصرة ج1/159، ومقدمة ابن الصلاح ص81 ـ التقييد والإيضاح والتقريب للنووي ج1/211 ـ تدريب الراوي، والموقظة للذهبي ص40، ونزهة النظر ص42، والنكت للحافظ ابن حجر ج2/575، والباغث الحثيث ص43، والدرر حاشية نخبة الفكر)).
(2) انظر معرفة علوم الحديث للحاكم ص37.
وما أتى مدلساً نوعان
قوله {وما أتى مدلساً نوعان}:
التدليس قسم من أقسام الحديث الضعيف وهو ثلاثة أنواع(2):
1- تدليس الإسناد: وهو أن يروي المحدث حديثاً عمن لقيه ما لم يسمعه منه غير أنه يذكره بصيغة محتملة للسماع.
2- تدليس الشيوخ: وهو أن يروي عن شيخ حديثاً سمعه منه فيسميه أو يكنيه أو يصفه بمال يعرف(3) كي لا يعرف.
3- تدليس التسوية، وهو شر وأقبح أنواع التدليس وممن يفعله كثيراً، الوليد بن مسلم، وبقية بن الوليد.
قال الذهبي ـ رحمه الله ـ: (( التدليس داخل في قوله ـ عليه السلام ـ: (( من غشنا فليس منا )). لأنه يوهم السامعين أن حديثه متصل وفيه انقطاع، هذا إن دلس عن ثقة فإن كان ضعيفاً فقد خان الله ورسوله.(1/20)
قال شعبة: (( التدليس أخو الكذب)). رواه الخطيب في الكفاية وتدليس التسوية بم يذكره ابن الصلاح وقد ذكره العراقي وأشار إلى أنه وما يخالف ثقة فيه الملا فالشاذ والمقلوب تلا فقد سماه بذلك أبو الحسن القطان وغيره وصورته(4) أن يجيء المدلس إلى حديث سمعه ذلك الشيخ الثقة من شيخ ضعيف وذلك الشيخ الضعيف يرويه عن شيخ ثقة فيعمد المدلس الذي سمع الحديث من الثقة الأول فيسقط منه شيخ شيخه الضعيف ويجعله من رواية شيخه الثقة عن الثقة الثاني بلفظ محتمل كالعنعنة ونحوها فيصير الإسناد لكنه ثقات ويصرح به هو بالاتصال بينه وبين شيخه لأنه قد سمعه منه فلا يظهر حيئذٍ في الإسناد ما يقتضي إلى عدم قبوله إلا لأهل النقد والمعرفة بالعلل)). وقد لا يسقط المدلس شيخه ولكن يصفه بأوصاف لا تعرف، فمثلاً يصف ابن لهيعة بما لا يعرف به فيأتي يصحح أحاديث المجاهيل فيقول ثقة ولو تبين له أنه ابن لهيعة لضعفه.
(1) إلى قوله:
الأول: الإسقاط للشيخ وأن ينقل عمن فوقه بمن وأن
والثاني: لا يسقط لكن يصف أوصافة بما لا ينعرف
(2) انظر التقييد والإيضاح ص95.
(3) قال الحافظ ابن حجر: ليس قوله بما لا يعرف به قيداً فيه بل إذا ذكره بما يعرف به إلا أنه لم يشتهر به كان ذلك تدليساً.
(4) انظر التقييد والإيضاح ص95، والنكت على كتاب ابن الصلاح ج2/616.
الحديث الشاذ
قوله: { فالشاذ }(1): (( وهو ما يخالف الثقة من هو أوثق منه ))، وهذا التعريف أدق من تعريف المصنف. لأن تعريف المصنف عام يدخل فيه الثقات والضعفاء ثم إن العلماء تختلف فهومهم فتارة يخالف الثقة من هو أوثق منه يقول بالشذوذ وبعضهم يقول الزيادة من الثقة مقبولة ويجعلها زيادة ثقة.
وأمثلته كثيرة ومنها:(1/21)
1- حديث عبدالله بن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة من تكبيرات الجنائز كما روى البخاري في جزء رفع اليدين والدارقطني وجماعة من الثقات موثوقاً، وخالفهم عمر بن شبة فرواه من طريق يزيد بن هارون أنبأنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فرفعه شاذ على القول الصحيح(2) كما ذهب إليه الدارقطني ـ رحمه الله ـ.
