http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
قواعد تفسير الأحلام
أبو العباس أحمد بن سلطان بن سرور
سنة الولادة 628هـ/ سنة الوفاة 697 هـ
تحقيق حسين بن محمد جمعة
الناشر مؤسسة الريان
سنة النشر 1421هـ - 2000م
مكان النشر بيروت
عدد الأجزاء 1
( 1 ) قال الشيخ ، الإمام ، العالم ، العامل ، الصدر ، الكبير الكامل ، الفاضل البارع ، الحافظ المتقن ، حجة المحققين ، ولسان المتكلمين ، قدوة السالكين ، بقية السلف الصالح : شهاب الدين أبو العباس أحمد ابن شيخ الإسلام جمال الدين أبي الفرج عبد الرحمن بن عبد المنعم بن نعمة بن
____________________
(1/107)
سلطان بن سرور المقدسي الجعفري ، قدس الله روحه ، ونور ضريحه .
____________________
(1/108)
[ 1 ] الحمد لله حق حمده ، وصلواته على خير خلقه ؛ محمد وآله وصحبه . حمداً وصلاة ينجيان كل عبد من عذاب ربه .
[ 2 ] وبعد : فإنه ندبني جماعة إلى جمع مقدمة في علم المنام فأجبتهم إلى ذلك . ولقبتها ب ' البدر المنير في علم التعبير ' . وجعلتها بلغة
____________________
(1/109)
صفحة فارغة
____________________
(1/110)
للمبتدي ، وبلاغاً للمنتهي . ينتفع بها المتعلمون ، ويرتفع بها المعلمون . جعل الله ذلك خالصاً لوجهه الكريم ، وأنقذنا بفضله من عذابه الأليم .
[ 3 ] اعلم وفقنا الله وإياك - أن معرفة التأويل تحتاج أولا إلى
____________________
(1/111)(1/1)
معرفة حقيقة النوم ؛ ما هو . ثم تعرف تفسير ما يرى في المنام . وقد ذكرت ذلك أولاً . ثم ابتدأت بذكر الله تعالى ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام . ثم ذكرت السموات والأرض ، ومن فيهن . ثم كذلك ؛ حتى أتيت إلى الجنة والنار ، وما يدلان عليه . وقد ذكرت - قبل أبواب المقدمة - أربعة عشر فصلاً . ولم أترك شيئاً - من القواعد الشاملة لهذا العلم مما قاله العلماء ؛ أو رزقت الاجتهاد فيه - إلا ذكرته . على اختلاف الملل والأديان ،
____________________
(1/112)
والأعصار والبلدان .
____________________
(1/113)
صفحة فارغة
____________________
(1/114)
صفحة فارغة
____________________
(1/115)
صفحة فارغة
____________________
(1/116)
صفحة فارغة
____________________
(1/117)
وجعلت الأبواب خمسة عشر باباً وهي :
الباب الأول : في رؤية الباري جل وعلا ، والملائكة ، والأنبياء عليهم السلام ، والصديقين ، والصحابة والتابعين رضي الله عنه الله عنهم أجمعين .
الباب الثاني : في رؤية السماء ، وما فيها ، وما ينزل منها ، وما يطلع إليها .
الباب الثالث : في الحوادث في الجو .
الباب الرابع : في الأرض ، وأشجارها ، وجبالها ، وسهلها ووعرها ، وما يتعلق بها .
الباب الخامس : في مياه الأرض .
الباب السادس : في الحيوانات .
الباب السابع : في الأكل والذبائح .
الباب الثامن : في الأبنية وما تصرف منها .
الباب التاسع : في الملابس .
____________________
(1/118)
الباب العاشر : في الصنائع والصناع .
الباب الحادي عشر : في الأدوات المستعملات .
الباب الثاني عشر : في رؤية بني آدم .
الباب الثالث عشر : في أعضاء ابن آدم ، وما يحدث منه .
الباب الرابع عشر : في الموت والنزاع .(1/2)
الباب الخامس عشر : في الساعة وأشراطها . قال المصنف رحمه الله : لما أن كان الملك - في اليقظة - بين يديه أعوان ؛ يتصرفون بأمره في وقت حضوره ، ولم يقدروا على الوقوف دائماً بلا أخذ راحة - ولا يليق أن يتصرفوا لأخذ الراحة وهو جالس ؛ ربما حدث حادث في وقت غيبتهم أفضى إلى الفساد - فحجب نفسه فاستراح ، واستراحت الأعوان . وجعل في وقت غيبته حرساً على الأبواب - لئلا يحدث حادث في وقت غيبتهم ، وما يمكن الحرس يتركوا مواضعهم ؛ ويطلعوه على الحادث ، خوفاً من حدوث حادث في وقت غيبتهم ، فجعل عليهم من يسمع منهم ما يقولوه . والآخر ما يمكنه الغيبة لئلا يطلبوه وقت غيبته لحادث آخر فما يجدوه فما يفيد - فاحتاج إلى كبير متوصل ؛ يوصل ذلك إلى الملك إذا جلس . فإذا انتهى إليه مثلاً ؛ أن جماعة بالمكان الفاني سرقوا / ؛
____________________
(1/119)
وفلان قام قاتلهم ودفع شرهم . نظر الملك رأيه فيهم . فيأمر بقتل بعضهم ، أو قطعه ، أو صلبه ، أو سجنه ، ونو ذلك . ويأمر بإكرام المدافع لهم على ما يليق به من الكرامة . ولما كانت الروح ؛ المدبر في البدن . كالملك في البلد - وبين يديه أعوان - السمع ، والبصر ، والنطق ، واليدان ، والرجلان - وليس لهم طاقة السهر دائماً - لأنه يقل السمع والبصر والنطق - فأرسل الله تعالى النوم راحة لأولئك كما ذكرنا . وأقام الأنفس الثلاثة - كما في اليقظة - للملك . فإذا استيقظ الروح المدبر ؛ أملى عليه المنام ؛ أني رأيت كأنني آكل حلواً من إناء مليح فيقول له الروح المدبر : هو للمريض بالحرارة ردئ . لكون ذلك لا يوافق مرضه . ويقول للصحيح - إن كان ملكاً - : ملك بلداً كبيراً . ولمن دونه : ستتولى مكاناً مليحاً . ولطالب العلوم : تبلغ مرادك منها : وللعازب : ستتزوج امرأة حسناء . ونحو ذلك . وإن كانت الحلاوة ردية ؛ فعكس ذلك . [ فصل : 1 ] الفصل الأول في هيئة المنام(1/3)
[ 4 ] أعلم أن النوم رحمة من الله على عبده ؛ ليستريح به بدنه عند
____________________
(1/120)
تعبه . لما علم الله عز وجل عجز الروح عن القيام بتدبير البدن دائماً .
____________________
(1/121)
فالنوم هو أبخرة تحيط بالروح المدبر للبدن ؛ فتحجبه عن التدبير .
____________________
(1/122)
وما هو في المثال إلا كالملك - إذا حجب نفسه عن تدبير مملكته ليستريح وتستريح أعوانه في وقت حجبه - ومن الحكمة جعل الله تعالى - حين غيبة الروح المدبرة - ثلاثة أنفس قائمة ؛ فالأولى : النفس المخيلة . أشبه شيء بالمرآة ، لتخيل كل شيء يواجهها . وجعل أمامها ؛ نفساً حافظة : تحفظ ما تصوره المخيلة . وجعل نفساً موصلة : توصل ذلك إلى الروح المدبرة -
____________________
(1/123)
إذا انكشف الحجب عنها - ليتصرف فيه على ما يرى . وما جعل الله تعالى النوم كذلك إلا من لطفه وحكمته ، لأن حال اليقظة ما يمكن أن الإنسان يعرف ما يحدث في الوجود كل وقت إذ لو كان ذلك كذلك ، لتساوى الناس بالأنبياء عليهم السلام .
____________________
(1/124)
صفحة فارغة
____________________
(1/125)
صفحة فارغة
____________________
(1/126)
صفحة فارغة
____________________
(1/127)
صفحة فارغة
____________________
(1/128)
صفحة فارغة
____________________
(1/129)
صفحة فارغة
____________________
(1/130)
[ فصل : 2 ] الفصل الثاني
[ 5 ] والرؤيا على قسمين : صحيح ، فاسد . فالصحيح : ما كان من اللوح المحفوظ وهو الذي تترتب عليه الأحكام .
____________________
(1/131)
صفحة فارغة
____________________
(1/132)
القسم الثاني : الفاسد : الذي لا حكم له . وهو خمسة أقسام : الأول : حديث النفس : وهو أن يحدث الإنسان نفسه في اليقظة شيئاً فيراه في المنام . وكذلك العادة .
____________________
(1/133)(1/4)
قال المصنف : إنما ابتدأت بذكر الفاسد لقلته . فإذا عرف علم أن ما سواه هو الصحيح . وقد ذكر جماعة أن الفساد هذه الأقسام وزادوا عليها : السحرة ، وبعث الشياطين ، ونحو ذلك . وليس بصحيح . والذي ذكرته غير مختلف فيه . وفي معرفته كفاية .
____________________
(1/134)
صفحة فارغة
____________________
(1/135)
قال المصنف : كل واحد من الأقسام الفاسدة إذا رؤي مع زيادة ؛ فإن كانت الزيادة من الجنس الفاسد فلا حكم لها ، وإن كانت من غير جنسه فاترك الفاسد وتكلم في الزيادة .
[ 6 ] القسم الثاني : يكون من غلبة الدم . وهو أن يرى الحمرة الكثيرة ، أو الأشياء المضحكة ، أو الملهية . القسم الثالث : يكون من غلبة الصفراء . كمن يرى شيئاً أصفر كثيراً ، أو شموساً ، أو نيراناً ، ولا يعقل شيئاً . القسم الرابع : وأما ما يكون من غلبة السوداء . كمن يرى كثرة الدخاخين ، أو الخُسَف ، أو سواد ، أو نحو ذلك .
____________________
(1/136)
القسم الخامس : يكون من غلبة البلغم . كمن يرى أمطاراً ، أو غيوماً ، أو مياهاً ، أو بياضاً ، نحو ذلك . ولا يعقل شيئاً . [ فصل : 3 ] الفصل الثالث في أنواع الرؤيا
[ 7 ] أنواع الرؤيا أربعة : أحدها : المحدودة ظاهراً ، وباطناً . كالذي يرى أنه يكلم الباري عز وجل - أو أحد الملائكة ، أو الأنبياء عليهم السلام - في صفة حسنة ، أو بكلام طيب . وكمن يرى أنه يجمع جواهر ، أو مآكل طيبة . أو يرى كأنه في أماكن العبادة مطيعاً لربه عز وجل . ونحو ذلك . قال المصنف : لما أن كانت الرؤيا لا يعرف / جيدها من رديها إلا الخبير بهذا الشأن ، فبينت للمعلم أن لا يلتفت على ما اعتقدته النفس خيراً لفرحها به حين الرؤيا . ولا أن ذلك ردياً لكونها فزعت منه . بل يعتمد على الذي ينبغي في أصول هذا العلم على ما بيناه إن شاء الله تعالى .(1/5)
[ 8 ] النوع الثاني : محمودة ظاهرة ، مذمومة باطناً . كسماع الملاهي ، أو شم الأزهار . فإن ذلك هموم وأنكاد . أو كمن يرى أنه يتولى منصباً عالياً - لا يليق به - فهو رديء .
____________________
(1/137)
قال المصنف : لما كان سماع الملاهي غالباً لذهاب الهموم - وشم الأزهار فيه إلا أنه عقيبه - كان ذلك ردياً . وأيضاً : من كون ذلك يحتاج إلى نفقات وكلف - ولا ثمرة لذلك يرجعون إليه في مقابلة ما أنفقوا - كان غرامة بلا فائدة ؛ فأعطى النكد . وأيضاً : فإن الأزهار غالباً تطلب لأصحاب الأمراض ؛ فأعطى النكد أيضاً . لأن كل ما هو مرصد لشيء ، كان إعلاماً بوجود ذلك . وربما دلوا على الفرج .
[ 9 ] النوع الثالث : المذمومة ظاهراً ، وباطناً . كمن يرى حية لدغته ، أو ناراً أحرقته ، أو سيلاً غرقه ، أو تهدمت داره ، أو تكسرت أشجاره . فإن ذلك ردياً ، ظاهراً وباطناً . لدلالته على الهم ، والنكد . النوع الرابع : المذمومة ظاهراً ، المحمودة باطناً . كمن يرى أنه ينكح أمه ، أو يذبح ولده : فإنه يدل على الوفاء بالنذر ، والحج إلى أكبر أماكن
____________________
(1/138)
العبادة ، وعلى أنه ينفع أمه ، أو يزوج ولده ، وعلى مواصلة الأهل والأقارب ، وعلى رد الأمانات . قال المصنف : لما أن كان الوطء مواصلة ولذة بعد مودة ومؤانسة غالباً أعطى ما ذكرناه من الإحسان إلى من ذكرنا في موضعه . وكونه وطءً محرماً بكل وجه أعطى - وطأه في البلد الحرام عليه ، ومشيه إليه - العزيز عنده كالكعبة عند الإسلام ، والقدس عند اليهود والنصارى ، وبيت النيران عند من يعتقده ، ونحو ذلك ، فأفهم وقس عليه . وإنما دل ذبح الولد على ما ذكرناه قياساً على قصة الخليل عليه السلام .
____________________
(1/139)
صفحة فارغة
____________________
(1/140)
[ فصل : 4 ] الفصل الرابع(1/6)
[ 10 ] الغالب من الرؤيا المليحة أن يتأخر تفسيرها . وذلك من كرم الله تعالى يبشر بالخير قبل وقوعه ، لتفرح النفس بوصوله . وربما يقدم تفسيره لأمر ضروري يحتاج إليه الرائي . مثلما ذكر
____________________
(1/141)
جالينوس في كتاب ' حيلة البروء ' أن إنساناً ورم
____________________
(1/142)
لسانه ، حتى ملأ فكيه ، واستفرغ الأطباء ما في قدرتهم من المعالجة ؛ فلم ينفع . فتركوا معالجته . وسلم الرجل نفسه للموت . فرأى في النوم شخصاً قال له : تمضمض بعصارة الخس . ففعل ذلك ، فبريء . والغالب من الرؤيا الردية : أن يراها قريب وقوعها ، أو بعد وقوعها . لن لا يضيق صدره قبل ذلك . فإذا رأى أحد ذلك فاسأل ؛ هل جرى له شيء من الشر مما دل المنام عليه . فإن كان جرى قبله قليلاً فهو تفسيره ، وإلا فيجري . قال المصنف : إنما قدم الله سبحانه وتعالى البشارة في المنام : ليأمن الخائف ، ويرجوا القانط ، ويفرح ذو الحزن ، ويفرج عن المهموم ، ونحو ذلك . لأن الله تعالى إذا وعدنا بخير كان كما وعد سبحانه لا يرجع عما
____________________
(1/143)
وهب . وإذا تواعد بالشر له أن يعفو أو يصفح . يمحوا الله ما يشاء ويثبت . وهذا هو عين الكرم والفضل الذي يليق بجلاله سبحانه وتعالى . [ فصل : 5 ] الفصل الخامس
[ 11 ] وربما كانت الرؤية مختصة بالرائي وحده . كمن يرى أنه طلع إلى السماء ولم ينزل منها ، وكان مريضاً : مات . وإن لم يكن مريضاً : سافر . وإن كان يصلح للولاية : تولى ، أو دخل دور الأكابر . وإن كان من أرباب التهم : تلصص ، أو تجسس على الأخبار .
____________________
(1/144)(1/7)
وربما كانت له ولغيره . كمن يرى أن ناراً أحرقت داره ، ودور الناس : فأمراض ، أو ظلم من املك ، أو موت ، أو عدو ، أو فتنة تعم الجميع . وربما لا تكون لمن رؤيت له ، لكن تكون لغيره من أولاده ، أو أبويه ، أو أقاربه ، أو معارفه المتعلقين به . كرجل رأى أن أباه احترق بالنار : فمات الرائي ، واحترق أبوه بنار غمه . وكآخر رأى أن أمه / ماتت : فتعطلت معيشته . لأنه أمه كانت سبب دوام حياته ، كالمعيشة . وكآخر رأى أن آدم مات : فمات أبوه . الذي كان سبب وجوده . وكمن رأى أن بصره تلف : فمات ولده ، الذي هو قرة عينه .
____________________
(1/145)
[ فصل : 6 ] الفصل السادس
[ 12 ] وربما دلت أشياء على شيء واحد . كرجل رأى أن الشمس انكسفت ، ورأى آخر كأن البحر نشف ، ورأى آخر البلد أو سورة ؛ أو موضع عبادته خرب ، ورأى آخر جبلاً عظيماً تهدم ، ربما دل الجميع على : موت كبير ، كملك ، أو عالم ، أو متولي . فيكون تكرار ذلك دليلاً على موت أو هلاك من ذكرنا . وربما دل الشيء الواحد على أشياء . فإن من أكل من المرضى رمانة : مات . وهي للملك : بلده . وزوجه للأعزب . وهي لمن عنده حامل : ولد . وهي للتاجر : عقده مال . وهي للفقير : دينار أو درهم . وهي : مركب ؛ لمن تصلح له المراكب . وتدل على : الدابة ، والمملوك ، وعلى الدور ، لأن حياتها بينهن حائل كالبيوت .
____________________
(1/146)
صفحة فارغة
____________________
(1/147)(1/8)
قال المصنف رحمه الله : إذا اشتركت أشياء في وصف واحد ؛ وتكررت في المنام ؛ الغالب أن يكون الحكم واحداً في الأشياء الردية . فإن الشمس ، والبحر ، والخيل ، والنار العظيمة ، والحجر الكبير ، والبناء المعد لنفع الناس ، كل منهم دال على : الجليل القدر النافع للناس ، والحاكم عليهم . فإذا نزل بمثل أولئك آفة في المنام الغالب أنه ربما هلك فرد إنسان كذلك . وإن هلك جماعة فخلاف العادة . وأما إذا رؤي فيهم ما يدل على الصلاح دل على راحة تحصل للجميع . وهو المناسب لكرم الله تعالى ولطفه بعباده .
____________________
(1/148)
[ فصل : 7 ] الفصل السابع
[ 13 ] المنام الواحد يختلف باختلاف لغتين . كالسفرجل : عز وجمال وراحة ، لمن يعرف بلغة الفرس . لأنه بلغتهم : بهي . وهو للعرب ولمن يعاشرهم دال على : السفر ، والجلاء . ويختلف باختلاف الأديان . كمن يرى أنه يأكل الميتة ، الميتة : مال حرام ، أو نكد عند من يعتقد تحريمها ، وهي رزق وفائدة عند من يعتقد حلها . ويختلف باختلاف الزمان . فإن الاصطلاء بالنار ، والتدفي بالشمس ، وملبس الشتاء ، واستعمال الماء الحار ، ونحوه لمن مرضه بالبرودة ، أو في الزمن البارد : خير وراحة . وهو في الصيف : أمراض ، أو نكد . كما أن استعمال الرفيع من القماش ، أو الماء البارد ، ونحوه ، في الصيف : راحة وفائدة . وفي الشتاء : عكسه . ويختلف باختلاف الصنائع . فإن لبس السلاح ، أو العدد ، للجندي البطال : خدمة . وللمقاتل : نصر . وللرجل العابد : بطلان عبادة . ولغيرهم : فتنة ، وخصومة .
____________________
(1/149)(1/9)
ويختلف باختلاف الأماكن . فإن التعري في الحمام ، وفي المكان المعتاد فيه ' جيد . للعادة . وهو في غيره من مجامع الناس : رديء ، وشهرة دونه . خصوصاً إن كان مكشوف العورة . ويختلف باختلاف عادات الناس . فإن حلق اللحية ، أو الرأس ، عند من يستحسن ذلك : خير ، وذهاب نكد . كما أن ذلك : نكد ، وخسران ، عند من يكرهه . ويختلف باختلاف المعايش ، والأرزاق ، فإن لبس القماش الوسخ ، أو المرقع ، أو العتيق ، للطباخين ، والوقادين ، وأمثالهم : دال على إدرار معايشهم . لأنهم لا يلبسون ذلك إلا وقت معايشهم . وهو رديء في حق من سواهم . كما أن لبس النظيف : يدل على بطلان معيشتهم . لكونهم لا يلبسونه إلا أوقات بطالتهم . وهو ، والرائحة الطيبة ، لغيرهم : رفعة ، وخير . وطيب قلب ، وثناء جميل ، في حق من سواهم . ويختلف باختلاف الأمراض . فإن الحلاوات لأرباب الأمراض الحارة : طول مرض ، ونكد . وهو : جيد لأصحاب البرودات . كما أن الحامض ، لهم : جيد . ونكد لأصحاب البرودات . ويختلف بالموت والحياة . فإن لبس الحرير ، أو الذهب : مكروه ، لمن لا يليق به من الرجال . وهو على الميت : دليل على أنه في حرير الجنة . ويختلف باختلاف الفصول . فإن الشجرة في إقبال الزمان : خير ، وفائدة / مقبلة . وكذلك ظلها في زمن الحر . ويدل على النكد في غير
____________________
(1/150)(1/10)
ذلك . قال المصنف : الشيء الواحد اعتبره باختلاف حال رائيه . فإن لبس الرفيع في الشتاء ، أو لمريض بالبرودة : نكد . وبالضد من ذلك في الصيف . ولأرباب الحرارة وللعزب : تزويج حسن هين لين . ولأرباب البنايات : أماكن حسنة ، ويدل على معاشرة من فيه خلق حسن . ولأرباب الأسفار : طريق سهلة . ولأرباب الحوائج : تيسير أمور . ولأرباب الخراجات ، والقروح في البدن : عافية . ونحو ذلك . وبالعكس عكسه . فعلمنا بذلك أنه إذا أراه إنسان طرقاً ، أو رآه جماعة مختلفون الأحوال ، اختلف الحكم باختلاف الحال كما ذكرناه . والله تعالى أعلم . فافهم ذلك .
____________________
(1/151)
وإذا اشتركت أشياء في وصف واحد ، وتكررت في المنام ؛ الغالب أن يكون الحكم واحداً في الأشياء الردية . واعتبر ألفاظ الناس بالنسبة إلى اصطلاح جنس الرائي . كما إذا دل البطيخ على النكد من بطاط أو خائن لاشتقاق ذلك . وهو عند بعض لغة الحجاز دال على النكد من محبة وعشرة . لأنه بلغتهم حب حب . ونحو ذلك فافهم . وذا كان لأحد عادة بحلق رأسه أو لحيته وقد طالت في اليقظة - ولم يكن حدث نفسه بزوال ذلك - فهو دال من الخير على ما ذكرنا . ولو كان محلوقاً أو حدث نفسه بزواله فلا حكم له . كما أنها إذا كانت في اليقظة
____________________
(1/152)(1/11)
محلوقة ولم يكن أضمر بقاء الشعر دل على الدَّيْن والهموم والأمراض والكلام الردي . ونحو ذلك والعياذ بالله تعالى . وحلق اللحية أو الرأس عند من يستحسن ذلك : خير وذهاب نكد . كما أن ذلك نكد وخسران عند من يكرهه . وهذا الحكم أصل كبير . وهو مما يغفل عنه أكثر أرباب هذا الشأن . ولا يجوز إهماله أصلاً . فإن أكثرهم حكم برداة ذلك ، وليس بصحيح . بل اعتبر ما ذكرناه من أحول أولئك كما تقدم . ولا تغفل عنه تخطيء . والله سبحانه وتعالى أعلم . واعتبر الحلاوات على ما ذكرنا . واليابسة للصحيح إذا جرحت فاه ، أو كسرت شيئاً من أسنانه ، أو لوثت شيئاً من ثيابه ، أعطت الرداة ، والنكد فافهم ذلك . وإنما كان الحامض ردياً لما ذكرنا ؛ لانقباض البشرية وتغيرها عند أكله ، ولنفور النفوس منه عند أكله خالياً عن غيره . لأن مجرد الحامض لا
____________________
(1/153)
يؤكل بلا واسطة إلا لضرورة . والحلو بخلافه . فهو كالمر والملح لا يؤكل كثيراً إلا لضرورة أو بواسطة . والشجرة في إقبال الزمان : خير وفائدة مقبلة . وإقبال زمان كل شجرة قرب انتفاع الناس بها فيما هي مرصدة له . فافهم جميع ما يمكن النفع فيها فذلك إقبال زمانها ، حتى أنك تقول لمن يريد الحطب عن الشجرة اليابسة : راحة مقبلة ميسرة . ولمن يطلب ورقها كالتوت وقت ظهور الورق : فائدة مقبلة . ولمن يطلب ثمرها : فائدة وقت ذلك على ما شرحناه في موضعه . [ فصل : 8 ] الفصل الثامن(1/12)
[ 14 ] وتعتبر عادات الناس وأديانهم . كمن يرى أنه يأكل الباقلاء الأخضر ، فإنه عند الصائبة : مال حرام ، ونكد ، لأنه محرم عليهم . والمجوس يحرمون لحوم البقر ، واليهود يحرمون الخمر ، فهذا وما أشبهه : حرام عند من يرى ذلك ، وأرزاق وفوائد عند من يحلها . كما أن المرأة إذا رأت أنها تزني ، والناس يبصرونها : فهي شهرة ردية ، ونكد . فإن كانت بالهند : دل على أنها تتقرب ، وتشتهر بعبادة ، وبر ، ويكون لها ثناء مليح ، لأنهم يتقربون إلى الله تعلى بالزنا . جل الله / تعالى عن ذلك . كما أن المجوس تعبد النار ، فإذا رأى أحدهم كأنه قد أوقد ناراً ، أو صرف عنها الأذى ، أو سجد لها : كان ذلك عندهم جيداً ، وفائدة ، وعبادة . وكذلك عباد الشمس إذا رأوها : في صفة حسنة .
____________________
(1/154)(1/13)
وأما إن نزلت بأحدهم آفة : فنقصان يقع في دينهم ، وبلادهم . وكذلك كل من يعبد شيئاً ، كان حكمه كذلك ، سواءً كان في السماء ، أو في الأرض ، أو تعظمه . فإن نزلت بأحدهم نقصان : فإنه يدخل عليهم في دينهم ، أو بلادهم ، أمر ردي . قال المصنف : الباقلاء الأخضر تحرمه الصائبة لكون من يعظمونه كان يقول : مبدأي من نواره ، وقوتي من أخضره ، ويابسه مباح لكم . وجميع أهل الأديان كلهم رسموا عادات لتباعهم ضبطاً لهم عن التعدي عن شرعهم ، فصارت قائمة مقام الدين المشروع عندهم . وإنما ذكر ذلك لئلا يقول قائل هذا ليس بمحرم في أصل الشرع فكيف حكمت عليه بأنه حرام ، أو بدعة ، أو أنه مخالف . فيكون الجواب ما ذكرناه لئلا يهمل في التأويل نفع الحكم عندها ، أو قريباً منها ، فاعلم ذلك . والهنود اتخذت بيوت البد وهو من كان له مال بنى مكاناً ، وأوقف عليه جواري يمدحونه في أوقات مخصوصة بما كان يفعل . وعبادهم يقصدون هذه الأماكن ليترحموا على صاحبه . فلذلك العابد أن يزني مع أي من اختار من تلك الجوار خاصة ، يقصد بذلك إيصال الثواب لتلك الجارية ، فصار ذل غير منكور عندهم . ولما أن عظم عباد الشمس والنار بالسجود لها ولسائر الأنوار إكراماً لخالقها عز وجل إعتقد جهالهم أنها آلهة ، صار حكمهم حكم الدين ، فلذلك مما حدث فيهم من خير أو شر رجع إلى دينهم فاعرف ذلك .
____________________
(1/155)
[ فصل : 9 ] الفص التاسع(1/14)
[ ] وتعلم أنه ربما رأى إنسان لنفسه ما يدل على الخير ، عاد حكمه إلى أقاربه وأصحابه ، المغتمين لغمه ، الفرحين لفرحه . ويكون ذلك شراً ، ونكداً ، في حق عدوه . لكونه يغتم بخيره ، ويفرح بنكده . كما أنه إذا رأى لنفسه ما يدل على النكد ، عاد إلى أقاربه ، وأصحابه . ويكون خيراً لعدوه ، وراحة . وكذلك إذا نزل بعدوه في المنام أمر ردي ، حصل للرائي فائدة ، وراحة . كما أنه إذا رئي له ما يدل على الخير : حصل للرائي نكد ، لكون الإنسان يتنكد براحة عدوه . قال المصنف : لما أن اشترك الرائي مع ألزامه ومحبيه في الخير والشر صاروا كالشيء الواحد . كما أن صديق العدو ومحبه كالعدو . فإذا أردت أن تعرف أحكام أولئك فمثاله أن يقول لم الرائي كان علي ملبوس حسن من حرير يليق به فتقول : هو للعزب زوجه ، وراحة للفقير ، وغنى من جليل القدر ، وفائدة من أصحاب وألزام مشتملين عليك . ثم تقول : يحصل
____________________
(1/156)
لعدوك نكد . فإن كان من عمل إقليم مخصوص ، تقول : رجل من ذلك الإقليم ، أو من تاجر يجيء من ذلك المكان ، أو من أجل تجارة . وإن جعلت ذلك امرأة فتقول : نكد من امرأة ، أو من معارفك ، أو من غلمانك ، أو من جليل القدر ، ونحو ذلك ؛ لكونه يتألم إذا رأى عليك ما يحسدك عليه . أو تقول : يحصل لمعارفه كذلك . فإن قيل : فأي شيء فيه من العلائم . فإن قال : كان طوق الفرجية فيه عيب . فقل : في وجهه ، أو رأسه علامة . وكذلك إن قال في الكم : تكون العلامة في يده . وفي الصدر : تكون في فوائده . ومن ورائه : يكون كلاماً في عرضه ، أو عيباً في ظهره . وبالعكس من ذلك لو كان العدو في صفة لا تهون على الرائي حصل له من النكد على ما ذكرناه ، كما لو كان في صفة ردية ، فاحكم كما ذكرناه . وهذا فصل مليح جداً فاعمل على ما شرحت لك فهو من غريب التفسير لم أسبق إليه ولا شرحه أحد كذلك غيري من فضل الله تعلى وكرمه / .
____________________
(1/157)(1/15)
صفحة فارغة
____________________
(1/158)
[ فصل : 10 ] الفصل العاشر
[ 16 ] المنام الواحد ربما كان للرائي وحده . وربما كان لمن يحكم عليه . كمنام الأولاد ، والأزواج ، والعبيد ، والشركاء . لاشتراك من ذكرنا في الخير ، والشر ، غالباً . وكذلك الحكم لكل جماعة معاشهم ، أو كسبهم ، بجهة واحدة ، أو في مكان واحد . كأرباب المدارس ، والخوانك ، والزوايا ، ونحوهم . فما أصاب أحدهم من خير أو شر ، ربما رجع إلى الجميع .
____________________
(1/159)
قال المصنف ' لما أن اشترك من ذكرناهم في الفائدة والراحة على ما ذكرناه صاروا كأنهم كالرجل الواحد في غالب الحال . فإذا رأى أحد منهم مناماً فأعطه من الخير والشر ما يليق به في نفسه وأمواله وأولاده وملازماً . فإن لم تجد لذلك وجهاً فاردده إلى الجماعة المشتركين في المكسب والراحة على ما ذكرنا . وربما احتمل التفسير له والأولاد ولأمواله وألزامه ولمن هو شريك معهم في الفائدة فافهم ذلك . [ فصل : 11 ] الفصل الحادي عشر
[ 17 ] واعتبر الاشتقاق في الأسماء . فإن السوسة : تدل على السوء ،
____________________
(1/160)
والسيئة . وكما أن الرياحين إذا أكلها العالم : دل على الرياء ، وتدل للمريض : على الخير . ومن هو خائف ، ورأى النارنج ، قيل له : النار ، فاطلب النجاة لنفسك . والنمام : يدل على النميمة . ومن طلب حاجة ، ورأى الياسمين : دل على الإياس ، والمين الذي هو الكذب . والفرجية : تدل على الفرج ، والرجية . ورؤية الفرج ، لمن هو في شدة : فرح ، وسرور . كما أن لبس الحصير ، أو الجلوس عليها ، لمن لا يليق به ذلك ، وأكل الحصرم ، فذلك وشبهه : دال على الحسرة ، والحصر ، والحصار ، ونحو ذلك .
____________________
(1/161)
قال المصنف ربما أخفى الله تعالى الحكم مضمراً في الاشتقاق . وهو من أصول الرؤيا . فتارة تأخذ جميع الكلمة كمن معه عصا وهو يؤذي الناس
____________________
(1/162)(1/16)
بها بغير حق ، فتقول : هذا رجل عاصي لكونه عصى بإساءته بغير حق . وكمريض قدمت له دواة ، فتقول : جاءته العافية . لأن دواءه قد جاءه . وتارة يكون الاشتقاق من بعض الكلمة . كما قال لي إنسان كأنه وقع على عيني غمامة بيضاء . فقلت : يقع بعينيك عماءُ ، وربما يكون من بياض . فكان كما قلت . لأن الغمامة بعضها عما وأسقطنا الباقي . وربما كان في الكلمة اشتقاقان . كفرجية فتقول : فرج من شدة ، وأمر ترجوه يحصل لك على قدر الفرجية ، على ما يليق به . وتارة يكون بالتصحيف كما قال شخص ظاهره ردي رأيت أنني سرقت برغيف ، وأكلته في فرد لقمة ، حتى كدت أموت . فقلت له : يحصل لك
____________________
(1/163)
نكد لأجل سرقة فكان كما قلت . [ فصل : 12 ] الفصل الثاني عشر
[ 18 ] واعتبر المعكوس ، كاللوز للمتولي ، أو لمن هو في شدة : زوال ، لأن عكسه زول . كما أن نجم : مجن . ودرهم : هم درّ . وقباء : أبق . وكما قال لي إنسان : وقع على رجلي عسل فأحرقها ، فقلت له :
____________________
(1/164)(1/17)
تتلف رجلك بلسع . وكما قال آخر : رأيت كأني آكل لحماً من خمر ، وأنا في غاية ما يكون من الجوع ، فقلت له : تحتاج فتأكل لحم رخم . وكما قال آخر : رأيت كأنني وقعت في الجب المعمول للسبح ، فقلت له : ربما تقع في جب حبس . وكما قال آخر : كأنني اشتريت دلواً ، فقلت له : ترزق ولداً . فكان الجميع كما قلت . بحمد الله تعالى . وعلى هذا فقس . قال المصنف : قد ذكرنا الاشتقاق من أول الكلمة إلى أن ذكرنا في هذا الفصل عكساً من آخر الكلمة بالكتابة إلى أولها . كما قال لي إنسا : رأيت كأن قطعة ليف من ليف النخل قد / أدمت يدي ، قلت له : نخشى عليك من الفيل . فما مضى قليل حتى ضربه الفيل ضربة كاد يهلك منها . ورأى آخر كأنه يجمع حبراً من بحر في وعاء ، فقلت له : يحصل لك ربح من جليل القدر ، وربما يكون يعرف الكتابة . وقال آخر : رأيت كأني أودع أقواماً ، وهم الآن غياب ، قلت له : أبشر قد قرب مجيأهم . لأن عكس الوداع عادوا . فذكر أنهم وصلوا عقيب ما ذكرته . فافهم جميع ما ذكرت في الاشتقاق طرداً وعكساً موقفاً إن شاء الله تعالى . [ فصل : 13 ] الفصل الثالث عشر
[ 19 ] وأما المعكوس الخفي . فإن البحر يدل على النار ، والنار : تدل على البحر . والحجامة : كتابة ، والكتابة : حجامة . والمشتري : بائع ، والبائع : مشتري . فعلى هذا إذا رأى الإنسان كأنه دخل النار : ربما سبح في البحر ، فإن احترق : غرق ، فإن مشى على الصراط : ركب في مركب . كما قال لي
____________________
(1/165)(1/18)
إنسان : رأيت كأن رجلي تلفت بماء البحر ، فقلت له : نخشى عليها حريق . فكان كما قلت . ورأى آخر كأنه يحتجم ، فقلت له : يكتب مكتوب لأجل مال . وكما قال آخر : رأيت كأني أكتب على بدني ، فقلت : تحتجم . فكان كما ذكرت . وأما المشتري : بائع ، والبائع : مشتري ، فهو لما خرج من يده ودخل إليها . قال المصنف : لما أن دل البحر على الجليل القدر ودل على الرجل النافع وكذلك النار ودل على قاطع الطريق والمؤذي وكذلك النار وعلى العالم وكذلك النار وما أشبههما ، قام كل واحد مقام الآخر في الحكم . فإذا رأى أحد أن البحر آذاه أو أغرقه وكان الرائي في مكان لا بحر فيه كأكثر أرض الشام والحجاز ونحو ذلك تكلمنا عليه بحسب ما يليق به ، ثم نقول وربما يحترق لك شيء . لأنه لما عدم ذلك البحر قامت النار مقامه لكونها عامة في موضع عدم فيع الماء لما ذكرنا من إشتراكهما في تلك الأحكام . ولأن الحجام يمسك بأنامله ويجعله سطوراً ويبقى الدم يجري كالمداد فأشبه الكتاب في ذلك ، فقام كل واحد منهما مقام الآخر . فهو معكوس في الحكم ، وهو خفي لقلة استعمال الناس له ، بل لعدم معرفة أكثرهم له . فافهم ذلك إن شاء الله تعالى .
____________________
(1/166)
[ فصل : 14 ] الفصل الرابع عشر(1/19)
[ 20 ] من رأى رب صنعة ، أو شيئاً من عدته ، عبر إلى عنده ، أو خالطه : احتاج إليه ، أو إلى مثله ، لأمر ينزل به . كمن يرى أن عنده فقيهاً ، أو كتاب فقه : ربما تعلم ، أو احتاج إلى فتوى ، أو حكومة ، أو عقد نكاح . وكالطبيب ، للمريض : عافية ، وللمتعافي : مرض ، يحتاج فيه إلى طبيب . وكالبيطار : يحتاج إلى تداري أرباب الجهل ، أو يقع ببعض دوابه ما يحتاج فيه إلى البيطار . وكالجرائحي أو بعض عدته : ربما نزل به ألم يحتاج إليه . وكالمجبر : يحتاج إليه في كسر ينزل به . كما حكى جالينوس أن إنساناً رأى فاصداً ، يفصده في العرق ، الذي بين الخنصر والبنصر من الرجل اليسرى ، فقال له الرائي : لم فعلت هذا . قال : لأنه ينفع الورم الذي بين الحجاب والكبد . قال فما مضى على الرائي قليل إلا وقع به ذلك المرض ، وعجز الأطباء عن مداواته . فلما ذكر المنام وافتصد بريء .
____________________
(1/167)
هذا بشارة بعافية من مرض شديد لم يكن حدث بعد ولم تكن الأطباء تعرفه قبل فكشف الله تعالى له ذلك في المنام . والمنام الثاني بشارة بخير تفيده من غير إنذار بشدة ولا ألم يقع فإذا ورد عليك المنام فاعتبر الأحوال كما ذكرناها موقفاً إن شاء الله .
[ 21 ] ورأى آخر أنه أعطي حديدة لشق الأرض كالسكة : فصار زراعاً ، وأفاد من ذلك . وآخر رأى أن كحالاً عبر عنده فضاعت مكحلته : أنه وقع بعينه رمد فذهبت عينه . لأنه لما ضاعت مكحلته التي تبرأ العين منها ، كان دليلاً على تلاف عينه . وكمريض رأى كنفاً ، أو مغسلاً ، عبر إلى عنده : فمات . وعلى هذا فقس . / قال المصنف : لما أن عرف الصانع لما يعمله من الصنعة بالعدة
____________________
(1/168)(1/20)
المذكورة وصارت علامة عليه وعلى صنعته دل وجود ذلك في المنام على حادث يحدث للرائي إن كان غير محتاج إلى ذلك في اليقظة ، فإن كان الصانع يعمل الصنعة بشرطها أو العدة مليحة دل على حسن العاقبة ، وإن كان رأى ذلك محتاجاً إلى مثله في اليقظة دل على بلوغه مراده وعلى سرعة زوال شدته ، وإن كانت العدة أو الصنائع ردياً دل على تأخير ذلك لعدم حسن ما يحتاج إليه في مثله . والله تعالى أعلم .
[ 22 ] قد ذكرنا الفصول المقصودة قبل الأبواب ، ونحن الآن
____________________
(1/169)
صفحة فارغة
____________________
(1/170)
صفحة فارغة
____________________
(1/171)
صفحة فارغة
____________________
(1/172)
صفحة فارغة
____________________
(1/173)
صفحة فارغة
____________________
(1/174)
صفحة فارغة
____________________
(1/175)
صفحة فارغة
____________________
(1/176)
نذكر الأبواب إلى آخر الكتاب ، إن شاء الله تعالى . [ باب : 1 ] الباب الأول في رؤية الباري جل وعلا والملائكة والأنبياء عليهم السلام والصديقين والصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين
[ 23 ] رؤيتهم في الصفات الحسنة ، أو إقبالهم على الرائي : دليل على البشارة والخير والرحمة ، ورؤيتهم في الصفات الناقصة : دال على النقص في الرائي . فإذا رأى أحد الباري عز وجل - أو أحد هؤلاء - قد قربه ، أو
____________________
(1/177)(1/21)
أجلسه موضعه ، أو كلمه ، أو وعده بخير : فبشارة له برفع المنزلة . فإن كان يليق به الملك : ملك ، أو الولاية : تولى ، أو القضاء أو التدريس : حصل له ذلك ، أو حكم على أرباب صنعته ، أو تقرب من المملوك ، أو الولادة ، أو القضاة ، أو العلماء ، أو الزهاد ، أو أرباب المناصب . وربما نال خيراً من الحاكم عليه كأحد أبويه ، أو سيده ، أو أستاذه . وإن كان كافراً : أسلم . أو مذنباً : تاب ، أو يقصد أكبر مواضع عبادته . وإن كان مريضاً : مات . وأما من رآهم في صفة ناقصة ، أو تهددوه ، أو أعرضوا عنه : تغير عليه كبيره . كالسلطان ، والحاكم ، والعالم ، والسيد ، والوالد ، والعريف ، ونحوهم . وربما تغير دينه . مجيء الباريء عز وجل إلى المكان المخصوص ، أو تجليه عليه ، وهو في الصفات الحسنة : دال على نصر المظلومين ، وهلاك الظالمين ، وموت المرضى ، لأنه تعالى حق . وربما دل على خراب ذلك الموضع . قال المصنف : - لما أن اختص الله بأمور من جملتها العرش والكرسي واللوح والقلم والملائكة والأنبياء عليهم السلام - ودليل ذلك أنه لم يرد في الأخبار أنه من عمل صالحاً أعطيناه كذا وكذا ملكاً من الملائكة بل اختصوا به سبحانه وتعالى وكذلك الأنبياء مختصون به - فصار حكمهم حكمه سبحانه
____________________
(1/178)(1/22)
وتعالى ولم يرد أن الله تعالى يعطي العرش لأحد ولا الكرسي ولا اللوح ولا القلم . وإذا كان ذلك دل على أنهم إذا أبصروا في المنام جعلناهم أعمال الرائي مما هو فيه من الحال ، وما يصير إليه أمره من خبر الدارين . إلا أنهم في غالب الأحوال ليسوا ذلك المرئي حقيقة بل ضرب الله تعالى مثلاً بذلك من الخير والشر ، ولذلك إذا رأى أحد أنه صار واحداً منهم ما نقول له تصير واحداً منهم بل نعطيه من المناصب على قدر ما يليق به ، فإن كان في صفات حسنة نقول له أنت متول فيك خير على قدر ذلك الحسن ، وإن كان في صفات ردية حذره من ذلك وقل له : ارجع عن كيت وكيت . إذا عرفت ذلك . مثاله أن يقول : رأيت أنني على العرش أو الكرسي وقد أتلفت بعضه برجلي ، تقول له : تخون كبيرك ، فربما يكون بوطيء حرام لأن الرجل محل الوطيء ، وإن أتلفه بيده فتكون الخيانة بالأخذ أو بالضرب أو بمن دلت عليه اليد ، وإن تلفه بفمه كان بكلام أو بما يدل السان عليه ، وكذلك سائر
____________________
(1/179)
الأعضاء . وإن كان ذلك في اللوح أو القلم / ربما كانت في كتبه ، أو علماء يهتدي بهم ، أو كتابه ، أو الأمناء الحافظين لأسرار من دل الباري عز وجل عليه من الكبراء ، ونحو ذلك . فافهم وقس عليه إن شاء الله تعالى . وقد أنكر قوم رؤية الباري عز وجل في المنام وقال إنما هي وساوس وأخلاط لا
____________________
(1/180)
حكم لذلك . وهذا الإمكان ليس بصحيح لأنا جعلنا ذلك أعمالاً للرائي ، ولا
____________________
(1/181)
نكابر الرائي فيما يراه وغلب على ظنه ذلك ، بل نقول ربك عز وجل الحاكم
____________________
(1/182)
عليك فننظر فيمن يحكم فنعطيه من الخير والشر على قدر ما يليق به من شهود الرؤيا ، وكذلك نقول أنه حق سبحانه ، فإن كان في صفات حسنة كنت على حق . وإن كان في صفات ردية ، فأنت على باطل . ونحو
____________________
(1/183)
ذلك .(1/23)
[ 24 ] فصل : وتعتبر الملائكة ، والأنبياء عليم السلام ، بما يليق بهم . فمن صار جبريل ، أو جاء إليه ، أو صار في صفته : دل على مجيء رسول من عند من دل الباري عز وجل عليه . كرسول من سلطان ، أو حاكم ، أو عالم ، أو ولد ، ونحو ذلك . فإن كان في صفة حسنة : فرسول بخير ، وإلا فلا . وإن
____________________
(1/184)
صاحبه : صاحب إنساناً كذلك . وإن صار في صفته : ربما ترسل لمن دل الباري عليه . قال المصنف : جبريل ' جبر ' : عبد ، و ' إيل ' هو الله تعالى ، بلسان
____________________
(1/185)
السندي الأول وقيل بلسان آدم عليه السلام . ولما كان متولي الوحي من الله تعالى ورسوله إلى الأنبياء عليهم السلام دل على ما ذكرنا من أحكامه . فقس عليه موقفاً إن شاء الله تعالى .
[ 25 ] فصل : ميكائيل عليه السلام : دال على خازن ، أو منفق ، أو متصرف ، في بيت مال من ذل الباري عليه . فمن أتاه في حالة جيدة : نال خيراً ممن ذكرنا ، وإلا فلا . ومن صار في صفته ، أو صاحبه : تولى منصباً يليق به ، أو صاحب إنساناً كذلك . قال المصنف : لما أن كان ميكائيل متولي المياه ومراعاة النبات الذي هو حياة الحيوان ويصرف إلى أرض بما يصلح لها أشبه الخازن والمنفق والمتصرف فاعط لكل إنسان ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني ميكائيل ، قلت له : أنت رجل مغربل ، قال : نعم ، لأن المطر ينزل من السحب كما ينزل من الغربال . ومثله قال آخر ، قلت : أنت قطان تندف القطن ، قال : نعم ، وذلك لأنه يجهز السحب تجري كالقطن المتطاير من الندف ، وصوت قوس الندف كالرعد . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أنك تجهز الجمال ، قال : صحيح ، قال الله تعالى : ( كأنه جمالات صفر )
____________________
(1/186)(1/24)
يعني عن السحب . ومثله قال أخر ، قلت : أنت سقاء ، ومن تحت يدك سقاؤون ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تزرع وتغرس وتسقي ذلك ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على عمل ساقية ، قال : نعم . ومثله قال لي ملك مصر ، قلت : عزمت على أنك تمنع أن يمشي أحد في الطرقات ، قال : صحيح ، لأن المطر الذي من تحت يد ميكائيل يمنع الطرقات . وعلى هذا فقس موقفاً إن شاء الله .
[ 26 ] فصل : عزرائيل عليه السلام : تدل رؤيته على اجتماع الهموم ، وتفريق الجماعات ، وموت المرضى ، وخراب العامر ، وعلى الخوف . قال المصنف : لما أم كان عزرائيل متولي الموت والموتى ، وميتم الأولاد ، ومرمل النسوان ، ومفرق الأحباب ، أوجب ذلك خراب الديار ، فإذا رآه أحد فاعطه ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني ملك الموت ، قلت : أنت رجل جزار ، قال : صحيح ، وذلك لما يفني على يديه من الحيوان . ومثله قال آخر ، قلت : أنت سفاك الدماء وقاطع الطريق ، فتاب عن ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تفرق بين الأصحاب فتب عن ذلك . ومثله قال لي ملك مصر ، قلت تخرب بلاداً كثيرة ، ففتح بعد ذلك بلاداً وأخربها . وعلى هذا فقس / موقفاً إن شاء الله تعالى .
[ 27 ] وإسرافيل عليه السلام : بعكسه ، يدل على عمارة الخراب ، واجتماع المتفرق ، وعافية المريض . فمن صار واحداً منهم ، أو من بقية الملائكة : حصل له من الخير
____________________
(1/187)
والشر ، على قدر ذلك . فافهم .
____________________
(1/188)
قال المصنف : لما كان إسرافيل عكس عزرائيل ، من كونه يحيى الموتى ، ويجمع المفرق ، ويصلح الأجساد ، أعطى ما ذكرنا . وعلى الواسطة الجيدة بين يدي من دل الباري عليه وبين العباد ، بشرط أن يكون في صفة حسنة ، فإذا رآه أحد فأعطه ما يليق به . كما قال إنسان : رأيت أنني صرت إسرافيل ، قلت : أنت تنفخ في الحلاوة التي بالقالب ، فتخرج منها صور
____________________(1/25)
(1/189)
مختلفة ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : أنت مشبب ، قال : نعم ، لكون إسرافيل ينفخ في الصور . ومثله قال آخر ، قلت : أنت طبيب ، لأن النفخة تصلح الأبدان بعد تلافها . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تنبش القبور ، قال : صحيح . ومثله قال لي ملك مصر ، قلت له : الساعة تجمع الخلق لحادث عظيم ، وتخرج أيضاً جماعة من السجون ، فجرى ذلك ، لأن إسرافيل ينفخ فيجمع الناس ، ويخرج من القبور . وعلى هذا فقس موقفاً إن شاء الله تعالى .
[ 28 ] فصل : كل نبي اعتبر ما جرى له ، وأعط حكمه للرائي . فمن
____________________
(1/190)
صار آدم ، أو في صفته ، أو صاحبه : انتصر عليه عدوه ، وأزاله من منصبه ، وربما خرج من مكان إلى آخر ، ويرزق أولاداً ، ويحصل له نكد من جهتهم . فإن أبصره ناقص الحال : ربما نقص حال كبيرة الحاكم عليه ، أو تغيرت
____________________
(1/191)
مكاسبه ، أو صنعته . وإن كان في حال حسن : عاد خيره عليه ، أو على من ذكرنا . قال المصنف : من صار آدم تولى منصباً مما يليق به ، فربما يكون هو أول من تولاه . وأعط كل إنسان ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت آدم ، قلت : تسافر إلى الهند . ومثله قال آخر ، قلت : يقع في حقك نكد لأجل ثمرة أو زرع ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : تفارق زوجتك أو جاريتك ، لكون آدم فارق حوى . ومثله قال آخر ، قلت : تؤخذ ثيابك ، لأن آدم أخرج من الجنة . ومثله قال لي ملك مصر ، قلت : تعمر بلاداً جدداً ، وذلك لأن آدم لما أراد أن يحج كلما وطيء مكاناً صار بلداً . ومثله قال آخر ، قلت : في فؤادك ألم ، قال : نعم ، لأن آدم تألم من الجوع والعطش . ومثله قال آخر ، قلت : ما لك نسب معروف ، لأن آدم كان من تراب مختلف . والله أعلم .(1/26)
[ 29 ] فصل : من صار إدريس عليه السلام ، أو في صفته : كثر علمه ، أو تقرب من الأكابر ، ونال المنازل العالية . ومن صاحبه : صاحب إنساناً كذلك . وإن رآه ناقص الحال : عاد نقصه إلى الرائي . قال المصنف : إدريس كان ينسب إلى علم الرمل ، و دعى أن يخفف الله تعالى عن حامل الشمس ، وصعد إلى السماء ، ومات ثم عاش ، فأعط لرائي ذلك ما يليق به . كما قال إنسان : رأيت أنني صرت إدريس ، قلت : تمرض ،
____________________
(1/192)
وبالحمام تتعافى ، لكون إدريس عبر النار وخرج . ومثله قال آخر ، قلت : تسكن في بستان ، قال : نعم ، لكون إدريس سكن الجنة ، ومثله قال آخر ، قلت : تعرف شيئاً من النجامة . ومثله قال آخر ، قلت : تعاشر أرباب النيران ، لكونه صاحب حامل الشمس . ومثله قال آخر ، قلت : تعبر أمكان غريبة ، لكونه طلع السموات . ومثله قال آخر ، قلت : تشفع لصديق لم ويسمع منك ، لكون إدريس دعى لصاحب الشمس . ومثله قال آخر : رأيت أنني قتلت إدريس ، قلت : تتكلم في عرض رجل / صالح أو عالم ، أو تؤذيه . ومثله قال آخر ، غير أنه قال : كان في صفة دونه ، قلت : تنتصر على رجل يعرف النجامة أو الكتابة ، ويكون الحق معك . فقس على هذا موقفاً إن شاء الله تعالى .
[ 30 ] فصل : من صار من الأصحاء نوحاً عليه السلام ، أو صاحبه : طال عمره ، وربح في الخشب ، والشجر ، وما يعمل منه ، ونجا هو وأهل بيته ، أو رعيته من الشدائد ، وانتصر على أعدائه ، أو صاحب إنساناً كذلك . وربما دل على موت المريض . قال المصنف : أعط لرائي نوح ما يليق به . كما قال إنسان : رأيت كأنني صرت نوحاً ، قلت : أنت نجار ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تبيع الحيوان أو الطيور ، قال : نعم ، لكون نوح جمع الناس في السفينة
____________________
(1/193)(1/27)
والحيوان . ومثله قال آخر ، قلت : أنت حاكم على مركب . ومثله قال آخر ، قلت : مات لك ولد ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : حصل لك نكد من نجار ، قال : نعم ، قلت : وربما كان أحدب ، قال : صحيح ، وذلك لأن نوحاً مر عليه نجار أحدب أعرج فضربه بعصاه . ومثله قال آخر ، قلت : تعرف تخبز في التنور ، قال : نعم ، ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعاشر أرباب النوح واللطم والملاهي ، قال : نعم . ومثله قال إنسان : رأيت أنني صرت نوحاً ، قلت : لك دكان تبيع فيها الحبوب ، قال : نعم ، لأن نوحاً جمع الحبوب في السفينة . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تلعب بالحمام ، لأن الحمامة أرسلها نوح . ومثله قال آخر ، قلت : يطول عمرك . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تضحك الناس ، لأن قومه كانوا يضحكون منه . ومثله قال آخر ، قلت : يعيش لك ثلاثة أولاد ذكور . ونحو ذلك فقس عليه ، والله أعلم .
