{ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب } وفي كلام ابن قتيبة ما يوهم أنه إنشاء 2 - فرع
4853 من أقسام الخبر النفي بل هو شطر الكلام كله والفرق بينه وبين الجحد أن النافي إن كان صادقا سمي كلامه نفيا ولا يسمى جحدا وإن كان كاذبا سمي جحدا ونفيا أيضا فكل جحد نفي وليس كل نفي جحدا ذكره أبو جعفر النحاس وابن الشجري وغيرهما
4854 مثال النفي { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم }
4855 ومثال الجحد نفي فرعون وقومه آيات موسى قال تعالى { فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم }
4856 وأدوات النفي لا ولات وليس وما وإن ولم ولما وقد تقدمت معانيها وما افترقت فيه نوع الأدوات
4857 ونورد هنا فائدة زائدة قال الخويي أصل أدوات النفي لا وما لأن النفي إما في الماضي وإما في المستقبل والاستقبال أكثر من الماضي أبدا ولا أخف من ما فوضعوا الأخف للأكثر
4858 ثم إن النفي في الماضي إما أن يكون نفيا واحدا مستمرا أو نفيا فيه أحكام متعددة وكذلك النفي في المستقبل فصار النفي على أربعة أقسام واختاروا له أربع كلمات ما ولم ولن ولا وأما إن ولما فليسا بأصلين فما ولا في الماضي والمستقبل متقابلان ولم كأنه مأخوذ من لا وما لأن لم نفي للاستقبال لفظا والمضي معنى فأخذ اللام من ( لا ) التي هي لنفي المستقبل والميم من ( ما ) التي هي لنفي الماضي وجمع بينهما إشارة إلى أن في ( لم ) إشارة إلى المستقبل والماضي وقدم اللام على الميم إشارة إلى أن ( لا ) هي أصل النفي ولهذا ينفي بها في أثناء الكلام فيقال لم يفعل زيد ولا عمرو وأما ( لما ) فتركيب بعد تركيب كأنه قال لم وما لتوكيد معنى النفي في الماضي
وتفيد الاستقبال أيضا ولهذا تفيد ( لما ) الاستمرار
____________________
(2/207)
تنبيهات الأول
4859 زعم بعضهم أن شرط صحة النفي عن الشيء صحة اتصاف المنفي عنه بذلك الشيء وهو مردود بقوله تعالى { وما ربك بغافل عما يعملون } { وما كان ربك نسيا } { لا تأخذه سنة ولا نوم } ونظائره والصواب أن انتفاء الشيء عن الشيء قد يكون لكونه لا يمكن منه عقلا وقد يكون لكونه لا يقع منه مع إمكانه الثاني
4860 نفي الذات الموصوفة قد يكون نفيا للصفة دون الذات وقد يكون نفيا للذات أيضا
من الأول { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام } أي بل هم جسد يأكلونه ومن الثاني { لا يسألون الناس إلحافا } أي لا سؤال لهم أصلا فلا يحصل منهم إلحاف
{ ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } أي لا شفيع لهم أصلا { فما تنفعهم شفاعة الشافعين } أي لا شافعين لهم فتنفعهم شفاعتهم بدليل { فما لنا من شافعين }
ويسمى هذا النوع عند أهل البديع نفي الشيء بإيجابه
وعبارة ابن رشيق في تفسيره أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء وباطنه نفيه بأن ينفي ما هو من سببه كوصفه وهو المنفي في الباطن
وعبارة غيره أن ينفى الشيء مقيدا والمراد نفيه مطلقا مبالغة في النفي وتأكيدا له ومنه { ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به } فإن ( الإله مع الله ) لا يكون إلا عن غير برهان
{ ويقتلون النبيين بغير حق } فإن قتلهم لا يكون إلا بغير حق
{ رفع السماوات بغير عمد ترونها } فإنها لا عمد لها أصلا الثالث
4861 قد ينفى الشيء رأسا لعدم كمال وصفه أو انتفاء ثمرته كقوله في صفة أهل النار { ثم لا يموت فيها ولا يحيى } فنفى عنه الموت لأنه ليس بموت
____________________
(2/208)
صريح ونفى عنه الحياة لأنها ليست بحياة طيبة ولا نافعة
{ وتراهم ينظرون إليك وهم لا يبصرون } فإن المعتزلة احتجوا بها على نفي الرؤية فإن النظر في قوله تعالى { إلى ربها ناظرة } لا يستلزم الإبصار
ورد بأن المعنى أنها تنظر إليه بإقبالها عليه وليست تبصر شيئا
{ ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون } فإنه وصفهم أولا بالعلم على سبيل التوكيد القسمي ثم نفاه آخرا عنهم لعدم جريهم على موجب العلم
قاله السكاكي الرابع
4862 قالوا المجاز يصح نفيه بخلاف الحقيقة وأشكل على ذلك { وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى } فإن المنفي فيه هو الحقيقة
وأجيب بأن المراد بالرمي هنا المترتب عليه وهو وصوله إلى الكفار فالوارد عليه النفي هنا مجاز لا حقيقة والتقدير وما رميت خلقا إذ رميت كسبا أو ما رميت انتهاء إذ رميت ابتداء الخامس
4863 نفي الاستطاعة قد يراد به نفي القدرة والإمكان وقد يراد نفي الامتناع وقد يراد به الوقوع بمشقة وكلفة
من الأول { فلا يستطيعون توصية } { فلا يستطيعون ردها } { فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا }
ومن الثاني { هل يستطيع ربك } على القراءتين أي هل يفعل أو هل تجيبنا إلى أن تسأل فقد علموا أنه قادر على الإنزال وأن عيسى قادر على السؤال
ومن الثالث { إنك لن تستطيع معي صبرا } قاعدة
4864 نفي العام يدل على نفي الخاص وثبوته لا يدل على ثبوته وثبوت
____________________
(2/209)
الخاص يدل على ثبوت العام ونفيه لا يدل على نفيه ولا شك أن زيادة المفهوم من اللفظ توجب الالتذاذ به فلذلك كان نفي العام أحسن من نفي الخاص وإثبات الخاص أحسن من إثبات العام فالأول كقوله { فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم } لم يقل ( بضوئهم ) بعد قوله { أضاءت } لأن النور أعم من الضوء إذ يقال على القليل والكثير وإنما يقال الضوء على النور الكثير ولذلك قال { هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا } ففي الضوء دلالة على النور فهو أخص منه فعدمه يوجب عدم الضوء بخلاف العكس والقصد إزالة النور عنهم أصلا ولذا قال عقبه { وتركهم في ظلمات }
4865 ومنه { ليس بي ضلالة } ولم يقل ( ضلال ) كما قالوا { إنا لنراك في ضلال } لأنها أعم منه فكان أبلغ في نفي الضلال وعبر عن هذا بأن نفي الواحد يلزم منه نفي الجنس البتة وبأن نفي الأدنى يلزم منه نفي الأعلى
والثاني كقوله { وجنة عرضها السماوات والأرض } ولم يقل ( طولها ) لأن العرض أخص إذ كل ما له عرض فله طول ولا ينعكس
ونظير هذه القاعدة أن نفي المبالغة في الفعل لا يستلزم نفي أصل الفعل
وقد أشكل على هذا آيتان قوله تعالى { وما ربك بظلام للعبيد } وقوله { وما كان ربك نسيا }
4866 وأجيب عن الآية الأولى بأجوبة
أحدها أن ( ظلاما ) وإن كان للكثرة لكنه جيء به في مقابلة ( العبيد ) الذي هو جمع كثرة ويرشحه أنه تعالى قال { علام الغيوب } فقابل صيغة ( فعال ) بالجمع وقال في آية أخرى { عالم الغيب } فقابل صيغة ( فاعل ) الدالة على أصل الفعل بالواحد
الثاني أنه نفى الظلم الكثير لينتفي القليل ضرورة لأن الذي يظلم إنما يظلم لانتفاعه بالظلم فإذا ترك الكثير مع زيادة نفعه فلأن يترك القليل أولى
الثالث أنه على النسبة أي بذي ظلم حكاه ابن مالك عن المحققين
____________________
(2/210)
الرابع أنه أتى بمعنى ( فاعل ) لا كثرة فيه
الخامس أن أقل القليل لو ورد منه تعالى لكان كثيرا كما يقال زلة العالم كبيرة
السادس أنه أراد ليس بظالم ليس بظالم تأكيدا للنفي فعبر عن ذلك ب ( ليس بظلام )
السابع أنه ورد جوابا لمن قال ( ظلام ) والتكرار إذا ورد جوابا لكلام خاص لم يكن له مفهوم
الثامن أن صيغة المبالغة وغيرها في صفات الله سواء في الإثبات فجرى النفي على ذلك
التاسع أنه قصد التعريض بأن ثم ظلاما للعبيد من ولاة الجور
ويجاب عن الثانية بهذه الأجوبة وبعاشر وهو مناسبة رءوس الآي فائدة
4867 قال صاحب الياقوتة قال ثعلب والمبرد العرب إذا جاءت بين الكلامين بجحدين كان الكلام أخبارا نحو { وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام } والمعنى إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام وإذا كان الجحد في أول الكلام كان جحدا حقيقيا نحو ( ما زيد بخارج ) وإذا كان في أول الكلام جحدان كان أحدهما زائدا وعليه { فيما إن مكناكم فيه } في أحد الأقوال فصل
4868 من أقسام الإنشاء الاستفهام وهو طلب الفهم وهو بمعنى الاستخبار
4869 وقيل الاستخبار ما سبق أولا ولم يفهم حق الفهم فإذا سألت عنه ثانيا كان استفهاما
حكاه ابن فارس في فقه اللغة
4870 وأدواته الهمزة وهل وما ومن وأي وكم وكيف وأين وأنى ومتى وأيان ومرت في الأدوات
____________________
(2/211)
4871 وقال ابن مالك في المصباح وما عدا الهمزة نائب عنها ولكونه طلب ارتسام صورة ما في الخارج في الذهن لزم ألا يكون حقيقة إلا إذا صدر من شاك مصدق بإمكان الإعلام فإن غير الشاك إذا استفهم يلزم منه تحصيل الحاصل وإذا لم يصدق بإمكان الإعلام انتفت عنه فائدة الاستفهام
4872 وقال بعض الأئمة وما جاء في القرآن على لفظ الاستفهام فإنما يقع في خطاب الله على معنى أن المخاطب عنده علم ذلك الإثبات أو النفي حاصل
وقد تستعمل صيغة الاستفهام في غيره مجازا وألف في ذلك العلامة شمس الدين ابن الصائغ كتابا سماه ( روض الأفهام في أقسام الاستفهام ) قال فيه قد توسعت العرب فأخرجت الاستفهام عن حقيقته لمعان أو أشربته تلك المعاني ولا يختص التجوز في ذلك بالهمزة خلافا للصفار
4873 الأول الإنكار والمعنى فيه على النفي وما بعده منفي ولذلك تصحبه ( إلا ) كقوله { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } { وهل نجازي إلا الكفور }
وعطف عليه المنفي في قوله { فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين } أي لا يهدي ومنه { أنؤمن لك واتبعك الأرذلون } { أنؤمن لبشرين مثلنا } أي لا نؤمن { أم له البنات ولكم البنون } { ألكم الذكر وله الأنثى } أي لا يكون هذا { أشهدوا خلقهم } أي ما شهدوا ذلك
وكثيرا ما يصحبه التكذيب وهو في الماضي بمعنى ( لم يكن ) وفي المستقبل بمعنى ( لايكون ) نحو { أفأصفاكم ربكم بالبنين } الآية أي لم يفعل ذلك { أنلزمكموها وأنتم لها كارهون } أي لا يكون هذا الإلزام
4874 الثاني التوبيخ وجعله بعضهم من قبيل الانكار إلا أن الأول إنكار
____________________
(2/212)
إبطال وهذا إنكار توبيخ والمعنى على أن ما بعده واقع جدير بأن ينفي فالنفي هنا غير قصدي والإثبات قصدي عكس ما تقدم
ويعبر عن ذلك بالتقريع أيضا نحو { أفعصيت أمري } { أتعبدون ما تنحتون } { أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين }
وأكثر ما يقع التوبيخ في أمر ثابت ووبخ على فعله كما ذكر ويقع على ترك فعل كان ينبغي أن يقع كقوله { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } { ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها }
4875 الثالث وهو حمل المخاطب على الإقرار والاعتراف بأمر قد استقر عنده قال ابن جني ولا يستعمل ذلك بهل كما يستعمل بغيرها من أدوات الاستفهام وقال الكندي ذهب كثير من العلماء في قوله { هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم } إلى أن ( هل ) تشارك الهمزة في معنى التقرير والتوبيخ إلا أني رأيت أبا علي أبى ذلك وهو معذور لأن ذلك من قبيل الإنكار
4876 ونقل أبو حيان عن سيبويه أن استفهام التقرير لا يكون بهل إنما يستعمل فيه الهمزة ثم نقل عن بعضهم أن ( هل ) تأتي تقريرا كما في قوله تعالى { هل في ذلك قسم لذي حجر }
4877 والكلام مع التقرير موجب ولذلك يعطف عليه صريح الموجب ويعطف على صريح الموجب فالأول كقوله تعالى { ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك } { ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك } { ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل } والثاني نحو { أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما } على ما قرره الجرجاني من جعلها مثل { وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا }
وحقيقة استفهام التقرير أنه استفهام إنكار والإنكار نفي وقد دخل على النفي ونفي النفي إثبات ومن أمثلته { أليس الله بكاف عبده } { ألست بربكم } وجعل منه
____________________
(2/213)
الزمخشري { ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير }
4878 الرابع التعجب أو التعجيب نحو { كيف تكفرون بالله } { ما لي لا أرى الهدهد }
وقد اجتمع هذا القسم وسابقاه في قوله { أتأمرون الناس بالبر }
قال الزمخشري الهمزة للتقرير مع التوبيخ والتعجب من حالهم
ويحتمل التعجب والاستفهام الحقيقي { ما ولاهم عن قبلتهم }
4879 الخامس العتاب كقوله { ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } قال ابن مسعود ما كان بين إسلامهم وبين أن عوتبوا بهذه الآية إلا أربع سنين أخرجه الحاكم ومن ألطفه ما عاتب الله به خير خلقه بقوله { عفا الله عنك لم أذنت لهم } ولم يتأدب الزمخشري بأدب الله في هذه الآية على عادته في سوء الأدب
4880 السادس التذكير وفيه نوع اختصار كقوله { ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان } { ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض } { هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه }
4881 السابع الافتخار نحو { أليس لي ملك مصر }
4882 الثامن التفخيم نحو { ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة }
4883 التاسع التهويل والتخويف نحو { الحاقة ما الحاقة } { القارعة ما القارعة }
4884 العاشر عكسه وهو التسهيل والتخفيف نحو { وماذا عليهم لو آمنوا }
4885 الحادي عشر التهديد والوعيد نحو { ألم نهلك الأولين }
____________________
(2/214)
4886 الثاني عشر التكثير نحو { وكم من قرية أهلكناها }
4887 الثالث عشر التسوية وهو الاستفهام الداخل على جملة يصح حلول المصدر محلها نحو { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم }
4888 الرابع عشر الأمر نحو { أأسلمتم } أي أسلموا { فهل أنتم منتهون } أي انتهوا { أتصبرون } أي اصبروا
4889 الخامس عشر التنبيه وهو من أقسام الأمر نحو { ألم تر إلى ربك كيف مد الظل } أي انظر { ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة } ذكره صاحب الكشاف عن سيبوبه ولذلك رفع الفعل في جوابه وجعل منه قوله { فأين تذهبون } للتنبيه على الضلال وكذا { ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه }
4890 السادس عشر الترغيب نحو { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } { هل أدلكم على تجارة تنجيكم }
4891 السابع عشر النهي نحو { أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه } بدليل { فلا تخشوا الناس واخشون } { ما غرك بربك الكريم } أي لا تغتر
4892 الثامن عشر الدعاء وهو كالنهي إلا أنه من الأدنى إلى الأعلى نحو { أتهلكنا بما فعل السفهاء } أي لا تهلكنا
4893 التاسع عشر الاسترشاد نحو { أتجعل فيها من يفسد فيها }
4894 العشرون التمني نحو { فهل لنا من شفعاء }
4895 الحادي والعشرون الاستبطاء نحو { متى نصر الله }
4896 الثاني والعشرون العرض نحو { ألا تحبون أن يغفر الله لكم }
____________________
(2/215)
4897 الثالث والعشرون التحضيض نحو { ألا تقاتلون قوما نكثوا أيمانهم }
4898 الرابع والعشرون التجاهل نحو { أأنزل عليه الذكر من بيننا }
4899 الخامس والعشرون التعظيم نحو { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه }
4900 السادس والعشرون التحقير نحو { أهذا الذي يذكر آلهتكم } { أهذا الذي بعث الله رسولا } ويحتمله وما قبله قراءة { من فرعون }
4901 السابع والعشرون الاكتفاء نحو { أليس في جهنم مثوى للمتكبرين }
4902 الثامن والعشرون الاستبعاد نحو { وأنى له الذكرى }
4903 التاسع والعشرون الإيناس نحو { وما تلك بيمينك يا موسى }
4904 الثلاثون التهكم والاستهزاء نحو { أصلاتك تأمرك } { ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون }
4905 الحادي والثلاثون التأكيد لما سبق من معنى أداة الاستفهام قبله كقوله { أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار } قال الموفق عبد اللطيف البغدادي أي من حق عليه كلمة العذاب فإنك لا تنقذه فمن للشرط والفاء جواب الشرط والهمزة في { أفأنت } دخلت معادة مؤكدة لطول الكلام وهذا نوع من أنواعها
وقال الزمخشري الهمزة الثانية هي الأولى كررت لتوكيد معنى الإنكار والاستبعاد
____________________
(2/216)
4906 الثاني والثلاثون الإخبار نحو { أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا } { هل أتى على الإنسان } تنبيهات الأول
4907 هل يقال إن معنى الاستفهام في هذه الأشياء موجود وانضم إليه معنى آخر أو تجرد عن الاستفهام بالكلية قال في عروس الأفراح محل نظر قال والذي يظهر الأول
قال ويساعده قول التنوخي في ( الأقصى القريب ) إن ( لعل ) تكون للاستفهام مع بقاء الترجي قال ومما يرجحه أن الاستبطاء في قولك كم أدعوك معناه أن الدعاء وصل إلى حد لا أعلم عدده فأنا أطلب أن أعلم عدده والعادة تقضي بأن الشخص إنما يستفهم عن عدد ما صدر منه إذا كثر فلم يعلمه وفي طلب فهم عدده ما يشعر بالاستبطاء
4908 وأما التعجب فالاستفهام معه مستمر فمن تعجب من شيء فهو بلسان الحال سائل عن سببه فكأنه يقول أي شيء عرض لي في حال عدم رؤية الهدهد وقد صرح في الكشاف ببقاء الاستفهام في هذه الآية
4909 وأما التنبيه على الضلال فالاستفهام فيه حقيقي لأن معنى ( أين تذهب ) أخبرني إلى أي مكان تذهب فإني لا أعرف ذلك وغاية الضلال لا يشعر بها إلى أين تنتهي
4910 وأما التقرير فإن قلنا المراد به الحكم بثبوته فهو خبر بأن المذكور عقيب الأداة واقع
أو طلب إقرار المخاطب به من كون السائل يعلم فهو استفهام يقرر المخاطب أي يطلب منه أن يكون مقرا به
وفي كلام أهل الفن ما يقتضي الاحتمالين والثاني أظهر
وفي ( الإيضاح ) تصريح به ولا بدع في صدور الاستفهام ممن يعلم المستفهم عنه لأنه طلب الفهم أما طلب فهم المستفهم أو وقوع فهم لمن لم يفهم كائنا من كان
وبهذا تنحل إشكالات كثيرة في مواضع الاستفهام ويظهر بالتأمل بقاء معنى الاستفهام مع كل أمر من الأمور المذكورة
انتهى ملخصا
____________________
(2/217)
الثاني
4911 القاعدة أن المنكر يجب أن يلي الهمزة وأشكل عليها قوله تعالى { أفأصفاكم ربكم بالبنين } فإن الذين يليها هنا الإصفاء بالبنين وليس هو المنكر إنما المنكر قولهم إنه اتخذ من الملائكة إناثا
وأجيب بأن لفظ الإصفاء مشعر بزعم أن البنات لغيرهم أو بأن المراد مجموع الجملتين وينحل منهما كلام واحد
والتقدير أجمع بين الإصفاء بالبنين واتخاذ البنات
وأشكل منه قوله { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } ووجه الإشكال أنه لا جائز ان يكون المنكر أمر الناس بالبر فقط كما تقتضيه القاعدة المذكورة لأن أمر البر ليس مما ينكر ولا نسيان النفس فقط لأنه يصير ذكر أمر الناس بالبر لا مدخل له ولا مجموع الأمرين لأنه يلزم أن تكون العبادة جزء المنكر ولا نسيان النفس بشرط الأمر لأن النسيان منكر مطلقا ولا يكون نسيان النفس حال الأمر اشد منه حال عدم الأمر لأن المعصية لا تزداد بشاعتها بانضمامها إلى الطاعة لأن جمهور العلماء على أن الأمر بالبر واجب وإن كان الإنسان ناسيا لنفسه وأمره لغيره بالبر كيف يضاعف بمعصية نسيان ولا يأتي الخير بالشر
قال في عروس الأفراح ويجاب بأن فعل المعصية مع النهي عنها أفحش لأنها تجعل حال الإنسان كالمتناقض وتجعل القول كالمخالف للفعل ولذلك كانت المعصية مع العلم أفحش منها مع الجهل قال ولكن الجواب على أن الطاعة الصرفة كيف تضاعف المعصية المقارنة لها من جنسها فيه دقة فصل من أقسام الإنشاء الأمر
4912 وهو طلب فعل غير كف وصيغته ( افعل ) و ( ليفعل ) وهي حقيقة في الإيجاب نحو { أقيموا الصلاة } { فليصلوا معك }
وترد مجازا لمعان أخر
4913 منها الندب نحو { وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا }
____________________
(2/218)
4914 والإباحة نحو { فكاتبوهم } نص الشافعي على أن الأمر فيه للإباحة ومنه { وإذا حللتم فاصطادوا }
4915 والدعاء من الغافل للعالي نحو { رب اغفر لي }
4916 والتهديد نحو { اعملوا ما شئتم } إذ ليس المراد الأمر بكل عمل شاءوا
4917 والإهانة نحو { ذق إنك أنت العزيز الكريم }
4918 والتسخير أي التذليل نحو { كونوا قردة } عبر به عن نقلهم من حالة إلى حالة إذلالا لهم فهو أخص من الإهانة
4919 والتعجيز نحو { فأتوا بسورة من مثله } إذ ليس المراد طلب ذلك منهم بل إظهار عجزهم
4920 والامتنان نحو { كلوا من ثمره إذا أثمر }
4921 والعجب نحو { انظر كيف ضربوا لك الأمثال }
4922 والتسوية نحو { فاصبروا أو لا تصبروا }
4923 والإرشاد نحو { وأشهدوا إذا تبايعتم }
4924 والاحتقار نحو { ألقوا ما أنتم ملقون }
4925 والإنذار نحو { قل تمتعوا }
4926 والإكرام نحو { ادخلوها بسلام }
4927 والتكوين وهو أعم من التسخير نحو { كن فيكون }
4928 والإنعام أي تذكير النعمة نحو { كلوا مما رزقكم الله }
____________________
(2/219)
4929 والتكذيب نحو { قل فأتوا بالتوراة فاتلوها } { قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا }
4930 والمشورة نحو { فانظر ماذا ترى }
4931 والاعتبار نحو { انظروا إلى ثمره إذا أثمر }
4932 والتعجب نحو { أسمع بهم وأبصر } ذكره السكاكي في استعمال الإنشاء بمعنى الخبر فصل ومن أقسامه النهي
4933 وهو طلب الكف عن فعل وصيغته ( لا تفعل ) وهي حقيقة في التحريم
وترد مجازا لمعان
4934 منها الكراهة ونحو { ولا تمش في الأرض مرحا }
4935 والدعاء نحو { ربنا لا تزغ قلوبنا }
4936 والإرشاد نحو { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم }
4937 والتسوية نحو { أو لا تصبروا }
4938 والاحتقار والتقليل نحو { لا تمدن عينيك } الآية أي فهو قليل حقير
4939 وبيان العاقبة نحو { ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء } أي عاقبة الجهاد الحياة ( لا الموت )
4940 واليأس نحو { لا تعتذروا }
4941 والإهانة نحو { اخسؤوا فيها ولا تكلمون }
____________________
(2/220)
فصل ومن أقسامه التمني
4942 وهو طلب حصول شيء على سبيل المحبة ولا يشترط إمكان المتمنى بخلاف المترجى لكن نوزع في تسمية تمني المحال طلبا بأن ما لا يتوقع كيف يطلب قال في عروس الأفراح فالأحسن ما ذكره الإمام وأتباعه من أن التمني والترجي والنداء والقسم ليس فيها طلب بل هو تنبيه ولا بدع في تسميته إنشاء
انتهى
وقد بالغ قوم فجعلوا التمني من قسم الخبر وأن معناه النفي والزمخشري ممن جزم بخلافه
ثم استشكل دخول التكذيب في جوابه في قوله { يا ليتنا نرد ولا نكذب } إلى قوله { وإنهم لكاذبون } وأجاب بتضمنه معنى العدة فتعلق به التكذيب
وقال غيره التمني لا يصح فيه الكذب وإنما الكذب في المتمنى الذي يترجح عند صاحبه وقوعه فهو إذن وارد على ذلك الاعتقاد الذي هو ظن وهو خبر صحيح
قال وليس المعنى في قوله { وإنهم لكاذبون } أن ما تمنوا ليس بواقع لأنه ورد في معرض الذم لهم وليس في ذلك المتمنى ذم بل التكذيب ورد على إخبارهم عن أنفسهم أنهم لا يكذبون وأنهم يؤمنون
وحرف التمنى الموضوع له ( ليت ) نحو { يا ليتنا نرد } { يا ليت قومي يعلمون } { يا ليتني كنت معهم فأفوز }
وقد يتمنى بهل حيث يعلم فقده نحو { فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا } وبلوا نحو { فلو أن لنا كرة فنكون } ولذا نصب الفصل في جوابها
وقد يتمنى ب ( لعل ) في البعيد فتعطى حكم ( ليت ) في نصب الجواب نحو { لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع }
____________________
(2/221)
فصل ومن أقسامه الترجي
4943 نقل القرافي في ( الفروق ) الإجماع على أنه إنشاء وفرق بينه وبين التمني بأنه في الممكن والتمني فيه وفي المستحيل وبأن الترجي في القريب والتمني في البعيد وبأن الترجي في المتوقع والتمني في غيره وبأن التمني في المشقوق للنفس والترجي في غيره
وسمعت شيخنا العلامة الكافيجي يقول الفرق بين التمني وبين العرض هو الفرق بينه وبين الترجي
وحرف الترجي لعل وعسى وقد ترد مجازا لتوقع محذور ويسمى الإشفاق نحو { لعل الساعة قريب } فصل ومن أقسامه النداء
4944 وهو طلب إقبال المدعو على الداعي بحرف نائب مناب ( أدعو ) ويصحب في الأكثر الأمر والنهي والغالب تقدمه نحو { يا أيها الناس اعبدوا ربكم } { يا عباد فاتقون } { يا أيها المزمل قم الليل } { ويا قوم استغفروا ربكم } { يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا }
4945 وقد يتأخر نحو { وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون }
4946 وقد يصحب الجملة الخبرية فتعقبها جملة الأمر نحو { يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له } { ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية فذروها }
4947 وقد لا تعقبها نحو { يا عباد لا خوف عليكم اليوم } { يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله } { يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر } { يا أيها النبي لم تحرم }
____________________
(2/222)
{ ويا قوم ما لي أدعوكم }
4949 وقد ترد صورة النداء لغيره مجازا كالإغراء والتحذير وقد اجتمعا في قوله تعالى { ناقة الله وسقياها }
4950 والاختصاص كقوله { رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت }
4951 والتنبيه كقوله { ألا يسجدوا } والتعجب كقوله { يا حسرة على العباد }
4952 والتحسر كقوله { يا ليتني كنت ترابا } قاعدة
4953 أصل النداء ب ( يا ) أن تكون للبعيد حقيقة أو حكما وقد ينادى بها القريب لنكت منها إظهار الحرص في وقوعه على إقبال المدعو نحو { يا موسى أقبل }
4954 ومنها كون الخطاب المتلو معتنى به نحو { يا أيها الناس اعبدوا ربكم }
4955 ومنها قصد تعظيم شأن المدعو نحو { يا رب } وقد قال تعالى { فإني قريب }
4956 ومنها قصد انحطاطه كقول فرعون { إني لأظنك يا موسى مسحورا } فائدة
4957 قال الزمخشري وغيره كثر في القرآن النداء ب ( يا أيها ) دون غيره لأن فيه أوجها من التأكيد وأسبابا من المبالغة
منها ما في ( يا ) من التأكيد والتنبيه وما في ( ها ) من التنبيه وما في التدرج من
____________________
(2/223)
الإبهام في ( أي ) إلى التوضيح والمقام يناسب المبالغة والتأكيد لأن كل ما نادى له عباده من أوامره ونواهيه وعظاته وزواجره ووعده ووعيده ومن اقتصاص أخبار الأمم الماضية وغير ذلك ومما أنطق الله به كتابه أمور عظام وخطوب جسام ومعان واجب عليهم أن يتيقظوا لها ويميلوا بقلوبهم وبصائرهم إليها وهم غافلون فاقتضى الحال أن ينادوا بالآكد الأبلغ فصل ومن أقسامه القسم
4958 نقل القرافي الإجماع على أنه إنشاء وفائدته تأكيد الجملة الخبرية وتحقيقها عند السامع وسيأتي بسط الكلام فيه في النوع السابع والستين
4959 فصل ومن أقسامه الشرط
____________________
(2/224)
النوع الثامن والخمسون في بدائع القرآن
4960 أفرده بالتصنيف ابن أبي الأصبع فأورد فيه نحو مائة نوع وهي المجاز والاستعارة والتشبيه والكناية والإرداف والتمثيل والإيجاز والإتساع والإشارة والمساواة والبسط والإيغال والتتميم والتكميل والاحتراس والاستقصاء والتذييل والزيادة والترديد والتكرار والتفسير والإيضاح ونفي الشيء بإيجابه والمذهب الكلامي والقول بالموجب والمناقضة والأنتقال والأسجال والتسليم والتمكين والتوشيح والتسهيم ورد العجز على الصدر وتشابه الأطراف ولزوم ما لا يلزم والتخيير والتسجيع والتسريع والإيهام وهو التورية والاستخدام والالتفات والاطراد والانسجام والإدماج والافتنان والاقتدار وائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلاف اللفظ مع المعنى والاستدراك والاستثناء والاقتصاص والإبدال وتأكيد المدح بما يشبه الذم والتفويت والتغاير والتقسيم والتدبيج والتنكيت والتجريد والتعديد والترتيب والترقي والتدلي والتضمين والجناس والجمع والتفريق والجمع والتقسيم والجمع مع التفريق والتقسيم وجمع المؤتلف والمختلف وحسن النسق وعتاب المرء نفسه والعكس والعنوان والفرائد والقسم واللف والنشر والمشاكلة والمزاوجة والمبالغة والمطابقة والمقابلة والمواربة والمراجعة والنزاهة والإبداع والمقارنة وحسن الابتداء وحسن الختام وحسن التخلص والاستطراد
4961 فأما المجاز وما بعده إلى الإيضاح فقد تقدم بعضها في أنواع مفردة وبعضها في نوع الإيجاز والإطناب مع أنواع أخر كالتعريض والاحتباك والاكتفاء والطرد والعكس
____________________
(2/225)
4962 وأما نفي الشيء بإيجابه فقد تقدم في النوع الذي قبل هذا
وأما المذهب الكلامي والخمسة بعده فستأتي في نوع الجدل مع أنواع أخر مزيدة
وأما التمكين والثمانية بعده فستأتي في أنواع الفواصل
وأما حسن التخلص والاستطراد فسيأتيان في نوع المناسبات وأما حسن الابتداء وبراعة الختام فسيأتيان في نوعي الفواتح والخواتم
وها أنا أورد الباقي مع زوائد ونفائس لا توجد مجموعة في غير هذا الكتاب 1 - الإيهام
4963 ويدعى التورية أن يذكر لفظ له معنيان إما بالاشتراك أو التواطؤ أو الحقيقة والمجاز أحدهما قريب والآخر بعيد ويقصد البعيد ويورى عنه بالقريب فيتوهمه السامع من أول وهلة
4964 قال الزمخشري لا ترى بابا في البيان أدق ولا ألطف من التورية ولا أنفع ولا أعون على تعاطي تأويل المتشابهات في كلام الله ورسوله قال ومن أمثلتها { الرحمن على العرش استوى } فإن الاستواء على معنيين الاستقرار في المكان وهو المعنى القريب المورى به الذي هو غير مقصود لتنزيهه تعالى عنه والثاني الاستيلاء والملك وهو المعنى البعيد المقصود الذي ورى عنه بالقريب المذكور
انتهى
4965 وهذه التورية تسمى مجردة لأنها لم يذكر فيها شيء من لوازم المورى به ولا المورى عنه
4966 ومنها ما تسمى مرشحة وهي التي ذكر فيها شيء من لوازم هذا أو هذا كقوله تعالى { والسماء بنيناها بأيد } فإنه يحتمل الجارحة وهو المورى به وقد ذكر من لوازمه على جهة الترشيح البنيان ويحتمل القوة والقدرة وهو البعيد المقصود
4967 قال ابن أبي الأصبع في كتابه ( الإعجاز ) ومنها { قالوا تالله إنك لفي ضلالك القديم } فالضلال يحتمل الحب وضد الهدى فاستعمل أولاد يعقوب ضد الهدى تورية عن الحب
____________________
(2/226)
{ فاليوم ننجيك ببدنك } على تفسيره بالدرع فإن البدن يطلق عليه وعلى الجسد والمراد البعيد وهو الجسد
4968 قال ومن ذلك قوله بعد ذكر أهل الكتاب من اليهود والنصارى حيث قال { ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم }
ولما كان الخطاب لموسى من الجانب الغربي وتوجهت إليه اليهود وتوجهت النصارى إلى المشرق كانت قبلة الإسلام وسطا بين القبلتين قال تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } أي خيارا وظاهر اللفظ يوهم التوسط مع ما يعضده من توسط قبلة المسلمين صدق على لفظة ( وسط ) ها هنا أن يسمي تعالى به لاحتمالها المعنيين
ولما كان المراد أبعدها وهو الخيار صلحت أن تكون من أمثلة التورية
4969 قلت وهي مرشحة بلازم المورى عنه وهو قوله { لتكونوا شهداء على الناس } فإنه من لوازم كونهم خيارا أي عدولا والإتيان قبلها من قسم المجردة
ومن ذلك قوله { والنجم والشجر يسجدان } فإن النجم يطلق على الكوكب ويرشحه له ذكر الشمس والقمر وعلى ما لا ساق له من النبات وهو المعنى البعيد له وهو المقصود في الآية
ونقلت من خط شيخ الإسلام ابن حجر أن التورية في القرآن قوله تعالى { وما أرسلناك إلا كافة للناس } فإن ( كافة ) بمعنى ( مانع ) أي تكفهم عن الكفر والمعصية والهاء للمبالغة وهذا معنى بعيد والمعنى القريب المتبادر أن المراد جامعة بمعنى ( جميعا ) لكن منع من حمله على ذلك أن التأكيد يتراخى عن المؤكد فكما لا تقول رأيت جميعا الناس لا تقول رأيت كافة الناس 2 - الاستخدام
4970 هو والتورية أشرف أنواع البديع وهما سيان بل فضله بعضهم عليها ولهم فيه عبارتان
إحداهما أن يؤتى بلفظ له معنيان فأكثر مرادا به أحد معانيه ثم يؤتى بضميره
____________________
(2/227)
مرادا به المعنى الآخر وهذه طريقة السكاكي وأتباعه
والأخرى أن يؤتي بلفظ مشترك ثم بلفظين يفهم من أحدهما أحد المعنيين ومن الآخر الآخر وهذه طريقة بدر الدين بن جماعة في المصباح ومشى عليها ابن أبي الإصبع ومثل له بقوله تعالى { لكل أجل كتاب } الآية فلفظ ( كتاب ) يحتمل الأمد المحتوم والكتاب المكتوب فلفظ ( أجل ) يخدم المعنى الأول و ( يمحو ) يخدم الثاني
ومثل غيره بقوله تعالى { لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى } الآية فالصلاة تحتمل أن يراد بها فعلها وموضعها وقوله { حتى تعلموا ما تقولون } يخدم الأول و { إلا عابري سبيل } يخدم الثاني
قيل ولم يقع في القرآن على طريقة السكاكي
4971 قلت وقد استخرجت بفكري آيات على طريقته منها قوله تعالى { أتى أمر الله } فأمر الله يراد به قيام الساعة والعذاب وبعثة النبي صلى الله عليه وسلم وقد أريد بلفظه الأخير كما أخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى { أتى أمر الله } قال محمد وأعيد الضمير عليه في { تستعجلوه } مرادا به قيام الساعة والعذاب
4972 ومنها وهي أظهرها قوله تعالى { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } فإن المراد به آدم ثم أعاد عليه الضمير مرادا به ولده
فقال { ثم جعلناه نطفة في قرار مكين }
4973 ومنها قوله تعالى { لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم } ثم قال { قد سألها قوم من قبلكم } أي أشياء أخر لأن الأولين لم يسألوا عن الأشياء التي سأل عنها الصحابة فنهوا عن سؤالها 3 - الالتفات
4974 نقل الكلام من أسلوب إلى آخر أعني من التكلم أو الخطاب أو
____________________
(2/228)
الغيبة إلى آخر منها بعد التعبير بالأول هذا هو المشهور
وقال السكاكي إما ذلك أو التعبير بأحدهما فيما حقه التعبير بغيره
وله فوائد
منها تطرية الكلام وصيانة السمع عن الضجر والملال لما جبلت عليه النفوس من حب التنقلات والسآمة من الاستمرار على منوال واحد وهذه فائدته العامة
ويختص كل موضع بنكت ولطائف باختلاف محله كما سنبينه
4975 مثاله من التكلم إلى الخطاب ووجهه حث السامع وبعثه على الاستماع حيث أقبل المتكلم عليه وأعطاه فضل عناية تخصيص بالمواجهة قوله تعالى { وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون } والأصل ( وإليه أرجع ) فالتفت من التكلم إلى الخطاب ونكتته أنه أخرج الكلام في معرض مناصحته لنفسه وهو يريد نصح قومه تلطفا وإعلاما أنه يريد لهم ما يريد لنفسه
ثم التفت إليهم لكونه في مقام تخويفهم ودعوتهم إلى الله تعالى
كذا جعلوا هذه الآية من الالتفات وفيه نظر لأنه إنما يكون منه إذا قصد الإخبار عن نفسه في كلتا الجملتين وهنا ليس كذلك لجواز أن يريد بقوله ( ترجعون ) المخاطبين لا نفسه
وأجيب بأنه لو كان المراد ذلك لما صح الاستفهام الإنكاري لأن رجوع العبد إلى مولاه ليس بمستلزم أن يعيده غير ذلك الراجع فالمعنى كيف لا أعبد من إليه رجوعي وإنما عدل عن ( وإليه أرجع ) إلى ( وإليه ترجعون ) لأنه داخل فيهم ومع ذلك أفاد فائدة حسنة وهي تنبيههم على أنه مثلهم في وجوب عبادة من إليه الرجوع
4976 ومن أمثلته أيضا قوله تعالى { وأمرنا لنسلم لرب العالمين } { وأن أقيموا الصلاة }
4977 ومثاله من التكلم إلى الغيبة ووجهه أن يفهم السامع أن هذا نمط المتكلم وقصده من السامع حضر أو غاب وأنه ليس في كلامه ممن يتلون ويتوجه ويبدى في الغيبة خلاف ما يبديه في الحضور قوله تعالى { إنا فتحنا لك فتحا مبينا } ليغفر لك الله ) والأصل ( لنغفر لك )
{ إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك }
____________________
(2/229)
والأصل ( لنا )
{ أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين رحمة من ربك } والأصل ( منا ) { إني رسول الله إليكم جميعا } إلى قوله { فآمنوا بالله ورسوله }
والأصل ( وبي ) وعدل عنه لنكتتين إحداهما دفع التهمة عن نفسه بالعصبية لها
والأخرى تنبيههم على استحقاقه الاتباع بما اتصف به من الصفات المذكورة والخصائص المتلوة
4978 ومثاله من الخطاب إلى التكلم لم يقع في القرآن ومثل له بعضهم بقوله { فاقض ما أنت قاض } ثم قال { إنا آمنا بربنا }
وهذا المثال لا يصح لأن شرط الالتفات أن يكون المراد به واحدا
4979 ومثاله من الخطاب إلى الغيبة { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم } والأصل ( بكم ) ونكتة العدول عن خطابهم إلى حكاية حالهم لغيرهم التعجب من كفرهم وفعلهم إذ لو استمر على خطابهم لفاتت تلك الفائدة
4980 وقيل لأن الخطاب أولا كان مع الناس مؤمنهم وكافرهم بدليل { هو الذي يسيركم في البر والبحر } فلو كان ( وجرين بكم ) للزم الذم للجميع فالتفت عن الأول للإشارة إلى اختصاصه بهؤلاء الذين شأنهم ما ذكره عنهم في آخر الآية عدولا من الخطاب العام إلى الخاص
4981 قلت ورأيت عن بعض السلف في توجهه عكس ذلك وهو أن الخطاب أوله خاص وآخره عام فأخرجه ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أنه قال في قوله { حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم } قال ذكر الحديث عنهم ثم حدث عن غيرهم ولم يقل ( وجرين بكم ) لأنه قصد أن يجمعهم وغيرهم وجرين بهؤلاء وغيرهم من الخلق
هذه عبارته فلله در السلف ما كان أوقفهم على المعاني اللطيفة التي يدأب المتأخرون فيها زمانا طويلا ويفنون فيها أعمارهم ثم غايتهم أن يحرموا حول الحمى ومما ذكر في توجيهه أيضا أنهم وقت الركوب حضروا لأنهم خافوا الهلاك وغلبة الرياح فخاطبهم خطاب الحاضرين ثم لما جرت الرياح بما تشتهى السفن وأمنوا الهلاك لم يبق حضورهم كما كان على عادة
____________________
(2/230)
الإنسان أنه إذا أمن غالب قلبه عن ربه فلما غابوا ذكرهم الله بصيغة الغيبة وهذه إشارة صوفية
4982 ومن أمثلته أيضا { وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون } { وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان أولئك هم الراشدون } { ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون يطاف عليهم } والأصل ( عليكم ) ثم قال { وأنتم فيها خالدون } فكرر الالتفات
4983 ومثاله من الغيبة إلى التكلم { والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه } { وأوحى في كل سماء أمرها وزينا } { سبحان الذي أسرى بعبده } إلى قوله { باركنا حوله لنريه من آياتنا } ثم التفت ثانيا إلى الغيبة فقال { إنه هو السميع البصير }
وعلى قراءة الحسن ( ليريه ) بالغيبة يكون التفاتا ثانيا من ( باركنا ) وفي ( آياتنا ) التفات ثالث وفي ( إنه ) التفات رابع قال الزمخشري وفائدته في هذه الآيات وأمثالها التنبيه على التخصيص بالقدرة وأنه لا يدخل تحت قدرة أحد
4984 ومثاله من الغيبة إلى الخطاب { وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا إدا }
{ ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم } { وسقاهم ربهم شرابا طهورا إن هذا كان لكم جزاء } { إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك }
4985 ومن محاسنه ما وقع في سورة الفاتحة فإن العبد إذا ذكر الله تعالى وحده ثم ذكر صفاته التي كل صفة منها تبعث على شدة الإقبال وآخرها { مالك يوم الدين } المفيد أنه مالك الأمر كله في يوم الجزاء يجد من نفسه حاملا لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع والاستعانة في المهمات
وقيل إنما اختير لفظ الغيبة للحمد وللعبادة الخطاب للإشارة إلى أن الحمد دون العبادة في الرتبة لأنك تحمد نظيرك ولا تعبده فاستعمل لفظ ( الحمد ) مع الغيبة ولفظ ( العبادة ) مع الخطاب لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة
____________________
(2/231)
ما هو أعلى رتبه وذلك على طريقة التأدب
وعلى نحو من ذلك جاء آخر السورة فقال { الذين أنعمت عليهم } مصرحا بذكر المنعم وإسناد الإنعام إليه لفظا ولم يقل ( صراط المنعم عليهم ) فلما صار إلى ذكر الغضب روى عنه لفظه فلم ينسبه إليه لفظا وجاء باللفظ منحرفا عن ذكر الغاضب فلم يقل ( غير الذين غضبت عليهم ) تفاديا عن نسبة الغضب إليه في اللفظ حال المواجهة
وقيل لأنه لما ذكر الحقيق بالحمد وأجرى عليه الصفات العظيمة من كونه ربا للعالمين ورحمانا ورحيما ومالكا ليوم الدين تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن حقيق بأن يكون معبودا دون غيره مستعانا به فخوطب بذلك لتميزه بالصفات المذكورة تعظيما لشأنه حتى كأنه قيل ( إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا غيرك )
4986 قيل ومن لطائفه التنبيه على أن مبتدأ الخلق الغيبة منهم عنه سبحانه وتعالى وقصورهم عن محاضرته ومخاطبته وقيام حجاب العظمة عليهم فإذا عرفوه بما هو له وتوسلوا للقرب بالثناء عليه وأقروا بالمحامد له وتعبدوا له بما يليق بهم تأهلوا لمخاطباته ومناجاته فقالوا { إياك نعبد وإياك نستعين } تنبيهات
4987 الأول شرط الالتفات أن يكون الضمير في المنتقل إليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه وإلا يلزم عليه أن يكون في ( أنت صديقي ) التفات
4988 الثاني شرطه أيضا أن يكون في جملتين صرح به صاحب الكشاف وغيره وإلا يلزم عليه أن يكون ( نوعا غريبا )
4989 الثالث ذكر التنوخي في ( الأقصى القريب ) وابن الأثير وغيرهما نوعا غريبا من الالتفات وهو بناء الفعل للمفعول بعد خطاب فاعله أو تكلمه كقوله { غير المغضوب عليهم } بعد ( أنعمت ) فإن المعنى ( غير الذين غضبت عليهم ) وتوقف فيه صاحب عروس الأفراح
4990 الرابع قال ابن أبي الاصبع جاء في القرآن من الالتفات قسم غريب جدا لم أظفر في الشعر بمثاله وهو أن يقدم المتكلم في كلامه مذكورين مرتيين ثم يخبر عن الأول منهما وينصرف عن الإخبار عنه إلى الإخبار عن الثاني ثم يعود إلى الإخبار عن الأول كقوله { إن الإنسان لربه لكنود وإنه على ذلك لشهيد }
____________________
(2/232)
انصرف عن الإخبار عن الإنسان إلى الإخبار عن ربه تعالى ثم قال منصرفا عن الإخبار عن ربه تعالى إلى الإخبار عن الإنسان { وإنه لحب الخير لشديد } قال وهذا يحسن أن يسمى التفات الضمائر
4991 الخامس يقرب من الالتفات نقل الكلام من خطاب الواحد أو الاثنين أو الجمع لخطاب الآخر ذكره التنوخي وابن الأثير وهو ستة أقسام أيضا
4992 مثاله من الواحد إلى الاثنين { قالوا أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا وتكون لكما الكبرياء في الأرض }
4993 وإلى الجمع { يا أيها النبي إذا طلقتم النساء }
4994 ومن الاثنين إلى الواحد { فمن ربكما يا موسى } { فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى }
4995 وإلى الجمع { وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوآ لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة }
4996 ومن الجمع إلى الواحد { وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين }
4997 وإلى الاثنين { يا معشر الجن والإنس إن استطعتم } إلى قوله { فبأي آلاء ربكما تكذبان }
4998 السادس ويقرب منه أيضا الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر
4999 مثاله من الماضي إلى المضارع { أرسل الرياح فتثير } { خر من السماء فتخطفه الطير } { إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله }
5000 وإلى الأمر { قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم } { وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا }
____________________
(2/233)
5001 ومن المضارع إلى الماضي { ويوم ينفخ في الصور ففزع } { ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم }
5002 وإلى الأمر { قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء }
5003 ومن الأمر إلى الماضي { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا }
5004 وإلى المضارع { وأن أقيموا الصلاة واتقوه وهو الذي إليه تحشرون } 4 - الاطراد
5005 هو أن يذكر المتكلم أسماء آباء الممدوح مرتبة على حكم ترتيبها في الولادة
قال ابن أبي الأصبع ومنه في القرآن قوله تعالى حكاية عن يوسف { واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب } قال وإنما لم يأت به على الترتيب المألوف فإن العادة الابتداء بالأب ثم الجد ثم الجد الأعلى لأنه لم يرد هنا مجرد ذكر الآباء وإنما ذكرهم ليذكر ملتهم التي اتبعها فبدأ بصاحب الملة ثم بمن أخذها عنه أولا فأولا على الترتيب ومثله قول أولاد يعقوب { نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق } 5 - الانسجام
5006 هو أن يكون الكلام لخلوه من العقادة منحدرا كتحدر الماء المنسجم ويكاد لسهولة تركيبه وعذوبة ألفاظه أن يسيل رقة والقرآن كله كذلك
قال أهل البديع وإذا قوى الانسجام في النثر جاءت قراءته موزونة بلا قصد لقوة انسجامه ومن ذلك ما وقع في القرآن موزونا
5007 فمنه من بحر الطويل { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر }
5008 ومن المديد { واصنع الفلك بأعيننا }
5009 ومن البسيط { فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم }
____________________
(2/234)
5010 ومن الوافر { ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين }
5011 ومن الكامل { والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم }
5012 ومن الهزج { فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا }
5013 ومن الرجز { ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا }
5014 ومن الرمل { وجفان كالجواب وقدور راسيات }
5015 ومن السريع { أو كالذي مر على قرية }
5016 ومن المنسرح { إنا خلقنا الإنسان من نطفة }
5017 ومن الخفيف { لا يكادون يفقهون حديثا }
5018 ومن المضارع { يوم التناد يوم تولون مدبرين }
5019 ومن المقتضب { في قلوبهم مرض }
5020 ومن المجتث { نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم }
5021 ومن المتقارب { وأملي لهم إن كيدي متين } 6 - الإدماج
5022 قال ابن الإصبع هو أن يدمج المتكلم غرضا في غرض أو بديعا في بديع بحيث لا يظهر في الكلام إلا أحد الغرضين أو أحد البديعين كقوله تعالى { له الحمد في الأولى والآخرة } أدمجت المبالغة في المطابقة لأن انفراده بالحمد في الآخرة وهي الوقت الذي لا يحمد فيه سواه مبالغة في الوصف بالإنفراد بالحمد وهو وإن خرج مخرج المبالغة في الظاهر فالأمر فيه حقيقة في الباطن فإنه رب الحمد والمنفرد به في الدارين
انتهى
5023 قلت والأولى أن يقال في هذه الآية إنها من إدماج غرض في
____________________
(2/235)
غرض فإن الغرض منها تفرده تعالى بوصف الحمد وأدمج فيه الإشارة إلى البعث والجزاء 7 - الافتان
5024 هو الإتيان في كلام بفنين مختلفين كالجمع بين الفخر والتعزية في قوله تعالى { كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } فإنه تعالى عزى جميع المخلوقات من الإنس والجن والملائكة وسائر أصناف ما هو قابل للحياة وتمدح بالبقاء بعد فناء الموجودات في عشر لفظات مع وصفه ذاته بعد انفراده بالبقاء بالجلال والإكرام سبحانه وتعالى
5025 ونه { ثم ننجي الذين اتقوا } الآية جمع فيها بين هناء وعزاء 8 - الاقتدار
5026 هو أن يبرز المتكلم المعنى الواحد في عدة صور اقتدارا منه على نظم الكلام وتركيبه وعلى صياغة قوالب المعاني والأغراض فتارة يأتي به في لفظ الاستعارة وتارة في صورة الإرداف وحينا في مخرج الإيجاز ومرة في قالب الحقيقة قال ابن أبي الإصبع وعلى هذا أتت جميع قصص القرآن فإنك ترى القصة الواحدة التي لا تختلف معانيها تأتي في صور مختلفة وقوالب من الألفاظ متعددة حتى لا تكاد تشتبه في موضعين منه ولا بد أن تجد الفرق بين صورها ظاهرا 9 - ائتلاف اللفظ مع اللفظ وائتلافه مع المعنى
5027 الأول أن تكون الألفاظ يلائم بعضها بعضا بأن يقرن الغريب بمثله والمتداول بمثله رعاية لحسن الجوار والمناسبة
5028 والثاني أن تكون ألفاظ الكلام ملائمة للمعنى المراد فإن كان فخما كانت ألفاظه فخمة أو جزلا فجزلة أو غريبا فغريبة أو متداولا فمتداولة أو متوسطا بين الغرابة والاستعمال فكذلك
5029 فالأول كقوله تعالى { تالله تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا }
____________________
(2/236)
أتى بأغرب ألفاظ القسم وهي التاء فإنها أقل استعمالا وأبعد من أفهام العامة بالنسبة إلى الباء والواو وبأغرب صيغ الأفعال التي ترفع الأسماء وتنصب الأخبار فإن ( تزال ) أقرب إلى الأفهام وأكثر استعمالا منها وبأغرب ألفاظ الهلاك وهو الحرض فاقتضى حسن الوضع في النظم أن تجاوز كل لفظة بلفظة من جنسها في الغرابة توخيا لحسن الجوار ورغبة في ائتلاف المعاني بالألفاظ ولتتعادل الألفاظ في الوضع وتتناسب في النظم ولما أراد غير ذلك قال { وأقسموا بالله جهد أيمانهم } فأتى بجميع الألفاظ متداولة لا غرابة فيها
5030 ومن الثاني قوله تعالى { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار } لما كان الركون إلى الظالم وهو الميل إليه والاعتماد عليه دون مشاركته في الظلم وجب أن يكون العقاب عليه دون العقاب على الظلم فأتى بلفظ ( المس ) الذي هو دون الإحراق والاصطلاء
وقوله { لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت } أتى بلفظ ( الاكتساب ) المشعر بالكلفة والمبالغة في جانب السيئة لثقلها
وكذا قوله { فكبكبوا فيها } فهو أبلغ من ( كبوا ) للإشارة إلى أنهم يكبون كبا عنيفا فظيعا
{ وهم يصطرخون } فإنه أبلغ من ( يصرخون ) للإشارة إلى أنهم يصرخون صراخا منكرا خارجا عن الحد المعتاد
{ أخذ عزيز مقتدر } فإنه أبلغ من ( قادر ) للإشارة إلى زيادة التمكن في القدرة وأنه لا راد له ولا معقب
ومثل ذلك { واصطبر } فإنه أبلغ من ( اصبر ) و ( الرحمن ) فإنه أبلغ من ( الرحيم ) فإنه يشعر باللطف والرفق كما أن الرحمن مشعر بالفخامة والعظمة
ومنه الفرق بين سقى وأسقى فإن ( سقى ) لما لا كلفة معه في السقيا ولهذا أورده تعالى في شراب الجنة فقال { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } و ( أسقى ) لما
____________________
(2/237)
فيه كلفة ولهذا أورده في شراب الدنيا فقال { وأسقيناكم ماء فراتا } { لأسقيناهم ماء غدقا } لأن السقيا في الدنيا لا تخلو من الكلفة أبدا 10 - الاستدراك والاستثناء
5031 شرط كونهما من البديع أن يتضمنا ضربا من المحاسن زائدا على ما يدل عليه المعنى اللغوي
مثال الاستدراك { قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا } فإنه لو اقتصر على قوله ( لم تؤمنوا ) لكان منفرا لهم لأنهم ظنوا الإقرار بالشهادتين من غير اعتقاد إيمانا فأوجبت البلاغة ذكر الاستدراك ليعلم أن الإيمان موافقة القلب اللسان وإن انفرد اللسان بذلك يسمى إسلاما ولا يسمى إيمانا
وزاد ذلك إيضاحا بقوله { ولما يدخل الإيمان في قلوبكم } فلما تضمن الاستدراك إيضاح ما عليه ظاهر الكلام من الإشكال عد من المحاسن
5032 ومثال الاستثناء { فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما } فإن الإخبار عن هذه المدة بهذه الصيغة يمهد عذر نوح في دعائه على قومه بدعوة أهلكتهم عن آخرهم إذ لو قيل ( فلبث فيهم تسعمائة وخمسين عاما ) لم يكن فيه من التهويل ما في الأول لأن لفظ ( الألف ) في الأول أول ما يطرق السمع فيشتغل بها عن سماع بقية الكلام وإذا جاء الاستثناء لم يبق له بعدما تقدمه وقع يزيل ما حصل عنده من ذكر الألف 11 - الاقتصاص
5033 ذكره ابن فارس وهو أن يكون كل كلام في سورة مقتصا من كلام في سورة أخرى أو في تلك السورة كقوله تعالى { وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين } والآخرة دار ثواب لا عمل فيها فهذا مقتص من قوله { ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى }
5034 ومنه { ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين } مأخوذ من قوله { أولئك في العذاب محضرون }
____________________
(2/238)
5035 وقوله { ويوم يقوم الأشهاد } مقتص من أربع آيات لأن الأشهاد أربعة الملائكة في قوله { وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد } والأنبياء في قوله { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } وأمة محمد في قوله { لتكونوا شهداء على الناس } والأعضاء في قوله { يوم تشهد عليهم ألسنتهم } الآية
5036 وقوله { يوم التناد } قرئ مخففا ومشددا فالأول مأخوذ من قوله { ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار } والثاني من قوله { يوم يفر المرء من أخيه } 12 - الإبدال
5037 هو إقامة بعض الحروف مقام بعض وجعل منه ابن فارس { فانفلق } أي انفرق ولهذا قال { فكان كل فرق } فالراء واللام متعاقبتان
وعن الخليل في قوله تعالى { فجاسوا خلال الديار } إنه أريد ( فحاسوا ) فجاءت الجيم مقام الحاء وقد قرئ بالحاء أيضا وجعل منه الفارسي { إني أحببت حب الخير } أي الخيل وجعل منه أبو عبيدة { إلا مكاء وتصدية } أي تصددة 13 - تأكيد المدح بما يشبه الذم
5038 قال ابن أبي الإصبع هو في غاية العزة في القرآن قال ولم أجد منه إلا آية واحدة وهي قوله { قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله } فإن الاستثناء بعد الاستفهام الخارج مخرج التوبيخ على ما عابوا به المؤمنين من الإيمان يوهم أن ما يأتي بعده مما يوجب أن ينقم على فاعله مما يذم به فلما أتى
____________________
(2/239)
بعد الاستثناء ما يوجب مدح فاعله كان الكلام متضمنا تأكيد المدح بما يشبه الذم
5039 قلت ونظيرها قوله { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله } وقوله { الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله } فإن ظاهر الاستثناء أن ما بعده حق يقتضي الإخراج فلما كان صفة مدح يقتضي الإكرام لا الإخراج كان تأكيدا للمدح بما يشبه الذم
وجعل منه التنوخي في الأقصى القريب { لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما } استثنى ( سلاما سلاما ) الذي هو ضد اللغو والتأثيم فكان ذلك مؤكدا لانتفاء اللغو والتأثيم
انتهى 14 - التفويت
5040 هو إتيان المتكلم بمعان شتى من المدح والوصف وغير ذلك من الفنون كل فن في جملة منفصلة عن أختها مع تساوي الجمل في الزنة وتكون في الجمل الطويلة والمتوسطة والقصيرة
5041 فمن الطويلة { الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين }
5042 ومن المتوسطة { تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي }
5043 قال ابن أبي الاصبع ولم يأت المركب من القصيرة في القرآن 15 - التقسيم
5044 هو استيفاء أقسام الشيء الموجودة لا الممكنة عقلا نحو { هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا } إذ ليس في رؤية البرق إلا الخوف من الصواعق والطمع في الأمطار ولا ثالث لهذين القسمين
____________________
(2/240)
5045 وقوله { فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } فإن العالم لا يخلو من هذه الأقسام الثلاثة إما عاص ظالم لنفسه وإما سابق مبادر للخيرات وإما متوسط بينهما مقتصد فيها
ونظيرها { وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون }
وكذا قوله تعالى { له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك } استوفى أقسام الزمان ولا رابع لهما
وقوله { والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع } استوفى أقسام الخلق في المشي
وقوله { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم } استوفى جميع هيآت الذاكر
وقوله { يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما } استوفى جميع أحوال المتزوجين ولا خامس لها 16 - التدبيج
5045 هو أن يذكر المتكلم ألوانا يقصد التورية بها والكناية قال ابن أبي الإصبع كقوله تعالى { ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود } قال المراد بذلك والله أعلم الكناية عن المشتبه والواضح من الطرق لأن الجادة البيضاء هي الطريق التي كثر السلوك عليها جدا وهي أوضح الطرق وأبينها ودونها الحمراء ودون الحمراء السوداء كأنها في الخفاء والالتباس ضد البيضاء في الظهور والوضوح
ولما كانت هذه الألوان الثلاثة في الظهور للعين طرفين وواسطة فالطرف الأعلى في الظهور البياض والطرف الأدنى في الخفاء السواد والأحمر بينهما على وضع الألوان في التركيب وكانت ألوان الجبال لا تخرج عن هذه الألوان الثلاثة والهداية بكل علم نصب للهداية منقسمة هذه القسمة أتت الآية
____________________
(2/241)
الكريمة منقسمة كذلك فحصل فيها التدبيج وصحة التقسيم 17 - التنكيت
5046 هو أن يقصد المتكلم إلى شيء بالذكر دون غيره مما يسد مسده لأجل نكتة في المذكور ترجح مجيئه على سواه كقوله تعالى { وأنه هو رب الشعرى } خص الشعرى بالذكر دون غيرها من النجوم وهو تعالى رب كل شيء لأن العرب كان ظهر فيهم رجل يعرف بابن أبي كبشة عبد الشعرى ودعا خلقا إلى عبادتها فأنزل الله تعالى { وأنه هو رب الشعرى } التي ادعيت فيها الربوبية 18 - التجريد
5047 هو أن ينتزع من أمر ذي صفة آخر مثله مبالغة في كمالها نحو ( لي من فلان صديق حميم ) جرد من الرجل الصديق آخر مثله متصف بصفة الصداقة
ونحو مررت بالرجل الكريم والنسمة المباركة جردوا من الرجل الكريم آخر مثله متصفا بصفة البركة وعطفوه عليه كأنه غيره وهو هو
5048 ومن أمثلته في القرآن { لهم فيها دار الخلد } ليس المعنى أن الجنة فيها دار خلد وغير دار خلد بل هي نفسها دار الخلد فكأنه جرد من الدار دارا
ذكره في ( المحتسب ) وجعل منه { يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } على أن المراد بالميت النطفة
قال الزمخشري وقرأ عبيد بن عمير { فكانت وردة كالدهان } بالرفع بمعنى حصلت منها وردة قال وهو من التجريد وقرئ أيضا / < يرثني وارث من آل يعقوب > / قال ابن جنى هذا هو التجريد وذلك أنه يريد ( وهب لي من لدنك وليا يرثني منه وارث من آل يعقوب ) وهو الوارث نفسه فكأنه جرد منه وارثا 19 - التعديد
5049 هو إيقاع الألفاظ المفردة على سياق واحد وأكثر ما يوجد في الصفات كقوله { هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر }
____________________
(2/242)
وقوله { التائبون العابدون الحامدون } الآية
وقوله { مسلمات مؤمنات } الآية 20 - الترتيب
5050 هو أن يورد أوصاف الموصوف على ترتيبها في الخلقة الطبيعية ولا يدخل فيها وصفا زائدا ومثله عبد الباقي اليمني بقوله { هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا } وبقوله { فكذبوه فعقروها } الآية 21 - الترقي والتدلي
5051 تقدما في نوع التقديم والتأخير 22 - التضمين
5052 يطلق على أشياء
أحدهما إيقاع لفظ موقع غيره لتضمنه معناه وهو نوع من المجاز تقدم ( الكلام ) فيه
الثاني حصول معنى فيه من غير ذكر له باسم هو عبارة عنه وهذا نوع من الإيجاز تقدم أيضا
الثالث تعلق ما بعد الفاصلة بها وهذا مذكور في نوع الفواصل
الرابع إدراج كلام الغير في أثناء الكلام لقصد تأكيد المعنى أو ترتيب النظم وهذا هو النوع البديعي
قال ابن أبي الإصبع ولم أظفر في القرآن بشيء منه إلا في موضعين تضمنا فصلين من التوراة والأنجيل قوله { وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس } الآية وقوله { محمد رسول الله } الآية
ومثله ابن النقيب وغيره بإيداع حكايات المخلوقين في القرآن كقوله تعالى
____________________
(2/243)
حكاية عن الملائكة { أتجعل فيها من يفسد فيها } وعن المنافقين { أنؤمن كما آمن السفهاء } { وقالت اليهود } و { وقالت النصارى } قال وكذلك ما أودع فيه من اللغات الأعجمية 23 - الجناس
5053 هو تشابه اللفظين في اللفظ قال في كنز البراعة وفائدته الميل إلى الإصغاء إليه فإن مناسبة الألفاظ تحدث ميلا وإصغاء إليها ولأن اللفظ المشترك إذا حمل على معنى ثم جاء والمراد به آخر كان للنفس تشوق إليه
5054 وأنواع الجناس كثيرة منها التام بأن يتفقا في أنواع الحروف وأعدادها وهيآتها كقوله تعالى { ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة } وقيل ولم يقع منه في القرآن سواه واستنبط شيخ الإسلام ابن حجر موضعا آخر وهو { يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار }
{ يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار }
وأنكر بعضهم كون الآية الأولى من الجناس وقال الساعة في الموضعين بمعنى واحد
والتجنيس أن يتفق اللفظ ويختلف المعنى ولا يكون أحدهما حقيقة والآخر مجازا بل يكونان حقيقتين وزمان القيامة وإن طال لكنه عند الله في حكم الساعة الواحدة فإطلاق الساعة على القيام مجاز وعلى الآخرة حقيقة وبذلك يخرج الكلام عن التجنيس كما لو قلت ( ركبت حمارا ولقيت حمارا ) تعني بليدا
5055 ومنها المصحف ويسمى جناس الخط بأن تختلف الحروف في النقط كقوله { والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين }
5056 ومنها المحرف بأن يقع الاختلاف في الحركات كقوله { ولقد أرسلنا فيهم منذرين فانظر كيف كان عاقبة المنذرين }
وقد اجتمع التصحيف والتحريف في قوله { وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا }
____________________
(2/244)
5057 ومنها الناقص بأن يختلف في عدد الحروف سواء كان الحرف المزيد أولا أو وسطا أو آخرا كقوله { والتفت الساق بالساق إلى ربك يومئذ المساق } { ثم كلي من كل الثمرات }
5058 ومنها المذيل بأن يزيد أحدهما أكثر من حرف في الآخر أو الأول وسمى بعضهم الثاني بالمتوج كقوله { وانظر إلى إلهك } { ولكنا كنا مرسلين } { من آمن به } { إن ربهم بهم } { مذبذبين بين ذلك }
5059 ومنها المضارع وهو أن يختلفا بحرف مقارب في المخرج سواء كان في الأول أو الوسط أو الآخر كقوله تعالى { وهم ينهون عنه وينأون عنه }
5060 ومنها اللاحق بأن يختلفا بحرف غير مقارب فيه كذلك كقوله { ويل لكل همزة لمزة } { وإنه على ذلك لشهيد وإنه لحب الخير لشديد } { ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون } { وإذا جاءهم أمر من الأمن }
5061 ومنها المرفق وهو ما تركب من كلمة وبعض أخرى كقوله { جرف هار فانهار }
5062 ومنها اللفظي بأن يختلفا بحرف مناسب للآخر مناسبة لفظية كالضاد والظاء كقوله { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة }
5063 ومنها تجنيس القلب بأن يختلفا في ترتيب الحروف نحو { فرقت بين بني إسرائيل }
5064 ومنها تجنيس الإشتقاق بأن يجتمعا في أصل الإشتقاق ويسمى المقتضب نحو { فروح وريحان } { فأقم وجهك للدين القيم } { وجهت وجهي }
____________________
(2/245)
5065 ومنها تجنيس الإطلاق بأن يجتمعا في المشابهة فقط كقوله { وجنى الجنتين } { قال إني لعملكم من القالين } { ليريه كيف يواري } { وإن يردك بخير فلا راد } { اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم } { وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض } إلى قوله { فذو دعاء عريض } تنبيه
5066 لكون الجناس من المحاسن اللفظية لا المعنوية ترك عند قوة المعنى كقوله تعالى { وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين } قيل ما الحكمة في كونه لم يقل ( وما أنت بمصدق ) فإنه يؤدي معناه مع رعاية التجنيس
وأجيب بأن في ( مؤمن لنا ) من المعنى ما ليس في ( مصدق ) لأن معنى قولك ( فلان مصدق لي ) قال لي صدقت وأما ( مؤمن ) فمعناه مع التصديق إعطاء الأمن ومقصودهم التصديق وزيادة وهو طلب الأمن فلذلك عبر به
5067 وقد زل بعض الأدباء فقال في قوله { أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين } لو قال ( وتدعون ) لكان فيه مراعاة للتجنيس
وأجاب الإمام فخر الدين بأن فصاحة القرآن ليست لرعاية هذه التكليفات بل لأجل قوة المعاني وجزالة الألفاظ
وأجاب غيره بأن مراعاة المعاني أولى من مراعاة الألفاظ ولو قال ( أتدعون ) و ( تدعون ) لوقع الإلتباس على القارئ فيجعلها بمعنى واحد تصحيفا
وهذا الجواب غير ناضج
وأجاب ابن الزملكاني بأن التجنيس تحسين وإنما يستعمل في مقام الوعد والإحسان لا في مقام التهويل
وأجاب الخويي بأن ( تدع ) أخص من ( تذر ) لأنه بمعنى ترك الشيء مع إعتنائه بشهادة الإشتقاق نحو الإيداع فإنه عبارة عن ترك الوديعة مع الإعتناء بحالها
ولهذا يختار لها من هو مؤتمن عليها
____________________
(2/246)
5068 ومن ذلك الدعة بمعنى الراحة وأما ( تذر ) فمعناه الترك مطلقا أو الترك مع الإعراض والرفض الكلي
قال الراغب يقال فلان يذر الشيء أي يقذفه لقلة الإعتداد به ومنه الوذرة قطعة من اللحم لقلة الإعتداد به ولا شك أن السياق إنما يناسب هذا دون الأول فأريد هنا تبشيع حالهم في الإعراض عن ربهم وأنهم بلغوا الغاية في الإعراض
إنتهى 24 - الجمع
5069 هو أن يجمع بين شيئين أو أشياء متعددة في حكم كقوله تعالى { المال والبنون زينة الحياة الدنيا } جمع المال والبنون في الزينة
وكذلك قوله { الشمس والقمر بحسبان والنجم والشجر يسجدان } 25 - الجمع والتفريق
5070 هو أن تدخل شيئين في معنى وتفرق بين جهتي الإدخال وجعل منه الطيبي قوله { الله يتوفى الأنفس حين موتها } الآية جمع النفسين في حكم المتوفي ثم فرق بين جهتي التوفي بالحكم بالإمساك والإرسال أي الله يتوفى الأنفس التي تقبض والتي لم تقبض فيمسك الأولى ويرسل الأخرى 26 - الجمع والتقسيم
5071 وهو مع متعدد تحت حكم ثم تقسيمه كقوله تعالى { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } 27 - الجمع مع التفريق والتقسيم
5072 كقوله تعالى { يوم يأت لا تكلم نفس إلا بإذنه } الآيات
____________________
(2/247)
فالجمع في قوله { لا تكلم نفس إلا بإذنه } لأنها متعددة معنى إذ النكرة في سياق النفي تعم والتفريق في قوله { فمنهم شقي وسعيد } والتقسيم في قوله { فأما الذين شقوا } { وأما الذين سعدوا } 28 - جمع المؤتلف والمختلف
5073 هو أن يريد التسوية بين ممدوحين فيأتي بمعان مؤتلفة في مدحهما ويروم بعد ذلك ترجيح أحدهما على الآخر بزيادة فضل لا ينقص الآخر فيأتي لأجل ذلك بمعان تخالف معنى التسوية كقوله تعالى { وداود وسليمان إذ يحكمان } الآية سوى في الحكم والعلم وزاد فضل سليمان بالفهم 29 - حسن النسق
5074 هو أن يأتي المتكلم بكلمات متتاليات معطوفات متلاحمات تلاحما سليما مستحسنا بحيث إذا أفردت كل جملة منه قامت بنفسها واستقل معناها بلفظها ومنه قوله تعالى { وقيل يا أرض ابلعي ماءك } الآية فإن جمله معطوف بعضها على بعضها بواو النسق على الترتيب الذي تقتضيه البلاغة من الإبتداء بالإسم الذي هو إنحسار الماء عن الأرض المتوقف عليه غاية مطلوب أهل السفينة من الإطلاق من سجنها ثم إنقطاع مادة السماء المتوقف عليه تمام ذلك من دفع أذاه بعد الخروج ومنه اختلاف ما كان بالأرض ثم الإخبار بذهاب الماء بعد إنقطاع المادتين الذي هو متأخر عنه قطعا ثم بقضاء الأمر الذي هو هلاك من قدر هلاكه ونجاة من سبق نجاته وأخر عما قبله لأن علم ذلك لأهل السفينة بعد خروجهم منها وخروجهم موقوف على ما تقدم
ثم أخبر باستواء السفينة وإستقرارها المفيد ذهاب الخوف وحصول الأمن من الإضطراب ثم ختم بالدعاء على الظالمين لإفادة أن الغرق وإن عم الأرض فلم يشمل إلا من إستحق العذاب لظلمه 30 - عتاب المرء نفسه
5075 منه { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني } الأيات
وقوله { أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله } الآيات
____________________
(2/248)
31 - العكس
5076 هو أن يؤتى بكلام يقدم فيه جزء ويؤخر آخر ثم يقدم المؤخر ويؤخر المقدم كقوله تعالى { ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء } { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } { ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي } { هن لباس لكم وأنتم لباس لهن } { لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن }
وقد سئل عن الحكمة في عكس هذا اللفظ
فأجاب ابن المنير بأن فائدته الإشارة إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة
وقال الشيخ بدر الدين بن الصاحب الحق أن كل واحد من فعل المؤمنة والكافر منفي عن الحل أما فعل المؤمنة فيحرم لأنها مخاطبة وأما فعل الكافر فنفي عنه الحل باعتبار أن هذا الوطء مشتمل على المفسدة فليس الكفار مورد الخطاب بل الأئمة ومن قام مقامهم مخاطبون بمنع ذلك لأن الشرح أمر بإخلاء الوجود من المفاسد فاتضح أن المؤمنة نفى عنها الحل باعتبار والكافر نفي عنه الحل باعتبار
قال ابن أبي الإصبع ومن غريب أسلوب هذا النوع قوله تعالى { ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن } فإن نظم الآية الثانية عكس نظم الأولى لتقديم العمل في الأولى على الإيمان وتأخيره في الثانية عن الإسلام
