قال الله تعالى :
{ اقتربت الساعة وانشق القمر } (1)
{ فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة **\\\برجاء حذف الفصلة ضرورة \\\** فقد جاء **أشراطها** } (2) أى إماراتها وعلاماتها.
وكان النبى صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة .
{ وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } (3)
{ هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون } (4)
{ اقترب للناس حسابهم } (5)
{ أتى أمر الله فلا تستعجلوه } (6)
{وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب }(7)
{ إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا }(8)
{ أزفت الآزفة ليس لها من دون الله كاشفة }(9)
{ قل إنما علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلا هو }(10)
1- عن ابن عمر قال : قال صلى الله عليه وسلم : إنما أجلكم فى أجل من خلا من الأمم ما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس . رواه البخارى(11)
خلا : مضى .
أى نسبة بقائكم فى الدنيا كنسبة وقت العصر إلى كامل النهار .
2ـ عن سهل بن سعد قال :قال صلى الله عليه وسلم : بعثت أنا والساعة كهاتين .
رواه البخارى ومسلم(12)
وضم السبابة والوسطى . أشار بهذا الحديث إلى قلة المدة بينه وبين الساعة إما فى المجاورة وإما فى قدر ما بينهما .
3-عن عمرو بن أخطب قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر وصَعِد المنبر ، فخطبنا حتى حضرت الظهر فنزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت العصر ، ثم نزل فصلى ، ثم صعد المنبر فخطبنا حتى غربت الشمس ، فأخبرنا بما كان وبما هو كائن . فأعلمُنا أحفظنا . رواه مسلم (7)
__________
(1) سوره القمر: 1 (2) سورة محمد:18
(2) سورة الأحزاب: 63 (4) سورة الزخرف:66
(3) سورة الأنبياء: 1 (6) سورة النحل : 1
(4) سورة النحل : 77 (8) سورة العارج : 5
(5) سورة النجم : 58 (10) سورة الأعراف : 187
(6) فتح البارى:345 ... ... (12) فتح البارى:6504 ومسلم 43/867
(7) مسلم:25/2892(1/1)
4- عن حذيفة بن اليمان قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ، ما ترك شيئاً يكون فى مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدَّث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ، قد عَلِمَه أصحابى هؤلاء ، وإنه ليكون منه الشىء قد نسيتُه ، فأراه فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذ غاب عنه ، ثم إذا رآه عرفه . رواه البخارى و مسلم (1) واللفظ له .
**أما أثر : « الدنيا سبعة آلاف سنة » فباطل .**
5- عن حذيفة قال أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، فما منه شىء إلا قد سألته إلا أنى لم أسأله ، ما يُخرج أهل المدينة من المدينة . رواه **مسلم (2) **
6ـ **و قال حذيفة** قال والله إنى لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة فيما بينى وبين الساعة ، وما بى إلا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إلىَّ فى ذلك شيئاً لم يحدثه غيرى ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وهو يحدث مجلسا أنافيه عن الفتن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعد الفتن منهن ثلاث : لا يكدن يذرن شيئاً ، ( ومنهن فتن كرياح الصيف ، منها صغار ومنها كبار ) قال حذيفة : فذهب أولئك الرهط كلهم غيرى . رواه مسلم (3)
قال الشاعر :
هى الدنيا تقول بملء فيها ... حذار حذار من بطشى وفتكى
فلا يغرركمُ منى ابتسام ... **فقولى** مضحكٌ والفِعْلُ مُبْكِى
وقال آخر :
مثل لنفسك أيها المغرور ... ... يوم القيامة والسماء تمور
إذ كورت شمس النهار وأدنيت ... ... حتى على رؤس العباد تسير
وإذا النجوم تساقطت وتناثرت ... وتبدلت بعد الضياء كدور
وإذا البحار تعلقت بأصولها ... فرأيتها مثل السحاب تسير
وإذا العشار تعطلت و تخربت ... خلت الديار فما بها معمور
وإذا الوحوش لدى القيامة حشرت ... وتقول للأملاك أين تسير
وذا تقاة المسلمين تزوجوا ... من حور عين زانهن شعور
__________
(1) فتح البارى:6604 مسلم 23/2891
(2) مسلم:24/2891
(3) مسلم:22/2891(1/2)
وإذا **الموءودة** سئلت عن شأنها ... و بأى ذنب قتلها ميسور ؟
وإذا الجليل طوى السماء بيمينه ... طى السجل كتابه المنشور
وإذا الصحائف عند ذاك تساقطت ... تبدو لنا يوم القصاص أمور
وإذا السماء تكشطت عن أهلها ... ورأيت أفلاك السماء تدور
وإذا الجحيم تسعرت نيرانها ... فلها على أهل الذنوب زفير
وإذا الجنان تزخرفت وتطيبت ... لفتى على طول البلاء صبور
وإذا الجنين معلق مع أمه ... يخشى القصاص وقلبه مذعور
الفتن
الفتن : إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته ، ويستعمل فى **إدخال** الإنسان النار كقوله تعالى **{ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ }( الذاريات : 13 ) ** أى يحرقون " .
والفتنة : المحنة والعذاب والشدة والابتلاء والامتحان والاختبار وكل مكروه كالإثم . والكفر وغير ذلك من المكاره . فتطلق على العذاب فى قوله تعالى : **{ ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ } ( الذاريات : 14 ) **
وتطلق على : الاختبار فى قوله تعالى : **{ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا } ( طه : 40 ) **
وتطلق على : الشدة والرخاء فى قوله تعالى : **{ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً }( الأنبياء : 35 ) .**
وتطلق على : المال والأولاد فى قوله تعالى : **{ إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} ( التغابن : 15 ) **.
الفتنة تكون من الأفعال الصادرة من الله ، كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب والمعصية وغيرها من المكروهات ، فإن كانت من الله فهى على وجه الحكمة ، وإن كانت من الإنسان بغير أمر الله فهى مذمومة ، فقد ذم الله الإنسان بإيقاع الفتنة كقوله : والفتنة أشد من القتل .(1/3)
1- ** عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قال : كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ ؟ قَالَ : نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ . قُلْتُ : وَمَا دَخَنُهُ ؟ قَالَ : قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ . قُلْتُ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ ؟ قَالَ : نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا . قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ : هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا . قُلْتُ : فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ ؟ قَالَ : تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ ؟ قُلْتُ : فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ ؟ قَالَ : فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ **. رواه البخارى ومسلم (1)
دخن : كدر وفساد وخبث وغش .
