ما هو سرُّ الأمرِ بإعفاء اللحى والنهي عن الحلق أو القص مع أنه شعر سواء تُرك أو أُزيل فالأمر واسع، وما حِكْمة تعلق الشريعة بالخِلْقة والطبيعة في مثل هذه المسألة ، أم أن ذلك لا يعدو أن يكون أمراً ونهياً لمجرد تكليف العبد .. وهل يطيع فيثاب أم يعصي فيُعاقب ؟ ، فلقد كَثُر الذين يحلقون لحاهم والذين يقصونها ، وكل واحدٍ من هؤلاء يقصد تحسين صورته وأنهم إنما أقدموا على ذلك لهذا القصد ، ولهم في هذا جدل يطول وصفه .
فما قولكم في ذلك – جزاكم الله خيراً ، ونفع بكم - ؟ .
الحمد لله رب العالمين .
قال تعالى : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } (1) ، وقال سبحانه : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } (2) ، وقال عزّ وجل : { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } (3) .
لقد أصبح حلق اللحى في هذا الزمان من مظاهر التجمّل والتّزيّن ! ، ولم يسبق لزماننا مثيل في التميّز بهذا المنكر مِن حيث الكثرة والاستحسان ! ؛ وهذا الفعل القبيح من جملة أفعال المترفين القبيحة ، ولذلك جاء ذكرهم في القرآن الكريم في كل مَوَاضعه العديدة مقروناً بالذم لهم ، مثل قوله تعالى : { إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ ? وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ } (4) .
ولننظر الآن في هذا المنكر شرعاً وطبْعاً ، حُسْناً وقُبْحاً :
__________
(1) سورة السجدة ، من الآية 7 .
(2) سورة غافر ، من الآية : 64 .
(3) سورة النمل، من الآية : 88 .
(4) سورة الواقعة ، الآية : 45 ، 46 .(1/1)
فيقال لحالق لحيته : هل تُقِرّ أن الله أحسن كل شيء خَلَقَه كما قال تعالى : { الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } ، وأنه صوَّر عباده فأحسن صورهم كما قال تعالى : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } ، وأنه أتقن كل شيء خلقه { صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } ، وأنه حكيم لا تخرج ذرةٌ في الوجود عن مقتضى حكمته ، وأنه عليم بكل شيء ، وأنه هو الذي يصوِّر عباده في الأرحام كما قال سبحانه : { هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ } (1) ؟! .
وبما أن الأمر كذلك ، ولا يُنكره إلا كافر بالله العظيم ؛
فيقال لك هنا : يُراد منك أن تتفكر بقبيح صُنعك وسيء عملك بقليل تفكّر ويسير تدبّر في الأمثلة التالية :
المثال الأول / منع المرأة شعر اللحية :
أليس الذي خَلَق لك شَعرَ اللحية هو الذي مَنَعها المرأة !، وبما أنَّ الأمر كذلك فلَكَ أن تتصور امرأةً بلحية ، فهل يستحسن ذلك أحد ؟! ، ستقول : بل لا أحد إلا ويستقبح ذلك ويراها مُثْلَةً وتشويهاً ؛ وبما أن الأمر كذلك فالخالق الحكيم سبحانه هو الذي فعل هذا ، وقد أخبر عزّ وجَلّ أنَّ أفعاله تجري على مقتضى إحسان خَلْقه وإتقانه ، وتأمل قوله سبحانه في الآيات المتقدمة " أحسن " و " أتقن".
فإذا حصل تغيير الخِلْقة بحلق اللحية ، فهل يحصل بذلك جمالٌ وكمالٌ وتحسينٌ لصُورة الإنسان ؟! .
فإن قلت : نعم ؛ قيل لك : هذا نوع اعتراض على الخالق سبحانه واستدراك عليه ، وطعن في معنى الآيات السابقة ، وكأن الرب سبحانه لم يُحسن صورتك ولم يُتْقن صُنْعك حيث أنبت في وجهك شعر اللحية ليقبح صورتك .. وأنت الذي أحسنت وأتقنت بإزالة هذا القبح !! .
__________
(1) سورة آل عمران ، من الآية : 6 .(1/2)
وإن قلت : لا .. بل يحصل بتغيير خلق الله بحلقها التشويه والتقبيح ؛ قيل لك : هذا ما اخْترتَه لنفْسك بتزيين الشيطان ، ويقال لك أيضاً : إعلم أن مَن زُيِّن له هذا العمل القبيح واسْتحسن هذه الْمُثْلة الشنيعة إنما له نصيب من معنى قوله تعالى : { أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً } (1) ، وفاعل التزيين هنا محذوف وهو الشيطان كما في مواضع من القرآن الكريم مثل قوله تعالى : { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } (2) ، وقوله تعالى : { زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا } (3) ، ففاعل التزيين محذوف وهو الشيطان .. كما في آيات أخرى منها قوله تعالى : { وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ
أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ } (4) .
وحيث قد ظهر في المثال السابق أن الخالق سبحانه حكيم عليم ، وأنه أحسن كل شيء خلقه لأن المرأة موْضع الشهوة والمزايا الأنوثية المقتضية للنعومة فلذلك منعها الله شعرَ اللحية ، وفي المقابِل الرجل .. فَلأنه موضع الذكورية والمزايا الرجولية المقتضية للخشونة والقَوَامة جَعَل له لحية ، فمنْعها جمال وكمال للمرأة ، ووجودها جمال وكمال للرَّجل ، ولذلك فالمرأة التي لَم تفسُد فطرتهُا تَسْتقبح وجهَ الرجل الذي يحلق لحيته وتزدريه - أيضاً - لتشبهه بِها ، فتأمَّل ! .
المثال الثاني / رموش أجفان العين :
__________
(1) سورة فاطر ، من الآية : 8 .
(2) سورة آل عمران ، من الآية : 14 .
(3) سورة البقرة ، من الآية : 212 .
(4) سورة النمل ، من الآية : 24 .(1/3)
ولننظر الآن في خَلْق الحكيم سبحانه شعراً غير شعر اللحية وهو في الوجه ، لنستدل على الحكمة والرحمة والنعمة وجمال الصورة ، وهو رموش أجفان العين في منعها من الطول والاسترسال والمتانة أيضاً ، وإيقافها على حدٍّ لا تعْدُوه طولَ عُمْرِ الإنسان ، فإنها لو طالت زيادة على حَدّها أوْ قَصُرت لحصل التشويه .. إنه لا أحد يُنازع في أن رموش العين جمال وزينة ، ولذلك لو تصوّرتَ أجفاناً بلا رموش لاستقبحت الصورة ، وبقي عدم وجود الرموش في الأجفان مُثْلةً وتشويه خِلْقَة ، كذلك لو كانت الرموش مقصوصة ، فالذي جعل رموش الأجفان جمالاً وزينة هو الذي جعل اللحية للرجل جمالاً وزينة ومنعها وجه المرأة جمالاً وزينة .