[ 31 ] فصل : من صار في صفة إبراهيم عليه السلام ، أو صاحبه : دل على البلاء من الأعداء ، لكن ينصر عليهم . وربما يلي ولاية ، أو إمامة ، ويكون عادلاً في ذلك . أو يصاحب إنساناً كذلك . وربما . . . أو ولى على الناس من لهم فيه نفع ، ويرزق أولاداً بعد الإياس منهم ، وربما قدمت عليه رسل الأكابر بالبشارة .
____________________
(1/194)
قال المصنف : اعتبر رؤية إبراهيم . كما قال إنسان : رأيت أنني الخليل قلت : كنت ، لكون الخليل والقمر والشمس . ومثله قال آخر ، قلت : تسافر ، لكون الخليل انتقل من
____________________
(1/195)
إقليم إلى إقليم . ومثله قال آخر ، قلت : تكثر أغنامك ومواشيك ، لأنه عليه السلام كان كثير الأغنام . ومثله قال آخر ، قلت : ترزق ذرية لهم المناصب . ومثله قال آخر ، قلت : تخالف والديك . ومثله قال آخر ، قلت : تأخذ امرأة على زوجتك ، وربما تكون جارية ، فجرى ذلك كله . ولله الحمد .(1/28)
[ 32 ] فصل : من صار في صفة يعقوب عليه السلام ، أو صاحبه : نال هموماً ، وفارق أحبته ويرجع يجتمع بهم ، ويتنكد من أولاده أو أقاربه .
____________________
(1/196)
وربما ينزل ببصره آفة ، أو في رأسه . لكن ربما عوفي بعد ذلك . قال المصنف : اعتبر يعقوب . كما قال إنسان : رأيت أنني صر يعقوب ، قلت : هربت ، قال : نعم ، لأن يعقوب كان هرب من أخيه العيص . ومثله قال آخر ، قلت : ترمد وتخشى على بصرك ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت غاب لك ولد ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : تزوجت أو تسريت بأختين ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : طلبت امرأة وغدروا بك ، قال : نعم ، لأن يعقوب طلب من خاله البنت الصغرى على أحل من الرعي ، فلما فرغ قال : ما نزوج الصغرى والكبرى حاضرة ، / فزاده أجلاً آخر ، وأخذ الأختين . ومثله قال آخر ، قلت : أنت صياد ، قال : نعم ، لأنه عليه السلام كان يصطاد فافهم ذلك .
[ 33 ] وأما من صار في صفة يوسف عليه السلام : خشي عليه الأسر ، أو السجن ثم يخلص . وإن كان يليق به الملك : ملك ، أو يتولى ولاية تليق به . ويفارق أهله وأقاربه ، لنكد يقع بينهم ، ثم يجتمع بهم . ويتهم بامرأة ويكون منها برياً . وربما رزق معرفة علم المنامات ، أو التواريخ . فإن حصل له الملك ، وقع في أيامه غلاء عظيم .
____________________
(1/197)(1/29)
قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت يوسف ، قلت : اتهمت بسرقة ، قال : نعم ، لأنه عليه السلام اتهمه إخوته بالسرقة في حكاية جرت له مع جدته لما طلب يعقوب أخذه منها يطول ذكرها . ومثله قال آخر ، قلت : سيرت دواء أو كحلاً لمريض ، قال : نعم ، لأنه بعث قميصه ليتعافى أبوه . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تدعي معرفة كلام الجن أو الشعبثة ، لأن يوسف نقر على الكيل وقال : أخبرني أنكم تعلموا كيت وكيت . ومثله قال آخر ، قلت : أنت ضامن الكيل ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : تحضر على قطع أيد أو أرجل ، لأنه حضر قطع النسوة أيديهن . ومثله قال آخر ، قلت : يتكلم في عرضك . ومثله قال آخر ، قلت : يعتذر إليك أعداؤك وتصفح عنهم ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : تقع في خصومة وتقطع ثيابك عليك . ومثله قال آخر ، قلت : يقال عنك أنك مت أو قتلت ولا يكون ذلك صحيح . فافهم ذلك موفقاً .
[ 34 ] فصل : من صار في صفة داود ، أو سليمان عليهما السلام : ملك ، أو تولى ولاية تليق به ، وحصل له نكد من جهة امرأة ، ويرزق العلم والعبادة ، وينتصر على أعدائه بعد ظفرهم به ، وتذلل له الأمور الصعاب . ومن
____________________
(1/198)(1/30)
صاحبهم : صاحب من دلوا عليه . قال المصنف : اعتبر داود وسليمان بما يليق للرائي . كما قال إنسان : رأيت كأنني داود ، قلت : أنت حداد ، قال : نعم . ومثلاه قال آخر ، قلت : أنت تعمل العدد . ومثله قالت امرأة : أنني صرت داود فتعجبت من ذلك ، قلت لها : أنت امرأة تعملين النقش للنساء ، قالت : صحيح ، وذلك لأن داود يعمل الزرد الذي هو شبه النقش . ومثله قال آخر ، قلت : يجري لك نكد لأجل امرأة ، ومثله قال آخر ، قلت : تضرب بالمنجنيق أو بالمقلاع ، قال : صحيح ، وذلك لأن داود كان يرمي بالمقلاع . وأما سليمان ؛ فقال لي إنسان : رأيت كأنني سليمان ، قلت : أنت لك مركب ، قال : نعم ، لأن سليمان كان يسير في الهواء . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تحكم على عمالين ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعرف بلغات كثيرة ، لأن سليمان كان يعرف بلغات الحيوانات . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تلعب بالطيور ، قال : نعم ، لأن سليمان كان يرسل الطيور . ومثله قال آخر ، قلت : تتزوج بامرأة جميلة . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تجمع الجان وتعمل شعبثة ، قال : نعم . فافهم ذلك .
[ 35 ] فصل : موسى عليه السلام : من صاحبه ، أو صار في صفته ،
____________________
(1/199)(1/31)
أو ملك عصاه ، أو لبس بعض ثيابه : إرتفع قدره ، وانتصر على أعدائه ، وربما اتهم بتهمة ، وأخرج من بلده لأجل التهمة . وإن كان الرائي ملكاً : طلب بلاد عدوه ، وقاتلهم فيها ، وافتتحها ، وأخذ سبيها . وإن كان متولياً : قهر أرباب صنعته ، ويعاشر العلماء والزهاد ، وربما إجتمع بمن دل الباري عز وجل عليه ، لكون موسى كلم الله تعالى ، وربما كان في فمه أو رأسه عيب . قال المصنف / : من صار في صفة موسى ؛ كما قال إنسان ذلك ، قلت : هربت لأجل تهمة ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تلعب بالزجاج على يديك ، قال : نعم ، لأن موسى كانت تضيء يده كالشمس في بعض الأوقات . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تلعب بالحيات ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت ساحر ومشعبث . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعمل السيمياء . ومثله قال آخر ، قلت : كأن معك كتب من جليل القدر أو ألواح تكسرت ، أو عدم ذلك ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : أنت راعي ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : سلمت تغرق مرة ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : هربت من حية ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت :
____________________
(1/200)
تربيت في بيت جليل القدر وكانت امرأة عندك تحسن إليك ، قال : صحيح . وربما مرض رائي موسى بالحرارة ، لأنه لما وضعته أمه طلبه الذباحون ليقتلوه فألقته أمه في التنور وكان موقوداً ناراً ولم تشعر به حين رمته من الخوف فلما لم يره الذباحون انصرفوا فسمعت أمه بكاءه في التنور فقالت : وا ولداه ، ونظرت في التنور فإذا هو سالم ، يشرب من إحدى أصبعيه لبناً والأخرى عسلاً ، فسبحان الله الذي يقدر على كل شيء .(1/32)
[ 36 ] فصل : أيوب عليه السلام : تدل رؤيته ، أو لبس ثيابه على البلاء ، وفراق الأحبة ، وكثرة المرض ، ثم يزول ذلك جميعه . ويكون ممدوحاً عند الأكابر . قال المصنف : وتدل رؤية أيوب على أنه يكون كريماً ، وربما جرت آفة على دوابه أو يموت له أولاد ثم يعوض عليه ذلك ، ويقع بينه وبين زوجته نكد ثم يصطلحان والظاهر أنه يكون ظالماً عليها ، وإن كان قد ترك عبادة أو ديناً أو خيراً كان يفعله عاد إليه لأنه عليه السلام كان أواباً ، وآب إذا رجع وتاب . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .
[ 37 ] فصل : من صار عيسى عليه السلام ، أو لبس بعض ثيابه ، أو اتصف بصفة من صفاته : إن كان متولياً أو مخاصماً : انتصر . وإن كان صاحب صنعة : قهر في صنعته أربابها ، خصوصاً إن كان طبيباً ، ويكون
____________________
(1/201)
كثير الأسفار ، لكونه إنما سمي المسيح لمسحه الأرض بكثرة سفره . ومن عنده حامل : يدل على الولد الذكر . وربما يكون إسمه أحمد ، ويتهم تهمة يكون منها بريئاً . وإن كان الرائي عابداً : كان مجاب الدعوة . قال المصنف : وربما كان رائي عيسى ربي يتيماً أو مات إحدى أبويه ، وكذلك من صار في صفة أمه مريم . وإن كان رائيها امرأة وقع في عرضها كلام ، وربما حملت حملاً مشكوكاً فيه . وإن كان ظاهر رائي ذلك جيداً كان الكلام باطلاً ، وعاشر أرباب الخير ، ولا زم أماكن الخير والعبادة ، لكونها تربت في معبد الناصرة .
[ 38 ] فصل : من صار في صفة أشرف المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم أو صاحبه
____________________
(1/202)
أو لبس بعض ثيابه : إرتفع ذكره ، وتشرف به أهله ومعارفه ، ويكون صالحاً في دينه ودنياه ، وأما إن أعرض عنه أو شتمه أو تغير عنه . حصل للرائي نكد ، وربما كان على أمر مكروه .
____________________
(1/203)
[ 39 ] وكذلك الحكم لسائر الأنبياء عليهم السلام ، وللصديقين ،
____________________
(1/204)(1/33)
والصحابة ، والتابعين ، رضوان الله عليهم أجمعين . من صاحب واحداً
____________________
(1/205)
منهم ، أو صار في صفته ، أو لبس بعض ملبوسه ، فأعطه من أحكامه ما جرى لذلك ، على قدر ما يليق به من الخير والشر . والله تعالى أعلم بالصواب .
____________________
(1/206)
صفحة فارغة
____________________
(1/207)
قال المصنف : رؤية سيد المرسلين عليه السلام ورؤية سائر الأنبياء
____________________
(1/208)
تختلف بالنسبة إلى أحوال الرائي لكونهم لا يرون حقيقة في كل وقت ، فإن الرائي يقول رأيت النبي الفلاني فيفسر على ما اعتقد ، كما إذا قال : رأيت أنه أعمى فيقول : أنت على بدعة وضلالة أعمى عن الحق ونحو ذلك . وربما دل النبي عليه السلام على أمور . كما قال إنسان : رأيت كأني حامل للنبي عليه السلام فوقع من يدي مات ، فقلت له : كان لك مصحف أو كتاب حديث فضاع ، قال : نعم ، قلت : وغفلت عن / صلاتك ، وكان لك ولد فسافر ، قال : نعم ، قلت : وكان معك سراج فوقع تكسر ، فضحك وقال : صحيح ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسمى السراج المنير . ونحو ذلك فقس إن شاء الله تعالى . [ باب : 2 ] الباب الثاني في السماء وما فيها ، وما ينزل منها وما يطلع إليها
[ 40 ] من طلع إلى السموات من المرضى ولم يجمع ينزل منها : مات ، وذلك للأصحاء : دال على الرفعة ودخول دور الأكابر ، ويدل على
____________________
(1/209)(1/34)
الزوجة والدور ، والسفر في البر والبحر ، وعلى كل مكان غريب . فإن أصاب فيهن النور ، أو الملائكة الملاح ، أو وجد رائحة طيبة ، أو مأكولاً مليحاً ، ونحو ذلك : حصل له فائدة وراحة ، إما من دور الأكابر ، أو من الأملاك ، أو من الأسفار ، أو من زوجة ، أو من ولاية يتولاها ، أو من عالم أو من حاكم يحكم عليه . كالأب ، والوصي ، والسيد ، والزوج ، وأمثالهم . وأما إن كان فيهن الظلام ، أو حيات ، أو عقارب ، أو جن ، أو دخان ، أو نار ، أو رائحة ردية : حصل له نكد ممن ذكرنا .
____________________
(1/210)
قال المصنف : دلت السماء على المرض الشديد وعلى الموت لكون الأرواح تطلع إليها ، ولكون الصاعد إليها غاب عن عيون أهل الأ { ض ، ولكونه فارق الأرض ومن عليها فأشبه الميت . والنزول ضد ذلك . ودل على معاشرة الأكابر والرفعة لعلو الطالع ، ولكونها مقر الحاكمين على أهل الأرض المتصرفين - لهم وفيهم - بالمسرة والمضرة . ودلت على الأسفار لأن الطائرات في السماء يرجعن في غالب الأحوال ينزلن إلى الأرض . ودلت على البحار والمياه لأنها معدن الغيوم والأمطار . وربما دلت على معاشرة أرباب النيران ، وتدل على الأماكن الغريبة . كما قال لي إنسان : رأيت أنني طلعت إلى السماء وبقيت أتفرج في كواكبها وما فيها ، قلت له : عبرت إلى دار فيها تصاوير ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تعرف النجامة ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عبرت إلى مكان فيه قناديل وسرج تتفرج ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عبرت تطلب مطلباً فلم تجد شيئاً ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عبرت مكاناً تجري منه المياه ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عبرت بستاناً مزهراً ، قال نعم . فافهم ذلك .
[ 41 ] فصل : الشمس ، والقمر : كل واحد منهما دال على الجليل القدر . كالملوك ، والولاة ، والآباء ، والأزواج ، والأبناء ، والأقارب ، والأموال ،
____________________(1/35)
(1/211)
والأملاك ، والخير ، والمعيشة . فمن رأى أن الشمس عنده ، أو على رأسه ، أو كأنها بحكمه ، أو هي في داره ، أو كأنه يحملها ولم تؤذه بحرها : حصلت له فائدة ممن ذكرنا . فإن كان أعزب تزوج ، وإن كان عنده حامل : رزق ولداً جميلاً ، حسن الصورة . هذا إذا رآها كأنها بالنهار ، ودرت معيشته مما يحتاج إلى الشمس ، كالقصارين والبنائين وأمثالهم ، خصوصاً إن كان ذلك في أيام الشتاء .
____________________
(1/212)
قال المصنف : إنما دل الشمس والقمر على الجليل القدر لعموم انتفاع الناس بهما ولضرر بعضهم منهما ، وعلى المعايش والأملاك لأن انتفاع الناس بهما في الزراعات والنبات في كل وقت ، وربما دلا على الغريمين . كما قال لي إنسان رأيت كأنني بين الشمس والقمر آخذ من هذا وأضعه في الآخر ، قلت : هذا دال على أمور ، أحدها : أن عندك كيسين أحدهما ذهب تصرف منه دراهم والآخر دراهم تصرف منه ذهباً ، فقال : نعم ، الثاني : أنك تسعى في الصلح بين جليلي القدر تحمل كلاماً من أحدهما إلى الآخر ، الثالث : أن رجلاً غنياً له على منكسر دين وأنت تأخذ من المنكسر البعض وتأخذ من الغني المسامحة بالباقي ، وذلك لأن القمر منكسر ما يزال يمتد من نور الشمس وهو تابع لها ، / وقلت له : عندك مكحلتان كحل أصفر والآخر أحمر وأنت تداوي عينيك بذلك ، فقال في الجميع : صحيح ذلك . وقال آخر : رأيت أنني ربطت الشمس والقمر في خيط واحد وأنا أحملهما ، قلت له : تمسك جليلي القدر أشبه بالملوك أو نوابهم ، فما مضى قليل حتى وقع مصاف ومسك أميران ، وقال لي إن أحدهما ابن مالك . ورأى صغير أنه حملهما في خيط وأن أحدهما آذاه ، قلت له : من أين أخذتهما ؟ قال الصغير : كانا في حمام ، قلت له : أخذت سرطانين ، وربطتهما في حبل ، قال : نعم ، قلت : عضك أحدهما ، قال : نعم ، وذلك لأن الشمس تلدغ بحرها والقمر
____________________
(1/213)(1/36)
فيه من الزرقة ما يشابه السرطان . وقال آخر : رأيت كأن ، الشمس والقمر كل واحد في حبل وأنا أبرم حبل هذا مع حبل هذا ، قلت : أنت تسعى في إبرام عقد بين إمرأة حسناء وبين رجل كذلك ، قال : نعم ، قلت : والرجل ربما في إحدى عينيه عيب ، قال : صحيح . ومثله رأى آخر - وكان ظاهره ردياً - ، قلت : أنت تقود بين اثنين ، فقال : استغفر الله تعالى ما بقيت أعود إلى ذلك . فافهم .
[ 42 ] فصل : وأما إن أحرقته أو آذته : حصل له نكد ممن ذكرنا ، خصوصاً في الصيف . وأما إن أحرقت الزراعات ، أو البساتين ، أو آذى الناس حرها : دل ذلك على أمراض ووباء ، أو ظلم من الأكابر ، أو حوائج ، أو غلاء أسعار في المأكول ، ونحو ذلك .
[ 43 ] فصل : فإن كان في السماء شموس ، وهي تؤذي الناس : فأقوام ظلمة ، وأرباب شر . وأما إن نفع ضوأهم : فأرباب عدل ، وربح وراحات ، وربما يكون في الزراعات والثمار وكل ما يحتاج إلى الشمس وكثرة الفائدة والخير . وكذلك القمر إلا أن دولته بالليل ، وهو أنزل منها مرتبة .
____________________
(1/214)(1/37)
قال المصنف : إذا رؤي الشمس والقمر مجتمعين في مكان وكان صاحبه خائفاً أو مريضاً : خشي عليه لقوله تعالى ! ( وجمع الشمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر ) ! ويدل أيضاً على خصام الزوجين والأخوين والولدين والغلامين والجاريتين وعلى مرض العينين ونحو ذلك . واعتبر القمر بأحوال الرائي . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني آكل القمر ، قلت له : أبعث طبقاً أو مرآة وأكلت ثمن ذلك ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : يموت من يعز عليك وتأكل ميراثه ، فمات ولده . وقال آخر : رأيت وجه إنسان صار قمراً ، فقلت : نخشى عليه برص أو طلوع في وجهه ، فقال : جرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأنني وقعت في القمر وأنا في شدة ، قلت له : أترك القمار . ومثله قال آخر ، قلت له : تغرق ، فمات غرقاً . وقال آخر : رأيت كأنني أسبح في قمر وأنا ألتذ بذلك ، قلت له : تغرق . ورأى إنسان أن القمر قد صار له حرارة كحر الشمس ، قلت : يتولى بعض نواب الكبراء منصب من استنابة ، فإن نفع الناس ذلك الحر نالت رعيته به خيراً وإلا فلا . ورأى آخر أن ضوء الشمس صار بارداً وزال ذلك الحر ، قلت : إن كان ذلك في زمن الصيف عدل المتولي ونالت الرعية منه راحة ثم عن قليل يموت ، فمات قاضيهم بعد أن حسنت سيرته ، وقلتك يقع مطر لا نفع فيه ، فوقع المطر وكان في الصيف خلاف العادة .
____________________
(1/215)
[ 44 ] فصل : قتال الشمس مع القمر : دليل على حرب يقع ، وملوك تتقع . فإن كان كأنه في نوم النهار : فالغلب للشمس ، يظهر أهل الحق . وإن كان كأنه في ليل : فالغلب للقمر ، ويظهر أهل الظلم ، لأنه متولي الظلمة ، والظلمة يشتق منها الظلم .(1/38)
[ 45 ] فصل : طلوع الهلال : دال على بارة أو غائب يقدم من تلك الجهة . وهو لمن عليه دين : مطالبات ، وهموم ، ونكد . وربما دل على النكد ، ويدل على خلاص المسجون والمريض . وأما كثرة الأهلة والأقمار : فدليل على الخوارج . فإن كان / ضوؤهم ينفع الناس : فذلك خير ، وراحة . وإلا فلا . قال المصنف : وربما دل كثرة الأهلة في المكان على الفوائد ، كما قال
____________________
(1/216)
لي إنسان : رأيت السلطان يفرق الأهلة على الناس ، قلت : تقع حركة ويفرق القسي على أصحابه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأنني أشرب من الأهلة عسلاً وقد طار منهم هلال وقع على رأسي ، قلت : أنت بيطار يحصل لك فائدة من صنعتك وتضربك دابة بحافرها في رأسك ، فجرى ذلك ، وذلك لأن النعال والحوافر يشبهوا الأهلة . فافهم ذلك .
[ 46 ] فصل : وأما النجوم فكل واحد منهم دال على ما دل الشمس والقمر عليه ويدلوا على العلماء لكونهم يتهدى بهم في البر والبحر ، وربما دلوا على قطاع الطريق والخوارج ، لكونهم لا يظهرون إلا بالليل . فمن رأى أن النجوم جاءت إليه ، أو إلى داره ، أو اجتمعت عنده ، أو كأنه يرعاها ، أو يتحكم فيها ، ولم تؤذه ؛ فإن كان يصلح للملك : ملك ، وإلا تولى ولاية تليق به ، وربما تزوج وجاء الكبراء إلى عنده ، أو يرزق ذرية ، أو أقارب ، أو أصحاب ، أو أموال ، أو عبادة ، أو تلاميذ . ويكون ذلك على قدر كثرتها وقلتها . أو دراهم ، أو دنانير . ونحو ذلك . قال المصنف : وافقه في النجوم . قال رجل : رأيت كأنني صرت
____________________
(1/217)(1/39)
صائغاً وأنا آخذ النجوم وأعبر بهن في بيت النار ، قلت : أنت رجل خباز وأنت تقطع من الأرغفة وتخبأه فتب إلى الله ، فقال : ما بقيت أعود . فافهم ذلك . ولما رأى يوسف عليه السلام الشمس والقمر والنجوم له ساجدين فسره له والده عليه السلام بما فسره . وقسنا علي الأقارب والمعارف والأموال والفوائد والعلوم والتقرب من الأكابر وعلو المنازل ، لأنه قال في تمام تفسيره : ( وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث ويتم نعمته عليك وعلىءال يعقوب ) إلى آخر الآية . ومن ذلك ؛ رأى إنسان كأنه سقط من الثريا نجم ، فقلت له : أنتم سبع أخوة ذكور ، قال نعم ، قلت : يموت واحد منكم ، فمات . ومثله رأى آخر ، قلت : أنت خادم لا أخوة ولا أولاد لك ، لكن عندك سبعمائة درهم أو سبع آلاف يروح سبع ذلك ، فجرى ذلك . وقال آخر أخذت من الثريا نجماً وخبأته ، قلت له : سرقت لؤلؤة من كلانبذ أو من حلقه ، فكان ذلك . ورأى آخر أنه حمل الثريا على عود فسقط منها نجم أتلف شعره ، فقلت : حملت شمعة لها شعب أحرق عمامتك بعض تلك الشعب ، قال : نعم . وقال آخر رأى أنه يسجد لبنات نعش ، قلت : أنت تحب امرأة غسالة للموتى أو بنت غاسلة ، قال : نعم ، قلت وهي تعبر دور الأكابر ، قال : صحيح ، وذلك لأن بنات نعش قريبات من قطب الفلك . وقال آخر :
____________________
(1/218)(1/40)
رأيت أنني ملكت القطب وبنات نعش ، قلت : يصير لك طاحون أو معصرة بحجر ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأنني أدور مع بنات نعش وقد عضني نجم منهن ، قلت : أنت في مكان فيه جماعة يرقصون فحصل لك نكد من أحدهم ، فقال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني صرت من بنات نعش ، قلت له : قد قرب أجلك ، فمات بعد أربعة أيام . وقال آخر : رأيت كأنني آكل بنات نعش ، قلت : ترث جميع أولادك وأقاربك . ومثله قال آخر ، قلت : أنت حمال نعش الموتى ورزقك منه ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : تبيع النعش وتأكل ثمنه . ومثله قال آخر ، قلت : تبيع دواب طاحونك أو معصرتك وتأكل ثمن ذلك . وعلى هذا فقس موفقاً إن شاء الله تعالى . وقائع ملاح في النجوم : رأى إنسان كأنه وضع على عينيه كوكبين وهو ينظر ، قلت : يطلع على عينيك بياض ، فوقع ذلك ، ودليله أن البياض في العين يسمى كوكباً في اللغة . ورأى آخر كأنه يأخذ الكواكب في يده يرمي بهم في العلو ثم يتلقاهم بيده . وتارة بفهمه وتارة / يأكل بعضهم ، قلت : أنت تلعب بقناني الزجاج التي هي شبه الأكر ، قال : نعم ، قلت له : فرأيت كأنك تلعب في ليل لو نهر ، قال : كأنه في ليل ، قلت : تحصل لك فائدة وربح من ذلك ، لأن الكواكب فعلها وضوؤها بالليل بخلاف النهار . ورأى بعض الأكابر كأن على ذراعيه كوكبين تحت الثياب وقد أكلتهما الحرباة ، فقلت له : على يديك جوهر مربوط ، قال : نعم ، قلت : يؤخذ منك في حرب ، فجرى ذلك . ورأى آخر كأنه جالس في وسط الهقعة ، قلت له : تجلس تبيع بميزان ، وكان
____________________
(1/219)(1/41)
صنعته تاجراً فما مضى قليل حتى صار عطاراً ، لأن العامة يسمونها موازين . ورأى آخر كأن بين يديه طبق نجوم وهو يأكل منهن فظهر له من نجم حية فضربته ، قلت : يعمل لك سم في بيض مقلي ، فعمل له ذلك ، ودليله أن البيض المقلي يسمى نجوماً . ورأى آخر أنه قائم بين النجوم فاحترق ثوبه ، قلت له : ضاع لك ثوب وأنت تتفرج في نبات وزهر ، قال : نعم ، ودليله أن النبات يسمى نجماً ، والزهر يشبه النجوم أيضاً . ورأى آخر كأنه جالس على رأس المنازل في السماء ، قلت : تتولى على طريق ، فإن كنت كأنك في ليل أفدت وإلا فلا . ورأى آخر كأنه يدور في القلب على جوهره ، قلت : لك محبوب وقد راح عنك وأنت كل وقت تذكره في قلبك ، قال : صحيح .
[ 47 ] فصل : فأما إن آذت الرائي أو أحرقته أو ضيقت عليه : حصل له نكد ممن ذكرنا أو من غلمان الأكابر ، وإن كان مسافراً أو يطلب سفراً : قطعت عليه الطريق أو يترك بمكانه أمر ردي من آفة وغيرها . فأما إن صار جسمه نجوماً : كثرت عليه ديونه ومطالبات أو يتكلم الناس في عرضه أو يطلع في جسمه دماميل أو جدري أو طلوعات أو مرض ردي .
[ 48 ] فصل : فإن رأى كأنه صار من النجوم : عاشر من دلوا عليه . إما يعاشر الملوك أو الولاة أو العلماء أو الأكابر أو غلمان أولئك أو يعاشر قطاع الطريق أو أرباب الحرس ونحو ذلك على قدر ما يليق به . وأما سقوطها أو ضرابها بعضها في بعض أو طلوعها والشمس طالعة : دال على الحروب والفتن والموت . قال الشاعر : -
____________________
(1/220)
تبدوا كواكبه والشمس طالعة لا النور نور ولا الظلام ظلام .
[ 49 ] فصل : وأما من رأى كأنه يأكل النجوم وطعمها في فهمه طيب : حصلت له فوائد ممن ذكرنا وربما صار منجماً أو حارساً . والكبار من النجوم : أشرف الناس ، والصغار : عوامهم ، والمذكر : ذكور ، والمؤنث : إناث كالزهرة والشعرى وبنات نعش والثريا والهقعة والهنعة ونحوهن .(1/42)
[ 50 ] فصل : وربما دل عطارد على الرجل المعطاء وربما كان يعرف الكتابة ، والمريخ على الأمراء والكبراء وسفاكين الدماء ، والمشتري على
____________________
(1/221)
الأملاك والبيع والشرى والمخازن ، وزحل على الفقر والخسارات والشدائد . وعلى هذا فقس النجوم التي في البروج وغيرها .
[ 51 ] فصل : وأما من رأى أنه يسجد للشمس أو للقمر أو لنجم : خدم من دل عليه ، أو احتاج إليه ، وفسد معه دينه إن كان يعتقد تحريم السجود لذلك . وأما إن رأى كأنه بلع نجماً : اعتقل إنساناً ، وربما أحب من دل النجم عليه . فإن أحرق شيئاً في فؤاده : تنكد ممن ذكرنا وإلا فلا ، فإن أخرجه من فؤاده أخرج المعتقل ، أو ترك محبة من وقع بفؤاده ، أو زال النكد الذي بفؤاده ، والله أعلم . [ باب : 3 ] الباب الثالث في الحوادث في الجو
[ 52 ] الرعود المزعجة أو الأمطار أو الجليد أو البرد المؤذي أو الصواعق المحرقة أو الرياح العظيمة أو البروق الكثيرة أو الغيوم السود
____________________
(1/222)
الوحشة كل منهم دال على الخوف والحوادث العظيمة والأخبار الردية لمن رأى هذا في المنام خصوصاً للمسافرين ، فإن هدمت دوراً أو قلعت أشجاراً ، أو أهلكت شيئاً من الحيوانات النافعة ونحو ذلك فعدو أو أمراض أو وباء أو طاعون أو ظلم من الأكابر / أو جوائح أو غلو أسعار أو أخبار ردية ونحو ذلك لمن أصابه في شيء مما ذكرنا وإن كان رائي ذلك مسافر : ربما قطعت عليه الطريق وربما حصل للرائي نكد من أستاذه أو أحد أبويه أو من معلمه أو بطلت معيشته . قال المصنف : لما أن ذكرنا الآثار العلوية الدائمة كل وقت ذكرنا ما
____________________
(1/223)(1/43)
بين العلوية والسفلية ، وإنما سميناها حوادث لكونها لا ثبات لها ولندرة وقوعها ، وذكرنا ما دلت عليه ، وربما دلت على الحوادث في ابن آدم ، كرجل رأى أن رعداً عظيماً أزعجه وكان في غير أوانه ، قلت : يقع بسمعك صمم ، فجرى ذلك . ورأى آخر كأنه تحت مطر عظيم وهو مكشوف الرأس ، قلت له : يقع برأسك نزلة عظيمة ، فجرى ذلك . ورأى آخر كأنه برداً وقع عليه وانغرز بجسمه ورأسه ، قلت : يطلع في يديك ورأسك دماميل أو جدري ، فوقع ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على السفر مع العسكر ، قال : نعم ، قلت : تقع فيك سهاك أو حجارة أو جراحات ، فوقع ذلك ، ورأى إنسان كأنه قد صار صاعقة ، فقلت له : أحرقت شيئاً أم لا ، قال : أحرقت شجرة زيتون ، قلت له : جرى منك أمور : أحدها أنك تكلمت في عرض امرأة طيبة الأصل ، قال : نعم ، وقلت له : كنت غائباً عن بلد فيه زيتون قدمت عليه واشتريت ملكاً ، قال : تعن ، وذلك لأن الصاعقة تسكن في المكان الذي تقع فيه . ورأى آخر أن ريحاً دخلت في فمه حتى كادت تخرسه عن النطق ، قلت له : نخشى عليك من ريح القولنج ، فكان ذلك . ومثله رأى آخر ، قلت : نخشى عليك أن يطلع في عنقك ريح ، فجرى ذلك . ورأى آخر كأنه يغزل من الغيوم السود غزلاً مليحاً ، قلت : تحب امرأة سوداء وتغازلها بالأشعار ، قال : صحيح . ومثله رأت امرأة ، قلت : أنت ماشطة ، قالت : نعم ، قلت : تجمعي مالاً على قدر ما كان على المغزل ، فكان كذلك .
[ 53 ] فصل : وعلى رأي اليونانيين من أحرقته الصاعقة إن كان فقيراً استغنى ، وإن كان غنياً افتقر ، وإن كان خائفاً أمن ، وغن كان آمناً خاف ، وإن كان عبداً عتق ، وإن كان حراً أسر أو حبس ، وإن كان مريضاً عوفي ، وإن كان سليماً مرض ، ونحو ذلك .
____________________
(1/224)(1/44)
قال المصنف : إنما قال اليونانيون ذلك لكون أن رائي ذلك يعدم بخلاف الميت فإن جسمه باق ، وضد الأمن الخوف ، وضد الفقر الغنى ، وضد الحياة الموت ، فإذا عدم في المنام بالصاعقة أو النار ذهب ما كان فيه فدل على ما ذكرنا ، بخلاف الميت فإن جسمه باق في الوجود وتصرف الأصحاب والأعداء فيه نافذ من تغسيله وتكفينه ودفنه ونحو ذلك ، والمحرق بخلاف ذلك .
[ 54 ] فصل : وأما الغيوم الملاح أو الرياح الطيبة والنور والأمطار المفيدة والثلوج في أماكن نفعها فدليل على الفوائد لمن ينتفع بها في المنام ، وعلى الخصب والراحة ، وعلى عدل الأكابر ، والأخبار الطيبة ، والفائدة ممن دلت السماء عليه . قال المصنف : إذا كانت الغيوم وغيرها على العادة فلا كلام ، وإنما الكلام إذا أكل الغيوم وطعمها طيب ، دل على أمور منها : أنه يفيد من الأكابر ومن المسافرين ومن الزراعات والمياه ونحو ذلك . فأما إذا وضعه موضعاً لا
____________________
(1/225)
يليق ، كما رأى رجل أنه أخذ سحابة وجعلها بين ثيابه ، قلت له : سرقت كيساً أو شقة من جليل القدر وخفت أن يظهر عليك فأعطيت ذلك لامرأة ، قال : نعم ، لأن السحاب أشبه شيء بما ذكرنا . وقال آخر رأيت أنني أبيع الغيوم ، قلت : أنت تبيع السفنج ، قال : نعم . لأن السفنجة تسمى غيمة . ومثله قال آخر ، قلتك أنت تبيع القطن ، قال : نعم .
[ 55 ] فصل : من طار أو سار في السحب أو في الرياح فإن كان بجناح أو هو جالس على شيء يمسكه فهو سفر / فيه راحة وعاقبته سليمة ، وهو بلا جناح ولا شيء يمسكه : قليل نكد أو تعب .
____________________
(1/226)(1/45)
قال المصنف : إنما كان الطيران ردياً إذا لم يكن على شيء يمسكه ، لأن الريح والسحاب ليسا بجسم فالراكب على خطر . كما قال إنسان : رأيت أنني راكب على سحابة وقد تزلزلت فوقعت في وسطها ، قلت : اسمك سليمان ، قال نعم ، قلت عزمت على سفر في بحر ويخشى عليك الغرق وتنجوا وتقع من أعلى المركب إلى آخرها ، فجرى ذلك .
[ 56 ] فصل : إن نزل من السماء سمن أو عسل أو دقيق أو خبز أو شيء مما فيه نفع : فرزق ورخص وفوائد وتجارات قادمة فيها نفع ، ويدل على عدل الأكابر . كما أنها إذا نزل منها بق أو براغيث أو حيات أو عقارب أو حجارة مؤذية أو نار أو دم ونحو ذلك كان دليلاً على الفتن والأمراض من جدري أو برسام أو طاعون أو وباء أو ظلم ممن دلت السماء ليه أو عدو يقدم إلى ذلك المكان ، فإن أتلف شيئاً أو أذى أحداً : خيف على ذلك الموضع ، وربما كانت جوائح تضر بالغلال ، ونحو ذلك .
____________________
(1/227)
صفحة فارغة
____________________
(1/228)
صفحة فارغة
____________________
(1/229)
صفحة فارغة
____________________
(1/230)
صفحة فارغة
____________________
(1/231)
صفحة فارغة
____________________
(1/232)
قال المصنف : قولي فيما تقدم إن نزل من السماء سمن أو عسل أو
____________________
(1/233)(1/46)
دقيق أو خبز أو شيء مما فيه نفع احتراز مما لو أتلف الزراعات أو الأدر أو الملابس أو شيئاً نافعاً صار ردياً . وإذا انتفع الناس بهذه المؤذية دل على الفائدة من حيث لا يحتسب ، وأمن من حيث يخاف ، ويدل على الحاجة أيضاً ، وأوقات الضرورة . كما قال إنسان : رأيت أنني آكل الحيات والعقارب ، قلت : أنت رجل حاوي . ورأى آخر أنه يأكل الموتى ، قلت : أنت تأخذ أكفان الموتى وأنت حفار القبور ، قال : نعم ، لأن وضعه الموتى في فؤاده كالدفن لهم . ورأى آخر أنه يأخذ الموتى يضعهم في فمه من غير أن يبتلعهم ثم يرمي بهم ، قلت : أنت مغسل الموتى ، قال : نعم ، وكان دليله أن الريق في الفم كالماء الذي يغسل به الموتى . فافهم ذلك .
[ 57 ] فصل : فإن طلع إلى السماء عصافير أو نحل أو ذباب فموت يقع في ذلك المكان الذي طلع منه على قدر كثرته وقلته ، أو رحيل يقع في ذلك المكان . وكذلك كل ما كان من الحيوانات النافعة . قال المصنف : دل الطالع إلى السماء على ما ذكرنا لأنها أرواح صعدت إلى محل صعود الأرواح فدل على الموت ودل على الرحيل لنقلهم من الأرض إلى مكان آخر . وقال لي إنسان : رأيت كأن جميع الذباب الذي في بيتي قد طار جملة واحدة ، قلت له : عندك طيور مسجونة ودجاج ، قال : نعم ، قلت : يهرب الجميع أو يموتوا أو يسرقوا ، فذكر أن ولداً له صغيراً فتح أماكنهم فطار الجميع . فافهم ذلك .
[ 58 ] فصل : وأما إن كان ارتفع أقسام الشر كالحيات أو العقارب أو
____________________
(1/234)
الأسود أو الأوزاغ ونحو ذلك دل على هلاك المفسدين ، وراحة أهل ذلك المكان لذهاب الأذى عنهم .(1/47)
[ 59 ] فصل : وأما تفطر السماء أو دورانها فدليل على كثرة البدع والخوف ، وتغيير من دلت السماء عليه . وسقوطها دليل على سفر الأكابر والأولاد والأقارب ، وتغيير المعايش ، ويدل على كثرة الأمطار كما قال الشاعر : ( إذا نزل السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضاباً ) فأما إن سقطت وأهلكت الأدر أو الزراعات أو أتلفت شيئاً أو ضيقت على الناس كان ذلك هماً وغماً ووباءً وجوائح وعدواً وأمراضاً في ذلك المكان الذي سقطت فيه . قال المصنف : وتدل رؤية السماء على متاع الرائي ، وما في بيته ، كما رأى إنسان أن السماء انشقت ، قلت : ينشق سقف بيتك ، فجرى ذلك . ومثله رأى آخر ، قلت : ينفتح رأسك / بضربة ، فجرى ذلك ، وكانت قرينة ذلك أنه رآها قريب رأسه . ورأى آخر أن السماء سقطت من يده وذهبت ، قلت : يقع من يدك إناء زجاج وينكسر ويكون لجليل القدر . ورأى آخر كأنه عريان وقد
____________________
(1/235)
سقطت السماء على رأسه فأحرقت شعره ، قلت : يسقط على رأسك جامة حمام وتفتح رأسك ويجري دمك . ورأى آخر أن السماء سقطت من دار جيرانه في داره فملأتها ، قلت : وقع من دار جيرانكم طبق نحاس أو طاسة ملأ صوتها داركم ، قال : نعم .
[ 60 ] فصل : وأما الحر الشديد أو البرد الشديد فيدلوا على الأمراض والأنكاد ، وبطلان المعايش . وأما مجيء الليل أو الظلمة فيدل على ضيق الصدر ، وربما دل على فراغ الأعمال ، وأمن الخائف ، ومن أراد أن يعمل مستوراً تم له مراده . وأما النهار والنور فيدلوا على الهدى والخير والراحة ، وعلى خلاص المشدودين ، وعلى إظهار المستورين . قال المصنف : ويدل مجيء الليل والظلمة على رمد العين لمن هو
____________________
(1/236)(1/48)
صحيح ، كما أن مجيء النهار والنور لمن هو مريض بوجع العين يدل على قوة مرضه وطوله ، فإن قوي ذلك خشي عليه ذهاب بصره . وكما رأى إنسان أن شخصاً معه زناد وهو يقدح قدام الرائي قدحاً مليحاً يظهر منه نار مليحة ، وكان الرائي قد زال بصره بماء نزل في عينيه ، قلت له : اقدح عينيك فإنك تعافى إن شاء الله تعالى ، ففعل ذلك فعوفي .
[ 61 ] وأما كثرة الشهب إذا لم تؤذي الناس فدليل على صرف الآفات عن الملك ، وحراسته ، وظفره بأعدائه أو بجواسيس ، وعلى حوادث تحدث وتكون العاقبة سليمة . والله أعلم . قال المصنف : إذا رؤيت الشهب في النهار دل على الحروب أيضاً كالنجوم . وإنما دلت على أن الملك أو الكبير بالمكان يظفر بجواسيس لأن الله تعالى جعلها رجوماً للذين يسترقون السمع فهمم كالجواسيس الذين يسترقون الأخبار . وأما حسن العاقبة في الحوادث لأن سقوط الشهب غير مؤذي بخلاف الصواعق . وقال إنسان رأيت أنني خرج من فمي شهاب فعلا على مئذنة ، قلت : يطلع لك مؤذن بين أقوام مبتدعين . فافهم ذلك . [ باب : 4 ] الباب الرابع في الأرض وأشجارها وجبالها وسهلها ووعرها وما يتعلق بها
[ 62 ] الأرض : تدل على الأب والأم والزوجة والمعيشة والقرابة
____________________
(1/237)
والدواب وكل من فيه نفع . فمن ملك أرضاً مليحة أو زرعها : نال فائدة ممن ذكرنا . وأما من زالت الأرض من تحته فارق من ذكرنا . قال المصنف : دلت الأرض على الأبوين لكون الإنسان خلق منها ، وعلى الزوجين لأجل الحرث والوطء كالنكاح ، والنبات منها كالولد ، وعلى المعايش والفوائد لانتفاع الناس والمخلوقات عليها وبها ، وعلى الدواب كذلك ، وتباع كالدواب ، ولمن عبر فيها على السفر فإن كان مريضاً فهو سفر للآخرة ، وإن كان سليماً فهو سفر فيه من الخير والشر على قدر ما وجد فيها ، وربما دل ذلك على الأرض والشجر وضيق النفس فافهم ذلك .(1/49)
[ 63 ] وأما إن صارت حجراً أو حديداً أو خشباً أو شيئاً لا ينبت : دل على تلاف زرعه ، وبطلان معيشته ، أو يأس من حمل زوجته ، وربما مات أحد أبويه أو أقاربه ، أو وقع دوابه عيب ، لكون الأرض صارت في صفة لا تنفع كنفعها غالباً . قال المصنف : إذا صارت حجراً ونحو ذلك مما لا نفع فيه أعطى ما ذكرناه ، وأما إن نفع كرجل حجار رأى أن الأرض صارت حديداً ينتفع به قلت : تتحول صنعتك إلى عمل الحديد أو بيعه وتنتفع منه وتربح ، فجرى / ذلك . وآخر يضرب اللبن قال : رأيت كلما ضربت لبناً يصير خشباً ، قلت : تصير نجاراً أو تتجر في الخشب أو الشجر ، فكر أنه انتقل إلى ذلك وأفاد منه .
____________________
(1/238)
[ 64 ] فصل : وأما إن صارت دخاناً أو ناراً أو حيات أو عقارب أو شوكاً أو طيناً ردياً أو جيفاً أو رائحة ردية ونحو ذلك دل على نكد ، إنما من مرض ، أو خوف ، أو خسارة ، أو عدو ، أو مخاصمة ، أو أموال حرام . قال المصنف : إذا صارت دخاناً أو شيئاً مما ذكرناه فانسب إليه ما يليق به . مثاله إذا جعلته نكداً من دخان فقل من فران أو وقاد أو طباخ ونحو ذلك ، وإن جعلته مرضاً فقل من غلبة السوداء وكذلك من النار إلا أن المرض يكون من الصفراء ، ومن الشوك فقل ممن يتعانى بالأشجار والنبات ، وإن كان شوك سياج فقل من ناطور بستان ، فإن جعلت النكد من طين فقل من بناء أو فاخراني أو صارت لبناً أو حراثاً ونحو ذلك ، وإن جعلت النكد من جيف أو رائحة ردية فقل من لحام أو ممن يكنس المراحيض أو من دباغ ونحو ذلك ، وإن جعلته من دم فقل كذلك أو من حجام أو فاصد أو جرائحي ونحو ذلك . وتقول في المرض من غلبة الدم في مرضك . وربما جعلت في الدم بأن تقول من حرب لما فيه من قتل وجرح وسيلان الدماء ونحو ذلك . وهذا شرح مليح فافهمه موفقاً إن شاء الله تعالى .(1/50)
[ 65 ] فصل : وأما نباتها بالزهر أو الحشيش المليح أو حسنت بالروائح الطيبة أو تفجرت بالأنهار أو المياه النافعة أو صارت خبزاً أو عسلاً أو سمناً
____________________
(1/239)
أو سكراً أو حلاوة أو دقيقاً والرائي أو الناس يأكلون أو يجمعون منها . فأرزاق وفوائد من زراعات أو رخص أو تجائر أو من أب أو أم أو دواب أو أولاد أو من كثرة المعايش والراحات أو من الأمن والعدل ونحو ذلك . قال المصنف : أنسب الرائحة كما تقول في الزهر من رجل فكاه أو عطار وكل من يتعانى بيع الطيب وعمله ، وكذلك في المياه ممن يتعاناها ، وفي الخبز فائدة من خباز أو من مخبز أو ممن يبيع الخبز . وتقول في العسل إن كان من عسل النحل فقل من مسافرين وأرباب البوادي . وإن كلن من قصب السكر فانسب إلى من يتعانى ذلك . وربما دل الشيء على ما يقصد منه كما قال إنسان رأيت أنني أجمع حزماً من زهر قلت لك نحل قال نعم قلت يزيد ونمى ، ودليله قوت النحل من الزهر ومنه يبني بيوته ، فافهم ذلك .
[ 66 ] فصل : وأما معادن الأرض لمن ملكها أو انتفع بها كالذهب والفضة والقار والزفت والحديد والرصاص والزئبق والكبريت : فأرزاق لأرباب المعايش وبلاد للولاة والملوك وعلوم لمن يطلبها وللعابد أسرار وللأعزب زوجة ولمن عنده حامل ولد وتدل على الأخبار المفرحة والإجتماع بالأكابر والعلماء ونحو ذلك . وكذلك الحكم في الدفائن .
____________________
(1/240)(1/51)
قال المصنف : فإذا رأى أنه ملك واحداً من المعادن فأعطه ما يليق به . فتقول لمن ملك الذهب والفضة ربما تصير أمين خزانة جليل القدر ، وتقول لأخر تصير صيرفياً ، وتقول لأخر تصير صائغاً . كما تقول لمن ملك الزفت والقار ستفيد مما يعمل من ذلك كأرباب المراكب . وقال إنسان رأيت أنني أخذت زفتاً من معدنه قلت له أنت جندي ولك فرس مريض وقد وصف لك البيطار مغرفة زفت قال نعم قلت تعافى . وقال آخر رأيت أنني جمعت رصاصاً من معدنه قلت عزمت على عمارة حمام قال نعم قلت فيه راحة ، ودليله أن الحمام يحتاج إلى الرصاص . وقال آخر رأيت أنني حكمت على معدن زئبق وكلما أخذت منه شيئاً ما يثبت في يدي قلت أنت تصاحب إنساناً كثير المحال . وقال صغير رأيت قدامي بركة زئبق قلت يقع / في رأسك أو ثيابك قمل يذهب بالزئبق . ورأى إنسان أنه وقع في كبريت قلت تحترق بالنار فجرى ذلك . ومثله رأى آخر قلت يقع بك جرب تحتاج في مداواته إلى كبريت ، ودليله أنه قال كنت ألتذ بذلك فعلمت أن ذلك لذاذة حك الجرب . وربما دل على ما يتداوى به كرجل رأى أن عنده كبريتاً وقد ضاع منه ، قلت : لك جمل وقد جرب وقد عزمت على مداومته بالكبريت ، قال : نعم ، قلت : يموت الجمل أو يعدم .
____________________
(1/241)
وقال آخر : رأيت الكبريت الذي يوقد منه قد ضاع ، قلت : ينكسر لك سراج أو يعدم . فافهم ذلك .(1/52)
[ 67 ] فصل : من طلب معدناً فوجده حيات أو عقارب أو جيفاً أو روائحاً ردية أو دخاناً أو ناراً فإن جعلناه للملك بلدة كان بلد كفر بلا نفع وربما فتح عليه باب حرب ، وإن جعلناه علوماً كانت بدعاً ، وإن جعلناه تجائر فأموال حرام ، وإن جعلناه عبادة فبواطن ردية ، وإن جعلناه حملاً كان حملاً ردياً ، وإن جعلناه زوجة أو ولداً أو أخباراً كان ذلك كله ردياً . قال المصنف : قد ذكرنا إذا تضرر بانقلاب المعدن حيات ونحو ذلك فأما إن انتفع بما صار إليه مثل إن طلب معدناً فوجده حيات وانتفع بذلك فتقول تترك صحبة جليل القدر وتنال راحة من رجل حاوي أو ممن يعمل الترياق . وتقول في الجيف من رجل لحام أو مشاعلي . وتقول في الدخان من طباخ أو فران ونحو ذلك . وفي النار فأعطه ما دلت النار عليه في موضعه . وإن وجده تراباً من غير جنس الأرض فقل من ملك جديدة أو من سفر أو من رجل غريب أو امرأة كذلك . فافهم ذلك .
[ 68 ] فصل في الأشجار وثمارها : من ملك شجرة أو استظل بظلها أو انتفع بثمرها أو بشيء منها : حصل له فائدة من جليل القدر أو من أحد أبويه أو من زوجه أو ولد أو معلم أو أستاذ أو معيشة أو ملك أو من دابة أو مملوك ونحو ذلك ، وإن كان الرائي أعزب تزوج ، ويكون ذلك على قدر
____________________
(1/242)(1/53)
حسن الشجرة ونفعها وعلوها بين الأشجار ، فإن كانت في إقبال الزمان كانت فائدة من دلت الشجرة عليه قريبة وإن كان في أوان سقوط الورق وبطلان ثمرتها فراحة ذلك بعيدة متأخرة على قدر ما بقي لظهور ثمرتها . قال المصنف : إنما دلت الأشجار على ما ذكرنا وشبهه لوجه الانتفاع ممن ذكرنا فإن الشجرة تراد تارة لثمرها وتارة لورقها وتارة لظلها وتارة لخشبها وتارة لحطبها وتارة للجمال بها وتارة للمجموع وكذلك الذين دلت عليهم ممن ذكرنا فإنهم أهل لوجود النفع على ما يليق أن ينتفع بهم الإنسان في كل وقت بوقته فافهم ذلك . وأوان إقبال كل شجرة بحسبها كما ذكرنا ويكون أيضاً أوان إقبالها على قدر حاجة الرائي إليها في المنام كمن خاف من سبع أو عدو أو سيل أو نار ونحو ذلك فصعد عليها ليتحصن من ذلك فوجدها عالية قوية ثابتة فذلك بلوغ مراد وقضاء حاجة وذهاب هم على يد من دلت الشجرة عليه . ومثله لو رأى كأنه في حر شديد فوجدها ذات ظل مليح وكذلك لأجل مطر وكذلك لو طلبها لأجل ثمرها فوجدها مثمرة مليحة على غرضه وكذلك لو طلبها لأجل الوقود فوجدها يابسة سهلة الكسر ونحو ذلك فعلمنا بذلك كله أن أوان إقبالها ذلك . فافهم .
[ 69 ] فصل : فإن جعلناها ملكاً كانت أوراقها : سلاحه ، وبنوده ، وحسن جيوشه . وثمرها : أمواله . وإن جعلناها عالماً كان ذلك كتبه وعلومه ، وإن جعلناها امرأة كان ذلك جهازها وأولادها ، وإن جعلناها تجارة كان ذلك
____________________
(1/243)(1/54)
أعدلها ، وثمرها : البضاعة ، وإن جعلناه أولاداً أو أقارب كان الأوراق ملابسهم لأن الله تعالى جعل الأوراق سترة للثمرة من الشمس لئلا تحرقها ألا / ترى أن الثمرة البارزة في الشمس يبان أثر الشمس فيها ولا يطيب طعمها غالباً ، وإن جعلناها عابداً كان ورقها تلاميذه أو نوافله . فما أصاب ذلك من خير أو شر نسبناه إلى من ذكرنا . قال المصنف : واعتبر الفائدة والأحوال التي ذكرناها بالنسبة إلى أماكن نبات الأشجار والإقليم كامرأة رأت أنها أخذت جوزة هندية وقد أثقلها حملها قلت ترزقين ولداً يكون أصله من الهند أو ممن يتردد إلى تلك البلاد فجرى ذلك . ومثله رأت أخرى قلت يحصل لك نكد من جارية هندية قالت صحيح . وقال آخر رأيت أن في داري نخلة وعليها تمر صيحاني قلت إنكنت عزباً تزوجت امرأة شريفة وأصلها من الحجاز وإن كنت مزوجاً قدم عليك إنسان من تلك الجهة فذكر المجموع . وذكر آخر أنه كان باليمن فراى بعدن شجرة خيار سنبر وهي عالية قلت قدم بعد ذلك رسول من مصر قال نعم ، ودليله أن الغالب أنه لا ينبت إلا بمصر وكونه رسول لعلو كلمة الرسول . وقال آخر رأيت أنني عبرت داخل شجرة بندق وحولت منها ورقاً مختلف الألوان قلت له ستروح إلى بلاد البندق أو بلاد الروم وتقدم معك ملابس مختلفة الألوان فإن كان الذي أخرجته مليحاً أفدت من ذلك وإلا فلا .