بغير هدى : بغير علم ولا بصيرة ولا اتباع لهدى الأنبياء وسنتهم وطريقتهم
تنكر : خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً .
أبواب جهنم : يدعون الناس إلى الضلالة ويبعدونهم عن الهدى بأنواع الخبث والمكر والخداع.
جلدتنا : منا ومن عشيرتنا ليسوا أجانب ولكنهم خبثاء يقولون مالا يفعلون .
الخير بعد الشر : أيام عمر بن عبد العزيز .
والعض : كناية عن مكابدة المشقة .
__________
(1) فتح البارى:7084 مسلم1847(1/4)
قال ابن حجر فى ** فتح البارى ** 13/37 : وفى الحديث أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً ، فلا يتبع أحداً فى الفرقة ، ويعتزل الجميع ان استطاع ذلك خشية الوقوع فى الشر ، وعلى ذلك يتنزل ما جاء فى سائر الأحاديث ، وبه يجمع ما ظاهره الاختلاف منها. وفيه دليل على وجوب لزوم جماعة المسلمين وهى السواد الأعظم ، والسواد الأعظم هم الصحابة دون من بعدهم ، وقيل الجماعة هم أهل العلم والناس تبع لهم فى أمر الدين .
قال البيضاوى : إذا لم يكن فى الأرض خليفة فعليك بالعزلة والصبر على شدة الزمان
قال الطبرى : الجماعة هم الذين اجتمعوا فى طاعة أميرهم ، فمن نكث بيعته خرج عن الجماعة ، وفى الحديث : أنه متى لم يكن للناس إمام فافترق الناس أحزاباً، فلا يتبع أحداً فى الفرقة، ويعتزل الجميع إن استطاع ذلك خشية الوقوع فى الشر .
قال ابن بطال : فيه حجة لجماعة الفقهاء فى وجوب لزوم جماعة المسلمين ، وترك الخروج على أئمة الجور .
قال القرطبى : يجب كف اليد واللسان عند ظهور الفتن ، ونزول البلايا والمحن .
فالحديث يدل على وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصى من أخذ الأموال وغير ذلك درأً للفتن .
2- وعن حذيفة قال : والله ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوا ، والله ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائد فتنة إلى أن تنقضى الدنيا يبلغ من معه **ثلاثمائة** فصاعدا ، إلا قد سماه لنا باسمه واسم أبيه واسم قبيلته . رواه أبو داود (1)
قائد فتنه : داعى ضلالة وباعث بدعة . يبلغ : يصل .
__________
(1) أبو داود 4243(1/5)
3ـ عن حذيفة قال : ** كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ فَقَالَ : أَيُّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ ؟ فَقَالَ قَوْمٌ : نَحْنُ سَمِعْنَاهُ ؟ فَقَالَ : لَعَلَّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ ؟ قَالُوا : أَجَلْ ! قَالَ : تِلْكَ تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالصَّدَقَةُ وَلَكِنْ أَيُّكُمْ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَذْكُرُ الْفِتَنَ الَّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ : فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ، فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ : أَنْتَ لِلَّهِ أَبُوكَ ! قَالَ حُذَيْفَةُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : « تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ » .
قَالَ حُذَيْفَةُ : وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بَابًا مُغْلَقًا يُوشِكُ أَنْ يُكْسَرَ ، قَالَ عُمَرُ : أَكَسْرًا لَا أَبَا لَكَ فَلَوْ أَنَّهُ فُتِحَ لَعَلَّهُ كَانَ يُعَادُ ! قُلْتُ : لَا بَلْ يُكْسَرُ .
وَحَدَّثْتُهُ أَنَّ ذَلِكَ الْبَابَ رَجُلٌ يُقْتَلُ أَوْ يَمُوتُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالْأَغَالِيطِ .(1/6)
قَالَ أَبُو خَالِدٍ : فَقُلْتُ لِسَعْدٍ : يَا أَبَا مَالِكٍ مَا أَسْوَدُ مُرْبَادًّا ؟ قَالَ : شِدَّةُ الْبَيَاضِ فِي سَوَادٍ . قَالَ : قُلْتُ : فَمَا الْكُوزُ مُجَخِّيًا ؟ قَالَ : مَنْكُوسًا **. رواه مسلم (1)
تعرض : تلصق بعرض القلوب أى جانبها كما يلصق الحصير بجنب النائم ويؤثر فيه .
* عوداً عوداً : أى تعاد وتكرر شيئاً بعد شىء .
كالحصير : كما ينسج الحصير عوداً عوداً . أشربها : دخلت فيه دخولاً تاماً .
أنكرها : ردها . ... ... ... الصفا : الحجر الأملس الذى لا يعلق به شىء
مرباداً : مسوداً محمراً . ... ... ... مجخياً : منكس حتى لا يعلق به خير ولا حكمه
لا أبا لك : كلمة تذكرها العرب للحث على الشىء .
والحاصل : أن الحائل بين الفتن والإسلام عمر رضى الله عنه وهو الباب ، فما دام حياً لا تدخل الفتن ، فإذا مات دخلت الفتن ، وكذا كان .
5- عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : يتقارب الزمان ، وينقص العلم ويلقى الشح ، وتظهر الفتن ، ويكثر الهرْج . قالوا : يا رسول الله أيما هو ؟ قال : القتل القتل. رواه البخارى (2)
قال ابن بطال : وجميع ما تضمنه الحديث من الأشراط قد رأيناها عياناً .
قال فى الفتح : الذى يظهر أن الذى شاهده ، كان منه الكثير مع وجود مقابله ، والمراد من الحديث استحكام ذلك ، حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر وإليه الإشارة بقبض العلم ، فلا يبقى إلا الجهل الصرف ولا يمنع ذلك من وجود طائفة من أهل العلم والواقع أن الصفات المذكورة وجدت مباديها من عهد الصحابة ، ثم صارت تكثر فى بعض الأماكن دون بعض ، والذى يعقبه قيام الساعة استحكام ذلك .
