أسباب العلّة :
أوهام الثقات (السبب العام : الضعف البشري )
قال ابن المبارك ومن يسلم من الوهم .
وقال ابن معين من لم يخطئ في الحديث فهو كذاب .
وقال أيضا لست أعجب ممن يحدث فيخطئ إنما أعجب ممن يحدث فيصيب .
وذكر الترمذي في العلل الصغير الحفاظ المتقنين الذين يقل خطؤهم ، وذكر أنه لم يسلم من الخطأ كبير أحد من الأئمة على حفظهم .
وقد وهمت عائشة جماعة من الصحابة في رواياتهم ، ووهم سعيد بن المسيب ابن عباس في قوله تزوج النبي ميمونة وهو محرم .
وقال الإمام أحمد : كان مالك من أثبت الناس وكان يخطئ .
وقال البرذعي شهدت أبا زرعة وذكر عبد الرحمن ابن مهدي ومدحه وأطنب في مدحه وقال : وهم في غير شيء ثم ذكر عدة أسماء صحفها ، منها :قوله : شهاب بن شريفة وإنما هو شهاب بن شرنفة ، وقال : عن هشام عن الحجاج عن عائذ بن بطة ، وإنما هو ابن نضلة ، وقال : قيس بن جبير ، وإنما هو قيس ابن حبتر ، وزن جعفر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : « وقد يترك- أي البخاريَّ أو مسلماً - من حديث الثِّقة ما علم أنه أخطأ فيه ، فيظنُّ من لا خبرة له أنَّ كلَّ ما رواه ذلك الشَّخص يحتجُّ به أصحاب الصَّحيح ، وليس الأمر كذلك . فإن معرفة علل الحديث علم شريف يعرفه أئمَّة الفن ... »(1) .
وقال أيضاً : « ... فإنهم أيضاً يضعِّفون من حديث الثِّقَة الصَّدوق الضَّابط أشياء تبيَّن لهم أنه غلط فيها بأمور يستدلُّون بها ، ويسمُّون هذا "علم العلل" ، وهو أشرف علومهم ، بحيث يكون الحديث قد رواه ثقة ضابط ، وغلط فيه ، وغلطه قد عُرِفَ »(2) .
__________
(1) مجموع الفتاوى (18/42) .
(2) مجموع الفتاوى (13/352-353) .(1/1)
وذكر ابن القيِّم مطرًا الورَّاق فقال : « ولا عيب على مسلمٍ في إخراج حديثه ، لأنه ينتقي من أحاديث هذا الضَّرب ما يعلم أنه حفظه(1) ، كما يطَّرح من أحاديث الثِّقة ما يعلم أنه غلط فيه ، فغلط في هذا المقام من استدرك عليه إخراج جميع حديث الثِّقة ، ومن ضعَّف جميع حديث سيِّء الحفظ . فالأولى طريقة الحاكم وأمثاله ، والثانية طريقة أبي محمد ابن حزمٍ وأشكاله ، وطريقة مسلم هي طريقة أئمة هذا الشَّأن ، والله المستعان »(2) .
وفيما يلي عرض لأحاديث وهم فيها كبار الثقات :
منهم شعبة بن الحجاج وثناء العلماء على شعبة جزيل طويل فهو أمير المؤمنين في الحديث ورجل روى عنه شعبة لا يسأل عنه وكان الثوري يقول أستاذنا شعبة وقال الشافعي لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق ولكن لشعبة أوهام وفي حديثه علل وإن كانت قليلة وقد وقف النقاد عليها .مثال :
صحيح مسلم ج2/ص819
1162 حدثنا محمد ابن المثنى ومحمد ابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد ابن جعفر حدثنا شعبة عن غيلان ابن جرير سمع عبد الله ابن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صومه قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا ... ، الحديث ، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل علي فيه ، وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية قال وسئل عن صوم يوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية
قال مسلم : وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال وسئل عن صوم يوم الإثنين والخميس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما .
__________
(1) يعضده قول الإمام أحمد في حسين بن قيس : « متروك الحديث ، وله حديث واحد حسن » - الكامل لابن عدي (3/218) .
(2) زاد المعاد (1/364) .(1/2)
1162 وحدثناه عبيد الله ابن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة حدثنا شبابة ح وحدثنا إسحاق ابن إبراهيم أخبرنا النضر ابن شميل كلهم عن شعبة بهذا الإسناد
1162 وحدثني أحمد ابن سعيد الدارمي حدثنا حبان ابن هلال حدثنا أبان العطار حدثنا غيلان ابن جرير في هذا الإسناد بمثل حديث شعبة غير أنه ذكر فيه الإثنين ولم يذكر الخميس
1162 وحدثني زهير ابن حرب حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي حدثنا مهدي ابن ميمون عن غيلان عن عبد الله ابن معبد الزماني عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الإثنين فقال فيه ولدت وفيه أنزل علي
1635 أخرج الترمذي في العلل الكبير قال :
حدثنا محمود ابن غيلان قال أنا أبو داود قال أنا شعبة قال أنا عبد ربه ابن سعيد قال سمعت أنس ابن أبي أنس عن عبد الله ابن نافع ابن العمياء عن عبد الله ابن الحارث ابن المطلب أن رسول الله قال الصلاة مثنى مثنى تشهد في ركعتين وتبؤس وتمسكن وتقنع وتقول اللهم اللهم فمن لم يفعل ذلك فهي خداج .
وقال الليث أنا عبد ربه ابن سعيد عن عمران ابن أبي أنس عن عبد الله ابن نافع ابن العمياء عن ربيعة ابن الحارث عن الفضل ابن عباس .
سمعت محمد ابن إسماعيل يقول رواية الليث ابن سعد أصح من حديث شعبة
وشعبة أخطأ في هذا الحديث في مواضع
- فقال عن أنس ابن أبي أنس وإنما هو عمران ابن أبي أنس
- وقال عن عبد الله ابن الحارث وإنما هو عن عبد الله ابن نافع عن ربيعة ابن الحارث
- وربيعة ابن الحارث هو بن المطلب فقال هو عن المطلب
- ولم يذكر فيه عن الفضل ابن العباس .
هذه أوهام لشعبة ذكرها البخاري جوابا على سؤال الترمذي له وفيها بيان جلي لأخطاء الثقات ولو كانوا بمنزلة شعبة وقد ذكر بن أبي حاتم كلاما للإمام أحمد في أوهام شعبة فقال : قال أحمد ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال .
وقال أحمد كان شعبة يحفظ لم يكتب إلا شيئا قليلا وربما وهم في الشيء .(1/3)
1635-?وسُئل(1) أبو زرعة عن حديث مالك ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمر بن عثمان بن عَفَّان ، عن أُسَامة بن زيد ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لاَ يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ )) ؟
قال أبو زرعة : الرواة يقولون : عمرو ، ومالك يقول(2): عمر بن عثمان(3).
قال أبو محمد : أما الرواة الذين قالوا : عمرو بن عثمان، فسفيان بن عُيَيْنَة ، ويونس بن يزيد، عن الزهري (4)
__________
(1) نقل ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (6/248) قول أبي زرعة .
(2) هنا نهاية السقط من نسخة (ف)، المشار إليه سابقًا .
(3) من قوله : (( ابن عفان عن أسامة .... )) إلى هنا سقط من (ك).
(4) قال الشافعي : (( صحَّف مالك في عُمر بن عثمان ، وانما هو : عمرو بن عثمان )). "آداب الشافعي" لابن أبي حاتم (ص224). وانظر "بيان من أخطأ على الشافعي" للبيهقي (ص202).
وذكر مسلم في "التمييز" أن كل من رواه من أصحاب الزهري قاله بفتح العين من ((عَمرو ))، وأن مالكًا وهم في ذلك . نقله عنه العراقي في "التقييد" (106)، وابن الملقن في "التنقيح" (1/181)، والسيوطي في "التدريب" (1/239) وغيرهم .
وقال البزار في "مسنده" (7/33): (( وهذا الحديث رواه ابن عيينة ومعمر وجماعة عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمرو بن عثمان ، عن أسامة ، فاتفقوا على اسم عمرو بن عثمان ، إلا مالك بن أنس ؛ فرواه عن الزهري ، عن علي بن حسين ، عن عمر بن عثمان ، عن أسامة ، فيرون أنه غلط في ذلك على أنه قد وقف فقال : هذه دار عمرو ، وهذا دار عمر ، فأومئ إليهما ، فأما في الرواية فلا نعلم أحدًا تابعه على روايته إلا أن يكون أبو أويس ، فإن سماعه من الزهري شبيها بسماع مالك )).اهـ.
وقال ابن عبدالبر في "التمهيد" (9/160-162): (( أما أهل النسب فلا يختلفون أن لعثمان بن عفان ابنًا يُسمى عمر ، وله أيضًا ابن يُسمى عمرًا ، وله أيضًا أبان والوليد وسعيد ، وكلهم بنو عثمان بن عفان ، وقد روى الحديث عن عمر وعمرو وأبان ...، فليس الاختلاف في أن لعثمان ابنًا يُسمى عمرًا ، وإنما الاختلاف في هذا الحديث : هل هو لعمر أو عمرو ، فأصحاب ابن مالك يقولون في هذا الحديث : عن عمرو بن عثمان . ومالك يقول فيه : عن عمر بن عثمان . ومالك لا يكاد يقاس به غيره حفظًا وإتقانًا ؛ لكن الغلط لا يسلم منه أحد ، وأهل الحديث يأبون أن يكون في هذا الإسناد إلا عمرو ، بالواو )).اهـ بتصرف .(1/4)
.
914-?وسألت أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه سفيان الثوري ، عن أبي الزِّناد ، عن الْمُرَقِّع بن صَيْفِي ، عن حَنْظلة الكاتب ؛ قال : لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه نظر إلى امرأة مقتولة فقال : (( مَا كَانَت هَذِهِ(1) تُقَاتِلُ ))، فنهى عن قتل النساء والولدان ؟
قال أبي وأبو زرعة : هذا خطأ، يقال: إن هذا من وهم الثوري؛ إنما هو الْمُرَقِّعُ بن صَيْفى،عن جَدِّهِ رَبَاح بن الرَّبِيع أخي حنظلة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. كذا يرويه مغيرة بن عبدالرحمن وزياد بن سعد وعبدالرحمن بن أبي الزِّنَاد.
قال أبي : والصحيح هذا (2).
1161-?وسألت أبا زرعة عن حديثٍ رواه الْفِرْيَابِي(3)، عَنِ الثوري، عن داود بن قَيْسٍ ، عن سعيد بن يَسَار ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( مَنِ اشْتَرَى مُصَرَّاةً(4) فَهُوَ بِالْخِيَارِ... ))، الحديث ؟
قال أبو زرعة : هذا وَهْمٌ ؛ إنما هو : موسى بن يسار .
قيل لأبي زرعة : الوهم ممِنْ هو ؟
قال : إما مِنَ الْفِرْيَابي ، وإما مِنَ الثوري .
__________
(1) في (ت) و(ف) و(ك): (( هذا )).
(2) نقل هذا النص بتصرف الزيلعي في "نصب الراية" (3/388).
(3) هو : محمد بن يوسف . …(2) الْمُصَرَّاةُ : الناقة ، أو البقرة ، أو الشاة يُصَرَّى
(4) اللبن في ضرعها : أي : يُجْمع ويُحبس . "النهاية" (3/27).(1/5)
1803-?وسمعت أبي وذكر حديثًا رواه الْمُؤَمِّل(1)، عن سفيان؛ قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت ؛ قال : بلغني أن رجلاً مر بنبي الله يعقوب(2) - عليه السلام - قد سقط حاجباه على عينيه ، وقد رفعهما بِخِرقة، فقال: ما بلغ بك(3) ما أرى ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان(4)، فأوحى الله إليه : يا يعقوب ! تشكوني ؛ قال : أي(7) ربِّ ! خطيئة فاغفرها لي.
قال أبي : يقال: إن الثوري لم يسمع هذا الحديث من حبيب ؛ إنما سمعه من أسلم الْمِنْقَري(5) عن حبيب .
213-?وسألتُ(6) أبي عن حديثٍ رواه ابن المبارك ، عن ابن جابر، عن بُسْر(7) ابن عبيدالله(8)، عن أبي إدريس ، عن واثلة ، عن أبي مَرْثَد، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( لاَ تُصَلُّوا إِلَى الْقُبُورِ ، وَلاَ تَجْلِسُوا عَلَيْهَا )) ؟
قال أبي: يَرَوْنَ أن ابن المبارك وَهِمَ في هذا الحديث ؛ أدخل أبا إدريس الخولاني بين بسر(@) بن عبيدالله(9)، وبين واثلة .
ورواه عيسى بن يونس ، وصدقة بن خالد ، والوليد بن مسلم ، عن ابن جابر ، عن بُسر(10) بن عبيدالله ؛ قال: سمعت واثلة يحدّث عن أبي مَرْثَد الْغَنَوي ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) هو : ابن إسماعيل .
(2) كذا في (ت) و(ك) ، وفي (أ) و(ش) و(ف): (( بنبي الله r يعقوب )) .
(3) في (ف): (( بك إلى )). ……(7) قوله : (( أي )) ليس في (أ) و(ش).
(4) في (ك): (( الإخوان )).
(5) في (ت) و(ك): (( المقرئ )).
(6) ستأتي هذه المسألة برقم (1029 و1092).
(7) في (ش) : (( بشر )) بالمعجمة .
(8) في (ك): (( عبيد )) فقط .
(9) في (ك): (( عبدالله )). …
(10) في (ش) و(ك): (( بشر )) بالمعجمة .(1/6)
قال أبي : بُسر(1) قد سمع من واثلة ، وكثيرًا ما يحدث بسر عن أبي إدريس ، فغَلِطَ ابنُ المبارك ، فظنّ أن هذا مما روى(2) عن أبي إدريس عن واثلة ، وقد سمع هذا الحديث بسر(@) من واثلة نفسه ؛ لأن أهل الشام أعرف بحديثهم (3).
