إسناداً عن بلال إلا الإيسناد الذي رواه به الناظم وهو إسناد يحتاج إلى نظر
كثير. اهـ كلام المحقق.
(وبعدها) أي بعد الخمسة (لم يَرِدِ) من الووود أي لم يجئ، وفي نسخة المحقق لم يزد من الزيادة فعليه الفعل بالبناء للمفعول، أى لم يزد على الخمسة، بمعنى أن رواية الصحابة بعضهم عن بعض لا يتعدى خمسة أشخاص.
* * *
(لطيفة) : ذكرها الناظم في التدريب قال قد يجتمع جماعة من الأقران
في حديث كما روى أحمد بن حنبل، عن أبي خيثمة زهير بن حرب، عن
يحيى بن معين، عن علي بن المديني، عن عُبَيد اللَّه بن معاذ، عن أبيه عن
سعيد (1) عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة، عن عائشة قالت:
"كان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوَفْرَةِ"
فأحمد، والأربعة، فوقه خمستهم أقران اهـ.
* * *
727 - فَإِنْ رَوَى كُلٌّ مِنَ الْقِرْنَيْنِ عَنْ. . . صَاحِبِهِ فَهْوَ " مُدَبَّجٌ " حَسَنْ
* * *
(فإن روى) أي أخذ (كل) واحد (من القرنين) بكسر القاف تثنية
قرن، وهو المماثل قال في المصباح: والقِرْن من يقاومك في علم، أو
قتال، أو غير ذلك، والجمع أقران مثل حِمْل وأحمال. اهـ.
(عن صاحبه) أى قرنه (فهو مدبج) بصيغة اسم المفعول المضعف
وقوله: (حسن) إشارة إلى وجه تسميته به، يعني: أنه إنما سمى به لحسنه، لأن المدبج لغة المُزَيَّن، لأن الرواية إنما تقع كذلك لنكتة يعدل فيها عن العلو إلى المساواة، أو النزول، فيحصل للإسناد بذلك تزيين، وهذا الذي اختاره
الناظم في وجه التسمية هو مختار العراقي، قال: ويحتمل أن يكون سُمِّيَ
به لنزول الإسناد فيكون ذَمًّا من قولهم رجل مدبج قبيح الوجه والهامة.
قال: ويحتمل كونه مأخوذاً من ديباجتي الوجه وهما الخدان لتساويهما
وتقابهلهما، قلت: وهذا هو الذي اختاره الحافظ في شرح النخبة.
__________
(1) في شرح الألفية للعراقي عن شعبة فليحرر.(2/228)
والحاصل: أنه إن روى كل واحد من القرنين عن صاحبه فهو
المدبج، وأول من سماه بذلك الدارقطني، إلا أنه لم يقيده بكونهما قرنين.
بل كل اثنين روى كل منهما عن الآخر يسمى بذلك، وإن كان أحدهما
أكبر، وذكر منه رواية النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر، وعمر، وسعد بن عبادة، وروايتهم عنه، ورواية عمر، عن كعب، وكعب عنه.
والمدبج أخص من رواية الأقران فكل مدبج أقران ولا عكس، ثم
ذكر أمثلته بقوله:
* * *
728 - فَمِنْهُ فِي الصَّحْبِ رَوَى الصِّدِّيقُ. . . عَنْ عُمَرٍ ثُمَّ رَوَى الفَارُوقُ
* * *
(فمنه) الفاء فصيحيّة أي من المدبج، خبر مقدم (في الصحب)
رضي الله عنهم، وقوله: (روى الصديق) في تأويل المصدر بتقدير "أن " على
قلة، كما في تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، مبتدأ مؤخر، أي رواية
الصديق أبي بكر رضي اللَّه عنه (عن عمر) بالصرف للضرورة (ثم) بمعنى
الواو لأنه لا يراد هنا الترتيب، (روى الفاروق) عطف على ما قبله، أي
رواية الفاروق عنه، وهو لقب لعمر رضي اللَّه عنه، لَقَّبَهُ به النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال الحافظ في الإصابة وأخرج محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه بسند فيه إسحاق بن أبي فروة عن ابن عباس أنه سأل عمر عن إسلامه فذكر قصته بطولها، وفيها أنه خرج ورسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين حمزة وأصحابه الذين كانوا اختفوا في دار الأرقم، فعلمت قريش أنه امتنع فلم تصبهم كآبة مثلها، قال: فسماني رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يومئذ الفاروق اهـ.
وحاصل المعنى: أن مثال المدبج في الصحابة رواية أبي بكر
الصديق عن عمر وعمر عنه.
* * *
729 - وَفِي التِّبَاعِ عَنْ عَطَاءِ الزُّهْرِيْ. . . وَعَكْسُهُ، وَمِنْهُ بَعْدُ فَاْدْرِ
* * *
والمدبج (في التباع) بالكسمر مصدر تابع أي ذوي التباع، بمعنى
التابعين، والجار والمجرور خبر مقدم، أي كائن في التابعين، أو حال.
والخبر محذوف أي منه (عن عطاء) بمنع الصرف للوزن، هو عطاء بن أبي(2/229)
رباح بالفتح، واسم أبيه أسلم، القرشي مولاهم المكي، ثقة فاضل فقيه
لكنه كثير الإرسال، مات سنة 114 هـ، روى له الجماعة. اهـ ت.
وقوله: (الزهري) مبتدأ مؤخر، على حذف مضاف أي رواية الزهري حال كونها منقولة عن عطاء كائنة في التابعين مثالاً للمدبج، أو رواية الزهري عن عطاء كائنة منه أي المدبج حال كونها واقعة في التابعين (وعكسه) كذلك أي
رواية عطاء عنه.
وحاصل المعنى: أن مثال المدبج في التابعين رواية عطاء والزهري
كل منهما عن الآخر.
(ومنه) أي من المدبج متعلق بـ ادر (بعدُ) أي بعد التابعين، أي في
أتباع التابعين (فادر) أي اعلم وجود مثل ما تقدم من المدبج في أتباع
التابعين كرواية مالك عن الأوزاعي وعكسه.
* * *
730 - فَتَارَةً رَاوِيهِمَا مُتَّحِدُ. . . وَالشَّيْخُ أَوْ أَحْدُهُمَا يَتَّحِدُ
* * *
(فتارة) منصوب على الظرفية بمعنى المرة، وأصلها الهمز لكنه خفف
لكثرة الاستعمال، وربما همزت على الأصل، وجمعت بالهمز، فقيل تأرة
وتئَار وتِئَر، وأما المخفف فالجمع تارات، قاله في المصباح.
(راويهما) أي الراوي عن القرنين (متحد) أي واحد (والشيخ) كذلك واحد، والمعنى: أنه قد يكون الراوي عن القرنين واحداً، ويتحد شيخهما الذي أخذا عنه، (أو أحدهما) بسكون الحاء للوزن ولو قال: او أحَدُ ذَيْنِ وَاحِدُ، لسلم من هذا التغيير الشَّاذ (يتحد) دون الآخر كأن يتحد الراوي دون الشيخ أو العكس، وقد لا يتحد واحد منهما، قال المحقق، هكذا قسم الناظم، ولا أرى فائدة من هذا التقسيم اهـ.
قلت: هو من محسنات الإسناد، وطُرَفِهِ كما في سابقه، فالفائدة الحاصلة فيما سبق موجودة فيه كما لا يخفى، فإن من فوائد
هذا الباب كما قال السخاوي، الحرص على إضافة الشيء لراويه والرغبة
في التواضع في العلم واللَّه أعلم.
* * *
731 - وَمِنْهُ فِي الْمُدَبَّجِ الْمَقْلُوبُ. . . مُسْتَوِيًا مِثَالُهُ عَجِيبُ(2/230)
732 - مَالِكُ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكْ. . . وَذَا عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَالِكْ سُلِكْ
* * *
(ومنه) أي المدبج خبر مقدم (في المدبج) مصدر ميمي بمعنى
التدبيج متعلق بقوله: (المقلوب) مبتدأ مؤخَّرٌ، أي المقلوب في تدبيجه كائن
من أنواع المدبج حال كونه (مستوياً) في جميع الأمور المتعلقة بالرواية قال
المحقق: أي ليس فيه شيء من الضعف الذي في نويخ المقلوب الماضي
في أنواع الضَّعِيف اهـ.
(مثاله) أي مثال المقلوب في التدبيج (عجيب) أي مستطرف (مالك)
بمنع الصرف للوزن بدل من عجيبٍ الخَبَرِ، أو خبر له حذوف أي هو مالك
أي لرواية مالك بن أنس الإمام (عن سفيان) بن سعيد بن مسروق الثَّوري
أبي عبد اللَّه الكوفي ثقة حافظ فقيه عابد إمام حجة من رؤوس الطبقة
السابعة، وكان ربما دلس مات سنة (1) 164 روى له الجماعة. اهـ ت.
(عن عبد الملك) بن عبد العزيز بن جريج الأمم إي المكي
(و) روى (ذا) أي عبد الملك (عن الثَّوري) سفيان (عن مالك) ابن أنسٍ فهذا إسناد كان على صورة ثم جاء في رواية أخرى على صورة أخرى مقلوباً كما
ترى.
وقوله: (سلك) بالبناء للمفعول، خبر لمحذوف أي هذا طريق مسلوك
واضح، أو منظوم في جملة الأسانيد الصحاح.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله:
وعلمها يقصد إلى قوله: إبدال عن بالواو.
وقوله: وفي الصحاب: البيت، وقوله: فمنه في الصحب
إلى آخر الباب.
__________
(1) وقيل سنة 161 كما يأتي في النظم.(2/231)
(الإخوة والأخوات)
أي هذا مبحثه، وهو النوع السادس والخمسون من أنواع علوم
الحديث.
* * *
733 - وَمُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ صَنَّفَا. . . فِي إِخْوَةٍ وَقَدْ رَأَوْا أَنْ يُعْرَفَا
734 - كَيْ لا يُرَى عِنْدَ اشْتِرَاكٍ فِي اسْمِ الاَبْ. . . غَيْرُ أَخٍ أَخًا وَمَا لَهُ انْتَسَبْ
* * *
(ومسلم) بن الحجاج صاحب الصَّحِيح مبتدأ
(و) أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب (النسيء) عطف على المبتدأ وخبره جملة قوله: (صنفا) كتابين (في) بيان أسماء (إخوة) أي وأخوات من الرواة والعلماء، وكذا ألف ابن المديني وأبو داود وأبو العباس السراج والجعابي، ثم الدمياطي، وكذا صنف في خصوص أولاد المحدثين أبو بكر بن مردويه، وفي خصوص الإخوة من أولاد كل من عبد اللَّه وعتبة ابني مسعود الدارقطني، وفي خصوص رواية الإخوة بعضهم عن بعض أبو بكر بن السُّنِّيِّ، وأمثلته في
الاثنين فما فوقها كثيرة، قاله السخاوي، ثم ذكر فائدة هذا النوع بقوله:
(وقد رأوا) أي العلماء الذين أفردوه بالتصنيف (أن) مصدرية (يعرفا)
بالبناء للمفعول والألف للإطلاق، أي أرادوا أن يعرف هذا الفن معرفة تامة
(كي) تعليلية (لا يرى) بالبناء للمفعول أي لا يظن (عند اشتراك) أي
اشتراك جماعة (في اسم أب) بالتنكير، وفي نسخة المحقق الأب بالتعريف(2/232)
ولا بد من النقل للوزن.
(غير أخ) بالرفع نائب فاعل يرى (أخاً) مفعوله
الثاني (و) الحال أنه (ما) نافية (له) أي للمشترك بالفتح (انتسب) المشترك
بالكسر، يعني: أنه لا انتساب بينهما، وإنما مجرد اشتراك في الاسم فقط.
وحاصل المعنى: أن فائدة هذا النوع هو الأمن من ظن من ليس بأخ
أخاً للاشتراك في اسم الأب كأحمد (1) بن إشكاب وعلي بن إشكاب
ومحمد بن إشكاب، وكذا الأمن من ظن الغلط، ثم ذكر لطائف غريبة في
هذا النوع منها أربع إخوة في سند واحد فقال:
* * *
735 - أَرْبَعُ إِخْوَةٍ رَوَوْا فِي سَنَدِ. . . أَوْلادُ سِيرِينَ بِفَرْدٍِ مُسْنَدِ
* * *
(أربع إخوة) من الرجال مبتدأ خبره جملة (رووا) أي أخذ بعضهم عن
بعض (في سند) واحد وهم (أولاد سيرين) بكسر المهملة ثم مثناة تحتية
بعدها راء وآخره نون، وهم محمد وأنس وَيَحْيَى ومعبد، قال السخاوي بعد
ذِكرِهِم، وذِكِر، حفصةَ، وكريمةَ: وكلهم ثقات (بفرد) أي بحديث واحد
(مسند) أي متصل مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو ما رواه محمد بن سيرين عن أخيه يَحْيَى، عن أخيه معبد، عن أخيه أنس، عن مولاهم أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -: "قال لبيك حجاً حَقّا تعبداً ورِقّا"
قال الناظم: ذكره ابن طاهر وهو في جزء أبي الغنائم النَّرْسي (1) ، وأخرجه
الدارقطني من غير ذكر معبد، في علله.
قال المحقق: وفي التدريب سعيد يعني بدل معبد، وهو خطأ اهـ.
وهذه لطيفة غريبة جِدُّا.
* * *
(تنبيه) : لسيرين أولاد كثيرون وهم محمد وأنس وَيَحْيَى ومعبد
وحفصة وكريمة المتقدمون، قال السخاوي: وكان معبد أكبرهم سحًّا.
وأقدمهم موتاً، وحفصة أصغرهم، وممن عدهم ستة ابن معين، والنسائي
__________
(1) بكسر الهمزة، واسم إشكاب الأول مُجَمِّع.
(2) بفتح فسكون: نسبة إلى نهر من أنهار الكوفة.(2/233)
في الكنى، والحاكم في علومه، وكذا أبو علي الحافظ فيما نقله الحاكم
في تاريخه عنه لكنه جعل مكان كريمة خالداً، وجعله ابن سعد في
الطبقات سابعاً، وزاد فيهم أيضاً عمرة وسودة وأمهما كانت أم ولد لأنس بن مالك، وأم سليم، وأمها هي ومحمد وَيَحْيَى وحَفْصَة وكرمية صفية، فصاروا عشرة وقد ضبطه البرماوي في النظم فقال (من بحر الطويل) :
لِسِيرِينَ أوْلَادٌ يُعَدُّونَ سِتَّةً. . . عَلَى الأشْهَرِ الْمَعْرُوفِ مِنْهُمْ مُحَمَّدُ
وَبِنْتَانِ مِنْهُمْ حَفْصَة وَكَرِيمَة. . . كَذَا أنسٌ مِنْهمْ وَيَحْيىَ وَمَعْبَدُ
وَزَادَ ابْنُ سَعْدٍ خَالِداً ثُمَّ عَمْرَةً. . . وَأمَّ سُلَيْمٍ سَوْدَةً لاَ تُفَنَّدُ
وعدهم ابن قتيبة في المعارف إجمالًا ثلاثة وعشرين من أمهات
أولاد. اهـ ما قاله السخاوي بتصرف.
قال النووي: وكان أبوهم سيرين من سبى عَينِ التَّمْر، وهو مولى
لأنس بن هالك كاتبه على عشرين ألف درهم فأداها وعتق اهـ.
ومنها إخوة سبعة شهدوا بدراً ذكرهم بقوله:
* * *
736 - وَإِخْوَةٌ مِنَ الصِّحَابِ بَدْرَا. . . قَدْ شَهِدُوهَا سَبْعٌ اَبْنَا عَفْرَا
* * *
(وَإِخْوَةٌ) مبتدأ، وقوله (من الصحاب) رضي الله عنهم، صفة له (بدراً)
أي غزوتها منصوب على الاشتغال يفسره ما بعده (قد شهدوها) أي
حضروها وباشروا القتال فيها، خبر المبتدأ (سبع) خبر لمحذوف أي هم
سبع (ابنا عفرا) بوصل الهمزة والقصر للضرورة، بدل من سبع، أو خبر
لمحذوف أيضاً، أي هم أبناء عفراء.
وحاصل المعنى: أن سبعة من الإخوة شهدوا بدراً وهم أبناء عفراء
بنت عبيد بن ثعلبة ؤهم معاذ ومعوذ، وعوف أبوهم الحارث بن رفاعة بن
الحارث، وعاقل وخالد وإياس وعامر، أبوهم البكير بن عبد ياليل الليثي.
فهم سبعة إخوة لأم، ثلاث من أب، وأربعة من أب، قال الحافظ في
الإصابة: هذه خصيصة لها لا توجد لغيرها.(2/234)
قال الناظم: ثمانية في الصحابة: أسماء وحمران وخراش وذؤيب
وسلمة وفضالة ومالك وهند بنو حارثة، شهدوا بيعة الرضوان بالحديبية، ولم
يشهدها غيرهم، يعني: من الإخوة. اهـ بتصرف.
ومنها تسعة إخوة مهاجرون ذكرهم بقوله:
* * *
737 - وَتِسْعَةٌ مُهَاجِرُونَ هُمْ بَنُو. . . حَارِثٍ السَّهْمِيِّ كُلٌّ مُحْسِنُ
* * *
(وتسعة) من الصحابة رضي اللَّه عنهم مبتدأ (مهاجرون) صفة له (هم)
مبتدأ ثان خبره (بنو حارث) والجملة خبر الأول، والمعنى: أن من الإخوة
الصحابة تسعة كلهم مهاجرون، وهم أولاد الحارث بن قيس بن عدي
(السهمي) وهم بشر وتميم والحارث والحجاج والسائب وسعيد وعبد اللَّه
ومعمر وأبو قيس (كل) من هؤلاء التسع (محسن) لكونه آثر الباقي على
الفاني، حيث ترك وطنه للَّه ولرسوله - صلى الله عليه وسلم -، وزادوا على ذلك انِ استشهد منهم
سبعة في سبيل الله.
قال الناظم: مثال العشرة من الصحابة أولاد العباس: عبد اللَّه.
وعبيد الله، وعبد الرحمن والفضل وقثم ومعبد وعون والحارث وكثير وتمام.
وهو أصغرهم، ومثال الاثني عشر فيهم، أولاد عبد الله بن أبي طلحة.
إبراهيم وإسحاق وإسماعيل وزيد وعبد اللَّه وعمارة وعمر وعمير والقاسم
ومحمد ويعقوب ومعمر، ومثال الثلاثة عشر، أو الأربعة عشر، أولاد العباس المذكورون وله أربع إناث أو ثلاث، أم كلثوم وأم حبيب وأميمة وأم تميم.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله: ومسلم والنسائي، وقوله: وقد
رأوا أن يعرفا إلى قوله أربع، في البيت الثالث، وقوله: بفرد مسند إلى
قوله: كل محسن.(2/235)
(رواية الآباء عن الأبناء وعكسه)
أي هذا مبحثهما وهما نوعان جمعهما في باب واحد لتقابلهما، وهما
النوع السابع والخمسون والثامن والخمسون من أنواع علوم الحديث.
وهما فنان مهمان، وفائدة معرفة أولهما الأمن من ظن التحريف
الناشئ عن الابن أباً.
* * *
738 - وَأَلَّفَ الْخَطِيبُ فِي ذِي أَثْرِ. . . عَنْ ابْنِهِ كَوَائِلٍ عَنْ بَكْرِ
739 - وَالْوَائِلِي فِي عَكْسِهِ. . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(وألف الخطيب) أي جمع الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
البغدادي كتاباً (في ذي) أي صاحب (أثر) بفتح فسكون مصدر أثر الحديث
من باب قتل إذا نقله (عن ابنه) متعلق بأثر أي فيمن روى عن ابنه.
والمعنى: أن الخطيب ألف فيمن روى عن ابنه وذلك (كوائل) ابن
داود التيمي الكوفي (عن) ابنه (بكر) عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعاً:
"أخّروا الأحمال فإن اليد معلقة والرجل موثقة".
وكرواية العباس عن ابنه الفضل: "أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الصلاتين بالمزدلفة"
(و) ألف الحافظ أبو نصر عبيد اللَّه بن سعيد بن حاتم السجزي (الوائلي) بسكون الياء للوزن، قال في اللباب نسبة إلى قرية(2/236)
بسجستان يقال لها وائل، أحد الحفاظ، رحل في طلب الحديث إلى العراق
ومصر والحجاز وأقام بمكة إلى أن مات بعد الأربعين والأربعمائة، وكان ثقة
حسن السيرة، وقال عبد العزيز النخشبي: أبو نصر الوائلي كان من بكر بن
وائل السجستاني، فإن اتفق له هذه النسبة في الأب والمكان، وإلا
فأحدهما خطأ.
(في عكسه) أي عكس رواية الآباء عن الأبناء، وهو رواية الأبناء عن
الآباء، الذي هو ثاني النوعين، وهو الجادة، ثم هو نوعان رواية الرجل عن
أبيه فحسب، وهو باب واسع كرواية أبي العشراء بضم العين وفتح الشين
وبعدها راء ممدوداً عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وحديثه في السنن الأربعة.
والراجح أن اسمه أسامة بن مالك بن قِهْطِم بكسر القاف والطاء آخره ميم.
وقيل: غير ذلك، والثانى: روايته عن أبيه عن جده وإليه أشار بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . فَإِنْ يُزَدْ. . . عَنْ جَدِّهِ فَهْوَ مَعَالٍ لا تُحَدّْ
* * *
(فإن يزد) بالبناء للمفعول ونائب الفاعل قوله: (عن جده) أي هذا
اللفظ يعني: أنه إن زيد في رواية الابن، عن أبيه عن جده
(فهو) أي هذا القسم (معال) بفتح الميم جمع معلاة بفتحها أيضاً أي مَكْسَب الشرف، مشتق من قولهم عَلِيَ في المكان يَعْلَى من باب تعب عَلَاءً بالفتح والمد، أفاده في المصباح.
(لا تحد) بالبناء للمفعول صفة معال أي غير محدودة، قال أبو القاسم
منصور بن محمد العلوي: الإسناد بعضه عوال وبعضه معال، وقول الرجل
حدثني أبي عن جدي من المعالي.
* * *
740 - أَهَمُّهُ حَيْثُ أَبٌ وَالْجَدُّ لا. . . يُسَمَّى وَالآبَا قَدِ انْتَهَتْ إِلَى
741 - عَشْرَةٍ وَأَرْبَعٍٍ فِي سَنَدِ. . . مُجَهَّلٍ لأرْبَعِينَ مُسْنَدِ
* * *
(أَهَمُّهُ) مبتدأ أي أهم رواية الأبناء عن الآباء خبره قوله:
(حيث أب والجد لا يسمى) كل منهما، أو سمى الأب وأبهم الجد، لأنه يحتاج إلى(2/237)
معرفته، وقد ألف الحافظ صلاح الدين العلائي فيه، الوشي المعلم، وقسمه
أقساماً فمنه ما يعود الضمير في قوله عن جده على الراوي، ومنه ما يعود
فيه على أبيه، وبَيَّنَ ذلك وحققه، وخرج في كل ترجمة حديثاً من مرويه.
وقد لخصه الحافظ وزاد عليه تراجم.
والمعنى: أن أهم هذا النوع ما إذا كان الأب، أو الجد غير مسمى
لاحتياجه إلى التنقيب ليعرف، ثم ذكر نهاية التسلسل من هذا النوع بقوله:
(والأبا) بالقصر للوزن مبتدأ خبره جملة (قد انتهت) رواية أبنائهم عنهم
(إلى عشرة وأربع) يعني: أربعة عشر أبأ (في سند مجهل) أي منسوب إلى
الجهالة في بعضه (لأربعين مسند) تمييز كسر للروي أي لأربعين حديثاًَ
مسنداً إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -.
وحاصل المعنى: أن أكثر ما وقعِ في التسلسل برواية الأبناء عن الآباء
أربعة عشر أباً جاء بها أربعون حديثاً، وهي رواية أبي محمد الحسن بن
علي بن أبي طالب عن أبيه علي بن أبي طالب: الحسن بن عبيد الله عن أبيه
عبيد الله بن محمد، عن أبيه محمد بن عبيد اللَّه، عن أبيه عبيد الله بن علي.
عن أبيه علي بن الحسن، عن أبيه الحسن بن الحسين، عن أبيه الحسين بن
جعفر، وهو أول من دخل بلخ من هذه الطائفة، عن أبيه جعفر الملقب
بالحجة، عن أبيه عبيد اللَّه، عن أبيه الحسين الأصغر، عن أبيه زين
العابدين علي بن الحسين بن علي عن أبيه عن جده علي رضي الله عنه.
مرفوعاً، منها حديث: "المجالس بالأمانة"، ومنها: "ليس الخبر كالمعاينة".
ومنها حديث: "الحرب خدعة"، ومنها حديث: "المستشار مؤتمن ".
ومنها: "المسلم مرآة المسلم ".
قال العراقي: وفيهم من لا يعرف.
وأما دون ذلك، فمن تسعة أباء ما رواه الخطيب في تاريخ بغداد عن
أبي الفرج عبد الوهاب بن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن
سليمان بن الأسود بن سفيان بن يزيد بن أكينة بضم الهمزة وفتح الكاف وفتح النون بن عبد اللَّه التميمي كل واحد من هؤلاء: عبد الوهاب، ومن فوقه،(2/238)
يقول: سمعت أبي إلى أن وصل إلى أكينة قال: سمعت علي بن أبي
طالب: وقد سئل عن الحنان المنان؟ فقال: "الحنان الذي يُقبِلُ على من
أعرض عنه، والمنان الذي يبدأ بالنوال قبل السؤال ".
قال الخطيب: بين أبي الفرج وبين علي في هذا الإسناد تسعة
آخرهم أكينة بن عبد الله وهو الذي سمع علياً رضي الله عنه أخرجه في كتاب
الآباء، وروى بهذا السَّند في كتاب اقتضاء العلم العمل، عن علي أيضاً:
"هَتَفَ العلم بالعمل، فإن أجابه، وإلا ارتحل ".
ومن اثني عشر أبا ما رواه العراقي والناظم بإسناديهما إلى رزق الله بن
أبي الفرج عبد الوهاب شيخ الخطيب عن آبائه هؤلاء المذكورين إلى أكينة
قال: سمعت أبي الهيثم سمعت أبي عبد اللَّه سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر حديثاً مرفوعاً ثم نقل الناظم عن الحافظ العلائي قال: هذا إسناد غريب جِدًّا ورزق اللَّه كان إمام الحنابلة في زمانه من الكبار المشهورين، وأبوه أيضاً إمام مشهور لكن جده عبد العزيز وهو أبو الحسن التميمي متكلم فيه على إمامته، واشتهر بوضع الحديث، وبقية آبائه مجهولون لا ذكر لهم في شيء من الكتب أصلاً، وقد خبط فيهم عبد العزيز فزاد أبا لأكينة وهو الهيثم.
* * *
742 - وَمَا لِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِهْ. . . عَنْ جَدِّهِ فَالأَكْثَرُونَ احْتَجَّ بِهْ
743 - حَمْلاً لِجَدِّهِ عَلَى الصَّحَابِي. . . وَقِيلَ بِالإِفْصَاحِ وَاسْتِيعَابِ
* * *
(وما) مبتدأ أي الحديث الذي (لعمرو بن شعيب) بن محمد بن
عبد اللَّه بن عمرو بن العاص من الخامسة، توفي 118 هـ (عن أبه) على لغة
النقص، وهو شعيب المذكور (عن جده فالأكثرون) من المحدثين
(احتج به) أي بما لعمرو، وجملة الأكثرون خبر "ما".
وحاصل المعنى: أن الحديث الذي رواه عمرو بن شعيب بن محمد
عن أبيه عن جده احتج به أكثر العلماء إذا صح السَّند إليه، وله نسخة كبيرة
بهذا السَّند أكثرها فقهيات جياد، قال البخاري: رأيت أحمد بن حنبل،(2/239)
وعلي بن المديني، وإسحاق بن راهويه، وأبا عبيد، وعامة أصحابنا يحتجون
بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين.
قال: من النَّاس بعدهم؟
وروى الحسن بن سفيان عن إسحاق بن راهويه قال: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ثقة فهو كأيوب
عن نافع عن ابن عمر، قال النووي: وهذا التشبيه نهاية في الجلالة من مثل
إسحاق، وقال أيضاً: إن الاحتجاج به هو الصَّحِيح المختار الذي عليه
المحققون من أهل الحديث وهم أهل هذا الفن، وعنهم يؤخذ اهـ.
(حملًا) مفعول لأجله أي إنما احتجوا به لأجل حملهم (لجده)
المذكور (على) أنه عبد اللَّه بن عمرو (الصحابي) الجليل، بإرجاع الضمير
على شعيب دون عمرو، وذلك لما ظهر لهم في إطلاقه ذلك، وسماع
شعيب من عبد اللَّه ثابت.
وقوله: (وقيل بالإفصاح واستيعاب) إشارة إلى قولين آخرين قائلين بالتفصيل الأول، ما ذهب إليه الدارقطني، وهو الفرق بين ما إذا أفصح بجده أنه
عبد اللَّه فيحتج به، أو لا يفصح فلا يحتج به.
وكذلك إن ذكر ما يدل على المراد بأنه هو الصحابي يحتج به، كأن يقول
عن أبيه عن جده سمعت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أو نحوه.
القول الثاني: ما ذهب إليه ابن حبان وهو تفصيل آخر، قال: إن
استوعب ذكر آبائه في الرواية احتج به، وإن اقتصر على قوله عن أبيه عن
جده لم يحتج به، وقد أخرج في صحيحه حديثاً واحداً هكذا عن عمرو بن
شعيب عن أبيه، عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو عن أبيه مرفوعاً:
"ألا أحدثكم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة" الحديث.
قال الحافظ العلائي ما جاء به التصريح برواية محمد عن أبيه في
السَّند فهو شاذ نادر.
والحاصل: أن في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده اختلافاً.
ذهب قوم إلى أنه لا يحتج بها لأن جده محمد لا صحبة له، فهو إن أراد
جده عبد الله فشعيب لم يلقه، فيكون منقطعاً، وإن أراد محمداً فلا صحبة(2/240)
له فَيَكونُ مرسلاً، قال الذهبي في الميزان: هذا لا شيء لأن شعيباً ثبت
سماعه من عبد الله، وهو الذي رَبَّاه حتى قيل: إن محمداً مات في حياة أبيه
عبد الله، وكفل شعيباً جده عبد اللَّه، فإذا قال عن أبيه عن جده: فإنما يريد
بالضمير أنه عائد إلى شعيب.
قال: وصح أيضاً سماع شعيب من معاوية، وقد مات معاوية قبل
عبد اللَّه بن عمرو بسنوات فلا ينكر سماعه من جده، سيما وهو الذي رباه
وكفله اهـ.
وذهب قوم إلى الاحتجاج بها، وهو قول الجمهور، وهو الراجح كما
تقدم.
وذهب قوم إلى التفصيل وهؤلاء على قولين فمنهم من فصل بالإفصاح
وهو الدارقطني قال: إن أفصح بجده أنه عبد اللَّه احتج به وإلا فلا.
ومنهم من فصل بالاستيعاب وهو ابن حبان قال: إن استوعب ذكر
آبائه احتج به، وإن اقتصر على قوله عن أبيه عن جده فلا يحتج به.
* * *
744 - وَهَكَذَا نُسْخَةُ بَهْزٍ، وَاخْتُلِفْ:. . . أَيُّهُمَا أَرْجَحُ وَالأُولَى أُلِفْ
* * *
(وهكذا) خبر مقدم لقوله: (نُسْخَةُ بَهْزٍ) بن حكيم بن معاوية بن حَيْدَة
بفتح الحاء، وسكون الياء القشيري البصري، مات قبل الستين ومائة، روى
له البخاري تعليقاً والأربعة. اهـ. ت.
والنسخة: الكتاب المنقول، والجمع نسخ مثل غرفة وغرف. اهـ المصباح، وهذه النسخة نسخة كبيرة حسنة.
وحاصل المعنى: أنه اختلف العلماء مثل ما اختلفوا في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في نسخةٍ مرويةٍ لبهزبن حكيم عن أبيه عن جده.
فاحتج بها بعضهم لكونها نسخة حسنة، صححها ابن معين، واستشهد بها
البخاري في الصَّحِيح، وهذا هو الراجح، وردها بعضهم لأن سماعه منها
يسير، والباقي بالوجادة، وقال الحاكم: إنما أسقط من الصَّحِيح روايته عن
أبيه عن جده لأنها شاذة لا متابع له فيها اهـ.
* * *(2/241)
(فائدة) : قال السخاوي الضمير هنا في جده لبهز وهو معاوية بن حَيْدة
القشيري صحابي شَهير ولا يصح أن يكون الضمير فيه لحكيم فإن جده
حيدة لم ينقل له حديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مع كونه صحابياً اهـ.
ثم ذكر اختلاف العلماء في الترجيح بين النسختين فقال: (واختلف)
بالبناء للمفعول وقوله: (أيهما) اسم موصول بمعنى الذي مبني لحذف صدر
صلته في محل جر بفي مقدرة، والجار والمجرور في محل رفع نائب الفاعل.
وقوله: (أرجح) خبر للمبتدإ المقدر، وتقدير الكلام: واختلف في
الذي هو أرجح.
وحاصل المعنى: أنه اختلف العلماء في هاتين النسختين أيهما أرجح
هل نسخة عمرو عن أبيه عن جده، أو نسخة بهز عن أبيه عن جده؟
فرجح الأول بعضهم كما جنح إليه الناظم حيث قال:
(والأولى) أي نسخة عمرو، مبتدأ على حذف مضاف أي ترجيح الأولى وخبره قوله: (ألف) بالبناء للمفعول أي اختير، من ألِفَ الشيء من باب علم أنس به وأحبه كما في المصباح.
والمعنى: أن ترجيح الأولى هو الصواب لأن البخاري حكم بصحة
رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، واستشهد بها في صحيحه.
ورجح بعضهم الثانية لأن البخاري استشهد ببعضها في صحيحه
تعليقاً، ورد بأن تصحيحه أقوى من مجرد استشهاده، وبانه استشهد أيضاً
بحديث عمرو فقد أخرج حديثاً معلقاً في كتاب اللباس من صحيحه.
وخرجه الحافظ من طريق عمرو بن شعيب وقال: إنه لم يرَ في البخاري
إشارة إلى حديث عمرو غير هذا الحديث قاله المحقق.
* * *
745 - وَاعْدُدْ هُنَا مَنْ تَرْوِ عَنْ أُمٍّ بِحَقّ. . . عَنْ أُمِّهَا، مِثْلَ حَدِيثِ مَنْ سَبَقْ
* * *
(واعدد هنا) أي اذكر هنا أيها المحدث في نوع رواية الأبناء عن
الآباء رواية (من ترو) قال الشارح: بحذف الياء للوزن
قلت: الأولى أنه لغة قليلة كقول الشاعر (من الرجز) :(2/242)
أبِيْتُ أسْرِي وَتَبَيِتِي تَدْلُكِي. . . شَعْرَكِ بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذِّكِي
(عن أم) لها (بحق) متعلق بآعدُدْ، أي اعدده بحق لثبوته، أو بترو.
أي بحديث حق إشارةٌ إلى أن الحديث المروي حق وصدق.
(عن أمها) أي جدتها، والمعنى: أنه يلتحق برواية الرجل عن أبيه
عن جده رواية المرأة عن أمها عن جدتها، قال الناظم: وهو عزيز جِدًّا.
وذلك (مثل حديث من سبق) ، وهو ما رواه أبو داود، في سننه عن بندار.
ثنا عبد الحميد بن عبد الواحد، قال: حدثتني أم جنوب بنت نميلة عن أمها
سويدة بنت جابر، عن أمها عقيلة بنت أسمر بن مضرس، عن أبيها أسمر بن
مضرس، قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فبايعته:
"فقال من سبق إلى ما لم يَسبِق إليه مسلم فهو له "
قال البيهقي: أراد إحياء الموات، وخرج الكافر فلا حق له
واللَّه أعلم.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله: والآبا قد انتهيت إلى قوله:
لأربعين مسند، وقوله: وقيل بالإفصاح إلى آخر الباب.(2/243)
(السابق واللاحق)
أي هذا مبحثه وهو النوع التاسع والخمسون من أنواع علوم الحديث
وهو نوع ظريف سماه بذلك الخطيب، وستأتي فائدته.
* * *
746 - فِي سَابِقٍ وَلاحِقٍ قَدْ صُنِّفَا. . . مَنْ يَرْوِ عَنْهُ اثْنَانِ وَالْمَوْتُ وَفَى
747 - لِوَاحِدٍ وَأُخِّرَ الثَّانِي زَمَنْ. . . كَمَالِكٍ عَنْهُ رَوَى الزُّهْرِيْ وَمِنْ
748 - وَفَاتِهِ إِلَى وَفَاةِ السَّهْمِي. . . قَرْنٌ وَفَوْقَ ثُلْثِهِ بِعِلْمِ
* * *
(في سابق ولاحق) من الرواة متعلق بقوله: (قد صنفا) بالبناء للمفعول
أي ألف العلماء كالخطيب ثم الذهبي في هذا النوع، وأشار الشارح إلى
أنه بالبناء للفاعل حيث جعل الفاعل الخطيب وهو غير ظاهر.
ثم عرفه بقوله: (من يرو) بحذف الياء لما تقدم أي هو من يرو
(عنه اثنان) من الرواة (والموت وفى) مبتدأ وخبر في محل نصب على الحال، أي حال كون الموت أتى (لواحد) من الراويين (وَأُخِّرَ) بالبناء للمفعول (الثاني) منهما أي تأخر موت الثاني (زمن) منصوب على الظرفية
متعلق بـ أُخِّرَ، وقف عليه بالسكون على لغة ربيعة أي زمناً طويلًا حتى حصل بينهما أمد مديد.
وحاصل المعنى: أن السابق واللاحق عبارة عمن اشترك في الرواية
عنه متقدم ومتأخر تباين وقت فاتيهما تبايناً شديداً.(2/244)
(كَمَالِكٍ) خبر لمحذوف أي مثال كَمَالِكٍ الإمام حال كونه (عنه روى)
أبو بكر محمد بن مسلم (الزهري ومن وفاته) أي الزهري (إلى وفاة) أبي
حذافة أحمد بن إسماعيل (السهمي) بفتح فسكون (قرن) بفتح فسكون أي
مائة سنة (وفوق ثلثه) بسكون اللام لغة في ضمها، أي ثلث القرن.
وحاصل المعنى: أنّ بين وفاتي الزهري والسهمي أكثر من قرن وثلث
فإن الزهري مات سنة 124 هـ والسهمي مات سنة 259 هـ فبينهما مائة
وخمس وثلاثون سنة.
وقوله: (بعلم) خبر لمحذوف أي هذا مضبوط بعلم محقق.
ثم ذكر من فوائد هذا النوع بقوله:
* * *
749 - وَمِنْ مُفَادِ النَّوْعِ أَنْ لا يُحْسَبَا. . . حَذْفٌ وَتَحْسِينُ عُلُوٍّ يُجْتَبَى
* * *
(ومن مفاد النوع) بضم الميم اسم مفعولِ أفادَهُ، أي مما أفاده هذا
النوع، أو مصدر ميمي له أي من فائدة هذا النوع، وهو خبر مقدم لقوله:
(أن) مصدرية (لا يحسبا) بالبناء للمفعول وألف الإطلاق أي لا يظن
(حذف) لبعض الرواة.
وحاصل المعنى أن من فائدة معرفة السابق واللاحق الأمن من ظن
سقوط بعض الرواة من إسنادِ متاخرِ الوفاةِ، لأنه لما رأى موت من أخذ عن
الشيخ ربما توهم أن هناك واسطة بين هذا الراوي المتأخر الوفاة وبين
الشيخ (ومن) مفاده أيضاً (تَحْسِينُ عُلُوٍّ) للإسناد أي إيصال حسنه وحلاوته
إلى قلوب من يرو عنه، وذلك لأنه إذا اشترك راويان في الأخذ عن شيخ
وعلم تقدم وفاة أحدهما على الآخر ثبت العلو لمتقدم الوفاة وإِذِ العلو قد
يكون بتقدمها كما تقدم، وإذا ثبت العلو ثبتت حلاوته في قلوب أهله.
(يجتبى) بالبناء للمفعول أي يختار، والجملة صفة لعلوٍّ إذ هو أفضل من
النزول كما سبق، أو صفة للتحسين بل هو الأولى.
ثم أعاد الكلام على أمئلة هذا النوع إلا أنه ترك الأولى وهو إما تقديم
ذكر الفائدة، أو تأخيره لتتسق الأمثلة فقال:
* * *(2/245)
750 - بَيْنَ أَبِي عَلِيٍّ وَالسِّبْطِ اللَّذَا. . . لِلسِّلَفِيْ قَرْنٌ وَنِصْفٌ يُحْتَذَى
* * *
(بين) وفاة (أبي علي) الحافظ أحمد بن أبي الحسن محمد بن أحمد بن محمد
بن الحسن بن الحسين بن علي البرداني بفتحتين كما في (ق) واللسان، وبضم الباء على ما في اللباب، الحنبلي، كان حافظاً فاضلًا
توفي سنة (1) 498 هـ وهو أحد شيوخ الحافظ السلفي، والظرف خبر مقدم لقرن، أو متعلق بيحتذى (و) بين وفاة (السبط) بكسر فسكون ولد الولد جمعه أسباط مثل حمل وأحمال. اهـ المصباح.
وفي المحكم ولد الابن والابنة.
(اللذا) لغة في الذي (للسلفي) بكسر ففتح، هو الحافظ العلامة شيخ الإسلام أبو طاهر عماد الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الأصفهاني، كان أوحد زمانه في علم الحديث، وأعلمهم بقوانين الرواية توفي يوم الجمعة خامس ربيع الآخر سنة 576 وله 106 سنة. اهـ طبقات الحفاظ، والسبط هو عبد الرحمن بن مكي.
والسلفي نسبة إلى سِلْفَة بكسر فسكون وكعنبة لقب جد جده معرب
سه لبه أي ذو ثلاث شفاه، لأنه كان مشقوق الشفة. اهـ (ق) .
وقيل: إنه منسوب إلى بطن من حمير، يقال لهم: بنو السلف،. اهـ تاج. (قرن ونصف) مبتدأ مؤخر، أو خبره قوله: (يحتذى) بالبناء للمفعول أي يُقَدَّرُ.
وحاصل المعنى: أن الوقت الذي بين وفاتي أبي علي البَرَدَاني.
وسبط السلفي: قرن ونصف أي مائة وخمسون سنة، وذلك أن الحافظ
السلفي سمع منه أبو علي البرداني أحدُ مشايخه حديثاً، ورواه عنه، ومات
على رأس (2) 500 سنة ثم آخر أصحاب السلفي بالسماع سبطه
أبو القاسم عبد الرحمن بن مكي وكانت وفاته سنة 655.
__________
(1) وسيأتي أنه مات سنة 500 هـ.
(2) تقدم أنه مات سنة 498 هـ، وعلى تكون المدّة أزيد مما ذكر. فتنبه.(2/246)
قال الحافظ: هذا أكثر ما وقفنا عليه من تباعد ما بين الراويين في
الوفاة.
* * *
(فائدة) : القرن أربعون سنة، أو عشرة، أو عشرون، أو ثلاثون، أو
خمسون، أو ستون، أو سبعون، أو ثمانون، أو مائة، أو مائة وعشرون.
وقول من قال: مائة أصح أفاده في (ق) .
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادة هنا قوله: ومن مفاد النوع إلى آخر الباب.
* * *(2/247)
(من روى عن شيخ ثم روى عنه بواسطة)
أي هذا مبحثه، وهو النوع الستون من أنواع علوم الحديث.
* * *
751 - وَمَنْ رَوَى عَنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَوَى. . . عَنْ غَيْرِهِ عَنْهُ مِنَ الْفَنِّ حَوَى
752 - أَنْ لا يُظَنَّ فِيهِ مِنْ زَيَادَهْ. . . أَوْ انْقِطَاعٌٍ فِي الَّذِي أَجَادَهْ
* * *
(ومن) إما موصولة أو شرطية (روى) أي نقل حديثاً (عن رجل) المراد
به الشيخ لا خصوص الرجل (ثم روى) ذلك الراوي ذلك الحديث
(عن غيره) أي غير ذلك الشيخ، حال كونه ذلك الغير راوياً
(عنه) أي الشيخ الذي روى ذلك الراوي عنه (من الفن) أي فن مصطلح الحديث متعلق بقوله: (حوى) أي جمع (أن) مصدرية (لا) نافية
(يظن) بالبناء للمفعول (فيه) أي في السَّند الثاني المشتملِ على الواسطة.
(من) زائدة (زيادة) لذلك الواسطة، إذا رواه بدونه، والجملة في
تأويل المصدر مفعول حوى، أي حوى معرفةُ هذا النوع
عَدَمَ ظنِّ زيادة إلخ.
(أو انقطاع) بالجر عطف على زيادة، أو بالرفع على محلها، أي أن
لا يظن انقطاع في محل الواسطة، أي نقص (في) السَّند
(الذي أجاده) أي رواه أولاً مُجِيداً، أي آتيا بالجيد، يقال: أجاد فلان، إذا أتى بالجيد، من قول، أو فعل. اهـ المصباح.
وصفه بالإجادة لعلوه حيث نقله من دون واسطة.(2/248)
وحاصل المعنى: أن معرفة هذا النوع حوى من مهمات مصطلح
الحديث عدم ظن الزيادة في صورة زيادة الواسطة، أو النقص في صورة
حذفها.
وحاصل هذا النوع: أنه قد يروي الراوي عن رجل حديثاً مباشرة ثم
يرويه عنه بواسطة رجل آخر كما إذا روى مالك عن نافع حديثاً ثم رواه عن
الزهري عن نافع، فهذا مما ينبه عليه الطالب، وينبغي له معرفته لئلا
يخطئ فيظن الإسناد الذي فيه الزيادة خطأ من أحد الرواة أو غيرهم، أو
يظن أن الإسناد الآخر الذي ليس فيه الزائد إسناد منقطع مع أن الإسنادين
صحيحان.
* * *
(تَتِمَّة) : هذا الباب من زياداته على العراقي.
* * *(2/249)
(الوُحدان)
أي هذا مبحثه، وهو النوع الحادي والستون من أنواع علوم الحديث.
وهو بضم الواو جمع واحد، وهو الذي لم يرو عنه إلا راو واحد صحابياً
كان أو غيره.
* * *
753 - صَنَّفَ فِي الْوُحْدَانِ مُسْلِمٌ بِأَنْ. . . لَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَمِنْ
754 - مُفَادِهِ مَعْرِفَةُ الْمَجْهُولِ. . . وَالرَّدُّ لا مِنْ صُحْبَةِ الرَّسُولِ
* * *
(صنف في الوحدان) بضم قسكون جمع واحد (مسلم) الإمام الحجة
صاحب الصَّحِيح جزء صغيراً في معرفة الوحدان (بأن لم يرو عنه) خبر
لمحذوف أي ذلك كائن بأن لم يرو عن الشخص (غير واحد) من الرواة.
يعني: أن الوُحْدان هم الذين جهلت عينهم فلم يرو عنهم إلا راو واحد
(ومن مفاده) بالضمِ أي فائدة هذا النوع (معرفة المجهول) عينه أو حاله
(والرد) بالرفع عطفاَ على معرفة من عطف المسبب على السبب أي من
مفاده أيضاً رد روايته على الخلاف الذي مر في باب من تقبل روايته ومن
ترد (لا) عاطفة على محذوف أي من كل راو لا (من صحبة الرسول) - صلى الله عليه وسلم - والصحبة بالضم الصاد وسكون الحاء جمع صاحب كفاره وفُرْهَة أفاده في اللسان والمصباح.
وحاصل المعنى: أن فائدة معرفة هذا النوع معرفة المجهول ورد(2/250)
روايته إلا إذا كان من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنهم كُلَّهم عدول بإجماع من يعتد بإجماعه كما مر فلا تضر جهالتهم.
* * *
755 - مِثَالُهُ: لَمْ يَرْوِ عَنْ مُسَيِّبِ. . . إلاَّ ابْنُهُ وَلا عَنِ ابْنِ تَغْلِبِ
756 - عَمْرٍو سِوَى الْبَصْرِي وَلا عَنْ وَهْبِ. . . وَعَامِرِ بْنِ شَهْرٍ اْلاَّ الشَّعْبِي
* * *
(مثاله) أي مثال من لم يرو عنه إلا واحد من الصحابة رضي اللَّه عنهم، أنه
(لَمْ يَرْوِ عَنْ مُسَيِّبِ) بفتح الياء وكسرها، وهو الأولى ابن حَزْن بفتح فسكون ابن أبي وهب المخزومي، أبو سعيد، له ولأبيه صحبة عاش إلى خلافة عثمان رضي الله عنه، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي. اهـ ت.
(إلا ابنه) سعيد بن المسيب التابعي الجليل، أحد الفقهاء السبعة المتقدم
ذكره، فإنه رَوَى عنه حديثَ وفاة أبي طالب المتفق عليه.
(ولا) أي لم يرو (عن ابن تغلب) بفتح التاء وسكون الغين وكسر اللام وتفتح عند النسبة إليه (عمرو) بدل عن ابنٍ، النَّمَرِي، بفتح النون والميم صحابي تأخرت وفاته إلى بعد الأربعين.
روى له البخاري والنسائي وابن ماجه. اهـ ت.
أي لم يرو عن عمرو بن تغلب أحدٌ (سوى) الحسن (البصري) روى عنه مرفوعاً: "إني لأعطي الرجل والذي أدع أحب إلي "
الحديث أخرجه البخاري.
(ولا) أي لم يرو (عن وهب) بن خَنْبَش بمعجمة فنود فموحدة
فمعجمة بوزن جعفر الطائي، صحابي نزل الكوفة، ويقال: اسمه هَرِم.
ووهب أصح، روى له النسائي وابن ماجه. اهـ ت.
(و) كذا لم يرو عن (عامر بن شهر) الهمداني، أبي الكنود بفتح الكاف ثم نون، صحابي، نزل الكوفة، وهو أول من اعترض على الأسود الكذاب باليمن، روى له أبو داود. اهـ ت (إلا) الإمام الحافظ الفقيه الفاضل عامر بن شراحيل، أبو عَمْرو، (الشعبي) بفتح الشين وسكون العين نسبة إلى شعب بطن من همدان، قاله في اللباب.
قال مكحول: ما رأيت أفقه منه، مات بعد المائة، وله نحو من 80 سنة، روى له الجماعة. اهـ ت.
يعني أنه لم يرو عن هذين الصحابيين: وهبٍ وعامرٍ إلا راوٍ واحدٌ وهو الشعبي فقط.(2/251)
لكن اعترض العراقي على عد عامر بن شهر بأن ابن عباس روى عنه.
* * *
757 - وَفِي الصَّحِيحَيْنِ صِحَابٌ مِنْ أُولَى. . . كَثِيرٌ الْحَاكِمُ عَنْهُمْ غَفَلا
* * *
(وفي الصَّحِيحين) للبخاري ومسلم خبر مقدم (صحاب) مبتدأ مؤخر
أي كائن في الصَّحِيحين صحابة (من أولى) يحتمل كونه اسم إشارة علىِ
لغة القصر، إشارة إلى من لم يرو عنهم إلا راو واحد، ويحتمل كونه اسماً
موصولاً بمعنى الذين حذفت صلته ضرورة، أي من الذين لم يرو عنهم إلا
راو واحد على حد قوله (من الكامل) :
نَحْنُ الأولَى فاجمَع جُمُو. . . عَكَ ثُمَّ وِجّهْهُمْ إِلَيْنَا
أي نحن الذين عرفوا بالشجاعة.
لكن الاحتمال الثاني يبعده كتابته بالواو.
وحاصل المعنى: أنه ثبت في الصَّحِيحين من هذا النوع صحابة
رضي الله عنهم. (كثيرٌ) صفة لصحابة، أو خبر لمحذوف أي هم كثير، لا
قليل. (الحاكم) أبو عبد الله مبتدأ (عنهم) أي عن وجودهم، فيهما متعلق
بقوله (غفلا) أي ذهل خبر المبتدإ.
وحاصل المعنى: أن الحاكم غفل عن وجود الوُحْدَان في الصَّحِيحين
حيث قال في كتابه المدخل: إن الشيخين لم يخرجا في الصَّحِيحين عن
أحد من الصحابة الوحدان، وتبعه على ذلك البيهقي، فقال في سننه
الكبرى عقيب حديث بهزبن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعاً:
"ومن كتمها فإنا آخذوها وشطر إبله عزمة من عزمات ربك "
الحديث ما نصه هذا حديث قد أخرجه أبو داود في كتاب السنن، فأما البخاري ومسلم فإنهما لم يخرجاه جرياً على عادتهما في أن الصحابي أو التابعي إذا لم يكن له إلا راو لم يخرجا حديثه في الصَّحِيحين، ومعاوية بن حَيْدَة القشيري لم يثبت عندهما رواية ثقة عنه غير ابنه فلم يخرجا حديثه في الصَّحِيح.