__________
(1) مسلم 231/144
(2) فتح البارى 7061(1/7)
قال القنوجى فى الإذاعة ص30 : وقد مضى من الوقت الذى قال فيه الحافظ ابن حجر ما قال نحو خمسمائة سنة ، والآفات المذكورة والفتن المسطورة فى زيادة وفشو فى جميع أقطار الدنيا حتى ملئت الآن جوراً وظلماً ومن زمان النبوة نحو ألف وتسعين ومائيتين إلى يومنا هذا. اهـ .
عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بادروا بالأعمال فتتا كقطع الليل المظلم ، يصبح الرجل مؤمناً وبمسى كافراً ، أو يمسى مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا .رواه مسلم (1)
هذا الحديث من أعلام النبوة ، وقد وقع بيع الدين بعرض من الدنيا فى غالب أقطار الأرض إلا من عصمه الله .
ومعنى الحديث : الحث على المبادرة والمسارعة إلى الأعمال الصالحة قبل تعذرها و الإشتغال عنها بما فى الفتن الشاغلة المتكاثرة المتراكمة كتراكم ظلام الليل المظلم . لا المقمر. وعندما تشتد الفتن ينقلب الإنسان فى اليوم الواحد هذا ** الانقلاب ** فيمسى مؤمناً ويصبح كافراً أو العكس .
7 -عن أبى ** هريرة** قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة فى نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة . رواه الترمذى (2)
8 - عن ابن عمر أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول : ألا إن الفتنة هاهنا ، ألا إن الفنتة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى ومسلم (3)
أشار إلى المشرق لأن أهله يومئذ أهل كفر ، وكذا وقع فكانت وقعة الجمل وصفين ثم ظهور الخوارج فى أرض نجد والعراق( القنوجى )
9- عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا أنزل الله بقوم عذاباً أصاب العذاب من كان فيهم ، ثم بعثوا على أعمالهم . رواه البخارى ومسلم (4)
__________
(1) مسلم:118
(2) الترمذى:2399 (الصحيحة2280 )
(3) فتح البارى3104 مسلم45/2905
(4) فتح البارى:7108 مسلم84/2879(1/8)
10-عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا ، قالوا يا رسول الله : وفى نجدنا ، قال اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا ، قالوا : يا رسول الله وفى نجدنا ، فأظنه قال فى الثالثة : هناك الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى ومسلم (1)
أى تظهر الفتن التى يشغلها الشيطان بنجد والعراق .
11- عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا رأيت الناس قد مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا ــ وشبك بين أصابعه ــ قال فقمت إليه فقلت له : كيف أفعل عند ذلك جعلنا الله فداك ؟ قال الزم بيتك واملك عليك لسانك ، وخذ ما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة . رواه أحمد (2)
* مرجت : اختلفت ولم يفوا بها . ... ... خفّت : قلّت .
12-عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : تكون الفتنة تستنظف العرب قتلاها فى النار ، واللسان فيها أشد من وقع السيف . رواه أحمد (3)
تستنظف العرب : **تستوعبهم** هلاكاً .
اللسان : إطلاقه ، لأن السيف يؤثر فى واحد وأما اللسان فيؤثر فى ألف نسمة .
__________
(1) فتح البارى7094 مسلم2905
(2) المسند 2/212 (الصحيحة 205 )
(3) المسند2/212 ( صحيح الممسند6980)(1/9)
13-عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنه لم يكن نبى قبلى إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يَعْلَمُه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم وإن أمتكم هذه جعل عافيتها فى أولها وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها . وتجئ فتنة فيرقق بعضها بعضاً . وتجئ الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتى . ثم تنكشف . **وتجئ الفتنة** فيقول المؤمن : هذه هذه فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر . وليأت إلى الناس الذى يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه إن استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر . فدنوت منه فقلت له : أنشدك الله ، آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه . وقال سمعته أذناى ووعاه قلبى فقلت له هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل . ونقتل أنفسنا والله يقول : يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما (4/النساء/29)قال فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله . ** رواه مسلم (1) **
14-عن أسامة بن زيد قال : أشرف النبى صلى الله عليه وسلم على أطم من آطام المدينة فقال : هل ترون ما أرى ؟ قال : إني لأرى مواقع الفتن تقع خلال بيوتكم كمواقع القطر . رواه البخاري ومسلم (2)
15- عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة ، عذابها في الدنيا : الفتن والزلازل والقتل . رواه أبو داود (3)
مرحومة : رحمة زائدة على سائر الأمم ليس عليها عذاب : أى شديد .
__________
(1) مسلم1844
(2) البخارى1878-مسلم2885
(3) رواه أبو داود4278 (صحيح - الصحيحة959 )(1/10)
16- عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : املك عليك لسانك وليسعك بيتك ، وابك على خطيئتك . رواه أحمد (1)
17- عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن من ورائكم أيام الصبر ، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم . رواه الطبراني (2)
18- عن المقداد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن السعيد لمن جنب الفتن ، ولمن ابتلي فصبر . رواه أبو داود (3)
19- عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة ، القاعد فيها خير من الماشى فيها . والماشى فيها خير من الساعى إليها ، ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كان له إبل فليلحق بإبله ، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ، ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ، ومن لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه ، فيدق على حده بحجر ، ثم لينج إن استطاع النجاة ، اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت ؟ فقال رجل يا رسول الله ، أرأيت إن أكرهت حتى ينطلق بي إلى أحد الصفين أو إحدى الفئتين ، فضربني رجل بسيفه أو يجيء سهم فيقتلني ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يبوء بإثمه وإثمك ، ويكون من أصحاب النار . رواه مسلم (4)
يبوء : يلزمه ويرجع به ويتحمله .
وفيه التحذير من الفتن وأن شرها يكون بحسب الدخول فيها .
قالت طائفة بلزوم البيت ، وقال آخرون بالتحول من بلد الفتنة ، ثم اختلفوا : فمنهم من قال: إذا هجم عليه شىء من ذلك يكف يده ، ولو قتل ، ومنهم من قال يدافع عن نفسه وماله وأهله ، وهو معذور إن قتل أو قتل .
وقال الجمهور : إذا بغت طائفة على الإمام فامتنعت من الواجب عليها ونصبت الحروب وجب قتالها ، وكذلك لو تحارب طائفتان وجب على كل قادر الأخذ على يد المخطئ ونصر المصيب .