السبب الثاني : التفرد :
صحيح مسلم ج1/ص7
__________
(1) في (ش): (( بشر )).
(2) أي : بُسر .
(3) قال الترمذي في "العلل الكبير" (ص151): (( سألت محمدًا على هذا الحديث ؟ فقال: حديث الوليد بن مسلم أصح وهكذا روى غير واحد عن عبدالرحمن بن يزيد بن جابر ، عن بسر بن عبيدالله ، عن واثلة بن الأسقع . قال محمد: وبسر بن عبيدالله سمع من واثلة ، وحديث ابن المبارك خطأ ؛ إذ زاد فيه : عن أبي إدريس الخولاني )).اهـ.
وقال الدارقطني في "العلل" (7/44): (( والمحفوظ ما قاله الوليد ومن تابعه عن ابن جابر ، لم يذكر أبا أدريس فيه )).(1/7)
وعلامة المنكر في حديث المحدث إذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث غير مقبولة ولا مستعملة فمن هذا الضرب من المحدثين عبد الله ابن محرر ويحيى ابن أبي أنيسة والجراح ابن المنهال أبو العطوف وعباد ابن كثير وحسين ابن عبد الله ابن ضميرة وعمر ابن صهبان ومن نحا نحوهم في رواية المنكر من الحديث فلسنا نعرج على حديثهم ولا نتشاغل به لأن حكم أهل العلم والذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرد به المحدث من الحديث أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا وأمعن في ذلك على الموافقة لهم فإذا وجد كذلك ثم زاد بعد ذلك شيئا ليس عند أصحابه قبلت زيادته فأما من تراه يعمد لمثل الزهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره أو لمثل هشام ابن عروة وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق منهم في أكثره فيروى عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث مما لا يعرفه أحد من أصحابهما وليس ممن قد شاركهم في الصحيح مما عندهم فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس والله أعلم .اهـ .
وهذه القرينة لا تَرِدُ في الاختلاف بين الرُّواة ، بل تَرِدُ في الحديث الفرد الواحد الذي لا طرق له أخرى . ومن أكثر الحفَّاظ تعليلاً بها الإمام البخاري ، فهو كثيْراً ما يقول في كتبه : « لا يتابع عليه »(1) مع عدم ذكر أي اختلاف على الرُّواة .
وأشدُّ ما يكون ضعفُ ذلك إذا تفرد صدوق أو نحوه عن حافظ كبيْر - كالزُّهري ومالك - له أصحاب كثيرون يحملون حديثه ولا يروون ما روى - ما تتوفر الهمم والدواعي على رواية ما رواه ، فإن الحفَّاظ - غالباً - ما يردُّون هذه الرِّواية ويعلُّونها بالتَّفرد .
__________
(1) من ذلك في تاريخه الكبير (1/110و127و139) .(1/8)
فمن ذلك قول أحمد في حديث : « أصحاب أبي هريرة المعروفون ليس هذا عندهم »(1) .
وقال ابن معين : « هذا وهم ، لو كان هذا هكذا لحدَّث به الناس جميعاً عن سفيان »(2) .
ومن شواهد ذلك أيضاً قول أبي حاتم في حديث رواه إسماعيل بن رجاء : « أين كان الثوريُّ وشعبة عن هذا الحديث » (3) .
وقال أيضاً : « فلو كان هذا الحديث عن الحرِّ كان أول ما يسأل عنه ، فأين كان هؤلاء الحفَّاظ عنه »(4) .
وقال أيضاً : « ولو كان هذا الحديث عند شعبة كان أول ما يسأل عن هذا الحديث »(5) .
ومن الشواهد الصريحة في ذلك قول أبي حاتم عن حديث رواه قُرَّان بن تمَّام عن أيمن بن نابل ... قال : « لم يروِ هذا الحديث عن أيمن إلا قُرَّان ، ولا أراه محفوظاً ، أين كان أصحاب أيمن بن نابل عن هذا الحديث »(6) .
قال ذلك وأيمن ليس بالمشهور المكثر . فكيف إذا تفرد راوٍ مختلف فيه ، عن مثل الزهري وقَتادة ونحوهما من الحفَّاظ المكثرين ، فكلام أبي حاتم وغيره فيه من باب أولى .
وقد يقبل التفرد لسبب آخر .
قال ابن رجب : « مما يستدل به الأئمة كثيراً على صحة رواية من انفرد بالإسناد ، إذا روى الحديث بالإسناد الذي روى به الجماعة »(7) .
قال ابن الصَّلاح عن العلل : « ويستعان على إدراكها بتفرُّد الرَّاوي ، وبمخالفة غيره له ، مع قرائن تنضمُّ إلى ذلك تنبِّه العارف بهذا الشَّأن ... »(8) .
وبنحوه قال العراقيُّ(9) .
فظهر من كلامهما أن العلَّة تدرك بعدة أمور ، منها : التَّفرد ، وهو أمر غالبي .
3- التدليس :
__________
(1) المنتخب من علل الخلال (137) .
(2) رواية الدوري (1671) .
(3) العلل لابن أَبي حاتم (1/92) .
(4) العلل لابن أَبي حاتم (2/392) .
(5) العلل لابن أَبي حاتم (2/401) .
(6) العلل لابن أَبي حاتم (1/296) .
(7) شرح العلل (2/720) .
(8) مقدمة ابن الصلاح (ص116-التقييد والإيضاح) .
(9) التبصرة والتذكرة للعراقي (1/226) .(1/9)
1803-?وسمعت أبي وذكر حديثًا رواه الْمُؤَمِّل(1)، عن سفيان؛ قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت ؛ قال : بلغني أن رجلاً مر بنبي الله يعقوب(2) - عليه السلام - قد سقط حاجباه على عينيه ، وقد رفعهما بِخِرقة، فقال: ما بلغ بك(3) ما أرى ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان(4)، فأوحى الله إليه : يا يعقوب ! تشكوني ؛ قال : أي(7) ربِّ ! خطيئة فاغفرها لي.
قال أبي : يقال: إن الثوري لم يسمع هذا الحديث من حبيب ؛ إنما سمعه من أسلم الْمِنْقَري(5) عن حبيب .
2255- وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه الفِرْيَابِي(6)، عن الثوري، عن قَيْس بن مسلم ، عن طارق(7)، عن عبدالله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال(8): (( مَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ إِلاَّ أَنْزَلَ لَهُ(9) دَوَاءً )) ؟
__________
(1) هو : ابن إسماعيل .
(2) كذا في (ت) و(ك) ، وفي (أ) و(ش) و(ف): (( بنبي الله r يعقوب )) .
(3) في (ف): (( بك إلى )). ……(7) قوله : (( أي )) ليس في (أ) و(ش).
(4) في (ك): (( الإخوان )).
(5) في (ت) و(ك): (( المقرئ )).
(6) هو : محمد بن يوسف .
(7) هو : اين شهاب .
(8) قوله : (( قال )) سقط من (ت) و(ف) و(ك).
(9) في (ت) و(ك): (( أنزله )).(1/10)
قال أبي : إنما أسند هذا الحديث الْمَسْعُودِي(1) والربيع بن الرُّكَيْن ، وأبو وَكِيع(2)، وأما الثوري ، فإنه لا يسنده إلا الفِرْيَابِي(3)، ولا أظن الثوري سمعه من قَيْس ، أراه مُدَلَّس(4)(5).
1968-?وسألت(6) أبي عن حديثٍ رواه النعمان بن راشد ، عن الزهري، عن عروة ، عن عائشة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يضرب امرأةً قَطٌّ، ولا خادمًا ، إلاّ أن يجاهد في سبيل الله ؟
قال أبي : والصحيح ما رواه عُقَيل ، عن الزهري ، عن علي بن حسين ؛ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل .
قال أبي : وقد رواه(7) الثوري وعمرو بن أبي قيس ، عن منصور ، عن الزهري ، عن عروة، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
__________
(1) هو : عبدالرحمن بن عبدالله .
(2) هو : الجراح بن مليح الرؤاسي .
(3) في (ك): (( القريابي )).
(4) كذا في جميع النسخ !
(5) قال الدارقطني في "العلل" (6/28): (( يرويه قيس بن مسلم واختلف عنه ؛ فرواه إبراهيم بن مهاجر ، وأيوب بن عايذ الطائي ، وأبو حنيفة ، وأبو وكيع الجراح بن المليح ، والمسعودي ، عن قيس ، عن طارق ، عن عبدالله مرفوعًا إلى النبي r . وكذلك قال الفريابي : عن الثوري ، عن قيس بن مسلم . وقال عبدالرحمن بن مهدي : عن سفيان ، عن رجل ، عن قيس . وقيل : إن الثوري لم يسمعه من قيس ، وإنما أخذه عن يزيد أبي خالد ، عن قيس ، وهو عنده مرسل ، ورفعه صحيح . وقال مسعر : عن قيس ، عن طارق ، عن عبد الله ، موقوفًا )).
وانظر "مسند الطيالسي" (366)، و"مسند البزار" (1450-1452)، و"العلل" للدارقطني (928).
(6) في (ف) : (( قال وسألت )).
(7) في (أ) و(ش): (( ورواه )) بدل : (( وقد رواه )).(1/11)
قال أبي : حَدَّث(1) الزهري(2) بهذا الحديث : أن هشام بن عروة روى عن أبيه ، عن عائشة ، فقال : الزهري لم يسمع من عروة هذا الحديث ، فلعله دَلَّسَه .
2119 - وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه الحسن بن عَمرو الفُقَيْمِي(3) وفِطْرُ(4) والأَعْمَش ، كلُّهم عن مجاهد ، عن عبدالله بن عمرو ، رفعه فِطْر والحسن ، ولم يرفعه الأَعْمَش(5)؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لَيْسَ الْوَاصِلُ بِالْمُكَافِئِ وَلَكِنَّ الْوَاصِلَ(6) مَنْ يُقْطَعُ فَيَصِلُهَا )).
قال أبي : الأَعْمَش أحفظهم ، والحديثُ يحتمل أن يكون مرفوع(7) وأنا أخشى أن لا يكون سمع هذا الأَعْمَشُ من مجاهد ، إن الأَعْمَشَ قليلُ السماع من مجاهد ، وعامَّة ما يروي عن مجاهد مُدَلَّس (8)
__________
(1) في (ش) : (( حديث )).
(2) من قوله : (( عن عروة .... )) إلى هنا سقط من (ف).
(3) في (ش): (( القعنبي )).
(4) هو : ابن خليفة .
(5) من قوله : (( كلّهم عن مجاهد .... )) إلى هنا سقط من (ش).
(6) في (ك): (( الواحد )).
(7) كذا في جميع النسخ !………(6) في (ك): (( إذ )).
(8) رواه البخاري (5991) قال : حدثنا محمد بن كثير ، عن سفيان ، عن الأعمش والحسن بن عمرو وفطر ، عن مجاهد ، عن عبد الله بن عمرو - قال سفيان : لم يرفعه الأعمش إلى النبي r ورفعه حسن وفطر - عن النبي r به .
قال الحافظ في "الفتح" (10/423): (( وقوله :" لم يرفعه الأعمش ورفعه حسن وفطر " هذا هو المحفوظ عن الثوري . وأخرجه الإسماعيلي من رواية محمد بن يوسف الفريابي ، عن سفيان الثوري ، عن الحسن بن عمرو وحده مرفوعًا من رواية مؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن الحسن بن عمرو موقوفًا ، وعن الأعمش مرفوعًا، وتابعه أبو قرة موسى بن طارق ، عن الثوري على رفع رواية الأعمش . وخالفه عبدالرزاق ، عن الثوري فرفع رواية الحسن بن عمرو وهو المعتمد ، ولم يختلفوا في أن رواية فطر بن خليفة مرفوعة )).اهـ. وانظر "الحلية" (3/301).(1/12)
.
9- وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه سفيان الثوري ، وشعبة بن الحجاج ، وجرير بن حازم ، وأبو معاوية الضَّرير(1)، ويحيى القَطَّان ، وابنُ عيينة ، وجماعةٌ، عن الأعمش، عن أبي وائل(4)، عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في المسح على الخفَّين .
ورواه أحمدُ بن يونس ، عن أبي بكر بن عَيَّاش، عن الأعمش وعاصم، عن أبي وائل ، عن المغيرة بن شعبة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأيهما الصحيحُ من حديث الأعمش ؟
قال أبي: الصحيحُ: من(5)(2)حديث هؤلاء النَّفَر،عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وَهِمَ في هذا الحديث أبو بكر بن عيَّاش؛
إنما أراد : الأعمش ، عن مسلم بن صُبَيْحٍ ، عن مسروق، عن المغيرة ، ولم(3) يُمَيِّز حديث أبي وائل من حديث مسلم .
قلتُ لأبي زرعة : فأيهما الصحيحُ ؟
قال: أخطأ أبو بكر بن عَيَّاش في هذا،الصحيحُ من حديث الأعمش:
عن أبي وائل ، عن حذيفة (4).
ورواه منصور ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ولم يذكر المسح ، وذكر
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بال(5) قائمًا(6).
قلتُ : فالأعمش ؟
قال : الأعمش(5) ربما دَلَّس .
__________
(1) اسمه : محمد بن خازم .……(4) هو : شقيق بن سلمة .
(2) قوله : (( من )) ليس في (ف) و(ت) و(ك).
(3) في (ت) و(ك) : (( قيل )) بدل : (( ولم )).
(4) قال الدارقطني في "العلل" (7/95) عن هذا الحديث : (( ورواه الأعمش ومنصور ، عن أبي وائل ، عن حذيفة ، عن النبي r ، وهو الصواب )).
(5) في (ت) و(ك): (( قال )) بدل : (( بال ))، ويشبه أن تكون هكذا في (أ) و(ف).