2- المثال الثاني: قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه....)). الحديث زاد بن أبي شيبة((من الإثم))(3)، (( لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه )). فلفظة الاسم شاذة انفرد بها ابن أبي شيبة عن سائر رواة الحديث(4).
3- المثال الثالث: ما رواه البخاري والأربعة: (( من سمع النداء فليقل اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته))، زاد البيهقي في السنن الكبرى: (( إنك لا تخلف الميعاد)). وهذه الزيادة شاذة وبعضهم قال زيادة ثقة وسندها.
عند البيهقي لا مطعن فيه والله أعلم.
والشاذ قسم من أقسام الحديث الضعيف.
1- انظر بحثه محرراً في (( معرفة الحيث للحاكم ص ـ 111)) والتقييد والإيضاح للعراقي ص100، والتقريب للنووي ج1/232 ـ تدريب الراوي)) والموقظة ص42، والنكت على كتاب بان الصلاح ج2/652، وفتح المغيث للسخاوي ج1/169، والدرر حاشية نخبة الفكر)).
2- راجع فتح الباري ج3/190 ـ تعليق وسلسلة الأحاديث الضعيفة ج3/149.
3- المصنف ج1/253.
4- انظر فتح الباري ج1/585.
فالشاذ ب يتعلق بالمتون المقلوب قسمان تلا
قوله: { والمقلوب }(1) وهو قسمان:
1- قلب يتعلق بالإسناد وله صورتان.
2- قلب يتعلق بالمتن.
- مثال الأول ـ أي قلب الإسناد وله صورتان-:
أ- إما أن يكون القلب بتقديم أو البيهقي لا مطعن فيه والله أعلم.
أخير كمثل (( مرة بن كعب )) ينقلب والشاذ بـ (( قسم من أقسام الحديث الضعيف.(1/22)
كعب بن مرة )) وسعد بن سنان يقوله:نقلب { والمقلوب }بـ (( سنان بن(1): وهو قسمان:
سعد)).
ب ـ الصورة الثانية: أن يبدل الراوي راويا1- قلب ً.يتعلق بالإسناد وله صورتان
ب2- قلب يتعلق بالمتن.
- مثال الأول غيره لقصد الامتحان أو غيره كالإغرا ـ أي قلب الإسناد وله صورتان-:
ب فإن فعل للإغراب فقد قال الذهأ- إما أن يكون القلب بتقديم أو تأخير كمثل (( مرة بن كعب )) ينقلب بـ (( كعب بن مرة )) وسعد بن سنان ينقلب بـ (( سنان بن سعد)).
بي: (( فمن فعل ذلك خطأ فقريب ومن تعمد ذلك وركب متناً على إسناده وليس له فهو سارق الحديث وهو الذي يقال في حقه فلان يسرق )). وهب ذاـ الصورة الثانية: أن يبدل الراوي القسم من أقسام الموضوع وإن فعله راوياً بغيره لقصد الامتحان أو غيره كالإغراب فإن فعل للإغراب فقد قال الذهبي: (( فمن فعل ذلك خطأ فقريب ومن تعمد ذلك وركب متناً على إسناده وليس له فهو سارق الحديث وهو الذي يقال في حقه فلان يسرق )). وهذا القسم من أقسام الحديث الموضوع وإن فعله للإمتحان فيجوز للحاجة كما وقع البخاري ولكن يشترط أن لا يستمر بل ينتهي بانتهاء الحاجة، والله أعلم.
مثال قلب المتن: ما رواه البخاري وغيره عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ
في الحديث المشهور وفيه: (( أما النار فينشئ الله لها أقواماً.....)) الحديث(2)، والصواب: (( أما الجنة فينشئ الله لها أقواماٌ)) كما هو في الصحيحين وممن قال ذلك لبليقي نقله عن ابن حجر(3) وابن القيم في الزاد لأنه: يخالف كثيراً من النصوص القرآنية أيضاً كقوله ـ تعالى ، (( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا )).