5077 ومنه نوع يسمى القلب والمقلوب المستوى وما لا يستحيل بالإنعكاس وهو أن تقرأ الكلمة من آخرها إلى أولها كما تقرأ من أولها إلى آخرها كقوله تعالى { كل في فلك } { وربك فكبر } ولا ثالث لهما في القرآن 32 - العنوان
5078 قال ابن أبي الإصبع هو أن يأخذ المتكلم في غرض فيأتي لقصد تكميله وتأكيده بأسئلة في ألفاظ تكون عنوانا لأخبار متقدمة وقصص سالفة ومنه
____________________
(2/249)
نوع عظيم جدا وهو عنوان العلوم بأن يذكر في الكلام ألفاظا تكون مفاتيح لعلوم ومداخل لها
5079 فمن الأول قوله تعالى { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها } الآية فإنه عنوان قصة بلعام
5080 ومن الثاني قوله تعالى { انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب } الآية فيها عنوان علم الهندسة فإن الشكل المثلث أول الأشكال وإذا نصب في الشمس على أي ضلع من أضلاعه لا يكون له ظل لتحديد رؤوس زواياه فأمر الله تعالى أهل جهنم بالإنطلاق إلى ظل هذا الشكل تهكما بهم
وقوله { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض } الآيات فيها عنوان علم الكلام وعلم الجدل وعلم الهيئة 33 - الفرائد
5081 هو مختص بالفصاحة دون البلاغة لأنه الإتيان بلفظة تتنزل منزلة الفريدة من العقد وهي الجوهرة التي لا نظير لها تدل على عظم فصاحة هذا الكلام وقوة عارضته وجزالة منطقة وأصالة عربيته بحيث لو أسقطت من الكلام عزت على الفصحاء ( غرابتها )
5082 ومنه لفظ ( حصحص ) في قوله { الآن حصحص الحق }
( والرفث ) في قوله { أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم }
5083 ولفظة ( فزع ) في قوله { حتى إذا فزع عن قلوبهم }
5084 وخائنة الأعين في قوله { يعلم خائنة الأعين }
5085 وألفاظ قوله { فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا } وقوله { فإذا نزل بساحتهم فساء صباح المنذرين }
____________________
(2/250)
34 - القسم
5086 هو أن يريد المتكلم الحلف على شيء فيحلف بما يكون فيه فخر له أو تعظيم لشأنه أو تنويه لقدره أو ذم لغيره أو جاريا مجرى الغزل والترقق أو خارجا مخرج الموعظة والزهد كقوله { فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون } أقسم سبحانه وتعالى بقسم يوجب الفخر لتضمنه التمدح بأعظم قدرة وأجل عظمة
{ لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون } أقسم سبحانه وتعالى بحياة نبيه صلى الله عليه وسلم تعظيما لشأنه وتنويها بقدرة وسيأتي في نوع الأقسام أشياء تتعلق بذلك 35 - اللف والنشر
5087 هو أن يذكر شيئان أو أشياء إما تفصيلا بالنص على كل واحد أو إجمالا بأن يؤتى بلفظ يشتمل على متعدد ثم يذكر أشياء على عدد ذلك كل واحد يرجع إلى واحد من المتقدم ويفوض إلى عقل السامع رد كل واحد إلى ما يليق به
فالإجمالي كقوله تعالى { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } أي وقالت اليهود لن يدخل الجنة إلا اليهود وقالت النصارى لن يدخل الجنة إلا النصارى وإنما سوغ الإجمال في اللف ثبوت العناد بين اليهود والنصارى فلا يمكن أن يقول أحد الفريقين بدخول الفريق الآخر الجنة فوثق بالعقل في أنه يرد كل قول إلى فريقه لأمن اللبس وقائل ذلك يهود المدينة ونصارى نجران
5088 قلت وقد يكون الإجمال في النشر لا في اللف بأن يؤتى بمتعدد ثم بلفظ يشتمل على متعدد يصلح لهما كقوله تعالى { حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر } على قول أبي عبيدة إن الخيط الأسود أريد به الفجر الكاذب لا الليل وقد بينته في أسرار التنزيل
5089 والتفصيلي قسمان
أحدهما أن يكون على ترتيب اللف كقوله تعالى { جعل لكم الليل والنهار }
____________________
(2/251)
لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ) فالسكون راجع إلى الليل والإبتغاء راجع إلى النهار
وقوله تعالى { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } فاللوم راجع إلى البخل ومحسورا راجع إلى الإسراف لأن معناه منقطعا لا شيء عندك
وقوله { ألم يجدك يتيما } الآيات فإن قوله { فأما اليتيم فلا تقهر } راجع إلى قوله { ألم يجدك يتيما فآوى } و { وأما السائل فلا تنهر } راجع إلى قوله { ووجدك ضالا } فإن المراد السائل عن العلم كما فسره مجاهد وغيره و { وأما بنعمة ربك فحدث } راجع إلى قوله { ووجدك عائلا فأغنى } رأيت هذا المثال في شرح الوسيط للنووي المسمى بالتنقيح
5090 والثاني أن يكون على عكس ترتيبه كقوله { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه فأما الذين اسودت وجوههم }
وجعل منه جماعة قوله تعالى { حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب } قالوا ( متى نصر الله ) قول الذين آمنوا ( ألا إن نصر الله قريب ) قول الرسول
وذكر الزمخشري قسما آخر كقوله تعالى { ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله } قال هذا من باب اللف وتقديره ( ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضله بالليل والنهار ) إلا أنه فصل بين ( منامكم ) ( وابتغاؤكم ) بالليل والنهار لأنهما زمانان والزمان الواقع فيه كشيء واحد مع إقامة اللف على الإتحاد 36 - المشاكلة
5091 ذكر الشيء بلفظ غيره لوقوعه في صحبته تحقيقا أو تقديرا
5092 فالأول كقوله تعالى { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } { ومكروا ومكر الله } فإن إطلاق النفس والمكر في جانب البارئ تعالى إنما هو
____________________
(2/252)
لمشاكلة ما معه
وكذا قوله { وجزاء سيئة سيئة مثلها } لأن الجزاء حق لا يوصف بأنه سيئة { فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه } { اليوم ننساكم كما نسيتم } { فيسخرون منهم سخر الله منهم } { إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم }
5093 ومثال التقديري قوله تعالى { صبغة الله } أي تطهير الله لأن الإيمان يطهر النفوس والأصل فيه أن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه المعمودية ويقولون إنه تطهير لهم فعبر عن الإيمان ب ( صبغة الله ) للمشاكلة بهذه القرينة 37 - المزاوجة
5094 أن يزاوج بين معنيين في الشرط والجزاء أو ما جرى مجراهما كقوله
( إذا ما نهى الناهي فلج بي الهوى % أصاخت إلى الواشي فلج بها الهجر )
ومنه في القرآن { آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين } 38 - المبالغة
5095 أن يذكر المتكلم وصفا فيزيد فيه حتى يكون أبلغ في المعنى الذي قصده
وهي ضربان مبالغة بالوصف بأن يخرج إلى حد الإستحالة ومنه { يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار } { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } ومبالغة بالصيغة وصيغ المبالغة ( فعلان ) كالرحمن و ( فعيل ) كالرحيم و ( فعال ) كالتواب والغفار والقهار و ( فعول ) كغفور وشكور وودود و ( فعل ) كحذر وأشر وفرح و ( فعال ) بالتخفيف كعجاب وبالتشديد ككبار و ( فعل ) كلبد وكبر و ( فعلى ) كالعليا والحسنى وشورى والسوءى فائدة
5096 الأكثر على أن ( فعلان ) أبلغ من ( فعيل ) ومن ثم قيل ( الرحمن )
____________________
(2/253)
أبلغ من ( الرحيم ) ونصره السهيلي بأنه ورد على صيغة التثنية والتثنية تضعيف فكأن البناء تضاعفت فيه الصفة
وذهب ابن الأنباري إلى أن ( الرحيم ) أبلغ من ( الرحمن ) ورجحه ابن عسكر بتقديم ( الرحمن ) عليه وبأنه جاء على صيغة الجمع كعبيد وهو أبلغ من صيغة التثنية
وذهب قطرب إلى أنهما سواء فائدة
5097 ذكر البرهان الرشيدي أن صفات الله التي على صيغة المبالغة كلها مجاز لأنها موضوعة للمبالغة ولا مبالغة فيها لأن المبالغة أن تثبت للشيء أكثر مما له وصفاته تعالى متناهية في الكمال لا يمكن المبالغة فيها
وأيضا فالمبالغة تكون في صفات تقبل الزيادة والنقصان وصفات الله منزهة عن ذلك واستحسنه الشيخ تقي الدين السبكي
5098 وقال الزركشي في البرهان التحقيق أن صيغ المبالغة قسمان
أحدهما ما تحصل المبالغة فيه بحسب زيادة الفعل
والثاني بحسب تعدد المفعولات ولا شك أن تعددها لا يوجب للفعل زيادة إذ الفعل الواحد قد يقع على جماعة متعددين وعلى هذا القسم تنزل صفاته تعالى ويرتفع الإشكال ولهذا قاله بعضهم في ( حكيم ) معنى المبالغة فيه تكرار حكمه بالنسبة إلى الشرائع
5099 وقال في الكشاف المبالغة في ( التواب ) للدلالة على كثرة من يتوب عليه من عبادة أو لأنه بيلغ في قبول التوبة نزل صاحبها منزلة من لم يذنب قط لسعة كرمه
وقد أورد بعض الفضلاء سؤالا على قوله { والله على كل شيء قدير } وهو أن ( قديرا ) من صيغ المبالغة فيستلزم الزيادة على معنى ( قادر ) والزيادة على معنى ( قادر ) محال إذ الإيجاد من واحد لا يمكن فيه التفاضل باعتبار كل فرد فرد
وأجيب بأن المبالغة لما تعذر حملها على كل فرد وجب صرفها إلى مجموع الأفراد التي دل السياق عليها فهي بالنسبة إلى كثرة المتعلق لا الوصف
____________________
(2/254)
39 - المطابقة
5100 وتسمى الطباق الجمع بين متضادين في الجملة وهو قسمان حقيقي ومجازي والثاني يسمى التكافؤ وكل منهما إما لفظي أو معنوي
وإما طباق إيجاب أو سلب
5101 ومن أمثلة ذلك { فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا } { وأنه هو أضحك وأبكى وأنه هو أمات وأحيا } { لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم } { وتحسبهم أيقاظا وهم رقود }
5102 ومن أمثلة المجازي { أو من كان ميتا فأحييناه } أي ضالا فهديناه
5103 ومن أمثلة طباق السلب { تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك } { فلا تخشوا الناس واخشون }
5104 ومن أمثلة المعنوي { إن أنتم إلا تكذبون قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون } معناه ( ربنا يعلم إنا لصادقون )
{ جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء } قال أبو علي الفارسي لما كان البناء رفعا للمبني قوبل بالفراش الذي هو على خلاف البناء
5105 ومنه نوع يسمى الطباق الخفي كقوله { مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا } لأن الغرق من صفات الماء فكأنه جمع بين الماء والنار قال ابن منقذ وهي أخفى مطابقة في القرآن
5106 وقال ابن المعتز من أملح الطباق وأخفاه قوله تعالى { ولكم في القصاص حياة } لأن معنى القصاص القتل فصار القتل سبب الحياة
____________________
(2/255)
5107 ومنه نوع يسمى ترصيع الكلام وهو إقتران الشيء بما يجتمع معه في قدر مشترك كقوله { إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى } أتى بالجوع مع العرى وبابه أن يكون مع الظمأ وبالضحى مع الظمأ وبابه أن يكون مع العري لكن الجوع والعري إشتركا في الخلو فالجوع خلو الباطن من الطعام والعري خلو الظاهر من اللباس والظمأ والضحى إشتركا في الإحتراق فالظمأ إحتراق الباطن من العطش والضحى إحتراق الظاهر من حر الشمس
5108 ومنه نوع يسمى المقابلة وهي أن يذكر لفظان فأكثر ثم أضدادها على الترتيب قال ابن أبي الإصبع والفرق بين الطباق والمقابلة من وجهين
أحدهما أن الطباق لا يكون إلا من ضدين فقط والمقابلة لا تكون إلا بما زاد من الأربعة إلى العشرة
والثاني أن الطباق لا يكون إلا بالأضداد والمقابلة بالأضداد وبغيرها
5110 قال السكاكي ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط في الأول أمر شرط في الثاني ضده كقوله تعالى { فأما من أعطى واتقى } الآيتين قابل بين الإعطاء والبخل والإتقاء والإستغناء والتصديق والتكذيب واليسرى والعسرى ولما جعل التيسير في الأول مشتركا بين الإعطاء والإتقاء والتصديق جعل ضده وهو التعسير مشتركا بين أضدادها
وقال بعضهم المقابلة إما لواحد بواحد وذلك قليل جدا كقوله { لا تأخذه سنة ولا نوم }
أو إثنين بإثنين كقوله { فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا }
أو ثلاثة بثلاثة كقوله { يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث } { واشكروا لي ولا تكفرون }
وأربعة بأربعة كقوله تعالى { فأما من أعطى } الآيتين
____________________
(2/256)
وخمسة بخمسة كقوله { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما } الآيات قابل بين ( بعوضة فما فوقها ) وبين ( فأما الذين آمنوا ) و ( وأما الذين كفروا ) وبين ( يضل ) و ( يهدي ) وبين ( ينقضون ) و ( ميثاقه ) وبين ( يقطعون ) و ( أن يوصل )
أو ستة بستة كقوله { زين للناس حب الشهوات } الآية ثم قال { قل أؤنبئكم } الآية قابل ( الجنات ) والأنهار والخلد والأزواج والتطهير والرضوان بإزاء النساء والبنين والذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث
وقسم آخر المقابلة إلى ثلاثة أنواع نظيري ونقيضي وخلافي
مثال الأول مقابلة السنة بالنوم في الآية الأولى فإنهما جميعا من باب الرقاد المقابل باليقظة في آية { وتحسبهم أيقاظا وهم رقود } وهذا مثال الثاني فإنهما نقيضان
ومثال الثالث مقابلة الشر بالرشد في قوله { وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا } فإنهما خلافان لا نقيضان فإن نقيض الشر الخير والرشد الغي 40 - المواربة
5112 براء مهملة وباء موحدة أن يقول المتكلم قولا يتضمن ما ينكر عليه فإذا حصل الإنكار استحضر بحذقه وجها من الوجوه يتخلص به إما بتحريف كلمة أو تصحيفها أو زيادة أو نقص
قال ابن أبي الإصبع ومنه قوله تعالى حكاية عن أكبر أولاد يعقوب { ارجعوا إلى أبيكم فقولوا يا أبانا إن ابنك سرق } فإنه قرئ ( إن ابنك سرق ولم يسرق ) فأتى بالكلام على الصحة بإبدال ضمة من فتحة وتشديد الراء وكسرتها 41 - المراجعة
5113 قال ابن أبي الإصبع هي أن يحكي المتكلم مراجعة في القول جرت
____________________
(2/257)
بينه وبين محاور له بأوجز عبارة وأعدل سبك وأعذب ألفاظ ومنه قوله تعالى { قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين } جمعت هذه القطعة وهي بعض آية ثلاث مراجعات فيها معاني الكلام من الخبر والإستخبار والأمر والنهي والوعد والوعيد بالمنطوق والمفهوم
5114 قلت أحسن من هذا أن يقال جمعت الخبر والطلب والإثبات والنفي والتأكيد والحذف والبشارة والنذارة والوعد والوعيد 42 - النزاهة
5115 هي خلوص ألفاظ الهجاء من الفحش حتى يكون كما قال أبو عمرو بن العلاء وقد سئل عن أحسن الهجاء هو الذي إذا أنشدته العذراء في خدرها لا يقبح عليها
ومنه قوله تعالى { وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون } ثم قال { أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون } فإن ألفاظ ذم هؤلاء المخبر عنهم بهذا الخبر أتت منزهة عما يقبح في الهجاء من الفحش
وسائر هجاء القرآن كذلك 43 - الإبداع
5116 بالباء الموحدة أن يشتمل الكلام على عدة ضروب من البديع
قال ابن أبي الإصبع ولم أر في الكلام مثل قوله تعالى { يا أرض ابلعي ماءك } فإن فيها عشرين ضربا من البديع وهي سبع عشرة لفظة وذلك المناسبة التامة في ( ابلعي ) ( وأقلعي )
والإستعارة فيهما
والطباق بين الأرض والسماء
والمجاز في قوله تعالى { ويا سماء } فإن الحقيقة يا مطر السماء
والإشارة في ( وغيض الماء ) فإنه عبر به عن معان كثيرة لأن الماء لا يغيض حتى يقلع مطر السماء وتبلع الأرض ما يخرج منها من عيون الماء فينقص الحاصل على وجه الأرض من الماء
والإرداف في ( واستوت )
والتمثيل في ( وقضي الأمر )
والتعليل فإن ( غيض
____________________
(2/258)
الماء ) علة الاستواء
وصحة التقسيم فإنه استوعب فيه أقسام الماء حالة نقصه إذ ليس إلا إحتباس ماء السماء والماء النابع من الأرض وغيض الماء الذي على ظهرها
والإحتراس في الدعاء لئلا يتوهم أن الغرق لعمومه شمل من لا يستحق الهلاك فإن عدله تعالى يمنع أن يدعو على غير مستحق
وحسن النسق وائتلاف اللفظ مع المعنى
والإيجاز فإنه تعالى قص القصة مستوعبة بأخصر عبارة
والتسهيم لأن أول الآية يدل على آخرها
والتهذيب لأن مفرداتها موصوفة بصفات الحسن كل لفظة سهلة مخارج الحروف عليها رونق الفصاحة مع الخلو من البشاعة وعقادة التركيب
وحسن البيان من جهة أن السامع لا يتوقف في فهم معنى الكلام ولا يشكل عليه شيء منه
والتمكين لأن الفاصلة مستقرة في محلها مطمئنة في مكانها غير قلقة ولا مستدعاة
والإنسجام ( وهو تحدر الكلام بسهوله وعذوبة وسبك مع جزالة لفظ كما ينسجم الماء القليل من الهواء )
هذا ما ذكر ابن أبي الإصبع
قلت فيها أيضا الاعتراض
____________________
(2/259)
النوع التاسع والخمسون في فواصل الآي
5117 الفاصلة كلمة آخر الآية كقافية الشعر وقرينة السجع
وقال الداني كلمة آخر الجملة
قال الجعبري وهو خلاف المصطلح ولا دليل له في تمثيل سيبويه ب { يوم يأت } و { ما كنا نبغ } وليسا رأس آي لأن مراده الفواصل اللغوية لا الصناعية
وقال القاضي أبو بكر الفواصل حروف متشاكلة في المقاطع يقع بها إفهام المعاني
وفرق الداني بين الفواصل ورؤوس الآي فقال الفاصلة هي الكلام المنفصل عما بعده
والكلام المنفصل قد يكون رأس آية وغير رأس وكذلك الفواصل يكن رؤوس أي وغيرها وكل رأس آية فاصلة وليس كل فاصلة رأس آية قال ولأجل كون معنى الفاصلة هذا ذكر سيبويه في تمثيل القوافي { يوم يأت } و { ما كنا نبغ } وليسا رأس آيتين بإجماع مع { إذا يسر } وهو رأس آية بإتفاق
وقال الجعبري لمعرفة الفواصل طريقان توقيفي وقياسي أما التوقيفي فما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وقف عليه دائما تحققنا أنه فاصلة وما وصله دائما تحققنا أنه ليس
____________________
(2/260)
بفاصلة وما وقف عليه مرة ووصله أخرى احتمل الوقف أن يكون لتعريف الفاصلة أو لتعريف الوقف التام أو للاستراحة
والوصل أن يكون غير فاصلة أو فاصلة وصلها لتقدم تعريفها
وأما القياسي فهو ما ألحق من المحتمل غير المنصوص بالمنصوص لمناسب ولا محذور في ذلك لأنه لا زيادة ولا نقصان وإنما غايته إنه محل فصل أو وصل والوقف على كل كلمة جائز ووصل القرآن كله جائز فاحتاج القياس إلى طريق تعرفه فنقول فاصلة الآية كقرينة السجعة في النثر وقافية البيت في الشعر وما يذكر من عيوب القافية من اختلاف الحركة والإشباع والتوجيه فليس بعيب في الفاصلة
وجاز الانتقال في الفاصلة والقرنية وقافية الأرجوزة من نوع إلى آخر بخلاف قافية القصيدة ومن ثم ترى ( يرجعون ) مع ( عليم ) ( والميعاد ) مع ( الثواب ) ( والطارق ) مع ( الثاقب )
5118 والأصل في الفاصلة والقرينة المتجردة في الآية والسجعة المساواة ومن ثم أجمع العادون على ترك عد { ويأت بآخرين } { ولا الملائكة المقربون } في النساء { كذب بها الأولون } بسبحان و { لتبشر به المتقين } بمريم و { لعلهم يتقون } بطه و { من الظلمات إلى النور } { إن الله على كل شيء قدير } بالطلاق حيث لم يشاكل طرفيه
وعلى ترك عد { أفغير دين الله يبغون } بآل عمران و { أفحكم الجاهلية يبغون } بالمائدة وعدوا نظائر للمناسبة نحو { لأولي الألباب } بآل عمران و { على الله كذبا } بالكهف و { والسلوى } بطه
وقال غيره تقع الفاصلة عند الاستراحة بالخطاب لتحسين الكلام بها وهي
____________________
(2/261)
الطريقة التي يباين القرآن بها سائر الكلام وتسمى فواصل لأنه ينفصل عنده الكلامان وذلك أن آخر الآية فصل بينها وبين ما بعدها وأخذا من قوله تعالى { كتاب فصلت آياته }
ولا يجوز تسميتها قوافي إجماعا لأن الله تعالى لما سلب عنه اسم الشعر وجب سلب القافية عنه أيضا لأنها منه وخاصة في الاصطلاح وكما يمتنع استعمال القافية فيه يمتنع استعمال الفاصلة في الشعر لأنها صفة الكتاب الله تعالى فلا تتعداه
وهل يجوز استعمال السجع في القرآن خلاف الجمهور على المنع لأن أصله من سجع الطير فشرف القرآن أن يستعار لشيء منه لفظ أصله مهمل ولأجل تشريفه عن مشاركة غيره من الكلام الحادث في وصفه بذلك ولأن القرآن من صفاته تعالى فلا يجوز وصفه بصفة لم يرد الإذن بها
5119 قال الرماني في إعجاز القرآن ذهب الأشعرية إلى امتناع أن يقال في القرآن سجع وفرقوا بأن السجع هو الذي يقصد في نفسه ثم يحال المعنى عليه والفواصل التي تتبع المعاني ولا تكون مقصودة في نفسها
ولذلك كانت الفوا صل بلاغة والسجع عيبا وتبعه على ذلك القاضي أبو بكر الباقلاني ونقله عن نص أبي الحسن الأشعري وأصحابنا كلهم
قال وذهب كثير من غير الأشاعرة إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع بها التفاضل في البيان والفصاحة كالجناس والالتفات ونحوهما قال وأقوى ما استدلوا به الاتفاق على أن موسى أفضل من هارون ولمكان السجع قيل في موضع { هارون وموسى } ولما كانت الفواصل موضع آخر بالواو والنون قيل { موسى وهارون } قالوا وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي تسميه شعرا وذلك القدر مما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق وجوده من الشاعر
وأما ما جاء في القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق غير مقصود إليه
وبنوا الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع فقال أهل اللغة هو موالاة الكلام على حد واحد
5120 وقال ابن دريد سجعت الحمامة معناه رددت صوتها قال القاضي
____________________
(2/262)
وهذا غير صحيح ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز ولو جاز أن يقال هو سجع معجر لجاز أن يقولوا شعر معجز وكيف والسجع مما كان تألفه الكهان من العرب ونفيه من القرآن أجدر بأن يكون حجة من نفي الشعر لأن الكهانة تنافي النبوات بخلاف الشعر وقد قال صلى الله عليه وسلم ( أسجع كسجع الكهان ) فجعله مذموما
قال وما توهموا أنه سجع باطل لأن مجيئه على صورته لا يقتضي كونه هو لأن السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع وليس كذلك ما اتفق مما هو في معنى السجع من القرآن لأن اللفظ وقع فيه تابعا للمعنى وفرق بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود منه وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى
قال وللسجع منهج محفوظ وطريق مضبوط من أخل به وقع الخلل في كلامه ونسب إلى الخروج عن الفصاحة كما أن الشاعر إذا خرج عن الوزن المعهود كان مخطئا وأنت ترى فواصل القرآن متفاوتة بعضها متداني المقاطع وبعضها يمتد حتى يتضاعف طوله عليه وترد الفاصلة في ذلك الوزن الأول بعد كلام كثير وهذا في السجع غير مرضي ولا محمود
قال وأما ما ذكروه من تقديم موسى على هارون في موضع وتأخيره عنه في موضع لمكان السجع وتساوي مقاطع الكلام فليس بصحيح بل الفائدة فيه إعادة القصة الواحدة بألفاظ مختلفة تؤدي معنى واحدا وذلك من الأمر الصعب الذي تظهر فيه الفصاحة وتتبين فيه البلاغة ولهذا أعيدت كثير من القصص على ترتيبات متفاوتة تنبيها بذلك على عجزهم عن الإتيان بمثله مبتدأ به ومتكررا ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدي إلى تلك المعاني ونحوها فعلى هذا القصد بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها إظهار الإعجاز دون السجع إلى أن قال فبان بذلك أن الحروف الواقعة في الفواصل متناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع لا تخرجها عن حدها ولا تدخلها في بابا السجع وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء فكان بعض مصاريعه كلمتين وبعضها أربع كلمات ولا يرون ذلك فصاحة بل يرونه عجزا
____________________
(2/263)
فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا نحن نعارضه بسجع معتدل يزيد في الفصاحة على طريقة القرآن
انتهى كلام القاضي في كتاب الإعجاز
5121 ونقل صاحب عروس الأفراح عنه أنه ذهب في الانتصار إلى جواز تسمية الفواصل سجعا
وقال الخفاجي في سر الفصاحة قول الرماني إن السجع عيب والفواصل بلاغة غلط فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى وهو غير مقصود فذلك بلاغة والفواصل مثله وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له وهو مقصود متكلف فذلك عيب والفواصل مثله
قال وأظن الذي دعاهم إلى تسمية كل ما في القرآن فواصل ولم يسموا ما تماثلت حروفه سجعا رغبتهم في تنزيه القرآن عن الوصف اللاحق بغيره من الكلام المروي عن الكهنة وغيرهم وهذا غرض في التسمية قريب والحقيقة ما قلناه
قال والتحرير أن الأسجاع حروف متماثلة في مقاطع الفواصل
قال فإن قيل إذا كان عندكم أن السجع محمود فهلا ورد القرآن كله مسجوعا وما الوجه في ورود بعضه مسجوعا وبعضه غير مسجوع قلنا إن القرآن نزل بلغة العرب وعلى عرفهم وعادتهم وكان الفصيح منهم لا يكون كلامه كله مسجوعا لما فيه من أمارات التكلف والاستكراه لا سيما مع طول الكلام فلم يرد كله مسجوعا جريا منهم على عرفهم في اللطافة الغالبة أو الطبقة العالية من كلامهم ولم يخل من السجع لأنه يحسن في بعض الكلام على الصفة السابقة
5122 وقال ابن النفيس يكفي في حسن السجع ورود القرآن به قال ولا يقدح في ذلك خلوه في بعض الآيات لأن الحسن قد يقتضي المقام الانتقال إلى أحسن منه
5123 قال حازم من الناس من يكره تقطيع الكلام إلى مقادير متناسبة الأطراف غير متقاربة في الطول والقصر لما فيه من التكلف إلا ما يقع الإلمام به في النادر من الكلام
____________________
(2/264)
ومنهم من يرى أن التناسب الواقع بإفراغ الكلام في قالب التقفية وتحليتها بمناسبات المقاطع أكيد جدا
ومنهم وهو الوسط من يرى أن السجع وإن كان زينة للكلام فقد يدعو إلى التكلف فرئي ألا يستعمل في جملة الكلام وألا يخلي الكلام منه جملة وأنه يقبل منه ما اجتلبه الخاطر عفوا بلا تكلف
قال وكيف يعاب السجع على الإطلاق وإنما نزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب فوردت الفواصل فيه بإزاء ورود الأسجاع في كلامهم وإنما لم يجيء على أسلوب واحد لأنه لا يحسن في الكلام جميعا أن يكون مستمرا على نمط واحد لما فيه من التكلف ولما في الطبع من الملل ولأن الافتنان في ضروب الفصاحة أعلى من الاستمرار على ضرب واحد فلهذا وردت بعض أي القرآن متماثلة المقاطع وبعضها غير متماثل فصل
5124 ألف الشيخ شمس الدين بن الصائغ كتابا سماه إحكام الراي في أحكام الآي قال فيه
اعلم أن المناسبة أمر مطلوب في اللغة العربية يرتكب لها أمور من مخالفة الأصول قال وقد تتبعت الأحكام التي وقعت في آخر الآي مراعاة للمناسبة فعثرت منها على نيف عن الأربعين حكما
5125 أحدها تقديم المعمول إما على العامل نحو { أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } قيل ومنه { وإياك نستعين } أو على معمول آخر أصله التقديم نحو { لنريك من آياتنا الكبرى } إذا أعربنا ( الكبرى ) مفعول ( نري ) أو على الفاعل نحو { ولقد جاء آل فرعون النذر }
ومنه تقديم خبر كان على اسمها نحو { ولم يكن له كفوا أحد }
5126 الثاني تقديم ما هو متأخر في الزمان نحو { فلله الآخرة }
____________________
(2/265)
{ والأولى } ) ولولا مراعاة الفواصل لقدمت ( الأولى ) كقوله { له الحمد في الأولى والآخرة }
5127 الثالث تقديم الفاضل على الأفضل نحو { برب هارون وموسى } وتقدم ما فيه
5128 الرابع تقديم الضمير على ما يفسره نحو { فأوجس في نفسه خيفة موسى }
5129 الخامس تقديم الصفة الجملة على الصفة المفرد نحو { ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا }
5130 السادس حذف ياء المنقوص المعرف نحو { الكبير المتعال } { يوم التناد }
5131 السابع حذف ياء الفعل غير المجزوم نحو { والليل إذا يسر }
5132 الثامن حذف ياء الإضافة نحو { فكيف كان عذابي ونذر } { فكيف كان عقاب }
5133 التاسع زيادة حرف المد نحو ( الظنونا ) و ( الرسولا ) و ( السبيلا ) ومنه إبقاؤه مع الجازم نحو { لا تخاف دركا ولا تخشى } { سنقرئك فلا تنسى } على القول بأنه نهى
5134 العاشر صرف مالا ينصرف نحو / < قواريرا قواريرا > /
5135 الحادي عشر إيثار تذكير اسم الجنس كقوله { أعجاز نخل منقعر }
5136 الثاني عشر إيثار تأنيثه نحو { أعجاز نخل خاوية }
ونظير
____________________
(2/266)
هذين قوله في القمر { وكل صغير وكبير مستطر } وفي الكهف { لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها }
5137 الثالث عشر الاقتصار على أحد الوجهين الجائزين اللذين قرئ بهما في السبع في غير ذلك كقوله تعالى { فأولئك تحروا رشدا } ولم يجئ ( رشدا ) في السبع وكذا { وهيئ لنا من أمرنا رشدا } لأن الفواصل في السورتين محركة الوسط وقد جاء في { وإن يروا سبيل الرشد } وبهذا يبطل ترجيح الفارسي قراءة التحريك بالإجماع عليه فيما تقدم ونظير ذلك قراءة { تبت يدا أبي لهب وتب } بفتح الهاء وسكونها ولم يقرأ { سيصلى نارا ذات لهب } إلا بالفتح لمراعاة الفاصلة
5138 الرابع عشر إيراد الجملة التي رد بها ما قبلها على غير وجه المطابقة في الإسمية والفعلية كقوله تعالى { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين } لم يطابق بين قولهم ( آمنا ) وبين ما ورد به فيقول و ( لم يؤمنوا ) أو ( ما آمنوا ) لذلك
5139 الخامس عشر إيراد أحد القسمين غير مطابق للآخر كذلك نحو { فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } ولم يقل ( الذين كذبوا )
5140 السادس عشر إيراد أحد جزأي الجملتين على غير الوجه الذي أورد نظيرها من الجملة الأخرى نحو { أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون }
5141 السابع عشر إيثار أغرب اللفظتين نحو { قسمة ضيزى } ولم يقل ( جائرة )
{ لينبذن في الحطمة } ولم يقل ( جهنم ) أو النار وقال في المدثر { سأصليه سقر } وفي سأل { إنها لظى } وفي القارعة { فأمه هاوية } لمراعاة فواصل كل سورة
5142 الثامن عشر اختصاص كل من المشتركين بموضع نحو { وليذكر }
____________________
(2/267)
{ أولوا الألباب } ) وفي سورة طه { إن في ذلك لآيات لأولي النهى }
5143 التاسع عشر حذف المفعول نحو { فأما من أعطى واتقى } { ما ودعك ربك وما قلى }
ومنه حذف متعلق أفعل التفضيل نحو { يعلم السر وأخفى } { خير وأبقى }
5144 العشرون الاستغناء بالإفراد عن التثنية نحو { فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى }
5145 الحادي والعشرون الاستغناء به عن الجمع نحو { واجعلنا للمتقين إماما } ولم يقل ( أئمة ) كما قال { وجعلناهم أئمة يهدون }
{ إن المتقين في جنات ونهر } أي أنهار
5146 الثاني والعشرون الاستغناء بالتثنية عن الإفراد نحو { ولمن خاف مقام ربه جنتان } قال الفراء أراد ( جنة ) كقوله { فإن الجنة هي المأوى } فثنى لأجل الفاصلة
قال والقوافي تحتمل من الزيادة والنقصان ما لا يحتمله سائر الكلام
ونظير ذلك قول الفراء في قوله تعالى { إذ انبعث أشقاها } فإنهما رجلان قدار وآخر معه ولم يقل
( أشقياها ) للفاصلة
5147 وقد أنكر ذلك ابن قتيبة وأغلظ فيه
وقال إنما يجوز في رءوس الآي زيادة هاء السكت أو الألف أو حذف همز أو حرف فأما أن يكون الله وعد بجنتين فيجعلهما جنة واحدة لأجل رءوس الآي معاذ الله وكيف هذا وهو يصفها بصفات الاثنين قال { ذواتا أفنان } ثم قال { فيهما } وأما ابن الصائغ فإنه نقل عن الفراء أنه أراد ( جنات ) فإطلق الاثنين على الجمع لأجل الفاصلة
ثم قال وهذا غير بعيد قال وإنما عاد الضمير بعد ذلك بصيغة التثنية مراعاة للفظ وهذا هو الثالث والعشرون
5148 الرابع والعشرون الاستغناء بالجمع عن الإفراد نحو { لا بيع فيه ولا }
____________________
(2/268)
{ خلال } ) أي ولا خلة كما في الآية الأخرى وجمع مراعاة للفاصلة
5149 الخامس والعشرون إجراء غير العاقل مجرى العاقل نحو { رأيتهم لي ساجدين } { كل في فلك يسبحون }
5150 السادس والعشرون إمالة ما لا يمال كآي طه والنجم
5151 السابع والعشرون الإتيان بصيغة المبالغة كقدير وعليم مع ترك ذلك في نحو هو القادر وعالم الغيب ومنه { وما كان ربك نسيا }
5152 الثامن والعشرون إيثار بعض أوصاف المبالغة على بعض نحو { إن هذا لشيء عجاب } أو ثر على ( عجيب ) لذلك
5153 التاسع والعشرون الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه نحو { ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى }
5154 الثلاثون إيقاع الظاهر موضع المضمر نحو { والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين } وكذا آية الكهف
5155 الحادي والثلاثون وقوع ( مفعول ) موقع ( فاعل ) كقوله { حجابا مستورا } { كان وعده مأتيا } أي ساترا وآتيا
5156 الثاني والثلاثون وقوع ( فاعل ) موقع ( مفعول ) نحو { في عيشة راضية } { من ماء دافق }
5157 الثالث والثلاثون الفصل بين الموصوف والصفة نحو { أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى } إن أعرب ( أحوى ) صفة ( المرعى ) أي حالا
5158 الرابع والثلاثون إيقاع حرف مكان غيره نحو { بأن ربك أوحى لها } والأصل ( إليها )
5159 الخامس والثلاثون تأخير الوصف غير الأبلغ عن الأبلغ ومنه
____________________
(2/269)
{ الرحمن الرحيم } { رؤوف رحيم } لأن الرأفة أبلغ من الرحمة
5160 السادس والثلاثون حذف الفاعل ونيابة المفعول نحو { وما لأحد عنده من نعمة تجزى }
5161 السابع والثلاثون إثبات هاء السكت نحو { ماليه } { سلطانيه } { ما هيه }
5162 الثامن والثلاثون الجمع بين المجرورات نحو { ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا } فإن الأحسن الفصل بينها إلا أن مراعاة الفاصلة اقتضت عدمه وتأخير ( تبيعا )
5163 التاسع والثلاثون العدول عن صيغة المضي إلى صيغة الاستقبال نحو { ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون } والأصل ( قتلتم )
5164 الأربعون تغيير بنية الكلمة نحو { وطور سينين } والأصل ( سينا ) تنبيه
5165 قال ابن الصائغ لا يمتنع في توجيه الخروج عن الأصل في الآيات المذكورة أمور أخرى مع وجه المناسبة فإن القرآن العظيم كما جاء في الأثر ( لا تنقضي عجائبه ) ( فصل )
5166 قال ابن أبي الإصبع لا تخرج فواصل القرآن عن أحد أربعة أشياء التمكين والتصدير والتوشيح والإيغال ( التمكين )
5167 فالتمكين ويسمى ائتلاف القافية أن يمهد الناثر للقرينة أو الشاعر للقافية تمهيدا تأتي به القافية أو القرينة متمكنة في مكانها مستقرة في قرارها مطمئنة في موضعها غير نافرة ولا قلقة متعلقا معناها بمعنى الكلام كله تعلقا تاما بحيث لو طرحت لاختل المعنى واضطرب الفهم وبحيث لو سكت عنها كمله السامع بطبعه
____________________
(2/270)
5168 ومن أمثلة ذلك { يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك } الآية فإنه لما تقدم في الآية ذكر العبادة وتلاه ذكر التصرف في الأموال اقتضى ذلك ذكر الحلم والرشد على الترتيب لأن الحلم يناسب العبادات والرشد يناسب الأموال
وقوله { أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون } { أولم يروا أنا نسوق الماء } إلى قوله { أفلا يبصرون } فأتى في الآية الأولى ( يهد لهم ) وختمها ب ( يسمعون ) لأنه الموعظة فيها مسموعة وهي أخبار القرون وفي الثانية ب ( يروا ) وختمها ب ( يبصرون ) لأنها مرئية
وقوله { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير } فإن اللطف يناسب ما لا يدرك بالبصر والخبر يناسب ما يدركه
وقوله { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى قوله { فتبارك الله أحسن الخالقين } فإن في هذه الفاصلة التمكين التام المناسب لما قبلها
وقد بادر بعض الصحابة حين نزل أول الآية إلى ختمها بها قبل أن يسمع آخرها فأخرج ابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن زيد بن ثابت قال أملى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } إلى قوله { خلقا آخر } قال معاذ بن جبل { فتبارك الله أحسن الخالقين } فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له معاذ مم ضحكت يا رسول الله قال بها ختمت
5169 وحكى أن أعرابيا سمع قارئا يقرأ { فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات } ( فاعلموا أن الله غفور رحيم ) ولم يكن يقرأ القرآن فقال إن كان هذا كلام الله فلا يقول كذا [ ومر بهما رجل فقال كيف تقرأ هذه الآية فقال الرجل { فاعلموا أن الله عزيز حكيم } فقال هكذا ينبغي ] الحكيم لا يذكر الغفران عند الزلل لأنه إغراء عليه تنبيهات
5170 الأول قد تجتمع فواصل في موضع واحد ويخالف بينها كأوائل
____________________
(2/271)
النحل فإنه تعالى بدأ يذكر الأفلاك قال { خلق السماوات والأرض بالحق } ثم ذكر خلق الإنسان من نطفة ثم خلق الأنعام ثم عجائب النبات فقال { هو الذي أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون } فجعل مقطع هذه الآية التفكر لأنه استدلال بحدوث الأنواع المختلفة من النبات على وجود الإله القادر المختار ولما كان هنا مظنة سؤال وهو أنه لم لا يجوز أن يكون المؤثر فيه طبائع الفصول وحركات الشمس والقمر وكان الدليل لا يتم إلا بالجواب عن هذا السؤال كان مجال التفكر والنظر والتأمل باقيا
فأجاب تعالى عنه عن وجهين
أحدهما أن تغيرات العالم السفلى مربوطة بأحوال حركات الأفلاك فتلك الحركات كيف حصلت فإن كان حصولها بسبب أفلاك أخرى لزم التسلسل وإن كان من الخالق الحكيم فذاك إقرار بوجود الإله تعالى وهذا هو المراد بقوله { وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون } فجعل مقطع هذه الآية العقل وكأنه قيل إن كنت عاقلا فاعلم أن التسلسل باطل فوجب انتهاء الحركات إلى حركة يكون موجدها غير متحرك وهو الإله القادر المختار
والثاني أن نسبة الكواكب والطبائع إلى أجزاء الورقة الواحدة والحبة الواحدة واحدة
ثم إنا نرى الورقة الواحدة من الورد أحد وجهيها في غاية الحمرة والآخر في غاية السواد فلو كان المؤثر بالذات موجبا لامتنع حصول هذا التفاوت في الآثار فعلمنا أن المؤثر قادر مختار وهذا هو المراد من قوله { وما ذرأ لكم في الأرض مختلفا ألوانه إن في ذلك لآية لقوم يذكرون } كأنه قيل اذكر ما ترسخ في عقلك أن الواجب بالذات والطبع لا يختلف تأثيره فإذا نظرت حصول هذا الاختلاف علمت أن المؤثر ليس هو الطبائع بل الفاعل المختار فلهذا جعل مقطع الآية التذكر
5171 ومن ذلك قوله تعالى { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم } الآيات فإن الأولى ختمت بقوله { لعلكم تعقلون } والثانية بقوله { لعلكم }
____________________
(2/272)
{ تذكرون } ) والثالثة بقوله { لعلكم تتقون } لأن الوصايا التي في الآية الأولى إنما يحمل على تركها عدم العقل الغالب على الهوى لأن الإشراك بالله لعدم استكمال العقل الدال على توحيده وعظمته
وكذلك عقوق الوالدين لا يقتضيه العقل لسبق إحسانهما إلى الولد بكل طريق
وكذلك قتل الأولاد بالوأد من الإملاق مع وجود الرازق الحي الكريم
وكذلك إتيان الفواحش لا يقتضيه عقل وكذا قتل النفس لغيظ أو غضب في القاتل فحسن بعد ذلك ( تعقلون )
وأما الثانية فلتعلقها بالحقوق المالية والقولية فإن من علم أن له أيتاما يخلفهم من بعده لا يليق به أن يعامل أيتام غيره إلا بما يحب أن يعامل به أيتامه
ومن يكيل أو يزن أو يشهد لغيره لو كان ذلك الأمر له لم يحب أن يكون فيه خيانة ولا بخس وكذا من وعد لو وعد لم يحب أن يخلف ومن أحب ذلك عامل الناس به ليعاملوه بمثله فترك ذلك إنما يكون لغفلة عن تدبر ذلك وتأمله فلذلك ناسب الختم بقوله { لعلكم تذكرون } وأما الثالثة فلأن ترك اتباع شرائع الله الدينية مؤد إلى غضبه وإلى عقابه فحسن { لعلكم تتقون } أي عقاب الله بسببه
5172 ومن ذلك قوله في الأنعام أيضا { وهو الذي جعل لكم النجوم } الآيات فإنه ختم الأولى بقوله { لقوم يعلمون } والثانية بقوله { لقوم يفقهون } والثالثة بقوله { لقوم يؤمنون } وذلك لأن حساب النجوم والاهتداء بها يختص بالعلماء بذلك فناسب ختمه ب ( يعلمون ) وإنشاء الخلائق من نفس واحدة ونقلهم من صلب إلى رحم ثم إلى الدنيا ثم إلى حياة وموت والنظر في ذلك والفكر فيه أدق فناسب ختمه ب ( يفقهون ) لأن الفقه فهم الأشياء الدقيقة ولما ذكر ما أنعم به على عباده من سعة الأرزاق والأقوات والثمار وأنواع ذلك ناسب ختمه بالإيمان الداعي إلى شكره تعالى على نعمه
5173 ومن ذلك قوله تعالى { وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون } حيث ختم الأولى ب ( تؤمنون ) والثانية ب ( تذكرون ) ووجهه أن مخالفة القرآن لنظم الشعر ظاهرة واضحة لا تخفى على أحد فقول من قال شعر كفر وعناد محض فناسب ختمه بقوله { قليلا ما تؤمنون } وأما مخالفته لنظم الكهان وألفاظ السجع فتحتاج إل تذكر وتدبر لأن كلا منهما نثر فليست
____________________
(2/273)
مخالفته له في وضوحها لكل أحد كمخالفته الشعر وإنما تظهر بتدبر ما في القرآن من الفصاحة والبلاغة والبدائع والمعاني الأنيقة فحسن ختمه بقوله { قليلا ما تذكرون }
5174 ومن بديع هذا النوع اختلاف الفاصلتين في موضعين والمحدث عنه واحد لنكتة لطيفة كقوله تعالى في سورة إبراهيم { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار } ثم قال في سورة النحل { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم } قال ابن المنير كأنه يقول إذا حصلت النعم الكثيرة فأنت آخذها وأنا معطيها فحصل لك عند أخذها وصفان كونك ظلوما وكونك كفارا يعني لعدم وفائك بشكرها
ولي عند إعطائها وصفان وهما إني غفور رحيم أقابل ظلمك بغفراني وكفرك برحمتي فلا أقابل تقصيرك إلا بالتوقير ولا أجازي جفاك إلا بالوفاء
وقال غيره إنما خص سورة إبراهيم بوصف المنعم عليه وسورة النحل بوصف المنعم لأنه في سورة إبراهيم في مساق وصف الإنسان وفي سورة النحل في مساق صفات الله وإثبات لألوهيته
ونظيره قوله تعالى في سورة الجاثية { من عمل صالحا فلنفسه ومن أساء فعليها ثم إلى ربكم ترجعون } وفي فصلت ختم بقوله { وما ربك بظلام للعبيد } ونكتة ذلك أن قبل الآية الأولى { قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون } فناسب الختام بفاصلة البعث لأن قبله وصفهم بإنكاره وأما الثانية فالختام فيها مناسب لأنه لا يضيع عملا صالحا ولا يزيد على من عمل سيئا
5175 وقال في سورة النساء { إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما } ثم أعادها وختم بقوله { ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا } ونكتة ذلك أن الأولى نزلت في اليهود وهم الذين افتروا على الله ما ليس في كتابه والثانية نزلت في المشركين ولا كتاب لهم وضلالهم أشد
____________________
(2/274)
ونظيره قوله في المائدة { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ثم أعادها فقال { فأولئك هم الظالمون } ثم قال في الثالثة { فأولئك هم الفاسقون } ونكتته أن الأولى نزلت في أحكام المسلمين والثانية في اليهود والثالثة في النصارى
وقيل الأولى فيمن جحد ما أنزل الله والثانية فيمن خالفه مع علمه ولم ينكره والثالثة فيمن خالفه جاهلا
وقيل الكافر والظالم والفاسق كلها بمعنى واحد وهو الكفر عبر عنه بألفاظ مختلفة لزيادة الفائدة واجتناب صورة التكرار
5176 وعكس هذا اتفاق الفاصلتين والمحدث عنه مختلف كقوله في سورة النور { يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم } إلى قوله { كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم } ثم قال { وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم } التنبيه الثاني
5177 من مشكلات الفواصل قوله تعالى { إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم } فإن قوله ( وإن تغفر لهم ) يقتضي أن تكون الفاصلة ( الغفور الرحيم ) وكذا نقلت عن مصحف أبي وبها قرأ ابن شنبوذ وذكر في حكمته أنه لا يغفر لمن استحق العذاب إلا من ليس فوقه أحد يرد عليه حكمه فهو العزيز أي الغالب والحكيم هو الذي يضع الشيء في محله
وقد يخفي وجه الحكمة على بعض الضعفاء في بعض الأفعال فيتوهم أنه خارج عنها وليس كذلك فكان في الوصف بالحكيم إحتراس حسن أي وإن تغفر لهم مع استحقاقهم العذاب فلا معترض عليك لأحد في ذلك والحكمة فيا فعلته
5178 ونظير ذلك قوله في سورة التوبة { أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } وفي سورة الممتحنة { واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم } وفي غافر { ربنا وأدخلهم جنات عدن } إلى قوله { إنك أنت العزيز الحكيم } وفي النور { ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب حكيم } فإن بادئ الرأي
____________________
(2/275)
يقتضي ( تواب رحيم ) لأن الرحمة مناسبة للتوبة لكن عبر به إشارة إلى فائدة مشروعية اللعان وحكمته وهي الستر عن هذه الفاحشة العظيمة
5179 ومن خفي ذلك أيضا قوله في سورة البقرة { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم } وفي آل عمران { قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شيء قدير } فإن المتبادر إلى الذهن في آية البقرة الختم بالقدرة وفي آية آل عمران الختم بالعلم
والجواب أن آية البقرة لما تضمنت الإخبار عن خلق الأرض وما فيها على حسب حاجات أهلها ومنافعهم ومصالحهم وخلق السموات خلقا مستويا محكما من غير تفاوت والخالق على الوصف المذكور يجب أن يكون عالما بما فعله كليا وجزئيا مجملا ومفصلا ناسب ختمها بصفة العلم
وآية آل عمران لما كانت في سياق الوعيد على موالاة الكفار وكان التعبير بالعلم فيها كناية عن المجازاة بالعقاب والثواب ناسب ختمها بصفة القدرة
5180 ومن ذلك قوله { وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا } فالختم بالحلم والمغفرة عقب تسابيح الأشياء غير ظاهر في بادى الرأي
وذكر في حكمته أنه لما كانت الأشياء كلها تسبح ولا عصيان في حقها وأنتم تعصون ختم به مراعاة للمقدر في الآية وهو العصيان كما جاء في الحديث ( لولا بهائم رتع وشيوخ ركع وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صبا ولرص رصا )
وقيل التقدير حليما عن تفريط المسبحين غفورا لذنوبهم
وقيل حليما عن المخاطبين الذين لا يفقهون التسبيح بأهمالهم النظر في الآيات والعبر ليعرفوا حقه بالتأمل فيما أودع في مخلوقاته مما يوجب تنزيهه التنبيه الثالث
5181 في الفواصل ما لا نظير له في القرآن كقوله عقب الأمر بالغض في سورة النور { إن الله خبير بما يصنعون } وقوله عقب الأمر بالدعاء والاستجابة { لعلهم يرشدون }
____________________
(2/276)
وقيل فيه تعريض بليلة القدر حيث ذكر ذلك عقب ذكر رمضان أي لعلهم يرشدون إلى معرفتها ( التصدير )
5182 وأما التصدير فهو أن تكون تلك اللفظة بعينها تقدمت في أول الآية وتسمى أيضا رد العجز على الصدر
وقال ابن المعتز هو ثلاثة أقسام
الأول أن يوافق آخر الفاصلة آخر كلمة في الصدر نحو { أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا }
والثاني أن يوافق أول كلمة منه نحو { وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } { قال إني لعملكم من القالين }
الثالث أن يوافق بعض كلماته نحو { ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤون } { انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا } { قال لهم موسى ويلكم لا تفتروا على الله كذبا } إلى قوله { وقد خاب من افترى } { فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا } ( التوشيح )
5183 وأما التوشيح فهو أن يكون في أول الكلام ما يستلزم القافية
والفرق بينه وبين التصدير أن هذا دلالته معنوية وذاك لفظية كقوله تعالى { إن الله اصطفى آدم } الآية فإن ( اصطفى ) لا يدل على أن الفاصلة ( العالمين ) باللفظ لأن لفظ ( العالمين ) غير لفظ ( اصطفى ) ولكن بالمعنى لأنه يعلم أن من لوازم اصطفاء شيء أن يكون مختارا على جنسه وجنس هؤلاء المصطفين العالمون
وكقوله { وآية لهم الليل } الآية قال ابن أبي الإصبع فإن من كان حافظا لهذه السورة متفطنا إلى أن مقاطع آيها النون المردفة وسمع في صدر الآية
____________________
(2/277)
انسلاخ النهار من الليل علم أن الفاصلة ( مظلمون ) لأن من انسلخ النهار عن ليله أظلم أي دخل في الظلمة ولذلك سمى توشيحا لأن الكلام لما دل أوله على آخره نزل المعنى منزلة الوشاح ونزل أول الكلام وآخره منزلة العاتق والكشح اللذين يحوط عليها الوشاح ( الإيغال )
5184 وأما الإيغال فتقدم في نوع الإطناب فصل ( في أقسام الفواصل )
5185 قسم البديعيون السجع ومثله الفواصل إلى أقسام مطرف ومتواز ومرصع ومتوازن ومتماثل
5186 فالمطرف أن تختلف الفاصلتان في الوزن وتتفقا في حروف السجع نحو { ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا }
5187 والمتوازي أن يتفقا وزنا وتقفية ولم يكن ما في الأولى مقابلا لما في الثانية في الوزن والتقفيه نحو { فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة }
5188 والمتوازن أن يتفقا في الوزن دون التقفية نحو { ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة }
5189 والمرصع أن يتفقا وزنا وتقفية ويكون ما في الأولى مقابلا لما في الثانية كذلك نحو { إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم } { إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم }
5190 والمتماثل أن يتساويا في الوزن دون التقفية وتكون أفراد الأولى مقابلة لما في الثانية فهو بالنسبة إلى المرصع كالمتوازن بالنسبة إلى المتوازي نحو { وآتيناهما الكتاب المستبين وهديناهما الصراط المستقيم } فالكتاب والصراط يتوازنان وكذا المستبين والمستقيم واختلفا في الحرف الأخير
____________________
(2/278)
فصل
5191 بقي نوعان بديعيان متعلقان بالفواصل
أحدهما التشريع سماه ابن أبي الأصبع التوأم وأصله أن يبني الشاعر بيته على وزنين من أوزان العروض فإذا أسقط منها جزءا أو جزءين صار الباقي بيتا من وزن آخر
ثم زعم قوم اختصاصه به
وقال آخرون بل يكون في النثر بأن يبنى على سجعتين لو اقتصر على الأولى منهما كان الكلام تاما مفيدا
وإن ألحقت به السجعة الثانية كان في التمام والإفادة على حاله مع زيادة معنى ما زاد من اللفظ
5192 قال ابن أبي الإصبع وقد جاء من هذا الباب معظم سورة الرحمن فإن آياتها لو اقتصر فيها على أولى الفاصلتين دون { فبأي آلاء ربكما تكذبان } لكان تاما مفيدا وقد كمل بالثانية فأفاد معنى زائدا من التقرير والتوبيخ
5193 قلت التمثيل غير مطابق والأولى أن يمثل بالآيات التي في إثباتها ما يصلح أن تكون فاصلة كقوله { لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما } وأشباه ذلك
5194 الثاني الالتزام ويسمى لزوم ما لا يلزم وهو أن يلتزم في الشعر أو النثر حرف أو حرفان فصاعدا قبل الروي بشرط عدم الكلفة
مثال التزام حرف { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر } التزم الهاء قبل الراء ومثله { ألم نشرح لك صدرك } الايات التزم فيها الراء قبل الكاف { فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس } التزم فيها النون المشددة قبل السين { والليل وما وسق والقمر إذا اتسق }
5195 ومثال التزام حرفين { والطور وكتاب مسطور } { ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون } { بلغت التراقي وقيل من راق وظن أنه الفراق }
____________________
(2/279)
5196 ومثال التزام ثلاثة أحرف { تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون } تنبيهات الأول
5197 قال أهل البديع أحسن السجع ونحوه ما تساوت قرائنه نحو { في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود } ويليه ما طالت قرينته الثانية نحو { والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى }
أو الثالثة نحو { خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه ثم في سلسلة } الآية
وقال ابن الأثير الأحسن في الثانية المساواة وإلا فأطول قليلا وفي الثالثة أن تكون أطول
وقال الخفاجي لا يجوز أن تكون الثانية أقصر من الأولى
5198 الثاني قالوا أحسن السجع ما كان قصيرا لدلالته على قوة المنشئ وأقله كلمتان نحو { يا أيها المدثر قم فأنذر } الآيات { والمرسلات عرفا } الآيات { والذاريات ذروا } الآيات { والعاديات ضبحا } الآيات والطويل ما زاد عن العشر كغالب الآيات وما بينهما متوسط كآيات سورة القمر
5199 الثالث قال الزمخشري في كشافه القديم لا تحسن المحافظ على الفواصل لمجردها إلا مع بقاء المعاني على سردها على المنهج الذي يقتضيه حسن النظم والتآمه فأما أن تهمل المعاني ويهتم بتحسين اللفظ وحده غير منظور فيه إلى مؤداه فليس من قبيل البلاغة وبني على ذلك أن التقديم في { وبالآخرة هم يوقنون } ليس لمجرد الفاصلة بل لرعاية الاختصاص
5200 الرابع مبنى الفواصل على الوقف ولهذا ساغ مقابلة المرفوع
____________________
(2/280)
بالمجرور وبالعكس كقوله { إنا خلقناهم من طين لازب } مع قوله { عذاب واصب } و { شهاب ثاقب }
وقوله { بماء منهمر } مع قوله { قد قدر } { ودسر } { مستمر }
وقوله { وما لهم من دونه من وال } مع قوله { وينشئ السحاب الثقال }
5201 الخامس كثر في القرآن ختم الفواصل بحروف المد واللين وإلحاق النون وحكمته وجود التمكن من التطريب بذلك
كما قال سيبويه إنهم إذا ترنموا يلحقون الألف والياء والنون لأنهم أرادوا مد الصوت ويتركون ذلك إذا لم يترنموا وجاء في القرآن على أسهل موقف وأعذب مقطع
5202 السادس حروف الفواصل إما متماثلة وإما متقاربة
فالأولى مثل { والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور }
والثاني مثل { الرحمن الرحيم مالك يوم الدين } { ق والقرآن المجيد بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب }
قال الإمام فخر الدين وغيره وفواصل القرآن لا تخرج عن هذين القسمين بل تنحصر في المتماثلة والمتقاربة قال وبهذا يترجح مذهب الشافعي على مذهب أبي حنيفة في عد الفاتحة سبع آيات مع البسملة
وجعل { صراط الذين } إلى آخرها آية فإن من جعل آخر الآية السادسة { أنعمت عليهم } مردود بأنه لا يشابه فواصل سائر آيات السورة لا بالمماثلة ولا بالمقاربة ورعاية التشابه في الفواصل لازمة
5203 السابع كثر في الفواصل التضمين والإيطاء لأنهما ليسا بعيبين في النثر وإن كانا عيبين في النظم فالتضمين أن يكون ما بعد الفاصلة متعلقا بها كقوله تعالى { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل } والإيطاء تكرر الفاصلة بلفظها كقوله تعالى في الإسراء { هل كنت إلا بشرا رسولا } وختم بذلك الآيتين بعدها
____________________
(2/281)
النوع الستون في فواتح السور
5204 أفردها بالتأليف ابن أبي الأصبع في كتاب سماه ( الخواطر السوانح في أسرار الفواتح ) وأنا ألخص هنا ما ذكره مع زوائد من غيره
5205 اعلم أن الله افتتح سور القرآن بعشرة أنواع من الكلام لا يخرج شيء من السور عنها
5206 الأول الثناء عليه تعالى والثناء قسمان إثبات لصفات المدح ونفي وتنزيه من صفات النقص فالأول التحميد في خمس سور وتبارك في سورتين والثاني التسبيح في سبع سور
قال الكرماني في متشابه القرآن التسبيح كلمة استأثر الله بها فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل لأنه الأصل ثم بالماضي في الحديد والحشر لأنه أسبق الزمانين ثم بالمضارع في الجمعة والتغابن ثم بالأمر في الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها
5207 الثاني حروف التهجي في تسع وعشرين سورة وقد مضى الكلام عليها مستوعبا في نوع المتشابه ويأتي الإلمام بمناسباتها في نوع المناسبات
5208 الثالث النداء في عشر سور خمس بنداء الرسول صلى الله عليه وسلم الأحزاب والطلاق والتحريم والمزمل والمدثر وخمس بنداء الأمة النساء والمائدة والحج والحجرات والممتحنة
5209 الرابع الجمل الخبرية نحو ( يسألونك عن الأنفال ) ( براءة من الله ) ( أتى أمر الله ) ( اقترب للناس حسابهم ) ( قد أفلح المؤمنون ) ( سورة
____________________
(2/282)
أنزلناها ) ( تنزيل الكتاب ) ( الذين كفروا ) ( إنا فتحنا ) ( قتربت الساعة ) ( الرحمن علم ) ( قد سمع الله ) الحاقة سأل سائل إنا أرسلنا نوحا لا أقسم في موضعين عبس ( إنا أنزلناه ) لم يكن القارعة ألهاكم إنا أعطيناك فتلك ثلاث وعشرون سورة
5210 الخامس القسم في خمس عشرة سورة سورة أقسم فيها بالملائكة وهي والصافات وسورتان بالأفلاك البروج والطارق وست سور بلوازمها فالنجم قسم بالثريا والفجر بمبدأ النهار والشمس بآية النهار والليل بشطر الزمان والضحى بشطر النهار والعصر بالشطر الآخر أو بجملة الزمان
وسورتان بالهواء الذي هو أحد العناصر والذاريات والمرسلات وسورة بالتربة التي هي منها أيضا وهي الطور وسورة بالنبات وهي والتين وسورة بالحيوان الناطق وهي والنازعات وسورة بالبهيم وهي والعاديات
5211 السادس الشرط في سبع سور الواقعة والمنافقون والتكوير والانفطار والانشقاق والزلزلة والنصر
5212 السابع الأمر في ست سور قل أوحي اقرأ قل يا أيها الكافرون قل هو الله أحد قل أعوذ المعوذتين
5213 الثامن الاستفهام في ست سور عم يتساءلون هل أتاك ألم نشرح ألم تر أرأيت
5214 التاسع الدعاء في ثلاث ويل للمطففين ويل لكل همزة تبت
5215 العاشر التعليل في لإيلاف قريش هكذا جمع أبو شامة قال وما ذكرناه في الدعاء يجوز أن يذكر مع الخبر وكذا الثناء كله خبر إلا ( سبح ) فإنه في قسم الأمر وسبحان يحتمل الأمر الدعاء والخبر
ثم نظم ذلك في بيتين فقال
( أثنى على نفسه سبحانه بثبوت % الحمد والسلب لما استفتح السورا )
( والأمر شرط الندا والتعليل والقسم الدعا % حروف التهجي استفهم الخبرا )
5216 وقال أهل البيان من البلاغة حسن الابتداء وهو أن يتأنق في أول الكلام لأنه أول ما يقرع السمع فإن كان محررا أقبل السامع على الكلام ووعاه وإلا أعرض عنه ولو كان الباقي في نهاية الحسن فينبغي أن يؤتى فيه بأعذب اللفظ
____________________
(2/283)
وأجزله وأرقه وأسلسه وأحسنه نظما وسبكا وأصحه معنى وأوضحه وأخلاه من التعقيد والتقديم والتأخير الملبس أو الذي لا يناسب
قالوا وقد أتت جميع فواتح السور على أحسن الوجوه وأبلغها وأكملها كالتحميدات وحروف الهجاء والنداء وغير ذلك
5217 ومن الابتداء الحسن نوع أخص منه يسمى براعة الاستهلال وهو أن يشتمل أول الكلام على ما يناسب الحال المتكلم فيه ويشير إلى ما سيق الكلام لأجله والعلم الأسنى في ذلك سورة الفاتحة التي هي مطلع القرآن فإنها مشتملة على جميع مقاصده كما قال البيهقي في شعب الإيمان أخبرنا أبو القاسم بن حبيب أنبأنا محمد بن صالح بن هانئ أنبأنا الحسين بن الفضل حدثنا عفان بن مسلم عن الربيع بن صبيح عن الحسن قال أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان القرآن ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب
فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة
5218 وقد وجه ذلك بأن العلوم التي احتوى عليها القرآن قامت بها الأديان أربعة علم الأصول ومداره على معرفة الله وصفاته وإليه الإشارة ب { رب العالمين الرحمن الرحيم } ومعرفة النبوات وإليه الإشارة ب { الذين أنعمت عليهم } ومعرفة المعاد وإليه الإشارة ب ( مالك يوم الدين )
وعلم العبادات وإليه الإشارة ب { إياك نعبد } وعلم السلوك وهو حمل النفس على الآداب الشرعية والانقياد لرب البرية وإليه الإشارة ب { وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم }
وعلم القصص وهو الاطلاع على أخبار الأمم السالفة والقرون الماضية ليعلم المطلع على ذلك سعادة من أطاع الله وشقاوة من عصاه وإليه الإشارة بقوله { صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }
فنبه في الفاتحة على جميع مقاصد القرآن وهذا هو الغاية في براعة الاستهلال مع ما اشتملت عليه من الألفاظ الحسنة والمقاطع المستحسنة وأنواع البلاغة
وكذلك أول سورة ( اقرأ فإنها مشتملة على نظير ما اشتملت عليه الفاتحة من براعة الاستهلال لكونها أول ما أنزل من القرآن فإن فيها الأمر بالقراءة والبداءة
____________________
(2/284)
فيها باسم الله وفيه الإشارة إلى علم الأحكام وفيها ما يتعلق بتوحيد الرب وإثبات ذاته وصفاته من صفة ذات وصفه فعل
وفي هذه الإشارة إلى أصول الدين وفيها ما يتعلق بالإخبار من قوله { علم الإنسان ما لم يعلم } ولهذا قيل إنها جديرة أن تسمى عنوان القرآن لأن عنوان الكتاب يجمع مقاصده بعبارة وجيزة في أوله
____________________
(2/285)
النوع الحادى والستون فى خواتم السور
5219 هى أيضا مثل الفواتح فى الحسن لأنها آخر ما يقرع الأسماع فلهذا جاءت متضمنة للمعاني البديعة مع إيذان السامع بانتهاء الكلام حتى يبقى معه للنفوس تشوق إلى ما يذكر بعد لأنها بين أدعية ووصايا وفرائض وتحميد وتهليل ومواعظ ووعد ووعيد إلى غير ذلك كتفصيل جملة المطلوب في خاتمة الفاتحة إذ المطلوب الأعلى الإيمان المحفوظ من المعاصي المسببة لغضب الله والضلال ففصل جملة ذلك بقوله { الذين أنعمت عليهم } والمراد المؤمنون ولذلك أطلق الإنعام ولم يقيده ليتناول كل إنعام لأن من أنعم الله عليه بنعمة الإيمان فقد أنعم عليه بكل نعمة لأنها مستتبعة لجميع النعم ثم وصفهم بقوله { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } يعني أنهم جمعوا بين النعم المطلقة وهي نعمة الإيمان وبين السلامة من غضب الله تعالى والضلال المسببين عن معاصيه وتعدي حدوده
وكالدعاء الذي اشتملت عليه الآيتان من آخر سورة البقرة
وكالوصايا التي ختمت بها سورة آل عمران
والفرائض التي ختمت بها سورة النساء وحسن الختم بها لما فيها من أحكام الموت الذي هو آخر أمر كل حي ولأنها آخر ما أنزل من الأحكام
وكالتبجيل والتعظيم الذي ختمت به المائدة
وكالوعد والوعيد الذي ختمت به الأنعام
وكالتحريض على العبادة بوصف حال الملائكة الذي ختمت به الأعراف
وكالحض على الجهاد وصلة الأرحام الذي ختم به الأنفال
____________________
(2/286)
وكوصف الرسول ومدحه والتهليل الذي ختمت به براءة
وتسليته صلى الله عليه وسلم الذي ختمت به يونس ومثلها خاتمة هود ووصف القرآن ومدحه الذي ختم به يوسف والوعيد والرد على من كذب الرسول الذي ختم به الرعد
ومن أوضح ما آذن بالختام خاتمة إبراهيم { هذا بلاغ للناس } الآية ومثلها خاتمة الأحقاف وكذا خاتمة الحجر بقوله { واعبد ربك حتى يأتيك اليقين } وهو مفسر بالموت فإنها في غاية البراعة
وانظر إلى سورة الزلزلة كيف بدئت بأهوال القيامة وختمت بقوله { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره }
وانظر براعة آخر آية نزلت وهي قوله { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله } وما فيها من الإشعار بالآخرية المستلزمة للوفاة
وكذلك آخر سورة نزلت وهي سورة النصر فيها الإشعار بالوفاة كما أخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أن عمر سألهم عن قوله { إذا جاء نصر الله والفتح } فقالوا فتح المدائن والقصور قال ما تقول يا بن عباس قال أجل ضرب لمحمد نعيت له نفسه
وأخرج أيضا عنه قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم تدخل هذا معنا ولنا أبناء مثله فقال عمر إنه من قد علمتم ثم دعاهم ذات يوم فقال ما تقولون في قول الله { إذا جاء نصر الله والفتح } فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذلك تقول يا بن عباس فقلت لا قال فما تقول قلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه به قال { إذا جاء نصر الله والفتح } وذلك علامة أجلك { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } فقال عمر إني لا أعلم منها إلا ما تقول
____________________
(2/287)
النوع الثاني والستون في مناسبة الآيات والسور
5220 أفرده بالتأليف العلامة أبو جعفر بن الزبير شيخ أبي حيان في كتاب سماه ( البرهان في مناسبة ترتيب سور القرآن ) ومن أهل العصر الشيخ برهان الدين البقاعي في كتاب سماه ( نظم الدرر في تناسب الآي والسور ) وكتابي الذي صنعته في أسرار التنزيل كافل بذلك جامع لمناسبات السور والآيات مع ما تضمنه من بيان وجوه الإعجاز وأساليب البلاغة وقد لخصت منه مناسبات السور خاصة في جزء لطيف سميته ( تناسق الدرر في تناسب السور )
5221 وعلم المناسبة علم شريف قل اعتناء المفسرين به لدقته
وممن أكثر فيه الإمام فخر الدين وقال في تفسيره
أكثر لطائف القرآن مودعة في الترتيبات والروابط
5222 وقال ابن العربي في ( سراج المريدين ) ارتباط آي القرآن بعضها ببعض حتى تكون كالكلمة الواحدة متسقة المعاني منتظمة المباني علم عظيم لم يتعرض له إلا عالم واحد عمل فيه سورة البقرة ثم فتح الله لنا فيه فلما لم نجد له حملة ورأينا الخلق بأوصاف البطلة ختمنا عليه وجعلناه بيننا وبين الله ورددناه إليه
5223 وقال غيره أول من أظهر علم المناسبة الشيخ أبو بكر النيسابوري وكان غزير العلم في الشريعة والأدب وكان يقول على الكرسي إذا قرئ عليه لم جعلت هذه الآية إلى جنب هذه وما الحكمة في جعل هذه السورة إلى جنب هذه
____________________
(2/288)
السورة وكان يزري على علماء بغداد لعدم علمهم بالمناسبة
5224 وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام المناسبة علم حسن لكن يشترط في حسن ارتباط الكلام أن يقع في أمر متحد مرتبط أوله بآخره فإن وقع على أسباب مختلفة لم يقع فيه ارتباط ومن ربط ذلك فهو متكلف بما لا يقدر عليه إلا بربط ركيك يصان عن مثله حسن الحديث فضلا عن أحسنه فإن القرآن نزل في نيف وعشرين سنة في أحكام مختلفة شرعت لأسباب مختلفة وما كان كذلك لا يتأتى ربط بعضه ببعض
5225 وقال الشيخ ولي الدين الملوي قد وهم من قال لا يطلب للآي الكريمة مناسبة لأنها على حسب الوقائع المفرقة
وفصل الخطاب أنها على حسب الوقائع تنزيلا وعلى حسب الحكمة ترتيبا وتأصيلا فالمصحف على وفق ما في اللوح المحفوظ مرتبة سوره كلها وآياته بالتوقيف كما أنزل جملة إلى بيت العزة ومن المعجز البين أسلوبه ونظمه الباهر والذي ينبغي في كل آية أن يبحث أول كل شيء عن كونها مكملة لما قبلها أو مستقلة ثم المستقلة ما وجه مناسبتها لما قبلها ففي ذلك علم جم وهكذا في السور يطلب وجه اتصالها بما قبلها وما سيقت له
انتهى
5226 وقال الإمام الرازي في سورة البقرة ومن تأمل في لطائف نظم هذه السورة وفي بدائع ترتيبها علم أن القرآن كما أنه معجز بحسب فصاحة ألفاظه وشرف معانيه فهو أيضا بسبب ترتيبه ونظم آياته ولعل الذين قالوا إنه معجز بسبب أسلوبه أرادوا ذلك إلا أني رأيت جمهور المفسرين معرضين عن هذه اللطائف غير منتبهين لهذه الأسرار وليس الأمر في هذا الباب إلا كما قيل
( والنجم تستصغر الأبصار صورته % والذنب للطرف لا للنجم في الصغر ) فصل
5227 المناسبة في اللغة المشاكلة والمقاربة ومرجعها في الآيات ونحوها إلى معنى رابط بينها عام أو خاص عقلي أو حسي أو خيالي أو غير ذلك من أنواع العلاقات أو التلازم الذهني كالسبب والمسبب والعلة والمعلول والنظيرين والضدين ونحوه
____________________
(2/289)
وفائدته جعل أجزاء الكلام بعضها آخذا بأعناق بعض فيقوى بذلك الارتباط ويصير التأليف حاله حال البناء المحكم المتلائم الأجزاء فنقول ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط لتعلق الكلم بعضه ببعض وعدم تمامه بالأولى فواضح
وكذلك إذا كانت الثانية للأولى على وجه التأكيد أو التفسير أو الاعتراض أو البدل وهذا القسم لا كلام فيه
وإما إلا يظهر الارتباط بل يظهر أن كل جملة مستقلة عن الأخرى وأنها خلاف النوع المبدوء به
فإما أن تكون معطوفة على الأولى بحرف من حروف العطف المشتركة في الحكم أو لا فإن كانت معطوفة فلا بد أن يكون بينهما جهة جامعة على ما سبق تقسيمه كقوله تعالى { يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها } وقوله { والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون } للتضاد بين القبض والبسط والولوج والخروج والنزول والعروج وشبه التضاد بين السماء والأرض
ومما الكلام فيه التضاد ذكر الرحمة بعد ذكر العذاب والرغبة بعد الرهبة وقد جرت عادة القرآن إذا ذكر أحكاما ذكر بعدها وعدا ووعيدا ليكون باعثا على العمل بما سبق ثم يذكر آيات توحيد وتنزيه ليعلم عظم الآمر والناهي وتأمل سورة البقرة والنساء والمائدة تجده كذلك
وإن لم تكن معطوفة فلا بد من دعامة تؤذن باتصال الكلام وهي قرائن معنوية تؤذن بالربط
5228 وله أسباب
أحدها التنظير فإن إلحاق النظير بالنظير من شأن العقلاء كقوله { كما أخرجك ربك من بيتك بالحق } عقب قوله { أولئك هم المؤمنون حقا } فإنه تعالى أمر رسوله أن يمضي لأمره في الغنائم على كره من أصحابه كما مضى لأمره في خروجه من بيته لطلب العير أو للقتال وهم له كارهون والقصد أن كراهتهم لما فعله من قسمة الغنائم ككراهتهم للخروج وقد تبين في الخروج الخير من الظفر والنصر
____________________
(2/290)
والغنيمة وعز الإسلام فكذا يكون فيما فعله في القسمة فليطعيوا ما أمروا به ويتركوا هوى أنفسهم
5229 الثاني المضادة كقوله في سورة البقرة { إن الذين كفروا سواء عليهم } الآية فإن أول السورة كان حديثا عن القرآن وأن من شأنه الهداية للقوم الموصوفين بالإيمان فلما أكمل وصف المؤمنين عقب بحديث الكافرين فبينهما جامع وهمي بالتضاد من هذا الوجه وحكمته التشويق والثبوب على الأول كما قيل ( وبضدها تتبين الأشياء )