ورد عليه العلامة ابن التركماني في الجوهر النقي بأنه ليس ذلك من عادتهما(2/252)
فقد أخرجا حديث المًسَيِّب بن حزن في وفاة أبي طالب، ولا راوي له غير
ابنه سعيد، وأخرج البخاري حديث مِرْدَاس: "يذهب الصالحون "
ولا راوي له غير قيس بن أبي حازم، وأخرج حديث عمرو بن تغلب:
"إني لأعطي الرجل "
ولا راوي له غير الحسن.
وأخرج مسلم حديث رافع الغفاري، ولا راوي له غير عبد اللَّه بن الصامت، وحديث أبي رفاعة، ولا راوي له غير حميد بن هلال، وحديث الأغر المزني، ولا راوي له غير أبي بردة في أشياء كثيرة عندهما من هذا النحو، نقله المحقق.
* * *
(تنبيه) لم يذكر الناظم أمثلة منَ بعدَ الصحابة، وهم كثيرون بل أكثر
منهم، منهم أبو العُشَرَاء، لم يرو عنه غير حماد بن سلمة، وتفرد الزهري
عن نيف وعشرين من التابعين، وعمرو بن دينار عن جماعة، وكذا يَحْيَى بن
سعيد الأنصاري، وأبو إسحاق السبيعي، وهشام بن عروة.
وقال الحاكم: الذين تفرد عنهم مالك نحو عشرة من شيوخ المدينة.
ومنهم المسور بن رفاعة القرظي، قال: وتفرد سفيان عن بضعة عشر شيخاً
منهم عبد الله بن شداد الليثي، وتفرد شعبة عن نحو ثلاثين شيخاً منهم
المُفَضل بن فَضَالة، أفاده في التقريب والتدريب.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله: ومن مفاده، إلى قوله:
الرسول، وقوله: إلا ابنه، وقوله: سوى البصري.
* * *(2/253)
(من لم يرو إلاَّ حديثًا واحدًا)
أي هذا مبحثه وهو النوع الثاني والستون من أنواع علوم الحديث.
* * *
758 - وَلِلْبُخَارِيِّ كِتَابٌ يَحْوِي. . . مَنْ غَيْرَ فَرْدٍ مُسْنَدٍ لَمْ يَرْوِي
759 - وَهْوَ شَبِيهُ مَا مَضَى وَيَفْتَرِقْ. . . كُلٌّ بِأَمْرٍ فَدِرَايَةٌ تُحِقّ
760 - مِثْلُ أُبَيِّ بْنِ عِمَارَةٍ رَوَى. . . فِي الْخُفِّ لا غَيْرُ، فَكُنْ مِمَّنْ حَوَى
* * *
(وللبخاري) الإمام الحجة أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل، خبر مقدم
لقوله: (كتاب) أي كائن للإمام البخاري كتاب مفرد (يحوي) صفة لكتاب
أي يجمع ذلك الكتاب (من) موصولة مفعول به ليحوي، واقعة على الصحابة
(غَيْرَ) مفعول مقدم ليرو (فرد) أي حديث واحد (مسند) أي مرفوع إلى
النبي - صلى الله عليه وسلم - (لم يرو) صلة"من".
وحاصل معنى البيت: أن للإمام البخاري رحمه اللَّه تعالى كتاباً مفرداً
يجمع من لم يرو إلا حديثاً واحداً من الصحابة خاصة ثم ذكر الفرق بينه
وبين الوحدان فقال:
(وهو) أي هذا النوع (شبيه) أي مماثل (ما) أي النوع الذي (مضى)
قريباً وهو الوحدان يجتمعان فيمن لم يرو عنه إلا حديثاً واحداً.
(ويفترق كل) واحد منهما عن الآخر (بأمر) يختص به فإنه قد يكون روى عنه أكثر من واحد وليس له إلا حديث واحد، وقد يكون رُوِيَ عنه غير حديث(2/254)
وليس له إلا راو واحد، وذلك معروف موجود (فدراية تحق) فإذا كان كذلك فمعرفة كل منهما تكون لازمة.
ثم ذكر مثالًا لذلك فقال:
(مثل) خبر لمحذوف أي ذلك أو مفعول لمحذوف أي أعني مثل
(أبي) بالتصغير (ابن عمارة) بكسر العين على الأصح مدني سكن مصر له
صحبة، وفي إسناد حديثه اضطراب، روى له أبو داود، وابن ماجهْ. اهـ ت
(روى) حديثاً واحداً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (في) مسح (الخف) أي الخفين (لا غير) أي ليس له غير هذا الحديث الواحد، رواه أبو داود وابن ماجه، قاله الحافظ المزي.
وكأبي اللحم الغفاري له حديث واحد في الاستسقاء، رواه الترمذي
والنسائي، وأحمَرَ بن جَزْء البصري روى حديثاً واحداً: "أنه - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه "
رواه أبو داود، وكحدرد بن أبي حدرد الأسلمي روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ومن هجر أخاه سنة فهو كسفك فى مه "
رواه أبو داود.
وكأبي حاتم صحابي روى حديث:
"إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فَأنكحوه إن لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض "
قال الناظم: ليس لأبي حاتم غيره.
(فكن) أيها الطالب للتحقيق (ممن حوى) أي حَفِظَ المذكور، وغيره.
فأطراف هذا الفن لا تتناهى، فينبغي حفظها وتحقيقها.
ومن أمثلة غير الصحابة إسحاق بن يزيد الهذلي المدني روى عن عون بن عبد اللَّه بن مسعود حديث:
"إذا ركع أو سجد فليسبح ثلاثاً وذلك أدناه "
رواه أبو داود والترمذي والنسائي، قال المزي: وليس له غيره.
وإسماعيل بن بشير المدني، روى عن جابر وأبي طلحة، قالا: سمعنا
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقول:
"ما من امرئ يخذل امرأً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته "
الحديث رواه أبو داود قال الحافظ المزي: ولا يعرف له غيره.
* * *
(تَتِمَّة) : هذا الباب زائد على الألفية العراقية كالآتي.
* * *(2/255)
(من لم يرو إلاَّ عن واحد)
أي هذا مبحثه وهو النوع الثالث والستون من أنواع علوم الحديث.
* * *
761 - وَمِنْهُمُ مَنْ لَيْسَ يَرْوِي إِلاَّ. . . عَنْ وَاحِدٍ وَهْوَ ظَرِيفٌ جَلاَّ
762 - كَابْنِ أَبِي الْعِشْرِينَ عَنْ أَوْزَاعِي. . . وَعَنْ عَلِيْ عَاصِمُ فِي الأَتْبَاعِ
763 - وَابْنِ أَبِي ثَوْرٍ عَنِ الْحَبْرِ وَمَا. . . عَنْهُ سِوَى الزُّهْرِيِّ فَرْدٌ بِهِمَا
* * *
(ومنهم) أي من رواة الحديث في نسخة، ولهم أي للمحدثين خبر
مقدم لقوله: (من ليس يروى إلا عن) شيخ (واحد وهو) أي هذا النوع
(ظريف) مليح مستحسن معرفته (جَلاَّ) بالجيم أي عظم قدره عند المحدثين
لقلة وجوده، وذلك (كـ) عبد الحميد بن حبيب (ابن أبي العشرين) الدمشقي أبي سعيد كاتب الأوزاعي حال كونه راوياً (عن أوزاعي)
الإمام أبي عمرو عبد الرحمن بن عمرو إمام أهل الشام المتوفى سنة 157 هـ.
يعني: أن ابن أبي العشرين لم يرو إلا عن الأوزاعي فقط قال في
"ت" صدوق ربما أخطأ، قال أبو حاتم: كان كاتب ديوان، ولم يكن
صاحب حديث، روى له البخاري تعليقاً، والترمذي وابن ماجه. اهـ. وهذا مثال لأتباع التابعين.
(وعن علي) بسكون الياء للوزن أي روى عن علي بن أبي طالب فقط(2/256)
(عاصم) بمنع الصرف للوزن ابن ضمرة السلولي الكوفي صدوق مات سنة
174 روى له الأربعة. اهـ ت.
وهذا مثال (في الأتباع) أي التابعين.
فقوله عن علي عطف على أوزاعي وعاصم على ابن أبي العشرين
وفي الأتباع خبر لمحذوف كما قدرناه، أو عن علي عاصم مبتدأ وخبر أي
عاصم روى عن علي فقط.
قال المحقق عند قوله: وعن علي إلخ.
ما نصه كذا في النسخ وهو الصواب وفي النسخة المقروءة على المصنف وعن علي عاصم الأتباع اهـ.
(و) كعبيد اللَّه بن عبد اللَّه (ابن أبي ثور) القرشي مولىِ بني نوفل، ثقة من الثالثة، روى له الجماعة،. اهـ ت
حال كونه راوياَ (عن الحبر) عبد اللَّه بن عباس رضي اللَّه عنهما فقط.
(وما) نافية (عنه) متعلق بمحذوف أي روى (سوى الزهري) فاعل
للفعل المقدر أي لم يروى عنه غير الزهري (فرد) خبر لمحذوف أي منفرد
(بهما) أي الحبر والزهري، يعني: أنه منفرد من كلا الجانبين انفرد بالرواية
عن الحبر، وانفرد الزهري بالرواية عنه، فهو مثال للنوعين لمن لم يرو إلا
عن واحد، ولمن لم يرو عنه إلا واحد.
قال المحقق: هكذا جعله المؤلف مثالاً تبعاً للخطيب، ولكن نقل
المزي في التهذيب أن عبيد اللَّه هذا، روى أيضاً عن صفمة بنت شيبة.
وروى عنه أيضاً محمد بن جعفر بن الزبير، فهو ليس فرداً بهما ولا في
واحد منهما اهـ.
* * *
(تَتِمَّة) : هذا الباب أيضاً من زياداته كالآتي:
* * *(2/257)
(مَن أسند عنه من الصحابة الذين ماتوا في حياته - صلى الله عليه وسلم -)
أي هذا مبحثه، وهو النوع الرابع والستون من أنواع علوم الحديث.
فقوله: أسند بالبناء للمفعول والنائب عن الفاعل الجار والمجرور بعده.
وقوله من الصحابة: بيانٌ لمن أي هذا مبحث من نُقِلَ عنه الحديث من
الصحابة الذين ماتوا إلخ، ويحتمل أن يكون بالبناء للفاعل والضمير في عنه
يعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الصحابة الذين أسندوا الحديث أي رووه عنه - صلى الله عليه وسلم -.
فنقل عنهم مع كونهم ماتوا في حياته - صلى الله عليه وسلم -.
* * *
764 - وَاعْنَ بِمَنْ قَدْ عُدَّ مِنْ رُوَاتِهِ. . . مَعْ كَوْنِهِ قَدْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ
765 - يُدْرَى بِهِ الإِرْسَالُ نَحْوُ جَعْفَرِ. . . وَحَمْزَةٍ خَدِيجَةٍ فِي أُخَرِ
* * *
(وَاعْنَ) أمر من عَنَيتُ بامره أعْنِي من باب رمى إذا اهتممت.
واحتفلت به، فالنون مكسورة، أو من عُنِيتُ بأمر فلان بالبناء للمفعول.
شغلت به، فالنون مفتوحة، وربما قيل: عَنَيْتُ بالبناء للفاعل مثل الأول
أفاده في المصباح، أي اهتم أيها المحدث (بمن) أي بمعرفة من (قد عد)
بالبناء للمفعول (من رواته) أي رواة حديثه - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة رضي الله عنهم، فالجار والمجرور الأول متعلق بـ اعْنَ، والثاني بعُدَّ (مع كونه) أي ذلك الراوي الصحابي (قد مات في حياته) - صلى الله عليه وسلم -، ثم ذكر فائدته فقال:
(يدرى) بالبناء للمفعول (به) أي بمعرفة هذا النوع (الإرسال) لحديثه إذا
كان الراوي عنه تابعياً.(2/258)
وحاصل المعنى: أن كثيراً من الصحابة توفوا في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - فينبغي الاعتناء بمعرفتهم، لأنه قد يُروَى عنهم أحاديث، وقد يكون الراوي عنهم تابعياً، فيحكم على روايته بالإرسال، لأنه لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأولى أن لا يدرك من توفي قبله، ثم ذكر الأمثلة لذلك بقوله: وذلك (نحو جعفر) بن أبي طالب الهاشمي ذي الجناحين، الصحابي الجليل ابن عم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - استشهد في غزوة مؤتة، سنة ثمان من الهجرة.
روى له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، والأربعة.
(وحمزة) بالصرف للضرورة ابن عبد المطلب أبو عُمَارَة عم
المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، وأخوه من الرضاعة، ولد قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، وقيل: بأربع، واستشهد بأُحد سنة ثلاث من الهجرة، روى له الطبراني، حديثاً في الحوض
(خديجة) بالصرف ضرورة بنت خويلد أم المؤمنين رضي اللَّه عنها.
(فِي أُخَرِ) أي مع جملة اخر من الصحابة الذين ماتوا في حياته - صلى الله عليه وسلم - غير هؤلاء كسهيل بن البيضاء روى له أحمد، قال: نادى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وأنا رديفه:
"يا سهيل بن بيضاء من قال لا إله إلا اللَّه أوجب اللَّه له بها الجنة
وأعتقه من النار".
ومنهم أبو سلمة زوج أم سلمة رضي اللَّه عنهما، توفي مرجع
النبي - صلى الله عليه وسلم - من بدر، روت عنه أم سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:
"ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيفزع إلى ما أمر اللَّه به، من قول إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ "
الحديث رواه الترمذي، والنسائي وابن ماجه.
* * *
(تَتِمَّة) : هذا الباب أيضاً من زياداته:
* * *(2/259)
(مَن ذكر بنعوت متعددة)
أي هذا مبحثه، وهو النوع الخامس والستون من أنواع علوم
الحديث، ويعبر عنه بموضح مُوهِمِ الجمع والتفريق.
* * *
766 - وَأَلَّفَ الأَزْدِيُّ فِيمَنْ وُصِفَا. . . بِغَيْرِ مَا وَصْفٍ إِرَادَةَ الْخَفَا
* * *
(وألف) أي جمع الحافظ عبد الغني بن سعيد (الأزدي) بفتح فسكون
نسبة إلى أزدشوءة قبيلة مشهورة المصري المتوفى سنة 409 عن 77 سنة.
كتاباً سماه "إيضاح الإشكال "، وكذا الخطيب كتاباً سماه "الموضح لإيهام
الجمع والتفريق " بدأ فيه بما وقع للإمام البخاري من الوهم في ذلك
(فيمن) متعلق بألف (وصفا) بالبناء للمفعول، والألف إطلاقية، أي في
الشخص الذي وصف (بغير ما) زائدة بين المتضايقين (وصف) واحدٍ، بل
بأوصاف متعددة من أسماء، أو كنى، أو ألقاب، أو أنساب، إما من جماعة
من الرواة عنه يُعَرِّفه كل واحد بغير ما عَرَّفَهُ الآخر، أو من راو واحد عنه.
يُعَرِّفه مرة بهذا، ومرة بهذا، (إرادة الخفا) بالنصب مفعول من أجله، أي
إنما يوصف بالأوصاف المتعددة لأجل إرادة خافائه، فيلتبس على من لا
معوفة عنده بل على كثير من أهل المعرفة والحفظ.
ثم ذكر فائدة معرفته بقوله:
* * *
767 - وَهْوَ عَوِيصٌ عِلْمُهُ نَفِيسُ. . . يُعْرَفُ مِنْ إِدْرَاكِهِ التَّدْلِيسُ
* * *(2/260)
(وهو) أي هذا النوع (عويص) أي صعب يعسر الاطلاع عليه، يقال:
عوص الكلام كفرح، وعاص يَعاص عِيَاصاً وعَوَصاً: صَعُبَ، والشيء:
اشتد، والعويص من الشعر ما يصعب استخراج معناه، أفاده في (ق) .
(علمه) أي معرفته من إضافته المصدر إلى مفعوله (نفيس) أي شريف
من نفس الشيء بالضم نفاسه، ككرم وزنا ومعنى، أفاده في المصباح.
وذلك لمسيس الحاجة إليه في معرفة التدليس، كما أشار إليه بقوله:
(يعرف) بالبناء للمفعول (من إِدراكه) أي معرفة هذا النوع (التدليس)
للمدلسين، حيث يصنعون ذلك، ليوهموا أنه ليس هذا الرجل، فيشتبه على
الناظر، فيظن غير الصَّحِيح صحيحاً، وهو قلة دين، وعدم أمانة ممن
عمله.
* * *
768 - مِثَالُهُ: مُحَمَّدُ الْمَصْلُوبُ. . . خَمْسِينَ وَجْهًا اسْمُهُ مَقْلُوبُ
* * *
(مثاله) أي هذا النوع (محمد) بمنع الصرف للوزن (المصلوب) في
الزندقة، كان يضع الحديث (خمسين وجهاً) مفعول مطلق لمقلوب
(اسمه مقلوب) مبتدأ وخبر، أي أن اسم محمد هذا مقلوب خمسين وجهاً، كما قاله ابن الجوزي، بل ذكر عبد اللَّه بن أحمد بن سوادة أنه مقلوب على أكثر من مائة، وأنه جمعها في جزء، فقيل فيه: محمد بن سعيد، وقيل: محمد
مولى بني هاشم، وقيل: محمد بن قيس، وقيل: محمد بن الطبري، إلى
آخر ما ذكره في التدريب، بل هو أكثرُ منه كما مر آنفاً.
وقد استعمل هذا كثيراً الخطيب في شيوخه فيروي في كتبه عن أبي
القاسم الأزهري، وعن عبيد اللَّه بن أبي الفتح الفارسي، وعن عبيد اللَّه بن
أحمد بن عثمان الصيرفي، والكل واحد، وتبعه في ذلك المحدثون خصوصاً
المتأخرين، وآخرهم أبو الفضل ابن حجرٍ، نعم لم يستعمل الحافظ
العراقي شيئاً منه في أماليه، قاله الناظم.
* * *
(تَتِمَّة) : قوله: وألف الأزدي فيمن، وقوله: وهو عويص علمه نفيس.
من زيادات الناظم على العراقي.
* * *(2/261)
(أفراد العلم)
أي هذا مبحثه، وهو النوع السادس والستون من أنواع علوم
الحديث، وهو فنّ حسن يوجد في أواخر الأبواب من الكتب المصنفة في
الرجال بعد أن يذكروا الأسماء المشتركة.
* * *
769 - وَالْبَرْذَعِيْ صَنَّفَ أَفْرَادَ الْعَلَمْ. . . أَسْمَاءً أَوْ أَلْقَابًا اوْ كُنًى تُضَمّْ
* * *
(و) الحافظ أبو بكر أحمد بن هارون بن روح (البرذعي) هكذا بالذال
المعجمة في نسخة الشارح، والمحقق، والصواب بالدال المهملة، قال في
اللباب: ما نصه: بالاختصار، البرديجي بفتح الباء وسكون الراء وبعدها دال نسبة إلى برديج بلدة بأقصى أذربيجان بينها وبين بردعة أربعة عشر فرسخاً منها: أبو بكر أحمد بن هارون بن روح البرديجي الحافظ، سمع نصر بن علي الجهضمي، وإسحاق بن سيار النصيبي.
توفي في شهر رمضان سنة 351، ويقال له البردعي أيضاً، وكان إماماً ثقة وقال قبله: ما نصه والبردعي بفتح الباء الموحدة وسكون الراء وفتح الدال المهملة وفي آخره عين مهملة نسبة إلى بردعة، بلدة من أقصى أذربيجان اهـ.
والذي في التدريب وشروح ألفية العراقي البرديجي، وهو مبتدأ خبره.
جملة قوله (صنف) قال في المصباح: والتصنيف تمييز الأشياء بعضها من
بعض، وَصَنَّفَتِ الشجرةُ أخرجت ورقها، وتصنيف الكتاب من هذا. اهـ(2/262)
(أفراد العلم) أي الأعلام المفردة من إضافة الصفة للموصوف والعَلَمُ: ما يجعل علامة على شخص من اسم، وكنية، ولقب كما أشار إليه بقوله:
(أسماء) أي سواء كانت أسماء جمع اسم، وهو ما وضع علماً على
معين (أو ألقاباً) جمع لقب، وهو ما دل على رِفْعَة المسمى، أوضَعَتِهِ
(أو كنى) جمع كنية بالضم وهو ما صدر بأب أو أم أو نحوهما (تضم) صفة
للألقاب والكنى، أي يزاد كل منهما على الاسم إذ هما زائدان على
الأسماء غالباً.
وحاصل معنى البيت: أن الإمام الحافظ البردعي رحمه الله صنف
كتاباً في هذا النوع مترجماً بالأسماء المفردة، وهو أول كتاب وضع في
جمعها مفردة، وإلا فهي مفرقة في تاريخ البخاري الكبير، وكتاب الجرح
والتعديل لابن أبي حاتم، في أواخر الأبواب، وقد استدرك أبو عبد اللَّه بن
بكير وغيره على كتابه في مواضع ليست أفراداً بل هي مَثَالب، وَمَثَالِثٍ، وأكثر من ذلك، وفي مواضع ليست أسماء، وإنما هي ألقاب، قاله العراقي.
ثم هو أقسام: الأول في الأسماء، فمن أمثلته في الصحابة ما ذكر بقوله:
* * *
770 - كَأَجْمَدٍ وَكَجُبَيْبٍٍ سَنْدَرِ. . . وَشَكَلٍ صُنَابِحِ بْنِ الأَعْسَرِ
* * *
أي مثال ذلك (كَأَجْمَدٍ) بالجيم ابن عُجَيَّان بعين مهملة ثم جيم ومثناة
تحتانية على وزن عُلَيَّان، قال ابن الصلاح: ورأيته بخط ابن الفرات، وهو
حجة، مخففاً على وزن سُفْيَان صحابي، وقيل فيه بالحاء المهملة كالجادة.
قاله السخاوي.
(وكجبيب) بضم الجيم وموحدتين، وغلط ابن شاهين فجعله بالخاء
المعجمة، وغلط بعضهم فجعله بالراء آخره، هو ابن الحارث صحابي.
وكـ (سندر) بفتح المهملتين، بينهما نون ساكنة، الخصي، مولى زِنْبَاع.
الجذامي، نزل مصر، ويكنى أبا الأسود، وأبا عبد اللَّه باسم ابنه، وظن
بعضهم أنهما اثنان فاعترض على ابن الصلاح في دعوى أنه فرد، وليس(2/263)
كذلك، كما قال العراقي. اهـ تدريب
وله صحبة (و) كـ (شكل) بفتحتين ابن حميد العبسي، من رهط حذيفة، نزل الكوفة، روى حديثه أصحاب السنن، صحابي، وكـ (صنابح) بالضم آخره مهملة (ابن الأعسر) البجلي الأحمسي، صحابي.
قال الحافظ ابن عبد البر: ليس الصنابح هو الصنابحي، الذي روى عن أبي بكر، لأن هذا اسم وذاك نسب، وهذا صحابي وذاك تابعي، وهذا كوفي، وذاك شامي.
وقال الحافظ في الإصابة: قيل في كل منهما صنابح وصنابحي، لكن
الصواب في ابن الأعسر صنَابح، وفي الآخر صُنَابحي، ويظهر الفرق
بالرواة عنهما، فحيث جاءت الرواية عن قيس بن أبي حازم عنه فهو ابن
الأعسر، وهو الصحابي، وحديثه موصول وحيث جاءت عن غير قيس عنه
فهو الصنابحي وهو التابعي وحديثه مرسل.
قال الناظم: أضبط من هذا أن الصنابح لم يرو غير حديثين فيما ذكر
ابن المديني وزاد الطبراني ثالثاً، من رواية الحارث بن وهب، وغلط فيه بأنه
الصنابحي. اهـ تدريب.
القسم الثاني الكنى، ومن أمثلته ما ذكره بقوله:
* * *
771 - أَبِي مُعَيْدٍ وَأَبِي الْمُدِلَّهْ. . . أَبِي مُرَايَةَ اسْمُهُ عَبْدُ الله
* * *
وكـ (أبي معيد) مصغراً مخفف الياء، حفص بن غيلان الهمداني
شامي صدوق فقيه رمي بالقدر، روى له النسائي وابن ماجه. اهـ ت.
(و) كـ (أبي المدلة) بضم الميم وكسر المهملة وتشديد اللام، مولى
عائشة، يقال: اسمه عبد اللَّه مقبول، روى له أبو داود وابن ماجه. اهـ ت.
وقال ابن الصلاح وتبعه النووي لم يعرف اسمه، وانفرد أبو نعيم بتسميته
عبيد اللَّه بن عبد اللَّه.
قال العراقي: وليس كذلك بل سماه كذلك ابن حبان في الثقات.
وقال أبو أحمد الحاكم: هو أخو سعيد بن يسار، وأخطأ، إنما
ذلك أبو مزرد وهو أيضاً فرد، واسمه عبد الرحمن بن يسار.
قال ابن الصلاح: في أبي المدلة، روى عنه الأعمش وابن عيينة وجماعة، قال
العراقي: وهو وَهَم عجيب فلم يرو عنه واحد منهم أصلاً بل انفرد عنه(2/264)
ثم ذكر من أمثلة ذلك فقال:
أبو مجاهد سعد الطائي، كما صرح به ابن المديني، ولا أعلم في ذلك خلافاً
بين أهل الحديث،. اهـ تدريب
وكـ (أبي مراية) بضم الميم وتخفيف الراء فياء تحتانية
(اسمه عبد اللَّه) بن عمرو العجلي تابعي، روى عنه قتادة.
* * *
(تنبيه) : عبد اللَّه بحذف الألف من لفظ الجلالة للوزن وهو قبيح.
والقسم الثالث الألقاب أشار إليها بقوله:
* * *
772 - سَفِينَةٍ مِهْرَانَ ثُمَّ مِنْدَلِ. . . بِالْكَسْرِ فِي الْمِيمِ وَفَتْحُهَا جَلِي
* * *
وكـ (سفينة) بالصرف للضرورة، مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يكنى أبا عبد الرحمن، لقب فرد لقبه به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لما رآه حمل شيئاً كثيراً في السفر، روى له الأربعة. اهـ ت.
واختلف في اسمه على أقوال، قيل: (مهران) بكسر فسكون.
وقيل: غير ذلك (ثم مندل) عمرو بن علي العنزي.
الكوفي أبو عبد اللَّه ضعيف ولد سنة 153 ومات سنة 7 أو 168، روى له أبو داود وابن ماجه.
(بالكسر في الميم) كما قاله الخطيب وغيره (وفتحها جلي) مبتدأ وخبر، أي فتح الميم واضح صوبه ابن ناصر. اهـ تدريب.
وفي التقريب أنه مثلث الميم ساكن الثاني اهـ.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات قوله: والبردعي صنف أفراد العلم، وقوله: كأجمد
إلى قوله: ابن الأعسر، وقوله: وأبي المدلة، إلى قوله: مهران، وقوله:
وفتحها جلي.
* * *(2/265)
(الأسماء والكنى)
أي هذا مبحثهما وهما النوع السابع والستون والثامن والستون من
أنواع علوم الحديث.
* * *
773 - وَاعْنَ بِالاسْمَا وَالْكُنَى فَرُبَّمَا. . . يُظَنُّ فَرْدٌ عَدَدًا تَوَهُّمَا
* * *
(وَاعْنَ) بفتح النون وكسرها كما تقدم أي اهتم أيها المحدث
(بالاسما) بنقل حركة الهمز إلى لام أل وقصرها للوزن، أي بمعرفة الأسماء
لذوي الكنى (والكنى) بضم الكاف جمع كنية أي معرفة الكنى لذوي
الأسماء (فربما يظن) بالبناء للمفعول، تعليل لأمره بالعناية أي إنما أمرتك
بالعناية بهما لأنه ربما يظن (فرد) أي راو واحد (عدداً) أي متعدداً، إذا ذكر
في موضع باسمه وفي آخر بكنيته (توهماً) مفعول مطلق ليظن كقعدت
جلوساً، يقال: توهمت: ظننت كما في المصباح، و (ق) ، يعني أن من
لا معرفة له يظن الراوي الواحد المسمى باسمه تارة وبكنيته أخرى رجلين.
وربما ذكر بهما معاً فيتوهمه رجلين.
قال ابن الصلاح: ولم يزل أهل العلم بالحديث يعتنون به ويتحفظونه
ويطارحونه، فيما بينهم، وينتقصون مَن جَهِلَه اهـ.
يعني: كما عيب على ابن هشام إِمامِ العربية بأنه رام الكشف عن ترجمة أبي الزناد، فلم يهتدِ لمحله من كتب الأسماء، لعدم معرفة اسمه، مع كونه معروفاً عند مبتدئ(2/266)
الطلبة، وربما ينشأ عن إغفاله زيادة في السَّند أو نقص منه وهو لا يشعر.
فقد روى الحاكم من حديث أبي يوسف عن أبي حنيفة عن موسى بن أبي
عائشة عن عبد الله بن شداد، عن أبي الوليد، عن جابر مرفوعاً:
"من صلى خلف الإمام فإن قراءته له قراءة".
وقال: إن عبد الله هو أبو الوليد كما بينه على بن المديني يعني: فعن زائدة قال: ومن تهاون بمعرفة الأسامي أورثه مثل هذا الوهم انتهى.
وعكسه أن تسقط عن كما اتفق للنسائي مع جلالته، حيث قال عن
أبي أسامة حماد بن السائب، لأن أبا أسامة هو حماد بن أسامة، وشيخ
حماد هو محمد بن السائب أبو النضر الكلبي.
ثم إن هذا النوع أقسام، القسم الأول ما ذكره بقوله:
* * *
774 - فَتَارَةً يَكُونُ الاِسْمُ الْكُنْيَهْ. . . وَتَارَةً زَادَ عَلَى ذَا كُنْيَهْ
* * *
(فتارة يكون الاسم الكنية) يعني: أن القسم الأول هو الذي سمى
بالكنية لا اسم له غيرها، وتحت هذا القسم، ضربان، الأول: من لا كنية
له كأبي بلال الأشعري، عن شريك، وأبي بكر بن عياش المقرئ، وكأبي
حَصِين بفتح الحاء بن يَحْيَى بن سليمان الراوي، عن أبي حاتم الرازي.
قال: كل منهم ليس لي اسم غير الكنية، والضرب الثاني: ما ذكره بقوله:
(وتارة زاد على ذا كنية) أي زاد على اسمه الذي هو كنيةٌ كنيةً أخرى.
قال ابن الصلاح: فصار كَأنَّ لكنيته كنية، وذلك ظريف عجيب، كأبي بكر بن عبد الرحمن، أحد الفقهاء السبعة، اسمه أبو بكر، وكنيته أبو عبد الرحمن، قال العراقي، وهذا قول ضعيف رواه البخاري في التاريخ، عن سُمَيّ مولى
أبي بكر، وفيه قولان آخران: أحدهما: أن اسمه محمد، وأبو بكر كنيته.
وبه جزم البخاري. والثاني: أن اسمه كنيته، وهو الصَّحِيح، وبه جزم ابن
أبي حاتم، وابن حبان، وقال المزي: إنه الصَّحِيح.
ومثله أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري كنيته أبو محمد.
قال الخطيب: لا نظير لهما في ذلك، وقيل: لا كنية لابن حزم.(2/267)
والقسم الثاني ما ذكره بقوله:
* * *
775 - وَمَنْ كُنِي وَلا نَرَى فِي النَّاسِ. . . اسْمًا لَهُ نَحْوُ أَبِي أُنَاسِ
* * *
(ومن كني) بالبناء للمفعول، وتخفيف النون، يقال: كَنَاه بالتخفيف.
وكَنَّاه بالتشديد، وأكناه بالهمز: سماه بكنيته، أي من عرف بكنيته
(ولا نرى) جملة حالية أي والحال أننا لا نعلم (في الناس) أي بينهم (اسماً له) يعني: أنه لا يعرف من بين النَّاس اسمه، وذلك (نحو أبي أناس) بضم الهمزهَ
وتخفيف النون وآخره سين مهملة ابن زُنَيم بمعجمة فنون فميم مصغراً
الليثي، أو الدِّيلِيّ، صحابي، قاله السخاوي.
وكأبي مويهبة مولى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وأبي شيبة الخدري، وأبي شاه، وأبي الأبيض، التابعي عن أنس، وأبي بكر بن نافع مولى ابن عمر، وأبي النجيب بالنون المفتوحة، وقيل: بالتاء المضمومة، مولى عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قاله ابن الصلاح، وقال العراقي: بل مولى عبد الله بن سعد بن أبي سرح بلا خلاف، قال: وقد جزم ابن ماكولا: بأن اسمه ظليم، وحكاه قبله ابن يونس، وأبي حريز بالحاء المفتوحة والراء المكسورة والزاي، الموقفي بفتح الميم وسكون الواو وكسر القاف ثم فاء محلة
بمصر.
والقسم الثالث ما ذكره بقوله:
* * *
776 - وَتَارَةً تَعَدَّدُ الْكُنَى وَقَدْ. . . لُقِّبَ بِالْكُنْيَةِ مَعْ أُخْرَى وَرَدْ
* * *
(وتارة تعدد) بحذف إحدى التاءين، أي تتعدد، أو بضم التاء مَبْنيًّا
للمفعول، أي تصير (الكنى) جمع كنية متعددة بأن تكون له كنية متعددة
أكثر من كنية، كابن جريجٍ اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وكنيته، أبو الوليد، وأبو خالد، وكمنصور الفراوي، كنيته أبو بكر وأبو الفتح، وأبو القاسم، يقال له: ذو الكنى.
والقسم الرابع: ما ذكره بقوله: (وقد لقب) أي تارة قد لقب الشخص(2/268)
(بالكنية) بأن شبهت الكنية باللقب، في رِفْعَةِ المسمى أوضَعَتِهِ (مع أخرى)
أي مع وجود كنية أخرى غير الكنية التي هي لقبه.
وحاصل المعنى: أنه يوجد للشخص لقب بصورة الكنية: وله كنية
أخرى حقيقة كأبي تراب لعلي بن أبي طالب لقبه به النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال له: "قم أبا تراب ".
وكان نائماً عليه، وقصته مشهورة، وكنيته أبو الحسن.
وكأبي الزناد عبد الله بن ذكوان: كنيته أبو عبد الرحمن، وكأبي الرجال محمد بن عبد الرحمن، لُقِّبَ به لأنه كان له أولاد عشرة رجال، كنيته أبو عبد الرحمن، وغير ذلك.
وقوله: (ورد) جملة حالية أي حال كون هذا الاستعمال وارداً
في استعمال النَّاس واصطلاحاتهم.
والقسم الخامس ما ذكره بقوله:
* * *
777 - وَمِنْهُمُ مَنْ فِي كُنَاهُمُ اخْتُلِفْ. . . لا اسْمٍ، وَعَكْسُهُ وَذَيْنِ. . .
* * *
(ومنهموا) أي ومن الرواة خبر مقدم لقوله: (من في كناهم اختلف)
بالبناء للمفعول أي كائن من الرواة من اختَلَفَ العلماءُ في كنيتهم
(لا) في (اسم) لهم أي لا يختلفون في أسمائهم، كأسامة بن زيد لا اختلاف في
اسمه وفي كنيته اختلاف أبو زيد، أو أبو محمد، أو أبو عبد الله.
أو أبو خارجة، أقوال، وخلائق لا يحصون.
والقسم السادس ما ذكره بقوله:
(وعكسه) بالجر عطفاً على كناهم، والمعنى: أن منهم من اختلف
العلماء في اسمه لا في كنيته، كأبي بصرة الغفاري حُميل بالحاء المهملة
على الأصح مصغراً، أو جَمِيل بالجيم مكبراً، وأبي جحيفة، وهبٌ أو
وهبُ اللَّهِ، وأبي هريرة اختلف في اسمه واسم أبيه على أقوال.
قيل: ثلاثين، وقيل: نحو أربعين، والصَّحِيح عبد الرحمن بن صخر، ونقل
الترمذي عن البخاري أنه قال: عبد الله بن عمرو، قال الترمذي: وهو
الأصح.(2/269)
والقسم السابع ما ذكره بقوله:
(وذين) أي ومنهم من اختلف العلماء في اسمه وكنيته، فالإشارة إلى
الاسم والكنية، كسفينة مولى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عمير، أو صالح، أو مهران، أو غيره، وكنيته أبو عبد الرحمن، أو أبو البختري.
والقسم الثامن ما ذكره بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . أَوْ أُلِفْ
778 - كِلاهُمَا، وَمِنْهُمُ مَنِ اشْتَهَرْ. . . بِكُنْيَةٍ أَوْ بِاسْمِهِ، إِحْدَى عَشَرْ
* * *
(أَوْ أُلِفْ) بالبناء للمفعول أي منهم من الِفَ أي عُلِمَ له (كلاهما)
نائب الفاعل لألف أي الكنية والاسم.
والمعنى: أن من الرواة من علم اسمه وكنيته، ولم يختلف في واحد
منهما، كالخلفاء الأربعة، أبي بكر (1) : عبد اللَّه بن عثمان، وأبي حفص
عمر بن الخطاب، وأبي عمرو عثمان بن عفان، وأبي الحسن علي بن أبي
طالب، وأصحاب المذاهب: أبي حنيفة النعمان بن ثابت، وآباء عبد اللَّه
سفيان الثَّوري، ومالك، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل.
والقسم التاسع ما ذكره بقوله:
(ومنهموا) أي الرواة خبر مقدم عن قوله: (من اشتهر) بين العلماء
(بكنية) له دون اسمه، وإن كان اسمه معيناً معروفاً، كأبي الضحى مسلم بن
صُبَيح (2) ، وأبي إدريس الخولاني عائذ الله بن عبد اللَّه، في آخرين.
والقسم العاشر ما ذكره بقوله: (أو) من اشتهر (باسمه) دون كنيته.
وإن كانت له كنية معينة، كطلحة بن عبيد الله، وعبد الرحمن بن عوف.
__________
(1) قلت: تقدم إنه اختلف في اسمه فقيل عبد الله، وقيل عتيق، وقيل هذا لقبه، فلعله لضعف الخلاف لم يعتبره، ولذا قال: لم يختلف فيه، وبالجملة فالمحل محل نظر.
(2) بصيغة التصغير كما يأتي في النظم.
وَاضْمُمْ أَبًا لِمُسْلِمٍ أَبِي الضُّحَى.(2/270)
والحسن بن علي، في آخرين كنية كل منهم أبو محمد، وكالزبير بن العوام، والحسين بن علي، وحذيفة، وسلمان، وجابر في آخرين: كنوا
بأبي عبد الله، فجملة ما في هذا الباب (إحدى عشر) قسماً بجعل القسم
الذي هو من سُمِّيَ بالكنية لا اسم له غيرها ضربين كما تقدم.
* * *
(تَتِمَّة) : قوله: فربما يظن فرد عدداً توهماً من زياداته.
* * *(2/271)
(أنواع عشرة من الأسماء والكنى مزيدة
على ابن الصلاح والألفية) أي العراقية)
أي هذا مبحثها، وبها تصير الأنواع ثمانية وسبعين نوعاً.
الأول من الأنواع ما ذكره بقوله:
* * *
779 - وَأَلَّفَ الْخَطِيبُ فِي الَّذِي وَفَا. . . كُنْيَتُهُ مَعَ اسْمِهِ مُؤْتَلِفَا
780 - مِثْلُ "أَبِي الْقَاسِمِ"وَهْوَ"الْقَاسِمُ". . . فَذَاكِرٌ بِوَاحِدٍ لا وَاهِمُ
* * *
(وألف) الحافظ أبو بكر (الخطيب) البغدادي (في) بيان الراوي
(الذي وفا) أي أتىِ (كنيته مع اسمه مؤتلفاً) أي متفقاً، والمعنى: أن
الخطيب: ألَّفَ جزءاً فيه من اتفق اسمه مع كنيته من الرواة، لينفي الغلط
عمن ذكره بأحدهما كما يأتي قريباً.
وذلك (مثل أبي القاسم وهو القاسم) بن محمد بن أحمد بن محمد
بن سليمان بن الطيلسان الأوسي الحافظ المتقن من محدثي الأندلس ولد سنة
خمس وسبعين وخمسمائة كان عارفاً بالقراءات والعربية مات سنة 642 فقد
اتفق اسمه وكنيته فإذا عرف هذا (فذاكر) في سنده لمن كان كذلك (بواحد)
من الكنية أو الاسم (لا واهم) أي غالط، أي لا يحكم عليه بأنه غَلِطَ في
ذلك، وفيه إشارة إلى فائدة معرفة هذا النوع، وهو نفي الغلط عمن ذكره
بأحدهما، وهذا النوع ذكره الحافظ بن حجر في أول نكته على ابن الصلاح
ولم يذكره في النخبة ولا في شرحها، أفاده في التدريب.(2/272)
النوع الثاني ما أشار إليه بقوله:
* * *
781 - وَفِي الَّذِي كُنْيَتُهُ قَدْ أُلِفَا. . . اسْمَ أَبِيهِ غَلَطٌ بِهِ انْتَفَى
* * *
(و) ألف الخطيب أيضاً (في) معرفة الراوي (الذي كنيته) مبتدأ خبره
قوله: (قد ألفا) بألف الإطلاق أي وافق (اسم أبيه) مفعولُ ألِفَ، والمعنى:
أن الخطيب رحمه الله ألف في بيان معرفة الذي وافقت كنيته اسم أبيه ثم
ذكر فائدته فقال:
(غلط) مبتدأ سوغه كونه فاعلاً في المعنى (به) أي بسبب معرفته
متعلق بقوله: (انتفى) ، والمعنى: أن فائدته انتفاء الغلط بسبب معرفته عمن
نسبه إلى أبيه، ثم ذكر مثاله بقوله:
* * *
782 - نَحْوُ" أَبِي مُسْلِمٍ بْنِ مُسْلِمِ ". . . هُوَ " الأَغَرُّ الْمَدَنِيُّ " فَاعْلَمِ
* * *
وذلك (نحو أبي مسلم ابن مسلم) واسمه (هو الأغر المدني) نزيل
الكوفة ثقة، وهو غير سلمان الأغر الذي يكنى أبا عبد الله، وقد قلبه
الطبراني، فقال: اسمه مسلم، ويكنى أبا عبد الله، روى له البخاري في
الأدب المفرد، ومسلم والأربعة، روى عن أبي هريرة وأبي سعيد، وكانا
اشتركا في عتقه، وعنه علي بن الأقمر، وأبو إسحاق السبيعي وهلال بن يساف وطلحة بن مصرف وغيرهم. اهـ تهذيب التهذيب.
(فاعلم) أيها المحدث هذا ونظائره فإنه مفيد.
ثم أشار إلى الثالث بقوله:
* * *
783 - وَأَلَّفَ الأَزْدِيُّ عَكْسَ الثَّانِي. . . نَحْوُ سِنَانِ بْنِ أَبِي سِنَانِ
* * *
(وألف) الحافظ أبو الفتح عبد الغني بن سعيد (الأزدي) تقدم قريباً
(عكس الثاني) أي جمع في كتاب عكسَ الذي قبله وهو من وافق اسمه
كنية أبيه وذلك نحو (سنان بن أبي سنان) الديلي المدني ثقة، مات
سنة 105 وله 82 سنة، روى له البخاري ومسلم والترمذي والنسائي. اهـ تقريب وأشار إلى الرابع بقوله:
* * *(2/273)
784 - وَأَلَّفُوا مَنْ وَرَدَتْ كُنْيَتُهُ. . . وَوَافَقَتْهُ كُنْيَةً زَوْجَتُهُ
785 - مِثْلُ " أَبِي بَكْرٍ " وَ " أُمِّ بَكْرِ ". . . كَذَا " أَبُو ذَرٍّ " وَ " أُمُّ ذَرِّ "
* * *
(وألفوا) أي جماعة من الحفاظ، كأبي الحسن بن حيوْيهْ، وابن
عساكر أي جمعوا في كتب (من وردت) أي أتت (كنيته) من الرواة
(و) الحال أنه (وافقته كنية) منصوب على التمييز (زوجته) فاعل وافقت.
والمعنى أنهم جمعوا في مؤلفاتهم الرواة الذين توافقوا مع زوجاتهم في
الكنية، وهم كثيرون (مثل أبي بكر) الصديق رضي الله عنه (و) زوجته في
الجاهلية (أم بكر) ولم يصح إسلامها، قاله الناظم.
و (كذا أبو ذَرّ) الغفاري جندب بن جنادة بضم الجيم فيهما والدال الأولى تفتح وتضم على الأصح في اسمه، وقيل: بُرَيْر مصغراً، أو مكبراً، واختلف في اسم أبيه على أقوال تقدم إسلامه، وتاخرت هجرته، فلم يشهد بدراً، مات سنة 32 في خلافة عثمان، روى له الجماعة أفاده في التقريب.
(وأم ذر) بالرفع عطفاً على أبو ذر، امرأة أبي ذر لها ذكر في وفاة أبي ذر، قال الحافظ:
وقفت على حديث فيه التصريح بانها أسلمت مع أبي ذر، في أول
الإسلام. اهـ الإصابة.
ثم أشار إلى الخامس بقوله:
* * *
786 - وَفِي الَّذِي وَافَقَ فِي اسْمِهِ الأَبَا. . . نَحْوُ " عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ " نَسَبَا
* * *
(و) ألفوا أيضاً: منهم أبو الفتح الأزدي (في) بيان معرفة الراوي
(الذي وافق في اسمه الأبا) أي اسم الأب (نحو عدي بن عدي) بن عَمِيرة بفتح
العين، الكندي، أبي فروة الجزري ثقة فقيه، عمل لعمر بن عبد العزيز
على الموصل، مات سنة 120، أخرج له أبو داود والنسائي وابن
ماجه. اهـ ت، وقوله: (نسبا) أي منسوباً إلى أبيه.
* * *
787 - وَإِنْ يَزِدْ مَعْ جَدِّهِ فَحَسِّنِ. . . كَالْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ
* * *
(وإن يزد) الراوي الموافق في اسم أبيه الموافقة (مع) اسم (جده)
بأن تتفق أسماؤهم (فحسن) أي احكم أيها المحدث على هذا النوع بأنه(2/274)
حسن، وذلك (كالحسن) مقبول من السادسة.
مات سنة 145 وهو ابن 68 سنة، روى له أبو داود والنسائي. اهـ ت
(ابن الحسن) صدوق من الرابعة، مات سنة 97، وله بضع وخمسون سنة، روى له النسائي. اهـ ت (ابن الحسن) بن علي بن أبي طالب الهاشمي، سبط رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وريحانته.
صحبه وحفظ عنه، مات شهيداً بالسم سنة 49 وهو ابن 47 وقيل: مات
سنة 50، وقيل: بعدها، روى له الأربعة. اهـ ت.
ثم أشار إلى السادس بقوله:
* * *
788 - أَوْ شَيْخَهُ وَشَيْخَهُ قَدْ بَانَا. . . عِمْرَانُ عَنْ عِمْرَانَ عَنْ عِمْرَانَا
* * *
(أو) بمعنى الواو (شيخه) بالنصب على الأبا، أي وألفوا أيضاً فيمن
وافق اسمه اسم شيخه، وممن ألف فيه أبو موسى المديني (وشيخه) الضمير
عائد على شيخه أي شيخ شيخه (قد بانا) بألف الإطلاق، أي اتضح مثالاً
لهذا النوع (عمران) فاعلُ بَانَ ابن مسلم المنقري بكسر فسكون أبو بكر
القصير البصري صدوق ربما وهِم، قيل: هو الذي روى عن عبد اللَّه بن
دينار، وقيل: بل هو غيره، وهو مكي، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. اهـ ت (عن عمران) بن مِلْحان بكسر فسكون، ويقال: ابن تيم أبو رجاء العطاردي مشهور بكنيته، وقيل: غير ذلك في اسم أبيه، مخضرم ثقة معمر، مات سنة 155 وله 120 سنة، روى له
الجماعة. اهـ ت
(عن عمرانا) بن الحصين بن عبيدبن خلف الخزاعي، أبي نُجَيد
مصغراً، أسلم عام خيبر وصحب، وكان فاضلاً وقضى بالكوفة.
مات سنة 52 بالبصرة، روى له الجماعة. اهـ ت.
ثم أشار إلى السابع بقوله:
* * *
789 - أَوْ اسْمُ شَيْخٍ لأَبِيهِ يَأْتَسِي. . . " رَبِيعٌ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَنَسِ "
* * *
(أو اسم شيخ) بالرفع مبتدأ خبر جملة يأتسي وقوله: (لأبيه) متعلق
بقوله: (يأتسي) أي يقتدي بالموافقة بمعنى أنه يوافقه.(2/275)
وحاصل المعنى: أنه قد يتفق اسم شيخ الراوي مع اسم أبيه، ومثاله
(ربيع بن أنس) البكري، أو الحنفي، بصري نزل بخراسان صدوق له أوهام
ورمى بالتشيع من الخامسة مات سنة 140، أو قبلها روى له الأربعة. اهـ ت.
(عن أنس) بن مالك الصحابي المشهور فانس بن مالك شيخه وليس والداً
له بل وافق اسمه اسم والده.
ثم أشار إلى الثامن بقوله:
* * *
790 - أَوْ شَيْخُهُ وَالرَّاوِ عَنْهُ الْجَارِي. . . يَرْفَعُ وَهْمَ الْقَلْبِ وَالتَّكْرَارِ
791 - مِثْلُ:"الْبُخَارِي رَاوِيًا عَنْ مُسْلِمِ. . . وَمُسْلِمٌ عَنْهُ رَوَى" فَقَسِّمِ
* * *
(أو) وافق (شيخه و) اسم (الراوي عنه الجاري) صفة للراوي، أي
الذين يجري ويتابعه للرواية عنه، فقوله: أو شيخه بالرفع فاعل لمحذوف.
أي اتفق اسم شيخه واسم الراوي عنه، ثم ذكر فائدته بقوله:
(يرفع) علم هذا النوع (وهم القلب) أي توهم أن هذا الاسم في السَّند مقلوب (و) توهم (التكرار) أي كونه وقع تكراراً مع أنه ليس كذلك، وذلك (مثل) الإمام أبي عبد الله (البخاري) بتخفيف الياء للوزن حال كونه (راوياً عن مسلم) بن إبرِاهيم الأزدي الفراهيدي بالفاء أبي عمرو البصري ثقة مأمون مكثر عَمِيَ بأخرَةٍ من صغار التاسعة مات 222، وهو أكبر شيخ لأبي داود، روى له الجماعة. اهـ ت
(ومسلم) بن الحجاج صاحب الصَّحِيح (عنه) أي عن البخاري
(روى) أىِ نقل حديثاً (فقسمِ) أي فرق بينهما على الوجه الذي ذكرناه.
قال في (ق) وَقَسَمَ الدهرُ القومَ فرَّقَهُم كَقَسَّمُهُم، اهـ.
* * *
792 - وَفِي الصَّحِيحِ قَدْ رَوَى الشَّيْبَانِي. . . عَنْ ابْنِ عَيْزَارٍ عَنْ الشَّيْبَانِي
* * *
(وفي الصَّحِيح) أي صحيح البخاري لأنه المقصود عند الإطلاق
(قد روى) سليمان بن أبي سليمان فيروز، أبو إسحاق (الشيباني) الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات في حدود الأربعين ومائة، روى له الجماعة
(عن) الوليد(2/276)
(بن عيزار) بفتح العين وسكون الياء فزاي آخره راء مهملة ابن حريث
العبدي الكوفي ثقة من الخامسة، روى له الشيخان والترمذي
والنسائىِ. اهـ ت (عن) أبي عمرو سعد بن إِياس (الشيباني) الكوفي، ثقة
مخضرم من الثانية مات سنة 5 أو 96 وهو ابن 120 سنة روى له
الجماعة. اهـ ت.
وحاصل المعنى: أنه وقع من هذا النوع في صحيح البخاري حيث
روى الشيباني، عن الوليد بن العيزار، عن الشيباني فاتفقت نسبة الشيخ
للوليد مع نسبة الراوي عنه، فهو نظير ما قبله.
ثم أشار إلى التاسع بقوله:
* * *
793 - أَوْ اسْمُهُ وَنَسَبٌ فَادَّكِرِ. . . كَحِمْيَرِيِّ بْنِ بَشِيرِ الْحِمْيَرِي
* * *
(أو) اتفق (اسمه) أي الراوي (ونسب) له (فَادَّكِرِ) أمر من الادكار.
وأصله الاذتكار، أبدلت تاء الافتعال دالاً بعد الذال ثم أبدلت الذال دالاً
فأدغمت فيها لأن تاء الافتعال تبدل دالأ إذا وقعت بعد الذال والدال
والزاي، كما أنها تبدل طاء إذا وقعت بعد حروف الإطباق، كما قال ابن
مالك:
طَا تَا افتعال رُدَّ إِثْرَ مُطْبَقِ. . . فِي ادَّانَ وازْدَدْ وادَّكِرْ دَالًّا بَقِي
أي تذكّره واعرفه فإنه من النوادر الفاذَّة.