__________
(1) المسند 5/259 (صحيح - الصحيحة890 )
(2) الطبرانى3/76/1 (صحيح -الصحيحة494 )
(3) أبو داود 4263 (صحيح -الصحيحة 975 )
(4) مسلم13/2887(1/11)
قال الطبرى : والصواب أن يقال : إن الفتنة أصلها الابتلاء ، وإنكار المنكر واجب على من يقدر عليه ، فمن أعان المحق أصاب ، ومن أعان المخطئ أخطأ ، وإن أشكل الأمر فهى الحالة التى ورد النهى فيها عن القتال .ا هـ
20-عن **واثلة** أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عليكم بالشام ، فإنها صفوة بلاد الله ، يسكنها خيرته من خلقه فمن أبى فليلحق بيمنه ، ولّيسْقِ من غُدُرِه فإن الله عز وجل تكفل لى بالشام وأهله . رواه أحمد (1)
غدره : حوضه . أى يترك المزاحمة حتى لا يكون اختلاف وتهيج الفتنة .
21- عن عمر قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم ، وأهل النار منازلهم ، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه . رواه البخارى (2)
22-عن سلمة بن نفيل الكندى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : عقر دار المؤمنين الشام. رواه أحمد و النسائى (3)
23-عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن . رواه مسلم (4)
24- عن أبى ثعلبة الخشنى قال قال صلى الله عليه وسلم : ائتمروا بالمعروف ، **وتناهوا** عن المنكر حتى إذا رأيت شحاً مطاعاً ، وهوى متبعاً ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذى رأى برأيه ، فعليك (يعنى) بنفسك ، ودع عنك العوام ، فإن من ورائكم أيام الصبر فيهن مثل القبض على الجمر ، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلاً يعملون مثل عملكم .رواه أبو داود و الترمذى وابن ماجه (5)
شحاً مطاعاً : بخلا أطاعته نفسك وطاوعه غيرك . مؤثرة : مختارة على أمور الدين
أجر خمسين منكم : لم يبتلوا ببلائه ، أى الأعمال التى يشق فعله فى تلك الأيام لا مطلقاً.
__________
(1) المسند5/33 (صحيح الجامع4070 )
(2) فتح البارى3192
(3) المسند 4/104 -النسائى2/217 (صحيح -الصحيحة1935 )
(4) مسلم 2867
(5) أبو داود 4341 (صحيح لغيره بغوى 4756 )(1/12)
ذلك لأن الصحابى أفضل من غيره مطلقا .
25-عن كرز الخزاعى قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم أعربياً فقال : يا رسول الله هل لهذا الأمر من منتهى ؟ قال نعم فمن أراد الله به خيراً من أعجم أو عرب أدخله عليهم، ثم تقع فتن كالظلل يعودون فيها أساود صباً يضرب بعضكم رقاب بعض ، وأفضل الناس يومئذ مؤمن معتزل فى شعب من الشعاب يتقى ربه تبارك وتعالى ويدع الناس من شره. رواه أحمد (1)
الأساود نوع من الحيات عظام فيها سواد وهو أخبثها . والصب منها التى تنهش ثم ترتفع ثم تنصب فهى الحية السوداء إذا أراد أن ينهش ارتفع هكذا ثم انصب ، والمراد هم الذين يصبون إلى الفتنة أى يميلون إليها .
26-عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنها إلى يوم القيامة . رواه الترمذى (2)
27-عن الزبير بن عدى قال : أتينا أنس بن مالك فشكونا إليه ما يلقوْن من الحجاج ، فقال: اصبروا ، فإنه لا يأتى عليكم زمان إلا الذى بعده شر منه ، حتى تلقوا ربكم ، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم . رواه البخارى (3)
28-عن زينب بنت جحش أنها قالت : استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمراً وجهه وهو يقول : لا إله إلا الله ، ويلٌ للعرب من شر قد أقترب ، فتح اليوم من ردم يأجوج و مأجوج مثل هذه ، وعقد سفيان تسعين أو مائة ، قيل : أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال نعم ، إذا كثر الخبث . رواه البخارى (4)
__________
(1) المسند 3/477 (الصحيحة51 )
(2) الترمذى 2202 (صحيح الترمذى1793
(3) فتح البارى:7068
(4) فتح البارى7059 -مسلم2880(1/13)
الخبث : الزنا وأولاد الزنا ، وقيل : الفسوق والفجور ورجحه الحافظ وخص العرب بالذكر لأنهم أول من دخل فى الإسلام . وفى الحديث دليل على أن البلاء قد يرفع عن غير الصالحين إذا كثر الصالحون ، فأما إذا كثر المفسدون وقل الصالحون ، هلك المفسدون والصالحون معهم ، إذا لم يأمروا أو يكرهوا وهو معنى قول الله تعالى " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة" بل يعم شؤمها من تعاطاها ومن رضيها ، هذا بفساده وهذا برضاه .
29-عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لولا حداثة قومك بالكفر ، لنقضت البيت ثم لبنيته على أساس إبراهيم عليه السلام ، فإن قريشاً **استقصرت** بناءه وجعلت له خلفاً .
خلفاً : يعنى بابا .
وفى رواية : لولا أن قومك حديث عهد بجاهلية لأمرت بالبيت فهدم ، فأدخلت فيه ما أخرج منه ، وألزقته بالأرض ، وجعلت له بابين بابا شرقياً وباباً غربياً ، فبلغت به أساس إبراهيم رواهما البخارى (1)
30-عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن عِظَم الجزاء مع عِظَم البلاء ، وإن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط . رواه الترمذى و ابن ماجه (2)
أسباب الفتن والمحن والبلاء
1-عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : لم تظهر الفاحشة فى قوم إلا ظهر فيهم الطاعون والأوجاع التى لم تكن فى أسلافهم ولا نقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء .
رواه ابن ماجه (3)
قال الدهلوى فى حجة الله البالغة : اعلم أن الفتن على أقسام :
1- فتنة الرجل فى نفسه بأن يقسو قلبه فلا يجد حلاوة الطاعة ، ولا لذة المناجاة ، وإنما الإنسان ثلاث شعب .
__________
(1) فتح البارى 1585 - 1586
(2) الترمذى 2396- ابن ماجه 4031(صحيح - الصحيحة 146)
(3) ابن ماجه 4019 ( الصحيحة 106 )(1/14)
أ- قلب : هو مبدأ الأحوال كالغضب والجرأة والحياء والمحبة والخوف والبغض ... والبسط ونحوها .