فإن قيل هذا جامع بعيد لأن كونه حديثا عن المؤمنين بالعرض لا بالذات والمقصود بالذات هو مساق الكلام إنما هو الحديث عن القرآن لأنه مفتتح القول
قيل لا يشترط في الجامع ذلك بل يكفي التعلق على أي وجه كان ويكفي وجه الربط ما ذكرناه لأن القصد تأكيد أمر القرآن والعمل به والحث على الإيمان ولهذا لما فرغ من ذلك قال { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا } فرجع إلى الأول
5230 الثالث الاستطراد كقوله تعالى { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير } قال الزمخشري هذه الآية واردة على سبيل الاستطراد عقب ذكر بدو السوءات وخصف الورق عليهما إظهارا للمنة فيما خلق من اللباس ولما في العري وكشف العورة من المهانة والفضيحة وإشعارا بأن الستر باب عظيم من أبواب التقوى
وقد خرجت على الاستطراد قوله تعالى { لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون } فإن أول الكلام ذكر للرد على النصارى الزاعمين نبوة المسيح ثم استطرد للرد على العرب الزاعمين بنوة الملائكة
ويقرب من الاستطراد حتى لا يكادان يفترقان حسن التخلص وهو أن ينتقل مما ابتدئ به الكلام إلى المقصود على وجه سهل يختلسه اختلاسا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع عليه الثاني لشدة الالتئام بينهما
____________________
(2/291)
5231 وقد غلط أبو العلاء محمد بن غانم في قوله لم يقع منه في القرآن شيء لما فيه من التكلف
وقال إن القرآن إنما ورد على الاقتضاب الذي هو طريقة العرب من الانتقال إلى غير ملائم
وليس كما قال ففيه من التخلصات العجيبة ما يحير العقول
5232 وانظر إلى سورة الأعراف كيف ذكر فيها الأنبياء والقرون الماضية والأمم السالفة ثم ذكر موسى إلى أن قص حكاية السبعين رجلا ودعائه لهم ولسائر أمته بقوله { واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة } وجوابه تعالى عنه ثم تخلص بمناقب سيد المرسلين بعد تخلصه لأمته بقوله { قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين } من صفاتهم كيت وكيت وهم الذين يتبعون الرسول النبي الأمي
وأخذ في صفاته الكريمة وفضائله
5233 وفي سورة الشعراء حكى قول إبراهيم { ولا تخزني يوم يبعثون } فتخلص منه إلى وصف المعاد بقوله { يوم لا ينفع مال ولا بنون } الخ
5234 وفي سورة الكهف حكى قول ذي القرنين في السد بعد دكه الذي هو من أشراط الساعة ثم النفخ في الصور وذكر الحشر ووصف مآل الكفار والمؤمنين
5235 وقال بعضهم الفرق بين التخلص والاستطراد أنك في التخلص تركت ما كنت فيه بالكلية وأقبلت على ما تخلصت إليه وفي الاستطراد تمر بذكر الأمر الذي استطردت إليه مرورا كالبرق الخاطف ثم تتركه وتعود إلى ما كنت فيه كأنك لم تقصده وإنما عرض عروضا
قيل وبهذا يظهر أن ما في سورتي الأعراف والشعراء من باب الاستطراد لا التخلص لعوده في الأعراف إلى قصة موسى بقوله { ومن قوم موسى أمة } إلى آخره
وفي الشعراء إلى ذكر الأنبياء والأمم
5236 ويقرب من حسن التخلص الانتقال من حديث إلى آخر تنشيطا للسامع مفصولا بهذا كقوله في سورة ص بعد ذكر الأنبياء { هذا ذكر وإن للمتقين }
____________________
(2/292)
{ لحسن مآب } ) فإن هذا القرآن نوع من الذكر لما انتهى ذكر الأنبياء وهو نوع من التنزيل أراد أن يذكر نوعا آخر وهو ذكر الجنة وأهلها ثم لما فرغ قال { هذا وإن للطاغين لشر مآب } فذكر النار وأهلها
5237 قال ابن الأثير هذا في هذا المقام من الفصل الذي هو أحسن من الوصل وهي علاقة أكيدة بين الخروج من كلام إلى آخر
ويقرب منه أيضا حسن المطلب قال الزنجاني والطيبي وهو أن يخرج إلى الغرض بعد تقدم الوسيلة كقوله { إياك نعبد وإياك نستعين }
5238 قال الطيبي ومما اجتمع فيه حسن التخلص والمطلب معا قوله تعالى حكاية عن إبراهيم { فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين } إلى قوله { رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين } قاعدة
5239 قال بعض المتأخرين الأمر الكلي المفيد لعرفان مناسبات الآيات في جميع القرآن هو أنك تنظر إلى الغرض الذي سيقت له السورة وتنظر ما يحتاج إليه ذلك الغرض من المقدمات وتنظر إلى مراتب تلك المقدمات في القرب والبعد من المطلوب وتنظر عند انجرار الكلام في المقدمات إلى ما يستتبعه من استشراف نفس السامع إلى الأحكام أو اللوازم التابعة له التي تقتضي البلاغة شفاء الغليل بدفع عناء الاستشراف إلى الوقوف عليها فهذا هو الأمر الكلي المهيمن على حكم الربط بين جميع أجزاء القرآن فإذا فعلته تبين لك وجه النظم مفصلا بين كل آية وآية في كل سورة
انتهى تنبيه
5240 من الآيات ما أشكلت مناسبتها لما قبلها من ذلك قوله تعالى في
____________________
(2/293)
سورة القيامة { لا تحرك به لسانك لتعجل به } الآيات فإن وجه مناسبتها لأول السورة وآخرها عسر جدا فإن السورة كلها في أحوال القيامة حتى زعم بعض الرافضة أنه سقط من السورة شيء وحتى ذهب القفال فيما حكاه الفخر الرازي أنها نزلت في الإنسان المذكور قبل في قوله { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } قال يعرض عليه كتابه فإذا أخذ في القراءة تلجلج خوفا فأسرع في القراءة فيقال له { لا تحرك به لسانك لتعجل به } إن علينا أن نجمع عملك وأن نقرأ عليك { فإذا قرأناه } عليك { فاتبع قرآنه } بالإقرار بأنك فعلت ثم إن علينا بيان أمر الإنسان وما يتعلق بعقوبته
انتهى
وهذا يخالف ما ثبت في الصحيح أنها نزلت في تحريك النبي صلى الله عليه وسلم لسانه حالة نزول الوحي عليه
5241 وقد ذكر الأئمة لها مناسبات
منها أنه تعالى لما ذكر القيامة وكان من شأن من يقصر عن العمل لها حب العاجلة وكان من أصل الدين أن المبادرة إلى أفعال الخير مطلوبة فنبه على أنه قد يعترض على هذا المطلوب ما هو أجل منه وهو الإصغاء إلى الوحي وتفهم ما يرد منه والتشاغل بالحفظ قد يصد عن ذلك فأمر بألا يبادر إلى التحفظ لأن تحفيظه مضمون على ربه وليصغ إلى ما يرد عليه إلى أن ينقضي فيتبع ما اشتمل عليه
ثم لما انقضت الجملة المعترضة رجع الكلام إلى ما يتعلق بالإنسان المبتدأ بذكره ومن هو من جنسه فقال { كلا } وهي كلمة ردع كأنه قال ( بل أنتم يا بني آدم لكونكم خلقتم من عجل تعجلون في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة )
5242 ومنها أن عادة القرآن إذا ذكر الكتاب المشتمل على عمل العبد حيث يعرض يوم القيامة أردفه بذكر الكتاب المشتمل على الأحكام الدينية في الدنيا التي تنشأ عنها المحاسبة عملا وتركا كما قال في الكهف { ووضع الكتاب فترى }
____________________
(2/294)
المجرمين مشفقين مما فيه ) إلى أن قال { ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل } الآية وقال في سبحان { فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرؤون كتابهم } إلى أن قال { ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن } الآية
وقال في طه { يوم ينفخ في الصور ونحشر المجرمين يومئذ زرقا } إلى أن قال { فتعالى الله الملك الحق ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه }
5243 ومنها أن أول السورة لما نزل إلى { ولو ألقى معاذيره } صادف أنه صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة بادر إلى تحفظ الذي نزل وحرك به لسانه من عجلته خشية من تفلته فنزل { لا تحرك به لسانك لتعجل به } إلى قوله { ثم إن علينا بيانه } ثم عاد إلى الكلام إلى تكملة ما ابتدئ به
5244 قال الفخر الرازي ونحوه مالو ألقى المدرس على الطالب مثلا مسألة فتشاغل الطالب بشيء عرض له فقال له ألق إلي بالك وتفهم ما أقول ثم كمل المسألة فمن لا يعرف السبب يقول ليس هذا الكلام مناسبا للمسألة بخلاف من عرف ذلك
5245 ومنها أن ( النفس ) لما تقدم ذكرها في أول السورة عدل إلى ذكر ( نفس ) المصطفى كأنه قيل هذا شأن النفوس وأنت يا محمد نفسك أشرف النفوس فلتأخذ بأكمل الأحوال
5246 ومن ذلك قوله تعالى { يسألونك عن الأهلة } الآية فقد يقال أي رابط بين أحكام الأهلة وبين حكم إتيان البيوت
وأجيب بأنه من باب الاستطراد لما ذكر أنها مواقيت للحج وكان هذا من أفعالهم في الحج كما ثبت في سبب نزولها ذكر معه من باب الزيادة في الجواب على ما في السؤال كما سئل عن ماء البحر فقال ( هو الطهور ماؤه الحل ميتته )
5247 ومن ذلك قوله تعالى { ولله المشرق والمغرب } الآية فقد يقال ما وجه اتصاله بما قبله وهو قوله { ومن أظلم ممن منع مساجد الله } الآية
____________________
(2/295)
5248 وقال الشيخ أبو محمد الجويني في تفسيره سمعت أبا الحسن الدهان بقول وجه اتصاله هو أن أن ذكر تخريب بيت المقدس قد سبق أي فلا يجرمنكم ذلك واستقبلوه فإن لله المشرق والمغرب 1 - فصل
5249 من هذا النوع مناسبة فواتح السور وخواتمها وقد أفردت فيه جزءا لطيفا سميته ( مراصد المطالع في تناسب المقاطع والمطالع )
وانظر إلى سورة القصص كيف بدئت بأمر موسى ونصرته وقوله { فلن أكون ظهيرا للمجرمين } وخروجه من وطنه وختمت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم بألا يكون ظهيرا للكافرين وتسليته عن إخراجه من مكة ووعده بالعود إليها لقوله في أول السورة { إنا رادوه }
5250 قال الزمخشري وقد جعل الله فاتحة سورة { قد أفلح المؤمنون } وأورد في خاتمتها { إنه لا يفلح الكافرون } فشتان ما بين الفاتحة والخاتمة
وذكر الكرماني في العجائب مثله
5251 وقال في سورة ( ص ) بدأها بالذكر وختمها به في قوله { إن هو إلا ذكر للعالمين }
5252 وفي سورة ( ن ) بدأها بقوله { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } وختمها بقوله { إنه لمجنون }
5253 ومنه مناسبة فاتحة السورة لخاتمة ما قبلها حتى أن منها ما يظهر تعلقها به لفظا كما في { فجعلهم كعصف مأكول } { لإيلاف قريش } فقد قال الأخفش اتصالها بها من باب { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا }
5254 وقال الكواشي في تفسير المائدة لما ختم سورة النساء أمرا بالتوحيد
____________________
(2/296)
والعدل بين العباد أكد ذلك بقوله { يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود }
5255 وقال غيره إذا اعتبرت افتتاح كل سورة وجدته في غاية المناسبة لما ختم به السورة قبلها ثم هو يخفي تارة ويظهر أخرى كافتتاح سورة الأنعام بالحمد فإنه مناسب لختام المائدة من فصل القضاء كما قال تعالى { وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين }
وكافتتاح سورة فاطر بالحمد لله فإنه مناسب لختام ما قبلها من قوله { وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل } كما قال تعالى { فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين } وكافتتاح سورة الحديد بالتسبيح فإنه مناسب لختام سورة الواقعة بالأمر به
وكافتتاح سورة البقرة بقوله { الم ذلك الكتاب } فإنه إشارة إلى الصراط في قوله { اهدنا الصراط المستقيم } كأنهم لما سألوا الهداية إلى الصراط قيل لهم ذلك الصراط الذي سألتم الهداية إليه هو الكتاب وهذا معنى حسن يظهر فيه ارتباط سورة البقرة بالفاتحة
5256 ومن لطائف سورة الكوثر أنها كالمقابلة للتي قبلها لأن السابقة وصف الله فيها المنافق بأربعة أمور البخل وترك الصلاة والرياء فيها ومنع الزكاة فذكر فيها في مقابلة البخل { إنا أعطيناك الكوثر } أي الخير الكثير وفي مقابلة ترك الصلاة { فصل } أي دم عليها وفي مقابلة الرياء { لربك } أي لرضاه لا للناس وفي مقابلة منع الماعون { وانحر } وأراد به التصدق بلحم الأضاحي
5257 وقال بعضهم لترتيب وضع السور في المصحف أسباب تطلع على أنه توقيفي صادر عن حكيم
أحدها بحسب الحروف كما في الحواميم
الثاني لموافقة أول السورة لآخر ما قبلها كآخر الحمد في المعنى وأول البقرة
الثالث للتوازن في اللفظ كآخر ( تبت ) وأول الإخلاص )
الرابع لمشابهة جملة السورة لجملة الأخرى كالضحى وألم نشرح
____________________
(2/297)
5258 قال بعض الأئمة وسورة الفاتحة تضمنت الإقرار بالربوبية والالتجاء إليه في دين الإسلام والصيانة عن دين اليهودية والنصرانية وسورة البقرة تضمنت قواعد الدين وآل عمران مكملة لمقصودها فالبقرة بمنزلة إقامة الدليل على الحكم وآل عمران بمنزلة الجواب عن شبهات الخصوم ولهذا ورد فيها ذكر المتشابه لما تمسك به النصارى
وأوجب الحج في آل عمران وأما في البقرة فذكر أنه مشروع وأمر بإتمامه بعد الشروع فيه وكان خطاب النصارى في آل عمران أكثر كما أن خطاب اليهود في البقرة أكثر لأن التوراة أصل والإنجيل فرع لها والنبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة دعا اليهود وجاهدهم وكان جهاده للنصارى في آخر الأمر كما كان دعاؤه لأهل الشرك قبل أهل الكتاب ولهذا كانت السور المكية فيها الدين الذي اتفق عليه الأنبياء فخوطب به جميع الناس والسور المدنية فيها خطاب من أقر بالأنبياء من أهل الكتاب والمؤمنين فخوطبوا بيا أهل الكتاب يا بني إسرائيل يأيها الذين آمنوا
وأما سورة النساء فتضمنت أحكام الأسباب التي بين الناس وهي نوعان مخلوقة لله ومقدورة لهم كالنسب والصهر ولهذا افتتحت بقوله { اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } ثم قال { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } فانظر هذه المناسبة العجيبة في الافتتاح وبراعة الاستهلال حيث تضمنت الآية المفتتح بها ما أكثر السورة في أحكامه من نكاح النساء ومحرماته والمواريث المتعلقة بالأرحام وأن ابتداء هذا الأمر كان بخلق آدم ثم خلق زوجه منه ثم بث منهما رجالا ونساء في غاية الكثرة
وأما المائدة فسورة العقود تضمنت بيان تمام الشرائع ومكملات الدين والوفاء بعهود الرسل وما أخذ على الأمة وبها تم الدين فهي سورة التكميل لأن فيها تحريم الصيد على المحرم الذي هو من تمام الإحرام وتحريم الخمر الذي هو من تمام حفظ العقل والدين وعقوبة المعتدين من السراق والمحاربين الذي هو من تمام حفظ الدماء والأموال وإحلال الطيبات الذي هو من تمام عبادة الله تعالى ولهذا ذكر فيها ما يختص بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم كالوضوء والتيمم والحكم بالقرآن على كل دين ولهذا كثر فيها من لفظ الإكمال والإتمام وذكر فيها أن من ارتد عوض الله خير منه ولا يزال هذا الدين كاملا ولهذا ورد أنها آخر ما نزل لما فيها من إشارات الختم والتمام
وهذا الترتيب بين هذه السور الأربع المدنيات من أحسن الترتيب
____________________
(2/298)
5259 وقال أبو جعفر بن الزبير حكى الخطابي أن الصحابة لما اجتمعوا على القرآن وضعوا سورة القدر عقب العلق استدلوا بذلك على أن المراد بهاء الكناية في قوله { إنا أنزلناه في ليلة القدر } الإشارة إلى قوله ( اقرأ ) قال القاضي أبو بكر ابن العربي وهذا بديع جدا 2 - فصل
5260 قال في البرهان ومن ذلك افتتاح السور بالحروف المقطعة واختصاص كل واحدة بما بدئت به حتى لم يكن لترد ( الم ) في موضع ( الر ) ولا ( حم ) في موضع ( طس )
قال وذلك أن كل سورة بدئت بحرف منها فإن أكثر كلماتها وحروفها مماثل له فحق لكل سورة منها ألا يناسبها غير الواردة فيها فلو وضع ( ق ) موضع ( ن ) لعدم التناسب الواجب مراعاته في كلام الله وسورة ( ق ) بدئت به لما تكرر فيها من الكلمات بلفظ القاف من ذكر القرآن والخلق وتكرير القول ومراجعته مرارا والقرب من ابن آدم وتلقي الملكين وقول العتيد والرقيب والسائق والإلقاء في جهنم والتقدم بالوعد وذكر المتقين والقلب والقرون والتنقيب في البلاد وتشقق الأرض وحقوق الوعيد وغير ذلك
وقد تكرر في سورة يونس من الكلم الواقع فيها ( الراء ) مائتا كلمة أو أكثر فلهذا افتتحت ب ( الر )
واشتملت سورة ( ص ) على خصومات متعددة فأولها خصومة النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار وقولهم { أجعل الآلهة إلها واحدا } ثم اختصام الخصمين عند داود ثم تخاصم أهل النار ثم اختصام الملأ الأعلى ثم تخاصم إبليس في شأن آدم ثم في شأن بنيه وإغوائهم
و ( الم ) جمعت المخارج الثلاثة الحلق واللسان والشفتين على ترتيبها وذلك إشارة إلى البداية التي هي بدء الخلق والنهاية التي هي بدء الميعاد والوسط الذي هو المعاش من التشريع بالأوامر والنواهي وكل سورة افتتحت بها فهي مشتملة على الأمور الثلاثة
وسورة الأعراف زيد فيها الصاد على ( الم ) لما فيها من شرح القصص قصة
____________________
(2/299)
آدم فمن بعده من الأنبياء ولما فيها من ذكر { فلا يكن في صدرك حرج } ولهذا قال بعضهم معنى ( المص ) { ألم نشرح لك صدرك }
وزيد في الرعد راء لأجل قوله { رفع السماوات } ولأجل ذكر الرعد والبرق وغيرهما
5261 واعلم أن عادة القرآن العظيم في ذكر هذه الحروف أن يذكر بعدها ما يتعلق بالقرآن كقوله { الم ذلك الكتاب } { الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق } { المص كتاب أنزل إليك } { الر تلك آيات الكتاب } { طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى } { طسم تلك آيات الكتاب } { يس والقرآن } { ص والقرآن } { حم تنزيل الكتاب } { ق والقرآن } إلا ثلاثت سور العنكبوت والروم ون ليس فيها ما يتعلق به وقد ذكرت حكمة ذلك في ( أسرار التنزيل )
5262 وقال الحزاني في معنى حديث ( أنزل القرآن على سبعة أحرف زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال ) اعلم أن القرآن منزل عند انتهاء الخلق وكمال كل الأمر بدأ فكان المتحلي به جامعا لانتهاء كل خلق وكمال كل أمر فلذلك هو صلى الله عليه وسلم قسيم الكون وهو الجامع الكامل ولذلك كان خاتما وكتابه كذلك وبدأ المعاد من حين ظهوره فاستوفى صلاح هذه الجوامع الثلاث التي قد خلت في الأولين بداياتها وتمت عنده غاياتها ( بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وهي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها قوله صلى الله عليه وسلم ( اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمرى وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي )
وفي كل صلاح إقدام وإحجام فتصير الثلاثة الجوامع ستة هي حروف القرآن الستة ثم وهب حرفا جامعا سابعا فردا لا زوج له فتمت سبعة فأدنى تلك الحروف هو حرفا صلاح الدنيا فلها حرفان حرف الحرام الذي لا تصلح النفس والبدن إلا بالتطهر منه لبعده عن تقويمها والثاني حرف الحلال الذي تصلح النفس والبدن عليه لموافقته تقويمها وأصل هذين الحرفين في التوراة وتمامهما في القرآن
ويلي ذلك حرفا صلاح المعاد أحدهما حرف الزجر والنهى الذي لا تصلح
____________________
(2/300)
الآخرة إلا بالتطهر منه لبعده عن حسناتها والثاني حرف الأمر الذي تصلح الآخرة عليه لتقاضيه لحسناتها وأصل هذين الحرفين في الإنجيل وتمامهما في القرآن
ويلي ذلك حرفا صلاح الدين أحدهما حرف المحكم الذي بان للعبد فيه خطاب ربه والثاني حرف المتشابه الذي لا يتبين للعبد فيه خطاب ربه من جهة قصور عقله عن إدراكه
فالحروف الخمسة للاستعمال وهذا الحرف السادس للوقوف والاعتراف بالعجز وأصل هذين الحرفين في الكتب المتقدمة كلها وتمامهما في القرآن ويختص القرآن بالحرف السابع الجامع وهو حرف المثل المبين للمثل الأعلى
ولما كان هذا الحرف هو الحمد افتتح الله به أم القرآن وجمع فيها جوامع الحروف السبعة التي بثها في القرآن فالأولى تشتمل على حرف الحمد السابع والثانية تشتمل على حرفي الحلال والحرام اللذين أقامت الرحمانية بهما الدنيا والرحيمية الآخرة والثالثة تشتمل على أمر الملك القيم على حرفي الأمر والنهي الذين يبدأ أمرهما في الدين والرابعة تشتمل على حرفي المحكم في قوله { إياك نعبد } والمتشابه في قوله { وإياك نستعين } ولما افتتح أم القرآن بالسابع الجامع الموهوب ابتدئت البقرة بالسادس المعجوز عنه وهو المتشابه
انتهى كلام الحراني
والمقصود منه هو الأخير وبقيته ينبو عنه السمع وينفر منه القلب ولا تميل إليه النفس وأنا أستغفر الله من حكايته على أني أقول في مناسبة ابتداء البقرة ب ( الم ) أحسن مما قال وهو أنه لما ابتدئت الفاتحة بالحرف المحكم الظاهر لكل أحد بحيث لا يعذر أحد في فهمه ابتدئت البقرة بمقابلة وهو الحرف المتشابه البعيد التأويل أو المستحيله 3 - فصل
5263 ومن هذا النوع مناسبة أسماء السور لمقاصدها وقد تقدم في النوع السابع عشر الإشارة إلى ذلك
وفي عجائب الكرماني إنما سميت السور السبع ( حم ) على الاشتراك في الاسم لما بينهن من التشاكل الذي اختصت به وهو أن كل واحدة منها استفتحت بالكتاب أو صفة الكتاب مع تقارب المقادير في الطول والقصر وتشاكل الكلام في النظام
____________________
(2/301)
فوائد منثورة
5264 في المناسبات في تذكرة الشيخ تاج الدين السبكي ومن خطه نقلت سأل الأمام ما الحكمة في افتتاح سورة الإسراء بالتسبيح والكهف بالتحميد وأجاب بأن التسبيح حيث جاء مقدم على التحميد نحو { فسبح بحمد ربك } ( سبحان الله والحمد لله )
وأجاب ابن الزملكاني بأن سورة ( سبحان ) لما اشتملت على الإسراء الذي كذب المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم وتكذيبه تكذيب لله سبحانه وتعالى أتى ( بسبحان ) لتنزيه الله تعالى عما نسب إلى نبيه من الكذب وسورة الكهف لما أنزلت بعد سؤال المشركين عن قصة أصحاب الكهف وتأخر الوحي نزلت مبينة أن الله لم يقطع نعمته عن نبيه ولا عن المؤمنين بل أتم عليهم النعمة بإنزال الكتاب فناسب افتتاحها بالحمد على هذه النعمة
5265 في تفسير الخويي ابتدئت الفاتحة بقوله { الحمد لله رب العالمين } فوصف بأنه مالك جميع المخلوقين وفي الأنعام والكهف وسبأ وفاطر لم يوصف بذلك بل بفرد من أفراد صفاته وهو خلق السموات والأرض والظلمات والنور في الأنعام وإنزال الكتاب في الكهف وملك ما في السموات وما في الأرض في سبأ وخلقهما في فاطر لأن الفاتحة أم القرآن ومطلعه فناسب الإتيان فيها بأبلغ الصفات وأعمها وأشملها
5266 في العجائب للكرماني إن قيل كيف جاء ( يسألونك ) أربع مرات بغير واو { يسألونك عن الأهلة } { يسألونك ماذا ينفقون } { يسألونك عن الشهر الحرام } { يسألونك عن الخمر } ثم جاء ثلاث مرات بالواو { ويسألونك ماذا ينفقون } { ويسألونك عن اليتامى } { ويسألونك عن المحيض }
قلنا لأن سؤالهم عن الحوادث الأول وقع متفرقا وعن الحوادث الأخر وقع في وقت واحد فجئ بحرف الجمع دلالة على ذلك
فإن قيل كيف جاء { ويسألونك عن الجبال فقل } وعادة القرآن مجئ ( قل )
____________________
(2/302)
في الجواب بلا فاء أجاب الكرماني بأن التقدير ( لو سئلت عنها فقل )
فإن قيل كيف جاء { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } وعادة السؤال يجئ جوابه في القرآن ( بقل ) قلنا حذفت للإشارة إلى أن العبد في حالة الدعاء في أشرف المقامات لا واسطة بينه وبين مولاه
ورد في القرآن سورتان أولهما { يا أيها الناس } في كل نصف سورة فالتي في النصف الأول تشتمل على شرح المبدأ والتي في الثاني على شرح المعاد
____________________
(2/303)
النوع الثالث والستون في الآيات المشتبهات
5267 أفرده بالتصنيف خلق أولهم فيما أحسب الكسائي ونظمه السخاوي وألف في توجيهه الكرماني كتابه ( البرهان في متشابه القرآن ) وأحسن منه ( درة التنزيل وغرة التأويل ) لأبي عبد الله الرازي وأحسن من هذا ( ملاك التأويل ) لأبي جعفر بن الزبير ولم أقف عليه وللقاضي بدر الدين بن جماعة في ذلك كتاب لطيف سماه ( كشف المعاني عن متشابه المثاني ) وفي كتابي أسرار التنزيل المسمى ( قطف الأزهار في كشف الأسرار ) من ذلك الجم الغفير
والقصد به إيراد القصة الواحدة في صور شتى وفواصل مختلفة بل تأتي في موضع واحد مقدما وفي آخر مؤخرا كقوله في البقرة { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } وفي الأعراف { وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا }
وفي البقرة { وما أهل به لغير الله } وسائر القرآن { وما أهل لغير الله به }
أو في موضع بزيادة وفي آخر بدونها نحو { سواء عليهم أأنذرتهم } في
____________________
(2/304)
البقرة وفي يس { وسواء عليهم أأنذرتهم }
وفي البقرة { ويكون الدين لله } وفي الأنفال { كله لله }
أو في موضع معرفا وفي آخر منكرا أو مفردا وفي آخر جمعا أو بحرف وفي آخر بحرف آخر أو مدغما وفي آخر مفكوكا وهذا النوع يتداخل مع نوع المناسبات
وهذه أمثلة منه بتوجيهها
5278 قوله تعالى في البقرة { هدى للمتقين } وفي لقمان { هدى ورحمة للمحسنين } لأنه لما ذكر هنا مجموع الإيمان ناسب ( المتقين ) ولما ذكر ثم الرحمة ناسب ( المحسنين )
5269 قوله تعالى { وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا } وفي الأعراف { فكلا } بالفاء قيل لأن السكنى في البقرة الإقامة وفي الأعراف اتخاذ المسكن فلما نسب القول إليه تعالى { وقلنا يا آدم } ناسب زيادة الإكرام بالواو الدالة على الجمع بين السكنى والأكل ولذا قال فيه ( رغدا ) وقال { حيث شئتما } لأنه أعم
وفي الأعراف { ويا آدم } فأتى بالفاء الدالة على ترتيب الأكل على السكنى المأمور باتخاذها لأن الأكل بعد الاتخاذ و { من حيث } لا تعطى عموم معنى { حيث شئتما }
5270 قوله تعالى { واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل } وقال بعد ذلك { ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة } ففيه تقديم العدل وتأخيره والتعبير بقبول الشفاعة تارة وبالنفع أخرى وذكر في حكمته أن الضمير في ( منها ) راجع في الأولى إلى النفس الأولى وفي الثانية إلى النفس الثانية فبين في الأولى أن النفس الشافعة الجازية عن غيرها لا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل وقدمت الشفاعة لأن الشافع يقدم الشفاعة عل بذل العدل عنها
وبين في الثانية أن النفس المطلوبة بجرمها لا يقبل منها عدل عن نفسها ولا
____________________
(2/305)
تنفعها شفاعة شافع منها وقدم العدل لأن الحاجة إلى الشفاعة إنما تكون عند رده ولذلك قال في الأولى { ولا يقبل منها شفاعة } وفي الثانية { ولا تنفعها شفاعة } لأن الشفاعة إنما تقبل من الشافع وإنما تنفع المشفوع له
5271 قوله تعالى { وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون } وفي إبراهيم { ويذبحون } بالواو لأن الأولى من كلامه تعالى لهم فلم يعدد عليهم المحن تكرما في الخطاب والثانية من كلام موسى فعددها
وفي الأعراف { يقتلون } وهو من تنويع الألفاظ المسمى بالتفنن
5272 قوله تعالى { وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية } الآية وفي آية الأعراف اختلاف ألفاظ ونكتته أن آية البقرة في معرض ذكر النعم عليهم حيث قال { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي } إلى آخره فناسب نسبة القول إليه تعالى وناسب قوله ( رغدا ) لأن المنعم به اتم وناسب تقديم { وادخلوا الباب سجدا } وناسب ( خطاياكم ) لأنه جمع كثرة وناسب الواو في ( وسنزيد ) لدلالتها على الجمع بينهما وناسب الفاء في ( فكلوا ) لأن الأكل مترتب على الدخول
وآية الأعراف افتتحت بما فيه توبيخهم وهو قولهم { اجعل لنا إلها كما لهم آلهة } ثم اتخاذهم العجل فناسب ذلك { وإذ قيل لهم } وناسب ترك ( رغدا )
والسكنى تجامع الأكل فقال { وكلوا } وناسب تقديم ذكر مغفرة الخطايا وترك الواو في ( سنزيد )
ولما كان في الأعراف تبعيض الهادين بقوله { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق } ناسب تبعيض الظالمين بقوله { الذين ظلموا منهم } ولم يتقدم في البقرة مثله فترك
وفي البقرة إشارة إلى سلامة غير الذين ظلموا لتصريحه بالإنزال على المتصفين بالظلم والإرسال أشد وقعا من الإنزال فناسب سياق ذكر النعمة في البقرة ذلك وختم آية البقرة ب ( يفسقون ) ولا يلزم منه الظلم والظلم يلزم منه الفسق فناسب كل لفظة منها سياقه
وكذا في البقرة { فانفجرت } وفي الأعراف { فانبجست } لأن الانفجار
____________________
(2/306)
أبلغ في كثرة الماء فناسب سياق ذكر النعم التعبير به
5273 قوله تعالى { وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة } وفي آل عمران { معدودات } قال ابن جماعة لأن قائل ذلك فرقتان من اليهود إحداهما قالت إنما نعذب بالنار سبعة أيام عدد أيام الدنيا والأخرى قالت إنما نعذب أربعين عدة أيام عبادة آبائهم العجل فآية البقرة تحتمل قصد الفرقة الثانية حيث عبر بجمع الكثرة وآل عمران بالفرقة الأولى حيث أتى بجمع القلة
5274 وقال أبو عبد الله الرازي إنه من باب التفنن قوله تعالى { إن هدى الله هو الهدى } وفي آل عمران { إن الهدى هدى الله } لأن الهدى في البقرة المراد به تحويل القبلة وفي آل عمران المراد به الدين لتقدم قوله { لمن تبع دينكم } ومعناه إن دين الله الإسلام
5275 قوله تعالى { رب اجعل هذا بلدا آمنا } وفي إبراهيم { هذا البلد آمنا } لأن الأول دعا به قبل مصيره بلدا عند ترك هاجر وإسماعيل به وهو واد فدعا بأن يصير بلدا والثاني دعا به بعد عوده وسكنى جرهم به ومصيره بلدا فدعا بأمنه
5276 قوله تعالى { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا } وفي آل عمران { قل آمنا بالله وما أنزل علينا } لأن الأولى خطاب للمسلمين والثانية خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم و ( إلى ) ينتهى بها من كل جهة و ( على ) لا ينتهى بها إلا من جهة واحدة وهي العلو والقرآن يأتي المسلمين من كل جهة يأتي مبلغه إياهم منها وإنما أتى النبي صلى الله عليه وسلم ( من جهة العلو خاصة فناسب قوله ( علينا ) ولهذا أكثر ما جاء في جهة النبي صلى الله عليه وسلم ) ب ( على ) وأكثر ما جاء في جهة الأمة ب ( إلى )
5277 قوله تعالى { تلك حدود الله فلا تقربوها } وقال بعد ذلك { فلا تعتدوها } لأن الأولى وردت بعد نواه فناسب النهى عن قربانها والثانية بعد أوامر فناسب النهى عن تعديها وتجاوزها بأن يوقف عندها
____________________
(2/307)
5278 قوله تعالى { نزل عليك الكتاب } وقال { وأنزل التوراة والإنجيل } لأن الكتاب أنزل منجما فناسب الإتيان ب ( نزل ) الدال على التكرير بخلافهما فإنهما أنزلا دفعة
5279 قوله تعالى { ولا تقتلوا أولادكم من إملاق } وفي الإسراء { خشية إملاق } لأن الأولى خطاب للفقراء المقلين أي لآ تقتلوهم من فقر بكم فحسن { نحن نرزقكم } ما يزول به إملاقكم ثم قال ( وإياهم ) أي نرزقكم جميعا والثانية خطاب للأغنياء أي خشية فقر يحصل لكم بسببهم ولذا حسن { نحن نرزقهم وإياكم }
5280 قوله تعالى { فاستعذ بالله إنه سميع عليم } وفي فصلت { فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم }
قال ابن جماعة لأن آية الأعراف نزلت أولا وآية فصلت نزلت ثانيا فحسن التعريف أي هو السميع العليم الذي تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان
5281 قوله تعالى { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } وقال في المؤمنين { بعضهم أولياء بعض } وفي الكفار { والذين كفروا بعضهم أولياء بعض } لأن المنافقين ليسوا متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة فكان بعضهم يهودا وبعضهم مشركين فقال { من بعض } أي في الشك والنفاق والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وكذلك الكفار المعلنون بالكفر كلهم أعوان بعضهم ومجتمعون على التناصر بخلاف المنافقين كما قال تعالى { تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى }
فهذه أمثلة يستضاء بها وقد تقدم منها كثير في نوع التقديم والتأخير وفي نوع الفواصل وفي أنواع أخر
تم الجزء الثالث من كتاب الإتقان في علوم القرآن ويليه الجزء الرابع وأوله النوع الرابع والستون في إعجاز القرآن
____________________
(2/308)
| 4 |
____________________
(2/1)
النوع الرابع والستون في إعجاز القرآن
5282 أفرده بالتصنيف خلائق منهم الخطابي والرماني والزملكاني والإمام الرازي وابن سراقة والقاضي أبو بكر الباقلاني قال ابن العربي ولم يصنف مثل كتابه
5283 اعلم أن المعجزة أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة وهي إما حسية وإما عقلية وأكثر معجزات بني إسرائيل كانت حسية لبلادتهم وقلة بصيرتهم وأكثر معجزات هذه الأمة عقلية لفرط ذكائهم وكمال أفهامهم ولأن هذه الشريعة لما كانت باقية على صفحات الدهر إلى يوم القيامة خصت بالمعجزة العقلية الباقية ليراها ذوو البصائر كما قال صلى الله عليه وسلم ( ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا )
أخرجه البخاري قيل إن معناه أن معجزات الأنبياء انقرضت بانقراض أعصارهم فلم يشاهدها إلا من حضرها ومعجزة القرآن مستمرة إلى يوم القيامة وخرقه العادة في أسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات فلا يمر عصر من الأعصار إلا ويظهر فيه شيء مما أخبر به أنه سيكون يدل على صحة دعواه
وقيل المعنى أن المعجزات الواضحة الماضية كانت حسية تشاهد بالأبصار كناقة صالح وعصا موسى ومعجزة القرآن تشاهد بالبصيرة فيكون من يتبعه لأجلها أكثر لأن الذي يشاهد بعين الرأس ينقرض بانقراض مشاهده والذي يشاهد بعين العقل باق يشاهده كل من جاء بعد الأول مستمرا
5284 قال في فتح الباري ويمكن نظم القولين في كلام واحد فإن محصلهما لا ينافي بعضه بعضا
ولا خلاف بين العقلاء أن كتاب الله تعالى معجز لم يقدر واحد على معارضته بعد تحديهم بذلك قال تعالى { وإن أحد من المشركين }
____________________
(2/311)
استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ) فلولا أن سماعه حجة عليه لم يقف أمره على سماعه ولا يكون حجة إلا وهو معجزة
وقال تعالى { وقالوا لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم } فأخبر أن الكتاب آية من آياته كاف في الدلالة قائم مقام معجزات غيره وآيات من سواه من الأنبياء ولما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وكانوا أفصح الفصحاء ومصاقع الخطباء وتحداهم على أن يأتوا بمثله وأمهلهم طول السنين فلم يقدروا كما قال تعالى { فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } ثم تحداهم بعشر سور منه في قوله تعالى { أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله } ثم تحداهم بسورة في قوله { أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله } الآية ثم كرر في قوله { وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله } الآية فلما عجزوا عن معارضته والإتيان بسورة تشبهه على كثرة الخطباء فيهم والبلغاء نادى عليهم بإظهار العجز وإعجاز القرآن فقال { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } هذا وهم الفصحاء اللد وقد كانوا أحرص شيء على إطفاء نوره وإخفاء أمره فلو كان في مقدرتهم معارضته لعدلوا إليها قطعا للحجة
ولم ينقل عن أحد منهم أنه حدث نفسه بشيء من ذلك ولا رامه بل عدلوا إلى العناد تارة وإلى الإستهزاء أخرى فتارة قالوا ( سحر ) وتارة قالوا ( شعر ) وتارة قالوا ( أساطير الأولين ) كل ذلك من التحير والإنقطاع ثم رضوا بتحكيم السيف في أعناقهم وسبي ذراويهم وحرمهم وإستباحة أموالهم وقد كانوا آنف شيء وأشده حمية فلو علموا أن الإتيان بمثله في قدرتهم لبادروا إليه لأنه كان أهون عليهم كيف وقد أخرج الحاكم عن ابن عباس قال جاء الوليد بن المغيرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك أبا جهل فأتاه فقال يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا لتعرض
____________________
(2/312)
لما قبله قال قد علمت قريش أني من أكثرها مالا قال فقل فيه قولا يبلغ قومك إنك كاره له قال وماذا أقول فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده ولا بأشعار الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله الذي يقول حلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وأنه ليعلو ولا يعلى عليه وأنه ليحطم ما تحته قال لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قال دعني حتى أفكر فلما فكر قال هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره
5285 قال الجاحظ بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر ما كانت العرب شاعرا وخطيبا وأحكم ما كانت لغة وأشد ما كانت عدة فدعا أقصاها وأدناها إلى توحيد الله وتصديق رسالته فدعاهم بالحجة فلما قطع العذر وأزال الشبهة وصار الذي يمنعهم من الإقرار الهوى والحمية دون الجهل والحيرة حملهم على حظهم بالسيف فنصب لهم الحرب ونصبوا له وقتل من عليتهم وأعلامهم وأعمامهم وبني أعمامهم وهو في ذلك يحتج عليهم بالقرآن ويدعوهم صباحا ومساء إلى أن يعارضوه إن كان كاذبا بسورة واحدة أو بآيات يسيرة
فكلما إزداد تحديا لهم بها وتقريعا لعجزهم عنها تكشف من نقصهم ما كان مستورا وظهر منه ما كان خفيا فحين لم يجدوا حيلة ولا حجة قالوا له أنت تعرف من أخبار الأمم ما لا نعرف فلذلك يمكنك ما لا يمكننا
قال فهاتوها مفتريات فلم يرم ذلك خطيب ولا طمع فيه شاعر ولا طمع فيه لتكلفه ولو تكلفه لظهر ذلك ولو ظهر لوجد من يستجيده ويحامي عليه ويكايد فيه ويزعم أنه قد عارض وقابل وناقض
فدل ذلك العاقل على عجز القوم مع كثرة كلامهم وإستحالة لغتهم وسهولة ذلك عليهم وكثرة شعرائهم وكثرة من هجاه منهم وعارض شعراء أصحابه وخطباء أمته لأن سورة واحدة وآيات يسيرة كانت أنقض لقوله وأفسد لأمره وأبلغ في تكذيبه وأسرع في تفريق أتباعه من بذل النفوس والخروج من الأوطان وإنفاق الأموال
وهذا من جليل التدبير الذي لا يخفي على من هو دون قريش والعرب في الرأي والعقل بطبقات ولهم القصيد العجيب والرجز الفاخر والخطب الطوال البليغة والقصار الموجزة ولهم الأسجاع والمزدوج واللفظ المنثور
ثم يتحدى به أقصاهم بعد أن أظهر عجز أدناهم فمحال أكرمك الله أن يجتمع هؤلاء كلهم على الغلط في الأمر الظاهر والخطأ المكشوف البين مع التقريع بالنقص
____________________
(2/313)
والتوقيف على العجز وهم أشد الخلق أنفة وأكثرهم مفاخرة والكلام سيد عملهم وقد احتاجوا إليه والحاجة تبعث على الحيلة في الأمر الغامض فكيف بالظاهر الجليل المنفعة وكما أنه محال أن يطبقوا ثلاثا وعشرين سنة على الغلط في الأمر الجليل المنفعة فكذلك محال أن يتركوه وهم يعرفونه ويجدون السبيل إليه وهم يبذلون أكثر منه إنتهى فصل
5286 لما ثبت كون القرآن معجزة نبينا صلى الله عليه وسلم وجب الإهتمام بمعرفة وجه الإعجاز وقد خاض الناس في ذلك كثيرا فبين محسن ومسيء فزعم قوم أن التحدي وقع بالكلام القديم الذي صفة الذات وأن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وبه وقع عجزها وهو مردود لأن ما لا يمكن الوقوف عليه لا يتصور التحدي به والصواب ما قاله الجمهور أنه وقع بالدال على القديم وهو الألفاظ
5287 ثم زعم النظام أن إعجازه بالصرفة أي أن الله صرف العرب عن معارضته وسلب عقولهم وكان مقدورا لهم لكن عاقهم أمر خارجي فصار كسائر المعجزات
وهذا قول فاسد بدليل { قل لئن اجتمعت الإنس والجن } الآية فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ولو سلبوا القدرة لم يبق لهم فائدة لإجتماعهم لمنزلته منزلة إجتماع الموتى وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره هذا مع أن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة إعجاز بل المعجز هو الله تعالى حيث سلبهم القدرة على الإتيان بمثله
وأيضا فيلزم من القول بالصرفة زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي وخلو القرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة أن معجزة الرسول العظمى باقية ولا معجزة له باقية سوى القرآن
5288 قال القاضي أبو بكر ومما يبطل القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا وإنما يكون بالمنع معجزا فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه
قال وليس هذا بأعجب من
____________________
(2/314)
قول فريق منهم إن الكل قادرون على الإتيان بمثله وإنما تأخروا عنه لعدم العلم بوجه ترتيب لو تعلموه لوصلوا إليه به ولا بأعجب من قول آخرين إن العجز وقع منهم وأما من بعدهم ففي قدرته الإتيان بمثله وكل هذا لا يعتد به
5289 وقال قوم وجه إعجازه ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة ولم يكن ذلك من شأن العرب
5290 وقال آخرون ما تضمنه من الإخبار عن قصص الأولين وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحضرها
5291 وقال آخرون ما تضمنه من الإخبار عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل كقوله { إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا } { ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله }
5292 وقال القاضي أبو بكر وجه إعجازه ما فيه من النظم والتأليف والترصيف وأنه خارج عن جميع وجوه النظم المعتاد في كلام العرب ومباين لأساليب خطاباتهم
قال ولهذا لم يمكنهم معارضته
قال ولا سبيل إلى معرفة إعجاز القرآن من أصناف البديع التي أودعوها في الشعر لأنه ليس مما يخرق العادة بل يمكن إستدراكه بالعلم والتدريب والتصنع به كقول الشعر ورصف الخطب وصناعة الرسالة والحذق في البلاغة وله طريق تسلك فأما شأو نظم القرآن فليس له مثال يحتذي ولا إمام يقتدي به ولا يصح وقوع مثله إتفاقا
قال ونحن نعتقد أن الإعجاز في بعض القرآن أظهر وفي بعضه أدق وأغمض
5293 وقال الإمام فخر الدين وجه الإعجاز الفصاحة وغرابة الأسلواب والسلامة من جميع العيوب
5294 وقال الزملكاني وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص به لا مطلق التأليف بأن اعتدلت مفرداته تركيبا وزنة وعلت مركباته معنى بأن يوضع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى
5295 وقال ابن عطية الصحيح والذي عليه الجمهور والحذاق في وجه
____________________
(2/315)
إعجازه أنه بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه وذلك أن الله أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره
والبشر يعمهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة
وبهذا يبطل قول من قال إن العرب كان في قدرتها الإتيان بمثله فصرفوا عن ذلك والصحيح أنه لم يكن في قدرة أحد قط ولهذا ترى البليغ ينقح القصيدة أو الخطبة حولا ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرا وكتاب الله تعالى لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب على لفظة أحسن منها لم يوجد
ونحن تتبين لنا البراعة في أكثره ويخفي علينا وجهها في مواضع لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ في سلامة الذوق وجودة القريحة
وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة موسى بالسحرة وفي معجزة عيسى بالأطباء فإن الله إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما تكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكان السحر قد إنتهى في مدة موسى إلى غايته وكذلك الطب في زمن عيسى والفصاحة في زمن محمد صلى الله عليه وسلم
5296 وقال حازم في منهاج البلغاء وجه الإعجاز في القرآن من حيث إستمرت الفصاحة والبلاغة فيه من جميع أنحائها في جميعه إستمرارا لا يوجد له فترة ولا يقدر عليه أحد من البشر وكلام العرب ومن تكلم بلغتهم لا تستمر الفصاحة والبلاغة في جميع أنحائها في العالي منه إلا في الشيء اليسير المعدود ثم تعرض الفترات الإنسانية فينقطع طيب الكلام ورونقه فلا تستمر لذلك الفصاحة في جميعه بل توجد في تفاريق وأجزاء منه
5297 وقال المراكشي في شرح المصباح الجهة المعجزة في القرآن تعرف بالتفكر في علم البيان وهو كما إختاره جماعة في تعريفه ما يحترز به عن الخطأ في تأديه المعنى وعن تعقيده وتعرف به وجوه تحسين الكلام بعد رعاية تطبيقه لمقتضى الحال لأن جهة إعجازه ليست مفردات ألفاظه وإلا لكانت قبل نزوله معجزة ولا
____________________
(2/316)
مجرد تأليفها وإلا لكان كل تأليف معجزا ولا إعرابها وإلا لكان كل كلام معرب معجزا ولا مجرد أسلوبه وإلا لكان الإبتداء بأسلوب الشعر معجزا والأسلوب الطريق ولكان هذيان مسيلمة معجزا ولأن الإعجاز يوجد دونه أي الأسلوب في نحو { فلما استيأسوا منه خلصوا نجيا } { فاصدع بما تؤمر }
ولا بالصرف عن معارضتهم لأن تعجبهم كان من فصاحته ولأن مسيلمة وابن المقفع والمعري وغيرهم قد تعاطوها فلم يأتوا إلا بما تمجه الأسماع وتنفر منه الطباع ويضحك منه في أحوال تركيبه وبها أي بتلك الأحوال أعجز البلغاء وأخرس الفصحاء
فعلى إعجازه دليل إجمالي وهو أن العرب عجزت عنه وهو بلسانها فغيرها أحرى ودليل تفصيلي مقدمته التفكر في خواص تركيبه ونتيجته العلم بأنه تنزيل من المحيط بكل شيء علما
5298 وقال الأصبهاني في تفسيره اعلم أن إعجاز القرآن ذكر من وجهين أحدهما إعجاز يتعلق بنفسه والثاني بصرف الناس عن معارضته فالأول إما أن يتعلق بفصاحته وبلاغته أو بمعناه أما الإعجاز المتعلق بفصاحته وبلاغته فلا يتعلق بعنصره الذي هو اللفظ والمعنى فإن ألفاظه ألفاظهم قال تعالى { قرآنا عربيا } { بلسان عربي } ولا بمعانيه فإن كثيرا منها موجود في الكتب المتقدمة قال تعالى { وإنه لفي زبر الأولين } وما هو في القرآن من المعارف الإلهية وبيان المبدإ والمعاد والإخبار بالغيب فإعجازه ليس براجع إلى القرآن من حيث هو قرآن بل لكونها حاصلة من غير سبق تعليم وتعلم ويكون الإخبار بالغيب إخبارا بالغيب سواء كان بهذا النظم أو بغيره موردا بالعربية أو بلغة أخرى بعبارة أو بإشارة فإذن النظم المخصوص صورة القرآن واللفظ والمعنى عنصره وبإختلاف الصور يختلف حكم الشيء واسمه لا بعنصره كالخاتم والقرط والسوار فإنه باختلاف صورها إختلفت أسماؤها لا بعنصرها الذي هو الذهب والفضة والحديد فإن الخاتم المتخذ من الذهب ومن الفضة ومن الحديد يسمى خاتما وإن كان العنصر مختلفا وإن إتخذ خاتم وقرط وسوار من ذهب إختلفت أسماؤها بإختلاف صورها وإن كان العنصر واحدا
____________________
(2/317)
قال فظهر من هذا أن الإعجاز المختص بالقرآن يتعلق بالنظم المخصوص
5299 وبيان كون النظم معجزا يتوقف على بيان نظم الكلام ثم بيان أن هذا النظم مخالف لنظم ما عداه فنقول مراتب تأليف الكلام خمس
الأولى ضم الحروف المبسوطة بعضها إلى بعض لتحصل الكلمات الثلاث الإسم والفعل والحروف
والثانية تأليف هذه الكلمات بعضها إلى بعض لتحصل الجمل المفيدة وهو النوع الذي يتداوله الناس جميعا في مخاطباتهم وقضاء حوائجهم ويقال له المنثور من الكلام
والثالثة ضم بعض ذلك إلى بعض ضما له مباد ومقاطع ومداخل ومخارج ويقال له المنظوم
والرابعة أن يعتبر في أواخر الكلام مع ذلك تسجيع ويقال له المسجع
والخامسة أن يجعل له مع ذلك وزن ويقال له الشعر والمنظوم إما محاورة ويقال له الخطابة وإما مكاتبة ويقال له الرسالة فأنواع الكلام لا تخرج عن هذه الأقسام ولكل من ذلك نظم مخصوص والقرآن جامع لمحاسن الجميع على نظم غير نظم شيء منها يدل على ذلك أنه لا يصح أن يقال له رسالة أو خطابة أو شعر أو سجع كما يصح أن يقال هو كلام والبليغ إذا قرع سمعه فصل بينه وبين ما عداه من النظم ولهذا قال تعالى { وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه } تنبيها على أن تأليفه ليس على هيئة نظم يتعاطاه البشر فيمكن أن يغير بالزيادة والنقصان كحالة الكتب الأخرى
5300 قال وأما الإعجاز المتعلق بصرف الناس عن معارضته فظاهر أيضا إذا إعتبر وذلك أنه ما من صناعة محمودة كانت أو مذمومة إلا وبينها وبين قوم مناسبات خفية وإتفاقات جميلة بدليل أن الواحد يؤثر حرفة من الحرف فينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه في مباشرتها فيقبلها بإنشراح صدر ويزاولها باتساع قلب فلما دعا الله أهل البلاغة والخطابة الذين يهيمون في كل واد من المعاني بسلاطة لسانهم إلى معارضة القرآن وعجزهم عن الإتيان بمثله ولم يتصدوا
____________________
(2/318)
لمعارضته لم يخف على أولى الألباب أن صارفا إلهيا صرفهم عن ذلك وأي إعجاز أعظم من أن يكون كافة البلغاء عجزة في الظاهر عن معارضته مصروفة في الباطن عنها
إنتهى
5301 وقال السكاكي في المفتاح اعلم أن إعجاز القرآن يدرك ولا يمكن وصفه كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة
وكما يدرك طيب النغم العارض لهذا الصوت ولا يدرك تحصيله لغير ذوي الفطرة السليمة إلا باتقان علمي المعاني والبيان والتمرين فيهما
5302 وقال أبو حيان التوحيدي سئل بندار الفارسي عن موضع الإعجاز من القرآن فقال هذه مسألة فيها حيف على المعنى وذلك أنه شبيه بقولك ما موضع الإنسان من الإنسان فليس للإنسان موضع من الإنسان بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ودللت على ذاته كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء فيه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه ومعجزة لمحاوله وهدى لقائله وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده
5303 وقال الخطابي ذهب الأكثرون من علماء النظر إلى أن وجه الإعجاز فيه من جهة البلاغة لكن صعب عليهم تفصيلها وصغوا فيه إلى حكم الذوق
قال والتحقيق أن أجناس الكلام مختلفة ومراتبها في درجات البيان متفاوتة فمنهما البليغ الرصين الجزل ومنها الفصيح الغريب السهل ومنها الجائز الطلق الرسل وهذه أقسام الكلام الفاضل المحمود فالأول أعلاها والثاني أوسطها والثالث أدناها وأقربها فحازت بلاغات القرآن من كل قسم من هذه الأقسام حصة وأخذت من كل نوع شعبة فانتظم لها بانتظام هذه الأوصاف نمط من الكلام يجمع صفتي الفخامة والعذوبة وهما على الإنفراد في نعوتهما كالمتضادين لأن العذوبة نتاج السهولة والجزالة والمتانة يعالجان نوعا من الزعورة فكان إجتماع الأمرين في نظمه مع نبو كل واحد منهما عن الآخر فضيلة خص بها القرآن ليكون آية بينة لنبيه صلى الله عليه وسلم
____________________
(2/319)
وإنما تعذر على البشر الإتيان بمثله لأمور منها أن علمهم لا يحيط بجميع أسماء اللغة العربية وأوضاعها التي هي ظروف المعاني ولا تدرك أفهامهم جميع معاني الأشياء المحمولة على تلك الألفاظ ولا تكمل معرفتهم باستيفاء جميع وجوه النظوم التي بها يكون ائتلافها وإرتباط بعضها ببعض فيتوصلوا باختيار الأفضل من الأحسن من وجوهها إلى أن يأتوا بكلام مثله وإنما يقوم الكلام بهذه الأشياء الثلاثة لفظ حاصل ومعنى به قائم ورباط لهما ناظم
وإذا تأملت القرآن وجدت هذه الأمور منه في غاية الشرف والفضيلة حتى لا ترى شيئا من الألفاظ أفصح ولا أجزل ولا أعذب من ألفاظه ولا ترى نظما أحسن تأليفا وأشد تلاؤما وتشاكلا من نظمه وأما معانيه فكل ذي لب يشهد له بالتقدم في أبوابه والترقي إلى أعلى درجاته
وقد توجد هذه الفضائل الثلاث على التفرق في أنواع الكلام فأما أن توجد مجموعة في نوع واحد منه فلم توجد إلا في كلام العليم القدير فخرج من هذا أن القرآن إنما صار معجزا لأنه جاء بأفصح الألفاظ في أحسن نظوم التأليف مضمنا أصح المعاني من توحيد لله تعالى وتنزيهه له في صفاته ودعاء إلى طاعته وبيان لطريق عبادته من تحليل وتحريم وحظر وإباحة ومن وعظ وتقويم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وإرشاد إلى محاسن الأخلاق وزجر عن مساويها واضعا كل شيء منها موضعه الذي لا يرى شيء أولى منه ولا يتوهم في صورة العقل أمر أليق به منه مودعا أخبار القرون الماضية وما نزل من مثلات الله بمن مضى وعاند منهم منبئا عن الكوائن المستقبلة في الأعصار الآتية من الزمان جامعا في ذلك بين الحجة والمحتج له والدليل والمدلول عليه ليكون ذلك آكد للزوم ما دعا عليه وإنباء عن وجوب ما أمر به ونهي عنه
ومعلوم أن الإتيان بمثل هذه الأمور والجمع بين أشتاتها حتى تنتظم وتتسق أمر تعجز عنه قوى البشر ولا تبلغه قدرتهم فانقطع الخلق دونه وعجزوا عن معارضته بمثله أو مناقضته في شكله
ثم صار المعاندون له يقولون مرة إنه شعر لما رأوه منظوما ومرة أنه سحر لما رأوه معجوزا عنه غير مقدور عليه
وقد كانوا يجدون له وقعا في القلوب وقرعا في النفوس يرهبهم ويحيرهم فلم يتمالكوا أن يعترفوا به نوعا من الإعتراف ولذلك قالوا إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة
وكانوا
____________________
(2/320)
مرة بجهلهم يقولون { أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا } مع علمهم أن صاحبهم أمي وليس بحضرته من يملي أو يكتب في نحو ذلك من الأمور التي أوجبها العناد والجهل والعجز
ثم قال وقد قلت في إعجاز القرآن وجها ذهب عنه الناس وهو صنيعه في القلوب وتأثيره في النفوس فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما ولا منثورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال ومن الروعة والمهابة في حال آخر ما يخلص منه إليه قال تعالى { لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله } وقال { الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم }
إنتهى
5304 وقال ابن سراقة إختلف أهل العلم في وجه إعجاز القرآن فذكروا في ذلك وجوها كثيرة كلها حكمة وصواب وما بلغوا في وجوه إعجازه جزءا واحدا من عشر معشاره فقال قوم هو الإيجاز مع البلاغة
وقال آخرون هو البيان والفصاحة
وقال آخرون هو الرصف والنظم
وقال آخرون هو كونه خارجا عن جنس كلام العرب من النظم والنثر والخطب والشعر مع كون حروفه في كلامهم ومعانيه في خطابهم وألفاظه من جنس كلماتهم وهو بذاته قبيل غير قبيل كلامهم وجنس آخر متميز عن أجناس خطابهم حتى إن من اقتصر على معانيه وغير حروفه أذهب رونقه ومن إقتصر على حروفه وغير معانيه أبطل فائدته فكان في ذلك أبلغ دلالة على إعجازه
وقال آخرون هو كون قارئه لا يكل وسامعه لا يمل وإن تكررت عليه تلاوته
وقال آخرون هو ما فيه من الإخبار عن الأمور الماضية
وقال آخرون هو ما فيه من علم الغيب والحكم على الأمور بالقطع
____________________
(2/321)
وقال آخرون هو كونه جامعا لعلوم يطول شرحها ويشق حصرها
إنتهى
5305 وقال الزركشي في البرهان أجمع أهل التحقيق على أن الإعجاز وقع بجميع ما سبق من الأقوال لا بكل واحد على إنفراده فإنه جمع ذلك كله فلا معنى لنسبته إلى واحد منها بمفرده مع إشتماله على الجميع بل وغير ذلك مما لم يسبق فمنها الروعة التي له في قلوب السامعين وأسماعهم سواء المقر والجاحد
ومنها أنه لم يزل ولا يزال غضا طريا في أسماع السامعين وعلى ألسنة القارئين
ومنها جمعه بين صفتي الجزالة والعذوبة وهما كالمتضادين لا يجتمعان غالبا في كلام البشر
ومنها جعله آخر الكتب غنيا عن غيره وجعل غيره من الكتب المتقدمة قد يحتاج إلى بيان يرجع فيه إليه كما قال تعالى { إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون }
5306 وقال الرماني وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة والتحدي للكافة والصرفة والبلاغة والإخبار عن الأمور المستقبلة ونقض العادة وقياسه بكل معجزة
قال ونقض العادة هو أن العادة كانت جارية بضروب من أنواع الكلام معروفة منها الشعر ومنها السجع ومنها الخطب ومنها الرسائل ومنها المنثور الذي يدور بين الناس في الحديث فأتى القرآن بطريقة مفردة خارجة عن العادة لها منزلة في الحسن تفوق به كل طريقة وتفوق الموزون الذي هو أحسن الكلام
قال وأما قياسه بكل معجزة فإنه يظهر إعجازه من هذه الجهة إذ كان سبيل فلق البحر وقلب العصا حية وما جرى هذا المجرى في ذلك سبيلا واحدا في الإعجاز إذ خرج عن العادة وقعد الخلق فيه عن المعارضة
5307 وقال القاضي عياض في الشفا اعلم أن القرآن منطو على وجوه من الإعجاز كثيرة وتحصيلها من جهة ضبط أنواعها في أربعة وجوه
5308 أولها حسن تأليفه والتئام كلمه وفصاحته ووجوه إيجازه وبلاغته الخارقة عادة العرب الذين هم فرسان الكلام وأرباب هذا الشأن
____________________
(2/322)
5309 الثاني صورة نظمه العجيب والأسلوب الغريب المخالف لأساليب كلام العرب ومنهاج نظمها ونثرها الذي جاء عليه ووقفت عليه مقاطع آياته وإنتهت إليه فواصل كلماته ولم يوجد قبله ولا بعده نظير له
قال وكل واحد من هذين النوعين الإيجاز والبلاغة بذاتها والأسلوب الغريب بذاته نوع إعجاز على التحقيق لم تقدر العرب على الإتيان بواحد منهما إذ كل واحد خارج عن قدرتها مباين لفصاحتها وكلامها خلافا لمن زعم أن الإعجاز في مجموع البلاغة والأسلوب
5310 الوجه الثالث ما انطوى عليه من الإخبار بالمغيبات وما لم يكن فوجد كما ورد
5311 الرابع ما أنبأ به من أخبار القرون السالفة والأمم البائدة والشرائع الداثرة مما كان لا يعلم منه القصة الواحدة إلا الفذ من أحبار أهل الكتاب الذي قطع عمره في تعلم ذلك فيورده صلى الله عليه وسلم على وجهه ويأتي به على نصه وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب
قال فهذه الوجوه الأربعة من إعجازه بينه لا نزاع فيها
ومن الوجوه في إعجازه غير ذلك أي وردت بتعجيز قوم في قضايا وإعلامهم أنهم لا يفعلونها فما فعلوا ولا قدروا على ذلك كقوله لليهود { فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا } فما تمناه أحد منهم وهذا الوجه داخل في الوجه الثالث
ومنها الروعة التي تلحق قلوب سامعيه عند سماعهم والهيبة التي تعتريهم عند تلاوته وقد أسلم جماعة عند سماع آيات منه كما وقع لجبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور قال فلما بلغ هذه الآية { أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون } إلى قوله { المصيطرون } كاد قلبي أن يطير
قال وذلك أول ما وقر الإسلام في قلبي
وقد مات جماعة عند سماع آيات منه أفردوا بالتصنيف
ثم قال ومن وجوه إعجازه كونه آية باقية لا يعدم ما بقيت الدنيا مع تكفل الله بحفظه
ومنها أن قارئه لا يمله وسامعه لا يمجه بل الإكباب على تلاوته يزيده
____________________
(2/323)
حلاوة وترديده يوجب له محبة وغيره من الكلام يعادي إذا أعيد ويمل مع الترديد ولهذ وصف صلى الله عليه وسلم القرآن بأنه ( لا يخلق على كثرة الرد )
ومنها جمعه لعلوم ومعارف لم يجمعها كتاب من الكتب ولا أحاط بعلمها أحد في كلمات قليلة وأحرف معدودة
قال وهذا الوجه داخل في بلاغته فلا يجب أن يعد فنا مفردا في إعجازه
قال والأوجه التي قبله تعد في خواصه وفضائله لا إعجازه
وحقيقة الإعجاز الوجوه الأربعة الأول فليعتمد عليها
إنتهى تنبيهات الأول
5312 إختلف في قدر المعجز من القرآن فذهب بعض المعتزلة إلى أنه متعلق بجميع القرآن والآيتان السابقتان ترده
وقال القاضي يتعلق الإعجاز بسورة طويلة كانت أو قصيرة تشبثا بظاهر قوله { بسورة }
وقال في موضع آخر يتعلق بسورة أو قدرها من الكلام بحيث يتبين فيه تفاضل قوى البلاغة قال فإذا كانت آية بقدر حروف سورة وإن كانت كسورة الكوثر فذلك معجز
قال ولم يقم دليل على عجزهم عن المعارضة في أقل من هذا القدر
وقال قوم لا يحصل الإعجاز بآية بل يشترط الآيات الكثيرة
وقال آخرون يتعلق بقليل القرآن وكثيره لقوله { فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين } قال القاضي ولا دلالة في الآية لأن الحديث التام لا تتحصل حكايته في أقل من كلمات سورة قصيرة الثاني
5313 اختلف في أنه هل يعلم إعجاز القرآن ضرورة قال القاضي فذهب أبو الحسن الأشعري إلى أن ظهور ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم يعلم ضرورة وكونه معجزا
____________________
(2/324)
يعلم بالإستدلال قال والذي نقوله إن الأعجمي لا يمكنه أن يعلم إعجازه إلا إستدلالا وكذلك من ليس ببليغ فأما البليغ الذي قد أحاط بمذاهب العرب وغرائب الصنعة فإنه يعلم من نفسه ضرورة عجزه وعجز غيره عن الإتيان بمثله الثالث
5314 اختلف في تفاوت القرآن في مراتب الفصاحة بعد إتفاقهم على أنه في أعلى مراتب البلاغة بحيث لا يوجد في التراكيب ما هو أشد تناسبا ولا إعتدالا في إفادة ذلك المعنى منه فاختار القاضي المنع وأن كل كلمة فيه موصوفة بالذروة العليا وإن كان بعض الناس أحسن إحساسا له من بعض
واختار أبو نصر القشيري وغيره التفاوت فقال لا ندعي أن كل ما في القرآن أرفع الدرجات في الفصاحة وكذا قال غيره في القرآن الأفصح والفصيح
وإلى هذا نحا الشيخ عز الدين بن عبد السلام ثم أورد سؤالا وهو أنه لم لم يأت القرآن جميعه بالأفصح وأجاب عنه الصدر موهوب الجزري بما حاصله أنه لو جاء القرآن على ذلك لكان على غير النمط المعتاد في كلام العرب من الجمع بين الأفصح والفصيح فلا تتم الحجة في الإعجاز فجاء على نمط كلامهم المعتاد ليتم ظهور العجز عن معارضته ولا يقولوا مثلا أتيت بما لا قدرة لنا على جنسه كما لا يصح من البصير أن يقول للأعمى قد غلبتك بنظري لأنه يقول له إنما تتم لك الغلبة لو كنت قادرا على النظر وكان نظرك أقوى من نظري فأما إذ فقد أصل النظر فكيف يصح مني المعارضة الرابع
5315 قيل الحكمة في تنزيه القرآن عن الشعر الموزون مع أن الموزون من الكلام رتبته فوق رتبة غيره أن القرآن منبع الحق ومجمع الصدق وقصارى أمر الشاعر التخييل بتصور الباطل في صورة الحق والإفراط في الإطراء والمبالغة في الذم والأيذاء دون إظهار الحق وإثبات الصدق ولهذا نزه الله نبيه عنه ولأجل شهرة الشعر بالكذب سمى أصحاب البرهان القياسات المؤدية في أكثر الأمر إلى البطلان والكذب شعرية
وقال بعض الحكماء لم ير متدين صادق اللهجة مفلقا في شعره
____________________
(2/325)
وأما ما وجد في القرآن مما صورته صورة الموزون فالجواب عنه أن ذلك لا يسمى شعرا لأن شرط الشعر القصد ولو كان شعرا لكان كل من اتفق له في كلامه شيء موزون شاعرا فكان الناس كلهم شعراء لأنه قل أن يخلو كلام أحد عن ذلك وقد ورد ذلك على ألسنة الفصحاء فلو اعتقدوه شعرا لبادروا إلى معارضته والطعن عليه لأنهم كانوا أحرص شيء على ذلك وإنما يقع ذلك لبلوغ الكلام الغاية القصوى في الإنسجام
وقيل البيت الواحد وما كان على وزنه لا يسمى شعرا وأقل الشعر بيتان فصاعدا وقيل الرجز لا يسمى شعرا أصلا وقيل أقل ما يكون من الرجز شعرا أربعة أبيات وليس ذلك في القرآن بحال الخامس
5316 قال بعضهم التحدي إنما وقع للإنس دون الجن لأنهم ليسوا من أهل اللسان العربي الذي جاء القرآن على أساليبه وإنما ذكروا في قوله { قل لئن اجتمعت الإنس والجن } تعظيما لإعجازه لأن للهيئة الإجتماعية من القوة ما ليس للأفراد فإذا فرض إجتماع الثقلين فيه وظاهر بعضهم بعضا وعجزوا عن المعارضة كان الفريق الواحد أعجز
وقال غيره بل وقع للجن أيضا والملائكة منويون في الآية لأنهم لا يقدرون أيضا على الإتيان بمثل القرآن
قال الكرماني في غرائب التفسير إنما إقتصر في الآية على ذكر الإنس والجن لأنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثا إلى الثقلين دون الملائكة السادس
5317 سئل الغزالي عن معنى قوله تعالى { ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا }
فأجاب الإختلاف لفظ مشترك بين معان وليس المراد نفي إختلاف الناس فيه بل نفى الإختلاف عن ذات القرآن يقال هذا كلام مختلف أي لا يشبه أوله آخره في الفصاحة أو هو مختلف الدعوى أي بعضه يدعو إلى الدين وبعضه يدعو إلى الدنيا وهو مختلف النظم فبعضه على وزن الشعر وبعضه منزحف وبعضه
____________________
(2/326)
على أسلوب مخصوص في الجزالة وبعضه على أسلوب يخالفه
وكلام الله منزه عن هذه الإختلافات فإنه على منهاج واحد في النظم مناسب أوله آخره وعلى درجة واحدة في غاية الفصاحة فليس يشتمل على الغث والسمين ومسوق لمعنى واحد وهو دعوة الخلق إلى الله تعالى وصرفهم عن الدنيا إلى الدين وكلام الآدمين تتطرق إليه هذه الإختلافات إذ كلام الشعراء والمترسلين إذا قيس عليه وجد فيه اختلاف في منهاج النظم ثم اختلاف في درجات الفصاحة بل في أصل الفصاحة حتى يشتمل على الغث والسمين فلا تتساوى رسالتان ولا قصيدتان بل تشتمل قصيدة على أبيات فصيحة وأبيات سخيفة وكذلك تشتمل القصائد والأشعار على أغراض مختلفة لأن الشعراء والفصحاء في كل واد يهيمون فتارة يمدحون ( الدنيا ) وتارة يذمونها وتارة يمدحون الجبن ويسمونه حزما وتارة يذمونه ويسمونه ضعفا وتارة يمدحون الشجاعة ويسمونها صرامة وتارة يذمونها ويسمونها تهورا ولا ينفك كلام آدمي عن هذه الإختلافات لأن منشأها إختلاف الأغراض والأحوال والإنسان تختلف أحواله فتساعده الفصاحة عند إنبساط الطبع وفرحه وتتعذر عليه عند الإنقباض وكذلك تختلف أغراضه فيميل إلى الشيء مرة ويميل عنه أخرى فيوجب ذلك إختلافا في كلامه بالضرورة فلا يصادف إنسان يتكلم في ثلاث وعشرين سنة وهي مدة نزول القرآن فيتكلم على غرض واحد ومنهاج واحد ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم بشرا تختلف أحواله
فلو كان هذا كلامه أو كلام غيره من البشر لوجدوا فيه إختلافا كثيرا السابع
5318 قال القاضي فإن قيل هل تقولون إن غير القرآن من كلام الله معجز كالتوراة والإنجيل قلنا ليس شيء من ذلك بمعجز في النظم والتأليف وإن كان معجزا كالقرآن فيما يتضمن من الإخبار بالغيوب وإنما لم يكن معجزا لأن الله تعالى لم يصفه بما وصف به القرآن ولأنا قد علمنا أنه لم يقع التحدي إليه كما وقع في القرآن ولأن ذلك اللسان لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ما يقع فيه التفاضل الذي ينتهي إلى حد الإعجاز وقد ذكر ابن جني في الخاطريات في قوله { قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون أول من ألقى } أن العدول عن قوله ( وما أن نلقي )
____________________
(2/327)
لغرضين أحدهما لفظي وهو المزاوجة لرؤوس الآي والآخر معنوي وهو أنه تعالى أراد أن يخبر عن قوة أنفس السحرة وإستطالتهم على موسى فجاء عنهم باللفظ أتم وأوفى منه في إسنادهم الفعل إليه
ثم أورد سؤالا وهو إنا نعلم أن السحرة لم يكونوا أهل لسان فنذهب بهم هذا المذهب من صنعه الكلام وأجاب بأن جميع ما ورد في القرآن حكاية عن غير أهل اللسان من القرون الخالية إنما هو معرب عن معانيهم وليس بحقيقة ألفاظهم ولهذا لا يشك في أن قوله تعالى { قالوا إن هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى } أن هذه الفصاحة لم تجر على لغة العجم الثامن
5319 قال البارزي في أول كتابه ( أنوار التحصيل في أسرار التنزيل ) اعلم أن المعنى الواحد قد يخبر عنه بألفاظ بعضها أحسن من بعض وكذلك كل واحد من جزأي الجملة قد يعبر عنه بأفصح ما يلائم الجزء الآخر ولا بد من إستحضار معاني الجمل أو إستحضار جميع ما يلائمها من الألفاظ ثم إستعمال أنسبها وأفصحها وإستحضار هذا متعذر على البشر في أكثر الأحوال وذلك عتيد حاصل في علم الله تعالى فلذلك كان القرآن أحسن الحديث وأفصحه وإن كان مشتملا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ولذلك أمثلة منها قوله تعالى { وجنى الجنتين دان } لو قال مكانه ( وثمر الجنتين قريب ) لم يقم مقامه من جهة الجناس بين الجنى والجنتين ومن جهة أن الثمر لا يشعر بمصيره إلى حال يجني فيها ومن جهة مؤاخاة الفواصل
ومنها قوله تعالى { وما كنت تتلو من قبله من كتاب } أحسن من التعبير ب ( تقرأ ) لثقله بالهمزة
ومنها { لا ريب فيه } أحسن من ( لاشك فيه ) لثقل الإدغام ولهذا كثر ذكر الريب
ومنها { ولا تهنوا } أحسن من ( ولا تضعفوا ) لخفته
و { وهن العظم مني } أحسن من ( ضعف ) لأن الفتحة أخف من الضمة
ومنها { آمن } أخف من ( صدق ) ولذا كان ذكره أكثر من ذكر التصديق
و { آثرك }
____________________
(2/328)
{ الله } أخف من ( فضلك )
و { أتى } أخف من ( أعطى )
و { أنذر } أخف من ( خوف )
و { خير لكم } أخف من ( أفضل لكم ) والمصدر في نحو { هذا خلق الله } { يؤمنون بالغيب } أخف من ( مخلوق ) و ( الغائب ) و { تنكح } أخف من ( تتزوج ) لأن ( تفعل ) أخف من ( تفعل ) ولهذا كان ذكر النكاح فيه أكثر
ولأجل التخفيف والاختصار استعمل لفظ الرحمة والغضب والرضا والحب والمقت في أوصاف الله تعالى مع أنه لا يوصف بها حقيقة لأنه لو عبر عن ذلك بألفاظ الحقيقة لطال الكلام كأن يقال يعامله معاملة المحب والماقت فالمجاز في مثل هذا أفضل من الحقيقة لخفته واختصاره وابتنائه على التشبيه البليغ فإن قوله { فلما آسفونا انتقمنا منهم } أحسن من ( فلما عاملونا معاملة المغضب ) أو ( فلما أتوا إلينا بما يأتيه المغضب )
انتهى
5320 التاسع قال الرماني فإن قال قائل فلعل السور القصار يمكن فيها المعارضة قيل لا يجوز فيها ذلك من قبل أن التحدي قد وقع بها فظهر العجز عنها في قوله { فأتوا بسورة } فلم يخص بذلك الطوال دون القصار
فإن قال فإنه يمكن في القصار أن تغير الفواصل فيجعل بدل كل كلمة ما يقوم مقامها فهل يكون ذلك معارضة قيل له لا من قبل أن المفحم يمكنه أن ينشيء بيتا واحدا ولا يفصل بطبعه بين مكسور وموزون فلو أن مفحما رام أن يجعل بدل قوافي قصيدة رؤبة