ومثاله (كحميري) بكسر فسكون بلفظ النسب (بن بشير الحميري)
روى عن جندب البجلي، وأبي الدرداء ومعقل بن يسار، وغيرهم، هكذا قاله في التدريب والذي في التقريب أنه منسوب إلى الجَسْر بالجيم ومثله في
اللباب، ونصه باختصار الجَسْرِي بفتح الجيم وسكون السين نسبة إلى جَسْر
وهو بطن من عَنَزَة، منهم أبو عبد الله حميري بن بشير الجَسْري العنزي
يروى عن سعيد الجريري. اهـ. فليحرر.
ثم أشار إلى العاشر وهو آخر الزوائد بقوله:
* * *(2/277)
794 - وَمَنْ بِلَفْظِ نَسَبٍ فِيهِ سُمِي. . . مِثَالُهُ الْمَكِّيُّ ثُمَّ الْحَضْرَمِي
* * *
(ومن) مبتدأ خبره محذوف، أي من الأنواع من إلخ، أو خبره قوله:
مثاله المكي إلخ.
(بلفظ نسب) متعلق بسمي (فيه) أي في هذا النوع
متعلق بسمي أيضاً (سمي) بتخفيف الميم لغة في سمي بالتشديد كما في (ق)
بالبناء للمفعول صلة "من".
وحاصل المعنى: أن من الرواة من سمي بلفظ النسب وهو قريب من
الذي قبله (مثاله) أي مثال هذا النوع (المكي) بن إبراهيم بن بشير التميمي
البلخي أبو السكن، ثقة، ثبت، من التاسعة مات سنة 215 وله 95 سنة.
روى له الجماعة. اهـ ت.
أحد رجال الصَّحِيح ومن طريقه أكثر ثلاثيات البخاري، ومكي بن عمير الغبري البصري مجهول، (ثم الحضرمي) والد العلاء، وحضرمي بن عجلان مولى الجارود، وحضرمي بن لاحق التميمي اليامي القاصّ.
* * *
(تَتِمَّة) : هذا الباب كله من زياداته كما ذكره في الترجمة، وبهذه
الأنواع تكون الأنواع السابقة 78 نوعاً.
* * *(2/278)
(الألقاب)
أي هذا مبحثه وهو النوع التاسع والسبعون من أنواع علوم الحديث.
وهو ما وضع علامة للتعريف لا على سبيل الاسمية العلمية، مما دل على
رِفْعَةٍ، كزين العابدين أوْ ضَعَةٍ، كأنف الناقة.
* * *
795 - وَاعْنَ بِالالْقَابِ لِمَا تَقَدَّمَا. . . وَسَبَبِ الْوَضْعِ وَأُلِّفْ فِيهِمَا
* * *
(وَاعْنَ) بفتح النون وكسرها كما مر أي اجعل أيها الطالب من عنايتك
الاهتمام (بالألقاب) أي بمعرفة ألقاب المحدثين، والعلماء، ومن يذكر
معهم (لما تقدما) علة لأمره بالعناية، أي إنما أمرتك به للعلة المتقدمة في
الأسماء والكنى حيث قال هناك:
773 - وَاعْنَ بِالاسْمَا وَالْكُنَى فَرُبَّمَا. . . يُظَنُّ فَرْدٌ عَدَدًا تَوَهُّمَا
أي لئلا يَتَوهَّم من لا معرفة له بهذا الفن الشخص الواحد جماعة
حيث يذكر تارة باسمه وتارة بلقبه، أو أكثر فهذا من فائدته معرفة هذا
الباب، وقد وقع ذلك لجماعة من الحفاظ كعلي بن المديني.
وعبد الرحمن بن يوسف بن خراش، وأبي أحمد بن عدي حيث فرقوا بين
عبد الله بن أبي صالح أخى بن سهيل بن أبي صالح، وبين عباد بن أبي
صالح، وجعلوهما اثنين، مع كون عباد لقباً لعبد اللَّه كما حققه الحفاظ:
أحمد، وابن معين، وأبو حاتم، وأبو داود، وغيرهم (و) اعن أيضاً بمعرفة(2/279)
(سبب الوضع) للألقاب، فإن بعضها يعرف له سبب الوضع إلا أن أكثرها
لا يعرف سببه (وألف فيهما) بالبناء للمفعول، والإدغامِ الكبير، حيث أدغم
الفاء من ألف في فاء فيهما مع تحركه.
وحاصل المعنى: أن العلماء ألفوا في الألقاب وفي سبب وضعها فقد ألف في الأول جماعة من الحفاظ، كأبي بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي في مجلد مفيد كثير النفع واختصره أبو الفضل بن طاهر، وكأبي الفضل الفلكي، وأبي الوليد الفرضي محدث الأندلس، وابن الجوزي، وهو أوسعها سماه
"كشف النقاب "، وجمعها كلها مع الزيادات الحافظ في مؤلف بديع سماه "نزهة الألباب "، قال السخاوي وزدت عليه زوائد كثيرة ضممتها إليه في تصنيف مستقل اهـ
وللناظم "كشف النقاب عن الألقاب " وله المُنَى في الكُنَى.
* * *
(تنبيه) : قال الحاكم: وأول من لقب في الإسلام أبو بكر الصديق.
وهو عتيق لعتاقة وجهه أي حسنه، وقيل: لأنه عتيق اللَّه من النار اهـ
تدريب.
* * *
(تنبيه) : آخر جزم ابن الصلاح ومن تبعه بأن ما كرهه صاحبه منها
لا يجوز التلقيب به، وما لا فلا، لكن الراجح جواز ذلك مطلقاً للضرورة
إذا لم يقصد عيبه كما جزم به النووي في أكثر كتبه، قال الناظم رحمه اللَّه:
ظهر لي حمل الكراهة على أصل التلقيب فيجوز بما لا يكره دون ما
يَكره اهـ.
ثم ذكر الأمثلة بقوله:
* * *
796 - كَعَارِمٍ وَقَيْصَرٍ وَغُنْدَرِ. . . لِسَتَّةٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ
797 - وَالضَّالِ وَالضَّعِيفِ سَيِّدَانِ. . . وَيُونُسَ الْقَوِيِّ ذُو لِيَانِ
798 - وَيُونُسَ الْكَذُوبِ وَهْوَ مُتْقِنُ. . . وَيُونُسَ الصَّدُوقِ وَهْوَ مُوهِنُ
* * *
وذلك (كعارم) لمحمد بن الفضل أبي النعمان السَّدُوسيّ كان بعيداً
من العرامة وهي الفساد، (وقيصر) لقب أبي النضر هاشم بن القاسم.
المعروف، الليثي مولاهم، البغدادي، رَوَى عنه الإمام أحمد وغيره، ثقة
ثبت مات سنة 207 وله 73 سنة، روى له الجماعة. اهـ ت.(2/280)
(و) كـ (غندر) بضم الغين المعجمة وسكون النون بعدها دال ثم راء
هو لقب (لستة) كل واحد منهم اسمه (محمد بن جعفر) أولهم أبو بكر
البصري صاحب شعبة، وشيخ بندار، قدم البصرة ابن جريجٍ فحدث
بحديث عن الحسن البصري، فأنكروه عليه، وأكثر محمد بن جعفر من
الشُّغْب بضم فسكون بمعنى إثارة الشر عليه، فقال ابن جريجٍ: اسكت يا
غندر، وأهل الحجاز يسمون المشغب غندراً، مات سنة 3 أو 194 هـ، روى له الجماعة، والثاني: أبو الحسن الرازي، يروى عن أبي حاتم.
والثالث: أبو بكر البغدادي الحافظ الجَوَّال شيخ أبي نعيم والحاكم وابن جميع
وغيرهم، والرابع: أبو الطيب البغدادي من مشايخ الدارقطني.
والخامس: أبو بكر القاضي البغدادي الراوي عن أبي شاكر ميسرة بن عبد اللَّه، والسادس: أبو بكر النجار الراوي عن ابن صاعد وعنه الخلال، وهناك من لقب بغندر وليس اسمه محمد بن جعفر.
(و) كـ (الضال) اسم فاعل من ضل خففت لامه للوزن لَقَبُ
معاوية بن عبد الكريم لأنه ضل في طريق مكة فمات مفقوداً، وكان رجلاً
جليلاً عظيم القدر، وكـ (الضَّعِيف) لقب لعبد الله بن محمد الضابط المتقن
لقب به لضعف في جسمه لا في حديثه.
وقوله: (سيدان) خبر لمحذوف أي الضال والضَّعِيف سيدان إشارة إلى ما قاله: الحافظ عبد الغني بن سعيد رجلان نبيلان لزمهما لقبان قبيحان: معاويةُ الضالُّ، وإنما ضل في طريق مكة، وعبد اللَّه الضَّعِيفُ وإنما كان ضعيفاً في جسمه، ويحتمل أن يكون الضال والضَّعِيف مبتدأ خبره سيدان.
(و) كـ (يونس القوي ذو ليان) بكسر اللام ككتاب اسم من لان يلين
ليناً بكسر اللام بمعنى ضعف، وهو خبر لمحذوف، أي هو ذو ليان، أو خبر
ليونس، هكذا النسخة، عند المحقق، وشرح عليها الشارح، ومثله في نسخة التدريب التي بين أيدينا، ونصها: ونظير ذلك أبو الحسن يونس بن يزيد القوي يروي عن التابعين وهو ضعيف، وقيل له: القوي لعبادته. اهـ.(2/281)
والذي في فتح المغيث القوي لقب للحسن بن يزيد بن فروخ أبي
يونس لُقِّبَ بذلك مع كونه كان ثقة أيضاً لقوته على العبادة والطواف، حتى
قيل: إنه بكى حتى عمي، وصلى حتى حدب، وطاف حتى أُقْعِدَ كان
يطوف في كل يوم سبعين أسبوعاً اهـ.
وهذا هو الموافق لما في أسماء الرجال، كالتقريب والخلاصة وكذا
لما في اللباب في تهذيب الأنساب في مادة القوي، ولعله انقلب على
الناظم اسمه بكنيته وبالعكس، وأيضاً فإنه ضعفه، وهذا مجمع على توثيقه
ففي الخلاصة ما نصه: قال ابن عبد البر: أجمعوا على توثيقه. اهـ فليحرر ما
في النظم والتدريب.
(و) كـ (يونس الكذوب) في عصر أحمد بن حنبل ثقة قيل له:
الكذوب لحفظه وإتقانه، كما أشار إليه بقول: (وهو متقن) فهو من باب
الأضداد (و) كـ (يونس) بن محمد (الصدوق) من صغار الأتباع كذاب، كما أشار إليه بقوله: (وهو موهن) بصيغة اسم الفاعل من أوهن إذا دخل في
الضعف ففي (ق) الوَهْن الضعف ويحرك قال: ووهن: يعني: بفتحتين
وأوهن دخل فيه، يعني في الضعف اهـ.
أو بصيغة اسم المفعول أي منسوب إلى الضعف ففي (ق)
وَهَنَهُ وأوْهَنَهُ وَوَهَّنَهُ أضعفه اهـ.
والمعنى: أن يونس الصدوق ضعيف، أو مطعون بالضعف وإنما لقب
به من باب الأضداد تهكماً.
* * *
(تَتِمَّة) : قوله: وألف فيهما كعارم وقيصر، وقوله: لستة محمد بن
جعفر، وقوله: ويونس إلغ من زياداته.
* * *(2/282)
(المؤتلف والمختلف)
أي هذا مبحثه وهو النوع الثمانون من أنواع علوم الحديث.
* * *
799 - أَهَمُّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ مَا ائْتَلَفْ. . . خَطًّا وَلَكِنْ لَفْظُهُ قَدِ اخْتَلَفْ
* * *
(أهم أنواع) علوم (الحديث) أي من أهمها خبر مقدم، ويجوز كونه
مبتدأ وإن كان الأولً هو الأولى (ما ائتلف) أي اتفق مبتدأ مؤخر، أو خبر
على حذف مضاف أي معرفة ما ائتلف (خَطًّا) أي من حيث الخط (ولكن)
مع ذلك (لفظه) أي التلفظ به مبتدأ خبره (قد اختلف) .
وحاصل المعنى: أن معرفة المؤتلف (خطًّا، وكتابة، والمختلف لفظاً
وحكاية من الأسماء والألقاب والأنساب ونحوها من أهم علوم الحديث لأنه
مما يكثر فيه وهم الرواة، ولا يتقنه إلا عالم كبير حافظ، إذلا يعرف الصواب
فيه بالقياس ولا النظر، وإنما هو الضبط والتوثق في النقل.
قال ابن الصلاِح: فنّ جليل من لم يعرفه من المحدثين كثر عِثَارُه ولم يَعْدَم
مُخْجِلاً.
* * *
800 - وَجُلُّهُ يُعْرَفُ بِالنَّقْلِ وَلا. . . يُمْكِنُ فِيهِ ضَابِطٌ قَدْ شَمَِلا
* * *
(وَجُلُّهُ) أي معظمه، مبتدأ خبره جملة قوله: (يُعْرَفُ) بالبناء للمفعول أي
يعلم (بالنقل) عن الأئمة العارفين به (ولا يمكن فيه) أي في هذا النوع الجُلِّ
(ضابط) أي قانون كلي (قد شملا) بفتح الميم وكسرها أي جمع؛ وأحاط(2/283)
جزئياته، وجملة لا يمكن معطوف على الخبر.
وحاصل المعنى: أن المؤتلف والمختلف ينقسم إلى قسمين
أحدهما: ما لا يُعرَف إلا بالنقل والحفظ عن أهله، وهذا هو الأكثر فهذا النوع لا يوجد له ضابط كلي يُفزَع إليه عند الإشكال، بل ضابطه النقل فقط، إذ لا يدخله القياس، ولا قبله شيء يدل عليه، ولا بعده، ومن ثَمَّ قال ابن المديني: أشد التصحيف ما يقع في الأسماء، والقسم الثاني: ما يدخل تحت الضبط وسيأتي في النظم.
* * *
801 - أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَهُ " عَبْدُ الْغَنِي ". . . وَ " الذَّهَبِيُّ " آخِرًا، ثُمَّ عُنِي
802 - بِالْجَمْعِ فِيهِ" الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرِ". . . فَجَاءَ أَيَّ جَامِعٍ مُحَرَّرِ
* * *
(أول) أي أسبق (من صنفه) أي هذا النوع مفرداً، وإلا فأوله أبو أحمد
العسكري لكنه أضافه إلى كتاب التصحيف (عبد الغني) بن سعيد الحافظ
الأزدي المصري صنف كتاب المؤتلف والمختلف في أسماء نقلة الحديث.
وكتاب مشتبه النسبة، ثم صنف شيخه الدارقطني، وهو حافل، واستدرك
عليهما الخطيب، وجمعها مع زيادات أبو نصر بن ماكولا، وهو أكمل
التصانيف فيه، ثم ذيل عليه أبو بكر بن نقطة، ثم ذيل عليه جماعة ثم
اختصر جميع ذلك الحافظ الذهبي في مختصر جِدًّا، كما أشار إليه بقوله:
(و) صنف الحافظ شمس الدين أبو عبد اللَّه محمد بن أحمد بن عثمان بن
قيماز التركماني (الذهبي) نسبة إلى صنعة الذهب المدقوق وهي صنعة أبيه.
ولذا كان يقيد اسمه ابن الذهبي، قال بعضهم: ولعله اتخذ صنعة أبيه مهنة
له في أول أمره لذلك عرف عند بعض معاصريه بالذهبي اهـ.
توفي سنة 848 عن 75 سنة.
(آخراً) أي متأخراً عن هؤلاء المذكورين، وسمى كتابه
"المشتبه في أسماء الرجال" لكنه أحجف في الاختصار بحيث لم يستوعب غالب أحد القسمين مثلًا، بل يذكر من كل ترجمة جماعة ثم يقول: وغيرهم، فيصير
من يقع له راو ممن لم يذكره في حيرة لأنه لا يدري بأي القسمين يلتحق،(2/284)
ونحو ذلك، واكتفى فيه بضبط القلم، فلا يعتمد لذلك على كثير من
نسخه، وصار لذلك كتابه مبايناً لموضوعه، لعدم الأمن من التصحيف فيه
وفاته من أصوله أشياء، قاله السخاوي.
(ثم) جاء بعده فـ (عنى) بالبناء للمفعول، يقال: عُنِيت بأمر فلان عناية بالكسر وعُنِيًّا بضم العين وكسر النون شغلت به، وربما قيل عَنَيت بأمره بالبناء للفاعل أفاده في المصباح.
والمعنى: اشتغل (بالجمع فيه) أي المؤتلف والمختلف (الحافظ)
فاعل عُنِيَ العلامة الحجة إمام أهل هذا الفن في المتأخرين الذي صار له
هذا اللقب كالعلم ينصرف إليه عند الإطلاق، قال بعض المحققين: ما
معناه إن الحافظ صار لقباً له وهذا كلمة إجماع، وكان بعض شيوخنا يقول
فيه حذام المحدثين، أحمد بن علي بن محمد (ابن حجر) لقب لبعض
أجداده، العسقلانيُّ، فألف كتابه المسمى" تبصير المنتبه بتحرير المشتبه"
فاختصر ما أسْهَبَهُ الذهبي، وبسط ما أجحفه، وضبط بالحروف ما جعله
على ضبط القلم، وزاد عليه جملة مَيَّزها بقلت، وانتهى، بلا تغيير، سوى
تقديم الأسماء وتأخير الأنساب (فجاء) كتابه هذا جامعاً لأنواع المختلف
والمؤتلف حال كونه (أيَّ جامع محرر) أي كاملاً في جمعه وتحريره أي
تنقيحه.
ثم ذكر القسم الثاني، وهو ما يدخل تحت الضبط ثم تارة يراد فيه
التعميم، بأن يقال: ليس لهم كذا إلا كذا أو التخصيص بالصَّحِيحين
والموطأ، بأن يقال: ليس في الكتب الثلاثة كذا إلا كذا فذى من أمثلة
كليهما عيوناً مفيدة وتراجم عديدة، تبعاً لابن الصلاح وزاد عليه كثيراً وإلى
الأول: أشار بقوله:
* * *
803 - وَهَذِهِ أَمْثِلَةٌ مِمَّا اخْتَصَرْ. . . ابْنُ الصَّلاحِ مَعْ زَوَائِدٍ أُخَرْ
* * *
(وهذه) الأسماء الآتية (أمثلة) مما يدخل تحت الضبط الذي يراد به
التعميم حال كونها مأخوذة (مما اختصر) الحافظ الناقد أبو عَمْرو عثمان
بن عبد الرحمن المشهور ب (ابن الصلاح) في كتابه المشهور (مع زوائد) حال(2/285)
مترادفة أو متداخلة (أُخر) بضم ففتح جمع أخرى ككبر وكبرى أي أسماء
غير ما ذكره ابن الصلاح مأخوذة من الكتب المتقدمة، ثم ذكر الأمثلة.
فمنها: الأسفع والأسقع، فقال:
* * *
804 - بَكْرِيُّهُمْ وَابْنُ شُرَيْحٍ " أَسْفَعُ ". . . وَجَاهِلِيُّونَ، وَغَيْرٌ " أَسْقَعُ "
* * *
(بكريهم) مبتدأ أو خبر مقدم أي الرجل المنسوب إلى بني بكر
(و) كذا (ابن شريح) بالشين المعجمة كل منهما اسمه (أسفع) بالسين المهملة
والفاء، والمعنى: أن البكري اسمه أسفع ونَصُّ الإصابة: الأسفع البكري.
ويقال: ابن الأسفع قال ابن ماكولا: هو بالفاء يقال له: صحبة أخرج حديثه الطبراني. اهـ باختصار، وكذا ابن شريح الجرمي اسمه أسفع بن شريح بن صريم بن عمرو،. اهـ الإصابة.
وفي تبصير المنتبه أنه ابن سريج بالسين والجيم فليحرر، وهو
صحابي أيضاً له وفادة.
(و) كذا رجال (جاهليون) أي منسوب إلى الجاهلية، وهي ما قبل الإسلام اسم كل واحد منهم بهذا الضبط، وهم يزيد بن ثمامة بن الأسفع الأرْحَبِيّ وأخواه سَرْح وعبد اللَّه فرسان في الجاهلية.
وفي همدان الأسفع بن الأوبر، والأسفع بن الأجدع. اهـ تبصير.
قلت: ومقتضى ما في النظم أنه ليس في الإسلام، أسفع إلا البكري
وابن شريح لكن في التبصير زاد عليهما مصعب بن الأسفع عن
رُبَيح بن عبد الرحمن وعنه موسى بن يعقوب اهـ.
(وغير) أي غير هؤلاء المذكورين، خبر مقدم لقوله: (أسقع)
وهم جماعة منهم: واثلة بن الأسقع الليثي الصحابي، وأسقع بن الأسلع بصري ثقة.
ومنها أسَيد بالتصغير مع أسِيد بالتكبير كما أشار إليهما بقوله:
* * *
805 - " أُسَيْدُ " بِالضَّمِّ وَبِالتَّصْغِيرِ. . . أَبْنَا أَبِي الْجَدْعَاءِ وَالْحُضَيْرِ
806 - وَأَخْنَسٍٍ أُحَيْحَةٍ وَثَعْلَبَهْ. . . وَابْنِ أَبِي إِيَاسِ فِيمَا هَذَّبَهْ
807 - وَرَافِعٍ سَاعِدَةٍ وَزَافِرِ. . . كَعْبٍ وَيَرْبُوعٍ ظُهَيْرٍ عَامِرِ(2/286)
808 - ثُمَّ أَبُوعُقْبَةَ مَعْ تَمِيمِ. . . وَجَدُّ قَيْسٍ صَاحِبٍ تَمِيمِي
809 - وَاكْنِ " أَبَا أُسَيْدٍ " الْفَزَارِي. . . وَابْنَا عَلِي وَثَابِتٍ بُخَارِي (1)
* * *
(أُسَيْدُ) بالضم لهمزهِ، وكان يغني عنه قوله: (وبالتصغير) بوزن عُزَير فقوله
(أُسَيْدُ) مبتدأ على حذف مضاف أي ومسميات أسيد وخبره قوله:
(أبنا) جمع ابن قصر للضرورة مضاف إلى (أبي الجدعاء) وما عطف عليه. وحاصل المعنى: أن أسيداً بالتصغير اسم جماعة، وهم أسيد بن أبي الجدعاء يقال: له صحبة (و) أسيد بن (الحضيح صحابي ابن صحابي
(و) أسيد (ابن أخنس) بالصرف للضرورة، وهو ابن الأخنس بن الشريق، بفتح الشين، الثقفي ذكره عمر بن شبة في الصحابة (و) أسيد بن (أحيحة) بهمزة مضمومة وحاءين مهملتين بينهما ياء، صُرِف للضرورة ابن خلف الجمحي من مسلمة الفتح (و) أسيد بن (ثعلبة) له صحبة
(و) أسيد (ابن أبي إياس) هكذا في نسخة الشارح والمحققِ إياس بالياء، والذي في الإصابة وأسد الغابة أنه أسيد بن أبي أناس بالنون وهو صحابي ابن أخي سارية بن زنيم الذي قال له عمر رضي الله عنه بين خطبته: يا ساريةُ الجبلَ، ولأسيد هذا قصة في إسلامه ذكر في أسد الغابة والإصابة، وهذا الضبط في أسيد هذا بضم الهمزة وفتح السين هو الأصح كما قال (فيما هذبه) أي في القول الذي حرره النقاد من ضبطه، فقوله فيما هذبه خبر لمحذوف أي عَدُّ ابن أبي أناس في أسيد بضم الهمزة وفتح السين كائن في القول الذي حرره من
حققه، وعليه الحافظ في التبصير، تبعاً للمرزبانيّ، وصحح ابن الأثير في
أسد الغابة: كونه بفتح الهمزة وكسر السين وهو الذي ضبطه العسكري
والدارقطني كما في الإصابة.
(و) أسيد بن (رافع) بن خديج شيخِ مجاهد ويقال فيه أسيد ابن أخي
أبي رافع، وذكر في التبصير أن فيه اختلافاً يعني في ضبطه هل هو بالتصغير
أو بالتكبير، وأسيد بن (ساعدة) بالصرف للوزن ابن عاصم الأنصاري
الحارثي صحابي، وكذا ابنه يزيد (و) أسيد بن (زافر) وَالِي إِرْمِينَةَ، وكذا(2/287)
ابنه يزيد، وأسيد بن (كعب) القرظي أخي أسد، لهما صحبة (و) أسيد بن
(يربوع) الساعدي شهد أحداً، وأسيد بن (ظهير) بن رافع الأنصاري
الحارثي، يكنى أبا ثابت له ولأبيه صحبة، وأسيد بن (عامر) بن سلم بن تيم
جد أبي صالح محمد بن عيسى الكاتب الذهلي أحد الحفاظ.
ولما أنهى المنسوب إلى الأبناء أتبعه بما هو منسوب إلى الآباء فقال
(ثم أبو عقبة) بالرفع عطفاً على أبنا أبِي الجدعاء، أي والد عقبة، وهو
أسيد الصدفي تابعي (مع) والد (تميم) وهو أسيد أبو رفاعة الصحابي
(وجد قيس) بالرفع عطفاً على أبناء أيضاً أي جد قيس بن عاصم بن أسيد
بن جعونة، وقوله: (صاحب) بالرفع خبر لمحذوف أي هو صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعني: أن قيساً هذا صحابي (تميمي) منسوب إلى بني تميم (واكْنِ) أيها المحدث (أبا أسيد الفزاري) ويقال: الصدفي، روى عنه ابن أبي زكريا (وابنا علي وثابت) مبتدأ خبره محذوف أي كذلك يعني: أن ابن علي وابن ثابت: يكنيان بأبي أسيد، فأما ابن علي فهو أبو أسيد بن علي بن مالك الأنصاري ذكره أبو العباس السراج في الصحابة، حكاه ابن منده. اهـ الإصابة.
وأما ابن ثابت فهو عبد اللَّه بن ثابت الأنصاري، خادم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - يقال له: أبو أسيد الذي روى عنه حديث:
"كلوا الزيت وادهنوا به "
إلا أن في سنده جابراً الجعفي، قاله في الإصابة.
وقوله: (بخارى) هكذا النسخة عند الشارح والمحقق منسوب إلى
بُخَارَى وسيأتي للناظم:
814 - إِلَى بُخَارَى نِسْبَةُ " الْبُخَارِي ". . . وَمَنْ مِنَ الأَنْصَارِ فَـ"النَّجَّارِي"
815 - وَلَيْسَ فِي الصَّحْبِ وَلا الأَتْبَاعِ. . . مَنْ يُنْسَبُ الأَوَّلَ بِالإِجْمَاعِ
وأظن أنه هنا تَصَحَّفَ بخاري من نَجَّارِي، أو من أنصاري.
* * *
(تنبيه) : لم يستوعب الناظم من يسمى أسيداً بالضم اسماً أو كنيةً.
وقد استوفاها الحافظ في تبصير المنتبه فانظره هناك.(2/288)
ومنها أمَنَةُ وأُمَيَّة وآمِنَةُ كما ذكرها بقوله:
* * *
810 - ثُمَّ ابْنُ عِيسَى وَهْوَ فَرْدٌ "أَمَنَهْ". . . وَغَيْرُهُ " أُمَيَّةٌ " أَوْ " آمِنَهْ "
* * *
(ثم) بعد أن عرفت اسَيداً وأسِيداً ينبغي لك أن تزيد عليه بقية أنواع
الباب، فتقول: (ابن عيسى) مبتدأ خبره أمنة (وهو فرد) أي والحالة أنه
منفرد بهذا الاسم (أمنة) بوزن حسنة، روى عن أبي صالح كاتب الليث
(وغيره) أي غير ابن عيسى إما (أمية) الصرف للوزن، بضم الهمزة وتشديد
الياء مصغراً وهو كثير (أو آمنة) بهمزة ممدودة بوزن فاطمة، أم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو آمنة له صحبة.
ومنها أتش وأنس كما ذكرهما بقوله:
* * *
811 - مُحَمَّدُ بْنُ " أَتَشَ " الصَّنْعَانِي. . . بِالتَّاءِ وَالشِّينِ بِلا تَوَانِ
* * *
(محمد بن أتش) بمنع الصرف للَوزن مبتدأ (الصنعاني) نسبة إلى
صنعاء اليمن، وغلط من قال الصغاني، وهو محمد بن الحسن ابن أتشٍ.
نسب إلى جده، وخبر المبتدأ قوله: (بالتاء) المثناة (والشين) المعجمة بوزن
أنس، صدوق فيه لين، رمي بالقدر، وقوله: (بلا توان) خبر لمحذوف أي
هذا الضبط محقق بلا تساهل، أو متعلق بفعل محذوف أي خذ هذا الضبط
بلا تساهل، فإنه ربما يشتبه بأنس فإنه الجادة، ومثله أخوه علي بن أتش كما
في التبصير.
ومنها أثوب مع أيوب كما ذكرهما بقوله:
* * *
812 - " أَثْوَبُ " نَجْلُ عُتْبَةٍ وَالأَزْهَرِ. . . وَوَالِدُ الْحَارِثِ، ثُمَّ اقْتَصِرِ
* * *
(أثوب) بفتح الهمزة وسكون المثلثة وفتح الواو مبتدأ على حذف
مضاف أي مسمى أثوب، وخبره قوله: (نجل) أي ابن (عتبة) بالصرف
للوزن، قيل له صحبة، حديثه في الديك الأبيض، ولا يصح.
(و) أثوب نجل (الأزهر) أخو بني جَنَاب، وهو زوج قَيْلَةَ بنت مَخْرَمَةَ الصحابية ذكره ابن ماكولا. اهـ تبصير.
(و) أثوب (والد الحارث) رأى علياً، قال ابن ماكولا:
وهو خطأ من عبد الغني وإنما هو ثُوَب بلا ألف. اهـ تبصير، يعني: كزُفَر
(ثم) إذا عرفت أن هؤلاء الثلاثة أثوب بوزن أفضل ف (ط قتصر) عليهم، فإن غيرهم أيوب، وهو كثير.(2/289)
ومنها بَرِّاء بالتشديد مع بَرَاء بالتخفيف، ذكرهما بقوله:
* * *
813 - وَأَبَوَا عَالِيَةٍ وَمَعْشَرِ. . . أُذَيْنَةٌ حَمَّادُ " بَرَّاءُ " اذْكُرِ
* * *
(وأبوا) بصيغة التثنية، مبتدأ مضاف إلى (عالية) بالصرف للوزن
(ومعشر) بفتح الميم وسكون العين وفتح الشين المعجمة (أذينة) بالرفع
عطف على أبوا بحذف العاطف، وصرف للوزن، وليس معطوفاً على عالية
وقد أخطأ الشارح وتبعه العلامة ابن شاكرٍ في هذا وفي (حماد) حيث
جعلهما معطوفين على عالية فقال: وأبو أذينة وأبو حماد وليس كذلك.
وقوله: (براء) خبر المبتدأ أي لقب أبي العالية وأبي معشر، وأذينةَ
وحمادٍ: بَرَّاء بفتح الباء وتشديد الراء من بَرْيِ النشاب وغيره قاله في التبصير.
وحاصل المعنى: أن كل (1) واحد من أبي العالية واسمه زياد بن
فيروز، وأبي معشر يوسف بن يزيد البصري العطار صدوق ربما أخطأ.
وأذينة وحماد بن سعيد المازني البصري روى عنه الأعمش يلقب بالبراء.
وقوله: (اذكر) تمام البيت أي اذكر هذا، وأما غيره فالبراء بالفتح وتخفيف
الراء وهم جماعة.
ومنها النجاري مع البخاري أشار إليه بقوله:
* * *
814 - إِلَى بُخَارَى نِسْبَةُ الْبُخَارِي. . . وَمَنْ مِنَ الأَنْصَارِ فَـ النَّجَّارِي
815 - وَلَيْسَ فِي الصَّحْبِ وَلا الأَتْبَاعِ. . . مَنْ يُنْسَبُ الأَوَّلَ بِالإِجْمَاعِ
* * *
(إلى بخارى) بضم الباء البلدة المشهورة، خبر مقدم لقوله:
(نسبة البخاري) يعني: أن البخاري بالباء والخاء منسوب إلى البلدة المشهورة.
__________
(1) وفيه نظر إذ يوهم أن أذينة غير أبي العالية، وليس كذلك بل هو اسمه، إذ في اسمه اختلاف فقيل أذينة وقيل زياد، وقيل كلثوم، وقيل ابن أذينة كما في التقريب.
فالحاصل أن أذينة هو أبو العالية، فالبراء بالتشديد لقب لثلاثة: أبي العالية.
وحماد بن سعيد، وأبي معشر، وليس لأربعة خلاف ما يوهمه كلام الناظم تبعاً
للحافظ في تبصريه. فتنبه.(2/290)
وهو كثير في الأنساب (ومن) موصولة مبتدأ (من الأنصاري) صلة من، أي ومن كان من الأنصار من أولاد الصحابة والتابعين (ف) هو (النجاري) خبر المبتدأ، أي منسوب إلى بني النجار بفتح النون وتشديد الجيم بطن من الأنصار.
(وليس في الصحب ولا الأتباع) أي الصحابة والتابعين (من ينسب) بالبناء
للمفعول (الأول) منصوب بنزع الخافض إلى الأول، وهو بُخَارَى وهذا
(بالإجماع) من العلماء، يعني: أنه لا يوجد في الصحابة ولا في التابعين
من ينسب إلى بُخَارَى، بل كلهم منسوبون إلى النجار، هكذا قال الناظم تبعاً للذهبي: في المشتبه، قال الحافظ: وفيه نظر لأن ابن منده ذكر في
الصحابة، الأسود بن حازم بن صفوان نزل بُخَارَى. اهـ تبصير.
وقال أيضاً: فأما أبو المعالي البخاري أحمد بن محمد بن علي
البغدادي فنسب إلى بُخَارِ البَخُورِ بالعود وغيره، لأنه كان يبخر في
الخانات اهـ.
وقيده بالأتباع لأن أتباع التابعين ومن بعدهم ينسبون إلى بخارَى بكثرة.
كالإمام البخاري صاحب الصَّحِيح.
ومنها خَدِيج، مع حُدَيجٍ أشار إليهما بقوله:
* * *
816 - وَالِدَ رَافِعٍ وَفَضْلٍ كَبِّرِ. . . "خَدِيجَُ" أَهْمِلْ غَيْرَ ذَا وَصَغِّرِ
* * *
(والد رافع وفضل) مفعول مقدم لكبر، أو مبتدأ خبره، جملة (كَبِّرِ)
بتقدير رابط، يعني أنّ والد رافع وفضل مكبر (خديج) بدل من والد، أو خبر لمحذوف أي هو خديج بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة، ومنع
الصرف للوزن.
(أهمل) أي انطلق به مهملاً بلا نقطة على الحاء (غير ذا)
أي غير خَدِيج المذكور (وصغر) هُ فتقول حُدَيْجٌ.
وحاصل المعنى: أن رافع بن خَدِيج، وفضل بن خديج أبوهما مكبر
ومعجم، وأما غير ذلك فهو حُدَيج بحاء مهملة آخره جيم مصغراً، وهو
كثير، هكذا قال الناظم: تبعاً للذهبي، لكن استدرك عليه الحافظ من الأول
كثيراً فانظر التبصير.(2/291)
ومنها حِرَاش مع خِرَاش أشار إليهما بقوله:
* * *
817 - " حِرَاشٌ " بْنُ مَالِكٍ كَوَالِدِ. . . رِبْعِيٍّ اهْمِلْهُ بِغَيْرِ زَائِدِ
* * *
(حراش) مبتدأ خبره جملة "أهمله "، وهو (ابن مالك) معاصر لشعبة.
سمع يَحْيَى بن عبيد، (كوالد ربعي) وإخوته (أهمله) بوصل الهمزة للوزن.
أي اضبطه بحاء مهملة مكسورة بوزن كتاب.
(بغير) شخص (زائد) على هذين، فإن غيرهما خراش بخاء معجمة، وهو خراش عن أنس كذاب.
وعبد الرحمن بن محمد بن خراش الحافظ، كان قبل ثلاثماثة، وآخرون.
ومنها حِزَام وحَرَام أشار إليهما بقوله:
* * *
818 - كُلُّ قُرَيْشِيٍّ حِزَامٌ " وَهْوَ جَمّْ. . . وَمَا فِي الأَنْصَارِ"حَرَامٌ"مِنْ عَلَمْ
* * *
(كل قريشي حزام) مبتدأ وخبر أي كل من كان قريشياً فاسمه حزام
بحاء مهملة مكسورة وزاي معجمة (وهو جم) بفتح الجيم أي كثير لا
ينضبط بالعدد (وما) مبتدأ أي الذي وقع (في الأنصار حرام) بحاء وراء
مهملتين خبر "ما" (من علم) بيان لما.
وحاصل المعنى: أن كل ما أتى من الأعلام في قبيلة الأنصار فهو
حرام، قال العراقي: قد يتوهم من هذا أنه لا يقع الأول إلا في قريش ولا
الثاني إلا في الأنصار، وليس مراداً بل المراد أن ما وقع من ذلك في قريش
يكون بالزاي وفي الأنصار يكون بالراء، وقد ورد الأمران في عدة قبائل
غيرهما فوقع بالزاي في خزاعة، وبني عامر بن صعصعة، وغيرهما، وبالراء
في بَلِيٍّ، وخثعم، وجذام، وتميم بن مر، وفي خزاعة أيضاً، وفي عذرة.
وبني فزارة، وهذيل وغيرهم كما بينه ابن ماكولا وغيره اهـ.
ومنها حُضَيْر وخُضَير أشار إليهما بقوله:
* * *
819 - أُهْمِلَ لَيْسَ غَيْرٌ " الْحُضَيْرُ ". . . أَبُو أُسَيْدٍِ غَيْرُهُ " خُضَيْرُ "
* * *
(أهمل) بالبناء للمفعول أي ضبط بحاء مهملة (ليس غير) أي ليس
غير الإهمال جائزاً فيه، أو ليس غيره بهذا الضبط، وجملة ليس معترضة بين(2/292)
الفعل والنائب وهو (الحضير) بضم حاء مهملة، فضاد معجمة بصيغة
التصغير (أبو أسيد) مصغراً بدل من الحضير، أو خبر لمحذوف أي هو أبو
أسيد (غيره) أي غير حضير أبي اسيد، مبتدأ خبره قوله: (خضير) بضم خاء
معجمة فضاد بصيغة التصغير أيضاً.
وحاصل المعنى: أن والد أسيد: حضير بمهملة، وليس له نظير، وكان
يقال له: حُضَيْر الكتائِبِ. اهـ تبصير.
وأما غيره فخضير بخاء معجمة وهو كثير.
ومنها حَنَّاط وخَبَّاط وخَيَّاط، ذكرها بقوله:
* * *
820 - عِيسَى وَمُسْلِمٌ هُمَا حَنَّاطُ. . . وَإِنْ تَشَا خَبَّاطٌ " أَوْ خَيَاطُ
* * *
(عيسى) بن أبي عيسى، ميسرة، مبتدأ (ومسلم) بن أبي مسلم (هما)
مبتدأ ثان خبره قوله: (حناط) أي كل واحد هما يقال له: حناط، بحاء
مهملة ثم نون، والجملة خبر الأول (وإن تشا) أيها المحدث أن تزيد لهما
وصفاً فقل: (خباط) بخاء معجمة فباء موحدة مشددة
(أو خياط) بخاء معجمة فياء مشددة.
وحاصل المعنى: أن عيسى ومسلماً يوصف كل منهما بهذه الأوصاف
الثلاثة، فبأي وصف وصف به كل واحد منهما كان صحيحاً، والغلط
لذلك مأمون فيهما، قاله الدارقطني ثم ابن ماكولا، لقول ابن معين كما
نقله الدارقطني في مسلم: إنه كان يبيع الخَبَطَ (1) والحنطة، وكان خياطاً.
وقوله أيضاً في عيسى: إنه كان كوفياً وانتقل إلى المدرسة، وكان خياطاً، ثم
ترك ذلك، وصار خبّاطاً، ثم ترك ذلك وصار يبيع الحنطة، بل قال هو عن
نفسه فيما حكاه ابن سعد: أنا خياط، وحناط، وخباط، كُلًّا عالَجْتُ، ولكن مع هذا فاشتهاره إنما هو بالمهملة والنون، واشتهر الآخر بالمعجمة والموحدة ولذا رجح الذهبي في كل واحد ما اشتهر به. اهـ فتح.
ومنها الجَرِيرِيّ والحَرِيرِيّ ذكرهما بقوله
* * *
821 - وَصِفْ أَبَا الطَّيِّبِ بِـ الْجَرِيرِي. . . ابْنَ سُلَيْمَانَ وَبِـ الْحَرِيرِي
* * *
__________
(1) هو الذي تأكله الإبل.(2/293)
(وصف) أيها المحدث (أبا الطيب) أحمد بن سليمان (بالجريري)
بالجيم مفتوحة فراء مهملة مكبراً نسبة إلى جرير.
(ابن سليمان) بدل من أبا الطيب، أو خبر لمحذوف أي هو ابن سليمان
(و) صِفْهُ أيضاً (بالحريري) بحاء مهملة فراء نسبة إلى بيع الحرير، وعبارة الحافظ في تبصير المنتبه: وأبو الطيب أحمد بن سليمان الجريري، ثم الحريري بحاء مهملة نزل مصر وكان أيضاً يبيع الحرير اجتمعت فيه النسبتان اهـ.
ومنها: حَمَّال وجَمَّال أشار إليهما بقوله:
* * *
822 - وَلَيْسَ فِي الرُّوَاةِ بِالأَهْمَالِ. . . وَصْفًا سِوَى هَارُونٍ" الْحَمَّالِ "
* * *
(وليس في الرواة) أي رواةِ الحديث خاصة أو فيمن يذكر منهم في
الكتب المتداولة. قاله السخاوي، والجار والمجرور متعلق بليس لأنها
بمعنى لا يوجد، وقوله: (بالإهمال) خبر ليس مقدماً على اسمها
وقوله: (وصفاً) حال من الحَمَّالِ، وقوله: (سوى هارون) اسم ليس مؤخراً.
يعني: أنه لا يوجد غير هارون بن عبد اللَّه بن مروان الْبَزَّازِ الحافظ.
والدِ موسى، وقوله: (الحمال) بحاء مهملة فميم مشددة وصف لهارون.
وحاصل المعنى: أن كل جمال بالجيم، في الصفات إلا هارون المذكور
فإنه بالحاء المهملة، وإنما قيده بالصفات ليخرج من تسمى بذلك.
كحمال بن مالك وأبيض بن حمال، وقيدنا أيضاً في الكتب المتداولة لأنه
يوجد في غيرها وصفاً لجماعة كرافع بن نصر الحمال، وغيره، أفاده الحافظ، واختلف في سبب وصف هارون الحمال، فقيل: إنه كان بزازاً، ثم تزهد
وصار يحمل الشيء بالأجرة، ويأكل منها، وقيل: عكسه وقيل: لكثرة ما
حمل من الحلم، ورجح ابن الصلاح الأول، أفاده السخاوي.
ومنها الخَدَرِيُّ مع الخُدْرِيّ أشار إليهما بقوله:
* * *
823 - " الْخُدَرِيْ " مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ. . . وَمَنْ عَدَاهُ فَاضْمُمَنْ وَسَكِّنِ
* * *
(الخدري) بخاء معجمة فدال مهملة مفتوحتين، مبتدأ خبره (محمد بن حسن)(2/294)
يعني: أن الخدري بهذا الضبط هو أبو جعفر محمد بن الحسن
الخَدَري يروي عن عبد الرحمن بن أبي حاتم (ومن عداه) أي غير
محمد بن الحسن المذكور، مفعول مقدم لقوله: (فاضممن) خاءه (وسكن)
دالة، يعني: أن غير محمد بن الحسن كله بضم الخاء المعجمة وسكون
الدال المهملة، وهم جماعة كثيرون كأبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
ومنها دُؤاد مع داود، أشار إليهما بقوله:
* * *
824 - عَلِيٌّ النَّاجِي وَلَدْ " دُؤَادِ ". . . وَابْنُ أَبِي " دُؤَادٍ " الإِيَادِي
* * *
(علي) مبتدأ، و (الناجي) صفته نسبة إلى ناجية قبيلة كبيرة من أسامة بن
لؤي، قاله في اللباب. (ولد دُؤَادِ) بالإدغام الكبير خبر علي، يعني: أن
علياً هو ابن دُؤَاد بضم الدال بعدها واو مهموزة ثم ألف، ثم دال، وقيل فيه
داود، وعلى هذا هو أبو المتوكل صاحب أبي سعيد الخدري، قاله في
التبصير.
(و) بهذا الضبط أيضاً أحمد (بن أبي دؤاد الإيادي) بكسر الهمزة
نسبة إلى إياد بن نزار القاضي الجهمي المشهور.
وحاصل المعنى: أن هذين الرجلين علي بن دؤاد، وابن أبي دؤاد بالضبط المذكور، وغيرهم داود وهو كثير، لكن زاد في تبصير المنتبه أبا دؤاد الرؤاسي، واسمه يزيد بن معاوية شاعر فارس، وأبا دؤاد جويرة بن الحجاج الإيادي من الشعراء القدماء، وأبا دؤاد عدي بن الرقاع العاملي من فحول الشعراء في دولة بني أمية اهـ.
ومنها الدَّبَرِيّ والدُّرَيْدِيّ وَزَرَنْدِي ذكرهما بقوله:
* * *
825 - "الدَّبَرِيْ" إِسْحَاقُ وَ" الدُّرَيْدِي ". . . نَحْوِيُّهُمْ وَغَيْرُهُ " زَرَنْدِي "
* * *
(الدَّبَري) بفتح الدال المهملة والباء الموحدة والياء مخففة للوزن
مبتدأ خبره (إسحاق) هو ابن إبراهيم يروى عن عبد الرزاق، وأبوه روى
أيضاً عن عبد الرزاق، وعنه عبد الوهاب بن يَحْيَى شيخ لابن المقرئ اهـ
تبصير.
وهو نسبة إلى دَبَر كجَبَل قرية باليمن. اهـ (ق) .
(والدُّرَيْدِي نحويهم) مبتدأ وخبر يعني: أن الدريدي بضم الدال(2/295)
المهزلة وفتح الراء وسكون الياء بعدها دال نسبة إلى دريد جده هو النحوي
المشهور أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد بن عتاهية الأزدي الدوسري
البصري المولد نشأ بعمان وطلب الأدب وورد بغداد بعد أن أسن فأقام بها
إلى أن مات سنة 321 أفاده في اللباب.
(وغيره زرندي) مبتدأ وخبر يعني: أن غير ما ذكره من الدبري والدريدي زرندي بزاي مفتوحة ونون ساكنة بدل
الياء نسبة إلى زَرَنْدٍ كَمَرَنْد قرية من قرى أصبهان وهم جماعة. اهـ تبصير.
بتغيير وزيادة.
ومنها: روح بالفتح، وروح بالضم ذكرها بقوله:
* * *
826 - بِالْفَتْحِ رَوْحٌ سَالِفٌ وَوَاهِمْ. . . مَنْ قَالَ ضُمَّ رَوْحٌ بْنُ الْقَاسِمْ
* * *
(بالفتح روح) مبتدأ وخبر، يعني أن رَوْحاً مضبوط بفتح الراء، وهم
جماعة، وقوله: (سالف) أي أن روحاً بالفتح في المتقدمين، واحترز به عن
رُوح في المتأخرين فإنه بالضم، ومنهم أبو رُوح عبد العزيز مولى أحمد بن
أيبك الدمياطي، وأبو رُوْح عيسى ابن المطعم شيخ شيوخ الحافظ الذهبي.
ولما قال ابن التين في شرح البخاري أن القابسي ضَبَطَ رَوْحَ بن القاسم بضم الراء وقال: ليس في المحدثين بالضم غيره، وهو خطأ أشار
إليه بقوله: (وواهم) أي مخطئ خبر مقدم عن قوله: (من قال) من العلماء
(ضم) بالبناء للمفعول ونائب الفاعل (روح ابن القاسم) يعني: أن من قال
ضبط روح بن القاسم بالضم فقد أخطأ، فإنه بالفتح كالجادة فلا ينبغي
استثناؤه.
ومنها الزَّبِيرِ والزُّبَيرُ ذكرهما بقوله:
* * *
827 - ابْنُ الزَّبِيرِ صَاحِبٌ وَنَجْلُهُ. . . بِالْفَتْحِ وَالْكُوفِيُّ أَيْضًا مِثْلُهُ
* * *
(ابْنُ الزَّبِيرِ) مبتدأ خبره "بالفتح " أي عبد الرحمن بن الزبير (صاحب)
خبر لمحذوف أي هو صحابي جملة معترضة جيء بها لبيان أنه صحابي
وهو الذي تزوج امرأة رفاعة القرظي المشهور قصتها في الصحج وغيره.
(ونجله) أي ولده الزبير بن عبد الرحمن كائنان (بالفتح) أي مضبوطان بفتح(2/296)
الزاي وكسر الباء هكذا سَوّى الناظم بين عبد الرحمن وابنه في الفتح.
والذي في التبصير أن ابنه بالضم، ونصه: وابنه الزُّبير بن عبد الرحمن
بالضم فقط.
(والكوفي أيضاً مثله) مبتدأ وخبر، يعني: أن عبد اللَّه بن الزَّبير الكوفي
الأسدي الشاعر المشهور بالفتح كذلك، وكذلك ابنه الزَّبير بن عبد اللَّه بن
الزَّبير شاعر كأبيه بالفتح. قلت: ولعل هذا التبس على الناظم حيث قال
ونجله فإن هذا هو الذي يضبط بالفتح مع ابنه.
وعبد اللَّه هذا هو الذي قال لعبد اللَّه بن الزُّبَير لما حَرَمَهُ: لَعَنَ اللَّهُ ناقة
حَمَلَتْنِي إليك فقال: إِنَّ وراكبها، وله أخبار مع مصعب، وعبد الملك.
والحجاج، وله أخوان شاعران أيضاً بشر بن الزَّبِير، ومختار بن الزَّبِير قاله
في التبصير.
ومنها السَّفْرَ بالسكون والسَّفَر بالفتح ذكرهما بقوله:
* * *
828 - "السَّفْرُ" بِالسُّكُونِ فِي الأَسْمَاءِ. . . وَالْفَتْحُ فِي الْكُنَى بِلا امْتِرَاءِ
* * *
(السفر بالسكون) لفائه مبتدأ خبره قوله: (في الأسماء) يعني: أن
السفر بفتح السين وسكون الفاء أسماء (والفتح في الكنى) مبتدأ وخبر.
يعني: أن الكنى كلها سَفَر بفتح الفاء، هكذا قال الحافظ المِزِّيّ.
فمن الأول: السَّفَر بن نسير روى عن أبي هريرة، ووالد أبي الفيض يوسف.
ومن الثاني أبو السَّفَر سعيد والد عبد اللَّه بن أبي السَّفَر.
ومنها سلِمَة بكسر اللام وسَلَمَة بفتحها ذكرهما بقوله:
* * *
829 - عَمْرٌو وَعَبْدُ اللهِ نَجْلا سَلِمَهْ. . . بِالْكَسْرِ مَعْ قَبِيلَةٍ مُكَرَّمَهْ
830 - وَالْخُلْفُ فِي وَالِدِ عَبْدِ الْخَالِقِ. . . . . . . . . . . . . .
* * *
(عمرو) مبتدأ خبماه "بالكسر" (وعبد الله) عطف على عمرو (نجلا) أي
ابنا (سلمة) صفة لعمرد وعبد الله (بالكسر) أي مضبوط بالكسر لامُ والدِهما
(مع قبيلة) هي بنو سلمة، ووصفها بقوله: (مكرمة) لأنها من أنصار(2/297)
رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وإنما وصفها به احترازاً عن غير الأنصار، فإنهم بنو سَلَمَة بفتح السين واللام كبني سَلَمَة بطن من لَخْم وغيرهم.
وحاصل المعنى: أن عمرو بن سَلِمَة الجرمي إمامَ قومه، وعبد َاللَّه بن
سَلِمَة أحدَ بني العجلان بدري استشهد بأُحد، وبنو سَلِمَة القبيلة المشهورة
كلهم بكسر اللام، ومن عدا ذلك فهو بفتحها، وهم كثيرون، ومقتضاه أنه
ليس بالكسر إلا هؤلاء، لكن في التبصير زاد عُمَرً بن سَلِمَة الهمداني يروى
عن علي، وعبد َاللَّه بن سَلِمَة المرادي يروى عن علي أيضاً، وغيرهما (والخلف) مبتدأ أي اختلاف العلماء هل هو بكسر اللام أو بفتحها كائن
(في) ضبط (والد عبد الخالق) شيخ شعبة الذي روى له مسلم حديث وفد عبد القيس فقال يزيد بن هارون: إنه بفتح اللام، وقال ابن علية بكسرها.