ب- عقل : هو مبدأ العلوم التى تنتهى إلى الحواس كالأحكام البديهية من ... التجربة والحدس ونحوها والنظرية من البرهان والخطابية ونحوهما .
جـ- طبع : مبدأ اقتضاء النفس ما لابد منه ، أو لابد من جنسه فى بقاء البنية ... كالداعية المنبجسة فى شهوة الطعام والشراب والنوم والجماع ونحوها .
2- فتنة الرجل فى أهله : وهى فساد تدبير المنزل .
3- فتنة تموج كموج البحر : وهى فساد تدبير المدينة ، وطمع الناس فى ... ... الخلافة من غير حق .
4- فتنة ملية : وهى أن يموت الحواريون من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ويستند الأمر إلى غير أهله ، فيتعمق رهبانهم وأحبارهم ، ويتهاون ملوكهم و جهالهم ، و لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر ، فيصير الزمان زمان الجاهلية .
5- فتنة مسيطرة : وهى تغير الناس من الإنسانية ومقتضاها ، فأزكاهم وأزهدهم إلى **الانسلاخ** من مقتضيات الطبع رأساً دون إصلاحها والتشبه بالمجردات ، والتحنن إليهم بوجه من الوجوه ، ونحو ذلك ، وعامتهم إلى البهيمية الخالصة ، ويكون ناس بين الفريقين، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء .
6- فتنة الوقائع الجوية ، المنذرة بالإهلاك العام كالطوفانات العظيمة من الوباء والخسف والنار المنتشرة فى الأقطار ونحو ذلك .
فتن من قبل المشرق
عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من هاهنا جاءت الفتن ، نحو المشرق والجفاء وغلظ القلوب فى الفدادين أهل الوبر ، عند أصول أذناب الإبل والبقر فى ربيعة ومضر . رواه البخارى (1)
الفتن : حركات الشر والفساد والفرقة فى الأمة .الجفاء : سوء الخلق والطبع والإعراض والمقاطعة .
__________
(1) فتح البارى3498(1/15)
عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : رأس الكفر نحو المشرق والفخر **والخُيَلَاء** فى الخيل والإبل ، والفدادين أهل الوبر ، والسكينة فى أهل الغنم.رواه البخارى مسلم (1)
نحو المشرق : أى يأتى من جهة المشرق . الفخر : الإعجاب بالنفس .
الخيلاء : الكبر واحتقار غيره .
الفدادين : جمع الفداد وهو الشديد الصوت ، وهو دأب أصحاب الإبل وعادتهم .
السكينة : التواضع والطمأنينة والوقار .
عن ابن عمر رضى الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مستقبل المشرق يقول : ألا إن الفتنة هاهنا ، من حيث يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى (2)
أشار صلى الله عليه وسلم إلى المشرق ، لأن أهله يومئذ أهل كفر ، فأخبر أن الفتنة تكون من تلك الناحية وكذا وقع فكان وقعة الجمل ، ووقعة صفين ، ثم ظهور الخوارج فى أرض نجد والعراق وما وراءهما من المشرق ، وكان أصل ذلك كله وسببه قتل عثمان ابن عفان ، وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم .
عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم بارك لنافى شأمنا اللهم بارك لنا فى يمننا قالوا يا رسول الله ، وفى نجدنا ؟ قال : اللهم بارك لنا فى شأمنا ، اللهم بارك لنا فى يمننا قالوا يا رسول الله وفى نجدنا ؟ فأظنه قال فى الثالثة : هناك الزلازل والفتن ، وبها يطلع قرن الشيطان . رواه البخارى (3)
فتن من كانوا قبلنأحمد
__________
(1) فتح البارى 3301 - مسلم 53
(2) فتح البارى7093 -مسلم2905
(3) فتح البارى7094(1/16)
عن أبى سعيد الخدرى قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم : وهو يوعك ، فوضعت يدى عليه ، فوجدت حرة بين يدى ، فوق اللحاف . فقلت يا رسول الله ما أشدها عليك قال إنا كذلك يُضعَّف لنا البلاء ويُضعَّف لنا الأجر ، قلت يا رسول الله أى الناس أشد بلاء ؟ قال الأنبياء، قلت : يا رسول الله ثم من ؟ قال ثم الصالحون . إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر . حتى ما يجد أحدهم إلا العباءة يُحَوِّيها . وإن كان أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء . رواه ابن **ماجه (1) **
يوعك : الوعك الحمى . وقيل ألمها .
يحويها : التحوية : أن يدير كساء حول سنام البعير ثم يركبه .
عن مصعب بن سعد عن أبيه قال : قلت : يا رسول الله ، أى الناس أشد بلاء ؟ قال : الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان دينه صلباً اشتد بلاؤه، وإن كان فى دينه رقة ابتلى على قدر دينه ، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشى على الأرض وما عليه خطيئة .رواه الترمذى وابن ماجه (2)
أشد : أكثر وأصعب بلاء : محنة ومصيبة
الأنبياء : لأنهم يتلذذون بالبلاء كما يتلذذ غيرهم بالنعماء ، ولأنهم لو لم يبتلوا لتوهم فيهم الألوهية وليتوهن على الأمة الصبر على البلية ولأن من كان أشد بلاء كان أشد تضرعاً والتجاء إلى الله تعالى .
الأمثل : الأفضل و الأشرف والأعلى ، ومن هو أقرب إلى الله بلاؤه أشد ليكون ثوابه أكثر .
يبتلى الرجل على حسب دينه : أى مقداره ضعفا و قوة ونقصاً وكمالا .
فإن كان فى دينه صلباً : قوياً شديداً . اشتد بلاؤء : كمية وكيفية .
وإن كان فى دينه رقة : ضعف ولين . ابتلى على قدر دينه : أى ابتلى ببلاء هين سهل .
وما عليه خطيئة : كناية عن خلاصة من الذنوب فكأنه كان محبوساً ثم أطلق وخلى سبيله يمشى ما عليه بأس .