وليس الكلام هنا عن الوظائف الأخرى للرموش وغيرها ، وإنما الكلام على الْحُسن والقُبح وحكمة الخلاق العليم من جانب واحد في معنى الآيات السابقة التي ذكر الله فيها إحسان تصويره لمخلوقاته وإتقان صُنْعه .
ونأتي الآن إلى المثال الثالث ، وهو / الحوَاجب :
والكلام فيها على نَسَقَ الكلام في رموش الأجفان ، وهو ظاهر إنه لوْ قيل لحالق لحيته : إحلق حَوَاجبك ونعطيك ما شئت من المال الذي يغنيك لَمَا فَعَل لِعِلْمِه أن ذلك تشويهاً لخلقه وتقبيحاً لصورته ، ولو قيل له : حلقك لحيتك أعظم في التشويه والْمُثلة لَمَا صدّق ، لأن الشيطان مُزيِّن له سوءَ عمله فيراه حسناً ! .
ثم تأمَّل العَجَب في خَلْقِ الرحمن وحكمته ورحمته وقدرته ، فالرأس وحده خَلَق الله فيه الشَّعر وهو جزء واحد من أجزاء الإنسان ، وقد جعل سبحانه التنويع في نُمُوِّ هذا الشعر في هذا الجزء ووقت نباته واتجاه نموّه وكل ذلك وفْق الحكمة والرحمة وإحسان الخلق وإتقانه .
فشَعْر الرأس يبدأ نموه قبل ولادة الطفل ويستمر نموه طول عُمُره .(1/4)
وشَعر اللحية للذكر لا ينبت إلا إذا كَبُرَ ، ويطول غير مستمر في الطول كشعر الرأس ، بل يقف عند حَدٍّ حَدَّه له خالقه ، فالذي مَنَع نبات شعر اللحية في حال الطفولة والصِّبا لعدم اللياقة وعدم الحاجة لذلك هو الذي أنبتَ شَعرها في الحال والوقت المناسب ، فمنْعها حكمة ورحمة ونعمة قبل سِنِّ الرجولة وإنباتها في وقتها كذلك ، فسبحان الذي أتقن كل شيء خلقه .
أما النوع الثالث : فهو شعر الحواجب : وهذا يبدأ نموه قبل ولادة الطفل ولا يستمر في الطول كشعر اللحية ولا كشَعر الرأس بل أقل .
النوع الرابع : رموش الأجفان : فهذه تبدأ قبل الولادة - أيضاً - ، ولكنها أقل الثلاثة الأنواع نُمواً كما هو مشاهد معروف ، وعند الحدّ الذي حدّه لها خالقها تقف .
فهذا تقدير الحكيم العليم الذي أحسن كل شيء خلقه ، فهل تقترح عقول العقلاء غير هذا الصُّنْع والإتقان والإحسان ! .. إذاً لتقترح العقول موضعاً للعينين غير موضعهما وشَكلاً غير شكلهما ! ، وهكذا كل عضوٍ وكل جزءٍ في الإنسان .
ومما يدل على أن الفاعل واحد سبحانه ، فقارن بين ما تقدم في الاتفاق والاختلاف والتنويع في شيءٍ واحد وهو رأس الإنسان وبين ما ذكر الله من تنويع النبات والثمار وذلك في أرض واحدة وتُسقى بماء واحد ، قال تعالى : { وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } (1) .
المثال الرابع / الخدان :
لقد مَنَعَ الله تعالى نباتَ الشَّعر في الخدَّين جمالاً وزينة ، ولو طَلَع الشَّعر في الخديْن لتشوّهت الخِلْقة ولَشابَهَ الإنسانُ الحيوانَ ؛ كذلك الجبين وظاهر الأنْف ، والفاعل هو الذي خَصَّ اللحية بالشعر .
المثال الخامس / الرأس :
__________
(1) سورة الرعد ، من الآية : 4 .(1/5)
حيث خلق الله شَعره نامياً مستمراً في الطول ، والرأس الذي لا ينبت فيه الشعر يوصَف بأنه " أقرع " وكل أحد يعلم أن ذلك قبيحاً ، ولذلك لا يُرغب في الصَّلع وإن كان في حال الكِبَر .
المثال السادس / الاتجاه المختلف لنمو الشعر :
وذلك في مساحة صغيرة واحدة ، وكيف تتجه كلُّ شَعْرة إلى ما وجَّهها إليه خالقها ، فشعر الحواجب يتجه خِلْقَةً إلى جانِبَيِ الرأس ، وكل حاجبٍ يأخذ شَعرَه اتجاهاً معاكساً للآخر ، فتصوَّر لو تقابل شعرهما كيف تكون البشاعة ! ، كذلك لو كان شَعرهما متجهاً في نموِّهِ إلى الفوْق أو إلى الأَمام كالرموش .. كيف تكون الْمُثلة والبشاعة ! ، وانظر إلى رموش الأجفانِ ترى نموَّها إلى الأمام قائماً ، فتصوّر لو كانَ نموها كالحواجب يأخذ في الجوانب أو إلى فوق أو إلى تحت كيف تكون البشاعة ، ويفوت الغرَض المراد ! ..
فما الذي أخرج شَعْر اللحية عن هذا الجمال والكمال والإتقان ؟! ، فكما أن الخلل يظهر فيما لو تغيرت خِلقة الشَّعْر كما تبين فكذلك حلق شعر اللحية فهو واضح الخلل والبشاعة ، ويزيده شناعة وبشاعة مخالفة الشَّرْع .
ثم انظر طبيعة الشعر جملة كيف ترى نعومته وطرَاوَتَه ، ولوْ كان يابساً صَلْباً لَتَقَصَّفَ وفات الغرض المراد منه ، ولو كانت نعومته كالحرير فكذلك لا يتأتى المراد منه على الكمال والزينة والجمال .
فسبحان { الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى } (1) ، قال ابن كثير - رحمه الله - : ( أي خلَق الخليقة وسوَّى كل مخلوق في أحسنِ الهيئات ) انتهى (2) .
بتأمل ما تقدم وما يأتي - إن شاء الله - يُعلم أن حلق شعر اللحية مخالف للطبيعة والشريعة والجمال والكمال ،
وأنه شنيع فظيع ومُثْلَة قبيحة .
__________
(1) سورة الأعلى ، آية : 2 .