ومنها السَّلَمِي بالفتح ذكره بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . وَالسُّلَمِيُّ لِلْقَبِيلِ وَافِقِ
831 - فَتْحًا وَمَنْ يَكْسِرْهُ لا يُعَوَّلُ. . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(والسلمي) مبتدأ اللقبيل) صفته، أي للقبيلة المعروفة التي مرت آنفاً
(وافق) خبر المبتدأ أي وافق أيها المحدث أهل الإتقان في ضبطه (فتحاً)
أي بفتح اللام لكونه هو الحقَّ عند المتقنين فوافقهم عليه
(ومن يكسره) أي يضبطه بكسر اللام وهم أكثر المحدثين، مبتدأ خبره جملة قوله (لا يعول) أي لا يعتمد عليه في ذلك، لأن قاعدة النسب أن ما كان على فَعِلٍ أو فَعِلَة بكسر العين كنَمِر وسَلِمَة يفتح تخفيفاً عند النسب كَما هو مقرر في محله، وصرح بكونه لحناً ابن الصلاح، وقال النووي: إنه لغية.
ومنها سلَّام بالتثقيل وسَلَام بالتخفيف ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ثُمَّ سَلاَمُ كُلُّهُ مُثَقَّلُ
* * *
يعني: أن (كُلِّ سلام) يضبط بتشديد اللام إلا ما استثناه بقوله:
* * *
832 - إِلاَّ أَبَا الْحَبْرِ مَعَ الْبِيكَنْدِي. . . بِالْخُلْفِ وَابْنَ أُخْتِهِ مَعْ جَدِّ(2/298)
833 - أَبِي عَلِيْ وَالنَّسَفِيْ وَالسَّيِّدِي. . . وَابْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ ذِي التَّهَوُّدِ
834 - وَابْنِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاهِضٍ وَفِي. . . سَلاَمٍ بْنِ مِشْكَمٍ خُلْفٌ قُفِي
* * *
(إلا أبا الحبر) أي إلا والد عبد اللَّه بن سَلاَم الصحابي الإسرائيلي، ثم
الأنصاري الحبر بفتح الحاء وكسرها، وهو أفصح أي العالم لأنه كان أوّلاً
من أحبار أهل الكتاب، وكان اسمه الحصين فغيره النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد اللَّه فهو بالتخفيف (مع البيكندي) بكسر الباء الموحدة وسكون الياء المثناة التحتانية ثم كاف مفتوحة ثم نون ساكنة بعدها دال نسبة إلى بلدة بين بخارى وجيحون كانت كثيرة العلماء، والمراد والد محمد بن سلام بن الفرج البخاري الحافظ أحد شيوخ البخاري (بالخلف) أي اختلاف العلماء فيه في التخفيف والتشديد، فقد ذكر الخطيب والدارقطني وغيرهما فيه التخفيف، وذكر جماعة كابن أبي حاتم وأبي علي الجَيَّاني التثقيل، قال ابن الصلاح: الأول أثبت، وهو الذي ذكره غُنْجَار في تاريخ بخارى، وهو أعلم باهل بلده، بل ذُكِرَ عنه أنه قال: أنا محمد بن سلام بالتخفيف.
وقال العراقي: وكأنه اشتبه بآخر شاركه في الاسم واسم الأب والنسبة وهو محمد بن سلابم بن السكن البيكندي، الصغير فإنه بالتشديد.
(وابن أخته) ، بالنصب عطفاً على ابَا الْحِبْرِ، أو بالجر عطفاً على البيكندي أي ابن أخت عبد اللَّه بن سلام الحبر، فالضمير راجع إلى الحبر لا إلى البيكندي وفيه خفاء.
فهو سَلاَم بالتخفيف وعده في الصحابة ابن فتحون ولم نقف على
اسم أبيه، قاله السخاوي.
(مع جد أبي علي) الجبائي المعتزلي، محمد بن عبد الوهاب بن سَلَام مخففا.
(و) جد أبي نصر محمد بن يعقوب بن إسحاق بن محمد بن موسى بن سَلَام مخففا (النسفي) بفتحتين نسبة لنَسِف بكسر السين فتحت للنسب كالنَّمَري، وينسب أيضاً السَّلَامى لجده المذكور، روى عن زاهر بن أحمد وأبي سعيد عبد الله بن محمد الرازي، مات بعد 430 ذكره الذهبي.
(و) جد سعد بن جعفر بن سَلَام مخففا أبي الخير البغدادي، (السيدي) بفتح المهملة وياء تحتانية ثقيلة مكسورة نسبة(2/299)
إلى السَّيّدة أخت المستنجد لأنه كان وكيلاً لها، روى عن ابن البطي.
ومعمر بن الفاخر، وَيَحْيَى بن ثابت بن بندار مات سنة 614، ذكره ابن نقطة في التكملة، قاله السخاوي.
(و) إلَّا سَلاَمَ (ابنَ أبي الحُقَيق) بحاء مهملة فقافين مصغراً، أبي رافع
(ذي التهود) أي صاحب الانتساب إلى اليهود، لأنه كان من يهود بني قريظة بعث إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - من قتلهُ وهو
في حصن له من أرض الحجاز، فإنه بالتخفيف، وقال الحافظ في
التبصير، إنه ممن اختلف فيه يعني في تخفيفه وتشديده
(و) إلا سَلَام (ابن محمد ناهض) بالنون والهاء والضاد المعجمة فإنه بتخفيفها بلا خلاف لكن اختلف الآخذون عنه في اسمه هل هو سلام بدون هاء أوسلامة بهاء، فقال بالأول أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ.
وقال بالثاني أبو القاسم الطبراني
(وفي سلام) متعلق بخلف، أوبقُفِي (ابن مشكم) مثلث الميم ثم شين
معجمة ساكنة وفتح كاف ثم ميم (خلف قفي) مبتدأ وخبر، أي اختلاف بين
العلماء اتّبعَ، بمعنى أنه اختلاف معتبر مشتهر بينهم، فقيل بتخفيف اللام، وقيل بتشديدها وهو الأشهر المعروف قاله ابن الصلاح وغيره، لكن قال الحافظ: وفيه نظر لأنه ورد في الشعر الذي هو ديوان العرب مخففاً كقول أبي
سفيان بن حرب (من الطويل) :
سَقَانِي فَرَوَّانِي كُمَيْتاً مُدَامَةً. . . عَلَى ظَمَاءٍ منِّي سَلاَمُ بْنُ مِشْكَمِ
وغيره من الأبيات.
ووصفه ابن الصلاح بكونه خمَّاراً في الجاهلية قال الحافظ: وكأن
السبب في تعريفه له به هذا البيت لكن ابن إسحاق عرفه في السيرة بأنه
كان سيد بني النضير. اهـ تبصير بتصرف.
والحاصل: أن سلاماً بالتخفيف تسعة اثنان مختلف فيهما، وهما البيكندي، وابن مشكم، وزاد الحافظ ابن أبي الحقيق.
ومنها سلامة بالتشديد، وسلامة بالتخفيف ذكرهما بقوله:
* * *
835 - " سَلاَّمَةٌ " مَوْلاةُ بِنْتِ عَامِرِ. . . وَجَدُّ كُوفِيٍّ قَدِيمٍ آثِرِ
* * *
(سلامة) بالصرف للضرورة أي بتشديد اللام مبتدأ خبره قوله:(2/300)
(مَوْلاةُ بِنْتِ عَامِرِ) أي هي مولاة لعائشة بنت عامر تروي عن هشام بن عروة. (و) سلامة أيضاً بالتشديد (جد كوفي) بالإضافة أي جد شخص كوفي (قديم)
أي متقدم زمنه (آثر) أي راو للحديث. يعني: أن سلامة هذا جد لمحدث
كوفي، وهو علي بن الحسين بن سلّامة الكوفي ذكره الأمير ابن ماكولا.
وزاد عليهما الحافظ سلّامة المغنية، وهي سلامة القس ومن عدا
هؤلاء فهو سلامة بالتخفيف، وهم جماعة.
ومنها شِيرِين، وسِيرِين ذكرهما بقوله:
* * *
836 - " شِيرِينُ " نِسْوَةٌ وَجَدُّ ثَانِي. . . مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ الْجُرْجَانِي
* * *
(شيرين) بكسر الشين المعجمة والراء مبتدأ خبره قوله: (نسوة) أي
عَلَم لجماعةِ نسوة، منهم شيرين الهندية شيخة الأبْرَقُوهِي، تروى عن ابن
كليب، وشيرين زوج كسرى مشهورة وغيرهما (و) شيرين أيضاً
(جد ثاني محمد بن أحمد الجرجاني) أي جد محمد بن أحمد الجرجاني، فقوله: جد مبتدأ مضاف إلى محمد، وثاني خبره فصل به بين المتضايفين ضرورة.
يعني: أن شيرين يطلق على نوعي النساء والرجال، فالأول جماعة نسوة
والثاني جد محمد بن أحمد.
وحاصل المعنى: أن شيرين اسم لجماعة من النساء ولجد محمد بن
أحمد بن شيرين الجرجاني، روى عن يَحْيَى بن بكير.
وأما غير هؤلاء فسيرين بسين مهملة كمحمد بن سيرين وآخرين
كثيرين.
ومنها سامِرِيّ، وَسَامَرَّائِي، ذكرهما بقوله:
* * *
837 - " السَّامِرِيُّ " شَيْخُ نَجْلِ حَنْبَلِ. . . وَمَنْ عَدَاهُ فَافْتَحَنْ وَثَقِّلِ
* * *
(السَّامِرِيُّ) بكسر الميم وتخفيف الراء مبتدأ خبره قوله:
(شيخ نجل) أي ابن (حنبل) يعني: أن السامري شيخ لأحمد بن حنبل، وهو
إبراهيم بن أبي العباس السامري، روى عن محمد بن حِمْير الحمصي،(2/301)
وروى له النسائي وكأن أصله كان سامرياً، أو جاورهم.
وقيل نسب إلى السامرية محلة ببغداد، والسامري أحد السامرة وهم طائفة من اليهود ينكرون نبوة من جاء بعد موسى، قاله في التبصير.
وفي (ق) ما يفيد أنه بفتح الميم فليحرر.
(ومن عداه) أي غير شيخ ابن حنبل المذكور، مبتدأ خبره جملة
"فافتحن "، أومفعول مقدم لقوله: (فافتحن) ميمه (وثقل) راءه يعني: أن
غيره يضبط بفتح الميم وتشديد الراء، وهم كثيرون نسبة إلى مدينة سُرَّ مَنْ
رَأى بالعراق، بناها المعتصم خففها النَّاس فقالوا: سَامَرَّا ينسب إليها جماعة
أفاده في اللباب، ومنها عِمارة بالكسر مع عُمارة بالضم، وعَسَل بفتحتين مع
عِسْل بكسر فسكون ذكرها بقوله:
* * *
838 - وَاكْسِرْ أُبَيَّ بْنَ " عِمَارَةٍ " فَقَدْ. . . وَ"عَسَلٌ" هُوَ ابْنُ ذَكْوَانَ انْفَرَدْ
* * *
(واكسر) أيها المحدث (ابي بن عمارة) أي عينه، وهو صحابي صلى
للقبلتين حديثه عند أبي داود والحاكم (فقد) أي فحسب، يعني أن عمارة
والد أُبَيّ وحده مكسور العين، ومنهم من ضمها، وأما غيره فجمهورهم
بالضم، وفيهم جماعة بالفتح والتشديد.
(وعسل) بفتحتين مبتدأ خبره جملة (هو ابن ذكوان) اخْبَارِيّ لَقِيَ الأصمعي. (انفرد) بهذا الضبط، وأما غيره فعِسْل بكسر فسكون وهم جماعة.
ومنها العَيْشي، والعَنْسِي، والعبسي، ذكرها بقوله:
* * *
839 - فِي الْبَصْرَةِ "الْعَيْشِيُّ"وَ"الْعَنْسِيُّ". . . بِالشَّامِ وَالْكُوفَةِ قُلْ عَبْسِيُّ
* * *
(في البصرة العيشي) مبتدأ وخبر يعني: أن العيشي بفتح العين
المعجمة فياء مثناة ساكنة فشين معجمة كائن في رواة البصرة نسبة لعائشة
بنت طلحة أحد العشرة، كعبيد اللَّه بن محمد بن حفص، ولبني عائشة بنت
تميم الله، كمحمد بن بكار بن الرَّيَّان.
(والعنسي) بنون ساكنة ثم سين مهملة نسبة لعنس حي من مذحج في اليمن (بالشام) بالهمزة الساكنة وتَرْكِها أي في رواتها، يعني: أن العنسي بهذا الضبط خاص بالشاميين كعمير بن هانئ تابعي، ومحمد بن الأسود روى عن عمر (و) ب (الكوفة قل) أيها(2/302)
المحدث (عبسي) بالباء الموحدة بدل النون والياء نسبة لعبس غطفان.
يعني: أن العبسي بهذا الضبط خاص في الكوفيين كربعي بن حِرَاش
وعبيد اللَّه بن موسى.
ثم إن هذا الضابط هو الغالب كما قال ابن الصلاح، وإلا فإن
عمار بن ياسر عنسي مع أنه معدود في أهل الكوفة.
ومنها غَنَّام وعَثَّام ذكرهما بقوله:
* * *
840 - بِالنُّونِ وَالإِعْجَامِ كُلُّ " غَنَّامْ ". . . إِلاَّ أَبَا عَلِيٍّ بْنَ " عَثَّامْ "
* * *
(بالنون والإعجام) خبر مقدم أي مضبوط بهما (كل غنام) يعني: أن
كل غنام بغين معجمة مفتوحة فنون مشددة، كغَنّام بن أوس الصحابي.
وعبيد بن غَنّام الكوفي، يروى عن أبي بكر بن أبي شيبة (إلا أبا علي) أي
غير والد علي (بن عثام) فإنه بعين مهملة فثاء مثلثة مشددة، العامري
الكوفي نزيل نيسابور ثقة فاضل.
ومنها قَمِيرُ مكبراً وقُمَيْرٌ مصغراً، وكَرِيز وكُرَيْزٌ كذلك ذكرها بقوله:
* * *
841 - " قَمِيرُ " بِنْتُ عَمْرٍو لا تُصَغِّرِ. . . وَفِي خُزَاعَةَ " كَرِيزٌ " كَبِّرِ
* * *
(قمير) مبتدأ أو مفعول مقدم لتصغر بفتح القاف ثم ميم مكسورة
(بنت عمرو) امرأة مسروق بن الأجدع، تروى عن عائشة، وعنها الشعبي.
الا تصغر) أيها المحدث بَلْ كَبِّرها، وأما غيرها فمصغر كزهير بن
محمد بن قُمَير الشاشي يروى عن عبد الرزاق، ومكي بن قُمَير يروى عن
جعفر بن سليمان.
(وفي خزاعة) متعلق بكبر (كريز) مفعول مقدم مكتوب
على لغة ربيعة، أو مبتدأ خبره قوله: (كبر) أيها المحدث، يعني: أن كريزاً
في قبيلة خزاعة خاصةً مكبر، وأما في غيرها فمصغر، فمن الأول:
طلحة بن عبيد اللَّه بن كَرِيز تابعي، وابنه عبيد اللَّه.
قال ابن الصلاح: ولا يستدرك في خزاعة أيوب بن كريز الراوي
عن عبد الرحمن بن غنم لكون عبد الغني ضبطه بالفتح فإنه بالضم عند الدارقطني وغيره اهـ.
ومنها مُسَوَّر ومِسْور ذكرهما بقوله:
* * *(2/303)
842 - وَنَجْلُ مَرْزُوقٍ رَأَوْا " مُسَوَّرُ ". . . وَابْنُ يَزِيدَ، وَسِوَى ذَا "مِسْوَرُ"
* * *
(ونجل) أي ابن (مرزوق) مبتدأ خبره، مسوّر (رأوا) أي العلماء ذلك
جملة معترضة بين المتبدإ والخبر، ويحتمل كون نجل مفعولاَ أول لرأوا.
ومسور مفعوله الثاني وكتِبَ على لغة ربيعة، (مسور) بضم الميم ثم مهملة
مفتوحة بعدها واو مشدودة، وآخره راء، يعني: أن مسور بن مرزوق مضبوط بالضبط المذكور، رَوَى عنه عمر بن يونس اليمامي مجهولٌ، ذكره في الميزان، (وابن يزيد) مبتدأ خبره محذوف أي كذلك، يعني: أنه بهذا
الضبط مُسَوَّر بن يزيد الكاهلي الأسدي، ثم المالكي، صحابي، حديثه عند
أبي داود، رَوَى عنه يَحْيَى بن أبي كثير، ثم إنه ذكر هذين فقط، وذكر ابن
الصلاح، ثم الذهبي بدل ابن مرزوق ابن عبد الملك اليربوعي، حدث عنه
مَعْن القَزّاز، ثم إن ابن يزيد الأصعح ضبطه بهذا الضبط، وأما ابن مرزوق
ففيه كلام، وكذا ابن عبد الملك، قال السخاوي: بعد ذكر ابن يزيد
وابن عبد الملك: ما نصه هكذا ذكرهما ابن الصلاح ثم الذهبي، واقتصر
الدارقطني ثم ابن ماكولا على أولهما، يعني ابن يزيد، ولم يستدرك ابن
نقطة ولا غيره عليهما أحداً، وصنيع البخاري في تاريخه الكبير حيث ذكر
ابن عبد الملك في باب مِسْوَر بن مَخْرَمة المخفف يشهد لهم، ولكنه أعاد
ذكره في المشدد مع ابن يزيد، ولم يذكر غيرهما، وقول المصنف، يعني
العراقي: إنه ذكر مع ابن يزيد في المشدد مسور بن مرزوق لم أره في
النسخة التي عندي بتاريخ البخاري، بل لم أرَ ابن مرزوق فيه أصلاً مع
قول شيخنا يعني: الحافظ ابن حجرٍ في تبصير المنتبه إنه هو وابن
عبد الملك اختلفت نسخ التاريخ فيهما تشديداً وتخفيفاً، بل قال في
الإصابة: إنه أورده مع ابن مخرمة فاقتضى تخفيفه اهـ
فتحصل من هذا أنه اختلف في كلهم تخفيفاً، وتشديداً.
(وسوى ذا) أي غير هذا المذكور مبتدأ خبره (مسور) بميم مكسورة
فسين مهملة ساكنة فواو مفتوحة، آخره راء يعني أن من عدا هذين مضبوط
بهذا الضبط وهم جماعة. ومنها مسيب بالفتح ومسيب بالكسر، ذكرهما بقوله:
* * *(2/304)
843 - كُلُّ " مُسَيَّبٍ " فَبَالْفَتْحِ سِوَى. . . أَبِي سَعِيدٍ فَلِوَجْهَيْنِ حَوَى
* * *
(كل مسيب) مبتدأ خبره قوله: (فبالفتح) والفاء داخلة في خبر "كل " على
قلة، يعني: أن كل مسيب مضبوط بفتح الياء بصيغة المفعول، وهم جماعة، كمسيَّب ابن واضح، ومُسَيَّب السلمي، ومُسَيَّب بن عبد الرحمن.
ومُسَيَّب بن عبد خير وغيرهم.
(سوى) مسيّب بن حَزْن (أبي) أي والد (سعيد) التابعي الجليل.
وهو صحابي ممن بايع تحت الشجرة، وأبوه حَزْن بن أبي وهب صحابي
أيضاً (فلوجهين) بالفتح والكسر (حوى) أي جمع، يعني: أنه ضُبِطَ بهما.
وحاصل المعنى: أن المسيب بن حزن والد سعيد، مروي، بالضبطين
قال علي بن المديني: أهل العراق يفتحونها وأهل المدينة يكسرونها، وكان
سعيد يكره الفتح،. اهـ تبصير.
قيل: إنه دعا على من فتح، وقال: سيب اللَّه من سيّب أبي، فينبغي أن يقرأ بالكسر حذراً من دعوته أفاده في الشرح.
ومنها عُبَيْدَة وعَبِيدَة ذكرهما بقوله:
* * *
844 - أَبُو " عُبَيْدةَ " بِضَمٍّ أَجْمَعُ. . . زَيْدُ بْنُ " أَخْزَمَ " سِوَاهُ يُمْنَعُ
* * *
(أبو عبيدة) الكنية مبتدأ خبره (بضم) أي مضبوط بضم العين مصغراً
(أجمع) توكيد للمبتدإ، يعني: أن أبا عبيدة مصغر كله لا يستثنى منه شيء.
كما قاله الدارقطني في المتقدمين، فمن بعدهم من المشارقة، ووجد في
المائة الخامسة من المغاربة أحمد بن عبد الصمد بن أبي عَبِيدَة، من شيوخ
القاضي أبي القاسم بن بقيّ، ضبطه ابن عبد الملك في التكملة بفتح العين.
وأرخه سنة ست وثمانين وخمسمائة قاله السخاوي.
(زيد بن أخزم) بخاء معجمة بعد الهمزة ثم زاء معجمة بعدها ميم بوزن أكرم، مبتدأ، خبره جملة (سواه) أي غيره (يمنع) بالبناء للمفعول، يعني: أن زيد بن أخزم شيخ البخاري لا نظير له في هذا الضبط، وأما غيره فأحرم بمهملتين، أو أجرم بجيم فراء مهملة، أو أخرم بخاء معجمة فراء مهملة، أو أحزم بمهملة، فمعجمة، لكن قال الحافظ: نَعْم سمي بأخزم أي بالضبط الأول جماعة في
الجاهلية. اهـ.(2/305)
وفي نسخة الشارح بدل الشطر الثاني ما نصه: نَصَّ عَلَيْهِ الدَّارَقُطْنِي
فَآسْمَعُوا، يعني: أن هذا الضبط لأبي عُبَيْدَة نص عليه الحافظ الدارقطني
فينبغي اعتماده.
ومنها حُضَيْن بالضاد المعجمة وحُصَين بالصاد المهملة ذكرهما بقوله:
* * *
845 - وَلَيْسَ فِي الرُّوَاةِ مِنْ "حُضَيْنِ". . . إِلاَّ أَبُو سَاسَانَ عَنْ يَقِينِ
* * *
(وليس في الرواة) أي رواة الحديث (من) زائدة (حضين) بحاء مهملة
فضاد معجمة مصغراً اسم ليس مؤخراً، وخبرها الجار والمجرور قبله
(إلا أبو ساسان) بدل من اسم ليس، وهو لقبه، وكنيته أبو محمد.
وحاصل المعنى: أنه ليس حضين بالضبط المذكور في رواة الحديث
إلا أبو محمد حضين بن المنذر بن الحارث بن وَعْلَة البصري الرقاشي.
أبو ساسان بمهملتين وآخره نون تابعي، صاحب علي، روى له مسلم، وهذا بلا خلاف، وقد غلط الأصِيلي والقابسي في ضبطهما الحُصَين بن محمد
الأنصاري في الصَّحِيحين بالضاد المعجمة، قاله السخاوي، وإلى عدم
الخلاف أشار بقوله: (عن يقين) أي أقول لك هذا الكلام مع يقين، أو هذا
الكلام ناشئ عن يقين، يقال: يَقِنَ الأمرُ يَيْقَنُ يَقَنًا من باب تعب، إذا
ثبت، ووضح فهو يقين، فعيل بمعنى فاعل، قاله في المصباح.
ومنها الهمداني والهمذاني ذكرهما بقوله:
* * *
846 - وَلِلْقَبِيلِ نِسْبَةُ " الْهَمْدَانِي ". . . وَبَلَدٍ أَعْجِمْ بِلا إِسْكَانِ
847 - فِي الْقُدَمَاءِ ذَاكَ غَالِبٌ، وَذَا. . . فِي الآخَرِينَ، فَهْوَ أَصْلٌ يُحْتَذَى
* * *
(وللقبيل) لغة في القبيلة، وهم بنو أب واحد، خبر مقدم عن قوله:
(نسبة الهمداني) بفتح الهاء المهملة وسكون الميم وإهمال الدال، يعني
أن نسبة الهمداني بهذا الضبط إلى القبيلة باليمن (وبلد) عطف على القبيل
أي للنسبة إلى بلد (أعجم) أي اجعل على الدال نقطة (بلا إسكان) للميم.
يعني أن النسبة إلى همذان بَلْدَةٍ في العجم بناها همذان بن الفَلُّوج
بن سام بن نوح: يكون بسكون الميم وإعجام الذال.(2/306)
(في القدماء) متعلق بغالب أي في المتقدمين من الصحابة والتابعين
وتابعيهم (ذاك) الأول مبتدأ خبره (غالب) (وذا) الثاني (في الآخرين) أي
المتأخرين فذا مبتدأ، وفي الآخرين خبر، أي أن الثاني غالب في
المتأخرين (فهو أصل) أي هذا الضبط قانون وضابط (يحتذى) بالبناء
للمفعول أي يقتدى به ويلجأ إليه عند الاشتباه.
وحاصل المعنى أن الهمداني في المتقدمين بسكون الميم أكثر وبفتحها في المتأخرين أكثر، قاله ابن ماكولا.
ونحوه قول الذهبي: والصحابة والتابعون، وتابعوهم من
القبيلة، وأكثر المتأخرين من المدينة، قال: ولا يمكن استيعاب واحد من
الفريقين اهـ.
قال السخاوي: وممن خرج عن الغالب وَسُكِّنَ (1) من
المتأخرين: أبو إسحاق إبراهيم أبي الدم قاضي حماة، وأبو العباس
أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ، وجعفر بن علي
وعبد الحكيم بن حاتم، وعبد المعطي بن فتوح، وعلي بن عبد الصمد
السخاوي، والأربعة من أصحاب السلفي، وأبو الفضل محمد بن عطاف.
ومنصور بن سليم الحافظ، وآخرون كلهم همدانيون بالسكون والإهمال. اهـ فتح المغيث جـ 3 ص 244.
ولما ذكر عيوناً مفيدة من القسم الأول الذي يراد به التعميم، أتبعه
بذكر عيون من القسم الثاني الذي يراد به التخصيص بالصَّحِيحين والموطأ
بقوله:
* * *
848 - وَمِنْ هُنَا خُصَّ صَحِيحُ الْجُعْفِي. . . لِكُلِّ مَا يَأْتِي بِهِ مُوَفِّي
* * *
(ومن هنا) أي من هذا الموضع متعلق بقوله: (خص) بالبناء للمفعول
ونائب فاعله قوله: (صحيح) الإمام أبي عبد اللَّه محمد بن إسماعيل البخاري
(الجعفي) بضم الجيم وسكون العين نسبة إلى القبيلة نِسْبَةَ وَلَاءٍ لأن جده
أسلم على يد يَمَانٍ الجعفي، وتقدمت ترجمته، ويحتمل ضبط خص بالبناء
__________
(1) أي ميمه مع إهمال داله.(2/307)
للفاعل وفاعله ضمير عائد على مفهوم من السياق أي خص ما يُذكَر من
الأسماء والكنى وغيرهما وصحيحَ مفعول به.
والمعنى: أن ما بعد هذا من الأسماء والكنى والألقاب والأنساب
خاص بصحيح البخاري، وسيأتي ما في صحيح مسلم وموطأ مالك في
قوله: في مسلم خلف إلى آخره، وقوله: ولم يزد موطأ إلخ.
(لكل ما يأتي) من المؤتلف والمختلف (به) في صحيح الجعفي متعلق
بـ (حوفي) أي أن ما يأتي بعد هذا يوفي ما في صحيح البخاري من المؤتلف
والمختلف.
فمنها أَخْيَفُ وأقْلَح مع أحنف وأفلح ذكرها بقوله:
* * *
849 - "أَخْيَفُ" جَدُّ مِكْرَزٍ وَ" الأَقْلَحُ ". . . كُنْيَةُ جَدِّ عَاصِمٍ قَدْ نَقَّحُوا
* * *
(أخيف) بفتح الهمز وسكون الخاء المعجمة وتحته مثناة مفتوحة آخره
فاء بوزن أحمد، مبتدأ خبره قوله: (جَدُّ مِكْرَزٍ) بميم مكسورة، فكاف
ساكنة، فراء مهملة، فزاي معجمة، يعني: أن الأخيف بهذا الضبط اسم
لجد مكرز بن حفص بن الأخيف العامري، له ذكر في صلح الحديبية.
(والأقلح) بهمزة، فقاف، فلام، فحاء مهملة بوزن الذي قبله: مبتدأ خبره
قوله: (كنية جد عاصم) بن ثابت بن أبي الأقلح، له صحبة.
(قد نقحوا) أي هذب العلماء هذا الواحد، وأما غيره فأفلح بالفاء وهو كثير، أو نقحوا هذه الأسماء المشتبهات على الوجه الذي أثبتناه هنا، فاحتفظ به.
ومنها يَسَار مع بَشَّار ذكرهما بقوله:
* * *
850 - وَكُلُّ مَا فِيهِ فَقُلْ " يَسَارُ ". . . إِلاَّ أَبَا مُحَمَّدٍ " بَشَّارُ "
* * *
(وكل ما فيه) أي صحيح البخاري من الأسماء وغيرها (فقل) أيها
المحدث في ضبطه (يسار) بياء مفتوحة فسين مهملة آخره راء مهملة، وهو
كثير. (إلا أبا محمد) فإنه (بشار) بباء موحدة فشين معجمة مفتوحتين، أي
والد محمد بن بشار بن عثمان شيخ الأئمة الستة، الملقب ببندار، وهو أحد(2/308)
الأئمة التسعة الذين اتفق الستة في الرواية عنهم من دون واسطة، وقد تقدم
نظمي إياهم في باب المصحف والمحرف ص 606.
فارجع إليه تزدد به علماً.
ومنها بُسْرٌ وبِشْر ذكرهما بقوله:
* * *
851 - الْمَازِنِيْ وَابْنُ سَعِيدَ الْحَضْرَمِي. . . وَابْنُ عُبَيْدِ اللهِ " بُسْرٌ " فَاعْلَمِ
* * *
(المازني) بتخفيف الياء للوزن مبتدأ مع ما عطف عليه خبره قوله:
بسر، نسبة لمازن بن منصور بن عكرمة بن حارثة بن قَيسِ عَيْلاَن، والمراد
به عبد اللَّه بن بسر صحابي ابن صحابي له حديث موصول في صفة شيب
النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومعلق في الجمعة.
(وابن سعيد) بمنع الصرف للوزن (الحضرمي) المدني تابعي مولى ابن الحضرمي. (وابن عبيد اللَّه) الحضرمي الشامي، كل منهم (بسر) بضم أوله ثم سين مهملة ساكنة آخره راء (فاعلم) ذلك أيها المحدث، ولا تزدعليه، فإنه ليس في الصَّحِيح غير هؤلاء.
وأما غيرهم فهو بشر بباء موحدة مكسورة ثم شين معجمة ساكنة وهو كثير. ثم إن ظاهر كلامه يقتضي أن المازني هو بسر وليس كذلك لأن بسراً والد
عبد اللَّه لا ذكر له في صحيح البخاري بل، ولا في مسلم، ولا في الموطأ.
وإن ذكره المزي ورمز عليه علامة مسلم فإنه سهو كما صرح به العراقي
والحافظ، بل الذي له ذكر في الصَّحِيح هو ابنه عبد الله فلا بد من تقدير
مضاف لتصحيح كلامه أي والد عبد اللَّه المازني فتنبه.
ومنها بُشَيْر، وبَشِير، وُيسَيْر، وأُسَيْر ذكرها بقوله:
* * *
852 - وَابْنُ يَسَارٍ وَابْنُ كَعْبٍ قُلْ بُشَيْرْ. . . وَقُلْ يُسَيْرٌ فِي ابْنِ عَمْرٍو أَوْ أُسَيْرْ
* * *
(وابن يسار) الحارثي المدني التابعي حديثه في الكتب الثلاثة
(وابن كعب) العدوي، وقيل: العامري البصري التابعي المخرج له في
الصَّحِيحين (قل) أيها المحدث في اسمهما (بُشَير) بموحدة تحتانية فشين
معجمة فياء ساكنة مصغراً، ومن عداهما في الصَّحِيح فهو بشير مكبراً، وهو
كثير، وأما مقاتل بن بُشَير فهو وإن كان مثلهما فلم يخرج له في الكتب الثلاثة(2/309)
وإن زعم صاحب الكمال أن مسلماً أخرج له، فهو وهم.
(وقل) أيها المحدث (يسير) بالتحتانية ثم المهملة مصغراً (في) ضبط اسم
(ابن عمرو) تابعي، بل يقال: إن له رؤية حديثه في الصَّحِيحين، وقيل اسمه أسير كما أشار إليه بقوله:
(أو) لتنويع الخلاف (أُسَير) أي قيل: إن اسمه أسير بضم همزة بدل
التحتانية، وكذا اختلف في اسم أبيه، فقيل: عمرو كما مر آنفاً، وهو
الأكثر، وقيل: جابر.
قال ابن المديني: أهل البصرة يقولون أسير بن جابر، وأهل الكوفة
يقولون: أسير بن عمرو، وقال بعضهم: يسير بن عمرو، ورجح البخاري
كونه أسير بن عمرو، وأشار إلى تليين قولِ من قال فيه: ابن جابر ذكره
السخاوي. ومنها بَصِير ونُصَير ذكرهما بقوله:
* * *
853 - أَبُو " بَصِيرَ " الثَّقَفِي مُكَبَّرُ. . . وَاْبنُ أَبِي الأَشْعَثِ نُونًا صَغَّرُوا
* * *
(أبو بصير) بمنع الصرف للوزن، عتبة بن أسِيد بن جارية (الثقفي)
بتخفيف الياء للوزن ذكر في صلح الحديبية، وأبو بصير مبتدأ خبره قوله:
(مكبر) أي بفتح الباء وكسر الصاد (وابن أبي الأشعث) مفعول مقدم
لصغروا، أو مبتدأ خبره جملة "صغروا" (نوناً) أي بنون (صغروا) أي ضبطوه
بالتصغير والنون، يعني: أن نصَير بن أبي الأشعث الأسدي أبا الوليد
الكوفي، روى عن حبيب بن أبي ثابت، وعنه أبو نعيم وثقه أبو زرعة.
وأبو حاتم، له ذكر في البخاري في موضع من اللباس مضبوط بالنون مصغراً.
ومنها بزار مع بزاز، والنصري مع البصري، ذكرها بقوله:
* * *
854 - يَحْيَى وَبِشْرٌ وَابْنُ صَبَّاحٍ بِرَا. . . "بَزَّارُ"وَ"النَّصْرِيُّ" بِالنُّونِ عَرَا
855 - مَالِكَ عَبْدَ وَاحِدٍ. . . . . . . .
* * *
(يحيى) مبتدأ مع المعطوفين أي يَحْيَى بن محمد بن السكن البزار
(وبشر) بن ثابت البزار (و) الحسن (بن صباح) البزار حال كونهم (برا)(2/310)
مهملة في آخره، كلهم (بزار) خبر المبتدإ، أي بموحدة فزاي معجمة فراء
مهملة، وأما غيرهم فبزار بزايين، وهم جماعة. (والنصري) مبتدأ خبره
جملة "عرا" (بالنون) أي حال كونه مضبوطاً بالنون المفتوحة (عرا) أي
أصاب، وقوله: (مالك) منصوب على المفعولية ممنوع من الصرف للوزن وقوله: (عبد واحد) عطف عليه يعني: أن مالكاً وعبد الواحد أصابهما النصري بالنون بمعنى أنه خاص بهما، وأما غيرهما فبصري بالباء.
والحاصل: أن مالك بن أوس بن الحدثان من تابعي المدنية مخضرم مختلف في صحبته، مخصوص بهذا الضبط، وإنما قيل له النصري نسبة إلى قبيلة من هوازن من ولد نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، ومثله عبد الواحد بن عبد اللَّه النصري أبو بشر الدمشقي، ومن عدا هذين فهو بصري نسبة إلى البصرة.
ومنه اتُمَيْلة ونُمَيلة ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . تُمَيْلَهْ. . . كُنْيَةُ يَحْيَى، غَيْرُهُ " نُمَيْلَهْ "
* * *
(تميلة) بمثناة فوقية مضمومة وميم مفتوحة فياء مثناة ساكنة مبتدأ خبره
قوله: (كنية يحيى) بن واضح الأنصاري مولاهم المروزي الحافظ، يعني:
أن أبا تميلة مصغراً كنيته (غيره) أي غير يَحْيَى المذكور (نميلة) بنون بدل
المثناة وهو جد محمد بن مسكين، قال الحافظ: في الهدي ما في الكتاب
بهذه الصورة غير هذين.
ومنها تَيِّهَان ونَبْهَان ذكرها بقوله:
* * *
856 - اسْمُ أَبِي الْهَيْثَمِ " تَيِّهَانُ ". . . وَاسْمُ أَبِي صَالِحِهِمْ " نَبْهَانُ "
* * *
(اسم أبي الهيثم تيهان) يعني: أن اسم والد أبي الهيثم الصحابي
تَيِّهان بتاء مثناة فوقانية وتشديد ياء تحتانية مع كسرها ابن مالك بن عَتِيك.
وفي عبارة النظم نظر، إذ يوهم أن تيهاً اسم أبي الهيثم وليس كذلك فإنه
اسم والده، وأما اسمه فمالك فتنبه.
(واسم أبي صالحهم نبهان) بنون مفتوحة ثم باء موحدة ساكنة، يعني: أن والد صالح مولى التوأمة هو نبهان الجمحي.(2/311)
ومنها تَوَّزِي مع ثَوْرِيّ وتَغْلِبِيّ مع ثَعْلَبِيّ ذكرها بقوله:
* * *
857 - مُحَمَّدُ بْنُ الصَّلْتِ " تَوَّزِيُّ ". . . مُسَيَّبٌ بِالْغَيْنِ " تَغْلِبِيُّ "
* * *
(محمد بن الصلت) أبو يعلى البصري المشهور الذي، روى عنه
البخاري في الردة حديث العُرَنِيِّين (توزي) بفتح المثناة الفوقانية والواو
المشددة على المعتمد ثم زاي مكسورة، نسبة إلى تَوَّز، ويقال: بجيم بدل
الزاي بلدة بفارس، ومن عداه ثوري بالمثلثة والواو الساكنة، ثم راء
(مسيب) بن رافع الأسدي، الكاهلي، الكوفي الضرير، كان يختم في
ثلاث، ثم يصبح صائماً، لم يسمع من صحابي إلا من البراء وعامر بن
عَبَدَة، حال كونه (بالغين) المعجمة (تغلبي) أي بتاء فوقانية فغين معجمة
ساكنة ولام مكسورة ثم باء موحدة، ومن عداه كله ثعلبي بالثاء المثلثة
والعين المهملة وفتح اللام.
ومنها حَرِيز مع جَرِير ذكرهما بقوله:
* * *
858 - أَبُو "حَرِيزٍ" وَابْنُ عُثْمَانَ يُرَى. . . بِالْحَاءِ، وَالزَّايِ، وَغَيْرُهُ بِرَا
* * *
(أبو حريز) عبد الله بن الحسين الأزدي قاضي سجستان.
(و) حريز (ابن عثمان) الرحبي بمهملتين مفتوحتين ثم باء موحدة
نسبة إلى بطن من حمير الحمصي، (يرى) بالبناء للمفعول أي كل منهما بالحاء المهملة المفتوحة (والزاي) المعجمة آخرَهُ بوزن كَبِير (وغيره) أي غير حريزٍ
المذكور مضبوط (برا) مهملة بدل الزاي، وكذا بجيم بدل الحاء، وهو
كثير، قال الحافظ: وليس في الكتاب بضم الحاء المهملة شيء، ولا
بفتحها وآخره راء شيء.
ومنها الحَرِيريّ مع الجُرَيرِيّ ذكرهما بقوله:
* * *
859 - يَحْيَى هُوَ ابْنُ بِشْرٍ "الْحَرِيرِي". . . وَغَيْرُهُ بِالضَّمَّةِ " الْجُرَيْرِي "
* * *
(يحيى) مبتدأ خبره قوله: (هو ابن بشر) بكسر الباء الموحدة وسكون(2/312)
الشين المعجمة، (الحريري) صفة لابن بشر، بالحاء والراء المهملتين.
مكبراً بوزن كَبِير، يعني: أن يَحْيَى بن بشر بن كثير أبا زكريا الأسدي
الكوفي هو الحريري بالضبط المذكور، انفرد مسلم بالرواية عنه، وقول ابن
الصلاح: إنه شيخ البخاري أيضاً قلد فيه عياضاً، وهو قلد شيخه الجَيَّاني.
في تقييده، وسبقهم الحاكم والكلاباذي، خطأ، فشيخ البخاري إنما هو
يحيى بن بشر البَلْخي الفَلَّاس الزاهد وقد فرق بينهما ابن أبي حاتم.
والخطيب، ثم المِزِّي، والحافظ، وآخرون، ولهم يَحْيَى بن أيوب
الجَرِيرِيّ، بفتح الجيم وكسر الراء لجده جرير البجلي، وهو وإن استشهد
به البخاري في أول كتاب الأدب، من صحيحه فلم يقع منسوباً، أفاده
السخاوي.
قلت: وعلى الخطأ جرى الحافظ في هدي الساري، وتبعه هنا
الشارح الترمسي (وغيره) أي غير يَحْيَى المذكور مبتدأ، حال كونه مضبوطاً
(بالضمة) وقوله: (الجريري) خبر المبتدإ، أي بضم الجيم وفتح الراء
مصغراً، نسبة لجُرَير بن عُباد بضم العين وتخفيف الموحدة، والمنسوب إليه
في البخاري، بل وفي مسلم أيضاً، اثنان فقط عباس بن فروخ أبو محمد.
وسعيد بن إياس، أبو مسعود، بصريان.
ومنها جارية وحارثة ذكرهما بقوله:
* * *
860 - " جَارِيَةٌ " جِيمًا أَبُو يَزِيدِ. . . وَابْنُ قُدَامَةَ أَبُو أَسِيدِ
* * *
(جارية جيماً) أي مضبوطاً بجيم ثلاثة: وهم (أبو يزيد) أي والد
يزيد بن جارية الأنصاري المدني.
(و) جارية (ابن قدامة) التميمي السعدي البصري، صحابي له ذكر في البخاري في الفتن، و (أبو أَسِيد) أي والد أسيد بوزن كَبِير، جد عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية، روى له البخاري حديث قتل خُبَيب ومن عدا هؤلاء الثلاثة فهو حارثة بالحاء.
ومنها حَيَّان وحَبَّان بالفتح وحِبَّان بالكسر فذكر الأولين بقوله:
* * *
861 - "حَيَّانُ" بِالْيَاءِ سِوَى ابْنِ مُنْقِذِ. . . وَابْنِ هِلالٍ فَافْتَحَنْ وَوَحِّدِ
* * *(2/313)
(حيان) كله مضبوط (بالياء) المثناة التحتانية مع فتح الحاء المهملة
(سوى) حبان (بن منقذ) بضم الميم ثم نون ساكنة بعدها قاف مكسورة ثم
ذال معجمة ابن عمرو الأنصاري الصحابي، (و) حبان (بن هلال) الباهلي
البصري المخرّج له في الصَّحِيحين، ويقع كثيراً غير منسوب، وضابط ذلك
أن كل ما كان في شيوخ شيوخهما حبان غير منسوب فهو ابن هلال، قاله
السخاوي، (فـ) إذا عرفت أن هذين مستثنيان من حيان (فافتحن) حاءهما
أيها المحدث (ووحد) باءهما، ثم ظاهر كلامه يقتضي أن حبان بن منقذ.
خرج له البخاري، وليس كذلك، وإنما الذي في البخاري ابنه واسع بن
حبان وابن ابنه محمد بن يَحْيَى بن حبان بن منقذ، كما حققه الحافظ في
هدي الساري، والسخاوي في فتح المغيث، ولعله أراد ضبط هذا الاسم
من غير نظر إلى ذكره فيه.
* * *
(تنبيه) : في هذا البيت ما اتفق العروض والضرب فإن الأولى:
بالذال، والثاني: بالدال، وأجاب المحقق بأن المنقذ بالدال المهملة
للقافية.
قلت: لو قال بدل هذا البيت:
حَيَّانُ بِالْيَا وَافْتَحَنْ وَوَحِّدَا. . . اِبْنَيْ هِلَالٍ مُنْقِذٍ لِتَرْشُدَا
لكان أولى وأسلم.
ثم ذى الثالث بقوله:
* * *
862 - أَبْنَا عَطِيَّةَ وَمُوسَى الْعَرِقَهْ. . . بِالْكَسْرِ وَالتَّوْحِيدِ فِيمَا حَقَّقَهْ
* * *
(أبنا) مبتدأ بالقصر للضرورة جمع مضاف إلى الثلاثة بعده، وهم
حبان بن (عطية) السلمي العلوي لكونه كان يفضل عَليًّا على عثمان
رضي الله عنهما، المذكور في البخاري في حديث سعد بن عبيدة قال:
تنازع أبو عبد الرحمن يعني: السُّلَمي وحبان بن عطية، إلخ، وحبان بن
(موسى) بن سَوَّار، أبو محمد السلمي المروزي، أحد شيوخ الشيخين في
صحيحيهما، وحبان (ابن العرقة) بفتح العين وكسر الراء المهملتين ثم قاف
على المشهور، وهاء تأنيث، وحكى ابن ماكولا عن الواقدي فتح الراء،(2/314)
وإن أهل مكة يقولون ذلك، وصحح ابن ماكولا الكسر، وهي أمه، وقيل
لها: ذلك لطيب رائحتها، واختلف في اسمها، فقيل: قلابة بكسر القاف
ابنة سُعَيد مصغراً ابن سهم وتكنى أم فاطمة، واسم والد حبان، قيس
أو أبو قيس بن علقمة، وحبان هذا هو الذي رمى سعد بن معاذ يوم الخندق، (بالكسر والتوحيد) خبر المبتدأ أي هؤلاء الثلاثة يضبطون بكسر الحاء
المهملة وباء موحدة، فأما ابن عطية فالكسر فيه هو المعتمد الذي جزم به
ابن ماكولا، والمشارقة، وصوبه صاحب المشارق، والمطالع، والجَيَّاني.
وحكوا أن بعض رواة أبي ذر ضبطه بفتح أوله، ووهموه، وأما ابن موسى
فالكسر فيه إجماع، وأما ابن العرقة فالكسر هو المشهور، بل الأصح.
وحكى في اسمه جبار بالجيم آخره راء، وإلى هذا التحقيق أشار بقوله:
(فيما حققه) الحذاق المتقنون يعني: أن هذا الضبط هو الذي أتقنه
الضابطون المتثبتون في حفظهم، فلا يلتفت إلى من خالفهم، وزاد الحافظ
في الهدي جد أحمد بن سنان بن حِبَّان بن المَطان، وهو، وحبان بن موسى
من شيوخ البخاري، وأما ابن عطية والعَرِقة فلهما ذكر بلا رواية. اهـ
بتصرف.
ومنها حَصِين بالتكبير، وحُصَين بالتصغير، ذكرهما بقوله:
* * *
863 - أَبَا " حَصِينَ " الأَسَدِيَّ كَبِّرِ. . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(أبا) مفعول مقدم لكبر، وحصين بمنع الصرف للوزن والأسدي
بالنصب صفة لأبا (كبر) بكسر الراء للوزن أيها المحدث: يعني: أن أبا
حصين عثمان بن عاصم الأسدي مكبر مع الإهمال لحرفيه، بل قال أبو علي
الجياني: لا أعلم في الكتابين بفتح الحاء غيره ومن عداه فحصين مصغراً.
ومنها حُكَيم بالتصغير، مع حَكِيم بالتكبير، ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . ثُمَّ رُزَيْقِ بْنِ " حُكَيْمٍ " صَغِّرِ
* * *
(ثم رزيق بن حكيم) مفعول مقدم لقوله: (صغر) أيها المحدث، أي
اضبط بالتصغير رزيق بن حكيم أبا حُكَيم بالضم أيضاً، الأيلي، وَالِيَهَا(2/315)
لِعُمَرَ بن عبد العزيز، له ذكر في البخاري، في باب الجمعة في القرى
والمدن وتصغيره وتصغير أبيه وكنيتِهِ مع تقديم الراء على الزاي هو
المشهور، بل الصواب، كما قال ابن المديني، وحكى صاحب تقييد
المهمل عنه أن ابن عيينة كثيراً ما كان يقوله بفتح الحاء، وكذا قيل في
زرين بتقديم الزاي، وذكره ابن حبان كذلك، ولكنه وهم، قاله السخاوي.
وهو على هذا الضبط منفرد ومن عداه: فحكيم بفتح الحاء وكسر
الكاف.
ومنها حَيَّة مع حبَّة وخازم مع حَازِم ذكرها بقوله:
* * *
864 - " حَيَّةُ " بِالْيَاءِ ابْنُهُ جُبَيْرُ. . . مُحَمَّدُ بْنُ " خَازِمَ " الضَّرِيرُ
* * *
(حَيَّةُ بالياء) التحتانية المشددة بعد الحاء المهملة المفتوحة
(ابنه جبير) أي ولده يسمى جبيراً بالتصغير.
يعني: أن حية بهذا الضبط والد جبير الثقفي، ليس في البخاري
غيره، وكذا حبة بالباء الموحدة هو أبو حبة الأنصاري، ذكر في حديث
الإسراء ليس فيه غيره، (محمد بن خازم) بمنع الصرف للوزن أي بخاء
معجمة وزاي معجمة آخره ميم هو (الضرير) أي الأعمى، فمحمد مبتدأ خبره " الضرير".
يعني: أن محمد بن خازم بهذا الضبط هو الضرير، وكنيته أبو معاوية
ليس في البخاري بهذا الضبط إلا هو، وكنية والد هشام ابن أبي خازم.
وأما محمد بن بشر العبد ي، فمختلف في كنيته، هل هو أبو خازم بالمعجمة
أو المهملة، ولم يقع عنده مكنياً قاله في الهدي.
ومنها خنيس مع حُبَيش، وخبيب مع حَبِيب، وَالجُرَشِي مع الحَرَشِي
ذكرها بقوله:
* * *
865 - ابْنُ حُذَافَةَ " خُنَيْسٌ " فَقَدِ. . . "خُبَيْبُ" شَيْخُ مَالِكٍ وَابْنُ عَدِي
866 - وَكُنْيَةٌ لابْنِ الزُّبَيْرِ" الْجُرَشِي ". . . يُونُسُ وَالنَّضْرُ فَلا تُفَتِّشِ
* * *(2/316)
(ابن حذافة) بحاء مهملة مضمومة فذال معجمة مبتدأ خبره قوله (خنيس)
بخاء معجمة مصغراً يعني أن خنيساً بهذا الضبط هو خنيس بن حذافة
الصحابي، له ذكر في البخاري وقوله: (فقد) أي فحسب إشارة إلى ترجيح
أنه ليس بهذا الضبط غيره في البخاري، فإنه قد اختلف في حبيش بن
الأشعث المقتول يوم الفتح، ففي جميع الروايات ضبط بحاء مضمومة فباء
موحدة، آخره شين معجمة وقاله ابن إسحاق في المغازي كالأول، وغير ابن
حذافة بالضبط الثاني وهم جماعة، أفاده في الهدي.
(خبيب) بخاء معجمة فباء موحدة مصغراً بمنع الصرف للوزن مبتدأ
خبره قوله (شيخ مالك) ابن أنس الإمام، يعني: أن خبيباً بهذا الضبط هو
خبيب بن عبد الرحمن الأنصاري شيخ الإمام مالك، وَيرِدُ خبيب غير
منسوب في الصَّحِيحين عن حفص بن عاصم، وفي صحيح مسلم وحده
عن عبد اللَّه بن محمد بن معن وهو هذا، وجده أيضاً بهذا الضبط وهو
خبيب بن يساف، (و) بهذا الضبط أيضاً خبيب (بن عدي) المذكور في
البخاري في حديث أبي هريرة في نصرية عاصم بن ثابت الأنصاري وقتل
خبيب، (و) بهذا الضبط أيضاً (كنية لـ) عبد اللَّه (بن الزبير) فهو أبو خبيب
كنى باسم ولده خبيب، ومن عدا هؤلاء الثلاثة، فهو حَبِيب بفتح المهملة
ككبير.
ومنها (الجرشي) بضم المعجمة وفتح الراء المهملة فشين معجمة نسبة
إلى بني جرش بطن من حمير، وقيل: اسم موضع باليمن قاله في اللباب.
والموجود في البخاري من المنسوب إليه اثنان:
وهما (يونس) بن القاسم اليمامي (والنضر) بن محمد (فلا تفتش) أيها
المحدث أي لا تبحث لأنه لا يوجد غيرهما، وأما غيرها فهو الحَرَشي
بالشين المعجمة والراء المهملة المفتوحتين وبإهمال السين بوزنه ولم يقع في
البخاري قاله في الهدي.
ومنها الخَرَّاز والخزَّاز ذكرهما بقوله:
* * *(2/317)
867 - ثُمَّ عُبَيْدُاللهِ فَـ" الْخَرَّازُ ". . . بِالرَّاءِ بَدْءًا غَيْرُهُ " خَزَّازُ "
* * *
(ثم عبيد اللَّه) مبتدأ خبره قوله (فالخراز) والفاء زائدة يعني: أن
عبيد اللَّه بن الأخنس أبا مالك هو الخراز (بالراء) المهملة المشددة، (بدأ)
أي قبل الألف، والزاي المعجمة، وأما (غيره) أي غير عبد اللَّه فكله (خزاز)
بزايين معجمتين، هكذا قال الناظم تبعاً للحافظ في هدي الساري من أن
عبيد اللَّه خراز بالضبط الأول وغيره خزاز بالضبط الثاني، لكن الذي في كتب أسماء الرجال أن عبيد اللَّه هو الخزاز بمعجمات انظر التقريب والخلاصة
وتهذيب التهذيب.