__________
(1) ابن ماجه 4024 صحيح ابن ماجه 3250 (صحيح - الصحيحة 144)
(2) الترمذى2398 -ابن ماحه 4023 (حسن صحيح الترمذى 1956 -حسن ابن ماجه 1434 )(1/17)
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن أيوب نبى الله صلى الله عليه وسلم لبث فى بلائه ثمانى عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك ؟ قال منذ ثمانى عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به ، فلما راح إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب : لا أدرى ما تقول ، غير أن الله يعلم أنى كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله وأرجع بيتى فأكفَّر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا فى حق ، قال : وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها ، فأوحى الله إلى أيوب فى مكانه { ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ( ص : 42 ) فاستبطأته ، فبلغته ، فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء فهو أحسن ما كان ، فلما رأته قالت: أى بارك الله فيك ، هل رأيت نبى الله هذا المبتلى ؟ والله على ذلك ما رأيت أحداً كان أشبه به منك إذ كان صحيحاً قال : إنى أنا هو .وكان له **أبدران** أبدر القمح وأبدر الشعير ، فبعث الله سحابتين، فلما كانت إحداهما على أبدر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاضت ، وأفرغت الأخرى على أبدر الشعير الورق حتى فاضت . رواه ابن حبان (1)
__________
(1) ابن حبان2091 (صحيح -الصحيحة17)(1/18)
عن ابن عباس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما كانت الليلة التى أسرى بى فيها أتت على رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ فقال : هذه رائحة ماشطة ابنة فرعون وأولادها ، قال : قلت ما شأنها ؟ قال : بينا هى تمشط ابنة فرعون ذات مرة إذ سقطت المدرى من يديها ، فقالت : بسم الله فقالت لها ابنة فرعون أبى ؟ قالت : لا ولكن ربى ورب أبيك الله ، قالت أخبره بذلك ؟ قالت : نعم فأخبرته ، فدعاها فقال : يا فلانه ، وإن لك رباً غيرى ؟ قالت: نعم ربى وربك الله ، فأمر ببقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها أن تلقى هى وأولادها فيها قالت له : أن لى إليك حاجة ، قال : وما حاجتك ؟ قالت : أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا ، قال : ذلك لك علينا من الحق، قال : فأمر بأولادها فالقوا بين يديها واحدً واحداً إلى أن انتهى ذلك إلى صبى لها مرضع ، وكأنها تقاعست من أجله ، قال : يا أمه اقتحمى ، فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فاقتحمت )قال ابن عباس : تكلم أربعة صغار ، عيسى ابن مريم عليه السلام وصاحب جريج وشاهد يوسف وابن ماشطة ابنة فرعون . واه أحمد (1)
ومن فتن السابقين فتنة أصحاب الأخدود . قال الله تعالى :
__________
(1) المسند1/309 (صحيح - المسند 2821 )(1/19)
**{ بسم الله الرحمن الرحيم 0 وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ(1)وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ(2)وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ(3)قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ(4)النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ(5)إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ(6)وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ(7)وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(8)الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(9) إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ (10) }** ( البروج 1 : 10 )
عن **خَبَّاب بن الأَرَت قال : شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ : أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا . قَالَ : « كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ. وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوِ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ »**. رواه البخارى (1)
**متوسد بردة **: جعلها وسادة له . تستنصر: تطلب النصرة من الله عز وجل .
ألا تدعو الله لنا : أى لنا على المشركين فإنهم يؤذوننا .
يشق باثنتين : فيقطع نصفين . وما يصده ذلك : فلا يمنعه ذلك العذاب الشديد .
__________
(1) فتح البارى3612(1/20)
من عظم وعصب : أن الأمشاط لحدتها وقوتها كانت تنفذ من اللحم إلى العظم وما يلتصق به من العصب .
والله ليتمن : من الإتمام والكمال . هذا الأمر : أى أمر الدين وهو الإسلام .
يسير الراكب : أى رجل أو امرأة وحده . من صنعاء : بلد باليمن .
حضرموت : موضع بأقصى اليمن . وقيل : موضع حضر فيه صالح عليه السلام ومات فيه .
لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه : وذلك للأمن من عدوان بعض الناس على بعض كما هو فى الجاهلية .
ولكنكم تستعجلون : نزول العذاب على المشركين فاصبروا على أمر الدين كما صبر من سبقكم من المؤمنين على أشد من عذابكم لقوة اليقين ولا تستعجلوا النتائج والثمرات .
بعض ابتلاءات الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه
عن عبد الله رضى الله عنه قال : بينا النبى صلى الله عليه وسلم ساجد ، وحوله ناس من قريش ، جاء عقبة بن أبى معيط بسَلَى جَزور ، فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم- فلم يرفع رأسه ، فجاءت فاطمة عليها السلام فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم (اللهم عليك الملأَ من قريش : أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأمية بن خلف ، أو أبى بن خلف) - شعبة الشاك - فرأيتهم قتلوا يوم بدر ، فألُقوا فى بئر غير أمية أو أبى ، تقطعت أوصاله ، فلم يلق فى البئر . رواه البخارى ومسلم (1)
سلى : هى اللفافة التى يكون فيها الولد فى بطن الناقة وسائر الحيوان وهى كالمشيمة بالنسبة للآدمى .
جزور : أى ناقة . أى كل مذبوح من الإبل .
اللهم عليك الملأ من قريش :أى خذهم وأهلكهم،والملأ :الجماعة يجتمعون على رأى فيملأون العيون
تقطعت أوصاله : الأوصال هى المفاصل .
__________
(1) فتح البارى3854 مسلم1794(1/21)
عن عروة بن الزبير قال : سألت ابن عمرو بن العاص : أخبرنى بأشد شىء صنعه المشركون بالنبى صلى الله عليه وسلم ، قال : بينا النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى حجر الكعبة ، إذ أقبل عقبة بن أبى معيط ، فوضع ثوبه فى عنقه ، فخنقه خنقا شديدا ، فأقبل
أبو بكر حتى أخذ بمنكبه ، ودفعه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله ! الآية . رواه البخارى (1)
عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لقد أوذيت فى الله عز وجل وما يُؤذَى أحد ، وأخِفْتُ من الله وما يخاف أحد ، ولقد أتت علىَّ ثلاثة من بين يوم وليلة وما لى ولعيالى طعام يأكله ذو كبد إلا ما يوارى إبط بلال ) رواه أحمد وابن ماجه (2)
يؤذى أحد : أى منكم . أخفت : خوفت فى دين الله وما يخاف أحد مثل تلك الإخافة.