(2) تفسير ابن كثير ، 4 / 500 .(1/6)
هذا الكلام الذي تقدم إنما هو في الحسن والقبح في الخِلْقة والطبيعة ، وبعد ذلك ننظر بتعلق الحسن والقبح في الشريعة وارتباط ذلك بعضه ببعض بمثالين خارجين عن موضوع الشَّعْر لبيان ارتباط الشريعة بالطبيعة ، وهما الأظافر والعقل :
المثال الأول / الأظافر :
لا يخفى على أحد أنها لوْ تُركت مستمرة في نموها وطولها لَتَشَوَّهَتْ الخِلْقة ، وصار الإنسان يُشابه الحيوانات العادِيَة المفتَرِسة .
وليس الكلام هنا في تضرر الإنسان بتعرّضها للتكسّر والالتواء وتراكم الأوساخ ، فليس الكلام في حكمة الله عز وجل ورحمته ونعمته فيما خلق جملة ، فمن يُحصي ذلك ويقدر عليه لاسيما الإنسان .. هذا المخلوق الْمُعتنى به وقد ذكَّره خالقه سبحانه ببعض نعمه عليه وما خصّه به من الألْطاف فقال تعالى : { وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ } (1) ، وإنما الكلام فقط على حُسن الخِلْقة وقُبحها وحكمة الله في خلقه وشرعه ورحمته وعنايته بتحسين صورة الإنسان ، ولذلك جاءت الشريعة بالحكمة والرحمة والجمال والكمال بأن أُمر المسلم بقص أظافره وألا يدعها تطول ، فتأمل العلاقة والارتباط بين الطبيعة والشريعة .
والذي أمر بقص الأظافر مع ظهور قبح تركها هو الذي أمر بإعفاء اللِّحى لقبح حلقها وقصها ، وقد قال تعالى : { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ } (2) .. أي ليس فيه اختلاف ولا تنافر ولا نقص ولا عيب ولا خلل ، قاله ابن كثير رحمه الله في تفسيره (3) .
وهذا عام شامل في كل ما خلق الله عز وجل ، فهل شَذّ عن ذلك شعر اللحية ؟! .
__________
(1) سورة الذاريات ، الآية : 21 .
(2) سورة الملك ، الآية : 3 .
(3) 4 / 369 .(1/7)
وإذا كانت الحال هكذا فهل يقول حالق لحيته : إن الله أحسن ما خَلَق وشَرَع في كل شيء إلا اللحية فإن إعفائها تشويه للوجه وحلقها أو قصها جمال وكمال ؟! .. فيعترض على الخالق الحكيم سبحانه الذي خلَقَه من ماءٍ مثل البَصْقة (1) ! ، قال تعالَى : { أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } (2) ، فالأمر بَيِّن وواضح .
أو يقول : كل ما تقدم من الكلام في شَعر الأجفان والحواجب والرأس واللحية ومَنْع الشعر في الخدود والجبين ومنع اللحية للمرأة وصفة الشعر ونموه .. كل هذا لم يحسن الله خَلْقه ! ، فيزيد على القدح في حكمة ربه ورحمته وإحسانه ولطفه بعباده المكابرة المحسوسة التي لا تصدر إلا عن مَن لا يصلح معه كلامٌ ولا جدال ! .
قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : ( ثم تأمل إذا بلغ الرجل والمرأة اشتركا في نبات العانة ، ثم ينفرد الرجل عن المرأة باللحية ؛ فإن الله عز وجل جعل الرجل قيِّماً على المرأة ، وجعلها كالخول له والعاني " أي الأسير " في يديه ، ميَّزه عليها بما فيه من المهابة والعز والوقار والجلالة ، لكماله وحاجته إلى ذلك ، ومُنِعَتْها المرأة لكمال الاستمتاع بها والتلذذ .. لتبقى نضارة وجهها وحسنه لا يشينه الشعر ، واشتركا في سائر الشعور للحكمة والمنفعة التي فيها ) انتهى (3) .
__________
(1) أخرج أحمد في مسنده برقم ( 17876 ) والطبراني في الكبير برقم ( 1194 ) وأبو بكر القرشي في " التواضع والخمول " برقم ( 245 ) عن بسر بن جحاش القرشي - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بصَق يوماً في كفه ، فوضع عليها أصبعه ، ثم قال : قال الله تعالى : ( يا بن آدم .. أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذه حتى إذا سوَّيتك وعدلتك مشيْتَ بين بُردين وللأرض منك وئيد .. ) الحديث .
(2) سورة يس ، الآية : 77 .
(3) مفتاح دار السعادة ، 2 / 215 .(1/8)
وقد يقول حالق لحيته : سلَّمنا أن مَنْع المرأة من اللحية جمال وزينة ، فما بال العانة تشارك المرأة فيها الرجل مع أن ذلك الموضع محل الشهوة ووجود الشعر هناك فيه ما فيه ! ، أمَا كان الأوْلى على مقتضى مدار هذا الجواب الذي هو في بيان إحسان صنع الخالق سبحانه وإتقانه ما خلَق أن يُمنع ذلك الموضع من الشعر كما مُنِع الوجه من شعر اللحية ؟! .
والجواب :
أولاً : أن المسلم يُسَلِّم أن ربه حكيم لا يضع شيئاً إلا في موضعه ، وهذا عام شامل في كل ما شرَع وكل ما خلَق سبحانه من كبير كالسموات والأرض ، أو صغير كالبعوض والذرّ وأصغر منه .
ثانياً : أن المسلم يُسَلِّم أنه لا يشارك الله في حكمته أو علمه أو أي صفة من صفاته مخلوقٌ لا الأنبياء ولا الملائكة المقربون فضلاً عن غيرهم ، قال تعالى : { وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ } (1) ، فهؤلاء الملائكة - عليهم السلام - ؛ وأخبر سبحانه عنهم أنهم قالوا : { سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ } (2) .
ثالثاً : مدار هذا الجواب على إحسان خَلْق الإنسان ، وقد جاء الكلام من هذا الجانب فقط ، لأن الذين يحلقون لحاهم ويقصونها يسعون في تجميل وجوههم ، ولما كان ذلك مخالف للفطرة والشِّرْعة عُومِلوا بنقيض قصدهم بأن زيَّن لهم الشيطان صوَرَهم القبيحة فرأوها حسنة ! .
__________
(1) سورة البقرة ، من الآية : 255 .
(2) سورة البقرة ، من الآية : 32 .(1/9)
رابعاً : هنا قاعدة مهمة من وفِّق للعمل على مقتضاها سَلِم من معارضات خالقه التي هي من ثمار جهله وظلمه { إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً } (1) ، وهي أن المسلم بأدنى نظر وتفكر يظهر له من حكمة خالقه سبحانه وعنايته في مخلوقات الكون كله وفي نفسه ما يبهر عقله ، لكن قد تخفى عليه الحكمة في جزئيات المخلوقات كلٌّ بحسبه ، فهنا محل القاعدة المشار إليها سابقاً ، وهي أن تقيس ما غاب عنك وما جهِلتَ وجه الحكمة فيه على ما رأيته وظهرت لك الحكمة في
وجوده ؛ هكذا قال العلماء الربانيون .