ومنها رُبَيِّع مع رَبِيع ورُزَيق مع زُرَيق، ورباح ورياح ذكرها بقوله:
* * *
868 - بِنْتُ مُعَوِّذٍ وَبِنْتُ النَّضْرِ. . . " رُبَيِّعٌ " وَابْنُ حُكَيْمٍ فَادْرِ
869 - " رُزَيْقُ " بِالرَّا أَوَّلاً " رَبَاحُ ". . . وَالِدُ زَيْدٍ وَعَطَا إِفْصَاحُ
* * *
(بنت معوذ) بتشديد الواو بصيغة اسم الفاعل ابن عفراء صحابية لها
رواية في البخاري، (وبنت النضر) بفتح النون وسكون الضاد المعجمة.
عمة أنس بن مالك صحابية أيضاً وقع ذكرها في الجهاد، كلاهما (ربيع)
بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء تصغير ربيع بفتح فكسر، وأما غيرهما
فَرَبِيع مكبراً وهو كثير (وابن حكيم) تصغير حكم، كما تقدم، مبتدأ خبره قوله: "رزيق "، وفيه التضمين من عيوب القافية، وِهو تعليق البيت بما بعده، وهو جائز للمولدين، ولذا يستعمله الناظم، كثيراَ، وقوله: (فادر) أي اعلم ذلك أيها المحدث جملة معترضة بين المبتدأ والخبر، (رزيق) بمنع الصرف
للوزن (بالراء) بالقصر للوزن، أي المهملة (أولاً) أي في أول الكلمة قبل
الزاي المعجمة بصيغة التصغير، وأما بالزاي المعجمة أولًا بعدها راء مهملة
مصغراً أيضاً ففي نسب الأنصار بنو زريق.
(رباح) بفتح راء مهملة فباء موحدة آخره حاء مهملة مبتدأ خبره قوله:
(والد زيد) بن رباح المدني يروى عن سلمان الأغر وعنه مالك، (و) كنية(2/318)
والد (عطا) بالقصر للوزن، أي عطاء بن أبي رباح، واسمه أسلم ومن
عداهما فبكسر راء فياء مثناة تحتانية، وقوله: (إفصاح) خبر لمحذوف أي
هذا إفصاح وتوضيح لمشتبه الأسماء، تكملة للبيت.
ومنها أبو الرِّجَال وأبو الرَّحَّال ذكرهما بقوله:
* * *
870 - مُحَمَّدٌ يُكْنَى " أَبَا الرِّجَالِ ". . . وَعُقْبَةٌ يُكْنَى " أَبَا الرَّحَالِ "
* * *
(محمد) هو ابن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان المدني روى عن
أمه عمرة بنت عبد الرحمن، مبتدأ خبره جملة قوله (يكنى) باليناء للمفعول
وتخفيف النون، يقالُ كنيته أبا محمد وبأبي محمد، قال ابن فارس وفي
كتاب الخليل الصواب الإتيان بالباء. اهـ المصباح.
قلت: وفيه التشديد في نونه أيضاً (أبا الرجال) براء مكسورة فجيم مخففة لأنه كان له عشرة من الأولاد رجال، (وعقبة) بالصرف للوزن ابن عبيد الطائي الكوفي علق له البخاري، في الجمعة (يكنى أبا الرَّحَّال) براء مفتوحة فحاء مهملة مشددة.
ومنها سُرَيج مع شُرَيح ذكرهما بقوله:
* * *
871 - " سُرَيْجٌ " ابْنَا يُونُسٍ وَالنُّعْمَانْ. . . وَاكْنِ أَبَا أَحْمَدَ. . . .
* * *
(سريج) بسين مهملة فراء كذلك فجيم بعد ياء، مصغراً، مبتدأ على
حذف مضاف أي مسميات سريج، وخبره (ابنا يونس) بالصرف للوزن
(والنعمان) ، يعني أن سريجاً بالضبط المذكور، اسم سريج بن يونس بن
إبراهيم البغدادي أبي الحارث مروزي الأصل من شيوخ البخاري، إلا أنه
في الصَّحِيح روى عنه بواسطة، واسم سريج بن النعمان بن مروان.
الجوهري أبي الحسن، البغدادي، أصله من خراسان من شيوخه أيضاً.
روى عنه في الصَّحِيح تارة بواسطة وتارة بدونها (واكن) أيها المحدث بأبي
سريج (أبا أحمد) أي والد أحمد بن الصبَّاح النَّهْشَلي الرازي، فأبوه يكنى
بأبي سريج، ومن عدأهم فبالشين المعجمة والحاء المهملة، شريح، وهم
جماعة(2/319)
ومنها سَلِيم مع سُلَيم، والسِّيناني مع الشَّيبَاني ذكرها بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وَابْنُ حَيَّانْ
872 - سُلَيْمُ بِالتَّكْبِيرِ، وَالسِّيْنَانِي. . . فَضْلٌ وَمَنْ عَدَاهُ فَـ الشَّيْبَانِي
* * *
(و) سليم (بن حيان) الهذلي البصري، مبتدأ خبره قوله: (سليم)
بمنع الصرف للوزن (بالتكبير) يعني أن سَلِيم بن حيان مكبر، ومن عداه فهو
سُلَيم مصغراً (والسيناني) بكسر المهملة بعدها ياء وقبل الألف وبعدها نونان.
مبتدأ خبره قوله: (فضل) هو ابن موسى أبو عبد الله المروزي، (ومن عداه) أي غيره (ف) هو (الشيباني) بفتح المعجمة بعدها ياء ثم موحدة.
ومنها السَّامِي مع الشَّامِي ذكرهما بقوله:
* * *
873 - مُحَمَّدٌ عَبَّادُ وَالنَّاجِيُّ. . . وَعَبْدُ الاعْلَى كُلُّهُمْ " سَامِيُّ "
* * *
(محمد) بن عرعرة بن البِرِنْد، بكسرتين فسكون نون البصري.
(وعباد) بمنع الصرف للوزن ابن منصور.
(و) أبو المتوكل علي بن دؤاد بضم الدال بعدها واو بهمزة أوداود (الناجي) بنون وجيم نسبة إلى بني ناجية بن سامة قبيلة كبيرة، (وعبد الأعلى) البصري، أبو محمد، بنقل حركة الهمزة إلى اللام وحذفها للوزن (كلهم) أي هؤلاء الأربعة، (سامي) بسين مهملة نسبة إلى سامة بن لؤي، ومن عداهم فبالشين المعجمه شامي، فمحمد مبتدأ وما بعده عطف عليه وكلهم توكيد، أو مبتدأ ثان، وسامي خبره، والجملة خبر الأول.
ومنها صَبِيح، مكبراً، وصُبَيح مصغراً، ذكرهما بقوله:
* * *
874 - صَبِيحَُ وَالِدَُ الرَّبِيعِ فَافْتَحَا. . . وَاضْمُمْ أَبًا لِمُسْلِمٍ أَبِي الضُّحَى
* * *
(صبيح) مفعول مقدم لـ افْتَحَا، أو مبتدأ ممنوع من الصرف للوزن
(والد الربيع) بن صبيح السعدي البصري، عابد، مجاهد، أول من صنف
الكتب في البصرة كما تقدم أول المنظومة (فافتحا) أيها المحدث والألف
بدل من نون التوكيد، وفي نسخة المحقق فُتِحَا بالبناء للمفعول والألف(2/320)
للإطلاق، والجملة خبر المبتدإ، يعني: أن صبيحاً والد الربيع مفتوح الأول
بوزن كبير، والربيع هذا ذكره البخاري في كفارة اليمين في المتابعات.
(واضمم) أيها المحدث (أبا لمسلم أبي الضحى) بدل من مسلم، يعني
أن أبا مسلم أبي الضحى الهمداني الكوفي العطار صُبَيح مضموم الأول
بصيغة التصغير.
ومنها عيَّاش، مع عباس ذكرهما بقوله:
* * *
875 - " عَيَّاشٌ " الرَّقَّامُ وَالْحِمْصِيُّ. . . أَبًا كَذَاكَ الْمُقْرِئُ الْكُوفِيُّ
* * *
(عياش) بعين مهملة مفتوحة فياء تحتانية مشددة، فالف ثم شين
معجمة، هو ابن الوليد (الرقام) نسبة إلى رقم الثياب، قاله في اللباب.
البصري، قال الحافظ في الهدي: ومما يشتد اشتباهه في هذه المادة
عباس بن الوليد، وعياش بن الوليد، أحدهما: بالموحدة والمهملة والآخَر
بالمثناة والمعجمة، وكلاهما من شيوخ البخاري، فالأول هو النَّرْسي له في
الكتاب حديثان أحدهما: في علامات النبوة، والثاني: في المغازي في باب
بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن، قال في كل منهما حدثنا عباس بن الوليد.
وعلق له ثالثاً في كتاب الفتن، قال: قال عباس النَّرْسِيُّ: حدثنا يزيد بن
زريع فذكر حديثاً وباقي ما في الكتاب عن حديث الآخر وهو عياش بن
الوليد الرَّقَّام، يذكر أباه تارة وتارة لا يذكره، واختلف في موضع في الحج.
قال فيه: حدثنا عباس بن الوليد حدثنا محمد بن فضيل فذكر حديث أبي
هريرة في فضل المحلقين فأكثر الروايات بالشين المعجمة، وفي رواية ابن
السكن بالمهملة وكان القابسي يشك فيه عن أبي زيد فيقول: عباس أو
عياش، ويجزم به عن الأصيلي، فيقول عياش بالمعجمة وهو الصواب.
واختلف في موضع آخر في المبعث قال فيه: حدثنا عياش بن الوليد حدثنا
الوليد بن مسلم ففي أكثر الروايات بالمعجمة وهو غير مقيد في كتاب
الأصيلي، ونقل أبو علي الجَيَّاني عن بعضهم أنه عباس بن الوليد بن مزيد
البيروتي ورَدَّ ذلك، وقال: إنه ليس بشيء وهو كما قال،. اهـ كلام الحافظ.
(و) كذا (الحمصي) بكسر فسكون نسبة إلى حمص بلد مشهور(2/321)
بالشام، (أبا) تمييز محول عن المضاف أي وكذلك أبو الحمصي وهو
علي بن عياش الحمصي من شيوخ البخاري، و (كذاك) أي مثل الحمصي
في كون أبيه بهذا الضبط: أبو بكر بن عياش بن سالم (المقرئ) أحد راوييى
عاصم أبي النجود أحد القراء السبعة، الأسدي مولاهم الحناط أحد الأعلام.
مختلف في اسمه والصَّحِيح أن اسمه كنيته (الكوفي) نسبة إلى الكوفة البلدة
المشهورة، وغير هؤلاء كله عباس وهو كثير.
ومنها عَبَادَةُ وعُبَادَةُ ذكرهما بقوله:
* * *
876 - وَافْتَحْ " عَبَادَةً " أَبَا مُحَمَّدِ. . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(وافتح) أيها المحدث (عبادة) بالصرف للوزن أي أوله (أبا محمد)
بدل من عبادة، يعني: أنه يفتح عين عبادة والد محمد بن عبادة الواسطي
مع تخفيف باءه، وغيره كله عبادة بالضم، وهو كثير.
ومنها عُبَاد مع عَبَّاد ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . وَاضْمُمْ أَبَا قَيْسٍ "عُبَادًا " تَرْشُدِ
* * *
(واضمم) أيها المحدث (أبا قيس) أي والده (عُباداً) عطف بيان أو
بدل من أبا قيس، يعني: أن والد قيس بن عُبَاد التابعي بضم العين المهملة
وتخفيف الباء، وغيره عَبَّاد بفتح فتشديد باء وقوله (ترشد) بالبناء للفاعل
من باب نصر، وتعب، أو للمفعول مجزوم بالطلب قبله، يعني: أنك إن تفتح وتضم ما ذكر ترشد طريق الصواب، وإلا وقعت في التحريف.
ومنها عَبَدَةُ مع عَبْدَة ذكرهما بقوله:
* * *
877 - وَفَتَحُوا بَجَالَةَ بْنَ " عَبْدَهْ ". . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(وفتحوا) أي المحدثون باء عَبَدَة والد (بجالة) بفتح الموحدة والجيم
التميمي ثم العنبري، البصري، المروزي، (بن عبده) .
يعني: أن عبدة هذا بفتحتين وعليه الدارقطني وابن ماكولا والجَيَّاني.
وحكاه صاحب المشارق عن تاريخ البخاري، وأصحاب الضبط.
وقيل فيه:(2/322)
عبدة بالسكون حكاه صاحب المشاروا عن البخاري أيضاً، ويقال فيه أيضاً:
عبد، بدون هاء.
ومنها عَبِيدةُ مع عُبَيْدَة ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . كَذَا " عَبِيدَةُ " بْنُ عَمْرٍو قَيَّدَهْ
878 - وَالِدُ عَامِرٍ كَذَا وَابْنُ حُمَيْدْ. . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(كذا) فتحوا عَينَ (عبيدة بن عمرو) أو ابن قيس بن عمرو السلماني
بسكون اللام، أو فتحها، وهو الذي لأصحاب الحديث نسبة إلى سلمان بطن من مراد، التابعي المخضرم، المخرج له في الصَّحِيحين، قاله السخاوي، يعني أن عبيدة بن عمرو هذا مفتوح العين مع كسر بائه (قيده) ، يحتمل أن
يكون فعل أمر حذفت منه نون التوكيد للوزن، والأصل قيدنه أيها المحدث
بهذا الضبط، وأن يكون فعلاً ماضياً فيه ضمير يعود إلى المفهوم من السياق
أي قَيَّدَه من حقق ضبطه بالضبط المذكور.
(والد عامر) وهو عَبِيدَة الباهلي البصري قاضيها التابعي المذكور في
البخاري في جملة من شاهد معاوية بن عبد الكريم القرشي الضالّ، يجيز
كتب القضاة بغير محضر من الشهود، (كذا) أي مثل الضبط المتقدم، وهو
فتح العين وكسر الباء (و) كذا بهذا الضبط عَبِيدَة (بن حميد) بن صهيب
الكوفي المعروف بالحذاء، ومن عدا هؤلاء الثلاثة فكله عُبَيدَة بالتصغير.
ومنها عُبَيد بالضم مع عَبِيد بالفتح ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . وَكُلُّ مَا فِيهِ مُصَغَّرٌ " عُبَيْدْ "
* * *
(وكل ما فيه) مبتدأ خبره قوله: عبيد، وقوله: (مصغر) حال من عبيد
رسم على لغة ربيعة أي كل ما في صحيح البخاري (عبيد) بدون هاء
التأنيث حال كونه مصغراً وليس فيه وكذا في مسلم والموطأ ممن هو بالفتح
أحد، وإن كان يوجد في الجملة جماعة.
ومنها عَبْثَر، مع عَنْبَر ذكرهما بقوله:
* * *
879 - وَوَلَدُ الْقَاسِمِ فَهْوَ " عَبْثَرُ ". . . وَابْنُ سَوَاءٍ السَّدُوسِيْ " عَنْبَرُ "
* * *(2/323)
(وولد القاسم) يكنى أبا زُبَيد (فهو عبثر) بالموحدة الساكنة بعدها ثاء
مثلثة ثم راء، يعني أن عبثر بن القاسم الكوفي الزُّبَيْدِي، أبا زبيد مضبوط
بهذا الضبط.
(و) أما جد محمد (ابن سواء) بن عنبر (السدوسي) ، بفتح
فضم نسبة إلى سدوس بن شيبان أبو قبيلة، فهو (عنبر) بنون بدل الباء ثم
باء موحدة بدل الثاءالمثلثة، وأما غنثر بضم الغين المعجمة بعدها نون ثم ثاء
مثلثة ثم راء، قاله أبو بكر الصديق لابنه عبد الرحمن في قصته المشهورة.
ومعناه الأحمق فليس في الأسماء، أفاده في الهدي. اهـ بزيادة.
ومنها عُيَيْنَة مَع عُتَيْبَة ذكرهما بقوله:
* * *
880 - " عُيَيْنَةٌ " وَالِدُ ذِي الْمِقْدَارِ. . . سُفْيَانَ، وَابْنُ حِصْنٍ الْفَزَارِي
* * *
(عيينة) صرف للضرورة أي بياءين تحتانيتين، بعدهما نون مصغراً.
مبتدأ خبره قوله: (والد ذي المقدار) الرفيع (سفيان) بدل من ذي، أبي
محمد الإمام العلم المشهور، الهلالي الكوفي، ثم المكي، تكرر ذكره
مسمى، وغير مسمى، (وابن حصن) بكسر فسكون عطف على والد.
يعني أن عيينة بالضبط المذكور ابن حصن بن حذيفة بن بدر، (الفزاري)
بفتحتين نسبة إلى فزارة بن ذبيان قبيلة كبيرة من قيس عَيْلان، وعيينة هذا له
صحبة وليس له رواية، وإنما ذكر في أثناء الحديث، وأما غيرهما فعتيبة.
بتاء بدل الياء الأولى مصغراً، أيضاً وهو الواضح.
ومنها عَتَّاب مع غِيَاث ذكرهما بقوله:
* * *
881 - "عَتَّابُ" بِالتَّا ابْنُ بَشِيرَ الْجَزَرِي. . . . . . . . . . . . .
* * *
(عَتاب) بعين مهملة و (بالتا) بالقصر أي المشددة غير منصرف
للوزن، مبتدأ خبره قوله: (ابن بشير) بمنع الصرف للوزن أيضاً، الأموي
مولاهم، أبو سهل (الجزري) بفتحتين نسبة إلى الجزيرة، وهي عدة بلاد
ذكرها في اللباب، وأما غيره فغياث بكسر المعجمة بعدها مثناة من تحت
وبعد الألف ثاء مثلثة كعثمان بن غياث الراسبي، وحفص بن غياث، وابنه
عمر، وغيرهم.(2/324)
ومنها عُقَيل بالضم مع عَقِيل بالفتح ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . "عُقَيْلُ" بِالضَّمِّ فَرَاوِي الزُّهْرِي
* * *
(عقيل) بمنع الصرف للضرورة (بالضم) لأوله بصيغة التصغير، مبتدأ
خبره قوله (فراوي الزهري) والفاء زائدة، يعني: أن عقيل بن خالد بهذا
الضبط راوي ابن شهاب الزهري، وقد تكرر ذكره في البخاري، وأما غيره
فهو عَقِيل بالفتح مكبراً كعَقِيل بن أبي طالب أخي علي، وأبي عَقِيل
الأنصاري صحابيان لهما ذكر، وأبي عَقِيل زهرة بن معبد تابعي، وأبي عَقِيل
بشير بن عقبة الدورقي.
ومنها العَوَقِيُّ مع العَوْفِيِّ ذكرهما بقوله:
* * *
882 - ابْنَ سِنَانَ الْعَوَقِيَّ أَفْرِدِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(ابن سنان) بمنع الصرف للوزن مفعول مقدم لأفرد، يعني: أن
محمد بن سنان (العوقي) بفتحتين نسبة إلى العوقة- بطن من عبد القيس.
وهو عَوَق بن الدليل بن عمرو بن وديعة، بن بكير بن أفصى، بن
عبد القيس، (أفرده) أيها المحدث من بيق الرُّوَاة بهذه النسبة، وأما غيره
فالعوفي بسكون الواو بعدها فاء نسبة إلى عبد الرحمن بن عوف الزهري.
ومنها القاريّ بالتشديد مع القارِيْ بالتخفيف، ذكرهما بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . قَارِيُّهُمْ هُوَ ابْنُ عَبْدٍ شَدِّدِ
* * *
(قاريهم) بالنصب مفعول مقدم لشدد، أو مبتدأ خبره جملة (شدد)
وقوله: (هو ابن عبد) جملة معترضة (شدد) ياءه أيها المحدث، يعني: أن
عبد الرحمن بن عَبْدٍ القاريَّ الراوي عن عمر بن الخطاب، وكذا حفيد أخيه
يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد اللَّه بن عبد القاري، نزيل
الإسكندرية من طبقة الليث، يشدد ياءه نسبة إلى قَارَةَ قبيلةٍ معروفبما بالرمي.
* * *
(تنبيه) : هذا البيت اختلفت النسخ فيه ففي نسخة المحقق هكذا
(إِبْنُ سِنَانِ العَوَقِي وَالقَارِي يُشَدَّدُ ابنُ عَبْدٍ) ناتص.
قال المحقق: كذا في الأصل(2/325)
المقروء على المصنف، وفي نسخة الشارح تمام البيت: "ذَاكَ السَّارِي "
والنسخة التي شرحت عليها مذكورة في هامش المحقق، وعزاها إلى نسخة
أحمد بن بك الحسيني، وقال: هو أحسن، وأشار بقوله: شَدِّدْ إلى أن غيره
مخفف الياء، وهو من ينسب إلى القراءة وهم جماعة، كما قاله في الهدي.
وقال في اللباب القارئ بهمزة آخره يقال: لمن يقرأ القرآن العزيز.
ويجوز ترك الهمزة تخفيفاً ولا يجوز تشديد الياء اهـ.
ومنها محْرِز مع مُجَزِّزٍ ذكرهما بقوله:
* * *
883 - أَبُو عُبَيْدِاللهِ فَهْوَ " مُحْرِزُ ". . . صَفْوَانَ، أَمَّا الْمُدْلِجِي "مُجَزِّزُ"
* * *
(أبو عبيد اللَّه) أي والد عبيد الله، مبتدأ خبره قوله: (فهو محرز) بحاء
فراء مهملتين فزاي معجمة بصيغة اسم الفاعل، والفاء زائدة، له ذكر في
الأحكام، ومثله (صفوان) بن محرز تابعي، فصفوان مضاف إليه مجرور
والمضاف محذوف لدلالة ما قبله عليه وهو أبو، أي أبو صفوان كذلك.
يعني: أنه محرز بالضبط المذكور، و (أما) الصحابي المذكور في حديث
عائشة في قصة أسامة بن زيد بن حارثة (المُدْلجي) بتخفيف الياء للوزن.
نسبة إلى بني مدلج بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام آخره جيم، بطن
من كنانة، منهم القافة الذين يلحقون الأولاد بالآباء. اهـ لباب باختصار.
فهو (مجزز) بجيم فزايين بوزن اسم الفاعل المضعف العين، قال في
الهدي وحكى إسماعيل القاضي عن علي بن المديني عن ابن عيينة أن ابن
جريج صحفه فقال محرز كالأول، واختلف في علقمة بن محرز، قال
البخاري: باب سرية عبد اللَّه بن حذافة السهمي وعلقمة بن محرز المدلجي.
ففي رواية ابن السكن وغيره كالأول، وضبطه الدارقطني، وعبد الغني
كالثاني 10 هـ.
ومنها مُغَفَّل مع مَعْقِل ذكرهما بقوله:
* * *
884 - وَالِدُ عَبْدِاللهِ قُلْ " مُغَفَّلُ ". . . مُنْفَرِدٌ وَمَنْ سِوَاهُ " مَعْقِلُ "
* * *
(والد عبد الله) مبتدأ خبره جملة قوله (قل) أيها المحدث في ضبطه(2/326)
(مغفل) بغين معجمة ففاء مشددة بصيغة اسم المفعول كمعظم، يعني: أن
عبد اللَّه بن مغفل بن عبد نَهْم بن عفيف بن أسحم الصحابي، بايع تحت
الشجرة، ونزل البصرة، يضبط أبوه بهذا الضبط، وهو (منفرد) بهذا الضبط
(و) أما (من سواه) أي مغفل هذا فهو (معقل) بعين مهملة فقاف بوزن
مسجد، وهم جماعة كمَعْقِل بن يسار.
ومنها مُعَمَّر، مع مَعْمَر، ومُنْيَة مع مُنَبِّه ذكرها بقوله:
* * *
885 - " مُعَمَّرٌ " يُشَدَّدُ ابْنُ يَحْيَى. . . وَ" مُنْيَةٌ " بِالْيَاءِ أُمُّ " يَعَلَى "
* * *
(مُعَمَّرٌ) مبتدأ خبره قوله (يشدد) ميماً مع ضم أوله وزان مُغَفَّل
الماضي (ابن يَحْيَى) خبر بعد خبر، أو هو الخبر، ويشدد حال منه، يعني أن
معمر بن يَحْيَى بن بسام الكوفي له في الصَّحِيح فرد حديث، يضبط بهذا
الضبط، لكن الأكثرون على أنه بالتخفيف كالجادة، وأما غيره فمَعْمَر، بفتح فسكون ففتح، كمعمر بن راشد، قال الحافظ: وأما مُعَمَّر بن سليمان الرقِّيّ فهو، بالتثقيل، ولم يخرج له البخاري، ووَهِمَ الدمياطي في زعمه أنه روى له حديث المغيرة بن شعبة. اهـ.
(ومنية) بالصرف للوزن مبتدأ خبره "أم يعلى" (بالياء) أي حال كونه
مضبوطاً بالياء المفتوحة بعد النون الساكنة وأوله ميم مضمومة، (أم يعلى)
الصحابي واسم أبيه أمية بن أبي عبيدة بن همام، وأما غيرها فهو مُنَبِّه
بصيغة اسم الفاعل المضعف من نَبَّه، كهمام بن منبه، ووهب بن منبه.
ومنها هُزَيل، بالزاء مع هُذَيل، بالذال ذكرهما بقوله:
* * *
886 - ابْنُ شُرَحْبِيلَ فَقُلْ " هُزَيْلُ ". . . بِالزَّايِ لَكِنْ غَيْرُهُ " هُذَيْلُ "
* * *
(ابن شرحبيل) بضم الشين وفتح الراء وسكون الحاء وكسر الباء مبتدأ
خبره قوله (فقل) الفاء زائدة، في ضبطه أيها المحدث (هزيل) مصغراً حال كونه (بالزاي) ، يعني أن هزيل بن شرحبيل الأودي الكوفي المخضرم مضبوط(2/327)
بهذا الضبط (ولكن) غيره مما في الكتاب (هذيل) بالذال المعجمة بدل
الزاي.
ومنها بُرَيْد وبِرِنْد مع يَزِيد ذكرها بقوله:
* * *
887 - نَجْلُ أَبِي بُرْدَةَ قُلْ " بُرَيْدُ ". . . وَابْنُ " الْبِرِنْدِ " غَيْرُ ذَا "يَزِيدُ"
* * *
(نجل) أي ابن (أبي بردة) بن أبي موسى الأشعري، وإعرابه كسابقه.
(قل) أيها المحدث في ضبطه (بريد) بباء موحدة فراء مهملة مصغراً.
يعني: أن بريد بن عبد اللَّه بن أبي بردة مضبوط بهذا الضبط، فقوله: نجل
أبي بردة فيه تجوز لأنه ابن ابنه عَبْدِاللَّهِ قال السخاوي، وأما ما وقع في
البخاري من حديث مالك بن الحويرث في صفة صلاة النبي - صلى الله عليه وسلم - من قوله: كصلاة شيخنا أبي بُرَيْد عَمْرو بن سَلِمَة بكسر اللام فقد اختلف فيه: فالأكثر بريد بالتصغير كحفيد أبي موسى الأشعري، وهو الذي رواه أبو ذر عن الحموي عن الفربري، عن البخاري، وكذلك ذكره مسلم في الكنى، ولكن عامة رواة البخاري قالوا: يزيد كالجادة، قال عبد الغني: لم أسمعه من أحد بالزاي ومسلم أعلم،. اهـ كلام السخاوي.
(و) محمد بن عرعرة (بن البرند) السامي بالمهملة اختلف في ضبطه، فضبطه ابن ماكولا: بكسر الموحدة والراء بعدها نون ثم دال وقيل بفتحها، وحكاهما أبو علي الجياني عن ابن الفرضي فقال: إنه يقال بالفتح والكسر، قال: والأشهر الكسر، وكذا قال القاضي عياض ثم ابن الصلاح: إنه أشهر، واقتصر عليه الذهبي، والحافظ، أفاده السخاوي.
فقوله: وابن البرند مبتدأ خبره محذوف تقديره كذلك أي نجي كونه بباء
موحدة ثم راء، لا في جميع الحروف، والحركات شبهه به لئلا يلتبس بيزيد
الآتي.
(غير ذا) أي غير من ذكر مما هو على صورته فهو (يزيد) بفتح المثناة
التحتانية ثم زاي مكسورة، وهو الجادة، كيزيد بن هارون.
* * *
888 - هَذَا جَمِيعُ مَا حَوَى الْبُخَارِي. . . فَاضْبِطْهُ ضَبْطَ حَافِظٍ ذَكَّارِ
* * *(2/328)
(هذا) إشارة إلى ما ذكره في هذه الأبيات الأربعين من قوله ومن هنا
خص صحيح الجعفي إلى هنا، (جميع ما حوى) أي جَمَع، وفي نسخة
المحقق ما رَوَى، أي ذكره، يعني: أن هذا المذكور فيما تقدم من الأبيات
هو ما جمعه، واشتمل عليه صحيح الإمام الحجة أبي عبد اللَّه محمد بن
إسماعيل (البخاري) من المؤتلف والمختلف (فـ) إذا كان كذلك فأقول
لك (اضبطه) أيها المحدث أي احفظه حفظاً بليغاً، وبابه ضَرَب، ومنه
قيل: ضبطت البلاد وغيرها، إذا قمت بأمرها قياماً ليس فيه نقص، أفاده في
المصباح.
(ضبط حافظ ذكار) أي مبالغٍ في التَذَكُّر لشدة ضبطه، لكن قوله
جميع ما حوى البخاري معترض بأنه لم يستوعب المؤتلف والمختلف
المذكور فيه، فقد ذكر الحفاظ في الهدي كثيراً مما لم يذكره هنا، قال
الشارح: لعله بحسب استحضاره حين النظم.
ثم ذكرما يختص به صحيح مسلم فقال:
* * *
889 - فِي مُسْلِمٍ خَلَفٌ " الْبَزَّارُ ". . . وَسَالِمٌ " نَصْرِيُّهُمْ " " جَبَّارُ "
890 - هُوَ ابْنُ صَخْرٍ وَعَدِيُّ بْنُ "الْخِيَارْ". . . " جَارِيَةٌ " أَبُوالْعَلا بِالْجِيمِ سَارْ
* * *
(في مسلم) خبر مقدم أي كائن في صحيحه (خلف) بفتحتين مبتدأ
مؤخر، (البزار) صفة خلف، بباء موحدة فزاي معجمة، فالف آخره راء
مهملة.
قال في اللباب: اسم لمن يخرج الدهن من البزور ويبيعه اهـ.
يعني: أن الذي في صحيح مسلم هو خلف بن هشام بن ثعلبة، أبو
محمد البغدادي المقرئ شيخ مسلم البزار بهذا الضبط، وأما غيره فهو
البزاز بزايين، وهو كثير.
(وسالم) عطف على خلف أي كائن أيضاً في مسلم سالم (نصريهم)
بالنون صفة سالم أي نصريّ المحدثين وأضافه إليهم لاشتهاره بينهم، يعني
أن سالماً في مسلم هو النصري بالنون المفتوحة، والصاد المهملة الساكنة
آخره راء نسبة إلى قبيلة وَجَدّ، ومحلة، قاله في اللباب، لكن هذا نسبة إلى
قبيلة نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن، وسالم هذا هو ابن عبد الله(2/329)
أبو عبد الله أحد التابعين، يقال له مولى النصريين ومولى شداد، ومولى المَهْرِي ومولى دوس وسالم سَبَلان، بالتحريك.
ومن عداه فكله بصري بالباء، وثبت في مسلم أيضاً (جبار) بجيم
مفتوحة فباء مشددة آخره راء مهملة بعد ألف (هو) أي جبار المذكور
(ابن صخر) بن أمية بن خنساء الصحابي الأنصاري، ثم السلمي، أبو عبد اللَّه ذكر في حديت جابر بن عبد الله في آخر صحيح مسلم قُبَيل حديث الهجرة مات سنة ثلاثين، وهو ابن اثنين وستين سنة.
(و) ثبت أيضاً في مسلم (عدي بن الخيار) بن عدي بن نوفل بن عبد مناف النوفلي صحابي يعني: أنه مضبوط
بخاء معجمة مكسورة بدل الجيم بعدها ياء مخففة بدل الباء الموحدة
المشددة، وفي مسلم أيضاً (جارية) بالصرف للضرورة وهو عطف على
خلف بحذف عاطف وقوله (أبو العلا) بالقصر للوزن بدل منه، أو عطف
بيان، أو جارية مبتدأ خبره قوله: سار يعني: أن جارية والد العلا حال كونه
مضبوطاً (بالجيم سار) فعل ماض أي ذكر، أو اسم فاعل من سرى بمعنى
سار، أي ذِكْرُهُ مستمر في مسلم، والعلاء هذا هو والد الأسود بن العلاء الذي هو من رجال مسلم خاصة فالعلاء بن جارية ليس من رجاله وإنما يذكر في نسب ابنه هذا، وأما غيره فكله حارثة بالحاء والثاء.
* * *
891 - أَهْمِلْ " أَبَا بَصْرَةٍ الْغِفَارِي ". . . كَذَا اسْمُهُ "حُمَيْلُ" مَعْ إِصْغَارِ
* * *
(أهمل) أيها المحدث (أبا بصرة) أي اضبطه بصاد مهملة بعدها باء
موحدة وصرف للضرورة (الغفاري) أي المنسوب إلى بني غفار بكسر الغين
قبيلة مشهورة.
يعني: أن أبا بصرة مضبوط بالصاد المهملة (كذا) يهمل
(اسمه حميل) بدل من اسمه أو عطف بيان، ومنع من الصرف للضرورة، وفي
نسخة الشارح كذا أتَى حُمَيل، يعني: أن اسم أبي بصرة هو حميل بن
بصرة بن وقاص، صحابي سكن مصر، ومات بها مضبوط بالإهمال ككنيته
حال كونه (مع إصغار) أي تصغيره يقال: صغره وأصغره جعله(2/330)
صغيراً. اهـ (ق) .
وقيل: بفتح أوله مكبراً، وقيل: إن اسمه جَمِيل مكبراً
بالجيم بدل الحاء.
* * *
892 - صَغِّرْ "حُكَيْمًا" ابْنَ عَبْدِاللهِ ثُمّْ. . . "عَبِيدَةَ" بْنِ الْحَضْرَمِيِّ لا تَضُمّْ
* * *
(صغر) أي اجعل بصيغة التصغير (حكيماً ابن عبد الله) بدل من
حُكَيماً أو مفعول لفعل محذوف أي أعني ابن عبد اللَّه، ولا يكون صفة له
لتنوين الأول وثبوت ألف ابن.
يعني: أن حكيم بن عبد الله بن قيس بن مَخْرَمَة بن المطلب بن عبد مناف المطلبي القرشي التابعي، المخرج له في مسلم ثلاثة أحاديث
مضبوط بصيغة التصغير، ويقال فيه الحُكَيم بالتعريف كما قال السخاوي
(ثم عَبِيدة) بن سفيان بن الحارث (بن الحضرمي) بفتح فسكون نسبة إلى
حضرموت البلدة المشهورة باليمن، وهو التابعي، المدني، المخرج له في
مسلم، والموطأ حديث أبي هريرة في تحريم كل ذي ناب من السباع.
(لا تضم) أي لا تضبطه بالضم مصغراً، أيها المحدث لعدم سماعه، بل اضبطه
بصيغة المكبر، وقد قدمنا ثلاثة كلهم بهذا الضبط عَبِيدة بن عَمْرو
السلماني، وعامر بن عَبِيدَة، وعَبِيدَة بن حُمَيد، فهؤلاء الأربعة بصيغة
التكبير، ومن عداهم فبصيغة التصغير.
* * *
893 - وَافْتَحْ أَبَا عَامِرٍ ابْنَ " عَبْدَهْ ". . . وَابْنِ " الْبَرِيدِ " هَاشِمٍ فَأَفْرِدَهْ
* * *
(وافتح) أي اضبط بالفتح أيها المحدث (أبا) أي والد (عامر بن عبدة)
مفعول لفعل محذوف أي أعني ابن عبد ة ولا يكون صفة لعامر لعدم (1)
حذف التنوين، يعني أن عامر بن عَبَدَة الكوفي البجلي المخرج له في
__________
(1) قوله: لعدم حذف التنوين: أي لأن القاعدة أن كلمة ابن إذا وقعت بين علمين وكانت صفة للأول وجب حذف التنوين من الاسم الأول وهمزة الوصل من الثاني خطاً تبعاً للفظ، ولهذه القاعدة شروط مذكورة في كتب النحو. انظر حاشية الخضري على ابن عقيل جـ 2 ص 74.(2/331)
مقدمة مسلم عن ابن مسعود قوله: "إن الشيطان ليتمثل في صورة رجل
فيأتي القوم فيحدثهم "، الحديث.
يضبط بفتح الباء كما قاله ابن المديني وأحمد والجياني، والتميمي، والصدفي، وبه صدر الدارقطني وابن ماكولا كلامهما، وضبطه بعضهم بالسكون، حكاه عباس الدوري عن ابن معين.
بل حكى بعضهم فيه عَبْد بدون هاء، وهو وَهْم، وقد قدمنا في رجال
البخاري بهذا الضبط بجالة بن عَبَدَة والخلاف فيه، وأما عامر بن عَبِيدَة
الذي في طبقة مسعر فهو بالكسر وزيادة ياء قاله السخاوي.
(وابن البريد) بالجر عطف على عامر، أي افتح والد ابن البَرِيد، وهو
البريد نفسه، وقوله: (هاشم) بالجر بدل من ابن، يعني: أنك تفتح باء
البريد، والد هاشم بن البريد أبي علي الكوفي ثقة إلا أنه رمى بالتشيع قاله
في التقريب.
ثم إن ظاهره يقتضي أن هاشماً هذا مما اختص به مسلم، وليس
كذلك بل هو من رجال أبي داود والنسائي وابن ماجه، بل الذي له ذكر في
صحيح مسلم ابنه: علي بن هاشم وهو الذي ذكره العراقي في الألفية حيث
قال:
جَدُّ عَلِيْ بْنِ هَاشِمٍ بَرِيدُ: ولو قال بدل هذا البيت:
عَبَدَة وَالِدُ عَامِرٍ فُتِحْ، جَدُّ عَلِيٍّ الْبَرِيدُ يَنْفَتِحْ، لكان أوضح وأبين.
وقوله: (فأفرده) أصله أفردنه بنون التوكيد الخفيفة المحذوفة
للضرورة، فهو فعل أمر مبني على الفتح.
* * *
894 - وَاضْمُمْ عُقَيْلاً فِي الْقَبِيلِ مَعْ أَبِي. . . يَحْيَى الْخُزَاعِيِّ كَمَاضٍ تُصِبِ
* * *
(واضمم) أيها المحدث مما اختص به مسلم أيضاً (عقيلاً في القبيل)
أي القبيلة المعروفة المذكورة في حديث عمران بن حصين عند مسلم حيث
قال: كانت ثقيف حلفاً لبني عُقَيْل ثم ذكر حديث العضباء، وأنها كانت
لرجل من بني عُقَيل، (مع أبي) أي والد (يحيى) بنُ عُقيل (الخزاعي) بضم(2/332)
الخاء المعجمة فزاي معجمة نسبة لبني خزاعة البصري المخرج له في
(كماض) أي كما تضم العين في عقيل الماضي ذكره في قوله:
عُقَيْل بِالضَّمِّ فَرَاوِي الزُّهْرِي.
وحاصل المعنى: أن عُقَيلًا بصيغة التصغير ثلاثة اثنان مما اختص
بهما مسلم: وهما القبيلة وَيَحْيَى بن عُقَيل، وواحد مضى في رجال
البخاري، وهو غير مختص به، ومن عدا هؤلاء الثلاثة في الكتابين، وكذا
في الموطأ، فهو عَقِيل مكبراً.
وقوله: (تصب) مجزوم بالطلب قبله أي إن تَضْمُمْ تَنَلِ الصوابَ.
وهو ضد الخطأ بمعنى أنك تكون محفوظاً من الخطأ.
* * *
895 - عَيَّاشُ بِالْيَاءِ ابْنُ عَمْرِو الْعَامِرِي. . . مَعْ نَقْطِهِ وَهَكَذَا ابْنُ الْحِمْيَرِي
* * *
(عياش) بمنع الصرف للوزن مبتدأ (بالياء) أي حال كونه مضبوطاً
بالياء التحتانية، (ابن عمرو) خبر المبتدأ بمنع الصرف للوزن أيضاً، يعني:
أن عياشاً بعين مهملة فياء مشددة آخره شين معجمة، هو ابن عمرو
(العامري) نسبة إلى عامرٍ، أبي قبيلة الكوفي، روى عن مسلم بن نذير وهو
أيضاً ممن اختص به مسلم.
(مع نقطه) أي حال كونه مصاحباً لنقط آخره الذي هو الشين (وهكذا) أي مثل هذا الضبط عياش (بن) عباس بموحدة آخره سين مهملة القِتْبَانِيّ (الحميري) بكسر فسكون نسبة إلى قبيلة من
أصول القبائل التي باليمن المصري يروى عن أبي سلمة، وأبي الخير.
اليَزَنِيّ، وأبي عبد الرحمن الحبلي، توفي سنة 133 هـ.
* * *
896 - " رِيَاحُ " بِالْيَاءِ أَبُو زِيَادِ. . . وَكُنْيَةٌ لَهُ بِلا تَرْدَادِ
* * *
(رياح) بكسر الراء مبتدأ حال كونه مضبوطاً (بالياء) المثناة التحتانية
(أبو زياد) خبر المبتدأ أي والد زياد القيسي، البصري، ويقال: المدني
التابعي المروي له في مسلم حديثان، والمكنى عند الشيخين، وابن أبي(2/333)
حاتم والنسائي وأبي أحمد الحاكم، والدارقطني، وابن حبان، والخطيب.
وابن ماكولا، وغيرهم بأبي قيس، بل وقع مكنياً بها في المغازي من أصل
صحيح مسلم، قاله السخاوي: والحديثان هما حديث أبي هريرة في أشراط
الساعة: "بادروا بالأعمال ستاً" الحديث.
وحديث: "من خرج من الطاعة وفارق الجماعة" الحديث.
(و) رياح (كنية له) أي لزياد، يعني: أن زياداً يكنى بأبي رياح كاسم
أبيه، وقوله: (بلا ترداد) خبر لمحذوف أي ذلك كائن من غير تردد وشك.
هكذا رجح هنا هذا القول، والذي رجحه في التدريب خلاف هذا، ونصه
بعد ذكر ما في النظم وقيل: أبا قيس وهو الصواب، وهذا الذي في النظم
هو الذي شذ به صاحب الكمال، وتبعه المزي في تهذيبه، فكناه أبا رياح
كاسم أبيه، بل هو المصدَّر به عند المزي، ثم قال ويقال: أبو قيس، قال
السخاوي: وهو مما أُخِذَ عليهما، والظاهر أن صاحب الكمال انتقل بصره
إلى الراوي الآخر المشارك له في اسمه واسم أبيه فذاك هو المكنى بأبي
رياحِ كاسم أبيه، ولكن القيسي أقدم وإن اندرج الثاني في التابعين، لرؤيته
أنساً اهـ.
ثم إن ما تقدم في ضبط والد زياد هو قول الأكثرين وبه جزم
عبد الغني، ثم ابن ماكولا، وقال ابن الجارود: بالباء الموحدة مع فتح الراء
كالجادة، وحكى صاحب المشارق عن تاريخ البخاري الوجهين، قال
العراقي: وهم في ذلك فلم يَحْكِ البخاري في التاريخ فيه الموحدة أصلاً.
وإنما حكى الاختلاف في وروده بالاسم، أو الكنية، وفي اسم أبيه، ولا
ذكر له في صحيحه، أفاده في التدريب. ومن عداه فهو رباح بالفتح
والموحدة جزماً.
* * *
897 - وَكُلُّ مَا فِي ذَيْنِ وَالْمُوَطَّا. . . فَهْوَ " الْحَرَامِيُّ " بِرَاءٍ ضَبْطَا
* * *
(وكل ما) أي كل اسم كائن (في ذين) أي صحيحي البخاري ومسلم
(و) في كتاب (الموطأ) بالقصر للوزن للإمام مالك، إمام دار الهجرة.
(فهو الحراميُّ) بحاء مهملة مفتوحة، و (براء) مهملة (ضبطاً) منصوب على(2/334)
التمييز. أي من حيث الضبط، أو الجار متعلق به، وهو منصوب على
الحال، أي حال كونه مضبوطاً براء، يعني: أن الحرامي منسوباً، في
الكتب الثلاثة فهو بالراء.
* * *
898 - إِلاَّ الَّذِي أُبْهِمَ عَنْ أَبِي الْيَسَرْ. . . فِي مُسْلِمٍ فَإِنَّ فِيهِ الْخُلْفُ قَرّْ
* * *
(إلا) الرجل (الذي أبهم) اسمه (عن أبي اليسر) بفتحتين الأنصاري
اسمه كعب بن عمرو بن عباد، وقيل غيره، مشهور باسمه وكنيته شهد
العقبة، وبدراً مات بالمدينة سنة 55 هـ حال كونه واقعاً (في) صحيح
(مسلم) مقتَصِراً فيه على قوله: كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال
الحديث.
(فإن فيه) أي في ضبط الحرامي هذا، والجار والمجرور متعلق بِقَرَّ.
(الخلفَ) بالضم أي اختلاف الرواية اسم إنَّ وخبرها جملة قوله: (قر)
أي ثبت.
وحاصل المعنى: أنه اختلف في ضبط لفظ الحرامي هذا هل هو
بالمعجمة، أم المهملة، أم بغيرها فالأكثرون كما قال عياض ضبطوه بفتح
الحاء والراء المهملتين، والطبري بكسرها وبالزاي، وابن ماهان بجيم
مضمومة وذال معجمة.
* * *
899 - وَحِّدْ "زُبَيْدًا" مَاعَدَا ابْنَ الصَّلْتِ. . . . . . . . . . . . .
* * *
(وحد) أي اضبط أيها المحدث بالباء الموحدة بعدها ياء تحتانية
مصغراً (زبيداً) هو ابن الحارث اليامي وليس في الصَّحِيحين سواه (ما عدا)
زُيَيد (ابن الصلت) بن معد يكرب الكندي التابعي وهو والد الصلت شيخ
مالك المنفرد عن الصَّحِيحين بوقوع ذلك عنده يعنىِ: أن زبيد بن الصلت
هذا يضبط بياء مثناة بعدها ياء تحتانيتان وبكسر أوله أو ضمه.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . وَ" وَاقِدٌ " بِالْقَافِ فِيهَا يَأْتِي
* * *
(وواقد) مبتدأ (بالقاف) متعلق بيأتي (فيها) أي في الصَّحِيحين
والموطأ متعلق بيأتي أيضاً (يأتي) خبر المبتدإ، يعني أن واقداً يأتي في(2/335)
الكتب الثلاثة مضبوطاً بالقاف ولا يوجد فيها وافد بالفاء، كما قاله صاحب
المشارق، وتبعه ابن الصلاح، قال الناظم، وأما في غيرها ففيه: وافد بن
سلامة، ووافد بن موسى الذَّرَّاع. اهـ.
* * *
900 - بِالْيَاءِ " الأَيْلِيُّ " سِوَى شَيْبَانَا. . . لَكِنَّهُ بِنَسَبٍ مَا بَانَا
* * *
(بالياء الأيلي) مبتدأ وخبر، يعني أن الأيلي بفتح الهمزة مضبوط
بالياء التحتانية الساكنة نسبة إلى أيلة التي هي على بحر القلزم فكل من في
الكتب الثلاثة منسوب إليها (سوى شيبانا) أي غير شيبان بن فَرُّوخ شيخ
مسلم فهو أُبُلِّيٌّ بضم الهمزة، والباء الموحدة ثم لام مشددة منسوب إلى
الأُبُلَّةِ بالقرب من البصرة (لكنه) أي شيبان المذكور (بنسب) حال من الهاء
أي حال كونه موصوفاً بنسب (ما) نافية (بانا) بألف الإطلاق، أي ظهر.
يعني أن شيبان لم يوجد منسوباً فلا اعتراض على صاحب المشارق حيث
قال: ليس في الكتب الثلاثة الأبُلِّيّ بالباء، وفي نسخة الشارح وإن يكن
بنسب إلخ، والمعنى عليه أن الأيلي كله بالياء إلا شيبان فإنه بالباء، وإن
كان لم يقع فيها منسوباً.
* * *
901 - وَلَمْ يَزِدْ مُوَطَّأٌ إِنْ تَفْطِن. . . سِوَى بِضَمِّ "بُسْرٍ" ابْنِ مِحْجَنِ
* * *
(ولم يزد موطأ) على الصَّحِيحين في المؤتلف والمختلف (إن تفطن)
من باب تعب، وقتل، وكرم، كما في المصباح.
أي إن تَحْذَق في الفن أيها المحدث (سوى) أي غير (بضم) حال مقدم على بسر وفيه الفصل بين المضاف، وهو سوى، والمضاف إليه، وهو بسر، بالجار والمجرور، وهو ضرورة، أي حال كونه بضم بائه (بُسْرٍ) بضم فسكون (ابن محجن) بكسر فسكون ففتح جيم، آخره نون بدل من بسر، أو خبر لمحذوف، أي هو، أو مفعول لفعل محذوف، أي أعني، وليس صفة لبسر لعدم حذف تنوينه.
وحاصل المعنى: أن الموطأ ليس فيه من الرجال من هذا النوع زيادة
على الصَّحِيحين إلا بسر بن محجن الدَّيلي، روى عن أبيه وعنه زيد بن
أسلم، وقيل: هو بشر بمعجمة بدل المهملة.(2/336)
هذا آخر ما ذكره الناظم من المؤتلف والمختلف، وفيه زيادات كثيرة
على العراقي وابن الصلاح، مع قوله بعد استيفاءِ مَنْ ذَكَرَهُ: هذه جملة لو
رحل الطالب فيها لكانت رحلة رابحة: إن شاء اللَّه تعالى، ويَحِقُّ على
الحديثي إيداعها في سويداء قلبه إلخ.
لكن ترك من ابن الصلاح، قوله:
وفيها يعني الكتب الثلاثة: سَلْم بن زَرِير، وسَلْم بن قتيبة، وسَلْمُ بن أبي
الذَّيَّال، وسَلْمُ بن عبد الرحمن، هؤلاء الأربعة بإسكان اللام، ومن عداهم
سالم بالألف، وكذا ترك سلمان مع سليمان، وسنان مع شيبان، تبعاً
للعراقي، لعدم الاشتباه، ولذا لم يذكرها أصحاب المؤتلف والمختلف، في
كتبهم إلا أن الناظم اعترض في سَلْم وسالم، انظر التدريب جـ 2 ص: 310.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب. قوله: وجله إلى قوله: ثم اقتصر.
وقوله: إلى بخارَى. إلى قوله: بالإجماع.
وقوله: حراش بن مالك.
وقوله: وهو جَمّ. وقوله: وَصِف أبا الطيب: البيت.
وقوله: الخَدَري محمد بن الحسن. إلى قوله: والكوفي أيضاً مثله.
وقوله: عمرو وعبد الله نجلا سَلِمَة.
إلى قوله: عبد الخالق. وقوله: سلّامة مولاة إلى قوله: فافتحن وثقل.
وقوله: ونجل مرزوق. وقوله: كل مسيب: البيت.
وقوله: زيد بن أخزم سواه يمنع.
وقوله: ومن هنا خص صحيح الجعفي إلى قوله: قد نقحوا.
وقوله: أبو بصير الثقفي: إلى قوله: يَحْيَى وبشر.
وقوله: تميلة إلى قوله: نبهان.
وقوله: حية بالياء ابنه جبير. وقوله: ابن حذافة خنيس فقد.
وقوله: الجرشي إلى قوله: وعقبة يكنى أبا الرجال.
وقوله: والسيناني إلى قوله: كذاك المقرئ الكوفي.
وقوله: وولد القاسم إلى قوله: ابن بشير الجزري.
وقوله ابن سنان العوقي إلى قوله: لكن غيره هذيل.
وقوله: هذا جميع ما حوى البخاري.
وقوله: جبار إلى قوله: وعدي بن الخيار.
وقوله: أهمل أبا بصرة: البيت.
وقوله: عياش بالياء: البيت.
وقوله: لكنه بنسب ما بانا.(2/337)
(المتفق والمفترق)
أي هذا مبحثه وهو النوع الحادي والثمانون من أنواع علوم الحديث.
وهو فن مهم يعظم الانتفاع به صنف فيه الخطيب كتاباً نفيساً سماه
"الموضح لأوهام الجمع والتفريق ".
قال الحافظ: وقد لخصته وزدت عليه أشياء كثيرة، وفائدة معرفته الأمن من اللبس فربما ظن الأشخاص شخصاً واحداً، عكس المذكور بنعوت متعددة الماضي شرحه، وربما يكون أحد المشتركين ثقة والآخر ضعيفاً، فيضعف ما هو صحيح، أو يصحح ما هو ضعيف.