وقوله تعالى: (( ولا يظلم ربك أحدا )) والأدلة على ذلك كثيرة جداً(1/23)
ومن الأمثلة أيضاً على ما قبل المتن: (( أن بلالاً يؤذن بالليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم )). فانقلب إلى: (( أن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال))، قال بالقلب ابن القيم وسبقه إلى ذلك ابن عبدالبر وجماعة، وخالفهم الحافظ وقال: هو صحيح كما في الفتح ج2/102.
(1) انظر مقدمة ابن الصلاح ص134 ـ التقييد والإيضاح، والتبصرة للحافظ العراقي ج1/282، والتقريب للنووي ج1/291 ـ تدريب الراوي، والموقظة ص60، وزاد المعاد لان القيم ج1/226، والفتاوى لشيخ الإسلام، وفتح الباري ج13/437, وفتح المغيث ج1/272.
(2) صحيح البخاري ج13/234 ـ فتح الباري.
(3) الفتح ج13/473.
إبدال راوٍ ما براو قسم وقلب إسناد لمتن قسم
والفرد ما قيدته بثقة أو جمع أو قصر على رواية
قوله: { الفرد }(1): وهو قسمان:
1- مطلق: وهو نوعان:
أ) تفرد راو من الرواة بالحديث.
ب ) أن يتفرد أهل بلد بالحديث دون غيرهم.
2- نسبي: وهو المقيد كقولك لم يروه عن فلان إلا فلان ومثله لم يروه ثقة إلا فلان وله أنواع أخر.
ومثاله: ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن أنس أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( دخل مكة وعلى رأسه المغفر )). قال غير واحد من الأئمة: انفرد به مالك عن الزهري ولكن قال الحافظ ابن حجر: فقول من قال من الأئمة إن هذا الحديث تفرد به مالك عن الزهري ليس على إطلاقه وإنما المراد به شرط الصحة أهـ.
وما أحس ما قاله الترمذي عقب تخريجه: (( لا يعرف كبير أحد رواه عن الزهري غير مالك ومثله على ابن حبان)).
(1) راجع: (( معرفة علوم الحديث للحاكم ص96، والنكت على كتاب ابن الصلاح ج2/703، ونزهة النظر ص28، وشرح البيقونية للزرقاني ص72.
قوله: { وما بعلة غموض....}(1/24)
المعلل (1): وهو من أصعب أنواع الحديث وأخطرها ولا يتكلم به إلا الأئمة الحفاظ الذين رزقوا الحافظة الواسعة والملكة القوية بمعرفة الأسانيد والمتون كالإمام أحمد وابن معين وابن أبي حاتم والبخاري، والدار القطني ومن بعدهم كالبيهقي ومن بعده كابن تيمية والذهبي والزيلعي ـ وهو من أقوى أهل زمانه بهذا الفن والحافظ بن حجر، رحمهم الله ـ تعالى ـ، قال ابن مهدي: لا أعرف علة حديث هو عندي أحب من أن أكتب حديثاً ليس عندي)).
والعلة تكون بوصل موقوف أو إرسال خفي أو إدخال حديث بحديث وانقطاع، ولا يدرك ذلك إلا بحفظ المواليد والوفيات وجمع الطرق وممارسة هذه الفتن.
والأحاديث المعللة كثيرة جداً منها: حديث عمر من طريق عبدة بن أبي لبابة الذي تقدم، وحديث عائشة الذي فيه: (( كان ينهى عن عقبة الشيطان )). رواه مسلم.
قال الحافظ فيه علة، قلت وعلته أن رواه عن عائشة ابن الجوزاء واسمه ( أوس بن عبدالله الربعي ) وقد رجح الأئمة الكبار منهم ابن عبدالبر النمري أنه لم يسمع من عائشة، ولكن ورد ما يدل على أن أبا الجوزاء عاصر عائشة فعلى هذا لا اعتراض على الإمام مسلم في إخراج هذا الحديث لأنه يشترط المعاصرة دون اللقى(2).
(1) انظر شرح بحثه محرراً في معرفة علوم الحديث ص12، ومقدمة ابن الصلاح ص115، التقييد والإيضاح، والتبصرة للعراقي ج1/224، والموقظة ص51 ـ 53، والنكت لابن حجر ج2/710، والباعث الحثيث ص53، وفتح المغيث ج1/224، وراجع الملل لابن أبي حاتم والعلل للدار القطني وشرح علل الترمذي لابن حجر)).