خامساً : بعد ذلك يقال : شعر العانة للمرأة يُزال كالرجُل ، وهنا قد يجادل حالق لحيته بأن الإشكال باقٍ وإن كان في إزالته تحسين خِلْقة ، لكن الموضع لا يزال في استقبال شَعر جديد ، فالأثر موجود وقطعاً ليس كما لو مُنِع عنه الشَّعر بالكلية ! .. فيقال : إن الدنيا ليست هي الجنة دار النعيم الكامل ، وقد خلقها الله ليبتلي عباده بزينتها ، قال تعالى : { إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ? وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيداً جُرُزاً } (2) ، ولذلك فإن كل ما فيها فهو منغّص لا سيَّما شهوات الإنسان ، ويكفيه التفكُّر بما يؤول إليه طعامه الشهيّ المنمَّق المزوَّق ! .
إنه من لطف الله بعِبَاده ورحمته لهم أن جَعَل شهواتِ
الدنيا وملذاتها وجمال صوَرها محفوفاً بالنقص والتنغيص والأكدار .
ووصَف لهم دارَ النعيم الكامل الذي لا يشوبه نقصٌ لئلاَّ يركنوا إلى الدنيا ويطمئنوا إليها.
فالمراد شَرْعاً وطبيعةً في هذه الدار الحدّ من شدةِ التعلق بها والطلب والإرادة ، لذلك جاءت الشوائب والمشوشات على الجمال ؛ ولذلك فإن المرأة كما تقرر سابقاً وإن كانت مُنعت شعر اللحية فهي لم تمنع أن يتحوّل جمالها ويتغير مع كرور الليالي والأيام .
__________
(1) سورة الأحزاب ، من الآية : 72 .
(2) سورة الكهف ، آية : 7 - 8 .(1/10)
وانظر إلى القمر ليلة اكتماله واتساقه حيث يكون في أوْج جماله ثم يبدأ في التحوُّل ؛ وعلى ذلك تُقاس كمالات دار الفناء وجمالها ، وذلك من تمام حكمة الحكيم سبحانه ورحمته بعباده بأن جعل ما يستحسنونه ويميلون إليه ويشتهونه كالأنموذج لما في دار النعيم المقيم ، وحَفَّهُ هنا بالكدَر .
وفي هذا المعنى يقول أبو الحسن التهامي عن الدنيا :
طُبِعَتْ عَلَى كَدَرٍ وَأنتَ تريدهَا
صَفواً مِنَ الأقذَاءِ وَالأكْدَارِ !
أما هناك في الجنة فالكمال والجمال مما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمِعت ولا خطر على قلب بَشَر ، { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } (1) .
إن كل جمالٍ في الدنيا وكل كمال وكل شهوة قد أُلصق
فيها ما ينغِّص ويشوّش ويكدِّر ، وكأن ذلك كله يقول بلسان الحال : لا تغتر بدار الغرور والارتحال ! ..
فَحَيَّ هَلاً إنْ كُنتَ ذا هِمَّةٍ فَقَدْ
حَدا بكَ حادي الشَّوقِِ فَاطْوِ الْمَرَاحِلاَ
وَقُلْ لمنادي حُبِّهِمْ وَرضَاهُمُ
إذا ما دَعَا : ( لَبَّيْكَ ) ألْفاً كَوَامِلاَ
ولاَ تنظُرِ الأطْلاَلَ مِنْ دونهمْ فإنْ
نظَرْتَ إلى الأطلالِ عُدْنَ حَوائِلاَ
ولا تنتظرْ بالسيْرِ رِفقةَ قَاعدٍ
وَدَعْهُ فإنَّ الشوقَ يكفيكَ حَامِلاَ
وَخُذْ منهمُ زاداً إليهمْ وسِرْ عَلَى
طَرِيقِ الْهُدى والْحُبِّ تصبحُ وَاصِلاَ
وأحيِ بذكراهُمْ سرَاك إذا وَنت
رِكَابكَ فالذكرى تعيدكَ عَامِلاَ
وإمَّا تخافَنَّ الكَلاَلَ فَقُل لَهَا :
أمَامَكِ وِرْد الوَصْلِ فابغي الْمَناهِلاَ
وَخُذ قَبَساً مِن نورهمْ ثُمَّ سِرْ بِهِ
فنورُهُمُ يهديكَ ليسَ الْمَشَاعِلاَ
وَحَيَّ على وَادِي الأرَاكِ فَقِلْ بهِ
عَسَاكَ تراهُمْ ثَمَّ إن كُنتَ قَائِلاَ
وإلا ففي نَعْمَانَ عندَ مُعَرَّف الْـ
ـأحِبَّةِ فاطْلُبهُمْ إذا كنتَ سَائلاَ
وإلاَّ فَفِي جَمْعٍ بلَيلَتِهِِ فَإنْ
تَفُتْ فَمَتَى يا ويحَ مَن كانَ غافلاَ
__________
(1) سورة الزخرف ، من الآية : 71 .(1/11)
وَحَيَّ على جَنَّاتِ عَدنٍٍ بقربهمْ
منازلكَ الأوُلى بِهَا كُنتَ نازِلاَ
ولكنْ سَبَاكَ الكَاشِحُونَ لأجلِ ذا
وقفتَ عَلَى الأطلالِ تبكي الْمَنازلاَ
وَحَيَّ عَلى يَومِ الْمَزيدِ بِجَنةِ الـ
ـخلودِ فجُدْ بالنفْسِ إنْ كنتَ باذلاَ
فدَعْها رُسُوماً دارساتٍ فمَا بِها
مَقِيلٌ وَجَاوِزْهَا فليسَتْ مَنَازِلاَ
رُسُوماً عَفَتْ يَنتابُهَا الْخَلْقُ كَمْ بِها
قتيل وَكمْ فيها لذا الْخَلْقِ قَاتِلاَ
وخُذْ يَمْنةً عنها على المنهجِ الذي
عليهِ سَرَى وفْدُ الأحِبَّةِ آهِلاَ
وقُلْ سَاعِدِي يا نفسُ بالصَّبرِ سَاعَةً
فعندَ اللِّقا ذَا الكَدِّ يُصبحُ زائِلاَ
فَمَا هِيَ إلاَّ سَاعَةً ثُمَّ تنقَضي
وَيُصْبحُ ذُو الأحزانِ فَرْحَانَ جَاذلاَ (1)
*** *** ***
المثال الثاني : العقل : نهى خالقه سبحانه عن شُرب المسكر صيانة له ومحافظة عليه أن يزل عن مكانته التي خلقه الله عليها مفطوراً على معرفة خالقه ومحبته والإنابة إليه وكَمّلَ ذلك بشرعه حيث إن حَشْوَ هذه العناية واللطف جماله وكماله ورزانته ، وكذلك نجاته من التعرّض لمساخط خالقه ومالكه سبحانه المستوجب لشقائه في الدنيا وعذابه في الآخرة .
