بالأدهان الحارة فحدست أَن مثانته ألمت وألم باشتراكها الأعصاب الجائية إِلَى الرجلَيْن لِأَن أعصابها قريبَة بَعْضهَا من بعض وَأَن هُنَاكَ ورماً فِي منابت تِلْكَ العصب فضمدت قطنه فَلم يلبث إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى حرك رجلَيْهِ شَيْئا شَيْئا إِلَى غَايَة مَا كتبت هَذِه الْقِصَّة.
كَانَ بِأبي الْحسن الْخياط عِلّة حارة فَخرج مِنْهَا بعلاجي لَهُ ثمَّ شكا إليَّ ضعف الْمعدة فسقيته أَقْرَاص الْورْد السنبلية فَحم على الْمَكَان حمى حادة فتلافيت ذَلِك من بعد.
هاج بِرَجُل كَانَ مَعنا فِي طريقنا حِين قدمنَا وَهُوَ أَبُو دَاوُد الَّذِي كَانَ يَقُود الْحمار رمد فَلَمَّا بَدَأَ أَشرت عَلَيْهِ أَن يفصد فَلم يفعل وَاحْتَجَمَ وَأخذ دهن ورد كَانَ مَعَه فقطره فِي أُذُنه قدر أُوقِيَّة وأسرف وَأَنا أنهاه عَن ذَلِك أَشد النَّهْي حَتَّى ضجرت وَلم يقبل مني فَلَمَّا كَانَ من غَد ذَلِك الْيَوْم اشْتَدَّ الْأَمر بِهِ حَتَّى لم أر مدا أغْلظ مِنْهُ قطّ وَخفت أَن تَنْشَق طَبَقَات عَيْنَيْهِ وتسيل ألف) هـ لِأَنَّهُ لم يبْق من الْقَرنِي شَيْء إِلَّا مِقْدَار العدسة لعلو ورم الملتحم. فَلَمَّا أجهده الْأَمر فصدته وأخرجت لَهُ من الدَّم ثَلَاثَة أَرْطَال أَو أَكثر من ذَلِك فِي مرَّتَيْنِ ونقيت عينه من الرمص ودبرته بالأبيض فَنَامَ من يَوْمه وَسكن وَجَعه وبرأ من الْغَد الْبَتَّةَ حَتَّى تعجب النَّاس مِنْهُ.
كَانَ بِخَالِد الطَّبَرِيّ عِلّة حادة من تَعب أَصَابَهُ فسقيته مَاء الشّعير وَنَحْوه حَتَّى طفئت بعض الانطفاء فهاج بِهِ وجع فِي نَاحيَة الخاصرة والحالب أقلقه فَتوهم الْأَطِبَّاء أَنه قولنج وَأَرَادُوا أَن يسقوه الجوارشات الحارة لأَنهم قدرُوا أَن مَاء الشّعير أضرّ بِهِ على أَنه قد كَانَت بمعدته بَقِيَّة من الْعلَّة الحادة فجسست الْموضع فَوَجَدته حاراً صلباً ثمَّ سَأَلته هَل يحس فِيهِ بضربان فَقَالَ: شَدِيد. فحدست أَن بِهِ فِي تِلْكَ النَّاحِيَة ورماً حاراً ففصدته الإبطي وأخرجت لَهُ قَرِيبا من مِائَتي دِرْهَم فِي مرّة ثمَّ سقيته مَاء عِنَب الثَّعْلَب والهندباء ولب الْخِيَار شنبر أَيَّامًا فبرأ. فحين فصدت خف مَا بِهِ بوقته ذَلِك وَكَانَ حدسي أَن مَادَّة الْعلَّة طفئ بَعْضهَا وانتقل بَعْضهَا إِلَى ذَلِك الْموضع لِأَنَّهُ لم يكن فِيهَا استفراغ ظَاهر.
كَانَ بالعبادي جارنا على حارة ثمَّ ثقلت ودام المَاء على ضبعه أَيَّامًا كَثِيرَة وَكَانَ يخف حينا ويثقل حينا وَالْمَاء لَا يُفَارق ضبعه والحمى تقلع وتعاود ففصدته بعد مُدَّة وفجر الباسليق وأسرف الفاصد فِي إِخْرَاج الدَّم فأبيض بَوْله يَوْمه ذَلِك وبرأ برءاً تَاما.
ابْنة أبي الْحسن بن عبدويه شربت لبن اللقَاح على الْعَادة بِلَا مشورتي وَكَانَت إِذا انفخها اللَّبن أخذت دَوَاء الْمسك وَلم يتَقَدَّم لَهَا لَا فصد وَلَا مسهل فحمت حمى مطبقة وَظهر بهَا إمارات الجدوى فَحدث جدري على جدري أَربع مَرَّات وَحين بدا الجدري وفوضت إِلَى تدبيرها بادرت إِلَى الْعين فقويتها بالكحل الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد فَلم يخرج فِي عينيها شَيْء الْبَتَّةَ على أَنه قد كَانَ حولهما أَمر عَظِيم جدا فَعجب لذَلِك الْعَجَائِز اللواتي كن حولهَا من سَلامَة عينيها وألزمتها مَاء الشّعير وَنَحْوه مُدَّة وَلم تَنْطَلِق طبيعتها كَمَا تكون بعقب هَذِه الْعلَّة وَبَقِي بهَا بقايا حمى حارة فحدست أَن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لِأَن ألف هـ الْخَلْط الْبَاقِي لم يخرج بالإسهال على الْعَادة فَلم يُمكن أَن أستفرغها ضَرْبَة لضعف الْقُوَّة فألزمتها النقوع سحرًا(4/521)
وَمَاء الشّعير ضحوة خَمْسَة عشر يَوْمًا فَكَانَ يقيمها مجلسين كل يَوْم فنقيت التقاء التَّام وَظهر النضج التَّام فِي المَاء بعد الْأَرْبَعين وَصَحَّ الْبُرْء بعد الْخمسين.
ابْن عبد ربه كَانَ الْأَطِبَّاء يتوهمون لغلظ بدنه أَنه مرطوب جهلا مِنْهُم بِالْفرقِ بَين الْبدن اللحيم)
وَالْبدن الشحيم وَكَانَ بهيج بِهِ شَيْء من وجع المفاصل ثمَّ سقط فقصدته مَرَّات وألزمته المسهلة كل أُسْبُوع مرّة بِمَا يخرج الصَّفْرَاء لِأَن ذَلِك الْخَلْط إِنَّمَا كَانَ صديداً حاراً وَجعلت أغذيته الحامض والتفه والقابض ومنعته الحلو والحريف وَالدَّسم فجف مَا بِهِ وَلم يعرض لَهُ إِلَّا مَا لَا بَال كَانَ بِابْن إِدْرِيس الْأَعْوَر حمى شطر الْعِنَب الحدة فِيهَا كَثِيرَة وَقد أزمنت وَالطّيب يسْقِيه أَقْرَاص الطباشير فأشرت عَلَيْهِ أَن يشرب مَاء الشّعير بعد السكنجبين وَأَن يُؤَخر الْغذَاء فِي كل يَوْم إِلَى وَقت الْخُف من الْحمى وَأَن يتقيأ فِي وَقتهَا إِن أمكن وحددت لَهُ هَذَا من التَّدْبِير فاستصعب ذَلِك فَقلت لَهُ: لَيْسَ لَك تَدْبِير هَذَا فدبر بِهِ أَيَّامًا وَأَنا غَائِب عَنهُ فلقيني بعد عشرَة أَيَّام وَقد كمل خُرُوجه عَنْهَا الْبَتَّةَ.
كَانَ بِابْن عبد الْمُؤمن الصَّائِغ غرب فأشرت عَلَيْهِ أَن يحك الشياف الَّتِي ألفتها ويقطرها فِي المأق فَفعل ذَلِك فبرأ بِهِ وَأَنا أعلم أَن ذَلِك برأَ لَكِن لم يبرأ صَحِيحا بل ضم الناصور ويبّسه فَأَما التحام فَلَا لِأَنِّي قد جربت ذَلِك مرَارًا. 3 (كَلَام فِي النَّوَادِر) وَهُوَ الَّذِي بَعَثَنِي على تأليف هَذَا الشياف.
كَانَ بِامْرَأَة جعدوية أَعنِي حيدرة عِلّة حادة وَكنت أُشير عَلَيْهَا إِذا جَاءَنِي مَاؤُهَا بِمَا يُوَافِقهَا فَجَاءَنِي رسولها يَوْمًا فَقَالَ: قد ظهر بهَا وجع وورم فِي ثديها فأشرت عَلَيْهِ أَلا يبرده الْبَتَّةَ وَأَن يدلكه. وأعلمته أَن ذَلِك انْتِقَال باحوري وَخفت الْعلَّة لذَلِك وأعلمته أَنه إِن سكن هَذَا الوجع بَغْتَة من غير استفراغ عَادَتْ الْعلَّة. فمالت ألف هـ الْمَرْأَة فِيمَا احسب إِلَى الرَّاحَة فبردت أطرافها فسكن ذَلِك الوجع والورم وعادت الْعلَّة والاختلاط بِأحد مَا كَانَ وأشره ثمَّ أَشرت عَلَيْهِ بِأَن تكب على التطفئة والتبريد واستفرغتها فبرأت.
كَانَ الْحسن البواب قد حدث عَلَيْهِ نوبَة عِلّة حارة جدا وَقد كَانَ حَار الكبد فَانْدفع إِلَى يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ الْفضل حَتَّى عفتنا وسكنت الْحمى على تِلْكَ الْحَالة فقصده بعض الْأَطِبَّاء فَعَادَت عَلَيْهِ علته بِشَيْء من الحدة والحرارة فانحلت قوته وَمَات بعد ثَلَاثَة أَيَّام.
الْمَرْأَة الَّتِي جَاءَ بهَا إِلَيْنَا أَبُو عِيسَى الْهَاشِمِي النّحاس كَانَت شحيمة رطبَة جدا. حدث بهَا فِي الْولادَة فالج ثمَّ صرع وَلم يُمكن من أمرهَا ليبين بل كَانَت دَلَائِل صَحِيحَة ساذجة بَعْضهَا شربات قَوِيَّة أخرجت البلغم وأمرتها بعد ذَلِك أَن تلْزم ترياق الْأَرْبَعَة وَأَعْطَاهَا الصيدلاني بدل)
ذَلِك انقرديا فبرأت برءاً تَاما عجيباً مِنْهُ وَسَائِر الْأَطِبَّاء.
جارنا الْبَزَّاز فِي درب الثّقل كَانَ بِعْ صرع مُنْذُ صباه وَكَانَ نحيفاً فحدست أَن علته(4/522)
لَيست من كَثْرَة بلغم فقيأته مَرَّات ثمَّ سقيته شربة تخرج السَّوْدَاء بِقُوَّة فَلم يصرع ثَلَاثَة أشهر وجاءنا جيران الدَّرْب يشكروننا ثمَّ إِنَّه أكل سمكًا وَشرب شرابًا كثيرا فصرع تِلْكَ اللَّيْلَة فَأَعَادَ الشربة بعد الْقَيْء على مَا كَانَ فعل. فصلحت أَيْضا حَاله وَبَقِي يتَعَاهَد الْقَيْء وَتلك الشربة لَا يُنكر من نَفسه شَيْئا إِلَى أَن خرجنَا من بَغْدَاد. وَكَانَ ق أسهل فِي المارستان بشربات فَلم يَنْفَعهُ ذَلِك شَيْئا.
وراق نظيف المصروع تفرست فِيهِ فَرَأَيْت ودجيه ممتلئين وَوَجهه شَدِيد الْحمرَة والانتفاخ وَكَانَ عبلاً أَحْمَر الْعين ممتلئ الْبدن. أمرت الطَّبِيب المقرى بفصده الصَّافِن فقصده الباسليق وأسرف عَلَيْهِ فَلم يصرع سنة.
جَاءَنِي رجل قد تقيأ بعقب سكر مفرط قدر رطلين من الدَّم فَوجدت عَيْنَيْهِ محمرتين وبدنه ممتلئاً فقصدته وأمرته بِلُزُوم القوابض فصح.
كَانَ رجل ينفث بالسعال دَمًا ألف هـ مُنْذُ سنتَيْن كَثِيرَة فَأكل يَوْمًا عصافير مقلوة بِزَيْت فنفث بعْدهَا بِيَوْم ثَلَاثَة أَرْطَال دم كَدم المحاجم عجراً كبارًا وخفيف عَلَيْهِ ورأيته بعد ذَلِك سالما إِلَّا من السعال الرَّقِيق الَّذِي لم يزل بِهِ وأشرت عَلَيْهِ أَن يَجْعَل غذاءه سمكًا طرياً فاحتبس مِنْهُ بَغْتَة مَا كَانَ ينفث.
جَاءَنِي رجل من أهل دَار الْأَمْوَال وَقد بدا بِهِ دَار الثَّعْلَب فِي رَأسه قدر إِصْبَعَيْنِ فأشرت عَلَيْهِ أَن يدلكه بِخرقَة حَتَّى يكَاد يدمي ثمَّ يدلكه ببصل فَفعل وأسرف فِي ذَلِك مَرَّات كَثِيرَة حَنى تنفط. فَأَمَرته أَن يطلي عَلَيْهِ شَحم الدَّجَاج فسكن اللذع ثمَّ تجَاوز. فنبت شعره فِي نَحْو امْرَأَة الْقصار وَكيل ولد سعيد بن عبد الرَّحْمَن كَانَت إماراتها إمارات مستسقية وَلم يُمكن أَن يثبت فِي النّظر إِلَيْهَا فسقيتها مَاء الفلافل حينا ودواء الكركم حينا فَبَيْنَمَا هِيَ تَغْتَسِل يَوْمًا ارتكنت على إجانة فَسَالَ من قبلهَا قدر عشْرين رطلا مَاء أصفر وَخفت واستراحت مُدَّة ثمَّ بعد ذَلِك استقصيت خَبَرهَا وَصحت علتها وَكَانَت بهَا عِلّة فِي الرَّحِم عالجتها بعد وَكَانَت تتوهم أَن بهَا حبلاً وَلم يكن ذَلِك. فَيَنْبَغِي أَن تعلم وتتفقد فَإِن من علل الرَّحِم عِلّة تشبه الاسْتِسْقَاء.) 3 (رجل من بني سوَادَة) حم مَعَ خلفة صفراوية فَلَمَّا كَانَ فِي الرَّابِع مَعَ الصُّبْح بَال دَمًا وَاخْتلف مرّة أَخْضَر مَعَ دموية تشبه غسالة اللَّحْم الطري وَسَقَطت قوته وأنكرنا ذَلِك لِأَن علته كَانَت سَاكِنة هادئة ثمَّ انْتَقَلت فِي لَيْلَة وَاحِدَة إِلَى مثل هَذِه الحدة والشدة وتوهمنا أَنه سقِِي شَيْئا فَلَمَّا كَانَ عِنْد الْعَصْر بَال بولاً أسود وَاخْتلف أَيْضا مرَارًا أسود وَمَات صَبِيحَة الْيَوْم السَّادِس وَكَانَت بِهِ حصبة رَدِيئَة مائلة إِلَى دَاخل.
جَاءَتْنِي امْرَأَة تبول بولاً أسود كالمري وَزَعَمت أَنه كَانَ لَهَا وجع فِي صلبها وَأَن ذَلِك(4/523)
الوجع قد سكن مُنْذُ أَقبلت تبول هَذَا الْبَوْل وَكَانَت قد نالته عشرَة أَيَّام حِين جَاءَتْنِي وَكَانَت بهَا حمى ليلية كل لَيْلَة بنافض وَالْمَرْأَة سوداوية فأشرت عَلَيْهَا بِمَا يدر الْبَوْل.
امْرَأَة أُخْرَى أَصَابَهَا قولنج يسير فسقيت شهرياران وسقيت بعده دَوَاء فِيهِ حرارة كَثِيرَة وَكَانَ الوجع فِي الرَّحِم وَإِنَّمَا احْتبست الطبيعة مَعَه لوجع ورم فِي الرَّحِم يضيق على الْأَعْوَر ويشتد مِنْهُ الوجع إِذا نزل الثفل وامتنعت الطبيعة من إبراز الثفل لذَلِك فَلَمَّا سقيتها ألف هـ هَذِه الْأَدْوِيَة جرى من قبلهَا شَيْء يشبه المشيمة فَأمرت الْقَابِلَة أَن تتفقد صلابته وتجسه فَكَانَ رخواً عديم الْحس فَأمرت أَن يشد بالفخذين بعد يَوْمَيْنِ فَأمرت أَن يقطع مَا لم يحس مِنْهُ وَنَشَأ شَيْء آخر فَقطع ثَلَاث مَرَّات ثمَّ بَرِئت.
جَاءَنَا الشَّيْخ المسلول مَا زَالَ ينفث دَمًا كثيرا مُدَّة طَوِيلَة ثمَّ إِن الْأَمر اشْتَدَّ بِهِ فسقى بَنَادِق مَانِعَة من السعال فجف عَلَيْهِ كل مَا كَانَ بِهِ وبرأ برءاً تَاما ثمَّ مَاتَ وَلم أكن متفقداً لحاله فِي هَذِه الْأَيَّام. فَيَنْبَغِي أَن يمْتَنع عَن الْمَانِعَة للنفث إِلَّا حَيْثُ ينحدر مَا لَهُ من الرَّأْس وَيَنْبَغِي أَن يمْنَع من التضميد للبطن فِي الحصبة والجدري فَإِنَّهُ يضيق النَّفس على الْمَكَان وَيُورث إسهالاً رديئاً وبل أَلد ومثاله ابْن السوادة.
أبيذيميا الْمَرِيض الأول من الْمقَالة الأولى: هَذَا حم حمى حارة قَوِيَّة الْحَرَارَة يَوْمه كُله ثمَّ عرق فِي لَيْلَة عرقاً كثيرا فَلم تنقص عِنْد ذَلِك الْعرق وَلم يُخَفف عَنهُ شَيْئا من حماه لَكِن كَانَت لَيْلَة كلهَا وَفِي يَوْمه الثَّانِي اشْتَدَّ مَا بِهِ من هَذِه الْأَعْرَاض أَكثر ثمَّ حمل شياقه عَشِيَّة هَذَا الْيَوْم فَنزل مِنْهُ برَاز وَخفت ليلته أجمع ونهار يَوْم الثَّالِث إِلَى نصفه. فَلَمَّا كَانَ فِي آخر هَذَا الْيَوْم هَاجَتْ الْحمى مَعَ عَطش شَدِيد وجفوف الْفَم وعرق لَا تخف بِهِ الْحمى أصلا وتخبط وهذيان وبال)
فِي هَذِه اللَّيْلَة بولاً أسود. وَفِي الْيَوْم الرَّابِع اشْتَدَّ أَيْضا جَمِيع مَا كَانَ بِهِ أَكثر وبال بولاً أسود ثمَّ كَانَ لَيْلَة صبيحتها الْيَوْم الْخَامِس وَإِلَى انتصاف الْخَامِس أخف فَلَمَّا كَانَ بعد انتصافه قطر من مَنْخرَيْهِ قطرات دم يسير أسود وبال بولاً فِيهِ تعليقات مثل الْمَنِيّ مُخْتَلفَة الشكل مستديرة وَغير ذَلِك وَلم يكن يرسب وصعب أَيْضا كل مَا بِهِ لَيْلَة صبيحتها السَّادِس وَبَردت فِيهَا أَطْرَافه حَتَّى لم تسخن إِلَّا بكد وَقل ونومه وبال بولاً أسود. فَلَمَّا كَانَ صَبِيحَة السَّادِس انسكب وعرق عرقاً بَارِدًا ثمَّ اخضرت أَطْرَافه نَحْو انتصاف النَّهَار وَمَات. وَكَانَ عرقه فِي مَرضه كُله بَارِدًا وَنَفسه عَظِيما متفاوتاً بَانَتْ دَلَائِل الرداءة فِي هَذَا الْمَرِيض فِي ليلته الأولى وَذَلِكَ أَنه كَانَ يعرق فِيهَا أجمع فَلَا تخف حماه بذلك.
وَقد قَالَ بقراط: إِن الْأَشْيَاء الَّتِي تكون بهَا البحران إِذا كَانَت ثمَّ لم يكن لَهَا بحران فإمَّا أَن تدل على الْمَوْت وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل مهلكة أَو على طول الْمَرَض ألف هـ وَذَلِكَ إِذا كَانَت مَعَ دَلَائِل السَّلامَة. وكما أَن حمى هَذِه إِنَّمَا لم تخف بالعرق لَكِنَّهَا كَانَت فِي الثَّانِي أقوى وَأَشد فَلَمَّا بَال فِي الْيَوْم الثَّالِث بولاً أسود حقق دَلِيل الرداءة. وَذَلِكَ أَنه ظهر بعد الشَّيْء الَّذِي بِهِ يكون البحران عَلامَة أُخْرَى قاتلة أَيْضا أكدت الأولى وَشهِدت لَهَا أَعنِي(4/524)
الأولى أَنَّهَا لم تخف بالعرق وَتبع أَيْضا الأرق والاختلاط والعطش. فَلَمَّا كَانَ الرَّابِع وَاشْتَدَّ مَا بِهِ أَكثر وبال بولاً أسود أَيْضا صَحَّ مِنْهُ شَيْئَانِ: أَحدهمَا أَن مَرضه يصعب فِي الْأزْوَاج لِأَنَّهُ كَانَ قد صَعب فِي الثَّانِي. وَالثَّانِي أَن مَوته يكون فِي الْأزْوَاج وَالرَّابِع ينذر بالسادس وَالسَّابِع إِلَّا أَنه إِذا كَانَت الحدة شَدِيدَة والدلائل مهلكة مَال إِلَى السَّادِس. فَلَمَّا كَانَ فِي السَّادِس وَجَاء بِهِ مَعَ أَعْرَاض صعبة فَمَاتَ فِيهِ وحقق أَن بحرانه مَال إِلَى السَّادِس بَال بَوْله فِي الثَّالِث وَالرَّابِع بولاً أسود فَإِن هَذَا يدل إِلَى غَايَة الْخبث والرداءة والحدة لِأَنَّهُ يدل إِذا كَانَت الصعوبة والشدة قويتين متصلتين وَالدَّلِيل على الحدة قوي. فَلَمَّا تبع ذَلِك أَن قطر من مَنْخرَيْهِ دم يصير أسود فِي الْخَامِس حقق ضعف قوته وَلَو كَانَت قوته أقوى وأعراضه الرَّديئَة أخف لقد كَانَ مَوته يتَأَخَّر فِي الثَّامِن وَنَفسه كَانَ الدَّلِيل على اخْتِلَاط الذِّهْن على مَا قيل فِي أبيذيميا وعرقه الْبَارِد فِي طول مَرضه كَانَ تنقص بِهِ قوته وَلَا ينقص مَرضه والخف الَّذِي كَانَ يجده فِي خلال ذَلِك دَلِيل على أَنه يَنْبَغِي أَن لَا تثق بالراحة الْحَادِثَة بِلَا نقص وبحران أَو بِسَبَب لَهُ كَائِن فَإِن الشدَّة تعود فِي مثلهَا سَرِيعا.
قد ذكر علل مَا فِي هَذِه الْقِصَّة غير الْبَوْل الَّذِي فِيهِ تعلق يشبه الْمَنِيّ وَكَانَ مَا فِيهِ مُوَافقا لما فِي)
كتاب تقدمة الْمعرفَة والبحران وأيامه بَقِيَّة أبيذيميا عِنْد هَذِه الغب اللَّازِمَة.
الْحسن الجهبذ كَانَت بِهِ عِلّة شكّ فِي أول أمرهَا أَنَّهَا ذَات الْجنب ثمَّ صَحَّ ذَلِك وَلم يقْصد وَكَانَ مَرضه حاداً ونفثه زبدي أَبيض ورأيته فِي الْحَادِي عشر وأطرافه مثل الثَّلج لَا تسخن بحيلة وَلم تظهر بِهِ فِي مَا قبل ذَلِك حمى فَإِن خَبره كَانَ يخْشَى مُنْذُ الْيَوْم التَّاسِع بل كَانَ بَارِد الْبدن وَكَانَت عَيناهُ جامدتين وَأَرَادَ الفصد ألف هـ فِي هَذَا الْيَوْم فَلَمَّا جسست عرقه رَأَيْته منقبضاً قحلاً فنهيته عَن ذَلِك وَكَانَ بزاقه قد تلزج وَصَارَ كَمَا فِي كتاب الْأَمْرَاض الحادة فحدست أَنه يبْقى مُدَّة يَوْم فَمَاتَ بعد سبع سَاعَات أَو ثَمَان. 3 (أَبُو الْحسن بن عبد ربه) وَكَانَ يُصِيبهُ أغْلظ مَا يكون من الزُّكَام وَأَشد مَا رَأَيْت مثله وَمَا هُوَ أقل مِنْهُ يبْقى على من يُصِيبهُ السّعر وَالْأَكْثَر وَينزل إِلَى صَدره حَتَّى بنفث بالسعال فَكَانَ يسكن عَنهُ نصف يَوْم حَتَّى لَا يجد مِنْهُ شَيْئا الْبَتَّةَ ويهيج بِهِ وجع المفاصل فَيَنْبَغِي أَن تعلم أَن الْأَمر على مَا ذكر جالينوس أَن دفع الْفضل لَيْسَ إِنَّمَا يكون من المجاري الغشائية بل باتصال الْأَعْضَاء وَإِنَّمَا كَانَ يسكن عَنهُ كَانَ بِرَجُل من الجلة بِبَغْدَاد وجع الورك سقَاهُ الطَّبِيب حب المنتن والشيطرج لبياض مَا بِهِ وَغلظ بدنه وتدبيره فازداد وَجَعه وَاشْتَدَّ مَا بِهِ حَتَّى تهَيَّأ لَهُ أَن يَسْتَوِي بحقنة فَزَاد شرا فاستغاثني فقيأته على الامتلاء مَرَّات ثمَّ بعد ذَلِك طليت وركه بالخردل حَتَّى تنفط وخف وَجَعه وَنقص حَتَّى ذهب أَكْثَره ثمَّ حقنته بحقنة مسحجة فبرأ.(4/525)
أُخْت الْوراق كَانَ بهَا وجع الورك والنسا فوصفت لَهَا حقنه قَوِيَّة فَأَرَادَتْ شَيْئا سهلاً فأمرتها أَن تحتقن بِمَاء السّمك المالح فَفعلت وبرأت بعد أَن أسحجتها.
وَهَكَذَا كَانَ ابْن خَلِيل لم يحقن بل كَانَ قد عرج من وركه فَشرب شَحم حنظل كثيرا وبرأ.
أَبُو عمر بن وهيب أَصَابَهُ وجع فِي كبده وحم وَظهر بِهِ يرقان غليظ جدا حَتَّى كَانَ عينه قِطْعَة عصفر فِي الْيَوْم الْخَامِس وَاحْتبسَ بَوْله فِي التَّاسِع وَكَانَ لَا يَبُول إِلَّا شَيْئا يَسِيرا نزراً مِقْدَار ثَلَاث قطرات كَأَنَّهُ مَا فِي جَوف المرارة وَاخْتلف اخْتِلَاف السَّوْدَاء أسود وَكَانَ بَوْله فِي الْخَامِس أسود ثمَّ صَار أَحْمَر عَلَيْهِ زبد أصفر. فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة رَعَفَ من المنخر الْأَيْمن رعافاً صعباً ثمَّ مَاتَ فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشر وَلم يزل صَحِيح الْعقل ثَابتا وهاج بِهِ فَوَافَقَ وزكام وَكَانَ ورم كبده ظَاهرا للحس.)
أَبُو نصير كَانَ نصف بدنه حاراً بالطول وَنصف بدنه الآخر بَارِدًا كالثلج وَلَا نبض لَهُ فِي النّصْف الْبَارِد وَله نبض سريع فِي الثَّانِي وَقد تشنجت أوتار عُنُقه وماؤه أَبيض ألف هـ كَالْمَاءِ الْجَارِي وعينه الَّتِي فِي الْجَانِب الْبَارِد قد صغرت وتقلصت جدا جدا.(4/526)
(الغشي وعلاجه) (وَمَا ينذر بِهِ وَحفظ الْقُوَّة وعلامات صِحَة الْقُوَّة وضعفها اسْتَعِنْ بِبَاب الْقلب) قَالَ ج فِي الثَّالِثَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء: فِي الغشي ضروب يكون من كَثْرَة خلط بَارِد وَمِنْه مَا يكون عَن الْمعدة وإعطاؤنا العليل فِي هَذِه الْعلَّة الطَّعَام وَالشرَاب لَيْسَ مداواة بِسَبَب الْخَلْط.
لي قد ذكر علاج هَذَا فِي بَاب الحميات الَّتِي مَعَ أَعْرَاض وَهِي الْحمى الَّتِي تبتدئ مَعَ خلط ني كثير فِي الْبدن فاقرأ ذَلِك الْبَاب فَإِن فِيهِ علاج ضَرْبَيْنِ من الغشي وَهَذِه جملَة مَا قَالَ هُنَاكَ أَعنِي فِي الثَّانِيَة عشرَة من حِيلَة الْبُرْء.
قَالَ: من أَصَابَهُ غشي فاسقه شرابًا سريع النّفُوذ جدا وَذَلِكَ أَنَّك إِنَّمَا تُرِيدُ أَن ينفذ ذَلِك الْغذَاء الَّذِي تغذيه مَعَه سَرِيعا فِي الْبدن وَذَلِكَ يكون فِي الشَّرَاب الْأَصْفَر الرَّقِيق الْعَتِيق الريحاني الَّذِي إِذا ذقته وجدت حرارته تنفذ فِي بدنك سَرِيعا وَلَا يَنْبَغِي أَن تبلغ إِلَى أَن يصير مرا وخاصة غم كَانَ الغشي من الصَّفْرَاء فَإِن الشَّرَاب المر لَيْسَ يُولد الدَّم الْجيد فِي الْغَايَة وَلَا هُوَ جيد الْغذَاء وَلَا يستلذ فَيضر بالمعدة ويؤذيها. فأفضل أَنْوَاع الشَّرَاب للغشي مَا كَانَ فِي الأَصْل قَابِضا وَكَانَ لم يبْق فِيهِ من الْقَبْض شَيْء يحس بِهِ لعتقه وَكَانَت الْحَرَارَة فِيهِ ظَاهِرَة بَيِّنَة غَايَة الظُّهُور فَإِن هَذَا الشَّرَاب يفعل فِي هَؤُلَاءِ جَمِيع مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَذَلِكَ أَنه لذيذ الشَّرَاب سريع النّفُوذ. 3 (حفظ الْقُوَّة) قَالَ: يَنْبَغِي أَن تحفظ جَوْهَر الرّوح وجوهر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة مَا أمكن بحالهما الطبيعية قَالَ: فَإِن سُقُوط الْقُوَّة يحدث من تَحْلِيل جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فِي الْأَمْرَاض المزمنة وَرُبمَا عرض لَهُ الذوبان فِي الْأَمْرَاض الحادة سَرِيعا. وَأما الرّوح فَإِنَّهُ يتَغَيَّر إِمَّا لأخلاط رَدِيئَة أَو فَسَاد الْهَوَاء أَو السمُوم أَو وجع أَو عوارض النَّفس أَو لِأَن جَوْهَر الرّوح يُكَلف جدا أَو لِأَن الْأَجْسَام المحيطة فِي التنفس بِهِ تسخف أَو من قبل امْتنَاع النَّفس أَو من قبل الْغذَاء. وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تعنى بالهواء الْمُحِيط فِي كيفيته وبالغذاء إِذا أردْت أَن تحفظ الْقُوَّة ألف هـ سليمَة. واحفظ فَم الْمعدة فَإِنَّهُ يعرض من قبله الغشي.(4/527)
3 - (الغشي) قَالَ: أَسبَاب الغشي تِسْعَة: أَحدهَا كَثْرَة الأخلاط النِّيَّة فِي الْبدن وَهَذِه تحدث الغشي لأسباب: مِنْهَا أَن الْبدن لَا يغتذى وَأَن الْحَرَارَة الغزيرة تختنق والمزاج الطبيعي يتَغَيَّر بِهَذِهِ الأخلاط لِأَن هَذِه الأخلاط النِّيَّة لَا تغذي الْبدن حَتَّى تنضج ولكثرتها لَا يُمكن أَن تنضج لِأَنَّهَا قاهرة ثَقيلَة على الْقُوَّة وَلِأَنَّهَا تسد التَّحْلِيل وتمنعه بخنق الْحَرَارَة الغريزية.
وَالثَّانِي أَن يكون من رقة الأخلاط وإفراط التَّحْلِيل من الْبدن وَهُوَ ضد هَذَا. والغشي يكون هَهُنَا من كَثْرَة مَا يتَحَلَّل من الْبدن وَقد ذكرنَا علاج هذَيْن فِي بَاب الحميات الَّتِي مَعهَا أَعْرَاض.
وَيكون الغشي من الوجع الشَّديد والأرق والاستفراغ المفرط. وَكَثِيرًا مَا يكون عِنْد اخْتِلَاط الْعقل وَمن سوء مزاج الْأَعْضَاء النفيسة وَمن سوء مزاج النفيسة يكون إِمَّا أَن يحتقن فِيهَا خلط رَدِيء وَإِمَّا سوء مزاج بِلَا مَادَّة.
قَالَ: فالغشي الْكَائِن عَن الوجع يَنْبَغِي أَن يقطع كَونه يقطع الوجع وَإِن كَانَ السَّبَب الْمسكن للوجع مِمَّا يسكنهُ بِأَن يقطع السَّبَب الْفَاعِل للوجع فافعله دَائِما وَإِن كَانَ إِنَّمَا يخدر الْحس فافعله عِنْد الضَّرُورَة.
لي الغشي يعالج فِي وَقت النّوبَة بِدَفْعِهِ لَا بقلع السَّبَب فَلذَلِك يعالج الغشي كُله بالطيب وَمَا جرى مجْرَاه وَأما فِي وَقت السّكُون فتعمد إِلَى قطع السَّبَب الْفَاعِل لَهُ.)
قَالَ ج فِي الثَّالِثَة من الأخلاط: أَن الْأَشْيَاء الَّتِي تنثر على الْبدن وتستعمل فِي الغشي الَّذِي يحدث بِسَبَب الْمعدة أَو الْقلب وَلم يذكر مَادَّة هَذِه الْأَشْيَاء وَهِي عِنْدِي القابضة الطّيبَة الرّيح وَأَن يطلى بهَا خير عِنْدِي وَيُزَاد بهَا تَقْوِيَة الْمعدة وَمنع التَّحَلُّل.
قَالَ: وعلامة حُدُوث الغشي ندى بَارِد يظْهر على الْبدن وَصغر النبض.
الغشي الْكَائِن يعقب الاستفراغ من خلط يجب أَن يستفرغ إِذا كَانَت الْقُوَّة الحيوانية مِمَّا يمسكنه الاستفراغ غير مخوف بل نَافِع مَأْمُون كالغشي الْكَائِن بعقب استفراغ الدَّم فِي الْحمى اللَّازِمَة.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: يسْتَعْمل فِي الغشي الْأَطْعِمَة ألف هـ القابضة لِأَنَّهَا تقَوِّي الْبَطن وفم الْمعدة وتشد المجاري وتمنع الاستفراغات وَجَمِيع التَّحَلُّل.
الْمقَالة الثَّالِثَة قَالَ: سُقُوط الْقُوَّة يعرض إِمَّا لترك الْغذَاء أَو للذع فِي فَم الْمعدة شَدِيد أَو تغير مزاج بَغْتَة أَو ضعف يعرض فِي إِحْدَى المبادئ. وأسرعها فِي إِسْقَاط الْقُوَّة وَالْمَوْت والهلاك ضعف قُوَّة الْقلب ثمَّ الدِّمَاغ ثمَّ الكبد. أَو ألم الْأَعْضَاء الْمُشَاركَة لهَذِهِ الْقُوَّة فَإِن فَم الْمعدة يُشْرك الْقلب بالمجاورة ويشرك الدِّمَاغ بالعصب فضرره يضر بِهَذَيْنِ وتخلخل الْبدن يسْرع حُدُوث الغشي وكثافته تبطئ بِهِ. وَيَنْبَغِي أَن يَأْخُذ الطَّبِيب نَفسه بتعرف حُدُوث الغشي وَسُقُوط الْقُوَّة قبل أَن يحدثا.(4/528)
قَالَ: وَإِذا عرض سُقُوط الْقُوَّة والغشي بِسَبَب شدَّة الوجع وحدة الْمَرَض فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى الاستفراغ فِي الْأَكْثَر لَا إِلَى الْغذَاء وَلذَلِك كثير من هَؤُلَاءِ إِن غذوا أضرّ بهم أضراراً شَدِيدَة.
وَمن عرض لَهُ بِسَبَب الاستفراغ وخلا الْعُرُوق وَاحْتَاجَ إِلَى التغذية فَإِن دبر تدبيراً لطيفاً أضرّ ذَلِك بِهِ إِلَّا أَن هَذَا الْإِضْرَار أقل ثباتاً من الأول. وَمن الْقَبِيح أَن لَا يعلم الطَّبِيب هَل سُقُوط الْقُوَّة من أجل الخوى أَو من أجل الوجع وَذَلِكَ أَنه إِن عرض سُقُوط الْقُوَّة بِسَبَب الخوى والطبيب يمْنَع من الأغذية ثمَّ أذن لَهُ فِيهِ بعض العواد وَيقبل مِنْهُ العليل وَنَفسه انْتَعش من سَاعَته كالميت الَّذِي يحيي كَانَ ذَلِك سبة على الطَّبِيب.
لي لَيْسَ ضرب من الغشي إِلَّا وَهُوَ يحْتَاج وقته ذَلِك إِلَى التغذي وَإِن كَانَ صعباً وَإِلَى مَا ينعش مثل أراييح الطّيب والأغذية ثمَّ التغذي بِمَا ينفذ ويغذي سَرِيعا فَإِذا اندفعت النّوبَة قصد حِينَئِذٍ فِي دفع السَّبَب فَرُبمَا احْتِيجَ أَن يدْفع بالتغذية وَرُبمَا دفع بالاستفراغ فتفقد هَذِه الْحَال عِنْد سُقُوط الْقُوَّة لِئَلَّا تغذو من لَا يحْتَاج إِلَيْهِ.)
وَقد يكون غشي من فضل ينصب إِلَى الْمعدة فتفقد ذَلِك تُعْطِي عَلامَة وعلاجاً لذَلِك الْوَقْت إِن شَاءَ الله عزّ وجلّ.
الأولى من الْفُصُول: لي أرى أَن الغشي من انحلال الْقُوَّة الحيوانية يحْتَاج إِلَى مَا يغذو وَمَا ينْحل بِسُرْعَة فَلذَلِك أبلغ الْأَشْيَاء الطّيب ألف هـ وَالشرَاب وَمَاء اللَّحْم وَنَحْوه لِأَنَّهُ لَا شَيْء يغذو الْبدن أسْرع من الَّتِي بِالرِّيحِ ثمَّ بالأشياء المرطبة السريعة النَّفاذ فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك جَيِّدَة للمعدة كَمَاء اللَّحْم الَّذِي يطيب بالقرنفل والمسك وَنَحْوه كَانَ فِي الْغَايَة من تَقْوِيَة الْقُوَّة.
قَالَ أبقراط: من احْتَاجَ بدنه إِلَى تَقْوِيَة سريعة جدا فأبلغ الْأَشْيَاء لَهُ مَا يشم. وَمن احْتَاجَ إِلَى مَا يرد قوته وَاحْتمل أَن يكون الزَّمَان أطول قَلِيلا وَلم يحْتَج إِلَيْهِ على الْمَكَان لَكِن بعد سَاعَة فالخمر وَمَاء اللَّحْم. وَأَبْطَأ من هَذِه الْأَجْسَام فغذ هَذِه الأغذية الصلبة.
لي على مَا رَأَيْت فِي الْفَصْل الَّذِي فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من الْفُصُول الَّذِي يُقَال فِيهِ شرب الشَّرَاب يشفي من الْجُوع إِذا كَانَ الغشي رُبمَا عرض لاستفراغ شَدِيد والعهد بِالطَّعَامِ بعيد فإياك أَن تجترئ أَن تُعْطِي شرابًا خَالِصا فَإِنَّهُ يعرض مِنْهُ التشنج والاختلاط وَلَكِن يُجزئ أَن يحسوا أَولا حسا من مَاء اللَّحْم وخبز سميد فَإِن لم يتهيأ لسرعة الْحَاجة فَاجْعَلْ الشَّرَاب فَاجْعَلْ الشَّرَاب فِي هَذَا الحساء وَلَا تسق خَالِصا فَإِن اضطررت فامزجه واسق مِقْدَارًا قَلِيلا وَإِذا ثبتَتْ الْقُوَّة وأمهلت أدنى مهل فَعَلَيْك بالحسو إِذا رَأَيْت ذَلِك.
وَمن يصبهُ غشي شَدِيد مَرَّات كَثِيرَة بِلَا سَبَب ظَاهر مثل حمى أَو استفراغ وَنَحْوه فَإِنَّهُ يَمُوت الْخَامِسَة من الْفُصُول قَالَ: الغشي لَازم لكل استفراغ مفرط.(4/529)
السَّادِسَة مِنْهُ: مَتى نَام العليل وعينه لَا تنطبق من غير استفراغ كثير دلّ على ضعف الْقُوَّة وَالْقُوَّة إِذا ضعفت لم تنطبق لَا الْعين وَلَا الْفَم.
وَمن كتاب الذبول: 3 (جملَة علاج الغشي) يسقى الْخمر والأغذية السريعة الهضم وَالطّيب وروايح الأغذية وتكثيف ظَاهر الْبدن بالمبردات والمطفئات.
من امتحان الطَّبِيب: قَالَ: رُبمَا حضر بعض جهال الْأَطِبَّاء مَرِيضا سَاقِط الْقُوَّة قد يكون من ضروب لَكِن أَشَارَ أَن يطعم الْمَرِيض الْبيض وَالْخبْز المنقوع فِي الشَّرَاب وَنَحْوهَا فَإِذا حضر طَبِيب عَالم منع العليل من لَك كُله وَأمره أَن يمسك ألف هـ عَن الطَّعَام الْبَتَّةَ فَإِذا فعل العليل ذَلِك تراجعت قوته فَعلم النَّاس حِينَئِذٍ أَنه لَو كَانَ أكل مَا أَمر بِهِ الْجَاهِل لَكَانَ يختنق.
قَالَ: وَحَضَرت مرضى كَثِيرَة هَذِه حَالهم فَلم أقتصر على أَن منعتهم الطَّعَام لَكِن استفرغتهم فَرَجَعت إِلَيْهِم قواهم والاستفراغ فِي هَذَا الْموضع يخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف حالات المرضى لِأَن سُقُوط الْقُوَّة لَيْسَ يعرض من سَبَب وَاحِد بِعَيْنِه لكنه يعرض كَمَا وصف أبقراط من أَسبَاب كَثِيرَة وَقد شفينا مَرَّات كَثِيرَة مِنْهُ بالإسهال وبدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وبإدرار الْعرق أَو بِالْمَنْعِ عَن الطَّعَام.
قَالَ وَإِنِّي لأعرف عدَّة من المرضى داويتهم من هَذَا الْعَارِض مُدَّة طَوِيلَة وَأعرف آخَرين كَانَ قد عرض لَهُم الغشي فضلا عَن نُقْصَان الْقُوَّة داويتهم مِنْهُ بِالْمَنْعِ من الطَّعَام الْبَتَّةَ وبدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَرُبمَا أمرت بدلك الْبدن كُله فبرؤوا بِهِ. وَقوم آخَرُونَ حَضرتهمْ وهم أصحاء كاملو الْقُوَّة قد عزموا على الاقتصاد فأعلمتهم أَنهم إِن فصدوا غشي عَلَيْهِم وَكَذَلِكَ إِن شربوا دَوَاء استفرغوا بِهِ واستعملوا ضماداً محللاً.
وجالينوس يَقُول هَهُنَا أَنه يَنْبَغِي أَن تكون عَارِفًا بِالْبدنِ لِأَن من الْأَبدَان وَالْأَحْوَال حالات لَا يسْتَعْمل فِيهَا استفراغ الْبَتَّةَ فَتسقط قوتها بِهِ وأبدان إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يكون عَمَلك بِحَسب ذَلِك فسقوط الْقُوَّة هَذِه حَالَة. وَأما الغشي فَإِنَّهُ فِي وَقت النّوبَة لَا بُد من إنعاش الْقُوَّة بالطيب وَالشرَاب وتكثيف الْبدن حَتَّى إِذا ذهبت النّوبَة فَيَنْبَغِي أَن تعالج إِن كَانَ عَن امتلاء باستفراغ ذَلِك الْخَلْط لجملة الْبدن.
نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لما غشي على الْمَرْأَة الَّتِي خرج مِنْهَا فِي الْحمى رطوبات كَثِيرَة أمرت النِّسَاء اللواتي حولهَا أَلا يصحن بالطلاء لَكِن أمرتهن بذلك يَديهَا ورجليها وفم معدتها كالعادة فِي من أُغمي عَلَيْهِ وَضربت أَنا يَدي إِلَى دهن ناردين بِطيب فَجعلت أمرخ بِهِ فَم معدتها وَأمرت)
أَن تسخن يداها ورجلاها ويدنى من خياشيمها الْعطر وَلما فعلنَا ذَلِك أفاقت سَرِيعا.
من الفصد قَالَ: عَلامَة شدَّة الْقُوَّة الطبيعية خصب الْبدن وَكَثْرَة لَحْمه وَدَمه وَحسن(4/530)
لَونه.
وعلامات ضعفها بالضد. وعلامات قُوَّة الْقُوَّة النفسانية جودة الْأَفْعَال الإرادية وخفة الحركات عَلَيْهَا واحتماله ألف هـ لَهَا. وعلامات قُوَّة الْقُوَّة الحيوانية قُوَّة النبض وتعرف ذَلِك من كتاب النبض.
من كتاب الامتلاء قَالَ: لَيْسَ كَثْرَة الدَّم تتبعه شدَّة الْقُوَّة لكنه قد يكون فِي حَال الدَّم كثيرا وَالْقُوَّة ضَعِيفَة وَالدَّم قَلِيلا وَالْقُوَّة قَوِيَّة لِأَن الْقُوَّة لَيست تزيد ضَرُورَة بِزِيَادَة الدَّم وَلَا تنقص بنقصانه.
لي الدَّم كمية أَن نقص عَنْهَا ضعفت الْقُوَّة لَا محَالة وكمية فِي حَال الِاحْتِمَال إِن كثر عَلَيْهَا ثقل على الْقُوَّة. وَالنُّقْصَان وَالزِّيَادَة على هَاتين الْحَالَتَيْنِ يتبعهَا ضعف الْقُوَّة وقوتها وَأما فِي الْأَحْوَال الْأُخْرَى فَلَا لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن تكون الْقُوَّة مثقلة بِكَثْرَة الدَّم فتقوى باستفراغه لِأَنَّهَا تخف وتنتعش وَيُمكن أَن يكون الدَّم معتدلاً بِمِقْدَار مَا هُوَ للقوة فِي النِّهَايَة من الْمُوَافقَة فَإِذا ازْدَادَ على مِثَال ذَلِك: الْأَشْيَاء المتغيرة عَن اعْتِدَال مَا كعين المَاء وَنَحْوهَا فَإِن الْحَال هُوَ فِيهَا.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة من أبيذيميا قَالَ: لَيْسَ كل عُضْو يُمكن أَن تعرف مِنْهُ حل الْقُوَّة كَالْعَيْنِ يكون بصرها حادة وأجفانها مَفْتُوحَة وبالضد وألوان الْعين وحجبها وحركتها تدلك على حَال الْقُوَّة دلَالَة صَحِيحَة فَإِن الْعين منتفخة الحجم السمينة الخصبة الْحَسَنَة اللَّوْن الصقلية اللَّوْن البراقة دَلِيل على صِحَة الْقُوَّة وَالْعين الكدرة السمجة اللَّوْن بالضد.
الطَّبَرِيّ قَالَ: الغشي الَّذِي يكون مَعَ الغثيان أقصد للغثى بالأشربة والأشياء المسكنة للعثى وَالَّذِي من كَثْرَة الْعرق رش على وَجهه مَاء بَارِدًا وانطل بدنه بِمَاء بَارِد وَمَاء الآس والتفاح والسفرجل واجعله فِي بَيت بَارِد. وَمَا كَانَ من اختناق الرَّحِم فعلاجه هُنَاكَ. وَمَا كَانَ من نزف الدَّم أَو ورم فِي الْجوف فعالج ذَلِك الورم فَأَما فِي الْوَقْت نَفسه فَيقبض الْأنف ليحتبس النَّفس سَرِيعا ويرش المَاء ويهيج العطاس وتشد الْأَطْرَاف وتدلك بالمنادل.
لي للغشي الشَّديد الْمُتَوَاتر يسْقِي الْخمر مَعَ الْمسك ويسقي أَقْرَاص الْمسك وصفتها: تُؤْخَذ قاقلة وكبابة وعود نيئ وقرنفل ورامك دِرْهَم دِرْهَم وَمن الْمسك من حَبَّة إِلَى حبتين إِلَى قِيرَاط فِي الشربة إِذا كَانَ الغشي شَدِيدا وَالْبَاقِي بِالسَّوِيَّةِ ويسقي مِنْهُ زنة دِرْهَم بالمطبوخ)
الريحاني.
وَقد يعرض لقوم عِنْد تَأْخِير الْغذَاء وَعند التُّخمَة ألف هـ الدخانية فِي أول نَوَائِب الحميات لذع فِي فَم الْمعدة وَيكون مِنْهُ غشي وعلاجه الْقَيْء والإسهال بالأيارج والأفسنتين أَو بالإهليلج الْأَصْفَر وَنَحْوه ممازج مَعَه.
اهرن: للغشي ينضح على الْوَجْه مَاء بَارِد أَو تطلى المفاصل بالنضوح والميسوسن: وضع عَلَيْهِ كعكاً قد أنقع فِي ميسوسن ونضوح.(4/531)
من جَوَامِع النبض على رَأْي ج قَالَ: الْقُوَّة تزيد بالأغذية المعتدلة وَالسُّرُور.
لي الْقُوَّة تزيد بالغذاء وَالشرَاب وَالطّيب والراحة وَالسُّرُور وَقلة مَا يضجر والتنقل فِي مَا يسره.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف النبض قَالَ: الْأَشْيَاء الَّتِي تحلل الْقُوَّة: الصَّوْم وَالْغَم والاستفراغ المفرط والوجع وأضدادها تقوى.
قَالَ: وخاصة أوجاع الْمعدة وَمَا فِيهَا من التقلب مِمَّا يتبعهُ الغشي وَسُوء المزاج الْقوي الْحَادِث يحلل الْقُوَّة أَيْضا.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي قَالَ: الْقُوَّة تقوى بإكثار الدَّم وَيكون ذَلِك بالأطعمة والأشربة الحميدة إِذا أَخذ مِنْهَا دون الشِّبَع لكَي تقوى ويستولي عَلَيْهَا الهضم اسْتِيلَاء شَدِيدا وَاسْتِعْمَال النّوم والراحة وَالسُّرُور وَالطّيب وَترك الْحَرَكَة الشَّدِيدَة والهم والصياح وَغير ذَلِك مِمَّا يستفرغ ويحلل بولس: الغشي الشَّديد الْمُتَوَاتر الَّذِي لَا يفتر لَا علاج لَهُ لِأَنَّهُ يكون من عَارض عرض فِي الْقلب نَفسه.
قَالَ: وَأما الَّذِي يكون لمشاركة الْقلب لعضو آخر مثل الدِّمَاغ أَو الكبد أَو فَم الْمعدة فَإِنَّهُ قد يكون مَعَ الغشي سُقُوط الْقُوَّة بَغْتَة وَصغر النَّفس والنبض وَبرد الْأَطْرَاف وعرق مُنْقَطع فِي بعض الْجَسَد فَإِذا كَانَ الغشي شَدِيدا فَلَا علاج لَهُ وَإِن كَانَ ضَعِيفا فقد ينْتَفع بالعلاج إِن كَانَت الْقُوَّة متماسكة.
قَالَ: فَإِذا حدث الغشي فَيَنْبَغِي أَن تدلك الْأَطْرَاف وتمرخ وَتجْعَل مَوضِع العليل بَارِدًا غَايَة الْبرد وتحرى أَن تمسك النَّفس وَتَذَر عَلَيْهِ كندراً وَنَحْوه من الْأَشْيَاء القابضة وتضمد الْأَطْرَاف الْبَارِدَة إِلَى مَوَاضِع الآباط والأرابي بالخردل والعاقر قرحاً والأذاراقي وتغذى بِخبْز مبلول بِالشرابِ وَالْمَاء الْمبرد بالثلج وتغذى بالطير والفراريج بَارِدَة كلهَا. وَتجْعَل على الْجَبْهَة وَالرَّأْس)
الأدهان القابضة وطبيخ الْورْد قد حل فِيهِ صمغ وتضمد مَا دون الشراسيف بالوردة ودهن الكركم والطراثيث وأطراف الْفَوَاكِه القابضة والشب.
قَالَ: وَإِذا كَانَ مَعَ الغشي حرارة والتهاب فَاسْتعْمل الْأَشْيَاء الْبَارِدَة القابضة مثل رب الحصرم لي وَرب حماض الأنرج قد ألْقى فِيهِ ورقة فَإِنَّهُ عَجِيب.
للغشي علاجان: أَحدهمَا فِي حَال النّوبَة تِلْكَ السَّاعَة. وَالْآخر فِي حَال الْغَيْبَة وغرضه قطع سَبَب الغشي. فَأَما فِي حَال النّوبَة فينفع رش المَاء منع النَّفس وَألقى ودلك الْمعدة والأطراف.
والروائح الطّيبَة الغذائية وَالْخمر وَالْمَاء وَمَاء اللَّحْم والنداء بِصَوْت عَال وصب المَاء الْبَارِد دفْعَة على جَمِيع الْبدن واطله كُله بالطيب. وَأما الَّذِي يكون فِي قطع السَّبَب فَإِنَّهُ(4/532)
يكون من أَشْيَاء كَثِيرَة فاطلب مَا كَانَ لَهُ بَاب فِي بَابه مثل الْكَائِن عَن اختناق الْأَرْحَام والكائن عَن امتلاء والكائن عَن وجع عُضْو مَا فَإِن هَذَا الْبَاب إِنَّمَا يَخُصُّهُ علاج الغشي سَاعَة النّوبَة فَقَط وَمَا لَيْسَ لَهُ بَاب يَخُصُّهُ.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: من غشي عَلَيْهِ من اخْتِلَاف أَو استفراغ مَا فرش عَلَيْهِ مَاء بَارِدًا وادلك فَم معدته وقيّئه وَعصب يَدَيْهِ وساقيه وحلها مرَارًا كَثِيرَة وادلكها دلكا رَفِيقًا.
قَالَ: الَّذين يصيبهم الغشي من ألف هـ فضول تجْرِي إِلَى معدم فَلَا يَنْبَغِي أَن يكون فِي الْبَيْت الَّذِي هم فِيهِ لَا آس وَلَا ورق الْكَرم وَلَا ورد فَإِنَّهُ يضرهم جدا لي ينظر فِي هَذَا.
قَالَ: من غشي عَلَيْهِ من امتلاء فلتدلك أعضاءه كلهَا واللثة ومنابتها ويدفأ ويقل الطَّعَام وَالشرَاب ويدع الْحمام وَيسْتَعْمل السكنجبين قَالَ: وَمن غشي عَلَيْهِ لضعف فَم معدته فضع عَلَيْهِ أضمدة تبرد وتقوى تتَّخذ من الصَّبْر والمصطكي والزعفران وَالْعود والسفرجل وَالشرَاب.
وَمن غشي عَلَيْهِ من أخلاط رَدِيئَة فِي الْمعدة فقيئه أَولا واستفرغه واسقه مَاء فاتراً ودهناً فَإِنَّهُ يتقيأ فأعطه أضداد تِلْكَ الأخلاط. وَمن غشي عَلَيْهِ من حرارة شَدِيدَة وَطول مكث فِي الْحمام فجرعه مَاء بَارِدًا بعد أَن يقوى وادلك الْمعدة وَبعد لَك أطْعمهُم واسقهم شرابًا وَمَاء.
قَالَ: وَأما من غشي عَلَيْهِ من سدد فِي الْأَعْضَاء الرئيسة فأعطهم السكنجبين والأغذية اللطيفة وتدلك الساقان وتعصبان وَخير من ذَلِك أَن در بَوْلهمْ ويعطوا الشَّرَاب الْأَبْيَض. وَأما من غشي عَلَيْهِ لفصد أَو خراج بط أَو اخْتِلَاف بَغْتَة فليشموا أَشْيَاء طيبَة ويرش عَلَيْهِم المَاء حَتَّى يفيقوا فَإِذا أفاقوا حسوا حساء خَفِيفا سريع الهضم.)
لي مَاء السفرجل وَالرُّمَّان وَنَحْوه لَيْسَ بجيد حَيْثُ تُرِيدُ أَن ينفذ الْغذَاء سَرِيعا لِأَنَّهُ يحبس ذَلِك. وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الْقَيْء والإسهال بعد أَن يكون قد أطعمته لقماً مَعَ مَاء وشراب.
واجتنب أَن تقوى الْمعدة وفيهَا شَيْء من الأخلاط لابث. وَمن غشي عَلَيْهِ من إيلاوس فعلاجه بالتكميد ودلك الْأَطْرَاف وَكَذَلِكَ اختناق الْأَرْحَام والقولنج. وَأما من يغشي عَلَيْهِ من نهوك من طول الْمَرَض فاسترد قوته بالغذاء وَالشرَاب الطّيب.
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: والغشي يعرض فِي الهيضة والذرب وَفِي سحج الأمعاء وزلقها والنزف من الْقبل والدبر والقيء والنفث وَفِي الرعاف وَفِي النّفاس. وَرُبمَا جلب الغشي التُّخمَة الغليظة وخاصة مَتى عرض مَعهَا إسهال مفرط وَالْعلَّة الْمُسَمَّاة بوليموس وَفِي اختناق الرَّحِم وامتلائه وأورامه وَقد يتَقَدَّم والغشي الفالج والسكتات والصرع والجمود وَالسكر والذبول. وَقد يعرض كثيرا فِي ابْتِدَاء نَوَائِب الحميات وخاصة ألف هـ مَتى كَانَ الْبدن فِي غَايَة اليبس والجفاف أَو كَانَ فِيهِ امتلاء مفرط. ويعرض أَيْضا فِي ابْتِدَاء الْحَرَكَة الخبيثة ويعرض لمن أفرط عَلَيْهِ برد الْأَطْرَاف وَفِي ابْتِدَاء النّوبَة وفيمن يعرض لَهُ ورم عَظِيم فِي كبده أَو مريه أَو معدته فَرُبمَا عرض لَهُ الغشي فِي ابْتِدَاء نَوَائِب حماه وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ فِي الْبدن فضل من أخلاط(4/533)
كَثِيرَة خامة وَيكثر حُدُوث الغشي فِيمَن كَانَت معدنه ضَعِيفَة أَو تصل إِلَيْهَا أخلاط لذاعة كَثِيرَة جدا. وَقد عرض الغشي أَيْضا من عوارض النَّفس وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك للمشايخ والضعفاء أَو عرق يعرقه أَو عِنْد انفجار الخراجات الْعَظِيمَة وخاصة إِن جرت الْمدَّة إِلَى معدته أَو صَدره أَو كلاه وَكَذَلِكَ إِذا أفرط المسهل والقيء وأفرط استفراغ مَا طبيعي أَو غير طبيعي. فَإِن مَاء الاسْتِسْقَاء يحدث الغشي ويعرض أَيْضا بِسَبَب وجع عَظِيم فِي قولنج وَغَيره وَمن خراجات العصب وإفراط الْبرد دفْعَة وَالْحر وانحلال الْقُوَّة.
قَالَ: فَمن أَصَابَهُ غشي من هيضة أَو ذرب وَبِالْجُمْلَةِ من شَيْء من الاستفراغ الَّذِي يكون دفْعَة فأنضج عَلَيْهِم المَاء الْبَارِد وَشد مناخرهم وادلك فَم معدهم وهيج الْقَيْء بريشة وَشد أَطْرَافهم إِذا كَانَ الاستفراغ من أَسْفَل فاليدين خَاصَّة شدهما شداً شَدِيدا وأرخ شدّ الرجلَيْن قَلِيلا وَبِالْعَكْسِ فِي الْقَيْء والرعاف وَنَحْو ذَلِك برد الْجِرَاحَات وَعَلَيْك بِالشرابِ الممزوج بِالْمَاءِ الْبَارِد فِي مداواة كل غشي من استفراغ وخاصة فِي الْكَائِن من أَشْيَاء تنصب إِلَى الْمعدة بعد أَن تتفقد أَلا يكون هُنَاكَ ورم حَار فِي الأحشاء أَو حمى محرقة لم تنضج أَو صداع شَدِيد أَو)
اخْتِلَاط وَنَحْو ذَلِك مِمَّا يَضرهَا الشَّرَاب. وَإِن اضطررت إِلَيْهِ لعظم الغشي فأقدم عَلَيْهِ بسقيه صرفا أَو ممزوجاً بِمَاء بَارِد على قدر الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر واختر من الْخُمُور مَتى كَانَ استفراغ الدَّم الغليظ الْأسود وَمَتى كَانَ الاستفراغ والغشي عَن الْمعدة من قيء فالأصفر والريحاني الْقوي الْحَرَارَة وَعَلَيْك إِن كَانَ استفراغ دَائِم بِمَنْع ذَلِك الاستفراغ. فَمن أَصَابَهُ الغشي لذرب الْبَطن فالحمام أوفق الْأَشْيَاء لَهُ. وَمَتى كَانَ لنزف دم فأردأ الْأَشْيَاء لَهُ. وَكَذَلِكَ من أَصَابَهُ من الْعرق فالحمام رَدِيء لَهُ جدا لِأَن هَذَا يحْتَاج إِلَى مَا يفِيض ألف هـ جلده وَلَا يسقى شرابًا الْبَتَّةَ وَلَا يُحَرك على الْقَيْء أصلا بِوَجْه من الْوُجُوه وَيجْعَل مضجعه أَن يكون لينًا ويكسب الْموضع رَوَائِح طيبَة قابضة كالورد وَالْخلاف وورق الْكَرم. فَأَما الَّذين يعرض لَهُم الغشي بِسَبَب امتلاء فَلَيْسَ يكون تَدَارُكه على هَذَا النَّحْو بل يكون بِأَن تدلك رِجْلَاهُ ويداه دلكا كثيرا جدا ويسخن ويشد وَيمْنَع الشَّرَاب وَالطَّعَام وَالْحمام ويقتصر بِهِ على مَاء الْعَسَل قد طبخ فِيهِ فوذنج وسكنجبين وَلِهَذَا علاج الغشي الَّذِي عَن الرَّحِم خلا السكنجبين واقصد فِيهِ بالشدو والدلك إِلَى الرجلَيْن خَاصَّة وَسَائِر علاج اختناق الرَّحِم.
وَأما الَّذِي بِسَبَب فَم الْمعدة فضمدها بالقصب والسراب وَسَوِيق الشّعير والمصطكي والزعفران والسنبل وَإِن كَانَ مَعَ لهيب شَدِيد فَاجْعَلْ مَعهَا الحصرم والورد وليشرب المَاء الْبَارِد وَلَا تسقه إِلَّا مَعَ لهيب شَدِيد.
وينفع من يُصِيبهُ الغشي بِسَبَب ضعف الْمعدة شدّ الْأَطْرَاف نفعا عَظِيما فَإِذا أقبل العليل بِهَذِهِ العلاجات فبادر لمن كَانَ بِهِ تلهب فِي الْمعدة إِلَى الْحمام.(4/534)
وَمن كَانَ يجد بردا فِي معدته أعْطه الفلافل والفلفل وشراب الأفسنتين.
وَمن كَانَ يُصِيبهُ الغشي لأخلاط رَدِيئَة تلذع فَم معدته فاسقه مَاء وزيتاً وقيئه فَإِن عسر عَلَيْهِ الْقَيْء فأسخن أَولا الْمعدة ونواحيها وكفيه وقدميه فَإِن لم يقيء شَيْئا فاسقه الدّهن العذب مسخناً. فَإِن تقيأ مَعَه وَإِلَّا فَانْظُر هَل يلين بَطْنه فَإِن لم يلن فَحَمله شيافة فَإِنَّهُ يصلح حَاله بذلك فَإِذا أقبل فاسقه طبيخ الأفسنتين بِمَاء الْعَسَل واسقه بعد ذَلِك الشَّرَاب واحتل فِي تَقْوِيَة فَم معدته بالأضمدة والأغذية والأفسنتين جيد مقو وضمد بِمَ لَكِن يَنْبَغِي أَن تفعل ذَلِك بعد أَن يكون قد نقيت الْمعدة من تِلْكَ الأخلاط فَأَما مَا دَامَت فِيهَا تِلْكَ الأخلاط فَلَا ترم شَيْئا يقبض بل عَلَيْك بالتسخين فَقَط بالنطول والدهن الَّذِي قد طبخ فِيهِ أفسنتين وبسقي مَاء الفسل والزوفا)
والسكنجبين والفلفل والفلافلي والكموني وبالحمام. واقصد التلطيف والتقطيع.
وَأما الغشي الَّذِي يكون من الْبرد الشَّديد الْكَائِن من بوليموس فاحتل للتسخين بِكُل وَجه فَاسق لهَذِهِ الْعلَّة ألف هـ الشَّرَاب بِالْمَاءِ الْحَار والأغذية الحارة وأسخن أَطْرَافه بِالْمَاءِ وادلكها.
وَأما الغشي الَّذِي يكون من شدَّة الْحر فبالأشياء الَّتِي تبرد وتوقى فِي العاجل. وَفِي حَال النّوبَة انْضَحْ عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد واجعله فِي هَوَاء بَارِد وروحه وادلك فَم معدته وهوعه ثمَّ اسْقِهِ وأطعمه.
فَأَما مَا يعرض من سَبَب ورم عَظِيم فِي الأحشاء أَو بِسَبَب برد غَالب يعرض فِي ابْتِدَاء النوائب فقوه بدلك الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ دلكا شَدِيدا وسخنها وشدها وَتقدم إِلَيْهِ فِي الْيَقَظَة والإمساك عَن كل طَعَام وشراب وأجود الْأَشْيَاء أَن تعلم لتقدمة الْمعرفَة أَن الغشي حَادث بِهِ فتدارك قبل ذَلِك بِفعل هَذِه الْأَشْيَاء قبل أَن تعرض لَهُ النّوبَة. وَكَذَلِكَ من عرض لَهُ بِسَبَب نحافة الْبدن فَتَدَاركهُ قبل ذَلِك بالتغذية وغمز الْيَدَيْنِ والقدمين وَيكون الْغذَاء سريع الانهضام مقوياً للمعدة طيب الرَّائِحَة فَإِن كَانَ الغشي شَدِيدا فاسقه مَعَ ذَلِك فِي ذَلِك الْوَقْت شَيْئا من الشَّرَاب لَكِن اخلط فِي الْغذَاء أَشْيَاء قابضة مثل الكمثرى والسفرجل.
قَالَ: فَأَما مَتى جَاءَ الغشي فِي وَقت النّوبَة فاسقه شَيْئا من الشَّرَاب بِالْمَاءِ الْحَار فَأَما من يُصِيبهُ الغشي بِسَبَب سدد فِي عُضْو نَفِيس فاسقه السكنجبين وشراب الزوفا والفوذنج بِمَاء الْعَسَل وَجَمِيع الأغذية الَّتِي فِيهَا تلطيف وتقطيع. وتضرهم الأغذية الغليظة جدا وَمَا يدر الْبَوْل جيد لَهُم. فَإِن بَان لم الِانْتِفَاع بِهَذِهِ فأعطه من الشَّرَاب الْأَبْيَض ويستدل على السدد من اخْتِلَاف النبض مَعَ عدم دَلَائِل الامتلاء لِأَن الِاخْتِلَاف يعم السدد والامتلاء فَأَما من غشي عَلَيْهِ بِسَبَب برد المَاء وبط دبيلة فآشمه الْأَشْيَاء الطّيبَة الرَّائِحَة ثمَّ رَوَائِح الأغذية الطبية وغذه ثَانِيَة بعد إِفَاقَته بالأغذية السريعة الهضم. فَأَما من غشي عَلَيْهِ من هم وَغَضب فاسترد قوته بالروائح وسد أَنفه ثمَّ ابعثه على الْقَيْء وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَن يقوى فِي العاجل من يُصِيبهُ الغشي من جراحه أَو وجع المفاصل أَو الْغَضَب فِي وَقت النّوبَة ثمَّ تقصد بعد ذَلِك قصد الْعلَّة فتعالجها.(4/535)
فَأَما الغشي الْعَارِض فِي القولنج وخاصة فِي إيلاوس فشفاؤه يكون بالتكميد خَاصَّة ودلك الْأَطْرَاف.
فَأَما الغشي الْعَارِض بِسَبَب ضعف بعض القوى الثُّلُث أَو كلهَا فاقصد ألف هـ لتقوية ذَلِك)
الأَصْل.
فِي دَلَائِل ضعف القوى ويستدل على ضعف القوى الحيوانية بالنبض وعَلى ضعف قوى الكبد من البرَاز الشبيه بِمَاء اللَّحْم ثمَّ يغلظ بِأخرَة فَيصير كَعَكرِ الزَّيْت وعَلى ضعف الدِّمَاغ بالقوى النفسانية.
من جوامعه قَالَ: الغشي يحدث عَن أَرْبَعَة أَسبَاب كُلية: الامتلاء والاستفراغ وَتغَير المزاج بَغْتَة والوجع.
قَالَ وَأما الامتلاء فَإِنَّهُ يثقل على الْقُوَّة وينهكها وَهَذَا الامتلاء يكون إِمَّا فِي الْمعدة وَإِمَّا فِي الْعُرُوق وَإِمَّا فِي الدِّمَاغ بِمَنْزِلَة مَا يعرض فِي السكتة والصرع.
وَأما الاستفراغ فنحو الذرب وقروح الأمعاء والهيضة والرعاف ونزف الدَّم وَنَحْوه وَالثَّانِي قَالَ: الشَّرَاب يَنْبَغِي أَن يكون فِي الغشي مسخناً ليسرع نُفُوذه ويخلط فِيهِ خبز ليَكُون أغذى وَأبقى وَلَا ينفش سَرِيعا.
من كتاب قسطاً فِي علل الدَّم: قَالَ الْقَيْء ورش المَاء وتحريك الْبدن وهزه جيد لجَمِيع أَجنَاس الغشي والتطيب وينفع مِنْهُ التعطيس بسحاة تدخل فِي الْأنف أَو الكندس قَالَ: وَمن لم يعطس بالكندس فِي وَقت الغشي فقد صَار فِي حد الْمَوْت وَمثل هَذِه الْحَال من الغشي الصعب الَّذِي لَا يتَنَبَّه بالتعطيس فليسرع قبل الْيَأْس مِنْهُ بِأَن تحشى منخراه بالمسك ينْفخ فِيهِ مَرَّات كَثِيرَة شَيْئا كثيرا ويطلى الرَّأْس بالغالية.
لي على مَا رَأَيْت فِي كتاب ابْن ماوسيه وشرك: إِذا هاج الغشي بالمحموم أَو غَيره من تحلل أَو إمْسَاك عَن الطَّعَام فالبسه المصندلات فَإِنَّهُ أصلح شَيْء ورش عَلَيْهِ المَاء وروحه بالمراويح وَاتخذ لَهُ هَذَا الطبيخ فَإِنَّهُ يُقَوي العليل جدا جدا إِذا كَانَ قد ضعف بِسَبَب الْإِمْسَاك عَن الطَّعَام أَو ضعف لِكَثْرَة التَّحَلُّل وَصفته: إِن يُؤْخَذ اللَّحْم الْأَحْمَر من الجدي وأضلاعه فنقطعه قطعا صغَارًا ثمَّ تقليه فِي قدر نظيفة قلياً رَقِيقا مَعَ شَيْء من ملح يسير حَتَّى يُرْخِي مَاؤُهُ فَإِذا أرْخى مَاءَهُ فصفه وألق عَلَيْهِ نصفه مَاء تفاح وتطيب الْجَمِيع بشراب ثمَّ فت فِيهِ شَيْئا من خبز واسقه إِيَّاه فَإِنَّهُ يسْرع تغذيته.
من كتاب قسطاً فِي الفصد قَالَ: جودة الْأَفْعَال الإرادية تدلك على قُوَّة الدِّمَاغ والعصب وَأَكْثَره على قُوَّة الْقلب والهضم والاغتذاء على قُوَّة الكبد وَالْعُرُوق وتدلك على حَال الْقلب سحنة)
الْبدن فِي سمنه وهزاله وجودة لَونه وردائته.
ابْن سراييون من غشي عَلَيْهِ ألف هـ لاستفراغ فرش عَلَيْهِ مَاء بَارِدًا وادلك أَطْرَافه وادلك طرف أَنفه وفم معدته وحركة للقيء. وَمن كَانَ بِهِ إسهال فَشد أَطْرَافه بعد ذَلِك وَإِن أفرط فحمه بِمَاء(4/536)
حَار حَتَّى يَنْقَطِع الإسهال وَمن غشي عَلَيْهِ لتحلل قُوَّة فأجلسه فِي هَوَاء بَارِد طيب الرَّائِحَة واعبث بِأَنْفِهِ أَو اقبض على أبدانهم مَا أمكن.
وَمن غشي عَلَيْهِ من الامتلاء فادلك يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ ويشدان ويسخنان وامنعه وَالشرَاب وَالْحمام واسقه مَاء الْعَسَل قد طبخ فِيهِ فوذنج وَكَذَلِكَ فافعل فِي اختناق الْأَرْحَام لَكِن لَا تعط فِيهِ سكنجبياً وَإِن كَانَ الغشي لضعف الْمعدة فضمدها بالطيوب والقوابض واسق مَا يقوى فمها وادلكهم قبل وَقت النوائب بِمَا يُقَوي الْمعدة حَتَّى إِذا انْحَلَّت ففتش عَن السَّبَب وقاومه.
فَإِن حدث الغشي عَن الْحمام فاسقه المَاء الْبَارِد وروحه بالمراوح وادلك معدهم واسقهم شرابًا ممزوجاً بِمَاء بَارِد.
وَإِن كَانَ الغشي يحدث فِي ابْتِدَاء دور الْحمى لورم عَظِيم فِي الْبَطن وتبرد مَعَه الْأَطْرَاف فادلك أَطْرَافه دلكا شَدِيدا جدا وامنعه النّوم والغذاء وَالشرَاب.
وَإِن كَانَ الغشي يحدث قبل النّوبَة لضعف فبادر فاغذه قبل الْوَقْت بِخبْز مَعَ شراب وَمَاء وَليكن قَلِيلا وَإِيَّاك أَن تعطيه شَيْئا عسر الهضم.
وللغشي الْحَادِث عَن سَبَب سدة فِي الأحشاء أَو غَيرهَا اسْقِ سكنجبياً وَمَاء الْعَسَل والفودنج فَإِذا سقوا ذَلِك فاسقهم شرابًا أَبيض.
فَإِن كَانَ لسَبَب استفراغ مُدَّة أَو دم كثير فآشمه الطّيب وحسه الإحساء السريعة الهضم فَإِن حدث الْأَمر لغشي فَاسْتعْمل الْقَيْء واشمه الطّيب بعده وادلك آنافهم وأفواه معدهم.
فَأَما من غشي عَلَيْهِ لسَبَب كَثْرَة الْعرق فبكل مَا يمْنَع الْعرق وتقوى الْقُوَّة بالشم وَغَيره.
عَليّ بن ربن قَالَ: مَاء الْورْد جيد لمن غشي عَلَيْهِ أَن يتجرعه مَرَّات بَالغ فِي ذَلِك.
لي على مَا رَأَيْت صَنْعَة عَجِيبَة تكون عتيدة لتصرف إِلَيْهَا يدك بِسُرْعَة مَتى حدث غشي عَن إسهال مفرط أَو غَيره: يُؤْخَذ من مَاء السفرجل الحامض زنة رَطْل فيروق أَيَّامًا حَتَّى يسكن ثقله وشراب ريحاني وسكر طبرزد رَطْل يطْبخ الْجَمِيع حَتَّى ألف هـ يصير فِي قوام الْجلاب وَيُؤْخَذ عود صرف وسك ومصطكي فَيدق ويعلق مِنْهَا نصف أُوقِيَّة فِي هَذِه الأرطال فِي صرة)
فَإِذا صَار فِي قوام الْجلاب رفع وَعند الْحَاجة إِلَيْهِ يسحق خَمْسَة دَرَاهِم كعك ويسقى بِهِ سَرِيعا.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الْأَمْرَاض قَالَ: قَوْله تَعَالَى: الْقُوَّة الحيوانية بالطيبة الرّيح. وَقَالَ: أقوى الأمزاج قُوَّة حيوانية وأصبرهم على ترك حسم الْغذَاء فِي الْأَمْرَاض أَصْحَاب الْأَبدَان الصلبة وَالْعُرُوق الواسعة لِأَن التَّحَلُّل مِنْهُم قَلِيل وبالضد فأصحاب الْأَبدَان الرّطبَة تسْقط(4/537)
قوتهم فِي الْأَمْرَاض وَعند ترك الْغذَاء سَرِيعا فَأَما المتناهون فِي الشَّبَاب فاحمل النَّاس لذَلِك وأشدهم قُوَّة وَكَذَلِكَ فِي الْأَزْمَان الحارة مِنْهَا بِسُقُوط الْقُوَّة وبالضد.
عَلامَة حُدُوث الغشي انْتِقَال الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن فيصفر اللَّوْن ويصغر النبض وَرُبمَا عرق عرقاً بَارِدًا ويصغر التنفس وَيَأْخُذ الْبَصَر يضعف ويتجلله ظلمَة ويهيج الْقَيْء فَمن هَذَا يكون حُدُوثه فِي زمَان قَلِيل وَهِي صفرَة اللَّوْن وَالْعين وظلمة الْبَصَر فَإِن هَذِه كلهَا تحدث الغشي وَمِنْهَا مَا يكون بعد الغشي بِوَقْت صَالح وَهِي صغر النبض وَالنَّفس والندى الْبَارِد فَلذَلِك إِذا رَأَيْت هَذِه فَخذ فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الاستعداد لَهُ فَإِن كَانَ استفراغ فبادر فاقطعه وَخذ أَولا فِي مَا يشم ثمَّ رش المَاء ثمَّ فِي الدَّلْك لفم الْمعدة ثمَّ فِي سقِِي الأحساء وَالشرَاب وَإِن كَانَ مَعَ غشي فقيئه.
الْمقَالة الأولى من الْفُصُول قَالَ: أما تعرف قُوَّة الْمَرِيض فَلَيْسَ بَين الْأَطِبَّاء فِي تعرفها وَالْوُقُوف عَلَيْهَا اخْتِلَاف كاختلافهم وصعوبة الْأَمر عَلَيْهِم فِي تعرف الْمُنْتَهى لَكِن قد يُمكن أَن تعرف قُوَّة الْمَرِيض فِي أول دخلة تدْخلهَا عَلَيْهِ من نبض عرقه خَاصَّة وَسَائِر مَا وَصفه أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة. لي هَذَا هُوَ سهولة الحركات والاستلقاء الْمَحْمُود والسحنة الجيدة.
لي على مَا رَأَيْت فِي اغلوقن وَغَيره فِي الغشي الَّذِي يعرض للمفصود: يَنْبَغِي أَن تسْأَل المفصود ل هُوَ مِمَّن يعرض لَهُ ذَلِك الْأَمر أم لَا وتعرف ذَلِك أَنْت أَيْضا من مزاجه وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك لأَصْحَاب الْمعد الضعيفة وَالْعُرُوق الضيقة والأبدان الَّتِي الْمرة ألف هـ الصَّفْرَاء كَثِيرَة الْغَلَبَة جدا وَلمن لم يعْتد الفصد والمحمومين وَمن بِهِ قبل ذَلِك لذع فِي فَم معدته فسل عَن ذَلِك وتفقده فَإِذا مَا جَاءَك أول الغشي فاقطع الاستفراغ لِئَلَّا يكون مِنْهُ شَيْء صَعب فَإِذا غشي عَلَيْهِ فرش المَاء على وَجهه وادلك فَم معدته وألقمه كرة خرق وقيئه بريشة فَإِذا تقيأ فبادر فامزج شرابًا بِمَاء بَارِد واسقه فَإنَّك تمنع مَا ينصب إِلَى الْمعدة. فَإِن كفى وَإِلَّا فأعد ذَلِك وامزج بِهِ مَاء الرُّمَّان وشيئاً من كعك وادن من أَنفه الطّيب وضمد بِهِ.)
وينفع من الغشي أَن يصاح بِهِ بِصَوْت شَدِيد فِي أُذُنه مَرَّات إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ وَإِن جَاءَ غشي شَدِيد حَتَّى أَن العليل لَا يفِيق مِنْهُ نصف سَاعَة وَنَحْوهَا فافتح فَمه وأوجره شرابًا ريحانياً لطيفاً قد مزج بِهِ شَيْء من التفاح وَنَحْوه وَشَيْء من كعك قَلِيل مَرَّات كَثِيرَة وَصَحَّ بِهِ وهزه ورش عَلَيْهِ المَاء وَإِن كَانَ الْأَمر صعباً فدف فِيهِ شَيْئا من دَوَاء الْمسك وَقرب الْمسك إِلَى أَنفه فَإِن أَفَاق فاغذه وَبرد بدنه وطيبه لِئَلَّا يعود عَلَيْهِ وشجعه وقوِ قلبه فَإِن لم يفق فأوجره مَرَّات كَثِيرَة من ذَلِك الشَّرَاب والكعك وَصَوت بِهِ وَمد يَده وصب على صَدره المَاء الْبَارِد وعَلى رَأسه وَوَجهه وأوجره دَوَاء الْمسك مَعَ الشَّرَاب فَإِن لم يفق فَهُوَ ميت.
وَإِذا لم يتقيأ فِي الغشي وَلم يكن مَعَه غشيان فَإِنَّهُ غشي رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَنه غشي قلبِي لَا من الْمعدة وَلَا يكون فِي الفصد ذَلِك. وَمن كَانَت آفته عسرة فَلَا تسقه الشَّرَاب بِمَاء(4/538)
بَارِد بل بِمَاء سخن فَإِنَّهُ لَا يصلح إِلَّا بِهِ وَيصْلح بالبارد وَلمن قد غثيت الْمعدة نَفسهَا وتقيأ وأفاق. يُرِيد أَن يمْنَع حُدُوثه مرّة أُخْرَى.
لي فالأسباب الَّتِي تسْقط الْقُوَّة: الاستفراغ من الدَّم والإسهال والمدة. وَالْمَاء وَنَحْوهَا مثل الْعرق والتحلل الْخَفي والجوع والسهر والوجع والتعب والغثي وَالْكرب وَسُوء المزاج فِي الْأَعْضَاء التناسلية.
لي يَنْبَغِي أَن نفرق بَين الغشي القلبي والمعدي وَنَنْظُر هَل الَّذِي يعرض بعقب الفصد أقلبي أم معدي والمعدي مَعَه كرب وقيء وغثي والقلبي لَيْسَ مَعَه ذَلِك لَكِن مَعَه برد الْبدن جدا والأطراف.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة من تَفْسِير الثَّالِثَة: إِن الأخلاط ألف هـ الَّتِي تفعل الغثي هِيَ الَّتِي تفعل الكرب إِذا كَانَ مقدارها أقل وكيفيتها أقل رداءة.
فِي الغشي مَعَ الخفقان وَهُوَ رَدِيء وَذَلِكَ يدل على أَنه غشي قلبِي ضَرُورَة.
الخوز والطبري قَالَا: مَاء الْورْد نَافِع للمغشي عَلَيْهِ إِذا تجرعه مَرَّات.
بولس من غشي عَلَيْهِ فرش عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد وامسك أَنفه وادلك فَم معدته وقيئه فَإِن كَانَ الغشي لاستفراغ فامنع مِنْهُ واسقه شرابًا ممزوجاً وَانْظُر مَا سَببه أبدأ فضاده.
الثَّالِثَة من الأخلاط قَالَ: لاستلقاء هُوَ ضعف الْقُوَّة الَّتِي فِي العصب والعضل فِي الْعلَّة حَتَّى يكون الْإِنْسَان ملقى على قَفاهُ أَو وَجهه أَو جنبه لَا حَرَكَة بِهِ أَو يَتَحَرَّك بِجهْد وَشدَّة وَيكون)
لسببين: إِمَّا لرقة الأخلاط وَكَثْرَة التَّحَلُّل مِنْهَا وعلامة هَؤُلَاءِ الانخراط وَإِمَّا لِكَثْرَة الأخلاط الغليظة فِي الأحشاء والخام فِي جَمِيع الْبدن وَهَؤُلَاء منتفخة أبدانهم وَقد ثقلوا فِي الْغَايَة القصوى بِسَبَب كَثْرَة الأخلاط حَتَّى إِنَّك إِن دلكت شَيْئا من أعضائهم أَو أسخنته لم تحمر بل تبقى رصاصية كمدة وَهَذَا لَا يحْتَاج أَن يغذى وَالثَّانِي يحْتَاج أَن يغذى غذَاء متواتراً قَلِيلا قَلِيلا كل سَاعَة وَيكون مرطباً وَأما أُولَئِكَ فيحتاجون إِلَى مَا ينضج لي على مَا ذكر فِي حِيلَة الْبُرْء.
قَالَ: ضعف الْقُوَّة إِنَّمَا يكون على الْأَكْثَر عَن نُقْصَان الأخلاط.
لي الْقُوَّة النفسانية افهمها المحركة بِإِرَادَة لَا السياسية فَإِن هَذِه أَعنِي السياسية تقوى فِي الْأَكْثَر بقلة الأخلاط كالحال فِي المبطونين أَصْحَاب الدق.
لي إِذا لم يكن للغشي سَبَب بادٍ وَكَانَ ذَلِك شَدِيدا متداركاً وَكَانَ مَعَه اخْتِلَاج الْقلب فَإِنَّهُ غشي قلبِي.
القثاء ينعش المغشي عَلَيْهِ إِذا شمه.
روفس الخس نَافِع من الغشي الْحَار.(4/539)
(تعرف النضج) وَمَا ينذر بِهِ والإعانة عَلَيْهِ وَالدَّلِيل عَلَيْهِ فِي جَمِيع الْأَعْضَاء والخراجات نذْكر هَهُنَا أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث وَغير ذَلِك نوردها حَتَّى إِذا فَرغْنَا رددنا إِلَيْهِ من كل عِلّة وَمَوْضِع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَيَنْبَغِي أَن نرد إِلَيْهِ جملا يكون بِهِ هَذَا الْموضع قانون تعرف النضج وَمَا ينذر بِهِ إِن شَاءَ الله الْمقَالة الأولى من كتاب البحران قَالَ الْكَلَام فِي 3 (أَمر النضج) قِسْمَانِ أَحدهمَا وجود النضج وَعَدَمه وَالثَّانِي فِيمَا ينذر بِهِ كل وَاحِد مِنْهُمَا والنضج هُوَ أَن ألف هـ تستحوذ الطبيعة على الْخَلْط الْفَاعِل لِلْعِلَّةِ وتحيله لِأَن الطبيعة لَا تحيل كل ذَلِك الْخَلْط وَلَا بُد أَن تكون لَهُ فضول تدفعها الطبيعة فَتكون هَذِه الفضول هِيَ الدَّالَّة على عمل الطبيعة وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تطلب النضج فِي كل عِلّة من الْمَوَاضِع الَّتِي تلِيق بهَا مِثَال ذَلِك أَنا نطلب تعرف النضج فِي علل آلَات النَّفس من النفث وَفِي علل آلَات الْغذَاء من البرَاز وَفِي علل الكبد وَالْقلب وَالْعُرُوق من آلَات الْبَوْل وَفِي علل الدِّمَاغ من المخاط وَمَا يسيل مِنْهُ وَمن الحنك وَفِي علل الْعين من الرمص وَسَنذكر من كل وَاحِد من هَذِه هَهُنَا جملَة بِقدر الْحَاجة.
3 - (عَلَامَات النضج)
إِذا ظَهرت مُنْذُ أول الْمَرَض فَإِن الْمَرَض يكون قَصِيرا وبالضد.
قَالَ: وَمَتى كَانَ دَلِيل من دَلَائِل النضج قبل الدّور الثَّانِي من أدوار الْمَرَض فَإِن ذَلِك الْمَرَض سليم قصير.
وَقَالَ: لَا يجوز أَن تحدث عَلامَة مَا دَالَّة على النضج فَلَا تدل على خير عَظِيم.
قَالَ: وَإِذا ظهر فِي مرض عَلَامَات النضج فَإِن الْمَرَض سليم.
لي بِمِقْدَار تقدم النضج وتأخره يكون قصر وَطول الْوَقْت الَّذِي من ابْتِدَاء الْمَرَض إِلَى انتهائه.
لي جملَة مَا ينذر بِهِ لنضج السَّلامَة وَقصر وَقت الْمَرَض وَلَا يدل فِي حَال على شَرّ الْبَتَّةَ وَلَو كَانَ الشَّرّ مُشْتَمِلًا ثمَّ حدثت بِهِ عَلامَة وَاحِدَة وَلَو ضَعِيفَة من عَلَامَات النضج مَا ينقص من ذَلِك الشَّرّ بِقدر قُوَّة تِلْكَ الْعَلامَة.
وَقَالَ: عَلامَة النضج مَتى ظَهرت وَلَو فِي أول سَاعَة دلّت على خير عَظِيم.(4/540)
فِي تعرف النضج قَالَ: لِأَن الحميات مرض يكون فِي الْعُرُوق الضوارب وَاجعَل دليلك على النضج فِيهَا من الْبَوْل. فَأَما فِي ذَات الْجنب فاطلب النضج فِيهَا من النفث وَلِأَن مَعهَا حمى فضم إِلَى ذَلِك النّظر فِي الْبَوْل أَيْضا. وَمَتى كَانَ الْمَرَض فِي الْبَطن فَإِن لم تكن مَعَه حمى فَانْظُر إِلَى مَا يبرز من الْبَطن فَقَط فَإِن كَانَ مَعَه حمى فَانْظُر فِي الْبَوْل أَيْضا.
أَكثر النضج يكون بِأَن تظهر أَفعَال الْحَرَارَة الغريزية أما فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النجو وَإِمَّا فيهمَا أَنه)
يعرض فِي الْحمى شبه مَا يعرض فِي الأورام الَّتِي تتقيح فَذَلِك أَن فِي الأورام فِي حَال تولد الْمدَّة يكون الوجع والحمى على أَكثر مَا يكون فِيهَا كَذَلِك الْحمى فِي حَال نضوج الكيموس الْفَاعِل لَهَا.
يَنْبَغِي أَن تعلم أَن حَال الثفل الراسب الْأَبْيَض الْمَحْمُود وَحَال الْمدَّة الْبَيْضَاء الثخينة غير المنتنة من الْخراج فَكَمَا أَن هَذَا كَمَال نضج الْخراج فَكَذَلِك هَذَا كَمَال نضج مَا فِي الْعُرُوق وسنرد إِلَى هَهُنَا من أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث مِمَّا يدل على النضج مِمَّا ترَاهُ ألف هـ كَافِيا إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَيكون ذَلِك فِي موَاضعه.
الثَّانِيَة قَالَ: النضج المستحكم يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض.
جَوَامِع البحران قَالَ: كل عَلَامَات دم النضج إِذا كَانَ فِي اللَّوْن فَهُوَ أَهْون وأيسر شرا من أَن يكون فِي القوام كالبول الْأَبْيَض فَإِنَّهُ خير من الرَّقِيق. الأولى من البحران نَحْو آخرهَا.
قَالَ: عَلَامَات النضج لَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات الْهَلَاك فَأَما مَعَ عَلَامَات الْخطر فَرُبمَا اجْتمعت.
الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: الأورام والخراجات إِذا غلبت فِيهِ الطبيعة الْخَلْط ولدت الْمدَّة الجيدة. وَإِذا كَانَ الْفضل فِي الْعُرُوق فعلامته غَلَبَة الثفل الراسب الحميد فِي الْبَوْل.
لي هَذَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة الْمُغيرَة قَوِيَّة بَاقِيَة بِحَالِهَا فَإِذا كَانَت الْغَلَبَة للطبيعة كَامِلَة فِي الخراجات كَانَت الْمدَّة الْبَيْضَاء الثخينة المستوية الملساء غير المحببة وَلَيْسَت رائحتها كريهة فَإِذا لم تكن للطبيعة غَلَبَة كَامِلَة كَانَت كَثِيرَة الْأَصْنَاف فَرُبمَا كَانَ أَبيض إِلَّا أَنه رَقِيق أَو منتن وَرُبمَا كَانَ أَخْضَر كمداً فَهَذِهِ كلهَا تدل على أَن العفن أغلب من النضج.
لي إِزَالَة العفن إنضاج الشَّيْء الْخَارِج من الطبيعة والنضج إِحَالَة الشَّيْء الطبيعي للشَّيْء الْخَارِج عَن الطبيعة.(4/541)
(الرسوب فِي الْبَوْل) قَالَ: فَأَما الرسوب الحميد فَهُوَ الْأَبْيَض الأملس المستوي غير الكريه الرَّائِحَة وأردأه ضد ذَلِك فِي جَمِيع الْحَالَات وَمَا بَينهمَا فبقدر ذَلِك قربه وَبعده مِنْهُمَا وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب الْبَوْل.
من جَوَامِع البحران: لَيْسَ عدم النضج من الدَّلَائِل على مثل مَا عَلَيْهِ وجود النضج من الدّلَالَة على السَّلامَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن بعد النضج أَن يَمُوت كَمَا ذكر ج وَيُمكن إِذا لم يكن نضج أَن تطول الْعلَّة وتبرأ بالتحلل قَلِيلا قَلِيلا لَكِن عدم النضج مَعَ ضعف الْقُوَّة مهلك. فَأَما مَعَ جودة الْقُوَّة فدون ذَلِك.
الثَّانِيَة من الأخلاط: إِذا كَانَت فضلَة مَا محتبسة على نضج تِلْكَ الْعلَّة. وَمن الدَّلِيل على عدم النضج فِي علل الصَّدْر والرئة عدم النفث. وعَلى النضج النفث فَإِن كَانَ حميدا فعلى كَمَال الْخَيْر وَكَذَلِكَ مَتى كَانَ فِي الكبد ورم فِي حدبتها فَلم يستفرغ شَيْئا من تِلْكَ الفضول فَذَلِك دَال على أَن ذَلِك إِمَّا أَن يكون لَيْسَ مِمَّا لَا ينضج الْبَتَّةَ أَو مَا قد ينضج فِيمَا بعد فَإِن كَانَ مِمَّا لَا ينضج فَلَيْسَ ينضج بعد وَكَذَا تفقد فِي علل الدِّمَاغ مَا ألف هـ يسيل من المنخرين والحنك فَإِن احتباس النُّزُول مِنْهَا دَلِيل على عظم النضج فَإِذا نَضِجَتْ استفراغ جَمِيع مَا فِيهَا وسال الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة: الدَّلِيل على نضج ذَات الرئة تغير البزاق ونفثه وكثرته وسهولته والتغير يكون عَن الْحَال الَّتِي فِي ابْتِدَاء الْمَرَض وانبعاث النفث بِكَثْرَة لَيْسَ يدل على النضج فَقَط لَكِن وعَلى شدَّة الْقُوَّة. فَإِن النضج قد يكون نضجاً وَلَا ينقص أَكْثَره لضعف الْقُوَّة أَو لغلظ الْمَادَّة وَقد يكون جيدا وَلَا يكون نضجاً.
الأولى من 3 (الْأَمْرَاض الحادة) جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة أعْسر نضجاً واستفراغاً وعلامة الحادة فِي ذَات الرئة وَذَات الْجنب عدم النفث أَو قلته وَفِي عِلّة الكبد وَالطحَال والأمعاء ونواحيها اعتقال الطبيعة وَأَن يبرز شَيْء قَلِيل بعسر أَو يكون شَدِيد اليبس متغيراً وعَلى الحميات يبس اللِّسَان وسواده وقحل الْجلد وَكَذَا فِي الرمد وَفِي القروح الْخَارِجَة مَتى رَأَيْتهَا جافة قحلة لَا يسيل مِنْهَا شَيْء وَكَذَا فِي الرمد إِذا رَأَيْته جافاً يَابسا وَفِي علل الدِّمَاغ إِذا رَأَيْت الفضول لَا تجْرِي من المنخرين وَبِالْجُمْلَةِ فالدليل على جَمِيع الْأَمْرَاض الحادة احتقان الفضول فِيهَا وامتناعها من الْخُرُوج.(4/542)
وَقَالَ: النضج على ضَرْبَيْنِ: أما نضج إِلَى الدَّم أَو انطباخ الفضول المرارية ورقتها كالحال فِي الْمدَّة وَإِذا قُلْنَا فِي المرار والأخلاط المرارية إِنَّهَا نَضِجَتْ فَإِنَّمَا نُرِيد بذلك إِن انْتَقَلت من رداءة طبيعتها إِلَى مَا هُوَ أصلح بِغَلَبَة الطبيعة لَهَا فَإِن الْعَادة قد جرت أَن تسمى مَا قهرته الطبيعة نضجاً وَإِن كَانَ لم يسْتَحل إِلَى مَا يغذو الْبدن وقلله مَا عدا الطبيعة فَهُوَ غير نضج وعَلى هَذَا الْمِثَال يُقَال للورم إِذا مد أَنه قد نضج على أَنه لَيْسَ شَيْء من الْأَعْضَاء يغتذى من الْمدَّة كَمَا يغتذى من الأخلاط النِّيَّة والبلغم إِذا كمل نضجها فَمَتَى سَمِعت نضجاً للأخلاط النِّيَّة والبلغمية فَإِنَّمَا تَعْنِي بِهِ النضج إِلَى الدَّم وَأما المرتان فَإِن قيل فيهمَا نضج فَإِنَّمَا يَعْنِي غَلَبَة الطبيعة لَهما وَإِن كَانَ لَا يَسْتَحِيل مِنْهُمَا شَيْء إِلَى مَا يغذو كَمَا يَسْتَحِيل الدَّم فِي الأورام إِلَى الْمدَّة لَا إِلَى مَا يغذو فَأَما العفونات فَإِنَّهَا إِنَّمَا تستحيل بحرارة غريزية كالحال فِي أجسام الْمَوْتَى.
وَقد نقُول: فِي الْبَوْل نضج وَهُوَ غير نضيج على أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يغتذى الْبدن من الْبَوْل النضيج لَكِن على معنى قهر الطبيعة للخلط. وَكَذَا يَقُول فِي الْخَلْط السَّائِل من الزُّكَام والرمد وصديد القروح والأورام أَنَّهَا نضيجة وَغير نضيجة وَكَذَا إِذا قُلْنَا فِي خلط مراري أَنه قد نضج فَإِنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي أَنه قُم أحالته ألف هـ الطبيعة إِلَى أَجود مَا يُمكن فِيهِ.(4/543)
(اسْتِحَالَة الأخلاط) (على ثَلَاثَة ضروب) أما اسْتِحَالَة تَامَّة إِلَى مَا يشبه الْبدن وَهَذَا مَا تستحيل إِلَيْهِ الأخلاط المؤاتية بالحرارة الغريزية كاستحالة البلغم إِلَى الدَّم. واستحالة إِلَى حَال هِيَ أقرب من طبيعة الْبدن وَهَذَا يكون فِيهِ الْفَاعِل وَهُوَ الْحَرَارَة الغريزية لَا عِلّة فِيهِ إِلَّا أَن الْخَلْط غير مؤات وَالثَّالِث لِأَن الْخَلْط غير مؤات وَالْفَاعِل حرارة غير مُوَافقَة وَهِي العفونة.
الثَّالِثَة من الْأَمْرَاض الحادة: النضج فِي علل الصَّدْر والرئة يكون مَعَ ابْتِدَاء النفث وَذَلِكَ أَنه بعد ابْتِدَاء النفث لَا يُمكن أَن تتزيد أعراضهم وَلَا تشتد وَكَثِيرًا مَا تنقص عِنْد حُدُوث النفث.
الأولى من الْفُصُول قَالَ: مَا دَامَ فِي ذَات الْجنب لَا ينفث شَيْئا والسعال يَابِس فدعم النضج فِي الْغَايَة وَإِذا نفث شَيْئا رَقِيقا فَذَلِك نضج خَفِي ضَعِيف. فَإِذا غلظ قَلِيلا فعلامة نضج ظَاهر فَإِذا استحكم وهدأت الْأَعْرَاض فَذَلِك نضج كَامِل.
قَالَ: والنضج أبدا يدل على سرعَة البحران ووثاقة الصِّحَّة. وَالْبَوْل النضيج يدل على نضج مَا فِي الْعُرُوق وَالْبرَاز النضيج وَهُوَ المستوى المعتدل الَّذِي لَا يسيل وَلَا يتحجر الَّذِي إِلَى الصُّفْرَة غير الشَّديد النتن الْمَوْصُوف فِي بَاب البرَاز يدل على نضج مَا فِي الْمعدة والأمعاء. والنفث الَّذِي إِلَى الغلظ وَلَيْسَ بغليظ جدا الْأَبْيَض الأملس الْأَجْزَاء المستوى فِي جَمِيع الْأَيَّام يدل على نضج مَا فِي الصَّدْر والرئة والسهل الْخُرُوج.
من
3 - (أزمان الْأَمْرَاض)
يسْتَدلّ على النضج من الفضول الَّتِي تجْرِي من الْأَعْضَاء العليلة. مِثَاله القروح مَا دَامَ يجْرِي مِنْهَا صديد رَقِيق كثير فالنضج لم يكن وَالْعلَّة بعد انتهائها. فَإِذا قلت كمية مَا يجْرِي وَغلظ بعض الغلظ فبمقدار ذَلِك يكون النضج. وَكَون النضج هُوَ انْتِهَاء الْعلَّة.
قَالَ: وَلَيْسَ يشك أحد إِذا رأى الْغذَاء لم يتَغَيَّر إِن الْمعدة لم يكن فِيهَا نضج وَلَا إِذا رأى الْبَوْل رَقِيقا أَن الْعُرُوق لم يكن فِيهَا نضج وَلَا إِذا كَانَ مَا ينفث رَقِيقا أَن الْعلَّة بعد فِي الِابْتِدَاء وَلم ينضج. وَكَذَلِكَ أَيْضا فِي الرمد مَا دَامَ يجْرِي من الْعين صديد رَقِيق فَإِنَّهُ لم ينضج فَإِذا قل مِقْدَاره وَغلظ أدنى غلظ فقد بدا النضج وَذَلِكَ تزيد الْعلَّة فَإِذا غلظ غلظاً شَدِيدا ألف هـ والتصقت الأجفان فقد كمل النضج وانتهت الْعلَّة وَيدل على قهر الأخلاط. فَأَما دَلَائِل النضج فَأن يكون مَا يستفرغ أغْلظ وَأَقل حِدة وكمية. وَإِن استفرغ مَعَه خلط كَانَ أصح فِي الدّلَالَة على النضج.(4/544)
الثَّالِثَة من أبيذيميا: الْهَوَاء الْبَارِد الرطب يُؤَخر النضج ويجعله عسراً. وَيَنْبَغِي أَن تعنى بتفقد عَلَامَات النضج وَكَونه. أما علاماته فَتكون من الفضول البارزة عَن الْعُضْو العليل. فَأَما إِحْدَاث النضج فَيكون بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء الَّتِي تسخن إسخاناً معتدلاً من الْأَطْعِمَة والأشربة والنطول والدلك وَالْحمام باعتدال. إِنَّمَا يكون النضج فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تكون مَعهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة قد اكْتسبت فِيهَا سوء مزاج لِأَن النضج إِنَّمَا يكون للأخلاط عَن مزاج الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَإِذا كَانَت الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة قد فسد مزاجها فَإِن ذَلِك الْمَرَض حِينَئِذٍ رَدِيء مُتَمَكن وَلَا يبرأ حَتَّى يعود مزاج الْأَعْضَاء إِلَى اعتداله الْخَاص من الْحَار والبارد.
لي لَا تطلب النضج فِي حمى دق بل فِي البلغمية.
الأولى من مسَائِل الثَّالِثَة من أبيذيميا: يعين على النضج جَمِيع مَا يسخن إسخاناً معتدلاً من الْأَشْرِبَة والأطعمة والأضمدة والنطول والموضع الْحَار والدلك المعتدل والاستحمام المعتدل.
قَالَ نَوْعَانِ: كلي وجزئي فالكلي هُوَ الَّذِي ينضج فِيهِ جَمِيع مَادَّة الْمَرَض وَيكون مِنْهُ بحران تَامّ كَامِل والجزئي هُوَ الَّذِي لَا ينضج فِيهِ مَادَّة الْمَرَض وَيكون مِنْهُ بحران نَاقص مثل مَا حدث بفلان من خراج فِي أصل الْأذن ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك وَذَلِكَ أَن مَا فِي الْعُرُوق كُله لم يكن ينضج.)
فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَاكِرًا هَذَا لِأَنَّهُ قد يحدث فِي بعض الْأَوْقَات نضج فِي بعض الْأَعْضَاء وَجُمْلَة الْمَرَض لم ينضج.
والنضج فِي الفتيان وَمَا قرب من أسنانهم أسْرع وبالضد وَكَذَا بالأمزجة الحارة والمهن والبلدان.
لي على مَا رَأَيْت فِي: الفضول الَّتِي تبرز من الْبدن الَّتِي تسمى غير نضيجة نَوْعَانِ: مِنْهَا مَا لم ينضج وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَنه من جنس مَا لم ينضج كالبول والنفث الرَّقِيق الْأَبْيَض وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بنضيج وَفِيه دلَالَة على أَنه من جنس مَا لم ينضج كالبول والنفث الْأسود وَهَذَا رَدِيء لِأَنَّهَا تدل على أَن النضج غير صَالح وبهذه الْحَال يُقَال للنفث الْأسود فِي ذَات ألف هـ الْجنب أَنه غير نضيج.(4/545)
(أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية والجزئية)
(تعرف النضج وحركتها والمسمى مِنْهَا حاد وَغير حاد ومزمن وتعرف) (هَل بَدَت بالعليل نوبَة حمى أَو تبدو وتعرف عظم الْمَرَض وصغره وسحنة) (الْمَرِيض) قَالَ ج فِي الأولى من البحران:
3 - (أَوْقَات الْأَمْرَاض أَرْبَعَة)
ابْتِدَاء وتزيد وانتهاء وانخطاط. وتحديد هَذِه الْأَوْقَات لَا يكون بِعَدَد الْأَيَّام لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون أَوْقَات أمراض تَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة أَيَّام مُتَسَاوِيَة لأوقات أمراض تَنْقَضِي فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي الْمثل لِأَن ابْتِدَاء الأول يَوْم وصعوده يَوْم وانتهاؤه يَوْم وانخطاطه يَوْم فِي الْمثل وَابْتِدَاء الآخر عشرَة وَكَذَا جَمِيع أوقاته مثلا.
قَالَ: كثير من الْأَطِبَّاء ينظر لتعرف أَوْقَات الْحمى الْكُلية إِلَى تقدم النوائب فَقَط. وَهَؤُلَاء يلْزمهُم تَقْصِير فِي الْمعرفَة بِقدر مرتبَة الْأَمر الَّذِي لم ينْظرُوا فِيهِ من هَذِه الْأُمُور إِنَّمَا يُمكن أَن يحدس حدساً صَحِيحا مقرباً على تعرف أَوْقَات الْمَرَض من أَن تجمع النّظر فِي هَذِه كلهَا أَعنِي النّظر فِي تقدم النوائب وتأخرها وطولها وقصرها وسهولتها وصعوبتها وَفِي نَظَائِر هَذِه الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا فِي وَقت الفترة.
لي نَظَائِر هَذِه الْأَشْيَاء يُرِيد بهَا أَن تنظر فِي وَقت فَتْرَة الْحمى إِلَى طول الفترة وَتنظر حَال الْبدن فِي الْخُف والثفل.
قَالَ: فَأَما تقدم النوائب فَقَط فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة كَافِيَة على أَن الْمَرَض متزيد لِأَنَّهُ قد تكون حميات تتقدم نوائبها أبدا إِلَى أَن تَنْقَضِي ربعا وغباً ونائبة فِي كل يَوْم وَتسَمى حميات مُتَقَدّمَة الدوار وحميات مُتَأَخِّرَة الأدوار إِلَّا أَن التزيد فِي هَذِه النوائب فِي التَّقَدُّم أَو فِي التَّأَخُّر على قِيَاس مَا سلف يدل على الْوَقْت وَذَلِكَ أَن تزيد التَّأَخُّر يدل على انحطاط وتزيد التَّقَدُّم على التزيد.
وَأما التَّقَدُّم والتأخر بمقادير مُتَسَاوِيَة فَلَا يدل وَلَا على وَاحِد من الْوَقْتَيْنِ.
لي مِثَال ذَلِك أَن حمى غب كَانَت أدوارها تتقدم على كل دور سَاعَة فَصَارَت تتقدم على كل دور ساعتين فَهَذَا يدل على التزيد وبالضد.
وَأما إِذا كَانَت تتقدم كل ألف هـ دور سَاعَة إِلَى انْقِضَائِهَا أَو تَأَخّر عَنْهَا فِي كل دور سَاعَة على وَاحِد من الْوَقْتَيْنِ.
قَالَ: وَقد يَنْبَغِي أَلا تقتصر على النّظر فِي: هَل تقدّمت النّوبَة الثَّانِيَة فَقَط دون أَن تنظر(4/546)
أَيْضا هَل مِقْدَار لبثها مسَاوٍ للنوبة الأولى وَمِقْدَار عظمها وحالها فِي السَّلامَة وَانْظُر فِي هَذِه الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا فِي وَقت سُكُون الْحمى وَعظم نَوَائِب الْمَرَض وتعرفه من طبيعة الْمَرَض وَمن الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لَهُ. أما من نفس طبيعة الْمَرَض فبأن تنظر إِلَى الْأَشْيَاء الَّتِي باجتماعها يكون.)
مِثَال ذَلِك: إِن كَانَ الْمَرَض ذَات الْجنب نظرت فِي الْأَرْبَعَة الَّتِي باجتماعها تكون ذَات الْجنب.
وَهِي وجع فِي الأضلاع ناخس وَحمى حادة وسعال وضق نفس.
فَأَما
3 - (الْأَعْرَاض اللاحقة)
للمرض فبأن تنظر هَل النّوبَة طَوِيلَة الْمكْث أَو قَوِيَّة خبيثة أَو بِخِلَاف ذَلِك وَهل زمن الفترة أطول أَو أَكثر وَالْبدن فِيهِ أَشد التهاباً أَو أقل أَو تسكن فِي وَقت الفترة جَمِيع أَعْرَاض الْحمى أَو تبقى فَإِنَّهُ إِن وجد على أردأ الْحَالَات فِي هَذِه الأنحاء اجْمَعْ فالمرض فِي التزيد وبالضد فَأَنا أَقُول: إِن النّوبَة تقدّمت عَن الْوَقْت الَّذِي كَانَت تَجِيء فِيهِ وطالت أَكثر واشتدت وخبثت وَوجدت مَعهَا أَعْرَاض كَثِيرَة رَدِيئَة وَقصر زمَان الفتور وَكَانَ الْبدن فِيهِ مَعَ لَك ملثاثاً وَغير نقي وأعراض الْحمى بَاقِيَة. أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض يتزيد وبالضد. فَأَقُول إِن النّوبَة إِذا تَأَخَّرت وطولها يقصر أَو خبثها يقل وأعراضها فقدت وزمان الفترة طَال وخف فِيهِ الْبدن وَلَو تُوجد فِيهِ أَعْرَاض الْحمى فَهَذَا يدل على انحطاط الْمَرَض فَإِن وجدت هَذِه الْأَحْوَال قد صَارَت فِي نوبتين فَذَلِك يدل على أَن الْمَرَض قد انْتهى.
قَالَ: وَانْظُر فِي الفترة كَيفَ حَالهَا وَأحب إِذا كَانَ زمَان الانحطاط أقصر جُزْءا من زمَان جملَة الْحمى فَتَصِير عَلَامَات تزيد الْمَرَض أَن تتقدم نوائبه وَيطول لبثها وتشتد وعلامات انحطاطه أَن تتأخر نوبَة الْحمى وَيقصر لبثها وتضعف أحوالها بِالْإِضَافَة إِلَى النّوبَة الأولى. وَأما مُنْتَهى الْمَرَض فعلاماته بَقَاء النوائب على حَال وَاحِدَة على أَنه كثيرا مَا لَا يُوجد فِي الْأَمْرَاض زمَان يكون فِيهِ نوبتان من ألف هـ نَوَائِب الْحمى على هَذِه الصّفة لَكِن تكون فِي النّوبَة الرَّابِعَة فِي الْمثل عَلامَة النّوبَة بعد مَوْجُودَة ثمَّ تُوجد فِي النّوبَة الْخَامِسَة عَلَامَات الانحطاط وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَ وَقت الْمُنْتَهى سريع الْمُرُور حَتَّى لَا يعرف وَقت حُضُوره لَكِن يحْتَاج فِي صِحَة تعرفه إِلَى دَلَائِل زمَان الانحطاط.
لي يُرِيد أَنه لَا يُمكن أَن يعلم أَن الْمُنْتَهى قد كَانَ بِنَفسِهِ لسرعة مروره لَكِن يعلم أَنه قد كَانَ لظُهُور زمَان الانحطاط فَيعلم من أجل الانحطاط أَن الْمُنْتَهى قد كَانَ. قَالَ: وَرُبمَا كَانَ مثل هَذَا قَالَ: وَرُبمَا اشْتَمَلت النّوبَة الأولى من الْحمى على ابْتِدَاء الْمَرَض وَشدَّة منتهاه حَتَّى يكون ابْتِدَاء نوبَة الْحمى ابْتِدَاء جملَة الْمَرَض وتزيدها تزيده وانتهاؤها انتهاؤه ثمَّ تظهر فِي النّوبَة الثَّانِيَة)
عَلَامَات الانحطاط ظهوراً بَينا. مِثَال ذَلِك قَالَ: وَمِمَّا يعين على تعرف أَوْقَات الْمَرَض نوع الْمَرَض وَالزَّمَان والبلد والمزاج. مِثَال ذَلِك: أَن المحرقة وَالْغِب وَذَات الْجنب وَذَات الرئة أَوْقَاتهَا قَصِيرَة فَأَما الرّبع والبلغمية والصرع وعرق النسا ووجع المفاصل والكلى فأوقاتها طَوِيلَة وَإِذا كَانَت الرّبع فِي الصَّيف كَانَت على الْأَكْثَر قَصِيرَة والخريفية طَوِيلَة(4/547)
خَاصَّة إِن اتَّصَلت بالشتاء وَجمع الْأَمْرَاض انقضاؤها فِي الصَّيف أسْرع وَفِي الشتَاء أَبْطَأَ. وَإِذا كَانَ هَذَا تبين ابتدائها.
لي يُرِيد فِي مِقْدَار الْوَقْت الَّذِي يخص بِالِابْتِدَاءِ وَهُوَ من حِين يَبْتَدِئ الْمَرَض إِلَى وَقت التزيد وَقد يكون فِي الصَّيف أقصر وَفِي الشتَاء أطول كَذَا فعلى قِيَاس الِابْتِدَاء يكون سَائِر الْأَوْقَات.
قَالَ: فَإِذا أَنْت ألفت الدَّلَائِل من جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء كَانَ حدسك فِي تعرف أَوْقَات الْأَمْرَاض مقرباً غَايَة التَّقْرِيب وَلَا يكون بعد كلَاما تَاما على استقصاء دون أَن تضم إِلَى هَذِه دَلَائِل النضج. 3 (مُدَّة الِابْتِدَاء) بِحَسب مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ هن حِين تنكر العليل حَاله تنكراً ظَاهرا لِاسْتِحَالَة شكّ فِي ذَلِك إِلَى حِين ترى أعراضه الَّتِي أنكرها تتزايد تزايداً ظَاهرا.
وحد الصعُود مُنْذُ هَذَا الْوَقْت إِلَى حِين ترى هَذِه الْأَعْرَاض قد بقيت بِحَالِهَا.
وحد الِانْتِهَاء مَا دَامَت ألف هـ هَذِه بَاقِيَة بِحَالِهَا.
وحد الانحطاط مُنْذُ تَأْخُذ هَذِه فِي النُّقْصَان إِلَى أَن يبطل ابْتِدَاء كل وَاحِد من هَذِه الْأَوْقَات بالتدقيق يكون فِي زمن لَا عرض لَهُ فَإِذا ضممت إِلَى هَذِه الدَّلَائِل النضج كَانَ معرفتك بأوقات الْأَمْرَاض معرفَة يَقِين.
عَلَامَات النضج مُنْذُ أول الْأَمر تدل على أَن الْمَرَض يكون قَصِيرا وبالضد.
قَالَ: تعرف أول الْمَرَض وَآخره من طبيعة الْمَرَض وَالْوَقْت وأدوار نَوَائِب الْحمى وَمَا يظْهر بعد حُدُوثه.
لي الَّذِي يظْهر بعد حُدُوثه هِيَ عَلَامَات النضج وَعَدَمه وأدوار الْحمى تدل على طبيعة الْحمى وَلَعَلَّ لَهُ فِي تكراره معنى.
قَالَ: جَمِيع الْأَعْرَاض فِي أول الْمَرَض وَآخره تكون أَضْعَف وَفِي منتهاه أقوى مَا يكون.
مَتى ظهر دَلِيل من دَلَائِل النضج قبل الدّور الثَّانِي من أدوار الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض)
مِثَاله: إِذا حدث فِي غب فِي الْيَوْم الثَّانِي غمامة بَيْضَاء ملساء حميدة فَتلك الغب قَصِيرَة الْمدَّة جدا وَإِذا لم يكن للمرض نَوَائِب مثل حمى المطبقة وظهورها قدر زمَان دور أَو دورين يدل على مِثَال ذَلِك. وَأما فِي الحميات الطَّوِيلَة كالربع والبلغمية فَلَا يَنْبَغِي أَن يطْلب ذَلِك فِيهَا فِي أول دور وَلَا فِي الْخَامِس مثلا لِأَن على قدر مَا يسْرع كَذَلِك قصرهَا. والنضج فِي الْعُرُوق وَفِي آلَات النَّفس من النفث.
لي وَفِي كل عُضْو فِي مَا يصيل من فضوله مِثَاله: أَن عَلَامَات نضج الدِّمَاغ مِمَّا يسيل من الْأنف. ونضج علل الْعين من الرمص وَنَحْو ذَلِك. وَأكْثر عمل النضج يكون فِي أَن تبين عمل الْحَرَارَة أما فِي اللَّوْن. وَإِمَّا فِي الثخن وَإِمَّا فيهمَا.(4/548)
قَالَ: لِأَن الحميات مرض يكون فِي الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب فَاجْعَلْ دليلك عَلَيْهِ من النضج فِي الْبَوْل وَفِي ذَات الْجنب من النفث وَلِأَن فِيهَا حمى فضم إِلَيْهَا النّظر فِي الْبَوْل وَمَتى كَانَ الْمَرَض فِي الْبَطن فَإِن لم يكن مَعَه حمى فَانْظُر فِي آلَات الْبَوْل أَيْضا.
انْقِضَاء ابْتِدَاء يكون مَعَ ظُهُور عَلَامَات النضج الزَّمَان الَّذِي يبين ظُهُور عَلَامَات النضج إِلَى مُنْتَهى الْمَرَض فَهُوَ زمَان التزيد والصعود ثمَّ الْمُنْتَهى بعد هَذَا وَهُوَ أقوى أَجزَاء الْمَرَض كلهَا وأصعبها وأحرها وَقت الانحطاط.
قَالَ: وَإِذا أَنا ذكرت فِي كَلَامي ابْتِدَاء الْمَرَض فَافْهَم مِنْهُ جَمِيع الزَّمَان الَّذِي بَين أول نقطة لَا عرض لَهَا كَأَن فِيهَا الْمَرَض وَبَين أول ظُهُور النضج: وَهَذَا الْوَقْت هُوَ الْوَقْت كُله الَّذِي لم يكن فِيهِ بعد نضج لِأَن تعرف هَذَا الِابْتِدَاء هُوَ الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة لِأَنَّهُ يدل على أُمُور ألف هـ عَظِيمَة من أَمر الْمَرَض.
قَالَ: وَأَنا أجمل قولي فَأَقُول: يسْتَدلّ على أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية من الْأَمْرَاض أَنْفسهَا أَولا كم يكون مِقْدَار زمانها ثمَّ من أَوْقَات السّنة وَقِيَاس الأدوار بَعْضهَا إِلَى بعض ثمَّ مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا من العلامات الَّتِي تظهر بعد. وَأَشْرَفهَا عَلَامَات النضج الَّتِي بهَا يعرف حد الِانْتِهَاء وانقضاؤه على الصِّحَّة والحقيقة ثمَّ تتقدم فتعلم من قبل الِابْتِدَاء مَتى يكون الِانْتِهَاء بحدس مقرب يقرب من الْحَقِيقَة غَايَة الْقرب وكما أَن تعرف الِابْتِدَاء على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء لَا يكون حَتَّى يَبْتَدِئ وَقت التزيد كَذَلِك لَا يلتئم تَحْدِيد وَقت التزيد على الصِّحَّة وَالِاسْتِقْصَاء دون أَن يَبْتَدِئ وَقت الْمُنْتَهى وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف وَقت الْمُنْتَهى حِين يَبْتَدِئ ثمَّ ترتاض فِي)
أَن تتقدم فتعلم: مَتى يكون قبل أَن يكون.
لي يَقُول أَنه كَمَا أَن وَقت الِابْتِدَاء إِنَّمَا صَحَّ عنْدك حِين ظَهرت عَلَامَات النضج الدَّالَّة على أول التزيد كَذَلِك تعرف وَقت التزيد بِالصِّحَّةِ حِين تبتدئ العلامات الدَّالَّة على الِانْتِهَاء وَهِي كَمَال عَلَامَات النضج وبلوغ أَعْرَاض الْمَرَض غَايَته. وَإِذا تدربت فِي هَذِه دربة كَافِيَة أمكن أَن تحدس بعد على الْأَوْقَات قبل حُضُورهَا.
قَالَ: وَقد وصف أبقراط عَلَامَات الْمُنْتَهى قَالَ: إِن جَمِيع الْأَعْرَاض والنوائب فِي أول الْمَرَض وَآخره وأضعف مَا تكون وَفِي منتهاه أقوى مَا تكون.
وَقَالَ مَتى كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة الحدة فَإِن الأوجاع الَّتِي فِي غَايَة القصوى فِي الشدَّة تَأتي فِيهِ سَرِيعا.
لي لج بعد هَذَا كَلَام رَأَيْت أَن إِثْبَات هَذِه الْجُمْلَة هَهُنَا أولى وَهُوَ هَذَا: الْأَمْرَاض الحادة إِمَّا أَن تكون لَهَا نَوَائِب أَو لَا تكون لَهَا نَوَائِب فالتي لَا نَوَائِب لَهَا الْحَد الْأَقْصَى من تزيد الْمَرَض وَهُوَ الِانْتِهَاء هُوَ أدل وَإِن كَانَ مِمَّا يَنُوب فاعرف الِانْتِهَاء من قِيَاس النوائب بَعْضهَا بِبَعْض.(4/549)
قَالَ ج: إِذا رَأَيْت النوائب تتقدم وتطول أَكثر مِمَّا كَانَت وتشتد وتزداد فالمرض فِي صعُود. وَإِن كَانَت حَال النوائب بالضد فقد انحط الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت للمرض نوبتين هما أعظم جَمِيع نَوَائِب الْمَرَض قد تَسَاويا فتعلم أَنَّهُمَا مشتملتان على مُنْتَهى الْمَرَض. وَرُبمَا رَأَيْت نوبَة وَاحِدَة أعظم من كل نوبَة أَتَت قبلهَا وَتَأْتِي بعْدهَا فَيكون مُنْتَهى ألف هـ الْمَرَض فِيهَا وَحدهَا وَلَيْسَ يكَاد يتَّفق فِي الْأَمْرَاض الحادة أَن يلبث مُنْتَهى الْمَرَض ثَلَاث نَوَائِب. وَأما فِي الْأَمْرَاض المزمنة فقد يلبث مُنْتَهى الْمَرَض أَكثر من ثَلَاث نَوَائِب كثيرا فَبِهَذَا الطَّرِيق قف على أَوْقَات الْمَرَض الْكُلية فِي حَال كَونهَا وَإِذا كَانَت وفرغت وَإِذا قرب كَونهَا.
قَالَ: ويستدل عَلَيْهَا بطرِيق آخر يحْتَاج إِلَى أَن يقدم قبله لتصح أَشْيَاء من أَمر الْبَوْل وَالْبرَاز كَمَا تقدمنا فخبرنا بِهِ فِي البزاق.
لي قد بَين جالينوس فِي مَا مضى من كَلَامه الدّلَالَة على النضج من البزاق الدَّال على أَمر آلَات النَّفس. وتزيد أَن نبين ذَلِك فِي البرَاز لِأَنَّهُ دَال على حَال الْمعدة والأمعاء وَهُوَ الَّذِي يسميها الْبَطن الْأَسْفَل لِأَنَّهُ يُسمى مَا دون الْحجاب الْبَطن الْأَعْلَى. ونريد أَن نبين ذَلِك أَيْضا فِي الْبَوْل لِأَنَّهُ يدل على حَال الْعُرُوق وَمَا جانسها وَنحن نذْكر جمل ذَلِك.)
أما حَال النفث فَمَا يخص مِنْهُ ذَات الْجنب فِي بَاب ذَات الْجنب. وَمَا هُوَ عَام فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة. ألف هـ وَأما البرَاز فَفِي بَاب تقدمة الْمعرفَة لي وَأما الْبَوْل فَفِي بَاب على حِدة نجود فهم هَذِه ليجود فهم مَا يَجِيء بعد بِأَن يتقدمه هَذَا.
لي بِمِقْدَار تقدم النضج وتأخره يكون طول الْوَقْت وَقصر الْوَقْت الَّذِي بَين الِابْتِدَاء والمنتهى وَلَا يدل على وَقت الانحطاط ذَلِك الدَّلِيل لِأَن النضج لَا يكون إِلَّا وَقد ذهب الِابْتِدَاء وَلَا يكمل غلا وَقد جَاءَ الِانْتِهَاء وَلَيْسَ يدل كَون النضج ضَرُورَة على أَنه يكون ضَرُورَة بحران لِأَنَّهُ لي أزمان الْأَمْرَاض فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الَّتِي يكون الْفَاعِل لَهَا سوء مزاج مَعَ خلط مُتَعَلقَة بنضج ذَلِك فَإِن نضجه أول الانحطاط. وَفِي الَّتِي هِيَ من سوء مزاج فَقَط فانتهاؤها الْوَقْت الَّذِي تكون فِيهِ تِلْكَ الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لذَلِك السوء المزاج فِي عنفوانها فأزمان الْأَمْرَاض هَهُنَا مُتَعَلقَة بِهَذَا الْوَقْت. فَأَما الَّتِي فِي انْتِقَاض الِاتِّصَال فَإِن ابتداءها هُوَ أعظم أَوْقَاتهَا وَمَا بعد ذَلِك انحطاطه كُله وَمن أجل مَا ذكرنَا مَتى كَانَ الْخَلْط الْفَاعِل أعْسر نضجاً كَانَ ذَلِك الْمَرَض أطول مُدَّة وعسر نضج الْخَلْط يكون إِمَّا لبعده من الطَّبْع كأصناف الكيموسات الردية الَّتِي لَا تجيب إِلَى النضج ليبسه كالسوداء أَو لبرده كالبلغم. وَلذَلِك صَارَت حميات الرّبع والنائبة كل يَوْم أطول زَمَانا لِأَن هذَيْن الخلطين لَا ينضجان إِلَّا فِي مُدَّة طَوِيلَة فَأَما حمى الدَّم فَإِنَّهَا أقصر وقتا من حمى الصَّفْرَاء لِأَنَّهَا أقرب نضجاً لَا لرقة الدَّم لَكِن لقُرْبه من الطَّبْع.(4/550)
لي على قدر طول النّوبَة يكون زمَان الْمَرَض الكلى فِي الْأَكْثَر فَمَتَى رَأَيْت النّوبَة قَصِيرَة فَإِن جملَة أَوْقَات ذَلِك الْمَرَض يكون قَصِيرا على الْأَكْثَر إِلَّا أَن تحدث حَال أُخْرَى وبالضد وَإِن رَأَيْت وَقت النّوبَة أطول وأعسر كالابتداء والصعود فَإِن ذَلِك بِعَيْنِه يكون فِي وَقت الكلى فِي الْأَكْثَر أطول وأعسر.
الْحَرَكَة الَّتِي فِي الْغَايَة لَا تطول مدَّتهَا أَكثر من أَرْبَعَة أَيَّام وَالَّتِي تتحرك حَرَكَة دون هَذِه الْحَرَكَة فِي السرعة تَنْقَضِي فِي أُسْبُوع وعَلى قدر ضعف حَرَكَة الْحمى يتَأَخَّر وَيطول وَقتهَا.
لي وعَلى قدر تَأَخّر النضج فِي المَاء يطول الْوَقْت فِي الحميات السليمة أما غير السليمة فَلَيْسَ تَأَخّر النضج فِي المَاء دَلِيل على طول وَقتهَا بل إِن هَذَا الْمَرَض لَا يَسْتَوِي فِي أزمانه بل يقتل فِي بعض أوقاته.
مِثَال ذَلِك قَالَ: انْزِلْ إِنَّك رَأَيْت مَرِيضا عَلَامَات السَّلامَة فِيهِ قَوِيَّة وحماه تتحرك حَرَكَة سريعة)
فَبَال ألف هـ بولاً حسن اللَّوْن معتدل الغلظ أَقُول إِن الطَّبِيب يعلم أَن انْتِهَاء هَذَا الْمَرَض يكون فِي الرَّابِع وخاصة أَن ظَهرت فِي بَوْله غمامة طافية أَو مُتَعَلقَة وَأكْثر من ذَلِك إِن كَانَت راسبة.
وَانْزِلْ أَن مَرِيضا آخر حماه ضَعِيفَة الْحَرَكَة وبوله فِي أول يَوْم من مَرضه مائي إِن هَذَا الْمَرَض يطول إِلَّا أَنه لَا يُمكن فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض تعرف مِقْدَار تطاوله وَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك حَاجَة ضَرُورِيَّة لِأَنَّك قد علمت أَنَّك تحْتَاج أَن تدبر العليل تَدْبِير من لَا يَأْتِيهِ البحران إِلَّا بعد أَيَّام كَثِيرَة فَإِن تفقدت بعد ذَلِك العلامات الَّتِي تظهر كلما مَضَت للْمَرِيض أَرْبَعَة أَيَّام قدرت أَن تتقدم فتعلم مَتى يكون مُنْتَهى الْمَرَض بِالْحَقِيقَةِ.
لي يَعْنِي عَلَامَات النضج فقد اسْتَفَدْت من هَذَا الْمِثَال أَن تعلم فِي الْيَوْم الأول مِقْدَار طول الْوَقْت الأول فِي الْمَرَض أَعنِي ابتداءه بحدس مقرب وَهَذِه الدّلَالَة فِي الْيَوْم الثَّانِي تكون أبين وَبعد أَن تميز أَكثر مِمَّا ميزت فِي الْيَوْم الأول وَذَلِكَ أَن الْحمى وَالْبَوْل أَن بقيا على حَالهمَا قدرت أَن تعلم أَن الْمَرَض لَا يَأْخُذ فِي الصعُود قبل السَّابِع فضلا عَن أَن تَقول أَنه لم يَأْخُذ فِي الصعُود بعد وَإِذا كَانَ الْمَرَض على هَذَا من الْحَال فوقت الِابْتِدَاء فِيهِ طَوِيل جدا. وَأما الْأَمْرَاض الحادة جدا فوقت الِابْتِدَاء فِيهَا قصير جدا وَذَلِكَ أَنَّك إِن رَأَيْت فِي أول يَوْم من الْمَرَض عَلامَة النضج قد ظَهرت فِي الْبَوْل فقد خرج ذَلِك الْمَرَض عَن حد الِابْتِدَاء حَتَّى يكَاد المتوهم أَن يتَوَهَّم أَنه لم يكن للمرض الِابْتِدَاء الْبَتَّةَ إِلَّا أَن هَذَا محَال لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يصير الْمَرَض إِلَى نِهَايَة دون أَن يكون الْمَرَض قد ابْتَدَأَ وتزيد إِلَّا أَنه رُبمَا كَانَت هَذِه الْأَوْقَات قَصِيرَة حَتَّى أَن الْمَرَض يبلغ نهايته فِي الْيَوْم الأول فَلذَلِك لَيْسَ يَنْبَغِي لَك إِذا كَانَ الْمَرَض حاداً جدا أَن تطلب أَن تتقدم وَتعلم مَتى يكون انْقِضَاء ابْتِدَائه لَكِن ترْضى بِأَن تعرفه فِي حَال ظُهُوره ثمَّ تعرف معرفَة شافية الْوَقْت الَّذِي يَنْقَضِي فِيهِ الِابْتِدَاء أَو يَبْتَدِئ التزيد فِي حَال حُضُوره لِأَن تعرف ابْتِدَاء الْمَرَض كُله وتزيده إِذا كَانَ على هَذِه الْحَال من(4/551)
الحدة وتعرف ابْتِدَاء النّوبَة الأولى وتزيدها وَاحِد مُشْتَرك. فَإِن قيل: كَيفَ يُمكن أَن تعلم الْمَرَض فِي الْيَوْم الأول قد بلغ منتهاه قُلْنَا إِنَّه لَا يُمكن ذَلِك أَو يكون أَولا بعلامات النضج عَارِفًا. فَإِن الَّذِي يعرض فِي نضج الكيموسات يشبه مَا يعرض للأعضاء الوارمة.
وَقَالَ أبقراط: إِن الوجع والحمى يعرضان فِي وَقت تولد الْمدَّة أَكثر مِمَّا يعرضان إِذا تولدت فَكَمَا)
أَنه بعد مَا ينضج الورم حمى صعبة متناهية الشدَّة كَذَلِك لَيْسَ يُمكن بعد أَن ينضج الورم أَن يرسب فِي الْبَوْل ثفل حميد ألف هـ أَن تكون للحمى صولة. فَأَما إِن لم يكن الرسوب فِي أَسْفَل لَكِن إِنَّمَا كَانَت مَعَ أَنَّهَا حميدة إِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة فَلم يَأْتِ بعد مُنْتَهى الْمَرَض وَأكْثر من ذَلِك إِذا لم يظْهر شَيْء من هَذِه الْبَتَّةَ بعد إِلَّا يكون الْمَرَض من الْأَمْرَاض الَّتِي للصفراء فِيهَا قُوَّة قَوِيَّة جدا فَمن تفقد بعناية جَمِيع العلامات الَّتِي ذكرنَا كثيرا لم يخف عَلَيْهِ وَقت من أَوْقَات الْمَرَض لكنه إِن كَانَ الْمَرَض حاداً عرف كل وَقت من أوقاته فِي حَال حُضُوره على الْحَقِيقَة وَالِاسْتِقْصَاء وَتقدم فَأَنْذر قبل حُدُوثه بِقَلِيل أَنه يحدث عَن قريب فَإِن كَانَ الْمَرَض طَويلا علم مَتى يكون كل وَاحِد من أوقاته قبل حُدُوثه بِزَمَان طَوِيل بالحدس وَكلما تَمَادى بِهِ الزَّمَان وَقرب حُضُور وَقت كَانَت تقدمة الْمعرفَة مِنْهُ أبين وأوضح وَبِالْجُمْلَةِ فقد يَنْبَغِي أَن تعلم أَنه مَا لم يظْهر عَلامَة بَيِّنَة تدل على النضج فَذَلِك الْوَقْت كُله إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء الْمَرَض وتقدر أَن تخبركم بَقِي إِلَى أَن تظهر تِلْكَ العلامات الْبَيِّنَة الدَّالَّة على النضج من قبل طبيعة ذَلِك الْمَرَض وحركته وَمن قبل أَوْقَات السّنة والبلد وَالسّن والمزاج ذَلِك أَنه إِن كَانَ الْمَرَض فِي طَبِيعَته طَويلا كالحمى النائبة فِي كل يَوْم ورأيتها تتحرك مَعَ ذَلِك حَرَكَة بطيئة وَكَانَت حَرَارَتهَا مدفونة مغمورة وَالْوَقْت شتاء والبلد بَارِد وَالسّن والمزاج باردين احْتِيجَ فِي ظَاهر العلامات الدَّالَّة على النضج إِلَى زمَان طَوِيل وَيَنْبَغِي أَن تعد ذَلِك الزَّمَان كُله ابْتِدَاء الْمَرَض.
فَأنْزل أَن الْحمى النائبة كل يَوْم حدثت فِي الشتَاء فِي بدن من هَذِه حَاله وَكَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك رَقِيقا أَبيض. أَقُول: أَنه لَا تظهر عَلَامَات بَيِّنَة تدل على النضج فِي هَذَا الْمَرَض فِي الْيَوْم السَّابِع وَلَا فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر فضلا عَمَّا قبله.
وعلامات النضج التَّام: الثفل الراسب الأملس الْمُتَّصِل وعلامات النضج الْخفية الضعيفة انْتِقَال المَاء من المائية إِلَى الصُّفْرَة القليلة. وَإِن انْتقل الْبَوْل أَيْضا من حَال الرقة إِلَى التئور ثمَّ بَقِي بِحَالهِ بعد أَن يبال فَلم يتَمَيَّز فَذَلِك من عَلَامَات النضج الضَّعِيف الْخَفي. وَالْبَوْل أَيْضا الْأَصْفَر المشبع إِذا كَانَ رَقِيقا فَهُوَ من هَذَا الْجِنْس.
وَلَيْسَ تدل وَاحِد من هَذِه العلامات على أَن وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض قد انْقَضى لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى عَلامَة بَين من هَذِه العلامات وَهِي غمامة بَيْضَاء مستوية مُتَّصِلَة إِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة. والغمامة الَّتِي لَوْنهَا أَحْمَر قانٍ والثفل الراسب الَّذِي لَونه هَذَا اللَّوْن وَالْبَوْل الَّذِي لَا ثفل لَهُ)
إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن فَإِن النفث الْمُسَمّى بزاقاً هَذَا هُوَ العديم الْحمرَة والصفرة والزبدية واللزوجة ألف هـ والاستدارة السهل الْخُرُوج وَقد وصفناه فِي بَاب ذَات الْجنب نَظِير الثفل(4/552)
الراسب فِي الْبَوْل بِأَن لَا ينفث الْمَرِيض شَيْئا الْبَتَّةَ لَكِن يسعل سعالاً يَابسا نَظِير الْبَوْل الْبعيد فِي الْغَايَة من النضج الْمُسَمّى مائياً. فَإِن انْتَقَلت الْحَال من أَلا ينفث شَيْئا الْبَتَّةَ إِلَى أَن ينفث إِلَّا أَنه رَقِيق غير نضيج فَهَذِهِ النقلَة نقلة خَفِيفَة ضَعِيفَة جدا وَلم ينقص الْوَقْت الأول أَعنِي ابْتِدَاء الْمَرَض.
وانقضاء هَذَا الْوَقْت وانتقال الْمَرَض إِلَى التزيد هُوَ أَن يَبْتَدِئ الْمَرِيض ينفث شَيْئا يَسِيرا نضيجاً ثمَّ إِنَّه من ذَلِك لَا يزَال إِلَى وَقت الْمُنْتَهى بتزيد نفثه كَثْرَة وحسناً وسهولة فَإِذا نفث شَيْئا مستحكم النضج كثيرا وَلم يكن عَلَيْهِ فِي نفثه مؤونة فَذَلِك النفث وَقت الْمُنْتَهى فَإِذا رَأَيْت مَا ينفث على هَذِه الْحَال من النضج وسهولة الْخُرُوج إِلَّا أَن مِقْدَاره نَاقص عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ وَلم يبْق من الوجع شَيْء فوقت الْمُنْتَهى قد انْقَضى. فلينزل أَن مَرِيضا بِهِ ذَات الْجنب لَيْسَ ينفث شَيْئا ويبول بولاً رَقِيقا إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن. ولينزل أَنا وجدنَا نَحْو الْيَوْم الْحَادِي عشر قد بَدَأَ ينفث إِلَّا أَن الَّذِي نفثه رَقِيق غير نضيج أَقُول: إِنَّه لَا يشك أَن مَرضه فِي الِابْتِدَاء وَلَكِن قد يظنّ جَاهِل أَنه قد انْتقل فِي الْحَادِي عشر من ابْتِدَاء مَرضه إِلَى صُعُوده وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لكنه لِأَن الْحَادِي عشر مُنْذر بالرابع عشر دلّ على أَن التزيد لَيْسَ يكون فِي الرَّابِع عشر فتفقد الْحَال فِي الرَّابِع عشر وَانْظُر هَل هِيَ مُوَافقَة للمتقدم فَدلَّ عَلَيْهِ الْحَادِي عشر ثمَّ تفقد بعده السَّابِع عشر لِأَن السَّابِع عشر مُنْذر بالعشرين.
فَأنْزل أَنه ينفث فِي السَّابِع عشر شَيْئا يَسِيرا نضيجاً أَن هَذَا ابْتِدَاء مَرضه وَقد انْقَضى انْقِضَاء بَينا وَمَضَت من الصعُود طَائِفَة على قدر قُوَّة النضج وَلَكِن لِأَنَّهُ لم تكن عَلَامَات النضج بَيِّنَة كَامِلَة فِي السَّابِع عشر لَيْسَ يدل على أَن مَرضه انْتهى منتهاه فِيهِ فتفقد الْعشْرين فَإِن وجدت فِيهِ دلَالَة على نضج تَامّ فمرضه حِينَئِذٍ قد انْتهى انْتِهَاء بَينا وَيُمكن أَن ينحط انحطاطاً بَينا فِي بعض أَيَّام البحران التالية للعشرين.
مُنْتَهى الْمَرَض الْبَين أَوله عِنْد ظُهُور النضج الْكَامِل. وَآخره عِنْد كَون البحران فَإِن ج قَالَ فِي انكسار الْمَرِيض: إِنَّه لما ظهر النضج الْكَامِل فِيهِ فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ثمَّ بحرانه فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ ألف هـ وَأَن جَمِيع هَذَا الْوَقْت كَانَ وَقت الْمُنْتَهى. ووعد أَن يبين هَذَا بِكَلَام أسْرع فَائِدَة وأشرح مِمَّا بَينه فِيمَا مضى.)
قَالَ: حد انْقِضَاء الِابْتِدَاء ظُهُور عَلَامَات النضج الْبَين.
لي وحد انْقِضَاء الصعُود كَمَال النضج. وحد انْقِضَاء الْمُنْتَهى أول البحران للتام وَهُوَ أول الانحطاط.
لي العلامات الَّتِي تدل على أَن الِابْتِدَاء قد انْقَضى هُوَ النضج الْبَين والعلامة الَّتِي تدل على شَيْء يَنْقَضِي هُوَ طبيعة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر وَالسّن وَمَعَ ذَلِك على استظهار والبلد وَالتَّدْبِير فِي الصِّحَّة.
قَالَ: والعلامات الْخَاصَّة لانقضاء ابْتِدَاء عَلَامَات النضج: يَنْبَغِي أَن تنظركم الْبعد بَين العلامات الْحَاضِرَة الَّتِي تدل على أَنه لم يكن نضج بعد وَبَين عَلَامَات النضج الْبَين الَّذِي(4/553)
ترجو أَن يكون وَكم مِقْدَار سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وَهل يتوقد ويشتعل أَو هُوَ خامد كَأَنَّهُ شَيْء مندفن مغمور وَمن أَنْفَع الْأَشْيَاء فِي هَذَا بل مِمَّا لَا بُد فِيهِ أَن تعلم مقادير تفاضل عَلَامَات النضج وَخلاف النضج بَعْضهَا على بعض فَإِن العلامات الَّتِي تدل على أَنه لم يكن النضج بعد مُخْتَلفَة جدا وَبَينهَا تفاضل كثير وَالْفضل فِي عَلَامَات النضج أَكثر فَإِن دَامَت العلامات الدَّالَّة على عدم النضج أَرْبَعَة أَيَّام مُنْذُ أول الْمَرَض كَانَ وَقت الِابْتِدَاء مثل ذَلِك الْوَقْت طَويلا فَإِن ظَهرت فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام من الْمَرَض العلامات الدَّالَّة على أَنه قد كَانَ نضج يسير فَإِن ذَلِك الْمَرَض طَوِيل إِلَّا أَنه لَيْسَ مثل الأول. وَإِن كَانَت العلامات الَّتِي تدل على خلاف النضج يسيرَة فَمَا بَقِي من وَقت الِابْتِدَاء يسير. وَانْظُر مَعَ هَذَا فِي العلامات كلهَا الَّتِي ذكر أبقراط أَنَّهَا تدل على طول الْمَرَض كَقَوْلِه: الْعرق الْبَارِد إِذا كَانَ مَعَ حمى حادة دلّ على موت وَإِن كَانَ مَعَ حمى هادئة دلّ على طول مرض. وَذَلِكَ أَن هَذِه العلامات إِن ظَهرت فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض والنضج لم يكن فَإِنَّهَا تزيد فِي طول الِابْتِدَاء وَيكون كَذَلِك التزيد أطول أَيْضا وَكَذَلِكَ الْمُنْتَهى على حسب ذَلِك يكون بعد زمَان طَوِيل أَيْضا. وعَلى حسب ذَلِك أَيْضا انْقِضَاء الْمَرَض. فقد تبين أَنَّك إِن تفقدت الْأَمر بِحَسب مَا يجب قدرت فِي الْأَيَّام الأول أَن تعرف مِقْدَار وَقت الِابْتِدَاء ومقادير مَا بعده من أَوْقَات الْمَرَض بحدس مقرب ثمَّ تزداد عنْدك وضوحاً إِذا نظرت فِي كل أَرْبَعَة أَيَّام تمر للْمَرِيض ألف هـ وَالْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض إِذا ظَهرت لَك فِيهَا عَلَامَات تدل على النضج الْخَفي تدل دلَالَة بَيِّنَة على مَا بَقِي من وَقت الِابْتِدَاء وَبعد أَن تعلم أَن جَمِيع الْوَقْت الَّذِي يظْهر فِيهِ)
شَيْء من العلامات الدّلَالَة على النضج فَهُوَ أول وَقت من أَوْقَات الْمَرَض وَذَلِكَ أَنَّك إِذا نظرت فِي هَذَا الْوَجْه لم يعسر عَلَيْك إِذا تعرفت كم تبَاعد الْمَرَض عَمَّا ظهر لَك فِي أول يَوْم مِنْهُ أَن تقيس عَلَيْهِ فتعرف فِي كم يَوْم يَنْقَضِي مَا بَقِي إِلَى أَن يظْهر النضج الْبَين ثمَّ مُنْذُ ذك الْوَقْت يَبْتَدِئ يتزيد الْمَرَض فِيهِ. قَالَ وَمن أَجود الْأَشْيَاء فِي الْمعرفَة بأوقات الْأَمْرَاض أَن تعرف نوع الْمَرَض مُنْذُ أول حُدُوثه وسأبين ذَلِك.
لي يَعْنِي أَنَّك إِذا علمت أَن الْحمى غب من أول يَوْمه فقد اسْتَفَدْت أمرا عَظِيما من الْمعرفَة الْمقَالة الثَّانِيَة: الحميات المحرقة والمطبقة الحادة جدا لَا تجَاوز الْأُسْبُوع الأول وَالْغِب الْخَالِصَة لَا تجَاوز الدّور السَّابِع. والبلغمية وَالرّبع تطاولان لازمتين كَانَتَا أَو نائبتين.
لي احسب أَن مُدَّة اللَّازِمَة من هَذِه أقصر أَيْضا من هَذِه الدائرة.
قَالَ: والكيموس المولد للحمى إِن كَانَ بلغماً فَإِن الْحمى تطول وَإِن كَانَ سَوْدَاء فأطول فَإِن كَانَ صفراء كَانَت قَصِيرَة. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْأَعْضَاء الَّتِي فِيهَا أورام فَإِن الورم إِن كَانَ سريع الْحَرَكَة والعضو حاراً سخيفاً عَظِيم الْخطر فَإِن الْمَرَض قصير وَإِن كَانَ(4/554)
بطيء الْحَرَكَة فِي عُضْو بَارِد كثيف يسير الْخطر فالمرض طَوِيل. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ الورم فَإِنَّهُ إِن كَانَ أبرد وأعسر حَرَكَة فَهُوَ أطول. فَمن عرف أَوْقَات الْأَمْرَاض معرفَة يَقِين حصلت فِيهِ قُوَّة عَظِيمَة على تقدمة الْمعرفَة بِمَا يكون وَتصل إِلَى وَمَعْرِفَة أَوْقَات الْأَمْرَاض فِي الْوَقْت الْحَاضِر من طبيعة الْمَرَض وَقِيَاس الأدوار.
قَالَ: الغب اللَّازِمَة والدائرة قصيرتان وخاصة فِي الصَّيف. والبلغميتان طويلتان إِلَّا أَنَّهُمَا أقل طولا من الربعيتين اللَّازِمَة والدائرة قَالَ: وَإِذا كَانَت الحميات دائمة فالمرض حاد. . 3 (تعرف حَرَكَة الْمَرَض) تعرف حَرَكَة الْمَرَض بِمِقْدَار أزمان أَجزَاء نوبَة الْحمى فَإِن لكل وَاحِد من النوائب أَرْبَعَة أَجزَاء.
وَقد تكون ألف هـ حمى تَنْقَضِي فِيهَا هَذِه الْأَجْزَاء كلهَا بِسُرْعَة. وَقد تكون أُخْرَى تبطئ فِيهَا تقضي هَذِه الْأَجْزَاء كلهَا وَتَكون أُخْرَى يسْرع فِيهَا بعض هَذِه الْأَجْزَاء وتبطئ بعض وَإِن كَانَت الْحمى تَنْقَضِي فيهاجميع هَذِه الْأَجْزَاء بِسُرْعَة ونوائباً لَا محَالة تقلع فَذَلِك أَنه لَا يُمكن أَن يكون جَمِيع أَجزَاء التزيد تَنْقَضِي بِسُرْعَة وَتبقى دائمة فَلَا بُد من أَن يطول أحد أَجْزَائِهَا أَو جزءان مِنْهَا. فَأَما سونوخس فأوقات ابتدائها لَيْسَ مِنْهَا طَوِيل كلهَا منتهي.
فَأَما الحميات اللَّازِمَة الَّتِي لَهَا فتور فِي وَقت مَا فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمُنْتَهى أطول من سَائِر أَجْزَائِهَا فحركة كلهَا سريعة وَإِن كَانَ وَقت الْمُنْتَهى مِنْهَا أقصر أَجْزَائِهَا فحركتها بطيئة.
لي جَمِيع هَذِه الحميات بِقدر بُلُوغ النّوبَة الْمُنْتَهى فِي السرعة تكون حِدة حركتها وبالضد.
وَذَلِكَ أَن الْحمى المحرقة أسْرع حَرَكَة من سونوخس لِأَنَّهَا فِي الْمثل كَأَنَّهَا كلهَا منتهي. والبلغمية أطول أَجْزَائِهَا الصعُود وَالرّبع أطول أَجْزَائِهَا الِابْتِدَاء. وَالْغِب مجانسة لسونوخس فَإِن أطول أَجْزَائِهَا الِانْتِهَاء.
جَوَامِع البحران قَالَ: أَوْقَات الْمَرَض كُلية تعرف من أَرْبَعَة أَشْيَاء من نوع الْمَرَض وَمن الْأُمُور الملتئمة وَمن حالات النوائب وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي تظهر بعد.
نوبَة الْحمى تدل على حَال الْمَرَض بأَرْبعَة أَشْيَاء: بتقدمها عَن الْوَقْت وتأخرها وبمقدارها.
لي يَعْنِي بِهِ عظم النّوبَة وصغرها وَعظم النّوبَة وصغرها يكون لعظم أَعْرَاض الْحمى وصغرها أَعنِي بالأعراض هَهُنَا الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لَا الْأَعْرَاض الغريبة فَإِن النخس فِي الأضلاع والسعلة وضيق النَّفس أَعْرَاض ذَات الْجنب لَازِمَة وبقدر عظمها يكون عظم ذَات الْجنب وبالضد.
وَأما الْعَطش والسهر والهذيان فَغَرِيبَة. فَإِن ظَهرت فِي ذَات الْجنب دلّت على رداءتها لَا على عظمها وَإِن لم تظهر دلّت على سلامتها لَا على صغرها. فَلذَلِك تكون(4/555)
فِي الْحمى أَعْرَاض لَازِمَة تدل على عظمها وصغرها مثل كَيْفيَّة الْحَرَارَة وكميتها. وأعراض غَرِيبَة تدل على خبثها وسهولتها. كالهذيان والسهر والقلق وَنَحْو ذَلِك. وَالثَّالِث طولهَا وقصرها وَالرَّابِع حَالهَا.
لي يَعْنِي بِحَالِهَا كيفيتها فِي الْأَعْرَاض الغريبة الَّتِي قد ذكرت فَاعْلَم أَن كمية الْمَرَض تعلم من أعراضه اللَّازِمَة. وكيفيته من أعراضه الغريبة.)
قَالَ: ألف هـ النّوبَة إِذا تقدّمت دلّت على التزيد وَإِن تَأَخَّرت دلّت على الانحطاط.
وَإِن لَزِمت وقتا وَاحِدًا وَكَانَ ذَلِك قبل تزيد الْأَعْرَاض دلّت على المنتهي.
لي: وَإِن كَانَ بعد تزيد الْأَعْرَاض مَعَ تزيدها دلّت على الِانْتِهَاء كُله كَأَنَّهُ فِي الْمثل إِذا لَزِمت الْحمى وقتا وَاحِدًا تنوب فِيهِ وَكَانَت الْأَعْرَاض فِي كل نوبَة يظْهر مِنْهَا شَيْء لم يكن أَو يزيدها مَا كَانَ مِنْهَا ظَاهرا عَظِيما فَإِن هَذَا وَقت الِابْتِدَاء وَإِن كَانَت فِي الْحَال الَّتِي تلْزمهُ وقتا آخر لَا تظهر الْأَعْرَاض الَّتِي لم تكن وَلَا تزيد الْأَعْرَاض الْمَوْجُودَة عظما فَإِن ذَلِك المنتهي.
لي افهم هَهُنَا من تزيد الْأَعْرَاض على مَا فِي الْبَاب الَّذِي تَحْتَهُ.
قَالَ: وَأما مِقْدَار نوبَة الْحمى فَيدل على وَقت الْمَرَض فَإِن النّوبَة الثَّانِيَة إِن كَانَت أعظم من الأولى دلّت على التزيد وَإِن كَانَت أَصْغَر فعلى الانحطاط. وَإِن كَانَت مُتَسَاوِيَة فَهِيَ تدل أما قبل أَن يتَبَيَّن النضج فعلى ابْتِدَاء. وَأما إِذا ظهر النضج وَبَان فعلى الِانْتِهَاء.
لي افهم من تزيد الْأَعْرَاض فِي الْبَاب الَّذِي قبل هَذَا الْمَعْنى بِعَيْنِه وَأما طول النّوبَة فَإِنَّهَا كلما طَالَتْ دلّت على التزيد ونقصانها على الانحطاط وبقاؤها على حَال وَاحِدَة على الِانْتِهَاء.
لي: يَنْبَغِي أَن يدل على طول هَذِه النّوبَة وقصرها وَقُوَّة تقدمها وتأخرها وَقُوَّة عظمها وصغرها وَقُوَّة خبثها وسلامتها وَقُوَّة بَقَاء الفترات فِي قِيَاس بَعْضهَا بِبَعْض ثمَّ تعْمل بِحَسب ذَلِك لِأَنَّهُ لَا يتَّفق فِي الْأَكْثَر أَن تَجْتَمِع هَذِه كلهَا فِي الدّلَالَة على شَيْء كَمَا فعل جالينوس فِي تمثيله فِي أول كتاب البحران لَكِنَّهَا تتضاد فِي الدّلَالَة فَتكون مثلا النّوبَة تتقدم والعظم ينقص والفترات تكون إبْقَاء وبالضد وَكَذَا لَا بُد من أَن ترى قوى بَعْضهَا بِبَعْض وتحتاج لذَلِك أَن تعرف مِمَّا يكون تقدم النّوبَة وَمِمَّا يكون طولهَا وَمِمَّا يكون عظمها وَأَنت تَجِد ذَلِك فِي بَاب أدوار الحميات وَفِي قَالَ:
الْأُصُول فِي تعرف الْحمى الَّتِي يرجع إِلَيْهَا فِي تعرف أَوْقَات الْحمى أَرْبَعَة: نوع الْمَرَض والأشياء المجتمعة مثل الْوَقْت وَالسّن وَالتَّدْبِير. والأعراض الَّتِي تحدث من بهد هَذِه هِيَ عَلَامَات النضج وَإِلَّا نضج وَحَال النوائب بَعْضهَا عِنْد بعض وَفِي الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الَّتِي ذكرنَا.
قَالَ بعض النَّاس: يسْقط من هَذِه الْأُصُول النّظر فِي أَمر النّوبَة وَيجْعَل بدلهَا فِي أَمر الفترة فَينْظر فِي تقدم ألف هـ سُكُون الْحمى وتأخره فِي طول الفترة وقصرها وَفِي بَقَاء الفترات وتلونها.
لي كل فَتْرَة تتقدم وَقتهَا تدل على انحطاط الْمَرَض وكل فَتْرَة تتأخر وَقتهَا تدل على(4/556)
تزيد الْمَرَض وَإِذا قل مكثها يدل على تزيده وَإِذا طَال مكثها على تنقصه. وكل فَتْرَة تكون حَال الْمَرِيض فِيهَا رَدِيئَة تدل على تزيد وَالَّتِي حَاله فِيهَا صَالِحَة تدل على انحطاط. وكل فَتْرَة يبْقى فِيهَا شَيْء من أَعْرَاض الْحمى الَّتِي حدثت فِي وَقت التزيد تدل على التزيد وبالضد.
وَقَالَ: الحميات الَّتِي لَا فترات لَهَا يَنْبَغِي أَن تتفقد هَذَا مِنْهَا فِي أَوْقَات الْخُف.
لي الْأَشْيَاء الَّتِي تتفقد من النّوبَة أَرْبَعَة: وَقت ابتدائها وَطول مكثها وَمِقْدَار عظمها وحالها. فَالْأولى يسهل مَعْرفَتهَا أَعنِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة وَطول مدَّتهَا. والأخريان يعسر قَالَ: وَمِقْدَار عظم الْحمى يعرف من تزيد الْأَعْرَاض المثبتة لنوعها بِمَنْزِلَة مَا نجد ذَلِك فِي أَعْرَاض ذَات الْجنب وَهِي الْحمى الحادة والسعال وضيق النَّفس والوجع فِي الأضلاع فَإِنَّهُ يقدر عظم هَذِه يكون عظم ذَات الْجنب. وَحَال الْحمى أَعنِي كيفيتها فتعرف من الْأَعْرَاض الغريبة من الْمَرَض بِمَنْزِلَة مَا نجد يعرض فِي ذَات الْجنب من الأرق والسهر الشَّديد وَذَهَاب شَهْوَة وَشدَّة الْعَطش فَإِن هَذِه كلهَا إِذا كثرت فِي ذَات الْجنب دلّت على أَنَّهَا أردأ.
العلامات الدَّالَّة على تزيد الْمَرَض تقدم نوبَة الْحمى وَطول مكثها وَمِقْدَار عظمها وحدوث الْأَعْرَاض الغريبة فِيهَا وَتَأَخر سكونها وَقصر وَقت الفترة وَقلة خف الْبدن فِيهِ وَألا يكون نقياً.
والعلامات الدَّالَّة على انحطاط الْمَرَض تَأَخّر النّوبَة وقصرها وخفتها ولينها وَتقدم سكونها وَطول وَقت الفترة وسهولته وبراءته من الْأَعْرَاض.
والعلامات الدَّالَّة على منتهاه أَن يَدُوم الْأَمر بِحَالَة وَاحِدَة فِي وَقت دُخُول النّوبَة ومدتها وعظمها والأعراض الْحَادِثَة مَعهَا وفترتها.(4/557)
(حركات الْأَمْرَاض) قَالَ: حركات الْأَمْرَاض حركتان: إِحْدَاهَا كُلية وتعرف بطبيعة الْمَرَض وَهَذِه الْحَرَكَة من ابْتِدَاء الْمَرَض وتزيده ومنتهاه وانحطاطه. وَالْأُخْرَى جزئية تعرف بنوبة الْمَرَض وتزيدها ومنتهاها وانحطاطها.
3 - (أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية)
لَا يَخْلُو أَن تتحرك حَرَكَة حادة مُتَسَاوِيَة أَو حَرَكَة بطيئة مُتَسَاوِيَة. لي وَإِمَّا أَن يَتَحَرَّك بعض أَجْزَائِهِ حَرَكَة سريعة وَبَعضهَا حَرَكَة بطيئة وَمَا كَانَ من الحميات فِي الصَّيف فَإِن مدَّته تكون أقصر وَإِن كَانَ من جنس الرّبع لِأَن الصَّيف يلطف الأخلاط الغليظة ألف هـ وَمَا كَانَ من الحميات فِي الخريف فَهُوَ أطول مُدَّة من الصَّيف. وَالَّتِي فِي الشتَاء أطول من الَّتِي فِي الخريف.
الْحمى مِنْهَا مَا يَتَحَرَّك مُنْذُ أول أمرهَا حَرَكَة مبادرة وَمَعَ تقدم فِي الْوَقْت وَزِيَادَة فِي الْمِقْدَار وَطول اللّّبْث وَشدَّة مبادرة إِلَى التزيد فِيهِ وَهَذِه تدلك على أَن الْمَرَض قصير وَكَذَلِكَ أجزاؤه أَعنِي ابتداءه وتزيده ومنتهاه وانحطاطه. وَمِنْهَا بضد هَذِه فتدل على أَن الْمَرَض طَوِيل الْمدَّة وَكَذَلِكَ أجزاؤه الْأَرْبَعَة.
لي أَكثر مَا تتبين بلادة الْمَرَض بعد الِابْتِدَاء فَأَما فِي وَقت الِانْتِهَاء فَلَا يكون ذَلِك مِنْهُ عَظِيما وَلَو كَانَ فِي غَايَة البطء. للنضج ثَلَاث مَرَاتِب: إِحْدَاهَا النضج الضَّعِيف الْخَفي وَالثَّانيَِة النضج الْبَين الَّذِي بِهِ تَجِد مبدأ الْمَرَض وَالثَّالِثَة التَّام الَّذِي بِهِ تَجِد التزيد.
لي: افهم من قَوْله بِحَدّ آخر.
قَالَ: والأمراض هَهُنَا مَا يتَغَيَّر دَفعه وَفِي مثل هَذِه يَنْبَغِي لنا أَن نجد ابْتِدَاء الْمَرَض من تزيده.
لي ج يَقُول: إِن الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يكون فِيهَا تغير دَفعه أَي بحران فَإنَّا نَعْرِف ابتداءها من ظُهُور عَلَامَات التزيد فَإِنَّهُ إِذا ظَهرت عَلَامَات التزيد علمنَا أَن الْوَقْت الَّذِي مضى كَانَ ابْتِدَاء لِأَنَّهُ لَا يُمكن فِي هَذِه الْأَمْرَاض لضيق أَوْقَاتهَا أَن تَتَغَيَّر النوائب وَلَا يُمْهل لذَلِك.
قَالَ: وَمِنْهَا مَا يَنْقَضِي ويتحلل أَولا أَولا وَفِي مثل هَذِه يَنْبَغِي أَن نَعْرِف تزيد الْمَرَض وحركات نَوَائِب الْحمى على مَا ذكرنَا فِي كميتها وكيفيتها. وَقد تكون نَوَائِب كَثِيرَة مُتَسَاوِيَة فِي الْأَمْرَاض المزمنة. لي أما الَّتِي هِيَ أحد فَرُبمَا لم نر إقلاع نوبتين متساويتين لَكِن تكون عَلَامَات التزيد(4/558)
ظَاهِرَة فِي نوبَة مَا وعلامات الانحطاط ظَاهِرَة فِي الَّتِي تتلوها.)
تعرفنا لوقت الْأَمْرَاض فِي نوبَة مَا دَامَت هُوَ ذَا يكون بعد وَيكون من المقايسة بَين النّوبَة والنوبة فَأَما إِذا كَانَت وفرغت فَإنَّا نتعرفها بِأَنَّهُ إِن كَانَ الْحَاضِر وَقت التزيد علمنَا أَن الِابْتِدَاء وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض فِي الْأَمْرَاض المزمنة طَوِيل نَحْو مَا يكون من حمى البلغم ثَمَانِيَة عشر يَوْمًا وَفِي الْأَمْرَاض الحادة وَرُبمَا لم يتم يَوْمًا وَاحِدًا بل تكون أَوْقَات الْكُلية هِيَ الْأَوْقَات الْجُزْئِيَّة وَمَا كَانَ على هَذِه الحدة ألف هـ فَلَيْسَ فِيهِ سَابق علم لَكِن تعرف فَقَط إِذا كَانَ النفث يَسِيرا نضيجاً. فَإِن كَانَت الْأَعْرَاض قَائِمَة بعد فَهُوَ وَقت التزيد وَإِن كَانَت سكنت فَهُوَ وَقت الانحطاط. وَحمى الدَّم المطبقة وَحمى الغب اللَّازِمَة وَهِي المحرقة تنقضيان فِي الْأُسْبُوع الأول. 3 (الْمَرَض الحاد) الثَّانِيَة من البحران قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع هُوَ الَّذِي يَنْقَضِي فِي الْغَايَة القصوى من الحدة وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى السَّابِع فحاد جدا وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع عشر حاد جدا بقول مُطلق وَالَّذِي يَنْقَضِي إِلَى الْعشْرين حاد على الْمجَاز. فَأَما المجاوز الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فتسمى منتكسة وَهِي الَّتِي فِيهَا نكسة ثَانِيَة وَيكون ابْتِدَاء مرض آخر فَيكون مِنْهَا جَمِيعًا مرض حاد وينقضي فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
قَالَ: وَقد رَأَيْت الحميات الدائمة الَّتِي لَا تقلع إقلاعاً صَحِيحا تطاولت إِلَى الْأَرْبَعين وَلَيْسَ يبلغ مرض حاد إِلَى الْأَرْبَعين الْبَتَّةَ إِلَّا أَن يكون منتكساً أَو منتقلاً من حِدة إِلَى إبطاء.
والأمراض الَّتِي تنْتَقل من سرعَة الْحَرَكَة إِلَى إبطاء فَسمى منتقلة وَرُبمَا كَانَ الْمَرَض فِي أَوله سريع الْحَرَكَة ثمَّ انْتقل فَصَارَ بطيء الْحَرَكَة.
أبقراط جعل حد الْأَمْرَاض الحادة بقول مُطلق أَرْبَعَة عشر يَوْمًا والمنتكسة من الْأَرْبَعين إِلَى السِّتين على حسب مَا يَقع بعده من النقلَة فِي الْحَرَكَة بطئها أَو سرعتها.
قَالَ: وَمن الْأَمْرَاض أمراض تبتدئ تتحرك حَرَكَة ضَعِيفَة كَأَنَّهَا مدفونة بعد الرابوع الأول وَقَبله تتحرك حَرَكَة الْأَمْرَاض الحادة وَهَذِه تتجاوز الرَّابِع عشر إِلَى الْعشْرين وَجُمْلَة فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن تعرف حِدة الْمَرَض من سرعَة الْحَرَكَة ألف هـ وصعوبته وَعظم الْخطر فِيهِ مَعَ سرعَة الْحَرَكَة.
لَيْسَ كل مرض قصير الْمدَّة مَرضا حاداً وَإِلَّا فحمى يَوْم مرض حاد وَلَكِن الْمَرَض الحاد عِنْد أرخيجانس هُوَ الَّذِي يَتَحَرَّك بِسُرْعَة وَفِيه خطر. وَفِي قَول أبقراط هُوَ الَّذِي يكون الْحمى فِيهِ)
دائمة وَلذَلِك يَجِيئهُ البحران سَرِيعا ويبادر إِلَى نهايته بِسُرْعَة فَلذَلِك تكون حركته خبيثة.
وكل مرض حاد فَهُوَ لَا محَالة قصير وَلَيْسَ كل مرض قصير بحاد. وكل مرض بطيء طَوِيل فَإِن الحميات المزمنة أَبْطَأَ حَرَكَة من الحميات المحرقة وَهِي أقصر مُدَّة مِنْهَا.(4/559)
جَوَامِع أَيَّام البحران لطول الْأَمْرَاض علامتان: عدم عَلامَة النضج أَو تَأَخره وَظُهُور العلامات الدَّالَّة على أَن الْمَرَض يطول وَهِي عَلَامَات كَثِيرَة فَمَتَى اجْتمعت هَذِه كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة الطول وبالضد. وَإِن كَانَت فِيهِ عَلامَة وَاحِدَة كَانَ متوسطاً فِي الطول.
لي يَنْبَغِي أَن تَجْتَمِع بعده العلامات كلهَا إِلَى هَذَا الْموضع. 3 (الْجَوَامِع غير المفصلة) جَوَامِع أَيَّام البحران فِي معرفَة حَرَكَة الْمَرَض قَالَ: حَرَكَة الْمَرَض لَا تخفى إِذا تفقدت تزيد الْأَعْرَاض وتزيد النضج فِي وَقت وَقت فَإِنَّهُ بِحَسب زِيَادَة هَذِه تكون سرعَة حركته وبالضد.
من الأولى من كتاب أَصْنَاف الحميات: حمى الدق تَجِد ابتداءها من حَال العليل لَا من تزيد الْأَيَّام وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت قوته بَاقِيَة قَوِيَّة ورطوباته مَوْجُودَة فَإِنَّهَا بعد مبتدئة فَإِذا أَقبلت الْقُوَّة والرطوبة يتَبَيَّن فيهمَا النُّقْصَان والضعف فَهِيَ فِي الصعُود. فَإِذا انحل الْبدن ولصق الْجلد بالعظم فَهُوَ النِّهَايَة والذبول.
من جَوَامِع الحميات: ابْتِدَاء حمى يَوْم يعرف بِقدر السَّاعَات وَذَلِكَ أَن تزيدها يكون فِي قدر ساعتين أَو ثَلَاث. وحميات عفن تعرف بعلامات النضج وَذَلِكَ أَنَّهَا مَا لم تطهر فِي الْبدن فَهُوَ ابْتِدَاء. وحميات الدق تعرف بِمِقْدَار بَقَاء الرُّطُوبَة فِي الْبدن وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ لم يظْهر فنَاء الرطوبات بَينا فَهُوَ بعد ابْتِدَاء الدق.
لي تحْتَاج أَن تعرف أزمان الْأَمْرَاض الكائنة وتنتفع بهَا فِي تَقْدِير الْغذَاء وترتيب العلاج وَذَلِكَ يعرف بتعرف جملَة نوع الْمَرَض أَولا ثمَّ بِسُرْعَة حركته ثمَّ بعلامات النضج وتحتاج أَن تعرف الْأَوْقَات الْجُزْئِيَّة مثل ابْتِدَاء النّوبَة وانحطاطها وَذَلِكَ يعرف من الْعَادة من تقبض النبض وغوران الْحَرَارَة إِلَى دَاخل وَبرد الْأَطْرَاف وَمَسّ التكسر والصعود من عظم النبض وانتشار الْحَرَارَة وَعظم الْأَعْرَاض والهبوط من سُكُون هَذِه بعد شدتها وإقبال النبض إِلَى الْقُوَّة وَالْحَال الطبيعية ألف هـ وَينْتَفع بِهِ فِي تَقْدِير وَقت الْغذَاء فِي أَشْيَاء أخر.)
الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: انْتِقَال النوائب من الْأَفْرَاد إِلَى الْأزْوَاج يدل على طول الْمَرَض.
وبالضد.
الأولى من تقدمة الْمعرفَة: ابْتِدَاء الْأَمْرَاض الحادة على الْأَكْثَر يبلغ إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام.
لي على مَا رَأَيْت برد الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن وتقبض الْحَرَارَة إِلَى دَاخل خَاص بابتداء النوائب.
الثَّانِيَة مِنْهُ: الْحمى تطول إِمَّا لعسر نضج الْخَلْط الَّذِي مِنْهُ الْحمى أَو لعسر برد الْعُضْو الَّذِي بِهِ الْعلَّة المهيجة للحمى. أَو لخطأ الْأَطِبَّاء والمرضى.(4/560)
الأولى من الْأَمْرَاض الحادة: الْوَقْت الَّذِي تبرد فِيهِ الْأَطْرَاف وَتَأْخُذ الْحَرَارَة مِنْهُ نَحْو الْبَطن والصدر وَقت ابْتِدَاء النّوبَة فَإِذا بَدَت الْحَرَارَة تنبسط فِي الْأَطْرَاف فَذَلِك التزيد. فَإِذا تَسَاوَت الْحَرَارَة فِي الْأَطْرَاف والصدر والبطن فَهُوَ الْمُنْتَهى. فَإِذا انْحَلَّت الْحَرَارَة من أوساط الْبدن نَحْو أَطْرَافه فَذَلِك الانحطاط.
الأولى من الْفُصُول: الغب النائبة قَصِيرَة والبلغمية النائبة كل يَوْم طَوِيلَة. وَالرّبع أطول من النائبة كل يَوْم وَأما الحميات اللَّازِمَة فَإِن المحرقة مِنْهَا قَصِيرَة واللثقة أطول والمطريطاوس متوسطة بَينهمَا. وَاسْتدلَّ على الْوَقْت الكلى بهَا أَعنِي نوع الْمَرَض. وَاسْتدلَّ على شخص كل مرض مِنْهَا بِسُرْعَة حركتها وَسُرْعَة مَا يَأْتِي فِيهَا من الْأَعْرَاض القوية الصعبة ومبادرة النوائب فِي التَّقَدُّم وَالزَّمَان الْحَار وَنَحْو ذَلِك فَإِن هَذِه كلهَا تشهد بِسُرْعَة المنتهي وبالضد.
قَالَ ج: إِذا تقدّمت نوبَة الْحمى وطالت واشتدت أعراضها فالمرض متزيد وَمِقْدَار كل وَاحِدَة من هَذِه الثَّلَاث يدل على مِقْدَار تزيد الْمَرَض وَذَلِكَ أَن النّوبَة إِذا تقدم أَخذهَا بِمِقْدَار من الزَّمَان أَكثر وطالت أَيْضا واشتدت بِمِقْدَار أَكثر دلّت على أَن تزيد الْحمى أقوى وَأَن حَرَكَة الْمَرَض سريعة والمنتهى قريب لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون تزيد النوائب عَظِيما وَلَا يكون الْمُنْتَهى قَرِيبا وَأَن النوائب الَّتِي هِيَ ضد هَذَا وَهِي الَّتِي يكون تزيدها قَلِيلا قَلِيلا فِي كل وَاحِد من هَذِه لي أَنا أَحسب أَن أَجزَاء النّوبَة الْوَاحِدَة تدل على أَجزَاء الْمَرَض الْكُلِّي فَإِن كَانَت طَوِيلَة كَانَ الْمَرَض طَويلا وبالضد اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تحدث حَادث يُغير الْأَمر.(4/561)
3 - (ذكر الْأَمْرَاض الحادة والمزمنة) حمى الغب والمحرقة وَذَات الْجنب والرئة والسرسام أمراض حادة. والذبحة والتشنج والهيضة حادة جدا ألف هـ وَالِاسْتِسْقَاء والوسواس والسل والدق وَالرّبع والبلغمية طَوِيلَة.
قَالَ: الرّبع الصيفية أقصر والخريفية أطول وخاصة إِن اتَّصَلت بالشتاء.
قَالَ: ابْتِدَاء الْمَرَض يُقَال على ثَلَاثَة: الْوَقْت الَّذِي لَا عرض لَهُ وَالْوَقْت الَّذِي من أول مَا يحس العليل بالحمى إِلَى أَن تظهر عَلَامَات النضج وَالثَّالِثَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض.
قَالَ: فأوقات الْمَرَض بِالْجُمْلَةِ تعرف من نوع الْمَرَض وَسُرْعَة الْحَرَكَة والأشياء المانية وَظُهُور الْأَعْرَاض كالنفث فِي ذَات الْجنب الَّذِي إِن ظهر سَرِيعا فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض يسْرع البحران وبالضد.
قَالَ: يلْزم ضَرُورَة أَن يكون طول كل مرض وقصره بِحَسب تقدم النضج وتأخره.
قَالَ فِي المقلة الثَّانِيَة: إِن الفالج من الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي لَا حمى مَعهَا.
قَالَ: وَمن الْعِلَل من الْأَمْرَاض الحادة يكون من غير حمى مثل الفالج.
لي والسكتة أحد من الفالج. واختناق الرَّحِم مرض حاد جدا. وَإِنَّمَا معنى الحاد: كل مرض قصير الْوَقْت خطير فَإِن لم يجْتَمع هَذَانِ فِيهِ فَلَا لِأَن كل حمى يَوْم قَصِيرَة الْوَقْت لَكِنَّهَا غير خطرة. والسل خطر لكنه غير قصير الْوَقْت وَإِنَّمَا يجمع الْمَرَض أَن يكون مَعَ قصره خطراً للشدة فِي الْأَعْرَاض وصعوبتها فِيهِ.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: إِذا كَانَت الْحمى حافظة للْوَقْت الَّذِي فِيهِ ابتدأت دَائِما فَإِنَّهَا أطول وَأبقى من غير الْحَافِظ. مِثَال ذَلِك أَن تبتدئ الْحمى فِي السَّاعَة الثَّالِثَة أول نوبَة وَكَذَلِكَ فِي النّوبَة الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة وَالرَّابِعَة وَسَائِر النوائب تحفظ هَذِه السَّاعَة بِعَينهَا أَعنِي الثَّالِثَة فَإِن هَذِه الْحمى أطول من كل حمى فِي جِنْسهَا مِمَّا لَا يحفظ الْوَقْت. وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن حفظ النّوبَة لوقت وَاحِد يكون إِذا كَانَ السَّبَب مُتَمَكنًا قَوِيا وَلذَلِك تطول أَكثر وتحتاج إِلَى علاج قوي وَهَذَا القَوْل فِي الِابْتِدَاء لَا فِي الْمُفَارقَة فَإِذا حفظت الْحمى السَّاعَة الَّتِي تبتدئ فِيهَا وَالَّتِي تفارق فَذَلِك أوكد لما قُلْنَا. فَإِن حفظت سَاعَة الِابْتِدَاء فَقَط وَلم تحفظ سَاعَة الْمُفَارقَة فَالْقَوْل فِيهَا مَا تقدم.
قَالَ: الْحمى الغب الَّتِي مُدَّة نوبتها أقل من مُدَّة الغب الْخَالِصَة أَعنِي أقل من اثْنَتَيْ عشرَة)
فانقضاؤها أسْرع من انْقِضَاء الْخَالِصَة بِقدر نُقْصَان نوبتها عَنْهَا وَالْغِب الَّتِي زمَان(4/562)
نوبتها أطول من مُدَّة زمَان الغب الْخَالِصَة فانقضاؤها أَبْطَأَ بِقدر فضل نوبتها عَلَيْهَا.
لي هَذَا يصحح رَأْيِي فِي أَن النّوبَة الْوَاحِدَة تدل على زمَان الْمَرَض الكلى وعَلى ألف هـ هَيْئَة الْأَرْبَعَة الْأَزْمِنَة حَتَّى يكون حَاله فِي جَمِيعهَا مشابهاً لحَال النّوبَة الْوَاحِدَة وَإِن كَانَت الْحمى تبطئ حَتَّى تَنْتَهِي كَانَ الْمَرَض كُله بعيد الِانْتِهَاء فَكَذَا فِي سَائِر الْأَزْمَان لِأَن طول الِانْتِهَاء فِي النّوبَة الْوَاحِدَة إِنَّمَا يكون لبعد الْخَلْط عَن قبُول الْحَرَارَة والاشتعال. وَكَذَا هُوَ أبعد من النضج أَيْضا لِأَن الِانْتِهَاء للنوبة الْوَاحِدَة نضج لذَلِك الْمِقْدَار الَّذِي قد عفن فِي ذَلِك الْيَوْم وَالْقِيَاس فِيهِ وَاحِد والتجربة تشهد لَهُ أَيْضا بذلك.
الْمقَالة السَّابِعَة من الفضول الْأَمْرَاض الحادة تكون لحميات مطبقة على الْأَكْثَر.
من أزمان الْأَمْرَاض: منزلَة الْأَوْقَات من الْأَمْرَاض بِمَنْزِلَة الْأَسْنَان من الْحَيَوَان.
الْأَوْقَات مِنْهَا كُلية وَهُوَ وَقت الِابْتِدَاء الكلى والصعود والانتهاء والانحطاط. وَمِنْهَا جزئية وَهِي هَذِه الْأَوْقَات فِي النّوبَة الْوَاحِدَة وَذَلِكَ أَن للنوبة ابْتِدَاء وَقت الِاضْطِرَاب وَوقت الِابْتِدَاء وَوقت التزيد وَوقت الِانْتِهَاء وَوقت الانحطاط وَوقت غب الْحمى الَّتِي عَنْهَا هِيَ فَهَذِهِ سِتَّة أَوْقَات بَيِّنَة تتبين للحس فِي غب وَذَلِكَ أَن من يحم حمى غب فَأول مَا تبتدئ يحس بقشعريرة تتزيد قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تصير نافضاً وَهَذَا الْوَقْت يُسمى وَقت الِابْتِدَاء ثمَّ أَن النافض يَبْتَدِئ ويسكن وتبتدئ الْحَرَارَة فِي الْبدن وَيُسمى هَذَا الْوَقْت وَقت الصعُود ثمَّ أَن الْحَرَارَة تلبث بِحَالِهَا مُدَّة وَتسَمى هَذِه الْحَال الِانْتِهَاء ثمَّ أَن الْحَرَارَة تقبل تضعف وينقي الْبدن مِنْهَا وَهَذَا الْوَقْت وَقت الانحطاط ثمَّ يبْقى الْبدن مُدَّة مَا إِلَى أَن تعود وَهُوَ وَقت غب الْحمى.
قَالَ فِي حمى غب: أول مَا تبتدئ فِي هَذِه الحميات القشعريرة ثمَّ يتبع ذَلِك برد الْأَطْرَاف بقشعريرة أَشد ثمَّ يعرض النافض وتبرد أَعْضَاء الْبدن كلهَا وَيصير النبض فِي ذَلِك الْوَقْت أَصْلَب مِمَّا كَانَ بالطبغ وأصغر وتتبين الشرعة فِي الانقباض بَيَانا ظَاهرا لمن كَانَ عَالما بمجة الانقباض وَذَلِكَ أَن حَرَكَة الانبساط فِي أَكثر أَمر بطيئة وخاصة فِي ابْتِدَاء الدّور وَكَثِيرًا مَا توهم أَنَّهَا مُتَسَاوِيَة للْحَال الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِيمَا قبل والسكونان فتجد أَحدهمَا وجودا بَينا هُوَ الَّذِي يكون بعد الانقباض أطول مُدَّة وَأما الَّذِي ألف هـ بعد الانبساط فتجده فِي بعض الْأَوْقَات بِمَنْزِلَة الانبساط مُسَاوِيا لما كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا قبل وتجده فِي بَعْضهَا غير مساوٍ وَقُوَّة تبيان ذَلِك أَن يلبث)
فِي بعض النَّاس ساعتين من سَاعَات الاسْتوَاء وَفِي بَعضهم أَكثر وَفِي بَعضهم أقل غير أَن النبض بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ يعظم ويسرع فِي الْحَرَكَة ويتواتر فيزيد فِيهِ كل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة قَلِيلا قَلِيلا وَسَاعَة يعرض ذَلِك تشتد حرارة الْبدن ويتغير النبض كَمَا قلت فيحس بعض النَّاس فِي دَاخل بدنه بتوقد شَدِيد وأطرافه بعد بَارِدَة وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الِاضْطِرَاب يغلب على الْبدن فِي هَذَا الْوَقْت غَلَبَة لَيست باليسيرة فَهَذَا هُوَ الْوَقْت الثَّانِي بعد الْوَقْت الأول الَّذِي يبرد فِيهِ جَمِيع الْبدن ويتغير فِيهِ النبض إِلَى ضد مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيمَا تقدم من ذَلِك وَذَلِكَ أَن النبض فِي وَقت غب الْحمى يكون بِحَال الطبيعة.(4/563)
قَالَ: وَالْوَقْت الأول بِالْحَقِيقَةِ فِي جَمِيع الدّور هُوَ الَّذِي يَبْتَدِئ فِيهِ القشعريرة ويبرد فِيهِ الْبدن ويتغير النبض التَّغَيُّر الَّذِي وَصفنَا وَالْوَقْت الثَّانِي بعد هَذَا الْوَقْت وَقت تغير النبض إِلَى حرارة وانتشارها انتشاراً مُتَسَاوِيا وَالْوَقْت الثَّالِث الْوَقْت الَّذِي تتزيد فِيهِ هَذِه الْحَال أَعنِي الْحَرَارَة باستواء. وَالْوَقْت الرَّابِع الْوَقْت الَّذِي تبقى فِيهِ الْحَرَارَة بِحَالِهَا. وَالْوَقْت الْخَامِس الْوَقْت الَّذِي تنقص فِيهِ الْحَرَارَة ويبدو البخار من الْبدن وَيبدأ النبض يرجع فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية ويطرح عَنهُ الْعظم والسرعة والتواتر والصلابة ويعرق الْبدن فِي أَكْثَرهم فِي هَذِه الْحَال.
ثمَّ الْوَقْت السَّادِس وَقت غب الْحمى وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يكون الْبدن فِيهِ نقياً لَا قَلَبة بِهِ.
قَالَ: وَقد تفهم هَذِه الْأَوْقَات بالنبض وَذَلِكَ أَن جَمِيع من يحم غبا يُصِيبهُ بَغْتَة اضْطِرَاب أَو قشعريرة فِي بدنه كُله ثمَّ يحس بعد تِلْكَ القشعريرة بِبرد قوي ويصيبه نافض ثمَّ يسكن النافض بعد ذَلِك بِمدَّة ويقل برد الْأَطْرَاف ويبتدئ يحس بتلهب فِي دَاخل بدنه بأجمعه وعطش ثمَّ بعد ذَلِك يبطل برد الْأَطْرَاف والنافض بتة ويتوقد بدنه توقداً مستوياً ويتزيد ذَلِك فِيهِ دَائِما إِلَى مُدَّة مَا تقف عِنْدهَا الْحَرَارَة وتلبث مُتَسَاوِيَة ثمَّ أَنه يحس بعد ذَلِك تنتقص الْحَرَارَة وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يصير الْبدن إِلَى الْحَال الأولى الَّتِي لم يكن يحس فِيهَا شَيْئا. فَهَذِهِ هِيَ الْأَوْقَات فِي حمى غب.
قَالَ: فَمثل هَذِه الْفُصُول أَو مَا يقرب مِنْهَا يُوجد فِي جَمِيع الحميات حَتَّى أَنه يُوجد فِي المطريطاوس مَا خلا الحميات اللَّازِمَة وَذَلِكَ أَن هَذِه لَا يحس لَهَا بابتداء بَين وَلَا انحطاط بَين.
قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي لَا تغب أَعنِي الَّتِي لَا يَنْفِي الْبدن مِنْهَا فِي فتراتها فَإِنَّهَا يجب)
ضَرُورَة مَتى كَانَ مَعَ ابْتِدَاء النّوبَة ألف هـ انقباض وأعني بالانقباض برد الْبدن وَذَلِكَ أَنه يلْحق الْبرد حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل وصعوده لِأَن الدَّم يغور فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يكون بعد هَذَا الْعَارِض اضْطِرَاب ثمَّ صعُود ثمَّ مُنْتَهى ثمَّ انحطاط.
وَأما إِذا لم يكن فِي ابْتِدَاء النّوبَة انقباض محسوس فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يصير وَقت الِابْتِدَاء وَالِاضْطِرَاب والتزيد وقتا وَاحِدًا فَيكون الْوَقْت الَّذِي بَين ابْتِدَاء الْحمى ومنتهاها صعُودًا كُله لِأَن الانقباض إِذا لم يعرض فَمن الْبَين أَن الِاضْطِرَاب أَيْضا لَا يعرض.
وَأما الْمُنْتَهى فَلم نجده قطّ بَطل فِي مرض من الْأَمْرَاض لَكنا نجد لجَمِيع الحميات اسْتِوَاء محسوساً لابثاً على حَال وَاحِدَة وقتا مَا.
قَالَ: وَأعظم الْأَعْرَاض اللَّازِمَة لابتداء النوائب وَأَشْرَفهَا الانقباض وحركة النبض إِلَى دَاخل أَعنِي سرعَة الانقباض فَإِن كَانَ نافض فصغر النبض وتفاوته وإبطاء الانبساط فَإِن هَذِه يحدث بِسَبَب الْبرد. ولاستقصاء معرفتي بِهَذِهِ الْأَشْيَاء قد منعت مرضِي كثيرا كَانَ الْأَطِبَّاء(4/564)
قد عزموا على أَن يُدْخِلُوهُمْ الْحمام أَو يغذوهم لِأَن الْوَقْت الَّذِي تتَوَقَّع النّوبَة فِيهِ كَانَ فد حَان عَلَيْهِم من ذَلِك أَنِّي قد أحسست بِأَن الدّور قد ابْتَدَأَ لمعرفتي بِسُرْعَة الانقباض أَعنِي انقباض الْعرق فَإِنَّهُ قد يُمكن من قدر على معرفَة هَذَا النبض أَن يعرف الِابْتِدَاء دَائِما وتزيدها لِأَن الْوَقْت الَّذِي يصير النبض فِيهِ بالضد أَعنِي أَن يعظم الانبساط هُوَ المنتهي وَالْوَقْت الَّذِي يرجع النبض فِيهِ إِلَى الْحَال الطبيعية هُوَ انحطاطها. وَهَذِه الحميات إِنَّمَا يُمكن أَن تفصل فِيهَا هَذِه الثَّلَاثَة الْأَوْقَات. فَأَما الحميات المطبقة الَّتِي لَا أدوار لَهَا بِمَنْزِلَة حميات الدَّم فَلَيْسَ للحمى فِيهَا نوبَة وَلَا جُزْء من الْأَجْزَاء الَّتِي قدمنَا ذكرهَا لَكِن تعرف أَوْقَات الْمَرَض فِيهِ من جِهَة أُخْرَى غير هَذِه الْجِهَة.
لي الِاسْتِدْلَال على هَذِه بعلامات النضج وَذَلِكَ أَن هَذِه كلهَا نوبَة وَاحِدَة فَتسقط فِيهَا أزمان الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة. وَتَكون الْأَزْمَان الْكُلية هِيَ كل هَذَا الْمَرَض ويستدل عَلَيْهِ من النضج. وَذَلِكَ أَنه مَا دَامَ لم يتَبَيَّن نضج الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ الِابْتِدَاء لَا محَالة. وَإِذا بَان نضج ضَعِيف فَهُوَ التزيد. فَإِذا قَالَ: وَأما المطريطاوس فَإِن أَوْقَاتهَا خَمْسَة وَذَلِكَ لِأَن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا الْبَتَّةَ. وابتداؤها وتزيدها مُضْطَرب وَذَلِكَ أَن للقشعريرة فِيهَا عودات ومنتهى طَوِيل وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَارَة تنبسط فِيهَا بكد فِي الْيَوْم الأول وَكَذَلِكَ انحطاطها طَوِيل لِأَنَّهُ يقف وقتا بعد وَقت بِحَالهِ كَمَا كَانَ عِنْد)
الصعُود بِحَالهِ حينا بعد حِين ثمَّ تصعد فَأَما فِي الْيَوْم الثَّانِي فَإِن أوقاته الطَّوِيلَة فِيهِ أقصر وَحَال الْيَوْم الثَّالِث حَال الْيَوْم الأول وَالثَّانِي كالرابع وَدَلَائِل الحميات فِيهَا مَوْجُودَة أَعنِي سرعَة الانقباض وميل الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن والقشعريرة وَالِاضْطِرَاب. وَقد يطول وَقت الصعُود والانحطاط والمنتهى وَيقصر أَيْضا بِحَسب الْأَبدَان.
لي لم يبين فيمَ ذَلِك وَمِمَّا لَا شكّ فِيهِ أَن الصعُود يعسر فِي الْأَبدَان البلغمية والانحطاط فِي الْأَبدَان المرارية وبالضد فَأَما الْمُنْتَهى فَإِن طوله تَابع لطول الانحطاط وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الانحطاط عسراً طَال المنتهي فَأَما إِذا كَانَ الصعُود عسراً فَلَا لِأَن الطول كُله حِينَئِذٍ فِي الصعُود والصعود لَا يشبه الْمُنْتَهى لِأَن الْمُنْتَهى الْوَقْت الَّذِي الْأَعْرَاض فِيهِ فِي غَايَة الْعظم. فَأَما الانحطاط فَمَا لم يبن النَّقْص بَيَانا ظَاهرا فَإِنَّهُ منتهي.(4/565)
(الْحمى النائبة كل يَوْم) قَالَ عَلَامَات الِابْتِدَاء فِي هَذِه تلبث فِي بعض الحميات مُدَّة أَكثر وَفِي بَعْضهَا أقل وَكَذَلِكَ خَواص الِاضْطِرَاب فَإِن مُدَّة لبثها فِي بعض هَذِه الحميات رُبمَا كَانَت طَوِيلَة وَرُبمَا كَانَت قَصِيرَة ومنتهاها أطول من مُنْتَهى الغب فَإِن لَهَا فِي الْمُنْتَهى والانحطاط وقفات.
لي الِاضْطِرَاب يَعْنِي بِهِ الْوَقْت الَّذِي تختلط فِيهِ الْحَرَارَة والبرودة فِي الْبدن.
قَالَ: وَأما الحميات الَّتِي تكون مَعَ برد فوقت الْبرد فِيهَا أحد أَوْقَات النّوبَة. 3 (وَقت الِابْتِدَاء) قَالَ: الورم الْحَار إِذا حصل فِي الْعُضْو من الدَّم شَيْء خَارج عَن الطَّبْع فَهُوَ ابْتِدَاء وَإِذا عفن مَا حصل واشتدت لذَلِك الْحَرَارَة كثر انصباب الدَّم وتولدت فِيهِ ريَاح نافخة فتمدد بِسَبَبِهَا وبسبب كَثْرَة الدَّم تمدد شَدِيد فَذَلِك الْوَقْت هُوَ التزيد. وَإِذا أقبل ذَلِك يَسْتَحِيل إِلَى الْمدَّة وَبَلغت الأوجاع فِي ذَلِك الْوَقْت غايتها وَهَذَا هُوَ وَقت الْمُنْتَهى فَإِذا اجْتمعت الْمدَّة وانفشت تِلْكَ الْمَادَّة حَتَّى يقل تمدد الْعُضْو وتصدده عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ فَذَلِك الانحطاط.
قَالَ: وَأما الحميات فَمَا كَانَ حُدُوثه بِسَبَب الورم الْحَار فأوقات تعرف بأوقات الورم وَمَا عرض مِنْهَا بِسَبَب عفونة الأخلاط بِلَا ورم فَهَذِهِ ابْتِدَاؤُهَا مَا دَامَت الأخلاط ألف هـ غير نضيجة فَإِذا بَدَأَ النضج انْقَضى وَقت الِابْتِدَاء وابتدأ وَقت الصعُود فَإِذا تمّ النضج وَفرغ كَانَ ذَلِك الْوَقْت وَقت الْمُنْتَهى. ثمَّ يتبع ذَلِك وَقت الانحطاط وَهُوَ الْوَقْت الَّذِي يقل فِيهِ حُدُوث الْأَعْرَاض الَّتِي يعرض فِيهَا النضج وتسكن شدتها وَتبقى مِنْهَا بَقِيَّة يسيرَة تحْتَاج إِلَى النضج.
قَالَ: والأوقات فِي القروح هَذِه الْأَوْقَات بِعَينهَا. وَذَلِكَ أَنه يخرج أَولا صديد رَقِيق مائي غير نضيج ثمَّ يجْرِي بعد ذَلِك مِنْهَا صديد أقل من الصديد الأول وَاغْلُظْ ثمَّ يستفرغ مِنْهَا بعدُ مِدّة رقيقَة ثمَّ أَن الْمدَّة تقل وتغلظ وتبيض.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الرمد فَإِنَّهُ يجْرِي من الْعين فِي أول حُدُوثه صديد رَقِيق غير نضيج ثمَّ يسيل مِنْهَا بعد ذَلِك إِذا ابْتَدَأَ النضج صديد رَقِيق أقل من الصديد الأول وَأَغْلظ فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان نقصت كثرته وَغلظ قوامه وَكَثُرت الدَّلَائِل الَّتِي تدل على النضج حَتَّى أَنه تلتصق الأجفان مِنْهُم إِذا نَامُوا من الرمص الَّذِي يتَوَلَّد فِي الْعين وَهَذَا الرمص يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا كثيرا فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان وَقلت كميته دلّ على نضج الْعلَّة وَكَذَلِكَ أَيْضا الْموَاد الَّتِي تنحدر من الدِّمَاغ وتستفرغ من الحنك والمنخرين فَإِنَّهُ مَا دَامَ مبتدئاً كَانَ مَا يجْرِي مائياً كثيرا حاداً(4/566)
وَأما فِي الِانْتِهَاء فَإِن مَا يستفرغ مِنْهَا غليظ أقل كمية وَأَقل حِدة وَإِن استفرغ مِنْهُ المخاط كَانَ ذَلِك أصح.
قَالَ: فَأَما أَنا فتارك الْقَوْم الَّذين يتنازعون فِي مَا لَا ينفع الصِّنَاعَة فيبحثون عَن الِابْتِدَاء والانتهاء الَّذِي لَا عرض لَهُ. فَأَما أَنا فَإِنِّي قد وجدت للأمراض انْتِهَاء ذَا عرض وَهُوَ جَمِيع الْوَقْت الَّذِي يحس الْمَرَض فِيهِ لابثاً بِحَالهِ لَا يتزيد وَلَا ينتقص شَيْئا محسوساً ذَا قدر.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فِي هَذِه الْمدَّة العلاجات الَّتِي تسْتَعْمل فِي الْمُنْتَهى.)
قَالَ: ومنتهى الْأَمْرَاض يكون فِي بَعْضهَا أطول وَفِي بَعْضهَا أقصر.
قَالَ: وَرُبمَا أمكنتنا مَعْرفَته وَرُبمَا لم يمكنا معرفَة ذَلِك إِلَى أَن يجوز وَيذْهب وَبعده بِوَقْت طَوِيل.
قَالَ: وَذَلِكَ يكون بِسَبَب قصر وَقت الْمَرَض فَإِن بعض الْأَمْرَاض يُوهم أَنَّهَا سَاعَة تبتدئ تكون فِي غَايَة شدتها وانتهائها وَذَلِكَ غير مُمكن لِأَنَّك لَا تَجِد حمى الدَّم تبلغ غَايَة شدتها سَاعَة تبتدئ ألف هـ وَلَكِن لَا بُد أَن يكون ذَلِك وَلَو كَانَ أحدّ مَا يكون ثَلَاث سَاعَات أَو أَرْبعا أقل شَيْء ثمَّ إِنَّهَا مُنْذُ ذَلِك تلبث بِحَالِهَا أَو تلبث مُسَاوِيَة الْأَمر إِلَى أَن يَأْتِي البحران.
وَلَا السكتة وَهِي أَشد الْأَمْرَاض حسا حَتَّى تكون حِين تحدث فِي غَايَة الشدَّة وَإِن كَانَت تَنْتَهِي بِسُرْعَة لَكِنَّهَا لَا بُد لَهَا من مُدَّة ابْتِدَاء. وَلَا الصرع يكون كالصاعقة بَغْتَة لَكِن يَبْتَدِئ قَلِيلا ثمَّ يتزيد سَرِيعا.
قَالَ: أَقُول: إِن لكل وَاحِد من الْأَمْرَاض ابْتِدَاء إِلَّا أَنه رُبمَا كَانَ محسوساً وَرُبمَا كَانَ ضَعِيفا. والتزيد أَيْضا لَيْسَ يتَبَيَّن للحس فِي جَمِيع الْأَمْرَاض فَأَما الْمُنْتَهى فمحسوس فِي جَمِيع الْأَعْرَاض لَا محَالة.
لي هَذَا هُوَ الْمُنْتَهى الصناعي لَا الوهمي. وَأما الانحطاط فمحسوس والأمراض الحادة جدا الَّتِي يسلم فِيهَا العليل إِنَّمَا يحس فِيهَا بالانتهاء والانحطاط وَالَّذِي لَا يسلم بالانتهاء يضيق وَقت الْمُبْتَدَأ والتزيد فِيهَا.
قَالَ: وَلَا يُمكن أَن تفهم نِهَايَة الْمَرَض الْقِتَال كَمَا تفهم نِهَايَة الْمَرَض السَّلِيم وَذَلِكَ أَن الْمَرَض السَّلِيم يبلغ وقتا تكون النوائب فِيهِ بِحَالِهَا لَا تزيد ويتبين فِيهَا النضج فَيعرف أَنه مُنْتَهى صَحِيح. فَأَما الْقِتَال فلأنّ النضج لَا يظْهر فِيهِ الْبَتَّةَ فِي وَقت من الْأَوْقَات وَرُبمَا قتل الْمَرِيض قبل أَن يصير النوائب بِحَال وَاحِدَة.
قَالَ وَيَنْبَغِي أَن تجيد التفقد وَذَلِكَ أَنه قد يَنْبَغِي أَن يكون بالمريض مرضان أَو ثَلَاثَة أَحدهَا قد انْتهى وَالْآخر لَا ثمَّ يَمُوت العليل. لَا من الْمَرَض الَّذِي قد انحط لَكِن من الْمَرَض الآخر. قَالَ وَأَجد التيقن عَن ذَلِك.
قَالَ: فَإِذا كَانَ الْمَرَض لَا يظْهر فِيهِ نضج فاصرف فكرك كُله إِلَى حَال الْقُوَّة من المبادئ(4/567)
الثَّلَاثَة وَانْظُر فِي أَعْرَاض الْمَرَض وَقس بَينهَا فَإِن رَأَيْت القوى تضعف والأعراض تزداد عظما فَاعْلَم أَنه)
لَا يكون نضج فَإِن رَأَيْت ضد ذَلِك فَاعْلَم أَنه سَيكون.
قَالَ: وَجَمِيع الْأَعْرَاض فِي الِابْتِدَاء والانحطاط أَضْعَف وَفِي الِانْتِهَاء أقوى. فَأَما فِيمَا بَين ذَلِك فحالها متوسطة.
قَالَ: وَالَّذِي يَنْبَغِي أَن يكون الْغَالِب فِي العلاج وَقت الْمُنْتَهى الْأَشْيَاء المسكنة. وَأما فِي الِابْتِدَاء والانتهاء فالمقاومة للمرض. وَفِيمَا بَين الطَّرفَيْنِ يكون مَا يسْتَعْمل فِي الْأَوْقَات المتوسطة.
من كتاب العلامات قَالَ: ثقل الْبدن واضطرابه ونخس فِي العضل وإعياء وتثاؤب وتمط ألف هـ ومجسة كثيفة صلبة فَإِذا كَانَت هَذِه العلامات من غير إِحْضَار وَلَا أَخذ طَعَام كثير وَلَا استحمام فَإِن نوبَته ستبتدئ.
قَالَ: فَإِذا كَانَت فِي أُولَئِكَ النّوبَة نافض فَذَلِك وَإِذا لم يكن فَأَرَدْت أَن تجس الْبدن فهيئ يدك للمس الْبدن لِأَن لَا تكون حارة وَلَا بَارِدَة فافرك أصابعك وَضعهَا على صدرك حَتَّى تستوي حَالَة كفك ثمَّ جس يَده وصدره وجنبيه ثمَّ امْكُث قَلِيلا وَأعد الجس فَإنَّك رُبمَا وَجدتهَا حارة جدا وَلَا تشك فِي أَنَّهَا حمى وَرُبمَا وَجدتهَا بَارِدَة فِي أول اللَّمْس إِلَّا أَنه لَا تظهر مِنْهَا بطول اللِّقَاء حرارة شَدِيدَة وَيظْهر كَمَا يظْهر من الْبيض السليق إِذا ألقِي فِي المَاء الْبَارِد. وَرُبمَا وجدت قَالَ: عَلَامَات ابْتِدَاء النّوبَة أَن تكون المجسة صَغِيرَة كثيفة وتبرد الْأَطْرَاف ويعرض التثاؤب والحزن والكسل ويتغير اللَّوْن وتبطئ الحركات ويثقل الْكَلَام وَتَسْتَرْخِي أجفان الْعين وَرُبمَا وَقع عَلَيْهِ سبات وتهيج القشعريرة فِيمَا بَين الْكَتِفَيْنِ والصلب وتحم الصدغ والصدر ويحس فِي الْجلد شَبيه بنخس الشوك. وتبرد أرنبة الْأنف وشحمة الْأذن والمجسة صَغِيرَة كثيفة. وَرُبمَا عرض نافض وَبرد قوي وَرُبمَا عرض سيلان الرِّيق واختلاج الصدغين وطنين الْأُذُنَيْنِ وعطاس وامتداد أَعْضَاء الْبدن كُله.
عَلَامَات الصعُود: كَثْرَة الْحَرَارَة فِي الصَّدْر والبطن واللهيب والعطش وَعظم النبض واحمرار الْوَجْه ووجع الصلب والمفاصل وَعظم النَّفس والغثي والفواق فِي الْأَحَايِين.
فَأَما الْمُنْتَهى فَأن يحم الْبدن كُله بِالسَّوِيَّةِ ويشتد النبض ويصلب ويقوى إِن لم يكن الْمَرَض رديئاً لِأَن الْمَرَض الرَّدِيء يَجْعَل النبض صَغِيرا فِي جَمِيع الْأَزْمَان وَأَن تستوي الْأَعْرَاض وَلَا تتزايد.
فَأَما الهبوط: فَأن تنقص الْأَعْرَاض أَعنِي الْعَطش والحرارة وَالِاضْطِرَاب ويترطب الْبدن قَلِيلا قَلِيلا ويشتهى الطَّعَام وَيصْلح النبض.)(4/568)
الْخَامِسَة عشرَة من النبض فِيهِ دَلَائِل على أزمان الحميات من النبض وَقَالَ فِي ابْتِدَاء الحميات: يتَنَحَّى الدَّم عَن ظَاهر الْبدن فِي آخر الْأَمر.
وَمِمَّا لَا يُفَارق ابْتِدَاء الحميات العفونة سرعَة الانقباض ألف هـ وَهِي أصدق من جَمِيع العلامات.
أبيذيميا الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: إِذا كَانَ للهواء مزاج رطب بَارِد طَالَتْ مُدَّة الحميات وَلم تنضج إِلَّا بكد.
الثَّالَّةِ قَالَ: البرسام الْحَار مِنْهُ الْمُسَمّى قرانيطس والبارد الْمُسَمّى ليثرغس قصير الْمدَّة ذُو خطر. والورم الصلب فِي الكبد طَوِيل الْمدَّة قتال.
فِي الأولى من الثَّانِيَة قَالَ: أدوار الحميات فِي الْأَمر الْأَكْثَر تتقدم على نِسْبَة أَو تتأخر وَرُبمَا لَزِمت وقتا وَاحِدًا واللازمة وقتا وَاحِدًا تأخرها عَنهُ دَلِيل النُّقْصَان فِي الْوَقْت وبالضد. وَأما الَّتِي عَادَتهَا التَّقَدُّم والتأخر فِي الْوَقْت فَيَنْبَغِي أَن تنظر فِي نِسْبَة التَّقَدُّم إِلَى التَّقَدُّم والتأخر إِلَى التَّأَخُّر وَمن ذَلِك يتعرف هَل يتَقَدَّم أَو يتَأَخَّر. وَانْظُر مَعَ ذَلِك فِي طول مقَام النّوبَة فَإِنَّهُ قد يُمكن أَن يتَأَخَّر الْوَقْت وَيبقى مُدَّة أطول. وَأما صعوبة الْحمى فَتكون من أعراضها وَذَلِكَ يكون إِمَّا فِي الكمية بِأَن تحدث مَعهَا أَعْرَاض أَكثر وَإِمَّا فِي الْكَيْفِيَّة بِأَن تحدث مَعهَا أَعْرَاض أصعب وَإِمَّا فيهمَا وَإِذا كَانَ فيهمَا فقد ارْتَفع الشَّك وَإِذا كَانَ فِي أَحدهمَا فقس الْكَيْفِيَّة بالكيفية واعمل بِحَسب ذَلِك فِي جَمِيع الحميات الحادة والمزمنة والخراجات وَسَائِر الْأَمْرَاض. وَجَمِيع مَا رَأَيْت أعراضه وصعوبته أسْرع وأصغر فَهُوَ أقصر الْمَرَض وَتقدم النوائب أبدا خَاص بالحميات القصيرة النّوبَة وبالضد. وَمَتى كَانَت أَزِيد بعد مَا كَانَت أنقص دلّ على قصر الْمدَّة لِأَن ذَلِك سرعَة حَرَكَة وكل سريع الْحَرَكَة إِلَى التَّمام قصير الْمدَّة من الْحَيَوَان والنبات وَغَيره.
وَقد تتفقد جَمِيع الأدوار حَتَّى يُقَاس كل دور بِمَا تقدم وَيُؤْخَذ مِنْهُ اسْتِدْلَال. السَّادِسَة من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ الْمَرَض لَا ينهك الْبدن وَلَا يهزل الْوَجْه سَرِيعا وَلَا يسْقط الْقُوَّة فَإِنَّهُ مرض يطول وبالضد وَلَا يهزل مادون الشراسيف سَرِيعا.
الأولى من السَّادِسَة مَا كَانَ من الحميات مَعَه نافض شَدِيد فَلَيْسَ يُمكن أَن يَقع منتهاه حَتَّى يسكن النافض.
قَالَ: ينْتَفع بِهَذَا خَاصَّة فِي تعرف مُنْتَهى الرّبع فَإِنَّهُ لَا يقْلع مُنْتَهَاهَا. والنافض الَّذِي فِيهَا لم)
ينقص شَيْئا فَلَيْسَ تبلغ الرّبع مُنْتَهَاهَا دون أَن يخف النافض وَكَذَا فِي الحميات مادامت نِيَّة البلغمية لي وَلم يذكر الغب.
الْيَهُودِيّ قَالَ: الحميات مادامت نِيَّة فجة لَا تبدل أَوْقَاتهَا فَإِذا نَضِجَتْ تَغَيَّرت أَوْقَات نوائبها.
وَأي حمى تَغَيَّرت أَوْقَات نوائبها ألف هـ سَرِيعا فَهِيَ ضَعِيفَة وبالضد.
شَمْعُون قَالَ: حمى يَوْم آخرهَا أَرْبَعَة أَيَّام وَالْغِب أَرْبَعَة عشر يَوْمًا والمحرقة شدتها فِي كل ثَلَاثَة أَيَّام سبع سَاعَات إِلَى اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة ومدتها أُسْبُوع. وَالرّبع الْخَالِص مدَّتهَا(4/569)
فصل من فُصُول السّنة والبلغمية الْخَالِصَة أَرْبَعُونَ. واللازمة مدَّتهَا عشرُون يَوْمًا. وسونوخس إِلَى أَرْبَعَة عشر يَوْمًا. والسل إِلَى الْمَوْت أَو إِلَى أشهر كَثِيرَة والمطريطاوس الْخَالِصَة الَّتِي تشتد مَا بَين أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَحمى الورم إِلَى أَن تجمع وتبرأ.
أبيذيميا الثَّانِيَة من مسائلة قَالَ: يدل على طول الْمَرَض النبض الْعَظِيم الْقوي وَالْوَجْه السمين غير الحابل والشراسيف غير الضامرة.
لي لِأَن هَذَا يدل على أَن التَّحَلُّل من الْبدن قَلِيل.
السَّادِسَة قَالَ: مادام النافض قَوِيا فَإِن الْمَادَّة الَّتِي مِنْهَا الْحمى لم تنضج وَلم تبلغ الْحمى مُنْتَهَاهَا. فَإِذا سكن بعض السّكُون دلّ على أَن مُنْتَهى الرّبع قريب.
لي لِأَن النافض إِنَّمَا يكون من ذَلِك الْخَلْط الْبَارِد النيء فَإِذا قل مِقْدَاره دلّ على قلَّة الْخَلْط وَأَنه قد تحلل أَكْثَره أَو نضج.
لي رَأَيْت أبدا طول الحميات بِحَسب طول النافض حَتَّى أَن الحميات الَّتِي لَا نافض فِيهَا أقصرها وَهَذَا الْوَاجِب لِأَن النافض إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة قبل أَن يَبْتَدِئ يسخن فَافْهَم الْمَعْنى.
اغلوقن قَالَ: إِذا رَأَيْت الْحمى اللَّازِمَة فِي الثَّالِث هيجانها أَزِيد وَلم تَرَ فِي الْبَوْل وَالْبرَاز شَيْئا من النضج فَلَا يكون فِيهَا بحران فِي السَّابِع وَنَحْوه. وَإِن كَانَت الْحَال فِي الرّبع مثل ذَلِك وَرَأَيْت الْحمى كَأَنَّهَا باطنة ومندفنة وَرَأَيْت الْوَجْه وَسَائِر الْبدن كُله غير ضامر فَاعْلَم أَن هَذِه تلبث زَمَانا أطول.
قَالَ: الْحمى الغب الْخَالِصَة لابد أَن يظْهر فِيهَا فِي الثَّالِث وَالرَّابِع دَلِيل على نضج وَأما غير الْخَالِصَة الَّتِي حدتها قَليلَة ونوبتها طَوِيلَة وفيهَا من البلغم مزاج كثير فقد رَأَيْت مَا بَقِي فضلا أَو فضلين. وَإِذا اخْتلطت الصَّفْرَاء فِي البلغمية فاحتدت قصرت مدَّتهَا. فَإِذا خالطت البلغمية)
الصَّفْرَاء طولتها.
جَوَامِع اغلوقن قَالَ: الغب أقصر من النائبة مُنْتَهى والبلغمية أطول مِنْهَا وَالرّبع أطول وَالَّتِي يجْتَمع مِنْهَا مَا فِيهَا الْحر وَالْبرد فِي حَالَة إِلَّا أَن تكون محرقة وَأبْعد مُنْتَهى. وَيقصر وَقت الْحمى فِي جَمِيع الْأَشْيَاء الحارة. وتبطئه الْبُرُودَة ألف هـ والرطوبة وَكلما كَانَت النوائب أقوى وأسرع دلّ على أَن الْمُنْتَهى أقرب وبالضد. وَدَلَائِل النضج إِذا ظَهرت تدل على قرب الْمُنْتَهى فَإِذا تَأَخَّرت فعلى بعده وَطول الْمَرَض.
قَالَ: ويستدل على جَمِيع الحميات نائبة كَانَت أَو مفترة هَل تطول أَو تقصر بالبول والرجيع وهيئة الْبدن وَمِقْدَار الْحَرَارَة وحركتها والنبض والأسباب الملتئمة فَإِنَّهُ إِن كَانَ عَلَامَات النضج فِي أَو الْعلَّة فِي الْبَوْل وَالْبرَاز فصرت وَإِن تَأَخَّرت طَالَتْ وَإِن كَانَ الْبدن غير ضامر وَلَا كثير التَّحَلُّل وَكَانَ صلباً مكتز اللَّحْم طَالَتْ وبالضد وَإِن كَانَت الْحَرَارَة شَدِيد لذاعة قصر وَإِن كَانَت سَاكِنة مندفنة طَالَتْ وبالضد وَإِن كَانَ النبض سَرِيعا عَظِيما قصر وَإِذا كَانَ صَغِيرا بطيئاً كثير الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَ صيفاً ومزاجاً حاراً ومهنة قصر وَإِلَّا طَال ويستدل على(4/570)
الفترة خَاصَّة بِمَنْزِلَة الغب تطول أَو تقصر مَعَ هَذِه الْأَشْيَاء بالنافض من طول النّوبَة وَمن الْعرق فَإِن النافض إِذا كَانَ مَعهَا رعدة شَدِيد قصرت وَإِن طَالَتْ مدَّتهَا طَالَتْ وَإِن قصرت مُدَّة النافض قصرت الْحمى والعرق إِن كَانَ غزيراً أسْرع قلع الْحمى وبالضد.
قَالَ: حمى الرّبع خَاصَّة مَا لم يشْتَد النافض فَإِنَّهَا لم تنضج وَهِي مبتدئة. واشتداد النافض فِي هَذِه وَفِي البلغمية ينذر بالمنتهى.
قَالَ ابْن ماسويه زمَان ليفوريا عشرُون يَوْمًا.
من كتاب الْمسَائِل لِابْنِ ماسويه قَالَ: أزمان الْأَمْرَاض هِيَ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي مَعَ مَادَّة أبين وأوضح.
الْأَمْرَاض الحادة. الْمقَالة الأولى: حِين تبرد الْأَطْرَاف وتنقبض الْحَرَارَة إِلَى الْجوف ابْتِدَاء النّوبَة وَحين تقل الْحَرَارَة فِي الْجوف وَتقبل الرجل تسخن فَذَلِك الانحطاط.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أخف هِيَ أسر نضجاً. وبلوغها وعلامتها فِي ذَات الْجنب والرئة تَأَخّر النفث وبطؤه وعسره فَإِنَّهُ مَتى كَانَ النفث أسْرع وَأكْثر كَانَ البحران أسهل وأسرع وَفِي ذَات الكبد وَالطحَال والأمعاء والمعدة اعتقال الطبيعة حَتَّى لَا يبرز مِنْهَا شَيْء وَيكون مَا يبرز بعسر)
وَتَكون الأثفال الَّتِي تخرج يابسة صلبة متغيرة وَأما الحميات فشدة يبس اللِّسَان وقحل الْجلد وَكَذَلِكَ يكون فِي الْعين ألف هـ رمد وَلَا يسيل مِنْهَا شَيْء الْبَتَّةَ يعسر سيلانه وَعلل الدِّمَاغ أَيْضا إِذا لم تبْق بالمنخرين والحنك وَبِالْجُمْلَةِ فالدليل على الْمَرَض الجاف احتقان الفضول وامتناعها من الْخُرُوج.
لي هَذَا كُله ينذر يعسر النضج وَطول الْأَمر.
الثَّانِيَة من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: حد الِانْتِهَاء فِي علل الصَّدْر والرئة مَعَ النضج سَوَاء. وحد النضج مَعَ النفث لِأَنَّهُ سَاعَة تنضج هَذِه الْعِلَل تنذر بالنفث وَإِذا بدؤوا ينفثون مَا يحْتَاج إِلَى النفث لم يُمكن الْبَتَّةَ أَن يتزيد مرضهم لَا فِي جوهره وَلَا فِي الْأَغْرَاض اللاحقة لَهُ.
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: إِذا كَانَ يحدث فِي الْبدن تغايير مُخْتَلفَة وَكَانَ الْبدن يبرد مرّة ويسخن أُخْرَى ويتلون بلون ثمَّ يُغَيِّرهُ دلّ على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض من أَنْوَاع مُخْتَلفَة وَكَذَا هُوَ أَبْطَأَ نضجاً.
لي فَمَتَى رَأَيْت فِي الْمَرَض أبوالا وضروباً من البرَاز والقيء والعق أَو تلون الْبدن لوناً بعد لون فَإِنَّهُ طَوِيل لِأَنَّهُ ينذر بأخلاط كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
قَالَ: الْعرق الْبَارِد ينذر بطول الْمَرَض وَأي مرض مِمَّا هُوَ حاد إِذا كَانَ مزمعاً لِأَن يطول فَإِن نوائبه تنْقَلب حَتَّى تصير الأصعب مِنْهَا فِي الْأزْوَاج.
لي على مَا قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من الحميات: الرسوب من العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق بِمَنْزِلَة الْمدَّة من الخراجات فَكَمَا أَن تولد الْمدَّة هُوَ استتمام على الطبيعة وانحطاط الْمَرَض كَذَلِك الرسوب الحميد هُوَ دَلِيل كَمَال النِّهَايَة وَابْتِدَاء الانحطاط. واقرأه فِي كتاب الْبَوْل لتعلم ذَلِك.(4/571)
من كتاب العلامات قَالَ: إِذا حدث فِي الْحمى الدائمة قشعريرة وَلم يعقبها عرق وَكَانَت السَّلامَة ظَاهِرَة حَاضِرَة فَإِن الْحمى الحارة تنْتَقل إِلَى المزمنة وَكَثِيرًا مَا تنْتَقل إِلَى الغب وَإِلَى البلغمية.
من كتاب الدَّلَائِل: لَا تَخْلُو حمى من الحميات بعد أَن تكون مِمَّا لَا يَمُوت العليل مِنْهَا أَن تظهر فِيهَا الْأَزْمَان الْأَرْبَعَة. أما بِحَسب مَا توجبه دَلَائِل النضج وَإِمَّا بِحَسب مَا توجبه تزيد الْأَعْرَاض وتنقصها لِأَن من الحميات المطبقة مَا لَا يتَبَيَّن أَوْقَاتهَا من الْأَعْرَاض لِأَنَّهَا تكون ألف هـ مُنْذُ ابتدائها إِلَى انْقِضَائِهَا بِحَال وَاحِدَة من مِقْدَار الْأَعْرَاض.
لي فِي هَذَا تتبين الْأَزْمَان.)
من دَلَائِل النضج قَالَ: فَأَما دَلَائِل النضج فِي هَذِه فَلَا بُد أَن تكون أَولا خَفِيفَة ثمَّ تظهر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن تكمل فَتكون نِهَايَة الْمَرَض وَابْتِدَاء الانحطاط.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: الْمَرَض يطول إِمَّا لِكَثْرَة الْمَادَّة وَإِمَّا لغلظها وَإِمَّا لبردها.
لي وَإِمَّا لكثافة الْبدن الزَّمَان وَضعف الْحَرَارَة الغريزة فتفقد كل هَذَا ليَكُون عَمَلك بِحَسبِهِ.
لي مصلح من هَذِه الْمقَالة: إِذا كَانَ عرق كثير فِي عقب نوبَة ثمَّ رَأَيْت النّوبَة الثَّانِيَة لم تُؤثر فِيهَا ذَلِك لَكِن هِيَ على مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي الشدَّة والطول فَاعْلَم أَن الْمَرَض طَوِيل لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَادَّة كَثِيرَة جدا وخاصة أَن دَامَت نَوَائِب على هَذِه الْحَال.
لي جملَة أَبْوَاب معرفَة أزمان الْمَرَض: تقدم النوائب وتأخرها وطولها وقصرها وَشدَّة الْأَعْرَاض وخفتها ونقاء النوائب وخفتها وطولها ويكمل ذَلِك ظُهُور عَلَامَات النضج أَو تأخرها. وَضم إِلَيْهِ نوع الْمَرَض وَحَال الزَّمَان والمزاج وَمَا يحدث للعليل من الْعَوَارِض.
بولس قَالَ: الحميات الَّتِي تقلع أعرف أزمانها الْجُزْئِيَّة. فَإِن كَانَت أزمانها الْجُزْئِيَّة تتمّ سَرِيعا أَعنِي فِي وَقت نصف يَوْم فالمرض حاد جدا وينقضي فِي الرّبع وانقضاؤه فِي السَّابِع. وَإِن كَانَ يتَجَاوَز ذَلِك إِلَى أَن يبلغ اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة جَمِيع أزمنته فَإِنَّهُ يَأْتِي بحرانه فِي الْأَكْثَر دون الْأَرْبَعَة عشر ويبلغ الْأَرْبَعَة عشر. فَإِن امتدت الْأَوْقَات حَتَّى أَن الِابْتِدَاء وَحده أَو التزيد يَأْتِي على أَكثر فإمَّا الَّتِي لَا تقلع فاعرفه من انخراط العليل فَإِن سرعَة انخراطه تنذر بحدة وَسُرْعَة النبض وتواتره وَشدَّة الْحَرَارَة وإحراقها.
لي وَعظم الْأَعْرَاض وَسُرْعَة إِسْقَاط الْقُوَّة.
قَالَ: الَّذين يحْمُونَ بِبرد شَدِيد لَا يُمكن أَن يَنْتَهِي مرضهم وَلَا يَأْتِيهم بحران قبل أَن يَنْقَضِي ذَلِك الْبرد فَإِنَّهُ مادام النافض بِحَالَة فِي الشدَّة فَلم يحضر مُنْتَهى الْمَرَض.
قَالَ: إِذا كَانَت الْحمى المطبقة الْمُخْتَلفَة التزيد لَيست دائمة على حَال وَاحِدَة لَكِنَّهَا تربح قَلِيلا فِي الْأَحَايِين وتشتد فَإِن مدَّتهَا أطول من الْبَاقِيَة بِحَالَة وَاحِدَة وَهَذِه إِذا لم يظْهر فِي الثَّالِث نضج فِي الْبَوْل وَالْبرَاز فَإِنَّهَا تنجز فِي السَّابِع فَإِن لم يظْهر ألف هـ ذَلِك وَلَا فِي الرّبع وَبقيت بِحَالِهَا فِي الشدَّة وَلم ينخرط الْوَجْه والجسد فَإِن هَذِه تطول بصاحبها.(4/572)
من كتاب الدَّلَائِل دَلَائِل ابْتِدَاء النّوبَة برد الْأَطْرَاف وَظَاهر الْبدن وَصغر النبض وَضَعفه وإبطاؤه وتفاوته وتواتره فَإِن هَذِه دَلَائِل غور الْحَرَارَة إِلَى بَاطِن الْبدن. وَدَلَائِل التزيد يَبْتَدِئ الْبدن)
بالسخونة وتستولي الْحَرَارَة والعطش. والمنتهى إِن لم تستول الْحَرَارَة على الْبدن كُله بِالسَّوِيَّةِ ويعظم النبض ويتواتر ويسرع ويلين. وَدَلَائِل الانحطاط انخزال الْحَرَارَة وإقبال النبض إِلَى الصفر والتفاوت وَبَقَاء الْقُوَّة فِيهِ بل تكون الْقُوَّة أَزِيد.
قَالَ: وَأما فِي الورم الْحَار فَمَا دَامَ الْبدن لم يَأْخُذ فِي السخونة والإستحالة فَهُوَ الِابْتِدَاء. والوجع فِي هَذِه الْمدَّة أقل وتتزايد قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى إِذا أَخذ الدَّم يَسْتَحِيل وَاشْتَدَّ الوجع فَذَلِك التزيد إِلَى أَن يَنْقَضِي الوجع فقد جَاءَ وَقت النضج التَّام.
وَأما فِي الرمد فَمَا دَامَت الرطوبات لم تنضج وَلم تغلظ وَهِي كَثِيرَة وَلم يتَوَلَّد مِنْهَا بعد رمص فِي الْعين فَهُوَ ابْتِدَاء. فَإِذا بَدَأَ الرمص يتَوَلَّد وغلظت الرُّطُوبَة فَذَلِك التزيد. فَإِذا بلغت غايتها من الغلظة والقلة فَذَلِك الانحطاط.
وَأما فِي الزُّكَام فَمَا دَامَ يسيل من الْأنف رَقِيقا حاداً فَهُوَ ابْتِدَاء حَتَّى إِذا بَدَأَ الغلظة وَقلت حِدته ولذعه فَذَلِك أَكثر لِأَنَّهُ قد ابْتَدَأَ النضج فَإِذا انْتَهَت هَذِه فَهُوَ منتهي.
وَأما الحميات الورمية فزمانها يعرف من زمَان الْمَرَض. وَأما العفنية فَإِنَّمَا تتعرف من النضج فِي الْبَوْل والاستواء فِي النبض وَذَلِكَ أَن العفونة مادامت تتزيد فالنبض يزْدَاد اخْتِلَافا وبالضد والنضج مادام يتزيد فالنبض يزْدَاد اسْتِوَاء.
والأعراض المستولية على الِابْتِدَاء الجزئي هِيَ أَكثر وَأَشد اسْتِيلَاء على الِابْتِدَاء الكلى أَي من شدَّة الْحَرَارَة وَعظم الْأَعْرَاض وانقباض الْعرق وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة.
لي كَأَنَّهُ يَقُول مادام النافض قَوِيا والنبض ينْتَقل فَإِنَّهُ يدل على الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة لي كَأَنَّهُ يَقُول مادام النافض قَوِيا والنبض ينْتَقل فَإِنَّهُ يدل على الِابْتِدَاء وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي الْبَاقِيَة من شدَّة الْأَعْرَاض ولينها وَتقدم النوائب وَمن النضج فِي الْبَوْل.
لي النافض فِي أول الرّبع لين ثمَّ يصعب إِذا أمعنت الْحمى ثمَّ يلين أَيْضا وَذَلِكَ فِي وَقت نهايتها.
وَقد ذكرنَا الْعلَّة فِي بَاب الرّبع.
ألف هـ من مسَائِل الْأَمْرَاض الحادة: الْأَمْرَاض الْيَابِسَة أعْسر بحراناً ويستدل عَلَيْهَا فِي الحميات بيبس وقحل الْجلد كُله وعسر النفث وَالْبرَاز وَفِي الرمد يبيس الْعين وَقلة مَا يسيل مِنْهَا. وَفِي ذَات الْجنب والرئة بقلة النفث وعسره.
الثَّانِيَة من الأولى من أبيذيميا: الْأَمْرَاض الَّتِي تتولد فِي مُدَّة طَوِيلَة وخاصة من أَسبَاب بَارِدَة)
رطبَة لَا تتحلل سَرِيعا بل تزمن وتتحل إِن تحللت شَيْئا بعد شَيْء.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: مادامت العفونة فِي الحميات تتزيد فالنبض يتزيد اخْتِلَافا حَتَّى إِذا بَدَأَ النضج أقبل يَسْتَوِي ويزداد الاسْتوَاء مَا زَاد النضج.
قَالَ: وأوقات الحميات الَّتِي من الأورام من أَوْقَات تِلْكَ الأورام.(4/573)
قَالَ: الْأَوْقَات الْكُلية من الْمَرَض شَبيهَة بالجزئية. فَتكون الْأَعْرَاض فِي الِابْتِدَاء كَأَنَّهَا مندفئة وَكَذَلِكَ حَال النبض والتلون فِي الْبَوْل والحرارة فِي جَمِيع الْجَسَد والأعراض الْأُخْرَى ثمَّ تقبل تتزيد قَالَ: وَالْبرَاز فِي أول الْمَرَض يكون سيالاً غير نضج ثمَّ يغلظ عِنْد النضج كالحال فِي الْبَوْل.
جَوَامِع اغلوقن: على مَا رَأَيْت تَأَخّر دَلَائِل النضج ولبث عَلَامَات الْمُنْتَهى فِي نَوَائِب كَثِيرَة تنذر بطول الْمَرَض.
قَالَ: وَطول وَقت النافض فِي الغب ينذر بطول الْمَرَض وشدته تنذر بقصره بِطُولِهِ. وَكَثْرَة الْعرق فِي الغب ينذر بقصره وقلته وإندفان الْحَرَارَة فِي الْبَاطِن ينذر بطول الحميات.
لي ليكن استدلالك بطول النّوبَة إِذا زَادَت وكيفيتها إِذا صَارَت أَكثر رداءة وثق بالتزيد لِأَن الأول يكون لِأَن الشَّيْء الَّذِي فِيهِ العفن تزداد مادته وَالثَّانِي يدل على أَنه تزداد رداءته فَأَما مَعَ تقدم النوائب وتأخرها فَلَا تثقن بِهِ وَحده الْبَتَّةَ دون الآخرين.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: لَا يُمكن أَن يَقع الْمَوْت فِي الانحطاط لكنه يُمكن أَن يكون بالمريض مرضان أَو ثَلَاثَة فينحط مِنْهَا وَاحِد أَو اثْنَان ويقتله الْبَاقِي. فأجد النّظر فِي ذَلِك وَيَأْخُذ النّظر فِيهِ أَن تنظر إِلَى حَال الْأَعْضَاء الرئيسة الثَّلَاثَة وَمَا يتَّصل بهَا وَحَال سَائِر الْأَعْضَاء وتتفقد سَائِر الْأَعْضَاء الدَّالَّة على الْأَمْرَاض باستقصاء فَإنَّك بذلك تقف على مَا تطلب.
لي مِثَال: أنزل أَن إنْسَانا بِهِ حميان إِحْدَاهمَا محرقة وَالْأُخْرَى لورم صلب فِي كبده فَفِي هَذِه الْحَال لَا تغتر بنضج الْبَوْل كَمَا لَو كَانَت الْحمى إِنَّمَا ألف هـ هِيَ بِلَا ورم لَكِن إِن ظهر النضج آخر انْزِلْ: أَن إنْسَانا ب ورم وَحمى غب ثمَّ ظهر النضج فِي الْبَوْل فَالْأَمْر فِي الْأَمر فِي الأول.
وَبِالْجُمْلَةِ فابحث أَولا عَن الْمَرَض آواحد هُوَ أم أَكثر فَإِن ذَلِك ملاك أَمرك: وَإِذا رَأَيْت عَلامَة انحطاط مَا ثمَّ لم يعقبه جفاف أَن يكون قد أَخْطَأت فِي الِاسْتِدْلَال وَإِمَّا أَن يكون الْمَرَض غير بسيط. وَإِن كَانَ يعقبه خف فَلَا تبال بِهِ وَإِن كَانَ مركبا لَا يزِيد دلّ على إِن الَّذِي لم ينحط ضَعِيف اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مبتدئاً بعد فَيثبت فِي ذَلِك.)
من مسَائِل الْفُصُول: لَيْسَ شَيْء من الحميات الدائمة أطول من اللثقة وَهِي البلغمية الدائمة ثمَّ شطر الغب.(4/574)
لي قد تقدم الأدوار وَطول النوائب وَشدَّة الْأَعْرَاض تدل على تزيد الْمَرَض ثمَّ يدل بعد قِيَاس هَذِه الثَّلَاثَة بَعْضهَا إِلَى بعض على حَرَكَة الْمَرَض فَإِن كَانَت النّوبَة الثَّانِيَة تقدّمت قبل النّوبَة الأولى بِوَقْت كثير وطالت أَكثر من الأولى واشتدت أعراضها أَكثر فَانْظُر فِي النّوبَة الثَّالِثَة فَإِن وجدت وَقت تقدمه زَائِدا على مِقْدَار وَقت النّوبَة الثَّانِيَة أَكثر مِمَّا تقدّمت الثَّانِيَة على الأولى وطالت أَكثر من الْمِقْدَار الَّذِي فضلت الثَّانِيَة عل الأولى واشتدت أعراضها أَيْضا أَكثر مِمَّا اشتدت الثَّانِيَة بِالْإِضَافَة إِلَى الأولى فَإِن ذَلِك يدل على أَن حَرَكَة الْمَرَض سريعة بِمِقْدَار ذَلِك فَإِن كَانَت نِسْبَة النّوبَة الثَّالِثَة إِلَى الثَّانِيَة فِي هَذِه الْأَشْيَاء مُتَسَاوِيَة فَإِنَّهُ يدل على أَن حَرَكَة الْمَرَض متوسطة فِي حركته وَإِن كَانَ نَاقِصا فِي هَذِه فَإِن حَرَكَة الْمَرَض بطيئة وَلَيْسَت هَذِه الْأَشْيَاء هِيَ الْأَشْيَاء الْكُلية لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون الْمَرَض فِي جملَته متزايداً وَجُمْلَة مَا هَهُنَا هِيَ الْأَشْيَاء المتناقصة.
مِثَال ذَلِك أَن تكون النّوبَة الثَّالِثَة قد تقدّمت الثَّانِيَة لَكِن بِوَقْت أقل مِمَّا تقدّمت بِهِ الثَّانِيَة الأولى وَكَذَلِكَ تكون النّوبَة الثَّالِثَة قد طَالَتْ أَكثر من الثَّانِيَة لَكِن بِمِقْدَار ذَلِك أقل مِمَّا طَالَتْ بِهِ الثَّانِيَة بِالْقِيَاسِ إِلَى الأولى. وَكَذَلِكَ فِي شدَّة الْأَعْرَاض بالتقدم والطول والشدة وَبِالْجُمْلَةِ تدل على تزيد الْمَرَض وَنسبَة مقادير ذَلِك ألف بَعْضهَا إِلَى بعض تدل على حَرَكَة الْمَرَض.
بولس أزمان الْأَمْرَاض تعلم من أَرْبَعَة أَشْيَاء: من حَرَكَة الْمَرَض وهيئة العليل وَنَوع الْحمى وَحَال النبض. أما حَرَكَة الْمَرَض فَإِذا كَانَت أزمان الْمَرَض نوبَة وَاحِدَة مِنْهُ تتمّ فِي زمَان يسير حَتَّى يكون أقل من اثْنَتَيْ عشرَة سَاعَة بِكَثِير فَإِن الْمَرَض الحاد جدا وَلَا يتَجَاوَز السَّابِع وَفِي الْأَكْثَر تَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر أَو دونهَا. فَإِن ابتدأت تِلْكَ حَتَّى يكون ابْتِدَاء الْحمى وتزيدها يكون فِي أَكثر زمَان النَّهَار وَاللَّيْل فَإِنَّهُ لَيْسَ بحاد. وَأما الَّتِي لَا نَوَائِب لَهَا كالمطبقة فَانْظُر إِلَى ضمور وَجه العليل وَإِلَى سرعَة النبض وتواتره وعظمه وَشدَّة الْحَرَارَة عِنْد اللَّمْس وبقدر شدَّة هَذِه تكون حِدة الْمَرَض وبالضد.
لي جملَة هَذِه أقصر وحميات مُتَأَخِّرَة الأدوار بِسَبَب غلظ مادتها إِلَّا أَن فِي هَذِه أَيْضا إِذا قست مِقْدَار تقدمها فِي وَقت تزيد الْمَرَض إِلَى مِقْدَار مُدَّة تقدمها فِي سَائِر الْأَوْقَات لم تجدها)
مُتَسَاوِيَة بل تجدها فِي زمن الِابْتِدَاء مُتَسَاوِيَة فِي وَقت تزيده وَفِي وَقت منتهاه مُتَسَاوِيَة وَفِي وَقت انحطاطه متناقصة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي الْمُتَأَخِّرَة الأدوار وَذَلِكَ أَنَّك إِذا قست مِقْدَار تَأَخّر النوائب فِي وَقت التزيد إِلَى مقدارها فِي سَائِر أَوْقَات الْمَرَض لم تجدها مُتَسَاوِيَة لكنك تجدها فِي الِابْتِدَاء مُتَسَاوِيَة وَفِي تزيده منتقصة وَفِي منتهاه مُتَسَاوِيَة وَفِي وَقت الانحطاط متزيدة.(4/575)
قَالَ: والأعراض الَّتِي تكون فِي ابْتِدَاء النوائب الْجُزْئِيَّة تجدها فِي الِابْتِدَاء الكلى أَكثر وتجد الَّتِي تكون فِي التزيد الجزئي فِي وَقت التزيد الكلى أظهر أَكثر وَالَّتِي فِي الْمُنْتَهى الجزئي فِي الْمُنْتَهى الكلى تجدها أقوى وأغلب من غَيرهَا وَالَّتِي تكون فِي الانحطاط الجزئي فَفِي الانحطاط الكلى.
قَالَ: وَالْبرَاز قد يكون أول الْمَرَض سيالاً ثمَّ يغلظ كَمَا يزِيد النضج كالحال فِي الْبَوْل.
لي مصلح على مَا فِي الثَّالَّةِ من البحران: الَّذِي يحْتَاج أَن يعرف من الْمَرَض طَبِيعَته وعظمه وزمانه وحركته وسخنته وطبيعة الْمَرَض تعرف من الْأَشْيَاء المقومة لذاته وَهِي الَّتِي تتمّ صورته كالحمى الحادة والنخس وضيق النَّفس والسعال فِي ذَات الْجنب.
وعظمه يعرف من عظم هَذِه الْأَعْرَاض فبقدرها يكون عظم الْمَرَض وَلَيْسَ عظم الْمَرَض رداءته فَإِنَّهُ يكون الْمَرَض عَظِيما وَلَيْسَ برديء وزمانه يعرف ألف هـ من نوع الْمَرَض أَولا ثمَّ من قِيَاس الأدوار والأعراض ثمَّ من عَلَامَات النضج ثمَّ من الْأَسْبَاب الملتئمة بعد كالسن والمهنة والبلد وَالزَّمَان والمزاج. وجهة حركته تعرف من شدَّة سرعَة مبادرة الْأَعْرَاض إِلَى شدَّة التزيد وبطئها.
لي جِهَة حَرَكَة الْمَرِيض فِي سرعَة مبادرته ومروره فِي الْأَوْقَات إِلَى الْأَعْرَاض اللاحقة فَلذَلِك لَيْسَ حمى مِمَّا تفتر أسْرع حَرَكَة من المطبقة من جِنْسهَا وَمن المطبقات مِمَّا ظَهرت فِيهِ الْأَعْرَاض القوية سَرِيعا فَهُوَ أسْرع حَرَكَة.
جَوَامِع اغلوقن: دَلَائِل النضج إِذا ظَهرت سَرِيعا فِي أَوَائِل الْأَمْرَاض دلّت على سرعَة انقضائه وَإِن تَأَخَّرت دلّت على بطئه. وَدَلَائِل عدم النضج تدل أبدا على طول الْمَرَض مَاتَ الْمَرِيض أَو عَاشَ.
وَقع الْفَرَاغ من إِعَادَة طبع الْجُزْء السَّادِس عشر من الْحَاوِي الْكَبِير يَوْم الِاثْنَيْنِ الْخَامِس وَالْعِشْرين من شهر جُمَادَى الآخر سنه هـ مارس سنة م ويتلوه الْجُزْء السَّابِع عشر أَوله فِي الجدري والحصبة والطواعين وَصلى الله تَعَالَى على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.)(4/576)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)(5/5)
(فارغة)(5/6)
(الجدري والحصبة والطواعين) (الجدري والحصبة والطواعين) الْيَهُودِيّ قَالَ: سرعَة الجدري الصغار المتقاربة خطر والكبار المبددة سليم.
قَالَ: مَتى ثار الجدري فَلَا تعالجه بالأدوية الْبَارِدَة فتخدر الْفضل لَكِن اسْقِهِ رازيانجا وكرفسا وسكراً ليخرج من الْجوف سَرِيعا. واسقه فِي الْيَوْم الرَّابِع مَاء الشّعير وَمَاء الْعنَّاب وَالسكر. وَإِن كَانَ بَطْنه يَابسا فلينه فِي أول الْأَمر بِمَاء الترنجبين وَنَحْوه. فَأَما فِي آخر الْأَمر فَلَا وَلَكِن يُخَفف طَبِيعَته مَا أمكن.
قَالَ: وغرغرة ومضمضه بِمَاء الرازيانج وسكر وَشَيْء من مَاء الزَّعْفَرَان. ويمص رماناً لِئَلَّا يخرج فِي فِيهِ وحلقه. وأكحله بِمَاء المري أَو بالكحل أَو بِمَاء الكزبرة والكافور لِئَلَّا يخرج فِي حدقته.
لى: يجب أَن يعالج أَيْضا دَاخل أَنفه لِئَلَّا يخرج فِيهِ بالماميثا والصندل والخل واستنشاق الْخلّ وَالْمَاء فِي الْيَوْم مَرَّات فَإِنَّهُ سليم وَإِن اسْتطْلقَ بَطْنه فِي آخر الْأَمر فأعطه أَقْرَاص حماض الأترج وأطعمه دَرَّاجًا بحب رمان وحصرم وَإِن شكى حلقه فألعقه ربه.
وَإِذا كَانَ السَّابِع فملحه بِمَاء وملح وَشَيْء من زعفران ثمَّ بعد ذَلِك اطله بالورد والصندل والعدس وَشَيْء من كافور وَاجعَل أغذيتهم خَفِيفَة مطفئة يابسة. وَإِن كَانَ شتاء فَلَا تُفَارِقهُ وقود الطرفاء فَإِذا نضج الجدري فنومهم على دَقِيق الْأرز ودقيق الجاورس. أودقيق الشّعير والباقلى تحشو بِهِ مضربته ومخدته فَإِنَّهُ يجِف سَرِيعا. كل جدري يكون بعقب حمى أسلم مِمَّا تَجِيء الْحمى بعده.
وعلامات الحصبة أَن يغلظ الصَّوْت وتحمر العينان والوجنتان ويجد الوجع فِي الحنجرة والصدر ويجف اللِّسَان وتتفتح الأصداغ ويحمر الْجَسَد وتدمع العينان ويهج التهوع فَإِن رَأَيْت هَذِه فَإِنَّهُ ستظهر الحصبة. والحصبة تخرج بِمرَّة والجدري شَيْئا بعد شَيْء والحصبة الخضراء والبنفسجية رَدِيئَة وخاصة إِن غَابَتْ بَغْتَة فَإِنَّهُ يغشى عَلَيْهِ وَيقتل سَرِيعا. الجدري الَّذِي يسود لَونه ويجف وَلَا يمتلئ بل يكون صلباً ثالولياً فَإِنَّهُ يُورث الغشى وَهُوَ قَاتل.(5/7)
قَالَ: مَا كَانَ من الجدري رطبا جدا دخناه بورق الآس وعمدنا إِلَى أصُول الْقصب فحككناها بِالْمَاءِ وطليناه على القروح أَو تحك عروق الْخلاف وتطليه بِمَاء. والمرداسنج يذهب أبضاً أَثَره.
لى: وَقَالَ الطَّبَرِيّ: إِذا احْمَرَّتْ الْعين وَالْوَجْه فِي حمى الدَّم وَثقل الْبدن وَالرَّأْس واحتك المنخران)
وَجَاء العطاس وَالْغَم وَالْكرب فَإِنَّهُ يدل على جدري. فالق فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الْمَطَر أَو بالكزبرة أَو اعصر فِي الْعين شَحم الرُّمَّان أَو اكحل بالنفط الْأَبْيَض وَأعْطِ مَا يسْرع إِخْرَاجه تطبخ سِتَّة دَرَاهِم لَك مغسول وعدس غير مقشر سِتَّة دَرَاهِم كثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى مِنْهُ فَإِنَّهُ يسْرع خُرُوجه. وَيكون الْغذَاء عدساً مقلواً مقشراً بِمَاء الرُّمَّان والفاكهة القابضة.
الطَّبَرِيّ: المري مَتى اكتحل بِهِ يَوْم ظُهُور الجدري والحصبة قوى الحدقة وحفظها وأذاب غلظها.
أهرن: الطواعين ورم حَار يعرض فِي الأربيات والإبط وَيقتل فِي أَرْبَعَة أَيَّام أَو خَمْسَة والطاعون الرَّدِيء أسود والطاعون الْأَحْمَر أقل شرا على أَنه رُبمَا قتل وَلَا يكَاد ينجو من الْأسود والأخضر أحد وَكَذَلِكَ الحصبة والجدري وَسَائِر مَا يثور. وَمَا كَانَ مِنْهُ أسود أَو أَخْضَر فَإِنَّهُ فِي الْغَايَة من الرداءة. والأصفر رَدِيء وَلكنه دونهمَا. والأحمر والأبيض سُلَيْمَان.
قَالَ: والجدري والورشكين وَنَحْوهمَا تكون من الدَّم الرَّدِيء المحترق وبالمرة.
قَالَ: وَإِذا احْتمل العليل إرْسَال الدَّم فَلَا شَيْء فِي علاج الطَّاعُون أبلغ مِنْهُ ويطلى بعد بالطين الأرمني واسقه مِنْهُ بِالْمَاءِ الْبَارِد فَإِنَّهُ جيد.
(عَلَامَات الجدري والحصبة)
الْحمى الحادة من أول الِابْتِدَاء مَعَ صداع وَحُمرَة فِي الْعين وَأكْثر مَا يظْهر فِي الْيَوْم الثَّالِث من ابْتِدَاء الْحمى وَرُبمَا كَانَ من أول يَوْم وَمن الثَّانِي. وَأفضل العلامات وأدلها على السَّلامَة أَن يثور فِي الثَّالِث أَو فِي وَقت تكون الْحمى لانت وبالضد لَو ثارت فِي أول يَوْم فِي شدَّة الْحمى والوهج.
لى: حميات الجدري مطبقة وَأكْثر مَا تعرض للصبيان. وَإِذا رَأَيْته قد ظهر فَلَا تعطه شَيْئا من المطفئة لَكِن اسْقِهِ مَاء الرازيانج والكرفس حَتَّى يثور وَيخرج من الْجوف.
لى: قبل أَن يتَوَلَّد تولداً ظَاهرا وتتبين آثَار الجدري والثوران يجوز أَن يفصد ويطلى فَإِذا تمادت وَظَهَرت فَلَا.
قَالَ: وليمسك فِي فِيهِ طبيخ العدس والورد واكحل عَيْنَيْهِ بالإتمد والكافور لِئَلَّا يخرج فِي فِيهِ وحلقه وعينه وَأَنْفه. وَاتَّقِ علاج البنفسجي والأخضر فَإِنَّهُ قَاتل. وَإِذا نضج الجدري(5/8)
فنومه على دَقِيق الْأرز ودخنه بورق الآس أَو ورق الزَّيْتُون فَإِنَّهُ يجففه وَقد يسقيهم الْحَدث من الْأَطِبَّاء اللَّبن المخيض. واعرف علاماته الرَّديئَة والجيدة من عَلَامَات الْأَمْرَاض الحادة.
الاختصارات قَالَ: الجدري والحصبة من جنس الْأَمْرَاض الوافدة ويحدثان أبدا مَعَ هبوب الْجنُوب الْكَثِيرَة وخاصة إِن هبت فِي الصَّيف وَلمن يغْفل عَن إِخْرَاج الدَّم كثيرا.
لى: على مَا رَأَيْت بالتجربة: عَلَامَات الجدري والحصبة. حمى لَازِمَة وتفزع فِي النّوم وَحُمرَة وحكة فِي الْأنف ووجع الظّهْر بِشدَّة والتثاؤب والتمطى الدَّائِم واشتعال اللَّوْن.
الساهر قَالَ: إِذا كَانَ فِي الْحمى اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين والوجنتين وحكة وبثور فِي المنخرين وَثقل فِي الرَّأْس فَإِن جدرياً يظْهر أَو حصبة. فَإِذا ظهر الجدري فاحتل لِخُرُوجِهِ بِسُرْعَة لِئَلَّا يَنَالهُ خفقان وَمَوْت سريع فاسقه هَذَا: يُؤْخَذ لَك مغسول خَمْسَة دَرَاهِم عدس مقشر سَبْعَة دَرَاهِم كثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِمَاء ويسقى الْمَرِيض. ويسقى عدساً مقشراً سَبْعَة كثيرا ثَلَاثَة يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى وَاحْذَرْ لين الْبَطن بعد الْأُسْبُوع الأول وَاجعَل الأغذية ممسكة كالعدس بِمَاء الرُّمَّان والخل. وَإِذا خرج كُله فَأوقد فِي الشتَاء الطرفاء والبلوط وَالْكَرم. وَفِي الصَّيف لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى وقود.
لى: بخر الْبَيْت بصندل وافرش أَطْرَاف الآس وَالْخلاف وورق الرُّمَّان. وَإِذا بَدَأَ يجِف فالطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من زعفران.)
لى: هَذَا أَظُنهُ لذهاب الْأَثر وَيجب أَن يسْتَعْمل فِي الْوَجْه أَكثر وَيجْعَل فِي الْأنف: الشمع والدهن إِن تأذى لما ظهر فِيهِ وَفِي الْفَم اللعابات. 3 (وَمِمَّا يعين على ظُهُور الجدري) خمس تينات صفر سَبْعَة دَرَاهِم من العدس المقشر ثَلَاثَة دَرَاهِم من اللك ثَلَاثَة كثيراء بزر الرازيانح دِرْهَمَانِ يطْبخ برطل وَنصف من المَاء. قَالَ: هَذَا يسْرع خُرُوجه وَيمْنَع أَن يكون خفقان وحرارة فِي نواحي الْقلب والصدر.
لى: فِي إِظْهَار مَا فِي الْجوف خَاصَّة.
من المنجح قَالَ: دَوَاء يظْهر الجدري بسهولة ويسقى فِي ابْتِدَائه خمس تينات بيض كبار وعدس مقشر سَبْعَة دَرَاهِم يطْبخ برطل وَنصف من المَاء حَتَّى يبْقى رَطْل ويداف فِيهِ زعفران ربع دِرْهَم وَيشْرب هَذَا على الرِّيق وَعند النّوم مثله.
ابْن ماسويه قَالَ: إِذا رَأَيْت الورشكين كمداً يَتَّسِع فِي الْبدن عريضاً وَالْمَرِيض يقطب وَيَأْخُذهُ كرب وينتفخ بَطْنه حَتَّى إِن ضرب كَانَ كالطبل فَإِنَّهُ ميت.
قَالَ: عَلَامَات الجدري أَن يكون مَعَ الْحمى اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين وَالْوَجْه وَفِي النّوم اضْطِرَاب.
قَالَ: فَحِينَئِذٍ فاقبل على الْعين فأكحلها بِمَاء ورد قد انقع فِيهِ سماق لِئَلَّا يخرج فِي الْعين شَيْء.(5/9)
لى: اسْتعْمل شياف السماق والجلنار الْمَعْمُول بِمَاء الْورْد لكَي تقوى الْعين غَايَة الْقُوَّة وَلَا يخرج فِيهَا شَيْء الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَمن بعد خُرُوج الجدري قطر فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الكزبرة الْيَابِسَة المنقعة فِي المَاء السخن الْمُصَفّى مَعَ شَيْء من كافور محكوك بِمَاء الْورْد.
واحتل فِي خُرُوج الجدري بِسُرْعَة بِلَا خفقان وَلَا نخس وَلَا اضْطِرَاب بِأَن تَأْخُذ من اللك خَمْسَة دَرَاهِم وَمن العدس المقشر المغسول سَبْعَة دَرَاهِم وَمن الكثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يبْقى النّصْف ويسقى.
والغذاء ماش مقشر وَبقول. وألن الْبَطن إِلَى أُسْبُوع بِمَاء الْفَوَاكِه واسق مَاء الشّعير مَا دَامَت حِدة وَبعد الْأُسْبُوع وَفِي آخر الْأَمر احذر أَن تسقى شَيْئا يلين لِأَنَّهُ يكون فِي آخر هَذَا الْمَرَض اخْتِلَاف وقروح المعي وَاجعَل الْغذَاء عدساً مقشراً مطبوخاً بِمَاء الرُّمَّان. وَفِي الشتَاء أوقد الطرفاء والبلوط وَالْكَرم. وَإِذا بَدَأَ الجدري يخف فلطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من)
زعفران بِمَاء الْورْد بريشة. 3 (وَإِن خرج فِي الْأنف والفم) فقطر فِي الْأنف دهن بنفسج وموما أَبيض وكثيراء وَاجعَل فِي الْفَم لعاب بزرقطونا واسقه أَقْرَاص الحماض وغذه بالسويق ثمَّ الرُّمَّان وَلَا يَأْكُل فروجاً دون سُكُون الْحمى الْبَتَّةَ وجفوف الجدري وانتثار قشوره لَا تقربه دهناً لَا فِي أَوله وَلَا فِي آخِره فَإِنَّهُ فِي الأول يمْنَع خُرُوج الجدري وبآخره يفْسد القروح.
ابْن سرابيون قَالَ: إِذا بَدَت أَمَارَات الجدري فابدأ بالفصد وَإِن لم يتَمَكَّن فالحجامة إِن كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة. فَإِن بدا فاعن بِالْعينِ. وَإِذا خرج فَاسق مَاء الشّعير مَعَ عدس مقشر مطبوخ.
قَالَ: قبل أَن يظْهر فِي الْعين جدري فقطر فِيهَا مَاء ورد قد أنقع فِيهِ سماق أَو مَاء شَحم الرُّمَّان. فَإِن ظهر فِي الْعين جدري فقطر فِيهِ كحلاً قد حككته بِمَاء الكزبرة الرّطبَة أَو بِمَاء كزبرة يابسة قد طبخت بِمَاء الْمَطَر. واسقه طبيخ اللك والعدس والتين ليسرع الْخُرُوج وَلَا تغذه بفروج وَلَا بِغَيْرِهِ مِمَّا يُشبههُ حَتَّى تبطل الْحمى الْبَتَّةَ ويخف الجدري. وَاجعَل غذاءه الماش والعدس والبقول.
3 - (أدوية مُفْردَة تذْهب آثَار الجدري)
الفجل الباقلى الطين السخيف شَحم الْحمار خشب الْخلاف المحكوك الْعِظَام البالية أصُول الْقصب المجففة أشنان مربى فِي بزر الْبِطِّيخ بزر البنج قشور الْبِطِّيخ مجففة مرداسنج مر زعفران زبد الْبَحْر بَيَاض الْبيض مَاء الشّعير دهن السوسن بورق أشق كندر صابون سكر طبرزد نشا لوز قسط حُلْو عنزروت وَكَثْرَة اسْتِعْمَال الْحمام وَشرب مَاء الرُّمَّان الحلو وإدمانه.(5/10)
ابْن ماسويه فِي آثَار الجدري عَجِيب: بعر عَتيق أَبيض وَعِظَام محرقة عشرَة عشرَة أرز مغسول عشرَة أصُول الْقصب الْيَابِس عشرُون درهما حرف جَدِيد نشا بزر بطيخ حمص عشرَة عشرَة ترمس حب البان قسط زراوند طَوِيل من كل وَاحِد خَمْسَة تطلى بِمَاء الشّعير وَمَاء الْبِطِّيخ وَيغسل من غَد بطبيخ البنفسج وَالشعِير.
قريطن لآثار الجدري عِظَام بالية أصُول الْقصب الْفَارِسِي خزف حَدِيث الْعَهْد بلأتون نشا ترمس بزر بطيخ حمص عشرَة أرز مغسول حب البان قسط يطلى بِمَاء الْبِطِّيخ.
لى: طلاء سهل سليم: بزر بطيخ مقشر ولوز حُلْو مقشر ودقيق الْأرز وحمص وَعِظَام بالية ومرداسنج مربى يطلى بِمَاء الْبِطِّيخ أَو بِمَاء الشّعير.
لى: رَأَيْت مجدراً جعل عَلَيْهِ مَاء وملح فورم وأوجعه جدا لِأَنَّهُ كَانَ بعد فِيهِ نهوءة. والأجود أَن يجفف إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ بكافور كثير يلقى فِي مَاء الْورْد وينوم العليل على الجاورس وعَلى ورق الْخلاف وعَلى الْورْد الْيَابِس والطرى والصندل المحرق ويبخر بالورد والصندل فِي الصَّيف إِذا كَانَت حرارة شَدِيدَة بَدَلا من وقود الطرفاء وبورق الْخلاف وورق الآس.
لى: والأجود قبل خُرُوج الجدري أَن يقطر فِي الْعين مَاء الْورْد والكافور وَمَاء السماق وشحم الرُّمَّان. وَنَحْوه. وَإِن خرج فِيهَا شَيْء فالكحل المعجون بِمَاء الْورْد والكزبرة مَعَ الكافور والمرى يمْنَع أَيْضا أَن يخرج فِي الْعين شَيْء وَليكن نبطياً بِلَا خل.
لى: الدّهن يحْتَاج إِلَيْهِ ضَرُورَة إِذا صَارَت فِي مَوَاضِع الجدري خشكريشات فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ نَافِع جدا لِأَنَّهُ يُسْقِطهَا بِسُرْعَة فَأَما قبل ذَلِك فَلَا وَفِي هَذَا وَلِهَذَا بِعَيْنِه يسْتَعْمل لَا لغيره وَهَذَا بَالغ النَّفْع هَهُنَا بعد أَن تكون قد جَفتْ جفوفاً محكماً.)
لى: الجدري هُوَ بعض البحارين فَلذَلِك لَا يجب أَن يمْنَع ثورانه لِأَنَّهُ مَتى منع البحران فيخاف إِن يرجع إِلَى عُضْو شرِيف. فَلذَلِك إِذا رَأَيْت أَمَارَات الجدري فَاعْلَم أَن ميل الطبيعة إِلَى نفض الْخَلْط إِلَى ظَاهر الْجِسْم فَكُن معينا لَهَا على ذَلِك بالأشياء الَّتِي تشرب والموضع أَلا يكون بَارِدًا جدا فَإِنَّهُ يمْنَع أَن يَبْدُو لِأَنَّهُ يشد سطوح الْبدن.
وَيجب أَن تنظر لمن يكون هَذَا البحران فَإِنَّهُ يكون فِي الصّبيان خَاصَّة. فَإِذا ظهر الجدري بغد النضج وَفِي يَوْم باحوري فَإِنَّهُ صَالح وَإِن ظهر قبل النضج أَو فِي يَوْم رَدِيء فَإِنَّهُ قَاتل.
وشره مَا ثار فِي السَّادِس أَو فِي الثَّانِي وَلمن لَا تخف بِهِ الْحمى.(5/11)
لى: النِّسَاء يستعملن فِي تجفيف الجدري ورق السوسن ورأيته يجفف تجفيفاً بَالغا. وَالْمَاء وَالْملح أبلغ مِنْهُ إِذا لم يكن يهيج العليل ويلذع الْجلد جدا وَإِن كَانَت كبارًا وَكَانَ يلذع لآن تَحْتَهُ لَحْمًا أَحْمَر فَلَا. والدهن يقْلع الخشكرشات لابد مِنْهُ. والمرهم الْأَحْمَر جيد للقروح الَّتِي تسمى أم الجدري.
وَرَأَيْت الْعَامَّة يطْعمُون العليل حِين يَبْدُو الجدري تَمرا ليسرع خُرُوجه.
لى: جربت فَلم أجد شَيْئا أشر من مَاء الثَّلج والفصد والخس وَقد بَدَأَ الجدري. وَيحْتَاج أَن يسقى مَا لَيْسَ ببارد وَيكون فِي هَوَاء غير بَارِد. وَرَأَيْت من يفعل ذَلِك يعرض لَهُ خفقان وغم شَدِيد.
ابْنة الْفَتْح كَانَ جدريها صغَارًا ثولولياً وَكَانَ مَعَه ضيق نفس وَلم يكن أسود وَكَانَ مَعَه لَهب فِي الْبَطن شَدِيد فَمَاتَتْ وَأكْثر هَؤُلَاءِ يموتون إِذا غشى عَلَيْهِم مَرَّات وَاشْتَدَّ ضيق النَّفس وَبَردت الْأَطْرَاف. وَذَلِكَ يكون إِذا انْقَلب بخار الجدري إِلَى دَاخل ورى الجدري يشبه الحصبة حَتَّى أَنه قَالَ الطَّبِيب: إِنَّه حصبة فيجدر بعد ذَلِك. وَوجدت الْفرق بَينهمَا أَن الحصبة إِنَّمَا تكون حمرَة فَقَط فِي سطح الْجلد وَلَيْسَ لَهَا عمق الْبَتَّةَ أَعنِي نتوءاً وعلواً والجدري يكون كَمَا يَبْدُو مستديراً وَله نتوء فأجد التغرس فِي ذَلِك وَمَتى اشْتبهَ عَلَيْك فَلَا تحكم إِلَّا بعد هَذِه الْحَالة بِيَوْم أَو يَوْمَيْنِ فَإِنَّهُ إِن لم يظْهر نتوء فَلَيْسَ يجب أَن تحكم بِأَنَّهُ جدري.
طلاء يذهب آثَار الجدري مجرب: دَقِيق الحمص عشرَة دَرَاهِم دَقِيق الترمس ثَلَاثَة دَرَاهِم قسط حُلْو مرداسنج مبيض دِرْهَم حجر الفلفل يطلى بِمَاء الشّعير.
إِسْحَاق بن حنين: يجب أَن يُبَادر كَمَا نتبين آثَار البثور إِخْرَاج الدَّم إِمَّا بفصد وَإِمَّا بحجامة وَيكثر إِخْرَاجه مَا أمكن حَتَّى يَعْلُو عَلَيْهِ ويسقى مَاء الشّعير أَو مَاء سويق الشّعير وَإِن كَانَ بَطْنه قد لَان لاسيما فِي الحصبة فَإِن اللين يتبعهَا كثيرا واجتنب كل حُلْو غليظ.
مسيح: دَوَاء يذهب آثَار الجدري: نشا الْحِنْطَة لوز مر مقشر من قشريه جزآن بِالسَّوِيَّةِ قسط حُلْو نصف جُزْء أصل الْقصب أَرْبَعَة أَجزَاء. بزر بطيخ غير مقشر باقلى مقشر يلبس ثَلَاثَة أَجزَاء بِالسَّوِيَّةِ شعير ثَلَاثَة أَجزَاء زعفران ثلث جُزْء كثيراء نصف جُزْء يدق وينخل بحريرة ويطلى بريشة وَيتْرك لَيْلَة وَيغسل من غَد بِمَاء قد طبخ فِيهِ بابونج وإكليل الْملك وبنفسج إِن شَاءَ الله.
دَوَاء يخرج الجدري والبثور سَرِيعا وَغير ذَلِك يُخرجهَا كلهَا إِلَى ظَاهر الْجَسَد: تين أَبيض(5/12)
خَمْسَة دَرَاهِم زبد سَبْعَة دَرَاهِم شَحم عشرَة دَرَاهِم لَك مغسول منقى من عيدانه خَمْسَة دَرَاهِم كثيراء مثقالان زعفران خَمْسَة مَثَاقِيل يطْبخ بِثَلَاثَة أَرْطَال مَاء حَتَّى يصير رطلان ويسقى ثلث رَطْل فِي كل يَوْم ثَلَاثَة أَيَّام إِن شَاءَ الله.
لى: وجدت من العلامات الْخَاصَّة بالجدري الْحمى المطبقة ووجع الْحلق وَأَن يكون ابْتِدَاء الْحمى مَعَ وجع الظّهْر وَأَن يكون العليل وَهُوَ مستلق يُحَرك رجلَيْهِ ويرتعش ويرتعد.
يَنْبَغِي أَن ينظر فِي أَمر الفصد وتجود وقته.
جورجس قَالَ: الحصبة تكون من الدَّم الَّذِي تخالطه الصَّفْرَاء الْكَثِيرَة. والجدري من دم غلظ ورطوبة كَثِيرَة فَلذَلِك يكون الجدري مَعَ رُطُوبَة وَتَكون الحصبة قحلة يابسة وَتعرض فِي الْأَكْثَر فِي الخريف إِذا لم يكن شمالياً وَلم تكن فِيهِ أمطار لَكِن يكون فِيهِ الْهَوَاء كدراً غبارياً مظلماً وعلاماته حمى مطبقة وصداع ووجع الظّهْر وَثقل الرَّأْس وَحُمرَة الْعين ووجع فِي الْحلق والصدر ويبس فِي الْفَم وبزاق غليظ وحكة وعطاس فِي الْأنف وَيكون الْوَجْه ممتلئاً ويخبث النَّفس ويعرض الغشى وَسُقُوط الشَّهْوَة وتمدد فِي الْجَسَد وتفزع فِي النّوم وأجود مَا يكون بحران وَمَا يتَخَلَّص بِهِ)
الرعاف إِذا كَانَ مَعَ الحصبة.
والجدري الَّذِي يكون بنفسجياً أَو أسود وَيظْهر مرّة ويبطئ أُخْرَى ويعرض مَعَ ذَلِك غم شَدِيد وبحة فِي الصَّوْت وَتغَير فِي الْعقل فاهرب مِنْهُ. 3 (الجدري الْيَابِس) الَّذِي لَا يجمع رُطُوبَة لكنه ثآليل ويتشقق مِنْهُ الْجلد وَيكون ذَلِك الشق شَدِيد اليبس ثمَّ يتبع ذَلِك غم شَدِيد وَنَفس رَدِيء واختلاط عقل وَذَهَاب الصَّوْت فَإِنَّهُ قَاتل. وَقد يكون جدري كبار فِي جَوْفه جدري صغَار وَيُسمى المضاعف.
وَالَّذِي يذهب أَثَره أصُول الْقصب ونحاتة خشب الْخلاف والرمل المبيض.
لى: فِي الْمقَالة الأولى من قاطاجانس مرهم يصفه لِأَشْيَاء كَثِيرَة ثمَّ يَقُول: وللجدري فَيعلم من ذَلِك أَن جالينوس قد عرف الجدري.
وَذكره أَيْضا فِي الْمقَالة الثَّالِثَة فَقَالَ: مرهم ينفع للساعية والجدري وَهَذَا المرهم يحكيه عَن اندروماخس وَهُوَ اقدم من جالينوس. وَقد قَالَ جالينوس فِي الرَّابِعَة من طيماوس: إِن القدماء كَانُوا يوقعون اسْم الفلغموني على كل شَيْء ملتهب فبه الْحَرَارَة مثل الْحمرَة والجدري والح تستحيل إِلَى الدَّم تعفن على طول الْأَيَّام وتحتد حَتَّى تتولد(5/13)
لى: تفقدت فَوجدت الجدري رداءته بِمِقْدَار رداءة النَّفس وبحة الصَّوْت وَأَكْثَرهم يموتون اختناقاً وَلذَلِك أرى أَن تقبل على الْحلق وتتعاهد أما فِي أول الْأَمر فبالقابضة وَفِي آخر بالملينة والمحللة.
تجارب المارستان فِي الجدري والحصبة: يفصد قبل الْيَوْم الرَّابِع وَبعده بِالْجُمْلَةِ قبل أَن يثور كُله فَإِذا ثار كُله فَلَا تحْتَاج إِلَى الفصد لَكِن تَدعه لتبقى على الْقُوَّة اللَّهُمَّ إِلَّا أَن تقدر أَن الْمَادَّة كَثِيرَة جدا فتفصد ليخف على الطبيعة قَلِيلا.
لى: كل من يَمُوت فِي هَذَا الْمَرَض يَمُوت لِكَثْرَة الْمَادَّة عَلَيْهِ وَأَنه لَا يكون فِي وسع الطبيعة أَن تنفض جَمِيعهَا إِلَى الْجلد وَأَنا أستحب أَن أخدش فِي ابتدائها عروق الْأنف فَإِنِّي رَأَيْت من رعف سلم مِنْهُ أَكثر لِأَنَّهُ أَكثر مَا يكون بالصبيان لَا يتهيأ الفصد.
وَإِذا رَأَيْت الخريف حاراً جدا والشتاء يَابسا فانتظر الجدري إِلَّا أَن يكثر الْمَطَر.
لى: يجب أَن تدثر صَاحب الجدري فِي وَقت خُرُوجه جدا ويوقى الْبرد بالثياب وَلَا ينشق)
هَوَاء بَارِدًا فَإِنَّهُ ملاكه. وَإِن كَانَ صيفاً فَلَا يدْخل الخيش بل يكون فِي مَكَان يعرق فِيهِ إِلَّا أَن يُصِيبهُ غشى فَإِن ناله غشى ألبس مبطنة يكون بدنه فِيهَا عرقاً ثمَّ يدْخل الخيش ويشم الصندل وَمَاء الْورْد والكافور وَلَا يبرد تبريداً شَدِيدا حَتَّى يظْهر كُله.
وَلَا يفصد بعد ظُهُوره الْبَتَّةَ إِلَّا أَن تكون الْمَادَّة كَثِيرَة جدا لِأَن الفصد لَيْسَ يجره إِلَى خَارج ويبلد عمل الطبيعة وَهُوَ بحران.
ماسرجويه: الَّذِي يمْنَع أَن يخرج جدري فِي الْعين وَإِن كَانَ قد خرج شَيْء حلله وَمنع من غَيره بالمرى الَّذِي لَا خل فِيهِ.
ابْن ماسويه: رب الريباس وَرب الحصرم وَرب حماض الأترج نافعة من الجدري والحصبة والطواعين لقمعها حِدة الصَّفْرَاء وتطفئه الدَّم.
لى:
3 - (أول مَا يبْدَأ الجدري)
وَإِذا بلغ الْعين فقطر فِيهِ الْكحل لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت تخَاف البثور. والأجود إِذا كَانَ مخوفا أَن يقطر فِيهِ أشياف البثور المتخذة من الْكحل والشادنة والأقاقيا والدهن الَّذِي لَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْبَتَّةَ إِلَّا إِذا جَفتْ القروح أسقط الخشكريشة فَإِنَّهَا مَا دَامَت لَا تَجف فَإِنَّهُ أشر مَا يكون لِأَنَّهُ يمْنَع التَّحَلُّل وَيحدث خفقاناً وعشياً وَقد اتّفق على هَذَا الْحَدث من الْأَطِبَّاء.
لى: قد رَأَيْت حصبة خرجت بالمحموم بعد التَّاسِع وَلم يكن مَعهَا شَيْء من عَلَامَات الجدري والحصبة غير غم شَدِيد دَائِم كَانَ يجده المحموم عَن غير غشى فَإِذا رَأَيْت الْحمى الدائمة بكرب وقلق وغم شَدِيد دَائِم فَاعْلَم أَنه أخص العلامات بالحصبة وَحِينَئِذٍ لَا يبرد ظَاهر الْبدن الْبَتَّةَ.(5/14)
الرَّابِعَة عشرَة من النبض قَالَ: الدَّم يتعفن فِي الأورام الحارة جدا والجدري والآكلة تعفناً شَدِيدا وَلذَلِك يبلغ من لهيبه أَن يحرق الْجلد فَيحدث مَا فِيهِ الجدري والآكلة وَنَحْوهَا.
التَّاسِعَة من مَنَافِع الْأَعْضَاء قَالَ: الْفُصُول الْبَاقِيَة من الأغذية مِمَّا لَا يَسْتَحِيل إِلَى الدَّم وَتبقى فِي الْأَعْضَاء تعفن وتحتد على الْأَيَّام حَتَّى تولد الْحمرَة والجدري والساعية.
لى: ذكر ج الجدري وَترك علاجه الْخَاص لَهُ يدل على أَنه نوع من البحران.
لى: وَإِن أوجعتهم ظُهُورهمْ وَلم يكن بهم شَيْء آخر من عَلَامَات الجدري الْبَتَّةَ بل كَانَ بَعضهم بِهِ إسهال أَيْضا وماؤه أَبيض فجدر أَيْضا. وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا شَيْء أخص بالجدري من وجع الظّهْر مَعَ)
الْحمى. فَإِن رَأَيْت ذَلِك فِي الخريف فثق بِأَنَّهُ سيخرج جدري دون الحصبة والحصبة لَا يكون مَعهَا وجع الظّهْر واحسب أَن ذَلِك لشدَّة تمدد الْعرق الأجوف الْمَمْدُود على فقار الصلب وَفِي الحصبة لَا يتمدد لِأَنَّهَا من رداءة الدَّم بِلَا امتلاء كثير. وَأما الجدري فَإِنَّهُ دم لَيست لَهُ كَيْفيَّة مفرطة الرداءة بِالْإِضَافَة إِلَى الحصبة.
لى: تحْتَاج أَن تجذب بِمَا يسقى لكَي يسْرع خُرُوجه وَهَذَا يجب أَن ينظر فِيهِ فَإِن كَانَ تعذر مَا يخرج لسكون حرارة فأعن على ذَلِك بالمسخنات أَو اترك المطفئة القوية. وَمَتى كَانَ اللِّسَان أسود والحرارة زَائِدَة فَلَا تفعل ذَلِك وأعن بِالْحلقِ فَإِن الخوانيق تكْثر مَعَه فغرغرة بالقوابض وَبعد إِذا اشْتَدَّ بِالْمَاءِ الْحَار وَمَاء السكر. وَقد يبخر البطيء النضج بِالْمَاءِ الْحَار والبابونج.
والجدري الَّذِي هُوَ كَأَن دَائِرَة رَأسه مدفونة إِلَى دَاخل رَدِيء قتال. وَقد رَأَيْت هَذَا النَّحْو مَرَّات وتخلص مِنْهُ من غذى وقوى.
وَلَا شَيْء خير للجفن الَّذِي يخرج عَلَيْهِ من الماميثا والحضض وَالصَّبْر والزعفران. وللعين من السماق وَمَاء الْورْد.
لى: خرج على تكيز جدري كثير رَدِيء ففصدناه قبل ضيق حلقه فَلم يبْق شَيْء من التطفئة إِلَّا فَعَلْنَاهُ بِهِ فصلح وَتوسع الْحلق وَأَقْبل من الجدري حَتَّى رجوناه ثمَّ إِنَّه هاج بِهِ ضَرْبَة وجع فِي سلقه عَظِيم جدا وأسود وَمَات من شدَّة الوجع فِي يَوْم وَاحِد وعزمت على أَن أشرط فِي ذَلِك الْموضع فَسَقَطت قوته فِي سَاعَة حَتَّى لم أرجه الْبَتَّةَ لَكِن على حَال سَالَ الدَّم من مسامه.
وَرَأَيْت جمَاعَة خرج بهم جدري حَار عَظِيم وأصابهم كلهم وجع السَّاق فِي آخر أَمرهم.
لى: اللك إِنَّمَا يسقى فِي الجدري ليقوي الكبد.
التِّرْمِذِيّ قَالَ: إِذا تفقأ الجدري فأمسحه بدهن وملح وَيقف فِي الشَّمْس سَاعَة ثمَّ يغسل بِمَاء قد طبخ فِيهِ تين وآس ثمَّ يبخر بالطرفاء ثمَّ اطله بعد ثَلَاثَة أَيَّام بطين أَبيض فِيهِ قَلِيل ملح(5/15)
ودعه نصف يَوْم ثمَّ اغسله بِمَا غسلت. وَإِذا كَانَ فِي وَقت الجفوف فاسقه لبن الآتن قارصا فَإِذا تقرح جسده فابسط تَحْتَهُ الذريرة الْبَيْضَاء.
بختيشوع:
3 - (عَلَامَات الجدري)
حمى مَعَ حمرَة الْوَجْه والجسد وتشتد حمرَة اللثة خَاصَّة. فَإِذا بَدَأَ يبرز فَإِن كَانَ متحبياً فجدري. وَإِن كَانَ كالحصبة فحصبة وعلاجهما وَاحِد. فاسقه إِذا بَدَأَ عشرَة دَرَاهِم من الفانيذ مَعَ قِيرَاط مسك كل يَوْم إِن كَانَ كثيرا وَإِلَّا فعلى قدر ذَلِك.
فَإِذا مَضَت ثَلَاثَة فاسقة وردا زنة مِثْقَال وَمن العدس المقشر أَرْبَعَة لكا دِرْهَمَيْنِ يطْبخ بسكرجتى مَاء حَتَّى يصير نصف رَطْل ويصفى وَيجْعَل فِيهِ سكر ويسقى على الرِّيق ثَلَاثًا أَو أَكثر ثمَّ قَالَ: مَا قَالَ التِّرْمِذِيّ سَوَاء.
قَالَ: فَإِذا تفقأ قَلِيلا فَخذ درهما من سمسم ويلقى فِيهِ شَيْء من ملح الْعَجِين محرقاً وَيمْسَح بِهِ جسده وَيقف فِي الشَّمْس سَاعَة ثمَّ يغسل بِمَاء قد غلى بورق الآس أَو ورد وجلنار وَقَلِيل ملح ثمَّ يتبخر بورق الآس والطرفاء بعد يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة من هَذَا فاطله بطين أَبيض وَشَيْء من ملح ودعه عَلَيْهِ نصف يَوْم ثمَّ اغسله بِمَا غسلت أول مرّة.
فَإِذا تقشر فَخذ أرزاً فاغسله وجففه ثمَّ اسحقه وَاجعَل فِيهِ شَيْئا من زعفران واطله ودعه نصف يَوْم فَإِذا تقرح جسده فافرش تَحْتَهُ القمحة الْبَيْضَاء.
وَإِذا بَدَأَ الْجَفَاف فمره بِشرب لبن اللقَاح قارصاً فَإِن لَان بَطْنه فماء سويق الشّعير والأرز مَعَ صمغ.
وَإِن تورم وبح صَوته. وَإِن كَانَ اليبس كثيرا وتورم فِي السَّابِع فَإِنَّهُ ميت. وَالْأسود والشديد الْحمرَة عَلامَة سوء. 3 (الجدري والحصبة وَمَا يثورهما) 3 (ويزيل أثرهما يستعان بِبَاب الْأَثر والورشكين.) بَوْل الْإِنْسَان الْمُعْتق ينفع الحصبة. د: اسْتِخْرَاج مَتى أنقع السماق فِي مَاء ورد واكتحل بِهِ فِي الجدري قوى الحدقة وَمنع أَن يخرج فِيهَا شَيْء.
دَوَاء يظْهر الجدري والحصبة وأصناف البثور إِلَى خَارج: تين حُلْو نيء وزبيب بِلَا عجم وَلَك منقى من عوده وكثيراء وزعفران وعدس بقشره يطْبخ بِالْمَاءِ ويسقى. من تذكرة عَبدُوس مَجْهُول يذهب بآثار الجدري عَجِيب: ترمس حمص أسود صدف محرق خثى الْبَقر محرقاً يعجن بِمَاء ويطلى بِهِ الْوَجْه.
أَو خُذ شعير وبعر الْغنم بِالسَّوِيَّةِ واطبخه بِمَا يغمره من مَاء حَتَّى يلين ثمَّ دقه واعجنه بخل خمر واطله على آثَار الجدري.(5/16)
أَو خُذ المَاء الَّذِي يكون فِي خف الْجمل الَّذِي يشوى واجعله عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يسوى سطوحه ويقلع ابْن ماسويه: إِذا كَانَ مَعَ الْحمى الدموية اللَّازِمَة حمرَة فِي الْعين وَالْوَجْه وَثقل كثير فِي الْبدن وَالرَّأْس وحكة فِي المنخرين وعطاس ووجع ينخس الْبدن كُله فَهَذِهِ عَلَامَات خُرُوج الجدري فَاجْعَلْ أول عنايتك بِالْعينِ واكحلها بِمَاء السماق وبماء الْورْد لِئَلَّا يخرج فِيهَا شَيْء وَمن بعد ظُهُور الجدري فقطر فِي الْعين كحلاً محكوكاً بِمَاء الكزبرة الْيَابِسَة المنقعة فِي المَاء السخن الْمُصَفّى مَعَ شَيْء من كافور. واحتل فِي قُرُوح الجدري أَن تخرج بِسُرْعَة من غير خفقان وَلَا غشى بِأَن يسقى من اللك خَمْسَة دَرَاهِم وعدس مقشر مغسول سَبْعَة دَرَاهِم وكثيراء ثَلَاثَة دَرَاهِم: يطْبخ بِنصْف رَطْل من المَاء حَتَّى يذهب النّصْف وَصفه واسقه والغذاء مَا يغذى فِي الْأَمْرَاض الحادة ولين الْبَطن مَتى احتجت إِلَى ذَلِك إِلَى الْأُسْبُوع بِمَاء الْفَوَاكِه وَبعد الْأُسْبُوع احذر إسهال الْبَطن وَاجعَل الطَّعَام مَا يعقل الْبَطن لِأَنَّهُ يعقب إسهالاً. وَفِي الشتَاء أوقد الطرفاء وَالْكَرم والبلوط.
وَإِذا رَأَيْت الجدري قد بَدَأَ يجِف فالطخه بدقيق الْأرز والجاورس مَعَ شَيْء من زعفران بِمَاء ورد ويلطخ على الْجَسَد بريشة.)
وَإِن خرج مِنْهُ شَيْء فِي الْأنف فقطر فِيهِ شمعاً ودهن بنفسج وكثيراء وَكَذَلِكَ فِي الْفَم. وَلَا تطعمه الْفروج حَتَّى يجِف الجدري وينقى من الْحمى أصلا وَلَا تقرب من الْبدن دهناً بتة لَا فِي الْيَهُودِيّ: الورشكين الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء والأخضر وَالْأسود يدلان على شدَّة احتراق الدَّم وَهُوَ قَاتل وَكَذَلِكَ الجدري.
إِذا بَدَت الْحمى بحرارة وصداع ووجع الْحلق مَعَ سعال واحمرار الوجنة وَالْعين وعطاس وحكة فِي الْأنف وعرق الْبدن فَإِنَّهُ سيخرج فِي الْأَكْثَر يَوْم الثَّالِث إِذا لانت الْحمى. وَرُبمَا بَان من أول يَوْم وَالثَّانِي.
الحصبة أقل من الجدري والجدري أضرّ على الْعين وَالصغَار المتقاربة أردأ. واحفظ الْعين بالكحل اللين ثمَّ يكحل فِيهِ كافور.
وَفِي الْيَوْم السَّابِع ملحهم بِمَاء وملح وَشَيْء من زعفران ثمَّ اطلهم بعد ذَلِك بورد وصندل وعدس وَشَيْء من كافور. وَلَا تسق فِي أول الْعلَّة شَيْئا بَارِدًا فيبلد لبفضل ويمنعه من الْخُرُوج بِسُرْعَة لَكِن اسْقِهِ مَاء رازيانج وَمَاء كرفس وسكر ليخرج بِسُرْعَة من جَوْفه وليتمضمض بِمَاء رمان لِئَلَّا يشتكي من حلقه وفمه وَلَا يخرج فيهمَا شَيْء وَبعد أَن يُولى فَاسق أَقْرَاص حماض وبزرقطونا مقلواً. فَإِن اشْتَكَى من حلقه فأعطه الزّبد. وَفِي الشتَاء لَا يفارقهم وقود الطرفاء.
ونومهم إِذا امْتَلَأت على مضربة مخلخلة محشوة بدقيق أرز.(5/17)
وَالَّذِي يكون من الجدري يعقب الْحمى أسلم مِمَّا كَانَ بعده الْحمى فَأَما الحصبة فَإِنَّهَا يغلظ البزاق وتحمر الْعين وَالْوَجْه وييبس اللِّسَان وتنتفخ الأصداغ ويعرض التهوغ.
والحصبة تخرج بِمرَّة والجدري شَيْئا بعد شَيْء. والبنفسجي والأخضر قاتلان وخاصة مَتى غابا دفْعَة وخاصة إِذا كَانَ مَعَ غثيان وغشى فاحذر.
والجدري الْأسود الْكثير الَّذِي يمتلئ بِهِ الْجَسَد وَهُوَ مثل الثآليل قَاتل. ويدخن الجدري الرطب بورق الآس. ويطلى آثَار الجدري بحكاك أصل الْقصب بِالْمَاءِ وحكاك عود الْخلاف والمردارسنج.
جورجس قَالَ: يكون الجدري والحصبة إِذا لم يخرج الدَّم وَفَسَد وَاحْتَرَقَ وَأكْثر ذَلِك إِذا ساعده هَوَاء جنوبي وتتقدمه حمى حادة وصداع شَدِيد مَعَ ثقل واحمرار الْوَجْه وسعلة)
ويبس اللِّسَان والريق وانتفاخ عروق الْوَجْه كلهَا وَيكون الرِّيق غليظاً لزجاً ويعرض فِي الْأنف حكة وعطاس وَحُمرَة فِي الْعين مَعَ حكتها ودمعة ويتهيج الْوَجْه ويخبث النَّفس ويهيج الغشى والغثى والقيء وَقلة الشَّهْوَة وَثقل فِي الْجَسَد كُله وغرز فَإِذا رَأَيْت هَذِه كلهَا أَو بَعْضهَا فسيظهر جدري أَو حصبة.
وَرُبمَا ظهر والحمى صعبة وَيكون أصعب وَأَشد لاشتعاله. وَرُبمَا ظهر وَقد خفت الْحمى أنظر لَا تعالج هَؤُلَاءِ بالمبردات الشَّدِيدَة فَإِنَّهُ بلَاء عَظِيم قَاتل لَكِن إِن كَانَ شتاء فاسقهم عصير الرازيانج والكرفس والجلنجبين. وَإِن كَانَ الزَّمَان حاراً فاسقه مَاء الشّعير والعدس والبطيخ وَالرُّمَّان والقرع وَنَحْوه. وليمسك فِي فِيهِ كل يَوْم عصير الرازيانج وزعفراناً وسكراً طبرزد أَو صب فِي عَيْنَيْهِ مرياً لتحفظهما واكحلهما باثمد وكافور واحمه الحموضة والملوحة لِئَلَّا يهيج بِهِ سعال وعطش وَكَذَلِكَ الْجلاب لِئَلَّا ينْطَلق بَطْنه فَإِن انْطلق فاسقه رب الآس وَرب السفرجل بِمَاء ورد وأقرصة الطباشير. فَإِن رعف فَهُوَ بحران جيد لَهُ.
وَإِذا رَأَيْت الحصبة البنفسجية والخضراء قد غَابَتْ بَغْتَة إِلَى دَاخل الْبدن فَاعْلَم أَنه سيغشى على الْمَرِيض وَيَمُوت. والجدري الصغار الْيَابِس تتشقق وتجف ويعرض مَعهَا غشى وغثى واختلاط عقل قَاتل.
وَالَّذِي يكون شَدِيد الرُّطُوبَة فنومه على فرَاش مهلهل محشو بدقيق الْأرز والجاورس ودخنه بورق الآس وورق الزَّيْتُون الْيَابِس وَإِذا جَفتْ القروح حككنا أصل الْقصب أَو عود الْخلاف بِمَاء وطلينا بمرداسنج مغسول لِئَلَّا يكون لَهَا أثر.
أطهورسفس قَالَ: وسخ الكوارات إِذا خلط مَعَ شعير وَوضع على الجدري قَبضه.(5/18)
أهرن قَالَ: أسهلها الْأَبْيَض والأحمر وأردؤها الْأسود والأخضر ثمَّ بعده الْأَصْفَر.
وَإِذا رَأَيْت قد ثار الجدري والحصبة وَقد لانت الْحمى فَإِنَّهَا عَلامَة السَّلامَة. وَإِذا ثار فِي عنفوان الْحمى فَإِنَّهُ مهلك.
قَالَ: وَإِذا علمت أَن الجدري قد بَدَأَ يثور فإياك أَن تسقى دَوَاء بَارِدًا فَيرجع فِي الْجوف لَكِن اسْقِهِ الرازيانج والكرفس ليثور من الْجوف وليتمضمض فِي فِيهِ بطبيخ العدس وَاحْذَرْ أَلا يخرج فِي فِيهِ وحلقه فيؤذيه.
قَالَ: إِذا بلغ الجدري فنومه على دَقِيق الْأرز ودخنه بالآس وبورق الزَّيْتُون فَإِنَّهُ يجففه.)
لى: الجدري يكون من غليان يحدث للدم عِنْدَمَا يُرِيد أَن يَنْقَلِب من الطفولية إِلَى الشَّبَاب وتحدث فِيهِ الْحَرَارَة القوية السهوليه. وَهَذَا إِذا كَانَ صَاحبه حَار المزاج فَرُبمَا حدث مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا وَإِلَّا فَوَاحِدَة ولابد أَن يتَغَيَّر دم كل طِفْل إِلَى هَذِه الْحَال وَلذَلِك هُوَ فِي الذُّكُور أَكثر.
يَنْبَغِي أَن يحترس الصَّبِي المسنعد للجدري والحصبة فِي الرّبيع والشتاء من أَن يحم حمى حادة ويسكن دَمه ويطفأ عَنهُ مَا أمكن ويلطف غذاؤه وَيكون مِمَّا يُولد رَقِيقا ويحذر أَن تتكاثف سطوح بدنه بالدلك والرياضة وَالْحمام. فَأَما فِي الخريف والصيف فَإِن الْحَاجة إِلَى الاحتراس من ذَلِك أقل لَا يحْتَاج إِلَيْهِ الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يتَحَلَّل من الْبدن فِي الصَّيف شَيْء كثير وَفِي الخريف الدَّم قَلِيل. 3 (المستعدون للجدري والحصبة من الصّبيان) الْأَبْيَض والأحمر الخصيب والأصهب الشّعْر فَأَما النحيف الْأسود فبعيد مِنْهُ.
ابْن سرابيون قَالَ: إِن أجابت الْقُوَّة فَلَا شَيْء أَجود فِي الجدري من الفصد إِلَى أَن يغشى عَلَيْهِ وَإِلَّا فالحجامة. وقطر فِي الْعين مَاء السماق أَو شَحم الرُّمَّان. فَإِن بَدَأَ الجدري يظْهر فَحِينَئِذٍ فَاسق طبيخ اللك حَتَّى يظْهر كُله واسق بعد ذَلِك مَاء الشّعير وعدساً وَاجعَل الْغذَاء الماش وَنَحْوه وَفِي الشتَاء أوقد لَهُم الطرفاء وحطب الْكَرم. فَإِذا بدا يجِف فاطله بدقيق الْأرز والجاورس وأصول الْقصب الْفَارِسِي والزعفران مبلولاً بِمَاء ورد.(5/19)
(النبض) قَالَ ج فِي الْمقَالة الأولى من
3 - (أَصْنَاف الحميات)
النبض الصلب يحدث إِمَّا من جمود حدث للبدن من برد أَو يبس أَو تمدد أَو شَيْء من جنس التشنج أَو من بعض الأورام الحارة أَو الصلبة فَقَط.
قَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن صلابة النبض يكون إِمَّا بِسَبَب تمدد وَإِمَّا من أجل برد ويبس.
لى: الجمود يَفْعَله الْبرد الْقوي والتمدد يَفْعَله الورم والجساءة والعلل الْمُنَاسبَة للورم الْكَائِن فِي العصب واليبس تَفْعَلهُ الستفراغات كالذرب وَاخْتِلَاف الدَّم والهيضة والجوع الطَّوِيل والحميات المحرقة وَبِالْجُمْلَةِ كل حمى تجفف الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
من كتاب العلامات: النبض الَّذِي يخص الِابْتِدَاء صَغِير متكاثف وَالَّذِي يخص الصعُود سريع مُخْتَلف عَظِيم. وَالَّذِي يخص الْمُنْتَهى فِي غَايَة الضعْف وَالَّذِي يخص الانحطاط طبيعي.
وَقَالَ إِلَّا الحميات الخبيثة فَإِن هَذِه الحميات تجْعَل النبض صَغِيرا فِي كل الْأَوْقَات.
والنبض بعد الطَّعَام أعظم وَأَشد تواتراً.
من مَنْفَعَة النبض يعرض لمن أَكثر من الطَّعَام إِذا نَام أَن يصغر الانبساط مِنْهُ ويبطئ وَيزِيد الانقباض فِي الْأَمريْنِ جَمِيعًا وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة تَجْتَمِع دَاخل الْبدن كثيرا فيكثر فِيهِ الْهَوَاء الدخاني. وَعظم الانقباض إِنَّمَا يكون إِمَّا لِكَثْرَة الْهَوَاء الدخاني وَإِمَّا لرداءته وتتشوق الطبيعة إِلَى إِخْرَاجه وَلذَلِك يصغر الانقباض فِي الْمَشَايِخ لقلَّة الْحَرَارَة فيهم وَلذَلِك يصغر الانقباض فِي جَمِيع الْأَحْوَال والأسباب والأمزاج والبلاد الْبَارِدَة.
من الْمقَالة الأولى من النبض الْكَبِير قَالَ: الْحَرَارَة فِي الْحمى نتبين فِي مَوضِع الْعرق نَفسه إِذا مسته أَكثر مِمَّا تتبين فِي سَائِر الْجَسَد إِذا مسته.
لى: أهران قَالَ: ضَرْبَان عرق من معدته ممتلئة فِيهِ إبطاء وَضعف وضربان الْخَفِيف الْمعدة سريع قوي إِلَّا أَن يشْتَد جوعه فيضعف.
الْإِسْكَنْدَر قَالَ: حمى يَوْم النبض فِيهَا سريع الانبساط بطيء الانقباض.
لى: على مَا رَأَيْت فِي الاختصارات: النبض فِي مبدأ الحميات يصغر ويبطئ وَذَلِكَ لِأَن الْخَلْط الَّذِي اجْتمع إِنَّمَا هُوَ فِي ذَلِك الْوَقْت مبرد للقلب يثقل عَلَيْهِ ويمنعه من فعله كالحطب على النَّار)
قبل اشتعاله. والغذاء حِين يَأْكُلهُ الْإِنْسَان فَإِن الْغذَاء أَيْضا يبرد الْبدن أَولا(5/20)
إِلَّا أَن يكون حاراً بِالْفِعْلِ حَتَّى إِذا أخذت تشتعل فِيهِ الْحَرَارَة وَكَانَ زَائِدا فِي النبض مَعَ تَقْوِيَة لَهُ لِأَنَّهُ اسْتَحَالَ إِلَى جوهرية الْجَسَد فَأَما خلط الْحمى فَإِنَّهُ إِذا اشتعل يُرِيد فِي سرعَة النبض وَلَا يزِيد فِي الْقُوَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ يَسْتَحِيل إِلَى جَوْهَر الْحَرَارَة الغريزية لكنه يشعلها فَقَط.
جَوَامِع الْعِلَل والأعراض قَالَ: جَمِيع صنوف النبض يحس فِيهِ بفترة بَين نبضتين إِلَّا فِي النبض النملى فَإِنَّهُ لَا يحس فِيهِ بذلك.
أريباسيوس قَالَ: الْأَطِبَّاء يسمون النبض الصَّغِير الْمُخْتَلف المنضغط وَهُوَ لَازم لابتداء حميات العفن غير مفارق لَهَا.
من كتاب الْإِسْكَنْدَر قَالَ: لَا تجس العليل سَاعَة تدخل لِأَنَّك مهتاج قلق والعليل يرتاح لدُخُول الطَّبِيب عَلَيْهِ لَكِن اصبر حَتَّى تَسْتَقِر أَنْت ثمَّ جس وخاصة مَتى كَانَ الطَّبِيب ذَا هَيْبَة وسكرة أَو كَانَ الْعِلَل مستحياً أَو كن أَبْكَارًا أَو شَيْئا لم يصدق ذَلِك فَيَنْبَغِي أَن يُطِيل الحَدِيث وَالسُّؤَال حَتَّى يسكن ثمَّ يجس.
قَالَ: وَلَا ترفع الْيَد عَن الضَّرْب قبل اثْنَتَيْ عشرَة نبضة.
قَالَ: مجسة الْحمى يلْزمهَا التَّوَاتُر والعظم والسرعة مَعَ حرارة وانكسار فِي الْجَسَد وَلَا يسكن التَّوَاتُر إِلَّا فِي انحطاط الْحمى.
لِابْنِ ماسويه قَالَ: لَا يُفَارق نبض المحموم الِاخْتِلَاف الْكثير حَتَّى يكون حينا عَظِيما وحيناً صَغِيرا وَمرَّة شاهقاً وَمرَّة منحطاً وَمرَّة قَوِيا وَمرَّة ضَعِيفا وَمرَّة دَقِيقًا وَمرَّة عريضاً وَيكون طَوِيل الْمكْث وَالْوَقْت لابثاً أَكثر من سَائِر أَنْوَاع الِاخْتِلَاف.
من بعض الْجَوَامِع قَالَ قَالَ ج: إِن ابْتِدَاء الانبساط وانتهاء الانقباض غير محسوسين.
قَالَ: وَالْوَزْن يكون فِي شَيْئَيْنِ: إِمَّا أَن تقيس مُدَّة الانقباض إِلَى مُدَّة الانبساط والسكون إِلَى السّكُون وَإِذا تقاربت من الاسْتوَاء كَانَ مَوْزُونا وَمَتى لم تتقارب كَانَ غير مَوْزُون وَتَكون لَهُ زيادات ونقصان مُخْتَلفَة. وَإِمَّا أَن تحفظ مَا فِي ذَلِك لكل سنّ من الْأَسْنَان فَإِذا وجدت فِي سنّ قد زَالَ عَنهُ فَهُوَ غير مَوْزُون. 3 (من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة) قَالَ: لما جسست عرق الْملك رَأَيْته بَرِيئًا من كل عظم يدل على حمى.
لى: ينظر فِيهِ فَإِنَّهُ يُوهم أَن النبض فِي ابْتِدَاء الْحمى عَظِيم.
الْخَامِسَة 3 (من الْعِلَل والأعراض) من كتاب العلامات قَالَ: إِذا كَانَ النبض فِي زمَان تزيد الْحمى لَكِن يبْق(5/21)
منضغطاً أَو يكون منضغطاً بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا يجب من حرارة الْحمى فَإِن الْحمى رَدِيئَة مخوفة.
من الْمُخْتَصر الْمَعْمُول فِي النبض على رَأْي ج قَالَ: الْوَزْن إِنَّمَا هُوَ قِيَاس زمَان الانبساط بِزَمَان الانقباض فِي الْقصر والطول وَلذَلِك لَا يحس بِالْوَزْنِ الْبَتَّةَ من لم يحس بالانقباض.
لى: جعل الْوَزْن فِي السرعة والتواتر فِي السّكُون الَّذِي بَين الحركتين.
الْمقَالة الأولى سوء من التنفس قَالَ: إِذا قست انبساط الصَّدْر الَّذِي هُوَ إِدْخَال النَّفس بانقباضه كَمَا يُقَاس فِي النبض انبساط الْعرق بانقباضه كَانَ ذَلِك وزن النَّفس كَمَا أَن ذَلِك فِي النبض وزن النبض. وَيُقَاس فِي كمية الانبساط والانقباض وَفِي كيفيته.
لى: من أحس بالانقباض والسكون الَّذِي بعده فِي الكمية وَقِيَاس الانقباض بالانبساط فِي الْكَيْفِيَّة. وَمن لم يحس بالانقباض فالوزن عِنْده قِيَاس كمية زمَان الانبساط بِقِيَاس الزَّمن الآخر الَّذِي إِلَى انبساط ثَان وَلَيْسَ هَذَا هُوَ التَّوَاتُر وَذَلِكَ أَن التَّوَاتُر إِنَّمَا هُوَ أَن يقصر الزَّمَان الَّذِي بَين انبساطين بِالْقِيَاسِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل ذَلِك. فَهُوَ قِيَاس زمَان سُكُون بِزَمَان سُكُون وَالْوَزْن
النبض بطيء الثَّامِنَة من جَوَامِع حِيلَة الْبُرْء قَالَ: النبض يكون فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة فِي الحميات أَبْطَأَ وَأَشد تَفَاوتا مِمَّا لم يزل عَلَيْهِ بالطبع وَيكون ذَلِك فِيهِ ظَاهرا بَين الْقصر.
قَالَ ج: الدَّلِيل الَّذِي لَا يكذب على شدَّة الْقُوَّة النبض الْقوي المستوى وَكَذَلِكَ الْعَظِيم.
لى: النبض إِنَّمَا يخْتَلف إِمَّا لِأَن الْقلب لم يقو على حركته الَّتِي كَانَت لَهُ وَإِمَّا لِأَنَّهُ اضْطر إِلَى مَا هُوَ أَكثر مِنْهَا. وَفِي الْحَالة الأولى يخْتَلف بِأَن يصير أَضْعَف وأصغر من الطبيعي فافرق ببنهما بذلك وبالأحوال الْخَارِجَة أَيْضا وَاعْلَم أَن اسْتِوَاء النبض دَلِيل على اضطلاعه بِمَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْحَرَكَة واستغنائه عَمَّا هُوَ أَكثر مِنْهَا فَلذَلِك هُوَ خَاص يحسن حَال الْقلب جدا فَإِن اختاف فَكلما كَانَت النبضات الصغار أقل فَهُوَ أَجود. فالخاص بِحسن حَال الْقُوَّة الحيوانية النبض الْقوي ثمَّ الْعَظِيم وَذَلِكَ أَنه لَا يكون مَعَ سُقُوطهَا وَإِن كَانَ قد يكون مَعَ شدَّة الْحَاجة فَمَتَى أردْت أَن تعرف حَال الْقُوَّة فتفقد الشدَّة والاستواء.
الرَّابِعَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: جست عروق رجل طَبِيب فَكَانَ فِي عروقه جَمِيع أَنْوَاع الِاخْتِلَاف الَّذِي يكون فِي نبضات كَثِيرَة وَهُوَ الَّذِي يُقَال لَهُ الجموعى الَّذِي يكون فِي انبساط وَاحِد من انبساطات الْعرق فَلَمَّا وجدت نبضه على هَذَا عجبت كَيفَ هُوَ حَيّ بعد وَسَأَلته هَل وجد عسراً فِي نَفسه فَقَالَ: لَا وَجعل يسألني: أَيَّة عِلّة يُمكن أَن يصير النبض فِيهَا بِهَذِهِ الْحَال بِلَا حمى لى: قد بَان من كَلَامه أَن الِاخْتِلَاف يكون فِي الْحمى غير مفارق.
قَالَ: فَقلت إِنَّه قد يكون ذَلِك من ضيق يحدث فِي الشريانات الَّتِي فِي الرئة.(5/22)
قَالَ: وَهَذَا الرجل بدا بِهِ بعد ضيق النَّفس ثمَّ ضعفت قوته وانحلت وَأَخذه الغشى وَمَات كَمَا يَمُوت الَّذين بهم عِلّة الْقلب.
من الدَّلَائِل قَالَ: مَا دَامَت العفونة فِي الحميات تتزيد فالنبض يزْدَاد اخْتِلَافا فَإِذا بَدَأَ النضج بَدَأَ الِاخْتِلَاف ينتقص مَعَه حَتَّى يَسْتَوِي إِذا كمل.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لما جسست عرق الْملك فَوَجَدته بَعيدا من كل عظم يدل على حمى علمت أَنه لَا حمى بِهِ.
لى: الْعظم لَا يكَاد يُفَارق الْحمى فَلْينْظر فِيهِ فَإِن كَانَ الْكَلَام مِنْهُ فِي ابْتِدَاء الْحمى أَنه يصغر)
النبض وَلَا أَحسب ذَلِك فَإِن رَأَيْت مرَارًا كَثِيرَة قوما فَقضيت عَلَيْهِم لما رَأَيْت نبضهم قد بدا يعظم أَنهم يستحمون فحموا.
الأولى من قَالَ: الْبرد وَأكل الْأَشْيَاء المبردة بالثلج والهم والسهر وَاخْتِلَاف الدَّم يصلب النبض وَكَذَا التشنج والورم الْحَار لِأَن كل شَيْء يمدد يصلب النبض.
الْمقَالة الأولى من أغلوقن قَالَ: النبض الْعَام لجَمِيع الحميات الَّذِي لَا يفارقها أَن يكون مُخْتَلفا فِي نبضة وَاحِدَة حَتَّى يكون أول الانبساط أسْرع وَآخره أسْرع.
قَالَ: وَالدَّلِيل على السدد فِي الْأَعْضَاء الرئيسة اخْتِلَاف النبض فِي قرعات فِي الْقُوَّة والضعف والعظم والصغر من غير أَن تكون دَلَائِل الامتلاء حَاضِرَة فَإِن هَذَا الِاخْتِلَاف فِي النبض عَام للسدد والامتلاء.
وَقد يكون أَيْضا من السدد إِذا كَانَت عَظِيمَة وَمن الامتلاء الشَّديد النبض الْمَعْرُوف بالمفتر وَهُوَ الَّذِي يتَوَقَّع مِنْهُ حَرَكَة فَتكون مَكَانهَا فَتْرَة وَسُكُون.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: كثيرا مَا قضيت على النبض الْمُخْتَلف وَالَّذِي فِيهِ فترات أَن ذَلِك الْإِنْسَان نبضه ذَلِك بالطبع لَا من أجل مرض.
أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: فِي حمى غب إِذا برد الْبدن صغر النبض وصلب وَأَبْطَأ انبساطه وأسرع انقباضه وتفاوت سَاعَة أَو ساعتين ثمَّ يقبل يعظم ويسرع ويتواتر.
لى: قد وَقع الْإِجْمَاع وَشهِدت التجربة بصغر النبض بِالْإِضَافَة إِلَى الطبيعي فِي ابْتِدَاء الدّور فَيَقُول ج فِي نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة إِنَّه لما وجد الْملك قشعريرة وجس نبضه وجده بَرِيئًا من كل عظم يُوجب ابْتِدَاء نوبَة الْحمى. إِنَّمَا يعْنى بِهِ أَنه كَانَ أكبر من كل نبض يحس فِي ابْتِدَاء الحميات فَافْهَم من عظم كَلَامه مِقْدَارًا فَيَقُول إِنَّه كَانَ أكبر من كل عظم يكون فِي ابْتِدَاء الدّور.
وَقد قَالَ: الْعِمَاد فِي تعرف ابْتِدَاء النوائب حَرَكَة النبض إِلَى دَاخل أسْرع أَعنِي سرعَة الانقباض من صغر الانبساط.(5/23)
يحيى النَّحْوِيّ قَالَ فِي تَفْسِيره للنبض الصَّغِير: إِن النبض إِذا صَار نملياً من عِلّة بَغْتَة كالغشي وَنَحْوه رجا أَن يثوب فَيرجع ويعظم وَإِذا صَار من عِلّة مزمنة وعَلى تدرج إِلَيْهِ أَعنِي أَنه لَا يزَال)
يصغر لم يثبت الْبَتَّةَ.
والنبض الرَّدِيء الَّذِي يَقع فِيهِ نبضات قَوِيَّة هُوَ خير من الَّذِي هُوَ كُله باستواء. والنبض الرَّدِيء الَّذِي إِذا كَانَ مستوياً كَانَ أردأ فَإِن النبض الَّذِي تقع فِيهِ نبضات قَوِيَّة خير من الَّذِي هُوَ كُله من اسْتِوَاء ضَعِيف.
قَالَ: فَإِن الِاخْتِلَاف إِنَّمَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة تجاذب بعد وَلذَلِك صَار النبض الْمُسَمّى افليقوس رديئاً على أَنه فِي غَايَة الاسْتوَاء لِأَنَّهُ يدل على تَمام عمل الْمَرِيض فِي الطبيعة.
وَقَالَ: أقل مَا يكون النبض الْمُخْتَلف منتظماً لِأَن الِاخْتِلَاف يكون عِنْد اضْطِرَاب الطبيعة وَفِي الندرة يكون منتظماً.
مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي فهم الْمقَالة الأولى: حَرَكَة مضاعفة مَعْنَاهُ مثناه أَن ينقبض وينبسط كَأَنَّك لَو توهمت أَن الْيَدَيْنِ ترتفعان إِلَى الرَّأْس ثمَّ تنزل إِلَى موضعهَا ثمَّ ترْتَفع تسمى هَاتَانِ الحركتان حَرَكَة مضاعفة وَإِن توهمت حجرا يسفل أَو بخاراً يصعد لم تكن هَذِه الْحَرَكَة مضاعفة الْوَزْن بِخِلَاف التَّوَاتُر. وَإِن كَانَ الْوَزْن إِنَّمَا يعلم فِي قِيَاس زمَان انبساط الْعرق بِالزَّمَانِ الْبَاقِي كُله إِلَى أَن يعود منبسطاً ويستدل على ذَلِك بِهَذَا الْمِثَال: كَأَن زمَان الانبساط من النَّفس كَانَ بِمِقْدَار مَا يعد عشرَة وَكَانَ الزَّمَان الْبَاقِي إِلَى أَن يعود النَّفس ينبسط ثَانِيَة بِمِقْدَار مَا يعد فِيهِ بِمثل تِلْكَ الْحَال فِي الْعدَد عشْرين أَقُول: إِن نِسْبَة زمَان الانبساط إِلَى بَقِيَّة الزَّمَان كُله الَّذِي بَين تنفسين نِسْبَة الْوَاحِد إِلَى الِاثْنَيْنِ فاعمل على أَن هَذَا الزَّمَان يقصر حَتَّى يرجع إِلَى خَمْسَة عشر أَقُول: إِنَّه لَا يَنْبَغِي أَن يظنّ أَن هَذَا تَوَاتر لِأَن التَّوَاتُر يكون إِذا نقص هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى نَفسه وَالْوَزْن إِنَّمَا كَانَ إِذا نقص هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى زمَان الانبساط فاعمل على أَن هَذَا الزَّمَان بِنَفسِهِ طول مِقْدَار عشْرين عدَّة وَصَارَ الْآن خَمْسَة عشر مثل مَا قُلْنَا فِي الْوَزْن أَقُول: إِن هَذَا تَوَاتر مَا دمت أَقيس هَذَا الزَّمَان بِنَفسِهِ فَإِذا قسته بِزَمَان الانبساط كَانَ وزنا فاعمل على أَن وزن هَذَا الْعرق هُوَ أَن زمَان انبساطه ثلث زمَان الآخر حَتَّى صَار زمَان الانبساط نصفا فَإِن أَبْطَأَ وَالزَّمَان الآخر بَاقٍ بِحَالهِ أَقُول: إنالنبض قد تغير وَزنه وَلم يتَغَيَّر تواتره. وَجُمْلَة إِن التَّوَاتُر إِنَّمَا يكون لنُقْصَان يَقع فِي هَذَا الزَّمَان بقياسه إِلَى حَاله الطبيعية وَالْوَزْن إِنَّمَا يتَغَيَّر لنُقْصَان أَو زِيَادَة تقع فِي أحد هذَيْن الزمانين بِقِيَاس بَعْضهَا إِلَى بعض. قَوْله والأشياء الَّتِي يُمكن أَن يَقع بهَا الْقيَاس إِنَّمَا هِيَ من جنس وَاحِد يُرِيد بِهِ أَن يقيس زمَان الانبساط بالانقباض لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا حركتان)
وتقيس السكونين أَحدهمَا بِالْآخرِ وَلَا تقاس حَرَكَة بِسُكُون وَلَا سرعَة بتواتر لَكِن الْأَشْيَاء المتجانسة.(5/24)
السَّرِيع هُوَ إِذا كَانَ الانبساط لم ينقبض فِي مسافته وَثمّ فِي مدَّته أقل مِمَّا كَانَ قبل ذَلِك. والبطيء بالضد.
إِن أردْت فهم الِاسْم فاقصد أبدا إِلَى الطول فَإِن وجدته أَزِيد من القطرين فَهُوَ دَقِيق وَإِن كَانَ أنقص فَهُوَ عريض وَإِن كَانَ فِيهَا وَاحِد يُسَاوِيه فَلَا اسْم لَهُ فَلذَلِك لَيْسَ للْبَاقِي اسْم وَهُوَ طَوِيل عريض معتدل لِأَن الطول فِيهِ مواز للعرض. وَكَذَلِكَ الثَّالِث وَهُوَ طَوِيل عريض منخفض لِأَن الانخفاض فِيهِ مسَاوٍ للطول. وَالرَّابِع هُوَ طَوِيل معتدل مشرف لِأَن الإشراف مواز للطول وَإِنَّمَا اسْتحق اسْم الدقة إِذا كَانَ الطول زَائِد الْمِقْدَار على القطرين الباقيين.
مِثَاله الْخَامِس طَوِيل معتدل فالطول زَائِد على قطر الْعرض والسمك فَهُوَ لذَلِك دَقِيق. فَإِن قَالَ قَائِل: هلا جعل النبض الَّذِي الْعرض فِيهِ أَكثر من القطرين الباقيين غليظاً كَمَا جعل الَّذِي طوله أَكثر من القطرين دَقِيقًا فَكَانَ يكْتب على الْحَادِي عشر وَهُوَ معتدل عريض معتدل لِأَن الطول فِيهِ أَنه غليظ فَالْجَوَاب فِيهِ على رأى جالينوس لِأَن قطر الطول فِيهِ مواز لقطر السّمك فَلذَلِك لَا اسْم لَهُ لِأَنَّهُ لَا يُسمى قطر الْعرض فِي هَذِه الْأَصْنَاف شَيْء باسم الْأَمَاكِن الطول فِيهِ أَزِيد من القطرين أَو أنقص مِنْهُمَا أَو ثَلَاثَة أَجزَاء وَهِي الْعَظِيم وَالصَّغِير والمعتدل وَالسُّؤَال كَيفَ لَا يُسمى الَّذِي قطر الْعرض أَزِيد من القطرين عريضاً قَائِم. وَبعده كَلَام أَحسب أَن فِي النُّسْخَة فِيهِ خطأ. ومحصوله: أَن من لم يكن يحس عِنْد الانبساط وَعند سَائِر الزَّمَان زمَان السّكُون فَإِن الْوَزْن وَالِاخْتِلَاف والتواتر والتفاوت عِنْده فِي أَجنَاس أقل. وَمن زعم أَنه يحس الانقباض والسكونين فَإِن ذَلِك عِنْده أَكثر لِأَن النبض يكون عِنْده متواتراً وَفِي السّكُون الآخر أَيْضا إِذا نقص سَرِيعا وَفِي زمَان الانقباض أَيْضا إِذا قصر وَذُو وزن وَغير ذِي وزن فِي غير هَذِه أَيْضا.
قَالَ: لَا فرق عِنْدهم بَين أَن ينبسط ويتحرك وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَكَة عِنْدهم إِنَّمَا هِيَ الانبساط فَقَط.
قَالَ: لَا يحس ابْتِدَاء الانبساط وَلَا آخر الانقباض لعِلَّة نذكرها فِي تعرف أَصْنَاف النبض وَالْعلَّة فِيهِ أَن الانبساط أَصْغَر فِي أول مَا يبْدَأ وأعظمه آخِره والانقباض أعظمه أَوله لِأَنَّهُ حِين يبْدَأ بالحركة الْمُخَالفَة وَآخره يكون قد صغر. وَيحْتَاج هَذَا الْكَلَام إِلَى تَحْدِيد السّكُون الَّذِي بعد الانقباض وَقبل الانبساط وَهُوَ السّكُون الَّذِي يكون بَين النبضتين والسكون الدَّاخِل الَّذِي لَا يحس)
كُله لِأَنَّهُ يتَّصل بِهِ آخر الانقباض ومبدأ الانبساط وَهَذَانِ غير محسوسين والمقدار الَّذِي يحس فِيهِ لَيْسَ هُوَ كُله سكوناً لَكِن مَعَه انبساط فَهُوَ مُشْتَرك بَين هذَيْن.
قَالَ: إِذا كَانَ الزَّمَان المتكرر وَاحِدًا وَإِن كَانَ أَكثر من وَاحِد لِأَن الْوَاحِد هُوَ الْمِكْيَال الَّذِي بِهِ يقدر كَأَنَّك تَقول لزمان الانقباض مثل زمَان الانبساط ثَلَاثَة أَشْيَاء وَتقول أَيْضا إِنَّه مثله مرّة وَشَيْء فَإِنَّمَا يكون الزَّمَان وَاحِد إِذا لم يكن الْأَحَد من الزمانين شبه الضعْف بل أقل وَيكون أَكثر من وَاحِد إِذا كَانَ ضعفه أَكثر. وَأما قَوْله لَا يُمكن أَن يكون أَكثر مِنْهُ(5/25)
فيعنى بِهِ الْكسر الَّذِي مَعَ الصَّحِيح فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ جَزَاء يسير مِنْهُ وَرُبمَا بلغ إِلَى أَنه زَاد عَلَيْهِ شَيْء وَصَحَّ وَصَارَ وَاحِدًا صَحِيحا.
قَالَ: 3 (النبض المستوى الْمُطلق) فِي صنف مَا من أَصْنَاف النبض لَا يقبل الْقِسْمَة يُرِيد بِهِ لَا يكون منتظماً وَغير مُنْتَظم لِأَن كل مستو مُنْتَظم والمستوى فِي السرعة مثلا أَو فِي الْعظم مُنْتَظم أبدا فِي الشَّيْء الَّذِي فِيهِ استواؤه وَلَا غَيره وَذَلِكَ يكون غبا وَلَا غَيره.
قَالَ: فِي النبض المنتظم الأدوار الَّذِي يُمكن أَن يُسَمِّيه مستوياً مُطلقًا يعْنى بِهِ مستوى الأدوار احاد النبض وَيكون هَذَا بِالْإِضَافَة إِلَى كَثْرَة مَا فِي الأدوار من الاستواءات الَّتِي تحْتَاج إِلَى شَرط مُطلق إِذا كَانَ لَيْسَ فِيهِ الْبَتَّةَ وَلَا دور وَاحِد مُخْتَلف.
من هَهُنَا أَخذنَا مَا يحْتَاج إِلَيْهِ لتعرف مَا فِيهِ من سَائِر المقالات من الْكتاب وَنَرْجِع إِلَى هَذِه الْعَلامَة إِذا رَجعْنَا إِلَى سِيَاق الْمقَالة الأولى وَقَوله فِي الْمقَالة الأولى وَيحْتَاج أَن يتعرف فِي جَمِيع هَذِه الاستواءات والاختلافات إِنَّمَا عَنى بِهِ مَا فِي نبضة وَاحِدَة. وَيعرف ذَلِك من أول الْمقَالة الرَّابِعَة على ورقتين فَإِنَّهُ صرح هُنَاكَ بِهَذَا. وَقَالَ فِي الْمقَالة الرَّابِعَة فِي آخرهَا: إِن أول الانبساط لَا يدْرك لِأَن الْعرق يحْتَاج أَن يشيل مَا عَلَيْهِ قبل ثمَّ يصل إِلَى الْيَد. وَلَا آخر الانقباض لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت يكون قد غرق فِي الْجِسْم الَّذِي حوله بعكس الانبساط لى: أما الَّذِي لَا يحس الصغر فَأول الانبساط وَأول الانقباض وَالَّذِي ذكر ج فَلَيْسَ الصغر لِأَن ذَلِك لَيْسَ مِمَّا يُمكن أَن يكون محسوساً لَكِن للموانع معنى قَوْله يتعاود مُنْفَصِل من النبض الَّذِي يَنْقَطِع بِسُكُون فَإِن هَذَا يسكن فِي أول الانبساط وَأَنت تعلم أَنه لم يتم انبساطه ثمَّ يتم انبساطه)
بعد ذَلِك وَتعلم أَنه لَيْسَ بنبضتين من أَنَّك لَا تَجِد فِي الثَّانِيَة ترْتَفع من مَوضِع عميق كحاله فِي أول ارتفاعه فَإِن أحسست الانقباض كفيت وَذَلِكَ أَنه لَا ينْقض وَلَكِن أَحسب أَن الانقباض فِي هَذَا غير مدرك لِأَن الانبساط قد صغر بتنقضه فَأَما المعاود فَإِنَّهُ يتم انبساطه كُله وَهَذَا حِين تظن أَنه يُرِيد الانقباض تجيئك قرعَة أُخْرَى أشبه بموج يَتْلُو موجاً ويشيل الْعرق من مَكَانَهُ هَذَا شيلاً آخر وَلذَلِك يدل على صِحَة الْقُوَّة وَالْآخر يدل على ضعف.(5/26)
(فِيمَا يحدث فِي الْأَظْفَار) وبالقرب مِنْهَا والداخس وتشقق الْأَظْفَار ورضها وَمَوْت الدَّم تحتهَا والبرص فِيهَا والأصابع الزَّائِدَة والملتصقة: الدَّوَاء الْمُتَّخذ من الصَّبْر والجلنار والعفص يُبرئ الداخس.
قَالَ: 3 (إِذا كَانَ تَحت الْأَظْفَار دم) عرض من ضَرْبَة وَنَحْوهَا شققت الظفر بسكين حادة بالوارب وسيلت ذَلِك الدَّم ثمَّ أشيل الظفر بِرِفْق ثمَّ أرده ليَكُون غطاء لما تَحْتَهُ من اللَّحْم فيسكن الوجع على الْمَكَان وَبعد أَيَّام أشيل الظفر أَيْضا وأسيل الصديد ثمَّ أرده إِلَى مَوْضِعه وأعالج الْأصْبع بالتحليل والتسكين وأبطل عَلَيْهِ المَاء والدهن الفاتر وأضع عَلَيْهِ بِأخرَة الباسليقون وَلَا يَنْبَغِي أَن يعرى اللَّحْم الَّذِي تَحت الظفر فَإِنَّهُ إِن عرى يزِيد بِسُرْعَة فيبدر من ذَلِك الْموضع المكشوف فَيحدث عَنهُ من الوجع مَا هُوَ أعظم من الداخس لِأَن مَا يبدر من اللَّحْم يلقى شقّ الظفر وَإِذا سكن الوجع أصلا من الإصبع بِهَذَا العلاج فَأَنا عِنْد ذَلِك نداويها حَتَّى تَبرأ بالأدوية المحللة.
أهرن قَالَ: يكون تشقق الْأَظْفَار الْمُسَمّى أَسْنَان الفأر من حِدة الْمرة السَّوْدَاء أَو يبسها إِذا خلط الدَّم فوصل إِلَى الْأَعْضَاء وينفع مِنْهُ الفصد ثمَّ الإسهال بِمَا يخرج ذَلِك الْخَلْط.
قَالَ وينفع من صفرَة الْأَظْفَار أَن يطلى بالعفن والشبت بشحم البط. أَو يُؤْخَذ بزر الجرجير فيسحق بخل حامض نعما ويطلى على مَوضِع الصُّفْرَة من الظفر. أَو تطليه مَعَ مرَارَة الْبَقر.
بولس قَالَ: الداخس خراج يكون إِلَى جَانب الظفر وَإِذا كَانَ فِي ابْتِدَائه وَكَانَ صَغِيرا فَإِن الْعَسَل مَعَ العفص يسكنهُ وَيمْنَع أَن يجْتَمع.
وأقراص الاندرون وشماس حَتَّى إِذا استحكم الداخس فَإِن غرضنا حِينَئِذٍ أَن نفني اللَّحْم)
الزَّائِد بِمَا يلذع لذعاً شَدِيدا. وَالَّذِي يصلح للداخس وسخ الْأذن والحضض. وَإِذا جمع مُدَّة فليبط بمجسة صَغِيرَة وتسيل ويغمز ثمَّ يضمد بعدس أَو بورد رطب أَو يَابِس يبل بِمَاء ورد أَو سويق الشّعير وَنَحْوه. وَيصْلح لَهُ دَقِيق الترمس وَالْعَسَل.
وَأما الداخس المتقرح فليوضع عَلَيْهِ مرهم الزنجار وَقد خلط بمرهم إسفيذاج وعنزروت وَيجْعَل فَوْقه خرقَة قد بلت بشراب وَابْتِدَاء اللَّحْم من الظفر من كل نَاحيَة. وَمَتى مَا نخس الظفر اللَّحْم فاقطعه وعالج اللَّحْم بالأدوية الآكالة والمراهم المذيبة للحم المجففة.(5/27)
قَالَ: ومرهم خَاص بِهَذِهِ القروح: يُؤْخَذ من الدردى المحرق والكندر بِالسَّوِيَّةِ زنجار نصفا يسحق بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جيد وَأما رض الأظافير فليضمد بورق الآس وورق الرُّمَّان اللين.
وَأما موت الدَّم تحتهَا فاخلط دَقِيقًا بزفت وَضعه عَلَيْهَا. 3 (ابْتِدَاء الأظافر الوجعة) لي: اخلط كبريتاً مسخناً وشحم شجر البلوط وبقلة حمقاء والحلبة أُوقِيَّة أُوقِيَّة تافسيا أُوقِيَّة خل مَا يَكْفِيك.
آخر يقلعه بِلَا قرحَة تُؤْخَذ خمر وزرنيخ أَحْمَر وأصفر وكبريت أصفر وعلك البطم ويضمد بِهِ وَيحل فِي كل أُسْبُوع.
فَإِذا سقط الظفر فضع عَلَيْهِ شَيْئا من دهن آس فِيهِ شَيْء من دَوَاء الزرنيخ.
بولس: إِذا كَانَ الداخس رطبا متآكلاً فَاسْتعْمل فِيهِ فلعمور من زرنيخ وزاج وزنجار ونورة فَإِنَّهُ يجفف سَرِيعا. وَلَا شَيْء أبلغ فِيهِ مِنْهُ.
الاختصارات قَالَ: وَقد يحدث لرؤوس العصب الَّذِي يَنْتَهِي عِنْد الْأَظْفَار انتشار. قَالَ: فَعَلَيْك بمرهم شَحم الدَّجَاج ومخ الْبَقر والشمع وإنقاع الْيَد فِي مَاء النخالة وادهنها بدهن لى: الْعَامَّة يغمون الداخس إِذا بدا فِي دهن مسخن.
أربياسيوس مرهم جيد للداخس المستجكم: قشور الرُّمَّان الحامض وعفص وتوبال النّحاس بِالسَّوِيَّةِ يخلط بِعَسَل بِقدر مَا يخلط ويطلى عَلَيْهِ ويشد. وَلَا يلامس الْموضع مَاء وَلَا دهناً ويعاود فِي الْيَوْم مرَّتَيْنِ. 3 (التَّذْكِرَة للورم الْحَادِث فِي أصُول الْأَظْفَار) يوضع عَلَيْهِ حب الآس اللطاخ مطبوخ بعقيد الْعِنَب حَتَّى ينضج. فَإِن ذهب ينضج فَعِنْدَ ذَلِك بزر مر وبزرقطونا وَلبن. فَإِن انتفخ عولج بمرهم الْخلّ الْأَبْيَض ومرهم الإسفيذاج.
قَالَ: وليقشر حوالي الْأَظْفَار وتشققها ويطلى بالشراس مَعَ ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل القار المشوى. وَالْبَيَاض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار يطلى بزفت رطب.
المنقية لِابْنِ ماسويه: يذهب بتقشير الْأَظْفَار أَن تطلى بالشراس مَعَ شَيْء من ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل القار المشوى مَعَ دهن حل مرَارًا.
انطليس: إِذا كَانَ فِي مَوضِع الظفر الَّذِي يَعْتَرِيه الداحس يسير مُدَّة رقيقَة مُنْتِنَة فبادر فِي الْقطع والكي لِأَن مثل هَذِه القرحة تَأْكُل الإصبع كُله وتفسده سَرِيعا.(5/28)
قريطن للأظفار الجربة: يذيب شَحم الضَّأْن ثمَّ يوضع مِنْهُ على الظفر وشده وتحله بعد ثَلَاث فَإِذا لَان حككته ثمَّ أعدت الشَّحْم عَلَيْهِ والحك حَتَّى يَسْتَوِي.
لى: احسب انه من جيد العلاج للداحس حِين يبْدَأ أَن يضمد بخل ونحالة مسخنين اهرب من الرهضة وَكَانَ بعض مَشَايِخنَا يَقُول نحلاً أَن يغمس الإصبع حِين يَبْدُو الداحس فِي دهن مسخن حَتَّى يبرأ.
لى: قد أبرأت الداحس المتقرح بمرهم الجلنار فَوَجَدته جيدا.
أربياسيوس للأظافر المتقشرة: دَقِيق البلوط ودقيق الحلبة وتفسياً وزرنيخ أَحْمَر بِالسَّوِيَّةِ.
ذراريخ نصف يجمع بخل ويضمد بِهِ.
لى: هَذَا أقوى دَوَاء لقلع الْأَظْفَار.
قَالَ: وَيمْنَع من استحكام الداحس أَن يضمد بعفص وَعسل.
وَمِمَّا يجفف المتقرح مِنْهُ سَرِيعا ويبرئه: كندر وزرنيخ أَحْمَر يسحقان وَيَنْثُرَانِ عَلَيْهِ ويكبس بِهِ كبساً جيدا ويشد فَإِنَّهُ يُبرئهُ.
الثَّانِيَة من الميامير قَالَ: يمْنَع من الداحس الصَّبْر المغسول بِمَاء الأفاوية والجلنار إِذا نثر عَلَيْهِ.
لى: لم أر شَيْئا أوفق للداحس من مرهم الإسفيذاج بمرداسنج وكافور وأفيون فَإِنِّي رَأَيْت هَذَا أصلح لَهُ فِي كل أوقاته لِأَنَّهُ يسكن الوجع. وَإِذا ذهب الْعُضْو يجمع لم يمنعهُ بل يُعينهُ بالقيروطي ولزوجته. وَإِن كَانَ مِمَّا لَا يجمع سكن وَجَعه ويشفيه وَكَذَلِكَ إِذا قاح فَإِنَّهُ جيد لَهُ.) د قَالَ: الكاكنج يقْلع الْأَظْفَار الَّتِي يَقع فِيهَا البرص.
قَالَ د: إِذا جففت أصُول السوسن وسحقت كَانَت نافعة للحم الَّذِي يخرج فِي أصُول الْأَظْفَار.
الحضض جيد للداحس. الزفت الرطب واليابس يقلعان الْأَظْفَار البرص إِذا خلط بالشمع وضمد بِهِ. الرازيانج قد جربناه تجربة عَظِيمَة فِي علاج الْأَظْفَار البرص يوضع عَلَيْهَا مَعَ قيروطي فيدفعها حَتَّى يسْقط.
والكندر إِذا خلط بِعَسَل أَبْرَأ الداحس. جوز السرو إِن طبخ بالخل مَعَ دَقِيق وضمدت بِهِ الْأَظْفَار البرص قلع تِلْكَ الْآثَار مِنْهَا. الحضض جيد للداحس الأقافيا جيد للداحس. والسماق إِذا تضمد بِهِ بسكنجبين أَبْرَأ الداحس الآس الْيَابِس إِذا ذَر على الداحس نفع.
برادة نَاب الْفِيل تبرئ الداحس. بزر الْكَتَّان إِذا طبخ بِمثلِهِ حرف وَسُحْقًا وعجنا بِعَسَل وضمدت بِهِ الْأَظْفَار المشققة والمتقشرة أبراهما.
لى: وينفع من جَمِيع هَذِه الألعبة والشحوم والمخاخ.
أصُول السوسن إِذا جففت وسحقت وذرت على الداحس نَفَعت جدا. الصَّبْر يدمل ابْن ماسويه قَالَ: بزر الْكَتَّان إِذا ضمدت بِهِ الْأَظْفَار المبيضة مَعَ الثوم وَالْعَسَل أصلحها.
الطَّبَرِيّ قَالَ: بزر الْكَتَّان إِن وضع على الظفر المتشنج أحل تشنجه.(5/29)
ابْن ماسويه قَالَ: بزر الْكَتَّان إِن ضمدت بِهِ الْأَظْفَار الَّتِي فِيهَا نقط بيض مَعَ الْحَرْف والسعد ذهبت يتلك النقط.
إنطيلس قَالَ: قد يعرض فِي أَصَابِع الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وخاصة فِي الْكِبَار قرحَة مُنْتِنَة تفْسد الظفر فَيَتَأَذَّى مِنْهُ إِن لم يُبَادر إِلَى الْعظم فيفسده وَإِذا وصل إِلَى الْعظم أنتن رِيحه جدا وَعرض رَأس الإصبع وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يقطع جَمِيع الظفر الْفَاسِد والعظم إِن كَانَ قد فسد ويكويه لِأَن هَذَا يدب وَيفْسد الإصبع كلهَا إِن لم يقطع ويكوى بعد ذَلِك.
قَالَ: وَقد ينْبت أَحْيَانًا من الإصبع أصْبع أُخْرَى وَرُبمَا كَانَ لَحْمًا فَقَط وَعند ذَلِك فاقطعها بِلَا حذر الْبَتَّةَ. وَإِن كَانَ فِيهَا عظم فَمدَّهَا مدا جيدا ليتبين لَك مفصلها ثمَّ اقْطَعْ الْجلد وافصلها من الْمفصل نَفسه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ على الرسغ.
لى: لَا شَيْء أبلغ للداحس من أَن يطلى عَلَيْهِ أفيون بخل وَيُوضَع عَلَيْهِ بزرقطونا بخل ويغمس فِي المَاء الْبَارِد حَتَّى يخدره.)
مسيح طلاء نَافِع للبياض الْحَادِث فِي الْأَظْفَار: دبق زرنيج أَحْمَر بِالسَّوِيَّةِ تضمد بِهِ الْأَظْفَار للأظافير الَّتِي قد مَاتَت واسودت: قردمانا يسحق مَعَ تين سمين قد أنقع فِي خل ويضمد بِهِ إِلَى أَن يخضر بِهِ الأظافير ثَلَاثِينَ يَوْمًا ن يُعِيدهَا كأظافير الْأَطْفَال. وَكَذَلِكَ يفعل الْخَرْدَل.
من كتاب كسانوقراطس فِي الحجار: صدأ الْحَدِيد مَعَ دهن ورد جيد للداحس جدا.
لى: ورق الآس جيد يذر عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ إِن اسْتعْمل مَعَ قيروطي وطلى عَلَيْهِ. والأقراص الَّتِي من السك الَّتِي فِي سَاق الآس أقوى كثيرا. وَكتب فِي بَاب حرق النَّار: الأقاقيا ووسخ الْأذن.
قَالَ أطهورسفس: إِنَّه ينفع من الورم الْحَادِث فِي أصُول الْأَظْفَار مَا لم تتقيح. بلبوس إِذا خلط بسويق شعير نفع مَعَ شدخ الْأَظْفَار الدبق إِذا خلط بالزرنيخ الْأَصْفَر والأحمر وَوضع على الظفر قلعه. الدردى المحرق إِذا خلط براتينج قلع الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار.
لى: قد قيل إِن وسخ الْأذن ينفع الداحس وورق الزَّيْتُون إِذا دق وضمد بِهِ الداحس نَفعه.
لب نوى الزَّيْتُون إِذا خلط بشحم ودقيق قلع البرشة الْبَيْضَاء الْعَارِضَة فِي الْأَظْفَار الحضض يشفى الداحس. د ج: زنجار الْحَدِيد ينفع من الداحس. ج قَالَ: زعم قوم أَن رماد حوافر الْحمير إِن ذرت على القروح الَّتِي فِي أصُول الْأَظْفَار فِي الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فِي الشتَاء أبرأها.(5/30)
د: تَمْرَة الْكَرم الْبري تبرئ الداحس إِذا خلط بالعسل. د: الكندر إِذا خلط بالعسل أَبْرَأ الداحس وبزر الْكَتَّان وحرف بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل وَيجْعَل على الْأَظْفَار فينفع من تشققها وتقشرها. بزر كتَّان خاصته أَن يصلح آثَار الْأَظْفَار الْبيض إِذا تضمد بِهِ مَعَ موم وَعسل: ابْن ماسويه: الكبريت إِذا تضمد بِهِ مَعَ صمغ البطم قلع الْآثَار الْبيض فِي الْأَظْفَار. د: كرفس بري يُبرئ تشقق الأظافر وتقشرها الكنيكج إِن اسْتعْمل بِقدر قلع الْبيَاض فِي الْأَظْفَار. ج: الماميران يقْلع آثَار البرص. ج: جوز السرو إِذا طبخ بالخل ودق وخلط بالترمس قلع الْآثَار الْعَارِضَة للأظفار. د: إِن تضمد بورق السماق مَعَ الْخلّ أضمر الداحس د: وَاصل السوس إِذا تضمد بِهِ بعد)
تجفيفه وسخن نفع من الداحس. د قَالَ ج: زعم ديسقوريدس أَن أصل السوس إِن جفف وسحق كَانَ دَوَاء جيدا للحم الزَّائِد فِي أصُول الْأَظْفَار لحم الزَّبِيب إِن ألصق على الْأَظْفَار المتحركة أسْرع قلعهَا. د: برادة نَاب الْفِيل إِن تضمد بِهِ أَبْرَأ الداحس.
أصل الفاشرا إِذا تضمد بِهِ مَعَ شراب سكن الداحس وَالصَّبْر يدمل الداحس المتقرح. د: عصارة حب الرُّمَّان الحامض إِن طبخ بالعسل نَافِع من الداحس. د: الشب إِن طبخ بِالْمَاءِ وصب على الْآثَار الْبيض الْعَارِضَة للأظفار نفع وَمن الداحس. د: الزفت الرطب إِذا خلط بِمثلِهِ موم قلع الْآثَار الْبيض الَّتِي فِي الْأَظْفَار. د ج قَالَ: كلا الزفتين يقْطَعَانِ الْأَظْفَار إِذا حدث فِيهَا الْبيَاض إِذا خلطا بالشمع. التِّين الْيَابِس إِن اسْتعْمل مَعَ قشر الرُّمَّان أَبْرَأ الداحس. د ج قَالَ: جريت الرازيانج فَوَجَدته يقْلع الْأَظْفَار إِذا طلى عَلَيْهَا مَعَ قبروطي يفعل ذَلِك أَو مَعَ مرهم الْخلّ ينفع الداحس. د: ابْن ماسويه للبياض الَّذِي يعرض فِي الْأَظْفَار اطله بالزفت الرطب.
وَمِمَّا يذهب بتقشرها: أَن يطلى بالشراس مَعَ شَيْء من ملح الْعَجِين ودردى الْخمر ويطلى ببصل الفار المشوى مَعَ دهن خل مَرَّات.
لى: انقلاب الْأَظْفَار وتعقفها وَيكون من السَّوْدَاء فأسهله بالأفيثمون وبمرق الديك الْهَرم وَسَائِر مَا يسهل السَّوْدَاء وغذه بالأغذية الرّطبَة.(5/31)
إِسْحَاق يسحق الكندر وَيُوضَع على الداحس ويشد. أَو يُؤْخَذ عفص وقشور الرُّمَّان الحامض وتوبال النّحاس وتين محرق بِالسَّوِيَّةِ واعجنه بعد السحق بالعسل واطله وشده وحله فِي كل يَوْمَيْنِ مرّة وَلَا تقربه دهناً من الرطوبات. فَإِذا رَأَيْت فِي الْموضع نداوة فاسقها بقطنة مبلولة بشراب.
مَجْهُول: يُؤْخَذ خرء الديك الْأَحْمَر وَيُوضَع عَلَيْهِ ويشد حَتَّى يبرأ للبياض والتشنج فِي الْأَظْفَار: زبيب بِغَيْر عجم وتمر مقشر يمضغ عَلَيْهِ مَعَ دهن ورد ويشد.
للأظفار المسخنة يقلعها: كبريت زرنيخ أَحْمَر زفت رطب علك البطم جُزْء جُزْء مرداسنج قلقديس تُرَاب الكندر نُحَاس محرق جُزْء وَنصف يوضع عَلَيْهِ ويشد حَتَّى)
يسْقط.
وَأَيْضًا: الميويزج الجبلى مَعَ تين يوضع عَلَيْهِ.
أَيْضا: دبق وزرنيج يوضع عَلَيْهِ.
من تذكرة عَبدُوس نَافِع عِنْد الأظافير من الْأَشْيَاء الحارة: يوضع عَلَيْهِ خرء الديك الْأَحْمَر.
للقوابي الَّتِي تحدث على الْأَظْفَار: ميويزج يدق مَعَ عسل التِّين ويضمد بِهِ.
من التَّذْكِرَة للورم الْعَارِض فِي أصُول الْأَظْفَار: يَجْعَل عَلَيْهِ حب الآس مطبوخاً بخل أَو دهن الآس. فَإِن ذهب وَإِلَّا جعل عَلَيْهِ بزر مر وَحَتَّى ينضج فَإِذا بلغ جعل مَا يَفْتَحهُ خمير بملح كثير لتقشر الْأَظْفَار وتشققها: يطلى بالشراس مَعَ ملح الْعَجِين ودردى خضر أَو ببصل الفار المشوى.
لتقلص الْأَظْفَار من التَّذْكِرَة: تطبخ الحشيشة الْمُسَمَّاة صامريوما ودهن الْجَوْز ودهن السوسن وَتجْعَل عَلَيْهِ.
من الْكَمَال والتمام لوجع الْأَظْفَار تُؤْخَذ نشارة العلج وتطبخ ويضمد.
من الْكَمَال والتمام للبياض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار: يُؤْخَذ شَيْء من بزر كتَّان وحلبة ويخلط مَعَ عسل وشمع وَيصير عَلَيْهِ.
للشظايا الَّتِي حول الْأَظْفَار: شَيْء من حرف وملح يدقان ويجعلان عَلَيْهَا.
دَوَاء يسْقط الْأَظْفَار النابتة من غير وجع: يخلط مَعَ لحم الزيب جاؤشير قَلِيل وَمن شجرته ويضمد بِهِ.(5/32)
وللبياض نَافِع: يطلى بزرنيخ أَحْمَر وزفت أَو بشب وكبريت وَعسل وخل.
دَوَاء يسْقط الْأَظْفَار المليثة:: اجْعَل عَلَيْهَا دردى الشَّرَاب محرقاً.
وللشظايا الَّتِي حول الْأَظْفَار: مصطكى بَيْضَاء يذاب ويخلط مَعهَا ملح جريش وَيصير عَلَيْهَا.
وللبياض الْعَارِض فِي الْأَظْفَار: زفت وَجوز السرو وشمع يخلط وَيجْعَل على الأظافير.
والرازيانج مَعَ شمع ودهن ورد يسْقط الْأَظْفَار المبيضة.
قَالَ ج فِي أَصْنَاف الحميات: إِن حدثت قرحَة صَغِيرَة فِي جنب الظفر فتهاون الْإِنْسَان بإدمالها حَتَّى ينْبت فِيهَا لحم فضل ضغط ذَلِك اللَّحْم الظفر وأحدث وجعاً وَحدث مِنْهُ ورم فِي الإصبع كُله وَرُبمَا حدث فِي الزند أجمع مِنْهُ ورم.
الْيَهُودِيّ قَالَ: تشق الْأَظْفَار يُسمى أَسْنَان الفار ولسعها يكون من جِهَة السَّوْدَاء أَو ليبسها)
ويعالج بالمراهم اللينة.
وَقَالَ: إِذا أردْت قلع الظفر المجذوم فاطل عَلَيْهِ صمغ السرو وَكَثِيرًا حَتَّى يلين ثمَّ اغرز أَصله بإبرة حَتَّى يخرج مِنْهُ دم كثير وَيُوضَع عَلَيْهِ ثمَّ مدقوق يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ حلّه وأبدله الثوم فِي كل يَوْم مرَّتَيْنِ فَإِنَّهُ يسْقط وينبت بدله ظفر مليح.
من محنة الطَّبِيب قَالَ: الْغَرَض فِي اللَّحْم الزَّائِد الَّذِي ينْبت فِي أصل الْأَظْفَار شَيْء وَاحِد وَهُوَ أدوية تذيبه من غير لذع.
ابيذيميا للداحس: الغفص الْفَج ينفع مِنْهُ مَعَ الْعَسَل قَالَ: العفص ينفع مِنْهُ مَعَ الْعَسَل فِي أَوَائِل الداحس مَا يحْتَاج إِلَيْهِ والداحس إِنَّمَا هُوَ زِيَادَة لحم ينْبت فِي قرحَة تكون عِنْد الظفر فتوجع لذَلِك فَفِي أول نَبَات هَذَا اللَّحْم يمنعهُ العفص من النَّبَات وَأما إِذا عظم فَلَا لِأَن العفص لَا يقوى على بعض هَذَا اللَّحْم وَيحْتَاج حِينَئِذٍ إِلَى دَوَاء يَأْكُل اللَّحْم من غير لذع.
قَالَ ج فِي كتاب الأخلاط: إِذا انتفض الظفر وَصَارَ عَنهُ دم فِي اللَّحْم فَإِنِّي أشق الظفر شقاً بالوراب بسكين حارة حَتَّى يخرج ذَلِك الدَّم وادع الْموضع المشقوق من الظفر ليَكُون غطائه لما تَحْتَهُ فَإِن الوجع يسكن على الْمَكَان ويسيل صديد القرحة فِيمَا بعد بِأَن تشيل ذَلِك الظفر قَلِيلا حَتَّى يسيل مل تَحْتَهُ وَأما علاجه مُنْذُ أول الْأَمر فَإِذا سيلت الدَّم بعد الشق فاطله بالدهن المسخن ثمَّ اسْتعْمل فِيهَا بِآخِرهِ مرهم الباسليقون وَلَا تكشف عَنهُ الظفر الجرب بِسُرْعَة فَإِنَّهُ رُبمَا نبت مِنْهُ لحم زَائِد مؤلم.
قريطن قَالَ: يطلى على الظفر الجرب شَحم الضَّأْن ويشد عَلَيْهِ خرقَة ثَلَاثَة أَيَّام ويذوبه مِنْهُ فَإِذا لَان حككته ثمَّ أعدت الطلى والحل حَتَّى يَسْتَوِي.(5/33)
قَالَ فيلغريوس قَالَ: قد شققت كم من مرّة الْأَظْفَار البرص بالنورة الَّتِي لم تطفأ وشحم الماعز يجمع وَيُوضَع عَلَيْهِ.
ادهان: دهن الشيرج جيد لمن تَنْقَطِع أظافيره وتيبس أَطْرَافه إِلَّا أَنه رَدِيء للمعدة.
ابْن ماسويه اطهورسفس قَالَ: غراء السّمك نَافِع للبياض الَّذِي يظْهر فِي الْأَظْفَار غذا طلى عَلَيْهَا.
اهرون قَالَ: تشقق الْأَظْفَار الَّذِي يُسمى أَسْنَان الفار يكون من حِدة السَّوْدَاء ويبسها إِذا كَانَ قَالَ: وينفع من صفرَة الْأَظْفَار أَن يُؤْخَذ شب وعفص وشحم بط بِالسَّوِيَّةِ يعْمل مرهماً ويطلى)
عَلَيْهِ أَو يطلى عَلَيْهِ بزر جرجير بالخل فَإِنَّهُ عَجِيب للظفر إِذا أصفر.
مَجْهُول قَالَ: تشقق الظفر يكون من حِدة السَّوْدَاء وينفعه بزر الجرجير بمرار الْبَقر.
لى: على مَا رَأَيْت لتشقق الْأَظْفَار: زفت رطب ولاذن وشمع أصفر ودهن خيري يطلى عَلَيْهِ دَائِما.
المارستان: أَخذ رجل ملحاً مسحوقاً فعجنه بالزيت نعما وَوَضعه على داحس مؤلم قد كَانَ يعالج بالبزر قطونا وَغَيره من نَحْو هَذِه مُدَّة فَلَا ينفع وَلَا يسكن الضربان وَقد كَانَ يشتعل مِنْهُ النَّار اشتعالاً فساعة وضع عَلَيْهِ هَذَا هدأه على أَنه قد كَانَ حاراً مثل النَّار وَإِنَّمَا أَظن إِنَّمَا نفع لِأَنَّهُ حلل بِقُوَّة ووسع وأراح من التمدد وَلَا يجوز ذَلِك فِي الأورام الْعَظِيمَة لِأَنَّهُ يحدث شَيْئا كثيرا(5/34)
(تَدْبِير الناقه) (والأمراض ذَات الكرات والعودات وتقدمة الْمعرفَة بِمَا يحدث عَلَيْهِ وَالدَّلِيل) (عَلَيْهِ تستقصى دَلَائِل الْقُوَّة على العودة وَتجمع كلهَا هَهُنَا يستعان فِيهِ بِبَاب) (الذبول وعلاج الْمعدة الْيَابِسَة وتدبير الْمَشَايِخ وَبَاب الْبدن وَالتَّدْبِير للقوة) (والمنقوص للهيبة ويستعان بتقدمة الْمعرفَة وبالبحران وأيامه.) قَالَ ج فِي الثَّانِيَة من حِيلَة الْبر: الناقهون من الْأَمْرَاض المزمنة قد فنيت مِنْهُم الرطوبات الَّتِي تغتذى مِنْهَا الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وتحتاج أَن تخلف بالغذاء وَيكون ذَلِك على تدرج فِي الْحَرَكَة بالغذاء.
وَقَالَ فِي هَذِه الْمقَالة: جَمِيع من يحْتَاج إِلَى إنعاش بدنه فَلَا يَنْبَغِي أَن يشرب شَيْئا غير الشَّرَاب بعد أَن لَا تكون بِهِ حمى وَأما غذاؤهم فَمَتَى لم يثقل فزد فِيهِ من غَد قَلِيلا وَمَتى ثقل فانقص مِنْهُ.
3 - (جَوَامِع البحران)
الْأَمْرَاض الَّتِي ينتكس فِيهَا قتالة مهلكة وَهِي الَّتِي تكون الْقُوَّة فِيهَا ضَعِيفَة وَتظهر مَعَ ذَلِك عِنْد النكسة.
3 - (عَلَامَات العطب)
فَأَما إِذا كَانَت الْقُوَّة فَإِنَّهَا تُجَاهِد الْعلَّة وَحِينَئِذٍ تظهر علامان السَّلامَة: ليَكُون توقيك على النَّاقة الَّذِي لم يصلح لَهُ البحران شَدِيدا فَإِن عَادَة هَذَا الْمَرَض أَن يعاود إِن كَانَ عَظِيما لَا محَالة وَإِن كَانَ صَغِيرا ثمَّ دبرت العليل بِالتَّدْبِيرِ اللَّطِيف وَلم تَدعه يَتَحَرَّك حركات قَوِيَّة وَلَا يستحم وَلَا يعْمل مَا يعْمل من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء فخليق أَلا يعاود وَإِن عاوده كَانَ ضَعِيفا.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: من لم يسكن حماه ببحران تَامّ خيف عَلَيْهِ أَن تعاوده وَمن سكنت عَنهُ بِلَا بحران الْبَتَّةَ عاودته لَا محَالة وَإِن كَانَ سكونها فِي يَوْم باحوري وَمن سكنت حماه بِغَيْر استفراغ وَلَا فِي يَوْم باحوري فَهِيَ أَحْرَى أَن تعاود.
لى: يَنْبَغِي أَن يطْلب هَذَا من أَيَّام البحران فتحوله إِلَى هَهُنَا وتجمعه هُنَاكَ وَهَذَا الْفَنّ كَاف.
لى: يَنْبَغِي أَن يكون انتظارك للعودة بِحَسب مَا كنت ترَاهُ من قُوَّة الْعلَّة وَقلة الاستفراغ هَذَا لفظ تَفْسِير جالينوس صَحِيح.
الثَّانِيَة من الْفُصُول. قَالَ: إِذا كَانَ الناقه لَا يَشْتَهِي الطَّعَام فَفِي بدنه أخلاط ردية(5/35)
يحْتَاج أَن تستفرغ فَإِن لم تستفرغ لم يُمكن أَن يعود إِلَى الصِّحَّة الْكَامِلَة وَأما من يَشْتَهِي وَيَأْكُل وَلَا يقوى بِهِ بدنه وَيحمل على نَفسه فَوق طاقته فَلَا تهضمه معدته لَكِن يصير ثقلاً عَلَيْهِ وَيخرج بالثقل.
لى: هَذَا الاستفراغ فِي الْأَكْثَر يكون بالمسهل لِأَن الناقه فِي الْأَكْثَر قَلِيل الدَّم وَرُبمَا كَانَ فِي الندرة يحْتَاج إِلَى فصد وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْمَرَض دموياً وَاحْتَرَقَ وَفَسَد من حرارة الْحمى وَبَقِي فِي عروقه بعد انقلاعها دم رَدِيء.
وَقَالَ: الْبدن الَّذِي فِيهِ أخلاط ردية كلما غذوته زِدْته شرا.
قَالَ: إِذا كَانَ الناقه لَا يستمرئ الطَّعَام فَفِي بدنه أخلاط ردية تحْتَاج إِلَى أَن تستفرغ فَإِن لم تستفرغ عفنت وأعادت عَلَيْهِ الْمَرَض.
لى: وخاصة إِن دخل الْحمام وارتاض وَأكل شَيْئا مسخناً وَقَالَ: إِذا كَانَ الناقه من الْمَرَض يردد الطَّعَام وَلَا يزْدَاد خصب بدنه أخلاط فَفِي بدنه أخلاط ردية أَو قوته الغاذية ضَعِيفَة جدا.)
قَالَ: وَمن كَانَ من الناقهين يزْدَاد من الطَّعَام فَلَا يتزيد بدنه بِحَسب ذَلِك فَإِنَّهُ بِآخِرهِ يؤول إِلَى أَن لَا يَشْتَهِي وَمن كَانَ لَا يَشْتَهِي فِي أول مرّة ثمَّ يشتهيه بِآخِرهِ فَإِن حَاله أَجود لِأَن الَّذِي يَشْتَهِي الطَّعَام وبدنه لَا يتزيد بِهِ آلَات الشَّهْوَة مِنْهُ صَحِيحَة وَفِي بدنه أخلاط ردية فَإِذا تَمَادى بِهِ الزَّمَان تزيدت تِلْكَ الأخلاط الردية فِي الْبدن فينال آلَة الشَّهْوَة من ذَلِك ضَرَر فَتبْطل أَيْضا وَأما الثَّانِي فَإِنَّهُ يدل على طبيعة قد أَقبلت تنضج وتهضم.
لى: من يَشْتَهِي وَلَا يتزيد بدنه يدل على أَن آلَة الشَّهْوَة مِنْهُ قَوِيَّة وَآلَة الهضم ضَعِيفَة وَإِذا تكثرت الأغذية وَبقيت فِيهِ أفسدت قُوَّة آلَة الشَّهْوَة أَيْضا وَالْآخر بالضد فَلذَلِك هُوَ أَجود وَذَلِكَ أَن الأول بِحَال سيمرض وَالثَّانِي يدل على أَن الْمَرَض قد انحسم عَنهُ.
الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الناقه إِذا تملأ من الطَّعَام غير بعيد أَن تعرض لَهُ الْعِلَل المنلائية وخاصة إِن كَانَت قوته ضَعِيفَة فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يجمع خلطانيا سَرِيعا وَيخرج بِهِ جراحات فِي مفاصله.
من كتاب العلامات قَالَ: إِذا عَاد الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن عَاد بِلَا خلط وَمَعَ حسن التَّدْبِير فَإِنَّهُ قوى الْبدن غير نقي وَإِن عَاد بِسَبَب مَعْرُوف فَذَلِك أسلم.
3 - (عَلَامَات الانتكاس)
إِن تكون مجسة الناقه كثيفة وبدنه يَابسا قحلاً وَالْبَوْل مائياً لَا سخانة فِيهِ أَو أشقر أَو أَحْمَر أَو غير مشبه لبوله عِنْد الصِّحَّة وَضعف الْقُوَّة وشهوته نَاقِصَة وَهُوَ خَبِيث النَّفس يَأْخُذهُ الغثيان ونفخة فِي الْمعدة وَعند الشراسيف أَو عِنْد الكبد أوعند الطحال ويحمض فِي معدته مَا يَأْكُل من عِلّة من خَارج فَإِن هَذَا يدل على التنكس ويستدل عَلَيْهَا أَيْضا من قبل السهر وَالنَّوْم وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ الْمَرَض برساماً أَو سباتاً أَو نَحْو هَذِه الْأَعْرَاض قَالَ وَإِن النّوم المشوش والسهر المفرط يدلان على رُجُوع الْمَرَض وَإِلَّا تقوى قوته بعد ذهَاب الْمَرَض دَلِيل على رُجُوع الْمَرَض فَإِذا كَانَ فِي السَّاعَة الَّتِي كَانَت تنوب عَلَيْهِ مِنْهَا حمى خبث(5/36)
النَّفس وَآخر غثي فَإِن مَرضه يرجع وخاصة إِن كَانَ فِي أحشائه بَقِيَّة من ورم والعطش الْكثير جدا واللهيب يدلان على رُجُوع الْمَرَض والأمراض الكائنة فِي فصل الخريف عَادَتهَا أَن ينتكس فِيهَا العليل.
من الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة قَالَ: أبدان الناقهين فِيهَا دم جيد إِلَّا أَنه قَلِيل وَكَذَلِكَ حَال الرّوح الحيواني والنفساني فيهم وَأَنه قَلِيل بِالْإِضَافَة إِلَى الْأَبدَان الصَّحِيحَة وَيقرب تدبيرهم من تَدْبِير هَؤُلَاءِ وَهُوَ بِكُل مَا ينَال الْبدن غذَاء سَرِيعا جيدا جَدِيدا وَذَلِكَ يكون بالحالة المعتدلة والغذاء المعتدل)
والاستحمام باعتدال وَالنَّوْم فَإِذا صلحوا صلاحاً بَينا راموا بعد ذَلِك التَّصَرُّف فِي شَيْء قَلِيل من أَعْمَالهم حَتَّى يردوا إِلَى الْحَال الطبيعية التَّامَّة فَأَما الْأَطْعِمَة فَيَنْبَغِي أَن تكون من الْأَشْيَاء المرطبة السريعة الهضم الَّتِي لَيست بَارِدَة لِأَن أبدان هَؤُلَاءِ بَارِدَة تحْتَاج إِلَى إسخان قَلِيل فَإِذا تَمَادى بهم الزَّمَان فَاجْعَلْ أغْلظ وَأكْثر غذَاء وَكَذَلِكَ فافعل فِي أشربتهم.
الأولى من الثَّانِيَة من افيذيميا: الَّذين تبقى بهم بَقِيَّة من الغلظ الْفَاعِل فالعودة وَاقعَة بهم لَا محَالة إِن لم يعالجوا الْفضل بعد ذَلِك أَعنِي بعد البحران غير التَّام فَإِن عولج فَإِنَّهُ إِن كَانَت تِلْكَ الْبَقِيَّة كَثِيرَة بعيدَة من النضج جدا فَإِنَّهَا وَإِن عولجت على مَا يَنْبَغِي تعاود إِلَّا أَن تكون يَسِيرا وَإِن كَانَت غير بعيدَة من النضج فَإِنَّهُ يُمكن إِلَّا تعاود وَإِن كَانَت يَسِيرا ونضجاً فَإِنَّهُ يُمكن أَلا تعاود إِن عولج.
لى: العلاج لهَؤُلَاء هُوَ استفراغ لما بَقِي.
الأولى من السَّادِسَة قَالَ: الحميات الساكنة تطول مدَّتهَا ثمَّ يكون لَهَا تغير تسكن بِهِ سكوناً تَاما ثمَّ أَنَّهَا تعاود فتمكث مُدَّة ثمَّ يأتى فِيهَا بحران لخراج فَأَما الحميات الحارة إِذا انتقصت باستفراغ كثير قل مَا تعاود.
قَالَ: وَمن أَعْرَاض بَقِيَّة الْمَرَض الْعَطش وجفوف الْفَم وخبث النَّفس وَالِاضْطِرَاب واختلال الشَّهْوَة.
افيذيميا السَّادِسَة من السَّادِسَة الْأَمْرَاض ذَوَات الكرات وتدبيرها قَالَ: مَتى كَانَ مرض قد انْقَضى ثمَّ عاود بِلَا تعفن فِيهِ فَإِذا انْقَضى ذَلِك ثَانِيًا فَلَا تثق بذلك وَلَا تتهاون فِي هَذَا التَّدْبِير وخاصة مُدَّة من الْأَيَّام مُسَاوِيَة للمدة الأولى الَّتِي فِيهَا كَانَت العودة فَإِن عاود مَعَ ذَلِك أَيْضا فَاجْعَلْ التَّدْبِير وَالْحِفْظ أَشد وأبلغ حَتَّى يبلغ التَّدْبِير إِلَى قلب المزاج.
قَالَ: والعلل الَّتِي لَهَا خَاصَّة تَدور مَرَّات كالسدر والصرع ووجع المفاصل والكلى والكبد وَالطحَال والتنفس والشقيقة والصداع الْمَعْرُوف بالبيضة وأوجاع الْعين الَّتِي من انحدار الفضول والنوازل تعتاد للرية والمعدة من الرَّأْس وَنَحْوهَا من الْعِلَل فَمن كَانَ يبادي بِهَذِهِ فَلَا يُطلق لَهُ سُكُون الْعلَّة السعَة فِي التَّدْبِير وَلَكِن الزمه التَّدْبِير والعلاج وخاصة فِي مُدَّة الدّور وَعند وَقت الدّور فانقله من بلد إِلَى بلد مضاد لمزاج مَرضه.(5/37)
الثَّامِنَة من السَّادِسَة قَالَ: إِذا كَانَ وَجه الناقه كُله متهيجاً فَإِن الْعَوام فضلا عَن جلّ الْأَطِبَّاء)
يعلمُونَ أَن الْمَرَض يعاود أَن لم يتحفظوا فِي التَّدْبِير.
قَالَ: وَلَكِن يَنْبَغِي للطبيب أَن يتفقد بِلُطْفِهِ الجفن الْأَعْلَى فَإِنَّهُ إِذا كَانَ فِيهِ تهيج دلّ على مَا يدل عَلَيْهِ الْوَجْه دلَالَة صَادِقَة وَإِن ذهب مَا فِي الْوَجْه مِنْهَا وَبَقِي مَا فِي الجفن فالاستدلال عَلَيْهِ كَذَلِك وَذَلِكَ أَنه يدل على ضعف الْحَرَارَة الغريزية.
قَالَ ابقراط: والأورام الَّتِي فِي طرف الجفن الْأَسْفَل إِلَى الْحمرَة مَا هِيَ وَهِي مَعَ ذَلِك صلبة سمجة جدا لحجة متمكنة تدل على عودة كَمَا يدل على ذَلِك المتهيج فِي الجفن الْأَعْلَى.
أَبُو هِلَال الْحِمصِي: الناقه يحْتَاج بِالتَّدْبِيرِ الزَّائِد فِي الدَّم وَذَلِكَ أَنه يكون بالأغذية الجيدة وَيكون قدرهَا قدرا يخف على الْمعدة والكبد وَاسْتِعْمَال النّوم وَلَا يُجَامع وَلَا يتعب وَيكثر سروره من كتاب الأجنة لأبقراط من الناقهين: من يبيض شعره وَذَلِكَ يكون لِأَن الْبدن يَخْلُو من الدَّم فيبيض لذَلِك الشّعْر وَلذَلِك إِذا كثر الدَّم عَاد أسود.
قَالَ: لِأَن الْبدن يجلو جدا أصل الشّعْر فيبيض لذَلِك.
قَالَ شرك الْهِنْدِيّ: يَنْبَغِي للناقه أَن يتَجَنَّب الْأَطْعِمَة الحريفة والغليظة المتضادة وَالْجِمَاع والمواضع الوحشة والقذرة والأراييح المنتنة والتعب فَإِن أقدم عَلَيْهَا عاودته الْحمى والعودة إِمَّا أَن تقتل سَرِيعا وَإِمَّا أَن تكون شرا من الأولى وأطول وينفع من الْحمى المعاودة الإسهال اللين.
سندهشار قَالَ: يجْتَنب الناقه الطَّعَام الثقيل وَالْمَاء الْبَارِد ونوم النَّهَار والتعب حَتَّى يرجع جِسْمه وَيقوم.
لى: قد رَأَيْت عدد ناقهين لما شربوا مَاء الثَّلج أَصَابَهُم من ساعتهم قُرَّة فحموا.
لى: افيذيميا قَالَ: العودة الْوَاجِبَة وَهِي الَّتِي كَانَت بعد بحران نَاقص فِي الْبُرْء الْوَاجِب الَّذِي كَانَ بعد بحران تَامّ.
لى: لذَلِك يَنْبَغِي أَن يكون الاحتراس من الْقُوَّة فِي هَؤُلَاءِ أَشد.
لى: على مَا رَأَيْت هَهُنَا يجب أَن يكون تحرز النَّاقة من حمى بلغمية أَشد لِأَن الْبدن لَا ينقى مِنْهَا بالبحران كنقايه من الغب لَكِن تبقى مِنْهَا بَقِيَّة تحْتَاج أَن تنضج وَتخرج بالبول على طول لى: رَأَيْت نوم النَّهَار كثيرا مَا برد الْحمى على النَّاقة وَذَلِكَ بِالْوَاجِبِ لِأَنَّهُ يفتر الْحَرَارَة وَيكسر الْبدن.
السَّادِسَة من افيذيميا قَالَ: الْعِلَل الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَن يُبدل التحفظ مِنْهَا إِذا زَالَت لِأَنَّهَا تعاود)
على الْأَكْثَر السدد ووجع المفاضل والكبد والكلى وَالطحَال والصداع والشقيقة والفضول الَّتِي اعتادت أَن تجرى إِلَى الْعين وَالْأُذن والرية والمعدة فَكل هَؤُلَاءِ لَا يَنْبَغِي أَن يُطلق لَهُم التَّدْبِير الصَّحِيح إِلَّا بعد مُدَّة أطول فَإِن عاودهم الْمَرَض مَعَ التحفظ فَإِنَّهُم يَحْتَاجُونَ(5/38)
إِلَى استفراغ وعلاج تَامّ يقمع أصل الْعلَّة فَإِن عاودهم مَعَ إِضَاعَة التحفظ فقد يُمكن أَن يكون الْخَلْط يكفيهم.
ريباسيوس قَالَ: المَاء والدهن قد يحقن بِهِ الناقهون من مرض طَوِيل الْمدَّة إِذا صَعب عَلَيْهِم دفع الغايط لِلْخُرُوجِ وَأما الورم الرخو الَّذِي يعرض فِي أَطْرَاف الناقهين فَفِي بَاب الورم.
قَالَ حنين فِي كتاب الْمعدة: الَّذين يَأْكُلُون فيكثرون من الناقهين من مرض طَوِيل الْمدَّة تترهل أبدانهم وغلبت عَلَيْهَا الرُّطُوبَة.
من
3 - (كتاب حنين فِي تَدْبِير الناقه)
قَالَ: جَمِيع من يحْتَاج إِلَى إنعاش لَا يَنْبَغِي أَن يشرب النَّبِيذ لَكِن يَنْبَغِي أَن يكون شرابًا رَقِيقا مائياً أَبيض وَفِيه مَعَ ذَلِك قبض يسير.
مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الَّذين أنهكهم الْمَرَض الحاد قصير الْمدَّة فأنعشهم سَرِيعا فِي دفْعَة لِأَن الَّذِي فقد من أبدانهم رطوبات فَقَط وَلَا مَا بَين هَذِه الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فَأَما الَّذين نهكت أبدانهم فِي زمَان طَوِيل فأنعشهم لِأَن هَؤُلَاءِ قد فقدوا لَيْسَ الرطوبات فَقَط بل اللَّحْم والأعضاء الْأَصْلِيَّة مِنْهُم الَّتِي بهَا يكون الهضم قد ضعفت أَيْضا فَلذَلِك يَحْتَاجُونَ أَن يغذوا غذَاء قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: على مَا يدل أَمر الناقه إِذا كَانَ لَا يقوى ويعسر رُجُوعه إِنَّه كَانَ يَشْتَهِي الطَّعَام ويشبع مِنْهُ فَإِنَّهُ يَأْكُل أَكثر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ حَتَّى أَن يثقل عَلَيْهِ فَلَا يغتذى بِهِ فَإِن كَانَ لَا يَشْتَهِي الطَّعَام ويشبع مِنْهُ فلبقية أخلاط ردية فِي بدنه تحْتَاج أَن تستفرغ مِنْهُ لِأَنَّك إِن غذوته فِي هَذِه الْحَالة زِدْته شرا من الأغذية لِأَنَّهُ ردي الأخلاط.
قَالَ: الناقه الَّذِي لَا يقوى بالغذاء فَأَما أَن يحمل على الْبدن أَكثر مِمَّا يُطيق وَإِمَّا أَن تكون فِي وَقت أخلاط ردية وَإِمَّا أَن تكون آلَات الهضم ضَعِيفَة.
لى: يفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ إِن أكل قَلِيلا ففسد أَيْضا فَإِنَّهُ لضعف الْآلَات أَو رداءة الأخلاط فَإِن كَانَت رداءة الأخلاط ظَهرت عَلَامَات فِي اللَّوْن وَفِي رداءة طعم الْفَم ولونه وأحواله.
الْمقَالة الأولى من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: وَإِذا كَانَ للعليل بحران تَامّ وَبَين فاحترس وَخذ الْوَثِيقَة)
وَاسْتظْهر بتلطيف التَّدْبِير بعده ليومين لتأمن النوائب الغب لِأَن هَذِه أمراض أما اللَّازِمَة وَأما تشتد غبا وَذَلِكَ أَنه قد يعرض كثيرا أَن يتكل الطَّبِيب على أَن الْعلَّة قد انْقَضتْ انْقِضَاء صَحِيح فيطلق التَّدْبِير فَيصير ذَلِك سَبَب حُدُوث نوبَة أُخْرَى والأوثق فِي ذَلِك وَإِن رَأَيْت البحران قد حدث إِن تحفظ صِحَة التَّدْبِير الَّذِي كَانَ الْمَرِيض يَسْتَعْمِلهُ إِلَى أَن يجوز يَوْمَانِ بعد البحران تحفظ فيهمَا التَّدْبِير الملطف أَعنِي مَاء الشّعير وَمَا كَانَ تَدْبيره مثله وتوق أَن تغذو أَوْقَات يحم فِيهَا إِلَى وَقت كَانَت النّوبَة فِي أول النَّهَار أَنه كَانَت نوبَة وَفِي آخر النَّهَار حَتَّى إِذا مضى يَوْمَانِ غلظ تَدْبيره قَلِيلا فأعطيته بِالْغَدَاةِ شَيْئا أخف وأعطيته عِنْد إدبار النَّهَار(5/39)
وَقت الْأَمْن من النّوبَة وانصراف الْحر الأغذية الَّتِي هِيَ أغْلظ مثل الْبيض والسمك والفراريج الجداء وَنَحْوهَا.
لى: يصدر هَذَا الْكتاب أول شَيْء بِمَا فِي صدر جَوَامِع البحران: من أول مَا يَنْبَغِي أَن تعرف من أَمر الناقه هَل بحرانه تَامّ صَحِيح لتَكون تجربتك فِيمَن لم يَصح لَهُ البحران أَكثر وَذَلِكَ الصَّدْر حق فليكتب فِي أول هَذَا الْكتاب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
الثَّانِيَة من الْفُصُول قَالَ فِي كتاب الأغذية: إِن الأغذية ثَلَاثَة فَمن احْتَاجَ إِلَى أَن يقوى بدنه سَرِيعا فاصلح الْأَشْيَاء لَهُ الشَّيْء الرطب كالأشربة والأحساء وَمن احْتَاجَ إِلَى أَن يقوى فِي أسْرع من ذَلِك فتقويته تكون بالشم نَحْو الفراريج المشوية والجداء تقرب من الْأنف والأراييح الطّيبَة وَمن احْتَاجَ إِلَى غذَاء صلب بَاقٍ فبالأغذية الجيدة الغليظة كخبز السميذ وَلحم الحملان وَإِذا كَانَ مَا ينزل من بدنه الناقه مرارياً فِي برازه وبوله فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى استفراغ وَإِن لم يكن مرارياً فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى غذَاء جيد لِأَنَّهُ يدل على أَنه لَيْسَ فِي الْبدن أخلاط ردية فَيحْتَاج إِلَى أَن ينعش وَيُزَاد فِيهِ.
ابْن سرابيون: احذر فِي النهاقين خَاصَّة من البرسام فَسَاد الأغذية والتعب وَالشَّمْس.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: إِذا كَانَ الناقه يُصِيب إعياء فِي المفاصل فَإِنَّهُ أسرف فِي الْأكل وَلَا بُد من أَن يخرج فِيهَا خراج.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ: من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء فليغذ قَلِيلا قَلِيلا.
لى: لترجع قوته وَلَا خوف عَلَيْهِ.
جَوَامِع أَيَّام البحران.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي ينتكس فِيهَا صَاحبهَا إِن كَانَت الْقُوَّة مَعهَا ضَعِيفَة وَظَهَرت فِي النكسة)
عَلَامَات التّلف كَانَت مهلكة وَإِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وَظَهَرت فِي النكس عَلَامَات السَّلامَة أَقبلت الطبيعة على الفضلة الْبَاقِيَة وجاهدتها حَتَّى تنضجها وتحيلها وتقهرها إِذا كَانَ الْمَرَض الَّذِي انْقَضى سليما ثمَّ لم يكن قد تمّ انقضاؤه وَصَحَّ بحرانه بل كَانَ بحرانه نَاقِصا فَإِن التَّدْبِير اللَّطِيف يمْنَع من العودة والأمراض الَّتِي يكون انقضاؤها بغاية الْأَمْن والثقة على مَا فِي البحران فليدبر بِالتَّدْبِيرِ المنعش بِلَا خوف وخذه بركوب الْخَيل والرياضة الْخَفِيفَة جدا والغذاء قَلِيلا قَلِيلا وَدخُول الْحمام وَشرب الشَّرَاب الْمُوَافق وَلُحُوم الفراريج والسمك الرضراضي.