(2) راجع تهذيب التهذيب في ترجمة أبي الجوزاء، ج1/335.
وذو اختلاف سند أو متن مضطرب عند أهل الفتن
قوله { مضطرب(1) عند أهيل الفن }: والمضطرب الذي وقع في سنده اختلاف وقد يكون الاختلاف في المتن، ولكن وقوعه في الإسناد أكثر.
قال ابن حجر: (( الاختلاف الذي يؤثر قدحاً )) أما إذا لم يؤثر قدحاً فليس بمضطرب.(1/25)
قال ابن حجر: واختلاف الرواة في اسم رجل لا يؤثر ذلك، لأنه إن كان ذلك الرجل ثقة فلا ضير، وإن كان غير ثقة فضعف الحديث إنما هو من قبل ضعفه لا من قبل اختلاف الثقاث في اسمه))(2).
والإضطراب علة من علل الحديث، ومن الإضطراب أن الراوي يروي حديثاً عن راو واحد بروايات مختلفة، ومنه أيضاً أن يرويه الراوي تارة موقوفا وتارة مرفوعاً وهذا ليس على إطلاقه لأن الراوي قد ينشط تارة فيرفعه، وبعض الأحيان يوقفه.
مثاله: ما روى الإمام أحمد وابن ماجه وابن حبان والبيهقي في السنن الكبرى وغيرهم: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( إذا صلى أحدكم فليجعل لتقاء وجهه شيئاً ولا يدع أحداً أن يمر بين يديه....)). الحديث وفيه: (( فإن لم يجد فليخط خطاً))، هذا الحديث قال فيه العراقي: إنه مضطرب لاختلاف الرواة فيه(3)، وقد أبطل الحافظ في ( النكت ) دعوى الإضطراب ورد على من قال إنه مضطرب، وأشار إلى ذلك في بلوغ المرام وقال: (( لم يصيب من زعم أنه مضطرب ))، والظاهر بأنه يسلم للحافظ بأنه ليس بمضطرب.
ولكن الحديث فيه جهالتان تجعله ضعيفاً فعلى هذا نقول إن الحديث رومي بعلتين وهما:
الأولى: الإضطراب، وأثبت الحافظ عدم الإضطراب ولكن تبقى العلة الثانية: وهي الجهالة أي جهالة بعض الرواة فيه، فيتلخص عندنا ضعف الحديث لجهالة بعض الرواة.
(1) راجع مقدمة ابن الصلاح ص124 ـ التقييد والإيضاح، والتبصرة للعراقي ج1/240، والنكت لابن حجر ج2/272.
(2) وقال في نزهة النظر ص47 إن كانت المخالفة { بإبداله } أي الراوي (( ولا مرجح )) لإحدى الروايتين على الأخرى ( فهذا المضطرب ).
(3)ألفية العراقي ج1/240 وج2/237 فتح المغيث للسخاوي.
والمدرجات في الحديث ما أتت من بعض ألفاظ الرواة اتصلت
قوله { والمدرجات(1) في الحديث }:(1/26)
المدرج: هو ما زاد أحد الرواة في الحديث كلمة أما مفسرة للفظة أو مبنية لمعنى وقد يأتي من بعد هذا الراوي فيروي هذه الكلمة متصلة بالحديث لتوهمه أنها منه(2).
ويحرم الإدراج إلا مع بيانه، ويجوز في تفسير كلمة ونحوها إذا ظهر الإدراج ولم يلتبس بقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ.
والإدراج له ثلاث حالات:
1- تارة يكون في أول الحديث.
ومثاله: قال أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: (( ويل للأعتاب من النار )). أخرجه البخاري، فقوله: أسبغوا الوضوء مدرج من قول أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ.
2- وتارة يكون الإدراج في وسط الحديث.
ومثاله: كان الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحنث في غار حراء ( وهو التعبد ـ الليالي ذوات العدد ).
فأدرج الزهري(3) في وسط الحديث كلمة (( التعبد )).
3- وتارة يكون الإدراج في آخر الحديث:
ومثاله: نهى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (( عن الشغار )) والشغار هو أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق، وهذا الحديث متفق على صحته من حديث ابن عمر، وتفسير الشغار مدرج من بعض الرواة.