فانظر إلى عقل الإنسان إذا شرب الْمُسْكِر كيف ينحط إلى أسفل من درجة الحيوان البهيم مع أنه قد هُيِّئ ليلتحق بعالَم الملائكة ، فهذه بعض ثمار المخالفة لأمر الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - ، وبذلك يظهر ارتباط الطبيعة بالشريعة .
وإذا كانت اللحية هنا مثالاً واحداً قد تَبَيَّن حُسْن إعفائها وقُبح حَلْقها فَلَك أن تقيس على ذلك كلَّ ما في الكون من مخلوقاتِ الحكيم الرحيم ، وأنه سبحانه قد أحسن خَلْقها طبيعةً ، وأن شَرْعَه من أمره ونهيه لا يخرج مثقال ذرة عن هذا الإحسان والإتقان ، وقِسْ ما غاب عنك على ما شاهدته ، وما لم يُحط به علمك على ما عَلِمْته .
__________
(1) هذه القصيدة نقلاً عن : مدارج السالكين 3 / 7 - 8 ، وزاد المعاد 3 / 75 .(1/12)
ومما يتَّصِل بموضوعنا ما ذكَره ابن القيم - رحمه الله - في كتابه النفيس ( مفتاح دار السعادة ) في كلامه في حكمة الخالق الحكيم سبحانه حيث قال : ( ومَنْ سَلَب الإحساس الحيواني الشُّعورَ والأظفار التي في الآدمي لأنها قد تطول وتمتد وتدعو الحاجة إلى أخْذها وتخفيفها ، فلو أعطاها الحسّ لآلَمَتْه وشَقّ عليه أخْذُ ما شاء منها ، ولو كانت تُحِسّ لَوَقَع الإنسان منها في إحدى البليَّتين : إمَّا تَرْكها حتى تطول وتفحش وتثقل عليه ، وإما مُقاساة الألَم والوجع عند أخْذها .
ومَن جعل باطنَ الكفِّ غير قابل لإنبات الشَّعر لأنه لو أشْعَر لتعذَّر على الإنسان صحةُ اللَّمْس ، ولَشَقَّ عليه كثيِرٌ من الأعمال التي تباشر بالكفّ ، ولهذه الحكمة لم يكن هِنّ الرجل قابلاً لإنباته لأنه يمنعه من الْجِماع ؛ ولَمَّا كانت المادة تقتضي إنباته هناك نَبَت حول هِنّ الرجل والمرأة ، ولهذه الحكمة سُلِب عن الشفتين ، وكذا باطن الفم ، وكذا أيضاً القدم أخمصها وظاهرها لأنها تلاقي التراب والوَسَخ والطين والشوك ، فَلَوْ كانَ هناك شَعر لآذى الإنسان جداً ، وحَمَل من الأرض كل وقت ما يُثقل الإنسان ، وليس هذا للإنسان وحده بل ترى البهائم قد جلَّلَها الشَّعر كلها ، وأُخْلِيَت هذه المواضع منه لهذه الحكمة .
أفَلاَ ترى الصنعةَ الإلهيةِ كيف سُلِبَت وجوه الخطأ والمضرَّة وجاءت بكل صواب وكل منفعة وكل مصلحة ! .(1/13)
ولَمَّا اجتهد الطاعنون في الحكمة العائبون للخِلْقة فيما يطعنون به عابوا الشُّعور تحت الآباط وشعر العانة وشعر باطن الأنف وشعر " البيضتين" ، وقالوا : أيّ حكمة فيها وأي فائدة ؟! ؛ وهذا من فرط جَهلهم وسخافة عقولهم ، فإن الحكمة لا يجب أن تكون بأسرها معلومة للبَشَر ولا أكثرها ، بل لا نسبة لِمَا عَلِمُوه إلى ما جَهِلُوه فيها ، ولَوْ قِيسَت علوم الخلائق كلهم بوجوه حكمة الله تعالى في خلْقه وأمره إلى ما خفِيَ عنهم منها كانت كنَقْرة عصفور في البحر ، وحَسْب الفطنِ اللبيب أن يستدل بما عرف منها على ما لَم يعرف ، ويعلم أن الحكمة فيما جَهِله منها مثلها فيما علمه بل أعظم وأدَقّ ، وما مَثَل هؤلاء الحمقى النوكى إلا كَمَثل رجل لا عِلْم له بدقائق الصنائع والعلوم من البناء والهندسة والطب ، بل والحياكة والخياطة والنجارة إذا رام الاعتراض بعقله الفاسد على أربابها في شيء من آلاتهم وصنائعهم وترتيب صناعتهم فَخَفِيَت عليه ، فجعل كلَّ ما خفي عليه منها شيء قال : هذا لا فائدة فيه ، وأي حكمة تقتضيه ؟! ، هذا مع أن أرباب الصنائع بَشَر مثله يمكنه أن يشاركهم في صنائعهم ويَفُوقُهم فيها فما الظنّ بمن بَهَرَت حكمته العقول الذي لا يشاركه مشاركٌ في حكمته كما لا يشاركه في خلْقه فلا شريك له بوجه .(1/14)
فَمَن ظَنَّ أن يكتال حكمته بمكيال عقله أو يجعل عقله عِيَاراً عليها فما أدركه أقرَّ بِهِ ، وما لَمْ يُدركه نفاه فهو من أجهل الجاهلين ، ولله في كلِّ ما خفي على الناس وجه الحكمة فيه حكم عديدة لا تُدفَع ولا تُنكَر ، فاعلم الآن أنَّ تحت منابت هذه الشعور من الحرارة والرطوبة ما اقتضت الطبيعة إخراج هذه الشعور عليها ؛ ألاَ تَرَى أنَّ العُشْب ينبت في مستنقع المياه بعد نُضوبِ الماء عنها لِمَا خُصَّت به من الرطوبة ولهذا كانت هذه المواضع من أرطب مواضع البَدَن وهي أقْبَل لنبات الشعر وأهيأ ، فَدَفَعَت الطبيعة تلك الفَضَلاَت والرُّطُوبات إلى خارج فصارت شَعراً ، ولَوْ حُبِسَتْ في داخل البدن لأضرَّته وآذت باطنه ، فخروجها عين مصلحة الحيوان ، واحتباسها إنما يكون لِنَقْص وآفة فيه ، وهذا كخروج دم الحيض من المرأة فإنه عين مصلحتها وكمالها ، ولهذا يكون احتباسه لفسادٍ في الطبيعة ونَقْص فيها ؛ ألاَ تَرى أنَّ مَن احتبس عنه شعرُ الرأس واللحية بعد إبَّانِهِ كيف تراه ناقص الطبيعة .. ناقص الخلقة .. ضعيف التركيب .