فِي بَاب الْمعدة لبولس فِي سُقُوط الشَّهْوَة مَعَ الْحمى وَفِي الشَّهْوَة الْكَلْبِيَّة بعد الْحمى شَيْء يحْتَاج أَن تستعان بِهِ أَو تحول فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي لَيْسَ انقضاؤها وثيقاً فليدبر تدبيراً لطيفاً مثل تَدْبيره فِي مَرضه فِي نَفسه وليمنع من كل حَرَكَة وَمن الْحمام وَالشرَاب وكل مَا يثير ويهيج عفناً وحرارة فَإِنَّهُ إِذا دبر بِهَذَا التَّدْبِير إِن كَانَ الْمَرَض غير رَدِيء وَلَا خَبِيث لم(5/40)
يعاود وَلَو كَانَ انقضاؤه غير بَين وَإِن كَانَ خبيثاً عاود إِلَّا أَنه لَا يكون ردياً وَلَا عَظِيما فَإِن كَانَت حَالَة الناقه على مَا وَصفنَا وأهملت تلطيف تَدْبيره وخليته التَّدْبِير الَّذِي يدبر بِهِ من قد صَحَّ لَهُ الْبُرْء من الناقهين انتكس نكسة خطر وضنك.
لى: الناقه ناقهان وَاحِد قد انْقَضى مَرضه انْقِضَاء حريزاً ونقي وَصَحَّ لَهُ الْبُرْء بِأَن كَانَ بحرانه حميدا تَاما منذراً بِهِ فِي يَوْم باحوري وَنَحْو ذَلِك من شُرُوطه وَهَذَا يَنْبَغِي أَن يغذى قَلِيلا قَلِيلا وَيرد إِلَى عَادَته وَالْحمية وَالْخَوْف فِيهِ أقل وَالْآخر الَّذِي لم يكن لَهُ بحران وثيق وَهَذَا إِن كَانَت علته الْمَاضِيَة ردية خبيثة ستعاود وَلَو أَحْسَنت تَدْبيره إِلَّا أَنه لَا يعاود برداءة وخبث وَإِن أَسَأْت تَدْبيره عاودته معاودة ردية.
قَالَ: وَإِن كَانَت علته الْمَاضِيَة سليمَة فَإِن التَّدْبِير اللَّطِيف والامتناع مِمَّا يهيج الْحَرَارَة والحركات وَاجِب أَن يُجَاوز الْيَوْم الباحوري الَّذِي بعد الْيَوْم الَّذِي قد انْقَضى فِيهِ مَرضه لِأَنَّهُ فِي أَكثر الْأَمر يعاود فِي ذَلِك الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ من أَيَّام البحران.
من كتاب ينْسب إِلَى ج فِي سياسة الصِّحَّة قَالَ: قد يعرض للناقهين ضعف فِي النبض فَعَلَيْك بِالتَّدْبِيرِ المنعش وصب المَاء الفاتر على الرَّأْس.
قَالَ: والحكة قد تعرض لَهُم أَيْضا وعلاجها المَاء الفاتر.
الْخَامِسَة من الْعِلَل والأعراض قَالَ: من كَانَ من الناقهين يتملأ من الطَّعَام بالشره وَالرَّغْبَة يعرض)
لَهُ أَن جَمِيع لَحْمه ينتفخ ويترهل بِسَبَب أخلاط نِيَّة غير نضيجة تتولد فِي بدنه.
لى: على مَا جربت: الناقهون من الْأَمْرَاض الحادة كثيرا مَا يبْقى لَهُم حمرَة فِي المَاء شَدِيدَة فَمنهمْ من يقْلع ذَلِك مَاء الْبُقُول وَمِنْهُم من يحْتَاج إِلَى أَن يسهل مَرَّات حَتَّى يبيض مَاؤُهُ وَمِنْهُم من لَا يبيض مَاؤُهُ إِلَّا بِكَثْرَة الْغذَاء وَرَأَيْت هَؤُلَاءِ يَنْتَفِعُونَ وتسكن حرارتهم بِأَن يسقوا سويقاً وسكراً كل غَدَاة وَمِنْهُم من يحْتَاج أَن يمزج لَهُ بشراب كثير ويسقى مِنْهُ يكون كل شربة مِنْهُ فيبيض عَلَيْهِ لى: فَشَكا ضعف الْمعدة فَأعْطَاهُ الطَّبِيب قرص ورد فَحم من الرَّأْس حمى حادة وَلذَلِك لَا يَنْبَغِي أَن يُفَارق نبض الناقه وبوله ومجسة بدنه حَتَّى يعود إِلَى الْحَال الطبيعية ومجسته مَا دَامَت زايلة عَن ذَلِك وَبَان من كَلَامه فِي حِيلَة البرءان الناقه يحْتَاج أَن يغذى قَلِيلا مَرَّات فِي الْيَوْم مَا أمكن ويجنب الْجُوع والسهر وَالْخَوْف وَالْغَم وَالسّفر والتعب الشَّديد وَالْحمام الْكثير.
الْعَاشِرَة من حِيلَة الْبُرْء قَالَ: الناقه يحم من السهر والجوع وَالْغَضَب والهم.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ: كل عِلّة سكنت بِلَا بحران ظَاهر فتفقد تَدْبِير العليل وخذه بالتحفظ وَالْحمية الشَّدِيدَة وَلَا تَأذن لَهُ أَن يعْمل شَيْئا مِمَّا يُؤذن للصحيح فِيهِ لَا من طَعَام وَلَا من شراب وَلَا حمام وَلَا حَرَكَة وَلَا غير ذَلِك فَإِنَّهُ إِذا كَانَ الْمَرَض الَّذِي سكن يَسِيرا ثمَّ اسْتعْملت هَذَا التَّدْبِير خليق أَن يبرأ وَلَا يعاود وَإِذا كَانَ صعباً فَإِنَّهُ سيعاود وَإِن أَنْت(5/41)
دَبرته بِهَذَا التَّدْبِير لكنه لَا يعاود بصعوبة وخطر شَدِيد فَإِن أغفلت هَذَا التَّدْبِير وَكَانَت الْعلَّة قَوِيَّة عاودت بأصعب مِمَّا كَانَت.
قَالَ: من لم يصبهُ البحران فِي يَوْم باحوري فَلَا يُطلق لَهُ التَّدْبِير الصَّحِيح.
لى: وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع أنحاء البحران حَتَّى يكون تَاما.
لى: صدر هَذَا الْكتاب أَن أول مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من تَدْبِير الناقه معرفَة البحران التَّام والناقص بِجَمِيعِ تواليه فَإِذا عرفت ذَلِك كَانَ إطلاقك لمن أَصَابَهُ بحران تَامّ كَامِل مشاكل لِلْعِلَّةِ بَين جيد الانتعاش والتغذية بِلَا خوف وَلمن لم يصبهُ وأصابه بحران نَاقص فَمَعَ توق بِحَسب ذَلِك.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة افيذيميا قَالَ: إِذا بَقِي بالعليل عَطش وجفاف الْفَم واختلال الشَّهْوَة وتقلب النَّفس فتحفظ فِي تَدْبيره فَإِن حماه ستعاود وَمن شَأْن هَذِه أَن تعاود ثمَّ تَنْقَضِي بعد ذَلِك إِذا كَانَ ذَلِك فَعَلَيْك بالاستفراغ فَإنَّك تأمن بِهِ العودة.
الأولى من الثَّانِيَة قَالَ ج: إِذا حدث خف بَغْتَة وسكنت الْحمى وَلم يكن هُنَاكَ استفراغ وَلَا)
زمَان يَجِيء فِي مثله تحلل فَاعْلَم أَن الْمَرَض يعاود بعد أَن يسكن.
قَالَ: وَقد كَانَ قوم بلغ من ثقتهم بالبراز أَن استحموا وتصرفوا وَأَنا مُقيم على أَنهم سيهلكون لِأَنَّهُ كَانَ قد ظهر بهم فِي مرضهم دَلَائِل مهلكة وَلم يَلْبَثُوا إِلَّا قَلِيلا حَتَّى عَادَتْ عَلَيْهِم الْعلَّة فهلكوا فَأَما من لم يكن ظهر فِي مَرضه دَلَائِل مهلكة فَإِنَّمَا ينذر ذَلِك بعودة فَقَط.
نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: وأتى مَرِيضا فِي الْيَوْم السَّادِس بحران فَأخْبرت أَنه يعاود عَلَيْهِ مَرضه فَجعل ذَلِك الطَّبِيب حرضاً على تكذيبي لَا يدْخلهُ الْحمام وَلَا يسْقِيه الشَّرَاب وَلَا يُعْطِيهِ غذَاء إِلَّا كشك الشّعير أَو حساء وَمَا شاكل ذَلِك ليكذب قولي وَلَا يعود إِلَيْهِ الْمَرَض إِلَّا أَنه على ذَلِك عَاد عَلَيْهِ فِي الثَّانِي عشر.
اربياسيوس قَالَ: الناقه مَا دَامَ على بدنه حَال من الهزال مفرطة بِالْإِضَافَة إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يقدر على احْتِمَال الْحر وَلَا الْبرد وَلَا السهر وَلَا التُّخمَة وَلكنه من أدنى سَبَب من هَذِه ينكس فَإِذا رَجَعَ بدنه إِلَى خصبه الطبيعي فقد صَارَت صِحَّته إِلَى جِهَة العتبة الْوَثِيقَة الْعسرَة الزَّوَال قد ذكر جالينوس فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة: إِن الناقهين يَحْتَاجُونَ إِلَى خلاف ذَلِك إِلَّا أَنه حِينَئِذٍ لَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك لَا من طَرِيق أَنه ناقه بل من طَرِيق أَن بِهِ مَعَ ذَلِك مَرضا ثَانِيًا.
مسَائِل الْفُصُول: إِذا كَانَ الناقه يَشْتَهِي الطَّعَام وَيَأْكُل إِلَى أَن يشْبع وَلَا يقوى بِهِ بدنه دلّ على أَنه يتغذى أَكثر مِمَّا يُطيق هضمه فَيقبل عَلَيْهِ وَلَا يغتذى مِنْهُ وَإِذا كَانَ الناقه لَا يَشْتَهِي الطَّعَام فَإِنَّهُ يدل على أَن بقايا أخلاط ردية فِي بدنه مُحْتَاج إِلَى أَن يستفرغ.(5/42)
لى: الناقه إِمَّا أَن يَشْتَهِي الْغذَاء وَإِمَّا لَا وَإِذا اشْتهى فإمَّا أَن يقوى بِهِ وَإِمَّا لَا فَتكون التراكيب أَرْبَعَة يَشْتَهِي ويقوى بِهِ هَذِه هِيَ الْحَالة الجيدة ويشتهي وَلَا يقوى بِهِ هَذِه هِيَ الْحَالة الَّتِي يَأْكُل أَكثر مِمَّا يُطيق وَيسْقط قِسْمَانِ لَا يَشْتَهِي ويقوى وَلَا يَشْتَهِي وَلَا يقوى. من كَانَت شَهْوَته بعد الْمَرَض مُحْتَملَة فاستفرغه لِأَنَّك إِن غذوته فَإِنَّمَا تزيده شرا كَمَا قَالَ ابقراط قَالَ: وَفِي الاكثر إِنَّمَا يكون ذَلِك لأخلاط ردية فِي الْمعدة.
لى: تفقد ذَلِك فَإِن رَأَيْت أَن سَبَب اختلال الشَّهْوَة امتلاء الْمعدة من رطوبات ندية فقيئه وَإِن رَأَيْت سوء النّفُوذ فَأصْلح الكبد وَإِن رَأَيْت الْبدن كُله فِيهِ أخلاط ردية فاستفرغه فَإِن كَانَ عليل قوته ضَعِيفَة فقوه أَيَّامًا واستفرغه وَإِن كَانَ ناقها لَا يقوى وألزمه التفرغ لِأَنَّهُ إِن كَانَ ضَعِيفا لَا يُمكن فِيهِ أَن يستفرغ ضَرْبَة فقد رَأَيْت رجلا هَذِه حَاله وَكنت أسهله كل يَوْم بالتفرغ لِأَنَّهُ إِن)
كَانَ ضَعِيفا لَا يُمكن فِيهِ أَن يستفرغ ضَرْبَة فقد رَأَيْت رجلا هَذِه حَاله وَكنت أسهله كل يَوْم بالتفرغ مجلسين فنقي فِي عشرَة أَيَّام ثمَّ تغذى وتقوى وَإِنَّمَا يحْتَاج إِن ذَلِك فِي الْأَكْثَر إِذا لم يخرج من الْمَرَض ببحران.
لى: وَلَا يتوانى فِي أَمر الناقه إِذا كَانَ سَاقِط الْقُوَّة وخاصة إِن كَانَ أَحْمَر المَاء لِأَنَّهُ ستعود عَلَيْهِ الْحمى لَكِن استفرغه سَرِيعا وبرده وأطفئه فَإِن كَانَ حَال ناقه ضَعِيفا جدا فَعَلَيْك بالتغذية بِمَا يرطب ويبرد حَتَّى يغمر الْخَلْط المراري ويحيل كيفيته من كَانَ ينَال من الناقهين من الْغذَاء وَلَا يتزيد بدنه فَإِنَّهُ بِآخِرهِ يصير إِلَى أَن لَا يَشْتَهِي لِأَن هَذَا يدل على أَن آلَة شَهْوَته قَوِيَّة وَإِن آلَة الْغذَاء ضَعِيفَة فيتزيد على طول الزَّمَان الأخلاط الردية فِي بدنه فَيصير لَا يَشْتَهِي وَأما من كَانَ لَا يَشْتَهِي من الناقهين الْغذَاء ثمَّ استفرغوا أَو لم يستفرغوا لَكِن قل أكلهم بِإِرَادَة فَإِنَّهُم سيشتهون بعد ذَلِك لِأَن النقية من الْمَرَض تنضج وتعود الْحَال الطبيعية.
من كتاب حنين فِي تَدْبِير الناقه قَالَ: القَوْل الَّذِي ذكره جالينوس فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة فِي تَدْبِير الناقهين: إِنَّمَا هُوَ فِي الناقه الَّذِي لَيست فِي بدنه بقايا من الأخلاط الممرضة بل قد نقي غَايَة النَّقَاء فَإِن هَؤُلَاءِ دَائِما يَحْتَاجُونَ إِلَى التغذية وَالتَّدْبِير المنعش فَقَط وَأما سَائِرهمْ فيحتاجون إِلَى علاج مرض أَعنِي بعض مَا يعالج بِهِ الْمَرِيض من استفراغ وَنَحْوه وَلَا يَنْبَغِي أَن يغذوا قبل ذَلِك لِأَن ابقراط قَالَ: إِن الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كَمَا غذوته زِدْته شرا.
لى: قد يكون ناقه يحْتَاج إِلَى أَن تستفرغه وتغذوه مَعًا لِأَنَّهُ يكون سَاقِط القوى رَدِيء الأخلاط وَهَؤُلَاء أصلح الْأَشْيَاء لَهُم الأغذية الدوائية كَمَاء الشّعير والسكنجبين وَنَحْوه من سَائِر الْأَشْيَاء مِمَّا يقمع الْخَلْط الرَّدِيء الَّذِي فِي أبدانهم وَإِن كَانَ هُوَ لابد مِمَّا هُوَ إغذاء من ذَلِك فمما لَا يَسْتَحِيل إِلَيْهِ الْبَتَّةَ فَإِنَّهُ وَإِن لم يكن فِيهِ استفراغ إِذا أَنْت دَبرته بِهَذَا التَّدْبِير أصلحت أخلاطه.
لى: مصلح.
قَالَ حنين: من الْفُصُول الَّتِي ذكرهَا ابقراط مِمَّا يَلِيق بتدبير الناقه قَوْله البقايا الَّتِي تبقى بعد البحران يجلب عودة فَإِن هَذَا الْفضل يرشد إِلَى أَن يحرز فِي تَدْبِير من لم يخرج من علته ببحران كَامِل وَلَا سِيمَا مَتى رَأَيْت مَا يبرز من بدنه بعد البحران من بَوْل أَو برَاز مرارياً فَبَقيت بِهِ أَعْرَاض مَرضه كالعطش والغثي ومرارة الْفَم وَسُقُوط الشَّهْوَة والإعياء وَنَحْوه.(5/43)
وَقَوله الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كلما غذوته فَإِنَّمَا يزِيدهُ شرا: فَإِن هَذَا يرشد إِلَى إِن لَا تدبر)
الناقه الَّذِي لم يبْق بِالتَّدْبِيرِ المنعش فَقَط بل وبالمنقى. وَقَوله لِأَن تملأ الْبدن من الشَّرَاب أسهل من أَن تملأه من الطَّعَام فَإِن هَذَا يرشد إِلَى الأغذية الرّطبَة السريعة النّفُوذ.
وَأما قَول ج مَا يغذو الْبدن غذَاء حريزاً فيرشد إِلَى مَا لَا يَسْتَحِيل إِلَى ذَلِك الْخَلْط الَّذِي فِي بدنه وَقَوله إِذا كَانَ الناقه ينَال من الْغذَاء وَلَا يقوى بِهِ فَإِنَّهُ يحمل على بدنه مِنْهُ أَكثر مِمَّا يحْتَاج إِلَيْهِ فَأَما من كَانَ لَا يَشْتَهِي الْغذَاء فبدنه يحْتَاج إِلَى استفراغ وَقَوله من كَانَ يَأْكُل من الناقهين وَلَا يتزبد بدنه فَإِنَّهُ سيسقط شَهْوَته بعد ذَلِك وَأما من كَانَ من أول أمره لَا يَشْتَهِي ثمَّ اشْتهى فحاله أصلح واستتم مَا يحْتَاج إِلَيْهِ.
من بَاب الأسمان والذبول. قَالَ: الناقهون إِنَّمَا احتاجوا أَن يغذوا بأغذية لَطِيفَة رقيقَة سريعة النّفُوذ لِأَن قواهم ضَعِيفَة فَلذَلِك لَا يهضمون الأغذية القوية حَتَّى إِذا تراجعت قواهم قَلِيلا زيد فِي الغلظ بِحَسب ذَلِك.
قَالَ وَفِي الْأَكْثَر الْحَرَارَة الغريزية مُخْتَلفَة فِي أبدان الناقهين قَليلَة فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن ينعش بِمَا يقيمها من الأغذية اللطيفة المعتدلة.
لى: رُبمَا احْتَاجَ إِلَى أغذية بَارِدَة وَذَلِكَ لحسن حَال الْبدن.
من كتاب العلامات قَالَ: انْظُر فِي الناقه إِلَى مجسته وبوله هَل هما راجعان إِلَى الْحَال الطبيعية وَفِي طعم فَمه وشهوته وعطشه ونومه فَإِن وجدت ظَاهر بدنه يَابسا وَهُوَ خَبِيث النَّفس وَيَأْخُذهُ غثيان ونومه مُضْطَرب ويقلق فِي السَّاعَة الَّتِي كَانَت تنوب عَلَيْهِ فِيهَا الْحمى فَإِنَّهُ يستعان بِهِ وخاصة إِن كَانَ ناقها من مرض وَرمى وَكَانَ بِهِ بَقِيَّة مِنْهُ فِي أحشائه وَشدَّة الْعَطش والتلهب وَأَن يكون الْمَرَض فِي الخريف مِمَّا ينذر بِرُجُوع.
لى: يَنْبَغِي أَن يذكر فِي تَدْبِير كل نَاقَة مِثَالا فَنَقُول من خرج من البرسام توقى عَلَيْهِ خشونة الصَّدْر وَمن خرج من ورم فِي كبده مِمَّا يورم الكبد وَنَحْو ذَلِك فِي علل لتَكون أَمْثِلَة فَإِن تَدْبِير الناقهين هَكَذَا يجب فِي كل ناقه.
جورجس قَالَ: وَمن خرج من الناقهين من علته باستفراغ فَلَا تستفرغه وَمن انحط مَرضه أَو خرج مِنْهُ بِلَا استفراغ وَكَانَ مَرضا حاداً صفراوياً فاسقه الإهليلج والسقمونيا والترنجبين لِئَلَّا تعاود علته.
لى: الناقه يحْتَاج أَن يكثر الْأكل حَتَّى يقوى فَيرجع دَمه وَيكثر شَهْوَة الناقهين من حرارة بَاقِيَة فِي)
معدهم فَلذَلِك يَنْفَعهُمْ دَوَاء جالينوس الْمُتَّخذ من مَاء السفرجل والخل وَالسكر وَمِنْهُم من يَشْتَهِي الطَّعَام على الرِّيق وَالْمَاء الْبَارِد وتضمد معدته بالباردة وَمِنْهُم من يحْتَاج إِلَى خلنجبين وقرص وَاحِد وَنَحْو ذَلِك وَإِذا كثرت البثور على شَفَتَيْه بعد الْحمى فصد.
سرابيون قَالَ: لبَقَاء الحدة بالناقهين من حميات حارة: اسْقِ أَقْرَاص طباشير وَورد وبزر(5/44)
البقلة الحمقاء وبزر القثاء وبزر القرع وَرب السوس شَيْئا كثيرا بِمَاء الرُّمَّان.
لى: لَا شَيْء أبلغ فِي إطفاء هَذِه الفضلات من النقوع أَو مَاء الرمانين أَو شراب الأترج وَبِالْجُمْلَةِ الْأَشْيَاء المزة فَإِن احتجت إِلَى لين فَخذ مِنْهَا مَا يلين كالنقوع وَإِن احتجت إِلَى يبس فماء حماض الأترج والريباس وَإِن احتجت إِلَى مَا يُقَوي الْمعدة فسكنجبين جالينوس الَّذِي بِمَاء السفرجل.
لى: فِي لفظ تَفْسِير جالينوس للفصل الَّذِي أَوله الناقه إِذا كَانَ لَا ينَال من الْغذَاء: أَن الناقه إِذا كَانَ لم يشته الطَّعَام فَإِنَّهُ يحْتَاج إِلَى استفراغ لِأَن فِي بدنه أخلاطاً ردية وَسُقُوط شَهْوَة الناقه رُبمَا كَانَ لذَلِك وَرُبمَا كَانَ لشدَّة ضعفه وَقلة حرارته فافرق بَينهمَا فَإِن الأول الَّذِي تسْقط شَهْوَته بخلط ردي فِي بدنه فِي فِيهِ طعوم ردية ويعرض لَهُ عَطش وَفِي بدنه التياث ولونه رُبمَا كَانَ دَالا على ذَلِك الْخَلْط وَهَذَا الثَّانِي فَمه برِئ من الطعوم وَكَذَلِكَ سَائِر حالاته وشهوته تزداد أَولا أَو لَا مَتى أكل وَأما الثَّانِي فَلَا. د: وَقَالَ: ج إِن طبخ بسر النَّخْلَة وَشرب طبيخة مَعَ جلاب زَاد فِي الْحَرَارَة الغريزية جدا.
لى: هَذَا يحْتَاج إِلَيْهِ الناقهون.
لى: رَأَيْت السكنجبين السفرجلي جيد للناقهين يسكن عطشهم ويشهيهم الْغذَاء وَمن احْتمل فليطبخ لَهُ شراب أَبيض وَمَاء السفرجل فَإِنَّهُ جيد.
من كتاب حنين فِي تَدْبِير الْمطعم وَالْمشْرَب قَالَ: الناقه يحْتَاج إِلَى غذَاء يغذوا قَلِيله غذَاء كثيرا.
لى: الناقه إِذا تمددت معدته حم وَثقل.
من سياسة الصِّحَّة قَالَ: عَلَامَات من يعود عَلَيْهِ مرض أَن يكون يَابِس الْفَم ويعرق بِاللَّيْلِ وَفِي النّوم وَمَعَ ذَلِك تبيض شفتاه وتغور عَيناهُ.
من مسَائِل الْفُصُول: من ضمر بدنه فِي زمَان يسير فَلْيَكُن غرضك أَن ترد إِلَى الخصب فِي زمَان)
يسير وَذَلِكَ يكون بِالَّتِي تسرع الإغذاء وَيكثر وَهَؤُلَاء محتملون لذَلِك لِأَن الَّذِي نقص من هَؤُلَاءِ رطوبات وأعضاؤهم الْأَصْلِيَّة ثَابِتَة بِحَالِهَا وقواها يُمكنهَا إِحَالَة الْغذَاء وهضمه ولتكن أغذيتهم إِلَى الرطوبات مَا هِيَ مثل الأحساء وَالْخُمُور الغليظة لترجع رطوباتهم سَرِيعا فَأَما الْأَبدَان الَّتِي نهكت فِي زمَان طَوِيل وَذَلِكَ يكون بالأغذية الَّتِي هِيَ أغْلظ وَأَبْطَأ غذَاء وبمقدار أقل لِأَن الَّذِي نقص من هَؤُلَاءِ نفس جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وضعفت قواها أَيْضا لذَلِك فَهِيَ لَا تحيل الْغذَاء على مَا يجب فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يغذوا قَلِيلا قَلِيلا لترجع إِلَيْهَا قواها وَتصير قَوِيَّة على إِحَالَة الْغذَاء وَتَكون أغذية قَوِيَّة غَلِيظَة اللَّحْم وَالْخبْز النقي لِأَن الَّذِي فقدوه أَشْيَاء غَلِيظَة فيحتاجون إِلَى(5/45)
تغير يغيرهم اللَّحْم لَهُ بَقَاء وثبات كَالَّذي انحل مِنْهُم وَمن كَانَت شَهْوَته مختلة بعد الْخُرُوج من الْمَرَض وَاجِب أَن يستفرغ لِأَنَّهُ إِن لم يستفرغ خيف أَن تحدث عودة لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يكون لبَقيَّة من ذَلِك الْخَلْط.
لى: تفقد فَإِنَّهُ قد يكون لأسباب أُخْرَى أَيْضا ثمَّ اعْمَلْ بِحَسبِهِ وَفِي الْأَكْثَر إِنَّمَا يكون كَمَا قَالَ وَيحْتَاج إِلَى استفراغ.
أَقْرَاص للناقه إِذا كَانَت هُنَاكَ بقايا حرارة وَحَال قريبَة من سوء مزاج ولين طبيعة يُؤْخَذ: طباشير وَورد مطحون وبزر الهندباء وبزر الكشوث وبزر البقلة الحمقاء وعصارة الغافت من كل وَاحِد جُزْء وَمن الكافور سدس جُزْء يعجن بِمَاء الهندباء ويسقى مِنْهُ مِثْقَال.
أَقْرَاص عَجِيبَة مبردة جدا تصلح للناقه الَّذِي فِيهِ بقايا حرارة: ورد مطحون ثَلَاثُونَ درهما بزر الهندباء وبزر القرع المقشر من كل وَاحِد سَبْعَة دَرَاهِم بزر بقلة الحمقاء خَمْسَة دَرَاهِم نشا ثَلَاثَة دَرَاهِم طباشير سَبْعَة دَرَاهِم يعجن بلعاب بزر قطونا وَيُؤْخَذ مِنْهُ قرصة بحلاب.
الأولى من أَيَّام البحران: قد يحْتَاج فِي أَن يصحح أَسمَاء انْقِضَاء الْمَرَض الَّذِي ينقضى ببحران لَا ينْحل إِلَّا أَن يكون فِيهِ بحران بَين تَامّ باستفراغ أَو خراج فَمن كَانَ بحران مَرضه بذلك فَعَلَيْك بانعاشه وَمن لم يَصح لَهُ ذَلِك لَكِن سكن مَرضه بِغَيْر استفراغ وَلَا فِي زمَان طَوِيل على طَرِيق التَّحَلُّل فَاعْلَم أَنه سيعاود فَخذه بالاحتراس ولطف تَدْبيره وَلَا تَدعه يتعب وَلَا يدْخل الْحمام وَدبره كَأَنَّهُ فِي مَرضه فَإنَّك إِذا فعلت بِهِ ذَلِك إِن كَانَ الْمَرَض الَّذِي مضى يَسِيرا فخليق أَلا يعاود وَإِن كَانَ صعباً فسيعاود لَكِن لَا يعاود بخطر وَشدَّة فَإِن أهملته وَكَانَ الْمَرَض شَدِيدا عاود بشر مِمَّا كَانَ.)
الثَّانِيَة من الْفُصُول: قَالَ حنين قَالَ ابقراط: الْأَبدَان الَّتِي هزلت فِي زمَان طَوِيل يَنْبَغِي أَن تعيدها إِلَى الخصب فِي زمَان طَوِيل وَالَّتِي هزلت هِيَ فِي زمن يسير فَفِي أزمان يسيرَة.
قَالَ حنين: لِأَن هَذِه إِنَّمَا ذاب مِنْهَا وَخرجت الرطوبات فَقَط فَأَما أعضاؤها الْأَصْلِيَّة الَّتِي يكون بهَا الهضم فباقية بِحَالِهَا فَهِيَ تحْتَمل أَن تغذى بِكَثْرَة وَأما الأولى فَإِن نفس الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة الَّتِي بهَا يكون الهضم قد ضعفت فَلَا يُمكن أَن تغذى كثيرا دفْعَة لِأَنَّهُ لَا ينهضم لضعف هَذِه الْأَعْضَاء لكنه يَنْبَغِي أَن تغذى قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تقوى وَترجع إِلَى حَالهَا.
لى: هَذَا أول فصل نحتاج إِلَيْهِ نضعه فِي تَدْبِير الناقه ثمَّ نتبعه بِسَائِر الْفُصُول ونأتي للتين الْيَابِس برد اللَّوْن الذَّاهِب من الْمَرَض المزمن. د: توق التُّخمَة فَإِن مضرتها عَلَيْهِ شَدِيدَة والأغذية الغليظة الجافية والمتفخة السريعة الْفساد وليأكل مَرَّات قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يكثر دفْعَة ويتوقى كَثْرَة شرب المَاء وَالشرَاب فَإِنَّهُمَا ضاران واختر لَهُ الْأَطْعِمَة السريعة النضج.
اركاغانس فِي الْأَدْوِيَة المزمنة قَالَ: يوقى الناقه من الْبرد لِأَنَّهُ يسْرع إِلَيْهِ لقلَّة لَحْمه(5/46)
وَدَمه وَمن الْحر لِأَنَّهُ يحر مزاجه سَرِيعا لقلَّة رطوباته وَمن التخم فَإِن أذاها لَهُ شَدِيد جدا وَيجْعَل أطعمته سهلة الهضم ويقلل مِنْهَا.
قسطا: من ضعف من نزف دم أَو جِرَاحَة فمما يسْتَردّ بِهِ قوته الطّيب والأدهان المسخنة العطرية وَشرب مَاء اللَّحْم الْمَعْمُول بِالشرابِ الريحاني وبقشر الأترج والتفاح والسفرجل وَشرب الترياق ودواء الْمسك أَو ممزوجين وَنَحْوهَا مِمَّا يُقَوي حرارة الْقلب وَمِمَّا تسترد بِهِ قُوَّة الْمَرْأَة إِذا ولدت وَكثر نزفها: أطعمها مَا يُولد الدَّم وأحضرها نفعا الأكباد ومخ الْبيض وَالْخمر الغليظة السَّوْدَاء.
من الْكتاب الْمَنْسُوب إِلَى ج فِي العلامات قَالَ: إِذا كَانَ بَوْل الناقه يشبه بَوْله فِي الْمَرَض وَيكون لون ظَاهر بدنه كُله كلونه فِي الْمَرَض وقوته غير قَوِيَّة وَلَا يَشْتَهِي الطَّعَام وهضمه قَلِيل وَبِه غشى وخبث نفس ونفخة رَجَعَ إِلَيْهِ مَرضه وَكَذَلِكَ إِن كَانَ نَومه خلاف عَادَته فِي الصِّحَّة.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: إِن بدن الناقه يعْنى بِهِ بالركوب والدلك وَالْمَشْي الْقَلِيل والاستحمام قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء الناقه إِن تَعب وسهر وَأمْسك عَن الطَّعَام مُدَّة طَوِيلَة عاودته الْحمى.
من كتاب الفصد لحنين قَالَ: أضرّ مَا يكون اخْتِلَاف الْمِيَاه والأهوية والأغذية على المعتادين)
للحمية.
من أَيَّام البحران: إِذا عاود الْمَرَض ونكس الْمَرِيض وَالْقُوَّة ضَعِيفَة والأعراض صعبة ردية فَهُوَ قتال وبالضد وَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل فِي الْمَرَض الْمخوف التَّدْبِير الملطف وَفِي الْمَأْمُون التَّدْبِير المنعش وَإِذا كَانَ مشرفاً على النكسة فدبره تَدْبِير المرضى فَإِنَّهُ إِمَّا أَن تمنع نكسة وَإِمَّا أَن تجعلها قَليلَة ضَعِيفَة.
أَيَّام البحران نَفسه قَالَ ج: الْأَمْرَاض الَّتِي لَيْسَ انقضاؤها بالتحلل وَهِي الحادة الَّتِي تَنْقَضِي إِمَّا باستفراغ وَإِمَّا بخراج إِذا انْقَضى بِغَيْر ذَلِك فتوقع عودته ولطف تَدْبِير الناقه وامنعه أَن يجْرِي فِي تَدْبيره من الطَّعَام وَالشرَاب وَالْحَرَكَة وَالْحمام على مثل تَدْبِير الأصحاء فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك فخليق أَن يبرأ برءاً تَاما وَإِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما وعاود فَإِنَّهُ لَا يعاود بِشدَّة فَإِن أهملته هَذَا التَّدْبِير وَكَانَ الْمَرَض عَظِيما وعاود قتل لِأَنَّهُ يجد وَالْقُوَّة قد خارت.
ابْن سرابيون قَالَ: الناقه يحْتَاج إِلَى الْغذَاء ليعود إِلَيْهِ جِسْمه وَدَمه لَا إِلَى الدَّوَاء والناقه مَا دَامَ على حَاله من قلَّة الدَّم وَاللَّحم لَا يحْتَمل الْحر وَالْبرد والسهر والتخمة وَلَا غير ذَلِك من نَحوه لَكِنَّهَا تنكسه من أدنى سَبَب لِأَن صِحَّته غير وَثِيقَة يحْتَاج أَن تطعم هَؤُلَاءِ الْأَطْعِمَة السريعة الاستحالة الجيدة الْخَلْط كالصغير من السّمك والفراريج.(5/47)
قَالَ فِي الصِّنَاعَة الصَّغِيرَة: إِن الناقهين فِي أبدانهم دم جيد إِلَّا أَنه قَلِيل قَالَ: وَكَذَلِكَ الرّوح النفساني والحيواني فيهم يسير وأعضاؤهم الْأَصْلِيَّة يابسة وَلذَلِك قواهم ضَعِيفَة وأبدانهم كلهَا أبرد وعلاجهم جملَة كل مَا أعَان على أَن يغذي الْبدن غذَاء سَرِيعا حَرِيرًا فَهَذِهِ جملَة وبالتفصيل بالحركة المعتدلة الْغذَاء المعتدل وَالنَّوْم والاستحمام فَإِذا صلحوا صلاحاً بَينا فليتصرفوا فِي بعض مَا كَانُوا يعتادونه وَليكن أطعمتهم من أول تدبيرهم أرطب فَإِذا امتدت بهم مُدَّة التَّدْبِير وقووا فاجعله أقوى وَأكْثر غذَاء وَأصْلح الشَّرَاب لَهُم الشَّرَاب المعتدل فِي زَمَانه الريحاني والمعتدل الطّعْم.
ابيذيميا قَالَ: إِذا بقيت من الْعلَّة بَقِيَّة فَإِن العودة حِينَئِذٍ أسْرع مَا يكون وَهِي كائنة ضَرُورَة إِن لم تعالج حَتَّى تنقى من ذَلِك الْبَقِيَّة أَو لم تكن الْبَقِيَّة قَليلَة الْمِقْدَار أَو قريبَة من النضج فَأَما إِن كَانَت كَثِيرَة بعيدَة من النضج فَلَا شكّ أَنه يعاود فَإِن كَانَ قد عولج كَانَ معاودتها أقل حِدة وَبِالْعَكْسِ.)
وَقَالَ فِي كتاب العلامات: إِذا رَأَيْت أَعْرَاض السقم قد هدأت والنوبة قد جَاوَزت وَقتهَا إِن حضرت وَلَيْسَ فِي الْعرق اخْتِلَاف وَكَانَ النّوم قبل ذَلِك طيبا وَحسن الْوَجْه قويت النَّفس فَإِن الْحمى لَا تعاود وَإِذا كَانَ المَاء غير نضيج لَا سَحَابَة فِيهِ أَو كَانَ على لَونه الَّذِي فِي الْمَرَض سَوَاء وعَلى قوامه وَقُوَّة العليل ضَعِيفَة لَا تقوى وَلَا تنهض وَلَا يَشْتَهِي الطَّعَام وَهُوَ خَبِيث النَّفس وَيَأْخُذهُ الغثيان ونفخة فِي الْمعدة وَتَحْت الشراسيف أَو الْبَطن جملَة عِنْد الكبد أَو عِنْد الطحال ويحمض الطَّعَام فِي معدته من عَارض يُوجب ذَلِك من خَارج فَإِن مَرضه يعاود. وَإِن كَانَت الْعلَّة حادة فَإِنَّهُ مَتى كَانَ النّوم غرقاً من غير اضْطِرَاب فَإِنَّهُ لَا يعاود وبالضد وَإِذا كَانَت الْقُوَّة لَا تقوى ويعسر النهوض فَاعْلَم أَن مَرضه سيعاود وخاصة إِن كَانَ بِهِ بقايا ورم فِي معدته أَو كبده أَو جَوْفه جملَة وَإِن كَانَ يعطش ويلتهب كثيرا فَإِنَّهُ يعاود وأمراض الخريف فِي الْأَكْثَر تعاود.
ابيذيميا: الْأَمْرَاض الَّتِي من شَأْنهَا أَن تعاود بأدوار مَعْلُومَة أَو غير منتظمة يَنْبَغِي أَن يحمى العليل بعد الْخُرُوج مِنْهَا فَإِن وَقع فِيهَا مَعَ الحمية فَيَنْبَغِي أَن يسْتَعْمل التَّدْبِير المرضى لمزاج الْبدن وتنقله من ذَلِك الْبَلَد إِلَى بلد مُوَافق مِثَال ذَلِك أَن تنقل فِي عِلّة السل من الْبَلَد الْيَابِس إِلَى الْبَلَد الرطب.
قَالَ ج فِي كتاب الأخلاط: لَا الشِّبَع جيد للأبدان النَّاقِصَة والجوع لَهَا رَدِيء.
قَالَ: وَالنَّوْم أَنْفَع مَا يكون إِذا كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَالدَّم قَلِيلا وخاصة إِن كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك لى: والناقه دَمه قَلِيل لَا شَهْوَة فِيهِ فَهُوَ من أجل ضعف قوته وَقلة دَمه يحْتَاج إِلَى الْغذَاء وَالنَّوْم وَلَكِن أَضْعَف الْقُوَّة لَا يَنْبَغِي أَن يشْبع بإفراط بل أقل من الشِّبَع وينام ثمَّ لَا يَأْكُل حَتَّى يقسمهُ فِي مَرَّات.(5/48)
لى: الناقه إِذا كَانَ ينَال من الْغذَاء وَلَا يقوى بذلك بدنه فَلَا يحمل مِنْهُ على نَفسه فَوق الطَّاقَة وَإِن كَانَ ينَال من الْغذَاء بِقدر معتدل وَهُوَ مَعَ ذَلِك لَا يقوى بدنه يحْتَاج إِلَى استفراغ.
قَالَ: من كَانَ يَشْتَهِي الطَّعَام ويرزأ مِنْهُ الْكثير وَلَا ترجع قوته إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ فِي حَال صِحَّته فَاعْلَم أَن الطَّعَام لَا ينهضم مِنْهُ لكنه يثقل على بدنه فَأَما من لَا يشتهيه فَاعْلَم أَن فِي بدنه أخلاطاً ردية لَا يُمكن أَن يعود إِلَى حَال الصِّحَّة إِلَّا باستفراغها لِأَن الْبدن الَّذِي لَيْسَ ينقى كلما غذوته زِدْته شرا لِأَن الْغذَاء الَّذِي يرد الْبدن الْفَاسِد الأخلاط يفْسد بفسادها ويستحيل إِلَيْهَا فَيكون ذائباً زَائِدَة فِي كَثْرَة تِلْكَ الكيموسات الردية وَتبقى كيفيتها على حَالهَا وَأكْثر مَا يكون ذَلِك)
إِذا كَانَت الْمعدة مَمْلُوءَة كيموسات ردية فَعِنْدَ ذَلِك يعرض للناقه أَلا يَشْتَهِي الطَّعَام لِأَن تملؤ الْبدن من الشَّرَاب أسهل من تملؤه من الطَّعَام.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: إِن من احْتَاجَ إِلَى زِيَادَة فِي بدنه سَرِيعا فأبلغ الْأَشْيَاء لَهُ فِي رد قوته الشَّيْء الرطب وَمن احْتَاجَ إِلَى زِيَادَة أسْرع من ذَلِك فتقويته تكون بالشَّيْء الَّذِي يسمن وَهَذِه الرطوبات تكون مِمَّا لَهَا غذَاء كالأشربة الغليظة فَإِن الْأَشْرِبَة الرقيقة الْبيض تدر الْبَوْل وَلَا تغذو الْبدن إِلَّا غذَاء قَلِيلا.
قَالَ: وَالشرَاب الْأَحْمَر الغليظ أَكثر الْأَشْرِبَة غذَاء ويملؤ الْأَبدَان الَّتِي استفرغت واحتاجت إِلَى الزِّيَادَة أسْرع مَا يكون وَلَيْسَ يخفى على من يعلم كَيفَ تكون التغذية أَن الأغذية الرّطبَة أسْرع وأسهل غذَاء للبدن وخاصة إِن كَانَت مَعَ ذَلِك حارة.
الناقه إِذا كَانَ لَا يَشْتَهِي الطَّعَام وَعلمت أَن فِي بدنه بقايا فاستفرغه لِأَن هَذِه البقايا تجلب عودة الْمَرَض لِأَنَّهَا تعفن على طول الْأَيَّام فتولد حمى لِأَن كل رُطُوبَة غَرِيبَة لَا تستحيل إِلَى طبع الْمُحِيل فَلَا بُد أَن يؤول أمرهَا إِلَى العفونة سَرِيعا ضَرُورَة فَإِن كَانَت مَعَ ذَلِك مجتمعة فِي مَوضِع حَار كَانَت عفونتها أسهل.
الْفُصُول: قَالَ إِن عَلامَة إغذاء الشَّيْء الْوَارِد على الْبدن لَهُ زِيَادَة فِي قُوَّة النبض وعظمه وَزِيَادَة قوته الإرادية للبدن وَأولى من يختبر هَذَا فِيهِ من نقصت قوته من استفراغ محسوس أَو تَعب أَو تجويع.
لى: كَذَلِك امتحن فِي الغشي إِذا كَانَ الناقه يحظى من الطَّعَام وَلَا يزِيد خصب بدنه فَذَلِك لضعف قوته الغاذية أَو لأخلاط ردية.
لى: افصل بَينهمَا باللون وَالْبرَاز وَالْبَوْل وَسَائِر الدَّلَائِل ثمَّ إِن كَانَت رداءة أخلاط مَا فاستفرغه وَإِن كَانَ ضعف الْقُوَّة الغاذية فقوها بالدعة وَالشرَاب والروايح الطّيبَة والأضمدة على الْبَطن وَالْحمام.
من كَانَ من الناقهين لَا يتزيد بدنه وَهُوَ يحظى من الطَّعَام فِي أول نقهه فَإِنَّهُ يؤول أمره إِلَى أَن لَا يحظى من الطَّعَام وَلَا يتزيد بدنه فإمَّا من يمْتَنع فِي أول أمره شَهْوَة الْغذَاء ثمَّ(5/49)
يحظى مِنْهُ بِآخِرهِ فحاله تكون أَجود لِأَن الَّذِي يحظى من الطَّعَام وَلَا يتزيد بدنه فمعه بَقِيَّة أخلاط ردية فعلى طول الزَّمَان تعظم الرداءة حَتَّى تبلغ أَن تظهر بالشهوة أَيْضا وَأما من كَانَت شَهْوَته ضَعِيفَة فِي أول)
نقهه فَإِنَّهُ يدل على أَن طَبِيعَته كَانَت تنضج بَقِيَّة الأخلاط الردية الَّتِي كَانَت فِي بدنه وَإِنَّهَا قد عرفت مِنْهَا الْآن من أَصَابَهُ خراج أَو إعياء فِي المفاصل بعد الْحمى فَإِنَّهُ يتَنَاوَل من الطَّعَام أَكثر مِمَّا يحْتَمل الناقه فَإِنَّهُ يدل إِذا تملأ يَعْنِي بعد أَن تعرض لَهُ الامتلائية وخاصة إِن كَانَت قوته ضَعِيفَة.
قَالَ فِي تَدْبِير الناقه: غذَاء الناقه لَا يَنْبَغِي أَن يكون لرقته يتَحَلَّل وَيخرج عَن الْبدن سَرِيعا وَلَا أَن يكون لغلظه وقوته يعسر هضمه ونفوذه وَخُرُوجه بل يَنْبَغِي أَن يكون متوسطاً فِي الغلظ واللطافة.
أطهورسفس قَالَ: الْعَسَل يرد قُوَّة من قد سَقَطت مجسته لضَعْفه والشهد يرد الْقُوَّة جدا.(5/50)
(البحران) هَل يكون أم لَا أتاما يكون أم نَاقِصا أم قَرِيبا يكون أم بَعيدا مخوفا أم سليما أم عسيراً أم سهلاً أجيداً أم ردياً أَو بِأَيّ نوع يكون وَفِي أَي وَقت ووثيق هُوَ أم غير وثيق وَإِلَّا غائلة لَهُ.
قَالَ ج فِي الْمقَالة من كتاب البحران: لَيْسَ شَيْء أدل على تعرف مَا يحدث للْمَرِيض من التَّغَيُّر إِلَى الصّلاح أَو الرداءة من الْمعرفَة بِوَقْت مُنْتَهى الْمَرَض ومنتهى الْمَرَض هُوَ أَشد أوقاته وأصعبه وَالْمَرَض يقتل إِمَّا فِي وَقت تزيده إِذا كَانَ ردياً خبيثاً أَو كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة وَإِمَّا فِي وَقت منتهاه فَأَما فِي وَقت انحطاطه فقد اخْتلف الْأَطِبَّاء فِي ذَلِك.
لى: الْمَرَض لَا يقتل فِي وَقت ابْتِدَائه لِأَنَّهُ لم يبلغ إِلَى الطبيعة بعد وَلَا فِي وَقت انحطاطه لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قد قهر وَغلب وَلَيْسَ يكون فِي هذَيْن الْوَقْتَيْنِ موت إِلَّا لعِلَّة بادية أُخْرَى. ج: لما أَرَادَ أَن يعلم كَيفَ يتعرف البحران اضْطر فِي ذَلِك إِلَى أَن يعلم أَولا أَوْقَات الْأَمْرَاض واضطر فِي تعلم أَوْقَات الْأَمْرَاض إِلَى أَن يعلم الِاسْتِدْلَال على تعرف نوع الْمَرَض مُنْذُ أول ابْتِدَائه وَالِاسْتِدْلَال على النضج وَعَدَمه لِأَن الْأَمْرَاض مِنْهَا طَوِيلَة وَمِنْهَا قَصِيرَة لِأَن النضج لَا يكون إِلَّا بِالْقربِ من الْمُنْتَهى فَخص أَكثر الْمقَالة الأولى من كتاب البحران بأوقات الْأَمْرَاض وَالثَّانيَِة بتعرف قَالَ: عَلَامَات النضج إِذا ظَهرت مُنْذُ أول الْمَرَض دلّت على أَن الافراق يكون سَرِيعا وعلامات التّلف إِن كَانَت عَظِيمَة دلّت على أَن التّلف يكون سَرِيعا وَإِن نقصت فعلى أَنه يكون أَبْطَأَ.
3 - (عَلَامَات البحران)
لَيْسَ يجوز أَن تظهر عَلَامَات النضج إِلَّا وَهِي دَالَّة على خير عَظِيم فإمَّا الاستفراغات والخراجات والعلامات الدَّالَّة عَلَيْهَا أَعنِي على هَذِه الاستفراغات وَهِي العلامات الَّتِي تتقدم كَون البحران مذل تغير النَّفس بَغْتَة واختلاط الذِّهْن وسيلان الدُّمُوع والسدر والسبات والسهر والشعاع أَمَام الْعين وَالْكرب ووجع الْفُؤَاد والصداع والوجع فِي عُضْو مَا فَإِنَّهَا تدل على خير وَرُبمَا دلّت على بلَاء عَظِيم.
لى: تدل على بلَاء عَظِيم إِذا كَانَت قبل النضج وَكَانَت عَلَامَات الْهَلَاك مَوْجُودَة وَلَا تدل على قلَّة الِانْتِفَاع بهَا إِذا كَانَت قبل النضج وتدل على خير إِذا كَانَت بعد النضج مَعَ عَلَامَات السَّلامَة.(5/51)
قَالَ: عَلَامَات البحران إِذا ظَهرت فَلَا بُد أَن يكون بحران إِمَّا جيد وَإِمَّا رَدِيء وَأما عَلَامَات النضج فتدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَا تدل ضَرُورَة على أَن بحراناً يكون لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يتَحَلَّل قَالَ: وَلِأَن الشَّيْء الَّذِي ينْتَفع بِهِ يحْتَاج أَن يكون مَرَّات كَثِيرَة ويؤكد مَا أَقُول أَن عَلَامَات النضج لَا يُمكن أَن تظهر فتدل على شَيْء وَأما عَلَامَات البحران فقد تظهر وتدل على شَرّ وَذَلِكَ أَن عَلَامَات البحران لَا يَنْبَغِي أَن تظهر فِي وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض وَلَا فِي صُعُوده وَإِنَّمَا يجب أَن تظهر فِي وَقت انتهائه قَالَ أَقُول أَنه لم يظْهر قطّ فِي وَقت الِابْتِدَاء.
لى: قد ذكرنَا أَنه إِن لم يكن الِابْتِدَاء فِي بَاب أَوْقَات الْأَمْرَاض عرق وَلَا قيء وَلَا اخْتِلَاف وَلَا رُعَاف فَكَانَ بِهِ بحران للمرض.
لى: أرى أَنه يُرِيد بِهِ بحراناً حميدا أَو تَاما لِأَن هذَيْن لَا يُمكن أَن يَكُونَا فِي أول هَذَا الْوَقْت فَأَما الرَّدِيء والناقص فَغير مُنكر فِي مَا أَحسب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ العلامات الدَّالَّة على كَون البحران مثل اخْتِلَاط الذِّهْن والسهر والسبات وَشدَّة الأوجاع وَتغَير النَّفس والدموع والسدر وَنَحْوهَا أَيهَا ظَهرت من غير أَن تكون عَلَامَات النضج قد ظَهرت تدل على أَن الْمَرَض فِي غَايَة الرداءة وَلَا عَلَامَات البحران وَلَا البحران يَنْبَغِي أَن تكون فِي الِابْتِدَاء وَقبل النضج وخاصة إِن لم يكن ظهر نضج الْبَتَّةَ.
قَالَ: وَأما عَلَامَات النضج فَإِن ظُهُورهَا مَتى ظَهرت وَلَو فِي أول سَاعَة من أول يَوْمه فَإِنَّهَا تدل على خير وعلامات النضج أبدا تدل على شَيْء وَاحِد بِعَيْنِه. فَأَما العلامات المنذرة بالبحران)
وضروب الاستفراغ الَّتِي بهَا يكون بحران فَلَيْسَتْ تدل على حَالَة وَاحِدَة دائمة لَكِنَّهَا رُبمَا دلّت على بحران جيد وَرُبمَا دلّت على بحران رَدِيء وَرُبمَا لم يتبعهَا بحران الْبَتَّةَ لَا جيد وَلَا رَدِيء فَإنَّك إِن رَأَيْت صداعاً واختلاطاً فِي الذِّهْن أَو تغيراً فِي النَّفس أَو كرباً أَو سباتاً فَلَيْسَ تقدر أَن تتقدم فتعلم من هَذِه العلامات شَيْئا تَاما صَحِيحا وَكَذَلِكَ إِن رَأَيْت عرقاً أَو قيئاً أَو اخْتِلَافا أَو بولاً كثيرا أَو دَمًا وَمَا يجْرِي من السفلة أَو ورماً حَادِثا عِنْد الْأذن أَو فِي غَيرهَا من سَائِر الْبدن فَإِن جَمِيع هَذِه الْأَعْرَاض قد نزل على أَن بحراناً قد يكون بِأَعْيَانِهَا فَلَا يدل على بحرانها وَذَلِكَ من وَجْهَيْن: إِمَّا بِأَن لَا يكون بحران أصلا وَإِمَّا أَن يكون بحران رَدِيء ووجع الرّقية وَثقل الصدغين والشعاع أَمَام الْعين والسدر والصداع والدموع بِلَا إِرَادَة وَحُمرَة الْوَجْه الشَّدِيدَة وَحُمرَة الْعين واختلاج الشّفة والسهر والسبات إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات فَقَط وَقد يدل فِي بعض الْأَوْقَات على البحران وَكَذَلِكَ الربو وَغَيره من تغير النَّفس وانجذاب المراق إِلَى فَوق والفم الشَّديد والتلهب والعطش والوجع الشَّديد ووجع الْفُؤَاد وَألا يسْتَقرّ بالعليل مضجعه وَأَن يهذي ويصيح فقد تكون هَذِه أَيْضا مرَارًا كَثِيرَة دليلة(5/52)
على بحران وَأما الْجِنْس الآخر من الْأَعْرَاض وَهُوَ الْبَوْل الْكثير والقيء وَالِاخْتِلَاف والأورام وَنَحْوهَا فقد يكون بهَا البحران وَلَيْسَ يجب ظُهُور العلامات الَّتِي ذكرنَا أَولا وَلَا الَّتِي إِنَّمَا هِيَ عَلَامَات فَقَط للبحران يَعْنِي بالصداع والاختلاط وَمَا قَالَ: وَلَا ظُهُور العلامات الَّتِي ذكرنَا أخيراً وَهِي عَلَامَات البحران عِلّة لَهُ حُدُوث بحران.
لى: قد يظْهر من قَول جالينوس فِي هَذَا الْموضع أَنه تنَاقض وَذَلِكَ أَنه قد قَالَ فِيمَا تقدم: إِن عَلَامَات البحران مَتى ظَهرت حلت فَلَا بُد من بحران.
وَقَالَ: إِلَّا أَن هَذِه الْأَعْرَاض إِنَّمَا تدل فِي بعض الْأَوْقَات على البحران وَلَيْسَ فِيهِ فِيمَا أَحسب بناقض إِلَّا أَن فِيهِ قلَّة بعض الْكَلَام وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْرَاض أَعنِي قلَّة بعض الْكَلَام وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْرَاض أَعنِي السهر والقلق وَحُمرَة الْعين وَالْوَجْه وَنَحْوهَا قد تكون مَرَّات كَثِيرَة هِيَ الْأَمْرَاض أَنْفسهَا لَيْسَ تسْتَحقّ أَن تسمى هَذِه عَلَامَات للبحران إِلَّا إِذا حدثت فِي مرض حاد فِي وَقت ينْتَظر فِيهِ البحران وَإِنَّمَا سميت هَهُنَا عَلَامَات البحران على التساهل لِأَنَّهَا تِلْكَ الْأَعْرَاض فِي النَّوْع لتدل على أَنه لَيْسَ كل كرب وصداع وربو مُنْذر ببحران أَو يكون أبدا دَائِما كَمَا أَنه كل غمامة بَيْضَاء ملساء دَالَّة على النضج وكل بَوْل مائي رَقِيق دَال على عدم النضج أبدا وَكَذَلِكَ الْقَيْء والرعاف وَالِاخْتِلَاف لَيْسَ مَتى وجدت كَانَ بهَا بحران لَكِن مَتى وجدت فِي الْمَرَض حاد على)
شَرَائِطه.
قَالَ: إِن لم تستقص الْمعرفَة بنهاية الْمَرَض لم تخل من خطأ: مرّة فِي تَدْبِير الْغذَاء للعليل وَمرَّة فِي أَن يهولك أَعْرَاض باحورية كَمَا تهول الْعَوام مِمَّا لَا يَنْبَغِي إِذا كَانَت فِي الْوَقْت الْوَاجِب أَن تهولك بل يكون بحران قد حضر وَأَنت لَا تشعر وَمرَّة تطلق الْمَرِيض وَلم يتم لَهُ التَّخَلُّص قَالَ أَصْنَاف العلامات كلهَا ثَلَاثَة: النضج وَعَدَمه وَهَذِه تظهر فِي الْبَوْل والنفث وَالْبرَاز وَهِي أبداُ ثَابِتَة بِحَالِهَا فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض: إِمَّا على النضج وَإِمَّا على عَدمه وعلامات التّلف والسلامة: وَهَذِه تظهر فِي الْبَوْل وَالْبرَاز والنفث وَفِي حالات الْبدن كُله مثل خفَّة الْمَرَض على الْمَرِيض وَحَال وَجهه ومضجعه أَو فِي الأفاعيل الطبيعية والنفسية بجودة الشَّهْوَة أَو رداءتها أَو جودة الْفِعْل أَو رداءته وَلَيْسَ جَمِيع هَذِه العلامات ثَابِتَة فِي صِحَة الدّلَالَة فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض وسنحصيها فِي بَاب تقدمة الْمعرفَة.
وعلامات البحران وَهَذِه جِنْسَانِ: مِنْهَا مَا هُوَ عَلامَة للبحران فَقَط وَمِنْهَا مَا هُوَ سَبَب لَهُ.
لى: يُرِيد بِالْأولِ مثل الكرب وَحُمرَة الْوَجْه وَبِالثَّانِي مثل الْقَيْء والرعاف وَكلهَا غير ثَابت الدّلَالَة وَلكنهَا تدل فِي الْأَوْقَات الْمُخْتَلفَة من الْأَمْرَاض على أَشْيَاء متضادة وملاك تقدمة الْمعرفَة هُوَ بِهَذِهِ العلامات وَذَلِكَ أَنَّهَا فِي وَقت وَحَالَة تدل على البحران وتفعله وَفِي وَقت آخر لَا تدل عَلَيْهِ وَلَا تَفْعَلهُ وَفِي وَقت تكون عَلَامَات ردية وَلذَلِك قَالَ أبقراط: إِن الْأَعْرَاض الَّتِي تكون فِي وَقت البحران إِذا ظَهرت ثمَّ لم يكن بحران رُبمَا دلّت على الْمَوْت(5/53)
وَرُبمَا دلّت على أصل البحران فَأَما أُولَئِكَ فَإِنَّهُم لَا يعْرفُونَ ابْتِدَاء الْمَرَض فيهم فهم من قبل تِلْكَ لَا يحسون أَن يميزوا بَين تغير النَّفس لى: يُرِيد بِالِابْتِدَاءِ الِابْتِدَاء الصناعي الَّذِي حَده ظُهُور عَلَامَات النضج الَّذِي قد ظهر فِي بَاب أَوْقَات الْأَمْرَاض فَيَقُول: إِن الَّذين لَا يعْرفُونَ زمَان الْمَرَض لَا يعْرفُونَ بَين مَا يدل عَلَيْهِ هَذِه الْأَعْرَاض فِي وَقت دون وَقت لِأَن هَذِه الْأَعْرَاض تدل فِي زمَان دون زمَان على شَيْء دون شَيْء.
قَالَ: أما فِي الْيَوْم الأول من الْمَرَض إِنَّمَا يقْصد إِلَى أَن يعلم هَل يَأْتِي بحران الْمَرَض فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض وَفِي الْأَرْبَعَة الثَّانِيَة وَلَيْسَ يَنْتَهِي فِي الْيَوْم الأول: هَل يَأْتِي البحران فِي الرَّابِع عشر وَلَا يدْخل من هَذَا ضَرَر بَين على العليل فِي تَدْبيره كَمَا يدْخل إِذا كَانَ البحران يَأْتِي فِي الرَّابِع ودبرت العليل تَدْبِير من يَجِيئهُ البحران فِي الْأَرْبَعين فَإِن هَذَا فِي غَايَة الرداءة وكل طَبِيب لَا يتَقَدَّم)
مِنْهُ أول يَوْم أَو فِي الْيَوْم الثَّانِي فَيعرف الْمَرَض الَّذِي لَا يُمكن أَن يُجَاوز الْأُسْبُوع الأول فَإِنَّهُ يُخطئ على الْمَرِيض خطأ عَظِيما.
قَالَ: أنزل أَنَّك إِن رَأَيْت مَرِيضا لم يتَبَيَّن فِي الْيَوْم الأول من مَرضه شَيْء من عَلَامَات الْخطر فِيهِ بل ظَهرت عَلَامَات السَّلامَة وَحمى حادة سريعة الْحَرَكَة وبال بولاً حسن اللَّوْن معتدلاً فِي اللحظ أَقُول: إِن الَّذِي تفقد أَعمال الطِّبّ يعلم أَن هَذِه ثَابِتَة البحران نَحْو الرَّابِع وَلَا سِيمَا إِن ظَهرت فِي بَوْله غمامة محمودة طافية أَو مُتَعَلقَة أَو راسبة وخاصة إِن كَانَت راسبة وَكَذَلِكَ إِن كَانَت هَذِه الْحمى على حدتها خبيثة ردية أَنَّهَا تقتل نَحْو الرَّابِع والحمى الَّتِي هِيَ دون هَذِه السرعة سرعَة الْحَرَكَة تنقضى نَحْو السَّابِع وَيَنْبَغِي أَن تتعرف عَلَامَات السَّلامَة والخبث من تقدمة الْمعرفَة فَإنَّك إِن لم تقدم ذَلِك لم تقدر على مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي تَمْيِيز الحميات فَأنْزل أَيْضا أَنَّك رَأَيْت محموماً بَوْله مائي فِي الْيَوْم الأول وحركة حماه ضَعِيفَة أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض يطول إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن فِي الْأَيَّام الأول من الْمَرَض أَن تعلم كم مِقْدَار تطاوله وَلَا يحْتَاج إِلَى ذَلِك أَيْضا صَاحبه ضَرُورَة لِأَنَّك قدعلمت كَيفَ يقدر الْغذَاء فتقدره بِحَسب مرض لَا يَأْتِي بحرانه إِلَّا بعد أيامكثيرة فَإِن تفقدت بعد ذَلِك العلامات الَّتِي تظهر كل أَرْبَعَة أَيَّام.
لى: أَن تتقدم فتعلم مَتى يكون مُنْتَهى الْمَرَض بِالْحَقِيقَةِ فتعرفك الْحَال فِي الْيَوْم الثَّانِي يكون أبين وَذَلِكَ أَن الْحمى وَالْبَوْل إِن لبثا على مَا هما عَلَيْهِ قدرت أَن تعلم أَن الْمَرَض لَا يَأْخُذ فِي الصعُود قبل السَّابِع فضلا عَن أَن تَقول إِن الْمَرَض لم يَأْخُذ فِي الصعُود.
قَالَ: وَأنزل أَن مَرِيضا بِهِ ذَات الْجنب لَا ينفث شَيْئا ويبول بولاً رَقِيقا إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن فَبَدَأَ ينفث نَحْو الْحَادِي عشر إِلَّا أَن الَّذِي ينفثه رَقِيق غير نضج.
لى: هَهُنَا نُكْتَة على مَا تعلم إِلَّا أَن الَّذِي أَنه أصلح هَذَا الْموضع فَأَنا قد كتبناه على وَجهه فِي بَاب أزمان الْأَمْرَاض غير نضيج. أَقُول: إِن هَذَا الْمَرَض لَا يَنْبَغِي إِن ينْتَظر لَهُ بحران لِأَن هَذَا الْوَقْت إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء مَرضه بعد(5/54)
فتفقد الْحَال فِي الرَّابِع عشر وَانْظُر هَل هُوَ مُوَافق لما دلّ عَلَيْهِ الْحَادِي عشر فَإِن رَأَيْت فِي الرَّابِع عشر عَلامَة نضج أقوى بذلك وَإِلَّا فالحال قَائِمَة بِالْحَال الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي صناعَة الطِّبّ فتفقد بعد ذَلِك فِي السَّابِع عشر من قبل أَن السَّابِع عشر مُنْذر بالعشرين فَأنْزل أَنه ينفث فِي السَّابِع عشر شَيْئا يَسِيرا نضيجاً أَقُول إِنَّه قد يُمكن أَن يكون لهَذَا الْمَرَض بحران مَا فِي الْعشْرين إِلَّا أَنه لَا يُمكن أَن يكون لهَذَا الْمَرَض بحران تَامّ إِذا كَانَ هَكَذَا وَذَلِكَ)
من قبل أَنه لَيْسَ لأيام الْإِنْذَار الْمُتَأَخِّرَة مَا لأيام الْإِنْذَار الْمُتَقَدّمَة للمتقدمة من الْقُوَّة وَلَا لأيام البحران الْمُتَأَخِّرَة مَا للمتقدمة من الْقُوَّة وَلَكِن الأولى أقوى وَمن تطاول بِهِ الْمَرَض صَارَت هَذِه فِيهِ أَضْعَف فَيحْتَاج الْمَرَض إِذا كَانَ قد تطاول وَلَا سِيمَا إِن كَانَ بعد من النضج بعدا شَدِيدا أَن يحدث فِيهِ من يَوْم الْإِنْذَار تغير عَظِيم كَمَا يتَوَقَّع فِي يَوْم بحران يوثق بِهِ والتغير الْعَظِيم هُوَ إِمَّا بالبول وَإِمَّا بالنفث الَّذِي قد نضج نضجاً تَاما وَلَكِن لِأَن التَّغْيِير فِي السَّابِع عشر لم يكن تَاما فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون بحران تَامّ فِي الْعشْرين لكنه قد يُمكن أَن يكون فِيهِ تغير قوي ثمَّ يكون البحران فِي آخر الْأَيَّام الثَّالِثَة للعشرين.
قَالَ: وَجَمِيع مَا ذكرنَا يُؤْخَذ ذَلِك فِي المرضى مِثَال ذَلِك الْمَرِيض الَّذِي ذكره أبقراط فِي الثَّالِثَة من إفيذيميا واسْمه إكسير فَإِنَّهُ قَالَ: اعترته حمى حارة ووجع فِي الأضلاع فِي الْأَيْمن دَائِم وَكَانَ يسعل سعالاً يَابسا وَلَا ينفث شَيْئا وَكَانَ بِهِ عَطش وسهر وَكَانَ بَوْله حسن اللَّوْن رَقِيقا كثيرا وَهَذِه فِي الْيَوْم السَّادِس وَلم يخف وَجَعه بالتكميد وألحقه الوجع فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن حماه تزيدت والسعال وَتغَير نَفسه ففصدته فِي الثَّامِن فَخرج مِنْهُ دم كثير على مَا كَانَ يَنْبَغِي فخف الوجع إِلَّا أَن السعال كَانَ بِحَالهِ من اليبس ثمَّ إِن الْحمى خفت فِي الْحَادِي عشر وعرق مَا يَلِي رَأسه عرقاً يَسِيرا وقدف بالسعال أرق مِمَّا يَنْبَغِي ثمَّ أَنه فِي السَّابِع عشر ابْتَدَأَ ينفث شَيْئا نضجاً يَسِيرا وخف بدنه ثمَّ عرق فِي الْعشْرين وأقلعت الْحمى وخف بدنه بعد البحران إِلَّا انه كَانَ يعطش وَكَانَ مَا يقذفه غير مَحْمُود ثمَّ عاودته الْحمى فِي السَّابِع وَالْعِشْرين وسعل وَنَفث شَيْئا نضجاً وَظهر فِي بَوْله ثفل راسب كثير أَبيض وَسكن عطشه ونام ثمَّ إِنَّه فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ عرق بدنه كُله وأقلعت حماه وَتمّ لَهُ البحران فَجَمِيع مَا ذَكرْنَاهُ مَوْجُود فِي هَذَا الْمَرِيض. وَقد ذكر بَوْله مرَّتَيْنِ وَذَلِكَ أَنه كَانَ فِي الِابْتِدَاء حسنا وَهَذَا يدل على نضج خَفِي ثمَّ بَال فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين بولاً فِي غَايَة النضج فَلذَلِك أَصَابَهُ بحران نَاقص كَمَا قُلْنَا أَنه يجب أَن يكون كَذَلِك لِأَنَّهُ فِي السَّابِع عشر ابْتَدَأَ نفث نفثاً نضجاً يَسِيرا وَلم يتم لَهُ البحران يَوْم الْعشْرين لِأَنَّهُ لم يكن النضج قد استحكم لَا فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الرَّابِع فَلذَلِك عاوده الْمَرَض كَمَا قَالَ أبقراط إِن البقايا بعد البحران النَّاقِص يجلب عودة ثمَّ إِنَّه فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ظهر النضجان كَامِلين فِي الْبَوْل والنفث فَلذَلِك سكن الْعَطش وَإِنَّمَا عاودته الْحمى ثَانِيَة لِأَن الْفضل الَّذِي بَقِي بعد البحران النَّاقِص فِي الْعشْرين لما سخن وقارب نضجه ولّد الْحمى وَمِمَّا يعلم بِهِ أَن سخونته وفوراته كَانَت تعْمل)(5/55)
الْحَرَارَة الغريزية فِيهِ لَا يعْمل حرارة طبيعة الْحمى طبيعة الْأَيَّام الَّتِي يتَبَيَّن فِيهَا الْعَمَل وَذَلِكَ أَنه ابْتَدَأَ فِي الْحَادِي عشر تغير مَحْمُود إِلَّا أَنه ضَعِيف خَفِي ثمَّ ظهر فِي السَّابِع عشر عَلامَة أبين من الأولى تدل على النضج ثمَّ أَتَى فِي الْعشْرين بحران نَاقص ثمَّ ظهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين النضج التَّام وَثمّ البحران فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَكَانَ انْقِضَاء الْمَرَض فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَكَانَ انْقِضَاء الْمَرَض فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من بعد كَمَال النضج فَخرج الْفضل الْفَاعِل للحمى بالبول وَالْفَاعِل لوجع الصَّدْر بالنفث.
قَالَ: وَيَنْبَغِي أَن تكون حَافِظًا أبدا للنضج الضَّعِيف وَعدم النضج وَكَمَال النضج فَإِن عدم النضج كَانَ فِي هَذَا العليل إِلَى الْحَادِي عشر والنضج الْخَفي كَانَ فِيهِ فِي الْحَادِي عشر والنضج الْكَامِل الْبَين فِي السَّابِع وَالْعِشْرين ثمَّ إِنَّه من بعد هَذَا الْيَوْم بسبعة أَيَّام انْقَضى الْمَرَض وَهَذَا الْوَقْت كُله كَانَ وَقت مُنْتَهى الْمَرَض.
قَالَ: وَلَو ظهر البزاق الَّذِي ظهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين فِي الْأَيَّام الأول من مَرضه يَعْنِي الثَّانِي وَالثَّالِث وَالرَّابِع مَعَ بَوْل فِيهِ رسوب مَحْمُود لما كَانَ يتَجَاوَز الْمَرَض الْأُسْبُوع الأول كَمَا قَالَ أبقراط: قَالَ: إِذا ظَهرت عَلَامَات النضج الْبَين وَجَاء تزيد الْمَرَض فَإِنَّهُ يجوز أَن يحدث فِي هَذَا الْوَقْت بحران وَيجوز أَن يُمْهل الْمَرَض حَتَّى يَنْتَهِي برداءة الْمَرَض وَسُرْعَة حثه كَانَ عسيراً خبيثاً وَقد يكون فِي تزيد الْمَرَض لكنه لَا يكون تَاما أَيْضا وَإِنَّمَا كَانَ بعد انْتِهَاء الْمَرَض تَاما كَامِلا.
الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: الحميات المحرقة الَّتِي لَا تفتر الْبَتَّةَ الَّتِي فِي غَايَة الحدة لَا يُجَاوز بحرانها السَّابِع وَالْغِب الْخَالِصَة لَا تجَاوز سَبْعَة أدوار فَأَما البلغمية وَالرّبع فَإِنَّهُمَا طويلتان.
قَالَ: البحران إِنَّمَا يكون فِي الحميات الحادة وَفِي الأورام الحارة السريعة الْحَرَكَة الكائنة فِي أَعْضَاء خطرة وَأما حمى يَوْم والدق فَإِنَّهُمَا لَا يكون تغيرهما مَعَ بحران.
لى: وَكَذَلِكَ الرّبع والبلغمية فِي الْأَكْثَر.
قَالَ: إِن أَحْبَبْت أَن تعلم مَا يكون من التَّمْيِيز دفْعَة فَلَا بُد لَك أَن تعرف ابْتِدَاء الْمَرَض وتزيده ومنتهاه وانحطاطه فِي وَقت حُضُور كل وَاحِد مِنْهُمَا وَقبل حُدُوثه مَتى يحدث وَقبل انقضائه مَتى يَنْقَضِي.
الثَّالِثَة قَالَ: التَّغَيُّر فِي الْمَرَض سِتَّة أنحاء وَذَلِكَ أَنه إِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة دفْعَة وَإِمَّا أَن يقتل دفْعَة وَإِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا إِلَى الْمَوْت قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا أَن يجْتَمع فِيهِ)
الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الصِّحَّة وَإِمَّا أَن يجْتَمع فِيهِ الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الْمَوْت.
وأعني بِقَوْلِي ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا أَي ينقص الْمَرَض شَيْئا بعد شَيْء واعني بِقَوْلِي يقتل قَلِيلا قَلِيلا أَي تنْحَل قُوَّة الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يَمُوت وأعني بقول يجْتَمع فِيهِ الْأَمْرَانِ ويؤول إِلَى الصِّحَّة أَن يَنْقَلِب الْمَرِيض دفْعَة إِلَى مَا هُوَ أمثل ثمَّ تنتقص(5/56)
بقاياه مُنْذُ ذَلِك قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى تَنْقَضِي وأعني بِقَوْلِي يجْتَمع الْأَمْرَانِ وَيَمُوت أَي ينْتَقل دفْعَة إِلَى مَا هُوَ أردى ثمَّ يزِيد قَلِيلا قَلِيلا إِلَى أَن يقتل.
قَالَ: وَأَنا واصف أَولا التَّغَيُّر الَّذِي يكون دفْعَة إِلَى الصِّحَّة لِأَن هَذَا النَّحْو أفضل جَمِيع الأنحاء وَلذَلِك يخص باسم البحران مُطلقًا دون الأنحاء الْبَاقِيَة وَلِأَنَّهُ إِنَّمَا يكون عِنْد علته الطبيعية بِالْحَقِيقَةِ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاء الْخَارِجَة من الطبيعة وَأما سَائِر أنحاء التَّغْيِير فَلَيْسَ مِنْهَا شَيْء يُسمى بحراناً بقول مُطلق وَذَلِكَ أَن الانقلاب إِلَى الْمَوْت الْخَبيث إِنَّمَا يُسمى بحراناً ردياً وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يمِيل فِيهِ الْمَرَض ميلًا بَينا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت وَلَا يتم بِهِ أَخذ الْأَمريْنِ فيسمى بحراناً نَاقِصا وَأما التَّغَيُّر الَّذِي يكون قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الصِّحَّة أَو الْمَوْت فَلَا يُسمى بحراناً.
قَالَ: والتغير الْخَبيث الَّذِي يكون إِلَى الصِّحَّة لَا يكون إِلَّا باستفراغ الْبَين أَو خراج عَظِيم وكل مرض يسكن بِغَيْر هذَيْن فَإِنَّهُ يعاود أَخبث مِمَّا كَانَ ويتقدم الاستفراغ وَظُهُور الْخراج اضْطِرَاب شَدِيد وَذَلِكَ أَنه يعرض للْمَرِيض قلق وأرق واختلاط فِي الذِّهْن وسبات وَتغَير فِي النَّفس ودوار وَثقل فِي الْجِسْم وصداع وأوجاع فِي الرَّقَبَة وَفِي الْمعدة وَفِي مَوَاضِع أُخْرَى كَثِيرَة ويعرض أَحْيَانًا طنين ودوي فِي الْأذن وَيرى أَمَامه شَبِيها بالشعاع وتجري دُمُوعه بِلَا إِرَادَة ويحتبس بَوْله وتختلج شفته ويصيبه فِي عُضْو دون عُضْو رعشة ويعرض لَهُ نِسْيَان وينكر معرفَة من حضر وَمَا يرى ويصيبه نافض شَدِيد ويتقدم نوبَة حماه فِي أَكثر الْأَمر ويصيبه تلهب شَدِيد وعطش غير مُحْتَمل ويصيح ويثب كالهائم ويستقر مضجعه ثمَّ ينبعث مِنْهُ دفْعَة عرق غزير أَو قيء أَو اخْتِلَاف أَو دم أَو اثْنَتَانِ من هَذِه أَو كلهَا مَعًا وَعند هَذِه الْحَال يهول الْجُهَّال مَا يرَوْنَ وَلَا يهول الطَّبِيب إِذا كَانَ قد علم مَا تؤول الْحَال إِلَيْهِ.
تعرف البحران الْجيد والردى قَالَ: أول مَا يَنْبَغِي أَن ينظر فِيهِ النضج فَإِنِّي قد رَأَيْت مل لَا أحصيه من المرضى كَثْرَة فَلم أر احداً مَاتَ مِمَّن أَتَاهُ البحران بعد النضج وَيَنْبَغِي أَن ينظر فِي النضج من فضول الْعُضْو الَّذِي فِيهِ الْعلَّة وَتجْعَل أَكثر قصدك إِلَى ذَلِك فَأول العلامات الدَّالَّة على)
جودة البحران الْحَاضِر وَأَعْظَمهَا النضج والعلامة الثَّانِيَة أَن يكون فِي يَوْم باحوري قد سبق فَأَنْذر بِهِ يَوْم إنذار مواصل لَهُ فِي وقته ثمَّ بعد ذَلِك طبيعة الْمَرَض وسجيته أَعنِي طبيعة الْمَرَض: أَن يكون حمى غب أَو محرقة أَو ذَات الْجنب أَو نائبة كل يَوْم أَعنِي بسحنته: سهلاً سليما أَو ردياً أَو خبيثاً ثمَّ بعد هَذِه أَن تكون أَيَّام البحران مشاكلة لطبيعة الْمَرَض فَإِن الْحمى إِن كَانَت محرقة فَالْوَاجِب أَن يكون أَيَّام البحران برعاف أَو يُصِيب الْمَرِيض نافض قوى ثمَّ يعرق عرقاً حاراً غزيراً شَامِلًا للبدن كُله وينقى وَيخْتَلف مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَت الْحمى غبا فَوَاجِب أَن يكون بحرانها يَفِي مرَارًا وَكَذَلِكَ إِن كَانَ اخْتِلَاف مِنْهُ أَو عرق كثير فِي الْبدن كُله وَإِن كَانَت النائبة كل يَوْم فَوَاجِب أَن يستفرغ بلغماً كثيرا من الْبدن كُله وَإِن كَانَت الْحمى مَعَ ورم حَار فِي(5/57)
الدِّمَاغ فقد يكون بحرانها بعرق مَحْمُود وخاصة إِن جرى من الرَّأْس من الْعرق شَيْء كثير حَار وعرق الْبدن كُله وَيكون فِي هَذِه الْعلَّة الرعاف بحراناً وَلَيْسَ الرعاف فِي الْحمى الَّتِي مَعَ ورم بَارِد فِي الدِّمَاغ وَلَا الْحمى الَّتِي مَعَ ورم الرئة فَأَما ذَات الْجنب فَإِنَّهَا متوسطة بَين الْحَالين وَذَلِكَ أَن انقضاءها بالرعاف أقل من انْقِضَاء الْحمى المحرقة وَالَّتِي من ورم الدِّمَاغ الْحَادِثَة وَأكْثر مَا تَنْقَضِي الْحمى المحرقة مَعَ ورم الدِّمَاغ الْحَار وَأكْثر من انْقِضَاء الْحمى الَّتِي تكون مَعَ ورم الرئة وَالَّتِي تكون مَعَ ورد بَارِد فِي الدِّمَاغ وَقد تَنْقَضِي أَيْضا الأورام الحارة فِي الكبد وَالطحَال بالرعاف إِذا كَانَ مَعهَا حمى حادة وَيكون بالرعاف أَيْضا بحران لجَمِيع الأورام الحارة الَّتِي تحدث فِي مَا دون الشراسيف إِلَّا أَنه يَنْبَغِي أَن يكون الرعاف من الشق الَّذِي فِيهِ لورم وَقد ينْتَفع أَيْضا بالعرق الْجيد من بِهِ ورم فِيمَا دون الشراسيف فَأَما الكبد فَمَتَى كَانَ الورم مِنْهَا فِي الْجَانِب المحدب فَأكْثر مَا يكون بحرانه بِأحد ثَلَاثَة أَشْيَاء: إِمَّا بالرعاف من المنخر الْأَيْمن وَإِمَّا بعرق مَحْمُود وَإِمَّا ببول مَحْمُود. وَمَتى كَانَ فِي الْجَانِب المعقر فبحرانه يكون إِمَّا باخْتلَاف مرار وَإِمَّا بعرق وَرُبمَا كَانَ بقيء وَأما مَتى كَانَ فِي الكلى والمثانة وَجَمِيع مَا يَليهَا فبحران أوجاعها أول مَا يكون بالبول وَأما الصَّدْر والرئة وَمَا يَليهَا فبالنفث أول بحران عللها وَأما الْعرق فَلِكُل جَمِيع الحميات خَاصَّة مَا كَانَ شَدِيد الالتهاب محرقاً وَقد ينْتَفع بِهِ نفعا عَظِيما الأورام الملتهبة إِذا كَانَ بعد نضجها وَقد يكون للحمى النائبة فِي كل يَوْم قيء البلغم واختلافه وَالرّبع أَيْضا إِن استفرغ مَعهَا من الْبدن شَيْء أسود أَو أخلاط ألوانها مُخْتَلفَة وللحمى الْمُسَمَّاة اسطريطاوس إِذا كَانَ مَعهَا استفراغ مرار وبلغم وَقد يكون بحران ليثرغسوجميع علل الرَّأْس بورم يحدث فِي أصل)
الْأذن وَيكون بحران يوثق بِهِ أَيْضا بِجَمِيعِ الحميات المتطاولة بالخراجات وَذَلِكَ أَن التَّغَيُّر الَّذِي يحدث دفْعَة إِنَّمَا هُوَ خَاص بالأمراض الحادة وَانْظُر فِي هَذَا: فِي سنّ الْمَرِيض وعادته وبلده وتدبيره وَالْوَقْت فَإِن كَانَت هَذِه كلهَا تعين على توليد الصَّفْرَاء فَيَنْبَغِي أَن يكون الاستفراغ مِنْهُ: وَكَذَلِكَ فَافْهَم فِي غَيره فَإِن كَانَ الْغَالِب على الْبدن أخلاطاً مُخْتَلفَة فَيَنْبَغِي أَن يكون الاستفراغ أخلاطاً مُخْتَلفَة فَإِذا تفقدت هَذِه الْأَشْيَاء فتفقد مَا يؤول إِلَيْهِ الْحَال بعد حُدُوث البحران فَإِن رَأَيْت الْحمى قد أقلعت وهدأت الْأَعْرَاض وازداد لَونه حسنا وَحسن نبضه وزادت قوته علمت أَن هَذَا أفضل مَا يكون من البحران فَإِن نقص شَيْء من هَذِه العلامات فنقص ذَلِك البحران عَن لأَفْضَل البحران على حسب قُوَّة العلامات الَّتِي نقصت فَبِهَذَا الطَّرِيق يَنْبَغِي أَن تتعرف حَال البحران وَقت حُضُوره.
فِي تعرف البحران قبل حُضُوره: فَانْظُر فِي طبيعة الْمَرَض هَل هُوَ متولد عَن الصَّفْرَاء أَو عَن البلغم أَو عَن السَّوْدَاء أَو هُوَ مختلط ثمَّ انْظُر فِي الْوَقْت الْحَاضِر وَفِي سنّ العليل وَجَمِيع الْحَاضِر وَفِي سنّ العليل وَجَمِيع الْأَشْيَاء الْأُخَر ثمَّ انْظُر بعد ذَلِك فِي أدوار النوائب إِن كَانَت تنوب أَو لَا تنوب مثل سونوخس فَإِن النوائب مَتى كَانَت(5/58)
تسرع حركتها وتتقدم أَكثر مِمَّا تقدّمت وتصعب أَكثر ثمَّ كَانَت تنوب غبا دلّت على أَن البحران يَأْتِي بِسُرْعَة وَإِن كَانَت النوائب تبطئ فِي حركتها وتبتدئ فِي وَقت وَاحِد وتنوب فِي كل يَوْم فالبحران يجْرِي فِي زمَان طَوِيل من بعد هَذِه الْأَشْيَاء فالنظر فِي النضج من أعظم العلامات وأقواها وَيَنْبَغِي أَن تتفقد خَاصَّة من أَمر النضج التَّغَيُّر الْقوي فَإِن التَّغَيُّر إِن حدث فِي يَوْم إنذار دلّ على أَن خُرُوج الْمَرِيض من علته فِي يَوْم البحران الَّذِي يتَّصل بذلك الْيَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار.
قَالَ: وَلَيْسَ الْحَال فِي احْمَد البحران فِي مَعْرفَته قبل أَن يكون كالحال فِي سَائِر أَصْنَاف البحران وَذَلِكَ أَن البحران الردي والناقص إِنَّمَا يُوصل إِلَى مَعْرفَته بحدس مقرب فَأَما البحران الْجيد فَإِنَّهُ يعرف بِعلم ثَابت صَحِيح وَذَلِكَ أَن جَمِيع العلامات تظهر فِي الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ احْمَد البحران مُنْذُ أول الْمَرَض وَهِي بعيدَة من الْخطر وَإِن كَانَت فِي غَايَة الْكَمَال من هَذِه الْحَال جَاءَ البحران فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام من الْمَرَض. 3 (البحران الْعسر الْمخوف وبالضد) قَالَ: إِنَّمَا يمكنك أَن تعلم هَل يكون البحران بِقُوَّة جهد شَدِيد أَو يكون سَاكِنا ضَعِيفا من مِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وسحنته وَقد يَنْبَغِي لَك مُنْذُ أول الْأَمر أَن ترتاض فِي تعرف هَذَا على الِاسْتِقْصَاء حَتَّى يمكنك أَن تعرف ذَلِك بسهولة وسحنة الْمَرِيض تعرف من العلامات الَّتِي وصفهَا أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة وتضم إِلَيْهَا عَلَامَات النضج وَمِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنَّك تَجِد حمى لينَة ضَعِيفَة وَهِي خبيثة مَعَ ذَلِك جدا وَقد تَجِد حمى محرقة حارة يعرض مَعهَا للْمَرِيض غم والتهاب وعطش غير مُحْتَمل وَهِي مَعَ ذَلِك سليمَة لَا خطر فِيهَا وَقد ذكرنَا حَرَكَة الْمَرَض فِي بَاب أزمان الْأَمْرَاض.
قَالَ: أَقُول: إِنَّك تقدر أَن تعلم أيسلم العليل أم يَمُوت إِذا نظرت فِي طبيعة الْمَرَض وسحنته وَفِي قُوَّة العليل وَأول مَا تتفقد من هَذِه سحنة الْمَرِيض وتقدر أَن تعلم أتكون السَّلامَة أَو الْمَوْت ببحران أَولا من حَرَكَة الْمَرِيض وَمن مِقْدَار قوته ثمَّ من طَبِيعَته وَمن الْوَقْت الْحَاضِر وَمَا أشبهه من عَلَامَات البحران.
لى: لِأَن حُضُورهَا ينذر ببحران وبالضد.
مِثَال قَالَ: أنزل أَنَّك مَتى رَأَيْت مَرِيضا قد ظهر فِي أول يَوْم من مَرضه عَلَامَات السَّلامَة فِي غَايَة الْبَيَان أَقُول إِن مَرضه يَنْقَضِي قبل الرَّابِع ونقدر أَن نعلم هَل يكون قبله بحران أم لَا من قُوَّة الْمَرَض وَضَعفه فَإِن الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما كَانَ نقصانه ببحران وبالضد وَتعلم فِي أَي يَوْم يكون البحران من حَرَكَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة وَلم يعرض للْمَرِيض خطأ فتوقع البحران فِي الرَّابِع فَإِن كَانَت دائمة إِلَّا أَنَّهَا لَيست مُتَّصِلَة لَكِنَّهَا مِمَّا يفتر فِي وَقت فَانْظُر فِي مِقْدَار قوتها وَفِي حركتها وَذَلِكَ انه(5/59)
يُمكن أَن يكون فِي الثَّالِث وَيُمكن فِي الْخَامِس أما فِي الثَّالِث فَإِذا كَانَ الْمَرَض عَظِيما وَكَانَت حركته سريعة وَأما فِي الْخَامِس فَإِذا كَانَ أقل عظما حركته أقل سرعَة وَذَلِكَ أَنه يجب أَن يرى فِي البحران نوبَة الْحمى وَأما إِن يَجِيء البحران فِي يَوْم الرَّاحَة فَلَا يكَاد يكون إِلَّا فِي الندرة حَتَّى أَنِّي لم أره إِلَّا مرّة فَقَط وَهَذِه هِيَ الْعلَّة كَمَا ذكرت فِي كتاب أَيَّام البحران فِي انْتِقَال البحران كثيرا على الرَّابِع إِلَى الثَّالِث إِلَى الْخَامِس وَذَلِكَ أَن الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران بِهَذِهِ السرعة فِي غَايَة الْجَوْدَة لَا محَالة والحمى فِي جَمِيع الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الحدة لَا بُد أَن تكون إِمَّا مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة وَهِي سونوخوس وَإِمَّا أَن تكون)
غير مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة لَكِن تشتد غبا والحمى الْمُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة تعرض أقل مِمَّا تعرض الدائمة الَّتِي تنوب غبا وَإِذا كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة ثمَّ لم يعرض للْمَرِيض عَارض من خطأ فالبحران يَأْتِي فِي الرَّابِع لِأَن الطبيعة حِينَئِذٍ تتحرك للبحران على أدوارها الخاصية وَقل مَا يكون أَلا يعرض للْمَرِيض خطأ فَأَما الْحمى الدائمة الَّتِي تشتد غبا فَلِأَن البحران إِنَّمَا يكون مَعَ نوبَة الْحمى فَوَاجِب أَن يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الثَّالِث أَو فِي الْخَامِس وَرُبمَا أَتَى فِيهَا فِي الرَّابِع إِلَّا أَن ذَلِك يكون إِذا كَانَت النّوبَة الَّتِي أَتَت فِي الثَّالِث تبقى مِنْهَا بَقِيَّة فِي الرَّابِع وَذَلِكَ أَن النّوبَة الَّتِي تبتدئ فِي السَّاعَة الْحَادِيَة عشرَة فِي الْمثل من الْيَوْم الثَّالِث يَأْتِي البحران فِيهَا إِمَّا فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة وَإِمَّا فِي الْيَوْم الرَّابِع فِي النَّهَار.
أَقُول: إِنَّك مَتى رَأَيْت فِي أول يَوْم من أَيَّام الْمَرَض عَلامَة بَيِّنَة تدل على النضج وَإِذا كَانَت كَذَلِك فَلَا بُد أَن تكون سَائِر العلامات بعيدَة من الْخطر فَاعْلَم علما يَقِينا أَن انْقِضَاء ذَلِك الْمَرَض يكون قبل أَن يُجَاوز الرَّابِع فَإِذا نظرت مَعَ ذَلِك فِي مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض علمت مَعَ ذَلِك هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت مَعَ ذَلِك هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت هَل يَنْبَغِي لَك أَن تتَوَقَّع البحران فِي الثَّالِث أَو فِي الرَّابِع أَو فِي الْخَامِس وَذَلِكَ أَنَّك إِن وجدته يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة جدا فتوقع البحران فِي الثَّالِث وَإِن كَانَ فِي حركته إبطاء فتوقع البحران فِي الرَّابِع ويعين على سرعَة مَجِيء البحران قُوَّة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر من أَوْقَات السّنة والبلد وَالسّن والمزاج وَسَائِر الْأَشْيَاء الَّتِي ذَكرنَاهَا قبل إِذْ كَانَت كلهَا مِثَال ذَلِك: انه إِن كَانَ الْوَقْت الْحَاضِر صيفاً وَكَانَ الْمَرِيض شَابًّا وطبيعته الْحَرَارَة ومرضه من إقلال الطَّعَام وَكَثْرَة التَّعَب وَاسْتِعْمَال الْأَطْعِمَة والأشربة الَّتِي تولد الصَّفْرَاء كَانَت هَذِه الْأَشْيَاء كلهَا مُعينَة على أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الثَّالِث وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مزاج الْوَقْت الْمُتَقَدّم والحاضر شَدِيد اليبس وَكَانَ الْبَلَد الَّذِي مرض فِيهِ ذَلِك الْمَرِيض حاراً فَإِن رَأَيْت مَعَ هَذَا فِي هَذَا الْوَقْت مرضى كثيرين قد أَتَاهُم البحران فِي الثَّالِث كَانَ حدسك أصح وأوكد فَإِن اجْتمعت أضداد هَذِه كلهَا وَهُوَ أَن تكون حَرَكَة الْمَرَض أَبْطَأَ وقوته أَضْعَف(5/60)
وَالْوَقْت شتاء والمزاج بلغمي وَكَذَلِكَ السن فنوع البحران مَعَ النّوبَة الَّتِي فِي الْخَامِس وَضم إِلَى ذَلِك أَن يكون قد جَاءَ مرضان كثيرا البحران فِي الْخَامِس مَعَ مَا شاكل هَذِه الْأَشْيَاء مَعَ السّكُون والدعة والإكثار من الأغذية المولدة للبلغم ثمَّ انْزِلْ انك رَأَيْت مَرِيضا آخر لم تظهر عَلامَة بَيِّنَة للنضج لَا)
فِي أول يَوْم من مَرضه وَلَا فِي الثَّانِي وَلم يظْهر فِيهِ من العلامات مَا يدل على خطر لَكِن جَمِيع مَا فِيهِ يظْهر من العلامات تدل على بعد من الْخطر فَاعْلَم أَن هَذَا يسلم إِلَّا أَنه لَا يخرج من مَرضه خُرُوجًا تَاما فَأَما فِي الرَّابِع فضلا عَمَّا قبله فَإِذا كَانَ فِي الرَّابِع فتفقد الْأَمر لغذائه وَانْظُر هَل تظهر فِيهِ عَلامَة بَيِّنَة للنضج فَإِنَّهُ إِن كَانَ ذَلِك فمرضه يَنْقَضِي فِي السَّابِع إِن لم يعرض لَهُ خطأ فِيمَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع. وتقدر أَن تعرف هَل يكون انقضاؤه ببحران لَا بِالنّظرِ فِي مِقْدَار قُوَّة فَلَا بُد أَن يكون انقضاؤه ببحران وَإِن كَانَ مَعَ قوته يَتَحَرَّك بِسُرْعَة فَهُوَ أَحْرَى أَن يكون فِيهِ بحران حَتَّى أَنه وَإِن أَخطَأ على الْمَرِيض ثمَّ لم يكن ذَلِك الْخَطَأ فادحاً جدا فقد يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع البحران فِي الْيَوْم السَّابِع فَإِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بالسريع فِي حركته وَعرض للْمَرِيض خطأ فِيمَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع فَإِن البحران يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع.
ثمَّ أنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر سليما من الْخطر إِلَّا أَنه لم تظهر عَلامَة فِيهِ الْبَتَّةَ للنضج حَتَّى كَانَ الْيَوْم السَّابِع فَلَمَّا كَانَ ذَلِك الْيَوْم ظَهرت أَقُول إِن هَذَا الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما وَكَانَت حركته سريعة فَإِن بحرانه بالحادي عشر أولى مِنْهُ بالرابع عشر وَإِن كَانَ مَرضه ضَعِيفا لينًا وَكَانَت حركته لَيست بالسريعة فبحرانه بالرابع عشر أولى مِنْهُ بالحادي عشر وتمييز هَذَا يكون بِسَائِر العلامات وَذَلِكَ انه إِن كَانَ الْمَرِيض شَابًّا والصفراء غالبة وَالْوَقْت وَالتَّدْبِير وَسَائِر ذَلِك مشاكل مَا قُلْنَا فبحرانه لَا محَالة يَأْتِي فِي الحاد عشر وَإِن اجْتمعت أضداد هَذِه الْأَشْيَاء فَإِنَّهُ يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر فَإِن اجْتمع فِيهِ بَعْضهَا وَلم يكمل ثمَّ عرض للْمَرِيض عَارض من خطأ فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر لم يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران فِي الْحَادِي عشر وَكَثِيرًا مَا يَأْتِي البحران عِنْد مثل هَذِه الْحَال فِي الرَّابِع عشر إِذا كَانَ الْخَطَأ الَّذِي أَخطَأ على الْمَرِيض عَظِيما فَإِن لم يعرض الْخَطَأ لَكِن كَانَت فِي الْأَعْرَاض مختلطة أوجب بَعْضهَا تقدم البحران وَبَعضهَا تَأَخره احْتِيجَ أَن يكون الطَّبِيب حاد الذِّهْن كثير الرياضة حَتَّى يقدر أَن يُمَيّز أَي الصِّنْفَيْنِ أقوى فيثق بِمَا دلّ عَلَيْهِ ذَلِك الصِّنْف وَإِذا كَانَت تقدمة الْمعرفَة مشكوكاً فِيهَا على مِثَال هَذِه الْحَال فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ لَا يُمكن فِي الْيَوْم السَّابِع أَن تقف بِمَعْرِِفَة صَحِيحَة على مَا سَيكون من أَمر الْمَرِيض لَكِن قد يُمكن التيقن لذَلِك فِي الْأَيَّام الَّتِي فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه إِن تزيد عظم الْمَرَض أَو سرعَة حركته فِي تِلْكَ الْأَيَّام رَأَيْت عَلامَة النضج زِيَادَة كَثِيرَة فَإِن البحران يَأْتِي فِي الْحَادِي عشر وَإِن كَانَ الْأَمر بالضد جَاءَ فِي الرَّابِع عشر.)
فَنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر سليم الْمَرَض وَرَأَيْت حَرَكَة الْمَرِيض فِي الْأَيَّام الأولى بطيئة(5/61)
وَلَيْسَت الْحمى لهيبة وَلَا محرقة وَيظْهر فِيهِ مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على انه لم يكن نضج أَقُول: إِن هَذَا لَا يخرج من مَرضه قبل الرَّابِع عشر وتقدر أَن تميز وَتعلم هَل يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر أَو يتَأَخَّر بعده من أَوْقَات الْمَرَض كُله وَذَلِكَ أَن عَلَامَات ابْتِدَاء الْمَرَض إِن لبث زَمَانا طَوِيل مزمن وَأما عَلَامَات تزيد الْمَرَض فَإِن أَتَت فِي الرَّابِع أَو فِي السَّابِع فَيَنْبَغِي أَن تتَوَقَّع شَيْئا يحدث فِي الرَّابِع عشر وتميز ذَلِك الشَّيْء يكون فِي الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِن اتّفقت هَذِه الثَّلَاثَة الْأَشْيَاء وَهِي كَثِيرَة تزيد سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وَقُوَّة الْحمى وعلامة بَيِّنَة للنضج فَإِن البحران يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر لَا سِيمَا إِن كَانَ الْوَقْت الْحَاضِر من أَوْقَات السّنة وَالسّن والمزاج وَسَائِر الْأَشْيَاء المشاكلة لهَذَا مُعينَة على ذَلِك فَإِن ظَهرت عَلامَة النضج بَيِّنَة فِي الْحَادِي عشر وَحدهَا وَلم يتَبَيَّن للْمَرِيض زِيَادَة قُوَّة كَثِيرَة وَلَا سرعَة حَرَكَة فَلَا يكون بحرانه فِي الرَّابِع عشر لكنه إِن كَانَ الْوَقْت وَالسّن والمزاج وَسَائِر هَذِه الْأَشْيَاء مائلة إِلَى الْبرد فَلَا تطمع أَن ينقص الْمَرَض قبل الْعشْرين. فَإِن كَانَت العلامات مختلطة وَرَأَيْت عَلَامَات النضج زَائِدَة كَثِيرَة فِي الرَّابِع عشر أَيْضا فَيَنْبَغِي لَك أَن تستقصي وَالنَّظَر والتفقد فِي جَمِيع مَا يظْهر فِي الْيَوْم السَّابِع عشر فَإِن العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ وَإِن كَانَت يسيرَة فَإِنَّهَا من أصح الدلالات وتدل على أَن البحران يكون فِي الْعشْرين فَهَذِهِ صنوف البحران الحميدة وَذَلِكَ أَن كل بحران يظْهر بعد النضج التَّام والعلامات الحميدة فَهُوَ من أفضل البحران لِأَن النضج كَاف فِي الدّلَالَة على سرعَة البحران ووثاقته وَلَا يُمكن بعد ظُهُور النضج الْمُحكم أَن يمدكون بحران غير حميد والنضج الْمُحكم إِنَّمَا يكون مُنْتَهى الْمَرَض وَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تصرف أَكثر همتك إِلَى تعرف مُنْتَهى الْمَرَض لِأَن البحران الأحمد يكون فِيهِ وَهُوَ عيار جَمِيع أَصْنَاف البحران وَذَلِكَ أَن البحران الْأَقْرَب مِنْهُ أبدا هُوَ احْمَد من الْأَبْعَد فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن لَا يهتم الطَّبِيب بِشَيْء أَكثر مِنْهُ بمنتهى الْمَرَض.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا توقعت بحرانه فِي الرَّابِع عشر فابتدأ يكون فِي الْحَادِي عشر إِمَّا لعظم الْمَرَض وَشدَّة قوته وَإِمَّا لسرعة حركته وَإِمَّا لسَبَب هيجه من خَارج.
أَقُول: إِنَّه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك البحران تَاما وَلَا مَحْمُودًا وَيجب أَن يخَاف على الْمَرِيض مِنْهُ أَشد الْخَوْف ولاسيما إِن كَانَ الْمَرَض غير معرّى من الْخطر. فَأَما إِن كَانَ الْمَرَض سليما فَأَقل مَا لَا يُؤمن عَلَيْهِ مِنْهُ أَن يكون مَعَ البحران أَعْرَاض ردية ضَعِيفَة أَو لَا يكون تَاما وَإِن تعاود الْحمى بعد)
إقلاعها فَهَذَا مبلغ قُوَّة النضج وَإِذا كَانَ النضج من أعظم الْأَشْيَاء قُوَّة فمنتهى الْمَرَض أَيْضا يدل على مثل ذَلِك من عظم الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن كل مرض يَأْتِي فِيهِ البحران فِي وَقت منتهاه فَغير مُمكن أَن يَأْتِي فِيهِ بحران فِي وَقت انحطاطه وكل مرض لَا يُجَاوز وَقت منتهاه أَو لم يَأْتِ فِيهِ بحران فَإِنَّمَا يكون انقضاؤه قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يخَاف أَيْضا على الْمَرِيض موت من بعد مُنْتَهى مَرضه على حسب مبلغ مَا أرى وَقد يظنّ بِقوم أَنهم مَاتُوا فِي وَقت الانحطاط إِلَّا أَن هَذِه كالتجربة وَالْقِيَاس فِي الْمَوْت إِن امتحنته علمت من(5/62)
يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت فِي سَبَب غير ذَلِك لَا من نفس ذَلِك الْمَرَض وَجَمِيع من يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت فِي الانحطاط إِنَّمَا يَمُوت من خطأ يعرض لَهُ فَهَكَذَا يظْهر دَائِما بالتجربة. وَأما بِالْقِيَاسِ فَإِنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون الْمَوْت وَقد نَضِجَتْ الأخلاط المولدة للمرض وقهرتها الطبيعة إِن دبره الْأَطِبَّاء على مَا يجب وَلم يخطئوا أَو يُخطئ العليل على نَفسه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الطبيعة قد احتملت أَشد أَوْقَات الْمَرَض وَقَامَت وجاهدت حَتَّى غلبت مَا كَانَ يؤذيها فَإِن النضج لَيْسَ بِشَيْء غير هَذَا فَلَيْسَ يُمكن بعد هَذَا أَن يُمكنهَا الْمَرَض وَإِذا كَانَت الطبيعة لَا يغلبها الْمَرَض فَلَيْسَ يُمكن بِوَجْه من الْوُجُوه أَن يعرض الْمَوْت إِذا كَانَ الْمَوْت لَيْسَ هُوَ شَيْء سوى غَلَبَة الْمَرَض على الطبيعة الْغَالِبَة التَّامَّة فَالْقِيَاس من جَمِيع الْوُجُوه يُوجب أَنه يَنْبَغِي أَن تكون أَكثر الْعِنَايَة فِي تعرف مُنْتَهى الْمَرَض مَعَ ذَلِك فَإِن تقدمة الْمعرفَة بِحَال العليل هَل يَمُوت أم لَا يُمكن أَن تعرف دون أَن يعرف أول مُنْتَهى الْمَرَض وَلَيْسَ يُمكن أَن يعرف أَي الْأَوْقَات هُوَ الْوَقْت الَّذِي يَقع فِيهِ غَلَبَة الْمَرَض للطبيعة غَلَبَة تَامَّة من لم يعلم المستأنف من أَوْقَات الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بَينه وَبَين أَن يَأْتِيهِ البحران إِلَّا يَوْم وَاحِد فخليق أَن يسلم قبل أَن يغلب الْمَرَض طَبِيعَته فَإِن مَرضه لَا يَنْتَهِي قبل الْعشْرين مثلا فقد يُمكن أَن يجوز ذَلِك.
أنزل إِن مريضين فِي حَال وَاحِدَة فِي جَمِيع الْوُجُوه فَيسلم أَحدهمَا وَيهْلك الآخر لقرب وَقت مُنْتَهى الْمَرَض وَبعده وَلَيْسَ يعرف طَرِيق أَجود من هَذَا فِي تعرف مَا يؤول إِلَيْهِ حَال الْمَرِيض من الْمَوْت أَو الْحَيَاة أَعنِي أَن تزيد الْقُوَّة بِمِقْدَار زمَان الْمُنْتَهى ورداءة الْمَرَض وَلَا يُمكن لأحد أَن يعلم هَل يسلم الْمَرِيض أم يَمُوت إِلَّا بجودة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَشْيَاء كَمَا أَنه لَا يعلم أحد هَل يقوى الْحمال على أَن يبلغ بِحمْلِهِ مَوضِع كَيْت وَكَيْت دون أَن يعلم قوى الْحمال قدر الثّقل وَبعد الطَّرِيق وَالْقِيَاس والتجربة بِأَمْر يأمران جَمِيعًا أَلا تهتم بِشَيْء أَكثر من همك بتعرف الْمُنْتَهى وَذَلِكَ انه لَا يُمكن تَقْدِير الْغذَاء وَلَا معرفَة البحران وَلَا حَال الْمَوْت والنجاة إِلَّا بِهِ.)
وَقَالَ: أَلا أَنا إِذا عرفنَا مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض وَقُوَّة الْمَرِيض وَوقت الْمُنْتَهى وعرفنا بذلك هَل يَمُوت الْمَرِيض أم لَا قَدرنَا أَن نقيس فنعلم وَقت البحران وَذَلِكَ أَنا إِذا رَأينَا الْمَرَض بَعيدا من الْخطر وَلَيْسَ فِيهِ حَده بوهن وَلَا قُوَّة شَدِيدَة وَلم يعرض خطأ يُوجب شدَّة الْبَحْث فَلَيْسَ يكون البحران حَتَّى يَنْتَهِي الْمَرَض الْمَرَض منتهاه وَهَذَا هُوَ حد البحران وَذَلِكَ أبدا يكون بعد النضج فَإِن اضطرت الطبيعة إِلَى أَن تَأتي بالبحران قبل أَن يَنْتَهِي منتهاه إِمَّا لقُوَّة الْمَرَض وَإِمَّا لفضل حِدة وَسُرْعَة فِي حَرَكَة الْمَرَض وَإِمَّا لشَيْء يهيج فَإِن البحران الَّذِي يكون عِنْد ذَلِك ينقص فِي الْجَوْدَة عَن البحران على حسب تقدمة لوقت مُنْتَهى الْمَرَض فَإِن كَانَت الْقُوَّة لَا تبقى إِلَى وَقت مُنْتَهى الْمَرَض فَوَاجِب أَن يَمُوت الْمَرِيض وَذَلِكَ الْمَرَض الْآن مَوته لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يكون بِالْقربِ من مُنْتَهى الْمَرَض. وَذَلِكَ أَنه قد يُمكن أَن يَمُوت قبل الْمُنْتَهى بِكَثِير أَو يكون فِي أول الْمَرَض فَأَما البحران فَلَا يكون إِلَّا وَقت الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل.(5/63)
لى: الْمَحْمُود مِنْهُ فَأَما الْمَوْت فَإِنَّهُ يكون فِي الِابْتِدَاء أَو التزيد والمنتهى.
قَالَ: لَا يبرأ أحد قطّ دفْعَة من الْمَرَض بِلَا بحران وَخلق كثير يموتون دفْعَة بِلَا بحران فِي ابْتِدَاء مَرضه إِذا كَانَ الْمَرَض خبيثاً ردياً قوي الْغَلَبَة للطبيعة فَإِن الطبيعة لِلْعِلَّةِ مقاومة.
قَالَ: وَأكْثر هَؤُلَاءِ يَمُوت فِي ابْتِدَاء نوبَة الْحمى لَا سِيمَا مَتى كَانَ سَبَب هَلَاكه كَثْرَة الْحمى وَإِنَّمَا يعرض هَذَا لمن قوته سَاقِطَة ضَعِيفَة وَيَنْبَغِي أَن يكون هَذَا من اصح مَا يعلم بِهِ أَن كثيرا من المرضى يموتون فِي انحطاط النوائب الْجُزْئِيَّة من النوائب وَلما رأى ذَلِك قوم ظنُّوا أَنه قد يكون الْمَوْت فِي وَقت الانحطاط الْكُلِّي وَلَيْسَ الْأَمر كَذَلِك لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذكرنَا وَلم يُؤْخَذ بالتجربة قطّ وَأما فِي الانحطاط الجزئي فخلق كثير يموتون وَالْقِيَاس أَيْضا يدل على ذَلِك وَذَلِكَ انه لَيْسَ يعجب أَن تقوى الْقُوَّة الضعيفة فِي وَقت ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي وَقت تزيدها لَان الْبدن فِي ذَلِك الْوَقْت يكون متماسكاً فَكَأَنَّهُ ينهضم فَإِذا جَاءَ وَقت الانحطاط صَار الْبدن على خلاف مَا كَانَ لَان البحران يَتَحَرَّك إِلَى أقطار الْبدن فيتحلل الْبدن ويسترخي وتنحل الْقُوَّة ويظن بهؤلاء أَن الغشي يَأْتِيهم لأَنهم يموتون بَغْتَة وَقوم مِنْهُم لَا يموتون بَغْتَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا ويبتدئ ذَلِك بهم لَا محَالة مُنْذُ وَقت مُنْتَهى النّوبَة إِلَّا أَن أَكثر النَّاس لَا يَشْعُرُونَ بذلك ويظنون بهم أَنهم انتقلوا نقلة سريعة جدا على أَكثر مَا كَانَ يتَوَقَّع بهم من وَقت الْمُنْتَهى إِلَى وَقت الانحطاط يَقُول يظنّ الْجُهَّال بهؤلاء انْتِهَاء حماهم قصير جدا وأسرع الانحطاط.)
قَالَ: إِلَّا أَن معرفَة ذَلِك من أبين الْأَشْيَاء بِقَبض الْعُرُوق: وَذَلِكَ أَن الْفرق بَين من صَار بِسَبَب الْمَوْت إِلَى حَال يحل لَك أَنَّهَا حَال انحطاط النّوبَة وَبَين من صَار إِلَى الانحطاط بِالْحَقِيقَةِ عَظِيم وَقد يغمها جَمِيعًا تحلل حرارة الْحمى بَغْتَة إِلَّا أَن السَّبَب فِي كل مِنْهُمَا ضد السَّبَب فِي الآخر وَأبْعد شَيْء مِنْهُ فَمَتَى كَانَ على الْحَقِيقَة انحطاط النّوبَة كَانَ النبض يزْدَاد دَائِما قُوَّة وَينْقص اختلافه وَيَسْتَوِي نظامه وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون تبْعَث جَمِيع حرارة الْحمى إِلَى خَارج وَمَتى كَانَ انحطاط هَلَاك كَانَ النبض يزْدَاد ضعفا واختلافاً كل الْحَالَات وَإِنَّمَا يعرض ذَلِك الانحطاط فِي تِلْكَ الْحَال لِأَن حرارة الْحمى تتحلل مَعَ سَائِر مَا يتَحَلَّل من الْبدن فَمن قبل ذَلِك يوهمك أَن الْمَرِيض أحسن حَالا مِمَّا كَانَ ثمَّ إِنَّه بعد قَلِيل عِنْد أدنى حَرَكَة تتحرك من قيام إِلَى الْخَلَاء أَو غَيره يَعْتَرِيه غشي ثمَّ يعرق عرقاً يَسِيرا لزجاً وَيَمُوت وَرُبمَا حدث لَهُ ذَلِك من غير حَرَكَة فَبِهَذَا الطَّرِيق يَمُوت المرضى بانحطاط النوائب وَأما فِي الِابْتِدَاء فَإِنَّهُ يَمُوت المرضى من ميل الأخلاط دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك عرض للطبيعة مِنْهَا شَيْء مثل مَا يعرض لمن يختنق.
وَقد يكون أَيْضا من الْمَوْت الَّذِي بِلَا بحران صنف ثَالِث يكون فِي انْتِهَاء نوبَة الْمَرَض وَيكون هَذَا فِي الْأَمْرَاض القاتلة إِذا غلبت صعوبة نوبَة الْحمى فَلذَلِك أَنَّهَا تعرض لصعوبة(5/64)
التزيد وَبِالْجُمْلَةِ فَمَتَى غلب الْمَرَض الطبيعة حَتَّى يقهرها فَإِن الْمَوْت يكون فِي انْتِهَاء النّوبَة وَقد ينْفق أَن يَمُوت والنوبة بعد فِي تزيدها وَقل مَا يعرض ذَلِك.
فَجَمِيع الْوُجُوه الَّتِي بهَا يكون موت من يَمُوت بِلَا بحران ثَلَاثَة: أَولهَا الْمَوْت الَّذِي يكون فِي أَوْقَات نَوَائِب الْحمى وَأكْثر مَا يكون هَذَا إِذا كَانَ ورم عَظِيم فِي أحد الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة إِن كَانَ فِي وَالثَّانِي الْمَوْت الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى نَوَائِب الْحمى وَهَذَا يكون إِذا انْهَزَمت الطبيعة من شدَّة الْمَرَض.
لى: أَكثر مَا يكون هَذَا بل لَا يكون إِلَّا فِي آخر الْمَرَض الردي المزعج.
وَالثَّالِث الْمَوْت الَّذِي يكون فِي انحطاط النوائب وَهُوَ أقلهَا وَيكون من قبل انحلال الْقُوَّة وَلَا يكون فِي شَيْء من هَذِه الْوُجُوه بحران لِأَن الطبيعة لَا تروم فِي هَذِه الْأَحْوَال نقي الْمَرَض عَنْهَا الْبَتَّةَ. وَإِذا رامت الطبيعة ذَلِك ثمَّ قهرها الْمَرَض سمى بحراناً ردياً وَيكون لَا محَالة إِمَّا من استفراغ وَإِمَّا مَعَ خراج عَظِيم وتقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَصْنَاف من البحران أقل صِحَة وبياناً وَيحْتَاج فطنة كَثِيرَة وحذقاً ودربة وَيَنْبَغِي أَن ترتاض أَولا فِي تعرف البحران الحميد وَمَا قاربه ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى)
البحران الردي وَذَلِكَ أَن البحران الحميد يدْرك بِعلم صَحِيح ثَابت والردي إِنَّمَا يدْرك أَكْثَره بالْحسنِ وَذَلِكَ لِأَن حَرَكَة الطبيعة محدودة على نظام إِذا كَانَت الطبيعة قَوِيَّة قاهرة لمادة الْمَرَض وأفعالها تجْرِي على مقادير حركاتها وَأما حركاتها إِذا كَانَت مَقْلُوبَة مقهورة فَهِيَ غير محدودة وَلَا منظومة فَلذَلِك لَا يَصح مَعْرفَتهَا على مَعْرفَتهَا على مَا يَنْبَغِي وَمَتى غلبت الطبيعة عَلَيْهِ تَامَّة لم يكن البحران الْبَتَّةَ فَإِن كَانَ بهَا أدنى طرف قُوَّة فَإِنَّهَا على حَالَة تنهض وتقاوم ثمَّ لَا تلبث أَن تنهزم الْعلَّة فِي نهوضها هَذَا الَّذِي يكون فِي غير وقته وَشدَّة حفز الْمَرَض إِذا كَانَ مَعَه تهيج وَحده فقد ترى الطبيعة لَا تحْتَمل شَيْئا مِمَّا هَذِه حَالهَا من الْأَمْرَاض لَكِنَّهَا تبادر إِلَى نفي مَا يؤذيها عَنْهَا كَمَا ترى الْمعدة تقذف الْأَشْيَاء الَّتِي تلذعها وتهيجها بِوَجْه من الْوُجُوه إِن كَانَ طافياً فِي أَعْلَاهَا فبالقيء وَإِن كَانَ راسباً فِيهَا فبالإسهال وَهَذَا هُوَ أعظم العلامات الَّتِي تدل على البحران الَّذِي لَا يكون فِي وقته بقيء من أَن يكون لتهيج الْمَرَض ولذعه لَا لنضوج الْخَلْط وبلوغه.
قَالَ: لأَنا نرى البحران الَّذِي يكون فِي وقته وَهَذَا البحران الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض عِنْد استحكام النضج قد يكون. فَإِن لم يكن شَيْء يهيج وَترى البحران الَّذِي يكون ويسميه أبقراط سايق اليسل وَيَعْنِي بِهِ كل بحران يكون قبل وَقت الْمُنْتَهى إِنَّمَا يكون من أجل مَا يهيج وعى حسب تقدم البحران لوقت مُنْتَهى الْمَرَض يكون نُقْصَان جودته وَكَذَلِكَ حَال(5/65)
الْأَمْرَاض القاتلة وَذَلِكَ أَنَّهَا لَا تبقى إِلَى وَقت مُنْتَهى الْمَرَض أَو لَا تكَاد تبقى لَكِنَّهَا فِي أَكثر الْحَالَات تقبل فِي التزيد أَو فِي الِابْتِدَاء وَإِن تقدم فانذر بالبحران الْكَائِن فِيهَا فَإِنَّهُ مَعَ ذَلِك مُنْذر بِأَنَّهُ ردي.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت فِي الرّبع غمامة سَوْدَاء أَو شَبِيها بذلك وَتَكون سَائِر الْأَعْلَام الَّتِي ظَهرت بِهِ ردية أَقُول: إِن هَذَا الْمَرِيض يَمُوت لَا محَالة إِلَّا أَنه إِن كَانَت نَوَائِب جملَة تَأتي الْأَفْرَاد فبحرانه يَجِيء فِي السَّابِع وَإِن كَانَت تَأتي فِي الْأزْوَاج فبحرانه يَجِيء فِي السَّادِس وَمِمَّا يصحح عنْدك الشَّيْء الَّذِي يتوقعه ويؤكده حَرَكَة المرضى وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة فَإِنَّهُ يدل على سرعَة بحرانه وسيكون فِي السَّادِس وَإِن كَانَ يَتَحَرَّك حَرَكَة بطيئة فَإِنَّهُ يكون فِي السَّابِع فَإِن كَانَ يَوْم التزيد لم يتَقَدَّم فينذر بِشَيْء تقدمة الْمعرفَة صحيحاَ إِلَّا أَنه على حَال يَنْبَغِي أَن تنظر فِي العلامات الَّتِي أصفها وَأول العلامات وَأَعْظَمهَا الَّتِي تدل على الْأَمْرَاض الْمهْلكَة فِي دَلَائِل الْمَوْت بِلَا بحران أَن العليل يَمُوت بِلَا بحران لضعف الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة إِذا كَانَت ضَعِيفَة لم تنهضم لمقاومة الْمَرَض والعلامة الثَّانِيَة أَلا تظهر عَلامَة الْبَتَّةَ تدل على دَاء نضج وَالثَّالِثَة أَن يكون الْمَرَض قَوِيا)
خبيثاً وَلَا يكون لَهُ حَرَكَة بِسُرْعَة كل مرض يجْتَمع فِيهِ يجْتَمع هَذِه فَإِن مريضه يَمُوت بِلَا بحران وتقدر أَن تتقدم فتعلم فِي أَي يَوْم يَمُوت إِذا أَنْت نظرت فِي مِقْدَار الْمَرَض فضل الْمَرَض على الْقُوَّة وَفِي أَي يَوْم يكون النّوبَة أصعب وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ لم يبْق من الْقُوَّة إِلَّا الْيَسِير وَالْمَرَض يفضل على الْقُوَّة فضلا كثيرا علمت أَن الْمَوْت سريع وبالضد.
فَأنْزل فِي الْمثل أَن فضل الْمَرَض على الْقُوَّة كثير إِلَّا أَنه لَيْسَ يُمكن أَن تعلم يَوْمًا وَاحِدًا تبقى الْقُوَّة أم يَوْمَيْنِ فقد يقدر عِنْد ذَلِك أَن يُمَيّز وَتعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يَمُوت الْمَرِيض من أدوار نَوَائِب الْحمى وأيها من الانحطاط وَأما فِي وَاحِد وَاحِد من المرضى فَانْظُر أَي الْأَوْقَات فِي أَيَّامه الْمُتَقَدّمَة كَانَت أثقل وأصعب عَلَيْهِ وَضم ذَلِك إِلَى مَا يَصح لَك من الْجُمْلَة.
ثمَّ أنزل أَيْضا أَنَّك قد علمت أَن العليل يهْلك إِلَّا أَن فِي قوته بَقِيَّة.
أَقُول: إِن أول مَا يعلم من هَذَا أَن الْمَوْت لَيْسَ بقريب ثمَّ من بعد هَذَا يَنْبَغِي أَن تنظر هَل يُمكن أَن يَأْتِي فِيهِ بحران رَدِيء أم لَا وتعرف ذَلِك من مِقْدَار الْقُوَّة وحركة الْمَرَض وعلامات النضج.
قَالَ: وَأَنا مذكرك بجملة مَا تخصه قد قلت: إِن أفضل البحران يكون فِي وَقت مُنْتَهى الْمَرَض.
وَأما الَّذِي يكون فِي وَقت التزيد فَإِن كَانَت حَال الْمَرَض تؤول إِلَى السَّلامَة فَإِن ذَلِك البحران يكون نَاقِصا وَلَا يوثق بِهِ إِذا كَانَت الْحَال تؤول إِلَى الْهَلَاك فَذَلِك البحران إِمَّا أَن يقتل على الْمَكَان وَإِمَّا أَن يُغير الْحَال إِلَى الرداءة تغيراً عَظِيما وَأما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا(5/66)
يكون وَإِن تقدمة الْمعرفَة بالبحران الْجيد تعلم صَحِيحا وَأما سَائِر أنحاء البحران أَعنِي النافض والردي لَا سِيمَا إِن كَانَ البحران غير مُنْذر بِهِ وَقُلْنَا أَيْضا إِن هَذِه الأنحاء من البحران أَعنِي الردية والنافضة وَإِن لم يُوصل إِلَى مَعْرفَتهَا قبل حدوثها بِزَمَان طَوِيل فَإِنَّهُ قد يُوصل إِلَى ذَلِك قبل حدوثها بِزَمَان يسير وَإِن كَانَ مَعْرفَتهَا قبل حدوثها بِزَمن طَوِيل قد يُوصل إِلَى ذَلِك يكون من إرهاق الْمَرَض للطبيعة وتهييجه لَهَا وَمن الِاضْطِرَاب الَّذِي يكون دفْعَة من غير سَبَب يُوجِبهُ.
لى: يَقُول: إِذا رَأَيْت الْمَرِيض ثمَّ رَأَيْت أَن اضطراباً قد حدث فَاعْلَم أَن بحراناً كَائِن فَإِنَّهُ لَا بُد ضَرُورَة أَن يحدث قبل كَون كل بحران شَيْء فِي بدن الْمَرِيض مِمَّا ذَكرْنَاهُ من أعرض البحران مثل مَا قَالَ أبقراط: إِنَّمَا من يَأْتِيهِ البحران يصعب عَلَيْهِ مَرضه فِي اللَّيْلَة الَّتِي يَجِيء فِيهَا البحران.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنه وَإِن كَانَ الْمَرَض ينذر ببحران ثمَّ صَعب فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي ثمَّ تَأتي نوبَة الْحمى بعد ذَلِك أسْرع مِمَّا كَانَت تَأتي وَمَعَ أَعْرَاض أقوى ومنكرة لم تكن قبل ذَلِك فَلَا بُد أَن يكون)
البحران فِي تِلْكَ النّوبَة.
فِي الْوَجْه الَّذِي يكون بِهِ البحران قَالَ: وَأَنا مخلص لَك مُنْذُ الْآن كَيفَ تعلم أَن يكون البحران برعاف أَو بقيء أَو بعرق أَو نَحْو ذَلِك.
قَالَ: وتجد ابْتِدَاء كلامنا فِي ذَلِك مَا قَالَ أبقراط الْقَائِد بِنَا إِلَى كل خير فقد قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من ابيذيميا: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة أوجاع وَثقل مَعَ حمى أَو بِغَيْر حمى فَإِنَّهُ يحدث لأَصْحَاب الورم تشنج العصب وقيء مرار زنجاري وَكثير من هَؤُلَاءِ يعالجه الْمَوْت.
وَأما فِي أَصْحَاب الحميات المحرقة: فَمَتَى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وَرَأى الْمَرِيض كَانَ بَين عَيْنَيْهِ ظلمَة وأحس فِيمَا دون الشراسيف بتمدد لَا وجع مَعَه فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رُعَاف وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يقيء مرّة وبلغما وَأكْثر مَا يُصِيب التشنج فِي تِلْكَ الْحَال للصبيان فَأَما النِّسَاء فيصيبهن مَعَ مَا وَصفنَا أوجاع الرَّحِم وَأما الكهول وَمن قد انْحَلَّت قوته وحرارته فَيعرض لَهُم استرخاء فِي بعض أَعْضَائِهِ أَو وسواس أَو جُنُون أَو غماء.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى تطاولت الْحمى وَالْمَرَض سليم وَلَيْسَ بالمريض وجع وَلَا ورم وَلَا سَبَب غير ظَاهر فتوقع خراجاً مَعَ انتفاخ ووجع فِي أحد مفاصله(5/67)
وخاصة فِي السُّفْلى وَأكْثر مَا يعرض هَذَا وأوجاه لمن كَانَت سنه دون الثَّلَاثِينَ وَلَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الْخراج حَتَّى تجَاوز الْحمى عشْرين يَوْمًا وقلما يعرض ذَلِك لمن كَانَ فَوق هَذِه السن وَكَانَت حماه أطول من هَذَا الْمِقْدَار وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع حُدُوث الْخراج مَتى كَانَت الْحمى دائمة ويتوقع حمى الرّبع مَتى كَانَت تقلع ثمَّ تنوب على غير لُزُوم لأدوار محدودة ثمَّ لَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقرب الخريف فَكَمَا أَن الْخراج يعرض لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ كَذَلِك الرّبع لمن قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها وَأكْثر مَا يكون الْخراج فِي الشتَاء وَيكون لذَلِك أَبْطَأَ برءاً إِلَّا انه قَلما يعاود.
قَالَ: فَهَذَا قَوْله فِي الْخراج وَهُوَ قَول كَاف ثمَّ أتبعه بالْقَوْل فِي الاستفراغ فاقل: إِن من اشْتَكَى فِي حمى لَيست بالقتالة صداعاً وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ سواداً وأصابه مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ يقيء مرَارًا فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَبرد مِنْهُ فِيمَا دون الشراسيف فَإِن الْقَيْء يُصِيبهُ أسْرع. فَإِن تنَاول شَيْئا من طَعَام أَو شراب فِي ذَلِك الْوَقْت أسْرع إِلَيْهِ الْقَيْء جدا وَمن ابْتَدَأَ بِهِ أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة الصداع فِي أول يَوْم من مَرضه فَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي السَّابِع وَأكْثر أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يَبْتَدِئ بهم الصداع فِي الثَّالِث وَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِم فِي)
الْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر وَأما من ابْتَدَأَ بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وَيرى سَائِر أمره على قِيَاس مَا تقدم فصداعه يقْلع عَنهُ فِي الرَّابِع عشر وَأكْثر مَا يعرض ذَلِك للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي حمى غب وَأما من كَانَ أحدث سنا مِنْهُمَا فقد يعرض لَهُ ذَلِك فِي حمى الغب إِلَّا أَن أَكثر مَا يعرض ذَلِك فِي الْحمى الَّتِي هِيَ أدوم وَفِي الْخَالِصَة وَالْغِب وَأما من أَصَابَهُ فِي حمى هادئة حَالَة صداع وأصابه بدل السَّوْدَاء الَّذِي يرَاهُ بَين عَيْنَيْهِ غشاوة وَرَأى قُدَّام عَيْنَيْهِ شعاعاً وأصابه بدل وجع الْفُؤَاد تمدد فِيمَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن أَو من الْجَانِب الْأَيْسَر من غير وجع وَلَا ورم فيتوقع لَهُ بدل الْقَيْء الرعاف وَأكْثر مَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف فِي مثل هَذِه الْحَال لمن كَانَ سنه دون الثَّلَاثِينَ فَأَما من قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها فالرعاف يعرض لَهُ أقل وَلمن فِي هَذِه السن الْقَيْء.
وَقَالَ أَيْضا مَتى كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد دَائِم مَعَ حمى وَكَانَ مَعَه عَلَامَات الْمَوْت فَإِن ذَلِك الْمَرَض قتال جدا فَإِن لم تكن عَلَامَات الْمَوْت وَجَاوَزَ الوجع عشْرين يَوْمًا فتوقع الرعاف أَو خراجاً فِي الْأَعْضَاء السفلية وَأما مَا دَامَ الوجع طرياً فَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف والمدة وَلَا سِيمَا توقع الرعاف إِذا كَانَ الوجع فِي الصدغين والجبهة أَكثر مِمَّا يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع الرعاف من سنه دون خمس وَثَلَاثِينَ وَأما من كَانَ فَوق هَذِه السن فتوقع لَهُ الْمدَّة.
وَقَالَ أَيْضا: من بَال بولاً رَقِيقا زَمَانا طَويلا ثمَّ كَانَت سَائِر العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ تدل على وَقَالَ فِي بعض كتبه: إِنَّه يكون قبل النافض احتباس الْبَوْل وَإِن الْعين إِذا احْمَرَّتْ تنذر برعاف وشفته إِذا اختلجت أنذرت بالقيء.(5/68)
وَقَوله مَتى حدث بعد الصداع سبات وصمم بَغْتَة دلّ على خراج يخرج عِنْد الْأذن وَجُمْلَة فَلَيْسَ يحْتَاج فِي تعرف طَرِيق البحران بِمَا يكون إِلَى شَيْء سوى أَن تنظر إِلَى أَي نَاحيَة تميل الطبيعة كَمَا دلّ عَلَيْهِ أبقراط فِي قَوْله: إِن وجع الْفُؤَاد والنافض ينذران بقيء وَإِن تغير النَّفس والشعاع أَمَام الْعين ينذر برعاف وَمِنْهَا مَا حدر فِيهِ الْبَوْل وَالْبرَاز فَقَالَ: وَإِذا كَانَ البرَاز كثيرا لم أر دريعاً وَإِن كَانَ الْبَوْل كثيرا جدا وَفِيه ثقل راسب كثير أَبيض وَذَلِكَ أَن هَذَا يدل على ميل الْمَرَض إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة فَإِن انْتِقَاض الْبدن من ذَلِك الطَّرِيق يكون فَإِن لم يمل الْمَرَض إِلَى تِلْكَ الْحَال فَإِن انْتِقَاض الْبدن من ذَلِك الْمَرَض يكون فِي النواحي وتطاول وَإِن كَانَت مَعَه عَلَامَات السَّلامَة فتوقع الْخراج وَاسْتدلَّ على الْخراج بميل الطبيعة إِلَى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا. وَذَلِكَ أَنه)
قَالَ: إِن الْخراج يكون فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَسْفَل من الصَّدْر مَتى كَانَ الورم والحرارة فِيمَا دون الشراسيف من قبل أَنه إِذا كَانَ كَذَلِك فالأخلاط المولدة لورم الرئة مائلة إِلَى أَسْفَل وَمَتى كَانَت تِلْكَ الأخلاط لَيست بمائلة إِلَى أَسْفَل وجد مَا دون الشراسيف خَالِيا من الورم والحرارة والوجع دَائِما وَعرض للْمَرِيض حينا مَا يُغير نَفسه من غير سَبَب بَين فَإِذا كَانَ ذَلِك فالخراج يخرج ضَرُورَة فِيمَا فَوق الصَّدْر اعني فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي عِنْد أصل الْأذن وَيظْهر مَعَ ذَلِك شَيْء من الْأَعْرَاض الدَّالَّة على ميل الْخراج إِلَى الرَّأْس مثل السبات والصمم بَغْتَة من غير سَبَب وَثقل الرَّأْس والصدغين وَغير ذَلِك. 3 (تَجْرِيد عَلَامَات طرق البحران) لِجَالِينُوسَ قَالَ: وَيَنْبَغِي بعد أَن تعرف أَن البحران كَائِن أَن تنظر بِأَيّ نَحْو يكون البحران على هَذَا الْمِثَال انْظُر أَولا هَل الْمَرَض حَار وَهل يكون فِيهِ البحران فِي الأدوار الأول فَإِنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك يجب ضَرُورَة أَن لَا يكون البحران بخراج لَكِن باستفراغ ثمَّ انْظُر هَل الْمَرَض بطيء الْحَرَكَة متطاول فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَذَلِك كَانَ البحران فِيهِ بخراج لَا سِيمَا إِن كَانَ بَال الْمَرِيض بولاً رَقِيقا مائياً نياً زَمَانا طَويلا لِأَنَّهُ إِن بَال بولاً ثخيناً كثيرا فِيهِ ثقل راسب مَحْمُود فالأخلق أَن ينضج الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا وَلَا يحدث لَهُ بحران بخراج فَإِذا ميزت هَذَا وعرفته فَانْظُر إِن كَانَ البحرا يكون باستفراغ بِأَيّ ضرب استفراغ يكون وَإِن كَانَ بخراج فَفِي أَي عُضْو يكون فَإِذا كَانَ باستفراغ فَانْظُر فِي العلامات الدَّالَّة على ضروب الاستفراغ فَإِنَّهُ إِذا ظَهرت لَك عَلَامَات ضرب مَا من ضروب الاستفراغ وَلم يظْهر ضرب غَيره كنت أَشد ثِقَة بذلك الضَّرْب وَالْوَاجِب عَلَيْك أَن قَالَ: فَإِذا رَأَيْت الْبَوْل قد احتقن والبطن قد اعتقل بِالْقربِ من وَقت البحران فتوقع نافضاً فَإِذا رَأَيْت النافض قد حضر فَانْظُر مَا يحدث بعد أعرق أم قيء أم اخْتِلَاف أم جَمِيع هَذِه فَانْظُر أَولا فِي طبيعة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض حمى محرقة خَالِصَة فقد يَصح عنْدك أَولا أَمر النافض قبل حُدُوثه وَذَلِكَ أَن كيموس الصَّفْرَاء إِذا تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة ولد نافضاً ثمَّ(5/69)
انْظُر هَل احْتبسَ الْبَوْل وَحده قبل النافض أَو الْبَطن أَيْضا فَإِنَّهُمَا إِن كَانَا احتبسا جَمِيعًا فالبحران لَا محَالة يكون بعرق كثير وَإِن كَانَ الْبَوْل وَحده احْتبسَ فَانْظُر قبل ذَلِك أَو نقص عَنهُ فَإِن رَأَيْته قد زَاد زِيَادَة كَثِيرَة فَاعْلَم أَن الطبيعة مائلة نَحْو هَذَا الطَّرِيق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْته قد نقص علمت أَن ميلها نَحْو الْعرق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على الْقَيْء فالبحران يكون)
بالقيء والعرق مَعًا وَإِن كَانَت العلامات الَّتِي تدل على أحد الاستفراغين أقوى من الَّتِي تدل على الآخر كَانَ البحران بذلك الاستفراغ أَكثر وَإِن كَانَت متكافية كمياتها كَانَ بهما سَوَاء. فَإِن لم تَرَ شَيْئا من عَلَامَات الْقَيْء فتوقع الْعرق وَحده وَلَا سِيمَا إِذا رَأَيْت الْمَرِيض قد اخْتَلَط وَرَأَيْت نوبَة الْحمى قد تزيدت وَظَاهر البد قد سخن واحمر أَكثر مِمَّا كَانَ يحمر وَرَأَيْت بخاراً حاراً يرْتَفع من الْبدن لم يكن يرْتَفع قبل ذَلِك وَوجدت مَعَ هَذَا نبض الْعرق مُوجبا لينًا فليقو رجاؤك للعرق فَأَما النبض الصلب فَإِنَّهُ يدل على الْقَيْء لَا على الْعرق والنبض المسرف مُشْتَرك بِجَمِيعِ أنحاء الاستفراغ وَكَذَلِكَ النبض الْقوي فَأَما مَتى كَانَ النبض عَظِيما فَهُوَ يدل على حَرَكَة الطبيعة إِلَى ظَاهر الْبدن لَا إِلَى بَاطِنه وكل وَاحِدَة من هَاتين الحركتين تكون على ضَرْبَيْنِ أما الْحَرَكَة إِلَى خَارج فبدم يجْرِي من المنخر أَو غَيره أَو بعرق وَالْحَرَكَة إِلَى دَاخل بالاختلاف.
والقيء والنبض الموجي يدلك على الْعرق والنبض الْعَظِيم يدل على الاستفراغ بِالدَّمِ وَمَتى مَالَتْ الطبيعة إِلَى دَاخل فانخفض النبض وَصغر ثمَّ لم تكن عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون إِمَّا بالاختلاف أَو بالقيء. فَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَالِاخْتِلَاف نَاقص فالبحران يكون بالقيء. وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَتبين فِي الِاخْتِلَاف تزيد فالبحران يكون بهما جَمِيعًا ونبض الْعرق فِي أَكثر حالات البحران يكون مُخْتَلفا وخاصة إِذا كَانَ مَعَ البحران جهد وخطر إِلَّا أَن ذَلِك الِاخْتِلَاف يكون على أَكثر حالاته إِذا انصب إِلَى الْمعدة مرار فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك مَعَ مَا يظْهر من العلامات الدَّالَّة على الْقَيْء يصير النبض مُخْتَلفا فِي جَمِيع حالاته لما يُصِيب رَأس الْمعدة والمري من اللذع والثقل من الشَّيْء الَّذِي سَالَ إِلَيْهَا.
3 - (عَلَامَات الْقَيْء)
وجع الْفُؤَاد مَعَ صداع وَسدر وَسَوَاد يتخيل للعين واختلاج الشّفة السُّفْلى ولعاب رَقِيق كثير يتحلب من الْفَم فَإِن جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء تعرض إِذا اجْتمع فِي الْمعدة خلط من جنس الصَّفْرَاء اللذاع يجذب المرار نَفسه إِلَى دَاخل وَإِلَى اسفل من اجل ذَلِك اللذع وَلذَلِك تختلج الشّفة ويتحلب الرِّيق الرفيق ويتخيل أَمَام الْعين سَواد ويعرض السدر والدوار والصداع وَإِنَّمَا يعرض الصداع بضربين: إِمَّا لبخار يرْتَفع من ذَلِك المرار إِلَى الرَّأْس وَالْآخر مُشَاركَة الدِّمَاغ للمعدة بالعصب. وَأما العلامات الدَّالَّة على الرعاف خَاصَّة فَمِنْهَا الشعاع الَّذِي يتخيل للعين وَذَلِكَ من قبل حمرَة الدَّم وَمِنْهَا الغشاوة وَذَلِكَ لِأَن الدَّم إِذا ارْتَفع مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة سد طرق الرّوح.
وَمِنْهَا الدُّمُوع اكثر مَا يسيل إِلَى الْعين كَمَا يعرض فِي الرمد وَهَذِه الْعلَّة تحمر العينان مَعَ الوجنتين وَرُبمَا احمر الْأنف أَيْضا.
وَمن العلامات الخاصية بالرعاف: تمدد يعرض فِيمَا دون الشراسيف من غير وجع(5/70)
لِأَن هَذِه الْعلَّة تدل دلَالَة قَوِيَّة على ميل الدَّم إِلَى النَّاحِيَة الْعليا وَكَذَلِكَ تغير النَّفس فَإِنَّهُ يعرض عِنْد مُرُور الدَّم فِي الصَّدْر فَإِن كَانَ تمدد مَا دون الشراسيف مَعَ وجع فَلَيْسَ يدل على رُعَاف لكنه دَال على ورم حدث فِي الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا التمدد والصداع أيضاُ وَإِن كَانَ عَلامَة مُشْتَركَة للقيء والرعاف إِلَّا انه إِن كَانَ مَعَه شَبيه باللزع دلّ على قيء وَمَتى كَانَ مَعَه شَبيه بالثفل والتمدد والضربان والحرارة دلّ على الرعاف خَاصَّة وَكَذَلِكَ الأورام الْعَارِضَة فِينَا دون الشراسيف قد تكون سَبَب الرعاف وعلامات تدل عَلَيْهِ إِذا كَانَ الْمَرَض من الْأَمْرَاض الَّتِي يكون لَهَا بحران باستفراغ وَإِذا كَانَ الرعاف من خلاف جَانب الْعلَّة فَلَيْسَ بمحمود يَعْنِي بِالْعِلَّةِ ورم مَا دون الشراسيف ونتقدم فَنَقُول: من أَي المنخرين يكون الدَّم فَإِنَّهُ مَتى كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن فالبحران الحميد يكون بِدَم يخرج من الْجَانِب الْأَيْمن وَكَذَلِكَ فِي الْأَيْسَر وتعرف عَلَامَات البحران الحميد بالنضج والمنتهى فَلَيْسَ يعسر عَلَيْك أَن تنبئ بالمنخر الَّذِي يكون مِنْهُ الرعاف إِذا كنت قد عرفت أَيْضا الْعلَّة فِي الْجَانِبَيْنِ كَانَت ويقوى ظَنك بالرعاف وَالْوَقْت الْحَاضِر والمزاج وَنَحْو ذَلِك.
وعلامات الرعاف صَحِيحَة مُؤَكدَة ثمَّ من بعْدهَا عَلَامَات الْعرق وَأما الِاخْتِلَاف فَلَيْسَ لَهُ عَلامَة بَيِّنَة تخصه مثل عَلَامَات مَا ذكرنَا وَإِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ من أَن تَجِد العلامات الدَّالَّة على)
الاستفراغ وَلَا تَجِد عَلَيْهَا عَلَامَات الْقَيْء والرعاف وعَلى أَنه لَيست مَتى لم تَجِد عَلَامَات هَذِه فَلَا بُد أَن يكون اخْتِلَاف لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون البحران بِدَم يجْرِي من الرَّحِم والمقعدة وَتعلم ذَلِك أَنه يسْبق الطمث ثقل شَدِيد فِي الْبَطن ووجع وتمدد. وَأما انفتاح أَفْوَاه الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة فَإِنَّهُ إِنَّمَا يخص الَّذين بهم الدَّاء باخْتلَاف فَهَذَا طَرِيق تَمْيِيز البحران الَّذِي باستفراغ.
فَإِن كَانَ البحران يكون بخراج فالعلامة العامية الدَّالَّة على كل خراج أَن يكون الْمَرَض سليما ثمَّ لَا يَنْقَضِي الْمَرَض سَرِيعا وَلَا يَبُول بولاً كثيرا فِيهِ رسوب كثير لكنه يَبُول بولاً مائياً. وَأما العلامات الخاصية: فَمِنْهَا أَنه مَتى كَانَ الْمَرَض لم يطلّ جدا ثمَّ رَأَيْت الْمَرِيض قد تغير نَفسه بَغْتَة ثمَّ سكن ذَلِك التَّغَيُّر الَّذِي حدث فِي نَفسه سَرِيعا وأعقبه وجع وَثقل فِي الرَّأْس وسبات وصمم فَذَلِك يدل اضطراراً على أَن خراجاً يخرج فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي يَلِي الْأذن وَمَتى كَانَ الْمَرَض قد طَال جدا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من هَذِه العلامات الَّتِي وصفناها وَظهر فِي بعض الْمَوَاضِع السفلية ثقل وتمدد والتهاب أَو وجع فتوقع حُدُوث الْخراج أَسْفَل.
الأولى من جَوَامِع أَصْنَاف البحران أَصْنَاف تغير الْمَرَض سِتَّة: أَحدهَا التَّغَيُّر الَّذِي يكون دفْعَة إِلَى الْبُرْء وَيُقَال إِنَّه بحران جيد وَالثَّانِي التَّغَيُّر الْكَائِن إِلَى الْمَوْت دفْعَة وَيُقَال لَهُ بحران ردي.
لى: إِنَّمَا يُسمى هَذَا بحراناً إِذا كَانَ مَعَ استفراغ. وَالثَّالِث التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر فِي مُدَّة طَوِيلَة وَيُقَال لَهُ تحلل الْمَرَض.(5/71)
وَالرَّابِع التَّغَيُّر الَّذِي يكون فِي مُدَّة طَوِيلَة إِلَى الْمَوْت وَيُقَال لَهُ ذبول.
وَالْخَامِس التَّغَيُّر الَّذِي يكون فِي أَوله إِلَى الْبُرْء دفْعَة وَلَا يتم بِهِ ثمَّ ينْتَقل إِلَى التَّغَيُّر الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْبُرْء قَلِيلا قَلِيلا وَالسَّادِس التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الرداءة فَقبل أَن يتم ينْتَقل إِلَى التَّغَيُّر الَّذِي يُؤَدِّي إِلَى الْهَلَاك قَلِيلا قَلِيلا.
لى: هَهُنَا تجب الْقِسْمَة أَرْبَعَة أَقسَام أخر: أَحدهَا التَّغَيُّر الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَلَا يتم دفْعَة ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الشَّرّ دفْعَة والتغير الَّذِي يكون إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَلَا يتم ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الشَّرّ قَلِيلا قَلِيلا. والتغير الَّذِي يكون إِلَى الشَّرّ دفْعَة ثمَّ ينْتَقل بعد ذَلِك إِلَى الْخَيْر دفْعَة وَيتم والتغير الَّذِي يكون إِلَى الشَّرّ دفْعَة وَلَا يتم ثمَّ ينْتَقل إِلَى الْخَيْر قَلِيلا قَلِيلا. وَترك ذكر هَذِه الْأَقْسَام لِأَن بَعْضهَا لَا يُمكن أَن يكون وَبَعضهَا بعيد الْكَوْن وَإِنَّمَا أَرَادَ أَن يضع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي الصِّنَاعَة لِأَن يَسْتَوْفِي الْأَقْسَام.
لى: الْمَرَض إِمَّا أَن يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل دفْعَة وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل انحلالاً مركبا من هذَيْن)
فَالَّذِي يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا لَا يكون انحلاله ببحران بَين وَالَّذِي يتَحَلَّل دفْعَة يكون انحلاله ببحران والمركب يتَحَلَّل ببحران نَاقص ثمَّ يستكمل الْبُرْء بالتحلل وَلَا يلْزم مثل هَذَا الْكَلَام فِي الْمَوْت وَذَلِكَ أَن الانقلاب من الْمَرَض إِلَى الصِّحَّة دفْعَة لَا يكون إِلَّا باستفراغ ظَاهر كثير فَأَما الانقلاب من الْمَرَض إِلَى الْمَوْت دفْعَة فقد يكون بِلَا استفراغ. وَقد بَين ذَلِك جالينوس وَقد غلظ صَاحب الْجَوَامِع فِي هَذَا الْموضع أَو تساهل.
البحران إِذا كَانَ فِي أول الْمَرَض فالمرض قتال وَإِذا كَانَ فِي التزيد فَهُوَ بحران نَاقص.
لى: وَغير حميد. وَإِن كَانَ فِي الْمُنْتَهى فَهُوَ تَامّ.
لى: وَسَهل وثيق أَمِين.
جَوَامِع البحران قَالَ: الْأَعْرَاض الباحورية مِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْبَاعِث للمادة مثل انجذاب الْجَنِين إِلَى فَوق. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْمُؤَدِّي لَهَا مثل ضيق النَّفس. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الْقَابِل لَهَا مثل عسر الْحس واختلاط الذِّهْن والوجع والطنين والدوار وظلمة الْعين. وَمِنْهَا مَا يكون لسَبَب الشَّيْء الْمَبْعُوث مثل الخيالات واللمع.
عَلَامَات البحران الْجيد: الامتزاج والنضج وَنَوع الْمَرَض وعادته وَيَوْم البحران والاستفراغ الْمُوَافق وجودة نبض الْعُرُوق وخف الْبدن.
الْحمى المحرقة والحمى الغب تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن والمحرقة خَاصَّة رُبمَا انتقضت برعاف.
قرانيطس تَنْقَضِي إِمَّا بعرق وَإِمَّا برعاف.
الورم الْحَار يحدث فِي مراق الْبَطن يَنْقَضِي إِمَّا بعرق وَإِمَّا برعاف.
حمى الرّبع وَحمى البلغم تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن وَإِمَّا بالقيء.(5/72)
ورم الكبد إِذا كَانَ فِي المحدب يكون بحرانه إِمَّا بعرق وَإِمَّا بدرور الْبَوْل وَإِمَّا برعاف وَإِذا كانفي جَانبهَا المقعر فَأَما بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باخْتلَاف. حمى بلغم وَحمى ربع تنقضيان إِمَّا بعرق وَإِمَّا باستطلاق الْبَطن وَإِمَّا بالقيء.
سَابق الْعلم بِوَقْت البحران يدْرك من نوع الْمَرَض وَمن الْأَشْيَاء الَّتِي تدْرك باجتماعها وَمن حركات النوائب وَمن الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر فِيهَا بعد.
سَابق الْعلم بجهاد البحران يعرف من نوع الْمَرَض وَمِقْدَار عظمه وَمن حركاته.)
سَابق الْعلم بِمَا يؤول إِلَيْهِ البحران يعرف من نوع الْمَرَض وعظمه وعادته.
نوع الْمَرَض يعرف من أعراضه الخاصية بِهِ وعظمه وَعظم هَذِه الْأَعْرَاض وعادته يَعْنِي سحنته تتعرف من الْأَعْرَاض الْقَرِيبَة الَّتِي تلْحقهُ وحركته تعرف من الْجِهَة الَّتِي عَلَيْهَا يَتَحَرَّك وَمَا كَانَ من الحميات دائمة فبحرانها يكون فِي الرَّابِع وَمَا كَانَ مِنْهَا يَنُوب يَوْمًا وَيَوْما لَا فبحرانه يكون إِمَّا فِي الثَّالِث وإمافي السَّابِع وَإِمَّا فِي التَّاسِع وَإِمَّا فِي الْحَادِي عشر.
البحران يكون قبل الْمُنْتَهى إِمَّا لحدته وَإِمَّا لعظمه وَإِمَّا لشَيْء مهيج من خَارج مثل أَن يسْتَعْمل الطَّبِيب الحقن والأدوية قبل وَقت النضج مَا يؤول إِلَيْهِ حَال الْمَرِيض يعرف من قُوَّة الْمَرِيض وَوقت الْمُنْتَهى وَعظم الْمَرَض.
الَّذين تؤول حَالهم إِلَى الْمَوْت مِنْهُم من نافض الْبَتَّةَ بحران.
وَهَؤُلَاء تتقدم عَلَامَات فِي الْيَوْم التزيد فينذر بذلك الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ البحران الردي إِمَّا فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النفث وَإِمَّا فِي البرَاز. وَالَّذين يموتون بِلَا بحران كَانَت عَلَامَات ذَلِك غَايَة ضعف لى: لَيْسَ شَيْء أخص بِأَن يكون الْمَوْت بِلَا بحران من ضعف الْقُوَّة. وَأَن لَا يكون الْمَرَض حاداً يَوْم يَمُوت الْمَرِيض يعرف من صعوبة الْعلَّة وَضعف قوته وَثقل النوائب وشدتها وَسَاعَة تعرف من السَّاعَة الَّتِي تكون من النّوبَة أصعب.
وَحمى البلغم يجلب الْمَوْت فِي أول نوبَة والمحرقة فِي مُنْتَهَاهَا وَبِالْجُمْلَةِ فالموت يكون فِي السَّاعَة الَّتِي قد جرت الْعَادة بِأَن تكون أصعب فِي ذَلِك الْمَرَض فِي الْمُنْتَهى كَانَ أَو فِي الِابْتِدَاء أَو الصعُود.
إِذا كَانَ البحران فِي مُنْتَهى الْمَرَض كَانَ على أفضل مَا يكون وأتمه وَإِن كَانَ فِي التزيد فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض سليما كَانَ بحراناً نَاقِصا وَإِن كَانَ الْمَرَض مخوفا كَانَ بحراناً ردياً متلفاً.
الثّقل والصداع فِي الرَّأْس إِذا عرضا لمن بِهِ ورم فِي نَاحيَة دماغه دلا على التشنج وَإِذا عرضا لمن بِهِ حمى محرقة دلا على رُعَاف أَو قيء.
عَلَامَات الرعاف: تمدد الجنبين وانجذابهما إِلَى فَوق وضيق النَّفس والصداع وظلمة الْبَصَر وصلابة النبض واللمع أَمَام الْعين.(5/73)
عَلَامَات الْقَيْء: الصداع وخفقان الْمعدة والخيالات والظلمة واختلاج الشّفة السُّفْلى وَاخْتِلَاف النبض.)
عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بالانتقال: الْحمى القوية والوجع اللابث وَحصر الْبَوْل والبطن واحتباس النَّفس وَصِحَّة الْقُوَّة.
الِانْتِقَال لى: الِانْتِقَال هُوَ أَن ينْتَقل الْخَلْط المولد للمرض من مَوضِع فِي الْبدن إِلَى مَوضِع وَيكون بِهَذَا الضَّرْب بحراناً فَإِن هُوَ لم يخرج عَن الْبدن يكون مِنْهُ خراجات وأورام.
الِانْتِقَال يكون إِمَّا إِلَى أَعلَى الْبدن وَإِمَّا إِلَى أَسْفَله والعلامات الدَّالَّة على النقلَة إِلَى أَسْفَل: الوجع من تِلْكَ النَّاحِيَة والالتهاب والانتفاخ الْحَادِث فِي الحالبين والوركين والدالة على الِانْتِقَال إِلَى فَوق: ضيق النَّفس الْحَادِث بَغْتَة وَثقل الرَّأْس والسمع والصمم والظلمة فِي الْعين.
العلامات الدَّالَّة على الْعرق النافض والبخار الحاد اللذاع يتصاعد من الْجِسْم وحرارة الْجلد وحمرته ونداوته والنبض الموجي.
عَلَامَات اخْتِلَاف الْبَطن حصر الْبَوْل وفقد عَلَامَات سَائِر أَنْوَاع الاستفراغ والثفل فِي الْعَانَة.
عَلَامَات الاستفراغ بالبول احتباس الْبَطن وفقد عَلَامَات سَائِر أَنْوَاع الاستفراغ والثقل فِي الْعَانَة.
عَلَامَات الاستفراغ بعروق المقعدة: فقد عَلَامَات سَائِر الاستفراغات: وَثقل ذَلِك الْموضع وَعَادَة العليل لذَلِك والوجع فِي الْقطن.
عَلَامَات الطمث: فقد العلامات والوجع والثقل فِي الْقطن.
الأولى من أَيَّام البحران قَالَ الْأَمْرَاض الَّتِي يكون انقضاؤها بالاستفراغات الظَّاهِرَة لَا بالتحلل وَهِي الْأَمْرَاض الحادة مَتى سكنت فِي وَقت مَا بِلَا استفراغ وَلَا نقلة يَعْنِي خراجاً فَمن عَادَتهَا أَن تعاود فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن يَأْخُذ الْمَرِيض نَفسه بعد ذَلِك بالتحرز الشَّديد وَلَا تَأذن لَهُ فِي الْحمام وَلَا فِي حَرَكَة كَمَا يفعل الأصحاء وَلَا طَعَام وَلَا شراب كَمثل طعامهم وشرابهم فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك ثمَّ كَانَ الْمَرَض الَّذِي سكن يَسِيرا فخليق أَن لَا يعاود وَإِن عاود فخليق أَن لَا يكون عَظِيما وَإِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما فَإِنَّهُ سيعاود وَلَو أَحْسَنت تَدْبِير العليل وَلكنه لَا يعاود بخطر وصعوبة شَدِيدَة وَلَا يَصح انْقِضَاء مثل هَذِه الْأَمْرَاض إِلَّا باستفراغ أَو انْتِقَال يكون مِقْدَاره بِمِقْدَار عظم تِلْكَ الْأَمْرَاض.
لى: تَدْبِير العليل يكون بتلطيف التَّدْبِير وَلُزُوم السّكُون وَترك كل مَا يهيج الْحَرَارَة.
عَلَامَات البحران قَالَ: يتَقَدَّم الاستفراغ وَالْخَرَاج اضْطِرَاب شَدِيد وَتغَير النَّفس وَالْعقل(5/74)
والسدر واللمع والدموع واحمرار الْعين وَثقل الأصداغ ووجع الرَّقَبَة وَالرَّأْس وظلمة أَمَام الْعين وخفقان)
الْفُؤَاد واختلاج الشّفة السُّفْلى وانقباضها إِلَى دَاخل والرعدة الشَّدِيدَة وانجذاب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق وَالْكرب حَتَّى يتَبَيَّن وَيطْلبُونَ المَاء الْبَارِد ويشتكون التهاباً قَوِيا لم يكن قبل ذَلِك وَيقدم دور الْحمى وصعوبتها والسبات وَنَحْوهَا.
وَقت موت الْمَرِيض هُوَ بأيام البحران أخص وَيَنْبَغِي أَن ننقل مَا فِي البحران أَيْضا إِلَيْهِ.
لى: ابْن عمرَان بن مُوسَى الزيَادي سرسم وَيَوْم الثَّامِن زَادَت الْحَرَارَة فِي اللَّمْس وَسقط النبض الْبَتَّةَ واسبت وَكَانَ يعرق عرقاً لزجاً مُنْقَطِعًا مِنْهُ ثمَّ عرق فِي آخر النَّهَار وَأَقْبل وتخلص وبرأ فِي الْحَادِي عشر.
من جَوَامِع البحران الْغَيْر المفصلة قَالَ: إِذا كَانَت عَلَامَات البحران إِنَّمَا أَتَت بعد عَلَامَات النضج فثق بجودة عَلَامَات البحران بِقدر جودة عَلَامَات النضج وَإِذا كَانَت تَأتي قبل عَلَامَات النضج فثق برداءته بِحَسب ذَلِك.
من آخر الْمقَالة الْخَامِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: رَأَيْت إنْسَانا حم حمى حادة محرقة فأقلعت عَنهُ يَوْم السَّابِع بيرقان فِي جَمِيع بدنه.
الْمقَالة الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: الَّذِي ينْتَفع بِهِ من الخراجات مَا كَانَ بالبعد عَن الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة وَمَا كَانَ خُرُوجه على الْأَمر الْأَكْثَر إِلَى خَارج وَكَانَ بعد نضج الْمَرَض.
لى: عِلّة هَذَا مَا ظهر من كَلَامه: إِن الميلان إِلَى خَارج لَكِن إِذا نضج واستفرغ سَالَ إِلَى خَارج وَأما بالبعد عَن الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة فلكي إِن عَاد لم يعد إِلَى الْعُضْو الشريف وَأما بعد النضج والميلان إِلَى خَارج فَالْأَمْر فِيهِ بَين.
قَالَ فِي الحميات الإعيائية إِذا كَانَت الأخلاط بَارِدَة كَانَ البحران مزمعاً أَن يكون بالخراج فالخراج يكون فِي المفاصل الْقَرِيبَة من الْمَرَض إِلَى إعياء أَكثر وخاصة فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَعلَى مِنْهَا قَلِيلا لِأَن الأخلاط تصعد قَلِيلا بِسَبَب الْحَرَارَة لِأَنَّهَا ترق وتلطف قَلِيلا فَإِذا كَانَ اللحى فِيهِ إعياء أَكثر فتوقع الْخراج نَحْو الْأذن.
بحران الأخلاط الرقيقة الْحَرَارَة يكون بالاستفراغات وَأما الَّتِي هِيَ أبرد وَأَغْلظ فبالخراجات.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي يكون بحرانها بخراجات مَا كَانَ مِنْهَا أحد كَانَت خراجاته نَحْو الْعُلُوّ أميل وَالَّذِي هُوَ أغْلظ أخلاطاً وأبرد فخراجاته تكون نَحْو الْأَسْفَل أميل وَسَائِر الْأَشْيَاء تشهد بميل الْمَرَض إِلَى أَسْفَل أَو إِلَى فَوق أَعنِي الزَّمَان وَالسّن وَنَحْو ذَلِك قوى وَصِحَّة. وَكَون الْحَرَارَة)
الشَّدِيدَة فِي أعالي الْجِسْم أَو أسافله يدل على أَن الْخَلْط مائل نَحْو ذَلِك الْموضع يكون بالخراجات.(5/75)
مِثَال ذَلِك: إِن سخونة الْقَدَمَيْنِ والساقين فِي الحميات أَكثر مَا يدل على ميل الأخلاط إِلَى أَسْفَل الْبدن وبالضد وَحَيْثُ بقيت أَكثر فإليه تميل الأخلاط أَيْضا وَفِيه تجدث الخراجات لذَلِك.
قَالَ: وَمن لم يكن لَهُ بحران كَامِل ثمَّ اتعب يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ بعد خُرُوجه من الْمَرَض فَرُبمَا خرجت بِهِ فِيهَا خراجات وَيكون بهَا تَمام البحران وَمَتى كَانَ الْعُضْو قبل الْمَرَض تَعب أَو ارتاض فَفِيهِ وَقَالَ: فِيمَا بعد هَذَا كلَاما لم يقل فِيهِ جالينوس شَيْئا فيمَ أرى وَهَذَا كَلَام أبقراط.
السعال قد يحدث الخراجات كَمَا تحدثها الحميات وَالَّذِي أَحسب أَنه يُرِيد الفضول الَّتِي يكون مِنْهَا السعال فقد تنصب إِلَى بعض الْأَعْضَاء فَتحدث خراجات وَهُوَ أشبه أَو يَقُول إِنَّه إِذا كَانَ فِي الحميات الَّتِي يُرِيد أَن يكون فِيهَا خراج بسعال فَإِن الْخراج يمِيل إِلَى هَذِه الْأَعْضَاء.
قَالَ: الْعَوَارِض الَّتِي تجذب الدَّم إِلَى بَاطِن الْبدن إِذا عرضت فِي وَقت البحران تعين على تغير وعَلى حُدُوث البحران بالإسهال والقيء وَنَحْوه وَالَّتِي تجذب الدَّم إِلَى ظَاهِرَة كالسرور وَنَحْوه تعين على الْعرق وَكَذَلِكَ الْغَضَب.
إِذا غَابَتْ الأورام الَّتِي تحدث فِي أصُول الْأذن فِي الْأَمْرَاض من غير أَن تتقيح فَإِنَّهَا إِمَّا أَن تعود بأعظم مِمَّا كَانَت عَلَيْهِ وَإِمَّا أَن يعود الْمَرَض وَرُبمَا صَار ذَلِك الورم إِلَى مفاصلهم وَتَكون عودته على دور مسَاوٍ لكَونه فِي الأول.
الْبَوْل الثخين: يكون بِهِ بحران الحميات الإعيائية فِي الْيَوْم الرَّابِع وَإِن كَانَ مَعَه رُعَاف فأحرى أَن يتم البحران فَإِن لم يكن من هذَيْن شَيْء فتوقع الْخراج فِي المفاصل الَّتِي تعبت. (بحارين الأورام فِي الأحشاء) الْمقَالة الأولى من تقدمة الْمعرفَة: 3 (الَّذين بهم أورام حارة) فِي الْجَانِب الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر فِيمَا دون الشراسيف مَعَ حمى حادة شَدِيدَة قد يحدث لَهُم رُعَاف فِي الرابوع الأول ويتخلصون بذلك من تِلْكَ الأورام. وَآيَة ذَلِك أَن يَجدوا صداعاً وغشاوة فَإِن ذَلِك يدل على ميل الْخَلْط نَحْو الرَّأْس والأجود أَن يكون الرعاف من الْجَانِب الَّذِي فِيهِ الْعُضْو العليل وَأما مَا خَالف ذَلِك فَإِنِّي لَا أَحْمَده.
قَالَ ج: أَكثر هَؤُلَاءِ يعرض لَهُم الرعاف فِي الْأُسْبُوع الأول وَمِنْهُم من يُصِيبهُ فِي السَّابِع وَالْحَادِي عشر وتوقعك للرعاف فِي من سنه دون الْخمس وَالثَّلَاثِينَ يكون أقوى لِأَن الدَّم فِي هَذِه السن كثير والحرارة قَوِيَّة. وَأما مَا كَانَ من الأورام لينًا مَعَه تطَأ من تَحت الْأَصَابِع إِذا غمز عَلَيْهِ فبحرانه يكون أَبْطَأَ إِلَّا أَنه أقل عَادِية من الفلغموني لِأَن هَذِه تحدث عَن البلغم فَلذَلِك قد تطول مدَّتهَا لشدَّة بردهَا لِأَنَّهَا تبطئ النضج لقلَّة حَرَارَتهَا وَأما السَّبَب فِي قلَّة الْخطر الْعَارِض فِيهَا فَلِأَنَّهُ لَا وجع مَعَه لِأَنَّهُ بالوجع تسْقط الْقُوَّة فَإِن لم يحدث للَّذين بهم فلغموني رُعَاف وَلَا سكنت حماهم وَلَا انفش الورم فَإِنَّهَا تَجْتَمِع فِي عشْرين يَوْمًا وَأما هَذِه(5/76)
فَإِن بقيت الْحمى والورم إِلَى سِتِّينَ يَوْمًا فَإِنَّهَا تَجْتَمِع وَأما المتوسطة بَين هذَيْن وَتلك فتجتمع إِذا لم ينفش وَلم تسكن الْحمى فِي عشْرين يَوْمًا وَليكن رجاؤك للرعاف إِذا كَانَت هَذِه الأورام عالية جدا كَانَ أقوى وأسرع.
قَالَ: وجميعها إِذا أزمنت من غير أَن تنفش مِنْهَا وَبَقِي شَيْء متحجر فَلَا تتَوَقَّع الرعاف لَكِن توقع أَن يتقيح فَأَما أحمدها وأخوفها فَفِي بَاب الدبيلات.
الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي تكون عَن أخلاط حارة لَطِيفَة فبحرانها يكون بالإسهال وَأما الكائنة عَن أخلاط غَلِيظَة بَارِدَة فبالخراجات.
قَالَ و 3 (الخراجات فِي الْأَمْرَاض المزمنة) تكون فِي النواحي السفلانية لغلظ الْمَادَّة وبردها وَضعف الْقُوَّة لما ينالها من الانحلال بطول الْمَرَض وَأما الْأَمْرَاض الحادة فالخراجات تحدث فِيهَا إِلَى جَانب الْأذن وَذَلِكَ أَن الأخلاط فِي هَذِه أقل غلظاً وَالْقُوَّة أقوى وَأما المتوسطة فَتكون الخراجات فِيهَا فِي الْجَانِبَيْنِ ويستدل على أَي جَانب يكون بدلائل الْميل إِلَيْهِ.
قَالَ: وَمَتى حدث لَهُ فِي السَّابِع عرق أَو إسهال أَو رُعَاف فَكَانَت الْحَالة بعده أفضل فَذَلِك مَحْمُود وَإِن كَانَت ردية فَذَلِك ردي لِأَن الحادثات فِي أَيَّام البحران أصح وأوكد.
مَتى قدرت الْمَوْت أَو البحران الحميد فِي يَوْم مَا ثمَّ حدث قبل ذَلِك الْيَوْم حَادث فَانْظُر فَإِن كَانَ ذَلِك الْحَادِث فِي الطَّبَقَة الأولى فِي قوته فَاعْلَم أَن الَّذِي قدرت يتَقَدَّم إِلَى يَوْم آخر بِمِقْدَار قُوَّة الْحَادِث.
مِثَال فِي ذَلِك: إِن قدرت فِي عليل مَا فِي الْيَوْم السَّابِع أَنه يَمُوت فِي الرَّابِع عشر فَظهر فِي التَّاسِع رسوب أسود فَاعْلَم أَنه لَا يتَأَخَّر إِلَى الرَّابِع عشر لكنه يَمُوت فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر وبالضد.
وَإِن كَانَت دَلَائِل الْمَوْت لَهَا الْغَلَبَة حَتَّى أَنَّك علمت أَنه يَمُوت لَا محَالة ثمَّ حدث حَادث آخر جيد فَاعْلَم أَن الْمَوْت يتَأَخَّر عَن الْيَوْم الَّذِي قدرت بِمِقْدَار قُوَّة ذَلِك الْحَادِث إِلَى يَوْم آخر.
وَإِن كنت قدرت البحران الْجيد فِي يَوْم مَا وَحدث حَادث فِي الطَّبَقَة الأولى من الْجَوْدَة فَإِنَّهُ يتَقَدَّم عَن الْيَوْم الَّذِي قدرت فِيهِ.
الخراجات الْمقَالة الثَّانِيَة من الخراجات الَّتِي يكون بهَا بحران ذَات الرية وَنَحْوه فِي أَبْوَابهَا أَكثر مَا تخرج خراجات البحران فِي المفاصل لسعتها وَكَثْرَة حركتها.
قَالَ: وَالنِّسَاء اللائي يلدن فتأخذهن الْحمى بعد الْولادَة فأحسب لَهَا أَيَّام بحرانها فِي الْيَوْم الَّذِي الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: البحران يكون إِمَّا باستفراغ وَإِمَّا بخراج وَيكون فِي الندرة بنوم غرق طَوِيل ذَلِك فِي الصّبيان خَاصَّة.
قَالَ: 3 (إِذا كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد) دَائِما مَعَ حمى حادة فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك شَيْء من(5/77)
عَلَامَات الْمَوْت فَذَلِك قتال جدا وَإِن لم تكن أَمَارَات الْهَلَاك فتوقع الرعاف إِلَى الْيَوْم السَّابِع فَإِن جَاوز السَّابِع فتوقع مُدَّة تجْرِي من المنخرين والأذنين وَإِن دَامَ الوجع إِلَى الْعشْرين فقد يكون التَّخَلُّص مِنْهُ برعاف فِي الندرة وَإِمَّا بِخُرُوج الْمدَّة من المنخرين أَو خراج فِي النواحي السفلية.
لى: من الرَّأْس فَيعرض كثيرا فِي ذَلِك الْوَقْت فليقو رجاؤك للرعاف إِن كَانَ شَابًّا وَفِي الْمدَّة إِن كَانَ كهلاً وَمن طَالَتْ حماه وَدَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة وَلَيْسَ بِهِ ألم من التهاب أصلا وَلَا من سَبَب آخر بَين فتوقع خراجاً فِي مفاصله السفلية لِأَن مثل هَذِه الحميات تكون عَن أخلاط غَلِيظَة وشأن الطبيعة استفراغها ببول غليظ أَو بخراج فِي الْأَكْثَر وَرُبمَا أفرغته بالإسهال فِي الْأَقَل.
لى: يَنْبَغِي أَن يعلم أَنه قد يزِيد بِهِ فِي الحميات الَّتِي لَا تتحلل بالتحلل الْخَفي وَيَنْبَغِي أَن يكون قَالَ ج: إِذا كَانَت الْقُوَّة ضَعِيفَة والحمى حارة فَلم يكن لَهُ بحران بخراج وَلَا استفراغ ظَاهر بَين لكنه فِي الْأَكْثَر يقتل وَفِي الْأَقَل إِذا سلم ينضج ويتحلل فِي مُدَّة من الزَّمَان طَوِيلَة وَذَلِكَ إِذا سكنت حِدة الْمَرَض وانقلبت وَإِذا كَانَت الأخلاط حارة وَالْقُوَّة قَوِيَّة لم يكن بحران الْمَرَض بخراج بل باستفراغ وَمَتى كَانَت الأخلاط بَارِدَة وَالْقُوَّة قَوِيَّة كَانَ بخراج.
لى: الْأَقْسَام من الْقُوَّة والخلط: هُوَ إِمَّا أَن تكون الأخلاط حارة وَالْقُوَّة قَوِيَّة وَهَذَا يكون بحرانه باستفراغ ظَاهر وَهَذَا أَكثر مَا يكون بالرعاف أَو الْقَيْء وَقد يكون بالإسهال وبالعرق إِن كَانَ الْخَلْط رَقِيقا. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة قَوِيَّة والأخلاط بَارِدَة وَهَذَا يكون بالخراجات على حسب غلظها ولطفها. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط حارة وَهَذَا يقتل فِي الْأَكْثَر وَفِي الْأَقَل عِنْد السَّلامَة يتَحَلَّل بالتحلل الْخَفي. وَإِمَّا أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة والأخلاط بَارِدَة فَهَذَا إِمَّا أَن يقتل فِي طول الزَّمَان وَإِمَّا أَن يتَحَلَّل فِي طول من الزَّمَان وَالزَّمَان والأشياء الْأُخَر تغير بعض هَذِه الخراجات الَّتِي تحدث فِي الْأَسْنَان المتوسطة فَأَما الْأَحْدَاث فالاستفراغ بهم أخص وَأما الْمَشَايِخ فبالتحليلات.
قَالَ ج: من جَاوز الْخمس والثلاثبن فحدوث الخراجات بِهِ أقل وَأما الْمَشَايِخ فَلَا يحدث بهم ذَلِك أَو يكون أقل ذَلِك.
لى: الْمدَار على الْقُوَّة والخلط فَإِنَّهُ قد يكون شيخ قوي يحدث لَهُ استفراغ وَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع)
الْخراج إِذا جَاوز الْمَرَض عشْرين يَوْمًا.
قَالَ: وتوقع الخراجات إِذا طَال الْمَرَض الْحَار وَهُوَ مجاوز الرَّابِع عشر فَصَاعِدا إِلَى الْأَرْبَعين وَكَانَت الْحمى دائمة وتوقع انتقالها إِلَى الرّبع مَتى كَانَت تنوب مختلطة النوائب وَجَاءَت على غير تَرْتِيب وخاصة مَتى كَانَ يقرب الخريف وتوقع الرّبع الكهول أَكثر مِمَّا يتَوَقَّع فِي الشَّبَاب.
قَالَ: والخراجات تكون فِي الشتَاء أَكثر وسكونها أَبْطَأَ ومعاودتها أقل لِأَن الشتَاء بِبرْدِهِ(5/78)
يعين على ميل الأخلاط عَن الاستفراغ إِلَى الظَّاهِر الْخَاص الأخلاط الحارة إِلَى الْبُرُودَة وسكونها أَيْضا يكون لضعف التَّحَلُّل بِسَبَب برد الْهَوَاء الْمُحِيط ومعاودتها أقل لبرد الْوَقْت أَيْضا لِأَن المعاودة يحْتَاج إِلَى سَبَب محرك.
قَالَ: من كَانَ بِهِ صداع وتخييلات سود أَمَام عَيْنَيْهِ ووجع فِي الْفُؤَاد وَكَانَت حماه سليمَة فتوقع لَهُ الْقَيْء فَإِن بردت نواحي شراسيفه وأصابه نافض كَانَ الْقَيْء أسْرع إِلَيْهِ وَإِن أكل كَانَ أسْرع جدا.
قَالَ: الْمرة الصَّفْرَاء إِذا سخنت واحترقت تولد عَنْهَا بخار أسود فَإِذا صعد نَحْو الرَّأْس كَانَت تخييلات فِي الْعين وَقد يرْتَفع مثل هَذِه البخارات من الرية إِلَّا انه يكون مَعهَا وجع الْفُؤَاد لِأَن الرية لَا حس لَهَا. وَأما إِذا كَانَ فِي الْمعدة فَإِنَّهُ يعرض مَعهَا وجع فمها الَّذِي يُسمى وجع الْفُؤَاد والنافض لَيْسَ يسْرع الْقَيْء بل يكثره. وَذَلِكَ انه يهزل الْبدن وَإِن أكل أسْرع الْقَيْء لِأَن فِي معدته خلطاً مرارياً كثيرا فَيفْسد الَّذِي يَأْكُل سَرِيعا وَيكثر كميته فَيكون أعون على الْخُرُوج لِأَن الْمعدة تقبض عَلَيْهِ أَشد إِذا كَانَ كثيرا.
ثمَّ السّفر السَّادِس من الْحَاوِي للرازي يَوْم الِاثْنَيْنِ الْعَاشِر من ربيع المكرم سنة ثَلَاث وَعشْرين صَار اللَّهُمَّ كَمَا أعنت فصل على مُحَمَّد وأرواح آله وَذريته وَأَصْحَابه وأصهاره وأنصاره وتابعيهم وَتبع تابعيهم إِلَى يَوْم الدّين وَسلم وكرم وَشرف بقرار السَّمَاوَات. يتلوه بحول الله تَعَالَى فِي السَّابِع فِي الصداع.(5/79)
3 - (الصداع) قَالَ: الصداع الَّذِي يعرض فِي أول يَوْم من الْمَرَض فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن يشْتَد فِي الرَّابِع وَالْخَامِس فَإِذا كَانَ السَّابِع سكن فَأَما الْأَكْثَر مِنْهُم فيبتدئ بِهِ الصداع فِي الثَّالِث ويشتد فِي الْخَامِس وَيذْهب عَنهُ فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَمِنْهُم من يَبْتَدِئ بِهِ فِي الْخَامِس وَيذْهب عَنهُ فِي الرَّابِع عشر.
قَالَ: جَمِيع هَذِه الْأَنْوَاع من الصداع يَأْتِي بحرانها بِالْقربِ من السَّابِع من يَوْم بدأت وَأما الَّذِي بَدَأَ فِي الْخَامِس فامتد إِلَى الرَّابِع عشر فَلِأَن حرارة الْحمى لم يكن لَهَا قُوَّة وَالدَّلِيل على ذَلِك تَأَخّر الصداع إِلَى الْخَامِس.
قَالَ: وَهَذَا الصداع على هَذَا النَّحْو يعرض للمستكملين من الرِّجَال وَالنِّسَاء جَمِيع حميات الغب لِأَن المرار فِي هَؤُلَاءِ لَيْسَ بغالب جدا فَأَما الَّذين هم دون هَؤُلَاءِ فِي السن فَيعرض لَهُم هَذَا فِي الغب الْخَالِصَة فَقَط لِأَن المرار فِي طبيعة هَذِه الْحمى غَالب جدا وَفِي المحرقة.
قَالَ: أما من أَصَابَهُ صداع فِي مثل هَذِه الحميات وأصابه مَكَان السوَاد أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة ولمع وأصابه مَكَان وجع الْفُؤَاد تمدد فِيمَا دون الشراسيف فِي الْجَانِب الْأَيْمن والأيسر من غير وجع وَلَا تلهب فتوقع لَهُ الرعاف وخاصة لمن أحدث سنا فَأَما من زاحم الثَّلَاثِينَ أَو جاوزوها فَيكون توقعك للرعاف فِيهِ أقل والقيء أَكثر لِأَن هَذِه العلامات عَظِيمَة الدّلَالَة على ميل الأخلاط نَحْو الرَّأْس.
قَالَ قد قَالَ أبقراط: إِن الرعاف يحدث بحران الأورام الحارة فِيمَا دون الشراسيف وخاصة فِيمَن كَانَ حدث السن لِكَثْرَة مَا فِي بدنه من الدَّم وَيدل على الرعاف أَو تَدْمَع الْعين والنبض يدل على الرعاف خَاصَّة جدا وتوقع الرعاف فِي الرّبيع أَكثر وَإِن كَانَ الشتَاء الَّذِي تقدم أَيْضا مائلاً إِلَى الدموية وَالسّنة أجمع مولدة الدَّم فَلْيَكُن رجاؤك لَهُ أَكثر وتوقع الْعرق عِنْد الْمَطَر ورطوبة الْهَوَاء أَكثر. فَأَما فِي حَال عدم الْمَطَر الْبَتَّةَ فَلْيَكُن رجاؤك لَهُ أقل وَإِن كَانَ أدنى مطر فِي الصَّيف فَإِنَّهُ سَيكون فِي الْحمى وَلَو كَانَ قَلِيلا.
الثَّانِيَة من البحران قَالَ: مَتى ظَهرت العلامات الباحورية نَحْو مُنْتَهى الْمَرَض دلّت على بحران وَمَتى ابتدأت فِي ابْتِدَاء الْمَرَض دلّت على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يَأْتِي بحران فِي أول الْمَرَض بالأعلام الباحورية إِذا ظَهرت فِي أول الْمَرَض لم تدل على بحران بل على شَيْء ردي جدا.)(5/80)
قَالَ: وَمَتى احتفزت الطبيعة ليحدث البحران فأحدثت هَذِه العلامات كَانَ مَعَ ذَلِك دَلَائِل بَيِّنَة على النضج قد تقدّمت.
وَمَتى لم يكن يحفز الطبيعة ليحدث البحران برداءة الْمَرَض نَفسه وغلبته ظَهرت الْأَعْرَاض الردية من دَلَائِل النضج وَفِي أَكثر الْأَمر يَمُوت الَّذين يظْهر فيهم الْأَعْرَاض قبل النضج والأقل مِنْهُم يتَخَلَّص أما بالرعاف وَأما بنفث مُدَّة قد نَضِجَتْ نضجاً شَدِيدا.
الأولى من الْفُصُول من عَلَامَات البحران: القلق الَّذِي يَأْخُذ العليل بِلَا سَبَب مَعْرُوف والدموع وَحُمرَة الْعين وَالْوَجْه وَالْأنف وتورم أصل الْأذن والوجع فِي عُضْو والارتعاش والتمدد والخفقان فِي وَقت البحران إِن كَانَ البحران تَاما كَامِلا فَلَا تحرّك الطبيعة بدواء مسهل وَلَا بِغَيْرِهِ لَكِن دَعه وَالْعلَّة وَإِن كَانَ الاسستفراغ وَالدَّفْع نَاقِصا فأعن الطبيعة على استتمام فعلهَا لِأَن بقايا الْخَلْط الَّذِي يستفرغ يُوجب عودة الْعلَّة.
قَالَ: يحْتَاج البحران الْكَامِل إِلَى أَشْيَاء حَتَّى يكمل. الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج وَأَن يستفرغ من الكيموس الْغَالِب وَأَن يستفرغ من نَاحيَة الْعلَّة وجانبها وَأَن يخف عَلَيْهِ الْبدن بعد وَأَن يكون بعد عَلَامَات النضج وان يكون قي يَوْم باحوري فبقدر مَا ينقص عَن هَذِه ينقص عَن أفضل البحران. 3 (تَدْبِير البحران النَّاقِص) قَالَ: إِذا رَأَيْت الاستفراغ نَاقِصا أعن الطبيعة بالمسهل أَو بِغَيْرِهِ من الاستفراغ حَتَّى يكون مَا تَفْعَلهُ الطبيعة وتفعله أَنْت بالدواء بالإسهال وافياً باستفراغ الْخَلْط المودي.
الثَّانِيَة من الْفُصُول قَالَ: لم يُشَاهد مرض قطّ يَتَحَرَّك مُنْذُ أَوله حَرَكَة شَدِيدَة قَوِيَّة جَازَ الرَّابِع عشر وَلم يحدث فِيهَا أحد فِيهَا أَصْنَاف التَّغَيُّر الْأَرْبَعَة: وَهِي البحران الْجيد التَّام أَو النَّاقِص ومدته.
قَالَ: وَمن الْأَمْرَاض أمراض يكون لَهَا فِي بعض أَيَّام البحران بحران نَاقص ثمَّ يستتم البحران فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ. إِذا عرض مرض قوي ثمَّ خف من غير أَن تكون لَهُ استفراغ مَا وَلَا ظهر فِيهِ عَلَامَات النضج وَلَا تغير بذلك الْخُف فَأَنْذر أَن الْمَرَض سيعاود شرا مِمَّا كَانَ وَإِذا ظَهرت العلامات المهولة والقلق وَقد تقدّمت عَلَامَات النضج فَلَا تخف الْبَتَّةَ بل اعْلَم أَنه سَيكون بحران جيد قريب.
الثَّالِثَة من الْفُصُول قَالَ: أَكثر الْأَمْرَاض الْعَارِضَة للصبيان يَأْتِي البحران فِي بَعْضهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَفِي بَعْضهَا فِي سبع سِنِين وَبَعضهَا إِذا شارفوا نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة أَو حِين يجْرِي الطمث وَإِن الرَّابِعَة من الْفُصُول حُدُوث النافض فِي الحميات الَّتِي لَا نافض فِيهَا وخاصة فِي المحرقة ينذر ببحران فَإِن كَانَ بعد النضج وَفِي يَوْم باحوري كَانَ جيدا وَإِلَّا فردياً أَو نَاقِصا أَو غير وثيق.(5/81)
الحميات الإعيائية أَكثر مَا يكون البحران فِيهَا بخراج فِي المفاصل وَإِلَى جَانب اللحيين. كَيفَ كَانَ الإعياء حَادِثا من تَلقاهُ نَفسه أَو للحركة وخاصة الإعياء الْكَائِن من تَلقاهُ نَفسه وَمن هَؤُلَاءِ أَيْضا من كَانَ بِهِ الضَّرْب من الإعياء الْكَائِن من كَثْرَة الأخلاط وَهُوَ التمددي إِلَّا أَن الْخراج إِلَى جَانب اللحى يكون فِي التمددي أَكثر لِأَن المفاصل لم تتعب وَلم تحم بالتعب وتتسع وحرارة الْحمى تشيل الأخلاط إِلَى الرَّأْس فيقبلها اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي جَانب الْأذن. وَأما الإعياء الحركي فَإِن المفاصل تكون قد تعبت وضعفت فَفِي الْأَكْثَر تكون فِي هَذِه الْحَالة.
قَالَ: مَتى أحس مَرِيض فِي مَرضه بإعياء فتوقع لَهُ خراجاً فِي بعض مفاصله وخاصة إِلَى جَانب اللحى.
لى: لِأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الإعياء خَاصَّة يكون الخراجات والإعياء الَّذِي يحس فِي الْمَرَض لَا يكون إعياء حركياً فكون الْخراج لذَلِك فِي هَذَا الْموضع أولى.)
قَالَ: من خرج من مَرضه ببحران غير وثيق إِن حدث فِي بعض مفاصله وجع أَو إعياء خرج فِيهِ خراج فَإِن كَانَ قد تقدم قبل مَرضه فأتعب عضوا مَا أَو أوجعهُ عُضْو مَا ثمَّ لم يكن لمرضه بحران باستفراغ فَإِن فِي ذَلِك الْعُضْو يكون خراج. وَهَذَا القَوْل إِنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرَاض الَّتِي فِيهَا البحارين بالخراج.