(6) في (أ): (( فإنما ))، وفي(ت): ((وإنما )). (5) قوله:(( قال الأعمش )) سقط من (ك).(1/13)
وقلتُ(6)(1)لأبي وأبي زرعة(7): حديثُ(8)(2)الأعمش ، عن أبي وائل، عن حذيفة أصحُّ ، أو حديثُ عاصم ، عن أبي وائل ، عن المغيرة ؟
قال أبي : الأعمشُ أحفظُ من عاصم .
قال أبو زرعة: الصحيحُ : حديثُ عاصمٍ، عن أبي وائل، عن المغيرة،
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (3).
2078 -?وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه ابن جُرَيْج ، عن موسى بن عُقْبَة ، عن سُهَيْل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مَنْ جَلَسَ فِي مَجْلِسٍ كَثُرَ فِيهِ لَغَطُهُ ثُمَّ قَالَ قَبْلَ أَنْ يَقُومَ(4): سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ... )) ، الحديث .
فقالا : هذا خطأ ، رواه وُهَيْب(5)، عن سُهَيْل ، عن عَوْن بن عبدالله موقوف . وهذا أصح .
قلتُ لأبي : الوهم ممن هو ؟
قال : يحتمل أن يكون الوهم(6) من ابن جُرَيْج ، ويحتمل أن يكون من سُهَيْل،وأخشى أن يكون ابن جُرَيْج دَلَّس هذا الحديث، عن موسى بن عُقْبَة ، ولم يسمعه من موسى ، أخذه من بعض الضعفاء .
__________
(1) في (ت)و(ك):((قلت )). (7) المثبت من(ش)، وفي باقي النسخ: ((لأبي وأبا زرعة )).
(2) في (أ) : (( عن حديث ))، وكأنه ضرب على قوله : (( عن )).
(3) قال الدارقطني في "العلل" (7/95) : (( يرويه عاصم بن أبي النجود وحماد بن أبي سليمان ، عن أبي وائل، عن المغيرة بن شعبة . وَوَهِما فيه على أبي وائل )).اهـ.
(4) بداية سقط من نسخة ( ف ) نحو 76 مسألة .
(5) هو : ابن خالد .
(6) في (ش) : (( الهم )).(1/14)
وسمعت(1) أبي مَرَّةً أخرى يقول : لا أعلم روى هذا الحديث عن سُهَيْل أحد(2) إلا ما يرويه ابن جُرَيْج ، عن موسى بن عُقْبَة ، ولم يذكر ابن جُرَيْج فيه الخبر(3)، فأخشى أن يكون أخذه عن إبراهيم بن أبي يحيى، إذ لم يروه أصحاب سُهَيْل(4)، لا أعلم روي هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من طرق أبي(5) هريرة .
ورواه(6) إسماعيل بن عَيَّاش هذا الحديث، فقال: حدثني سُهَيْل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة(7)، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر فيه الخبر .
قال أبي: فما أدري ما هذا ؟ نفس إسماعيل ليس براوية(8) عن سُهَيْل؛ إنما روى عنه أحاديث(9) يسيرة .
قال أبو محمد : فروى(10) عمرو بن الحارث ، عن عبدالرحمن بن أبي عمرو ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن الْمَقْبُرِي ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وروى أيضًا عمرو بن الحارث ؛ قال : حدثني سعيد بن أبي هلال بنفسه ، عن سعيد الْمَقْبُرِي ، عن عبدالله بن عمرو ، موقوف .
قلتُ : وهذا الحديث عن(11) عبدالله بن عمرو موقوف أصح .
__________
(1) في (ت) و(ك): (( سمعت )).
(2) كذا في جميع النسخ !
(3) أي : السماع .
(4) في (أ) و(ت) و(ش) : (( سهل )).
(5) في (ك): (( وأبي )).
(6) كذا في جميع النسخ ، وله وجه .
(7) من قوله : (( وروى إسماعيل ....)) إلى هنا مكرر في (ت) و(ك).
(8) في (أ) و(ش) و(ف): (( بروايه )).
(9) في (أ) و(ش) : (( أحاديثًا )).
(10) في (ت) و(ك): (( قد رواه )). …
(11) في (ت) : (( عين )).(1/15)
قال أبو محمد : ولهذا قال أبي: لا أعلم رواية أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه لم يصحح رواية عبدالرحمن بن أبي عمرو ، عن سعيد بن أبي هلال(1).
__________
(1) قال الدارقطني في "العلل" (8/201): (( يرويه سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة . واختلف عنه . فرواه موسى بن عقبة عن سهيل . كذلك حدث به عنه ابن جريج، ولا نعلم رواه عن موسى غيره . وحدث بهذا الحديث أبو علي بن بسطام عن عبدالرحمن بن موسى السوسي ، عن حجاج عن بن جريج ، عن موسى، عن عقبة عن سهيل بن أبي صالح ، عن عبد الله بن دينار ، عن أبي صالح، عن أبي هريرة . ووهم في ذكر عبد الله بن دينار وهما قبيحًا ؛ وإنما رواه حجاج عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبيه هريرة ، كذلك رواه الواقدي عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، وأضاف إليه عن عاصم بن عمر بن حفص وسليمان بن بلال بن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة . وكذلك رواه هشام بن عمار ، عن إسماعيل ، عن عياش ، عن سهيل ، عن أبيه، عن أبي هريرة. وخالفهم وُهَيْب بن خالد؛ رواه عن سهيل ، عن عون بن عبدالله بن عقبة قوله . وقال أحمد بن حنبل : حدَّث به ابنُ جريج ، عن موسى بن عقبة ، وفيه وهمٌ . والصحيح قول وهيب وقال : وأخشى أنُ يكون بن جريج دلَّسه عن موسى بن عقبة ، أخذه من بعض الضعفاء عنه. والقول كما قال أحمد )).
وانظر "الفتح" (13/544-546)، و"النكت على ابن الصلاح" (2/716-726) كلاهما للحافظ ابن حجر .(1/16)
1259 - قال(1): وسئل أبي عن حديثٍ رواه سعيد بن المسيب، عن نَضْرَة(2) بن [أَكْثَم](3): أنه تزوَّج بِكْرًا، فإذا هي حُبْلى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (( لَهَا الصَّدَاقُ بِمَا(4) اسْتُحِلَّتْ(5) مِنْ فَرْجِهَا وَالوَلَدُ عَبْدٌ لَكَ ، فَإِذَا وَلَدَتْ فَارْجُمْهَا )). وقال بعضهم وفَرَّقَ بينهما : ماوجهُ(6) هذا الحديث عندك ؟
فأجاب أبي فقال: هذا حديث مرسل ليس بِمُتَّصل . ورواه يحيى بن أبي كثير، عن يزيد بن نعيم ، عن سعيد بن المسيب لا يجاوزه، مرفوع(7)، وما رواه ابن جُرَيْج، عن صَفْوَان بن سُلَيْم، عن ابن المسيب،عن نضرة بن [أَكْثَم](8) ليس هو مِنْ حديث صَفْوَان بن سُلَيْم ، ويحتمل(9) أن يكون مِنْ حديث ابن جُرَيْج ، عن إبراهيم بن أبي يحيى ، عن صَفْوَان بن سليم؛ لأن ابن جُرَيْج يُدَلِّس عن ابن أبي يحيى ، عن صَفْوَان بن سُلَيْم غير شيء، وهو لا يَحْتَمِلُ أن يكون منه(10)
__________
(1) قوله : (( قال )) من (أ) و(ش) فقط .
(2) ويقال : بَصْرَةَ - وهو الأشهر -، ويقال : بُسْرة ، وقيل غير ذلك . انظر "تهذيب الكمال" (4/189)، وانظر التعليق في نهاية الحديث .
(3) في جميع النسخ : (( أكتم )). والتصويب من "الإكمال" (1/923)، و"تهذيب الكمال" (4/189)، وغيرهما .
(4) في (ك): (( ما )).
(5) في (ش) : (( استحللت )).
(6) أي : سئل أبو حاتم فقيل له : ما وجه هذاالحديث عندك ؟
(7) كذا !
(8) في جميع النسخ : (( أكتم ))، وتقدم تصويبه .
(9) قوله : (( ويحتمل )) سقط من (ك).
(10) أي : لا يحتمل أن يكون البلاء في هذا الحديث من صفوان بن سليم ؛ لأنه ثقة .
وهذا الحديث أخرجه البيهقي في "السنن" (7/157) من طريق عبدالرزاق ، عن ابن جريج ، عن صفوان ، به ، ثم نقل عن عبدالرزاق قوله : (( وحديث ابن جريج عن صفوان بن سليم: هو ابن جريج، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان بن سليم )).
قال البيهقي:(( فهذا الحديث إنما أخذه ابن جريج عن إبراهيم بن أبي يحيى،عن صفوان بن سليم ، وإبراهيم مختلف في عدالته ))، ثم أخرج الحديث من غير طريق ابن جريج ، عن إبراهيم بن أبي يحيى، عن صفوان ، ثم رواه عن سعيد بن المسيب مرسلاً ، ورجَّح الإرسال .
وقال ابن القيم في "تهذيب السنن" (3/60-61): (( هذا الحديث قد اضطُرِب في سنده وحكمه واسم الصحابي راويه : فقيل : بَصْرة - بالباء الموحَّدة ، والصاد المهملة -، وقيل : نَضْرة - بالنون المفتوحة ، والضاد المعجمة -، وقيل : نَضْلة - بالنون ، والضاد المعجمة ، واللام -، وقيل : بُسْرة - بالباء الموحّدة ، والسين المهملة -، وقيل : نضرة بن أكثم الخزاعي ، وقيل : الأنصاري . وذكر بعضهم : أنه بصرة بن أبي بصرة الغفاري ، ووهم قائله . وقيل : بصرة هذا مجهول . وله علَّة عجيبة ، وهي : أنه حديث يرويه ابن جريج ، عن صفوان بن سُليم ، عن سعيد بن المسيب ، عن رجل من الأنصار ، وابن جريج لم يسمعه من صفوان ؛ إنما رواه عن إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي ، عن صفوان ، وإبراهيم هذا متروك الحديث؛ تركه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، وابن المبارك ، وأبو حاتم، وأبو زرعة الرازيان وغيرهم ، وسئل عنه مالك بن أنس : أكان ثقة ؟ فقال : لا ولا في دينه. وله علَّة أخرى، وهي : أن المعروف أنه إنما يُروي مرسلاً عن سعيد بن المسيب ، عن النبي r ؛ كذا رواه قتادة ويزيد بن نعيم وعطاء الخراساني ، كلهم عن سعيد ، عن النبي r . ذكر عبدالحق هذين التعليلين ، ثم قال : والإرسال هو الصحيح )).اهـ.(1/17)
.
2579- وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه أبو بكر ابن أبي عَتَّاب الأَعْيَن(1)، عن أبي صالح(2)، عن اللَّيْث ، عن سعيد الْمَقْبُرِي ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ بِشَفَاعَةِ رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَكْثَرُ مِنْ مُضَرَ وَبَنِي تَمِيمٍ ))، فقيل : من هو يا رسول الله ؟ قال : (( أُوَيْسٌ الْقَرَنِي )) ؟
قال أبي : هذا الحديث ليس هو في كتاب أبي صالح ، عن اللَّيْث ، نظرت في أصل اللَّيْث ، وليس فيه هذا الحديث ، ولم يذكر أيضًا اللَّيْث في هذا الحديث خَبَر (3)، ويحتمل أن يكون سمعه من غير ثقة ، ودَلَّسَه ، ولم يروه غير أبي صالح(4).
1219…- وسمعت(5) أبي وأبا زرعة وذكرا حديث هشام بن عروة، عن أبيه ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أنْكِحُوا الأَكْفَاءَ وَانْكِحُوا إِلَيْهِمْ )) .
فقالا جميعًا : لا يصحّ هذا الحديث . وقالا : رواه جعفر بن خالد الزُّبَيْري ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه . ورواه هِشَام بن عَمَّار ، والْحَكَم بن هِشَام ، عن مَنْدَل(6)، عن هشام بن عروة .
وقال أبي بحضرة أبي زرعة : ولا أراه إلا ومَنْدَل قد دَلَّسَه عن هشام(7). فقال أبو زرعة : الحديث ليس بصحيح .
__________
(1) هو : محمد بن أبي عتّاب .
(2) هو : عبدالله بن صالح كاتب الليث بن سعد .
(3) كذا في جميع النسخ !
(4) نقل هذا النص الذهبي في "الميزان" (2/445) بتصرف .
(5) في (ش) : (( وسألت )).
(6) هو : ابن علي العَنَزي ، يقال : مندل لقبه ، واسمه : عمرو .
(7) من قوله : (( ابن عروة وقال أبي .... )) إلى هنا سقط من (ت) و(ك).(1/18)
645-?وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه ابن أبي العِشْرين ، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (( مَا عَلَى أَحَدِكُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ أنْ يَجْعَلَهَا عَنْ(1) وَالدَيهِ )) ؟
قال أبي : هذا حديث منكر ؛ إنما يُروى عن عَبَّاد بن كثير ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جَدِّه ؛ قال أبي : عَبَّاد بن كثير(2) لم يدرك عمرو بن شعيب ، وهو ضعيف الحديث في نفسه .
قلتُ لأبي : فتخاف أن يكون الأوزاعي دلّس(3)؛ بلغه عن عباد(4)، عن عمرو بن شعيب، فرواه عن عمرو ؟
قال : لا ، ولكن أخاف أن?يكون من ابن أبي العشرين .
قلتُ : أليس ابن أبي العشرين ثقة ؟
قال : هو دِيْوَانِيٌّ كَاتِبٌ، لم يكن صاحب حديث .
109- وسمعت(5) أبي وأبا زرعة في حديث حجاج بن أَرْطَاة(8)، عن عمرو بن شعيب ، عن زينب السهمية ، عن عائشة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أنه(6) كان يتوضأ ، ويقبل ، ويصلي ، ولا يتوضأ .
__________
(1) في (ش) : (( على )).
(2) قوله : (( عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده . قال أبي : عباد بن كثير )) سقط من (ت) والمطبوع .