(1) راجع مقدمة ابن الصلاح ص127 التقييد والإيضاح، والتقريب للنووي ج1/268 ـ تدريب الراوي.
(2) ويدرك ذلك إما بورد الحديث من طريق أخرى بدونها وإما بنص الراوي على ذلك وإما باستحالة أن يكون ذلك من كلام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كحديث (( للعبد المملوك أجران والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك )) فقوله: ((والذي نفسي بيده.......إلخ))مدرج من كلام أبي هريرة.
(3) قال ابن حجر في الفتح ج1/23 هذا مدرج في الخبر وهو من تفسير الزهري كما جزم به الطيبي لوم يذكر دليله، نعم في رواية المؤلف من طريق يونس عنه ما يدل على الإدراج ا هـ.
* تنبيه *
الإدراج له حالتان:(1/27)
الحالة الأولى: لا يحتج به/ كما في آخر الحديث المتقدم والصواب إبطال الشغار مطلقاً سواء كان بصداق أو غير صداق.
الحالة الثانية: أن تكون موافقه للمعنى كتفسير المتقدم فهذا لا بأس به على التفصيل السابق.
قوله { مدبج }(1): وهو أن يروي كل قرين عن قرينه. وإما أن تشارك الراوي ومن روى عنه في أي أمر من الأمور المتعلقة بالرواية فهذا النوع المسمى بالأقران ( جمع قرين ).
والمدبج أخص من رواية الأقران فكل مدبج أقران ولا عكس وللدار القطني ـ رحمه الله ـ مصنف في المدبج.
ومثاله: رواية الإمام أحمد وعلي بن المديني كل منهما عن الآخر، قال ابن حجر: وإذا روى الشيخ عن تلميذه صدق أن كل منهما ـ يروي فيه عن الآخر فهل يسمى مدبجاً؟ فيه بحث ونظر لا، لأنه من رواية الأكابر عن الأصاغر والتدبيج مأخوذ من ديباجتي الوجه فيقتضي أن يكون ذلك مسوياً من الجانبين فلا يجيء فيه هذا اهـ.
(1) مقدمة ابن الصلاح ص333، التقييد والإيضاح، والتقريب للنووي ج2/246 تدريب الراوي، ونزهة النظر: ص60.
متفق لفظاً وخطا متفق وده فيما ذكرنا المفترق
قوله{ متفق والمفترق }(1): والمتفق ( هو أن يتفقا باللفظ والخط ) وفائدته عظيمة لا بد لطالب العلم منه وإلا وقع في التخليط بين الرواة، كما لو ورد عليه مثلاً: ( حماد ) هنا لا يدري هل هو ( حماد بن سلنه ) أم (حماد بن زيد ) أو غيرهما، فإذا كان الراويين ثقتين يقل الخطب، وإذا كان أحدهما ثقة والآخر ضعيفاً فهنا يعظم الخطب، كما لو قال الراوي مثلاً حدثني ( الليث ) لا تدري هل هو ابن سعد أم ابن أبي سليم؟ لأنهما قد تعاصؤا، فهنا نحتاج إلى تحري وضبط بمعرفة شيوخ هذا من شيوخ هذا والمفترق أقسام غير ما مثلنا به:
منها: أن ننفق أسماؤهم وأسماء آبائهم.
ومنها: أن تتفق أسمائهم أسماء آبائهم وأجدادهم.
ومنها: أن تتفق أسمائهم وأسماء آبائهم وأسماء آبائهم وأنسابهم.
وغير ذلك مما يراجع في المطولات لم أراد الزيادة.(1/28)
(1) راجع مقدمة ابن الصلاح ص404، التقييد والإيضاح، والتقريب للنووي ج2/316 تدريب الراوي، ونزهة النظر ص66، والباعث الحثيث ص139، وفتح المغيث ج3/269.
مؤتلف متفق فقط وضده مختلف فاحش الغلط
قوله[مؤتلف]: والمؤتلف(هو أن يتفقا في الكتابة ويختلفا في النطق) وهذا كسابقه يحتاج أليه طالب العلم، ولكن ليس بمنزلة المتفق والمفترق في وجوب الضغط، وقد يتلقى الإئتلاف والإختلاف من أفواه الرجال.