____________________
(1/244)(1/55)
[ 70 ] فصل : فإن كانت الشجرة سهلة التناول كان الذي دلت عليه سهلاً قريب الراحة ، وإن كانت صعبة أو لها شوك أو مرة الثمرة أو تالفة الثمر كان من دلت عليه بخيلاُ أو شرس الخلق أو خبيث المكاسب . قال المصنف : فإن قصد أن يكون لها شوك لينتفع به في تحويط حائط أو ليدفع به ضراراً أو طلب الحنظل للتداوي أو لنفع و طلب حموضة الرمان فوجد ذلك وشبهه على ما قصده كان في هذه الأحوال جيداً يبلغ مراده ويصير ذلك كالرجل الجيد الذي يوجد عنده ما يقصده ، وأما إن وجد ذلك حلواً أو بلا شوك كان ذلك ردياً كما لو خاف أن يكون مراً أو حامضاً فوجده حلواً أو لا شوك له كان ذلك ردياً كما لو خاف أن يكون مراً أو حامضاً فوجده حلواً أو لا شوك له كان من حكم إنصلاح المفسود ووجود الضائع والصلح مع الأعداء والأمن في موضع الخوف ونحو ذلك .
[ 71 ] فصل : وأما من غرس شجرة مليحة لنفع الناس فإن كان الغارس عالماً : صنف كتاباً أو انتفع الناس بعلومه ، وإن كان عابداً : انتفع الناس ببركته ، وإن كان تاجراً : ربما وقف وقفاً . وبالعكس من ذلك لو غرس شجرة ردية أو في مكان يضيق على الناس . قال المصنف : انظر إذا رأى كأنه غرس نبتاً في غير وقت الغراس كان الذي دل عليه قليل الثبات من خير وشر وإن غرسها ومثلها لا يعيش إلا بالسقي فغرسها في أرض لا ماء فيها كان ذلك أيضاً قليل البقاء ونكداً لمن
____________________
(1/245)(1/56)
دل عليه المغروس ، وربما دل على هلاكه . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني أزرع الريحان في تربة لا ماء فيها قلت له : اعتقلت رحلاً قال نعم قلت يخشى عليه الهلاك ودليله عدم بقاء ذلك مع عدم الماء . ومثله رأى آخر قلت له أنت تطلب الولد من امرأة لا يثبت معها . ومثله رأى آخر قلت له أنت توري أنك محسن وأنت مسيء في حق من دل الغراس عليه . ومثله رأى آخر قال كنت أغرسه لتنفع رائحته أرجو أثواب الله قلت تتصدق أو تعبد الله سبحانه بما تعتقد أنه ينفع ولا في ذلك ودليل ذلك كله كونه وضع الشيء في موضع يتلف مثله فيه فأفهم ذلك .
[ 72 ] فصل : وأما من قطع شجرة تنفع الناس : فعل فعلاً يتضرر الناس به ، وإن كانت الشجرة تضرهم فقطعها : أزال شدة عن الناس إما بعزل ظالم أو إزالة مظلمة أو بطلان بدعة ونحو ذلك . قال المصنف : انظر وصف الشجرة المقطوعة واطلب ذلك الوصف وإن كان خفيفاً ، كما قال لي إنسان : رأيت أنني قطعت شجرة زيتون مليحة ، قلت : كان في البلد غيرها ، قال : لا ، / قلت : أنت متول ، قال : نعم ، قلت : سعيت في قطع زيت لمسجد أو كنيسة ، قال : صحيح . وقال مريض رأيت أنني تحت شجرة تفاح أستظل بظلها فقطعتها ، قلت : كانت العافية في شراب التفاح فكيف قطعته ! فعاد إليه ، فعوفي . وقال آخر : رأيت أنني قطعت شجرة عنب كنت أسجد لها في المنام ، قلت : كنت تشرب الخمر وقد تبت منه ،
____________________
(1/246)
قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن حلقي مسدود وأطلب النفس ولم أقدر عليه ، فقطعت شجرة توت وأدخلتها في حلقي فزال ذلك ، قلت : يقع بك خوانيق ولا تبرأ إلا برب التوت فكان ذلك .(1/57)
[ 73 ] فصل : وأما من ملك جماعة من الشجر وكان الرائي متولياً : ملك بلاداً أو جيوشاً أو غلماناً على قدر عددها ، وإن كان عالماً : فعلوم على قدرها ، وهي أعمال للعابد ، وربما كانت أولاداّ أو أقارب أو معارف أو دوراً أو تجائر أو دواب ، وهب لرب المعايش فوائد ، وربما تكون للصعلوك دراهم على قدرها ، فما حدث فيها من صلاح أو فساد في المنام عاد إلى من ذكرنا . قال المصنف : دلت على العموم لحلاوة ما يجده الآكل وشفاء قلبه حتى أن الذي تغلب عليه الصفراء يلتذ بأكل الحامض فهو عنده أحسن من الحلو ، ودلت على أعمال العابد لأن الشجرة منتصبة لذكر الله تعالى لأن سجودها دوران ظلها وتسبيحها صوتها حين تتحرك عند هبوب الرياح . والذي خفي علينا من تمجيدها لله تعالى أعظم مما عرفناه فسبحان الممدوح بكل صوت في كل وقت .
____________________
(1/247)
[ 74 ] فصل في الثمار : الحلو من الثمار وغيره جيد إلا للمريض الذي لا تصلح له الحلاوة ، والحامض ردي إلا لمن تنفعه الحموضة ، وكل ثمرة مجتمعة كالعنب والرطب ونحوه فائدة ورزق هنيء وكل ما كان مفترقاً فرزق أتعب . قال المصنف : إنما دل الحلو على الخير غالباً لكثرة استعمال الناس
____________________
(1/248)
والدواب له ، لأن عموم ما يؤكل ليس بحامض ، ولا يعني إلا ذلك ، وأكثر منه حلاوة . وإنما صار الحامض ردياً لكونه لا يؤكل غالباً إلا بواسطة ، لأنه بمجرده تنفر النفوس منه ويضر الأبدان ، فصار ردياً . وإنما لم يذكر المر والمالح لأن ذلك لا يؤكل إلا أوقات الضرورة لأنا لما علمنا أن الحامض ردياً مع استعمال الناس له عرفنا أن ذلك أولى بالرداة فافهم ذلك .(1/58)
[ 75 ] فصل : كل ما بيننا وبينه حجاب ففيه من الصعوبة على قدر حجابه ، فعلى هذا التين والعنب والإجاص والتفاح والجميز وأمثالهم : رزق لا نكد في أوله ولا آخره ، والحلو من المشمش والخوخ والقراصيا وشبههم : أولها سهل وآخرها تعب والموز والرمان والفستق والجوز واللوز وجوز الهند ونحوهم : فأرزاق أولها تعب وآخرها هنيء ، وبعضها أتعب من بعض على قدر قوة حجابة ، وأما الأترنج فأوله نكد لمرارة أوله ووسطه رزق هني لحلاوته ، وآخره نكد لحموضته .
____________________
(1/249)
قال المصنف : المشمش والخوخ ونحوهما آخره نكد لكونه في آخره النواية التي لا تؤكل غالباً معه ، ويبقى الآكل لذلك يتوقاها خوفاً على أسنانه لئلا تؤذيها ، يخاف أن يغفل يبتلعها فتقف في حلقة فتفضي به إلى الموت وإلى عذابه لصعوبة إزدراده ، فدل على النكد . وكذلك كل ما يشبهها من المآكل حكمه حكمه . ومما يشبه الذي أوله نكد ووسطه هنيء وآخره نكد الرمان ، أوله نكد لمرارة قشره ، ووسطه هنيء لحلاوة حبه ، وآخره نكد لمرارة ما هو نابت فيه . وقد يكون للشيء حجابان كالجوز قشرة الأول حجاب ، والصفاق الذي في قلبه حجاب آخر ، لأنه لا يؤكل هنيئاً إلا بزواله . وقد يكون الشيء أوله هنيئاً ، ووسطه نكداً . وآخره هنيئاً ، كالمشمش اللوزي أوله هنيء ووسطه نكد لنوائه ، وآخره هنيء لحلاوة لبه . ومما يشبه ذلك اللحم والمخ في العظم / أوله هنيء ، ووسطه عظم نكد ، وآخره مخ هنيء . وقال لي إنسان رأيت أنني صرت عظماً وعليً لحم وأنا آكل ذلك ، قلت : أول عمرك رزق ووسطه فقر وآخره رزق إن كان فيه مخ . فافهم .
[ 76 ] فصل : كل ما كان له صوت عند أخذه أو كسره فهو مال بخصام أو من رجل بخيل . قال المصنف : إذا جنى ثمرة من غير جنس أصلها كمن يأخذ التمر من
____________________
(1/250)(1/59)
الكرم ، والجوز من المشمش ، والباذنجان من اللفت ، ونحو ذلك فإن جعلتهم جيوشاً فمن غير جنسه ، ونفع من بلاد من غير جنس نفع ذلك البلد ، وتزويج وولادة من غير النسب . فإن كانت القرائن في المنام ردية كمن يرى ذلك الثمر تالفاً أو وسخاً أو منتناً أو مسوساً ونحو ذلك دل على الحمل والولادة من الزنا ، كما قالت امرأة : رأيت كأن عندي شجرة نخل عليها رطب وعليها عنب أسود ، قلت : فمن أيهما أكلتي ، قالت : من العنب ، قلت : عندكم عبد أسود ، وقد مال قلبكي إليه وحملتي منه ، قالت : بغير اختياري ، قلت : لا تعودي إلى مثل ذلك . وقال آخر : رأيت أنني آكل رماناً من أصله ورماناً آخر نباتاً على جلد خنزير ، قلت : عندك امرأة بنكاح صحيح وامرأة أخرى نصرانية ، قال : نعم ، قلت قد حملتا منك والنصرانية بلا عقد نكاح قال صحيح ذلك .
[ 77 ] فصل : من ملك أو تحكم فيما يجمع شيئاً بعد شيء كالعصفر والمقثاة والباذنجان ونحوهم فإن كان ملكاً فجيوش أو بلاد مترادفة النفع ،
____________________
(1/251)
وذلك للتاجر : تجائر مكسبة ، وللأعزب : زوجة كثيرة الجهاز والنسل ، ولأرباب المعايش : معيشة دارة ، وهي للمريض الذي لا يصلح له الأكل منها : أيام مرض متواصلة ، كل ذلك إذا ملكها أوان إقبالها . وهي في إدبارها : عساكر مولية أو تجارة خاسرة ، أو معيشة بطالة ، أو زوجة فقيرة أو لا نسل لها .
[ 78 ] فصل : وأما حقل الفجل واللفت والخس والجزر والبصل ونحوهم فأرزاق لمن لا تضرهم لكنها غير مترادفة النفع . وهي لمن لا تصلح له من المرضى : أمراض غير متوالية .
[ 79 ] فصل : وأما اليابسة من الثمار كالزبيب والتمر ، والحبوب كالقمح والشعير والأرز والفول والعدس والحمص والجلبان ، ومن السائلات كالشيرج والزيت ونحوهم فأرزاق وفوائد ، وأما التبن والحشيش لمن ملكه أو هو عنده : فأرزاق وأموال ، لكون الدواب يأكلونه فيعود سمناً ولبناً ولحماً وشحماُ وزبلاً ينتفعون به .(1/60)
____________________
(1/252)
[ 80 ] فصل : كل ما دل من الثمار أكله أو ملكه على الرزق أو النكد فقرب تفسير ذلك على قدر قرب مجيء تلك الثمرة وبعدها وعلى هذا يقاس جميع الثمار أو النبات والله أعلم . قال المصنف : إذا أخذ ثمرة من غير جنسها كما ذكرنا فإن كانت أكثر فائدة من ذلك فأرزاق ومعايش دارة ، وربما دل على تحول صنعته إلى ما هي أرفع منها ، كمن يرى أنه يأخذ من أصول التين تمراً أو زبيباً أو رماناً أو نحو ذلك ، وبالعكس من ذلك لو أخذ أدون من ثمرتها أو شيئاً لا ثبات له ، كمن
____________________
(1/253)
يأخذ من أصول الزعفران وردا ًطرياً أو من العصفر ياسميناً ونحو ذلك ، فإنه دال على عدم بقاء المعيشة في التي ينتقل إليها ، وإن دل على الولد كان قصير العمر ، وإن دل على النكد كان سريع الزوال . وأما إذا رأى أنه أخذ السائلات من الجماد أو الحيوان ولم يتلوث به فأرزاق وفوائد وخير ممن دل ذلك عليه ، وإن تلوث أو كان يضره فهو نكد ممن دل عليه ولم يدل ذلك على الزنا ولا الحمل منه . والفرق بينه وبين أخذ الثمار من أولئك لأن السائلات تؤخذ من الحيوانات كاللبن ، والعسل من النحل ، والماء العذب من الحجارة فافهم ذلك .
[ 81 ] فصل في الجبال : من كلك جبلاً أو طلع على رأس جبل : تحكم من جليل القدر ، أو تولى ولاية تليق به ، أو قضيت له حاجة ، وإن كان خائفاً أمن . فإن كان جبلاً مليحاً فيه أشجار نافعة أو عيون مليحة فالرجل المذكور حسن أو ولاية حسنة أو معيشة أو فائدة أو زوج جيد ، وأما إن كان / أقرع أو فيه الحيات أو الوحوش المؤذية فرجل ردي أو ولاية نكدة . قال المصنف : دل الجبل على الجليل القدر لعلوه وإرتفاعه ، ودل
____________________
(1/254)(1/61)
على المنصب والولاية وقضاء الحوائج لكون الطالع قصده أعلى رأسه أو المكان الذي في خاطره وقد نال ذلك ، وإن كان خائفاً أمن لأن فيه أماكن يخفي الهارب فيها أكثر من الأرض المتواطئة ولأ ، الطالب لمن هو في أعلى الجبل يشق عليه إدراكه غالباً للراكب والماشي بخلاف الأرض ، ويدل لأرباب الرياضات على العبادة وحسن الإنفراد ، ولمن يطلب العموم على الإطلاع على الأشياء الغريبة المليحة لأن العالي على الجبل ينظر الأماكن البعيدة ، وربما كان الواقف على الجبل جاسوساً لكونه يكشف البعيد ولا يعلم به غالباً ، وربما دل الصعود على الجبل والأماكن العالية على أمراض تحدث بالرأس أو بالعين خصوصاً إن كان واقفاً على مكان ضيق لأن الصاعد على مثل ذلك يدوخ رأسه ويخيل إليه أن الأرض تدور به ، ونحو ذلك . فافهمه موفقاً إن شاء الله .
[ 82 ] وأما من طلع إلى رأس جبل بطريق سهلة كان ذلك راحة وإن كان مريضاً ربما مات ، وأما إن لم يبلغ رأسه أو طلع طلوعاً مشقاً : طال مرض المريض ، وخوف الخائف ، وتعسرت حاجة المذكور ، ولم يبلغ مراده . قال المصنف : فإن طلع إلى الجبل أو المكان العالي بسلم فانظر من أي شيء السلم من حديد أو من حجر أو خشب أو من حبال أو من نحاس أو من فضة أو من ذهب ونحو ذلك ، وانظر علو الذي رقا إليه بالسلم ، فإن كان عالياً علواً لا يمكن أن يعمل له سلم دل على قضاء الحوائج لكن بغرامة على قدر السلم ، ويدل على تسهيل الأمور من حيث لا يحتسب ، كما قال لي
____________________
(1/255)(1/62)
إنسان : رأيت بقرة وحش على رأس جبل عالي فطلبت أخذها فلم أقدر عليها فنصبت سلماً من ذهب وطلعت أخذتها ، قلت له : كم تقدير عدد درج السلم ، قال : خمسة عشر درجة ، قلت : طلبت تشتري جارية من جليل القدر وقد حصلت ثمنها ألف وخمسمائة درهم ، قال : صحيح ، قلت : تحصل لك ، فجرى ذلك . وقال آخر رأيت كأنني نصبت سلماً إلى السماء من نحاس وأخذت النجوم التي تسمى الذراع ، قلت : أنت تعاشر المناحيس وقد طلعتم إلى دار جليل القدر أو تاجر أو خياط وأخذتم من داره لؤلؤاً أو مصاغاً ، قال : صحيح . وعلى هذا فقس .
[ 83 ] فصل : وأما من هدم جبلاً : سعى في زوال من دل الجبل عليه ، فإن كان جبلاً نافعاً : سعى في زوال من فيه نفع لناس وإلا فلا ، وأما تقاتل الجبال أو مسيرها فدليل على قتال الأكابر أو سفرهم ، , أما ارتفاع الجبل فوق البلد أو فوق الإنسان فدليل على الخوف والشدة .
[ 84 ] فصل : وأما تهدد الجبال أو طيرانها أو حرقها بالنار فدليل على فتن وأمراض تهلك فيها الأكابر . قال المصنف : أنظر ما طير الجبل أو هده فإن كان بثلج أو جليد أو هواء مزعج ونحو ذلك من الأشياء الباردة فأمراض باردة يهلك بها من دل الجبل عليه ، وإن كان من النيران فأمراض حارة ، وكذلك ما يدل على باقي الأخلاط وربما دل هلاكه على يد رجل يتعانى ذلك . مثاله إذا جعلته من رطوبة فقل نكد ممن يتعانى المياه ، ومن الحرارة فممن يتعانى النيران ،
____________________
(1/256)
وكذلك قس باقي الأخلاط على ما ذكرناه موفقا ًإن شاء الله تعالى .
[ 85 ] وأما الجبال المعظمة : - كعرفات والطور ولبنان وقاسيون وطر زيتا وجودي وأمثالهم - فهم دالون على العلماء والزهاد والملوك وأماكن
____________________
(1/257)
العبادة والخير ، فما حدث فيهم من خير أو شر نسبناه إلى عالم أو زاهد أو
____________________
(1/258)(1/63)
كبير أو ملك ذلك البلد . قال المصنف : من صار في المنام كأنه جبل من هذه الجبال نال من العلوم أو عاشر أربابها أو طلع له ولد كذلك ، أو سافر إلى ذلك المكان ، أو اجتمع برجل كذلك من ذلك المكان ، وكذلك لو طلع عليه أو صار الجبل في مكانه أو جاء الجبل إلى عنده حصل له ما ذكرنا . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله .
[ 86 ] والكدي والتلال حكمها حكم الجبال لكنها دونها في الرتبة . قال المصنف : وربما دلت الكدي والتلال والصخور / على قضاء الحوائج أكثر من الجبال ، كرجل طلب حاجة من جبل فرأى كأنه ضعيف أو لا يقدر على الصعود إلى ذلك فطلع إلى كدية أو تل أو حجر ووجد قصده على ذلك دل على بلوغ المراد من الرجل المتواضع القريب من الناس السهل المعاملة الذي لا تتعسر حوائج القاصد إليه بخلاف الجبل في هذه الحال التي ذكرناها ، وإذا كان عادة البلدان يدور حجره بالدواب فرآه يدور بالماء أو بالرياح ونحو ذلك ولم يعبر نفعه ففائدة من حيث لا يحتسب لكونه توفرت
____________________
(1/259)
عليه علوفة الدواب وسقيها ، وأما إن نقصت عملها فنكد ممن دل ذلك عليه ، وإن رآها في صفة لا يثبت مثلها مثل الزجاج وهي تعمل جيداً ففائدة ممن لا يرجى ، وإن لم تعمل صارت ردية ، وأما إذا أكلها وطعمها طيب فهي دالة على الربح والفائدة ويدل أيضاً على أنه ربما باعها وأكل أثمانها ، وإن لم يكن طعمها طيباً دل على ضد ما ذكرنا . فافهم ذلك .
[ 87 ] فصل : وأما الصخور فرجال قساة القلوب فمن ملك حجراً مما فيه نفع كحجارة الطاعون والمعصرة وحجر الماء وأمثالهم ففائدة من جليل القدر كالوالد والسيد والأستاذ والأخ والزوج والوالدة والقرابة والصديق والصنعة ، وربما كان رجلاً كثير الأسفار ، وأما إن حمل حجراً أو وجد منه نكداً : قاسى من قاسي القلب على قدر ما وجد من الخفة أو الثقل .(1/64)
[ 88 ] فصل : وأما الحجارة النافعة كحجارة الحصر والنافع لوجع العين أو الأذن ونحوهم فدالون على الأطباء والعلماء وأصحاب الجاه والراحات والفوائد والمعايش والصنائع المفيدة ، وكذلك سائر الجواهر والرخام ويدلوا على الأموال . قال المصنف : إذا ملك حجراً معروفاً بمنفعة لمرض فإن كان المالك
____________________
(1/260)
له مريضاً بذلك المرض تعافى من ذلك المرض ، وإن كان يضره كان دليلاً على طول مرضه ، وإن كان المالك له صحيحاً فهو إنذار له بمرض يحتاج في مداواته إلى مثل ذلك الحجر المذكور . ودلوا على العلماء لأنهم أطباء الأحكام ، ودلوا على أرباب الجاه لعلوهم في جنسهم ، ودلوا على المعايش والفوائد لكثرة أثمانهم ورغبة الناس في منافعهم وفوائدهم فافهم ذلك . وإنما يدلوا على الأموال والنعم إذا ملكها من مواضع تليق بها ، وأما إذا رأى ذلك في موضع لا يصلح له مثل عملها في العصائب أو العمائم أو الكوافي أو في الحلي أو في السقوف دون الحيطان أعطى النكد ووضع الشيء في غير محله . وكذلك لو رأى الجواهر في الأرجل أو الأراضي أو في أسافل القماش دون موضعه ونحو ذلك دل على ما ذكرنا ، وعلى زوال منصب من دلوا عليه ، فافهم ذلك إن شاء الله .
[ 89 ] فصل : وأما من أكل الحجارة أو الرمل أو التراب أو الخشب ونحوهم فإن صار في فمه طيباً أو عسلاً أو خبزاً ونحو ذلك ولم تؤذه فذلك أرزاق وفوائد ممن دلوا عليه ، أو من زراعات أو أملاك أو تجارات أو معيشة ، وبالعكس من ذلك لو لم يكونوا في فمه كما ذكرنا ، أو كسروا أسنانه ، أو جرحوا فمه ، دل على الأنكاد والفقر والتعب ونحو ذلك . قال المصنف : وربما دل أكل الرمل على أنه يفيد من عمل الزجاج ، وأكل التراب من عمل الحديد ، والخشب من الثمار والحطب ، وأكل الحجارة لذوي الأقدار فائدة من البلدان والقرى والقلاع ، ونحو ذلك .
____________________
(1/261)(1/65)
فإن لم يكن جنس ذلك المأكول في بلده دل على الفائدة من أهل ذلك البلد الموجود فيه ذلك ، أو مما يحلب منه إلى غيره ، أو يسافر إلى ذلك المذكور . وبالعكس من ذلك إذا لم يكن في فمه طيباً . فافهم ذلك .
[ 90 ] فصل : وأما الحصى فدال على عوام الناس وعلى الأموال والعبيد والخدم ونحو ذلك . فإذا رأى كأن سيلاً أخذ حصى ذلك البلد أو التقطه طير أو أحرقته نار : نزل بعوام ذلك البلد آفة من مرض أو عدو أو طاعون ، أو مقعت في أموالهم خسارات أو ظلم أو نهب . وكذلك رجم المكان بالحجارة : هموم وأحزان وأخبار ردية / أو كلام ردي في أعراض أهل ذلك المكان المرجوم ، وربما كانوا على بدعة أو فسوق أو كفر والله أعلم . قال المصنف : دل الكبار من الحجارة على الأكابر / ودل الحصى على العوام لكثرتهم ولكونهم لم يزالوا مرميين في الطرقات تحت الأرجل ولكونهم لا ينتفع بهم غالباً ، وإنما دل الحصى على الأموال إذا انتفع بهم في المنام ، وكذلك على العبيد والخدم ، فإن انقلب حصى المكان في صفة أحسن مما هو فيه مثل إن صاروا جواهر أو كبروا كبراً ينتفع بهم دل على صلاح أهل ذلك المكان ، إلا أن يكبروا كبراً يعوق المشي في الطرقات دل على أنهم قطاع طريق ونحو ذلك ، وإنما يدل الرجم على النكد إذا أضر بأهل المكان ، فأما إذا رجموا بالجواهر أو بالأحجار النافعة أو المآكل الطيبة ولم
____________________
(1/262)
تؤذي أحداً دل على قدوم الأكابر إلى ذلك المكان أو تجائر أو مماليك أو جوار أو عبيد ، فإن انتفع الناس بهم نالوا راحة مما دلوا عليه ، وإن تضرروا حصل لهم النكد . واعتبر الرجم أين وقع لهم فإن كان في آذانهم فقد نهوا عن سماع ما لا يليق ، وإن كان في أعينهم فعن نظرهم ، وفي أفواههم فعن كلامهم أو طعامهم ، وفي أيديهم فعن أخذهم وعائهم وضربهم ، وفي أرجلهم فعن سعيهم ونحو ذلك . [ باب : 5 ] الباب الخامس في مياه الأرض(1/66)
[ 91 ] من رأى أنه يشرب أو يأخذ ماءً حلواً من بحر ، أو يصطاد منه شيئاً نافعاً ، أو يأخذ منه جواهر ، أو يطفيء به ناراً ، أو يتوضأ منه أو يغتسل ، أو يسبح فيه في زمن الصيف ، أو يسقي به زرعاً ، ونحو ذلك : دل على الفوائد من المملوك والأكابر كالوالد والولد والزوج والسيد والأخوة والأقارب أو المعارف أو من تجارات أو من معايش كل من هو على قدره .
____________________
(1/263)
قال المصنف : إذا قال لك إنسان رأيت أنني أشرب ماء في المنام ، فاسأله إن كان حين انتبه وجد نفسه عطشاناً ، فلا حكم له ، وإن لم يكن عطشاناً في اليقظة فإن كان التذ بشربه في المنام حصلت له راحة أو علوم أو خلاص من مرض حارا ًينفعه شرب البارد ، وكذلك إن كان مرضه بارداً وشرب الماء الحار ، فإن رأى أنه يشرب على الريق وكان في زمن الخريف أو الشتاء يمرض قليلاً ، ورما أوجعه فؤاده لكون شربه في ذلك الوقت مضراً ، وهو في زمن الربيع راحة ولا ضرر فيه ، وذاك في زمن الصيف يدل على وجع الرأس يستحيل صفراء عاجلاً ، وهي تتعلق بالرأس ، والماء الحار في الشتاء والخريف : جيد ، وفي الربيع والصيف : ردي ، وأما إذا أبصر أنه يشرب عشاء من غير عطش دل على الأنكاد والأمراض لضرر ذلك وعلى ضياع المال وعلى الزنا والتزويج بلا فائدة . فافهم ذلك .
[ 92 ] فصل : وأما إن وجده مالحاً أو مراً أو منتناً أو كدراً أو سبح فيه في زمن الشتاء أو من هو مريض لا يوافق مرضه الماء البارد أو غرقه أو
____________________
(1/264)
أتلف شيئاً للناس فيه نفع فذلك نكد ممن ذكرنا أو من عدو أو مرض وذلك للمريض دليل على طول مرضه . قال المصنف : إذا انتفع بالماء المالح أو المر أو المنتن في غسل شيء من القماش أو الأجسام أو الجلود أو الأمتعة ونحو ذلك فهو جيد وراحة ، ومثله لو هرب من عدو فطلب مكاناً يستره أو طلب يستر عورته من الناس فنزل في الماء الكثير لأجل ذلك كان جيداً .(1/67)
[ 93 ] فصل : وإذا جعلناه ملكاً كان سمكه رعيته أو غلمانه وجنوده ، وإن جعلناه عالماً فأولئك علومه وتلاميذه ، وإن جعلناه تاجراً كان ذلك تجارته ومكاسبه ، وإن جعلناه زوجاً أولئك غلمانه أو أقاربه أو جهاز بيته ، وإن جعلناه معيشة كان أولئك عوام سوقه الذين لا يرحم صغيرهم كبيرهم / ،
____________________
(1/265)
فما حدث منهم من صلاح أو فساد عاد ذلك إلى من دلوا عليه . قال المصنف : دلوا على الملوك لهيبته ويقتل أقواماً ويسلم منه آخرون ولعدم من يحكم على جميع ما فيه كالملوك الذين لا يحكم عليهم ، ودلالته على التاجر لكون التجار أو المراكب يمشون فيه ويؤخذ منه السمك واللؤلؤ والمرجان ونحو ذلك مما يباع ، ودلالته على الزوج للذة الاغتسال منه وهيبته والتجرد وكشف العورات عند الاغتسال ، ودلالته على المعايش لكون ما فيه من الحيوان ينتفع به غالباً ولما يخرج منه من الجواهر وغيرها ومما يحمله عليه أو يشرب منه أو يغتسل فيه - ويعبر ذلك الأسواق - وينادي عليه ويؤكل ويدخر ويلبس ونحو ذلك فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله .
[ 94 ] فصل : فأما ما يؤكل منه من الدواب فارزاق حلال ، فالذي هو قليل العظام فهو رزق هنيء ، والذي هو كثير العظام أو الشوك فرزق تعب أو فيه شبهة . قال المصنف : إذا رأى كأنه يأكل من حيوان البحر وكأنه مقلي أو مشوي أو مطبوخ في البحر حصلت له راحة من حيث لا يحتسب لكونه أخذه معدلاً من موضع لا يستوي مثله فيه ، وإن جعلته نكداً فهو أيضاً كذلك . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني آخذ سمكاً من بحر وهو مقلي في البحر ، قلت : تأخذ حمى عقيب غسلك بالماء ، فمرض بذلك ، ودليله أن السمك ما
____________________
(1/266)
كان يوافقه فافهم ذلك .(1/68)
[ 95 ] وأما من رأى كأنه صار من حيوانات البحر أو يسبح معهم أو يعاشرهم دل على مخالطة الأكابر أو غلمانهم أو أرباب العبادات أو من في الأسواق فما حصل له منهم من خير أو شر عاد إلى ذلك ، وربما سجن رائي المنام . قال المصنف : اعتبر جنس الذي صار منهم ، كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت سلحفاء في البحر ، قلت : تصير حمالاً على أكتافك ، فصار كذلك ، لكون على قفى السلحفاء ذلك القشر وهي تمشي على أربع كالحمال إذا نهض بحمله . ومثله رأى آخر ، قلت : اشتريت جوشناً وهو ثقيل عليك ، قال : نعم ، ومثله رأى آخر ، قلت : يقع بك مرض فتمشي على أربع ، وربما وقع عليك هدم ، فوقعت عليه داره فآذت حجارتها ظهره وركبته فبقي يمشي على أربع .
[ 96 ] فصل : وأما الأنهار والعيون والآبار فكل ذلك حكمه حكم البحار على ما ذكرنا إلا أنها أنزل مرتبة منه . قال المصنف : إذا كانت الأنهار والآبار والعيون في المنام في أماكن عدم الماء - كالبراري والرمال والمفاوز التي ليس فيها شيء من ذلك - فهم
____________________
(1/267)
دالون على ذوي الأقدار لعدم من يساويهم ، وهم في المواضع المعتادة لمثل ذلك فهم أنزل مرتبة مما ذكرنا لقلة هيبتهم وقلة سمكهم ودوابهم وقلة مشي الراكب فيهم فافترقوا لذلك .(1/69)
[ 97 ] وأما نشاف أحد ذلك فدليل على هلاك من دلوا عليه أو على تعطيل مكسبه . قال المصنف : وربما دل نشاف أحدهم على قلة الأمطار في تلك السنة ، وكثرة الأمراض الحارة المعطشة ، وعلى قلة مجيء المراكب في موضع يصلح ذلك ، وعلى قلة مجيء الحيوان من تلك الجهة كالسمك ونحوه ، ويدل على قطع الطرقات لكونه بطل مشي المراكب أشبه بطلان مشي الأرجل من ذلك المكان ، ويدل على آفة تقع في الملابس لعدم ما يقصر به أو يغسل فيه وعلى موت الحيوان لزوال ما كان يشرب منه وعلى تلاف الزرع والثمار التي كانت تسقى منه وكذلك يدل مصيرهم دما ًأو تغرهم في صفة لا تنفع كنفعه على ما دل عليه نشافهم فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .
[ 98 ] وأما هيجانه أو زيادته المضرة : فنكد أو تغيير من دلوا عليه وميله إلى الجور والعداوة ، وأما مصيرهم دما ًأو جيفاً أو ناراً وهو يؤذي أهل ذلك المكان فنكد ممن دلوا عليه أو عدو أو أخبار مؤذية أو أمراض متلفة أو حروب ، وربما مرض من دلوا عليه ، أو نزلت به آفة ، أو تعطلت معايش ذلك المكان .
____________________
(1/268)
وأما السيل : فرجل غريب أو قفل / أو عسكر فيه من النفع والضرر على قدر انتفاع أهل ذلك الموضع به وضررهم . وقال المصنف : لما أن كان السيل لا أصل له ينبع منه بل هو مجمع من ها هنا وها هنا أشبه القفول والعساكر والرجل الغريب الذي لا يعرف من أين أصله ، فإن أتلف شيئاً خيف على ذلك المكان من لص أو هجام أو عدو يأتي بغتة ، فإن انتفع به الناس ربما كانت تجائر أو عساكر أو رجلاً عالماً أو أمطاراً مفيدة فافهم ذلك .
[ 99 ] فصل : جريان الأنهار والعيون في الأماكن التي لا تليق بها - كوسط البيوت ، أو تنزل من السقوف ، أو تجتمع فيه اجتماعاً يضيق أو يخلخل الحيطان ، أو يتلف شيئاً من المتع - : فدليل على نكد في ذلك
____________________
(1/269)(1/70)
المكان أو تجري فيه عيون باكية أو لصوص أو حوادث ونحو ذلك . قال المصنف : لما أن كانت البيوت لا يليق بها ذلك لأن السقوف جعلت لدفع الأمطار والحر وما جعلت لجمع المياه أعطى ما ذكرنا من النكد لأن ذلك يتلف الأمتعة ويمنع السكن ويضيق صدر أهل المكان ، بخلاف المواضع المصنوعة للماء ، كما قال إنسان : رأيت أن ماءً نزل من الحائط فأذهب المتاع الذي في البيت ، قلت : يروح بعض القماش الذي في المكان ، وربما يأخذه رجل سقاء ، فعن قليل سكر عندهم إنسان سقاء فنقب حائطهم وأخذ ما قدر عليه من متاع البيت . فافهم ذلك .
[ 100 ] فصل : وربما دل البئر على كبير المكان ، فإن كان بئراً حلواً سهل التناول فرجل كريم حسن ، وإلا فلا ، وربما دلت البئر المبذولة في الحارة على المرأة الردية التي يأتي إليها كل أحد ، ويكون حبالها : غلمانها ، وأوانيها : الرجال المربوطين على محبتها ، فما حدث فيهم من خير أو شر رجع إلى ما ذكرنا .
____________________
(1/270)
قال المصنف : إذا رأى الأنهار أو العيون أو الآبار في جسده دلت على الخراجات وطلوعات وعلامات تظهر في جسده . كما قال لي إنسان : رأيت كأن في ظهري بئراً حلواً وثيابي تتلوث منها ، قلت : يطلع عليك دمامل أو حمرة ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت شربت منها ، قال : نعم ، قلت : يعيش لك ولد من ظهرك حتى تأكل من كسبه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأن في جسمي أنهاراً ، قلت : نخشى عليك مكاوي نار ، فبعد قليل مسكه عدوه وكواه بالنار .(1/71)
[ 101 ] فصل : من ملك سفينة أو ركب فيها أو تحكم عليها : فإن كان أعزب تزوج ، وإلا نال راحة من كبير ، أو من والديه أو زوجة ، أو درت معيشته ، أو ربحت تجارته ، أو اشترى دابة أو جارية ، فإن جعلناها بمنزلة الملك كان قلعها : صاحب أمره ونهيه ، ومقاذيفها : غلمانه وجنوده ودوابه ، ورجلها : مقدم عسكره الذي يقومون بأمره . وإن جعلناها امرأة كان ذلك جهازها ، ورجلها : وليها وإمامها أو زوجها الذي لا تتحرك إلا بأمره ، وصاريها : ولدها الذي في بطنها وإن جعلناها معيشة كان جمي ذلك أسباب معيشته . فما حدث في شيء من ذلك من خير أو شر رجع
____________________
(1/271)
إلى من ذكرنا . ويدل ركوبها على نجاز وعده . قال المصنف : إذا ملك سفينة في بلد لا سفر فيه فمعيشة بطالة ، أو زوجة قليلة الحركة . أو دابة زمنة ، أو بعض ملكه معطل ، وربما سافر إلى مكان فيه سفن ، وتكون الراحة من المكان على قدر حسنها . وقال لي إنسان : رأيت كأنني سرقت سفينة وأكلتها ، قلت سرقت دجاجة تمشي فخطفت رجلها وأكلتها ، قلت : سرقت رجل مركب وأكلت ثمنه ، قال : نعم . وقال
____________________
(1/272)
آخر : رأيت كأنني أكلت جناح طائر بريشه في المنام ، قلت له : أبعت قلع مركب وأكلت ثمنه ، قال : صحيح . وأشبهت السفن الملوك لسلامة الراكبين فيها من الشدائد والغرق ، وأشبهت الزوجة لحملها في بطنها وخروج الناس منها كولادة الأولاد ، وأشبهت المعايش لحملها المأكول والمشروب والملبوس ونحو ذلك فيها وبيع الناس لذلك وربحهم وانتفاعهم به ، وتشبه أيضاً الدكاكين والمخازن / التي فيها من كل نوع ، وأشبهت الطيور والحيوانات ، كما قال لي إنسان : رأيت كأن عندي ديكاً وقع في ماء فغرق ، قلت له : لك مركب مليح ، قال : نعم ، قلت : يغرق ، فجرى ذلك .(1/72)
[ 102 ] فصل : فمن رأى أنه ركب سفينة وانكسرت به أو أنها ناقصة العدة : نقص من غلمانه أو من أولاده أو دوابه على قدر الناقص ، أو يموت من نسب إليه ذلك ، أو تبطل بعض فائدته . وأما إن كانت مليحة أو جديدة : انصلح ذلك كله . قال المصنف : اعتبر نقص الفائدة على ما يليق بالرائي في ذلك الوقت كما قال لي إنسان : رأيت عندي مركبا ًوقد انكسرت ، قلت : عندك جارية حامل ، قال : نعم ، قلت : إن كان وقع ما في المركب أسقطت وإلا فلا . ومثله رأى آخر ، قلت : كانت المركب جديدة ، قال : نعم ، قلت : أي شيء كسرها ، قال : حجر ، قلت : عندك بكر من النساء نخشى عليها زوال بكارتها ، فما مضى إلا قليلاً وذكر أن ذلك جرى . ومثله رأى آخر قلت : عندك إناء ملآن ، قال : نعم ، قلت : ينكسر ، فجرى ذلك .
____________________
(1/273)
وربما عاد النقص إلى بعض أطراف الدواب أو الغلمان كما قال لي إنسان : رأيت كأن لي مركباً يمشي بلا رجل ، قلت : عندك امرأة عرجاء وربما تكون جارية ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : لك امرأة حرة قليلة الدخول والخروج ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ولكن قال ضاعت الرجل ، قلت : لك دكان ، قال : نعم ، قلت : تروح لك ميزان ، فعن قليل ضاع ميزانه .
[ 103 ] فصل : فإن مشت به في البر ولم تنكسر دل على تمشيه أموره من حيث لا يحتسب لكونها سلمت في موضع يعطب مثلها فيه ، ومسيرها في الهواء دليل السفر . وأما إذا كانت واقفة لم تمش به فدليل على توقف معايشة أو على مرض أو سجن ، وإن كان مريضاً دل على طول مرضه وربما مات خصوصاً إن انكسرت به أو انكبت على وجهها . وأما المرسى فهو رجل صاحب أخبار والله أعلم . قال المصنف : انظر بماذا مشت فإن مشت بالريح أعطى ما ذكرنا ، وإن مشت بالحبال أو بالحيوان تجرها ونحو ذلك أعطى ما ذكرنا ، لكن فيه تعب
____________________
(1/274)(1/73)
وغرامة بخلاف الريح . ورأى إنسان كأن له مراكب عدة في البحر وكأنه أراد أن يوسقهن متاعاً ويركب فيهن ركاباً فقيل إن تفعل ذلك رفعت القلوع وأقلعن وسرن بغير أمره ، قلت له : عندك جماعة من الطيور في مكان مسجونات والساعة يطير الجميع بغير اختيارك ، فما مضى قليل إلا وفتح القفص وطار الجميع كما ذكرنا ، فافهم ذلك . وإذا كان المرسى في مركب لا عادة له بمثله كمرسى الكبار في المراكب الصغار أعطى النكد لثقله وقلة نفعه ، وإن كان صغيراً في مركب كبير فكذلك . وكذلك إذا كان المرسى مما لا نفع فيه مثل أن يكون زجاجاً أو طيناً أو فخاراً ونحو ذلك وإن كان من خشب كان من دل المرسى كثير الخلاف لأن القصد منه نزوله في الماء ليصل إلى القرار ليقف المركب والذي هو من خشب كلما غرقه لا يغرق في الماء فافهم ذلك . [ باب : 6 ] الباب السادس في الحيوانات
[ 104 ] وهو أربعة أقسام : القسم الأول : خير مطلقاً وهو ما انتفع به بنو آدم غالباً كالخيل والبغال والحمير والغنم وأمثالهم . القسم الثاني : الشر وهو ما يضر غالباً كالسباع والحيات والعقارب وأمثالهم .
____________________
(1/275)(1/74)
القسم الثالث : ما فيه خير وشر كأدوات الصيد مثل الفهود والصقور والبزاة ونحوهما . القسم الرابع : لا خير فيه ولا شر كالذبابة والنملة والخنفسة . فمن رأى عنده أو ملك واحداً من ذلك نسبته إلى ما ذكرنا . قال المصنف : لما اختلف أغراض الناس في الحيوان فمنهم من يركب عليه ويحمل ولا يأكل منه كالحمير والجمال عند اليهود والنصارى ، ومنهم من يأكله ولا يركب عليه ويبيعه كالغزلان والغنم والخنازير ونحو ذلك ، ومنهم من يأكل لحمه في وقت صحته ويمتنع / منه وقت مرضه لكونه يضره ، ومنهم من يأكل لحمه ولا يأكل الناتج منه كمن لا يأكل الألبان والجبن والسمن ، ومنهم من يأكل الناتج منه ولا يأكل الحيوان كالنحل يأكل العسل منه وينتفع بشمعه ويبيع النحل زلا يأكله ، ولذلك قلنا ما انتفع به بنو آدم حتى يشمل جميع ما ذكرنا فافهم . ولما كان النفع في القسم الأول الذي ذكرناه غالباً كان الضرر فيه وجوده كعدمه ، ولما كان الضرر في القسم الثاني صار النفع فيه وجوده كعدمه فلا حكم له . وفي القسم الثالث لما كانت أدوات الصيد تحتاج
____________________
(1/276)
إلى علوفة وكلفة وفيهن ممانعة وقوة نفس أعطى الشر كما أعطى ما يصطادونه الخير . ولما كان القسم الرابع إذا كان الفرد منه في البيت لا يخاف ولا يهرب منه أحد ولا يقصد لأجل تربيته ولا فائدة فيه فانتفى منه الخير والشر بخلاف أقسام الخير فإنه يقصد ملكه وبقاؤه لأجل ما يطلب من نفعه . وكذلك أقسام الشر فإن الحية أو العقرب أو الأسد إذا كان في المكان تحذر منه النفوس وتهرب منه الناس فعلمنا أنه دال على النكد فافهم ذلك .
[ 105 ] فصل : وهم في أربع جهات : في البلدان والبراري والهواء والماء . فنتكلم أولاً على ما في البلد .(1/75)
[ 106 ] الغنم - لمن ملكهم أو رعاهم أو تحكم فيهم - : غنائم وفوائد وأرزاق ونساء وعبيد ، والأبيض خير من لماعز . فمن ملك غنمة وكان أعزب تزوج ، فإن كانت ضأناً فهي امرأة لها جمال وجاه لحسن منظرها وكثرة صوفها وتكون مستورة بالإلية . والكبش : فرجل جليل القدر صاحب أمر ونهي ، وإن كان بلا قرون فهو رجل مسلوب النعمة ذليل . وكذلك التيس . وأما الماعز : فامرأة فقيرة لقلة شعرها ، وربما تكون ذات عيب لكونها مكشوفة العورة , فمن ملك قطيعاً
____________________
(1/277)
من الغنم وغيره من الحيوانات تولى على جماعة ولاية تليق به . قال المصنف : إذا ملك الرائي شيئاً من هذه الحيوانات المذكورة قليلاً ممن لا يصح له إلا الكبير دل على النكد ، كما أنه إذا ملك الكبير ممن لا يصلح له أعطى النكد . فإن جعلت الغنمة زوجة ورأى أنها تحولت في يده كبشاً فانظر لإإن آذاه أو أتلف عليه شيئاً تنكد من زوجته ، وكذلك إن جعلتها معيشة تحولت إلى صفة دونه ، وإن لم يؤذه ذلك حملت زوجته بغلام ، أو تحولت معيشته إلى خير منها عن كانت الرغبة فيه كثيرة ، واعتبر أحوال الرائي إن تساوت الرؤيا كما قال لي إنسان : رأيت أنني أتيت إلى رأس غنم من
____________________
(1/278)
الماعز عليه إلية في المنام قطعت تلك الإلية ، قلت : تلوثت بدم أم لا ؟ قال : تلوثت ، قلت أتيت إلى جمل سرقت منه خرجاً أو مخلاة أو نفجة قماش وكان ذلك في الطرق ، قلت : إن أبصر الناس الدم ظهرت عليك السرقة ، وإلا فلا . ومثله رأى آخر غير أنه قال كانت الإلية على تيس وهي تمنعه من المشي ، قلت له : أنت رجل جرائحي تقطع سلعة وتبط دملاً أو خراجاً وتريح صاحبه من ألم ذلك ، قال : صحيح . ولما كان أجناس الحيوان تختلف بساكنها ذكرنا ذلك ليسهل على طالب هذا العلم الكلام فيه لأن لكل جنس في مكانه أوصافاً تختص به دون غير مكانه فافهم .(1/76)
[ 107 ] فصل : البقر لمن ملكها : معيشة أو امرأة أو دار أو سنة أو فائدة أو خدمة ، فإن كانت مليحة فذلك خير ، وإلا فلا . وكذلك الثور : وهو دال على الرجل الكثير النفع ، فأما إن نطحه أو رفسه أو آذاه تنكد ممن دلوا عليه . وأما من ذبح واحداً من ذلك أو مات عنده ذهب من ذلك المكان إنسان أو بطلت معيشة أهله . ويدل ذبحها في المكان الذي لم تجر به العادة على التهمة والخصومة . والجواميس : حكمها حكم البقر إلا أنها أرفع رتبة لكثرة درها ولبنها .
____________________
(1/279)
قال المصنف : إذا رأى أنه يأخذ صوفاً من البقر أو الجواميس أو حيوان
____________________
(1/280)
لا يؤخذ ذلك من عليه فإن جعلت ذلك زوجة فهو حمل وأولاد من غير / جنسه ، وإن جعلته فوائد فهي من حيث لا يحتسب ، وإن جعلته من تجائر فمن أقوام يجلبون ذلك من غير عادة منهم . كما قال إنسان : رأيت أنني آخذ صوفاً من بقر ورائحته ردية ، قلت : أقوام يسرقون شاء وتأخذه منهم وربما يكون غنماً ، قال : جرى ذلك . ورأى آخر أنه يأخذ من بقر صوفاً أسود وهو يتحول في يده ماءً ، قلت : أنت معلم مكتب ، قال ؛ نعم ، قلت الصغار كالبقر لا يعرفون شيئاً وأنت تأخذ مدادهم سرقة ، قال : ما بقيت أعود .
____________________
(1/281)
ورأى آخر أنه يأخذ ريشاً من جاموس ، قلت : سرقت طيورا ًمن عند جليل القدر وما انتفعت بهن ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني آخذ حريراً من ظهر حيوان وأعمله أوتاراً في رقاب الحيوان وفي أرجلهم وهو ينطقون ، قلت له : أنت رجل تعلم الغنى والزمر والطرب لأرباب الجهل وسيصير لك شأن في ذلك . ومثله قال آخر غير أنه قال أجعل ذلك على أبواب المعابد ، قلت : أنت صوتك طيب في القرآن والأذان ينتفع الناس بصوتك على قدر حسن ذلك .(1/77)
[ 108 ] فصل في الخيسل : الفرس دال على العز والجاه والفائدة والمعيشة والمرأة والجارية والولد والمنصب والنصر على الأعداء لمن ملكها أو ركبها ، فإن كانت مسرجة ملجمة فجاه تام ومعيشة دارة أو امرأة بجهاز أو ولد فيه نفع ونصر قاهر . وكذلك الحصان لأنه تحصن من الأعداء ، والأسود من
____________________
(1/282)
ذلك سؤدد وخير ، والأصفر والأحمر والأشهب فرح . قال المصنف : اعتبر عادات الناس في ركوب الخيل وغيرها وصفة ذلك فتجعل ركوبها عرياً لمن يعتاده فائدة وراحة ولمن لا عادة له بذلك ردياً ، كما جعلت ركوبها على جانب واحد أو مقلوباً لذي البوادي والمكارية وأصحاب الصنائع المهينة فائدة وإدرار معايش ، وكذلك إذا كان في عدتها رداءة لأنهم لا ينكر عليهم ذلك ، وذلك للأكابر ولمن لا يعتاده شهرة ردية وذو مرتبة وفعل ما لا يليق فعله ، وكذلك المريض الذي لا تصلح الحركة له فإن الركوب الردي يدل على طول المرض وتجديد ألم فإن قوي الردي في المنام صار موتاً للمريض ، فافهم . واعتبر الصفات المقلوبة في المنام ، كما قال لي إنسان : رأيت أنني اشتريت حصاناً فلما ركبته صار حماراً ، قلت له : استخدمت أو اشتريت غلاماً على أنه ذكي طلع حماراً لا ينفع وقت الحاجة ، قال : نعم . وقال آخر رأيت أنني حملت على حمار ورقاً أبيض رأيته صار جملاً لا يروح ولا يجيء ، قلت ك سيرت كتاباً صحبة إنسان وزعمت أنه يعرف المكان كان أبلة ما درى أين سيرته ، قال : صحيح ، ودليله أن الحمار يعرف مكان صاحبه بخلاف الجمل فافهم ذلك .
____________________
(1/283)(1/78)
ولت الخيل على العزو والجاه لكونها مختصة غالباً بذوي الأقدار وأرباب الأموال ، ودلت البغلة على المرأة العاقر والمعيشة الني لا تربح لكونها عاقر لا تلد أصلاً ، ودل الحمار والبغل على أرباب الجهل لكونهم لا يقبلون التعليم غالباً إلا بعد السفر والمشقة بخلاف الخيل ، ودل الحمار على الغلام الكثير العياط والكلام لكثر ذلك منه بخلاف غيره . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .
[ 109 ] فصل في البغل والحمار : من ملكها أو ركبها ممن يليق به ركوبهما دل على الفائدة والخير كما دلت الخيل ، إلا أنها دونها في الرتبة ، وربما كانت البغلة امرأة عاقراً ويدلوا على أرباب الجهل ويدل الحمار على الغلام الكثير العياط وأما من ركبها ممن لا يصلح له ذلك دل على النكد والفقر وزوال المنصب .
[ 110 ] فصل : الجمل : جمال وخير لمن ملكه أو ركبه ، وربما كان رجلا ًصبوراً لحمله الأثقال ، ويدل على لا سفر ، ومن ركبه من المرضى مات لكونه يظعن بالأحبة إلى الأماكن البعيدة ، ويدل على قضاء الحوائج ، فإن كان من العراب فهو عربي ، وهو من البخت : أعجمي . والناقة : امرأة أو
____________________
(1/284)(1/79)
فائدة أو معيشة ، فمن ركب / شيئاً من ذلك ركوباً يليق به فإن كان في نفسه حاجة : قضيت ، وإن كان أعزب : تزوج ، وإن كان يطلب سفراً : سافر ، أو اشترى جارية أو عبداً أو داراً أو سفينة أو بستاناً أو عاشر إنساناً : كذلك . والهجين : فرجل كثير الأسفار صبور محبوب عند الأكابر كثير الخدمة . قال المصنف : إذا جعلت ركوب الجمل خيراً فانظر من أي جهة دل عليه ، فإن كان عليه تجارة كان من سفر أو مسافر وكذلك الكجاوة ، وإن كان من جمل يحمل الحطب أو التبن أو البر أو شيئاً من الحبوب فاطلب الزراعات والمزارعين ونحو ذلك ، وإن كان ممن يحمل الماء فاطلب المطر أو العيون أو البحار أو من يتعانى المياه مثل القصارين والصيادين للسمك والمسافرين في البحر ، وإن كان ممن يحمل التراب أو الحجارة ونحو ذلك ،
____________________
(1/285)
لأن كل ما كان معدنا لشيء فاعتبره ، وكذلك إذا جعلته رديا فانظر وجه الردي من أين أتى إلى الرائي على ما ذكرنا موفقا إن شاء الله تعالى . وإنما دل الركوب على قضاء الحوائج لراحة الإنسان بالركوب كراحته إذا قضيت حاجته ، ودل على التزويج للراحة وحاجة تقضى لكونه راكبا فوق الآخر ، وإن كان الراكب امرأة فلكونها محمولة الكلفة كما يحمل زوجها كلفتها ، ودل على الأسفار لأنه معد لذلك ولكونه ينتقل بصاحبه من مكان إلى آخر ، ودل على الغلمان والجوار لكونهم في الحوائج وتحت أمر راكبهم ، ودلوا على باقي الفوائد لكونهم معدون للنفع فافهم ذلك .