( وقاتم الأعماق خاوي المخترق % مشتبه الأعلام لماع الخفق )
( بكل وفد الريح من حيث انخرق % )
فجعل بدل المخترق ( الممزق ) وبدل الخفق ( الشفق ) وبدل انخرق ( انطلق ) لأمكنه ذلك ولم يثبت له به قول الشعر ولا معارضة رؤبة في هذه القصيدة عند أحد له أدنى معرفة فكذلك سبيل من غير الفواصل
____________________
(2/329)
النوع الخامس والستون في العلوم المستنبطة من القرآن
5321 قال تعالى { ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقال { ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء }
5322 وقال صلى الله عليه وسلم ( ستكون فتن ) قيل وما المخرج منها قال ( كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم )
أخرجه الترمذي وغيره
5323 وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال ( من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خبر الأولين والآخرين ) قال البيهقي يعني أصول العلم
5324 وأخرج البيهقي عن الحسن قال أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان
5325 وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه جميع ما تقوله الأمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن
5326 وقال أيضا جميع ما حكم به النبي صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن
5327 قلت ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( إني لا أحل إلا ما أحل الله ولا أحرم إلا ما حرم الله في كتابه ) أخرجه بهذا اللفظ الشافعي في الأم
5328 وقال سعيد بن جبير ما بلغني حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله
____________________
(2/330)
5329 وقال ابن مسعود إذا حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديقه من كتاب الله تعالى
أخرجهما ابن أبي حاتم
5330 وقال الشافعي أيضا ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا في كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها فإن قيل من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة قلنا ذلك مأخوذ من كتاب الله في الحقيقة لأن كتاب الله أوجب علينا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وفرض علينا الأخذ بقوله
5331 وقال الشافعي مرة بمكة سلوني عما شئتم أخبركم عنه في كتاب الله فقيل له ما تقول في المحرم يقتل الزنبور فقال بسم الله الرحمن الرحيم { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا }
5332 وحدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ( اقتدوا باللذين من بعدي أبو بكر وعمر )
5333 وحدثنا سفيان عن مسعر بن كدام عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور
5334 وأخرج البخاري عن ابن مسعود أنه قال لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله تعالى فبلغ ذلك امرأة من بني أسد فقالت له إنه بلغني أنك لعنت كيت كيت فقال ومالي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله تعالى فقالت لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدت فيه كما تقول قال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه أما قرأت { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا } قالت بلى قال فإنه قد نهى عنه
5335 وحكى ابن سراقة في كتاب الإعجاز عن أبي بكر بن مجاهد أنه قال يوما ما شيء في العالم إلا وهو في كتاب الله فقيل له فأين ذكر الخانات فيه
____________________
(2/331)
فقال في قوله { ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم } فهي الخانات
5336 وقال ابن برجان ما قال النبي صلى الله عليه وسلم من شيء فهو في القرآن به أو فيه أصله قرب أو بعد فهمه من فهمه وعمه عنه من عمه وكذا كل ما حكم به أو قضى وإنما يدرك الطالب من ذلك بقدر اجتهاده وبذل وسعه ومقدار فهمه
5337 وقال غيره ما من شيء إلا يمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا وستين سنة من قوله في سورة المنافقين { ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها } فإنها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده
5338 وقال ابن الفضل المرسي في تفسيره جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم بها ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم خلا ما استأثر به سبحانه وتعالى ثم ورث ذلك عنه معظم سادات الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتضاءل أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتنى قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره وأحزابه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهة والآيات المتماثلة من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا القراء
5339 واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة
____________________
(2/332)
5340 واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره
5341 واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم بأصول الدين
5342 وتأملت طائفة منهم معاني خطابه فرأت منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغة من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإخبار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن أصول الفقه
5343 وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فأسسوا اصوله وفرعوا فروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه بعلم الفروع وبالفقه أيضا
5344 وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السالفة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا وأول الأشياء وسموا ذلك بالتاريخ والقصص
5345 وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي تقلقل قلوب الرجال وتكاد تدكدك الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك الخطباء والوعاظ
5346 واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف
____________________
(2/333)
في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطباتهم وعرف عاداتهم الذي أشار إليه القرآن بقوله { وأمر بالعرف }
5347 وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول واستخرجوا منه أحكام الوصايا
5348 ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالات على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج وغير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت
5349 ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جزالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع
5350 ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها مثل الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه
5351 وقد احتوى على علوم أخرى من علوم الأوائل مثل الطب والجدل والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك إنما باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله تعالى { وكان بين ذلك قواما } وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاله وحدوث الشفاء للبدن بعد اعتلاله في قوله تعالى { شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس } ثم زاد على طب الأجسام بطب القلوب وشفاء الصدور
____________________
(2/334)
5352 وأما الهيئة ففي تضاعيف سوره من الآيات التي ذكر فيها ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات
5353 وأما الهندسة ففي قوله { انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب } الآية
5354 وأما الجدل فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم نمرود ومحاجته قومه أصل في ذلك عظيم
5355 وأما الجبر والمقابلة فقد قيل إن أوائل السور فيها ذكر مدد وأعوام وأيام لتواريخ أمم سالفة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ مدة أيام الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض
5356 وأما النجامة ففي قوله { أو أثارة من علم } فقد فسره بذلك ابن عباس
5357 وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها كالخياطة في قوله { وطفقا يخصفان }
5358 والحدادة { آتوني زبر الحديد } { وألنا له الحديد } الآية
5359 والبناء في آيات
5360 والنجاة { واصنع الفلك بأعيننا }
5361 والغزل { نقضت غزلها }
5362 والنسج { كمثل العنكبوت اتخذت بيتا }
5363 والفلاحة { أفرأيتم ما تحرثون } الآيات
5364 والصيد في آيات
5365 والغوص { كل بناء وغواص } { وتستخرجوا منه حلية }
____________________
(2/335)
5366 والصياغة { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا }
5367 والزجاجة { صرح ممرد من قوارير } { المصباح في زجاجة }
5368 والفخارة { فأوقد لي يا هامان على الطين }
5369 والملاحة { أما السفينة } الآية
5370 والكتابة { علم بالقلم }
5371 والخبز { أحمل فوق رأسي خبزا }
5372 والطبخ { بعجل حنيذ }
5373 والغسل والقصارة { وثيابك فطهر }
{ قال الحواريون } وهم القصارون
5374 والجزارة { إلا ما ذكيتم }
5375 والبيع والشراء في آيات
5376 والصبغ { صبغة الله } { جدد بيض وحمر }
5377 والحجارة { وتنحتون من الجبال بيوتا }
5378 والكيالة والوزن في آيات
5379 والرمي { وما رميت إذ رميت } { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة }
5380 وفيه من أسماء الآلات وضروب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله { ما فرطنا في الكتاب من شيء } انتهى كلام المرسي ملخصا
____________________
(2/336)
5381 وقال ابن سراقة من بعض وجوه إعجاز القرآن ما ذكر الله فيه من أعداد الحساب والجمع والقسمة والضرب والموافقة والتأليف والمناسبة والتنصيف والمضاعفة ليعلم بذلك أهل العلم بالحساب أنه صلى الله عليه وسلم صادق في قوله وأن القرآن ليس من عنده إذ لم يكن ممن خالط الفلاسفة ولا تلقى الحساب وأهل الهندسة
5382 وقال الراغب إن الله تعالى كما جعل نبوة النبيين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مختتمة وشرائعهم بشريعته من وجه منتسخة ومن وجه مكملة متممة جعل كتابه المنزل عليه متضمنا لثمرة كتبه التي أولادها أولئك كما نبه عليه بقوله { يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة } وجعل من معجزة هذا الكتاب أنه مع قلة الحجم متضمن للمعنى الجم بحيث تقصر الألباب البشرية عن إحصائه والآلات الدنيوية عن استيفائه كما نبه عليه بقوله { ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } فهو وإن كان لا يخلو للناظر فيه من نور ما يريه ونفع ما يوليه
( كالبدر من حيث التفت رأيته % يهدي إلى عينيك نورا ثاقبا )
( كالشمس في كبد السماء وضوءها % يغشى البلاد مشارقا ومغاربا )
5383 وأخرج أبو نعيم وغيره عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال قيل لموسى عليه السلام يا موسى إنما مثل كتاب أحمد في الكتب بمنزلة وعاء فيه لبن كلما مخضته أخرجت زبدته
5384 وقال القاضي أبو بكر بن العربي في قانون التأويل علوم القرآن خمسون علما وأربعمائة علم وسبعة آلاف علم وسبعون ألف علم على عدد كلم القرآن مضروبة في أربعة إذ لكل كلمة ظهر وبطن وحد ومطلع وهذا مطلق دون اعتبار تركيب وما بينها من روابط وهذا ما لا يحصى ولا يعلمه إلا الله
قال وأما علوم القرآن فثلاثة توحيد وتذكير وأحكام فالتوحيد يدخل فيه معرفة المخلوقات ومعرفة الخالق بأسمائه وصفاته وأفعاله والتذكير منه الوعد والوعيد والجنة والنار وتصفية الظاهر والباطن والأحكام منها التكاليف كلها وتبيين المنافع
____________________
(2/337)
والمضار والأمر والنهي والندب
ولذلك كانت الفاتحة أم القرآن لأن فيها الأقسام الثلاثة وسورة الإخلاص ثلثه لاشتمالها على أحد الأقسام الثلاثة وهو التوحيد
5385 وقال ابن جرير القرآن يشتمل على ثلاثة أشياء التوحيد والإخبار والديانات ولهذا كانت سورة الإخلاص ثلثه لأنها تشمل التوحيد كله
5386 وقال علي بن عيسى القرآن يشتمل على ثلاثين شيئا الإعلام والتشبيه والأمر والنهي والوعد والوعيد ووصف الجنة والنار وتعلم الإقراء بسم الله وبصفاته وأفعاله وتعليم الاعتراف بأنعامه والاحتجاج على المخالفين والرد على الملحدين والبيان عن الرغبة والرهبة والخير والشر والحسن والقبيح ونعت الحكمة وفصل المعرفة ومدح الأبرار وذم الفجار والتسليم والتحسين والتوكيد والتقريع والبيان عن ذم الأخلاق وشرف الآداب
5387 وقال شيذلة وعلى التحقيق إن تلك الثلاثة التي قالها ابن جرير تشمل هذه كلها بل أضعافها فإن القرآن لا يستدرك ولا تحصى عجائبه
5388 وأنا أقول قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السالفة كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح وقصة عاد الأولى والثانية وثمود والناقة وقوم يونس وقوم شعيب الأولين والآخرين وقوم لوط وقوم تبع وأصحاب الرس وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرته نمروذ ووضعه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتل القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه بنت شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته مع الخضر وقصته في قتال الجبارين وقصة القوم الذين ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع
____________________
(2/338)
جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذين خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مغرب الشمس ومطلعها وبنائه السد وقصة أيوب وذي الكفل وإلياس وقصة مريم وولادتها وعيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى
وقصة أصحاب الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل
5389 وفيه من شأن النبي صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم به وبشارة عيسى وبعثه وهجرته ومن غزواته سرية ابن الحضرمي في البقرة وغزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والحديبية في الفتح والنضير في الحشر وحنين وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة ونكاحه زينب بنت جحش وتحريم سريته وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود إياه
5390 وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد وصعودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى وهي نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن والخسف وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة وأحوال البعث من النفخات الثلاث نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام
والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة حر الشمس وظل العرش والميزان والحوض والصراط والحساب لقوم ونجاة آخرين منه وشهادة الأعضاء وإتيان الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة والمقام المحمود والجنة وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤيته تعالى
والنار وأبوابها وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وألوان العذاب والزقوم والحميم
5391 وفيه جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في حديث ومن أسمائه مطلقا ألف اسم ومن أسماء النبي صلى الله عليه وسلم جملة
5392 وفي شعب الإيمان البضع والسبعون وشرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر
____________________
(2/339)
5393 وفيه أنواع الكبائر وكثير من الصغائر
وفيه تصديق كل حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات
5394 وقد أفرد الناس كتبا فيما تضمنه القرآن من الأحكام كالقاضي إسماعيل وبكر بن العلاء وأبي بكر الرازي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وعبد المنعم بن الفرس وابن خويز منداد
وأفرد آخرون كتبا فيما تضمنه من علم الباطن وأفرد ابن برجان كتابا فيما تضمنه من معاضدة الأحاديث
وقد ألفت كتابا سميته ( الإكليل في استنباط التنزيل ) ذكرت فيه كل ما استنبط منه من مسألة فقهية أو أصلية أو اعتقادية وبعضا مما سوى ذلك كثير الفائدة جم العائدة يجري مجرى الشرح لما أجملته في هذا النوع فليراجعه من أراد الوقوف عليه فصل
5395 قال الغزالي وغيره آيات الأحكام خمسمائة آية وقال بعضهم مائة وخمسون قيل ولعل مرادهم المصرح به فإن آيات القصص والأمثال وغيرها يستنبط منها كثير من الأحكام
5396 قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتاب الإمام في أدلة الأحكام معظم آي القرآن لا يخلوا عن أحكام مشتملة على آداب حسنة وأخلاق جميلة ثم من الآيات ما صرح فيه بالأحكام فمنها ما يؤخذ بطريق الاستنباط إما بلا ضم إلى آية أخرى كاستنباط صحة أنكحه الكفار من قوله { وامرأته حمالة الحطب } وصحة صوم الجنب من قوله { فالآن باشروهن } إلى قوله { حتى يتبين لكم الخيط } الآية
وإما به كاستنباط أن أقل الحمل ستة أشهر من قوله { وحمله }
{ وفصاله في عامين } قال ويستدل على الأحكام تارة بالصيغة وهو ظاهر وتارة بالإخبار مثل { أحل لكم } { حرمت عليكم الميتة } { كتب عليكم الصيام } وتارة بما رتب عليها في العاجل أو الآجل من خير أو شر أو نفع أو ضر وقد نوع الشارع ذلك أنواعا كثيرة ترغيبا لعباده وترهيبا وتقريبا إلى أفهامهم فكل فعل عظمه الشرع أو مدحه أو مدح فاعله لأجله أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن
____________________
(2/340)
فاعله أو وصفه بالاستقامة أو البركة أو الطيب أو أقسم به أو بفاعله كالإقسام بالشفع والوتر وبخيل المجاهدين وبالنفس اللوامة أو نصبه سببا لذكره لعبده أو لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل أو لشكره له أو لهدايته إياه أو لإرضاء فاعله أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيآته أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارته أو وصف فاعله بالطيب أو وصف الفعل بكونه معروفا أو نفي الحزن والخوف عن فاعله أو وعده بالأمن أو نصب سببا لولايته أو أخبر عن دعاء الرسول بحصوله أو وصفه بكونه قربة أو بصفة مدح كالحياة والنور والشفاء فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب
وكل فعل طلب الشارع تركه أو ذمه أو ذم فاعله أو عتب عليه أو مقت فاعله أو لعنه أو نفى محبته أو محبة فاعله أو الرضا به أو عن فاعله أو شبه فاعله بالبهائم أو بالشياطين أو جعله مانعا من الهدى أو من القبول أو وصفه بسوء أو كراهة أو استعاذ الأنبياء منه أو أبغضوه أو جعل سببا لنفي الفلاح أو لعذاب عاجل أو آجل أو لذم أو لوم أو ضلالة أو معصية أو وصف بخبث أو رجس أو نجس أو بكونه فسقا إو إثما أو سببا لإثم أو رجس أو لعن أو غضب أو زوال نعمة أو حلول نقمة أو حد من الحدود أو قسوة أو خزي أو ارتهان نفس أو لعداوة الله ومحاربته أو لاستهزائه أو سخريته أو جعله الله سببا لنسيانه فاعله أو وصفه نفسه بالصبر عليه أو بالحلم أو بالصفح عنه أو دعا إلى التوبة منه أو وصف فاعله بخبث أو احتقار أو نسبه إلى عمل الشيطان أو تزيينه أو تولي الشيطان لفاعله أو وصفه بصفة ذم ككونه ظلما أو بغيا أو عدوانا أو إثما أو مرضا أو تبرأ الأنبياء منه أو من فاعله أو شكوا إلى الله من فاعله أو جاهروا فاعله بالعداوة أو نهوا عن الأسى والحزن عليه أو نصب سببا لخيبة فاعله عاجلا أو آجلا أو رتب عليه حرمان الجنة وما فيها أو وصف فاعله بأنه عدو لله أو بأن الله عدوه أو أعلم فاعله بحرب من الله ورسوله أو حمل فاعله إثم غيره أو قيل فيه لا ينبغي هذا أو لا يكون أو أمر بالتقوى عند السؤال عنه أو أمر بفعل مضاده أو بهجر فاعله أو تلاعن فاعلوه في الآخرة أو تبرأ بعضهم من بعض أو دعا بعضهم على بعض أو وصف فاعله بالضلالة وأنه ليس من الله في شيء أو ليس من الرسول وأصحابه أو جعل اجتنابه سببا للفلاح أو جعله سببا لإيقاع العداوة والبغضاء بين المسلمين أو قيل هل أنت منته أو نهى الأنبياء عن الدعاء لفاعله أو رتب عليه إبعادا أو طردا
____________________
(2/341)
أو لفظة ( قتل من فعله ) أو ( قاتله الله ) أو أخبر أن فاعله لا يكلمه الله يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه ولا يصلح عمله ولا يهدي كيده أو لا يفلح أو قيض له الشيطان أو جعل سببا لإزاغة قلب فاعله أو صرفه عن آيات الله وسؤاله عن علة الفعل فهو دليل على المنع من الفعل ودلالته على التحريم أظهر من دلالته على مجرد الكراهة
5397 وتستفاد الإباحة من لفظ الإحلال ونفي الجناح والحرج والإثم والمؤاخذة ومن الإذن فيه والعفو عنه ومن الامتنان بما في الأعيان من المنافع ومن السكوت عن التحريم ومن الإنكار على من حرم الشيء من الإخبار بأنه خلق أو جعل لنا والإخبار عن فعل من قبلنا من غير ذم لهم عليه
فإن اقترن بإخباره مدح دل على مشروعيته وجوبا أو استحبابا انتهى كلام الشيخ عز الدين
5398 وقال غيره قد يستنبط من السكوت
وقد استدل جماعة على أن القرآن غير مخلوق بأن الله ذكر الإنسان في ثمانية عشر موضعا وقال إنه مخلوق وذكر القرآن في أربعة وخمسين موضعا ولم يقل إنه مخلوق ولما جمع بينهما غاير فقال { الرحمن علم القرآن خلق الإنسان }
____________________
(2/342)
النوع السادس والستون في أمثال القرآن
5399 أفرده بالتصنيف الإمام أبو الحسن الماوردي من كبار أصحابنا قال تعالى { ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون } وقال تعالى { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }
5400 وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ان القرآن نزل على خمسة أوجه حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا بالأمثال )
5401 قال الماوردي من أعظم علم القرآن علم أمثاله والناس في غفلة عنه لاشتغالهم بالأمثال وإغفالهم الممثلات والمثل بلا ممثل كالفرس بلا لجام والناقة بلا زمام
5402 وقال غيره قد عده الشافعي مما يجب على المجتهد معرفته من علوم القرآن فقال ثم معرفة ما ضرب فيه من الأمثال الدوال على طاعته المبينة لاجتناب معصيته
5403 وقال الشيخ عز الدين إنما ضرب الله الأمثال في القرآن تذكيرا ووعظا فما اشتمل منها على تفاوت في ثواب أو على إحباط عمل أو على مدح أو ذم أو نحوه فإنه يدل على الأحكام
5404 وقال غيره ضرب الأمثال في القرآن يستفاد منه أمور كثيرة التذكير
____________________
(2/343)
والوعظ والحث والزجر والاعتبار والتقرير وتقريب المراد للعقل وتصويره بصورة المحسوس فإن الأمثال تصور المعاني بصورة الأشخاص لأنها أثبت في الأذهان لأستعانة الذهن فيها بالحواس ومن ثم كان الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد
وتأتي أمثال القرآن مشتملة على بيان تفاوت الأجر وعلى المدح والذم وعلى الثواب والعقاب وعلى تفخيم الأمر أو تحقيره وعلى تحقيق أمر أو إبطاله قال تعالى { وضربنا لكم الأمثال } فامتن علينا بذلك لما تضمنته من الفوائد
5405 وقال الزركشي في البرهان ومن حكمته تعليم البيان وهو من خصائص هذه الشريعة
5406 وقال الزمخشري التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني وإدناء المتوهم من الشاهد فإن كان المتمثل له عظيما كان المتمثل به مثله وإن كان حقيرا كان المتمثل به كذلك
5407 وقال الأصبهاني لضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء النظائر شأن ليس بالخفي في إبراز خفيات الدقائق ورفع الأستار عن الحقائق تريك المتخيل في صورة المتحقق والمتوهم في معرض المتيقن والغائب كأنه مشاهد وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة وقمع لسورة الجامح الأبي فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر في وصف الشيء في نفسه ولذلك أكثر الله تعالى في كتابه وفي سائر كتبه الأمثال ومن سور الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال وفشت في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الأنبياء والحكماء فصل
5408 أمثال القرآن قسمان ظاهر مصرح به وكامن لا ذكر للمثل فيه فمن أمثلة الأول قوله تعالى { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } الآيات ضرب فيها للمنافقين مثلين مثلا بالنار ومثلا بالمطر
5409 أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم
____________________
(2/344)
المسلمون ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه { وتركهم في ظلمات } بقول في عذاب
{ أو كصيب } هو المطر ضرب مثله في القرآن { فيه ظلمات } يقول ابتلاء { ورعد وبرق } تخويف { يكاد البرق يخطف أبصارهم } يقول يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين { كلما أضاء لهم مشوا فيه } يقول كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزا اطمأنوا فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا ليرجعوا إلى الكفر كقوله { ومن الناس من يعبد الله على حرف } الآية
5410 ومنها قوله تعالى { أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها } ألاية أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها { فأما الزبد فيذهب جفاء } وهو الشك { وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } وهو اليقين كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه ويترك خبثه في النار كذلك يقبل الله اليقين ويترك الشك
5411 وأخرج عن عطاء قال هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر
5412 وأخرج عن قتادة قال هذه ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد يقول كما اضمحل هذا الزبد فصار جفاء لا ينتفع به ولا ترجى بركته كذلك يضمحل الباطل عن أهله وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت وربت بركته وأخرجت نباتها وكذلك الذهب والفضة حين أدخل النار فأذهب خبثه كذلك يبقى الحق لأهله
وكما اضمحل خبث هذا الذهب حين أدخل في النار كذلك يضمحل الباطل عن أهله
5413 ومنها قوله تعالى { والبلد الطيب } الآية أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال هذا مثل ضربه الله للمؤمن يقول هو طيب وعمله طيب كما أن البلد الطيب ثمرها طيب والذي خبث ضرب مثلا للكافر كالبلد السبخة المالحة والكافر هو الخبيث وعمله خبيث
5414 ومنها قوله تعالى { أيود أحدكم أن تكون له جنة } ألاية أخرج
____________________
(2/345)
البخاري عن ابن عباس قال قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ترون هذه الآية نزلت { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب } قالوا الله أعلم ( فغضب عمر وقال قولوا نعلم أو لا نعلم ) فقال ابن عباس في نفسي منها شيء فقال يا بن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل قال عمر أي عمل قال ابن عباس لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله
5415 وأما الكامنة فقال الماوردي سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم يقول سمعت أبي يقول سألت الحسين بن الفضل فقلت إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن فهل تجد في كتاب الله ( خير الأمور أوساطها ) قال نعم في أربعة مواضع قوله تعالى { لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك } وقوله تعالى { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } وقوله تعالى { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط } وقوله تعالى { ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا }
قلت فهل تجد في في كتاب الله ( من جهل شيئا عاداه ) قال نعم في موضعين { بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه } { وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم }
قلت فهل تجد في كتاب الله ( احذر شر من أحسنت إليه ) قال نعم { وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله }
قلت فهل تجد في كتاب الله ( ليس الخبر كالعيان ) قال في قوله تعالى { قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي }
قلت فهل تجد ( في الحركات البركات ) قال في قوله تعالى { ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة }
____________________
(2/346)
قلت فهل تجد ( كما تدين تدان ) قال في قوله تعالى { من يعمل سوءا يجز به }
قلت فهل تجد فيه قولهم ( حين تقلي ندري ) قال { وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا }
قلت فهل تجد فيه ( لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ) قال { هل آمنكم عليه إلا كما أمنتكم على أخيه من قبل }
قلت فهل تجد فيه ( من أعان ظالما سلط عليه ) قال { كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير }
قلت فهل تجد فيه قولهم ( لا تلد الحية إلا حية ) قال قوله تعالى { ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا }
قلت فهل تجد فيه ( للحيطان آذان ) قال { وفيكم سماعون لهم }
قلت فهل تجد فيه ( الجاهل مرزوق والعالم محروم ) قال { من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا }
قلت فهل تجد فيه ( الحلال لا يأتيك إلا قوتا والحرام لا يأتيك إلا جزافا ) قال { إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم } فائدة
5416 عقد جعفر بن شمس الخلافة في كتاب الآداب بابا في ألفاظ من القرآن جارية مجرى المثل وهذا هو النوع البديعي المسمى بإرسال المثل وأورد من ذلك قوله تعالى
{ ليس لها من دون الله كاشفة }
{ لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون }
{ الآن حصحص الحق }
____________________
(2/347)
{ وضرب لنا مثلا ونسي خلقه }
{ ذلك بما قدمت يداك }
{ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان }
{ أليس الصبح بقريب }
{ وحيل بينهم وبين ما يشتهون }
{ لكل نبإ مستقر }
{ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله }
{ قل كل يعمل على شاكلته }
{ وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم }
{ كل نفس بما كسبت رهينة }
{ ما على الرسول إلا البلاغ }
{ ما على المحسنين من سبيل }
{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان }
{ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة }
{ آلآن وقد عصيت قبل }
{ تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى }
{ ولا ينبئك مثل خبير }
{ كل حزب بما لديهم فرحون }
____________________
(2/348)
{ ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم }
{ وقليل من عبادي الشكور }
{ لا يكلف الله نفسا إلا وسعها }
{ قل لا يستوي الخبيث والطيب }
{ ظهر الفساد في البر والبحر }
{ ضعف الطالب والمطلوب }
{ لمثل هذا فليعمل العاملون }
{ وقليل ما هم }
{ فاعتبروا يا أولي الأبصار }
في ألفاظ أخر
____________________
(2/349)
النوع السابع والستون في أقسام القرآن
5417 أفرده ابن القيم بالتصنيف في مجلد سماه ( التبيان ) والقصد بالقسم تحقيق الخبر توكيده حتى جعلوا مثل { والله يشهد إن المنافقين لكاذبون } قسما وإن كان فيه إخبار بشهادة لأنه لما جاء توكيدا للخبر سمي قسما
وقد قيل ما معنى القسم منه تعالى فإنه إن كان لأجل المؤمن فالمؤمن مصدق بمجرد الإخبار من غير قسم وإن كان لأجل الكافر فلا يفيده
وأجيب بأن القرآن نزل بلغة العرب ومن عادتها القسم إذا أرادات أن تؤكد أمرا
وأجاب أبو القاسم القشيري بأن الله ذكر القسم لكمال الحجة وتأكيدها وذلك أن الحكم يفصل باثنين إما بالشهادة وإما بالقسم فذكر تعالى في كتابه النوعين حتى لا يبقى لهم حجة فقال { شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم } وقال { قل إي وربي إنه لحق } وعن بعض الأعراب أنه لما سمع قوله تعالى { وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق } صرخ وقال من ذا الذي أغضب الجليل حتى ألجأه إلى اليمين
ولا يكون القسم إلا باسم معظم وقد أقسم الله تعالى بنفسه في القرآن في سبعة مواضع
الآية المذكورة بقوله { قل إي وربي }
____________________
(2/350)
{ قل بلى وربي لتبعثن }
{ فوربك لنحشرنهم والشياطين }
{ فوربك لنسألنهم أجمعين }
{ فلا وربك لا يؤمنون }
{ فلا أقسم برب المشارق والمغارب }
5418 والباقي كله قسم بمخلوقاته كقوله تعالى { والتين والزيتون } { والصافات } { والشمس } { والليل } { والضحى } { فلا أقسم بالخنس }
5419 فإن قيل كيف أقسم بالخلق وقد ورد النهي عن القسم بغير الله
قلنا أجيب عنه بأوجه
أحدها أنه على حذف مضاف أي ورب التين ورب الشمس وكذا الباقي
الثاني إن العرب كانت تعظم هذه الأشياء وتقسم بها فنزل القرآن على ما يعرفون
الثالث أن الأقسام إنما تكون بما يعظمه المقسم أو يجله وهو فوقه والله تعالى ليس شيء فوقه فأقسم تارة بنفسه وتارة بمصنوعاته لأنها تدل على بارئ وصانع
5420 وقال ابن أبي الإصبع في أسرار الفواتح القسم بالمصنوعات يستلزم القسم بالصانع لأن ذكر المفعول يستلزم ذكر الفاعل إذ يستحيل وجود مفعول بغير فاعل
5421 وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال إن الله يقسم بما شاء من خلقه وليس لأحد أن يقسم إلا بالله
5422 وقال العلماء أقسم الله تعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم في قوله { لعمرك } لتعرف الناس عظمته عند الله ومكانته لديه
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال ما
____________________
(2/351)
خلق الله ولا ذرأ ولا برأ نفسا أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم وما سمعت الله أقسم بحياة أحد غيره قال { لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون }
5423 وقال أبو القاسم القشيري القسم بالشيء لا يخرج عن وجهين إما لفضيلة أو لمنفعة فالفضيلة كقوله { وطور سينين وهذا البلد الأمين } والمنفعة نحو { والتين والزيتون }
5424 وقال غيره أقسم الله تعالى بثلاثة أشياء بذاته كالآيات السابقة وبفعله نحو { والسماء وما بناها والأرض وما طحاها ونفس وما سواها } وبمفعوله نحو { والنجم إذا هوى } { والطور وكتاب مسطور }
5425 والقسم إما ظاهر كالآيات السابقة وإما مضمر وهو قسمان قسم دلت عليه اللام نحو { لتبلون في أموالكم } وقسم دل عليه المعنى نحو { وإن منكم إلا واردها } تقديره ( والله )
5426 وقال أبو علي الفارسي الألفاظ الجارية مجرى القسم ضربان
أحدهما ما تكون كغيرها من الأخبار التي ليست بقسم فلا تجاب بجوابه كقوله { وقد أخذ ميثاقكم إن كنتم مؤمنين } { ورفعنا فوقكم الطور خذوا } { فيحلفون له كما يحلفون لكم } وهذا ونحوه يجوز أن يكون قسما وأن يكون حالا لخلوه من الجواب
والثاني ما يتلقى بجواب القسم كقوله { وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس } { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن }
5427 وقال غيره أكثر الأقسام في القرآن المحذوفة الفعل لا تكون إلا بالواو فإذا ذكرت الباء أتي بالفعل كقوله { وأقسموا بالله } { يحلفون بالله } ولا تجد الباء مع حذف الفعل ومن ثم كان خطأ من جعل قسما { بالله إن الشرك لظلم }
____________________
(2/352)
{ بما عهد عندك } { بحق إن كنت قلته فقد علمته }
5428 وقال ابن القيم اعلم أنه سبحانه وتعالى يقسم بأمور على أمور وإنما يقسم بنفسه المقدسة الموصوفة بصفاته أو بآياته المستلزمة لذاته وصفاته وإقسامه ببعض المخلوقات دليل على أنها من عظيم آياته فالقسم إما على جملة خبرية وهو الغالب كقوله { فورب السماء والأرض إنه لحق } وإما على جملة طلبية كقوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } مع أن هذا القسم قد يراد به تحقيق المقسم عليه فيكون من باب الخبر وقد يراد به تحقيق القسم فالمقسم عليه يراد بالقسم توكيده وتحقيقه فلا بد أن يكون مما يحسن فيه وذلك كالأمور الغائبة والخفية إذا أقسم على ثبوتها فأما الأمور المشهودة الظاهرة كالشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض فهذه يقسم بها ولا يقسم عليها وما أقسم عليه الرب فهو من آياته فيجوز أن يكون مقسما به ولا ينعكس وهو سبحانه وتعالى يذكر جواب القسم تارة وهو الغالب ويحذفه أخرى كما يحذف جواب ( لو ) كثيرا للعلم به
والقسم لما كان يكثر في الكلام اختصر فصار فعل القسم يحذف ويكتفى بالباء ثم عوض من الباء الواو في الأسماء الظاهرة والتاء في اسم الله تعالى كقوله { وتالله لأكيدن أصنامكم }
5429 قال ثم هو سبحانه وتعالى يقسم على أصول الإيمان التي تجب على الخلق معرفتها تارة يقسم على التوحيد وتارة يقسم على أن القرآن حق وتارة على أن الرسول حق وتارة على الجزاء والوعد والوعيد وتارة يقسم على حال الإنسان
فالأول كقوله { والصافات صفا } إلى قوله { إن إلهكم لواحد }
والثاني كقوله { فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم }
____________________
(2/353)
والثالث كقوله { يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين } { والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى } الآيات
والرابع كقوله { والذاريات } إلى قوله { إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع } { والمرسلات } إلى قوله { إنما توعدون لواقع }
والخامس كقوله { والليل إذا يغشى } إلى قوله { إن سعيكم لشتى } الآيات { والعاديات } إلى قوله { إن الإنسان لربه لكنود } { والعصر إن الإنسان لفي خسر } { والتين } إلى قوله { لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم } الآيات { لا أقسم بهذا البلد } إلى قوله { لقد خلقنا الإنسان في كبد }
5430 قال وأكثر ما يحذف الجواب إذا كان في نفس المقسم به دلالة على المقسم عليه فإن المقصود يحصل بذكره فيكون حذف المقسم عليه أبلغ وأوجز كقوله { ص والقرآن ذي الذكر } فإنه في القسم به من تعظيم القرآن ووصفه بأنه ( ذو الذكر ) المتضمن لتذكير العباد ما يحتاجون إليه والشرف والقدر ما يدل على المقسم عليه وهو كونه حقا من عند الله غير مفترى كما يقول الكافرون ولهذا قال كثيرون إن تقدير الجواب ( إن القرآن لحق ) وهذا مطرد في كل ما شابه ذلك كقوله { ق والقرآن المجيد } وقوله { لا أقسم بيوم القيامة } فإنه يتضمن إثبات المعاد وقوله { والفجر } الآيات فإنها أزمان تتضمن أفعالا معظمة من المناسك وشعائر الحج التي هي عبودية محضة لله تعالى وذل وخضوع لعظمته وفي ذلك تعظيم ما جاء به محمد وإبراهيم عليهما الصلاة والسلام
5431 قال ومن لطائف القسم قوله { والضحى والليل إذا سجى }
____________________
(2/354)
الآيات أقسم تعالى على إنعامه على رسوله وإكرامه له وذلك متضمن لتصديقه له فهو قسم على صحة نبوته وعلى جزائه في الآخرة فهو قسم على النبوة والمعاد وأقسم بآيتين عظيمتين من آياته
وتأمل مطابقة هذا القسم وهو نور الضحى الذي يوافي بعد ظلام الليل المقسم عليه وهو نور الوحي الذي وافاه بعد احتباسه عنه حتى قال أعداؤه ودع محمدا ربه فأقسم بضوء النهار بعد ظلمة الليل على ضوء الوحي ونوره بعد ظلمة احتباسه واحتجابه
____________________
(2/355)
النوع الثامن والستون في جدل القرآن
5432 أفرده بالتصنيف نجم الدين الطوفي قال العلماء قد اشتمل القرآن العظيم على جميع أنواع البراهين والأدلة وما من برهان ودلالة وتقسيم وتحذير يبنى من كليات المعلومات العقلية والسمعية إلا وكتاب الله قد نطق به لكن أورده على عادة العرب دون دقائق طرق المتكلمين لأمرين
أحدهما بسبب ما قاله { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم }
والثاني أن المائل إلى طريق المحاجة هو العاجز عن إقامة الحجة بالجليل من الكلام فإن من استطاع أن يفهم بالأوضح الذي يفهمه الأكثرون لم ينحط إلى الأغمض الذي لا يعرفه إلا الأقلون ولم يكن ملغزا فأخرج تعالى مخاطباته في محاجة خلقه في أجلى صورة ليفهم العامة من جليلها ما يقنعهم وتلزمهم الحجة وتفهم الخواص من أثنائها ما يربى على ما أدركه فهم الخطباء
5433 وقال ابن أبي الإصبع زعم الجاحظ أن المذهب الكلامي لا يوجد منه شيء في القرآن وهو مشحون به وتعريفه أنه احتجاج المتكلم على ما يريد إثباته بحجة تقطع المعاند له فيه على طريقة أرباب الكلام
ومنه نوع منطقي تستنتج منه النتائج الصحيحة من المقدمات الصادقة فإن الإسلاميين من أهل هذا العلم ذكروا أن من أول سورة الحج إلى قوله { وأن الله يبعث من في القبور } خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات قوله { ذلك بأن الله هو الحق } لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه
____________________
(2/356)
تعالى أخبر بزلزلة الساعة معظما لها وذلك مقطوع بصحته لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت قدرته منقول إلينا بالتواتر فهو حق ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق فالله هو الحق
وأخبر تعالى { وأنه يحيي الموتى } لأنه أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي يعملها الله من أجلهم وقد ثبت أنه قادر على كل شيء
ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيى الموتى
وأخبر { إنه على كل شيء قدير } لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين ومن يجادل فيه بغير علم يذقه عذاب السعير ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شيء قدير فهو على كل شيء قدير
وأخبر { وأن الساعة آتية لا ريب فيها } لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب إلى قوله { لكيلا يعلم من بعد علم شيئا }
وضرب لذلك مثلا بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ومن خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت ثم يعيده بالبعث وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها بالمحل ثم أحياها بالخصب وصدق خبره في ذلك كله بدلالة الواقع المشاهد على المتوقع الغائب حتى انقلب الخبر عيانا صدق خبره في الإتيان بالساعة
ولا يأتي بالساعة إلا من يبعث من في القبور لأنها عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة فهي آتية لا ريب فيها وهو سبحانه وتعالى يبعث من في القبور
5434 وقال غيره استدل سبحانه وتعالى على المعاد الجسماني بضروب
أحدها قياس الإعادة على الابتداء كما قال تعالى { كما بدأكم تعودون } { كما بدأنا أول خلق نعيده } { أفعيينا بالخلق الأول }
ثانيها قياس الإعادة على خلق السموات والأرض بطريق الأولى قال تعالى { أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر } الآية
ثالثها قياس الإعادة على إحياء الأرض بعد موتها بالمطر والنبات
رابعها قياس الإعادة على إخراج النار من الشجر الأخضر
وقد روى الحاكم
____________________
(2/357)
وغيره أن أبي بن خلف جاء بعظم ففته فقال أيحيى الله هذا بعد ما بلي ورم فأنزل الله { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة } فاستدل سبحانه وتعالى برد النشأة الأخرى إلى الأولى والجمع بينهما بعلة الحدوث
ثم زاد في الحجاج بقوله { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا } وهذه في غاية البيان في رد الشيء إلى نظيره والجمع بينهما من حيث تبديل الأعراض عليهما
خامسها في قوله تعالى { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى } الآيتين وتقريرهما أن اختلاف المختلفين في الحق لا يوجب انقلاب الحق في نفسه وإنما تختلف الطرق الموصلة إليه والحق في نفسه واحد فلما ثبت أن ها هنا حقيقة موجودة لا محالة وكان لا سبيل لنا في حياتنا إلى الوقوف عليها وقوفا يوجب الائتلاف ويرفع عنا الاختلاف إذ كان الاختلاف مركوزا في فطرنا وكان لا يمكن ارتفاعه وزواله إلا بارتفاع هذه الجبلة ونقلها إلى صورة غيرها صح ضرورة أن لنا حياة أخرى غير هذه الحياة فيها يرتفع الخلاف والعناد وهذه هي الحالة التي وعد الله بالمصير إليها فقال { ونزعنا ما في صدورهم من غل } حقد فقد صار الخلاف الموجود كما ترى أوضح دليل على كون البعث الذي ينكره المنكرون
كذا قرره ابن السيد
5435 ومن ذلك الاستدلال على أن صانع العالم واحد بدلالة التمانع المشار إليها في قوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا } لأنه لو كان للعالم صانعان لكان لا يجري تدبيرهما على نظام ولا يتسق على أحكام ولكان العجز يلحقهما أو أحدهما وذلك لأنه لو أراد أحدهما إحياء جسم وأراد الآخر إماتته فإما أن تنفذ إرادتهما فيتناقض لاستحالة تجزي الفعل إن فرض الاتفاق أو لامتناع اجتماع الضدين إن فرض الاختلاف وإما ألا تنفذ إرادتهما فيؤدي إلى عجزهما أو لا تنفذ إرادة أحدهما فيؤدي إلى عجزه والإله لا يكون عاجزا فصل
5436 من الأنواع المصطلح عليها في علم الجدل السبر والتقسيم ومن
____________________
(2/358)
أمثلته في القرآن قوله تعالى { ثمانية أزواج من الضأن اثنين } الآيتين فإن الكفار لما حرموا ذكور الأنعام تارة وإناثها أخرى رد تعالى ذلك عليهم بطريق السبر والتقسيم فقال إن الخلق لله خلق من كل زوج مما ذكر ذكرا وأنثى فمم جاء تحريم ما ذكرتم أي ما علته لا يخلو إما أن يكون من جهة الذكورة أو الأنوثة أو اشتمال الرحم الشامل لهما أو لا يدرى له علة وهو التعبدي بأن أخذ ذلك عن الله تعالى والأخذ عن الله تعالى إما بوحي وإرسال رسول أو سماع كلامه ومشاهدة تلقى ذلك عنه وهو معنى قوله { أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا } فهذه وجوه التحريم لا تخرج عن واحد منها
والأول يلزم عليه أن يكون جميع الذكور حراما والثاني يلزم عليه أن يكون جميع الإناث حراما والثالث يلزم عليه تحريم الصنفين معا فبطل ما فعلوه من تحريم بعض في حالة وبعض في حالة لأن العلة على ما ذكر تقتضي إطلاق التحريم والأخذ عن الله بلا واسطة باطل ولم يدعوه وبواسطة رسول كذلك لأنه لم يأت إليهم رسول قبل النبي صلى الله عليه وسلم وإذا بطل جميع ذلك ثبت المدعى وهو أن ما قالوه افتراء على الله وضلال
5437 ومنها القول بالموجب قال ابن أبي الأصبع وحقيقته رد كلام الخصم من فحوى كلامه
5438 وقال غيره هو قسمان
أحدهما أن تقع صفة في كلام الغير كناية عن شيء أثبت له حكم فيثبتها لغير ذلك الشيء كقوله تعالى { يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة } الآية ف ( الأعز ) وقعت في كلام المنافقين كناية عن فريقهم و ( الأذل ) عن فريق المؤمنين وأثبت المنافقون لفريقهم إخراج المؤمنين من المدينة فأثبت الله في الرد عليهم صفة العزة لغير فريقهم وهو الله ورسوله والمؤمنون وكأنه قيل صحيح ذلك ليخرجن الأعز منها الأذل لكن هم الأذل المخرج والله ورسوله الأعز المخرج
والثاني حمل لفظ وقع في كلام الغير على خلاف مراده مما يحتمله بذكر متعلقه ولم أر من أورد له مثالا من القرآن وقد ظفرت بآية منه وهي قوله تعالى
____________________
(2/359)
{ ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم }
5439 ومنها التسليم وهو أن يفرض المحال إما منفيا أو مشروطا بحرف الامتناع لكون المذكور ممتنع الوقوع لامتناع وقوع شرطه ثم يسلم وقوع ذلك تسليما جدليا ويدل على عدم فائدة ذلك على تقدير وقوعه كقوله تعالى { ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض }
المعنى ليس مع الله من إله ولو سلم أن معه سبحانه وتعالى إلها لزم من ذلك التسليم ذهاب كل إله من الاثنين بما خلق وعلو بعضهم على بعض فلا يتم في العالم أمر ولا ينفذ حكم ولا تنتظم أحواله والواقع خلاف ذلك ففرض إلهين فصاعدا محال لما يلزم منه المحال
5440 ومنها الإسجال وهو الإتيان بألفاظ تسجل على المخاطب وقوع ما خوطب به نحو { ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك } { ربنا وأدخلهم جنات عدن التي وعدتهم } فإن في ذلك إسجالا بالإيتاء والإدخال حيث وصفا بالوعد من الله الذي لا يخلف وعده
5441 ومنها الانتقال هو أن ينتقل المستدل إلى إستدلال غير الذي كان آخذا فيه لكون الخصم لم يفهم وجه الدلالة من الأول كما جاء في مناظرة الخليل الجبار لما قال له { ربي الذي يحيي ويميت } فقال الجبار { أنا أحيي وأميت } ثم دعا بمن وجب عليه القتل فأعتقه ومن لا يجب عليه فقتله فعلم الخليل أنه لم يفهم معنى الإحياء والإماتة أو علم ذلك وغالط بهذا الفعل فانتقل عليه السلام إلى استدلال لا يجد الجبار له وجها يتخلص به منه فقال { فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب } فانقطع الجبار وبهت ولم يمكنه أن يقول أنا الآتي بها من المشرق لأن من هو أسن منه يكذبه
5442 ومنها المناقضة وهي تعليق أمر على مستحيل إشارة إلى استحالة وقوعه كقوله تعالى { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط }
____________________
(2/360)
5443 ومنها مجاراة الخصم ليعثر بأن يسلم بعض مقدماته حيث يراد تبكيته وإلزامه كقوله تعالى { قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم } الآية فقولهم { إن نحن إلا بشر مثلكم } الآية فيه اعتراف الرسل بكونهم مقصورين على البشرية فكأنهم سلموا انتفاء الرسالة عنهم وليس مرادا بل هو من مجاراة الخصم ليعثر فكأنهم قالوا ما ادعيتم من كوننا بشرا حق لا ننكره ولكن هذا لا ينافي أن يمن الله تعالى علينا بالرسالة
____________________
(2/361)
النوع التاسع والستون فيما وقع في القرآن من الأسماء والكنى والألقاب
في القرآن من أسماء الأنبياء والمرسلين خمس وعشرون هم مشاهيرهم أسماء الأنبياء والمرسلين في القرآن
5444 1 - آدم أبو البشر ذكر قوم أنه ( أفعل ) وصف مشتق من الأدمة ولذا منع الصرف
5445 قال الجواليقي أسماء الأنبياء كلها أعجمية إلا أربعة آدم وصالح وشعيب ومحمد
5446 وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس قال إنما سمى آدم لأنه خلق من أديم الأرض
5447 وقال قوم هو اسم سرياني أصله ( آدام ) بوزن ( خاتام ) عرب بحذف الألف الثانية
5448 وقال الثعلبي التراب بالعبرانية آدام فسمى آدم به
5449 وقال ابن أبي خيثمة عاش تسعمائة سنة وستين سنة
5450 وقال النووي في تهذيبه اشتهر في كتب التواريخ أنه عاش ألف سنة
5451 2 - نوح قال الجواليقي أعجمي معرب
زاد الكرماني ومعناه بالسريانية ( الساكن )
( وفي نسخة ( الشاكر )
____________________
(2/362)
5452 وقال الحاكم في المستدرك إنما سمى نوحا لكثرة بكائه على نفسه واسمه عبد الغفار
قال وأكثر الصحابة على أنه قبل إدريس
5453 وقال غيره هو نوح بن لمك بفتح اللام وسكون الميم بعدها كاف بن متوشلخ بفتح الميم وتشديد المثناة المضمومة بعدها وفتح الشين المعجمة واللام بعدها معجمة بن أخنوخ بفتح المعجمة وضم النون الخفيفة بعدها واو ساكنة ثم معجمة وهو إدريس فيما يقال
5454 وروى الطبراني عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله من أول الأنبياء قال آدم قلت ثم من قال نوح وبينهما عشرون قرنا
5455 وفي المستدرك عن ابن عباس قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون
وفيه عنه مرفوعا ( بعث الله نوحا لأربعين سنة فلبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم وعاش بعد الطوفان ستين سنة حتى كثر الناس وفشوا )
5456 وذكر ابن جرير أن مولد نوح كان بعد وفاة آدم بمائة وستة وعشرين عاما
5457 وفي التهذيب للنووي أنه أطول الأنبياء عمرا
5458 3 - إدريس قيل إنه قبل نوح
5459 قال ابن إسحاق كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة وهو أخنوخ بن يرد بن مهلائيل بن أنوش بن قينان بن شيث ابن آدم
5460 وقال وهب بن منبه إدريس جد نوح الذي يقال له خنوخ وهو اسم سرياني
وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف
5461 وفي المستدرك بسند واه عن الحسن عن سمرة قال كان نبي الله إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس
وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وفي صدره نكتة بياض من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم واعتدائهم في أمر الله رفعه
____________________
(2/363)
إلى السماء السادسة فهو حيث يقول { ورفعناه مكانا عليا }
5462 وذكر ابن قتيبة أنه رفع وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة
5463 وفي صحيح ابن حبان أنه كان نبيا رسولا وأنه أول من خط بالقلم
5464 وفي المستدرك عن ابن عباس قال كان فيما بين نوح وإدريس ألف سنة
5465 4 - إبراهيم قال الجواليقي هو اسم قديم ليس بعربي وقد تكلمت به العرب على وجوه أشهرها إبراهيم وقالوا إبراهام وقرئ به في السبع
وإبراهيم بحذف الياء وإبرهم وهو اسم سرياني معناه أب رحيم وقيل مشتق من البرهمة وهي شدة النظر حكاه الكرماني في عجائبه
وهو ابن آزر واسمه تارح بمثناة وراء مفتوحة وآخره حاء مهملة بن ناحور بنون ومهملة مضمومة بن شاروخ بمعجمة وراء مضمومة وآخرة خاء معجمة بن راغو بغين معجمة بن فالخ بفاء ولام مفتوحة ومعجمة ابن عابر بمهملة وموحدة بن شالخ بمعجمتين بن أرفخشد بن سام بن نوح
5466 قال الواقدي ولد إبراهيم على رأس ألفي سنة من خلق آدم
5467 وفي المستدرك من طريق ابن المسيب عن أبي هريرة قال إختتن إبراهيم بعد عشرين ومائة سنة
ومات ابن مائتي سنة
5468 وحكى النووي وغيره قولا أنه عاش مائة وخمسة وسبعين
5469 5 - إسماعيل قال الجواليقي ويقال بالنون آخره
5470 قال النووي وغيره هو أكبر ولد إبراهيم
5471 6 - إسحاق ولد بعد إسماعيل بأربع عشرة سنة وعاش مائة وثمانين سنة
وذكر أبو علي بن مسكويه في كتاب نديم الفريد أن معنى إسحاق بالعبرانية الضحاك
____________________
(2/364)
5472 7 - يعقوب عاش مائة وسبعا وأربعين سنة
5473 8 - يوسف في صحيح ابن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا ( إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم )
5474 وفي المستدرك عن الحسن أن يوسف ألقي في الجب وهو ابن اثنتي عشرة سنة ولقي أباه بعد الثمانين وتوفي وله مائة وعشرون
5475 وفي الصحيح أنه أعطى شطر الحسن
قال بعضهم وهو مرسل لقوله تعالى { ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات }
وقيل ليس هو يوسف بن يعقوب بل يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن يعقوب
ويشبه هذا ما في العجائب للكرماني في قوله { ويرث من آل يعقوب } أن الجمهور على أنه يعقوب بن ماثان وأن امرأة زكريا كانت أخت مريم بنت عمران بن ماثان قال والقول بأنه يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم غريب
انتهى
وما ذكر أنه غريب هو المشهور والغريب الأول ونظيره في الغرابة قول نوف البكاكي إن موسى المذكور في سورة الكهف في قصة الخضر ليس هو موسى بني إسرائيل بل موسى بن منشى بن يوسف وقيل ابن إفرائيم بن يوسف وقد كذبه ابن عباس في ذلك
وأشد من ذلك غرابة ما حكاه النقاش والماوردي أن يوسف المذكور في سورة غافر من الجن بعثه الله رسولا إليهم وما حكاه ابن عسكر أن عمران المذكور في آل عمران هو والد موسى لا والد مريم
وفي يوسف ست لغات بتثليث السين مع الياء والهمزة ( وبتركه ) والصواب أنه أعجمي لا اشتقاق له
5476 9 - لوط قال ابن إسحاق هو لوط بن هاران بن آزر
وفي المستدرك عن ابن عباس قال لوط ابن أخي إبراهيم
5477 10 - هود قال كعب كان أشبه الناس بآدم وقال ابن مسعود كان رجلا جلدا أخرجهما في المستدرك
5478 وقال ابن هشام اسمه عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح
____________________
(2/365)
5479 وقال غيره الراجح في نسبه أنه هود بن عبد الله بن رباح بن حاوذ بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح
5480 11 - صالح قال وهب هو ابن عبيد بن حاير بن ثمود بن حاير بن سام بن نوح بعث إلى قومه حين راهق الحلم وكان رجلا أحمر إلى البياض سبط الشعر فلبث فيهم أربعين عاما
5481 وقال نوف الشامي صالح من العرب لما أهلك الله عادا عمرت ثمود بعدها فبعث الله إليهم صالحا غلاما شابا فدعاهم إلى الله حتى شمط وكبر ولم يكن بين نوح وإبراهيم نبي إلا هود وصالح أخرجهما في المستدرك
5482 وقال ابن حجر وغيره القرآن يدل على أن ثمودا كان بعد عاد كما كان عاد بعد قوم نوح
5483 وقال الثعلبي ونقله عن النووي في تهذيبه ومن خطه نقلت هو صالح بن عبيد بن أسيف بن ماشج بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح بعثه الله إلى قومه وهو شاب وكانوا عربا منازلهم بين الحجاز والشام فأقام فيهم عشرين سنة ومات بمكة وهو ابن ثمان وخمسين سنة
5484 12 - شعيب قال ابن إسحاق هو ابن ميكاييل كذا بخط الذهبي في اختصار المستدرك
وقال غيره ابن ملكاين وقيل ابن ميكيل بن يشجن بن لاوى بن يعقوب
ورأيت بخط النووي في تهذيبه ابن ميكيل بن يشجن بن مدين بن إبراهيم الخليل كان يقال له خطيب الأنبياء وبعث رسولا إلى أمتين مدين وأصحاب الأيكة وكان كثير الصلاة وعمي في آخر عمره
واختار جماعة أن مدين وأصحاب الأيكة أمة واحدة
5485 قال ابن كثير ويدل لذلك أن كلا منهما وعظ بوفاء المكيال والميزان فدل على أنهما واحد
واحتج الأول بما أخرجه عن السدي وعكرمة قالا ما بعث الله نبيا مرتين إلا شعيبا مرة إلى مدين فأخذهم الله بالصيحة ومرة إلى أصحاب الأيكة فأخذهم الله بعذاب يوم الظلة
5486 وأخرج ابن عساكر في تاريخه من حديث عبد الله بن عمرو
____________________
(2/366)
مرفوعا أن قوم مدين وأصحاب الأيكة أمتان بعث الله إليهما شعيبا
قال ابن كثير وهو غريب وفي رفعه نظر قال ومنهم من زعم أنه بعث إلى ثلاث أمم والثالثة أصحاب الرس
5487 13 - موسى هو ابن عمران يصهر بن قاهث بن لاوي بن يعقوب عليه السلام لاخلاف في نسبه وهو اسم سرياني
5488 وأخرج أبو الشيخ من طريق عكرمة عن ابن عباس قال إنما سمى موسى لأنه ألقي بين شجر وماء فالماء بالقبطية ( مو ) والشجر ( سا )
5489 وفي الصحيح وصفه أنه ( آدم طوال جعد كأنه من رجال شنوءة )
5490 قال الثعلبي عاش مائة وعشرين سنة
5491 14 - هارون أخوه شقيقه وقيل لأمه فقط وقيل لأبيه فقط حكاهما الكرماني في عجائبه
كان أطول منه فصيحا جدا مات قبل موسى وكان ولد قبله بسنة
5492 وفي بعض أحاديث الإسراء
صعدت إلى السماء الخامسة فإذا أنا بهارون ونصف لحيته بيضاء ونصفها أسود تكاد لحيته تضرب سرته من طولها فقلت يا جبريل من هذا قال المحبب في قومه هارون بن عمران
5493 وذكر ابن مسكويه أن معنى هارون بالعبرانية ( المحبب )
5494 15 - داود هو ابن إيشى بكسر الهمزة وسكون التحتية وبالشين المعجمة بن عوبد بوزن جعفر بمهملة وموحدة بن باعر بموحدة ومهملة مفتوحة بن سلمون بن يخشون بن عمى بن يارب بتحتيه وآخره موحدة بن رام بن حضرون بمهملة ثم معجمة بن فارص بفاء وآخره مهملة بن يهوذ بن يعقوب
5495 في الترمذي أنه كان أعبد البشر قال كعب كان أحمر الوجه سبط الرأس أبيض الجسم طويل اللحية فيها جعودة حسن الصوت والخلق وجمع له النبوة والملك
5496 قال النووي قال أهل التاريخ عاش مائة سنة مدة ملكه منها أربعون سنة وكان له اثنا عشر ابنا
____________________
(2/367)
5497 16 - سليمان ولده قال كعب كان أبيض جسيما وسيما وضيئا جميلا خاشعا متواضعا وكان أبوه يشاوره في كثير من أموره مع صغر سنة لوفور عقله وعلمه
5498 وأخرج ابن جبير عن ابن عباس قال ملك الأرض مؤمنان سليمان وذو القرنين وكافران نمروذ وبخت نصر
5499 قال أهل التاريخ ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وابتدأ بناء بيت المقدس بعد ملكه بأربع سنين ومات وله ثلاث وخمسون سنة
5500 17 - أيوب قال ابن إسحاق الصحيح أنه كان من بني إسرائيل ولم يصح في نسبه شيء إلا أن اسم أبيه أبيض
5501 وقال ابن جرير هو أيوب بن موص بن روح بن عيص بن إسحاق
5502 وحكى ابن عساكر أن أمه بنت لوط وأن أباه ممن آمن بإبراهيم وعلى هذا فكان قبل موسى
5503 وقال ابن جرير كان بعد شعيب
5504 وقال ابن أبي خيثمة كان بعد سليمان ابتلي وهو ابن سبعين وكانت مدة بلائه سبع سنين وقيل ثلاث عشرة وقيل ثلاث سنين
5505 وروى الطبراني أن مدة عمره كانت ثلاثا وتسعين سنة
5506 18 - ذو الكفل قيل هو ابن أيوب
في المستدرك عن وهب أن الله بعث بعد أيوب ابنه بشر بن أيوب نبيا
وسماه ذا الكفل وأمره بالدعاء إلى توحيده وكان مقيما بالشام عمره حتى مات وعمره خمس وسبعون سنة
5507 وفي العجائب للكرماني قيل هو إلياس وقيل هو يوشع بن نون وقيل هو نبي اسمه ذو الكفل
وقيل كان رجلا صالحا تكفل بأمور فوفى بها وقيل هو زكريا من قوله { وكفلها زكريا }
انتهى
5508 وقال ابن عسكر قيل هو نبي تكفل الله له في عمله بضعف عمل غيره من الأنبياء
____________________
(2/368)
وقيل لم يكن نبيا وإن اليسع استخلفه فتكفل له أن يصوم النهار ويقوم الليل وقيل أن يصلي كل يوم مائة ركعة وقيل هو اليسع وإن له اسمين
5509 19 - يونس هو ابن متى بفتح الميم وتشديد التاء الفوقية مقصور ووقع في تفسير عبد الرازق أنه اسم أمه
5510 قال ابن حجر وهو مردود بما في حديث ابن عباس في الصحيح ونسبه إلى أبيه
قال فهذا أصح قال ولم أقف في شيء من الأخبار على اتصال نسبه وقد قيل إنه كان في زمن ملوك الطوائف من الفرس
روى ابن أبي حاتم عن أبي مالك أنه لبث في بطن الحوت أربعين يوما وعن جعفر الصادق سبعة أيام وعن قتادة ثلاثة وعن الشعبي قال التقمه ضحى ولفظه عشية
5511 وفي يونس ست لغات تثليث النون مع الواو والهمزة والقراءة المشهورة بضم النون مع الياء قال أبو حيان وقرأ طلحة ابن مصرف بكسر يونس ويوسف أراد أن يجعلهما عربيين مشتقين من ( أنس ) و ( أسف ) وهو شاذ
5512 20 - إلياس قال ابن إسحاق في المبتدأ هو ابن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون أخي موسى بن عمران
5513 وقال ابن عسكر حكى القتبي أنه من سبط يوشع
5514 وقال وهب إنه عمر كما عمر الخضر وإنه يبقى إلى آخر الدنيا
5515 وعن ابن مسعود أن إلياس هو إدريس وسيأتي قريبا وإلياس بهزة قطع اسم عبراني وقد زيد في آخره ياء ونون في قوله تعالى { سلام على إل ياسين } كما قالوا في إدريس ( إدراسين ) ومن قرأ / < آل يس > / فقيل المراد آل محمد
5516 21 - اليسع قال ابن جبير هو ابن أخطوب بن العجوز قال والعامة تقرؤه بلام واحدة مخففة وقرأ بعضهم / < والليسع > / بلامين وبالتشديد
____________________
(2/369)
فعلى هذا هو عجمي وكذا على الأولى وقيل عربي منقول من الفعل من وسع يسع
5517 22 - زكريا كان من ذرية سليمان بن داود وقتل بعد قتل ولده وكان له يوم بشر بولده اثنتان وتسعون سنة وقيل تسع وتسعون وقيل مائة وعشرون
وزكريا اسم أعجمي وفيه خمس لغات أشهرها المد والثانية القصر وقرئ بهما في السبع وزكريا بتشديد الياء وتخفيفها وزكر كقلم
5518 23 - يحيى ولده أول من سمي يحيى بنص القرآن ولد قبل عيسى بستة أشهر ونبئ صغيرا وقتل ظلما وسلط الله على قاتليه بخت نصر وجيوشه
ويحيى اسم عجمي وقيل عربي
قال الواحدي وعلى القولين لا ينصرف
قال الكرماني وعلى الثاني إنما سمى به لأنه أحياه الله بالإيمان وقيل لأنه حي به رحم أمه وقيل لأنه استشهد والشهداء أحياء وقيل معناه ( يموت ) كالمفازة للمهلكة والسليم للديغ
5519 24 - عيس بن مريم بنت عمران خلقه الله بلا أب وكانت مدة حمله ساعة وقيل ثلاث ساعات وقيل ستة أشهر وقيل ثمانية أشهر وقيل تسعة ولها عشر سنين وقيل خمسة عشرة ورفع وله ثلاث وثلاثون سنة وفي أحاديث أنه ينزل ويقتل الدجال ويتزوج ويولد له ويحج ويمكث في الأرض سبع سنين ويدفن عند النبي صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح ( أنه ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس ) يعني حماما
وعيسى اسم عبراني أو سرياني 1 - فائدة
5520 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم
5521 25 - محمد صلى الله عليه وسلم سمى بأسماء كثيرة منها محمد وأحمد 2 - فائدة
5522 أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال خمسة سموا قبل أن
____________________
(2/370)
يكونوا محمد { ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد } ويحيى { إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى } وعيسى { مصدقا بكلمة من الله } وإسحاق ويعقوب { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب }
5523 قال الراغب وخص لفظ ( أحمد ) فيما بشر به عيسى تنبيها على أنه أحمد منه ومن الذين قبله أسماء الملائكة
وفيه من أسماء الملائكة
5524 1 ، 2 - جبريل وميكائيل وفيهما لغات جبريل بكسر الجيم والراء بلا همز وجبريل بفتح الجيم وكسر الراء بلا همز وجبرائيل بهمزة بعد الألف وجبراييل بياءين بلا همز وجبرئيل بهمزة وياء بلا ألف وجبرئل مشددة اللام وقرئ بها
5525 قال ابن جني وأصله ( كوريال ) فغير بالتعريب وطول الاستعمال إلى ما ترى وقرئ ( ميكاييل ) بلا همز وميكئل وميكال
5526 أخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال جبريل عبد الله وميكاييل عبيد الله وكل اسم فيه ( إيل ) فهو معبد لله
5527 وأخرج عن عبد الله بن الحارث قال إيل الله بالعبرانية
5528 وأخرج ابن ابي حاتم عن عبد العزيز بن عمير قال اسم جبريل في الملائكة خادم الله فائدة
5529 قرأ أبو حيوة { فأرسلنا إليها روحنا } بالتشديد وفسره ابن مهران بأنه اسم لجبريل حكاه الكرماني في عجائبه
5530 3 ، 4 - وهاروت وماروت أخرج ابن أبي حاتم عن علي قال هاروت وماروت ملكان من ملائكة السماء وقد أفردت في قصتهما جزءا
5531 5 - الرعد ففي الترمذي من حديث ابن عباس أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الرعد فقال ملك من الملائكة موكل بالسحاب
____________________
(2/371)
5532 وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال الرعد ملك يسبح
5533 وأخرج عن مجاهد إنه سئل عن الرعد فقال هو ملك يسمى الرعد ألم تر أن الله يقول { ويسبح الرعد بحمده }
5534 6 - والبرق فقد أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم قال بلغنا أن البرق ملك له أربعة وجوه وجه إنسان ووجه ثور ووجه نسر ووجه أسد فإذا مصع بذنبه فذلك البرق
5535 7 - ومالك خازن النار
5536 8 - والسجل أخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر الباقر قال السجل ملك وكان هاروت وماروت من أعوانه
5537 وأخرج عن ابن عمر قال السجل ملك وأخرج عن السدي قال ملك موكل بالصحف
5538 9 - وقعيد فقد ذكر مجاهد أنه اسم كاتب السيئات أخرجه أبو نعيم في الحلية
فهؤلاء تسعة
5539 10 - وأخرج ابن أبي حاتم من طرق مرفوعة وموقوفة ومقطوعة أن ذا القرنين ملك من الملائكة فإن صح أكمل العشرة
5540 11 - وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى { يوم يقوم الروح } قال ملك من أعظم الملائكة خلقا فصاروا أحد عشر
5541 12 - ثم رأيت الراغب قال في مفرداته في قوله تعالى { هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين } قيل إنه ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما روى أن السكينة تنطق على لسان عمر أسماء الصحابة
5542 وفيه من أسماء الصحابة زيد بن حارثة
____________________
(2/372)
5543 والسجل في قول من قال إنه كاتب النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود والنسائي من طريق أبي الجوزاء عن ابن عباس أسماء المتقدمين من غير الأنبياء والرسل
وفيه من أسماء المتقدمين غير الأنبياء والرسل
5544 عمران أبو مريم وقيل أبو موسى أيضا وأخوها هارون وليس بأخي موسى كما في حديث أخرجه مسلم وسيأتي آخر الكتاب
5545 وعزيز وتبع وكان رجلا صالحا كما أخرج الحاكم وقيل نبي حكاه الكرماني في عجائبه
5546 ولقمان وقد قيل إنه كان نبيا والأكثر على خلافه وأخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كان لقمان عبدا حبشيا نجارا
5547 ويوسف الذي في سورة غافر
5548 ويعقوب في أول سورة مريم على ما تقدم
5549 وتقي في قوله فيها { إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا }
قيل إنه اسم رجل كان من أمثل الناس أي إن كنت في الصلاح مثل تقي حكاه الثعلبي
وقيل اسم رجل كان يتعرض للنساء وقيل إنه ابن عمها أتاها جبريل في صورته حكاهما الكرماني في عجائبه أسماء النساء
5550 وفيه من أسماء النساء مريم لا غير لنكتة تقدمت في نوع الكناية ومعنى مريم بالعبرية الخادم
وقيل المرأة التي تغازل الفتيان حكاهما الكرماني
5551 وقيل إن بعلا في قوله { أتدعون بعلا } اسم امرأة كانوا يعبدونها حكاه ابن عسكر
____________________
(2/373)
أسماء الكفار
وفيه من أسماء الكفار
5552 قارون وهو ابن يصهر ابن عم موسى كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس
وجالوت وهامان وبشرى الذي ناداه الوارد المذكور في سورة يوسف بقوله { يا بشرى } في قول السدي أخرجه ابن أبي حاتم
وآزر أبو إبراهيم وقيل اسمه تارح وآزر لقب أخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إن أبا إبراهيم لم يكن اسمه آزر إنما كان اسمه تارح
وأخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال معنى آزر الصنم
وأخرج عن مجاهد قال ليس أزر أبا إبراهيم
ومنها النسيء أخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل قال كان رجل يسمى النسئ من بني كنانة كان يجعل المحرم صفرا يستحل به الغنائم أسماء الجن
وفيه من أسماء الجن
5553 أبوهم إبليس وكان إسمه أولا عزازيل أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان إبليس اسمه عزازيل
5554 وأخرج ابن جرير عن السدي قال كان اسم إبليس الحارث قال بعضهم هو معنى عزازيل
5555 وأخرج ابن جرير وغيره من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إنما سمى إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله آيسه منه
5556 وقال ابن عسكر قيل في اسمه قترة حكاه الخطابي
وكنيته أبو كردوس وقيل أبو قترة وقيل أبو مرة وقيل أبو لبينى حكاه السهيلي في الروض الأنف
____________________
(2/374)
أسماء القبائل
5557 وفيه من أسماء القبائل يأجوج ومأجوج وعاد وثمود ومدين وقريش والروم أسماء الأقوام بالإضافة
5558 وفيه من الأقوام بالإضافة قوم نوح وقوم لوط وقوم تبع وقوم إبراهيم وأصحاب الأيكة وقيل هم مدين وأصحاب الرس وهم بقية من ثمود قاله ابن عباس
وقال عكرمة هم أصحاب ياسين وقال قتادة هم قوم شعيب وقيل هم أصحاب الأخدود واختاره ابن جرير أسماء الأصنام
5559 وفيه من أسماء الأصنام التي كانت أسماء لأناس ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر وهي أصنام قوم نوح واللآت والعزى ومناة وهي أصنام قريش وكذا الرجز فيمن قرأه بضم الراء ذكر الأخفش في كتاب الواحد والجمع أنه اسم صنم
5560 والجبت والطاغوت قال ابن جرير ذهب بعضهم إلى أنهما صنمان كان المشركون يعبدونهما ثم أخرج عن عكرمة قال الجبت والطاغوت صنمان
5561 والرشاد في قوله في سورة غافر { وما أهديكم إلا سبيل الرشاد } قيل هو اسم صنم من أصنام فرعون حكاه الكرماني في عجائبه
5562 وبعل وهو صنم قوم إلياس
5563 وآزر على أنه اسم صنم
5564 روى البخاري عن ابن عباس ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت
5565 وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أنهم أولاد آدم لصلبه
____________________
(2/375)
5566 وأخرج البخاري عن ابن عباس قال كان اللات رجلا يلت سويق الحاج وحكاه ابن جنى عنه أنه قرأ { اللات } بتشديد التاء وفسره بذلك وكذا أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد أسماء البلاد والأمكنة
وفيه من أسماء البلاد والبقاع والأمكنة والجبال
5567 بكة إسم لمكة فقيل الباء بدل من الميم ومأخذه من تمككت العظم أي اجتذبت ما فيه من المخ وتمكك الفصيل ما في ضرع الناقة فكأنها تجتذب إلى نفسها ما في البلاد من الأقوات
وقيل لأنها تمك الذنوب أي تذهبها وقيل لقلة مائها
وقيل لأنها في بطن واد تمكك الماء من جبالها عند نزول المطر وتنجذب إليها السيول
وقيل الباء أصل ومأخذه من البك لأنها تبك أعناق الجبابرة أي تكسرهم فيذلون لها ويخضعون وقيل من التباك وهو الازدحام لازدحام الناس فيها في الطواف وقيل مكة الحرم وبكة المسجد خاصة وقيل مكة البلد وبكة البيت وموضع الطواف وقيل البيت خاصة
5568 والمدينة سميت في الأحزاب بيثرب حكاية عن المنافقين وكان اسمها في الجاهلية فقيل لأنه إسم أرض في ناحيتها وقيل سميت بيثرب بن وائل من بني إرم بن سام بن نوح لأنه أول من نزلها وقد صح النهى عن تسميتها به لأنه صلى الله عليه وسلم كان يكره الاسم الخبيث وهو يشعر بالثرب وهو الفساد أو التثريب وهو التوبيخ
5569 وبدر وهي قرية قرب المدينة أخرج ابن جرير عن الشعبي قال كانت بدر لرجل من جهينة يسمى بدرا فسميت به
قال الواقدي فذكرت ذلك لعبد الله بن جعفر ومحمد بن صالح فأنكراه وقالا لأي شيء سميت الصفراء ورابغ هذا ليس بشيء إنما هو اسم الموضع
وأخرج عن الضحاك قال بدر ما بين مكة والمدينة
5570 وأحد قرئ شاذا { إذ تصعدون ولا تلوون على أحد }
5571 وحنين وهي قرية قرب الطائف
____________________
(2/376)
5572 وجمع وهي مزدلفة
5573 والمشعر الحرام وهو جبل بها
5574 ونقع قيل هو اسم لما بين عرفات إلى مزدلفة حكاه الكرماني
5575 ومصر وبابل وهي بلد بسواد العراق
5576 والأيكة وليكة بفتح اللام بلد قوم شعيب والثاني اسم البلدة والأول اسم الكورة
5577 والحجر منازل ثمود ناحية الشام عند وادي القرى
5578 والأحقاف وهي جبال الرمل بين عمان وحضرموت وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنها جبل بالشام
5579 وطور سيناء وهو الجبل الذي نودي منه موسى
5580 والجودي وهو جبل بالجزيرة
5581 وطوى اسم الوادي كما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وأخرج من وجه آخر عنه أنه سمى طوى لأن موسى طواه ليلا وأخرج عن الحسن قال هو واد بفلسطين قيل له طوى لأنه قدس مرتين وأخرج عن مبشر بن عبيد قال هو واد بأيلة طوي بالبركة مرتين
5582 والكهف وهو البيت المنقور في الجبل
5583 والرقيم أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال زعم كعب ان الرقيم القرية التي خرجوا منها وعن عطية قال الرقيم واد وعن سعيد بن جبير مثله وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس قال الرقيم واد بين عقبان وأيلة دون فلسطين وعن قتادة قال الرقيم اسم الوادي الذي فيه الكهف وعن أنس بن مالك قال الرقيم الكلب
5584 والعرم أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال العرم اسم الوادي
5585 وحرد قال السدي بلغنا أن اسم القرية حرد أخرجه ابن أبي حاتم
5586 والصريم أخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير أنها أرض باليمن تسمى بذلك
____________________
(2/377)
5587 وق وهو جبل محيط بالأرض
5588 والجرز هم اسم أرض
5589 والطاغية قيل اسم البقعة التي أهلكت بها ثمود حكاهما الكرماني أسماء الأماكن الأخروية
وفيها من أسماء الأماكن الأخروية
5590 الفردوس وهو أعلى مكان في الجنة
5591 وعليون قيل أعلى مكان في الجنة وقيل اسم لما دون فيه أعمال صلحاء الثقلين
5592 والكوثر نهر في الجنة كما في الأحاديث المتواترة
5593 وسلسبيل وتسنيم عينان في الجنة
5594 وسجين اسم لمكان أرواح الكفار
5595 وصعود جبل في جهنم كما أخرجه الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعا
5596 وغي وأثام وموبق والسعير وويل وسائل وسحق أودية في جهنم أخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك في قوله { وجعلنا بينهم موبقا } قال واد في جهنم من قيح
5597 وأخرج عن عكرمة في قوله { موبقا } قال هو نهر في النار
وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن مسعود في قوله { فسوف يلقون غيا } قال واد في جهنم وأخرج الترمذي وغيره من حديث أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره )
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال ( ويل واد في جهنم من قيح )
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها غليظ وموبق وأثام وغي
____________________
(2/378)
5598 وأخرج عن سعيد بن جبير قال السعير واد من قيح في جهنم وسحق واد في جهنم
5599 وأخرج عن أبي زيد في قوله { سأل سائل } هو واد من أودية جهنم يقال له سائل
5600 والفلق جب في جهنم في حديث مرفوع أخرجه ابن جرير
5601 ويحموم دخان أسود أخرجه الحاكم عن ابن عباس
5602 وفيه من المنسوب إلى الأماكن ألأمي قيل نسبة إلى أم القرى مكة
5603 وعبقري قيل إنه منسوب إلى عبقر موضع للجن ينسب إليه كل نادر
5604 والسامري قيل منسوب إلى أرض يقال لها سامرون وقيل سامرة
5605 والعربي قيل منسوب إلى عربة وهي باحة دار إسماعيل عليه السلام أنشد فيها
( وعربة أرض ما يحل حرامها % من الناس إلا اللوذعي الحلاحل )
يعني النبي صلى الله عليه وسلم أسماء الكواكب
5606 وفيه من أسماء الكواكب الشمس والقمر والطارق والشعري فائدة في أسماء الطير
5607 قال بعضهم سمى الله في القرآن عشرة أجناس من الطير السلوى والبعوض والذباب والنحل والعنكبوت والجراد والهدهد والغراب وأبابيل والنمل فإنه من الطير لقوله في سليمان { علمنا منطق الطير } وقد فهم كلامها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال النملة التي فقه سليمان كلامها كانت ذات جناحين
____________________
(2/379)
فصل في الكنى والألقاب في القرآن
5608 أما الكنى فليس في القرآن منها غير أبي لهب واسمه عبد العزى ولذلك لم يذكر باسمه لأنه حرام شرعا وقيل للإشارة إلى أنه جهنمي
5609 وأما الألقاب فمنها إسرائيل لقب يعقوب ومعناه عبد الله وقيل صفوة الله وقيل سرى الله لأنه أسرى لما هاجر
أخرج ابن جرير من طريق عمير عن ابن عباس أن إسرائيل كقولك عبد الله
5610 وأخرج عبد الرحمن بن حميد في تفسيره عن أبي مجلز قال كان يعقوب رجلا بطيشا فلقى ملكا فعالجه فصرعه الملك فضرب على فخذيه فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به فقال ما أنا بتاركك حتى تسميني اسما فسماه إسرائيل قال أبو مجلز ألا ترى أنه من أسماء الملائكة
5611 وفيه لغات أشهرها بياء بعد الهمزة ولام وقرئ إسراييل بلا همز
قال بعضهم ولم يخاطب اليهود في القرآن إلا ب ( يا بني إسرائيل ) دون ( يا بني يعقوب ) لنكتة وهو أنهم خوطبوا بعبادة الله وذكروا بدين أسلافهم موعظة لهم وتنبيها من غفلتهم فسموا بالاسم الذي فيه تذكرة بالله تعالى فإن إسرائيل اسم مضاف إلى الله في التأويل ولما ذكر موهبته لإبراهيم وتبشيره به قال يعقوب وكان أولى من إسرائيل لأنها موهبة بمعقب آخر فناسب ذكر اسم يشعر بالتعقيب
5612 ومنها المسيح لقب لعيسى ومعناه قيل الصديق وقيل الذي ليس لرجله أخمص وقيل الذي لا يمسح ذا عاهة إلا برئ وقيل الجميل وقيل الذي يمسح الأرض أي يقطعها وقيل غير ذلك
5613 ومنها إلياس قيل إنه لقب إدريس أخرج ابن إبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود قال إلياس هو إدريس وإسرائيل هو يعقوب وفي قراءته / < وإن إدراس لمن المرسلين > / / < سلام على إدراسين > / وفي قراءة أبي / < وأن إيليسين > / / < سلام على إيليسين > /
____________________
(2/380)
5614 ومنها ذو الكفل قيل إنه لقب إلياس وقيل لقب اليسع وقيل لقب يوشع وقيل لقب زكريا
5615 ومنها نوح اسمه عبد الغفار ولقبه نوح لكثرة نوحه على نفسه في طاعة ربه كما أخرجه ابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي
5616 ومنها ذو القرنين واسمه إسكندر وقيل عبد الله بن الضحاك بن سعد وقيل المنذر بن ماء السماء وقيل الصعب بن قرين بن الهمال
حكاهما ابن عسكر
ولقب ذا القرنين لأنه بلغ قرني الأرض المشرق والمغرب وقيل لأنه ملك فارس والروم وقيل كان على رأسه قرنان أي ذؤابتان وقيل كان له قرنان من ذهب وقيل كانت صفحتا رأسه من نحاس وقيل كان على رأسه قرنان صغيران تواريهما العمامة وقيل إنه ضرب على قرنه فمات ثم بعثه الله فضربوه على قرنه الآخر وقيل لأنه كان كريم الطرفين وقيل أنه انقرض في وقته قرنان من الناس وهو حي وقيل لأنه أعطي علم الظاهر وعلم الباطن وقيل لأنه دخل النور والظلمة
5617 ومنها فرعون واسمه الوليد بن مصعب وكنيته أبو العباس وقيل أبو الوليد وقيل أبو مرة
وقيل إن فرعون لقب لكل من ملك مصر
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال كان فرعون فارسيا من أهل إصطخر
5618 ومنها تبع قيل كان اسمه أسعد بن ملكي كرب وسمى تبعا لكثرة من تبعه
وقيل إنه لقب ملوك اليمن سمي كل واحد منهما تبعا أي يتبع صاحبه كالخليفة يخلف غيره
____________________
(2/381)
النوع السبعون في المبهمات
5619 أفرده بالتأليف السهيلي ثم ابن عساكر ثم القاضي بدر الدين بن جماعة
ولي فيه تأليف لطيف جمع فوائد الكتب المذكورة مع زوائد أخرى على صغر حجمه جدا وكان من السلف من يعتني به كثيرا
قال عكرمة طلبت الذي خرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم أدركه الموت أربع عشرة سنة أسباب الإبهام في القرآن
5620 وللإبهام في القرآن أسباب
أحدهما الإستغناء ببيانه مع موضع آخر كقوله { صراط الذين أنعمت عليهم } فإنه مبين في قوله { مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين }
5621 الثاني أن يتعين لإشتهاره كقوله { وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة } ولم يقل ( حواء ) لأنه ليس له غيرها
{ ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه } والمراد نمروذ لشهرة ذلك لأنه المرسل إليه قيل وقد ذكر الله فرعون في القرآن باسمه ولم يسم نمروذ لأن فرعون
____________________
(2/382)
كان أذكى منه كما يؤخذ من أجوبته لموسى ونمروذ كان بليدا ولهذا قال { أنا أحيي وأميت } وفعل ما فعل من قتل شخص والعفو عن آخر وذلك غاية البلادة
5622 الثالث قصد الستر عليه ليكون أبلغ في إستعطافه نحو { ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا } الآية هو الأخنس بن شريق وقد أسلم بعد وحسن إسلامه
5623 الرابع ألا يكون في تعيينه كبير فائدة نحو { أو كالذي مر على قرية } { واسألهم عن القرية }
5624 الخامس التنبيه على العموم وأنه غير خاص بخلاف ما لو عين نحو { ومن يخرج من بيته مهاجرا }
5625 السادس تعظيمه بالوصف الكامل دون الإسم نحو { ولا يأتل أولوا الفضل } { والذي جاء بالصدق وصدق به } { إذ يقول لصاحبه } والمراد الصديق في الكل
5626 السابع تحقيره بالوصف الناقص نحو { إن شانئك هو الأبتر } تنبيه
5627 قال الزركشي في البرهان لا يبحث عن مبهم أخبر الله باستئثاره بعلمه كقوله { وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم } قال والعجب ممن تجرأ وقال إنهم قريظة أو من الجن
قلت ليس في الآية ما يدل على أن جنسهم لا يعلم وإنما المنفي علم أعيانهم ولا
____________________
(2/383)
ينافيه العلم بكونهم من قريظة أو من الجن وهو نظير قوله في المنافقين { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } فإن المنفي علم أعيانهم ثم القول في أولئك بأنهم بنو قريظة أخرجه ابن أبي حاتم عن مجاهد والقول بأنهم من الجن أخرجه ابن أبي حاتم من حديث عبد الله بن غريب عن أبيه مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا جرأة فصل في ذكر آيات المبهمات
5628 أعلم أن علم المبهمات مرجعه النقل المحض لا مجال للرأي فيه ولما كانت الكتب المؤلفة فيه وسائر التفاسير يذكر فيها أسماء المبهمات والخلاف فيها دون بيان مستند يرجع إليه أو عزو يعتمد عليه ألفت الكتاب الذي ألفته مذكورا فيه عزو كل قول إلى قائله من الصحابة والتابعين وغيرهم معزوا إلى أصحاب الكتب الذين خرجوا ذلك بأسانيدهم مبينا فيه ما صح سنده وما ضعف فجاء لذلك كتابا حافلا لا نظير له في نوعه وقد رتبته على ترتيب القرآن وأنا ألخص هنا مبهماته بأوجز عبارة تاركا العزو والتخريج غالبا إختصارا وإحالة على الكتاب المذكور وأرتبه على قسمين
5629 القسم الأول فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني أو مثنى أو مجموع عرف أسماء كلهم أو من أو الذي إذا لم يرد به العموم
5630 قوله تعالى { إني جاعل في الأرض خليفة } هو آدم وزوجه حواء بالمد لأنها خلقت من حي
5631 { وإذ قتلتم نفسا } إسمه عاميل
5632 { وابعث فيهم رسولا منهم } هو النبي صلى الله عليه وسلم
5633 { ووصى بها إبراهيم بنيه } هم إسماعيل وإسحاق ومدين وزمران وسرح ونفش ونفشان وأميم وكيسان وسورح ولوطان ونافش
____________________
(2/384)
5634 { والأسباط } أولاد يعقوب إثنا عشر رجلا يوسف وروبيل وشمعون ولاوي ويهوذا ودان ونفتالي بفاء ومثناة وكاد ويأشير وإيشاجر وريالون وبنيامين
5635 { ومن الناس من يعجبك قوله } هو الأخنس بن شريق
5636 { ومن الناس من يشري نفسه } هو صهيب
5637 { إذ قالوا لنبي لهم } هو شمويل وقيل شمعون وقيل يوشع
5638 { منهم من كلم الله } قال مجاهد موسى
{ ورفع بعضهم درجات } قال محمد
5639 { الذي حاج إبراهيم في ربه } نمروذ بن كنعان
5640 { أو كالذي مر على قرية } عزير وقيل أرمياء وقيل حزقيل
5641 { امرأة عمران } حنة بنت فاقوذ
5642 { وامرأتي عاقر } هي أشياع أو أشيع بنت فاقود
5643 { مناديا ينادي للإيمان } هو محمد صلى الله عليه وسلم
5644 { إلى الطاغوت } قال ابن عباس هو كعب بن الأشرف أخرجه أحمد
5645 { وإن منكم لمن ليبطئن } هو عبد الله بن أبي
5646 { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا } هو عامر بن الأضبط الأشجعي وقيل مرداس والقائل ذلك نفر من المسلمين منهم أبو قتادة
____________________
(2/385)
وملحم بن جثامة
وقيل إن الذي باشر القول محلم وقيل إنه الذي باشر قتله أيضا وقيل قتله المقداد بن الأسود وقيل أسامة بن زيد
5647 { ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت } هو ضمرة بن جندب وقيل ابن العيص رجل من خزاعة وقيل أبو ضمرة بن العيص وقيل إسمه سبرة وقيل هو خالد بن حزام وهو غريب جدا
5648 { وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا } هم شموع بن زكور من سبط روبيل وشوقط بن حوري من سبط شمعون وكالب بن يوفنا من سبط يهوذا وبعورك بن يوسف من سبط إيشاجر ويوشع بن نون من سبط إفراثيم بن يوسف وبلطي بن روفوا من سبط بنيامين وكرابيل بن سودي من سبط زبالون وكدي بن شاس من سبط منشأ بن يوسف وعماييل بن كسل من سبط دان وستور بن ميخائيل من سبط أشير ويوحنا بن وقوسى من سبط نفتالي وإل بن موخا من سبط كاذلوا
5649 { قال رجلان } هما يوشع وكالب
5650 { نبأ ابني آدم } هما قابيل وهابيل وهو المقتول
5651 { الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها } بلعم ويقال بلعام بن آير ويقال باعر ويقال باعور
وقيل هو أمية بن أبي الصلت وقيل صيفي بن راهب وقيل فرعون وهو أغربها
5652 { وإني جار لكم } عنى سراقة بن جعشم
5653 { فقاتلوا أئمة الكفر } قال قتادة هم أبو سفيان وأبو جهل وأمية بن خلف وسهيل بن عمرو وعتبة بن ربيعة
5654 { إذ يقول لصاحبه } هو أبو بكر الصديق
____________________
(2/386)
5655 { وفيكم سماعون لهم } قال مجاهد هم عبد الله بن أبي بن سلول ورفاعة بن التابوت وأوس بن قيظي
5656 { ومنهم من يقول ائذن لي } هو الجد بن قيس
5657 { ومنهم من يلمزك في الصدقات } هو ذو الخويصرة
5658 { إن نعف عن طائفة منكم } هو مخشي بن حمير
5659 { ومنهم من عاهد الله } هو ثعلبة بن حاطب
5660 { وآخرون اعترفوا بذنوبهم } قال ابن عباس هم سبعة أبو لبابة وأصحابه وقال قتادة سبعة من الأنصار أبو لبابة وجد بن قيس وخذام وأوس وكردم ومرداس
5661 { وآخرون مرجون } هم هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب ابن مالك وهم الثلاثة الذين خلفوا
5662 { والذين اتخذوا مسجدا ضرارا } قال ابن إسحاق إثنا عشر من الأنصار خذام بن خالد وثعلبة بن حاطب وهو من بني أمية بن زيد ومعتب بن قشير وأبو حبيبة بن الأزعر وعباد بن حنيف وجارية بن عامر وإبناه مجمع وزيد ونبتل بن الحارث وبحزج وبجاد بن عثمان ووديعة بن ثابت
5663 { لمن حارب الله ورسوله } هو أبو عامر الراهب
5664 { أفمن كان على بينة من ربه } وهو محمد صلى الله عليه وسلم { ويتلوه شاهد منه } هو جبريل وقيل هو القرآن وقيل أبو بكر وقيل علي
5665 { ونادى نوح ابنه } إسمه كنعان وقيل يام
5666 { وامرأته قائمة } إسمها سارة
5667 ( بنات لوط ) ريثا ورغوثا
____________________
(2/387)
5668 { ليوسف وأخوه } بنيامين شقيقه
5669 { قال قائل منهم } هو روبيل وقيل يهوذا وقيل شمعون
5670 { فأرسلوا واردهم } هو مالك بن دعر
5671 { وقال الذي اشتراه } هو قطيفير أو أطيفير { لامرأته } هي راعيل وقيل زليخا
5672 { ودخل معه السجن فتيان } هو مجلث وبنوه وهو الساقي وقيل راشان ومرطش وقيل شرهم وسرهم
5673 { للذي ظن أنه ناج } هو الساقي
5674 { عند ربك } هو الملك ريان بن الوليد
5675 { بأخ لكم } هو بنيامين وهو المتكرر في السورة
5676 { فقد سرق أخ له } عنوا يوسف
5677 { قال كبيرهم } هو شمعون وقيل روبيل
5678 { آوى إليه أبويه } هما أبوه وخالته ليا وقيل أمه وإسمها راحيل
5679 { ومن عنده علم الكتاب } هو عبد الله بن سلام وقيل جبريل
5680 { أسكنت من ذريتي } هو إسماعيل
5681 { ولوالدي } إسم أبيه تارح وقيل أزر وقيل يازر وإسم أمه مثاني وقيل نوفا وقيل ليوثا
5682 { إنا كفيناك المستهزئين } قال سعيد بن جبير هم خمسة الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وأبو زمعة والحارث بن قيس والأسود بن عبد يغوث
____________________
(2/388)
5683 { رجلين أحدهما أبكم } هو أسيد بن أبي العيص
5684 { ومن يأمر بالعدل } عثمان بن عفان
5685 { كالتي نقضت غزلها } هي ريطة بنت سعيد بن زيد مناة بن تميم
5686 { إنما يعلمه بشر } عنوا عبد بن الحضرمي وإسمه مقيس وقيل عبدين له يسار وجبر وقيل عنوا قينا بمكة إسمه بلعام وقيل سلمان الفارسي
5687 { أصحاب الكهف } تمليخا وهو رئيسهم والقائل { فأووا إلى الكهف } والقائل { ربكم أعلم بما لبثتم } وتكسلمينا وهو القائل { كم لبثتم } ومرطوش وبراشق وأيونس وأريسطانس وشلططيوس
5688 { فابعثوا أحدكم بورقكم } هو تمليخا
5689 { من أغفلنا قلبه } هو عيينة بن حصن
5690 { واضرب لهم مثلا رجلين } هما تمليخا وهو الخير وفطروس وهما المذكوران في سورة الصافات
5691 { قال موسى لفتاه } هو يوشع بن نون وقيل أخوه يثربي
5692 { فوجدا عبدا } هو الخضر وإسمه بليا
5693 { لقيا غلاما } إسمه جيسور بالجيم وقيل بالحاء
5694 { وراءهم ملك } هو هدد بن بدد
5695 { وأما الغلام فكان أبواه } إسم الأب كازيرا والأم سهوى
5696 { لغلامين يتيمين } هما أصرم وصريم
5697 { فناداها من تحتها } قيل عيسى وقيل جبريل
____________________
(2/389)
5698 { ويقول الإنسان } هو أبي بن خلف وقيل أمية بن خلف وقيل الوليد بن المغيرة
5699 { أفرأيت الذي كفر } هو العاصي بن وائل
5700 { وقتلت نفسا } هو القبطي وإسمه فاقون
5701 { السامري } إسمه موسى بن ظفر
5702 { من أثر الرسول } هو جبريل
5703 { ومن الناس من يجادل } هو النضر بن الحارث
5704 { هذان خصمان } أخرج الشيخان عن أبي ذر قال نزلت هذه الآية في حمزة وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب وعتبة وشيبة والوليد بن عتبة
5705 { ومن يرد فيه بإلحاد } قال ابن عباس نزلت في عبد الله بن أنيس
5706 { الذين جاؤوا بالإفك } هم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبي وهو الذي تولي كبره
5707 { ويوم يعض الظالم } هو عقبة بن أبي معيط
5708 { لم أتخذ فلانا } هو أمية بن خلف وقيل أبي بن خلف
5709 { وكان الكافر } قال الشعبي هو أبو جهل
5710 { امرأة تملكهم } هي بلقيس بنت شراحيل
5711 { فلما جاء سليمان } إسم الجائي منذر
5712 { قال عفريت من الجن } إسمه كوزن
5713 { الذي عنده علم } هو آصف بن برخيا كاتبه وقيل رجل يقال
____________________
(2/390)
له ذو النور وقيل أسطوم وقيل مليخا وقيل بلخ وقيل هو ضبة أبو القبيلة وقيل جبريل وقيل ملك آخر وقيل الخضر
5714 { تسعة رهط } هم رعمى ورعيم وهرمى وهريم ودأب وصواب ورأب ومسطع وقدار بن سالف عاقر الناقة
5715 { فالتقطه آل فرعون } إسم الملتقط طابوث
5716 { امرأة فرعون } آسية بنت مزاحم
5717 { أم موسى } يحانذ بنت يصهر بن لاوى وقيل ياء وخا وقيل أباذخت
5718 { وقالت لأخته } إسمها مريم وقيل كلثوم
5719 { هذا من شيعته } هو السامري { وهذا من عدوه } إسمه فاتون
5720 { وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى } هو مؤمن آل فرعون وإسمه شمعان وقيل شمعون وقيل جبر وقيل حبيب وقيل حزقيل
5721 { امرأتين تذودان } هما ليا وصفوريا وهي التي نكحها وأبوهما شعيب وقيل يثرون ابن أخي شعيب
5722 { وإذ قال لقمان لابنه } إسمه باران بالموحدة وقيل داران وقيل أنعم وقيل مشكم
{ ملك الموت } اشتهر على الألسنة أن اسمه عزرائيل ورواه أبو الشيخ بن حبان عن وهب
5723 { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا } نزلت في علي بن أبي طالب والوليد بن عقبة
5724 { ويستأذن فريق منهم النبي } قال السدي هما رجلان من بني حارثة أبو عرابة بن أوس وأوس بن قيظي
5725 { قل لأزواجك وبناتك } قال عكرمة كانت تحته يومئذ تسع
____________________
(2/391)
نسوة عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب بنت جحش وجويرية
وبناته فاطمة وزينب ورقية وأم كلثوم
5726 { أهل البيت } قال صلى الله عليه وسلم هم علي وفاطمة والحسن والحسين
5727 { للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه } هو زيد بن حارثة { أمسك عليك زوجك } هي زينب بنت جحش
5728 { وحملها الإنسان } قال ابن عباس هو آدم
5729 { إذ أرسلنا إليهم اثنين } هما شمعون ويوحنا والثالث بولس وقيل هم صادق وصدوق وشلوم
5730 { وجاء من أقصى المدينة رجل } هو حبيب النجار
5731 { أو لم ير الإنسان } هو العاص بن وائل وقيل أبي بن خلف وقيل أمية بن خلف
5732 { فبشرناه بغلام } هو إسماعيل أو إسحاق قولان شهيران
5733 { نبأ الخصم } هما ملكان قيل إنهما جبريل وميكائيل
5734 { جسدا } هو شيطان يقال له أسيد وقيل صخر وقيل حبقيق
5735 { مسني الشيطان } قال نوف الشيطان الذي مسه يقال له مسعط
5736 { والذي جاء بالصدق } محمد وقيل جبريل { وصدق به } محمد صلى الله عليه وسلم وقيل أبو بكر
5737 { الذين أضلانا } إبليس وقابيل
5738 { رجل من القريتين } عنوا الوليد بن المغيرة من مكة ومسعود بن عمرو الثقفي وقيل عروة بن مسعود من الطائف
____________________
(2/392)
5739 { ولما ضرب ابن مريم مثلا } الضارب له عبد الله بن الزبعرى
5740 { طعام الأثيم } قال ابن جبير هو أبو جهل
5741 { وشهد شاهد من بني إسرائيل } هو عبد الله بن سلام
5742 { أولوا العزم من الرسل } أصح الأقوال أنهم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم
5743 { يناد المناد } هو إسرافيل
5744 { ضيف إبراهيم المكرمين } قال عثمان بن محصن كانوا أربعة من الملائكة جبريل وميكائيل وإسرافيل ورفائيل
5745 { وبشروه بغلام } قال الكرماني أجمع المفسرون على أنه إسحاق إلا مجاهدا فإنه قال هو إسماعيل
5746 { شديد القوى } جبريل
5747 { أفرأيت الذي تولى } هو العاصي بن وائل وقيل الوليد بن المغيرة
5748 { يدع الداع } هو إسرافيل
5749 { قول التي تجادلك } هي خولة بنت ثعلبة { في زوجها } هو أوس بن الصامت
5750 { لم تحرم ما أحل الله لك } هي سريته مارية
5751 { أسر النبي إلى بعض أزواجه } هي حفصة { نبأت به } أخبرت عائشة
5752 { إن تتوبا } { وإن تظاهرا } هما عائشة وحفصة { وصالح المؤمنين } هما أبو بكر وعمر أخرجه الطبراني في الأوسط
____________________
(2/393)
5753 { امرأة نوح } والعة { وامرأة لوط } والهة وقيل واعلة
5754 { ولا تطع كل حلاف } نزلت في الأسود بن عبد يغوث وقيل الأخنس بن شريق وقيل الوليد بن المغيرة
5755 { سأل سائل } هو النضر بن الحارث
5756 { رب اغفر لي ولوالدي } إسم أبيه لمك بن متوشلخ وإسم أمه شمخا بنت أنوش
5757 { سفيهنا } هو إبليس
5758 { ذرني ومن خلقت وحيدا } هو الوليد بن المغيرة
5759 { فلا صدق ولا صلى } الآيات نزلت في أبي جهل
5760 { هل أتى على الإنسان } هو آدم
5761 { ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا } قيل هو إبليس
5762 { أن جاءه الأعمى } هو عبد الله بن أم مكتوم
5763 { أما من استغنى } هو أمية بن خلف وقيل هو عتبة بن ربيعة
5764 { لقول رسول كريم } قيل جبريل وقيل محمد صلى الله عليه وسلم
5765 { فأما الإنسان إذا ما ابتلاه } الآيات نزلت في أمية بن خلف
5766 { ووالد } هو آدم
5767 { فقال لهم رسول الله } هو صالح
5768 { الأشقى } هو أمية بن خلف
5769 { الأتقى } هو أبو بكر الصديق
____________________
(2/394)
5770 { الذي ينهى عبدا } هو أبو جهل والعبد هو النبي صلى الله عليه وسلم
5771 { إن شانئك } هو العاصي بن وائل وقيل أبو جهل وقيل عقبة بن أبي معيط وقيل أبو لهب وقيل كعب بن الأشرف
5772 { امرأته } امرأة أبي لهب أم جميل العوراء بنت حرب بن أمية القسم الثاني في مبهمات الجموع الذين عرفت أسماء بعضهم
5773 { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله } سمي منهم رافع بن حرملة
5774 { سيقول السفهاء } سمي منهم رفاعة بن قيس وقردم بن عمر وكعب بن الأشرف ورافع بن حرملة والحجاج بن عمرو والربيع بن أبي الحقيق
5775 { وإذا قيل لهم اتبعوا } الآية سمي منهم رافع ومالك بن عوف
5776 { يسألونك عن الأهلة } سمي منهم معاذ بن جبل وثعلبة بن غنم
5777 { يسألونك ماذا ينفقون } سمي منهم عمرو بن الجموح
5778 { يسألونك عن الخمر } سمي منهم عمر ومعاذ وحمزة
5779 { ويسألونك عن اليتامى } سمي منهم عبد الله بن رواحة
5780 { ويسألونك عن المحيض } سمي منهم ثابت بن الدحداح وعباد بن بشر وأسيد بن الحضير مصغر
5781 { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } سمي منهم النعمان بن عمرو والحارث بن زيد
5782 { الحواريون } سمي منهم فطرس ويعقوبس ويحنس وأندرايس
____________________
(2/395)
وفيلس ودرنايوطا وسرجس وهو الذي ألقى عليه شبهة
5783 { وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا } هم إثنا عشر من اليهود سمي منهم عبد الله بن الصيف وعدي بن زيد والحارث بن عمرو
5784 { كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم } قال عكرمة نزلت في إثنى عشر رجلا منهم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح ابن الأسلت زاد ابن عسكر وطعيمة بن أبيرق
5785 { يقولون هل لنا من الأمر من شيء } سمي من القائلين عبد الله بن أبي
5786 { يقولون لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ها هنا } سمي من القائلين عبد الله بن أبي ومعتب بن قشير
5787 { وقيل لهم تعالوا قاتلوا } القائل ذلك عبد الله والد جابر بن عبد الله الأنصاري والمقول لهم عبد الله بن أبي وأصحابه
5788 { الذين استجابوا لله } هم سبعون منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي والزبير وسعد وطلحة وابن عوف وابن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح
5789 { الذين قال لهم الناس } سمي من القائلين نعيم بن مسعود الأشجعي
5790 { الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } قال ذلك فنحاص وقيل حيي بن أخطب وقيل كعب بن الأشرف
5791 { وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله } نزلت في النجاشي وقيل في عبد الله بن سلام وأصحابه
5792 { وبث منهما رجالا كثيرا ونساء } قال ابن إسحاق أولاد آدم لصلبه
____________________
(2/396)
أربعون في عشرين بطنا كل بطن ذكر وأنثى وسمي من بنيه قابيل وهابيل وإياد وشبونة وهند وصرابيس ومخور وسند وبارق وشيث وعبد المغيث وعبد الحارث وود وسواع ويغوث ويعوق ونسر ومن بناته أقليمة وأشوف وجزوزة وعزورا وأمة المغيث
5793 { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة } قال عكرمة نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت وكردم بن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن أبي رافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب
5794 { ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا } نزلت في الجلاس بن الصامت ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشر
5795 { ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم } سمي منهم عبد الرحمن بن عوف
5796 { إلا الذين يصلون إلى قوم } قال ابن عباس نزلت في هلال بن عويمر الأسلمي وسراقة بن مالك المدلجي وفي بني خزيمة بن عامر بن عبد مناف
5797 { ستجدون آخرين } قال السدي نزلت في جماعة منهم نعيم بن مسعود الأشجعي
5798 { إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم } سمى عكرمة منهم على بن أمية بن خلف والحارث بن زمعة وأبا قيس بن الوليد بن المغيرة وأبا العاصي بن منبه بن الحجاج وأبا قيس بن الفاكه
5799 { إلا المستضعفين } سمي منهم ابن عباس وأمه أم الفضل لبانة بنت الحارث وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام
5800 { الذين يختانون أنفسهم } بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر
5801 { لهمت طائفة منهم أن يضلوك } هم أسيد بن عروة وأصحابه
____________________
(2/397)
5802 { ويستفتونك في النساء } سمي من المستفتين خولة بنت حكيم
5803 { يسألك أهل الكتاب } سمى منهم ابن عسكر كعب بن الأشرف وفنحاصا
5804 { لكن الراسخون في العلم } قال ابن عباس هم عبد الله بن سلام وأصحابه
5805 { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } سمي منهم جابر بن عبد الله
5806 { ولا آمين البيت الحرام } سمي منهم الحطم بن هند البكري
5807 { يسألونك ماذا أحل لهم } سمي منهم عدي بن حاتم وزيد بن المهلهل الطائيان وعاصم بن عدي وسعد بن خيثمة وعويمر بن ساعدة
5808 { إذ هم قوم أن يبسطوا } سمي منهم كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب
5809 { ولتجدن أقربهم مودة } ألايات نزلت في الوفد الذين جاءوا من عند النجاشي وهم اثنا عشر وقيل ثلاثون وقيل سبعون وسمي منهم إدريس وإبراهيم والأشرف وتميم وتمام ودريد
5810 { وقالوا لولا أنزل عليه ملك } سمي منهم زمعة بن الأسود والنضر ابن الحارث بن كلدة وأبي بن خلف والعاصي بن وائل
5811 { ولا تطرد الذين يدعون ربهم } سمي منهم صهيب وبلال وعمار وخباب وسعد بن أبي وقاص وابن مسعود وسلمان الفارسي
5812 { إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شيء } سمي منهم فنحاص ومالك بن الضيف
5813 { قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتي رسل الله } سمي منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة
____________________
(2/398)
5814 { يسألونك عن الساعة } سمي منهم حمل بن قشير وشمويل بن زيد
5815 { يسألونك عن الأنفال } سمي منهم سعد بن أبي وقاص
5816 { وإن فريقا من المؤمنين لكارهون } سمي منهم أبو أيوب الأنصاري ومن الذين لم يكرهوا المقداد
5817 { إن تستفتحوا } سمي منهم أبو جهل
5818 { وإذ يمكر بك الذين كفروا } هم أهل دار الندوة سمي منهم عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو سفيان وأبو جهل وجبير بن مطعم وطعيمة بن عدي والحارث بن عامر والنضر بن الحارث وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام وأمية بن خلف
5819 { وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق } الآية سمي منهم أبو جهل والنضر بن الحارث
5820 { إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلاء دينهم } سمي منهم عتبة بن ربيعة وقيس بن الوليد وأبو قيس بن الفاكه والحارث بن زمعة والعاصي ابن منبه
5821 { قل لمن في أيديكم من الأسرى } كانوا سبعين منهم العباس وعقيل ونوفل بن الحارث وسهيل بن بيضاء
5822 { وقالت اليهود عزير ابن الله } سمي منهم سلام بن مشكم ونعمان بن أوفى ومحمد بن دحية وشأس بن قيس ومالك بن الصيف
5823 { الذين يلمزون المطوعين } سمي من المطوعين عبد الرحمن بن عوف وعاصم بن عدي
5824 { والذين لا يجدون إلا جهدهم } أبو عقيل ورفاعة بن سعد
____________________
(2/399)
5825 { ولا على الذين إذا ما أتوك } سمي منهم العرباض بن سارية وعبد الله بن مغفل المزني وعمرو المزني وعبد الله بن الأزرق الأنصاري وأبو ليلى الأنصاري
5826 { فيه رجال يحبون أن يتطهروا } سمي منهم عويم بن ساعدة
5827 { إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان } نزلت في جماعة منهم عمار بن ياسر وعياش بن أبي ربيعة
5828 { بعثنا عليكم عبادا لنا } هم طالوت وأصحابه
5829 { وإن كادوا ليفتنونك } قال ابن عباس نزلت في رجال من قريش منهم أبو جهل وأمية بن خلف
5830 { وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا } سمى ابن عباس من قائلي ذلك عبد الله بن أبي أمية
{ وذريته } سمي من أولاد إبليس شبر والأعور وزلنبور ومسوط واسم
5831 { وقالوا إن نتبع الهدى معك } سمي منهم الحارث بن عامر بن نوفل
5832 { أحسب الناس أن يتركوا } هم المؤذون على الإسلام بمكة منهم عمار بن ياسر
5833 { وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا } سمي منهم الوليد بن المغيرة
5834 { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } سمي منهم النضر بن الحارث
5835 { فمنهم من قضى نحبه } سمي منهم أنس بن النضر
5836 { قالوا الحق } أول من يقول جبريل فيتبعونه
____________________
(2/400)
5837 { وانطلق الملأ } سمي منهم عقبة بن أبي معيط وأبو جهل والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب والأسود بن يغوث
5838 { وقالوا ما لنا لا نرى رجالا } سمي من القائلين أبو جهل ومن الرجال عمار وبلال
5839 { نفرا من الجن } سمى منهم زوبعة وحسي ومسي وشاصر وماصر والأرد وإنيان والأحقم وسرق
5840 { إن الذين ينادونك من وراء الحجرات } سمي منهم الأقرع بن حابس والزبرقان بن بدر وعيينة بن حصن وعمرو بن الأهتم
5841 { ألم تر إلى الذين تولوا قوما } قال السدي نزلت في عبد الله بن نفيل من المنافقين
5842 { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم } نزلت في قتيلة أم أسماء بنت أبي بكر
5843 { إذا جاءكم المؤمنات } سمي منهم أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وأميمة بنت بشر
5844 { يقولون لا تنفقوا } { يقولون لئن رجعنا } سمي منهم عبدالله بن أبي
5845 { ويحمل عرش ربك } الآية سمي من حملة العرش إسرافيل ولبنان وروفيل
5846 { أصحاب الأخدود } ذو نواس وزرعة بن أسد الحميري وأصحابه
5847 { بأصحاب الفيل } هم الحبشة قائدهم أبرهة الأشرم ودليلهم أبو رغال
5848 { قل يا أيها الكافرون } نزلت في الوليد بن المغيرة والعاصي بن
____________________
(2/401)
وائل والأسود ابن المطلب وأمية بن خلف
5849 { النفاثات } بنات لبيد بن الأعصم
5850 وأما مبهمات الأقوام والحيوانات والأمكنة والأزمنة ونحو ذلك فقد استوفيت الكلام عليها في تأليفنا المشار إليه
____________________
(2/402)
النوع الحادي والسبعون في أسماء من نزل فيهم القرآن
5851 رأيت فيهم تأليفا مفردا لبعض القدماء لكنه غير محرر وكتاب أسباب النزول والمبهمات يغنيان عن ذلك وقد قال ابن أبي حاتم ذكر عن الحسين بن زيد الطحان أنبأنا إسحاق بن منصور أنبأنا قيس عن الأعمش عن المنهال عن عباد بن عبد الله قال قال علي ما في قريش أحد إلا ونزلت فيه آية قيل له ما نزلت فيك قال { ويتلوه شاهد منه }
5852 ومن أمثلته ما أخرجه أحمد والبخاري في الأدب عن سعد بن أبي وقاص قال نزلت في أربع آيات { يسألونك عن الأنفال } { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } وآية تحريم الخمر وآية الميراث
5853 وأخرج ابن أبي حاتم عن رفاعة القرظي قال نزلت { ولقد وصلنا لهم القول } في عشرة أنا أحدهم
5854 وأخرج الطبراني عن أبي جمعه جنيد بن سبع وقيل حبيب بن سباع قال فينا نزلت { ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات } وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين
____________________
(2/403)
النوع الثاني والسبعون في فضائل القرآن
5855 أفرده بالتصنيف أبو بكر بن أبي شيبة والنسائي وأبو عبيد القاسم بن سلام وابن الضريس وآخرون وقد صح فيه أحاديث باعتبار الجملة وفي بعض السور على التعيين ووضع في فضائل القرآن أحاديث كثيرة ولذلك صنفت كتابا سميته ( خمائل الزهر في فضائل السور ) حررت فيه ما ليس بموضوع
وأنا أورد في هذا النوع فصلين الفصل الأول فيما ورد في فضله على الجملة
5856 أخرج الترمذي والدارمي وغيرهما من طريق الحارث الأعور عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( ستكون فتن ) قلت فما المخرج منها يا رسول الله قال ( كتاب الله فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم هو الحبل المتين وهو الذكر الحكيم وحكم ما بينكم وهو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو الصراط المستقيم وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه من قال به صدق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم )
5857 وأخرج الدارمي من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا ( القرآن أحب إلى الله من السموات والأرض ومن فيهن )
5858 وأخرج أحمد والترمذي من حديث شداد بن أوس ( ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة من كتاب الله تعالى إلا وكل الله به ملكا يحفظه فلا يقربه شيء يؤذيه حتى يهب متى يهب )
____________________
(2/404)
5859 وأخرج الحاكم وغيره من حديث عبد الله بن عمرو ( من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه لا ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من يجد ولا يجهل مع من يجهل وفي جوفه كلام الله )
5860 وأخرج البزار من حديث أنس ( أن البيت الذي يقرأ فيه القرآن يكثر خيره والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره )
5861 وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر ( ثلاثة لا يهولهم الفزع الأكبر ولا ينالهم الحساب هم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله وأم به قوما وهم به رضوان . . ) الحديث
5862 وأخرج أبو يعلى والطبراني من حديث أبي هريرة ( القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه )
5863 وأخرج أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر ( لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار )
قال أبو عبيد أراد بالإهاب قلب المؤمن وجوفه الذي قد وعى القرآن
وقال ( غيره ) معناه من جمع القرآن ثم دخل النار فهو شر من الخنزير
وقال ابن الأنباري معناه أن النار لا تبطله ولا تقلعه من الأسماع التي وعته والأفهام التي حصلته كقوله في الحديث الآخر ( أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء ) أي لا يبطله ولا يقلعه من أوعيته الطيبة ومواضعه لأنه وإن غسله الماء في الظاهر لا يغسله بالقلع من القلوب
5864 وعند الطبراني من حديث عصمة بن مالك ( لو جمع القرآن في إهاب ما أحرقته النار )
وعنده من حديث سهل بن سعد ( لو كان القرآن في إهاب ما مسته النار )
5865 وأخرج الطبراني في الصغير من حديث أنس ( من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه حرم الله لحمه ودمه على النار وجعله رفيق السفرة الكرام البررة حتى إذا كان يوم القيامة كان القرآن حجة له )
5866 وأخرج أبو عبيد عن أنس مرفوعا ( القرآن شافع مشفع وماجد مصدق من جعله إمامه قاده إلى الجنة ومن جعله خلفه ساقه إلى النار )
5867 وأخرج الطبراني من حديث أنس
( حملة القرآن عرفاء أهل الجنة )
____________________
(2/405)
5868 وأخرج النسائي وابن ماجه والحاكم من حديث أنس قال ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته )
5869 وأخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد فيه ثلاث خلفات عظام سمان ) قلنا نعم قال ( فثلاث آيات يقرآ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان )
5870 وأخرج مسلم من حديث جابر بن عبد الله ( خير الحديث كتاب الله )
5871 وأخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس ( من قرأ القرآن في سبيل الله كتب مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا )
5872 وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة ( ما من رجل يعلم ولده القرآن إلا توج يوم القيامة بتاج في الجنة )
5873 وأخرج أبو داود وأحمد والحاكم من حديث معاذ بن أنس ( من قرأ القرآن فأكمله وعمل به ألبس والده تاجا يوم القيامة ضوءه أحسن من ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم فما ظنكم بالذي عمل بهذا )
5874 وأخرج الترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث علي ( من قرأ القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله الجنة وشفعه في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار )
5875 وأخرج الطبراني من حديث أبي أمامة ( من تعلم آية من كتاب الله استقبلته يوم القيامة تضحك في وجهه )
5876 وأخرج الشيخان وغيرهما من حديث عائشة ( الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام والبررة والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران )
5877 وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث جابر ( من جمع القرآن كانت له عند الله دعوة مستجابة إن شاء عجلها في الدنيا وإن شاء ادخرها في الآخرة )
5878 وأخرج الشيخان من حديث أبي موسى ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيب ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل
____________________
(2/406)
الريحانة ريحها طيب وطعمها مر ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها )
5879 وأخرج الشيخان من حديث عثمان ( خيركم وفي لفظ إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ) زاد البيهقي في الأسماء ( وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه )
5880 وأخرج الترمذي والحاكم من حديث ابن عباس ( إن الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب )
5881 وأخرج ابن ماجه من حديث أبي ذر ( لأن تغدو فتتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة )
5882 وأخرج الطبراني من حديث ابن عباس ( من تعلم كتاب الله ثم اتبع ما فيه هداه الله به من الضلالة ووقاه يوم القيامة سوء الحساب )
5883 وأخرج ابن أبي شيبة من حديث أبي شريح الخزاعي ( أن هذا القرآن سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا ولن تهلكوا بعده أبدا )
5884 وأخرج الديلمي من حديث علي ( حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله )
5885 وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة ( يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه ويقال له اقره وارقه ويزاد له بكل آية حسنة )
5886 وأخرج من حديث عبد الله بن عمر ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد )
5887 وأخرج من حديث أبي ذر ( إنكم لا ترجعون إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه ) يعني القرآن الفصل الثاني فيما ورد في فضل سور بعينها ما ورد في الفاتحة
5888 أخرج الترمذي والنسائي والحاكم من حديث أبي بن كعب مرفوعا
____________________
(2/407)
( ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني )
5889 وأخرج أحمد وغيره من حديث عبد الله بن جابر ( أخير سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين )
5890 وللبيهقي في الشعب والحاكم من حديث أنس ( أفضل القرآن الحمد لله رب العالمين )
5891 وللبخاري من حديث أبي سعيد بن المعلى ( أعظم سورة في القرآن الحمد لله رب العالمين )
5892 وأخرج عبد الله في مسنده من حديث ابن عباس ( فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن ) ما ورد في البقرة وآل عمران
5893 أخرج أبو عبيد من حديث أنس ( أن الشيطان يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه )
5894 وفي الباب عن ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن مغفل
5895 وأخرج مسلم والترمذي من حديث النواس بن سمعان ( يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به تقدمهم سورة البقرة وآل عمران )
وضرب لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال ( كأنهما غمامتان أو غيايتان أو ظلتان سوداوان بينهما شرق أو كأنهما حزقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما )
5896 وأخرج أحمد من حديث بريدة ( تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان تظلان صاحبهما يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف )
____________________
(2/408)
5897 وأخرج ابن حبان وغيره من حديث سهل بن سعد ( إن لكل شيء سناما وسنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام
ومن قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال )
5898 وأخرج البيهقي في الشعب من طريق الصلصال ( من قرأ سورة البقرة توج بتاج في الجنة )
5899 وأخرج أبو عبيد عن عمر بن الخطاب موقوفا ( من قرأ البقرة وآل عمران في ليلة كتب من القانتين )
5900 وأخرج البيهقي من مرسل مكحول ( من قرأ سورة البقرة وسورة آل عمران يوم الجمعة صلت عليه الملائكة إلى الليل ) فصل ما ورد في آية الكرسي
5901 أخرج مسلم من حديث أبي بن كعب ( أعظم آية في كتاب الله آية الكرسي )
5902 وأخرج الترمذي والحاكم من حديث أبي هريرة ( إن لكل شيء سناما وإن سنام القرآن البقرة وفيها أية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي )
5903 وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن الحسن مرسلا ( أفضل القرآن سورة البقرة وأعظم آية فيها آية الكرسي )
5904 وأخرج ابن حبان والنسائي من حديث أبي أمامة ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت )
5905 وأخرج أحمد من حديث أنس ( آية الكرسي ربع القرآن ) ما ورد في خواتيم البقرة
5906 أخرج الأئمة الستة من حديث أبي مسعود ( من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه )
5907 وأخرج الحاكم من حديث النعمان بن بشير ( إن الله كتب كتابا قبل أن
____________________
(2/409)
يخلق السموات والأرض بألقي عام وأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ولا يقرءان في دار فيقربها شيطان ثلاث ليال ) ما ورد في آخر آل عمران )
5908 أخرج البيهقي من حديث عثمان بن عفان ( من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام ليلة ) ما ورد في الأنعام
5909 أخرج الدارمي وغيره عن عمر بن الخطاب موقوفا ( الأنعام من نواجب القرآن ) ما ورد في السبع الطوال
5910 أخرج أحمد والحاكم من حديث عائشة ( من أخذ السبع الطوال فهو خير ) ما ورد في هود
5911 أخرج الطبراني في الأوسط بسند واه من حديث علي ( لا يحفظ منافق سورا براءة وهود ويس والدخان وعم يتساءلون ) ما ورد في آخر الإسراء
5912 أخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس ( آية العز { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } إلى آخر السورة ما ورد في الكهف
5913 أخرج الحاكم من حديث أبي سعيد ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين الجمعتين )
5914 وأخرج مسلم من حديث أبي الدرداء ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال )
5915 وأخرج أحمد من حديث معاذ بن أنس ( من قرأ أول سورة الكهف
____________________
(2/410)
وآخرها كانت له نورا من قدمه إلى رأسه ومن قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض والسماء )
5916 وأخرج البزار من حديث عمر ( من قرأ في ليلة { فمن كان يرجو لقاء ربه } الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة ) ما ورد في آلم السجدة
5917 أخرج أبو عبيد من مرسل المسيب بن رافع ( تجيء ألم السجدة يوم القيامة لها جناحان تظل صاحبها فتقول لا سبيل عليك لا سبيل عليك )
5918 وأخرج عن ابن عمر موقوفا قال ( في تنزيل السجدة وتبارك الملك فضل ستين درجة على غيرهما من سورة القرآن ) ما ورد في يس
5919 أخرج أبو داود والنسائي وابن حبان وغيرهم من حديث معقل بن يسار ( يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله والدار الآخرة إلا غفر له اقرءوها على موتاكم )
5920 وأخرج الترمذي والدارمي من حديث أنس ( إن لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات )
5921 وأخرج الدارمي والطبراني من حديث أبي هريرة ( من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له )
5922 وأخرج الطبراني من حديث أنس ( من دام على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا ) ما ورد في الحواميم
5923 أخرج أبو عبيد عن ابن عباس موقوفا ( إن لكل شيء لبابا ولباب القرآن الحواميم )
5924 وأخرج الحاكم عن ابن مسعود موقوفا ( الحواميم ديباج القرآن ) ما ورد في الدخان
5925 أخرج الترمذي وغيره من حديث أبي هريرة ( من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك )
____________________
(2/411)
ما ورد في المفصل
5926 أخرج الدارمي عن ابن مسعود موقوفا ( إن لكل شيء لبابل ولباب القرآن المفصل ) الرحمن
5927 أخرج البيهقي من حديث علي مرفوعا ( لكل شيء عروس وعروس القرآن الرحمن ) المسبحات
5928 أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن عرباض بن سارية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المسبحات كل ليلة قبل أن يرقد ويقول فيهن ( آية خير من ألف أية )
قال ابن كثير في تفسير الآية المشار إليها قوله { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }
5929 وقد أخرج ابن السني عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى رجلا إذ أتى مضجعه أن يقرأ سورة الحشر وقال ( إن مت مت شهيدا )
5930 وأخرج الترمذي من حديث معقل بن يسار ( من قرأ حين يصبح ثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة )
5931 وأخرج البيهقي من حديث أبي أمامة ( من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب الله له الجنة ) تبارك
5932 أخرج الأربعة وابن حبان والحاكم من حديث أبي هريرة ( في القرآن سورة ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك )
5933 وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس ( هي المانعة هي المنجية تنجي من عذاب القبر )
____________________
(2/412)
5934 وأخرج الحاكم من حديثه ( وددت أنها في قلب كل مؤمن تبارك الذي بيده الملك )
5935 وأخرج النسائي من حديث ابن مسعود ( من قرأ تبارك الذي بيده الملك كل ليلة منعه الله بها من عذاب القبر ) الأعلى
5936 أخرج أبو عبيد عن أبي تميم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نسيت أفضل المسبحات فقال أبي بن كعب لعلها ( سبح اسم ربك الأعلى ) قال نعم القيمة
5937 أخرج أبو نعيم في الصحابة من حديث إسماعيل بن أبي حكيم المزني الصحابي مرفوعا ( إن الله ليسمع قراءة ) ( لم يكن الذين كفروا ) فيقول أبشر عبدي ( فوعزتي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى ) الزلزلة
5938 أخرج الترمذي من حديث أنس ( من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ) العاديات
5939 أخرج أبو عبيد من مرسل الحسن ( إذا زلزلت تعدل بنصف القرآن والعاديات تعدل بنصف القرآن ) ألهاكم
5940 أخرج الحاكم من حديث ابن عمر مرفوعا ( ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم ) قالوا ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية قال ( أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم التكاثر ) الكافرون
5941 أخرج الترمذي من حديث أنس ( قل يا أيها الكافرون ربع القرآن )
5942 وأخرج أبو عبيد من حديث ابن عباس ( قل يا أيها الكافرون تعدل بربع القرآن )
____________________
(2/413)
5943 وأخرج أحمد والحاكم من حديث نوفل بن معاوية ( اقرأ قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك )
5944 وأخرج أبو يعلى من حديث ابن عباس ( ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله تقرءون قل يا أيها الكافرون عند منامكم ) النصر
5945 أخرج الترمذي من حديث أنس ( إذا جاء نصر الله والفتح ربع القرآن ) الإخلاص
5946 أخرج مسلم وغيره من حديث أبي هريرة ( قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ) وفي الباب عن جماعة من الصحابة وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث عبد الله بن الشخير ( ومن قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذي يموت فيه لم يفتن في قبره وأمن من ضغطة القبر وحملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه الصراط إلى الجنة )
5947 وأخرج الترمذي من حديث أنس ( من قرأ قل هو الله أحد كل يوم مائتي مرة محي عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين ومن أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو الله أحد مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب يا عبدي ادخل عن يمينك الجنة )
5948 وأخرج الطبراني من حديث ابن الديلمي ( من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة من النار )
5949 وأخرج في الأوسط من حديث أبي هريرة ( من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني له قصر في الجنة ومن قرأها عشرين مرة بني له قصران ومن قرأها ثلاثين مرة بني له ثلاثة )
5950 وأخرج في الصغير من حديثه ( من قرأ قل هو الله أحد بعد صلاة الصبح اثنتي عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات وكان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى )
____________________
(2/414)
المعوذتان
5951 أخرج أحمد من حديث عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( ألا أعلمك سورا ما أنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الإنجيل ولا في الفرقان مثلها ) قلت بلى قال ( قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس )
5952 وأخرج أيضا من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون ) قال بلى قال ( قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس )
5953 وأخرج أبو داود والترمذي عن عبد الله بن خبيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اقرأ قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء )
5954 وأخرج ابن السني من حديث عائشة ( من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبع مرات أعاذه الله من السوء إلى الجمعة الأخرى )
5955 وبقيت أحاديث من هذا الفصل أخرتها إلى نوع الخواص تنبيه
5956 أما الحديث الطويل في فضائل القرآن سورة سورة فإنه موضوع كما أخرج الحاكم في المدخل بسنده إلى أبي عمار المروزي أنه قيل لأبي عصمة الجامع من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضائل القرآن سورة سورة وليس عند أصحاب عكرمة هذا فقال أني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي ابن إسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة
5957 وروى ابن حبان في مقدمة تاريخ الضعفاء عن ابن مهدي قال قلت لميسرة بن عبد ربه من أين حئت بهذه الأحاديث من قرأ كذا فله كذا قال وضعتها أرغب الناس فيها
5958 وروينا عن المؤمل بن إسماعيل قال حدثني شيخ بحديث أبي بن كعب في فضائل سور القرآن سورة سورة فقال حدثني رجل بالمدائن وهو حي فصرت إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بواسط وهو حي فصرت
____________________
(2/415)
إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بالبصرة فصرت إليه فقلت له من حدثك قال حدثني شيخ بعبادان فصرت إليه فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوفة ومعهم شيخ فقال هذا الشيخ حدثني فقلت يا شيخ من حدثك فقال لم يحدثني أحد ولكننا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا قلوبهم إلى القرآن
5959 قال ابن الصلاح ولقد أخطأ الواحدي المفسر ومن ذكره من المفسرين في إيداعه تفاسيرهم
____________________
(2/416)
النوع الثالث والسبعون في أفضل القرآن وفاضله
5960 اختلف الناس هل في القرآن شيء أفضل من شيء فذهب الإمام أبو الحسن الأشعري والقاضي أبو بكر الباقلاني وابن حبان إلى المنع لأن الجميع كلام الله ولئلا يوهم التفضيل نقص المفضل عليه
وروي هذا القول عن مالك قال يحيى بن يحيى تفضيل بعض القرآن على بعض خطأ ولذلك كره مالك أن تعاد سورة أو تردد دون غيرها
5961 وقال ابن حبان في حديث أبي بن كعب ما أنزل الله في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن إن الله لا يعطي لقارئ التوراة والإنجيل من الثواب مثل ما يعطي القارئ أم القرآن إذ الله سبحانه وتعالى بفضله فضل هذه الأمة على غيرها من الأمم وأعطاها من الفضل على قراءة كلامه أكثر مما أعطى غيرها من الفضل على قراءة كلامه قال وقوله ( أعظم سورة ) أراد به الأجر لا أن بعض القرآن أفضل من بعض
5962 وذهب آخرون إلى التفضيل لظواهر الأحاديث منهم إسحاق بن راهوية وأبو بكر بن العربي والغزالي
5963 وقال القرطبي إنه الحق ونقله عن جماعة من العلماء والمتكلمين
5964 وقال الغزالي في جواهر القرآن لعلك أن تقول قد أشرت إلى تفضيل بعض آيات القرآن على بعض والكلام كلام الله فكيف يفارق بعضها بعضا وكيف يكون بعضها أشرف من بعض فاعلم أن نور البصيرة إن كان لا يرشدك إلى الفرق بين آية الكرسي وآية المداينات وبين سورة الإخلاص وسورة تبت وترتاع على اعتقاد الفرق نفسك الخوارة المستغرقة بالتقليد فقلد صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم فهو الذي أنزل عليه القرآن وقال ( يس قلب القرآن وفاتحة الكتاب أفضل سور القرآن وآية الكرسي سيده آي القرآن وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن والأخبار الواردة في
____________________
(2/417)
فضائل القرآن وتخصيص بعض السور والآيات بالفضل وكثرة الثواب في تلاوتها لا تحصى
انتهى
5965 وقال ابن الحصار العجب ممن يذكر الاختلاف في ذلك مع النصوص الواردة بالتفضيل
5966 وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام كلام الله في الله أفضل من كلامه في غيره فقل هو الله أحد أفضل من تبت يدا أبي لهب
5967 وقال الخويي كلام الله أبلغ ن كلام المخلوقين وهل يجوز أن يقال بعض كلامه أبلغ من بعض الكلام جوزه قوم لقصور نظرهم
5968 وينبغي أن تعلم أن معنى قول القائل هذا الكلام أبلغ من هذا أن هذا في موضعه له حسن ولطف وذاك في موضعه له حسن ولطف وهذا الحسن في موضعه أكمل من ذاك في موضعه
قال فإن من قال إن قل هو الله أحد أبلغ من تبت يدا أبي لهب يجعل المقابلة بين ذكر الله وذكر أبي لهب وبين التوحيد والدعاء على الكافر وذلك غير صحيح بل ينبغي أن يقال تبت يدا أبي لهب دعاء عليه بالخسران فهل توجد عبارة للدعاء بالخسران أحسن من هذه وكذلك في قل هو الله أحد لا توجد عبارة تدل على الوحدانية أبلغ منها فالعالم إذا نظر إلى تبت يدا أبي لهب في باب الدعاء بالخسران ونظر إلى قل هو الله أحد في باب التوحيد لا يمكنه أن يقول أحدهما أبلغ من الآخر
انتهى
5969 وقال غيره اختلف القائلون بالتفضيل فقال بعضهم الفضل راجع إلى عظم الأجر ومضاعفة الثواب بحسب انفعالات النفس وخشيتها وتدبرها وتفكرها عند ورود أوصاف العلا
5970 وقيل بل يرجع لذات اللفظ وأن ما تضمنه قوله تعالى { وإلهكم إله واحد } الآية وآية الكرسي وآخر سورة الحشر وسورة الإخلاص من الدلالات على وحدانيته وصفاته ليس موجودا مثلا في تبت يدا أبي لهب وما كان مثلها فالتفضيل إنما هو بالمعاني العجيبة وكثرتها
5971 وقال الحليمي ونقله عنه البيهقي معنى التفضيل يرجع إلى أشياء
أحدها أن يكون العمل بآية أولى من العمل بأخرى وأعود على الناس
____________________
(2/418)
وعلى هذا يقال آيات الأمر والنهي والوعد والوعيد خبر من آيات القصص لأنها إنما أريد بها تأكيد الأمر والنهي والإنذار والتبشير ولا غنى بالناس عن هذه الأمور وقد يستغنون عن القصص فكان ما هو أعود عليهم وأنفع لهم مما يجري مجرى الأصول خيرا لهم مما يجعل تبعا لما لا بد منه
الثاني أن يقال الآيات التي تشتمل على تعديد أسماء الله تعالى وبيان صفاته والدلالة على عظمته أفضل بمعنى أن مخبراتها أسنى وأجل قدرا
الثالث أن يقال سورة خير من سورة أو آية خير من آية بمعنى أن القارئ يتعجل له بقراءتها فائدة سوى الثواب الآجل ويتأدى منه بتلاوتها عبادة كقراءة آية الكرسي والإخلاص والمعوذتين فإن قارئها يتعجل بقراءتها الاحتراز مما يخشى والاعتصام بالله ويتأدى بتلاوتها عبادة الله لما فيها من ذكره سبحانه وتعالى بالصفات العلا على سبيل الاعتقاد لها وسكون النفس إلى فضل ذلك بالذكر وبركته فأما آيات الحكم فلا يقع بنفس تلاوتها إقامة حكم وإنما يقع بها علم
5972 ثم لو قيل في الجملة إن القرآن خير من التوراة والإنجيل والزبور بمعنى أن التعبد بالتلاوة والعمل واقع به دونها والثواب بحسب قراءته لا بقراءتها أو أنه من حيث الإعجاز حجة النبي المبعوث وتلك الكتب لم تكن معجزة ولا كانت حجج أولئك الأنبياء بل كانت دعوتهم والحجج غيرها لكان ذلك أيضا نظير ما مضى
وقد يقال إن سورة أفضل من سورة لأن الله جعل قراءتها كقراءة أضعافها مما سواها وأوجب بها من الثواب ما لم يوجب بغيرها وإن كان المعنى الذي لأجله بلغ بها هذا المقدار لا يظهر لنا كما يقال إن يوما أفضل من يوم وشهرا أفضل من شهر بمعنى العبادة فيه تفضل على العبادة في غيره والذنب فيه أعظم منه في غيره وكما يقال إن الحرم أفضل من الحل لأنه يتأدى فيه من المناسك ما لا يتأدى في غيره والصلاة فيه تكون كصلاة مضاعفة مما تقام في غيره
انتهى كلام الحليمي
5973 وقال ابن التين في حديث البخاري ( لأعلمنك سورة هي أعظم السور ) معناه أن ثوابها أعظم من غيرها
5974 وقال غيره إنما كانت أعظم السور لأنها جمعت جميع مقاصد القرآن ولذلك سميت أم القرآن
____________________
(2/419)
5975 وقال الحسن البصري إن الله أودع علوم الكتب السابقة في القرآن ثم أودع علوم القرآن الفاتحة فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة
أخرجه البيهقي
وبيان اشتمالها على علوم القرآن قرره الزمخشري باشتمالها على الثناء على الله تعالى بما هو أهله وعلى التعبد بالأمر والنهي وعلى الوعد والوعيد وآيات القرآن لا تخلو عن أحد هذه الأمور
5976 وقال الإمام فخر الدين المقصود من القرآن كله تقرير أمور أربعة الإلهيات والمعاد والنبوات وإثبات القضاء والقدر لله تعالى فقوله { الحمد لله رب العالمين } يدل على الإلهيات وقوله { مالك يوم الدين } يدل على المعاد وقوله { إياك نعبد وإياك نستعين } يدل على نفي الجبر وعلى إثبات أن الكل بقضاء الله وقدره وقوله { اهدنا الصراط المستقيم } إلى آخر السورة يدل على إثبات قضاء الله وعلى النبوات
فلما كان المقصد الأعظم من القرآن هذه المطالب الآربعة وهذه السورة مشتملة عليها سميت أم القرآن
5977 وقال البيضاوي هي مشتملة على الحكم النظرية والأحكام العملية التي هي سلوك الطريق المستقيم والاطلاع على مراتب السعداء ومنازل الأشقياء
5978 وقال الطيبي هي مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين
أحدها علم الأصول ومعاقده معرفة الله تعالى وصفاته وإليها الإشارة بقوله { الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم } ومعرفة النبوة وهي المرادة بقوله { أنعمت عليهم } ومعرفة المعاد وهو المومي إليه قوله { مالك يوم الدين }
وثانيها علم الفروع وأسه العبادات وهو المراد بقوله { إياك نعبد }
وثالثها علم ما يحصل به الكمال وهو علم الأخلاق وأجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية والالتجاء إلى جناب الفردانية والسلوك لطريقه والاستقامة فيها وإليه الإشارة بقوله ( وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم )
ورابعها علم القصص والأخبار عن الأمم السالفة والقرون الخالية السعداء منهم والأشقياء وما يتصل بها من وعد محسنهم ووعيد مسيئهم وهو المراد بقوله
____________________
(2/420)
{ أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين }
5979 وقال الغزالي مقاصد القرآن سنة ثلاثة مهمة وثلاثة متمة الأولى تعريف المدعو إليه كما أشير إليه بصدرها وتعريف الصراط المستقيم وقد صرح به فيها وتعريف الحال عند الرجوع إليه تعالى وهو الآخرة كما أشير إليه { مالك يوم الدين }
والأخرى تعريف أحوال المطيعين كما أشير إليه بقوله { الذين أنعمت عليهم } وحكاية أقوال الجاحدين وقد أشير إليها ب { المغضوب عليهم ولا الضالين } وتعريف منازل الطريق كما أشير إليه بقوله { إياك نعبد وإياك نستعين } انتهى