(3) في المطبوع : (( وليس ))، ويشبه أن تكون هكذا في (ت).
(4) في (ف): (( عباد بن كثير )).
(5) رواه أحمد(6/62)، وابن ماجه (503)، والدارقطني في "العلل"(5/ل156/أ)=
= من طريق الحجاج به .……
(6) قوله : (( أنه )) سقط من (ف).(1/19)
فقالا: الحجاج يدلس في حديثه عن الضعفاء ، ولا يحتج بحديثه(1).
2463- وسألتُ(2) أبي عن حديثٍ رواه عَبَّاد بن منصور ، عن عِكْرِمَة ، عن ابن عباس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكُحْل(3)؟
قال أبي : عَبَّادٌ ليس بقويِّ الحديث ، ويُروى عن إبراهيم بن أبي يحيى(4)، عن داود بن حُصَيْن ، عن عِكْرِمَة ، فأنا أخشى أن يكون ما لم يُسَمِّ(5) إبراهيم إبراهيم(6)، فإنما هو عنه مُدَلَّسَةً (7).
2087-?وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه بَقِيَّة(8)، عن الأَوْزَاعِي(9)، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ الْمُلِحِّينَ فِي الدُّعَاءِ )) .
__________
(1) قال الدارقطني في "العلل" (5/ل156/أ): (( يرويه عمرو بن شعيب، عن زينب، عن عائشة ، وزينب هذه مجهولة . حدث به عن عمرو بن شعيب الحجاج بن أرطأة والعرزمي ، وهما ضعيفان . ورواه الأوزاعي ، عن عمرو بن شعيب ، بهذا الإسناد . حدث به عنه ابن أبي العشرين ، وعثمان بن عمرو بن ساج . ورواه محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب فقال : عن مجاهد ، عن عائشة : أن النبي r كان يقبل وهو صائم في رمضان ، وهذا أصح من الذي تقدم ، والله أعلم )).اهـ.
(2) هذه المسألة بتمامها سقطت من (ش).
(3) انظر تخريجي له في تعليقي على "مختصر المستدرك" (1076).
(4) هو : إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي .
(5) أي : في عنعنة عباد بن منصور .
(6) قوله : (( إبراهيم )) الثانية من (ف) فقط .
(7) ويوضحه قوله في "الجرح والتعديل" (6/86 رقم438): (( سألت أبي عن عباد بن منصور ؟ قال : كان ضعيف الحديث ، يكتب حديثه ، ونرى أنه أخذ هذه الأحاديث عن ابن أبى يحيى،عن داود بن حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس)).اهـ. ورواية دواد بن الحصين عن عكرمة منكرة ، وابن أبي يحيى متروك .
(8) هو : ابن الوليد .
(9) هو : عبدالرحمن بن عمرو .(1/20)
قال أبي : هذا حديثٌ منكر ، نرى أن بَقِيَّة دَلَّسَه ، عن ضعيف ، عن الأَوْزَاعِي(1).2493- وسمعت أبي روى عن هشام بن خالد الأزرق؛ قال : حدثنا بَقِيَّة بن الوليد؛ قال :[حدثني](2) ابن جُرَيج ، عن عطاء ، عن ابن عباس؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( إِذَا جَامَعَ أَحَدُكُمْ زَوْجَتَهُ أَوْ جَارِيَتَهُ فَلاَ يَنْظُرْ إِلَى فَرْجِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُورِثُ الْعَمَى )) .
__________
(1) رواه العقيلي في "الضعفاء" (4/452) من طريق بقية ، عن الأوزاعي به . رواه العقيلي أيضًا ، وابن عدي في "الكامل" (7/164) من طريق بقية بن الوليد ، حدثنا يوسف بن السفر ، عن الأوزاعي به .
قال ابن عدي : (( وهذا كان بقية يرويه أحيانًا عن الأوزاعي نفسه ، فسقط يوسف لضعفه . وربما قال : ثنا يوسف بن السفر عن الأوزاعي . وربما كنَّاه فيقول : عن أبى الفيض عن الأوزاعي ، وكل ذلك يضعفه؛ لأن هذا الحديث يرويه يوسف ، عن الأوزاعي )).
ورواه العقيلي أيضًا قال : حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا سُنيد بن داود ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي قال : كان يقال : أفضل الدعاء الإلحاح على الله تبارك وتعالى والتضرع إليه .
قال العقيلي: (( حديث عيسى بن يونس أولى ، ولعله بقية أخذه عن يوسف بن السفر )).
(2) في جميع النسخ : (( حديث ))، والمثبت من "السنن الكبرى" (7/94). وانظر إسناد المسألتين (1871 و2028).(1/21)
?وعن ابن عباس؛ قال : قال(1) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2): (( مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ(3) مِنْ سَقَمٍ أَوْ ذَهَابِ مَالٍ فَاحْتَسَبَ وَلَمْ [يَشْكُ](4) إِلَى النَّاسِ كَانَ حَقًا عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ )) .
?وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( لاَ تأَكُلُوا بِهَاتَيْنِ الإِبْهَامِ وَالْمُشِيرَةِ، وَلِكِنْ كُلُوا بِثَلاَثٍ، فَإِنَّهَا سُنَّةٌ ، وَلاَ تَأْكُلُوا بِخَمْسٍ، فَإِنَّهَا أَكْلَةُ الأَعْرِابِ )) ؟
قال أبي : هذه الثلاثة الأحاديث(5) موضوعة ، لا أصل لها ، وكان بَقِيَّة يدلس ، فظنوا(6) هؤلاء أنه يقول في كل حديث حدثنا ، ولا يَعتقدوا(7) الخبر(8) منه .
1957-?وسمعتُ(9) أبي وذكر الحديث الذي رواه إسحاق بن رَاهَوَيْه، عن بَقِيَّة ؛ قال : حدثني أبو وَهْب الأَسَدِي ؛ قال : حدثنا نافع ، عن ابن عمر قال : لا تحمدوا إسلام امرئٍ حتى تعرفوا عقدة رأيه .
__________
(1) قوله : (( قال )) سقط من (ت) و(ف).
(2) من قوله : (( إذا جامع أحدكم .... )) إلى هنا سقط من (ك).
(3) في (ف): (( من مصيبة )).
(4) في (ت) : (( يشكو ))، وفي باق يالنسخ : (( يشكوا ))، والمثبت من "ميزان الاعتدال" (4/298) ترجمة هشام بن خالد الأزرق ، وقد نقل الذهبي كلام أبي حاتم على الأحاديث الثلاثة بتصرف .
(5) في (ك): (( الثلاث أحاديث )).
(6) في (ك): (( وظنوا )).
(7) في (ك): (( ولا يفتقدوا )) بإهمال الياء .
(8) في (ك): (( الحديث )).
(9) نقل هذا النص الخطيب في "الكفاية" (ص364)، والعلاني في "جامع التحصيل" (ص103)، والعراقي في "التقييد والإيضاح" (ص96)، والزركشي في "النكت على ابن الصلاح" (2/103)، والأبناسي في "الشذا الفياح" (1/174)، والسيوطي في "تدريب الراوي" (1/225).(1/22)
قال أبي : هذا الحديثُ له علَّة قلَّ مَنْ يَفْهَمُهَا . روى هذا الحديث عبيدالله بن عمرو، عن إسحاق ابن أبي فَرْوَةَ ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وعبيدالله بن عمرو كنيته(1) أبو وَهْب وهو أَسَدِي ، فكأن بَقِيَّة بن الوليد كنَّى عبيدالله بن عمرو ونسبه إلى بني أَسَد لكيلا يُفْطَن به، حتى إذا ترك إسحاق بن أبي فَرْوَة من الوسط لا يهتدى له(2)، وكان بَقِيَّة من أفعل الناس لهذا ، وأما ما قال إسحاق في روايته عن بَقِيَّة ، عن أبي(3) وَهْب : (( حدثنا نافع ))،?فهو وهمٌ ، غير أن وجهه عندي أن إسحاق لعله حفظ عن بَقِيَّة هذا الحديث ولما يفطن(4) لما عمل بَقِيَّة من تركه إسحاق من الوسط ، وتكنيته عبيدالله بن عمرو ، فلم يفتقد لفظ بَقِيَّة في قوله : حدثنا نافع ، أو عن نافع .
2275 - وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه زياد بن الربيع،عن هشام ابن حسان ، عن محمد بن الْمُنْكَدِر ، عن جابر؛ قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( عَلَيْكُمْ بِالإِثْمِدِ عِنْدَ النَّوْمِ فَإِنَّهُ يُجْلِي الْبَصَرَ ، وَيُنْبِتُ الشَّعْرَ )) ؟
قال أبي : هذا حديثٌ مُنْكَرٌ ، لم يروه عن محمد إلا الضعفاء(5): إسماعيلُ بن مسلم ونحوه ، ولعلَّ هشام بن حسان أخذه من إسماعيل بن مسلم ، فإنه كان يُدَلِّس(6).
__________
(1) في (ت) و(ك): (( وكنيته )).
(2) في (ك): (( إليه )).
(3) في (أ) و(ش) و(ف): (( ابن )).
(4) في (ت) و(ك): (( يفطر )).
(5) في (ت) و(ك): (( الصعقل )).
(6) رواه ابن عدي في "الكامل" (3/195) من طريق هشام بن حسان به . ورواه ابن ماجه (3496)، والعقيلي في "الضعفاء" (1/93) من طريق إسماعيل بن مسلم ، عن محمد بن المنكدر به . ورواه الترمذي في "العلل الكبير" (529) من طريق محمد بن إسحاق ، عن محمد بن المنكدر به . قال الترمذي : (( سألت محمدًا عن هذا الحديث فلم يعرفه من حديث محمد بن إسحاق )).(1/23)
1871 -?وسمعتُ(1) أبي(2) روى عن هشام بن خالد الأزرق ؛ قال: حدثنا بَقِيَّة بن الوليد ؛ قال : حدثنا ابن جُرَيْج ، عن عطاء ، عن ابن عباس ؛ قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَنْ أُصِيبَ بِمُصِيبَةٍ مِنْ سَقَمٍ أَوْ ذَهَابِ مَالٍ ، فَاحْتَسَبَ وَلَمْ يَشْكُوا(3) إِلَى النَّاسِ(4) كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ )) .
قال أبي : هذا حديثٌ موضوعٌ لا أصل له ، وكان بَقِيَّة يدلِّس، فظنوا(5) هؤلاء أنه يقوفي كلِّ حديث حدثنا ، ولا يعتقدون(6) الخبر(7) منه (8).
1104 -?وسألت أبي عن حديثٍ رواه ابنُ لَهِيعَة ، عن بُكَيْر(9) بن الأَشَجّ ، عن قاسم بن محمد ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إِنَّ الْمَيِّتَ يُؤْذِيهِ فِي قَبْرِهِ مَا يُؤْذِيهِ فِي بَيْتِهِ?????????????? ))?؟
__________
(1) نقل كلام أبي حاتم الذهبي في "الميزان" (4/298). وانظر "الميزان" (1/333).
(2) انظر ما يأتي في المسألة (2028 و2394).
(3) كذا في جميع النسخ !
(4) في (ك): (( يشكوا للناس )).
(5) كذا في جميع النسخ ! وهي لغة صحيحة .
(6) في (ك): (( يفتقدون )). وجاءت العبارة في "الميزان": (( ولا يعتقدون أكثر منه )). وقال ابن رجب في "فتح الباري" (5/479): (( وقد ذكر أبو حاتم نحو هذا في أصحاب بقية بن الوليد أنهم يروون عنه عن شيوخه ويصرحون بتحديثه عنهم ، من غير سماع له منهم )).
(7) في (ت) : (( الخير )).
(8) رواه الطبراني في "الأوسط" (737)، وابن حبان في "لمجروحين" (1/202).
قال الطبراني : (( لم يرو عن ابن جريج إلا بقية ، تفرد به هشام بن خالد )).
وقال ابن حبان : (( وهي نسخة كتبناها بهذا الإسناد كلها موضوعة ، يشبه أن تكون بقية من إنسان ضعيف عن ابن جريج ، فدلس عليه فالتزق كل ذلك به )).
(9) في (ش) : (( بكر )).(1/24)
قال أبي : هذا حديث مُنْكَر ، الذي يُشْبِهُ : حديث سعد بن سعيد، عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( كَسْرُ(1) عَظْمِ الْمَيِّتِ مَيِّتًا(2) كَكَسْرِهِ(3) وَهُو حَيٌّ )). فأرى أنه دُلِّس(4) له هذا الإسناد ؛ لأن ابن لَهِيعَة لم يسمع من سعد بن سعيد .
خفّة الضبط وكثرة الوهم مع بقاء العدالة :
شرح علل الترمذي ج1/ص395
قال أبو عيسى
وقد تكلم بعض أهل الحديث في قوم من جلة أهل العلم وضعفوهم من قبل حفظهم ووثقهم آخرون لجلالتهم وصدقهم وإن كانوا قد وهموا في بعض ما رووا .
وقد تكلم يحيى ابن سعيد القطان في محمد ابن عمرو ثم روى عنه .
حدثنا أبو بكر عبد القدوس ابن محمد العطار البصري ثنا علي ابن المديني قال سألت يحيى ابن سعيد عن محمد ابن عمرو ابن علقمة فقال
تريد العفو أو تشدد ؟ فقلت : لا ، بل أشدد .
فقال : ليس هو ممن تريد ...
قال يحيى : وسألت مالك ابن أنس عن محمد بن عمرو ؟ فقال فيه نحو ما قلت .
قال علي : قال يحيى : ومحمد بن عمرو أعلى من سهيل بن أبي صالح ، وهو عندي فوق عبد الرحمن ابن حرملة . قال علي : فقلت ليحيى : ما رأيت من عبد الرحمن ابن حرملة ؟ قال : لو شئت أن ألقنه لفعلت . قلت : كان يلقن ؟ قال : نعم .