* * *
902 - وَاعْنَِ بِمَا لَفْظًا وَخَطًّا يَتَّفِقْ. . . لَكِنْ مُسَمَّيَاتُهُ قَدْ تَفْتَرِقْ
903 - لاسِيَّمَا إِنْ يُوجَدَا فِي عَصْرِ. . . وَاشْتَرَكَا شَيْخًا وَرَاوٍ فَادْرِ
* * *
(وَاعْنَِ) بفتح النون وكسرها كما تقدم أي اهتم أيها المحدث (بما)
أي بمعرفة الذي (لَفْظًا وَخَطًّا) تميزان محولان عن الفاعل (يتفق) من
الأسماء والأنساب ونحوها، (لكن مسمياته قد تفترق) لتعددهم فهو بهذا
مفترق، وهو من قبيل ما يسميه الأصوليون المشترك اللفظي، لا المعنوي، بل لهم في البلدان: المشترك وَضعا، والمفترق صُقْعاً، وقد زَلَّ جماعة من الكبار كما هو شأن المشترك إلفظي في كل علم، والمهم منه مَنْ يكون في مظنة الاشتباه لأجل التعاصر أو الاشتراك في بعض الشيوخ، أو في الرواة، قاله(2/338)
السخاوي، كما أشار إليه بقوله: (لا سيما) قال في المصباح مشدد، يعني:
ياءه ويجوز تخفيفه، وفتح السين مع التثقيل، لغة ولا تستعمل إلا مع
الجحد، فلا تقول: جاءني القوم سيما زيد، وذلك لأن لا وسيما تَرَكَّبَا
وصارا كالكلمة الواحدة تساق لترجيح ما بعدها على ما قبلها، فيكون
كالمخرج عن مساواته إلى التفضيل، فقولهم: تستحب الصدقة في شهر
رمضان لا سيما في العشر الأواخر معناه واستحبابها في العشر الأواخر آكد.
وأفضل، فهو مفضل على ما قبله، فلو قيل: سيما بغير نفي اقتضى التسوية
وبقي المعنى على التشبيه فيكون التقدير تستحب الصدقة في شهر رمضان
مثل استحبابها في العشر الأواخر، ولا يخفى ما فيه، وقال ابن فارس: ولا
سيما أي ولا مثل ما، كأنهم يريدون تعظيمه، وقال ابن الحاجب: ولا يستثنى بها إلا ما يراد تعظيمه اهـ.
ويقال: أجاب القوم ولا سيما زيد والمعنى فإنه أحسن إجابة.
فالتفضيل إنما حصل من التركيب فصارت لا مع سيما بمنزلتها في قولك:
لا رجل في الدار، فهي المفيدة للنفي وربما حذفت للعلم بها، وهي
مرادة، لكنه قليل،. اهـ عبارة المصباح باختصار وتغيير.
والمعنى في النظم، اعتنِ أيها المحدث بمعرفة هذا النوع ولا سيما
اعتناؤك (إن وجدا) أي المشتركان في الاسم مثلًا (في عصر) أي وقت واحد
(واشتركا شيخاً) منصوب بنزع الخافض أي في الرواية عن بعض الشيوخ
(وراو) معطوف على شيخاً بإجراء المنصوب مُجْرَى المرفوع والمجرور، أي
اشتركا أيضاً في الراوي الذي يروي عنهما، فإن اعتناءك في هذا أشد
وأوكد، وقوله: (فادر) أي فاعلم هذا النوع لشدة اشتباهه مؤكِّد لقوله:
لا سيما إلخ.
ثم ذكر أقسامه وهي عشرة فقال:
* * *
904 - فَتَارَةً يَتَّفِقُ اسْمًا وَأَبَا. . . أَوْ مَعَ جَدٍّ أَوْ كُنًى وَنَسَبَا
* * *(2/339)
(فتارة يتفق) كل منهما (اسماً وأباً) أي في اسمه واسم أبيه، فقوله:
اسماً منصوب على التمييز، أو بنزع الخافض لوجود الجار (1) في
المعطوف، وهو قوله: أو في اسمه إلخ.
(أو مع جدّ) له قال ابن الصلاح أو أكثر من ذلك (أو) يتفقان
(كنى ونسبا) أي في نسبه وكنيته.
ثم مثل للأول فقال:
* * *
905 - كَـ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: خَمْسٌ بَانْ. . . وَ"أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانْ"
* * *
(كَـ أَنَسِ) أي مثاله كانس (بن مالك خمس) خبر لمحذوف أي هم
خمس نسمات وقوله: (بان) أي ظهر جملة حالية من أنس أي حال كونه
بائناً عندهم، الأول: أنس بن مالك خادم النبي - صلى الله عليه وسلم - أنصاري نجاري، يكنى أبا حمزة، نزل البصرة، والثاني: كعبي، قشيري، يكنى أبا أمية نزل البصرة أيضاً، ليس له عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا حديث: "إن اللَّهِ وضع عن المسافر الصيام وشَطر الصلاة"
أخرجه أصحاب السنن الأربعة.
والثالث: أبو مالك الفقيه، والرابع: حمصي، والخامس: كوفي.
وهؤلاء هم الذين رُوِيَ عنهم الحديث، وإلا فأنس بن مالك عشرة.
ثم مثل للثاني: وهو ما اتفق أسماؤهم وأسماء آبائهم وأجدادهم
بقوله: (و) كـ (أحمد بن جعفر بن حمدان) وهم أربعة كلهم يروون عمن
يسمى عبد الله، وكلهم في عصر واحد، أحدهم القَطِيعي، أبو بكر
البغدادي، يروى عن عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل المُسنَدَ وغَيرَه، وعنه أبو
نعيم الأصبهاني مات سنة 308 هـ نسب إلى قَطِيعة الدقيق اسم محلة
ببغداد، الثاني: السقطي أبو بكر البصري، يروى عن عبد اللَّه بن أحمد
الدورقي، وعنه أبو نعيم، أيضاً مات سنة 304 هـ، الثالث: دِينَوري يروى عن عبد الله بن محمد بن سنان، صاحب محمد بن كثير صاحب سفيان
__________
(1) وذلك أن النصب بنزع الخافض غير مقيس إذا لم يكن هناك دليل، فأما إذا وجد دليل فهو قياسي كما حُقِّقَ في محله.(2/340)
الثَّوري، وعنه علي بن القاسم بن شاذان الرازي، الرابع: طرسوسي يكنى
أبا الحسن يروى عن عبد الله بن جابر الطرسوسي، وعنه القاضي أبو الحسن
الخصيب بن عبد الله الخصيبي.
ومن ذلك أيضاً محمد بن يعقوب بن يوسف النيسابوري: اثنان في
عصر واحد، روى عنهما الحاكم أبو عبد اللَّه، أحدهما: أبو العباس الأصم، والثاني: أبو عبد اللَّه بن الأخرم، قال ابن الصلاح: ويعرف بالحافظ دون
الأول.
قال العراقي: ومن غرائب الاتفاق في ذلك محمد بن جعفر بن
محمد بن الهيثم الأنباري، والحافظ أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر
النيسابوري، وأبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن كنانة البغدادي، ماتوا
سنة 365 هـ ستين وثلاثمائة.
ثم مثل للثالث وهو ما اتفق في الكنية والنسبة معاً بقوله:
* * *
906 - ثُمَّ " أَبِي عِمْرَانٍ الْجَوْنِي ". . . اثْنَيْنِ: بَصْرِيٍّ وَبَغْدَادِيِّ
* * *
(ثم) الثالث مِثلُ (أبي عمران الجوني) بفتح الجيم وسكون الواو
(اثنين) بدل من أبي عمران (بصري وبغدادي) صفة لاثنين يعني: أن
أحدهما بصري، واسمه عبد الملك بن حبيب الأزدي، رأى عمران بن
حصين، حدث عن أنس بن مالك، وغيره، وسماه الفلاس عبد الرحمن، ولم
يتابع عليه، مات سنة 139 هـ، والثاني: بغدادي متأخر عنه وهو من أهل
البصرة أيضاً، وسكن بغداد، واسمه موسى بن سهل بن عبد الحميد، روى
عن الربيع بن سليمان، وطبقته، وعنه الإسماعيلي، والطبراني، في آخرين.
قال السخاوي: لكنهما مع تباعدهما نِسبَتُهُمَا مختلفة فالأول للجون بطن من
الأزد، والآخر وروده كذلك قليل تخفيفاً، وإلا فالأكثر فيه الجويني.
بالتصغير نسبة إلى ناحية. اهـ.(2/341)
ثم إن ضبط الجون بفتح الجيم هو الذي ذكره في اللباب، وتبصير
المنتبه، وشرح الألفية للسخاوي، وضبطه في (ق) بالضم والله أعلم.
ثم ذكر الرابع والخامس والسادس بقوله:
* * *
907 - أَوْ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبٍ وَالنَّسَبِ. . . أَوْ كُنْيَةٍ كَعَكْسِهِ وَاسْمِ أَبِ
908 - نَحْوُ " مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللهِ " مِنْ. . . قَبِيلَةِ الأَنْصَارِ أَرْبَعٌ زُكِنْ
909 - كَذَا "أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ" وَضُمّْ. . . " ابْنَ أَبِي صَالِحٍ صَالِحًا " تَعُمّْ
* * *
(أَوْ فِي اسْمِهِ وَاسْمِ أَبٍ وَالنَّسَبِ) أي وتارة يتفق كل منهما في اسمه
واسم أبيه ونسبه، وهذا هو رابع الأقسام، (أو كنية كعكسه واسم أب)
يعني: أنهما تارة يتفقان في كنية، واسم أب، وهذا هو الخامس.
وقوله: كعكسه: معترض بين المتعاطفين، أي كما يتفقان في عكسه وهو الاتفاق في الاسم وكنية الأب، وهذا هو السادس.
ثم مثل لها بالترتيب.
فمثل الأول وهو ما اتفق في اسمه واسم أبيه ونسبته بقوله:
(نحو محمد بن عبد الله) الأنصاري (من قبيلة الأنصار) هم (أربع) من النسمات
(زكن) بالبناء للمفعول أي علم كل منهم عند العلماء، باسمه، وقبيلته.
الأول: محمد بن عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك، أبو عبد الله
القاضي الثقة صاحب الجزء العالي الشهير شيخ البخاري مات سنة 215
عن 97 سنة، والثاني: محمد بن عبد الله بن حفص بن هشام بن زيد بن
أنس بن مالك، روى عنه ابن ماجه، وابن صاعد، وآخرون، ووثقه ابن
حبان، والثالث: محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، حديثه عند مسلم.
ووثقه ابن حبان، والعجلي، والرابع: أبو سلمة محمد بن عبد الله بن زياد
ضعيف جداً مُقِلّ، يقال: أنه جاوز المائة.
ثم مثل الخامس، وهو ما اتفقت كناهم وأسماء آبائهم، فقال:
(كذا أبو بكر بن عياش) بالمثناة التحتانية، والشين المعجمة، ثلاثة(2/342)
فقط، أحدهم: الكوفي القارئ الشهير، راوي عاصم واسم جده
سالم، وقد تقدم أن الصَّحِيح أن اسمه كنيته، وعُمِّرَ نحو مائة سنة.
وثانيهم: حمصي يروى عن عثمان بن شِبَاك الشامي، وعنه جعفر بن
عبد الواحد الهاشمي، وقال الخطيب: إنه وشيخه مجهولان، والراوي
عنه كان غير ثقة، وثالثهم: سلمى مولاهم بَاجَدَّائي نسبة إلى باجَدَّا
بفتح الباء والجيم وتشديد الدال، قرية من نواحي بغداد، أفاده في اللباب.
واسمه حسين له مصنف في الغريب، روى عن جعفر بن برقان، وعنه
علي بن جميل الرقي، وغيره، قال الخطيب: وكان فاضلاً أديباً مات سنة
254 بِبَاجَدَّا قاله هلال بن العلاء.
ثم مثل للسادس بقوله: (وضم) أيها المحدث إلى ما تقدم من أمثلة
الرابع والخامس (ابن أبي صالح صالحاً) مثالاً للسادس وهو ما اتفق فيه
الاسم وكنية الأب، فابن أبي صالح مفعول ضم وصالحاً مفعول لمحذوف.
أي أعني صالحاً، يعني: أن صالح بن أبي صالح مثال لهذا النوع وهم
جماعة، أربعة تابعيون، الأول: أبو محمد المدني مولى التوأمة ابنة أمية بن
خلف الجمحي، واسم أبي صالح نبهان كما تقدم في النظم، وقيل: إِن
نبهان جده، يروى عن جماعة من الصحابة، واختلف في الاحتجاج به مات
سنة 125 هـ.
والثاني: أبو عبد الرحمن المدني السمان، واسم أبي صالح
ذكوان يروى عن أنس وحديثه عند مسلم والترمذي، والثالث: السدوسي
يروى عن علي وعائشة وعنه خلاد بن عمرو، والرابع: الكوفي مولى عمرو بن حريث المخزومي، واسم أبي صالح مهران، يروى عن أبي هريرة، وعنه
أبو بكر بن عياش وحديثه عند الترمذي، ذكره ابن حبان في ثقاته وضعفه
يحيى بن معين، وجَهَّلَهُ النسائي، ولم يذكره الخطيب، وفيمن بعد هؤلاء
الأربعة آخر أسدي يروى عن الشعبي، وعنه زكريا بن أبي زائدة، حديثه في
النسائي، وذكره البخاري في تاريخه، وتركه ابن الصلاح، تبعاً للخطيب.
لتأخره، لا سيما، وبعضهم سمى والده صالحاً لكن قال البخاري: إن
الأول أصح، وكذا بعدهم يروي عن عبد خير وعنه عطاء بن مسلم(2/343)
الخفاف، ذكره ابن أبي حاتم، وابن حبان في الثقات، وفرق بينه وبين
الذي قبله، وهو الظاهر. اهـ فقح المغيث جـ 4 ص 280.
ثم ذكر السابع بقوله:
* * *
910 - وَتَارَةً فِي اسْمٍ فَقَطْ ثُمَّ السِّمَهْ. . . "حَمَّادُ" لابْنِ زَيْدَ وَابْنِ سَلَمَهْ
* * *
(و) يتفقان (تارة في اسم) أو في كنية أو في نسبة (فقط) أي فحسب
فيقع في السَّند منهم واحد باسمه، أو بكنيته أو بنسبته خاصة مهملاً من ذكر
أبيه أو غيره مما يتميز به عن المشارك له، فيما ورد به فيلتبس الأمر فيه.
وللخطيب فيه بخصوصه كتاب مفيد، سماه "المكمل، في بيان المهمل ".
قال الحافظ: وهو عكس المتفق والمفترق، في كونه يخشى منه ظن الواحد
اثنين، وقوله: (ثم السِّمَهْ) أي العلامة مبتدأ خبره محذوف أي مميزة لما
أشكل، أو خبر لمحذوف أي المميز السمة، أو فاعل لفعل محذوف أي
تميزه السمة، ثم ذكر مثاله، فقال: (حماد) بمنع الصرف للوزن أي مثاله
حماد مهملًا من نسبة أو غيرها (لابن زيد) بمنع الصرف أيضاً للوزن.
(وابن سلمة) أي فهو اسم لحماد بن زيد بن درهم الأزدي الجهضمي أبي
إسماعيل البصري المتوفى سنة 179 هـ، واسم لحماد بن سلمة بن دينار
الربعي، أو التميمي، أو القرشي، مولاهم أبي سلمة البصري، المتوفى
سنة 167 هـ.
ثم ذكر بعض العلامة التي يتميز بها كل منهما فقال:
* * *
911 - فَإِنْ أَتَى عَنْ حَرْبٍ مُهْمَلا. . . أَوْ عَارِمٍ فَهْوَ ابْنُ زَيْدٍ جُعِلا
912 - أَوْ هُدْبَةٍ أَوِ التَّبُوذَكِيِّ أَوْ. . . حَجَّاجٍ أَوْ عَفَّانَ فَالثَّانِيْ رَأَوْا
* * *
(فإن أتى) ذكر حماد (عن) سليمان (بن حرب) الأزدي الواشحي.
البصري قاضي مكة المكرمة، الإمام الحافظ الثقة المتوفى سنة 224 هـ.
وله ثمانون سنة، (مهملاً) حال من حماد أي حال كون حماد مهملاً عن
ذكر أبيه (أو) أتى حماد مهملاً عن (عارم) بمهملتين، لقب لمحمد بن الفضل السدوسي(2/344)
أبي النعمان البصري، " المتوفى سنة 3 أو 224 هـ.
(فهو) أي حمادا المهمل مبتدأ خبره قوله: (ابن زيد)
وجملة قوله: (جعلا) حال من ابن حرب، وعارم أي حال كونها مجعولين علامة على حماد بن زيد.
يعني: أنه إذا أتى حماد مهملًا في رواية ابن حرب، وعارم، فهو
حماد بن زيد، كما قاله محمد بن يَحْيَى الذهلي، والرامهرمزي، ثم
المزي (أو) أتى حماد مهملاً عن (هدبة) بالصرف للوزن بضم أوله
وسكون الدال بعدها باء موحدة أي هدبة بن خالد بن الأسود القيسي أبي
خالد البصري، ويقال له: هَدَّاب بالتثقيل، وفتحِ أوله، توفي سنة بضع
وثلاثين ومائتين.
(أو) أتى ذكر حماد مهملًا أيضاَ عن موسى بن إسماعيل
المنقري، بكسر فسكون وفتح قاف، أبي سلمة، (التبوذكي) بفتح التاء
وضم الموحدة وسكون الواو وفتح المعجمة نسبة لبيع السَّمَاذ بفتح أوله
وآخره معجمة (1) وهو السرجين، والرَّمَاد تُسمَد أي تصلح به الأرض.
وقال ابن ناصر وهو عندنا الذي يبيع ما في بطون الدجاج من الكبد والقلب
والقانصة (2) ، وكان يقول: لا جُوزِيَ خيراً من ينسبني كذلك أنا مولى لبني
منقر، وإنما نزل داري قوم من أهلها فنسبت كذلك، وقال ابن أبي حاتم:
إنه اشترى بها داراً فنسبت إليه، قاله السخاوي.
(أو حجاجٍ) ابن منهال (أو) أتى ذكر حماد مهملاً أيضاً عن (عفان) بن مسلم بن عبد الله الباهلي أبي عثمان الصَّفَّار البصري ثقة، ثبت مات سنة 219 هـ.
(فالثاني) خبر لمحذوف أي فهو الثاني، أو مفعول مقدم لـ (رأوا) سكنت ياؤه للضرورة، أو لغة، وهو الأولى لقراءة من قرأ من أوسط ما تطعمون أهاليكم بسكون الياء.
والمعنى: أنه إذا ورد حماد مهملاً من رواية هؤلاء عنه فإنه حماد بن سلمة.
__________
(1) الذي في المصباح واللباب أنه بالدال المهملة، وزان سلام، ما يصلح به الزرع من تراب وسرجين.
(2) القانصة للطائر كالحوصلة للإنسان قاله في اللسان.(2/345)
وإنما وصف بالثاني لتأخره عن ابن زيد، في الذكر، وإلا فهو مقدم
عليه في الوفاة كما تقدم.
* * *
913 - وَحَيْثُمَا أُطْلِقَ " عَبْدُاللهِ " فِي. . . طَيْبَةَ فَاْبُن عُمَرٍ، وَإِنْ يَفِي
914 - بِمَكَّةٍ فَابْنُ الزُّبَيْرِ، أَوْ جَرَى. . . بِكُوفَةٍ فَهْوَ ابْنُ مَسْعُودٍ يُرَى
915 - وَالْبَصْرَةِ الْبَحْرُ، وَعِنْدَ مِصْرِ. . . وَالشَّامِ مَهْمَا أُطْلِقَ ابْنُ عَمْرِو
* * *
(وحيثما أطلق عبد اللَّه) عن التقييد بأبيه مثلاً (في طيبة) أي عند أهل
المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فهو (ابن عمر)
بالصرف للضرورة ابن الخطاب رضي اللَّه عنهما (وإن يفي) مضارع وَفَى
الشيءُ إذا تَمَّ، والمراد به الحصول، أي وإن يحصل إطلاق عبد الله عن
التقييد بشيء يميزه، ولم يحذف الياء للجازم، إِما على لغة من لا يحذف
حرف العلة للجازم، اكتفاء بحذف الحركات المقدرة، أو الموجودة هي
التي لإتمام الوزن والأصلية محذوفة.
(بمكة) متعلق بيف أي يوجد ذلك عند أهل مكة، وصرفها للوزن.
(ف) هو (ابن الزبير بن العوام رضي الله عنهما
(أو جرى) إطلاقه (بكوفة) بالصرف للضرورة، البلدة المعروفة.
(فهو) أي عبد اللَّه المطلق (ابن مسعود) بن غافل الهذلي رضي الله عنه.
وجملة قوله: (يرى) بالبناء للمفعول جملة حالية، أي حال كون هذا
الاستعمال يرى اصطلاحاً لهم، ويزاد أنه إذا أطلق عبد اللَّه: بخراسان، فهو
عبد الله بن المبارك، ولكون هذا الإطلاق شائعاً فيما بينهم أنكر سلمة بن
سليمان لما سألوه حين قال: أخبرنا عبد الله فقيل له: ابن من؟
وحاصل قصته: أنه حدث يوماً فقال: أخبرنا عبد اللَّه فقيل له: ابن
من؟ فقال: يا سبحان الله، أما ترضون في كل حديث حتى أقول: حدثنا
عبد الله بن المبارك أبو عبد الرحمن الحنظلي الذي منزله في سكة صغد، ثم
قال سلمة: إنه إذا قيل: عبد اللَّه بمكة فهو ابن الزبير، أو بالمدينة فابن
عمر، أو بالكوفة فابن مسعود، أو بالبصرة فابن عباس، أو بخراسان فابن
المبارك، ذكره السخاوي.(2/346)
(و) إذا أطلق عبد الله في (البصرة) البلدة المعروفة فهو عبد اللَّه بن
عباس (البحر) لقب له لسعة علمه، (و) إذا أطلق عبد الله (عند) أهل (مصر)
بالصرف للضرورة (و) أهل (الشام) البلد المعروف (مهما أطلق) عبد الله عن
التقييد فهو عبد اللَّه (بن عمرو) بن العاص رضي اللَّه عنهما، يعني: أنه إذا
أطلق عبد الله في مصر والشام فهو عبد الله بن عمرو، وهذا القول الحافظ أبي يعلى الخليلي القزويني، ونصه: كما نقله ابن الصلاح عنه إذا قاله المصري يعني: عبد الله فابن عمرو بن العاص، أو المكي فابن عباس اهـ.
قال السخاوي: فاختلف القولان في إطلاق البصري والمكي اهـ.
وإذا أطلق أهل الشام فهو ابن عمرو بن العاص وهذا القول قاله
النضر بن شميل.
* * *
916 - وَعَنْ "أَبِي حَمْزَةَ" يَرْوِي شُعْبَةُ. . . عَنِ ابْنِ عَبَاسٍ بِزَايٍ عِدَّةُ
917 - إِلاَّ " أَبَا جَمْرَةَ " فَهْوَ بِالرَّا. . . وَهْوَ الَّذِي يُطْلَقُ يُدْعَى نَصْرَا
* * *
(وعن أبي حمزة) متعلق ب (يروي) أي يحدث (شعبة) بن الحجاج
الإمام العلم المشهور حال كون أبي حمزة يروي (عن) عبد اللَّه (ابن عباس)
رضي اللَّه عنه (بزاي) حال من ابن حمزة أي مضبوطاً بزاي معجمة قبلها
حاء مهملة فميم ساكنة، (عدة) خبر لمحذوف أي هم جماعة متعددون
سبعة كلهم بهذا الضبط، (إلا أبا جمرة) الضبعي بضاد معجمة مضمومة
وباء مفتوحة نسبة إلى ضبيعة بن قيس أبو قبيلة نزلوا البصرة (فهو) أي أبو
جمرة المستثني مضبوط (بالرا) المهملة قبلها جيم مفتوحة فميم ساكنة.
(وهو الذي يُطلق) بالبناء للمفعول أي لا يقيد باسمه ونسبه في الرواية.
يعني: أن شعبة يطلقه بخلاف الستة، فإنه إذا أراد واحداً منهم بينه باسمه
ونسبه، كما نقله ابن الصلاح عن بعض الحفاظ، لكن قال العراقي: وربما
أطلق غيره أيضاً، وقد يروى عن أبي جمرة نصر بن عمران وينسبه لكن
يجاب بأن الأول هو الغالب.
قال السخاوي: ويتبين المهمل ويزول الإشكال عند أهل المعرفة(2/347)
بالنظر في الروايات فكثيراً ما يأتي مميَّزاً في بعضها، أو باختصاص الراوي
بأحدهما إما بأن لم يرو إلا عنه فقط، أو بأن يكون من المكثرين عنه
الملازمين له، دون الآخر، أو بكونه بلدي شيخه أو الراوي عنه، إن لم
يعرف بالرحلة، فإن بذلك وبالذي قبله يغلب على الظن تبين المهمل.
ومتى لم يتبين ذلك بواحد منها، أو كان مختصاً بهما معاً فإشكاله شديد.
فيرجع فيه إلى القرائن والظن الغالب، قال ابن الصلاح: وقد يدرك بالنظر
في حال الراوي والمروي عنه، وربما قالوا في ذلك بظن لا يقوى. اهـ كلام
السخاوي باختصار جـ 4 ص 282- 283.
ثم ذكر الثامن فقال:
* * *
918 - وَمِنْهُ مَا فِي نَسَبٍ كَـ "الآمُلِي". . . وَ "الْحَنَفِيْ" مُخْتَلِفُ الْمَحَامِلِ
* * *
(ومنه) أي في المتفق والمفترق وهو ثامن الأقسام (ما) يحصل فيه
الاتفاق (في) لفظ (نسب) فقط، والافتراق في أن ما نسب إليه أحدهما غير
ما نسب إليه الآخر، ولأبي الفضل بن طاهر الحافظ فيه بخصوصه تصنيف
حسن، قاله السخاوي.
وذلك (كالآملي) نسبة إلى آمل بمد الألف المفتوحة
وضم الميم فإنه يوجد بهذا الاسم بلدتان إحداهما بطبرستان، والثانية غربي
جيحون، قال السمعاني: أكثر علماء طبرستان من آملها، وشُهِرَ بالنسبة إلى
آمل جيحون عبد اللَّه بن حماد الآملي شيخ البخاري، وخطِّئَ أبو علي
الغَسَّاني، ثم القاضي عياض في قولهما: إنه منسوب إلى آمل طبرستان.
(وكالحنفي) بتخفيف الياء للوزن، حيث يكون منسوباً إلى قبيلة بني حنيفة.
ومنهم أبو بكر عبد الكبير، وأبو علي عبيد اللَّه ابنا عبد المجيد الحنفيان أخرج لهما الشيخان، ويكون منسوباً إلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة
النعمان بن ثابت الكوفي رضي اللَّه عنه.
(مختلف المحافل) خبر لمحذوف أي كل من الآملي، والحنفي مختلف محل حمله، وتفسيره، كما قررناه آنفاً.
ويحتمل أن يكون حالاً أي حال كون كل منهما مختلفا محمله.
قال ابن الصلاح: وكان محمد بن طاهر المقدسي، وكثير من أهل
العلم والحديث وغيرهم يفرقون بين الحنفي المنسوب إلى القبيلة والمنسوب(2/348)
إلى المذهب فيقولون في المذهب حنيفي بالياء، ولم أجد ذلك عند أحد
من النحويين، إلا عن أبي بكر بن الأنباري الإمام، قاله في كتابه
الكافي،. اهـ بتغيير.
قال الناظم: والصواب معه فقد قال - صلى الله عليه وسلم -:
"بعثت بالحنيفية السمحة"
فأثبت الياء في اللفظة المنسوبة إلى الحنيفية فلا مانع من ذلك اهـ.
ثم ذكر التاسع فقال:
* * *
919 - وَاعْدُدْ بِهَذَا النَّوْعِ مَا يَتَّحِدُ. . . فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَا وَعَدَّدُوا
920 - قِسْمَيْنِ مَا يَشْتَرِكَانِ إِسْمَا. . . بِنْتُ عُمَيْسِ ابْنُ رِئَابٍ " أَسْمَا"
921 - وَالثَّانِ فِي اسْمٍ وَكَذَا فِي اسْمِ أَبِ. . . "كَهِنْدٍ ابْنِ وَابْنَةِ الْمُهَلَّبِ"
* * *
(واعدد) أيها المحدث (بهذا النوع) أي في جملة هذا النوع وهو
المتفق والمفترق (ما) أي الاسم الذي (يتحد فيه) أي في التسمية به
(الرجال والنسا) بالقصر للوزن فيسمى به كل من الجنسين (وعددوا) أي
قسم أهل الحديث هذا النوع (قسمين) أحدهما (ما يشتركان) أي الرجل
والمرأة (اسما) أي في الاسم فقط مع اختلاف اسم الأب (بنت عميس)
بالتصغير خبر لمحذوف أي مثاله بنت عميس (ابن رياب) عطف بحذف
العاطف على بنت وقوله: (أسما) بالقصر للوزن خبر لمحذوف أي كل من
هذين اسمه: أسماء، يعني: أن أسماء اشترك فيه الرجال والنساء فمن
النساء أسماء بنت عميس زوجة أبي بكر رضي اللَّه عنهما أم محمد بن أبي
بكر الخثعية من المهاجرات الأُوَل، وأختُ ميمونة لأمها، هاجرت مع جعفر
إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، ثم تزوجها أبو بكر، ثم علي، وماتت بعده.
وكذا أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي اللَّه عنهما ذات النطاقين.
ومن الرجال أسماء بن رياب (1) بن معاوية الجرمي، وكذا أسماء بن حارثة
والأربعة كلهم من الصحابة - رضي الله عنهم -، ومثله بريدة بن الحصيب
__________
(1) اختلف ضبطهم في رِيَاب هذا فضبطه العسكري في التصحيف براء مكسورة وياء مخففة أي ككِتَاب، وهو الذي في الإصابة، وضبطه ابن الأثير رَبَّان براء، وباء
موحدة، وآخره نون، أي ككَتَّان، وهو الذي في القاموس، وفي الإكمال أسماء بن رئاب - بالهمز - والذي عند أحمد شاكر. فليحرر.(2/349)
صحابي، وبريدة بنت بشر صحابية، وبركة أم أيمن صحابية، وبركة بن
العريان، عن ابن عمر وابن عباس، وهنيدة بن خالد الخزاعي، عن علي.
وهنيدة بنت شريك عن عائشة، وجويرية أم المؤمنين، وجويرية بن أسماء
الضبعي.
ثم ذكر العاشر فقال:
(والثاني) من القسمين ما يشتركان (في اسم) للرجل والمرأة (وكذا)
يشتركان (في اسم أب) لهما وذلك (كهند ابن وابنة المهلب) ابن صفة لهند
حذف المضاف إليه لذكره في المعطوف قال ابن مالك:
وُيحْذَفُ الثانِي فَيَبْقَى الأوِّلُ. . . كحالِهِ إذا به يَتَّصِلُ
بِشَرْطِ عَطْفٍ وَإِضافَةٍ إلى. . . مِثلِ الَّذِي لَهً أضَفْتَ الأوَّلَا
يعني: أن هنداً يكون للرجل كهندبن المهلب روى عنه محمد بن
الزبرقان، ويكون للمرأة كهند بنت المهلب، روت عن أبيها.
وكـ يَسَرَةَ بن صفوان، حدث عن إبراهيم بن سعد، وبُسْرَةُ بِنْتُ صَفْوَانَ
صحابية، وأمية بن عبد اللَّه الأموي، عن ابن عمر، وأمية بنت عبد اللَّه، عن عائشة، وعنها علي بن زيد بن جدعان أخرج لها الترمذي.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب: قوله: لا سيما إن يوجدا، إلى
قوله: أو كنى ونسباً.
وقوله: أو في اسمه واسم أب: البيت، وقوله: أربع زكن، وقوله: أو
هدبة، وقوله: وحيثما أطلق عبد الله إلى قوله يدعى نصراً.
وقوله: كالآملي، وقوله: واعدد بهذا النوع إلى آخر الباب.(2/350)
(المتشابه)
أي هذا مبحثه وهو النوع الثاني والثمانون من أنواع علوم الحديث.
* * *
922 - فِي الْمُتَشَابِهِ الْخَطِيبُ أَلَّفَا. . . وَهْوَ مِنَ النَّوْعَيْنِ قَدْ تَأَلَّفَا
923 - يَتَّفِقَا فِي الاسْمِ وَالأَبُ ائْتَلَفْ. . .أَوْ عَكْسُهُ أَوْ نَحْوُ ذَا كَمَا اتَّصَفْ
924 - كِـ"ابْنِ بَشِيرٍ" وَ"بُشَيْرٍ" سُمِّيَا. . . أَيُوبَ "حَيَّانَ " " حَنَانَ " عُزِيَا
925 - كَذَا " شُرَيْحٌ " وَلَدُ النًّعْمَانِ. . . مَعَ " سُرَيْجٍ " وَلَدِ النَّعْمَانِ
926 - وَكَأَبِي عَمْرٍو هُوَ " الشَّيْبَانِي ". . . مَعَ أَبِي عَمْرٍو هُوَ" السَّيْبَانِي "
927 - وَكَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ. . . "الْمَخْرَمِيْ" "الْمُخَرِّمِيْ" مُضَاهِي
928 - وَكَـ "أَبِي الرِّجَالِ" الانْصَارِي. . . مَعَ" أَبِي الرَّحَّالِ " الانْصَارِي
* * *
(في المتشابه) أي في بيان هذا النوع متعلق بألَّفا، (الخطيب)
البغدادي السابق إلى غالب ما صنفه في أنواع هذا الشان وهو مبتدأ خبره
قوله: (ألفا) كتاباً جليلًا سماه تلخيص المتشابه.
ثم ذيل عليه أيضاً بما فاته أوَّلًا، وهو كثير الفائدة، بل قال ابن الصلاح:
إنه من أحسن كتبه.
وفائدة ضَبْطِهِ الأمْن من التصحيف وظَنِّ الاثنين واحداً.
(وهو) أي(2/351)
المتشابه (من النوعين) السابقين وهما المؤتلف والمختلف، والمتفق
والمفترق، متعلق بما بعده (قد تألفا) بألف الإطلاق في الموضعين، أي
تركب.
وهو إما أن (يتفقا) أي المتشابهات لفظاً وخطاً (في الاسم) خاصة
ويفترقان في المسمى (والأب) أي أبواهما (ائتلف) أي اتفق خطاً مع
الاختلاف لفظأ فقوله الأب: مبتدأ خبر جملة ائتلف، والجملة في محل
حال، (أو عكسه) ، بالرفع فاعل لمحذوف، أي أو حصل عكسه، وهو أن
يأتلف الإسمان خطاً ويختلفا لفظاً، ويتفق اسْمَا أبَوَيْهِما لفظاً، (أو نحو ذا)
المذكور بأن يتفق الاسمان، أو الكنيتان لفظاً، وما أشبه ذلك.
(كما اتصف) أي المتشابه بجميع هذه الأقسام كلها، ثم بين أمثلة ذلك بقوله:
(كـ) أيوب (بن بشير) بفتح الباء مكبراً (و) أيوب (بن بشير) بالضم مصغراً
(سميا) بالبناء للمفعول والألف نائب الفاعل عائد إلى ابن بشير وابن بشير
(أيوب) مفعول ثان لسيما، يعني أن كلًا منهما اسمه أيوب، إلا أن الأول
أبوه مكبر عجلي شامي، روى عنه ثعلبة بن مسلم الخثعمي، والثاني: أبوه
مصغر، عدوي، بصري، روى عنه أبو الحسين خالد البصري، وقتادة
وغيرهما، وهذا مثال لما حصل فيه الاتفاق في الاسم والاختلاف في الأب.
ثم مثل لما حصل فيه الاتفاق في النسبة والاختلاف في الاسم، وهو
الخامس في الترتيب، بقوله: (حيان) بالجر عطفاً بعاطف محذوف على ابن
بشير أي وكحيّان بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء التحتانية (حنان)
عطف بعاطف محذوف أيضاً أي وكحنان بفتح الحاء المهملة والنون المخففة
وقوله: (عزيا) بالبناء للمفعول حال منهما أي حاد كونهما معزوين
أي منسوبين، ويحتمل أن يكون حيان مبتدأ وحنان عطف عليه، وجملة
عزيا هي الخبر، والمعنى أَن كُلأ من حيان وحنان متفق النسبة مختلف
الاسم، إذ كل منهما أسدي، لكن الأول وهو حيان الأسدي بالياء، اثنان
الأول منهما اسم أبيه حُصَين وهو أبو الهَيَّاج الكوفي تابعي، له في صحيح(2/352)
مسلم حديث عن علي في الجنائز، وثانيهما حيان الأسدي أبو النضر شامي
تابعي أيضاً له في صحيح ابن حبان حديث عن واثلة.
والثاني هو حنان الأسدي بالنون من بني أسد بن شُرَيك بضم
المعجمة بصري يروى عن أبي عثمان النهدي، وعنه حجاج الصواف، وهو
عم مسرهد والد مسدد.
ثم ذكر مثالًا لما حصل فيه الافتراق في الاسم والاتفاق في الأب
بقوله: (كذا شريح) بشين معجمة فراء مهملة آخره حاء مهملة مصغراً
(ولد النعمان) الصائِدي، الكوفي، يروى عن علي وعنه أبو إسحاق
السبيعي، وثقه ابن حبان، روى له أصحاب السنن الأربعة، فهو
متشابه (مع سريج) بمهملة آخره جيم مصغراً أيضاً (ولد النعمان) بن مروان
الجوهري اللؤلؤي أبي الحسين البغدادي، يروى عن فليح بن سليمان.
وحماد بن سلمة وطائفة، وعنه البخاري ومحمد بن رافع، وغيرهما، وثقه
ابن معين مات يوم الأضحى 217 هـ.
ثم ذكر مثالًا لما حصل فيه الاتفاق في الكنية، والافتراق في النسبة، فقال:
(وكأبي عمرو هو الشيباني) بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة التحتانية ثم
موحدة لجماعة كوفِيِّينَ، أشهرهم سعد بن إياس، تابعي مخضرم حديثه في
الكتب الستة، وهارون بن عنترة بن عبد الرحمن من أتباع التابعين، حديثه
عند أبي داود والنسائي، وَوَهِمَ المِزِّيُّ فكناه أبا عبد الرحمن، وإسحاق بن
مِرَار بكسر الميم وتخفيف الراء كما لعبد الغني، أو كعَمَّار كما للدارقطني
نحوي لغوي نزل بغداد له ذكر في صحيح مسلم بكنيته فقط.
فكل من هؤلاء الثلاثة متشابه (مع أبي عمرو هو السيباني) بمهملة
بوزن الأول التابعي الشامي مخضرم، اسمه زرعة، وهو عم الأوزاعي ووالد
يحيى، وحديثه عند البخاري في الأدب المفرد، حديث واحد موقوف على
عقبة.
ثم ذكر مثالاً لما حصل فيه الاتفاق في الاسم واسم الأب والافتراق(2/353)
في النسبة نطقاً فقال: (وكمحمد بن عبد الله) اثنان أحدهما هو (المَخْرَمي)
بفتح الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الراء قال ابن ماكولا: لعله من ولد
مَخرَمَة بن نوفي، وهو مكي يروى عن الشافعي، وعنه عبد العزيز بن
محمد بن الحسن بن زَبَالَة ليس بمشهور، وثانيهما (المُخَرِّميّ) بضم الميم
وفتح الخاء المعجمة وكسر (1) الراء المشددة نسبة إلى المُخَرِّم محلة ببغداد
سميت بذلك لأن ولد يزيد بن المُخَرم نزلها قاله في اللباب، واسم جده
المبارك، ويكنى أبا جعفر، قرشي بغدادي، قاضي حلوان، وأحد شيوخ
البخاري الحفاظ، وقوله: (مضاهي) خبر لمحذوف أي أحدهما مشابه
للآخر.
ثم ذكر مثالًا لما حصل فيه الاتفاق في النسبة والاختلاف في الكنية.
فقال: (وكأبي الرِّجَال) بكسر الراء المهملة وتخفيف الجيم محمد بن
عبد الرحمن (الأنصاري) المدني يروى عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن
وغيرها حديثه في الصَّحِيحين فهو متشابه (مع أبي الرَّحَّال) بفتح الراء
وتشديد الحاء المهملة، محمد بن خالد، أو خالد بن محمد، وبه بزم
الدارقطني (الأنصاري) البصري تابعي ضعيف حديثه في الترمذي.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله: كذا شريح إلى آخر الباب.
* * *
__________
(1) وغلط من ضبطه بفتح الراء. اهـ.(2/354)
(المشتبه المقلوب)
أي هذا مبحثه وهو النوع الثالث والثمانون من أنواع علوم الحديث.
* * *
929 - أَلَّفَ فِي الْمُشْتَبِهِ الْمَقْلُوبِ. . . رَفْعًا عَنِ الإِلْبَاسِ فِي الْقُلُوبِ
930 - كَـ"ابْنِ الْوَلِيدِ مُسْلِمٍٍ" لَبْسٌ شَدِيدْ. . . عَلَى الْبُخَارِي بِـ"ابْنِ مُسْلِمَ الْوَلِيدْ"
* * *
(ألف) بالبناء للمفعول قاله الشارح، ويحتمل كونه بالبناء للفاعل
والضمير يعود إلى الخطيب في الباب السابق أي ألف الخطيب البغدادي
كتاباً (في المشتبه المقلوب) أي في النوع المسمى به، وَسَمَّى مؤلفه
"رافع الارتياب، في المقلوب من الأسماء والأنساب "
مجلد ضخم وفائدةُ ضَبْطِهِ الأمنُ من توهم القلب، كما أشار إليه بقوله: (رفعاً) وفي نسخة الشارح دفعاً بالدال بدل الراء (عن الإلباس) أي الاشتباه (في القلوب) أي الأذهان، لا في الرسم، إذ الاتفاق فيه لروايين في اسمين لفظاً وخطاً، والاختلاف والاشتباه بالتقديم والتأخير، بأن يكون أحد الاسمين في أحدهما للراوي وفي الآخر لأبيه، فهو وإن كان مركباً من متفق ومختلف، إلا أن ما فيه من الاختلاف ليس من نوع المؤتلف، فلذا أفردوه في باب.
ثم ذكر مثاله فقال: (كابن الوليد) أي وذلك كابن الوليد (مسلم) بدل
من ابن، أي كمسلم بن الوليد المدني شيخ الدراوردي، ففيه (لبس) أي
اشتباه (شديد على) الإمام (البخاري) في تاريخه (بابن مسلم) بمنع الصرف(2/355)
للوزن، (الوليد) بدل من ابن مسلم أي بالوليد بن مسلم الدمشقي، الشهير
صاحب الأوزاعي، روى عنه أحمد وغيره، يعني: أن البخاري انقلب عليه
فجعل أولهما الثاني نبه على ذلك ابن أبي حاتم في كتاب أفرده لخطأ
البخاري في تاريخه، حكاية عن أبيه قاله السخاوي، ولكن هذه الترجمة لا
توجد في بعض نسخ التاريخ اهـ.
وكعبد اللَّه بن يزيد ويزيد بن عبد اللَّه وكالأسود بن يزيد، النخعي، ويزيد بن الأسي الصحابي، الخزاعي ويزيد بن الأسود الجرشي التابعي، المخضرم المشتهر بالصلاح الذي استسقى به معاوية فسقُوا للحال.
* * *
(تَتِمَّة) :
الزيادات قوله: رفعا البيت، وقوله: على البخاري.(2/356)
(من نسب إلى غير أبيه)
أي هذا مبحثه وهو النوع الرابع والثمانون من أنواع علوم الحديث.
وهو نوع مهم وفائدة ضبطه دَفْغ توهم التعدد عند نسبته لأبيه كما أشار إليه
بقوله:
* * *
931 - وَادْرِ الَّذِي لِغَيْرِ أَبٍّ يَنْتَسِبْ. . . خَوْفَ تَعَدُّدٍٍ إِذَا لَهُ نُسِبْ
* * *
(وادر) أي اعلم أيها المحدث الشخص (الذي لغير أب ينتسب)
أي ينسب إلى غير أبيه كأم وجد ونحوهما فقوله: أبّ بتشديد الباء للوزن.
(خوف تعدد) مفعول لأجله أي لأجل إزالة توهم تعدد ذلك المنسوب
(إذا له نسب) أي عند نسبته إلى أبيه في بعض المواضع، ومن فائدته أيضاً دفع
ظن الاثنين واحداً عند موافقة اسميهما واسم أبي أحدهما اسم الجد الذي
نسب إليه الآخر، كعبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب بن مالك شيخ للزهري
نسبه ابنُ وهب عبد الرحمن بن كعب، وهو كذلك اسم راو آخر هو عم
للأول، لكنً لم يرو عنه الزهري شيئاً، وكخالد بن إسماعيل بن الوليد
المخزومي، راو ضعيف جداً يروى عن هشام بن عروة فإنه قد ينسب إلى
جده فيظن أنه الصحابي الشهير أو غيره.
ثم ذكر أمثلة لذلك فقال:
* * *
932 - كَابْنِ " حَمَامَةٍ " لأمٍّ وَابْنِ. . . " مُنْيَةَ " جَدَّةٌ، وَلِلتَّبَنِّي(2/357)
933 - مِقْدَادٌ ابْنُ "الأَسْوَدِ" ابْنُ"جَارِيَهْ". . . جَدٌّ وَفِي ذَلِكَ كُتْبٌ وَافِيَهْ
* * *
وذلك (كـ) بلال (بن حمامة) بالصرف للوزن المؤذن الحبشي أبي
عبد اللَّه مولى أبي بكر من السابقين الأولين شهد بدراً والمشاهد مات بالشام
سنة 17 أو 18 وقيل سنة 20 وله بضع وستون سنة.
(لأم) له اسمها حمامة بحاء مهملة مفتوحة وميم مخففة، واسم أبيه رَبَاح، وكالحارث بن بَرْصَاء بفتح الموحدة أمه، أو أم أبيه، واسم أبيه مالك بن قيس، وكسهل وسهيل وصفوان بَنِي بَيْضاء، هي أمهم اسمها دَعْد، وأبوهم وهب بن ربيعة، وشرحبيل بن حسنة بفتحات هي أمه، وأبوه عبد اللَّه بن المطاع، الكندي.
(و) كيعلي (ابن منية) الصحابي الشهير المتوفى سنة بضع وأربعين، (جدة)
خبر لمحذوف أي هي جدة له، يعني: أن منية بضم فسكون فتخفيف ياء
جدة ليعلى أم أبيه، وقيل: إنها أمه، وعليه الجمهور، ورجحه المزي.
واختلف في نسبها فقيل: ابنة الحارث بن جابر، وقيل: بدون الحارث
وقيل: ابنة غزوان، ورجحه المزي، واسم أبي يعلى أمية بن أبي عبيدة.
وأخطأ من قال: إن منية أبوه.
وقد ينسب إلى أجنبي لسبب وإليه أشار بقوله: (وللتبني) خبر مقدم
أي كائن لأجل التبني مصدر تبنيت فلاناً اتخذته ابنا (مقداد) بكسر فسكون
مبتدأ مؤخر (ابن الأسود) نعت له مقطوع، ولذا نون الأول وثبتت ألف
الوصل خطأ في ابن، يعني: أن المقداد الصحابي الجليل المتوفى سنة 33
وهو ابن 75 سنة، ليس ابنا للأسود بن عبد يغوث الزهري إنما كان في
حجره فنسب إليه، واسم أبيه عمرو بن ثعلبة الكندي، وكذا مُجَمِّع
(ابن جارية) الصحابي، وهو أبو نَضْلة: مجمع بن يزيد بن جارية الأنصاري
الأوسي المدني مات في خلافة معاوية.
(جد) أي هو اسم جد له، يعني: أن مجمعاً منسوب إلى جده
(وفي ذلك) أي فيمن نسب إلى غير أبيه خبر مقدم لقوله: (كتب) بسكون التاء مصنفة (وافية) بالمقصود، فقد صنف في هذا القسم الحافظ علاء الدين مغلطاي تصنيفاً حسناً في ثلاث وستين ورقة،(2/358)
قال الناظم: وذكر المصنف، يعني: النووي في تهذيبه أنه ألف فيه جزء.
ولم نقف عليه، اهـ.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات قوله: وادر البيت، وقوله: وفي ذلك كتب، البيت.
* * *(2/359)
(المنسوبون إلي خلاف الظاهر)
أي هذا مبحثه وهو النوع الخامس والثمانون من أنواع علوم الحديث.
قال السخاوي: وأفرد عما قبله لكونه في الأنساب خاصة، وذاك، في
الأعلام، وإن تشابها في المعنى. اهـ.
* * *
934 - وَنَسَبُوا "الْبَدْرِيَّ" وَ "الْخُوزِيَّا". . . لِكَوْنِهِ جَاوَرَ وَ " التَّيْمِيَا "
935 - كَذَلِكَ " الْحَذاَّءُ " لِلْجَلاَّسِ. . . وَ" مِقْسَمٌ مَوْلَى بَنِي عَبَّاسِ "
* * *
(ونسبوا) أي المحدثون بعضَ الرواة إلى مكان به وقعة، أو إلى بلد.
أو قبيلة، أو صنعة، أو غير ذلك، مما ليس ظاهره الذي يسبق إلى الفهم
منه مراداً، بل لعارض عرض وذلك كما تسبوا (البدرىِ) لمن نزل بدراً.
وهو عقبة بن عمرو أبو مسعود، الأنصاري، الخزرجي، الصحابي، فيما قاله إبراهيم الحربي، وابن سعد عن الواقدي، وموسى بن عقبة عن ابن
شهاب، وهو قول ابن إسحاق وابن معين، ثم ابن عبد البر، وجزم به ابن
السمعاني، ومشى عليه ابن الصلاح ومن تبعه، قال: لم يشهد بدراً.
في قول الأكثر، ولكن نزل بدراً فنسب إليها، وعدّه البخاري ومسلم في
البدريين، وهو قول شعبة عن الحكم، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سَلاَّم.
وقال الطبراني: أهل الكوفة يقولون: شهدها ولم يذكره أهل المدينة فيهم.
قال السخاوي: وبالجملة فالمثبت مقدم على النافي، قال: واستظهره(2/360)
شيخنا، يعني: الحافظ ابن حجرٍ، باتفاقهم على شهوده العقبة إذ لا مانع
لمن شهدها أن يشهد بدراً.
ومثله أبو حَنَّةَ أو حَبَّةَ ثابت بن النعمان بن أمية ابن امرئ القيس
صحابي نزلها فنسب إليها.
(و) نسبوا أيضاً إبراهيم بن يزيد أبا إسماعيل مولى عمر بن عبد العزيز
(الخوزي) بضم الخاء وسكون الواو آخره زاي نسبة إلى شعب الخوز
بمكة، وإنما نسب إليها ليس لكونه منها، بل (لكونه جاور) ها (و) كذلك
نسبوا أيضاً سليمان بن طرخان، أبا معتمر (التيميا) لكونه نزل في بني تيم.
وهو مولى بني مرة، وكإسماعيل بن محمد المكي نسب إليها لإكثاره التوجه
إليها للحج، والمجاورة، لا لكونه منها، ومحمد بن سنان العَوَقي بفتحتين.
آخره قاف لنزوله العَوَقَة، وإلا فهو بصري، (كذلك الحذاء) بالحاء المهملة
والذال المعجمة المشددة مع المد خالد بن مهران بالكسر، أبو المنازل بضم الميم وقيل: بفتحها البصري، ظاهره أنه منسوب إلى صناعة الحِذَاء، أي النعل أو بيعها، وليس كذلك وإنما أطلقوه (للجلاس) أي لمن يكثر الجلوس، في دُكَّانه، فخالد لم يَحْذُ حِذَاءً قط بل لجلوسه عند الحَذَّاء كما قال يزيد بن هارون.
وقيل: لأنه كان يقول: آحْذُ على هذا النحو، فلقب به، ومثله أبو
عبد الرحمن عَبيدة بن حُميد الكوفي يعرف بالحَذَّاء لكونه يجالسهم، قاله
ابن حبان.
(و) كذا (مقسم) بكسر الميم وفتح السين بينهما قاف ساكنة.
هو مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل نسبوه إلى غيره، فقالوا:
(مولى بني عباس) يعني: عبد الله بن عباس لملازمته له، وجمع بني ضرورة.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات قوله: والخوزيا.
* * *(2/361)
(المبهَمات)
بصيغة اسم المفعول أي هذا مبحثها، وهو النوع السادس والثمانون
من أنواع علوم الحديث.