فإذا شاهدت ذلك في الشعْر الذي عرفت بعض حكمته .. فَمَا لَكَ لا تعتبره في الشعر الذي خفيت عليك حكمته ! ) انتهى (1) .
وتأمل العَجَب مِنْ كوْن بعض الناس لا يستعمل آلةً منَ الآلاتِ التي هي صناعةُ مخلوق مثله حتى ينظر في تعاليم صانعها ويُحَاذر من الإخلال في تطبيق أوامر الصانع ونوَاهيه ليقينه أن صانعها أعلم بها منه وأنَّ إخلالَه بتعاليمه يُفسدها ؛ فكيف إذاً - { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى } - يتصرَّف العبدُ بصورته (2) خلافَ ما خُلِقَت عليه وخلاف ما شُرع له ؟!.
__________
(1) مفتاح دار السعادة ، 1 / 272 .
(2) بِحلْق لحيته أو قصِّها .(1/15)
إذاً فليخالف المخالف بحلق لحيته حكمةَ ربهِ ورحمتَه وجميلَ صُنْعه وعظيمَ إحسانِه ، وليتدخّل هو بجهله وظلمه وليعارض خالِقَه متعرضاً لسخطه ! .. فما ضرَّ إلا نفْسه ، وما قَبَّح إلا خِلْقته ، وما أفرح إلا شيطانه .
ولا ريب أن أعظم شواهد نبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - هو ما دعا إليه ، فإن النظر في حُسن ما أمَرَ به وقبح ما نهى عنه يفتح للعبد الموفق أبوابَ اليقين والإيمان ، لأن ذلك أعظم من الإيمان بالمعجزات كانشقاق القمر وغيره ، وهذا خاصيّـة أولياء الله ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
فالتفكر في التوحيد وحُسْنه ، وقبح ما يضاده من الشرك
وحُسْن الصلاة والزكاة والدين كله أوامره ونواهيه .. من أعظم ما يفتح أبواب المعرفة ويثبت الإيمان ويُقويه ، وبهذا الاستقراء المبني على التفكر السليم يفوز الموفق بنتائج باهرة تخرجه من ظن أن الشِّرْعَةَ لمجرد الأمر والنهي ، أو أن الخِلْقة قابلة للاستدراك على الخالق بتحسين صورتها .
وتأمل قوله تعالى : { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَر } (1) .. فإن من يظن أن شريعةَ ربِّ العالمين مجرد أمر ونهي بلا استحسان فطري للمأمور واستقباح فطري للمنهي كما هو ظاهر في الْخَلْق لم يعرف الشريعة كما ينبغي ! .. وقد تكلم ابن القيم في هذه الآية فقال عمَّن ينفي الْحُسْن والقبح الفطريين عن شريعة أحكم الحاكمين : ( وهل حاصل ذلك زائد على أن يقال : يأمرهم بما يأمرهم به وينهاهم عما ينهاهم عنه ، وهذا الكلام ينزه عنه كلام آحاد العقلاء ، فضلاً عن كلام رب العالمين .
__________
(1) سورة الأعراف، من الآية : 157 .(1/16)
وهل دلّت الآية إلا على أنه أمَرَهم بالمعروف الذي تعرفه العقول وتُقر بِحُسْنه الفِطَر ، فأمَرَهم بما هو معروف في نفسه عند كل عقل سليم ، ونهاهم عما هو منكر في الطِّباع والعقول ، بحيث إذا عُرض أمره ونهيه على العقل السليم قَبِله أعظم قبول ، وشَهِد بِحُسْنه ، كما قال بعض الأعراب وقد سُئِل : بِمَ عرفت أنه رسول الله ؟! ، فقال : ما أمر بشيء فقال العقل : ليته ينهى عنه ، ولا نهى عن شيء فقال : ليته أمر به ! ) انتهى (1) .
تُرى هذا الأعرابي لما علِم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفاء اللحى ، يقول : ليته أمر بحلقها أو قصها ؟! ، لقد كانت العرب أبعد شيء عن التأنث والتشبه بالنساء والعجم ، وما كانت العرب تعرف هذه الفِعلة القبيحة لكمال رجولتهم وذكوريتهم ، وإنما جاءت تشبّهاً بالأعاجم ، ورجال الأعاجم تتشبه بنسائها وبالمردان ، ونساؤهم تتشبه برجالهم ، وهذا ظاهر .
ثم قال ابن القيم - رحمه الله - بعد الكلام السابق : ( فهذا الأعرابي أعْرف بالله ودينه ورسوله من هؤلاء " يعني نُفَاة الحكمة " وقد أقرّ عقله وفطرته بِحُسْن ما أَمَرَ به وقُبْح ما نهى عنه ، حتى كان في حقه من أعلام نبوته وشوَاهد رسالته .
ولو كان جهة كوْنه معروفاً ومنكَراً هو الأمر المجرد لم يكن فيه دليل ، بل كان يُطلب له الدليل من غيره .
ومَن سلك ذلك المسلك الباطل لم يمكنه أن يستدل على صحة نبوّته بنفس دعوته ودينه ، ومعلوم أن نفس الدين الذي جاء به والملّة التي دعا إليها من أعظم براهين صدقه وشواهد نبوّته ) انتهى (2) .
تأمل قوله - رحمه الله - : ( ومعلوم أن نفس الدين الذي جاء به ، والملة التي دعا إليها من أعظم براهين صدقه وشواهد نبوته ) .
وليُعلم أن إعفاء اللحية أو حلقها وقصها ليس هو فقط المميز للطاعة والمعصية ، فقد يُعفي لحيته مَن يدخل في معنى هذا البيت :
__________
(1) مفتاح دار السعادة ، 2 / 6 .
(2) مفتاح دار السعادة ، 2 / 6 .(1/17)
لا تغرنَّك اللِّحى والصورُ ...
تسعة أعشارِ مَنْ ترى بقرُ !
والحلق والتقصيص مشابهة للأعاجم ، وقد نُهينا عن التشبه بهم كما سيأتي - إن شاء الله - ، لكن قد يقول حالق لحيته : ( أنا لا أقصد التشبه بالأعاجم ) ، فيقال له : سواء قَصَدت أوْ لم تقصد فالمحذور حاصل ، فقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- أن ( ما أمرنا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - به من مخالفتهم مشروع ، سواء كان ذلك الفعل مما قَصَدَ فاعله التشبه بهم أو لم يقصد ، فإن عامة هذه الأعمال لم يكن المسلمون يقصدون المشابهة فيها ) انتهى (1).