ولا ينافي هذا وصفها في الحديث الآخر بكونها ( ثلثي القرآن ) لأن بعضهم وجهه بأن دلالات القرآن الكريم إما أن تكون بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام وهذه السورة تدل على جميع مقاصد القرآن بالتضمن والالتزام دون المطابقة والاثنان من الثلاثة ثلثان ذكره الزركشي في شرح التنبيه وناصر الدين بن الميلق قال وأيضا الحقوق ثلاثة حق الله على عباده وحق العباد على الله وحق بعض العباد على بعض وقد اشتملت الفاتحة صريحا على الحقين الأولين فناسب كونها بصريحها ثلثين
وحديث ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) شاهد لذلك
5980 قلت ولا تنافي أيضا بين كون الفاتحة أعظم السور وبين الحديث الآخر أن البقرة أعظم السور لأن المراد به ما عدا الفاتحة من السور التي فصلت فيها الأحكام وضربت الأمثال وأقيمت الحجج إذ لم تشتمل سورة على ما اشتملت عليه ولذلك سميت فسطاط القرآن
5981 قال ابن العربي في أحكامه سمعت بعض أشياخي يقول فيها ألف أمر وألف نهي وألف حكم وألف خبر ولعظيم فقهها أقام ابن عمر ثماني سنين على تعليمها
أخرجه مالك في الموطأ
5982 وقال ابن العربي أيضا إنما صارت آية الكرسي أعظم الآيات لعظم مقتضاها فإن الشيء إنما يشرف بشرف ذاته ومقتضاه وتعلقاته وهي في آي القرآن كسورة الإخلاص في سورة إلا أن سورة الإخلاص تفضلها بوجهين
أحدهما أنها سورة وهذه آية والسورة أعظم لأنه وقع التحدي بها فهي أفضل من الآية التي لم يتحد بها
____________________
(2/421)
والثاني أن سورة الإخلاص اقتضت التوحيد في خمسة عشر حرفا وآية الكرسي اقتضت التوحيد في خمسين حرفا فظهرت القدرة في الإعجاز بوضع معنى معبر عنه بخمسين حرفا ثم يعبر عنه بخمسة عشر وذلك بيان لعظيم القدرة والانفراد بالوحدانية
5983 وقال ابن المنير اشتملت آية الكرسي على ما لم تشمل عليه آية من أسماء الله تعالى وذلك أنها مشتملة على سبعة عشر موضعا فيها اسم الله تعالى ظاهرا في بعضها ومستكنا في بعض وهي الله هو الحي القيوم ضمير ( لا تأخذه ) و ( له ) وعنده ) و ( بإذنه ) و ( يعلم ) و ( علمه ) و ( شاء ) و ( كرسيه ) و ( يؤده ) ضمير ( حفظهما ) المستتر الذي هو فاعل المصدر وهو العلي العظيم
وإن عددت الضمائر المتحملة في الحي القيوم العلي العظيم والضمير المقدر قبل ( الحي ) على أحد الأعاريب صارت اثنين وعشرين
5984 وقال الغزالي إنما كانت آية الكرسي سيدة الآيات لأنها اشتملت على ذات الله وصفاته وأفعاله فقط ليس فيها غير ذلك ومعرفة ذلك هي المقصد الأقصى في العلوم وما عداه تابع له والسيد اسم للمتبوع المقدم فقوله ( الله ) إشارة إلى الذات ( لا إله إلا هو ) إشارة إلى توحيد الذات ( الحي القيوم ) إشارة إلى صفة الذات وجلاله فإن معنى ( القيوم ) الذي يقوم بنفسه ويقوم به غيره وذلك غاية الجلال والعظمة
( لا تأخذه سنة ولا نوم ) تنزيه وتقديس له عما يستحيل عليه من أوصاف الحوادث والتقديس عما يستحيل أحد أقسام المعرفة ( له ما في السموات وما في الأرض ) إشارة إلى الأفعال كلها وإن جميعها منه وإليه ( من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه ) إشارة إلى انفراده بالملك والحكم والأمر وأن من يملك الشفاعة إنما يملكها بتشريفه إياه والإذن فيها وهذا نفي الشركة عنه في الحكم والأمر ( يعلم ما بين أيديهم ) إلى قوله ( شاء ) إشارة إلى صفة العلم وتفضيل بعض المعلومات والانفراد بالعلم حتى لا علم لغيره إلا ما أعطاه ووهبه على قدر مشيئته وإرادته ( وسع كرسية السموات والأرض ) إشارة إلى عظمة ملكه وكمال قدرته ( ولا يؤده حفظهما ) إشارة إلى صفة القدرة وكمالها وتنزيهها عن الضعف والنقصان ( وهو العلي العظيم ) إشارة إلى أصلين عظيمين في الصفات
فإذا تأملت هذه المعاني ثم تلوت جميع آي القرآن لم تجد جملتها مجموعة
____________________
(2/422)
في آية واحدة فإن ( شهد الله ) فيها إلا التوحيد وسورة الإخلاص ليس فيها إلا التوحيد والتقديس و ( قل اللهم مالك الملك ) ليس فيها إلا الأفعال والفاتحة فيها الثلاثة لكن غير مشروحة بل مرموزة والثلاثة مجموعة مشروحة في آية الكرسي
والذي يقرب منها في جمعها آخر الحشر وأول الحديد ولكنها آيات لا آية واحدة فإذا قابلت آية الكرسي بأحد تلك الآيات وجدتها أجمع للمقاصد فلذلك استحقت السيادة على الآي كيف وفيها الحي القيوم وهو الاسم الأعظم كما ورد به الخبر انتهى كلام الغزالي
ثم قال إنما قال صلى الله عليه وسلم في الفاتحة ( أفضل ) وفي آية الكرسي ( سيدة ) لسر وهو أن الجامع بين فنون الفضل وأنواعها الكثيرة يسمى أفضل فإن الفضل هو الزيادة والأفضل هو الأزيد وأما السؤدد فهو رسوخ معنى الشرف الذي يقتضي الاستتباع ويأبى التبعية والفاتحة تتضمن التنبيه على معان كثيرة ومعارف مختلفة فكانت أفضل وآية الكرسي تشتمل على المعرفة العظمى التي هي المقصودة المتبوعة التي يتبعها سائر المعارف فكان اسم السيد بها أليق
انتهى
ثم قال في حديث ( قلب القرآن يس ) إن ذلك لأن الإيمان صحته بالاعتراف بالحشر والنشر وهو مقرر في هذه السورة بأبلغ وجه فجعلت قلب القرآن لذلك واستحسنه الإمام فخر الدين
5985 وقال النسفي يمكن أن يقال إن هذه السورة ليس فيها إلا تقرير الأصول الثلاثة الوحدانية والرسالة والحشر وهو القدر الذي يتعلق بالقلب والجنان وأما الذي باللسان وبالأركان ففي غير هذه السورة فلما كان فيها أعمال القلب لا غير سماها قلبا ولهذا أمر بقراءتها عند المحتضر لأن في ذلك الوقت يكون اللسان ضعيف القوة والأعضاء ساقطة لكن القلب قد أقبل على الله تعالى ورجع عما سواه فيقرأ عنده ما يزداد به قوة في قلبه ويشتد تصديقه بالأصول الثلاثة
انتهى
5986 واختلف الناس في معنى كون سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن فقيل كأنه صلى الله عليه وسلم سمع شخصا يكررها تكرار من يقرأ ثلث القرآن فخرج الجواب على هذا
وفيه بعد عن ظاهر الحديث وسائر طرق الحديث ترده
5987 وقيل لأن القرآن يشتمل على قصص وشرائع وصفات وسورة
____________________
(2/423)
الإخلاص كلها صفات فكانت ثلثا بهذا الاعتبار
5988 وقال الغزالي في الجواهر معارف القرآن المهمة ثلاثة معرفة التوحيد والصراط المستقيم والآخرة
وهي مشتملة على الأول فكانت ثلثا
وقال أيضا فيما نقله عنه الرازي القرآن مشتمل على البراهين القاطعة على وجود الله تعالى ووحدانيته وصفاته إما صفات الحقيقة وإما صفات الفعل وإما صفات الحكم فهذه ثلاثة أمور وهذه السورة تشتمل على صفات الحقيقة فهي ثلث
5989 وقال الخويي المطالب التي في القرآن معظمها الأصول الثلاثة التي بها يصح الإسلام ويحصل الإيمان وهي معرفة الله والاعتراف بصدق رسوله واعتقاد القيام بين يدي الله تعالى فإن من عرف أن الله واحد وأن النبي صادق وأن الدين واقع صار مؤمنا حقا ومن أنكر شيئا منها كفر قطعا
وهذه السورة تفيد الأصل الأول فهي ثلث القرآن من هذا الوجه
5990 وقال غيره القرآن قسمان خبر وإنشاء والخبر قسمان خبر عن الخالق وخبر عن المخلوق فهذه ثلاثة أثلاث وسورة الإخلاص أخلصت الخبر عن الخالق فهي بهذا الاعتبار ثلث وقيل تعدل في الثواب وهو الذي يشهد له ظاهر الحديث والأحاديث الواردة في سورة الزلزلة والنصر والكافرين لكن ضعف ابن عقيل ذلك وقال لا يجوز أن يكون المعنى فله أجر ثلث القرآن لقوله ( من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات )
5991 قال ابن عبد البر السكوت في هذه المسألة أفضل من الكلام فيها وأسلم ثم أسند إلى إسحاق بن منصور قلت لأحمد بن حنبل قوله صلى الله عليه وسلم ( قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ) ما وجهه فلم يقل لي فيها على أمر وقال لي إسحاق بن راهويه معناه أن الله لما فضل كلامه على سائر الكلام جعل لبعضه أيضا فضلا في الثواب لمن قرأه تحريضا على تعليمه لا أن من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات كان كمن قرأ القرآن جميعه هذا لا يستقيم ولو قرأها مائتي مرة
قال ابن عبد البر فهذان إمامان بالسنة ما قاما ولا قعدا في هذه المسألة
5992 وقال ابن الميلق في حديث ( إن الزلزلة نصف القرآن ) لأن أحكام القرآن تنقسم إلى أحكام الدنيا وأحكام الآخرة وهذه السورة تشتمل على أحكام
____________________
(2/424)
الآخرة كلها إجمالا وزادت على القارعة بإخراج الأثقال وتحديث الأخبار وأما تسميتها في الحديث الآخر ربعا فلأن الإيمان بالبعث ربع الإيمان في الحديث الذي رواه الترمذي ( لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله بعثني بالحق ويؤمن بالموت ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر ) فاقتضى هذا الحديث أن الإيمان بالبعث الذي قررته هذه السورة ربع الإيمان الكامل الذي دعا إليه القرآن
5993 وقال أيضا في سر كون ( ألهاكم ) تعدل ألف آية إن القرآن ستة آلاف آية ومائتا آية وكسر فإذا تركنا الكسر كان الألف سدس القرآن وهذه السورة تشتمل على سدس مقاصد القرآن فإنها فيما ذكره الغزالي ستة ثلاث مهمة وثلاث متمة وتقدمت وأحدها معرفة الآخرة المشتمل عليه السورة والتعبير عن هذا المعنى بألف آية أفخم وأجل وأضخم من التعبير بالسدس
5994 وقال أيضا في سر كون سورة الكافرين ربعا وسورة الإخلاص ثلثا مع أن كلا منهما يسمى الإخلاص أن سورة الإخلاص اشتملت من صفات الله على ما لم تشتمل عليه ( الكافرون ) وأيضا فالتوحيد إثبات إلهية المعبود وتقديسه ونفي إلهية ما سواه وقد صرحت الإخلاص بالإثبات والتقديس ولوحت إلى نفي عبادة غيره والكافرون صرحت بالنفي ولوحت بالإثبات والتقديس فكان بين الرتبتين من التصريحين والتلويحين ما بين الثلث والربع
انتهى تذنيب
5995 ذكر كثيرون في أثر ( أن الله جمع علوم الأولين والآخرين في الكتب الآربعة وعلومها في القرآن وعلومه في الفاتحة ) فزادوا علوم الفاتحة في البسملة وعلوم البسملة في بائها
ووجه بأن المقصود من كل العلوم وصول العبد إلى الرب وهذه الباء باء الإلصاق فهي تلصق العبد بجناب الرب وذلك كمال المقصود
ذكره الإمام الرازي وابن النقيب في تفسيرهما
____________________
(2/425)
النوع الرابع والسبعون في مفردات القرآن
5996 أخرج السلفي في المختار من الطيوريات عن الشعبي قال لقي عمر بن الخطاب ركبا في سفر فيهم ابن مسعود فأمر رجلا يناديهم من أين القوم قالوا أقبلنا من الفج العميق نريد البيت العتيق فقال عمر إن فيهم لعالما وأمر رجلا أن يناديهم أي القرآن أعظم فأجابه عبد الله { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } قال نادهم أي القرآن أحكم فقال ابن مسعود { إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى } قال نادهم أي القرآن أجمع فقال { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } فقال نادهم أي القرآن أحزن فقال ( من يعمل سوءا يجز به ) فقال نادهم أي القرآن أرجى فقال { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } الآية فقال أفيكم ابن مسعود قالوا نعم
أخرجه عبد الرزاق في تفسيره بنحوه
5997 وأخرج عبد الرزاق أيضا عن ابن مسعود قال أعدل آية في القرآن { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } وأحكم آية { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره } إلى اخرها
وأخرج الحاكم عنه قال إن أجمع آية في القرآن للخير والشر { إن الله يأمر بالعدل والإحسان }
5998 وأخرج الطبراني عنه قال ما في القرآن آية أعظم فرجا من آية في سورة الغرف { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } الآية وما في القرآن آية أكثر
____________________
(2/426)
تفويضا من آية في سورة النساء القصرى { ومن يتوكل على الله فهو حسبه } ألاية
5999 وأخرج أبو ذر الهروي في فضائل القرآن من طريق يحيى بن يعمر عن ابن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( إن أعظم آية في القرآن { الله لا إله إلا هو الحي القيوم } وأعدل آية في القرآن { إن الله يأمر بالعدل والإحسان } إلى آخرها وأخوف أية في القرآن { فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره } وأرجى آية في القرآن { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله } إلى آخرها )
6000 وقد اختلف في أرجى آية في القرآن على بضعة عشر قولا
أحدها آية الزمر
6001 والثاني { أو لم تؤمن قال بلى } أخرجه الحاكم في المستدرك وأبو عبيد عن صفوان بن سليم قالا التقى ابن عباس وابن عمر فقال ابن عباس أي آية في كتاب الله أرجى فقال عبد الله بن عمر { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } ألاية فقال ابن عباس لكن قول الله { وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } قال فرضى منه قوله { بلى } قال فهذا لما يعترض في الصدر مما يوسوس به الشيطان
6002 الثالث ما أخرجه أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب أنه قال ( إنكم يا معشر أهل العراق تقولون أرجى آية في القرآن { قل يا عبادي الذين أسرفوا } الآية لكنا أهل البيت نقول أن أرجى آية في كتاب الله { ولسوف يعطيك ربك فترضى } وهي الشفاعة
6003 الرابع ما أخرجه الواحدي عن علي بن الحسين قال ( أشد آية على أهل النار { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا } وأرجى آية في القرآن لأهل التوحيد { إن الله لا يغفر أن يشرك به } الآية )
6004 وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال أحب آية إلي في القرآن { إن الله لا يغفر أن يشرك به } الآية
____________________
(2/427)
6005 الخامس ما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن المبارك أن أرجى آية في القرآن قوله تعالى { ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة } إلى قوله { ألا تحبون أن يغفر الله لكم }
6006 السادس ما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أبي عثمان النهدي قال ما في القرآن آية أرجى عندي لهذه الأمة من قوله { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا }
6007 السابع والثامن قال أبو جعفر النحاس في قوله { فهل يهلك إلا القوم الفاسقون } إن هذه الآية عندي أرجى آية في القرآن إلا أن ابن عباس قال أرجى آية في القرآن { وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم } وكذا حكاه عنه مكي ولم يقل ( على إحسانهم )
6008 التاسع روى الهروي في مناقب الشافعي عن ابن عبد الحكم قال سألت الشافعي أي آية أرجى قال قوله { يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة } قال وسألته عن أرجى حديث للمؤمن قال ( إذا كان يوم القيامة يدفع إلى كل مسلم رجل من الكفار فداؤه )
6009 العاشر { قل كل يعمل على شاكلته }
6010 الحادي عشر { وهل نجازي إلا الكفور }
6011 الثاني عشر { إنا قد أوحي إلينا أن العذاب على من كذب وتولى } حكاه الكرماني في العجائب
6012 الثالث عشر { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير }
6013 حكى هذه الأقوال الأربعة النووي في رءوس المسائل والأخير ثابت عن علي ففي مسند أحمد عنه قال ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } وسأفسرها لك يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا
____________________
(2/428)
فبما كسبت أيديكم والله أكرم من أن يثني العقوبة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أحلم من أن يعود بعد عفوه
6014 الرابع عشر { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } قال الشبلي إذا كان الله أذن للكافر بدخول الباب إذا أتى بالتوحيد والشهادة أفتراه يخرج الداخل فيها والمقيم عليها
6015 الخامس عشر آية الدين ووجهه أن الله أرشد عباده إلى مصالحهم الدنيوية حتى انتهت العناية بمصالحهم إلى أمرهم بكتابة الدين الكثير والحقير فمقتضى ذلك ترجى عفوه عنهم لظهور العناية العظيمة بهم
6016 قلت ويلحق بهذا ما أخرجه ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة بابه وجعلت كفارة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم والذي نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله } الآية
6017 وما أخرجه ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن ابن عباس قال ثماني آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن { يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم } والثانية { والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات } والثالثة { يريد الله أن يخفف عنكم } الآية والرابعة { إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه } الآية والخامسة { إن الله لا يظلم مثقال ذرة } الآية والسادسة { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله } الآية والسابعة { إن الله لا يغفر أن يشرك به } الآية والثامنة { والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم } الآية
6018 وما أخرجه ابن حاتم عن عكرمة قال سئل ابن عباس أي آية أرجى في كتاب الله قال قوله { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } على شهادة أن لا إله إلا الله
____________________
(2/429)
6019 أشد آية ما أخرجه ابن راهويه في مسنده أنبأنا أبو عمرو العقدي أنبأنا عبد الجليل بن عطية عن محمد بن المنتشر قال قال رجل لعمر بن الخطاب إني لأعرف أشد آية في كتاب الله تعالى فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال مالك نقبت عنها حتى علمتها ما هي قال { من يعمل سوءا يجز به } فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي به فقال عمر لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص { ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما }
6020 وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله تعالى على أهل النار فقال { فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا }
6021 وفي صحيح البخاري عن سفيان قال ما في القرآن آية أشد علي من { لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم }
6022 وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال ( ما في القرآن أشد توبيخا من هذه الآية { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت } الآية
6023 وأخرج ابن المبارك في كتاب الزهد عن الضحاك بن مزاحم قرأ في قول الله { لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت } قال والله ما في القرآن آية أخوف عندي منها
6024 وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال ما أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية كانت أشد عليه من قوله { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } الآية
6025 وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين لم يكن شيء عندهم أخوف من هذه الآية { ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }
6026 وعن أبي حنيفة أخوف آية في القرآن { واتقوا النار التي أعدت للكافرين }
____________________
(2/430)
6027 وقال غيره { سنفرغ لكم أيها الثقلان } ولهذا قال بعضهم لو سمعت هذه الكلمة من خفير الحارة لم أنم
6028 وفي النوادر لأبي زيد قال مالك أشد آية على أهل الأهواء قوله { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } الآية فتأولها على أهل الأهواء
انتهى
6029 وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال آيتان في كتاب الله ما أشدهما على من يجادل فيه { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } { وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد }
6030 وقال السعيدي سورة الحج من أعاجيب القرآن فيها مكي ومدني وحضري وسفري وليلي ونهاري وحربي وسلمي وناسخ ومنسوخ فالمكي من رأس الثلاثين إلى آخرها والمدني من رأس خمس عشرة إلى رأس الثلاثين والليلي خمس آيات من أولها والنهاري من رأس تسع آيات إلى رأس اثنتي عشرة والحضري إلى رأس العشرين
6031 قلت والسفري أولها والناسخ { أذن للذين يقاتلون } الآية والمنسوخ { الله يحكم بينكم } الآية نسختها آية السيف وقوله { وما أرسلنا من قبلك } نسختها { سنقرئك فلا تنسى }
6032 وقال الكرماني ذكر المفسرون أن قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم } الآية من أشكل آية في القرآن حكما ومعنى وإعرابا
6033 وقال غيره قوله تعالى { يا بني آدم خذوا زينتكم } الآية جمعت أصول أحكام الشريعة كلها الأمر والنهي والإباحة والخبر
6034 وقال الكرماني في العجائب في قوله تعالى { نحن نقص عليك أحسن القصص } قيل هو قصة يوسف وسماها ( أحسن القصص ) لاشتمالها على ذكر حاسد ومحسود ومالك ومملوك وشاهد ومشهود وعاشق ومعشوق وحبس
____________________
(2/431)
وإطلاق وسجن وخلاص وخصب وجدب وغيرها مما يعجز عن بيانها طوق الخلق
7035 وقال ذكر أبو عبيدة عن رؤبة ما في القرآن أعرب من قوله { فاصدع بما تؤمر }
6036 وقال ابن خالويه في كتاب ليس ليس في كلام العرب لفظ جمع لغات ما النافية إلا حرف واحد في القرآن جمع اللغات الثلاث وهو قوله { ما هن أمهاتهم } قرأ الجمهور بالنصب وقرأ بعضهم بالرفع وقرأ ابن مسعود / < ماهن بأمهاتهم > / بالباء قال وليس في القرآن لفظ على ( افعوعل ) إلا في قراءة ابن عباس / < ألا إنهم يثنوني صدورهم > /
6037 وقال بعضهم أطول سورة في القرآن البقرة وأقصرها الكوثر وأطول آية فيه آية الدين وأقصر أية فيه { والضحى } { والفجر } وأطول كلمة فيه رسما { فأسقيناكموه }
6038 وفي القرآن آيتان جمعت كل منهما حروف المعجم { ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة } الآية { محمد رسول الله } الآية
6039 وليس فيه حاء بعد حاء بلا حاجز إلا في موضعين { عقدة النكاح حتى } { لا أبرح حتى }
6040 ولا كافان كذلك إلا { مناسككم } { ما سلككم }
6041 ولا غينان كذلك إلا { ومن يبتغ غير الإسلام }
6042 ولا آية فيها ثلاثة وعشرون كافا إلا آية الدين
6043 ولا آيتان فيهما ثلاثة عشر وقفا إلا آيتا المواريث
6044 ولا سورة ثلاث آيات فيها عشر واوات إلا والعصر إلى آخرها
____________________
(2/432)
6045 ولا سورة إحدى وخمسون آية فيها اثنان وخمسون وقفا إلا سورة الرحمن
ذكر أكثر ذلك ابن خالويه
6046 وقال أبو عبد الله الخبازي المقرئ أول ما وردت على السلطان محمود بن ملكشاه سألني عن آية أولها غين فقلت ثلاثة { غافر الذنب } وآيتان بخلف { غلبت الروم } { غير المغضوب عليهم }
6047 ونقلت من خط شيخ الإسلام ابن حجر في القرآن أربع شدات متوالية في قوله
{ نسيا رب السماوات }
{ في بحر لجي يغشاه موج }
{ قولا من رب رحيم }
{ ولقد زينا السماء }
____________________
(2/433)
النوع الخامس والسبعون في خواص القرآن
6048 أفرده بالتصنيف جماعة منهم التميمي وحجة الإسلام الغزالي ومن المتأخرين اليافعي وغالب ما يذكر في ذلك كان مستنده تجارب الصالحين وها أنا أبدأ بما ورد من ذلك في الحديث ثم ألتقط عيونا مما ذكره السلف والصالحون
6049 أخرج ابن ماجه وغيره من حديث ابن مسعود ( عليكم بالشفاءين العسل والقرآن )
6050 وأخرج أيضا من حديث علي ( خير الدواء القرآن )
6051 وأخرج أبو عبيد عن طلحة بن مصرف قال ( كان يقال إذا قرئ القرآن عند المريض وجد لذلك خفة )
6052 وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه قال ( عليك بقراءة القرآن ) 6053 وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( إني أشتكي صدري ) قال ( اقرأ القرآن ) لقول الله تعالى { وشفاء لما في الصدور }
6054 وأخرج البيهقي وغيره من حديث عبد الله بن جابر ( في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء )
6055 وأخرج الخلعي في فوائده من حديث جابر بن عبد الله ( فاتحة الكتاب شفاء من كل شيء إلا السام ) والسام الموت
6056 وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري ( فاتحة الكتاب شفاء من السم )
____________________
(2/434)
6057 وأخرج البخاري من حديثه أيضا قال ( كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم فهل معكم راق فقام معها رجل فرقاه بأم القرآن فبرئ فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ( وما كان يدريه أنها رقية )
6058 وأخرج الطبراني في الأوسط عن السائب بن يزيد قال عوذني رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب تفلا
6059 وأخرج البزار من حديث أنس ( إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد فقد أمنت من كل شيء إلا الموت )
6060 وأخرج مسلم من حديث أبي هريرة ( إن البيت الذي تقرأ فيه البقرة لا يدخله الشيطان )
6061 وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بسند حسن عن أبي بن كعب قال كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال يا نبي الله إن لي أخا وبه وجع قال ( وما وجعه ) قال به لمم قال ( فاتني به ) فوضعه بين يديه فعوذه النبي صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة وهاتين الآيتين { وإلهكم إله واحد } وآية الكرسي وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران { شهد الله أنه لا إله إلا هو } وآية من الأعراف { إن ربكم الله } وآخر سورة المؤمنين { فتعالى الله الملك الحق } وآية من سورة الجن { وأنه تعالى جد ربنا } وعشر آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر وقل هو الله أحد والمعوذتين فقام الرجل كأنه لم يشك قط
6062 وأخرج الدارمي عن ابن مسعود موقوفا ( من قرأ أربع آيات من أول سورة البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثا من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق ) 6063 وأخرج البخاري عن أبي هريرة في قصة الصدقة ( إن الجني قال له إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أما إنه صدقك وهو كذوب )
____________________
(2/435)
6064 وأخرج المحاملي في فوائده عن ابن مسعود قال قال رجل يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله به قال ( اقرأ آية الكرسي فإنه يحفظك وذريتك وحفظ دارك حتى الدويرات حول دارك )
6065 وأخرج الدينوري في المجالسة عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل أتاني فقال إن عفريتا من الجن يكيدك فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي
6066 وفي الفردوس من حديث أبي قتادة ( من قرأ آية الكرسي عند الكرب أغاثه الله )
6067 وأخرج الدارمي عن المغيرة بن سبيع وكان من أصحاب عبد الله قال ( من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها )
6068 وأخرج الديلمي من حديث أبي هريرة مرفوعا ( آيتان هما قرآن وهما يشفيان وهما مما يحبهما الله الآيتان من آخر سورة البقرة )
6069 وأخرج الطبراني عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك من الدين مثل صبر أداه الله عنك { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء } إلى قوله { بغير حساب } رحمان الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك )
6070 وأخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس ( إذ استصعبت دابة أحدكم أو كانت شموسا فليقرأ هذه الآية في أذنيها { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون }
6071 وأخرج البيهقي في الدعوات
6072 وأخرج البيهقي في الشعب بسند فيه من لا يعرف عن علي موقوفا ( سورة الأنعام ما قرئت على عليل إلا شفاه الله )
____________________
(2/436)
6073 وأخرج ابن السني عن فاطمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دنا ولادها أمر أم سلمة وزينب بنت جحش أن يأتيا فيقرآ عندها آية الكرسي و { إن ربكم الله } ألاية ويعوذاها بالمعوذتين
6074 وأخرج ابن السني أيضا من حديث الحسين بن علي ( أمان لأمتي من الغرق إذا ركبوا أن يقولوا { بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم } { وما قدروا الله حق قدره } الآية
6075 وأخرج ابن أبي حاتم عن ليث قال ( بلغني أن هؤلاء الآيات شفاء من السحر يقرأن في إناء فيه ماء ثم يصب على رأس المسحور الآية التي في سورة يونس { فلما ألقوا قال موسى ما جئتم به السحر } إلى قوله { المجرمون } وقوله { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } إلى آخر أربع آيات وقوله { إنما صنعوا كيد ساحر } الآية
6076 وأخرج الحاكم وغيره من حديث أبو هريرة ( ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال يا محمد قل ( توكلت على الحي الذي لا يموت ) و { وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا }
6077 وأخرج الصابوني في المائتين من حديث ابن عباس مرفوعا ( هذه الآية أمان من السرق { قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن } إلى آخر السورة
6078 وأخرج البيهقي في الدعوات من حديث أنس ( ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل ولا مال ولا ولد فيقول ما شاء الله لا قوة إلا بالله فيرى فيه آفة دون الموت )
6079 وأخرج الدارمي وغيره من طريق عبدة بن أبي لبابة عن زر بن حبيش قال ( من قرأ آخر سورة الكهف لساعة يريد أن يقومها من الليل قامها )
قال عبده فجربناه فوجدناه كذلك
____________________
(2/437)
6080 وأخرج الترمذي والحاكم عن سعد بن أبي وقاص ( دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت { لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } لم يدع بها رجل مسلم في شيء إلا استجاب الله له
6081 وعن ابن السني ( إني لأعلم كلمة لا يقولها مكروب إلا فرج عنه كلمة أخي يونس { فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين }
6082 وأخرج البيهقي وابن السني وأبو عبيد عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مبتلى فأفاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قرأت في أذنه قال { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا } إلى آخر السورة فقال ( لو أن رجلا مؤمنا قرأ بها على جبل لزال )
6083 وأخرج الديلمي وأبو الشيخ بن حيان في فضائله من حديث أبي ذر ( ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه )
6084 وأخرج المحاملي في أماليه من حديث عبد الله بن الزبير ( من جعل يس أمام حاجة قضيت له )
وله شاهد مرسل عن الدارمي
6085 وفي المستدرك عن أبي جعفر محمد بن علي قال ( من وجد في قلبه قسوة فليكتب يس في جام بماء ورد وزعفران ثم يشربه
6086 وأخرج ابن الضريس عن أبي سعيد بن جبير أنه قرأ على رجل مجنون سورة يس فبرئ
6087 وأخرج ايضا عن يحيى بن أبي كثير قال ( من قرأ يس إذا أصبح لم يزل في فرح حتى يمسى ومن قرأها إذا أمسى لم يزل في فرح حتى يصبح ) أخبرنا من جرب ذلك
6088 وأخرج الترمذي من حديث أبي هريرة ( من قرأ الدخان كلها وأول غافر إلى { إليه المصير } وآية الكرسي حين يمسى حفظ بها حتى يصبح ومن قرأها حين يصبح حفظ بها حتى يمسى )
رواه الدارمي بلفظ ( لم ير شيئا يكرهه )
6089 وأخرج البيهقي والحارث بن أبي أسامة وأبو عبيد عن ابن مسعود
____________________
(2/438)
( من قرأ كل ليلة سورة الواقعة لم تصبه فاقة أبدا )
6090 وأخرج البيهقي في الدعوات عن ابن عباس موقوفا في المرأة يعسر عليها ولادها قال يكتب في قرطاس ثم تسقى ( باسم الله الذي لا إله إلا هو الحليم الكريم سبحان الله وتعالى رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين ) { كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها } { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون }
6091 وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال إذا وجدت في نفسك شيئا يعني الوسوسة فقل { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم }
6092 وأخرج الطبراني عن علي قال لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب فدعا بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ { قل يا أيها الكافرون } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } 6093 وأخرج أبو داود والنسائي وابن حبان والحاكم عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الرقى إلا بالمعوذات
6094 وأخرج الترمذي والنسائي عن أبي سعيد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فأخذها وترك ما سواها
6095 فهذا ما وقفت عليه في الخواص من الأحاديث التي لم تصل إلى حد الوضع ومن الموقوفات عن الصحابة والتابعين
6096 وأما مالم يرد به أثر فقد ذكر الناس من ذلك كثيرا جدا الله أعلم بصحته
6097 ومن لطيف ما حكاه ابن الجوزي عن ابن ناصر عن شيوخه عن ميمونة بنت شاقول البغدادية قالت آذانا جار لنا فصليت ركعتين وقرأت من فاتحة كل سورة آية حتى ختمت القرآن وقلت اللهم اكفنا أمره ثم نمت وفتحت عيني وإذا به قد نزل وقت السحر فزلت قدمه فسقط ومات تنبيه
6098 قال ابن التين الرقي بالمعوذات وغيرها من أسماء الله تعالى هو
____________________
(2/439)
الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار من الخلق حصل الشفاء بإذن الله
فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجثماني
6099 قلت ويشير إلى هذا قوله صلى الله عليه وسلم ( لو أن رجلا موقنا قرأ بها على جبل لزال )
6100 وقال القرطبي تجوز الرقية بكلام الله وأسمائه فإن كان مأثورا استحب
6101 وقال الربيع سألت الشافعي عن الرقية فقال لا بأس أن يرقى بكتاب الله وما يعرف من ذكر الله
6102 وقال ابن بطال في المعوذات سر ليس في غيرها من القرآن لما اشتملت عليه من جوامع الدعاء التي تعم أكثر المكروهات من السحر والحسد وشر الشيطان ووسوسته وغير ذلك فلهذا كان صلى الله عليه وسلم يكتفي بها
6103 وقال ابن القيم في حديث الرقية بالفاتحة إذا ثبت أن لبعض الكلام خواص ومنافع فما الظن بكلام رب العالمين ثم بالفاتحة التي لم ينزل في القرآن ولا غيره من الكتب مثلها لتضمنها جميع ما في الكتاب فقد اشتملت على ذكر أصول أسماء الله ومجامعها وإثبات المعاد وذكر التوحيد والافتقار إلى الرب في طلب الإعانة به والهداية منه وذكر أفضل الدعاء وهو طلب الهداية إلى الصراط المستقيم المتضمن كمال معرفته وتوحيده وعبادته بفعل ما أمر به واجتناب ما نهى عنه والاستقامة عليه ولتضمنها ذكر أصناف الخلائق وقسمتهم إلى منعم عليه لمعرفته بالحق والعمل به ومغضوب عليه لعدوله عن الحق بعد معرفته وضال لعدم معرفته له مع ما تضمنته من إثبات القدر والشرع والأسماء والمعاد والتوبة وتزكية النفس وإصلاح القلب والرد على جميع أهل البدع
وحقيق بسورة هذا بعض شأنها أن يستشفى بها من كل داء انتهى مسألة
6104 قال النووي في شرح المهذب لو كتب القرآن في إناء ثم غسله وسقاه المريض فقال الحسن البصري ومجاهد وأبو قلابة والأوزاعي لا بأس به وكرهه
____________________
(2/440)
النخعي قال ومقتضى مذهبنا أنه لا بأس به فقد قال القاضي حسين والبغوي وغيرهما لو كتب على حلوى وطعام فلا بأس بأكله
انتهى
6105 قال الزركشي ممن صرح بالجواز في مسألة الإناء العماد النيهي مع تصريحه بأنه لا يجوز ابتلاع ورقة فيها آية لكن أفتى ابن عبد السلام بالمنع من الشرب أيضا لأنه تلاقيه نجاسة الباطن
وفيه نظر
____________________
(2/441)
النوع السادس والسبعون في مرسوم الخط وآداب كتابته
6106 أفرده بالتصنيف خلائق من المتقدمين والمتأخرين منهم أبو عمرو الداني
6107 وألف في توجيه ما خالف قواعد الخط منه أبو العباس المراكشي كتابا سماه ( عنوان الدليل في مرسوم خط التنزيل ) بين فيه أن هذه الأحرف إنما اختلف حالها في الخط بحسب اختلاف أحوال معاني كلماتها وسأشير هنا إلى مقاصد ذلك إن شاء الله تعالى
6108 أخرج ابن أشته في كتاب المصاحف بسنده عن كعب الأحبار قال أول من وضع الكتاب العربي والسرياني والكتب كلها آدم صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثمائة سنة كتبها في الطين ثم طبخه فلما أصاب الأرض الغرق أصاب كل قوم كتابهم فكتبوه فكان إسماعيل بن إبراهيم أصاب كتاب العرب
6109 ثم أخرج من طريق عكرمة عن ابن عباس قال أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل وضع الكتاب كله على لفظه ومنطقه ثم جعله كتابا واحدا مثل الموصول حتى فرق بينه ولده
يعني أنه وصل فيه جميع الكلمات ليس بين الحروف فرق هكذا ( بسمللهر حمنر حيم ) بسم الله الرحمن الرحيم
ثم فرقه من بنيه هميسع وقيذر
6110 ثم أخرج من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال أول كتاب أنزله الله من السماء أبو جاد
____________________
(2/442)
6111 وقال ابن فارس الذي نقوله إن الخط توقيفي لقوله تعالى { علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم } { ن والقلم وما يسطرون } وإن هذه الحروف داخلة في الأسماء التي علم الله آدم
6112 وقد ورد في أمر أبي جاد ومبتدأ الكتابة أخبار كثيرة ليس هذا محلها وقد بسطتها في تأليف مفرد فصل
6113 القاعدة العربية أن اللفظ يكتب بحروف هجائية مع مراعاة الابتداء والوقوف عليه وقد مهد النحاة له أصولا وقواعد وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام
6114 وقال أشهب سئل مالك هل يكتب المصحف على ما أحدثه الناس من الهجاء فقال لا إلا على الكتبة الأولى
رواه الداني في المقنع ثم قال ولا مخالف له من علماء الأمة
6115 وقال في موضع آخر سئل مالك عن الحروف في القرآن الواو والألف أترى أن يغير من المصحف إذا وجد فيه كذلك قال لا
6116 قال أبو عمرو يعني الواو والألف والمزيدتين في الرسم المعدومتين في اللفظ نحو ( الواو في ) ( أولوا )
وقال الإمام أحمد يحرم مخالفة مصحف الإمام في واو أو ياء أو ألف أو غير ذلك
6117 وقال البيهقي في شعب الإيمان من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء الذي كتبوا به هذه المصاحف ولا يخالفهم فيه ولا يغير مما كتبوه شيئا فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا فلا ينبغي أن يظن بأنفسنا استدراكا عليهم
6118 قلت وسنحصر أمر الرسم في الحذف والزيادة والهمز والبدل والفصل وما فيه قراءتان فكتب إحداهما
____________________
(2/443)
القاعدة الأولى في الحذف
6119 تحذف الألف من ياء النداء نحو ( يأيها الناس ) ( يآدم ) ( يرب ) ( يعبادي ) وهاء التنبيه نحو ( هؤلاء ) ( هأنتم ) ونا مع ضمير ( أنجينكم ) ( آتينه )
6120 ومن ( ذلك ) ( أولئك ) و ( لكن ) و ( تبرك ) وفروع الآربعة و ( الله ) و ( إله ) كيف وقع و ( الرحمن ) و ( سبحن ) كيف وقع إلا { قل سبحان ربي }
6121 وبعد لام ( خلئف ) ( خلف رسول الله ) ( سلم ) ( غلم ) ( لإيلف ) ( يلقوا )
6122 وبين لامين نحو ( الكللة ) ( الضللة ) ( خلل الديار ) { للذي ببكة }
6123 ومن كل علم زائد على ثلاثة كإبرهيم وصلح وميكئيل إلا جالوت وطالوت وهامان ويأجوج ومأجوج وداود لحذف واوه واسرائل لحذف يائه
6124 واختلف في هاروت وماروت وقارون
6125 ومن كل مثنى اسم أو فعل إن لم يتطرف نحو ( رجلن ) ( يعلمن ) ( أضلنا ) ( إن هذان ) إلا ( بما قدمت يداك )
6126 ومن كل جمع تصحيح لمذكر أو مؤنث نحو ( اللعنون ) ( ملقوا ربهم )
إلا ( طاغون ) في الذاريات والطور ( وكراما كاتبين ) وإلا ( روضات ) في شورى و ( آيات للسائلين ) و ( مكر في آياتنا ) و ( آياتنا بينات ) في يونس وإلا إن تلاها همزة نحو ( الصائمين والصائمات ) أو تشديد نحو ( الضالين ) و ( الصافات ) فإن كان في الكلمة ألف ثانية حذفت أيضا إلا ( سبع سموات ) في فصلت
____________________
(2/444)
6127 ومن كل جمع على ( مفاعل ) أو شبهه نحو المسجد مسكن واليتمى والنصرى والمسكين والخبئث والملئكة والثانية من ( خطينا ) كيف وقع
6128 ومن كل عدد كثلت وثلت سحر كيف وقع إلا في آخر الذاريات فإن ثني فألفاه والقيامة والشيطن وسلطن وتعلى واللتى واللئي وخلق وبقدر والأصحب والأنهر والكتب ومنكر الثلاثة إلا أربعة مواضع ( لكل أجل كتاب ) ( كتاب معلوم ) ( كتاب ربك ) ( كتاب مبين ) في النمل ومن البسملة ( وبسم الله مجراها )
ومن أول الأمر من ( سأل )
6129 ومن كل ما اجتمع فيه ألفان أو ثلاثة نحو ءادم ءاخر ءأشفقتم ءأنذرتم
6130 ومن رأى كيف وقع إلا ( ما رأى ) ( ولقد رأى ) في النجم وإلا نأى وءالئن إلا ( فمن يستمع الآن )
6131 والألفان من ( ليئكة ) إلا في الحجر وق
6132 وتحذف الياء من كل منقوص منون رفعا وجرا نحو ( باغ ولا عاد )
6133 والمضاف لها إذا نودى إلا ( يعبادي الذين أسرفوا )
( يعبادي الذين آمنوا ) في العنكبوت
أو لم يناد إلا ( وقل لعبادي ) ( أسر بعبادي ) في طه وحم ( فادخلي في عبدي وادخلي جنتي )
6134 ومع مثلها نحو ( ولى ) ( والحوارين ) و ( متكئين ) إلا ( عليين ) و ( يهيئ ) و ( هيئ ) و ( مكر السيئ ) ( وسيئة ) و ( السيئة ) و ( أفعيينا )
و ( يحيى ) مع ضمير لا مفردا
6135 وحيث وقع ( أطيعون ) ( اتقون ) ( خافون ) ( ارهبون ) ( فأرسلون ) و ( اعبدون ) إلا في يس و ( اخشون ) إلا في البقرة و ( كيدون ) إلا ( فكيدوني جميعا )
و ( اتبعون ) إلا في آل عمران وطه و ( لا تنظرون ) و ( لا
____________________
(2/445)
تستعجلون ) و ( لا تكفرون ) و ( لا تقربون ) و ( لا تخزون ) ( ولا تفضحون ) و ( يهدين ) ( وسيهدين ) و ( كذبون ) ( يقتلون )
( أن يكذبون ) ( ووعيد ) و ( الجوار ) و ( بالواد ) و ( المهتد ) إلا في الأعراف
6136 وتحذف الواو مع أخرى نحو ( لا يستون ) ( فأوا ) ( وإذا الموءدة ) ( يئوسا )
وتحذف اللام مدغمة في مثلها نحو اليل والذي
إلا الله واللهم واللعنة وفروعه واللهو واللغو واللؤلؤ واللات واللمم واللهب واللطيف واللوامة ) فرع في الحذف الذي لم يدخل تحت القاعدة
6137 حذف الألف من ( ملك الملك ) ( ذرية ضعفا ) ( مرغما ) ( خداعهم ) ( أكلون للسحت ) ( بلغ ) ( ليجدلوكم )
( وبطل ما كانوا يعملون ) في الأعراف وهود ( الميعد ) في الأنفال ( تربا ) في الرعد والنمل وعم ( جذذا ) ( يسرعون ) ( أية المؤمنون ) ( أية الساحر ) ( أية الثقلان ) ( أم موسى فرغا ) ( وهل يجزي )
( من هو كذب ) ( للقسية ) في الزمر ( أثرة ) ( عهد عليه الله ) ( ولا كذبا )
6138 وحذفت الياء من ( إبرهم ) في البقرة و ( الداع إذا دعان ) و ( من اتبعن ) و ( سوف يأت الله ) ( وقد هدان ) ( ننج المؤمنين ) ( فلا تسألن ما ليس ) ( يوم يأت لا تكلم ) ( حتى تؤتون موثقا ) ( تفندون )
( المتعال ) ( متاب ) ( مآب ) ( عقاب )
في الرعد وغافر وص ( فيها عذاب ) ( أشركتمون من قبل ) ( وتقبل دعاء ) ( لئن أخرتن ) ( أن يهدين )
( إن ترن ) ( أن يؤتين ) ( أن تعلمن ) ( نبغ ) الخمسة في الكهف
( ألا تتبعن ) في طه
( والباد )
و ( إن الله لهاد ) ( أن يحضرون ) ( رب ارجعون )
و ( لا تكلمون ) ( يسقين ) ( يشفين ) ( يحيين ) ( واد النمل ) ( أتمدونن ) ( فما أتان ) ( تشهدون ) ( بهاد العمى ) ( كالجواب ) ( إن يردن الرحمن ) ( لا ينقذون ) ( واسمعون ) ( لتردين ) ( صال الجحيم ) ( التلاق ) ( التناد ) ( ترجمون ) ( فاعتزلون ) ( يناد المناد ) ( ليعبدون ) ( يطعمون ) ( تغن ) ( يدع الداع ) مرتين في القمر ( يسر ) ( أكرمن ) ( أهانن ) ( ولى دين )
____________________
(2/446)
6139 وحذفت الواو من ( ويدع الإنسان ) ( ويمح الله ) في شورى ( يوم يدع الداع ) ( سندع الزبانية )
6140 قال المراكشي السر في حذفها من هذه الأربعة التنبيه على سرعة وقوع الفعل وسهولته على الفاعل وشدة وقوع المنفعل المتأثر به في الوجود أما ( ويدع الإنسان ) فيدل على أنه سهل عليه ويسارع فيه كما يسارع في الخير بل إثبات الشر إليه من جهة ذاته أقرب إليه من الخير
وأما ( ويمح الله الباطل ) فللإشارة إلى سرعة ذهابه واضمحلاله وأما ( يدع الداع ) فللإشارة إلى سرعة الدعاء وسرعة إجابة المدعوين
وأما الأخيرة فللإشارة إلى سرعة الفعل وإجابة الزبانية وشدة البطش القاعدة الثانية في الزيادة
6141 زيدت ألف بعد الواو آخر اسم مجموع نحو ( بنوا إسرائيل ) ( ملاقوا ربهم ) ( أولوا الألباب )
بخلاف المفرد نحو ( لذو علم ) إلا ( الربوا ) و ( إن امرؤوا هلك )
وآخر فعل مفرد أو جمع مرفوع أو منصوب ( إلا جاءو ) و ( باءو ) حيث وقعا و ( عتو عتوا ) ( فإن فاؤ ) ( والذين تبوؤ الدار ) ( عسى الله أن يعفو عنهم ) في النساء ( سعو في آياتنا ) في سبأ
6142 وبعد الهمزة المرسومة واوا نحو ( تفتؤا ) وفي مائة ومائتين والظنونا والرسولا والسبيلا ( ولا تقولن لشائ ) و ( لا أذبحنه )
( ولا أوضعوا ) و ( لا إلى الله ) و ( لا إلى الجحيم ) و ( لا تايئسوا ) ( إنه لا يايئس ) ( أفلم يايئس )
6143 وبين الياء والجيم في ( جاي ) في الزمر والفجر وكتبت ( ابن ) بالهمزة مطلقا
6144 وزيدت ياء في ( نبائ المرسلين ) و ( ملإيه ) ( ملإيهم ) و ( من آنائي اليل ) في طه ( من تلقائي نفسي ) ( من ورائي حجاب ) في شورى
و ( إيتائي ذي القربى ) في النحل و ( لقائي الآخرة ) في الروم ( بأييكم المفتون ) ( بنيناها بأييد ) ( أفإين مات )
( أفإين مت )
6145 وزيدت واو في ( أولوا ) وفروعه و ( سأوريكم )
____________________
(2/447)
6146 قال المراكشي وإنما زيدت هذه الأحرف في هذه الكلمات نحو ( جايء ) و ( نبائ ) ونحوهما للتهويل والتفخيم والتهديد والوعيد كما زيدت في ( بأييد ) تعظيما لقوة الله تعالى التي بنى بها السماء التي لا تشابهها قوة
6147 وقال الكرماني في العجائب كانت صورة الفتحة في الخطوط قبل الخط العربي ألفا وصورة الضمة واوا وصورة الكسرة ياء فكتبت ( لا أوضعوا ) ونحوه بالألف مكان الفتحة و ( إيتائي ذي القربى ) بالياء مكان الكسرة و ( أولئك ) ونحوه بالواو مكان الضمة لقرب عهدهم بالخط الأول القاعدة الثالثة في الهمز
6148 يكتب الساكن بحرف حركة ما قبله أولا أو وسطا أو آخرا نحو إئذن وأؤتمن والبأساء واقرأ وجئناك وهيئ والمؤتون و ( تسؤهم ) إلا ( فادارءتم ) و ( رءيا ) و ( الرءيا ) و ( شطئه ) فحذف فيها وكذا أول الأمر بعد فاء نحو ( فأتوا ) أو واو نحو ( وأتمروا )
6149 والمتحرك إن كان أولا أو اتصل به حرف زائد بالألف مطلقا نحو ( أيوب ) ) إذ ) ( أولوا ) ( سأصرف ) فبأي ) ( سأنزل ) إلا مواضع ( أئنكم لتشهدون )
( أئنكم لتأتون ) في النمل والعنكبوت ( أئنا لتاركوا )
( أئن لنا ) في الشعراء
( أئذا متنا ) ( أئن ذكرتم ) ( أئفكا ) ( أئمة ) ( لئلا ) ( لئن ) ( يومئذ ) ( حينئذ ) فتكتب فيها بالياء إلا ( قل أؤنبئكم ) و ( هؤلاء ) فتكتب بالواو
6150 وإن كان وسطا فبحرف حركته نحو سأل سئل نقرؤه إلا جزاؤه الثلاثة في يوسف و ( لأملئن ) و ( وامتلئت ) و ( اشمئزت )
و ( اطمئنوا ) فحذف فيها
وإلا إن فتح وكسر أو ضم ما قبله أو ختم ما قبله أو ختم وكسر ما قبله فبحرفه نحو ( الخاطئة ) ( فؤادك ) ( سنقرئك )
6151 وإن كان ما قبله ساكنا حذف هو نحو ( يسئل ) ( لا تجئروا ) إلا ( النشأة ) ( وموئلا ) في الكهف
6152 فإن كان ألفا وهو مفتوح فقد سبق أنها تحذف لاجتماعها مع ألف مثلها إذ الهمزة حينئذ بصورتها نحو ( أبناءنا ) وحذف منها أيضا في ( قراءنا ) في يوسف والزخرف
____________________
(2/448)
6153 فإن ضم أو كسر فلا نحو ( آباؤكم ) ( آبائهم ) إلا ( وقال أوليؤهم ) ( إلى أوليئهم ) في الأنعام ( إن أوليؤه ) في الأنفال ( نحن أوليؤكم ) في فصلت
6154 وإن كان بعد حرف يجانسه فقد سبق أيضا أنه يحذف نحو ( شنئان ) ( خاسئين ) ( مستهزءون )
6155 وإن كان آخرا فبحرف حركة ما قبله نحو سبأ شاطئ لؤلؤ إلا في مواضع تفتؤا يتفيؤا أتوكؤا لا تظمؤا ما يعبؤا يبدؤا ينشؤا يذرؤا نبؤا ( قال الملؤا ) الأول في قد أفلح والثلاثة في النمل
جزاؤ
وفي خمسة مواضع اثنان في المائدة وفي الزمر والشورى والحشر ( شركؤا ) في الأنعام وشورى ( يأتهم نبؤا ) في الأنعام والشعراء
( علمؤا بني )
( من عباده العلمؤا ) ( الضعفؤا ) في إبراهيم وغافر ( في أموالنا ما نشؤا ) و ( ما دعؤا ) في غافر ( شفعؤا ) في الروم
( إن هذا لهو البلؤا ) ( بلؤا مبين ) في الدخان ( برءؤا منكم ) فكتب في الكل بالواو
6156 فإن سكن ما قبله حذف هو نحو ( ملء الأرض ) دفء شيء الخبء ماء إلا ( لتنوأ ) و ( أن تبؤأ ) و ( السوآى ) كذا استثناه الفراء
6157 قلت وعندي أن هذه الثلاثة لا تستثنى لأن الألف التي بعد الواو ليست صورة الهمزة بل هي المزيدة بعد واو الفعل القاعدة الرابعة في البدل
6158 ويكتب بالواو للتفخيم ألف الصلوة والزكوة والحيوة والربوا غير مضافات
والغدوة و ( مشكوة ) و ( النجوة ) و ( منوة )
6159 وبالياء كل ألف منقلبة عنها نحو ( يتوفيكم ) في اسم أو فعل اتصل به ضمير أو لا لقى ساكنا أم لا
ومنه يا حسرتي ياأسفي إلا تترا وكلتا وهداني ومن عصاني والأقصا وأقصا المدينة ومن تولاه وطغا الماء وسيماهم
وإلا ما قبلها ياء كالدنيا والحوايا إلا يحيى اسما أو فعلا
6160 ويكتب بها إلى وعلى وأنى بمعنى كيف ومتى وبلى وحتى إلا ( لدا الباب )
6161 ويكتب بالألف الثلاثي الواوي اسما أو فعلا نحو الصفا وشفا
____________________
(2/449)
وعفا إلا ضحى كيف وقع و ( ما زكى منكم ) ودحيها وتليها وطحها وسجى
6162 ويكتب بالألف نون التوكيد الخفيفة لنسفعا ويكونا وإذا وبالنون كاين
وبالهاء هاء التأنيث إلا ( رحمت ) في البقرة والأعراف وهود ومريم والروم والزخرف
و ( نعمت ) في البقرة وآل عمران والمائدة وإبراهيم والنحل ولقمان وفاطر والطور و ( سنت ) في الأنفال وفاطر وثاني غافر و ( امرأت ) مع زوجها و ( تمت كلمت ربك الحسنى ) ( فنجعل لعنت الله ) ( والخامسة أن لعنت الله ) و ( معصيت ) في قد سمع
( إن شجرت الزقوم ) و ( قرت عين ) و ( جنت نعيم ) ( بقيت الله ) و ( يا أبت ) و ( اللات ) و ( مرضات ) و ( هيهات ) و ( ذات ) و ( ابنت ) و ( فطرت ) القاعدة الخامسة في الوصل والفصل
6163 توصل ( ألا ) بالفتح إلا عشرة أن لا أقول أن لا تقولوا في الأعراف
أن لا ملجأ في هود
أن لا إله أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف في الأحقاف أن لا تشرك في الحج أن لا تعبدوا في يس أن لا تعلوا في الدخان أن لا يشركن في الممتحنة أن لا يدخلنها في ن
6164 و ( مما ) إلا ( من ما ملكت ) في النساء والروم ( من ما رزقناكم ) في المنافقين
6165 و ( ممن ) مطلقا
6166 و ( عما ) إلا ( عن ما نهوا )
6167 و ( إما ) بالكسر إلا ( وإن ما نرينك ) في الرعد
6168 و ( إما بالفتح ) مطلقا
6169 و ( عمن ) إلا ( يصرفه عن من ) في النور ( عن من تولى ) في النجم
6170 و ( أمن ) إلا ( أم من يكون ) في النساء
( أم من أسس ) ( أم من خلقنا ) في الصافات ( أم من يأتي آمنا )
6171 و ( إلم ) بالكسر إلا ( فإن لم يستجيبوا ) في القصص
____________________
(2/450)
6172 و ( فيما ) إلا أحد عشر ( في ما فعلن ) الثاني في البقرة ( ليبلوكم في ما ) في المائدة والأنعام
( قل لا أجد في ما ) ( في ما اشتهت ) في الأنبياء ( في ما أفضتم )
( في ما ههنا ) في الشعراء ( في ما رزقناكم ) في الروم
( في ما هم فيه ) ( في ما كانوا فيه ) كلاهما في الزمر ( وننشئكم في مالا تعلمون ) في الواقعة
6173 و ( أنما ) إلا ( إن ما توعدون لآت ) في الأنعام
6174 و ( أنما ) بالفتح إلا ( أن ما يدعون ) في الحج ولقمان )
6175 و ( كلما ) إلا ( كل ما ردوا إلى الفتنة ) ( من كل ما سألتموه )
6176 و ( بئسما ) إلا مع اللام
6177 و ( نعما ) و ( مهما ) و ( ربما ) و ( كأنما ) ( ويكأن )
6178 وتقطع ( حيث ما ) و ( أن لم ) بالفتح و ( إن لن ) إلا في الكهف والقيامة
6179 و ( أين ما ) إلا ( فأينما تولوا ) ( أينما يوجهه )
6180 واختلف في ( أين ما تكونوا يدرككم ) ( أينما كنتم تعبدون ) في الشعراء ( أينما ثقفوا ) في الأحزاب و ( لكي لا ) إلا في آل عمران والحج والحديد والثاني في الأحزاب
6181 و ( يوم هم ) و ( لات حين ) و ( ابن أم ) إلا في طه فكتبت الهمزة حينئذ واوا
وحذفت همزة ( ابن ) فصارت هكذا ( يبنؤم ) القاعدة السادسة فيما فيه قراءتان فكتب على إحداهما
6182 ومرادنا غير الشاذ من ذلك ( ملك يوم الدين ) ( يخدعون و ( واعدنا ) و ( الصعقة )
6183 و ( الريح ) و ( تفدوهم ) و ( تظهرون ) ( ولا تقتلوهم ) ونحوها
6184 و ( لولا دفع ) ( فرهن ) ( طئرا ) في آل عمران والمائدة ( مضعفة )
6185 ونحوه ( عقدت إيمانكم ) ( الأولين ) ( لمستم ) ( قسية ) ( قيما
____________________
(2/451)
للناس ) ( خطيئتكم ) في الأعراف
( طئف ) ( حش الله )
( وسيعلم الكفر )
( تزور ) ( زكية ) ( فلا تصحبني )
( لتخذت ) ( مهدا ) و ( حرم على قرية )
( إن الله يدفع ) ( سكرى وما هم بسكرى ) ( المضغة عظما فكسونا العظم ) ( سراجا ) ( بل إدراك ) و ( لا تصعر ) ( ربنا بعد ) ( أسورة ) بلا ألف في الكل وقد قرئت بها وبحذفها
6186 ( غيبت الجب ) و ( أنزل عليه ءايت ) في العنكبوت
و ( ثمرت من أكمامها ) في فصلت و ( جملت ) ( فهم على بينت ) ( وهم في الغرفت آمنون ) بالتاء
وقد قرئت بالجمع والإفراد
6187 و ( تقية ) بالياء و ( لأهب ) بالألف
و ( يقض الحق ) بلا ياء
و ( ءاتوني زبر الحديد ) بألف فقط
( ننج المؤمنين ) بنون واحدة
6188 والصراط كيف وقع و ( بصطة ) في الأعراف و ( المصيطرون ) و ( مصيطر ) بالصاد لا غير
6189 وقد تكتب الكلمة صالحة للقراءتين نحو ( فكهون ) وعلى قراءتها هي محذوفة رسما ) لأنه جمع تصحيح 1 - فرع فيما كتب موافقا لقراءة شاذة
6190 ومن ذلك ( إن البقر تشبه علينا ) ( أو كلما عهدوا ) وأما ( ما بقي من الربو ) فقرئ بضم الباء وسكون الواو ( فلقتلوكم ) ( إنما طئرهم ) ( طئره في عنقه )
( تسقط ) ( سمرا ) ( وفصله في عامين ) ( عليهم ثياب سندس ) ( ختمه مسك ) ( فادخلي في عبدي ) 2 - فرع
6191 وأما القراءات المختلفة المشهورة بزيادة لا يحتملها الرسم ونحوها نحو أوصى ووصى وتجري تحتها ومن تحتها وسيقولون الله ولله
وما عملت أيديهم وما عملته فكتابته على نحو قراءته وكل ذلك وجد في مصاحف الإمام فائدة
6192 كتبت فواتح السور على صورة الحروف أنفسها لا على صورة النطق
____________________
(2/452)
بها اكتفاء بشهرتها وقطعت ( حم عسق ) دون ( المص ) و ( كهيعص ) طردا للأولى بأخواتها الستة فصل في آداب كتابته
6193 يستحب كتابة المصحف وتحسين كتابته وتبيينها وإيضاحها وتحقيق الخط دون مشقة وتعليقه فيكره وكذا كتابته في الشيء الصغير
6194 أخرج أبو عبيد في فضائله عن عمر أنه وجد مع رجل مصحفا قد كتبه بقلم دقيق فكره ذلك وضربه وقال عظموا كتاب الله
وكان عمر إذا رأى مصحفا عظيما سر به
6195 وأخرج عبد الرزاق عن علي أنه كان يكره أن تتخذ المصاحف صغارا
6196 وأخرج أبو عبيد عنه أنه كره أن يكتب القرآن في الشيء الصغير
6197 وأخرج هو والبيهقي في الشعب عن أبي حكيم العبدي قال مر بي علي وأنا أكتب مصحفا فقال أجل قلمك فقضمت من قلمي قضمة ثم جعلت أكتب فقال نعم هكذا نوره كما نوره الله
6198 وأخرج البيهقي عن علي موقوفا قال تنوق رجل في ( بسم الله الرحمن الرحيم ) فغفر له
6199 وأخرج أبو نعيم في تاريخ أصبهان وابن أشتة في المصاحف من طريق أبان عن أنس مرفوعا ( من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مجودة غفر الله له )
6200 وأخرج ابن أشتة عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب إلى عماله إذا كتب أحدكم بسم الله الرحمن الرحيم فليمد ( الرحمن )
6201 وأخرج عن زيد بن ثابت أنه كان يكره أن تكتب ( بسم الله الرحمن الرحيم ليس لها سين )
6202 وأخرج عن يزيد بن أبي حبيب أن كاتب عمرو بن العاص كتب إلى عمر فكتب ( بسم الله ) ولم يكتب لها سنا فضربه عمر فقيل له فيم ضربك أمير المؤمنين قال ضربني في سين
____________________
(2/453)
6203 وأخرج عن ابن سيرين أنه كان يكره أن تمد الباء إلى الميم حتى تكتب السين
6204 وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن سيرين أنه كره أن يكتب المصحف مشقا قيل لم قال لأن فيه نقصا
وتحرم كتابته بشيء نجس وأما بالذهب فهو حسن كما قاله الغزالي
6205 وأخرج أبو عبيد عن ابن عباس وأبي ذر وأبي الدرداء أنهم كرهوا ذلك
6206 وأخرج عن ابن مسعود أنه مر عليه مصحف زين بالذهب فقال إن أحسن ما زين به المصحف تلاوته بالحق
6207 قال أصحابنا وتكره كتابته على الحيطان والجدران وعلى السقوف أشد كراهة
وهل تجوز كتابته بقلم غير العربي قال الزركشي لم أر فيه كلاما لأحد من العلماء
قال لسان العرب ولقولهم ( القلم أحد اللسانين ) والعرب لا تعرف قلما غير العربي وقد قال تعالى { بلسان عربي مبين }
انتهى فائدة
6208 أخرج ابن أبي داود عن إبراهيم التيمي قال قال عبد الله لا يكتب المصاحف إلا مضري
قال ابن أبي داود هذا من أجل اللغات مسألة
6209 اختلف في نقط المصحف وشكله وقال أول من فعل ذلك أبو الأسود الدؤلي بأمر عبد الملك بن مروان وقيل الحسن البصري ويحيى بن يعمر وقيل نصر بن عاصم الليثي
6210 وأول من وضع الهمز والتشديد والروم والإشمام الخليل
6211 وقال قتادة بدءوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا
____________________
(2/454)
6212 وقال غيره أول ما أحدثوا النقط عند آخر الآى ثم الفواتح والخواتم
6213 وقال يحيى بن أبي كثير ما كانوا يعرفون شيئا مما أحدث في المصاحف إلا النقط الثلاث على رءوس الآي
أخرجه ابن أبي داود
6214 وقد أخرج أبو عبيد وغيره عن ابن مسعود قال جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء
6215 وأخرج عن النخعي أنه كره نقط المصاحف
6216 وعن ابن سيرين أنه كره النقط والفواتح والخواتم
6217 وعن ابن مسعود ومجاهد أنهما كرها التعشير
6218 وأخرج ابن أبي داود عن النخعي أنه كان يكره العواشر والفواتح وتصغير المصحف وأن يكتب فيه سورة كذا وكذا
6219 وأخرج عنه أنه أتي بمصحف مكتوب فيه سورة كذا وكذا آية فقال امح هذا فإن ابن مسعود كان يكرهه
6220 وأخرج عن أبي العالية أنه كان يكره الجمل في المصحف وفاتحة سورة كذا وخاتمة سورة كذا
6221 وقال مالك لا بأس بالنقط في المصاحف التي تتعلم فيها العلماء أما الأمهات فلا
6222 وقال الحليمي تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه لقوله ( جردوا القرآن )
وأما النقط فيجوز لأنه ليس له صورة فيتوهم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنا وإنما هي دلالات على هيئة المقروء فلا يضر إثباتها لمن يحتاج إليها
6223 وقال البيهقي من آداب القرآن أن يفخم فيكتب مفرجا بأحسن خط فلا يصغر ولا تقرمط حروفه ولا يخلط به ما ليس منه كعدد الآيات والسجدات والعشرات والوقوف واختلاف القراءات ومعاني الآيات وقد أخرج ابن أبي داود عن الحسن وابن سيرين أنهما قالا لا بأس بنقط المصاحف
____________________
(2/455)
6224 وأخرج عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه قال لا بأس بشكله
6225 وقال النووي نقط المصحف وشكله مستحب لأنه صيانة له من اللحن والتحريف
6226 وقال ابن مجاهد ينبغي ألا يشكل إلا ما يشكل
6227 وقال الداني لا أستجيز النقط بالسواد لما فيه من التغيير لصورة الرسم ولا أستجيز جمع قراءات شتى في مصحف واحد بألوان مختلفة لأنه من أعظم التخليط والتغيير للمرسوم وأرى أن تكون الحركات والتنوين والتشديد والسكون والمد بالحمرة والهمزات بالصفرة
6228 وقال الجرجاني من أصحابنا في الشافي من المذموم كتابة تفسير كلمات القرآن بين أسطره 1 - فائدة
6229 كان الشكل في الصدر الأول نقطا فالفتحة نقطة على أول الحرف والضمة على آخره والكسرة تحت أوله وعليه مشى الداني
والذي اشتهر الآن الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف وهو الذي أخرجه الخليل وهو أكثر وأوضح وعليه العمل فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف والكسر كذلك تحته والضم واو ضغرى فوقه والتنوين زيادة مثلها فإن كان مظهرا وذلك قبل حرف حلق ركبت فوقها وإلا تابعت بينهما وتكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلها حمراء والهمزة المحذوفة تكتب همزة بلا حرف حمراء أيضا وعلى النون والتنوين قبل الباء علامة الإقلاب ( م ) حمراء وقبل الحلق سكون وتقرأ عند الإدغام والإخفاء ويسكن كل مسكن ويعرى المدغم ويشدد ما بعده إلا الطاء قبل التاء فيكتب عليها السكون نحو ( فرطت ) ومطة الممدود لا تجاوزه 2 - فائدة
6230 قال الحربي في غريب الحديث قول ابن مسعود جردوا القرآن يحتمل وجهين
أحدهما جردوه في التلاوة ولا تخلطوا به غيره
____________________
(2/456)
والثاني جردوه في الخط من النقط والتعشير
6231 وقال البيهقي الأبين أنه أراد لا تخلطوا به غيره من الكتب لأن ما خلا القرآن من كتب الله إنما يؤخذ عن اليهود والنصارى وليسوا بمأمونين عليها 1 - فرع
6232 أخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف عن ابن عباس أنه كره أخذ الأجرة على كتابة المصحف
6233 وأخرج مثله عن أيوب السختياني
6234 وأخرج عن ابن عمر وابن مسعود أنهما كرها بيع المصاحف وشراءها وأن يستأجر على كتابتها
6235 وأخرج عن مجاهد وابن المسيب والحسن أنهم قالوا لا بأس بالثلاثة
6236 وأخرج عن سعيد بن جبير أنه سئل عن بيع المصاحف فقال لا بأس إنما يأخذون أجور أيديهم
6237 وأخرج عن ابن الحنفية أنه سئل عن بيع المصحف قال لا بأس إنما تبيع الورق
6238 وأخرج عن عبد الله بن شقيق قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يشددون في بيع المصاحف
6239 وأخرج عن النخعي قال المصحف لا يباع ولا يورث
6240 وأخرج عن ابن المسيب أنه كره بيع المصاحف وقال أعن أخاك بالكتاب أوهب له
6241 وأخرج عن عطاء عن ابن عباس قال اشتر المصاحف ولا تبعها
6242 وأخرج عن مجاهد أنه نهى عن بيع المصاحف ورخص في شرائها
6243 وقد حصل من ذلك ثلاثة أقوال للسلف ثالثها كراهة البيع دون الشراء وهو أصح الأوجه عندنا كما صححه في شرح المهذب ونقله في زوائد
____________________
(2/457)
الروضة عن نص الشافعي قال الرافعي وقد قيل إن الثمن متوجه إلى الدفتين لأن كلام الله لا يباع
وقيل إنه بدل من أجرة النسخ
انتهى
6244 وقد تقدم إسناد القولين إلى ابن الحنفية وابن جبير وفيه قول ثالث أنه بدل منهما معا أخرج ابن أبي داود عن الشعبي قال لا بأس ببيع المصاحف إنما يبيع الورق وعمل يديه 2 - فرع
6245 قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في القواعد القيام للمصحف بدعة لم تعهد في الصدر الأول والصواب ما قاله النووي في التبيان من استحباب ذلك لما فيه من التعظيم وعدم التهاون به 3 - فرع
6246 يستحب تقبيل المصحف لأن عكرمة بن أبي جهل رضي الله عنه كان يفعله وبالقياس على تقبيل الحجر الاسود ذكره بعضهم ولأنه هديه من الله تعالى فشرع تقبيله كما يستحب تقبيل الولد الصغير
6247 وعن أحمد ثلاث روايات الجواز والاستحباب والتوقف وإن كان فيه رفعة وإكرام لأنه لا يدخله قياس ولهذا قال عمر في الحجر لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك 4 - فرع
6248 يستحب تطييب المصحف وجعله على كرسي ويحرم توسده لأن فيه إذلالا وامتهانا
قال الزركشي وكذا مد الرجلين إليه
6249 وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان أنه كره أن تعلق المصاحف
6250 وأخرج عن الضحاك قال لا تتخذوا للحديث كراسي ككراسي المصاحف 5 - فرع
6251 يجوز تحليته بالفضة إكراما له على الصحيح أخرج البيهقي عن
____________________
(2/458)
الوليد بن مسلم قال سألت مالكا عن تفضيض المصاحف فأخرج إلينا مصحفا فقال حدثني أبي عن جدي أنهم جمعوا القرآن في عهد عثمان وأنهم فضضوا المصاحف على هذا أو نحوه
وأما بالذهب فالأصح جوازه للمرأة دون الرجل وخص بعضهم الجواز بنفس المصحف دون غلافه المنفضل عنه والأظهر التسوية 6 - فرع
6252 إذا احتيج إلى تعطيل بعض أوراق المصحف لبلى ونحوه فلا يجوز وضعها في شق أو غيره لأنه قد يسقط ويوطأ ولا يجوز تمزيقها لما فيه من تقطيع الحروف وتفرقة الكلم وفي ذلك إزراء بالمكتوب
كذا قال الحليمي
قال وله غسلها بالماء وإن أحرقها بالنار فلا بأس أحرق عثمان مصاحف كان فيها آيات وقراءات منسوخة ولم ينكر عليه
وذكر غيره أن الإحراق أولى من الغسل لأن الغسالة قد تقع على الأرض
وجزم القاضي حسين في تعليقه بامتناع الإحراق لأنه خلاف الاحترام والنووي بالكراهة
وفي بعض كتب الحنفية أن المصحف إذا بلي لا يحرق بل يحفر له في الأرض ويدفن وفيه وقفة لتعرضه للوطء بالأقدام 7 - فرع
6253 روى ابن أبي داود عن ابن المسيب قال لا يقول أحدكم مصيحف ولا مسيجد ما كان لله تعالى فهو عظيم 8 - فرع
6254 مذهبنا ومذهب جمهور العلماء تحريم مس المصحف للمحدث سواء كان أصغر أم أكبر لقوله تعالى { لا يمسه إلا المطهرون } وحديث الترمذي وغيره ( لا يمس القرآن إلا طاهر ) خاتمة
6255 روى ابن ماجه وغيره عن أنس مرفوعا ( سبع يجرى للعبد أجرهن بعد موته وهو في قبره من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ترك ولدا يستغفر له من بعد موته أو رث مصحفا )
____________________
(2/459)
النوع السابع والسبعون في معرفة تفسيره وتأويله وبيان شرفه والحاجة إليه
6256 التفسير ( تفعيل ) من الفسر وهو البيان والكشف ويقال هو مقلوب السفر تقول أسفر الصبح إذا أضاء وقيل مأخوذ من التفسرة وهي اسم لما يعرف به الطبيب المرض
والتأويل أصله من الأول وهو الرجوع فكأنه صرف الآية إلى ما تحتمله من المعاني
وقيل من الإيالة وهي السياسة كأن المؤول للكلام ساس الكلام ووضع المعنى فيه موضعه
6257 واختلف في التفسير أو التأويل فقال أبو عبيد وطائفة هما بمعنى
وقد أنكر ذلك قوم حتى بالغ ابن حبيب النيسابوري فقال قد نبغ في زماننا مفسرون لو سئلوا عن الفرق بين التفسير والتأويل ما اهتدوا إليه
6258 وقال الراغب التفسير أعم من التأويل وأكثر استعماله في الألفاظ ومفرداتها وأكثر استعمال التأويل في المعاني والجمل وأكثر ما يستعمل في الكتب الإلهية والتفسير يستعمل فيها وفي غيرها
وقال غيره التفسير بيان لفظ لا يحتمل إلا وجها واحدا والتأويل توجيه لفظ متوجه إلى معان مختلفة إلى واحد منها بما ظهر من الأدلة
6259 وقال الماتريدي التفسير القطع على أن المراد من اللفظ هذا والشهادة على الله أنه عنى باللفظ هذا فإن قام دليل مقطوع به فصحيح وإلا فتفسير بالرأي وهو المنهى عنه والتأويل ترجيح أحد المحتملات بدون القطع والشهادة على الله
6260 وقال أبو طالب التغلبي التفسير بيان وضع اللفظ إما حقيقة أو مجازا كتفسير الصراط بالطريق والصيب بالمطر والتأويل تفسير باطن اللفظ
____________________
(2/460)
مأخوذ من الأول وهو الرجوع لعاقبة الأمر فالتأويل إخبار عن حقيقة المراد والتفسير إخبار عن دليل المراد لأن اللفظ يكشف عن المراد والكاشف دليل مثاله قوله تعالى { إن ربك لبالمرصاد } تفسيره أنه من الرصد يقال رصدته رقبته والمرصاد ( مفعال ) منه وتأويله التحذير من التهاون بأمر الله والغفلة عن الأهبة والاستعداد للعرض عليه وقواطع الأدلة تقتضي بيان المراد منه على خلاف وضع اللفظ في اللغة
6261 وقال الأصبهاني في تفسيره اعلم أن التفسير في عرف العلماء كشف معاني القرآن وبيان المراد أعم من أن يكون بحسب اللفظ المشكل وغيره وبحسب المعنى الظاهر وغيره والتأويل أكثره في الجمل والتفسير إما أن يستعمل في غريب الألفاظ نحو البحيرة والسائبة والوصيلة أو في وجيز يتبين بشرح نحو أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وإما في كلام متضمن لقصة لا يمكن تصويره إلا بمعرفتها كقوله { إنما النسيء زيادة في الكفر } وقوله { وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها } وأما التأويل فإنه يستعمل مرة عاما ومرة خاصا نحو الكفر المستعمل تارة في الجحود المطلق وتارة في جحود البارئ عز وجل خاصة والإيمان المستعمل في التصديق المطلق تارة وفي تصديق الحق أخرى وإما في لفظ مشترك بين معان مختلفة نحو لفظ ( وجد ) المستعمل في الجدة والوجد والوجود
6262 وقال غيره التفسير يتعلق بالرواية والتأويل يتعلق بالدراية
6263 وقال أبو نصر القشيري التفسير مقصور على الاتباع والسماع والاستنباط مما يتعلق بالتأويل
6264 وقال قوم ما وقع مبينا في كتاب الله ومعينا في صحيح السنة سمى تفسيرا لأن معناه قد ظهر ووضح وليس لأحد أن يتعرض إليه باجتهاد ولا غيره بل يحمله على المعنى الذي ورد لا يتعداه والتأويل ما استنبطه العلماء العاملون لمعاني الخطاب الماهرون في الآت العلوم
____________________
(2/461)
6265 وقال قوم منهم البغوي والكواشي التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الاستنباط
6266 وقال بعضهم التفسير في الاصطلاح علم نزول الآيات وشئونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وعبرها وأمثالها