* * *
936 - وَأَلَّفُوا فِي مُبْهَمَاتِ الأَسْمَا. . . لِكَيْ تُحِيطَ النَّفْسُ مِنْهَا عِلْمَا
937 - كَرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَابْنٍ وَعَمّْ. . . خَالٍ أَخٍ زَوْجٍ وَأَشْبَاهٍ وَأُمّْ
* * *
(وألفوا) أي المحدثون (في) بيان (مبهمات الأسماء) من إضافة
الصفة للموصوف أي الأسماء المبهمة من الرجال والنساء، يعني: التي لم
تسم في بعض الروايات، أو جميعاً إما اختصاراً وإما لغير ذلك، في الإسناد.
أو المتن.
فممن ألف في ذلك عبد الغني بن سعيد المصري، ثم الخطيب.
مرتباً له على الحروف في المبهم، ثم ابن بشكوال في الغوامض
والمبهمات بدون ترتيب، وهو أجمعها، وقد اختصر النووي كتاب
الخطيب، مع نفائس ضمها إليه مهذباً، محسناً، لا سيما في ترتيبه على
الحروف في راوي الخبر مما سهل به الكشف منه بالنسبة لأصله، وسماه
"الإشارات إلى المبهمات " وللحافظ ولي الدين العراقي "المستفاد من
مبهمات المتن، والإسناد"، وهو أحسن ما صنف فيه، وأفرد الحافظ في
الهدي مبهمات البخاري، واستوعبها. ثم ذكر بعض ما يستفاد منه فقال:
* * *
(لكي تحيط النفس) متعلق بـ ألفوا (منها) أي المبهمات (علماً) بذلك(2/362)
المبهم، إذ النفس متشوقة إلى معرفة الشيء على ما هو عليه، ومن فوائدِ
معرفتِهِ أيضاً زوالُ الجهالة التي يُرَدُّ الخَبَرُ معها، حيث يكون الإبهام في
أصل السَّند كقوله: حدثني رجل أو شيخ أو فلان أو بعضهم لأن شرط قبول
الخبر عدالة راويه، ومن أبهم اسمه لا تعرفه عينه فكيف عدالته.
وكذا ما وقع في أصل المتن من فوائده أن يكون المبهم سائلًا عن
حكم عارَضَة حديث آخر فيستفاد بمعرفته النسخ وعدمه إن عرف زمن
إسلام ذلك الصحابي، وكان قد أخبر عن قصة قد شاهدها وهو مسلم.
ومنها أن يكون في الحديث منقبة له فيستفاد بمعرفته فضيلته، ومنها
أن يكون مشتملاً على نسبةِ فِعْلٍ غير مناسب، فيحصل بتعيينه السلامة من
جولان الظن في غيره من أفاضل الصحابة وخصوصاً إذا كان ذلك من
المنافقين.
ثم هو أقسامِ كما بينه بقوله: (كرجل) أي مثاله كرجل، كحديث
أنه - صلى الله عليه وسلم -: "رأى رجلًا قائماً في الشمس ". . إلخ
هو أبو إسرائيل، قيصر العامري (و) كـ (امرأة) كحديث عائشة أن امرأة سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - من غسلها في الحيض الحديث.
هي أسماء بنت يزيد بن السكن، الأنصارية.
(و) كـ (ابن) مثل ابن أم مكتوم، اسمه عبد اللَّه، وقيل: عمرو، وأبوه
زائدة، وقيل: قيس، وقيل: الأصم، ومثله بنت فلان، كحديث ماتت
إحدى بنات النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهي زينب، (و) كـ (عم) كرواية خارجة بن الصلت عن عمه هو عِلَاقَة بن صَحَّار ومثله عمته، كحصين بن محصن، عن عمة له، هي أسماء، وكـ (خال) مثل حديث: تزوج ابن عمر بنت خاله، اسمُهُ عثمان بن مظعون وبنته زنيب وكـ (أخ) كحديث عمر أنه رأى حُلَّةَ سِيَرَاءَ إلخ وفيه فكساها أخاً له مشركاً بمكة، هو أخوه لأمه عثمان بن حكيم السلمي.
(و) كـ (زوج) مثل زوج بِرْوَع بنت واشق، هو هلال بن مرة، الأشجعي.
(وأشباه) لذلك كبنت، وعمة وخالة، وأخت، وزوجة.
(و) كـ (أم) كحديث أبي هريرة: كنت أدعو أمي إلى الإسلام، الحديث.(2/363)
هي أمية بنت صفيح.
ويعرف تعيين المبهم، برواية أخرى مصرحة به أو بالتنصيص من أهل
السير ونحوهم، إن اتفقت الطريق على الإبهام، وربما استدل له بورود تلك
القصة، المبهم صاحبها لمعين، مع احتمال تعددها قاله السخاوي.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات: قوله: (وألفوا في) وقوله: (لكي تحيط البيت)
وقوله: (وأم) .
* * *(2/364)
(معرفة الثقات والضعفاء)
أي هذا مبحثها، وهو النوع السابع والثمانون من أنواع علوم
الحديث.
وكان الأولى تقديمه، مع مراتب الجرح، والتعديل، مع القول في
اشتراط بيان سببهما، أو أحدهما، وكون المعتمد عدمه من العالم.
بأسبابهما، وفي التعديل على الإبها 3، والبدعة التي يجرح لها، وما أشبه
ذلك، مما تقدم في موضع واحد. قاله السخاوي. قلت في ذِكْرِ السيوطي:
هنا بين المبهمات ومن خلط من الثقات مناسبة لا تخفى.
* * *
938 - مَعْرِفَةُ الثِّقَاتِ وَالْمُضَعَّفِ. . . أَجَلُّ أَنْوَاعِ الْحَدِيثِ فَاعْرِفِ
939 - بِهِ الصَّحِيحَ وَالسَّقِيمَ وَارْجِعِ. . . لِكُتُبٍ تُوضَعُ فِيهَا وَاتْبَعِ
* * *
(معرفة الثقات) من الرواة (والمضعف) منهم، فمعرفة مبتدأ خبره
(أجل أنواع) أي من أعظم وأنفع أنواع علوم الحديث لأن به معرفة
الصَّحِيح والضَّعِيف من الحديث، كما أشار إليه بقوله (فاعرف) أيها
الطالب والمحدث (به) أي بسبب معرفة هذا النوع (الصَّحِيح) من الحديث
بالنصب مفعول اعرف (والسقيم) منه فهذا النوع مرقاة للتوصل إلى
معرفتهما (وارجع) يا من يريد التبصر فيه الكتب) أي إلى مطالعة كتب
(توضع فيها) أي معرفة الثقات، والضعفاء (و) بعد مطالعتك لها وإمعان(2/365)
نظرك، فـ (اتبع) ما يترجح لديك منها، فقد ألف العلماء، في كل منهما
تصانيف كثيرة، ففي الضعفاء ليحى بن معين، وأبي زرعة الرازي.
وللبخاري في كبير وصغير، وللنسائي، وأبي حفص الفَلَّاس، ولأبي
أحمد بن عدي، في كامله، وهو أكمل الكتب، وأجلّها، ولكنه توسع فيه
فذكر كل من تكلم فيه، وإن كان ثقة، وغيرهم، وأنفع كتاب عليه مُعَوَّل
المتأخرين هو ميزان الاعتدال، للذهبي، والتقط منه الحافظ من ليس في
تهذيب الكمال، وضم إليه ما فاته، مع تحقيق في كتاب سماه "لسان
الميزان "، وله كتابان آخران، تقويم اللسان، وتحرير الميزان، كما أن
للذهبي المغني في الضعفاء، وآخر سماه "الضعفاء والمتروكين " إلى غير
ذلك.
وفي الثقات فقد صنف أبو حاتم البستي وهو أجمعها ولكن فيه
مؤخذات، وكذا العجلي وابن شاهين، وغيرهم، وفي المشترك بينهما ألف
الحافظ أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي كتاب
"الجرح والتعديل "، وهو من أنفع ما ألف في هذا الشان، وغيره.
* * *
940 - وَجُوِّزَ الْجَرْحُ لِصَوْنِ الْمِلَّهْ. . . وَاحْذَرْ مِنَ الْجَرْحِ لأَجْلِ عِلَّهْ
* * *
(وجوز) بالبناء للمفعول (الجرح) أي جرح الرواة، (لِصَوْنِ)
لأجل حفظ (الملة) أي الدين يعني: أنه إنما جاز ذكر عيوب
الناس مع كون أعراض المسلمين محرمة، لأجل أن يحفظ الدين
الإسلامي، عن التبديل، والتحريف وإدخال ما ليس منه فيه، بل هذا
واجب لأن الدين النصيحة، وليس من الغيبة المحرمة، وقد أوجب اللَّه تعالى
الكشف والتبيين عند خبر الفاسق، حيث قال:
(إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا)
وقال - صلى الله عليه وسلم - في الجرح:
"بئس أخو العشيرة"
وفي التعديل: "إن عبد اللَّه رجل صالح "
إلى غير ذلك.
وأجمع المسلمون على ذلك، وتكلم في الرجال جماعة من
الصحابة، ثم من التابعين، كالشعبي، وابن سيرين، لكنه في القرن الأول(2/366)
قليل لقلة الضعفاء، إذ أكثرهم صحابة، وغيرهم أكثرهم ثقات، فلما دخل
القرن الثاني زاد جماعة الضعفاء، ففي آخر عصر التابعين وهو حدود المائة
والخمسين، تكلم في الجرح والتعديل طائفة من الأئمة، كأبي حنيفة
والأعمش، وشعبة، ومالك، ومعمر، وهشام، الدستوائي، والأوزاعي.
والثَّوري، وغيرهم، ثم طبقة بعدهم كابن المبارك، وهشيم، وابن عيينة.
وغيرهم ثم طبقة أخرى، كالحميدي، والقعنبي وَيَحْيَى بن يَحْيَى، وغيرهم.
ثم صُنِّفَتِ الكتبُ، وقد ذكر السخاوي الطبقات كلها إلى زمانه بالتفصيل
فراجعه، فعدَّلوا، وجرحوا، ولم يحابوا، أباً، ولا ابناً، ولا أخاً، حتى إن
ابن المديني سئل عن أبيه، فقال: سلوا عنه غيري، فأعادوا، فأطرق ثم
رفع رأسه فقال هو الدِّين إنه ضعيف، وكان وكيع بن الجَرَّاح لكون والده
على بيت المال يقرن معه آخر إذا روى عنه، وقال أبو داود: صاحب السنن
ابني عبد الله كذَّاب.
وحجتهم التوصل بذلك لصون الشريعة وأن حق اللَّه ورسوله - صلى الله عليه وسلم - هو المقدم، ولذا قال يَحْيَى بن سعيد القطان، لما قيل: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند اللَّه يوم القيامة؟ : لأن يكونوا خصمائي أحب إِلَيَّ من أن يكون خصمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يقول: لِمَ لَمْ تذب الكذب عن حديثي؟
(واحذر) أيها المتصدي لذلك، المقتفي، أثَرَ مَنْ تقدم (من الجرح)
لأي راو كان (لأجل علة) أي هَوىً يحملك على التحامل والانحراف، وترك
الإنصاف، كالتعصب للمذاهب، والمنافسة على الدنيا، وقد قال ابن دقيق
العيد: أعراض المسلمين حُفْرَة من حُفَرِ النار وقف على شفيرها طائفتان من
الناس، المحدثون، والحُكَّام.
* * *
941 - وَارْدُدْ كَلامَ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ. . . فِي بَعْضِهِمْ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ
* * *
(واردد) أيها المحدث (كلام بعض أهل العصر) الواحد (في) حق
(بعضهم) بالجرح، أي لا تقبل كلام الأقران المتعاصرين بعضهم(2/367)
في بعض (عن ابن عبد البر) خبر لمحذوف أي هذا محكي عن
الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد الله، المشهور بابن عبد البر، فإنه عقد لذلك
باباً في كتابه "جامع بيان العلم وفضله "، حيث قال: الصَّحِيح في هذا
الباب أن من ثبتت عدالته، وصحت في العلم إمامته، وبه عنايته لم يُلْتَفَت
إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحه ببينة عادلة تصح بها جَرْحته على طريق
الشهادات الخ.
* * *
942 - وَرُبَّمَا رُدَّ كَلامُ الْجَارِحِ. . . إِذْ لَمْ يَكُنْ ذَاكَ بِأَمْرٍ وَاضِحِ
* * *
(وربما رد كلام الجارح) فعل ونائب فاعل، يعني: أنه قد يرد كلام
الجارح فيمن جرحه.
(إذ) تعليلية أي لأجل أنه (لم يكن ذاك) الجرح، أو ظرفية متعلقة بِردَّ
أي وقت عدم كونه (بأمر واضح) فيه أي مُفَسَّرٍ.
وحاصل معنى البيت: أنه لوجود المتشدد، ومقابله، ربما يرد كلام الجارح إذا لم يكن مفسراً بأمر يتضح فيه الجرح، كالنسائىِ في أحمد بن صالح المصري الحافظ، فإنه اتفق الحفاظ على توثيقه، وأن النسائي متحامل عليه، وسببه أنه كان لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه فجاءه النسائي وقد صحب قوماً من أصحاب الحديث ليسوا هناك، فأبى أحمد أن يأذن له، فَعَمَدَ النسائي إلى جمع
أحاديث قد غلط فيها أحمد بن صالح فَشَنَّع فيها، ولكن لم يضره ذلك.
وبالجملة فهو على ما قيل:
وَعَينُ الرضى عن كُل عَيْبٍ كَلِيلَة. . . كما أنَّ عَينَ السُّخْطِ تُبْدِي المَسَاوِيَا
* * *
943 - الذَّهَبِيْ: مَا اجْتَمَعَ اثْنَانِ عَلَى. . . تَوْثِيقِ مَجْرُوحٍ وَجَرْحِ مَنْ عَلا
* * *
(الذهبي) بتخفيف الياء للوزن فاعل لمحذوف أي قال الذهبي، أو
مبتدأ خبره محذوف أي قائل، وهو أبو عبد اللَّه شمس الدين محمد بن
أحمد بن عثمان الذهبي ومقول القول قوله: (ما اجتمع اثنان) أي رجلان
من علماء هذا الشان (على توثيق) شخص (مجروح) من الضعفاء(2/368)
(و) لا على (جرح) أي تضعيف (من علا) أي شخص ارتفع قدره بكونه ثقة.
والمعنى أن الذهبي وهو من أهل الاستقراء التام في نقد الرجال، قال:
لم يجتمع اثنان من علماء هذا الشأن قط على توثيق ضعيف، ولا على
تضعيف ثقة.
ومعنى هذا الكلام كما قال بعض المحققين: أنه لم يقع الاتفاق من
العلماء على توثيق ضعيف، بل إذا وثقه بعضهم ضعفه غيره كما لم يقع
الاتفاق من العلماء على تضعيف ثقة فإذا ضعفه بعضهم وثقه غيره، فلم
يتفقوا على خلاف الواقع في جرح راوٍ أو تعديله، ولفظ اثنان في كلامه
المراد به الجميع كما يقال: هذا أمر لا يختلف فيه اثنان أي يتفق
الجميع كما يقال: هذا أمر لا يختلف فيه اثنان أي يتفق الجميع ولا ينازع
فيه أحد، واللَّه أعلم.
ثم ذكر ما يعرف به كون الراوي ثقة تبعاً لابن دقيق العيد في كتابه
الاقتراح فقال:
* * *
944 - وَتُعْرَفُ الثِّقَةُ بِالتَّنْصِيصِ مِنْ. . . رَاوٍ وَذِكْرٍ فِي مُؤَلَّفٍ زُكِنْ
945 - أُفْرِدَ لِلثِّقَاتِ أَوْ تَخْرِيجِ. . . مُلْتَزِمِ الصِّحَّةِ فِي التَّخْرِيجِ
* * *
(وتعرف الثقة) للراوي (بالتنصيص) عليه (من راو) عنه (و) يعرف
أيضاً بـ (ذكر) أي ذكر الراوي (في) كتاب (مؤلف زكن) بالبناء للمفعول
أي علم ذلك المؤلف، وقوله (أفرد) بالبناء للمفعول (للثقات) أي لذكرهم
جملة حالية من ضمير زكن، أي علم حال كونه مفرداً للثقات فقط ككتاب
الثقات لابن حبان، والعجلي، وابن شاهين، وغيرهم، (أو) يعرف
بـ (تخريج ملتزم الصحة) : أي مشترط الصحة (في التخريج) أي التأليف
متعلق بملتزم.
وحاصل المعنى: أنه يعرف كونه ثقة بتخريج حديثه من يشترط(2/369)
الصحة في كتابه، كالشيخين في صحيحيهما، ولا يلتفت إلى من تكلم في
بعض من خرجا له، أو من خرج على كتابيهما.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله: وارجع: البيت.
وقوله: واردد كلام: البيت، وقوله: الذهبي: إلى آخر الباب.
* * *(2/370)
(معرفة من خلط من الثقات)
أي هذا مبحثها وهو النوع الثامن والثمانون من أنواع علوم الحديث.
قال السخاوي: وكان الأنسب ذكره فيمن تقبل روايته ومن ترد، كما
في الذي قبله، وهو فن مهم عزيز، وفائدة ضبطهم تمييز المقبول، من
غيره، ولذا لم يذكر الضعفاء منهم كأبي معشر نجيح بن عبد الرحمن
السَّندي المدني، لأنهم غير مقبولين، بدونه، اهـ.
* * *
946 - وَالْحَازِمِيْ أَلَّفَ فِيمَنْ خَلَّطَا. . . مِنَ الثِّقَاتِ آخِرًا فَأُسْقِطَا
947 - مَا حَدَّثُوا فِي الاِخْتِلاطِ أَوْيُشَكّْ. . . وَبِاعْتِبَارِ مَنْ رَوَى عَنْهُمْ يُفَكّْ
948 - كَابْنَيْ أَبِي عَرُوبَةٍ وَالسَّائِبِ. . . وَذَكَرُوا رَبِيعَةً لَكِنْ أُبِي
* * *
(و) الحافظ أبو بكر محمد بن موسى (الحازمي) نسبة إلى أحد
أجداده (قد ألفا) بالبناء للفاعل والألف إطلاقية والفاعل ضمير الحازمي، أي
صنف الحازمي (1) جزءً لطيفاً (في) معرفة (من خلطا) بتشديد اللام، والألف
إطلاقية (من الثقات) حال مِنْ مَنْ، أي حال كون ذلك المخلط من
الثقات، واحترز به من الضعفاء فإنه لا فائدة في ذكرهم، في هذا النوع.
__________
(1) وممن ألف فيه صلاح الدين العلائي في جزء اختصره جدا، والحافظ برهان الدين سبط بن العجمي ولكنه ذكر الثقات وغيرهم، وأحسن مؤلف فيه، تأليف أبي البركات محمد بن أحمد الشهير بابن الكَيَّال وسماه الكواكب النيرات، في معرفة من اختلط من الرواة الثقات، مطبوع بتحقيق كمال يوسف الحوت.(2/371)
لردهم بدونه، كما تقدم في كلام السخاوي.
(آخِرًا) منصوب على الظرفية
متعلق بخلط، أي في آخر عمره، يعني: غالباً، وإلا فليس قيداً فيه، ومثله
قول مالك: إنما يَخْرَفُ الكذابون.
وحقيقة الاختلاط: فساد العقل، وعدم انتظام الأقوال، والأفعال، إما
بخرف أو ضرر أو مرض، أو عارض من موت ابن، وسرقة مال، أو ذهاب
كتب أو احتراقها.
(فأسقطا) بالبناء للمفعول، والألف للإطلاق، ونائب فاعله قوله:
(ما حدثوا) أي الحديث الذي حدثوا به
(في الاختلاط) أي في حالة اختلاطهم (أو) ما (يشك) بالبناء للمفعول، أي يشك فيه هل هو قبل الاختلاط، أو بعده.
وحاصل المعنى: أنه يسقط ما حدث به بعد الاختلاط، أو شك فيه
وأشكل: أرواه قبلُ، أو بعدُ؟ وقُبِلَ ما رواه قبلُ الاختلاط لثقته.
(وباعتبار) من روى عنهم أي نَقَلَ الحديث عن المخلطين متعلق
بقوله: (يفك) بالبناء للمفعول، أي يزال الإشكال، من فككت العَظْمَ فَكًّا
من باب قتل: أزلته من مفصله، والمعنى: أنه يتميز ما حدثوا به قبل
الاختلاط وبعده، باعتبار الرواة عنهم، فمن نقل قَبْلَ الاختلاط قبِلَ ومن
نقل بعده رُدَّ.
ثم ذكر أمثلة لهم بقوله (كابني) بصيغة التثنية مضاف
إلى (أبي عروبة) وما عطف عليه، وصرف للضرورة، وهو سعيد بن أبي
عروبة مهران العدوي، البصري، أبو النضر، أحد كبار الأئمة، وثقاتهم.
فقد اختلط اختلاطاً قبيحاً، وطالت مدته، واختلف في ابتدائها، فقيل في
سنة خمس وأربعين ومائة، وقيل في سنة اثنين وأربعين، وقيل في سنة ثمان
وأربعين، وقيل سنة ثلاثة وأربعين، وقيل سنة اثنين وثلاثين ومائة، واختلف
في موته، فقيل سنة خمسين، أو خمس أو ست أو سبع وخمسين ومائة.
وقد سمع منه قبل الاختلاط جماعة، منهم خالد بن الحارث، ورَوْحُ بن
عُبَادة، وابن المبارك، وعبد الوهاب الثقفي، وغيرهم.
(والسائب) عطف على أبي، وهو عطاء بن السائب، الثقفي، الكوفي.
أحد التابعين، أبو محمد، ويقال: أبو السائب، مات سنة 136 هـ.(2/372)
فقد صرح جماعة من الأئمة باختلاطه، وممن سمع منه قبل الاختلاط
فقط أيوب، وحماد بن زيد، وزائدة، وزهير وابن عيينة، والثَّوري، وشعبة، ووهيب، وغيرهم، وممن سمع منه بعده فقط إسماعيل بن علية، وجَرِير بن
عبد الحميد، وخالد بن عبد اللَّه الواسطي، وابن جريجٍ، وعلي بن عاصم.
ومحمد بن فضيل، وغيرهم، وممن سمع منه في الوقتين، معاً أبو عوانة.
وغيره، ووصفه ابن معين بالاختلاط الشديد، لكن قال ابن حبان: إنه اختلط بآخره، ولم يفحش حتى يستحق أن يعدل به
عن مسلك العدول. اهـ
(وذكروا) أي العلماء فيمن اختلط (ربيعة) بالصرف للضرورة، هو ربيعة بن
أبي عبد الرحمن، فروخ، المدني، أحد الأثبات، شيخ مالك، الشهير
بربيعة الرأي، الأنه كان مع معرفته بالسنة، قائلًا به، قال ابن الصلاح.
قيل: إنه تغير في آخر عمره، وتُرِكَ الاعتماد عليه لذلك، قال العواقي: ولم
أقف عليه لغيره، ولا أعلم أحداً تكلم فيه بالاختلاط، ولذا قال الناظم:
(لكن أبى) بالبناء للمفعول أي منع هذا القول من الاعتماد عليه، لاحتجاج
الشيخين به، وتوثيق الحفاظ له، وإنما قال الواقدي: كانوا يتقونه لموضح
الرأي، على أن عبد العزيز بن أبي سلمة، قال: قلت لربيعة في مرضه
الذي مات فيه، إنا قد تعلمنا منك وربما جاءنا من يستفتينا في الشيء لم
نسمع فيه شيئاً، فنرى رأينا خيراً من رأيه لنفسه فنفتيه قال: فقال أقعدوني.
ثم قال: ويحك يا عبد العزيز لأنْ تَمُوتَ جاهلاً خير من أن تقول في شيء
بغير علم، لا، لا، لا. ثلاث مرات، وكانت وفاته في سنة اثنتين أو ست
وثلاثين أو اثنتين وأربعين، ومائة، بالمدينة، وقال ابن عبد البر: ذمَّه جماعة
من أهل الحديث لإعراقه في الرأي. اهـ.
وذكر ابن الصلاح جماعة آخرين من المختلطين، ثم قال: اعلم أن من كان هذا القبيل محتجاً به في الصَّحِيحين، أو أحدهما، فإنا نعرف على الجملة أن ذلك مما تميز وكان مأخوذاً عنه قبل الاختلاط. اهـ.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات قوله: (والحازمي ألف فيمن) .
وقوله: وباعتبار البيت، وقوله: لكن أبى.
* * *(2/373)
(طبقات الرواة)
أي هذا مبحثها وهو النوع التاسع والثمانون من أنواع علوم الحديث.
وهو من المهمات، وبينه وبين التاريخ عموم وخصوص وجهي، فيجتمعان
في التعريف بالرواة، وينفرد التاريخ بالحوادث، والطبقات بما إذا كان في
البدريين مثلاً من تاخرت وفاته عمن لم يشهدها، لاستلزامه تقديم المتاخر
الوفاة، وقد بينهما بعض المتأخرين بأن التاريخ ينظر فيه بالذات، إلى
المواليد والوفيات، وبالعَرَضِ إلى الأحوال، والطبقات ينظر فيها بالذات
إلى الأحوال وبالعَرَض إلى المواليد، ولكن الأول أشبه، قاله السخاوي.
والطبقات جمع طبقة وهي في الأصل عبارة عن القوم المتشابهين.
وفي الاصطلاح ما أشار إليه الناظم بقوله:
* * *
949 - وَالطَّبَقَاتُ لِلرُّوَاةِ تُعْرَفُ. . . بِالسِّنِّ وَالأَخْذِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ
950 - فَالصَّاحِبُونَ بِاعْتِبَارِ الصُّحْبَهْ. . . طَبَقَةٌ وَفَوْقَ عَشْرٍ رُتْبَهْ
* * *
(والطبقات للرواة) أي رواة الأحاديث مبتدأ خبره جملة قوله (تعرف)
في الاصطلاح (بالسن) أي باشتراك المتعاصرين في السن ولو تقريباً
وبـ (الأَخْذِ) عن المشايخ، وربما اكتفوا بالاشتراك في التلاقي، وهو غالباً
ملازم للاشتراك في السن (وقد تختلف) أي الطبقات فرب شخصين
يكونان من طبقة واحدة، لتشابههما بالنسبة إلى جهة، ومن طبقتين بالنسبة(2/374)
إلى جهة أخرى لا يتشابهان فيها، ولذا قال ابن الصلاح: والباحث الناظر
في هذا الفن يحتاج إلى معرفة المواليد، والوفيات، ومن أخَذُوا عنه، ومن
أُخذَ عنهم، ونحو ذلك، (فـ) بذا كان كذلك من اختلاف الطبقات باختلاف الجهات، وأردت بيانه فأقول لك: (الصاحبون) أي الصحابة رضي الله عنهم (باعتبار) اشتراكهم في (الصحبة) للنبي كًلرِوّ (طبقة) واحدة
(و) باعتبار تفاوتهم في سوابقهم ومراتبهم، فهم، (فوق عشر رتبة) تميز منصوب، أي من جهة المرتبة، يعني: أنه إذا نظرنا إلى تفاوت رتبتهم فهم فوق عشر طبقات كما تقدم في معرفة الصحابة، فأنس بن مالك وأمثاله من صغار الصحابة رضي الله عنهم مع العشرة، وغيرهم، من أكابر الصحابة، من طبقة واحدة، باعتبار الصُّحْبَةِ، وإذا نظرنا إِلَى السوابق والمراتب فهو دونهم بطبقات.
وعلى النظر الأول عمل ابن حبان وغيره فالصحابة طبقة أولى.
والتابعون طبقة ثانية، وأتباع التابعين طبقة ثالثة، وهلمَّ جَرَّا، وعلى النظر
الثاني فعل ابن سعد في الصحابة ومن بعدهم، حيث عدد في كل الطباق
منهم، قال الحافظ: ولكل وجه، قال السخاوي: ومنهم من يجعل كما قاله
ابن كثير: كُلَّ طبقة أربعين سنة، واستشهد له بحديث ضعيف.
ثم ذكر فائدته فقال:
* * *
951 - وَمِنْ مُفَادِ النَّوْعِ أَنْ يُفَصَّلا. . . عِنْدَ اتِّفَاقِ الاِسْمِ وَالَّذِي تَلا
* * *
(ومن مفاد) أي فائدة معرفة هذا (النوع) خبر مقدم (أن) مصدرية
(يفصلا) بالبناء للمفعول والألف للإطلاق وهو في تأويل المصدر مبتدأ مؤخر
أي التفصيل والتمييز بين المتشابهين (عند اتفاق الاسم) أي اسم الراويين
(والذي تلا) أي تبع الاسم، والمراد به الكنية، ونحوها، مما تقدم في
المتفق والمفترق، وإنما قال تلا لأنها تتلو الاسم في الذكر، لأنه يذكر
أولًا، ثم تذكر هي بعده.(2/375)
ومن فائدته أيضاً: إمكان الاطلاع على تبيين التدليس، والوقوف على
حقيقة المراد من العنعنة، هل هي محمولة على السماع، أو مرسلة، أو
منقطعة إلى غير ذلك، وصنف في الطبقات جماعة كمسلم، وخليفة بن
خياط، وطبقاتُ ابن سعد عظيم كثير الفوائد.
* * *
(تَتِمَّة) : قوله: وقد تختلف إلى آخر الباب من زياداته.
* * *(2/376)
(أوطان الرواة وبلدانهم)
أي هذا مبحثه وهو النوع التسمعون من أنواع علوم الحديث.
وهو نوع مهم جلهيل يعتني به كثير من علماء الحديث، لا سيما وقد
يتبين به الراوي المدلس، وما في السَّند من إرسال خفي، ويزول به توهم
ذلك، ويتميز به أحد المتفقين من الآخر، ومن مظانه الطبقات لابن سعد.
وتواريخ البلدان، وأحسن ما ألف فيه وأجمعه الأنساب لابن السمعاني.
وفي مختصره اللباب لابن الأثير فوائد مهمة، وكذا للرشاطي الأنساب.
واختصره المجد الحنفي، واختصر الناظم مختصر ابن الأثير، وزاد في
الكثير وسماه الب اللباب ".
* * *
952 - قَدْ كَانَتِ الأَنْسَابُ لِلْقَبَائِلِ. . . فِي الْعَرَبِ الْعَرْبَاءِ وَالأَوَائِلِ
953 - وَانْتَسَبُوا إِلَى الْقُرَى إِذْ سَكَنُوا. . . فَمَنْ يَكُنْ بِبَلْدَتَيْنِ يَسْكُنُ
954 - فَانْسُبْ لِمَا شِئْتَ وَجَمْعٌ يَحْسُنُ. . . وَابْدَأْ بِالاوْلَى وَبِثُمَّ أَحْسَنُ
* * *
(قد كانت الأنساب) أي الانتساب، (للقبائل) أي إليها، وهي جمع
قبيلة، وهم بنو أب واحد ولهم الشعوب، هي القبائل العظام، وقيل:
الجَمَّاع الذي يجمع متفرقات البطون، واحدها شعب، والقبائل هي
البطون، وهي للعرب كالأسباط لبني إسرائيل، بل يقال: لكل ما جمع على
شيء واحد قبيل، أخذاً من قبائل الشجرة، وهي غصونها، أو من قبائل(2/377)
الرأس وهو أعضاؤها، سميت بذلك لاجتماعها، والعمائر جمع عِمارة
بالكسر والفتح، قيل: الحي العظيم يمكنه الانفراد بنفسه، وهي فوق
البطن، والبيوت جمع بيت، ولهم الأسرة، والبطن، والجذم والجماع.
والجمهور، والحي، والرهط، والذرية، والعترة والعشيرة، والفخذ.
والفصيلة، قاله السخاوي. (في العرب العرباء) الأول: بفتحتين، والثاني:
بفتح فسكون قال في (ق) عَرَبٌ عارِبَة وعَرْبَاء، وعَرِبَة، صَرْحَاء، ومتعربة
ومستعربة، دَخْلَاء. (والأوائل) أي المتقدمين، يعني: أن العرب الخلص
والأوائل كانوا ينتسبون إلى الشعوب، والقبائل، والعمائر، والعشائر
والبيوت، قال تعالى: (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا)
وأما العجم فكانوا ينتسبون إلى رساتيقهم، وهي القُرَى، والبلدان، وكانت بنو إسرائيل تنسب إلى أسباطها.
(و) لما جاء الإسلام وانتشر النَّاس في الأقاليم، والمَدن، والقرى، وضاعت الأنساب العربية كثيراً في البلدان المتفرقة.
(انتسبوا إلى القرى إذ سكنوا) إذ ظرفية، أي وقت سكناهم فيها، أو تعليلية
أي لسكناهم فيها، يعني أن العرب اشسبوا إلى القرى التي سكنوها كما
كانت العجم تنتسب إليها، وهذا وإن وقع في المتقدمين أيضاً فهو قليل.
كما أنه يقع في المتأخرين، أيضاً، النسبة إلى القبائل بقلة.
والمراد بالقرى محل الإنسان من بلدة، أو ضيعة، أو سكة، وهي
الزقاق، أو نحوها، وقد يقع النسبة إلى الصنائع، كالخياط، وإلى الحرف
كالبزاز، وتقع ألقاباً كخالد بن مَخْلَد الكوفي القَطَوَاني وكان يغضب منها.
(فمن يكن ببلدتين) أو القريتين أو نحوهما (يسكن) بأن انتقل من
الشام إلى العراق، أو من دمشق إلى مصر، وأردت نسبته (فانسب) أمر من
نَسَبَهُ من باب نصر، بمعنى عزاه، أي فاعزه (لما شئت) منهما مقتصراً
طى أحدهما كفُلَانٍ الشامي، أو العراقي، وهو قليل كما قال النووي.
(وجمع) أي جمعك بين البلدتين في النسبة، (يحسن) بل هو الأحسن من
الاقتصار على أحدهما (و) لكن (ابدأ) في النسبة (بـ) البلدة (الأولى)(2/378)
بنقل حركة الهمز إلى اللام ودرجها للوزن، أي بالبلدة التي هي الأولى
بالسكنى فيها، فتقول لمن انتقل من الشام إلى العراق الشامي العراقي.
(و) كونه (بثم) في الثانية المنتقل إليها (أحسن) من عدمها، ومثلها الفاء
فتقول الشامي، ثم العراقي.
* * *
955 - وَمَنْ يَكُنْ مِنْ قَرْيَةٍ مِنْ بَلْدَةِ. . . فَانْسُبْ لِمَا شِئْتَ وَلِلنَّاحِيَةِ
956 - كَذَا لإِقْلِيمٍ أَوِ اجْمَعْ بِالأَعَمّْ. . . مُبْتَدِئًا وَذَاكَ فِي الأَنْسَابِ عَمّْ
957 - وَنَاسِبٌ إِلَى قَبِيلٍ وَوَطَنْ. . . يَبْدَأُ بِالْقَبِيلِ. ثُمَّ مَنْ سَكَنْ
958 - فِي بَلْدَةٍ أَرْبَعَةَ الأَعْوَامِ. . . يُنْسَبْ إِلَيْهَا فَارْوِ عَنْ أَعْلامِ
* * *
(ومن يكن) من الرواة (من قرية) كائنة (من بلدة) كجَرْوَل من مكة
مثلاً، (فانسب) أيها المحدث جوازاً (لما شئت) من تلك القرية، والبلدة.
فتقول فلان الجَرْوَليّ أو المكي (و) انسبه أيضاً، جوازاً (للناحية) التي منها
تلك البلدة كالحجاز في مثالنا فتقول فيه: فلان الحجازي (كذا) يجوز أن
تنسبه (لإقليم) ، وفي نسخة الشارح للإقليم بالتعريف بنقل حركة الهمزة
وحذفها، وهو بكسر الهمزة بوزن قِندِيل، قال في المصباح: قيل مأخوذ من
قُلَامة الظفر، لأنه قطعة من الأرض، قال الأزهري: وأحسبه عربياً، وقال
ابن الجواليقي: ليس بعربي محض، والأقاليم عند أهل الحساب سبعة
كل إقليم يمتد من المغرب إلى نهاية المشرق طولًا ويكون تحت مَدَار
تتشابه أحوال البقاع التي فيه، وأما في العرف فهو ما يختص باسم، ويتميز
به عن غيره، فمصر إقليم، والشام إقليم، واليمن إقليم، وعلى هذا فلا
فرق بينه وبين الناحية ولذا قال السخاوي بعد ذكر الناحية، وتسمى الإقليم، أيضاً، وعلى الأولى فهو أوسع من الناحية، بكثير، قال الشارح: وهي أقسام الأرض كالعرب في المثال، فيقال: فلان العربي اهـ.
(أو أجمع) بينهما (بالأعم) متعلق بقوله (مبتدأ) أي حال كونك مبتدأ في النسبة بالأعم، فالأعم، وهو الإقليم، ثم الناحية، ثم البلدة، ثم القرية، فتقول: فلان العربي، الحجازي، المكي، الجَرْوَلي، (وذاك) أي الحكم المذكور في(2/379)
البلدان وهو الابتداء بالأعم فالأعم، (في الأنساب) أي القبائل (عمّ) ، يعني
أن الحكم المذكور يعم الانتساب إلى القبائل، فتبدأ بالأعم، فالأعم.
فتقول: فلان القرشي، ثم الهاشمي، ليحصل بالثاني فائدة، لم توجد في
الأول، ولا تقول الهاشمي، القرشي، لأنه لا فائدة للثاني حينئذ، إذ يلزم
من كونه هاشمياً، كونه قرشياً، بخلاف العكس، ولا يقال ذكر الأخص يغني
عن الأعم، لأنه قد يخفى على بعض النَّاس، ولا سيما في البطون الخفية
كالأشهل من الأنصار، فذكر الأعم لدفع هذا التوهم، وقد يقتصرون على
الخاص، وقد يقتصرون على العام، وهو قليل، أفاده في التدريب.
(وناسب) مبتدأ (إلى قبيل) لغة في قبيلة (و) إلى (وطن) هو محل الإنسان من
بلدة، أو ضيعة، أو سكة، وهي الزقاق، أو نحوها، وجملة (يبدأ) خبر
المبتدأ، أي يبدأ، في حال الجمع بينهما (بـ) النسبة إلى (القبيلِ) ثم الوطن.
أو الصناعة فيقول: فلان القرشي، المكي، أو الخياط، (ثم) إِنَ (من) شرطية
(سكن) أي أقام (في بلدة) ونحوها (أربعة الأعوام) أي أربع سنين كاملة
(ينسب) جواب "من " مجزوم وهو فصيح أحسن من رفعه، كما أشار إليه ابن
مالك بقوله:
"وَبَعْدَ ماضٍ رَفْعُكَ الجَزَا حَسَنْ" إلخ
أي والجزم أحسن منه.
يعني: أن من أقام ببلدة أربع سنين لنسب إليها (فارو) أيها المحدث
هذا الكلام حال كونك ناقلاً (عن أعلام) أي عن أئمة يقتدى بهم، كالعَلَم
الذي يَهْتَدِي به المسافر، في الطريق وهم عبد اللَّه بن المبارك ومن تبعه.
* * *
(تَتِمَّة) : الزيادات في هذا الباب قوله "قد كانت الأنساب " البيت.
وقوله "فانسب لما شئت، وجمع يحسن ".
وقوله "كذا الإقليم " إلى آخر الباب.
* * *(2/380)
(الموالي)
أي هذا مبحثه وهو النوع الحادي والتسعون من أنواع علوم الحديث.
اعلم أن الموالي من الأسماء المشتركة بالاشتراك اللفظي، الموضوعة
لكل واحد من الضدين، إذ هي موضوعة للمولى من أعلى، وهو المُعْتِق.
بكسر التاء، والمولى ممن أسفل وهو المُعْتَق بفتحها، ومعرفة كل منهما
مهمة، أفاده السخاوي. وصنف في ذلك أبو عمر الكندي بالنسبة إلى
المصريين.
* * *
959 - وَلَهُمُ مَعْرِفَةُ الْمَوَالِي. . . وَمَا لَهُ فِي الْفَنِّ مِنْ مَجَالِ
960 - وَلاَ عَتَاقَةٍ وَلاَءُ حِلْفِ. . . وَلاَءُ إِسْلامٍ كَمِثْلِ الْجُعْفِي
* * *
(ولهموا) أي للعلماء خبر مقدم عن قوله: (معرفة الموالي)
من العلماء والرواة يعني: أن من المهم عند العلماء أهل الحديث وغيرهم
معرفةَ الموالي بأقسامه، إذ ربما يقع بعدمها، خلل في الأحكام الشرعية.
فيما يشترط فيه، كالإمامة العظمى، وكفاءة النكاح، والتوارث.
(وما) موصولة مبتدأ أي الذي (له) خبر مقدم (في الفن) أي فن علوم
الحديث وغيره (من) زائدة (مجال) مبتدأ مؤخر أي دَوَرَان وتعلق يعني: أن
الذي له تعلق في هذا الفن وغيره، إذ هو من الضروريات لاشتراط حقيقة
النسب في الإمامة العظمى، وغيرها من الأحكام، ولاستحباب التقديم فيه في(2/381)
الصلاة، وغيرها وإن كان قد ورد في الحديث الصَّحِيح مولى القوم من أنفسهم.
وخبر ما قوله (ولا) بالقصر للوزن مضاف إلى قوله: (عتاقة) بالفتح
مصدر عتق، كأبي العالية الرياحي رُفَيع بن مِهْران، كان مولى لامرأة من
بني رِيَاح، وأبو البختري سعيد بن فيروز الطائي كان مولى لمن أعتقه من
طيء، ومكحول الشامي الهذلي كان مولى لامرأة من هذيل، وعبد الله بن
المبارك الحنظلي وغيرهم، مع إطلاق النسبة في كل منهم، بحيث يظن أنه
ممن ينسب كذلك صليبة (1) ، أي من ولد الصلب، وهذا (2) وإن كان قليلاً بالنظر للأصل في الانتساب هو الأغلب، في الاستعمال.
وقد يراد به ولاء الحلف، وهو الثاني، كما قال: (ولاء حلف) أي
الثاني ولاء حِلْف بكسر فسكون، ويقال فيه: حلفة أيضاً، ومعناه العهد.
والحليف المعاهد، يقال: تحالفا إذا تعاهدا وتعاقدا على أن يكون أمرهما
واحداً، في النصرة والحماية، كما في المصباح، وأبطل الإسلام ما كان في
الجاهلية على الفتن، والقتال، بين القبائل، أو الغارات، دون نصر المظلوم.
وصلة الأرحام، قاله السخاوي.
وهم جماعة كمالك بن أنس الإمام، فإنه حميري، أصبحي، صليبة.
ولكن لكون نفره أصبح حلفاء عثمان بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن
كعب بن سعدبن تيم بن مرة القرشي التيمي أخي طلحة نسب تيمياً.
وقيل: لأن جده مالك بن أبي عامر كان أجيراً لصلحة بن عبيد اللَّه المذكور حين كان طلحة يختلف في التجارة، كما تقدم في مِقْسَم مولى ابن عباس
لملازمته إياه، قال العراقي: وهذا قسم آخر.
وقد يراد به ولاء الإسلام، وهو الثالث كما أشار إليه بقوله (ولاء إسلام)
أي الثالث من الموالي ولاء إسلام، وهو أن يسلم الرجل على يد الرجل
__________
(1) يقال: عربي صليب خالص النسب وامرأة صليبة كريمة المنصب عريقة أفاده في التاج اهـ.
(2) أي الانتساب للعتاقة. اهـ الجامع.(2/382)
فينسب إِليه، وذلك (كمثل الجعفي) بضم الجيم ثم مهملة ساكنة بعدها فاء.
إمام هذه الصنعة أبي عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة
البخاري فإنه انتسب كذلك لأن جد أبيه المغيرة كان مجوسياً فأسلم على يد
اليمان بن أخنس الجعفي والد جد عبد اللَّه بن محمد بن جعفر بن يمان
المُسْنَدي الجعفي شيخ البخاري.
وكأبي علي الحسن بن عيسى بن ماسَرْجِس، الماسرجسي، بفتح
السين وكسرها، فإنه كان نصرانياً فأسلم على يد ابن المبارك، فقيل له:
مولى ابن المبارك.
وقد ينسب للقبيلة مولى مولاها نحو سعيد بن يسار أبي الحباب
الهاشمي فإنه لكونه مولى شُقْران مولى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - نسب لبني هاشم، وكعبد اللَّه بن وهب القرشي الفهري المصري، فإنه مولى يزيد بن رمانة وهو مولى يزيد بن أنيس الفهري.
* * *
(تَتِمَّة) : قوله: وما له في الفن من مجال من زياداته على العراقي.
* * *(2/383)
(التأريخ)
بالهمزة وتخفف، ويقال فيه توريخ، أي هذا مبحثه وهو النوع الثاني
والتسعون من أنواع علوم الحديث وهو آخر ما ذكره الناظم من أنواع علوم
الحديث.
هو مصدر أرخت الكتاب بالتثقيل في الأشهر، والتخفيف لغة، حكاها
ابن القطاع إذا جعلت له تاريخاً، وهو معرب وقيل عربي، وهو بيان انتهاء
وقته، ويقال: ورخت على البدل، والتوريخ قليل الاستعمال، أفاده في
المصباح.
وقال السخاوي: وحقيقة التاريخ التعريف بالوقت الذي تنضبط به
الأحوال في المواليد والوفيات ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع.
التي ينشأ عنها معان حسنة مع تعديل وتجريح، ونحو ذلك فبينه وبين
الوفيات عموم وخصوص من وجه.
وقال الصولي: تاريخ كل شيء غايته ووقته الذي ينتهي إليه زمنه.
ومنه قيل لفلان تاريخ قومه أي إليه المنتهى في شرف قومه، أو لكونه ذاكراً
للأخبار وما شاكلها.
وأول من أمر به عمر بن الخطاب، وذلك في سنة ست عشرة من
الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة واختير لابتدائه أول سنيها بعد أن جمع
المهاجرين واستشارهم، لأنها فيما قيل غير مختلف فيها بخلاف وقت كل(2/384)
من البعثة والولادة، وأما وقت الوفاة وإن لم يختلف فيه إلا أنه غير
مستحسن لتهييجه للحزن والأسف، واختير كون أول السنة من المحرم
لكونه شهر الله، وفيه يكسى البيت، ويضرب الوَرِقُ، وفيه يوم تاب فيه قوم فتيب عليهم.
وهو فن عظيم الوقع، من الدين، قديم النفع به للمسلمين لا يُستَغنى
عنه، ولا يُعْتَنى باعمَّ منه خصوصاً ما هو القصد الأعظم منه وهو البحث عن
الرواة والفحصُ عن أحوالهم في ابتدائهم وحالهم واستقبالهم لأن الأحكام
كلها متلقاة من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله، والنَّقَلَةُ لذلك هم الوسائط.
فكانَ التعريف بهم مَنْ الواجبات، ولذا قام به في القديم والحديث النُقادُ
الحفاظ من أئمة الحديث، وإلى ذلك أشار بقوله:
* * *
961 - مَعْرِفَةُ الْمَوْلِدِ لِلرُّوَاةِ. . . مِنَ الْمُهِمَّاتِ مَعَ الْوَفَاةِ
962 - بِهِ يَبِينُ كَذِبُ الَّذِي ادَّعَى. . . بِأَنَّهُ مِنْ سَابِقٍ قَدْ سَمِعَا
* * *
(مَعْرِفَةُ الْمَوْلِدِ) مبتدأ خبره قوله: من المهمات، والمولد بكسر اللام
زمن الولادة، أي معرفة وقت الولادة (للرواة) أي نقلة الأخبار من الصحابة
ومن بعدهم كائن (من) الأمور (المهمات) أي تُهِمُّ الإنسانَ في معرفة دينه
(مع) معرفة (الوفاة) أي وقت موتهم، ولذلك قال أبو عبد اللَّه الحميدي:
ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التَّهَمُّم بها: العلل، والمؤتلف
والمختلف، ووفيات الشيوخ، وليس فيه كتاب، يعني على الاستقصاء، وإلا ففيه كتب كالوفيات لابن زَبْر، بفتح فسكون، ولابن قانع، وذَيَّلَ على ابن زَبْر الحافظ عبد العزيز بن أحمد الكتاني، ثم أبو محمد الأكفاني، ثم
الحافظ أبو الحسن بن المفضل، ثم الشريف عز الدين أحمد بن محمد
الحسيني، ثم المحدث أحمد بن أيبك الدمياطي، ثم الحافظ أبو الفضل
العراقي، وذَيَّل عليه ولده ولي الدين، إلى غير ذلك.
ثم ذكر من فوائده ما أشار إليه بقوله: (به) أي بما ذكر من معرفة
المولد والوفاة يتعلق بقوله: (يبين) أي يظهر (كذب) الشخص (الذي ادعى)(2/385)
لنفسه (بأنه من سابق) من الشيوخ (قد سمعا) الحديث، يعني: أن بمعرفة
مواليد الرواة ووفياتهم، وكذا قدومهم البلد الفلاني، يتبين كذب من يدعي
الرواية من مَشَايخ لم يلقهم، فقد ادعى قوم الرواية عن قوم فنظر في
التاريخ فظهر أنهم زعموا الرواية عنهم بعد وفاتهم بسنين كما سأل
إسماعيل بن عياش رجلاً اختباراً أيَّ سنة كتبت عن خالد بن معدان، فقال
سنة ثلاث عشرة ومائة، فقال: أنت تزعم أنك سمعت منه بعد موته بسبع
سنين، فإنه مات سنة 106 وقيل (5) وقيل (4) وقيل (3) وقيل (7) ، وسأل الحاكم، محمد بن حاتم الكِسِّي (1) عن مولده لما حَدَّث عن عبد بن
حُمَيد، فقال سنة 260 فقال: هذا سمع من عبد بن حميد بعد موته بثلاث
عشرة سنة.
ولذا قال حفص بن غياث القاضي: إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه
بالسِّنَّيْن، يعن سِنَّهُ وسِنَّ من كتب عنه، وقال الثَّوري: لما استعمل الرواة
الكذب استعملنا لهم التاريخ، وقال حسان بن يزيد: لم نستعن على
الكذابين بمثل التاريخ، نقول للشيخ: سنة كم ولدت؟
فإذا أقر بمولده عرفنا صدقه من كذبه.
ومن فوائده أيضاً أنه يتبين به ما في السَّند من انقطاع، أوإعضال، أو
تدليس، أو إرسال ظاهر أو خفي، للوقوف به على أن الراوي مثلاً لم
يعاصر من روى عنه، أو عاصره ولكن لم يلقه، لكونه في غير بلده، وهو لم
يرحل إليها مع كونه ليس له منه إجازة، أو نحوها، وكون الراوي عن بعض
المختلط سمع منه قيبل الاختلاط، ويتبين به أيضاً الناسخ والمنسوخ إلى
غير ذلك.
ثم ذكر كثيراً من عيون الوفيات، فقال:
* * *
963 - مَاتَ بِإِحْدَى عَشْرَةَ النَّبِي، وَفِي. . . ثَلاثَ عَشْرَةٍ أَبُو بَكْرٍ قُفِي
__________
(1) بكسر الكاف وتشديد السين المهملة نسبة إلى كِس مدينة بما وراء النهر.(2/386)
964 - وَبَعْدَ عَشْرٍ عُمَرٌ، وَالأُمَوِي. . . آخِرَ خَمْسٍ وَثَلاثِينَ، عَلِي
965 - فِي الأَرْبَعِينَ، وَهْوَ وَالثَّلاثُ. . . سِتِّينَ عَاشُوا بَعْدَهَا ثَلاثُ
* * *
(مات بإحدى) أي في سنة إحدى (عشرة) بسكون الشين على إحدى
لغاتها، من الهجرة، (النبي) بتخفيف الياء للوزن - صلى الله عليه وسلم -، في شهر ربيع الأول يوم الاثنين، وهذا لا خلاف فيه، والخلاف إنما هو في ضبطه من الشهر بعدد معين فقيل: لاثنتي عشرة، ليلة خلت منه وهو الراجح، وقيل: فىِ مستهله، وقيل: لليلتين خلتا منه، وقيل غير ذلك، (وفي) سنة (ثلاث عشرة) بالصرف للضرورة متعلق بقفي (أبو بكر) الصديق رضي اللَّه عنه مبتدأ خبره جملة (قفي) بالبناء للمفعول أي أكرم بمعنى أن اللَّه أكرمه حيث ألحقه بحبيبه - صلى الله عليه وسلم -، يقال: قَفَوته أقفوه إذا أكرمته، أو بمعنى دفِنَ يقال: قُفِيَ
العُشْبُ فهو مَقْفُوْ، وقد قَفَاه السيلُ، إِذَا حمل الماءُ الترابَ عليه، أو بمعنى
اختير يقال فلان قِفْوَتِي بكسر فسكون أي خيرتي، أفاد هذه المعاني في
لسان العرب، والمعنى: أن أبا بكر الصديق رضي اللَّه عنه اختاره اللَّه لرفقة
نبيه - صلى الله عليه وسلم -، أو دفن عنده، أوأكرمه الله بذلك يوم الاثنين في جمادى الأولى سنة 13 هـ وقيل غير ذلك.