قَالَ: الْأَمْرَاض الَّتِي تجَاوز الْأَرْبَعين لَا يكون بحرانها بالاستفراغات وَلَا بالعرق لَكِن إِمَّا بالخراجات وَإِمَّا بالتحلل الْخَفي قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ: والعرق والاستفراغ يضعف مذ تجَاوز الْمَرَض عشْرين يَوْمًا ويضعف أَكثر بعد الثَّلَاثِينَ فضلا عَن الْأَرْبَعين.
قَالَ: الخراجات الَّتِي تحدث فِي الحميات إِذا لم تتحلل فِي الْأَيَّام الأول من أَيَّام البحران فالأمراض لَا محَالة تطول.
إِذا عرض اليرقان فِي الْحمى قبل السَّابِع فَهُوَ عَلامَة ردية وَلَيْسَ مَتى ظهر بعد السَّابِع فَهُوَ عَلامَة جَيِّدَة لَا محَالة لِأَن ظُهُوره قبل السَّابِع لَا يُمكن أَن يكون على سَبِيل دفع الطبيعة للمرار وقذفه إِلَى ظَاهر الْبدن فَيكون ذَلِك الآفة حلت بالكبد فَأَما الْحَادِث بعد السَّابِع فَيمكن أَن يكون لدفع الطبيعة وَيُمكن أَن يكون لآفة حلت بالكبد.
لى: يفرق بَينهمَا أَن الباحوري يكون فِي يَوْم باحوري ويتبعه سُكُون الْحمى وخفتها وَالْآخر كثيرا مَا يتبعهُ شدَّة الْحمى وصعوبتها.
قَالَ: إِذا عرض اليرقان فِي الحميات قبل السَّابِع فَذَلِك ردي لَا محَالة وَإِذا عرض بعد السَّابِع فِي التَّاسِع أَو الرَّابِع عشر فَذَلِك جيد إِلَّا أَن يكون فِي نَاحيَة الكبد صلابة.
لى: لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يدل على أَنه لم يكن لبحران بل لآفة فِي الكبد.(5/82)
قَالَ: إِن ظَهرت فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم الرَّابِع غمامة حَمْرَاء أَو سَائِر العلامات فَإِن بحرانه يكون فِي السَّابِع.
قَالَ ج: لَيْسَ الغمامة الْحَمْرَاء بل كل دَلِيل ذِي قدر يظْهر فِي الرَّابِع لم يكن قبله مِمَّا يدل على النضج فَهُوَ يدل على أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَإِنَّمَا ذكر الغمامة الْحَمْرَاء لِأَنَّهُ أَمر بديع لِأَن الغمامات الْحمر تطول الْعلَّة أَكثر وَإِن كَانَت سليمَة وَإِلَّا فالبيضاء أولى بذلك كثيرا. والتعلق الْأَبْيَض إِذا كَانَ الْمَرَض سريع الْحَرَكَة جدا فَإِن تغير اللَّوْن وَتغَير الْبَوْل أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا كَانَ)
دَلِيلا كَافِيا على البحران فِي السَّابِع إِذا كَانَ ذَلِك فِي الرَّابِع. ذَلِك من أَن الْبَوْل الرَّقِيق إِن غلظ فِي الرَّابِع غلظاً معتدلاً والأبيض إِن اصفر فِيهِ حَتَّى يصير اترجيا فِي مثل هَذَا الْمَرَض أَعنِي السَّرِيع الْحَرَكَة جدا فَإِنَّهُ ينذر ببحران فِي السَّابِع. فَأَي عَلامَة من عَلَامَات البحران ظَهرت فِي يَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار فَإِنَّهَا تدل على البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ وَلَا يدل على انه يكون البحران جيدا أَو ردياً وَإِنَّمَا يدل على ذَلِك إِذا ظَهرت فِي يَوْم الْإِنْذَار عَلامَة من عَلَامَات النضج وَإِنَّمَا ذكر الْحَمْرَاء هَهُنَا دون غَيرهَا ليفهم عَنهُ أَنه إِذا كَانَ يجب فِي الْحَمْرَاء فَإِنَّهَا فِي الْبَيْضَاء أوجب وَلِأَنَّهَا أَيْضا أَمر نَادِر وَكَذَلِكَ أَيْضا إِنَّمَا يظْهر فِي الندرة.
قَالَ: وَيجب أَن يتفقد الْمَرَض كَمَا أَن الغمامة الْحَمْرَاء إِذا ظَهرت فِي الرَّابِع جَاءَ البحران فِي السَّابِع كَذَلِك إِذا ظَهرت فِي غَيره من أَيَّام الْإِنْذَار جَاءَ البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ فَإِنِّي أَنا رَأَيْت هَذِه الْعَلامَة مَرَّات كَثِيرَة ظَهرت فِي التَّاسِع فجَاء البحران فِي الرَّابِع عشر وَظَهَرت فِي الْحَادِي عشر فجَاء البحران فِي الْعشْرين فَهَذِهِ الْعَلامَة إِذا ظَهرت يَوْم من أَيَّام الْإِنْذَار غير الرَّابِع لم يكن البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ كَمَا يكون فِي الرَّابِع وَالسَّابِع وَالسَّبَب فِي ذَلِك: أَن مَا يَأْتِي بعد الرَّابِع إِلَى السَّابِع زَمَانه متساو لما مضى من الْمَرَض قبل ظُهُور الغمامة فَلذَلِك قد يُمكن أَن يدل إِذا كَانَت فِي الرَّابِع أَن البحران يكون فِي السَّابِع دلَالَة صَحِيحَة وَأما مَتى ظَهرت هَذِه الْعَلامَة فِي الْحَادِي عشر فَلَا بُد يكَاد يكون البحران فِي الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون فِي ثَلَاثَة أَيَّام فَقَط مستكملاً مَا بَقِي على الطبيعة وَإِنَّمَا ظهر مَا ظهر فِي أحد عشر يَوْمًا بل يحْتَاج إِلَى أَيَّام أَكثر وَلَا أقل من مِقْدَار مَا مضى على أَن هَذَا اللَّوْن مَتى ظهر دلّ على فضل تَأَخّر من انْقِضَاء الْمَرَض.
من يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي مفاصله من أجل بحران قد يتَخَلَّص من ذَلِك الْخراج ببول كثير غليظ أَبيض يبوله.
قَالَ: الْخراج يخرج فِي المفاصل فِيمَن أتعب مفاصله قبل الْمَرَض أَو فِيمَن أَصَابَهُ الإعياء فِي نفس مَرضه على أَي وَجه كَانَ أَو فِيمَن يطول بِهِ الْمَرَض من كَثْرَة الأخلاط الغليظة فِيهِ فَإِن قويت الطبيعة على نقص الْبدن وتنقيته بالبول يسلم بذلك الْمَرَض من الْخراج لاستفراغ الطبيعة بالمثانة مَا هُوَ مزمع بالتحلب إِلَى بعض المفاصل.(5/83)
قَالَ: والحمى مَعَ إعياء من شَأْنهَا أَن تحدث الْخراج سَرِيعا وَلَا تنظر بِهِ مُدَّة أطول كَسَائِر الحميات ويعرض لصَاحب هَذِه الْحمى الْخراج عِنْد الْأذن اكثر كَمَا أَنه يعرض لصَاحب الْعِلَل)
المزمنة أَن يكون تولد الْخراج فِي أسافل الْبدن أَكثر فَأَما فِي أَصْحَاب الحميات الَّتِي بإعياء من تِلْقَاء نَفسه فلكثرة الْخَلْط فِيهِ وحرارة مُرْتَفعَة إِلَى أعالي الْبدن فَيكون الْخراج من أعالي الْبدن اعني فِي الرَّأْس إِلَّا أَن ينذر قبل الرعاف وَالْخَرَاج يمْنَع كَونه الرعاف بِمرَّة فَأَما الْبَوْل فَإِنَّمَا يمنعهُ إِذا دَامَ أَيَّامًا.
قَالَ جالينوس إِن من الْبَين أَن انْقِضَاء الْمَرَض بالرعاف يكون أسْرع مِنْهُ بالبول لِأَن استفراع الأخلاط يحْتَاج إِلَى أَيَّام.
لى: قد صَحَّ مِمَّا قُلْنَا إِن أقوى البحارين الرعاف ثمَّ الإسهال ثمَّ الْقَيْء ثمَّ الْبَوْل ثمَّ الخراجات وَرُبمَا كَانَت الخراجات أقوى من الْعرق وَرَأَيْت عداد مرضى سكنت حماهم بِأَن انْدفع الْفضل إِلَى أَيْديهم وأرجلهم ضَرْبَة حَتَّى كَأَنَّهَا صَارَت سقافلوس وعفنت وتساقط اللَّحْم فَهَذَا كُله نوع من أَنْوَاع البحران أَيْضا.
لى: يمْنَع من الخراجات فِي الإعياء الْكَائِن من تَلقاهُ نَفسه وَفِي المفاصل الَّتِي تعبت فِي الإعياء الحركي فَإِنَّمَا تكون الخراجات فِي هذَيْن من الإعياء والأمراض المتوسطة فِي الحدة والأزمان.
السَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ ج: قَالَ أبقراط: إِذا ظَهرت أَعْرَاض البحران ثمَّ لم يكن بهَا بحران دلّت على موت وَأما على بحران عسر وَقد فسر ج هَذِه الْأَعْرَاض على أَنَّهَا الاستفراغات أَنْفسهَا وَذَلِكَ أَن أبقراط قَالَ هَا هُنَا: إِذا كَانَ الْعرق يجلب نافضاً فَذَلِك ردي.
قَالَ ج فِي تَفْسِير ذَلِك: لِأَن أبقراط قد قَالَ إِن أَعْرَاض البحران إِلَى آخر الْكَلَام وَأَنا أرى أَن هَذَا غير مشاكل وَأَن أبقراط لم يرد بقوله إِذا كَانَت أَعْرَاض البحران وَإِن لم يكن بهَا بحران الاستفراغات لَكِن الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم كَون البحران مثل الأرق والقلق وَنَحْوه.
لى: رَأَيْت القلق وَالْكرب يتَقَدَّم البحران الْكَائِن بالقيء والرعاف أَكثر من غَيره ويتلوه الَّذِي بالعرق ثمَّ الَّذِي بالاختلاف وَأما الَّذِي ببول وخراج فَلَا. فَنَقُول: إِذا ظَهرت العلامات الباحورية ثمَّ لم يكن بعقبها الْحَرَارَة فَإِن ذَلِك إِمَّا لِأَن الْمَرَض يزِيد زِيَادَة كَثِيرَة مفرطة فَلم يظْهر ذَلِك من أجل أَن يكون بحراناً لَكِن من أجل تزيد الْمَرَض ورداءته فينذر بِمَوْت. وَإِمَّا لِأَن الطبيعة أخذت فِي المجاهدة فظهرت الْأَعْرَاض الباحورية لَيست شَيْئا أَكثر من مجاهدة الطبيعة لِلْعِلَّةِ فَلَمَّا رامت ذَلِك خارت بعد الْجهد فَلم يتبع فعلهَا استفراغ فَدلَّ ذَلِك على أَن البحران عسر لِأَن الْمَرَض قوي والطبيعة ضَعِيفَة بِالْإِضَافَة إِلَيْهِ. وَإِنَّمَا يُمكن أَن يتَعَلَّق من هَذَا الْكَلَام بِلَفْظَة مِنْهُ شُبْهَة وَهُوَ)
قَوْله وَلم يُمكن بهَا بحران لِأَن هَذَا كَأَنَّهُ على الاستفراغات أدل مِنْهُ على الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم لِأَن اللَّفْظ الأشكل بِهَذِهِ أَن يُقَال: وَلم يَأْتِ بعْدهَا بحران. فَإِن كَانَ أبقراط يَعْنِي بهَا هَذَا فَهَذَا أردى جدا لِأَن ذَلِك يدل على(5/84)
أَن ذَلِك الاستفراغ إِمَّا أَن يكون لِكَثْرَة الأخلاط وَإِمَّا من غير الْخَلْط الَّذِي يجب وَإِمَّا لضعف الطبيعة وَكلهَا ردي يحْتَاج أَن يطال فِيهَا الْكَلَام ثمَّ نستقصيه فِي كتَابنَا فِي البحران.
لى: من محنة الطَّبِيب أول مَا يحْتَاج أَن تعرف: هَل يَمُوت العليل أَو يسلم فَإِن يسلم فببحران تَامّ أَو يتَحَلَّل ببحران بَين أَو ببحران نَاقص أَو يحلل ذَلِك فِي الْمَوْت ثمَّ هَل البحران يحذر مَعَ شدَّة وخطر أَولا ثمَّ فِي أَي يَوْم يكون بِأَيّ نوع يكون ثمَّ حريز وثيق هُوَ أَولا فَهَذَا من رُؤُوس تقدمة الْمعرفَة. وَيجب أَن تضع أَولا عَلَامَات النضج لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَيْهَا فِي تعرف السَّلامَة والهلاك ثمَّ عَلَامَات الْقُوَّة والضعف ثمَّ عَلَامَات السَّلامَة والهلاك ثمَّ عَلَامَات البحران والتحلل ثمَّ عَلَامَات نوع البحران. ثمَّ عَلَامَات أَي نوع يكون ثمَّ عَلَامَات أحريز هُوَ أم لَا فعلى هَذَا وَقَالَ: دعيت إِلَى عليل قد سَقَطت قوته حَتَّى أَن أَهله كَانُوا يغذونه بِاللَّيْلِ مرَّتَيْنِ فضلا عَن النَّهَار فَلَمَّا جسست نبضه قضيت أَن فِي بعض أحشائه ورما وَقد كَانَ ذَلِك الورم ظهر للنَّاس بالحدس فَأمرت أَلا يغذى الْبَتَّةَ وَأَن يتْرك قاراً هادئاً وَلَا يُحَرك بِشَيْء الْبَتَّةَ إِلَى أَن آمُرهُم بِهِ. وَمَا كنت آمُرهُم بذلك لَوْلَا أَنِّي علمت يَقِينا أَن الْمَرَض قد قرب منتهاه والبحران قد حضر وَأَنه لم يبلغ من ضعف العليل أَلا يحْتَمل أَن يقْلع عَنهُ الْغذَاء يَوْمًا وَاحِدًا وَكَانَت الْمدَّة الَّتِي أتوقع فِيهَا البحران هَذِه الْمدَّة وَلَو أَنِّي رَأَيْت طَبِيعَته مستعدة لِأَن تعْمل بحراناً باستفراغ لَكُنْت سأستفرغه فَلَمَّا كَانَ فِي لَيْلَة ذَلِك الْيَوْم اشتدت الْحمى وَاخْتَلَطَ الْعقل وأعلمتهم أَنه لَا بَأْس عَلَيْهِ وَأَنه سيعرق عِنْد انحطاط النّوبَة ثمَّ فارقته فَلم يعرق العليل تِلْكَ اللَّيْلَة وَأَقْبل اخْتِلَاط الْعقل يزِيد حَتَّى بلغ الْغَايَة. فَجَاءَنِي رجل من أَهله فِي السحر فَأَخْبرنِي بذلك وَكَانَ يؤمي إِلَى أَنِّي أَخْطَأت فِي تركي إِيَّاه بِلَا غذَاء وَإِن سَبَب شدَّة الِاخْتِلَاط إِنَّمَا كَانَ لذَلِك وَإنَّهُ يجب أَن يظل على رَأسه وتوضع عَلَيْهِ الأدهان. ففكرت: لم تَأَخّر البحران فَوجدت: أَن الْبَيْت الَّذِي كَانَ العليل فِيهِ كَانَ شَدِيد الْبرد فَأمرت أَن يُوقد فِيهِ حَتَّى يدفأ ثمَّ يصب على بطن العليل دهن جَار إِلَى أَن يَبْتَدِئ الْعرق فَإِذا برأَ امسك عَن الدّهن وتعاهدوا مسح الْعرق وأمنتهم من الْخَوْف والعرق وأعلمتهم أَنه لَيْسَ يُمكن أَن يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة وَتَقَدَّمت إِلَيْهِم أَن يغذوا العليل إِذا انْقَطع)
الْعرق فَلَمَّا فعلوا ذَلِك عرق الْمَرِيض وأقلعت الْحمى وَخفت عَلامَة الورم الَّذِي فِي جنبيهفي ذَلِك الْوَقْت وَبقيت مِنْهُ بقايا عالجناها حَتَّى برأَ مِنْهَا الْبُرْء التَّام فِي ثَلَاثَة أَيَّام أَو أَرْبَعَة. وَلَو أَن غَيْرِي تولى علاج هَذَا لَكَانَ قد قَتله لِأَنَّهُ فِي ذَلِك الْوَقْت كَانَ يغذوه وَيصب عَلَيْهِ وعَلى رَأسه مَا يصب وكل هَذَا كَانَ يمْنَع الطبيعة أَن يَأْتِي البحران.
قَالَ: وَلِأَن أبقراط قَالَ: يجب أَن تستفرغ الفضول من حَيْثُ هِيَ إِلَيْهِ أميل وَكَانَت فِي هَذَا مائلة نَحْو الْجلد فاستفرغتها بالعرق.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لماجسست نبض أوديمس قلت لَهُ: إِن طبيعتك قد(5/85)
تحرّك لدفع الْفضل وَذَلِكَ أَن النبض سريع الانبساط بطيء الانقباض وَذَلِكَ عَادَته إِذا أَرَادَ أَن يدْفع شَيْئا.
فَقَالَ: بِأَيّ نوع يكون الاستفراغ فَقلت: إِن دَلَائِل ضروب الاستفراغ مَعْدُومَة قد يُمكن أَن يكون بالإسهال: لِأَن دَلِيل الإسهال هُوَ عدم سَائِر دَلَائِل الاستفراغ.
من كتاب العلامات قَالَ: عَلَامَات كَون البحران بالعرق لين المجسة.
لى: يَعْنِي الموجي قَالَ: وعظمها قَالَ وَيكون مَوضِع الْعرق من الْبدن كَأَنَّهُ أندى وأرطب وَظَاهر الْبدن حَار جدا والمجسة سريعة جدا وَرُبمَا هدت شدَّة الْحَرَارَة ويحمر ظَاهر الْبدن وَرُبمَا عرض الارتعاش والقشعريرة والحمى بِحَالِهَا وَأَن يكون العليل جيد الْبقْعَة جيد الْأكل
3 - (عَلَامَات الِاخْتِلَاف)
القرقرة والنفخ والمغص والمجسة قَوِيَّة مَعَ صغر وَألا يكون عَادَة الْمَرِيض الْعرق وَلَا الرعاف وَلَا غَيرهمَا لَكِن الِاخْتِلَاف وَيكون سهل الْبَطن فِي الصِّحَّة وَإِن كَانَ مُعْتَادا لشرب المَاء الْبَارِد فِي الصِّحَّة فَإِنَّهُ يكون البحران بالاختلاف لَا محَالة.
(عَلَامَات البحران الْكَائِن بالبول)
إِذا رَأَيْت المثانة فِي الْمَرَض تكْثر جمع الْبَوْل والبطن لَا يكون فِيهِ الرجيع وَكَانَ العليل بطيء الْعرق قَلِيله كثيف الْبدن والمجسة صَغِيرَة وَظَاهر الْبدن جاس بَارِد وَكَانَ فِيمَا مضى يكثر الشَّرَاب والهواء بَارِد فَإِن البحران يكون بالبول.
من مَنْفَعَة النبض قَالَ: من أَصَابَهُ فِي الْأَمْرَاض الحادة بحران جيد صَار نبضه فِي غَايَة الْعظم والإشراف.
الأولى من إبيذيميا قَالَ: من أخص خَواص الْحمى المحرقة أَن يكون البحران بالرعاف.
الثَّانِيَة قَالَ: رُبمَا كَانَ فِي الْبدن خلط بلغمي فَيحدث للبدن سَبَب يحمى أَو خلط حَار فتهيج حمى وتنقضي هَذِه وتجيء بحرانها سَرِيعا إِلَّا أَنه يكون فِي هَذِه مَا يَجْعَل للخلط الَّذِي كَانَ فِي الْبدن سَببا إِلَى العفن فتهيج حمى أَيْضا ردية فيتوهم أَنَّهَا عودة فِي الأولى وَلَيْسَت كَذَلِك بل حمى أُخْرَى من جنس أُخْرَى.
لى: ميز هَذِه
3 - (عَلَامَات لأنواع الْحمى)
فَإِذا كَانَت من جنس الأولى علمت أَنَّهَا عودة مِنْهَا بِعَينهَا وَإِذا كَانَت عَلَامَات جنس آخر علمت أَن الْأَمر على مَا وصف هَهُنَا.
لى: يجب إِذا كَانَ خلط مستعد لِأَن يستفرغ وقصدت الطبيعة أَن يعين على خلط فاجتذبه إِلَى الْجَانِب الَّذِي هُوَ مائل إِلَيْهِ فَإِن كَانَ إِلَى الْبَطن فبالحقن وَإِن كَانَ إِلَى الكلى فبمَا يدر الْبَوْل وَإِن مَالَتْ إِلَى عُضْو مَا ثمَّ كَانَ خشينا اعنت على ذَلِك بدلك ذَلِك الْعُضْو وتضميده بِمَا يسخنه وتسخيفه بالأدوية الحارة.
قَالَ أبقراط: فِي الحميات المحرقة والحادة كلهَا: مَتى رَأَيْت فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وظلمة قُدَّام الْعين وَثقل فِيمَا دون الشراسيف يتمدد وَلَا وجع مَعَه فتوقع الرعاف.
قَالَ ج: تمدد الشراسيف من غير وجع يدل على حَرَكَة الأخلاط إِلَى نَاحيَة الرَّأْس(5/86)
وَأما إِذا كَانَ مَعَ وجع فَيكون من ورم فِي الْحجاب وَلَا ينذر هَذَا الصِّنْف ببحران لذَلِك.
قَالَ أبقراط: وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيب الْمَرِيض قيء مرار وبلغم وَأكْثر مَا يُصِيب التشنج فِي تِلْكَ الْحَال للصبيان وَأما النِّسَاء فَيعرض لَهُنَّ مَعَ مَا وَصفنَا وجع الْأَرْحَام وَذَلِكَ يكون لمشاركة الرَّحِم للمعدة فِي الْأَلَم الَّذِي ناله من المرار فَأَما الكهول فَيعرض لَهُم مَا وَصفنَا إِذا عرض لَهُم استرخاء فِي بعض الْأَعْضَاء وجنون أَو عمى لفضول تنحدر إِلَى الْعين.
الثَّالِثَة من تَفْسِير الثَّانِيَة: توقع فِي كل استفراغ كَانَ قبل النضج فَخفت بِهِ الْحمى عودة وَقد يكون كثيرا فِي المحرقة أَن يرعف العليل فِي الثَّالِث فَلَا يكون بِهِ بحران ثمَّ يخْتَلف أَو يعرق فِي السَّابِع وَنَحْوه وَهَذَا أَكثر مَا يكون فِي القوية الْحَرَارَة.
قَالَ: النوائب والشدة إِذا كَانَت فِي الْأزْوَاج مُنْذُ أول الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل أَحْيَانًا على أَنه يكون البحران خبيثاً جدا فِي الْقيَاس وَيدل أَحْيَانًا على أَن الْمَرَض يطول وَإِذا تحرّك الْمَرَض حَرَكَة قَوِيَّة فِي الرَّابِع بنوبة خبيثة يكون فِيهِ مَاتَ صَاحبه فِي السَّادِس كَمَا أصَاب ذَلِك مرضى كثيرا ذكرهم أبقراط.
قَالَ: قد تحدث أورام عِنْد الآذان وَلَا يكون بهَا بحران وَرُبمَا نَضِجَتْ هَذِه وَرُبمَا لم تنضج فَلَا تثق بهَا جمعت أَو لم تجمع إِلَّا يكون بعد النضج.
الْمقَالة الثَّانِيَة من الأولى: مَتى كَانَ الْمَرَض يَنُوب فِي الْأزْوَاج فَفِي الْأزْوَاج يَأْتِي بحرانه وَإِن كَانَ)
يَنُوب فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَذَلِكَ لِأَن فِي يَوْم النّوبَة يكون الأخلاط رقيقَة تغلى وتفور وَتَكون مَعَ ذَلِك لذاعة مهيجة للطبيعة فتأتي الطبيعة أَن تدفعها بالرعاف والقيء والعرق وَنَحْوه. 3 (الرعاف) الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ: لَا يقطر فِي حَال من الْأَحْوَال من الْأنف فِي مرض قتال دم أَحْمَر مشرق وَلَكِن أسود شَدِيد السوَاد وَيرد مَا هَهُنَا.
لى: الأولى من الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ إِذا كَانَ الْمَرَض يعرق فِيهِ الْمَرِيض مُنْذُ أول أمره فَإِن بحرانه عسر وخاصة إِن لم يكن ذَلِك بِحَسب رُطُوبَة الْهَوَاء فَإِنَّهُ قد يكون إِذا كَانَت أمطار الْعرق مُنْذُ أول الحميات. وَهَذَا أَيْضا يعسر البحران فِيهِ لَكِن أقل كثيرا مِمَّا يكون ذَلِك فِيهِ من أجل طبع الْمَرَض نَفسه وَإنَّهُ لَيْسَ يكون بحرانه جيدا الْبَتَّةَ قبل مُنْتَهى الْمَرَض. وَمَا سبق وَكَانَ قبل منتهاه كَانَ ردياً.
الْأَعْرَاض الَّتِي تكون فِي وَقت البحران إِذا ظَهرت ثمَّ لم يكن بحران فَإِنَّهُ رُبمَا دلّت على الْمَوْت وَرُبمَا دلّت على البحران بعسر. ج: يُرِيد بعسر: صعوبة البحران وَإِلَّا يكون تَاما لَكِن تبقى مِنْهُ بَقِيَّة تطول بِهِ مُدَّة الْمَرَض وَأما أَن يقْلع الْمَرَض ثمَّ يعاود سَرِيعا إِذا كَانَ البحران قبل النضج إِذا كَانَ(5/87)
الْمَرَض عَظِيما فَإِنَّهُ يكون قتالاً فِي أَكثر الْأَمر. وَإِن كَانَ يَسِيرا: فَأَما أَن يكون بحراناً مَحْمُودًا وَإِمَّا لَا يكون تَاما.
الْأَشْيَاء الَّتِي يكون بهَا بحران جيد إِذا لم يكن بهَا بحران جيد وَكَانَ بهَا بحران ردي فَتلك عَلامَة ردية. وَذَلِكَ إِمَّا أَنه ينذر بعودة ردية وَإِمَّا بانقلاب الْمَرَض عَن طبعه إِلَى الطَّبْع الردي الخراجات: أَحْمد الخراجات الَّتِي يكون بهَا انْتِقَال الْمَرَض من عُضْو إِلَى عُضْو أَو بحران مَا كَانَ مِنْهَا بالبعد من مَوضِع الْعلَّة الَّتِي فِي أسافل الْبدن. والبحران الَّذِي يكون بِشَيْء يجْرِي وَيخرج من الْبدن كالبول وَالْبرَاز والقيء وَالدَّم والمدة من الْأذن والعرق وَنَحْو ذَلِك أفضل من الْكَائِن بالخراجات والبزاق وَالْكثير من الْأَشْيَاء الدَّاخِلَة فِي عداد مَا يسيل من الْبدن والمخاط وَنَحْوهَا من الدُّمُوع وَغَيره. وكل هَذِه وخاصة البزاق وَالْبَوْل والعرق إِذا لم يكن كثيرا لم يسْتَحق أَن يكون بِهِ البحران.
قَالَ: وَقد يكون البحران بالخراجات الَّتِي تكون تَحت الْجلد وَلَا تَجْتَمِع الْمُسَمَّاة تعقد العصب وَالَّتِي تتقيح وَتجمع من الدمامل والقروح والبثور وَنَحْوهَا من الجرب المتقشر والحكة وَسُقُوط)
الشَّهْوَة والبرص وَمَا أشبه ذَلِك.
قَالَ: وَلَيْسَ يَكْفِي فِي جودة الخراجات بِأَن تكون فِي عُضْو أخس وأسفل الْبدن وَدون الْبَطن وَفِي الْبعد عَن مَوضِع الْعلَّة لَكِن تحْتَاج مَعَ ذَلِك أَن يكون الْعُضْو الَّذِي يصير إِلَيْهِ مِقْدَار وسعة يُمكن أَن يَسعهُ ذَلِك الْفضل ويرتبك فِيهِ فَإِن فُلَانَة إِن مَال الْفضل إِلَى إبهامها فَلم يحْتَملهُ الْإِبْهَام فَعَاد رَاجعا فعاودها الْمَرَض وَكَانَ الْمَوْت.
وَرُبمَا كَانَ للحامل بالإسقاط بحران وخاصة لثمانية أشهر وللشهر الَّتِي لَا يعِيش فِيهَا الْجَنِين.
وَقد تكون الخراجات الَّتِي يكون بهَا البحران دَاخل الْبدن فَتكون دبيلات إِلَّا أَنَّهَا أردى مِمَّا فِي ظَاهر وَإِن كَانَ بهَا بحران للمرض فَإِنَّهُ رُبمَا انْدفع الْفضل إِلَى الرَّحِم وَإِلَى الأمعاء أَو الْمعدة فأحدث دبيلة وَكَانَ بِهِ بحران بالحمى إِلَّا أَن الْحَالة تكون ردية.
وَقد يكون البحران بداء الْفِيل والدوالي وَأُمُور يدوس وانتفاخ الْأَطْرَاف والورم فِي الثدي وَجَمِيع الغدد. وَيكون بالثقل فِي بعض الْأَعْضَاء كالظهر والفخذ وَنَحْوه فَإِن ذَلِك إِنَّمَا هُوَ لفضل ينصب إِلَيْهِ.
وَمَا كَانَ من الخراجات الَّتِي تكون مَعَ علل السعال فَوق الْبَطن فَلَيْسَ بكامل السَّلامَة وَمَا كَانَ دون الْبَطن فسليم.(5/88)
كَيفَ يُمكن أَن يجْرِي بالرعاف إبِْطَال دم كثير يكون ذَلِك. لِأَن الدَّم يفور ويغلي ويرتفع إِلَى الرَّأْس شَيْء كثير دفْعَة: إِمَّا أَن يتفتح أَفْوَاه الْعُرُوق وَإِمَّا أَن يَحْتَرِق. وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لِأَن الدَّم إِذا سخن لم يَسعهُ فضاؤه لِأَنَّهُ يتَوَلَّد فِيهِ ريح قَوِيَّة جدا.
لى: وَسَائِر الإفراطات فِي الاستفراغ على نَحْو هَذَا تكون وَذَلِكَ أَيْضا يكون إِمَّا لرقة هَذَا الْخَلْط وغليانه وَإِمَّا لِأَن الطبيعة لشدَّة أَذَاهُ تَدْفَعهُ دفعا عنيفاً فَيعرض مِنْهُ مَا يعرض من البثور وَقد يكون إقلاع الحميات بقروح تخرج فِي الْبدن.
وَمَتى خرجت القروح والخراجات وَلم تسكن الْحمى فَاعْلَم أَن الْخَلْط كثير وَأَن فِي الْبدن مِنْهُ بقايا.
لى: فأعن على نفضه امْرَأَة حدث بهَا استطلاق الْبَطن باحوري ترهل فِيمَا يَلِي الخاصرة وحكة فِي ظَاهر الْبدن ثمَّ اسود ذَلِك الترهل وَمَاتَتْ وَذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ من أَن الاستفراغ كَانَ مقصراً فَلذَلِك يَنْبَغِي لَك أَلا تقطع ذَلِك مَتى ظَنَنْت ذَلِك وَإِن انْقَطع وَأَنت عَالم أَنه يحْتَاج إِلَى الزِّيَادَة)
فاستفرغه أَنْت.
قَالَ: والترهل يحدث كثيرا فِي الْبَطن إِذا انْقَطع الِاخْتِلَاف وَلم يستتم.
لى: إِلَّا أَنه رُبمَا بَادر إِلَى التقرح والرداءة وَذَلِكَ إِذا كَانَ الْخَلْط ردياً وَرُبمَا لم يُبَادر وَذَلِكَ إِذا لم يكن حاراً.
قَالَ: وَحدث خراج فِي خاصرة امْرَأَة أُخْرَى حَتَّى قطعت اختلافها لِأَنَّهَا ترهلت خَاصرتهَا وَفَسَد مزاجها.
الثَّانِيَة من الثَّامِنَة قَالَ: كَانَ بمرضى اخْتِلَاف رَقِيق مائي زبدي وَكَانَت بهم حميات فَلم يكن يَنْبَغِي أَن يحبس ذَلِك الِاخْتِلَاف وَإِن كَانَ كثيرا ردياً خَارِجا عَن الطَّبْع وَقد جرب أَنه مَتى قطع مثل هَذَا الاستفراغ عرض مَعَه حمى وورم فِي الكبد خَاصَّة رُبمَا عرض فِي غير الكبد من الثَّالِثَة من الثَّامِنَة من إبيذيميا قَالَ: فِي الحميات حمرَة الْوَجْه جدا وَثقل الرَّأْس والإعياء ووجع فِي قَعْر الْعين واسترخاء إِذا كَانَ بالحامل أسقطت.
قَالَ: من يَجِيئهُ عرق كثير لَا يُمكن أَن يُصِيبهُ بحران تَامّ بالاختلاف.
قَالَ: وَذَات الْجنب رُبمَا أَتَاهُ البحران بِمدَّة تجْرِي من الْأذن من الْجَانِب العليل مَتى لم يكن الاستفراغ على مَا يَنْبَغِي فِي الكمية لَكِن أقل فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يحدث ورماً فِي المفاصل أَو يحصل فِي أحد الْجَانِبَيْنِ فِيمَا دون الشراسيف فيرم وَيعود الْمَرَض وَإِن قصر الرعاف من الْجَانِب الْأَيْسَر ثمَّ لم يخرج خراج فِي الْجَانِب الْأَيْسَر فَإِنَّهُ يرم الطحال وَإِن قصر درور الْبَوْل والرعاف من الْأَيْمن ثمَّ لم يخرج خراج فِي الْأَيْمن ورم الكبد.
قَالَ: وَإِذا حدث الورم فِي الْجَانِب الْأَيْسَر أَو الْأَيْمن أَعنِي فِي الكبد أَو الطحال عَاد(5/89)
الْمَرَض فَإِذا رَأَيْت الطبيعة مقصرة فِي دفع مَا يَنْبَغِي فأعنها وتحر أَن يكون ذَلِك بِحَسب مَا ترى من ميلها فإمَّا بالإسهال وَإِمَّا بالبول وَإِمَّا يتهيج خراج فِي بعض المفاصل بدواء حَار تضعه عَلَيْهِ وَإِمَّا بإمالة الْمَادَّة إِلَى عُضْو أقل شرفاً كَمَا يمِيل مَادَّة الْعين إِلَى الْأنف. وَإِذا كَانَ الدّفع ضَعِيفا فاستجره إِلَى عُضْو قريب من الْعُضْو العليل وَكَذَلِكَ فاجهد فِي مَنعه مَتى كَانَ مَا يستفرغ من غير الْخَلْط الَّذِي يَنْبَغِي إِذا كَانَ الْخراج فِي مَوضِع خطير والانصباب إِلَى مَوضِع شرِيف.
الرعاف الغزير حميد جيد تكون بِهِ السَّلامَة فِي الْأَكْثَر والقليل أَعنِي قطر الدَّم من المنخرين ردي يعسر مَعَه البحران أَعنِي أَن يكون نَاقِصا أَو غير حريز.)
لى: قد ذكرت فِي غير مَوضِع أَنه ردي لَيْسَ بكامل الْجَوْدَة قَالَ: وَمن شَأْن الرعاف أَن يكون بِهِ بحران الْأَمْرَاض الحادة وَكَذَلِكَ من عَادَته أَن يكون فِي الْأَفْرَاد وَقل مَا يكون الرعاف فِي الرَّابِع فَأَما السَّابِع وَالْخَامِس فَأكْثر مَا يكون وبعدهما فِي ذَلِك الثَّالِث أَو التَّاسِع.
السَّادِسَة من الثَّانِيَة: إِذا انْطلق اللِّسَان وَتكلم العليل فِي يَوْم بحران فَهُوَ جيد لِأَن الْكَلَام لَا يكون إِلَّا وَقد قويت العضل كَثِيرَة وقوتها فِي ذَلِك الْيَوْم تنذر ببحران وَفِي سَائِر الْأَيَّام إِلَّا أَنه فِي يَوْم بحران جيد أَجود. وَإِذا كَانَت حماه لَا تهزل الْوَجْه وَلَا تغيره وَلَا تضمر مَا دون الشراسيف والنبض فِيهَا عَظِيم جدا قوي فَإِنَّهَا سليمَة إِلَّا أَنَّهَا تطول. وَمثل هَذِه قد يكون بحرانها برعاف كثير ويوجع الْوَرِكَيْنِ وَرُبمَا عرض لَهُ تشنج فينحل بِهِ لِأَن هَذَا مرض امتلائي.
لى: تحصل مَا يكون بِهِ البحران: الْقَيْء والرجيع والرعاف والمخاط والبزاق والدموع (الخراجات) والعرق وورم الغدد ووجع الورك وَالظّهْر وَالركبَة وورم فِي بعض الْأَعْضَاء واليرقان لغير اللَّوْن ووجع فِي بعض الْأَعْضَاء بِلَا ورم.
الأولى من السَّادِسَة قَالَ: مَتى كَانَت الْحمى حادة سليمَة ورجوت البحران قَرِيبا ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل قد احْتبسَ بَغْتَة من غير أَن يتقدمه استطلاق الْبَطن فَاعْلَم أَنه سيتبعه النافض وَبِه يكون البحران لَا محَالة بعرق فَإِن كَانَ قد صَعب على العليل قبل ذَلِك ليلته أَو يَوْمه وَكَانَ ذَلِك فِي يَوْم باحوري قدرت أَن تتقدم بالإنذار بِثِقَة واتكال فَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك النبض الباحوري فَإِن النافض يكون قَوِيا شَدِيدا.
وَمن هَذِه الْمقَالة قد يكون لوجع الْأَرْحَام بحران بوجع الورك أَو بخراج يخرج فِيهِ من أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَى عشرَة أشهر. وَأما أبقراط فَقَالَ: يكون انْقِضَاء وجع الرَّحِم بوجع الورك فِي ثَمَانِيَة أشهر وَفِي عشرَة.
قَالَ: إِن اخْتلف الْبَطن انطلاقاً كثيرا فَلَا يجب أَن تثق من احتباس الْبَوْل بِاتِّبَاع النافض فَإِن الْبَطن معتقلاً من احتباس الْبَوْل وَعلمت بِمَا تقدم أَن البحران قريب فقد يجب أَن(5/90)
تعلم ضَرُورَة أَنه يُصِيب ذَلِك الْمَرِيض نافض يتلوه عرق. وَأَصَح مَا يكون هَذَا إِذا كَانَت الْحمى مرارية خَالِصَة. والأسباب الَّتِي تقدّمت مُوجبَة لإحداث المرار وتولده فَتكون مثلا محرقة خَالِصَة)
أهاجتها أَطْعِمَة مرارية وتعب ورياضات لِأَن بحران هَذِه قد يكون كثيرا بِأَن يخرج ذَلِك الْفضل المراري إِلَى خَارج الْبدن وَيكون لذَلِك نافض الحميات الَّتِي تبتدئ بنافض ويتبعها عرق. قَالَ مَا تحدث فِيهَا الخراجات لِأَن النافض فِي البدء والعرق فِي الانحطاط يستفرغ الفضول كالحال فِي الغب وَالرّبع فَلَا تحْتَاج الطبيعة إِذا أَن تحدث الْخراج إِلَّا أَن يكون الْفضل فِي غَايَة الْكَثْرَة.
جري الدُّمُوع بِلَا إِرَادَة فِي حمى حادة الْحَرَارَة فِيهَا أَزِيد جدا مَعَ دَلَائِل السَّلامَة يدل على الرعاف وَمَعَ دَلَائِل الْهَلَاك على الْهَلَاك.
الثَّانِيَة من السَّادِسَة قَالَ: يحْتَاج حُدُوث البحران بالخراج والأورام إِلَى أَن يكون الْمَرَض عديماً للنضج وَيكون مَعَ ذَلِك سليما لِأَن الْمَرَض النضج يكون انقضاؤه باستفراغ محسوس وَالْمَرَض الْخَبيث الْقِتَال لَا يكون فِيهِ خراج باحوري الْبَتَّةَ وَمَتى بَقِي الْمَرَض مُدَّة طَوِيلَة غير نضيج ثمَّ لم يكن خبيثاً فَيَنْبَغِي أَن تتَوَقَّع حُدُوث خراج كَمَا قَالَ أبقراط فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة: أَن من يَبُول بولاً رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَسَائِر دلائله تنذر بسلامة فتوقع حُدُوث خراج.
قَالَ: وَإِذا كَانَ الْخراج مزمعاً أَن يخرج فَإِنَّهُ يخرج إِمَّا فِي الصَّدْر ونواحيه فَفِي الْجَانِب الَّذِي يحدث فِيهِ الوجع وَإِمَّا فِي الْبَطن الْأَسْفَل فَفِي الْجَانِب الَّذِي يحدث فِيهِ التمدد والترفع بِأَن يحدث بِهِ الْخراج فَتكون سحنة وَجهه على الْحَال الطبيعية وَذَلِكَ أَن مَرضه لَيْسَ بخبيث فَإِن احمر مَعَ ذَلِك وَجهه حمرَة شَدِيدَة فَإِنَّهُ إِن لم يرعف أَو رعف رعافاً قَلِيلا خرج الْخراج فِي أصل الْأذن لِأَن الْخَلْط مائل إِلَى فَوق.
قَالَ: 3 (الحميات الحادة) الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران بِسُرْعَة يكون انقضاؤه باستفراغ يقْلع بهَا الإقلاع التَّام. وَأما الساكنة فَإِنَّهَا تطول ثمَّ أَنَّهَا تسكن سكوناً غير تَامّ ثمَّ تعاود فَيَأْتِي فِيهَا البحران يَأْتِي باندفاع شَيْء يغيض وَيحصل فِي بعض الْأَعْضَاء فَيكون حِينَئِذٍ الِانْقِضَاء التَّام.
الحميات المجانسة للغب وَهِي الغب الممتدة فَإِنَّهَا تحدث أبدا فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل النّوبَة. فِيهَا للْمَرِيض صعوبة واضطراب فَاعْلَم أَن ذه مِنْهَا بِأَن ذَلِك من طبعها لِئَلَّا تظن أَنه يدل على بحران وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مَعَ سَائِر الدَّلَائِل وَأَشد النَّاس اسْتِعْدَادًا للرعاف من الْأَسْنَان الَّذين راهقوا الْحلم. وَمِنْهُم أَكثر مَا يكون فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض.(5/91)
الْحَيَّات الإعيائية: إِن لم يكن فِيهَا بَوْل ثخين أَو رُعَاف خرجت خراجات فِي المفاصل.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة إِذا خرجت الخراجات عِنْد الْأذن ثمَّ تحللت وَلم تتقيح فتوقع عودة الخراجات.
إِن لم يكن فِيهَا بَوْل ثخين أَو رُعَاف خرجت خراجات فِي المفاصل.
الرَّابِعَة من السَّادِسَة إِذا كَانَ بِإِنْسَان حمى محرقة ثمَّ خرج نَفسه بَارِدًا أَو تبع ذَلِك بخار أَو عرق أَو بخار حَار فَإِنَّهُ يَمُوت سَرِيعا.
السَّادِسَة من السَّادِسَة حَيْثُ ترى أَن الدَّم مائل إِلَى الرَّأْس والرعاف مُحْتَاج إِلَيْهِ وَقد عسر فاعقر الْجَانِب الَّذِي تزيد من المنخرين بحديدة دَاخل المنخرين حَتَّى يسيل الدَّم فَإِن القدماء كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك. وَإِذا فعل ذَلِك ثمَّ كَانَ الدَّم لَا يخرج أصلا فَإِنَّهُ مهلك فَإِن كَانَ يخرج قَلِيلا قَلِيلا فَإِنَّهُ ردي.
الْيَهُودِيّ: عَلَامَات البحران بالعرق النبض الموجي وسخونة الأوصال ونداوة الْبدن.
(عَلَامَات الْبَوْل)
ثقل فِي الْعَانَة وحرقة فِي الإحليل.
(عَلَامَات البرَاز)
ثقل فِي الْبَطن وجولان وامتداد فِي المرق.
أهرن قَالَ: مِمَّا يدل على أَن البحران ردي: أَن يكون فِي بَدْء الْمَرَض أَو فِي الصعُود قبل الهضم أَو فِي يَوْم غير باحوري. وَضعف الْقُوَّة وَقُوَّة الْمَرَض دَلِيل على أَن البحران ردي وبالضد.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: يعين البحران إِن رَأَيْت الفضول أَنَّهَا مَالَتْ نَحْو المعي فلتعن بالإسهال وَإِن مَالَتْ نَحْو الكلى فِيمَا يدر الْبَوْل وَإِن مَالَتْ إِلَى بعض الْأَعْضَاء فبإسخان ذَلِك الْعُضْو.
إِذا كَانَت الْحمى محرقة شَدِيدَة قَوِيَّة ثمَّ كَانَ فِي يَوْم بحران ورعاف غير غزير لَكِن قطر يسير فَإِن ذَلِك ردي لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يكون بِهِ بحران تِلْكَ الْحمى مَعَ عظمها لِأَن الاستفراغ يجب أَن يكون بِحَسب قُوَّة الْمَرَض فَإِن لم يموتوا سَرِيعا فَإِنَّهُ سيحدث لثم استفراغات آخر بالبطن أَو الْقَيْء أَو نَحْو ذَلِك.
إِذا حدث يرقان فِي يَوْم ردي وَلم يخف عَلَيْهِ الْمَرَض فَإِنَّهُ يدل على أَن الطبيعة لَا تقوى على الْفضل فَإِن حدث بِهِ استفراغ آخر تمّ بِهِ البحران وَإِلَّا هلك.
إِذا كَانَت الْحمى المحرقة تشتد فِي الْأزْوَاج فَإِن بحرانه ردي يَجِيء فِي السَّادِس. الْعرق الْبَارِد فِي الْيَوْم الرَّابِع يدل على الْمَوْت فِي السَّادِس. 3 (البحران فِي السرسام) يكون فِي أَكثر الْأَمر فِي الْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه لَا يَبْتَدِئ السرسام ابْتِدَاء لكنه يحدث على الْأَكْثَر فِي الْيَوْم الثَّالِث وَالرَّابِع ثمَّ إِنَّه مُنْذُ ذَلِك يتم بحرانه فِي أُسْبُوع كَمَا ياتي البحران فِي الغب فِي سَبْعَة أدوار هَذَا إِذا كَانَت الْحمى المحرقة حافظة لطبائعها خَالِصَة. فَأَما إِن كَانَت غير خَالِصَة أَعنِي غير شَدِيدَة الحدة والحرارة فقد يُمكن أَن يتَأَخَّر بحران إِلَى الْعشْرين. وَذَلِكَ(5/92)
يكون لعلل: إِمَّا لِأَن ابْتِدَاء السرسام حدث فِي السَّابِع أَو بعده أَو قبله بِقَلِيل وَإِمَّا لِأَنَّهُ أَتَى قبل الْعشْرين بحران نَاقص ثمَّ فِي الْعشْرين وَإِمَّا لِأَن حمى السرسام لَيست بشديدة الحدة.
قَالَ: إِذا حدث بحران نَاقض فَلَا تثق بِهِ فِي الصِّحَّة فَلِأَن فلَانا الْمَرِيض خرجت بهم خراجات فِي أصُول الْأذن وتقيحت لَكِن مَاتُوا لِأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ نضج من أخلاطهم يدلك الْقدر وَلم يكن مَا فِي لى: فَلَا تثق أبدا إِلَّا بالنضج الْكُلِّي.
قَالَ: 3 (البحران فِي الصّبيان) وَمَا قرب مِنْهُم من الْأَسْنَان أسْرع.
بحران الغب الْخَالِصَة يَأْتِي فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمُدَّة نوبتها اثْنَتَا عشرَة سَاعَة وَالرّبع مُدَّة نوبتها ثَمَانِيَة عشرَة سَاعَة وَيَجِيء بحرانها فِي أحد عشر دوراً فالنسبة بَين الاثنتي عشرَة إِلَى السَّبْعَة كَمَا بَين الثَّمَانِية عشرَة إِلَى الإحدى عشرَة والنائبة كل يَوْم بحرانهاأربعة دوراً وَالنِّسْبَة هَهُنَا مَحْفُوظَة.
قَالَ وَهَذَا بحران الخوالص مِنْهَا الَّتِي أَنَّهَا لَيست شَدِيدَة الحدة وَلَا ممزجة بِشَيْء يطيلها.
قَالَ: غير أَن الرّبع وَالْغِب إِذا أَتَى بحرانها فِي هَاتين المدتين فَإِن البحران يكون تَاما حريزاً وَأما النائبة فِي كل يَوْم فَإِن أَتَى البحران فِيهَا فِي هَذِه الْمدَّة فَإِن الْبدن لَا ينقى فِيهَا لَكِن يبْقى فِيهَا فِي الْبدن بعد ذَلِك بَقِيَّة تنضج على طول الْمدَّة وَتخرج بالبول وَالْبرَاز.
لى: على مَا رَأَيْت بالتجارب وَقد لَاحَ أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب فِي غير مَوضِع: أقوى البحارين مَا يكون بالرعاف وَبعده الَّذِي بالإسهال ثمَّ الَّذِي بالقيء وَأما بحران الْعرق فَإِنَّهَا كثيرا مَا لَا يكون تَاما وَتَكون بِهِ عودات اللَّهُمَّ إِلَّا أَن الْكثير المفرط مِنْهُ السهك الرَّائِحَة.
الثَّانِيَة من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: قد يكون الرعاف الغزير لتخليط إِن كَانَ الْمَرَض يعد أعظم قُوَّة.)
الرعاف الغزير قد يدل على استيطال الْمَرَض.
قَالَ: وَقد يكون اعوجاج الْفَم والاسترخاء لانتقال عِلّة الدِّمَاغ إِلَى هُنَاكَ وَقد يكون ذَلِك لِأَن الْعلَّة الَّتِي فِي الدِّمَاغ غلظت وَيفرق بَينهمَا بِأَنَّهُ إِن سكنت الْأَعْرَاض الردية الَّتِي فِي أَفعَال الدِّمَاغ فَإِن الاسترخاء والتشنج إِنَّمَا كَانَ لانتقال الْعلَّة إِلَى هُنَاكَ وَإِن لم تسكن فَإِنَّهُ لرداءة الْعلَّة وقوتها أَيْضا.
قَالَ ولتكن ثقتك لذَلِك أَكثر إِذا حدث فِي يَوْم بحران.
السَّادِسَة قَالَ: مَتى كَانَت فِي حمى محرقة قد ظَهرت عَلَامَات النضج وَكنت تتَوَقَّع بحراناً قَرِيبا وَاحْتبسَ الْبَوْل وَلم تَنْطَلِق الطبيعة فَتقدم فانذر بِثِقَة وبصيرة أَنه سَيكون نافض يتلوه عرق يكون بِهِ البحران وخاصة إِن كَانَ التَّدْبِير قبل ذَلِك تدبيراً مولداً للمرار.(5/93)
الخراجات: يمْنَع من كَونهَا النافض فَمن كَانَت حماه تنفضه فَإِنَّهُ لَا يكون لَهُ بحران بخراج. وَذَلِكَ لِأَن النافض فِي كل يَوْم يستفرغ ذَلِك الْفضل.
لى: البحرانات إِنَّمَا تكون فِي الْأَكْثَر فِي الحميات المطبقة لِأَن التَّحَلُّل لَا يكون فِيهَا فَتكون الطبيعة تدفع الْفضل فِي ضَرْبَة.
الْأَمْرَاض الحادة جدا والأمراض الَّتِي يظْهر فِيهَا النضج لَا يكون بحرانها لَكِن باستفراغ والأمراض الطَّوِيلَة السليمة يكون البحران فِيهَا إِمَّا بخراج وَإِمَّا بتحلل خَفِي إِذا كَانَ أَبْطَأَ وَأسلم اريباسيوي قَالَ: إِذا مَا عرض فِي الْيَوْم الرَّابِع قطر من دم من الْأنف أفجر عروق الْأنف وَأخرج مِنْهُ دَمًا كثيرا بِمِقْدَار الْقُوَّة فَإِن ذَلِك أصلح أَن تستفرغ من الْمَوَاضِع الَّتِي مَال إِلَيْهَا.
الأولى من أغلولق فِي آخرهَا قَالَ: الصداع علم من أَعْلَام البحران غير مفارق لَهُ إِذا كَانَ البحران يُرِيد أَن يكون بالرعاف أَو الْقَيْء.
قَالَ: وَآيَة ذَلِك أَلا يكون الصداع عرض مُنْذُ أول الْأَمر كبعض الْأَعْرَاض الَّتِي يلْزمه لكنه إِنَّمَا حدث فِي وَقت التَّغَيُّر قبل البحران.
وَالدَّلِيل الثَّانِي أَن يكون فِي الرَّأْس والرقبة وجع وَتَكون الْمَوَاضِع الَّتِي دون الشراسيف متحدبة إِلَى فَوق وَأَن يعرض للْمَرِيض عسر فِي نَفسه بَغْتَة كَأَن صَدره قد ضَاقَ فَإنَّك بعد أَن يظْهر لَك هَذِه الدَّلَائِل كلهَا إِن وجدت نبض الْعُرُوق قد عظم بَغْتَة ثمَّ بَقِي على عظمه فَلم ينخفض وَلَا ضعف فتوقع حُدُوث البحران على الْمَكَان فَإِن وجدت النبض مَعَ مَا لَا ينخفض قد زَاد)
إشرافه وقوته فتفقد عِنْد ذَلِك وَجه الْمَرِيض فَإِنَّهُ إِن وجدت فِيهِ موضعا يختلج أَو وجدت عروق الصدغين تضرب أَو رَأَيْت حمرَة زَائِدَة فِي الوجنة وَالْأنف أَو الْعين فليزدد رجاؤك قُوَّة فَإِن جرى مَعَ ذَلِك من الْعين دمع من غير إِرَادَة أَو رأى العليل بَين عَيْنَيْهِ شَبِيها باللمع والشعاع ورأيته يبْعَث بِأَنْفِهِ كَأَنَّهُ يحكه فَإِنَّهُ ينفجر الدَّم على الْمَكَان وَلَا يهولنك عِنْد ذَلِك اخْتِلَاط عقل الْمَرِيض أَو وثوبه من الْفراش. ويؤكد ذَلِك السن وَالزَّمَان وَنَوع البحران الَّذِي قد أَتَى نَاسا كثيرا ويؤكد ذَلِك إِن كَانَ الْمَرِيض قد انْقَطع عَنهُ استفراغ دموي قد اعتاده.
مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الَّذين يتخلصون بالبحران أَكثر من الَّذين يموتون إِلَّا أَن يكون الْهَوَاء وبائياً.
لى: الوباء يعسر البحران ويفسده.
الثَّانِيَة من الْفُصُول إِذا كَانَ البحران بخراجات أَو بثور أَو يرقان أَو خوانيق فَإِنَّهُ قد يكون ذَلِك فِي علل الدِّمَاغ فَانْظُر إِلَى مَا يبرز من الْبدن فِي البرَاز وَالْبَوْل والعرق والقيء فَإِن كَانَت مرارية فَإِن الْفضل لم ينْدَفع كُله فَلَا تغذ العليل دون الاستفراغ وبالضد.
لى: يكون بحران بجدري وتعفن بعض الْأَعْضَاء فَإِذا وجدت ذَلِك فِي يَوْم باحوري(5/94)
بعد نضج وخف من العليل فَإِنَّهُ بحران لَا محَالة وَإِذا حدث فِي السَّادِس أَو قبل النضج فَإِنَّهُ ردي قتال.
من محنة الْأَطِبَّاء قَالَ: الْمَرْأَة قد يكون بحرانها بانبعاث الطمث.
وَقَالَ: كَانَ مَرِيض بِهِ ورم فِي بَطْنه وَحمى حارة وَقد بلغ بِهِ الضعْف إِلَى أَن أَهله يغذونه بِاللَّيْلِ فَلَمَّا جسست نبضه علمت أَن بِهِ ورماً عَظِيما فِي بَطْنه وَأَن مُنْتَهى مَرضه قريب جدا أمرت أَن يمسك عَن الْغذَاء وقدرت أَن يَجِيئهُ بحرانه بعد يَوْم وَعلمت أَنه لَا يَمُوت من ترك الْغذَاء يَوْمًا وَاحِدًا وأنذرت أَنه سيعرق فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي بعد ذَلِك الْيَوْم وَيبرأ فَلَمَّا كَانَ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة قلق الْمَرِيض جدا وتوثب وَاخْتَلَطَ وَلم يعرق فَجَاءَنِي قيمه وَهُوَ يُشِير فِي كَلَامه إِلَى أَنِّي أَخْطَأت فِي الْمَنْع من تغذيته فتفكرت فِي تَأَخّر البحران فَإِذا تَأَخّر من أجل برد بَيته الَّذِي هُوَ فِيهِ فَأمرت أَن يدْخل بَيْتا دفياً فِيهِ وقود فَإِذا سخن بدنه صب على بدنه دهن حَار إِلَى أَن يَبْتَدِئ يعرق فَإِذا بَدَأَ يعرق كف عَن الصب وأعن بمسح الْعرق. وأعلمتهم أَنه لَا يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير وأمرتهم أَن يغذوه بعده. فعرق وَبرئ وَبقيت بَقِيَّة قَليلَة عالجتها فِي أَيَّام وَلَو أَن غَيْرِي عالجه صب على رَأسه دهن ورد وغذاه وبرده فَكَانَ يقْتله هَذَا.
يَقُول إِنَّه يكون بحران لورم الأحشاء بالعرق وَمَا أقل بحران الحميات المحرقة الورمية إِلَّا)
بالرعاف وَلَا يكَاد يَنْقَضِي بهَا أَيْضا لَكِن تبقى بَقِيَّة تتحلل أَو تنضج على الزَّمَان.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: إِذا بَادر البحران فَكَانَ قبل النضج فَإِنَّهُ إِمَّا أَن يؤول إِلَى الْمَوْت وَإِمَّا إِلَى طول البحران وعسره وتعذره. فَانْظُر بعد ذَلِك فَإِن كَانَ بعد هَذِه العلامات لم ينفع الْمَرِيض وَلم يضرّهُ لَكِن بَقِي الْمَرَض بِحَالهِ فَاعْلَم أَن البحران يستعذر فَقَط وَإِن أضرّ بِهِ ضَرَرا بَينا حَتَّى سَقَطت قوته جدا أَو اخْتَلَط الْعقل أَو وَرثهُ عطشاً أَو زِيَادَة لهيب فَاعْلَم أَنه سيموت.
عَلَامَات البحران إِن كَانَت هَذِه: مثل الكرب والتوثب من الْفراش وَنَحْوه أَو أَسبَاب البحران كالقيء والرعاف.
قَالَ ظُهُور عَلَامَات البحران مثل ثقل الرَّأْس وإظلام الْعين وَعدم الاستفراغ بعده الْبَتَّةَ أَو قلته يدل على أَن الطبيعة ضعفت تجتهد أَن تعْمل بحراناً وَلَا تقوى عَلَيْهِ وَلذَلِك الْحَال ردية. فَإِن كَانَ استفراغ إِلَّا أَنه قَلِيل مثل قطر دم ضَعِيف من الْأنف أَو عرق قَلِيل فِي بعض الْأَعْضَاء فَيدل على مثل ذَلِك أَي أَن الطبيعة لَا تقوى على دفع الْعلَّة وعَلى أَن الْخَلْط حَار دموي حَتَّى تتحرك وتضطر أَن تَدْفَعهُ ثمَّ تخور وَلَا تقوى عَلَيْهِ وَعند هَذِه الْأَحْوَال فحال الْمَرِيض ردي. فَإِن ساءت حَاله بعقب هَذِه أَكثر فَإِنَّهُ ميت وَإِن لم تسؤ فَإِن مَرضه يطول.
لى: إِذا لم يكن فِي الرَّابِع أَو فِي سَائِر الْأَيَّام أَعنِي أَيَّام الْإِنْذَار دَلِيل على النضج فَإِنَّهُ لَا ينذر بِأَنَّهُ يكون النضج فِي الْيَوْم الَّذِي أنذر بِهِ أَشد تخلفاً بل قد يُمكن أَن يكون فِي ذَلِك الْيَوْم تظهر إِمَّا عَلَامَات النضج خُفْيَة وَإِمَّا صَالِحَة.(5/95)
جَامع أغلوقن عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بالإسهال: فقد سَائِر الاستفراغات وَثقل الْبَطن. والعلامات الَّذِي يكون بالبول: ثقل فِي السُّرَّة وَعدم سَائِر الاستفراغات. وعلامات الرعاف: احمرار الوجنة وَثقل الأصداغ وَشدَّة جَمْرَة أرنبة الْأنف.
لى: لَيْسَ يَنْبَغِي إِذا رَأَيْت النضج فِي يَوْم إنذار أَن تنْتَظر البحران فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ لَا محَالة لَكِن إِن رَأَيْت عَلامَة بحران مَعَ ذَلِك فَإِن عَلَامَات البحران إِذا ظَهرت لم يكن بُد أَن يكون بحران جيد أَو رَدِيء.
مِثَال ذَلِك: إِن رَأَيْت رسوباً حميدا فِي الرَّابِع لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يكون بحراناً فِي السَّابِع فَإِن رَأَيْت فِي الْيَوْم السَّابِع بعد ذَلِك صداعاً وَحُمرَة الْوَجْه انْتظر بحراناً حميدا وَإِن رَأَيْت رسوباً أسود فِي الرَّابِع ثمَّ رَأَيْت فِي الْيَوْم السَّادِس صداعاً وكرباً فانتظر بحراناً ردياً.)
لى: الْمَطْلُوب فِي الحميات: هَذِه: انْظُر أَولا أَهِي سليمَة أم مهلكة وَهَذَا يعرف من دَلَائِل الْهَلَاك والسلامة ثمَّ أحادة هِيَ أم طَوِيلَة وَهَذَا يعرف من نوع الْمَرَض وحركته وَقُوَّة أعراضه وَفعله فِي الْبدن ثمَّ هَل يكون لَهُ بحران أم لَا وَهَذَا يعرف بِأَن يكون الْمَرَض حاراً مزعجاً وَالْقُوَّة مِنْهُ قَوِيَّة ثمَّ مَتى يكون البحران وَيحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى معرفَة مُنْتَهى الْمَرَض وعلامات النضج وَأَيَّام البحران ثمَّ بِأَيّ نوع يكون وَيعرف ذَلِك من نوع الْمَرَض وميل الطبيعة ثمَّ أجيد هُوَ أم رَدِيء أم تَامّ أم بولس قَالَ: إِذا بَدَأَ القلق والتوثب وأعراض البحران فَانْظُر فَإِن رَأَيْت للنبض مَعَ ذَلِك لم يسْقط بل قد ارْتَفع أَكثر وَعلا وَقَوي فاحكم بالبحران أَنه سيتبع ذَلِك فَافْهَم: ذَلِك يَوْم باحوري مُنْذر بِهِ واحكم مَعَ ذَلِك أَنه جيد بَالغ.
لى: افرق بَين هَذِه الدَّلَائِل هَل هِيَ لرداءة الْمَرَض أَو للبحران من النبض والتنفس فَإِنَّهُمَا يزدادان رداءة إِذا كَانَت تخبث الْمَرَض وصلاحاً إِذا كَانَ الْمَرَض مزمعاً بالحدوث. وَفِي البحران الْجيد أَيْضا قد يسقطان مِنْهُ إِلَّا أَنه يَنُوب وَيرجع سَرِيعا وَأما فِي ذَلِك فَلَا يزَال يزْدَاد رداءة.
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي عُضْو فِي مرض مزمن يكثر عرقه فتوقع الْخراج فِي ذَلِك الْعُضْو.
من كتاب الدَّلَائِل: إِذا ظَهرت الدَّلَائِل للبحران قبل النضج فَإِن كَانَ مَعهَا شَيْء من دَلَائِل الْمهْلكَة فَاعْلَم أَنه سَيكون البحران قَاتلا وَإِن لم يكن مَعهَا فَانْظُر بعد البحران إِلَى مَا آلت حَال العليل فَإِن ساءت حَاله واشتدت أَعْرَاض الْمَرَض أَكثر فَاعْلَم أَنه سيموت. وَإِن لم يَنْفَعهُ ذَلِك وَلم يضرّهُ فَاعْلَم أَن مَرضه سيطول وبحرانه يتَعَذَّر لِأَن ذَلِك يدل على رداءة من الْفضل حِين حفز الطبيعة قبل الْوَقْت على كَثْرَة مِنْهُ حَتَّى أَنه لم يخف بالاستفراغ واحكم بِهَذِهِ الْحُكُومَة وَإِن ظَهرت أَعْرَاض البحران إِلَّا بالاستفراغ نَفسه.
قَالَ: والبحران إِذا لم يكن تَاما كَانَ مخوفا مثل أَن تقطر قطرات دم من الْأنف أَو عرق(5/96)
فِي بعض الْبدن، وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الطبيعة قد تحركت لدفع الْخَلْط وَلم تقو عَلَيْهِ. لى: رَأَيْت مَا لَا أحصيه كَثْرَة مرضى يهيج بهم القلق وامور عَظِيمَة مهولة فَكنت أجس النبض فأجده مَعَ ذَلِك أقوى وامتن وَرُبمَا وجدته قد ذهب اختلافه فكتان يصيبهم بحران حميد وَيكون مِقْدَار الاستفراغ بِحَسب عظم الْحمى وَشدَّة القلق وَالْكرب.
الثَّانِيَة من تَفْسِير السَّادِسَة من الْمسَائِل قَالَ: فِي الحميات الغب الْخَالِصَة لَا يكَاد يتَقَدَّم البحران صعوبة فَإِن حدث فِي الندرة فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل النّوبَة جَاءَ البحران من الْغَد وَلَا سِيمَا إِن شهد بِهِ الدَّلَائِل الْأُخَر المنذرة ببحران.)
الثَّانِيَة من السَّادِسَة من إبيذيميا.
قَالَ: كل الحميات تصعب فِيهَا على العليل اللَّيْلَة الَّتِي قبل البحران إِلَّا فيالغب الْخَالِصَة وَرُبمَا كَانَ ذَلِك فِي النذرة فِي الغب وَإِذا كَانَ دلّ على بحران وخاصة مَتى شهِدت سَائِر الدلالات. د الثَّانِيَة من الأولى من إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ فِي يَوْمَيْنِ متصلين صعوبة شَدِيدَة مثلا إِن كَانَ فِي الثَّالِث أَعْرَاض صعبة ثمَّ كَانَ فِي الرَّابِع مثل ذَلِك فتوقع سرعَة البحران إِذا كَانَت الْأَعْرَاض ردية فالموت أَولا وَإِلَّا فالأفراق. وَالْمَوْت يكون فِي الْأَمْرَاض القتالة فِي الْوَقْت الَّذِي يكون البحران الْجيد فِي السليمة وَإِن كَانَت الْعلَّة تنوب فِي الْأزْوَاج فَفِي الْأزْوَاج وَإِن كَانَ فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَله مِثَال الْمَرِيض الأول.
الثَّالِثَة من الثَّانِيَة: لَا يُمكن أَن يكون الْعرق شَائِعا والبطن مُنْطَلقًا وَكَذَلِكَ لَا يُمكن أَن يكون البحران بالاختلاف تَاما فِيمَن يعرق عرقاً كثيرا. الْأَمْرَاض الَّتِي تسكن من غير إنذار بسكونها يعسر فِيهَا البحران.
قَالَ: أَي حمى رَأَيْتهَا تسكن بِلَا سَبَب يُوجب لَهَا ذَلِك فتوقع لَهَا المعاودة فَإِن عَادَتْ فبحرانها عسر. قد يكون لبَعض النَّاس بحران يرم مِنْهُم الطحال أَو بعض الأحشاء أَو يهيج بهم وجع المفاصل فَيكون بحراناً للحميات.
لى: رَأَيْت رجلا يَعْتَرِيه دهره وجع المفاصل فَكَانَ يُصِيبهُ زكام غليظ جدا لَا يخرج غَيره مِنْهُ فِي شهر فَكَانَ لَا ينصب مِنْهُ شَيْء إِلَى صَدره لكنه كَانَ بعد أَن يبْقى فِي رَأسه يَوْمًا أَو يَوْمَيْنِ ينصب بعده فِي سَاعَة مفاصله حَتَّى يبرأ من زكامه برءاً تَاما الْبَتَّةَ ويهيج بِهِ وجع المفاصل بعد سُكُون الزُّكَام سَاعَة أَو ساعتين وَأكْثر بِنصْف يَوْم أَو يَوْم.
الثَّانِيَة من الثَّالِثَة: ذكر مَرِيضا احولت عينه فِي وَقت البحران ثمَّ لما ثمَّ لَهُ صلح.
قَالَ ج: هَذَا أحد الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر فِي وَقت البحران فِي الندرة.
جَوَامِع أغلوقن: إِذا رَأَيْت دَلَائِل الْقَيْء شَدِيدَة والقيء نَفسه والغشي شَدِيدا فأعن الْمَرِيض بِإِدْخَال ريشة فِي حلقه.
من فُصُول إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ قطر دم من المنخرين أَو اخْتِلَاف قَلِيل أَو عرق فِي(5/97)
يَوْم بحران وَقد انذر بِهِ فَانْظُر فَإِن رَأَيْت الطبيعة خفت بعده وَلم تكن قد ظَهرت قبل ذَلِك عَلَامَات مهلكة فَإِن الطبيعة ضَعِيفَة وسيخلص الْمَرِيض بكد وَجهد بعد بحرانات أخر ثَانِيَة وَإِن كَانَ)
بالضد فسيهلك سَرِيعا. وَمَتى كَانَ الْبَوْل بعد البحران أَبيض رَقِيقا فِي حمى دقيقة حادة فتوقع اخْتِلَاف مرار كثير حَتَّى تسحج الأمعاء وَذَلِكَ أَن المرار لما كَانَ لَيْسَ ينقى بالبول فَهُوَ مائل إِلَى الأمعاء.
لى: إِذا حدث بحران بجدري أوجرب اَوْ يرقان أَو نَحوه مِمَّا يفِيض إِلَى الْجلد فَانْظُر فَإِن كَانَ الْبَوْل وَالْبرَاز مرارياً فَاعْلَم أَن الْبدن لم ينق فَلَا تطلق تَدْبيره فَإِن البحران غير تَامّ وبالضد.
لى: رَأَيْت خلقا كثيرا بهم حميات حادة عَظِيمَة سكنت حمياتهم دفْعَة وابيض المَاء بِلَا استفراغ وَلَا خرج فكلهم عَادَتْ عَلَيْهِم الْحمى.
مسَائِل فِي الْبَوْل من إبيذيميا لحنين قَالَ: لَا يتم البحران بِكَثْرَة الْبَوْل إِلَّا أَن يكون فِيهِ رسوب كثير فَإِن لم يكن فِيهِ رسوب وَإِن كَانَ كثيرا فَإِنَّهُ غبر تَامّ لَكِن سيعود.
لى: ليكن توقعك لِأَن الْمَرَض ينقى ببحران فِي الحميات المطبقة. وَحَيْثُ ترى الْحَرَارَة فِيهَا شَدِيدَة جدا وَالْبدن ممتلئ على غَايَة الثِّقَة وبمقدار مَا تنقص هَذِه فمل إِلَى الظَّن بِأَن الْمَرَض لى: وَإِذا قدرت بحراناً فِي مرض مَا فَلَمَّا ترى القلق والأعراض الصعبة قد جَاءَت فَانْظُر إِلَى النبض فَإِن لم تَجدهُ قد سقط مَعَ ذَلِك وَصغر وَضعف بل قوي أَكثر وَعظم فَاعْلَم أَن ذَلِك القلق لبحران مزمع. وَإِن رَأَيْت النبض سقط مَعَ ذَلِك وَضعف فَإِنَّهُ عرض ردي حدث وتحتم الأول: إِن كَانَ يَوْم بحران وَالثَّانِي إِن لم يكن.
الرَّابِعَة من مسَائِل الْفُصُول قَالَ: يتبع النافض على الْأَكْثَر إِذا حدث بعد الحميات الدائمة استفراغ إِمَّا بعرق وَإِمَّا بقيء وَإِمَّا باخْتلَاف.
جَوَامِع من أَيَّام البحران الْمفصل عَلَامَات البحران: مِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الْعُضْو الدَّافِع بِمَنْزِلَة انجذاب مراق الْبَطن إِلَى فَوق. وَمِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الْعُضْو الْقَابِل بِمَنْزِلَة الصداع وَحُمرَة الْوَجْه وَالْعين والاختلاط. وَمِنْهَا مَا يكون بِسَبَب الطَّرِيق الَّذِي تنفذ فِيهِ الفضول بِمَنْزِلَة ضيق النَّفس حَتَّى يرْتَفع الدَّم مِمَّا دون الشرسيف إِلَى الرَّأْس عِنْد الرعاف. وَمِنْهَا بِسَبَب طبيعة الْخَلْط نَفسه بِمَنْزِلَة الشعاع أَمَام الْعين وإظلام الْبَصَر.
لى: على مَا رَأَيْت فِي جَمِيع الْكتب بِإِجْمَاع: العلامات الَّتِي تدل على البحران نَوْعَانِ: أَحدهمَا يدل فِي أَيَّام الْإِنْذَار على الْأَيَّام المنذرة وَهِي دَلَائِل النضج مِثَال ذَلِك إِن تظهر فِي(5/98)
الرَّابِع غمامة فتدل على بحران كَائِن فِي السَّابِع. وَمِنْهَا مَا يدل على كَون البحران حِين هُوَ مزمع أَن يكون)
لى: تحْتَاج أَن تنظر فِيمَا أصف فَإِنِّي رَأَيْت الْأَمر فِي الْمَرَض يكون فِيهِ مَا ختمت.
عَلَامَات النضج: إِنَّمَا تدل على نضج أَكثر سَيكون فِي الْأَيَّام المنذرة بهَا على أَنه يكون بحران فَإِن ظهر فِي بعض أَيَّام التَّدْبِير مَعَ النضج دَلِيل من دَلَائِل كَون البحران ضَعِيفا أَتَى البحران فِي الْمُنْذر بِهِ وَإِن ظهر ذَلِك بِلَا نضج أَتَى من الْمُنْذر بحران ردي.
لى: ظهر فِي الرَّابِع صَلَاح فِي الشَّهْوَة فتوقع فِي السَّابِع غمامة تَامَّة الْجَوْدَة وَإِن حدث فِيهِ خفَّة فِي الحركات والتقلب أَو جودة الْعقل فتوقع كَمَال ذَلِك فِي الْيَوْم السَّابِع وعَلى ذَلِك فقس مَا يحدث من الرداءة.
لى: لَا تثقن بعلامات جَيِّدَة إِلَّا بعد انْقِضَاء التزيد فثق بهَا فِي ذَلِك الْوَقْت وخف من العلامات الردية وثق برداءتها مَعَ سُقُوط الْقُوَّة وَلَا تثق بهَا مَعَ تَمام الْقُوَّة إِلَّا فِي الأول لِأَنَّك فِي أول الْأَمر لَا تأمن لَعَلَّ فِي الْمَرَض فضلا لم يظْهر بعد وَفِي الثَّانِي لَعَلَّ فِي الْقُوَّة مَا يقهر مَا يظْهر.
من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: قد يُمكن أَن يحدث بعليل بحران غير تَامّ ثمَّ يَمُوت كَمَا حدث بفلان خراج فِي أصل الْأذن ثمَّ مَاتَ بعد ذَلِك وَذَلِكَ أَنه إِنَّمَا انْدفع من الْمَرَض شَيْء إِلَى هُنَاكَ نضج وَبَقِي مِنْهُ فِي الْعُرُوق شَيْء كثير غير نضيج.
لى: تفقد هَذَا الْبَاب واحترس مِنْهُ وَذَلِكَ يكون بِأَن تخمن على مِقْدَار الْفضل فَمَتَى رَأَيْت وَقد قَالَ ج فِي الأولى من البحران: عَلَامَات النضج إِنَّمَا تدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَيْسَت تدل ضَرُورَة على أَنه يَأْتِي بحران جيد لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن ينضج الْمَرَض وينحل على الْأَيَّام فَأَما عَلَامَات البحران فَلَا بُد إِذا ظَهرت أَن يتبعهَا بحران جيدا كَانَ أَو ردياً فقد بَان من هَهُنَا أَنه لَيست الغمامة فِي الرَّابِع دَلِيلا على بحران فِي السَّابِع ضَرُورَة وَإِنَّمَا يحدس مِنْهَا على أَن بحراناً يَأْتِي. إِذا رَأينَا الْمَرَض مَعَ ذَلِك حاداً ومؤذياً ثَابتا على حِدته وأدأبه بعد الغمامة فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يجب أَن يكون انقضاؤه باستفراغ. فَأَما مَا تدل عَلَيْهِ هَذِه ضَرُورَة فحال الْمَرِيض فِي الصّلاح والرداءة فَإِنَّهُ إِن مَال فِي الرَّابِع إِلَى صَلَاح كَانَ فِي السَّابِع صَلَاح أَكثر وبالضد بعد أَن شَرط أَن الرَّابِع قد كَانَ وَقع فِيهِ الانحطاط.
جَوَامِع الانحطاط اغلوقن: الصداع الَّذِي يكون عِنْد قرب البحران يدل إِمَّا على الْقَيْء وَإِمَّا على الرعاف فَإِن عرضت مَعَه صلابة فِي النبض أَو غثي وكرب وخفقان واختلاج الشّفة وظلمة الْبَصَر وتخييلات فِي الْعين كالبق وَالشعر فَإِنَّهُ بقيء وَإِن كَانَ مَعَه فِي الْعين شبه لمع وشعاع فَإِن)
ذَلِك لحدة الدَّم المائل إِلَى الرَّأْس ويختلط مَعَه الذِّهْن لسَبَب أَن الدِّمَاغ يسخن بِالدَّمِ الْحَار السَّائِل إِلَيْهِ ويسيل من الْعين الدُّمُوع وتوجع لِأَن الْعُرُوق الَّتِي فِيهَا(5/99)
يتمدد ويتمدد مراق الْبَطن إِلَى فَوق لسَبَب حَرَكَة الدَّم إِلَى فَوق ويضيق النَّفس بَغْتَة لِأَن الْعرق الأجوف الَّذِي مخره فِي الصَّدْر ينضج ويتمدد وَلِأَن المراق إِذا انجذب يضغط الْحجاب ويختلج الْوَجْه ويحتك الْأنف ثمَّ يرعف.
من مسَائِل إبيذيميا: قطر الدَّم من المنخربن يدل على الْهَلَاك السَّرِيع مَتى ظَهرت بعده أَعْرَاض ردية وَلم تصلح حَال العليل الْبَتَّةَ وَإِذا صلح بعده حَاله فَإِنَّهُ يتَخَلَّص بعد كد باستفراغات آخر يُصِيبهُ.
اليرقان قبل السَّابِع ردي فَإِن كَانَت بعده استفراغات آخر قَوِيَّة فَإِنَّهُ رُبمَا تخلص مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا.
الْعرق الْبَارِد فِي الرَّابِع ينذر بِالْمَوْتِ فِي السَّادِس.
الثَّانِيَة من الثَّانِيَة من إيبذيميا قَالَ شَأْن الحميات المحرقة أَن يعرض فِيهَا أَولا رُعَاف ثمَّ إِنَّه يكون بعد تَمام أَيَّام نافض وعرق وينقضي انْقِضَاء تَامّ بعد ذَلِك فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون الْعرق تَاما والبطن مُنْطَلقًا وَكَذَلِكَ لَا يُمكن أَن يكون البحران باخْتلَاف فِيمَن يعرق عرقاً كثيرا.
لى: على مَا فِي الأولى من السَّادِسَة من الْمسَائِل: إِذا رَأَيْت يرقاناً حدث أَو صفرَة غالبة فِي ظَاهر الْجَسَد فَانْظُر فَإِن ذَلِك على طَرِيق البحران فِي أَي يَوْم كَانَ وَمَتى حدث. وَمَتى رَأَيْت الْمَرِيض بالضد فَرَأَيْت مَعَ اليرقان يخرج من الْبَطن مرَارًا كثيرا يغلي غلياناً وَأَشْيَاء زبدية وحارة فَاعْلَم أَن ذَلِك حدث لغَلَبَة المرار فِي الْبدن وَعند ذَلِك فَالْأَمْر ردي إِلَّا أَن يحدث إسهال قوي مسَائِل الرَّابِعَة: إِنَّمَا يتم البحران بالخراجات يتقيح مِنْهَا فَأَما مَا حدث مِنْهَا فَلم يتقيح لكنه غَار وَعَاد دَاخِلا فَإِنَّهُ ينذر ضَرُورَة بعودة الْمَرَض وَرُبمَا عَادَتْ هِيَ أَنْفسهَا وَيكون ذَلِك على نظام أَيَّام البحران.
لى: لَا تثق بخراج لم يتقيح وَلَا يسيل مِنْهُ مُدَّة أبدا فَإِنِّي قد أطلت تجربته فَوَجَدته كلما تحلل بِلَا قيح عَاد الْمَرَض وَالْخَرَاج.
الثَّانِيَة من الأخلاط قَالَ: قد تفقدت فَوجدت كثيرا من المرضى الَّذين يَأْتِيهم البحران بعرق يهذون أَو يرَوْنَ فِي النّوم آلَات الْحمام والسباحة فِي المَاء الْحَار أَو الْكَوْن فِي الْحمام.
تمّ السّفر السَّادِس عشر من الْكتاب الْحَاوِي لصناعة الطِّبّ على مَا جزأه مؤلفة أَبُو بكر مُحَمَّد)
ابْن زَكَرِيَّا الرَّازِيّ رَحمَه الله ويتلوه فِي السّفر السَّابِع عشر فِي البحران وأيامه وَالْعلم بِهِ وأوقات الْخُف والنكر وَالْمَوْت وعلامات كل نوع مِنْهُ.(5/100)
(البحران وَمَا يتَعَلَّق بِهِ)(5/101)
(فارغة)(5/102)
(بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) (صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا) (البحران وأيامه وأوقات) (الْخُف والنكر وَالْمَوْت وعلامات كل نوع مِنْهُ) قَالَ
(جَوَامِع البحران)
تغير الْمَرَض يكون على سِتّ جِهَات: إِمَّا تغير إِلَى الصِّحَّة فِي مُدَّة سريعة وَهُوَ بحران جيد أَو تغير سريع إِلَى الرداءة وَهُوَ بحران ردى أَو تغير إِلَى الصّلاح فِي مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ تحلل أَو إِلَى الرداءة فِي مُدَّة طَوِيلَة وَهُوَ ذبول أَو تغير مركب من السَّرِيع والبطيء يؤول إِلَى السَّلامَة أَو تغير مركب من السَّرِيع والبطيء يؤول إِلَى الرداءة.
سَبَب هَذِه التراكيب الثَّلَاثَة أَن جَمِيع الْأَمْرَاض يكون إنحلاله وتقضيه إِمَّا دفْعَة باستفراغ وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا بتحلل بهما من هَهُنَا يُمكن أَن تركب أَنْت التراكيب الْمُتَقَدّمَة مَا كَانَ انقضاؤه يتَحَلَّل بلين يتقدمه صعوبة وبالضد.
تكون حركتها فِي الْأَكْثَر يَوْمًا وَيَوْما لَا والمزمنة فِي كل أَرْبَعَة أَيَّام تزيد النوائب كالربع وَالْغِب.
3 - (عَلَامَات البحران)
تدل أبدا أَن الْمَرَض يَنْقَضِي باستفراغ دفْعَة وعلامة النضج لَا تدل دَائِما على البحران لِأَنَّهُ رُبمَا كَانَ انْقِضَاء الْمَرَض يتَحَلَّل وَالْيَوْم الرَّابِع ينذر بالسابع وَالْحَادِي عشر بالرابع عشر وَالسَّابِع عشر بالعشرين إِذا كَانَت الْأَمْرَاض خَفِيفَة الْحَرَكَة وانقضاؤها يكون ببحران وبالضد فان البطيئة الْحَرَكَة تَنْقَضِي بالتحلل فَهُوَ لَا يُسمى بحرانا لَكِن تحللا ونضجا.
البحران إِذا جَاءَ فِي أول الْمَرَض فالمرض قتال وَإِذا بَان تزيده فَهُوَ نَاقص عَن البحران الحميد وَإِذا كَانَ فِي الْمُنْتَهى كَانَ تَاما وَأما فِي وَقت انحطاط الْمَرَض فَلَا يكون بحرانا أصلا.
العلامات الَّتِي تتقدم البحران انجذاب الجنبين إِلَى فَوق وضيق النَّفس وعسر الْحس واختلاط الذِّهْن والطنين والدوار والظلمة فِي الْبَصَر والخيالات واللمع.(5/103)
3 - (البحران الْجيد) يعرف من النضج وَنَوع الْمَرَض وَكَونه فِي يَوْم بحران والاستفراغ الْمُوَافق وجودة النبض وَالْحَرَكَة.
مَا كَانَ من الْأَمْرَاض مطبقا دَائِم اللّّبْث فبحرانه يكون فِي الْيَوْم الرَّابِع وَمَا كَانَ يَتَحَرَّك يَوْمًا وَيَوْما لَا فبحرانه يكون إِمَّا فِي الْيَوْم الثَّالِث وَإِمَّا فِي السَّابِع وَإِمَّا فِي التَّاسِع وَإِمَّا فِي الْحَادِي عشر.
البحران قبل انْتِهَاء الْمَرَض يكون إِمَّا لعظم مِقْدَار الْمَرَض وَإِمَّا لحدته وَإِمَّا لشَيْء يَدْعُو إِلَى ذَلِك من خَارج.
وَقت البحران فِي الْأَكْثَر إِنَّمَا هُوَ بعد وَقت الْمُنْتَهى.
البحران التَّام يكون بعد الِانْتِهَاء وَغير التَّام قبل ذَلِك وَذَلِكَ يكون إِمَّا لِأَن الْعلَّة تحث وتسرع حثا سَرِيعا وَإِمَّا لخطأ من خَارج مثل دَوَاء أَو ضماد أَو غَيره.
البحران الْجيد يُوقف عَلَيْهِ بِالْحَقِيقَةِ والردى يعلم بالحدس.
3 - (عَلَامَات تَأَخّر البحران)
عدم النضج وَضعف الْقُوَّة. فَإِذا عدم النضج مَعَ غَايَة ضعف الْقُوَّة فَأَنْذر بِالْمَوْتِ.
يَوْم الْمَوْت يعرف من ثقل النّوبَة وَشدَّة قوته وساعته تعرف من أَن الْحمى البلغمية تقتل فِي ابتدائها والمحرقة فِي انتهائها.
إِذا كَانَ البحران فِي الِانْتِهَاء كَانَ تَاما فَاضلا وَإِن كَانَ وَقع فِي التزيد: فَإِنَّهُ إِن كَانَ الْمَرَض سليما وَعرفت ذَلِك من الْقُوَّة فبحرانه نافض وَإِن كَانَ على غير سَبِيل السَّلامَة فبحرانه أردى البحرانات وأسرعها تلفا.
البحران: يكون إِمَّا بِشَيْء يخرج عَن جملَة الْبدن كالقيء والرعاف والعرق وَالْبَوْل وَالْبرَاز والنفث والتحلل الْخَفي وَإِمَّا بِشَيْء يسيل من مَوضِع فِي الْبدن إِلَى مَوضِع آخر مثل الخراجات
3 - (عَلَامَات الرعاف)
الصداع وضيق النَّفس وتمدد الْجَنِين إِلَى فَوق واللمع فِي الْعين وإظلام الْبَصَر.
العلامات الدَّالَّة على الْقَيْء: الصداع والخفقان والخيالات الْمظْلمَة واختلاج الشّفة السُّفْلى. الثّقل والصداع فِي الرَّأْس فِي حمى محرقة يدلان على الْقَيْء والرعاف.
عَلَامَات البحران الْكَائِن بالرعاف علاماته: تمدد الْجَنِين وانجذابهما وضيق النَّفس والصداع والظلمة فِي الْبَصَر واللمع.
عَلَامَات: كَون الْقَيْء اخْتِلَاف النبض.
عَلَامَات البحران الَّذِي يكون بانتقال الْمَادَّة من مَوضِع من الْجَسَد إِلَى مَوضِع: الْحمى القوية والوجع اللابث وَحصر الْبَوْل وَالْبرَاز واحتباس النفث وَصِحَّة الْقُوَّة.(5/104)
الِانْتِقَال إِمَّا فِي أعالي الْبدن فعلامته ضيق النَّفس الْحَادِث بَغْتَة وَثقل الرَّأْس والسمع والشم وَإِمَّا إِلَى أَسْفَله وَيكون مَعَه وجع فِي أَسْفَل الْبدن فِي تِلْكَ النَّاحِيَة والتهاب فِي الجنبين والحالبين والركبتين.
العلامات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بعرق: النافض والبخار الْحَار اللذاع وحرارة الْجلد وحمرته والنبض الموجى. ونداوة فِي الْجلد والنبض الصلب ينذر برعاف.
العاملات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بانطلاق الْبَطن: حصر الْبَوْل وفقد الْأَشْيَاء الدَّالَّة على الرعاف والقيء والعرق والثقل فِي مراق الْبَطن.)
العلامات الدَّالَّة على أَن البحران يكون بالبول: احتباس الْبَطن وفقد الْأَسْبَاب الدَّالَّة على الرعاف والقيء والعرق والثقل الْحَادِث فِي الْعَانَة.
3 - (عَلَامَات البحران الْكَائِن بعروق المقعدة)
أَن يكون العليل مِمَّن يعرض لَهُ ذَلِك والثقل الْحَادِث فِي تِلْكَ النَّاحِيَة والوجع فِي الْقطن وَكَذَلِكَ الطمث والثقل فِي الْقطن يدل عَلَيْهِ مَعَ فقد جَمِيع العلامات.
عَلَامَات البحران الْكَائِن بالانتقال صِحَة الْقُوَّة مَعَ عدم النضج وَيدل على أَنه يكون إِلَى أَعلَى الْبدن بعسر الْبَوْل وَثقل الرَّأْس والسبات والصمم. وَيدل الِانْتِقَال إِلَى أَسْفَل: الوجع والورم الرخو إِذا حدث فِي أسافل الْبدن والالتهاب.
3 - (جَوَامِع أَيَّام البحران)
الْخراج الباحوري يكون فِي أَكثر الْأَمر إِمَّا فِي المفاصل وَإِمَّا فِي الْأَعْضَاء الْغَيْر الشَّرِيفَة.
البحران الْكَائِن فِي السَّابِع مَأْمُون الْعَاقِبَة حرز من الْآفَات الْعَارِضَة بعده بَين مُنْذر بِهِ جيد تَامّ والكائن فِي السَّادِس بضد هَذِه الْحَال وَلَا يَأْتِي بحران فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي الثَّالِث عشر.
وَمن عَلَامَات البحران: الدُّمُوع ووجع الرَّقَبَة وَثقل الصدغين وخفقان الْفُؤَاد والنافض. الرَّابِع ينذر بالسابع السَّادِس يَأْتِي فِيهِ البحران قَلِيلا من المرضى وَيكون عسرا رديا غير تَامّ وَلَا بَينا وَلَا حميدا الْعَافِيَة وَلَا سليما من الْخطر وَلَا يكون فِي الثَّالِث عشر وَالسَّادِس عشر بحران إِذا كَانَ البحران مائلا نَحْو السَّادِس عرض قبله فِي الرَّابِع صغر نفس وَبرد ورعشة وخور فِي الْقُوَّة وعرق غير مستو واستفراغ أَشْيَاء لم تنضج.
الْأَيَّام الَّتِي البحران فِيهَا كثيرا: مِنْهَا فِي الطَّبَقَة الْعليا بِمَنْزِلَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر وَالْعِشْرين. وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة السَّابِع عشر وَالْخَامِس وَمِنْهَا فِي الرَّابِعَة بمنزله الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر وَأما الَّتِي يَجِيء البحران فِيهَا فِي الندرة فَمِنْهَا مَا فِي الطَّبَقَة الأولى كالخامس وَالسَّادِس وَمِنْهَا مَا فِي الثَّانِيَة كالثامن وَالْخَامِس عشر وَمِنْهَا فِي الثَّالِثَة كالثاني عشر.(5/105)
الْأَيَّام الْوُسْطَى فِي مَجِيء البحران هِيَ الثَّالِث عشر وَالسَّادِس عشر.
أَيَّام البحران بعد الْعشْرين على رأى جالينوس: يَوْم الْعشْرين وَالرَّابِع وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالسَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ وعَلى رَأس أرخيجانس الْوَاحِد)
وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالثَّامِن وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ وَبعد يَوْم الْأَرْبَعين على رأى أبقراط يَوْم السِّتين والثمانين وَالْمِائَة وَالْعِشْرين.
انْقِضَاء الْمَرَض إِلَى الرَّابِع يكون بِجهْد شَدِيد وَإِلَى الْأَرْبَعين متوسط فَأَما بعد الْأَرْبَعين فَلَا يكَاد يكون مَعَ الِانْقِضَاء جهد شَدِيد إِلَّا فِي الندرة.
يحْتَاج الْعلم بتقدمة الْمعرفَة بِيَوْم البحران إِلَى الْعلم بتقدمة الْمعرفَة لأبقراط واحتيال ودراية فِي مداومة الْمَرَض وَالْعلم بنبض الْعُرُوق.
وَالْخَطَأ الْعَارِض فِي أُمُور المرضى إِن كَانَ يَسِيرا حدث من أَجله فِي السَّابِع بحران غير تَامّ وَإِن كَانَ عَظِيم الْمِقْدَار حدث البحران فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر.
البحران فِي الْأَمْرَاض السَّلِيم يتَأَخَّر وَفِي القتالة يتَقَدَّم. فَيكون إِذا كَانَ الْمَرَض حاداً فِي الْخَامِس إِذا كَانَت نوائبه فِي أَيَّام أَفْرَاد. وَالْخَطَأ فِي أَمر الْمَرِيض عَظِيم. وَأما فِي السَّادِس فَيكون إِذا كَانَ الْأَمر بالضد.
إِذا تبين النضج فِي الرَّابِع جَاءَ البحران فِي السَّابِع وَإِن تبين فِي السَّابِع جَاءَ البحران فِي الرَّابِع عشر. وَإِن تبين فِي الرَّابِع عشر جَاءَ البحران إِمَّا فِي التَّاسِع عشر وَإِمَّا فِي الثَّامِن عشر وَإِمَّا فِي الْعشْرين وَإِمَّا فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين لِأَن السَّابِع عشر ينذر بِأحد هَذِه الثَّلَاثَة الْأَيَّام.
إِذا كَانَ الْمَرَض يطول وتبينت فِيهِ عَلَامَات تدل على أَنه لم ينضج أَو على أَنه يطول فان تِلْكَ العلامات مَتى انْتَهَت إِلَى السَّابِع فالمرض لَا يَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر وَإِن بقيت إِلَى الْحَادِي عشر فالمرض لَا يَنْقَضِي إِلَّا بعد الْعشْرين وَإِن بقيت إِلَى السَّابِع عشر لم ينْقض إِلَّا بعد الْأَرْبَعين.
الْأَيَّام: مِنْهَا أَيَّام بحران وَمِنْهَا أَيَّام إنذار وَمِنْهَا وَاقعَة فِي الْوسط. فَأَما أَيَّام البحران الصَّحِيحَة: فالرابع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ. وَأما المنذرة فالرابع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَأما الْوَاقِعَة فِي الْوسط: فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر الرابوع الأول وَالثَّانِي يعدَّانِ موصولين الرابوع الثَّانِي مَعَ الرابوع الثَّالِث يعدَّانِ مفترقين وَالثَّالِث مَعَ الرَّابِع موصولين وَالرَّابِع مَعَ الْخَامِس أَيْضا موصولين وَكَذَلِكَ الْخَامِس مَعَ السَّادِس موصولين اخْتلف القدماء فِي أَيَّام البحران من بعد الرَّابِع عشر فَيرى قوم أَن من بعد الرَّابِع(5/106)
عشر هُوَ الْيَوْم السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ. وَآخَرُونَ قَالُوا: إِنَّه الثَّامِن عشر وَالْوَاحد)
وَالْعشْرُونَ والاثنان وَالْأَرْبَعُونَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعُونَ.
من أَيَّام البحران باحورية بالطبع وَهِي الرَّابِع وَالسَّابِع وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَمِنْهَا باحورية بالدور وَهِي الثَّالِث وَالْخَامِس وَالتَّاسِع وَالثَّالِث عشر. وأدوار أَيَّام البحران إِلَى الْعشْرين تكون فِي الأرابيع وَإِلَى الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ من الْعشْرين فِي الأسابيع وَفِي الْعشْر العشرينات من الْيَوْم الْأَرْبَعين إِلَى السِّتين.
كَمَا أَن الْأَمْرَاض الوافدة مُخْتَلفَة قَصِيرَة بعد حميات محرقة أَو غير ذَلِك كَذَلِك قد تكون البحارين مُدَّة مَا بَين أخص الْأَيَّام. أخص الْأَيَّام الباحورية فَقَط: السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ والباحورية المنذرة مَعًا: الرَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر والواقعة فِي الْوسط: الثَّالِث وَالْخَامِس وَالثَّالِث عشر.
وَعدد الْأَيَّام الَّتِي قبل الْعشْرين: فالأسبوعان الْأَوَّلَانِ يحسبان مفترقين وَالثَّالِث يُوصل بِالثَّانِي وَأما بعد الْعشْرين فالأسبوعان الْأَوَّلَانِ يعدَّانِ مفترقين وينتهيان فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالثَّالِث مِنْهَا يُوصل بِالثَّانِي. وَيَنْتَهِي يَوْم الْأَرْبَعين الأدوار الثَّلَاثَة: دور النّصْف ودور الأرابيع ودور تَامّ وَهُوَ دور الأسابيع ودور أتم من هَذَا وَهُوَ دور العشرينات.
الْأَمْرَاض: مِنْهَا حاد فِي الْغَايَة القصوى وَهَذَانِ ضَرْبَان: أَحدهمَا يَنْقَضِي فِي الرَّابِع مثل الحميات المطبقة الَّتِي تَنْقَضِي فِي الرَّابِع وَمِنْهَا دون هَذَا وَهُوَ أَيْضا من الحادة فِي الْغَايَة بِمَنْزِلَة الْحمى المطبقة الَّتِي تَنْقَضِي فِي أُسْبُوع. وَمِنْهَا الحاد من غير أَن يكون فِي الْغَايَة القصوى من الحدة وَهَذِه ضَرْبَان: مِنْهَا مَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة عشر يَوْمًا وَمِنْهَا فِي عشْرين وَمِنْهَا مَا تسمى منتقلة من الحادة إِلَى المزمنة فتنقضي إِلَى الْأَرْبَعين وَمِنْهَا المزمنة فَهِيَ تَنْقَضِي فِي شَهْرَيْن إِلَى سبع سِنِين إِلَى أَرْبَعَة عشر سنة.
آخر حد الْمَرَض الْمُنْتَقل من الْحَادِي يَوْم السِّتين.
الْمَرَض رُبمَا تحرّك فِي أَوله حركات سريعة ثمَّ يبطيء بِآخِرهِ وبالضد.
أَيَّام البحران عَلَامَات البحران تغير الْعقل وَالْبدن وَسدر وتكثر اللمع فِي الْعين وسيلان الدُّمُوع واحمرار الْعين وَثقل الأصداغ وتوجع الرَّقَبَة وَالرَّأْس والظلمة فِي الْعين وخيالات وخفقان الْقلب واختلاج الشّفة السُّفْلى وتقبضها إِلَى دَاخل ورعدة صعبة وانجذاب مَا دون الشراسيف إِلَى فَوق وَالْكرب حَتَّى يطْلب المَاء الْبَارِد والالتهاب بِأَكْثَرَ مِمَّا كَانَ وَتقدم دور الْحمى وطولها)
قَالَ: أَنا أسمى الِاضْطِرَاب الشَّديد السَّرِيع الَّذِي يعرض فِي الْأَمْرَاض بعده استفراغ بحرانا وَهُوَ فِي أَكثر الْأَمر يؤول إِلَى السَّلامَة وَفِي الْأَقَل إِلَى التّلف.(5/107)
قَالَ: لم أر فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر بحرانا تَاما. فَأَما فِي السَّابِع فَلَا أحصى كم رَأَيْت فِيهِ بحرانا وَأما السَّادِس فقد يكون فِيهِ بحرانا لَكِن مَعَ أَعْرَاض صعبة وخطر شَدِيد جدا وَلَا يَصح البحران الَّذِي يكون فِيهِ وَلَا يتم وَلَا يكون بَينا وبحران السَّابِع مَعَ كثرته صَحِيح سليم وَقد قَالَ غَيْرِي أَنه رأى بحرانا فِي الثَّانِي عشر إِلَّا أَنه لم يكن منذرا بِهِ إِلَى شَرّ وَكَانَ مَعَ خطر وصعوبة.
البحران غير التَّام هُوَ الَّذِي يبْقى فِيهِ من الْمَرَض بَقِيَّة وَغير السَّلِيم الَّذِي مَعَه أَعْرَاض خبيثة.
وَغير الْبَين الَّذِي لَا يكون مَعَه خراج ظَاهر وَلَا استفراغ وَالَّذِي لم ينذر بِهِ أَي لم يدل على كَونه يَوْم قبله.
تعرف أَيَّام البحران يعسر من أجل تعرف يَوْم الِابْتِدَاء وَإنَّهُ قد اخْتلف فِي أَي الْيَوْمَيْنِ هُوَ يَوْم البحران: الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ الصعوبة والشدة أَو الْيَوْم الَّذِي بعده وَمن أَنه يَنْبَغِي أَن يرى الشَّيْء مرَارًا كَثِيرَة حَتَّى يَصح وَيُمكن أَن يعْمل عَلَيْهِ.
أَيَّام البحران: يُرَاد بهَا الْأَيَّام الَّتِي يكثر فِيهَا كَون البحران فَأَما مَا لَو جَازَ مَا يكون فِيهَا فِي (مَنْفَعَة الْعلم بالبحران وأيامه) قَالَ: إِذا علم البحران وأيامه لم يُطلق لمن يُصِيبهُ بحران غير تَامّ فِي غير يَوْم بحران من غير أَن ينْتَقل إِلَى تَدْبِير الأصحاء والناقهين لَكِن يبْقى على تَدْبِير المرضى فَإنَّك إِذا فعلت بِهِ ذَلِك فخليق أَن يكمل بُرْؤُهُ وَإِن لم تفعل بِهِ ذَلِك فخليق أَن تكون العودة مهلكة وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض عَظِيما وَلم يكن الاستفراغ كثيرا وَالْقُوَّة ضَعِيفَة.
الْمُتَقَدّم لجَمِيع أَيَّام البحران السَّابِع وينذر بِهِ فِي الْأَكْثَر الرَّابِع وَإِنَّمَا قَدمته لِأَن البحران يَأْتِي فِيهِ كثيرا سليما تَاما بَينا منذرا بِهِ.
الْإِنْذَار لَيْسَ يكون فِي الْبَوْل فَقَط وَلَكِن فِي النفث وَفِي البرَاز وَفِي الزِّيَادَة فِي الشَّهْوَة وَفِي زِيَادَة الْفَهم والحس وَغير ذَلِك من جَمِيع القوى.
البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع يكون ابْتِدَاء بِحَسب التَّغَيُّر فِي الرَّابِع وَإِن كَانَ إِلَى خير فَإِنَّهُ يكون إِلَى خير وبالضد وَأكْثر بحارين السَّابِع جَيِّدَة وَرُبمَا مَاتَ فِيهِ العليل وَتغَير فِيهِ حَال العليل إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يَمُوت فِي أحد أَيَّام البحران الَّتِي بعده.
وَأما السَّادِس فَوَجَدته كَأَنَّهُ ضد السَّابِع فِي قلَّة البحران ورداءته وَأكْثر المرضى الَّذين تَتَغَيَّر حَالهم إِلَى مَا هُوَ أشر فِي الرَّابِع يموتون فِي السَّادِس. وَإِن تغير حَالهم فِي الرَّابِع إِلَى مَا هُوَ خير تَأَخّر البحران عَنهُ إِلَى السَّابِع وَلم يَجِيء فِي السَّادِس وَإِن اتّفق أَن يكون فِي السَّادِس كَانَ مَعَه من الْخطر أَمر عَظِيم.
وَذَلِكَ أَنه يعرض لَهُ شَبيه السكتات من عدم الْحس وَالصَّوْت وَإِن عرض لَهُ استفراغ(5/108)
أَصَابَهُ مَعَه غشي وَتغَير لَونه وَبَطل نبضه وَعرضت لَهُ رعدة وَسَقَطت قوته.
وَفِي الْيَوْم السَّابِع كلما زَاد استفراغه ازْدَادَ رَاحَة. وَإِن كَانَ فِي الْيَوْم السَّادِس عرق لم يكد يكون مستويا وَإِن خرج شَيْء بالبراز والقيء كَانَ شَيْئا مُؤْذِيًا. وَرُبمَا خرجت عِنْد الْأُذُنَيْنِ خراجات ردية ويرقان وَإِن كَانَ يَبُول لم يكن نضجا لكنه يكون سنج اللَّوْن رَقِيقا غير مَحْمُود وَلَيْسَ ينفع من الْبَوْل الَّذِي يكون فِي السَّادِس إِلَّا كثرته فَقَط.
وَهَذَا أَهْون مَا يكون فِي السَّادِس لِأَن مِنْهُم من يختنق اختناقا بِدَم مفرط يجْرِي مِنْهُ أَو بإسهال أَو قيء مجاوز للاعتدال أَو سكتات أَو جُنُون.
وَرُبمَا هلك الْمَرِيض من قبل يرقان يعرض لَهُ أَو خراج ردي حَتَّى أَنِّي أشبه السَّابِع بِالْملكِ الْعَادِل)
وَالسَّادِس بالمنقلب الجائر وَأَنا أحرد القَوْل فِي الثَّانِي عشر أَنه لَيْسَ من أَيَّام البحران.
وَأما السَّادِس فَلَا أقدر أَن أحرد القَوْل فَإِنَّهُ لَيْسَ من أَيَّام البحران لِأَنَّهُ قد يكون فِيهِ بحران كم مرّة لكني أَقُول: إِن البحران الْعَارِض فِيهِ خَبِيث ردي وَجُمْلَة أَقُول: إِن الْيَوْم السَّادِس يَوْم بحران ردي كَمَا أَن السَّابِع يَوْم بحران جيد.
وَإِن كَانَ فِي السَّادِس بحران جيد فَإِنَّهُ لَا يكَاد يتم بل تبقى مِنْهُ بَقِيَّة تعاود ويعظم الْخطر فِيهِ قبل الْكَوْن.
وَالرَّابِع عشر قريب فِي طبيعة من السَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ قريبَة من هَذِه أَيْضا وَمن بعْدهَا الرَّابِع وَمن بعد الرَّابِع الثَّالِث وَالثَّامِن عشر وَمَتى اتّفق أَن يعرض بحران فِي الثَّامِن والعاشر كَانَ شَبِيها بالسادس فَلَا يكَاد يَنْقَضِي فِي هَذِه الْأَيَّام مرض وَإِن انْقَضى لم يَصح وعاود وَكَانَ مَعَ ذَلِك الِانْقِضَاء خفِيا غير بَين وَلَا منذراً بِهِ وَلَا يَنْقَضِي أَيْضا الْمَرَض جملَة فِي الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر. وَالْأَيَّام الَّتِي لَا يَنْقَضِي فِيهَا جملَة الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر.
وَالْأَيَّام الَّتِي يَنْقَضِي فِيهَا وَهِي الباحورية الجيدة الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْعشْرُونَ.
وَالثَّالِث عشر متوسط بَين الجيدة والردية وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ ألف بالساقط كالأيام الَّتِي لَا تَنْقَضِي فِيهَا الْأَمْرَاض وَلَيْسَ باللاحق بالتاسع ودونه وَهَذِه حَال الْأَيَّام إِلَى الْعشْرين. 3 (ابْتِدَاء) عدد أَيَّام البحران لَا يعد من الِابْتِدَاء بِالْحَقِيقَةِ لِأَن ذَلِك لَا عرض لَهُ وَلَا من وَقت يطْرَح العليل نَفسه لِأَن بَينهم فِي ذَلِك تَفَاوتا كثيرا وَلِأَنَّهُ قد يعرض أَشْيَاء مَانِعَة من(5/109)
طرح النَّفس: مثل السّفر والخدمة وَغير ذَلِك لَكِن من الْوَقْت الَّذِي يحس فِيهِ بالحمى حسا ظَاهرا إِنَّمَا يحْتَاج إِلَى علم البحران فِي الحميات الحادة مثلا لنضع أَن مَرِيضا من حمى غب لَازِمَة لَا يتَبَيَّن فِيهَا عَلامَة تدل على نضج إِلَى الْيَوْم الْحَادِي عشر فَإِذا كَانَ فِي هَذَا الْيَوْم ظهر فِي الْبَوْل رسوب مَحْمُود جيد وَلم يظْهر قبل ذَلِك الْوَقْت.
أَقُول: إِن الطَّبِيب الْحقيق بِهَذَا الِاسْم يعظم رجاؤه فِي أَن البحران يَأْتِيهِ فِي الرَّابِع عشر فتبتدى حمى يَوْم الرَّابِع عشر بنافض شَدِيد وتتقدم نوبتها فَإِن هَذَا يكون على الْأَكْثَر إِذا كَانَ البحران مزمعا أَن يكون وَقد لَا تتقدم فِي الندرة وَليكن قبل ذَلِك صعوبة شَدِيدَة فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم الرَّابِع عشر وَيخْتَلف النبض عَن النظام وَيكون أَكثر حركاته مشرقة عَظِيمَة قَوِيَّة.
أَقُول: إِنَّه يعرض لهَذَا الْمَرِيض إِذا انْتَهَت نافض حماه عرق مَحْمُود ومستو وَيبدأ تخف أعراضه كلما ازْدَادَ عرقه ويحس نبضه ويعرق عرقا كثيرا حارا ثمَّ تسكن حماه وَقد أَتَاهُ بحران مَحْمُود لِأَن يَوْمه يَوْم يكون فِيهِ البحران الصَّحِيح التَّام وَقد ظهر فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ نضج وأنذر بِكَوْنِهِ قبل الصعوبة الَّتِي تقدّمت والنافض وَسَائِر العلامات الَّتِي تتقدم البحران. وَلَو كَانَ تَأَخّر بحران هَذَا إِلَى الْيَوْم الْخَامِس عشر لما كَانَت تَجْتَمِع لَهُ هَذِه الْفَضَائِل وَلَا يكون صَحِيحا.
وَهَذَا أجل نفع أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الْمُعْتَاد.
وَجُمْلَة أَقُول إِنَّك مَتى وجدت جَمِيع عَلَامَات البحران الْمَحْمُود مَا خلا أَنه كَانَ فِي يَوْم باحوري نقص البحران نقصا كثيرا وَإِن كَانَت العلامات الْأُخَر لَيست على غَايَة التَّمام وَكَانَت فِي يَوْم باحوري تمّ البحران وَصَحَّ.
وَإِنَّمَا يَعْنِي بالبحران انْقِضَاء الْمَرَض وَقد يجْتَمع ليَوْم البحران أبدا أَكثر عَلَامَات الصِّحَّة وَلَا تَجْتَمِع لغيره فلنضع أَن العليل الَّذِي تمثلنا بِهِ أَنه تَأَخّر عَنهُ البحران إِلَى الْيَوْم السَّادِس عشر فَلَمَّا كَانَ فِي ليلته الَّتِي صبيحتها السَّادِس عشر جَاءَتْهُ الصعوبة وعلامات البحران فابتدأ اقشعرار صَعب وَتَقَدَّمت نوبَة الْحمى.
أَقُول إِنَّه إِذا كَانَ كَذَلِك لم يعرق العليل عرقا مَحْمُودًا وَلم تُفَارِقهُ الْحمى بِالْكُلِّيَّةِ فِي ذَلِك الْيَوْم.)
فَإِن اتّفق ذَلِك مَا لَا يكَاد أَن يكون الْعرق مستويا مَحْمُودًا تقلع بِهِ الْحمى إقلاعاً تَاما فَإِن البحران يَصح لكنه إِن زل العليل أدنى زلل عاودت حماه.
ثمَّ لنضع أَن عَلامَة البحران إِن ظَهرت فِي الْمَرِيض فِي الْيَوْم الرَّابِع كَمَا وصفناها ألف وَظَهَرت فِي الْحَادِي عشر.
أَقُول إِنَّه يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن النذير فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي الْحَادِي عشر وَفِي الْأُسْبُوع الأول وَالرَّابِع وكما يدل الْحَادِي عشر على الرَّابِع كَيفَ كَانَ الْحَال فِيهِ كَذَلِك يدل الرَّابِع على السَّابِع فلنضع أَن العلامات كلهَا كَانَت فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم(5/110)
الثَّامِن وَأَن الْعرق ابْتَدَأَ فِي آخر تِلْكَ اللَّيْلَة ولبث الْمَرِيض نَهَار يَوْم الثَّامِن نَهَاره أجمع يعرق عرقا مَحْمُودًا وأقلعت حماه عِنْد العشى فَاعْلَم أَنِّي أَقُول إِن هَذَا لبحران جَاءَ فِي السَّابِع وَانْظُر أبدا فِي مثل هَذَا إِلَى الْمُنْذر فَإِن كَانَ الْمُنْذر أنذر بِالْيَوْمِ السَّابِع ثمَّ جَاءَ فِيهِ جملَة وَاحِدَة من خلال البحران وَتمّ كُله فِي الثَّامِن فالبحران لليوم الْمُنْذر بِهِ وَإنَّهُ تَجْتَمِع لليوم عَلَامَات كَثِيرَة من عَلَامَات البحران. وَإِن فقدت الْمُنْذر وَجَاء البحران فِي يَوْمَيْنِ فَانْظُر فَإِن كَانَت الْعلَّة تصعب وتتحرك فِي الْأَفْرَاد فالبحران للفرد وَذَلِكَ أَن البحران أبدا إِنَّمَا يكون فِي وَقت استصعاب الْحمى وَانْظُر فِي نفس البحران فَإِن رَأَيْته جيدا سليما وَشَكَكْت فِي السَّابِع وَالثَّامِن وَالتَّاسِع وَالسَّادِس فانسبه إِلَى السَّابِع وَإِن شَككت فِي التَّاسِع والعاشر فانسبه إِلَى التَّاسِع وبالضد. وَانْظُر أَيْضا من نفس طبيعة البحران وَذَلِكَ أَن لَهُ ابْتِدَاء يدل على مَجِيئه وَابْتِدَاء الاستفراغ وانقضاء الْعلَّة فاليوم الَّذِي تَجِد فِيهِ الثَّلَاثَة فَلَا وَانْظُر فِي أَي الْيَوْمَيْنِ زمَان البحران فِيهِ أطول فَإِنَّهُ بِهِ أولى فَإِن كَانَت العلامات لوَاحِد أَكثر فللذي فِيهِ عَلَامَات أقل أَيْضا شركَة فَإِن اسْتَويَا فَهُوَ لَهما.
وَرُبمَا يُجَاوز البحران الْيَوْم الَّذِي بعد الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ ابْتِدَاء العلامات إِلَى الْيَوْم الثَّالِث من يَوْم ابْتِدَاء العلامات وَإِذا كَانَ كَذَلِك فاليوم الْأَوْسَط أولى بالبحران لِأَن زمَان البحران فِيهِ كَانَ أطول. وَلَكِن لَا يجب أَن توجب لَهُ البحران كُله لَكِن تنظر مَا كَانَ الْإِنْذَار أَيّمَا كَانَ بِهِ فانسبه إِلَيْهِ فَإِن هَذَا أقوى العلامات فَإِن لم ينذر بِهِ فَانْظُر فِي سَائِر مَا وَصفنَا من حَرَكَة الأدوار وَالزَّوْج والفرد وَقِيَاس نَوَائِب الْحمى فَإِن الْحمى الأطول هِيَ يَوْم بحران وطبائع الْأَيَّام فَإِن البحران الحميد فِي الْأَيَّام الجيدة وَبِالْعَكْسِ وَعدد أَوْقَات البحران فَإِن الَّذِي يجْتَمع لَهُ وقتان مِنْهُ هُوَ لَهُ وزمان البحران أَعنِي طول لبثه فَإِن الَّذِي يلبث البحران فِيهِ أَكثر فَهُوَ لَهُ فضم هَذِه جَمِيعًا)
واستشهدها.
وَأما الْيَوْم الأول وَالْيَوْم الثَّانِي فَلَيْسَ يُمكن أَن يَكُونَا من أَيَّام البحران إِلَّا لحمى يَوْم وَذَلِكَ أَن البحران إِنَّمَا هُوَ أَن تَنْقَضِي الْعلَّة باضطراب وتعب فَإِن سمينا كل انْقِضَاء بحرانا وَإِن لم يتقدمه تَعب واضطراب فاليوم الأول وَالثَّانِي رُبمَا انْقَضى فيهمَا حمى. وَأَنا أسمي الِاضْطِرَاب الْكَائِن قبل تغير الْمَرَض إِلَى الْحَالة الجيدة أَو الردية بحرانا وَمَا كَانَ تغيره إِلَى الْأَفْضَل أُسَمِّيهِ بحرانا جيدا وبالضد وَمَا كَانَ لَا يُؤَدِّي إِلَى كَمَال الْفضل وَكَمَال الْهَلَاك أُسَمِّيهِ بحرانا نَاقِصا جدا ورديا.
وَقد قَالَ أرخيجانس: إِن البحران يكون فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الْعشْرين وَأَنا لم أَجِدهُ هَكَذَا وَلَا أبقراط. وَكَذَلِكَ الْحَال فِي السَّابِع وَالْعِشْرين فَإِنِّي وجدت البحران يكون فِيهِ أَكثر مِمَّا يكون فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين. وَذكر أرخيجانس أَنه يكون أقل.
وَالْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أَيْضا صَالح للقوة وَيَوْم الْأَرْبَعين أقوى مِنْهُ. وَأما الْيَوْم الرَّابِع(5/111)
وَالْعشْرُونَ وَالْيَوْم الْوَاحِد وَالثَّلَاثُونَ فالبحران يكون فيهمَا أقل مِمَّا يكون فِي الَّذِي ذكرنَا من بعد الْعشْرين وَأَقل من هَذِه كثيرا الْيَوْم السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ حَتَّى أَنه إِلَى أَن لَا يكون من أَيَّام البحران أميل. فَأَما سَائِر الْأَيَّام الَّتِي بَين الْعشْرين وَالْأَرْبَعِينَ فَلَا يكون فِيهَا بحران: وَهِي الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّامِن وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ وجملتها اثن عشر يَوْمًا. وَالِاضْطِرَاب الشَّديد الْقوي يكون فِي البحارين الكائنة فِي الرَّابِع عشر وَإِلَى الْعشْرين وَمن بعد الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فَيكون أهدأ حَرَكَة وَمن بعد الْأَرْبَعين هِيَ ضَعِيفَة الْحَرَكَة جدا وَأكْثر الِانْقِضَاء يكون فِيهَا بالنضج والتحلل والخراجات وَرُبمَا كَانَ بالاستفراغ فِي الندرة وَإِذا كَانَ لم تكن مَعَه حَرَكَة شَدِيدَة.
وأبقراط يستخف بِالْأَيَّامِ الَّتِي بعد الْأَرْبَعين خلا السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة وَيَقُول بعد هَذَا: إِن من الْأَمْرَاض مَا يكون بحرانه فِي سَبْعَة أشهر وَفِي سبع سِنِين وَفِي أَربع عشرَة سنة وَإِحْدَى وَعشْرين سنة.
وَلَيْسَ يُمكن إحكام علم أَيَّام البحران إِلَّا بأمرين: الْعلم بِمَا قَالَ أبقراط فِيهَا وَمن أَدِلَّة الْمَرَض جَمِيعًا وَعلم النبض.
3 - (عَلَامَات السَّلامَة والنضج)
مَوْجُودَة فَأَنْذر بِكَوْن البحران فِي السَّابِع فَإِن لم تعرف عَلَامَات السَّلامَة والنضج لم يُمكن أَن تنذر بالبحران. وَإِنَّمَا قلت: إِنَّك تحْتَاج إِلَى معرفَة عَلَامَات السَّلامَة والنضج لِأَنَّك إِن رَأَيْت عَلَامَات الْخطر وَرَأَيْت بعد ذَلِك نضجا فِي الرَّابِع وَكَانَت أَيَّام الْحمى فِي الْأزْوَاج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي السَّادِس وَفِي الندرة أَن تجاوزه فَفِي السَّابِع. وَإِن رَأَيْت عَلَامَات السَّلامَة مَعَ النضج فِي الرَّابِع فالبحران يكون فِي السَّابِع.
وعلامات النضج لَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات الْهَلَاك وَإِن كَانَت عَلامَة الْهَلَاك قَوِيَّة فِي الرَّابِع مَاتَ فِي الْأَكْثَر فِي السَّابِع.
وَقد قلت: إِن الْمَوْت بحران ردي كَامِل وحد صِحَة ذَلِك من نوبَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن ساعدت مَعَ هَذَا أَن تكون النّوبَة فِي الْأزْوَاج فَمَا قلت أقوى. وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأَفْرَاد لَا يَمُوت فِي السَّادِس وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا قوى الْحَرَارَة جدا والأعراض الَّتِي ظَهرت فِي الرَّابِع قَوِيَّة عَظِيمَة جدا فَلذَلِك يجب أَن تقضي معرفَة هَذِه العلامات.
قَالَ: وَقد تفقدت أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة على الِاسْتِقْصَاء فَوجدت الرَّابِع ينذر بالسابع مَا لم يَقع خطأ. يَنْبَغِي أَن تنظر أُخْرَى فِي هَذَا الْموضع.
لي وَيجب أَن تنظر فِي العلامات الدَّالَّة على انْتِهَاء الْمَرَض ونضجه وانقضائه وَطوله فَإِن رَأَيْت فِي الرَّابِع النضج عديما والمنذرة بطول الْمَرَض فَاعْلَم أَن الْمَرَض سيجاوز الْحَادِي(5/112)
عشر وَإِن بقيت عَلَامَات النضج بعد الرَّابِع فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِن كَانَ الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج وَلَيْسَت فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طوله فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر وَالْوُقُوف على حَقِيقَته يكون فِي الْحَادِي عشر وَذَلِكَ أَنه ينذر بالرابع عشر فَإِن رَأَيْت فِيهِ عَلامَة نضج فأيقن بالبحران فِي الرَّابِع عشر وَإِن كَانَت عَلامَة النضج ضَعِيفَة. إِلَّا أَن الْمَرَض يَتَحَرَّك حَرَكَة سريعة فخليق أَن يكون فِي الرَّابِع عشر وَإِلَّا كَانَ فِي السَّابِع عشر. فَإِن لم تكن عَلامَة النضج فِي الْحَادِي عشر فَلَيْسَ يكون فِي الرَّابِع عشر وَضم إِلَى نظرك النّظر فِي حَرَكَة الْمَرَض وسرعته وَسَائِر العلامات لتعلم مَتى يَأْتِي البحران فِي السَّابِع عشر أم فِي الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك لِأَنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي السَّابِع عشر أم فِي الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك لِأَنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي هَذِه الْأَيَّام وَأكْثر ذَلِك يتَأَخَّر إِلَى الْعشْرين. وَرُبمَا أَتَى فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وينذر بهَا جَمِيعًا السَّابِع عشر وَلَا سِيمَا)
بِالْيَوْمِ الْعشْرين وَالْيَوْم الثَّامِن عشر ينذر بِالْيَوْمِ الْوَاحِد وَالْعِشْرين.
وَمَتى رَأَيْت الْمَرَض مُنْذُ أَوله مندفن الْحَرَارَة بطيء الْحَرَكَة مَعَ سَائِر العلامات الدَّالَّة على بطء الْمَرَض فَلَيْسَ يمكنك أَن تعلم مَتى يَأْتِي البحران لكنك تعلم أَنه لَا يَأْتِي فِي الرَّابِع عشر وَأكْثر مِنْهُ: لَا يَأْتِي قبله فَانْظُر حِينَئِذٍ أسليم هَذَا الْمَرَض أم لَا فَإِنَّهُ مَتى اجْتمع ضعف الْقُوَّة إِلَى عَلَامَات الْهَلَاك فَإِن الْمَرِيض يَمُوت قبل أَن يطول الْمَرَض وَإِن كَانَ الْمَرَض سليما فبحرانه بعيد.
وَلَا تطمع أَن تعرف بحران الْأَمْرَاض الَّتِي يكون نَحْو الْعشْرين فِي الرابوع الأول. لَكِن بعد ذَلِك إِلَى السَّابِع يكون حدس ضَعِيف وَمن السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر يكون أقوى فَإِن رَأَيْت أَيْضا عَلَامَات النضج من الْحَادِي عشر إِلَى الْيَوْم الْعشْرين ضَعِيفَة فَإِن الْمَرَض يُجَاوز الْعشْرين واقض بِأَن الْمَرِيض لَا يَأْتِيهِ بحران قبل الْعشْرين إِن بقيت تِلْكَ الدَّلَائِل على حَال وَاحِدَة وَلم تَتَغَيَّر إِلَى سرعَة الْحَرَكَة بَغْتَة أَو قَلِيلا قَلِيلا وَلست تَدْرِي فِي أَي يَوْم يكون بعد الْعشْرين حَتَّى تنظر فِي الْأَيَّام الَّتِي من الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الدَّالَّة على النضج بَيِّنَة فتوقع الرَّابِع وَالْعِشْرين. فَإِن لم تَرَهَا فَإِنَّهُ يتَأَخَّر إِلَى الْأُسْبُوع الرَّابِع فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي تبقى إِلَى الرَّابِع عشر غير نضيجة وتتحرك حَرَكَة بطيئة فَلَا يجِئ بحرانها قبل الْأَرْبَعين.
وَقد قُلْنَا إِن البحران بعد الْأَرْبَعين ضَعِيف وَأَكْثَره يكون بالتحلل وَفِي الندرة يكون بالاستفراغ.
مَتى رَأَيْت مَرِيضا أَن عَلَامَات النضج فِي بَوْله وَاضِحَة فِي الْيَوْم الأول وحماه حارة وَلَيْسَ مَعهَا شَيْء من عَلَامَات التّلف فَإِن حماه لَا تجَاوز الرَّابِع وَإِذا رَأَيْت عَلَامَات التّلف كلهَا فِي الْيَوْم الأول فَلَيْسَ يجوز الرَّابِع حَتَّى يَمُوت. وَإِن كَانَت حماه حارة وَلم تظهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات النضج وَلَا من عَلَامَات الْمَوْت فَلَا يُمكن أَن يَنْقَضِي مَرضه فِي الرَّابِع وَلَا قبله ألف وفتفقد حِينَئِذٍ قبل الْحمى هَل كَمَا لم تظهر عَلَامَات النضج لم تظهر عَلَامَات طول(5/113)
الْمَرَض أم ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض مَعَ فقد عَلَامَات النضج فَإِنَّهُ إِن عدما جَمِيعًا أَعنِي عَلَامَات النضج وعلامات طول الْمَرَض مَعَ فقد عَلَامَات النضج فَإِن مَرضه يبلغ منتهاه نَحْو السَّابِع وَإِن ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض فَإِنَّهُ يتَجَاوَز السَّابِع وَلست تقدر أَن تعلم مُنْذُ أول الْأَمر كم يَتَطَاوَل لَكِن بعد مُرُور الْأَيَّام وَلَكِن تريح من ذَلِك أَن مُنْتَهى الْمَرَض يطول فتقدر الْغذَاء بِحَسب ذَلِك.
وَالْخَطَأ الَّذِي يَقع للمرضى من الْأَطِبَّاء والأدوية وَنَحْوهَا وَمن خَارج كالفزع والهم والسهر الَّذِي عَن شَيْء يبلغهُ فَأَما الَّذِي يسهر بِلَا شَيْء بلغه فَلَيْسَ يفْسد بِظَاهِر الْحس نظام البحران. وَإِن)
الْأَمْرَاض السليمة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخطر إِذا عرض فِيهَا عَارض من خطأ فَإِنَّمَا تطول فقد وَأما الْأَمْرَاض الخطيرة فَإِنَّهُ إِن عرض فِيهِ الْخَطَأ آلت إِلَى الْهَلَاك. والأمراض السليمة أَيْضا إِذا تكَرر الْخَطَأ مرّة بعد أُخْرَى انقلبت طَبِيعَته إِلَى الْهَلَاك.
وبمقدار الْخَطَأ الَّذِي يَقع بَين يَوْم الْإِنْذَار ويم البحران الردي يتَقَدَّم الْمَوْت كَمَا أَنه أنذر الرَّابِع بشر ثمَّ حدث بعده خطأ عَظِيم فَلَيْسَ بتأخر الْمَوْت إِلَى السَّابِع. لكنه يسْبق: إِمَّا فِي الْخَامِس وَإِمَّا فِي السَّادِس وَيعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يكون مِقْدَار حِدة الْمَرَض وَمِقْدَار الضَّرَر الدَّاخِل على الْمَرِيض من الآفة الْحَادِثَة من الْخَطَأ وَمن نَوَائِب الْحمى فَإِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَالْمَرَض حَار وَالشَّيْء الَّذِي ظهر فِي الرَّابِع عَظِيم فبالحرى أَن يَمُوت فِي الْخَامِس: فَإِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج وَالْمَرَض أقل حِدة وَالْخَطَأ وَالتَّدْبِير بِالشَّرِّ قَلِيلا من فبالحرى أَن يتَأَخَّر إِلَى السَّادِس. (الْوَقْت الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض) إِذا كَانَت الْمعرفَة بِالْيَوْمِ الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض فَانْظُر فِي أَي وَقت من أَوْقَات نوبَة حماه تثقل على العليل علته فَإِنَّهُ مَتى ظَهرت بِهِ هَذِه العلامات حِين تبتدئ نوبَة الْحمى فَإِنَّهُ يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت من ذَلِك الْيَوْم.
3 - (العلامات)
هَذِه: أَن يبرد بدنه كُله بردا شَدِيدا. وَلَا يسخن إِلَّا بعسر وَيبقى لَونه حَائِلا زَمنا طَويلا ويصغر نبضه ويتغير حَاله إِلَى حَال أردى أَو تثقل حركته ويكسل ويسبت وَنَحْو هَذِه فَاعْلَم أَنه ميت فِي هَذَا الْوَقْت وَإِن كَانَ ابْتِدَاء الْحمى لَيْسَ بالردي وَلَا تظهر فِيهِ هَذِه العلامات فَانْظُر إِلَى الْمُنْتَهى فَإِن رَأَيْته يخْتَلط عقله عِنْد الْمُنْتَهى ويعرض لَهُ هم وسبات وغم وَلَا يُطيق احْتِمَال حماه ويلتهب التهاباً مفرطاً وتظلم عَيناهُ ويصدع ويعض لَهُ وجع فِي فُؤَاده وَأَشْبَاه هَذِه من الْأَعْرَاض فَفِي هَذَا الْوَقْت يَمُوت.
وَإِن كَانَ الِابْتِدَاء والانتهاء سليمين وَكَانَ عِنْد الانحطاط تذبل نَفسه ويصيبه عرق غير(5/114)
مستو بَارِد فِي الرَّأْس وَحده أَو فِي الرَّقَبَة وَفِي الرَّقَبَة وَفِي الصَّدْر ويضعف نبضه ألف وويصغر وَجُمْلَة فَاعْلَم أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي أشر أَوْقَات الْحمى.
مِثَال ذَلِك أَنَّك مَتى رَأَيْت الْحمى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث تزداد رداءة وَرَأَيْت فِي الرَّابِع رداءة استدللت على موت الْمَرِيض فِي السَّادِس ثمَّ رَأَيْت أَشد أَوْقَات النّوبَة يكون فِي السَّاعَة السَّادِسَة.
وَأَنت تصيب مَتى أحكمت هَذَا الطَّرِيق فِي الْأَكْثَر وَانْظُر مَتى لم تصح لَك العلامات فانتظر بِانْقِضَاء إِلَى يَوْم آخر وَآخر حَتَّى يَصح عنْدك.
قَالَ: الأسابيع أقوى أَيَّام البحران وَبعدهَا الأرابيع.
أبقراط يعد الْأُسْبُوع الثَّالِث يَوْم الْعشْرين وَيجْعَل السَّابِع عشر ينذر بِهِ وَيخرج الثَّامِن عشر والواجد وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران.
وَأما من حسب أَيَّام الأسابيع تَامَّة فَإِن الثَّامِن عشر عِنْده ينذر بالحادي وَالْعِشْرين وَيخرج السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ من أَيَّام البحران. وَقد صَحَّ بالتجربة أَن البحران يكون كثيرا فِي السَّابِع عشر ويكن مَعَ ذَلِك صَحِيحا وَكَذَلِكَ فِي الْعشْرين.
الْأَطِبَّاء لَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَيَّام البحران إِلَى الرَّابِع عشر ويختلفون فِيمَا بعد لأَنهم لم يتفقدوا التجربة كثيرا لكِنهمْ عمِلُوا بِالْقِيَاسِ فعدوا الأسابيع بأيام تَامَّة فَلذَلِك عدوا الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين بالثامن وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران القوية وَالثَّامِن عشر يدنو بِهِ على أَنه نصف الْأُسْبُوع الثَّالِث وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ على أَنه آخر يَوْم من الْأُسْبُوع السَّادِس إِلَّا أَنَّك إِذا تفقدت بالتجربة)
رَأَيْت الطَّرِيق الَّذِي سلكه أبقراط الصَّحِيح لِأَنَّك إِذا تفقدت وقست بالتجربة الْيَوْم السَّابِع عشر وَهُوَ أول يَوْم وَقعت فِيهِ الْخلاف بِالْيَوْمِ الثَّامِن عشر وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين بالثامن وَالْعِشْرين وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ بِالثَّانِي وَالثَّلَاثِينَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ بالخامس وَالثَّلَاثِينَ وَالْأَرْبَعِينَ بِالثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وجدت الْأَيَّام الْمُنَاسبَة للسابع عشر أقوى والأمراض فِيهَا أظهر والتجربة تشهد دون الآخر وَلَا يكَاد يكون فِي غير الْمُنَاسبَة للرابع بحران حَتَّى أَنه قد يكون البحران فِيهِ حِينَئِذٍ وَلَا يكون فِي أَرْبَعَة وَثَمَانِينَ.
وَقد ذكر أبقراط فِي مرضِي كثير فِي أبيذيميا وتفقدناه نَحن أَيْضا فوجدناه كَذَلِك وَلم يذكر أبقراط وَلَا وجدنَا نَحن بحرانا حدث فِي الْأَيَّام الَّتِي لَا تناسب الرَّابِع عشر فضلا عَن أَن يكون تَاما سليما وَأما فِي الْمُنَاسبَة فَلَيْسَ إِنَّمَا يحدث البحران كثيرا بل يكون سليما. فقد بَان صِحَة طَرِيق أبقراط وَإِنَّمَا غلط الَّذين خالفوه بأَشْيَاء أَجدهَا أَنهم ظنُّوا أَن الأسابيع تجْرِي تَامَّة فلزموا الْقيَاس دون التجربة ولعلهم أَيْضا رَأَوْا مرضى قليلين أَتَاهُم بحران فِي تِلْكَ الْأَيَّام. وَيُمكن أَن تكون البحارين لليوم الَّذِي قبله للعلل الَّتِي ذكرتها ولغلطهم فِي ابْتِدَاء(5/115)
الْمَرَض وَيكون البحران باتصال يَوْمَيْنِ. وَهُوَ لأَحَدهمَا فينسبونه إِلَى يومهم وَنَحْو ذَلِك مِمَّا أشبهه مِمَّا تقدم ذكره مِمَّا يشْتَبه هَل البحران لليوم الأول أَو الثَّانِي.
والأمراض الَّتِي تطول مدَّتهَا أَعنِي الَّتِي تجَاوز الرَّابِع عشر وَالْعِشْرين لَا يكون بحرانها قَوِيا أَيْضا وَلَا يكون حادا لَكِن سَاكِنا هادئا فَرُبمَا تمّ أمره فِي يَوْمَيْنِ فيلغط هَذَا أَيْضا وَلَا يجب أَن يتَوَهَّم أَنه لَا يكون بعد الْأَرْبَعين بحران باستفراغ قوي وحركة شَدِيدَة فَإِن ذَلِك رُبمَا كَانَ وَقد ذكر أبقراط أَنه عرض ذَلِك فِي الثَّمَانِينَ.
لي أَحسب هَذَا أَكثر مَا يكون إِذا انْتقل الْمَرَض إِلَى الحدة من الرَّأْس.
قَالَ ج: وَأكْثر مَا يعرض الِانْقِضَاء الْخَبيث يَعْنِي البحران فِي الْأَمْرَاض المزمنة إِذا فَارَقت ثمَّ عاودت فَرُبمَا كَانَت العودة فِي يَوْم بحران ثمَّ يجْرِي الْأَمر على عدد أَيَّام البحران فَيكون أحد هذَيْن المرضين حادا وَإِذا وصل كل مِنْهُمَا مرض طَوِيل حَتَّى أَنه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك مركبا من مرضين أَو ثَلَاثَة حادة كلهَا لَا تَنْقَضِي ببحران لَكِن يَنْقَضِي بعض مِنْهَا ويعاود بعض وتنقضي أَيْضا فِي أَيَّام البحران على مثل هَذَا.
فِي)
قَالَ: إِذا علمت أَن يَوْم البحران قريب قدرت الْغذَاء بِحَسب ذَلِك من اللطف وَلم تقف الطبيعة عَن البحران وَإِذا كَانَ البحران فِي يَوْم باحوري كَامِل أخذت بالمريض فِي تَدْبِير الناقه وَإِن كَانَ غير ذَلِك وقيته ولطفت تَدْبيره لِئَلَّا ينكس نكس سوء.
الْمَرَض الَّذِي فِي غَايَة الحدة يَأْتِي بحرانه إِمَّا بِخَير وَإِمَّا بشر إِمَّا قبل الرَّابِع وَإِمَّا فِيهِ وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى السَّابِع وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى الْحَادِي عشر وَالَّذِي يتلوه فِي الحدة فَإلَى الرَّابِع عشر ثمَّ إِلَى الْعشْرين وَالَّتِي هِيَ دون هَذِه فِي الحدة وَقد دخلت فِي المزمنة فحركاتها فِي الأسابيع على مَا ذكرنَا.
وَجَمِيع أدوار أَيَّام البحران تكون إِمَّا بأسابيع وَإِمَّا بأنصاف الأسابيع وَهِي الأسابيع. والأرابيع تنذر بالأسابيع كَمَا قَالَ أبقراط.
الرَّابِع ينذر بالسابع وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع الثَّانِي من الْيَوْم الثَّامِن وانقضاؤه الرَّابِع عشر. وينذر بالرابع عشر الْحَادِي عشر لِأَنَّهُ رَابِع الْأُسْبُوع الثَّانِي لِأَنَّهُ الرَّابِع من الثَّامِن. وَالسَّابِع عشر يَوْم إنذار لِأَنَّهُ الرَّابِع من الرَّابِع عشر وينذر بالعشرين.
أدوار أَيَّام البحران الَّتِي تكون فِي الْأزْوَاج يَعْنِي الَّتِي تتحرك فِي الْأزْوَاج: الرَّابِع وَالسَّادِس وَالثَّامِن والعاشر وَالرَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّامِن وَأما الَّتِي تتحرك فِي الْأَفْرَاد فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ هَذَا مَا كتبه أبقراط لنَفسِهِ فِي(5/116)
إبيذيميا وَهِي جَمِيع أَيَّام البحران فَلَمَّا أحكم أمره بالتجربة ذكر فِي تقدمة الْمعرفَة والفصول أقواها.
وَقد يكون فِي نِسْبَة دون نِسْبَة البحران فِي يَوْم دون يَوْم بسب: من تغير الْهَوَاء. فَإِنِّي رَأَيْت فِي صيف أَكثر من أَرْبَعمِائَة مَرِيض مرضوا مَرضا حادا أَتَاهُم البحران فِي السَّابِع وَفِي صيفة أُخْرَى فِي الرَّابِع عشر. وَرَأَيْت خَرِيفًا كَانَ يَجِيء فِيهِ البحران أبدا فِي الْحَادِي عشر وخريف آخر كَانَ يَجِيء فِيهِ بحران ردى فِي السَّادِس.
فعلى هَذَا نجد البحران يكون فِي وَقت دون وَقت وَفِي يَوْم دون يَوْم من أَيَّامه أَكثر فَأَما أَن يكون فِي يَوْم غير باحوري فَلَا يكَاد يكون فَلم أرقط كَانَ فِي الثَّامِن وَلَا فِي السَّادِس وَلَا فِي الثَّانِي عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر وَلَا فِي الشبيه بِهِ.
جملَة مَا قد قيل قَالَ: أَقُول إِن السَّابِع يَوْم باحوري وينذر بِهِ الرَّابِع وَالرَّابِع يَوْم بحران وَإِن كَانَ)
ضَعِيفا وَيَوْم إنذار. وَبعد السَّابِع الْحَادِي عشر فالرابع عشر. وَبَينهمَا من التناسب مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع. وَبعد هَذِه فالسابع عشر يُوجد على الْأَكْثَر: يُنَاسب الْعشْرين هَذِه الْمُنَاسبَة بِعَينهَا الَّتِي للحادي عشر إِلَى الرَّابِع عشر وعَلى الْأَقَل يُوجد الثَّامِن عشر يُنَاسب الْحَادِي وَالْعِشْرين وَهَذِه لي لِأَنَّهُ يعد الْأُسْبُوع الأول وَالثَّانِي تَأْمِين وينتهيان فِي الرَّابِع عشر والأسبوع الثَّالِث مُتَّصِل بالرابع عشر يَنْتَهِي فِي الْعشْرين ويعد الرَّابِع نصف الْأُسْبُوع الأول ويعد ابْتِدَاء الرابوع الثَّالِث من الثَّامِن فَيكون الرَّابِع من الثَّامِن الْحَادِي عشر. وَيتم الْأُسْبُوع الثَّانِي فِي الرَّابِع عشر ثمَّ يعد الرابوع السَّادِس من الرَّابِع عشر فَيكون السَّابِع عشر وينذر بالعشرين. ويعد السابوع الثَّالِث فِي الْعشْرين.
قَالَ ج: وَيَقَع فِي مَا بَين هَذِه الْأَيَّام: التَّاسِع وَالْخَامِس وَالثَّالِث وَالتَّاسِع مقدم مِنْهَا والبحران يكون فِيهِ أَكثر من جَمِيع الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِيمَا بَين هَذِه الْأَيَّام من أَيَّام البحران الَّتِي ذَكرنَاهَا أَعنِي إِلَى الْعشْرين وَبعده الْخَامِس وَبعده الثَّالِث. وَالسَّادِس يَوْم بحران ردي. وَأما الثَّالِث عشر فَكَأَنَّهُ متوسط بَين مَا يكون فِيهِ بحران وَلَا يكون.
قَالَ: وَأَشد مَا تكون المجاهدة فِي وَقت البحران فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تَنْقَضِي إِلَى الرَّابِع عشر ثمَّ يبْدَأ ثقل المجاهدة مِنْهُ إِلَى الْعشْرين وَتَسْتَرْخِي قُوَّة المجاهدة مِنْهُ إِلَى الْأَرْبَعين وتضعف مُنْذُ الْأَرْبَعين ضعفا شَدِيدا جدا. فَأَما قِيَاس أَيَّام البحران فَيبقى على حَال وَاحِدَة أبدا وكما أَن الرَّابِع عشر آخر الْأُسْبُوع الثَّانِي وَأول الثَّالِث كَذَلِك الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أخر الْأُسْبُوع الْخَامِس وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع السَّادِس حَتَّى يكون أبدا كل ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا فَلذَلِك يتَّفق الْيَوْم السِّتُّونَ يَوْم بحران لي يعد أسبوعان تَأْمِين ثمَّ أُسْبُوع فِي الْوسط نَاقِصا أبدا فَلذَلِك يلتم أبدا ثَلَاثَة أسابيع عشرُون وَأما الأرابيع فتعد فِي الْأُسْبُوع الْغَيْر الْمَوْصُول يَوْم الرَّابِع.(5/117)
مِثَال ذَلِك أَن الرابوع الأول الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّانِي الْيَوْم السَّابِع لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيد بالرابع نصف السابوع والرابوع الثَّالِث الْيَوْم الْحَادِي عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الثَّامِن والرابوع الرَّابِع الْيَوْم الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الْحَادِي عشر والرابوع الْخَامِس الْيَوْم السَّابِع عشر لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من الْخَامِس عشر والرابوع السَّادِس الْيَوْم الْعشْرُونَ لِأَنَّهُ يَبْتَدِئ بعده من السَّابِع عشر لِأَنَّهُ يحْتَاج أَن يتم لَهُ فِي كل سابوع رابوعان فَافْهَم ذَلِك.
قَالَ جالينوس: وَأول دور تَامّ من أَيَّام البحران هُوَ الْيَوْم الْعشْرُونَ وَلَو كَانَت الأسابيع تحسب)
مفصلة لَكَانَ الدّور التَّام هُوَ الْأُسْبُوع لِأَنَّهُ كَانَ يتَكَرَّر بِمثلِهِ أبدا لكنه لما كَانَ الْأُسْبُوع الثَّالِث يحْسب مُتَّصِلا بِالثَّانِي صَار الْحساب لَا يجْرِي بعد الرَّابِع عشر على قِيَاس مَا كَانَ يجْرِي أَولا.
وَأما بعد الْعشْرين فالحساب يجْرِي دَائِما على مِثَال مَا جرى حَتَّى يكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نَظِير الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَنه يحْسب من أسبوعين على الِانْفِرَاد وَالْيَوْم الْأَرْبَعُونَ نَظِير الْعشْرين. وَذَلِكَ أَنه يَنْتَهِي فِيهِ الْأُسْبُوع الثَّالِث محسوبا على الِاتِّصَال.
والدور: إِنَّمَا يَعْنِي بِهِ مَا إِذا ضوعف لم ينْتَقل إِلَى غَيره وَلَيْسَ لَك للأرابيع وَلَا للأسابيع لِأَنَّهَا وَالَّذِي يظْهر التجربة من أَيَّام البحران أَنه لَيْسَ أَيَّام الْمَرَض كُله أَيَّام بحران وَأَن من أَيَّام البحران أدوار الأسابيع أقوى وَبعده أدوار الأرابيع فَإِنَّهُ يَقع بَين هَذِه الأدوار أَيَّام أخر تكون فِيهَا بحران وَإِن الأسابيع لَا يجب أَن تحسب كلهَا على الِانْفِرَاد لَكِن يحْسب بَعْضهَا على الِاتِّصَال وَكَذَلِكَ الأرابيع فَإِن البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون على الْأَكْثَر فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج. (الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي مَا بَين أَيَّام البحران) يُرِيد بهَا الْأَيَّام الَّتِي لَيست سابوعا وَلَا رابوعا وَيكون مَعَ ذَلِك من أَيَّام البحران.
كل تغير يَقع للْمَرِيض إِلَى مَا هُوَ أردى فِي يَوْم من أَيَّام البحران فَهُوَ ردي كَمَا أَن كل تغير يكون مَحْمُودًا فَهُوَ فِي هَذِه الْأَيَّام أَجود. فالتغير إِلَى مَا هُوَ شَرّ فِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر من أَعْرَاض الْأَيَّام القتالة وبالضد.
تغيره فِي هَذِه الْأَيَّام إِلَى الْأَصْلَح حميد جدا وَقد ذكرنَا علته فِي علل أَيَّام البحران.
قَالَ: الْأَيَّام الْوَاقِعَة يكون فِيهَا البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة أَكثر مِنْهَا فِي المنتقلة لِأَن الطبيعة فِيهَا أَشد انزعاجا فتجعل البحران فِي أَيَّام وَاقعَة بالاضطرار. فَأَما المزمنة فلكون حَرَكَة الْمَرِيض لَا تضطر الطبيعة أَن تجْعَل البحران فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة.
3 - (سَبَب أَيَّام البحران)
كَمَا أَن تَدْبِير السّنة يكون بالشمس وتغاييرها الْعِظَام بعبران الصَّيف والشتاء وَالْآخر بالأرابيع كَذَلِك تَدْبِير الشَّهْر يكون بالقمر وتغايره الْأَعْظَم بالأسابيع لِأَنَّهُ من أَيَّام الشَّهْر(5/118)
بِمَنْزِلَة ربع من أَربَاع السّنة فَإِذا تفقد بالتجربة وجد كل حَادث يحدث وَالْقَمَر بمَكَان مَا يلْزمه تغير عَظِيم بعد الْأُسْبُوع لِأَن الْقَمَر يصير فِي تربيع الْمَكَان الَّذِي كَانَ فِيهِ وَأكْثر من ذَلِك إِذا صَار على الْمُقَابلَة وَلِأَن الْقَمَر يقطع دَائِرَة البروج فِي تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَثلث يَوْم فَإِنَّهُ يقطع ربع الْفلك فِي أقل من سَبْعَة أَيَّام. (فِيمَا يستعان بِهِ على الْأَمْرَاض من النُّجُوم) قَالَ ج: هَذَا شَيْء قد بلوته بعناية شَدِيدَة فَوَجَدته صَحِيحا وَهُوَ أَن الْقَمَر إِذا كَانَ مَوضِع السُّعُود فِي أَيَّام الْمَرَض كَانَت أَيَّامًا صَالِحَة وبالضد. قَالَ: وَإِذا كَانَت النحوس فِي أصل المولد فِي مَوَاضِع فَمَتَى صَار الْقَمَر فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع أَو تربيعها ومقابلتها كَانَ حَال ذَلِك الْمَوْلُود رديا وَكَذَلِكَ الْحَال فِي السُّعُود فَإِنَّهَا إِذا كَانَت فِي مَوَاضِع فَمَتَى صَار الْقَمَر فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع أَو تربيعها أَو مقابلتها حسن حَاله.
وأمراضه السليمة هَذِه وَغير السليمة تِلْكَ على نَحْو مَا يَقع لَهُ. وَإِن اخْتلطت السُّعُود والنحوس تكون سَلامَة الْأَمْرَاض ورداءتها فَأَي مرض عرض لَهُ وَالْقَمَر فِي مَوَاضِع السُّعُود أَو تربيعها أَو مقابلتها كَانَ أسلم وَإِذا ابتدأت أمراضه وَالْقَمَر فِي مَوَاضِع النحوس فِي الأَصْل أَو تربيعها أَو مقابلتها فَهُوَ أردى.
قَالَ: التغايير الَّتِي تقع فِي الْأَمْرَاض فِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر عَظِيمَة قوته جدا لِأَن الْقَمَر حِينَئِذٍ يَقع على الترابيع والعظم وَهَذَانِ التغييران فِي الْهَوَاء أعظم تغاييره وَكَذَلِكَ دلَالَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر عَظِيمَة جدا على خير دلا أَو على شَرّ.
وَقَالَ: إِذا كَانَ ابْتِدَاء الْمَرَض صَالحا وَصَارَ الْقَمَر فِي تربيع ذَلِك الْمَكَان أَو قابلته غير الْمَرَض تغييرا صَالحا وَإِذا كَانَ ابتداؤه ابْتِدَاء رديا غير الْمَرَض تغييرا رديا. وَإِن أَنْت تفقدته وجدته صَحِيحا وَقد بلوته.
قَالَ: مَا كَانَ من الأدوار فِي عدد الْأَيَّام فَهُوَ على أشكال الْقَمَر وَمَا كَانَ فِي الشُّهُور فَهُوَ من أشكال الشَّمْس لِأَن حَال زمَان الشَّهْر مُنْذُ الهل إِلَى الْبَدْر حَال زمَان الشَّمْس من الْحمل إِلَى)
الْمِيزَان وأرباع الشَّهْر كأرباع السّنة.
رَجَعَ الْكَلَام إِلَى الأول قَالَ: أُرِيد أَن أَقُول فِي أَيَّام البحران على الْوَلَاء فاليوم الأول يكون فِي انْقِضَاء حمى يَوْم وَلَا أعده من أَيَّام البحران لِأَن انْقِضَاء هَذِه الْحمى يكون باضطراب وَشدَّة وَأول أَيَّام البحران الثَّالِث وَلَيْسَ هَذَا الْيَوْم بمشارك للأسبوع وَلَا مُنْذر بِهِ لكنه فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة وَالْيَوْم الرَّابِع لِأَن فِيهِ يكون نصف الْأُسْبُوع لَهُ قُوَّة قَوِيَّة وَهُوَ من الْأَيَّام الباحورية. وُقُوع البحران فِي الثَّالِث وَالْخَامِس لَيْسَ بِأَقَلّ مِمَّا يَقع فِي الرَّابِع على أَنَّهُمَا من الْأَيَّام الْوَاقِعَة. ينظر فِيهِ فِي نُسْخَة(5/119)
قَالَ ج: وَلست أعرف لوُقُوع البحران فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة عِلّة أَكثر من حفز الطبيعة لسَبَب أَذَى الْمَرَض وَلذَلِك لَا يكون ذَلِك فِي الَّتِي لَيست حادة حِدة مُطلقَة كَمَا يكون فِي الحادة.
قَالَ: والبحران الْجيد هُوَ الْكَائِن بعد النضج وَأما الْكَائِن قبل وقته فَهُوَ ردي وَذَلِكَ أَنه فِي تِلْكَ الْحَال يخرج مَعَ مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ مثل مَا يعرض لمن يزعجه حمل ثقيل أَو مصَارِع فيطرحه طرحا يَقع هُوَ أَيْضا مَعَه وقوعا شَدِيدا فَكَمَا يعرض لمن يعدو بِشدَّة فَلَا يملك نَفسه حَتَّى يَقع فِي هوائه.
والبحران فِي الْأَمْرَاض الحادة على الْأَكْثَر يكون فِي الْأَفْرَاد. ينظر فِي نُسْخَة أُخْرَى.
نَوَائِب الْحمى وانقضاؤها أَيْضا فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون فِي الْأَفْرَاد لِأَن نَوَائِب الْحمى فِي الْأَمْرَاض الحادة فِيمَا يَنُوب غبا وَإِنَّمَا صَار انقضاؤها أَيْضا فِي الْأَفْرَاد لِأَن انْقِضَاء النّوبَة الثَّانِيَة فِي الْيَوْم الثَّالِث. يحْتَاج أَن تنظر هَهُنَا فِي نُسْخَة أُخْرَى. فَإِنَّهُ ذهب من نسختنا كَلَام فِيهِ بَيَان هَذَا.
قَالَ جالينوس: لما كَانَ البحران إِنَّمَا يكون فِي نَوَائِب الْحمى وَوَقعت نَوَائِب الْحمى فِي الْأَفْرَاد وَجب أَن يكون البحران فِي الْأَفْرَاد إِلَّا أَن يعرض محرك يَدْعُو إِلَى تقدم أَو تَأَخّر.
بحران الْحَادِي عشر كثيرا مَا يتَقَدَّم فَيكون فِي التَّاسِع عِنْد شدَّة الإزعاج وَأما بحران السَّابِع فَقل مَا يكون فِي التَّاسِع.
أَكثر مَا يكون البحران فِي أَيَّام الأدوار أَو الْوَاقِعَة أَو فِي الْأَفْرَاد وَقد يَقع فِي أَي يَوْم اتّفق إِذا أزعج الطَّبْع من مزعج.
إِذا كَانَ الْمَرَض لَازِما كَحمى سونوخوس فَلَيْسَ فِيهِ للأفراد على الْأزْوَاج فضل فَأَما فِي الغب والمطريطاؤس وَنَحْو ذَلِك من اللَّازِمَة الَّتِي تخف وتهيج فلهَا فضل.
قَالَ: وَقد يكون أمراض تكون فِي الثَّانِي أثقل من الأول وَفِي الرَّابِع أثقل من الثَّالِث وَبِالْجُمْلَةِ فنوائبها)
وشدتها كلهَا فِي الْأزْوَاج وَهَذَا إِذا كَانَ قَوِيا قبل السَّادِس وتوقع شدَّة هَذَا أبدا فِي الْأزْوَاج.
قَالَ: والنوائب فِي الْأَمْرَاض المزمنة تكون فِي الْأزْوَاج.
3 - (علل الأسابيع)
لما كَانَ الْقَمَر يقطع كل ربع من الْفلك فِي سَبْعَة أَيَّام غير شَيْء لم يجب أَن تعد الأسابيع تَامَّة وَلذَلِك تصير ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا لِأَن كل أُسْبُوع سَبْعَة أَيَّام إِلَّا شَيْئا.
الْعلَّة فِي أَنه قد يكون البحران فِي الْعشْرين وَالْوَاحد وَالْعِشْرين: إِذا كَانَت نوبَة الْحمى تحركها فِي الْأَفْرَاد أَكثر مَال إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين. فَأَما الْعشْرُونَ فَلِأَنَّهُ يَوْم باحوري صَحِيح فِي الْمَرَض الَّتِي تكون نوبَته فِي الْأزْوَاج.(5/120)
من جَوَامِع البحران قَالَ: البحران هُوَ التَّغَيُّر السَّرِيع الْحَادِث فِي الْأَمْرَاض إِمَّا فِي خير وَإِمَّا فِي الشَّرّ. وَذَلِكَ يكون باستفراغ أَو ورم وَلَا بُد أَن تكون مَعَه صعوبة وَجهد لِأَن الأخلاط إِذا هَاجَتْ وَحدث لَهَا مثل الغليان أحدثت هَذِه الْأَعْرَاض الَّتِي تتقدم البحران.
حَرَكَة أَيَّام البحران إِلَى الْعشْرين يكون لَهَا مثل الغليان فِي كل رابوع وَبعد الْعشْرين فِي كل سابوع إِلَى الْأَرْبَعين وَبعد الْأَرْبَعين وَفِي كل دور تَامّ وَهُوَ عشرُون يَوْمًا.
البحران إِنَّمَا يَأْتِي فِي الغب والدائمة وَنَحْوهَا من الحادة وَأما الرّبع والبلغمية فَإِنَّهَا تَتَغَيَّر بالتحلل.
إِذا كَانَت حرارة الْمَرَض قَوِيَّة وحركته سريعة أَعنِي أَن تعْمل عملا قَوِيا فِي الْقُوَّة بِسُرْعَة فتدل على سرعَة البحران وبالضد. (نفع أَيَّام البحران) إِنَّهَا إِذا أنذرت بِهِ عرف فَضله وَسلم الْمَرِيض نَفسه إِلَيْهِ وَلم ينْسب مَا يَجِيء من الطبيعة إِلَى خطائه ويتقدم فِي أعداد مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَيقدر الْغذَاء بِحَسبِهِ وَيلْزم الْمَرِيض فِي ذَلِك الْيَوْم السّكُون وَلَا يقربهُ غذَاء ويقل مِنْهُ أَيْضا فِي الْيَوْم الَّذِي قبله وَلَا يحركه بدواء وَلَا يُغَيِّرهُ يَوْم يتَوَقَّع البحران.
إِذا تقدّمت قبل البحران دَلَائِل السَّلامَة والنضج فالبحران يكون حميدا وبالضد.
قَالَ وَلَا يحدث البحران فِي الْيَوْم الثَّانِي الْبَتَّةَ لِأَن الطبيعة قَوِيَّة بعد على مَا ينالها. وَلَا يحدث البحران فِي حَال الْبَتَّةَ فِي الْخَامِس عشر وَلَا السَّادِس عشر وَلَا التَّاسِع عشر.
الْيَهُودِيّ قَالَ: بحران حمى يَوْم يكون بالعرق وبحران الغب إِمَّا بالعرق وَإِمَّا بالقيء وَالْمَشْي أَو بِبرد شَدِيد وعرق كثير جدا حَار يغلي وَيخرج من الْبدن وَالرّبع بالبول والخراجات وَكَذَلِكَ البلغم فالقيء البلغمي.
الْعرق الممتلىء وَقصر النَّفس والصداع والثقل فِي الرَّأْس والسدر والخيالات وَحُمرَة الْعين والوجنة وحك الْأنف يدل على رُعَاف.
النبض الموجي وسخونة الأوصال وَالْبدن فِيهَا يدل على عرق.
والنبض المسرع مَعَ الثّقل فِي المراق والامتداد يدل على مشي. والثقل فِي الْعَانَة والحرقة فِي الإحليل يدل على الْبَوْل.
والضجر والسدر وسيلان اللعاب وَالْبرد فِي مراق الْبَطن يدل على الْقَيْء.
والوجع فِي بعض الأوصال يدل على خراج يخرج هُنَاكَ.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: لَيْسَ للبحران بانطلاق الْبَطن دَلِيل موثوق بِهِ لَكِن إِذا عدمت دَلَائِل الْقَيْء والعرق والرعاف رجى أَن يكون بِهِ.(5/121)
لي على مَا رَأَيْت يؤمي إِلَيْهِ جالينوس: إِذا كَانَ الْمَرَض شَدِيدا صعبا وَكَانَ حَال الْقُوَّة ضَعِيفا فَإِنَّهُ ينْتَقل إِلَى أصعب الْحَالَات فِي أسْرع الْأَوْقَات فَاعْلَم أَن بحرانه لَا يتَأَخَّر كثيرا وبقدر صعوبته يكون تقدم بحرانه وَمثل هَذَا الْمَرَض فِي الْأَكْثَر يتَقَدَّم أبدا يَوْم بحرانه. فَإِذا أَرَادَ أَن يكون فِي السَّابِع كَانَ فِي السَّادِس وبالضد. 3 (البطيئة الساكنة الْحَرَكَة) قَالَ: وَلما رَأَيْت دَلَائِل الرعاف فِي فَتى ووثب مَعَ ذَلِك عَن فرَاشه لِأَنَّهُ رأى أَن حَيَّة حَمْرَاء تمشي فِي السّقف فخاف أَن تسْقط عَلَيْهِ وَظَهَرت حمرَة يسيرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن من مَنْخرَيْهِ وَجعلت تقَوِّي وتشتد أمرت أَن يحضر الطست لعلمي بِقرب وَقت الرعاف وَلما كَانَت تِلْكَ الْحمرَة فِي الْجَانِب الْأَيْمن أنذرت أَنه يكون من الْجَانِب الْأَيْمن فَلَمَّا أَدخل الْمَرِيض إصبعه فِي أَنفه وحكه تقدّمت بِأَن يوضع الطست بَين يَدَيْهِ فَأخْرج الْمَرِيض إصبعه مغموسة بِالدَّمِ وَلما كَانَ ذَلِك الرعاف بحركة من الطبيعة قَوِيَّة وحفز شَدِيد لِأَن الْمَرَض كَانَ مُؤْذِيًا وَلم يكن قد نضج بعد فاختلفت الطبيعة وَاجْتَهَدت فِي دَفعه علمت أَنه سَيكون مفرطا وَأمرت أَن تحضر المحاجم قَالَ فَلَمَّا رَأَيْت الدَّم قد جَاوز أَرْبَعَة أَرْطَال وَنصفا شكلته بانتصاب المحاجم وأدنيت من أَنفه خلا مبردا ممزوجا وأمرته أَن يستنشق مِنْهُ فَلَمَّا لم يَنْفَعهُ شَيْئا وضعت المحجمة على جَانِبه الْأَيْمن فَقطعت الدَّم من سَاعَته. 3 (من محنة الطَّبِيب) قَالَ: الَّذِي يعرف قُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض يبْدَأ فيقيس عظمه وكيفيته إِلَى الْقُوَّة فيستدل من ذَلِك فِي أَي رابوع يكون البحران وَكَيف يكون أجيداً أم رديا وَيقدر الْغذَاء بِحَسب ذَلِك.
وَقَالَ جالينوس فِي محنة الطَّبِيب: إِن مَرِيضا كَانَ بلغ من ضعفه أَنه كَانَ يغذي بِاللَّيْلِ فضلا عَن النَّهَار وَلما رَآهُ أمره أَلا يغذي الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ علم أَن بحرانه قد حضر وَأَن مِقْدَار قوته بقى بذلك الْمِقْدَار من الزَّمَان فَلَمَّا من الْغذَاء ازْدَادَ اخْتِلَاطه وسهره وَلم يَجِيء البحران فِي الْوَقْت الَّذِي قدر جالينوس فلامه أَوْلِيَاء العليل وأومؤا إِلَيْهِ أَنه قد أَسَاءَ فِي منع الْغذَاء وَإِلَى أَنه كَانَ يجب أَن يغذي وينطل على رَأسه. فَلَمَّا تفقد جالينوس تَأَخّر بحرانه لم يجد فِي ذَلِك سَببا إِلَّا أَن الْبَيْت الَّذِي كَانَ فِيهِ شَدِيد الْبرد فَأمره أَن يسخن سخونة معتدلة وَيصب على بطن العليل دهن حَار إِلَى أَن يبْدَأ بِهِ الْعرق لِأَنَّهُ قدر أَن بحرانه يكون بعرق وأمنهم من الْخَوْف أَن يكون مِنْهُ شَيْء كثير لِأَنَّهُ علم ذَلِك وَتقدم إِلَيْهِم بِأَن يغذوه بعد الْعرق. فَلَمَّا فعلوا ذَلِك عرق وأقلعت الْحمى قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي الرَّابِع عشر يسْتَدلّ على انقضائه فِي الثَّالِث وَالرَّابِع دلَالَة ضَعِيفَة وَيدل على دلَالَة وَثِيقَة فِي السَّابِع وَالَّذِي فِي الْعشْرين فدلالته ضَعِيفَة قد يكون فِي الْحَادِي عشر وَبَيَان أمرهَا فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي بحرانه فِي السَّابِع وَالْعِشْرين(5/122)
فدلالته وَالدّلَالَة الْوَثِيقَة عَلَيْهِ فِي)
الْعشْرين وَإِنَّمَا قيل ذَلِك فِي الدّلَالَة ضَعِيفَة خُفْيَة وَالَّذِي فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ يتَبَيَّن أمره بعض الْبَيَان فِي الْعشْرين ثمَّ يَصح فِي الَّتِي بعده وَالَّذِي فِي أَرْبَعِينَ يتَبَيَّن فِي عشْرين بعض الْبَيَان وَيظْهر فِي السَّابِع وَالْعِشْرين.
ابيذيميا: مَتى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وظلمة قُدَّام الْعين وتمدد فِي مَا دون الشراسيف والوجع مَعَ الْحمى المحرقة أَو غَيرهَا دلّ على رُعَاف. وتمدد الشراسيف إِذا كَانَ مَعَ وجع دلّ على إقبال الأخلاط نَحْو الْبَطن وَإِذا كَانَ بِلَا وجع فقد أَقبلت نَحْو الرَّأْس.
إِذا كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله مَعَ وجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيبهُ قيء.
وَيخَاف على الصّبيان فِي هَذِه الْحَالة التشنج وعَلى النِّسَاء وجع الْأَرْحَام وعَلى الكهول والمشايخ الفالج وَالْجُنُون والحمى فَأَما الصّبيان فلضعف عصبهم وَأما النِّسَاء فَلِأَن هَذِه الأخلاط لم تتفرغ نعما فَصَارَ مِنْهَا شَيْء إِلَى أرحامهن وَأما الكهول وخاصة الطاعنون فِي السن فَإِنَّهُ تضعف قوتهم لَا يَسْتَطِيعُونَ من هَذِه الأخلاط وَلم تستفرغ نعما فَرُبمَا عرض لَهُم مِنْهَا هَذِه وبحران الحميات المحرقة فِي أَكثر الْأَمْرَاض يكون بالرعاف إِذا كَانَت حَرَكَة الْمَرَض فِي الْأزْوَاج فإمَّا أَن يطول وغما أَن يكون بحرانا.
وَإِن كَانَ فِي الرَّابِع عرض مَا مثل عرق وَغَيره كَانَ فِي السَّادِس ذَلِك الْعرض أَيْضا.
قَالَ أبقراط: الْأَمْرَاض الَّتِي تنوب فِي الْأزْوَاج يَأْتِي بحرانها فِي الْأزْوَاج وَالَّتِي تنوب فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد وَإِنَّمَا يكون البحران فِي وَقت النوائب لِأَن فِي ذَلِك الْوَقْت تكون الأخلاط أسخن وأرق وَأَشد أَذَى للطبيعة وَهَذِه تَدْعُو إِلَى كَون البحران.
قَالَ أبقراط: وَأول أدوار البحران الَّتِي تكون للأمراض فِي الْأزْوَاج: الرَّابِع وَالسَّادِس وَالثَّامِن والعاشر وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالسِّتُّونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْعشْرُونَ وَالْمِائَة وَأول أدوار بحرانات الْأَفْرَاد: الثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْحَادِي وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ.
قَالَ ج: يجب أَن يكون أبقراط فِي وَقت تأليف هَذَا الْكتاب لم يكن قد أحكم أَمر أَيَّام البحران وَذَلِكَ أَنه يذكر فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة الأدوار الَّتِي تكون على الروابع بالتحقيق هَذِه وأدوار الأسابيع هِيَ أدوار البحارين بِالْحَقِيقَةِ وَهَذِه أقوى أَيَّام البحارين وَبعدهَا الَّتِي تقع فِي الْوسط لهَذِهِ فَهِيَ أَضْعَف من هَذِه. فَأَما غير ذَلِك فَلَا يجب أَن يعد فِي أَيَّام البحران.)
وَقد أسقط الثَّامِن والعاشر من عدد أبقراط بحران النوائب الكائنة فِي الْأزْوَاج فقد أحسن من فعل ذَلِك لِأَن هذَيْن ليسَا من أَيَّام البحران الْبَتَّةَ.
قَالَ: كل بحران يكون فِي غير يَوْم باحوري فَغير مَأْمُون من العودة.(5/123)
وَلَيْسَ البحران إِنَّمَا هُوَ مَا يصير بِهِ الْمَرِيض إِلَى أَجود الْحَالَات أَو إِلَى أردى الْحَالَات لَكِن وَالَّذِي يصير بِهِ إِلَى بعض الْجَوْدَة أَو بعض الرداءة.
البحران الْجيد: لَا يَأْتِي إِلَّا بعد انْتِهَاء الْأَمْرَاض وَإِذا جَاءَ قبل انتهائها فَإِنَّمَا يَأْتِي لصعوبة الْعلَّة والعلامة وَيكون بحرانا رديا فَلذَلِك يضْطَر المريد معرفَة البحران أَن يكون عَارِفًا بنهاية الْمَرَض.
قَالَ أبقراط: الَّذين يهْلكُونَ سَرِيعا يكون البحران فيهم أسْرع وأخلاطهم أخف وَأحد والعلامات الدَّالَّة على البحران الْجيد لَا يجب أَن يكون فِي أول الْأَمر لِأَن البحران الْجيد يجب أَن يكون بعد النضج.
لي إِن مَا قَالَ فِي الأول مَا قَالَ فِي الَّذين يهْلكُونَ.
لَا يحْتَاج أَن يتنظر النضج إِذا ظَهرت الْأَسْبَاب الَّتِي تنذر بالبحران وَلم يكن البحران دلّ إِمَّا على موت وَإِمَّا على بحران تطول مدَّته وَإِمَّا على بحران غير موثوق بِهِ يسكن بِهِ الْمَرَض ويعادو عَاجلا.
إِذا كَانَ البحران قبل ظُهُور النضج فَإِنَّهُ إِن انْقَضى بِهِ الْمَرَض فَإِنَّهُ سيعود وَإِن كَانَ الْمَرَض قَوِيا كَانَت عودته قتالة. وَإِن كَانَ يَسِيرا كَانَ مُؤْذِيًا.
إِذا ظَهرت عَلَامَات البحران قبل النضج كَانَ رديا وبالضد وبحسب قُوَّة هَذِه الدَّلَائِل إِذا كَانَت تدل بعد النضج على الْجَوْدَة تكون دلالتها إِذا كَانَت قبل النضج على الرداءة.
قَالَ: وَكَثِيرًا مَا أردفت الْحمى قروحا فَكَانَ بِهِ بحرانها أَو كَانَ بهَا بحران قُرُوح آخر إِمَّا دَاخِلا وَإِمَّا خَارِجا.
من كتاب البحران قَالَ: العلامات الَّتِي تتقدم البحران تغير النَّفس والسدر والشعاع قُدَّام الْعين وَالْكرب ووجع الْفُؤَاد الصداع والوجع فِي بعض الْأَعْضَاء.
قَالَ: عَلَامَات البحران مَتى ظَهرت أنذرت بِكَوْن البحران ضَرُورَة إِمَّا خيرا وَإِمَّا شرا فَأَما عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا عَلَامَات النضج فَإِنَّهَا تدل على أَن الْمَرَض سليم وَلَيْسَت تدل عَلَامَات النضج على بحران مزمع أَن يكون بذاتها لَكِن إِن كَانَ بعْدهَا عَلَامَات البحران وتحرك الْمَرَض)
بِشدَّة كَانَ البحران وَكَانَت جودته بِحَسب عَلَامَات النضج وَإِلَّا فقد يُمكن أَن يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا.
وَقَالَ: عَلَامَات النضج لَا تظهر فتدل على شَرّ أبدا وَأما عَلَامَات البحران فقد تدل على شَرّ وَذَلِكَ إِذا ظَهرت فِي وَقت ابْتِدَاء الْمَرَض أَو فِي تزيده. وَأَقُول: إِنَّه لم يظْهر قطّ فِي ابْتِدَاء الْمَرَض قبل ظُهُور عَلَامَات النضج عرق وَلَا قيء وَلَا اخْتِلَاف وَلَا غير ذَلِك كَانَ بِهِ بحران جيد للْمَرِيض وَإِذا ظَهرت العلامات المنذرة بِكَوْن البحران: مثل السدر والسهر واختلاط الْعقل وَنَحْو ذَلِك قبل النضج دلّت على الْمَرَض أَنه فِي غَايَة الرداءة فَلَا أَعْلَام البحران وَلَا البحران نَفسه جيدان بل رديان إِذا ظهرا قبل النضج. فَأَما عَلَامَات النضج فَلَو ظَهرت فِي أول سَاعَة من الْحمى فَهِيَ دَالَّة على خير.(5/124)
3 - (العلامات الَّتِي تنذر بالبحران)
وجع الرَّقَبَة وَثقل الصدغين والسهر والسبات والشعاع أَمَام الْعين والسدر والصداع والدموع بِلَا إِرَادَة وَشدَّة حمرَة الْوَجْه وَالْعين واختلاج الشّفة السُّفْلى والربو وضيق النَّفس وتغيره وانجذاب المراق إِلَى فَوق وَالْكرب واللهيب والعطش الشَّديد ووجع الْفُؤَاد وَأَن لَا يقر بالمريض مَضْجَع والهذيان والصياح وَتقدم نوبَة الْحمى وشدتها وطولها والرعدة وَلَيْسَ أَنه مَتى كَانَت هَذِه يتبعهَا البحران وَإِذا لم يتبعهَا دلّت على صعوبة الْمَرَض وعسر البحران.
قَالَ: أما فِي الْيَوْم الأول من أَيَّام الْمَرَض: إِنَّمَا قصدنا إِلَى أَن تعلم هَل يَأْتِي فِي الرابوع الأول بحران أَو فِي الثَّانِي وَلَيْسَ يتَبَيَّن فِي الْيَوْم الأول هَل يكون بحران فِي الرابوع الثَّالِث أَو الرَّابِع أَو فِيمَا بعده وَلَيْسَ يدْخل فِي هَذَا على تَقْدِير التَّدْبِير كثير ضَرَر كَمَا يدْخل الضَّرَر الْعَظِيم على أَن يدبر مَرِيض يَأْتِي بحرانه فِي أَرْبَعَة أَيَّام تَدْبِير من يَأْتِي بحرانه فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا لِأَن هَذَا فِي غَايَة الفرط من الرداءة. وكل طَبِيب لَا يعرف أما فِي الْيَوْم الأول أَو فِي الثَّانِي مَا يكون فِي الْأُسْبُوع الأول فَوَاجِب أَن يخطيء على الْمَرِيض فِي تَدْبيره خطأ عَظِيما.
مِثَال ذَلِك: أنزل أَن مَرِيضا رَأَيْنَاهُ فِي أول يَوْم من مَرضه لَا عَلامَة ردية فِيهِ بل تظهر فِيهِ عَلَامَات السَّلامَة وحماه حادة سريعة الْحَرَكَة وبال بولا حسنا فِي لَونه معتدل الْخَلْط أَقُول: إِن الطَّبِيب المتفقد للصناعة يعلم أَن مريضه يَأْتِيهِ البحران نَحْو الرَّابِع وَلَا سِيمَا مَتى ظَهرت فِي بَوْله غمامة محمودة طافية فِي أَعْلَاهُ أَو مُتَعَلقَة وأجود من ذَلِك سَاكِنة أَسْفَل. وبالضد إِذا كَانَت عَلَامَات الْهَلَاك ظَاهِرَة والحميات فِي غَايَة الحدة. والقريبة من هَذِه فِي الحدة لَا تجَاوز السَّابِع.)
وعَلى حسب ظُهُور عَلَامَات السَّلامَة وقوتها تكون سرعَة انْقِضَاء الْمَرَض وسلامة وبالضد.
وَإِن كَانَت عَلَامَات الْخطر هِيَ المستولية إِلَّا أَنَّهَا لَيست فِي غَايَة الْقُوَّة فبحسب ذَلِك يتَأَخَّر الْمَوْت.
قَالَ: مَتى تطاول الْمَرَض فقوة أَيَّام البحران وَأَيَّام الْإِنْذَار فِيهِ تضعف وَلذَلِك تحْتَاج الْأَيَّام المنذرة فِيهَا بعد الْحَادِي عشر أَن يكون التَّغَيُّر فِيهَا قَوِيا جدا حَتَّى يَصح البحران ويكمل لليوم الَّذِي أنذرت بِهِ وَأما الْأَيَّام الأول فتكتفي فِيهَا بِأَدْنَى تغير حَتَّى يَصح البحران بِمَا أنذرت بِهِ ويكمل فِيهِ وعَلى حسب طول الْمدَّة يضعف.
قَالَ: وَيجب أَن تطلب البحران فِي الْأَمْرَاض الخبيثة السريعة الْحَرَكَة الخطيرة فَأَما فِي الْأَمْرَاض الساكنة الهادئة وَالَّتِي لَا تقلق وتزعج الْقُوَّة فَأكْثر ذَلِك يكون الْأَمر بتحلل غير محوس. وَلَا يطْلب البحران فِي الدق وَلَا فِي حمى يَوْم.
لي أما الدق فَلِأَن صَاحبهَا لَا يحس لعلته فضلا عَن أَن تنزعج الطبيعة لمدافعته بِقُوَّة وَأما حمى يَوْم فَلِأَنَّهَا لَيست تدل على أَن الطبيعة تتأذى مِنْهَا كثير أَذَى فانقضاؤها لَا يكون بِجهْد شَدِيد.
قَالَ: للمرض سِتَّة تغايير: إِمَّا أَن ينْتَقل دفْعَة إِلَى الْمَوْت وَإِمَّا أَن ينْتَقل إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا(5/125)
قَلِيلا وَهَذَانِ هما اللَّذَان لَا يكون انحلال الْمَرَض وَالْقُوَّة فيهمَا بالتحلل الْخَفي بل باستفراغ ظَاهر يحس بعقبة حَال جَيِّدَة أَو ردية ظَاهِرَة ثمَّ يصير إِلَى الْمَوْت قَلِيلا قَلِيلا.
لي فِي الْأَمْرَاض تراكيب غير هَذِه إِلَّا أَنه لم يذكرهَا لِأَنَّهَا لَا تكون بِالْفِعْلِ مثل أَن يتَغَيَّر دفْعَة إِلَى مَا هُوَ خير ثمَّ يتَغَيَّر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى مَا هُوَ أردى وضده إِلَّا أَن هَذَا لَا يكون من مرض وَاحِد فَإِذا كَانَ فَإِنَّمَا يكون لمَرض آخر حدث. مثل أَن ينْتَقل قَلِيلا قَلِيلا إِلَى مَا هُوَ خير ثمَّ ينْتَقل دفْعَة إِلَى مَا هُوَ شَرّ وَهَذَا أَيْضا يكون من مرض وَاحِد إِلَّا أَن ج قصد هَذِه فَلذَلِك ذكر هَذِه فَقَط فَانْظُر فِي ذَلِك واستقصه.
قَالَ: وَلَيْسَ يُسمى بحرانا مُطلقًا إِلَّا الَّذِي يكون فِيهِ استفراغ ظَاهر وتؤول حَال الْمَرِيض فِيهِ إِلَى الصِّحَّة وَلَا يكون ذَلِك إِلَّا باستفراغ ظَاهر أَو خراج بَين وَأما مَا سوى ذَلِك فَإِنَّهُ بحران بشرطا وَأما الَّذِي يتَغَيَّر فِيهِ باستفراغ إِلَى الْمَوْت هُوَ بحران رَدِيء غير تَامّ وَالَّذِي يتَغَيَّر إِلَى حَال أَجود بحران جيد غير تَامّ وَالَّذِي يتَغَيَّر قَلِيلا قَلِيلا إِلَى الْجَوْدَة كَانَ أَو إِلَى الرداءة فَلَا يُسمى بحرانا بل)
يتَحَلَّل قَلِيلا قَلِيلا.
قَالَ ج: كل مرض حاد يَنْقَضِي بِغَيْر استفراغ أَو خراج بَين فَإِنَّهُ يعاود حَيْثُمَا كَانَ ويتقدم الاستفراغ اضْطِرَاب شَدِيد فِي بدن الْمَرِيض كالأرق والاختلاط والسبات ورداءة النَّفس ودور وَثقل فِي الْجِسْم وصداع وأوجاع فِي الرَّقَبَة والمعدة وَفِي مَوَاضِع أخر كَثِيرَة ويعرض أَحْيَانًا طنين ودوي فِي الْأُذُنَيْنِ وشعاع أَمَام الْعين ودموع بِغَيْر إِرَادَة واحتباس الْبَوْل واختلاج الشّفة وتصيبه فِي عُضْو دون عُضْو رعشة ويعرض لَهُ نِسْيَان وينكر معرفَة من حَضَره وَمَا يرى ويصيبه نافض شَدِيد ويتقدم نوبَة حماه ويشتد اللهيب والعطش حَتَّى لَا يحْتَمل الثِّيَاب ويثب ويصيح كَالْبَهَائِمِ ثمَّ ينبعث مِنْهُ دفْعَة عرق غزير أَو قيء أَو اخْتِلَاف أَو رُعَاف أَو اثْنَان مَعًا أَو أَكثر وَمن أعظم مَا يعلم بِهِ حَال البحران النضج فَإِنِّي قد حضرت مَا لَا أحصيه كَثْرَة من المرضى فِي وَقت بحرانهم مِمَّن كَانَت عَلَامَات النضج قد ظَهرت فيهم قبل ذَلِك فَلم يمت مِنْهُم أحد. وَيجب أَن يكون تفقدك النضج بإحكام وبدلائل الْأَعْضَاء الَّتِي هِيَ أولى بهَا.
مِثَال ذَلِك: إِن فِي ذَات الْجنب النضج فِي النفث أولى بِأَن تنظر فِيهِ مِنْهُ فِي الْبَوْل وَإِن كَانَ لَا يحْتَاج أَن يفعل.
قَالَ: فَأول العلامات الدَّالَّة على جودة البحران الْحَاضِرَة النضج الْمُتَقَدّم وَالثَّانِي أَن يكون فِي يَوْم من أَيَّامه وَأَن يكون هَذَا الْيَوْم منذرا بِهِ وَيكون الْمُنْذر بِهِ مواصلا فِي قوته ثمَّ من العلامات الدَّالَّة على جودة البحران طبيعة الْحمى مثل أَن تكون غبا أَو تَأتيه فِي كل يَوْم.
وَإِن البحران إِذا كَانَ الاستفراغ فِيهِ من جنس الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْمَرَض كَانَ هُوَ(5/126)
أحد العلامات الجيدة مثل أَن يستفرغ فِي المحرقة برعاف أَو نافض قوي ويعرق عرقا غزيرا شَامِلًا للبدن كُله أَو يتقيأ وَيخْتَلف مرَارًا كَثِيرَة.
وَالْغِب وَاجِب أَن يكون بحرانها بقيء وَاخْتِلَاف مراري وعرق والنائبة فِي كل يَوْم باستفراغ بلغم كثير والحمى الَّتِي مَعهَا ورم فِي الدِّمَاغ فقد يكون بحرانها بعرق كثير حَار وبالرعاف أَيْضا.)
وَلَا يشاكل الرعاف بحران الورم الْبَارِد فِي الدِّمَاغ وَلَا الْكَائِن من ورم الرئة. وَأما ذَات الْجنب فالرعاف فِيهَا متوسط الْحَال.
وَقد تَنْقَضِي الأورام الحارة الَّتِي فِي الكبد وَالطحَال بالرعاف إِذا كَانَ مَعَ الورم فِي الأحشاء حمى وَيكون أَيْضا بالرعاف بحران لجَمِيع الأورام الحارة الَّتِي تحدث فِيمَا دون الشراسيف إِلَّا أَنه يجب أَن يكون الرعاف من الشق الَّذِي فِيهِ الورم.
وينفع الْعرق أَيْضا الورم الَّذِي فِي مَا دون الشراسيف.
فَأَما الكبد فَإِن كَانَ ورمها فِي المحدب فبحرانه يكون فِي الْأَكْثَر إِمَّا برعاف من الْأَيْمن وَإِمَّا بعرق وَإِمَّا ببول وَأما فِي المقعر فباختلاف مرار أَو بعرق وَرُبمَا كَانَ بقيء.
والنفث أولى ببحران علل الصَّدْر.
والعرق مشاكل لبحران الحميات وخاصة مَا كَانَ مِنْهَا شَدِيد الالتهاب محرقا وَقد ينْتَفع بِهِ نفعا عَظِيما أَصْحَاب الأورام الحارة الملتهبة إِذا كَانَ بعد نضج وَيكون بِهِ بحران البلغمية النائبة كل يَوْم إِن كَانَ مَعَه قيء بلغم واختلافه وَالرّبع أَيْضا أَن يستفرغ مَعهَا خلط أسود أَو أَشْيَاء مُخْتَلفَة اللَّوْن والحمى الَّتِي تسمى المطريطاوس إِذا كَانَ مَعهَا قيء بلغم ومرار وَاخْتِلَاف أَو يكون بحران ليثرغس بورم فِي أصل الْأذن وَأكْثر من علل الرَّأْس.
وَيكون بحران وثيق حريز للحميات المزمنة بخراجات تخرج أَسْفَل الْبدن.
قَالَ: والتغير الْفَاضِل الَّذِي يحدث للْمَرِيض لَا يكون إِلَّا وَقد تقدمه نضج يكون فِي بحران مُنْذر بِهِ وَيكون نوع الاستفراغ مشاكلا للخلط الْمُنْذر للمرض.
قَالَ: وَانْظُر مَعَ ذَلِك فِي سنّ العليل وطبيعته وتدبيره وبلده وقته فَإِن كَانَت هَذِه كلهَا مِمَّا تعين على تولد الصَّفْرَاء وَالْمَرَض غب فَإِنَّهُ يجب أَن يكون الاستفراغ صفراء وَكَذَلِكَ فِي كل الأخلاط.