6267 وقال أبو حيان التفسير علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الافرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك
قال فقولنا ( علم ) جنس وقولنا ( يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ) هو علم القراءة وقولنا ( ومدلولاتها ) أي مدلولات تلك الألفاظ وهذا متن علم اللغة الذي يحتاج إليه في هذا العلم وقولنا ( وأحكامها الإفرادية والتركيبية ) هذا يشمل علم التصريف والبيان والبديع وقولنا ( ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب ) يشمل ما دلالته بالحقيقة وما دلالته بالمجاز فإن التركيب قد يقتضي بظاهره شيئا ويصد عن الحمل عليه صاد فيحمل على غيره وهو المجاز
وقولنا ( وتتمات لذلك ) هو مثل معرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح بعض ما أبهم في القرآن ونحو ذلك
6268 وقال الزركشي التفسير علم يفهم به كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغه والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات ويحتاج لمعرفه أسباب النزول والناسخ والمنسوخ ) فصل في وجه الحاجه إلى التفسير
6269 أما وجه الحاجه إليه فقال بعضهم اعلم أن من المعلوم أن الله إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه أنزل كتابه على
____________________
(2/462)
لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي أن كل من وضع من البشر كتابا فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة
أحدها كمال فضيلة المصنف فإنه لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له
وثانيها إغفاله بعض تتمات المسألة أو شروط لها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارع لبيان المحذوف ومراتبه
وثالثها احتمال اللفظ لمعان كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف مالا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المبهم وغير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك
6270 إذا تقرر هذا فنقول إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن أفصح العرب وكانوا يعلمون ظواهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كان يظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم في الأكثر كسؤالهم لما نزل قوله { ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } فقالوا وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي صلى الله عليه وسلم واستدل عليه بقوله { إن الشرك لظلم عظيم } وكسؤال عائشة عن الحساب اليسير فقال ( ذلك العرض ) وكقصة عدي بن حاتم في الخيط الأبيض والأسود وغير ذلك مما سألوا عن آحاد منه ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه وزيادة على ذلك مما لم يحتاجوا إليه من أحكام الظواهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد الناس احتياجا إلى التفسير ومعلوم أن تفسيره بعضه يكون من قبل بسط الألفاظ الوجيزة وكشف معانيها وبعضه من قبل ترجيح بعض الاحتمالات على بعض
انتهى
6271 وقال الخويي علم التفسير عسير يسير أما عسره فظاهر من وجوه أظهرها أنه كلام متكلم لم يصل الناس إلى مراده بالسماع منه ولا إمكان الوصول
____________________
(2/463)
إليه بخلاف الأمثال والأشعار ونحوها فإن الإنسان يمكن علمه منه إذا تكلم بأن يسمع منه أو ممن سمع منه وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك متعذر إلا في آيات قلائل فالعلم بالمراد يستنبط بأمارات ودلائل والحكمة فيه أن الله تعالى أراد أن يتفكر عباده في كتابه فلم يأمر نبيه بالتنصيص على المراد في جميع آياته فصل في شرف التفسير
6272 وأما شرفه فلا يخفى قال تعالى { يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا }
6273 أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله { يؤتي الحكمة } قال المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله
6274 وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا { يؤتي الحكمة } قال القرآن قال ابن عباس يعني تفسيره فإنه قد قرأه البر والفاجر
6275 وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء { يؤتي الحكمة } قال قراءة القرآن والفكرة فيه
وأخرج ابن جرير مثله عن مجاهد وأبي العالية وقتادة
وقال تعالى { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }
6276 أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا أحزنتني لأني سمعت الله يقول { وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }
6277 وأخرج أبو عبيد عن الحسن قال ما أنزل الله آية إلا وهو يحب أن تعلم فيم أنزلت وما أراد بها
6278 وأخرج أبو ذر الهروي في فضائل القرآن من طريق سعيد بن جبير عن
____________________
(2/464)
ابن عباس قال الذي يقرأ القرآن ولا يحسن تفسيره كالأعرابي يهذ الشعر هذا
6279 وأخرج البيهقي وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعا ( أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه )
6280 وأخرج ابن الأنباري عن أبي بكر الصديق قال لأن أعرب آية من القرآن أحب إلي من أن أحفظ آية
وأخرج أيضا عن عبد الله بن بريدة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لو أني أعلم إذا سافرت أربعين ليلة أعربت آية من كتاب الله لفعلت )
وأخرج أيضا من طريق الشعبي قال قال عمر ( من قرأ القرآن فأعربه كان له عند الله أجر شهيد )
6281 قلت معنى هذه الآثار عندي إرادة البيان والتفسير لأن إطلاق الإعراب على الحكم النحوي اصطلاح حادث ولأنه كان في سليقتهم لا يحتاجون إلى تعلمه ثم رأيت ابن النقيب جنح إلى ما ذكرته وقال ويجوز أن يكون المراد الإعراب الصناعي وفيه بعد
6282 وقد يستدل له بما أخرجه السلفي في الطيوريات من حديث ابن عمر مرفوعا ( أعربوا القرآن يدلكم على تأويله )
6283 وقد أجمع العلماء أن التفسير من فروض الكفايات وأجل العلوم الثلاثة الشرعية
6284 قال الأصبهاني أشرف صناعة يتعاطاها الإنسان تفسير القرآن بيان ذلك أن شرف الصناعة إما بشرف موضوعها مثل الصياغة فإنها أشرف من الدباغة لأن موضوع الصياغة الذهب والفضة وهما أشرف من موضوع الدباغة الذي هو جلد الميتة
وإما بشرف غرضها مثل صناعة الطب فإنها أشرف من صناعة الكناسة لأن غرض الطب إفادة الصحة وغرض الكناسة تنظيف المستراح
وإما لشدة الحاجة إليها كالفقه فإن الحاجة إليه أشد من الحاجة إلى الطب إذ ما من واقعة من الكون في
____________________
(2/465)
أحد من الخلق إلا وهي مفتقرة إلى الفقه لأن به انتظام صلاح أحوال الدنيا والدين بخلاف الطب فإنه يحتاج إليه بعض الناس في بعض الأوقات
2685 إذا عرف ذلك فصناعة التفسير قد حازت الشرف من الجهات الثلاث أما من جهة الموضوع فلأن موضوعه كلام الله تعالى الذي هو ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم لا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضي عجائبه
وأما من جهة الغرض فلأن الغرض منه هو الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي لا تفنى
وأما من جهة شدة الحاجة فلأن كل كمال ديني أو دنيوي عاجلي أو آجلي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى
____________________
(2/466)
النوع الثامن والسبعون في معرفة شروط المفسر وآدابه
6286 قال العلماء من أراد تفسير الكتاب العزيز طلبه أولا من القرآن فما أجمل منه في مكان فقد فسر في موضع آخر وما اختصر في مكان فقد بسط في موضع آخر منه
وقد ألف ابن الجوزي كتابا فيما أجمل في القرآن في موضع وفسر في موضع آخر منه وأشرت إلى أمثلة منه في نوع المجمل
فإن أعياه ذلك طلبه من السنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له وقد قال الشافعي رضي الله عنه كل ما حكم به رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو مما فهمه من القرآن قال تعالى { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله } في آيات آخر
وقال صلى الله عليه وسلم ( ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه ) يعني السنة
فإن لم يجده في السنة رجع إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرائن والأحوال عند نزوله ولما اختصوا به من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح وقد قال الحاكم في المستدرك إن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل له حكم المرفوع
6287 وقال الإمام أبو طالب الطبري في أوائل تفسيره القول في أدوات المفسر اعلم أن من شرطه صحة الإعتقاد أولا ولزوم سنة الدين فإن من كان مغموصا عليه في دينه لا يؤتمن على الدنيا فكيف على الدين ثم لا يؤتمن من الدين على الإخبار عن عالم فكيف يؤتمن في الإخبار عن أسرار الله تعالى ولأنه لا يؤمن إن كان متهما بالإلحاد أن يبغي الفتنة ويغر الناس بليه وخداعه كدأب الباطنية وغلاة الرافضة وإن كان متهما بهوى لم يؤمن أن يحمله هواه على ما يوافق بدعته كدأب القدرية فإن أحدهم يصنف الكتاب في التفسير ومقصوده منه الإيضاح الساكن ليصدهم عن إتباع السلف ولزوم طريق الهدى
____________________
(2/467)
ويجب أن يكون إعتماده على النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ومن عاصرهم ويتجنب المحدثات وإذا تعارضت أقوالهم وأمكن الجمع بينهما فعل نحو أن يتكلم على الصراط المستقيم وأقوالهم فيه ترجع إلى شيء واحد فيأخذ منها ما يدخل فيه الجميع فلا تنافي بين القرآن وطريق الأنبياء فطريق السنة وطريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أبي بكر وعمر فأي هذه الأقوال أفرده كان محسنا
وإن تعارضت رد الأمر إلى ما ثبت فيه السمع وإن لم يجد سمعا وكان للإستدلال طريق إلى تقوية أحدها رجح ما قوي الإستدلال فيه كإختلافهم في معنى حروف الهجاء يرجح قول من قال إنها قسم وإن تعارضت الأدلة في المراد علم أنه قد اشتبه عليه فيؤمن بمراد الله منها ولا يتهجم على تعيينه وينزله منزلة المجمل قبل تفصيله والمتشابه قبل تبيينه
ومن شرطه صحة المقصد فيما يقول ليلقى التسديد فقد قال تعالى { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } وإنما يخلص له القصد إذا زهد في الدنيا لأنه إذا رغب فيها لم يؤمن أن يتوسل به إلى عرض يصده عن صواب قصده ويفسد عليه صحة عمله
وتمام هذه الشرائط أن يكون ممتلئا من عدة الإعراب لا يلتبس عليه إختلاف وجوه الكلام فإنه إذا خرج بالبيان عن وضع اللسان إما حقيقة أو مجازا فتأويله تعطيله وقد رأيت بعضهم يفسر قوله تعالى { قل الله ثم ذرهم } إنه ملازمة قول الله ولم يدر الغبي أن هذه جملة حذف منها الخبر والتقدير الله أنزله
إنتهى كلام أبي طالب
6288 وقال ابن تيمية في كتاب ألفه في هذا النوع يجب أن يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه معاني القرآن كما بين لهم ألفاظه فقوله تعالى { لتبين للناس ما نزل إليهم } يتناول هذا وهذا وقد قال أبو عبد الرحمن السلمي حدثنا الذين كانوا يقرؤون القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لم يتجاوزوها حتى يعلموا ما فيها من العلم والعمل قالوا فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا ولهذا كانوا يبقون مدة في حفظ السورة
6289 وقال أنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد في أعيننا
رواه أحمد في مسنده
6290 وأقام ابن عمر على حفظ البقرة ثمان سنين أخرجه في الموطأ
____________________
(2/468)
وذلك أن الله قال { كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته } وقال { أفلا يتدبرون القرآن } وتدبر الكلام بدون فهم معانيه لا يمكن
وأيضا فالعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ولا يستشرحونه فكيف بكلام الله الذي هو عصمتهم وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم ولهذا كان النزاع بين الصحابة في تفسير القرآن قليل جدا وهو وإن كان بين التابعين أكثر منه بين الصحابة فهو قليل بالنسبة إلى ما بعدهم
6291 ومن التابعين من تلقى جميع التفسير عن الصحابة وربما تكلموا في بعض ذلك بالإستنباط والإستدلال
والخلاف بين السلف في التفسير قليل وغالب ما يصح عنهم من الخلاف يرجع إلى إختلاف تنوع لا إختلاف تضاد وذلك صنفان
أحدهما أن يعبر واحد منهم عن المراد بعبارة غير عبارة صاحبه تدل على معنى في المسمى غير المعنى الآخر مع إتحاد المسمى كتفسيرهم ( الصراط المستقيم ) بعض بالقرآن أي إتباعه وبعض بالإسلام فالقولان متفقان لأن دين الإسلام هو إتباع القرآن ولكن كل منهما نبه على وصف غير الوصف الآخر كما أن لفظ ( صراط ) يشعر بوصف ثالث
وكذلك قول من قال هو السنة والجماعة وقول من قال هو طريق العبودية وقول من قال هو طاعة الله ورسوله وأمثال ذلك فهؤلاء كلهم أشاروا إلى ذات واحدة لكن وصفها كل منهم بصفة من صفاتها
6292 الثاني أن يذكر كل منهم من الإسم العام بعض أنواعه على سبيل التمثيل وتنبيه المستمع على النوع لا على سبيل الحد المطابق للمحدود في عمومه وخصوصه مثاله ما نقل في قوله تعالى { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا } الآية فمعلوم أن الظالم لنفسه يتناول المضيع للواجبات والمنتهك للحرمات والمقتصد يتناول فاعل الواجبات وتارك المحرمات والسابق يدخل فيه من سبق فتقرب بالحسنات مع الواجبات فالمقتصدون أصحاب اليمين والسابقون السابقون أولئك المقربون
6293 ثم إن كلا منهم يذكر هذا في نوع من أنواع الطاعات كقول القائل
____________________
(2/469)
السابق الذي يصلي أول الوقت والمقتصد الذي يصلي في أثنائه والظالم لنفسه الذي يؤخر العصر إلى الإصفرار
أو يقول السابق المحسن بالصدقة مع الزكاة والمقتصد الذي يؤدي الزكاة المفروضة فقط والظالم مانع الزكاة
قال وهذان الصنفان اللذان ذكرناهما في تنوع التفسير تارة لتنوع الأسماء والصفات وتارة لذكر بعض أنواع المسمى هو الغالب في تفسير سلف الأمة الذي يظن أنه مختلف
6294 ومن التنازع الموجود عنهم ما يكون اللفظ فيه محتملا للأمرين إما لكونه مشتركا في اللغة كلفظ ( قسورة ) الذي يراد به الرامي ويراد به الأسد ولفظ ( عسعس ) الذي يراد به إقبال الليل وإدباره
وإما لكونه متواطئا في الأصل لكن المراد به أحد النوعين أو أحد الشخصين كالضمائر في قوله { ثم دنا فتدلى } الآية وكلفظ الفجر والشفع والوتر وليال عشر وأشباه ذلك فمثل هذا قد يجوز أن يراد كل المعاني التي قالها السلف وقد لا يجوز ذلك
6295 فالأول إما لكون الآية نزلت مرتين فأريد بها هذا تارة وهذا تارة وإما لكون اللفظ المشترك يجوز أن يراد به معنياه وإما لكون اللفظ متواطئا فيكون عاما إذا لم يكن لمخصصه موجب فهذا النوع إذا صح فيه القولان كان من الصنف الثاني
6296 ومن الأقوال الموجودة عنهم ويجعلها بعض الناس إختلافا أن يعبروا عن المعاني بألفاظ متقاربة كما إذا فسر بعضهم ( تبسل ) ب ( تحبس ) وبعضهم ب ( ترتهن ) لأن كلا منهما قريب من الآخر
ثم قال فصل والإختلاف في التفسير على نوعين منه ما مستنده النقل فقط ومنه ما يعلم بغير ذلك
والمنقول إما عن المعصوم أو غيره ومنه ما يمكن معرفة الصحيح منه من غيره ومنه مالا يمكن ذلك وهذا القسم الذي لا يمكن معرفة صحيحه من ضعيفه عامته مما لا فائدة فيه ولا حاجة بنا إلى معرفته وذلك كإختلافهم في لون كلب أصحاب الكهف وإسمه وفي البعض الذي ضرب به القتيل من البقرة وفي قدر سفينة نوح وخشيها وفي إسم الغلام الذي قتله الخضر ونحو
____________________
(2/470)
ذلك
فهذه الأمور طريق العلم بها النقل فما كان منه منقولا نقلا صحيحا عن النبي صلى الله عليه وسلم قبل وما لا بأن نقل عن اهل الكتاب ككعب ووهب وقف عن تصديقه وتكذيبه لقوله صلى الله عليه وسلم ( إذ حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم )
وكذا ما نقل عن بعض التابعين وإن لم يذكر أنه أخذه عن أهل الكتاب فمتى إختلف التابعون لم يكن يعض أقوالهم حجة على بعض وما نقل في ذلك عن الصحابة نقلا صحيحا فالنفس إليه اسكن مما ينقل عن التابعين لأن إحتمال أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من بعض من سمعه منه أقوى ولأن نقل الصحابة عن أهل الكتاب أقل من نقل التابعين
ومع جزم الصحابي بما يقوله كيف يقال إنه أخذه عن أهل الكتاب وقد نهوا عن تصديقهم وأما القسم الذي يمكن معرفة الصحيح منه فهذا موجود كثيرا ولله الحمد وإن قال الإمام أحمد ( ثلاثة ليس لها أصل التفسير والملاحم والمغازي ) وذلك لأن الغالب عليها المراسيل
6297 وأما ما يعلم بالإستدلال لا بالنقل فهذا أكثر ما فيه الخطأ من جهتين حدثتا بعد تفسير الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان فإن التفاسير التي يذكر فيها كلام هؤلاء صرفا لا يكاد يوجد فيها شيء من هاتين الجهتين مثل تفسير عبد الرازق والفريابي ووكيع وعبد وإسحاق وأمثالهم أحدهما قوم إعتقدوا معاني ثم أرادوا حمل ألفاظ القرآن عليها
والثاني قوم فسروا القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده من كان من الناطقين بلغة العرب من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل عليه والمخاطب به
فالأولون راعوا المعنى الذي رأوه من غير نظر إلى ما تستحقه ألفاظ القرآن من الدلالة والبيان
والآخرون راعوا مجرد اللفظ وما يجوز أن يريد به العربي من غير نظر إلى ما يصلح للمتكلم وسياق الكلام
ثم هؤلاء كثيرا ما يغلطون في إحتمال اللفظ لذلك المعنى في اللغة كما يغلط في ذلك الذين قبلهم كما أن الأولين كثيرا ما يغلطون في صحة المعنى الذي فسروا به القرآن كما يغلط في ذلك الآخرون وإن كان نظر الأولين إلى المعنى أسبق ونظر الآخرين إلى اللفظ أسبق
والأولون صنفان تارة يسلبون لفظ القرآن ما دل عليه وأريد به وتارة يحملونه على ما لم يدل عليه ولم يرد به وفي كلا الأمرين قد يكون ما قصدوا نفيه أو إثباته من المعنى باطلا فيكون خطؤهم في الدليل والمدلول وقد يكون حقا فيكون خطؤهم في
____________________
(2/471)
الدليل لا في المدلول فالذين أخطئوا فيهما مثل طوائف من أهل البدع إعتقدوا مذاهب باطلة وعمدوا إلى القرآن فتأولوه على رأيهم وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم وقد صنفوا تفاسير على أصول مذهبهم مثل تفسير عبد الرحمن بن كيسان الأصم والجبائي وعبد الجبار والرماني والزمخشري وأمثالهم
6298 ومن هؤلاء من يكون حسن العبارة يدس البدع في كلامه وأكثر الناس لا يعلمون كصاحب الكشاف ونحوه حتى إنه يروج على خلق كثير من أهل السنة كثير من تفاسيرهم الباطلة
وتفسير ابن عطية وأمثاله اتبع للسنة وأسلم من البدعة ولو ذكر كلام السلف المأثور عنهم على وجهه لكان أحسن فإنه كثيرا ما ينقل من تفسير ابن جرير الطبري وهو من أجل التفاسير وأعظمها قدرا ثم إنه يدع ما ينقله عن السلف ويذكر ما يزعم أنه قول المحققين وإنما يعني بهم طائفة من أهل الكلام الذين قرروا أصولهم بطرق من جنس ما قررت به المعتزلة أصولهم وإن كانوا أقرب إلى السنة من المعتزلة لكن ينبغي أن يعطى كل ذي حق حقه فإن الصحابة والتابعين والأئمة إذا كان لهم في الآية تفسير وجاء قوم فسروا الآية بقول آخر لأجل مذهب إعتقدوه وذلك المذهب ليس من مذاهب الصحابة والتابعين صار مشاركا للمعتزلة وغيرهم من أهل البدع في مثل هذا
وفي الجملة من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك كان مخطئا في ذلك بل مبتدعا لأنهم كانوا أعلم بتفسيره ومعانيه كما أنهم أعلم بالحق الذي بعث الله به رسوله
وأما الذين أخطئوا في الدليل لا المدلول فمثل كثير من الصوفية والوعاظ والفقهاء يفسرون القرآن بمعان صحيحة في نفسها لكن القرآن لا يدل عليها مثل كثير مما ذكره السلمي في الحقائق فإن كان فيما ذكروه معان باطلة دخل في القسم الأول
إنتهى كلام ابن تيمية ملخصا وهو نفيس جدا فصل في أمهات مآخذ التفسير
6299 وقال الزركشي في البرهان للناظر في القرآن لطلب التفسير مآخذ كثيرة أمهاتها أربعة
6300 الأول النقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو الطراز المعلم لكن يجب الحذر من الضعيف منه والموضوع فإنه كثير ولهذا قال أحمد ثلاث كتب لا أصل
____________________
(2/472)
لها المغازي والملاحم والتفسير
وقال المحققون من أصحابه مراده أن الغالب أنه ليس لها أسانيد صحاح متصلة وإلا فقد صح من ذلك كثير كتفسير الظلم بالشرك في آية الأنعام والحساب اليسير بالعرض والقوة بالرمي في قوله { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة }
قلت الذي صح من ذلك قليل جدا بل أصل المرفوع منه في غاية القلة وسأسردها كلها آخر الكتاب إن شاء الله تعالى
6301 الثاني الأخذ بقول الصحابي فإن تفسيره عندهم بمنزلة المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما قاله الحاكم في مستدركه
وقال أبو الخطاب من الحنابلة يحتمل ألا يرجع إليه إذا قلنا إن قوله ليس بحجة
والصواب الأول لأنه من باب الرواية لا الرأي
قلت ما قاله الحاكم نازعه فيه ابن الصلاح وغيره من المتأخرين بأن ذلك مخصوص بما فيه سبب النزول أو نحوه مما لا مدخل للرأي فيه
ثم رأيت الحاكم نفسه صرح به في علوم الحديث فقال ومن الموقوفات تفسير الصحابة وأما من يقول إن تفسير الصحابة مسند فإنما يقول فيما فيه سبب النزول فقد خصص هنا وعمم في المستدرك فاعتمد الأول
والله أعلم
ثم قال الزركشي وفي الرجوع إلى قول التابعي روايتان عن أحمد واختار ابن عقيل المنع وحكوه عن شعبة لكن عمل المفسرين على خلافه فقد حكوا في كتبهم أقوالهم لأن غالبها تلقوها من الصحابة وربما يحكى عنهم عبارات مختلفة الألفاظ فيظن من لا فهم عنده أن ذلك إختلاف محقق فيحكيه أقوالا وليس كذلك بل يكون كل واحد منهم ذكر معنى من الآية لكونه أظهر عنده أو أليق بحال السائل
وقد يكون بعضهم يخبر عن الشيء بلازمه ونظيره والآخر بمقصوده وثمرته والكل يؤول إلى معنى واحد غالبا فإن لم يمكن الجمع فالمتأخر من القولين عن
____________________
(2/473)
الشخص الواحد مقدم إن استويا في الصحة عنه وإلا فالصحيح المقدم
6302 الثالث الأخذ بمطلق اللغة فإن القرآن نزل بلسان عربي وهذا قد ذكره جماعة ونص عليه أحمد في مواضع لكل نقل الفضل بن زياد عنه أنه سئل عن القرآن يمثل له الرجل ببيت من الشعر فقال ما يعجبني
فقيل ظاهره المنع ولهذا قال بعضهم في جواز تفسيره القرآن بمقتضى اللغة روايتان عن أحمد
وقيل الكراهة تحمل على صرف الآية عن ظاهرها إلى معان خارجة محتملة يدل عليها القليل من كلام العرب ولا يوجد غالبا إلا في الشعر ونحوه ويكون المتبادر خلافها
6303 وروى البيهقي في الشعب عن مالك قال لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله إلا جعلته نكالا
6304 الرابع التفسير بالمقتضى معنى الكلام والمقتضب من قوة الشرع وهذا هو الذي دعابه النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس حيث قال ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) والذي عناه علي بقوله ( إلا فهما يؤتاه الرجل في القرآن )
ومن هنا إختلف الصحابة في معنى الآية فأخذ كل برأيه على منتهى نظره ولا يجوز تفسير القرآن بمجرد الرأي والإجتهاد من غير أصل قال تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم } وقال { وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون } وقال { لتبين للناس ما نزل إليهم } فأضاف البيان إليه وقال صلى الله عليه وسلم ( من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ ) أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي وقال ( من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار ) أخرجه أبو داود
6305 قال البيهقي في الحديث الأول هذا إن صح فإنما أراد والله أعلم الرأي الذي يغلب من غير دليل قام عليه وأما الذي بسنده برهان فالقول به جائز
6306 وقال في المدخل في هذا الحديث نظر وإن صح فإنما أراد به
____________________
(2/474)
والله أعلم فقد أخطأ الطريق فسبيله أن يرجع في تفسيره ألفاظه إلى أهل اللغة وفي معرفة ناسخه ومنسوخه وسبب نزوله وما يحتاج فيه إلى بيانه إلى أخبار الصحابة الذين شاهدوا تنزيله وأدوا إلينا من السنن ما يكون بيانا لكتاب الله تعالى قال تعالى { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون } فما ورد بيانه عن صاحب الشرع ففيه كفاية عن فكرة من بعده وما لم يرد عنه بيانه ففيه حينئذ فكرة أهل العلم بعده ليستدلوا بما ورد بيانه على ما لم يرد
قال وقد يكون المراد به من قال فيه برأيه من غير معرفة منه بأصول العلم وفروعه فيكون موافقته للصواب إن وافقه من حيث لا يعرفه غير محمودة
6307 وقال الماوردي قد حمل بعض المتورعة هذا الحديث على ظاهره وامتنع من أن يستنبط معاني القرآن بإجتهاده ولو صحبتها الشواهد ولم يعارض شواهدها نص صريح وهذا عدول عما تعبدنا بمعرفته من النظر في القرآن واستنباط الأحكام كما قال تعالى { لعلمه الذين يستنبطونه منهم }
ولو صح ما ذهب إليه لم يعلم شيء إلا بالإستنباط ولما فهم الأكثرون من كتاب الله شيئا
وإن صح الحديث فتأويله أن من تكلم في القرآن بمجرد رأيه ولم يعرج على سوى لفظه وأصاب الحق فقد أخطأ الطريق وإصابته إتفاق إذا الغرض أنه مجرد رأي لا شاهد له وفي الحديث ( القرآن ذلول ذو وجوه فاحملوه على أحسن وجوهه ) أخرجه أبو نعيم وغيره من حديث ابن عباس
فقوله ( ذلول ) يحتمل معنيين أحدهما أنه مطيع لحامليه تنطق به ألسنتهم
والثاني أنه موضح لمعانيه حتى لا تقصر عنه أفهام المجتهدين
وقوله ( ذو وجوه ) يحتمل معنيين أحدهما أن من ألفاظه ما يحتمل وجوها من التأويل والثاني أنه قد جمع وجوها من الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب والتحليل والتحريم
وقوله ( فاحملوه على أحسن وجوهه ) يحتمل معنيين أحدهما الحمل على أحسن معانيه والثاني أحسن ما فيه من العزائم دون الرخص والعفو دون الإنتقام
____________________
(2/475)
وفيه دلالة ظاهرة على جواز الإستنباط والإجتهاد في كتاب الله تعالى
6308 وقال أبو الليث النهي إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه كما قال تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه } لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة
فإذا كان كذلك جاز لمن عرف لغات العرب وأسباب النزول أن يفسره وأما من لم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره إلا بمقدار ما سمع فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على وجه التفسير
ولو أنه يعلم التفسير وأراد أن يستخرج من الآية حكما أو دليل الحكم فلا بأس به ولو قال المراد من الآية كذا من غير أن يسمع فيه شيئا فلا يحل وهو الذي نهى عنه
6309 وقال ابن الأنباري في الحديث الأول حمله بعض أهل العلم على أن الرأي معني به الهوى فمن قال في القرآن قولا يوافق هواه فلم يأخذه عن أئمة السلف وأصاب فقد أخطأ لحكمه على القرآن بما لا يعرف أصله ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه
6310 وقال في الحديث الثاني له معنيان أحدهما من قال في مشكل القرآن بما لا يعرف من مذهب الأوائل من الصحابة والتابعين فهو متعرض لسخط الله تعالى
والآخر وهو الأصح من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره فليتبوأ مقعده من النار
6311 وقال البغوي والكواشي وغيرهما التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وبعدها تحتمله الآية غير مخالف للكتاب والسنة من طريق الإستنباط غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى { انفروا خفافا وثقالا } قيل شبابا وشيوخا
وقيل أغنياء وفقراء
وقيل عزابا ومتأهلين
وقيل نشاطا وغير نشاط
وقيل أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله
6312 وأما التأويل المخالف للآية والشرع فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى { مرج البحرين يلتقيان } أنهما علي وفاطمة
{ يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان } يعني الحسن والحسين
____________________
(2/476)
6313 وقال بعضهم إختلف الناس في تفسير القرآن هل يجوز لكل أحد الخوض فيه فقال قوم لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن وإن كان عالما أديبا
متسما في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك
ومنهم من قال يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما
6314 أحدها اللغة لأن بها يعرف شرح مفردات الألفاظ ومدلولاتها بحسب الوضع
قال مجاهد لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما بلغات العرب
وتقدم قول الإمام مالك في ذلك ولا يكفي في حقه معرفة اليسير منها فقد يكون اللفظ مشتركا وهو يعلم أحد المعنيين والمراد الآخر
6315 الثاني النحو لأن المعنى يتغير ويختلف بإختلاف الإعراب فلا بد من إعتباره أخرج أبو عبيد عن الحسن أنه سئل عن الرجل يتعلم العربية يلتمس بها حسن المنطق ويقيم بها قراءته فقال حسن فتعلمها فإن الرجل يقرأ الآية فيعيى بوجهها فيهلك فيها
6316 الثالث التصريف لأن به تعرف الأبنية والصيغ قال ابن فارس ومن فاته علمه فاته المعظم لأن ( وجد ) مثلا كلمة مبهمة فإذا صرفناها اتضحت بمصادرها
6317 وقال الزمخشري من بدع التفاسير قول من قال إن الإمام في قوله تعالى { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } جمع ( أم ) وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم قال وهذا غلط أوجبه جهل بالتصريف فإن ( أما ) لا تجمع على ( إمام )
6318 الرابع الاشتقاق لأن الإسم إذا كان إشتقاقه من مادتين مختلفتين إختلف المعنى بإختلافهما كالمسيح هل هو من السياحة أو المسح
6319 الخامس والسادس والسابع المعاني والبيان والبديع لأنه يعرف بالأول خواص تراكيب الكلام من جهة إفادتها المعنى وبالثاني خواصها من حيث
____________________
(2/477)
اختلافها بحسب وضوح الدلالة وخفائها وبالثالث وجوه تحسين الكلام وهذه العلوم الثلاثة هي علوم البلاغة وهي من أعظم أركان المفسر لأنه لا بد له من مراعاة ما يقتضيه الإعجاز وإنما يدرك بهذه العلوم
6320 قال السكاكي اعلم أن شأن الإعجاز عجيب يدرك ولا يمكن وصفه كإستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها وكالملاحة ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة إلا التمرن على علمي المعاني والبيان
6321 وقال ابن أبي الحديد اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح والرشيق والأرشق من الكلام أمر لا يدرك ألا بالذوق ولا يمكن إقامة الدلالة عليه وهو بمنزلة جاريتين إحداهما بيضاء مشربة بحمرة دقيقة الشفتين نقية الثغر كحلاء العينين أسيلة الخد دقيقة الأنف معتدلة القامة والأخرى دونها في هذه الصفات والمحاسن لكنها أحلى في العيون والقلوب منها ولا يدرى سبب ذلك ولكنه يعرف بالذوق والمشاهدة ولا يمكن تعليله وهكذا الكلام
نعم يبقى الفرق بين الوصفين أن حسن الوجوه وملاحتها وتفضيل بعضها على بعض يدركه كل من له عين صحيحة وأما الكلام فلا يدرك إلا بالذوق وليس كل من إشتغل بالنحو واللغة والفقه يكون من أهل الذوق وممن يصلح لإنتقاد الكلام وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان وراضوا أنفسهم بالرسائل والخطب والكتابة والشعر وصارت لهم بذلك دربة وملكه تامة فإلى أولئك ينبغي أن يرجع في معرفة الكلام وفضل بعضه على بعض
6322 وقال الزمخشري من حق مفسر كتاب الله الباهر وكلامه المعجز أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح
6323 وقال غيره معرفة هذه الصناعة بأوضاعها هي عمدة التفسير المطلع على عجائب كلام الله تعالى وهي قاعدة الفصاحة وواسطة عقد البلاغة
6324 الثامن علم القراءات لأن به يعرف كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يترجح بعض الوجوه المحتملة على بعض
6325 التاسع أصول الدين بما في القرآن من الآيات الدالة بظاهرها على ما
____________________
(2/478)
لا يجوز على الله تعالى فالأصولي يؤول ذلك ويستدل على ما يستحيل وما يجب وما يجوز
6326 العاشر أصول الفقه إذ به يعرف وجه الإستدلال على الأحكام والإستنباط
6327 الحادي عشر أسباب النزول والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه
6328 الثاني عشر الناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره
6329 الثالث عشر الفقه
6330 الرابع عشر الأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم
6331 الخامس عشر علم الموهبة وهو علم يورثه الله تعالى لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث ( من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم )
6332 قال ابن أبي الدنيا وعلوم القرآن وما يستنبط منه بحر لا ساحل له
قال فهذه العلوم التي هي كالآية للمفسر لا يكون مفسرا إلا بتحصيلها فمن فسر بدونها كان مفسرا بالرأي المنهى عنه وإذا فسر مع حصولها لم يكن مفسرا بالرأي المنهى عنه
قال والصحابة والتابعون كان عندهم علوم العربية بالطبع لا بالإكتساب واستفادوا العلوم الأخرى من النبي صلى الله عليه وسلم
6333 قلت ولعلك تستشكل علم الموهبة وتقول هذا شيء ليس في قدرة الإنسان وليس كما ظننت من الإشكال والطريق في تحصيله إرتكاب الأسباب الموجبة له من العمل والزهد
6334 قال في البرهان اعلم أنه لا يحصل للناظر فهم معاني الوحي ولا يظهر له أسراره وفي قلبه بدعه أو كبر أو هوى أو حب الدنيا أو وهو مصر على ذنب أو غير متحقق بالإيمان أو ضعيف التحقيق أو يعتمد على قول مفسر ليس عنده علم أو راجع إلى معقوله وهذه كلها حجب وموانع بعضها آكد من بعض
6335 قلت وفي هذا المعنى قوله تعالى { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون }
____________________
(2/479)
{ في الأرض بغير الحق } ) قال سفيان بن عيينة يقول أنزع عنهم فهم القرآن
أخرجه ابن أبي حاتم
6336 وقد أخرج ابن جرير وغيره من طرق عن ابن عباس قال التفسير أربعة أوجه وجه تعرفه العرب من كلامها وتفسير لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تعلمه العلماء وتفسير لا يعلمه إلا الله تعالى
ثم رواه مرفوعا بسند ضعيف بلفظ ( أنزل القرآن على أربعة أحرف حلال وحرام لا يعذر أحد بجهالته وتفسير تفسره العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله تعالى ومن ادعى علمه سوى الله تعالى فهو كاذب )
6337 قال الزركشي في البرهان في قول ابن عباس هذا تقسيم صحيح فأما الذي تعرفه العرب فهو الذي يرجع فيه إلى لسانهم وذلك اللغة والإعراب فأما اللغة فعلى المفسر معرفة معانيها ومسميات أسمائها ولا يلزم ذلك القارئ
ثم إن كان ما تتضمنه ألفاظها يوجب العمل دون العلم كفى فيه خبر الواحد والإثنين والإستشهاد بالبيت والبيتين وإن كان يوجب العلم لم يكف ذلك بل لا بد أن يستفيض ذلك اللفظ وتكثر شواهده من الشعر
وأما الإعراب فما كان إختلافه محيلا للمعنى وجب على المفسر والقارئ تعلمه ليتوصل المفسر إلى معرفة الحكم ويسلم القارئ من اللحن وإن لم يكن محيلا للمعنى وجب تعلمه على القارئ ليسلم من اللحن ولا يجب على المفسر لوصوله إلى المقصود بدونه
وأما ما لا يعذر أحد بجهله فهو ما تتبادر الأفهام إلى معرفة معناه من النصوص المتضمنة شرائع الأحكام ودلائل التوحيد وكل لفظ أفاد معنى واحدا جليا يعلم أنه مراد الله تعالى فهذا القسم لا يلتبس تأويله إذ كل أحد يدرك معنى التوحيد من قوله تعالى { فاعلم أنه لا إله إلا الله } وأنه لا شريك له في الإلهية وأن لم
____________________
(2/480)
يعلم أن ( لا ) موضوعة في اللغة للنفي ( وإلا ) للإثبات وأن مقتضى هذه الكلمة الحصر
ويعلم كل أحد بالضرورة أن مقتضى قوله تعالى { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ونحوها ( من الأوامر ) طلب إيجاب المأمور به وإن لم يعلم أن صيغة ( أفعل ) للوجوب فما كان من هذا القسم لا يعذر أحد يدعي الجهل بمعاني ألفاظه لأنها معلومة لكل أحد بالضرورة
وأما ما لا يعلمه إلا الله تعالى فهو ما يجري مجرى الغيوب نحو الآي المتضمنة قيام الساعة وتفسير الروح والحروف المقطعة وكل متشابه في القرآن عند أهل الحق فلا مساغ للإجتهاد في تفسيره ولا طريق إلى ذلك إلا بالتوقيف بنص من القرآن أو الحديث أو إجماع الأمة على تأويله
وأما ما يعلمه العلماء ويرجع إلى اجتهادهم فهو الذي يغلب عليه إطلاق التأويل وذلك إستنباط الأحكام وبيان المجمل وتخصيص العموم
وكل لفظ إحتمل معنيين فصاعدا فهو الذي لا يجوز لغير العلماء الإجتهاد فيه وعليهم إعتماد الشواهد والدلائل دون مجرد الرأي فإن كان أحد المعنيين أظهر وجب الحمل عليه إلا أن يقوم دليل على أن المراد هو الخفي
وإن استويا والإستعمال فيهما حقيقة لكن في أحدهما حقيقة لغوية أو عرفية وفي الآخر شرعية فالحمل على الشرعية أولى إلا أن يدل دليل على إرادة اللغوية كما في { وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم }
ولو كان في أحدهما عرفية والآخر لغوية فالحمل على العرفية أولى لأن الشرع ألزم
فإن تنافى إجتماعهما ولم يمكن إرادتهما باللفظ الواحد كالقرء للحيض والطهر إجتهد في المراد منهما بالأمارات الدالة عليه فما ظنه فهو مراد الله تعالى في حقه وإن لم يظهر له شيء فهل يتخير في الحمل على أيهما شاء أو يأخذ بالأغلظ حكما أو بالأخف أقوال
وإن لم يتنافيا وجب الحمل عليهما عند المحققين ويكون ذلك أبلغ في الإعجاز والفصاحة إلا إن دل دليل على إرادة أحدهما
إذا عرف ذلك فينزل حديث ( من تكلم في القرآن برأيه ) على قسمين من هذه الأربعة
____________________
(2/481)
أحدها تفسير اللفظ لإحتياج المفسر له إلى التبحر في معرفة لسان العرب
والثاني حمل اللفظ المحتمل على أحد معنييه لإحتياج ذلك إلى معرفة أنواع من العلوم والتبحر في العربية واللغة ومن علم الأصول ما يدرك به حدود الأشياء وصيغ الأمر والنهي والخبر والمجمل والمبين والعموم والخصوص والمطلق والمقيد والمحكم والمتشابه والظاهر والمؤول والحقيقة والمجاز والصريح والكناية ومن الفروع ما يدرك به الإستنباط
والإستدلال على هذا أقل ما يحتاج إليه ومع ذلك فهو على خطر فعليه أن يقول يحتمل كذا ولا يجزم إلا في حكم اضطر إلى الفتوى به فأدى ( إجتهاده إليه ) فيجزم مع تجويز خلافه
إنتهى
6338 وقال ابن النقيب جملة ما تحصل في معنى حديث التفسير بالرأي خمسة أقوال
أحدها التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها التفسير
الثاني تفسير المتشابه لا يعلمه إلا الله
الثالث التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا
الرابع التفسير بأن مراد الله كذا على القطع من غير دليل
الخامس التفسير بالإستحسان والهوى
6339 ثم قال وأعلم أن علوم القرآن ثلاثة أقسام
الأول علم لم يطلع الله عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته وغيوبه التي لا يعلمها إلا هو وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه بوجه من الوجوه إجماعا
الثاني ما أطلع الله عليه نبيه من أسرار الكتاب واختصه به وهذا لا يجوز الكلام فيه إلا له صلى الله عليه وسلم أو لمن أذن له قال وأوائل السور من هذا القسم وقيل من القسم الأول
____________________
(2/482)
الثالث علوم علمها الله نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع وهو أسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات واللغات وقصص الأمم الماضية وأخبار ما هو كائن من الحوادث وأمور الحشر والمعاد
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والإستدلال والإستنباط والإستخراج من الألفاظ وهو قسمان قسم إختلفوا في جوازه وهو تأويل الآيات المتشابهات في الصفات وقسم إتفقوا عليه وهو إستنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه واستخراجها لمن له أهلية
إنتهى ملخصا
6340 وقال أبو حيان ذهب بعض من عاصرناه إلى أن علم التفسير مضطر إلى النقل في فهم معاني تركيبه بالإسناد إلى مجاهد وطاوس وعكرمة وأضرابهم وأن فهم الآيات يتوقف على ذلك
قال وليس كذلك
6341 وقال الزركشي بعد حكاية ذلك الحق أن علم التفسير منه ما يتوقف على النقل كسبب النزول والنسخ وتعيين المبهم وتبيين المجمل
ومنه مالا يتوقف ويكفي في تحصيله الثقة على الوجه المعتبر
قال وكأن السبب في إصطلاح كثير على التفرقة بين التفسير والتأويل والتمييز بين المنقول والمستنبط ليحمل على الإعتماد في المنقول وعلى النظر في المستنبط
قال واعلم أن القرآن قسمان قسم ورد تفسيره بالنقل وقسم لم يرد
والأول إما أن يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو رؤوس التابعين
فالأول يبحث فيه عن صحة السند والثاني ينظر في تفسير الصحابي فإن فسره من حيث اللغة فهم أهل اللسان فلا شك في اعتمادهم أو بما شاهده من الأسباب والقرائن فلا شك فيه وحينئذ إن تعارضت أقوال جماعة من الصحابة فإن أمكن الجمع فذاك وإن تعذر قدم ابن عباس لأن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بذلك حيث قال ( اللهم علمه التأويل ) وقد رجح الشافعي قول زيد في الفرائض لحديث ( أفرضكم زيد )
وأما ما ورد عن
____________________
(2/483)
التابعين فحيث جاز الاعتماد فيما سبق فكذلك هنا وإلا وجب الاجتهاد
وأما ما لم يرد فيه نقل فهو قليل وطريق التوصل إلى فهمه النظر إلى مفردات الألفاظ من لغة العرب ومدلولاتها واستعمالها بحسب السياق وهذا يعتني به الراغب كثيرا في كتاب ( المفردات ) فيذكر قيدا زائدا على أهل اللغة في تفسير مدلول اللفظ لأنه اقتضاه السياق
انتهى
6342 قلت وقد جمعت كتابا مسندا فيه تفاسير النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة فيه بضعة عشر ألف حديث ما بين مرفوع وموقوف وقد تم ولله الحمد في أربع مجلدات وسميته ( ترجمان القرآن ) ورأيت وأنا في أثناء تصنيفه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام في قصة طويلة تحتوي على بشارة حسنة تنبيه
6343 من المهم معرفة التفاسير الواردة عن الصحابة بحسب قراءة مخصوصة وذلك أنه قد يرد عنهم تفسيران في الآية الواحدة مختلفان فيظن اختلافا وليس باختلاف وإنما كل تفسير على قراءة
وقد تعرض السلف لذلك فأخرج ابن جرير في قوله تعالى { لقالوا إنما سكرت أبصارنا } من طريق عن ابن عباس وغيره أن ( سكرت ) بمعنى ( سدت ) ومن طرق أنها بمعنى ( أخذت )
ثم أخرج عن قتادة قال من قرأ ( سكرت ) مشددة فإنما يعني ( سدت ) ومن قرأ ( سكرت ) مخففة فإنه يعني ( سحرت )
وهذا الجمع من قتادة نفيس بديع
ومثله قوله تعالى { سرابيلهم من قطران } أخرج ابن جرير عن الحسن أنه الذي تهنأ به الإبل
وأخرج من طرق عنه وعن غيره أنه النحاس المذاب وليسا بقولين وإنما الثاني تفسير لقراءة من ( قطرآن ) بتنوين ( قطر ) وهو النحاس و ( آن ) شديد الحر كما أخرجه ابن أبي حاتم هكذا عن سعيد بن جبير
وأمثلة هذا النوع كثيرة والكافل ببيانها كتابنا ( أسرار التنزيل ) وقد خرجت
____________________
(2/484)
على هذا قديما الاختلاف الوارد عن ابن عباس وغيره في تفسير آية { أو لامستم } هل هو الجماع أو الجس باليد فالأول تفسير لقراءة ( لامستم ) والثاني لقراءة ( لمستم ) ولا اختلاف فائدة
6344 قال الشافعي رضي الله عنه في مختصر البويطي لا يحل تفسير المتشابه إلا بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خبر عن أحد من أصحابه أو إجماع العلماء ( هذا نصه ) فصل في تفسير الصوفية
6345 وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير قال ابن الصلاح في فتاويه وجدت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال صنف أبو عبد الرحمن السلمي ( حقائق التفسير ) فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسيرا فقد كفر
6346 قال ابن الصلاح وأنا أقول الظن بمن يوثق به منهم إذا قال شيئا من ذلك أنه لم يذكره تفسيرا ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن فإن النظير يذكر بالنظير ومع ذلك فياليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإيهام والإلباس
6347 وقال النسفي في عقائده النصوص على ظاهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد
6348 قال التفتازاني في شرحه سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظاهرها بل لها معان باطنية لا يعرفها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية
____________________
(2/485)
قال وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان
3649 وسئل شيخ الإسلام سراج الدين البلقيني عن رجل قال في قوله تعالى { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } إن معناه من ذل أي من الذل ذي إشارة إلى النفس يشف من الشفا جواب ( من )
ع أمر من الوعي فأفتى بأنه ملحد
وقد قال تعالى { إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا } قال ابن عباس هو أن يوضع الكلام على غير موضعه أخرجه ابن أبي حاتم
فإن قلت فقد قال الفريابي حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع )
6350 وأخرج الديلمي من حديث عبد الرحمن بن عوف مرفوعا ( القرآن تحت العرش له ظهر وبطن يحاج العباد )
6351 وأخرج الطبراني وأبو يعلى والبزار وغيرهم عن ابن مسعود موقوفا ( إن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد ولكل حد مطلع )
6352 قلت أما الظهر والبطن ففي معناه أوجه
أحدها أنك إذا بحثت عن باطنها وقسته على ظاهرها وقفت على معناها
والثاني أن ما من آية إلا عمل بها قوم ولها قوم سيعملون بها كما قال ابن مسعود فيما أخرجه ابن أبي حاتم
الثالث أن ظاهرها لفظها وباطنها تأويلها
الرابع قال أبو عبيد وهو أشبهها بالصواب إن القصص التي قصها الله تعالى عن الأمم الماضية وما عاقبهم به ظاهرها الإخبار بهلاك الأولين إنما هو حديث حدث به عن قوم
وباطنها وعظ الآخرين وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم فيحل بهم مثل ما حل بهم
____________________
(2/486)
6353 وحكى ابن النقيب قولا خامسا إن ظهرها ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهر وبطنها ما تضمنته من الأسرار التي أطلع الله عليها أرباب الحقائق
ومعنى قوله ( ولكل حرف حد ) أي منتهى فيما أراد الله من معناه
وقيل لكل حكم مقدار من الثواب والعقاب
ومعنى قوله ( ولكل حد مطلع ) لكل غامض من المعاني والأحكام مطلع يتوصل به إلى معرفته ويوقف على المراد به وقيل كل ما يستحقه من الثواب والعقاب يطلع عليه في الآخرة عند المجازاة
وقال بعضهم الظاهر التلاوة والباطن الفهم والحد أحكام الحلال والحرام والمطلع الإشراف على الوعد والوعيد
6354 قلت يؤيد هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف هوى أخبار وأمثال وحلال وحرام وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن فظهره التلاوة وبطنه التأويل فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء
6355 وقال ابن سبع في شفاء الصدور ورد عن أبي الدرداء أنه قال لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يجعل للقرآن وجوها
6356 وقال ابن مسعود من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن
6357 قال وهذا الذي قالاه لا يحصل بمجرد تفسير الظاهر
6358 وقال بعض العلماء لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم معاني القرآن مجالا رحبا ومتسعا بالغا وأن المنقول من ظاهر التفسير وليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير ليتقي به مواضع الغلط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا يطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر ومن ادعى فهم أسرار القرآن ولم يحكم التفسير الظاهر فهو كمن ادعى البلوغ إلى صدر البيت قبل أن يجاوز الباب
انتهى
____________________
(2/487)
6359 وقال الشيخ تاج الدين بن عطاء الله في كتابه لطائف المنن اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله وكلام رسوله بالمعاني العربية ليس إحالة للظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله قلبه وقد جاء في الحديث ( لكل آية ظهر وبطن ) فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل ومعارضة وهذا إحالة لكلام الله وكلام رسوله فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قالوا لا معنى للآية إلا هذا وهم لم يقولوا ذلك بل يقرؤون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها ويفهمون عن الله تعالى ما أفهمهم فصل فيما يجب على المفسر
6360 قال العلماء يجب على المفسر أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر وأن يتحرز في ذلك من نقص عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى أو زيادة لا تليق بالغرض ومن كون المفسر فيه زيغ عن المعنى وعدول عن طريقه
وعليه بمراعاة المعنى الحقيقي والمجازي ومراعاة التأليف والغرض الذي سبق الكلام وأن يؤاخي بين المفردات
ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة فيتكلم عليها من جهة اللغة ثم التصريف ثم الإشتقاق ثم يتكلم عليها بحسب التركيب فيبدأ بالإعراب ثم بما يتعلق بالمعاني ثم البيان ثم البديع ثم يبين المعنى المراد ثم الاستنباط ثم الإشارات
6361 وقال الزركشي في أوائل البرهان قد جرت عادة المفسرين أن يبدءوا بذكر سبب النزول ووقع البحث في أنه أيما أولى البداءة به بتقدم السبب على المسبب أو بالمناسبة لأنها المصححة لنظم الكلام وهي سابقة على النزول
قال والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول كآية { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر
____________________
(2/488)
السبب لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة
وقال في موضع آخر جرت عادة المفسرين ممن ذكر فضائل القرآن أن يذكرها في أول كل سورة لما فيها من الترغيب والحث على حفظها إلا الزمخشري فإنه يذكرها في أواخرها
6362 قال مجد الأئمة عبد الرحيم بن عمر الكرماني سألت الزمخشري عن العلة في ذلك فقال لأنها صفات لها والصفة تستدعي تقديم الموصوف
وكثيرا ما يقع في كتب التفسير ( حكى الله كذا ) فينبغي تجنبه
6363 قال الإمام أبو نصر القشيري في المرشد قال معظم أئمتنا لا يقال ( كلام الله محكي ) ولا يقال ( حكى الله ) لأن الحكاية الإتيان بمثل الشيء وليس لكلامه مثل وتساهل قوم فأطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار وكثيرا ما يقع في كلامهم إطلاق الزائد على بعض الحروف
وقد مر في نوع الإعراب
6364 وعلى المفسر أن يتجنب ادعاء التكرار ما أمكنه قال بعضهم مما يدفع توهم التكرار في عطف المترادفين نحو { لا تبقي ولا تذر } { صلوات من ربهم ورحمة }
وأشباه ذلك أن يعتقد أن مجموع المترادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما فإن التركيب يحدث معنى زائدا وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ
انتهى
6365 وقال الزركشي في البرهان ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له وان خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز
وقال في موضع آخر على المفسر مراعاة مجازي الاستعمالات في الألفاظ
____________________
(2/489)
التي يظن بها الترادف والقطع بعدم الترادف ما أمكن فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد ولهذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب وإن اتفقوا على جوازه في الإفراد
انتهى
6366 وقال أبو حيان كثيرا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو ودلائل مسائل أصول الفقه ودلائل مسائل الفقه ودلائل أصول الدين وكل ذلك مقرر في تأليف هذه العلوم وإنما يؤخذ ذلك مسلما في علم التفسير دون استدلال عليه
وكذلك أيضا ذكروا ما لا يصح من أسباب نزول وأحاديث في الفضائل وحكايات لا تناسب وتواريخ إسرائيلية ولا ينبغي ذكر هذا في علم التفسير فائدة
6367 قال ابن أبي جمرة عن علي رضي الله عنه أنه قال لو شئت أوقر سبعين بعيرا من تفسير أم القرآن لفعلت وبيان ذلك أنه إذا قال ( الحمد لله رب العالمين )
يحتاج تبيين معنى الحمد وما يتعلق به الاسم الجليل الذي هو الله وما يليق به من التنزيه ثم يحتاج إلى بيان العالم وكيفيته على جميع أنواعه وأعداده وهي ألف عالم أربعمائة في البر
وستمائة في البحر فيحتاج إلى بيان ذلك كله
فإذا قال ( الرحمن الرحيم ) يحتاج إلى بيان الاسمين الجليلين وما يليق بهما من الجلال وما معناهما ثم يحتاج إلى بيان جميع الأسماء والصفات ثم يحتاج إلى بيان الحكمة في اختصاص هذا الموضع بهذين الاسمين دون غيرهما
فإذا قال ( مالك يوم الدين ) يحتاج إلى بيان ذلك اليوم وما فيه من المواطن والأهوال وكيفية مستقره
فإذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) يحتاج إلى بيان المعبود من جلالته والعبادة وكيفيتها وصفتها وأدائها على جميع أنواعها والعابد في صفته والاستعانة وأدائها وكيفيتها
فإذا قال ( إهدنا الصراط المستقيم . . ) إلى آخر السورة يحتاج إلى بيان الهداية ما هي والصراط المستقيم وأضداده وتبيين المغضوب عليهم والضالين وصفاتهم وما يتعلق بهذا النوع وتبيين المرضي عنهم وصفاتهم وطريقتهم فعلى هذه الوجوه يكون ما قاله علي من هذا القبيل
____________________
(2/490)
النوع التاسع والسبعون في غرائب التفسير
6368 ألف فيه محمود بن حمزة الكرماني كتابا في مجلدين سماه ( العجائب والغرائب ) ضمنه أقوالا ذكرت في معاني آيات منكرة لا يحل الاعتماد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير منها
من ذلك قول من قال في ( حمعسق ) إن الحاء حرب علي ومعاوية والميم ولاية المروانية والعين ولاية العباسية والسين ولاية السفيانية والقاف قدوة مهدي حكاه أبو مسلم ثم قال أردت بذلك أن يعلم أن فيمن يدعي العلم حمقى
ومن ذلك قول من قال في ( آلم ) معنى ( ألف ) ألف الله محمدا فبعثه نبيا ومعنى ( لام ) لامه الجاحدون وأنكروه ومعنى ( ميم ) ميم الجاحدون المنكرون من الموم وهو البرسام
ومن ذلك قول من قال في { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب } إنه قصص القرآن واستدل بقراءة أبي الجوزاء / < ولكم في القصص > / وهو بعيد بل هذه القراءة أفادت معنى غير معنى القراءة المشهورة وذلك من وجوه إعجاز القرآن كما بينته في أسرار التنزيل
ومن ذلك ما ذكره ابن فورك في تفسيره في قوله { ولكن ليطمئن قلبي }
____________________
(2/491)
إن إبراهيم كان له صديق وصفه بأنه ( قلبه ) أي ليسكن هذا الصديق إلى هذه المشاهدة إذا رآها عيانا
قال الكرماني وهذا بعيد جدا
ومن ذلك قول من قال في { ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } إنه الحب والعشق وقد حكاه الكواشي في تفسيره
ومن ذلك قول من قال في { ومن شر غاسق إذا وقب } إنه الذكر إذا انتصب
ومن ذلك قول أبي معاذ النحوي في قوله تعالى { الذي جعل لكم من الشجر الأخضر } يعني إبراهيم { نارا } أي نورا وهو محمد صلى الله عليه وسلم { فإذا أنتم منه توقدون } تقتبسون الدين
____________________
(2/492)
النوع الثمانون في طبقات المفسرين تفسير الصحابة
6369 اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير
أما الخلفاء فأكثر من روي عنه منهم علي بن أبي طالب
والرواية عن الثلاثة نزرة جدا وكأن السبب في ذلك تقدم وفاتهم كما أن ذلك هو السبب في قلة رواية أبي بكر رضي الله عنه للحديث ولا أحفظ عن أبي بكر رضي الله عنه في التفسير إلا آثارا قليلة جدا لا تكاد تجاوز العشرة
وأما علي فروى عنه الكثير وقد روى معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل قال شهدت عليا يخطب وهو يقول ( سلوني فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل )
6370 وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن
وأخرج أيضا من طريق أبي بكر بن عياش عن نصير بن سليمان الأحمسي عن أبيه عن علي قال والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت وأين أنزلت إن ربي وهب لي قلبا عقولا ولسانا سئولا
6371 أما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي وقد أخرج ابن جرير وغيره عنه أنه قال ( والذي لا إله غيره ما نزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم
____________________
(2/493)
فيمن نزلت وأين نزلت ولو أعلم مكان أحد أعلم بكتاب الله مني تناله المطايا لأتيته )
6372 وأخرج أبو نعيم عن أبي البختري قال قالوا لعلي أخبرنا عن ابن مسعود قال علم القرآن والسنة ثم انتهى وكفى بذلك علما
6373 وأما ابن عباس فهو ترجمان القرآن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم ( اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) وقال له أيضا ( اللهم آته الحكمة ) وفي رواية ( اللهم علمه الحكمة )
6374 وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس فقال ( اللهم بارك فيه وانشر منه )
وأخرج من طريق عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن ابن عباس قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل فقال له جبريل إنه كائن حبر هذه الأمة فاستوص به خيرا
وأخرج من طريق عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن مجاهد قال قال ابن عباس قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعم ترجمان القرآن أنت )
6375 وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال ( نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس )
6376 وأخرج أبو نعيم عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه
وأخرج عن ابن الحنفية قال كان ابن عباس حبر هذه الأمة
وأخرج عن الحسن قال إن ابن عباس كان من القرآن بمنزل كان عمر يقول ( ذا كم فتى الكهول إن له لسانا سئولا وقلبا عقولا )
وأخرج من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن رجلا أتاه يسأله عن { السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما } فقال اذهب إلى ابن عباس فسله ثم تعال أخبرني فذهب فسأله فقال كانت السموات رتقا لا تمطر وكانت الأرض
____________________
(2/494)
رتقا لا تنبت ففتق هذه بالمطر وهذه بالنبات
فرجع إلى ابن عمر فأخبره فقال قد كنت أقول ما يعجبني جراءة ابن عباس على تفسير القرآن فالآن قد علمت أنه أوتى علما
6377 وأخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر فكأن بعضهم وجد في نفسه فقال لم يدخل هذا معنا إن لنا أبناء مثله فقال عمر إنه ممن علمتم
ودعاهم ذات يوم فأدخله معهم فما رئيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم فقال ما تقولون في قول الله تعالى { إذا جاء نصر الله والفتح } فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا وسكت بعضهم فلم يقل شيئا فقال لي أكذلك تقول يا بن عباس فقلت لا فقال ما تقول فقلت هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه به قال إذا جاء نصر الله والفتح فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
فقال عمر لا أعلم منها إلا ما تقول
وأخرج أيضا من طريق ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال قال عمر بن الخطاب يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيمن ترون هذه الآية نزلت { أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب } قالوا الله أعلم فغضب عمر فقال قولوا نعلم أو لا نعلم فقال ابن عباس في نفسي منها شيء فقال يا ابن أخي قل ولا تحقر نفسك قال ابن عباس ضربت مثلا لعمل فقال عمر أي عمل قال ابن عباس لرجل يعمل لطاعة الله ثم بعث له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله
6378 وأخرج أبو نعيم عن محمد بن كعب القرظي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب جلس في رهط من المهاجرين من الصحابة فذكروا ليلة القدر فتكلم كل بما عنده فقال عمر مالك يا بن عباس صامت لا تتكلم تكلم ولا تمنعك الحداثة قال ابن عباس فقلت يا أمير المؤمنين إن الله وتر يحب الوتر فجعل أيام الدنيا تدور على سبع وخلق ارزاقنا من سبع وخلق الإنسان من سبع وخلق فوقنا سموات سبعا وخلق تحتنا أرضين سبعا وأعطى من المثاني سبعا ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن سبع وقسم الميراث في كتابه على سبع ونقع في السجود من
____________________
(2/495)
أجسادنا على سبع وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة سبعا وبين الصفا والمروة سبعا ورمى الجمار بسبع فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان
فتعجب عمر وقال وما وافقني فيها أحد إلا هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه ثم قال يا هؤلاء من يؤديني في هذا كأداء ابن عباس
6379 وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة وفيه روايات وطرق مختلفة فمن جيدها طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه قال أحمد بن حنبل بمصر صحيفة في التفسير رواها علي بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا
أسنده أبو جعفر النحاس في ناسخه
6380 قال ابن حجر وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث رواها عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس
وهي عند البخاري عن أبي صالح وقد اعتمد عليها في صحيحه كثيرا فيما يعلقه عن ابن عباس
وأخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر كثير بوسائط بينهم وبين أبي صالح
وقال قوم لم يسمع ابن أبي طلحة من ابن عباس التفسير وإنما أخذه عن مجاهد أو سعيد بن جبير
قال ابن حجر بعد أن عرفت الواسطة وهو ثقة فلا ضير في ذلك
6381 وقال الخليلي في الإرشاد تفسير معاوية بن صالح قاضي الأندلس عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رواه الكبار عن أبي صالح كاتب الليث عن معاوية
6382 وأجمع الحفاظ على أن ابن أبي طلحة لم يسمعه من ابن عباس
قال وهذه التفاسير الطوال التي أسندوها إلى ابن عباس غير مرضية ورواتها مجاهيل كتفسير جويبر عن الضحاك عن ابن عباس
6383 وعن ابن جريج في التفسير جماعة رووا عنه وأطولها ما يرويه بكر بن سهل الدمياطي عن عبد الغني بن سعيد عن موسى بن محمد عن ابن جريج وفيه نظر
6384 وروى محمد بن ثور عن ابن جريج نحو ثلاثة أجزاء كبار وذلك صححوه
____________________
(2/496)
6385 وروى الحجاج بن محمد عن ابن جريج نحو جزء وذلك صحيح متفق عليه
6386 وتفسير شبل بن عباد المكي عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قريب إلى الصحة
6387 وتفسير عطاء بن دينار يكتب ويحتج به
6388 وتفسير أبي روق نحو جزء صححوه
6389 وتفسير إسماعيل السدي يورده بأسانيد إلى ابن مسعود وابن عباس
وروى عن السدي الأئمة مثل الثوري وشعبة لكن التفسير الذي جمعه رواه أسباط بن نصر وأسباط لم يتفقوا عليه غير أن أمثل التفاسير تفسير السدي
6390 فأما ابن جريج فإنه لم يقصد الصحة وإنما روى ما ذكر في كل آية من الصحيح والسقيم
6391 وتفسير مقاتل بن سليمان فمقاتل في نفسه ضعفوه وقد أدرك الكبار من التابعين والشافعي أشار إلى أن تفسيره صالح
انتهى كلام الإرشاد
6392 وتفسير السدي الذي أشار إليه يورد منه ابن جرير كثيرا من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة هكذا ولم يورد منه ابن أبي حاتم شيئا لأنه التزم أن يخرج أصح ما ورد والحاكم يخرج منه في مستدركه أشياء ويصححه لكن من طريق مرة عن ابن مسعود وناس فقط دون الطريق الأول
وقد قال ابن كثير إن هذا لإسناد يروي به السدي أشياء فيها غرابة
6393 ومن جيد الطرق عن ابن عباس طريق قيس عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه وهذه الطريق صحيحة على شرط الشيخين وكثيرا ما يخرج منها الفريابي والحاكم في مستدركه
6394 ومن ذلك طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد مولى آل زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير عنه هكذا بالترديد
وهي طرق جيدة وإسنادها حسن
وقد أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا وفي معجم الطبراني الكبير منها أشياء
وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فإن
____________________
(2/497)
انضم إلى ذلك رواية محمد بن مروان السدي الصغير فهي سلسلة الكذب
وكثيرا ما يخرج منها الثعلبي والواحدي لكن قال ابن عدي في الكامل للكلبي أحاديث صالحة وخاصة عن أبي صالح وهو معروف بالتفسير وليس لأحد تفسير أطول منه ولا أشبع وبعده مقاتل بن سليمان إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الرديئة وطريق الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس منقطعة فإن الضحاك لم يلقه فإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة عن أبي روق عنه فضعيفة لضعف بشر
6395 وقد أخرج من هذه النسخة كثيرا ابن جرير وابن أبي حاتم
وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك فأشد ضعفا لأن جويبرا شديد الضعف متروك
ولم يخرج ابن جرير ولا ابن أبي حاتم من هذا الطريق شيئا إنما أخرجها ابن مردويه وأبو الشيخ بن حبان
وطريق العوفي عن ابن عباس أخرج منها ابن جرير وابن أبي حاتم كثيرا والعوفي ضعيف لبس بواه وربما حسن له الترمذي
6396 ورأيت عن فضائل الإمام الشافعي لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن شاكر القطان أنه أخرج بسنده من طريق ابن عبد الحكم قال سمعت الشافعي يقول لم يثبت عن ابن عباس في التفسير إلا شبيه بمائة حديث
6397 وأما أبي بن كعب فعنه نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه وهذا إسناد صحيح
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم منها كثيرا وكذا الحاكم في مستدركه وأحمد في مسنده
وقد ورد عن جماعة من الصحابة غير هؤلاء اليسير من التفسير كأنس وأبي هريرة وابن عمر وجابر وأبي موسى الأشعري
وورد عن عبد الله بن عمرو بن العاص أشياء تتعلق بالقصص وأخبار الفتن والآخرة وما أشبهها بأن يكون مما تحمله عن أهل الكتاب كالذي ورد عنه في قوله تعالى { في ظلل من الغمام } وكتابنا الذي أشرنا إليه جامع لجميع ما ورد عن الصحابة من ذلك طبقة التابعين
6398 قال ابن تيمية أعلم الناس بالتفسير أهل مكة لأنهم أصحاب ابن
____________________
(2/498)
عباس كمجاهد وعطاء بن أبي رباح وعكرمة مولى ابن عباس وسعيد بن جبير وطاوس وغيرهم وكذلك في الكوفة أصحاب ابن مسعود وعلماء أهل المدينة في التفسير مثل زيد بن أسلم الذي أخذ عنه ابنه عبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس
انتهى
6399 فمن المبرزين منهم مجاهد قال الفضل بن ميمون سمعت مجاهدا يقول عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة
عنه أيضا قال عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات أقف عند كل آية منه وأسأله عنها فيم نزلت وكيف كانت
6400 وقال خصيف كان أعلمهم بالتفسير مجاهد
6401 وقال الثوري إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به
6402 قال ابن تيمية ولهذا يعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري وغيرهما من أهل العلم
6403 قلت وغالب ما أورده الفريابي في تفسيره عنه وما أورده فيه عن ابن عباس أو غيره قليل جدا
6404 ومنهم سعيد بن جبير قال سفيان الثوري خذوا التفسير عن أربعة عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة والضحاك
6405 وقال قتادة كان أعلم التابعين أربعة كان عطاء بن أبي رباح أعلمهم بالمناسك وكان سعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير وكان عكرمة أعلمهم بالسير وكان الحسن أعلمهم بالحلال والحرام
6406 ومنهم عكرمة مولى ابن عباس قال الشعبي ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة وقال سماك بن حرب سمعت عكرمة يقول لقد فسرت ما بين اللوحين
وقال عكرمة كان ابن عباس يجعل في رجلي الكبل ويعلمني القرآن والسنن
وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك قال قال عكرمة كل شيء أحدثكم في القرآن فهو عن ابن عباس
____________________
(2/499)
6407 ومنهم الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح وعطاء بن أبي سلمة الخراساني ومحمد بن كعب القرظي وأبو العالية والضحاك بن مزاحم وعطية العوفي وقتادة وزيد بن أسلم ومرة الهمداني وأبو مالك
ويليهم الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم في آخرين
فهؤلاء قدماء المفسرين وغالب أقوالهم تلقوها عن الصحابة