(وبعد عشر) من وفاة الصديق رضي اللَّه عنه قتل (عمر) بن الخطاب رضي اللَّه عنه أي سنة 23 هـ بلا خلاف في ذلك، ودفن في مستهل المحرم
سنة 24 وقول من قال إنه قتل لأربع أو ثلاث بقين من ذي
الحجة مراده طَعْنُ أبي لؤلؤة له فإنه كان عند صلاة الصبح يوم الأربعاء، لأربع وقيل لثلاث بقين منه وعاش بعد ذلك ثلاثة أيام، ودفن مع صاحبيه في بيت عائشة رضي اللَّه عنهم
(و) قتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان (الأموي) نسبة إلى أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أحد أجداده، (آخر خمس وثلاثين) من
الهجرة في ذي الحجة يوم الجمعة 18 منه وقيل سنة 36، وفيه أقوال أخر.
ودفن ليلة السبت بين المغرب والعشاء، بالبقيع، وعمره قيل 85 وقيل 83
سنة وأشْهُر وهو الصَّحِيح، وقيل 86، وقيل 88، وقيل لم يبلغ 80، قتله
جَبَلَةُ بنُ الأيْهَم، رجل من أهل مصر، وقيل غيره، وقتل (علي) بن أبي طالب رضي الله عنه (في) شهر رمضان من العام (الأربعين) من الهجرة، قتله(2/387)
عبد الرحمن بن مُلْجِم المرادي، أحد الخوارج، واختلف في وقت قتله من
الشهر المذكور، فقيل 11 ليلة خلت منه وقيل ليلة الجمعة 13 ليلة خلت منه وقيل يوم الجمعة 17 وقيل في ليلتها، وبه جزم الذهبي تبعاً لابن حبان، وقيل غير ذلك، واختلف في محل دفنه قيل في قصر الإمارة، أو في رَحْبَةِ الكوفة، أو عند باب كِنْدَةَ، وقبره مجهول (وهو) أي علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه (والثلاث) الأولون النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر رضي اللَّه عنهم.
(ستين) سنة (عاشوا) في الدنيا (بعدها) أي بعد الستين (ثلاث) سنوات، يعني أنها اتفقت في كونها ثلاثاً وستين على القول الأصح في كلهم، فالقول به في النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي عليه الجمهور، وصححه ابن عبد البر، بل حَكَى فيه الحاكم الإجماع، وقيل 65 وقيل 65 وقيل 62 وقيل غير ذلك، والقول في الصديق رضي اللَّه عنه، هو قول الأكثر وصححه الذهبي، وغيره، وقيل 65 وقيل 63 وثلاثة أشهر واثنان وعشرون يوماً.
والقول في عمر هو قول الجمهور، وصححه المزي، وقيل 54
وقيل 55 وقيل غير ذلك.
والقول به في علي مروي عن ابن الحنفية وابن عمر وهو قول ابن
إسحاق وأبي بكر بن عياش، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وآخرين، وصححه ابن عبد البر، وقيل 57 وقيل 58 وقيل 62 وقيل غير ذلك.
* * *
966 - وَطَلْحَةٌ مَعَ الزُّبَيْرِ قُتِلا. . . فِي عَامِ سِتٍّ وَثَلاثِينَ كِلا
* * *
(وطلحة) بالصرف للضرورة ابن عبيد اللَّه بن عثمان بن عمرو بن
كعب بن تيم بن مرة التيمي أبو محمد المدني، أحد العشرة والستة
الشورى، وأحد الثمانية الذين سبقوا إلى الإسلام، رضي اللَّه عنه.
(مع الزبير) بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قُصَيّ بن كلاب
الأسدي، حواري رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، وابن عمته صفية، وأحد العشرة السابقين رضي اللَّه عنه (قتلا) بالبناء للمفعول والألف ضميرها في وقعة الجمل (في عام ست وثلاثين) من الهجرة، بل قيل في شهر واحد، ويوم واحد، واختلف(2/388)
في شهر وقعة الجمل التي كانت بناحية الطَّف، قيل: لعشر خلون من جمادى
الآخرة، ثم قيل يوم الجمعة، وقيل يوم الخميس، وعليه الجمهور، وقيل
كانت الوقعة في جمادى الأولى، وقيل غير ذلك، وقاتِل طلحة هو مروان بن
الحكم بن أبي العاص بلا خلاف، أخذاً بثأر عثمان فيما زعم، وقاتل الزبير
عمرو بن جرموز غدراً في مكان يقال له وادي السباع منصرفَهُ من الجمل، لَمَّا جَرَى بينه وبين علي مما قال لهما النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث قال للزبير: إنك تقاتل عليًّا وأنت ظالم له، فذكرَه على ذلك فتذكر، فانصرف، وكان مبلغ سنهما حين قتلا 64 سنة على الراجح، وفيه أقوال أُخر.
وقوله (كلا) توكيد للضمير نائب فاعِل قُتِلَ حذف منه المضاف إليه للضرورة أي كلاهما.
* * *
967 - وَفِي ثَمَانِي عَشْرَةٍ تُوُفِّي. . . عَامِرُ، ثُمَّ بَعْدَهُ ابْنُ عَوْفِ
968 - بَعْدَ ثَلاثِينَ بِعَامَيْنِ، وَفِي. . . إِحْدَى وَخَمْسِينَ سَعِيدٌ، وَقُفِي
969 - سَعْدٌ بِخَمْسَةٍ تَلِي خَمْسِينَا. . . فَهْوَ آخِرُ عَشْرَةٍ يَقِينَا
* * *
(وفي ثماني) بسكون الياء للوزن (عشرة) بسكون الشين لغة.
وبالتنوين للضرورة، يعني في سنة ثماني عشرة من الهجرة، والجار متعلق
بـ (تُوُفِّي) بالبناء للمفعول، أي مات (عامر) بمنع الصرف للوزن ابن
عبد الله بن الجراح بن هلال الفهري، أبو عبيدة الأمين، أحد العشرة، شهد
بدراً مات في طاعون عَمَوَاس بفتحات آخِرُهُ مهملة، وقد تسكن الميم.
موضع بالشام، وعمره ثمانية وستون سنة بلا خلاف، في الأمرين قاله في
التدريب (ثم) توفي (بعده) أي بعد عامر المذكور عبد الرحمن
(بن عوف) بن عبد عوف، بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب الزهري، أبو
محمد المدني، أحد العشرة، وهاجر الهجرتين، وأحد الستة (بعد ثلاثين)
سنة (بعامين) أي معهما، بمعنى أنه توفي سنة اثنتين وثلاثين من الهجرة
على القول المشهور، وقيل: إحدى، أو اثنتين، وقيل ثلاث، ودفن بالبقيع
ومبلغ سِنِّهِ 73 سنة، وقيل خمس وهو الأشهر، واقتصر عليه ابن الصلاح(2/389)
وقيل 8 وأوصى لكل من شهد بدراً بأربعمائة دينار، وكانوا مائة نفس.
وصولحت إحدى زوجاته عن ربع الثمن بثمانين ألفاً.
(و) توفي (في) سنة (إحدى وخمسين) من الهجرة (سعيد) هو ابن
زيد بن عمرو بن نفيل العدوي أحد العشرة وقيل سنة 55 وقيل 52
وقيل 58، وهذا غير صحيح، وكانت وفاته بالعقيق، وحمل إلى المدينة، فدفن بها، وقيل بالكوفة وصلى عليه المغيرة بن شعبة ودفن بها، وهذا لا يصح، وسنه بضع وسبعون سنة، إما ثلاث، أوأربع، (وقفي) بالبناء للمفعول أي أكرم، أو دفن، أو اختير، على ما قدمنا في معناها (سعد)
نائب فاعل قفي هو ابنِ أبي وقاص مالك بن أهيب الزهري، أحد العشرة المدني، شهد بدراً والمشاهد (بخمسة) من السنين (تلي) تلك الخمسة (خمسيناً) عاماً من الهجرة، يعني أنه مات سنة 55 من الهجرة وهو المشهور الراجح، وقيل أو إحدى أو أربع، أو ست، أو سبع، أو ثمان، بعد الخمسين ذلك في
قصره بالعقيق، وحمل على أعناق الرجال إلى المدينة، فدفن بالبقيع.
وعمره قيل 73 واقتصر عليه ابن الصلاح، وقيل 74 وقيل اثنان، أو ثلاث، وثمانون (فـ) إذا علمت ما تقدم من الأقوال الراجحة، علمت أسعدا هذا
(هو آخر عشرة) بُشِّرُوا بالجنة، في حديث واحد، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة. وعثمان في الجنة، وعليٌّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وأبو عبيدة عامر بن الجراح في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة.
رواه الترمذي وغيره، وورد التبشير لغير هؤلاء إلا أن هؤلاء جمعوا في حديث واحد.
وقوله (يقيناً) أي موتاً تمييز للنسبة في قوله هو آخر عشرة، واليقين الموت كما في (ق) قيل هو حقيقة، وقيل مجاز من تسمية الشيء بما يتعلق به، أفاده بعض محشى (ق) .
ولما أتم ذكر وفيات العشرة، أتبعه بذكر المعمرين من الصحابة
رضي الله عنهم، فقال:
* * *(2/390)
970 - وَعِدَّةٌ مِنَ الصِّحَابِ وَصَلُوا. . . عِشْرِينَ بَعْدَ مِائَةٍ تُكَمَّلُ
971 - سِتُّونَ فِي الإِسْلامِ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(وعدة) أي جماعة متعددون (من الصحاب) بالكسر جمع صاحب
بمعنى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فعدة مبتدأ ومن الصحاب صفته، وخبره جملة قوله (وصلوا) في العمر (عشرين) سنة حال كونها (بعد مائة) من السنين (تكمل) بالبناء للمفعول من التكميل صفة لمائة، أي مكملة، بمعنى أنها لا نقص فيها، منها ستون في الجاهلية
و (ستون في الإسلام) .
يعني أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم عاشوا مائة وعشرين سنة نصفها في الجاهلية، وستون في الإسلام، ثم ذكرهم بقوله:
* * *
. . . . . . . . حَسَّانٌ، يَلِي. . . حُوَيْطِبٌ، مَخْرَمَةُ بْنُ نَوْفَلِ
972 - ثُمَّ حَكِيمٌ، حَمْنَنٌ، سَعِيدُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(حسان) خبر لمحذوف أي هم حسان بن ثابت بن المنذر بن حَرَام.
الأنصاري، شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه عاش 120 ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، قال ابن عبد البر بالاتفاق، وسيأتي عام وفاته و (حويطب) بالحاء والطاء المهملتين مصغراً ابن عبد العزى بن أبي قيس العامري، صحابي، أسلم يوم الفتح، وكان عارفاً بأحوال مكة، أخرج له البخاري ومسلم والنسائي،. اهـ تقريب. فإنه عاش مائة وعشرين نصفها في الجاهلية ونصفها في الإسلام، كما رواه الواقدي، وتوفي سنة 54 وقيل 52
و (مخرمة) بفتح الميمين بينهما خاء ساكنة (بن نوفل) بن أهيب بن
عبد مناف بن زهرة الزهري، والد مِسْوَر، له ولولده صحبة أسلم عام الفتح، وتوفي سنة 54 وهو ابن 120 كما جزم به أبو زكريابن منده، وقيل 115
(ثم حكيم) مكبراً هو ابن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن
قصي بن كلاب القرشي الأسدي ابن أخي خديجة أم المؤمنين، رضي الله
عنها، فإنه عاش 120 ستين في الجاهلية وستين في الإسلام، على
الأصح (وحمنن) بفتح الحاء المهملة ثم ميم ساكنة بعدها نون مفتوحة،(2/391)
ثم أخرى على المعتمد، وضبطه بعضهم بزاي بدل النون الثانية مشتق من
الحمز وهي الصعوبة ونونه زائدة، ابن عوف أخو عبد الرحمن بن عوف.
ذكر الزبير بن بكار، والدارقطني، وابن عبد البر، أنه عاش ستين في
الجاهلية وستين في الإسلام، ومات سنة 54 قاله في التدريب، ولم يرو
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ثلاثة أحاديث قاله الناظم، في ريح النسرين وأقام بمكة إلى أن مات ولم يهاجر ولم يدخل المدينة، قاله في الإصابة (وسعيد) بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم، أبو هود، أسلم قبل الفتح، وقيل هو من مسلمة الفتح، كان اسمه صرماَ فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - سعيداً مات سنة 54 بالمدينة المنورة، وقيل بمكة وعاش 120 سنة ستين في الجاهلية وستين في الإسلام وقيل عمره 124.
فهؤلاء الستة كلهم معمرون 120 سنة نصفها في الجاهلية، ونصفها
في الإسلام على خلاف تقدم في بعضهم.
ولما كان في الصحابة من عاش 120 سنة مطلقاً ذكرهم بقوله:
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . وَآخَرُونَ مُطْلَقًا لَبِيدُ
973 - عَاصِمُ، سَعْدٌ، نَوْفَلٌ، مُنْتَجِعُ. . .لَجْلاجُ، أَوْسٌ، وَعَدِيٌّ، نَافِعُ
974 - نَابِغَةُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(و) وصل هذا المقدار من العمر قوم (آخرون) من الصحابة رضي اللَّه
عنهم يعني أنهم عاشوا 120 سنة (مطلقاً) أي من غير توزيع نصفها في
الجاهلية ونصفها في الإسلام لعدم العلم بها، لتقدم وفاتهم على
المذكورين أو تأخرها، أو لعدم تاريخها قاله السخاوي.
وهم (لبيد) بفتح اللام وكسر الباء، مكبراً ابن ربيعة بن مالك بن
جعفر العامري، كان شاعرا، من فحول الشعراء، فارساً شجاعاً سخياً
عاش 120، وقيل 140، وقيل 157، و (عاصم) بترك التنوين للوزن ابن
عدي بن الجد بن العجلان العجلاني، يكنى أبا عبد اللَّه، وقيل: أبا عمر.
وهو أخو معن بن عدي، وهو الذي سأل رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لعويمر العجلاني(2/392)
عن الواجد مع زوجته رجلًا، توفي سنة 45 وقد عاش 115 سنة.
وقيل 120 سنة و (سعد) بن جنادة بضم الجيم العوفي، الأنصاري، والد عطية العوفي، من عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذبْيَان، عاش كما روى حفيده
الحسن بن عطية 120 سنة.
و (نوفل) بفتح فسكون ابن معاوية بن عمرو الديلي، ويقال: نوفل بن معاوية بن عروة الديلي، ويقال: الكناني، وهو من
بني الديلي بن بكر، قيل: إنه عمّر في الجاهلية 65 سنة وفي الإسلام 60
سنة سكن المدينة حتى توفي زمن الوليد بن معاوية.
وعلى هذا القول فهو من القسم الأول، و (منتجع) جد نَاجِيَة ذكره
العسكري في الصحابة وكان من أهل نجد، وكان له مائة وعشرون سنة.
قال السخاوي: ولا يصح حديثه اهـ.
قلت: ضبطه الشارح الترمسي بصيغة اسم الفاعل، ولم أجد من ضبطه غيره. والجلاج) بجيمين وترك التنوين للوزن، العامري، والد خالد والعلاء.
عاش 125 سنة، و (أوس) بن مغْرَاء أو ابن تميم بن مغراء، من بني أنف الناقة، السعدي، شاعر اشتهر في الجاهلية، عاش 120 سنة ذكره الصريفيني.
(وعدي) بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج، الطائي، يكنى أبا طريف، وقيل: أبو وهب، وأبوه حاتم هو الجواد المشهور، الذي يُضرَبُ به المثل، وَفَدَ عدي على النبي - صلى الله عليه وسلم -، سنة تسع، وقيل عشر، فأسلم، وكان نصرانياً، ذكر ابن سعد وخليفة أنه توفي سنة 68.
عن 120 سنة، وقيل 160، وقيل 167.
و (نافع) بن سليمان العبد ي، روى ابن إسحاق عن ولده سليمان قال: مات أبي وله 120 سنة، وكذا ذكر ابن قانع، و (نابغة) الجعدي الذي قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يفضض الله فاك، فما سقطت له سن، قال القاضي عياض في الشفا: عاش 120 سنة ووافقه على ذلك الحافظ الصريفيني.
قال الناظم: في ريح (1) النِّسْرين: فيمن عاش من الصحابة مائة
__________
(1) هذه الرسالة اختصرها الناظم من كتاب الحافظ ابن منده فيمن عاش من الصحابة 120 سنة، وهي مطبوعة بتحقيق عدنان أحمد مجود.
393(2/393)
وعشرين، وهو وهم، فإنما عاش 220 سنة، قال ابن قتيبة وما ذاك بمنكر.
لأنه قال في شعره ثلاثة أهلين أفنيتهم، وقد سأله عمر بن الخطاب رضي الله
عنه كم لبثت مع كل أهل، فقال: ستين سنة، فهذه مائة و 180 ثم عمر
بعده إلى أيام ابن الزبير، انتهى.
وقيل: عاش غير ذلك واختلف في اسمه: فقيل قيس بن عبد الله
وقيل: عبد الله بن قيس وقيل: حيان بن قيس بن عبد اللَّه، وقيل: قيس بن
عبد الله بن عدس بن ربيعة، وقيل له: النابغة، لأنه قال الشعر في الجاهلية.
ثم أقام مدة نحو ثلاثين سنة، لا يقول الشعر ثم نبغ فيه، فقاله، فسمى
النابغة. فهؤلاء العشرة عاشوا 120 مطلقاً على خلاف تقدم في بعضهم.
قال: ومن التابعين أبو عمرو الشيباني، وزِرّ بن حبيش. اهـ
وقال السخاوي:
وفي المعمرين جماعة من الصحابة ممن زاد سنهم على القدر المذكور.
منهم سلمان الفارسي، فروى أبو الشيخ قال: أهل العلم يقولون أنه عاش
350 سنة فأما 250 فلا يشكون فيها، وقال الذهبى: بعد أن ذكر نحو هذا
ثم رجعت عن ذلك وظهر لي أنه ما زاد على 80 سنة ومنهم قَرَدَة أو
فَرْوَةُ بن نُفَاثة السلولي، قيل: إنه عاش 140 سنة، وقيل 150،. اهـ كلام السخاوي باختصار وزيادة.
* * *
. . . . ثُمَّةَ حَسَّانُ انْفَرَدْ. . . أَنْ عَاشَ ذَا أَبٌ وَجَدُّهُ وَجدّْ
* * *
(ثمة) هيأ ثم " العاطفة زيدت عليها هاء التأنيث، أي ثم بعد أن
عرفت ما تقدم فاعلم أنه (حسان) بن ثابت بن المنذر بن حرام أبو
عبد الرحمن، وقيل: أبو الوليد، وقيل: أبو الحسام، الأنصاري.
الخزرجي، تقدمت ترجمته. (انفرد) عن نظرائه بـ (أن عاش ذا) أي العمر
المذكور له ولنظرائه، وهو 120 سنة (أب) له فاعل عاش وهو ثابت (وجده) وهو المنذر (وجد) أبيه، وهو حرام، يعني أن كل واحد من حسان وآبائه
__________
(1) وتعقبه الحافظ في الإصابة بأنه ما ذكر مستنده في ذلك، فانظره.(2/394)
* * *
إلى حرام عاشوا 120 سنة، ولا يعرف ذلك في العرب لغيرهم، كذا أورده
ابن سعد عن حفيد حسان سعيد بن عبد الرحمن، وفي آخره قال: وكان
عبد الرحمن ولد حسان إذا ذكر هذا الشيء استلقى على فراشه وضحك.
وتمدد لسروره يأمل حياته كذلك، فمات وهو ابن 48 سنة.
قال الناظم في ريح النسرين وشبه هذا أن لسانه يصل إلى جبهته ونحره، وكذلك كان أبوه وجده، وابنه عبد الرحمن.
* * *
975 - ثُمَّ حَكِيمٌ مُفْرَدٌ بَأَنْ وُلِدْ. . . بِكَعْبَةٍ وَمَا لِغَيْرِهِ عُهِدْ
* * *
(ثم حكيم) هوَ ابن حزام المتقدمَ (مفرد) عن غيره (بأن) مصدرية
(ولد) بالبناء للمفعول (بكعبة) أي داخلها، صرفها للوزن، يعني أنه انفرد
بمزية على غيره وهي ولادته في جوف الكعبة (وما لغيره) أي حكيم (عهد)
بالبناء للمفعول، أي عرف، أي لم يعرف هذا الأمر لغيره من النَّاس، وذلك
أن أمه دخلت الكعبة مع نسوة من قريش وهي حامل فأخذها الطَّلْق فولدت
حكيماً بها، وذلك، قبل عام الفيل بثلاثة عشرة سنة، وما في المستدرك من
أن علياً ولد فيها ضعيف.
* * *
976 - وَمَاتَ مَعْ حَسَّانَ عَامْ أَرْبَعِ. . . ِمْن بَعْدِ خَمْسِينَ عَلَى تَنَازُعِ
* * *
(ومات) حكيم (معِ حسان) بن ثابت السابق
(عام أربع من بعد خمسين) يعني: أن حكيماَ وحساناً ماتاً في سنة واحدة سنة 54 من الهجرة في المدينة المنورة، وقيل غير هذا في وفاتهما، وإليه أشار بقوله: (على تنازع) أي مع اختلاف العلماء في وفاتهما، فقد قيل: إن حكيماً مات سنة 50، وقيل 58، وقيل وهو للبخاري سنة 60، لكن الأول الذي في النظم هو الأصح، كما قال ابن حبان وجزم به ابن عبد البر، وقيل في وفاة حسان سنة 50، وقيل قبل 40، في خلافة علي، وقيل سنة 40، إلا أن الأصح هو الذي في النظم، كما جزم به الذهبي في العِبَر.
ولما ذكر المعمرين من الصحابة رضي اللَّه عنهم أتبعه بذكر أصحاب
المذاهب المتبوعة فقال:
* * *(2/395)
977 - لِمِائَةٍ وَنِصْفِهَا النُّعْمَانُ. . . وَبَعْدُ إِحْدَى عَشْرَةٍ سُفْيَانُ
978 - وَمَالِكٌ فِي التِّسْعِ وَالسَّبْعِينَا. . . وَالشَّافِعِي الأَرْبَعُ مَعْ قَرْنَيْنَا
979 - وَفِي ثَمَانٍ وَثَلاثِينَ قَضَى. . . إِسْحَاقُ بَعْدَ أَرْبَعِينَ قَدْ مَضَى
980 - أَحْمَدُ. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(لمائة) من السنين (ونصفها) أي المائة، وهو خمسون سنة، مات
(النعمان) بن ثابت، يعني: أن الإمام أبا حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى.
الفارسي، إمام العراق وفقيه الأمة، يروى عن عطاء ونافع، والأعرج
وطائفة، وعنه ابنه حماد، وزفر وأبو يوسف، ومحمد، وجماعة، وثقه ابن
معين، وقال ابن المبارك: ما رأيت في الفقه مثله، وقال مكي: هو أعلم
أهل زمانه، وقال القطان: لا نكذب اللَّه ما سمعنا أحسن من رأى أبي
حنيفة، قال ابن المبارك: ما رأيت أورع منه، مات ببغداد سنة مائة
وخمسين سنة، في رجب هذا هو المحفوظ، وقيل سنة إحدى، وقيل
ثلاث، ومولده فيما قاله حفيده إسماعيل بن حماد سنة 80.
(و) توفي (بعد) بالبناء على الضم لقطعها عن الإضافة ونية معناها، أي بعد موت نعمان وقوله (إحدى عشر) بالتنوين للوزن منصوب على الظرفية على حذف مضاف، أي سنة إحدى عشرة، يعني أنه مات سنة إحدى عشرة من موت الإمام أبي حنيفة وهو سنة إحدى وستين وماثة وفي نسخة إحدى وستين
قَضى سُفيان، والمعنى واحد (سفيان) بن سعيد بن مسروق أبو عبد أدثه الثَّوري نسبة لثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة على الصَّحِيح، وقيل لثور همدان الكوفي، أحد أئمة الحفاظ، والفقهاء المتبوعين، إلى ما بعد الخمسمائة، ولم يختلف في سنة موته واختلف في مولده فقيل سنة 97 وقيل 95 وفي
التقريب أنه مات وله 64 سنة، ومات بالبصرة (و) توفي بالمدينة الإمام
(مالك) بن أنس أبو عبد الله إمام دار الهجرة تقدمت ترجمته
(في التسع والسبعينا) من السنين، يعني بعد الماثة في صفر.
وقيل صبيحة 14 من(2/396)
ربيع الأول، وقيل يوم الأحد لثلاث عشرة، خلت منه، وقيل لعشر مضين
منه، وهي في هذه السنة، باتفاق، جزم به الذهبي في العِبَر، وشذ هِقْلُ بن
زِيَاد، فقال سنة ثمان، وهو ابن خمس وثمانين أو سبع أو تسع أو تسعين.
في خلافة هارون، ودفن بالبقيع، واختلف في مولده فقيل سنة 89، وقيل
سنة 90، وقيل 91، وقيل 92، وقيل 93، وهو أشهر الأقوال وقيل سنة
94، وقيل غير ذلك.
(و) توفي في مصر الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن إدريس (الشافعي)
وتقدمت ترجمته، في (الأربع مع قرنينا) تثنية قرن والمراد به ماءتا سنة.
يعني: أنه توفي سنة 204، في آخريوم من شهررجب، وقيل ليلة الخميس
آخر ليلة منه، وقيل غير ذلك، ومولده بغَزَّةَ سنة 150، فعاش 54، وهو
الأصح، وقيل 52 (وفي) سنة (ثمان وثلاثين) أي بعد 200 متعلق
بـ (قضى) أي مات ليلة السبت لأربع عشرة خلت من شعبان، عن 77
سنة، الإمام أبو يعقوب (إسحاق) بن إبراهيم، الحنظلي، المروزي.
المشهور بابن راهويه، وكان مولده سنة 161، وتقدمت ترجمته، وهو أيضاً
من أصحاب المذاهب المتبوعة، كان له أتباع يقلدونه، يقال لهم
الإسحاقية، قاله السخاوي.
و (بعد أربعين) أي مع المائتين (قد مضى) أي ذهب، بمعنى مات
الإمام المقلد أبو عبد الله (أحمد) بن محمد بن حنبل. تقدمت ترجمته.
يعني: أنه مات سنة 241 على الصَّحِيح، واختلف في كل من الشهر.
واليوم، فقال ابنه عبد الله يوم الجمعة ضحوة، ودفناه بعد العصر، لاثنتي
عشرة ليلة خلت من ربيع الآخر وقيل يوم المجمعة لثلاث عشرة بقين منه.
وقيل يوم الجمعة في شهر ربيع الأول، وقيل لاثنتي عشرة خلت منه، ومولده
في شهر ربيع الأول سنة 164 قاله ابناه عبد اللَّه وصالح.
وممن لم يذكره من أصحاب المذاهب الإمامُ الأوزاعيُّ، أبو عمرو.
عبد الرحمن بن عمرو، وكان له مقلدون، في الشام، نحواً من مائتي سنة،(2/397)
وتوفي 157، وقيل 50، أو إحدى أو ست ببيروت، من ساحل الشام.
ومولده سنة 88.
والإمام أبو جعفر الطبري محمد بن جرير بن يزيد، توفي سنة 310.
وعمره 85.
والإمام أبو سليمان داود بن علي بن خلف البغدادي إمام أهل الظاهر.
وتوفي سنة 209.
والليث بن سعد إمام أهل مصر وتوفي سنة 175 ومولده 94.
وسفيان بن عيينة وتوفي سنة 198، ومولده 107.
ولما أتم ذكر أصحاب المذاهب المتبُوعة أردفه بأصحاب الكتب الستة
مع من أضيف إليهم فقال:
* * *
. . . . . وَالْجُعْفِيُّ عَامَ سِتَّةِ. . . مِنْ بَعْدِ خَمْسِينَ وَبَعْدَ خَمْسَةِ
981 - مُسْلِمُ وَابْنُ مَاجَهٍ مِنْ بَعْدِ. . . سَبْعِينَ فِي ثَلاثَةٍ بِحَدِّ
982 - وَبَعْدُ فِي الْخَمْسِ أَبُو دَاوُدَا. . . وَالتِّرْمِذِيْ فِي التِّسْعِ خُذْ مَلْحُودَا
983 - وَالنَّسَئِيْ بَعْدَ ثَلاثِمِائَةِ. . . عَامَ ثَلاثٍ. . . . . . . . . . .
* * *
(و) توفي الإمام الحافظ الحجة أبو عبد اللَّه محمد بن إسماعيل
صاحب الصَّحِيح البخاري (الجعفي) بضم فسكن مولاهم كما تقدم، ليلة
عيد الفطرِ ليلة السبت، وقت صلاة العشاء (عام ستة من بعد خمسين) أي
ومائتين بخرْتَنْكَ بفتح الخاء، وقيل بكسرها، وسكون الراء بعدها تاء، ثم
نون قرية، من قرى سمرقند، عند أقرباء له بها، وقيل بمصر وهو شاذ.
وكان مولده يوم الجمعة، بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شوال سنة
194 فعمره 62 سنة إلا ثلاثة عشر يوماً.
(و) توفي (بعد خمسة) من السنين من موت البخاري، يعني سنة 261
الإمام الحافظ أبو الحسين (مسلم) بمنع الصرف للوزن، ابن الحجاج بن
مسلم القشيري، النيسابوري، صاحب الصَّحِيح، عشية يوم الأحد لأربع(2/398)
بقين من شهر رجب، ودفن يوم الاثنين لخمس بقين منه بنيسابور، وكان
مولده سنة 204 فعمره 57 سنة، وقيل غير ذلك، وكان سبب موته سبباً
غريباً نشأ من غَمْرَة فكرة علمية، وذلك أنه عُقِدَ له مجلس للمذاكرة فذُكِرَ له حديث فلم يعرفه فانصرف إلى منزله، وقُدِّمت له سَلَّة فيها تمر، فكان
يطلب الحديث ويأخذ تمرة، تمرة، فأصبح، وقد فَنِيَ التمرُ وَوَجَدَ
الحديثَ، فكان ذلك سبب موته.
(و) توفي الإمام أبو عبد اللَّه محمد بن يزيد القزويني المشهور بـ (ابن ماجه)
بهاء ساكنة وصلًا وقفاً، نَوَّنَها هنا للضرورة، وهو لقب والده لا جَدِّه
كما قاله في القاموس، وقيل إنه اسم أمه، أفاده في التاج.
(من بعد سبعين) أي ومائتين (في ثلاثة) أي معها، يعني سنة 273
وقوله: (بحد) أي بوقت محدود عند المحققين وتوفي يوم الثلاثاء لثمان
بقين من شهررمضان، وكان مولده سنة 209، وقيل توفي سنة 275.
والراجح الأول، فعمره 64 (و) توفي بالبصرة (بعد) بالبناء على الضم
لقطعه عن الإضافة ونية معناها، أي بعد وفاة ابن ماجه (في الخمس) بعد
السبعين ومائتين، الإمام الحافظ (أبو داودا) بألف الإطلاق، سليمان بن
الأشعث السجستاني صاحب السنن، ومولده سنة 202
(والترمذي) مفعول مقدم لخذ (في التسع) متعلق بملحوداً أي في السنة التاسعة بعد سبعين ومائتين (خذ) أيها المحدث بمعنى حَقِّقْ ضَبطه بذلك، والمعنى أن
الترمذي أبا عيسى محمد بن عيسى بن سَوْرَة، صعب الجامع المشهور.
توفي سنة 279، وكانت ولادته سنة 209، فعمره 70 سنة.
وقوله (ملحوداً) حال من فاعل خذ أي مدفوناً.
(و) توفي الإمام أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن بحر (النسيء)
بتخفيف الياء للوزن نسبة إلى نَسَا كجبل، ويقال فيه نسوي، وهو الذي في
نسخة الشارح، والنسائي بألف بعد السين، وهو الأشهر، لكن لا يوافق هنا للوزن (بعد ثلاثمائة عام ثلاث) الظرفان متعلقان بتوفي المقدر، يعني أن(2/399)
الإمام النسيء - رحمه الله - توفي سنة 303، وكانت ولادته سنة 215، فعمره 88 سنة، توفي بفلسطين، وقيل بالرملة، ودفن ببيت المقدس.
وقيل بمكة ولا يصح.
ولما أتم ذكر أصحاب الكتب التي هي أصول الإسلام، أتبعه بذكر
أئمة انتفع النَّاس بتصانيفهم وهم سبعة فقال:
* * *
ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةِ
984 - الدَّارَقُطْنِيْ وَثَمَانِينَ نُعِي. . . خَامِسَ قَرْنِ خَامِسَ ابْنُ الْبَيِّعِ
985 - عَبْدُالْغَنِي لِتَسْعَةٍ وَقَدْ قَضَى. . . أَبُو نُعَيْمٍ لِثَلاثِينَ رِضَى
986 - وَلِلثَّمَانِ الْبَيْهَقِي لِخَمْسَةِ. . . مِنْ بَعْدِ خَمْسِينَ مَعًا فِي سَنَةِ
987 - يُوسُفُ وَالْخَطِيبُ ذُو الْمَزِيَّهْ. . . . . . . . . . . . . . . .
* * *
(ثم) توفي (بعد خمسة) من الهجرة الإمام الحافظ أبو الحسن
علي بن عمر بن أحمد (الدارقطني) بفتح الدال والراء وضم القاف وسكون
الطاء، نسبة إلى دَارَقُطْن، محلة ببغداد، يعني أن الدارقطني توفي سنة
385، وقوله (وثمانين) عطف على خمسة، فهو من تتمة تاريخ وفاة
الدارقطني، يعني أنه توفي بعد ثلاثمائة وخمسة وثمانين من الهجرة هذا
هو الظاهر من عبارته.
لكن الذي في تراجمه أنه توفي ثامن ذي القعدة سنة 385، فتامل.
ومولده سنة 306، وتقدمت ترجمته، وقوله (نعى) بالبناء للمفعول، أي
أُخْبِرَ بموته (خامس قرن خامس) أي سنة 405 هـ فخامس الأول ظرف
لِنُعِي، وخامس الثاني مضاف إليه قَرْنِ، غير منصرف للوزن (ابن البيع)
نائب فاعل نعي، وهو بتشديد الياء المكسورة، هو الحافظ المتقن أبو
عبد اللَّه محمد بن عبد اللَّه الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك على
الصَّحِيحين، يعني أنه توفي سنة خمس وأربعمائة في ثالث صفرها وولد
سنة 321.
* * *
(تنبيه) : قال في اللباب: البَيِّعُ بفتح الباء الموحدة وكسر الياء المثناة(2/400)
من تحت وفي آخرها العين المهملة هذه اللفظة لمن يتولى البِيَاعَة والتوسط
في الخانات بين البائع والمشتري من التجار للأمَةِ اهـ.
(عبد الغني) أي توفي الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي
الأزدي المصري (لتسعة) أي في سنة تسعة بعد أربعمائة سابع صفر، وله
77 سنة.
وكان مولده في ذي القعدة سنة 332.
(وقد قضى) بالبناء للفاعل أي مات، الحافظ (أبو نعيم) أحمد بن
عبد الله بن إسحاق بن موسى بن مهران، الأصفهاني، أجاز له مشايخ الدنيا، وله ست سنين، وتفرد بهم، ورحلت الحفاظ إلى بابه، لعلمه وضبطه.
وعلو إسناده، قال ابن مردويهْ: لم يكن في أفق من الآفاق أحفظ ولا أسند
منه، صنف الحلية، والمستخرج على البخاري والمستخرج على مسلم.
ودلائل النبوة، ومعرفة الصحابة وتاريخ أصفهان، وفضائل الصحابة، وصفة
الجنة، والطب وغيرها (لثلاثين) أي في سنة ثلاثين بعد أربعمائة، في 25
شهر محرم ومولده سنة 336 هـ فعمره 94 سنة.
وقوله: (رضى) مفعول مطلق لعامل محذوف أي رضي اللَّه عن
الجميع رضي، أو حال منهم أي حال كونهم مرضيين، لكونهم حَمَلَةَ
السنة، وخمَاةَ الشرِيعَة (و) توفي (لثمان) أي في سنة ثمان بعد خمسين
وأربعمائة، وفي عبارته قصور لأن ظاهرها يوهم أن الثمانية هذه بعد 435.
وليس كذلك لما سيأتي، يعني أنه توفي الحافظ، أبو بكر أحمد بن
الحسين بن علي (البيهقي) بفتح الباء الموحدة وسكون الياء بعدها الهاء.
وآخره القاف، نسبة إلى بَيْهَق، وهي قرى مجتمعة، بنواحي نيسابور، على
عشرين فرسخاً منها.
كان عالماً بالحديث والفقه، له كتب مصنفة تدل على كثرة فضله.
وأُستاذُهُ في الحديث أبو عبد الله الحاكم، وفي الفقه أبو الفتح ناصر بن
محمد العمري، المروزي، سمع الكثير، ومن أشهر مصنفاته السنن(2/401)
الكبير، والسنن الصغير، والمعرفة، ودلائل النبوة، وشعب الإيمان.
والمبسوط، في نصوص الشافعي، والخلافيات، وغيرها، وكان مولده في
شعبان سنة 384، فعمره 74 سنة،. اهـ. اللباب بزيادة وتغيير.
وقال إمام الحرمين: ما من شافعي إلا وللشافعي في عنقه مِنَّةٌ إلا
البيهقي، فإن له على الشافعي مِنَّةً، لتصانيفه في نصرة مذهبه
وأقاويله، 1 هـ.
وقال التاج السبكي: وأما كتاب الخلافيات فلم يسبق إلى نوعه ولم
يصنف مثله، وهو طريقة مستقلة حديثة لا يقدر عليها إلا مبرز في الفقه.
والحديث، قيم بالنصوص، اهـ.
وتوفي (لخمسة من بعد خمسين) وأربعمائة (معاً) أي مع الثمانية
السابقة فيكون أربعمائة وثلاث وستين سنة، (في سنة) واحدة الحافظ أبو
عمر (يوسف) بن عبد الله بن محمد بن عبد البر بن عاصم النمري القرطبي
المالكي، وكان مولده عام 368 هـ فعمره 95.
(و) الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت (الخطيب) بفتح فكسر.
الذي يتولى الخِطَابَة على النَّاس أفاده في اللباب، ولد سنة 392، فعمره
71 سنة (ذو المزية) . أي صاحب الخصوصية، وصفه به لأنه وَسَّعَ دائرة
هذا الفن وبحث فيه بحثاً دقيقاً واستخرج كنوزه، وحل رموزه، فكان له
زيادة تميز وفضل على غيره فَقَلَّ فن من فنونه إلا وقد صنف فيه كتاباً
مفرداً، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة: كل من أنصف عَلِمَ أن
المحدثين بعده عِيَال على كتبه.
* * *
(تنبيه) : في هذا البيت تعقيد شديد، فقوله في أوله: وللثمان
البيهقي، يوهم أن البيهقي توفي سنة ثمانية وثلاثين وأربعمائة، إذ أبو نعيم
توفي قبله سنة 430 وهذا، باطل، لأن البيهقي مات سنة 458 وفي قوله
لخمسة من بعد خمسين معاً غموض أيضاً فلو قال بدل هذا البيت.
* * *(2/402)
وَبَعْدَ سَبْعَةٍ وَخَمْسِينَ نُعِي. . . الْبَيْهَقِيُّ ثُمَّ بَعْدَ ارْبَع
يُوسُفُ إلخ. . . لكان أوضح وأسلم من هذا التعقيد.
فيكون المعنى عليه أن البيهقي مات بعدسنة 457
أي في سنة 458، وبعد أربع من موت البيهقي أي في سنة 463 مات يوسف بن عبد البر والخطيب البغدادي وحله الشارح الترمسي بما لا يجدي نفعاً، فتأمل.
* * *
(خاتمة) : الزيادات في هذا الباب قوله: فهو أخير عشرة يقيناً.
وقوله: لَبِيد إلى قوله: نابغة، وقوله: ثم حكيم مفرد: البيت.
وقوله: على تنازع، وقي له: وفي ثمان وثلاثين قَضَى إسحاق.
وقوله: وابن ماجه من بعد سبعين في ثلاثة بحد.
* * *
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . هَذَا تَمَامُ نَظْمِيَ الأَلْفِيَّهْ
988 - نَظَمْتُهَا فِي خَمْسَةِ الأَيَّامِ. . . بِقُدْرَةِ الْمُهَيْمِنِ الْعَلاَّمِ
989 - خَتَمْتُهَا يَوْمَ الْخَمِيسِ الْعَاشِرِ. . . يَا صَاحِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعِ الآخِرِ
990 - مِنْ عَامِ إِحْدَى وَثَمَانِينَ الَّتِي. . . بَعْدَ ثَمَانِمِائَةٍ لِلْهِجْرَةِ
991 - نَظْمٌ بَدِيعُ الْوَصْفِ سَهْلٌ حُلْوُ. . . لَيْسَ بِهِ تَعَقُّدٌ أَوْ حَشْوُ
992 - فَاعْنَ بِهَا بِالْحِفْظِ وَالتَّفْهِيمِ. . . وَخُصَّهَا بِالْفَضْلِ وَالتَّقْدِيمِ
993 - وَأَحْمَدُ اللَّهَ عَلَى الإِكْمَالِ. . . مُعْتَصِمًا بِهِ بِكُلِّ حَالِ
994 - مُصَلِّيًا عَلَى نَبِيٍّ قَدْ أَتَمّْ. . . مَكَارِمَ الأَخْلاقِ وَالرُّسْلَ خَتَمْ
* * *
(هذا) أي هذا الباب مبتدأ خبره (تمام) أي متمم (نظمي) أي
منظومتي، ويحتمل أن تكون الإشارة إلى جميع ما تقدم من أول الكتاب.
ويكون تمام بمعنى كامل، أي هذا الذي تقدم كامل نظمي، (الألفية) أي
المنسوبة إلى الألف إن كانت من كامل الرجز، أو إلى الألفين إن كانت من
مشطوره، لكنها ناقصة ستة أبيات، ولعلها سقطت من النساخ.
(نظمتها) أي الألفية من أولها إلى آخرها (في خمسة الأيام) بتعريف(2/403)
المضاف إليه وهو جائز، أي في مدة قصيرة، وهي خمسة أيام فيكون لكل
يوم مائتا بيت مع أنه مشتغل بوظائف متعددة، كالتدريس مثلًا، فهذا من
فضل الله وتيسيره ولذا قال (بقدرة المهيمن) أي الرقيب الحافظ لكل شيء
قال في (ق) المهيمن أي بكسر الميم الثانية، وتفتح، من أسماء اللَّه تعالى
في معنى المؤمن، مِنْ آمَنَ غيره من الخوف، وهو مؤمن بهمزتين قلبت
الهمزة الثانية ياء، ثم الأولى هاء، أو بمعنى الأمين، أو المؤتمن أو
الشاهد. اهـ.
والجار والمجرور متعلق بنظمت والجملة حال من نظمي، أو
مستأنفة، استئنافاً بيانياً، فكأنه قيل في كم يوم نظمتها فقال نظمتها في
خمسة أيام.
وقوله (العلام) صفة للمهيمن وهو كشَذَاد بالفتح، وزُنار، بالضم.
العالم، جدا، والمراد عالم غيب السموات والأرض (ختمتها) أي بلغت
آخرها، يقال: ختمت القرآن حفظت خاتمته، وهي آخره، أفاده الفيومي.
والجملة كما قبلها، يعني أنه يقول: فرغت من نظمها (يوم الخميس)
ظرف لختمت (العاشر) ذلك اليوم (يا صاح) منادي مرخم صاحبي على غير
قياس قال الحريري في ملحمته.
وَقَوْلُهُم فِي صَاحِبٍ يَا صَاحِ. . . شَذَّ لِمَعْنًى فِيهِ بِاَصْطِلاَحِ
وقيل: لغة في صاحب وجملة المنادي معترضة.
(من شهر ربيع الآخر) صفة العاشر، وربيع مضاف والآخر مضاف
إليه.
قال العلامة الفيومي (1) رحمه اللَّه ما نصه: والربيع عند العرب ربيعان
ربيع شهور وربيع زمان، فربيع الشهور اثنان قالوا: لا يقال فيهما إلا شهر
ربيع الأول وشهر ربيع الآخر بزيادة شهر، وتنوين ربيع وجعل الأول
__________
(1) هو العلامة أحمد بن محمد بن علي المقرئ الفيومي المتوفى سنة 770 هـ صاحب المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للرافعي. اهـ.(2/404)
والآخر، وصفاً تابعاً في الإعراب، ويجوز فيه الإضافة، وهو من باب إضافة
الشيء إلى نفسه عند بعضهم، لاختلاف اللفظين، نحو (حَبَّ الْحَصِيدِ) .
(وَلَدَارُ الْآخِرَةِ) ، و (حَقُّ الْيَقِينِ) ، ومسجد الجامع
قال بعضهم: إنما التزمت العرب لفظ شهر قبل ربيع لأن لفظ ربيع مشترك بين الشهر والفصل فالتزموا لفظ شهر في الشهر وحذفوه في الفصل.
وقال الأزهري أيضاً: والعرب تذكر الشهور كلها مجردة من لفظ شهر إلا شهري ربيع ورمضان ويثنى الشهر ويجمع فيقال: شهرا ربيع وأشهر ربيع وشهور ربيع، وأما ربيع الزمان فاثنان أيضاً الأول الذي تأتي فيه الكَمْأة والنَّور، والثاني الذي تُدرِكُ فيه الثمار. اهـ كلام الفيومي.
قلت: في قول الأزهري ورمضان نظر لكثرة الأحاديث في إطلاق
رمضان بدون شهر كقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"من صام رمضان. . . " الحديث.
(من عام) أي سنة (إحدى وثمانين) الجار والمجرور حال من شهر
ربيع أىِ حال كون ذلك الشهر من جملة سنة إحدى وثمانين (التي) صفة
لإحدى وثمانين (بعد ثمانمائة للهجرة) أي من هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة.
والهجرة بالكسر مفارقة بلد إلى غيره، فإن كانت قربة للَّه فهي الهجرة
الشرعية قاله الفيومي.
وكانت هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - مبدأ التاريخ بأمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما تقدم أول الباب.
وسببه أنه أُتِيَ بصَكٍّ مكتوب إلى شعبان فقال: أهو شعبان الماضي أو
شعبان القابل ثم أمر بوضع التاريخ، واتفقت الصحابة على ابتداء التاريخ من
هجرته - صلى الله عليه وسلم - وجعلوا أول السنة المحرم ويعتبر التاريخ بالليالي، لأن الليل عند العرب سابق على النهار، لأنهم كانوا أميين لا يحسنون الكتابة، ولم يعرفوا حساب غيرهم من الأمم، فتمسكوا بظهور الهلال وإنما يظهر بالليل فجعلوه ابتداء التاريخ أفاده الفيومي.(2/405)
(نظم) خبر لمحذوف أي هو نظم أي منظوم (بديع الوصف) فعيل
بمعنى فاعل أي عجيب الوصف (سهل) في لفظه (حلو) في معناه (ليس به)
أي في هذا النظم (تعقد) هو كون الكلام مُغْلَقاً لا يظهر معناه بسهولة، قاله
السيد الجرجاني في التعريفات (أوحَشْوٌ) أو بمعنى الواو، والحشو في
اللغة ما يملأ به الوسادة وفي الاصطلاح عبارة عن الزائد الذي لا طائل
تحته. قاله في التعريفات.
فقوله: "ليس به تعقد أو حشو" تعليل لكونها بديع الوصف، وسهلاً
وحلواً.
قلت: هذا إن أراد به أنها كذلك لكل أحد فليس كما قال لأنها في
بعض المواضع ليست سهلة لِكُلٍّ، وإن أراد أنها سهلة عند العلماء الماهرين
بالفن فهذا لا يعطي لها الوصفَ بالبَدَاعَة والبَلاَغَةِ.
(فاعن) بفتح النون وكسرها أي اهتم أيها الراغب في تحقيق هذا
الفن (بها) أي بهذه المنظومة (بالحفظ) للفظها، يقال: حفظت القرآن، إذا
وعيته على ظهر قلبك أفاده الفيومي (والتفهيم) مصدر فُهِّمَ بالبناء للمفعول
أي فهم معناها، ويحتمل أن يكون مصدر فَهَّمَ بالبناء للفاعل أي تفهيم
غيرك إياها، ويكون الحفظ على هذا لِلَّفْظ والمعنى جميعاً.
(وخصها) أمر من التخصيص أي خص هذه المنظومة، أيها المحدث
(بالفضل) أي بكونها فاضلة في ذاتها (والتقديم) على غيرها، من
المؤلفات، كمقدمة ابن الصلاح وتقريب النووي، وألفية العراقي وغيرها.
لكونها جمعت ما في هذه كلها وزادت عليها فوائد جمة، لا غنى عنها
لطالب علوم الحديث.
فقد زادت قواعد وضوابط وربما زادت باباً بكامله، فلله دَرُّهُ ما
أجمع منظومته، وأغزر فوائدها فجزاه الله عن خدمة العلم وأهله خير ما
جزى محسناً بإحسانه.
(وأحمد اللَّه) أي أثنى عليه بما هو أهله (على الإكمال) أي لأجل(2/406)
توفيقه وتيسيره لإكمال هذه المنظومة، حال كوني (معتصماً) أي ممتنعاً
ومتقوياً (به) سبحانه وتعالى (بكل حال) أي في كل أحوالي الدنيوية.
والأخروية قال تعالى:
(وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (101)
وحال كوني (مصلياً على نبي) أي طالباً من الله أن يصلي على نبي بالهمز.
والتخفيف (قد أتم مكارم الأخلاق) أي الأخلاق الفاضلة وهو مقتبس من
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً:
"إنما بُعِثْتُ لأتَمِّمَ مكارم الأخلاق "
وفي رواية صالح الأخلاق رواه الحاكم وغيره بإسناد صحيح.
قال بعضهم: فالأنبياء بعثوا بمكارم الأخلاق وَبَقِيَت بقية فبعث بما
كان معهم وبتمامها، أو أنها تفرقت فيهم فَأمرَ بجمعها، قال الله تعالى:
(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) - صلى الله عليه وسلم -
(والرسل) مفعول مقدم لقوله: (ختم) أي ختم الرسل، فلا نبي بعده قال الله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ) وفي قوله: ختم براعة الاختتام ويسمى براعة المَقْطَع كما يسمى ما كان في الابتداء ببراعة الاستهلال وبراعة المطلع وبالإلماع.
فبراعة الاستهلال أن يقدم في أول كلامه ما يشعر بمقصوده، وبراعة
الاختتام أن يأتي في آخر كلامه ما يشعر بانتهاء مرامه.
هذا. قال الشارح ووجدت في بعض نسخ هذا النظم ما نصه:
قال: فرغت من نظمها يوم الخميس عاشر ربيع الآخر سوى أبيات
ألحقتها بعد ذلك، ومن تبييضها يوم الأحد ثالث عَشَرِهِ، أحسن الله عاقبتها، انتهى. اهـ. ما نقله الشارح رحمه الله.
وكتب العلامة المحقق أحمد محمد شاكر ما نصه:
وُجِدَ في آخر النسخة المقروءة على المصنف رحمه الله ما صورته:
تمت الألفية المباركة يوم الجمعة المبارك ثالث عشر شوال سنة خمس
وثمانين وثمانمائة، علقها لنفسه الفقير إلى عفو ربه جرارد الناصري من(2/407)
طبقة الأشرفية (1) ، مصلياً ومسلماً، وصلى اللَّه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، حسبنا اللَّه ونعم الوكيل، وتحت هذا بخط المصنف رحمه اللَّه ما نصه: الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى سمع عَلَي هذه الألفية
تأليفي كاتِبُهَا الفاضل المتقن الصالح نظام الدين جرارد الحنفي الناصري.
وأجزت له روايتها عنى وجميع رواياتي ومؤلفاتي، وكتب عبد الرحمن بن
أبي بكر السيوطي الشافعي لطف اللَّه به.
. اهـ ما نقله العلامة المحقق رحمه اللَّه تعالى.
والله أعلم، وبه التوفيق للطريق الأقوم.
هذا. وقد تم الفراغ من هذا الشرح الوجيز صباح يوم الثلاثاء 14 جمادى الثانية من سنة 1458 هـ.
وذلك في بلد الله الحرام مكة المكرمة زادها الله شرفاً وعزًّا.
وزادني بها إقامة وفوزاً.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) .
الحمد للَّه الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد للَّه حمداً كثيراً طيباً
مباركاً فيه.
اللهم لك الحمد حمداً خالداً مع خلودك ولك الحمد حمداً لا
منتهى له دون علمك، ولك الحمد حمداً لا منتهى له دون مشيئتك.
ولك الحمد حمداً لا آخر لقائله إلا رضاك.
اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل
محمد كما باركت على إِبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.
__________
(1) الطبقة: الجماعة، والأشرفية قرية بمصر.(2/408)
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك
لك أستغفرك وأتوب إليك.
(سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (182) .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين آمين.
كتبه العبد الحقير، محمد بن الشيخ علي آدم.
وأكمله في مكة المكرمة بالمحلة المسماة: بالقَشْلَة
14 / 6 / 1408 هـ(2/409)