[ 111 ] فصل : الدجاجة امرأة فيها نفع كثيرة النسل لمن ملكها ، أو معيشة دارة في وقت دون وقت . وكذلك الإوز . وصراخهن : هموم وأحزان ونوائح . قال المصنف : إذا صارت الدجاجة ديكا انقطع نسل من هي عنده ممن دلت عليه ، وتدل على الولد الذكر ، وإن دلت على الفائدة بطلت الفائدة لكون الديك لا يبيض ، وإن دلت على المرأة العاقلة دل على أنها تصير كثيرة
____________________
(1/286)(1/80)
الكلام والنقاد ، بخلاف ما إذا صارت وزة طال عمرها لكبرها وقلت فائدتها لأن الدجاج أكثر بيض وفراخ فافهم ذلك .
[ 112 ] وأما الديك فرجل حسن الصوت فمن ملكه رزق ولدا ذكر أو اشترى مملوكا أو دارا أو درت معيشته أو قدم عليه غائب أو خبر منه ، وربما كان من دل الديك عليه خطيبا أو سمسارا أو مؤذنا أو مناديا أو حارسا وأشباه ذلك فإن نقر إنسان أو أزعجه بصوته حصل له نكد ممن ذكرنا . قال المصنف : إذا تحول ابن آدم أو غيره في صفة شيء من الطيور
____________________
(1/287)
البلدية فأعطه من الأحكام على ما يليق برائيه ، كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت ديكا كبيرا ، قلت له : فكان على رأسك عرف مثل الديك ، قال : نعم ، قال وكأنني أعطي ريشي للناس ينتفعون به ، قلت : أنت الآن تبيع القماش ، قال : نعم ، قلت : إن راح الريش كله خسرت وتبقى قطعة لحم فقيرا ما لك حركة ولا حرمة ، وإن لم يكن راح فأنت تربح . وقال آخر : رأيت أنني صرت ديكا بلا ريش وعلى رأسي عرف كبير ، قلت : يطلع في رأسك طلوع وكذلك في بدنك ويسيل ذلك دما ، وذلك لأن مواضع الريش تبقى مثل الجدري والحب ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت ديكا وأنا أنقر رمانة آكل بعضها ، قلت : أنت رجل مؤذن وقد نقبت مكانا فيه جمع كالفندق أو الربع أو دارا جامعة وأخذت سرقة من بعض بيوتها ، وإياك أن يظهر عليك ، قال : كان ذلك من مدة . فافهم ذلك .
[ 113 ] فصل : القط : عبد أو ولد أو أخ أو أب أو زوج أو سيد نافع لمن ملكه . والقطة : امرأة كذلك . وربما دلوا على المتولي الشاطر لقمعه الأعداء في البيت كالفأر والحيات والعقارب وأشباههم فهم بمنزلة اللصوص والمفسدين . فمن مات له سنور في المنام مات له عبد أو مرض ، أو تعطلت فوائده ، أو صاحب فيه نفع واستولى المفسدون على ذلك المكان ،
____________________
(1/288)(1/81)
فأما إن تلف شيئا من البيت صار / عدوا أو حراميا ونحو ذلك . قال المصنف : إنما دل القط على العبد والولد لخدمته وتألفه ، وكذلك دل على الزوج لجلوسه في الجحور ، ودل على الوالد لدورانه على أهل البيت في المصالح ، وكذلك الأخ والسيد ، فإذا جعلته متوليا فرأى كأنه يصطاد من البراري فهو رجل كثير الغارات على الأماكن البعيدة ، وإن اصطاد من داخل البلد كالأغنام والأبقار والدجاج ونحو ذلك فهو يؤذي أهل ذلك البلد ، وإن لم تجعله متوليا فهو رجل حرامي أو مفسد ، كما قال لي إنسان : رأيت كأن لي قطا وقد أرسلته في أرض فيها جوز مغروس يكسر الجوز ويأتي بقلبه ورائحته ردية ، قلت له : عندك عبد أو غلام ينبش القبور ويأتيك بالأكفان ، قال : صحيح .
[ 114 ] فصل : وأما الطيور التي في الأقفاص فهم جوار أو عبيد أو
____________________
(1/289)
أساري ، ويدلوا على الأولاد والأموال المخزونة لمن ملكها ، فإن كان لهم صوت كالهزار والشحرور والبلبل والفواخت والقماري وأمثالهم فهم خطباء أو وعاظ أو مناديه أو أرباب قرآن ، ويدلوا على أرباب الغنى والنوح أيضا ، فمن كان عنده حامل : أتاه ولد كذلك أو اشترى جارية تكون ذات صوت وحسن ، فإن صوت لمن عنده مريض فبكى على صوته بلا صراخ : تعافى مريضه ، وإن كان بصراخ أو بضحك أو برقص أو لطم عند سماع صوته : مات مريضه ، أو قدم نعي الغائب ، وربما تعطلت معيشته أو فارق زوجته ونحو ذلك . قال المصنف : لما أن كانت الحيوانات الهوائية أو البرية معدة للإقامة عندنا على ما ذكرنا كان حكمها حكم الذين في البلد لكونها لا تأمل الخلاص بخلاف من هو سائب في مكانه ، ودلوا على الجوار والعبيد والأسارى لكونهم ابتاعوا وهم تحت الحكم والقهرية ، ودلوا على الأولاد لفرح النفوس
____________________
(1/290)(1/82)
بهم ، ويدلون على الأموال لكونهم يباعوا ويشتروا ويخزنوا لنفع الناس بهم ، ودل من في القفص على الزوجة والمريض والمسجون والأسير لكونه ممنوعا من التصرف وعن ما يختاره من الدخول والخروج وكلفته على غيره . وقال لي إنسان : رأيت أنني صرت طيرا ، قلت له : إن كنت من الطيور التي تطير كما تختار فإن كنت عبدا عتقت ، وإن كنت في شدة من أسر أو غيره خلصت ، وعلى العافية إن كنت مريضا . وربما دل الطيران على الموت ، وإن كان في مركب بوقت عليهم الريح دل الطيران على السفر في البحر أو البر . وقال إنسان : رأيت كأنني صرت عصفور الدوري وأنا آكل العنكبوت ، قلت : أنت كثير الكلام وتأكل أموال الحاكة أو التجار وسرقت أيضا متاع صيادين وأيضا تعرضت إلى إنسان منقطع ، قال : أنا أتوب ، ودليله أن العنكبوت ينسج كالحائك وبيتها شبكة للصيد وهي منقطعة ، فافهم ذلك . واعتبر أصحاب الأصوات واعط الرائي على ما يليق به كما قال لي إنسان : رأيت كأن إلى جانبي هزار مقطوع اللسان وأنا أعدل لسانه فاستوى ، قلت له : لك معرفة إما خطيب أو واعظ أو مغني ونحو ذلك وقد منع من الكلام وقد عزمت على أنك تشد منه حتى يعود إلى صنعته ، قال : صحيح ، قلت له : هل عرفت ما قطع لسانه في المنام ؟ قال : طارت قطعة زجاج من قنينة فقطعت لسانه ، قلت : هذا كان يشرب أو يعاشر من يعاني ذلك وربما كان ينكد من امرأة . وقال إنسان : رأيت كأن عندي آلة طرب وبعضها قد تكسر وبعضها يأكله عبدي ، قلت له : ترزق توبة ، وعندك طيور مسموعة ؟ قال : نعم ، قلت : يموت بعضها أو تبيعه وبعضها يأكله قط أو
____________________
(1/291)
كلب ونحو ذلك ، وكان دليله أن ذهاب آلة الطرب توبة وترك ما هو عليه وذلك أيضا يدل على بيعها أو تلفها كما ذكرنا ، والعبد قط كما دل القط على العبد في بابه فافهم ذلك .(1/83)
[ 115 ] فصل / وربما دل من في القفص على المسجون . فمن رأى أنه يطعم طيرا في قفص أو يكلمه أو يتعامل على خلاصه : سعى في خلاص مسجون ، أو خدم مريضا ، وربما إن طار من القفص بغير أمره : مات مريضه أو فارق من يعز عليه ، وربما هلك له مال أو فارق عبده أو ولده أو دابته . وأما الطاووس إذا كان ريشها عليها فهي امرأة بجهاز ، أو جارية أو بنت مليحة ، أو معيشة مفيدة ، أو مركب أو بستان مليح ، فإن جعلناها امرأة كانت كثيرة التيه والدلال ، وإن كانت بلا ريش انعكس ذلك كله ، والذكر منه رجل . قال المصنف : كل طير يقص ريشه للنفع أو لحسن منظره دل على الأموال لبيعه ورغبة الناس فيه ، ودل على النبات لكونه نابتا ، والأولاد لكونهم من ظهره ، وعلى القماش لكونه مسترا به ، وعلى الدور لكونه ساكنا في داخله ، وعلى العدد لكونه يدفع الألم ، خصوصا القنفذ لكونه يقاتل به . فافهم ذلك .
____________________
(1/292)(1/84)
[ 116 ] فصل : وأما الحيوانات التي في البر فهم رجال البوادي والطرقات ، والمذكور ذكور والمؤنث إناث والمأكول لحمه فائدة حلال لمن ملكها أو انتفع بها كالغزلان والوعول وبقر الوحش والأرنب وأمثالهم فمن ملك واحداً من ذلك : تزوج إن كان أعزب ، أو قدمت عليه فائدة من سفر أو يقدم عليه رجل مسافر ، أو يرزق ولداً ذكراً إن كان ذكراً ، وإن كان أنثى فأنثى ، وربما درت معيشته وكثرت عبيده ومشت أحواله ، وتكون كثرة الفائدة وقلتها على قدر كبر الحيوان وصغره . قال المصنف : إذا صار الرائي من حيوان البر أعطه من أحكامه على ما يليق به ، كما قال لي إنسان : رأيت كأنني صرت كبش جبل ، قلت : أنت تطلب العزلة والعبادة سترزق ذلك . ومثله رأى نصراني ، قلت له : ستصير راهباً في قلالة ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت كأنني صرت أريل أو بقرة وحش ، قلت : عزمت على الخروج إلى البرية أو إلى مكان خراب لتصطاد الحيات ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأنني صرت يربوعاً ، قلت له : أنت كثير الحذر والحيل وعليك مطالبات ولدارك أبواب كثيرة وتدخل من باب وتخرج من آخر كاليربوع ، قال : صحيح . فافهم ذلك .
____________________
(1/293)
وإذا دل الحيوان على الفائدة السهلة فرأى أنه تحول في صفة حيوان صعب المراس دل على تعب فيما دل عليه . كمن أبصر عنده غنمة يحلب منها أو يأخذ عنها صوفاً فرأها قد صارت في صفة فهد أو حية أو أسد دل على التعب فيما دل عليه بعد الراحة ، كما قال لي إنسان : رأيت أن عندي دجاجاً وأنا آخذ من بيضهن فتحولن في صفة حجل ، قلت : تحت يدك غلمان كانت لك منهم فائدة صاروا يخبؤوا الفائدة وينكرون ، قال : صحيح ، لأن الأنثى من الحجل تخبيء البيض لئلا يبصره الذكر فيشربه .(1/85)
[ 117 ] فصل : وأما الذين لا ينتفع بهم غالباً كالفيل لمن ركبه أو ملكه فرجل جليل القدر ، أو عبد من تلك الجهة ، ولمن هو خائف هلاك لقوله تعالى : ! ( ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) ! . ويدل على المركب والدار . وكذلك الأسد وهو يشبه الملوك ، وقطاع الطريق ، وأصحاب الأمر والنهي . وكذلك النمر إلا أنه يكون رجلاً كثير الحيل والمكر ردي المعاشرة . وأما الفهد فإنسان شرير شرس الأخلاق كثير العياط . قال المصنف : إذا تحول الرائي أو حيوان له في صفة حيوان فأعطه ما يليق به ، كما قال إنسان : رأيت أنني صرت فيلاً أسود وأنا أنط من مكان إلى آخر في ظلام ، قلت : أنت الآن في غير بلاد الفيل نخشى عليك السجن ، أو تخفي نفسك ، وربما تصبغ جسمك وتصير أسود ، وتهرب من مكان أنت مخفي فيه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن عندي غزالاً مليحاً تحول في
____________________
(1/294)
صفة النمر ، قلت : عندك ولد أو غلام يتعانى الشطارة ، قلت : ربما يبقى لصاً أو هجاماً ، قال : صحيح ، فافهم ذلك . وإنما دلوا على الذين لا نفع منهم غالباً لأن الناس يقصدون النظر إليهم . / . . . / . . . / .
____________________
(1/295)
ومثله رأى آخر ، قلت : يأخذ ولدك إنسان ويسافر به ، فجرى ذلك .
____________________
(1/296)
وقال إنسان : رأيت طائراً كاسراً نزل أرضاً فشرب جميع ما في بركتنا من الماء ، قلت : تتلف عينك وربما يكون بضربة حجر ، فجرى ذلك . ورأى آخر أن عيناً نبعت في داره ماء أسود وهو ضيق الصدر من ذلك فجاء طائر كبير نزل على تلك العين فشرب جميع ما فيها ، قلت : عندك واحد قد نزل بعينه الماء الأسود أو الأصفر ، قال : نعم ، قلت : سيأتي إليكم رجل خبير يقدح عليها ويمتص ما فيها من الماء المؤذي ويزول النكد ، فجرى ذلك ، وبرأت العين . فافهم ذلك .(1/86)
[ 117 ] فصل : وأما من ملكهم ليصطاد بهم فإن اصطاد بهم ما يؤكل لحمه : قضيت حاجته ، أو ربحت تجارته ، أو درت معيشته بمال حلال وإلا فلا ، وإن ربط الطير أو جعله في قفص كان ممن دل الطير عليه كثير الإقامة عنده ، وإن طار فوق ذلك .
[ 118 ] فصل : وأما التي يؤكل لحمها كالحجل والحمام والعصافير والكراكي والقطاء وأمثالهم : فذلك لمن ملكها دال على الأولاد والأقارب والأموال والأملاك والغلمان والمعايش ، ويكون ذلك على قدر كثرتها وقلتها ، وربما كانت الحمامة : امرأة صالحة ، وربما دلت على رسول الأكابر لكونها تحمل الكتب من مكان إلى مكان ، ولمن عنده مريض تدل على الموت لأنها
____________________
(1/297)
بكسر الحاء حمام وهو الموت . قال المصنف : إذا جعلناهم أقارب أو معارف ربما كانوا كثيرين السفر ، وإن جعلناهم أموالاً فربما كان المال والفائدة من الجهة التي طار منها الطائر ، كما قال إنسان : رأيت أنني صرت كركياً ، قلت له : تسافر إلى بلاد الترك ، فجرى ذلك . ومثله رأى إنسان بمصر ذلك ، قلت : أكنت ذكراً أم أنثى ؟ قال : كأنني كنت أنثى ، قلت : تنفق مالك على أهل الشرق ودليله انه يرعى قرط مصر ويبيض بالعراق . وقال آخر : رأيت أنني صرت بلشوناً وأنا قد ثقل جسمي ، قلت : ألزمك جماعة إلى ما لا طاقة لك به وتقول للناس بلشوني بما لا اقدر عليه . وقال آخر : رأيت أنني صرت بجعاً ، قلت : أنت تصطاد بالشبكة ، قال : نعم ، قلت : تربح . ومثله قال آخر ، وكان في بلد لا بحر فيه ، قلت : يطلع في حلقك أو فمك طلوع ، أو تنزل بك نزلة ، فجرى ذلك ،
____________________
(1/298)(1/87)
ودليله أن البجع إذا قبض صيده يبقى فكه السفلي مدلاً كالمخلاة . ومثله قال آخر ، قلت : احترز لا يقع في فمك أو حلقك عظم سمك ، فجرى ذلك . وإذا جعلتهم فائدة تقول للملوك : تملك بلداً أو تمسك جليل القدر ، وتقول للأمير البطال : خدمة وخير على قدر الطائر الممسوك ، وتقول للتاجر : ألف دينار أو مائة دينار ، وتقول للمتوسط مائة درهم ، وتقول لمن هو دونه وللصغير دينار أو درهم ، وما أشبه ذلك من المتعامل في ذلك البلد فافهم ذلك .
[ 119 ] فصل : وربما كان العصفور إنساناً عامياً كثير الفرار والحذر ، ويدلوا على الدراهم أيضاً . وأما الهداهد فيدلوا على العابد الكثير السجود وعلى الرسل الأكابر وعلى أصحاب العمائم والتيجان . قال المصنف : إذا عرف الطائر فأعط رائيه حكم ذلك ، كما قال إنسان : رأيت أنني صره هدهداً ، قلت : أنت مسحور لأن الناس يتعانوا بعض أجزائه للسحر . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تمشي بين رجل وامرأة في تزويج ، قال لي : هل يتم ذلك ، قلت : يتم بعد صعوبة ، لن الهدهد كان رسولاً بين سليمان وبين بلقيس حتى تزوجها . ومثله رأى آخر - وكان ظاهره ردياً -
____________________
(1/299)
قلت : أنت تمشي بين امرأة / ورجل في أمر ردي . وقال إنسان : رأيت أنني صرت غراباً ، قلت : تتغرب في البلاد . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تفرق بين الناس بكثرة كلامك . فافهم . وأما الغراب : يدل على افتراق المجتمع . وكذلك البوم ويدلوا على خراب العامر وعلى المتكلم بالردى . والحدآة والرخم : فأقوام دنيؤو الأنفس أصحاب مكاسب حرام . والخطاف : رجل عفيف عن أموال الناس كثير الأنس . وأما الخشاف : فامرأة قليلة الكسوة كثيرة الأمراض والعائلة ، وربما كان في عينها عيب .
____________________
(1/300)(1/88)
قال المصنف : دلت الحدآة والرخم على دناءة النفس والمكسب الردي لملازمتهم أكل الجيف والخطف مما في الدور وأيدي الناس ، ودل الخطاف على العفيف لكونه يسكن عندنا في البيوت ولا يتعرض لما فيها ، ودل الوطاوط على القليل الكسوة لكونه لا ريش عليه ، وكثرة العائلة لحمله أولاده على جسمه وهم كثيرون ، ودل على الضرر في العين لكونه لا يبصر في النهار شيئاً ، فافهم ذلك . فصل : وأما النحل : فدال على الزهاد وأرباب النفع الذين بذلوا خيرهم ومنعوا شرهم ، ويدلوا على العساكر لكثرة جمعهم . وكذلك الجراد والزنابير وأمثالهم . فأما إن اتلفوا زرعاً أو أشجاراً أو قرصوا الناس فعساكر مؤذية ، أو أمراض أو جوائح أو حوادث . وأما إن قطع عسلاً من النحل ، أو أكل من الجراد ، فارزاق وفوائد وعلوم . وأما الكوارة من النحل فامرأة حسنة ، وهي بلد أو مركب أو دابة أو معيشة أو دار أو بستان لمن ملكها .
____________________
(1/301)(1/89)
قال المصنف : دل النحل على الزهاد لكونهم في البراري غالباً وأخذهم من النبات والمباحات ، ودلوا على الذين فيهم الخير والنفع والكثرة ما ينتفع الناس بعسلهم وشمعهم ، ومنعوا شرهم لكونهم لم يؤذوا أحداً في مأكول ولا مشروب ولا غيره ، واشتركوا مع الجراد والزنابير في دلالة العساكر لكونه عليهم مقدم يرجعون إلى أمره ، فإذا رأى أحد شيئاً من ذلك فأعطه ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت نحلة ، قلت : أنت تعرف تعمل الشبك ، قال : صحيح . مثله رأى آخر ، قلت : تعرف تعمل الآبار والمدافن والملاح ، قال : صحيح . ومثله رأى آخر ، قلت : أنت تتزهد وتنقطع لأخذ المباحات . وقال آخر رأيت أنني صرت جرادة ، قلت : أنت تأخذ الزراعات والثمار ظلماً . وقال آخر : رأيت أنني صرت زنبوراً ، قلت : أنت تعرف ترمي بالنشاب أو بالنبل والناس يخافون شرك ، قال : صحيح ، ومثله آخر ، قلت : في دبرك طلوع ، قال : صحيح . ومثله قال آخر : قلت : أنت تؤدي أرباب الخير ، وكان دليله أن الزنبور يأكل النحل . ومثله قال آخر غير أنه قال كنت آكل العنكبوت ، قلت : أنت تأخذ أموال الحاكة والتجار الذين معهم القماش ، قال : أنا ضامن ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت صرصوراً ، قلت : أنت معاشك من القنى والمواضع الدونة والمياه الردية ، قال : صحيح .
____________________
(1/302)(1/90)
[ 122 ] فصل : وأما حيوان البحر فقد سبق الكلام فيه . وربما دلت الضفادع : على العباد وأهل التسبيح والقراءة والذكر ، وربما دلوا على العوام وأصحاب العياط . وأما التماسيح وكواسر البحر : فقطاع طريق ولصوص . والله أعلم بالصواب . قال المصنف : دلت ضفادع الناس على ما ذكرنا لكثرة عياطهم ، بخلاف ضفادع التراب . كما قال إنسان : رأيت أنني صرت ضفدعاً ، قلت : تتعلم السباحة . ومثله رأى آخر ، قلت : تسافر في البحر . ومثله رأى آخر غير أنه قال كأنني كنت في حر الشمس ، قلت : يقطع عليك / الطريق وتعرى قماشك ، فجرى ذلك . ومثله رأى آخر ، قلت : كنت تمشي ، قال : لا ، قلت : يقع برجليك ألم وتمشي على أربع ، فجرى ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني صرت تمساحاً ، قلت : تصير قاطع طريق ، وربما تكون بأرض مصر . ومثله رأى آخر ، قال : كنت طيب الرائحة ، قلت : تتولى على البحر . وقال إنسان متولي : رأيت أنني صرت تمساحاً ، قلت : أنت كثير البرطيل . وقال آخر رأيت أن رأسي صار رأس تمساح ، قلت : يحدث برأسك عيب ، وربما يكون في لفم من طلوع أو جرح ، وربما يدود . ومثله قال آخر ، قلت : تسيء إلى من يحسن إليك ، ودليله أن التمساح يقع في فمه دود ويصعد إلى البر ويفتح فاه ، فيرسل الله إليه طائراً فيلقط ذلك الدود ، فإذا فرغ طبق فاه على
____________________
(1/303)
الطائر فيهلك ، فلذلك يقال : مكافأة التمساح . وقال إنسان - وكان بالشام - : رأيت عبر منزلي تمساح ، قلت : يعبر منزلك لص من مصر ويكون ذليلاً ، وذلك لأن التمساح لا يكثر إلا في البحر دون البر ، فافهم ذلك . ( [ باب : 7 ] الباب السابع ) ( في الأكل والذبائح )(1/91)
[ 123 ] من أكل لحم حيوان يعتقد حله فمال حلال عن كان مطبوخاً أو مشوياً أو قديداً وأخضره نكد أو مال بشبهة . قال المصنف : قد سبق الكلام على الحلو والحامض في فصله ، وانتظر المأكول من الحيوان وغيره وأعط المرائي ما يليق به في وقته . كما قال لي إنسان : رأيت أنني آكل أذن فرس ، وهي صفراء ، وكانت نية غير مطبوخة ، قلت : سرقت حلقة من أذن أنثى وتصرفت فيها ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني آكل أذناب الخيل وهي طيبة في فمي ، قلت : تعلم المناخل ، قال : نعم ، قلت تفيد من ذلك . ومثله رأى آخر ، قلت : أنت تعلم السعادي وتبيعها ، قال : صحيح ، فافهم ذلك .
[ 124 ] فصل : والمأكول على قسمين : فالحلو خير ورزق ، إلا المريض تضره الحلاوة ، فإنه يدل على طول مرضه . القسم الثاني : الحامض ردي إلا لمريض تنفعه الحموضة ، فإنه جيد له ، وهي على قسمين : فمنها ما يؤكل
____________________
(1/304)(1/92)
بنار أو بلا نار ، كاللبن والعسل والتمر والحصرم والتفاح وقصب السكر والمشمش وأكثر الحبوب فهذه وما أشبهها أرزاق وفوائد كيف ما أكلت . القسم الثاني : لا يؤكل غلا بالنار كاللحوم والأخباز والأرز والسلق وما أشبه ذلك ، إذا أكل قبل استوائه دل على النكد والتعب ، ويدل على الديون وبيع المتاجر قبل وقتها ، والخسارات ، ونحو ذلك . قال المصنف : إعتبر أصل المأكول ما يصير إليه ذلك . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أتيت شجرة نخل فأكلت منها عسلا بشهده ، قلت له : أخذت من امرأة ، أو من جليل القدر كوارة نحل ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني أشرب لبناً من كرمه وهو طيب ، قلت : أخذت من كريم بقرة أو شاة أو نحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تربح من ذلك . وقال آخر : رأيت أنني آخذ تمراً آكله يصير حصرماً وتفاحاً ، قلت : قاضيت ببستان بستاناً آخر ، قال : نعم ، إيش يكون العاقبة ، قلت : إن كان البستان الذي لك في أرض فيها التمر كان الذي استبدلت به قليل الثبات والفائدة ، وإلا فلا بأس عليك .
[ 125 ] فصل : وأما شرب الأدوية أو الأشربة للمرضى الذين يوافق مرضهم ذلك دال على العافية ، وإن لم يوافق دل على طول المرض . وأما شربه للأصحاء فإنذار بمرض يحتاجون فيه إلى مثل ذلك . قال المصنف : إذا جعلت الدواء جيداً كان الخير والعافية على يد رجل من إقليم الدواء ، وكذلك يكون حكم الرداءة . كما قال إنسان مريض بالحرارة : رأيت أنني شربت خيار سنبر ، قلت : لك العافية في ذلك ، وربما
____________________
(1/305)
يقدم عليك الطيب من مصر أو أصله من ديار مصر تنال العافية على يديه ، فجرى ذلك . وأما إن رأى أنه يشرب دواء لداء يعتقد نفعه / فظهرت بخلاف ذلك قلنا ارجع عما تتعاناه من المعالجة ، وإذا كان معوداً لدواء في اليقظة فرأى أنه يشرب دون ذلك ، قلنا : ربما تمرض في بلد تطلب الدواء المعتاد فما تقدر عليه ، فافهم ذلك .(1/93)
[ 126 ] فصل : شرب المسكرات وأكلها : مال حرام وفساد ، والاجتماع عليها فتنة وخصام ، إلا عند من يحللها فعز أو أرزاق وخير . قال المصنف : إنما دل أكل المسكرات وشربها على الحرام لأن العقلاء - ممن يعتقد تحريم ذلك ويحلله - أجمعوا على أن السكر ردي ومنهي عنه ، ودل على الفساد لاختلال تصرفات العقل الصحيح وقت السكر ، والاجتماع عليها دال على الفتن لأن الغالب من المجتمعين على ذلك إذا سكروا يضارب بعضهم بعضاً ويقع من الكلام ما لا يليق ، والحكم عند من يحلله أهون من ذلك عند من يحرمه . وقال إنسان : رأيت أنني أتيت إلى إناء أعتقد أن فيه عسلاً فشربت منه فظهر لي في الأخير أنه خمر ، قلت : اجتمعت بمن تظن فيه خيراً فرأيت عند اجتماعك به بواطن ردية حتى تنكد خاطرك لذلك ، قال : صحيح ، قلت ، وأكلت شيئاً تظنه حلالا فظهر أنه حرام ، قال : صحيح .
____________________
(1/306)(1/94)
[ 127 ] فصل : كل شيء ردي إذا صار جيداً ، أو المر أو الحامض إذا صارا حلوين ، دل على الأمن من الخوف ، وعلى الأرزاق والراحات من حيث لا يحتسب الإنسان ، ويدل على صلاح المفسود ، ووجود الضائع وزوال الشدائد . وكذلك أكل المحرمات في النوم لأجل الضرورات يدل على الرزق الحلال والفرج بعد الشدة . قال المصنف : انظر إلى ما صار إليه وأعط المرائي ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أن عندي شجرة وعليها شوك تمنعني من الطلوع عليها ، قلت : امرأتك عليها جرب أو طلوع أو دماميل تمنعك من الاستمتاع بها ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن عندي ليمونة انقلبت صارت تفاحة ، قلت : عندك امرأة كثيرة اللوم لك ، الساعة تنصلح ، قلت له أيضا : عندك في أرضك نبات قليل النفع ، تقلعه وتزرع خيراً منه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أتيت إلى حنظل أكلت منه فوجدته بطيخاً حلواً ، قلت : حاجة من جهة صعبة يهون الأمر وينقضي . وقال آخر : رأيت أنني آكل بطيخة حلوةً تحولت حنظلة ، قلت : يحصل لك نكد من معرفة ، وإن طلبت حاجة ما تنقضي ويجري فؤادك جرياناً كثيراً . وقال آخر : رأيت أنني عبرت حنظلة ، قلت : تصل في محبة امرأة صعبة المراس ، فجرى ذلك . فافهمه .
[ 128 ] فصل : وأما الجيد إذا صار ردياً ، أو الحلو إذا صار حامضاً ، أو انفسد بعد اصلاحه ، انعكس جميع ما ذكرنا .
____________________
(1/307)(1/95)
[ 129 ] فصل : كل حيوان دل على خير إذا اتلف أو جرح إنساناً ، أو هدم حائطاً ، ونحو ذلك ، صار حكمه حكم العدو . وكل حيوان دل على الردي إذا أعطى إنساناً ما يدل على الخير ، كالخبر أو كاللبن أو العسل ، أو انقذه من شدة في المنام أو زرع له ، أو عاونه في فعل خير ، أو ركب عليه ، أو نجاه من نهر أو طين ، أو قاتل عنه ، أو أعطاه صوفاً ، ونحو ذلك : حصلت له فائدة من حيث لا يحتسب ، وأمن من حيث يخاف ، وصار حكمه حكم الصديق النافع . قال المصنف : انظر تحول الحيوان الجيد . كما قال : لي إنسان : رأيت عندي ديكاً له قرنان نطحني وما التفت عليه ، قلت : أنت تحب امرأة سمسار أو مؤذن أو منادي وعنده تغفل عن زوجته ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني صرت ديكاً وأنا واقف على قرون ثور وتحتي سلة فيها دجاجة وأنا أنقرها وهي تعيط ، قلت : أن تؤذن على منارتين ، وتنظر إلى امرأة في دار ، وأنت تنقر لها بكلام ردي ، فاحترز لئلا يظهر عليك . فافهمه . وانظر ما تحول إليه حيوان الردي . كما قال إنسان : رأيت أن خنزيراً / يعلمني أحرث في الأرض ، قلت له : تتعلم الخط على يد نصراني . وقال آخر : رأيت قردة تراودني عن نفسها ، فلما دنوت منها أعطتني لؤلؤاً كباراً ، قلت : تزوجت أو اشتريت جارية من اليمن أو الهند أو السودان وعندها فساد ، وقد رزقت منها أولاداً ، لكنهم يطلعون أرباب قرآن وعلم وخير ،
____________________
(1/308)(1/96)
قال : صحيح ، وهم يتلون كتاب الله تعالى ، قلت : وهم طوال الأعمار ، وذلك لكبر اللؤلؤ . وقال آخر : رأيت أنني غارق في طين وأطلب الخلاص فلم أقدر عليه فرأيت مسكت بأذنيه وخلصني من طين ، قلت : كنت في سجن وأيست من الخلاص ، فجاء إلى عندك رجل كثير الحيل ، وقال لك أحكي لي خبرك فحكيت له ، وسمع منك ، وكان الخلاص على يده . وقال آخر رأيت أنني غارق في البحر وإلى جانبي مركب وكلما طلبت أمسكها لأركب فيها هربت مني فبقيت في شدة ، فجاء تمساح كبير فاتح فاه فقال اركب على قفاي ، فركبت فنجاني ، قلت : تخلص من شدة على يد عدو ، وتنجو من ذلك . فافهمه .
[ 130 ] فصل : وأما من ذبح حيواناً وعقره ليأكله ، أو لينتفع به الناس : كان ذلك خيراً وفائدة ، فإن كان الذابح ملكاً أو متوالياً نالت رعيته به راحة . قال المصنف : انظر هذا الذابح إن كان له عادة بما ذبح أو لا ، وأعطه على ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أذبح براغيثاً وآكلها ، قلت : أنت تأكل الفأر ، قال : نعم ، وقال آخر : رأيت أنني أذبح العصافير ، قلت : أنت لحام ، قال : نعم ، قلت : تخسر في معاشك لأنها دون صنعتك . فافهمه .
[ 131 ] فصل : وأما من ذبح حيوان من غير محل الذبح ، أو ذبح
____________________
(1/309)(1/97)
حيوان محرماً ، وأطعمه للناس ، فهي أموال حرام . فإن كان الذابح قاضياً حكم بالباطل ، وإن كان تاجراً أو رب معيشة فما كسب فحرام ، وأما إن ذبح الحيوانات المؤذية ليدفع أذاها عن الناس كان الذابح للناس فيه راحة . قال المصنف : إذا ذبح الحيوان في مواضع لا يليق به ، كما قال لي إنسان : رأيت عندي حيواناً مجهولاً وقد ضيق عليّ ، ورائحته ردية ، وقد ذبحته في دبره ، وقد امتلأ المكان منه ، قلت له : عندك قناة قد انفسدت ، وضيقت المكان وفتحتها ملأت المكان ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني ذبحت كبشاً من أذنه ووقع إلى الأرض ، قلت له : أتيت إلى جليل القدر نقلت إليه كلاماً ردياً ، قلت له في أذنه فخاف من ذلك ومرض ، قال : جرى ذلك . وقال لي بعض الملوك : رأيت أنني أذبح إنساناً بقلم ، قلت : هذا تجعله قاضياً ، قال : نعم ، ودليله قوله عليه السلام : ' من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين ' . وقال إنسان : رأيت أنني ذبحت حيواناً في طهور ، قلت له : أنت عازب ، قال : نعم ، قلت تتزوج ، وترزق ولداً ذكراً ويكبر حتى تطهره ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني ذبحت خروفاً وأطعمته للقراة ، قلت : لك ولد ، قال : نعم ، قلت : يموت شهيداً في القتال ، فجرى ذلك . وقال
____________________
(1/310)
آخر : رأيت أنني ذبحت كبشاً أضحية ، قلت : أنت صعلوك / وسيفتح الله لك بمال ، وتضحي ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني ذبحت عجلاً وتصدقت بلحمه ، قلت : عندك مريض عزيز عليك ، قال : نعم ، قلت : يعافى وقد نذرت عليه نذراً ، فإذا عوفي أوف بنذرك . فافهمه .(1/98)
[ 132 ] فصل : وأما ذبح الضحايا والنذور وكل ما كان قربة : فسرور وخلاص من شدة أو مرض ، ويدل على الرقعة والخير . وأما من ذبح حيواناً لا يليق به الذبح ، أو تلوث ذلك المكان بالدم ، ذل على نكد يحصل في ذلك الموضع ، وربما مات فيه من دل الحيوان عليه ، فإن كان كبيراً مات كبير وإلا فصغير ، وإن كان ذكراً فهو ذكر وإلا فأنثى ، وإن لم يعلم أذكر هو أم أنثى راح من فيه نفع . قال المصنف : انظر المكان المذبوح فيه وأعط الرائي ما يليق به . كما قال / لي إنسان : رأيت أنني ذبحت غزالاً في حجري ، تلوثت بدمه ، قلت : لا ترجح تقرب الذكران . وقال آخر : رأيت أنني ذبحت بقرة في وسط داري وهي صغيرة عن البقرة ، قلت له : ضربت امرأة في ذلك المكان ، وغشي عليها ، وكادت تموت ، قال : صحيح . وقالت امرأة : رأيت أنني ذبحت خنزيراً في فراشي وتلوثت بدمه ، قلت : نام معك في الفراش رجل نصراني قالت : جرى ذلك .
[ 133 ] فصل : كلام الحيوان للإنسان أو تحوله في صفة الآدمي دال على
____________________
(1/311)
الصلح مع الأعداء ، والأمن من الخوف ، وقضاء الحوائج ، والاطلاع على الأخبار الغربية . قال المصنف : انظر الكلام من الحيوان والتحول في أي صفة كان . كما قال لي إنسان : رأيت عندي عجلاً صار جملاً ، قلت له : لك صديق يهودي ، قال : نعم ، قلت : يسلم ، ودليله أن اليهود ما يستحلوا ذبحه ولا أكله والإسلام يبيح ذلك . وقال آخر : رأيت جملاً يصيح لي ، فقلت له لبيك ووضعت يدي في فمه فمسكها قلت له أنت رجل مطالبي ، ومسكت مرة في ذلك ، قال : نعم ، وكان دليله أن الجمل يسمى مطية ، وقال له لبيك فصار مطالبي . وقال آخر : رأيت حرذوناً مقطوع الوسط ، وهو يناديني ، قلت له : هل أجبته ؟ قال : لا ، قلت : امرأة على قبور طلبت الفساد ولم تجب ، قال : نعم ، وكان دليله أنك إذا قسمت لفظ الحرذون يصير أوله حر : وهو الفرج ، وذون : ذون .(1/99)
[ 134 ] فصل : وأما من دخل بطن حيوان أو فمه أو في فرجه وكان مريضاً ولم يخرج : مات وكان ذلك قبره ، وإن كان سليماً : مرض أو سجن أو جرت عليه آفة أو شدة ، وربما يكون ذلك في بلد الحيوان ، أو على يد إنسان من ذلك البلد ، كمن عبر بطن فيل قلنا له ربما يحبس أو يناله شدة في الهند أو على يد هندي .
____________________
(1/312)
قال المصنف : انظر إذا عبر في حيوان من أي جهة ، ولاي شيء ، وتكلم عليه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني عبرت بطن بقرة من فرجها ، وكان في بطنها أولادا أخذت جلودهم ، قلت له : عبرت على أقوام نيام أو مرضى أخذت قماشهم ، قال : صدقت . ومثله رأى آخر لكنه قال من فمها ، قلت له : عبرت قبراً وجدت فيه موتى أخذت أكفانهم ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت له : دخلت على جماعة في حمام عرايا أخذت قماشهم ، قال : صحيح .
[ 135 ] وجلود الحيوان وأصوافها وأشعارها وأوبارها كلها أرزاق وأموال وفوائد .
[ 136 ] فصل : السجود للحيوانات دال على خدمة من دل الحيوان عليه ، وعلى فساد دين الساجد أو بدعته ، وأما سجود الحيوان للإنسان فهو رفعة وخير ولاية وتذلل له الأمور الصعاب . قال المصنف : انظر لمن سجد الحيوان ، ومن سجد له . كما قال لي إنسان رأيت قطة تجيب لي رغيفاً بعد رغيف من دار معروفة ، وأنا أسجد لها ، قلت له : ثم امرأة تسرق من أهل المنزل وتعطيك ، وأنت تشكرها ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت فأراً صغيراً خلف جرذان كبير وأنا أسجد
____________________
(1/313)
للصغير دون الكبير ، قلت : أنت تحب ابن حفار القبور أو ابن حجار أو ابن نقاب وتخدمه ، قال : نعم ، وقال آخر : رأيت أنني صرت كركياً وأنا واقف على فرد رجل ، قلت له : تصير حارساً أو ناطوراً ، فصار كذلك ، لأن هذه الطيور لها ناطور كذلك ، فافهمه .(1/100)
[ 137 ] وأما من طلب حاجة من الحيوان فيدل على طلب حاجة من اللئام . قال المصنف : إنما دل طلب الحاجة من الحيوان على طلب من اللئام لأنهم لا يعرجون على قوله ولا يفهموه .
[ 138 ] فصل : وأما من بلع حيواناً حياً : تزوج إن كان أعزب أو تحمل زوجته أو سريته ، ولمن عنده حامل دليل على ولد ، فإن كان بلع ذكراً فالحمل ذكر وإلا فلا ، وربما أحب أو اعتقل من دل الحيوان عليه ، فإن كان أضر بالبالع أو أثقله : مرض البالع أو تنكد ، فإن أخرجه : زال ذلك جميعه والله أعلم . قال المصنف : انظر ما بلع من الحيوان وتكلم عليه . كما قال لي إنسان :
____________________
(1/314)
رأيت أنني بلعت النبي صلى الله / عليه وسلم ، قلت : قد سرقت كتاب حديث عنه ، قال : نعم . ومثله رأى آخر وكان ظاهره الدين ، قلت له : تصير محدثاً عنه عليه السلام . وقال آخر : رأيت أنني بلعت سعد بن عبادة وهو أحد العشرة رضي الله عنهم ، قلت له : أنت يعتريك صرع ، قال : نعم ، قلت :
____________________
(1/315)(1/101)
تموت قتلا بالنشاب ، فكان كذلك ، وكان دليله أن سعداً قتلته الجن بسهم من نشاب . ورأى آخر أنه بلع العرش ، قلت له : كنت في دار فيها جماعة يرقصون وسرقت منها مصحفاً ، قال : صحيح ، وكان دليله أن الملائكة حافين من حول العرش بالتسبيح والعبادة ، والدائرون من الإنس لا يكون إلا بالرقص ، ودل على المصحف لأن عكس عرش شرع وليس في الأرض شرع من الله تعالى إلا كرمه العزيز ، وكونه سرقه لأن العرش طاهر وخبأه في موضع يتخذ للدماء والبول . وقال آخر رأيت أنني بلعت مصحفاً ، قلت : تحفظ القرآن ، لكونه صار في صدره . وقال آخر : رأيت أنني بلعت ديكاً ، قلت : هل آذاك ، قال : لا لكنني فرحت به ، قلت له : أخليت بعض منازلك لعابد كثير السهو بالليل وكثير الذكر ، قال : نعم ، هو عندي . وقال آخر : رأيت أن عندي غزالا حسن الصورة غير أنه ميت ، فأخذته وبلعته ، قلت يموت لك ولد وتجعل قبره في دارك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أبلع سمكة وهي تقف في حلقي ، قلت : يقع في عظمك عظم سمكة أو قشرها وتجد ضرر ذلك ووجعه ، فكان كذلك .
____________________
(1/316)
( [ باب : 8 ] الباب الثامن ) ( في الأبنية )
[ 139 ] من بنى مكاناً قريه أو حكم عليه كالمساجد والمدارس والزوايا والخوانك سور البلد والقناطر والبيمارستان والخانات للسبيل ، أو حفر خندقاً أو بئراً لنفع الناس ، أو بركة وما أشبه ذلك ، فإن كان أهلاً للولاية تولى ، وإن كان متولياً نصب للناس رجلا ينتفعون به ، أو يشمل خيره أهل ذلك المكان ، وإن كان عالماً ربما صنف كتاباً فيه نفع أو نفع الناس بفتاويه ، وإن كان عابداً انتفع الناس بدعائه أو نصب للناس من يردهم إلى طاعة الله .
[ 140 ] فصل : وأما إن كان صاحب مال انتفع الناس بمعروفه ، وإن كان صاحب صنعة أو معيشة استفاد منها ، وإن كان فاعل ذلك فاسقاً أو
____________________
(1/317)(1/102)
كافراً تاب ورجع إلى الله تعالى ، وإن كان أعزب تزوج ، وإن كان مزوجاً رزق ذرية صالحين ، وإن كان فقيراً استغنى ، وإن كان مريضاً بريء وقدم الناس يبشرونه بالعافية ، هذا كله إن بناه بآلة تليق بمثله في ذلك المكان . وإن بناه بآلة لا تليق به : تقرب إلى اله تعالى أو إلى الأكابر أو إلى الناس ، أو تزوج ، بالأموال الردية . وأما من هدم شيئاً من ذلك : سعى في زوال رجل للناس فيه نفع ، وربما مات كبير ذلك المكان . قال المصنف : إنما دل البناء على الولاية كالملوك ونوابهم لأن الغالب أن ما يبنى أو يحكم على ذلك المذكورون ، وانظر إذا بنى أو تحكم على شيء من ذلك فأعطه على ما يليق به ، كما قال إنسان : رأيت أنني فوق خانقاه وأنا آمرهم وأنهاهم ، وعلي ثياب ردية ، قلت : يحصل لأهل ذلك المكان نكد منك ، ويكون الذنب لك ، ودليله لكونك تحكمت على من لا يليق بك الحكم عليهم . وقال آخر : رأيت أنني بنيت خاناً للسبيل ، قلت : من أعبرت إليه ، قال : عبر إليه غنم وذئاب ، قلت : أنت تجمع المفسدين وقطاع الطريق وأرباب الأموال وتحسن إليهم ، وتعتقد أنك على صواب ، وأنت على الخطأ ، ونخشى عليك نكد من غرامة ، فعن قليل أضاف أقواماً مفسدين سرقوا ودائعاً كانت عنده ، وغرمها ، لأن الغنم كالوديعة في الخان والذئاب
____________________
(1/318)(1/103)
مفسدون لا يصبرون إذا رأوا الغنم . وقال آخر : رأيت أنني أبني لسيدي سوراً مليحاً وعلى دور الناس آخر ، قلت : ظاهرك الخير ، وأنت تدعوا لأولئك ، وقد أفلحوا بك . ومثله قال آخر / غير أنه قال ابنيه حول امرأة ، قلت : بأي شيء كنت تبنبه ، قال : بزجاج ، قلت : أنت تحب هذه المرأة ، وتعمل لها كتاب سحر وما ينفع . ويدلون على العلماء وأرباب الدين لحراسة الناس بهم إما بدعائهم أو بفتاويهم التي تحرس من الوقوع في المحرمات ، ودلوا على الصنائع والأموال لأن الباني لذلك إنما يكون غالباً لمن له قدرة فتارة بالمال وتارة بالصنعة المحصلة للمال ، ويدلوا أيضاً على دفع البلايا في الدنيا ، ويدلوا على تزويج العزاب لأنه يقال للمتزوج : بنى فلان على أهله أي عبر عليها ، ودلوا على الذراري لكونه ثم ما عمله من الماء والطين ، وركوب الواحد فوق الآخر فأعطى الذرية فوق ما ذكرنا ، ودلوا على عافية المريض لأن المكان كجسم الرائي وقد تجدد له ذلك فأعطاه العافية . وأما إذا بناه بآلة لا تليق به فتكلم عليه بما يصلح له . كما قال لي رجل تاجر : رأيت أنني أبني بركة بحجارة ملح وهي حجارة جياد ، قلت : عزمت على شري سكر وتحمله في مركب في البحر ، قال : نعم ، قلت : يلحقه الموج فيتلف أو يغرق ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني بنيت بيوتاً من عسل ، قلت : كانت في الشمس أم في الظل ، قال : بل في الشمس ، قلت :
____________________
(1/319)
أنت تعرف تعمل الحلاوة التي تنفخ وتعمل منها كاللعاب وكيزان الفقاع ونحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تمرض وتبطل فائدتك من ذلك ، فجرى .(1/104)
[ 141 ] فصل : وأما من بنى فندقاً أو دكاناً أو حماماً أو فرناً أو مسلخاً أو طاحوناً أو ملكه أو تحكم فيه فإن كان أعزب تزوج وإن كان آهلاً للملك تملك ، أو للولاية تولى ، أو يرزق ولداً وإلا اشترى عبداً أو جارية أو دابة ، أو تجددت له معيشة داره ، وأما إن كان عبداً ترك العبادة ورجع إلى الدنيا ، وربما حصل للرائي نفع من أحد أبويه ، أو من إخوته أو أقاربه أو من أملاكه ، وإن كان فقيراً استغنى ، أو تعرف بإنسان ينفعه .
[ 142 ] فصل : ويدلوا على الأكابر والملوك لما فيهم من الصندوق وجمع المال ، والحرس والأمناء ، ومجيء الناس إليهم ورجوعهم وقد قضيت حوائجهم . فإن جعلنا ذلك زوجاً كان لما في الحمام من اللذة والاغتسال ، وخروج العرق الذي هو بمنزلة المنى وكثرة المياه . ولما في الطاحون من زوجي الحجارة ، وركوب الواحد فوق الآخر . ولما في الفندق من النوم والراحة للمسافر وما أشبه ذلك . وإن جعلنا كل واحد ملكاً أو عالماً أو عابداً لمجيء الناس إليه وانتفاعهم به .
____________________
(1/320)(1/105)
قال المصنف : انظر إذا بنى شيئاً من ذلك وأعطه من الخير و الشر مل يليق به في وقته . كما قال الإنسان : رأيت أنني بنيت فندقاً ، قلت له : يحدث لك سفر جيد وإلا فلا . وقال آخر : رأيت أنني هدمت فندقاً ، قلت له : تجهزت للسفر والساعة يبطل سفرك ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أنني جددت حماماً في داخل حمام ، قلت له : اغتسلت ثم شككت في غسلك فاعدته ثانياً ، قال : نعم ، ومثله رأى آخر ، قلت له : كان ماؤه حاراً ، قال : نعم ، وكان في زمن الصيف ، قلت له : كان يعتريك حمى واحدة صارت تعتريك حماتان ، قال : نعم . ومثله رأى آخر ، قلت له : أيما أحسن الحمام الداخلة أو الخارجة ، قال : بل الداخلة ، قلت له : ستحمل زوجتك بغلام ، فكان كذلك . ومثله رأى آخر ، قلت : عندك امرأتان وربما تكون إحداهن سرية ، قال : صحيح . وقال إنسان : رأيت أن فلاناً بنى له حماماً بماء حار وكان في الصيف ، قلت : أهو مريض أم لا ، قال : مريض ، قلت : بالحمى الحارة ، قال : نعم ، قلت : يموت ، فمات . ومثله رأى آخر إلا أنه قال بماء حار في زمن الشتاء ، قلت له : يعافى من مرضه ، فعوفي . وقال آخر : رأيت أن حماماً على يدي فوقعت من يدي تهدمت ، قلت له : كان في يدك مجمرة أو كانوا وقع من يدك وتكسر ، ضحك وقال : نعم . وقال آخر : رأيت على / يدي حماماً وقد أكلته ، قلت : كان عندي غلاية
____________________
(1/321)(1/106)
بعتها ، وأكلت ثمنها ، قال : نعم . وقال إنسان : رأيت أن نجماً من السماء وقع على رأسي وأنا أغتسل فشجه ، قلت له : يقع على رأسك جامة من حمام فتؤذي رأسك ، فجرى ذلك . وقالت امرأة : رأيت أنني صرت ناطورة في حمام للرجال والنساء والوحوش ، قلت : الساعة تصيرين قابلة تقبلي البنين والبنات وبعض أولاد الزنا ، فذكرت أنها صارت كما قلت لها . وقال آخر : رأيت أنني صرت حماماً ، قلت : يطلع على جسمك طلوعات ، فكان كذلك . ومثله رأى آخر : قلت له بقع بفؤادك إسهال . ومثله رأت امرأة ، قلت : أنت كثيرة النكاح من كل جنس . وقال آخر : رأيت أنني أفتح ميازيب الحمام والماء يجري منها بعد أن كانت مسدودة ، قلت : ستصير تحقن الناس ويكون خلاصهم من عسر البول في يدك ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت جرناً في حمام والناس يغترفون مني ماء ، قلت له : ارجع إلى الله أنت بك البغاء ، فسكت وقال : اكتم ذلك . وقال آخر مثل ذلك غير أنه قال : كان في أسفل الجرن بخش لا يمسك الماء ، قلت له : سيقع بك إسهال شديد بحيث لا يستمسك فؤادك ، فوقع به ذلك ، ومات منه . وقال آخر : رأيت أنني صرت ضامن حمام ، قلت له : أنت ضامن بحر تأخذ من كل من
____________________
(1/322)(1/107)
يجيء ، ويخرج ، فإن كانت الحمام مليحة ربحت وإلا فلا . وقالت امرأة : رأيت أنني رميت كبدي في قدر ماء يغلي ، قلت : أصحيحة أم مقطوعة ؟ قالت : بل كانت صحيحة ، قلت : أنت حامل وستضعين في حمام ، فجرى ذلك . ومثله قالت أخرى ؛ قالت : رأيت كأنني رميت كبدي من دبري من ماء حار ، قلت : تضعي خفية من الزنا ، وتربيه امرأة وقاد أو طباخ . وقالت أخرى : رأيت زوجي ينظر إلي من جمامات الحمام ويقول ما هذا إلا كرب عظيم ، قلت لها : لك غائب ، قالت : نعم ، قلت : هو مريض بالحمى والساعة يقدم ويموت ، فجرى ذلك . وقالت أخرى : رأيت بعض من يعين عليّ من جمامات الحمام ، وهو يسجد للزهرة ، قلت لها : أخبرك منجم أنه يعرض عنك وهو مشتغل عنك بحب امرأة أخرى ، قالت : كذا قال ، قلت لها : فالمرأة ساحرة ، قالت : صدقت .
[ 143 ] فصل : وأما إن كانت رائحتهم ردية ، أو نارهم مؤذية ، أو دخانهم مضراً أو فيهم الجيف أو الحيوانات المؤذية كالعقارب والحياة والسباع وأمثالهم : دل على أماكن الظلمة وأرباب الفساد ومواضع علماء البدعة ، وعلى المتاجر بالأموال الردية ، والمعايش الدنية ، أو يبني مكان بدعة كالكنائس والسجون والخانات ونحوهم . قال المصنف : دلت على أماكن الظلمة لأن الغالب أنها بضمان ، وهو خلاف الشرائع في أكثر ما يتعانى فيها ، ولكون الأوصاف المذكورة فيها
____________________
(1/323)(1/108)
مؤذية بغير حق . ودلت على أرباب الفسادلكونهم يتلفوا الأجسام ، وعلى علماء البدعة من الذين بواطنهم ردية ، وعلى المتاجر والمعايش الردية لأن ذلك إذا بيع كان أكثره حراماً والنفوس تنفر منه ، ودلوا على أماكن البدع ونحوها لن هذه الأوصاف المذكورة في المواضع المشار إليها مبتدعة ، خلاف العادة . كما قال لي إنسان : رأيت أن سبعاً جرحني في حمام ، قلت له : أين جرحك ، قال : في رأسي ، قلت له : سرح إنسان رأسك بمشط حاد الأسنان فأسال دمك ، قال : صحيح ، لأن أسنان السبع تشبه أسنان المشط . وقال آخر : رأيت أنني في فرن فدخل في رجلي عود في رأسه نار فأحرقها ، قلت له : لسعتك حية في رجلك ، قال : نعم . وقال آخر رأيت أن حية لدغتني في فرن ، قلت لها : تحترق بعود فيه نار فجرى ذلك .
[ 144 ] فصل : من دخل حماماً واغتسل أو تنظف بما لا يضره كالبارد في الصيف أو الحار في الشتاء فهو دال على الغنى والخير وقضاء الديون والتوبة ، وعلى الخلاص من المرض والشدائد ، وعلى قضاء الحوائج .