وهناك قواعد أصلها العلماء في ضبط الرجال وهي: أن كل رجل من الرواة ينطق(عُمارة) بضم العين، إلا الصحابي فإنه (عمارة) بكسر العين وقيل بالضم، وقالوا مثل كل الرواة يقال لهم( حبان)بفتح الحاء غلا صاحب الصحيح فيقال لح حبان بكسر الحاء ولكن قد يقع نزاع في ذلك فمثلاَ (أن صحابي ضبط(عمارة) بضم العين وكذلك وجد من يقا لله(حبان) بكسر الحاء غير صاحب الصحيح .
وهناك كتب عظيمة في هذا الشأن منها على سبيل المثال:
1ـ الإكمال: لابن ماكولا (2).
2ـ (تبصير المنتبة في تحرير المشتبه) للحافط ابن حجر/ 4مجلدات.
3ـ (تهذيب الأسماء اللغات) للنووي/ 3مجلدات.
4ـ ( المعنى في ضبط أسماء الرجال) لمحمد طاهر الهندي؟
(1) انظر: مقدمة ابن الصلاح ص 381، التقليد والإيضاح، والتبصرة للعراقس ج3/128، والتقريب للنوويج2/297، الراوي، ونوهة النظر ص 66، والباعث الحثيث ص189، وفتح المغيث لليخاوي ج3/233.
(2) قالابن كثيرـ رحمه الله ـ: قد استدرم عليه الحافظ عبد الغني بن نقطة كتاباَ قريباَ من ألإكمال ـ فيه فوائد كثيرة)).
والمنكر الفرد به راو غدا تعديله لا يحمل التفردا
قوله: { والمنكر (1) الفرد }: عرف المنكر بتعريفات كثيرة أشهرها تعريفان أحدها ما اقله الحافظ بن حجر: ( هو الضعيف الذي يخالف الثقة ) وهذا التعريف هو الذي اعتمده الحافظ.(1/29)
الثاني: تفرد الراوي بالحديث بحيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثة بالصحة بغير عاضد يعضده ولذلك كان جماعة من الأئمة يطلقون المنكر ويعنون به المتفرد بالحديث ممن تعديله لا يحمل التفرد وعلى هذا مشى صاحب النظم، وهناك بعض العلماء يطلق النكارة على الحديث وإن كان رواته كلهم ثقات إذا دلت قرينة على وهم الراوي بالحديث بحيث لا يكون التفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده ولذل كان جماعة من الأئمة يطلقون المنكر ويعنون به التفرد بالحديث ممن تعديله لا يحمل التفرد وعلى هذا مشى صاحب النظم، وهناك بعض العلماء يطلق النكارة على الحديث وإن كان رواته كلهم ثقات إذا دلت قرينة على وهد الراوي كما قال أبو داود على حديث همام عم ابن جريج عن الزهري عن أنس: ((كان النبيـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا دخل الخلاء وضع خاتمه)).
قال عنه: هذا حديث منكر لم يروه إلاهمام مع أنه(ثقه حافظ) ولكن عندما تفرد همام به عن ابن جريج أطلق عليه النكارة ونوزع أبو داود في ذلك(2).
مثال منكر الحديث: معمر بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، قال البخاري: منكر الحديث، ومن حديثه: (( إذا ظنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي وليقل: ذكر الله من ذكرني بخير)) رواه البزار والعقيلي في الضعفاء وغيرهما .
(1) أنظر: مقدمة ابن الصلاح ص105، التقييد والإيضاح، والتبصرة للعراقي ج1/197 والموقظة ص42، والنكت على كتاب أبن الصلاح ج2/674، ونزهة النظر ص35، وفتح المغيث ج1/201، والدرر حاشية نخبة الفكر.
(2) انظر لزاماَ كلام الحافظ أنب حجر في ذلك وسبب إطلاق النكارة عليه، النكت على كتاب ابن الصلاح ج2/ 677 .
متروكه ما واحد به انفرد
قوله[متروكة](1): ومن المهم أيضاَ معرفة المتركين ولذلك صنف الأئمة الحفاظ كتباَ- في الضعفاء والمتركين وما ذالك إلا لأهميته ومن ذلك كتاب:
1ـ الضعفاء والمتركين/ للنسائي، و...