ذو كبد : ذو حياة . إلا ما وارى : أى إلا بمقدار ما يحمله بلال تحت إبطه .
عن عروة أن عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدثته أنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم : هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد ؟ قال ( لقد لقيت من قومك ما لقيت ، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عَرَضْتُ نفسى على
ابن عبد يا ليل بن عبد كُلال ، فلم يجبنى إلي ما أردت فانطلقت ـ وأنا مهموم ـ على وجهى، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب ، فرفعت رأسى ، فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى ، فنظرت فإذا فيها جبريل فنادانى فقال : إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك ، وقد بعث الله إليك مَلَك الجبال ، لتأمره بما شئت فيهم ، فنادانى ملك الجبال ، فسلم علىَّ ، ثم قال :
__________
(1) فتح البارى3856
(2) المسند 3/120 ابن ماجه151 (صحيح ابن ماجه 123 -صحيحة2222)(1/22)
يا محمد ، فقال : ذلك فيما شئت ، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين ؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم : بل أرجو أن يُخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده ، لا يشرك به شيئاً. رواه البخارى ومسلم (1)
ما لقيت : أى لقيت الكثير من الأذى .
يوم العقبة : ما لاقاه عند جمرة العقبة بمنى - وقيل : مكان مخصوص فى الطائف ولعل هذا أولى .
قرن الثعالب : اسم موضع بقرب مكة والقرن كل جبل صغير منقطع من جبل كبير، وسمى بذلك لكثرة الثعالب فيه .
**الأَخْشَبَيْن : جَبَلَا مكة،** سميا بذلك لصلابتهما وغلظ حجارتهما .
عن عبد الله بن مسعود قال : كان أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر ، وعمار ، وأمه سمية ، وصهيب ، و بلال ، و المقداد ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبى طالب ، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه ، وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراعَ الحديد وصهروهم فى الشمس . فما منهم من أحد إلا وقد وَاتاَهم على ما أرادوا . إلا بلالاً فإنه هانت عليه نفسه فى الله ، وهان على قومه ، فأخذوه ، فأعطوه الولدان . فجعلوا يطوفون به فى شعاب مكة وهو يقول : أحد أحد . رواه ابن ماجه (2)
فمنعه الله : أى عصمه من أذاهم . صهروهم فى الشمس : ألقوهم فى الشمس ليذوب شحمهم .
واتاهم : الإيتاء : الإعطاء : وافقوا المشركين على ما أرادوا منهم تقية .والتقية فى مثل هذه جائزة ، لقوله تعالى :{ إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } .
هانت عليه نفسه : أى صغرت وحقرت عنده لأجله تعالى ، وفى شأنه .
علامات الساعة الصغرى التى ظهرت وانقضت
1-بعثة النبى صلى الله عليه وسلم
__________
(1) فتح البارى3231 - مسلم1795
(2) ابن ماجه المقدمة 150 ( حسن ابن ماجه 122)(1/23)
عن سهل بن سعد عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : بعثت أنا والساعة كهاتين، وضم السبابة والوسطى ، وفى رواية ويشير بأصبعيه فيمدهما .رواه البخارى ومسلم (1)
قال البغوى : كان النبى صلى الله عليه وسلم من أشراط الساعة .
قال القرطبى : أولها النبى صلى الله عليه وسلم لأنه نبى آخر الزمان وقد بعث وليس بينه وبين القيامة نبى .
**2-انشقاق القمر (8 هـ)**
قال الله تعالى :**{اقْتَرَبَتْ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} ( القمر : 1 ) **
**عن ابن مسعود قال : « انْشَقَّ الْقَمَرُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شِقَّتَيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اشْهَدُوا **. رواه البخارى ومسلم (2)
انشق القمر والرسول صلى الله عليه وسلم فى مكة قبل الهجرة وذلك حين سأله أهل مكة أن يريهم آية ، فانشق القمر شقين ، وكانت إحدى المعجزات الباهرة .
قال القاضى عياض : انشقاق القمر من أمهات معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم ، وقد رواها عدة من الصحابة رضى الله عنهم .
قال الزجاج : وقد أنكرها بعض المبتدعة المضلين المخالفي الملة . وذلك لما أعمى الله قلبه . ولا إنكار للعقل فيها ، لأن القمر مخلوق لله تعالى ، يفعل فيه ما يشاء . كما يفنيه ويكوره فى آخر أمره . اهـ
قلت : وقد أنكر انشقاق القمر من المعاصرين المراغى فى تفسيره فقال : وسينشق القمر وينفصل بعضه من بعض حين يختل نظام هذا العالم ، وتبدل الأرض غير الأرض . ونحو هذا قوله: إذا السماء انشقت .
**3- الذين ادعوا النبوة 11 هـ**
عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريبا من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه - رسول الله . رواه البخارى ومسلم (3)
__________
(1) فتح البارى 6503 مسلم 867 - 2950
(2) فتح البارى3636 - مسلم 2800
(3) فتح البارى 3609 - مسلم 2239(1/24)
دجالون : الدجل هو التخليط والتمويه ويطلق على الكذب .
يزعم : يدعى بقوله أو بفعله .
عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وإنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبى ، وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى . رواه أبو داود والترمذى (1)
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فى أمتى كذابون دجالون سبعة وعشرون منهم أربعة نسوة وإنى خاتم النبيين لا نبى بعدى . رواه أحمد (2)
وليس المراد من ادعى النبوة مطلقا فإنهم لا يحصون كثرة ، وإنما المراد من كانت له شوكة وبدت له شبهة .
وهذا بيان بأسماء الذين ادعوا النبوة :
**1- ابن ** صياد ظهر بالمدينة
عن عمر رضى الله عنه أن ابن صياد قال للنبى صلى الله عليه وسلم أتشهد أنى رسول الله؟ رواه البخارى (3)
2- الأسود العنسى : واسمه **عبهلة** ارتد فى أيام النبى صلى الله عليه وسلم فكان أول مرتد فى الإسلام، وادعى النبوة ، وسمى نفسه رحمان اليمن وأرى قومه أعاجيب استهواهم بها ، وكان له شيطانان يخبرانه بغالب أخبار الناس . مات قبل وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بشهر .