____________________
(1/324)
وإن كان أعزب تزوج . وأما من اغتسل بالماء الحار في الصيف أو بالبارد / في الشتاء انعكس ما ذكرنا . قال المصنف : دل على الغنى والخير لكونه قضيت حاجته ، وعلى قضاء الديون لإزالة الوسخ المانع الذي كان عليه يضيق صدره أشبه الدين ، وعلى التوبة لكونه تنظف من الأوساخ وتطهر فصار كالتائب الذي لا ذنب عليه بوسخ آخرته . كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملوث ببول وطوط ، فاغتسلت منه بماء حار ، أسخنته بحطب زيتون ، قلت له : أنت محب لامرأة ضعيفة العينين ، وأنت ملوث العرض بذلك ، قال : نعم ، قلت : الساعة ترزق توبة على يد رجل من أهل الشام ، فجرى ذلك وتاب . ودلوا على الخلاص من الأمراض والشدائد لأن الإنسان لا يزال في
____________________
(1/325)(1/109)
تعب حتى يغتسل لأنه متعلق بالجسد ، كالمريض الذي لا يزال في شدة حتى يزول ما بجسمه ، ودل على تزوج العزب لكونه زال ما هو فيه من القشب ، ولأن الاغتسال - الذين يتزوجون - غالباً الماء الحار في الصيف والبارد في الشتاء مضيق للصدر مؤذي لبعضا الأجساد لا يتعاناها أحد إلا لضرورة أو عادة ؛ والعادة لا حكم لها ولا كلام فيها والضروري يعطي عكس ما ذكرنا من الخراب .
[ 145 ] فصل : وأما من أتى إلى الطاحون بحب فطحنه ، أو إلى فرن بعجين فخبزه ، أو إلى مدبغة بجلد فدبغه ، أو إلى مسلخ بحيوان فذبحه ، أو بلحم إلى طباخ فطبخه أو شواة ، أو بدابة إلى بيطار فأصلحها ، أو بثوب إلى خياط فخاطه ، وما أشبه ذلك ، فإن كان يطلب حاجة من كبير حصلت له ، أو يحتاج إلى عالم في أمر ، أو إلى عابد ، أو يتزوج ، أو يستغني بعد فقره ، أو
____________________
(1/326)(1/110)
يأمن من خوفه ، أو يتعافى من مرضه ، أو يخلص من شدته ، أو يربح بد خسرته ، كل إنسان على قدره وما يليق به . وأما إذا لم يكن تم له في المنام شيء مما ذكرنا لم يبلغ مراده . قال المصنف : اعتبر لقاصد هذه الأماكن في طلب حاجة وتكلم عليه بما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أن طاحونة تطحن شعيراً كان معي والدقيق ينزل دقيق حنطة ، قلت له : فالشعير من عادتك تأكله ، قال : لا ، قلت له : تحتاج بعد غناك حاجة تأكل فيها خبز الشعير ، ثم بعد ذلك تستغني من عند إنسان كثير الرقص والطرب ، فكان كذلك ، لأن دوران الحجر كالراقص الذي لا يزل في مكانه بعد دورانه . ورأى آخر أنه أتى إلى فرن بدقيق فخبزه من غير عجن ، قلت له : عندك مريض وأنت تطلب طبيباً ليداويه ، قال : نعم ، قلت : يبرأ قبل أن تمارس أموره . ومثله رأى آخر ، غير أنه قال تلف الخبز ، قلت : عندك حامل ، قال : نعم ، قلت : تمرض بالحمى ويتلف الولد وربما يسقط ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني جئت بجلد ميتة أصلحه الدباغ بدبغه ، قلت : لك مال فيه حرام أو لم تخرج زكاته عزمت على أنك تزكي وتعمل حيلة ليصير لك حلالاً ولا تبرئ ذمتك بالكلية ، لأن الناس اختلفوا في طهارة دباغ جلد الميتة . وقال آخر : رأيت أنني أخذت جلد جاموس من مدبغة ، قلت : أخذت ثوباً من تركة جليل القدر ، فإن كان بلا دباغ فقد أخذته بغير حقه . وقال آخر : أتيت بجلد يابس فوضعته في بركة
____________________
(1/327)
مدبغة ، فجاء كلب فأكله ، قلت : عزمت على تطرية ثوب أو غسله ، قال : نعم ، قلت : يسرق منك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني خلعت جلدي وسيرته إلى المدبغة ، قلت له : تموت ويروح مالك إلى الحشرية ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني جئت دباغاً ليدبغ جلدي ، قلت : تمرض وتطلب طبيباً ، فجرى ذلك .(1/111)
[ 146 ] فصل : وأما من عبر إلى هذه الأماكن ، أو تلوث بدم أو طين ، أو رائحة ردية ، أو اخترق بنار ، ونحو ذلك : حصل له نكد من كبير ، أو من ولد ، أو أقارب ، أو من زوج ، أو تنكد من مسافر ، أو من زانية ، أو تعطلت مكاسبه ، ونحو ذلك . قال المصنف : أعطه من الأحكام على قدر ما تنكد من هذه الأماكن . كما قال لي إنسان : أدخلت يدي تحت رحاة تدور فأتلفتها ، قلت : تدخل روحك بين اثنين بما لا يليق تتنكد منهم . وقال آخر : رأيت أن ذكري تلوث بدم من مكان جزار وأنا ألعق ذلك الدم ، قلت : أنت تفسد من دار جرائحي أو فاصد ويعطوك أجرة ، وهي حرام ، قال : صحيح ، وأنا تائب . وقال آخر : رأيت خياطاً / عمل على رأسي كوفية مليحة وخيطها في حلدة رأسي وتألمت من ذلك ، قلت : عمل عليك إنسان كاتب في الاجتماع بامرأة ، إما بتزويج أو غيره ، وتألم خاطرك ، وتطلب الخلاص ما تقدر عليه ، قال : نعم .
[ 147 ] فصل : وأما من بنى بيتاً ، أو داراً ، بناءً مليحاً : حصل له من الخير على ما ذكرنا ، على ما يليق به . وربما كان ذلك للفقير ثوب ، أو كسوة . وأما
____________________
(1/328)(1/112)
من رأى بيته ، أو مجلسه ، أو إيوانه ، هدم : مات مريض ذلك الموضع ، أو كبيره ، أو فارق ولده ، أو زوجته ، أو قرابته ، أو دابته ، أو تعطلت معيشته ، ونحو ذلك . وأما هدم المرحاض أو سده : دليل على نكد أهل ذلك الموضع ، ويدل على فراق الزوجة ، أو السرية . قال المصنف : انظر هل بنى بنفسه أو بغيره ، وأعطه ما يليق به . كما قالت لي امرأة : رأيت إنساناً بنى على يدي سوراً وهو سور مليح ، قلت : يتزوجكي ويشتري لك سوراً . ومثله رأت أخرى أن إنساناً عمل على أذنها قنطرة ، قلت لها : يعمل عليك حيلة وأوعدك بأن يشتري لك حلقاً في الأذن ، قال : نعم ، قلت : لا تسمعي منه . وقال إنسان : رأيت أن لي مكاناً مليحاً ونقلت خزانة منه إلى المقابر ، قلت له : يروح لك مال يأخذه حفارون القبور أو مقربون الجنائز ونحو ذلك ، فما مضى قليل إلا وراح له ذلك من حفارين القبور . وقال جليل القدر : أبصرت أن السلطان بنى لي مكاناً عالياً مشرفاً
____________________
(1/329)
لأجل الفرجة وما فيه طاقة ، قلت : يوليك منصباً لا طاقة لك به ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن طاقة بيتي سدت ، قلت له : تنطرش أذنك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت باذهنجي انسد ، قلت : يقع بك زكام وينسد أنفك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت الباذهنج زال ، قلت : لك مركب ، قال : نعم ، قلت : يعدم القلع الذي له ، فعدم . ومثله رأى آخر ، قلت : يقع بأذنيك عيب ، فقطعت . وقال آخر : رأيت أن بيت الراحة الذي لي إنسد ببطيخة ، قلت : يطلع بدبرك طلوع ، ويعسر عليك البول ، وتقطعه بالحديد ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت مطبخي تعمل فيه حلاوة ، فجاءت وزغة رمت في الحلواء نقطة خل حامض فافسدته ، قلت : عندك طباخة حائض ، قد سقط من حيضها نقطة دم في بعض ما تعمله من المأكول فاحترز منه ، فراح من عندي وسأل عن ذلك فوجده صحيحاً .(1/113)
[ 148 ] فصل : وأما من انهد بابه ، أو انكسرت سكرته ، أو انقلع قفله ، أو مسامير بابه : فإن كان متولياً عزل ، أو يموت له غلمان كالبوابين والحراس والعبيد والخدم ، أو فارق زوجته أو أهله أو معارفه الذين يسترونه بمعرفتهم وحمايتهم له ، وربما دخل ذلك البلد أو المكان لص ، أو نهب ، أو يعدم منها شيء ، لزوال ما كان يحفظه . قال المصنف : انظر ما جرى من هدم أو كسر أو قلع ، وتكلم عليه بما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أن بابي تلف ، قلت : يقع في فمك عيب ، فتكسرت أسنانه من وقعة . وقال آخر : رأيت شفتي زالت ، قلت له : تسرق
____________________
(1/330)
فردة من بابك أو طاقة من خزانة ونحو ذلك ، فسرق ذلك . وقالت امرأة : رأيت أن باب بيتي إنهدم على ولدي قتله ، قلت لها : أنت حامل ، وحين تضعي الولد يمتسك معك ، ما يخرج إلا ميتاً ، فعن قليل جرى ذلك . وقالت أخرى : أبصرت في باب بيتي لعبة مليحة ، وأنا أفرح بها ، وقد منعت زوجي العبور ، قلت لها : قد خبأتي إنساناً ، وربما تكون امرأة ، وقد قعد مكان زوجك وقد منعتي زوجك نفسه ، قالت : صحيح . وقال آخر : رأيت قد طلع في بابي عين كلما عبرت تلوثت ، قلت له : امرأتك كثيرة خروج الدم من فرجها من غير حيض وأنت تتلوث بذلك ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت على بابي شبكة ، قلت : يحصل ترسيم عليم في منزلك . وقال آخر : رأيت أنني أنظر من طاقة البيت إذ رأيت سحابة بيضاء غطت الطاقة ، قلت له : ترمد إحدى عينيك ويقع عليها بياض ويمنعك النظر بها ، فعن قليل جرى له ذلك . وقال آخر : رأيت أبواب الطاقات التي لنا سقطت ، قلت : تمرض وتسقط جفون عينيك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت / أن عين ماء نبعت عند عيني وهي تقلب في داخل يدي فامتلأ فؤادي من ذلك وأثقلني ، قلت : تنقب دارك من عند بابها أو من عند طاقة ، ويعبر من ذلك اللص إلى منزلك أو ذويك ، فجرى له ذلك .(1/114)
[ 149 ] فصل : وأما من رأى مسجداً تهدم أو محرابه ، أو منبره ، أو وقعت قبته : مات إمامه ، أو خطيبه ، أو كبير ذلك المكان . وكذلك إذا انهدمت مئذنته . وربما مات مؤذنه . وإن انكسرت قناديله ، أو تلفت
____________________
(1/331)
حصره : ذهب علماء ذلك المكان والمتصدرون به لنفع الناس في ذلك المسجد ، أو مات غلمانه أو قومته ، أو بطلت أوقافه . وكذلك إذا انهدمت قواعده أو أعمدته . وإن كان المسجد الكبير الذي للصلاة : ربما وقع في المسلين نكد . وأما ما رؤي فيه من بناية ، أو سعة ، أو في بعضه : عاد ذلك على من ذكرنا . وربما قدمت على المسلمين بشارة . قال المصنف : ما حدث في أماكن العبادة من خير أو شر رجع إلى من فيه ، وإلى من علمه ، وإلى جنس ذلك الدين ، كما ذكرنا ، كما قال لي إنسان : رأيت مسجداً إنهدم ، قلت : كنت تلازمه ، قال : نعم ، قلت : تركت الصلاة ، فارجع إليها . وقال آخر : رأيت محرابه انهدم ، قلت : كنت تتعلم القرآن العزيز ، قال : نعم ، قلت : قد تركت ذلك ، قال : صحيح . وقال لي إمام مسجد : رأيت قبة مسجدي وقد اختطفها غراب ، قلت له : تخطف
____________________
(1/332)(1/115)
طاقيتك أو عمامتك أسود ، فما مضى قليل إلا وجرى ذلك . ورأى إنسان أن القنديل الذي بالمحراب زال وجعل موضعه قنديل نحاس ما يصلح للوقيد ، قلت : يموت إمامه أو يعزل ، ويأخذ مكانه رجل أعمى لا ضوء بعينه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني بعت بعض قومة جامع ، قلت : سرقت منه حصيراً أو قنديلاً ، وبعت ذلك ، ضحك ، وقال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن مئذنة الجامع إنهدمت وأنا أقول بطل الأذان ؛ قال لي آخر ما بطل ، قلت له : يقع بسمعك طرش فيمنعك سماع الأذان ، فجرى ذلك . وقال مؤذن : رأيت أنني بنيت مئذنة داخل مئذنة ، قلت له : حملت زوجتك ولداً ذكراً وهو يطلع مؤذناً مثلك ، فما مات حتى جاءه ولد صار مؤذناً مكانه ، وقال آخر : رأيت أنني وقعت داخل قنديل وأكلت فتيلته ، قلت له : نزلت إلى جامع وسرقت ثياب أمامه ، قال : نعم . ومثله قال آخر غير أنه شرب الزيت الذي فيه ، قلت له : سرقت مخزن زيت الساعة تموت بوجع الرأس ، فعن قليل أوجعه رأسه ، ومات وبه ذلك .
[ 150 ] فصل : وحكم الصوامع والكنائس والمعابد ، لأهلها ومن يقرب بها : حكم المسجد . فما نزل بها من خير ، أو شر ، نسبناه إليهم . قال المصنف : وأعط كل ملة على ما يليق به . كما قال لي نصراني : رأيت أنني أكلت المسيح ، قلت له : سرقت صليباً وبعته وأكلت ثمنه وكان ذهباً ، قال : نعم ، وقال اليهودي : رأيت أن موسى بن عمران وراء ظهري ، قلت له : كنت تحفظ بعض التوراة تركتها والساعة يتغير دينك ، فصار
____________________
(1/333)
مسلماً . وقال حبيس نصراني : رأيت أن قلالتي تهدمت ، قلت : تترك العبادة وترجع إلى الدنيا . وقال لي سامري : رأيت أنني أكلت من التوراة عشر ورقات ، قلت : حلفت بالعشر كلمات وأنت كاذب لأجل الضرورة خفت على نفسك منها ، قلت : صحيح . ومثل ذلك فاعمل موفقاً إن شاء الله تعالى .(1/116)
[ 151 ] فصل : وأما هدم السجون ، ودور الفسق ، ومواضع الكفر : فدليل على ظهور العدل ، والخير ، والأمن ، في ذلك المكان . كما أن تجديدهم ، وبناءهم : يدل على الضد من ذلك . قال المصنف : وربما دل هدم السجون على ظهور المفسدين لزوال ما كان يردعهم . كما قال لي إنسان : رأيت أن في بيتي سجناً وقد انهدم وخرج منه دخان ، قلت : في بيتك حيوان مؤذي وتخشى خروجه عليكم ، وربما يكون حية سوداء ، فعن قليل خرج عليه من مكانه حية سوداء عظيمة كانت ساكنة فيه . وقال آخر : رأيت أن داري / صارت كنيسة ، قلت له : يشتريها منك نصراني إن كان بها تماثيل وصور وإلا اشتراها يهودي ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت مجوسياً في بيتي مقطعاً قطعاً ، قلت : ينهدم عليك بيت أو مكان توقد فيه النار ، فافهمه إن شاء الله تعالى .
[ 152 ] فصل : وأم الطاحون في البلد تطحن بني آدم ، أو الحجارة ، أو النار ، أو الجيف . أو الفرن يحرق الناس ، أو يؤذيهم بدخانه . أو المسلخ
____________________
(1/334)(1/117)
يذبح فيه الناس ، أو إساخة تؤذي الخلق . أو المرحاض يتدفق في الطرقات . أو الحداد المجهول يعبر الناس في النار ، أو يؤذيهم بشرره . أو الماء يهدم الدور ، أو يغرق الزرعات ، أو الناس أو أمتعتهم . أو كان في البلد مكان تخرج منه الحيات ، أو السباع ، أو العقارب ، أو أشباه ذلك : فذلك كله دليل على الحروب ، والأعداء والفتن ، والأمراض ، كالجدري ، والبراسام ، والطاعون ، والفنى ، ونحو ذلك . والله أعلم . قال المصنف : اعتبر الضرر من أي جهة دلت على ما يليق به . فإن كان من طاحون أو فرن فمن أجل المأكول يكون الوباء والمرض وغلو الأسعار والموت ونحو ذلك ، وإن جعلته من عدو فربما منعوا مجيء القوت من مكانه أو يتلفوا الغلات والنبات ، وإن جعلته من المسلخ فمن أجل حروب ودماء تقع ثم وربما كان النكد لأجل حيوان وربما كان المرض والوباء والمرض في اللحوم ، وإن جعلته من المرحاض فربما كان الوباء
____________________
(1/335)(1/118)
والمرض في هبوب رياح ردية وربما كان من أكل شيء مفسود ، وإن جعلته من الحداد فربما كان الوباء والمرض بحمايات حادة خصوصاً إن كان ذلك في الصيف ، وإن جعلته من البحار ونحوها فيكون الوخام والمرض من المياه أو ما يخرج منها كالسمك وما يؤكل من المياه . كما قال لي إنسان : رأيت أن رغيفاً أتلف لي طاحونة وكسرها ، قلت له : يتلف ضرسك بحصاة تكون في الخبز ، فعن قليل جرى ذلك ، لأن الضرس طاحون . وقال آخر : رأيت جزاراً ضربني في فمي بيده ؛ أدماه ، قلت : يتألم فمك بسكين أو سيف ، فعن قليل شال لحمة على رأس سكين وأدخلها في فمه فجرحته في لسانه جرحاً درياً . وقال آخر : رأيت أن في فمي فرناً توقد النار فيه ، قلت له : تأكل أو تشرب شيئاً حاراً ويؤلمك ألماً شديداً ، فجرى ذلك . ومثله قال صغير : رأيت أن في فمي فرناً وبلعته ، قلت له : أنت في صغرك تلعق المداد وفي كبرك ترزق من عمل الخبز ، فكبر وصار خبازاً . فافهم ذلك . ( [ باب : 9 ] الباب التاسع ) ( في الملابس ) [ 153 ] كل من لبس ما لا يليق به : فهو شهرة ردية في حقه . والملابس : للعزاب من الرجال نساء ، وللناس رجال . وملابس الشتاء في الصيف ، أو لمن مرضه بالحرارة : دالة على الهموم ، والديون ، وطول مرضه . كما أنهم في الشتاء ، أو لمن مرضه بالبرودة : جيد .
____________________
(1/336)(1/119)
قال المصنف : دلت الملابس على تزوج العزاب لكونها سترة ، ودلت على الأمراض والأنكاد في غير وقتها لنفرة النفوس منها وعجز الأبدان عن مثل ذلك غالباً ، فأعطى ما ذكرناه . فإذا رأى أحد في الشتاء كأنه في المنام في حر شديد وقد لبس فروة أو جبة أو تدفأ بنار أو بشمس ونحو ذلك ؛ فقل له نخشى عليك نكداً ما من مرض ونحوه ؛ لكن فيه تأخير إلى أوان الصيف ، وكذلك لو رأى أنه في شتاء ومطر وبرد وتعرى أو اغتسل بماء بارد أو لبس ثوباً سفاقاً لا يرد ذلك ؛ قلت له نكدك أو مرضك يكون في زمن الشتاء أو بالبرودة ، وعكسه لو رأى كأنه في حر وكرب ونزع ما عليه ولبس ما يليق به أو اغتسل بما يصلح لمثل ذلك ؛ قلنا راحتك متأخرة إلى زمن الصيف ، وكذلك لو كان في زمن الصيف ورأى كأن مطراً أو برداً شديداً ونحو ذلك ولبس ما يصلح له كالجلباب والفري والأكسية ونحو ذلك ؛ قلنا له تجدد لك راحة يكون في ذلك تأخير على قدر ما بقي للشتاء ، وكذلك باقي الفصول ، فاعتبره . كما قال لي إنسان : رأيت أنني وقعت في طين ، قلت : الطين من مطر ، قال : / نعم ، قلت : تقع في مرض أو شدة في زمن الشتاء ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني لبست ثوباً من قشور البطيخ الأصفر ، قلت :
____________________
(1/337)
تمرض في ذلك الزمان وربما يكون الغالب عليك في مرضك الصفراء ، فجرى .(1/120)
[ 154 ] فصل : العالي من الثياب ، والعمائم ، وما يكون على الرأس : دال على أشرف قومه ، وأعز ماله الظاهر ، وعلى جاهه . فإن احترق ، أو سرق ، أو توسخ ، أو تقطع ، ونحو ذلك : نقص عزه ، أو ماله ، أو وقع كلام في عرضه ، أو تغير بعض أولاده ، أو أقاربه ، بمرض ونحوه . أو بموت مريضه ، أو وقع له نكد في دوره ، أو بساتينه ، أو غلمانه ، أو عبيده . قال المصنف : اعتبر الملابس من الثياب بأوصافها ، وأعمل كما أعمل ، يقع على صفات من دلت عليه . فإذا قال إنسان : رأيت أن علي ملبوساً ، فاسأل عن جنسه وصفاته ، فإذا قال : كان على ثوب صوف ، قل له عمل أي جهة ، فإذا قال : مثلاً عمل الشام ، فإن قال في طوقه قطع أو تلوث أو وسخ ونحو ذلك ، ولا يليق بالرائي لبس ذلك ، قل له يحصل لك نكد على يد رجل من الشام ، ويكون في وجهه علامة ، وفي رأسه أثر ضربة أو طلوع ، أو فمه عيب كنقص الكلام أو كثرة الكذب ، أو رثة في لسانه ، أو
____________________
(1/338)
عيب في أسنانه ، ونحو ذلك ، فإن قال : العيب في صدره ، قلت : يكون اعتقاده ردياً ، وفي أحد ثدييه أو في صدره علامة شامة أو طلوع أو ضربة أو حرق نار ، ونحو ذلك ، وإن لم تجد ذلك فقد تألم في ذلك بمرض أو يتألم ، فإن ذكر العيب في أكمامه جعلت العلائم في يديه ، فإن كان في ذيله فاجعلها في وسطه وفرجه ساقيه وفخذيه ونحو ذلك ، فإن ذكر ذلك في أكتافه جعلته في كتفيه ، وكذلك إذا كانت في جنبيه فاطلب العلائم في جانبيه على ما ذكرت لك ، واطلب العلائم أيضاً في جسم لابسه ، أو في جسم زوجته وأولاده وأصحابه ، تجد ذلك ، وهذا مذهبي سلكته دون من تقدمني فأي من سلك مسلكي في ذلك اطلع على ذلك ، ولا يحرم عليه أصلاً ، وكذلك تعتبر الملابس من سائر البلدان كما ذكرت لك أولاً ، فافهم ذلك .
[ 155 ] فصل : لبس الأسود من القماش للخطباء ، أو للخلفاء ، أو من
____________________
(1/339)(1/121)
يعتاده : راحة ، وسؤدد . ولبس الأبيض وقت الخطابة : ردي ، وزوال منصب . كما أن لبس السواد ، لمن لا عادة له به : هموم ، وأحزان ، وأنكاد ، وأمراض ، ونحو ذلك .
[ 156 ] فصل : المذكر من الملبوس : رجال . والمؤنث : نساء . فمن ملك ثوباً ، أو قباء ، أو إزاراً ، أو لحافاً ، أو كساء ، أو مسنداً ، وما أشبه ذلك : فإن كان أعزب تزوج ، أو تعرف بمن ينفعه ، وإن كان عنده حامل رزق ولداً ذكراً ، أو اشترى غلاماً ، أو حصلت له فائدة من أبويه ، أو أولاده ، أو أقاربه ، أو معارفه ، أو ملك بيتاً ، أو داراً ، أو بستاناً ، أو حصل له درهم ، أو دينار . كل من هو على قدره وما يليق به . قال المصنف : اعمل كما ذكرت لك في أول شرح الباب . كما قال لي إنسان : رأيت أن علي ثوباً ؛ رواءه إلى وجهي ووجهه إلى ورائي ، قلت : عندك زوجة أو امرأة حولاء أو عينها عيب ، قال : صدقت . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تأتي زوجتك من ورائها أو تأتي الذكران ، قال : ما بقيت أفعل ذلك . وقال آخر : رأيت أن علي ملبوساً قباء مليح ، قلت : عليه طرز ، قال : نعم ، قلت : لون واحد الطرز أو لا ؟ قال : أحدهما ذهب ، والآخر حرير ، قلت له : أنت تصاحب إنساناً جليل القدر ، له ولدان من امرأتين ،
____________________
(1/340)(1/122)
الواحدة جارية بيضاء وربما يكون إسمها الطون ، قلت : وهي بلا عتاقه ، قال : صدقت ، قلت : والمرأة الأخرى مولدة مليحة ، والولد منها أسمر مليح ، وهي حرة ما هي مملوكة ، قال : صحيح قلت واسمها علمية أو عليمة أو شيء فيه عين ، قال : صدقت ، قلت : يموت ولد الطون ، ويعيش ولد هذه المولدة السمراء ، وأنت تربي الاثنين ، وتحملهم على أكتافك ، قال : صدقت ، قلت : أنت في / الظاهر محسود ، وفي الباطن أنت متنكد ، قال : صدقت ، وكان دليل على ذلك أن : الطون من أسماء الذهب ، والفضة شبهه ، والحرة من الحرير ، والأسمر من سواد الحرير ، وموت ولد الطون يذهب من كونه ذهب ؛ فذهب أي مات . وقال آخر : رأيت علي فرجية من حرير طوقها مليح ملون وفيها أزرار ملونة مليحة ، قلت : عندك امرأة في وجهها شامة وأثر مليح ما هو ردي ، قال : صدقت ، قلت : وفي بزها الواحد علامة ، قال : صدقت ، قلت هي كثيرة وجع الرأس ، قال : صدقت ، قلت : إن كانت
____________________
(1/341)
جديدة فما تفارقها بل تبقى عندك . وقال آخر : رأيت عندي كساء مليحاً جديداً وفيه رقوم عدة ، قلت له : عزمت على شراءة دار تتستر فيها ، قال : نعم ، قلت : تشتري داراً مليحة فيها تزويق بدهان وصبغ وغير ذلك ، فاشترى ذلك ، قلت له : بعت غنماً أو خيلاً أو دواباً ونحو ذلك واشتريت به ذلك ، قال : نعم . ومثله رأى رجل آخر غير أنه قال تغطيت به وكربت منه ، قلت له : أنت تحت حكم رجل كثير الحيوان حلو المنظر حسن الظاهر دري الباطن ، في حقك تارة يكون معك وتارة يكون عليك ، لأن الكساء نافع في وقت دون وقت . وقال لي جليل القدر : رأيت أن فلاناً سير إلي كساءه وهو منقطع لونه حائل ، قلت له : لفظه كسى شكى ، هذا شكى إليك تحول حاله في ورقة ، قال : هذه الورقة عندي .(1/123)
[ 157 ] فصل : وإن ملك ما يدل على المؤنث ، مثل كوفية ، أو فرجية ، أو مخدة ، أو طراحة ، أو دراعة ، أو ملوطة ، ونحو ذلك : دل على الفوائد . من الجوار ، والنساء ، والأراضي ، والزراعات ، والأقارب ، والمعارف .
____________________
(1/342)
وربما كان السروال : امرأة ، أو عبداً ، أو جارية ، أو مضلعاً على الأسرار ، أو دابة . فإن كان فيه تكة : كان ملك ذلك صحيحاً ، طويل الإقامة . وإن كان بلا تكة : كان في ملكه نقص ، أو امرأة حرام . لأن التكة عصمة . قال المصنف : دل السروال على الدابة لكونه مركوباً ، وكذلك على المرأة ، ودل على المطلع على الأسرار لكونه مختصاً بستر العورة ، فاعتبر ما يحدث فيه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني رقعت سراويلي بكوفيتي ، قلت له : زوجت أباك بجارية من عندك ، وهما مختلفان ؛ ما عندهم وفاق ، وأنت تعبان بينهم ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني رقعت فريجتي بسروالي ، قلت له : عندك بنتك وهي راجع ، زوجتها بغلامك ، وذكر أن الثوب والسروال كانا شبهاً واحداً ، قلت : وهما متفقان لا خلف بينهما ، قال : صدقت . فافهم ذلك .
[ 158 ] فصل : وأما من لبس الحرير ، أو الملون ، أو المذهب من اللباس ، فهو لمن يليق به : عز وغنى . وهو لمن لا يليق به : شهرة ردية ،
____________________
(1/343)(1/124)
أبو بغي ، أو مخالفة الشرائع ، وأما لبس الأحمر ، أو الأصفر ، وغيره للنساء والصبيان : فرح وسرور . قال المصنف : دل على العز والغنى لأنه لا يلبسه إلا الأغنياء ، أو أصحاب الدنيا . كما قال إنسان : رأيت أن علي ثوباً حريراً وكان يتعاطى العبادة ، قلت له : تترك العبادة ، وترجع إلى طلب الدنيا ، فجرى ذلك . وكما قالت امرأة تعاطت العفة : رأيت علي ملبوساً مذهباً ، قلت لها : كان لك عادة بلبسه ، قالت : أوقات كنت أتعانى اللعب والجهل ، قلت : احترزي لا تعودين إلى ما كنت عليه ، فمضت مدة وقالت : رأيت علي ثياب صوف مليحة ، وقالت : يا سيدي صح الذي قلت من اللعب ، قلت لها : النوبة ترزقين توبة مليحة ويكون قوتك من النبات ، فمضت وتابت توبة حسنة . ورأت امرأة أخرى أن جلدها صار ذهباً ، قلت : يموت زوجك ، ويسرق لك ملبوس ، ويقع بجلدك حكة ، فجرى ذلك . فافهمه موفقاً إن شاء الله .
[ 159 ] فصل : وأما لبس الحوائص ، والكمارنات ، والخفاف ، والمداسات ، والزرابيل ، والجربانات ، ونحوهم ، لمن يصلح له ذلك : عز وجاه ، وغنى ، وزوج ، أو عبيد ، أو أولاد ، أو معايش ، أو فوائد ، أو
____________________
(1/344)(1/125)
أقارب ، أو معارف . فما / نزل بشيء من ذلك ، من خير ، أو شر ، عاد علة من دل عليه . وأما من لبس شيئاً من ذلك ، ممن يليق به : فهو مكروه . قال المصنف : وربما دل ذلك على أنه يطأ أرضاً جديدة أو يملك داراً كذلك ، لكونه وطيء بقدمه في مكان غريب أو جديد . كما قال لي إنسان : رأيت أنني لبست خفاً جديداً ، قلت : كان ضيقاً ، قال : نعم ، قلت : تسجن لأجل حيوان ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر : قلت : أنت تطلب سفراً ، قال : نعم ، قلت : يبطل سفرك ، لأن الضيق في الرجل يمنع الرواح والمجيء . وقال آخر : رأيت أن في رجلي مداساً ضيقة وهي كلما مشيت بها يطلع لها صوت ، قلت : عندك امرأة قد ضيقت عليك ، وهي كثيرة العياط ، وقولك فيها قاطع من ظاهرها ، في وجهها علامة ، وفي عينها عيب ، قال : صحيح ، وقولك أنها بلا كعب ، قلت : هي ما تحفظك خلفك . وقال آخر : رأيت في وسطي حياصة مذهبة مليحة لكنها تحت الثياب وأنا أفرح بها ، قلت له : فيها علاقين ، قال : لا ، قلت : أنت تجتمع بامرأة جندي خفية ولا يعلم بك أحد ، وهي طويلة القامة دقيقة البشرة ، ولها ولد صغير يجيء معها ، قال : صدقت ، قلت : تحدثت أنت وإياها سراً في التزويج ، قال : نعم ، قلت : يتم ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أعبرت حياصة في سروالي مكان التكة ، قلت له : في وسط دارك طبقة أطلعت إليها امرأة من نساء الجند وما وافقتك على مرادك ، قال : صحيح ، وكان دليله أن مجرى التكة مثل الطبقة المخفية ، وكونها لم توافقه لأن الحياصة لا تجري موضع التكة بل تتعسر . وقال آخر : رأيت أن مداساً جديداً عضني في رجلي ، قلت له : يقع برجلك حريق أو يطلع بها
____________________
(1/345)
طلوع . وقال آخر : رأيت أنني أمسح مداس الملك ، قلت له : تصير له غلاماً . وقال آخر : رأيت أنني قدمت للملك مداساً مليحة ، قلت : يروح منه مركبان ، فجرى ذلك . فافهمه .(1/126)
[ 160 ] فصل : كل ملبوس دل على نكد ، فعتيقه أهون على الرائي من جديده . ومن باع من الملبوس ، وغيره ، ما يدل على الفائدة ، أو وهبه ، أو ضاع منه : فاتته راحة وربح وخير . كما أنه إذا باع شيئاً مكروهاً ، أو وهبه ، أو ضاع منه : زال عنه هم ، ونكد . وحصل له فائدة ، وخير .
[ 161 ] فصل : وكل ملبوس يحتاج إلى أزرار ، فرؤيته بلا أزرار : تدل على النقص فيه ، وكل ملبوس لبس في غير موضعه ، كالعمامة في الرجل ، أو التعمم بالسراويل ، ونحوه : ربما دل ذلك على الفقر ، أو وضع الشيء في غير موضعه . وكل من لبس القماش ، الضيق ، ما لا عادة له به : فهو نكد ، أو حبس ، أو مرض ، أو ضيقة ، ونحو ذلك . كما أن من لبس ، من الواسع ، ما لا يليق به : دل على النكد ، والحيرة ، والتبدد . قال المصنف : أعتبر النقص والوضع في غير محله وتكلم عليه . كما قال لي إنسان : رأيت علي قباء بلا أزرار ، قلت له : عندك امرأة عقيم لا أولاد لها ، قال : نعم ، قلت : وهي أيضاً بلا أسنان ، ضحك وقال : صدقت ، وقد حنثت فيها بالطلاق ، وقد انحل نكاحك ، قال : نعم ، قلت له : وأنت أصابع يديك ورجليك قد ذهب بعضها ، فأراني ذلك . ومثله رأى آخر ،
____________________
(1/346)(1/127)
قلت : عندك شجرة مثمرة والساعة يتلف ثمرها ، فجرى ذلك . ومثله قال لي صاحب حلب ، قلت له : عسكرك مقابل عسكر مصر ، وهذا وقت صنف ، ما الحاجة داعية إلى أن تزور ، الساعة يقع الصلح ، وينصرف العساكر من طلب الواحد الآخر ، ويروح هذا الزر ، فجرى ذلك . ورأى آخر أنه تعمم في رجليه بعمامته ولوثها ، قلت له : أنت وطئك أمك ، فقال : كنت سكران ، قلت : لا ترجع تعود . ومثله قال آخر ، قلت : يقطع رأسك في قتال ويصير تحت الرجلين . وقال آخر : رأيت أنني لبست مداسي فوق رأسي ، قلت له : أبصرك أحد ، قال : نعم ، قلت : يقع لك ألم برأسك ، وربما يكون ضرباً بالمداس ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني تعممت بسروالي فوق رأسي ، قلت له : لك ابن وبنت ، قال : نعم ، قلت : الساعة تزوجهما وتسكنهما فوق رأسك ، قال : هذا عزمي . / وقال آخر : رأيت أن الملك سير إلى سروالي ، قلت له : تتولى وتصير والي ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن علي جوخة ضيقة كثير ، قلت : كان في الصيف ، قال : نعم ، قلت : يخشى عليك سجن عند إفرنج أو على يد إفرنجي ، فحبسه الإفرنج . فافهم ذلك إن شاء الله تعالى .
[ 162 ] فصل : وأما البسط ، والحصر ، والأخراج ، والأعدال ، والغرائر ، والبراذع ، ونحوهم : فيدلوا على النساء ، والخدم ، والعبيد ، والغمان ، وعلى العز ، والغنى ، والفقر ، . فمن له عادة بالبسط ، ورأى انه على أدون منها ، أو على الحصر : دل على الفقر ، ونزول المرتبة ، والتحول من حال إلى حال
____________________
(1/347)(1/128)
أردى منه . كما أن من له عادة بالفرش الدونه ، أو بالحصر ، فرأى أنه على أحسن منها : نال عزاً ، ورفعة ، وغنى ، وراحة . وأما تلاف أحد هؤلاء ، أو سرقته ، أو خطفه ، أو ضياعه : دل على فراق من دل عليه ، ممن ذكرنا . والله أعلم . قال المصنف : دلوا على الخدمة والنساء والغلمان بكثرة استعمالهم ، وكثرتهم وحسنهم على العز والمال على ما بينا . وقال إنسان : رأيت أنني ملكت بساطاً رومياً منقوشاً ، قلت له : يتجدد لك بستان مليح على قدر حسنه ، فاشترى ذلك ، لأن أكثر هذه البسط فيها التصاوير . وقال آخر : رأيت أنني أقلع صوراً من بساط ، قلت : فسها لك عليك ، قال : نعم وما تعسر ، قلت : أمن رجل كثير الصيد في البساتين وستربح من ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أنسج بساطاً محفوراً ، قلت : عملت فيه تصاوير ، قال : نعم ، قلت : أنت عزمت على عمل صنعة الدهان والتزويق ، قال : نعم ، قلت : إن كان تم ربحت وإلا فلا . وقال آخر : رأيت أني قد تجدد في بيتي بساطاً
____________________
(1/348)(1/129)
مليحاً فيه صور ملاح ، قلت : تتزوج امرأة وترزق منها ذرية ، فجرى ذلك ، ويكون أصلها من البلد الذي تعمل فيه . وقال آخر : رأيت عندي برذعة مقطعة ، قلت : لك دابة ، قال : نعم ، قلت : يحدث بها عقور . ومثله قال آخر ، قلت : تشتري دابة فيها عيب . وقال آخر : رأيت أن عندي خرجاً وأنا أنزل في عينه الواحدة تارة وفي الأخرى تارة ، قلت : أنت تنكح أختين ، قال : صحيح ماتت امرأتي وأخذت أختها . ومثله قال آخر غير أنه قال : كان فيهما تراب وأنا أرفعه ، قلت : أنت رجل تحفر الآبار ولك في ذلك يد . وقال آخر : رأيت أن على كتفي خرجاً قد أثقلها ، قلت : يقع بها جرح يؤذيها . وقال آخر : رأيت أنني بلعت خرجاً خفية ، قلت له : أنت سرقت ميزاناً وبعته وأكلت ثمنه ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن عندي حصراً مقطعة وأنا أسدها ببساط ، قلت له : جمعت مالا وقت الغنى وأنت تنفقه وتستر حالك في أوقات الفقر بثمنه ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني بلعت حماراً وقد رجع أطلعوه من فمي بذنبه ، قلت : سرقت برذعة حمار فعرفك أصحابها فأعادوها منك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني بلعت عدلا ملآن قماش ، قلت له : سرقت دار أحد العدول وما عرف بك أحد ، قال : صدقت ، وقال آخر : رأيت أنني أنكح برذعة ، قلت : أنت نكحت دابة ، فاستغفر الله وضحك . وقال آخر : رأيت أنني رفعت ستراً مصوراً لأصطاد به الطيور وقد تعلق به من جملة الطيور طير عظيم مليح وقال اخبأه لي لا تعطيه لغيري ، قلت له : أنت
____________________
(1/349)
رجل تعرف تلعب بخيال الظل ، وكنت في الأول تلعب به للعامة والخاصة والساعة تلعب به قدام جليل القدر كالملوك ومن يعاشرهم ، وتختص بلعبك ويغنيك عن الناس ، فجرى ذلك . فافهمه . ( [ باب : 10 ] الباب العاشر ) ( في الصنائع والصناع )(1/130)
[ 163 ] كل من عمل عملا ، أرفع من عمله : نال عزاً ، ورفعة ، وغنى . كالفقيه ، يرى أنه يدرس ، أو يخطب ، أو يؤم بالناس ، أو كأنه يقضي . وكمن يكتب على الطرقات ، أو خطاً دوناً ، / فيرى أنه يكتب أحسن مما يكتب ، أو في ورق أحسن من روقه . أو كخياط ، يخيط القماش الردي ، يرى أنه يخيط الرفيع . وكبائع الخلقان ، يرى أن له دكاناً ، فيها بز مليح . وكبائع الحلاوة الدونة ، يرى أنه يبيع حلواء السر ، وكناسج المشاق ، يرى أنه ينسج الكتان ، أو الحرير . وأمثالهم . قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني أخطب على منبر حجر وكأنني قد تحولت منه إلى منبر خشب مليح ، قلت له : خطبت امرأة فقيرة
____________________
(1/350)
وما تم مرادكم ، ثم تحولت إلى خطبت امرأة غنية ، قلت له : أين كان المنبر ، قال : كان في غير جامع ، قلت له : صنعة ابنها نجار أو يخدم البساتين وربما يتاجر في الخشب ، قال : صحيح المجموع فيه ، ودليله لو كان المنبر في أماكن العبادة قلنا بيت عالم أو جليل القدر ونحو ذلك فلما لم نجده كذلك أعطى أنه التزق إلى من يعمل الخشب ، أو يربح منه . وقال لي خطيب : رأيت أن منبري صار جديداً ، قلت : له يتجدد لك توقع بمنصب جديد وربما تتولى قطراً ، فجاءه توقيع بالنظر . وقال لي ناسخ : رأيت أنني أكتب في ورق فيصير ألواحاً ، قلت له : تنتقل من النسخ وتصير معلم مكتب . وقال آخر : رأيت أنني آخذ نبتاً من الأرض وأكتب عليه ، قلت : تتولى على دار الخضر أو موضع تباع فيه الفواكه ، فصار كذلك . ومثله رأت امرأة ، قلت : تصيرين ماشطة تكتبين للنساء والبنات في الأفراح وتنقشينهن ، فصارت كذلك . فافهمه .(1/131)
[ 164 ] فصل : من عمل عملا ، دون عمله : دل على الفقر ، والنكد ، ونزول المرتبة ، والتنقل من حال إلى حال أردى منه . كمن صنعته صياغة الفضة ، أو الذهب ، فيرى أنه يصوغ الحديد . أو كطباخ ، يطبخ لحوم الغنم ، فيطبخ لحوم الإبل ، أو البقر . وكبائع الجواهر ، والؤلؤ ، يرى أنه يبيع الخرز ، أو الخزف . وكتاجر القماش المليح ، يرى أنه يبيع الأكسية ، أو المشاق ، وأمثاله ذلك . لأن كل من فعل فعلا ، لا يليق به : فهو شهرة ، ردية ، في حقه .
____________________
(1/351)(1/132)
قال المصنف : وأما إذا عمل دون عمله فاعتبره . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أكتب الورق مقلوباً ، قلت : إن كنت مزوجاً فأنت تأتيها مقلوباً وإلا تعايثت الذكران ، وقال آخر : رأيت أنني أمد بذنب قلم ثم أعلق ما عليه فأجده حلواً ، قلت له : عندك غلام وهو يفسد ويجيب لك من كسب فساده وأنت تأكل من ذلك ، فسأل عن كسب غلامه فوجده كما ذكرت له ، فامتنع . وقالت امرأة : رأيت كأنني قاعدة على ورق فجاء قلم يكتب على الورق فدخلت في القلم وهي تمشي بي ، قلت لها : تتزوجين برجل فقيه أو كاتب ويسافر بك . وقال آخر : رأيت أنني صرت قلماً وأنا أكتب ، قلت : تصير سقاء تحمل الماء وتسقي . ومثله قال آخر قلت : كان قصباً مليحاً ، قال : نعم ، قلت : تصير كاتب جليل القدر على قدر حسنة . وقال لي صائغ : رأيت أنني كلما عملت ذهباً أو فضة يصير نحاساً ، قلت له : أنت تبدل الجيد بالردي ، قال : صدقت ، وأنا تائب إلى الله تعالى . وقال آخر - وكان طباخاً - : رأيت أنني أخذت رأس غنم بالحياة فرميته في القدر ، قلت له : أنت طبخت مرة رأساً فطيساً وأخفيت أمره ، قال : صدقت ، ثم تبت من ذلك . وقال آخر : رأيت أنني ذبحت جملاً في قدري ، قلت له : عملت حيلة على جمال أو بدوي وقدرت عليه ، وأخذت ماله وروحه خفية ، وكان في غير هذا البلد ، قال : صحيح ، وقت الجهل . وقال آخر : رأيت أنني أتيت إلى بطن بقرة من داخل فأخذت كبدها وطنحته في بطنها ، قلت له : عملت
____________________
(1/352)
حيلة على امرأة وداخلتها في البواطن وأفسدت ولدها - وربما كانت / بنيتاً - وسرقت لهما أعز متاعهما من حمام وهي عريانة ، وأهريت كبدها ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني آخذ القماش المليح وأطوي في باطنه الجوز واللوز ، قلت له : أنت تتجر في القطايف والخشكنانك ، قال : صحيح ، قلت : تبطل فائدتك ، لأن القماش لا يؤكل فبطلت . فافهم ذلك إن شاء الله تعالى .(1/133)
[ 165 ] فصل في الصنائع : من صار قاضياً أو طبيباً ، أو كحالاً ، أو مجبراً ، أو جرائحياً ، أو عطاراً ، ونحو ذلك : تولى منصباً ، على قدر ما
____________________
(1/353)
يليق به . أو درت معيشته ، أو ربحت تجارته ، أو أفادت أملاكه ، وترادفت راحته . فإن كان قاضياً ؛ وعليه لبس حسن ، أو طبيباً ؛ وهو يفرق على الناس في المنام أدوية نافعة ، أو إذا رأى كأنه جرائحي ؛ وهو يداوي الجراحات بما صلح لها ، أو مجبر ؛ وهو يجبر كسر الناس ، أو كحال ، وهو يداوي أبصار الناس : فإن جعلنا ذلك متولياً ، كان متولياً حسناً ، فيه خير ، وراحة ، وعدل . وإن جعلناه مالاً ، فمال مفيد . وإن جعلناه راحة ، كانت راحة مترادفة ، أو معيشة دارة ، من وجه جيد . قال المصنف : انظر ما صار إليه من المناصب والصنائع واعتبره بحكم يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت إماماً أصلي بالناس ، قلت : عزمت على حفظ القرآن العزيز ، قال : نعم ، قلت : تحفظه ، فحفظه . وقال آخر : رأيت أنني صرت قاضياً أحكم على البراري ، قلت : تقتل في سفر ، فقتل . وقال آخر : رأيت أنني أنا واثنان نمشي فوقع رفيقي في بستان ووقعت أنا والآخر في أتون نار ، قلت : تتولوا ثلاثتكم القضاء لأنكم علماء ، أما الذي وقع في البستان فيقع في منصب حسن ؛ وربما يكون يحكم بالحق ، وأنت ورفيقك قاضيان في النار فتتوليا منصبين رديين ؛ وربما تحكما بغير الحق ،
____________________
(1/354)(1/134)
لأن البستان يسمى جنة وأنتما كنتما في النار ، فالتقيا الله فيما تتوليا ، فعن قليل تولوا كما ذكرنا . وقال لي إنسان : رأيت أنني صرت حائكاً وأنا انسج ، قلت : في أي شيء كنت تنسج ، قال : ما كان قدامي شيء ؛ إلا أنا أحرك يدي ورأسي كالحائك ، قلت : يقع بك مرض ارتعاش في الرأس واليدين . ومثله قال آخر : غير أنه عقل على المكوك في يده يرميه إلى اليد الأخرى ، قلت له : لك غريم قد سرق لك شيئاً من الملبوس ، وأنت كثير الإلتفات في طلبه ؛ أنت وآخر ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأن في يدي قلماً وأنا ألقط به
____________________
(1/355)
قلوباً من صحن فيه طعام ، وآخذ به لحماً أيضاً ، قلت : تصير كاتباً على بحر . ومثله قال آخر ، قلت : تصير صياداً من الماء ، فصار كذلك . وقال لي كاتب : رأيت أنني صرت جراحياً عندي أنواع من المراهم وهي زفرة ، قلت : عندك من المرأة التي عندك هم عظيم لأجل طلوعات بها ، قال : نعم ، قلت : ستعافى ، فعوفيت . وقال آخر : رأيت أنني أعمل عنبراً والناس يشترون مني ذلك ، قلت : تعجن الطين وتعمل منه إما أواني وإما طوباً وتفيد في ذلك ، وقال آخر : رأيت أنني أستخرج الماورد بأواني زجاج ونار على العادة ، والناس يزدحمون على الأخذ مني ، قلت له : تضمن حماماً . ومثله قال آخر - وكان كبير القدر - ، قلت : تملك أو تبني حماماً ، وتكون فائدته كثيرة . ومثله قال آخر ؛ وزاد فيه أنه يكتوي من الماء الخارج ، قلت له : كي ماء أنت تعاني الكيمياء ، قال : نعم ، وقال آخر : رأيت أنني صرت مجبراً ، قلت : أنت
____________________
(1/356)(1/135)
رجل بناء ماهر في صنعتك ، إذا وقع بالبناء عيب ترده ، قال : صحيح ، قلت : يعول قدرك في ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت كحالاً ، قلت له : صنعتك في عمل الآبار والعيون والسواقي ونحو ذلك ، ولك خبرة في صرف المياه وكنس الآبار وإدرار جريان المياه ، قال : نعم ، قلت : ستحتاج الناس إليك ، فجرى ذلك . /
[ 166 ] فصل : وأما إن كانت رائحة من صار قاضياً ردية ، أو كان يطعم الناس الميتة ، أو الجيف ، أو كان لبسه ، ردياً ، أو كان الطبيب يفرق السمومات ، أو العقاقير الردية ، أو كان الكحال يقلع أعين الناس ، أو
____________________
(1/357)(1/136)
يكحلهم بالحجارة ، أو التراب ، أو الخشب ، أو المجبر يكسر أعضاء الناس ، أوعظامهم ، أو الجرائحي يمزق لحوم الناس ، أو يسيل دماءهم من الأعضاء الصالحة ، أو العطار يبيع الأشياء الردية ، أو الشرابات الردية : فإن جعلناه متوالياً ، كان ظالماً . وإن جعلناه مكسباً كان مكسباً حراماً . وإن جعلناه فائدة ، كانت بنكد . ونحو ذلك . قال المصنف : وأما من صار فعله أو صفته ردية فيما صار إليه من الصنعة في المنام فأعطه ما يليق به . كما قال لي طبيب : رأيت أنني صرت قاضياً ولبسي ما هو جيد ، قلت له : تقضي على المرضى في طبك بما لا يصلح لهم ، وأخشى عليك . وقال آخر : رأيت كأنني طبيب وأنا أفرق السمومات والناس يأخذون منها ، قلت له : أنت رجل قوي حاوي تجمع الحيات ونحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تفيد من ذلك . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال أبيع هذه السمومات وما أرجع أبيع شيئاً ، قلت له : كان السم سائلاً ، قال : نعم كأنه زيت ، قلت : والذي أعطيتهم تعرفهم ، قال : لا لكنهم أشكال ردية ، قلت له : أنت ملك ستظفر ببعض أعدائك بأن ترسل عليهم المياه فتهلكهم في منازلهم ، فما مضى قليل إلا غرق جماعة وهرب جماعة وقعوا في الماء فهلكوا ، وأرسل على بعضهم ماء في مكان ما قدر يصل بنفسه إليهم فأهلكهم ، وكان دليله أن عبور السم في الأبدان يتلفها من داخل كالماء في البنيان . وقال آخر : رأيت أنني صرت كحالاً وكلما أتيت إلى عين أذر عليها ذروراً فتعجبني فآكلها ، قلت : أعين بني آدم ، قال : لا ، قلت :
____________________
(1/358)(1/137)
فادوا فؤادك ، قال : انتفخ نفخاً شديداً نبهني من كثرة ألمه ، قلت له : أنت مغرم بأكل البيض عيوناً ، وسيحدث لك من قولنج . وقال لي ملك : رأيت أنني أكحل العيون التي تنظر إلي بالتراب ، قلت : تظفر بجواسيس ، قال : صدقت . وقال إنسان : رأيت أنني جرائحي وأنا أفرق لحوم الناس وغيرهم ، قلت : أنت قاطع طريق بالسلاح . ومثله قال آخر ، قلت : أنت رجل شاعر تمزق أعراض الناس بمبضع لسانك . وقال آخر : رأيت أنني أعمل الشراب فيتلف ويجيء شراباً ردياً ، قلت : إياك أن تتاجر بالثمار أو السكر والعسل ونحو ذلك تخسر فيه ، فما قبل مني ، فقال لي أنه غرم كثيراً . فافهم ذلك .
[ 167 ] فصل : كل من يتعانى عمل الحديد ، كالحدادين ، والمسامريين : فهم أصحاب أمر ، ونهي وقوة ، وبأس . والنحاس : صاحب أخبار . والنجار : رجل يقمع المنافقين . والشواء ، والقلاء ، والرواس ، والطباخ ، وبائع الخبز : أصحاب ولايات على الأرزاق ، ولهم ذكر دون . الصائغ : رجل يعاشر الأكابر ، ويتصرف فيهم . وربما كان كذاباً كالدهان ،
____________________
(1/359)(1/138)
والمرزوق . قال المصنف : اعتبر أصحاب الصنائع وغلمانهم . كما قال لي إنسان : رأيت أنني صرت حداداً ، قلت : الساعة تصير في باب جليل القدر وتكون تضرب الناس ، لأن نزول المطارق على الحديدة الممسوكة بالكلبتين يشبه الممسوك والناس يضربونه . وقال آخر : رأيت أنني أنفخ في كير حداد بلا نار ، قلت له : لك زوجتان أو سريتان ، فإن كنت عملت حداداً أو عمل على نفخك رزقت منهن الأولاد وإلا فلا ، لأن الكير فيه أنبوبان عابران في بيت النار كالذكر في فرج المرأة واستواء الحديد كاستواء الولد . وانظر ما بعمل عليه فالذي يعمل السكك للزرع يخدم من دلت الأراضي عليه وسكك الخيل للأجناد ، والذي يعمل / ذلك لأجل القباقيب يخدم من يلبس أولئك ، والذي يعملهم لأجل المراكب فلذوي الأمانة والحفظ ، ونحو ذلك . وشبه الخشب بالمنافق لكونه يسوس ويقع على غفلة فيحسبه الإنسان ثابتاً ولا ثبات له ، وكذلك أيضاً تهرى أطرافه في البنيان فيقع على غفلة ، وأيضاً يبصر ظاهر الخشبة مليحاً فيكشفها النجار فما يجدها تنفع . وقال إنسان : رأيت أنني صرت قلاء ، قلت : تحت يدك ولاية ترمي
____________________
(1/360)
الناس في عذاب ويكثرون صراخهم . وقال آخر : رأيت أنني صرت شوى ، قلت : أنت سجان وتدخل بعضهم الجب وتنزع قماشهم ، فارجع عن ذلك ، فتركه . وقال آخر : رأيت أنني صرت رواساً ، قلت : أنت تصطاد من المياه وتتعيش ، قال : صدقت . ومثله قال آخر ، قلت : تصير قيماً في حمام تحلق رؤوس الناس ، فصار كذلك . لما أن كان باطن ما يعمله الدهان والمزوق والصائغ خلاف ظاهره أشبه الكذب .