وَإِن كَانَت قد غلبت على الْبدن أخلاط مُخْتَلفَة فَإِنَّهُ يكون البحران من أخلاط مُخْتَلفَة ويتمم ذَلِك كُله ويكمله ويوثقه أَن تقلع بعده الْبَتَّةَ وتخف الْأَعْرَاض كلهَا وَتبطل وَيحسن اللَّوْن والنبض وتزيد الْقُوَّة والنهوض فَهَذَا أفضل مَا يكون من البحران فَمَا نقص عَن هَذَا فبحسب قُوَّة الْعَلامَة الَّتِي نقصت يكون نقصانه عَن البحران الْفَاضِل وَهَكَذَا يعرف البحران الْفَاضِل فِي وَقت حُضُوره.)(5/127)
وَأما تعرفه قبل حُضُوره فَانْظُر إِلَى الْمَرَض من أَي خلط تولد وَفِي السن وَالزَّمَان وَالتَّدْبِير وَمَا يتبع ذَلِك فَإِنَّهُ بِحَسب سرعَة حَرَكَة الْمَرَض كَذَلِك يكون سرعَة البحران. وَبعد هَذَا فَانْظُر فِي أَمر النضج فَإِنَّهُ من أعظم العلامات وَمن النضج فَفِي التَّغَيُّر الْقوي فَإِن ذَلِك التَّغَيُّر مَتى حدث فِي يَوْم إنذار دلّ على أَن خُرُوج الْمَرِيض من علته يكون فِي الْيَوْم الَّذِي أنذر بِهِ ذَلِك الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ ذَلِك التَّغَيُّر.
قَالَ: وَالْمَرَض الَّذِي يكون فِي غَايَة الحدة إِذا كَانَت مَعَه أَعْرَاض السَّلامَة كلهَا فَلَا يُجَاوز الرَّابِع وَإِن كَانَ مَعَه أَعْرَاض الْهَلَاك كلهَا فَلَا تجَاوز الرَّابِع حَتَّى تقتل وَإِن كَانَ دون ذَلِك فِي الحدة فانتظر ذَلِك فِي السَّابِع.
وَتعلم: هَل يكون فِي هَذِه الْأَمْرَاض بحران أم لَا أَو يتَحَلَّل وَإِن كَانَ فَهَل يكون صعبا خطيرا أَو سَاكِنا أَو قَوِيا كثير الاستفراغ أَو ضَعِيفا يسير الاستفراغ من قُوَّة الْمَرَض وحركة الْمَرَض وسحنته وطبيعة أَعنِي بطبيعة الْمَرَض مثل الغب وَذَات الْجنب وَالَّتِي تنوب كل يَوْم وَغير ذَلِك فَإِن حَال كل وَاحِدَة من هَذِه فِي البحران بِخِلَاف الآخر. وَأما سحنة الْمَرَض فَإِن يكون رديئا أَو سليما فَإِن البحران الرَّدِيء فِي أَكثر الْأَمر مهول وبالضد وبحران الْقَلِيل الْخَلْط قَلِيل وبالضد وبحران الْبدن الممتلىء الْقوي الْقُوَّة الْكَثِيرَة قوى.
قَالَ: وتعرف بسحنة الْمَرِيض أخبيث هُوَ أم رَدِيء من الْأَعْرَاض الرَّديئَة الَّتِي يلْزمهَا مِمَّا قد وصف فِي تقدمة الْمعرفَة لِأَنَّهُ قد تكون حمى ضَعِيفَة وَهِي مَعَ ذَلِك خبيثة لِأَنَّهُ يلْزمهَا أَعْرَاض رَدِيئَة ونجد حمى محرقة مشتعلة وَلَيْسَت بخبيثة لِأَنَّهُ لَا تلزمها أَعْرَاض سوء وَمَعَ هَذِه العلامات عَلَامَات النضج.
قَالَ: فتعرف: هَل يسلم الْمَرِيض أم لَا من طبيعة الْمَرَض وسحنته وقوته وَقُوَّة العليل ثمَّ اعْلَم: أَيكُون ذَلِك ببحران ظَاهر من حَرَكَة الْمَرَض وَمِقْدَار قوته أَولا وَضم إِلَى ذَلِك الزَّمَان وَالسّن وَالتَّدْبِير وَمَا أشبهه ويحقق ذَلِك عنْدك بِأَن تظهر الْأَعْلَام الدَّالَّة على كَون البحران.
فَأنْزل أَن مَرِيضا مرض مَرضا حادا قد ظَهرت عَلَامَات السَّلامَة فِيهِ من أول يَوْم من مَرضه وَهِي فِي غَايَة الْقُوَّة وَالْبَيَان أَقُول: إِن مَرضه يَنْقَضِي لَا محَالة قبل الرَّابِع.
لي إِنَّمَا قَالَ: يَنْقَضِي قبل الرَّابِع من أجل الحدة وَإِنَّمَا قَالَ يَنْقَضِي الْمَرَض من أجل العلامات الجيدة.)
قَالَ: وتقدر أَن تعلم هَل يَنْقَضِي مَرضه ببحران أم لَا من قُوَّة الْمَرَض وَذَلِكَ أَن الْمَرَض إِن كَانَ قَوِيا عَظِيما فَإِن انقضاءه لَا محَالة يكون ببحران وبالضد وَتعلم: أَي يَوْم يكون البحران من حَرَكَة الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت الْحمى مُتَّصِلَة دائمة وَلم يعرض للْمَرِيض شَيْء من الْخَطَأ فَإِن البحران يكون فِي الْيَوْم الرَّابِع وَإِن لم تكن الْحمى مُتَّصِلَة دائمة فَانْظُر فِي مِقْدَار حركتها: إِن كَانَت حركتها سريعة وَالْمَرَض عَظِيما فَيمكن أَن يكون فِي(5/128)
الثَّالِث وَإِن كَانَ أَبْطَأَ من ذَلِك وأهون وأصغر فَفِي الْخَامِس وَذَلِكَ أَن البحران يوافي نوبَة الْحمى. فَأَما فِي يَوْم الرَّاحَة فَلَا يكَاد يكون إِلَّا فِي الندرة حَتَّى أَن أرخيجانس على كَثْرَة مزاولته للمرضى لم ير ذَلِك إِلَّا مرَّتَيْنِ وَأما أَنا فَلم أره إِلَّا مرّة.
لي الْحمى الحادة اللَّازِمَة بِحَال وَاحِدَة أحد من الْمُتَّصِلَة النوائب إِذا كَانَت طبيعتها وَاحِدَة وَلَكِن تمكن الْمُتَّصِلَة النوائب بغب دائمة النوائب أحد فِي طبيعتها وأردأ فَتكون لذَلِك أحد من الدائمة.
قَوْله: إِن كَانَت الْحمى دائمة فتوقع البحران فِي الرَّابِع.
قَالَ: وَإِن كَانَت دائمة إِلَّا أَنَّهَا لَيست على حَال وَاحِدَة يُرِيد بِهَذَا أَنه قد يُمكن فِي الْحمى الدائمة أَن تكون فِيهَا أَحْوَال تكون فِيهَا أقل عظما ورداءة من جملَة حَالهَا أَو يُمكن فِيهَا أَن يكون فِيهَا قَالَ: الْمَرَض الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران فِي هَذِه السرعة يَعْنِي فِي الرَّابِع وَمَا قبله بِيَوْم أَو بعده فِي غَايَة الحدة وَلَا بُد أَن تكون الْحمى فِي هَذِه: إِمَّا مُتَّصِلَة على حَال وَاحِدَة كسونوخوس وَإِمَّا دائمة غير مُتَّصِلَة كالدائمة الَّتِي تشتد غبا وَهَذِه أولى بِهَذِهِ الْأَمْرَاض الحادة من سونوخوس وَهِي تكون فِي الْأَكْثَر فِي الْمُتَّصِلَة بِحَال إِذا لم يعرض خطأ البحران فِي الرَّابِع.
وَأما الَّتِي تنوب غبا فَرُبمَا جَاءَ فِي الثَّالِث وَرُبمَا امْتَدَّ إِلَى الْخَامِس إِذا كَانَ أسكن قَلِيلا لاتباع النّوبَة وَرُبمَا جَاءَ فِي الرَّابِع وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَت النّوبَة الَّتِي تَجِيء فِي الثَّالِث تَجِيء فِي أَجزَاء ذَلِك الْيَوْم لِأَن البحران يبتديء مَعَ وَقت صعُود النّوبَة فَيصير البحران لذَلِك إِمَّا فِي اللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الرَّابِع أَو إِن تَأَخّر عَن ذَلِك اللَّيْل أَيْضا مِقْدَارًا صَار فِي الرَّابِع.
قَالَ: فَأَقُول: إِنَّك مَتى رَأَيْت فِي أول يَوْم من الْمَرَض عَلامَة تدل على النضج فَإِن كَانَ كَذَلِك فَلَا بُد أَن تكون العلامات الْأُخَر سليمَة بعيدَة من الْخطر فَاعْلَم يَقِينا أَن الْمَرَض يَنْقَضِي قبل الرَّابِع فَإِذا نظرت فِي مِقْدَار قُوَّة الْمَرَض علمت هَل يكون انقضاؤه ببحران أم لَا.)
لي: الْمَرَض الْقوي لَا يُمكن أَن يَنْقَضِي فِي هَذَا الزَّمَان الْقصير بتحلل فَإِذا نظرت فِي حَرَكَة الْمَرَض علمت: فِي الثَّالِث يتَوَقَّع البحران أَو فِي الرَّابِع أَو فِي الْخَامِس وتوقع السَّرِيع الْحَرَكَة من هَذَا جدا فِي الثَّالِث وَالَّذِي هُوَ أَبْطَأَ فِي الْخَامِس والمتصل بِحَال وَاحِدَة فِي الرَّابِع ويعين على سرعَة مَجِيء البحران قُوَّة الْمَرَض وَالْوَقْت الْحَاضِر والبلد وَالسّن وَسَائِر مَا يعين على توليد الصَّفْرَاء والحرارة وأضداد هَذِه تدل على بطء البحران.
مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ الْوَقْت صيفا وَالْمَرِيض شَابًّا محروراً ومرضه هاج بِهِ من إفلال الْغذَاء وَاسْتِعْمَال المولدة للصفراء فَاعْلَم مَعَ سرعَة حَرَكَة الْمَرَض قبلا أَن هَذِه كلهَا تميل(5/129)
البحران إِلَى الثَّالِث ويتحقق ذَلِك أَكثر إِن كَانَ قد أَتَى مرض كثير من البحران فِي الثَّالِث وَإِن كَانَت الْأَحْوَال بالضد فتوقع البحران فِي الْخَامِس وخاصة إِن كنت قد رَأَيْت مرضى قد أَتَاهُم البحران فِي الْخَامِس.
وَأنزل أَنَّك إِن رَأَيْت مَرِيضا آخر لم يظْهر فِيهِ عَلَامَات بَيِّنَة من عَلَامَات النضج فِي الْيَوْم الأول وَلَا فِي الثَّانِي إِلَّا أَن عَلَامَات السَّلامَة مَوْجُودَة فَاعْلَم أَنه لَا يسلم فِي الأول وَلَا فِي الثَّانِي إِلَّا أَنه لَا يُمكن خُرُوجه من مَرضه فِي الرَّابِع فتفقد أمره فِي مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع لتعلم هَل يَنْقَضِي مَرضه ببحران أم لَا بِمِقْدَار قُوَّة الْمَرَض لِأَنَّهُ إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا فَلَا بُد أَن يكون انقضاؤه ببحران وخاصة إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك سريع الْحَرَكَة فَهُوَ أَحْرَى أَن يَأْتِي فِيهِ البحران حَتَّى أَنه وَإِن أَخطَأ على الْمَرِيض وَلم يكن الْخَطَأ فادحا فتوقع البحران مَعَ ذَلِك فِي الرَّابِع وَإِن كَانَ الْمَرَض لَيْسَ بسريع الْحَرَكَة وَعرض للْمَرِيض خطأ فِي مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع فَإِن البحران يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع.
ثمَّ أَقُول: إِن مَرِيضا آخر مَرضه سليم إِلَّا أَنه لم تظهر فِيهِ عَلامَة بَيِّنَة للنضج حَتَّى كَانَ الْيَوْم السَّابِع أَقُول: إِن هَذَا إِن كَانَ مَرضه قَوِيا عَظِيما وحركته حَرَكَة سريعة فَإِن بحرانه بالحادي عشر أولى مِنْهُ بالرابع عشر وَإِن كَانَ مَرضه ضَعِيفا وحركته لَيست بالسريعة فبحرانه بالرابع عشر أولى.
واستعن بالأشياء الْأُخَر لِأَنَّهُ إِن كَانَ الْمَرِيض شَابًّا وَالْوَقْت صيفا وَالتَّدْبِير تَدْبِير يُوجب الْمدَّة فبحرانه يَأْتِي لَا محَالة فِي الْحَادِي عشر وَمَتى اجْتمعت أضداد هَذِه فَفِي الرَّابِع عشر وَمَتى اخْتلطت العلامات الدَّالَّة على الْحَادِي عشر والدالة على الرَّابِع عشر ثمَّ عرض للْمَرِيض خطأ فِي التَّدْبِير فِيمَا بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر لم يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران فِي الْحَادِي عشر فكثيرا مَا يَأْتِي)
فِي مثل هَذِه الْحَال فِي الرَّابِع عشر إِذا كَانَ الْخَطَأ عَظِيما فَإِن لم يَقع خطأ وَكَانَت العلامات مختلطة احْتِيجَ عِنْد ذَلِك إِلَى طَبِيب فاره مرتاض حَتَّى يقدر أَن يُمَيّز بَين هَذِه العلامات وَيحكم الْيَوْم الَّذِي تدل عَلَيْهِ أَحدهَا.
وَفِي الْأَكْثَر إِذا كَانَ الِاخْتِلَاط قَوِيا شَدِيد المقاومة بَعْضهَا لبَعض فَإِنَّهُ لَا يُمكن فِي السَّابِع أَن تقف وقوفا صَحِيحا على مَا سَيكون لَكِن قد يُمكن الْوُقُوف على الْيَقِين من ذَلِك فِي الْأَيَّام الْأُخَر الَّتِي بعد السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر. وَذَلِكَ أَنه يزِيد عظم الْمَرَض أَو سرعَة حركته فِي تِلْكَ الْأَيَّام وَإِن زَادَت عَلَامَات النضج زِيَادَة كَثِيرَة جَاءَ البحران فِي الْحَادِي عشر وَإِن كَانَ بالضد جَاءَ فِي الرَّابِع عشر.
ثمَّ أنزل أَنَّك قد رَأَيْت مَرِيضا آخر مَرضه بَعيدا من الْخطر وَرَأَيْت حَرَكَة الْمَرَض فِي تِلْكَ الْأَيَّام الأولى من مَرضه بطيئة وَلَيْسَت حماه ملهبة وَلَا محرقة وَلَا تظهر عَلَامَات النضج بل تظهر خلَافهَا فَأَنت تعلم يَقِينا أَن هَذَا لَا يخرج من مَرضه قبل الرَّابِع عشر وَتعلم هَل يَأْتِي بحرانه فِي الرَّابِع عشر أم لَا من أَوْقَات الْأَمْرَاض الْكُلية لِأَن الِابْتِدَاء إِن لبث زَمَانا طَويلا دلّ(5/130)
على أَن الْمَرَض طَوِيل مزمن وَإِن جَاءَت عَلَامَات التزيد فِي الرَّابِع أَو بعده إِلَى السَّابِع فَيجب أَن تتَوَقَّع شَيْئا يحدث فِي الرَّابِع عشر وتقف على ذَلِك أَكثر فِي الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِن اتّفقت فِيهِ كَثْرَة تزيد حَرَكَة الْمَرَض وَقُوَّة الْحمى وعلامة بَيِّنَة للنضج فالبحران كَائِن فِي الرَّابِع عشر لَا سِيمَا إِن ساعد الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء فَإِن ظَهرت فِي الرَّابِع عشر عَلامَة النضج فَقَط وَلم تتبين سرعَة حَرَكَة الْمَرَض وقوته فَلَا يكون البحران فِي الرَّابِع عشر.
وَإِن ضاد أَيْضا ذَلِك الْوَقْت وَسَائِر الْأَشْيَاء والمزاج الْبَارِد فَلَا تطمع فِي البحران قبل الْعشْرين.
فَإِن اخْتلطت العلامات وزادت عَلَامَات النضج زِيَادَة كَثِيرَة فِي الرَّابِع عشر فتفقد السَّابِع عشر فَإِنَّهُ إِن ظَهرت فِيهِ وَلَو أدنى الدلالات كَانَ البحران فِي الْعشْرين.
لي: أرى أَن الْخَطَأ لَيْسَ كُله يُؤَخر البحران لَكِن مِنْهُ مَا يقدمهُ وَذَلِكَ أَن الْغذَاء وَجَمِيع مَا يبرد يُؤَخِّرهُ والهم والفزع وَجَمِيع مَا يحد المزاج يقدمهُ.
مِثَال آخر قَالَ: أنزل أَنَّك رَأَيْت مَرِيضا آخر فتوقعت أَن يكون بحرانه فِي الرَّابِع عشر فابتدأ بحرانه يكون فِي الْحَادِي عشر إِمَّا بِعظم الْمَرَض وَشدَّة قوته وَسُرْعَة حركته أَو لسَبَب آخر هيجة من خَارج.)
أَقُول: إِنَّه لَا يُمكن أَن يكون ذَلِك البحران تَاما وَلَا حميدا وَيجب أَن يخَاف على الْمَرِيض مِنْهُ أَشد تخويف وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض خبيثا فَإِن كَانَ الْمَرَض سليما فَإِنَّهُ على حَال لَا يَخْلُو أَن يكون مَعَ بحرانه هَذَا أَعْرَاض صعبة أَو تعاود الْحمى بعد البحران فَهَذَا مبلغ قُوَّة النضج وَإِذا كَانَ النضج هَكَذَا بِقدر الْحَاجة إِلَيْهِ وَكَانَ إِنَّمَا يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض فالحاجة الْعَظِيمَة هِيَ أَن تعرف مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن كل مرض لَا يَأْتِي فِيهِ البحران فِي وَقت انتهائه فَلَا يَأْتِي فِيهِ ضَرُورَة فِي انحطاطه وكل مرض يُجَاوز انتهاؤه بِغَيْر بحران فَإِنَّمَا يذهب بالتحلل الْخَفي وَلَا يخَاف أَيْضا على الْمَرِيض الْمَوْت بعد انْتِهَاء الْمَرَض.
وَقد يظنّ بِقوم أَنهم مَاتُوا فِي انحطاط الْمَرَض إِلَّا أَن هَؤُلَاءِ مَوْتهمْ إِنَّمَا كَانَ لشَيْء غير هَذَا الْمَرَض وَجَمِيع من يَمُوت فِي الانحطاط يَمُوت من خطأ يعرض.
وَلَيْسَ يُمكن بعد نضج الأخلاط واستحالتها وَقُوَّة الطبيعة عَلَيْهَا أَن يَمُوت الْمَرِيض أَن دبر على مَا يجب. وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ العليل قد احْتمل أَشد أَوْقَات الْمَرَض وجاهده فِي علته فَلَيْسَ يُمكن بعد هَذَا أَن يغلبه هَذَا الْمَرَض.
لي: إِنَّمَا قَالَ: أنزل أَن مَرِيضا قدرت أَن يَجِيء بحرانه فِي الرَّابِع عشر على حسب مَا شهد لَهُ النضج فجَاء فِي الْحَادِي عشر فَهَذَا الْمَرِيض لم يجئه البحران بعد النضج الْكَامِل لِأَن تَقْدِير النضج الْكَامِل كَانَ بِحَال يُرِيد أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِنَّمَا وضع هَذَا مِثَالا للمرضى الَّذين يجيئهم البحران قبل استحكام النضج.
قَالَ: وَالْقِيَاس والتجربة يوجبان أَلا يَمُوت الْمَرِيض بعد النضج الْكَامِل وَلَيْسَ يُمكن(5/131)
أَن يعرف هَل يَمُوت الْمَرِيض أم لَا بِمَعْرِِفَة مُنْتَهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ مريضان متساويين فِي الْأَمر إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى فقد يُمكن أَن يسلم أَحدهمَا وَيَمُوت الآخر. وَالَّذِي يسلم يكون أقربهما مُنْتَهى وبالضد لِأَن الْقُوَّة يُمكن أَن تخور من الثَّانِي قبل الْمُنْتَهى.
مِثَال: لنضع أَن مَرِيضا لَا يجوز أَن يَنْتَهِي مَرضه قبل الْعشْرين وَآخر يَنْتَهِي مَرضه فِي الثَّالِث عشر وقوتهما مُتَسَاوِيَة فَإِن البحران يأتيهما فِي الرَّابِع عشر. أَقُول: إِن الَّذِي مَرضه قد انْتهى يتم لَهُ البحران وَيصِح وَالَّذِي لم ينْتَه مَرضه يُمكن أَن يَأْتِيهِ البحران السوء وَإِن أَتَاهُ بحران غير كَامِل لم تقو الطبيعة على مَا بَقِي بعد ذَلِك من الْمَرَض إِلَى وَقت الْمُنْتَهى لَكِن تخور قبل ذَلِك فَيَمُوت.)
قَالَ: فَلَيْسَ يُمكن أحد أَن يعلم حَال الْمَرِيض هَل يسلم أَو يَمُوت دون أَن يقف على مُنْتَهى الْمَرَض وَقُوَّة الْمَرِيض وطبيعة الْمَرَض فِي الشدَّة وَغير ذَلِك كَمَا أَنه لَا يقدر أحد أَن يعلم من أَمر حمال عَلَيْهِ حمل: هَل يقوى أَن يبلغ بِهِ الْموضع الَّذِي يُريدهُ دون مَعْرفَته قُوَّة الْحمال وَقُوَّة الْحمل ومسافة الطَّرِيق وَذَلِكَ أَن قُوَّة الْحمال بِمَنْزِلَة قُوَّة الْمَرِيض وَثقل الْحمل بِمَنْزِلَة صعوبة الْمَرَض ومسافة الطَّرِيق بِمَنْزِلَة مَا بَين ابْتِدَاء الْمَرَض ونهايته وَالْأَمر يضْطَر أَن لَا يَعْنِي بِشَيْء أَكثر من الْعِنَايَة بمنتهى الْمَرَض وَذَلِكَ أَن البحران الْجيد وَغير والناقص وَغَيره وَأمر الْغذَاء وَأمر الْمَوْت والنجاة مُتَعَلق بِهِ.
إِذا كَانَ الْمَرَض سليما وَهُوَ أَن تكون الْقُوَّة وافية بِهِ إِلَى وَقت الْمُنْتَهى ثمَّ كَانَ مَعَ ذَلِك سَاكِنا لَا يزعج وَلَا يقلق الطبيعة وَلم يعرض خطأ من خَارج فَإِن البحران لَا يكون إِلَّا بعد الِانْتِهَاء وَهَذَا أَحْمد البحارين وَذَلِكَ أَنه يكون بعد النضج الْكَامِل.
وَإِن اضْطَرَبَتْ الطبيعة إِلَى أَن يَأْتِي البحران قبل الِانْتِهَاء إِمَّا لقُوَّة الْمَرَض أَو لفضل حِدته وَسُرْعَة حركته أَو لشَيْء يهيجه فَإِنَّهُ ينقص عَن البحران الْجيد بِحَسب تقدمه بِوَقْت الْمُنْتَهى فَإِن كَانَت الْقُوَّة لَا تبقى إِلَى وَقت الْمُنْتَهى فَوَاجِب أَن يَمُوت الْمَرِيض إِلَّا أَن مَوته لَيْسَ يجب أَن يكون بِقرب الْمُنْتَهى لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يَمُوت قبله بِكَثِير أَو يَمُوت فِي أول الْمَرَض. وَأما البحران فَلَا يكون إِلَّا فِي وَقت الْمُنْتَهى أَو قبله بِقَلِيل.
لي: لم يقل: بعده لِأَن تِلْكَ الْحَال حَالَة الرَّاحَة بِالْإِضَافَة إِلَى مَا مضى والبحران إِنَّمَا يكون فِي الْوَقْت الصعب.
قَالَ: فَأَما الْمَوْت فَإِنَّهُ يكون فِي الْأَزْمِنَة الثَّلَاثَة: فِي الِابْتِدَاء والتزيد وَالنِّهَايَة.
قَالَ: مَتى خرج مَرِيض من مَرضه دفْعَة فَلَا بُد أَن يكون خُرُوجه باستفراغ ظَاهر بَين أَو خراج مَحْمُود عَظِيم وَلَا بُد أَن تتقدم هَذِه الْعَلامَة المهولة الَّتِي تتقدم البحران الَّتِي قد ذَكرنَاهَا وَكَذَلِكَ إِذا عرض خُرُوج إِلَى الْمَوْت ضَرْبَة فَلَا بُد أَن يكون الِاضْطِرَاب الشَّديد والجهد والاستفراغ.(5/132)
فَأَما التَّغَيُّر إِلَى الْبُرْء أَو إِلَى الْمَوْت بعد أَن لَا يكون ضَرْبَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا فَلَا يتبعهُ استفراغ وَلَا جهد وَلَا شدَّة. وَرُبمَا كَانَت الْأَشْيَاء تنْقَلب بهَا حَال الْمَرِيض إِلَى الْجَوْدَة البهتة الْكَثِيرَة أَو إِلَى الرداءة فذانك بحرانان تامان وَهَذَانِ ناقصان إِلَّا أَن الَّذِي تنْقَلب الْحَال فيهمَا إِمَّا إِلَى كَمَال الْجَوْدَة وَإِمَّا بَعْضهَا جيدا وَالْآخر رديئا.)
وَأما الَّذِي يخرج إِلَى الْمَوْت أَو إِلَى الصِّحَّة قَلِيلا قَلِيلا فَلَا أُسَمِّيهِ بحرانا لَكِن أسمي الَّذِي يؤول قَالَ: وَقد يَنْقَلِب الْمَرَض إِلَى الرداءة صنف آخر يكون من غير جهد شَدِيد وَلَا استفراغ بَين وَلَا خراج.
لي: هَذَا هُوَ الَّذِي يُسَمِّيه الذبول.
لي: جملَة هَذَا الْكَلَام التَّغَيُّر إِلَى الْجَوْدَة ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا ضَرْبَة وَهُوَ بحران كَامِل وَإِمَّا شَيْء كَامِل ثمَّ قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ بحران نَاقص وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا وَهُوَ تحلل الْمَرَض.
وَكَذَلِكَ التَّغَيُّر إِلَى الرداءة: إِمَّا ضَرْبَة وَهُوَ بحران كَامِل رَدِيء وَإِمَّا شَيْء بَين وَهُوَ بحران رَدِيء نَاقص وَإِمَّا قَلِيلا قَلِيلا. وَهُوَ ذبول.
قَالَ: فِي الْأَمْرَاض الرَّديئَة لَيْسَ يجب ضَرُورَة أَن يَأْتِي بحران جيد وَلَا رَدِيء لِأَن الْمَرَض إِذا غلب على الطبيعة غَلَبَة شَدِيدَة لم ترم الطبيعة الْبَتَّةَ مقاومته.
لي: هَذِه هِيَ الْعلَّة فِي أَنه يكون موت فجيء بِلَا استفراغ لِأَن الاستفراغ إِنَّمَا يكون إِذا تجردت الطبيعة لدفع شَيْء عَن الْبدن.
قَالَ: فَلذَلِك لم يبرأ أحد قطّ من مرض وَاحِد دفْعَة إِلَّا ببحران وَخلق كثير يَمُوت دفْعَة بِلَا بحران وَأكْثر هَؤُلَاءِ يموتون فِي أول نَوَائِب الْحمى لَا سِيمَا من كَانَ سَبَب هَلَاكه كَثْرَة الْمَادَّة أَو غلظها أَو عظم ورم فِي بَاطِن الْبدن وَقد يَمُوت قوم مِنْهُم فِي وَقت انحطاط الْحمى وَإِنَّمَا يعرض هَذَا لمن قوته سَاقِطَة وَلذَلِك تَجِد كثيرا من المرضى يَمُوت فِي انحطاط الْمَرَض الجزئي أَعنِي فِي انحطاط النوائب.
وَمن هَهُنَا قد حسب قوم أَنه قد يُمكن أَن يَمُوت الْمَرِيض فِي الانحطاط الْكُلِّي أَيْضا وَلَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمَرَض لم يكن ينحط إِلَّا بِغَلَبَة الطبيعة لَهُ وَلَيْسَ يُمكن أَن يَأْتِي الْمَوْت حِينَئِذٍ بِوَجْه من الْوُجُوه إِلَّا بخطأ يَقع وَلَيْسَ قصدنا النّظر فِي الَّذِي يَقع فِيهِ الْخَطَأ. وَمَا رَأَيْت هَذَا قطّ كَانَ وَأما فِي الانحطاط الجرئي فقد رَأَيْت خلقا كثيرا مَاتُوا.
وَذَلِكَ أَن الْبدن يكون فِي الِابْتِدَاء متماسكا كَأَنَّهُ منضم فَإِذا جَاءَهُ وَقت الانحطاط تحركت الْحَرَارَة من الْوسط إِلَى الْأَطْرَاف على الْعَادة واسترسل الْبدن واسترخى فانحلت الْقُوَّة عِنْد ذَلِك وفنيت وَمن هَؤُلَاءِ قوم يموتون بَغْتَة حَتَّى أَنه يظنّ بهم من حضرهم أَنما هُوَ غشي.
وَمِنْهُم من يبتديء قَلِيلا قَلِيلا مُنْذُ أول النّوبَة وَفِي هَذَا الانحطاط يزْدَاد النبض ضعفا(5/133)
واختلاطا)
فِي كل الحركات كَمَا أَنه فِي الانحطاط الْمَحْمُود يزْدَاد قُوَّة دَائِما وينتقص اختلافه وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون قد نفت جَمِيع حرارة الْحمى إِلَى خَارج وَهَذَانِ الانحطاطان وَإِن كَانَ يعمهما نُقْصَان الْحَرَارَة وَسُكُون الْحمى وَمَا يُوهم الْجَاهِل أَن الْحَال أسكن فَإِن بَينهمَا بونا بَعيدا.
وَكَذَلِكَ فِي الانحطاط الْجيد إِنَّمَا يتَحَلَّل حرارة الْحمى فَلذَلِك يزْدَاد النبض قُوَّة وَيرجع إِلَى الاسْتوَاء وَيذْهب اختلافه وَأما فِي هَذِه فَإِنَّهُ يتَحَلَّل مَعَ انحلال حرارة الْحمى الْحَرَارَة الْمَعْرُوفَة بالحرارة الغريزية ويوهم فِي هَذَا أَيْضا أَن الْمَرِيض أحسن حَالا بِسُكُون الْحَرَارَة ثمَّ إِنَّه عِنْد قيام يقومه إِلَى الْخَلَاء أَو أدنى حَرَكَة يتحركها يعرض لَهُ غشي ثمَّ يعرق يَسِيرا لزجا ثمَّ يَمُوت وَرُبمَا حدث لَهُ ذَلِك من غير قيام وَلَا حَرَكَة فعلى هَذَا يَمُوت الْمَرِيض من قبل ميل الأخلاط دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فَإِنَّهُ إِذا كَانَ ذَلِك عرض للطبيعة شَيْء شَبيه بالحطب الْكثير يلقِي دفْعَة على النَّار فيخنقها ويعرض الْمَوْت فِي انْتِهَاء النوائب لشدَّة قُوَّة الْمَرَض على الطبيعة فِي ذَلِك الْوَقْت. وَقد يَمُوت الْمَرِيض والنوبة بعد تتزيد وَقل مَا يعرض هَذَا.
قَالَ: فَجَمِيع الْوُجُوه الَّتِي يكون بهَا موت من يَمُوت بِلَا بحران ثَلَاثَة: الْمَوْت الَّذِي يكون فِي أول النّوبَة وَهَذَا أَكثر مَا يكون إِذا كَانَ ورم عَظِيم فِي أحد الْأَعْضَاء الشَّرِيفَة أَو كَانَ فِي الْبدن فضل كثير لزج ينصب دفْعَة إِلَى بَاطِن الْبدن فيسد منافذ الرّوح وَالْمَوْت الَّذِي يكون فِي مُنْتَهى النّوبَة وَهَذَا يكون إِذا انْهَزَمت الطبيعة عَن الْمَرَض لِشِدَّتِهِ. وَالثَّالِث الْمَوْت الَّذِي يكون فِي انحطاط النوائب وَهُوَ أقلهَا وَيكون من انحلال الْقُوَّة الحيوانية.
لي: الَّذِي يكون عِنْد الْمُنْتَهى أَكْثَرهَا.
قَالَ: وَلَيْسَ يكون وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة الْوُجُوه مَعَ بحران لِأَن الطبيعة لَا تروم الْبَتَّةَ نفي الْمَرَض عِنْد هَذِه الْحَالَات من الْمَوْت وَإِذا رامت الطبيعة ذَلِك ثمَّ قهرها الْمَرَض سمي بحرانا وَيكون ذَلِك لَا محَالة إِمَّا مَعَ استفراغ وَإِمَّا مَعَ خراج عَظِيم وَسَائِر الِاضْطِرَاب الَّذِي يتَقَدَّم البحران.
قَالَ: وتقدمة الْمعرفَة بِهَذِهِ الْأَصْنَاف من البحران أقل صِحَة وبيانا من الْمعرفَة بأصناف البحران الْمَحْمُود وَيحْتَاج إِلَى درية وفطنة حَتَّى يعلم هَل يكون هَذَا النَّوْع من البحران أم لَا ثمَّ فِي أَي يَوْم ثمَّ هَل يقتل أَو إِنَّمَا يضر فَقَط فَلذَلِك يجب أَن ترتاض بالبحران الْمَحْمُود وَمَا قاربه ثمَّ تنْتَقل إِلَى هَذِه.
وَذَلِكَ أَنه كَمَا أَن أَمر البحران الَّذِي لَيْسَ يدْرك بِأَمْر يَقِين صَحِيح بل إِنَّمَا يدْرك أَكْثَره بالحدس)
كَذَلِك الْمَحْمُود ثَابت يدْرك بِعلم يَقِين وَذَلِكَ أَن حركات الطبيعة منظومة محمودة إِذا كَانَت هِيَ قَوِيَّة ظَاهِرَة وَأما حركاتها وَهِي معلولة فتجري على غير نظام فَلذَلِك لَا تصح مَعْرفَتهَا على مَا يجب إِلَّا أَنه مَتى غلبت الطبيعة غَلَبَة تَامَّة لم ترم فعل البحران الْبَتَّةَ فَإِن كَانَ بهَا أدنى طرف فَإِنَّهَا تقاوم قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ لَا تلبث أَن تنهزم وَالْعلَّة فِي مقاومتها هَذِه(5/134)
المقاومة الضعيفة تهيج الْمَرَض بهَا لِأَن الطبيعة لَا تحْتَمل شَيْئا من هَذِه لَكِن تبادر تنقي مَا يؤذيها عَنْهَا كَمَا قد نرى عيَانًا الْأَشْيَاء الَّتِي تلذع الْمعدة أَو تهيجها بِضَرْب من الضروب أَو بثقلها فَإنَّك تجدها عِنْد ذَلِك تروم إِخْرَاجه من أقرب الْوُجُوه فَإِن كَانَ طافيا كَانَ بالقيء وَإِن كَانَ فِي أَسْفَلهَا فبإسهال البرَاز وَهَذَا شَبيه بالبحارين الْمُشْتَركَة لِأَن البحران الحميد الْكَامِل الَّذِي لَا يبْعَث للطبيعة شَيْئا يزعجها أَن يَأْتِي بِهِ قبل وقته إِنَّمَا يكون بعد النضج فالأمراض القتالة فِي أَكثر الْحَالَات تقتل فِي تزيد الْمَرَض وَلَا يبْقى العليل فِيهَا إِلَى وَقت الْمُنْتَهى وَفِي وَقت ابْتِدَائه وَإِن تقدم مُنْذر بِمثل هَذَا البحران فَإِنَّهُ يدل على أَنه رَدِيء.
فَأنْزل أَنَّك رَأَيْت فِي الْبَوْل فِي الرَّابِع غمامة سَوْدَاء أَو شَيْئا سوى ذَلِك شَبِيها بهَا مَعَ الْأَعْرَاض القتالة مُنْذُ أول الْأَمر فَأَقُول إِن هَذَا الْمَرِيض يَمُوت لَا محَالة إِلَّا أَنه إِن كَانَت نوائبه تَأتي فِي الْأَفْرَاد فَإِنَّهُ يَمُوت فِي السَّابِع وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج مَاتَ فِي السَّادِس وخاصة إِن كَانَ الْمَرَض يَتَحَرَّك حَرَكَة أسْرع فَإِن كَانَ فِي الْيَوْم الرَّابِع لم يكن شَيْء مِمَّا ينذر بِهِ فالمعرفة بِهِ أقل إِلَّا أَنه على حَال قد يجب أَن ينظر فِي هَذَا العلامات الَّتِي أصفها.
وَأول العلامات الدَّالَّة على موت الْمَرِيض من غير بحران ضعف الْقُوَّة وَذَلِكَ أَن الْقُوَّة مَتى كَانَت ضَعِيفَة لم تنهض لمقاومة الْمَرَض.
والعلامة الثَّانِيَة أَن لَا يظْهر أَولا أدنى عَلامَة تدل على النضج.
وَالثَّالِث أَن يكون الْمَرَض قَوِيا مُؤْذِيًا وَلَا تكون لَهُ حَرَكَة سريعة.
لي: المؤذي الَّذِي لَيست لَهُ حَرَكَة سريعة هُوَ الَّذِي فِيهِ أوجاع شَدِيدَة إِلَّا أَن أوجاعه تدوم قَالَ: فَكل مَرِيض تَجْتَمِع فِيهِ هَذِه العلامات فَهُوَ يَمُوت من غير بحران ويتقدم بِعلم الْمَوْت فِي أَي يَوْم يكون إِذا نظرت كم يفضل الْمَرَض على الْقُوَّة وَفِي أَي يَوْم تكون النّوبَة أصعب فَإِن رَأَيْت الْمَرَض يفضل على الْقُوَّة فضلا كثيرا وَلم تبْق من الْقُوَّة إِلَّا بَقِيَّة يسيرَة علمت أَن الْمَوْت سريع وبالضد.)
فَأنْزل أَن فضل الْمَرَض على الْقُوَّة كثير إِلَّا أَنه لَيْسَ يتَبَيَّن يَوْمًا وَاحِدًا تبقى الْقُوَّة أم يَوْمَيْنِ فقد تقدر عِنْد هَذَا أَن تميز فتعلم فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يَمُوت الْمَرِيض بأدوار نَوَائِب الْحمى وَذَلِكَ أَن الْيَوْم الَّذِي تكون فِيهِ النّوبَة فَفِيهِ يَمُوت الْمَرِيض. وتقدر تعلم فِي أَي سَاعَة من ذَلِك الْيَوْم يحدث الْمَوْت على الْمَرِيض إِن كنت ذَاكِرًا لما قلت قبل حَيْثُ خبرتك فِي أَي الْأَمْرَاض يَمُوت الْمَرِيض فِي ابْتِدَاء النّوبَة وَفِي أَيهَا فِي الْمُنْتَهى وَفِي أَيهَا فِي الانحطاط وتفقد مَعَ ذَلِك فِي وَاحِد وَاحِد من المرضى بِأَن تتذكر مَا كَانَت حَالَة الْمَرِيض عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الْمُتَقَدّمَة فَإِنَّهُ يعينك مَعُونَة عَظِيمَة على الِاسْتِدْلَال لِأَنَّك إِذا علمت فِي أَي جُزْء من أَجزَاء الْمَرَض فِي الْأَيَّام الْمَاضِيَة كَانَ الْمَرَض يكون أثقل وَكَانَت تلْزمهُ الْأَعْرَاض الرَّديئَة الدَّالَّة على الثّقل استعنت بذلك على الحدس بِمَا يكون.(5/135)
وَأنزل أَنَّك إِذا رَأَيْت مَرِيضا وَعلمت يَقِينا أَنه يَمُوت إِلَّا أَن قوته لم تغلب غَلَبَة شَدِيدَة فَأَقُول إِن أول مَا تعلم من هَذَا: أَنه لَا يَمُوت سَرِيعا فابحث بعد ذَلِك هَل يكون مَوته ببحران رَدِيء أم لَا فَإِن كَانَ الْمَرَض خبيثا سريع الْحَرَكَة وللقوة بَقِيَّة وللنضج عَلامَة فخليق أَن تَأتي الطبيعة ببحران أَو بالضد إِن رَأَيْت الْقُوَّة خوارة وَالْمَرِيض بطيء الْحَرَكَة وَلَيْسَت للنضج عَلامَة الْبَتَّةَ فَلَيْسَ يحدث لهَذَا الْمَرَض بحران وَلَيْسَ يجب مَتى كَانَ الْمَرَض أقوى من الْقُوَّة أَن تكون الْقُوَّة ضَعِيفَة لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون جَمِيعًا قويين إِلَّا أَن الْمَرَض أقوى.
قَالَ وَقد قلت: إِن أفضل البحران يكون فِي مُنْتَهى الْمَرَض وَأما الَّذِي يكون فِي وَقت تزيد الْمَرَض فَإِن كَانَ حَال الْمَرِيض تؤول إِلَى السَّلامَة فَإِن ذَلِك البحران يكون نَاقِصا أَو غير موثوق بِهِ وَإِن كَانَت حَال الْمَرِيض مهلكة فَإِن ذَلِك البحران إِمَّا أَن يقتل على الْمَكَان وَإِمَّا أَن يُغير الْمَرِيض تغييرا قَوِيا عَظِيما إِلَى مَا هُوَ أشر.
وَأما فِي ابْتِدَاء الْمَرَض فَلَا يكون بحران وَإِن تقدمة الْمعرفَة بِأَحْمَد البحران فَلَا يَصح.
وَأما سَائِر أنحاء البحران فَإِنَّمَا يكون بحدس فَقَط لَا سِيمَا مَتى كَانَ البحران غير مُنْذر بِهِ وَهَذَا النَّوْع من البحران وَإِن لم يُوصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان طَوِيل فَإنَّك قد تصل إِلَى مَعْرفَته قبل حُدُوثه بِزَمَان يسير لِأَنَّهُ لَا بُد أَن يحدث قبله على حَال إرهاق للطبيعة واضطراب إِمَّا فِي النَّفس أَو فِي الذِّهْن أَو فِي السّمع أَو فِي الْبدن أَو فِي شَيْء آخر من أَعْرَاض البحران وَإِذا كَانَ الْمَرَض ينذر ببحران ثمَّ صَعب الْمَرَض فِي لَيْلَة من اللَّيَالِي وَأَتَتْ نوبَة الْحمى بعد ذَلِك أسْرع مِمَّا كَانَت تَأتي مَعَ أَعْرَاض لم تكن قبل فَلَا بُد أَن يكون البحران فِي تِلْكَ النّوبَة. وَأَنا ألحض مُنْذُ)
الْآن كَيفَ يعلم بِأَيّ نوع يكون البحران أبرعاف أَو بقيء أَو غير ذَلِك.
قَالَ: وَقد قَالَ أبقراط فِي إبيذيميا فِي الْمقَالة الأولى: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس والرقبة أوجاع وَثقل مَعَ حمى أَو بِغَيْر حمى فَإِنَّهُ يحدث إِمَّا لأَصْحَاب قرانيطس تشنج فِي العصب وقيء مرار زنجاري وَكثير مِنْهُم يعاجله الْمَوْت وَأما أَصْحَاب الحميات المحرقة فَمَتَى كَانَ فِي الرَّقَبَة وجع وَفِي الصدغين ثقل وَرَأى العليل بَين عَيْنَيْهِ ظلمَة وأحس فِيمَا دون الشراسيف بتمدد بِلَا وجع فَإِنَّهُ يُصِيبهُ رُعَاف وَمَتى كَانَ ثقل فِي الرَّأْس كُله ووجع فِي الْفُؤَاد وكرب فَإِنَّهُ يُصِيبهُ قيء مرّة وبلغم ويصيب الصّبيان فِي هَذِه الْحَالة أَكثر ذَلِك تشنج وَأما النِّسَاء فيصيبهن مَعَ ذَلِك وجع الْأَرْحَام وَأما الكهول وَمن انجزلت قوته فَإِنَّهُ يعرض لَهُ استرخاء فِي بعض أَعْضَائِهِ أَو وسواس أَو جُنُون أَو عمى.
وَقَالَ فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى تطاولت الْحمى وَحَال الْمَرِيض حَال سَلامَة وَلَا وجع بِهِ من ورم وَلَا بِسَبَب ظَاهر فتوقع خراجا مَعَ انتفاخ ووجع فِي أحد مفاصله وَلَا سِيمَا فِي السُّفْلى وَأكْثر مَا يعرض هَذَا وأوحاه لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ وَيجب أَن تتَوَقَّع الْخراج حِين تجَاوز الْحمى عشْرين يَوْمًا. وَقل مَا يعرض ذَلِك لمن كَانَ فَوق هَذَا السن وَكَانَت حماه أطول من هَذَا الْمِقْدَار.(5/136)
وَيجب أَلا تتَوَقَّع الْخراج مَتى كَانَت حماه دائمة وتوقع حمى الرّبع مَتى كَانَت الْحمى تقلع ثمَّ تنوب على غير نظام مَحْدُود. وَلَا تزَال كَذَلِك إِلَى أَن يقرب الخريف وكما أَن الْخراج يعرض لمن سنه دون الثَّلَاثِينَ كَذَلِك الرّبع تعرض لمن بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها.
وَيجب أَن يعلم أَن أَكثر مَا يعرض الْخراج فِي الشتَاء فَإِنَّهُ أَبْطَأَ برأَ إِلَّا أَنه قل مَا يعاود وَهَذَا قَوْله فِي الْخراج وَهُوَ كَاف بَين.
ثمَّ قَالَ فِي الاستفراغ من شكا فِي حمى لَيست بالقتالة صداعا وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ سوادا وأصابه مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده فَإِنَّهُ سيصيبه قيء مرار فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَبرد مِنْهُ مَا دون الشراسيف فَإِن الْقَيْء يُصِيبهُ أسْرع فَإِن تتَنَاوَل شَيْئا من الطَّعَام وَالشرَاب فِي ذَلِك الْوَقْت أسْرع الْقَيْء جدا.
قَالَ: وَمن ابْتَدَأَ بِهِ من أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة الصداع فِي أول يَوْم من مَرضه فَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي السَّابِع وَأكْثر أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة يبتديء بِهِ الصداع فِي الْيَوْم الثَّالِث وَأكْثر مَا يصعب عَلَيْهِم فِي الْخَامِس ثمَّ يقْلع عَنْهُم فِي التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَأما من ابْتَدَأَ)
بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وَجرى سَائِر أمره على قِيَاس مَا تقدم فصداعه يقْلع عَنهُ فِي الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَكثر مَا يعرض للرِّجَال وَالنِّسَاء فِي حمى الغب وَأما من كَانَ أحدث سنا فقد يعرض لَهُم وَأما من أَصَابَهُ فِي حمى هَذِه حَالهَا صداع وأصابه بدل السوَاد الَّذِي يرَاهُ أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة.
أَو رأى قُدَّام عَيْنَيْهِ شعاعا وأصابه بدل وجع الْفُؤَاد تمدد فِي مَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن والجانب الْأَيْسَر من غير وجع وَلَا ورم فتوقع لَهُ بدل الْقَيْء رعافا.
وَأكْثر مَا يتَوَقَّع الرعاف فِي مثل هَذِه الْحَال لمن كَانَت سنه فِيمَا دون الثَّلَاثِينَ فَأَما من قد بلغ الثَّلَاثِينَ وجاوزها فالرعاف يعرض لَهُ أقل وَيجب أَن تتَوَقَّع لمن فِي تِلْكَ السن الْقَيْء. وَفِي هَذَا فِي قَوْله كِفَايَة.
وَقَالَ أَيْضا فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه مَتى كَانَ فِي الرَّأْس وجع شَدِيد دَائِم مَعَ حمى وَكَانَ فِي ذَلِك شَيْء من العلامات الَّتِي تدل على الْمَوْت فَإِن ذَلِك الْمَرَض قتال جدا. وَإِن لم تكن عَلامَة تدل على الْمَوْت وَجَاوَزَ الوجع عشْرين يَوْمًا فتوقع رعافا أَو خراجا فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَأما مَا دَامَ الوجع فِي الْجُبْن فَإِنَّهُ يجب أَن يتَوَقَّع الرعاف لَا الْمرة وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الوجع فِي الصدغين أَو الْجَبْهَة وَكَانَت السن دون خمس وَثَلَاثِينَ سنة وَأما من كَانَ فَوق هَذِه السن فتوقع الْمرة.
وَقَالَ أَيْضا فِي صفته لأَصْحَاب ذَات الرئة: من خرج بِهِ من أَصْحَاب ذَات الرئة خراج عِنْد الْأذن وتقيح أَو فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى وَصَارَ ناصورا فَإِنَّهُ سليم.
وتفقد هَذَا وَانْظُر فِيهِ على هَذَا الْوَجْه مَتى بقيت الْحمى على حَالهَا وَلم يسكن الوجع(5/137)
وَلم ينبعث البزاق على مَا يجب وَكَانَ البرَاز كثير المرار ذريعا صرفا وَكَانَ الْبَوْل كثير جدا وَفِيه ثفل راسب كثير أَبيض وَكَانَت سَائِر العلامات تدل على أَن عَاقِبَة الْأَمر إِلَى السَّلامَة فقد يَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع لمن هَذِه حَاله أَن تصيبه الخراجات الَّتِي ذكرت.
وَيكون الْخراج فِي الْأَعْضَاء السُّفْلى مَتى كَانَ من(5/138)
الورم والحرارة فِيمَا دون الشراسيف وَلم يكن وجع ثمَّ أصَاب الْمَرِيض مَا يُغير فِي نَفسه ثمَّ سكن بِلَا سَبَب ظَاهر.
وَفِي ذكره أَيْضا الأورام الَّتِي فِيمَا دون الشراسيف قَالَ: هَذَا القَوْل أَن هَذِه الأورام تدل فِي أَولهَا أَنه لَا يُؤمن على الْمَرِيض موت حثيث فَإِن جَاوَزت عشْرين يَوْمًا والحمى بَاقِيَة والورم لَا يسكن فَهِيَ تتقيح.
وَقد يعرض لأَصْحَاب هَذِه الْعلَّة فِي الدّور الأول رُعَاف فيعظم نَفعه لَهُم وَلَكِن قد يجب أَن)
يسْأَل الْمَرِيض: هَل يجد صداعا وغشاوة فَإِنَّهُ إِن أَصَابَهُ شَيْء من هَذَا فَإِن الشَّيْء مائل إِلَى هُنَاكَ وَيجب أَن يتَوَقَّع الرعاف أَكثر من كَانَت سنه دون الْخمس وَالثَّلَاثِينَ.
وَقَالَ أَيْضا فِي كتاب تقدمة الْمعرفَة قولا آخر دلّ على طَرِيق البحران وَهُوَ هَذَا: إِن من بَال بولا رَقِيقا مائيا زمانيا طَويلا ثمَّ كَانَت سَائِر العلامات الَّتِي تظهر فِيهِ تدل على أَنه سيسلم فَيجب أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي الْمَوَاضِع الَّتِي أَسْفَل الْحجاب.
وَقَالَ فِي كتاب الْفُصُول: وَفِي إبيذيميا أَشْيَاء أخر فِي تعرف طرق البحران مِنْهَا قَوْله: إِنَّه يكون قبل النافض احتباس الْبَوْل وَمِنْهَا قَوْله: إِن الْعين إِذا احْمَرَّتْ أنذرت برعاف وَمِنْهَا قَوْله: إِن الشّفة السُّفْلى مَتى اختلجت أنذرت بقيء وَقَوله: إِنَّه مَتى حدث بعد الصداع سبات وصمم بَغْتَة دلّ على خراج يخرج عِنْد الْأذن.
وَلَيْسَ تحْتَاج عِنْد تعرف طرق البحران إِلَى شَيْء أَكثر من أَن تنظر إِلَى أَي نَاحيَة تميل الطبيعة وَقد دلّ على ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع مِنْهَا قَوْله فِي تقدمة الْمعرفَة: إِن وجع الْفُؤَاد والنافض إِنَّمَا يبتدئان بقيء كَائِن وَتغَير النَّفس والشعاع أَمَام الْعين ينذران برعاف وَقَوله: إِذا كَانَ البرَاز كثير المرار وذريعا صرفا وَالْبَوْل كثيرا جدا وَفِيه ثفل راسب كثير أَبيض دلّ على أَن الْمَرَض مائل إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة وَإِن انتفاض الْبدن يكون من ذَلِك الْوَجْه وَإِن لم يمل الْمَرَض ميلًا للنواحي وتطاول مَعَ عَلَامَات السَّلامَة فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع لَهُ خراج.
ويستدل أَيْضا على الْخراج بميل الطبيعة وَقد دلّ ذَلِك أبقراط فِي مَوَاضِع إِلَى النَّاحِيَة الَّتِي يكون فِيهَا. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَالَ: إِن الْخراج يكون فِي الْموضع الَّتِي هِيَ أَسْفَل من الصَّدْر مَتى كَانَ من الورم والحرارة شَيْء فِيمَا دون الشراسيف من أجل أَنه إِذا كَانَ ذَلِك فالأخلاط المولدة لورم الرثة مائلة إِلَى أَسْفَل وَإِنَّمَا جعل هَذَا القَوْل فِي ذَات الرئة مثلا للجملة الَّتِي قصد بهَا.
وَمَتى كَانَت تِلْكَ الأخلاط لَيست مائلة إِلَى أَسْفَل وَوجد مَا دون الشراسيف خَالِيا من الورم والحرارة والوجع دَائِما عرض للْمَرِيض مَا يُغير نَفسه من غير سَبَب بَين وَإِن كَانَ كَذَلِك فالخراج ضَرُورَة يكون فِي مَا فَوق الصَّدْر أَعنِي فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي فِي أصل الْأذن وَقد يظْهر مَعَ ذَلِك شَيْء من الْأَعْرَاض الَّتِي تعرض فِي الرَّأْس مِمَّا تدل على ميل الْخراج إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة كالسبات والصمم بَغْتَة من غير سَبَب مَعْرُوف وَثقل الصدغين وَالرَّأْس وَغير ذَلِك مِمَّا أشبهه.
قَالَ ج: يجب بعد أَن تعلم أَن البحران كَائِن أَن تعلم بِأَيّ طَرِيق يكون هَذَا التَّعْلِيم الَّذِي أعلمك)
انْظُر أَولا هَل الْمَرَض حاد حَار يَجِيء فِيهِ البحران فِي الْأَيَّام الأول فَإِنَّهُ إِن كَانَ كَذَلِك فَوَاجِب أَن لَا يكون بخراج لَكِن باستفراغ ثمَّ انْظُر إِلَى حركته فَإِنَّهُ إِن كَانَ متطاولا بطيء الْحَرَكَة فَإِن البحران يكون بخراج لَا سِيمَا إِن كَانَ الْمَرِيض بَال بولا رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة لِأَنَّهُ إِن بَال بولا ثخينا كثيرا فِيهِ ثفل كثير راسب أَبيض مَحْمُود فالأخلق أَن ينضج الْمَرَض قَلِيلا قَلِيلا وَإِلَّا يحدث لَهُ بحران بخراج ثمَّ انْظُر بعد هَذَا إِن كَانَ البحران يكون باستفراغ بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون فَإِن كَانَ يكون بخراج فَفِي أَي مَوضِع يكون ذَلِك الْخراج وَتعلم بِأَيّ ضرب من ضروب الاستفراغ يكون البحران من طَرِيقين: أَحدهمَا أَن تَجِد العلامات الْخَاصَّة بِوَاحِد من الضروب وَالثَّانِي أَلا تَجِد شَيْئا من عَلَامَات الضروب الْأُخَر وَإِن كَانَ عَلامَة الضَّرْب الَّذِي وَأَنا واصف لَك العلامات الدَّالَّة على ضروب من البحران وَيجب عَلَيْك أَن لَا تقتصر على العلامات الدَّالَّة على وَاحِد لَكِن تتفقد الدَّالَّة على كل ضروب إِذا رَأَيْت الْبَطن قد اعتقل وَالْبَوْل قد احتقن أَيْضا بِالْقربِ من وَقت البحران فتوقع نافضا وَإِذا خضر النافض فَانْظُر مَا يحدث بعده أعرق أم قيء أم اخْتِلَاف أم اثْنَان من هَذِه أم كلهَا وَانْظُر أَولا فِي طبيعة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَت حماه محرقة خَالِصَة فقد يصحح عنْدك أَمر النافض قبل حُدُوثه وَذَلِكَ أَن الْحمى المحرقة إِنَّمَا تتولد عَن الصَّفْرَاء وَقد قُلْنَا: إِن هَذَا الكيموس إِذا تحرّك حَرَكَة قَوِيَّة ولد نافضا ثمَّ انْظُر بعد هَذَا هَل احْتبسَ الْبَوْل وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَإِنَّهُمَا إِن كَانَا احتبسا مَعًا فالبحران يكون بعرق كثير لَا محَالة وَإِن كَانَ الْبَوْل احْتبسَ وَحده أَو احْتبسَ مَعَه الْبَطن قبل النافض فَانْظُر هَل زَاد قبل البحران على مِقْدَار مَا كَانَ قبل ذَلِك أَو نقص عَنهُ فَإِن رَأَيْته قد زَاد زِيَادَة كَثِيرَة فَاعْلَم أَن الطبيعة مائلة نَحْو هَذَا الطَّرِيق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْته قد نقص علمت أَن ميلها نَحْو الْعرق وَبِه يكون البحران وَإِن رَأَيْت مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على الْقَيْء فالبحران يكون بهما أَعنِي بالقيء والعرق.
وَإِن كَانَ العلامات الَّتِي تدل على أحد الاستفراغين أقوى من العلامات الَّتِي تدل على الآخر كَانَ البحران بذلك الاستفراغ أَكثر وَإِن كَانَت متكافئة فالبحران يكون بهما سَوَاء.
وَإِن لم تَرَ شَيْئا من عَلَامَات الْقَيْء فتوقع الْعرق وَحده لَا سِيمَا إِذا رَأَيْت الْمَرِيض قد(5/139)
اخْتَلَط وَرَأَيْت قُوَّة الْحمى قد تزايدت وَرَأَيْت ظَاهر الْبدن قد سخن أَكثر مِمَّا كَانَ يسخن واحمر أَكثر مِمَّا كَانَ يحمر وَرَأَيْت بخارا حارا يرْتَفع من الْبدن لم يكن يرْتَفع فِيمَا قبل ذَلِك. فَإِن وجدت)
مَعَ هَذَا نبض الْعرق قد صَار موجيا ولان لينًا بَينا فليقو رجاؤك بالعرق.
فَأَما النبض الصلب فَيدل على الْقَيْء والنبض المشرف عَلامَة مُشْتَركَة لجَمِيع أنحاء الاستفراغ وَكَذَلِكَ النبض الْقوي.
فَأَما مَتى كَانَ النبض عَظِيما فَهُوَ يدل على حَرَكَة الطبيعة إِلَى ظَاهر الْبدن لَا إِلَى بَاطِنه وكل وَاحِدَة من هَاتين الحركتين تكون على ضَرْبَيْنِ: أما الْحَرَكَة إِلَى خَارج فبدم يجْرِي من المنخرين أَو من غَيرهمَا أَو بعرق وَالْحَرَكَة إِلَى دَاخل إِمَّا باخْتلَاف وَإِمَّا بقيء والنبض الموجي يَد على الْعرق والنبض الْعَظِيم فَقَط لَيْسَ بموجي يدل على الدَّم فَبِهَذَا الطَّرِيق يسْتَدلّ على حَرَكَة الطبيعة إِلَى خَارج الْبدن.
وَمَتى مَالَتْ الطبيعة إِلَى دَاخل ثمَّ لم تكن عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون باخْتلَاف وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة فالبحران يكون بالقيء وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء حَاضِرَة وَتبين فِي الِاخْتِلَاف تزيد فالبحران يكون بهما جَمِيعًا.
ونبض الْعرق فِي أَكثر الْحَالَات من البحران يكون مُخْتَلفا وَلَا سِيمَا إِذا كَانَ مَعَ البحران جهد عَظِيم إِلَّا أَن ذَلِك الِاخْتِلَاف يكون على أَكثر حالاته إِذا انصب إِلَى الْمعدة مرار فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك مَعَ مَا تظهر من عَلَامَات الْقَيْء يخْتَلف النبض فِي جَمِيع حالاته لما يُصِيب رَأس المريء والمعدة من اللذع والثقل من الشَّيْء الَّذِي سَالَ إِلَيْهِمَا.
وَأما عَلَامَات الْقَيْء فَهِيَ وجع الْفُؤَاد مَعَ صداع وَسدر مَعَ سَواد يتخيل للعين واختلاج الشّفة السُّفْلى ولعاب كثير يتحلب من الْفَم وَجَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء يعرض إِذا اجْتمع فِي الْمعدة الكيموس من جنس الصَّفْرَاء اللذاع يلذع فَم الْمعدة وجذب المريء كُله إِلَى دَاخل وَإِلَى أَسْفَل وَلذَلِك تختلج الشّفة ويتحلب الرِّيق ويتخيل قُدَّام الْعين سَواد ويعرض السدر والدوار والصداع وَذَلِكَ يعرض بضربين: أَحدهمَا بخار مُرْتَفع من ذَلِك المرار إِلَى الرَّأْس وَالْآخر مُشَاركَة العصب للمعدة فِي الْأَلَم.
وَأما عَلَامَات الرعاف خَاصَّة فالشعاع أَمَام الْعين وَذَلِكَ من قبل حمرَة الدَّم وَمِنْهَا الغشاوة وَذَلِكَ لِأَن الدَّم إِذا ارْتَفع مِنْهُ شَيْء كثير دفْعَة سد طرق الرّوح وَمِنْهَا الدُّمُوع وَذَلِكَ يكون لِكَثْرَة مَا يسيل إِلَى الْعين كَمَا يكون فِي الرمد ولهذه الْعلَّة تحمر الْعين مَعَ الوجنة وَالْأنف ويحضر الرعاف وَأَيْضًا تمدد يعرض فِيمَا دون الشراسيف من غير وجع لِأَن هَذِه الْعلَّة أَيْضا تدل دلَالَة)
قَوِيَّة على ميل الدَّم إِلَى النَّاحِيَة الْعَالِيَة وَكَذَلِكَ تغير النَّفس فَإِنَّهُ أَيْضا إِنَّمَا يعرض عِنْد مُرُور الدَّم فِي الصَّدْر فَإِن كَانَ تمدد مَا دون الشراسيف مَعَ وجع يلين ذَلِك لم يدل على رُعَاف كَائِن لكنه دَال على ورم حدث فِي الْمَوَاضِع الَّتِي فِيهَا التمدد.(5/140)
والصداع أَيْضا وَإِن كَانَ عَلامَة مُشْتَركَة للقيء والرعاف فَإِن كَانَ مَعَه شَبيه اللذع دلّ على الْقَيْء وَمَتى مَا كَانَ مَعَ ثقل وتمدد وضربان وحرارة دلّ على الرعاف خَاصَّة.
وَكَذَلِكَ الأورام الْعَارِضَة فِيمَا دون الشراسيف من الأحشاء قد تكون سَبَب الرعاف وعلامة تدل عَلَيْهِ وَمَتى كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن فالرعاف يكون من ذَلِك الْجَانِب وعلامة الرعاف أصح وألزق بِهِ ثمَّ بعد عَلَامَات الْعرق.
وَأما الِاخْتِلَاف فَلَيْسَ لَهُ عَلامَة بَيِّنَة تخصه مثل عَلَامَات مَا ذكرنَا وَإِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ من أَنَّك تَجِد العلامات الَّتِي تدل على أَنه يكون استفراغ وَلَا تَجِد العلامات الَّتِي تدل على الْقَيْء والرعاف والعرق على أَنه لَيْسَ بِلَازِم ضَرُورَة إِذا لم تكن هَذِه أَن يكون الِاخْتِلَاف وَذَلِكَ أَنه يُمكن أَن يكون لَك البحران بِدَم يجْرِي من المقعدة أَو من الطمث وَيعلم الْكَائِن بالطمث من أَنه يتَقَدَّم الطمث ثقل بَين فِي أَسْفَل الظّهْر ووجع وتمدد فِي ذَلِك الْموضع.
وَأما انتفاخ الْعُرُوق الَّتِي فِي المقعدة فَإِنَّمَا هُوَ خَاص بِقوم فَمن كَانَ بِهِ ذَلِك يعسر فِيهِ تَمْيِيز الِاخْتِلَاف من هَذَا الْعَارِض. فَأَما سَائِر النَّاس كَافَّة فَإِذا وجدت فيهم عَلَامَات تدل على الاستفراغ وعلامات تدل على النضج وَلم تَجِد فيهم عَلَامَات تدل على رُعَاف وَلَا قيء وَلَا عرق فَلَا بُد أَن يصيبهم اخْتِلَاف.
وَإِن كَانَ البحران يُرِيد أَن يكون بخراج فالعلامة الْعَامَّة على كل خراج أَن يكون فِي الْمَرَض عَلَامَات السَّلامَة ثمَّ لَا يَنْقَضِي مَرضه وَلَا يَبُول بولا كثيرا رَقِيقا فِيهِ ثفل كثير لَكِن يَبُول بولا رَقِيقا.
وَإِمَّا العلامات الْخَاصَّة فَمَتَى كَانَ الْمَرَض لم يطلّ جدا ثمَّ رَأَيْت الْمَرِيض قد تغير نَفسه بَغْتَة ثمَّ سكن ذَلِك التَّغَيُّر الَّذِي حدث فِي نَفسه سَرِيعا فأعقبه وجع وَثقل فِي الرَّأْس وسبات وصمم فَذَلِك يدل ضَرُورَة على أَن خراجا يخرج فِي اللَّحْم الرخو الَّذِي يَلِي الْأذن.
وَمَتى كَانَ الْمَرَض قد طَال جدا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من هَذِه العلامات الَّتِي وَصفنَا وَظهر فِي بعض الْمَوَاضِع السفلية ثقل وتمدد والتهاب أَو وجع فتوقع حُدُوث الخراجات من أَسْفَل.)
إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَ الْبَطن مستطلقا فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران الَّذِي يكون مَعَه بعرق تَاما فِيهِ لِأَن ذَلِك يقل من الْعرق جدا وَلَا يكون البحران باخْتلَاف فِيمَن يعرق عرقا كثيرا تَاما وورم اللَّحْم الرخو إِذا كَانَ بعقب الْحمى رَدِيء مَكْرُوه فاقرأه فِي بَاب تقدمة الْمعرفَة فَإِنَّهُ لَيْسَ إبيذيميا قَالَ: إِذا لم تخرج الخراجات فِي الأسافل وَلم يكن التنقية بالبحران إِن كَانَت الْعلَّة فِي الْجَانِب الْأَيْمن ببول كثير وَإِن كَانَت فِي الْيَسَار برعاف فَإِنَّهُ كثيرا مَا يعاود الْمَرَض وَكَثِيرًا مَا يحدث ورم فِي الطحال وَفِيمَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن فَإِن خرجت خراجات أَو ينقي بالبول أَو الرعاف منع من العودة وَمن ورم هَذِه الْأَعْضَاء وَإِذا انصبت هَذِه الفضول بعد إِلَى هَذِه الْأَعْضَاء جلبت من الرَّأْس الْمَرَض.(5/141)
لي: يجب أَن تتفقد الْأَبدَان الَّتِي يكون البحران فِيهَا نَاقِصا وَالَّتِي قد نقهت بِلَا بحران وفيهَا بَقِيَّة من الْمَرَض فَإِن كَانَت الطبيعة مقصرة فِي دفع تِلْكَ الْبَقِيَّة هيجتها لذَلِك بعد أَن تتحرى أَن يكون إِلَى أوفق الْمَوَاضِع وبأوفق الْوُجُوه فتدعوها مرّة إِلَى أَن يكون خراج فِي بعض المفاصل وَمرَّة إِلَى فتح عروق المقعدة أَو الطمث أَو الْبَوْل أَو اخْتِلَاف أَو غير ذَلِك.
فَإِن رَأَيْت الطبيعة قد تحركت لدفع ذَلِك الْفضل إِلَى عُضْو خطير لَا يجب أَن ينْدَفع إِلَيْهِ احتلت أَلا تدفع إِلَيْهِ بتقوية ذَلِك الْعُضْو وإمالة الْمَادَّة عَنهُ إِلَى نَاحيَة أُخْرَى وتحر أَن يكون الْخَلْط الَّذِي تميله إِلَيْهِ بَعيدا لِأَن ميل الأخلاط إِلَى هُنَاكَ وعَلى أَن ميلها إِلَى مَا بعد من هُنَاكَ عسر.
وَإِذا رَأَيْت أَيْضا أَن الْخَلْط الَّذِي تُرِيدُ أَن يستفرغ أَو الْخراج الَّذِي تُرِيدُ أَن يخرج لَيْسَ من النَّوْع الَّذِي مِنْهُ كَانَ الْمَرَض فَيجب أَن تمنع ذَلِك ويجتلب ذَلِك الْخَلْط.
لي: إِن كَانَ الْمَرَض حادا يشبه الصَّفْرَاء وَأَقْبل يدْفع خلطا بلغميا أَو خراجا فَيجب حِينَئِذٍ أَن تستفرغ أَنْت وتستدعي استفراغا صفراريا.
الْأَمْرَاض الحادة فِي أَكثر الْأَمر لَا يكون بحرانها إِلَّا فِي الْأَفْرَاد والمزمنة فِي الْأزْوَاج.
الْأَمْرَاض الحادة يكون البحران فِيهَا فِي الْأَكْثَر بالرعاف وَأما أقل مَا يكون الرعاف فَفِي الرَّابِع فَأَما فِي السَّابِع وَالْخَامِس فَيكون كثيرا جدا وَفِي الثَّالِث وَالتَّاسِع فَيكون متوسطا وَفِي الرَّابِع عشر قل مَا يكون الرعاف لِأَن الرعاف بحران الْأَمْرَاض الحادة وبحران الْأَمْرَاض الحادة يمِيل فِي الْأَفْرَاد أبدا.
قَالَ أَكثر مَا يكون الْمَوْت فِي أَيَّام البحران والأحوط للطبيب أَلا يجْزم بِالْمَوْتِ لَكِن يَقُول إِن الْعلَّة)
تصعب وَلَعَلَّه يتَخَلَّص.
قَالَ: إِن تفقدت وجدت بحران السَّابِع أقوى من جَمِيع الْأَيَّام الَّتِي قبله وَبعده ثمَّ بعده الرَّابِع عشر ثمَّ يَوْم الْعشْرين ثمَّ يَوْم الْأَرْبَعين.
قَالَ: نُقْصَان البحران إِنَّمَا يكون أبدا لِأَن الْمَرَض لم ينضج وَإِذا رَأَيْت عَلَامَات النضج مقصرة وعلامات البحران قَوِيَّة فَاعْلَم أَنه سَيَأْتِي بحران نَاقص وخاصة إِن جَاءَ فِي يَوْم غير باحوري.
وَرُبمَا عرص قبل البحران النافض والرعشة واختلاج شَدِيد واعوجاج بعض الْأَعْضَاء كَالْعَيْنِ وَأكْثر مَا يكون الْمَوْت فِي أَيَّام النوائب وَقد يكون فِي غَيرهَا إِلَّا أَنه قَلِيل إِذا دلّت الدَّلَائِل على الْمَوْت فَاجْعَلْ السن وَالْقُوَّة دَلِيلا على تَأَخّر الْمَوْت مثل الشَّاب الْقوي والضعيف على تقدمة مثل الصَّبِي وَالشَّيْخ.
إِنَّه رُبمَا كثر فِي بعض الْأَحْوَال خُرُوج الْبَوْل والعرق وَالْبرَاز من الْبدن وَلَا يكون ذَلِك(5/142)
البحران وَلَا لِأَن الطبيعة تنقي بِهِ لَكِن لِأَن فِي الْبدن من ذَلِك الْجِنْس كَثْرَة كَثِيرَة لَا يقوى على ضَبطهَا أَو لِأَنَّهَا سريعة اللذع.
لي: يفرق بَين هَذِه وَبَين الباحورية بِأَن هَذِه عديمة النضج تَجِيء فِي كل الْأَوْقَات وَلَا أَمَارَات بحران وَلَا غير ذَلِك وَلَا فِي يَوْمه.
الْأَمْرَاض الصيفية يحلهَا الشتَاء فِي الْأَكْثَر والشتوية يحلهَا الصَّيف مَتى كَانَت دَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة مَعَ الْحمى الحادة.
ورجوت أَن يَأْتِي بحران ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل قد احْتبسَ فَاعْلَم أَنه سيحدث نافض يتلوه بحران لَا محَالة.
فان كَانَ الْمَرِيض مَعَ ذَلِك قد قلق فِي اللَّيْلَة الْمُتَقَدّمَة صعبت عَلَيْهِ علته وَكَانَ ذَلِك الْيَوْم يَوْمًا باحوريا قدرت أَن تتقدم فتنذر بذلك النافض إِذا احْتبسَ الْبَوْل فان دلّ النبض مَعَ ذَلِك على فان انْطلق الْبَطن انطلاقا كثيرا فَلَا يجب أَن تثق حِينَئِذٍ باحتباس الْبَوْل فِي الدّلَالَة على النافض فان كَانَ الْبَطن معتقلا مَعَ احتباس الْبَوْل ثمَّ علت من أَمر الْمَرَض أَن البحران قريب فانه يُصِيب ذَلِك الْمَرِيض ضَرُورَة نافض ثمَّ يتلوه عرق فان كَانَ قبل ذَلِك جهد شَدِيد وقلق كَانَت ثقتك بالنافض والعرق أَكثر.
وَذَلِكَ كَائِن فِي أَكثر الْأَمر وَإِن قل ذَلِك يَوْمًا وخف من الْمَرَض فانه لَا يظْهر فِي النبض دَلِيل دَال)
على النافض لَكِن يظْهر فِيهِ النبض الَّذِي يدل على الِاخْتِلَاف. وَقد وَصفنَا ذَلِك كُله فِي كتاب النبض.
وَإِن كَانَت الْحمى محرقة حادة وخاصة إِن كَانَت عَن التَّعَب فان حَرَكَة المرار فِي هَذَا أَشد مِنْهَا فِي غَيرهَا ولتكن بذلك أوثق وَذَلِكَ أَن البحارين المحرقات تكون بالنافض كثيرا.
والحميات الَّتِي يكون فِي ابتدائها نافض لَا يكون بحرانها بخراج وَذَلِكَ أَنه يتبعهَا فِي كل نوبَة عرق فَيخرج بِهِ الْفضل فَلَا تحْتَاج الطبيعة إِلَى دفع الْفضل بالخراجات لِأَن الخراجات إِنَّمَا تكون إِذا كَانَ الْفضل كثيرا.
الْأَمْرَاض الَّتِي يكون بحرانها بخراج هن الْأَمْرَاض السليمة العديمة النضج لِأَن الْأَمْرَاض السليمة إِذا كَانَ مَعهَا نضج كَانَ انْقِضَائِهَا باستفراغ فَمَتَى لم يكن الْمَرَض خبيثاً ثمَّ أدمن وَطَالَ بِهِ الْأَمر فتوقع الْخراج كَمَا قَالَ أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة: إِنَّه من بَال بولا رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت سَائِر الدَّلَائِل تنذر بِأَنَّهُ يسلم فتوقع لَهُ خراجا فِي بعض الْمَوَاضِع الَّتِي دون الْحجاب فِي علل آلَات النَّفس.
وَهَذَا مِثَال: إِذا كَانَت بِإِنْسَان عِلّة فصلح مِنْهَا فَكَانَ العرقان اللَّذَان فِي صدغيه شديدي الانبساط غير مستقرين الْبَتَّةَ ولونه حَائِل وَنَفسه متزايد وسعال يَابِس فتوفع خراجا فِي مفاصله.(5/143)
وَأكْثر من يحدث لَهُ الْخراج يكون وَجهه فِي مَرضه أَحْمَر مفرطا وَيكون مِمَّن لَونه أَبيض.
قَالَ ج: وَأَنت تَجِد بِالْحَقِيقَةِ الْوَجْه بَاقِيا على الْحمرَة فِي أَكثر مَرضه سليما ويدمن وَهَؤُلَاء هم الَّذين يخرج بهم الْخراج خَاصَّة فَإِن حمرَة الْوَجْه تكون أَزِيد إِذا كَانَ الْخراج مزمعا أَن يكون فِي أصل الْأذن وَيكون أظهر وَأبين إِذا كَانَ اللَّوْن بالطبع أَبيض وَذَلِكَ أَن الْأدم إِن كثر الدَّم فِيهِ لَا يظْهر كظهوره فِي الْأَبْيَض فجملة القَوْل على هَذَا: إِن الَّذين وُجُوههم مفرطة الْحمرَة ومرضهم طَوِيل عَظِيم يكون انقضاؤه بخراج اللَّهُمَّ إِلَّا يحدث رُعَاف فيستفرغ الْفضل الَّذِي كَانَ مزمعا أَن يحصل فِي بعض المفاصل.
فَأَما من كَانَت هَذِه حَاله وَلم يرعف أصلا أَو إِن رعف كَانَ قطرا يَسِيرا فَإِنَّهُ يخرج بِهِ خراج فِي مفاصله وَيكون الْوَجْه أَشد حمرَة.
وَإِن كَانَ الْخراج مزمعا أَن يكون فِي الأعالي إِذا بَقِي بعد الانقلاع أَعنِي انقلاع الْحمى أَن يكون عَطش واختلال الشَّهْوَة وضجر وتقلب وجفوف الْفَم وَنَحْو ذَلِك من أَعْرَاض الْمَرَض فإمَّا أَن)
يعاود الْمَرَض وَإِمَّا أَن يكون أأتمام إقلاعه بخراج.
الحميات الحادة يكون فِي الْأَكْثَر فِيهَا انْقِضَاء تَامّ ببحران استفراغ يجْرِي ظَاهرا وَأما الساكنة الهادئة فَإِنَّهَا تطول ثمَّ تسكن سكونا غير تَامّ وَتبقى مَعهَا أَعْرَاض ثمَّ تعاود أَيْضا فَيَأْتِي فِيهَا بحران ثَان رَدِيء يَأْتِي باندفاع الْفضل إِلَى بعض الْأَعْضَاء فَيكون حِينَئِذٍ الِانْقِضَاء تَاما.
بحران البلغم الزجاجي يكون كثيرا بالبول وَالْبرَاز الشبيه بالمنى إِذا حدث وَقت البحران ورم عِنْد الْأذن ثمَّ ضمر من غير أَن يتقيح فَإِن شَأْن الْحمى المعاودة وَرُبمَا عَادَتْ أَيْضا تِلْكَ الأورام وَرُبمَا عاودت بعد ذَلِك فِي المفاصل.
الْبَوْل الثخين يبطل كَون الخراجات فَإِن ساعد مَعَ ذَلِك رُعَاف فَهُوَ أولى أَن لَا يكون.
قَالَ: إِذا كَانَ وَجه النَّاقة متهيجا تهيجا مائيا علمت الْعَوام فضلا عَن الْأَطِبَّاء أَن الْمَرَض سيعاود إِن لم يتحققوا فِي التَّدْبِير وأشاروا بالتحفظ وَحسن التَّدْبِير فإمَّا الطَّبِيب فَيجب إِذا رأى تهيجا يَسِيرا فِي الجفن الْأَعْلَى أَن يسْتَدلّ على معاودة الْمَرَض وخليق أَن يكون.
هَذَا الورم إِنَّمَا يكون لضعف الْحَرَارَة الغريزية كَمَا يعرض لجثث الْمَوْتَى وَذَلِكَ أَن هَذِه الْأَعْضَاء أبقراط قَالَ: الأورام الَّتِي تبقى فِي الجفن الْأَعْلَى وَقد ضمر مَا حولهَا من الورم فِي الْوَجْه تدل على معاودة الأورام الَّتِي فِي طول الجفن ولونها إِلَى الْحمرَة وَهِي مَعَ ذَلِك صلبة جدا سمجة جدا تدل على الْقُوَّة.
الأخلاط قَالَ: اللمع الَّذِي يرَاهُ الْإِنْسَان قُدَّام عَيْنَيْهِ يدل على كَثْرَة الأخلاط فِي الْموضع الَّذِي بَين الجليدي والقرني.(5/144)
فِي الحميات الإعيائية: إِذا كَانَ الزَّمن والطبع والخلط كلهَا حارة فتوقع خراجا فِي أصل الْأذن فَإِذا لم يكن كَذَلِك فَفِي بعض الْأَعْضَاء السُّفْلى من المفاصل.
لي: الحميات الإعيائية من شَأْنهَا فِي الْأَكْثَر أَن يكون بحرانها بالخراجات وَإِذا كَانَت الأخلاط مَعهَا حادة رقيقَة فالخراج يكون فِي أعالي الْبدن وبالضد وَيَعْنِي بالإعياء الْكَائِن من تِلْقَاء نَفسه كَذَا قَالَ ج: فِي هَذَا الإعياء: إِنَّه الَّذِي يكون من تِلْقَاء نَفسه.
قَالَ فِي هَذِه الحميات: إِذا لم تكن حارة قَوِيَّة مزعجة فالخراجات تكون أَسْفَل وبالضد وَإِذا كَانَ القدمان أَو أسافل الْبدن فِي هَذِه الحميات حارة فَإِن الْخراج يكون أَسْفَل وبالضد.
وَمَتى بقيت من الْمَرَض بقايا فأتعب الناقه يَده أَو رجله أَو أحد أَعْضَائِهِ خرج فِيهِ خراجات)
وَمَتى كَانَ عُضْو قد تقدم لَهُ التَّعَب قبل الْمَرَض فَفِيهِ يكون الْخراج.
وَإِذا كَانَت بعض الْأَعْضَاء ضَعِيفَة أَو رَدِيئَة الْهَيْئَة كَانَ البحران نَحوه كثيرا بالخراج والاستفراغ ويتغير البحران نَحْو عَارض النَّفس فَيكون عِنْد الْفَزع وَنَحْو ذَلِك بالإسهال وَالْبَوْل والقيء وَأما فِي الْوَقْت السرُور المفرط وَالْغَضَب فَيعرض أَن يكون بالعرق.
من كتاب الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: إِذا كَانَ النَّفس مفرطا فِي الأمراط الحادة كَانَ البحران أَبْطَأَ ويستدل على ذَلِك من يبس اللِّسَان وقحل جَمِيع الْجلد وبالضد.
قَالَ ج: الْأَمْرَاض الْيَابِسَة جدا إِمَّا قتالة وَإِمَّا بطيئة البحران.
من الْأَمْرَاض الحادة قَالَ: اللمع قُدَّام الْعين يكون إِمَّا لبخارات كَثِيرَة ترْتَفع إِلَى الرَّأْس من الْمعدة وَإِمَّا لِكَثْرَة دم يترقى إِلَى الرَّأْس.
قَالَ ج: أما صعُود البخارات إِلَى الرَّأْس فتصعد كثيرا مَتى تنَاول الْمَرِيض الْغذَاء فِي غير وقته وَأما الثَّانِي فَيكون لدم كثيرا يمِيل إِلَى الرَّأْس دفْعَة.
قَالَ: وصعود الدَّم إِلَى الرَّأْس دفْعَة يكون بِسَبَب رُعَاف يحدث أَو اخْتِلَاط عقل عَن قريب.
لي: يفرق بَين اللمع الْكَائِن من البخارات واللمع الْكَائِن لميلان الدَّم الْكثير إِلَى الرَّأْس فَإِن الأول لَا امتلاء للعروق مَعَه وَلَا حمرَة كَثِيرَة وَالتَّدْبِير الْمُتَقَدّم إِذا كَانَ مراريا ويبس الْمَرِيض وقحله ومزاج العليل وأضداد هَذِه يدلك على الْكَائِن لميلان الدَّم وَهَذَا يدل على الرعاف وَالثَّانِي قَالَ: اخْتِلَاج الشّفة السُّفْلى يكون للذع شَدِيد فِي فَم الْمعدة وَلذَلِك يدل على الْقَيْء الْكَائِن من أخلاط حارة.
قَالَ: ج: قد يسْتَعْمل الْحمام إِذا احتجنا إِلَى حُدُوث الرعاف وَإِذا لم يُمكن الْحمام لعِلَّة مَا فَإنَّا نسخن الرَّأْس بالنطول.
من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل نيا زَمَانا طَويلا وَدَلَائِل السَّلامَة مَوْجُودَة فتوقع(5/145)
خراجا فِيمَا دون الْحجاب وَذَلِكَ أَن مثل هَذَا الْمَرَض يكون عَن خلط غليظ وَلذَلِك يعسر قبُولهَا للنضج.
وَمن شَأْن البحران أَن يَتَحَرَّك فِي هَذِه الْأَمْرَاض بخراج وَأما الَّتِي تكون عَن خلط حَار حريف فبحرانها يكون بالإسهال: فَمَتَى رَأَيْت الْبَوْل قد مكث مُدَّة طَوِيلَة لَا ينضج فَانْظُر فِي أَمر الْقُوَّة فَإِنَّهَا إِن كَانَت قَوِيَّة أمكن أَن يعِيش حَتَّى يكون لَهُ بحران بخراج وبالضد.)
والخراجات فِي الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يكون فِيهَا خراج يحدث إِلَى جَانب الْأذن للطف الأخلاط وَكَثْرَة الْحَرَكَة وَصِحَّة الْقُوَّة فَأَما فِي البطيئة فَفِي النواحي السُّفْلى من الْبدن لغلط الأخلاط وبردها وَضعف الْقُوَّة وَطول الْمَرَض وَفِي المتوسطة بَين هذَيْن تكون الخراجات فِيهَا فِي الناحيتين وَيجب أَن تعلم إِلَى أَي نَاحيَة تميل سَائِر الدَّلَائِل الدَّالَّة على الخراجات.
قَالَ: حُدُوث الشَّيْء إِن كَانَ فِي يَوْم البحران فَلَيْسَ يعلم على الْحَقِيقَة أمحمود هُوَ أم مَذْمُوم إِلَّا من حَال العليل بعد فَإِنَّهُ إِن كَانَ أخف كَانَ مَحْمُودًا وبالضد.
قَالَ: فَإِن اتّفق أَن يَنْقَضِي ببحرانه كَائِن فِي الْيَوْم السَّادِس من الْمَرَض فَلَا يكون ذَلِك فَإِنَّهُ يعود لَا محَالة أبقراط يضع: إِن أول أَيَّام البحران هُوَ الْيَوْم الثَّالِث.
قَالَ: الحميات الَّتِي هِيَ فِي غَايَة الهدو مَعَ كَمَال دَلَائِل السَّلامَة تَنْقَضِي فِي الرابوع الأول وَالَّتِي مَعهَا دَلَائِل الرداءة والحدة تقتل فِي الرابوع الأول فَأَما الَّذِي يَأْتِي فِيهِ البحران فِي مُدَّة أطول فتقدمة الْمعرفَة فِي أمره فِي أَوله عسر لِأَن أوائلها مشتبهة وَيجب أَن تتفقد الْحَال كل أَرْبَعَة أَيَّام فَإِنَّهُ لن يخفي عَلَيْك إِلَى أَن يمِيل الْفرق بَين الْمَرَض السَّلِيم وَالْقَاتِل إِذا كَانَا قصيرين فِي مدتهما أَو عظمين جدا وَذَلِكَ أَن أَحدهمَا يكون فِي غَايَة السّكُون والهدو وَقلة الإزعاج للطبيعة وَفِي غَايَة الْقرب من الْحَال الطبيعية وَالْآخر فِي حَال تبعد عَن الْحَالة الطبيعية وَفِي غَايَة شدَّة الإزعاج والحدة وإقلاق الطبيعة فَأَما إِذا أزمن الْمَرَض لم تكن التَّفْرِقَة بَينهمَا سهلة وَلَا وَاضِحَة لِأَن دلائلهما لَا تبادر لِأَن الْمَرَض الْقِتَال إِذا كَانَ طَويلا كَانَت دلائله الرَّديئَة أَضْعَف وأهدا وأسكن وَأَقل وَكَذَا الطبيعة وخروجها عَنْهَا وَلَوْلَا ذَلِك لم يزمن بل يقتل سَرِيعا.
وَالْمَرَض السَّلِيم الَّذِي لَا يَمُوت صَاحبه مِنْهُ إِذا كَانَ مزمنا كَانَت دلائله الجيدة أَضْعَف دلَالَة على الْخَلَاص وَلم يكن فِي غَايَة الْقُوَّة والظهور وَلَوْلَا ذَلِك لم يزمن بل كَانَ يبرأ سَرِيعا فَلذَلِك يَنْبَغِي أَن تتفقد الْحَال فِي المزمنة مَعًا قَلِيلا قَلِيلا فَمَتَى قربت من البحران فِي كل رابوع فَإِنَّهُ بذلك يعلم كَيفَ الْحَال فِيهِ وأسليم هُوَ أم قَاتل.
قَالَ: وَيجب أَن تحسب لمعْرِفَة بحران علل النُّفَسَاء من يَوْم ولدت لَا من يَوْم حمت.
قَالَ: أقصر الْأَمْرَاض هُوَ الَّذِي يَجِيء بحرانه فِي الرابوع الأول ثمَّ الَّذِي فِي الثَّانِي ثمَّ الَّذِي فِي الثَّالِث ثمَّ فِي الرَّابِع ثمَّ فِي الْخَامِس ثمَّ فِي السَّادِس والرابوع السَّادِس يكون فِي الْعشْرين يَوْمًا.(5/146)
لي: وَذَلِكَ أَن الرابوع الرَّابِع بعده إِلَى أَرْبَعَة عشر وَالْخَامِس الثَّامِن عشر فَيكون الْعشْرُونَ من)
الرابوع السَّادِس لِأَنَّهُ يحْسب الأسبوعان الْأَوَّلَانِ منفصلين وهما إِلَى الرَّابِع عشر والأسبوع الثَّالِث مُتَّصِل وَهُوَ أَن يَبْتَدِئ بعدده من الرَّابِع عشر وَيَنْتَهِي فِي الْعشْرين والأرابيع أنصافها فَيكون الرابوع الأول وَالثَّانِي السَّابِع وَالثَّالِث الْحَادِي عشر وَالرَّابِع الرَّابِع عشر وَالْخَامِس السَّابِع عشر وَالسَّادِس الْعشْرُونَ.
قَالَ ج: فَإِذا جَازَت الْأَمْرَاض هَذَا الْحَد ضعفت الأرابيع فحسبت حركاته على الأسابيع وَفِيه تكون حركات البحران فَإِذا امْتَدَّ الزَّمَان ضعفت أَيْضا الأسابيع لِأَن حَرَكَة الْمَرَض تكون بطيئة جدا فحسبت على الأدوار التَّامَّة وَهِي العشرونات ثمَّ تنْتَقل إِلَى الشُّهُور ثمَّ إِلَى السنين قَالَ أبقراط: من سكنت حماه من غير أَن تظهر فِيهِ عَلامَة دَالَّة على انْقِضَاء الْمَرَض وَلَا فِي يَوْم باحوري فتوقع عوده حِينَئِذٍ.
قَالَ ج: الْأَمْرَاض الَّتِي تسكن من غير سَبَب يُوجب ذَلِك فَإِنَّهَا تعود وَإِن كَانَ سكونها فِي يَوْم باحوري من طَالَتْ حماه وَهِي سليمَة وَلَيْسَ بِهِ ألم من التهاب أصلا وَلَا من سَبَب آخر فتوقع لَهُ خراجا فِي مفاصله وخاصة فِي السُّفْلى لِأَن هَذِه الأخلاط فِيهَا غَلِيظَة بَارِدَة فميلها وَدفع الطبيعة لَهَا نَحْو السُّفْلى وَلَيْسَت مقلقة فَيكون خُرُوجهَا بإسهال وَنَحْو ذَلِك فَيحصل أَن يكون بخراج فِي المفاصل السُّفْلى فَإِن كَانَ العليل شَابًّا فيلكن توقعك للخراج أقل وللاستفراغ بالبول وَبِغَيْرِهِ أَكثر لِأَن حرارة المزاج تميل الدّفع نَحْو الاستفراغ الغريزي.
الاستفراغ يتَوَقَّع فِي الْأَمْرَاض إِلَى دون الْعشْرين أَكثر فَإِذا جَاوَزت الْعشْرين فالخراجات.
وَفِي الْأَمْرَاض الساكنة: وَإِذا كَانَت فِي الْمَشَايِخ فتوقع الْخراج أَيْضا ضَعِيفا وَذَلِكَ أَنه يحْتَاج فِي الْخراج أَيْضا إِلَى توَسط من الْقُوَّة وَبَعض المهيج من الْخَلْط وَالْقُوَّة فِي هَؤُلَاءِ ضَعِيفَة والخلط سَاكن فيميل الْأَمر إِلَى أَن يكون بالتحلل الْخَفي.
وَأما الْمَشَايِخ فَقل مَا تحدث بهم فِي أمراضهم خراجات لَكِنَّهَا تَنْقَضِي بالتحلل فِي زمَان طَوِيل فتوقع مثل هَذِه الخراجات فِي الحميات الدائمة لِأَن الحميات الدائمة إِذا طَالَتْ وَكَانَت هادئة لينَة فَإِن رَأَيْت الحميات قد خلطت فَاعْلَم أَنَّهَا تنْتَقل إِلَى الرّبع وخاصة مَتى صادت ابْتِدَاء الخريف وَاعْلَم أَنه فِي الشتَاء يجب أَن يكون توقعك فِي هَذَا الْوَقْت للخراج أَكثر وَفِي الَّذين فَوْقهم فِي السن فلانتقالها إِلَى الرّبع.
قَالَ: وَاعْلَم أَن الخراجات تكون فِي الْأَمْرَاض فِي الشتَاء أَكثر لِأَن الْغَالِب على الْخَلْط(5/147)
الْبرد فِي ذَلِك)
الزَّمَان وَيكون سكونها أَبْطَأَ لِأَنَّهُ يحْتَاج فِي سكونها إِلَى أَن ينضج أَو يتَحَلَّل وَبرد الْهَوَاء مَانع من ذَلِك وَتَكون معاودتها أقل وَذَلِكَ أَن المعاودة تحْتَاج إِلَى حَرَكَة وَبرد الزَّمَان يمْنَع من ذَلِك.
وَمن شكا فِي حمى سليمَة صداعا وَرَأى أَمَام عَيْنَيْهِ شَيْئا أسود فَإِنَّهُ مَتى أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك وجع فِي فُؤَاده حدث لَهُ قيء مراري فَإِن أَصَابَهُ مَعَ ذَلِك نافض وَكَانَت النواحي السُّفْلى مِمَّا دون الشراسيف مِنْهُ بَارِدَة كَانَ الْقَيْء أسْرع عَلَيْهِ فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا أسْرع إِلَيْهِ الْقَيْء جدا.
لي: وَهَذَا الصداع والتخييل إِنَّمَا هُوَ من بخار الْمرة الصَّفْرَاء فَإِن الصَّفْرَاء إِذا سخنت سخونة شَدِيدَة تحترق ويرتفع مِنْهَا بخار أسود فَيكون مِنْهُ الصداع والتخييلات الشبيهة بتخييلات من يعرض فِي عَيْنَيْهِ المَاء وَالْفرق بَين هَذَا البخار وَبَين الصاعد من الرئة هُوَ أَن البخار الصاعد من الْمعدة يحس مَعَه بلذع فِي فَم الْمعدة لِأَنَّهَا تحس بلذع تِلْكَ الصَّفْرَاء الَّتِي عَنْهَا يصعد ذَلِك البخار وَأما الصاعد من الرئة فَإِنَّهُ لَا يحس مِنْهُ صَاحب الصداع فِي الصَّدْر بلذع وَذَلِكَ أَن الرئة لَا تحس هَذَا الإحساس فَأَما فَم الْمعدة فَفِي غَايَة الإحساس.
واختلاج الشّفة السُّفْلى أَيْضا يدل على الْقَيْء أَكثر من كل شَيْء وأسرع وَذَلِكَ أَن الطَّبَقَة الدَّاخِلَة من الْمعدة هِيَ الَّتِي تغشى المري وَاللِّسَان وَالْحلق وَجَمِيع الْفَم وكل أَجزَاء هَذِه الطَّبَقَة مُتَّصِلَة فَهِيَ الَّتِي تحرّك الشّفة السُّفْلى إِذا حدث لَهَا لذع فِي فَم الْمعدة من حِدة المرار وَذَلِكَ أَن شَأْن هَذَا المرار أَن يطفو لخفته فِي فَم الْمعدة فَإِن عرض فِي ذَلِك الْوَقْت نافض كل الْقَيْء مَعَ إسراعه غزيرا كثيرا لِأَن النافض فِي أَكثر الْأَمر يحدث فِي الْقَيْء مرار فَإِن تنَاول فِي ذَلِك الْوَقْت طَعَاما أَو شرابًا حدث الْقَيْء أسْرع لِأَنَّهُ يفْسد بذلك المرار وتكثر كميته فَيكون أسْرع للقذف فَيخرج.
وَمن بَدَأَ بِهِ هَذَا الصداع من أَصْحَاب هَذِه الحميات مُنْذُ أول يَوْم حم فَإِنَّهُ أَحْرَى أَن تشتد بِهِ فِي الرَّابِع وَالْخَامِس وَيكون بحرانه فِي السَّابِع فَأَما أَكْثَرهم فَإِنَّهُ يَبْتَدِئ بهم هَذَا الصداع فِي الثَّالِث مُنْذُ حموا ويشتد بهم فِي الْخَامِس ثمَّ يَجِيء البحران فِي التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر.
وَمِنْهُم من يبتدىء بِهِ الصداع فِي الْخَامِس وينقضي فِي الرَّابِع عشر وَالَّذِي يعم جَمِيع هَؤُلَاءِ أَن يجيئهم فِي السَّابِع مُنْذُ يَوْم يصدعون لِأَن الوجع الَّذِي ابْتَدَأَ فِي الأول جَاءَ هَذَا البحران فِيهِ فِي السَّابِع وَأما الَّذِي ابْتَدَأَ بِهِ الصداع فِي الثَّالِث فبحرانه تَجدهُ بِهَذَا الْقيَاس أَن يكون فِي الْعَاشِر لِأَن)
السَّابِع من الثَّالِث إِلَّا أَن هَذَا الْيَوْم لَيْسَ بِيَوْم بحران فَإِن البحران إِمَّا أَن يتقدمه فَيَجِيء فِي التَّاسِع وَإِمَّا أَن يتأخره فَيَجِيء فِي الْحَادِي عشر بِحَسب حَرَكَة الْمَرَض فَإِنَّهُ إِن كَانَ إِلَى الحدة أميل وَاتفقَ للعليل مَا يُوجب ذَلِك مَال إِلَى التَّاسِع وَإِن اتّفقت أضداده فَإلَى الْحَادِي عشر.(5/148)
وَيَوْم التَّاسِع وَهُوَ يَوْم بحران إِذا لم يكن شَأْن الْمَرِيض أَن يَأْتِي بحرانه فِي الأرابيع والأسابيع لَكِن فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط.
وَأما الَّذِي يبتدىء بِهِ الصداع فِي الْخَامِس فيمتد إِلَى الرَّابِع عشر لِأَن الْحَرَارَة فيهم أسكن وَدَلِيل ذَلِك تَأَخّر الصداع وَالسَّابِع من الْخَامِس هُوَ الثَّانِي عشر إِلَّا أَنه لَا يُمكن حُدُوث البحران فِي هَذَا الْيَوْم لِأَنَّهُ لَيْسَ بِيَوْم باحوري فَوَاجِب أَن يتَأَخَّر البحران إِلَى الرَّابِع عشر لِأَن طبيعة الْمَرَض سَاكِنة وَذَلِكَ لِأَن الْأَمْرَاض الحادة تميل أبدا إِلَى تقدم البحران والساكنة إِلَى تَأَخره.
وَمن شَأْن هَذَا الصداع أَن يعرض للكملاء فِي جَمِيع حميات الغب لِأَن المرار غَالب فِي هَذِه السن غَلَبَة شَدِيدَة فَأَما الَّذين هم أحدث سنا من هَؤُلَاءِ فَلَيْسَ يعرض لَهُم ذَلِك فِي جَمِيع حميات الغب لَكِن فِي الْخَالِصَة مِنْهَا لِأَن المرار فِي طبيعة هَذِه الْحمى أغلب جدا وَفِي الدائمة أَيْضا لِأَن المرار فِي هَذِه أغلب وأفرط كثيرا.
قَالَ: فَأَما من أَصَابَهُ فِي مثل هَذِه الْحمى صداع وأصابه مَكَان التخييلات الَّتِي أَمَام عَيْنَيْهِ غشاوة وَرَأى أَمَام عَيْنَيْهِ شَبِيها باللمع وأصابه مَكَان الوجع الْفُؤَاد تمدد فِي مَا دون الشراسيف من الْجَانِب الْأَيْمن أَو الْأَيْسَر من غير تلهب وَلَا وجع فتوقع لَهُ الرعاف وخاصة إِذا كَانَ حَدثا فَأَما من قد ناطح الثَّلَاثِينَ أَو أَكثر فَيكون توقعك للرعاف أقل وتوقع لَهُ الْقَيْء.
وَهَذَا الْكَلَام كُله فِي الحميات السليمة الَّتِي تظهر فِيهَا عَلَامَات السَّلامَة وَيكون البحران فِيهَا باستفراغ وَهَذِه هِيَ الدَّلَائِل الثَّانِيَة تدل على رُعَاف لِأَنَّهَا عَظِيمَة الدّلَالَة على ميل الأخلاط نَحْو الرَّأْس فَإِذا رَأَيْت جَمِيع دَلَائِل الرعاف كلهَا أمكنك أَن تَقول: برعاف يكون هَذَا البحران أَو بقيء وخاصة مَتى ضممت إِلَى ذَلِك دَلِيلا من الاستفراغ الْمَأْخُوذ من النبض فَإِن هَذَا الدَّلِيل يتَقَدَّم حُدُوث الرعاف لَا محَالة يَعْنِي دَلِيل النبض الدَّال على الرعاف.
عَلَامَات البحران: البحران يكون بالعرق والإسهال والرعاف والقيء والخراجات وينذر بِهِ النافض.
الْفُصُول: والصداع الْعَارِض بَغْتَة من غير عِلّة توجب ذَلِك.)
والخفقان والتشنج فِي مَا دون الشراسيف من وجع والسهر الشَّديد والقلق والاختلاط وَتقدم النّوبَة والدموع والحمرة فِي الْوَجْه وَالْعين واختلاج الشّفة السُّفْلى والخيالات أَمَام الْعين والحمرة فِي الْأنف وحكة فَهَذِهِ كلهَا تنذر بِتَغَيُّر سريع يحدث للْمَرِيض وَإِذا ظَهرت بعد النضج دلّت على تغير جيد وَحسن حَال وَمَتى ظَهرت قبل النضج دلّت على بحران ذميم إِمَّا متْلف وَإِمَّا مطول للمرض على قدر قوتها.
وَإِذا كَانَ البحران قد جَاءَ أَو هُوَ مزمع أَن يَجِيء أَو رَأَيْت حَرَكَة الطبيعة حَرَكَة قَوِيَّة يتم بهَا كَون بحران كَامِل فَلَا تحدث حَدثا الْبَتَّةَ وخل بَين الطبيعة وَبَين مَا تريده وَإِذا رَأَيْت أَن(5/149)
حركتها قد ضعفت وَخفت أَن يكون مَا استفرغته نَاقِصا عَمَّا بِهِ يكمل البحران فَيَنْبَغِي أَن تعين على استتمام مَا تُرِيدُ فعله.
لي: مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَ يُرِيد أَن يكون إسهال وَكَانَت حَرَكَة نَاقِصَة أَعْطيته مسهلا وَإِن كَانَ رعافا خدشت الْأنف دَاخِلا على مَا قد جرت بِهِ الْعَادة لِأَنَّك إِن لم تفعل ذَلِك جلبت البقايا الَّتِي تبقي عودة من الْمَرَض.
قَالَ: والبحران يحْتَاج إِلَى خلال حَتَّى يكون كَامِلا فَأول ذَلِك البحران الْكَائِن بالاستفراغ أفضل من الْكَائِن بالخراج والبحران الَّذِي يستفرغ ذَلِك الْخَلْط نَفسه الَّذِي هُوَ عِلّة الْمَرَض وَالْغَالِب فِي الْبدن أفضل من الَّذِي يستفرغ غَيره من الأخلاط وَالَّذِي يكون استفراغه من الشق الَّذِي فِيهِ الْمَرَض من الَّذِي يكون من الْجَانِب الآخر وَالَّذِي يكون بعقبه رَاحَة من الوجع أفضل من غَيره وَالَّذِي يكون من بعد ظُهُور النضج هُوَ الْمَحْمُود وَالَّذِي يكون فِي يَوْم بحران. فالبحران هُوَ الَّذِي يجب اجْتِمَاع هَذِه الْأَشْيَاء لَهُ حَتَّى يكون بحرانا كَامِلا.
لي: قد أهمل ذكر كمية مَا يستفرغ وَأَنا أرى أَن ملاك الْأَمر كُله ذَلِك وَهُوَ الَّذِي يجب أَن يستتم وَقد ذكر الاستفراغ الَّذِي يكون من خلط غير الْخَلْط الَّذِي هُوَ سَبَب الْمَرَض وَأَنا أرى أَن هَذَا لَيْسَ إِنَّمَا يسْتَحق أَن يُسمى بحرانا فَقَط لكنه استفراغ رَدِيء ضار وَأَنا أرى أَن الطبيعة وَهِي مخلاة لَا تقصد إِلَى فعل مثل هَذَا البحران وَلَا أَن تجْعَل الاستفراغ من الْجَانِب الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْعلَّة وَإِذا أردْت أَن تستوفي مَا نقص من البحران النَّاقِص فاستفرغ من الْموضع الَّذِي هُوَ إِلَيْهِ أميل إِلَّا أَن يكون فِي ذَلِك ضَرَر من مروره على عُضْو خطير أَو عليل أَو يكون قد مَالَتْ إِلَى مَوضِع لَا يجب أَن تميل إِلَيْهِ فَإِنَّهُ عِنْد ذَلِك يجب أَن تجذبها إِلَى ضد تِلْكَ النَّاحِيَة بِأَن تجْعَل)
الاستفراغ مِنْهَا إِلَّا أَن يكون مَا يحدث عَن مرورها على الْموضع الَّذِي قد مَالَتْ إِلَيْهِ أقل ضَرَرا من نقلهَا عَنهُ فَأَما إِن كَانَ مرورها على الْموضع الَّذِي مَالَتْ إِلَيْهِ أعظم ضَرَرا من ضَرَر الْعلَّة الَّتِي بهَا يكون البحران فأمله عَنهُ وَإِن لم يتهيأ فامنعه أَن يجْرِي مِنْهُ على ذَلِك الْموضع.
قَالَ فِي اللَّيْلَة الَّتِي قبل البحران تكون حَالَة الْمَرِيض أَشد لِأَن الطبيعة تُجَاهِد وَيكون هَذَا الِاضْطِرَاب بِالنَّهَارِ أَيْضا إِلَّا أَنه بِاللَّيْلِ أَشد وَأما فِي اللَّيْلَة الَّتِي بعد البحران فَيكون العليل على قَالَ: مَتى لم يكن بالبحران ميل الْبدن كُله إِلَى حَال جَيِّدَة أَو رَدِيئَة فَإِن كَمَال ذَلِك التَّغَيُّر يَجِيء فِي الْيَوْم الَّذِي بعده من أَيَّام البحران.
وَأكْثر أمراض الصّبيان المزمنة يَأْتِي البحران فِي بَعْضهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَبَعضهَا فِي سَبْعَة أشهر وَفِي سبع سِنِين وَفِي وَقت نَبَات الشّعْر فِي الْعَانَة فَأَما مَا بَقِي من الْأَمْرَاض فَلَا ينْحل فِي وَقت الإنبات أَو جرى الطمث فَإِنَّهَا تزمن وتطول.
وَمن أَصَابَهُ من الْحمى فِي الْيَوْم السَّادِس من مَرضه نافض فَإِن بحرانه يكون نكلا.(5/150)
قَالَ ج فِي البحران: إِذا حدث فِي الْحمى النافض لَا سِيمَا المحرقة فَمن عَادَتهَا أَن يَأْتِي بعْدهَا البحران فَإِن كَانَ النافض فِي يَوْم باحوري وَكَانَت أَعْلَام النضج قد ظَهرت كَانَ بحرانا جيدا وَإِن كَانَ فِي الْيَوْم أَو فِي عَلَامَات النضج تَقْصِير لم يكن البحران جيدا وَلَا تَاما.
للبحران فصل قد خبرنَا بِهِ فِي كتاب أَيَّام البحران إِذا كَانَت نَوَائِب الْحمى لَازِمَة لوقت وَاحِد لَا تَزُول عَنهُ فَإِن بحرانها عسر لِأَن لُزُوم النوائب لوقت وَاحِد يدل على تمكن سَببهَا وقوته وَيحْتَاج بذلك إِلَى زمَان طَوِيل وعلاج مُحكم حَتَّى تَنْقَضِي.
من كَانَت حماه إعيائية فَإِن الخراجات تسرع إِلَيْهِ وَأكْثر مَا يحدث لَهُ ذَلِك فِي مفاصل اللحيين لِأَن الخراجات خَاصَّة بحميات الإعياء والحمى تدفع الأخلاط إِلَى الرَّأْس وَإِذا نقه رجل من مَرضه فَأَصَابَهُ فِي مَوضِع من بدنه إعياء فَإِنَّهُ سيحدث بِهِ فِي ذَلِك الْموضع خراج وَإِن كَانَ أَيْضا قد تقدم لَهُ إعياء فِي عُضْو من أَعْضَائِهِ فَفِي ذَلِك الْموضع يحدث بِهِ الْخراج.
وَأي ناقه أتعب شَيْء من أَعْضَائِهِ وَلم يكن بُرْؤُهُ باستفراغ فَإِنَّهُ فِي ذَلِك الْموضع يحدث لَهُ خراج.
الْأَمْرَاض الَّتِي تجَاوز الْأَرْبَعين لَا يكَاد يكون بحرانها باستفراغ بل إِنَّمَا يكون فِي ذَلِك فِي الْأَكْثَر إِمَّا بخراج وَإِمَّا بتحلل خَفِي أَولا أَولا.)
قَالَ: وَأول أَيَّام البحران الثَّالِث وَذَلِكَ أَنه قد يُؤذن فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أَزِيد حِدة بالرابع وَكَثِيرًا مَا يتَأَخَّر بحران الرَّابِع إِلَى الْخَامِس والعرق فِي الْأَمْرَاض الحادة يكون فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِمَّا يكون فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران هَذِه الْأَمْرَاض الحادة فِي الرَّابِع إِلَّا أَن يكون فِي الندرة.
وَقد علمنَا أَن البحران يكون فِي أَيَّام النوائب وَالَّتِي تنوب فِي الْأَفْرَاد بحرانها أسْرع وَلذَلِك إِذا كَانَ الْمَرَض مزمعا أَن يطول دارت نوائبه فَصَارَت فِي الْأزْوَاج وَقل مَا يُوجد الْعرق فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثِينَ وَالسَّابِع وَالْعِشْرين.
أَكثر مَا يكون بحران الغب الْخَالِصَة فِي الثَّالِث عشر وَلَا تنْتَظر الرَّابِع عشر لِأَن الدّور السَّابِع لم وَقد تفقدنا بحارين الحميات النائبة فَوَجَدْنَاهَا تكون على حسب النوائب كَمَا تكون الدائمة على حِسَاب الْأَيَّام فَيكون بحران الغب وَالرّبع فِي سَبْعَة أدوار على نَحْو مَا يكون بحران الْمَرَض الحاد فِي سَبْعَة أَيَّام وَرُبمَا جَاوز كَمَا تجَاوز الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي هِيَ أقل حِدة فَيصير إِلَى أَيَّام أخر فَتَصِير هَذِه أَيْضا إِلَى أدوار أخر وَرُبمَا تقدم ذَلِك كَمَا تتقدم الْأَمْرَاض الحادة أَيْضا قبل السَّابِع.
لي: هَذَا يكون يكون بِحَسب حركتها وحدتها فِي نَفسهَا كَمَا أَن الْأَمْرَاض الحادة إِنَّمَا تتقدم وتتأخر بِحَسب ذَلِك.(5/151)
(الْبَوْل) 3 (يطْلب فِي بَاب الْبَوْل أَشْيَاء يحْتَاج إِلَيْهَا) من يتَوَقَّع لَهُ خراج فِي شَيْء من مفاصله فقد يتَخَلَّص من ذَلِك الْخراج ببول كثير غليظ يبوله فَإِن رعف كَانَ ذَلِك أدل على أَلا يكون بخراج لِأَن الطبيعة إِذا قويت على أَن تدفع الْفضل باستفراغ ظَاهر لم تَدْفَعهُ بالخراج والرعاف أقوى على ذَلِك من الْبَوْل والنفض الَّذِي يكون بالرعاف أقوى من الَّذِي يكون بالبول. 3 (من مسَائِل قسطا فِي البحران) أفضل أَيَّام البحران كلهَا السَّابِع وَالرَّابِع عشر ثمَّ التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ وَبعدهَا السَّابِع عشر وَالْخَامِس وبعدهما الرَّابِع وَالثَّالِث وبعدهما الثَّامِن عشر.
أشر أَيَّام البحران السَّادِس ثمَّ الثَّامِن ثمَّ الْعَاشِر وَبعدهَا الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر وَفِيمَا بَين الْأَيَّام المحمودة والمذمومة الثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر.
أفضل الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين السَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَبعدهَا الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين غير هَذِه فَلَا بحران فِيهَا الْبَتَّةَ.
3 - (مسَائِل المولودين لثمانية أشهر)
إِن أَيَّام البحران أثاليث وأرابيع فالأثاليث تحسب كلهَا مُتَّصِلَة أَولهَا الْيَوْم الثَّالِث ثمَّ الْخَامِس لِأَن الثَّالِث يحْسب أول الأثلوث الثَّانِي ثمَّ السَّابِع لِأَن الْخَامِس يحْسب أول الأثلوث الثَّالِث وَأما الأرابيع فتحسب بِأَن تفصل رابوعات من رابوعين ويوصل رابوعان برابوعين والرابوعان من الْأُسْبُوع الأول يحسبان منفصلين من الرابوعين من الْأُسْبُوع الثَّانِي والرابوعان من الْأُسْبُوع الثَّانِي يحسبان متصلين بالرابوعين من الْأُسْبُوع الثَّالِث وَذَلِكَ أَن آخر الرابوع الثَّانِي من الْأُسْبُوع الثَّانِي هُوَ ابْتِدَاء الأول من الْأُسْبُوع الثَّالِث.
لي: قد بَان أَن الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط هِيَ الأثاليث.
أغلوقلن قَالَ: الصداع الدَّال على البحران هُوَ أَن يحدث فِي ذَلِك الْوَقْت وَيكون مَعَه فِي الرَّأْس والرقبة وجع وَتَكون الشراسيف منجذبة إِلَى فَوق ويعرض للْمَرِيض عسر فِي نَفسه بَغْتَة كَأَن صَدره قد ضَاقَ فَإنَّك بعد هَذِه كلهَا مَتى وجدت نبض الْعُرُوق قد عظم بَغْتَة وَبَقِي على عظمه فَلم ينخفض وَلَا رَجَعَ إِلَى الضعْف فتوقع حُدُوث البحران على الْمَكَان وَإِن وجدت مَعَ النبض مَعَ مَا لم ينخفض قد ازْدَادَ إشرافا وَقُوَّة فتفقد عِنْد ذَلِك وَجه الْمَرِيض فَإِن وجدت موضعا مِنْهُ يختلج أَو رَأَيْت عروق الصدغ تضرب أَو رَأَيْت الْحمرَة زَائِدَة فِي الوجنة وَالْأنف وَالْعين فليزدد رجاؤك قُوَّة. فَإِن جرت من الْعين مَعَ ذَلِك دموع من غير إِرَادَة وَرَأى بَين عَيْنَيْهِ لمعا وشعاعا ثمَّ رَأَيْته يعبث بِأَنْفِهِ كَأَنَّهُ يحكه فَإِن الدَّم يجْرِي على الْمَكَان وَذَلِكَ أَنه إِذا حك أَنفه مرّة أَو مرَّتَيْنِ انفجر الدَّم على الْمَكَان.(5/152)
قَالَ: وَمِمَّا يخْتم جَمِيع ذَلِك: الْوَقْت والمزاج وَعَادَة العليل فَإِن كَانَ ربيعا وَهُوَ شَاب وَكَانَ من عَادَته أَن يرعف كثيرا فِي صِحَة ومرضه فليزدد رجاؤك أَنه يرعف وَكَذَلِكَ إِن كَانَ مرضى ذَلِك الزَّمَان يجيئهم البحران برعاف وَكَانَ العليل قد انْقَطع عَنهُ دم كَانَ يجْرِي مِنْهُ وَنَحْو ذَلِك.
جَوَامِع أغلوقن: الْأَعْرَاض الدَّالَّة على البحران الْعرق والنافض فِي غير وقتهما والصداع الْعَارِض بَغْتَة وضيق النَّفس الْعَارِض بَغْتَة. والأرق والخفقان وتورم مراق الْبَطن بِلَا وجع والاختلاط وَشدَّة القلق وخاصة بِاللَّيْلِ عَن غير سَبَب يُوجب ذَلِك وَتقدم نوبَة الْحمى على غير الْعَادة والرسم وانحدار الدُّمُوع وَحُمرَة الْعين وحركة اللحى والشفة السُّفْلى والتخييلات الَّتِي لَا حَقِيقَة لَهَا بالبصر وَحُمرَة الْوَجْه وأرنبة الْأنف بَغْتَة وورمه.)
من النبض الْكَبِير قَالَ إِذا رَأَيْت النبض الْمُخْتَلف قد أَخذ أَن يكون أَكثر مَا فِيهِ النبضات الشاخصة دَائِما وَنقل المتطأطئة فَاعْلَم أَن الطبيعة قد قهرت الْخَلْط وَعند ذَلِك يقبل النبض إِلَى الاسْتوَاء وَيكون بحران باستفراغ ضَرُورَة فَإِن كَانَت عَلامَة الدَّم كَانَ بالرعاف وَإِن كَانَت عَلَامَات الْعرق فبالعرق وَإِن كَانَت عَلَامَات الْقَيْء فبالقيء وَإِن لم تكن هَذِه فباستفراغ الْبَطن وَإِن كَانَ النبض الْمُخْتَلف من الأَصْل بلغميا وَكَذَلِكَ الْعلَّة فَإِنَّهُ يكون بخراج.
قَالَ: البرَاز وَالْبَوْل اللَّذَان ظهرا فِي ابْتِدَاء الْعلَّة كَانَ أصلح من أَن يظهرا بعد تماديها.
قَالَ فِي أَيَّام البحران: الرعاف إِذا ظهر فِي الرَّابِع عشر دلّ على عسر البحران.
3 - (العلامات الجيدة والرديئة)
مِمَّا يدلك على سرعَة الْبُرْء ظُهُور الدَّلَائِل المحمودة من أول الْأَمر وَيدل على سرعَة الْمَوْت ضد ذَلِك. 3 (فِي أدوار الحميات) وعللها وتحصيلها: الْحَاجة إِلَى تَحْصِيل أدوار الحميات عَظِيم الْعِنَايَة فِي تعرف نوع الحميات وَذَلِكَ أَنه لما كَانَت الحميات إِذا تركبت حدث لَهَا أدوار تشبه أدوار بعض الحميات المفردة.
لم يُؤمن على من كَانَ ينظر فِي تعرف نوع الحميات إِلَى أدوارها فَقَط وَلم يحصل وَيعلم الأدوار الَّتِي تولد الحميات المركبة الَّتِي تشبه أدوار البسيطة: أَن يظنّ بِبَعْض الحميات المفردة أَنَّهَا مركبة وببعض المركبة أَنَّهَا مُفْردَة وَنحن قَائِلُونَ فِي ذَلِك ونلخصه بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فَنَقُول: إِن من الحميات مَا يَنُوب كل يَوْم وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا فيوما لَا وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا ويومين لَا وَمِنْهَا مَا يَنُوب يَوْمًا وَثَلَاثَة أَيَّام لَا فَهَذِهِ هِيَ الْخمس وَقد ذكره أبقراط أَن مِنْهَا مَا يَنُوب سدسا وتسعا وَقد رَأينَا نَحن حمى تنوب كل شهر يَوْمًا وَحكى لنا من نثق بِهِ أَنه قد تفقد حمى تنوب كل سنة يَوْمًا.
وَالْحَاجة إِلَى تَحْصِيل أدوار الحميات المتقاربة النوائب قَالَ: يَقع فِيهَا الْغَلَط والتشبه بالبسيطة وَنحن نكتب أَولا مَا لحقنا من ذَلِك فِي الْكتب ثمَّ نحصل ذَلِك ونجعله قانونا على(5/153)
هَذِه الْجِهَة نحصل أَيْضا: كم ضرب من الحميات يُمكن أَن تشتبه أدوارها بدور البلغمية ثمَّ الَّتِي يُمكن أَن تشتبه أدوارها أدوار الغب ثمَّ الرّبع ثمَّ الْخمس وَلَا نحتاج إِلَى مَا جَاوز ذَلِك.
فِي النائبة كل يَوْم: إِن اتّفقت حمتا غب تبتدىء إِحْدَاهمَا فِي يَوْم مُفَارقَة الْأُخْرَى وَإِن كَانَت)
ثَلَاث حميات غب فَإِنَّهُ يكون نوبَة الأولى فِي الثَّالِث ونوبة الثَّانِيَة فِي الرَّابِع ونوبة الثَّالِثَة فِي الْخَامِس وَفِي مثل هَذَا الْيَوْم يكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فَتكون فِي هَذَا الْيَوْم أَعنِي فِي الْخَامِس حمتان فَتكون أعظم ويتمم ذَلِك مَتى اتّفق ربعان وكانتا مواصلتين أَعنِي أَن تكون النائبة فِي الْيَوْم الثَّانِي تكون النّوبَة الثَّانِيَة للأولى فِي الْيَوْم الرَّابِع والنوبة الثَّانِيَة للثَّانِيَة فِي الْخَامِس فَيكون قد يشبه حمى هذَيْن الْيَوْمَيْنِ حمى نائبة فِي كل يَوْم وَتَكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فِي السَّابِع والنوبة الثَّالِثَة للثَّانِيَة فِي الثَّامِن هَذَا أَيْضا يشبه بحمى نائبة فِي كل يَوْم وتكن النّوبَة الرَّابِعَة للأولى فِي الْعَاشِر والنوبة الرَّابِعَة للثَّانِيَة فِي الْحَادِي عشر على هَذَا فَإِن كَانَتَا غير متواصلتين أَعنِي أَن يكون بَينهمَا يَوْم أشبه الدّور الأول الغب لِأَن الثَّانِيَة تبتدىء فِي الثَّالِث ثمَّ تنوب الأولى فِي الرَّابِعَة فتشبه فِي هَذَا الْموضع البلغمية وتنوب الثَّانِيَة فِي السَّادِس وَتَكون النّوبَة الثَّالِثَة للأولى فِي السَّابِع فتشبه البلغمية والنوبة الثَّالِثَة للثَّانِيَة فِي التَّاسِعَة فتشبه الغب ثمَّ على هَذَا يَنْبَغِي أَن يتم هَذَا بغاية الْعِنَايَة وَتثبت إِن شَاءَ الله.
لي: هَذَا يجب أَن يعلم لكنه لَا يرجع إِلَى قانون وَإِنَّمَا نَفعه أَن يعلم أَنه إِن حدث دور وَلَا يُمكن أَن يكون لشَيْء من هَذِه التركيبات علم أَنه دور حمى مُفْرد لَكِن التَّعَلُّق بِجِنْس الْحمى من نفس طبعها أولى وأوثق كَمَا وصف ذَلِك ج فِي البحران فَعَلَيهِ فاعمل لِأَن تحصل تِلْكَ الأدوار أَيْضا أحكم فاعمل عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله.
الطَّرِيقَة فِي إحصاء أدوار الحميات: أَن تركيب غبين تبتدىء إِحْدَاهمَا بعد الْأُخْرَى بساعتين لِأَنَّهُ مَتى ابتدأت قبل ذَلِك كَانَت ممازجة ثمَّ تتبدىء بعْدهَا بِثَلَاث وَأَرْبع وَخمْس إِلَى أَن تَنْتَهِي إِلَى أَربع وَثَلَاثِينَ سَاعَة لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَا تقع الممازجة بالنوبة الثَّانِيَة فتحصى أدوار هَذَا بِمَا يشبه من أدوار الحميات ثمَّ ثَلَاث تبتدىء كل وَاحِدَة بعد الْأُخْرَى بساعتين على ذَلِك وتحصى على مَا تَجِيء وحسبك فِي الغب ذَلِك ثمَّ خُذ فِي الرّبع على ذَلِك ربع مَعَ ربع ثمَّ خُذ فِي البلغمية على نَحْو ذَلِك ثمَّ خُذ فِي تركيب الغب وَالرّبع وَفِي تركيب الرّبع والبلغمية ثمَّ فِي تركيبهما مَعًا وَاحِدَة مَعَ وَاحِدَة من أَيهَا شِئْت مَعَ اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثَة من الْأُخْرَى فَإِذا فعلت ذَلِك فقد اكتفين بِهِ وَلَا تحْتَاج إِلَى أَكثر مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي الْقُوَّة غير متناه مثلا وَلَا تحْتَاج إِلَى الحميات اللَّازِمَة.
وَقَالَ فِي ذَلِك: إِنَّا لما نَظرنَا فِي كَثْرَة مَا فِي أدوار الْحمى من الْأَشْيَاء مِنْهَا: أَن دور كَيْت وَكَيْت يشبه دور كَيْت وَكَيْت يذكر ثَلَاثَة أدوار أَو أَرْبَعَة وَإِن تمسك عَن إحصائها لِأَن(5/154)
التَّعَلُّق بِنَوْع)
الْحمى من نفس أعراضها أَجود وأسهل من أدوارها وَيَقَع فِي الأدوار تخاليط ومجاورات وممازجات.
من كتاب أدوار الحميات رَأَيْت ج هَهُنَا يذم الَّذين اشتغلوا وكثروا فِي أدوار الحميات وَزعم أَنه إِنَّمَا قَالَ ذَلِك مَا قَالَ فِيهَا للرَّدّ عَلَيْهِم وَبَين أَن الِاشْتِغَال بذلك فضل وَأَنه إِنَّمَا يجب أَن تعرف الْحمى من نوعها لَا من دورها.
قَالَ ابْن ماسويه فِي تعرف الحميات: تعرف الْحمى من دورها جهل وحمق لَكِن تعرف من طبعها لِأَن الأدوار متشابهة.(5/155)
(أَسبَاب الحميات وعللها الطبيعية)
قَالَ ج فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات: أما الْعلَّة الَّتِي لَهَا يثور بالإنسان حر أَو برد من غي تغير فِي الْهَوَاء وَلَا حَالَة من خَارج توجب ذَلِك فَلَيْسَ الْبَحْث عَنْهَا يسهل يَعْنِي حَال ثوران الْحمى.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات تمثيله بالزبل الَّذِي قد عفن قولا يُوجب مِنْهُ أَن الْحمى تكون من أخلاط فِي الْبدن مستعدة لِأَن تعفن فَإِذا سخن مِنْهَا جُزْء إِمَّا بِسَبَب باد وَإِمَّا من نَفسه لعدم التنفس بلغ غَايَة مَا لَهُ أَن يبلغ فِي الْحَرَارَة ثمَّ أنفش وتنفس فَإِن كَانَ الْفضل كُله هُوَ ذَلِك لم يعاود وَإِن كَانَ من ذَلِك الْفضل شَيْء آخر صَارَت هَذِه الْحمى سَببا لإسخان مَا هُوَ من ذَلِك الْبَاقِي أَشد اسْتِعْدَادًا لسخونة تسخن وتنفش على هَذَا الْمِثَال حَتَّى بَقِي الْفضل.
لي: لَيْسَ يشاكل الْفضل بل مَا لَهُ أَن يعفن.
مِثَال ذَلِك أَن الزبل إِذا عفن وأنفش نقص مِنْهُ مِقْدَار كثيرا وَبَقِي مَا يبْقى كالرماد وَلذَلِك يكون دم المحمومين بعد الْحمى فِي الْأَكْثَر رديئا فَيحْتَاج مِنْهُم خلق إِلَى الفصد.
لي: يحْتَاج أَن يبْحَث عَن عِلّة لُزُوم النوائب لوقت كَيفَ يكون ذَلِك.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من أَيَّام البحران: أما الْعلَّة فِي تكون نَوَائِب الْأَمْرَاض المزمنة إِمَّا كَانَ كل يَوْم وَإِمَّا فِي الرّبع وَإِمَّا فِي الْأَمْرَاض الحادة غبا فَلَيْسَ الْوُصُول إِلَيْهَا يسهل وَأما أَن الْأَمر كَذَلِك فالعيان يشْهد بذلك.
وَقَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة من أَصْنَاف الحميات: إِنَّه يشبه أَن تكون حمى البلغم تنوب كل يَوْم وَحمى الغب فِي ذَلِك تنوب غبا من أجل أَن الْخَلْط المولد للغب إِنَّمَا كَانَ سريع الاشتعال وَكَانَ)
يسهل استفراغ مَا يصير إِلَى حَال الغليان فِي كل نوبَة لوقته حَتَّى ينقى مِنْهُ الْبدن كُله صَارَت تِلْكَ الْحمى تقلع حَتَّى يَتَّقِي الْبدن مِنْهَا نقاء أَكثر فَلَا يبْقى بعد النّوبَة فِيهَا من بقايا الْحَرَارَة العفونية إِلَّا الشَّيْء الْيَسِير فَأَما الْحمى البلغمية فَإِنَّهُ لَا يستفرغ الْبدن فِيهَا كثير استفراغ فَلذَلِك لَا تنقى النَّقَاء التَّام لَكِن يبْقى فِي الْبدن من الشَّيْء الَّذِي قد علمت فِيهِ الْحَرَارَة العفونية كثيرا فَلذَلِك لَا تنقى فتراتها وتسرع كرات نوائبها.
وَأما الرّبع فَلِأَن السَّوْدَاء لما كَانَت بَارِدَة يابسة إِذا اشتعلت صَارَت حارة يابسة فتشتعل اشتعالا تَاما وَلذَلِك يكون فِيهَا استفراغ أَكثر مِمَّا يكون من البلغمية وَيكون فتراتها نقية.(5/156)
من جَوَامِع أَيَّام البحران قَالَ: الْأَسْبَاب الَّتِي من أجلهَا يتَقَدَّم نَوَائِب الْحمى كَثْرَة الْمَادَّة ورقتها وَضعف الْقُوَّة وَكَثْرَة حسه وبالضد.
من أَصْنَاف الحميات الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: الْأَسْبَاب الَّتِي من أجلهَا تطول النّوبَة كثيرا كَثْرَة الْخَلْط وغلظه وَضعف الْبدن وكثافته وبالضد.
وَقَالَ: إِن الطبيعة تروم دَائِما أَن تشبه من الْغذَاء مَا يصلح لتشبيه بالأعضاء وتقذف بِمَا يكون على خلاف ذَلِك خَارِجا وتخرجه عَن الْبدن فَإِن لم تقدر فِي وَقت من الْأَوْقَات على دفع ذَلِك الشَّيْء الرَّدِيء إِمَّا لغلظه وَإِمَّا للزوجته وَإِمَّا لكثرته وَإِمَّا لضيق فِي المجاري وَإِمَّا لضعف من الطبيعة نَفسهَا فَإِنَّهُ يجب ضَرُورَة أَن يعفن ذَلِك الشَّيْء لطول مكثه لِأَن هَذِه لَا يُمكن أَن ترجع فتستحيل وتتشبه بالجسم لِأَنَّهَا بعيدَة الطَّبْع عَنهُ فَيحدث عَن ذَلِك حميات وَلذَلِك صَار أَصْحَاب اليرقان والوسواس السوداوي وَالَّذين يغلب عَلَيْهِم المرار مَتى لم تنق أبنانهم مِنْهَا اشتعلت بهم حميات.
لي: يُمكن أَن تعْمل هَذِه من هَهُنَا قانونا فِي الاحتراس من الحميات.
وَقَالَ: حرارة الْحمى البلغمية تلقى الْبدن على غير اسْتِوَاء بل كَأَنَّهُ ينفذ من مصفى لِأَن لزوجة هَذَا الْخَلْط يتَوَلَّد فِيهَا اخْتِلَاف انفعاله وترققه عَن الْحَرَارَة كَمَا يتَوَلَّد فِي الرطوبات اللزجة من النفاخات عِنْد الطَّبْخ فَيخرج مِنْهَا حِين تَنْشَق فَلذَلِك لَا يكون مُتَسَاوِيا فِي جَمِيع الْمَوَاضِع.
قَالَ: وَإِن فِي أَمر سونوخوس لعجبا إِنَّهَا تبقى مُتَّصِلَة بِحَالِهَا سَبْعَة أَيَّام.
قَالَ: كَمَا أَن النَّار تفنى رُطُوبَة الْأَشْيَاء حَتَّى يبْقى مِنْهَا مَا يبْقى رَمَادا كَذَلِك الأخلاط مَتى عفنت ترق وتلطف من الْحَرَارَة فيتحلل جوهرها كُله ويتبدد فِي الْهَوَاء فِي وَقت مُنْتَهى الحميات)
وانحطاطها وَلَا يبْقى مِنْهَا إِلَّا أَشْيَاء إِن كَانَت غَلِيظَة كَمَا لَا يبْقى من الزَّيْت وَالْخمر فَأَما المائية الرقيقة فَلَا يبْقى مِنْهَا شَيْء أصلا فَإِن لم يجْتَمع أَيْضا شَيْء من هَذِه الْفُصُول أقلعت الْحمى وَإِن اجْتمعت فحمى ثَانِيَة إِلَى أَن نقى كُله.
قَالَ: واجتماع هَذِه الْأَشْيَاء يكون على نَوَائِب لِأَنَّهَا تَجِيء بأقدار مُتَسَاوِيَة من أَمَاكِن مُتَسَاوِيَة بحركات مُتَسَاوِيَة.
قَالَ: السَّبَب فِي اخْتِلَاف طول النوائب وقصرها حَال الأخلاط فِي لزوجتها وغلظها وبرودتها وحرارتها وهيآت النذرة وقوته بِأَن الْفضل الرَّقِيق الْجَارِي فِي الْبدن السخيف الْقوي يتَحَلَّل أسْرع مَا يكون فَتكون النّوبَة على أقصر مَا تكون وبالضد.
وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن بعض الحميات لَا تقلع إِن نوائبها طَوِيلَة فتلحق الثَّانِيَة قبل إقلاع الأولى فتدارك.
لي: هَذَا يُرِيد بِهِ: الَّذِي تشتد نوبَته وَلَا يقْلع وَقَالَ فِي الحميات الْحَادِثَة عَن ورم فِي(5/157)
بعض الْأَعْضَاء: إِن سَبَب نوائبها أَن تكون إِذا اجْتمعت الفضول إِلَى ذَلِك الْعُضْو وعفنت مرّة والتهبت الْحمى انحل مَا يرق ويلطف فَصَارَت الْحَرَارَة الزَّائِدَة والحمى فِي الْعُضْو سَببا لِأَن يجذب أَيْضا شَيْئا آخر إِلَيْهِ فَإِذا جذب اشتعل أَيْضا حمى وانحل حَتَّى لَا يبْقى فضل يقدر على اجتذابه.
لي: وَهَذَا الْميل يُمكن أَن ينْتَقل إِلَى الْأَعْضَاء الَّتِي بِلَا ورم لِأَن العضل الملبس على الْبدن إِذا حمى مرّة وانحل مَا انحل مِنْهُ يصير ذَلِك سَببا لجذب مَا فِي الْبدن من الْفضل إِلَيْهَا لتحميها ولخلائها لما استفرغ مِنْهَا فَلَا يزَال ذَلِك حَالهَا حَتَّى لَا يبْقى فِي الْبدن إِلَّا مَا لَا تسخن بِهِ الطبيعة فَعِنْدَ ذَلِك تقلع الْحمى.
قَالَ: وَمَا كَانَ من الحميات تنوب بأدورا فَيَنْبَغِي أَن يكون ذَلِك لِأَنَّهَا تتولد عَن حالات فِي الْأَعْضَاء إِمَّا لِأَنَّهَا تدفع الفضول وَإِمَّا لِأَنَّهَا تجذبها وَكَذَلِكَ كل الْأَمْرَاض الَّتِي تنوب فَأَما الَّتِي تكون بِحَال وَاحِدَة حَتَّى تَنْقَضِي فَلِأَن الأخلاط كلهَا الَّتِي فِي الْعُرُوق الضوارب وَغير الضوارب قد التهبت وسخنت إِمَّا لعفن وَإِمَّا لغير ذَلِك كَمَا يحدث ذَلِك فِي حمى يَوْم فَتحدث حمى وَاحِدَة مطبقة مُتَّصِلَة لَا تزَال بَاقِيَة حَتَّى تنْحَل تِلْكَ الأخلاط أَو تنضج أَو يحدث لَهَا الْأَمْرَانِ جَمِيعًا.
لي: قد بَين ج الْعلَّة فِي النوائب الحميات فَيجب إِن الْتبس عَلَيْك أَن ترجع إِلَى الْكتاب.)
قَالَ: وَأما الأدوار الَّتِي يفْسد نظامها ونوائبها فَإِنَّمَا تكون من انقلاب الأخلاط المولدة للحمى
3 - (جَوَامِع الحميات)
حمى البلغم تطول مدَّتهَا وتسرع كرتها للزَّوْجَة البلغم وكثرته فِي الْجِسْم وَالْغِب بالضد للطافة الْخَلْط وسخونته وَالرّبع تطول مُدَّة نوبتها فِي نوبتها لغلظ خلطها وينقى الْبدن مِنْهَا لِأَنَّهُ يرق لِأَنَّهُ لزوجة فِيهِ وتطول مُدَّة فترته لقلَّة مِقْدَاره وعسر اجتماعه.
لي: وَيَقُول أَصْحَاب الْكتب وَج: إِن الحميات الَّتِي لَا نافض لَهَا هِيَ الدائمة. يكون ذَلِك لِأَن الْمَادَّة محصورة فِي جَوف الْعُرُوق وَيُمكن من هَهُنَا أَن تعلم سَبَب النوائب مَعَ عِلّة مَا قَالُوهُ لِأَن مَا قَالُوهُ لَيْسَ بعلة بعد وَهُوَ أَنه يجب أَن تكون الأخلاط الَّتِي تصير مَادَّة للحمى فضول الأغذية وَتَكون هَذِه بَارِدَة لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن تكون مرّة الْبَتَّةَ دون أَن تصير دَمًا وَإِذا صَارَت دَمًا لم تكن فضولا لَكِن غذَاء وَإِذا كَانَت هَذِه الفضول الْبَارِدَة لَا يجتذبها العضل الملبس على الْبدن الْبَتَّةَ وَلم تدفعها الطبيعة إِلَيْهِ لَكِن بقيت فِي جَوف الْعُرُوق فَإِن الْعرق لَا يحس ببردها فَإِذا دفعت إِلَى العضل أحس العضل ببردها مُدَّة مَا إِلَى أَن يقبل الاستحالة من الْحر إِلَى الْبرد وَإِنَّمَا تسخن على سَبِيل مَا يسخن غذَاء الْإِنْسَان إِذا سخن فِي(5/158)
الْجوف بعد حَتَّى يهيج مثل الْحمى فالعضل الملبس على الْبدن أقيم مقَام شَيْء يجذب هَذِه الفضول أَو يقبلهَا ويسخن فِيهِ ويتحلل وَيكون ذَلِك بأدوار الاسْتوَاء لعِلَّة من الْقبُول وَالدَّفْع وَإِنَّمَا يهيج بالإنسان فَهُوَ بِحَالهِ الطبيعية برودة ثمَّ تعقبه حرارة لِأَن حَال عضله الملبس على بدنه فِي تِلْكَ الْحَال كَحال من يتغذى فيبرد أَولا ثمَّ يسخن.
الْخَامِسَة عشر من النبض سَمِعت مِنْهُ كلَاما يجب أَن ألصق هَذَا الْكَلَام بِهَذَا الْموضع: هُوَ أَن الشَّيْء الَّذِي لم يسْتَحل إِلَى جَوْهَر الدَّم فِي الْعُرُوق تَدْفَعهُ الطبيعة أَولا أَولا إِلَى العضل الملبس على الْبدن فَيكون بِمَنْزِلَة الْغذَاء الْوَارِد على الْجِسْم وَهُوَ غير منهضم ثمَّ يَأْخُذ فِي طَرِيق الهضم إِذا سخن فَكَذَلِك هَذَا الشَّيْء الْوَارِد من الْعُرُوق الْغَيْر المنهضم إِذا ورد على العضل أورثه بردا يهويه ثمَّ يَأْخُذ فِي طَرِيق الإسخان والنضج قَلِيلا قَلِيلا ثمَّ يعقب سخونة.
تسْأَل: لم لَا يَسْتَحِيل الشَّيْء الَّذِي هُوَ حَاصِل فِي الْعُرُوق الطبيعية قبل أَن تصل إِلَى العضل الملبس وَقد بَان فِي هَذَا من كَلَام لَهُ فِي هَذَا الْبَاب وَهُوَ أَن الْعُرُوق لَا تشعر بِهِ فَلَا يحفز الطبيعة إِلَى حَالَته الْبَتَّةَ وَلَكِن الشَّك فِيهِ أَن يُقَال: هَب الْعُرُوق لَا تحس بِهِ أَلَيْسَ كَانَ يجب)
للطبيعة أَن تتحس بِهِ وَهِي الَّتِي أَعْطَتْ العضل الْحَرَكَة والحس وَله أَن يَقُول فِي جَوَاب هَذَا: إِن الطبيعة تشعر بِحَسب الدّلَالَة الَّتِي تكون فِيهَا فشعورها بالعصب قَائِم وبالعروق مَعْدُوم وَكَذَلِكَ بالربط والأوتار لِأَن الْإِجْمَاع وَاقع على أَن الرَّبْط والأوتار لَا حس لَهَا.
الْخَامِسَة عشر من النبض: يبرد الْبدن ثمَّ تشتعل فِيهِ حمى لِأَنَّهُ ينصب إِلَى بَاطِنه خلط بَارِد غَايَة الْبرد كثير حَتَّى يكَاد أَن يطفيء حرارة الْقلب ثمَّ يَأْخُذ الْقلب يعْمل فِيهِ أَولا أَولا حَتَّى يَسْتَحِيل ويلتهب فتلتهب بذلك الْحمى.
أهرن: الحميات اللَّازِمَة تكون لِأَن العفن فِيهَا فِي بعض الْعُرُوق فتصل لذَلِك الْحَرَارَة سَرِيعا إِلَى الْقلب وَأما الثَّانِيَة فَإِنَّهَا لَا يكون مِنْهَا حمى يحمي بهَا الْبدن كُله حَتَّى يصير ذَلِك بإبطاء إِلَى الْقلب.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا قَالَ: كَانَت الحميات حِينَئِذٍ دائمة لِأَنَّهُ لم يكن يتَحَلَّل من الْأَبدَان شَيْء وَقل مَا يتَحَلَّل.
لي: الحميات تطول نوائبها أَو تتصل لعسر التَّحَلُّل أَو لِكَثْرَة الْفضل. وعسر التَّحَلُّل يكون إِمَّا لسَبَب الْفضل نَفسه وَإِمَّا لسَبَب الْبدن.
لي: يكْتب من أدوار الحميات مسَائِل حنين فِي علل الحميات.
لي: ابْن ماسويه قَالَ: علل الحميات فِي أدوارها ونوائبها تخْتَلف إِمَّا من أجل الأخلاط أَنْفسهَا وَإِمَّا فِي كيفيتها وَإِمَّا فِي كميتها وَإِمَّا من حَال الْبدن فِي سخافته وكثافته والمواضع المحصورة مِنْهُ إِمَّا فِي كيفيتها فَإِذا كَانَت رقيقَة أَو غَلِيظَة لزجة أَو كَانَت حارة سهلة الاشتعال أَو بَارِدَة أَو سريعة للمواطاة للعفن أَو بطيئة وَأما من الكمية فَإِذا كَانَت قَليلَة(5/159)
الْمِقْدَار فِي الْبدن فِي أصل التَّرْكِيب أَو كَثِيرَة وَإِمَّا من الْمَوَاضِع فَإِذا كَانَت فِي دَاخل الْعُرُوق أَو فِي العضل الملبس على الْعِظَام أَو كَانَ الْبدن سخيفا أَو كثيفا. يحول إِلَى مَا هَهُنَا علل فِي كتاب أدوار الحميات.
لي: قد وَقع الْإِقْرَار من الْأَطِبَّاء أجمع بِأَن النبض المنضغط يلْزم ابْتِدَاء الحميات العفنية وَقد يكون مثل هَذَا النبض عِنْدَمَا يثقل شَيْء على فَم الْمعدة وَعند مَا يمتلىء الْإِنْسَان من الطَّعَام أَو يشرب مَاء بَارِدًا فيبرد فَم معدته أَو يضمد بِشَيْء بَارِد فَيعلم من هَهُنَا أَن السَّبَب فِي الْحمى هُوَ أَن خلطا بَارِدًا ليصل بالعضل فِي الْمُفَارقَة فيبرد الْجِسْم ويضغط النبض ثمَّ يبتدىء يسخن من الْحَرَارَة كالحال فِي الْغذَاء سَوَاء فَإِن الْأكل يبرد أَولا ثمَّ يسخن إِلَّا أَن فضل هَذَا الْخَلْط على)
الْغذَاء فِي كيفيته ومنافرته كثير وَلذَلِك يكون تبريده وتسخينه كثيرا جدا لِأَنَّهُ إِذا سخن يكون عفنا قَوِيا وَالسَّبَب أَنه بدورانه يبرز من هَذَا الْخَلْط شَيْء من الْعُرُوق الْكِبَار إِلَى الصغار الَّتِي فِي العضل فَيحدث النافض ثمَّ يسخن ويتحلل وَيبْطل ثمَّ يبْقى الْبدن حَتَّى يبرز أَيْضا من الْعُرُوق الْكِبَار إِلَى الصغار مثل ذَلِك فَيحدث الْبرد ثمَّ على ذَلِك ويسهل البروز ويعسر بِحَسب غلظ الْخَلْط وكثرته فَلذَلِك تخْتَلف النوائب وَلذَلِك يكون أَيْضا نوائبها لَا نوبَة كَمَا يكون فِي المطبقة لِأَن هُنَاكَ إِذا وَقعت السخونة مرّة لم تفارق حَتَّى تَأتي على آخِره وَهَهُنَا السخونة وَإِذا لَقينَا الْكتاب فِي الحميات فصرنا إِلَى هَذَا الْبَاب يَقُول فِي صَدره: إِن هَذَا الْبَاب إِنَّمَا يَقُوله لَا إِنَّه برهَان وَلكنه قَول يقنع إقناعا مَا ورأينا ذكره أصلح.
لي: قد ذكر جالينوس فِي الثَّانِيَة من أَصْنَاف الحميات كلَاما بَان مِنْهُ أَن الغب والبلغمية وَالرّبع لَيْسَ إِنَّمَا يعرف دورها من الْأَيَّام لِأَنَّهُ قَالَ: قد تكون حميات تنوب أَرْبعا وَعشْرين سَاعَة وتفتر مثلهَا وسماها غبا وتنوب أَيْضا ثَلَاثِينَ أَو أَرْبَعِينَ سَاعَة فعلى هَذَا الْحمى البلغمية إِنَّمَا هِيَ أقصر الحميات فَتْرَة وَالرّبع أطولها وَالْغِب أوسطها فَالْعَمَل على هَذَا فَقَط لَا غير يجب أَن تنظر: هَل صَحِيح أَن أَصْنَاف الحميات ثَلَاثَة على مَا يَقُول جالينوس وَكَذَلِكَ على جَمِيع مَا فِي كتاب الحميات بِلَا برهَان وَكَذَلِكَ فِي الْعلَّة يبرد الْإِنْسَان ويسخن بِلَا شَيْء من الْحَوَادِث حَتَّى ينتفض مرّة ويعرق أُخْرَى.
فِي أَيَّام البحران تحصل فِي مَوضِع الْبيَاض قُوَّة الْأَيَّام عَلَيْك بِاخْتِصَار حنين لهَذَا الْكتاب فَخذه على وَجهه فَإِنَّهُ مصلح بَالغ.
الْمقَالة الأولى من كِتَابه قَالَ: وَقد يكون البحران فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض إِلَّا أَن بَينهَا فِي الْعدَد يَعْنِي فِي كثير مَا يكون فِيهَا وَفِي الصِّحَّة فرقا كثيرا وَذَلِكَ أَن بعض أَيَّام الْمَرَض يكثر فِيهِ نوع كَون البحران وَبَعضهَا لَا يكون فِيهِ إِلَّا فِي الندرة وَفِي بَعْضهَا إِذا كَانَ البحران فِيهِ كَانَ بحرانا صَحِيحا وَفِي بَعْضهَا غير صَحِيح وَفِي بَعْضهَا جيدا وَفِي بَعْضهَا رديئا(5/160)
وَفِي بَعْضهَا يكون البحران مَعَ أَعْرَاض أَشد وأصعب وَفِي بَعْضهَا سليما بَرِيئًا من الْأَعْرَاض المخوفة وَيكون فِي بَعْضهَا تَاما وَبَعضهَا مُنْذر بِهِ وَبَعضهَا يكون البحران فِيهِ غير مُنْذر بِهِ بَغْتَة. من ذَلِك أَن الْيَوْم الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر لم أر مَرِيضا قطّ أَصَابَهُ فِيهِ بحران فَأَما السَّابِع فلست أقدر أحصى كم بحران حميد رَأَيْته فِيهِ فَأَما الْيَوْم السَّادِس فقد يكون فِيهِ فِي بعض الْأَحْوَال بحران لكنه مَعَ أَعْرَاض)
صعبة وخطر شَدِيد جدا وَلَا ينضج أَيْضا وَلَا يتم بل يؤول إِلَى شَرّ.
قَالَ: وَكَذَلِكَ لم ير أحد من القدماء على كثرتهم بحرانا فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ خلا رجل ذكر أَنه رأى بحرانا فِي الثَّانِي عشر إِلَّا كَانَ رديئا مخوفا غير تَامّ.
قَالَ: إِذا قلت: بحران لم يتم فَإِنِّي أَعنِي بِهِ أَنه بَقِي من الْمَرَض بَقِيَّة وَإِذا قلت لم ينضج فَإِنِّي أَعنِي بِهِ أَن الْمَرَض بقيت مِنْهُ بَقِيَّة كَثِيرَة فيعاود الْمَرَض لذَلِك وَإِذا قلت: بحران غير سليم أَو ذُو خطر فَالَّذِي كَانَت مَعَه أَعْرَاض مخوفة يخَاف على الْمَرِيض الْهَلَاك وَإِذا قلت: بحران غير بَين فَالَّذِي لَيْسَ مَعَه استفراغ بَين ظَاهر أَو خراج بَين ظَاهر وَإِذا قلت: غير مُنْذر بِهِ فَالَّذِي لم يدل عَلَيْهِ يَوْم قبله وَإِذا قلت: بحران رَدِيء فَالَّذِي آلت الْحَاجة فِيهِ إِلَى الْمَوْت وَإِذا قلت: بحران تَامّ أَي الَّذِي لم يبْق من الْمَرَض بعده شَيْء وَإِذا قلت بحران صَحِيح فَالَّذِي لَا يعاود الْمَرَض أحد مَنَافِع أَيَّام البحران أَن لَا يُطلق لمن أَصَابَهُ البحران فِي يَوْم باحوري الرُّجُوع إِلَى مَا اعتاده فِي صِحَّته وَلَكِن يلْزم الحمية كَمَا يُطلق لمن صَحَّ لَهُ البحران فِي يَوْم يَصح فِيهِ البحران الْمُتَقَدّم لجَمِيع أَيَّام البحران فِي الْقُوَّة والشرف الشَّائِع لِأَن البحران يكثر فِيهِ جدا وَيكون تَاما بَينا غير مخوف وَيكون منذرا بِهِ.
وَالرَّابِع ينذر بِهِ فِي الْأَكْثَر بِتَغَيُّر بَين يحدث فِيهِ: إِمَّا فِي الْبَوْل وَإِمَّا فِي النفث وَإِمَّا فِي البرَاز وَإِمَّا فِي الشَّهْوَة وَإِمَّا فِي النهم وَإِمَّا فِي الْحس وَنَحْو ذَلِك.
لي: يَعْنِي زِيَادَة صَلَاح فِي هَذِه.
قَالَ: وَلَا يُمكن أَن يكون البحران الْكَائِن فِي السَّابِع إِلَّا مشاكلا للتغير الْكَائِن فِي الرَّابِع فَإِن كَانَ تغيرا جيدا كَانَ البحران فِي السَّابِع جيدا وبالضد على أَن أَكثر البحران فِي السَّابِع جيد تَامّ وَهَذَا لَهُ خَاصَّة دون سَائِر أَيَّام البحران وَرُبمَا مَاتَ فِيهِ بعض المرضى أَو تغير حَالهم فِيهِ إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يموتون فِي أحد أَيَّام البحران الَّتِي بعده.
وَأما السَّادِس فَإِنَّهُ على قدر نقصانه عَن السَّابِع فِي أَكْثَره مَا يكون جِهَة البحران يفرق السَّابِع فِي رداءة البحران الَّذِي يكون فِيهِ وَكَانَ طبعه ضد السَّابِع وَذَلِكَ أَن أَكثر المرضى الَّذين يموتون يتَغَيَّر أَحْوَالهم فِي الرَّابِع إِلَى مَا هُوَ أشر ثمَّ يموتون فِي السَّادِس وَإِن اتّفق فِي الندرة أَن يكون تغير مَحْمُود فِي الرَّابِع ثمَّ تقدم البحران فجَاء فِي السَّادِس فَإِنَّهُ يَجِيء باضطراب وخطر لَا يقادر قدره وَذَلِكَ أَنه إِن عرض فِيهِ سبات كَانَ شَبِيها بالسكات وَإِن(5/161)
عرض استفراغ كَانَ مَعَه غثي)
وَبطلَان النبض وَذَهَاب اللَّوْن والرعدة وَسُقُوط الْقُوَّة.
فَأَما فِي السَّابِع فَكلما تزيد الاستفراغ ازْدَادَ العليل رَاحَة وَإِذا كَانَ فِي السَّادِس خرجت من العليل فضول رَدِيئَة مُنْتِنَة فِي أَكثر الْحَالَات. وَإِن أَصَابَهُ عرق لم يكن مستويا شَامِلًا للبدن حارا وَإِن كَانَ كَذَلِك فَإِنَّهُ يَنْقَطِع كثيرا ويكاد كل سَاعَة وَرُبمَا خرج عِنْد الْأذن خراج رَدِيء جدا أَو يرقان أَو خراج آخر رَدِيء يحْتَاج إِلَى جهد من الطبيعة حَتَّى ينْحل.
وَمَتى كَانَ البحران فِي السَّادِس بالبول كَانَ سنجا فِي لَونه رَقِيقا لَا فَسَاد فِيهِ فَإِنَّهُ غير مَحْمُود أَو رُبمَا وجد فِيهِ شَيْء شبه الخزف والرمل وكل مَا فِيهِ غير مستو وَلَا ينضج وَلَيْسَ ينقع من الْبَوْل فِي السَّادِس إِلَّا كثرته فَقَط فَهَذَا أَهْون مَا يعرض فِي السَّادِس إِذا كَانَت حَال العليل تؤول إِلَى السَّلامَة.
وَأما أَكثر من يصيبهم فِيهِ البحران فبعضهم يصير إِلَى الغشي وَبَعْضهمْ يختنق بِدَم يجْرِي مِنْهُ دفْعَة أَو باستفراغ آخر مجاوز للاعتدال أَو بِسُكُون أَو بجنون وَرُبمَا هلك بيرقان يعرض لَهُ أَو خراج تَحت الْأذن أَو ذبول مقعر يصير إِلَيْهِ وَلَيْسَ شَيْء من الْأَوْقَات الْعَظِيمَة إِلَّا وَقد يعرض فِي وَمَا أَنا أشبه السَّابِع إِلَّا بِالْملكِ الْعَادِل وَذَلِكَ أَنه يشفق على من يحكم عَلَيْهِ وَإِن لَزِمته عُقُوبَة حرص على أَن ينقص شدتها ويهونها وَإِن وَجب لَهُ حق قوي أمره. وَأما السَّادِس فَهُوَ يشبه السُّلْطَان الغشوم المريد أَن يهْلك من يستولي عَلَيْهِ ويشق عَلَيْهِ سَلَامَته ويحتال فِي أَن يتشفى مِنْهُ ويبالغ فِي أَذَاهُ ويحضره فِي حَبسه ليطول عَذَابه.
قَالَ: الْيَوْم السَّادِس عشر وَالثَّانِي عشر ليسَا من أَيَّام البحران لِأَنَّهُ لم ير البحران يكون فيهمَا وَأما الْيَوْم السَّادِس فَإِنَّهُ يَوْم بحران لِأَن البحران يكون فِيهِ إِلَّا أَنه يَوْم بحران رَدِيء فَإِن الْيَوْم السَّادِس تَنْقَضِي فِيهِ الْأَمْرَاض كثيرا إِلَّا أَن الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّابِع أَكثر كثيرا.
والجهة الَّتِي يَنْقَضِي عَلَيْهَا فِي السَّابِع بِخِلَاف الْجِهَة الَّتِي يَنْقَضِي عَلَيْهَا فِي السَّادِس على مَا ذكرت.
قَالَ: لِأَن الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّادِس إِن أوهمك أَنه قد انْقَضى فَإِنَّهُ سيعاود والخطر وخفاء البحران من الْيَوْم السَّادِس وَرُبمَا ينذر بالسادس الرَّابِع كَمَا قلت فَهَذَا جملَة مَا ذكرت قبل.
قَالَ وَالْيَوْم الرَّابِع عشر قريب من طبعه من السَّابِع وَالتَّاسِع أَيْضا وَالْحَادِي عشر وَالْعشْرُونَ قريبَة)
من هَذَا وَالْيَوْم السَّادِس عشر وَالْخَامِس قريبين من هَذِه وَمن بعْدهَا الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر وكل هَذِه أَيَّام بحران وَلَا تشبه طبيعتها طبيعة السَّادِس. فَإِن اتّفق أَن يعرض بحران فِي الْيَوْم الثَّامِن أَو فِي الْعَاشِر فَهُوَ شبه البحران الْكَائِن فِي السَّادِس وَلَا يكَاد يَنْقَضِي فِي هَذِه الْأَيَّام مرض وَإِن انْقَضى لم يَصح انقضاؤه وَلم يتم وَلَا يؤول إِلَى خير(5/162)
وَيكون خفِيا غير بَين وَلَا منذرا بِهِ فطبيعة هَذِه الْأَيَّام إِذا غير طبيعة الَّتِي ذَكرنَاهَا قبل.
قَالَ: وَكَانَ الْمَرَض لَا يَنْقَضِي بَغْتَة أَعنِي بِهَذَا أَلا يكون بحران فِي هَذِه الْأَيَّام الَّتِي ذكرتها أَعنِي فِي الْعَاشِر وَالثَّامِن وَذَلِكَ لَا يَنْقَضِي بَغْتَة فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر وَالتَّاسِع عشر وَأَنا أرى أَن يوضع فِي مَا بَين الطَّبَقَة الَّتِي ذكرتها الْآن أَعنِي الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَهِي الثَّامِن والعاشر وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر وَالتَّاسِع عشر وَبَين الطَّبَقَة الَّتِي تقدم ذكرى لَهَا أَعنِي الَّتِي هِيَ أَيَّام البحران وَقد عددتها وَهِي الْمَرَاتِب الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالثَّامِن عشر.
الْيَوْم الثَّالِث عشر لَيْسَ بالساقط كالأيام الَّتِي فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة يَعْنِي الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَلَا يَنْقَضِي فِيهَا الْمَرَض كَمَا يَنْقَضِي فِي الطَّبَقَة الأولى بَين أَيَّام البحران. فَهَذِهِ حَال اخْتِلَاف الْأَيَّام إِلَى الْعشْرين.
لي: لم يذكر جالينوس الْيَوْم الْخَامِس عشر هَهُنَا الْبَتَّةَ وَلَا حنين فِي مَا اختصر من كِتَابه وَقد ذكرنَا أَمر الْأَيَّام الَّتِي من بعد الْيَوْم الثَّانِي من الْمَرَض إِلَى الْعشْرين.
لي: قد اخْتلف أَصْحَاب الْجَوَامِع والتفاسير فِي تَرْتِيب هَذِه الْأَيَّام وَأَنا كَاتب مَا فِي الْجَوَامِع المفصلة والغير المفصلة ثمَّ قَائِل فِي ذَلِك بِحَسب مَا يَلِيق بِمَا يظْهر من كتاب جالينوس. (تَرْتِيب قُوَّة الْأَيَّام الباحورية وَغير الباحورية) من الْجَوَامِع المفصلة قَالَ: الْأَيَّام الباحورية مِنْهَا مَا لَا يزَال البحران يَأْتِي فِيهَا دَائِما وَمِنْهَا مَا لَا يكَاد البحران يَأْتِي فِيهِ إِلَّا فِي الندرة وَمِنْهَا مَا حَالهَا فِي ذَلِك حَال وسط وَأما الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا البحران دَائِما فَفِي الطَّبَقَة الأولى بِمَنْزِلَة السَّابِع وَالرَّابِع عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر وَالْعِشْرين وَمِنْهَا من الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة السَّابِع عشر وَالْخَامِس وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الرَّابِعَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم الرَّابِع وَالثَّالِث وَالثَّامِن عشر. وَأما الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الندرة فَمِنْهَا مَا هُوَ فِي الطَّبَقَة الأولى بِمَنْزِلَة الْيَوْم الْخَامِس وَالسَّادِس وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم الثَّامِن وَالْيَوْم الْخَامِس عشر وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة بِمَنْزِلَة الثَّانِي عشر. وَأما الْأَيَّام الَّتِي حَالهَا وسط بَين ذَلِك فاليوم الثَّالِث عشر وَالْيَوْم السَّادِس عشر.
لي: هَذَا يُرِيد بقوله: الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي الندرة الْأَيَّام الْغَيْر الباحورية وَقد غلط على هَذَا فِي مَوضِع وَذَلِكَ أَنه رتب الثَّالِث عشر مَعَ السَّادِس عشر وَالسَّادِس عشر هُوَ الْيَوْم الَّذِي رتبه جالينوس مَعَ الثَّانِي عشر فَقَالَ فِيهِ: أما أَنا فَلم أر أحدا قطّ أَصَابَهُ بحران فِي الْيَوْم الثَّانِي عشر وَلَا فِي الْيَوْم السَّادِس عشر وَأما الثَّالِث عشر فَقَالَ فِيهِ جالينوس: إِنَّه متوسط بَين(5/163)
قَالَ: وَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الثَّانِيَة بِمَنْزِلَة الْيَوْم التَّاسِع وَالتَّاسِع عشر يعده جالينوس فِي الْأَيَّام الَّتِي لَا يَأْتِي فِيهَا بحران.
قَالَ: وَأما الْأَيَّام الَّتِي يَأْتِي فِيهَا بحران فِي الندرة فَمِنْهَا فِي الطَّبَقَة الأولى وَهِي الْخَامِس وَالسَّادِس وَهَذَا خلاف عَظِيم لج وَذَلِكَ أَنه يَقُول: إِن الْأَيَّام الْغَيْر الباحورية أَشدّهَا فِي هَذِه الطَّبَقَة يَعْنِي بِهِ أَلا يَأْتِي فِيهَا بحران الْخَامِس وَالسَّادِس وجالينوس قد رتب الْخَامِس فِي الطَّبَقَة الثَّالِثَة من طَبَقَات أَيَّام البحران وَبعده بطبقتين من طَبَقَات أَيَّام البحران فضلا عَن أَن يكون فِي الطَّبَقَة الأولى من الْأَيَّام الباحورية وَالْيَوْم السَّادِس فقد شهد جالينوس أَنه من الْأَيَّام البحران مَرَّات فضلا عَن أَن يكون من الْأَيَّام الباحورية فِي أَعلَى الطَّبَقَات.
وَقَالَ فِي المفصلة: الْأَيَّام مِنْهَا أَيَّام بحران وَمِنْهَا أَيَّام إنذار وَمِنْهَا وَاقعَة فِي الْوسط فَأَما أَيَّام البحران الصَّحِيح فالرابع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ. وَأما الْوَاقِعَة فِي الْوسط فالثالث وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالثَّالِث عشر وَالْخَامِس عشر وَأما المنذرة فالرابع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر ينذر بِثَلَاثَة أَيَّام وَالسَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد)
وَالْعشْرُونَ.
وَقَالَ صَاحب الْجَوَامِع الْغَيْر المفصلة: إِن من أَيَّام البحران أقواها وأحمدها وأسلمها السَّابِع قَالَ: ثمَّ من بعد هَذِه الْأَيَّام الَّتِي تقع فِيمَا بَين هَذِه.
قَالَ: وَإِنَّهَا يَعْنِي بِالْأَيَّامِ الَّتِي تقع فِيمَا بَين هَذِه الْأَيَّام الَّتِي يتَقَدَّم فِيهَا البحران أَو يتَأَخَّر عَن هَذِه يَوْمًا وَهِي إِمَّا عَن الْيَوْم الرَّابِع فالثالث وَالْخَامِس وَإِمَّا عَن الْيَوْم السَّابِع فالسادس وَالثَّامِن وَإِمَّا الْيَوْم الْحَادِي عشر فكثيراً مَا يحدث البحران الَّذِي يُرِيد أَن يكون فِيهِ فَفِي الْيَوْم التَّاسِع يحفز الْمَرَض.
قَالَ: وَإِمَّا الْأَيَّام الَّتِي يحدث فِيهَا البحران الْخَبيث المذموم على الْأَمر الْأَكْثَر فالسادس وَهَذَا الْيَوْم كَأَنَّهُ يحارب السَّابِع حَتَّى كَأَنَّهُ بِمَنْزِلَة المتغلب العسوف.
قَالَ: والبحران الَّذِي يكون فِي الرَّابِع عشر لَا يتَأَخَّر إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين إِلَّا فِي الندرة وَعند ذَلِك يكون الْمُنْذر بِهِ الثَّامِن عشر.
وَأما الثَّالِث عشر فانه لَيْسَ من الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا بحران لكنه أنقص قُوَّة من جَمِيع أَيَّام البحران لِأَن البحران يكون فِيهِ أقل مِنْهُ فِي جَمِيعهَا.
وَأما الْيَوْم الثَّانِي فَلَا يحدث فِيهِ بحران فِي حَال من الْأَحْوَال لِأَن الْقُوَّة تكون فِيهِ بعد قَوِيَّة مُحْتَملَة لَا تبلغ الْعلَّة بهَا إِلَّا أَن تثور وتجاهد.
قَالَ: وَلَا يحدث البحران فِي حَال من الْأَحْوَال فِي الْخَامِس عشر وَلَا فِي السَّادِس عشر وَلَا فِي التَّاسِع عشر على أَن الْخَامِس عشر يَلِي الرَّابِع عشر وَالسَّادِس عشر مُتَقَدم للسابع عشر وَالتَّاسِع عشر للعشرين.(5/164)
لي: وَهُوَ ألزم للتحفظ إِلَّا أَن فِيهِ خلافًا وتخليطاً وَأَنا قَائِل فِي ذَلِك بِحَسب مَا يتَبَيَّن من رأى جالينوس.
قَالَ ج فِي الْمقَالة الثَّانِيَة فِي أَولهَا إِنَّك إِن تفقدت أَيَّام البحران وجدت أقوى الْأَيَّام الأسابيع ثمَّ بعد ذَلِك الأرابيع ثمَّ الْوَاقِعَة فِي الْوسط كالخامس وَالثَّالِث وَالسَّادِس وَالتَّاسِع.
وَقَالَ: الرَّابِع يَوْم بحران وَإِن كَانَ ضَعِيفا. 3 (تَحْصِيل قُوَّة الْأَيَّام فِي ابْتِدَاء الْمَرَض) قَالَ: الحميات إِذا ثارت دفْعَة فَإنَّا قد رَأينَا قوما كثيرا أكلو وناموا وَلَا قلبة بهم ثمَّ حموا بَغْتَة وَآخَرين دخلو الْحمام وارتاضوا فحموا بَغْتَة فَلَيْسَ فِي أول هَذِه لبس وَلَا مرية وَمِنْهَا مَا يهيج بصاحبها أَولا تكسر وصداع ثمَّ يهيج الْحمى وَهَذِه يجب أَن يُؤْخَذ أَولهَا لَا من حِين بدا الصداع وَنَحْوه لَكِن من حِين بَدَت الْحمى.
لي: أَحسب أَن أول الْمَرَض الْيَوْم وَالْوَقْت الَّذِي يُنكر الْمَرِيض حَاله إنكارا بَينا لَا محَالة شكّ فِي قَالَ: فَأَما أبقراط الَّذِي تفقد هَذِه الْأَشْيَاء أَكثر من جَمِيع الْأَطِبَّاء فَكَمَا ذكر أَن كثيرا من المرضى عرضت لَهُم الْحمى دفْعَة من غير أَن يعرض لَهُم عَارض قبلهَا وَذكر آخَرين عرض لَهُم قبل الْحمى أَذَى وهم يتصرفون فِي أَعْمَالهم كَذَلِك ذكر أَن أَيَّام البحران تكون على حَالهَا إِذا حسب أَولهَا من أول يَوْم عرض الصداع أَو غَيره من الْأَذَى وعَلى حسب هَذَا الِابْتِدَاء أجرت الْأَطِبَّاء أَيَّام البحران.
لي: هَذَا فِيمَا يظْهر يُخَالف لما جمعه حنين من هَذَا الْكتاب فِي هَذَا الْموضع هَذَا القَوْل وَهُوَ الْكتاب الَّذِي طرح عَنهُ حنين الْحجَّاج.
قَالَ حنين: إِنَّه فِي الأَصْل كَذَا وَيكون أبقراط أَنه وجد البحران يكون من أول يَوْم عرضت للْمَرِيض فِيهِ الْحمى لِأَن من أَيَّام يَوْم عرض للْمَرِيض الصداع وعَلى هَذَا الِابْتِدَاء أجرت الْأَطِبَّاء أَيَّام البحران فَهَكَذَا فِي هَذَا الْكتاب وَيُمكن أَن يكون هُوَ الصَّحِيح وَالَّذِي أَحسب أَنه قد يجوز أَن يحْسب الِابْتِدَاء الْيَوْم الَّذِي يعرض فِيهِ الْأَعْرَاض إِذا كَانَت قَوِيَّة وَأَنه على حسب قوتها يكون الْعَمَل وَهَذَا أصح مَا يكون بِهِ الْعَمَل.
قَالَ بعد هَذَا فِي هَذَا الْموضع: لَا نَأْخُذ حِسَاب الْأَيَّام عَن الِابْتِدَاء القياسي لَكِن عَن المحسوس وَقد امتحن أبقراط أَيَّام البحران فِيمَن اضْطجع ضَرْبَة وَفِي من تأذى قبل أَن يضطجع فَوَجَدَهَا غير مُخْتَلفَة وَجعل ابْتِدَاء الْحساب الأول لَيْسَ وَقت أصَاب الْمَرِيض فِيهِ الصداع لَكِن أول وَقت أَصَابَته الْحمى.
لي: هَذَا القَوْل: إِن أَيَّام البحران تصح إِن حسبت مُنْذُ أول يَوْم حدثت فِيهِ الْحمى وَمن أول يَوْم يكون الصداع فِيهِ والأعراض الْأُخَر فَيَقُول حسب أبقراط الْأَيَّام الْأُخَر فِيمَن عرضت(5/165)
بِهِ بَغْتَة حمى من يَوْم الْحمى وفيمن ظَهرت بِهِ قبلهَا أَعْرَاض من يَوْم ظَهرت وَلَيْسَ فِي اخْتِصَار حنين)
الْحساب الأول الَّذِي من حِين تبتدىء الْأَعْرَاض وَكَانَت تظن أَنَّهَا متناقضة بل إِنَّمَا ذكر فِي ذَلِك الْكتاب: الْيَوْم الَّذِي يحْسب مِنْهُ أول يَوْم يحم لَا الْيَوْم الَّذِي يحس فِيهِ بالأعراض وَلَيْسَ للْآخر ذكر الْبَتَّةَ.
لي: يجب فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تبتدىء فِيهَا أَعْرَاض صعبة ظَاهِرَة قبل ظُهُور الْحمى أَن يحْسب ذَلِك الْيَوْم وَأما الَّتِي تبتدىء فِيهَا الْحمى فَلَا تشك فِيهِ.
والأجود أَن تتفقد الْحساب فِي الأول من حِين بَدَت الْأَعْرَاض وَمن حِين ظَهرت الْحمى وتتفقدهما جَمِيعًا على أَنه إِذا كَانَت الْأَعْرَاض الَّتِي ظَهرت قبل الْحمى قَوِيَّة فَمِنْهَا يجب أَن تحسب الَّذِي تفقدته فَوَجَدته أصح أَن يحْسب ابدأ من حِين يظْهر التَّغَيُّر عَن الْحَال الطبيعية وَإِن لم تكن حمى.
مِثَال أَقُول: إِن رجلا ابتدأت بِهِ حمى فِي السَّاعَة الْعَاشِرَة من النَّهَار فَإِنَّهَا تتفقد فِي الْيَوْم الثَّانِي هَل يُوجد للنوبة ابْتِدَاء محسوس وَكَذَلِكَ فِي الثَّالِث إِن كَانَت تنوب غبا ويتفقد نوبَة الْحمى فِي أَي الْأَيَّام أصعب فِي الْأَفْرَاد أم فِي الْأزْوَاج.
لي: إِنَّمَا يتفقد ذَلِك لِأَن البحران ينذر إِلَى الْيَوْم الأصعب قَالَ فَأَقُول: إِنَّهَا دائمة وَهِي مَعَ ذَلِك تشتد غبا وَإِن النّوبَة اشتدت فِي الْيَوْم الثَّالِث فِي السَّاعَة الْحَادِيَة عشرَة من النَّهَار وَفِي الْيَوْم الْخَامِس من السَّاعَة الأولى من اللَّيْل وعَلى ذَلِك تتأخر كل نوبَة سَاعَة وَكَانَت جَمِيع أَحْوَال هَذَا العليل إِلَى اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة على مِثَال وَاحِد ثمَّ إِنَّه فِي هَذِه اللَّيْلَة أحس بالبول أَكثر مِمَّا كَانَ وَظَهَرت فِيهِ غمامة بَيْضَاء لَا تكون قد ظَهرت قبل ذَلِك فَإِذا رأى ذَلِك طَبِيب هُوَ بِالْحَقِيقَةِ طَبِيب فَإِنَّهُ يَرْجُو رَجَاء قَوِيا أَن يكون انْقِضَاء الْمَرَض فِي الرَّابِع عشر وَقد يعرض كثيرا أَن يتجاوزه وَعلم ذَلِك يعرف من كتاب البحران.
قَالَ: فَاشْتَدَّ الْحمى فِي اللَّيْلَة الْحَادِيَة عشرَة فِي إِحْدَى سَاعَات تِلْكَ اللَّيْلَة وَإِنَّمَا هِيَ أحد السَّاعَة لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن تتقدم السَّاعَة الَّتِي من عَادَتهَا أَن تَجِيء فِيهَا وَيُمكن أَلا تتقدم إِلَّا أَن الْعَادة قد جرت فِي الْأَكْثَر بِأَن تتقدم.
إِذا كَانَ البحران مزمعا أَن يكون قَالَ: وَليكن فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة صعوبة شَدِيدَة حَتَّى يكون رجاؤك للبحران قَوِيا وَلَيْسَ يُمكن إِذا كَانَت الْحَال كَذَلِك أَن لَا يعرض للعليل بحران جيد فِي الْحمى الَّتِي تنوب فِي الثَّالِث عشر وَلِأَن لَا تدع شَيْئا من غير تَجْدِيد فلتكن فِي هَذِه اللَّيْلَة صعوبة)
من الْمَرَض وَليكن ابْتِدَاء السَّاعَة الثَّامِنَة فِيهَا بنافض صَعب وَلَا يكون ظهر شَيْء من الْأَعْرَاض الَّتِي تلْزم البحران وَليكن النبض مُخْتَلفا فِي نظامه غير مستو لَكِن تكون أَكثر حركاته مشرفة عَظِيمَة قَوِيَّة.
أَقُول: إِن هَذَا الْمَرِيض إِذا انْتَهَت حماه الَّتِي عرضت لَهُ بالنافض مُنْتَهَاهَا ابْتَدَأَ يعرق عرقا مَحْمُودًا وَبَين أَن ذَلِك يُصِيبهُ فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَت الْحمى مِمَّا(5/166)
أَخَذته فِي السَّاعَة الثَّامِنَة من اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة فعرقه يكون فِي الرَّابِع عشر وَليكن الْمَرِيض كلما استفرغ اسْتَوَى نَفسه وَحسن نبضه وخف بدنه واستراح فيمكث نَهَاره كُله يعرق عرقا كثيرا حارا فِي بدنه كُله مستويا ثمَّ تسكن عَنهُ الْحمى بالعشى سكونا تَاما.
أَقُول: إِن بحران هَذَا الْمَرِيض بحران صَحِيح وَإنَّهُ يجب أَن يغذي قَلِيلا قَلِيلا وَإِن هَذَا لَا يخَاف عَلَيْهِ عودة الْمَرَض لِأَن الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ بحرانه يَوْم بحران صَحِيح وَقد اجْتمعت فِيهِ جَمِيع العلامات الدَّالَّة على البحران وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ قد ظهر فِي الْحَادِي عشر عَلامَة تدل على النضج فَإِنَّهُ وَجب أَن يكون البحران الَّذِي كَانَ فِي الرَّابِع عشر منذرا بِهِ وَلما كَانَت فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة صعوبة من الْمَرَض قبل نوبَة الْحمى وابتدأت الْحمى فِي تِلْكَ اللَّيْلَة بنافض واضطراب فِي النبض شَدِيد يدل على البحران ثمَّ جَاءَ عرق مَحْمُود كثير فقد وَجب أَن يُقَال: إِن ذَلِك البحران كَانَ بَينا وَلما لم تكن فِيهِ أَعْرَاض يخَاف مِنْهَا وَجب أَن يُقَال لَهُ: إِنَّه سليم وَلما لم يبْق من الْحمى بَقِيَّة وَجب أَن يُقَال: إِنَّه تَامّ وَإنَّهُ جيد وَالَّذِي بَقِي أَن يتَبَيَّن أَنه بحران صَحِيح لَا يعاود فِيهِ الْمَرَض.
وَهَذِه الْمعرفَة تحْتَاج أَن تُؤْخَذ من جَمِيع الْخِصَال الَّتِي ذَكرنَاهَا وَبَعض تِلْكَ الْخِصَال طبيعية الْيَوْم فَإنَّك إِن أفردت جَمِيع هَذِه الْخِصَال على حِدته وتقلب البحران إِلَى الْيَوْم الْخَامِس فِيهِ لم تكن صِحَّته على مِثَال هَذَا وَلَا قَرِيبا مِنْهُ وَإِنَّمَا يُحَقّق صِحَّته البحران يَوْم البحران وَهَذِه مَنْفَعَة أَيَّام البحران.
قَالَ: وَإِن ابتدأت جَمِيع العلامات على حَالهَا وغيرت يَوْم البحران نقص من صِحَة البحران نُقْصَانا كثيرا وَإِن كَانَت العلامات الْأُخَر الَّتِي تدل على البحران غير تَامَّة ثمَّ أضيف إِلَيْهَا يَوْم البحران صَحَّ البحران وَلَو لم يكن لأيام البحران إِلَّا هَذَا فَقَط لِأَنَّهُ يجْتَمع مَعَه أَكثر عَلَامَات البحران وَأَعْظَمهَا أَو كلهَا لقد كَانَ يجب لهَذَا وَحده أَن يُقَال: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة)
غَيرهَا من الْأَيَّام فَإِذا كَانَت مَعَ هَذَا قد تَتَغَيَّر هِيَ من نَفسهَا على صِحَة فكم بالحرى قد يحب أَن تَقول: إِن طبيعة أَيَّام البحران غير طبيعة تِلْكَ الْأَيَّام الْأُخَر الَّتِي لَا تعين على صِحَة البحران وَلَا تَجْتَمِع مَعهَا كثير من عَلَامَات البحران. قَالَ: أما أَنا فَأرى هَذَا.
قَالَ: وأرجع إِلَى الْمِثَال فِي الْمَرِيض الَّذِي كنت وصفت أَن عَلامَة البحران بَانَتْ فِي بَوْله فِي الْحَادِي عشر ثمَّ أَتَاهُ البحران فِي الرَّابِع عشر فلنضع الْآن: أَن البحران لم يَأْته فِي الرَّابِع عشر وَلكنه جَاوز ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْخَامِس عشر ثمَّ ابْتَدَأَ بِهِ فِي تِلْكَ اللَّيْلَة نافض وأصابه البحران فِي السَّادِس عشر لتعلم علما يَقِينا صِحَة قُوَّة يَوْم البحران.
أَقُول: إِنَّه إِذا كَانَ كَذَلِك لم يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وَلم تُفَارِقهُ الْحمى مُفَارقَة صَحِيحَة فِي ذَلِك الْيَوْم فَإِن اتّفق وَذَلِكَ مَا لَا يكَاد يتَّفق وَهُوَ أَن يعرق الْمَرِيض عرقا مَحْمُودًا وتقلع عَنهُ الْحمى فَإِن البحران لَا محَالة يَصح. وَإِن زل ذَلِك الْمَرِيض أدنى زلل عَادَتْ إِلَيْهِ.(5/167)
ثمَّ لنضع الْآن أَن عَلامَة البحران ظَهرت فِي ذَلِك الْمَرِيض فِي الرَّابِع كَمَا وَصفنَا قبل أَو أَنَّهَا ظَهرت فِي الْحَادِي عشر أَقُول: إِنَّه يجب أَن يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَن النذير فِي الْأُسْبُوع الثَّانِي هُوَ الْيَوْم الْحَادِي عشر وَفِي الْأُسْبُوع الأول الرَّابِع وكما يدل الْحَادِي عشر على الرَّابِع عشر كَذَلِك يدل الرَّابِع على السَّابِع فلتكن نوبَة الْحمى فِي اللَّيْلَة السَّابِعَة فِي السَّاعَة الثَّالِثَة وَليكن النافض والنبض على ذَلِك الْمِثَال وليبتدىء الْعرق فِي آخر اللَّيْل وليلبث الْمَرِيض نَهَاره كُله وَهُوَ الْيَوْم الثَّامِن يعرق عرقا مَحْمُودًا ولتقلع عَنهُ الْحمى نَحْو العشى فَفِي مثل هَذَا الْموضع يجب أَن ينعم النّظر فقد قلت بديا: إِن نوبَة الْحمى أَتَت الْمَرِيض مجيئا تدل على البحران فِي اللَّيْلَة الثَّالِثَة عشرَة ثمَّ أقلعت عَنهُ الْحمى فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر فَقلت: إِن البحران جَاءَهُ فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر لَا فِي الثَّالِث عشر ووصفت الْآن أَن الْعرق وانقضاء الْعلَّة أَتَيَاهُ فِي نَهَار الثَّامِن.
وَأَنا أَقُول مَعَ ذَلِك: إِن البحران إِنَّمَا أَتَى هَذَا الْمَرِيض فِي السَّابِع وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يَنْبَغِي أَن يقْتَصر فِي إِيجَاب البحران ليَوْم مَا على مَا تقدم من نوبَة الْحمى وصعوبتها فِيهِ وَلَا فِي ابْتِدَاء الْعرق وَلَا فِي إقلاع الْحمى لَكِن إِن اجْتمعت هَذِه الْخلال الثَّلَاث فَلَا تشك فِي البحران لليوم الَّذِي اجْتمعت فِيهِ فَأَما إِن كَانَت وَاحِدَة أَو اثْنَتَيْنِ فَلَا يجب البحران ضَرُورَة لذَلِك الْيَوْم لَكِن انْظُر حِينَئِذٍ فِي الْأَيَّام المنذرة فَإِذا أنذر الرَّابِع وَالْحَادِي عشر بالبحران ثمَّ كَانَت خلة من خلال البحران فِي السَّابِع أَو الرَّابِع عشر فَأوجب البحران للسابع وَالرَّابِع عشر فَإِن لم يكن البحران فِي السَّابِع وَلَا فِي الرَّابِع)
عشر وَلَا خلة من خلال البحران لَا فِي آخِره وَلَا فِي أَوله فأضف البحران إِلَى الْيَوْم الَّذِي كَانَ فِيهِ البحران كُله فَإِن لم ينذر بالبحران يَوْم كَانَ قبله ثمَّ جَاءَ البحران يَوْمَيْنِ فَانْظُر فِي هَذِه الْأَعْلَام ليستدل بهَا لأي الْيَوْمَيْنِ البحران.
والأعلام هِيَ الْقيَاس أَعنِي قِيَاس الأدوار وطبائع الْأَيَّام وَعدد أَوْقَات البحران وزمان البحران.
أما نظرك فِي قِيَاس الأدوار فَلْيَكُن على هَذَا الْمِثَال: إِن كَانَت الْعلَّة تصعب على الْمَرِيض فِي الْأَفْرَاد فالبحران للفرد وَإِن كَانَ تصعب فِي الْأزْوَاج فالبحران للزَّوْج وَذَلِكَ أَن البحران يكون أَكثر ذَلِك فِي وَقت استصعاب الْحمى.
أما نظرك فِي طبائع الْأَيَّام فَلْيَكُن على هَذَا الطَّرِيق: مَتى شَككت فِي البحران بَين التَّاسِع والعاشر فَإِن وجدت البحران سليما فأضفه إِلَى التَّاسِع وَإِن رَأَيْته نَاقِصا رديئا ذَا خطر فالعاشر أولى بِهِ.
وَأما نظرك فِي عدد أَوْقَات البحران فعلى هَذَا الْوَجْه: أَوْقَات البحران ثَلَاثَة: أَولهَا ابْتِدَاء الدّور الَّذِي يدل مَجِيئه على بحران وَالثَّانِي ابْتِدَاء الشَّيْء الَّذِي بِهِ يكون البحران استفراغا كَانَ أَو غَيره وَالثَّالِث انْقِضَاء البحران فاليوم الَّذِي يحدث فِيهِ وقتان من أَوْقَات البحران فَذَلِك الْيَوْم أولى بالبحران.(5/168)
وَأما نظرك فِي زمَان البحران فعلى هَذِه الْجِهَة: انْظُر فِي أَي الْيَوْمَيْنِ زمَان البحران أطول فَهُوَ أولى بِهِ.
فَإِن دلّت هَذِه الْأَعْلَام الْأَرْبَعَة على يَوْم وَاحِد فالبحران وَاجِب لذَلِك الْيَوْم وَإِن نقص وَاحِد فالبحران على حَال بذلك الْيَوْم إِلَّا أَن لليوم الآخر فِيهِ حِصَّة فَإِن تَسَاوَت أَعْلَام الْيَوْمَيْنِ فالبحران مُشْتَرك بَينهمَا. وَرُبمَا جَاوز البحران بِالْيَوْمِ الثَّانِي إِلَى الْيَوْم الثَّالِث وَإِذا كَانَ ذَلِك فاليوم الْأَوْسَط من طَرِيق طول زمَان البحران فِيهِ هُوَ أولى بالبحران إِلَّا أَنه لَا يجب أَن يُوجب لَهُ البحران كُله لَكِن يَنْبَغِي أَن ينظر أَولا: هَل أنذر بالبحران يَوْم قبله أم لَا فَإِن هَذِه الْعَلامَة وَلَو قلت من أقوى العلامات ثمَّ ينظر بعد إِن كَانَ لم ينذر بالبحران يَوْم قبله فِي الْأَعْلَام الْبَاقِيَة الَّتِي أتيت على ذكرهَا قبل وَهِي قِيَاس نَوَائِب الْحمى وطبائع الْأَيَّام وَعدد أَوْقَات البحران وزمان البحران وَقد يَكْتَفِي فِي هَذَا بِهَذَا القَوْل فِي الْيَوْم الأول وَفِي الْيَوْم الثَّانِي.