3- مسيلمة الكذاب : ظهر باليمامة وادعى النبوة فى آخر زمن النبى صلى الله عليه وسلم ، وكان يسجع
لهم بما يضاهى القرآن بزعمه ، فقد قال فى قرأنه : إن الأرض بيننا وبين قريش نصفين ، ولكن قريشا قوم لا يعدلون . واسقط عنهم الصلاة ، وأحل لهم الخمر والزنا ، وسمى نفسه رحمان اليمامة وقد كثر أتباعه وقتله خالد بن الوليد زمن أبى بكر الصديق عام12هـ .
عن ابن عباس قال ذكر لى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بينا أنا نائم رأيت أنه وضع فى يدى سواران من ذهب فقطعها وكرهتهما ، فأذن لى فنفختهما فطارا ، فأولتهما كذابان يخرجان .رواه البخارى (4)
__________
(1) أبو داود4252 -الترمذى2219 (صحيح -الصحيحة1683 )
(2) المسند5/395 (صحيح -الصحيحة1999 )
(3) فتح البارى 1354
(4) فتح البارى3620(1/25)
وفى رواية : فأولتهما الكاذبين اللذين أنا بينهما ، صاحب صنعاء وصاحب اليمامة . رواه البخارى أى هما العنس ومسليمة
4- طليحة بن خويلد : صحابي ارتد وادعى النبوة وخرج زمن أبى بكر . ثم تاب واستشهد بنها وند سنة21 هـ فى خلافة عمر بن الخطاب
5- سجاح بنت الحارث من تميم تنصرت و ادعت الكهانة وتنبأت وكان لها شأن فى حروب الردة تزوجها مسليمة ، و لما قتل أسلمت زمن معاوية وماتت عام 21هـ .
6- المختار بن أبى عبيد الثقفي : خرج زمن ابن الزبير ، وعبد الملك ، زعم أن جبريل يأتيه ، وكان من زعماء الثائرين على بنى أمية حتى قتل منهم الكثير ، وقتل عام 67هـ على أيدي جند عبد الله بن الزبير .
** \\\ تحذف هذه الفقرة وتعدل الأرقام بعدها \\\ 7-الحجاج الثقفي : ( مبير )أى مسرف فى إهلاك الناس ،قتل 120 ألف نفس صبراً (أى فى غير معركة ولا حرب ولا خطأ ) مات عام 95 هـ .
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فى ثقيف كذاب ومبير رواه الترمذى (1)
عن أسماء بنت أبى بكر قالت للحجاج : أما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن فى ثقيف كذاباً ومبيراً فأما الكذاب فرأيناه ، وأما المبير فلا إخالك إلا إياه، قال فقام عنها ولم يراجعها . رواه مسلم (2) **
**7**- الحارث الكذاب : متنبئ من أهل دمشق خرج فى خلافة عبد الملك بن مروان وقتل عام69 هـ .
**\\\ تحذف هذه الفقرة أيضا وتعدل الأرقام بعدها \\\ 9- المتنبي : الشاعر ، تنبأ فى بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون ، ثم أُسر وسجن حتى تاب ثم قتل عام 354 هـ***
**8**- بهبود : قائد فتنة الزنج الذى أفسد العراق وأهان آل الرسول ، وادعى أنه أرسل إلى الخلق فرد الرسالة ، وأنه مطلع على المغيبات مات زمن المعتمد عام 257هـ
__________
(1) الترمذى2220 (صحيح الترمذى1808 )
(2) مسلم2545(1/26)
**9**- يحيى زكرويه القرمطى : مات سنة290هـ فى خلافة المكتفى ، أظهر شامة فى وجهه ، وزعم أنها آية ، وزعم أن لقبه المدثر وأنه المعنى فى السورة .
**10**- الحسين أخ يحيى القرمطى . فى خلافة المكتفى .
**11**-عيسى بن مهر ويه ابن عم يحيى وظهر على الشام وعاث وأفسد .ودعا عليه الناس على المنابر ثم قتل.
**12**- أبو طاهر القرمطى : ظهر فى خلافة المقتدر قتل ونهب ومنع الحجاج ، وهو الذى قلع الحجر الأسود وبقى عندهم أكثر من عشرين سنة وكان يقول أنا بالله وبالله أنا ، يخلق الخلق وأفنيهم أنا ، ولم يفلح أبو طاهر حيث تقطع جسده بالجدري ومات عام 311 هـ
**13**- محمد بن على الشلمغانى : إدعى الإلهية وإحياء الموتى ، صلب وقتل سنة322هـ وخرج فى خلافة الراضى وقد شاع عنه أنه يدعى الإلهية وأنه يحيى الموتى فقتل وصلب .
**14**- شاب من التناسخية يزعم أن روح علىّ انتقلت إليه ، ظهر زمن المطيع ، امرأته تزعم أن روح فاطمة انتقلت إليها .
**15**- شاب يدعى أنه جبريل .
**16**- رجل فى نواحي نهاوند ظهر سنة 499هـ زمن المستظهر ادعى النبوة وتبعه خلق كثير.
**17 \\برجاء مراجعة اسم المتنبئ هنا من الأصل المطبوع الذي بأيديكم \\**- لا : الذى حرف الحديث المشهور.**"لا نبى بعدى"** أى لا : نبى بعدى ظهر فى الغرب.
**18**- الغازارى الساحر . قتل.
**19**- امرأته : ادعت النبوة فذكروا لها الحديث فقالت :أنما قال:لا نبى ،ولم يقل : لا نبية
**20**- السيد محمد **الجونفوري** . ظهر فى الهند . ومات سنة 910هـ وادعى المهدوية وقال إنه يوحي إليه
**21**- سيد أحمد خان . ظهر فى كشمير ومات سنة1300 هـ .
**22**- الذيال : من ثقيف .
**23**- ابن الكواء ."لم يدع النبوة وانما كان يغلو فى الرفض" .
**24**- ميرزا غلام أحمد القاديانى ظهر بالهند، وادعى النبوة وأنه المسيح المنتظر .
هذا ما استطعت جمعه من الدجالين والكذابين .(1/27)
*** وثمة : المتنبي الشاعر زعموا أنه تنبأ فى بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون ، ثم أُُسر وسجن حتى تاب وكان موته قتيلا عام 354 هـ لكن الأستاذ محمود محمد شاكر أطال الاستدلال في كتابه " المتنبي " لدفع هذه الدعوى وإثبات أنه محض حقد وغَيْرة من خصومه ***(1/28)