6408 ثم بعد هذه الطبقة ألفت تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين كتفسير سفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهويه وروح بن عبادة وعبد بن حميد وسعيد وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين
6409 وبعدهم ابن جرير الطبري وكتابه أجل التفاسير وأعظمها
6410 ثم ابن أبي حاتم وابن ماجه والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ بن حبان وابن المنذر في آخرين وكلها مسندة إلى الصحابة والتابعين وأتباعهم وليس فيها غير ذلك إلا ابن جرير فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال وترجيح بعضها على بعض والإعراب والاستنباط فهو يفوقها بذلك
6411 ثم ألف في التفسير خلائق فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بترا فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من يسنح له قول يورده ومن يخطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك عنه من يجيء بعده ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن يرجع إليهم في التفسير حتى رأيت من حكى في تفسير قوله تعالى { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } نحو عشرة أقوال
وتفسيرها باليهود والنصارى هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم وجميع الصحابة والتابعين وأتباعهم حتى قال ابن أبي حاتم لا أعلم في ذلك اختلافا بين المفسرين
6412 ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في علوم فكان كل منهم يقتصر في تفسيره على الفن الذي يغلب عليه فالنحوي تراه ليس له هم إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه ونقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته كالزجاج والواحدي في البسيط وأبي حيان في البحر والنهر
____________________
(2/500)
والأخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاءها والإخبار عمن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة كالثعلبي
والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه من باب الطهارة إلى أمهات الأولاد وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلق لها بالآية والجواب عن أدلة المخالفين كالقرطبي
وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وشبهها وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب من عدم مطابقة المورد للآية قال أبو حيان في البحر جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه كل شيء إلا التفسير
والمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه متى لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه
قال البلقيني استخرجت من الكشاف اعتزالا بالمناقيش من قول تعالى في تفسير { فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز } وأي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية
والملحد فلا تسأل عن كفره وإلحاده في آيات الله وافترائه على الله ما لم يقله كقول بعضهم في { إن هي إلا فتنتك } ما على العباد أضر من ربهم
وكقوله في سحرة موسى ما قال وقول الرافضة في { يأمركم أن تذبحوا بقرة } ما قالوا وعلى هذا وأمثاله يحمل ما أخرجه أبو يعلى وغيره عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن في أمتي قوما يقرءون القرآن ينثرونه نثر الدقل يتأولونه على غير تأويله )
6413 فإن قلت فأي التفاسير ترشد إليه وتأمر الناظر أن يعول عليه
قلت تفسير الإمام أبي جعفر بن جرير الطبري الذي أجمع العلماء المعتبرون على أنه لم يؤلف في التفسير مثله
____________________
(2/501)
6414 قال النووي في تهذيبه كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله
6415 وقد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه من التفاسير المنقولة والأقوال المقولة والاستنباطات والإشارات والأعاريب واللغات ونكت البلاغة ومحاسن البدائع وغير ذلك بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلا وسميته ب ( مجمع البحرين ومطلع البدرين ) وهو الذي جعلت هذا الكتاب مقدمة له والله أسأل أن يعين على إكماله بمحمد وآله
وإذ قد انتهى بنا القول فيما أردناه من هذا الكتاب فلنختمه بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من التفاسير المصرح برفعها إليه غير ما ورد من أسباب النزول لتستفاد فإنها من المهمات 1 - الفاتحة
6416 أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المغضوب عليهم هم اليهود وإن الضالين النصارى )
6417 وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم قال اليهود قلت الضالين قال النصارى 2 - البقرة
6418 أخرج ابن مردويه والحاكم في مستدركه وصححه من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ولهم فيها أزواج مطهرة } قال ( من الحيض والغائط والنخامة والبزاق )
قال ابن كثير في تفسيره في إسناده الربعي قال فيه ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به قال ففي تصحيح الحاكم له نظر ثم رأيته في تاريخه قال إنه حديث حسن
6419 وأخرج ابن جرير بسند رجاله ثقات عن عمرو بن قيس الملائي عن رجل من بني أمية من أهل الشام أحسن عليه الثناء قال قيل يا رسول الله ما العدل قال ( العدل الفدية )
مرسل جيد عضده إسناد متصل عن ابن عباس موقوفا
____________________
(2/502)
6420 وأخرج الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قيل لبني إسرائيل { وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة } فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا حبة في شعره فيه تفسير قوله { قولا غير الذي قيل لهم }
6421 وأخرج الترمذي وغيره بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يبلغ قعره )
6422 وأخرج أحمد بهذا السند عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة )
وأخرج الخطيب في الرواية بسند فيه مجاهيل عن مالك عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { يتلونه حق تلاوته } قال ( يتبعونه حق اتباعه )
6423 وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { لا ينال عهدي الظالمين } ( قال لا طاعة إلا في المعروف )
له شاهد أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا بلفظ ( ليس لظالم عليك عهد أن تطيعه في معصية الله )
6424 وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححاه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } قال عدلا
6425 وأخرج الشيخان وغيرهما عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يدعى نوح يوم القيامة فيقال له هل بلغت فيقول نعم فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم فيقولون ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد فيقال لنوح من يشهد لك فيقول محمد وأمته
فتدعون فتشهدون له بالبلاغ وأشهد عليكم
قال فذلك قوله تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا } قال والوسط العدل
قوله ( والوسط العدل ) مرفوع غير مدرج نبه عليه ابن حجر في شرح البخاري
6426 وأخرج أبو الشيخ والديلمي في مسند الفردوس من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { فاذكروني أذكركم } يقول ( اذكروني يا معشر العباد بطاعتي أذكركم بمغفرتي )
____________________
(2/503)
6427 وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال انقطع قبال النبي صلى الله عليه وسلم فاسترجع فقالوا مصيبة يا رسول الله فقال ( ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة ) له شواهد كثيرة
6428 وأخرج ابن ماجه وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال كنا في جنازة مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( إن الكافر يضرب ضربة بين عينيه فيسمعها كل دابة غير الثقلين فتلعنه كل دابة سمعت صوته فذلك قول الله { ويلعنهم اللاعنون } يعني ( دواب الأرض )
6429 وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في { الحج أشهر معلومات } قال ( شوال وذو القعدة وذو الحجة )
6430 وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج } قال ( الرفث التعرض للنساء بالجماع والفسوق المعاصي والجدال جدال الرجل صاحبه )
6431 أخرج أبو داود عن عطاء أنه سئل عن اللغو في اليمين فقال قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله ) أخرجه البخاري موقوفا عليها
6432 وأخرج أحمد وغيره عن أبي رزين الأسدي قال قال رجل يا رسول الله أرأيت قول الله { الطلاق مرتان } فأين الثالثة قال ( التسريح بإحسان الثالثة )
6433 وأخرج ابن مردويه عن أنس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ذكر الله الطلاق مرتين فأين الثالثة قال ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )
4634 وأخرج الطبراني بسند لا بأس به من طريق ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الذي بيده عقدة النكاح الزوج )
6435 وأخرج الترمذي وابن حبان في صحيحه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صلاة الوسطى صلاة العصر )
____________________
(2/504)
6436 وأخرج أحمد والترمذي وصححه عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( صلاة الوسطى صلاة العصر )
6437 وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصلاة الوسطى صلاة العصر )
4638 وأخرج أيضا عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الصلاة الوسطى صلاة العصر )
وله طرق أخرى وشواهد
6439 وأخرج الطبراني عن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( السكينة ريح خجوج )
6440 وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا في قوله { يؤتي الحكمة من يشاء } قال القرآن قال ابن عباس يعني تفسيره فإنه قد قرأه البر والفاجر 3 - آل عمران
6441 أخرج أحمد وغيره عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه } قال هم الخوارج وفي قوله تعالى { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } قال هم الخوارج
6442 وأخرج الطبراني وغيره عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الراسخين في العلم فقال من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه وعف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم
6443 وأخرج الحاكم وصححه عن أنس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله { والقناطير المقنطرة } قال القنطار ألف أوقية
6444 وأخرج أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( القنطار اثنا عشر ألف أوقية )
____________________
(2/505)
6445 وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها } قال أما من في السموات فالملائكة وأما من في الأرض فمن ولد على الإسلام وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في السلاسل والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون
6446 وأخرج الحاكم وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله تعالى { من استطاع إليه سبيلا } ما السبيل قال الزاد والراحلة
6447 وأخرج الترمذي مثله من حديث ابن عمر وحسنه
6448 وأخرج عبد بن حميد في تفسيره عن نفيع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين } فقام رجل من هذيل فقال يا رسول الله من تركه فقد كفر قال ( من تركه لا يخاف عقوبته ولا يرجو ثوابه )
نفيع تابعي والإسناد مرسل وله شاهد موقوف على ابن عباس
6449 وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { اتقوا الله حق تقاته } ( أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى )
6450 وأخرج ابن مردويه عن أبي جعفر الباقر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير } قال ( الخير اتباع القرآن وسنتي ) معضل
6451 وأخرج الديلمي في مسند الفردوس بسند ضعيف عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } قال ( تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه أهل البدع )
6452 وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ( مسومين ) قال معلمين وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم سود ويوم أحد عمائم حمر
6453 أخرج البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من آتاه الله
____________________
(2/506)
مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة فيأخذ بلهزمتيه يعني شدقيه فيقول ( أنا مالك أنا كنزك ) ثم تلى هذه الآية ( ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله . . ) الآية 4 - النساء
6454 أخرج ابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ذلك أدنى ألا تعولوا } قال ألا تجوروا
وقال ابن أبي حاتم قال أبي هذا حديث خطأ والصحيح عن عائشة موقوف
6455 وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر قال قرئ عند عمر { كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } فقال معاذ عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة فقال عمر هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم
6456 وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم } قال ( إن جازاه )
6457 وأخرج الطبراني وغيره بسند ضعيف عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله } ( الشفاعة فيمن وجبت له النار ممن صنع إليهم المعروف في الدنيا )
6458 وأخرج أبو داود في المراسيل عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فسأله عن الكلالة فقال ( أما سمعت الآية التي أنزلت في الصيف { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } فمن لا يترك ولدا ولا والد فورثته كلالة )
مرسل
6459 وأخرج أبو الشيخ في كتاب الفرائض عن البراء سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكلالة فقال ما عدا الولد والوالد 5 - المائدة
6460 أخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
____________________
(2/507)
( كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم ودابة وإمرأة كتب ملكا )
له شاهد من مرسل زيد بن أسلم عند ابن جرير
6461 وأخرج الحاكم وصححه عياض الأشعري قال لما نزلت { فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ( هم قوم هذا )
6462 وأخرج الطبراني عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { أو كسوتهم } قال ( عباءة لكل مسكين )
6463 وأخرج الترمذي وصححه عن أبي أمية السفياني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له كيف تصنع في هذه الآية قال أية آية قلت قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم } قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي رأي برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام )
6464 وأخرج أحمد والطبراني وغيرهما عن أبي عامر الأشعري قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال ( لا يضركم من ضل من الكفار إذا اهتديتم ) 6 - الأنعام
6465 أخرج ابن مردويه وأبو الشيخ من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( مع كل إنسان ملك إذا نام يأخذ نفسه فإن أذن الله في قبض روحه وقبضه وإلا رده إليه ) فذلك قوله { يتوفاكم بالليل }
نهشل كذاب
6466 وأخرج أحمد والشيخان وغيرهم عن ابن مسعود قال لما نزلت هذه الآية { الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم } شق ذلك على الناس فقالوا يا رسول الله وأينا لا يظلم نفسه قال ( إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح { إن الشرك لظلم عظيم } إنما هو الشرك )
____________________
(2/508)
6467 وأخرج ابن أبي حاتم وغيره بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { لا تدركه الأبصار } قال لو أن الجن والإنس والشياطين والملائكة منذ خلقوا إلى أن فنوا صفوا صفا واحدا ما أحاطوا بالله أبدا
6468 وأخرج الفريابي وغيره من طريق عمرو بن مرة عن أبي جعفر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام } قالوا كيف يشرح صدره قال ( نور يقذف به فينشرح له وينفسخ ) قالوا فهل لذلك من امارة يعرف بها قال ( الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل لقاء الموت )
مرسل له شواهد كثيرة متصلة ومرسلة يرتقى بها إلى درجة الصحة أو الحسن
6469 وأخرج ابن مردويه والنحاس في ناسخه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وآتوا حقه يوم حصاده } قال ( ما سقط من السنبل )
6470 وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف من مرسل سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها } فقال من أربى على يده في الكيل والميزان والله يعلم صحة نيته بالوفاء فيهما لم يؤاخذ وذلك تأويل ( وسعها )
6471 وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم { يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها } قال ( يوم طلوع الشمس من مغربها )
له طرق كثيرة في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة وغيره
6472 وأخرج الطبراني وغيره بسند جيد عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة
{ إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } ( هم أصحاب البدع وأصحاب الأهواء )
6473 وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا } هم أهل البدع والأهواء في هذه الأمة
____________________
(2/509)
7 - الأعراف
6474 أخرج ابن مردويه وغيره بسند ضعيف عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { خذوا زينتكم عند كل مسجد }
قال ( صلوا في نعالكم )
له شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي الشيخ
6475 وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر العبد الكافر إذا قبضت روحه قال ( فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث حتى ينتهي بها إلى السماء الدنيا فيستفتح فلا يفتح له ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { لا تفتح لهم أبواب السماء } فيقول الله اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق }
6476 وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن استوت حسناته وسيئاته فقال ( أولئك أصحاب الأعراف )
له شواهد
6477 وأخرج الطبراني والبيهقي وسعيد بن منصور وغيرهم عن عبد الرحمن المزني قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الأعراف فقال ( هم أناس قتلوا في سبيل الله بمعصية آبائهم فمنعهم من دخول الجنة معصية آبائهم ومنعهم من دخول النار قتلهم في سبيل الله )
له شاهد من حديث أبي هريرة عند البيهقي ومن حديث أبي سعيد عند الطبراني
6478 وأخرج البيهقي بسند ضعيف عن أنس مرفوعا انهم مؤمنو الجن
6479 وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الطوفان الموت )
6480 وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححاه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا } قال ( هكذا وأشار بطرف إبهامه على
____________________
(2/510)
أنملة إصبعه اليمنى فساخ الجبل وخر موسى صعقا )
6481 وأخرجه أبو الشيخ بلفظ ( وأشار بالخنصر فمن نورها جعله دكا )
6482 وأخرج أبو الشيخ من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الألواح التي أنزلت على موسى كانت من سدر الجنة كان طول اللوح اثني عشر ذراعا )
6483 وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنشرها بين يديه ثم كلمهم فقال ألست بربكم قالوا بلى )
6484 وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية ( أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس فقال لهم ألست بربكم قالوا بلى قالت الملائكة شهدنا )
6485 وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش فكان ذلك وحي الشيطان وأمره )
6486 وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الشعبي قال لما أنزل الله { خذ العفو } الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما هذا يا جبريل قال لا أدري حتى أسأل العالم ) فذهب ثم رجع فقال ( إن الله يأمرك أن تعفو عمن ظلمك وتعطي من حرمك وتصل من قطعك )
مرسل 8 - الأنفال
6487 أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس } قيل يا رسول الله ومن الناس قال ( أهل فارس )
6488 وأخرج الترمذي وضعفه عن أبي موسى قال قال رسول الله
____________________
(2/511)
صلى الله عليه وسلم ( أنزل الله علي أمانين لأمتي { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون } فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة )
6489 وأخرج مسلم وغيره عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر { وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة } ألا وإن القوة الرمي فمعناه والله أعلم أن معظم القوة وأنكاها للعدو الرمي )
6490 وأخرج أبو الشيخ من طريق أبي المهدي عن أبيه عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وآخرين من دونهم لا تعلمونهم } قال ( هم الجن )
6491 وأخرج الطبراني مثله من حديث يزيد بن عبد الله بن غريب عن أبيه عن جده مرفوعا 9 - براءة
6492 أخرج الترمذي عن علي قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر فقال ( يوم النحر )
وله شاهد عن ابن عمر عند ابن جرير
6493 أخرج ابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يوم عرفة هذا يوم الحج الأكبر )
6494 وأخرج أحمد والترمذي وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرجل يعتاد المسجد فاشهدوا له بالإيمان قال الله { إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر }
6495 وأخرج ابن المبارك في الزهد والطبراني والبيهقي في البعث عن عمران بن الحصين وأبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { ومساكن طيبة في جنات عدن } قال ( قصر من لؤلؤة في ذلك القصر سبعون دارا من ياقوتة حمراء في كل دار سبعون بيتا من زمردة خضراء في كل بيت سرير على كل سرير سبعون فراشا من كل لون على كل فراش زوجة من الحور في كل بيت سبعون مائدة على كل مائدة سبعون لونا من الطعام في كل بيت سبعون وصيفا ووصيفة
____________________
(2/512)
ويعطى المؤمن في كل غداة من القوة ما يأتي على ذلك كله أجمع )
6496 وأخرج مسلم وغيره عن أبي سعيد قال اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم
وقال الآخر هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال ( هو مسجدي )
6497 وأخرج أحمد مثله من حديث سهل بن سعد وأبي بن كعب
6498 وأخرج أحمد وابن ماجه وابن خزيمة عن عويم بن ساعدة الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال ( إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور قالوا ما نعلم شيئا إلا أنا نستنجي بالماء قال هو ذاك فعليكموه )
6499 وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( السائحون هم الصائمون ) 10 - يونس
6500 أخرج مسلم عن صهيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قوله { للذين أحسنوا الحسنى وزيادة } الحسنى الجنة والزيادة النظر إلى ربهم
6501 وفي الباب عن أبي بن كعب وأبي موسى الأشعري وكعب بن عجرة وأنس وأبي هريرة
6502 وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم { للذين أحسنوا } قال شهادة أن لا إله إلا الله الحسنى الجنة وزيادة النظر إلى الله تعالى
6503 وأخرج أبو الشيخ وغيره عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { قل بفضل الله } قال القرآن { وبرحمته } أن جعلكم من أهله )
6504 وأخرج ابن مردوية عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أشتكي صدري قال ( اقرأ القرآن يقول الله تعالى
____________________
(2/513)
{ وشفاء لما في الصدور }
له شاهد من حديث واثلة بن الأسقع أخرجه البيهقي في شعب الإيمان
6505 وأخرج أبو داود وغيره عن عمر بن الخطاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن من عباد الله ناسا يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل من هم يا رسول الله قال قوم تحابوا في الله من غير أموال ولا أنساب لا يفزعون إذا فزع الناس ولا يحزنون إذا حزنوا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } )
6506 وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون } قال ( الذين يتحابون في الله تعالى )
6507 وورد مثله من حديث جابر بن عبد الله أخرجه ابن مردويه
وأخرج أحمد والترمذي وسعيد بن منصور وغيرهم عن أبي الدرداء أنه سئل عن هذه الآية { لهم البشرى في الحياة الدنيا } قال ما سألني عنها أحد منذ سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ( ما سألني عنها أحد غيرك منذ أنزلت هي الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له فهي بشراه في الحياة الدنيا وبشراه في الآخرة الجنة )
له طرق كثيرة
6508 وأخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { إلا قوم يونس لما آمنوا } قالوا دعوا 11 - هود
6509 أخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } فقلت ما معنى ذلك يا رسول الله قال ( أيكم أحسن عقلا وأحسنكم عقلا أورعكم عن محارم الله تعالى وأعلمكم بطاعة الله تعالى )
6510 وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ( لم أر شيئا احسن طلبا ولا أسرع إدراكا من حسنة حديثة لسيئة قديمة { إن الحسنات يذهبن السيئات }
____________________
(2/514)
6511 وأخرج أحمد عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أوصني قال ( إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها ) قلت يا رسول الله أمن الحسنات ( لا إله إلا الله ) قال ( هي أفضل الحسنات )
6512 وأخرج الطبراني وأبو الشيخ عن جرير بن عبد الله قال لما نزلت { وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون } قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وأهلها ينصف بعضهم بعضا ) 12 - يوسف
6513 أخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أخبرني عن النجوم التي رآها يوسف ساجدة له ما أسماؤها فلم يجبه بشيء حتى أتاه جبريل فأخبره فأرسل إلى اليهودي فقال ( هل أنت مؤمن إن اخبرتك بها قال نعم فقال خرثان وطارق والذيال وذو الكيعان وذو الفرع ووثاب وعمودان وقابس والصروح والمصبح والفيلق والضياء والنور
فقال اليهودي أي والله أنها لأسماؤها والشمس والقمر يعني أباه وأمه رآها في أفق السماء ساجدة له فلما قص رؤياه على أبيه قال أرى أمرا متشتتا يجمعه الله )
6514 وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما قال يوسف { ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب } قال له جبريل يا يوسف اذكر همك قال { وما أبرئ نفسي } 13 - الرعد
6515 أخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ونفضل بعضها على بعض في الأكل } قال ( الدقل والفارسي والحلو والحامض )
6516 وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال أقبلت يهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أخبرنا عن الرعد ما هو قال ( ملك من ملائكة
____________________
(2/515)
الله موكل بالسحاب بيده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمره الله ) قالوا فما هذا الصوت الذي نسمع قال ( صوته )
6517 وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن بجاد الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الرعد ملك يزجر السحاب والبرق طرف ملك يقال له روفيل )
6518 وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن ملكا موكل بالسحاب يلم القاصية ويلحم الرابية في يده مخراق فإذا رفع برقت وإذا زجر رعدت وإذا ضرب صعقت )
6519 وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام )
6520 وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { يمحو الله ما يشاء ويثبت } إلا الشقاوة والسعادة والحياة والموت )
6521 وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله بن رئاب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { يمحو الله ما يشاء ويثبت } قال يمحو من الرزق ويزيد فيه ويمحو من الأجل ويزيد فيه )
6522 وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله { يمحو الله ما يشاء ويثبت } قال ( ذلك ليلة القدر يرفع ويجبر ويرزق غير الحياة والموت والشقاء والسعادة فإن ذلك لا يبدل )
6523 وأخرج ابن مردويه عن علي أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال ( لأقرن عينك بتفسيرها ولأقرن عين أمتي من بعدي بتفسيرها الصدقة على وجهها وبر الوالدين واصطناع المعروف تحول الشقاء سعادة وتزيد في العمر ) 14 - إبراهيم
6524 أخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة لأن الله تعالى يقول { لئن شكرتم لأزيدنكم } )
6525 وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وغيرهم عن
____________________
(2/516)
أبي أمامه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { ويسقى من ماء صديد يتجرعه } قال ( يقرب إليه فيتكرهه فإذا أدني منه شوى وجهه ووقع فروة رأسه فإذا شربه قطع أمعاءه حتى يخرج من دبره يقول الله تعالى { وسقوا ماء حميما فقطع أمعاءهم } وقال تعالى { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه } )
6526 وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن كعب بن مالك رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أحسب في قوله تعالى { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } قال ( يقول أهل النار هلموا فلنصبر فيصبرون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قال هلموا فلنجزع فيبكون خمسمائة عام فلما رأوا ذلك لا ينفعهم قالوا { سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص } )
6527 وأخرج الترمذي والنسائي والحاكم وابن حبان وغيرهم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة } قال ( هي النخلة ) { ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة } قال ( هي الحنظل )
6528 وأخرج أحمد وابن مردويه بسند جيد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { كشجرة طيبة } قال ( هي التي لا ينقص ورقها هي النخلة )
6529 وأخرج الأئمة الستة عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( المسلم إذا سئل في القبر يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فذلك قوله { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة }
6530 وأخرج مسلم عن ثوبان قال جاء حبر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هم في الظلمة دون الجسر )
6531 وأخرج مسلم والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عائشة قالت أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية { يوم تبدل الأرض غير الأرض } قلت أين الناس يومئذ قال ( على الصراط )
____________________
(2/517)
6532 وأخرج الطبراني في الأوسط والبزار وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله { يوم تبدل الأرض غير الأرض } قال ( أرض بيضاء كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة ) 15 - الحجر
6533 أخرج الطبراني وابن مردويه وابن حبان عن أبي سعيد الخدري أنه سئل هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين } قال نعم سمعته يقول يخرج الله ناسا من المؤمنين من النار بعدما يأخذ نقمته منهم لما أدخلهم النار مع المشركين قال لهم المشركون تدعون بأنكم أولياء الله في الدنيا فما بالكم معنا في النار فإذا سمع الله ذلك منهم أذن في الشفاعة لهم فتشفع الملائكة والنبيون والمؤمنون حتى يخرجوا بإذن الله تعالى فإذا رأى المشركون ذلك قالوا يا ليتنا كنا مثلهم فتدركنا الشفاعة فنخرج معهم فذلك قول الله { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين }
وله شاهد من حديث أبي موسى الأشعري وجابر بن عبد الله وعلي
6534 وأخرج ابن مردويه عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { لكل باب منهم جزء مقسوم } قال ( جزء أشركوا وجزء شكوا في الله تعالى وجزء غفلوا عن الله تعالى )
6535 وأخرج البخاري والترمذي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم )
6536 وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرأيت قول الله { كما أنزلنا على المقتسمين } قال ( اليهود والنصارى ) قال { الذين جعلوا القرآن عضين } ما عضين قال ( آمنوا ببعض وكفروا ببعض )
6537 وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس
____________________
(2/518)
عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون } قال ( عن قول لا إله إلا الله ) 16 - النحل
6538 أخرج ابن مردويه عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله { زدناهم عذابا فوق العذاب } قال ( عقارب أمثال النخل الطوال ينهشونهم في جهنم ) 17 - الإسراء
6539 أخرج البيهقي في الدلائل عن سعيد المقبري أن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن السواد الذي في القمر فقال ( كانا شمسين فقال الله { وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل } فالسواد الذي رأيت هو المحو )
6540 وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ولقد كرمنا بني آدم } قال ( الكرامة الأكل بالأصابع )
6541 وأخرج ابن مردويه عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله { يوم ندعوا كل أناس بإمامهم } قال يدعى كل قوم بإمام لهم وكتاب ربهم )
6542 وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم { أقم الصلاة لدلوك الشمس } قال ( لزوال الشمس )
6543 وأخرج البزار وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( دلوك الشمس زوالها )
6544 وأخرج الترمذي وصححه والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { إن قرآن الفجر كان مشهودا } قال ( تشهد ملائكة الليل وملائكة النهار )
6545 وأخرج أحمد وغيره عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا } قال ( هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي ) وفي لفظ
____________________
(2/519)
( هي الشفاعة )
وله طرق كثيرة مطولة ومختصرة في الصحاح وغيرها
6546 وأخرج الشيخان وغيرهما عن أنس قال قيل يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم قال ( الذي أمشاهم على أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم ) 18 - الكهف
6547 أخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( السرادق النار أربعو أجدر كثافة كل جدار مثل مسافة أربعين سنة )
6548 وأخرجا عنه أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { بماء كالمهل } قال ( كعكر الزيت فإذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه )
6549 وأخرج أحمد عنه أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال / < الباقيات الصالحات > / التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله
6550 وأخرج أحمد من حديث النعمان بن بشير مرفوعا ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات )
6551 وأخرج الطبراني مثله من حديث سعد بن جنادة
6552 وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر من الباقيات الصالحات )
6553 وأخرج أحمد عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( ينصب الكافر مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة )
6554 وأخرج البزار بسند ضعيف عن أبي ذر رفعه قال ( إن الكنز الذي ذكر الله في كتابه لوح من ذهب مصمت عجبت لمن أيقن بالقدر لما نصب وعجبت لمن ذكر النار كيف ضحك وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل عن لا إله إلا الله محمد رسول الله )
6555 وأخرج الشيخان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا سألتم الله
____________________
(2/520)
فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة ) 19 - مريم
6556 أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن السري الذي قال الله لمريم { قد جعل ربك تحتك سريا } نهر أخرجه الله لتشرب منه )
6557 وأخرج مسلم وغيره عن المغيرة بن شعبة قال ( بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا أرأيت ما تقرءون { يا أخت هارون } وموسى قبل عيسى بكذا وكذا فرجعت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وسلم فقال ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم )
6558 وأخرج أحمد والشيخان عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة هل تعرفون هذا قال فيشرئبون وينظرون ويقولون نعم هذا الموت فيؤمر به فيذبح ويقال يا أهل الجنة خلود ولا موت ويا أهل النار خلود ولا موت )
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
{ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في غفلة } وأشار بيده وقال أهل الدنيا في غفلة )
6559 وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( غي وأثام بئران في أسفل جهنم يسيل فيهما صديد أهل النار )
قال ابن كثير حديث منكر
6560 وأخرج أحمد بن أبي سمية قال اختلفنا في الورود فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم يدخلونها جميعا ثم ينجى الله الذين اتقوا فلقيت جابر بن عبد الله فسألته فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى إن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجى الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا )
____________________
(2/521)
6561 وأخرج مسلم والترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب الله عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في الأرض فذلك قوله { سيجعل لهم الرحمن ودا } 20 - طه
6562 أخرج ابن أبي حاتم والترمذي عن جندب بن عبد الله البجلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا وجدتم الساحر فاقتلوه ) ثم قرأ { ولا يفلح الساحر حيث أتى } قال ( لا يؤمن حيث وجد )
6563 وأخرج البزار بسند جيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { فإن له معيشة ضنكا } قال ( عذاب القبر ) 21 - الأنبياء
6564 أخرج أحمد عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله أنبئني عن كل شيء قال ( كل شيء خلق من الماء ) 22 - الحج
6565 أخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن أمية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( احتكار الطعام بمكة إلحاد )
6566 وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما سمي البيت العتيق لأنه لم يظهر عليه جبار )
6567 وأخرج أحمد عن خريم بن فاتك الأسدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله ثم تلى { فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور }
23 - المؤمنون
6568 أخرج ابن أبي حاتم عن مرة البهزي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
____________________
(2/522)
يقول لرجل ( إنك تموت بالربوة فمات بالرملة ) قال ابن كثير غريب جدا
6569 وأخرج أحمد عن عائشة أنها قالت يا رسول الله { والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة } هو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو يخاف الله قال ( لا يا بنت الصديق ولكنه الذي يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف الله )
6570 وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { وهم فيها كالحون } قال ( تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته 24 - النور
6571 أخرج ابن أبي حاتم عن أبي سورة ابن أخي أيوب عن أبي أيوب قال قلت يا رسول الله هذا السلام فما الاستئناس قال ( يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة ويتنحنح فيؤذن أهل البيت ) 25 - الفرقان
6572 أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي أسيد يرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قوله { وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين } قال ( والذي نفسي بيده إنهم ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط ) 26 - القصص
6573 أخرج البزار عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأجلين قضى موسى قال ( أوفاهما وأبرهما ) قال وإن سئلت أي المرأتين تزوج فقل ( الصغرى منهما )
إسناده ضعيف ولكن له شواهد موصولة ومرسلة 27 - العنكبوت
6574 أخرج أحمد والترمذي وحسنه وغيرهما عن أم هانيء قالت
____________________
(2/523)
سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله { وتأتون في ناديكم المنكر } قال ( كانوا يحذفون أهل الطريق ويسخرون منهم فهو المنكر الذي كانوا يأتون ) 28 - لقمان
6575 أخرج الترمذي وغيره عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام ) في مثل هذا أنزلت { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله } الآية
إسناده ضعيف 29 - السجدة
6576 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { أحسن كل شيء خلقه } قال ( أما إن است القردة ليست بحسنة ولكنه أحكم خلقها )
6577 وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { تتجافى جنوبهم عن المضاجع } قال ( قيام العبد من الليل )
6578 وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { وجعلناه هدى لبني إسرائيل } قال ( جعل موسى هدى لبني إسرائيل )
وفي قول { فلا تكن في مرية من لقائه } قال ( من لقاء موسى ربه ) 30 - الأحزاب
6579 وأخرج الترمذي عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ( طلحة ممن قضى نحبه )
6580 وأخرج الترمذي وغيره عن عمرو بن أبي سلمة وابن جرير وغيره عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة وعليا وحسنا وحسينا لما نزلت { إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا }
فظللهم بكساء وقال ( اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب الرجس عنهم وطهرهم تطهيرا )
____________________
(2/524)
31 - سبأ
6581 أخرج أحمد وغيره عن ابن عباس أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ أرجل هو أم امرأة أم أرض فقال ( بل هو رجل ولد له عشرة فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة )
6581 م وأخرج البخاري عن أبي هريرة مرفوعا قال ( إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنها سلسلة على صفوان فإذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير ) 32 - فاطر
6582 أخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } قال ( هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة وكلهم في الجنة )
6582 وأخرج أحمد وغيره عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله { ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات } فأما الذي سبقوا فأولئك يدخلون الجنة بغير حساب وأما الذين اقتصدوا فأولئك يحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم فأولئك الذين يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } الآية
6583 وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إذا كان يوم القيامة قيل أين أبناء الستين وهو العمر الذي قال الله { أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر } ) 33 - يس
6584 أخرج الشيخان عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله
____________________
(2/525)
{ والشمس تجري لمستقر لها } قال ( مستقرها تحت العرش )
6585 وأخرجا عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال ( يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله { والشمس تجري لمستقر لها } 34 - الصافات
6586 أخرج ابن جرير عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله أخبرني عن قوله { وحور عين } قال ( العين الضخام العيون شفر الحوراء مثل جناح النسر ) قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله { كأنهن بيض مكنون } قال ( رقتهن كرقة الجلدة التي في داخل البيضة التي تلي القشر )
قوله ( شفر ) هو بالفاء مضاف إلى الحوراء وهو هدب العين وإنما ضبطته وإن كان واضحا لأني رأيت بعض المهملين من أهل عصرنا صحفه بالقاف
وقال الحوراء مثل جناح النسر مبتدأ وخبر يعني في السرعة والخفة وهذا كذب وجهل محض وإلحاد في الدين وجرأة على الله ورسوله
6587 وأخرج الترمذي وغيره عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وجعلنا ذريته هم الباقين } قال ( حام وسام ويافث )
6588 وأخرج من وجه آخر قال سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم
6589 وأخرج عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } قال ( يزيدون عشرين ألفا )
6590 وأخرج ابن عساكر عن العلاء بن سعدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما لجلسائه ( أطت السماء وحق لها أن تئط ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد ) ثم قرأ { وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون }
____________________
(2/526)
35 - الزمر
6591 أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم عن عثمان بن عفان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تفسير { له مقاليد السماوات والأرض } فقال تفسيرها ( لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده أستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله هو الأول والآخر والظاهر الباطن بيده الخير يحيي ويميت )
الحديث غريب وفيه نكارة شديدة
6592 وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل جبريل عن هذه الآية { فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله } ( من الذين لم يشأ الله أن يصعق قال هم الشهداء ) 36 - غافر
6593 أخرج أحمد وأصحاب السنن والحاكم وابن حبان عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الدعاء هو العبادة ثم قرأ { ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } 37 - فصلت
6594 أخرج النسائي والبزار وأبو يعلى وغيرهم عن أنس قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا } قد قالها ناس من الناس ثم كفر أكثرهم فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها ) 38 - الشورى
6595 أخرج أحمد وغيره عن علي قال ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله وحدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير } وسأفسرها لك يا علي ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله أحلم من أن يثني عليه العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن يعود بعد عفوه )
____________________
(2/527)
39 - الزخرف
6596 أخرج أحمد والترمذي وغيرهما عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ) ثم تلا { ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون }
6597 وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( كل أهل النار يرى منزله من الجنة حسرة فيقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين وكل أهل الجنة يرى منزله من النار فيقول { وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله } فيكون له شكر قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار فالكافر يرث المؤمن منزله من النار والمؤمن يرث الكافر منزله من الجنة ) فذلك قوله تعالى { وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون } 40 - الدخان
6598 أخرج الطبراني وابن جرير بسند جيد عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه والثانية الدابة والثالثة الدجال )
له شواهد
6599 وأخرج الترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله وكلامه فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية { فما بكت عليهم السماء والأرض } وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا صالحا تبكي عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فتفقدهم فتبكى عليهم
6600 وأخرج ابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء
____________________
(2/528)
والأرض ) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { فما بكت عليهم السماء والأرض } ثم قال ( إنهما لا يبكيان على كافر ) 41 - الأحقاف
6601 أخرج أحمد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم { أو أثارة من علم } قال ( الخط ) 42 - الفتح
6602 أخرج الترمذي وابن جرير عن أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { وألزمهم كلمة التقوى } قال ( لا إله إلا الله ) 43 - الحجرات
6603 أخرج أبو داود والترمذي عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله ما الغيبة قال ذكرك أخاك بما يكره قيل أفرأيت إن كان في أخي ما أقول قال ( إن كان فيه ما تقول فقد أغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته ) 44 - ق
6604 أخرج البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فيها فتقول قط قط ) 45 - الذاريات
6605 أخرج البزار عن عمر بن الخطاب قال { والذاريات ذروا } هي الرياح { فالجاريات يسرا } هي السفن { فالمقسمات أمرا } هي الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته 46 - الطور
6606 أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم } الآية
____________________
(2/529)
47 - النجم
6607 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي أمامة قال تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { وإبراهيم الذي وفى } ثم قال ( أتدري ما وفى ) قلت الله ورسوله أعلم قال ( وفي عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار )
6608 وأخرجا عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم لم سمي الله إبراهيم خليله { الذي وفى } إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى { فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون } حتى ختم الآية
6609 وأخرج البغوي من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وأن إلى ربك المنتهى } قال لا فكرة في الرب
قال البغوي وهو مثل حديث ( تفكروا في مخلوقات الله ولا تفكروا في ذات الله ) 48 - الرحمن
6610 أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { كل يوم هو في شأن } قال ( من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين )
6611 وأخرج ابن جرير مثله من حديث عبد الله بن منيب والبزار مثله من حديث ابن عمر
6612 وأخرج الشيخان عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما )
6613 وأخرج البغوي عن أنس بن مالك قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان } وقال ( هل تدرون ما قال ربكم )
قالوا الله ورسوله أعلم قال ( يقول هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة ) 49 - الواقعة
6614 أخرج أبو بكر النجاد عن سليم بن عامر قال أقبل أعرابي فقال يا
____________________
(2/530)
رسول الله ذكر الله في الجنة شجرة تؤذي صاحبها قال ( وما هي ) قال السدر فإن له شوكا مؤذيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أليس يقول الله { في سدر مخضود } خضد الله شوكه فجعل مكان كل شوكة ثمرة )
وله شاهد من حديث عتبة بن عبد السلمي أخرجه ابن أبي داود في البعث
6615 وأخرج الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرءوا إن شئتم { وظل ممدود }
6616 وأخرج الترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { وفرش مرفوعة } قال ارتفاعها كما بين السماء والأرض ومسيرة ما بينهما خمسمائة عام
6617 وأخرج الترمذي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إنا أنشأناهن إنشاء } ( عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا )
6618 وأخرج في الشمائل عن الحسن قال أتت عجوز فقالت يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة فقال ( يا أم فلان إن الجنة لا يدخلها عجوز )
فولت تبكي قال ( أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز إن الله يقول { إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا } )
6619 وأخرج ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( عربا كلامهن عربي )
6620 وأخرج الطبراني عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله أخبرني عن قول الله تعالى { وحور عين } قال ( حور بيض عين ضخام العيون شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر )
قلت أخبرني عن قول تعالى { كأمثال اللؤلؤ المكنون } قال ( صفاؤهن كصفاء الدر الذي في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي )
قلت أخبرني عن قوله { فيهن خيرات حسان } قال ( خيرات الأخلاق حسان الوجوه )
____________________
(2/531)
قلت أخبرني عن قوله { كأنهن بيض مكنون } قال ( رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر )
قلت أخبرني عن قوله { عربا أترابا } قال ( هن اللواتي قبضهن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى
عربا متعشقات محببات
أترابا على ميلاد واحد )
6621 وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله { ثلة من الأولين وثلة من الآخرين } قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هما جميعا من أمتي )
6622 وأخرج أحمد والترمذي عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { وتجعلون رزقكم } يقول ( شكركم ) { أنكم تكذبون } يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا 50 - الممتحنة
6623 أخرج الترمذي وحسنه وابن جرير عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { ولا يعصينك في معروف } قال ( النوح ) 51 - الطلاق
6624 أخرج الشيخان عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } 52 - ن
6625 أخرج الطبراني عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن أول ما خلق الله القلم والحوت قال اكتب قال ما أكتب قال كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ { ن والقلم } والنون الحوت والقلم القلم )
6626 وأخرج ابن جرير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله
____________________
(2/532)
صلى الله عليه وسلم ( ن والقلم وما يسطرون لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم القيامة )
قال ابن كثير مرسل غريب
6627 وأخرج أيضا عن زيد بن أسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه وأرحب جوفه وأعطاه من الدنيا مقضما فكان للناس ظلوما فذلك العتل الزنيم )
مرسل له شواهد
6628 وأخرج أبو يعلى وابن جرير بسند فيه مبهم عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم { يوم يكشف عن ساق } قال ( عن نور عظيم يخرون له سجدا ) 53 - سأل
6629 أخرج أحمد عن أبي سعيد قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم { في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة } ما أطول هذا اليوم فقال ( والذي نفسي بيده إنه ليخفف عن المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا )
54 - المزمل
6630 أخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم / < فاقرءوا ما تيسر منه > / قال ( مائة آية )
قال ابن كثير غريب جدا 55 - المدثر
6631 أخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( الصعود جبل من نار يتصعد فيه سبعين خريفا ثم يهوى به كذلك )
6632 وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي عن أنس قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم { هو أهل التقوى وأهل المغفرة } فقال ( قال ربكم أنا أهل أن أتقى فلا يجعل معي إله فمن اتقى أن يجعل معي إلها كان أهلا أن أغفر له ) 56 - عم
6633 أخرج البزار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( والله لا يخرج من النار
____________________
(2/533)
أحد حتى يمكث فيها أحقابا والحقب بضع وثمانون سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما مما تعدون ) 57 - التكوير
6634 أخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد بن أبي مريم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في قوله تعالى { إذا الشمس كورت } قال ( كورت في جهنم ) { وإذا النجوم انكدرت } قال ( في جهنم )
6635 وأخرج عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم { وإذا النفوس زوجت } قال ( القرناء كل رجل مع كل قوم كانوا يعملون عمله ) 58 - انفطرت
6636 أخرج ابن جرير والطبراني بسند ضعيف من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ( ما ولد لك )
قال ما عسى أن يولد لي إما غلام أو جارية قال ( فمن يشبه )
قال من عسى أن يشبه إما أباه وإما أمه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( مه لا تقولن هذا إن النطفة إذا استقرت في الرحم أحضرها الله تعالى كل نسب بينها وبين آدم أما قرأت { في أي صورة ما شاء ركبك } قال سلكك )
6637 وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إنما سماهم الأبرار لأنهم بروا الآباء والأبناء ) 59 - المطففين
6638 أخرج الشيخان عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { يوم يقوم الناس لرب العالمين } _ حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه )
6639 وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والنسائي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب منها صقل قلبه وإن زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله في
____________________
(2/534)
القرآن ) { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } 60 - الانشقاق
6640 أخرج أحمد والشيخان وغيرهما عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من نوقش الحساب عذب ) وفي لفظ عند ابن جرير ( ليس يحاسب أحد إلا عذب ) قلت أليس يقول الله { فسوف يحاسب حسابا يسيرا } قال ( ليس ذلك بالحساب ولكن ذاك العرض )
6641 وأخرج أحمد عن عائشة قالت قلت يا رسول الله ما الحساب اليسير قال ( أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من نوقش الحساب يومئذ هلك ) 61 - البروج
6642 أخرج ابن جرير عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اليوم الموعود يوم القيامة وشاهد يوم الجمعة ومشهود يوم عرفة )
له شواهد
6643 وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله تعالى فيه في كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء ) 62 - سبح
6644 أخرج البزار عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم { قد أفلح من تزكى } ( من شهد أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد وشهد أني رسول الله { وذكر اسم ربه فصلى } قال هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها )
6645 وأخرج البزار عن ابن عباس قال لما نزلت { إن هذا لفي الصحف الأولى } قال النبي صلى الله عليه وسلم ( كان هذا أو كل هذا في صحف إبراهيم وموسى ) 63 - الفجر
6646 أخرج أحمد والنسائي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( إن العشر عشر
____________________
(2/535)
الأضحى والوتر يوم عرفه والشفع يوم النحر )
قال ابن كثير رجاله لا بأس بهم وفي رفعه نكارة
6647 وأخرج ابن جرير عن جابر مرفوعا ( الشفع اليومان والوتر اليوم الثالث )
6648 وأخرج أحمد والترمذي عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال ( الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر ) 64 - البلد
6649 أخرج أحمد عن البراء قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال علمني عملا يدخلني الجنة قال ( عتق النسمة وفك الرقبة )
قال أو ليستا بواحدة قال ( لا إن عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في عتقها ) 65 - الشمس
6650 أخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في قول الله { قد أفلح من زكاها } ( أفلحت نفس زكاها الله تعالى ) 66 - ألم نشرح
6651 أخرج أبو يعلى وابن حبان في صحيحه عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( أتاني جبريل فقال إن ربك يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قلت الله أعلم قال إذا ذكرت ذكرت معي ) 67 - الزلزلة
6652 أخرج أحمد عن أبي هريرة قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية { يومئذ تحدث أخبارها } قال أتدرون ما ( أخبارها ) قالوا الله ورسوله أعلم قال ( أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها أن تقول عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا )
____________________
(2/536)
68 - العاديات
6653 أخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الإنسان لربه لكنود } قال ( الكنود الذي يأكل وحده ويضرب عبده ويمنع رفده ) 69 - ألهاكم
6654 أخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ألهاكم التكاثر عن الطاعة حتى زرتم المقابر حتى يأتيكم الموت )
6655 وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رطبا وشربوا ماء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( هذا من النعيم الذي تسألون عنه )
6656 وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم { ثم لتسألن يومئذ عن النعيم } قال ( الأمن والصحة ) 70 - الهمزة
6657 أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { إنها عليهم مؤصدة } قال ( مطبقة ) 71 - أرأيت
6658 أخرج ابن جرير وأبو يعلى عن سعد بن أبي وقاص قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن { الذين هم عن صلاتهم ساهون } قال ( هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها ) 72 - الكوثر
6659 أخرج أحمد ومسلم عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الكوثر نهر أعطانيه ربي في الجنة ) له طرق لا تحصى 73 - النصر
6660 أخرج أحمد عن ابن عباس قال لما نزلت { إذا جاء نصر الله }
____________________
(2/537)
والفتح ) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نعيت إلى نفسي ) 74 - الصمد
6661 أخرج ابن جرير عن بريدة لا أعلمه إلا رفعه قال ( الصمد الذي لا جوف له ) 75 - الفلق
6662 أخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( الفلق جب في جهنم مغطى )
قال ابن كثير غريب لا يصح رفعه
6663 وأخرج أحمد والترمذي وصححه النسائي عن عائشة قالت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأراني القمر حين طلع وقال ( تعوذي بالله من شر هذا الغاسق إذا وقب )
6664 وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم { ومن شر غاسق إذا وقب } قال ( النجم الغاسق )
قال ابن كثير لا يصح رفعه 76 - الناس
6665 أخرج أبو يعلى عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إن الشيطان واضع خرطومه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس أي سكن وإن نسى التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس )
6666 فهذا ما حضرني من التفاسير المرفوعة المصرح برفعها صحيحها وحسنها ضعيفها ومرسلها ومعضلها ولم أعول على الموضوعات والأباطيل
6667 وقد ورد من المرفوع في التفسير ثلاثة أحاديث طوال تركتها
أحدها الحديث في قصة موسى مع الخضر وفيه تفسير آيات الكهف وهو في صحيح البخاري وغيره
والثاني حديث الفتون طويل جدا في نصف كراس يتضمن شرح قصة موسى وتفسير آيات كثيرة تتعلق به وقد أخرجه النسائي وغيره لكن نبه الحفاظ منهم المزي وابن كثير على أنه موقوف من كلام ابن عباس وأن المرفوع منه قليل صرح بعزوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن كثير وكأن ابن عباس تلقاه من الإسرائيليات
____________________
(2/538)
الثالث حديث الصور وهو أطول من حديث الفتون يتضمن شرح حال القيامة وتفسير آيات كثيرة من سور شتى في ذلك وقد أخرجه ابن جرير والبيهقي في البعث وأبو يعلى ومداره على إسماعيل بن رافع قاضي المدينة
وقد تكلم فيه بسببه وفي بعض سياقه نكاره
وقيل إنه جمعه من طرق أو أماكن متفرقة وساقه سياقا واحدا
6668 وقد صرح ابن تيمية فيما تقدم وغيره بأن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه تفسير جميع القرآن أو غالبه
ويؤيد هذا ما أخرجه أحمد وابن ماجة عن عمر أنه قال من آخر ما نزل آية الربا وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض قبل أن يفسرها
دل فحوى الكلام على أنه كان يفسر لهم كل ما نزل وأنه إنما لم يفسر هذه الآية لسرعة موته بعد نزولها وإلا لم يكن للتخصيص بها وجه
6669 وأما ما أخرجه البزار عن عائشة قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر شيئا من القرآن إلا آيا بعد علمه إياهن من جبريل ) فهو حديث منكر كما قاله ابن كثير وأوله ابن جرير وغيره على أنها إشارات إلى آيات مشكلات أشكلن عليه فسأل الله علمهن فأنزله إليه على لسان جبريل
6670 وقد من الله تعالى بإتمام هذا الكتاب البديع المثال المنيع المنال الفائق بحسن نظامه على عقود اللآل الجامع لفوائد ومحاسن لم تجتمع في كتاب قبله في العصور الخوال
أسست فيه قواعد معينة على فهم الكتاب المنزل وبينت فيه مصاعد يرتقى فيها للإشراف على مقاصده ويتوصل وأركزت فيه مراصد تفتح من كنوزه كل باب مقفل
فيه لباب العقول وعباب المنقول وصواب كل قول مقبول محضت فيه كتب العلم على تنوعها وأخذت زبدها ودرها ومررت على رياض التفاسير على كثرة عددها واقتطفت ثمرها وزهرها وغصت بحار فنون القرآن فاستخرجت جواهرها ودررها وبقرت عن معادن كنوز فخلصت سبائكها وسبكت فقرها فلهذا تحصل فيه من البدائع ما تبت عنده الأعناق بتا وتجمع في كل نوع منه ما تفرق في مؤلفات شتى على أني لا أبيعه بشرط البراءة من كل عيب ولا أدعى أنه جمع سلامة كيف والبشر محل النقص بلا ريب هذا وإني في زمان ملأ الله قلوب أهليه من الحسد وغلب عليهم اللؤم حتى جرى منهم مجرى الدم من الجسد
( وإذا أراد الله نشر فضيلة % طويت أتاح لها لسان حسود )
____________________
(2/539)
( لولا اشتعال النار فيما جاورت % ما كان يعرف طيب عرف العود )
قوم غلب عليهم الجهل وطمعهم وأعماهم حب الرياسة وأصمهم قد نكبوا عن علم الشريعة ونسوه وأكبوا على علم الفلاسفة وتدارسوه يريد الإنسان منهم أن يتقدم ويأبى الله إلا أن يزيده تأخيرا ويبغي العز ولا علم عنده فلا يجد له وليا ولا نصيرا
( أتمسى القوافي تحت غير لوائنا % ونحن على أقوالها أمراء )
ومع ذلك فلا ترى إلا أنوفا مشمخرة وقلوبا عن الحق مستكبرة وأقوالا تصدر عنهم مفتراة مزورة كلما هديتهم إلى الحق كان أصم وأعمى لهم كأن الله لم يوكل بهم حافظين يضبطون أقوالهم وأعمالهم فالعالم بينهم مرجوم يتلاعب به الجهال والصبيان والكامل عندهم مذموم داخل في كفة النقصان
6671 وأيم الله إن هذا لهو الزمان الذي يلزم فيه السكوت والمصير حلسا من أحلاس البيوت ورد العلم إلى العمل لو لا ما ورد في صحيح الأخبار ( من علم علما فكتمه ألجمه الله بلجام من نار ) ولله در القائل
( ادأب على جمع الفضائل جاهدا % وأدم لها تعب القريحة والجسد )
( واقصد بها وجه الإله ونفع من % بلغته ممن جد فيها واجتهد )
( واترك كلام الحاسدين وبغيهم % هملا فبعد الموت ينقطع الحسد )
وأنا أضرع إلى الله جل جلاله وعز سلطانه كما من بإتمام هذا الكتاب أن يتم النعمة بقبوله وأن يجعلنا من السابقين الأولين من أتباع رسوله وألا يخيب أملنا فهو الجواد الذي لا يخيب من أمله ولا يخذل من انقطع عمن سواه وأم له
وصلى الله على من لا نبي بعده سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون
تم الكتاب بحمد الله وعونه وحسن توفيقه وصلواته على أشرف خلقه وتاج رسله محمد وعلى آله وصحبه وسلامه والحمد لله وحده
____________________
(2/540)