قَالَ: إِن كَانَ البحران إِنَّمَا هُوَ الِاضْطِرَاب السَّرِيع الَّذِي يكون قبل انْقِضَاء الْمَرَض فَلَا يجب أَن)
يعد الْيَوْم الأول وَلَا الثَّانِي من أَيَّام البحران وَذَلِكَ أَنه لَا يكون فيهمَا قبل انْقِضَاء الْمَرَض اضْطِرَاب ظَاهر فَإِن سميت كل انْقِضَاء يكون للْمَرِيض بحرانا وَجب أَن يعد الْيَوْم الأول وَالثَّانِي من أَيَّام البحران وَذَلِكَ لِأَن حميات يَوْم تَنْقَضِي إِمَّا فِي الْيَوْم الأول وَإِمَّا فِي الْيَوْم الثَّانِي فِي مَا بعد الْعشْرين من أَيَّام البحران.
قَالَ ج: إِن أرخيجانس يذكر أَن البحران يكون فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الْعشْرين وَمَا رَأَيْت أَنا أَن الْأَمر كَذَلِك وَلَا رَآهُ أبقراط وَرَأَيْت البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع وَالْعِشْرين أَكثر مِمَّا يكون فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين. وَأما أرخيجانس فَذكر أَن الْأَمر بالضد وَالْيَوْم الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ صَالح الْقُوَّة وَالْأَرْبَعُونَ أقوى مِنْهُ وَأما الْيَوْم الرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْيَوْم الْوَاحِد وَالثَّلَاثُونَ فَإِن البحران يكون فيهمَا أقل مِمَّا فِي تِلْكَ وَأَقل من هَذِه أَيْضا كثيرا الْيَوْم السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ حَتَّى أَنه يكون على النَّحْو من بَين الْأَيَّام الَّتِي يكون فِيهَا البحران وَالَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَهُوَ إِلَى أَلا يكون فِيهَا بحران أقرب.
فَأَما سَائِر الْأَيَّام الَّتِي بَين الْعشْرين وَالْأَرْبَعِينَ فَلَا يكون فِيهَا بحران. وَأَنا أعدهَا: وَهِي الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ وَالسَّادِس وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ وجملتها اثْنَا عشر.
وَالِاضْطِرَاب الشَّديد يكون فِي أَيَّام البحران الَّتِي بعد هَذِه إِلَى الْأَرْبَعين بِقُوَّة الْحَرَكَة فِيهَا تنتقص قَلِيلا قَلِيلا وَأما أَيَّام البحران الَّتِي بعد هَذِه إِلَى الْأَرْبَعين فَكلهَا ضَعِيفَة الْحَرَكَة جدا والانقضاء يكون فِيهَا بالنضج وبالخراجات أَكثر مِمَّا يكون بالاستفراغ وَقد يكون فِي هَذِه أَيْضا بحران بالاستفراغ لَكِن فِي الندرة وَبلا حَرَكَة شَدِيدَة وَفِي أَكثر الْأَمر تتصل بالبحران أَيَّام كَثِيرَة لَا سِيمَا إِذا كَانَ البحران بخراج. وَرَأَيْت أبقراط يستخف بِجَمِيعِ الْأَيَّام الَّتِي من بعد(5/169)
الْأَرْبَعين خلا السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة ثمَّ يَقُول بعد هَذَا: إِن من الْأَمْرَاض مَا يكون بحرانه فِي سَبْعَة أشهر والصيفية تَنْقَضِي فِي الشتَاء وَبِالْعَكْسِ وَمِنْهَا فِي سبع سِنِين وَمِنْهَا فِي أسبوعين من السنين وَمِنْهَا فِي ثَلَاثَة أسابيع. وَقد ذكر قوم الثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وَالْخَامِس وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن وَالْأَرْبَعِينَ وسنذكرها كلهَا.
قَالَ: وَيجب لمن أَرَادَ أَن يحكم الْعلم بِالْيَوْمِ الَّذِي يكون فِيهِ البحران أَن يحكم قبل كل شَيْء مَا)
قَالَه أبقراط فِي تقدمة الْمعرفَة ثمَّ مَا قَالَه فِي كتب أخر من حالات الْهَوَاء وَمَا يعرض فِيهَا من الْأَمْرَاض وَمَا قَالَه فِي الْأَسْنَان وأوقات السّنة والطبائع والبلدان ثمَّ يحكم مَعَ ذَلِك علم النبض فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يعسر عَلَيْهِ من ذَلِك: إِنَّه إِن كَانَ الْمَرَض حادا وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات الْهَلَاك وَإِن أَنْت رَأَيْت فِي الرَّابِع عَلامَة بَيِّنَة للنضج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَمن لم يعرف عَلَامَات الْهَلَاك وعلامات السَّلامَة وعلامات الْخطر فَلم ينْتَفع بِشَيْء من قولي. وَإِن عرف هَذِه كلهَا وَلم يعرف عَلَامَات النضج لم ينْتَفع بِشَيْء مِمَّا أَقُول لِأَنَّك إِن رَأَيْت فِي الْمَرَض عَلَامَات الْخطر وَرَأَيْت فِي الْيَوْم الرَّابِع عَلَامَات النضج ثمَّ كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأزْوَاج فتوقع البحران فِي السَّادِس فَإِن تجَاوز السَّادِس فَهُوَ يكون فِي السَّابِع. وَإِن رَأَيْت فِي الْمَرَض عَلَامَات السَّلامَة فالبحران يكون فِي السَّابِع.
وَأما عَلَامَات الْهَلَاك فَلَا تَجْتَمِع مَعَ عَلَامَات النضج الْبَتَّةَ فَإِن عَلَامَات النضج إِذا ظَهرت فِي الرَّابِع وَصلح الْمَرِيض فِي السَّابِع فَانْظُر إِلَى عدد عَلَامَات الْهَلَاك وَمِقْدَار قوتها فَإِنَّهَا مَتى كَانَت كَثِيرَة قَوِيَّة فِي الرَّابِع فَإِن الْمَرِيض أَكثر مَا يَمُوت فِي السَّادِس وَصِحَّة ذَلِك تُؤْخَذ من الْأَيَّام الَّتِي تنوب فِيهَا الْحمى وَذَلِكَ أَنَّهَا إِن كَانَت تنوب فِي الْأزْوَاج فالمريض يَمُوت فِي السَّادِس وَإِن كَانَت تنوب فِي الْأَفْرَاد فالمريض يَمُوت فِي السَّابِع وَرُبمَا كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَمَات الْمَرِيض فِي السَّادِس وَذَلِكَ يكون إِذا كَانَ الْمَرَض قوي الحدة وَكَانَت الْأَعْرَاض الَّتِي ظَهرت فِي الرَّابِع كَثِيرَة عَظِيمَة وَلذَلِك يجب أَن يعرف عظم الْأَعْرَاض فِي قوتها على الْحَقِيقَة وَالِاسْتِقْصَاء.
وَقد قُلْنَا فِي كتاب البحران فِي عظم الْأَعْرَاض: وَقد تفقدنا أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة على الِاسْتِقْصَاء فَوَجَدنَا الْيَوْم الرَّابِع ينذر بِالْيَوْمِ السَّابِع بِذَاتِهِ وَمعنى قَوْله بِذَاتِهِ: إِنَّه مَتى لم يعرض عَارض عَظِيم مِمَّا يكون فِي الندرة إِمَّا من خَارج وَإِمَّا من نفس الْمَرَض وَإِمَّا من بدن الْمَرِيض فَإِن الْيَوْم الرَّابِع لَا محَالة ينذر بالسابع وَإِن عرض عَارض من خَارج لم تقدره مِمَّا سَنذكرُهُ بعد أَو تحرّك الْمَرَض إِلَى البحران حَرَكَة سريعة وَكَانَت قُوَّة الْمَرِيض ضَعِيفَة أَو كَانَ الأمرعلى خلاف ذَلِك فقد يُمكن أَن يكون بحران الْمَرِيض قبل السَّابِع أَو بعد السَّابِع. وَقد يجب لَك أَن تعرف ذَلِك وتميزه على هَذَا الْمِثَال.
إِن عرض للْمَرِيض عَارض رَدِيء من خَارج وَكَانَ الْمَرَض شَدِيد الحدة وَكَانَ الْمَرِيض ضَعِيفا فَاعْلَم أَن الْمَرِيض الَّذِي قد رَأَيْت فِيهِ عَلامَة رَدِيئَة فِي الْيَوْم الرَّابِع لَا يبْقى إِلَى السَّابِع(5/170)
لكنه يَمُوت)
فِي السَّادِس وَلَا سِيمَا إِن كَانَت حماه تنوب فِي الْأزْوَاج. فَإِن لم يعرض لَهُ عَارض من خَارج الْبَتَّةَ وَلم تكن حَرَكَة الْمَرَض قَوِيَّة فَانْظُر فَمَتَى وجدت الْعَلامَة الرَّديئَة الَّتِي قد ظَهرت فِي الرَّابِع بَيِّنَة فَاعْلَم أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّابِع وَإِن كَانَت خُفْيَة فالمريض يجوز السَّابِع. وَإِن كَانَت حماه تنوب فِي الْأزْوَاج فَهُوَ يَمُوت فِي الثَّامِن.
وسأبين فِي كتاب البحران أَي العلامات هِيَ الَّتِي تسميها خُفْيَة وأيها هِيَ الَّتِي تسميها بَيِّنَة وسأذكر لَك أَيْضا فِي هَذَا الْكتاب فِيمَا بعد وَقبل ذَلِك فَإِنِّي رَاجع إِلَى مَا بَقِي على تحديده من ذَلِك: إِنَّه مَتى ظَهرت فِي الْيَوْم الرَّابِع عَلامَة صَالِحَة وَلم يكن على الْمَرِيض بَأْس فَلَا يُمكن أَن يكون بحرانه إِلَّا فِي الْيَوْم السَّابِع إِلَّا أَن يعرض عَارض من خَارج.
وَأَنا ذَاكر هَذِه الْعَوَارِض فَأَقُول: إِن مِنْهَا مَا يكون من نفس الْمَرَض وَمِنْهَا مَا يكون من أَفعَال الْأَطِبَّاء الَّذين يبادرون بالضماد والكماد والحجامة والدلك وَنَحْوه فَإِذا كَانَ البحران قد تهَيَّأ أَن يكون فِي السَّابِع ثمَّ أخطىء على الْمَرِيض قبل السَّابِع لم يَأْتِ البحران فِي السَّابِع لِأَن الطبيعة قد أخذت عَلَيْهَا مَا منعهَا أَن يَتَحَرَّك حركتها على نظامها وَلذَلِك تشْتَرط فَتَقول: إِن هَذَا الْمَرِيض يَأْتِيهِ البحران يَوْم كَذَا وَكَذَا إِن تولينا نَحن علاجه. فَأَما الْأَشْيَاء الَّتِي تعرض من خَارج كالفزع وَالشَّيْء الَّذِي يضْطَر إِلَى الْحَرَكَة وَخبر بغم وَنَحْوه مِمَّا يضْطَر الْمَرِيض إِلَى شدَّة الْخَوْف أَو إِلَى السهر فَإِنَّهُ يبطل بِهِ صِحَة مَا تقدم بِهِ الطَّبِيب.
فَأَما السهر الَّذِي يكون لغير حَادث من خَارج فِي مَا بَين قَضِيَّة المتطبب عَلَيْهِ وَبَين وَقت البحران فقد يفْسد مَا أنذر بِهِ الطَّبِيب فَمَتَى صحت هَذِه الشَّرَائِط ثمَّ ثبتَتْ فِي الرَّابِع عَلامَة تدل على بحران ثمَّ لم يخطأ الطَّبِيب وَلَا الْمَرِيض وَلَا خدمه وَلَا حدث حَادث فالبحران يَأْتِي فِي السَّابِع لَا محَالة وَصَاحب الْقَضِيَّة الصادقة هُوَ الَّذِي يحس العلاج الْمُسْتَقيم وَذَلِكَ أَن الَّذِي لَا يعرف وَقت البحران وَلَا يعرف وَقت مُنْتَهى الْمَرَض فَلَا بُد أَن يخطىء فِي تَدْبِير العليل.
قَالَ: فَإِن ظَهرت فِي الرَّابِع عَلامَة صَالِحَة بَيِّنَة ثمَّ عرض قبل السَّابِع خطأ فَانْظُر فِي مِقْدَار ذَلِك الْخَطَأ فَإِن كَانَ يَسِيرا وَمَعْرِفَة ذَلِك تُؤْخَذ من حِيلَة الْبُرْء وَمن تقدمة الْمعرفَة فَإِن البحران يكون فِي السَّابِع إِلَّا أَنه يكون نَاقِصا عَن البحران الْجيد. فَإِن كَانَ ذَلِك الْعَارِض عَظِيما فَإِن البحران لَا يكون فِي السَّابِع فَتدبر مِقْدَار مَا عرض من الضَّرَر من ذَلِك الْعَارِض.
وَتَفْسِير ذَلِك على الْحَقِيقَة يُمكن إِلَّا أَنه قد يُمكن أَن يعرف مِنْهُ بِقدر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَهُوَ فِي)
كتاب البحران فَإِذا ظَهرت فِي السَّابِع عَلامَة قَوِيَّة بَيِّنَة تدل على بحران وَالْمَرَض حاد سليم وَقُلْنَا: إِنَّه لم يعرض عَارض الْبَتَّةَ من خطأ أَو غَيره فَيَنْبَغِي أَن يعلم أَن البحران يكون جيدا فِي جَمِيع خصاله وَيكون فِي السَّابِع. فَإِن عرض عَارض يسير فَإِن البحران يكون على حَال يكون فِي السَّابِع إِلَّا أَنه لَا يكون تَاما. فَإِن عرض عَارض عَظِيم حَتَّى يُؤَخر البحران عَن السَّابِع وينقله إِلَى يَوْم بعده فَانْظُر مِقْدَار مَا دخل على الْمَرِيض من الضَّرَر من(5/171)
ذَلِك الْعَارِض لِأَن من عرف هَذَا على الْحَقِيقَة علم علما يَقِينا أَن إِلَى التَّاسِع ينْتَقل البحران أَو إِلَى الْحَادِي عشر.
والأمراض السليمة الَّتِي لَا يشوبها شَيْء من الْخطر إِذا عرض فِيهَا عَارض فَإِنَّمَا تطول فَقَط فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي عَاقبَتهَا إِلَى السَّلامَة والخلاص إِلَّا أَن فِيهَا أَعْرَاض الْخطر وَالْخَوْف فَمَتَى عرض فِيهَا عَارض فَإِنَّهَا تؤول إِلَى الْهَلَاك. والأمراض السليمة أَيْضا إِذا كثرت أَعْرَاض الْعَوَارِض الْعَظِيمَة وتوالت وانتقلت الْأَمْرَاض عَن طبيعتها إِلَى طبيعة الْأَمْرَاض الْمهْلكَة على حسب تَأَخّر البحران فِي الْأَمْرَاض السليمة وبقدر مَا يدْخل على الْمَرِيض من الضَّرَر من الْآفَات الْعَارِضَة بَين يَوْم الْإِنْذَار وَيَوْم البحران يتَقَدَّم البحران فِي الْأَمْرَاض القتالة.
من ذَلِك أَنه مَتى ظَهرت فِي الرَّابِع عَلامَة تدل على الْمَوْت فأنذرت بِأَن البحران الرَّدِيء يكون فِي السَّابِع لم يتَأَخَّر البحران إِلَى السَّابِع لكنه يعرض فِي أحد الْيَوْمَيْنِ اللَّذين بَين الرَّابِع وَالسَّابِع بحران رَدِيء.
وَقد يمكنك أَن تعرف فِي أَي الْيَوْمَيْنِ يكون فِي الْخَامِس أَو فِي السَّادِس من مِقْدَار حِدة الْمَرَض وَمن مِقْدَار الضَّرَر الَّذِي دخل على الْمَرِيض من الآفة الْحَادِثَة وَمن أَوْقَات نَوَائِب الْحمى لِأَنَّهُ إِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأَفْرَاد وَالْمَرَض حاد جدا ثمَّ حدثت فِي الْيَوْم الرَّابِع آفَة لَيست باليسيرة فَلَيْسَ بعجب أَن يَمُوت الْمَرِيض فِي الْخَامِس. فَإِن كَانَت الْحمى تنوب فِي الْأزْوَاج وَلم يكن الْمَرَض حادا جدا وَلم يكن الضَّرَر الْعَارِض عظما جدا تَأَخّر البحران إِلَى السَّادِس.
فَجَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء تفْسد معرفَة أَيَّام البحران على كثير من الْأَطِبَّاء لِأَن قَلِيلا مَا يتَّفق أَن يكون لَا يخطىء الطَّبِيب وَلَا العليل وَلَا الخدم وَلَا عَارض يعرض من خَارج فَيجب للطبيب أَن يكون مَعَ علمه بتقدمة الْمعرفَة عَالما بِمِقْدَار الضَّرَر الَّذِي يدْخل على الْمَرِيض من الْآفَات الْحَادِثَة على الِاسْتِقْصَاء والحقيقة كَيْمَا إِن حكم أَنه يكون بحران فِي يَوْم كَذَا وَكَذَا ثمَّ حدث حَادث بَين وَقت قَضيته وَبَين البحران أمكنه هُوَ أَيْضا أَن ينْقل عَن ذَلِك الْيَوْم إِلَى الْيَوْم الَّذِي ينْتَقل إِلَيْهِ)
البحران. (وَقت موت الْمَرِيض) إِذا علمت الْيَوْم الَّذِي يَمُوت فِيهِ الْمَرِيض فَانْظُر فِي أَي وَقت من أَوْقَات نَوَائِب الْحمى يثقل على الْمَرِيض فَإِنَّهُ إِن كَانَ حِين تبتدىء نوبَة الْحمى يبرد بدنه كُله بردا شَدِيدا وَلَا يسخن إِلَّا بعسر وَيبقى لَونه حَائِلا زَمنا طَويلا ويصغر نبضه أَو يتَغَيَّر إِلَى حَال رَدِيئَة ويثقل حركته وتكسل ويسبت ويعرض لَهُ نَحْو هَذِه الْأَعْرَاض فَإِن الْمَرِيض يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت فَإِن كَانَ فِي الِابْتِدَاء لَيْسَ بالرديء وَكَانَ فِي الْمُنْتَهى يخْتَلط عقله ويعرض لَهُ السبات وَالْغَم ويثقل عَلَيْهِ احْتِمَال حماه ويعرض لَهُ التهاب مفرط وَيظْلم عَيناهُ ويصدع ويعرض لَهُ وجع فِي الْفُؤَاد وَنَحْو هَذِه الْأَعْرَاض فَفِي مثل ذَلِك الْوَقْت يَقع الْمَوْت.
وَإِن كَانَ الِابْتِدَاء والانتهاء سليمين إِلَّا أَن فِي الانحطاط تذبل نَفسه ويعرق عرقا غير(5/172)
مستو بَارِدًا إِمَّا فِي الرَّأْس وَحده وَإِمَّا فِي الْعُنُق أَو فِي الصَّدْر وَيصير نبض عرقه ضَعِيفا صَغِيرا وَتعرض لَهُ أشباه هَذِه الْأَعْرَاض فَإِنَّهُ يَمُوت فِي مثل ذَلِك الْوَقْت. وَبِالْجُمْلَةِ فَإِن الْمَرِيض يَمُوت فِي شَرّ أَوْقَات الْحمى.
مِثَال ذَلِك أَنَّك إِن رَأَيْت نَوَائِب الْحمى فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالرَّابِع أصعب مِنْهَا فِي الأول وَالثَّالِث وَالْخَامِس واستدللت بذلك على أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّادِس وَرَأَيْت ابْتِدَاء النّوبَة أصعب من جَمِيع أَجْزَائِهَا وَكَانَ ذَلِك فِي السَّاعَة السَّادِسَة قلت فِي هَذَا الْوَقْت يَمُوت الْمَرِيض.
والمستعمل لهَذَا الطَّرِيق على مَا يجب يُصِيب فِي الْأَكْثَر وَإِنَّمَا يُخطئ فِي الندرة لِأَن العلامات لَيست تظهر فِي كل حِين صَحِيحَة وَثِيقَة فَيَنْبَغِي أَن تروض نَفسك فِي تعرف العلامات على الِاسْتِقْصَاء مَا أمكنك ثمَّ إِذا وقفت على عَلامَة صَحِيحَة فَاقْض بِمَا صَحَّ عنْدك فَإِن كَانَت الْعَلامَة الَّتِي ظَهرت غير وَاضِحَة فَانْظُر يَوْمًا ثمَّ تفقد أَمر الْمَرِيض فِي يَوْم بعده فَإِن لم يمكنك فِي ذَلِك الْيَوْم أَيْضا أَن تقضي بِشَيْء قد صَحَّ عنْدك فالسكوت أجمل بك.
وَقد تعاطيت أَنا هَذَا الْإِنْذَار دهري مَا أعلم أَنِّي أَخْطَأت مرّة وَكَثِيرًا مَا أَقْْضِي مُنْذُ أول الْحمى على أمرهَا كُله فَأَقُول: إِن هَذِه غب أَو ربع أَو نائبة كل يَوْم أَو دائمة حادة لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن أَن تعرف عَاقِبَة الْحمى مُنْذُ أول أمرهَا إِلَّا أَن يعرف من أَي نوع هِيَ.
وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي البحران فلنعد إِلَى مَا قصدنا فَنَقُول: مَتى رَأَيْت مَرِيضا حماه حادة فِي)
الْيَوْم الأول وَلَيْسَ فِيهَا شَيْء من الْخطر وَفِي بَوْله عَلامَة نضج فَلَيْسَ يجوز مَرضه الرَّابِع حَتَّى تَنْقَضِي حماه وَكَذَلِكَ إِن كَانَت جَمِيع علاماته تدل على التّلف فَلَا يجوز الرَّابِع حَتَّى يَمُوت.
وَإِن كَانَت حماه حادة وَلم يظْهر فِيهِ شَيْء من عَلَامَات الْهَلَاك وَلَا من عَلَامَات النضج فَلَيْسَ يُمكن أَن يسكن مَرضه فِي الرَّابِع وَلَا قبله فتفقد حِينَئِذٍ هَل كَمَا لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج كَذَلِك لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات طول الْمَرَض أَو مَعَ أَنه لم تظهر عَلَامَات النضج قد ظَهرت عَلَامَات طول الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَ لم يظْهر شَيْء من عَلَامَات النضج لم يظْهر عَلَامَات طول الْمَرَض فَإِن مَرضه يَنْتَهِي نَحْو الْأُسْبُوع الأول فَإِن ظَهرت عَلَامَات تدل على طول وَلست تقدر مُنْذُ أول الْمَرَض أَن تعلم كم يَتَطَاوَل الْمَرَض لكنك إِنَّمَا تميز ذَلِك فِي مَا بعد إِلَّا أَنَّك على حَال تربح من تقدمة الْمعرفَة بِمَا ذكرت لَك: أَن تغذو العليل على أَن مُنْتَهى مَرضه مُتَأَخّر وَهَذَا الْمَرَض الَّذِي يدلك مُنْذُ أَوله أَنه يجوز الْأُسْبُوع الأول قد يدلك فِي الْيَوْم الثَّانِي وَالثَّالِث مِنْهُ دلَالَة أبين من الأول: إِلَى كم يَوْم يَنْقَضِي ثمَّ إِنَّك فِي الْيَوْم الرَّابِع تقدر أَن تحدس حدسا قَرِيبا من الْيَقِين على مُنْتَهى الْمَرَض وبحرانه: مَتى يكونَانِ وَذَلِكَ أَنَّك مَتى رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج والعلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض يطول ثمَّ تنقص شَيْئا فَاعْلَم أَن الْمَرَض سيجاوز الْحَادِي عشر أَيْضا. فَإِن رَأَيْت تِلْكَ العلامات قد نقصت نُقْصَانا بَينا وَلم يتَبَيَّن فِي الْأَرْبَعَة الْأَيَّام الأول من الْمَرَض عَلامَة(5/173)
نضج فتوقع البحران بعد السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر فَإِن رَأَيْت الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج لكنه لَيْسَ فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طول الْمَرَض فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر.
وَالْوُقُوف على حَقِيقَة ذَلِك يكون إِلَى الْحَادِي عشر فَلَا تقف فِي الْيَوْم الرَّابِع فضلا عَن الأول وَالثَّانِي وَالثَّالِث كم يكون مِقْدَار طول الْمَرَض لكنك إِنَّمَا تقدر أَن تعلم ذَلِك فِي أدوار أَيَّام البحران الَّتِي من بعد الرَّابِع وحدسك فِي الْأَيَّام من الرَّابِع إِلَى السَّابِع يكون ضَعِيفا مختلا لوجوه شَتَّى ثمَّ فِي الْأَيَّام الَّتِي من السَّابِع إِلَى الْحَادِي عشر يكون حدسك أقرب وَأَصَح من الِاحْتِمَال يحْتَمل وُجُوهًا كَثِيرَة وَذَلِكَ إِنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَالَّتِي تدل على أَن الْمَرَض يطول هُوَ إِلَى الْيَوْم التَّاسِع فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران قبل الْعشْرين.
فَإِن رَأَيْتهَا تضعف أَو تنقص أَو تبقى على حَالهَا فقد يُمكن أَن يَأْتِي البحران قبل الْعشْرين.
وَإِنَّمَا يعلم ذَلِك كَمَا قلت إِذا كَانَت العلامات الَّتِي تدل على طول الْمَرَض قَوِيَّة فَانْظُر فِي الْأَيَّام)
الَّتِي بعد الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين فَإِن رَأَيْت فِي هَذِه العلامات أَيْضا العلامات الدَّالَّة على طول الْمَرَض وَعدم النضج تتزيد فَاعْلَم أَن الْمَرَض يتَجَاوَز الْعشْرين.
وَإِن بقيت تِلْكَ العلامات الدَّالَّة على حَال وَاحِدَة فقد يمكنك أَن تقضي عِنْد ذَلِك أَن البحران بعد الْيَوْم الْعشْرين.
وَلَيْسَ يمكنك أَن تعلم بعد فِي أَي يَوْم يكون لكنك إِنَّمَا تستدل على ذَلِك إِذا نظرت فِيمَا يحدث فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد الْحَادِي عشر إِلَى الْعشْرين. وَذَلِكَ أَنَّك إِذا رَأَيْت العلامات الَّتِي تدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وينتقص دَائِما فتوقع البحران فِي الْيَوْم الرَّابِع وَالْعِشْرين.
وَإِن لم تَرَ العلامات تنتقص نُقْصَانا بَينا فَاعْلَم أَن البحران يتَأَخَّر إِلَى الْأُسْبُوع الرَّابِع. فَأَما الْأَمْرَاض الَّتِي تبقى إِلَى الرَّابِع عشر غير نضيجة وتتحرك حَرَكَة بطيئة فَإِنَّهُ لَا يَأْتِي بحرانها قبل الْأَرْبَعين.
وَقد قُلْنَا إِن البحران بعد الْأَرْبَعين تضعف قوته وَيكون الِانْقِضَاء بالتحلل. فَإِن رَأَيْت الْمَرَض فِي السَّابِع لم ينضج لكنه لَيست فِيهِ عَلامَة قَوِيَّة تدل على طول الْمَرَض فتوقع البحران فِي الرَّابِع عشر. وَالْوُقُوف على ذَلِك يكون من الْحَادِي عشر. وَذَلِكَ أَنه كَمَا ينذر الرَّابِع بالسابع كَذَلِك ينذر الْحَادِي عشر بالرابع عشر. وَإِن رَأَيْت فِي الْحَادِي عشر عَلَامَات صَحِيحَة بَيِّنَة من عَلَامَات النضج فَاعْلَم أَن البحران يكون فِي الرَّابِع عشر. فَإِن رَأَيْت فِيهِ عَلامَة خُفْيَة تدل على النضج فَانْظُر وتفقد سَائِر الْأَشْيَاء فَإِن وجدت حركته سريعة وَلم يعق عائق فخليق أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَإِن لم ينذر الْحَادِي عشر بِشَيْء الْبَتَّةَ فَلَيْسَ يُمكن أَن يكون البحران فِي الرَّابِع عشر فَانْظُر أَيْضا عِنْد ذَلِك فِي حَرَكَة الْمَرَض كُله وَفِي سَائِر الْأَعْرَاض والعلامات لتعلم مَتى يجب أَن يتَوَقَّع البحران فِي السَّابِع عشر أَو الثَّامِن عشر أَو بعد ذَلِك فَإِنَّهُ رُبمَا أَتَى البحران فِي هَذِه الْأَيَّام وَأكْثر ذَلِك يَأْتِي فِي الْعشْرين وَرُبمَا أَتَى(5/174)
فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وينذر بهما جَمِيعًا السَّابِع عشر وَلَا سِيمَا بالعشرين. وَيَوْم الثَّامِن عشر ينذر بِالْوَاحِدِ وَالْعِشْرين.
وَمَتى رَأَيْت الْمَرَض مُنْذُ أَوله قد ابْتَدَأَ الْحَرَكَة غير سريعة لَكِن الْحمى ضَعِيفَة وَأَنَّهَا مدفونة فِي قَعْر الْبدن وَسَائِر العلامات تدل على طول الْمَرَض فَلَيْسَ يمكنك فِي أول هَذَا الْمَرَض أَن تعلم مَتى يكون منتهاه لكنك تعلم أَنه لَا يَأْتِي البحران فِي الرَّابِع عشر فضلا عَمَّا قبله.
وَلَيْسَ يمكنك بعد أَن تعلم كم يَتَطَاوَل الْمَرَض لَكِن يجب لَك أَولا أَن تنظر هَل الْمَرَض سليم)
فَإِنَّهُ إِن كَانَ غير سليم وَكَانَت قُوَّة الْمَرِيض ضَعِيفَة فَإِنَّهُ يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه وَإِن كَانَ سليما فبحرانه لَا محَالة بعيد. وَذَلِكَ أَنه لَا يُمكن أَن يَأْتِي البحران بِسُرْعَة إِذا ثبتَتْ عَلَامَات طول الْمَرَض وَلَا تطمع نَفسك فِي أَن تعلم بِالْحَقِيقَةِ أَن النضج قَلِيلا قَلِيلا أَكثر مَا يكون بالاستفراغ وَكَذَلِكَ قَالَ كل من عني بعلاج الطِّبّ وَقد يكون فِيهَا أَيْضا انْقِضَاء باستفراغ فِي الندرة وَالطَّرِيق فِي تقدمة الْمعرفَة بهَا هُوَ مَا وصفناه.
الْمقَالة الثَّانِيَة: يجب لمن أَرَادَ أَن يمْتَحن صِحَة أَيَّام البحران على مَا قُلْنَا أَن يمْتَحن ذَلِك فِي الْأَمْرَاض الَّتِي لم يخطىء على أَصْحَابهَا الْأَطِبَّاء وَلَا أخطؤا هم على أنفسهم وَلَا خدمهم عَلَيْهِم وَلَا عرض عَارض من خَارج.
والشريطة الثَّانِيَة: أَلا يَأْخُذ أول الْمَرَض من قِيَاس لَكِن من الْحس وَهُوَ أول وَقت يحس فِيهِ الْمَرِيض حسا بَينا حَتَّى تَدعُوهُ نَفسه إِلَى مُشَاورَة الطَّبِيب.
وَالثَّالِثَة: أَن يقدر الطَّبِيب إِذا مَا البحران اتَّصل أَيَّامًا كَثِيرَة مُتَوَالِيَة أَن يعلم لأي تِلْكَ هُوَ البحران وَهُوَ ألزمهُ. فَإِن لم يحكم هَذِه كثر خطاؤه فعلى هَذَا يجب أَن يمْتَحن أَيَّام البحران بالتجربة.
وَأما من يُرِيد امتحانه بِالْقِيَاسِ فَيجب أَن يكون قد نظر فِي علم الطبيعة وَعلم أَنَّهَا تَعْنِي بتدبير الْحَيَوَان وَإِن حركاتها على نظام محدودة من جَمِيع كتبنَا فِي مَنَافِع الْأَعْضَاء وَغَيرهَا وَإِن حَرَكَة الطبيعة مَتى خرجت عَن النظام فَإِن ذَلِك يكون من أجل الْمَادَّة الَّتِي تعْمل فِيهَا إِذا لم تقو عَلَيْهَا لَكِن تغلبها الْمَادَّة وتعوقها عَن أفعالها وحركاتها المحدودة فَإِن من علم هَذِه الْأَشْيَاء ثمَّ علم بالتجربة أَن البحران يكون فِي السَّابِع بحرانا صَحِيحا تَاما سليما بَعيدا من الْخطر منذرا بِهِ وَإنَّهُ كثيرا مَا يكون البحران فِي هَذَا الْيَوْم وَأَن الْيَوْم الرَّابِع عشر يشبه بِهِ ثمَّ علم أَن الْيَوْم الرَّابِع ينذر بالسابع وَأَن الْحَادِي عشر ينذر بالرابع عشر ظهر بِمَا لَهُ على الْمَكَان أَن يبْحَث عَن الْيَوْم السَّابِع.
وَذَلِكَ أَنه إِذا وجد الْأُسْبُوع الأول إِذا قسم بقسمين متساويين وَقعت الْقِسْمَة فِي الرَّابِع وَالرَّابِع يدل على مَا تؤول إِلَيْهِ الْحَال فِي آخر الْأُسْبُوع وَوجد الْأُسْبُوع الثَّانِي على هَذَا الْمِثَال أَيْضا. فهم من هَذَا أَن كل وَاحِد من الأسابيع دور تَامّ لِأَن الْوسط بعده من الطَّرفَيْنِ(5/175)
سَوَاء فَإِن الْأَمْرَاض الَّتِي لم تنقض فِي الرَّابِع تَنْقَضِي فِي السَّابِع وَالَّتِي لم تنقض فِي السَّابِع تَنْقَضِي فِي الْحَادِي عشر فَإِن كَانَ الْمَرَض أعظم من أَن يَنْقَضِي فِي الرَّابِع فَإِن تهيئته للانقضاء تكون فِي الرَّابِع ثمَّ يَنْقَضِي فِي)
السَّابِع.
وعَلى هَذَا الْمِثَال فَإِن الْأَمْرَاض الَّتِي لم تنقض فِي السَّابِع فَإِن الطبيعة تروم فِي الْحَادِي عشر أَن وَإِن لَزِمت التجربة وجدت الأسابيع من أقوى الْأَعْدَاد فِي البحران وَوجدت بعد هَذَا أَنْصَاف الأسابيع وَهِي الأرابيع ودعتك نَفسك إِلَى الْبَحْث عَن الْأَيَّام الَّتِي تقع بَين أَيَّام البحران كالخامس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع ولأي عِلّة صَار البحران يكون فِيهَا. ودعتك أَيْضا أَن تبحث بحثا أَكثر من السَّابِع عشر وَالثَّامِن عشر وَالْوَاحد وَالْعِشْرين ونظائرها من بعد فَإِنَّهُ إِن كَانَ آخر يَوْم من الْأُسْبُوع الثَّالِث يَوْم الْعشْرين كَمَا رأى أبقراط فَيجب أَن يكون السَّابِع عشر منذرا بالعشرين وَيخرج الثَّامِن عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ من عدد أَيَّام البحران الأول يَعْنِي بِهِ أَيَّام البحران وَأَيَّام الْإِنْذَار فَإِن كَانَ يجب أَن تحسب الأسابيع كلهَا تَامَّة فَإِن الْيَوْم الثَّامِن عشر يكون يَوْم إنذار بِالْيَوْمِ الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالْيَوْم الْحَادِي وَالْعشْرُونَ يَوْم البحران وَيخرج السَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ عَن أَيَّام البحران الأول.
فَإِن أَنْت تفقدت الْمَرَض فِي كتاب إبيذيميا علمت أَن السَّابِع عشر لَيْسَ هُوَ من الْأَيَّام الَّتِي تقع فِي الْوسط بل من أَيَّام البحران الصَّحِيحَة وَإِن البحران الَّذِي يَجِيء فِيهِ صَحِيح تَامّ. وَإِذا كَانَ كَذَلِك فبينه وَبَين الرَّابِع عشر نِسْبَة مَا وَإِذا نَحن حَسبنَا الْأُسْبُوع الثَّانِي مَوْصُولا حَتَّى يكون أَوله الرَّابِع عشر كَانَ نصفه السَّابِع عشر وَكَانَ الدّور صَحِيحا فِي الْعشْرين وَإِن نَحن حَسبنَا الْأُسْبُوع الثَّالِث مُفردا حَتَّى يكون الْأُسْبُوع الثَّالِث أَوله الْخَامِس عشر لم تكن السَّابِع عشر نصف الْأُسْبُوع فَيَنْبَغِي أَلا يُؤْخَذ يَوْم الْعشْرين يَوْم بحران صَحِيح وَلَكِن إِن كَانَت التجربة تشهد للعشرين شَهَادَة قَوِيَّة أَنه من أَيَّام البحران القوية أَيْضا شهد الْعشْرُونَ للسابع عشر.
وَذكر مرضى كثيرا من إبيذيميا أَتَاهُم البحران فِي السَّابِع عشر وَآخَرين أَتَاهُم فِي الْعشْرين وَإِذا قيس هَؤُلَاءِ بِمن أَتَاهُم البحران فِي الثَّامِن عشر وَفِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين وجد ذَلِك عِنْده كالشيء الْكَائِن فِي الندرة وعد أَيْضا مرضى تَغَيَّرت أَحْوَالهم فِي الْعشْرين أَتَاهُم البحران فِي الْأَرْبَعين.
قَالَ: والأطباء لم يَخْتَلِفُوا فِي أَيَّام البحران إِلَى الرَّابِع عشر وَاخْتلفُوا فِي الْأَيَّام الَّتِي بعده لِأَن كثيرا مِنْهُم لم يقصدوا إِلَى التجربة لَكِن إِلَى الْقيَاس فظنوا أَنه لَا يجب أَن تحسب الأسابيع تَامَّة فَلذَلِك عدوا الْوَاحِد وَالْعِشْرين من أَيَّام البحران القوية ثمَّ اضطروا لذَلِك أَن يدخلُوا الثَّامِن وَالْعِشْرين وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعِينَ وَالثَّامِن عشر فِي أَيَّام البحران أما الثَّامِن وَالْعشْرُونَ وَالثَّانِي وَالْأَرْبَعُونَ)
فعلى أَنَّهُمَا أَيَّام الأسابيع وَأما الثَّامِن عشر فَلِأَنَّهُ أَيَّام أَنْصَاف الأسابيع على هَذَا الْقيَاس.(5/176)
وَقد يُمكن أَن يمْتَحن هَذَا بالتجربة وَيُوقف عَلَيْهِ بأسهل الْوُجُوه وَذَلِكَ أَنه إِن كَانَت طبيعة الْأَيَّام مُنَاسبَة للثامن عشر يكون فِيهَا البحران أَكثر وَأَصَح وَأتم. فطبيعة الْأَيَّام الْمُنَاسبَة للسابع عشر إِذا أَضْعَف.
وَقد بَان فِي كتاب إبيذيميا لأي طبيعة تشهد التجربة ثمَّ ذكر بحارين مرضى فِي ذَلِك الْكتاب كلهَا تدل على قُوَّة طبيعة السَّابِع عشر وَضعف الثَّامِن عشر وَقد يَقع الْخَطَأ فِي أَيَّام البحران أَيْضا لِأَن من عَادَة كثير من الْأَطِبَّاء أَلا يحسبوا كم يَوْم للْمَرِيض مُنْذُ أول مَرضه إِذا جَاوز مَرضه الرَّابِع عشر وَلَا سِيمَا إِن كَانَت الْحمى أقلعت عَنهُ أَيَّامًا ثمَّ عاودته.
لي: يجب أَن تحسب الْأَيَّام أبدا من أول الْمَرَض إِلَى أَن يَصح بحران وبرء كَامِل بعده.
البحران فِي الْأَيَّام الأول كالخامس وَالرَّابِع وَالسَّابِع وَالرَّابِع عشر وَنَحْوهَا لَا يكَاد يتَّصل أَيَّامًا بل تكون فِي يَوْم وَاحِد لحدة الْمَرَض وقوته فَأَما بعد الْعشْرين وَمَتى طَال فَإِنَّهُ كثيرا مَا يتَّصل أَيَّامًا كَثِيرَة فَيكون البحران يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة استفراغا كَانَ أَو خراجا.
وَلذَلِك يَقُول أبقراط فِي المرضى الَّذين تطاول بهم الْمَرَض: إِن البحران أَصَابَهُم نَحْو الْأَرْبَعين وَنَحْو الثَّمَانِينَ وَلم يقل إِنَّه أصَاب أحدا نَحْو الْخَامِس وَالسَّابِع لَكِن فِي الْيَوْم بِعَيْنِه وَلَا بَأْس أَن يكون بحرانا نَاقِصا دفْعَة فِي يَوْم وَلَو بعد الْأَرْبَعين فَإِن أبقراط ذكر فِي الثَّالِثَة من إبيذيميا مَرِيضا أَصَابَهُ البحران فِي الثَّمَانِينَ وَعرض لَهُ قبله نافض وأعقبه حمى حادة وعرق عرقا كثيرا لَكِن ذَلِك يكون فِي الْأَقَل والنادر وَبَين أَن يَوْم الثَّمَانِينَ وَالسِّتِّينَ وَالْعِشْرين وَالْمِائَة مُنَاسبَة ليَوْم الْعشْرين.
لي: إِذا عرض فِي مرض مَا مزمن نافض قوي وأعقبته حمى حادة قَوِيَّة فتوقع فِيهِ البحران الْكَامِل بعرق غزير يجْرِي كثيرا إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة وأعلام السَّلامَة ظَاهِرَة.
وَمن شَأْن الِانْقِضَاء دفْعَة إِنَّمَا يكون من الْأَمْرَاض المزمنة لَا الَّتِي بقيت مُتَّصِلَة وَلم تَنْقَطِع لَكِن مَتى رَأَيْتهَا كَأَنَّهَا قد انْقَضتْ ثمَّ عاودت وَكَثِيرًا مَا تكون العودة فِي يَوْم بحران ثمَّ يجْرِي على عدد أَيَّام بحران أخر فَيكون كل وَاحِد من تِلْكَ الْأَمْرَاض الْجُزْئِيَّة فِي نَفسه حادا فَإِذا اجْتمعت ووصلت بَعْضهَا بِبَعْض كَانَ الْمُؤلف مِنْهَا مَرضا طَويلا مزمنا وَرُبمَا كَانَ ترك تِلْكَ الْأَمْرَاض فِي عدد من أعداد أَيَّام البحران.
مِثَال ذَلِك أَن يُصِيب مَرِيضا فِي الْيَوْم الْحَادِي عشر بحران تَامّ ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الرَّابِع عشر ثمَّ)
يُصِيبهُ بحران نَاقص فِي الْيَوْم الْعشْرين ثمَّ يعاوده الْمَرَض فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين وَيكون ذَلِك الْمَرَض حادا ثمَّ يُصِيبهُ البحران فِي الْيَوْم الْأَرْبَعين.
قَالَ: والبحران مَتى جرى أمره على الْحَال الطبيعية وَلم تعرض عوارض فَإِنَّهُ يكون فِي حِسَاب الأسابيع فَإِن عرض عَارض فكثيرا مَا ينْتَقل إِلَى الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط فالحاجة إِلَى تعرف هَذِه الْأَيَّام الَّتِي فِي الْوسط شَدِيدَة لِأَن البحران يكون فِيهَا صَحِيحا فَإِذا أصَاب مَرِيضا(5/177)
البحران فِي السَّابِع أَذِنت لَهُ فِي الأغتذاء وَالتَّدْبِير بِمَا لَا تَأذن لمن أَصَابَهُ فِي الثَّامِن أَو الْعَاشِر. وَأما الْمُتَقَدّم بِالْعلمِ مَتى يكون البحران فَلَا بُد مِنْهُ فِي تَقْدِير الْغذَاء ثمَّ يَأْتِيهِ البحران بعده.
ولاختلاف الْهَوَاء فِي أَيَّام البحران حَظّ عَظِيم فَيَنْبَغِي أَن يتفقد ذَلِك. وَقد رَأَيْت فِي صيفة وَاحِدَة أَكثر من أَرْبَعمِائَة مَرِيض مرضوا أمراضا حادة أَتَاهُم كلهم البحران فِي السَّابِع أَو فِي التَّاسِع وَرَأَيْت صيفة أُخْرَى كَانَ البحران فِيهَا لجَمِيع من مرض فِي الرَّابِع عشر وَفِي الْعشْرين وَأَكْثَره كَانَ بعد عودة من الْمَرَض.
لي: يجب أَن يدْخل عَادَة السّنة وَمَا عَلَيْهِ يجْرِي البحران فِيهَا فِي عدد الْأَيَّام المنذرة.
قَالَ: وَرَأَيْت خَرِيفًا أَتَى البحران فِيهِ بِجَمِيعِ المرضى فِي الْحَادِي عشر إِلَّا أَن البحران فِي هَذَا الخريف كَانَ بحرانا صَالحا فَأَما فِي خريف آخر فَإِنَّهُ أصَاب جَمِيع النَّاس الَّذين مرضوا فِيهِ بحران رَدِيء فِي الْيَوْم السَّادِس. (قُوَّة الْأَيَّام) قَالَ: وَهَذِه جملَة مَا تقدم من قولي فِي هَذِه الْمقَالة فَأَقُول: إِن أول أَيَّام البحران السَّابِع وَالْمُنْذر بِهِ الرَّابِع وَقد جمع الرَّابِع خلتين: إِحْدَاهمَا أَنه يَوْم بحران وَإِن كَانَ ضَعِيفا وَالْأُخْرَى أَنه مُنْذر بالسابع ثمَّ من بعد السَّابِع الْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وَبَينهمَا من التناسب مَا بَين الرَّابِع وَالسَّابِع ثمَّ من بعد هذَيْن فَإِن السَّابِع عشر على الْأَكْثَر يُوجد مناسبا للعشرين.
هَذِه الْمُنَاسبَة الَّتِي بَين الرَّابِع وَالسَّابِع وَالْحَادِي عشر وَالرَّابِع عشر وعَلى الْأَقَل لليوم الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَهَذِه الْأَيَّام بِزِيَادَة أَرْبَعَة أَرْبَعَة تَنْتَهِي إِلَى الْعشْرين وَيَقَع بَين هَذِه الْأَيَّام البحران فِي التَّاسِع وَالْخَامِس وَالثَّالِث وَالتَّاسِع يكون البحران فِيهِ أَكثر مِمَّا يكون فِيهَا كلهَا وَبعده الْخَامِس وَبعد هَذَا الثَّالِث. وَالْيَوْم السَّادِس يَوْم بحران رَدِيء وَإِمَّا الثَّالِث عشر فَهُوَ أَضْعَف أَيَّام البحران وَأقوى الْأَيَّام الَّتِي لَا يكون فِيهَا بحران وَكَأَنَّهُ يمِيل إِلَى كل وَاحِد مِنْهُمَا.
وَأَشد مَا تكون المجاهدة إِلَى الرَّابِع عشر ثمَّ يقبل يقل مِنْهُ بعد ذَلِك إِلَى الْعشْرين قَلِيلا ثمَّ إِلَى الْأَرْبَعين تسترخي قُوَّة المجاهدة ومنذ الْأَرْبَعين يضعف ضعفا فِي الْغَايَة القصوى فَكَمَا أَن الرَّابِع عشر آخر الْأُسْبُوع الثَّانِي وَأول الْأُسْبُوع الثَّالِث كَذَلِك الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ آخر الْأُسْبُوع الْخَامِس وَابْتِدَاء الْأُسْبُوع السَّادِس حَتَّى يكون أبدا كل ثَلَاثَة أسابيع عشْرين يَوْمًا وَلذَلِك يكون السِّتُّونَ يَوْم بحران كَمَا قلت لَا الثَّالِث وَالسِّتُّونَ وَكَذَلِكَ الثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ. وكما أَن المجاهدة تضعف إِذا أزمن الْمَرَض كَذَلِك أَيَّام البحران الضعيفة تبطل فِي الْأَمْرَاض المزمنة وَتبقى الَّتِي هِيَ على دور تَامّ على حَالهَا دَائِما وَحدهَا.
لي: يَعْنِي نَحْو السِّتين والثمانين وَالْعِشْرين وَالْمِائَة قَالَ: وَيُشبه على حسب مَا يظْهر بالتجربة أَن أول دور من أدوار أَيَّام البحران هُوَ الْعشْرُونَ لِأَن الدّور هُوَ دون الْعشْرين وَلَو كَانَ حِسَاب الأسابيع كلهَا يجْرِي دَائِما على(5/178)
الِانْفِرَاد كَمَا تحسب لي: يَقُول: لَو كَانَت الأسابيع لَا تفصل حَتَّى تحسب الْيَوْم الْوَاحِد فِيهَا ابْتِدَاء الْأُسْبُوع وانقضاء الآخر لكَانَتْ الأسابيع قَائِمَة بأنفسها مُفْردَة فَكَانَت تكون هِيَ أول دور من أدوار أَيَّام البحران لِأَن الدّور هُوَ الَّذِي لَا يَقع فِيهَا دَائِما كثيرا.
قَالَ: لَكِن لما كَانَ الْأُسْبُوع الثَّانِي يحْسب على الِانْفِرَاد من الْأُسْبُوع الأول والأسبوع الثَّانِي يحْسب مَعَ الثَّالِث على الِاتِّصَال صَار الْحساب لَا يجْرِي بعد الرَّابِع عشر على قِيَاس مَا كَانَ)
يجْرِي أَولا وَأما بعد الْعشْرين فالحساب يجْرِي على طَرِيق وَاحِد دَائِما فَيكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ نظيرا للرابع عشر وَذَلِكَ أَنه يحْسب من أسبوعين على الِانْفِرَاد وَيصير يَوْم الْأَرْبَعين نَظِير يَوْم الْعشْرين وَذَلِكَ أَنه يَنْتَهِي فِيهِ الْأُسْبُوع الثَّالِث محسوبا على الِاتِّصَال وَلَيْسَ يُمكن أَن يكون دور تَامّ غير الْعشْرين لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء إِذا ضعف لزم أَيَّام البحران غَيره لِأَن السَّبع إِذا ضعف غير مُتَّصِل وَقع فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين وَالثَّامِن وَالْعِشْرين وَوَجَب أَن يكون هَذَانِ أقوى من الْعشْرين وَالسَّابِع وَالْعِشْرين وَلَيْسَ الْأَمر بالتجربة كَذَلِك والأرابيع إِذا ضعفت أبدا غير مُتَّصِلَة كالثامن وَالثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر أَيَّام بحران وَلَا يظْهر بالتجربة ذَلِك فَلَيْسَ عدد يلْزم النظام خلا الْعشْرين فَلذَلِك هُوَ أول دور تَامّ يتضاعف.
قَالَ: والأمراض الَّتِي يَأْتِي فِيهَا بحران فِي الْعشْرين غير تَامّ وتنكسر بذلك حمية الْمَرَض وقوته الْمقَالة الثَّانِيَة قَالَ: التجربة تشهد أَنه لَا يكون البحران فِي الْأَيَّام كلهَا بالسواء وَإِن أدوار الأسابيع أقوى الأدوار.
لي: يَعْنِي البحران يكون فِيهَا أَكثر ثمَّ من بعْدهَا أدوار الأرابيع وَأَنه يَقع بَين هَذِه الأدوار أَيَّام أخر يكون فِيهَا بحران وَأَن الأسابيع لَا يجب أَن تحسب كلهَا على الِانْفِصَال لَكِن بَعْضهَا على الِاتِّصَال وَكَذَلِكَ الأرابيع. فَإِن البحران يكون على الْأَكْثَر فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج وَنَحْو ذَلِك مِمَّا تشهد بِهِ التجربة من هَذَا الْعلم على صِحَّته وَيُمكن أَن تعرف عِلّة مَا يظْهر من هَذِه التجربة.
إِذا نَحن وَضعنَا لجَمِيع مَا يكون أصلين أَحدهمَا لَازم للنظام غير خَارج مِنْهُ وَهِي الأجرام السماوية وَالْآخر غير ثَابت أبدا يدل على نظام وَهُوَ الْمَادَّة تعْمل فِيهَا هَذِه الأجرام فَأَقُول: إِنَّه قد ينالها شَيْء من قُوَّة جَمِيع الْكَوَاكِب إِلَّا أَن الَّذِي ينالها مِنْهَا بِالْإِضَافَة إِلَى مَا ينالها من الشَّمْس لَا مِقْدَار لَهُ كُله وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ لتقسيم الْأَزْمِنَة عِلّة غير الشَّمْس وللقمر أَيْضا أَفعَال عَظِيمَة وَهُوَ بعد الشَّمْس وَفعله فِي حَيَوَان الْبَحْر أبين وكفعل الشَّمْس بِالْكُلِّيَّةِ فِي السّنة كَذَلِك يفعل الْقَمَر فِي الشَّهْر وَيحدث فِيهِ التغايير فِي الأسابيع وَمَتى حدث حدث مَا فان التَّغَيُّر الْعَظِيم فِي ذَلِك الْحَدث يكون إِذا صَار الْقَمَر إِلَى الرّبع من الْموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ عِنْد الْحَادِث وعَلى(5/179)
قَالَ: وَأَنا أحكي شَيْئا قد امتحنه فَوَجَدته لَا يخلف الْبَتَّةَ وَهُوَ أَن الْقَمَر إِذا كَانَ فِي البروج الَّتِي فِيهَا كَانَت السُّعُود فِي أصل المولد أَو فِي أوتاد تِلْكَ السُّعُود كَانَت تِلْكَ الْأَيَّام لذَلِك الْإِنْسَان أَيَّامًا)
صَالِحَة وَإِن مرض فِيهَا الْمَرِيض لم يكن مَرضا رديئا الْبَتَّةَ وبالضد.
مِثَال ذَلِك أَنه إِن كَانَت السُّعُود فِي أصل المولد فِي الْأسد فانه مَتى كَانَ الْقَمَر فِي الْأسد أَو فِي الْعَقْرَب أَو الدَّلْو أَو الثور تكون لَهُ أَيَّام صَالِحَة وَكَذَلِكَ الْحَال فِي النحوس. وَمَتى مرض وَالْقَمَر فِي بعض البروج الَّتِي فِيهَا السُّعُود وأوتاده وَكَانَ فِيهَا السُّعُود وأوتاده كَانَ ذَلِك الْمَرَض أخف أمراضه وأقلها شرا.
وبالضد مَتى مرض وَالْقَمَر مضام لبَعض النحوس على نَحْو مَا ذكرنَا فَهُوَ أشر أمراضه.
قَالَ: والتغاير الَّذِي يحدث عِنْد مصير الْقَمَر على الْقطر من الْموضع الَّذِي يكون فِيهِ عِنْد كَون الْحَادِث تغير عَظِيم إِلَى الْخَيْر كَانَ أم إِلَى الشَّرّ وَكَذَلِكَ مَا عرض من التَّغَيُّر فِي الأسابيع عَظِيم الْقُوَّة جدا إِلَى الشَّرّ أَو الْخَيْر.
وَلذَلِك يذم أبقراط التغايير الَّتِي تحدث للْمَرِيض إِلَى مَا هُوَ أشر فِي أَيَّام البحران لِأَن هَذَا من أَعْرَاض الْأَمْرَاض القتالة وضده من عَلَامَات أمراض النجَاة.
يَقُول: ظُهُور عَلَامَات الرداءة والجودة فِي الأسابيع أبلغ مِنْهُ فِي الأرابيع لِأَن فِي الأسابيع يكون الْقَمَر قد صَار إِلَى الْقطر فَيدل على تغير الْحَال الْبَتَّةَ تغيرا عَظِيما. وَالَّذِي فِي الأرابيع فَإِن الْقَمَر يكون فِيهِ على ربع الْفلك فَيكون التَّغَيُّر على النّصْف من الْقُوَّة مِمَّا يكون على الْقطر.
قَالَ أَقُول: إِن الْقَمَر مَتى صَار فِي التربيع أَو الْمُقَابلَة ثمَّ كَانَ ابْتِدَاء الْمَرَض ابْتِدَاء صَالحا غير الْمَرَض تغييرا صَالحا وَإِن كَانَ ابْتِدَاء رديئا غير الْمَرَض تغييرا رديئا.
وَهَذَا أَمر قد اتّفق عَلَيْهِ أهل النُّجُوم وتقدر أَن تتفقد أَنْت أَيْضا فِي المرضى أبدا.
قَالَ: فَكل مَا يحدث من الْأَشْيَاء فعلى حسب ابْتِدَاء حُدُوثه تكون الأدوار كلهَا الَّتِي من بعده مُوَافقَة لَهُ وَيَقُول: إِنَّه إِن كَانَ الِابْتِدَاء صَالحا ظهر بعد الدّور الصّلاح أَيْضا على الْمُوَافقَة لما كَانَ وبالضد.
مِثَال ذَلِك إِن حدث مرض سليم فَإِنَّهُ إِذا صَار الْقَمَر على الْقطر من وَقت الْمَرَض تتبين عَلَامَات السَّلامَة الَّتِي هِيَ مُوَافقَة لَهُ.
وَمن الأدوار مَا يكون فِي عدد الْأَيَّام وَمِنْهَا مَا يكون فِي عدد الشُّهُور والأدوار الَّتِي تكون فِي عدد الْأَيَّام هِيَ الأسابيع وَيجْرِي هَذِه على مجْرى الْقَمَر فَأَما الأدوار الكائنة فِي عدد الشُّهُور فأسابيع الشُّهُور كَمَا قَالَ أبقراط: إِن الْأَمْرَاض الصيفية تَنْقَضِي فِي الشتَاء والشتوية فِي الصَّيف.)
وَهَذَا حد الْأَمْرَاض المزمنة كَمَا أَن الرَّابِع عشر هُوَ حد الْأَمْرَاض الحادة يَعْنِي سَبْعَة أشهر وَأَرْبَعَة(5/180)
قَالَ: الزَّمَان الَّذِي مِنْهُ يهل الْهلَال إِلَى أَن يصير بَدْرًا هُوَ نَظِير الزَّمَان الَّذِي من الشتَاء إِلَى الصَّيف وَكَذَلِكَ أَربَاع السّنة نظيرة أَربَاع الشَّهْر فتنقضي الْأَمْرَاض الحادة فِي بعض الأرباع لَهُ أَو فِي الرّبع الآخر.
قَالَ: وَالسَّبَب فِي تغير الْأَمْرَاض الَّذِي يكون على حسب ابْتِدَائه هُوَ الْقَمَر وَأما فِي تغير أَربَاع السّنة فالشمس وَأما أَربَاع الشَّهْر فالقمر.
قَالَ: البحران يكون فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة فِي الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط أَكثر مِنْهُ فِي الْأَمْرَاض المزمنة لِأَن الطبيعة مستعدة للتغير لشدَّة مَا هُوَ فِيهِ فَأَما فِي الْأَمْرَاض المزمنة فدور الأسابيع ألزم للنظام والواقعة فِي الْوسط والأرابيع تضعف.
قُوَّة الْأَيَّام قَالَ: الْيَوْم الأول وَالثَّانِي تَنْقَضِي فيهمَا الحميات اليومية فَأَما أول يَوْم فَيجب أَن يَجْعَل من الْأَيَّام الَّتِي تَنْقَضِي فِيهَا الْأَمْرَاض الحادة بِتَغَيُّر سريع يَعْنِي باستفراغ وَالْيَوْم الثَّالِث فَلَيْسَ بَين هَذَا الْيَوْم وَبَين الْأُسْبُوع مُشَاركَة وَلَا نِسْبَة لكنه من الْأَيَّام الْوَاقِعَة فِي الْوسط كَمَا أَن للرابع نِسْبَة لِأَن الْأُسْبُوع إِذا قسم قسمَيْنِ وَقعت الْقِسْمَة فِي الْيَوْم الرَّابِع وَلذَلِك للرابع من كل أُسْبُوع قُوَّة قَوِيَّة.
وَقد يَقع البحران فِي الثَّالِث وَالْخَامِس لَيْسَ بِدُونِ مَا يَقع فِي الرَّابِع على أَن هذَيْن الْيَوْمَيْنِ أَيْضا من الْأَيَّام الْوَاقِعَة بَين الأدوار فَلَيْسَ يكون وُقُوع البحران فيهمَا مثل وُقُوعه فِي الرَّابِع إِلَّا أَن نوبَة الْحمى تكون فيهمَا فَإِن البحران يُبَادر إِلَى وَقت الصعوبة فالبحران يكون قبل وقته إِذا اضطرت الطبيعة إِلَى ذَلِك وَإِنَّمَا يكون فِي وقته إِذا كَانَت الأخلاط الَّتِي فِي الْبدن قد نَضِجَتْ وَأما كَون البحران قبل وقته فرديء وَذَلِكَ أَنه يخرج من الْبدن مَعَ مَا يُؤْذِيه الشَّيْء الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا هيج الطبيعة مهيج يضطرها إِلَى التحريك لدفع مَا يُؤْذِيه فَيعرض للطبيعة حِينَئِذٍ مَا يعرض لمن أَرَادَ أَن يلقِي ثقلا عَن نَفسه فَلم يُمكنهُ ذَلِك إِلَّا بِقُوَّة لم يملك نَفسه أَن يسْقط وكمثل من يعدو عدوا شَدِيدا فَلَا يملك نَفسه حَتَّى يَقع فِي وَاد.
وَجَمِيع هَذِه الاستفراغات الرَّديئَة تكون فِي الْأَمْرَاض الرَّديئَة وَأحد الْأَشْيَاء الداعية للطبيعة إِلَى التحريك للبحران هُوَ نوبَة الْحمى وَلذَلِك يكون البحران فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَفْرَاد وَلَيْسَ ذَلِك للحركة الْخَاصَّة بالطبيعة من تَحْرِيك الأجرام الْعَالِيَة لَهَا لَكِن إِمَّا أَن يزعج الدّور الطبيعة فِي الْيَوْم)
الثَّالِث فيضطره إِلَى أَن تَأتي بالبحران وَإِمَّا أَن تريحه فِي الرَّابِع فَلَا يَتَحَرَّك البحران فِي ذَلِك الْوَقْت حَتَّى يَأْتِي الْخَامِس الَّذِي يهيج الدّور.
وَالْيَوْم الثَّالِث وَالْخَامِس محبوسان للرابع الَّذِي هُوَ بِالْحَقِيقَةِ يَوْم بحران فَلَيْسَ بمنكر أَن يَأْتِي البحران فيهمَا لذَلِك وَلَا تفارق نَوَائِب الْحمى فيهمَا.
وَأما الْيَوْم التَّاسِع فَإِنَّهُ متوسط بَين السَّابِع وَالْحَادِي عشر فَهُوَ إِمَّا أَن يقبل البحران(5/181)
الَّذِي جَاوز السَّابِع فَلم يكن فِيهِ أَو يتَقَدَّم البحران الَّذِي أَرَادَ أَن يكون فِي الْحَادِي عشر وَقل مَا يكون فِيهِ البحران الَّذِي وقته السَّابِع.
وَأما بحران الْحَادِي عشر فكثيرا مَا يتَقَدَّم فَيكون فِيهِ ذَلِك وَذَلِكَ أَن البحران الَّذِي هُوَ خَاص بالسابع لَا يتَأَخَّر إِلَى التَّاسِع إِلَّا عِنْد دُخُوله الآفة على الْمَرِيض من وُجُوه شَتَّى كَمَا بَينا فِي البحران وبينته هَهُنَا فَأَما بحران الْحَادِي عشر فَإِنَّهُ إِنَّمَا يتَقَدَّم فَيكون فِي السَّابِع إِذا كَانَ الْأَمر على خلاف ذَلِك أَعنِي مَتى فعل بالمريض كل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ على مَا يجب بِالْحَقِيقَةِ وَكَانَت قُوَّة الْحمى فِي التَّاسِع شَدِيدَة صعبة وَقد يمكنك أَن تستدل اسْتِدْلَالا بَينا على أَن البحران إِنَّمَا يَقع فِي هَذِه الْأَيَّام من أجل صعوبة نَوَائِب الْحمى من قبل أَن هَذَا لَا يعرض إِذا تطاول الْمَرَض مثل مَا يعرض فِي الْمَرَض الحاد وَذَلِكَ أَنه على حسب تنقص شدَّة نَوَائِب الْحمى تنقص عدَّة أَيَّام البحران الَّتِي تقع بَين الأدوار وَكنت ترى البحران فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ حادة جدا يكون فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض إِلَّا الْقَلِيل وَذَلِكَ أَن آخر أَيَّامه السَّابِع وَهُوَ يَوْم بحران وَمن قبله الرَّابِع فَقَط لَكِن الثَّالِث أَيْضا وَالْخَامِس وَالسَّادِس.
وَقد شكّ النَّاس فِي الْيَوْم الأول هَل هُوَ يَوْم البحران أم لَا فَلم يبْق إِلَّا الْيَوْم الثَّانِي وَهُوَ دون سَائِر وَبِالْجُمْلَةِ فقد يكون البحران فِي الْأَمْرَاض من أجل صعوبة النوائب وَالْيَوْم السَّادِس على أَنه لَيْسَ من أَيَّام البحران الْحَاوِي على الأدوار وَلَا هُوَ أَيْضا فَرد قد يقبل البحران كثيرا لِأَنَّهُ مجاور لليوم الْأَخير من أَيَّام الْأَمْرَاض الحادة جدا.
قَالَ: وَجَمِيع هَذِه الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي يَأْتِي فِيهَا البحران فِي السَّابِع صنفان: إِمَّا أَن يكون الْحمى فِيهَا مطبقة لَا يكون فِيهَا تزيد وانتقاص محسوس وَهُوَ سونوخوس وَإِمَّا أَن يشْتَد غبا وَيكون فِيهَا مَعَ ذَلِك بَين كل نوبتين من نَوَائِب الغب نوبَة أُخْرَى.
قَالَ: فَأَما الصِّنْف الأول فَلَيْسَ فِيهِ للأفراد على الْأزْوَاج فضل لِأَنَّهُ بِحَال وَاحِدَة فِي جَمِيع الْأَيَّام)
فَأَما الثَّانِي فَإِنَّهُ يكون فِيهَا فِي الْأَيَّام الْأزْوَاج حمى عَظِيمَة جدا قَوِيَّة فكثيرا مَا يَتَحَرَّك لذَلِك البحران الَّذِي يكون فِي السَّابِع فَيكون فِي السَّادِس وَينْقص هَذَا البحران عَن البحران الحميد على حسب تقدمه إِيَّاه.
قَالَ: قد تبتدىء أمراض يكون فِي الثَّانِي مِنْهَا أثقل وأصعب مِنْهَا فِي الْيَوْم الأول وَفِي الرَّابِع أصعب مِنْهُ فِي الثَّالِث وَفِي السَّادِس مِنْهُ فِي الْخَامِس وَجَمِيع نَوَائِب الْحمى تكون فِيهِ فِي الْأزْوَاج فَهَذِهِ الْأَمْرَاض من طبيعة الْأَمْرَاض المزمنة لَكِن بحرانها يتَقَدَّم كَأَنَّهَا حادة لصعوبتها وَقد تقتل هَذِه فِي الثَّانِي وَالرَّابِع إِلَّا أَن أَكثر ذَلِك يقتل فِي السَّادِس وَذَلِكَ أَن الطبيعة تكون فِي الْيَوْم الثَّانِي وَقد قُلْنَا الْآن فِي عِلّة كَون البحران فِي جَمِيع الْأَيَّام الَّتِي لَيست على أدوار الأسابيع والأرابيع وَهِي الْوَاقِعَة فِي الْوسط.(5/182)
قَالَ: وَأَنا قَائِل: فِي الْعشْرين وَالْوَاحد وَالْعِشْرين لما صَار البحران يكون فِيهَا إِلَّا أَنه يكون فِي الْعشْرين أَكثر فَأَقُول: إِن الْعلَّة فِي ذَلِك أَن الْمَرَض يكون فِي هَذَا الْوَقْت مَرضا مزمنا ونوائب الْحمى تكون فِي الْأزْوَاج وَأما الْأَمْرَاض الَّتِي تكون نوائبها فِي الْأَفْرَاد فَإِنَّهَا تميل إِلَى الْوَاحِد وَالْعِشْرين.
(عِلّة حِسَاب الأدوار)
قَالَ: الْأُسْبُوع لَيْسَ هُوَ سَبْعَة أَيَّام تَامَّة وَذَلِكَ أَنه لما كَانَ دور الْقَمَر سَبْعَة وَعشْرين يَوْمًا وَثلث يَوْم صَار من قبل ذَلِك الْأُسْبُوع سَبْعَة أَيَّام إِلَّا سدس.
لي: لِأَن الْأُسْبُوع مَوْضُوع على مِقْدَار تنقل الْقَمَر إِلَى تربيع الْمَرَض الَّذِي كَانَ فِيهِ.
قَالَ: إِن الْقَمَر يحدث فِي أبداننا ضَرْبَيْنِ من التَّغَيُّر أَحدهمَا عَام وَهُوَ الْحَادِث عَن أَحْوَاله من الشَّمْس يَعْنِي إِذا كَانَ بَدْرًا وَإِذا صَار نصف دَائِرَة وَإِذا صَار ذَا حدبتين وَإِذا صَار هلالا وَلَكِن مَا يحدث فِي الْهَوَاء عِنْد الشكل الْهِلَالِي وَذي الحدبتين ضَعِيف وَالْآخر خَاص وَهُوَ التَّغَيُّر لي: هَذَا يَقُول: إِنَّه كَمَا أَن الْقَمَر يُغير الْأَحْوَال بِحَسب موَاضعه من مَوْضِعه عِنْد ابْتِدَاء ذَلِك الشَّيْء لِأَن الزَّمَان الَّذِي يقطع فِيهِ الْقَمَر تِلْكَ البروج سَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَثلث لَا يكون زمَان الِانْتِقَال للقمر فِي أَربَاع الْفلك سَبْعَة أَيَّام تَامَّة بل سِتَّة أَيَّام وَخَمْسَة أَسْدَاس فَلَا تكون ثَلَاثَة أسابيع أحد وَعشْرين يَوْمًا بل عشْرين يَوْمًا وَنصفه. هَذَا على مَا حسبناه نَحن. فَأَما على حِسَاب جالينوس فَيَجِيء أقل لِأَنَّهُ يَأْخُذ زمَان قطع الْقَمَر لفلك البروج وَهُوَ سَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَثلث وزمان مَا يرى فِيهِ رُؤْيَة بَيِّنَة فَوق الأَرْض وَهُوَ سِتَّة وَعِشْرُونَ يَوْمًا وَنصف لِأَن التَّغَيُّر الْحَادِث عَنهُ فِي الْهَوَاء يكون مُدَّة خَفَاء الْقَمَر خفِيا ضَعِيفا فأسقط هَذِه الْمدَّة فَيبقى قدر الزَّمَان الَّذِي يرى فِيهِ الْقَمَر فَوق الأَرْض وَلما رأى أَن التَّغَيُّر تغيران أَحدهمَا عَامي وَهُوَ الْحَادِث من أشكال الْقَمَر عَن الشَّمْس وَالْآخر خَاص وَهُوَ الْحَادِث عَن تربيع الْقَمَر ومقابلته للموضع الَّذِي كَانَ فِيهِ حِين وَقع ابْتِدَاء الْأَمر رأى أَن يجمع الزمانين وَأخذ نصفهما وَيجْعَل الرّبع مِنْهُ مُدَّة الْأُسْبُوع ثمَّ يَأْخُذ نصف الْجَمِيع فَتكون سِتَّة وَعشْرين يَوْمًا وَنصف يَوْم وَثلثه وَنصف السُّدس ثمَّ يَأْخُذ زمَان الْأُسْبُوع سِتَّة أَيَّام وَنصف يَوْم وخمسه وجزءا من اثْنَي عشر وَإِذا صَحَّ هَذَا الْحساب كَانَ فضل ثَلَاثَة أسابيع على الْعشْرين فضلا يَسِيرا فَإِن أردْت تحقق ذَلِك فَارْجِع إِلَى الْكتاب فَإِن مَا رسم عَلَيْهِ من نُقْصَان الأسابيع فَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ.
قَالَ: لما كَانَ البحران يكون فِي الرَّابِع عشر لم يجب أَن يحْسب الْأُسْبُوع الأول وَالثَّانِي موصولين فِي الثَّالِث عشر وَلما كَانَ البحران يكون فِي الْعشْرين لم يَنْبغ أَن يحْسب الثَّانِي وَالثَّالِث منفصلين فَيَجِيء فِي الْحَادِي وَالْعِشْرين والبحران يكون فِي الْعشْرين أَكثر.(5/183)
والرابوع الأول وَالثَّانِي يحسبان موصولين لِأَن البحران يكون فِي السَّابِع وَالسَّابِع إِذا قسم بنصفين)
كَانَ للرابوع اتِّصَال جَمِيعًا فِي الْيَوْم الرَّابِع فَأَما الرابوع الثَّالِث فيحسب مُفردا من الرابوع الثَّانِي لِأَن الْأُسْبُوع الثَّانِي مُفْرد من الْأُسْبُوع الأول وَالْأَرْبَعَة الثَّالِثَة مَوْصُولَة بالرابوع الرَّابِع لِأَنَّهُمَا نصف الْأُسْبُوع الثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي الرابوع الأول وَالثَّانِي والرابوع الرَّابِع مَوْصُول بالخامس لِأَن الْأُسْبُوع الثَّالِث مَوْصُول بِالثَّانِي والرابوع السَّادِس مَوْصُول بالخامس الَّذِي آخِره الْيَوْم السَّابِع عشر لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا نصف الْأُسْبُوع الثَّالِث.
جَوَامِع أَيَّام البحران قَالَ: عَلَامَات النضج إِن تبينت فِي الْيَوْم الرَّابِع كَانَ البحران فِي الْيَوْم السَّابِع وَإِن تبينت فِي السَّابِع جَاءَ فِي الرَّابِع عشر وَإِن تبينت فِي الرَّابِع عشر جَاءَ البحران إِمَّا فِي السَّابِع عشر وَإِمَّا فِي الثَّامِن عشر وَإِمَّا فِي الْعشْرين وَإِمَّا فِي الْوَاحِد وَالْعِشْرين فَإِن السَّابِع ينذر بِهَذِهِ أجمع إِذا كَانَ الْمَرَض طَويلا وَبَقِي عدم النضج فِيهِ إِلَى السَّابِع فَإِنَّهُ لَا يكون لَهُ بحران وَلَا فِي الرَّابِع عشر. وَإِن بقيت تِلْكَ العلامات الدَّالَّة على عدم النضج إِلَى الْحَادِي عشر فَإِن الْمَرَض لَا حَرَكَة البحران إِلَى الْيَوْم الْعشْرين تكون فِي الأرابيع لحدة الْمَرَض وَبعد الْعشْرين إِلَى الْأَرْبَعين فَفِي الأسابيع وَمن بعد الْأَرْبَعين فَفِي العشرينيات.
أحد العلامات القوية الَّتِي تضم إِلَى علاماتك مَا قد جرت بِهِ الْعَادة يكون البحران فِيهِ فِي ذَلِك الزَّمَان وَذَلِكَ الْمَرَض فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَت أزمنة وأمراض يكون البحران فِيهَا بولاء مَا ليَوْم وَاحِد ولنوع وَاحِد.
3 - (أول الْمَرَض)
قَالَ: يعد أول الْمَرَض من الْوَقْت الَّذِي تبتدىء فِيهِ الْحمى لَا من غَيره.
الْمقَالة الثَّانِيَة من تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أقوى الْأَيَّام الأسابيع ثمَّ الأرابيع وَالدَّلِيل على مَا يحدث فِي الأسابيع يُؤْخَذ من الأرابيع وَهِي أَيَّام إنذار.
قَالَ كَمَا إِنَّا نحسب فِي الحميات الدائمة جَمِيع الْأَيَّام على الْوَلَاء لمعْرِفَة البحران الْحَادِث كَذَلِك يحْسب فِي الحميات ذَوَات الأدوار فَيكون مَا يَفْعَله الْيَوْم السَّابِع فِي الدائمة مثل مَا يَفْعَله الدّور السَّابِع بِعَيْنِه وَكَذَلِكَ فِي حميات الرّبع بِأَن البحران يَأْتِي فِيهَا فِي سَبْعَة أدوار لَا فِي سَبْعَة أَيَّام وَنسبَة الدّور مِنْهُ إِلَى السَّابِع كنسبة الْيَوْم الرَّابِع إِلَى السَّابِع وَذَلِكَ أَن الدّور الرَّابِع ينذر بالسابع لي: قَالَ: لَا يحْسب أَنه لَا يَنْبَغِي فِي الحميات النائبة أَن تتفقد عدد الْأَيَّام الْبَتَّةَ لَكِن عدد الأدوار بل تفقد فِي الغب عدد الْأَيَّام والأدوار جَمِيعًا فَأَما فِي الرّبع فعدد الأدوار أولى من عدد الْأَيَّام.
قَالَ: وَاعْلَم أَن بحران الحميات الرّبع يكون فِي الأدوار لَا فِي الْأَيَّام.(5/184)
الْأَمْرَاض القصيرة الْمدَّة أمرهَا أظهر وَأما الطَّوِيلَة فَيَنْبَغِي أَن تتفقد فِي كل اربعة أَيَّام وَانْظُر إِلَى أَن تميل إِلَى الْعشْرين وَمن عشْرين تتفقد فِي كل سَبْعَة وَنَحْو من كل عشْرين كل سَبْعَة وَنَحْو فِي كل عشْرين.
قَالَ: النُّفَسَاء الَّتِي تحم يجب أَن تحسب فِي أول أَيَّامهَا من يَوْم تَلد لَا من يَوْم تأخذها فِيهِ الْحمى وَذَلِكَ أَن أَكثر من تأخذهن الْحمى فِي الثَّانِي وَالثَّالِث وَيَنْبَغِي أَن يعد أَيَّام بحرانهن من يَوْم الولاد.
الثَّالِثَة قَالَ: من لم تسكن حماه فِي يَوْم باحوري وباستفراغ ظَاهر خيف عَلَيْهِ أَن تعود عَلَيْهِ وَإِن سكنت الْحمى بعد استفراغ غير تَامّ خيف عَلَيْهِ أَن ترجع وَإِن كَانَ فِي يَوْم باحوري.
لي: وافهم عكس ذَلِك الْأَمر إِنَّه إِن سكن فِي غير يَوْم باحوري وَبلا استفراغ فَهُوَ أَشد مَا يكون فِي العودة.
قَالَ: الْيَوْم التَّاسِع يعد فِي أَيَّام البحران بِمَنْزِلَة الْيَوْم الثَّالِث إِذا لم يكن من شَأْن الْمَرِيض أَن يَأْتِي الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول: الْعرق يحمد إِذا ابْتَدَأَ فِي المحمومين فِي الثَّالِث أَو الْخَامِس أَو السَّابِع أَو التَّاسِع أَو الْحَادِي عشر أَو الرَّابِع عشر أَو السَّابِع عشر أَو الْعشْرين أَو الرَّابِع وَالْعِشْرين أَو السَّابِع وَالْعِشْرين أَو الثَّلَاثِينَ أَو الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ أَو السَّابِع وَالثَّلَاثِينَ فَإِن الْكَائِن مِنْهُ فِي هَذِه الْأَيَّام يكون بِهِ)
بحران الْأَمْرَاض وَأما الْكَائِن فِي غير هَذِه الْأَيَّام فينذر إِمَّا بشر وَإِمَّا بطول الْمَرَض.
قَالَ جالينوس: لَيْسَ الْعرق فَقَط لَكِن وَجَمِيع الاستفراغات والخراجات إِنَّمَا تحمد إِذا ظَهرت هَذِه فِي يَوْم باحوري.
وَإِنَّمَا ذكر الثَّالِث لِأَنَّهُ قد ينذر بالرابع فِي الْأَمْرَاض الَّتِي هِيَ أقل مُدَّة ثمَّ ذكر الْخَامِس وَترك الرَّابِع لِأَن أَكثر الْأَمْرَاض الحادة جدا الَّتِي يكون بحرانها بعرق وجدت بحرانها بعرق فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِنْهُ فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران بعرق فِي الثَّالِث وَالْخَامِس أَكثر مِنْهُ فِي الرَّابِع وَلَا يكَاد يكون بحران مثل هَذِه فِي الرَّابِع إِلَّا فِي الندرة وَوجدت هَذَا بعد بحث شَدِيد وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن هَذِه الْأَمْرَاض تكون فِي الْأَيَّام الْأَفْرَاد فِي الْأَكْثَر أقوى وأصعب من أجل النوائب والبحران يمِيل أبدا نَحْو الْيَوْم الأصعب.
وَقد يُوجد فِي بعض النّسخ للْوَاحِد وَالثَّلَاثِينَ ذكر وخليق أَن يكون الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ أقوى مِنْهُ وَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا هُوَ يَوْم باحوري.
وَأما الْأَرْبَعُونَ فَإِنَّهُ إِنَّمَا ترك ذكره لِأَنَّهُ أول يَوْم من أَيَّام بحارين الْأَمْرَاض المزمنة وَهَذِه لَا يكون بحرانها بعرق بل بالتحلل الْخَفي والخراجات فَإِن الْأَيَّام الَّتِي بعد الْعشْرين قل مَا يكون البحران فِيهَا بالعرق فضلا عَن الْأَرْبَعين.
قَالَ الْأَمْرَاض الَّتِي نوائبها فِي الْأَفْرَاد بحرانها يَأْتِي أسْرع وَالَّتِي فِي الْأزْوَاج أَبْطَأَ وَإِن مَالَتْ نَوَائِب مرض كَانَت نوائبه تَأتي فِي الْأَفْرَاد إِلَى الْأزْوَاج جَاءَ بحرانه أَبْطَأَ وبالضد.(5/185)
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول قَالَ: الغب أطول مَا يكون تَنْقَضِي فِي سَبْعَة أدوار.
قَالَ جالينوس: قد تفقدنا بحران الغب وَالرّبع فوجدناه يكون على حسب عدد الأدوار لَا على حِسَاب الْأَيَّام. من ذَلِك: أَن الدّور السَّابِع فِي الغب يَقع فِي الْيَوْم الثَّالِث عشر وَفِي مثل هَذَا الْيَوْم فِي الْأَكْثَر يكون بحران الغب وانقضاؤه من غير أَن ينْتَظر الرَّابِع عشر وكما أَنه يكون فِي الحميات اللَّازِمَة مَا يَنْقَضِي فِي أَرْبَعَة أَيَّام كَذَلِك يكون فِي الغب الَّتِي هِيَ أحد من الغب الْمُطلق مَا لَا يبلغ الدّور السَّابِع بل يَنْقَضِي فِي الدّور الرَّابِع.
الْمقَالة الأولى من طبيعة الْإِنْسَان قَالَ: الْأَمْرَاض الصيفية المزمنة توقع انقضاءها فِي الشتَاء والربيعية فِي الخريف وبالضد لِأَن الطبائع تنْتَقل.
قَالَ: وَالَّتِي هِيَ أبعد زَمنا من هَذِه فَفِي السّنة الْمُقَابلَة يَعْنِي السَّابِع وَالرَّابِع عشر.)
من محنة الطَّبِيب قَالَ: على الطَّبِيب أَن يعرف الْأَمْرَاض الَّتِي لَا تجَاوز الرَّابِع فِي الْيَوْم الأول وَيعرف الَّتِي تجَاوز الرَّابِع إِلَى السَّابِع فِي أول يَوْم وَفِي الثَّانِي أَكْثَره فَأَما الَّتِي تجَاوز السَّابِع فَمن أَنْفَع الْأُمُور أَن يعلم أمرهَا فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي لَا محَالة وَلَيْسَ على الطَّبِيب أَن يعلم أمرهَا فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي هَل يكون إقلاعه فِي الْيَوْم الرَّابِع عشر أَو الْأَرْبَعين أَو مَا بَينهمَا من الْأَيَّام وَلَا ينْتَفع بذلك أَيْضا وَلَا لَهُ إِلَى ذَلِك سَبِيل فِي هذَيْن الْيَوْمَيْنِ وَإِنَّمَا يعرف ذَلِك بعد أَن تتمادى بالمريض الْأَيَّام وَلَيْسَ يُمكن أَن تتقدم فتعلم أَمر الْمَرِيض الَّذِي شَأْنه أَن يَنْقَضِي فِي الْحَادِي عشر قبل الْيَوْم الثَّالِث أَو الرَّابِع عشر.
وَأما الْمَرَض الَّذِي يكون انقضاؤه فِي الرَّابِع عشر فقد يسْتَدلّ عَلَيْهِ فِي الثَّالِث وَالرَّابِع إِلَّا أَن الدّلَالَة الْوَثِيقَة على ذَلِك إِنَّمَا نظفر بهَا فِي السَّابِع وَكَذَلِكَ الْأَمْرَاض الَّتِي من شَأْنهَا أَن تَنْقَضِي فِي الْعشْرين وَرُبمَا اسْتدلَّ عَلَيْهَا فِي الْحَادِي عشر وَحَقِيقَة أمرهَا تكون فِي الرَّابِع عشر. وَكَذَلِكَ الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي السَّابِع وَالْعِشْرين إِنَّمَا يسْتَدلّ عَلَيْهِ الدّلَالَة الْوَثِيقَة فِي يَوْم الْعشْرين وَأما قبل ذَلِك فالدلالة عَلَيْهِ ضَعِيفَة خُفْيَة وَكَذَلِكَ الْمَرَض الَّذِي يَنْقَضِي فِي الرَّابِع وَالثَّلَاثِينَ يتَبَيَّن أمره بعض الْبَيَان فِي الْيَوْم الْعشْرين ثمَّ يتَبَيَّن بَيَانا أَكثر من ذَلِك فِي الْأَيَّام الَّتِي بعد وَكَذَلِكَ الْأَمْرَاض الَّتِي تَنْقَضِي فِي الْأَرْبَعين فقد يتَبَيَّن أمرهَا فِي الْعشْرين بعض الْبَيَان وينكشف وَيظْهر فِي الْيَوْم السَّابِع وَالْعِشْرين.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أصَاب بحران رجلا فِي السَّادِس وَكَانَ محبا لِأَن يكذبنِي فَجعل يعد السَّادِس وَقد ذهبت حماه عَنهُ وَأَنا أَقُول: إِنَّهَا ستعود فلطف تَدْبيره وَلم يدْخل الْحمام وَلَا شرب الشَّرَاب فَبَقيَ إِلَى الثَّانِي عشر لَا يحم وَهُوَ فَرح بِأَنَّهُ قد كَذبَنِي فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِث عشر غلط تَدْبيره وَأكْثر ثِقَة مِنْهُ بالبرء فابتدأت بِهِ الْحمى.
الْمقَالة الثَّالِثَة من إبيذيميا قَالَ: إِذا كَانَت النّوبَة فِي الْأزْوَاج فالبحران فِي الْأزْوَاج وَإِن كَانَت فِي الْأَفْرَاد فَفِي الْأَفْرَاد لِأَنَّهُ يَوْم النّوبَة قد تكون الأخلاط أَشد تهييجا للطبيعة وأذى لَهَا وَتَكون مَعَ ذَلِك رقيقَة فتهيأها لدفعها بالرعاف والعرق وَنَحْوه أسهل.(5/186)
قَالَ: أول أدوار البحران الْأزْوَاج الرَّابِع ثمَّ السَّادِس وَالرَّابِع عشر وَالْعشْرُونَ وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ وَالسِّتُّونَ وَالثَّمَانُونَ وَالْمِائَة وَالْعشْرُونَ والأفراد الثَّالِث وَالْخَامِس وَالسَّابِع وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالسَّابِع عشر وَالْوَاحد وَالْعشْرُونَ وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ وَالْوَاحد وَالثَّلَاثُونَ.
قَالَ ج: أما الثَّامِن والعاشر فَلَا يكون فيهمَا بحران الْبَتَّةَ.)
وَقَالَ جالينوس فِي الحميات المختلطة: وَإِن كَانَت نوائبها لَا تجْرِي على نظام فَإِن تقدمة الْمعرفَة بالبحران الْكَائِن فِيهَا إِنَّمَا يكون بالعلامات الَّتِي تظهر فِي أَيَّام البحران وَأما الحميات النائبة مثل الرّبع وَالْغِب فبعدد الأدوار فأقم أدوارها مقَام الْأَيَّام الْمُلَازمَة فِي الْإِنْذَار والبحران فَإِنِّي قد حكمت فِي الغب وَالرّبع بِهَذَا الطَّرِيق فَلم أخطىء مَتى ظهر فِي الثَّالِث شَيْء من أَعْرَاض البحران ظهر فِي الرَّابِع مثله فَأَنْذر بِسُرْعَة كَون البحران.
لي: مَتى ظهر فِي يَوْم الْإِنْذَار شَيْء مِمَّا ينذر بِشَيْء ثمَّ تبع ذَلِك فِي الْيَوْم الَّذِي يَلِيهِ شَيْء من جنس ذَلِك فَاعْلَم أَن الْأَمر حاد سريع وَلَا يتَأَخَّر مَا أنذر بِهِ وبالضد مَتى رَأَيْت مَا يَلِي النذير مسترخيا فأيقن بالتأخر.
الأولى من الثَّانِيَة من كتاب إبيذيما: الْأَمْرَاض الحادة مَتى كَانَت مهلكة فالبحران فِيهَا أَشد تقدما كثيرا لِأَن الأوجاع فِيهِ تكون أصعب وَأَشد وَأقوى.
الثَّالِثَة من الثَّانِيَة من إبيذيميا قَالَ: من عَادَة الْأَمْرَاض الحادة أَن يَجِيء البحران فِيهَا أَكثر فِي الْأَفْرَاد وَفِي المزمنة فِي الْأزْوَاج.
الرعاف لما كَانَ بِهِ بحران الْأَمْرَاض الحادة فِي الْأَكْثَر قل مَا يكون فِي الرَّابِع فَأَما فِي السَّابِع وَالْخَامِس فَيكون كثيرا جدا وَبعد هذَيْن فِي التَّاسِع وَالثَّالِث. فَإِن رامت الطبيعة الرعاف فِي الثَّالِث فَلم تقدر عَلَيْهِ فَإِنَّهُ ينْدَفع كثيرا إِلَى الْخَامِس وَلَا يكون فِي الرَّابِع.
الرَّابِعَة من تَفْسِير الثَّالِثَة: الْأَمْرَاض الشتوية يحلهَا الصَّيف وأمراض الصَّيف يحلهَا الشتَاء أَعنِي أَن الْأَمْرَاض الَّتِي فِي الصَّيف أول هيجانها تسكن بالشتاء وَبِالْعَكْسِ. وَأما القَوْل بِأَن كل مرض لي: جملَة مَنْفَعَة أَيَّام البحران إِن البحران إِذا كَانَ فِيهِ كَانَ تَاما مَأْمُونا لِأَنَّهُ يدل أَنه كَانَ بحركة الطبيعة المنتظمة. ويعسر تعرف الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ من أجل ابْتِدَاء الْمَرَض أَو من أجل أَنه رُبمَا بَقِي الْعرق أَو سَائِر الاستفراغات تكون يَوْمَيْنِ فَلَا تَدْرِي إِلَى أَيهمَا تنسبها وَجُمْلَة تعرف ذَلِك يكون بِمَا أَقُول عِنْد ابْتِدَاء الْمَرَض حَيْثُ يحس الْمَرِيض بأعراض الْمَرَض بِقُوَّة شَدِيدَة حَتَّى يَقع فِي نَفسه أَنه يحْتَاج إِلَى علاج وَلَا يشك أَن حَاله متغيرة عَن الصِّحَّة وَأما مَتى عد من الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ فاعرفه من هَذِه الْأُمُور وَانْظُر فَإِن كَانَ الْيَوْم النذير قد أنذر بِيَوْم فَإِن كَانَ البحران بعضه فِيهِ وَبَعضه فِي غَيره فانسبه إِلَى الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ فَإِن هَذِه العلامات أقوى سَائِر العلامات وعلتها أبدأ على سَائِر العلامات فَإِن كَانَت النّوبَة تَأتي فِي الْأَفْرَاد فَاجْعَلْ البحران(5/187)
لليوم الْفَرد)
وَهَذِه تالية للأولى فِي الْقُوَّة. وَإِن كَانَ البحران جيدا سليما فانسبه من ذَيْنك الْيَوْمَيْنِ المشتبهين عَلَيْك إِلَى الْيَوْم الَّذِي يكون فِيهِ البحران الْجيد.
مِثَال ذَلِك: إِن رَأَيْت فِي مَا بَين السَّادِس وَالسَّابِع بحرانا ثمَّ رَأَيْته جيدا كَامِلا فأضفه إِلَى السَّابِع فَإِن كَانَ زمَان البحران فِي يَوْم مَا أطول فانسبه إِلَيْهِ: وَمِثَال ذَلِك أَن يبتدىء الْعرق فِي آخر حُدُود الثَّامِن وَيكون يمْضِي أَكثر يَوْم التَّاسِع أَو كُله يعرق وَهَذِه العلامات لَيست بالقوية كَسَائِر تِلْكَ وَتَمام مَا يحْتَاج من هَذَا مَكْتُوب لَك.
من كتاب الدَّلَائِل: الأرابيع تنذر بالأسابيع إِلَى الْعشْرين ثمَّ تضعف فَيصير الْمُنْذر بالأسابيع وَأَيَّام البحران العشرينيات.
قَالَ: وَإِذا ظهر فِي بعض أَيَّام الْإِنْذَار دَلِيل نضج تَامّ بَين كَانَ البحران فِي الْمُنْذر بِهِ وَإِن ظهر دَلِيل نضج نَاقص فَأَما أَلا يكون بحران أَو إِن كَانَ كَانَ نَاقِصا وَإِن ظهر دَلِيل هَلَاك فَإِنَّهُ إِن كَانَ ضَعِيفا ساءت حَاله فِي الْيَوْم الْمُنْذر بِهِ وَإِن كَانَ قَوِيا مَاتَ فِيهِ.
لي: على مَا رَأَيْت فِي أَمْثِلَة إبيذيميا: الرَّابِع ينذر إِمَّا بالسادس وَإِمَّا بالسابع فَإِذا كَانَت الحدة شَدِيدَة والأعراض لَيست رَدِيئَة مَال إِلَى السَّابِع وَإِن كَانَت الحدة شَدِيدَة إِلَّا أَن العلامات سليمَة مَال أَيْضا إِلَى السَّابِع.
لي: على مَا رَأَيْت: كَمَا أَنه لَيْسَ للأيام الْمُتَأَخِّرَة قُوَّة فِي حِدة البحران كَذَلِك لَا يَسْتَوِي مُدَّة مَا يدل عَلَيْهِ لِأَن النضج مَتى ظهر فِي الرَّابِع دلّ على أَن البحران يكون فِي السَّابِع وَإِن ظهر فِي الثَّانِي كَانَ فِي الرَّابِع الَّذِي هُوَ ضعفه فَإِن لم يظْهر إِلَى السَّابِع شَيْء من النضج لم ينْقض فِي الرَّابِع عشر لَكِن بعده وَإِن لم يظْهر النضج إِلَّا فِي الْحَادِي عشر لم ينْقض إِلَى الْعشْرين وَإِن لم يظْهر إِلَى السَّابِع عشر لم ينْقض إِلَى الْأَرْبَعين.
من الْجَوَامِع قَالَ: رُبمَا كَانَ زمَان مَا يكون البحران فِيهِ وافدا وَمَعْنَاهُ أَن تكون البحرانات فِي من فُصُول إبيذيميا قَالَ: تقدمة الْمعرفَة على الْخَلَاص تُؤْخَذ من أَيَّام الْإِنْذَار والبحران فَأَما على الْهَلَاك فَمن كل يَوْم.
أَيَّام البحران لحنين: انْظُر أبدا فِي أَيَّام الْإِنْذَار إِن تَغَيَّرت حدث للْمَرِيض إنذار إِلَى خير أَو شَرّ فَإِنَّهُ يكون فِي الْمُنْذر بِهِ تغير من ذَلِك الْجِنْس إِمَّا تَاما وَإِمَّا أقوى مِمَّا كَانَ.
أفضل الْأَيَّام السَّابِع ويتلوه الرَّابِع عشر وَيَتْلُو هَذَا التَّاسِع وَالْحَادِي عشر وَالْعِشْرين ثمَّ الْخَامِس)
وَالسَّابِع عشر ثمَّ الرَّابِع وَبعده الثَّالِث وَالثَّامِن عشر. وَالسَّادِس يَوْم بحران رَدِيء ويشبهه فِي رداءة البحران الثَّامِن والعاشر إِلَّا أَن البحران يكون فيهمَا أقل من السَّادِس وَلَا يكَاد يكون حَتَّى يكَاد أَن يخرجَا عَن أَيَّام البحران وَإِذا كَانَ كَانَ شَبِيها بِمَا يكون فِي السَّادِس.(5/188)
فَأَما الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر فَلم تَرَ يكون فيهمَا بحران لَا جيد وَلَا رَدِيء فَإِن كَانَ وَذَلِكَ لم أره قطّ فطبيعته طبيعة السَّادِس.
وَالثَّالِث عشر متوسط بَين الثَّانِي عشر وَالسَّادِس عشر اللَّذَان لَا يكون فيهمَا بحران وَالثَّامِن والعاشر اللَّذَان يقل كَون البحران فيهمَا وَبَين الَّتِي يكون فِيهَا البحران كثيرا مثل الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّادِس وَالتَّاسِع وَالْحَادِي عشر لِأَن البحران يكون فِيهِ أَكثر مِنْهُ فِيهَا وَأَقل مِنْهُ فِي هَذِه.
والبحران يمِيل فِي الْأَكْثَر إِلَى الْعشْرين وَكَذَلِكَ فَإِنَّهُ قد يكون البحران فِي السَّابِع وَالْعِشْرين أَكثر مِنْهُ فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين وَالسَّابِع وَالْعشْرُونَ أقوى من الْوَاحِد وَالْعِشْرين وَالرَّابِع وَالْعشْرُونَ أَيْضا صَالح وَكَذَلِكَ الرَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّابِع وَالثَّلَاثُونَ وَالْأَرْبَعُونَ أقوى مِنْهُ. وَأما الثَّانِي وَالْعشْرُونَ وَالثَّالِث وَالْعشْرُونَ وَالْخَامِس وَالْعشْرُونَ وَالسَّادِس وَالْعشْرُونَ وَالتَّاسِع وَالْعشْرُونَ وَالثَّلَاثُونَ وَالْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّالِث وَالثَّلَاثُونَ وَالْخَامِس وَالثَّلَاثُونَ وَالسَّادِس وَالثَّلَاثُونَ وَالثَّامِن وَالثَّلَاثُونَ وَالتَّاسِع وَالثَّلَاثُونَ لَا يكون فِيهَا بحران وَمَا بعد الْأَرْبَعين ضَعِيف.
ويتحرك فِي العشرينات كَمَا أَنه بعد الْعشْرين يَتَحَرَّك فِي الأسابيع وَإِلَى الْعشْرين فِي الأرابيع.
وَأما الْيَوْم الأول وَالثَّانِي فَإِنَّهُمَا ليسَا أَيَّام بحران لِأَن الْمَرَض لَيْسَ يَنْقَضِي فِيهِ مَعَ استفراغ وَجهد وَإِنَّمَا يَنْقَضِي فِيهِ الْحمى اليومية.
لي: الْأَمْرَاض الحادة الَّتِي تسمى الفاجية وَلَا تصح فِي هَذِه تقدمة الْمعرفَة وَأما القاتلة فلعظم رداءتها وَأما الَّتِي تَنْقَضِي كَحمى يَوْم فلسهولة أمرهَا.
من مسَائِل إبيذيميا الثَّالِثَة قَالَ: خُذ دَلَائِل السَّلامَة وثق بهَا إِذا ظَهرت فِي الْأَيَّام الْإِنْذَار والبحران وَأما الْمهْلكَة فَفِي أَي يَوْم ظَهرت من جَمِيع الْأَيَّام أَيَّام إنذار كَانَت أَو لَا.
لي: وَذَلِكَ لِأَن أَفعَال الطبيعة مرتبَة وَالْخَارِج عَن الطَّبْع على غير تَرْتِيب.
من مسَائِل المولودين لثمانية أشهر عمل حنين: تعلم قُوَّة الأسابيع من أَن الْجَنِين يَنْقَلِب فِي الشَّهْر السَّابِع فَيصير رَأسه أَسْفَل وَمن أَنه فِي سَبْعَة أشهر تنْبت أَسْنَانه وَالْأُخْرَى فِي أَرْبَعَة عشر)
تنْبت.
يعلم البحران لأي يَوْم هُوَ من حَال الْيَوْم النذير وَالْيَوْم الَّذِي تتقدم فِيهِ النّوبَة وَالَّذِي تطول فِيهِ وَيكون أَكثر وَقت الاستفراغ وُقُوع البحران الْجيد والرديء.
مسيح قَالَ: إِذا حدث فِي يَوْم باحوري خفَّة الْحَرَكَة أَو سهولة النَّفس أَو شَهْوَة الطَّعَام أَو خُرُوج بَوْل أَو برَاز مَحْمُود أَو عرق أَو نوم كَانَ بِهِ خف فانتظر فِي الْمُنْذر بِهِ مَا هُوَ أصلح وبالضد.
وَقع الْفَرَاغ من طبع الْجُزْء الثَّامِن عشر من الْحَاوِي الْكَبِير يَوْم الثُّلَاثَاء السَّادِس وَالْعِشْرين من شهر ربيع الآخر سنة هـ اغسطس سنة م ويتلوه الْجُزْء التَّاسِع عشر أَوله فِي الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه وقوامه وَصلى الله تَعَالَى على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.(5/189)
(فارغة)(5/190)
(الْجُزْء التَّاسِع عشر) (الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه)(5/191)
(فارغة)(5/192)
(صلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم تَسْلِيمًا) (الْبَوْل وأصناف الرسوب وألوانه وقوامه) الْمقَالة الأولى من كتاب البحران قَالَ: الْبَوْل الْأسود لَيْسَ يدل على أَنه غير نضيح فَقَط بل يدل على التّلف والأبيض الرَّقِيق المائي فَإِنَّمَا هُوَ غير نضيج فَقَط.
قَالَ: وَالْبَوْل الشبيه ببول الأصحاء دَلِيل على قُوَّة الْعُرُوق وَمَا جانسها من الْآلَات وَإِن كَانَ أقل نضجاً دلّ على ضعف مِنْهَا وَإِذا كَانَ فِي غَايَة المضادة لبول الأصحاء فَإِنَّهُ لم ينضج الْبَتَّةَ فَيدل على غَايَة ضعف الْعُرُوق والآلات المجانسة لَهَا وَمَتى كَانَ مَعَ عدم النضج يدل على رداءة من الْعلَّة الْغَالِبَة على ذَلِك الْموضع فانه يدل على الْهَلَاك دلَالَة فِي غَايَة الْقُوَّة.
الْبَوْل: يدل على حَال الْعُرُوق والكلى والمثانة ومجاري الْبَوْل والإحليل إِذا رَأَيْت فِي الْبَوْل ثفلاً فَانْظُر أَولا هَل ذَلِك من أجل أَعْضَاء الْبَوْل فانه لَيْسَ كل ثفل يكون فِي الْبَوْل يدل على حَال الْعُرُوق وَلَكِن إِذا لم يكن ذَلِك الثفل من المثانة ومجاري الْبَوْل والكلى والإحليل.
قَالَ: أفضل الْبَوْل الشبيه ببول الأصحاء فِي اللَّوْن وَمَا لم يكن كَذَلِك فَأَما أَن يدل على نضج أَنه لم يكن فَقَط وَإِمَّا أَن يدل مَعَ ذَلِك على التّلف وَيجب أَن يطْلب الَّذِي هُوَ فِي الْغَايَة من حسن وَهَذَا الْبَوْل ليكن ضَارِبًا إِلَى الْأَصْفَر المشبع أَو الْأَحْمَر الناصع أَو هُوَ إِلَى الْأَصْفَر المشبع أميل مِنْهُ إِلَى الْأَحْمَر الناصع وَيجب أَن يكون معتدلاً فِي الثخن وَأما مَا كَانَ من الْبَوْل أرق من هَذَا)
أَو أثخن مِنْهُ فان نضجه نَاقص. وَذَلِكَ أَن الَّذِي هُوَ أرق مِنْهُ لم ينضج بعد وَالَّذِي هُوَ أغْلظ مِنْهُ هُوَ بعد تثور لم يتَمَيَّز.
وَقد يمكنك تعرف ذَلِك من الْبَوْل الَّذِي يبال وَهُوَ رَقِيق صَاف ثمَّ إِنَّه بعد إِمَّا أَن يبْقى بِحَالَة من الرقة دَائِما أَو يغلظ بعد قَلِيل فهذان البولان جَمِيعًا غير نضيجين. وَالْفرق بَينهمَا أَن الأول لم يَأْخُذ فِي الإنضاج الْبَتَّةَ وَالثَّانِي فِيهِ تثور واضطراب من ريح غَلِيظَة يشبه التثور الَّذِي يكون فِي الشَّرَاب الحَدِيث مادام يغلي.
لي الرَّقِيق جدا يدل على أَنه لم ينضج الْبَتَّةَ والتثور يدل على أَنه فِي حَال الإنضاج إِلَّا أَنه لم يكمل ذَلِك مِنْهُ كَحال الْعصير الَّذِي يغلي فَإِذا كمل طبخه ونفشت الرّيح كلهَا اسْتَقَرَّتْ الكدرة وعادت المائية ثخنته من غير تثور.(5/193)
وَأما ثخنته فَلِأَن الطَّبْخ قد برد مِنْهَا مائية كَثِيرَة وأحال عَلَيْهَا كثيرا من الغلظ وحلل فِيهِ. وَأما ذهَاب التثور فَلِأَن الرّيح قد سكنت فاستقرت كَذَلِك تِلْكَ الْأَجْزَاء الَّتِي كَانَت تحول فِيهِ وَهَذِه الرّيح تواصل هَذِه الْأَشْيَاء ألف وَمن العفن. وَفِيه كَلَام طبيعي نذكرهُ كَامِلا إِن شَاءَ الله فِي البحوث الطبيعية. وَيجب أَن تنظر هَل يكون الْبَوْل الثخين غير نضيح لِأَنَّهُ لَيْسَ الثخين والتثور وَاحِدًا.
قَالَ الْبَوْل الكدر ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يبال كدرا وَلَا يبْقى بِحَالهِ فَإِنَّهُ متوسط بَينهمَا وَذَلِكَ أَن الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل وَإِمَّا أَن يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ دَائِما وَإِمَّا أَن صافياً ثمَّ يكدر وأردأ هَذِه الثَّلَاثَة الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر وَبعده فِي الرداءة الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ وَالَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو بعد قَلِيل يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الِاضْطِرَاب والتثور قَلِيل وَأما الَّذِي يبْقى على كدرته فَيدل على التثور والاختلاط فِي النِّهَايَة وَأما الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر خَارِجا فَيدل على أَنه لم تكن حَرَكَة لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب. فبالواجب صَار هَذَا أردأهما لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض يحْتَاج إِلَى زمن طَوِيل وَإِلَى قُوَّة قَوِيَّة حَتَّى ينضج.
فَأَما الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ لَا يلبث أَن يرسب فِيهِ رسوب مَحْمُود فَيدل على أَن الْمَرِيض لَا يلبث أَن ينضج. وَأما الَّذِي يبال كدراً وَيبقى بِحَالهِ فَلِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب فِي نهايته كَانَ نقصانه فِي الرداءة أَشد من الْبَوْل الَّذِي يدل على أَنه لم يكن لَهُ بعد حَرَكَة. لَكِنَّهَا سَتَكُون عَن قريب على حسب فَضله فِي الرداءة على الْبَوْل الَّذِي يدل على أَن تِلْكَ الْحَرَكَة قريب)
أَن تسكن وتهدأ فالبول إِذا فِي الْغَايَة القصوى من الْبعد عَن النضج وأشر هَذِه كلهَا.
وَهَذَا هُوَ الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ لَا يدل على الصِّحَّة وَلَيْسَ هُوَ فِي طَرِيق النضج كالبول الكدر وَلَا قَرِيبا مِنْهُ كالبول الَّذِي يكدر بعد قَلِيل وَلكنه كَأَنَّهُ ينذر ك بِأَنَّهُ قد أعيتك الْحِيلَة بالنضج.
وَهَذَا الْبَوْل من الْعُرُوق وَمَا جانسها بِمَنْزِلَة التُّخمَة من الْمعدة فان كَانَ مَعَ الشّبَه بِالْمَاءِ خُرُوجه سَرِيعا فان هَذَا حِينَئِذٍ هُوَ الْمَرَض الْمُسَمّى ذيابيطس وَهَذِه الْعلَّة من الْعُرُوق بِمَنْزِلَة سَلس المعي وَذَلِكَ أَنه كَأَن موت الْقُوَّة الْمُغيرَة والماسكة فَهَذَا شَرّ أَصْنَاف الْبَوْل الْغَيْر النضج ثمَّ يتلوه فِي الرداءة المائي الَّذِي لَيْسَ خُرُوجه بسريع لِأَن هَذَا أقل دلَالَة على التّلف إِذْ كَانَ لَا يدل على موت قوتين غريزيتين وَلكنه يدل على ضعف الْقُوَّة الْمُغيرَة فَقَط فانه بِحَسب ضعف القوى وبطلانها تكون رداءة الْمَرَض فالبول الَّذِي يكون فِي درب الْبَوْل أردأ الأبوال الْغَيْر النضيجة لِأَن الْبَوْل الَّذِي هُوَ فِي بياضه كَالْمَاءِ وَفِي رقته فَهُوَ أَيْضا رَدِيء مفرط الرداءة لِأَنَّهُ يدل على ضعف الْقُوَّة الْمُغيرَة فِي الْغَايَة وَيقرب مِنْهُ بَوْل يشبه لَونه أَشد مَا يكون من الْأَشْرِبَة بَيَاضًا. وَهَذَا الْبَوْل إِنَّمَا يكون إِذا خالط المائي بِشَيْء من رَقِيق الْمرة(5/194)
الصَّفْرَاء. ثمَّ بعد هَذَا الْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة الرقيقة الأترجية فَأَما الَّذِي هُوَ أصفر رَقِيق أترجي ألف وفهو خير من هَذَا وَهُوَ دون الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَنه يضْرب إِلَيْهِ وَهَذَا الْبَوْل نضيح من أجل لَونه وَيجب أَن يُخَالف المَاء فِي رقته حَتَّى يكون قد استحكم لَهُ النضج.
وَأما أَحْمد الألوان كلهَا فَالَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة أَو إِلَى الْحمرَة الناصعة وَأَقُول أَنه مَتى دَامَ الدَّم فِي طَرِيق النضج فَكل بَوْل يبال يرى فِيهِ رسوب أملس مستو أَبيض كثيرا. فَإِذا تمّ النضج ازْدَادَ تلوناً وَقل رسوبه ثمَّ إِنَّه إِن منع الْإِنْسَان من الطَّعَام بعد هَذَا رَأَيْت الْبَوْل يزْدَاد صفرَة دَائِما.
لي الدَّم إِذا لم يكن فِيهِ فضل غليظ خام لم يُمكن أَن يكون لمِائَة رسوب كثير وَلذَلِك لَا يغذي أَصْحَاب الْأَمْرَاض الحادة لِأَن فِي دِمَائِهِمْ فضلا يحْتَاج أَن ينضج فان غذوا ازْدَادَ ذَلِك الْفضل وازدادوا بعدا من النضج وَإِذا كَانَ فِي الدَّم فضول إِلَّا أَن الطبيعة لم تَأْخُذ فِي نضج تِلْكَ الفضول وهضمها فانه لَا يكون أَيْضا فِي الْبَوْل رسوب كثير. فَلذَلِك يدل الرسوب فِي الْأَمْرَاض على النضج بِمِقْدَار قوته وَيدل فِي الأصحاء على فضل فِي الْعُرُوق.
قَالَ: اللَّوْن الْأَصْفَر المشبع أقرب الألوان منْظرًا من اللَّوْن الْأَحْمَر الناصع وَالْفرق بَينهمَا أَن)
الْأَصْفَر المشبع أقرب إِلَى الْبيَاض والأحمر الناصع أقرب إِلَى الصفاء والبريق والأصفر المشبع أقرب إِلَى الْبيَاض من الْأَحْمَر الناصع بِحَسب مَا الْأَصْفَر الرَّقِيق أقرب إِلَى الْبيَاض من الْأَحْمَر الناصع بِحَسب مَا الْأَحْمَر الناصع أبعد عَن الْبيَاض من الْأَصْفَر المشبع والأحمر القاني أبعد عَن الْبيَاض من الْأَصْفَر المشبع.
الَّذِي للأصحاء الْحَافِظ للونه. وَهُوَ الْبَوْل الصَّحِيح الحميد إِن كَانَ فِيهِ رسوب كثير أملس أَبيض مستو فَلَيْسَ يدل على أَن النضج مَعْدُوم بل على أَنه مستحكم إِلَّا أَنه ينتفض من الْبدن كيموس كثير نيّ وَلذَلِك يكون الرسوب كثيرا فِي بَوْل الصّبيان كلهم إِلَّا فِي الندرة فِي أبول المستعملين للخفض والدعة وَكَثْرَة الْأكل لِأَنَّهُ يجْتَمع فِي هَؤُلَاءِ فضل كثير لِكَثْرَة غذائهم.
وللصبيان خلة أُخْرَى هِيَ أَن أبدانهم تجتذب الْغذَاء من معدهم قبل استحكام النضج لأَنهم فِي النشوة وبالواجب لذَلِك أَن يكثر الْفضل فِي دِمَائِهِمْ وَيجب عَن ذَلِك أَن يكثر الرسوب فِي أَبُو الْهم. وَكَذَلِكَ يكثر الرسوب ضَرُورَة فِي أَبْوَال من تعتريه الْحمى من قبل إفراط السّكُون والإفراط من الطَّعَام إِذا كَانَ أَمرهم يؤول إِلَى السَّلامَة فرسوب مَحْمُود كثير فِي غَايَة الْكَثْرَة.
وَأما الَّذين يجمعُونَ من التَّعَب وإقلال الطَّعَام فان أبوالهم تكون ألوانها صفراء مشبعة وَتَكون غَلَبَة المرارة فِيهَا بَينا.
لي والتحاف جدا. وَكَثِيرًا مَا تَنْقَضِي أمراضهم من غير أَن يرسب شَيْء فِي أبوالهم(5/195)
وتكتفي بِأَن ترى فِي أبوالهم غمامة بَيْضَاء طافية فِي أَعلَى المَاء أَو مُتَعَلقَة فِي الْوسط بعد كَونهَا محمودة أَعنِي أَن تكون بَيْضَاء ملساء مستوية.
وأبوال الأصحاء الَّذين تعبهم ألف وَكثير وطعمهم قَلِيل يكون المرار عَلَيْهَا اغلب وَلذَلِك لَا يذم أبقراط الْبَوْل الْأَصْفَر المشبع الصُّفْرَة إِلَّا أَن يكون رَقِيقا فَأَنَّهُ قد قَالَ: إِن الْبَوْل مادام أصفر مشبع الصُّفْرَة رَقِيقا فانه يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج بعد.
قَالَ: وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ يُمكن إِذا كَانَ الْبَوْل شَدِيد الرقة وَلَو تركته زَمنا طَويلا أَن يتَمَيَّز حَتَّى يرسب مَا فِيهِ من الشَّيْء إِلَّا غلظ ويطفو مَا هُوَ فِيهِ مِمَّا هُوَ أرق لِأَن هَذَا إِنَّمَا يعرض للبول الَّذِي فِيهِ بعض الغلظ.
قَالَ: وَلَيْسَ مَتى كَانَ الْبَوْل غليظاً باعتدال وَكَانَ فِيهِ رسوب فَهُوَ صَحِيح نضيج وَذَلِكَ أَن الرسوب كَانَ محبباً كالشبيه بخلال السويق أَو كَانَ فِيهِ قطع شَبيه بالصفائح أَو بالنخالة أَو كَانَ)
أَخْضَر أَو أسود أَو كمداً رصاصياً أَو منتناً فَكل هَذِه مَعَ مَا أَنَّهَا لم تنضج تدل على التّلف وَذَلِكَ أَن الرسوب المحبب الشبيه بخلال السويق يدل إِمَّا على ذوبان الْأَعْضَاء وانحلالها وَإِمَّا على حرارة مفرطة محرقة قد قويت على الدَّم فَأَحْرَقتهُ وَإِمَّا على الصفائح فَهِيَ أَجزَاء تَنْقَسِم من ظَاهر الْعُرُوق عِنْدَمَا يعرض لَهَا أَن تذوب وتتحلل وَكَذَلِكَ الشبيه بالنخالة إِلَّا أَن هَذَا أغْلظ وأصفر.
وَأما الشبيه بالصفائح فَأَعْرض من الشبيه بالنخالة وأرق.
وَأما فَإِنَّهُ يدل إِمَّا على حرارة مفرطة نارية وَإِمَّا على برد مفرط وَتعرض مِنْهُ حَال شَبيهَة بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ الْأَعْضَاء الخارجية إِنَّمَا يعرض لَهَا السوَاد على هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَكَذَلِكَ سَواد قوام الْبَوْل وَسَوَاد رسوبه وتعلقه.
والغمامة إِنَّمَا تكون من حرارة مفرطة وَإِمَّا لمَوْت الطبيعة تكون من إفراط الْبرد وكل بَوْل يصير إِلَى السوَاد فَهُوَ رَدِيء فِي غَايَة الرداءة حَتَّى أَنِّي لَا أعلم أحدا بَال بولاً فنجاً.
وَأما الرسوب فِي الْبَوْل إِذا صَار إِلَى السوَاد فدلالته على التّلف أقل والغمام الْمُتَعَلّق فِي وسط الْبَوْل إِذا كَانَ أسود فَهُوَ أقل دلَالَة على التّلف من الرسوب الْأسود والطافي اقل دلَالَة على الْهَلَاك إِذا كَانَ أسود من الْمُتَعَلّق.
لي قد صرح بِأَن مائية الْبَوْل إِذا كَانَ أسود أشر من جَمِيع أَجْزَائِهِ الْأُخَر ويتلوه فِي الرداءة الرسوب الْأسود ثمَّ الغمامة السَّوْدَاء.
قَالَ: وَأما 3 (اللَّوْن الْأَخْضَر) قاتما يكون من أجل السَّوْدَاء فِي طَرِيق حُدُوثه. كَأَنَّهُ مُقَدّمَة للسوداء وَذَلِكَ أَن الْمَرَض إِذا كَانَ خبيثاً ظهر فِيهِ بعد ظُهُور الْقَيْء الْأَخْضَر وَالْبرَاز الْأَخْضَر وَالْبَوْل الْأَخْضَر وكل وَاحِد من هَذِه الثَّلَاثَة هُوَ أسود. فَأَما اللَّوْن الكمد الرصاصي فَإِنَّمَا يتَوَلَّد من الْبرد فَقَط. وَأما الرَّائِحَة المنتنة فَإِنَّمَا تتولد من العفونة. فان كَانَ الْبَوْل شَبِيها بالدهن دلّ على ذوبان الْجِسْم. وكل هَذِه الأبوال رَدِيئَة.(5/196)
لي يجب أَن يلْحق هَاهُنَا الَّذِي للمرضى: وَأحمد الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية إِمَّا راسبة وَإِمَّا طافية وَإِمَّا مُتَعَلقَة وَأحمد هَذِه الغمامة الراسب ثمَّ الْمُتَعَلّق ثمَّ الطافي فان هَذِه الْأَصْنَاف من الْبَوْل تدل على نضج ألف و.
وَأما جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل الْبَاقِيَة فبعضها يدل على خلاف النضج مثل الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق والأبيض الكدر وَبَعضهَا يدل على التّلف كالكمد والأخضر وَالْأسود وَالَّذِي رسوب شَبيه بخلال السويق أَو بالصفائح أَو بالنخالة.
وَإِمَّا الْبَوْل الَّذِي يضْرب فِيهِ إِلَى 3 (الصُّفْرَة المشبعة والحمرة الناصعة) إِلَّا أَنه رَقِيق بعد فَهُوَ من طَرِيق رقته غير نضيج وَهُوَ طَرِيق لَونه نضيج فَهُوَ متوسط بَين الْبَوْل النضيج بِالْحَقِيقَةِ وَغير النضيج وَكَذَلِكَ الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية إِلَّا أَنه متفرق غير مُتَّصِل. والاستواء فِي الرسوب على ضَرْبَيْنِ: أَحدهمَا أَن لَا يكون مُتَفَرقًا متشتتاً وَالْآخر أَن يكون فِي جَمِيع الْأَوْقَات.
لي يَعْنِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض وَجَمِيع ساعاته على مَا وَصفنَا وَذَلِكَ انه مَتى رَأَيْت الْبَوْل صافياً فِي وَقت وَفِيه شَيْء راسب فِي وَقت آخر فَذَلِك يدل على أَنه لم يستكمل نضوج الْمَرَض.
وأردأ أَصْنَاف الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود فَأَما الصّبيان فالرقيق. وَذَلِكَ لِأَن بَوْل الصّبيان أثخن بالطبع وَبَوْل المستكملين الطبيعي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة وكل شَيْء يضاد الْأَمر الطبيعي يدل على التّلف.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية وَفِيه رسوب يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية أملس فَأَنَّهُ بَوْل سليم جدا إِلَّا أَنه ينذر بطول الْمَرَض أَكثر من الْبَوْل الَّذِي قُلْنَا قبل: أَنه يدل على أَن النضج لم يستكمل.
وَهُوَ الَّذِي سحابته مُتَعَلقَة بَيْضَاء ملساء غير مُتَّصِلَة وَذَلِكَ أَن الشَّيْء الَّذِي يصْبغ الْبَوْل حَتَّى يصير فِي هَذَا اللَّوْن هُوَ مائية الدَّم فَيدل على أَن الْحَرَارَة ضَعِيفَة وَلذَلِك الدَّم مائي فَيحْتَاج زمن طَوِيل حَتَّى يتراجع ويقوى وَيدل على أَن الْمَرَض سليم من أجل طبيعة هَذِه الْمَادَّة المخالطة للبول وَذَلِكَ أَنَّهَا غير رقيقَة مائية ولاهية غَلِيظَة مفرطة الغلظ وَلَا هِيَ أَيْضا حارة وَلَا عفنة وَلكنهَا مَادَّة محمودة قريبَة من طبيعة الدَّم.
قَالَ ج: وَقد كتبنَا فِي الْبَوْل جَمِيع مَا يحْتَاج إِلَيْهِ فِي غرضنا.
لي إِذا نَحن ألفنا كتابا فِي الْبَوْل نبتدئ فَنَقُول: ينظر من الْبَوْل إِمَّا فِي اللَّوْن وَإِمَّا فِي القوام وَإِمَّا فِي الرسوب وَإِمَّا فِي الرّيح وَإِمَّا فِي الطّعْم وَإِمَّا فِي الصَّوْت وَإِمَّا فِي الملمس ثمَّ نقُول: أَصْنَاف اللَّوْن كَذَا وَكَذَا وأصناف القوام كَذَا وَكَذَا ثمَّ نخبر فِي الْفَصْل الثَّانِي بِأَسْبَاب(5/197)
الْأَصْنَاف وَفِي الثَّالِث مَا يدل عَلَيْهِ كل صنف وَقد يُوجد بَوْل حامض الرّيح والطعم فِي الْفَصْل الرَّابِع فَوَائِد تدل على غير نظام)
قَالَ:
3 - (عَلَامَات النضج التَّام)
هُوَ أَن يظْهر فِي الْبَوْل ثفل راسب أَبيض أملس مُتَّصِل. وَأما عَلَامَات النضج الْخفية الضعيفة فانتقال الْبَوْل عَن المائية إِلَى الصُّفْرَة الرقيقة وَإِن انْتقل الْبَوْل أَيْضا من الرقة إِلَى التثور ثمَّ بَقِي على حَاله بعد أَن يبال فَلم يتَمَيَّز فَذَلِك من عَلَامَات النضج الْخَفي الضَّعِيف.
وَالْبَوْل أَيْضا الْأَصْفَر المشبع إِذا كَانَ رَقِيقا فَهُوَ من هَذَا الْجِنْس والغمامة الَّتِي لَوْنهَا أَحْمَر قاني والثفل الراسب فِي هَذَا اللَّوْن وَالْبَوْل الَّذِي لَا ثفل فِيهِ إِلَّا أَنه حسن اللَّوْن معتدل الثخن يدل أَيْضا على أَن النضج قد كَانَ.
قَالَ: ألف وَلَيْسَ يُمكن أَن يكون بعد الثفل الراسب الْأَبْيَض الْمَحْمُود للحمى صولة الْبَتَّةَ.
جَوَامِع البحران قَالَ: عدم النضج فِي اللَّوْن أصلح مِنْهُ فِي القوام وَلذَلِك الْبَوْل الْأَبْيَض الْحسن القوام أقل شرا من الْبَوْل الْأَصْفَر الرَّقِيق.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفوا ويتميز غير نضيج إِلَّا أَنه اقل بعدا عَن النضج من الْبَوْل المائي. وَهُوَ بعده.
قَالَ: وَالْبَوْل الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر خَارِجا فِي غَايَة الرداءة إِلَّا أَنه يدل على السبات وَالْجُنُون سيحدث بالمريض طوال مُدَّة الرسوب.
الرسوب يكون فِي أَبْوَال أَصْحَاب الْأَبدَان الممتلئة والأخلاط الْكثير والغذاء الْكثير والدعة كثيرا وبالضد فِي المهازيل وَأَصْحَاب التَّعَب والجوع وَيكون فِي المعتدلة بَين ذَلِك معتدلاً.
الْبَوْل الْأسود فِيهِ شَيْء من غَايَة الدّلَالَة على الْهَلَاك وَهُوَ الَّذِي يكون كُله اسود أَعنِي المائية والثفل.
وَمِنْه مَا يدل على العطب دلَالَة مُطلقَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ رسوب أسود فَقَط فَأَما سائره فَلَيْسَ بأسود.
وَمِنْه مَا دلَالَته على العطب دلَالَة أقل وَهُوَ الَّذِي فِيهِ تعلق أسود.
وَمِنْه مَا دلَالَته عَلَيْهِ يسيرَة وَهُوَ الَّذِي فِيهِ طَاف أسود فَقَط مثل الرمل الشبيه بالجشيش مَا هُوَ مِنْهُ الْأَبْيَض يدل على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَالأسود على احتراق الدَّم.
والثفل الشبيه بالصفائح يدل على أَن الَّذِي يذوب من الْبدن ظَاهر الْأَعْضَاء والشبيه بالنخالة)
يدل على حرارة أقوى وَكلما كَانَت هَذِه الْأَجْزَاء أَكثر عمقاً دلّت على أَن الَّذِي يذوب جَوْهَر الْأَعْضَاء.(5/198)
والثفل الْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة كَبِيرَة أَو الْبُرُودَة غالبة. والثفل الْأَخْضَر والكمد يدلان على إفراط الْبُرُودَة والمنتن يدل على العفونة والثفل الدسم دَال على ذوبان الْبدن.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يدل على الْخَلَاص أَو على العطب فأو كد دلَالَته إِذا كَانَ ثفله راسباً وأوسطه الْبَوْل مِنْهُ مَا يدل على نضج تَامّ وَهُوَ الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ رسوب أَبيض وأملس مستو.
وَمِنْه مَا يدل على نضج غبر بَين وَهُوَ الَّذِي فِي وَسطه شَيْء مُتَعَلق أَبيض أملس مستو.
وَمِنْه مَا يدل على نضج ضَعِيف وَهُوَ الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء ملساء.
وَمِنْه مَا يدل على خلاف النضج وَهُوَ أَصْنَاف: المائي يدل على غَايَة عدم النضج وَالْبَوْل الَّذِي يبال خائراً وَيبقى على خثورته يتلوه فِي ذَلِك وَهُوَ أقرب إِلَى النضج مِنْهُ وَالثَّالِث اقل مُخَالفَة للنضج وَهُوَ الَّذِي يبال كدرا.
ويتميز الْبَوْل الَّذِي لَونه لون النَّار وقوامه رَقِيق يدل على أَن الْمَرِيض لم ينضج مَرضه وَالْبَوْل الَّذِي فِيهِ شَيْء أَبيض مُتَعَلق غير مُتَّصِل وَالْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب أَحْمَر يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَهُوَ فِي طَرِيق النضج.
وَمن الْبَوْل مَا يدل على أَن الْمَرَض قتال بِمَنْزِلَة الَّذِي فِي أَسْفَله ثفل شَبيه بالجشيش وَالَّذِي فِي أَسْفَله ثفل شَبيه بالنخالة وَالْأسود والكمد الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة والدهني وَالدَّسم.
أَصْنَاف النضج فِي الْبَوْل ألف وَثَلَاثَة أَحدهمَا الضَّعِيف بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَالْبَوْل الَّذِي يبْقى خاثراً وَالْبَوْل المائي الرَّقِيق وَالثَّانِي النضج الَّذِي لَيْسَ بضعيف إِلَّا أَنه لَيْسَ بَين بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء أَو شَيْء مُتَعَلق أَبيض أملس مستو أَو غمامة حَمْرَاء أَو ثفل أَحْمَر وَالْبَوْل الناري والثخين وَالثَّالِث النضيج الْبَين التَّام بِمَنْزِلَة الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل راسب أَبيض مستو من الأبوال الْغَيْر النضيجة. 3 (الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ) أبعدها من النضج وَالْبَوْل الَّذِي يبال ثخيناً وَيبقى ثخيناً بِحَالَة لَا يتَمَيَّز أقل بعدا من النضج الأول وَالَّذِي يبال خاثراً يتَمَيَّز أقل بعدا من الْأَوَّلين وَالْبَوْل الخمري أَكثر بعدا من النضج.
لي أَحْسبهُ من الخاثر مَا يتَمَيَّز وَمَا لم يتَمَيَّز وَيَعْنِي بالخمري: الْأَصْفَر المشبع الرَّقِيق القوام جدا.
الْمقَالة الرَّابِعَة من تَدْبِير الأصحاء قَالَ: تفقد من الْبَوْل لَونه وقوامه وتفقد فيهمَا جَمِيعًا وَلَا تغفل عَمَّا يرسب فِيهِ وَمَا يطفو عَلَيْهِ لِأَن هَذِه الْأَشْيَاء تدل بِالْحَقِيقَةِ على حَال الدَّم الَّذِي فِي الأوردة فان كَانَ الدَّم ذَا مرّة وَجب أَن تكون مائيته ذَات مرّة فِي نَوْعي(5/199)
الْمَرَض كليهمَا فان كَانَ غير نضيج بلغمياً فَمَا دَامَ غير نضيج بِالْحَقِيقَةِ فان الْبَوْل يكون مائياً وَلَا يكون فِي أَسْفَله شَيْء راسب وَلَا فِي أَعْلَاهُ شَيْء طَاف فَإِذا نضج ظَهرت فَوْقه غمامة مثل الَّذِي يكون فَوق المرق إِذا برد.
فان كَانَ الْبَوْل خائراً كبول الدَّوَابّ فَأَنَّهُ يدل على أَن الأوردة مَمْلُوءَة كيموساً خاماً وَإِن الطبيعة لَيست مقصرة عَنهُ بل هِيَ تعْمل فِيهِ دَائِما وَلَا تقوى على أَحْكَام هضمه وَإِن كَانَ الْبَوْل الخاثر يسْرع الِانْفِصَال وَيكون الشَّيْء الَّذِي يرسب مِنْهُ أَسْفَل أَبيض أملس مستوياً فانه يدل على أَن الطبيعة قد قاربت أَن تغير الفضول كلهَا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل إِذا برز صافياً ثمَّ يثخن من سَاعَته فانه يدل على أَن الطبيعة قد أخذت فِي إنضاج الكيموسات الخامة وَإِن كَانَ يثخن الْبَوْل بعد وَقت طَوِيل دلّ ذَلِك على أَن الطبيعة لَيست تَأْخُذ فِي إنضاج الكيموس الخام قَرِيبا بل بعد زمَان فَلذَلِك يجب أَن يكون الدَّلِيل الْعَام الَّذِي يدلك على الْبَوْل الخائر بِسُرْعَة انْفِصَاله أَو بطئه أَو لَا انْفِصَال لَهُ الْبَتَّةَ وعَلى الَّذِي يبال رَقِيقا بِسُرْعَة تخثره أَو بطئه أَو لَا يخثر الْبَتَّةَ وَإِن كَانَ انْفِصَاله سَرِيعا وَكَانَ الَّذِي يرسب أَبيض أملس مستوياً دلّ على أَن الطبيعة أقوى من الكيموسات الَّتِي تروم إنضاجها.
لي أفهم هَذَا فان هَذَا الْكَلَام فِي الْبَوْل الَّذِي يبال خاثراً فَأَما الرسوب الَّذِي حَاله إِذا كَانَ فِي الْبَوْل غير الخاثر فانه يدل على أَن النضج قد كَانَ تمّ وَإِن كَانَ الراسب فِي أَسْفَل الْبَوْل حسنا وَكَانَ انْفِصَاله فِي زمن طَوِيل دلّ على أَن الطبيعة تقهر الكيموس بعد زمَان طَوِيل وَأَنَّهَا لَيست بقوية عَلَيْهِ كل الْقُوَّة وَإِن لم ينْفَصل الْبَتَّةَ أَو كَانَ مَا يرسب مِنْهُ فِي حَال رَدِيئَة دلّ على ضعف الطبيعة وحاجتها إِلَى التقوية لتقوى على هضم الكيموسات وإنضاجها.) 3 (الرسوب الْأَبْيَض) الْحَادِث فِي الْبَوْل يشبه حُدُوثه حُدُوث الْمدَّة لِأَنَّهُ فِي قوته متوسط بَين الأخلاط الطبيعية والخارجة عَن الطبيعة.
لي يَعْنِي بالأخلاط الطبيعية الشَّيْء الَّذِي يَسْتَحِيل من الطَّبْع كاللبن والمنى والخارجة عَن الطبيعة كالصديد الْمَتْن.
قَالَ: وَذَلِكَ أَن الشَّيْء الَّذِي يفوت الطبيعة أَن تعْمل فِيهِ من الْغذَاء عِنْد إحالته إِلَى الدَّم يرسب فِي الْبَوْل فَلَا يَسْتَحِيل عَنْهَا فَيصير دَمًا وَلَا هُوَ بِمَنْزِلَة الْأَشْيَاء الَّتِي استحالت اسْتِحَالَة غير الطبيعية.
الأولى فِي تقدمة الْمعرفَة فِي آخرهَا قَالَ: مَحل الرسوب الْأَبْيَض فِي الأبوال مَحَله مَحل الْمدَّة الجيدة وَذَلِكَ انه بَين الْخَلْط الَّذِي يتَوَلَّد من الاستحالة طبيعية مثل الدَّم وَاللَّبن وَبَين الْأَشْيَاء الَّتِي لم تستحل اسْتِحَالَة طبيعية كالفضول لِأَن هَذَا الثفل هُوَ الفضلة الَّتِي قد فَاتَ الطبيعة إحالته إِلَى الدَّم.
قَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: الاسْتوَاء فِي الْأَجْزَاء والملاسة تقع لجودة عمل الْمُحِيل فِي(5/200)
الْمحَال طبيعية كَانَت تِلْكَ الاستحالة أَو خَارِجَة من الطَّبْع فَلذَلِك الْأَشْيَاء الطبيعية أَجودهَا أَن تكون مستوية ملساء وَغير الطبيعية فأشرها أَن يكون أملس مستوياً لِأَنَّهُ فِي هَذِه الْحَال يدل على أَن عمل الشَّيْء غير الطبيعي الْغَالِب فِيهِ أَشد وأبلغ.
تقدمة الْمعرفَة قَالَ فِي الْمقَالة الثَّانِيَة: احْمَد الْبَوْل مَا كَانَ فِيهِ ثفل راسب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع مُدَّة الْمَرَض كُله إِلَى أَن يَأْتِي فِيهِ البحران فَإِن ذَلِك يدل على الثِّقَة وَقصر الْمَرَض فان جَاءَ بحران يَبُول فِيهِ مرّة بولاً صافياً وَمرَّة يرسب فِيهِ ثفل أَبيض أملس فان الْمَرَض أطول وَالْأَمر فِيهِ أسلم. ج: شدَّة الْقُوَّة الطبيعية تُوجد فِيمَا يظْهر من أفعالها الطبيعية وَذَلِكَ بِظهْر فِي الْمعدة من البرَاز وَفِي الْعُرُوق والكبد من الْبَوْل وَقد تتبين فِي الْبَوْل مَعَ ذَلِك عَلَامَات تدل على أَحْوَال غير هَذِه الْأَعْضَاء.
قَالَ: الْبَوْل الدَّال على نضج الأخلاط فِي الكبد وَالْعُرُوق غَايَة النضج هُوَ الَّذِي وَصفه إِذا كَانَ دَائِما فَأَما إِن كَانَ يَوْمًا ويماً لَا فانه يدل على أَن فِي الْعُرُوق أخلاطاً نضيجة وأخلاطاً غير)
نضيجة فَإِذا لم يبل الْمَرِيض بولاً الْبَتَّةَ بولاً غير نضيج فِيمَا بَين أبواله النضيجة فَهُوَ لَهُ أفضل الأبوال.
وَالْبَوْل الْكَامِل النضج يجب أَن يكون فِيهِ رسوب على مَا وصفت فان لم يكن رسوباً فَلَا أقل من أَن يكون لَهُ غمامة بَيْضَاء ملساء وَتَكون صُورَة لَونه معتدلة الصُّفْرَة وقوامه بَين الرَّقِيق المائي والغليظ لِأَن الْبَوْل الَّذِي لَا رسوب فِيهِ الْبَتَّةَ يبوله من كَانَ تَدْبيره فِي غَايَة اللطافة وَأما الَّذِي فِيهِ رسوب كثير فَمن كَانَ تَدْبيره فِي غَايَة الغلظ وَالَّذِي فِيهِ رسوب قَلِيل فالمتوسط التَّدْبِير.
وَكَذَلِكَ أَيْضا لون الْبَوْل فانه فِي الْأَمْرَاض المرارية أصفر وَفِي الْحَادِثَة عَن الأخلاط نِيَّة أَبيض.
والرسوب فِي الْحَادِثَة عَن الأخلاط النِّيَّة ألف وَكَثِيرًا وَأما فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن المرار فَلَا يكون أصلا أَو يكون قَلِيلا جدا وَقد يَكْتَفِي أَن يكون فِي بَوْل هَذِه الْأَمْرَاض غمامة أَو تعلق. فَأَما الْبَوْل الَّذِي يُوجد فِيهِ دَائِما رسوب جيد فانه يدل على أَن الْمَرِيض فِي غَايَة الْأَمْن والثقة والسلامة وَأَن يَنْقَضِي انْقِضَاء لَا عودة لَهُ ويسرع انقضاؤه.
وَجُمْلَة أَن الْبَوْل إِن لبث بِهَذِهِ الْحَال فِي الْيَوْم الأول وَالثَّانِي وَاللَّيْلَة الَّتِي صبيحتها الْيَوْم الثَّالِث لم يتَجَاوَز الْمَرَض الدّور الأول من أَيَّام البحران.
قَالَ: فان كَانَ الْبَوْل يضْرب إِلَى الْحمرَة المشبعة والثفل الراسب فِيهِ بذلك اللَّوْن إِلَّا أَنه أملس كَانَ الْمَرَض أطول مُدَّة من الأول إِلَّا أَنه سليم جدا.
قَالَ: لون الدَّم يمِيل إِلَى الْحمرَة وَإِذا خرجت مائية الدَّم مَعَه يدل ذَلِك على كَثْرَة من(5/201)
الدَّم لَيْسَ بمستحكم وَلَا نضيج وَكَذَلِكَ لما كَانَ الْغَالِب فِي الْبدن أَجود الأخلاط كَانَ الْمَرَض فِي غَايَة السَّلامَة إِلَّا أَنه يحْتَاج إِلَى مُدَّة حَتَّى ينضج ذَلِك الدَّم بطول مدَّته.
لي وَقد بَين ج بقوله الرسوب هُوَ مَا يفوت الطبيعة إحالته إِن الرسوب يكثر فِي الْمَرَض لِأَن تولد الدَّم حِين إِذْ ضَعِيف وَفِي السمان الكثيري الْغذَاء لِأَن الْمَادَّة كَثِيرَة وَلذَلِك هُوَ قَلِيل لَا يجب أَن يطْلب فِي أَبْوَال الأصحاء الْجيد التَّدْبِير الكاملي الهضم.
قَالَ: فَأَما مَتى كَانَ الثفل الراسب فِي الْبَوْل شَبِيها بخلال السويق فانه رَدِيء وأردأ مِنْهُ مَا كَانَ شَبِيها بالصفائح وَمَا كَانَ مِنْهُ رَقِيق أَبيض فَهُوَ رَدِيء جدا وأردأ مِنْهُ الشبيه بالنخالة لِأَن الشَّيْء بخلال السويق إِمَّا يكون من احتراق الدَّم الغليظ وانطباخه وَإِمَّا من ذوبان اللَّحْم ذوباناً مُخْتَلفا.)
وَاخْتِلَاف ذوبان اللَّحْم يكون إِذا انْحَلَّت الْأَجْزَاء اللينة الرّطبَة مِنْهُ من الْحَرَارَة فَصَارَت صديداً رديئاً وَخفت الْأَجْزَاء الصلبة ويبست وَذَلِكَ أَن أول مَا يذوب فِي أَمْثَال هَذِه الحميات الشَّحْم الطري الحَدِيث ثمَّ مَا هُوَ أَصْلَب من الأول.
لي وَأعْتق وَمن بعد ذَلِك اللَّحْم الطري اللين ثمَّ اللَّحْم الصلب الْعَتِيق وَمن بعد ذَلِك الْأَعْضَاء أَنْفسهَا وَإِذا رَأَيْت الْأَعْضَاء أَنْفسهَا ذَابَتْ رَأَيْت فِي الْبَوْل أَجزَاء غير مُتَسَاوِيَة شَبيهَة بالصفائح وَقد يكون صنف آخر من الرسوب لَا غلظ فِيهِ أَبيض اللَّوْن وَسبب بَيَاض لَونه مُخَالطَة الْهَوَاء لَهُ بكليته أَكثر مُخَالطَة لما كَانَ غليظاً وحدوث هَذَا الرسوب يكون من ريح غَلِيظَة تخالط أَشْيَاء من فضول الأخلاط لم يستحكم نضجها مُخَالطَة يعسر تبرؤها مِنْهُ وخاصية هَذَا الرسوب الْحَال الَّتِي من عَادَة أبقراط أَن يسميها الاسْتوَاء وحدوث ذَلِك يكون إِذا كَانَ الرسوب كُله متساوي الْأَجْزَاء إِلَّا أَن مَا كَانَ مخالطاً لشَيْء آخر وأجزاؤه ترى مُخْتَلفَة فِي قوامها ولونها.
وَمَا كَانَ أجزاؤه من الرسوب الْمُخْتَلف صغَار فَهُوَ أردأ من الَّذِي أجزاؤه كبار وَذَلِكَ أَن الرسوب الَّذِي أجزاؤه كبار دلَالَته على قُوَّة الطبيعة بِحَسب ألف وَعظم ذَلِك الْجَوْهَر الْمُؤلف من تِلْكَ الْأَجْزَاء واستحكام نضجه.
وَأما الْأَجْزَاء الصغار فتل على أَن الْمَادَّة قد قهرت الطبيعة وغلبتها أَو على أَن الْحَرْب بَينهمَا كَأَنَّهُمَا متساويتانْ فَهَذَا أَمر يعم جَمِيع الرسوب المتساوي.
وَأما النخالي فأردأ الثَّلَاثَة الْأَصْنَاف. وَذَلِكَ أَنه بِمَنْزِلَة الصِّنْف الأول وَالثَّانِي وَيدل على أَن حرارة الْحمى ملتهبة مذوبة وَكَانَ يجب أَلا ترَتّب رَابِعا بل ثَالِثا.
قَالَ: والغمامة الْمُتَعَلّقَة فِي الْبَوْل فالبيضاء حميدة والسوداء رَدِيئَة لِأَن السَّوْدَاء تحدث إِمَّا من إفراط الْبرد وَمَوْت الْحَرَارَة الغريزية وَإِمَّا لفرط الْحَرَارَة الغريزية وَشدَّة الاحتراق.(5/202)
قَالَ: وَمَا دَامَ الْبَوْل أَحْمَر رَقِيق القوام فالمرض لم ينضج، لِأَن الْبَوْل النضج معتدل القوام واللون.
قَالَ ج: الْبَوْل إِنَّمَا هُوَ الرُّطُوبَة الَّتِي تشرب بعد أَن يخالطها من المرار شَيْء مَا فان كَانَ اخْتِلَاط المرارية يَسِيرا كَانَ ضَعِيف الصُّفْرَة وبالضد.
قَالَ وَإِن لبث الْبَوْل رَقِيق القوام والصفرة زَمَانا طَويلا فَأَنَّهُ يدل على أَن النضج يتَأَخَّر وَحِينَئِذٍ لَا يُؤمن على العليل أَن يَنْفِي حَتَّى يكون النضج إِلَّا أَن الْقُوَّة قَوِيَّة كَثِيرَة.
قَالَ: وَمن أدل الأبوال على الْهَلَاك المائي وَالنَّتن الْأسود والغليظ.
قَالَ: المائي هُوَ الْأَبْيَض اللَّوْن وَالرَّقِيق القوام وَيدل على نهوك الأخلاط فِي الْغَايَة القصوى)
وَضعف الْقُوَّة الفاعلة للنضج. وَأما الْأسود والمنتن فمفردة كَانَت أَو مركبة فَإِنَّهَا رَدِيئَة. وَأما الْبَوْل الْأسود فَإِنَّهُ كلما كَانَ أغْلظ كَانَت دلَالَته على الْهَلَاك أَشد. وَأما الغليظ الَّذِي لَيْسَ بأسود فَإِن الغليظ وَإِن كَانَ رديئاً فَإِنَّهُ رُبمَا كَانَ هَذَا الْبَوْل على جِهَة تنقية الْبدن بِهِ فينتفع بِهِ كَمَا ينْتَفع بِسَائِر الإستفراغات الرَّديئَة إِذا كَانَ الْبدن ينقى مِنْهَا وَرُبمَا كَانَ مهْلكا مَتى كَانَ الْأَمر بالضد.
وَإِنَّمَا أَعنِي بالغليظ جدا هَاهُنَا لِأَن الْمُتَوَسّط الغلظ الطبيعي وَالَّذِي هُوَ أغْلظ مِنْهُ قَلِيلا لَا يدل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة وَأما الَّذِي هُوَ غليظ جدا فانه دَلِيل على الْهَلَاك دلَالَة قَوِيَّة إِلَّا أَن يكون الْبدن ينتقي بِهِ فِي بعض الْأَوْقَات. 3 (أردأ الأبوال للنِّسَاء وَالرِّجَال) الْأسود وللصبيان الْبَوْل الْأَبْيَض المائي.
قَالَ جالينوس: الْأسود والمائي يدلان على العطب فِي جَمِيع الْأَشْيَاء إِلَّا أَن الْأسود فِي الشَّبَاب أردأ والمائي فِي الصّبيان وَذَلِكَ أَن الصّبيان يَبُولُونَ بولاً غليظاً أبدا بالطبع فِيهِ رسوب كثير لِكَثْرَة أكلهم والأخلاط النِّيَّة فيهم وَهَذَا لَهُم طبيعي وَالْبَوْل الرَّقِيق أبعد شَيْء من طباعهم وَهُوَ لذَلِك أردأ. وَأما الشَّبَاب المتناهون فان بَوْلهمْ الطبيعي لطيف والرسوب فِيهِ قَلِيل وَالْأسود فِي غَايَة المضادة لبولهم الطبيعي وَكلما كَانَ أبعد من الطبيعي فَهُوَ أشر.
قَالَ: وللصبيان إِذا دَامَ بهم الْبَوْل المائي الْغَيْر طبيعي عطبوا وَكلما كَانَ أبعد فَهُوَ اشر.
وَمن بَال بولاً رَقِيقا مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت ألف وَسَائِر الدَّلَائِل تنذر بالسلامة فتوقع لَهُ خراجاً يخرج بِهِ فِي الْمَوَاضِع الَّتِي هِيَ أَسْفَل الْحجاب لِأَن هَذَا الْمَرَض مرض مزمن غير حاد فان بقيت قُوَّة العليل فان بحرانه يكون بخراج. يَعْنِي بِسَائِر الدَّلَائِل الْقُوَّة وسهولة الْمَرَض وَلِأَن الْمَرَض بَارِد وَالْقُوَّة قد ضعفت بطول الْمدَّة لَا تدفع الْفضل إِلَى فَوق فَيكون الْخراج أَسْفَل.(5/203)
الدسومة الَّتِي تطفو فَوق الْبَوْل بِمَنْزِلَة نسج العنكبوت مذمومة لِأَنَّهَا تدل على أَن الْجِسْم يذوب الْمُتَعَلّق إِذا كَانَ حميد اللَّوْن فبحسب ميله إِلَى أَسْفَل جودته وبحسب ميله إِلَى نُقْصَان جودته لِأَن الْميل إِلَى فَوق يكون لِأَن فِيهِ بعد ريح بخارية تشيله إِلَى فَوق وَذَلِكَ لِأَن نضجه لم يكمل فَإِذا كمل هَذَا النضج انفشت هَذِه الرّيح ورسب وبمقدار هَذِه الرّيح يكون ميله إِلَى الْعُلُوّ.
قَالَ: وَاحْذَرْ أَلا تغلط من أجل المثانة لِأَنَّهُ قد يكون عَنْهَا رسوبات سويقية وَنَحْو ذَلِك فيظن أَن)
ذَلِك دَلِيل على مَا فِي الْعُرُوق وَلَكِن ابحث أَولا عَن هَذِه الْحَال فَإِذا علمت أَن ذَلِك لَيْسَ المثانة فَالْحكم حِين إِذْ صَحِيح وَكَذَلِكَ قد يَبُول الرجل بولاً منتناً لعفن فِي بعض الْأَعْضَاء من آلَات الْبَوْل وَلَا يكون ذَلِك دَلِيلا على حَال عفن فِي الْعُرُوق فابحث عَن ذَلِك كُله وَكَذَلِكَ قد تتشابه أثفال الخام بالمدة فابحث عَن ذَلِك وَرُبمَا كَانَ الْبدن ينقى كُله بالبول وَرُبمَا تستفرغ بِهِ دبيلات قد انفجرت.
لي تميز ذَلِك أَن الصفائح الَّتِي تَجِيء عَن المثانة تكون بِلَا حمى ويتقدمها وجع فِي المثانة وحكة وحرقة الْبَوْل وَرُبمَا تقدم ذَلِك بَوْل بِمدَّة وَنَحْو ذَلِك. والمنتن من أجل آلَات الْبَوْل فَيكون قد تقدمه بَوْل دم قَلِيل لِأَن ذَلِك يكون عَن قرحَة عفنت وَيكون وجع فِي بعض آلَات الْبَوْل. وَالنَّتن الصديدي الَّذِي ينقى بِهِ الْبدن يكون بِأَن يخف عَلَيْهِ جَمِيع الْبدن بِمَا خرج والرديء والخام يتَمَيَّز من الْمدَّة بِمَا يتَقَدَّم من الْمدَّة من قُرُوح وتنتن ريح الْمدَّة وَعدم ريح الخام إِن ألْقى على النَّار وَغير ذَلِك عَلَامَات أخر. 3 (الرسوب الْجيد) مسَائِل الْفُصُول قَالَ: الرسوب إِنَّمَا يكون جيدا إِذا كَانَ بعد نضج الْمَرَض وَبعد أَن كَانَ رَقِيقا قبل ذَلِك لِأَن الرسوب إِذا كَانَ فِي الْبَوْل من أول الْأَمر فَإِنَّهَا يكون بِسَبَب مَادَّة كَثِيرَة ثَقيلَة.
الرَّابِعَة من الْفُصُول: من كَانَ بَوْله فِي الْحمى غليظاً قَلِيلا فانه إِذا بَال بولاً أرق مِنْهُ وَأكْثر مِقْدَارًا انْتفع بِهِ وَأكْثر من يَبُول هَذَا الْبَوْل الغليظ يكون فِيهِ رسوب فِي أول الْمَرَض.
قَالَ جالينوس: إِنَّمَا يحمد الْبَوْل الغليظ الرسوب إِذا كَانَ متنقلاً من الرقة إِلَى الغلظ لِأَن ذَلِك حِين إِذْ ليَكُون لنضج الأخلاط فَأَما هَذَا الَّذِي من أَوله ثخين وَفِيه رسوب فَلَيْسَ بحميد وبالواجب يكون مثل هَذَا الْبَوْل قَلِيلا فِي مِقْدَاره لشدَّة غلظه لِأَنَّهُ لَا ينفذ الكلى إِلَّا بِجهْد. فَإِذا نضج هَذَا الْخَلْط الغليظ استفرغ ألف وَمِنْه شَيْء هُوَ أَكثر وأرق.
فأبقراط أَرَادَ أَن يخبر هَاهُنَا بِأَمْر نَادِر وَهُوَ أَن يكون الْحَال فِي الْبَوْل بالضد بِمَا جرت بِهِ الْعَادة فِي حَمده أَعنِي انْتِقَاله من الثخن إِلَى الرقة.(5/204)
قَالَ جالينوس: وَقد يَبُول قوم مثل هَذَا الْبَوْل من غير حمى، يضْرب من تقنية أبدانهم.
قَالَ أبقراط: من كَانَ بَوْله خاثر مثل بَوْل الدَّوَابّ فِيهِ صداع حَاضر أَو سيحدث.
فال جالينوس: وَقد قد نرى الصداع قد يكون مَعَ الْبَوْل المتثور أما قبله وَأما بعده وَالْبَوْل)
المتثور هُوَ شَبيه ببول الدَّوَابّ وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا عملت الْحَرَارَة فِي مَادَّة غَلِيظَة كثيفة فإننا إِنَّمَا نرى مَا كَانَ من الْموَاد على مثل هَذِه الْحَالة خَاصَّة إِذا عملت فِيهِ الْحَرَارَة الْخَارِجَة تتولد مِنْهُ الرِّيَاح حَتَّى يتثور مثل القير والزفت والراتنج وَمثل هَذَا الْبَوْل لَا يبْقى زَمنا طَويلا على تثوره.
وَمِنْه مَا رسب فِيهِ ثفل غليظ بِسُرْعَة وَإِذا كَانَ كَذَلِك دلّ على أَن الْمَرِيض يَنْقَضِي أسْرع فَأَما الأول وَهُوَ الْبَاقِي على تثوره زَمنا طَويلا فانه إِذا كَانَ مَعَ قُوَّة قَوِيَّة دلّ على طول الْمَرَض وَإِذا كَانَ مَعَ قُوَّة ضَعِيفَة أنذرت بِالْمَوْتِ.
قَالَ: وَإِنَّمَا يحدث الصداع عَن هَذَا الْبَوْل لِأَنَّهُ يدل على أَن فِي الْبدن ريَاح غَلِيظَة مَعَ حرارة شَدِيدَة وَلذَلِك يسْرع الصعُود إِلَى الرَّأْس ويؤلمه أَلا أَنه لَا يجب من بِهِ صداع يكون بَوْله على هَذَا الْحَال إِذْ كَانَ للصداع أَسبَاب كَثِيرَة غير هَذَا.
الْمقَالة الرَّابِعَة من الْفُصُول: الغمامة الْحَمْرَاء والرسوب الْأَحْمَر يدلان على سَلامَة وثقة إِلَّا أَنَّهُمَا أَزِيد طولا من الْأَبْيَض.
إِذا كَانَ مَعَ الْحمى ورم الدِّمَاغ وَالْبَوْل ذُو مستشف أَبيض فَأَنَّهُ قَاتل.
لي إِلَّا أَن الْبَوْل الَّذِي بِهَذِهِ الْحَالة الَّتِي وَصفنَا يدل على غَايَة الْبعد من النضج وَلذَلِك ينذر بطول الْمَرَض. فَإِذا كَانَ الْمَرَض على مثل هَذِه الْقُوَّة حلل الْقُوَّة قبل ذَلِك وَيدل مَعَ ذَلِك أَن حَرَكَة المرار كُله إِلَى الرَّأْس لِأَن هَذِه الْعلَّة مرارية. وَإِذا لم يكن الْبَوْل فِيهِ مرارياً فحركة المرار إِلَى الرَّأْس.
لي إِن لم يكن الْعقل مختلطاً بالعلل الحادة ثمَّ رَأَيْت الْبَوْل أَبيض أَو قد أَبيض فَاه ينذر باختلاط الْعقل.
قَالَ: قطع اللَّحْم الَّتِي لَهَا عمق وجثة إِذا خرجت فِي الْبَوْل فَإِنَّهَا تخرج من الكلى والصفائح القشورية من المثانة وَالشعر الْأَبْيَض الطَّوِيل من الكلى.
قَالَ ج: قد رَأَيْت من بَال مِنْهُ مَا طوله نصف ذِرَاع وَسبب ذَلِك حرارة تعْمل فِي رُطُوبَة غَلِيظَة فتولد.
قد ذكر فِي بَاب إِذا كَانَ فِي الْبَوْل شبه نخالة فانه مَتى كَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك لَهُ غلظ متوسط فالآفة فِي المثانة وَتلك القشور مِنْهَا. وَمَتى كَانَ الْبَوْل مَعَ ذَلِك رَقِيقا فالعلة فِي الْعُرُوق. لِأَن رقة الْبَوْل مَعَ ذَلِك خَاصَّة مَعَ عدم النضج وَذَلِكَ يدل على حَال الْعُرُوق أَنَّهَا رَدِيئَة. وَإِنَّمَا يكون ذَلِك فِيهَا)
وَفِي المثانة كالحال فِي ظَاهر الْجلد عِنْد الجرب الَّذِي يتقشر ألف مِنْهُ الْجلد.(5/205)
لي إِذا كَانَ هَذَا مَعَ غلظ الْبَوْل فقد دلّ أَنه لَا آفَة بالعروق الْبَتَّةَ وَحين إِذْ الآفة بالمثانة لآن الكلى لَا يكون فِيهَا مثل هَذَا أبدا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل رَقِيقا فانه لَيْسَ بإضطرار أَن يكون ذَلِك من الْعُرُوق لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون ذَلِك من المثانة وَإِنَّمَا رق الْبَوْل لعِلَّة أُخْرَى بالعروق لَا يكون مِنْهَا قشور كَمَا نرى للعلل الآخر.
قَالَ: الْبَوْل يَجِيء من الْعُرُوق ويتصفى فِي الكلى ويمر بالبربخين ويجتمع فِي المثانة وَلذَلِك يدل على أَحْوَال هَذِه الْمَوَاضِع كلهَا.
من بَال بَغْتَة دَمًا فقد انصدع عرق فِي كلاه.
وَقد فسر فِي بَابه من كَانَ يرسب فِي بَوْله رمل فان الْحَصَى هُوَ ذَا تتولد فِي كلاه.
من بَال دَمًا عبيطاً وَكَانَ بِهِ تقطير الْبَوْل وأصابه وجع فِي أَسْفَل بَطْنه وعانته فان مَا يَلِي مثانته وجع.
من كَانَ لبوله رَائِحَة مُنكرَة وَهُوَ يَبُول دَمًا وقيحاً وقشوراَ فَذَلِك يدل على قرحَة فِي مثانته تَفْسِير فِي بَابه.
الْمقَالة السَّابِعَة من الْفُصُول: من كَانَ بِهِ حمى وَكَانَ يرسب فِي بَوْله ثفل شَبيه بالسويق الجريش فَذَلِك يدل على أَن مَرضه يطول.
قَالَ جالينوس: الْبَوْل الَّذِي يرى شيبهاً بالسويق الجريش فَذَلِك يدل على الْهَلَاك كَمَا قيل فِي تقدمة الْمعرفَة وَأكْثر من يرى هَذَا من بَوْله يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه.
فَأَما الَّذين يسلمُونَ مِمَّن يرى هَذَا فِي أبوالهم فكلهم يطول مَرضه لِأَن الْمَرَض الَّذِي فِيهِ هَذَا الْبَوْل يدل على أَنه يحْتَاج إِلَى نضج كثير.
وَقد ذكر فِي كتاب إبيذيميا عدد مرضى ظهر فِي أبوالهم هَذَا الثفل مَاتَ بَعضهم سَرِيعا وَبَعْضهمْ سلم بعد أَن طَال مَرضه.
وَمِنْهُم الْمَرِيض الَّذِي وَصفه بعد حالات الْهَوَاء الثَّلَاث واسْمه سَلس وَالْآخر الَّذِي بلغه بِالنَّفسِ فَالْأَمْر فِي هَذَا الْبَوْل إِنَّه إِنَّمَا ينذر بِهَلَاك سريع وَإِمَّا بطول مرض صَحِيح تشهد بِهِ التجربة أَلا أَن الْأَكْثَر يَمُوت قبل أَن يطول مَرضه.
قَالَ: إِذا كَانَ الْغَالِب على الثفل الَّذِي فِي الْبَوْل المرار وَكَانَ أَعْلَاهُ رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض)
حاد.
قَالَ ج: مَا رَأَيْت بولاً قطّ يغلب على ثفله المرار ومائيته رقيقَة. وَلم يستحسن سَائِر كَلَامه فِي هَذَا الْموضع.
وَقَالَ حنين قولا حسنا: إِن اللَّفْظَة الَّتِي سَمَّاهَا أبقراط رَقِيقا فِي هَذَا الْفَصْل يحْتَمل أَن(5/206)
يكون مَعْنَاهَا الرَّقِيق فِي القوام وَيحْتَمل أَن يكون الرَّقِيق فِي الشكل فقد يجوز على هَذَا الْقيَاس أَن يكون أبقراط أَرَادَ بقوله أَعْلَاهُ رَقِيق أَي تحرّك أَعْلَاهُ ويميل إِلَى الرقة لِأَن الثفل الراسب فِي الْبَوْل إِذا كَانَ غليظاً ثقيلاً كَانَ سطحه شَبِيها بالبسط فَإِذا كَانَ رَقِيقا خَفِيفا نضجاً كَانَ أَعْلَاهُ يَتَحَرَّك ويتعبب. وَهَذَا مِمَّا يُقَوي هَذَا الْمَعْنى أَن أبقراط إِنَّمَا نسب الرقة إِلَى أَعلَى الثفل وَلم ينسبها إِلَى مَا فَوْقه وَقد كَانَ قَادِرًا على أَن يَقُول مَكَان مَا قَالَه أَعْلَاهُ مَا فَوْقه.
لي يَقُول حنين: إِن الْهَاء فِي قَول أبقراط فِي قَوْله أَعْلَاهُ ترجع إِلَى الثفل لَا على مائية الْبَوْل ألف وويستدل على ذَلِك بِأَن هَذِه اللَّفْظَة بِأَعْلَى الثفل أشكل مِنْهَا بِمَا فَوق الثفل من المائية وَقد احسن التَّخَلُّص.
من كَانَ فِي بَوْله ثفل متشتت فان فِي بدنه اضطراباً قَوِيا.
قَالَ يَعْنِي مُخْتَلف الْأَجْزَاء وَإِذا كَانَ كَذَلِك دلّ على أَن الطبيعة لم تنضج الْعلَّة لِأَن الطبيعة إِذا غلبت واستولت كَانَت الْأَجْزَاء كلهَا مستوية وَإِذا لم تكن الْأَجْزَاء كلهَا مستوية كَانَت الْأَسْبَاب مقاومة لَهَا. فَدلَّ على أَن الِاضْطِرَاب أَكثر من غَلَبَة الطبيعة.
لي هَذَا السَّبَب يجب أَن يفهم فِي الرسوب لَا فِي المائية.
قَالَ: من كَانَ فَوق بَوْله عبب دلّ على أَن علته فِي الكلى وأنذر مِنْهَا بطول.
قَالَ ج: العبب إِنَّمَا يكون إِذا امتدت رُطُوبَة حول ريح غَلِيظَة وَأُخْرَى أَن يعرض ذَلِك إِذا كَانَت مَعَ تِلْكَ الرُّطُوبَة لزوجة فانه عِنْد ذَلِك يكون العبب أطول عَبَثا وَأكْثر انحلالاً. فَإِذا خرجت مَعَ الْبَوْل ريح غَلِيظَة فَذَلِك دَلِيل على أَن فِي الكلى مَرضا بَارِدًا لِأَن الْمَرَض الْبَارِد هُوَ الَّذِي يجمع الرّيح الغليظة.
لي واللزوجة.
قَالَ أبقراط: من رَأَيْت فَوق بَوْله دسماً جملَة دلّ على أَن فِي كلاه عِلّة حارة.
قَالَ: الدسم فَوق الْبَوْل بِالْجُمْلَةِ يدل على عِلّة تذوب بشحم الْبدن وَإِذا كَانَ ذَلِك الدسم غزيراً)
كثيرا مجتمعاً دلّ على أَنه من شَحم الكلى لِأَن شَحم الكلى إِذا ذاب مصيره إِلَى الْبَوْل يكون فِي أسْرع الْأَوْقَات وَلَا يكون قَلِيلا لكنه يَجِيء دفْعَة فَأَما سَائِر شَحم الْبدن فَأَنَّهُ يصيره أَولا إِلَى مَا قرب من إِلَى الْموضع الَّذِي ذاب ثمَّ إِلَى مَا يقرب وَلَا يزَال يسري من عُضْو إِلَى عُضْو حَتَّى يبلغ الكلى.
من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ أَقُول: إِن الْبَوْل الَّذِي لَونه أصفر وقوامه معتدل أفضل الأبوال كلهَا بِحَسب اللَّوْن والقوام يجب لَا محَالة أَن يكون فِي هَذَا الْبَوْل مَعَ ذَلِك إِمَّا غمامة حَسَنَة وَإِمَّا رسوب حسن وَيكون ذَلِك حسب مَا توجبه طبيعة الْمَرَض لأَنا قد بَينا أَن حَال الرسوب فِي(5/207)
لي يَقُول: أَن الرسوب فِي الْأَمْرَاض البلغمية وحالات الْأَبدَان الامتلائية لَا يجب أَن يظنّ أَنه يدل على نضج لكنه على كَثْرَة فضل فِيهَا ويقابل ذَلِك الْبَوْل الَّذِي لَا نضج لَهُ الْبَتَّةَ وَهُوَ الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق الَّذِي لَا سَحَابَة ْ لَهُ بل هُوَ بِمَنْزِلَة المَاء. فان كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك غمامة سَوْدَاء أَي رسوب أسود أَو رَأَيْته كُله مظلماً فَذَلِك قتال وَكَذَلِكَ أَيْضا إِن كَانَت الْأَجْزَاء بِمَنْزِلَة جريش السويق أَو الصفائح. وَالْبَوْل الشَّديد النتن أَيْضا وَالدَّسم وَهُوَ الْمُسَمّى الزيتي مهلكان.
قَالَ: فَهَذِهِ الأبوال تدل على أَن الْمَرَض فِي طبعه عَظِيم الْمرة. السَّوْدَاء.
قَالَ: حمت امْرَأَة ثمَّ خفت جماها بعد شدَّة ثمَّ بَالَتْ بولاً أسود كثيرا سَرِيعا فبحث الْأَطِبَّاء عَن ذَلِك فَظهر أَنَّهَا كَانَت لَا تنقي بالطمث فمالت الفضلة إِلَى المثانة ونقيت كَذَلِك.
لي من الْمقَالة الْخَامِسَة عشرَة من النبض الْكَبِير قَالَ: من ألوان الرسوب والتعلق ألف لون رَدِيء. وَهُوَ يشبه نسج العنكبوت العريض وَكَذَلِكَ يُصِيب على طابق من مَاء الدَّقِيق الَّذِي يُسمى الزلابية وَيكون مشتبكاً بعضه على بعض مشوش.
الأولى من مسَائِل إبيذيميا: رَدِيئَة والقليلة رَدِيئَة.
والأبوال الثخينة الَّتِي لَيْسَ فِيهَا ثقل راسب البته وَإِن كَانَ فشيء قَلِيل جدا وَذَلِكَ إِنَّمَا يعرض فِيهَا لِأَنَّهَا لَا تسكن وتصفو على مَا يجب. وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون فِي الحميات الَّتِي يكون الْحَرَارَة فِيهَا كَثِيرَة ملتهبة وتصادف فِي الْجِسْم أخلاط غَلِيظَة فَيحدث لَهَا شَبيه بالغليان والتثور فبالواجب لَا يكون فِي مثل هَذِه ثفل راسب وَإِن كَانَ فشيء يسير وَيكون أَيْضا غير نضيج.)
الثَّالِثَة قَالَ أبقراط: الْبَوْل المتثور الَّذِي لَا يرسب مِنْهُ شَيْء فان رسب فقليل وَإِن كَانَ رَدِيء فِي اللَّوْن مَعَ ذَلِك فَهُوَ أردأ الأبوال.
قَالَ جالينوس: التثور يكون إِذا كَانَ فِي الْجِسْم أخلاط غير نضيجة.
الْبَوْل الْأسود الْقَلِيل فِي الْحمى الحرقة قَاتل لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَارَة الَّتِي للحمى قد نشفت الْبدن كُله وعَلى أَن الدَّم قد احْتَرَقَ.
الْمقَالة الأولى من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: يجب أَن تعلم لملاسة الرسوب الَّذِي فِي الْبَوْل قُوَّة عَظِيمَة جدا فِي الدّلَالَة على الْخَيْر. فانه ذكر أَن مرضى كثيرا كَانَ فِي أبولهم أثفال بيض لَكِنَّهَا حسنت فماتوا وَآخَرين كَانَت فِي أبوالهم أثفال حمر وَغَيرهَا إِلَّا أَنَّهَا ملس تخلصوا.
الأولى من الثَّانِيَة قَالَ فِي الأولى من الثَّالِثَة: كَمَا أَن الْغَمَام الْأَبْيَض مَحْمُود وَالْأسود مَذْمُوم كَذَلِك الأدكن بَينهمَا فِي الرداءة والجودة إِذا ظهر لم يدل على بحران وتام وَلَا فِي الْغَايَة من الْجَوْدَة لَكِن بِحَسب ميله(5/208)
الثَّانِيَة من الثَّالِثَة قَالَ: انْظُر فِي الْبَوْل إِن لم تكن الْعلَّة فِي الْعُرُوق فَأَنَّهُ إِذْ كَانَ مَعَ ذَلِك رديئاً كَانَت دلَالَته على الرداءة قَوِيَّة وَإِن كَانَ حميدا جيدا فانه لَا ينذر تِلْكَ الْعلَّة بِكَثِير خير.
مِثَال ذَلِك: فِي القولنج إِذا كَانَ الْبَوْل رديئاً فَأن البلية أعظم وَإِن كَانَ حميدا جيدا فانه لَيْسَ لَهُ فِي الدّلَالَة على الْخَلَاص مِنْهَا كَبِير نصيب. وَكَذَلِكَ فِي جَمِيع الْعِلَل الْأُخَر أَعنِي علل الدِّمَاغ والعصب وَالْقلب وَنَحْوهَا.
الرَّابِعَة من الثَّالِثَة قَالَ: أما الدّهن فَوق الْبَوْل فقد رَأَيْنَاهُ غير مرّة وَهُوَ رَدِيء فَأَما الْبَوْل الَّذِي هُوَ كُله عَن آخِره دسم حَتَّى أَنه مثل الزَّيْت سَوَاء فَلَا أعلم أَنِّي رَأَيْته وَلَا رَأَيْت دسم فِي وسط الْبَوْل وَلَا فِي أسلفه لِأَن من شَأْن الدسومة أَن تطفو من فَوق. فَأَما الْبَوْل الَّذِي يشبه الزَّيْت فِي لَونه وقوامه فانه لَا دسم عَلَيْهِ وَقت رَأَيْت هَذَا مرَارًا كَثِيرَة وَلم يكن على الْمَرِيض مِنْهُ بَأْس بل رُبمَا كَانَ جيدا. وَذَلِكَ أَن يكون عِنْد النضج.
قَالَ: فَمَتَى كَانَ على الْبَوْل دسم فقد يجب أَن تظن أَنه رَدِيء لكنه لَا يدل على الْهَلَاك لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون ذَلِك عَن ذوبان الشَّحْم لَا اللَّحْم لِأَن اللَّحْم يحْتَاج إِلَى حرارة العطب قَوِيَّة لي فَأَوْمأ إِلَيّ أَن لذوبان اللَّحْم نوعا يَخُصُّهُ وَهُوَ أَن يكون مَعَ الدسومة شبه مَاء اللَّحْم ونتن شَدِيد غَالب وَهَذَا مهلك.)
قَالَ: فالبول الزيتي هُوَ الَّذِي لَونه وقوامه شَبيه بالزيت وَهُوَ رَدِيء وَلَكِن لَيْسَ فِي غَايَة الرداءة وَذَلِكَ إِنَّه قد يُمكن إِذا كَانَت سَائِر الدَّلَائِل جَيِّدَة لم يكن مَكْرُوه مِنْهُ.
قَالَ: الْبَوْل فِي النُّفَسَاء على الْأَكْثَر يكون أسود كَأَن فِيهِ سخاماً أَو مداداً وَذَلِكَ يكون لممازجة ذَلِك الْخَلْط الْأسود لَهُ.
قَالَ: حسن الْبَوْل من أعظم الدَّلَائِل على السَّلامَة فِي مَرضه من امتلاء. والثفل الْمُتَعَلّق المشوش كثيرا مَا يتبعهُ اخْتِلَاط الْعقل فَلَا يكَاد يُفَارِقهُ.
الأولى من السَّادِسَة: قد يكون فِي علل الكبد رسوب شبه الرسوب الَّذِي يكون فِي علل الكلى وَيكون أَحْمَر أصفر.
لي يفرق بَينهمَا باللون وَمَكَان الوجع وَنَحْوه وَسَائِر الْأَعْرَاض.
قَالَ ج: إِنَّمَا يبلغ من الْقُوَّة دَلَائِل الْبَوْل فِي الحميات الحادة أَن تَسْتَغْنِي بهَا عَن غَيرهَا الْبَتَّةَ وتقتصر عَلَيْهَا بِثِقَة واتكال.
قَالَ: فان التَّام إِلَيْهَا مَعَ ذَلِك قُوَّة سَائِر الدَّلَائِل كَانَت تقدمة الْمعرفَة وَالْحَالة الظَّاهِرَة فِي حَاله(5/209)
الثَّانِيَة من السَّادِسَة: 3 (الْبَوْل الَّذِي يشبه الْمَنِيّ) يكون بِهِ بحران باستفراغ الْخَلْط والزجاجي وضمور الأورام الَّتِي هِيَ فِي الثَّنية إِذا لم تكن حارة.
الْخَامِسَة من السَّادِسَة: الْبَوْل الَّذِي لَونه شَبيه بلون الشَّرَاب الَّذِي يشرب حَتَّى أَنه إِن كَانَ الشَّرَاب أَبيض كَانَ الْبَوْل أَبيض مائياً وَإِن كَانَ أَحْمَر كَانَ أحمراً غليظاً يدل على أَن الْغذَاء لَا يَسْتَحِيل وَلَا تعْمل فِيهِ الطبيعة.
قَالَ: وَالْبَوْل الَّذِي يشبه لون عُضْو من أَعْضَاء الْبدن أَو جَوْهَرَة إِذا دَامَ كَانَ ذَلِك الْعُضْو عليلاً يدل على ذوبان ذَلِك الْعُضْو.
فان كَانَ فِيهِ قطع تشبه بفتات الكرسنه أَو بفتات العدس فانه يدل على أَنه من الكبد وَإِن كَانَت تِلْكَ الْقطع أشبه بِاللَّحْمِ دلّت على أَنَّهَا من الكلى وَإِن كَانَت شَبيهَة بالصفائح دلّت على أَنَّهَا المثانة. وَالْبَوْل الدسم يدل على ذوبان الشَّحْم.
وَأما الْقطع الَّتِي تشبه بجريش السويق فِي مقاديرها وصلابتها وَلَيْسَت بَيْضَاء فتدل على ذوبان فِي اللَّحْم. وَالْقطع السَّوْدَاء تدل على أَن الذوبان حدث فِي لحم الطحال.
فَأَما الْبَوْل الَّذِي يشبه أَبْوَال الْحمير فانه يكون من أَن فِي الْبدن من الْخَلْط الخام مِقْدَارًا كثيرا جدا قد أذابته الْحَرَارَة وَذَلِكَ أَنه يعرض عِنْد ذَلِك أَن تتولد مِنْهُ ريَاح غَلِيظَة نافخة ترْتَفع إِلَى الرَّأْس وَلذَلِك يعرض مِنْهُ الصداع.
أما الْبَوْل الَّذِي لَونه شَبِيها بلون الْبدن فانه يحدث عَن ذوبان الْبدن يَعْنِي لون ظَاهر الْبدن.
السَّادِسَة من السَّادِسَة قَالَ أبقراط: الْبَوْل الَّذِي يرسب فِيهِ ثفل كثير يكون بِهِ التَّخَلُّص من اخْتِلَاط الذِّهْن.
قَالَ ج بعض النَّاس يَقُول يَنْبَغِي أَن يكون هَذَا الثفل مَعَ كثرته أَبيض أملس مستوياً.
العطب ولي: لَا يشبه هَذَا أَن يكون هَكَذَا وَذَلِكَ أَن هَذَا الثفل أَجود الأثفال لَكِن الْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب كثير يُؤمن من اخْتِلَاط الذِّهْن لِأَنَّهُ يدل على أَن التثور قد سكن وَلَيْسَ يبلغ الرَّأْس لذَلِك بخارات كَثِيرَة)
الأولى من الأغذية قَالَ: قد يكون يثفل فِي الْبَوْل خلط خام يشبه الْقَيْح وَالْفرق بَينه وَبَين الْقَيْح أَن الْقَيْح منتن الرَّائِحَة لزج والخام إِنَّمَا يشبه هَذَا من طَرِيق الغلظ واللون فَقَط: وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ بمنتن وَلَا لزج.
وَهَكَذَا الكيموس قد يرسب فِي بَوْل من تَأْخُذهُ الْحمى من كَثْرَة الْخَلْط الخام وَفِي بَوْل من لَا يتعب أَيْضا من الأصحاء ويتناول أغذية صلبة عسرة الإنهضام.(5/210)
الْيَهُودِيّ قَالَ: مِمَّا يفْسد دلَالَة الْبَوْل السهر وَأَن يُؤْخَذ بعضه وَبَعضه لَا وَأَن يُؤْخَذ سَرِيعا جدا أَعنِي بعد نوم يسير أَو يُؤْخَذ بعد بطأ أَعنِي أَن يَأْخُذ البولة الثَّانِيَة أَو يَأْكُل أَطْعِمَة تغير الْبَوْل أَو يشرب مَاء كثيرا أَو يختضب أَو يكون حَائِضًا.
قَالَ: وجع العصب والقولنج يحمران المَاء.
إِذا كَانَ فِي أَسْفَل الْبَوْل مثل الْغَيْم وَالدُّخَان فان الْمَرَض يطول. وَإِن كَانَ مثل الدُّخان من أَسْفَل الْبَوْل إِلَى أَعْلَاهُ كُله فانه يَمُوت سَرِيعا.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل مثل الخيوط الرقَاق تشبه المصارين فلعلة فِي المعي.
قَالَ: الْبَوْل الأسمانجوي يدل على أَن صَاحبه قد سقى السم.
قَالَ: الْبَوْل الزُّبْدِيُّ والكدر لَا يدلان على كَثْرَة الرِّيَاح.
قَالَ: أكل الْبَوْل تخضر المَاء والمري يسود المَاء فسل عَنهُ.
ولتكن القارورة عَظِيمَة وَلَا يتْرك من الْبَوْل شَيْء الْبَتَّةَ.
قَالَ وضوء النَّهَار وصفاء القارورة يتَوَلَّد عَنْهُمَا ضوء يشبه السحابة فَإِذا شَككت فِي ذَلِك فاستر بِيَدِك أحد جَوَانِب القارورة عَن الضَّوْء فانه لن يخفي عَلَيْك كَون السحابة من الَّتِي لَيست سَحَابَة.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل شَبِيها الضباب وَهُوَ صَاف القوام فانه يدل على حَبل وخاصة مَتى رَأَيْت مِنْهُ شبه الْحبّ يصعد ويهبط فان كَانَ فِيهِ شبه الزرقة فانه أول الْحَبل وَإِن كَانَ فِيهِ شبه الْحمرَة فنه آخر الْحَبل وَإِن حركته فتكدر فَهُوَ آخر الْحَبل فان لم يتكدر فأوله.
على بَوْل النِّسَاء فِي الْأَكْثَر زبد مستدير.
الطَّبَرِيّ: السحابة الَّتِي مثل الْقطن المنفوش الْمُنْقَطع أَو غُبَار الندافين أَو نسج العنكبوت المتقطع فِي أَعلَى البولة عَلامَة رَدِيئَة.)
الرسوب الَّذِي يشبه حب الكرسنة مَتى كَانَ بِلَا حمى فَإِنَّهُ قطع من لحم الكلى وَإِن كَانَ مَعَ حمى فَيمكن أَن يكون من الْبدن كُله.
أهرن: قَالَ بَوْل الأصحاء نَوْعَانِ: أَبيض معتدل الْبيَاض والقوام وَمَا كَانَ فِيهِ من ثفل فيجتمع فِي أَسْفَله وَنَوع آخر أترجي معتدل القوام وَهُوَ يدل مَعَ الصِّحَّة على أَن صَاحبه حَار المزاج.
وَقَالَ: الْبَوْل المعتدل الْبيَاض مَتى كَانَ معتدل القوام يدل مَعَ الصِّحَّة على صَاحبه أَنه قريب المزاج من الِاعْتِدَال وَالَّذِي يكون مَعَ الْبيَاض غليظاً فَيدل على سوء الهضم وَغدا كَانَ مَعَ الْبيَاض رَقِيقا دلّ على ضعف الكلى والمثانة وَضعف الهضم الف وأو السدد.
لي الْبَوْل الَّذِي يشبه قوامه لَونه وثفله بَوْل صَحِيح جدا أَعنِي أَنه إِن كَانَ معتدلاً فِي(5/211)
الْبيَاض والصفرة. وَالَّذِي يُخَالف بعضه بَعْضًا ينقص من الصِّحَّة بذلك الْمِقْدَار وَإِذا فسد لون الْبَوْل أَو نتنت رَائِحَته جدا فان ذَلِك ينذر بِمَرَض فانه أقدم على ذَلِك الْبدن صَحِيحا أَو خف عَلَيْهِ فان الفضول الرَّديئَة تنقص بِهِ.
الْبَوْل الْأسود رَدِيء بعقب الْبَوْل الْحَار كَانَ أَولا وعَلى كل حَال إِلَّا بعقب حمى الرّبع فان السَّوْدَاء تنقص بِهِ.
لي أَو الطحال أَو الوسواس أَو الطمث أَو من بِهِ عروق الدوالي أَو نَحْو ذَلِك وَشر مَا يكون الْبَوْل الْأسود مَعَ ضعف الْقُوَّة لي الخيارشنبر يحمر الْبَوْل إِذا شرب.
من كناش مسيح: مَتى رَأَيْت فِي بَوْل المنقرس لزوجة فان مَرضه يَتَطَاوَل.
لي مَجْهُول: إِذا كَانَ الْبَوْل كَمَاء اللَّحْم فَانْظُر فان كَانَ لَهُ من عَلَامَات الْأُخَر مَا يدل على ضعف
3 - (الْمقَالة الأولى من مسَائِل أبيذيميا:)
3 - (الْبَوْل الْقَلِيل الْمِقْدَار رَدِيء) لِأَنَّهُ يدل على ضعف إِمَّا من الْقُوَّة الدافعة وَإِمَّا من المميزة لَهُ من الدَّم.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي لَا يصفو وَلَا يرسب فِيهِ شَيْء هُوَ رَدِيء.
لي هُوَ أما رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على كَثْرَة حرارة ملتهبة غير طبيعية حَتَّى أَنه قد احدث للأخلاط غلياناً وَإِمَّا غير نضيج فانه يدل على أَن الْحَرَارَة الطبيعية لم تنضج الأخلاط وَلذَلِك لم تَسْتَقِر.
الْمقَالة الأولى من مسَائِل أبيذيميا: الْبَوْل الْقَلِيل الْأسود فِي الْحمى المحرقة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن)
مائية الدَّم قد فنيت واحترقت.
من مسَائِل أبيذيميا الْمقَالة الأولى: الثفل الْأَحْمَر إِذا كَانَ أملس أدل على النضج من الْأَبْيَض إِذا كَانَ غير أملس.
لي ينظر فِي هَذَا ويتفقد أَيْضا بالتجربة وَذَلِكَ عِنْدِي بَاطِل لِأَن الْبيَاض يدل على أَنه يشبه بجملة طبائع الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِن كَانَ لم يكمل الْفِعْل فِيهِ لَكِن حكى ذَلِك فِي مِثَال مَرِيض فَيجب تفقده بالتجربة.
الثَّالِثَة: الغمامة السحابية هِيَ غمامة بَين الْبَيْضَاء والسوداء. وقوتها فِي دلَالَة بِحَسب لَوْنهَا وَيَنْبَغِي أَن تفقد فِي كل عِلّة وَإِن لم تكن تخص آلَات الْبَوْل فَيجب أَن يتفقد الْبَوْل فان رَأَيْته حسنا فان الدّلَالَة مِنْهُ على السَّلامَة يسيرَة بِحَسب بعد ذَلِك الْعُضْو وَتلك الْعلَّة عَن آلَات الْبَوْل.
وَإِن رَأَيْته سمجاً فانه عَظِيم الدّلَالَة على الْهَلَاك.
قَالَ: 3 (الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق) يدل على حرارة ملتهبة فان كَانَت مَعَ هَذَا فِي الْبَوْل دلَالَة السَّلامَة فانه ينذر بمجيء البحران بِسُرْعَة وَإِن كَانَت مَعَه دَلَائِل رَدِيئَة فانه ينذر بِالْمَوْتِ بِسُرْعَة لِأَنَّهُ فِي غَايَة الْحَرَارَة.(5/212)
قَالَ حنين: الْبَوْل الزيتي هُوَ الَّذِي مَعَ صفرته خضرَة سلقية وَهَذَا لَا يدل على نضج وَلَا على صَلَاح.
وَالنِّسَاء اللواتي يمرضن من أجل اختناق الرَّحِم بِدَم الطمث وخاصة بِدَم النّفاس بولهن كَأَنَّهُ مصبوغ بالأنفاس.
السَّادِسَة: جَمِيع الرسوب الَّذِي فِي الْبَوْل الَّذِي يشبه الرمل العطب وَخَمْسَة أَصْنَاف أَحدهَا كالكرسنة وَالثَّانِي مثل لون الزرنيخ الْأَحْمَر وَهَذَانِ يعمان وجع الكبد والكلى وَالثَّالِث مشبع الصُّفْرَة وَهُوَ يخص وجع الكلى لَا غير وَالرَّابِع لون الرمل: وَالْخَامِس لون الرماد.