وقد يقول حالق لحيته أيضاً : ( الشأن بالقلوب وليس بالظوَاهر ، والتقوى ها هنا - مشيراً إلى قلبه - ) ، فيقال له : نعم .. إن الأصل إيمان القلب وإذعانه وذله لخالقه ، لكن ما الذي فصَل الأعضاء الخارجية عنه ، فالكل مَوْضع العبودية والأمر والنهي ، والحقيقة أنه لو كانت في القلب تقوى لظهرت على الأعضاء .. إن الذي أمر بعمل القلب واعتقاده هو الذي أمر بعمل الأعضاء الخارجة وكيفية ذلك العمل ، والتفريق بين القلب في العمل بطاعة الله وبين الجوارح فعل المرجئة .
وهذه بعض القصص والأمثلة لزيادة البيان :
قال السيوطي في تاريخه : ( وفي سنة سبع وثلاثين ومائتين - هجرية - بَعَث " المتوكل " إلى نائب مصر أن يحلق لحية قاضي القضاة بمصر / أبي بكر محمد بن أبي الليث ، وأن يضربه ويطوف به على حمار ، فَفَعَل - ونِعم ما فعل - فإنه كان ظالماً من رؤوس الهمجية ، وَوَلى القضاء بَدَله الحارث بن مسكين من أصحاب مالك بعد تمنّع ، وأهان القاضي المعزول بِضَرْبه كل يوم عشرين سوْطاً لِيَرد الظلامات إلى أهلها ) انتهى (2) .
والشاهد من هذه القصة مع الفائدة هو أن العرب تَعتبر حلق اللحية مُثْلَةً وتشْويهاً ، ولذلك عاقب المتوكل القاضي الظالم بذلك .
__________
(1) اقتضاء الصراط المستقيم ، ص ( 178 ) .
(2) تاريخ الخلفاء ، ص ( 321 ) .(1/18)
لكن لا يُقَرّ المتوكل على فعله هذا ، فالعقوبة لا تكون بفعل المحرَّم ، ولقد أخطأ السيوطي - رحمه الله - في قوله : ( ونِعْم ما فَعَل ) ، وإنما المراد هنا أن حلْق اللحية عند العرب مُثْلة .
ويُشبه هذه القصة ما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية بأن القاضي حُسَام الدين الحنفي كان مباشراً لقضاء الشام ، وأنه أراد أن يحلق لحية الأذرعي ، وأحضر الموسى والحمار لِيُرْكِبَه ويطوف به ، فجاء أخوه .. عَرَّفنِي ذلك ، فقمت إليه ، ولَمْ أزَلْ به حتى كَفَّ عن ذلك (1) .
والشاهد أنَّ ما كان في الماضي مُثلة وتشويه خِلْقة وعقوبة يكون في زماننا جمالاً وزينة ! .
وكثيرون في بلدان عربية مجاورة إذا مات ميتهم تركوا شعر لِحَاهم من الحلق مدة حِداداً على الميت ! .. وهذه مخالفة من الجانبيْنِ : الحلْق والترك للحِدَاد ، وكل ذلك يرضي الشيطان .. نعوذ بالله من الإرتكاس والانتكاس .
أما الأنصار - رضي الله عنهم - فقد كان حامل رايتهم " قيس بن سعد بن عبادة " ، ولم يكن في وجهه لحية ولا شَعر ، فقالوا : ( وَدِدْنا أن نشتري لقيس لحيةً بأموالنا ) ! (2) .
أما اليوم فإنها تدفع الأموال لحلق اللحى ، والله المستعان !.
__________
(1) مجموع الفتاوى ، 3 / 270 .
(2) تهذيب الأسماء للحافظ النووي ، 2 / 372 .(1/19)
أما أدلة تحريم حلق اللحية فهي أشهر من أن تذكر ، وما زال أهل العلم يذكرون ذلك ويكتبون فيه ، فالنصوص هي الأصل ، لكن كثيرين في وقتنا لم يعرفوا قدْر نعمة الله عليهم برسالة هذا النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، ويظنون أن مصدر الشريعة والأوامر والنواهي مجرد التكليف للمعاوضة والامتحان ، ولم تنفذ قُوَى بصائرهم إلى ما في ضمن ذلك من الإحسان والرحمة والنعمة والحكمة ، والأمر جليل وفوق علمنا ، لكن هذه إشارة وفي جانب واحد ، وهو الذي عليه مدار حلق اللحية وقصها حيث المطلوب تحسين الصورة ، وكل مَن خالف حكمة الإله في خلقه أوْ أمره عُومِل بنقيض قصْده ، وهذا ظاهر في كل مخالفة ، ولذلك فمخالفة الأمر في اللحية يكسو الوجه كآبة وقبحاً وظلمة ووحْشة ، يرى ذلك واضحاً من جلّى الله بصيرته .
روى البخاري في صحيحه برقم ( 5553 ) واللفظ له ، ومسلم برقم ( 259) عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( خالفوا المشركين .. وفروا اللحى وأحفوا الشوارب ) .
وإحفاء الشارب هو أخْذ ما سقَط على الشَّفَة (1) .
وأخرج الإمام أحمد ( 8657 ) بإسناد صحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( أعفُوا اللحى وحُفُّوا الشوارب ) .
__________
(1) قاله السيوطي في تاريخ الخلفاء ص ( 259 ) ؛ وقال الخطابي - كما في ( عون المعبود 11 / 169 ) - : ( إحفاء الشارب هو الأخذ منه حتى يحفى ويرق ) ، وجاء في ( التمهيد 21 / 63 ، لا بن عبد البر ) عن الإمام مالك أنه قال عن معنى إحفاء الشارب : ( يؤخذ من الشارب حتى يبدو طرف الشفة وهو الإطار ، ولا يجزه فيمثل بنفسه ) ، وقال النووي في شرحه على صحيح مسلم 3 / 151 : ( والمختار في الشارب ترك الاستئصال ، والاقتصار على ما يبدو به طرفُ الشفة ؛ والله أعلم ) .(1/20)
واللحية : اسم للشعر النابت على الخدين والذقن ، ومعنى " وفروا " بتشديد الفاء ، من التوفير : وهو الإبقاء ، أي اتركوها وافرة ، وإعفاء اللحية : تركها على حالها (1) .
وقد جاء في صحيح مسلم برقم ( 260 ) عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : ( خالفوا المجوس لأنهم كانوا يقصرون لحاهم ويطولون الشوارب ) .
وروى مسلم في صحيحه برقم ( 2344 ) وغيره عن جابر بن سمرة - رضي الله عنه - قال : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثير شعر اللحية ) ، فالخيبة لمن يرغب عن التشبه بوجه نبيه - صلى الله عليه وسلم - ويتشبه بأعداء الله .