[ 168 ] فصل : النقاش ، والرفاء ، والمشعب ، والخياط : أصحاب مداراة ، واجتماع متفرق . فإن نقش ما لا يليق ، أو رفأ ثوباً بخيط دون ، أو خاط قطعة مع أخرى لا تليق بها : إنعكس ذلك . وربما دلوا في هذا الحال على القوادين .
____________________
(1/361)(1/139)
قال المصنف : دل النقاش والرفاء والمشعب والخياط ونحوهم على ما ذكرنا لإصلاح ما عملوه ، وجمع ما افترق ، وحفظ ما خشي إتلافه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أشعب الأواني للماء ، قلت : تصير بناء ، وتحسن تصلح المصانع . وقال إنسان : رأيت أنني أنقش ألواحاً ، قلت : أنت معلم مكتب ينصلح على يديك جماعة من المتعلمين إن كان نقشك جيداً . وقال آخر : رأيت أنني صرت رفاء ، قلت : تصير جرائحياً تصلح أجساد الناس ويبقى مكان ذلك أثره في الجسد ، فصار كذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : فما رفيت ، قال : قماشاً رفيعاً ، قلت : أنت تصلح ما تشعث من دور الأكابر ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : فما الذي رفيت ، قال : الأمتعة للغطاء ، قلت : أنت تتعلم إسقاف البيوت . وقال لي إنسان : رأيت أنني أخيط فيصير شبكة ، قلت له تتعلم عمل الحزاكي . ومثله قال آخر ، قلت : تتعلم عمل الغرابيل والمناخل . ومثله قال آخر ، قلت : تصير صياداً بالشباك . ومثله قال آخر ، قلت : تتعلم عمل التكك ، فصار كذلك .
[ 169 ] والفراء : صاحب مال ، وفوائد ، في زمن الشتاء . وهموم في الصيف . صانع الزجاج ، والفخار : أصحاب تدبير ، ومراراة ، وطب . وبائع ذلك : يدل على بائع الغلمان ، والجوار . وكذلك كل بائع أواني ، أو أدوات ،
____________________
(1/362)
أو ملبوس مخيط . قال المصنف : دل الزجاج والفاخوري على ما ذكرناه للطف صنعتهم وحسن مداراتهم فيما يعملوه .
[ 170 ] الدباغ : رجل مصلح ، أو طبيب ، أو متصرف ، في بركات الهالكين . قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت دباغاً ، قلت : تصير قيماً تغسل الثياب للمرضى ، فصار بالمارستان . ومثله قال آخر ، قلت : تصير
____________________
(1/363)
تنقي الأراضي الدونة من الدغل والحشيش الذي صار بها ، فصار كذلك . فافهمه .(1/140)
[ 171 ] فصل : الجزار : رجل مهاب ، يقهر أرباب الجهل . وربما دل على الظالم ، أو قاطع طريق ، وذلك لما يفنى على يديه من الأرواح . ومعلم المكتب : مصلح لأهل الجهل ، أو سجار . وحلاج القطن ، والمغربل ، والذي ينخل الدقيق : مصلح ، مفرق بين الجيد والردى . والمنجم : رجل خبير بأحوال الأكابر ، ويدل على الكذاب . والحجار : رجل خبير ، وبمداراة قساة القلوب ، والأكابر . قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت جزاراً ، قلت : تتعلم الشعر وتتكلم في أعراض الناس أو تمشي بالنميمة ، فصار كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : تصير فاصداً أو حجاماً وتريق دماء الناس لأجل المنفعة ، فصار كذلك . / ومثله قال آخر ، قلت : تنبش القبور وتأخذ ما في داخلها . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال كأنني أنفخ في كعب المذبوح وما علمت أنني ذبحته ، قلت : أنت تفرق بين المجتمعين والأقارب بكلامك . ومثله قال آخر ،
____________________
(1/364)(1/141)
قلت : أنت تعمل الزجاج وتنفخ فيه . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تتعانى عمل الظروف وتربح منها ، فصار كذلك . وقال لي إنسان : رأيت أن عندي قفصاً فيه عصافير وقد أطلقتهم ، قلت : أنت معلم مكتب سيبطل مكتبك ويتفرق صغارك ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : أنت سجان وسيروح من في سجنك ، فجرى ذلك . وقال لي آخر ؛ وكان لا يعرف الخط : رأيت أنني معلم مكتب والصبيان يقرؤون بصوت طيب ، قلت : أنت تعلم الناس الغنى والزمزمة ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أحلج القطن ، قلت : أنت متولي حسن ، طول نهارك تكبس المفسدين وتخرجهم من بلادك ، قال : نعم . وقال إنسان : رأيت أنني أغربل قمحي ، قلت : أنت عزمت على إخراج زكاته ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أنك تجهز جماعة إلى جليل القدر يعزرهم ويؤدبهم ، فضحك وقال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أنخل الدقيق ، قلت : عزمت على عمل معجنة طين وتعملها لبناً بالنار تعمل دورك به ، قال : نعم ، وتعجب من ذلك . وقال إنسان : رأيت أن الأمطار بحكمي ، قلت : تصير مغربلا أو تنخل الدقيق ، وتفيد من ذلك فصار كذلك . ودل النجم على الكذاب لكونه يتكلم على من لا عاشره ولا خبره حق خبرته . وقال آخر : رأيت أنني صرت منجماً أتصرف في النجوم وأرتبها ، قلت : أنت تصير خبيراً بعمل جامات الحمام وستفيد من ذلك ، فصار كذلك . فافهمه موفقاً إن شاء الله .
____________________
(1/365)(1/142)
[ 172 ] فصل : المكاري ، والمسدي ، والحمال ، والساعي ، والحراث ، وأمثالهم : أصحاب السفر ، وتعب . قال المصنف : دل المكاري ومن بعده على ما ذكرنا لكثرة رواحهم ومجيئهم . وقال إنسان : رأيت أنني صرت مسدياً ، قلت : تصير خطاطاً ، فصار كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : كان في يديك قصب عليه غزل ، قال : نعم ، قلت : كان لذلك صوت ، قال : نعم ، قلت : تتعلم اللعب بالبنازات ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت مكارياً ، قلت : تتعلم علم هندسة الأراضي ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت حمالاً ، قلت : على رأسك ، قال : نعم ، قلت : يقع برأسك ألم يوجعه . وقال آخر : رأيت أنني حملت على رأسي رؤساً في إناء فوقعوا مني ، قلت : تحمل فخاراً يقع منك فينكسر ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صارت ساعياً أحمل الكتب ، قلت : أنت جاسوس ومعك كتب خفية ، فأراني ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني صرت حراثاً ، قلت : لك مال عزمت على دفنه . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على تسيير مالك إلى بلد في بحر أو تقطع ماء ، قال : نعم ، قلت : تربح . فافهم ذلك .
____________________
(1/366)
[ 173 ] وموقد النار لمصلحة : خادم الأكابر ، المتقرب إليهم في نفع غيره . فإن كان ذلك في زمن الشتاء ، كان بلا تعب ، وينال راحة . وإن كان في زمن الصيف ، كان بتعب ، وغرامة . لكثرة عرقه ، الذي هو بمنزلة المال .(1/143)
[ 174 ] فصل : وأما موقدها للمضرة ، كمن يريد حرق مال الناس ، أو دورهم ، أو ثيابهم : فهو رجل ردي ، مثير الفتن . وأما موقدها للهداية : فرجل أشبه شيء بالعلماء ، وأرباب الخير . قال المصنف : انظر إذا أوقد النار وتكلم عليه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أوقدت ناراً لأطبخ عليها رؤساً ، قلت : عزمت على أنك تتعانى عمل الفخار أو الطوب المشوي أو الجير ونحو ذلك ، قال : نعم ، قلت : تفيد . وقال آخر : رأيت أنني أوقدها لأضيء على الناس ، قلت : تصير خادم مسجد أو بيعة تعدل القناديل لذلك . وقال آخر : رأيت أنني أوقدها لأحرق بها / الدور ، قلت : تتكلم في أملاك الناس وتؤذيهم ، فارجع عن ذلك .
[ 175 ] البستاني : رجل يخدم من دلت الأشجار عليه ، من الدنيا ، والدين .
____________________
(1/367)
قال المصنف : قال لي إنسان : رأيت أنني صرت بستانياً وكان البستان ما هو لي ؛ وأنا أربط حزم البقل ، قلت : عزمت في ولايتك على أنك تكبس بلداً ، وتجيء بهم أساري مربوطين وتبيعهم ، قال : صحيح ، قلت : اعزم تأخذهم .
[ 176 ] وثقات الؤلؤ ، والجواهر ، والخرز : رجل ممهد ، ومصلح ، ومؤلف بين الأكابر ، وأصحاب الخير .
[ 177 ] فصل : دقاق القماش : مصلح لمن دل القماش عليه . والرسام : رجل صاحب أمر ، ونهي ، وربما كان مهندساً . والمطرز : رجل بناء ، أو حراث ، أو خادم ، لمن دلت الثياب عليه . والبناء : رجل لا يشبع من الدنيا ، لكثرة قوله ' هات ، هات ' . المبيض ، والمطري ، والصيقل ، والجلاء : رجال أصحاب صلاح ، وسداد . وربما دلوا على المدلس . وعلى هذا فقس باقي أصحاب الصنايع . والله تعالى أعلم . قال المصنف : قالت لي امرأة : رأيت أنني صرت أدق القماش ،
____________________
(1/368)(1/144)
وأخرى قالت : أنني صرت رسامة ، قلت لكل واحدة : تصيرين ماشطة ، فصارتا كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : قطعت القماش ، قال : نعم ، قلت : تصير جلاداً قدام جليل القدر وتمزق جلود الناس ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني أرسم على صوف ، قلت : تأمر فلا يسمع منك ، لأن الصوف غالباً لا يثبت عليه الرسم . وقال آخر : رأيت كأنني أرسم على أرض مليحة ، قلت : تصير بستانياً وتسقي الزرع . ودل المطرز على البناء لأن التطريز كالبناء شيء بعد شيء جانب بعضه إلى بعض ، وعلى الحراث لعبور الإبرة في الثوب كالسكة العابرة في الأرض وطلوع الخيط والإبرة كالنبات ، وعلى خادم من دلت عليه الثياب لأن الثوب المقصود منه الطراز لا تميل النفوس إليه حتى يتم ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني تعلمت التطريز ، قلت ، تتعلم الكتابة . وقال آخر : رأيت أنني أطرز أشكال الحيوان ، قلت : تصير دهاناً وتصور في صنعتك تصويراً على حسن ما طرزت . وقال آخر : رأيت أنني صرت أطرز بالزركش ، قلت : تصير بناء للملوك الأكابر . وقال آخر : رأيت أنني أعمل بيدي زركشاً في قماش غيري والذهب من عندي ، قلت : تغير متاعك كذلك في فرح وتجمله به ، فجرى ذلك . وقال صبي : رأيت أنني صرت بناءً ، قلت : تتعلم صنعة التطريز ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت أبيض الغزل في مرجل وهو يتلف ، قلت : تتحايل على النسوان وتأخذ ما تعبوا عليه وتتلفه عليهم ، فجرى ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني أصقل السيوف ، قلت : تصير مغسلاً ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت مطرياً ، قلت : تصير تتعانى عمل الجلود البانية . وقال آخر : رأيت أنني صرت مبيضاً ، قلت : تتعلم صنعة
____________________
(1/369)(1/145)
الورق ، فصار كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : تتعلم عمل الرقاق والكفافة ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت جلاء ، قلت : تصير كحالاً تجلي أبصار الناس ، فصار كذلك . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى . ( [ باب : 11 ] الباب الحادي عشر ) ( في الأدوات )
[ 178 ] المذكر منها : رجال . والمؤنث : نساء . فالمسبحة : امرأة صالحة ، أو معيشة حلال ، أو عساكر نافعة ، لمن ملكها أو سبح بها . والدواة : منصب ، وعز ، أو امرأة ، أو مركب ، أو معيشة . وأما إن تلوث بها : صارت نكداً ، ممن تدل عليه . من كتب بقلم ، أو ملكه : تحكم من جليل القدر ، أو يرزق ولداً كاتباً . وهو ولاية ، ومنصب . ويدل على العبد ، والجارية ؛ لكثرة الرواح والمجيء ، والمطلع على الأسرار .
____________________
(1/370)(1/146)
قال المصنف : اعتبر الأدوات واحكم فيها على ما يليق بالرائي في وقته . وتدل المسبحة أيضاً على . . . وقال لي تاجر : رأيت أن في يدي سبحة من لؤلؤ ، قلت : أنت تسافر في طلب مماليك وتكسب فيها . وقال آخر مثله ، غير أنه قال سبحة من أنبوش ، قلت : أنت متولي وستغير على بلاد وتأخذ جماعة / أسارى مربوطين في الحبال ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة عقيق ، قلت : ستعمل ساقية بدولاب وتكون بقواديس حمر ، وتفيد في ذلك . وقال آخر : رأيت كأن في يدي سبحة من دموع داود عليه السلام وهي معمولة في وسطي ، قلت : عندك امرأة صالحة كثيرة البكاء ، قال : صدقت . ودلت الدواة على المناصب لن أرباب المناصب لا يستغنون عنها ، وعلى المرأة لأن القلم كالذكر فيها لكونها تحمل في بطنها ، وكذلك أيضاً دلت على المراكب والأقلام فيها شبه مقاذيف . وقال إنسان : رأيت أنني أتيت إلى دواة عليها غطاء ففتحتها ورميت ما فيها من الأقلام ، قلت له : نبشت قبوراً مدفونة ورميت ما بها من موتى لتعمل لك قبراً أو بئراً أو بركة ونحو ذلك ، قال : صدقت . وقال لي إنسان : رأيت أنني أعطي كل من يجيء إلى عندي دواة مليحة ، قلت له : تتعلم الطب وكل مريض يجيء إلى عندك يلقى دواءة كما يجب ، فصار كذلك . وقال إنسان : رأيت أن فلاناً وقع في دواة بغطاء وانطبقت عليه ، قلت : الدواة قبره فمات ثاني يوم . وقال آخر :
____________________
(1/371)(1/147)
رأيت أني قد سرق من بيتي دواة بغطاء ، قلت : يروح من عندك صندوق فراح . وقال آخر : رأيت أنني نفضت دواة فيها أقلام وقع ما فيها ، قلت : ضربت حاملاً واسقطت ما في بطنها ، قال : صحيح . وقال لي متولي : رأيت أني كسرت رأس قلم : قطعت لسان إنسان وربما كان كاتباً ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني قطعت قلمي ورميته ، قلت له : تعرف الخط ، قال : لا ، قلت : قد خصيت نفسك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني صرت قلماً مبرياً ، قلت : تصير سباحاً وتكون كثير الغطس على رأسك ، وتصير في ذلك أستاذاً ، فصار كما ذكرنا . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله .
[ 179 ] فصل : الأسرة والمنابر والكراسي والمراتب : عز ، وجاه ،
____________________
(1/372)
لمن ملكهم ، أو جلس عليهم . أو تزويج ، ومال ، وفائدة ، . وكذلك من تحكم فيهم . كما أنهم : هو ، ونكد ، لمن لا يليق به الجلوس عليهم . الشمعة : امرأة ، أو جارية حسناء . فإن كانت على نور : كانت بجهاز ، أو من بيت كبير ، وهي : غنى للفقير ، وهداية للجاهل . وكذلك القنديل والسراج . ويدلوا على الأولاد ، والعلماء ، والأقارب ، لمن ملكهم ، أو اهتدى بنورهم ، في الظلام . وإن كانوا موقودين بالنهار : دل على ضياع المال ، بلا فائدة . أو علم ، عند من لا يحتاج إليه . وهم بالنهار ، بلا وقود : تجائر ، أو علوم . أو أولاد ، ومعايش ، ومتاجر ، ترجى منفعتهم فيما بعد . قال المصنف : دلت الأسرة والمنابر والكراسي ونحو ذلك على العز والجاه لاختصاص الأكابر بهم في خاصتهم ، ويدلوا على غير ذلك . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أمير على سرير مشبك وهو على وجه الماء ، قلت :
____________________
(1/373)(1/148)
تصير أميناً على مركب حطب ، فصار كذلك . وقال آخر : رأيت أن فلاناً على سرير ، قلت : هو مريض ، قال : نعم ، قلت : يحمل على سرير المنايا ، فمات عقيب المنام . وقال آخر : رأيت أنني راكب على سرير صغير على جمل في برية ، قلت : تسافر في تجارة . وقالت امرأة : رأيت أنني أخطب بالرجال ، قلت : تشتهرين بمحبة واعظ أو خطيب أو فقيه ، وتتنكدي من ذلك ، فجرى عليها نكد بذلك السبب . ومثله قالت أخرى غير أنها قالت أخطب بالنساء ، قلت : تتزوجين برجل كذلك ، فتزوجت . وقال إنسان : رأيت أنني صرت شمعة أو قنديلاً ، قلت له : بين الناس ، قال : نعم ، قلت : بالنهار ، قال : نعم ، قلت : تعزر أو تضرب وتسيل دموعك . وقال آخر : رأيت أنني صرت سراجاً على منارة نحاس مليحة ، قلت : بالليل ، قال : نعم ، قلت : تصير مؤذناً أو واعظاً وينتفع بك الناس . ومثله قال آخر ، قلت : أين كنت ، قال : في دكان ، قلت : تصير منادياً أو حارساً على . . . للذي كان في الدكان وتجلب الناس إلى ذلك الجنس . وقال آخر : رأيت / أنني صرت سراج معصرة أدور حيث دار الحجر ، قلت : تصحب جليل القدر وتسافر حيث يسافر وربما تحمل قدامه نوراً وتكون لا تفارقه ، فصار يحمل الشمع قدام الملك . وقال إنسان : رأيت أنني أسبح في قناديل ملآنة حتى آتي إلى فتائلها آكلها وطعمها طيب ، قلت : ترزق من أخذ النوفر الذي
____________________
(1/374)
تحارف في برك الماء رزقاً جيداً . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .(1/149)
[ 180 ] فصل : لبس الحلي لمن يليق به : دليل على تزويج العزاب ، وأولاد للمزوجين ، وغنى للفقراء . أو أعمال حسنة ، وعز ، وجاه ، ومعايش ، وعبيد ، ودور ، ونحو ذلك . وأما الحياصة : فخدمة للبطال ، وعساكر ، وغلمان ، لمن يليق به ذلك . وتعاليقها : كبراء غلمانه . وإن جعلناها امرأة ، فتعاليقها : جهازها . فمن عدمت حياصته ، أو انكسرت ، أو تلف شيء منها : دل على نكد . وإن كانت للملك : ذهبت جيوشه ، أو بعضها . ولغيره : غلمانه ، وللمزوج : زوجته ، أو جاريته ، أو معيشته ، ونحو ذلك . والمذكر من الحلي ، كالسوار والخلخال ، والقرط : ذكور . والمؤنث ، كالحلقة ، والجوهر ، ونحوها : إناث .
____________________
(1/375)
قال المصنف اعتبر ما كان عليه من الحلي والحلل . كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي سواراً والناس يبصرونه ، قلت له : سوء يبصره الناس في يدك ، فعن قليل طلع في يده طلوع . ومثله قال آخر لكن لم يبصره الناس ، قلت : تتزوج امرأة حسنة وتكون رقيقة . ومثله قال آخر غير أنه قال كان منفوخاً ، قلت : عندك امرأة بها مرض الاستسقاء . وقال لي إنسان : رأيت أني أتيت إلى شجرة لآكل من ثمرتها فلم أقدر فلقيت على الأرض دملجاً مرمياً فجعلته تحت رجلي وأكلت من الثمرة ، قلت : أنت تطلب حاجة من جليل القدر وتخاف أن لا تقضى ، قال : نعم ، قلت : دم ولج في طلبها تقضى ، وتكون على يد امرأة وخادم ، فجرى ذلك . ودلوا على تزويج العزاب لكونهم من آلات التزويج ، وأولاد لتجمل
____________________
(1/376)(1/150)
الناس بهم وطول بقائهم عنده ، وعلى الغنى لأن ذلك لا يعمل إلا بعد فضله وغنى عنه ، ويدل على الأعمال لأنه غالباً من أعمال الرائي إما بنفسه أو بامرأة ، وعلى العز والجاه لأن ذلك غالباً مختص بذوي القدر ، وعلى المعايش لكونهم يباعوا ، وعلى العبيد لخدمتهم لمالكهم باستعماله لذلك ، وعلى الدور لكون الأعضاء تعبر في ذلك . ودلت الحياصة على الخدمة لأنها غالباً لا تكون إلا في وسط من يخدم ، والبطال لا يلبس ذلك ، وعساكر وغلمان لمن يصلح له ذلك لكونه يشد وسطه بها ، ومنها الأعمدة الواقفة إلى جانب بعضها بعض كالجيوش والغلمان ، وعلى جهاز المرأة لأنها مؤنثة ، وعمدها والتعاليق كالسيور والأواني المصفوفة والمعلقة ، وتدل أيضاً للمرأة على زوجها وللرجال على ملبوسه . وقال لي إنسان : رأيت كأن في عنقي . . . لازماً ، قلت له : في رقبتك حق لإنسان وسيلازمك في طلبه ، فقال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأن في رجلي خلخالاً ، قلت : تتخلخل رجلك بألم ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أني قد سرق لي خلخال ، قلت : يعدم لك قبقاب ، أو مداس لها صوت . وقال آخر : رأيت كأن في يدي خلخالاً وآخر قد مسكه وأنا ماسكه وأزعق عليه وأقول أترك خلخالي فتركه ، قلت : فكان الخلخال أملس في يدك ، قال : بل كان تألمت منه مرة بعد مرة وفيه شراريف ، قلت : أمك شريفة وكذلك خالك ، وأنت
____________________
(1/377)
لست بشريف ، قلت : واسمك عبد القاهر ، قال : صدقت ، قلت : ولسان خالك لسان نحس ردي يتكلم في عرضك ويأخذ مما في يدك ، قال : نعم ، قلت : ثم نه يقع في يد ظالم متعدي فيحتمي بك فتشد أنت منه وتقول : خل خالي ، فعن قليل جرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن الشمس عندي وكأن سحاباً أخفاها عني فدورت عليها / فلقيتها مخبوءة في وسط عقد جواهر ، قلت له : كان عندك قطعة ذهب فيها نقش أشبه شيء
____________________
(1/378)(1/151)
بالدينار / ، والنقش : منفعة كبيرة ، جعلتها في شيء معجون لتأكل ذلك ، والمعجون لمنفعة طلبتها فلم تجدها ، فبعد قليل عرفت أن سنوراً إبتلع ذلك فصار الضائع جواهر ، فراح من عندي ، فوجد ذلك صحيحاً . وقال إنسان : رأيت أن في أنفي قطعة ذهب وفيها حب مليح أحمر ، قلت له : يقع بك رعاف شديد ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت كلاب كلابنذ معلق في شفتي ، قلت له : يقع بك ألم تحتاج إلى الفصد في شفتك لأجل ذلك ، فجرى ذلك . وقد مضى بعض الكلام في الخاتم خاصة ، وذكر ما فيه في ' الحلي ' . وكل موضع دل الحلي والحلل على الخير والشر فطول ذلك وقصره على قدر ثبات ذلك وذهابه ، كما تقول الحلي من الزجاج لا ثبات له ، وكذلك من الرصاص ، وكذلك من الشمع ، ونحو ذلك . بخلاف الذهب والفضة والنحاس والحديد استعمله أكثر الناس . كما قال لي إنسان : رأيت أن في يدي خاتماً من رصاص ، قلت : عندك امرأة تلوث عرضها - لأن الرصاص يلوث الإنسان - ولا ثبات لها عندك - لعدم بقائه - . فافهم ذلك موفقاً إن شاء الله تعالى .
[ 181 ] فصل : ولبس الحلي ، والحلل ، لمن لا يليق به : دال على
____________________
(1/379)
النكد ، والذلة من الأكابر . وأما لبس الخاتم ، فيدل لمن لبسه ، ممن يصلح له : على تزويجه ، إن كان أعزب . أو يتسرى بجارية . فإن كان بفص : رزق ولداً . وربما تكون المرأة ذات جهاز ومال . ويدل على الولاية ، لختم الأموال ، والكتب ، ونحوها . فمن كسر خاتمه أو ضاع : زالت ولايته . وإلا فارق زوجته ، أو جاريته ، أو بعض أولاده ، وأقاربه ، أو معارفه . أو تعطلت معيشته . ونحو ذلك .
[ 182 ] فصل : ربط اليدين ، أو الرجلين ، أو القيد ، أو اللبنة ، ونحو ذلك : دال على عزل المتصرفين ، وتعويق المسافرين ، وطول سجن المسجونين ، ومرض المرضى ، وتزويج العزاب ، وتعطيل عبادة العابدين ،
____________________
(1/380)(1/152)
وتوبة الفاسقين ، وكف أكف الظالمين . وذلك في اليدين : فقر الأغنياء . وأما الغل ، والربط ، في العنق : دال على الذنوب ، والأنكاد . قال المصنف : دل الربط والقيد على ما ذكرنا من العزل وترك السفر وطول المرض والسجن لكون ذلك يمنع الحركات ، ومن ذلك أيضاً ترك عبادة العابد ، ودل على التزويج لكون اليدين أو الرجلين اجتمعا وهما ذكر
____________________
(1/381)
وأنثى ، ودل على توبة الفاسقين وكف ظلم الظالمين لكون كل واحد انكف عما هو فيه من الحركات . وانظر صفة القيد والذي ربط به وتكلم عليه . كما قال لي إنسان : رأيت أن في رجلي قيد ذهب ، قلت : يمنعك عن سفرك شيء يذهب لك ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : يمنعك جليل القدر . ومثله قال آخر ، قلت : تتزوج من بيت جليل القدر . والقيد أهون من اللبنة كما رآها إنسان في رجله ، قلت : تتقيد بجليل القدر ويمنعك عن تصرفك كما تريد . وقال آخر : رأيت أن يدي مربوطة بخيط حرير ، قلت : يذهب مالك على إنسان جليل القدر . ومثله قال آخر ، قلت : تتوب على يد رجل هين لين . فافهم ذلك موفقاً .
[ 183 ] فصل : الذهب ، والدراهم ، والفلوس ، ونحوهم ، لمن ملكهم ، ممن يليق به : دليل على أخبار ، أو غائب ، أو ولد ، أو معرفة . ويكون فيهم نفع . وأما من أخذهم ، ممن لا يليق به ، أو كانوا في الكثرة خارجاً عن العادة : فأنكاد ، وهموم ، ونحو ذلك .
____________________
(1/382)(1/153)
قال المصنف : دل الذهب والدراهم والفلوس وشبههم على الكتب لكون الكتابة عليهم ، وعلى الأخبار لن بهم يعلم الإنسان ذلك ، وعلى مجيء الغياب لأن الحاجة غائبة حتى يروح أحد من أولئك يحضر ، وعلى الأولاد والأقارب لنفعهم ، وعلى المعارف النافعين لما ذكرنا . فإن خرجوا في الكثرة عن عادة مثل ذلك أعطوا الأنكاد لوجوه : الأول : لثقل حملهم ، ولتعسر حفظ مثل ذلك على من / ملكه ممن لا يصلح له ذلك ، الثالث : لكون الحقوق ترتب فيها ، الرابع : لطلب اللصوص والحرامية والطماعين لمن معه ذلك . وكذلك الحكم إذا كانوا في القلة عند من لا يليق به ذلك ، كالفلوس والدراهم والدنانير في يد ملك وهو يفتخر بين الناس بذلك ، وكذلك من دونه من ذوي الرتب الذين لا يصلح لهم ، يدل على : الأنكاد والفقر ونزول المرتبة ونحو ذلك . فافهم ذلك .
____________________
(1/383)
[ 184 ] فصل : أواني البيت ، كالمسرجة ، والزبدية ، والطبق ، والقدرة ، والمكنسة ، وأمثالهم : كل واحد منهم دال على صاحب الدار ، وزوجته ، وأولاده ، وعبيده ، وداوبه ، وفوائده ، ومعايشه . كما أن المطارق ، والمنفخ ، والكلبتين ، وأمثالهم ، للبيطار ، والحداد ، والنجار ، والصائغ ، وأمثالهم : دال على معايشهم ، وغلمانهم ، وأولادهم . وربما كان المنشار ، والمثقب ، والمنقار ، والإبرة ، ومكوك الحائك ، وسهم المنسج ، وأمثالهم : أصحاب سفر ، ومدخلات في الأمور . وربما دلوا على الجواسيس ، لدخولهم في البواطن ، وخروجهم . قال المصنف : إعتبر ما في البيوت ، وهم دالون على صاحب الدار والزوجة والأولاد والعبيد والدواب والمعايش ، ونحو ذلك ، لانتفاع أهل المنزل بذلك ، والأواني المعمولة من النحاس دالة على طوال الأعمار وذوي القدر ، ودون ذلك الحديد لكونه لا يستعمل غالبا ، وأضعف من ذلك وأرفع
____________________
(1/384)(1/154)
منزلة الرصاص في الأواني كما قال لي إنسان : رأيت أن عندي قدرا برأسين ، قلت : عندك امرأة حامل بتوأم ، فعن قليل وضعت توأما . وقال لي إنسان : رأيت أن قدامي زبدية كبيرة وأنا أعمل فيها الشعر في الرق ، قلت : تصير تبيض الغزل . ومثله قال آخر ، قلت له : تملك مبلة فيها ، قلت له : تنكسر منك زبدية ويذهب ما فيها . وقال آخر : رأيت أن قدامي طبقا فيه ططماج وأنا آكل منه دراهم ودنانير ، قلت له : أنت صنعتك تعمل الورق ، قال : صحيح ، قلت : تفيد منه . وقال آخر : رأيت أنني وقعت في طبق ططماج انكسرت رجلي ، قلت له : تضمن الورق أو وراقة وتنكسر في ضمانها ، فجرى ذلك كله . وقال آخر : رأيت أن منفخي إنكسر ، قلت : تقع باذهنجك . ومثله قال آخر : قلت : يقع في أنفك زكام . وقال آخر : رأيت أني قد راح منه كلبتين ، قلت : يموت لك أولاد توأم ، فماتا . وقال لي ملك رأيت أن منشارا لي إنكسر ، قلت : تقع بعض شراريف السور ، فوقع ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت مثقبا ، قلت : تصير تحفر الآبار . وقال آخر : رأيت أنني صرت منشارا واثنان ينشران بي ، قلت : تقع بين إثنين في رسالة وتتعب بينهما ، فجرى ذلك . فافهمه موقفا إن شاء الله تعالى .
[ 185 ] فصل : المبرد ، والفأرة ، والمصقلة ، وآلة التبيض ، وأمثالهم :
____________________
(1/385)
يدلوا على المصلحين ، والمهدين . والمفتاح : دال على الحاكم على الأموال ، وغيرها . وعلى الخبير بفتح الأماكن ، وتسهيل الأمور الصعاب . ويكون صاحب أمر ، ونهي . كما أن الميل : صاحب سفر ، لكونه يغيب ، ويجيء بالمطلوب . وأما المغرفة ، والغربال ، والمنخل ،
____________________
(1/386)(1/155)
والمصفاة : فأقوام متوسطون بالخير . قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني صرت مبردا ، قلت : يطلع عليك جرب ، فطلع . ومثله قال لي جليل القدر ؛ قال : كنت أبرد الحديد ، قلت تلبي جوشنا في حرب وتنتصر . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال كنت أبرد حوافر الخيل ، قلت له : تصير بيطارا . ومثله قال آخر ، قلت : تصير ركاب دار . ومثله قال آخر ؛ غير أنه قال كنت أبرد خشب قرب السيوف والسكاكين ، قلت : تعمل / الحصون والعدد للأكابر . وقال إنسان : رأيت أنني صرت مفتاحا لباب ، قلت : تصير بوابا ، فصار كذلك . ومثله قال جليل القدر ، قلت : تتولى منصبا عاليا على قدر حسن الباب . وقال آخر : رأيت أنني صرت سنا في مفتاح ، قلت : فتحت شيئا ، قال : نعم ، قلت : ستعبر نقبا وتقاوم أصحاب المكان وهم من فوقك ثم يأخذ النقب من أسفل وتصعد وينفتح لك المكان . وقال لي إنسان : رأيت إن مفتاحي بلا أسنان ، قلت : تتلف أصابع يديك ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : تذهب أسنانك . ومثله قال آخر ، قلت : يعدم شجر بستانك . والمنقار إنسان مغصوب على الدخول في الأماكن الصعبة ، وإبر الذي
____________________
(1/387)(1/156)
يعمل الجلود كالخفاف والمدسات ونحو ذلك دال على الغلامين الذي يمشي كل واحد ضد ما يمشي صاحبه في طلب المصلحة . والميل الذهب أجود من الفضة ، والفضة أجود من النحاس ، ودونهم الميل من الزجاج . وقال لي إنسان : رأيت أن عندي بعض ميل ذهب وأنا أكحل به أعين الدواب ، قلت : عندك صبي تعلمه بيطارا فاسأل عنه فهو ابن ملك ، فسأل عنه فوجده كذلك . وقال آخر : رأيت أن معي ميلا من ذهب وأنا ألعب به في التراب ، قلت : عندك جليل القدر تستعمله فاعلا في عمل التراب . وقال آخر : رأيت معي أميلا عديدة ، قلت : يكثر الرمد ووجع العيون عندكم ، فجرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : عندك جماعة عزمت على سفرهم . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أخذ مطامير . وقالت امرأة : رأيت أن ميلي ضاع ، قلت : يأخذ زوجك غيرك ، فيهجرك في الفراش ، فجرى ذلك . والله أعلم .
[ 186 ] فصل : كل ما كان معدا للخبايا ، أو للحفظ : فهو دال على الأمناء ، والحراس ، والأماكن الحصينة . كالخزائن ، والصناديق ، وأمثالهم . والقبان ، والميزان : يدلان على القضاة ، والولاة ، وكل من يقبل قوله . فلسانه : هو المتوسط ، والشاهد بالحق . والصنج : غلمانه ، وأعوانه .
____________________
(1/388)
قال المصنف : وقال لي إنسان : رأيت أنني أزن ذهبا في قبان ما هو معد له ، قلت : تسلم أقواما أكابر إلى من لا يعرف قدرهم ، ولا يلتفت عليهم ليختبرهم ، وما يحصل لك مقصود . وقال لي إنسان قيم مسجد : رأيت أنني أزن في ميزان الدراهم فلوسا وقد تلف ، قلت : تبدل القناديل الجياد بدونها ، فارجع إلى الله عن ذلك . والله أعلم .(1/157)
[ 187 ] فصل : النظر في الأشياء الصقلة ، كالزجاج ، والماء ، والمرآة ، وأمثالهم : دال على تزويج العزاب ، وموت المرضى ، والأسفار . وربما رزق الرائي ولدا ، على شكله . وأما إن نظر ليصلح وجهه ، أو حاله ، فإن أصلحه : تعافى المريض ، وخلص المسجون ، وقدم الغائب ، وقضيت حاجة المحتاج . قال المصنف : دل النظر في الأشياء الصقلة على : تزويج العزاب لكونه يبقى وجه مقابل وجه يحبه ، وعلى موت المرضى لكونه صار وجهه في مكان لا تصل يده إليه ولا يقدر عليه ، ومن ذلك دل على السفر . فإذا كان له عادة بالنظر في شيء مليح كمرآة مليحة فرأى أدون من ذلك ؛ فإن جعلته تزويجا أو تسريا فهي امرأة دونه ، وإن جعلته موتا فحذره من الآخرة الردية ، وإن جعلته سفرا فمنعه من ذلك ؛ فهو غير مرضي . وقولنا يرزق الناظر مثله إن
____________________
(1/389)
كانت امرأة وهي حامل فالحمل أنثى ، وإن كان الناظر رجلا وعنده حمل فالولد ذكر ، وإن لم يكن عنده حمل فالمرأة تحمل بذلك .(1/158)
[ 188 ] فصل : كل ما يغتسل به ، من الأواني ، كالإبريق ، والطاسة ، والشربة ، وأمثالهم : دال على الأصحاب ، المطلعين على الأسرار ، الكاتمين لها ، الدافعين الأذى . والغلاية : امرأة ، أو بنت ، أو جارية ، فيها نفع . وربما تكون تعرف صنعتين / . وربما تكون كثيرة الأمراض ، لجمعها الماء والنار في بطنها . قال المصنف : قد سبق الكلام في الأواني ، والإبريق دال على الكثير السجود والخدمة . كما قال لي إنسان : رأيت أنني آكل إبريقا ، قلت له : بعت ديكا وأكلت ثمنه ، قال : صحيح . وقال إنسان : رأيت أنني صرت إبريقا ، قلت : تصير صاحب صوت كالمؤذن والحارس والمغني ونحو ذلك ، فصار مؤذنا ، وكان دليله أن الماء إذا قلب فيه يبقى له صوت . دلت أواني الإغتسال على المطلعين على الأسرار لقربهم من العورات ، الدافعين الأذى لزوال الوسخ بهم ، الكاتمين الأسرار لكونهم لا ينطقون بما يجاوروه . واعتبر الجمع في الأواني . كما قال لي إنسان : رأيت إنسانا أهدى لي شربات ، قلت : كانوا ملاحا ، قال : لا ، قلت : احترز منه فإنه بيت لك على شر . وقال إنسان : رأيت أنني ملكت غلاية ، قلت : تملك حماما ،
____________________
(1/390)(1/159)
فملكه . وقال إنسان : رأيت أن ولدي يشرب من غلاية ، قلت : تمرض أمه بالحمى ويرضع ذلك . ومثله قال آخر ، قلت : ابنك مريض بالحمى الباردة ، قال : نعم ، قلت : فشرب من الغلاية ماء حارا ، قال ، نعم : قلت : يتعافى ، فعوفي . وقال آخر : رأيت أن عندي نعامة آكلها ، قلت : عندك غلاية ، والساعة تبيعها وتأكل ثمنها ، فجرى ذلك . وأشبهت النعامة لأن النعامة تأكل النار ، وتشرب الماء في بطنها ، فأشبهت الغلاية التي جمعت في بطنها بين الماء والنار . وقال إنسان : رأيت أنني صرت غلاية ، قلت : تمرض بوجع الفؤاد ، وتصير أيضا ضامن حمام ، فجرى له ذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : تأكل أموال اليتامى ، فكان كذلك ، لأن الله تعالى يقول ! ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا ) ! . وقال آخر : رأيت أنني صرت خابية ملآنة ماء ، قلت : نخشى عليك الاستسقاء ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني صرت زبرا كبيرا والسقاؤون يقلبون في الماء وهو كدر ، قلت : نخشى عليك أن تعذب بسقاية الحل والجير ونحو ذلك ، فجرى له ذلك . وقد سبق الكلام على الحكم في الزرابيل والقباقيب ونحو ذلك فافهمه .
[ 189 ] فصل : الجرار ، والخوابي ، وآنية الماء : دالون على أهل النفع ، والخير . والقبقاب : ولد ، أو عبد ، أو دابة ، أو مال طويل الإقامة . وهو لمن لا يعتاده : نكد ، وتعويق من أمور . ويدل على إظهار الأمور
____________________
(1/391)
الخفية . وهو لمن يمشي به في الطين : خلاص من نكد ، أو سفر فيه راحة . فجمع ما ذكرنا فهم أيضا : دالون على الدواب ، والدور ، والعبيد ، والملابس ، والمعايش ، والأقارب . وهم للعزاب زوجات . وكذلك كل ما أشبههم . فما حدث فيهم من صلاح ، أو فساد : عاد إلى ذكرنا .(1/160)
[ 190 ] فصل : وأما المالهي ، كالطبل ، والزمر ، والدف ، وشبههم : فلهو وأخبار باطلة . وأما العود ، والجنك ، وأمثالهم : فأناس مسموعون القول ، لا دين لهم . وأما النقارات : فأخبار ، وتجهيز جنود . وكذلك البنود . وأما من غنى في المنام : فكل من سمع صوته ، اطلع على أسراره . وأما الرقص ، لمن لا عادة له به : هموم ، وأنكاد ، وأسفار مشقة . قال المصنف : دلت أصوات الطرب على الباطل من القول لأنه لا حقيقة لذلك ، فالطبل يدل على الرجل الجسيم المنظر العديم المخبر ؛ باطنه
____________________
(1/392)
ولاش . والزمر : ناقل للكلام ، لكونه مختصا بالفم ، ويكون كلاما غير مفيد ، وربما كان الزمر ترجمانا . والدف : رجل مرفوع على الرؤوس . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أسجد لدف ، قلت : تحب غلاما في آذانه حلق وهو كثير الضحك مدور الوجه وكثير البكاء أيضا لكثرة ما يضرب ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أسجد / لجنك ، قلت : أنت تحب إنسانا تركمانيا أو بدويا على رأسه طرطور ، قال : صحيح . وقال لي ملك : رأيت أنني نصبت جنوكا على البلد ، قلت : تحاصر بلدا وتنصب المناجنيق عليه ، لأن الأوتار فيه شبه حبال المنجنيق . وقالت امرأة : رأيت في حجري عودا أضرب به ، قلت : ترزقين ولدا وتناغيه وهو في حجرك . وقال آخر : رأيت أنني صرت عودا ، قلت : تلوي عليك المعاصير وتزعق من ذلك . والمغني في المنام هو شاكي مظهر لما في قلبه من ألأسرار ، فإن كان يغني لغيره بصوت مليح فهو رجل حلو اللسان ، خبير بإخراج ما في القلوب والبواطن من الأسرار ، ويدل ايضا على أنه يقع بفؤاده ألم أو بحلقه أو برأسه ؛ لتألم أولئك من كثرة الغنى . كما دل الرقص على كثرة التعب من كثرة الترداد ، وعلى وجع الرأس لغلبة الدوخة في الرأس عند كثرة الحركات ، والأسفار . فافهم ذلك موفقا .(1/161)
[ 191 ] فصل : اللعب بالنرد ، والشطرنج ، ومثله : يدل على المقاتلة مع غيره ، وعلى الشبه في المكاسب . وعلى تعطل العبادة ، والانتقال من مكان إلى آخر في طلب غريم . وإن كان مريضا ، وتم اللعب : مات ، لأن آخره شاه مات . وإن كان سليما : بلغ مراده . ورؤية الملاهي ، والنوائح ، أو
____________________
(1/393)
الصوائح ، أو اللطم ، أو السواد ، في المكان الذي ليس له عادة بذلك : فهو دال على الهموم ، والأحزان ، وخراب المكان ، وفراق الأحبة . قال المصنف : دل اللعب بالشطرنج والنرد وشبهه على المقاتلة لكون كل خصم مجتهدا في غلب غريمه ، وعلى الشبهة في المكاسب لكون أخذ الرهن عليه بغير حق ، وعلى ترك العبادة لكونه لعبا واللعب ضد العبادة ، وعلى كثرة الأسفار في طلب الغرماء لأن اللاعب ينقل ما بين يديه شبه الغرماء الطالبين بعضهم بعضا ، فافهمه . ودلت الملاهي على الأنكاد لما يغرم عليها ، ولما يحصل من تغير العقل والحركات عند سماعها ، ولما يلهي الإنسان عن أشغاله ، ولأن العقلاء يرون تركها إلا من
____________________
(1/394)
ضرورة ، وتذهل سمع السامع ، وترجف من لا عادة له بها ، وإذا كانت هذه مع استعمال الناس لها تعطي الأنكاد فمن طريق الأولى علامات الحزن التي ذكرناها على الأفراح . كما قالت لي امرأة حامل : رأيت عندي زمرا وطبلا ، قلت : ترزقين ولدا ذكرا ، وتفرحين به . وقال إنسان : رأيت عندي نقارات وبنودا ، قلت : أنت جندي تتقدم وترزق الإمرة ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن عندي جنكا وعودا يضربان خفيه ، قلت : أنت تشرب خفية ، قال : نعم .
[ 192 ] فصل : وأما السكر من أكل شيء ، أو شرب شيء ، لمن يحرمه : هموم ، وأحزان ، وزوال عز ، ومطالبات بديون ، وغيرها . لكونه
____________________
(1/395)(1/162)
فاعل ذلك يطلب بالتعزير ، أو بالحد . وأما السكر ، من غير شيء : يدل على قضاء الديون ، والخلاص من الشدائد . بكونه لا يكلف من حال سكره بشيء . هذا إذا لم يتخبط . وأما إن تخبط كان رديا . قال المصنف : اعتبر السكر من الجامدات والسائلات ، وتكلم عليه . ومن الأصوات أيضا . كما قال لي إنسان : رأيت أن هدهدا يترنم بصوت مليح وأنا أطرب ، قلت : تمايلت ، قال : نعم ، قلت : قدام الناس ، قال : نعم ، قلت : خلاف عادتك ، قال : نعم ، قلت : يحصل لك نكد من جليل القدر ، وربما تكون رسولا بكلام يهددك به ، قال : جرى ذلك ، قلت : وكان عليه ثوب ملون ، قال نعم . ومثله قال آخر - غير أنه قال ما كان بين الناس - قلت : قدم عليك بشارة على يد إنسان على رأسه طرطور ، ومعه كتاب ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت / أنني أكلت من رطب نخلة فسكرت منه ، قلت : يحصل لك نكد من امرأة ، وربما تكون اسمها مريم ، أو لها بنت اسمها كذلك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أكلت زيتا
____________________
(1/396)
فسكرت منه ، قلت له : تتنكد بمرض في رأسك أصله صفراء . وقال آخر : رأيت أن نخلة ضربتني فسكرت من ضربتها ، قلت له : يقع في رأسك سهم نشاب أو حجر فتتنكد منه ، فجرى ذلك . وعلى هذا فقس .(1/163)
[ 193 ] وأما السكر من خوف الله تعالى ، أو قراءة قرآن ، أو سماع موعظة : فدال على العبادة ، والرفعة . قال المصنف : دل السكر من خوف الله تعالى وقراءة كلامه العزيز واستماعه الموعظة على العبادة والرفعة لاشتغال الباطن وحجب الظاهر عن أمور الدنيا ، ويدل على الراحة ، وقضاء الديون ، وتوبة الفاسق ، والإنتقال من دين إلى دين أحسن مما هو عليه في حق الكافر ، ويدل في ذلك أيضا على أنه قال لي بعض المتعبدين : رأيت أنني سكران من خوف الله تعالى وأنا أتواجد ، قلت : تزداد عبادة وبرا ويتجدد لك في اعتقادك أحسن مما كنت عليه ، قال : صحيح ، قلت : وتوت شهيدا ، فمات قتل الكفار في سبيل الله تعالى . ومثله رأى آخر ، قلت : يأتي إليك أحد نواب الملوك ويعطيك راحة من الدنيا تبقى فرحان بها ، فجرى له ذلك . وقال آخر : رأيت أنني اقرأ ! ( تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ) ! وأنا سكران من قرائتها ، قلت له : أنت رجل متولي ، ولم أملاك ودور ، وقد تحدثت أنت وشخص ممن يتلو الكتاب العزيز في أن تترك الولاية ، وتوقف أحسن أملاكك ، قال : نعم ، قلت : وصفة الفقيه مصفر اللون طويل القامة ، واسمه سليمان ، قال : نعم ، وهو يصنع المراوح ، قال : نعم ، وكان دليله أن المتقين غالبا عندهم خوف ، وفي وجه الخائف أبدا إصفرار ، وكونه طويل القامة لأن
____________________
(1/397)
القرآن كثير الإقامة بين أظهر الناس إلى يوم الدين ، والباقي في سورة النمل وفيها سليمان وعمله . فافهم ذلك .
[ 194 ] وأما الجنون : فدال على النكد ، من أقوام كفار ، أو فساق . قال المصنف : دل الجنون على النكد من قوم كفار لكونهم مستورين ؛ والكفر في اللغة هو الستر ، أو من لأن الغالب على الجن الذين يؤذون الفسق .
____________________
(1/398)(1/164)
[ 195 ] فصل : الإغماء ، والنوم : كل منهم دال على راحة التعبان ، وخلاص من هو في شدة . وتعطيل المسافر عن سفره ، وللعابد عن عبادته . وعلى النكد يقع بالحراس . وعلى أمن الخائف . فإن نام في موضع لا يليق به : دل على النكد . وربما : دل ذلك على السفر . قال المصنف : دل النوم والإغماء على ما ذكرناه لما علمنا أنه يريح الأبدان ، ونكد بالحراس لأن من شأنهم السهر فإذا ناموا عوقبوا ، ودل على السفر لكون روح النائم تسرح في أماكن غير مكانه الذي هو فيه .
____________________
(1/399)
[ 196 ] فصل في الطاعات : الصلوات المشروعة : دالة على التقرب إلى الله تعالى ، وعلى العز ، والجاه ، والرفعة ، والغنى ، وقضاء الحوائج ، والديون . فإن تمت له : تم له ما ذكرنا . وأما النوافل ، والتطوعات : يدلوا على زيادة الخيرات ، ودفع البلايا من حيث لا يحتسب . ويدلوا على ما دلت عليه الفروض . وأما الوضوء : فدال على شرح الصدر ، وقضاء الدين والحوائج ، وخدمة الأكابر . وعلى التوبة . فإن صلى : حصل له ما ذكرنا ، وإلا : تأخذ
____________________
(1/400)
أكبر مطلوبه . قال المصنف : دلت الطاعات على التقرب إلى الله تعالى ، دليلها ظاهر . ودلت على العز والرفعة لكون مخدومه راض عليه ، ومن واضب ذلك أحبه الله وأحبه الناس ، وأعطى العز والرفعة . ودل على الغنى لأن الطاعات مدخرة للإنسان إلى يوم الحاجة ، فهو كالغني الذي له ذخائر يجدها . ودل على قضاء الحوائج لتقربه من ربه / عز وجل ، أو لمن دل الباري عليه ، ومن تقرب قبل في غالب الأحوال . وعلى قضاء الديون لأنها واجبة في ذمته ، وقد برأت ذمته بأدائها . وإذا رأى كأنه يقضي ما فاته من الفروض دل على استدراك ما فاته من
____________________
(1/401)(1/165)
الفوائد ؛ كالخاسر في مكاسبه دل على الخلف عليه مما فات ، وكالغافل عن زكاته وحفظ ماله دل على براءة ذمته بعد شغلها وحرز ماله بعد ضياعه ، وإيصاله بالخدم والأكابر بعد انقطاعه عنهم وادراك من سبقه في العمل . حتى قال لي إنسان : رأيت كأنيي أقضي فوائت كثيرة ، قلت : تهاونت في عمارة مكان حتى سبقك خصمك وعمر ، قال : نعم ، قلت : عزمت على العمارة ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : طلبت سفرا وكسلت فسبقك القوم ثم تجهزت للسفر ، قال : نعم ، قلت : يحصل لك . ومثله قالت جارية ، قلت لها : كنتي بعيدة من مولاكي مهجورة غافلة عن خدمته ، قالت : صحيح ، قلت : تقربي بعد بعد ، وتصلي بعد هجر . والنوافل دالة على زيادة الخيرات لأن الفروض رؤوس الأموال والنوافل زيادة على ذلك فهو ربح ، ودفع البلايا ، فإن كان له أولاد رزق عليهم ولدين ذكرين ، وربما يكونان توأما ؛ لقوله تعالى ! ( ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة ) ! ، ودل على باقي الخيرات لكثرة ما ورد عن الله تعالى في ثواب ذلك .
____________________
(1/402)(1/166)
ودل الوضوء على شرح الصدر لزوال الوسخ ، وحسن البدن بعد رداءة منظره . وكذلك الغسل من الجنابة والحيض . ودل على باقي أحكامه من قضاء الديون والحوائج ونحو ذلك كما دلت الفروض . فإن صلى لما توضأ له بلغ مراده وإلا فلا . وتكلم على ما توضأ . كما قال إنسان : رأيت أنني أتوضأ لأصلي صلاة الكسوف ، قلت : عزمت على السعي في خلاص مسجون ، قلت : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : صليت ، قال : نعم ، قلت : خلصت غريقا . ومثله قال آخر ، قلت : سعيت في رد معزول إلى منصبه ، قال : نعم ، ومثله قال آخر ، قلت : شفعت في عود إنسان إلى بلده أو منزله ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني توضأت لأصلي على جنازة ، قلت : شفعت في مسافر إلى عند مخدومه ، قال : نعم . وقال آخر : توضأت لأصلي صلاة الاستسقاء ، قلت : أنقذت إنسانا من ألم العطش ، قال : نعم . وقلت لآخر : شفعت في خلاص حق لإنسان من المياه ، قال : نعم . وإذا فسد وضوءه أو صلاته بما سيأتي لم يتم له شيء مما قصده .
[ 197 ] فصل : فإن توضأ بما لا يصح الوضوء به ، أو صلى إلى غير القبلة ، أو على غير طهارة ، أو قرأ بالأعجمية لمن يقدر على العربية ، أو
____________________
(1/403)
بالأشعار : لم يتم له شيء من ذلك . ويكون على بدعة ، أو ضلالة ، وهو يعتقد أنه على الصواب . وأما التيمم : دال على ما دل عليه الوضوء ، إلا أنه أنقص منه . ويدل على السفر ، وعلى مرض السليم ، وعافية السقيم . وأما اليتيم ، مع وجود الماء : يدل على الأعمال الباطلة .