لي وَغير هَذِه مِمَّا يرسب أَنْوَاع الْمدَّة والخام وَقطع اللَّحْم أما أَبيض وَإِمَّا أَحْمَر وصفائح إِمَّا بيض وَإِمَّا حمر ونخالي إِمَّا أَحْمَر وَإِمَّا أَبيض. والرسوب الصَّحِيح الَّذِي عَن الْعُرُوق هُوَ أَبيض وأسود وأخضر وأسمانجوي وأدكن وأحمر وأصفر وَهَذِه إِمَّا ملس وَإِمَّا خشنْ وَإِمَّا طافية وَإِمَّا راسبة وَإِمَّا مُتَعَلقَة.)
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض الشبيه بالدردي قد يكون بِهِ بحران الأورام والترهيل البلغمي.
السَّادِسَة قَالَ: قد يتَغَيَّر الْبَوْل بِحَسب حَال الشَّرَاب إِذا كثر مِقْدَاره فان كَانَ أَبيض صافياً رَقِيقا صَار الْبَوْل كَذَلِك وَإِن كَانَ أَحْمَر غليظاً كَانَ أقرب إِلَى الْحمرَة والغلظ وَإِن أسود غليظاً مَال الْبَوْل إِلَى السوَاد والغلظ وَإِن كَانَ الشّرْب أَحْمَر فَكَذَلِك وَإِن كَانَ أصفر عتيقاً كَانَ الْبَوْل إِلَى الصُّفْرَة والرقة أميل.
لي الِانْتِفَاع بتفقد هَذَا أَن تسْأَل عَن ذَلِك وَكَذَلِكَ يثبت الحكم على المَاء.
قَالَ: عَلَامَات ذوبان الْأَعْضَاء فِي الْبَوْل أَنه مَتى خرج فِيهِ قطع تشبه فتات الكرسنة أَو العدس فان ذَلِك يدل على ذوبان الْأَعْضَاء من الكبد وَمَتى كَانَت تِلْكَ الْقطع تشبه بِاللَّحْمِ دلّت على وَإِذا كَانَ الْبَوْل دسماً دلّ على أَن الشَّحْم يذوب فان خرجت قطع مقاديرها كجرش السويق بيضًا دلّت على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة فان كَانَت من لون اللَّحْم فعلى ذوبان اللَّحْم وَإِن كَانَت سَوْدَاء فعل ذوبان الطحَال.
مَجْهُول قَالَ: الثفل الْأَصْفَر الناري يدل على كَثْرَة الْحَرَارَة وَقُوَّة الْمرة.
أَيُّوب الأبرش قَالَ: إِذا كَانَ الْغَلَبَة فِي الْبدن الصَّفْرَاء كَانَ الْبَوْل أصفر وَإِن كَانَ الدَّم أَحْمَر. وَإِن كَانَت السَّوْدَاء فأسود والبلغم فأبيض.
وَأما الأبوال الصفر فان الْحَرَارَة فِيهَا تكون أَكثر من الْحمر.
وَرَأَيْت أَنا ذَلِك بالتجربة فِي المرضى كَذَلِك فَأَنِّي لم أجد فِي الأبوال الْحمر من الْحَرَارَة مَا وَجدتهَا مَعَ الأبوال الصفر المحكمة الصُّفْرَة وَرَأَيْت مَا ازْدَادَ صفرَة ازْدَادَ حرارة حَتَّى إِذا(5/213)
بلغ النِّهَايَة من ذَلِك كَانَ أحر الأبوال كلهَا وأيبسها وَهُوَ الْبَوْل الناري الْأَشْقَر الْمَحْض ثمَّ إِن ازْدَادَ صفاءً فِي هَذِه الْمنزلَة نقصت دَلَائِل الْحَرَارَة فِي الْجَسَد وَذَلِكَ أَن الْحمرَة تحْتَاج فِي أصل تكوين اللَّوْن أَن تكون الرُّطُوبَة الأرضية أَكثر مِنْهَا فِي الصُّفْرَة وَكَذَلِكَ نجد الدَّم أَكثر مائية وأرضية من الصَّفْرَاء والصفراء أَكثر نارية وهوائية من الدَّم فَاعْلَم يَقِينا أَن أَشد الأبوال حرارة الناري.
ورأيته أبدا السرسام الْحَار الْقَاتِل المفرط الف وَالْحر واليبس خَاصَّة. وَإِذا أَنْت رَأَيْته قَالَ أَيُّوب: مَتى غلب فِي الْبَوْل أحد هَذِه الألوان الْأَرْبَعَة: الصُّفْرَة أَو الْحمرَة أَو السَّوْدَاء أَو الْبَيْضَاء فانه دلّ على مرض لَا محاله لِأَنَّهُ دلَّ على غَلَبَة بعض الطبائع.
قَالَ: وَمَتى لم يغلب شَيْء مِنْهَا كَانَ لون الْبَوْل مركبا مِنْهَا كلهَا.)
قَالَ: فَيكون مركبا من بَيَاض غير مَحْض بل يشوبه سَوْدَاء قَلِيل بِمِقْدَار حَظّ السَّوْدَاء فِي الْجَسَد وَحُمرَة غير صَالِحَة بل تشوبها صفرَة.
قَالَ: وجماع هَذَا يتَوَلَّد مِنْهُ لون أترجي لِأَن هَذَا اللَّوْن لَيْسَ بخالص الصفاء وَذَلِكَ لغلظ السَّوْدَاء وَلَا بخالص الْحمرَة وَلَا الصُّفْرَة وَلَا الْبيَاض لِأَن الْأَشْيَاء امتزجت فِيهِ بِحَسب حَالهَا فِي التَّرْكِيب.
قَالَ: الْبَوْل الأترجي هُوَ بَيَاض غير خَالص يقق يخالطه شَيْء من الْحمرَة والصفرة.
قَالَ: وَهَذَا الْبَوْل الْأَحْمَر قد يحدث عَن غَلَبَة البلغم بِالْعرضِ لَا بالجوهر واللون الْأَبْيَض عَن الصَّفْرَاء وَكَذَلِكَ الْأسود والأحمر.
قَالَ: والأصفر عَن الصَّفْرَاء حَادث بالطبع وَالْبَيَاض عَنهُ يحدث بِالْعرضِ وَكَذَلِكَ الْبيَاض عَن البلغم يحدث بالجوهر والحمرة بِالْعرضِ كالحال فِي حمى البلغم فان ذَلِك يكون لِأَن البلغم يحدث بلزوجته سدداً فيحقن الْحَرَارَة فِي تِلْكَ الْمَوَاضِع وتلتهب لعدم التنفس فيصبغ لذَلِك المَاء لي: لم أستصوب هَذِه الْعِلَل ويجبأن نحصل نَحن ذَلِك فانه يظْهر بالتجربة بَوْل أَحْمَر فِي حميات البلغم وأبيض فِي السرسام الْحَار.
قَالَ أَيُّوب: وَيفرق بَين هذَيْن بِأَن يُؤْخَذ الْبَوْل فِي زجاجة بَيْضَاء ملساء وَيقوم الَّذِي بِيَدِهِ الزجاجة بِقرب من بَاب الْبَيْت والكوة ويدلي الزجاجة فِي الضَّوْء وَينظر الطَّبِيب إِلَيْهَا من الْبَيْت فانه كَذَلِك أبين مَا يكون فان وجد رُطُوبَة الْبَوْل مْلساء مستوية ْ الْأَجْزَاء مُنْفَصِلَة وَإِن كَانَ فِيهِ ثفل راسب كَانَ بِهَذِهِ الْحَال وَكَذَلِكَ حمرته وبصيصه وصقاله وَلَيْسَ تَجدهُ خَالص الْحمرَة فانه غلب تِلْكَ الْحمرَة البلغم لِأَن البلغم لرطوبته تلْزمهُ الملاسة وَكَذَلِكَ يلْزمه الصقال.(5/214)
وَأما إِن كَانَ السَّبَب الْحمرَة الْحَرَارَة فانك لَا تَجِد الملاسة والصقال لَا فِي الرُّطُوبَة وَلَا فِي الثفل على ذَلِك لِأَن الْحَرَارَة تحرّك الْأَشْيَاء وتجففها وَتخرج بَعْضهَا من بعض لذَلِك لَا يَسْتَوِي الْأَجْزَاء. وَيكون الْحمرَة مَعَ ذَلِك خَالِصَة صَادِقَة جدا محكمَة.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الصَّفْرَاء سَبَب بَيَاض الْبَوْل فان الثفل الراسب يكون جافاً وتحا يَسِيرا والرطوبة نَفسهَا تكون لَطِيفَة الْأَجْزَاء وَلَا يكون بياضها جدا خَالِصا لِأَن الْحَرَارَة تفني رُطُوبَة الثفل وتجففه وينضم وَيرى قَلِيلا وَإِذا كَانَ سَبَب الْبيَاض البلغم كَانَ الثفل غزيراً أملس ذَا بصيص وبريق وَغلظ ورطوبة.)
قَالَ: وَإِذا كَانَ سَبَب السوَاد الْمرة السَّوْدَاء كَانَ الثفل الف ومجتمعاً يَسِيرا جافاً واللون خَالص منتشر غير شَدِيد الاكتناز قَلِيل الاسْتوَاء والملوسة وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَإِذا كَانَ البلغم سَبَب الاسوداد كَانَت الرُّطُوبَة مستوية الْأَجْزَاء ذَات ملوسة وبريق وَلَا يكون السوَاد خَالِصا وَيكون شبه الحمأة غَلِيظَة رطبَة.
لي وَقَالَ أَيُّوب: رقة الْبَوْل تكون من السدة وَإِمَّا من التهم فيعدم النضج والهضم وَإِمَّا للإكثار من الشَّرَاب كَالَّذي يعرض فِي ذيابيطس وَإِمَّا لغَلَبَة المزاج الْبَارِد واليابس كَالَّذي يعرض فِي سنّ الْهَرم.
قَالَ: الثفل الَّذِي يكون فِي الرُّطُوبَة إِمَّا أَن ينتشر فِي القارورة كلهَا فَلَا يكون لَهُ مَوضِع خَاص عَن الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون صافياً فَوق الرُّطُوبَة وَإِمَّا أَن يكون مُتَعَلقا فِي الْوسط وَإِمَّا أَن يكون راسباً فِي أَسْفَلهَا.
قَالَ أَيُّوب: الثفل يَعْنِي الرسوب قد يكون فِي الصِّحَّة وَقد يكون فِي الْمَرَض فَإِذا كَانَ فِي الصِّحَّة كثيرا فانه يدل على هضم حسن وسعة فِي المجاري وَإِذا كَانَ فِي الْمَرَض فَيكون إِذا دفعت الطبيعة الْخَلْط الممرض.
لي قد بَين ج أَن الْأَبدَان الحارة المزاج اللطيفة التَّدْبِير النحيفة لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْت الضخام السمان يرسب فِي أبوالهم أبدا رسوب كثير يفزع لَهُ من لَا دربة لَهُ من الْأَطِبَّاء وَذَلِكَ لَهُم بالطبع. والنحفاء على الضِّدّ لَا يكَاد يرسب فِي أبوالهم شَيْء وَقد تعاهدت ذَلِك الْأَمْرَاض كثيرا فَلم أرى نضجاً الْبَتَّةَ وَلَا مُنْتَهى الرسوب.
قَالَ: وَإِن جاد الهضم كَانَ رسوبا أملس أَبيض مُسْتَقرًّا وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَ الشَّيْء الَّذِي يُسمى الثّقل فِي الْوسط وَإِن كَانَ دون ذَلِك كَانَت غمامة فَوق سطح الرُّطُوبَة وَإِن كَانَ أقل من ذَلِك كَانَ هَذَا الثّقل منتشرا فِي المَاء كُله وَصَارَ الْبَوْل لذَلِك خاثراً وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الَّذِي قد كمل هضمه وَقد سكنت رِيحه فاستقر لذَلِك وَهُوَ الَّذِي فِي الهضم لم يبلغ أَن يتَجَاوَز عَن الرُّطُوبَة فَهُوَ لذَلِك منتشر وَأما الْغَمَام الْمُتَعَلّق فِيهِ فان فِيهِ هضما غير كَامِل إِلَّا أَن الْمُتَعَلّق أَكثر إنهضاما.(5/215)
وَقَالَ: أول مَرَاتِب الدق أَن يكون فَوق المَاء شَيْء كَأَنَّهُ ضباب وَذَلِكَ يكون لِأَن الْحَرَارَة قد)
أذابت شَيْئا من الشَّحْم إِلَّا أَنه قَلِيل.
وَالثَّانيَِة أَن يطفو فَوق المَاء دهن وَذَلِكَ يكون لِأَن الْحَرَارَة قد أذابت إِذا جَاوز الأمرّْ ذَلِك إِلَى أَن يذوب من الشَّحْم شَيْء لَهُ مِقْدَار يرى إِذا طفا دهناً مجتمعاً.
والمرتبة الثَّالِثَة أَن يكون ثفل كرسني وَذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ قطع اللَّحْم لِأَن اللَّحْم لَا يُجيب إِلَى الذوبان بتفرد وَلِأَن نواحيه تذوب عَنهُ حَتَّى يصير مستدير الطول مُدَّة انحداره فَإِذا انحدرت فِي الْبَوْل صَارَت فِي أَسْفَله حبا كالكرسنة.
قَالَ: فَإِذا انحدر كحب الذّرة أَبيض فان ذَلِك الف وَمن الْعُرُوق وَالدَّلِيل على ذَلِك بَيَاض لَوْنهَا فَإِذا أخرجت شَيْئا شَبِيها بسحالة الْحَدِيد الْبيض فانه من الْعِظَام.
لي لم أر قطّ هَذَا النُّزُول فِي أَبْوَال الذابلين وَالَّذِي عِنْدِي: أَن هَذَا خطأ لَا يكون أبدا لِأَن جرم الْقلب أرطب من الْعُرُوق والعظم فَإِذا بلغت الْحَرَارَة إِلَى أَن تذيبها فَهِيَ أَن تذيب جرم الْقلب أولى وَالْمَوْت قبل ذَلِك.
قَالَ: وَمن الثفل جنس شَبيه بالشعر وَيكون ذَلِك من مَادَّة غَلِيظَة تنْدَفع من مجاري ضيقَة فتستطيل.
لي هَذَا يكون وَقد رَأَيْته.
وَقَالَ ج: أَنه لَا بَأْس على صَاحبه.
قَالَ فلنقل فِي الرَّائِحَة الحريفة تدل على شدَّة حرارة الْحمى وَيكون ذَلِك فِي الْأَكْثَر فِي الْأَمْرَاض الحادة والناقهين وَفِي الأمزجة الحارة وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع مَا يحمي الْبدن حمياً شَدِيد الْعَمَل حرافة الرَّائِحَة.
وَأما الرَّائِحَة الحامضة فتدل على غَلَبَة السَّوْدَاء وَأَن الْحَرَارَة الغزيرة فِي الْبدن قَليلَة وَفِيه حرارة مَا عرضية كالحال فِي الْخمر إِذا استحالت خلا.
وَأما
سَبَب الرَّائِحَة المنتنة فَإِنَّهَا تدل على كَثْرَة العفونة فِي الْبدن وَقد يكون من قيح فِي آلَات الْبَوْل.
وَأما السهوكة فبفساد الرُّطُوبَة ولزوجتها كَمَا يعرض ذَلِك للسمك.
قَالَ: وَأما الطّعْم المرّ فانه يدل على غَلَبَة الْحَرَارَة واليبس.
وَسبب الملوحة إِمَّا كَثْرَة البلغم المالح وَإِمَّا شدَّة الْحَرَارَة مَعَ الرُّطُوبَة.
لي غلط هَهُنَا وَإِنَّمَا هُوَ بحرارة أرضية كالحال فِي الْملح على مَا ذكر جالينوس وَبَين هَذَا فِي الْأَدْوِيَة المفردة.
وَأما الحرافة فلشدة الْحَرَارَة ولطفها.
وَأما الحموضة فبحرارة قَليلَة عملت فِيهِ رُطُوبَة كَثِيرَة وَتَكون فِي الْأَكْثَر لغَلَبَة السَّوْدَاء(5/216)
وَأما الْحَلَاوَة فبحرارة ورطوبة، وَقد تكون من غَلَبَة الدَّم. وَأما التفه فبغلبة البلغم.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل أَبيض غليظ كدر كَالْمَاءِ الَّذِي يداف فِيهِ الخمير يدل على ضعف الْمعدة والمعي وَسُوء الهضم وَقد يكون من أجل أكل اللَّبن والجبن فان لم يكن دَلَائِل ضعف الْمعدة والأمعاء وَسُوء الهضم فَأخْبر بذلك.
وَيفرق بَين هَذَا الثفل وَالذي يكون من الكلى والمثانة وَالرحم أَن هَذَا غليظ لزج رطب والكائن عَن تِلْكَ أغْلظ لِأَنَّهَا أجسام عصبية لَا تحوي رُطُوبَة كَثِيرَة وَيفرق بَين الْمدَّة وَهَذَا بالنتن.
قَالَ أَيُّوب: يدل على حسن الهضم فِي الْمعدة شدَّة تشابه أَجزَاء رُطُوبَة الْبَوْل وعَلى حسن الهضم فِي الكبد اللَّوْن الأترجي وعَلى حسن الهضم فِي الْعُرُوق الرسوب الأملس.
قَالَ: وَخلاف هَذَا كُله دَال على فَسَاد الهضم فِي هَذِه الْمَوَاضِع بِقدر ذَلِك.
لي يجب أَن تنظر كَيفَ تصح دلَالَة الْبَوْل على الْمعدة.
قَالَ: الرسوب ثَلَاثَة أَجنَاس: أَحدهَا الرسوب الني وَهُوَ الْكَائِن من ضعف الهضم فِي الْمعدة والرسوب النضج وَهُوَ الْكَائِن من جودة الهضم فِي الْعُرُوق والرسوب وَالْخَارِج من الطبيعة وَهُوَ الرسوبات الكائنة من الكلى والمثانة وَنَحْوهَا من القشور وَاللَّحم والكلى وَغير ذَلِك.
قَالَ: والرسوب الني إِذا كَانَ فِي اسفل القارورة فَهُوَ اشد وَأكْثر نهوة وَهُوَ فِي الْوسط نضيج وَفِي الْعُلُوّ هُوَ فِي غَايَة نضجه الَّذِي إِن جَازَ ذَلِك بَطل وَلم يكن وَأما الرسوب النضج وَهُوَ الْكَائِن فِي الْعُرُوق فبالعكس وَالسَّبَب فِي ذَلِك.)
لي فان الَّذِي ذكره لم يكن صَوَابا. إِن الثفل الأول يحْتَاج أَن تكون فِيهِ الْحَرَارَة بَاقِيَة فَلذَلِك مَا طفا فَهُوَ يدل على أَن الْحَرَارَة فِيهِ أَكثر وَأما الثفل الْكَائِن عَن نضج الْعُرُوق فانه يحْتَاج أَن تكون فِيهِ الْحَرَارَة أقل مِمَّا يثفل فَهُوَ خير وَالسَّبَب فِي ذَلِك أَن الأول يحْتَاج أَن ينهضم هضماً ثَانِيًا لِأَن هضم الْمعدة يحْتَاج أَن ينهضم فِي الكبد أَيْضا وَفِي الجداول فَمَا كَانَ مَعَه من الْحَرَارَة والسحابة أَكثر فَهُوَ أَجود والرسوب الَّذِي يكون عَن تَمام هضم الْعُرُوق هُوَ التَّام الْكَامِل فَمَا قلت فِيهِ الْحَرَارَة تدل على الهضم أَنه قد استوفى عمله.
لي فَافْهَم فِي ذَلِك الثفل أَنه مَتى كَانَ طافياً دلّ على عدم الهضم فِي الْمعدة أقل لِأَن فِيهِ حرارة كَثِيرَة وبالضد.
قَالَ أَيُّوب: وَالْفرق بَين هَذِه الثَّلَاثَة الرسوبات أَن الرسوبات الَّتِي عَن هضم الْعُرُوق لَطِيفَة ذَات شف وَإِن حرك انْتَشَر فِي الْبَوْل كُله وَلم يكدره وتفرق فِيهِ فَلم ينزل.(5/217)
وَأما الرسوب الْكَائِن من ضعف الهضم فِي الْمعدة فَأَنَّهُ غير ذِي شف وَله غلظ شَبيه الخمير المداف فِي المَاء فَإِذا حركته لم ينتشر فِي الْبَوْل انتشار ممازجة لَكِن يَنْقَطِع فِيهِ ويسرع الرسوب فِيهِ.
وَأما الْمدَّة فانه يُشَارك هَذَا الرسوب فِي بعض هَذِه الْحَال وَلكنه أَبْطَأَ انتشارا فِي الرُّطُوبَة من انتشار الرسوب فِي النيّ وأسرعاً نزولاً وَلَا يكَاد يَخْلُو من دم ونتن رَائِحَة.
لي قد أصلحت أَنا هَذَا وَيجب أَن يصلح اكثر من هَذَا حَتَّى يُمَيّز أَصْنَاف الرسوب كلهَا بعلامات وَاضِحَة إِن شَاءَ الله.
فَأَما فِي الرّيح فالهضم الْكَائِن فِي الْعُرُوق ريح رسوبه حريف لكَمَال عمل الْحَرَارَة فِيهِ وريح الرسوب الَّذِي فِي الْمعدة لَا ريح لَهُ الْبَتَّةَ وريح الْقَيْح منتن.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق أردأ الأبوال إِن دَامَ فِي مرض حاد أَيَّامًا على هَذِه الْحَال فان العليل سيختلط. فان اخْتَلَط ودام بعد ذَلِك الِاخْتِلَاط دلّ على الْمَوْت السَّرِيع لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحَرَارَة قد صعدت إِلَى الرَّأْس وانه سيحدث بالدماغ آفَة فَإِذا حدثت الآفة ودام ذَلِك يدل على أَنَّهَا قَوِيَّة وَأَنَّهَا تقلب الدِّمَاغ فتتعطل الْأَفْعَال النفسانية وَلذَلِك يتعطل النَّفس فَيَمُوت.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة طافية صفراء زبدية تدل على خطر وتخوف شَدِيد لِأَن الزُّبْدِيُّ دَال على كَثْرَة اضْطِرَاب فِي الْبدن وصفرة السحابة تدل على حِدة الْمَادَّة الف ووأنها خضراء صاعدة إِلَى أَعلَى الْبدن. فان حدث مَعَ ذَلِك رُعَاف فالهلاك عَاجل لِأَنَّهُ يدل)
على أَن هَذَا الرعاف إِنَّمَا كَانَ للذع الْمرة لعروق الدِّمَاغ لَا لبحران.
لي: ينظر فِي ذَلِك.
إِن الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق مَتى دَامَ أَيَّامًا مُتَوَالِيَة متواتراً وَكَانَ الْبدن مَعَ ذَلِك صَحِيحا وَلَا يَسْتَحِيل إِلَى الغلظ الْبَتَّةَ وَكَانَ الْبدن مَعَ صِحَّته يحس بثقل وأذى كَانَ فِي ظَاهر الْجلد دلّ على إِحْدَى خلتين: إِمَّا على خراج وألم يكون فِي الكلى وَإِمَّا على بثور وخراج يعم سطح الْبدن كُله كالبثر والقروح والجدري لِأَن زبد الْبَوْل مَعَ ثقل فِي الْبدن يدل على أَن فِي الْبدن مَادَّة غَلِيظَة كَثِيرَة فجة فان مَالَتْ نَحْو الكلى على كثرتها آلمتها وَإِلَّا دفعتها الطبيعة بتحلل من سطح الْبدن فَكَانَ مِنْهُ مَا ذكرنَا.
الْبَوْل الْأَبْيَض الكدر فِي بَدْء الشوصة إِذا دَامَ أَيَّامًا كَثِيرَة وَكَانَ مَعَ ذَلِك سعال وسهر دلّ على اخْتِلَاط الْعقل فان كَانَ مَعَ ذَلِك عرق كَامِل شَامِل أَو رُعَاف يدل على السَّلامَة والبرء لِأَن بَيَاض الْبَوْل فِي الْمَرَض الْحَار يدل على صعُود الْمرة نَحْو الرَّأْس والرعاف يدل على الْخَلَاص لِأَن مَادَّة هَذِه الْحمى الدَّم فَإِذا نفته الطبيعة كَانَ بِهِ الْخَلَاص.
الْبَوْل الْأَحْمَر الشَّديد الْحمرَة والثفل الخام إِذا دَامَ على هَذِه الْحَال أَيَّامًا متتابعة وَلم يحس(5/218)
الْجِسْم بألم دلّ على السل لَكِن إِن كَانَت الْحمرَة مَعَ ثفل الرَّأْس وَجَمِيع الْبدن ودامت على حَالهَا أَيَّامًا وَلم تستحل وَلم تَتَغَيَّر دلّ على أَن الْحمى ستثور وَعلة ذَلِك أَن الْحمرَة تدل على التهاب الْحَرَارَة وَإِن كَانَت الْحمى مَعَ غلظ وَحُمرَة وثفل فِي الرَّأْس وَجَمِيع الْبدن ونحافة الْبدن دلّ على أَن الْبدن قد كرت فِيهِ فضول الرُّطُوبَة وَأَنَّهَا ستعفن ثمَّ تتحرك الطبيعة لتحليل تِلْكَ العفونة وَمَعَ ذَلِك تهيج الْحمى.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ فِي الْمَرَض الحاد إِن كَانَ خُرُوجه قَلِيلا قَلِيلا وَفِي دفعات متواترة وَفِي رَائِحَته نَتن دلّ على خطر وَشر لِأَن شدَّة الْحمى تدل على التهاب الْحَرَارَة والغلظ على كَثْرَة الِاضْطِرَاب وتتابع خُرُوج الْبَوْل وقلته مَعَ نَتن الرَّائِحَة يدل على مَادَّة لزجة رَدِيئَة قد عفنت أَو قُرُوح فِي المثانة والكلى وَأَنه لَا يُؤمن من انهزام الطبيعة من مُنَازعَة هذَيْن وَلَا تبعد من الْخطر وَالْخَوْف.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر رَدِيء فِي ألم الكلى وَهُوَ فِي ألم الرَّأْس الْخَوْف لِأَنَّهُ فِي ورم الكلى يدل على الورم الْحَار الملتهب وَإِن لم يتَحَلَّل هَذَا الورم آل إِلَى جمع الْمدَّة وَفِي ألم الرَّأْس لَا يُؤمن الِاخْتِلَاط.)
لي لم يَأْتِ بِشَيْء حسن.
الْبَوْل الْأَحْمَر الْكثير الخاثر الْكثير الثفل فِي الحميات المختلطة وَفِي الْحمى الصالب أَيْضا يدل على الإفراق.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الخاثر الْكثير الرسوب فِي الحميات الحادة والمختلطة يدل على الاحتراق.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الخاثر الْكثير الرسوب فِي الحميات الحادة المختلطة يدل على الإفراق. فان لطف هَذَا الْبَوْل فِي أَوَائِل هَذِه الْعلَّة ورق وَقل رسوبه دلّ على نكس العليل لِأَن هَذَا الْبَوْل يدل على أَن مَادَّة الْحمى تخرج بالبول وَإِذا لطف دلّ على أَنَّهَا لَا تخرج فَلَا أَن يثور مِنْهَا عفن ثَان.
العطب وَالْبَوْل الَّذِي يكون بلون الدَّم الْخَالِص فِي الحميات الحادة يدل على موت سريع لِأَنَّهُ يدل على كَثْرَة الدَّم وغلبته وحدته وَلِأَنَّهُ إِذا كَانَ كَذَلِك إِمَّا أَن يمْلَأ تجاويف الْقلب فيختنق أَو يصعد نَحْو الدِّمَاغ فتتعطل الحركات الإرادية وَيبْطل النَّفس فَيَمُوت العليل.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني فِي الحميات المتولدة عَن التَّعَب إِن اسْتَحَالَ من رقة إِلَى الغلظ وَظهر فِيهِ ثفل كثير غير راسب وَتبع ذَلِك صداع دلّ على طول الْمَرَض وَأَن البحران يكون بالعرق وَعلة ذَلِك أَن اسْتِحَالَة الْبَوْل من الرقة إِلَى الغلظ يدل على نضج الْمَادَّة وَامْتِنَاع الثفل من الرسوب يدل على نُقْصَان الهضم فلذلكْ تطول الْعلَّة وَلِأَن الْحمى كَانَت من(5/219)
التَّعَب فان البحران يكون بالعرق لِأَن الْفضل كُله فِيهِ قد نفذ وَإِلَيْهِ تصير الْمَادَّة.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الْقَلِيل الكمية فِي الحبن يدل على شَرّ وَالْكثير الْغَيْر الْمَصْبُوغ يدل على السَّلامَة لِأَن قلَّة الْبَوْل فِي الحبن يدل على شَرّ لِأَنَّهُ يدل على امْتِنَاعه من الْمَجِيء نَحْو الكلى فَلذَلِك يصير إِلَى الصفاق فيزيد فِي الاستقاء.
وضد ذَلِك وَهُوَ كثير الْبَوْل يدل على أَن الْمَادَّة مائلة نَحْو الكلى والمثانة وَأَن الكبد لَيست بكثيرة الْحَرَارَة.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني المائل إِلَى السوَاد والغلظ والكدرة فِي عِلّة اليرقان إِذا وجد صَاحبهَا مَعهَا بعض الرَّاحَة دلّ على برْء عَاجل وَالْعلَّة فِي ذَلِك أَن الْبَوْل قد مر على تِلْكَ الأخلاط الَّتِي أحدثت السدد وطبختها وَفتحت السدد.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الكمية إِذا دَامَ أَيَّامًا متتابعة فِي عِلّة اليرقان يتخوف على صَاحبهَا وَعلة ذَلِك أَن هَذَا الْبَوْل يدل على السدد فِي الكبد وَأَنَّهَا قَوِيَّة وَلذَلِك يخَاف أَن يتَأَذَّى إِلَى)
الاسْتِسْقَاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر اللَّطِيف أَو الْأسود الرَّقِيق الْقَلِيل الثفل فِي ألم الطحال أَو غلظه من دَلَائِل الشَّرّ لِأَن الْحمرَة الساطعة تدل على لهيب الْحَرَارَة والسواد يدل إِمَّا على الاحتراق وَإِمَّا على فرط الطبيعة والرقة تدل على قُوَّة السدد وكل ذَلِك رَدِيء. يدل على ابْتِدَاء اليرقان وَأَن مجاري الكبد الَّتِي مِنْهَا كَانَ يجْرِي الْمرة قد انسدت وَحدث لذَلِك فِي الدَّم كُله رداءة وَهَذَا الْبَوْل يصْبغ الثَّوْب أَخْضَر وأشقر.
وَيكون مثل هَذَا الْبَوْل من غير يرقان وَلَا يصْبغ الثَّوْب.
فِي الْأسود: الْبَوْل الْأسود والزنجاوي بعقب النفث الشَّديد يدل على التشنج أَنه سيحدث لِأَنَّهُ يدل على اليبس وفناء الرُّطُوبَة من الْجِسْم واستحواذ الْحَرَارَة عَلَيْهِ فان كَانَ شَأْن الْحَرَارَة غير مفرطة أحدث اللَّوْن الزنجاري وَإِن كَانَت الْحَرَارَة مفرطة أحدثت السوَاد.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق فِي الْوسط لَهُ رَائِحَة حادة وقوام لطيف فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على وجع الرَّأْس وهذيان وَيدل فِي الْأَكْثَر على رُعَاف أسود أَو على عرق كثير لِأَن الْمُتَعَلّق الْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة ملتهبة صاعدة لذَلِك يحدث فِي الرَّأْس أَعْرَاض الف وففي هَذِه الْحَالة يحدث الرعاف. فان كَانَت الْحَرَارَة فِيهِ أَكثر وَلم تكن صاعدة وَخرجت نَحْو العضل إِذا حدث عرق واقشعرار بعد الْبَوْل الْأسود الطيف الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق فِي نواح مُخْتَلفَة مَعَ سهر وصمم فِي الحميات المحرقة يدل على الرعاف وَذَلِكَ أَن الحميات اللَّازِمَة تكون فِي الْأَكْثَر من الدَّم والسواد يدل على شدَّة اللهيب والتعلق(5/220)
الْمُخْتَلف النواحي يدل على اضْطِرَاب. فَلذَلِك تصعد إِلَى الرَّأْس فَتحدث صمماً وأرقاً. فان فعلت الطبيعة بحران استفرغته من اقْربْ الْمَوَاضِع.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق مستدير لَيست لَهُ رَائِحَة حريفة مَعَ تشنج وعرق وامتداد الشراسيف يدل على الْمَوْت إِلَّا أَن السوَاد بِلَا حرافة من الرَّائِحَة يدل على انهزام من الطبيعة والعرق إِذا لم يكن صَالحا فانه أَيْضا لضعف من الطبيعة وَإِذا كَانَ مَعَ تشنج والامتداد فَهُوَ من ذَلِك الْجِنْس والطبيعة مقهورة.
الْبَوْل الرَّقِيق غير الْمُتَشَابه الْأَجْزَاء الْأَحْمَر والأشقر دَال على تَعب كَانَ ونقصان من الْبدن وَذَلِكَ أَن التَّعَب يفني الرُّطُوبَة ويلهب الْحَرَارَة فَلذَلِك يحدث اخْتِلَاط القوام وينصبغ الْبَوْل وَلِهَذَا)
يذوب الْبدن.
الْبَوْل الرَّقِيق الْكثير الْمِقْدَار جدا مَعَ ثقل الْبدن وَسُقُوط الشَّهْوَة للطعام وَالشرَاب يدلان على أَن الطبيعة هِيَ ذَات خلط لِأَن الثفل وَسُقُوط الشَّهْوَة يدلان على امتلاء الْجِسْم وَكَثْرَة الْبَوْل تدل على انحدار تِلْكَ الفضول.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة أَو تَعْلِيق أَحْمَر بِقرب من أعالي المَاء فِي الْمَرَض الحاد يدل على اخْتِلَاط وَإِن دَامَ كَذَلِك دلّ على عطب وَإِن انْتَقَلت رقته إِلَى غلظ وَحدث فِيهِ ثفل راسب أَبيض كثير دلّ على انحلال الْمَرَض لِأَن الصُّفْرَة السحابة دَالَّة على التهاب وصعودها على سمو الْخَلْط إِلَى الدِّمَاغ وبياضه ورسوبه على اسْتِحَالَة ونضج تَامّ.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود مَتى اسْتَحَالَ إِلَى الشقرة والغلظ وَلم يحدث بذلك رَاحَة دلّ على عِلّة فِي الكبد يرقان أَو خراج فِيهِ لِأَن اسْتِحَالَة السَّوْدَاء إِلَى الصُّفْرَة والرقة إِلَى الغلظ تدل على هضم ونقصان الْحَرَارَة فان لم تكن بِهِ رَاحَة كَامِلَة تدل على أَن فضلَة قد بقيت فِي الكبد لم تنزل بالبول فَتحدث إِن كَانَ غليظاً سدداً وَإِن كَانَت لذاعة خراجها.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأَشْقَر مَتى كَانَ فِي ابْتِدَاء الْحمى الحادة ثمَّ اسْتَحَالَ إِلَى الغلظ وَالْبَيَاض وَبَقِي متعكراً كبول الْحمار وَخرج بِغَيْر إِرَادَة مَعَ سهر وقلق يدل على تشنج فِي الْجَانِبَيْنِ وعَلى الْمَوْت بعد ذَلِك لِأَن اللطافة والشقرة تدلان على غَلَبَة الصَّفْرَاء والتعكر والخثورة تدل على صعوبة الْمَرَض وَخُرُوجه بِلَا إِرَادَة يدل على فَسَاد الدِّمَاغ وَإِنَّمَا ضعف الدِّمَاغ بصعود الْمرة إِلَيْهِ ويتبين لذَلِك فَيحدث امتداداً وَإِذا حدثت هَذِه الْأَشْيَاء وَلم تكن عَلَامَات صَالِحَة تواريها فأيقن بِالْمَوْتِ.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا فِي زمن طَوِيل فِي الحميات الحادة مَعَ وجع فِي الرَّأْس والرقبة يدل على اخْتِلَاط وَهُوَ قَلِيل الْخطر فِي النِّسَاء خَاصَّة لِأَن وجع الرَّأْس يدل على أَن الْمرة قد صعدت إِلَيْهِ وتتابع خُرُوجه يُؤَكد الرَّجَاء بانحلال الْمَرَض. وَهُوَ فِي النِّسَاء أسلم لأَنهم قد اعتدن أَن ينقين من أَسْفَل.(5/221)
الْبَوْل الرَّقِيق بعد البحران يدل على النكس أَن بَقِي زَمَانا طَويلا لِأَنَّهُ يدل أَنه لم يكن هضم تَامّ وَلَا بحران تَامّ.
على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة الَّذِي فِيهِ ثفل كثير رملي مَعَ ثفل الخاصرة والعانة يدل على أَن حَصَاة مزمعة أَن تكون فان كَانَ الثفل فِي الْقطن والخاصرة والساقين فَفِي الكلى وَإِن كَانَ الوجع فِي)
الْعَانَة فَإِنَّهَا تحدث فِي المثانة.
الْبَوْل الغليظ المتثور فِي وَقت مُنْتَهى الْمَرَض الحادة رَدِيء وَذَلِكَ انه يدل على شدَّة الإضطراب وَقلة عمل الطبيعة وَلَا بُد من أَن تخور.
الْبَوْل الغليظ المستحيل من الرَّقِيق فِي الْحمى اللزمة يدل على عرق كثير سَيكون فِي البحران وَإِذا كَانَ هَذَا الْبَوْل فِي حميات محرفة دلّ على ألم فِي الْقلب وَعلة فِي نَاحيَة الكبد فَلم يستحسن علته وَلَا هُوَ مَحْمُود.
الْبَوْل الغليظ فِي ابْتِدَاء الْمَرَض أَو المتثور فِي أول الْمَرَض إِذا صفا قبل أَن يَأْتِي البحران رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن صفاءه إِنَّمَا هُوَ لَا لِأَنَّهُ قد عملت فِيهِ الطبيعة واحتباس الغليظ عَن الْخُرُوج.
الْبَوْل الغليظ الْكثير فِي وجع الفالج يحل الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الْمَادَّة هِيَ ذَا تخرج بالبول.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل متشتت فِي الْمَوَاضِع فِي وجع الطحال والحمى الرّبع دَلِيل البرءْ. لِأَنَّهُ يدل على أَن تِلْكَ الاثفال هِيَ الْمَادَّة الَّتِي دفعتها الطبيعة وَإِنَّمَا اخْتلف مَكَانهَا على قدر اخْتِلَاف الْبَوْل الغليظ فِيهِ رسوب شبه الذّرة أَو القشور أَو السويق والصفائح أَو سحالة الْحَدِيد مَعَ حمى رقيقَة وألم يدل على الدق. وَهَذَا الرسوب هُوَ من الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
كَثْرَة الْبَوْل إِذا دَامَ أَيَّامًا كَثِيرَة مُتَوَالِيَة لَيْسَ فِيهِ دَلِيل رَدِيء ثمَّ حدث بعد ذَلِك ثفل فِي الأعفاج وَمَا يَليهَا وَفِي غَيرهَا من النواحي يدل على انحلال الْمَرَض وَذَلِكَ أَنه يدل على أَن الطبيعة قد نفت الْعلَّة نَحْو الكلى والمعي.
الْبَوْل الْأَشْقَر الْخَالِص الصافي يدل على غَلَبَة الصَّفْرَاء لِأَن الْمرة الصَّفْرَاء تميل إِلَى الشقرة جدا فَإِذا مر بهَا الْبَوْل انصبغ مِنْهَا.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ اكثر مِقْدَارًا من مِقْدَار مَا يشرب صَاحبه يدل إِمَّا عَن ذبول وَإِمَّا على امتلاء فِي بدنه وَفِي الحميات هُوَ دَلِيل جيد فِي العفونة خَاصَّة إِذْ ينقي الْبدن بذلك.
الْبَوْل النَّاقِص عَمَّا يشرب رَدِيء لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون من كَثْرَة التَّحَلُّل وَإِمَّا لاستطلاق الْبَطن وَإِمَّا لِكَثْرَة الْعرق وَإِمَّا لضعف الطبيعة عَن الهضم.
لي وَأما للاستسقاء.(5/222)
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ قطع الف وَدم جامد فِي الحميات الحادة وَاللِّسَان الْيَابِس الزنجاري اللَّوْن)
فان كَانَ اللَّوْن مَعَه أسود فَهُوَ أشر وَذَلِكَ انه يدل على أَنه قد بلغ فِي غَايَة الحدة والحرافة وعَلى الْبَوْل الْأَشْقَر الناري الَّذِي فِيهِ رسوب نخالي أَبيض مَعَ الْحمى الحادة فَذَلِك أَنه يدل على أَن الْحمى قد أخذت فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
الْبَوْل الَّذِي يشبه الزَّيْت مَعَ الْحمى الحادة دَلِيل على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على أَن شدَّة الْحمى قد أفنت الرُّطُوبَة حَتَّى أَنَّهَا تذيب الشَّحْم وَفِي هَذِه الْحَالة يجِف الدِّمَاغ جدا.
الْبَوْل الَّذِي يبال مرّة قَلِيلا وَمرَّة كثيرا وَمرَّة يحتبس الْبَتَّةَ فِي الحميات الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط ومجاهدة الطبيعة فَإِنَّهَا تغلب وتغلب أَحْيَانًا وَيدل على غلظ الْمَادَّة وعسر نضجها فان كَانَ ذَلِك فِي الحميات الهادئة أنذر بطول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على غلظ الْخَلْط.
كَثْرَة الْبَوْل والعرق الَّذِي لَا تنقص بِهِ الْحمى الْبَتَّةَ فِي الْحمى الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يخَاف أَن يجِف الْبدن فيتشنج أَو يذبل.
الْبَوْل الْأَشْقَر فِي الْحمى الحادة إِذا اسْتَحَالَ إِلَى بَيَاض أَو إِلَى السوَاد فَهُوَ رَدِيء لِأَنَّهُ يدل أَن الْعلَّة قد احتدت أَكثر أَو صعدت نَحْو الرَّأْس.
إِذا اسْتَحَالَ الْبَوْل من رقة إِلَى الغلظ ثمَّ لم يكن بِهِ خف الْحمى لَكِن زَادَت صعوبتها فَذَلِك رَدِيء لِأَنَّهُ لَيْسَ لهضم بل لذوبان الاسْتوَاء الْأَصْلِيَّة.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ قيح فِي الْحمى الحادة وَمَعَهُ قشعريرة وَضعف وظلمة الْعين وتهيج عرق فِي الرَّأْس وَنَحْوه يدل على تشنج لِأَنَّهُ يدل على أَن الْحمى إِنَّمَا كَانَت لدبيلة فِي الْجوف فَإِذا انفجرت وَلم تكن رَاحَة لَكِن حدث إظلام الْبَصَر فقد ارْتَفع من ذَلِك شَيْء إِلَى الدِّمَاغ فَيتبع ذَلِك التشنج.
الْبَوْل المنتن الحريف مَعَ مرض فِي الرَّأْس أَو تشنج شَرّ لِأَنَّهُ يدل على شدَّة الْحَرَارَة والعفن.
الْبَوْل الأدكن أَو الدموي المتثور فِي الشوصة ينذر بِالْمَوْتِ لِأَنَّهُ ينذر بلهيب شَدِيد وَامْتِنَاع من النضج.
الْبَوْل اللزج الخاثر الَّذِي يشبه الْغذَاء إِن كَانَت مَعَه عِلّة فِي الكلى زَاد فِيهَا لِأَنَّهُ يصير مَادَّة للزوجته.
الْبَوْل الَّذِي يقطر قطراً فِي حمى سَاكِنة يدل على الرعاف وَهُوَ فِي اتلحمة الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ فِي المحرقة يدل على سوء حَال الدِّمَاغ وَفِي السكنة على كَثْرَة الامتلاء.
الْبَوْل الَّذِي يكون فِيهِ سَحَاب وَلَا يكون فِيهِ رسوب بعد البحران ينذر بعودة لِأَنَّهُ يدل على)
نُقْصَان الهضم.(5/223)
الْبَوْل الَّذِي يتَغَيَّر دفْعَة من عَلَامَات محمودة إِلَى عَلَامَات مذمومة فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على موت لِأَنَّهُ يسْقط الْقُوَّة الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يكون ذَلِك عَن أَعْرَاض قَوِيَّة صعبة.
الْبَوْل المنتن فِي الْمَرَض الحاد إِذا ذهب بَغْتَة دَلِيل رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن الطبيعة قد أَمْسَكت عَن الْعَمَل فِيهِ وَلم يكن الف وَذَلِكَ لصلاح لِأَنَّهُ لَو كَانَ لصلاح لَكَانَ ذَلِك يَوْمًا فيوماً.
وَكَذَلِكَ أَي دَلِيل ظهر بَغْتَة فَتوهم فِيهِ هَذَا.
الْبَوْل الْمُخْتَلف الْمُتَغَيّر الْأَفْعَال فِي اللَّوْن والوضع والشكل الرَّدِيء مهلك لِأَنَّهُ يدل على أخلاط كَثِيرَة مُخْتَلفَة فِي الْبدن كَانَ ذَلِك فِي يَوْم أَو تغير كل يَوْم فِي لَونه وحاله وَلذَلِك يدل على أَن فِي الْبدن أمراض كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
روفس إِلَى الْعَوام قَالَ: من بَال بولاً أسود وَهُوَ صَحِيح مُدَّة فانه سيتولد فِي كلاه حَصَاة بعد زمن يسير.
لي ابْن ماسويه من محنة الطَّبِيب قَالَ: لبول المحموم رَائِحَة حادة تدل على عفن لَا يخلوا مِنْهُ وَلَا يكون مَعَ غَيرهَا من الْأَشْيَاء الْأُخَر فِي الْأَكْثَر.
أرسالاوس: الأخلاط الَّتِي تتولد مَعَه قَالَ: القشار هُوَ فضلَة الهضم الثَّالِث الْكَائِن فِي الْعُرُوق.
لي كَذَلِك يكثر فِي الْأَبدَان الْعلَّة والبلغمية لِأَن الهضم الثَّالِث فيهم تكْثر فضوله لخلتين إِحْدَاهمَا لِكَثْرَة مَا يصير إِلَى الْعُرُوق من الْغذَاء فبحسب ذَلِك يكون فضولها وَالثَّانيَِة ضعف الْحَرَارَة فِي الْعُرُوق وَلذَلِك لَا تكَاد ترى فِي الْأَبدَان النحيفة وَلَا فِي الَّتِي يكثر الصَّوْم والتعب لِأَنَّهُ لَا يبْقى فِي الْعُرُوق مِنْهَا فضلَة عَن الهضم. فالقشار فِي أبول الأصحاء دَلِيل أبدا على أَن الهضم الثَّالِث فِيهِ فضلَة وَأَن لَيْسَ بلطيف وَلَا الْبدن سخن. وَأما فِي أبدان المحمومين فانه يدل على أَن الهضم قد كَانَ لِأَن حَاله شَبيه حَال الصِّحَّة.
وَقد رَأَيْت فِي أَبْوَال قوم لم يكن فِي أبوالهم فِي الصِّحَّة رسوب الْبَتَّةَ نحفاء محرورين كَأَن أبي حَازِم القَاضِي رسوباً فِي حَالَة الْمَرَض فافرقوا بعد ذَلِك ليستقصي إِن شَاءَ الله.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال لطيفاً وَيبقى لطيفاً يدل على غَايَة الفجاجة وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك يَجِيء متواتراً مَعَ عَطش فانه ذبابيطس وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الهضم قد بَدَأَ يعْمل وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل إِلَى أما على موت من الْقُوَّة وَإِمَّا على اضْطِرَاب وتثور)
شَدِيد وَأَن الهضم أقرب.
الْبَوْل الكدر قد يكون أَحْيَانًا من سُقُوط الْقُوَّة الْبَتَّةَ وَعدم الْحَرَارَة الغريزية لِأَن الْبَوْل الكدر يكدر إِذا برد فميز هَذَا فانه قَلِيل وَبِأَن حَال الْمَرِيض بعده تسوء والحمى تسكن حَرَارَتهَا.
وَأما ذَلِك المتثور الَّذِي يدل على اضْطِرَاب وَعمل النضج قوى فانه كثير والحرارة مَعَه قَوِيَّة وَحَال العليل تحسن بعده كل يَوْم.(5/224)
إِذا كَانَ الرسوب أسود فَهُوَ أقل رداءة من أَن يكون المنصب أسود وأشره أَن يكون مَعًا أسودين.
لي هَذِه الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة: الَّذِي يبال صافياً ويكدر وَالَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً وَالَّذِي يبال كدراً فيصفو وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً. واستقصى دلائله إِن شَاءَ الله.
لي كَمَال النضج هُوَ أَن يكون فِي الْبَوْل رسوب أَبيض أملس واللون أترجي فَمَتَى زَادَت الْحَرَارَة عَن مِقْدَار الِاعْتِدَال بعد ذَلِك كَانَ اللَّوْن أَشد حمرَة والرسوب أقل أَو لَا يكون وَكَذَلِكَ إِن أَقَامَ الرجل لَا يغتذي الف وازداد الصَّبْغ وَنقص الرسوب فالرسوب الْكثير يدل على هضم كَامِل وعَلى انه يتفرغ من الْبدن أخلاط فِيهِ وَتخرج.
قَالَ: فأبوال الصّبيان أبدا كَثِيرَة الرسوب لِكَثْرَة أكلهم على غير تَرْتِيب فِي حركاتهم وَلِأَنَّهُ لَا ينجذب إِلَى عروقهم غذَاء فج الْقُوَّة.
قَالَ وَكَذَلِكَ أَيْضا يكون فِي أَبْوَال المحمومين من الامتلاء قشارة كَثِيرَة. وَأما من حم من صَوْم أَو تَعب لَا يكون فِيهِ واللون الَّذِي يكون منصبغاً جدا وتنحل أمراضهم على الْأَكْثَر من غير أَن يتَبَيَّن فِي أبوالهم رسوب. وَكَذَلِكَ أَبْوَال الأصحاء الكثيري التَّعَب القليلي الْغذَاء.
قَالَ: وَلذَلِك ذمّ أبقراط الْبَوْل الرَّقِيق الناري.
وَقَالَ: إِنَّه يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج.
وَقَالَ: وَبِالْجُمْلَةِ فالرسوب قل مَا يكون فِي الأبوال الرقيقة.
قَالَ: الرسوب الَّذِي يشبه النخالة الثخينة يدل على ذوبان الاسْتوَاء الْأَصْلِيَّة والحرارة مفرطة قد أحرقت الدَّم وَالَّذِي مثل الصفائح وَلَا ثخن لَهُ فَيدل على أَن ظَاهر الاسْتوَاء وسطحها يتَحَلَّل.
والرسوب الْأسود يدل على موت الْقُوَّة وَغَلَبَة الْبرد أَو شدَّة الاحتراق والحرارة وَأَشد مَا يكون إِذا كَانَ الْبَوْل والرسوب أسودين.)
والرسوب الْأسود أدل على الْهَلَاك من السجابة والتعلق أدل من السحابة على الْهَلَاك.
والرسوب الْأَخْضَر مُقَدّمَة السوَاد.
وَيكون فِي الْأَمْرَاض الْمهْلكَة الْبَوْل الْأسود بعد الْقَيْء وَالِاخْتِلَاف وَالْبَوْل الْأَخْضَر.
قَالَ: فإمَّا الرسوب الأسمانجوني فانه من الْبرد فَقَط.
وَأما الرّيح المنتنة فَإِنَّهَا من العفن.
وَإِمَّا الثفل الَّذِي يشبه الزَّيْت فانه يدل على السل.
وَخبر الرسوب الحميد الراسب ثمَّ الْمُتَعَلّق ثمَّ الطافي.
وَالْبَوْل المائي وَالْبَوْل الكدر يدلان على فجاجة فِي الْغَايَة والأشقر والناري إِذا كَانَا شديدي الرقة فانهما فجان وَالرَّقِيق فِي الصّبيان أشر.(5/225)
قَالَ: فِي الْأَمْرَاض البلغمية والسوداوية كلما كَانَ الرسوب فَهُوَ أشر وبالضد. فَأَما فِي الْأَمْرَاض قَالَ: لِأَن الْفساد الْخَارِج عَن الطَّبْع بِقدر عمل الطبيعة فِيهِ يَجْعَل ميله إِلَى ضد جِهَته الطبيعية.
الْبَوْل المائي يدل إِمَّا على عدم النضج وَإِمَّا على سدد فِي مجاري الكلى كَمَا يكون فِيمَن بِهِ ورم صلب فِي كلاه وَأما فِي الْمَرَض الحاد فَيدل على سرسام واختلاط فان دَامَ فعلى الْمَوْت وكل مَا قيل فِي الْبَوْل يدل على سدد فافهمه فِي آلَات الْبَوْل.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي لَا رسوب فِيهِ فِي الحميات اللَّازِمَة يدل على فجاجة العبلة.
الْبَوْل الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على الْمَوْت وخاصة عَن كَانَ منتناً وَكَانَ فِيهِ قشارة راسبة سود فمحال أَن يسلم من كَانَ بِهِ مرض حاد وبال هَذَا الْبَوْل وَإِن تقدم السوَاد أسمانجوني فِي الرسوب وَالْفَرغ فانه من الْبرد وَإِن تقدمه الْأَشْقَر فانه من كَثْرَة الف والحرارة والاحتراق.
قد يكون فِي انحطاط حمى الرّبع بَوْل اسود وَفِي انحطاط الْأَمْرَاض السوداوية وَهُوَ صَالح حميد.
الرسوب فِي أَبْوَال النِّسَاء يجب أَن يكون اكثر والصبغ انقص.
الرسوب الحميد هُوَ أَن تظهر أَولا سحابه ثمَّ يصير تعلقاً ثمَّ يرسب.
فَأَما الرسوب الْكثير من أول الْأَمر فانه يكون غليظاً سمجاً وَيكون الفرغ مِنْهُ أَيْضا سمجاً وَلَا يدل على نضج وَهَذَا الْبَوْل إِذا أقبل ينضج ظهر فِيهِ تعلق ثمَّ سَحَابَة ثمَّ رسوب بعد ذَلِك ثَان)
حسن قَلِيل.
قَالَ: وَهَذِه السحابة توهم الْجَاهِل أَن الْحَال أردأ لِأَنَّهَا كَانَت بعد رسوب وَلَيْسَ الْحَال كَذَلِك لِأَنَّهَا كَانَت بعد رسوب رَدِيء سمج فج وَإِنَّمَا كَانَت لِكَثْرَة التثور.
الدّهن الَّذِي يخرج على الْبَوْل يكون من ذوبان الشَّحْم وَيكون إِمَّا لذوبان شَحم الكلى وَإِمَّا لذوبان شَحم الْبدن كُله: فان كَانَ يخرج دفْعَة مِنْهُ شَيْء كثير وَكَانَ يجد فِي الكلى حرارة شَدِيدَة فانه من الكلى وبالضد.
من كتاب ينْسب إِلَى ج قَالَ: الأبوال الزيتية ثَلَاثَة وَذَلِكَ أَنه رُبمَا كَانَ فِي أَسْفَله شَيْء يشبه الزَّيْت وَكلهَا تدل على السل.
وَالْبَوْل الخاثر الشبيه بأبوال الْحمير يكون من فَسَاد أخلاط الْبدن.(5/226)
قَالَ: ولبول المرضى رَائِحَة لَا تشبه رَائِحَة أَبْوَال الأصحاء. وَلم أر قطّ بَوْل مَرِيض رَائِحَته مثل رَائِحَة أَبْوَال الأصحاء.
قَالَ: وَانْظُر هَل الْبَوْل قَلِيل أَو كثير ثمَّ انْظُر أيخرج بعسر أَو بسهولة أَو بوجع.
قَالَ: والسحابة السَّوْدَاء هِيَ من الْمَشَايِخ أردأ.
قَالَ: إِذا كَانَت الْحمى من عفن البلغم المالح كَانَ فِيهِ ثفل يشبه الخراطة وَإِن كَانَ من أخلاط مرارية صرفه كَانَ الرسوب أصفر.
قَالَ: أَبْوَال الأصحاء أترجي لَا رسوب فِيهِ إِن لم يكن قد ترك زَمَانا طَويلا وَلَيْسَ لَهُ ريح رَدِيئَة.
وَالْبَوْل بعد الطَّعَام يبيض وَلَا يزَال كَذَلِك حَتَّى يكون الهضم فيصفر ثمَّ ينصبغ إِن امسك عَن الْغذَاء ثمَّ يحمر وتحرف رَائِحَته إِن طَال ذَلِك. وَالْبَوْل الْكثير المتتابع بِلَا عَطش يدل على كَثْرَة الفضول فِي الْجِسْم وقلته على قلَّة الفضول.
إِذا كَانَ الْبَوْل غليظاً يجد صَاحبه ثفلا فِي رَأسه وَيبقى على ذَلِك فَأَنَّهُ سيحم.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ وجع الرَّأْس وثفل الْجِسْم دَلِيل الامتلاء ورداءة الأخلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر جدا الغليظ مَعَ ضعف الْمعدة وحكة فِي الْجَسَد يدل على كَثْرَة صفراء فِي الْبدن ويرقان.
الْبَوْل المائي الَّذِي يخرج كثيرا بِلَا عَطش ينتقى بِهِ الْبدن من البلغم.)
الْبَوْل الْكثير من غير إكثار الْأكل وَالشرَاب مَتى كَانَ مَعَ عَطش وقحل الْبدن قَلِيلا قَلِيلا إِن دَامَ أدّى إِلَى الدق.
الْبَوْل الْحَار عِنْد الْخُرُوج يدل على أخلاط حريفة فان كَانَ مَعَ لين دلّ على عفن وسيحم صَاحبه.
الْبَوْل الْكثير الْخَارِج بسهولة إِن كَانَ صَاحبه بِهِ وجع القولنج أَبرَأَهُ.
إِذا دَامَ الْبَوْل الغليظ الكدر تولدت الف وَفِي الكلى حَصَاة. فَإِذا وجد صَاحبه ثفلا فِي الْفَخْذ والساق فقد تولدت فِي الكلى حَصَاة.
الْبَوْل الْأَبْيَض الْجَارِي فِي غير وَقت الْعَادة يدل على وجع الرَّأْس والعنق والمنكبين وَصغر النَّفس.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي لَونه لون الدَّم الْمَحْض فِي الحميات رَدِيء وَكَذَلِكَ الزَّعْفَرَانِي المشبع رَدِيء.
وَالْبَوْل الرصاصي لَا سفل فِيهِ رَدِيء جدا.(5/227)
والأخضر وَالدَّسم رديئان.
والغليظ جدا رَدِيء وَالرَّقِيق جدا رَدِيء.
وَالَّذِي فَوق مَا يشرب أَو دونه أَو فِي عير وَقت الْعَادة أَو مَعَ عسر أَو مَعَ وجع رَدِيء.
إِذا دَامَ الْبَوْل فِي الْحمى بِحَالَة وَاحِدَة لَا يتَغَيَّر فَذَلِك شَرّ وَلَو كَانَ لوناً فَاضلا.
وَإِذا انْتقل الْبَوْل إِلَى المائية وَقد كَانَ قبل ذَلِك احمر فِي المحموم انْحَلَّت حماه.
الْبَوْل الْكثير الرسوب فِي الْحمى المزمنة دَلِيل على انحلالها إِذا دَامَ صبغ الْبَوْل فِي الحميات وَطَالَ الْبَوْل الْأَبْيَض المنتن الرّيح فِي الْحمى دَلِيل على اخْتِلَاط الْعقل وَالْمَوْت.
الْبَوْل الغليظ القلي فِي الْحمى المحرفة رَدِيء وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الْبَطن مُنْطَلقًا.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات يقل مرّة وَيكثر أُخْرَى فانه رَدِيء وَإِن كَانَت حادة دلّ على التَّهْلُكَة وَإِن كَانَت لينَة دلّت على طول الْمَرَض.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الْمِقْدَار فِي الْحمى الحادة دَلِيل على الِاخْتِلَاط والأحمر جدا الْقَلِيل جدا دَلِيل على طول الْمَرَض.
الْبَوْل الْأَبْيَض فِي جَمِيع أَوْقَات الْمَرَض مخوف رَدِيء.
الْأَحْمَر الْقَلِيل الَّذِي لَهُ رسوب أصفر فِي الْحمى الحادة رَدِيء.
الْبَوْل الْأَبْيَض فِي جَمِيع أَوْقَات الْحمى يدل على أَن الْحمى تنْتَقل إِلَى الرّبع.)
الْبَوْل الكمد فِي الْحمى الحادة رَدِيء. وَإِن كَانَ وَقت بحران أنذر ببحران رَدِيء.
وَإِن كَانَ الْبَوْل بعد البحران أَبيض فانه ستعود حمى تَأْخُذ بِبرد.
إِذا كَانَ الْبَوْل أشقر شَدِيدا فِي البرسام ووجع الرَّأْس فَذَلِك شَرّ.
إِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا أشقر شَدِيدا فِي البرسام أنذر بشر.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة شَبِيها بصدأ الْحَدِيد فِي لَونه دلّ على كزاز يعرض أَو عسر الْبَوْل الَّذِي مثل اللَّبن مهلك.
الْبَوْل الْأسود مَعَ ضيق النَّفس مهلك.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة كلون الْقَيْح وَعرض للمحموم غشى وعرق كثير عرض لَهُ كزاز.
إِذا احْتبسَ الْبَوْل فِي الْحمى الدائمة مَعَ وجع الرَّأْس وعرق كثير وَعرض مَعَ ذَلِك تقطيره ووجع الصلب والعانة وَفِي الْجَانِب الْأَيْمن أنذر بِالْمَوْتِ.
الْبَوْل الَّذِي كلون الدَّم الْخَالِص ينذر بِمَوْت بَغْتَة.
الْبَوْل الحامض الرّيح فِي الْحمى المحرقة مميت.
الْبَوْل الْأسود فِي ذَات الْجنب قَاتل.(5/228)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ الْمُنْقَطع دَال على الفالج.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل علق دم أسود والمحموم مطحول ذبل طحاله.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ الاسْتِسْقَاء مهلك. ب من كتاب فيثاغورس قَالَ: الَّذِي الف يبال صافياً وَيبقى صافياً يخبر أَن النضج مَعْدُوم والطبيعة عاجزة عَن النضج غير مبتدئة بِهِ.
وَأما الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الطبيعة قد بدأت بالنضج وَهُوَ خير من الأول.
وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على شدَّة الِاضْطِرَاب ومنتهى الْمَرَض وسلطانه وَشدَّة جِهَاد الطبيعة.
وَالَّذِي يبال كدراً فيصفو خير من الأول لِأَنَّهُ يدل على التثور أَنه قد سكن والطبيعة قد بدأت بالنضج وَالْمَرَض قد انحط.
الرقة لَا تكون مَعَ السوَاد والحمرة فان رَأَيْت ذَلِك فَاعْلَم أَنه قد حدث شَيْء يصْبغ كالحناء أَو شَيْء أكل كالزعفران أَو المري أَو نَحْو ذَلِك.)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ يدل على كَثْرَة الخام.
الغليظ الْأسود يدل على انحلال السوادء.
الغليظ الْأَحْمَر يدل على كَثْرَة الدَّم وَالْكرب والحمى اللَّازِمَة.
قَالَ: الرسوب الْأَبْيَض ثَلَاثَة: رسوب فضلَة الهضم فِي الْعُرُوق ورسوب خام ورسوب قيح بالقيح متقطع لاصق بِهِ منتن الرّيح ويصاحبه قبل ذَلِك أَعْلَام الدُّبَيْلَة وَمِنْه فِي المَاء انحلال وامتزاج مَا.
وَأما الخام فانه كدر غليظ لَا يسهل اجتماعه لكنه متشبث مُنْقَطع.
إِذا بيل ابْتِدَاء دهناً كثيرا فانه لذوبان شَحم الكلى وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل دهنية قَليلَة مُدَّة مَا ثمَّ انه الثفل الَّذِي مثل قطع اللَّحْم إِذا كَانَ بِلَا حمى حادة أَو طَوِيلَة وَلَا يهزل الْبدن فانه قطع لحم من الكلى وَإِذا كَانَ فِي حمى مزمنة أَو حادة فانه لذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة.
وَأَيْضًا إِذا كَانَ الْبَوْل مَعَ هَذَا الثفل الكرسني نضيجاً فانه من الكلى وَإِن كَانَ غير نضيج فانه من اللَّحْم لِأَن عدم النضج يخبر بِضعْف الأوردة كلهَا والنضج يدل على أَنه لَا عِلّة بالأوردة فَلذَلِك لَا يجوز أَن يكون ذَلِك اللَّحْم مِنْهَا.
الثفل الَّذِي مثل قشور السّمك يدل على أَن الْحمى قد أَقبلت تجرد من العصب وَالْعُرُوق وَالْعِظَام وَقد يكون مثل هَذِه القشور من المثانة ويفصل بَينهمَا بالفصلين الْأَوَّلين أَعنِي أَنه إِذا كَانَ مَعَ حمى أَو كَانَ غير نضيج فانه من انجراد الْأَعْضَاء وَإِذا كَانَ بِلَا حمى وَكَانَ نضيجاً فانه من الكلى.(5/229)
قَالَ والنخالي هُوَ أغْلظ من القشور وَأصغر وَيدل على أَن الإنجراد قد أَخذ فِي عمق الْأَعْضَاء العصبية والعظمية وَقد يكون من المثانة وَالْعُرُوق وَذَلِكَ الأول.
قَالَ: فَأَما السويق فانه يكون إِمَّا من الذبول وَإما من احتراق الدَّم وَالْفرق بَينهمَا أَنه كَانَ أَحْمَر اللَّوْن فانه من احتراق الدَّم وَإِن كَانَ أَبيض فَمن انجراد الْأَعْضَاء.
لي هَذِه الأثفال أَحدهَا مثل قطع اللَّحْم وَهِي مستديرة لحمية تسمى الكرسنى.
وَالثَّالِث نخالي وَهُوَ أَكثر عمقاً من الصفائحي وأصغر قدرا مِنْهُ أَبيض أَيْضا لَيْسَ بلحمي وَيُسمى النخاليّ.
وَالرَّابِع أَصْغَر مِقْدَارًا وَأَشد اخْتِلَاف شكل وَيُسمى الدشيشي والسويقي وَيكون أَبيض)
وأحمر.
فَأَما الفضول بَينهمَا إِذا كَانَ من احتراق الدَّم أَو من الكلى. أَو من المثانة أَو انجراد الْأَعْضَاء فَمَا قَالَ فِيهِ الف وجيد بَالغ.
قَالَ: الرسوبات الصفر والشقر والصهب لَا تأتلف مَعَ الْبَوْل الغليظ وَإِنَّمَا يكون فِي الرَّقِيق وَفِي المعتدل.
فَأَما الْأَحْمَر فيأتلف مَعَ الَّذِي مائل إِلَى الغلظ.
فَأَما الْبيض الحامية والسود وَالْخضر فتأتلف مَعَ الْغَلَط وَلَا تُوجد فِي الرَّقِيق.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل أَحْمَر مثل مَا يكون فِي بَوْل من بِهِ حمى صالب وغم شَدِيد يدل على أَن الْمَرَض نيء.
الغليظ الْأَبْيَض مَعَ ثفل أَبيض يدل على كَثْرَة الدَّم فَيكون كثيرا فِي الْحمى المحرقة مَعَ كرب وغم.
الْبَوْل الْمُتَوَسّط فِي الرقة والغلظ فِيهِ رسوب أشقر وأصهب مُجْتَمع أملس يدل على قرب من كتاب اصطفن قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو خَارِجا نعم الْبَوْل يدل على(5/230)
الطَّبْخ والنضج وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على قُوَّة الْمَرَض وَلَا يدْرِي إِلَى مَا يؤول أمره وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يتكدر بَوْل شَدِيد يدل على أَشد الْمَرَض وعَلى انه لم يبتدأ نضج.
الْبَوْل المزبد يدل على حرارة وَكَثْرَة رُطُوبَة وريح.
الْبَوْل الْكثير الألوان يدل على كَثْرَة الأخلاط فِي الْجَسَد.
من كتاب روفس قَالَ: إِذا ظهر الْبَوْل الزيتي بعد الْأسود فَهِيَ عَلامَة صَالِحَة تدل على انحلال الْمَرَض والزيتي فِي أول الْمَرَض رَدِيء.
قَالَ: الرسوب الَّذِي يشبه الزَّيْت رَدِيء جدا.
قَالَ: وَيجب أَن ينظر الطَّبِيب إِلَى الْبَوْل بعد أَن يبال بساعة وَلَا يُصِيبهُ شمس وَلَا ريح لِأَن ذَلِك يُغَيِّرهُ وَلَا يبال بولتان فِي قَارُورَة.
من كتاب مُحدث: الْبَوْل الكدر المنتن الضَّعِيف الْخُرُوج فِي الْمَرَض الحاد رَدِيء مهلك والأسمانجوني دَال أبدا على الْبرد.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل لون الزَّعْفَرَان دَال على علل بطيئة اللّّبْث وعَلى فَسَاد المزاج.
وَالْبَوْل الشعاعي الْبراق الْأَصْفَر دَال على الصَّفْرَاء وَشدَّة التهابها بِمِقْدَار شُعَاع الْبَوْل.)
قَالَ: أول الألوان الْأَبْيَض ثمَّ الحوصي ثمَّ الشعاعي ثمَّ القاني ثمَّ الزيتي ثمَّ الكراثي ثمَّ الأسمانجوني ثمَّ الْأسود ثمَّ الْأَشْقَر ثمَّ الْأَصْفَر ثمَّ الناري ثمَّ الأصهب ثمَّ الْأَحْمَر ثمَّ الْأسود.
والرسوب الْأَحْمَر يدل على الدَّم والأصفر على الصَّفْرَاء وَالْأسود على احتراق السَّوْدَاء أَو مِنْهَا نَفسهَا.
من كتاب أَحْمد بن عَليّ الطَّبِيب: الْحمرَة للْحرّ وَالْبَيَاض للبرد والصفاء لليبس والكدر للرطوبة.
الْبَوْل الْأَحْمَر الكدر يدل على الدَّم والحمرة للحرارة والكدرة للرطوبات وَكَذَلِكَ فَقل فِي سَائِر الكيفيات.
الرسوب المائل المتصعد إِلَى فَوق ينذر بطول الْعلَّة والمنحط إِلَى الْأَسْفَل ينذر بِسُرْعَة نضج والسحابة الَّتِي فِي وسط القارورة إِن امْتَدَّ ضوئها إِلَى فَوق فالعلة رَدِيئَة وَإِن امتدت إِلَى الْأَسْفَل فسليمة وَإِن كَانَت طافية إِلَى فَوق وضوئها يَمْتَد سفلاً فالطبيعة مغلوبة.
إِذا أردْت النّظر إِلَى السحابة فاستر أحد جَانِبي القارورة بِيَدِك عَن الضَّوْء فَإِنَّهَا لَا تخفى وَلَو كَانَت خُفْيَة.(5/231)
من كتاب مغنس قَالَ: الَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً يدل على غَايَة عدم النضج وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر يدل على أَن الطبيعة قد أخذت فِي الإنضاج الف ووالذي يبال ثخيناً وَيبقى بثخانة يدل على غَايَة الِاخْتِلَاط والتثور. وَأما الَّذِي يبال ثخيناً فيصفو فانه يدل على ابْتِدَاء النضج.
الْبَوْل الْأَشْقَر يدل على البرسام.
وكما ألف اللَّوْن والقوام ذكر مَا يأتلف: الْحمرَة لَا تأتلف مَعَ الرقة وَكَذَلِكَ السوَاد لِأَن الْبَوْل يحْتَاج أَن يغلظ قبل أَن يصير أَحْمَر لِأَن النضج يبْدَأ قَلِيلا فِي اللَّوْن لِأَنَّهُ أسهل عَلَيْهِ ثمَّ فِي القوام.
فمحال أَن يكون القوام غليظاً واللون غير نضج.
وَأما مَا قَالَه فِي الرسوب فأصله هَذَا الْبيَاض أفضل مَا يكون فِي الرسوب ثمَّ السّفل ثمَّ الملاسة ثمَّ أَصْحَاب فِي الْأَيَّام لِأَن الْبيَاض إِن عدم فالرسوب غير طبيعي الْبَتَّةَ والرسوب إِذا عدم فَلَيْسَ بتام النضج والملاسة مَتى عدمت فَلم يَسْتَوِي فعل النضج فِيهِ. والاستواء فِي الْأَيَّام إِن عدم فانه قد يكون النضج التَّام قد كَانَ فِي بعض الْأَيَّام وَلم يكن فِي بعض والاستواء فِي بعض الْأَيَّام إِنَّمَا)
يكون جيدا إِذْ كَانَ الرسوب حميدا. فَأَما إِذا كَانَ رديئاً فَإِنَّهُ لَا يكون مستوياً فَهُوَ أصلح لِأَن اسْتِوَاء الرسوب غير الطبيعي فِي جَمِيع الْأَيَّام يدل على قهر تَامّ للطبيعة كَمَا اسْتِوَاء الرسوب فِي جَمِيع يدل على قهر تَامّ للْمَرِيض.
مِثَال ذَلِك أَن الرسوب الْأَبْيَض الأملس إِذا كَانَ كَذَلِك فِي جَمِيع الْأَيَّام بِهَذِهِ الْحَال فَهُوَ دَلِيل نضج كَامِل وَإِن كَانَ الرسوب أَحْمَر أَو خشناً فَهُوَ أصلح أَن يكون يَوْمًا كَذَا وَيَوْما كَذَا لَكِن الرسوب الْأَبْيَض إِذا دَامَ بِحَالهِ أَجود من ذَلِك. وَمَتى كَانَت أَيَّام الصّلاح اكثر فَهُوَ خير وبالضد.
وَأما مِثَال الْأَفْضَل من الرسوبات فَالْأَفْضَل من الرسوب مَا كَانَ لَونه أَبيض راسباً أملس مستوياً ويتلوه فِي الْفضل مَا كَانَ أَبيض راسباً لَا أملس مستوياً وعَلى هَذَا مَتى كَانَ على الْحَال الأولى فَهُوَ افضل.
والثفل الكرسني دَال على ذوبان اللَّحْم من الكلى كَانَ أَو من غَيره.
والصفائح الْبيض تدل على ذوبان العصب وجرم الْعُرُوق وَالْعِظَام.
من الْمسَائِل الَّتِي انتزعها حنين من كتب أبقراط وجالينوس: الْبَوْل الرَّقِيق المائي رَدِيء لِأَنَّهُ غير نضيج.
الْبَوْل الْيَسِير رَدِيء لِأَنَّهُ يدل إِمَّا على ضعف الْقُوَّة المميزة أَو على ضعف الدافعة.(5/232)
الْبَوْل الغليظ الكدر الَّذِي لَا يصفو ويرسب فِيهِ شَيْء رَدِيء لِأَنَّهُ دَال على كَثْرَة الْحَرَارَة الملتهبة حَتَّى يحدث للأخلاط النِّيَّة الغليظة غلياناً تَاما وَضعف الْحَرَارَة الغريزية عَن نضج تِلْكَ الأخلاط.
الْبَوْل الرَّقِيق بعد البحران يكون إِذا لم ينق المرار بالبول.
الْبَوْل الْأسود الْقَلِيل الكمية فِي الْأَمْرَاض الحادة رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على أَن الْخَلْط المراري قد أحترق بِشدَّة حرارته وَأَن رُطُوبَة الدَّم قد أفنتها الْحَرَارَة.
الْبَوْل المائي الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد يدل على طول الْمَرَض ورداءته. أما طوله فللرقة وَإِمَّا رداءته فللسواد.
الرسوب الْأَحْمَر يدل على أَن مُدَّة الْمَرَض طَوِيلَة إِلَّا أَنه سليم جدا.
الْبَوْل الَّذِي يعود إِلَى الرقة من بعد الغلظ والنضج يدل على أَن الْمَرَض لَيْسَ من نوع وَاحِد لَكِن اكثر.)(5/233)
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الَّذِي فِيهِ رسوب ابيض إِذا باله العليل فِي الْيَوْم الف وَالثَّامِن يدل على السَّلامَة وَإِن كَانَت قد ظَهرت دَلَائِل مهلكة كَثِيرَة.
الْبَوْل المائل إِلَى الْحمرَة الكدر إِذا بيل فِي الْعشْرين لم يَأْتِ البحران وَلَا فِي الْأَرْبَعين.
الرسوب الْأَحْمَر إِذا كَانَ فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم الْأَرْبَعين لم يجِئ البحران وَلَا فِي السِّتين.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل فِي الْيَوْم السِّتين ثفل راسب ابيض أملس مستو دلّ على أَن البحران يَأْتِي فِي الثَّمَانِينَ.
البوم الَّذِي يعود إِلَى رقته فِي الْيَوْم السَّابِع عشر يدل على أَنه لَا يَأْتِي فِي الْعشْرين بحران تَامّ.
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الرَّقِيق دَال على أَن الْمَرِيض يسلم إِلَّا انه يطول مَرضه.
الْبَوْل الكدر الَّذِي لَا يصفو أصلا يدل على الْهَلَاك بِسُرْعَة وَهَذَا الْبَوْل رَدِيء جدا وخاصة فِي الْحمى الحادة إِذا ابتدأت مَعَ أَعْرَاض صعبة.
الْبَوْل الزيتي الَّذِي يبال فِي الرَّابِع يدل على أَن الْمَرِيض يَمُوت فِي السَّادِس.
وَإِذا بَال الْمَرِيض بولاً أَحْمَر ثخيناً فِي أول مَرضه فانه إِن كَانَ ذَلِك مَعَ رسوب أَحْمَر يسلم العليل لَكِن بعد طول وَإِن كَانَ خاثراً لَا يرسب وَلَا يصفو كَانَ مهْلكا.
الْبَوْل الَّذِي يكون فِي جَمِيع الْمَرَض كُله حسن اللَّوْن يدل على السَّلامَة.
الْبَوْل إِذا كَانَ فِي مُدَّة الْمَرَض كُله وَبعد البحران رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض سيعاود.
اللَّوْن الْحسن هُوَ الْأَصْفَر الرَّقِيق الصُّفْرَة.
والرسوب الأملس وَإِن كَانَ أَحْمَر يدل على سَلامَة أَكثر من الرسوب الْأَبْيَض إِذا كَانَ خشناً وَقد صَحَّ ذَلِك بأمثلة من المرضى فِي أبيذيميا.
وَإِذا كَانَ الرسوب مرّة أَحْمَر وَمرَّة أَبيض فان فِي الْبدن أخلاطاً كَثِيرَة.
الرسوب الْأَبْيَض مِنْهُ فضلَة نضج الْخَلْط الَّذِي فِيهِ.
الرسوب الْأَحْمَر إِذا كَانَ فِي الْبَوْل السَّابِع وَبعده رسوب أملس ثمَّ بحران فِي الرَّابِع عشر وَإِن كَانَ خشناً تَأَخّر البحران على قدر ذَلِك.
الْمُتَعَلّق الأدكن مَعَ دَلَائِل السَّلامَة يدل على أَنه يَأْتِي بحران جيد مَحْمُود لكنه يكون نَاقِصا.
إِذا دَامَ التَّعَلُّق فِي الْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة مَعَ دَلَائِل السَّلامَة كَانَ البحران بخراج وَرُبمَا كَانَت لَهُ عودة وَمكث مُدَّة طَوِيلَة وَقد يُمكن وَإِن لم يظْهر فِي الْبَوْل دَلِيل قُوَّة من دَلَائِل النضج أَن يتَخَلَّص)
الْمَرِيض فانه قد تخلص فلَان من مَرضه وَلم يكن فِي بَوْله دَلِيل نضج على طول الْمدَّة بنوعي البحران الَّذِي يكون بالاستفراغ وَالَّذِي يكون بالخراج.
لي إِذا طَال بَقَاء الْبَوْل على نهوته وَلم ترى للنضج أثرا بَينا فَلَا تحكم بِالْمَوْتِ إِلَّا أَن يكون مَعَ ذَلِك دَلِيل مهلك فانه قد يكون مُمكنا وَإِن لم يكن للنضج أثر قوي أَن يتَخَلَّص الْمَرِيض على طول الْمدَّة بتحلل الْمَرَض وَإِن لم يكن هُنَاكَ عَلَامَات رَدِيئَة وَإِنَّمَا يكون ذَلِك الْمَرَض إِذا كَانَ الْمَرَض لَيْسَ برديء الْخَلْط جدا.
لَا تحكم على الْبَوْل الْأسود وَإِن كَانَت مَعَه أَعْرَاض رَدِيئَة بِالْمَوْتِ.
إِذا رَأَيْت طبيعة تعْمل دَائِما استفراغات وقوته صَالِحَة فان رَأَيْت انه يخف على تِلْكَ الاستفراغات أَو يحسن حَاله فَذَلِك أولى من أَلا يَمُوت.
الْبَوْل الكدر العطب والغليظ الْأَحْمَر الَّذِي لَا يصفو فِي أَوَائِل الْمَرَض يدل على ورم فِي الكبد.
الْبَوْل الرَّقِيق إِذا كَانَ بعد الْأَحْمَر الغليظ الكدر الَّذِي لَا يصفو يدل على طول الْمَرَض.
كلما كَانَ المستقر فِي الْبَوْل الكدر أسْرع كَانَ أَجود وأدل على أَن فعل النضج فِيهِ ابلغ.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ أَشْيَاء مُتَعَلقَة بِمَنْزِلَة النخالة يكون من بلغم محترق بحرارة الْحمى وَيدل على صعوبة الْمَرَض.
إِذا كَانَ الْبَوْل رَقِيقا بعد البحران عاود الْمَرَض.
الْبَوْل الكدر يدل على قُوَّة الْمَرَض إِذا كَانَ الرسوب الْمَحْمُود قَلِيلا وتحا وَكَانَ ذَلِك فِي غير يَوْم الْإِنْذَار تَأَخّر البحران.(5/234)
الْبَوْل الَّذِي ينقص عَن النضج التَّام نُقْصَانا قَلِيلا لَا كثيرا يَكْفِيهِ رابوع وَاحِد حَتَّى يكمل نضجه.
رداءة الْبَوْل عَظِيمَة الْقُوَّة فِي جَمِيع علل الاسْتوَاء الَّتِي لَيست من آلَات الْبَوْل وَحسنه لَيْسَ لَهُ كَبِير دلَالَة على الْخَلَاص.
الْبَوْل الزيتي هُوَ الَّذِي يكون أصفر وَيضْرب صفرته فِي خضرَة سلقية وَهَذَا الْبَوْل لَا يدل على النضج وَلَا على شَيْء مَحْمُود.
لي لَا تحكمن على صَاحب الْبَوْل الْأسود وَإِن كَانَت مَعَه أَعْرَاض رَدِيئَة بِالْمَوْتِ إِذا رَأَيْت الطبيعة تعْمل دَائِما استفراغات وَالْقُوَّة صَالِحَة فان رَأَيْت أَنه قد يخف عَن تِلْكَ الاستفراغات)
أَو يحسن حَاله بهَا فَذَلِك أولى أَن لَا يَمُوت.
إِن ظهر بَوْل فِي غَايَة الْحسن وَكَانَ كثيرا فِي مرض شَدِيد الحدة أخرج العليل من الْمَرَض من الْغَد إِذا كَانَ فِي الثَّانِي أَو الثَّالِث بَوْل غليظ يرسب مَا فِيهِ سَرِيعا مَعَ دَلَائِل السَّلامَة وَشدَّة حِدة من الْعلَّة تخلص الْمَرِيض من مَرضه سَرِيعا.
الْبَوْل الْحسن اللَّوْن فِي الْأَمْرَاض الْعَارِضَة من الامتلاء يدل على أَمر مَحْمُود وقوته فِي ذَلِك عَظِيمَة جدا.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ أَشْيَاء كَثِيرَة مُتَعَلقَة كثيرا مَا يتبعهُ اخْتِلَاط الْعقل.
إِذا دَامَ الْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة رَقِيقا أسود دلّ على الْمَوْت لَا محَالة.
إِذا لم يكن فِي الْبَوْل الْكثير رسوب كثير فانه لَا يكون بِهِ بحران تَامّ يكن نَاقِصا معاوداً.
أَصْنَاف الرسوب الرَّمْلِيّ خَمْسَة: لون الكرسنة ولون الزرنيخ الْأَحْمَر واشعل ولون الرمل ولون الرماد فَالَّذِي مثل الكرسنة ولون الزرنيخ يحدثان بِمن فِي مثانته أوكبده عِلّة والأشعل والرملي فِي من فِي مثانته غلظ فَقَط الرَّمَادِي والكمد يدلان على بلغم وسوداء والأشقر والأشعل على إِذا كَانَ الْبَوْل دموياً فان الدَّم الَّذِي فِي الْعُرُوق رَقِيق رطب وَلذَلِك يخرج إِلَى الكلى وَيكون أقوى الْعُرُوق الَّتِي ينْهض مِنْهَا الْبَوْل إِلَى الكلى قد اتسعت.
إِذا خرج فِي الْبَوْل رمل اصفر فان فِي الكلى حرارة.
وَمن كَانَ مِنْهُم يَبُول الرمل دَائِما فان الْحَصَى لَا تَنْعَقِد فِي كلاه وَمن كَانَ مِنْهُم لَا يَبُول ذَلِك تعقدت العطب وَفِيه حَصَاة.
الْبَوْل الشبيه بالمني رُبمَا كَانَ بِهِ استفراغ للخلط اللزج وَفتح الأورام الَّتِي فِي الْجوف.
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض إِذا كثر كثيرا مَا يكون بِهِ بحران فَيُؤمن من الخراجات.(5/235)
يجب أَن يكون لون الْبَوْل بِحَسب ذَلِك الْخَلْط الْغَالِب فِي الدَّم.
وَالْبَوْل الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء والأحمر على الدَّم والأبيض على البلغم وَالْأسود على السَّوْدَاء.
وَإِذا خرج مَعَ الْبَوْل قع شَبيهَة فِي اللَّوْن والشكل بالكرسنة أَو العدس فان ذَلِك لذوبان الكبد إِذا خرج مَعَه قطع لحم صغَار فان ذَلِك من الكلى وَإِذا خرج مَعَه شَبيه بالصفائح فان ذَلِك من المثانة إِذا خرج فِيهِ دسومة فان ذَلِك لذوبان اللَّحْم السمين وَإِذا خرجت مَعَه قطع مقادير)
كجلال السويق إِلَّا أَنَّهَا لَيست بالبيض فَذَلِك من ذوبان اللَّحْم وَإِن كَانَت سَوْدَاء فَمن ذوبان إِذا بيل بعد اخْتِلَاط الْعقل بَوْل ثخين كثير كَانَ بِهِ انحلال الإنخلاط.
أَحْمد الأبوال مَا كَانَ فِيهِ رسوب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع مُدَّة الْمَرَض وَإِذا كَانَ كَذَلِك يكون الْبَوْل أصفر رَقِيقا إِلَى الصُّفْرَة وقوامه يكون بَين الغليظ وَالرَّقِيق وَهَذَا الْبَوْل ينذر مَعَ السَّلامَة بقصر الْمَرَض.
إِذا بيل الْبَوْل مرّة صافياً وَمرَّة كدراً فالمرض أطول وخطره اكثر لِأَنَّهُ يدل على أَن بعض الأخلاط قد نَضِجَتْ وَبَعضهَا لَا.
إِذا كَانَت حَال العليل متوسطة فِي الْجَوْدَة والرداءة فانه إِن بَال بولا حسنا تخلص بِسُرْعَة وَإِن بَال بولاً رديئاً مَاتَ بِسُرْعَة وَإِن بَال بولاً متوسطاً مَاتَ بعد بطأ.
الثفل الَّذِي يكون راسباً فِي الْبَوْل وَهُوَ رَقِيق أَبيض يشبه الرغوة فِي غَايَة الرداءة وَذَلِكَ لِأَن بياضه لَيْسَ من أجل النضج لَكِن من أجل أَنه رَقِيق ينفذ فِيهِ الضَّوْء لِأَنَّهُ خَارج عَن الطبيعة وَهُوَ اشر وأردأ.
لي هَذَا الرسوب يشبه الخام وَلَا شَرّ لَهُ.
الْبَوْل الْأَصْفَر الرَّقِيق يدل على أَن الْعلَّة نِيَّة وَإِنَّمَا صفرته إِنَّمَا أَتَت من أجل الْمرة الصَّفْرَاء. وَإِنَّهَا كَثِيرَة قد خالطت الْبَوْل المائي من أجل النضج وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ قوام الْبَوْل فِيهِ غلظ.
لي من هَهُنَا يجب أَن يطْلب النضج أبدا فِي القوام وَتعلم إِذا رَأَيْت بولاً مشبع الصَّبْغ رَقِيقا أَن الصَّبْغ عرض فِيهِ كَمَا قَالَ لِكَثْرَة الْمرة والحرارة لَا للنضج وَلَوْلَا ذَلِك لَكَانَ مَعَ شدَّة الصَّبْغ ثخيناً لِأَن من شَأْن النضج أَن يثخن قوام الْبَوْل أبدا ثخناً معتدلاً فَأَما الثخين جدا فَأَنَّهُ يكون من تثور الأخلاط إِذا دَامَ الْبَوْل على الرقة والصفرة الضعيفة مُدَّة طَوِيلَة فَعَلَيْك بِالنّظرِ فِي الْقُوَّة لِأَن هَذَا يدل على طول مُدَّة الْمَرَض فَلذَلِك لَا يُؤمن أَن يبْقى العليل إِلَى استكمال النضج لَكِن يتْلف.
الْبَوْل المائي أدل الأبوال على التّلف لِأَنَّهُ يدل على تخلف النضج أصلا وَشدَّة ضعف الْقُوَّة.(5/236)
الْبَوْل المنتن قوي الدّلَالَة على الْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على شدَّة التعفن.
الْبَوْل الْأسود أدل الأبوال على الْمَوْت الفو لِأَنَّهُ يكون من إفراط الْحر وَإِمَّا من إفراط الْبرد وَكلما كَانَ الْبَوْل الْأسود اغلظ كَانَ اردأ.)
الْبَوْل الَّذِي لَونه طبيعي إِلَّا انه فِي غَايَة الغلظ رُبمَا دلّ على التّلف وَبِمَا كَانَ بِهِ بحران قريب إِذا كَانَ البد يخف عَلَيْهِ ويحتمله.
الْبَوْل الْأسود فِي المتناهي أردأ وَفِي الصّبيان فالقليل الرسوب وَالْأسود فيهم أقل خطراً.
الدسم الَّذِي يطفو فَوق الْبَوْل بِمَنْزِلَة نسج العنكبوت رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على الذوبان.
كلما كَانَت السحابات والتعلق تهوي وتميل إِلَى الْأَسْفَل فَهُوَ اصلح وَإِن كَانَت تميل إِلَى فَوق فَهُوَ شَرّ وَكلما كَانَت تميل إِلَى الْبيَاض أَو إِلَى الْحَرَارَة فَهُوَ اصلح وَإِن مَالَتْ إِلَى السَّوْدَاء والخضرة فَهُوَ أشر.
الرسوب الْكثير فِي الْبَوْل إِنَّمَا يكون مَحْمُودًا إِذا كَانَ بعد النضج وَإِذا كَانَ الْبَوْل قد كَانَ قبلَ ذَلِك رَقِيقا وَإِمَّا فِي أول الْمَرَض وَقبل النضج فانه يدل على غلظ الْمَادَّة وَكَثْرَتهَا وثقلها.
الْبَوْل الخاثر الشبيه ببول الدَّوَابّ يدل على صداع إِمَّا سالف وَإِمَّا حَاضر وَإِمَّا مُسْتَأْنف وَيكون ذَلِك إِذا كَانَت حرارة كَثِيرَة وتعمل فِي مَادَّة غَلِيظَة.
والغمامة الْحَمْرَاء مَتى ظَهرت ظَهرت فِي الرَّابِع كَانَ البحران فِي السَّابِع وَإِن ظَهرت فِي مَا بعده من الْأَيَّام لم يكن البحران مثل ذَلِك من الْأَيَّام لَكِن فِي ضعفها ثَلَاثَة أَضْعَاف.
قَالَ: مَا رَأَيْت أحدا مِمَّن فِيهِ ورم فِي الدِّمَاغ بَوْله مائي تخلص.
الْبَوْل الَّذِي يقوم فَوْقه غلظ يدل على عِلّة بَارِدَة فِي الكلى طَوِيلَة اللّّبْث.
ابْن سرابيون فِي الكناش قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا جدا مائياً مَعَ ثفل فِي الْقطن وَضعف فِي السَّاق فَفِي الكلى ورم صلب وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل دموية وأخلاط غَلِيظَة مُخْتَلفَة تتَمَيَّز سَرِيعا فَإِذا وضع وَسَاءَتْ منح حَال العليل على ذَلِك وهزل فان مجاري الكلى الَّتِي يتصفى فِيهَا الدَّم الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات قَالَ: العفونة الَّتِي تكون للأخلاط فِي جَوف الْعُرُوق شَبيه بالعفونة الَّتِي تكون فِي الأورام فَكلما أَن فِي الأورام دَلِيل غَلَبَة الطبيعة الْمدَّة الْبَيْضَاء الَّتِي لَيست مُنْتِنَة الملساء كَذَلِك فِي العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق دَلِيل غَلَبَة الطبيعة الرسوب الْأَبْيَض الأملس المستوي.
قَالَ: وكما أَن الْمدَّة الجيدة والرديئة بِلَا نِهَايَة كَذَلِك هَذَا الرسوب هُوَ الْجيد والرديء مِنْهَا مَا لَا يُحْصى نِهَايَة ورداءتها بِقدر بعْدهَا مِنْهُ والرسوب هُوَ العفن الْكَائِن دَاخل الْعُرُوق كالمدة من الْخراج.)(5/237)
لي لذَلِك صَار الرسوب الحميد دَلِيلا على تصاعده وَإِلَّا فعلى أَن نِهَايَة الْمَرَض قد كَانَت لِأَنَّهُ كَمَا أَن أصعب أَوْقَات الْخراج فِي الحميات حَيْثُ تتولد الْمدَّة فَإِذا تولدت طفئت الْحَرَارَة كَذَلِك أصعب أَوْقَات العفن الَّذِي فِي الْعُرُوق حِين يتَوَلَّد ذَلِك فَإِذا تولد فقد تمّ نضج الْخَلْط وَيكون مَا هُوَ شبه الْمدَّة وَلذَلِك لَيْسَ الرسوب الَّذِي فِي أَبْوَال الأصحاء بحميد لِأَنَّهُ يدل على أَنه فِي الْعُرُوق فضلا احْتَاجَت الطبيعة الف وَأَن تهضمه زَائِدا على حَاجَتهَا للغذاء وَلذَلِك ترى أبدا هَذَا الرسوب فِي الأصحاء فِي أَبْوَال المسمنين والمبلغمين وَالَّذين يستعملون الدعة والإكثار من الْغذَاء فَإِنِّي لم أر ابْن عبدويه يَخْلُو أبدا من رسوب كثير وَلَا رَأَيْت فِي مَاء أبي حَازِم قطّ فِي صِحَّته رسوباً وَفِي مَرضه بكد مَا يكون رسوب لِأَن حَاله حَال الْخراج الصَّغِير الْقَلِيل الكمية وَإِن كَانَ قوى الْكَيْفِيَّة.
فَأَما فِي الْأَمْرَاض فالرسوب الحميد الْعَلامَة الصادقة على غَلَبَة الطبيعة وقوتها الفاضلة فِي الحميات المطبقة لِأَن العفن هَهُنَا دَاخل الْعُرُوق وَفِي القوية الْحَرَارَة لِأَن هَهُنَا الْفضل أَيْضا ينضج سَرِيعا جملَة فَأَما الحميات الطَّوِيلَة فحالها حَال الخراجات البليدة كَمَا أَن لَا يكون فِي هَذَا مُدَّة غزيرة لَكِن يكون تحلل وصديد كَذَلِك حَال هَذِه الحميات أَعنِي البلغمية والسوداوية فاطلب أبدا فِي الحميات المطبقة والحادة الرسوب وَلَا تَعْتَد بنضج سواهُ فَأَنَّهُ مَا لم يرى هَذَا يدل على أَن الْفضل لم ينضج كالحال فِي أَن الْمدَّة لم تكن وَإِذا لم يكن نضج الْبَتَّةَ كَانَ الْحَال فِي الْعُرُوق كَحال العفن فِي الخراجات فاستحوذت الرداءة على الْعُرُوق وَالْقلب كَمَا يستحوذ العفن على ذَلِك الْعُضْو وكما أَن ذَلِك موت ذَلِك الْعُضْو كَذَلِك هُوَ ذَلِك موت الْقُوَّة الحيوانية فَلَا تثق فِي المطبقة الحادة إِلَّا بالرسوب والغمامة فِي الْأَبدَان النحيفة لِأَنَّهُ يُمكن أَن يكون ذَلِك الْفضل فِي الْعُرُوق قد نضج واستحال وَلم تَجِد رسوباً لِأَن مَحل ذَلِك كمحل من قَالَ: إِن الْخراج قد نضج وَلَيْسَ تُوجد مُدَّة وَقد رَأَيْت فِي أبي حَازِم وَهُوَ على غَايَة حر المزاج أَنه على حَال لَا يخرج من علته المطبقة إِلَّا بعد رسوب على أَن حرارة الْحمى تدل فَكلما أَن الْحَرَارَة لَا تسكن دون تَمام كَون الْمدَّة كَذَلِك لَا تسكن فِي هَذِه الْحمى وَلَا تطفأ الْحَرَارَة وَلَا يصير النبض وَالنَّفس أَصْغَر إِلَّا عِنْد النضج أَو عِنْد اسْتِيلَاء الْخَلْط على الْقُوَّة الحيوانية وَبعد ذَلِك لَا يكون إِلَّا بِالْمَوْتِ وَكَذَلِكَ مَتى رَأَيْت الْحَرَارَة قد سكنت من غير إمارات النضج فان الطبيعة قد قهرتها الْعلَّة.
لي وَمن جَمِيع الحميات الْبَوْل الْأسود والمنتن مثل الْمدَّة العفنة والصديد السَّائِل من الْخراج عِنْد)
تعفن الْعُضْو ورداءته.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل متبدد نضيج نصف النضج.
3 - (من كتاب الدَّلَائِل)
الْأَصْفَر المشبع يدل على غَلَبَة المرار فِي الْبدن جدا وَهُوَ نَارِي وَهُوَ أسخن الأبوال(5/238)
الْأَحْمَر الَّذِي لَيْسَ بغليظ جدا وَلَا مائل إِلَى السوَاد يدل على أَن الدَّم فِي الْبدن كثير فَلذَلِك يخالط الْبَوْل من مائيته شَيْء كثير أعي من مائية الدَّم وَلذَلِك هُوَ أسكن من الأول لَكِن زمَان أطول وَهُوَ أَيْضا أسلم من الأول إِلَّا أَنه الف وَأَقل حِدة وحرافة.
لي هَذَا مُوَافق لما ذكرنَا.
لي الخيارشنبر يصْبغ المَاء غَايَة الصَّبْغ كَمَا تفعل الْحِنَّاء وَيجب أَن تتفقد جَمِيع ذَلِك.
وَقَالَ: جملَة ألوان الْبَوْل: الْأَبْيَض الرَّقِيق والأصفر الرَّقِيق وَبعد الْأَصْفَر أَكثر وَاغْلُظْ وَبعده الناري وَهُوَ رَقِيق ناصع الصُّفْرَة وَهُوَ الْأَشْقَر الناري والأحمر الرَّقِيق ثمَّ الْأَحْمَر القاني ثمَّ الْأَخْضَر ثمَّ الْأسود والأخضر هُوَ الزيتي ثمَّ اللبني وَيدل على غَلَبَة الْخَلْط الخام أَو الْمدَّة.
قَالَ: وَالَّذِي يرى فِي هَذِه الحميات من هَذِه الألوان الْأَشْقَر والأحمر فَأَما سواهَا فَلَا يكون إِلَّا فِي الندرة.
قَالَ: وَالْبَوْل الْأَحْمَر الَّذِي فِيهِ مائية الدَّم يدل على أَن الدَّم رَقِيق لم يكمل نضجه فَلذَلِك ينذر بطول إِلَّا أَنه سليم.
قَالَ: وَبَوْل أَصْحَاب الْحَصَى يكون رَقِيقا لِأَن الثخين مِمَّا فِيهِ يسْرع اللزوق بالحصى المنعقدة.
قَالَ: وَالْبَوْل يكون فِي اليرقان أسود أَحْمَر لِأَن مجاري المرارة منسدة فَيذْهب مَعَ الدَّم شَيْء مِنْهَا إِلَى الْبدن فيصفر وَتبقى مِنْهَا بَقِيَّة كَثِيرَة فِي الكبد فتشيط الدَّم وتحرقه فيسود لذَلِك الْبَوْل.
قَالَ: مَتى كَانَ قوام الْبَوْل غليظاً فانه يدل على أخلاط نِيَّة عديمة النضج إِلَّا أَن تكون ذَلِك طَرِيق النَّقْص فِي البحران وَإِلَّا فَهُوَ رَدِيء.
لي حِينَئِذٍ أَيْضا يدل على أَن الْبدن ينتقى من الأخلاط النِّيَّة.
وَالرَّقِيق أَيْضا غير نضيج إِلَّا أَنه أبعد من النضج من الثخين لِأَن الرَّقِيق يدل على أَنه لم يكن للنضج أثر بعد.)
وَالَّذِي يكون أَولا رَقِيقا ثمَّ يغلظ يدل على النضج وبالضد.
والمتثور كبول الْحمير يدل على أخلاط نِيَّة عديمة النضج إِلَّا أَن يكون ذَلِك على غير التَّحْصِيل لم تنضج فان كَانَ حِينَئِذٍ مَعَ ذَلِك صبغ فَهِيَ أخلاط فِيهَا حرارة فان كَانَ كاللبن فأخلاط فِي غَايَة الفجاجة.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مرّة ثخيناً وَمرَّة رَقِيقا دلّ على أَن النضج هُوَ ذَا يكون إِلَّا أَن الطبيعة لم تقف على حَالَة وَاحِدَة.(5/239)
وَإِذا كَانَ الْبَوْل إِذا بيل رَقِيقا أَو غليظاً ثمَّ لم يبْق إِلَى حَاله تِلْكَ لكنه يروق إِذا كَانَ رَقِيقا أَو يتثور فانه أَحْمد وَأقرب من النضج من الَّذِي يبْقى بِحَالهِ على رقته أَو غلظه وَكلما كَانَ الْوَقْت فِي تغيره أقصر كَانَ ذَلِك أَحْمد.
وَالَّذِي يبال متثوراً ثمَّ يصفوا أَحْمد من الَّذِي يبال صافياً ويتثور وَهُوَ احْمَد من الَّذِي يبْقى على رقته وَمن الَّذِي يبال غليظاً وَيبقى على غلظه.
قَالَ: والثفل الراسب الغليظ فِي الْبَوْل مُنْذُ أول الْمَرَض ينذر بِطُولِهِ وخاصة إِن كَانَ أَبيض فان وَإِن كَانَ فِي الْبَوْل رسوب فِي غَايَة الْجَوْدَة وَالْحَمْد إِلَّا أَنه فِي أول الْمَرَض وهون مَعَ ذَلِك كثير فالبدن مَمْلُوء من الْخَلْط الني إِلَّا أَن الطبيعة قَوِيَّة لَهُ قاهرة عَلَيْهِ وَلذَلِك ينذر بطول من الْمَرَض وسلامة الف ووإذا كَانَ ذَلِك فِي انْتِهَاء الْمَرَض بعد رقة كَانَت من الْبَوْل فَذَلِك ينذر بِسُرْعَة فِي انْقِضَاء الْمَرَض.
الثفل الشبيه بفتات العدس يدل على غَلَبَة الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى أَنه يحرق الدَّم.
قَالَ: وَفِي الْأَكْثَر تكون الأثفال بلون المَاء فَإِذا خَالف فالأبيض مِنْهَا أصلح ثمَّ الْأَحْمَر ثمَّ الْأَصْفَر ثمَّ الزرنيخي ثمَّ العدسي وسائرها مثل الكرسني وَنَحْوه.
قَالَ: وَكلما قل الشَّرَاب كَانَ الْبَوْل أَكثر صبغاً وَأَقل رسوباً وبالضد وَإِذا كَانَ بَوْل أَصْحَاب اليرقان أقل وأميل إِلَى الصُّفْرَة كَانَ أردأ وأدل على الاسْتِسْقَاء.
قَالَ: 3 (الْبَوْل الدموي حميد فِي عِلّة الطحال) قَالَ: وَاحْمَدْ الْبَوْل فِي أبيذيميا النقرس والمفاصل الْبَوْل الْكثير الَّذِي فِيهِ ثفل كثير لزج مخاطي وَقد يبال الدَّم أَكثر بعد الْإِحْصَار الشَّديد وَبعد سقطه.
وكل بَوْل لَا يصفو وَلَا يسْتَقرّ فَهُوَ دَلِيل على ريح نافخة.
وَخير الْبَوْل فِي القولنج الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل كثير أَبيض.
لي كنت اسقي رجلا مَاء الْجُبْن فَجَاءَنِي مَاؤُهُ يَوْمًا وَهُوَ فِي صُورَة من يَبُول مُدَّة.
لي أعلم انه كثيرا مَا يغريك الرسوب حَتَّى تظن أَنه لَيْسَ الْبَتَّةَ لقرب الْوَقْت بِأخذ الْبَوْل فَلَا تثقن بالبول أَنه لَا رسوب فِيهِ الْبَتَّةَ إِذا كَانَ قريب الْعَهْد لَكِن أعلم انه لَو كَانَ نضيجاً مستكملاً لَكَانَ سيرسب فِيهِ سَاعَة يبال بعد أَن يتْرك بِمِقْدَار مَا يكون أبرد مِمَّا هُوَ فِي الْبدن فان الْكَامِل النضج يَكْفِيهِ هَذَا الْمِقْدَار حَتَّى يرسب فَأَما النَّاقِصَة فَلَا فَلذَلِك أرى مَتى عنيت بالنضج وتعرف حَاله أَن تسْأَل: مَتى يَبُول ثمَّ لَا تَأمر بصبه لَكِن انْظُر إِلَيْهِ بعد سَاعَة وساعتين وَثَلَاث إِلَى السِّت فَإِنِّي كم مرّة رَأَيْت رسوباً حميدا ظهر ارْتِفَاع النَّهَار وَلم يكن بِالْغَدَاةِ ظَاهرا.(5/240)
لي لَا أعلم أَنِّي رَأَيْت أحدا بِهِ مرض حميات حادة خرج مِنْهَا إِلَّا برسوب فِي الْبَوْل وَلَقَد رَأَيْت امْرَأَة جدرت فَظهر الرسوب فِيهَا بعد الْأَرْبَعين يَوْمًا وَلم تزل هَذِه الْمَرْأَة مَعَ ذهَاب الجدري محمومة أَيَّامًا كَثِيرَة حَتَّى ظهر الرسوب بعد الْأَرْبَعين وَهِي ابْنة عبد ربه.
لي يحْتَاج الْفرق بَين الْبَوْل الكدر والبارد فَلَا تحكمن بكدره دون أَن تعلم أَنه لم يبرد وَبَينهمَا فِي المنظر أَيْضا فرق وَذَلِكَ أَن الْبَارِد يكون فِيهِ جمود أَبيض لِأَن الجامد مِنْهُ شَحم وَلَا يكون وَصَحَّ من هَذَا الْموضع أَعنِي كتاب البحران وَغَيره من الْكتب أَن الْبَوْل الْأَحْمَر دموي وَأَنه اقل حرارة من الناري وَيحْتَاج من المحمومين إِلَى الفصد من أَصْحَاب الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ وَأما أَصْحَاب الْبَوْل الْأَصْفَر الناري الرَّقِيق فَلَا لِأَن حماهم تزداد بذلك حِدة ورداءة.
الْمقَالة الأولى الف وَمن كتاب البحران قَالَ: 3 (مَحل الرسوب من الْبَوْل) مَحل الْمدَّة من الورم فَكلما أَنه لَا يُمكن أَن يكون بعد تولد الْمدَّة للورم الْحَرَارَة والالتهاب كَذَلِك لَا يُمكن أَن يكون بعد رسوب الْأَبْيَض للحمى صولة الْبَتَّةَ.
من كتاب الدَّلَائِل قَالَ: تفقد من الْبَوْل ثَلَاثَة أَشْيَاء: لَونه وقوامه وَمَا يرسب فِيهِ فان أعظم الْقَصْد إِنَّمَا هُوَ لهَذِهِ وتفقد مَعَ ذَلِك رَائِحَته وَمِقْدَار حرارته فِي اللَّمْس وحدته فِي الطّعْم وَذَلِكَ أَن الْبَوْل الصَّحِيح لَيْسَ بِشدَّة النتن وَالْقَوِي النتن يدل على عفن قوي وَالْبَوْل الطبيعي إِذا كَانَ حاراً فَلَيْسَتْ حرارة لمسه بمفرطة وَإِمَّا المفرط اللذاع فَيدل على حرارة فِي الْغَايَة.
وَحُمرَة الْبَوْل تدل على انه قد خالطه شَيْء من مائية الدَّم وَأما الْأَصْفَر فَيدل على الصَّفْرَاء.
لي لَا تفصد فِي الْمَرَض الحاد من بَوْله أشقر نَارِي رَقِيق الْبَتَّةَ.
لي على مَا قَالَ: وَالْأُصُول من الألوان: المائي والأصفر الرَّقِيق الصُّفْرَة الَّذِي يشبه مَاء التِّين وَالْقَوِي الصُّفْرَة الَّذِي يشبه صفرَة الْبيض والبالغ الصُّفْرَة الَّذِي يشبه لون النَّار والأحمر مِنْهُ الرَّقِيق الْحمرَة الَّذِي يشبه غسالة اللَّحْم وَمِنْه الْكثير الْحمرَة الَّذِي يشبه الزَّعْفَرَان وَمِنْه القني الْحمرَة الَّذِي يمِيل إِلَى السوَاد وَمِنْه الدموي الْمَحْض وَمِنْه الْأسود وَهُوَ إِمَّا رَقِيق السوَاد وَإِمَّا يشبه المري وَمِنْه اللبني الَّذِي يشبه مَاء اللَّبن وَمَاء الْجُبْن وَمِنْه الزيتي الَّذِي يشبه الزَّيْت بَين الصُّفْرَة والخضرة وَمِنْه الْأَخْضَر الَّذِي يضْرب إِلَى لون المرار وَمِنْه الأدكن وَهُوَ الَّذِي يكون للمستسقين كثيرا وَمِنْه الَّذِي فِيهِ مُدَّة وَيُشبه مَاء الْجُبْن وَمِنْه مَا فِيهِ مائية الدَّم فَهُوَ الْقسم الْأَعْضَاء من الْأَحْمَر.
قَالَ: الرسوب فِي الْبَوْل كالمدة فِي الأورام فانه إِذا كَانَت الطبيعة هِيَ المستولية الْغَلَبَة كَانَ أَبيض أملس لَيْسَ بمنتن جدا وَإِذا كَانَت الطبيعة ضَعِيفَة كَانَت الْمدَّة سَوْدَاء أَو خضراء مُنْتِنَة مُخْتَلفَة الْأَجْزَاء رقيقَة صديدية أَو مثل الدردي. 3 (بَوْل أَصْحَاب الْحَصَى) فِي المثانة مائي رَقِيق.(5/241)
قَالَ: لِأَن الْحَصَى تجذب بالمشاكله كدر الْبَوْل وَأَنا لَا أستصوب هَذِه الْعلَّة فَأَما التجربة فتوجد ذَلِك وتحتاج أَن تبحث عَنهُ. قَالَ: أما قوام الْبَوْل فانه مَتى كَانَ ثخيناً دلّ على أَن الأخلاط فِي طَرِيق النضج لَكِن لم تنضج بعد إِلَّا أَن يكون ذَلِك عَن طَرِيق النَّقْص بالبحران وَمَتى كَانَ رَقِيقا دلّ على أَن الأخلاط لم يحدث فِيهَا أثر النضج بعد أصلا.
وَإِن كَانَ يرق مرّة يغلظ أُخْرَى دلّ على أَن الأخلاط فِي مجاريه لم يستول عَلَيْهَا النضج.
وَالْبَوْل الَّذِي يبال رَقِيقا أَو غليظاً ثمَّ لَا يبْقى على رقته أَو غلظه لكنه إِن كَانَ غليظاً تميز فرق وَإِن كَانَ رَقِيقا تثور فثخن احْمَد من الَّذِي يبْقى على رقته أَو على غلظه وكل مَا كَانَت مُدَّة تغيره أقصر فَهُوَ أَجود وَالَّذِي يتَمَيَّز فيصفو يعد أَجود من الَّذِي يتثور فيكدر لِأَن الأول يدل على أَنه فِي النضج قد عمل وَالثَّانِي على أَنه لم يعْمل إِلَّا أَنه مزمع أَن يعْمل فَلذَلِك صَار هَذَا أصلح من الثَّانِي على رقته.
والثفل الراسب الف وشكله الطبيعي أَن يكون مستديراً فان لم يكن مستديراً فَلَيْسَ بجيد.
والرسوب الْكثير الغليظ فِي أول الْمَرَض ينذر بطول الْمَرَض وَإِن كَانَ أَبيض فان مَعَ ذَلِك بلون آخر فَهُوَ إِن كَانَ أَحْمَر أَبْطَأَ إِلَّا أَنه سليم وَإِن كَانَ غير ذَلِك فرديء.
فَأَما الرسوب اللَّطِيف فانه يدل على نضج إِلَّا أَنه إِن كَانَ أَكثر مِمَّا يجب فانه يدل على أَن فِي الْبدن فضلا كثيرا.
لي افهم اللَّطِيف مَا يشبه التقطير والغليظ مَا يشبه الخام.
قَالَ: والرسوب النخالي يدل على ذوبان الْبدن واستيلاء الْحَرَارَة المحرقة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السويقي وَإِمَّا الَّذِي كَقطع اللَّحْم فعلى قرحَة فِي الكلى وَإِمَّا الصفائحي فعلى قرحَة فِي المثانة وَإِمَّا الرَّمْلِيّ فعلى حَصى فِي الكلى والمثانة وَأما الَّذِي يشبه فتات العدس المقشر فَيدل على الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى انه يجفف بعض الدَّم فيفقده.
وأجودها يعد الْأَبْيَض والأحمر ثمَّ الْأَصْفَر وأردأ الْأَحْمَر الَّذِي يشبه الزرنيخ الْأَحْمَر لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمَرَض أطول وَأبْعد من النضج.)
فِي الْأَكْثَر يكون الرسوب بلون المائية وَرُبمَا خَالف فَلِأَن يكون إِلَى الْبيَاض أميل فَهُوَ أَجود وبالضد وَمَتى كَانَ الْبَوْل المنقرس أَكثر واشد صبغاً كَانَ احْمَد وَمَتى كَانَ أقل كمية وأميل إِلَى الْبيَاض فَهُوَ أشر وأدل على الاسْتِسْقَاء.
وَأحمد للمطحول الدموي وللمنقرس الْكثير الَّذِي فِيهِ رسوب كثير لزج مخاطي.
وَبَوْل الدَّم فِي الْأَكْثَر يكون من الْإِحْصَار الشَّديد أَو من ضَرْبَة أَو سقطة وَيكون فِي النِّسَاء من الطمث.(5/242)
وَأَصْحَاب علل الكلى يَنْتَفِعُونَ بالبول الْكثير الغلظ.
وكل بَوْل لَا يسْتَقرّ وَلَا يصفو يدل على ريح غَلِيظَة.
قَالَ فِي الْمقَالة الأولى من أَصْنَاف الحميات: وَقد وصفت أَصْنَاف الْبَوْل فِي كتاب البحران وَلم يذكر ذَلِك فِي فهرسته وَلَا نقل المترجمون كتابا فِيهِ وَلَو كَانَ لَهُ فِي ذَلِك كتاب خَاص لَكَانَ قد ذكره هَهُنَا كَمَا يدل ذكره فِي كتاب البحران تحرر ذَلِك إِن شِئْت.
الأولى من الثَّانِيَة من أبيذيميا قَالَ: الْأَطِبَّاء وأبقراط خَاصَّة يعنون بالثفل والتعلق الغمامي الَّذِي لَيْسَ بخالص الْبيَاض وَلَا السوَاد لكنه بَينهمَا وَهَذَا الثفل متوسط بَين الْجَوْدَة والرداءة وعَلى حسب ميله إِلَى الْبيَاض تكون قلَّة رداءته وبالضد.
لي افهم بعد هَذَا من الْغَمَام هَذَا لَا التَّعَلُّق وافهم من التَّعَلُّق الشَّيْء الَّذِي فِيهِ رسوب الثفل وَمن الطافي الَّذِي على الْبَوْل.
من كتاب الدَّلَائِل: أعظم الدلالات فِي الْبَوْل الْمَأْخُوذَة من اللَّوْن والقوام وَالشَّيْء الراسب أَو الطافي أَو الْمُتَعَلّق وَقد ينظر فِي مِقْدَار حرارته وبالفعل فِي مِقْدَار حِدة رِيحه لِأَن الْبَوْل الصَّحِيح لَا يشْتَد نَتنه والمنتن جدا دَلِيل على قُوَّة العفونة وَكَذَلِكَ شدَّة حرارته فِي اللَّمْس يدل على قُوَّة الْحَرَارَة فِي الْبدن.
قَالَ: وَالرَّقِيق الصُّفْرَة هُوَ الَّذِي فِيهِ مرار باعتدال والبالغ الصُّفْرَة المشبع يخالطه مرار كثير الف وَيدل على كثرته فِي الْبدن والأحمر يدل على كثرته فِي الدَّم لِأَن الَّذِي يخالطه مائية الدَّم.
الْبَوْل الَّذِي مثل الفقاع الْأَبْيَض إِن لم تكن مَعَه مُدَّة فَهُوَ لغَلَبَة الْخَلْط الَّتِي على الْبدن وَلَا يكَاد يسلم.)
من بَال بولاً أسود إِلَّا أَن يكون على طَرِيق البحران فِي عقب حمى ربع أَو غَيره وَقد أنذر بِهِ ويخفف العليل عَلَيْهِ فَأَما إِن صَعب حَاله بعد ذَلِك فَهُوَ مهلك.
لي دَلِيل آخر: على الْبَوْل الْأسود الَّذِي على طَرِيق البحران يَجِيء مِنْهُ شَيْء كثير فَإِذا رَأَيْته قَلِيلا أَو بِحَالَة يقدر فَاعْلَم أَنه رَدِيء.
الْبَوْل عِنْد تولد الْحَصَى فِي المثانة رَقِيق لِأَن غليظه يحتبس وَيتَعَلَّق على الْحَصَى.
الْبَوْل الثخين القوام يدل على أَن النضج لم يكن قد بَدَأَ وَالرَّقِيق يدل على أَنه لم يبْدَأ.
وَالْبَوْل المتثور كأبوال الدَّوَابّ يدل على أخلاط نِيَّة لم تنضج فقد بَدَت أَن تنضج وَهِي فِي طَرِيقه.
وَإِذا أقبل الْبَوْل من الرقة إِلَى الغلظ دلّ على طَرِيق النضج وبالضد. ظ(5/243)
وَإِن كَانَ الْبَوْل مرّة ثخيناً وَمرَّة رَقِيقا دلّ على اضْطِرَاب فِي النضج وَأَن الأخلاط لم يستو الْعَمَل فِيهَا.
وَالْبَوْل الَّذِي إِذا بيل رَقِيقا أَو غليظاً لم يبْق على ذَلِك لكنه مَتى كَانَ غليظاً تميز فرق أَعْلَاهُ وَإِن كَانَ رَقِيقا تثور فثخن أَحْمد من الَّذِي يبْقى على بِحَالهِ وعَلى وتيرة غلظه أَو على رقته وَمَتى كَانَ ذَلِك التَّغَيُّر مِنْهُ فِي مُدَّة اقصر كَانَ اصلح.
وَالْبَوْل الَّذِي يتَمَيَّز ويصفو بعد أَن يبال أَحْمد من الَّذِي يثور بعد أَن يبال لِأَن هَذَا يدل على النضج لم يكن وَذَلِكَ يدل على أَنه قد كَانَ إِلَّا أَنه لم يكمل وَلذَلِك صَار الَّذِي يتثور بعد أصلح مِمَّا يبال رَقِيقا فَيبقى على رقته وَمن الَّذِي يبال غليظاً فَيبقى على غلظه.
والرسوب الغليظ فِي أول الْمَرَض مُنْذر بِطُولِهِ وَلَو كَانَ ابيض فان كَانَ أَحْمَر كَانَ أسلم وَلكنه أطول.
وَإِن كَانَ الرسوب رَقِيقا ابيض أملس مستوياً وَلكنه كثير جدا فان النضج تَامّ لكنه يدل على أَن الْبدن مُحْتَاج إِلَى الاستفراغ لِأَنَّهُ مثقل بالأخلاط وَإِن كَانَت نضيجة وَإِذا كَانَ مثل هَذَا الثفل فِي أول الْمَرَض فَلَيْسَ يدل على بلاغة النضج كَمَا يدل إِذا كَانَ فِي نهايته.
الرسوب فِي الثفل النخالي يدل على ذوبان الْبدن واستيلاء الْحَرَارَة عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ السويقي وَالَّذِي مثل قطع اللَّحْم يدل على قرحَة فِي الكلى وَالَّذِي مثل الصفائح فعلى قرحَة فِي المثانة والرملي على حَصَاة فِي الكلى وَالَّذِي يشبه فتات العدس على غَلَبَة الْحَرَارَة فِي الكبد حَتَّى أَنه)
يحرق بعض الدَّم فيجمده فَيكون مِنْهُ ذَلِك.
الْأَحْمَر وَالَّذِي بلون الزرنيخ الْأَحْمَر يدل على بعد من النضج.
ولون الْبَوْل فِي الْبدن الصَّحِيح يتَرَدَّد بَين الْأَصْفَر والأبيض بِحَسب قلَّة شربه وكثرته وتعبه وراحته وَكلما كَانَ الاستمراء لغذائه أتم كَانَ أَزِيد صبغاً واقل رسوباً.
وَأحمد الألوان فِي اليرقان الف وَأَن يكون مشبع الصُّفْرَة وَأَن يكون الْبَوْل كثيرا وأشره الْأَبْيَض الْقَلِيل فانه يدل على فَسَاد المزاج.
وَأحمد فِي الاسْتِسْقَاء أَكْثَره وَفِي الطحال الدموي وَفِي النقرس الْكثير الرسوب وَفِي علل الكلى الْكَثِيرَة الغلظ وَفِي القولنج الْكثير الغلظ وَالْكثير الرسوب.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أمرت العليل أَن يحتبس كل بَوْل يبوله فِي لَيْلَة ثمَّ نظرت إِلَى أبواله كلهَا من غَد.
جَوَامِع أغلوقن: إِذا كَانَ فِي الْبدن ورم حَار فِي غير آلَات الْبَوْل أَو مَالَتْ الْحَرَارَة نَحْو عُضْو مَا فالبول لَا يكون منصبغاً بِقدر الْحمى وَلذَلِك تَجِد بَوْل من بِهِ حمى من ورم الحالب أَو الرجل أَو بَوْل صَاحب الصداع وَمن يحدث فِي رَأسه التهاب يكون ابيض.(5/244)
فُصُول أبيذيميا: إِذا كَانَ الْبَوْل أَبيض فِي حمى مرارية مَعَ دَلَائِل سَلامَة فتوقع حُدُوث سحج المعي لاخْتِلَاف مرار يحدث لِأَن المرار مائل إِلَى طَرِيق البرَاز.
إِذا كَانَ الْبَوْل الرَّقِيق يضْرب إِلَى السوَاد دلّ برقته على أَن الْعلَّة لم تنضج وبسواده على خبث الْعلَّة.
إِذا كَانَ الْبَوْل يظْهر فِيهِ النضج مرّة وَمرَّة لَا وَهُوَ متشوش مُضْطَرب ونوائب الحميات مختلطة فالعلة من مواد كَثِيرَة مُخْتَلفَة.
من جَوَامِع تَدْبِير الأصحاء قَالَ: الْبَوْل المائي لَا يظْهر فِيهِ رسوب وَلَا تعلق فان ظهر فِيهِ دلا على نضج قد بَدَأَ.
وَأما الْبَوْل المتثور بِمَنْزِلَة أَبْوَال الدَّوَابّ فانه يدل على أَن الْعُرُوق مَمْلُوءَة من أخلاط نِيَّة إِلَّا أَن الطبيعة تعْمل أبدا فِي إنضاجها فان بَقِي على تثوره وَلم يتَمَيَّز وَكَانَ فِيهِ رسوب رَدِيء دلّ على أَن الطبيعة ضَعِيفَة وَأَنَّهَا تحْتَاج إِلَّا أَن تعاون على إنضاج الأخلاط وَإِن كَانَ يتَمَيَّز سَرِيعا وَكَانَ مَا يرسب فِيهِ أَبيض أملس مستوياً دلّ على أَن الطبيعة قريبَة من أَن تغلب على الْفضل كُله.)
وَإِن كَانَ الْبَوْل حِين يبال صافياً ثمَّ يتثور سَرِيعا دلّ على أَن الطبيعة قد أخذت فِي إنضاج الأخلاط النِّيَّة فان كَانَ إِنَّمَا يتثور بعد مُدَّة طَوِيلَة دلّ على أَن الطبيعة لم تبدأ فِي الإنضاج لَكِنَّهَا ستبدأ فِيهِ.
فان كَانَ الْبَوْل متثوراً وَكَانَ تميزه فِي مُدَّة طَوِيلَة وَمَا يرسب فِيهِ مَحْمُود فالطبيعة تغلب الأخلاط فِي الْبَوْل الَّذِي تطول مُدَّة تغلبه على النهوة إِن كَانَ مَعَه ضعف الْقُوَّة أَو عَلَامَات رَدِيئَة دلّ على موت العليل وَإِن لم يكن مَعَه عَلَامَات رَدِيئَة دلّ على طول الْمَرَض وَإِن كَانَ مَعَه مَعَ ذَلِك عَلَامَات صَالِحَة دلّ على أَنه يسلم بعد طول مرض.
لي تفقدت فَمَا رَأَيْت حَال نضج الأبوال فِي الْأَمْرَاض إِلَّا على مَا أَقُول: إِذا حدث الْمَرَض وَالْبَوْل بِحَالهِ دَائِما فَمَا دَامَ بَاقِيا على تِلْكَ الْحَال فانه غير نضيج فان ذهب مَعَ ذَلِك ينْتَقل إِلَى الف وَبَوْل رَدِيء دلّ على رداءة حَال وعلامة رَدِيئَة فان انْتقل إِلَى الرُّجُوع إِلَى الطبيعة أَو إِلَى شَيْء مضاد لمادة الْعلَّة فقد نضج وَدلّ على خير.
مِثَال: أنزل أَن عليلاً بَال من أول يَوْم بولاً إِلَى الْحمرَة غليظاً أَقُول: إِن هَذَا الْبَوْل مادام على حَاله فانه لم يحدث فِيهِ نضج فان انْتقل إِلَى السوَاد دلّ على رداءة وَإِن انْتقل إِلَى الأترجة وَكَانَ لون بَوْل الْمَرِيض فِي صِحَّته الأترجي فانه يدل على انه قد نضج فَإِن انْتقل إِلَى بَيَاض ورقة أَقُول: إِن هَذِه الْعلَّة قد انْقَضتْ الْبَتَّةَ وبرأ العليل مِنْهَا. فعلى هَذَا فاعمل(5/245)
فَإِنِّي قد تفقدت فَوجدت مرضى كثيرين يَبُولُونَ فِي أول الْأَمر بولاً فَوق الأترجي صبغاً وغلظاً ويدوم ذَلِك بهم فيموتون وَيكون ثبات ذَلِك فيهم دَلِيلا على عدم النضج وَقوم يرجع بَوْلهمْ من الصَّبْغ والغلظ إِلَى الرقة وَعدم اللَّوْن فَيكون بذلك خلاصهم وَاعْتمد على الْبَوْل أبدا على قربه من حَاله فِي الصِّحَّة وَبعده من اللَّوْن والقوام الَّذِي توجبه مَادَّة تِلْكَ الْعلَّة ثمَّ ضم إِلَى هذَيْن بعد الدَّلَائِل الصَّالِحَة والرديئة الْمُطلقَة فِي جَمِيع الأبوال.
من كتاب الَّذِي ينْسب إِلَى ج قَالَ: إِذا كَانَ الْبَوْل فِي ابْتِدَاء حمى محرقة نياً وَفِيه ثفل سويقي اخْتَلَط الْمَرِيض وارتعش وتشنج.
إِذا كَانَ الْبَوْل يشبه بَوْل الصَّحِيح فِي ابْتِدَاء الْحمى وَبَقِي فِي صعودها على ذَلِك دلّ على شَرّ فان تغير عَن حَاله عِنْد الصعُود كَانَ أصلح.
لي رَأَيْت مرضى كثيرين بَقِي بَوْلهمْ مُنْذُ حموا أترجياً إِلَى أَن مَاتُوا وَكَانَت عللهم عللا حادة)
مَاتَ كلهم قبل الرَّابِع عشر.
الْبَوْل الْأَشْقَر الَّذِي لَا رسوب فِيهِ فِي الحميات دَال على شَرّ.
مَتى لم يتَغَيَّر الْبَوْل فِي الْحمى فِي شَيْء من أوقاته فَذَلِك شَرّ.
إِذا ثَبت الصَّبْغ فِي الْبَوْل دَائِما مَعَ إقلاع الْحمى دلّ على أَن الكبد وارمه حَار.
الْبَوْل الْأَشْقَر للمبرسم مَعَ شدَّة الصداع عَلامَة رَدِيئَة.
لي ابْن عمرويه: إِذا كَانَ الْبَوْل أَبيض رَقِيقا والحمى حادة ثمَّ صَار غليظاً كدر مَعَ بياضه وَعرض مَعَه تشنج دَال على الْمَوْت.
تجارب المارستان: مَاء الحبلى فِيهِ غلظ كَمَاء المستسقى.
من جَوَامِع تَدْبِير الصِّحَّة من الْمقَالة الرَّابِعَة: إِن الْبَوْل مائية الدَّم هُوَ دَال على حَالَة فِي الْعُرُوق فان كَانَ صفراوياً كَانَ الْبَوْل صفراوياً وَإِن كَانَ سوداوياً كَانَ فِي الْبَوْل سوداوية وَإِن كَانَ بلغمياً كَانَ الْبَوْل بِحَسبِهِ إِمَّا أَبيض رَقِيقا وَإِمَّا أَبيض ثخيناً.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق مَتى ظَهرت عَلَيْهِ غمامة وَلَو رقيقَة فقد أَخذ فِي النضج أَو قد نضج.
وَالْبَوْل المتثور يدل على أَن الْعُرُوق مَمْلُوءَة من خلط نيء قد أَخذ فِيهِ النضج وبحسب سرعَة تميزه وجودة مَا يتَمَيَّز يكون حُدُوثه فان بَقِي إِذا بيل متثوراً زَمَانا طَويلا لَا يتَمَيَّز أَو كَانَ فِيهِ الف وَإِذا تميز رسوب رَدِيء دلّ على أَن الطبيعة تحْتَاج إِلَى المعاونة على الإنضاج.
وَإِن تميز سَرِيعا إِن كَانَ الَّذِي يتَمَيَّز مِنْهُ أَبيض أملس مستوياً تَمام النضج واستيلاء الطبيعة قريب جدا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل متثوراً وتميز فِي مُدَّة طَوِيلَة إِلَّا أَنه إِذا تميز كَانَ الرسوب مَحْمُودًا فان الطبيعة ستقهر الْخَلْط لَكِن فِي مُدَّة طَوِيلَة.(5/246)
وَالْبَوْل الصافي إِن تثور سَرِيعا فقد بَدَأَ النضج وَإِن تثور بعد مُدَّة طَوِيلَة فالطبيعة لم تبدأ بالإنضاج بعد لَكِنَّهَا ستأخذ.
مسَائِل أبيذيميا: شَرّ الْبَوْل الْأسود مَا ثَبت كَذَلِك وَلم يتَغَيَّر.
لي قد رَأَيْت خلقا بالوا بولاً أسود يَوْمًا ويومين ثمَّ بالوا بولاً رَقِيقا وتخلصوا فَأَما من دَامَ بِهِ ذَلِك أَو بَال بعده شَيْئا مثل مَا تكون المرارة نَفسهَا أَو شَيْئا غليظاً أصفر قَلِيلا أَو دَمًا فانهم مَاتُوا كلهم.)
السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: قد يخرج فِي علل الكبد الرَّديئَة إِذا عولجت وصلحت أَبْوَال رَدِيئَة اللَّوْن وَالرِّيح يغلظ الْأَطِبَّاء فيظنون أَنَّهَا تدل على الْهَلَاك وَإِنَّمَا هُوَ من نقص البحران.
لي أعرف هَذَا جملَة: هَل يُخَفف الْمَرَض عَلَيْهِ أَو بالضد.
من تقدمه الْمعرفَة: ذكر أَنه لما أَرَادَ استقصاء الْمعرفَة بِأَمْر رجل أمره أَن يحبس جَمِيع مَا يبوله فِي ليلته وَمَا يَبُول إِلَى السَّاعَة الرَّابِعَة من النَّهَار من غَد تِلْكَ اللَّيْلَة كل مرّة على حِدة ثمَّ نظر إِلَيْهَا كلهَا من غَد.
بولس قَالَ: الْبَوْل فِي حمى الرّبع كثير التَّغَيُّر والتبدل إِلَّا أَنه فِيهَا أجمع غير نضيج.
قاطيطربون: الأولى إِنَّمَا يكون الْبَوْل الْأسود مهْلكا فِي ابْتِدَاء الْمَرَض إِلَى منتهاه فَأَما فِي الانحطاط فَلَا.
من سوء التنفس قَالَ: كَانَ فِي بولها ثفل راسب شَبيه بالكرسنة فتدل على أَنه كَانَ بهَا ورم لي قد رَأَيْت الصفائح فِي مِثَال غرقي الْبيض يبال مِنْهَا شَيْء كثير قد جف وَلم ينل من بالها مَكْرُوه وَكَانَ بِهِ حكة فِي المثانة وحميات فبرأ. وَرَأَيْت هَذِه الصفائح تذوب وتنحل ويحمر الْبَوْل إِذا ذَابَتْ وَكَانَ صَاحبهَا قد سقى الذراريج.
حَمْدَوَيْه قَالَ: قَالَ روفس فِي كتاب الْخَاصَّة: الْبَوْل الْأسود يسْتَحبّ فِي عِلّة الكلى وَفِي كل عِلّة غَلِيظَة مِمَّا أشبه ذَلِك لِأَنَّهُ يدل على انحلال السقم وَمَا هُوَ فِي مرض حَار والحميات القوية دَال على الْهَلَاك الْبَتَّةَ.
بولس: إِمَّا أَن يبال فيرسب عَن قَلِيل ويصفو وَإِمَّا أَن يقف على حَاله وَإِمَّا أَن يكون بعد نقائه يتكدر وأجود الأول لِأَنَّهُ يدل على النضج وَالثَّانِي متوسط.
بولس: الرقة فِي الْجُمْلَة تدل على الْحَرَارَة والغلظ على الرُّطُوبَة وَالْبرد.(5/247)
الْبَوْل الثخين يدل على امتلاء الْبدن بالفضول والرطوبات.
وَالْبَوْل الْأَخْضَر يكون على غَلَبَة السَّوْدَاء والبلغم لِأَن اللَّوْن الْأَخْضَر يتَوَلَّد من المَاء وَالْأَرْض.
الْبَوْل الأسمانجوني يدل على أَن صَاحبه قد سقِِي السم.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ غمامة حَمْرَاء الف وَيدل على ورم حَار فِي الدِّمَاغ وعَلى الْمَوْت.
الْبَوْل الَّذِي كَالْمَاءِ يدل على ديانيطس أَو ريَاح الْأَرْحَام أَو جُنُون أَو تمدد كَمَا يكون فِي أَصْحَاب مَتى كَانَ بَوْل الصَّبِي أَخْضَر فانه يُصِيبهُ تشنج وَيَمُوت من يَوْمه.)
الْبَوْل فِي سونوخوس يكون أَحْمَر غليظ وَفِي قراميس نارياً رَقِيقا.
الرسوب الْأَصْفَر دَال على غَلَبَة الصَّفْرَاء والأخضر على غَلَبَة السَّوْدَاء والبلغم.
الرسوب الْأَبْيَض وَالْكثير يدل على الربو والسعال.
الرسوب الْأَبْيَض وَالْكثير يدل إِذا كَانَ كثيرا على تنقية الْأَعْضَاء من البلغم.
وَإِذا كَانَ على المَاء شبه الضباب دلّ على حَبل.
وَإِن كَانَ على الْبَوْل غبب كبار دلّ على الرِّيَاح.
وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل شَيْء شبه نسج العنكبوت دلّ على اخْتِلَاط الْعقل.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل كالخراط دلّ على الزحير.
بَوْل الْمدَّة أول مَا يعلوه طَاف رَقِيق.
الْخَامِسَة عشر من النبض قَالَ: قد يكون فِي بعض الحميات الوبائية بَوْل يشبه الطبيعي فِي اللَّوْن والقوام وَرُبمَا كَانَ فِيهِ رسوب وَتعلق حسن وَأَصْحَابه بِحَال سوء وَيهْلِكُونَ عَن قريب.
لي لِأَن أكبادهم سليمَة وَالْفساد فِي قُلُوبهم وَلَو طَال بقاؤهم حَتَّى تضعف الكبد بِفساد الْقلب لما ثَبت الْبَوْل على حَاله الطبيعي. قَالَ: وَجَمِيع الرسوبات والتعلقات المائلة إِلَى الخضرة الباذنجانية وَالَّذِي مثل نسج العنكبوت والعريض وَالَّذِي مثل الزلالية والسيال الْملقى بعضه على بعض كلهَا رَدِيئَة.
لي رَأَيْت صَفَائِح قد بيلت كغرقي الْبيض حَتَّى أَنه يُمكن أَن يجمع مِنْهَا كف وَلم ينل صَاحبهَا سوء إِلَّا أَنه كَانَت حكة المثانة لِأَن صَاحبهَا سقِِي الذراريح لما ظهر أمره.
قَالَ بولس: ينظر فِي أَمر الْبَوْل إِلَى قلته وكثرته ولونه وطعمه ورائحته وثخنه ورقته مهل يبال فِي مرّة أَو فِي مَرَّات أَو بألم أَو من غير ألم وَمَا أشبه.(5/248)
وَالْبَوْل الْأسود يدل على فَسَاد الكلى والمثانة وَإِنَّمَا يكون سوَاده من أجل حرارة الكلى وَهُوَ أردأ فِي الكهول والمشايخ وَالنِّسَاء لِأَن الْحَرَارَة فيهم أقل وَلَا يسود الْبَوْل فيهم إِلَّا بفرط مِنْهَا.
وعَلى حسب نَتنه تكون رداءته.
وَالرَّقِيق الْأَبْيَض يدل على سدد أَو ورم أَو نهوة الأخلاط وخاصة فِي الشَّبَاب أردأ وَهُوَ فِي غَيرهم أسهل لِكَثْرَة حرارة الشَّبَاب.
وَقد يكون هَذَا الْبَوْل من شدَّة الْبرد وَمن ضعف الطبيعة جدا.)
وَالْبَوْل الرَّقِيق أشر فِي الْأَحْدَاث من الغليظ لحر مزاجهم.
وَالْبَوْل يقل لشدَّة لَهب الْحمى أَو لاستطلاق الْبَطن.
والسحابة اللطيفة تنذر بطول الْمَرَض وإبطاء البحران والغليظة بضد ذَلِك وَيدل أَيْضا على غلظ الْخَلْط الف وَالْفَاعِل لِلْعِلَّةِ والمتوسطة الْحَالين طبيعية.
والسحابة الغليظة الْحَمْرَاء الطافية من فَوق تنذر بطول الْمَرَض وَإِذا كَانَت سَوْدَاء تنذر بشر وعفن شَدِيد.
قد يكون بَوْل الْقَيْح وَالدَّم من ورم انفجر فِي الكبد أَو فِي الطحال وسال إِلَى المثانة.
والنخالة فِي الْبَوْل رَدِيئَة.
وَإِن مكث الْبَوْل فِي الشَّمْس فَلَا يقربهُ الطَّبِيب لِأَنَّهُ يزْدَاد حمرَة بارتفاع رطوبته وَلَا فِي مَوضِع يصبهُ غُبَار وَلَا يجمع بَوْل يبال فِي وقتيين بل يرفعان مفردين.
اسْتِخْرَاج قد تبين روفس: الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَت لَهُ رَائِحَة شَدِيدَة فَهُوَ من حر وَإِذا كَانَ عديم الرَّائِحَة فَهُوَ من برد الامتلاء.
قَالَ: الرسوب الغليظ الَّذِي يشبه مَا يرسب فِي مَاء كشك الشّعير يدل على النهم وَكَثْرَة الْأكل.
لي كلما كَانَت الغمامة والرسوب ألطف فَهُوَ أصلح وَمعنى ألطف أقبل للشعاع.
روفس من كِتَابه فِي الخصى ووجع الخاصرة: الْبَوْل الْأسود يسْتَحبّ فِي عِلّة الكلى وَالطحَال وكل عِلّة غَلِيظَة مزمنة وَهُوَ فِي الْأَمْرَاض الحادة والحميات اللهبة مهلك.
اسْتِخْرَاج قد تبين من قَول روفس: أَن الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَ قبله سوداه أصفر فَهُوَ من الاحتراق وَإِذا كَانَ عديم الرَّائِحَة فَهُوَ من الْبرد.
من كتاب ينْسب إِلَى ج: الْبَوْل الْأسود إِذا كَانَ قبله سوداه أصفر فَهُوَ يدل على الاحتراق وَإِن كَانَ أَبيض وأخضر فَهُوَ برد.(5/249)
والثفل الْأَخْضَر من الْبرد.
والثفل الْأسود الخاثر لَا يبرأ صَاحبه.
وَإِذا كَانَ فِي الْبَوْل حب أَحْمَر كحب الفصفصة فان ذَلِك من احتراق الدَّم.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل غسالة اللَّحْم من غير حمى يدل على ضعف الكبد.
وَالْبَوْل الَّذِي يشبه مَاء الشّعير يدل على ضعف الكبد وَقلة الهضم.)
وَإِذا رَأَيْت فِي الْبَوْل قِطْعَة بَيْضَاء مثل حَبَّة رمان فِي الْعظم فَهُوَ من شَحم الكلى.
اسْتِخْرَاج: قد رَأَيْت أَكثر أَبْوَال المستسقين فِيهَا شبه من مَاء الشّعير فِي الخثورة إِلَّا أَنَّهَا قد تَتَغَيَّر فِي اللَّوْن فِي الْحمرَة وَالْبَيَاض.
قَالَ: جالينوس فِي حفظ الصِّحَّة: الْبَوْل إِنَّمَا يدل على حَالَة فِي الْعُرُوق فَقَط.
قَالَ: فان كَانَ الدَّم فِي الْعُرُوق مرارياً كَانَت مائيته كَثِيرَة وَإِن كَانَ بلغمياً فان الْبَوْل يكون مائياً وَإِذا بَدَأَ النضج ظَهرت فِي الْبَوْل غمامة طافية رقيقَة.
وَالْبَوْل الخاثر كأبوال الدَّوَابّ يدل على الأورام مَمْلُوءَة من الْخَلْط الني وَأَن الطبيعة تعْمل فِيهِ دَائِما وَلَيْسَت تقوى على إِكْمَال هضمه.
وَإِن كَانَ الْبَوْل الْحَاضِر يسْرع الِانْتِقَال وَيكون رسوبه ابيض أملس مستوياً فانه يدل على أَن الطبيعة قد قاربت النضج وَإِن تغير الفضول كلهَا.
وَإِذا بيل الْبَوْل صافياً ثمَّ ثخن من سَاعَته فَذَلِك يدل على أَن الطبيعة قد ابتدأت فِي الإنضاج للأخلاط وَإِن كَانَ يثخن بعد أَن يبال بِوَقْت طَوِيل دلّ على أَن الطبيعة لم تبتدئ بعد وَلَا تَأْخُذ فِيهِ إِلَّا بعد زمَان.
وَليكن الدَّلِيل الْعَام لَك على الْبَوْل الخاثر انْفِصَاله أسْرع هُوَ أم بطيء أم لَا ينْفَصل الْبَتَّةَ فان الِانْفِصَال السَّرِيع إِذا كَانَ رسوبه الف وأبيض أملس دلّ على أَن الطبيعة أقوى من الكيموسات وَإِن رسب فِي زمَان طَوِيل وَكَانَ حسنا فالطبيعة تقهر الْخَلْط بعد زمَان طَوِيل وَإِن لم ينْفَصل الْبَتَّةَ وَكَانَ الرسوب رَدِيئَة فالطبيعة ضَعِيفَة محتاجة إِلَى عون.
أَصْنَاف الحميات لِجَالِينُوسَ قَالَ: خير الرسوب الأملس المستوي غير الكريه الرَّائِحَة وأشره ضد هَذَا.
وَقَالَ: الْبَوْل تفقد مِنْهُ إِمَّا مائيته وَإِمَّا مَا ينْفَصل من المائية وتفقد من المائية كميتها أقليلة هِيَ أم كَثِيرَة أم معتدلة وكيفيتها وَهِي اللَّوْن والقوام وَالرِّيح.
لي وَأما مَا ينْفَصل من المائية فَيحكم عَلَيْهِ من كميته ولونه وموضعه واتصال بعضه بِبَعْض وتفرقه.(5/250)
الْبَوْل التَّام النضج وَهُوَ بَوْل الأصحاء أصفر يضْرب إِلَى الصُّفْرَة النارية معتدل القوام.
وكل بَوْل يكون أغْلظ وأرق من هَذَا فَهُوَ غير نضيج.)
والمائي فِي غَايَة الْبعد عَن النضج وَمِنْه أقل بعدا عَن النضج وَهُوَ الَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفو ويتميز.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة فَهُوَ يدل على غَايَة الشَّرّ أَصْنَاف الْبَوْل الَّتِي هِيَ أرق من المعتدل أَو أغْلظ مِنْهُ ثَلَاثَة: إِمَّا أَن يبال كدراً ثمَّ يتَمَيَّز وَهَذَا أقل رداءة من غَيره لِأَنَّهُ يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الالتياث وَالِاضْطِرَاب أقل.
وَإِمَّا أَن يبال كدراً وَيبقى كدره وَهَذَا فِي الطَّبَقَة الْوُسْطَى من الرداءة لِأَنَّهُ يدل على اضْطِرَاب الدَّم وتشوشه فِي الْغَايَة وَالنِّهَايَة.
وَإِمَّا أَن يبال صافياُ ثمَّ يتكدر وَهَذَا فِي غَايَة من الرداءة لِأَنَّهُ يدل على اضْطِرَاب وجنون قَالَ: وَقد يكون لون الْبَوْل زنجارياً.
الرسوب يكون فِي أَبْوَال الْأَبدَان الممتلئة الْكَثِيرَة الْموَاد كثيرا وَفِي أَبْوَال المهزولين قَلِيلا وتحا وَكَذَلِكَ فِي أَصْحَاب التَّعَب الْكثير والغذاء الْيَسِير وَفِي الْأَبدَان المعتدلة معتدل وَفِي أَبْوَال الصّبيان كثير لأَنهم يستعملون الْأكل بنهم.
الْبَوْل الْأسود المائية والرسوب يدل على غَايَة العطب.
وَالَّذِي ثفله الراسب أسود إِلَّا أَنه مُتَعَلق أقل دلَالَة على الشَّرّ وَإِذا كَانَ طافياً فَأَقل أَيْضا.
الثفل الجريش الشبيه بالدشيش إِذا كَانَ أَبيض دلّ على ذوبان الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِذا كَانَ أسود دلّ على احتراق الدَّم.
والثفل الشبيه بالصفائح يدل على أَن الَّذِي يذوب من الأخلاط سطحها الظَّاهِر والشبيه بالنخالة يدل على حرارة أقوى وَكلما كَانَت الْأَجْزَاء أثخن دلّ على أَن الْحَرَارَة أقوى.
الثفل الْأسود يدل على إفراط الْحَرَارَة أَو من الْبُرُودَة وَالَّذِي يضْرب إِلَى الكمودة والخضرة يدل على إفراط الْبُرُودَة والمنتن يدل على العفن والدهني الدسم يدل على ذوبان الْأَعْضَاء.
الْبَوْل الَّذِي يرسب العطب وَفِي أَسْفَله رسوب أَبيض أملس مستوي بِجَمِيعِ الْأَيَّام يدل على نِهَايَة النضج.
وَإِذا كَانَ الَّذِي يرسب فِي أَسْفَله رسوب أَبيض فَهُوَ أفضل من الَّذِي يرسب فِي الْوسط لِأَن الأول يدل على غَايَة النضج وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْوسط فَهُوَ دون ذَلِك وَإِذا كَانَ مُتَعَلقا فَهُوَ دون ذَلِك أَيْضا.)(5/251)
العديم النضج الْبَتَّةَ هُوَ المائي ثمَّ الخاثر الْبَاقِي على خثورته ثمَّ الَّذِي يتَمَيَّز خَارِجا إِذا بيل وَهُوَ دَلِيل على عدم النضج.
وَالْبَوْل الناري الرَّقِيق يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج وَالَّذِي رسوبه غير مُتَّصِل لكنه أَبيض يدل على أَن الْمَرَض أَيْضا لم ينضج.
وَالْبَوْل الَّذِي يضْرب رسوبه إِلَى الْحمرَة يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج أَيْضا.
وَالْبَوْل الَّذِي فِي أَسْفَله شَيْء شَبيه بالدشيش أَو بالنخالة والسواد والكمد الَّذِي يضْرب إِلَى الخضرة والدهني الدسم قتالة.
أَصْنَاف النضج فِي الْبَوْل ثَلَاثَة: أَحدهمَا يضْرب إِلَى الصُّفْرَة وَالثَّانِي الَّذِي يبْقى خاثراً وَالْبَوْل الناري الرَّقِيق فَهَذِهِ ضَعِيفَة وَأقوى مِنْهَا الَّذِي قيه تعلق أَو غمامة بَيْضَاء ملساء مستوية كَالَّذي فِي الرسوب الْأَبْيَض الأملس المستوي فِي أَسْفَله.
أبعد الأبوال عَن النضج المائي ثمَّ الَّذِي يثخن بعد أَن يبال ثمَّ الَّذِي يبال خاثراً وَيبقى خاثراً من أزمان الْأَمْرَاض قَالَ: الْبَوْل الْأَصْفَر اللَّوْن المعتدل القوام أحسن الأبوال.
والأبوال كلهَا بِحَسب اللَّوْن والقوام.
والأبيض الرَّقِيق مُدَّة فان كَانَ فِيهِ مَعَ ذَلِك غمامة سَوْدَاء أَو رسوب أسود ورأيته كُله مظلماً كدراً فَذَلِك قتال وَكَذَلِكَ إِن كَانَ شَدِيد النتن أَو دسماً وَهُوَ الزيتي فَإِنَّهُمَا مهلكان وَذَلِكَ أَنَّهُمَا يدلان على عظم مهلكة.
الْيَهُودِيّ: الْبَوْل الشَّديد النتن دَلِيل على عفن والشديد الثخن دَلِيل على كَثْرَة الفضول والامتلاء فِي الْغَايَة.
قَالَ: الْبَوْل الاسمانجوني يدل على أَن صَاحبه قد سقِِي السم فان كَانَ ثفل فانه يُرْجَى وَإِلَّا مَاتَ.
وَالْكثير الزّبد يدل على ريَاح.
وَالْبَوْل الَّذِي فِي أَعْلَاهُ كالرغوة وَهُوَ أصفر فِي بَيَاض يدل على وجع فِي الرئة.
إِن كَانَ الَّذِي يدْفع الْبَوْل أكل البقل خضر مَاؤُهُ.
الزَّعْفَرَان يحمر وَالْخبْز الْحوَاري يبيضه وَالْجَرَاد والمري يسوده وَبَوْل المجامع دسم.
وَإِذا شَككت فِي السحابة فاستر القارورة بِيَدِك من الضَّوْء فانك تستبين لَك هَل هِيَ أم لَا)
بَوْل الصّبيان الصغار أَبيض غليظ.(5/252)
قَالَ جالينوس فِي رسم الطِّبّ بالتجارب: الصداع اللاطي وَالْأنف الدَّقِيق وَالْعين المستديرة الغائرة يكون رديئاً إِذا ظهر فِي أَو الْمَرَض من غير استفراغ يُوجب ذَلِك أَيَّامًا وَلَا حِيلَة للعليل فَأَما فِي آخر الْعلَّة فَلَيْسَ بمنكر.
وَقَالَ فِي الْمرة السَّوْدَاء: إِذا كَانَ الثفل الراسب الأملس الْأَبْيَض لَيْسَ فِي كل يَوْم من أَيَّام الْمَرَض كَانَت مُدَّة الْمَرَض أطول وَالدّلَالَة على السن والنجاة أقل من أَن يكون فِي يَوْم.
وَإِذا كَانَ لون الْبَوْل وثفله دموياً وَكَانَ الثفل مَعَ حمرته أملس فانه يدل على أَن الْمَرَض أطول من مُدَّة مَا رسوبه أَبيض إِلَّا انه سليم جدا.
والقشار السويقية رَدِيئَة العطب ووأردأ مِنْهَا الصفائحي وَإِمَّا القشار الْبيض الدقيقة الراسبة فَإِنَّهَا رَدِيئَة جدا واردأ مِنْهَا القشار الراسبة الَّتِي تشبه النخالة. والقشارة الَّتِي لَا ترسب إِن كَانَت بَيْضَاء دلّت على صَلَاح وَإِن كَانَت سَوْدَاء فعلى رداءة.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر الناري الرَّقِيق يدل على عدم النضج وَلَو طَالَتْ مُدَّة لبثه على هَذَا أَيَّامًا كَثِيرَة وَلم تعْمل فِي الغلظ خيف على الْمَرِيض أَلا تبقى قوته حَتَّى ينضج الْمَرَض. وأوأكد الدلالات على الْمَوْت أَن يكون منتن الرّيح أَو رَقِيقا مائياً أَو أسود وَأَن يكون غليظاً.
وَالَّذين يَبُولُونَ بولاً رَقِيقا ويدوم زَمنا طَويلا وَظَهَرت مَعَ ذَلِك عَلَامَات السَّلامَة فَيَنْبَغِي أَن يتَوَقَّع حُدُوث ورم بهم أَسْفَل الْحجاب.
وَالدَّسم فَوق الْبَوْل الشبيه بنسج العنكبوت يدل على ذوبان الْبدن.
وَإِذا كَانَت هَذِه القشارات مَعَ ورم فِي المثانة لم يدل على حَال جَمِيع الْبدن فَانْظُر أَولا فِي ذَلِك.
من كَاتب الامتلاء قَالَ: الثفل الَّذِي يرسب فِي الْبَوْل الشبيه بِمَا يرسب فِي مَاء الشّعير دَال على كَثْرَة الْأكل وتدبير نهم.
لي رَأَيْت فِي الْكتب فِي مَوَاضِع كَثِيرَة أَن الغمامات إِنَّمَا تكون عِنْد نُقْصَان الهضم عَن حَال الصِّحَّة وعَلى قدر غلظها يكون تخلف النضج فالغليظ الخاثر يدل على تَدْبِير مولد للخام واللطيفة الْمُشبه للشعاع تكون فِي أَبْوَال الأصحاء أَيْضا والأجود أَلا يكون فِي بَوْل الصَّحِيح من هَذِه شَيْء الْبَتَّةَ فان هَذَا كَمَال النضج فَأَما فِي بوال المرضى فَإِنَّمَا يسْتَدلّ بالغمامات على)
النضج لِأَن اجتماعها يدل على أَنه من بوال الصَّحِيح وَيذْهب التثور والكدر وَكلما كَانَت فِي المرضى الطف وأملس وأبيض كَانَت خيرا وَمعنى ألطف الَّذِي يكون كالشعاع.
كتاب البحران قَالَ: إِنَّمَا يَنْبَغِي أَن يطْلب الْبَوْل الْكَامِل النضج فِي الْبدن الْكَامِل الصِّحَّة.(5/253)
قَالَ: وَالْبَوْل الصَّحِيح الْفَاضِل إِمَّا فِي اللَّوْن إِلَى الْأَصْفَر المشبع أَو الْأَحْمَر الناصع وَهُوَ إِلَى الْأَصْفَر المشبع أقل مِنْهُ إِلَى الْأَحْمَر الناصع وَقد يجب أَن يكون معتدلاً فِي الثخن والرقة.
وَالْبَوْل الَّذِي ترَاهُ اقل من هَذَا يدل على عدم النضج وَالَّذِي هُوَ أغْلظ من هَذَا يدل على أَنه متثور بعد وَلم يتَمَيَّز.
وَالْبَوْل الَّذِي يبال رَقِيقا صافياً ثمَّ يبْقى على حَاله أَو يغلظ بعد قَلِيل فانهما جَمِيعًا غير نضجيين وَالْأول لم يبتدأ عِنْد النضج الْبَتَّةَ وَالثَّانِي قد بَدَأَ فِيهِ النضج وَفِيه اضْطِرَاب وَصَوت وريح كَالَّذي يكون فِي الْعصير إِذا تغير إِلَى شراب.
وَالْبَوْل الكدر ثَلَاثَة أَصْنَاف: إِمَّا أَن يبال كدراً ويصفو بعد وَإِمَّا أَن يبْقى بِحَالهِ وَإِمَّا أَن يبال صافياً ثمَّ يكدر وأردأ هَذِه الْأَصْنَاف الَّذِي يبال صافياً ثمَّ يكدر وأمثلها الَّذِي يبال كدراً ويصفو بعد.
وَالَّذِي يبْقى بِحَالَة متوسطة بَين هذَيْن وَذَلِكَ أَن الْبَوْل الَّذِي يصفو بعد قَلِيل يدل على أَن الَّذِي بَقِي من الِاضْطِرَاب والتثور شَيْء يسير.
وَأما الَّذِي يبْقى بِحَالهِ كدراً دَائِما فانه يدل على أَن الِاضْطِرَاب والأعراض الْبَاقِيَة بعد.
وَأما الَّذِي يكدر بعد أَن يبال فَيدل على انه لم يكن بعد حَرَكَة للتثور والنضج لكنه مزمع أَن يكون فبالواجب صَار أردأها لِأَنَّهُ أبعدها عَن النضج وَأَن الْمَرَض يحْتَاج إِلَى زمَان طَوِيل وَإِلَى قُوَّة قَوِيَّة.
وَأما الَّذِي يبال كدراً ثمَّ لَا يلبث أَن يرسب فِيهِ رسوب مَحْمُود فَيدل أَن الْمَرَض لَا يلبث أَن ينضج وَلذَلِك هُوَ أمثل من الَّذِي يكدر بعد أَن يبال.
وَإِمَّا الَّذِي قُلْنَا انه متوسط فَلِأَنَّهُ يقدر مَا يفضل فِي الْقرب من النضج على الَّذِي لم يبتدأ بعد ينضج ينقص عَن الَّذِي قد قرب أَن يسكن تثوره وَيتم نضجه.
الْبَوْل الشبيه بِالْمَاءِ فِي اللَّوْن القوام هُوَ أشر هَذِه كلهَا لِأَنَّهُ أبعدها من النضج لِأَنَّهُ لَيْسَ كالبول الكدر الَّذِي يدل على التثور قد وَقع وَلَا كَالَّذي يكدر بعد قَلِيل لكنه قد يدل على أَنه قد)
أعيت الْحِيلَة فِي النضج وَمحله فِي الْعُرُوق مَحل التُّخمَة فِي الْمعدة فان كَانَ يجمع إِلَى هَذَا ألون والقوام سرعَة خُرُوج وَكَثْرَة فان هَذَا ديانيطس الَّذِي يُسمى ذرب الْبَوْل وَهَذَا أشر أَصْنَاف الْبَوْل الْغَيْر نضيج ثمَّ يتلوه فِي الشَّرّ الشبيه بِهِ فِي اللَّوْن والقوام لَكِن قَلِيلا وَالَّذِي بِحَسب الْعَادة لِأَنَّهُ يدل على بطلَان الْقُوَّة الْمُغيرَة والماسكة كَمَا يدل ديانيطس فان الْبَوْل يدل فِي ديانيطس على ضعف هذَيْن فِي الْغَايَة القصوى وَإِمَّا الشبيه بِهِ إِلَّا فِي الْكَثْرَة وَسُرْعَة الْخُرُوج فَإِنَّمَا يدل على فَسَاد الْقُوَّة المتغيرة فَقَط.(5/254)
ويعد هَذَا فِي الرداءة وَالَّذِي يشبه الشَّرَاب الْأَبْيَض الرَّقِيق وَهَذَا يخالطه شَيْء من المرار وَيَتْلُو هَذَا الاترجي وَهُوَ دون الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَنه يضْرب إِلَيْهِ وَهَذَا الْبَوْل قد نضج من لَونه فان كَانَ لَهُ ثخن فقد استحكم نضجه.
قَالَ: وَأحمد الألوان كلهَا الَّذِي يضْرب إِلَى الصُّفْرَة المشبعة وَإِلَى الْحمرَة الناصعة كَمَا قد قيل.
قَالَ: وَمَا دَامَ الدَّم فِي طَرِيق النضج فَكل بَوْل يبال يكون فِيهِ رسوب أملس مستو ابيض كثير فَإِذا تمّ النضج أزداد لَونه وَقل مَا يرسب فِيهِ ثمَّ إِن منعت لَا إِنْسَان من الطَّعَام بعد هَذَا رَأَيْت الْبَوْل يزْدَاد صفرَة دَائِما.
قَالَ: فَيجب: أَن تحفظ صُورَة الْبَوْل الطبيعي فِي قَلْبك ثمَّ تدوم أَن تنظر كم زَالَ عَنهُ الأبوال الْخَارِجَة فِيهَا الرسوب كثيرا وَيكون أَبيض مستوياً فانه يدل على أَن النضج قد استحكم إِلَّا أَنه يخرج من الْبدن كيموس خام أَكثر من الْمِقْدَار وَلذَلِك يجْتَمع فِي أَبْوَال الصّبيان وَفِي أَبْوَال أَصْحَاب الدعة والخفض والنهم رسوب كثير لسرفهم وتخليطهم وَكَذَلِكَ أَيْضا يرسب فِي بَوْل من حم من الامتلاء إِذا كَانَ أمره يؤول إِلَى السَّلامَة رسوب كثير فِي غَايَة الْكَثْرَة.
وَأما بَوْل من حم من الصَّوْم والتعب فبالضد وَكَثِيرًا مَا يَنْقَضِي مرضهم من غير أَن يرسب فِيهِ شَيْء الْبَتَّةَ. وَيَكْفِي أَن تكون فِي أبوالهم غمامة بَيْضَاء طافية أَو مُتَعَلقَة بعد كَونهَا محمودة ملساء وأبوال الأصحاء الَّذين يتعبون وَلَا يكثرون الْأكل المرار غَالب عَلَيْهِ وَلذَلِك لَا يذم أبقراط المرار الْأَصْفَر المشبع إِلَّا أَن يكون العطب وَمَعَ ذَلِك رَقِيقا أصفر مشبعاً فان ذَلِك يدل على أَن الْمَرَض لم ينضج بعد وَلَا يرسب فِي هَذَا الْبَوْل شَيْء وَذَلِكَ أَن الرسوب الَّذِي فِيهِ إِن كَانَ محبباً كجلال السويق أَو صفائحياً أَو نخالياً أَو أسود أَو أَخْضَر أَو كمداً أَو رصاصياً أَو منتناً فَكل هَذِه مَعَ أَنَّهَا لم تنضج تدل على التّلف وَذَلِكَ أَن الرسوب المحبب الشبيه بحلال السويق)
يدل على إِحْدَى حالتين: إِمَّا على ذوبان الْأَعْضَاء وانحلالها وَإِمَّا على حرارة محرفة قد قويت على الدَّم فَاحْتَرَقَ.
وَإِمَّا الصفائحي فانه أَحْرَى أَن يَنْقَسِم من ظَاهر الْعُرُوق عِنْد مَا يعرض لَهَا أَن تذوب وتنحل وَكَذَلِكَ النخالي إِلَّا أَن النخالي أغْلظ وأصفر وَأما الصفائحي فَأَعْرض من النخالي وأرق.
وَأما الرسوب الْأسود فانه يدل إِمَّا على حرارة وفرطة وَإِمَّا على موت القوى الطبيعية من أجل إفراط الْبرد.
قَالَ: كل بَوْل يصير إِلَى السَّوْدَاء فَهُوَ رَدِيء غَايَة الرداءة حَتَّى أَنِّي لَا أعلم أحد قد باله سلم.
وَأما الْكَائِن فِي الْبَوْل فان كَانَ أسود ثمَّ كَانَ فِي أَسْفَل القارورة فدلالته على التّلف أقل مِنْهُ إِذا كَانَت الرُّطُوبَة سَوْدَاء.(5/255)
وَإِذا كَانَ هَذَا الرسوب الْأسود فِي اسفل القارورة فَهُوَ أدل على التَّهْلُكَة وَفِي الْوسط أقل دلَالَة وَفِي الْأَعْلَى أقل أَيْضا.
اللَّوْن الْأَخْضَر يكون فِي طَرِيق أَخذ الْبَوْل إِلَى السوَاد وَكَأَنَّهُ مُقَدّمَة للسواد وذك أَن الْمَرَض الْخَبيث يظْهر فِيهِ دَائِما بعد الْبَوْل الْأَخْضَر.
الْبَوْل الْأسود اللَّوْن الكمد الرصاصي فَإِنَّمَا يتَوَلَّد من الْبُرُودَة دَائِما فَقَط.
والرائحة المنتنة إِنَّمَا تتولد من العفن.
وَالْبَوْل الشبيه بالدهن يدل على ذوبان الْجِسْم وَهُوَ رَدِيء.
وَأحمد جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل الْحسن اللَّوْن الْأَبْيَض الغمامة طافية كَانَت أَو مُتَعَلقَة أَو راسبة إِلَّا أَن الراسب أفضل ثمَّ الْمُتَعَلّق فَهَذِهِ الأبوال الثَّلَاثَة تدل على النضج.
وَأما جَمِيع أَصْنَاف الْبَوْل كلهَا فبعضها يدل على خلاف النضج وَبَعضهَا على التّلف وَأما الَّتِي تدل على التّلف فَالَّذِي فِيهِ رسوب كجلال السويق أَو صفائحي أَو نخالي أَو الْبَوْل الْأسود والكمد والأخضر والمنتن.
وَأما الَّذِي يدل على عدم النضج فالأبيض الرَّقِيق والكدر.
وَأما الْبَوْل الْأَصْفَر المشبع وَالَّذِي يضْرب إِلَى الْحمرَة الناصعة فَهُوَ من طَرِيق رقته غير نضيج وَمن طَرِيق لَونه نضيج وَكَذَلِكَ الْبَوْل الَّذِي فِيهِ غمامة وَفِي وَسطه أَبيض أملس إِلَّا أَنه متفرق غير مستو فانه لَيْسَ نضجه بكامل من أجل تفرق الغمامة.)
والاستواء الَّذِي يُقَال فِي الْبَوْل يكون على ضَرْبَيْنِ: إِحْدَاهمَا أَلا يكون الغمامة مُتَفَرِّقَة مُتَشَتِّتَة وَالْآخر يكون فِي هَذَا الرسوب أَيْضا يصير فِيهِ وَقت آخر بعد أَن يبال فَيدل على النضج انه لم يكمل.
وأردأ أَصْنَاف الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود. وأردأ الْبَوْل للصبيان الْأَبْيَض المائي لِأَن بَوْل الصّبيان الطبيعي أثخن وبل الرِّجَال الشَّبَاب إِلَى الصُّفْرَة العطب والمشبعة وكل مَا ضاد الْأَمر الطبيعي فانه رَدِيء.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر القاني الَّذِي فِيهِ رسوب أَحْمَر أَو يضْرب إِلَى الْحمرَة القانية أملس سليم جدا لكنه ينذر بطول الْمَرَض أَكثر من الَّذِي فِيهِ غمامة بَيْضَاء فِي الْوسط مُتَفَرِّقَة وَذَلِكَ أَن الَّذِي يَجْعَل الْبَوْل ورسوبه بِهَذَا اللَّوْن إِنَّمَا هُوَ مائية الدَّم وَقلة المرار الْأَصْفَر وَيحْتَاج إِلَى زمن طَوِيل حَتَّى يبلغ مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من نضج لِأَن مادته هِيَ الدَّم وَلَيْسَ برديء فَهُوَ جيد سليم.
أبيذيميا قَالَ: كَمَا أَن اللَّوْن الْأَبْيَض أَجود ألوان السحابات وَالْأسود اشره وَكَذَلِكَ الأدكن والمتوسط بَينهمَا متوسط بِحَسب ذَلِك.
وَالْبَوْل الْأَحْمَر المشبع دَال على طول الْمَرَض مَعَ السَّلامَة لِأَنَّهُ يدل على دم كثير رَقِيق غير نضيج كَمَا أَن الْبَوْل الْأَصْفَر يدل على الصَّفْرَاء وَالْأسود على السَّوْدَاء.(5/256)
وَالْبَوْل المتثور إِذا كَانَ يسْتَقرّ ويصفو إِذا بيل بعد فانه يدل على ابْتِدَاء النضج وخاصة إِذا كَانَ ذَلِك مِنْهُ سَرِيعا. فَأَما الَّذِي لَا يصفو فانه مَعَ مَا يدل عَلَيْهِ من التثور الْحَادِث فِي الْبدن يدل على أخلاط غَلِيظَة ورياح نافخة تهيج مِنْهَا وَذَلِكَ يدل على الصداع وَرُبمَا كَانَ مَعَه اضْطِرَاب عقل إِذا كَانَ مَعَه حِدة لِأَن البخارات الَّتِي حِينَئِذٍ ترْتَفع إِلَى الرَّأْس تكون حادة.
قَالَ ج: احفظ عني فِي الْبَوْل هَذِه الْوحدَة وَهُوَ أَن ينظر مَعَ مَا تنظر فِيهِ إِلَى علل الْبَطن والصدر والرئة والعصب فان رَأَيْت الْبَوْل مَعَ ذَلِك حسنا مَحْمُودًا فَلَا تثق مِنْهُ لكثير من السَّلامَة وَإِن ظهر لَك مِنْهُ قبح فازدد خوفًا شَدِيدا على الْمَرِيض.
حسن الْبَوْل أَجود الدَّلَائِل فِي الْأَمْرَاض الإمتلائية خَاصَّة.
أبيذيميا: الثفل الكرسني والزرنيخي قد يكون فِي عِلّة الكلى والكبد جَمِيعًا.
لي يفرق بَينهمَا بالوجع والثفل فِي الْموضع.
قَالَ: وَإِذا كَانَت الْحَصَى تتولد من أخلاط حارة كَانَ الثفل فِي الْبَوْل أشقر ولون رمل الصاغة)
وَأَشد وَإِن كَانَت من أخلاط بلغمية كَانَ لون هَذَا الرمل الَّذِي يثفل فِي الْبَوْل رمادياً.
الْبَوْل الَّذِي فِيهِ رسوب كثير يدل إِذا كَانَ فِي تقدمة على أخلاط كَثِيرَة نِيَّة لِأَنَّهَا تخرج بِهِ.
وَالْبَوْل الرَّقِيق رَدِيء لَهُ وَذَلِكَ أَن هَذِه إِذا لم تخرج أحدثت فِي المفاصل أوراماً.
من نَوَادِر تقدمة الْمعرفَة قَالَ: أَحْمد الْبَوْل الَّذِي فِيهِ ثفل راسب أَبيض أملس مستو فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض كُله إِلَى أَن يَأْتِي البحران فَهَذَا دَلِيل على ثِقَة وَقصر الْمَرَض. فان بَال مرّة بولاً صافياً لَا رسوب فِيهِ وَمرَّة صافياً فِيهِ رسوب فان الْمَرَض أطول.
قَالَ: كَمَا أَن الدَّلَائِل على قُوَّة المعي والمعدة وَضعفهمَا تُوجد فِيمَا يبرز بالبراز كَذَلِك الدَّلَائِل على حَال الكبد وَالْعُرُوق من الْبَوْل لِأَن الْبَوْل قد يدل على النضج الصَّحِيح العطب والتام فِي الْعُرُوق وعَلى الْفَاسِد وعَلى النَّاقِص فَاعْلَم.
وَإِذا بَال الْمَرِيض بِالْغَدَاةِ بولاً حَاله مَا وَصفنَا وبالعشي بولاً مُخَالفا لَهُ أَو من غَد ذَلِك الْيَوْم وَاخْتَلَطَ ذَلِك مرّة أَو مرَّتَيْنِ أَو يضْرب من الِاخْتِلَاط فان ذَلِك يدل على أَن فِي الْبدن أخلاطاً مِنْهَا نضيجة وَمِنْهَا غير نضيجة كَمَا أَنه إِن كَانَ بَوْله دَائِما بِالْحَال الَّتِي وصف وَبعده الني.
وَإِن كَانَ فِيهِ رسوب كَمَا وصف كَانَت فِيهِ غمامة بِهَذِهِ الْحَال. ولون هَذَا الْبَوْل يجب أَن يكون معتدلاً فِي الصُّفْرَة وقوامه بَين الرَّقِيق والغليظ لِأَن الْبَوْل الَّذِي لَا رسوب فِيهِ يبوله من تَدْبيره فِي غَايَة اللطافة وَالَّذِي فِيهِ رسوب كثير يبوله من تَدْبيره فِي غَايَة الغلظ وَالَّذِي فِيهِ رسوب(5/257)
ولون الْبَوْل فِي الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن المرار يمِيل إِلَى الصُّفْرَة وَفِي الحاثة عَن أخلاط يكون مائلاً إِلَى الْبيَاض وَكَذَلِكَ الرسوب فَإِنَّهُ الْأَمْرَاض الْحَادِثَة عَن أخلاط نِيَّة يكون كثيرا وَفِي الكائنة عَن المرار لَا يكون أصلا وَيكون وتحاً قَلِيلا جدا إِلَّا أَنه قد يَكْتَفِي من دَلَائِل النضج فِي هَذِه الْأَمْرَاض بغمامة مُتَعَلقَة بعد أَن تكون بَيْضَاء.
والمتعلق هُوَ الَّذِي يكون فِي وسط الْبَوْل لَا طافياً فَوق.
فَأَما الَّذِي يرسب فِيهِ فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض مثل الرسوب الْمَوْصُوف أَو لَا فعلى غَايَة الْأَمْن والثقة وَقلة الْخطر من الْمَرَض والثقة بالنضج وَأَن يَنْقَضِي انْقِضَاء لَا يعود الْبَتَّةَ ويسرع الْبَتَّةَ انقضاؤه وَبِالْجُمْلَةِ فانه إِن لبث الْبَوْل بِهَذِهِ الْحَال فِي الْبَوْل الأول وَفِي الثَّانِي لم يتَجَاوَز الْمَرَض الْأَرْبَعَة أَيَّام الأولى.
وَأما لِمَ صَار أفضل الرسوب فَلِأَن ذَلِك يدل على أَنه قد قبل اسْتِحَالَة تَامَّة من الطبيعة)
حَتَّى يشبه بلون الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة. وَأما لِمَ صَار الأملس أفضل فَلِأَن عمل الطبيعة قد عملت فِي جَمِيع أَجزَاء باستواء فَلذَلِك تكون الطبيعة قد عملت فِي جَمِيع أَجْزَائِهِ.
فَإِذا كَانَ الْبَوْل يضْرب إِلَى الْحمرَة المشبعة وَفِيه رسوب بذلك اللَّوْن أملس فان الْمَرَض أطول مُدَّة من مرض صَاحب الْبَوْل الأول إِلَّا أَنه سليم جدا لِأَن لون الْبَوْل إِنَّمَا يمِيل إِلَى الْحمرَة إِذا جرت مائية الدَّم مَعَه وَيدل ذَلِك على دم كثير غير مستحكم النضج وَلما كَانَ الْغَالِب فِي الْبدن أَجود الأخلاط كَانَ الْمَرَض غير ذِي خطر وَلِأَنَّهُ غير نضيج يحْتَاج إِلَى مُدَّة من الزَّمن حَتَّى يكمل نضجه فَيجب أَن يطول أَكثر من الْمَرَض الَّذِي يرسب فِيهِ رسوب أَبيض.
الثفل الشبيه بِجلَال السويق رَدِيء وأردأ مِنْهُ مَا كَانَ شَبِيها بالصفائح وَمَا كَانَ رَقِيقا أَبيض فَهُوَ رَدِيء جدا وأدرأ مِنْهُ الشبيه بالنخالة لِأَن السويقي يكون إِمَّا من احتراق الدَّم الغليظ وانطباخه وَإِمَّا من ذوبان اللَّحْم ذوباناً مُخْتَلفا بِأَن تنْحَل الْأَجْزَاء اللينة الرّطبَة بالحرارة النارية فَيصير صديداً وتجف الْأَجْزَاء الصلبة وتيبس بِمَنْزِلَة مَا يقلي على الطابق وَذَلِكَ أَن أول العطب وَمَا يذوب فِي الحميات الشَّحْم الطري الحَدِيث الْعَهْد بالجمود ثمَّ مَا هُوَ أَصْلَب وَأعْتق ثمَّ بعد ذَلِك اللَّحْم الطري اللين الْقَرِيب الْعَهْد ثمَّ اللَّحْم الصلب الْعَتِيق ثمَّ بعد ذَلِك الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة أَنْفسهَا.
وَإِذا رَأَيْت الْأَعْضَاء أَنْفسهَا ذَابَتْ رَأَيْت فِي الْبَوْل أَجزَاء غير مُتَسَاوِيَة شَبيه بالصفائح وَلذَلِك هَذَا أردأ من الأول كثيرا.
وَأما الرسوب الَّذِي يشبه النخالة فانه أردأ من الْأَوَّلين كثيرا لِأَنَّهُ يدل على شدَّة التهاب الْحمى.
فَأَما الرسوب اللَّطِيف الَّذِي بِمَنْزِلَة الرغوة أَبيض اللَّوْن فانه يكون من ريح غَلِيظَة تخالط فضولاً عسرة الانحلال لِأَن مخالطتها فِي أَجزَاء صغَار وَهُوَ رَدِيء. وَذَلِكَ أَن الرسوب(5/258)
الْمُخْتَلف الْأَجْزَاء مَتى كَانَت أجزاءه الْكِبَار أعظم فَهُوَ أدل دَلِيل على قُوَّة الطبيعة ونقصان فضل الْعلَّة وَلذَا كَانَت أجزاؤه صغَارًا دلّ على غَلَبَة الْمَادَّة وَقلة احْتِمَال الطبيعة فَيجب أَن تعلم أَن مَا كَانَ من الرسوب مُخْتَلف.
لي يَعْنِي بمختلف الَّذِي لَا يكون بسيطاً لَكِن مركبا من خلط آخر.
قَالَ: كلما كَانَت أجزاؤه أَصْغَر فَهُوَ أردأ لِأَنَّهُ يدل على شدَّة انفعالها عَن الْمَرَض.)
لي كَمَا أَن الرسوب الْمُتَشَابه الْأَجْزَاء مَتى كَانَت أجزاؤه أَصْغَر كَانَ أدل على جودة الطبيعة.
الغمامة الْمُتَعَلّقَة الْبَيْضَاء حميدة والسوداء رَدِيئَة ذميمة لِأَن السَّوْدَاء تحدث إِمَّا من حر مفرط وَإِمَّا من برد مفرط.
مَا دَامَ الْبَوْل أصفر رَقِيقا فِي قوامه فان الْبَوْل ينضج وَذَلِكَ لِأَن الْبَوْل أصفر.
لي يجب أَن يكون معتدل القوام.
قَالَ: وَبَقَاء الْبَوْل بِهَذِهِ الْحَال مُدَّة طَوِيلَة لَا يُؤمن مَعَه أَن تخور الْقُوَّة قبل النضج فَيَمُوت قبل ذَلِك.
الْبَوْل المائي هُوَ الَّذِي فِي قوامه لطيف ولونه أَبيض كَالْمَاءِ فِي حَال يدل على نهوة الأخلاط فِي الْغَايَة وَضعف الْقُوَّة الفاعلة للنضج.
وَأما المنتن وَالْأسود إِمَّا على شدَّة الْبرد وَإِمَّا على فرط الْحر والعفن.
قَالَ ج: وجدت الْبَوْل الْأسود بالتجربة كلما كَانَ أغْلظ فرداءته أَكثر وَأم الطبيعي اللَّوْن من الْبَوْل الغليظ فانه رُبمَا آل إِلَى خير قريب وَذَلِكَ أَنه إِذا كَانَ الغلظ إِنَّمَا هُوَ شَيْء مؤذ تَدْفَعهُ الطبيعة عَنْهَا وَرُبمَا آل إِلَى العطب.
لي يفرق بَين هذَيْن بِحسن حَال العليل وسهولة احْتِمَاله وخف بدنه عَلَيْهِ وَاعْلَم أَن الْبَوْل الَّذِي لَيْسَ بغليظ جدا بِقَوي الدّلَالَة جدا على العطب.
أردأ الْبَوْل للرِّجَال وَالنِّسَاء الْأسود وللصبيان المائي.
الْبَوْل الْأسود والمائي يدلان على العطب فِي جَمِيع الْأَسْنَان إِلَّا أَن دلَالَة الْأسود فِي النِّسَاء أعظم خطراً وَكَذَلِكَ المائي فِي الصّبيان وَذَلِكَ أَنَّهُمَا فِي غَايَة المضادة لما تكون عَلَيْهِ أَبْوَال الصّبيان وَكَذَلِكَ الْأسود فِي النِّسَاء.
وَالشَّيْء إِنَّمَا يصير رديئاً بِحَسب خُرُوجه عَن الطَّبْع وشذ عَنهُ وَبَوْل الصّبيان الطبيعي غليظ فِيهِ رسوب كثير والمتناهون العطب وَفِي الشَّبَاب بَوْلهمْ لطيف قَلِيل الرسوب.(5/259)
وَالْبَوْل الْأسود فِي غَايَة المضادة للنِّسَاء وللمتناهي الشَّبَاب وَكَذَلِكَ الْبَوْل المائي لبول الصّبيان الطبيعي.
وَفِي أَمر الصّبيان عِلّة أُخْرَى وَهِي أَن النضج يكون فيهم سَرِيعا لِكَثْرَة حرهم الغريزي وَشدَّة قوتهم المتغيرة وَمن شَأْن النضج أَن يُغير الْبَوْل إِلَى الغلظ فبقاؤه رَقِيقا دَال على غَايَة عدم)
النضج فيهم أَيْضا.
من يَبُول بولاً رَقِيقا مائياً مُدَّة طَوِيلَة وَكَانَت سَائِر الدَّلَائِل تنذر بسلامة فتوقع خراجاً فِي المواقع أَسْفَل الْحجاب لعِلَّة قد ذكرت فِي البحران.
والدسومة الطافية فَوق الْبَوْل شبه نسج العنكبوت رَدِيء وَذَلِكَ انه يدل على ذوبان الشَّحْم لِأَن مَحل هَذَا الْبَوْل مَحل الدسم فَوق المرق.
الغمامات أَجودهَا من طَرِيق الْموضع مَا هُوَ فِي الْأَسْفَل ثمَّ الْأَوْسَط ثمَّ الْأَعْلَى.
والمتوسط أجوده المائل إِلَى أَسْفَل لِأَنَّهُ يدل على أَنه قد استحكم نضجه وتميز واستوى فَلم يبْقى فِيهِ ريح.
وَإِن المائل إِلَى أَسْفَل فبحسب ميله إِلَى أَسْفَل تكون قوته فِي الهضم والمائل إِلَى الْعُلُوّ بِحَسب ذَلِك يكون بعده عَنهُ.
فَأَما من طَرِيق اللَّوْن فالأبيض جيد وَالْأسود والأخضر وَغير ذَلِك رَدِيء والأحمر سليم طَوِيل.
لي إِنَّمَا تميل الغمامة إِلَى فَوق لِأَنَّهُ يستكمل النضج لِأَن الشَّيْء الَّذِي ينضج لَيْسَ بِذِي ريح لِأَن الْحَرَارَة تعْمل فِي رطوبته فان كمل نضجه ذهبت نفخه الْبَتَّةَ لِأَن الْحَرَارَة تكون قد أفنته أصلا كَمَا ترى ذَلِك يكون فِي الْعصير وَالشرَاب.
قَالَ: الأثفال النِّيَّة إِنَّمَا تكون من قبل المثانة فَلَا يغلطنك.
لي يحْتَاج أَن تعرف الْأَشْيَاء الَّتِي تكون من قبل الكلى ومجاري الْبَوْل والأشياء الَّتِي لَا تكون إِلَّا من قبل المثانة فتحكم بِكُل وَاحِدَة على مَا يدل عَلَيْهِ وَتنظر فِيمَا يشْتَرك وَفِي مَا يخْتَلف وتحكم بذلك.
الْفُصُول: جملَة الْبَوْل يزْدَاد فِي الشتَاء زِيَادَة كَثِيرَة لِأَن النضج فِيهِ أَكثر وأجود.
لي أما كَثْرَة كميتة عِنْدِي إِنَّمَا هِيَ لقلَّة الْعرق. وَإِنَّمَا الرسوب فِيهِ فَيكون لمل ذكر.
من كَانَ بَوْله يشبه العبيط غليظاً يَسِيرا وَلَيْسَ بدنه ينقى من الْحمى فانه إِذا بَال بولاً كثيرا انْتفع بِهِ: وَأكْثر من يَبُول هَذَا الْبَوْل من كَانَ يرسب فِي بَوْله مُنْذُ أول مَرضه أَو بعده سَرِيعا ثفل قَلِيل.(5/260)
قَالَ ج: يَبُول هَذَا الْبَوْل من غير حمى وَعند تنقية الطبيعة الْبدن ويتوهم كثير من النَّاس أَن ذَلِك الْبَوْل رَدِيء لِأَنَّهُ فِي الْأَكْثَر يجب أَن ينْتَقل الْبَوْل فِي الحميات من الرقة إِلَى الثخن وأبقراط)
أخبر بِهَذَا لِأَنَّهُ أَمر نَادِر.
الْبَوْل الثخين الشبيه بالعبيط وَهُوَ الغليظ الكدر الْمُنْقَطع يقل لِأَنَّهُ يعسر نُفُوذه إِلَى الكلى وَإِنَّمَا يكون ذَلِك لأخلاط فجة نِيَّة. فَإِذا نَضِجَتْ تِلْكَ الأخلاط رقت فستفرغ لذَلِك من الْبَوْل مَا هُوَ أرق العطب ووأكثر مِقْدَارًا.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي أول الْمَرَض وَبعد أَوله بِقَلِيل ثخيناً غليظاً فِيهِ رسوب فَذَلِك الرسوب إِنَّمَا رسب فِيهِ ثفله وَذَلِكَ الغلظ لَيْسَ من نضجه بل من فجاجة وَغلظ من الأَصْل.
فَأَما الحميد فانه الَّذِي يكون رَقِيقا من الأول ثمَّ يقبل الغلظ ويرسب فان ذَلِك حِينَئِذٍ يدل على ذَلِك النضج فِيهِ.
من بَال بولاً متثوراً كأبوال الْحمير فِيهِ صداع حَاضر أَو سيحدث بِهِ. لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يكون إِذا عملت فِيهِ الْحَرَارَة فَحدثت مِنْهَا بخارات غَلِيظَة كَالَّذي يكون عَن الزفت والثلج.
الْبَوْل المتثور مَتى بَقِي متثوراً زَمَانا طَويلا دلّ على طول الْمَرَض وَإِذا كَانَ يثفل ويستقر كدره ويصفو سَرِيعا دلّ على أَن الْمَرَض أقصر.