قال ابن محفوظ : ( اتفق أهل المذاهب الأربعة وغيرهم من الأئمة على حُرمة حلْق اللحية والأخذ منها ، وهذه من أسوأ العادات التي انتشرت بين الناس حتى استحسنوا عادات الكفار واستقبحوا واستهجنوا سنةَ نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ) (2) ، نسأل الله السلامة والعافية .
وختاماً .. فقد قال الإمام ابن القيم - رحمه الله - : ( وأمَّا شَعر اللحية ففيه منافع ، منها : الزينة والوقار والهيبة ، ولهذا لا يرى على الصبيان والنساء من الهيبة والوقار ما يُرى على ذوي اللحى ) انتهى (3) .
ولي في هذا المعنى قصيدة ، منها :
حلقُ اللِّحَى مَهْمَا تطيلُ بِعَيْبِهِ
مَهْمَا جَهِدتَ خَفَتْكَ مِنهُ عيُوبُ
إنْ قُلتَ تشْويهاً فَتِلْكَ حَقيقَةٌ
فاعجَبْ لأمْرٍ قُبْحُهُ مَرغُوبُ
إنَّ التشبَّهَ بالنساءِ نَقيصَةٌ
لا يَرتضيهِ مِنَ الرِّجَالِ نَجِيبُ
وكذا التشبهَ بالصَّبِيِّ عَلاَمَةٌ
للعقلِ أنَّ لبابَهُ مَنخوبُ
كيفَ التشبه بالذينَ تظاهَرُوا
بالشِّركِ .. بُعْداً مَالَهُ تقْريبُ
يا مُثْلَة قَدْ خُيِّلَتْ لكَ زينةً
__________
(1) أنظر : فتح الباري 10 / 350 ، وشرح النووي على مسلم 3 / 151 .
(2) أنظر : الإبداع في مضار الابتداع ، ص (410 ) .
(3) أنظر : التبيان في أقسام القرآن ، ص ( 198 ) .(1/21)
قَلْبُ الْحَقائقِ وَجْهُهُ مَكْبوبُ (1)
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
بريدة - شهر رجب / 1426هـ
الْمَوضوعات ... الصفحة
نص السؤال الموجه بخصوص الحكمة بالأمر بإعفاء اللحى . ... 3
مقدمة الجواب التفصيلي على سؤال الحكمة بالأمر بإعفاء اللحى . ... 4
لم يسبق لهذا الزمان مثيل في التجمل بحلق اللحى ! . ... 4
تأملات في قوله تعالى : ( الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ) .. ... 5
.. وتأملات في قوله تعالى : ( صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ) . ... 5
النظر بستة أمثلة إلى حلق اللحية شرعاً وطبعاً وحسناً وقبحاً . ... 6
المثال الأول : منع المرأة شعرَ اللحية . ... 6
لحالق اللحية نصيب من قول ربه : ( أفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ..) . ... 7
من هو فاعل التزيين في قوله : ( أفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ..) . ... 7
الحكمة من منع المرأة شعرَ اللحية، وفطرتها على إرادة الرجل الملتحي . ... 8
المثال الثاني : رموش أجفان العين . ... 8
المثال الثالث : الحواجب . ... 9
تأملات في خلق شعر الرأس واللحية والرموش والأجفان . ... 10
مقارنة بين تنوع شعر الرأس وبين تنوع النبات . ... 12
المثال الرابع : الخدان . ... 12
المثال الخامس : الرأس . ... 13
المثال السادس : الاتجاه المختلف لنمو الشَّعر . ... 13
ما الذي يُخرج شعر اللحية عن بديع خلق الله في مختلف شعر الرأس ! . ... 14
معنى قوله تعالى : ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) . ... 14
النظر بمثالين إلى تعلق الحسن والقبح في الشريعة . ... 15
المثال الأول : الأظافر . ... 15
معنى قوله تعالى : ( مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ) . ... 16
(حاشية) : حديث عظيم يبين حقيقة الإنسان وشناعة معصيته لله تعالى . ... 17
الْمَوضوعات ... الصفحة
__________
(1) المخاطر الأربع ، ص ( 21 - 23 ) .(1/22)
كلام نفيس لابن القيم عن الحكمة من انفراد الرجل عن المرأة باللحية . ... 18
بيان الحكمة من خمسة أوجه لاشتراك الرجل والمرأة في شعر العانة . ... 19
قاعدة عظيمة الشأن فيما يخفى من حكمة الله فيما خلق أو شرَع . ... 20
بيان حقارة الدنيا والحكمة من خلقها ، وأنها ليست دار النعيم الكامل . ... 21
الحكمة من دخول الشوائب والمشوشات على الجمال في الدنيا . ... 22
قصيدة بديعة في شحْذ الهمم إلى الله والدار الآخرة . ... 24
المثال الثاني : العقل . ... 27
فائدة بعد إظهار الحكمة من الأمر بإعفاء اللحى وظهور حُسن ذلك . ... 27
كلام نفيس جداً لابن القيم في حكمة الخالق سبحانه وبحمده . ... 28
مفارقة عجيبة تبين بشاعة تصرف العبد بصورته كحلق لحيته أو قصها. ... 31
ما دعا إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - أعظم شواهد نبوته ، وبيان وجه ذلك . ... 32
قول ابن القيم في قوله تعالى ( يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَر) . ... 33
ماذا قال أحد الأعراب حينما سئل بماذا عرف أن محمداً رسول الله ؟ . ... 34
ربط حلق اللحى بما أجاب به الأعرابي ، وتعليق لابن القيم عليه . ... 34 - 35
إعفاء اللحية وحلقها ليس هو فقط المميز للطاعة والمعصية . ... 36
مما يُردّ به على مَن يقول : ( إن التقوى في القلب وليست في الظاهر ) . ... 37
قصص ومواقف توضح بشاعة حلق اللحى في الماضي . ... 37
ذِكر ما فعله المتوكل بقاضي قضاة مصر محمد بن أبي الليث . ... 37
ذِكر ما أراد فعله القاضي حسام الدين الحنفي بالأذرعي . ... 38
ذكر ما تمنى فعله الأنصار بحامل رايتهم ( قيس بن سعد ) . ... 39
ذكر بعض الأدلة الشرعية في تحريم حلق اللحى . ... 40
ما هي اللحية في اللغة ، وما معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( وفروا ) ؟ . ... 41
معنى إحفاء الشارب في قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( وأحفوا الشوارب ) . ... 41(1/23)
ذكر اتفاق أهل المذاهب الأربعة على تحريم حلق اللحى . ... 42
ذكر ما قاله ابن القيم في بعض منافع إعفاء اللحى . ... 43
ذكر أبيات للمؤلف في تحريم حلق اللحى . ... 43
الفهرس لتفصيلي لمحتويات الكتاب . ... 45(1/24)