قال علي : ولم يرو يحيى عن شريك ولا عن أبي بكر بن عياش ولا عن الربيع بن صبيح ولا عن المبارك بن فضالة .
قال أبو عيسى : وإن كان يحيى بن سعيد القطان قد ترك الرواية عن هؤلاء فلم يترك الرواية عنهم أنه اتهمهم بالكذب ولكنه تركهم لحال حفظهم ، وذكر عن يحيى بن سعيد أنه كان إذا رأى الرجل يحدث من حفظه مرة هكذا ومرة هكذا لا يثبت على رواية واحدة تركه .وقد حدث عن هؤلاء الذين تركهم يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن المبارك ووكيع بن الجراح وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم من الأئمة .
__________
(1) في (ف): (( كشر )).
(2) في (ف) : (( ميثًا )).
(3) في (ك): (( كسره )).
(4) أي : لابن لهيعة .(1/25)
2319 - وسألتُ(1) أبي عن حديثٍ رواه الأسود بن عامر ، عن شَرِيك ، عن الأَعْمَش ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن أبي(2) مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ )) ؟
قال أبي : هذا خطأ ؛ إنما أراد (( الدَّالَّ عَلَى الْخَيْرِ(3) كَفَاعِلِهِ )) قلت : الخطأ ممن هو ؟ قال : من شَرِيك .
2114- وسألتُ(4) أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه علي بن حَكِيم ، عن شَرِيك(5)، عن الأَعْمَش ، عن مَغْرَاء أبي الْمُخَارِق الْعَبْدِي(6)، عن ابن عمر؛ قال: مرَّ علينا رجلٌ ضخم له خَلْقٌ وجسم ، فقلنا : لو كان في سبيل الله ، فأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك فقال : (( لَعَلَّهُ يَكِدُّ عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ، فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ )). وذكرت لهما الحديث؟
فقالا : هذا خطأ ، الناس يقولون : عن مَغْرَاء أبي الْمُخَارِق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل . وهذا الصحيح .
قلت لهما : الوهم ممن هو ؟
قالا : من شَرِيك .
1560-?وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث حَمَّاد (7)، عن عبيدالله ابن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر - أو غيره -: أن(8) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ(9) فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ )) ؟
__________
(1) ستأتي هذه المسألة بإسناد شريك نفسه برقم (2485). وقد نسب الخطأ هنا إلى شريك ؛ لأنه أورد حديثًا بإسناد حديث آخر .
(2) في (ت) و(ك): (( ابن )).
(3) قوله : (( على الخير )) سقط من (ك).
(4) تقدمت هذه المسألة برقم (1991).
(5) هو : ابن عبدالله النخعي .
(6) في (ت) : (( العيدي ))، وفي (ك) : (( العيدي )).
(7) أي : ابن سلمة .
(8) في (ش) : (( عن )).
(9) المعنى : كأنما يَجْرَع نار جهنم ؛ أي : يُحْدِر فيها نار جهنم ، فجعل الشُّر والْجَرْع جَرْجَرة ، وهي صوت وقوع الماء في الجوف . "النهاية" (1/255).(1/26)
فقالا : هذا خطأ ؛ إنما هو : عن نافع، عن زيد بن عبدالله بن عمر، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - ، عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قلتُ لأبي زرعة : الوهم ممن هو ؟
قال : من حَمَّاد (1).
43 -?وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه حماد(2)، عن عبيدالله ابن عمر، عن نافع ، عن ابن عمر - أوغيره -: أن(7) النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إِنَّ الَّذِي يَشْرَبُ فِي(8) آنِيَةِ الْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ )) ؟
قالا : هذا خطأ ؛ إنما هو عن نافع ، عن زيد بن عبدالله بن عمر ، عن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قلتُ لأبي ولأبي زرعة : الوهم ممن هو ؟
فقالا : من حماد (3).
__________
(1) تقدمت هذه المسألة برقم (43)، وستأتي برقم (1585).
(2) في (أ): (( عن )) بدل (( أن )). …(10) في (ف): (( من )).
(3) وقال ابن عدي في "الكامل" (3/338) : (( وهذا الحديث اختلف على نافع على عشرة ألوان أو قريب منه...، وكل ذلك خطأ؛ إلا من رواه عن نافع ، عن زيد بن عبد الله بن عمر ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، عن أم سلمة، عن النبي r ، وهو الصواب )). اهـ.
وهذا الذي رجحه الدارقطني في "العلل" (ج5/ل110-111) بعد أن ذكر خلافًا طويلاً في هذا الحديث . وانظر "البدر المنير" (2/447)، وانظر المسألة رقم (1560) و(1585) من هذا الكتاب .(1/27)
44 -?وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه حماد بن سلمة ، عن أبي جَهْضَم(1)، عن عُبيدالله بن عَبدالله بن عباس ، عن أبيه ابن عباس(2)؛ قال : لم يَعْهَدْ(3) إلينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئًا لم يعهده إلى الناس إلا ثلاثة : أمرنا أن نسبغ الوضوء ... ؟
فقال أبي:إنما هو عبدالله بن عُبيدالله بن عباس(4)،أخطأ فيه حماد(6).
وقالا جميعًا : رواه حماد بن زيد ، وعبدالوارث(5)، ومُرَجَّا بن رَجَاء، فقالوا كلهم: عن أبي جَهْضَمٍ ، عن عبدالله بن عبيدالله ، وهو الصحيح.
20 -?وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه حماد بن سلمة، عن الحجَّاج(6)، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن محمد بن عليِّ بن أبي طالب ، عن عليِّ بن أبي طالب، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان إذا قام من الليل...، فذكر الحديث في(4) صلاة الليل ؟
قال أبي : هذا خطأ ؛ إنما هو : محمد بن عليِّ بن عبدالله بن عباس، عن أبيه ، عن?جَدِّه ، والوهم من حماد .
- خفّة الضبط بالأسباب العارضة :
الاختلاط .
__________
(1) هو : موسى بن سالم .…(3) في (ك): (( عن أبيه عن ابن عباس )).
(2) …من هنا ابتدأت نسخة (ش)؛ كما سبق التنبيه عليه في بداية الكتاب (ص 1).
(3) أي:عن عمه ابن عباس.انظر"تحفةالأشراف"(5/41)،"إتحاف المهرة"(7/345).
(4) ورواه سفيان الثوري بمثل رواية حماد .
قال الترمذي: سألت محمدًا عن هذا الحديث ؟ فقال : حديث سفيان الثوري وهمٌ=
= وَهِمَ فيه سفيان فقال : عن عبيدالله بن عبدالله بن عباس . والصحيح : عبدالله بن عبيدالله بن عباس )). انظر "العلل الكبير" (ص38).
(5) هو : ابن سعيد .………(2) هو : ابن المعتمر .
(6) أي : ابن أرطاة . ………(4) في (أ) : (( من )).(1/28)
البرذعي في مسائله لأبي زرعة الرازي قال: قلت لأبي زرعة قرة ابن حبيب تغير فقال نعم كنا أنكرناه بأخرة غير أنه كان لا يحدث إلا من كتابه ولا يحدث حتى يحضر ابنه ثم تبسم فقلت لم تبسمت قال أتيته ذات يوم وأبو حاتم فقرعنا عليه الباب واستأذنا عليه فدنا من الباب ليفتح لنا فإذا ابنته قد لحقت وقالت يا أبت إن هؤلاء أصحاب الحديث ولا آمن أن يغلطوك أو أن يدخلوا عليك ما ليس من حديثك فلا تخرج إليهم حتى يجيء أخي تعني علي بن قرة فقال لها أنا أحفظ فلا أمكنهم ذاك فقالت لست أدعك تخرج إليهم فإني لا آمنهم عليك فما زال قرة يجتهد ويحتج عليها في الخروج وهي تمنعه وتحتج عليه في ترك الخروج إلى أن يجيء علي بن قرة حتى غلبت عليه ولم تدعه .
قال أبو زرعة فانصرفنا وقعدنا حتى وافى ابنه علي .
قال أبو زرعة فجعلت أعجب من صرامتها وصياتنها أباها .
الجرح والتعديل ج2/ص504
احمد ابن سنان قال سمعت عبد الرحمن ابن مهدى يقول جرير ابن حازم اختلط وكان له أولاد أصحاب حديث فلما خشوا ذلك منه حجبوه فلم يسمع منه أحد في اختلاطه شيئا.
279-?وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه إسرائيل وزهير بن معاوية ، عن أبي إسحاق ، عن الحارث ، عن علي - رفعه إسرائيل ووقفه زهير-: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يوتر بتسع سور ؟
قال أبي(1): إسرائيل أقدم سماعًا من زهير في أبي إسحاق .
قلتُ: فأيهما أشبه بالصواب : موقوف أو مرفوع ؟ قال : الله أعلم! يقال : إن زهيرًا(2) سمع من أبي إسحاق بأَخَرَةٍ ، وإسرائيل سماعه من أبي إسحاق قديم . وأبو إسحاق بأَخَرَةٍ اختلط ، فكل من سمع منه بأَخَرَةٍ فليس سماعه بأجود ما يكون .
__________
(1) من قوله : (( إسرائيل ووقفه زهير .... )) إلى هنا سقط من (أ) و(ش).
(2) كذا في جميع النسخ !(1/29)
2220 - وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه أَبْيَض بن أَبَان،عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبدالرحمن(1)، عن عبدالله ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( إِذَا عَطَسَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ : الْحَمْدُ للهِ، وَلْيَقُلْ مَنْ عِنْدَهُ، يَرْحَمُكَ اللهُ، فَإِذَا قَالُوا ذَلِكَ فَلْيَقُلْ يَغْفِرُ اللهُ لِي وَلَكُمْ )) ؟
قال أبي : هذا خطأ ، الناس يروونه(2) عن عبدالله موقوف . منهم جعفر بن سُلَيْمان وغيره . وأَبْيَض شيخ ، وعطاء بن السائب اختلط بأخرة(3)
__________
(1) هو : السلمي عبدالله بن حبيب .
(2) في (ش): (( يرونه )).
(3) رواه الطبراني في "الأوسط" (5685)، وفي "الدعاء" (1983)، والحاكم في "المستدرك" (4/296)، والبيهقي في "الشعب" (8904) من طريق أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا أبيض بن أبان به مرفوعًا .
قال النسائي : (( وهذا حديث مُنْكَر ، ولا أرى جعفر بن سليمان الا سمعه من عطاء بن السائب بعد الاختلاط )).
وقال الطبراني في "الأوسط": (( لا يروى هذا الحديث عن عطاء إلا أبيض بن أبان والمغيرة بن مسلم ، تفرد به عن أبيض بن أبان : أحمدُ بن يونس ، وتفرد به عن المغيرة بن مسلم : النعمانُ بن عبدالسلام )).
وقال في "الدعاء": (( هكذا رواه أبيض بن أبان والمغيرة السراج ، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبدالرحمن ، عن عبدالله بن مسعود متصلاً . ورواه الناس عن عطاء بن السائب موقوفًا عن عبدالله )).
وقال الحاكم: ((هذا حديث لم يرفعه عن عبدالرحمن عن عبدالله بن مسعود غير عطاء بن السائب تفرد بروايته عنه جعفر بن سليمان الضبعي وأبيض بن أبان القرشي . والصحيح فيه رواية الإمام الحافظ المتقن سفيان بن سعيد الثوري عن عطاء بن السائب )).
وقال البيهقي :(( هذا موقوف وهو الصحيح )). وقال : (( الصحيح رواية الثوري )).
وقال الدارقطني في "العلل" (927): (( يرويه عطاء بن السائب واختلف عنه فرفعه أبيض بن أبان وجعفر بن سليمان عن عطاء . ووقفه جرير وعلي بن عاصم والموقوف أشهر )).(1/30)
.
1990 -?وسألتُ(1) أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه زكريا بن أبي زَائِدَة وزهير(2)، فقال أحدهما : عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مَيْمُون، عن عبدالله، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ،[ وقال الآخر : عن عمرو بن مَيْمُون ، عن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ](3)؛ أنه كان يتعوذَّ من خمس: من البخل والْجُبْن، وسوء العمر ، وفتنة الصدر ، وعذاب القبر ؛ فأيهما أصحّ ؟
فقالا : لا هذا ولا هذا ؛ روى هذا(4) الثوري فقال(5): عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن مَيْمُون ؛ قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتعوذ ، مرسل . والثوري أحفظهم .
وقال أبي : أبو إسحاق كبر وساء حفظه بأَخَرَة ، فسماع الثوري منه قديمًا(6).
وقال أبو زرعة : تأخر سماع زهير وزكريا من أبي إسحاق(7).
سوء الحفظ آخر العمر .
668-?وسألت أبي عن حديثٍ رواه شَرِيك ، عن عاصم الأَحْول، عن الشَّعْبِي، عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم ؟
فقال : هذا خطأ ، أخطأ فيه شَرِيك ، وروى(8) جماعة هذا الحديث، ولم يذكروا صائمًا محرمًا ؛ إنما قالوا : احتجم وأعطى الحجَّام أَجْرَه .
__________
(1) ستأتي هذه المسألة برقم (2056).
(2) هو : ابن معاوية .
(3) ما بين المعكوفين سقط من جميع النسخ في هذا الموضع ، والمثبت مما يأتي في المسألة (2056).
(4) في (ت) و(ك): (( هذا الحديث )).
(5) قوله : (( فقال )) سقط من (ك).
(6) كذا في النسخ !
(7) قال الترمذي في "جامعه" (3567): (( قال عبدالله بن عبدالرحمن أبو إسحاق الهمداني مضطرب في هذا الحديث يقول : عن عمرو بن ميمون ، عن عمر ، ويقول : عن غيره ، ويضطرب فيه )).