____________________
(1/404)
قال المصنف : قال إنسان : رأيت أنني أقرأ في الصلاة بالأشعار ،
____________________
(1/405)(1/167)
قلت : تتقرب إلى الأكابر بالشعر ، ولا يقبلوك . وآخر قال : كنت أقرأ بالأعجمية ، قلت : تصير ترجمانا ، وتقف قدام جليل القدر ، وتتكلم بخلاف المقصود منك . وقال آخر : رأيت أنني أصلي إلى غير قبلتي ، قلت : يأمرك كبيرك بأمر تفعل خلافه ، وتعتقد أنك ممتثل . ومثله قال آخر ، قلت له : ينتقل دينك إلى الجهة التي صليت إليها . ودل التيمم على ما دل الوضوء عليه لكونه تؤدى به الفروض والنوافل ، ودل على السفر لأن الغالب استعماله في الأسفار ، ولمن هو في عافية دال
____________________
(1/406)
على مرضه إذا لم يكن مسافرا ؛ لأن المريض يباح له استعمال ذلك إذا عجز عن الوضوء كما قلت لمن صلى جالسا إنذار بمرض ، ودل التيمم على عافية المريض لأن التعب في حركات الوضوء كثير والتيمم أنزل منه ، وإذا بطل عنه التعب زال عنه تعب / المرض فافهم ذلك .
[ 198 ] فصل : من قرأ القرآن ، أو شيئا من الكتب التي يعتقد فيها : فانظر فإن كانت آيات رحمة فبشره ، وإن كانت تخويفا فحذره ، وإن لم يعرف ما كانت فذلك خير وفائدة . خصوصا إن كان بصوت مليح ، والناس يستمعون ، ويتلذذون به : فإنه يدل على المنزلة ، والذيت الحسن . وأما الأذان ، أو رفع الصوت بذكر الله تعالى ، وهو مكشوف العورة : دال على اشتهار ، ونكد ردي .
____________________
(1/407)(1/168)
قال المصنف : إنما دل الأذان والذكر على ما ذكرنا لكثرة ميل النفوس الشريفة إلى استماعه والعمل به ، فإن فعل ذلك من لا يليق به دل على النكد . كما قال لي إنسان : أرى كثيرا أنني أءذن في غير الوقت ، قلت : له أنت كثير الكذب في أقويلك . وقال آخر : رأيت أنني أذنت على دار عالية في بلد كفر بصوت ردي ، قلت له : يقع لك نكد بطريق امرأة في ذلك المكان . وقال آخر : رأيت أنني أءذن فجاء إنسان فقطع علي الأذان وضربني وأسال دمي ، قلت له : تقع في حرب وتذهب أذناك ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن امرأتي تؤذن ، فقلت : هي عجوز ، قال : نعم ، وهي ذات دين وصلاح ، قلت : هي تستأذن الناس في فرح ، قال : نعم . فافهمه .
[ 199 ] فصل : الحج ، أو زيارة الأماكن الشريفة ، كالقدس ، وقبور الأنبياء والصديقين : فهو دال على ما دلت عليه الصلوات . وعلى رفع
____________________
(1/408)
فارغة
____________________
(1/409)
المنزلة ، والأمن من الخوف ، وعلى خدمة الأكابر ، والتقرب منهم . وعلى
____________________
(1/410)
التزويج ، وكثرة الفوائد . وقضاء الديون ، والحوائج . فإن ثم ذلك : ثم له مراده ، وإلا فلا . قال المصنف : اعتبر بما يليق أن تفعل كل أمة في حجها ، وأعطه من أحكامه على ما يليق به . كما قال مسلم : رأيت أنني سجدت لقبر موسى بن عمران ، قلت له : تذل في خدمة ليهودي أو سامري . وقال لي يهودي : رأيت أنني أكنس حول قبر محمد صلى الله عليه وسلم ، فقلت له : تسلم وتجاور عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان كما ذكرت . وقال آخر : رأيت أنني أبني قبر أيوب عليه السلام ، قلت له : أصلحته جيدا ، قال : نعم ، قلت له : أنت تداوي مريضا ، وهو يتعافى ، فكان كذلك .
[ 200 ] فصل : وأما السجود إلى غير جهة العبادة ، أو ممن هو جالس ،
____________________
(1/411)(1/169)
أو نائم ، وهو قادر على القيام : فدليل على فساد دينه ، وبدعته . وربما دل السجود للأصنام ، أو الشجر ، أو القبور : على الخدمة لمن لا ينفعه . قال المصنف : إذا سجد لغير جهة العبادة من غير عذر : دل على التقصير في دين الساجد ، وربما دل ذلك على السفر أو المرض الذي يوجب ذلك . كمن رأى أنه سجد بين قبلتي المسلمين والنصارى ، قلت له : تخدم مكانا فيه مسلم وذمي ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني أسجد لصنم وأنا أبكي ، قلت له : تخدم ميتا ، وتبكي عليه . ومثله قال آخر ، قلت : تخدم رجلا جاهلا لا ينفع معه الخير . ومثله قال آخر ، قلت له : كان الصنم لك ، قال : نعم ، قلت : عندك ولد أو قرابة أخرس أو زمن ، وأنت تعبان في خدمته ، ضيق الصدر لأجله ، قال : صحيح .
[ 201 ] وأما صلاة الخوف : فتدل على الحروب ، والمخاوف . وأما صلاة الكسوف : فتدل على أن المصلي يسعى في خلاص من دل الشمس ، أو القمر ، عليه .
____________________
(1/412)(1/170)
قال المصنف : اعتبر الخوف هل هو من بني آدم ؛ أو من غيرهم ، أو خاف أن يدركه غريمه ؛ أو يفوته بهربه ، فاحكم عليه بما يليق به . كما رأى إنسان أن غزالة تطلبه وهو هارب منها وصلى صلاة الخوف ، قلت : تسافر من خوف امرأة . وقال آخر : رأيت أنني صليت كذلك من خوف أشجار تطلبني ، قلت : تهرب من ضمان بستان أو ثمن خشب أو فواكه ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت كأنني صليت صلاة الخوف في طلب نجوم تهرب مني حتى أمسك واحدا منهن ، فقلت له : لك على أحد من أرباب / نجامة حق وقد هرب منك ، قال : نعم ، قلت إن كنت مسكت منهن شيئا حصل لك قصدك وإلا فلا . ومثله قال آخر ، قلت له : لك حق على منجم بأشهر وقد استحق وهو يهرب منك ، فكان كذلك . وأما الصلاة من خوف الله تعالى تدل على الأمن والظفر بالحاجة فافهم ذلك . واعتبر صلاة الكسوف . كمن رأى أن الثريا انكسفت ، قلت له : تسعى في خلاص امرأة من شدة . وقال آخر : رأيت الهقعة كسفت وصليت لذلك ، قلت : يذهب لك ميزان ، ثم تلقاه . ومثله قال آخر ، قلت : يعدم لك صغير ثم مليقيه ، فكان كذلك ، لأنها كالميزان عند العامة وشكلها كابن آدم . فافهم ذلك .
[ 202 ] فصل : الصيام : يدل على ما دلت العبادات عليه . وهو لمن يطلب سفرا : بطالة من سفره ، أو شدة يلقاها في سفره . ويدل على عافية
____________________
(1/413)(1/171)
المريض ، الذي لا يصلح له الأكل . ولمن يصلح له الأكل : موت . وربما دل الصيام : على قطع علائق الدنيا ، أو بطلان المعايش . قال المصنف : واعتبر حال الصائم . كمن رأى أنه كثير الصوم وهو لا يليق به ذلك ، قلت له : يقع في فمك عيب يمنعك الأكل . وقال آخر : رأيت كل من عندي صيام ، قلت له : دوابك وكل من عندك لم يحصل لهم شيء من الأكل ، فقال : نعم ، لأن الشاعر يقول : ( خيل صائم وخيل غير صائمة ** ) وكآخر قال : رأيت أنني صمت يوم العيد ، قلت : تفعل مكروها عكس ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني استفرغت جميع أواني البيت وبطون الأولاد والأهل ، قلت : ألزمتهم جميعا بالصوم ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت له : غضبت على من عندك فمنعتهم الأكل ، قال : نعم . وعلى هذا فقس .
[ 203 ] فصل : وأما الاعتكاف والرباط : فيدلان على ما دلت عليه العبادات . وعلى خدمة الأكابر ، ممن فيهم الراحة . وعلى تعطيل المعايش . وربما دل الرباط على حدوث حروب .
____________________
(1/414)
قال المصنف : اعتبر الاعتكاف والرباط . كما قال ذمي : رأيت أنني اعتكفت في مسجد ، قلت : يحسبك مسلم على حق ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : فكنت تخدم المسجد وأنت فرحان في النوم ، قال : نعم ، قلت : تحب مسلما ؛ إما مقرئ أو مؤذن ، فقال : صحيح . وقال آخر : رأيت كأنني مرابط في مركب في بحر ، فأعجبك المركب ، قال : نعم ، قلت : تحب إما رئيس مركب أو نوتيا ، فقال : أنا أحب صبيا نوتيا . فافهم .(1/172)
[ 204 ] وأما الجهاد للكفار ، أو لعدو ظاهره ردي : فدليل على تعب ، ونكد ، ومن ذوي البدع . لكن العاقبة سليمة ، لمن كان له الغلب . قال المصنف : اعتبر المجاهد ولمن يجاهد . كمن قال : رأيت أنني أجتهد مسلمين وأعتقد أنهم قد صاروا مجوسا ، قلت : يحصل لك خصام مع أقوام يعتقدون حل نكاح المحارم ؛ كالأم والأخت ونحو ذلك ، قال : جرى ذلك . ومثله قال آخر ، قلت له : يقع لك نكد مع منجمين وممن يتعانى الشمس والنار ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أقاتل الملائكة ، قلت له : أنت تتعانى صيد الطيور ، قال : صحيح . ومثله رأى آخر جليل القدر ، قلت له : يقع لك خصام مع حاشية الملك ، قال صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أجاهد الحواريين ، قلت له : تخاصم أقواما قصارين ، فكان كذلك . وقال لي نصراني : رأيت أنني أقاتل النصارى وكأنني مسلم ، قلت له : أنت
____________________
(1/415)
تتعانى العلوم ، قال : نعم ، قلت له : تخاصم أرباب دينك على التوحيد ، قال : صحيح .(1/173)
[ 205 ] فصل : وأما الزكاة ، والصدقة ، والهدية ، يدلوا لمن فعلهم : على كثرة الفوائد ، والراحات ، ورفع المنزلة . وعلى دفع البلايا ، لأنه يقال في المثل السائر : الهدية تدفع بلاء الدنيا ، والصدقة تدفع بلاء الدنيا والآخرة . قال المصنف : واعتبر المخرج للزكاة ، وعمن زكى ، ومن أين أخرج . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أخرج بعيرا من ثلاثة أبعرة زكاة ، قلت له : أنت متولي ، / قال : نعم ، قلت : سلمت غزلا إلى غير مستحقه ، أو عبدا إلى غير مالكه ، لأن الثلاثة لا زكاة فيها . وقال آخر : رأيت أنني أسرق وأخرج منه الزكاة ، قلت : أنت تتقرب إلى الله عز وجل بالحرام . وقال آخر : رأيت أنني أخرج من الفضة والذهب حيوانا ، قلت له : عندك عبيد أو ماشية للتجارة وأنت تكاسر عن الزكاة فأخرجها ، ففعل ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة تمرا وأرجع آكله ، قلت : تعمل حيلة على الفقراء فيما تعطيهم وتصالحهم عليه ، فقال : ما بقيت أعود إليه . وقال آخر : رأيت أنني أخرج الزكاة وازرعها ، قلت : أنت حاكم تتصرف في أموال الأيتام والمساكين بما لا يحل لكز فافهمه .
____________________
(1/416)
[ 206 ] وأما من أخذ الصدقة ، ممن لا تحل له : دل على عزل المتولي ، وفقر الغني . وعلى الأموال الحرام . قال المصنف : اعتبر من أخذ الصدقة . كمن قال : رأيت أنني أخذت غنمة من الصدقة ، قلت : يحصل لك نكد لأجل امرأة . وأما دلالته على عزل المتولي وما ذكرناه ؛ فلكونه فعل ما لا يليق به . ورأى بعض الأكابر أنه عبر إلى غنم للحسين رضي الله عنه فأخذ منها رأسا قهرا وقال : هذه زكاة ، قلت له : تظلم بعض الأشراف وتأخذ ما ليس لك ، فكان كذلك . ورأى شريف : أنه أخذ ناقة من الزكاة وأعجبته وركب عليها مقلوبا ، قلت : أنت تحب امرأة أصلها من البوادي وتركب منها ما لا يليق ذكره ، فقال : صحيح ، ورجع عن ذلك . فافهمه .(1/174)
[ 207 ] فصل : وأما من تصدق ، أو أهدى ، ما لا نفع فيه - كالجيف ، واللحوم المحرمة - : فإن كان متوليا كان ظالما ، يحصل للناس منه أنكاد ، وعلى بدعة المهدي إليه : نكد من المهدي . وأما الوديعة : فهي سر المودع ، يطلع عليه المستودع . قال المصنف : اعتبر ما أودع ، ولمن أودع . كما قال لي إنسان : رأيت أن إنسانا أودعني قضيبا وهو يغني ، قلت : أجرك صغيرا غير أنه يضرب بالعود ، قال : صحيح ، وقال آخر : رأيت أن إنسانا أودع عندي شيئا فيه
____________________
(1/417)
جماعة من الحيوان وبني آدم ؛ وقال : هذا علمي ، قلت : اطلعت على أنه يصور ، قال : نعم . وقال آخر : أودع عندي إنسان أقفاصا فيها طيور ذوات صوت ، قلت : اطلعت على أن عنده أرباب طرب وغنى ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : اطلعت على أنه يحكم على سجون ومعتقلين ، قال : صحيح . فافهمه .
[ 208 ] فصل : الدعاء ، والاستغفار ، والتسبيح : دال على النصر ، ودفع البلايا ، ورفع المنزلة ، وغنى المحتاجين ، وقضاء الحوائج . لقوله تعالى : ! ( ادعوني أستجب لكم ) ! . وربما دل الدعاء : على نزول حادثة ، لقوله تعالى : ! ( فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ) ! . والله أعلم . قال المصنف : اعتبر بما دعى ، ولمن دعى ، وأعطه ما يليق به ، كما ذكرنا . وإن دعى بغير الله تعالى كان الأمر مما ذكرنا . كما قال لي إنسان : رأيت كأنني أدعوا الشمس وأطلب منها ، قلت : تذهب إلى اعتقاد عباد الشمس . ومثله قال آخر ، قلت : تطلب من امرأة حاجة ، ويبعد أن تقضى . وقال آخر : رأيت أنني أدعوا إلى الفلك ، قلت له : تحتاج إلى أرباب طواحين أو دواليب تدور ، فكان كذلك .
____________________
(1/418)(1/175)
وأما إن استغفر أو طلب المغفرة من غير الله تعالى فاعتبر ذلك على ما يليق ، كمن رأى أنه يستغفر من صنم ويقول اغفر لي ؛ فإنه يتعذر إلى من لا يفعل معه ذلك . وقال إنسان : رأيت أنني أقول لشجرة اغفري لي ، قلت له : أنت أفسدت بمكان فيه شجر ، فاستغفر الله تعالى ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أقول لحيوان اغفر لفلان ، قلت له : يشفع عندك جاهل في ستر عيب لمن طلبت المغفرة له فكان كذلك . ( [ باب : 12 ] الباب الثاني عشر في رؤية بني آدم )
[ 209 ] وهي على خمسة أقسام : فالصغير الذي لا ينفع - كأربع سنين فما دونها - من حمله أو صار له أو تحول في صفته : دل على النكد ، لأنه صغار ، ويحتاج إلى كلفة ، ولا ينفع في شيء ، ولأن عنده من الجهل ما لا يعرف الجيد من الردي . قال المصنف : كلام / في رؤية بني آدم يحتاج إلى فكرة كثيرة لكثرة
____________________
(1/419)
ما يجب فيه من الجنايات والديات ونحو ذلك . كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملكت جماعة من بني آدم ، قلت : تحسن أن الناس . ومثله قال آخر غير أنه قال صاروا تماسيح ، قلت : يكافؤك من تحسن إليه مكافأة التمساح . وقال آخر : رأيت أنني ملكت جماعة صغارا عرايا ، قلت : عليك نذر كسوة الصغار أو المحتاجين ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : تفتح مكتبا أو دكانا تعلم فيه صغارا ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت إنسانا قد ملكوه جماعة من الصغار ، قلت : يقع به جنون ويعبث به الصغار . ومثله قال آخر ، قلت له : تبتلى بحب الصبيان ويحصل لك نكد ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أنني صغير ، قلت : يخشى عليك زوال عقل أو سجن ، فكان كذلك .(1/176)
[ 210 ] القسم الثاني : من له خمس سنين فصاعدا : فهو دال على الفوائد والراحة ، لكونه ينفع في قضاء الحوائج . قال المصنف : إذا ملك ابن الخمس فصاعدا إن كانت له حوائج قضيت وتيسرت أموره . فإن خرجوا في الكثرة عن عادة لا تليق بمثله دل على النكد والغرامة ، لكونه يجب عليه نفقتهم . وأما إن ملك جماعة من الشباب تمكن من أعداء وأطاعوه .
[ 211 ] القسم الثالث : إذا بلغ : صار عدوا ، لكونه لا يلتفت على
____________________
(1/420)
قول من تأمر عليه وينهاه .
القسم الرابع : الكهل : إن كان السواد في لحيته أكثر : فالجهل فيه أكثر وإن كان الشيب أكثر : فالخير والعقل أكثر . قال المصنف : إذا حكم على كهول إن كان يطلب حاجة تيسر بعضها ، وإن كان يحكم على جيش أو جماعة حصل له نكد من بعضهم ، وإن كان يطلب علما أو صنعة حصل له أكثرها .
[ 212 ] القسم الخامس : الشيخ - من صاحبه أو كلمه أو حكم عليه وكان في صفة حسنة - : دل على العز والجاه ، لكونه في منزله العارف بالأمور ، المجرب الذي لا يأمر إلا بما فيه نفع . هذا كله في الآدمي المجهول . قال المصنف : المشائخ يدلون على كمال ما يطلب ، واتفاق أصحابه وجنده ، هذا إذا كان المشائخ في صفة حسنة . وأما إن كانوا في الضعف أو
____________________
(1/421)
المرض إلى حال ردي ؛ انعكس ذلك كله . وأما إن رأى الشيخ أنه اسودت لحيته سوادا مليحا كان جيدا . كما قال لي شيخ : رأيت أن لحيتي اسودت ، قلت له : لك بساتين أو زراعات أشرفت على التلف من عطش أو غيره وقد رجعت انصلحت ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : بينك وبين امرأة منافرة ثم زال ذلك ، قال : صدقت . ومثله قال آخر ، قلت : غلب عليك أرباب الجهل ، قال : صحيح . ومثله قال آخر وكان مريضا ، قلت : تعافى من مرضك ، فكان كذلك ، لأنه عاد من بعد الضعف قوة . فافهم ذلك .(1/177)
[ 213 ] فصل : من رأى من الصبيان أو النساء له لحية مليحة - ولم يستحيي بها ولا أبصرها من ينكر عليه ذلك - : فإن كان أعزب تزوج ، وهي للحائل حمل ، وللحامل ولد ، ولمن له غائب يقدم عليه ، وللفقير كسوة أو زراعات ، أو أقارب أو معارف يعتز بهم . لأن اللحية جمال وهيبة . وأما إن رآها ردية ، أو في مجامع الناس ، أو بين من ينكر عليه ظهورها : فهي والعياذ بالله هموم ، وأنكاد ، وأمر يستحيي فيه .
____________________
(1/422)
قال المصنف : وأما أن يتعانى حلق اللحية فطلوعها لهم دال على الردي . كما قال لي إنسان يتعانى حلقها : رأيت أن لحيتي طالت ، قلت له : يقع بزرعك أو بستانك خراب ويكثر فيه الشوك والحشيش . ومثله قال آخر ، قلت : يطلع بوجهك أو برأسك طلوع ردي ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : يضيع الموسى أو المقص الذي تحلق به ، قال : ضاع . ومثله قال آخر ، قلت : تسافر إلى بلد لا تتمكن من حلق ذلك ، أو تعاشر قوما يمنعوك عن حلقها ، فكان كما قلت . فافهم ذلك . واعتبر الرداءة في اللحية واحكم بذلك . / كما قال لي إنسان : رايت أن أولادي شيوخ بذقون طوال ، قلت : تمرضون مرضا طويلا ثم تعافون . وقال آخر : رأيت أنني عبرت على نسوة ولهن ذقون ردية ، قلت له : تدخل على نساء مفسدات ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت لحيتي قد طالت زائد عن الحد وبها قمل وصيبان ، قلت : ينزل
____________________
(1/423)
بزرعك أو بستانك أو دورك مفسدون وتتألم لذلك ، فكان كذلك . فافهمه .(1/178)
[ 214 ] فصلك من رأى من الشباب من يصلح له الشيب - كالعلماء والفقراء وأرباب الدين - أن لحيته قد شابت : حصل له خير وجاه ورفعة ، لأن الخليل عليه السلام لما رأى ابتداء الشيب في لحيته قال : يا رب ما هذا ؟ فأوحى الله إليه أن أشقك وقارا يا إبراهيم ، فقال : اللهم إن كان هذا وقاري فزدني وقارا ، فأصبحت لحيته بيضاء كالقطنة . وأما من لا يؤثر الشيب - كالجند والنساء وأمثالهم - فذلك له : هموم ونمد ، وتبطيل معايش ، وخصام بين الزوجين ، لكراهية النساء في الشيب . قال المصنف : اعتبر من شاب في المنام على ما ذكرنا . وكمن رأى أنه شاب - وكان ممن يليق به ذلك - قلت : يحصل لك ثوب أبيض ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : يحصل لك من جليل القدر ملبوس . ومثله قال آخر - وكان لا يؤثر ذلك - قلت : يموت من تلبس عليه أبيض للحداد . ومثله قال آخر ، قلت : يشتعل لك مكان بالنيران . ومثله قال صبي ، قلت : يتلف لكم زرع . وقال آخر : رأيت أنني آكل شيبتي ، قلت : تبيع شجرك وقت نواره ؛ أو زرعك قبل استوائه ، وتأكل ثمنه ، فكان كذلك .
[ 215 ] فصل : من جاءه بنت أو ملكها أو افتضها - ولم ينزل في
____________________
(1/424)
اليقظة - : دل على دنيا طائلة ، على قدر حسنها ، وتكون هنية ، لذاذة افتضاض الأبكار ، وربما كان فيها صعوبة ، لكثرة ممانعتهن . وكذلك حكم المرأة ، إلا أنها أهون . وأما العجوز : فدنيا ذاهبة أو فائدة قليلة .
____________________
(1/425)(1/179)
قال المصنف : انظر من أين جاءته البنت ، وفسر له على قدر ذلك . كمن قال : رأيت أنني وضعت بنتا مليحة ، قلت : تفيد زرع ونبات ، قال : عزمت على ذلك . وقال آخر : رأيت أنني جاءتني بنت من فيلة والبنت حامل ، قلت : يقدم مركب موسق من بلاد فيها سودان . وقال لي بعض الملوك : رأيت أن خنازير حبالا وقد وضعوا لي بناتا ملاحا ، قلت له : تفتح عدة أماكن للكفار وتغنم ما فيها من مال ، فكان كذلك . وقال لي مرة أخرى : رأيت أنني أخرج من بطون الخنازير غزلانا ، قلت : تأخذ جماعة من الأسرى . وقال آخر : رأيت أن بنتا خرجت لي من إناء الماء وهي وحشة وقد كسوتها بقماش مليح ، قلت : إلى جانب دارك بحر أو بئر ، قال : نعم ، قلت : يطلع إليك من ذلك لص يأخذ أثاث البيت ، فجرى له ذلك . وقال آخر : رأيت أن قد جاءتني بنت وحشه من قوس القطن ، قلت : يحصل لك نكد من جنكي أو جنكية ؛ قلت : وهي كبيرة وصوتها متغير ، قال : صحيح . وأعط لمن ملك العجائز على ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أن لي عجائز كثيرة ، قلت : ييبس شجرك أو زرعك أو يبطل حمله . وقال آخر : رأيت أن لي بنات وقد وطأهن إنسان ، قلت : أنت تبيع الأوان ، قال : نعم ، ققلت : ينكسر لك أواني على قدرعددهن . وقال آخر : رأيت أنني أطأ العجائز كثيرا ، قلت : أنت مغرم بوطئ الأعاجز ، قال : ما بقيت أعود إلى ذلك . وقال آخر : رأيت أن عجائز يقطعوني ، قلت : نخشى عليك في أيام الأعجاز إما موت ببرد أو مرض بارد يمنعك من الحركات ، فكان كذلك .
____________________
(1/426)(1/180)
[ 216 ] فصل : وأما وطئ المحرمات عليه - الأم ، والأخت ، والبنت ، والعمة ، والخالة ، ونحوهن - : يدل على الحج ، لكون كل واحدة حراما ، كالبلد الحرام . وإن كان عليه ديون : قضاها . أو عنده ودائع ، أو أمانات ، أو نذور : أداها ، لكون الذكر عاد إلى أهله . / وإن كان غائبا عن بلده : اجتمع بهم ، أو رجع إلى بلده ، لأنه اجتماع . وإن كان مريضا : مات ، لقوله تعالى : ! ( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ) ! وإن كان عاقيا لوالديه ، أو بينه وبين أقاربه خصومة ، أو منافرة : واصلهم ، وأحسن إليهم ، لكون الوطئ إحسان إلى النساء . وإن كان خلص من سجن ، أو مرض : عاد إليه . ويدل على : بطلان عبادة العابد ، أو فائدة تحصل له ، لأن النكاح من ملاذ الدنيا .
____________________
(1/427)
قال المصنف : اعتبر صفة وطئ المحرمات . كما قال لي إنسان : رأيت أنني قد وطئت أمي وتلوثت بدمها ، قلت : تحج ويجب عليك دم . ومثله قال آخر ، قلت : عليك نذر ذبح حيوان ، قال : صحيح . ومثله قال آخر مريض ، قلت : يموت ويذبح في عزائه دم . وقال آخر : رأيت أنني أطأ جدتي وبنتي وأختي ولا أجد لذة لكثرة الدم فيهن ، قلت : بينك وبين أقاربك خصام لأجل دماء وقتلى بينكم وكلما أردت الصلح كما ينفق كما ينبغي ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أطأ أمي وهي بمسجد وآكل ما يخرج من فرجها ، قلت : تحج وتأكل الحرام في حجك ، قال : صدقت . وقال رجل متعبد : رايت أنني أطأ عدة من نساء المحارم ، قلت : تبطل عبادتك بزرع أشجار ونبات وسقي ذلك ، فكان كما قلت . فافهم ذلك .
[ 217 ] فصل : وطيء الميت للمرأة الحية : راحة وفائدة ، من جهة ذلك الميت ، أو من ورثته . وأما وطيء الحي للميتة : فدليل على برها ، وصدقته عنها ، أو قرآن يهديه لها ، أو ديون يوفيها عنها ، أو إحسان إلى ورثتها .
____________________
(1/428)(1/181)
قال المصنف : أما كون الوطيء من الميت للمرأة الحية راحة لأن المني بمنزلة المال ، ولأنه يخلق منه الولد الذي يفرح به . وربما دل أيضا على النكد ، كما قالت لي امرأة : رأيت أن ميتا وطأني وحبلت منه ، قلت : يقدم عليك غائب يحصل لك منه كلام يؤلم باطنك ، فجرى ذلك . ومثله رأت أخرى إلا أنها قالت : ولدت منه غلاما ، قلت : لك ولد غائب وقد أيست منه ، قالت : نعم : نعم ، قلت : الساعة يقدم عليك ، فكان كذلك . وربما دل وطيء الحي للميتة على ضياع مال ووضع الشيء في غير محله . كما قال لي إنسان : رأيت أنني وطئت امرأة ميتة وأنزلت فيها منيا كثيرا ، قلت : تدفن مالا لك في مقبرة ويروح عليك ، فكان كذلك . ومثله قال آخر ، قلت : عزمت على أنك تسير مالا إلى غائب ، قال : نعم ، قلت : لا تفعل يروح عليك ، فسيره فعدمه .
[ 218 ] فصل : وأما وطيء الميت للميتة : فورثة كل واحد منهما ، تحصل له راحة من الآخر . وأما من وطيأهم في الدبر : فدليل على أن الواطيء يسيء إلى ورثة الموطأ ، أو يتكلم في عرضه .
[ 219 ] فصل : وأما من وطيء ذكرا في الدبر : فإن كان معروفا أساء إليه ، أو تكلم في عرضه ، أو اطلع منه على عيب . وإن كان مجهولا : أحسن إلى من لا ينفع معه الإحسان ، وربما انتصر على عدوه .
____________________
(1/429)
قال المصنف : وربما دل وطيء الدبر على ضياع المال فيما لا فائدة فيه ، وعلى تلاف ما يبذره أو يغرسه ، لكون النطفة وقعت في مكان لا ينفع . وقال لي إنسان : رأيت أنني أطأ في الدبر وآكل مما يخرج منه ، قلت : أنت صنعتك كنس المراحيض ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أطأ دبرا وانقطع ذكري فيه ، قلت : يقع لك ولد في مرحاض ، فكان كذلك . فافهمه .(1/182)
[ 220 ] فصل : وأما المساحقة بين النساء : فهي كوطيء الذكر للذكور ؛ يحسن كل واحد منهما إلى من لا ينفع معه ذلك ، أو يطلع كل واحد منهما على عيب الآخر ، أو تقع بينهما خصومة . وأما التزويج - بغير ملاهي ولا لعب - : فخير وفائدة ، على قدر حسن الزوجة . قال المصنف : إنما دلت المرأة على الدنيا لكثرة ميل الناس إليهن ، وكذلك الزوج للمرأة . كما قال لي إنسان : رأيت أنني تزوجت امرأة وحشة وعليها ثوب أصفر ، قلتك تغرم في شيء للصبغ . وقالت امرأة : رأيت أنني تزوجت رجلا قبيح المنظر وعليه زردية ، فقلت : يحصل لك نكد ممن يقاتل أو من حداد ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أنني تزوجت امرأة مليحة ، قلت : أنت مشتغل بالآخرة ، قال : نعم ، قلت : ستترك / العبادة وتشتغل بالدنيا ، فكان كذلك .
____________________
(1/430)
[ 221 ] فصل : حبل الرجل : هموم ، وأحزان ، وكلام ردي ، في قلبه . أو عدو وسط داره . والولادة - إذا لم تكن بعياط ولا بين الناس - : خلاص وفرج ، وإن كان بين الناس زال النكد بنكد . وأما حبل المرأة أو الطلق في مكان يليق بها : فذلك للعزبة زوج ، وحمل للحائل ، وللحامل ولد . والولادة : خلاص من شدة ، أو يقدم عليها غائب . قال المصنف : ربما دل الحبل على المرض ، كما قال لي رجل : رأيت أنني حبلت ، قلت : نخشى عليك مرض الإستسقاء ، فمرض بذلك . وأما الولادة - بالصراخ أو في المكان الذي يليق به - : فهم ونكد . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أطلق بصراخ ، قلت : يحصل لك مغص في فؤادك . ومثله قال آخر ، قلت : ينزل بمكانك لص ، ويقع ثم عياط ، فكان كذلك .
____________________
(1/431)
والولادة قدوم غائب . كما قال لي إنسان : رأيت أنني ولدت ثورا ، قلت : لك حيوان غائب وسيحضر ، فكان كذلك . وقالت امرأة : رأيت أنني ولدت غزالا ، قلت : لك ولد غائب سيقدم ، فقدم . ويدل الطلق على الطلاق . فافهمه .(1/183)
[ 222 ] فصل : في الفرج : دال على الفرج ، لمن هو في شدو . وأما من صار له فرج : إن كان أعزب تزوج . وإن رآه الناس : نزلت به آفة ونكد ، وربما رزق بنتا . وأما الذكر للمرأة ؛ العزبة زوج ، وللحائل حمل ، وللحامل ولد ذكر ، وإن أبصره الناس فشهرة ردية . قال المصنف : واعتبر الفرج والذكر ؛ إن كان في مكانه ففسره بما يليق به . كما قالت لي امرأة : رأيت أن قد طلع في رأسي ذكر ، قلت : يطلع به طلوع ، فجرى ذلك . وقالت أخرى : رأيت أن ذكرا طلع في رجلي ، قلت : تطئين على ثعبان . وقال رجل : رأيت قد طلع لي فرج بين كتفي وفيه نمل ، قلت : تنقب دارك وينزل بها سراق ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيته صار في
____________________
(1/432)
رأسي ، قلت : يقع به ضربة تفتحه ، فجرى ذلك . وقال آخر : رأيت أن ذكري في داخل فرجي ، قلت : عندك ولد مريض يعبر قبره ، فمات من ليلته . وقالت امرأة : رأيت فرجي في كفي ، قلت : تشتكي أنت أو بنت لكي في برج ، له شرافات . وعلى هذا فقس موفقا إن شاء الله . ( [ باب : 13 ] الباب الثالث عشر في أعضاء بني آدم وما يحدث منهم )
[ 223 ] الرأس : دال على رئيس الإنسان ، والحاكم عليه ، كوالديه ، وأستاذه ومعلمه ، ووصيه ، يدل على الولد ، والأخ ، والقرابة ، والصديق ، وعلى رأس المال ، والدور ، والمعايش . فمن رأى أن رأسه صار مليحا : حسن حال من ذكرنا . وإن قطع رأسه ، أو نزلت به آفة : فارق من ذكرنا ، أو تنكد ، أو افتقر بعد غناه . وإن كان الرائي مريضا ، أو في حرب : مات .
____________________
(1/433)
قال المصنف : إنما دل الرأس على ما ذكرنا لكونه قوام البدن ، وربما دل على غير ما ذكرنا . كما قال لي إنسان : رأيت أنني بعت رأسي وهو
____________________
(1/434)(1/184)
مقطوع ، قلت : تبيع ملبوسا على الرأس . وقالت امرأة : رأيت أنني قد قلعت رأسي وجعلت مكانه رأسا جديدا ، قلت : جرى لك ثلاثة أمور : حصل لك كسوة على الرأس ، ومات لكي ولد ورزقت غيره ، وفارقت رجلا وأخذت غيره ، قالت : صحيح ذلك كله . وقال فقير : رأيت رأسي قد تكسر ، قلت له : أنت ساكن في قبة والساعة تنهدم ، فكان كذلك . وقال لي صغير : رأيت أن وقع من يدي رأس وتكسر ، قلت له : وقع في يدك قدرة لها آذان وتكسرت ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت له : وقع منك رأس بطيخ وانكسر ، قال : صحيح .
[ 224 ] فصل : وأما حسن الشعر وطوله - لمن يليق به - : فائدة ورواحة ، وكسوة ، وللأعزب : زوج ، وفائدة من زراعات ، أو بساتين . وأما إن دهنه دهنا معتادا - بحيث أنه لا يسيل على وجهه ، ولا ثيابه - فإن كان الداهن متوليا : أحسن إلى غلمانه ، ورعيته . وإن أخرج القمل منه : أخرج المفسدين من بلاده . وإن كان صاحب تجارة ، أو معايش ، أو زراعة : إنصلحت ، أو تنصلح / أقاربه ، ومعارفه .
____________________
(1/435)
قال المصنف : إنما دل الشعر على ما ذكرنا ارغبة الناس فيه ، ودل على المعايش لكون الغلام والجارية يكثر الرغبة فيهم ؛ ويزيد ثمنهم ، فافهمه .(1/185)
[ 225 ] فصل : وأما إن سال الدهن حتى لوث ثيابه ، أو على وجهه ، أو طال شعره طولا رديا ، أو نزل على عينيه ، أو قصر شعره ، أو حلقه ، - لمن لا يليق به ذلك - : دل على الهموم ، والأنكاد . وأما إن كان يليق به حلق الشعر ، أو تقصيره ، أو مريض يصلح له ذلك : دل على فائدة ، أو راحة ، وخلاص من شدة ، أو من مرض . وكذلك إذا سرح شعره : تساقط . وربما دل ذلك على طلاق الزوجة . وأما كثرة القمل ، والصيبان ، أو الوسخ : فهم ، ونكد ، وشدة ، وعيال . فإن غسله : إستراح من ذلك . قال المصنف : وربما دل طلوع الشعر الردي على المرض . كما قال إنسان : رأيت قد طلع علي شعرة طويلة وحشة ، قلت : تقع في مرض فيه رعشة . وقال آخر : رأيت أنني يخرج من فمي شعر كثير والناس يأخذون منه ، قلت : تصير شاعرا . وقال آخر : رأيت أنني أسجد لشعرة وهي تتلون ، قلت : أنت تخدم النجم الذي يقال له الشعرى بالأبخرة ، قال : صحيح . وقالت امرأة : رأيت أن علي شعرا كثيرا وهو يطير بي ، قلت : تتزوجين بمن يسكن البادية وتبقي في بيت شعر . فافهم ذلك .
____________________
(1/436)(1/186)
واعتبر لما دهن ولمن دهن . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أدهن رأسي وهو ينزل من فمي وأنفي ، قلت : ينزل برأسك نزلة . ومثله قال آخر ، قلت : تلف عليك سقف البيت . وقال آخر : رأيت أنني أدهن رؤوس الناس بشيء يصبغ ، قلت : أنت تتعانى طلاء الخوذ . وعكسه قال إنسان : رأيت أنني صبغ لون الخوذ ، قلت : أنت قيم حمام تعمل في رؤوس الناس شيئا من الصبغة . وقال آخر : رأيت أنني أدهن قبة بيت المقدس ، قلت : تغسل رأس ملك أو رجل صالح عظيم . وقال آخر : رأيت أنني أدهن رأس ملك دمشق ، قلت : تعمل عملا في قبة الجامع بها ، فكان كذلك . وأما كثرة القمل في الرأس والصيبان والوسخ فنكد لضرر الإنسان به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أقتل قملا من رأسي ، قلت : تقتل جماعة من المفسدين وربما كانوا في أرض ذات شجر أو قصب كثير . ومثله قال آخر ، قلت : يخرج عليك منك جماعة يؤذوك وتنتصر عليهم . ودل القمل والصيبان على الذين والمطالبة من العيال لكون لهم أقمام يطالبون ما عندهم من الدم . ودل الوسخ على الدين لأنه يقال علي شيء من وسخ الدنيا . وتساقط الشعر بالتسريح : طلاق ، لقوله تعالى ! ( تسريح بإحسان ) ! .
[ 226 ] فصل الجبهة : يدل على : جاه الإنسان ، وغناه ، وثناه
____________________
(1/437)
المليح ، وتمام فرائضه ، وعلومه . وقبحها ورداءتها : دال على عكس ذلك . قال المصنف : دلت على الفرائض لأن ما كتب على جبين الإنسان مطلوب به ، ولسجوده عليه لله عز وجل . وربما دل على مكاتيبه . كما قال لي إنسان : رأيت أن جبهتي إنكسرت ، قلت : يذهب لك كتاب أو لوح . ومثله قال آخر ، قلت : إن كانت وحشة يروح عندك مكتوب ردي . وعكسه قال إنسان : رأيت أن لوحي إنكسر ، قلت : يقع بجبهتك ألم ، فكان كذلك .(1/187)
[ 227 ] فصل : الحاجبان : يدلان على تجمله بولدين ، أو أبوين ، أو أختين ، أو زوجتين ، أو غلامين ، أو قرابتين ، ويدل للملك : على حجابه وعساكره . فالميامن : ذكور ، والمياسر : إناث . وأما قبحهما : فدال على فراق ، أو نكد ، ممن دلوا عليه . وكذلك الحكم لكل ما في الإنسان منه إثنان كالأذنين ، والعينين ، والخدين ، والشفتين ، واليدين ، ونحو ذلك .
____________________
(1/438)
قال المصنف : وربما دل حسن الحاجبين على عافية مريض مخصوص . كمن خيف عليه الجذام والعياذ بالله تعالى فرأى أن حاجبيه قويا وحسنا ، قلت : تعافى ، فعوفي . وآخر رأى أنهما قد سقطا ، قلت : نخشى عليك الجذام ، فكان كذلك . وكذلك في الأهداب للعين والأنف حكم الحاجبين ، لأن علامة نزول الجذام تغير أولئك مع باقي الوجه . كما أن قوتهم وحسنهم يدل على العافية من ذلك غالبا . وقال لي إنسان : رأيت أن عيني صارت في أذني ، قلت : لك غائب / وعينك إلى ما تسمع عنه من الأخبار . وقال لي ملك : رأيت أن عيني صارت فوق حاجبي ، قلت : تجعل على مقدم عساكر عينا ، قال صحيح . وقال آخر : رأيت أن خدي قد تقطع ، قلت له : أنت تضرب بالبوق ، قال : نعم ، قلت : تبطل معيشتك لأن الخد يجمع لك الهواء وقد تمزق . وقال آخر : رأيت أن شفتي السفلى قد نبت عليها شعر ، قلت : تهجر دارك حتى تنبت في عتبتها الحشيش . ومثله قال آخر ، قلت له : ترزق عمل الأشعار . ومثله قال آخر ، قلت : يحصل لك نكد لأجل كلام .
[ 228 ] وأما الأنف : فولد ، أو والد ، أو أخ ، أو زوج ، أو صديق ، أو منفعة ، أو قرابة ، أو مال ، أو صنعة . فما نزل به من حسن ، أو قبح : عاد إلى
____________________
(1/439)
من دل عليه . قال المصنف : وربما دل الأنف على مواضع الربح وبيت الراحة . كما قال لي إنسان : رأيت أن أنفي سقط ، قلت : ينهدم لك مرحاض . ومثله قال آخر ، قلت : ينهدم لك باذهنج ، فكان كذلك .(1/188)
[ 229 ] فصل : السمع والبصر والذوق والشم : كل واحد منهم دال على العز ، والراحة ، والهداية ، والمكاسب ، والفوائد ، والأمن ، والفرح ، والغنى . فإن ذهب أحدهم : خشي عليه من مرض ، أو سجن ، أو شدة أو نكد . كما أنهم إذا حسنوا ، أو أحدهم : نال صاحبه عزا ، وجاها ، وخلاصا من شدة ، أو مرض . وربما دلت الأذنان : على أصحاب الأخبار . والعينان : على الجواسيس . قال المصنف : إنما دل السمع والبصر والذوق والشم على ما ذكرنا
____________________
(1/440)
لزيادة قيمة من له ذلك ، ولتعب من يعدم أحدهما . كما قال لي واعظ : رأيت أن ذوقي قد عدم ، قلت : ما يبقى لكلامك ذوق . ورأى من يتعانى التجارات أن سمعه قد انسد ، قلت : يبطل سفر مركبك وتتعطل معيشتك ، لعدم الربح الذي تجد منه راحة . وكمسافر رأى أن بصره تلف ، قلت : يقطع عليك الطريق وتنهب وتقاسي شدة . كما أن حسنهم دال على الخير .(1/189)
[ 230 ] فصل : من رأى في عنقه ما يليق به - كالقلائد ، والعنابر ، والهياكل ، ونحوهم - أو قد حسن : فإن كان أعزب : تزوج ، وللحائل : حمل ، وللحامل : ولد . فإن كان ذلك مذكرا : كان الولد ذكرا ، وإلا فأنثى . وإن كان يصلح للولاية : تولى ، وإلا درت أرزاقه ، ومعايشه . وأما إن رأى عنقه قد رق ، أو نبت فيه خراجات ، أو قروح ، أو في صفة ردية : فهموم ، وديون ، وأعمال ردية ، وتعطلت عليه معايشه ، وفوائده . قال المصنف : واعتبر الحوادث في العنق . كما قال لي إنسان : رأيت أن عيني في عنقي ، قلت : يطلع فيه طلوعات . وقالت امرأة : رأيت شخصا عينه في عنقي ، قلت : له أولاد عندك ؟ قال : نعم ، قلت : فاعملي معهم خيرا . ومثله رأت أخرى ، قلت : هذا عينه فيك . وقال آخر : رأيت أن جلد عنقي قد سقط ، قلت : تقع قناة دارك . ورأى قاضي أن عنقه قد راح ، قلت : تعزل ويؤخذ ما في عنقك من الأمانات والودائع . ورأى رجل مسخرة أن عنقه قد تمزق ، قلت : تتوب ويبطل صفعك عنقك . ورأت امرأة أن عنقها
____________________
(1/441)
ملآن جدري ؛ وهو مليح ولم يؤلمها ، قلت : يفتح عليك برزق تشتري قلادة فيها جواهر أو خرز مليح ، فكان كذلك .
[ 231 ] فصل : لاكف والأصابع : يدلوا على ما دلت عليه اليد ، وعلى الصلوات . فمن رأى أن أصابعه تقطعت ، أو نزل بها آفة : فذلك ضعف في عساكره ، أو أولاده ، أو معايشه ، أو أقاربه ، أو معارفه . وربما بطلت عباداته . فالإبهام : صلاة الظهر ، والسبابة : العصر ، والوسطى : عشاء المغرب ، والبنصر : عشاء الآخرة ، والخنصر : الصبح لقصرها . وربما دل قطع اليد : على العزل من التصرفات ، وللفقير : يغنيه - من قطعها - على الطلب .
____________________
(1/442)(1/190)
قال المصنف : واعتبر فضل الكف والأصابع لكل إنسان على قدره . كما قالت لي امرأة : رأيت أنه قد صار على كل أصبع من أصابع يدي مئذنة مبنية ، قلت : كان لك أولاد وماتوا ، لكون الأصابع إذا دعى أحد أو تمنى رفعها ؛ فقد رفع أولادها على أعواد المنايا ، وقلت لها : أنت تعرفين الخط وقد كتبت أربع مصاحف والخامس لم يتم ، قالت : / نعم ، لأن المنارة مبنية كالسطور وكونها مصاحف لكون المنارة مختصة بذكر الله وكون الإبهام دون الثلاث عقد هو المصحف الذي لم يتم ، قلت : وقد بقي من الأولاد بنت ؛ لقصر الإبهام ، وأنت معك موآذان يستأذنون في تزويجها ، قالت : صحيح .
____________________
(1/443)
وقال آخر : رأيت أنني أكلت كف ابن آدم ، قلت : أخذت ملعقة أو مغرفة حراما وبعتها وأكلت ثمنها . وقال آخر : رأيت أنني قطعت كفا لمن لا أعرفه وأحرقته ، قلت : قطعت شجرة بغير أمر صاحبها . وقال آخر : رأيت أنني آكل كفي اليمين ، قلت : تحلف يمينا كاذبة . ومثله قال آخر ، قلت : ترث أخا لك أو أولادك . وقال آخر : رأيت أنني بعت كفي ، قلت : عندك ترس أو طارقة تروح منك . ومثله قال آخر ، قلت : عندك شيء تعلق فيه الحوائج والكيزان يذهب منك .
[ 232 ] فصل : من رأى أنه يشرب من ثدييه لبنا ، أو عسلا ، أو رأى كأنه يأكل منهما شيئا حسنا : فإن كان أعزب : تزوج ، وإن كان مزوجا : رزق أولادا ، ومعايش ، وإن كان له أولاد : عاش حتى يأكل من كسبهم ، أو من كسب أقاربه ، أو معارفه ، أو من أملاكه . وأما إن أكل منهما ما لا يصلح - كالمرارة ، والحوامض ، والدم ، والصديد - : حصل له نكد ممن دلوا عليه ، أو تعطلت معايشه . وأما إن أكلهما ، أو أحدهما : مات من دلوا عليه ، وأكل ميراثه ، أو باع دوره ، أو بساتينه ، وأكل أثمانها ، أو رأس ماله . قال المصنف : واعتبر رؤية الأبزار . كما قال لي إنسان : رأيت أنني
____________________
(1/444)(1/191)
أسقي الناس من بزي لبنا حلوا ، قلت : ستعمل أبزازا في حائط يتجرع الناس منها الماء كاللبن من البز . وقال آخر : رايت أنني أصنع للناس أبزازا في صدورهم وهي تجري باللبن ، قلت : أنت تعمل نوفرا لبرك ينبع الماء منها . وقال آخر : رأيت أنني أشرب لبنا من أبزاز الناس متغيرا ، قلت : أنت تحجم الناس وتفصدهم ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني عبرت إلى دار وقطعت منها بزا وأكلته ، قلت : سرقت نوفرة بركة ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أقطع أبزاز الناس وآكلها ، قلت : أنت جرائحي تأكل من قطع الطلوعات في البدن . فافهمه .
[ 233 ] فصل : اتساع الصدر ، أو البطن ، وحسنهم : دليل على الفوائد ، والراحة ، والأخبار الحسنة ، والخلاص من الشدة . وضيقهما ، ورداءتهما : دال على الهم ، والنكد . قال المصنف : واعتبر الصدر والبطن . كما قالت لي امرأة : رأيت أنني عبرت صدر رجل ، قلت : تقع محبتك في صدره . وقالت أخرى : رأيت أنني عبرت في صدر ديك ، قلت : يحبك رجل له صوت وعياط . وقال آخر : رأيت أنني أرمي في صدور الناس شيئا أسود ، قلت : أنت تعلم الناس العقائد
____________________
(1/445)
الردية وتلقي في صدورهم من الكلام الذي يغير خواطرهم . وقال آخر : رأيت أنني أجلس على صدر إنسان ولم يؤذه ولا أعرفه ، قلت : يحصل لك منصب تصدير . وأما البطن : فقال إنسان : رأيت أنني أكل من بطن إنسان شيئا حسنا ، قلت : بغير أمره ، قال : نعم ، قلت : تأخذ له من كيس شيئا وهو لا يعلم . وقال آخر : رأيت أنني آكل جلد بطني ، قلت : تبيع بطانة أو كيسا وتأكل ثمنه . وقال آخر : رأيت أنني أوقد نارا على بطون الناس ، قلت : أنت تداوي أفئدة الناس بكي النيران . وقال آخر : رأيت أنني أضرب على بطون أناس لا أعرفهم ، قلت : أنت تضرب بالطبول . وقال آخر : رايت أنني أخرق بطون الناس وهم لا يعلمون وآخذ ما فيها من دم ، قلت : أنت رجل بطاط فتب إلى الله تعالى .(1/192)
[ 234 ] فصل : طلوع الشعر على البدن : للأعزب : زوج ، وللمزوج : حمل ، ولمن عنده حامل : ولد . فإن أبصره على المرأة ، من لا يليق به أن يبصره عليها : فنكد ، وشهرة ردية . وأما إن طلع على الفقير - وكان / ذلك في زمن الشتاء - : فكسوة ، وفائدة ، وخلاث من مرض ، أو شدة . وطلوع ذلك في الصيف ، أو لمن مرضه بالحرارة : فهموم ، وديون ، أو طول مرض . وزواله : عكس ذلك كله . قال المصنف : إذا طلع الشعر الردي ؛ كالشيب لمن لا يليق به . كامرأة رأت أنه طلع عليها شعر أبيض ، نكد من شيخ . ومثله قالت أخرى ؛
____________________
(1/446)
وكانت فقيرة غير أنها قالت كان في زمن الشتاء ، قلت : يحصل لكي كساء أبيض وربما يكون من عند شيخ . وقال إنسان : رأيت أن قد طلع في كفي شعر - وكان ممن يفتل الحبال والخيوط بكفه - قلت : تبطل معيشتك . وقال آخر : رأيت قد طلع شعر على جبيني وغطى عيني وهو شعر مليح ، قلت : ترمد وتحتاج إلى شعرية على عينك . وعكسه رجل رأى أن على جسده شعر وهو يتساقط ، قلت : يذهب لك شيء من النبات . ومثله قال آخر - وكان في زمن الشتاء - قلت : يذهب لك ملبوس وربما يكون كساء . فافهم ذلك .
[ 235 ] فصل : ذكر الإنسان : دال على ذكره ، وجاهه ، وولده ، وزوجته ، وماله ، ومعايشه ، وحياته . فمن رأى ذكره قائما ، أو طويلا ، أو مليحا ، - ولم يكن مكشوفا عند من لا يليق به كشفه عندهم - : دل على الرفعة ، والمنزلة ، وولد يرزقه ، وللأعزب : زوجة ، وللمريض : عافية ، وغنى للفقير ، وفرج لمن هو في شدة ، لكون إنتشاره لا يكون إلا عند فراغ الخاطر . فإن شرب منه ما يدل على النكد : كان مكروها ، وأما إن أكله كله : كان كأكل الثديين . وأما إن نبت عليه ذكر آخر لا يمنع نفعه ، أو طلع عليه زرع أو شجر ولم يؤذه ، فذلك : أولاد ، وفوائد ، ورزق . وأما إن أضره ذلك : صار رديا . وقطع الذكر : يدل على عكس ذلك . وأما إن انقطع في فرج امرأة :(1/193)
____________________
(1/447)
حملت ، أو أخذت ولد المذكور ، أو ماله . قال المصنف : واعتبر الحوادث في الذكر . كما قال لي إنسان : رأيت أن ذكري حديد وهو قائم ولا أقدر أجامع به ، قلت : يقع به فالج أو يزمن لك ولد . وقال آخر : رأيت ذكري وعليه بناية ، قلت : يموت لك من تبني عليه مكانا . وقال آخر : رايت أن ذكري يشرب من دم حيوان ، قلت : أنت جامعت في الحيض أو وطئت دابة ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أكلت ذكري ، قلت : احتجت حتى بعت نوفرة بركة . ومثله قال آخر ، قلت : بعت ولدك وأكلت ثمنه . وقال آخر : رأيت أن ذكري في يدي وأنا أكنس به القنى ومجاري المياه ، قلت : أنت تداوي الناس بالحقن النافعة . ومثله قال آخر غير أنه تلوث بالوسخ ، قلت : أنت كثير النكاح ، وربما يكون أكثره حراما . وقال آخر : رأيت أن معي ذكورا عدة والناس يفزعون منها ، قلت : أنت تلعب بالحيات . وقال لي مزارع : رأيت ذكري قد قطع ، قلت : تنكسر الحديدة التي تحرث بها . وقال آخر - وكان كاتبا - : رأيت أن ذكري قد ضاع ، قلت : يعدم لك قلم عزيز . ومثله قال كحال ، قلت يعدم لك ميل . ومثله قال آخر - وكان نجارا - ، قلت : يذهب لك مثقب . ومثله قال آخر ، قلت : يعدم لك مفتاح . وقال لي فقير : رأيت ذكري قد راح ، قلت : يذهب لك سواك . ومثله قال جندي ، قلت : يعدم لك رمح كنت تطعن به . ومثله قال آخر ، قلتك يروح لك دبوس ، فكان كذلك .