1ـ الضعفاء والمتركين/ للدارقطني، و...(1/30)
3ـ المجروحين/ لابن حبان.
* مثال للمتركين: (عمر بن هارون)(2)، ومن حديثه: أن النبي ـ صلى الله وآله وسلم ـ كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها)). رواه الترمذي وغيره ولا شك فيبطلانه.
ومنهم/ محمد بن مروان السدي الأصغر(3)،فهذا متروك الحديث بل قيل موضوع الحديث.
(1) انظر: نزهة النظر 45 وسائر الكتب المؤلفة في المتركين.
(2)في تقريب التهذيب ج2/64، متروك وكان حافظاَ، وفي الكاشفج2/179،واه اتهمه بعضهم.
(3) في تقريب التهذيب ج2/206ـ متهم بالكذب، وفي الميزا ج4/32 تركوه واتهمه بعضهم بالكذب .
وأجمعوا لضعفه فهو كرد
والكذب المختلق المصنوع على النبي فذلك الموضوع
قوله[ أجمعوا لضعفه فهو كرد]: أي أن العلماء اتفقوا ولم يختلفوا في ترك الحديث المتروك.
قوله[كرد]: أي كالموضوع في عدم الاستدلال به.
قوله[ فذلك الموضوع01)]: والموضوع بابه واسع يجب على طالب العلم أن يفرق بين الموضوع والصحيح ، فكان جماعة من السلف يهتمون بالتفريق بين الموضوع والصحيح حتى أن الإمام أحمد رحمه الله حفظ ابنه (خمسة عشر ألف حديث) وقال: بابني هذه موضوعة فابدأ الآن بحفظ الصحيح.
ذكر ذلك صاحب شذرات الذهب(2).
أمثلة على الأحاديث الموضوعة:
1ـ(( الإيمان لا يزيد ولا ينقص))، قال البخاري/ من حدث به يستحق الضرب والحبس.
2ـ ومن ذلك:( لأن يربي أحدكم جرو كلب خير له من أن يربي ابنه آخر الزمان )). رواه الطبراني وغيره وهو موضوع.
(1) انظر: ((مقدمة ابن الصلاحص130ـ التقييد والإيضاح، والتقريب للنووي ج1/274 تدريب الراوي والمنار المنيف لابن القيم ص43 وفتح المغيث ج1/252
(2) ج2/ 203
وقد أتت كالجوهر المكنون سميتها منظومة البيقوني
3ـ ويدخل في الموضوع الذي لا أصل له مثل: ((إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج)). وهو لا أصل له، وكقول العوام وبعض طلبه العلم(( تكبيرة الإحرام من الدنيا وكما فيها )).(1/31)
وقولهم عند تسوية الصفوف :)) استقيموا)) وهي غير ثابتة بل الثابت قوله:(( استووا ولا تختلفوا فتحتلف قلوبهم)) وقوله: (( أتموا الصفوف)) وقوله:((أقيموا صفوفكم ))، ثلاثاً وقوله: (( سووا صفوفكم ))، وقوله: (( حاذوا بين المناكب والأكعب))، وقوله: (( أقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة))
قوله[كالجوهر المكنون ] أي المخفي.
البيقوني: هو طه بن محمد البيقوني، وقيل اسمه عمر بن محمد الدمشقي الشافعي المتوفى سنة(1080) هـ .
فوق الثلاثين بأربع أتت أبياتها تمت بخيرٍ ختمت
قوله: (([ فوق الثلاثين -ئ بأربع أتت]:
يعني أبيات هذه المنظومة بلغت (34) بيتاً مع اختصار الشديد، وذكر الناظم فيها كثيراً مما تحتاج إليه طالب العلم وهي من أوجز المصطلحات الحديثية في النظم.
وطالب العلم يحسن في حقه حفظها، ولكن المعول -م على(نخبة الفكر) لأنها شاملة لفوائد المطولات حافلة بالأقوال الصحيحة جامعة لغرر الفوائد يستغنى بها عن كثير من المطولات ولا يستغنى بكثير من المطولات عنها ولنا حاشية عليها والله أعلم وصلى وسلم على نبينا محمد وعلى آل وصحبه أجمعين.(1/32)