وقال الدارقطني في "العلل" (2/187): (( رواه يونس بن أبي إسحاق وابنه إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون ، عن عمر . وخالفهما شعبة والثوري ومسعر ، فرووه عن أبي إسحاق ، عن عمرو بن ميمون مرسلاً ، عن النبي r والمتصل صحيح )).(1/31)
فحدَّث شَرِيك هذا الحديث من حفظه بِآخِرَة،وقد كان ساء حفظه،فغلط فيه (9).(1)
العمى مع عدم الحفظ .
ومن الثقات من فقد بصره وكان يعتمد على كتبه فخف ضبطه ووهم فيما حدث به بعد ذلك وهؤلاء كثيرون منهم عبد الرزاق بن همام فبالرغم من أنه أحد الأئمة المشهورين وإليه كانت الرحلة في زمانه في الحديث حتى قيل أنه لم يرحل إلى أحد بعد رسول الله ما رحل إلى عبد الرزاق إلا أن حديثه ضعيف بعد فقد بصره ؛ قال الإمام أحمد : عبد الرزاق لا يعبأ بحديث من سمع منه وقد ذهب بصره كان يلقن أحاديث باطلة .
وقال الأثرم عن أحمد من سمع منه بعد ما عمي فليس بشيء وما كان في كتبه فهو صحيح وما ليس في كتبه فإنه كان يلقن فيتلقن
1627-?وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه أبو عَقِيل ابن حاجب(2)، عن عبدالرزَّاق ، عن سعيد(3) بن قماذين ، عن عثمان بن أبي سليمان ، عن سعيد بن محمد بن جُبَيْر بن مُطْعِم ، عن عبدالله بن حَبَشِي ؛ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : (( لاَ تَطْرُقُوا(4) الطَّيْرَ فِي أَوْكَارِهَا(5) فَإِنَّ اللَّيْلَ أَمَانٌ لَهَا )) ؟
قال أبي : قال إن هذا الحديث مما أُدخل على عبدالرزاق، وهو حديثٌ موضوع .
وقد ذكر بن رجب ضابطا لرواية الضرير والأمي فقال وهذا يرجع إلى أصل وهو أن الضرير والأمي إذا لم يحفظا الحديث فإنه لا تجوز الرواية عنهما ولا تلقينهما ولا القراءة عليها من كتاب وقد نص على ذلك أحمد -في رواية عبد الله- في الضرير والأمي لا يجوز أن يحدثا إلا بما حفظا .
ومن أمثلة ذلك أبو معاوية الضرير محمد بن خازم .
قبول التلقين .
__________
(1) نقل هذا النص الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (2/368) بتصرف .
(2) هو : أبو عقيل محمد بن حاجب .
(3) في (أ) و(ش) : (( سعد ))، وانظر ترجمته في "الجرح والتعديل" (4/64).
(4) في (ك): (( لا تطوقوا )).
(5) وكْر الطائر : عُشُّه . "النهاية" (5/292).(1/32)
وهذا قد يكون بسبب العمى كما تقدم ، وقد يكون بسبب آخر .
1743-?وسألتُ أبي(1) عن حديثٍ رواه هشام بن عَمَّار ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن عبدالرحمن بن عطاء ، عن عبدالملك بن جابر بن عَتِيكٍ(2)؛ قال : سُئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيُّ الأجلين قضى موسى ؟ قال : (( قضى أوفاهما )).
قال أبي : رأيت هذا الحديثَ قديمًا في أصل هشام بن عَمَّار : عن حاتم، هكذا(3) مرسل(4)، ثُمَّ لَقَّنوه بأَخَرَةٍ(5): عن جابرٍ(6)، فتَلَقَّنَ، وكان مُغَفَّلاً .
1576/ب - وكان هشام بن عَمَّار قديمًا حديثه أصح منه بأَخَرَة ، وذلك أنه كان يُلَقَّن، فما لُقِّنَ تَلَقَّنَ(7)، وقديمًا كان يقرأ من كتابه (8).
538-?وسُئِلَ أبو زرعة عن حديثٍ رواه ليث(9) بن سعد، فاختلف عن ليث .
فروى أبو الوليد ، عن ليث ، عن عبدالله بن أبي مُلَيْكَة ، عن عبدالله بن أبي نهيك ، عن سعد بن أبي وقّاص ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ورواه يحيى بن بُكَير ، عن ليث ، عن عبدالله بن عبيدالله بن أبي مُلَيْكَة ، عن عبيدالله(10) بن أبي نهيك ، عن سعيد بن أبي سعيد ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال(11): (( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ )) ؟
__________
(1) قوله : (( أبي )) سقط من (ك).
(2) في (ك): (( عتبك )).
(3) أي : عن حاتم ، عن عبدالرحمن ، عن عبدالملك مرسلاً .
(4) كذا !
(5) في (ت) : (( بأخذه )).
(6) أي : جعله عن عبدالملك بن جابر بن عتيك ، عن جابر بن عبدالله موصولاً .
(7) في (ش) : (( يلقن )).
(8) في الأصل هذه المسألة متصلة بالتي قبلها ، ولم نر لها تعلقًا بها . وانظر "الجرح التعديل" (9/66).
(9) قوله : (( ليث )) سقط من (ش).
(10) كذا في جميع النسخ ، وكلاهما مذكور عنه ؛ فيقال له : (( عبدالله ))، و((عبيدالله )).
(11) قوله : (( أنه قال )) ليس في (ت) والمطبوع .(1/33)
قال أبو زرعة : في كتاب اللَّيْث في أصله : سعيد بن أبي سعيد ، ولكن لُقِّنَ بالعراق : عن سعد .
احتراق الكتب ( كابن لهيعة ) ، أو ضياعها (كعلي بن مسهر ) .
شرح علل الترمذي ج2/ص755
ومنهم علي ابن مسهر أحد الثقات المشهورين
قال أحمد في رواية الأثرم كان ذهب بصره فكان يحدثهم من حفظه وأنكر عليه حديثه عن هشام عن ابيه عن عائشة كان رسول الله ـ ـ إذا سمع المؤذن قال وانا
وقال إنما هو عن هشام عن أبيه مرسل وعلي ابن مسهر له مفاريد
ومنها في حديث إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليرقه وقد خرجه مسلم
وذكر الأثرم أيضاً عن أحمد أنه أنكر حديثاً فقيل له رواه علي ابن مسهر فقال إن علي ابن مسهر كانت كتبه قد ذهبت فكتب بعد فإن كان روى هذا غيره وإلا فليس بشيء يعتمد
من كان لا يحفظ حديثه ، فيحدث من غير كتابه أحيانًا ، فيغلط .
167 - أخبرنا(1) أبو محمد عبدالرحمن قال(2): وحدثنا أبو زرعة عن محمد بن بكار(3)، عن أبي معشر ، عن عبدالله بن عبدالله بن(4) أبي طلحة ، عن أنس ؛ قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل الخلاء يقول :
((بِسْمِ اللهِ ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ )) .
__________
(1) نقل هذا النص ابن عبدالهادي في "شرح العلل " (ل48/أ).
(2) قوله : (( أخبرنا أبو محمد قال )) من (ت) و(ك) فقط .
(3) في (ت) و(ك): (( محمد بن مكدر ))، وزاد في (ك): (( ولعله منكدر )).
(4) قوله : (( عبدالله بن )) الثانية سقط من (ك).(1/34)
فسمعت أبا زرعة يقول : هكذا أملاه علينا من حفظه ، وقيل لي(1): في كتابه: عن أبي معشر ، عن حفص بن(2) عمر بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وهو الصحيح (3).
وحدثنا أبي ؛ قال : نا محمد بن بكار ؛ قال :حدثنا أبو معشر ، عن حفص بن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (4).
174-?وسألتُ أبي عن حديثٍ حدثنا به محمد بن عوف، عن علي ابن عَيَّاش ، عن شعيب بن أبي حمزة ، عن محمد بن الْمُنْكَدِر ، عن جابر؛ قال : كان آخر الأمر من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مست النار ؟
فقال أبي : هذا حديثٌ مضطربُ المتن ؛ إنما هو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكل كتفًا ثم صلى ولم يتوضَّ ، كذا رواه الثقات عن ابن الْمُنْكَدِر ، ويمكن أن يكون شعيب بن أبي حمزة حدَّث من حفظه فوهم فيه (5).
عدم اصطحاب الكتاب أثناء الرحلة ، فيحدث من حفظه ، فيغلط .
__________
(1) في (ت) و(ك): (( أبي )).
(2) في (ك): (( عن )).
(3) قال الدارقطني في "العلل" (4/ل22/ب): (( يرويه أبو معشر بن نجيح واختلف عنه، فقال هشيم : عن أبي معشر ، عن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أنس . وقال أبو الربيع الزهراني : عن أبي معشر ، عن حفص بن عمر ، عن أنس . والقول قول أبي الربيع ، وهو حفص بن عمر بن عبدالله بن أبي طلحة ، عن أخي إسحاق ، وهو الذي يروي عنه خلف بن خليفة )).
(4) من قوله : (( وهو الصحيح .... )) إلى هنا سقط من (ت) و(ك).
(5) نقل هذا النص ابن عبدالهادي في "شرح العلل" (ل 51/ب)، ونقل بعضه ابن دقيق العيد في "الإمام"(2/403-404)، وتقدمت المسألة برقم (170).(1/35)
1198-?وسألت أبي وأبا زرعة عن حديثٍ رواه أيوب بن(1) عتبة، عن يحيى بن أبي كَثِير ، عن أبي سلمة(2)، عن أبي هريرة - أو عائشة(3)-: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أن يُزَوِّج المرأة مِنْ بناته ؛ جلس إلى خِدْرِها(4)، فقال(5): (( إنَّ فُلاَنًا يَذْكُرُ فُلاَنَة(6) )) ؟ فإن هي سكتت زوجها ، وإن هي نقرت(7) الستر فهكذا ، الحديث . قال أبو زرعة : هذا خطأ ، روي عن يحيى، عن الْمُهَاجِر بن(8) عِكْرِمَة ، عن عبدالله بن أبي بكر ؛ قال : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقالا : هذا الصحيح . قال(8) أبي : وكان أيوب قَدِمَ بغداد، ولم يكن معه كتبه ، وكان يحدث مِنْ حفظه على(9) التوهم فيغلط . وأما كتبه في الأصل فهي(10) صحيحة عن يحيى بن أبي كَثِير .?
749-?وسألت أبي عن حديثٍ رواه جعفر بن بُرْقَان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب : أن رجلاً أَتَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني هلكت ؛ وقعت على أهلي في شهر(4) رمضان ؟
قال أبي: هذا خطأ ؛ إنما هو : الزهري، عن حُمَيد بن عبدالرحمن ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
قال أبي : قدم جعفر بن بُرْقَان الكوفة وليس معه كتب ، فكان يحدث من حفظه فيغلط (5).
__________
(1) في (ش): (( عن ))، وكأنها كانت كذلك في (أ)، ثم صوبت .
(2) في (ك): (( أبي سليمة )).
(3) في (ت) و(ك): (( وعائشة )).
(4) الخِدْر : ناحية في البيت ، يُترك عليها ستر فتكون فيه الجارية البكر . "النهاية" (2/13).
(5) في (ك): (( قال )).
(6) في (أ) و(ش): (( فلانة )).
(7) في (أ): (( نقرت ))، وفي (ش): (( نفرث )).
(8) في (ف) : (( عن )). ……(8) في (ف) : (( قال )).
(9) في (ك): (( قال )).
(10) في (ت) و(ك): (( فهو )).(1/36)
603- وسألت(1) أبي عن حديثٍ رواه محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع، عن جرير ، عن منصور ، عن أبي مَعْشَر ، عن إبراهيم ، عن عَلْقَمَة، عن القَرْثَع، عن سلمان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( تَدْرِي مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ ))...، فذكر الحديث(2)؛ قال : (( مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ )) ؟
فقال أبي : رواه جرير بالرَّيّ، عن مغيرة ، ويشبه أن يكون حدَّث بالعراق من حفظه هكذا ، والحديث معروف من حديث مغيرة .
قلتُ : فأيهما أشبه ؟ قال : المغيرة.
السماع من الشيخ في مكان دون ضبط ، والسماع منه في مكان آخر مع الضبط ( يمكن أن يكتفى بالفقرة السابقة عنه ) ( مثلوا له بمعمر ) .
من حدث عن أهل مصر أو إقليم فحفظ حديثهم ، وحدث عن غيرهم فلم يحفظ .( كإسماعيل بن عياش ) .
1481 -?وسألت أبي وأبا زرعة(3) عن حديثٍ رواه مَعْمَر ، عن الأَعْمَش ، عن زيد بن وَهْب ، عن حُذَيْفَة ؛ قال : كنا إذا دُعِينَا إلى طعام والنبي - صلى الله عليه وسلم - معنا لم نضع أيدينا حتى يضع(4) النبي - صلى الله عليه وسلم - يده . فأتينا بِجَفْنَةٍ فجاء أعرابي ...، فذكرت لهما الحديث ؟
فقالا : هذا خطأ ، رواه الأَعْمَش ، عن خَيْثَمة(5)، عن أبي حُذَيْفَة الأَرْحَبِي(6)، عن حُذَيْفَة ، وليس هو من حديث زيد بن وَهْب .
فقلت لهما : الوهم ممن هو ؟
قالا : من مَعْمَر .
من حدث عنه أهل مصر أو إقليم فحفظوا حديثه ، وحدث عنه غيرهم فلم يقيموا حديثه ( كزهير بن محمد ) .
__________
(1) في (ت) والمطبوع : (( سمعت أبي يقول : سألت )).
(2) انظر في تعليقي على المسألة رقم (580).
(3) في (ت) و(ك): (( وسألتهما )) بدل : (( وسألت أبي وأبا زرعة )).
(4) قوله : (( أيدينا حتى يضع )) سقط من (ك).
(5) هو : ابن عبدالرحمن .