[ 236 ] فصل : طول العانة والشارب والأظفار أو شعر الإبط : هموم وأنكاد ، وديون ، لكون ذلك مخالفا للشرائع . وحلق ذلك وقصه : فرج من
____________________
(1/448)(1/194)
الهموم ، والأحزان ، وزيادة في المال ، وقضاء الديون ، واتباع الشرائع . وكذلك الختان عند من يرى أنه قربة . قال المصنف : واعتبر النكد من العانة والشارب ونحوهما . كما قال لي إنسان : رأيت أن عانتي قد طالت كثيرا ، قلت : / يقع بينك وبين زوجتك نكد . ومثله قالت امرأة ، قلت : تفارقين الزوج . ومثله قالت امرأة زانية ، قلت : ترزقين توبة . وأما طول الشارب فنكد من كلام ، ويدل على المرض لكون طوله يمنع لذة الأكل . وأما الأظفار وزوالها ؛ كما قال لي إنسان : رأيت يدي بلا أظفار ، قلت : تصلي الفروض غير مكملة . ومثله قال بعض الأمراء ، قلت : يذهب لك عدد وربما تكون طوارق ، لأن الأظفار إذا عدمت ضعف حيل اليد ؛ لأنها وقاية لها . ومثله قال خياط ، قلت : تبطل معيشتك . وأما طول ذلك ردي على نقص في صلاته لكون الوسخ يبقى تحتهن يمنع وصول الماء إلى ذلك . وقال لي إنسان : رأيت أنني أقطع أظفار الناس ، قلت : أنت تخطف ما على الرؤوس . وأما شعر الإبط فدون ذلك في النكد ، وكذلك الختان ، لأن غالب
____________________
(1/449)
الناس يقصون الشارب والأظفار ويأخذون ما تحت الإبط ، وطوائف كثيرون لا يختتنون ولا يرونه قبيحا فكان أخف في النكد .(1/195)
[ 237 ] فصل : والخصيتان والفخذان والساقان والقدمان : يدلوا على ما ذكرنا ، وعلى العبيد ، والدواب ، والأشجار ، والغلمان . فما نزل بهم من قوة ، أو ضعف : عاد إلى من ذكرنا . وأصابع الرجلين : أولاد من دلوا عليه ، وقطع ذلك : كقطع اليد على ما ذكرنا . وأما قطع القدم : فيدل على موت المريض ، وفسق التائب ، وتوبة الفاسق ، وإسلام الكافر ، لكونه قطع القدم التي كان عليها . وقطعها للفير : غنى عن السعي . كما أن حسنها : يدل على عكس ذلك كله . قال المصنف : واعتبر ما في الإنسان منه اثنان . كما قال لي إنسان : رأيت أن خصيتي قد قطعت ، قلت : يعدم لك خرج . وقال صغير : رأيت أنني أخذت خصيتي رجل ، قلت : سرقت بيضا من تحت دجاجة . وقال آخر : رأيت بيضتي الواحدة قد راحت ، قلت : عندك امرأتان تذهب أحدهما . وقال آخر : رأيت كأن خصيتي قد صارتا فوق ذكري ، قلت : تحكم عليك امرأتان . وقال آخر : رأيت أنني أحمل خصيتي على كتفي وقد التقطهما طائر
____________________
(1/450)
أسود ، قلت : يخطف لك خرج عن كتفك وربما يأخذه أسود . وأما الفخذان والساقان : فقال لي إنسان : رأيت أن فخذي قد وقعتا ، قلت : كان لك دار تحتها عند ؛ وقد وقع العمد ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن ساقي الواحد قد ذهب ، قلت : يعدم من عندك رجل ساقي . ومثله قال آخر ، قلت : يذهب أحد عبيدك أو دوابك . وأما أصابع الرجلين : قلت : أنت معاشك من السفر ، قال : نعم ، قلت : أنت تتقوت من النبات الذي لم يزل في الأرض . ومثله قال آخر وزاد أن لهم هيونا ، قلت : أنت تأكل من الحيات التي رؤوسهن في الأرض دائما ، قال : صحيح .(1/196)
[ 238 ] فصل : الأسنان : يدلوا على الأولاد ، والأهل ، والأقارب ، والفوائد ، والغلمان ، والمعارف ، والدواب ، وكل شيء فيه نفع . فالميامن : ذكور . والمياسر : إناث . وأما الأضراس : أكابر من دلوا عليه . فمن رأى أن أسنانه حسنت ، أو قويت : فإن كان أعزب : تزوج ، وإلا فرح من جهة من دلوا عليه . وأما إن اسودت ، أو سوست ، أو سقطت ، أو إنكسرت ، أو نزلت بها آفة : تنكد ممن ذكرنا . وكذلك إذا قلع واحد منهم : مات ، أو فارق من دل عليه . وأما تلافهم للمريض : موت وربما كان سقوطهم : دال على الأسفار ، لكونه بطل رزقه من المكان
____________________
(1/451)
الذي فيه . قال المصنف : قد ذكرنا جميع ظاهر البدن فرجعنا إلى باطنه ، فابتدأت بذكر الأسنان والأضراس ، فاعتبر ما يليق بالرائي . كما قال لي إنسان : رأيت أن أسناني قد سقطوا ، قلت : يتفرق أناس كانوا ينفعوك . وقال آخر : رأيت أنني عبرت فم إنسان فأخذت ما فيه من أسنان ، قلت : دخلت إلى بيت وقلعت ما به من مسامير وأوتاد ، قال : نعم . وأما الأضراس : فرأى إنسان أن ضرسه انكسر ، قلت : يبطل لك طاحون . / ومثله قال آخر ، قلت : يبطل لك حجر معصرة . عكس ذلك رأى إنسان أن طاحونه إنكسرت ، قلت : يعدم لك ضرس . وكون سقوط الأسنان دل على المرض لإمتناع الأكل غالبا ، ودل على السفر لكونه لما بطل أكله لعدمهم فهو ضرب مثل بانقطاع الرزق من ذلك المكان فدل على التحول منه .
[ 239 ] فصل : وأما ضرس الأسنان : فإم جعلناهم جيوشا ، أو غلمانا : فهم مخامرون ، لا ينفعون وقت الحاجة . وإن جعلناهم أقارب ، أو معارف : فلا خير فيهم . وربما دل ضرسهم : على المرض . وأما وجع واحد
____________________
(1/452)(1/197)
منهم : فنكد ممن ذكرنا . قال المصنف : وأما ضرسهم فكما قال لي إنسان : رأيت أن أسناني ضرست ، قلت : يقع بدوابك مرض ، ثم يزول . ومثله قال آخر ، قلت : لك دواب وقد أمرت بإنعالهن ، قال : نعم ؛ هن حفاة إلى الآن .
[ 240 ] فصل : اللسان : دال على الوالد ، والولد ، والقرابة ، والصديق ، والجاه ، والكسب ، والعبادة . فما رؤى فيه من خير : عاد إلى من ذكرنا . وأما إن قطع ، أو أسود ، أو تعطل نفعه ، أو تقطع ، أو نزلت به آفة : بطلت عبادته ، أو فارق ولده ، أو والده ، أو استاذه ، أو صديقا ، أو قرابة فيه نفع ، أو زال جاهه ، أو تعطلت معيشته ، أو غلب في مخاصمته . وأما الحلق : فدال على ما دلت عليه العنق . قال المصنف : واعتبر اللسان . كما قال لي إنسان : رأيت أنني عبرت فم إنسان وأكلت لسانه ، قلت : سرقت ميزانا أو قبانا وبعته وأكلت ثمنه . ومثله قال آخر ، قلت : سرقت طائرا ناطقا كالدرة أو من له صوت كغيرها من
____________________
(1/453)
الطير . وقال آخر : رأيت أن لي لسانين ملاح لم يمنعوني الكلام ، قلت : يبقى لك ترجمانان . ورأى آخر أن لسانا آذاه ، قلت : تتنكد لأجل كلام . ومثله قال آخر ، قلت : يلسعك حيوان . ومثله قال آخر ، قلت : ينقرك طائر له صوت كالديك ونحوه . وقال آخر : رأيت أنني أعمل للناس ألسنة ، قلت : تتعلم عمل المبارد . ومثله قال آخر ، قلت : تصنع الموازين . ومثله قال آخر ، قلت : تعلم الناس حجتهم في الكلام . ومثله قال آخر ، قلت : تعمل أسنة الرماح . وقال آخر : رأيت أنني أخرج من الألسنة ماء حلوا والناس ينتفعون به ، قلت : أنت تستخرج ماء اللسان والماورد ونحو ذلك ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني أجيء إلى أفواه الناس وأحتال على أخذ الألسنة ، قلت : أنت رجل حاوي تطلب الحيات في أماكنها ، قال : نعم .(1/198)
[ 241 ] فصل : وأما القلب ، والكبد ، والطحال ، والمعدة ، والرئة ، والمصارين ، والأضلاع : فكل واحد منهم دال على الأولاد ، والمعايش ، والأقارب ، والأصدقاء ، والجاه ، والدور ، والدواب ، والعبيد ، والآباء ، والأستاذين . فمن رأى واحدا منهم تقطع ، أو سقط ، أو احترق ، أو اختطفه شيء ، أو نزلت به آفة : عاد حكمه على ذكرنا ، وربما مات رائي المنام .
____________________
(1/454)
قال المصنف : واعتبر الحلق والقلب والكبد ونحو ذلك . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أعمل للناس حلوقا ، قلت : أنت تحلق شعور الناس . وقال آخر : رأيت أنني وقعت في حلق إنسان ، قلت : تسقط في قناة . ومثله قال آخر ، قلت : تقع في تنور . وقال لي ملك : رأيت أنني أعمل للناس حلوقا وأجعل فيها مأكولا ، قلت : ستعمل حلقا على الصيود وتطعم الناس منها . وأما القلب : فقال إنسان : رأيت أنني أغسل قلوب الناس ، قلت : تنفع وتطيب قلوبهم بخير تفعله . وقال آخر : رأيت أنني أبصر قلوب الناس ، قلت : أنت كثير الإطلاع على الأسرار .
____________________
(1/455)(1/199)
وأما الكبد فقالت امرأة رأيت أنني أدخلت رأسي في فرجي وأخذت بفمي من كبدي قطعة وقطعتها ثلاث قطع ، قلت : لك ولد بدمشق ، قالت : نعم ، لأن الكبد ولد ؛ وحواليها دم ؛ والفرج شق ؛ فدل على أن الولد في بلد في اسمه دم وشق ، قلت : وقد بلغك أنه مريض ، قالت : نعم ، / لأن الكبد ولد وقد نقصت بأخذها منها ؛ والكبد إذا نقصت دلت على المرض ، قلت : وقد سير إليك شيئا تقوتي به نحوه - وكانت يومئذ بمصر - قالت : نعم . قلت : ثلاثمائة درهم وأزيد ، قالت : نعم ، لأن الكبد مما يدخر في القلاع للقوت ؛ والثلاثمائة الثلاث قطع ؛ والزائد لكون القطع لم يكن على حد سواء ، قلت : ووصل إليك ثوب أحمر وأبيض ، لأنها لما قطعت الكبد وهي رطبه تبقى حمرتها على بياض الأسنان ؛ شبه الثوب الأحمر والأبيض ، قلت : وربما يكون ولدك ساكنا عند باب الفرج ، قالت : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني أكلت كبدي ، قلت : بعت مطبخا أو فرنا ونحو ذلك . وقال آخر : رأيت أنني أطبخ كبود الناس ، قلت : تؤذي كبود الناس بكلامك . وأما الطحال : فهو يروح على الكبد . قال لي إنسان : رأيت أنني أبيع الأطحلة ، قلت : أنت تبيع المراوح . وقال آخر : رأيت كأنني حملت
____________________
(1/456)
طحالي وأثقلني ، قلت : يحصل لك نكد من محبوبك ، لأن محبوب الإنسان يسمى طحالة . وأما المعدة : فقال إنسان : رأيت أن معدتي تقطعت ، قلت : ينكسر لك قدر . ومثله قال آخر ، قلت : يخرب لك مطبخ ، لأن الكبد تطبخ كل ما يجيء إليها . ورأى إنسان أنه عبر دار إنسان أخذ منها مصارين ، قلت : سرقت خيوطا أو حبالا . وقال آخر : رأيت أنني آخذ من تحت التراب مصارين ، قلت : معاشك من نبش القنى . وأما الأضلاع : فقال إنسان : رأيت أنني آكل أضلاع إنسان ، قلت : عبرت إلى دار وأخذت خشبها وبعته وأكلت ثمنه ، قال : صحيح .(1/200)
[ 242 ] فصل : وأما ما رؤي فيهم من قوة ، أو حسن ، أو صلاح : رجع إلى من دل عليه . وإن كان مريضا : تعافى . وربما دل زوال القلب ، أو قطعه : على الخوف وترك العبادة . وكذلك إذا تكسر واحد من الأضلاع .
[ 243 ] فصل : وأما الدبر : دال على منافع صاحبه ، ومواضع راحته . فإن إنسد ، أو تقطع ، أو نزلت به آفة : مات إن كان مريضا ، وإلا حصل له نكد . وإن كان مما يفسد به : دل ذلك على توبته . وإن وقع به نار أو دود أو حكة : فدليل على الداء النحس . والعياذ بالله تعالى . وكذلك إذا وقع في
____________________
(1/457)
فرج امرأة ذلك : دل على الزنا ، وعلى النكد ممن دل الفرج عليه . قال المصنف : واعتبر الدبر والفرج . كما قال لي إنسان : رأيت أنني وقعت في دبر إنسان ، قلت : تسقط في مستراح . ومثله قال آخر ، قلت : نخشى عليك أن تجامع في الدبر . وقال آخر : رأيت أن دبري قد انسد ، قلت : تنسد قناة مرحاضك . وقال آخر : رأيت أنني آكل لحم الدبر ، قلت : معاشك من المراحيض . ومثله قال آخر ، قلت : أخذت خرزة بئر وبعتها وأكلت ثمنها . وأما الفرج : فقال لي بعض الملوك : رأيت أنني صرت دابة وكأنني آتي فروج النساء أقبلهن وآخذ الأولاد ، قلت : تتحايل على أخذ عدة حصون وتفتحها ، لأن المرأة كالقلعة ، والولد : كمن فيها ؛ والفرج : باب القلعة ؛ والقابلة : كل من يخرج من بطن المرأة ويشده بالقماط مثل الأساري الذين يخرجون من القلاع ويربطونهم ؛ ودم الولادة : القتال . وقال إنسان : رأيت أنني عبرت فرج امرأة من الخوف ، قلت : تختبئ في واد من الخوف . ومثله قال مريض ، قلت : تموت ، لأنه قد عاد إلى موضع خلق منه . ومثله قال آخر ، قلت : تحبس في مكان عليه بابان .
[ 244 ] فصل : في الحوادث في ابن آدم ومنه : المرض : دال على تعويق المسافر وبطلان المعايش ، وعلى توبة
____________________
(1/458)(1/201)
الفاسق ، وفسق التائب ، لكون المريض يبطل عن فعله . وأما إن كان المرض في فرد عضو : نزلت آفة بمن دل العضو عليه . قال المصنف : واعتبر كل مرض . كما قال لي إنسان : رأيت / أن عيني عميت ، قلت : تروح لك مرآة تبصر بها . وقال آخر : رأيت كأن عيني رمدت ، قلت : تصدأ لك مرآة . وقال آخر : رأيت أن عيني انفقأت ، قلت : تنكسر لك مرآة . وقال آخر : رأيت أن عيني سالت ، قلت : يتلف شجرك أو زرعك ، لكون العين بقيت بلا ماء . وقال آخر : رأيت أن عيناي سالتا ، قلت : يموت لك من تسيل العيون عليه دموعا كثيرة . ورأى ملك أنه عمي ، قلت : تنقطع عنك الأخبار بمسك جواسيس . ورأى فقير أن عينه ذهبت ، قلت : يعدم لك سراج أو قنديل .
[ 245 ] فصل : والسعال : دال على ما دل عليه المرض ، وربما دل على الأمور المزعجة ، وعلى أن من أراد أن يخفي عملا ظهر عليه . قال المصنف : ورأى إنسان أنه وقع بالناس سعال شديد ، قلت : يقع بالناس زلازل كثيرة . ورأى آخر أن زلازلا كثيرة في الصيف ، قلت : يقع بالناس سعال .
____________________
(1/459)
[ 246 ] وأما العطاس : فدال على الفرج من الشدائد ، وأما المخاط والبصاق : إذا سالا كثيرا : فهموم ، وأنكاد ، خصوصا إن لوثا ثيابه . وربما دل البصاق : على الكلام الردي . قال المصنف : ورأى إنسان أنه يبصق على الناس ، قلت : أنت كثير الأذى لهم بالكلام الردي . ورأى إنسان أن يمخط كثيرا ، قلت : عندك قناة مسدودة وعزمت على إزالته ، قلت : يقع بك ضيق النفس . فافهم ذلك .(1/202)
[ 247 ] فصل : القي : يدل على عافية المريض الذي ينفعه ذلك . فإن لم ينفعه : طال مرضه ، أو مات . ويدل على رد المظالم ، والودائع ، وإظهار ما في القلب ، وعلى فطر الصائم ، وعلى إظهار شيء من المال . فإن كان القيء باختياره : كان ذلك بأمره . وإن تقيأ في مكان لا يليق به - مثل بين الناس ، أو على الثياب ، أو البسط - : حصل له نكد من غرامة مال ، أو إظهار سر ، أو لأجل كلام يتكلم به . قال المصنف : واعتبر القيء ، وما تقايأه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني تقايأت جميع ما في فؤادي من الأمعاء ، قلت : تذهب جميع حوائجك
____________________
(1/460)
من بيتك . ومثله قال لي بعض الملوك ، قلت : تخرج جماعة من السجون . وقال آخر : رأيت أنني أتيت إلى فم إنسان مجهول فتقيأ علي ولوثني ، قلت : تنفتح عليك قناة وسخ فتلوثك . وقال آخر : رأيت أنني تقايأت بغير اختياري ، قلت : بين الناس ، قال : نعم ، قلت : يظهر عنك سر ردي . ورأى جليل القدر كأنه يقيي الناس ، قلت : تتحايل على إخراج المخبأ والمدفون .
[ 248 ] فصل : وأما طلوع الدمامل والجدري والبثور في البدن - إذا لم تلوث الثياب - : ففوائد ، وخير ، وهموم ذاهبة ، لأنها مذهبة للأوجاع من البدن . وأما إن كان في الوجه ، أو العنق ، أو تسيل منتنا ، أو لوثت ثيابه : دلت على الديون ، والهموم ، والكلام الردي في العرض ، لكثرة نفور الناس من ذلك . وأما من أكل ما تقيأه ، أو ما خرج من الزوائد في البدن : فأموال حرام ، وفقر بعد الغنى ، ورجوع فيما وهبه ، أو وقفه ، أو ترد عليه سلع باعها بوكس ، أو تقدم عليه غيابا يجد لهم ألما . قال المصنف : واعتبر الطلوعات في البدن . كما قال لي إنسان : رأيت
____________________
(1/461)(1/203)
أن قد صار لي حدبة من خلف ، قلت : يخرج بعض حيطانك ؛ ونخاف يقع ، قال : قد خرج . ومثله قال آخر : كان بين كتفي حدبة وقد جاء شيء اختطفها ، قلت : كنت حاملا شيئا على ظهرك فجاء إنسان فخطفه ، قال : نعم . وقال إنسان : رأيت أنني أعمل للناس دماميل وأخرج منها المياه المليحة ، قلت : أنت تستخرج ماء الورد وغيره بزجاج وإناء ببق ، قال : صحيح . وعكسه قال إنسان : رأيت أن لي نساء كثيرات عليهن / دماميل وخراجات كبار وأنا أغسلهن في الماء ، قلت : تملك أو تضمن بستانا فيه أترنج ونارنج ورمان وتتولى سقيه وعمارته ، لأن النساء على الصفة المذكورة كالشجر ، والدماميل والخراجات كالثمر المذكور . وقال آخر : رأيت أنني قتلت امرأة وقطعتها وعليها خراجات كبار ، قلت : قطعت شجرة عليها ثمرتها . وقال آخر : رأيت كأنني آخذ من لحوم الناس ومن دماميلهم وأطعم لحم كل واحد لآخر ، قلت : تتكلم في عرض هذا عند هذا . ومثله قال آخر ، قلت : تتعلم تركيب الأشجار وتطعم بعضها في بعض . ومثله قال آخر ، قلت : تسرق ثمار الناس وتطعمها لبعضهم بعضا . ومثله قال آخر تاجر ، قلت : تأخذ من مال هذا فتضعه في مال هذا . وقال آخر : رأيت أنني أشرب ما في دماميل الناس ، قلت : أنت حجام تمص كاسات الفصاد ، قال : نعم .
[ 249 ] فصل : خروج الدم بالحجامة ، أو الفصد ، أو التشريط في الأذن :
____________________
(1/462)(1/204)
عافية للمريض الذي ينفعه خروج الدم ، وقضاء الديون ، وزوال النكد . وهو لمن لا يصلح له : نكد ، وذهاب مال ، أو موت . وكذلك خروجه للصحيح . فإن كان ذلك بأمره : كان عن اختياره . وإن كان في زمن الصيف ، أو كأنه في المنام كان مريضا : كان خروج المال منه لأجل فائدة . وإن كان في الشتاء : كان ذلك كلاما رديا ، لكون الأجسام محتاجة إلى حفظ الدماء . وأما إن كان الخارج منه الدم في حرب ، أو سفر : جرح ، أو قطعت عليه الطريق . قال المصنف : واعتبر خروج الدماء بما ذكرنا وغيره . كما قال لي إنسان : رأيت أن الدم يخرج من عيني ، قلت : تفارق من تحبه وتبكي عليه كثيرا ؛ كما يقال : بكيت بدل الدمع دما . وقال آخر : رأيت أنني احتجمت في لساني ، قلت : يكتب عليك مكتوب لأجل كلامك . ومثله قال آخر ، قلت : يكتب عليك لأجل ميزان أو قبان . وقال آخر : رأيت أنني قد ركبت كاسات للحجامة كثيرة على بدني ، قلت : يطلع عليك طلوعات أو حريق في بعض بدنك . وقال آخر : رأيت أنني أشرط ألسنة الناس بمشراط الحجامة واستخرج منها زيتا ، قلت : يصير لك أمر على استخراج دهن البلسان ،
____________________
(1/463)
فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أنني أشرط الناس في آذانهم ، قلت : تسمع الناس كلاما رديا .(1/205)
[ 250 ] خروج العرق أو البول أو الغائط : دال على الراحة ، والفرج . فإن كان كثيرا خلاف العادة ، أو تلوث به ، أو رائحته ردية أو بال والناس ينظرون إليه - وهو لا يليق به ذلك - : فنكد ، وإظهار سر يفتضح به . وكذلك إن سمع الناس صوت خروج الريح ، أو وجدوا لها رائحة ردية وتدل على البناء الردي . وإن لم يكن شيء من ذلك ، كان خروجها : راحة ، وفائدة . وأما أكل الغائط ، أو شرب البول : فيدل على الشبه ، والأموال الردية ، وعلى وقوع الشدائد ، لكونه لا يستعمل إلا وقت الشدة . والله أعلم . قال المصنف : واعتبر خروج العرق . كما قال لي صعلوك في زمن الشتاء : رأيت أنني عرقت عرقا كثيرا ، قلت : يحصل لك كسوة ، لأن العرق لا يكون إلا عند دفء الجسم . وقال آخر : رأيت أنني عريانا بين الناس وقد
____________________
(1/464)(1/206)
عرقت ، قلت : يخشى على جسمك أن يسيل دما من ضرب أو غيره . وقال آخر : رأيت أنني عرقت وأنا سابح فيه سباحة شديدة ، قلت له : فخلصت منه ، قال : نعم ، قلت : يخشى عليك الغرق ثم تنجوا . وأما البول : فقال لي إنسان : رأيت أنني أبول في فمي فيقع على الناس ، قلت : تتكلم بكلام ردي في أعراضهم . وقال آخر : رأيت أن الناس يبولون في آنية وأنا أحركها وأشرب منها ، قلت : تصير طبيبا وتأتي / إليك قوارير البول تنظرها ، وتأكل من أجرتك على ذلك . وأما الغائط إذا لوث ، أو أبصره الناس ، أو كثر خلاف العادة ، فكل ذلك نكد كما ذكرنا ، لنفور الناس منه ، ولقبح منظره وريحه . والبول أهون منه لأن الغالب من الناس أنهم يبولون في الطرقات وبين الناس ، ولا يستحيى من ذلك غالبا ، ويذهب عاجلا ، والغائط ما يفعله في هذه الأحوال إلا من لا خلاق له ، وكذلك لا يخرج ريحا بين الناس ، ويبقى أثر الغائط في المكان مضرا لمن يقع عليه . وإذا لم يكن شيء من ذلك فاعتبر الراحة بخروجه . كما قال لي إنسان : رأيت أنني تغوطت كثيرا ووجدت به راحة ، قلت : تفرح بخروج مسجون . وقال آخر : رأيت أنني أرقت بولا كثيرا من ذكري بعد تعب ووجدت به راحة ، قلت : تبرأ من هذا الاستسقاء الذي بك ، فبريء . وقال آخر : رأيت أنني في شدة من كثرة ريح فؤادي فأتيت بين حيوانات فأخرجتها واسترحت ، قلت : تستريح قليلا بإخراج ما في فؤادك من الكلام الذي يؤلم ، ويطلع على سرك من لا ينقله عنك . فافهم ذلك .
____________________
(1/465)
( [ باب : 14 ] الباب الرابع عشر في الموت والنزاع )
[ 251 ] النزاع : دال على قرب فرج من هو في شدة ، وعتق العبد ، أو بيعه ، وعلى توبة الفاسق ، وإسلام الكافر ، وعلى المنازعة ، وحدوث خوف للآمن ، وأمن للخائف ، والنقلة من مكان إلى آخر ، وربما دل على الإجتماع بالغياب .(1/207)
[ 252 ] فصل : الموت : محقق لما دل عليه النزاع ، مما ذكرنا . ويدل : على سجن ، أو مرض الأصحاء ، وعلى التجهز إلى ملاقاة الأكابر ، وما أشبه ذلك . فإن كان في موته متوجها إلى جهة يعتقد أنها تقربه إلى ربه عز وجل ، أو كان صورته حسنة ، أو طيب الرائحة ، أو أن حواليه أرباب صلاح ، أو نور : حصلت راحة للمسافر ، وخلاص من مرض ، أو سجن ، أو ملاقاة الأكابر بكل خير ، ونحو ذلك . وإن كان خلاف ذلك : حصل له نكد فيما ذكرنا .
____________________
(1/466)
قال المصنف : الموت والنزاع : يدل على الشيء وضده فيهما ، لمن لا
____________________
(1/467)
هو في شدة دال على النكد ، ولمن هو متنكد على قرب زوال ذلك ، لأن
____________________
(1/468)
الموت خلاص والنزاع قريب من الموت . وعلى عتق العبد لكونه لم يبق عليه حكم لأحد ، وعلى بيعه لكونه ينتقل من موضعه . وعلى المنازعة للاشتقاق . وعلى التوبة لأن من قرب من هذه رجع غالبا عن الردي . وعلى الأسفار . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أنازع ، قلت : أنت تتجهز للسفر . وقال آخر : رأيت أنني مت ثم عشت ، قلت : سافرت ثم رجعت . ومثله قال آخر ، قلت :
____________________
(1/469)
سجنت ثم خلصت . ومثله قال آخر - إلا أنه قال : وقفت بين يدي رب العزة سبحانه ثم عشت - قلت : رحت اجتمعت بكبير القدر ثم رجعت ، قال : نعم . وقال آخر : كل وقت أبصر أنني أموت ثم أعيش ، قلت : تصرع كل وقت ثم تفيق ، قال : صحيح . ومثله قال آخر ، قلت : أنت كثير الرمد حتى ما تبصر بعينك شيئا ، ثم تعافى ، قال : صحيح . وقد ذكرنا الشروط قبل الموت وبعده فافهم ذلك .(1/208)
[ 253 ] فصل : من اغتسل غسل الموت بماء نظيف بارد في الصيف ، أو يسخن في الشتاء : دل على وفاء الديون ، وقضاء الحوائد ، وملاقاة الأكابر بكل خير . وأما إن اغتسل بالماء الكدر ، أو بالبارد في الشتاء ، أو بالحار في الصيف : دل على الأنكاد ، والفقر ، والأمراض ، أو سجن ، أو سفر ردي . قال المصنف : دل غسل الموت بشروطه المذكورة على قضاء الديون والحوائج ، لذهاب الأوساخ التي تضيق الصدر . وعلى حسن ملاقاة الأكابر ، لكونه يقف بين يدي ربه عز وجل بهذه الصفة المليحة . وكذلك الحكم لكل ملة ودين يجهزون / موتاهم بغير الغسل . واعتبر الغاسل . كما قال لي إنسان : رأيت أنني أغسل الموتى ، قلت : تصير قيما في حمام . ومثله قال آخر - وكان متعبدا - قلت : تكثر من تطلب
____________________
(1/470)
التوبة والأعمال الصالحة على يدك ، وتطهر بواطنهم وظواهرهم بحسن مداراتك لهم ، لأن التلميذ بين يدي معلمه كالميت بين يدي الغاسل . ومثله قالت امرأة ، قلت : تصيرين قابلة تدورين بالصغار الذين لا حكم لهم ولا عقل ، فصارت كذلك .
[ 254 ] فصل : من تكفن في المنام بكفن مليح : تزوج إن كان أعزب ، أو استغنى إن كان فقيرا ، أو اشترى جارية ، أو دارا ، أو اكتسى إن كان عريانا . وإن كان كريضا : مات . وأما إن كان الكفن رديا ، أو كره الرائحة ، أو ممزقا : انعكس ذلك كله . قال المصنف : دل الكفن على التزويج لأنه لباس . والله تعالى يقول : ! ( هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ) ! . ودل على الغنى لكونه استتر حاله . ودل على الدار لكونه بقي داخل الكفن كالدار . وعلى موت المريض لأنه من علامات الموت . وربما دل الكفن على ما قال لي إنسان : رأيت أنني تكفنت ، قلت : عندك مكان تريد أن تبيضه أو تليسه ، قال : نعم . ومثله قال آخر ، قلت : تنعزل من منصبك ، لكون الكفن يربط على الميت فلا تتحرك أعضاؤه . ومثله قال آخر ، قلت : تسجن .(1/209)
[ 255 ] فصل : الحمل فوق النعش - بلا صراخ ولا عياط - : دال على الولاية ، والرفعة ، والسفر المليح ، وعلى غنى للفقير ، وزيادة فائدة الغني ،
____________________
(1/471)
والإجتماع بالأحبة . وكذلك الصلب . وجميع ذلك بالعياط ، أو اللطم ، أو سواد الوجه ، أو كونه مكشوف العورة ، أو كأنه يضحك ضحكا مكروها ، أو يكون رأسه إلى موضع رجليه ، أو كأنه ملقا على وجهه ، وما أشبه ذلك : دل على الفضائح ، والأنكاد . قال المصنف : واعتبر من حمل على النعش . كما قال لي إنسان : رأيت أنني على نعش وقد طارت به الريح ، قلت : تسافر في مركب . وقال آخر كأنني على نعش تحمله الحيوانات : قلت تركب على عجل . ودل ركوبه بالشروط المليحة على الولاية لكون الناس يمشون بين يديه ومن خلفه ، وعلى الرفعة لأنه ارتفاع ، وعلى السفر لكونه ينقل الأجساد إلى أماكن أخر ، وعلى غنى الفقير لكون الناس يعلمون ما يحتاج إليه ، وعلى الاجتماع بالأحبة والغياب لكونهم يؤديهم إلى المقابر التي هي منزل الأحبة والغياب . ومثله الصلب . وربما دل الصلب على مرض يقع بالعنق ، كالخانوق ونحوه . والجميع في الصفات الردية دال على ذكرناه في باقي الفصل .
[ 256 ] فصل : الدفن في القبر موت للمريض ، وتزويج للأعزب ، لأنه
____________________
(1/472)(1/210)
سترة ، وسفر ؛ لأنه انتقل إلى أرض أخرى ، وعزل للمتولي ، وفقر للغني ، ومرض للصحيح ، أو سجن . فإن كان قبرا واسعا ، أو وجد رائحة طيبة ، أو خضرة مليحة ، أو ثوبا ، أو مأكولا ، حسنا : كان عاقبة ذلك كله إلى خير . كما أنه إذا كان ضيقا ، أو فيه دخان ، أو حيوان مؤذي ، أو ضربه منكر ، أو نكير ، أو احترق بنار ، أو رأى جيفا ، وما أشبه ذلك : كان رديا . فإن جعلناه موتا : كان عاقبته إلى العذاب . وإن جعلناه سفرا : قطعت عليه الطريق . وإن جعلناه تزويجا : كان عاقبته خصاما . وإن جعلناه أمراضا : كانت أمراضا مؤلمة ، أو موتا . قال المصنف : واعتبر القبر وأحواله . كما قال لي إنسان : رأيت أنني هارب من ثعبان كبير فرمتني امرأة في قبر ، قلت : عبرت عندها وخفت فجعلتك في صندوق خوفا من عدو ، قال : صحيح . وقالت امرأة : رأيت أنني في قبر مليح ، قلت : الساعة تتزوجين . وقال آخر : رأيت أنني أدفن نساء كثيرة في قبور ، قلت : أنت كثيرا ما تجهز العرائس . وقال آخر : رأيت أنني أنبش صناديق الناس وأخرج ما فيها ، قلت : أنت نباش القبور / وترمي الموتى . وقال بعض الملوك : رأيت أنني انبش القبور وأخرجت من فيها من الموتى ، قلت : تطلق أهل السجون . وقال إنسان : رأيت أنني أكسر البيض وأرمي صفره وآكل بياضه ، قلت : أنت تأخذ أكفان الموتى وترمي بالموتى
____________________
(1/473)
وقال صغير : رأيت أنني أكلت عشرين قبرا ، قلت : تعرف أصحاب القبور ، قال : نعم ، قلت : سرقت لهم عشرين بيضة ، قال : صحيح .(1/211)
[ 257 ] فصل : حكم الحفائر إذا وقع فيها : حكم القبر ، إلا أنها أهون منه . وأما إذا حفرها ليؤذي بها إنسانا ، أو في مواضع تؤذي الناس : فهو رجل ردي . وربما وقع في المكر ، والخديعة التي عملها . قال صلى الله عليه وسلم ' من حفر لأخيه قليبا أوقعه الله عز وجل فيه قريبا ' . وقال الشاعر : ( يا حافر البئر وسع في مراقيها ** من حفر البئر يوشك أن يقع فيها ) والله أعلم .
____________________
(1/474)
( [ باب : 15 ] الباب الخامس عشر في الساعة وأشراطها )
[ 258 ] طلوع الشمس أو القمر من المغرب : دال على رجوع الغياب ، والأكابر من أسفارهم ، وعلى عود المتولي إلى ولايته ، والمريض إلى مريضه ، ومن خرج من سجن : عاد إليه ، وعلى توبة الفاسق ، وعلى الأخبار المؤلمة ، والخوف ، وعلى نصر المظلومين . قال المصنف : واعتبر أشراط الساعة . كما قال لي إنسان : رأيت في زمن البرد أن الشمس رجعت ودفئت بحرها ، قلت : قد ضاع لك ثوب أو كساء سيعود . ومثله قال آخر ، قلت : أنت مريض بالحمار والباردة ، الساعة تعوج إلى العافية ، فعاد . وقال آخر : رأيت القمر قد غاب ثم عاد ، قلت :
____________________
(1/475)
ضاعت لك مرآة ، قال : نعم ، قلت : ستعود فعادت . ومثله قال آخر ، قلت : ضاع لك قطعة فضة ، وستعود . وقال آخر : رأيت أنني فرحت بمغيب الشمس في المنام ثم طلعت فحزنت لذلك ، قلت : أردت أنك تعمل شيئا مخيفا ما تم لك مراد ، قال : صحيح . فافهمه .(1/212)
[ 259 ] فصل : ظهور الدابة أو عصا موسى عليه السلام : دال على ما دلت عليه الشمس أو القمر ، وعلى ظهور ملك جديد عادل ، وعلى أخبار غريبة . وأما ظهور يأجوج ومأجوج : فدليل على ظهور عدو يخرج من الجهة التي قدموا منها . قال المصنف : واعتبر الدابة . كما قال لي ملك مصر : رأيت أن الدابة قد ظهرت ، قلت : يقدم عندك حيوان غريب ، فعن قليل قدم الكركيد ولم يكن أبصره . وقد تدل على الجراد أيضا . وقال بعض العامة : رأيت الدابة تحكمي والناس ينظرون إليها ، قلت : أنت تفرج الناس على الدب ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أن بنتي قد صارت الدابة المذكورة في القرآن العزيز ، قلت : تصير واعظة فصارت . وقالت أخرى : رأيت أنني صرت الدابة والناس يهربون مني ، قلت : تصيرين نائحة في الأعزية ، فصارت . وأما عصا موسى : فقال إنسان رايت أنها في يدي وهي ملوية ، قلت :
____________________
(1/476)
أنت رجل تعلب بالحيات . وقال آخر : رأيت أنني أسجد لها ، قلت : يفسد دينك لأجل يهودي . وقال آخر : رأيت أنني ركبتها ، قلت : أنت تجامع امرأة يهودية . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تتعانى السيمياء . ودلت الدابة والعصا على الملوك لكون الدابة تأمر وتنهى والعصا انتصر بها موسى عليه السلام . واعتبر ظهور يأجوج ومأجوج . كما قال لي إنسان : رأيت أن يأجوج ومأجوج قد كثروا في البلد ، قلت : نزل مكانك منهم أحد ، قال : نعم ، قلت : ينزل بها لصص أو أقوام مفسدون فاحترز . ومثله قال آخر ، قلت : يخرج من في السجون من المفسدين . ومثله قال آخر ، قلت : تنكسر طائفة من دين النصرانية ، فكان كذلك ، لأن عيسى عليه السلام يهرب بالناس من يأجوج ومأجوج إلى الطور .(1/213)
[ 260 ] فصل : النفخة الأولى : تدل على / أخبار وأراجيف ، وعلى قرب عافية المريض ، وخلاص المسجونين ؛ وكل من هو في شدة . والنفخة الثانية : تدل على حركات تقع بالناس ، وربما تجهزت عساكر لحادث يحدث ، ويدل ذلك على عافية المرضى ، وخلاص كل من هو في شدة ، وأمراض وسجن لمن هو خالص منها ، وهو فقر للأغنياء ، وعلى الأسفار الطويلة ، وعلى شدائد وفتن عظيمة . فإن كان مع ذلك نور ، أو رائحة طيبة ، أو يذكرون الله تعالى : فالعاقبة في ذلك سليمة . قال المصنف : دلت النفخة الأولى على عافية المريض لأنها تجمع
____________________
(1/477)
الأجسام . وعلى خلاص المسجون لقرب خروجه من القبر ، كالسجن . وتدل على الحوائج . كما قال لي إنسان : رأيت النفخة الأولى وهي قوية ، قلت : تسقط ثمار البساتين لأجل ريح شديدة . ومثله قال آخر ، قلت : عندك حامل ، قال : نعم ، قلت : يسقط الحمل . ومثله قال آخر ، قلت : يقع بينك وبين أقاربك أو معارفك نكد ويتبرؤون منك ، لقوله تعالى ! ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) ! . وأما النفخة الثانية : على ما ذكرنا . وكما قال لي إنسان : رأيت النفخة الثانية عظيمة ، قلت : يعدم ملك كبير ويطلع في السماء شيء غريب ويعجب الناس من نظر ذلك ، لقوله تعالى ! ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) ! .
[ 261 ] وأما إن وجد الله متغيرا عليه ، أو وجد ظلاما ، أو دخانا ، أو نارا ، أو شمسا أحرقه ضوؤها ، أو اسود وجهه ، أو أخذ كتابه بشماله ، أو من وراء ظهره ، أو ختم على فيه ، ونحو ذلك : كان عكس ذلك .
[ 262 ] فصل : الميزان : رجل متوسط بين الناس ، وبين من دل الباري عز وجل عليه . فإن رجح ميزانه : نال خيرا ، وإلا فلا . قال المصنف : واعتبر حكم الميزان ، فإن رجح لمن يطلب فائدة ، وإلا فلا . وأما من حكم على ميزان الآخرة ، فالحكم فيه ، كما قال لي إنسان :
____________________
(1/478)(1/214)
رأيت أنني أزن بميزان الآخرة ، قلت : تأخذ الحق من حمام ، لأن الناس يوم القيامة عرايا ، وهم في حر الشمس والعرق كالحمام . ومثله قال آخر ، قلت : تبقى ضامن أو كاتب سجن يعرض عليك أصحاب الذنوب والحسنات . وقال آخر : رأيت أنني أزن بميزان الآخرة ، قلت : أنت تصنع الصغار في مرجوحة كالميزان ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني حكمت على ميزان الآخرة ، قلت : تبقى تعدل الناس وتجرحهم عند متولي . فافهم ذلك .
[ 263 ] فصل : العبور على الصراط : دال على الأسفار ، وعلى الدخول في العمال الخطيرة ، وعلى الأمراض ، والسجون ، والشدائد . فإن عبره سليما : كان عاقبة ذلك سليمة ، وإن وقع عنه : حصل له نكد على ما ذكرنا . قال المصنف : واعتبر الصراط . كما قال لي إنسان : رأيت أنني حاكم على الصراط ، قلت : تصير حاكما على جسر أو معدية . وقال آخر : رأيت أنني أمنع الناس العبور على الصراط ، قلت : أنت قاطع طريق . وقال آخر : رأيت أنني نصبت الصراط ، قلت : تعمل جسرا أو معدية . وقال آخر : رأيت أنني نصبته ومشيت عليه ، أنت تنصب الحبال وتمشي عليها كالبختيار . ودل عبوره على الأعمال الخطيرة لقلة من يسلم عليه ، وعلى الأمراض والشدائد لأن الناس يقاسون عليه شدائد كالمرضى والسجون .
[ 264 ] فصل : وأما الوقوف بين الجنة والنار : فدال على تعويق المسافرين ، ووقوف الحوائج ، والمعايش ، وطول المرض ، والشدة ، لمن هو في ذلك . ويدل : على الأعمال الجيدة ، والردية . وعلى معاشرة أهل الخير ،
____________________
(1/479)(1/215)
والشر . قال لامصنف : دل الوقوف بين الجنة والنار على تعويق المسافرين ، وتعطيل المعايش والحوائج ، لكونه لم يبلغ مراده من الجنة . ودل على الأعمال الجيدة والردية لأن حسناته تمنعه عبور النار ، وسيئاته تمنعه عبوره إلى الجنة . وقال إنسان : رأيت أنني واقف بين الجنة والنار ، قلت : / يحسبك كبيرك في مكان لا رديء ولا جيد . ومثله قال آخر ، قلت : تعاشر أقواما فيهم خير وشر . ومثله قال آخر ، قلت : لا تسافر ؛ تعوق في بعض الطريق .
[ 265 ] فصل : دخول النار : دال على الأمراض ، والسجون ، والشدائد ، وفقر الأغنياء ، وعزل المتولين ، وفراق الأحبة ، والأسفار المتلفة ، ومعاشرة أرباب الجرم ، والفساد . فإن أحرقته في أذنه : كان لأجل سماعه . أو في فمه : فلأجل كلامه ، أو ما أكله . وكذلك بطنه . أو في عينيه : فلأجل نظره . أو في يده : فلأجل ما أخذت ، أو أعطت ، أو ضربت . أو في صدره ، أو قلبه : فلأجل اعتقاده . أو في فرجه : فلأجل نكاحه . أو في رجله : فلأجل سعيه . وأما إن احترق جميعه : كان رديا .
____________________
(1/480)
قال المصنف : واعتبر النار . والعياذ بالله . كما قال لي إنسان : رأيت
____________________
(1/481)
أنني حاكم على جهنم ، قلت : أنت رجل سجان . ومثله قال آخر ، قلت :
____________________
(1/482)
أنت رجل شوى أو طباخ . ومثله قال آخر ، قلت : أنت تتولى عذاب الناس ،
____________________
(1/483)(1/216)
فاتق الله . ومثله قال آخر ، قلت : تحكم على مارستان . ومثله قال آخر ، قلت : أنت قاطع طريق تقتل الناس وتطمرهم . وقال آخر : رأيت أن جهنم قد جاءت وصرخت صوتا عظيما ، قلت : يدل على عزل الأكابر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ' تزفر جهنم يوم القيامة فتساقط الأنبياء عن منابرهم ' . ومثله قال آخر ، قلت : يجيء حر شديد يتلف الغلات ويكثر الحمايات . وقال آخر : رأيت أنني سقطت في النار ، قلت : تقع في أتون أو فرن ونحوهم ، فوقع . وقال آخر : رأيت أنني متصرف في جهنم ، قلت : أنت رجل مختلف قد ضمنت دار فسق وقمار ، فتاب ورجع عن ذلك . نعوذ بالله الكريم الرؤوف
____________________
(1/484)
الرحيم من خزي الدنيا وعذاب الآخرة إنه على كل شيء قدير .
[ 266 ] فصل : دخول الجنة : دال على عكس ما دلت عليه النار ، وعلى تزويج الأعزب ، والأعمال الجيدة ، وتوبة الفاسق ، والتمكن من دور الأكابر . فإن كان معه في الجنة كتاب فتعلمه : دخلها . وإن كان مصليا ، أو مسبحا ، أو مؤذنا ، ونحو ذلك من آثار الدين : فبالعبادة دخلها . وإن كان بشيء من العدد : فبالجهاد نالها . ويدل دخولها : على الأمن من الخوف ، والاجتماع بالغياب ، ونحو ذلك . نسأل الله الفوز بالجنة ، والنجاة من النار .
____________________
(1/485)
قال المصنف : دخول الجنة دال على الضد مما دلت عليه النار . وأعط
____________________
(1/486)(1/217)
كل إنسان ما يليق به . كما قال لي إنسان : رأيت أنني ملكت الجنة ، قلت : تملك أو تحكم على بستان . ومثله قال آخر ، قلت : تحكم على كتاب فيه منافع وفرج . وقال كافر : رأيت أنني طردت من الجنة ، قلت : لك دار مليحة مزوقة فيها نبات ستؤخذ منك وتتنكد عليك دنياك ، لأن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر . وقال إنسان : رأيت أنني عبرت الجنة وأخذت منها شيئا وهربت ، قلت : عبرت دار جليل القدر أو بستانا وسرقت شيئا ، قال : صدقت . وقال آخر : رأيت أنني دخلت في الجنة مع أهلها ، قلت : تعبر بلدا فيه مسافرون من مل مكان وتطلع على أخبار غريبة . وقال آخر : رأيت أنني في الجنة وهي متغيرة ، قلت تعبر مكانا فيه تزاويق وأصوات حسنة وصور ملاح . وقال لي مريض بالحرارة : رأيت أنني عبرت الجنة ، قلت : تعافى ، فكان كذلك . نسأل الله الفوز بالجنة والنجاة من النار بفضله وإحسانه .
[ 267 ] فصل : من ضرب من هو أكبر منه أو أعلى قدرا : تكلم في
____________________
(1/487)
عرضه ، أو يحصل للضارب نكد . وكذلك إن جلس في موضع لا يليق به الجلوس فيه . وأما إن ضرب الأكبر ، أو الأعلى لمن هو دون - ولم يجرحه ، ولا قطع ثيابه ، ولا كان بين الناس - : فذلك خير ، وفائدة للمضروب ، وربما كان كسوة . وأما إن جرحه ، أو كسر فيه شيئا ، أو كشف عورته ، ونحو ذلك : نزل بالمضروب آفة . قال المصنف : كون الضارب يتكلم في عرض المضروب لأنه مما يؤلمه . وحصول النكد للمضروب لكون الأعلى لا يسكت عن مجازاة الضارب / في غالب ما يؤذيه . وأما إن كان الضارب هو الأعلى إذا ضرب الأدنى ظلما : يندم ويحسن إلى المضروب ، ولو بكلام طيب . وكون المضروب يحصل له كسوة - خصوصا إن كان في الشتاء - لثوران الحرارة وورم البدن ، كالكسوة . فافهم ذلك .(1/218)
[ 268 ] فصل : من ملك - من الأموال أو المواشي أو المآكل أو الملابس - ما لا يقدر على حفظه ، أو على حمله : كان نكدا . قال المصنف : إنما دل ملك ما لا يقدر على حمله أو حفظه على النكد لأنه يتعلق به حقوق الله تعالى من الزكوات والعشر فيطالب بذلك . وأيضا يكثر طمع الناس فيما عنده ، فهو أيضا يريد مداراة لأرباب الطمع . وكونه لا يقدر على حفظه ولا حمله يضيق صدر مالكه ما يهون عليه أن يأخذ أحد منه شيئا وهو لا يسلم له ، والعشر والزكاة ما يتركان نكدا .
[ 269 ] فصل : لفظة الثلاثة أو الثلاثين أو الثلاثمائة أو الأربعة أو
____________________
(1/488)
الأربعين ، أو الأربعمائة ، ونحو ذلك : تدل على الوفاء بالمواعيد ، وقضاء الحوائج ، لقوله تعالى ! ( ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) ! . ولدليل الآية في الأربعين . قال المصنف : لفظة : الثلاثة والثلاثمائة ، ونحوهما ، لقوله تعالى : ! ( ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب ) ! . والله أعلم .
[ 270 ] فصل : من دخل في بعض أعضائه : فإن كان في أذنه : فخبر من قرابته ، أو صديق يجيء . فإن سد أذنه : كان خبرا رديا ، وإلا فلا . فإن دخل في عينه فأتلفها : فنكد يبصره في أقاربه ، أو ماله ، أو معارفه أو نفسه . وإن لم يتلفها : فغائب يقدم . وإن دخل في أنفه ، ولم يمنعه النفس ، ولا تلوث بمخاطه : فركوب في بحار ، أو طرق صعبة . وأما إن منعه النفس : سجن ، أو مرض ، أو قهر في خصومة . وإن دخل في فيه ، ولم يؤذه : أكل رأس ماله ، أو قدم عليه كلام طيب ، أو غائب فيه نفع . وإن آذاه كان رديا .
____________________
(1/489)(1/219)
وإن دخل في ذكره ، وآذاه : تنكد ممن دل الذكر عليه . وكذلك الدبر والفرج . وإن لم يؤذه ذلك : دخل الرائي في مداخل لا تليق به . وربما دل ذلك جميعه : على أنه ربما عبر داره ، من غير بابها ، ونحو ذلك . قال المصنف : أما دخول ابن آدم في بعض أعضائه فلم أعلم أن أحدا ذكره من المتقدمين ، ولا من المتأخرين . ولما تكرر رؤية بعض الناس لذلك فسرت بما ذكرته في الفصل . والمنكر لذلك معترض على الله ، جاهل بأحكام الرؤيا ، فاعتبر ما ذكرنا . كما قال لي إنسان : رأيت أن رأسي مدهون وكأنني نزلت فيه إلى وسطي ، قلت : لك أشجار أو زرع وقد سقيته بالماء وجلت في طين ذلك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني وقعت بين أصابع يدي ووجدت مشقة ، قلت : تقع من بين شرافات مكان عال . وقال آخر : رأيت أنني وقعت في كفي والطبق علي أصابعي ، قلت : يتعصب عليك أولادك أو أولادهم أو أولاد أخيك ، فكان كذلك . وقال آخر : رأيت أنني داخل فؤادي بين أمعائي وقد عرقت كثيرا ، قلت : عبرت مع عيالك وصغارك ونسائك حماما وكان الجميع عرايا وأنت بينهم ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني داخل جوفي وقد قطعت جميع الأمعاء بالسكين ، قلت : أنت رجل قتلت جماعة من أهل دارك ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أنني عبرت فمي وأكلت أضراسي وأسناني ، قلت : بعت جميع مالك من طواحين ورفوف ومجارف وقداديم وأوتاد ونحو ذلك ، وأكلت ثمنه . وقالت امرأة : رأيت أنني أدخلت يدي في فرجي خلاف العادة ، قلت : قد
____________________
(1/490)(1/220)
وطيأك بعض من تحزنين عليه ، قالت غصبني عن نفسي ، واعترفت بذلك أمها عندي . وقال آخر : رأيت أن ذكري عبر في دبري ولم أعلم ، قلت : قد وطأت بعض المحرمات عليك - وربما كان ذكرا - وأنت لا تعلم ، قال : كنت سكرانا . / وقال آخر رأيت أنني آخذ الحيوانات وأعبرها جوفي وأذبحها وآخذ جلودها ، قلت : أنت تعمل الحيلة على الناس تقتلهم في منزلك وتأخذ ما عليهم ، فما كان عن قليل حتى مسكه ملك مصر لأجل ذلك . وأما دخول بعض أعضائه في بعض : كما قال لي إنسان : رأيت أن عيني اليمين تدخل في اليسار واليسار تدخل في اليمين ، قلت : اطلعت على امرأتين عندك يتساحقان ، قال : صحيح . وقال آخر : رأيت أصبعي أتلفت عيني ، قلت : عندك ولد وقد كشف وجه أخته ، قال : نعم . وقال آخر : رأيت أنني انسلخت مني ، قلت : حفظت شيئا من الكتاب العزيز ثم أنسيته ، قال : نعم ، لقوله تعالى ! ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها ) ! . وقال لي بعض الملوك : رأيت أنني بدلت أسناني ، قلت : تغير جماعة من بابك وعسكرك . وعلى هذا فقس موفقا إن شاء الله تعالى . وقد ذكرت ما يسر الله تعالى علي من شرح كتابي ' البدر المنير في علم التعبير ' . ولم أذكر فيه شيئا من الكلام والحكايات إلا ما فتح الله علي من بعض ما جرى من تفسير الناس . ولم أرغب في التطويل في ذلك ليسهل تناوله على حافظه والناظر فيه . والله أعلم بالصواب . نستغفر الله من كل ذنب ، ونعوذ به من العمل الذي لا يقرب إليه ، وهو
____________________
(1/491)
حسبنا ونعم الوكيل . ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . والحمد لله رب العالمين . وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين / .
____________________
(1/492)(1/221)