(6) هو : سلمة بن صهيب .(1/37)
قال البخاري قال أحمد كان زهير الذي روى عنه أهل الشام زهيرا آخر قال البخاري ما روى عنه أهل الشام فإنه مناكير وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح وقال الأثرم عن أحمد في رواية الشاميين عن زهير يروون عنه مناكير ثم قال أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة عبد الرحمن بن مهدي وأبي عامر وأما أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعة وقال أبو حاتم محله الصدق وفي حفظه سوء وكان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه فما حدث به من حفظه ففيه أغاليط وما حدث من كتبه فهو صالح وقال النسائي ليس به بأس وعند عمرو بن أبي سلمة يعني التنيسي عنه مناكير وقال بن عدي ولعل أهل الشام أخطئوا عليه فإنه إذا حدث عنه أهل العراق فروايتهم عنه شبه المستقيمة وأرجو أنه لا بأس به وقال العجلي لا بأس به وهذه الأحاديث التي يرويها أهل الشام عنه ليست تعجبني .
من انشغل عن العلم بأمر آخر ؛ كالقضاء ( كشريك ، وحفص بن غياث )(1/38)
قال يعقوب ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقي بعض حفظه وقال أبو زرعة ساء حفظه بعدما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح وإلا فهو كذا وقال بن معين جميع ما حدث به ببغداد من حفظه وقال الحسن بن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة سمعت حفص بن غياث يقول والله ما وليت القضاء حتى حلت لي الميتة وكذا قال سجادة عنه وزاد ولم يخلف درهما يوم مات وخلف عليه الدين وكان يقال ختم القضاء بحفص وقال يحيى بن الليث بعد أن ساق قصة من عدله في قضائه كان أبو يوسف لما ولي حفص قال لأصحابه تعالوا نكتب نوادر حفص فلما وردت قضاياه عليه قال له أصحابه أين النوادر فقال ويحكم إن حفصا أراد الله فوفقه وقال أبو عبيد الآجري عن أبي داود كان حفص بأخرة دخله نسيان وكان يحفظ ومما أنكر على حفص حديثه عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر كنا نأكل ونحن نمشي قال أحمد ما أدري ماذا كالمنكر له وقال أبو زرعة رواه حفص وحده وقال بن المديني انفرد حفص نفسه بروايته وإنما هو حديث أبي البزرى وكذا حديثه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه من أقال مسلما عثرته الحديث قال بن معين تفرد به عن الأعمش وقال صالح بن محمد حفص لما ولي القضاء جفا كتبه وليس هذا الحديث في كتبه قال بن عدي وقد رواه عن حفص يحيى بن معين وزكرياء بن عدي وقال عبد الله بن أحمد سمعت أبي يقول في حديث حفص عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس مرفوعا خمروا وجوه موتاكم الحديث هذا خطأ وأنكره وقال قد حدثناه حجاج عن بن جريج عن عطاء مرسلا
قصر صحبة الشيخ . ( كسفيان بن حسين في الزهري ) .
الجرح والتعديل ج4/ص227(1/39)
يحيى ابن معين يقول سفيان ابن حسين ليس به بأس وليس من أكابر أصحاب الزهرى حدثنا عبد الرحمن انا ابن أبى خيثمة فيما كتب الى قال سمعت يحيى ابن معين يقول سفيان ابن حسين الواسطي ثقة وكان يؤدب المهدى وهو صالح حديثه عن الزهرى قط ليس بذاك إنما سمع من الزهرى بالموسم حدثنا عبد الرحمن قال سمعت أبى يقول سفيان ابن حسين صالح الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به هو نحو محمد ابن إسحاق
2301 - وسألتُ أبي عن حديثٍ رواه سفيان بن حسين ، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في السبق.
ورواه عقيل ، عن ابن شهاب ؛ قال : سمعت رجالاً من أهل العلم يقولون ذاك(1).
قال أبي : الصحيح هذا .
2249 - وسألتُ أبي(2) عن حديثٍ رواه يزيد بن هارون وغيرُه(3)، عن سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيّب ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : (( أَيُّمَا رَجُلٍ أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْنِ وَهُوَ يَأْمَنُ أَنْ يَسْبِقَ ... ))(4)؟
__________
(1) في (ك): (( ذلك )).
(2) ستأتي هذه المسألة برقم (2471)، ونقلها بتمامها ابن القيم في "الفروسية" (ص229-230)، ونقلها بتصرف في "تهذيب السنن" (3/400)، ونقل قول أبي حاتم بتمامه ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (2/86)، ونقل بعضه ابن حجر في "التلخيص الحبير" (4/300).
(3) كذا قال هنا ! وفي المسألة (2471) قال : (( لا أعلم روى هذا الحديث غير حُصَيْن ابن نُمَيْر ، عن سفيان بن حسين ، وسعيد بن بشير ، وأرى أنه كلام سعيد بن المسيب )).
(4) زاد ابن القيم في نقله لهذا النص في "الفروسية": (( فهو قمار )).(1/40)
قال أبي : هذا خطأ ! لم يَعْمَلْ سفيانُ بن حسين [شيئًا](1)، لا يشبه أن يكون عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وأحسن أحواله(2) أن يكون عن سعيد بن المسيب قَوْله(3)، وقد رواه يحيى بن سعيد(4)، عن سعيد قَوْلَه(2)(5)
__________
(1) في (أ) و(ت) و(ك): (( بشيء ))، وفي (ش) و(ف): (( شيء ))، وضبّب عليها ناسخ (ف)، والمثبت من "الفروسية"، و"تهذيب السنن"، و"إرشاد الفقيه".
(2) في (ت) و(ف) و(ك): (( أحوال )).
(3) في "الفروسية" : (( من قوله )).
(4) أي : الأنصاري .
(5) الحديث أخرجه أبو داود في "سننه" (2579) من طريق حصين بن نمير وعباد بن العوّام ، كلاهما عن سفيان بن حسين ، به ، ثم قال أبو داود : (( رواه معمر وشعيب وعُقيل، عن الزهري ، عن رجال من أهل العلم ، وهذا أصح عندنا )).اهـ.
وقد اخرجه الإمام مالك ف ي"الموطأ" (2/468) من طريق يحيى بن سعيد النصاري ، عن سعيد بن المسيب قوله .
وممن أعلل الحديث : يحيى بن معين ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، وابن عبدالبر ؛ كما سيأتي نقله عن ابن القيم .
وأعله كذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (1/495)، و(3/90) حيث قال : ومنها حديث محلل السباق :" من أدخل فرس بين فرسين ": فإن هذا معروف عن سعيد بن المسيب من قوله ، هكذا رواه الثقات من أصحاب الزهرى، عن الزهرى ، عن سعيد ، وغلط سفيان بن حسين ، فرواه عن الزهرى ، عن سعيد ، عن أبى هريرة مرفوعًا ، وأهل العلم الحديث يعرفون أن هذا ليس من قول النبى r ، وقد ذكر ذلك أبو داود السِّجستانى وغيره من أهل العلم ، وهم مُتَّفِقُون على أن سفيان بن حسين هذا يغلط فيما يرويه عن الزهرى ، وأنه لا يُحتجّ بما ينفرد به ، ومُحَلِّل السباق لا أصل له فى الشريعة ، ولم يأمر النبي r أُمَّته بمحلل السباق . وقد روى عن أبى عبيدة بن الجراح وغيره : أنهم كانوا يتسابقون بِجُعْلٍ ، ولا يدخلون بينهم مُحَلِّلاً ، والذين قالوا هذا من الفقهاء ظنوا أنه يكون قمارًا ، ثم منهم من قال بالمحلِّل يخرج عن شبه القمار ، وليس الأمر كما قالوه ، بل المحلِّل مُؤَدٍّ إلى المخاطرة ، وفى المحلل ظلم ؛ لأنه إذا سَبَقَ أَخَذَ ، وإذا سُبِقَ لم يُعْطِ ، وغيره إذا سُبِق أعطى ، فدخول المحلل ظلم لا تأتى به الشريعة ، والكلام على هذا مبسوط فى مواضع أخر ، والله أعلم )).اهـ.
وأعلَّه أيضًا ابن القيم في "تهذيب السنن" (3/400-402)، وأطال في إعلاله سندًا ومتنًا في "الفروسية" (ص 229-235)، ومن جملة ما قال : (( وقال ابن أبي خيثمة في "تاريخه": سألت يحيى بن معين عن حديث سفيان بن حسين ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة عن النبي r :" من أدخل فرسًا بين فرسين ..." الحديث ؟ فقال : باطل وخطأ على أبي هريرة . وقال أبو داود في "سننه" بعد أن أخرجه : رواه معمر وشعيب وعقيل ، عن الزهري ، عن رجال من أهل العلم قالوا : من أدخل فرسًا ...، وهذا أصحّ عندنا . هذا لفظ أبي داود ، فلا ينبغي أن يَقتصِر الْمَخَرِّجُ له من "السنن" على قوله رواه أبو داود ويسكُت عن تعليله له . وقد رواه مالك في "الموطأ" عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب ؛ أنه قال : من أدخل فرسًا...، فجعله من كلام سعيد نفسه . وكذلك رواه الأساطين الأثبات من أصحاب الزهري : معمر بن راشد ، وعقيل بن خالد ، وشعيب بن أبي حمزة ، والليث بن سعد ، ويونس بن يزيد الأيلي ، وهؤلاء أعيان أصحاب الزهري ؛ كلُّهم رووه عن سعيد بن المسيب من قوله . وممن أعلَّه أبو عبيد القاسم بن سلاَّم ، وأعله أبو عمر بن عبد البر في "التمهيد" وقال : هذا حديث انفرد به سفيان بن حسين من بين أصحاب ابن شهاب ، ثم أعلَّه بكلام أبي داود . وقال بعض الحفاظ : يبعد جدًّا أن يكون الحديث عند الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعًا ثم لا يرويه واحد من أصحابه الملازمين له المختصين به الذين يحفظون حديثه حفظًا ، وهم أعلم الناس بحديثه ، وعليهم مداره ، وكلهم يروونه عنه كأنما من قول سعيد نفسه ، وتتوفر هممهم ودواعيهم على ترك رفعه إلى النبي r وهم الطبقة العليا من أصحابه ، الْمُقَدَّمون على كل من عَدَاهم ممن روى عن الزهري ، ثم ينفرد برفعه من لا يُدَانيهم ولا يقاربهم ، لا في الاختصاص به ، ولا في الملازمة له ، ولا في الحفظ ، ولا في الإتقان ، وهو معدود عندهم في الطبقة السادسة من أصحاب الزهري على ما قال أبو عبدالرحمن النسائي ، وهو سفيان بن حسين ، فمن له ذَوْقٌ في علم الحديث لا يشك ولا يتوقف أنه من كلام سعيد بن المسيب ، لا من كلام رسول الله r ، ولا يَتَأَتَّى له الحكم برفع الحديث إلى النبي r ، بل إما أن يرويه ويسكت عنه ، أو ينبه عليه ، وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول : رفع هذا الحديث إلى النبي r خطأ ، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب . قال : وهذا مما يعلم أهل العلم بالحديث أنه ليس من كلام النبي r ، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب نفسه . وهكذا رواه الثقات الأثبات من أصحاب الزهري عنه ، عن سعيد بن المسيب ؛ مثل الليث بن سعد ، وعُقَيل ، ويونس ، ومالك بن أنس ، وذكره في "الموطأ" عن سعيد بن المسيب نفسه ، ورفعه سفيان بن حسين الواسطي وهو ضعيف لا يُحْتَجّ بمجرَّد روايته عن الزهري ؛ لغلطه في ذلك . قلت : فقد غلَّط الإمام الشافعي سفيان بن حسين في تفرده عن الزهري بحديث الرجل جبار ، فقال : روى سفيان بن حسين، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة مرفوعًا :" الرجل الجبار "، ثم قال : وهذا غلط - والله أعلم - إن الحفاظ لم يحفظوا ذلك ...، فهذا وأمثاله مما بين ضعف رواية سفيان بن حسين عن الزهري ، ولو تابعه غيره عند أئمة هذا الشأن وفرسان هذا الميدان ، فكيف بما تفرَّد به عن الثقات وخالف فيه الأئمة الاثبات ، ومعرفة هذا الشأن وعلله ذَوْقٌ ونورٌ يقذفه الله في القلب يقطع به من ذاقه ولا يشك فيه ، ومن ليس له هذا الذوق لا شعور له به ، وهذا كنقد الدراهم لأَرْبَابِه ؛ فيه ذوقٌ ومعرفةٌ ليستا لكبار العلماء . قال محمد بن عبدالله بن نمير: قال عبدالرحمن بن مهدي : إن معرفة الحديث إلهام . قال ابن نمير: صدق ! لو قلت له : من أين قلت ؟ لم يكن له جواب . وقال أبو حاتم الرازي: قال عبد الرحمن بن مهدي : إنكارنا للحديث عند الجهال كهانة )).اهـ.
وانظر "العلل" للدارقطني (1692).(1/41)
.
قوم ثقات في أنفسهم ، لكن حديثهم عن بعض الشيوخ فيه ضعف ؛ لعدم ضبطهم له . ( كحماد بن سلمة ) .
1510 -?وسئل أبو زرعة(1) عن حديثٍ رواه القَعْنَبِي(2)، عن سُلَيْمان ابن الْمُغِيرَة ، عن ثابت ، عن أبي موسى ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ((إِذَا سَقَطَتْ لُقْمَةُ أَحَدِكُمْ ؛ فَلْيُمِطْ عَنْهَا ، ثُمَّ لِيأكُلْهَا ، وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ )) .
ورواه(3) حَمَّاد بن سَلَمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ؟
فقال(4) أبو زرعة : حَمَّاد أحفظ (5).
1209 -?وسألت أبي(6) عن حديثٍ رواه الْحَكَم بن عَطِيَّة ، عن ثابت، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه تزوج أم سلمة(7) ... ؟
فقال أبي : سألت أبا الوليد الطَّيَالِسي عن هذا الحديث ؟ فقال: ما تصنعون بهذا ؟ هذا خطأ . قلنا(8): وما الصحيح ياأبا الوليد !؟ قال : ما حدّثنا حَمَّاد بن سلمة ، عن ثابت، عن ابن عمر بن أبي سلمة ، عن أبيه،
عن أم سلمة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (9).
__________
(1) قوله : (( أبو زرعة )) سقط من (ت) و(ك).
(2) واسمه : عبدالرحمن .
(3) في (أ) و(ش): (( وروى )).
(4) في (ش) : (( قال )).
(5) وهذا الذي رجحه مسلم ؛ فإنه أخرج الحديث في "صحيحه" (2034) من طريق حماد .
(6) سيأتي بعض هذه المسألة برقم (1211).
(7) وتمامه : على شيء قيمته عشرة دراهم . انظر "مسند الطيالسي" (1211).
(8) في (ف) : (( قلت )).
(9) وهو الحديث المشهور في قصة وفاة أبي سلمة t ، وخطبة النبي r لأم سلمة ، واعتذارها بالغيرة ، ثم موافقتها ، وفيه قوله r : (( إن شئت سبّعت لك وسبّعت=
= لنسائي ... )) الخ . أخرجه الإمام أحمد في "المسند" (6/295 و313-314 و317-318)، والنسائي (3254)، وانظر المسألة الآتية برقم (1213).(1/42)
قال أبي : فقلت له : قد حَدَّث به أبو داود الطَّيَالِسي ، عن الحكم ، فلم يُبَالِ(1) به ، ولم يُحَدِّثنا به .
قلتُ لأبي: وما الصحيح عندك ؟
قال : حديث عمر(2) بن أبي سلمة .
قلتُ : فإن جعفر بن سليمان يُحَدِّث به عن ثابت ، عن عمر(3) بن أبي سلمة ، لا يقول(4): عن ابن عمر بن أبي سلمة(5).
قال أبي : نقص جعفر بن سليمان رجل(6)، والصحيح : حديث حَمَّاد بن سلمة .
قيل لأبي : فإن عَفَّان(7) حَدَّث(8) عن حَمَّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن ابن عمر(9) بن أبي سلمة ، عن أبيه ، عن أم سلمة؛ بعض(10) هذا الحديث .
__________
(1) في جميع النسخ : (( يبالي )).
(2) في (ك): (( عمرو )).
(3) في (أ) يشبه أن تكون : (( عن عمرو )).
(4) قوله : (( عن عمر بن أبي سلمة لا يقول )) سقط من (ت) و(ك).
(5) من قوله : (( قلت فإن جعفر .... )) إلى هنا سقط من (ش).
(6) كذا في جميع النسخ !
(7) في (ف) : (( عثمان ))، وعفان هذا : هو ابن مسلم الباهلي .
(8) في (ت) و(ك): (( حدثه )).
(9) من قوله : (( قيل لأبي .... )) إلى هنا سقط من (ك).
(10) من قوله : (( عن حماد بن سلمة ... )) سقط من (أ) و(ش).(1/43)
قال : اختصر عفَّان(1) مِنَ الحديث شَيء(2).
الانقطاع في السند ، أو الطعن في أحد رجال السند ؛ عدالةً أو ضبطًا .
اختصار الحديث ، والرواية بالمعنى .
902 -?وسألت أبي عن حديثٍ رواه مروان الفَزَاري ، عن أبي حَيّان التَّيْمي ، عن أبي زُرعة ، عن أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمى الأنثى من الخيل : الفرس ؟(3)
فقال : هذا حديث مشهور ، رواه جماعة عن أبي(4) حَيَّان ، عن أبي زُرعة ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه ذكر الغُلُول(5) ففال : (( لاَ أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى عُنُقِهِ فَرَسٌ )) .
__________
(1) في (ت) و(ك): (( عثمان )).
(2) كذا في جميع النسخ ! هذا وممن أعلّ هذا الحديث : الإمام أحمد فقد روى الخطيب في "موضح أوهام الجمع والتفريق" (1/217-218) عن الأثرم : أن الإمام أحمد قال : (( وكان ذلك الشيخ الآخر الحكم بن عطيّة الذي يروي عن الحسن أشياء عندي - أي صالح - حتى وجدت له غرائب عن ثابت ، عن أنس : أن النبي r تزوج أم سلمة على قيمة عشرة دراهم ، وهؤلاء الشيوخ يخطئون على ثابت ، وإنما يريد الحديث الذي رواه حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن ابن عمر بن أبي سلمة . فقلت : نعم ، وسليمان - كذا ! - أيضًا يرويه ؛ فقال : نعم ، ولكن حماد بن سلمة أحسن [ منه ] حديثا . قلت : وأسنده حماد ، ولم يسنده سليمان . قال : نعم )). وانظر "الضعفاء" للعقيلي (1/258).
(3) أخرجه أبو داود (2536)، وابن حبان في "صحيحه" (4680/الإحسان).
(4) في (ش) : (( ابن )).
(5) الغلول : هو الخيانة في الْمَغْنَم ، والسَّرقة من الغنيمة قبل القِسْمة . انظر "النهاية" لابن الأثير (3/380).(1/44)
فاختصر مروان هذا الحديث لَمَّا قال : (( يَحْمِلُهَا عَلَى رَقَبَتِهِ ))(1)؛ أي : جعل الفرس أنثى حين قال : يحملها(2)، ولم يقل يحمله .
453 -?وسمعت(3) أبي يذكر حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار في الصلاة بأصبعه .
قال أبي : اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه ضَعُفَ فقدّم(6) أبا بكر يصلي بالناس، فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ...، فذكر الحديث.
قال أبي : أخطأ(4) عبدالرزاق في اختصاره(5) هذه(6) الكلمة ؛ لأن عبدالرزاق اختصر هذه الكلمة، وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في التشهد، وأوهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أشار بيده في التشهد ، وليس كذاك هو .
قلتُ لأبي : فإشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر كان في الصلاة ، أو قبل دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة ؟ فقال : أما في حديث شعيب عن الزهري لا يدل على شيء من هذا .
جمع حديث الشيوخ بسياق واحد ، دون بيان للفظ كلٍّ منهم ، وقد يكون في حديث بعضهم علة تمنع من قبوله .
من حدّث عن ضعيف فاشتبه عليه بثقة يتفق معه في الاسم واسم الأب (كحماد بن أسامة حين التبس عليه عبد الرحمن بن يزيد بن تميم بعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ) .
__________
(1) لم أجد رواية هكذا ، وإنما وجدته بلفظ : (( يجيء يوم القيامة على عنقه فرس له حَمْحَمَةٌ ))، وفي بعضها : (( على رقبته )) بدل ((على عنقه ))، وليس فيها: (( ويحملها )).
(2) في (ك): (( حملها )). ……(6) كذا في جميع النسخ !!
(3) نقل هذاالنص الضياء المقدسي في "المختارة" (7/175)، وابن عبدالهادي في "تنقيح التحقيق" (1/431).……(6) في (أ) و(ش) : (( فقام )).
(4) في (ت) و(ك): (( خطأ )).
(5) في (ف) : (( اختصار )).
(6) في (ك): (( وهذه )).(1/45)
565 -?وسمعت أبي يقول : عبدالرحمن بن يزيد بن جابر : لا أعلم أحَدًا من أهل العراق يُحَدِّث عنه ، والذي عندي أن الذي يروي عنه أبو أسامة وحسين الْجُعْفِي واحدٌ ، وهو عبدالرحمن بن يزيد بن تميم ؛ لأن أبا أسامة روى عن عبدالرحمن بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة خمسة أحاديث - أو ستة أحاديث - منكرة ، لا يحتمل أن يُحَدِّث عبدالرحمن بن يزيد ابن جابر مثله ، ولا أعلم أحدًا من أهل الشام روى عن ابن جابر من هذه الأحاديث [شيئًا](1).
وأما حسين الْجُعْفِي : فإنه روى عن عبدالرحمن بن يزيد ابن جابر ، عن أبي الأَشْعَث ، عن أوس بن أوس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم الجمعة أنه قال : (( أفْضَلُ الأَيَّامِ يَوْمُ الْجُمُعةِ ، فِيهِ الصَّعْقَةُ ، وفِيهِ النَّفْحَةُ ))، وَفِيهِ كَذَا . وهو حديث منكر ، لا أعلم أحَدًا رواه غير حسين الْجُعْفِي .
وأما عبدالرحمن بن يزيد بن تميم، فهو ضعيف الحديث ، وعبدالرحمن ابن يزيد بن جابر ثقة .
الإدخال على الشيوخ ( كما قيل في حديث قتيبة بن سعيد في الجمع بين الصلاتين بأن خالدًا المدائني أدخله عليه ) .
245 -?وسمعت(2) أبي يقول: كتبت عن قتيبة حديثًا، عن اللَّيْث بن سعد -لم أُصِبْهُ بمصر عن اللَّيْث -، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي(3) الطُّفَيْل ، عن معاذ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه كان في سفر ، فجمع بين الصلاتين .
__________
(1) في جميع النسخ : (( شيء ))، والمثبت من المطبوع و((جلاء الأفهام )) لابن القيم (ص152-153)؛ حيث نقل هذه المسألة عن ابن أبي حاتم .
(2) نقل هذا النص ابن الملقن في "البدر المنير" (3/319/مخطوط)، وابن حجر في "التلخيص" (2/102).
(3) قوله : (( أبي )) سقط من (ف).(1/46)
قال أبي : لا أعرفه من حديث يزيد ، والذي عندي أنه دخل له حديث في حديث . حدّثنا أبو صالح ؛ قال : حدثنا اللَّيْث، عن هشام بن سعد ، عن أبي الزبير ، عن أبي الطفيل ، عن معاذ بن جبل ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ...، بهذا الحديث (1).
معرفة علوم الحديث ج1/ص119
ذكر النوع الثامن والعشرين من علوم الحديث
هذا النوع منه
معرفة الشاذ من الروايات
__________
(1) قال الترمذي في "جامعه" (554): (( حديث معاذ حديث حسن غريب ، تفرد به قتيبة ، لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيره ، وحديث الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي الطفيل ، عن معاذ حديث غريب . والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبي الزبير ، عن أبي الطفيل ، عن معاذ : أن النبي r جمع في غزوة تبوك بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء )).
وقال أبو داود : (( هذا حديث منكر ، وليس في تقديم الوقت حديث قائم )). وانظر "معرفة علوم الحديث" للحاكم (ص119-120)، و"التهذيب" (3/432) ترجمة قتيبة ابن سعيد .(1/47)
وهو غير المعلول فان المعلول ما يوقف على علته أنه دخل حديث في حديث أو وهم فيه راو أو أرسله واحد فوصله واهم فأما الشاذ فإنه حديث يتفرد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة سمعت أبا بكر أحمد ابن محمد المتكلم الأشقر يقول سمعت أبا بكر محمد ابن إسحاق يقول سمعت يونس ابن عبد الأعلى يقول قال لي الشافعي ليس الشاذ من الحديث أن يروى الثقة ما لا يرويه غيره هذا ليس بشاذ انما الشاذ أن يروي الثقة حديثا يخالف فيه الناس هذا الشاذ من الحديث ومثاله ما حدثنا أبو بكر محمد ابن احمد ابن بالويه قال ثنا موسى ابن هارون قال ثنا قتيبة ابن سعيد قال ثنا الليث ابن سعد عن يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الطفيل عن معاذ ابن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشمس أخر الظهر حتى يجمعها الى العصر فيصليهما جميعا وإذا ارتحل بعد زيغ الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم سار وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخر المغرب حتى يصليها مع العشاء وإذا ارتحل بعد المغرب عجل العشاء فصلاها مع المغرب معرفة علوم الحديث ج1/ص120(1/48)
قال أبو عبد الله هذا حديث رواته أئمة ثقات وهو شاذ الإسناد والمتن لا نعرف له علة نعلله بها ولو كان الحديث عند الليث عن أبي الزبير عن أبي الطفيل لعللنا به الحديث ولو كان عند يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الزبير لعللنا به فلما لم نجد له العلتين خرج عن ان يكون معلولا ثم نظرنا فلم نجد ليزيد ابن أبي حبيب عن أبي الطفيل رواية ولا وجدنا هذا المتن بهذه السياقة عند أحد من أصحاب أبي الطفيل ولا عند أحد ممن رواه عن معاذ ابن جبل عن أبي الطفيل فقلنا الحديث شاذ وقد حدثونا عن أبي العباس الثقفي قال كان قتيبة ابن صعيد يقول لنا على هذا الحديث علامة احمد ابن حنبل وعلي ابن المديني ويحيى ين معين وأبي بكر ابن أبي شيبة وأبي خيثمة حتى عد قتيبة أسامي سبعة من أئمة الحديث كتبوا عنه هذا الحديث وقد أخبرناه احمد ابن جعفر القطيعي قال ثنا عبد الله ابن احمد ابن حنبل قال حدثني أبي قال ثنا قتيبة فذكره قال أبو عبد الله فأئمة الحديث انما سمعوه من قتيبة تعجبا من إسناده ومتنه ثم لم يبلغنا عن أحد منهم انه ذكر للحديث علة وقد قرأ عليًّا أبو علي الحافظ هذا الباب وحدثنا به عن أبي عبد الرحمن النسائي وهو امام عصره عن قتيبة ابن سعيد ولم يذكر أبو عبد الرحمن ولا أبو علي للحديث علة فنظرنا فإذا الحديث موضوع وقتيبة ابن سعيد ثقة مأمون حدثني أبو الحسن محمد ابن موسى ابن عمران الفقيه قال ثنا محمد ابن إسحاق ابن خزيمة قال سمعت صالح ابن حفصويه النيسابوري قال أبو بكر وهو صاحب حديث يقول سمعت محمد ابن إسماعيل البخاري يقول قلت لقتيبة ابن سعيد مع من كتبت عن الليث ابن سعد حديث يزيد ابن أبي حبيب عن أبي الطفيل فقال كتبته مع خالد المدايني قال البخاري وكان خالد المدايني يدخل الأحاديث على الشيوخ(1/49)