فَأَما الَّذِي لَا يرسب الْبَتَّةَ فانه إِن كَانَت الْقُوَّة قَوِيَّة أنذر بطول الْمَرَض وَإِن كَانَت ضَعِيفَة أنذر من كَانَ فِي بَوْله الرَّابِع غمامة حَمْرَاء فان بحرانه يَجِيء فِي السَّابِع. إِنَّمَا ذكرنَا الْحَمْرَاء مثلا ليدل أَن الَّذِي هُوَ أفضل مِنْهَا أَحْرَى أَن يكون بِهِ البحران فالغمامة الْبَيْضَاء أَحْرَى أَن يكون بهَا البحران فِي السَّابِع مَتى ظَهرت هِيَ فِي الرَّابِع وَكَذَلِكَ الْمُتَعَلّق الْأَبْيَض إِذا كَانَ مستوياً أَبيض وَكَانَ سريع الْحَرَكَة.
وَإِن أغْلظ الْبَوْل الرَّقِيق فِي الرَّابِع دلّ على أَن البحران فِي السَّابِع وَإِن ظهر فِي اللَّوْن ونضج دلّ على ذَلِك أَيْضا.
وَجَمِيع مَا يظْهر فِي الْبَوْل فِي الرَّابِع مِمَّا فِيهِ عَلامَة النضج يدل على البحران فِي السَّابِع وَلَيْسَ ينذر إِذا ظَهرت هَذِه الْعَلامَة فِي يَوْم آخر من أَيَّام الْإِنْذَار أَن يكون البحران فِي الْيَوْم الَّذِي ينذر بِهِ إِلَّا أَن يكون الْمَرَض خبيثاً سَرِيعا لِأَن هَذَا اللَّوْن أَعنِي الْأَحْمَر يدل أبدا على تَأَخّر وَطول من الْمَرَض وَإِنَّمَا ذكر ذَلِك لِأَنَّهُ إِذا كَانَت هَذِه كَافِيَة فِي الدّلَالَة فكم بالحرى ترى مَا هُوَ أقوى مِنْهَا.
وَقد تفقدت ظُهُور هَذِه الغمامة فِي الرَّابِع فَوجدت البحران بعْدهَا يكون فِي السَّابِع من الزَّمَان مساوي لَهَا فِي أول الْمَرَض إِلَيْهَا.)
فَأَما مَتى ظَهرت فِي الْحَادِي عشر فانه لَا يكَاد يَجِيء البحران فِي الرَّابِع عشر لِأَنَّهُ يحْتَاج إِلَى مُدَّة أطول إِذا كَانَ إِنَّمَا بَينهمَا ثَلَاثَة أَيَّام.(5/261)
وَقد رَأَيْت هَذِه الغمامة مَرَّات قد ظَهرت فِي غير الرَّابِع فَمن ظَهرت فِيهِ فِي السَّابِع أَتَاهُ البحران فِي الرَّابِع عشر وَمن ظَهرت فِيهِ فِي الرَّابِع عشر أَتَاهُ فِي الْعشْرين وَمن ظَهرت فِيهِ فِي الْحَادِي عشر أَتَاهُ فِي السَّابِع عشر وَفِي الْعشْرين إِذا كَانَ الْبَوْل ذَا مستشف أَبيض وخاصة فِي أَصْحَاب الْحمى الَّتِي مَعَ ورم فِي الدِّمَاغ لِأَن الْبَوْل الَّذِي هَذِه حَاله بعيد من النضج جدا فَلذَلِك ينذر بطول الْمَرَض فَيَسْبق فينحل بِالْقُوَّةِ قبل النضج وخاصة إِذا كَانَ الْمَرَض قَوِيا جدا كالحال فِي الْحمى الَّتِي مَعَ ورم الدِّمَاغ.
فآني لَا أعلم أحدا من أَصْحَاب هَذِه الْعلَّة رَأَيْت بَوْله على هَذِه الصّفة سلم وَذَلِكَ أَن هَذَا الْمَرَض إِنَّمَا يكون من غَلَبَة الصَّفْرَاء وَحَال لون الْبَوْل العطب وأبيض فانه يدل أَن حَرَكَة الصَّفْرَاء إِلَى فَوق نَحْو الرَّأْس.
وَمن كَانَ بَوْله وَهُوَ غليظ قطع لحم صغَار أَو بِمَنْزِلَة الشّعْر فَذَلِك يخرج من كلاه.
قطع اللَّحْم الصغار تدل على أَن خُرُوجهَا من نفس جَوْهَر الكلى وَقد رَأَيْت مِنْهُ مثل الشّعْر الْأَبْيَض طوله شبر.
وَأكْثر مَا يُصِيب هَذِه الدمنين الْأَطْعِمَة الغليظة ويبرؤن بالأغذية الملطفة وَمن خرج فِي بَوْله وَهُوَ غليظ بِمَنْزِلَة النخالة فمثانته جربه.
لما كَانَ الْبَوْل إِنَّمَا يَجِيء من الْعُرُوق ويتصفى فِي الكلى ويجتمع فِي المثانة فَكل مَا يظْهر فِيهِ مِمَّا هُوَ خَارج عَن الْأَمر الطبيعي يدل إِمَّا على رداءة حَال من الْعُرُوق وَإِمَّا على عِلّة فِي الكلى وَإِمَّا على عِلّة فِي المثانة.
النخالة فِي الْبَوْل رُبمَا كَانَ يخرج من بدن الْعُرُوق وَرُبمَا كَانَ من بدن المثانة وَرُبمَا كَانَ من احتراق الدَّم فِي الْعُرُوق ويميز بَين النخالة هَل تخرج من المثانة أَو من بدن الْعُرُوق فانه إِن كَانَ فِي بَوْل رَقِيق فَهُوَ من الْعُرُوق وَإِن كَانَ فِي بَوْل غليظ أَو فِي بَوْل لَيْسَ برقيق يدل على أَن الْعلَّة فِي المثانة.
من بَال دَمًا من غير شَيْء مُتَقَدم فان عرقاً فِي كلاه انصدع لِأَنَّهُ لَيْسَ يُمكن أَن يكون فِي المثانة عرق إِذا انفجر كَانَ مِنْهُ الدَّم مَاله قدر مثل هَذَا وَذَلِكَ لِأَن المثانة إِنَّمَا يجيئها من الْعُرُوق مِقْدَار مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي تغذيتها فَقَط وَأما الكلى فَإِنَّمَا يَجِيء إِلَيْهَا عروق كبار وَذَلِكَ أَن الدَّم يتصفى)
فِي الكلى وَالْعُرُوق الَّتِي فِي المثانة غائرة غائصة فِي جرمها وَالَّتِي فِي الكلى بارزة ظَاهِرَة فِي بَطنهَا وَخُرُوج الدَّم الْكثير بَغْتَة لَا يُمكن أَن يكون من قرحَة لِأَن ذَلِك مِنْهَا يكون قَلِيلا قَلِيلا.
من كَانَ يرسب فِي بَوْله شَبِيها بالرمل فالحصى تتولد فِي المثانة أَو فِي الكلى.
من بَال بولاً دَمًا عبيطاً وَكَانَ بِهِ تقطير الْبَوْل فَأَصَابَهُ وجع فِي أَسْفَل بَطْنه وعانته فان مايلي مثانته وجع.(5/262)
قَالَ: الدَّم والقيح إِذا بيلا مشتركين لجَمِيع آلَات الْبَوْل. وَأما الرَّائِحَة الكريهة فخاصة بالمثانة وَأكْثر مِنْهَا القشور. من كَانَ يَبُول دَمًا وقيحاً وقشوراً وَلها رَائِحَة مُنْتِنَة مُنكرَة فَفِي مثانته قرحَة من كَانَت بِهِ حمى فَكَانَ يرسب فِي بَوْله شبه السويق الجريشي يدل على أَن مَرضه يطول.
قَالَ ج: أَكثر من يرى هَذَا فِي بَوْله يهْلك قبل أَن يطول مَرضه وَأما من يسلم فكلهم تطول أمراضهم لِأَن الْبَوْل الَّذِي يرى فِيهِ هَذَا يحْتَاج إِلَى نضج كثير.
إِذا كَانَ الْغَالِب على الثفل الَّذِي فِي الْبَوْل مرار وَكَانَ أَعْلَاهُ رَقِيقا دلّ على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ جالينوس مَا رَأَيْت قطّ بولاً عَلَيْهِ المرار ومائيته رقيقَة مائية فَيجب أَن يكون إِنَّمَا يَعْنِي بقوله أَن الثفل الَّذِي يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا ثمَّ عَلَيْهِ المرار دلّ ذَلِك على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ جالينوس: مَا رَأَيْت قطّ بولاً يغلب عَلَيْهِ المرار ومائيته رقيقَة مائية فَيجب أَن يكون إِنَّمَا يَعْنِي بقوله أَن الثفل الَّذِي يكون فِي أول الْأَمر رَقِيقا ثمَّ غلب عَلَيْهِ المرار دلّ ذَلِك على أَن الْمَرَض حاد.
قَالَ حنين: الَّذِي يُرِيد أبقراط من قَوْله فِي هَذَا الْفَصْل رَقِيق أَن يكون طرف الثفل الْأَعْلَى رَقِيقا يَعْنِي صنوبرياً لِأَن الأثفال الغليظة النارية كلهَا مسطحة الْأَعْلَى والرقيقة الْأَعْلَى حارة مرارية.
من كَانَ بَوْله متشتتا دلّ على أَن فِي بدنه اضطراباً قَوِيا.
قَالَ: يجب أَن تعلم من قَوْله متشتت مُخْتَلف الْأَجْزَاء وبالحقيقة أَن يكون ذَلِك اضطراباً قَوِيا فِي الْبدن وَذَلِكَ أَن الطبيعة إِذا غلبت واستولت كَانَت أَجزَاء الْبَوْل كلهَا مُتَسَاوِيَة وَإِن كَانَ سَبَب الْمَرَض قوي الْمُنَازعَة كَانَ غير متساو.
وَمن كَانَ فَوق بَوْله عبب دلّ على أَن الْعلَّة فِي الكلى وأنذر مِنْهَا بطول لِأَن العبب يكون إِذا ثبتَتْ رُطُوبَة حول ريح غَلِيظَة وخاصة إِن كَانَ مَعهَا لزوجة فان العبب عِنْد ذَلِك يكون أطول مكثاً.)
وَإِذا خرجت مَعَ الْبَوْل ريح غَلِيظَة فَذَلِك دَلِيل على أَن فِي الكلى مَرضا بَارِدًا لِأَن السَّبَب الْبَارِد هُوَ الَّذِي ولد الرّيح الغليظة وَلذَلِك قَالَ: هَذِه الْعلَّة تنذر بطول لِأَن كل مرض بَارِد عسر الانحلال والنضج.
من كَانَ فَوق بَوْله دسم جملَة دلّ على أَن فِي كلاه عِلّة حادة.
قَالَ: الْبَوْل الدسم يكون من ذوبان الشَّحْم وَلَيْسَ بِدَلِيل أَنه من شَحم الكلى أَو من شَحم جَمِيع الْجَسَد وَيكون أبدا مَعَ الحميات المذوبة للبدن وَالْفرق بَين الشَّحْم الَّذِي يذوب من الكلى وَالَّذِي من جَمِيع الْجَسَد يكون فِي وَقت أطول قَلِيلا قَلِيلا فَيَتَفَرَّق على الْبَوْل وَلَا يكون مجتمعاً فتفقد حَال مَا يبرز من الْبدن. فان الشبيه بالبول الْأَصِيل الطبيعي أبعد حَالا من الْمَرَض والبعيد(5/263)
مَجْهُول قَالَ: صَاحب الحكة يَبُول بولاً خاثراً غليظاً.
روفس قَالَ: الحميات السوداوية تسود الْبَوْل وَالْبرَاز.
قَالَ: ذَلِك فِي المالنخوليا وَفِي الرّبع.
لي وَكَذَا الشَّمْس والرياضة وَكَثْرَة خُرُوج الْعرق يقل الْبَوْل وَكَذَلِكَ جَمِيع مَا يسخن الْبدن وَيحل رطوبته.
مغنس: القشار هِيَ فضلَة الهضم الْكَائِن فِي الْعُرُوق والأعضاء الْأَصْلِيَّة وَلذَلِك هُوَ اغلظ وَأَشد بياضاَ بالطبع من المائية يَعْنِي رُطُوبَة الْبَوْل والقشار أماله.
قَالَ: لِأَن الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة يابسة بيض.
وَأما المتثور فانه لطيف وَأَشد حمرَة بالطبع من القشار لِأَنَّهُ فضلَة الدَّم.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض يدل على أَن الطبيعة لَا تَعْنِي بِأَمْر الْأَعْضَاء وَإِذا كَانَ رَقِيقا فِي البرسام أنذر بشر. وَبِالْجُمْلَةِ فان الْبَوْل الْأَصْفَر وَالْبَوْل الْأَشْقَر فيهمَا من المرار كثير.
قَالَ: وَالْبَوْل الْبَارِد يكون أَولا أَخْضَر ثمَّ يعود بعد ذَلِك يمِيل إِلَى لون السَّمَاء.
وَأول الألوان الْأَبْيَض وَآخِرهَا الْأسود.
وَقَالَ: الَّذِي يبال لطيفاً وَيبقى لطيفاً فِي غَايَة الفجاجة وَلَكِن يكون هَذَا الْبَوْل ني بِالْحَقِيقَةِ لَا يدل على نضج خَاصَّة كالبول الكدر وَلَا نضج مُسْتَأْنف يُرِيد أَن يكون مثل الَّذِي يكدر بعد قَلِيل لكنه يُؤذن من ضعف الْعُرُوق بِمثل ضعف الْمعدة عَن هضم الْغذَاء فِي الْغَايَة وَهُوَ أَن جمع إِلَى ذَلِك أَن يخرج سَرِيعا فانه بَوْل ديانيطس.)
وَأما الَّذِي يبال لطيفاً ثمَّ يكدر خَارِجا فانه يدل على أَن الهضم مبتدئ يحْتَاج إِلَى زمَان طَوِيل وَشبه ذَلِك بالعصير فانه مَا لم يبْدَأ فِيهِ العفن الْبَتَّةَ كَانَ صافياً وَإِذا بَدَأَ كدر. وَذَلِكَ يكون للرياح المتولدة العطب ووذلك أَن الرّيح لَا يتَوَلَّد أَولا قبل ابْتِدَاء العفن وَلَا يبْقى أخيراً عِنْد تَمام الهضم لِأَنَّهُ تكون قد انقشت أجمع حِينَئِذٍ.
قَالَ: القشار تطفو إِمَّا لخفتها وَإِمَّا لغلظ الْبَوْل ويرسب إِمَّا لثقله وَإِمَّا لرقة الْبَوْل أَو لِاجْتِمَاع الْأَمريْنِ فان القشار الْخَفِيف فِي الْبَوْل الغليظ أَشد ارتفاعاً والقشار الثقيل فِي الْبَوْل الرَّقِيق أَشد انحطاطاً.
وَإِذا دَامَ القشار مُدَّة بِحَالهِ سمي مُتَسَاوِيا وَإِذا لم يدم زَمنا طَويلا لَكِن يتَغَيَّر كل يَوْم أَو يَوْمَيْنِ سمي مُخْتَلفا.
قَالَ: مَا دَامَ الدَّم نضيجاً فَكل مَا يبال لَهُ ثفل راسب أملس متساو أَبيض كثير وَإِذا استتم النضج فِي الْجَسَد كَانَ لون الثفل أشْبع مِمَّا كَانَ وَكَانَ أقل كمية. فان حفظت الْإِنْسَان بِهَذِهِ الْحَالة بعد هَذَا فانك ترى الْبَوْل قد اشتدت رداءته وَهَكَذَا إِن حفظته زَمَانا أَكثر وَهُوَ صَائِم فانك ترى الْبَوْل أشْبع لوناً.(5/264)
قَالَ: وَمِقْدَار الْبَوْل الطبيعي هُوَ الْكَائِن عِنْد أول استحكام نضج الدَّم فِي الْأَبدَان الصَّحِيحَة فَاجْعَلْ هَذَا أصلا وَقس مِنْهُ فَإِذا رَأَيْت الثفل يكثر فِي الْبَوْل النضيج فَاعْلَم أَنه مَعَ النضج الْمُحكم قد ينقى من الخام شَيْء كثير.
وَكَذَلِكَ حَال بَوْل الصّبيان لذَلِك فِيهِ قشار كَثِيرَة لِأَن الطبيعة فيهم لَا تكمل الهضم كمالا تَاما لَكِن قبل أَن يكمل فجهدت أَيْضا لكَي يتم النمو فلكثرة أكلهم وامتلائهم يكثر فيهم القشار.
وَكَذَلِكَ الثفل فِي الَّذين يحْمُونَ من امتلاء.
وَأما من يحم من صَوْم أَو من تَعب فأبوالهم نارية لَطِيفَة وأمراض هَؤُلَاءِ تنْحَل أبدا قبل أَن يصير فِي أبوالهم قشار وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يَكْتَفِي فِي هَؤُلَاءِ سَحَابَة بَيْضَاء مُتَسَاوِيَة ملساء.
وأبوال من يتعب أَيْضا من الأصحاء ويقل الْغذَاء قَليلَة الرسوب.
وَجُمْلَة فالأبوال الرقيقة كلهَا أقل قشاراً.
والقشار السود وَالْخضر والأسمانجونية والمنتنة إِنَّمَا تكون من امتلاء فانه إِذا كَانَ مَعَ ذَلِك زبدياً فانه امتلاء رَدِيء فِي الْغَايَة فَذَلِك هَذِه القشارات أردأ مَا تكون.)
قَالَ: وَالْبَوْل الْأسود رَدِيء قل مَا يسلم مِنْهُ لِأَنَّهُ يدل على غَايَة موت الْقُوَّة وَالْبرد أَو على غَايَة الاحتراق والحرارة فان كَانَ الثفل أسود وَهُوَ مستو وَلَيْسَت الرُّطُوبَة سَوْدَاء فَهِيَ أنقص دلَالَة على الشَّرّ.
قَالَ: وَأما اللَّوْن الْأَخْضَر فَكَأَنَّهُ طَرِيق إِلَى السوَاد ومقدمة لَهُ وَذَلِكَ إِنَّه إِن كَانَ الْمَرَض مهْلكا فان الْبَوْل الْأسود يَجِيء بعد الْأَخْضَر والقيء وَالْبرَاز الأخضرين.
وَأما اللَّوْن الأسمانجوني فَلَا يكون إِلَّا من الْبرد فَقَط.
والرائحة الْمُنكرَة تكون من العفن.
وَإِن تغير اللَّوْن وَصَارَ كالزيت فانه يدل على ذوبان الْأَعْضَاء.
والقشارات الْجِيَاد فِي أَبْوَال الْجِيَاد على قدر علوها تنقص جودتها.
وَالْبَوْل الْأَبْيَض اللَّطِيف والكدر يدل دَائِما على فجاجة.
وَأما الَّذِي فِيهِ مثل جشيش الْحِنْطَة والصفائحي والنخالي وَالْأسود والأسمانجوني والأخضر والمنتن فقاتلة.
وَأما الناري والأشقر الرقيقان اللطيفان فيدلان على نضج متوسط وَنعم مَا قَالَ أبقراط: إِن الأبوال الْبيض فجة رَدِيئَة وَذَلِكَ أَن الصَّبْغ إِنَّمَا يكون من توليد الدَّم والمرة فَإِذا كَانَت الطبيعة قَالَ: فان كَانَت الْعلَّة مَعَ ضعف من الطبيعة سليمَة احْتَاجَت إِلَى زمن طَوِيل للهضم فان كَانَ الْمَرَض رديئاً هَلَكت سَرِيعا.(5/265)
قَالَ: الثفل الطبيعي للَّذين يكثرون الْغذَاء ويقلون الْحَرَكَة وَبِالْجُمْلَةِ الَّذين قد مَال مزاجهم إِلَى البلغم وَيجب أَن يُوجد أَسْفَل وَأما الَّذين يستعملون الْغذَاء أقل من هَؤُلَاءِ وَالْحَرَكَة أَكثر ومزاجهم أحر فَفِي أَعلَى من ذَلِك الْموضع.
وَأما القشارة الْخَارِجَة عَن الطبيعة فانه لَيْسَ يَفْعَله إِلَّا الَّذِي يكون إِلَيْهِ سيلان ذَلِك الْخَلْط المولد للمرض بالطبع يكون فَسَاده وبقدر مخالفتها لذَلِك الْخَلْط فِي الْمَكَان يكون صَلَاحه فان الْأَمْرَاض السوداوية والبلغمية إِذا رسبت قشارها كَانَت أردأ. وَإِن علت كَانَت أَجود لِأَنَّهُ يدل على أَن الطبيعة قد أحالتها بعض الإحالة فَأَما فِي الْأَمْرَاض الصفراوية فبقدر مَا تميل القشارة إِلَى الْعُلُوّ يكون رداءته وبالضد.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأَبْيَض يدل إِمَّا على ضعف الْقُوَّة وَإِمَّا على السدد وَإِمَّا على الصعُود الْمرة نَحْو)
الرَّأْس.
وَإِذا رَأَيْت فِي حمى محرقة بولاً أَبيض فَأَنْذر أَن صَاحبهَا سيختلط وَإِذا اخْتَلَط وَالْبَوْل أَبيض رَقِيق فانه سيموت لِأَن الدِّمَاغ لَا يصابر الصَّفْرَاء مُدَّة طَوِيلَة.
الْبَوْل الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على هَلَاك وخاصة إِن كَانَ منتناً وَكَانَ فِيهِ رسوب أسود ومحال أَن يسلم صَاحبه.
وَإِذا تقدم الْبَوْل الْأسود بَوْل أَخْضَر أَو لون السَّمَاء فانه عَن برد فان تقدمه الْأَشْقَر فانه من حرارة كَثِيرَة.
وَقد يكون الْأسود فِي انحطاط الرّبع وأوجاع الطحال.
الْبَوْل الصَّحِيح الْقَرِيب من الشقرة المعتدل القوام الَّذِي لَهُ قشار معتدل الكمية أَبيض أملس مستو.
والقشار فِي أَبْوَال النِّسَاء أَكثر ولونه أَبيض بالطبع وقشار الصّبيان أَكثر وَلَيْسَ مستجمعاً مُنْضَمًّا وَلَا أملس.
الأبوال الحميدة تظهر فِيهَا أَولا سَحَابَة ثمَّ تعلق ثمَّ رسوب.
وَأما الْمَرَض الْفَج فانك ترى فِي أَوله قشارا كَثِيرَة راسبة غير منضم وَلَا أملس لَكِن كالخلط الخام ثمَّ يقبل يَنْضَم ويرتفع حَتَّى يصير فِي الْوسط ثمَّ يصير فِي الْعُلُوّ إِذا نضج نضجاً شَدِيدا فَيصير سَحَابَة. وتضر هَذِه السحابة الْجُهَّال لأَنهم يتوهمون أَن الْمَرَض متزيد وَلَا يَدْرُونَ أَنه إِنَّمَا كَانَ عَن رسوب فج.
الْبَوْل الدهني إِذا خرج دفْعَة وَهُوَ كثير ويحس مَعَه بحرارة مفرطة فانه يخرج من الكلى لِأَن شحمها يذوب فان خَالف فَمن جَمِيع الْبدن.
مغنس: الرسوب الْجيد بثفله يدل على غَايَة النضج لِأَن الرّيح قد فارقته وبياضه على غَايَة التَّشَبُّه بالأعضاء الْأَصْلِيَّة(5/266)
والملاسه ورسوبه دَلِيل على غَايَة الْبعد من الشَّرّ واستواؤه فِي الْأَيَّام يدل على أَن الطبيعة قَوِيَّة على دفع الْأَذَى. وبقدر مَا ينقص من هَذِه ينقص من جودته وبقدر كَمَاله وَكَمَال هَذِه فِيهِ تكون جودته.
لي وَالْبَيَاض أقوى ثمَّ الْمَكَان ثمَّ الملاسة ثمَّ الاسْتوَاء فِي الْأَيَّام فعلى قدر تركيب هَذِه تكون جودته لِأَن العطب وَالْبَيَاض هُوَ الشبيه بِالْمَاءِ وبالأعضاء الْأَصْلِيَّة ثمَّ بعده الْمَكَان فِي)
القارورة لِأَن ذَلِك يدل على مِقْدَار قبُوله للنضج بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ ملاسته لِأَن الملاسة من جنس الرسوب فِي الْمَكَان والخشونة من جنس الانتشار والعلو عَن الاسْتوَاء لِأَنَّهُ إِن لم يكن أملس وَلَا راسباً فان لَا يكون على هَذَا الْمِثَال مستوياً خير لِأَن ذَلِك يدل على الرداءة أقل.
فعلى هَذَا فَأخْرج المركبات على هَذَا الْمِثَال الغليظ الَّذِي يتَمَيَّز من الْبَوْل أجوده الْأَبْيَض الراسب الأملس المستوي فِي جَمِيع أَيَّام الْمَرَض ثمَّ الَّذِي يعْدم الاسْتوَاء ثمَّ الملاسة ثمَّ الرسوب.
وَيجب أَن تعلم أَن عدم الاسْتوَاء فِي أَيَّام إِذا عَدمه أَيَّامًا كَثِيرَة قوي الرداءة جدا وَإِن كَانَ يَسْتَوِي أَيَّامًا وَيخْتَلف يَوْمًا وَاحِدًا فَهُوَ أقل رداءة وخاصة إِن كَانَ لَهُ سَبَب مَعْلُوم وَإِن كَانَ متفاوتاً فعلى قدر ذَلِك.
والتميزات الرَّديئَة كالأسود والأخضر فأيسرها الَّتِي هِيَ نصفه أَجود الْأَبْيَض أَعنِي الراسب الأملس المستوي فِي جَمِيع الْأَيَّام فَأَما الرسوب الْمُتَوَسّط كالأحمر والأصفر فَيجب أَن تنظر فِيهِ.
قَالَ: اللَّوْن الرصاصي يدل على موت الْقُوَّة وَبرد وَالْأسود إِن تقدمه الرصاصي فَهُوَ دَال على الْبرد وَإِن تقدمه الْأَصْفَر فعلى الْحر.
لي اسْتدلَّ على قُوَّة الرسوب الَّذِي هُوَ من الهضم فانه يُخَالف الْقَيْح فانه لَيْسَ بمنتن والخام بِأَن لَهُ شفاً ولطافة فِي المنظر وبالإضافة إِلَيْهِ.
وصقال الرواسب الَّتِي كحب الكرسنة تكون من ذوبان اللَّحْم أَعنِي لحم جَمِيع الْبدن وَتَكون من الكلى ويفصل بَينهمَا أَنه إِن كَانَ من جَمِيع الْبدن فان تقدمه حمى حادة فَهُوَ من جَمِيع الْبدن وَإِلَّا فَمن الكلى وَإِن كَانَ مَعَ ذَلِك نياً غير نضيج فَلَيْسَ هُوَ من الكلى لِأَنَّهُ قد يُمكن أَن يكون الكلى عليلة وَالْبَوْل نضيجاً.
والصفائحي أَيْضا كَذَلِك إِن كَانَ مَعَ الْحمى فَهُوَ من الْجَسَد كُله وَإِلَّا فَمن المثانة.
وَإِن كَانَ مَعَ الثفل الصفائحي حمى فانه يدل على جرب فِي الْعُرُوق كلهَا وَإِلَّا فعلى المثانة.(5/267)
والنخالي يدل على أَن الْحمى قد بلغت إِلَى غور الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَهِي أعمق من الصفائح وأصغر. إِذا كَانَت هَذِه أَيْضا مَعَ حمى فَهُوَ انحلال الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِلَّا فَمن المثانة. وَكَذَلِكَ إِن كَانَ الْبَوْل نضيجاً فالعلة فِي المثانة فَقَط على مَا بَينا فِي الكلى.
والسويقية مثل النخالية إِلَّا أَنَّهَا أكبر وَيدل إِمَّا على احتراق الدَّم وَإِمَّا على انحلال شَدِيد فِي الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَإِن كَانَت حمى فان الْحمى على الاحتراق فِي الدَّم.)
قَالَ: وَأما الْبَوْل المنتن فَيدل على عفن وَمَوْت من الطبيعة.
من كتاب أَحْمد بن الطّيب قَالَ: الرسوب الخشن يدل على أَن فِي الْعُرُوق بَقِيَّة لم تنضج وبالضد.
وَإِذا كَانَ الثفل يصعد من أَسْفَل إِلَى فَوق فانه ينذر بطول من الْعلَّة وَإِذا كَانَ ينحط من فَوق إِلَى أَسْفَل ينذر بِسُرْعَة الِافْتِرَاق.
وَمَتى كَانَت العطب والسحابة فِي وسط القارورة وضوءها يَمْتَد إِلَى فَوق حِينَئِذٍ خبيثة وَمَتى امْتَدَّ ضوءها إِلَى أَسْفَل فَهِيَ سليمَة.
وَإِذا كَانَت طافية وضوءها يَمْتَد سفلاً فقد يُمكن أَن الْعلَّة قد قهرت الطبيعة.
وَإِذا أَحْبَبْت النّظر إِلَى السحابة فاستر أحد جَنْبي القارورة عَن الضَّوْء فانه أَحْرَى أَلا يخفى قَالَ: بَوْل الرجل إِذا حركته كدر وَأخذ الكدر يصعد إِلَى فَوق وَبَوْل النِّسَاء فِيهِ رقة لَا يتكدر إِذا حركته وعَلى رَأسه زبد مستدير.
قَالَ: وَإِذا كَانَ فِي القارورة شبه خيوط مختلطة بَعْضهَا بِبَعْض فقد بيل على إِثْر جماع.
وَإِن كَانَ بَوْل الْمَرْأَة صافياً فِيهِ وفوقه ضباب فَهِيَ حُبْلَى وَإِن كَانَ الضباب يشبه الزرقة فَهُوَ أول الْحَبل وَإِن كَانَ أَحْمَر فآخره. وَأَيْضًا فان حركته فتكدر فَهُوَ آخر الْحَبل وَإِن لم يتكدر فأوله.
قَالَ: بَوْل الحبلى أصفر فِيهِ زرقة وَكَأن فِي وسط القارورة قطناً منفوشاً.
بَوْل الْحمير كالسمن الذائب.
بَوْل الدَّوَابّ أصفى من بَوْل الْحمير وَكَأن مَاء القارورة نِصْفَانِ أَعْلَاهُ صَاف وأسفله كدر.
بَوْل الْغنم أَبيض فِي صفرَة لَهُ ثفل أَسْفَل بِمَنْزِلَة الدّهن.
بَوْل الغزال يشبه أَبْوَال النَّاس وَلكنه شَيْء مصمت فِي القارورة.
يغالط الْبَوْل بالسكنجبين وَمَاء الْعَسَل وَمَاء الزَّعْفَرَان وَمَاء التِّين وَبَوْل الْغنم والظباء.
أما السكنجبين فَكلما قربت مِنْهُ ازْدَادَ صفاءً وَإِذا باعدته كدرا. وَالْبَوْل بِالْخِلَافِ إِذا باعدته صفا وَإِذا قربته كدر.(5/268)
وَإِمَّا مَاء الْعَسَل فزبده أصفر بلونه وزبد الْبَوْل ابيض.
وَإِمَّا مَاء التِّين فثفله راسب فِي جَانب لَازم كتراب طيب فِي مَاء وثفل الْبَوْل فِي الْوسط يَجِيء وَيذْهب ويتحرك فِيهِ.)
إِذا رَأَيْت المَاء أصفر إِلَى الْحمرَة فِيهِ سَحَابَة مضطربة وثفل متحرك متفرق فَهُوَ بَوْل لَا محَالة بَوْل الْأَطْفَال لَا ينظر إِلَيْهِ لِأَن الهضم مِنْهُم لم يتم ويكمل فَلَا يتَبَيَّن فيهم النضج وَلَا فجاجة الْبَتَّةَ لكنه مشتبه.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي حمى الغب غليظاً قَلِيل الصُّفْرَة مختلطاً كدراً طَال أمرهَا.
إِذا كَانَ بَوْل صَاحب الْحمى الدموية أَحْمَر غليظ كدر تركته بِسُرْعَة وَإِذا كَانَ قَلِيل الْحمرَة كدراً طَال ذَلِك.
وَبَوْل صَاحب حمى الرّبع مَتى كَانَ إِلَى الزرقة والصفاء طَال ذَلِك وَإِن احمر ورق أسْرع.
بَوْل الْحمى البلغمية مَتى كَانَ أَبيض كدراً طَالَتْ وَإِن كَانَ أصفر رَقِيقا أسرعت.
وَإِذا كَانَ فِي بَوْل صَاحب حمى يَوْم كدر فِي وسط القارورة فعلى حسب لون ذَلِك الكدر تنْتَقل حماه إِلَى العفونة أَعنِي عفونة ذَلِك الْخَلْط فان كَانَ إِلَى الْحمرَة انْتقل إِلَى حمى الدَّم.
أَيُّوب الأبرش قَالَ: يحدث الْبَوْل الْأَحْمَر من البلغم إِذا كَانَ مِنْهُ سدد فِي الكبد ويعرض ذَلِك فِي الْحمى النائبة كل يَوْم كثيرا وَيفرق بَينه وَبَين الْأَحْمَر الْحَادِث عَن الدَّم والصفراء: العطب وَإنَّك مَتى رَأَيْت الْبَوْل الْأَحْمَر أملس مستوياً يلمع صافياً جدا فَأعْلم أَن الْفَاعِل لَهُ البلغم لِأَن اللمعان والملاسة واستواء الْأَجْزَاء المائية من البلغم وَقد بَينا ذَلِك فِي المرضى كم مرّة. وَإِذا كَانَ سَبَب حُدُوث اللَّوْن الْأَحْمَر والصفراء فانك لَا تَجِد فِي الْبَوْل اسْتِوَاء وَلَا ملاسة وَلَا لمعاً وَذَلِكَ لِأَن الْحَرَارَة تخلخل أَجزَاء الرُّطُوبَة بَعْضهَا من بعض.
قَالَ: وَقد يكون لون الْبَوْل أَبيض عَن الْحَرَارَة وَحِينَئِذٍ ترَاهُ صافياً ولطيفاً جدا وَالْبَيَاض نَفسه لَيْسَ بصاف وَلَا نقي.
قَالَ: وَإِذا كَانَ سَبَب اللَّوْن الْأسود السَّوْدَاء رَأَيْت القوام صافياً لطيفاً واللون عميقاً جدا كثيفاً وَإِن كَانَت فِيهِ حرارة فانه يكون أَكثر غلظاً والاستواء فِيهِ أقل واللون فِي نَفسه لَيْسَ بصاف وَلَا عميق. وَمَتى كَانَ حُدُوث السوَاد بِسَبَب البلغم فان القوام يكون أملس مستوياً غليظاً واللون لَا يكون عميقاً وَلَا صافياً.
مَحل الرسوب من الهضم الَّذِي فِي الْعُرُوق مَحل البرَاز من هضم الْبَطن.
قَالَ: الأبوال الزيتية خَاصَّة لأَصْحَاب الدق لِأَن الدق مذيبة وَالْآخر ذبول وَالْآخر تفتت.
الأبوال الزيتية ثَلَاثَة أَنْوَاع: إِذا حدث شَيْء عنكبوتي عَن الْبَوْل لم يستحكم بِهِ السل بعد(5/269)
وَقد)
بَدَأَ الشَّحْم يذوب وَهُوَ عَلامَة الدق وَأما الَّذِي يشبه الزَّيْت فِي المنظر فَيكون حِين تكون الرُّطُوبَة المائية قد فنيت من جَوْهَر الْأَعْضَاء وأفنت الْحَرَارَة وَهَذِه عَلامَة الذبول. وَإِذا حدثت الأثفال الكرسنية والنخالية فقد أخذت الْحَرَارَة تبدد نفس جَوْهَر الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة وَهَذِه عَلَامَات التفتت.
قَالَ: وَذَلِكَ يكون خَارِجا عيَانًا فان النَّار فِي أول الْأَمر تذيب وتفني مائية اللَّحْم ثمَّ دهنيته ثمَّ جوهره نَفسه وَإِذا أخذت تبدد نفس جَوْهَر اللَّحْم قطعته قطعا كَثِيرَة لِأَن لَيْسَ من شَأْنه أَن يَنْقَسِم إِلَى أَجزَاء لَطِيفَة كَالْمَاءِ والدهن يَعْنِي رُطُوبَة الْبدن وشحمه هَذِه الْأَجْزَاء إِذا ذَابَتْ حروفها لِأَنَّهَا أَضْعَف حَتَّى تصير مستديرة.
والثفل الكرسني يكون من تفتت اللَّحْم.
وَأما النخالي فَمَتَى أخذت بعد ذَلِك تعْمل فِي جَوَاهِر الْأَعْضَاء الَّتِي كَانَت من المنى أَعنِي الْعُرُوق وَغَيرهَا مِمَّا هُوَ من نَحْوهَا وعملها مِنْهَا فِي غور هَذَا بعد ذَلِك وَأول عَملهَا فِي هَذِه: يقطع من سطوحها أَجزَاء كالنخالة فَإِذا دَامَ ذَلِك وقويت قطعت مِنْهَا فِي غورها بعد أَجزَاء أعظم وَهِي الصفائحية وَنَحْو هَذِه الْأَفْعَال تخرج من المثانة والكلى إِلَّا أَنه لَا يكون قد تقدمها حمى حادة ومحرقة.
فِي الرَّائِحَة قَالَ: الْبَوْل الحريف الرَّائِحَة يكون إِذا أحرقت الصَّفْرَاء رُطُوبَة الْبَوْل وَذَلِكَ يعرض وَأما الرَّائِحَة الحامضة فَتحدث من كَثْرَة رُطُوبَة غير منهضمة وَقلة حرارة.
وَأما الحماسة الرَّائِحَة فَتحدث من عفونة كَثِيرَة فِي الْبدن كَمَا تحدث فِي الْحمى إِذا أَقَامَت مُدَّة أَو لاحتباس العطب وَالْبَوْل مُدَّة طَوِيلَة كَمَا يحدث فِي عسر الْبَوْل.
والمرارة تحدث من غَلَبَة الْحر واليبس وَشدَّة الاحتراق عَلَيْهِ.
وَأما الملوحة فَمن احتراق دون ذَلِك.
وَأما الحرافة فَإِنَّهَا تحدث لاحتراق أَشد من المرارة وألطف.
وَأما الحامض فلضعف الْحَرَارَة وَكَثْرَة الرُّطُوبَة. والحلاوة عَن اعْتِدَال والمائي يحدث عَن كَثْرَة رُطُوبَة.
لي يجب أَن تعلم أَن الْبَوْل الصَّحِيح لَا يكون حلوا فَلَيْسَ لذَلِك ألف معنى لَكِن انْظُر مَا الطّعْم الْخَاص بالبول الصَّحِيح وَاجعَل الْقيَاس مِنْهُ.)
والقوام المعتدل دَلِيل على حسن انهضام الكيلوس فِي الْمعدة.
لي ينظر فِي هَذَا فان الْبَوْل عِنْدِي لَا يدل على شَيْء من الْمعدة.
قَالَ: اللَّوْن الأترجي يدل على هضم فَاضل فِي الكبد فَأَما الْأَشْقَر والأحمر والقاني وَالْأسود وَنَحْو ذَلِك فدليل على ضد ذَلِك.(5/270)
وَأما القفل فَيدل على حَال الهضم فِي الْعُرُوق واستقراره أَسْفَل وملاسته وبياضه يدلان على هضم فَاضل وتوسطه فِي الْإِنَاء على أقل من ذَلِك وعلوه على مَا أقل.
قَالَ: وَيحدث رقة المَاء من الهضم الرَّدِيء فِي الْمعدة لِأَنَّهُ يدل على أَن الكيلوس كَانَ رَقِيقا وغلظه وكدرته أَيْضا من رداءة الهضم فِيهَا ونفوذه إِلَى الكبد قبل جودة طبخه وانحداره كَالْمَاءِ الْمَضْرُوب بالرقيق واعتداله على اعْتِدَال الْأَمر هُنَاكَ.
وَقد يحدث الْبَوْل الغليظ من أجل الكلى وَالرحم. وَالْفرق بَينهمَا أَن الغلظ الْحَادِث عَن كيلوس الْمعدة مستوي الْأَجْزَاء متشابها والحادث عَن هَذِه بِخِلَاف ذَلِك.
قَالَ: وَيفرق بَين الرسوب الَّذِي هُوَ فضلَة غذَاء الْعُرُوق وَبَين الخام والمدة بِالنّظرِ والرائحة فانك مَتى رَأَيْت الثفل إِذا حرك لَا ينبسط فِي الرُّطُوبَة انبساطاً كَامِلا. لَكِن يتفرق فِيهِ ويصعد وَينزل فالرسوب خلط ني والثفل الطبيعي أملس سَاطِع الْبيَاض وَإِذا حرك لم يسْرع النُّزُول وَأما الْمدَّة فانه تكون مَعهَا أورام أَو ريح مُنْتِنَة والثفل الطبيعي رَائِحَته حادة من أجل الهضم والخلط الَّتِي لَا رَائِحَة لَهُ والمدة لَهَا رَائِحَة قبيحة.
وَأما الألوان فَأَرْبَعَة: الْأَبْيَض وَالْأسود والأحمر والأشقر بَينهمَا وَمن امتزاج هَذِه يحدث ألوان فَالَّذِي يحدث أَبيض كثير وأحمر قَلِيل فَهُوَ ني والأخضر يحدث من تركيب الْأسود.
وَأما تغير الْبَوْل من لون إِلَى لون وَمن قوام إِلَى قوام أَو غير ذَلِك فَيدل على صِحَة أَو مرض.
الْبَوْل الرَّقِيق الَّذِي فِيهِ سَحَابَة مرية زبدية دَال على العطب فِي الْأَمْرَاض الحادة وَإِن أَتَى مَعَ ذَلِك دم من المنخزين فانه دَال على الْهَلَاك لِأَنَّهُ يدل على أَن السَّبَب كَانَ صفراء وَأَن الدَّم لم يسل من هيجانه لَكِن من سُقُوط الْقُوَّة.
الْبَوْل الْأَبْيَض الرَّقِيق فِي الْأَمْرَاض الحادة يجب أَن يتَقَدَّم فينذر باختلاط فَإِذا حدث فان دَامَ على ذَلِك فَيَمُوت وَالْعلَّة مَا ذَكرْنَاهُ فِي ارسانس.
قَالَ: وَإِن حدث هَذَا الْبَوْل مَعَ ذَات الْجنب العطب وودام فأنذره باختلاط وَإِن حدث)
مَعَه عرق وسيلان دم انْحَلَّت الْعلَّة.
الْبَوْل الْأَبْيَض وَالْأسود فِي الْمَرَض الحاد مَعَ تلهب وَقلة الْعقل واختلاط مَعَ قلَّة الطَّعَام وذوبان نفس وَضعف دلّ على الْمَوْت لِأَن دَلَائِل الْهَلَاك مجتمعة.
فِي الْحمى البلغمية الْبَوْل اللَّطِيف دَال على السدد الفاعلة لَهَا البلغم.
الْبَوْل الْأَبْيَض اللَّطِيف الَّذِي يبال على هَذِه الْحَال زَمَانا كثيرا مَعَ صِحَة الْبدن وَلَا يتَغَيَّر إِلَى الغلظ يدل على أَنه سيحدث عِلّة فِي الكلى أَو ورم أَو بثور أَو خراج فِي الْجَسَد.(5/271)
وَالْبَوْل الْأَحْمَر جدا مَعَ صِحَة فِي الْبدن يدل على أَن الْبدن ينْحل عَن قريب ويذوب وَإِن كَانَ الْبَوْل أَحْمَر غليظاً وَبَقِي على ذَلِك مَعَ ثفل فِي الرَّأْس والجسد فانه ينذر برطوبة هُوَ ذَا تعفن وستحدث حمى.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا فِي الْأَمْرَاض الحادة فِي ابتدائها مَعَ رَائِحَة رَدِيئَة تدل على التَّهْلُكَة لِأَن الْحمرَة تدل على حرارة كَثِيرَة والغلظ على اضْطِرَاب شَدِيد والقليل على ضعف الْقُوَّة وَالنَّتن على شدَّة عفونة تِلْكَ الأخلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر رَدِيء فِي أوجاع الكلى وأوجاع الرَّأْس لِأَنَّهُ فِي أوجاع الكلى يدل فِي الأكثرة على ورم حَار فيهمَا وَهَذَا أردأ لِأَنَّهُ رُبمَا نضج وتقيح وَأما مَعَ مرض الرَّأْس فَلِأَنَّهُ يخَاف أَن يحدث اخْتِلَاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الَّذِي فِيهِ رسوب كثير فِي الحميات الحادة وَالَّتِي لَهَا نَوَائِب مضطربة تدل على انحلال علته وَإِن لطف فِي ابْتِدَاء يدل على عودة الْمَرَض. وَذَلِكَ لِأَن هَذَا الْبَوْل يدل على استفراغ الْخَلْط الْمُحدث للحميات. فان لطف دلّ على أَن الْخَلْط لَيْسَ يستفرغ وَعند ذَلِك لَا بُد أَن تعطف الطبيعة بحمى أُخْرَى ليكمل استفراغ ذَلِك الْخَلْط.
الْبَوْل الَّذِي لَونه لون الدَّم الصافي فِي الْأَمْرَاض الحادة دَال على موت فَجْأَة وَذَلِكَ أَن كَون الدَّم الصافي يدل على حِدة الدَّم وَأَن ذَلِك سيرقى إِلَى الرَّأْس فَيحدث بطلَان الحركات النفسية أَو الْبَوْل الْأَحْمَر الَّذِي يبال فِي الحميات الحادة عَن التَّعَب المتنقل من اللطافة إِلَى الغلظ الَّذِي لَيْسَ لَهُ ثفل راسب مَعَ وجع فِي الرَّأْس ينذر بطول الْمَرَض وسلامته وَذَلِكَ أَن انْتِقَال اللطافة إِلَى الغلظ يدل على الهضم وَعدم الرسوب يدل على أَن الهضم لَيْسَ بكامل بعد فَيحْتَاج إِلَى مُدَّة لذَلِك وَأما البحران بالعرق فَلِأَن السَّبَب كَانَ تَعب الْجَسَد كُله فَذَلِك يكون أسْرع من الْجَسَد كُله.)
الْبَوْل الْأَحْمَر القاني الْقَلِيل مَعَ الاسْتِسْقَاء يدل على الْخطر وضده على خير لِأَن شدَّة الْحمرَة تدل على أَن الكبد ألمة جدا. وقلته تدل على أَن الْبَوْل لَا يستفرغ. لَكِن يصير إِلَى مجمع المَاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر الْكثير الغليظ الشبيه بالدردى فِي عِلّة اليرقان يدل على أَن الْخَلْط الْفَاعِل لِلْعِلَّةِ هُوَ ذَا يستفرغ العطب وَأَن الكبد تنقى والسدد تنفتح.
الْبَوْل الْأَحْمَر الرَّقِيق الْقَلِيل الْفَاضِل الَّذِي يبْقى على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة فِي عِلّة اليرقان ينذر بالاستسقاء لِأَن الكبد لَيست تنقى من الْخَلْط وتزداد ضعفا وَالْبَوْل لَيْسَ يخرج.
الْبَوْل الْأَحْمَر الصافي وَالْأسود اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ ثفل يسير فِي علل الطحال رَدِيء لِأَن الْحمرَة والسواد فِي هَذِه الْحَالة يدلان على حرارة واحتراق وَضعف. واللطافة على السدد هُوَ دونه.(5/272)
إِذا بيل دم غير خَالص فَجْأَة دلّ على أَن عرق قد انصدع فِي الكلى لِأَن المثانة لَيْسَ فِيهَا عرق قدره أَن يغزر الدَّم وَلَو كَانَ من فَوق لَكَانَ لَا يكون فَجْأَة لَكِن قَلِيلا قَلِيلا وَهَاتَانِ الخلتان بَوْل اليرقان أَحْمَر وأشقر زبده منصبغ ويصبغ الثِّيَاب بلونه.
مَتى حدث بعد التَّعَب الشَّديد بَوْل أسود أَو زنجاري فانه ينذر بتشنج يكون وَذَلِكَ أَن اللَّوْن الزنجاري يكون عِنْد فنَاء أَكثر الرطوبات بالتعب من الْأَعْضَاء الْأَصْلِيَّة والحرارة مَعَ ذَلِك لَيست كَثِيرَة وَالْأسود يدل على أَن الْحَرَارَة كَثِيرَة جدا واليبس قوي فِي الأعصاب.
الْأسود الَّذِي فِيهِ ثفل مُتَعَلق وَله رَائِحَة حادة وقوام لطيف فِي الْمَرَض الحاد يُؤذن بوجع الرَّأْس واختلاط الَّذِي فِيهِ وَيدل على الْأَكْثَر أَنه سيسيل دم محترق من الْأنف أَو على عرق كثير وَذَلِكَ أَن الْمُتَعَلّق الْأسود يدل على التهاب فان كَانَ هَذَا التلهب مَعَ الدَّم فالدم حَار يَعْلُو وَلَا يحْتَمل الرَّأْس تِلْكَ الْحَرَارَة فَيكون رُعَاف وَإِن كَانَت هَذِه الحدة من صفراء فَإِنَّهَا تصير إِلَى سطح الْجَسَد لخفتها فَيحدث بحدوثها اقشعرار.
الْبَوْل الْأسود اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق لَا نظام لَهُ مَعَ سهر وصمم فِي الحميات المحرقة يدل على سيلان الدَّم من الْأنف لِأَنَّهُ يدل على أَن الْخَلْط الْحَار صاعد نَحْو الرَّأْس والطبيعة تستفرغه من هُنَاكَ. والحميات المحرقة سَببهَا الدَّم وَإِنَّمَا يكون أسود لِكَثْرَة عمل الْحمى المحرقة فِي تبريد الرُّطُوبَة.
الْبَوْل الْأسود الَّذِي فِيهِ مُتَعَلق مستدير مُجْتَمع وَلَيْسَت لَهُ رَائِحَة حريفة مَعَ امتداد لَا من الْجَانِبَيْنِ الْبَوْل الَّذِي قوامه غير مستو ولونه أَحْمَر يدل على تَعب ونقصان الْبدن وَذَلِكَ أَن التَّعَب يفني)
الرُّطُوبَة فَتحدث لَهُ رداءة الاسْتوَاء فتهيج الْحَرَارَة فيحمر الْبَوْل ولهذين ينقص الْبدن.
الْبَوْل الَّذِي لَهُ قوام رطب جدا أَكثر من الطبيعي مَعَ قلَّة شَهْوَة الطَّعَام وَثقل يدل على أَن الْبدن هُوَ ذَا يستفرغ بِهِ استفراغاً حميدا لِأَن الثّقل وَقُوَّة الشَّهْوَة يدلان على امتلاء وَرطوبة.
وَالْبَوْل فَوق الْقدر يدل على أَنه هُوَ ذَا يستفرغ من الْبدن رُطُوبَة.
الْبَوْل اللَّطِيف الْغَيْر المنهضم فِي ابْتِدَاء الْمَرَض لَيْسَ يُمكن وَفِي صُعُوده اكثر يُمكن وَفِي انتهائه كَذَلِك وَأما فِي الانحطاط فَيدل على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ يدل على غَايَة ضعف الْقُوَّة ورداءة الكيموس.
لي أما فِي الْأَمْرَاض الَّتِي تُوجد الْأَزْمَان فِيهَا العطب وَمن النضج فِي الْبَوْل فان هَذَا محَال أَو فِي غَيرهَا لَا يدل الْبَوْل على شَيْء لِأَن مادام الْبَوْل نياً فَلَيْسَ فِي هَذَا انحطاط الْبَتَّةَ.
الْبَوْل اللَّطِيف الَّذِي فِيهِ تعلق أَحْمَر يمِيل إِلَى فَوق فِي الْأَمْرَاض الحادة يدل على ذهَاب الْعقل وَإِن بَقِي كَذَلِك دلّ على العطب. فَإِن انْتَقَلت اللطافة يَعْنِي الرقة إِلَى الغلظ(5/273)
والرسوب إِلَى الْبيَاض وَالنُّزُول تخلص وَذَلِكَ أَن الْمُتَعَلّق الْأَحْمَر المائل إِلَى فَوق يدل على حِدة وحرافة لِأَنَّهَا تدل فِي الْغَايَة على ميلها نَحْو أعالي الْبدن فتؤذي بذلك الدِّمَاغ فَإِن ابيض وسفل فقد إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات الحادة أَولا أشقر لطيفاً ثمَّ اسْتَحَالَ إِلَى الغلظ وَالْبَيَاض يَعْنِي بالغلظ التثور وَبَقِي متعكراً شَبِيها بأبوال الْحمير ويبوله على غير إِرَادَة وَكَانَ مَعَه سهر وقلق يدل على امتداد فِي الْجَانِبَيْنِ وَالْمَوْت لِأَن كَونه فِي أول الْأَمر لطيفاً ينذر بالحرارة وتكدر بعد وبياضه يدل على صعوبة الْعلَّة وَكَثْرَة اضطرابه وبوله على غير إِرَادَة يدل على ضعف الدِّمَاغ وَضعف الأعصاب وَلِأَن الْعلَّة حادة وَلِأَنَّهَا منهوكة بالحرارة فَلذَلِك يكون تمدد لِأَن الْحَرَارَة تجففها وَهَذِه مميتة.
الْبَوْل اللَّطِيف الْأسود الَّذِي يبال قَلِيلا قَلِيلا وَفِي زمن طَوِيل فِي الحميات الحادة مَعَ وجع الرَّأْس والرقبة يدل على ذهَاب الْعقل لكنه قَلِيلا قَلِيلا يدل على أَن الْخَلْط الْفَاعِل هُوَ ذَا يستفرغ وَهُوَ فِي بَوْل النِّسَاء أسلم لِأَن استفراغهن بمجاري الْبَوْل أَكثر من الرِّجَال.
الْبَوْل الَّذِي يبْقى بعد البحران زَمَانا طَويلا لطيفاً يدل على الْأَكْثَر على عوده لِأَنَّهُ يدل على أَن البحران كَانَ قبل النضج وَلذَلِك ثمَّ من الْعلَّة بَقِيَّة تهيج عَنهُ.
الْبَوْل الغليظ الدَّائِم على ذَلِك مُدَّة طَوِيلَة مَعَ رمل راسب وَثقل فِي الخاصرة والعانة يدل على)
حَصَاة مزمعة أَن تكون فان كَانَ الثّقل يُوجد فِي الخاصرة والساقين دلّ على حَصَاة تحدث فِي الكلى وَإِن كَانَ يُوجد فِي الْعَانَة فَفِي المثانة.
الْبَوْل العكر فِي الصعُود فِي الحميات يدل على التّلف لِأَن العكر والتثور يدلان على صعوبة الْعلَّة وَإِذا كَانَ فِي وَقت مُنْتَهى الْعلَّة صعباً فانه سيقهر الطبيعة.
الْبَوْل الغليظ يَعْنِي الكدر فِي ابْتِدَاء الْمَرَض مَتى صفا فِي ابْتِدَاء البحران رَدِيء وَذَلِكَ أَن صفاءه لَيْسَ على تنقية لَكِن لرسوب أخلاط فِي الْبدن وَيكون بهَا عودات. الْبَوْل الغليظ الْكثير فِي عِلّة الفالج يحل الْمَرَض لِأَن هَذَا يستفرغ الخام.
الْبَوْل الغليظ الْغَيْر المستوي مَعَ حمى ووجع الطحال يدل على خير وَذَلِكَ أَن الْحَرَارَة هُوَ ذَا تحلل الْفضل الغليظ من الطحال وتستفرغ بالبول فَأَما أَنه غير مستو فَلِأَن ذَلِك على قدر مَا تهبأ من فعل الْحَرَارَة فِي تِلْكَ الْمَادَّة الاسْتوَاء قد تقدمه هَهُنَا وَفِي جَمِيع قد قدمه ألف وَفِي جَمِيع العطب والمواضع الَّتِي تكون خَالِيَة فِي جَمِيع الْأَيَّام متشابهة.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل راسب نخالي أَو سويقي أَو صفائحي مَعَ حمى وألم فِي جَمِيع الْجِسْم يدل على الدق وَإِن كَانَ من غير حمى وَلَا ألم فِي جَمِيع الْبدن فَيدل على انه فِي المثانة.
الْبَوْل الغليظ الَّذِي فِيهِ ثفل زيتي يدل على حَصَاة وَيقدر لَونه لون الْخَلْط الَّذِي تولد من فَضله فان كَانَ أَحْمَر فَمن فضلَة دموية.(5/274)
الْبَوْل الْكثير الَّذِي يَجِيء زَمَانا طَويلا وَهُوَ غليظ ثخين ويخف عَلَيْهِ الْبدن يستفرغ من الْبدن الْبَوْل الْأَشْقَر الصافي يدل على غَلَبَة الصَّفْرَاء وَيحدث للأحداث والمستعملين للتعب وَالصَّوْم.
والسحابة الْحَمْرَاء تدل على طول الْمَرَض وسلامته وَأَن يكون سَحَابَة وَلَو حَمْرَاء فَهُوَ أقصر مُدَّة من أَلا تكون سَحَابَة الْبَتَّةَ. لي الأبوال الَّتِي يَنْبَغِي أَن تطلب فِيهَا سحابات هِيَ للمستعمل الْخَفْض وَكَثْرَة الْغذَاء بِأَن أَبْوَال اللطيفي التَّدْبِير جدا لَا يجب أَن تطلب فِيهَا السحابات.
الْبَوْل إِذا كَانَ أَكثر من الشَّرَاب إِن كَانَ مَعَه صِحَة أنذر بانحلالها وَإِن كَانَ فِي سل انذر بالذرب الشَّديد للبدن وَإِن كَانَ مَعَ امتلاء الْبدن أَو الْأَمْرَاض الإملائية فان الْبدن ينتقى وَينْتَفع.
الْبَوْل إِذا كَانَ اقل مِمَّا يشرب فِي الأصحاء إِمَّا أَن يجْتَمع فِي أبدانهم وَإِمَّا أَن تَنْطَلِق بطونهم أَو يعرقون فان لم يكن كَذَلِك وأبوالهم ضَعِيفَة فَيبقى فِي الْبدن وتتولد أخلاط مائية.
إِذا كَانَ الْبَوْل فِي الحميات الَّتِي فِيهَا يبس فِي اللِّسَان أَو عَلَيْهِ مثل الزنجار فِيهِ قطع مثل الدَّم)
المتعقد يدل على الْمَوْت لِأَن الزنجار على اللِّسَان يدل على حرارت حريفة. فان كَانَ الْبَوْل أسود مَعَ ذَلِك وَهُوَ يسير وَهَذِه قطع الدَّم إِنَّهَا تنحدر من الكبد لحرافة الأخلاط وتجمد لشدَّة الْحَرَارَة والسواد يدل على التهاب ألف. شَدِيد هَهُنَا الْبَوْل الدهني رُبمَا يدل على اخْتِلَاط عقل لِأَنَّهُ إِذا جففت رُطُوبَة الْبدن خفف الدِّمَاغ.
الْبَوْل الَّذِي يبال مرّة قَلِيلا وَمرَّة كَثِيرَة وَمرَّة يحتبس أصلا فِي الحميات الحادة يدل على عطب وَإِن كَانَت الحميات سليمَة دلّ على طول الْمَرَض لِأَنَّهُ فِي الرادءة يدل على شدَّة مُنَازعَة الطبيعة لِلْعِلَّةِ فَإِذا غلبت دفعت الْفضل بالبول وَإِذا غلبت لم تدفع فتحبس.
وَإِذا حدث اللَّوْن والأبيض بعد الْأَشْقَر فِي الحميات الحادة أنذر باختلاط لِأَنَّهُ يدل فِي الْأَبْيَض أَن الْحَرَارَة قد صعدت إِلَى الرَّأْس وَفِي الْأسود على شدَّة احتراق الْبدن.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل مُدَّة وَكَانَ مَعَ ذَلِك اقشعرار وغشاوة فِي الْبَصَر وعرق فِي الرَّأْس والرقبة يدل على امتداد الْجَانِبَيْنِ أَو يكون مزمعاً لِأَنَّهُ يدل على أَن الْمدَّة لَيست تستفرغ أَسْفَل كلهَا لَكِنَّهَا تصعد مِنْهَا طَائِفَة مَعَ الأخلاط إِلَى الرَّأْس فتلصق بالدماغ وتجففه وَذَلِكَ يكون فِي الخراجات الْعَظِيمَة فِي ذَات الْجنب والمعدة كثيرا.
إِذا كَانَ مَعَ الامتداد بَوْل حرف الرَّائِحَة فانه مهلك لمن بِهِ عِلّة فِي الدِّمَاغ لِأَنَّهُ قد يدل على حرارة قَوِيَّة وعفن شَدِيد وَهَذَا مَعَ التشنج لَا برْء لَهُ.(5/275)
الْبَوْل الأدكن والدموي العكر الْغَيْر المستوي فِي الْعلَّة ذَات الْجنب يدل على موت وَذَلِكَ أَن اللَّوْن الأدكن والدموي يدلان على تلهب شَدِيد والتلهب العطب والشديد يحدث خفقاناً شَدِيدا وَلَا يكون مَعَه مهلة للنضج فيألم الدِّمَاغ مَعَ الغشاء المستبطن للإضلاع فَيحدث لذَلِك الْمَوْت بإمساكه عَن النَّفس.
الْبَوْل الَّذِي يبال بتقطر فِي الحميات المحرقة السليمة يدل على ورم حَار جدا فِي الرَّأْس وسيلان الدَّم من الْأنف وَهَذَا رَدِيء فِي الحميات الحادة لِأَنَّهُ يحدث من الرَّأْس أَعنِي الدِّمَاغ ضَرُورَة فِي الْأَفْعَال الإرادية.
إِذا كَانَ فِي الْبَوْل بعد البحران سَحَابَة وَلم يكن رسوب أنذر بعودة لِأَنَّهُ يدل على بَقِيَّة لم تنضج.
الْبَوْل الَّذِي يتَغَيَّر دفْعَة من عَلَامَات محمودة إِلَى عَلَامَات مذمومة فِي الْأَمْرَاض الحادة دَال على)
الْمَوْت لِأَنَّهُ يدل على أَن الْقُوَّة قد ضعفت فِي الْغَايَة وَأَمْسَكت عَن المجاهدة.
الْبَوْل الدموي والقيحي وَالْأسود المنتن الكريه الَّذِي فِيهِ ثفل أَخْضَر أَو أسود أَو شَبيه الشّعْر يدل على العطب لِأَن هَذِه العلامات تدل على علل رَدِيئَة كَثِيرَة.
من الْكتاب المنحول إِلَى ج قَالَ: الْبَوْل الزيتي ثَلَاثَة أَنْوَاع: إِمَّا أَن يكون فَوْقه دسم وَإِمَّا أَن يكون فِي أَسْفَله ثفل دهني وَإِمَّا أَن يكون من أَوله إِلَى آخِره شَبيه بالزيت.
قَالَ: الْبَوْل الَّذِي يشبه أَبْوَال الْحمير يَعْنِي المتثور بِأَيّ لون كَانَ يدل على فَسَاد أخلاط الْجَسَد.
قَالَ: السحابة السَّوْدَاء رَدِيئَة جدا وخاصة للنِّسَاء والشيوخ والأصفر وَالدَّسم رديئان أَيْضا.
وَقَالَ: بَوْل الأصحاء لَيْسَ فِيهِ ثفل إِن لم يكن إبطاء فِي الْإِنَاء طَويلا.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ وجع الرَّأْس وَثقل الْبدن دَلِيل على عفونة وامتلاء.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ مَعَ ضعف فِي الْمعدة وحكة فِي الْبدن يدل على كَثْرَة مرّة فِي الْبدن.
الْبَوْل المائي مَعَ وجع بالشراسيف يدل على رُطُوبَة زَائِدَة فِي الْبدن.
الْبَوْل الغليظ يحدث مَعَ وجع فِي القولنج وامتلاء الْبدن وَثقله.
من أدمن الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ صِحَة الْجِسْم فَإِنَّهَا سَتَكُون حَصَاة فِي المثانة.
وَكَذَلِكَ الغليظ إِذا أدمن فَإِنَّهَا سَتَكُون حَصَاة.(5/276)
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي بَدْء الْمَرَض الحاد نياً وَفِيه ثفل سويقي فان الْمَرِيض سيختلط عقله ويتشنج.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل فِي الْمَرَض الحاد أقل من عَادَته أَو قَلِيلا جدا فَذَلِك رَدِيء.
وَإِذا لم يتَغَيَّر الْبَوْل الْبَتَّةَ فِي الْحمى فَذَلِك رَدِيء.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يكثر فِي غير الْوَقْت الَّذِي يَنْبَغِي أَن يكثر فِي الحميات وَله ثفل راسب كثير دلّ على كَثْرَة الْحَرَارَة فِي الْبدن وَضعف.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل قَلِيلا وَله ثفل ذُو ألوان كَثِيرَة فَذَلِك شَرّ وَلَا سِيمَا إِن كَانَ مَعَ الْحمى زكام.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل لطيفاً مرياً فِي آخر الحميات فَفِي الكبد ورم ثَابت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل يتَغَيَّر كل يَوْم فَذَلِك رَدِيء. وَلَا سِيمَا إِن كَانَ فِي الْحجاب ورم.(5/277)
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى اللهبة غليظاً العطب وقليلاً فَذَلِك رَدِيء وخاصة إِذا كَانَ الْبَطن مَعَ ذَلِك مُنْطَلقًا أَيْضا.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل أَحْمَر جدا قَلِيل الْمِقْدَار جدا أنذر بطول الْمَرَض.)
وَإِذا كثر الْبَوْل المائي عِنْد صعُود الْحمى دلّ على ورم يحدث فِي أَسْفَل الْبدن.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى اللهبة قَلِيلا وَله ثفل أَحْمَر فالمريض يخَاف عَلَيْهِ.
وَإِذا دَامَ الْبَوْل الْأَبْيَض فِي الْحمى انْتَقَلت إِلَى الرّبع.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى المحرقة كمد اللَّوْن فَذَلِك شَرّ.
وَالْبَوْل الْأَخْضَر على خضرته الثَّابِت يدل على ذوبان الْبدن وخاصة إِذا كَانَ كثيرا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل فِي الْحمى الحادة مثل لون صدأ الْحَدِيد دلّ على كرب وعطش وعسر بَوْل سيعرض.
الْبَوْل الشبيه بِالْبدنِ مهلك.
وَإِن كَانَ مَعَ الْبَوْل الْأسود ضيق نفس فَذَلِك مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مائياً ثمَّ تبدل بعد فَصَارَ كدراً غليظاً والحمى لهيبة جدا وَعرض تشنج فَذَلِك شَرّ أَيْضا.
وَإِن كَانَ الْبَوْل لطيفاً يضْرب إِلَى السوَاد وَفِيه تعلق فِي الْوسط مَعَ حمى محرقة فانه سيرعف وتنحل حماه بذلك.
والثفل الْكثير فِي الْحمى الدائمة الطَّوِيلَة يذبل الْبدن.
وَالْبَوْل الَّذِي مثل الدَّم سوى إِذا دَامَ يدل على موت فَجْأَة.
وَالْبَوْل الحامض الشم فِي الْحمى المحرقة مميت.
وَالْبَوْل الْأسود فِي ذَات الْجنب قَاتل وَفِيه دَال على الِاخْتِلَاط.
وَالْبَوْل الْأسود مَعَ الْحمى اللهبة والثفل الْكثير الألوان مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل اسود اللَّوْن مَعَ الْحمى اللهبة وَله ثفل مستدير يشبه النفط مَعَ نفخة الشراسيف دلّ على موت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل مائياً الْحمى اللهبة وَكَانَ كثيرا جدا انْحَلَّت الْحمى بورم يحدث.
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ يدل على وجع فِي الكبد شَدِيد.
الْبَوْل الغليظ الْأسود المنتن فِي حمى محرقة مميت.
إِذا كَانَ الْبَوْل لطيفاً أسود واشتهى العليل الطَّعَام فانه مميت.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل كالزبدة والحمى حارة فَفِي الصَّدْر جرح.)
الْبَوْل الْأَبْيَض الغليظ الْمُنْقَطع يدل على فالج.
الْبَوْل اللَّطِيف الناري فِي حمى حادة محرقة يُؤذن بتشنج.
الْبَوْل اللَّطِيف مَعَ ثفل دسم وَحمى لهبة دَال للشباب على الْمَوْت وللشيخ على الفالج.
الْبَوْل اللزج فِي ورم الكلى رَدِيء.
وَإِذا كَانَ الْبَوْل كعلق الدَّم المنعقد وبالحموم طحال ذبل طحاله.
الْبَوْل الْأَشْقَر الَّذِي فِيهِ سِهَام من شُعَاع الشَّمْس ينذر باختلاط الْعقل.
الْبَوْل الْأسود مَعَ الْحمى المحرقة ينذر بالتشنج.
السحابة الشقراء دَالَّة على أَن الْمَرَض حاد جدا.
السحابة السَّوْدَاء دَالَّة على سهر طَوِيل واختلاط.
الْبَوْل الْأَحْمَر مَعَ الثفل الْأَصْفَر قَاتل.
الْبَوْل الَّذِي يَتلون لوناً بعد لون رَدِيء جدا وَإِذا دَامَ بلون الْبدن مائياً وطالت الْحمى ودامت فانه سيستسقى.
الْبَوْل الغليظ الكدر يحل وجع الكبد واللطيف يُثبتهُ.
وَالْبَوْل الشَّديد الشقرة مَعَ طحال عَظِيم وثفل أسود شَرّ.
الْبَوْل الْقَلِيل الَّذِي بلون الدَّم وَهُوَ مَعَ رقته رَدِيء وخاصة إِن كَانَ بالمحموم العطب وعرق النسا.
من بَال بوجع الْعَانَة والمذاكير شبه العلق فِيهِ ثفل رملي فَفِي مثانته حَصَاة.
فيثاغورس الإسْكَنْدراني: الْبَوْل الَّذِي يبال صافياً وَيبقى صافياً يدل على غَايَة النضج وَالَّذِي يبال صافياً ثمَّ يتكدر يدل على ابْتِدَاء الطَّبْخ وَالَّذِي يبال كدراً وَيبقى كدراً يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط وَالِاضْطِرَاب وَأَن الْعلَّة قد انْتَهَت فِي سلطانها وَالَّذِي يبال كدراً ثمَّ يصفوا يدل على شدَّة الِاخْتِلَاط أَنَّهَا قد سكنت وَالْمَرَض قد أَخذ فِي النُّقْصَان.
ألوان الأبوال الْأَصْلِيَّة: الْأَبْيَض والأصفر والأصهب والأشقر والأحمر وَالْأسود فالأبيض يكون لعدم الْمرة والأصفر يخلطه مرّة يسيرَة والأصهب مرّة أَكثر والأشقر يخالطه مرّة كَثِيرَة جدا والأحمر الدَّم وَالْأسود يدل على احتراق الدَّم أَو على الْبُرُودَة.(5/278)
وَجَمِيع الأبوال الصهب والحمر وَإِن كَانَت فِي غَايَة الصَّبْغ إِذا لم يكن فِيهَا ثفل فَلَيْسَتْ نضيجة.)
والشقرة والرقة يدلان على حِدة الصَّفْرَاء.
الْبَوْل الغليظ الْأَبْيَض الكدر دَال على خام كثير.
الْأَحْمَر الغليظ يدل على دم اسود.
الرسوب الْأَصْفَر يكون من الصَّفْرَاء وينذر بَحر شَدِيد كثير جدا وَمرض خَبِيث حاد.
والرسوب الْأَحْمَر يكون من الدَّم المورد الَّذِي لم يكمل نضجه فَلذَلِك يدل على خير إِلَّا أَنه طَوِيل.
لي قد بَان أَمر الرسوب الْأَحْمَر والأصفر فِي أَي الْمَوَاضِع هُوَ جيد وَفِي أَيهَا أردأ. والرسوب الْأَصْفَر ألحقهُ بالأسود والأحمر بالأبيض لِأَن الْأَصْفَر أَن لَا يكون خير من أَن يكون. إِذا كَانَ إِنَّمَا ينذر بِفساد فعل الهضم من شدَّة الْحَرَارَة. وَإِمَّا الْأَحْمَر فألحقه بالأبيض لِأَن الغمامة الْحَمْرَاء أَن تكون خير من أَلا تكون. وَإِذا كَانَت تنذر بِأَن فعل الهضم طبيعي.
الْبَوْل الزيتي الَّذِي يكون لذوبان شَحم الكلى علاماته أَلا يتقدمه رسوب آخر وَهُوَ الَّذِي يكون فِي الذبول لِأَن الَّذِي يدل على ذوبان شَحم الكلى لَا يكون عَلَيْهِ دسم قَلِيل أَولا ثمَّ يكثر. لكنه يكون من أول وهلة كالزيت فان هَذَا يدل على أَن شَحم الكلى يذوب قَالَ: والزيتية ثَلَاثَة أضْرب: لون الزَّيْت وَشبه الزَّيْت يَعْنِي فِي القوام وزيتي خَالص فِي اللَّوْن والقوام. وَالَّذِي من الكلى يتقدمه ذبول.
واللون الزيتي ابْتِدَاء السل والقوام الزيتي وَسطه والكمال فِي الشّبَه بالزيت الذبول الْكَامِل والأثفال الكرسنية تتبع ذَلِك وَهُوَ أول التفتت من قطع اللَّحْم والنخالي من جرم الْعُرُوق فَهُوَ ويفصل بَين الكرسني هَل هُوَ قطع اللَّحْم من الكلى أم قطع من جَمِيع الْجَسَد من لُزُوم الْحمى ونضج الْبَوْل على مَا تقدم وَكلهَا بعيد من النضج والطبخ وَإِن الرّيح تشَتت الثفل فَهَذَا يحفف أَن الْبيَاض أقوى مَا ينظر فِيهِ العطب وَثمّ الْمَكَان على مَا قد وصناه.
من كتاب الْإِسْكَنْدَر.
قَالَ أفضل الْبَوْل الَّذِي يبال صافياً بَغْتَة ثمَّ يكدر مُدَّة صَالِحَة وأشرها الَّذِي يبال كدراً وَيبقى على ذَلِك.
روفس قَالَ: إِذا ظهر الْبَوْل الزيتي بعد الْأسود آذن بِخَير وانحلال من الْمَرَض.
من اسْتِخْرَاج حنين: الْبَوْل الْيَسِير رَدِيء لِأَنَّهُ يدل إِمَّا على ضعف الشَّيْء الَّذِي بِمَنْزِلَة الْبَوْل)
وَإِمَّا على ضعف الْقُوَّة الدافعة.
الْبَوْل الكدر الَّذِي لَا يرسب إِذا نزل رَدِيء لِأَنَّهُ يدل على غليان من الْحَرَارَة الغريبة وعَلى عجز الطبيعة عَن نضجها.(5/279)
الْبَوْل الْيَسِير الْأسود فِي الْأَمْرَاض الحادة رَدِيء لِأَن الْعلَّة تدل على أَن الْحمى قد أفنت رُطُوبَة الْبدن والسوداء ألف على أَن الصَّفْرَاء قد احترقت.
الْبَوْل المائي الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد ينذر بمائية على طوال الْمَرَض وبسواده على رداءته.
الْبَوْل الكدر المائل إِلَى الْحمرَة فِي الْيَوْم الْعشْرين يدل على أَن البحران لَا يتم وَلَا فِي الْأَرْبَعين الرسوب الْأَحْمَر لَا يَأْتِي وَلَا فِي السِّتين.
إِذا بَقِي الْبَوْل مُنْذُ أول يَوْم من الْمَرَض على الكدر الَّذِي لَا يصفو أصلا يدل على الْهَلَاك بِسُرْعَة وخاصة فِي حمى رَدِيئَة وأعراض صعبة.
الْبَوْل الْأَحْمَر فِي الْأَيَّام الأول إِن لم يسكن لَهُ ثفل الْبَتَّةَ هلك العليل وَإِن كَانَ لَهُ رسوب أَحْمَر تخلص العليل إِلَّا أَنه يطول.
الملاسة والجراشة فِي الثفل عَظِيم الْقُوَّة فان فلَانا فِي أبيذيميا كَانَت غمامته حَمْرَاء ملساء وتخلص وَفُلَانًا كَانَت غمامته بَيْضَاء جريشة فَهَلَك.
لي يجب أَن تنظر فِي هَذَا وَلَا تتكل على مثل هَذَا الْمِثَال الْوَاحِد فان الْبيَاض أقوى وَأعلم وَأعظم من الملاسة والخشونة وَرُبمَا ظَهرت بعد الغمامة الْبَيْضَاء أُخْرَى فِي الْأَيَّام حَمْرَاء وَتلك هِيَ من خلط آخر غير الأول. فَأَما الْأَبْيَض فَلَا يحمر وَلَكِن الْأَحْمَر يبيض.
والغمامة الدكناء متوسطة بَين الْحَمد والذم.
الْبَوْل الْأَحْمَر الغليظ لَا يصفو إِذا بيل فِي أول الْمَرَض يدل على ورم الكبد من الدَّم وكدرته للحرارة الغريبة.
الْبَوْل الكدر يدل على قُوَّة الْمَرَض إِذا عَاد الكدر إِلَى الرقة أَطَالَ زمن البحران وأخره.
قَالَ حنين: الْبَوْل الزيتي الَّذِي قَالَ ج فِيهِ أَنه لَا يدل على مَكْرُوه لَيْسَ بزيتي لِأَن لون الزَّيْت اصفر وأخضر وَهَذَا لَا يدل على خير الْبَتَّةَ وَلَا على نضج.
النِّسَاء اللواتي يمرضن من احتباس الطمث فِي النّفاس يبلن بولاً أسود.
الْبَوْل الرَّقِيق الْأسود إِذا لبث مُدَّة طَوِيلَة مهلك لَا محَالة.)
الثفل الَّذِي لَونه لون الكرسنة وَالَّذِي لَونه لون الزرنيخ يكون من عِلّة فِي المثانة أَو الكبد.
والثفل الْأسود الرَّمْلِيّ فِي من فِي مثانته عِلّة.
قَالَ: كلما كَانَ الْبَوْل الْأسود أغْلظ فَهُوَ أردأ.
الرسوب إِذا ظهر بعد النضج فَهُوَ حميد فِي الْغَايَة يدل على انحلال الْمَرَض وَمَتى كَانَ ظُهُوره فِي أول الْمَرَض دلّ على شدَّة التثور العطب ووالأخلاط.
الْبَوْل الَّذِي فَوْقه غبب يدل على عِلّة بَارِدَة فِي الكلى يطول لبثها.(5/280)
(نهش الْإِنْسَان وَالْكَلب) (وَغير الْكَلْب والبغل والقرد وَابْن عرس والفأرة والعظاية.) من كتاب يسب إِلَى ج: الحضض نَافِع لنهشة الْكَلْب غير الْكَلْب يطلى عَلَيْهِ. 3 (عض الْكَلْب للْإنْسَان) بولس قَالَ: إِذا عض الْإِنْسَان كلب فرش عَلَيْهِ من ساعتك خلا وَاضْرِبْ مَوضِع العض بكفك مَرَّات كَثِيرَة ثمَّ اسحق نطروناً بخل وانطله بِهِ ثمَّ ضع عَلَيْهِ صُوفًا مغموساً بخل وزيت أَو ضمد مَوضِع ببصل مدقوق بِعَسَل. فَأَما العضة الَّتِي عرضت فِيهَا حرارة فضع عَلَيْهَا دَقِيق الكرسنة معجوناً بِعَسَل. فانه خَاص لهَذَا. وَإِمَّا الَّذِي قد عض فِيهِ ورم حَار فالطخه بمرداسنج مسحوقاً بِمَاء وخل.
قَالَ: 3 (عضة ابْن عرس) يكمد مَوضِع العضة وينجع جدا وينفع مِنْهُ أَن تضمد العضة ببصل أَو ثوم أَو أَن يُؤْكَل مِنْهَا وَيشْرب عَلَيْهِ.
يعرض مِنْهَا نخس ونفاخات حول الْعُضْو مَمْلُوءَة رُطُوبَة ويكمد ويسرع إِلَيْهِ العفونة ويعرض مِنْهَا مغص وعسر الْبَوْل وعرق بَارِد وينفع مِنْهُ أَن يضمد بدقيق شعير مَعَ سكنجبين أَو يضمد بالعقاقرحا بشراب أَو جاوشير وجنطايا ويسقون من الْمَرْء جُزْءا وَمن الزَّوَائِد ثُلثي الْجُزْء. وأشر مَا يكون عضة الْإِنْسَان إِذا كَانَ صَائِما أَو رَدِيء المزاج فلتمسح العضة بالزيت ثمَّ يضمد بدقيق الباقلى بِمَاء وخل ودهن ورد ويبدل الضماد مَرَّات كَثِيرَة فَإِذا سكنت الجرارة والورم حِينَئِذٍ يعالج كعلاج سَائِر الْجِرَاحَات. 3 (الأقراباذين الْقَدِيم) كل عضة الْإِنْسَان وَغَيرهَا انطلها أَو أَدَم ذَلِك وتمص مَرَّات قبل ذَلِك وتكمد بالنفاخات وبالخبز والدقيق حَتَّى تقيح جدا فان قاح بط فان كَانَ قيحه رديئاً فالخراج يذهب إِلَى العفن.
فَاعْلَم أَنَّك إِن لم تستقص الجذب فتقصه بِالشّرطِ والكي والأدوية القوية لم يذهب إِلَى ذَلِك فَاعْلَم انك قد تقصيت الجذب وَلم يكن للناهش رداءة تخرج فِي أنيابه فَلَا بَأْس عَلَيْهِ.
الأبخرة مَتى تضمد مَعَ الْملح أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب.(5/281)
افسنتين مَتى شرب بشراب نفع من عضة موغالي.
دق البصل مَعَ الْملح وسذاب وَوضع على عضة الْكَلْب الأهلي نفع.
البلبوس نَافِع من عضة الْكَلْب الأهلي.
الْجَوْز مَتى خلط بالبصل وَالْملح مَعَ عسل نفع من عضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
الحنضة الممضوغة تَنْفَع من ذَلِك.
دَقِيق الكرسنة مَعَ الشَّرَاب نَافِع من عضة الْإِنْسَان وَالْكَلب إِذا تضمد بِهِ.
لِسَان الْحمل نَافِع لعضة الْكَلْب تخص الْإِنْسَان وَكَذَلِكَ السذابين التِّين الْفَج مَعَ الْعَسَل.
التِّين العطب ز والكرسنة وَالْعَسَل نَافِع من عضة ابْن عرس.
الثوم والكمون الْخلّ وَالْملح الْمُعْتق لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
جوز مقشر من قشريه ينعم دقه مَعَ ملح ويعجن بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ أَو تُوضَع عَلَيْهِ حنضة ممضوغة وَلبن التِّين والكرسنة وَالْملح والسذاب وَالْعَسَل والنعنع نافعة لعضة الْكَلْب يضمد مَرَّات ويرش عَلَيْهِ خل خمر ويضمد بِهِ بورق العوسج مَعَ خل خمر أَو صعتر بري وملح الْعَجِين أَو بصل وكرسنة مَعَ عسل ويطلى عَلَيْهِ مرداسنج بِمَاء ورد وباخرة يوضع خمر عَتيق وكراث وشحم ويكفى أَن يُوسع الْجرْح يَوْمًا فَقَط.
الْيَهُودِيّ: أحجمه بِلَا شَرط ثمَّ ضع عله خمرًا بدهن ورد واسقه حلتيتاً وأطعمه تفاحاً.
وَشر العضات عض السوداوي جدا أَعنِي من الْكلاب وَالنَّاس.
قاطانجس: النهشات والعضات لَا تحْتَاج إِلَى القابضة بل إِلَى الجاذبة بِقُوَّة قَوِيَّة.
أَبُو جريج: مرهم الزفت جيد جدا من عضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
أطهورسفس: غراء السّمك مَتى طلي وضمد بِهِ عضة الْكَلْب نفع جدا.
أَبُو جريج من مداواة الأسقام قَالَ: ضع على عضة الْكَلْب والقرد وَالْإِنْسَان رَمَادا معجوناً بِعَسَل وَإِن ورم فاطل بمرداسنج.
ابْن البطريق: لعضة الْكَلْب اطله بحضض بِمَاء بَارِد فَإِذا قاحت العضة ضمد بعدس مطبوخ أَو بملح وَعسل ويربط وَلَا يحل أسبوعاً فانه يُبرئهُ ويدق شاه بلوط مَعَ بصل وزيت ويضمد وَهَذِه تصلح لعضة الْإِنْسَان أَو شاه بلوط مَعَ ملح.
ولعضة الْكَلْب ورق القثاء وَالْخيَار يعجن بشراب وَيُوضَع عَلَيْهِ.(5/282)
(عضة الْكَلْب والقرد) (وَابْن عرس وَالْحمير وَالْبِغَال وَنَحْوهَا وعلاج عض الْإِنْسَان.) اطهورسفس قَالَ: بوال الْإِنْسَان إِذا عتق بجذب السم من عضة الْإِنْسَان والقرد ويمنعه من التورم.
العلاج زبل الْإِنْسَان وَإِن أحرق زبل الْإِنْسَان وذر على عضته أَبْرَأ مِنْهُ. ج: الأبخرة مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْملح أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب. د: افسنتين مَتى شرب بشراب نفع من عضة موغالي. د:
البلبوس إِذا تضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من الْكَلْب وَغير الْكَلْب.
الخوز مَتى خلط بِهِ بصل وملح وَعسل كَانَ جيدا لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان.
الْحِنْطَة مَتى مضغت وضمد بهَا عضة الْكَلْب نَفَعت.
دَقِيق الكرسنة مَتى خلط بِالشرابِ نفع من عضة الْإِنْسَان وَالْكَلب إِذا ضمد بِهِ.
أصل لوزمر مَتى ضمد مَعَ عسل كَانَ جيد لعضة الْكَلْب.
لِسَان الْحمل مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من عضة الْكَلْب العطب ز فان زيد مَعَه كرسنة نفع من عضة ابْن عرس.
الثوم مَتى خلط مَعَ ورق التِّين والكمون وضمد بِهِ نفع من عضة ابْن عرس. د: 4 (الْخلّ) ابْن ماسويه الْأَدْوِيَة النافعة لعضة الْكَلْب وَالْإِنْسَان: يُؤْخَذ من الْجَوْز المقشر من قشريه فَيدق نعما وَليكن مَعَه ملح الْعَجِين ويعجن بِعَسَل وَيُوضَع عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ تفعل الْحِنْطَة المحرقة وع البصل وَالْعَسَل. لبن التِّين ودقيق الكرسنة وَالْملح والسذاب مَعَ عسل ونعنع نَافِع أَو يوضع عَلَيْهِ الْعَسَل وَالْملح والبصل.
لعضة الْكَلْب غير الْكَلْب يكمد العضة مَرَّات ويرش عَلَيْهَا خل خمر كَذَلِك ثَلَاثَة أَيَّام وَيُوضَع عَلَيْهِ بورق أرميني يجدد كل يَوْم ويذر عَلَيْهِ دَقِيق الكرسنة أَو يوضع عَلَيْهِ ورق صعتر بري وملح الْعَجِين أَو كرسنة مدقوقة مَعَ شَيْء من عسل ويطلى(5/283)
عَلَيْهَا مرداسنج بِمَاء الْورْد وبأخره يوضع عَلَيْهِ خبز وكراث وشحم يَكْفِي أَن يُوسع الْجرْح يَوْمًا فَقَط.
لي الترياق إِلَى قَيْصر: مَتى دلك ابْن عرس بعد ذبحه وسلخه على مَوضِع نهشته نفع من سَاعَته وَقد جربت ذَلِك.
من سموم جالينوس قَالَ: النهشات والعضات لَا تحْتَاج أدوية قابضة قَالَ: إِنَّمَا تحْتَاج إِلَى أدوية تجذب مَا فِي عمق الْبدن جذباً.
من سموم ج: أطل على عضة الْكَلْب القنطوريون رطبا مدقوقاً نعما.)
ابْن البطريق: لعضة الْكَلْب غير الْكَلْب اطل مَوضِع العضة بحضض واحشها حَتَّى تبلغ قعرها وضمدها بالبصل وَالْملح والخل مدقوقة أَو يمْلَأ مَوضِع العضة برماد الشبث ويربط وَلَا يحل أسبوعا فانه يُبرئهُ أَو يدق الشاه بلوط مَعَ بصل وزيت ويضمد بِهِ وَهَذِه تصلح لعضة النَّاس أَو شاه بلوط مَعَ ملح.
ويعجن ورق القثاء وَالْخيَار بشراب وَيُوضَع على عضة الْكَلْب.(5/284)
(العقارب والجرارات) (والرتيلا والعظايا والشبث وَهُوَ ضرب من رتيلا) الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: لدغت رجلا عقرب فَكَانَ يَقُول إِنَّه يحس كَأَنَّهُ يضْرب بحجارة من جليد وَبرد بدنه كُله وَكَانَ يعرق عرقاً بَارِدًا.
قَالَ: وَإِذا وَقعت فِي عصبَة أَو شريان عرضت أَعْرَاض رَدِيئَة جدا.
السَّابِعَة من 3 (الميامر) ينفع من لذع الْعَقْرَب أفيون وبزربنج بِالسَّوَادِ يعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ.
لي خبرني رجل صَدُوق أَن عقرباً لدغته فَأخذ من المداد الْهِنْدِيّ فسكن مَا بِهِ كُله وَأَخذه بشراب صَالح الْمِقْدَار.
الباذروج وضع على لذعة الْعَقْرَب لدغت غُلَاما فسكن الوجع.
أصُول الحنظل وَأَخْبرنِي الْغُلَام النطرني عَن الإعرابي أَنه لدغته الْعَقْرَب فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع فَسَقَاهُ وزن دِرْهَمَيْنِ من أصُول الحنظل مسموقة فسكن مَا بِهِ على الْمقَام لي: يُؤْخَذ جوز وثوم مقشران يدقان بالسواء يُؤْخَذ مِنْهُ أُوقِيَّة وَاحِدَة ثمَّ ينْتَظر سَاعَة ثمَّ يشرب عَلَيْهِ رَطْل من النَّبِيذ الصّرْف الصلب آخر: جوز وثوم بِالسَّوِيَّةِ ورق السذاب الْيَابِس وحلتيت وَمر من كل وَاحِد نصف جُزْء يجمع بِالتِّينِ وَيُؤْخَذ مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم برطل شراب لي: خبرني النَّصْرَانِي وَجَمَاعَة جربوا أمصل لاحنظل فوجدوه عَظِيم النَّفْع للسع الْعَقْرَب يشرب أَو يدلك بِهِ ترياق مُحَمَّد بن خَالِد تسخن مِنْهُ أَطْرَاف الْيَد على الْمَكَان ويسكن الوجع.
زراوند طَوِيل وجنطياناً وَحب الْغَار وقشور أصل الْكبر وأصول الحنظل وافسنتين نبطي وعروق صفر وفاشرا.
من الْمقَالة الأولى
ترياق قوي جدا مر جاوشير أفيون درخمي من كل وَاحِد فاشرا أصل الزروند الطَّوِيل عاقرقرحا أَربع درخمات بزر السذاب وكمون حبشِي وبزر حندقوتي من كل وَاحِد نصف درخمي صمغ قَلِيل بِقدر مَا يلزجه يعجن بالخل ويقرص ويسقى مِنْهُ درخمي لَا تزيد فانه يقتل إِذا أفرط مِنْهُ(5/285)
آخر: خل قد طبخ فِيهِ ورق السذاب فان احْتِيجَ إِلَيْهِ سقِِي بعد ساعتين ثَلَاث مَرَّات وَإِن عرض فأعده.
ترياق وللعقرب والرتيلا: جندبادستر فلفل أَبيض مر أفيون بالسواء يقرص ويسقى مِنْهُ ثَلَاثَة أوبولوس بِأَرْبَع أَوَاقٍ من شراب صرف فانه يسكن وجع الرتيلا من سَاعَته وَكَذَلِكَ الْعَقْرَب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ الفاشرا عَظِيم الْقُوَّة فِي لذع العقارب والرتيلا.
لي عِنْدِي مِمَّا قرأته من كتاب الْأَدْوِيَة وَغَيره أَن طراقوطولش وَهُوَ القرطم الْبري وَهُوَ الَّذِي يذكر د: أَنه مَتى مسكه الملسوع من الْعَقْرَب بِيَدِهِ سكن وَجَعه على الْمَكَان فان طَرحه عاوده وَهُوَ يعد فِي أَصْنَاف الشوك كالحرشف وَالْكبر وَنَحْوه فاعرفه أَنْت أَنه يشبه القرطم بِمَا قد وَصفه د: من علاماته واستقص صفته ألف.
لي
للسع الْعَقْرَب مجرب يُؤْخَذ ثوم مقشر وزن خَمْسَة دَرَاهِم جوز عشرَة دَرَاهِم حلتيت وزن دِرْهَم فَيُؤْخَذ كُله وَيشْرب عَلَيْهِ رَطْل بشراب بعد نصف سَاعَة من أَخذه ثمَّ طل آخر فانه يَبْتَدِئ يتعرق فليتدثر ولينم ثمَّ يعْنى بِهِ من غَد بالفصد وَنَحْوه إِن احْتَاجَ إِلَيْهِ.
الْيَهُودِيّ: مَتى شدخت الْعَقْرَب وضمد بهَا منعت من ترقي السم من ذَلِك الْموضع وَمَتى ضمد بهَا مَكَان لَا لذع فِيهِ أخدره وأمات الدَّم فِيهِ.
لي أَخْبرنِي غير وَاحِد أَنهم جربوا زَيْت العقارب للعقرب فوجدوه نَافِعًا.
طلاء يسكن الوجع من سَاعَته: كيجل وفربيون وتفسياً يتَّخذ شيافاً وَيرْفَع وَعند الْحَاجة يحل ويطلى.
أهرن قَالَ: يكون من لسع الْعَقْرَب تشنج وخدر فِي العصب وينفع مِنْهُ ترياق الْأَرْبَعَة والشحنزايا ودواء الحلتيت والثوم المربى والربط فَوق الْموضع والتكميد بالنخالة المطبوخة بِالْمَاءِ. 3 (الجرارات) فَأَما الجرارة فان سمها حَدِيد حَار وَلَا يحس فِي أول يَوْم لسعها بوجع لَكِن بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ يغمى عَلَيْهِ ويتغير لَونه ويرم اللِّسَان وَرُبمَا بَال الدَّم وَرُبمَا تقرح مَكَانَهُ قروحاً متكاثفة وَأفضل مَا لوطف بِهِ المض بالمحاجم العطب ز والكي على مَوضِع اللسعة واسقه مَاء الطرخشقوق ودهم الْورْد وَمَاء الشّعير وَسَوِيق التفاح وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع مَا يبرد وَإِن امتسك بَطْنه حقن.
ترياق اللبني مَشْهُور بليغ الطلمسات قَالَ: مَتى شدخت الْعَقْرَب وَوضعت على مَكَان اللسعة نَفَعت جدا.
قَالَ: وَإِن استف كفا من ملح الْعَجِين برِئ مَكَانَهُ.(5/286)
وينفع مِنْهُ جدا أَن يرش خل على حجر محمى وَيُوقف الْعُضْو فَوْقه.
لي أَخْبرنِي أَبُو نصر أَن عقرباً لسعته فَأخذ من سَاعَته زنه أَربع دَرَاهِم من ترياق الْأَرْبَعَة فسكن مَا بِهِ على الْمَكَان.
قَالَ: وَإِن ضمد الْموضع بأصول الحنظل نفع جدا.
لبن التِّين والفج مَتى دلك بِهِ الْموضع برِئ.
لي أرى أَن البلاذر مَتى دلك بِهِ نفع.
الزَّيْت وَالْملح شرك الْهِنْدِيّ قَالَ: علاج لسع الْعَقْرَب التعريق والدلك بالزيت وَالْملح والتكميد بعد ذَلِك وحسه أَشْيَاء حارة كي يعرق.
مَجْهُول: يُؤْخَذ من الأشنان الْخضر وَهُوَ الحرض فينحل بحريرة ويلت بِسمن الْبَقر ويعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ مثقالين من لسعته عقرب فَإِنَّهُ يسكن مَكَانَهُ واسقه بِمَاء فاتر.
حنين من اختباراته للسع الْعَقْرَب مجرب يسكنهُ تسكيناً عجيباً: يُؤْخَذ دَاخل الرته الْهِنْدِيَّة فَيدق وَيشْرب بِمَاء.
قَالَ: وينفع مِنْهُ أَن يطلى بنفط أَبيض أَو يضمد بالثوم المخبص بالسمن أَو الجندبادستر والثوم وَالزَّيْت أَو يطلى الْموضع بِمَاء الكراث الَّذِي لم يصبهُ مَاء يسكن على الْمَكَان.
لي يدلك بالبصل حَتَّى يلتهب فيحترق وينفع مِنْهُ أَن يطلى بِمَاء الهندباء.
والطرخشقوق مَتى أكل نفع من لذع العقارب.
بولس قَالَ: يعرض من لذع الرتيلا برد فِي الْموضع وحكة وَبرد فِي الْأَطْرَاف ورعدة وعرق بَارِد وصفرة اللَّوْن وامتداد العصب وعسر الْبَوْل أَو درورة ورطوبة فِي الْعين وتمدد فِي الْبَطن وانكسار اللِّسَان حَتَّى لَا يبين الْكَلَام فَإِذا جَلَسُوا فِي المَاء الْحَار سكن عَنْهُم الوجع ثمَّ يعود سَرِيعا. وَهُوَ مثل العنكبوت فانطل الْموضع بِالْمَاءِ وَالْملح الْحَار وَأكْثر من الْحمام واسقه الزراوند والكمون زنة)
ثَلَاثَة دَرَاهِم براب أَو بزرواند ودقيق الشّعير أَو بشراب ممزوج قد غلي فِيهِ جوز السرو وضمد الْموضع برماد سخن وبالتين معجونين بشراب أَو بزراوند ودقيق شعير معجونين بخل. 3 (لذعة العنكبوت) فنها تهيج تَارَة وتسكن أُخْرَى ويعرض مَعَه برد الْأَطْرَاف وإنتشار الْقَضِيب ورياح فِي الْبَطن وَيقوم شعر الْجَسَد وينفع من ذَلِك أَن يسقوا زنة ثَلَاثَة دَرَاهِم من الزرواند بشراب قد إِلَى فِيهِ جنطياناً وفوذنج غلياً جيدا واسقهم السعد بشراب أَو الحلتيت وأدخلهم الْحمام وليكثروا التعرق وَيشْرب الشَّرَاب الصّرْف أَو يشْربُوا الْحبَّة السَّوْدَاء بشراب.(5/287)
ترياق العقارب الردية والرتيلا: دردي الشَّرَاب سِتَّة كبريت أصفر ثَمَانِيَة بزر السذاب ثَلَاثَة جندباستر دِرْهَمَانِ العطب ز بزر الجرجير دِرْهَمَانِ يجمع بِدَم سلحفاة بحريّة الشربة دِرْهَمَانِ بِخمْس أوراق من شراب.
ترياق آخر: عاقرقرحا وزروائد بِالسَّوِيَّةِ فلفل أَبيض نصف جُزْء محروت ربع جُزْء الشربة كالباقلى.
التَّذْكِرَة للعقارب الردية: أصل الْكبر وزراوند طَوِيل وَحب الْغَار وجنطايا بالسوء يسقى بشراب أَو يسقى دَوَاء الحلتيت والسذاب.
لي أدوية للذع الْعَقْرَب لتكن لَطِيفَة تلهب الْبدن من ساعتها لَا قبض فِيهَا وَلَيْسَ قشور الْكبر مِنْهَا. الحلتيت والمر والفلفل والثوم والعاقرقرحا وَنَحْوهَا وَالشرَاب الْعَتِيق الريحاني.
ابْن سرابيون قَالَ: لسعة الْعَقْرَب يحس فِيهَا تلهب تَارَة وتبرد أُخْرَى ويعرض مَعَه عرق بَارِد واختلاج الشّفة وَرُبمَا عرض الغشى وَرُبمَا انتفخت الأرابى والآباط وانتشر الذّكر وعلاجه ترياق الْأَرْبَعَة والشخزنايا ودواء الحلتيت. وَهَذَا المعجون خَاص لَهُ: جندبادستر قشر أصل الْكبر تَرَبد وزراوند طَوِيل وعاقرقرحا بالسواء يعجن بالعسل الشربة دِرْهَمَانِ بشراب صرف. فان لم يحضر شَيْء من هَذِه فأطعمه الثوم واسقه عَلَيْهِ شراب وانطل الْموضع بطبيخ النخالة وضمده بثوم واطله بالحلتيت.
وَينْتَفع بِالْفِضَّةِ فِيهَا إِذا وضعت على مَوضِع اللذعة نفعا عَاجلا من سَاعَته.
وينفع أَن يعرق الْعُضْو بِأَن يُقَام فَوْقه بخار مَاء حَار كثير الْحَرَارَة ويشد مَا فَوق اللذعة قبل ذَلِك واسقه شرابًا صرفا.)
لي خبرني رجل أَن عقرباً لذعته فَأخذ القلى بخل وضمد بِهِ فسكن. د: السعد جيد للذع الْعَقْرَب.
القردمانا مَتى شرب من الحَدِيث مِنْهُ والحريف الساطع الرَّائِحَة زنة دِرْهَمَيْنِ نفع من لسع العقارب جدا أَو يشرب بِالشرابِ.
حب الْغَار يسقى بِخَمْر للسع الْعَقْرَب.
حب الآس مُوَافق جدا إِذا سقِِي بِالشرابِ للسع الْعَقْرَب والرتيلا.
بزر الحماض الْبري نَافِع للسع العقارب وَإِن تقدم أحد فِي شربة ثمَّ لسعته عقرب لم تحك فِيهِ وَمَتى أكل إِنْسَان باذرجاً فلسعته عقرب لم يجد ألماً. وأصبحت فِي نُسْخَة أُخْرَى: لم يتَخَلَّص من الْمَوْت.
الحلتيت جيد للسع العقارب مَتى شرب أَو طلي بِهِ.
الخوز: قاطبة الْحذاء جيد للسع العقارب شرب أَو ضمد بِهِ.(5/288)
ماسرجويه: إِنَّه بليغ النَّفْع جدا وَقَالُوا: الطرخشقوق نَافِع من لسع العقارب.
أَبُو جريج: طبيخ البابونج يصب على لسع الْعَقْرَب فيسكن مَكَانَهُ.
الخوز: السكيبنج جيد للذع الْعَقْرَب جدا شرب أَو طلي عَلَيْهِ.
الفلاحة: الفجل يقتل العقارب مَتى شدخ وَطرح عَلَيْهَا وبزه ينفع إِذا شرب من لذعتها وَإِذا لسعت الْعَقْرَب أكل الفجل لم يتألم إِلَّا بِمَا بَال بِهِ.
حنين فِي كتاب الترياق: الفلفل يسقى للذع الْعَقْرَب.
ماسرجويه: الفوتنج الْبري جيد للسع الْعَقْرَب جدا.
والدوقو أَنْفَع من شَيْء للسع الْعَقْرَب والرتيلا.
عصارة حَيّ الْعَالم يسقى للرتيلا. مَاء الْبَحْر يسخن فِيهِ من الرتيلا روفس وجالينوس للرتيلا: يضمد برماد خشب التِّين وملح يعجن بشراب ويضمد بِهِ أَو يضمد بزراوند قد يعجن بخل وَعسل أَو يغسل الْجرْح بملح وَيدخل الْحمام أَيَّامًا تباعا ويسقى طبيخ السرو ويسقى ثَمَرَة الطرفا ودارصيني بشراب.
ترياق للرتيلا: زراوند طَوِيل وَشَيخ وسوسن اسمنانجوني وأصل السوسن الْأَبْيَض وسنبل رومي وعاقرقرحا وبزر الْجَوْز الْبري وخربق أسود وكمون وبورق وورق الينبوت وَحب الْغَار)
وإنفحة الأرنب ودارصيني وسرطان نهري وعود بِلِسَان وحبة بزر الحندقوتي وَجوز السرو وبزر الكرفس بالسواء يعجن بِعَسَل الشربة جوز مطبوخ وَيدخل الْحمام وَيصب عَلَيْهِ مَاء حَار وَيشْرب بشراب عَتيق.
ابْن البطريق قَالَ: هَذِه أَعنِي الرتيلا كَثِيرَة الْأَنْوَاع.
فالحمراء يعرض من عضتها وجع يسير سَرِيعا.
والسوداء والرقطاء يعرض مِنْهَا وجع وحكاك ومغس وَاخْتِلَاف.
والكوكبية الَّتِي على ظهرهَا خطوط براقة مستوية يعرض مِنْهَا وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل الرَّأْس واسترخاء الْبدن.
والصفراء الَّتِي عَلَيْهَا شبه الزغب يعرض مِنْهَا برد الْجَسَد كُله ووجع شَدِيد فِي مَوضِع اللسعة والشبث يعرض مِنْهُ وجع الْمعدة وقيء وعسر الْبَوْل والرجيع وَيقتل سَرِيعا.
والمصرية قاتلة.
والزنبور يرم من لسعته الْبدن ويتشنج ويسبت وتضعف الركبتان.
وَأما الصَّغِيرَة الَّتِي تشبه الذراريح فتنفط الْبدن وتثقل اللِّسَان وتوجع جدا.(5/289)
فِي النافعة من لسعة الْعَقْرَب ونهش الجرارات والرتيلا قَالَ ج: حب الآس تَنْفَع عصارة حبه من نهش الرتيلا مَتى خلط بشراب وَمن لسعة الْعَقْرَب.
الحلتيت يداف بِزَيْت ويتمسح بِهِ للسعة الْعَقْرَب.
البارذورج مَتى ضمد بِهِ نفع من لسع العقارب.
الخركوك وَهِي الجرادة الْعَظِيمَة الَّتِي لَا جنَاح لَهَا مَتى جففت وشربت نَفَعت من لسع العقارب.
الهدبا مَعَ أُصُولهَا يضمد بِهِ فينفع من سع الْعَقْرَب.
قَالَ بن ماسويه: الطرخشقوق مَتى شرب مَاؤُهُ معصوراً أَو دق وَوضع على لسع الْعَقْرَب نفع مِنْهُ.
الحماما ينفع من لسع الْعَقْرَب مَتى ضمد بِهِ مَعَ باذروج. د: الْحبَّة الخضراء مَتى شربت وَافَقت لذع الرتيلا.
قَالَ ج: أما الْحجر الَّذِي يعرف بِحجر الشّعير فقد وثق النَّاس بِهِ أَنه يشفي لسع الْعَقْرَب. ونهش الرتيلا تَنْفَع مِنْهُ ثَمَرَة الطرفاء.) د: الكبريت مَتى تضمد بِهِ مَعَ الراتنج أَبْرَأ لسعة الْعَقْرَب وَكَذَلِكَ مَتى اسْتعْمل مَعَ خل.
منحنتوش البستاني مَتى شرب ألف ز مَعَ فلفل نفع من لسع الْعَقْرَب وَيُقَال إِنَّه مَتى وضع على الْعَقْرَب أخدره.
وَقَالَ: المرزنجوش الْيَابِس إِن ضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من لسع الْعَقْرَب. د: الْملح مَتى ضمد بِهِ مَعَ بزر الْكَتَّان للسع الْعَقْرَب نفع.
مَاء الْبَحْر يسخن وَيدخل فِيهِ فينفع من لذع الْعَقْرَب.
السعد نَافِع من لذع الْعَقْرَب.
لحم السّمك المالح مَتى تضمد نَفَعت من لذعة الْعَقْرَب.
وَقَالَ: مَتى دقَّتْ الْعَقْرَب وَوضعت على لدغتها نفعتها وَمَتى شربت وأكلت فعلت ذَلِك.
النمس مَتى شقّ وَوضع على لسعة الْعَقْرَب سكنها. ج: الوزغ نَافِع مَتى وضع على لذع الْعَقْرَب.
اتّفق النَّاس على أَن الْفَأْرَة مَتى شقَّتْ وَوضعت على لذع الْعَقْرَب نَفَعت.
القردمانا يشرب بِخَمْر فينفع للذع الْعَقْرَب.
القرطم الْبري مَتى سحق ورقه أَو حمته أَو ثَمَرَته وشربت بفلفل نَفَعت من لذع الْعَقْرَب.(5/290)
وَقد زعم بعض النَّاس انه مَتى أمْسكهُ الملسوع لم يجد الوجع فان طَرحه توجع فان أَخذه ثَانِيَة لم يجد الوجع فَإِن طَرحه توجع وَهَكَذَا أبدا.
القيصوم مَتى شرب بشراب نفع من لسع الْعَقْرَب.
لبن التِّين نَافِع من لسع الْعَقْرَب مَتى قطر عَلَيْهَا.
ابْن ماسويه قَالَ: الثوم يقوم مقَام الترياق فِي لذع الْهَوَام الْبَارِدَة وَحب الْغَار يشرب بِالْخمرِ للذعة الْعَقْرَب قَالَ ج الفاريقون نَافِع من نهش الْهَوَام الْبَارِدَة.
لن الخس الْبري يسقى للذعة الْعَقْرَب الْخلّ: إِن حب وَهُوَ حَار شَدِيد على لسعة الْعَقْرَب نفع نفعا عَظِيما اسْتِخْرَاج: حَتَّى شربت زهرَة الْخُنْثَى وثمرتها بشراب عظم نَفعه من لسع الْعَقْرَب.
للعقرب: عاقرقرحا أصُول الزوفا تجمع وتشرب بأوقية شراب ويؤكل على أَثَره بندق وَيشْرب بشراب.
دَوَاء جيد للسع العقارب: خُذ من الحشيشة الَّتِي تسمى حمة الْعَقْرَب ثَلَاثَة مَثَاقِيل وَمن الثوم)
أَرْبَعَة وحلتيت وصعتر بري وبزر كراث من كل وَاحِد مِثْقَال يعجن بِعَسَل وَيشْرب زنة دِرْهَمَيْنِ أهران قَالَ الجدوار نَافِع من لسع الجرارات مَتى أكل وَوضع عَلَيْهِ.
الْأَعْضَاء الألمة: مَتى وَقعت لسعة الْعَقْرَب على عرق ضَارب أحدثت غشياً وَإِن وَقعت على غير ضَارب أحدثت خضرَة وتعفناً وَإِن وَقعت على عصب أحدثت صرعاً وَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِك الشَّيْء الْوَاصِل إِلَى بدن الْإِنْسَان من الْعَقْرَب أَن يكون رُطُوبَة أَو ريحًا.
من الْمقَالة الْمُقَابلَة للأدواء: دَوَاء للعقرب والرتيلا زراوند أَرْبَعَة مَثَاقِيل فلفل دِرْهَمَانِ أفيون مثله عاقرقرحا ثَلَاثَة يعْمل بَنَادِق قدر الباقلي الشربة بندقتان مَعَ ثَلَاثَة أَوَاقٍ خمر صرف.
الْيَهُودِيّ قَالَ: أطْعم للسع الْعَقْرَب تسع ثومات ودق الثوم وَضعه على الْموضع.
لي إِذا أكل الثوم فاسقه شرابًا صرفا بعد سَاعَة جَيِّدَة فَإِذا عرق فقد سكن وَجَعه إِن شَاءَ الله ولفه بالثياب وَاجعَل تَحْتَهُ نَارا أَو إِنَاء فِيهِ مَاء مغلي وضع على الْعُضْو ألف ز فَوْقه كي يُصِيبهُ بخاره ويضطجع حَتَّى يعرق نعما وَيشْرب شرابًا صرفا مُتَتَابِعًا.
الْيَهُودِيّ: للحرارة يكوى الْموضع واسقه مَاء الطرخشقوق وَمَاء الخس الْبري وَمَاء الشّعير واحقنه بحقنة ملينة.
لي سَمِعت أَن دَوَاء السكر هُوَ طلحشقوق يُقَاوم السمُوم ويضمد بِهِ للسوع وخصوصاً لسع الْعَقْرَب.(5/291)
لي أَنا أرى أَن شرب اللعبة البربرية أَنْفَع شَيْء للسع الْعَقْرَب وَذَلِكَ أَنه يكثر حرارة عَظِيمَة جدا فِي نَحْو حرارة الشَّرَاب ويحمر الْوَجْه وتدر الْعُرُوق فَيجب أَن يجذب.
جورجس قَالَ: أسقه الثوم بالطلاء والترياق الْكَبِير وترياق عزْرَة وترياق الْأَرْبَعَة والشخزنايا وذبيدكبريتا أَو دَوَاء الحلتيت واسقه سكرجة من السّمن وَالْعَسَل الْمُصَفّى وكمد الوجع بتين جبلي أَو نخالة مطبوخة وَشد مَا فَوْقه.
لي يتَّخذ ثريد من ثوم وَجوز وَسمن وَيَأْكُل مِنْهَا وَيُعْطى قبل ذَلِك بندقة حلتيت طري قوي ثمَّ يسقى أَرْطَال من الْخمر الصّرْف ويشد مَا فَوق الْموضع ثمَّ يكمد بِمَاء شبث حَار شَدِيد الْحَرَارَة بِمَا خضر فِي مَاء مغلي حَتَّى يغلى غلياً شَدِيدا ويكب عَلَيْهِ ملتفاً حَتَّى يكثر عرقه أَو يدْخل الْحمام حَتَّى يكثر عرقه وَيطْلب النّوم فَإِذا نَام انتبه وَقد سكن وَجَعه.
جورجس: أفضل مَا عولج بِهِ الجرارات بالمحاجم وبالمص الشَّديد ويسقى بعد مَاء الهندبا)
الْبري ودهن الْورْد ويسقى مِنْهُ أَيْضا سويق التفاح فان احْتبسَ بَطْنه حقن.
شَمْعُون فِي السمُوم قَالَ: ابدأ فِي علاج الْعَقْرَب بسقي الترياق الْكَبِير وترياق الْأَرْبَعَة وترياق عزره والشخزنايا وذبيدكبريتا ودواء الحلتيت من أَيهَا شِئْت جوزة بِمَاء فاتر واسقه من سمن الْبَقر وَالْعَسَل مفترين وأطعمه ثوماً معجوناً بطلاء واسقه شرابًا أَو أَخذ تيناً جبلياً ونخالة الْبر واطبخها وَضعهَا على الْموضع وأسخن شخزنايا والترياق وَضعه عَلَيْهِ واربط فَوْقه لألا ترْتَفع إِلَى عُضْو الشريف.
قَالَ: فَأَما الجرارة فسمها حَار وَلَا يحس الوجع سَاعَة تلدغ شَدِيدا لكنه من غَد وَبعد غَد يجد وجعاً شَدِيدا وَرُبمَا تقرح الْموضع.
أفضل مَا تعالج بِهِ فالمحاجم يمص بهَا أَو يكوى أَو يسقى مَاء الهندباء ورد ويحقن بحقنة لينَة ويبرد ويرطب جملَة.
قَالَ: وطبيخ الهندبا يسقى للسع الْعَقْرَب.
قَالَ: وَكَذَلِكَ طبيخ الحندقوتي إِذا صب على اللسعة أَو ضمد بِمَاء قد طبخ فِيهِ الحندقوتي والبابونج.
دَوَاء عَنهُ للعقرب: فوتنج جبلي وجنطياناً وفلفل وجاوشير وحلتيت يحل الجاوشير بِخَمْر متعجن بِهِ الْأَدْوِيَة ويسقى مِثْقَالا بطلاء.
أَبُو جريج قَالَ: مَتى صب الحندقوقتي على مَوضِع اللسعة من الْعَقْرَب سكن وَإِن صب على عُضْو آخر أورثه وجعاً.
لي طبيخ الْيَابِس.(5/292)
لي على مَا رَأَيْت يُؤْخَذ الشونيز فينعم دقه حَتَّى يتعجن وَيحل حلتيت بِمثل ثلث الشونيز فِي شراب ألف ز عَتيق ويعجن بِهِ وَيجْعَل أقراصاً كل وَاحِدَة مِنْهَا مِثْقَال فَإِذا لسع فَاسق مِنْهَا وَاحِدَة بأوقية شراب ودقه بزنبق أَو زَيْت واطله على الْموضع فان لم يسكن الوجع فاسقه أُخْرَى وأطعمه من غَد مرق فروج سمين باسفيداج وافصد بعد غَد وردد تَدْبيره لكَي يَأْمَن من شَره من ذَلِك الْأَمر. وَإِنَّمَا لَا يفصد من الْغَد للضعف والسهر الَّذِي مر بِهِ فَإِذا أكل ونام فافصده بعد.
مَجْهُول: اسْقِ الملسوع بزر الحندقوتي فانه يسكن مَا بِهِ إِن شَاءَ الله وَليكن مدقوقاً معجوناً)
بشراب عَتيق.
لي خبرني صديق لي أَنه جرب على لسع الْعَقْرَب طلاء الجندبادستر فَوَجَدَهُ نَافِعًا قَوِيا غاليا.
من اختيارات الْكِنْدِيّ قَالَ يسكن من سَاعَته لسع العقارب مَتى سقى من لب الرتة الْهِنْدِيَّة بعد السمق بِمَاء فاتر من ختيارات حنين قَالَ: اطل على اللسعة نفضاً أَبيض أَو زرق فانه مجرب أَو دق ثوماً وجندبادستر بالزيت وضع عَلَيْهِ أَو اسْقِ الثوم بالسمن وَلَا تقربه مَاء وضمد بِهِ أَو يطلى بعصير الكراث الَّذِي لم يمسهُ مَاء فانه يسكن على الْمَكَان لَا محَالة وَكَذَلِكَ مَاء الهندبا مَتى طلي عَلَيْهِ سكن.
قَالَ: والطرحشقوق يشرب فينفع من لسع الْعَقْرَب.
من الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة الجندبادستر وثوم بِالسَّوِيَّةِ يدق بالزنبق الرصاصي ويطلى عَلَيْهِ وَحل شخزنايا فِي الشَّرَاب واسفه أَو يَأْكُل ويتجرع مَاء. عَلَيْهِ الشَّرَاب.
فِي الفلاحة الفارسية: انه مَتى طلى الْبدن مَرَّات بِمَاء الفجل وَمَتى جف عَلَيْهِ أيد عَلَيْهِ لم تضره عقرب.
وَمَتى طبخت الوزغة بِسمن حَتَّى يذوب وقطر على اللسعة برِئ.
وَإِن قطر لبن التِّين على اللسعة لم يُجَاوز مَكَانَهُ برِئ.
وَمَتى أكل بصل الأشقيل سكن الوجع وَإِن كَانَ هُوَ أكله يَوْمه ذَلِك لم يوجعه.
الْأَعْضَاء الآلمة قَالَ: لسع رجلا عقرب فأحس كَأَنَّهُ يرْمى بحجارة جليد وَبرد بدنه كُله وعرق عرقاً بَارِدًا.
الساهر قَالَ: وَإِذا وَقعت حمى الْعَقْرَب فِي عصب أَو عرق ضَارب عرض من ذَلِك أَعْرَاض صعبة جدا.(5/293)
الرِّبَاط فَوق اللسع نَافِع جيد فِي جَمِيع لسع الأفاعي وَغَيرهَا.
الساهر قَالَ قَالَ الْكِنْدِيّ: تُؤْكَل الرتة الْهِنْدِيَّة وَهُوَ بندق هندي ويمضغ وَيُوضَع على الْموضع فانه عَجِيب.
ابْن البطريق: أَنْفَع علاج الْعَقْرَب الْحمام وَالشرَاب والتعرق الْكثير فان كَانَ اللسع فِي يَد أَو رجل فأحم مرجلاً وَأدْخل الْعُضْو فِي هوائه حَتَّى يكَاد يَحْتَرِق فانه بليغ.
قَالَ: شَجَرَة يُقَال لَهَا شَجَرَة الرمرام يابسة تسقى بِالْمَاءِ يسكن الوجع على الْمَكَان وَصفَة هَذِه الشَّجَرَة: يخرج سَاقهَا على الأَرْض قدر إِصْبَع ثمَّ ينْبت أَغْصَان مستوية تعلو قدر ذِرَاع إِلَى فَوق عَلَيْهَا ورق يشبه ورق الصعتر وَفِيمَا بَين الورقتين شَبيهَة بالبلح الصغار طعمه وَطعم البلح سَوَاء يشرب مِنْهَا بِالْمَاءِ فيسكن على الْمَكَان.
حشيشة يُقَال لَهَا: كشوثا تنْبت من مستطيلة ألف ز على الأَرْض مُدَوَّرَة قطرها قدر قشر وَرقهَا يشبه ورق المرزنجوش وطعمها مثل طعم النبق الرطب الغض لزج مثل التِّين يدق بعد الْجَفَاف وَيشْرب بِالْمَاءِ يسكن على الْمَكَان.
دَوَاء ينفع شَاربه ويحرسه من الوجع يشبه المريافلون يُؤْتى بِهِ من الشَّام وَهُوَ عروق يشْبع اليبروح يُؤْخَذ مِنْهُ بعد الدق مَا يحملهُ ثَلَاث أَصَابِع بأطرافها وتنقع فِي نَبِيذ أَو لبن حليب وَيشْرب من غَد على الرِّيق لَا يتغذى إِلَى نصف النَّهَار.
وَقد قَالَ بعض الْأَوَائِل: إِنَّه ينفع الدَّهْر كُله وَقَالُوا: إِنَّه ينفع لذا الرجل الَّذِي يشربه وَكلما أَكثر من شربه كَانَ أَجود.
ترياق عَجِيب: زراوند طَوِيل وجنطياناً وفوتنج بستاني وَحب غَار وشراب بالسواء يطْبخ بِالشرابِ ويسقى ذَلِك الشَّرَاب ويؤكل الثفل فانه عَجِيب.
قَالَ: إِن مضغ إِنْسَان ملسوع أصل الغاريقون برِئ على الْمَكَان. وَمَتى سقِِي ورق القرطم الْبري مَعَ شَيْء من فلفل يسقى بشراب صرف نفع.
وللجرارة: يستف رَاحَة ملح جريش طيب بِالْمَاءِ مجرب جيد.)
وَمَتى مضغ أصل الراسن نفع وَإِن علق عَلَيْهِ لم يلسع وَكَذَلِكَ الغاريقون إِن علق أَو تُؤْخَذ حشيشة الجعدة وتسحق وتشرب بِالْمَاءِ.
قَالَ: وَمَتى سقى من مرَارَة التيس مثل السمسم سكن لذع الْعَقْرَب على الْمَكَان وَلَا يضر لِأَن الشربة القاتلة نصف دِرْهَم أَو نصف مِثْقَال.
والمرارات كلهَا نافعة وَلَا تكْثر مِنْهَا فَإِنَّهَا سموم.
الطَّبَرِيّ: البندق نَافِع من لذع الْعَقْرَب.
قَالَ: وَرَأَيْت قوما يعلقونه على أعضادهم ويذكرون أَنهم يَنْتَفِعُونَ بِهِ.(5/294)
ابْن سرابيون قَالَ: لسعة الْعَقْرَب تهيج مرّة وتخف أُخْرَى وَيحدث مَعهَا انتفاخ الأرابي وتوتر الذّكر.
قَالَ: اِسْقِهِمْ ترياق الْأَرْبَعَة والسجرنيا ودواء الحلتيت.
قَالَ صديق لي: إِنَّه سمع فَشرب مثقالين من ترياق الْأَرْبَعَة بشراب صرف عَتيق قدر ثَلَاث أَوَاقٍ وطلي عَلَيْهِ مِنْهُ فسكن بعد نصف سَاعَة.
معجون خَاص للعقارب: جندبادستر أصل الكبرزراوند عاقرقرحا بِالسَّوِيَّةِ يعجن بِعَسَل الشربة مثقالان بشراب صرف.
آخر: عاقرقرحا وزراوند وجنطيانا وفلفل وأنجذان وحلتيت أَجزَاء مُتَسَاوِيَة يشرب مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ بشراب ويطلى على الْموضع بحلتيت وزيت.
وَمِمَّا لَهُ خَاصَّة عَجِيبَة: أَن يوضع عَلَيْهِ سَاعَة تلسع الْفضة الْبَيْضَاء فَإِنَّهَا عَجِيبَة.
وينفعه التعريق وضع ذَلِك الْعُضْو فِي المَاء الْحَار وَيشْرب بشراب صرف كثير بعد شدّ الْموضع.
لي يَنْبَغِي أَن يشرب مُتَتَابِعًا شرابًا كثيرا قدر مَا يسكره سكرا شَدِيدا ثمَّ يفصد من غَد فانه أسلم مَا يعالج بِهِ.
وخبرني ابْن عمر السيرافي قَالَ إِنَّه شرب فِي حِين لسعته مداد هنديا فسكن جَمِيع الوجع على الْمَكَان.
قَالَ: ولسعت غُلَاما فحك عَلَيْهَا باذروجاً فسكن كل مَا بِهِ.
الدَّوَاء العسكري: يُؤْخَذ أصل الحنظل وَاصل الْكبر وأفسنتين وزراوند طَوِيل وطرخشقوق)
أَجزَاء مُتَسَاوِيَة مجففة يسقى الرجل أَو الْمَرْأَة زنة دِرْهَم وَالصَّبِيّ دنقين.
خبرني أَبُو الْقَاسِم أَنه أَخذ هَذَا الدَّوَاء بالكره والعنف من صَاحبه وَلم يَثِق بِهِ حَتَّى لسع غُلَامه فَسَقَاهُ فبرئ من سَاعَته ثمَّ أعَاد ذَلِك مَرَّات ثمَّ خلى سَبيله ألف ز وخبرني بعد ذَلِك مَرَّات كَثِيرَة أَنه يتَّخذ مِنْهُ فيعطي جِيرَانه وَالنَّاس وَهُوَ عَجِيب فِي ذَلِك. 3 (الرتيلا والشبث) وَهُوَ ضرب من الرتيلا الدوقوا إِذا شرب بشراب نفع من نهش الرتيلا.
وأصل الهليون إِن طبخته بِالشرابِ نفع من نهش الرتيلا. د: عصارة حَيّ الْعَالم ثَمَرَة الطرفاء نافعة لنهش الرتيلا.
القيصوم مَتى شرب بشراب نفع من نهش الرتيلا.
عصارة ورق التوت مَتى شرب مِنْهَا أُوقِيَّة وَنصف نفع من نهش الرتيلا.(5/295)
مَاء رماد التِّين الْعَتِيق نَافِع من نهش الرتيلا. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني نَافِع من نهش الرتيلا.
وَابْن الْعرس الْبري يسقى للذعة والرتيلا.
ابْن البطريق قَالَ: هَذِه أَنْوَاع كَثِيرَة: فالحمر يعرض مِنْهَا وجع يسير يسكن سَرِيعا وَأما السود الرقط فَيعرض وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل فِي الفخذين وحكاك وَأما الْبَيْضَاء المدورة الْبَطن الصَّغِيرَة الْفَم فانه يعرض مِنْهَا وجع يسير وحكاك ومغس ومشي الْبَطن وَأما الكوكبية الَّتِي على ظهرهَا خطوط مستوية براقة فانه فَيعرض وجع شَدِيد وقشعريرة وَثقل فِي الرَّأْس واسترخاء الْبدن وَأما الصفر الَّتِي عَلَيْهَا شبه الزغب فَيعرض عَنْهَا برد الْجِسْم كُله ووجع شَدِيد فِي مَوضِع اللسع واقشعرار وعرق بَارِد وَانْقِطَاع الصَّوْت ويرم الْبدن ورماً شَدِيدا ويقذف الْمَنِيّ ويبول بولاً كثيرا.
وَأما الشبث فَإِنَّهَا إِذا لسعت عرض مِنْهَا وجع شَدِيد فِي الْمعدة وصداع وقيء وعسر الْبَوْل واحتباس الرجيع وَيقتل سَرِيعا.
وَأما المصرية فَإِنَّهَا قاتلة.
والزيبرية يرم مَوضِع لدغتها ويعرض كزاز فِي الْبدن وسبات وَضعف فِي الرُّكْبَتَيْنِ.
وَمِنْهَا شَيْء صَغِير على لون الذراريح يعرض مِنْهَا تنفط الْبدن وَثقل اللِّسَان ووجع شَدِيد وعلاجها من قَول روفس وَج ود: يضمد برماد خشب التِّين وملح ويعجن بشراب أَو يضمد بزراوند مدحرج معجون بخل واغسل الْجرْح بِمَاء وملح وَأدْخلهُ الْحمام أَيَّامًا تباعا واسقه من ثَمَرَة الطرفاء والأرز وطبيخ السرو ودارصيني بشراب.
ترياق الرتيلا يُؤْخَذ زراوند طَوِيل وشيح وسوسن أسمانجوني وأصل السوسن الْأَبْيَض وسنبل رومي وعاقرقرحا وبزر الجزر الْبري وخربق أسود وكمون وبورق وورق التوث وَحب الْغَار وإنفحة الأرنب وَدَار صيني وسوطان نهري وعود بلسنان وبزر كرفس بالسواء يعجن بِعَسَل الشربة جوزة بمطبوخ وَيغسل فِي الْحمام بِالْمَاءِ الْحَار ويسقى الْمَطْبُوخ مخروجاً فَإِنَّهُ يُبرئهُ.(5/296)
جمل فِي أَمر السمُوم والمنذرة بالسم والهوام الْحَادِثَة السمُوم والمفردات الَّتِي تدخل فِي الترياقات.
الثَّالِثَة عشر من حِيلَة الْبُرْء قَالَ جالينوس: يعرض فِي لسع الْهَوَام عرضان استفراغ السم وإحالته عَن طباعة واستفراغه يكون بالأدوية القوية الجذب وإحالة بالجذب وإحالته يكون بالمضاد لذَلِك السم فِي الْكَيْفِيَّة ألف ز أَو بِمَا يضاده بِخَاصَّة فِيهِ والجذب يكون بالأدوية القوية الإسخان أَو بالمحاجم وَالْعُرُوق المجوفة وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تكون تجذب السم إِلَى الْخَارِج وتخرجه. وَإِمَّا فِي الْكَيْفِيَّة فَإِن كَانَ المنهوش يجد حرارة قَوِيَّة فِي الْعُضْو أَو فِي جَمِيع بدنه فدواه بالمبردات وبالضد.
الأخلاط الْمقَالة الثَّالِثَة قَالَ: يحدث عَن شرب الْأَدْوِيَة المعفنة كأرنب الْبَحْر والذراريح واقرانيطش نَتن شَدِيد فِي الْفَم.
فِي كتاب العلامات فِي أَوله وصف الأفاعي والعقارب والرتيلا وصنوفها باستقصائها وَكَذَلِكَ فِي السمُوم فَاسْتَعِنْ بذلك عِنْد التحذير.
السَّادِسَة من تَفْسِير السَّادِسَة من أبيذيميا: اللَّبن الْجيد للسموم الَّتِي تقتل بالبرد وَالْخمر تصلح للَّتِي تقتل بإفراط إِخْرَاج الْبدن عَن الِاعْتِدَال والخل يصلح للَّتِي تقتل بالغلظ والخنق كالقطر وَالْملح يفني جَوْهَر الْأَدْوِيَة والأخلاط الرَّديئَة.
الْيَهُودِيّ: من أَصَابَهُ سم شَبيه غشى وَغَابَ سَواد عَيْنَيْهِ مَاتَ على الْمَكَان.
من طمرت عَيْنَيْهِ ولدع لِسَانه مَاتَ على الْمَكَان.
وَإِذا لسع إِنْسَان هَامة فتبع ذَلِك غشى شَدِيد وَجرى من أَنفه دم أسود واخضرت شفتاه مَاتَ من سَاعَته.
من كتاب الطلمسات قد ذكره غير وَاحِد من القدماء قَالَ: جفف مرَارَة الجدي فِي الظل وَاتخذ مِنْهَا شيافاً وترفع فَإِذا وَقعت بِإِنْسَان لدغة فالتحك كَمَا تحك الشيافات ويكحا بهَا)
ثَلَاثَة أَمْيَال يُخَالف لجَانب اللدغة وغن كَانَت اللدغة فِي الْجَانِب الْيَمين كحل فِي الْعين الْيُسْرَى وَإِن كَانَت فِي الْيُسْرَى فاليمنى.
شرك قَالَ: من خَافَ من سم أَو نهش هَامة فليعلق على نَفسه الزبرجد والبسد واللؤلؤ وَالْحجر البازهرد ويتخذ فِي بَيته الكركي والطاؤوس والإوز والمردسان والغراب والعقعق(5/297)
فَإِن هَذِه تنذر بالسم بعلامات ظَاهِرَة عَلَيْهَا فان الإوز مَتى أطْعم من طَعَام مَسْمُوم ارتبك فَلم يقوى على الهضم والببغاء يَصِيح والكركي مَتى أكل مِنْهُ فاضت دُمُوعه والدجاج الأهلي إِن أكل مِنْهُ بولس قَالَ: يجب بِمن يستريب بِطَعَام وَيقدم إِلَيْهِ أَلا يَأْكُل من الْأَشْيَاء الْغَالِبَة الطّعْم كالشديد الْحَلَاوَة والحموضة فان الْأَدْوِيَة القاتلة يشاعة إِنَّمَا تخفيها هَذِه الطعوم على الْأَكْثَر وليقدم مَا يحترس مِنْهُ كالمثروديطوس فناه مَتى أدمن عَلَيْهِ أَو أسْتَعْمل قبل أَخذ السم لم يحك فِي الْإِنْسَان وَقد جرب مِنْهُ ذَلِك وَمثل التِّين وورق السذاب والجوز وَالْملح الجريش وكمعجون الطين يُؤْخَذ مِنْهُ كل يَوْم كالبافلى فَإِنَّهَا تمنع من حِدة السمُوم.
وَمن سقِِي شَيْئا لَا يدْرِي مَا هُوَ فأسرع فِي علاجه وَلَا تُؤخر ذَلِك لانتظار العلامات فيسري فِي الْبدن ويعسر علاجه وبادر فاسقه مَاء فاتر وَسمنًا وقيئهم أَو أسقه طبيخ بزر القريص وَسمنًا فان هَذَا يسهل الْبَطن ويهيج الْقَيْء ثمَّ أسقه اللَّبن فانه يكسر حرافة السمُوم والزبد أَجود وأبلغ. فَإِذا استنظفت بالقيء مَا أمكنك فَعَلَيْك بالحقن فَإِذا فرغت فعد إِلَى المفتر فانه يُبدل مزاج مَا بَقِي بعد ذَلِك ثمَّ اطلب من بعد ذَلِك الْأَعْرَاض الَّتِي تظهر ترياقاً مُوَافقا.
فيلغرغورس: فِي كتاشه الصَّغِير قَالَ: جَمِيع السمُوم مَتى جهلت مَا هِيَ فاسقه المَاء وَالزَّيْت وقيئه قيئاً دَائِما وأطعمه أغذية مقيئة وقيئه بعقبها فانه إِمَّا أَن يخرج بالقيء وَإِمَّا أَن تنكسر شدته فان التهب الْبَطن بعد الْقَيْء فاسقه مَاء الثَّلج ودهن الْورْد مبرداً وقيئه وسقه ترياق الطين وَحب الْغَار فانه بقيء السم وامنعه النّوم أدلك يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ فان زعم أَن الْأَذَى سرابيون: مَتى عرضت نهشة لَا تَدْرِي مَا هِيَ فاجتذب السم من ساعتك بالمص وَليكن الَّذِي يمص قد طعم وَمَتى أحتمل المحاجم فضعها عَلَيْهِ واشرط حول النهشة وضع عَلَيْهَا المحاجم فان السم ينجذب وَإِن ظَنَنْت أَنه حَيَوَان رَدِيء قتال فاقطع الْعُضْو الْبَتَّةَ فان لم تلْحقهُ حَتَّى دَار السم فِي بدنه فافصده. وخاصة إِن كَانَ ممتلئاً ثمَّ اسْقِهِ فلفلاً وثوماً بشراب صلب كثيرا ليملأ بدنه بخارات رطبَة وحرارات متشاكلة فتمنع ضَرَر السمُوم وضمده بالأضمدة)
المحرفة وانطله بطبيخ الفوتنج الْجبلي وشق سمكًا أَو دجاجاً وَضعهَا عَلَيْهِ فَإِنَّهَا تجذب السم وتسكن الوجع وضع المراهم الحارة القوية واسقه الطرخشقوق والقفر الْيَهُودِيّ وَابْن عرس مجفف بخل الأشقيل أَو حب الْغَار أَو سرطانات نهرية مشوية وأطعمه مِنْهَا فانه علاج شرِيف أَو أسقه مُثقلًا من الجندبادستر بشراب أَو أسقه ترياق الأفاعي. هَذَا إِذا ظَنَنْت انه حَيَوَان رَدِيء وَخفت من وُصُول سمه فإمَّا إِذا كَانَ الْحَيَوَان ضَعِيفا لَا يصل سمه فَلَا واجتذب لذا الْعرق جهدك.
سوء المزاج الْمُخْتَلف: لعاب الأفعى وَالْإِنْسَان يقتل كلٌ مِنْهُمَا صَاحبه لِأَن هما فِي غَايَة المضادة.
وَإِن بزق الْإِنْسَان على الْعَقْرَب وَهُوَ على الرِّيق قَتلهَا.(5/298)
(الْأَدْوِيَة المفردة للسم)
الْخَامِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة للأدوية الجاذبة: المشكطرا مشير ووسخ الكوارات والتافسيا والسكبينيج والحلتيت وَالْخمر والزبول عَامَّة وزبل الْحمام يجتذب جذباً قَوِيا بليغا وزبل البط قوي جدا يفوج الْبدن وزبل النَّاس.
وَمِنْهَا أدوية تجتذب بِخَاصَّة.
لي 3 (الفوتنج الْيَابِس) النَّهْرِي مَتى ضمد بِهِ جذب السم كجذب الكلى لسخونته ولطافته.
لي وَقد جربنَا ترياق الطين الْمَخْتُوم فِي قوم سقو من الأرنب البحري والذراريح وَغَيرهَا فسقيتهم مِنْهُ والسم لم ينفذ بعد فتقيئوا السم كُله. وَهُوَ يفعل ذَلِك لكل سم.
والكبريت لَهُ قُوَّة جاذبة مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْبَوْل مَوضِع النهشة منع السم من أَن يوغل فِي الْبدن.
الخوز قَالَت: يَنُوب عَن الترياق فِي نهش الأفاعي وبشرب السمُوم القاتلة الدَّوَاء الَّذِي ألف ز وحيوان يُقَال لَهُ سموليك مضاد للسموم جدا. د: 3 (بزر الأترج) يضاد السم أجمع مَتى شرب مِنْهُ مثقالان.
وَقَالَ: الأنافح تقاوم جَمِيع الْهَوَام. يشرب بشراب مِقْدَار ثلث أوبولسات.
وَهَكَذَا يكون ابْن عرس يحسى بكزبرة وَيُؤْخَذ مِنْهُ عِنْد الْحَاجة. 3 (الأنيسون) ينفع من السمُوم والهوام.
أصل الأنجدان بادزهر. 3 (الحلتيت) ينفع من جَمِيع الْهَوَام شرب أَو تلطخ بِهِ وَمن السِّلَاح المسموم.
ودهن البلسان مَعَ اللَّبن نَافِع من الْهَوَام.
حَبَّة ثَمَرَة الفنجنكشت نَافِع من الْهَوَام. 3 (البندق) مَتى أكل قبل الطَّعَام قاوم السمُوم. د: 3 (برشاوشان) نَافِع من الْحَيَّات والهوام.
الْجَوْز مَعَ التِّين والسذاب نافعة من القتالة.
جندبادستر يصلح للهوام جملَة وللأدوية القتالة.
الجنطيانا نَافِع للهوام.
والجاوشير نَافِع مَعَ زراوند نَافِع لجَمِيع الْهَوَام.
بزر الجزر الْبري نَافِع للهوام. 3 (الدارصيني) مقاوم لسموم الْحَيَوَان.
ثَمَرَة الدلب الطرية نافعة من نهش الْهَوَام.(5/299)
الدَّجَاج يشق ويضمد بِهِ اللذعة - وَهِي حارة - ويبدل، نَافِع.
رماد الزّجاج نَافِع من الْهَوَام.
وزهرة الدفلى وورقه نَافِع من الْهَوَام مَعَ السذاب.
الوج نَافِع من الْهَوَام.
الزَّيْت إِذا تهوع بِهِ أَضْعَف السم وأوهنه. ج: 3 (بعر الماعز الْعَتِيق المحرق) يضمد بِهِ ويسقى من نهش الْهَوَام ونهش بعض الأفاعي. د: 3 (الزراوند) الطَّوِيل يشرب للسموم ويضمد بِهِ.
الْحَرْف نَافِع للهوام.
الحسك الْبري مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَم وضمد بِهِ بشراب نفع من الأفاعي وَمنى شرب مَعَ شراب نفع من الْأَدْوِيَة القتالة.
الطين الْمَخْتُوم بشراب يمْنَع السمُوم بِقُوَّة وَإِن تقدم فِي شربه وَشرب سما تقيئه وَهُوَ صَالح من الْهَوَام يطلى عَلَيْهِ بخل.
أصل اليبروح يخلط بِعَسَل ويضمد بِهِ جيد للسع الْهَوَام.
رماد الْكَرم مَعَ النظرون والخل نَافِع.
والكمون مَعَ الْخلّ يسقى لنهش الْهَوَام وخاصة الحبشي.
طبيخ الكرفس وأصوله نَافِع من السمُوم وبزره نَافِع.
الكاشم والكمادريوس نافعان من لذع الْهَوَام.
مَاء الكراث النبطي نَافِع للنهش مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل.
اللَّبن يدْفع حِرْفَة الْأَدْوِيَة الحارة وخاصة لبن الْبَقر أجوده.)
روفس: 3 (المَاء الْحَار) يستحم بِهِ للهوام.
مرَارَة الثور صَالِحَة للهوام.
النانوخيه تشرب للهوام.
ورق السوسن يضمد بِهِ وبزره يشرب للهوام بخل.
السرطان النَّهْرِي مَعَ لبن نَافِع للهوام.
السكبينج نَافِع للهوام.
بزر السذاب يشرب للسموم وَمَتى تقدم فِي أَخذ ورقه مَعَ تين وَجوز أبطل فعل السم والهوام.
حب العرعر نَافِع للهوام.(5/300)
الْعَسَل نَافِع للهوام مَتى أَخذ مسخناً مَعَ دهن ورد.
الفستق يُؤْخَذ للهوام مَعَ شراب الفلفل نَافِع للهوام وَكَذَلِكَ الفوة.
أصُول بخور مَرْيَم نَافِع من السمُوم مَتى أَخذ مَعَ الشَّرَاب وَمَتى ضمد بِهِ كَانَ صَالحا.
الفربيون نَافِع ألف ز للأفعى والهوام.
والفوتنج نَافِع لجَمِيع أَنْوَاع الْهَوَام وَإِذا تقدم فِي شرب طبيخة نفع السم والتضميد بِهِ يقوم مقَام الكي.
القردمانا ينفع من الْهَوَام.
القيصوم يُؤْخَذ مَعَ شراب للهوام.
والقنة نافعة لذَلِك.
والمر بادزهر للسم الَّذِي يطلى على النشاب وَهُوَ السم الأرميني.
الراسن نَافِع للهوام.
بزر الرازيانج نَافِع للهوام.
بزر السلجم نَافِع للهوام.
الزفت الرطب نَافِع للسموم ويضمد بِهِ مَعَ ملح للهوام.
لبن التِّين يسقى للهوام.)
الضفادع تطبخ بِزَيْت وملح وتؤكل فتنتفع من الْهَوَام كلهَا.
والغاريقون نَافِع إِذا يشرب بشراب للهوام والسموم وَكَذَلِكَ الغافت.
بزر الحظمى مَعَ خل وزيت يطلى بِهِ الْجَسَد فَيمْنَع مضرَّة الْهَوَام.
الْخِيَار البستاني طبيخه نَافِع من الْأَدْوِيَة القتالة.
الْخلّ المسخن يصب على نهش الْهَوَام الْبَارِد يسقى حاراً للبارد وبارداً على الْحَار ويسقى بثلج لَهَا وينفع بخاصته من المخدرة.
أصل الْخُنْثَى يسقى مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم بشراب للهوام ويضمد بورقه النهشة مَعَ الشَّرَاب.
ابْن ماسويه النافعة للسموم القتالة: اسْقِ من الدارصيني دِرْهَمَيْنِ أَو مخ الأرنب بخل خمر أوقيتين أَو جندبادستر زنة مِثْقَال مَعَ أوقيتين من زبد أَو مِثْقَال غاريقون مَعَ مِثْقَال من الزراوند الطَّوِيل والقيصوم والفوتنج النَّهْرِي زنة مِثْقَال من كل وَاحِد.
من تذكرة عَبدُوس: ينفع من سقى السم أَن تسقيه من ساعتك خروء الديوك.
الْكَمَال والتمام: ينفع من السمُوم مَاء الحسك الْمَقْصُور وَيُؤْخَذ من الأنجدان زنة دِرْهَم وَمن أُصُوله مثله وَمن الشيح الأرميني زنة دِرْهَمَيْنِ ويعجن بخل ويسقى بِمَاء التفاح.
وينفع مِنْهَا جملَة من الْهَوَام الترياق الْكَبِير والمثروديطوس.(5/301)
والطين الْمَخْتُوم نَافِع للسموم خَاصَّة.
وليأخذ من يخَاف على نَفسه السمُوم على الرِّيق سذابا وملحاً وجوزاً.
المفردة: بزر الجزر الْبري سنبل رومي جندبادستر ورق القضب عصارة فراسيون يسقى بِمَاء شبث دِرْهَمَانِ وَنصف بمطبوخ ريحاني.
وينفع مِنْهَا البندق والسذاب والتين.
وَأما الْهَوَام فَمَا لم تعمق وَإِنَّمَا هُوَ الْجلد فصب عَلَيْهِ خلا وَمَاء مسخناً ويمص بالفم وَليكن من يمصه غير صَائِم وَلَا متأكل الْأَسْنَان وَلَا أبخر ويتمضمض قبل ذَلِك بِالشرابِ ثمَّ يمسك فِي فِيهِ زبدا ودهن بنفسج ويطلى اللسعة بالرماد والخل وتضمد برماد حطب التِّين وَالْكَرم فان لم يحضر فَأَي رماد حضر فان لم يكن شَرط شرطا عميقاً فألق عَلَيْهِ محاجم بالنَّار وتمص فان ثَبت الوجع بعد ذَلِك فلتقطع اللَّحْم الَّذِي حول اللسع إِلَى الْعظم ويضمد بعد الشَّرْط بديوك مشققة وَهِي حارة وتبدل كل سَاعَة مرَّتَيْنِ أَو يضمد بثوم وملح.)
وبعر الْغنم فانه نَافِع إِذا ضمد بِهِ جَمِيع لسع الْهَوَام إِلَّا الْأَصْلِيَّة وَإِن خفت أَن يكون لسع الْأَصْلِيَّة فاخلط النورة بالزيت وَعسل وضمد بِهِ.
وَالزَّيْت وَالْملح مطبوخان يقاومان ألف ز جَمِيع لسوع الْهَوَام.
وَكَذَلِكَ الرِّبَاط الشَّديد.
وأدمغة الدَّجَاج وإنفحة الأرنب إِذا شربت تَنْفَع بِإِذن الله من لسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الجندبادسنز وَكَذَلِكَ الرّقّ المملح أَعنِي السّمك ترياق نَافِع للسموم الْهَوَام عَامَّة أفيون وَمر دِرْهَم دِرْهَم فلفل ونضى أصل الزراوند الطَّوِيل والمدحرج ثَلَاثَة دَرَاهِم حرمل وكمون هندي دِرْهَم شونيز خَمْسَة جنطيانا ثَلَاثَة دَرَاهِم سذاب دِرْهَمَانِ يعجن بِعَسَل وَمَاء الجرجير الشربة مِثْقَال بمطبوخ جيد.
من الْمُقَابلَة للأدواء: مَتى لم يظْهر مَا النهش أَو السم فَاسق المسموم مَاء حاراً أَو زيتاً كثيرا أَو قيئه وامنعه من النّوم الْبَتَّةَ.
ورق سذاب يَابِس عشرُون جُزْءا جوز جزءان ملح خَمْسَة أَجزَاء تين يَابِس مثله يطعم على الرِّيق.
معجون الطين ينفع مَتى شرب قبل الْأَدْوِيَة القتالة: حب الْغَار مثقالان طين مختوم مثقالان وَأَبُو لِسَان يعجن بِزَيْت الشربة بندقة مَعَ ثَلَاث أَوَاقٍ مَاء الْعَسَل الْيَهُودِيّ قَالَ: لسع الْعَقْرَب أَشد وجع من ابْتِدَائه ثمَّ يخف قَلِيلا قَلِيلا ولسع الْحَيَّة لَا يزَال يشْتَد.
من الْفرق: كل نهشة من ذَوي سم فَلَا يدمل جرحه حَتَّى تعلم أَن العليل قد برأَ واسقه الْأَدْوِيَة الحارة.(5/302)
أَبُو جريح: القنة نافعة من السمُوم والهوام جملَة.
ابْن بطرِيق: مَا لَا يعرف ضَرَره من الْهَوَام فعلاجه بِهَذَا العلاج فانه عَام لَهَا: يمص الْموضع ويشرط ويحجم بالنَّار ويكوى فَإِنَّهُ تُوضَع أبلغ وَإِذا رَأَيْت الْأَمر مفرطاً فِي الوجع والأعراض تُوضَع عَلَيْهِ فراريج مشقوقة ويطلى بِهَذَا الطلاء فانه كَاف فِي الجذب: خَرْدَل وقلي ونورة يطلى بالقطران ويسهل الْبَطن ويحدر الْبَوْل ويدر الْعرق واسقهم ترياقات للأعراض الَّتِي تظهر.
(عَلَامَات الْحَيَوَانَات عَن رُؤْيَة السمُوم أَو أكلهَا)
العلامات الَّتِي تظهر فِي الْحَيَوَانَات عَن رُؤْيَة السمُوم أَو أكلهَا الطاؤوس يرقص ويصيح ويخطه السم ويوهن سُورَة السم.
والإوزيكبو منقرضاً ويهرب.
الفاوندة يَمُوت مَكَانهَا.
الصفرد يبيض بحمرة رقيقَة.
الْغُرَاب يهيج صَوته.
القرد يتقيأ ويسلح.
ابْن عرس يقشعر وَيقوم شعره.
قَالَ: وَالْجَارِيَة الَّتِي تغى بالسم ليقْتل بهَا الْمُلُوك يجِف جَمِيع مَا تمسه من الْخضر وَالْوَرق وَغير ذَلِك وَيقتل لُعَابهَا الدَّجَاج وَالْحَيَوَان وَلَا يقربهَا الذُّبَاب.
قَالَ: نَبَات يُسمى الجدوار قد وَقع الْإِجْمَاع على أَنه يقوم مقَام الترياق فِي السمُوم والهوام. وَقَالَ لَا يتْرك السمُوم والملسوع ينَام لي قَالَ: رَأَيْت الْعِمَاد فِي نهش الأفاعي خَاصَّة وَأكْثر السمُوم على تَقْوِيَة الْحَرَارَة الغريزية ليَكُون أَكثر من أَن يُمكن أَن يعْمل فِيهَا السم وَلذَلِك أرى أَن الْخمر مُوَافقَة جدا.
اللعبة البربرية تثير فِي الْبدن حرارة كَأَنَّهَا طبيعية فَلذَلِك أَحسب أَنَّهَا مُوَافقَة وَأَنَّهَا أشرف دَوَاء يكون وَكَذَلِكَ ألف ز الحلتيت والثوم.(5/303)
(جمل السمُوم) وَالَّتِي تَنْفَع مِنْهَا وَمن غَيرهَا جملَة وَالسِّلَاح المسموم وَكَيف يحترس مِنْهَا وقانون السم والهوام قَالَ بديغورش: الأدربويه وَهُوَ الأذريون خاصيته النَّفْع من السمُوم والهوام.
وَقَالَ د: 3 (بزر الأترج) مَتى شرب ضاد السمُوم القاتلة.
وَقَالَ ابْن ماسويه: مَتى شرب مِنْهُ مثقالان بِمَاء فاتر وشراب أَو دق وَوضع على مَوضِع اللذعة.
وَقَالَ: خاصيته النَّفْع من السمُوم إِذا ازدردت.
بديغورش: زبل الْإِنْسَان خاصيته النَّفْع من السم.
وَقَالَ بديغورش واطهورسفس: خاصيته النَّفْع من السمُوم من جَمِيع الْهَوَام وَمن الْأَدْوِيَة القتالة.
قَالَ: ج: إِن الْعُضْو الَّذِي يقوم لِابْنِ عرس مقَام الْمعدة يُقَاوم جَمِيع سموم الْهَوَام.
قَالَ د: 3 (ابْن عرس الْبري) إِن أخرج مَا فِي جَوْفه وملح بعد سلخه وجفف وَشرب مِنْهُ مِثْقَال بشراب كَانَ من أقوى الْأَدْوِيَة للهوام والسم الأرمني الَّذِي يَجْعَل النشاب.
وجوفه مَتى حيش بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ ديسقوريدوس إِن الأنافح مَتى شرب مِنْهَا ثَلَاثَة أبولسات بشراب نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ بديغورش: الأشقيل خاصيته النَّفْع من جَمِيع لسع الْهَوَام.
الأنيسون من السمُوم والهوام جدا. د:
3 - (أصل الأنجدان)
مَتى شرب كَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة.
والحلتيت نَافِع من جَمِيع الْهَوَام مَتى شرب أَو لطخ بِهِ والجراحات الَّتِي تكون بِالسِّلَاحِ المسموم.
ابْن عُلْوِيَّهُ بَوْل الْإِنْسَان ينفع من نهش الْهَوَام إِذا شرب والأدوية القتالة.
دهن البلسان مَتى شرب بِلَبن جيد للسع الْهَوَام ونهشها. د: وَكَذَلِكَ حب البلسان مَتى شرب جيد جدا من نهش الْهَوَام. د:(5/304)
وطبيخ حب البلسان أَيْضا نَافِع من نهش الْهَوَام , 3 (ثَمَرَة الفنجنكشت) تَنْفَع مَتى شربت من الْهَوَام جملَة.
والفنجنكشت مَتى ضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام.
البندق إِذا أكل قبل الطَّعَام نفع من السمُوم.
بزر الباذاورد مَتى شرب نفع من السمُوم.
وبرسياوشان ينفع من نهش الْحَيَّات والأفاعي والهوام.
والجوز إِن أَخذ مَعَ التِّين والسذاب الْيَابِس قبل الْأَدْوِيَة القتالة بادزهر وينفع أَيْضا بعد أكلهَا جيدا وَهُوَ ستر يصلح الْهَوَام جملَة والأدوية القتالة. د: أصل الجنطيانا مَتى سقِِي مِنْهُ دِرْهَمَانِ مَعَ فلفل وسذاب نفع من نهش الْهَوَام.
الجاوشير مَعَ زراوند جيد لنهش الْهَوَام. د: بزر الجزر الْبري مَتى شرب وَافق نهش الْهَوَام. د: وَقد زعم قوم أَن من تقدم فِي شربه لم يخس ضَرَر السمُوم والهوام.
وَقَالَ: الدارصيني يُوَافق للسموم ونهش الْهَوَام وَقَالَ: ثَمَرَة الدلب الطري مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من نهش الْهَوَام.
وَإِذا شقَّتْ الدَّجَاج وَوضعت حارة على النهشة نَفَعت وَيجب أَن تبدلها كل سَاعَة أُخْرَى.
وَقَالَ دماغ الدَّجَاج مَتى شرب بشراب نفع من نهش الْهَوَام. وَقَالَ: زهر الدفلى وورقها مَتى شرب بِالشرابِ خلصا النَّاس من نهشة ذَوَات السمُوم وخاصة مَتى خلط بهما السذاب.
وَقَالَ: طبيخ الوج نَافِع من الْهَوَام.)
وَالزَّيْت مَتى أَدِيم التهوع بِهِ مَعَ المَاء الْحَار أبطل نكاية السم والأدوية الردية.
وَقَالَ: زبل الْمعز المحرق ألف ز يَجْعَل مِنْهُ ضماد بخل وَيُوضَع على مَوضِع النهشات وخاصة إِن لم تكن نهشة أَفْعَى فيشفى شِفَاء عَظِيما ويشفي أَيْضا نهش الأفاعي.
وَقَالَ ج: الزراوند الطَّوِيل مَتى شرب مِنْهُ درخمى بشراب أَو تضمد بِهِ كَانَ النجح للهوام والأغذية والقتالة.
الْحَرْف مَتى شرب نفع من لسع الْهَوَام. د: الحسك الْبري مَتى شرب مِنْهُ درخمى وتضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام وَمن نهش الأفعى وَمَتى شرب بشراب نفع من الْأَدْوِيَة القاتلة.
وَقَالَ: الطين الْمَخْتُوم مَتى شرب بِالْخمرِ دفع مضرَّة السمُوم بِقُوَّة قَوِيَّة وَمَتى تقدم فِي شريه قبل الدَّوَاء الْقِتَال أخرجه بالقيء وَوَافَقَ لذع الْهَوَام.(5/305)
وَقَالَ: دَوَاء العرعر يفني السم إِذا شرب وَقد جرب ذَلِك فِي شرب الأرنب البحري والذراريح ويظن أَنه يفعل فِي جَمِيع السمُوم.
قَالَ ج: وَكَانَ طَبِيب يضمن ذَلِك الطين عَن هَذَا فِي جَمِيع السمُوم ونهش جَمِيع الْهَوَام إِذا طلي مَحل نَيف وَيُوضَع فَوْقه ورق قنطوريون أَو سقورديون أَو فراسيون وَنَحْو ذَلِك مِمَّا قوته مضادة للعفن.
أصل اليبروح مَتى خلط بالعسل أَو بالزيت وضمد بِهِ كَانَ جيدا للسع الْهَوَام. د: الكمون الَّذِي يشبه الشونيز نَافِع جدا من نهش الْهَوَام إِذا شرب. د: طبيخ الكرفس نَافِع من نهش الْهَوَام.
القيسوم وبزر الرفس ينفع من نهش الْهَوَام. د: سمرنيون نَافِع من نهش الْهَوَام. د: كمادريوس مَتى شرب بِالشرابِ أَو ضمد بِهِ نفع من نهش الْهَوَام جملَة. د: الكاشم نَافِع من لذع الْهَوَام. د: مَاء الكراث النبطي مَتى اخذ مَعَ الْعَسَل نفع من نهش الْهَوَام وَمَتى ضمد بِهِ مدقوقاً فَوق اللذعة نفع جدا. د: اللَّبن يدْفع حرقة الْأَدْوِيَة الحارة والقتالة وشرها وَهُوَ مقاوم لَهَا وَلبن الْبَقر خاصته هَذَا أَكثر)
من غَيره. ج: اللَّبن من شَأْنه تسكين الحدة واللذع صَار الْأَطِبَّاء يستعملونه فِي شرب الذراريح والينبوت وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الحارة الحريفة وَقد أَصَابُوا فِي ذَلِك.
أصل ليثابوطس مَتى شرب بِخَمْر نفع من نهش الْهَوَام. د: الْمقل ينفع من نهش الْهَوَام. د: الْملح مَتى سحق وصير فِي خرقه وغمس فِي خل وضمد بِهِ الْعُضْو المنهوش من لذع الْهَوَام نَفعه.
مَاء الْبَحْر مَتى دخل فِيهِ وَهُوَ سخن نفع من نهش الْهَوَام الَّتِي يعرض مِنْهَا الارتعاش. د: الاستحمام بِالْمَاءِ الْحَار يسكن الْأَعْرَاض الْحَادِثَة عَن نهش الْهَوَام.
روفس: مرَارَة الثور تدخل فِي اللطوخات النافعة من نهش الْهَوَام. د: النمام ينفع من ضَرَر الْهَوَام مَتى ضمد بِهِ وَإِن شرب بشراب نفع من لسع الْهَوَام.
وَقَالَ: بزر السوسن يشرب لضَرَر الْهَوَام.
وَقَالَ: إِذا شرب بالخل نفع من نهش الْهَوَام.
وَقَالَ: السرطان البحري النَّهْرِي إِذا دق وَشرب بِلَبن الأتن نفع من نهش الْهَوَام. د: السكبينج مَتى شرب الشَّرَاب نفع لسع الْهَوَام.(5/306)
وبزر السذاب إِن شرب مِنْهُ سونافر بشراب نفع بشراب نفع من الْأَدْوِيَة القتالة وَمَتى تقدم فِي أكل ورقه وَحده أَو مَعَ تين يَابِس وَجوز أبطل فعل السم القتالة وطرز ضَرَر الْهَوَام. د: حب العرعر جيد لضَرَر الْهَوَام.
قَالَ: ابْن ماسويه مَتى دق الفستق وَشرب بنبيذ صلب قوي نفع من نهش الْهَوَام وَالْعَسَل إِن شرب سخناً بدهن الْورْد أَبْرَأ نهش الْهَوَام ألف ز.
وَقَالَ: الفستق الشَّامي جيد لنهش الْهَوَام.
الفلفل ينفع من نهش الْهَوَام.
أصل بخور مَرْيَم نَافِع إِذا شرب بِالشرابِ من الْأَدْوِيَة القتالة وَمَتى ضمد بِهِ نفع من سموم الْهَوَام. د: مَتى شرب من القنة والفوة مَعَ وَرقهَا نَفَعت من نهش الْهَوَام.)
الغاريقون إِن شقّ جلد الرَّأْس إِلَى أَن يظْهر القحف وَحشِي بِهِ وخيط لم يضرّهُ إِذا كَانَ فِيهِ نهشة شَيْء من الْهَوَام فِي مَا زعم قوم. د: جَمِيع أَصْنَاف الفوتنج مَتى نقدم فِي شربه بِالْخمرِ دفع مضرَّة السمُوم القتالة. د: الفوتنج يسْتَعْمل فِي مداواة نهش الْهَوَام كلهَا كَمَا يسْتَعْمل الكي وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي لَهَا مَعَ اسخانها حِدة وحرافة ولطافة وجذب سريع. د: القردمانا نَافِع من لسع الْهَوَام جملَة.
طبيخ القيصوم أَو ورقه مَتى شرب بِالشرابِ نفع من السمُوم القتالة. د: والقفر مَتى شرب مَعَ الجندبادستر بِالْخمرِ نفع من نهش الْهَوَام والسهام الملطخة.
القنة مَتى شربت بشراب وَمر كَانَت بادزهراً للأدوية القتالة الَّتِي يلطخ أهل أرمينية على السِّهَام. د: الراسن نَافِع من نهش الْهَوَام. د: طبيخ الرازيانج يسقى بِالشرابِ لنهش الْهَوَام. د: بزر السلجم ينفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: الزفت الرطب مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح كَانَ نَافِعًا لنهش الْهَوَام.
وَقَالَ: لبن التِّين نَافِع من نهش الْهَوَام مَتى قطر على النهشة.
وَلبن التِّين الَّذِي يُسمى الخمير يشرب ويتمسح بِهِ لنهش الْهَوَام. د: الضفادع مَتى طبخت بالملح وأكلت كَانَت بادزهراً للهوام كلهَا. د: الغاريقون يسقى مِنْهُ بدرهم بشراب ممزوج للأدوية القتالة وَمَتى شرب مِنْهُ ثَلَاثَة أبولسات نفع نفعا عَظِيما من نهش الْهَوَام.
الغاريقون ينفع من نهش الْهَوَام الْبَارِد السم.(5/307)
ج: ضمد أَو شرب مِنْهُ نصف مِثْقَال بشراب.
والغافت مَتى شرب بشراب نفع من نهش الْهَوَام. د: بزر الخطمى مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالزَّيْت وتلطخ بِهِ منع مضرَّة ذَات السمُوم من الْهَوَام. وورق الخطمى مَتى ضمد بِهِ مَعَ شَيْء يسير من الْخلّ والنطرون وَالزَّيْت وتلطخ بِهِ منع مضرَّة السمُوم من الْهَوَام.)
كبد الْخِنْزِير الذّكر مَتى أَخذ رطبا كَانَ أَو جافاً بشراب نفع من نهش الْهَوَام. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني مَتى طبخ بأصوله نفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: وَيَنْبَغِي أَن يشرب ويتقيأ وَيفْعل ذَلِك دَائِما. د: ورق الْخَبَّازِي البستاني مَتى طبخ بخل نفع من الْأَدْوِيَة القتالة. د: الْخلّ ينفع مضرَّة السمُوم وخاصة السمُوم المخدرة. د: أصل الخطمى يسقى مِنْهُ ثَلَاث درخميات لنهش الْهَوَام فينفع ويضمد بِهِ مَوضِع النهشة ويضمد بورقه وزهره مخلوطين بِالشرابِ.
3 - (الْأَدْوِيَة النافعة للسموم القتالة)
اسْقِ من الدارصيني دِرْهَمَيْنِ أَو مخ الأرنب بخل خمر زنة أوقيتين جندبادستر زنة مِثْقَال مَعَ أوقيتين من زَيْت ثَلَاث أَو أوراق أَو بزر السلجم البستاني زنة مِثْقَال ألف ز أَو غاريقون زنة مِثْقَال مَعَ الزراوند الطَّوِيل والقيصوم أَو فوتنج نهري زنة مثقالين من كل وَاحِد أَو أطْعمهُ تيناً وجوزاً هَذَا من الْكَمَال لِابْنِ ماسويه.
من تذكرة عَبدُوس ينفع من السم أَن تسقيه من ساعتك جوزاً وتيناً.
من الْكَمَال والتمام: ينفع من السمُوم مَاء الحسك المعصور وينفع أَن يَأْخُذ أنجدان وَمن أُصُوله زنة دِرْهَم وَمن الشيح الأرميني زنة دِرْهَمَيْنِ ينخل ويعجن بِعَسَل ويسقى بِمَاء التفاح.
وينفع مِنْهَا جملَة من الْهَوَام: الترياق الْكَبِير والمثروديطوس.
والطين الْمَخْتُوم نَافِع من السمُوم وَيجب أَن يَأْخُذ من بخاف على نَفسه من السم ونكايته التِّين على الرِّيق مَعَ الشونيز وبزر اللفت الْبري مَعَ الفوذنج النَّهْرِي والطين الْمَخْتُوم مَعَ الْمَطْبُوخ وسذاب وَجوز وملح الْعَجِين مَعَ التِّين وَالمثروديطوس والترياق وبادر فِي علاجه سَاعَة تَسْقِي وَلَا تُؤخر بِأَن يسقى الأدهان والأوراق الدسمة وقيئه بالأشياء الحريفة مَرَّات ويسقي
3 - (أدوية مُفْردَة نافعة من السمُوم)
الطين الْمَخْتُوم الأرميني والغاريقون أصل الفوتنج بزر الجزر سنبل اقليطي جندبادستر ورق العصب عصارة الفراسيون: اسْقِ من أَيهَا شِئْت دِرْهَمَانِ وَنصف دِرْهَم واسقه مطبوخاً ريحانياً.(5/308)
وينفع مِنْهَا التِّين والبندق والسذاب وَإِذا أكلت مَجْمُوعَة وَمَا اشْتبهَ عَلَيْك من لسعة الْهَوَام وظننت أَنَّهَا لم تعْمل إِلَّا فِي الْجلد فصب عَلَيْهِ الْخلّ وَالْمَاء سخنين ويمص بالفم وَيكون فَمَا صَحِيحا غير متأكل الْأَسْنَان وَلَا صَائِم بعد أَن يَأْكُل ويتمضمض بِالشرابِ مَرَّات ويمسك فِي زبداً أَو دهن بنفسج ثمَّ يمصه وتطلى اللسعة بالرماد والخل وتضمد برماد حطب التِّين أَو الْكَرم فان لم يحضر فَأَي رماد حضر وَمَتى لم يسكن بِهَذَا التَّدْبِير شَرط حول اللسعة شرطا عميقا وَألقى عَلَيْهِ محاجم بالنَّار لتجذب إِلَيْهَا بِقُوَّة فان ثَبت الوجع بعد ذَلِك فاقطع اللَّحْم الرخو حول ذَلِك الْموضع إِلَى الْعظم وَاجعَل عَلَيْهِ أَيْضا بعد الشَّرْط ديوكاً مشقوقة وَهِي حارة وتفتر كل سَاعَة مَرَّات كَثِيرَة.
الثوم وَالْملح وبعر الْغنم نافعة جدا إِذا صيرت على لسع جَمِيع الْهَوَام غير الأصلة وَإِن خفت أَن تلذع الأصلة فاخلط النورة بالزيت وَالْعَسَل وضمد بالزفت وَالْملح مَعًا فانهما نافعان للسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الرَّبْط الشَّديد.
وأدمغة الدَّجَاج وانفحة الأرنب مَتى شربت نَفَعت بِإِذن الله من لسع الْهَوَام وَكَذَلِكَ الجندبادستر وَكَذَلِكَ الرّقّ المملح يَعْنِي السّمك.
ترياق نَافِع للهوام عَامَّة: أفيون وَمر دِرْهَم دِرْهَم وفلفل دِرْهَم وَنصف أصل الزراوند الطَّوِيل والمدحرج ثَلَاثَة دَرَاهِم ثَلَاثَة دَرَاهِم حرمل وكمون هندي دِرْهَم دِرْهَم شونيز خَمْسَة دَرَاهِم جنطيانا ثَلَاثَة دَرَاهِم سذاب دِرْهَمَيْنِ يعجن بالعسل وَمَاء الجرجير الشربة مِنْهُ بِمَاء قد طبخ فِيهِ حسك.
قَالَ ج فِي حِيلَة الْبُرْء: الْغَرَض فِي لسع الْحَيَوَان السمي غرضان: أَحدهمَا جذب السم الَّذِي وَقع فِي الْبدن ألف ز وَالْآخر أَن يحلل ويغير مزاج السم. واستفراغ السم وجذبه يكون بالأدوية الَّتِي تجذب جذباً قَوِيا وَهِي القوية الْحَرَارَة وإحالته وَنَقله عَن طَبِيعَته يكون بالأشياء المضادة لَهُ إِمَّا فِي كيفيته مثل مَا يضاد سم الْعَقْرَب الْأَشْيَاء الحارة وَإِمَّا فِي جملَة جوهره وَالَّذِي يضاد)
جملَة الْجَوْهَر يسْتَخْرج بالتجارب وَأما مَا يضاد بالكيفية فبقانون صناعي.
قَالَ: فاستفراغ السم وجذبه يكون إِمَّا بالأشياء الَّتِي تسخن إسخاناً قَوِيا كالكي بالنَّار وَجَمِيع الْأَدْوِيَة الَّتِي تعْمل مَا يفعل الكي أَو بِمَا يجذب جذباً قَوِيا بِلَا حرارة شَدِيدَة مثل المص ويحجم ويستفرغ أَيْضا بالمداوى بِهِ من جنس المنهوش أَو فِي جَمِيع بدنه وَذَلِكَ انه إِن كَانَ حرارة شَدِيدَة كَانَ فِي عُضْو المنهوش أَو فِي جَمِيع بدنه داويته بأدوية تبرد وبالضد فَهَذَا قانون المداواة وَقد تخْتَلف بِحَسب اخْتِلَاف الْأَعْضَاء الْأَدْوِيَة الَّتِي تسْتَعْمل فِيهَا والقانون فِي القروح.
من الْمُقَابلَة للأدواء: مَتى لم يظْهر مَا الَّذِي لسع أَو مَا السم فَاسق للسم مَاء حاراً أَو زيتاً كثيرا وقيئه.(5/309)
دَوَاء يحفظ من السمُوم ورق السذاب يَابِس عشرُون جُزْءا جوز كبار جزءان تين وملح جُزْء جُزْء يطعم على الرِّيق يمْنَع ذَلِك.
معجون الطين ينفع مَتى شرب قبل الْأَدْوِيَة القتالة: حب الْغَار مثقالان طين مختوم مثله واوثولوسين يعجن بِزَيْت الشربة بندقة مَعَ ثَلَاث أواقي من مَاء الْعَسَل.
الْيَهُودِيّ قَالَ: لسع الْعَقْرَب أَشد وَجَعه من ابْتِدَائه ولسع الْحَيَّة يَبْتَدِئ قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى يعظم ويشتد. ج فِي الترياق إِلَى القيصر: قَالَ: الَّتِي تقع فِيهَا الأفاعي نَافِع من لدغ الْهَوَام فان كَانَ ذَلِك بالترياق إبيذيميا: اللَّبن جيد للسموم الَّتِي تُؤْكَل وتلذع وَتحرق وَذَلِكَ أَن هَذِه تحْتَاج إِلَى مَا يكسر حدتها ويعدلها.
الثوم يصلح للسموم الْبَارِدَة.
الْخمر تصلح للسموم الَّتِي تقتل بإفراط إِخْرَاج الْبدن عَن مزاجه.
والخل يصلح للَّتِي تقتل بالغلظ والخنق كالفطر وَالْملح بِغَيْر جَوْهَر الْأَدْوِيَة والأخلاط الرَّديئَة.
قَالَ فِي الْفرق: كل نهشة من سم فَلَا يجب أدمل القرحة وانضمامها حَتَّى يعلم أَن العليل قد برأَ لَكِن توسع وتوضع عَلَيْهِ الْأَدْوِيَة الجاذبة.
أَبُو جريح قَالَ: اللعبة تَنْفَع من السمُوم والهوام جملَة.
ابْن البطريق قَالَ: الْهَوَام الَّتِي لَا تعرف ضررها فعلاجها بعلاج عَام لَهَا وَهُوَ أَن يمص الْموضع)
ويشرط وَيُوضَع عَلَيْهِ الفراريج مشقوقة ويطلى بِهَذَا الطلاء فانه كَاف فِي جذب السم: يُؤْخَذ خَرْدَل وقلي ونورة ويطلى عَلَيْهِ الصابون أَو القطران ويسهل الْبَطن ويحدر الْبَوْل ويدر الْعرق ويسقون ترياقات على قدر مَا يظْهر من الْأَعْرَاض.
ابْن البطريق قَالَ: العلامات الَّتِي تظهر فِي الْحَيَوَانَات عَن روية السم.
الطاؤوس يرقص ويصيح ويخطه السم ويوهن سُورَة السم.
والكركي يسدو ويبكي.
الببغاء والحديدي يصرخان يرميان.
الوقواق يبكي أَيْضا.
الْقُنْفُذ ينقاد ويهرب.
الفاوندة يَمُوت مَكَانهَا.
الصفرد يبيض حمرَة رقبته.(5/310)
الْغُرَاب يهيج صَوته.
القرد يتقيأ ويسلح.
ابْن عرس يقشعر وَيقوم شعره.
وَالْجَارِيَة الَّتِي تغذى بالسم ليقْتل بهَا الْمُلُوك يجِف جَمِيع مَا تمسه من الْخضر والورد وَغير ذَلِك وَيقتل لُعَابهَا الدَّجَاج وَالْحَيَوَان وَلَا يقربهَا الذُّبَاب.
نَبَات يُسمى الجدوار قد جمع على أَنه يقوم مقَام الترياق فِي الْهَوَام والسموم.
لَا يَنْبَغِي أَن يتْرك الملسوع والمسموم أَن ينَام.
لي رَأَيْت الْعِمَاد فِي نهش الأفاعي وَأكْثر الْهَوَام على تَقْوِيَة الْحَرَارَة الغريزية ليَكُون أقوى من أَن وَرَأَيْت اللعبة البربرية تثير فِي الْبدن حرارة كَأَنَّهَا طبيعية فَذَلِك الْخمر أَحسب أَنَّهَا شَدِيدَة مُوَافقَة لذَلِك وأحسب أَنَّهَا أشرف دَوَاء يكون الْبَتَّةَ.
ابْن سرابيون: جَمِيع اللسع يجب أَن يمص أَو تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم وَإِن كَانَ من أَفْعَى الغى وَإِن كَانَ عُضْو يُمكن قطعه فاقطعه وَإِن زَاد السم فافصده ثمَّ أعده بصفرة الْبيض والفلفل وَالشرَاب الصّرْف يثير فِي الْبدن بخارات تعين البخارات الطبيعية فان هَذِه تمنع السم وتوهنه وضع على اللذع أضمده مسخنة وَاجعَل عَلَيْهِ ديوكاً وفراريج مشققة تبدلها كل قَلِيل أَو غَيرهَا من الطُّيُور)
وَاجعَل عَلَيْهِ المراهم المبدلة للمزاج واسق معجون الطين والطرخشقوق والقفر الْيَهُودِيّ وَابْن عرس مملح وَحب الْغَار وطبيخ السرطانات النهرية ألف ز وَدم السلحفاة والجندبادستر.(5/311)
(مَا يطرد الْهَوَام والحشرات وَالسِّبَاع ويقتلها) قَالَ ج فِي كتاب الكيموسين: إِن الْعَقْرَب مَتى تفل عَلَيْهَا إِنْسَان قَتلهَا بِشَرْط أَن يكون صَائِما وليتفل عَلَيْهَا مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا.
وَقيل فِي الفلاحة الفارسية: إِن الفجل مَتى شدخ وَألقى على الْعَقْرَب قَتلهَا.
وَإِن المرداسنج والخربق مَتى جعلا فِي عجين وَطرح للفأرة حَتَّى تَأْكُل مِنْهُ قَتلهَا.
وَمَتى سلخت فَأْرَة وَتركت هربت فئران الْبَيْت.
وَإِن صيدت فَأْرَة وربطت بخيط فِي وسط الْبَيْت هرب سائرها.
والسذاب رِيحه يطرد ابْن عرس.
ودخان قرن الأيل وأصل السوسن وأظلاف الْمعز مَتى دخن بهَا طردت الْحَيَّات وَأكْثر الْهَوَام.
وَمَتى أَخذ أفيون وشونيز وبارزد وَقرن أيل وكبريت وأظلاف الْمعز فدخن بِهِ فيطرد الْحَيَّات وَأكْثر الْهَوَام.
ودخان خشب الرُّمَّان يطرد الْهَوَام.
وطبيخ الْحبَّة السَّوْدَاء مَتى رش بِهِ الْبَيْت قتل البراغيث.
الطَّبَرِيّ مَتى جعل الحسك فِي حجر الْحَيَّة هربت مِنْهُ وَكَذَلِكَ مَتى رش الْبَيْت بطبيخه.
وَإِن بخر الْبَيْت بأصول السوسن هربت الْهَوَام كلهَا.
وَإِن بخر الْبَيْت بورق الدلب هربت الخنافس.
وَإِن بخر الْبَيْت بأخثاء الْبَقر هربت البق.
وَإِن وضع فِي الْبَيْت قشور الفجل لم تقربه عقرب وَمَتى وضعت على الْعَقْرَب قَتلهَا.
وطبيخ الخربق مَتى رش بِهِ الْبَين قتل أَكثر.
الزَّبِيب والزرنيخ الْأَصْفَر مَتى ألقِي فِي لبن وَوضع فِي وسط الْبَيْت قتل الذُّبَاب.
وَمَتى بخر الْبَيْت بقلقنت طر الفأر.
وَمَتى بخر الْموضع بزبل الذِّئْب اجْتمع الفأر إِلَيْهِ وَكَذَلِكَ شَحم الذِّئْب وزيته.
وطبيخ الخربق مَعَ الحنظل يعجن بِهِ الْخبز فَيلقى للفأر فَإِذا أكله قَتله.)
وبخور القنة يطرد الْحَيَّة.
وَمَتى بخر الْبَيْت بكبريت أَو قلقنت لم يدْخلهُ البق الْبَتَّةَ.(5/312)
وَمَتى رش الْبَيْت بنقيع الحنظل قتل البراغيث.
وَإِن جعل الدَّم فِي حُفْرَة فِي وسط الْبَيْت اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.
الطلسمات: كندس حَدِيث ذكي الرَّائِحَة وزرنيخ أصفر وكمأة يابسة بالسواء ينعم سحقه ويعجن بِمَاء بصل الفأر ويدهن الْيَد بدهن ويتخذ مِنْهُ تِمْثَال وَيُوضَع على الْمَائِدَة فَلَا يقربهَا ذُبَاب.
وَإِن اتخذ سفرة من جلد لتامور لم يقربهَا الْبَتَّةَ وتباع هَذِه الْجُلُود بِمَكَّة.
وَمَتى أخذت حَصَاة نوشادر فِي الْفَم وبزق فِي فَم الْحَيَّة مَاتَت.
وَمَتى دخن الْبَيْت بالآس الْيَابِس والكمون هرب البق والبعوض وَكَذَلِكَ مَتى دخن بالترمس.
وَمِمَّا يدْفع الأرضة عَن الدَّار أَن يكون فِيهَا هدهد فان لم يكن ذَلِك حَيا فليدخن بعظامه وريشه فان الأرضة تَمُوت. وَمَتى ألْقى الانسنتين فِي الثِّيَاب لم يتسوس وَكَذَلِكَ الفودنج وَكَذَلِكَ الأترج وَمَتى ألقِي الأفسنتين فِي الدّهن أَي دهن كَانَ وادهن بِهِ لم يقرب ذَلِك البعوض.
وَمَتى رش الْبَيْت بطبيخ الحسك أفنى البراغيث.
وَإِن رش حول الْفراش لم يقربهُ برغوث.
وَأَن بخر الْبَيْت بالبازرد طرد الْهَوَام كلهَا.
بولس: يجب أَن تسد ألف ز الْكواء فِي الْمنَازل المخوفة وخاصة مَا يظنّ بهَا أَنَّهَا كوى هوَام فلتيد بثوم مدقوق ويبخر بعد ذَلِك بقرن أيل وبأظلاف الماعز أوبالشعر أَو بالزيت أَو بالقنة أَو وَمِمَّا يطرد البق خَاصَّة أَن يبخر بِالشَّوْكَةِ المنتنة الْمُسَمَّاة قونورا أَو بالقلقديس أَو بأخثاء الْبَقر وَأكْثر الْوقُود فان الْهَوَام تهرب من ذَلِك وافرش حول المرقد الفنجنكشت والفوتنج والشيح واطرح حول الْفراش من الحلتيت.
من كتاب ديمقراطس قَالَ: الأفسنتين يطرد الْحَيَّات.
البرنجاسف: مَتى نبت فِي مَوضِع هربت الْحَيَّات.
ودخان شجر الرُّمَّان يطرد الْحَيَّات.
الْعَقْرَب تهرب من عقرب تحترق.)
عصير الفجل يقتل الْعَقْرَب.
وَمَتى بخر الْبَيْت بالقنة والزرنيخ وحافر حمَار هربت العقارب.
والزنانير يهربن مَتى بخرت أجحارهن بكبريت أَو بثوم وَمَتى لطخ الْبدن بالخطمى لم تلذعه.(5/313)
الفأر تهرب مَتى خصيت وَاحِدَة وخليتها أَو سلخت جلدهَا وخليت.
السنور الْبري يهرب من السذاب.
النَّمْل تهرب من إحراق طَائِفَة مِنْهَا وَمَتى طلي بمرار الْبَقر لَا يقربهُ نمل وَكَذَلِكَ الزفت.
وَمَتى علقت طَاقَة شعر من عرف فرس على بَاب الْبَيْت لم يدْخلهُ بق وَلَا جرجس.
وَمَتى وضع حرمل عِنْد الْفراش لم يقربهُ بق.
وَإِن انقع السذاب فِي المَاء ورش بِهِ الْبَيْت قتل البراغيث.
وَمَتى دخن الْبَيْت بالمقل هرب البق.
الخنافس يهربن من ورق الدلب.
البراغيث يمتن من ريح الكبريت وَكَذَلِكَ من ورق الدفلى ويقتلهن أَيْضا طبيخ الأفسنتين أَو الْكر أَو السذاب أَو الترمس.
وَالْجَرَاد يهرب من ريح دُخان الكبريت وَكَذَلِكَ من ريح دُخان قرن الثور.
والأسد يهرب من الديك وَمن الفأر.
والفيل يهرب من الْكَبْش وَمن النسور. د: ورق الفوذنج مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام وَكَذَلِكَ إِن افترش القطران يطرد الْهَوَام.
الشيح يطرد الْهَوَام.
والقنة مَتى بخر بهَا طردت الْهَوَام.
الجعدة تطرد الْهَوَام بخر بهَا أَو افترشت.
والقلهمان: مَتى رش الْموضع بطبيخ الدفلى قتل البراغيث.
سلمويه: ورق السذاب وَجوزهُ إِن بخر بِهِ طرد الْهَوَام والبق.
الفلاحة الرومية: الْخَرْدَل مَتى بخر بِهِ طرد الْهَوَام والحيات.
وأقونيطس يقتل النمور وَالْكلاب والخنازير والذباب وَسَائِر السبَاع.
اللوز المر يقتل الثعالب سَرِيعا.)
أَبُو جريج: الخربق يقتل الْكلاب والذئاب وَسَائِر السبَاع. د: مَاء السذاب يفر مِنْهُ النمس وَإِن طلي بهَا ريش الدَّجَاج لم يقربهَا.
من كتاب الْحَيَوَان: إِن الذِّئْب لَا يقرب يصل الفأر.
والأسد يخافه وَيخَاف من خشب السديان وَهُوَ السدر.
والنمر يخَاف من خشب الرُّمَّان. د: أقونيطن أَصله يُبرئ من الْعَقْرَب ويخمر فَإِذا قرب إِلَيْهِ الخربق انْتَعش.
الأنجوشا الْأَحْمَر الثَّمر وَله ورق أصفر مَتى مضغ وَأُلْقِي فِي فَم الْهَوَام قَتلهَا.(5/314)
قرن الأيل مَتى بخر بِهِ طرد الْهَوَام ولوف الْحَيَّة أَصله مَانع من نهشة الأفعى مَتى دلك بِهِ.
الأشقيل مَتى ألف ز علق صحاحاً على أَبْوَاب الْبيُوت منع الْهَوَام مِنْهَا.
الْحَرْف مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام. د: ورق الفوذنج مَتى دخن بِهِ طرد الْهَوَام أَو افترش القيصوم.
كَذَلِك القنة تطردها مَتى دخنت.
ثَمَرَة الشونيز مَتى خلطت بشحم أيل وَمسح بِهِ الْجَسَد لم يقربهُ الْهَوَام.
وشحم الْفِيل وشحم الأيل إِذا تمسح بهما منعا الْهَوَام من يصل إِلَى الْبدن.
الشونيز مَتى بخر بِهِ طردها.
طبيخ الخربق الْأسود يرش بِهِ الْبَيْت فيفر عَنهُ الْهَوَام.
أفسنتين يطْبخ فِي الدّهن ويمرخ بِهِ الْبدن فَيمْنَع البق مِنْهُ.
زبل الثور إِذا بخر بِهِ طرد البق.
طبيخ الحسك مَتى رش فِي الْبَيْت قتل البراغيث.
جوز السرو ورقه يبخر بِهِ فيطرد البق.
الملوخيا البستانية ينعم دقها ويلطخ الْبدن بهَا مَعَ زَيْت فَلَا يحس فِيهِ لذع النَّحْل بألم.
الخربق الْأَبْيَض مَتى عجن مَعَ السويق وَعسل وَجعل كباباً وَطرح للفأر فَأكلهَا قَتلهَا.
القلقديس مَتى بخر بِهِ طرد الفأر.
شَحم الْقُنْفُذ مَتى طلي بِهِ عود اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.
بخور مَرْيَم يطرد الْهَوَام.)
قشور بيض محرق قرن أيل كزبرة كبريت بالسواء يدخن بِهِ.
من عهد أبقراط: الْغَار مَتى وضع فِي مَوضِع طرد الْهَوَام.
الطَّبَقَات: إِن دخن بالخردل المتين طرد الْحَيَّات.
وَإِن أحرقت العقارب هربت الْأُخَر.
وَمَتى دخن بِشعر ابْن عرس طرد الْحَيَّات.
وَكَذَلِكَ مَتى دخن بالعاج طرد الْهَوَام والحيات.
زظلف الْمعز المحرقة يطرد الْحَيَّات وَكَذَلِكَ قرن الأيل.
وَإِن طلي ريش بشحم أيل وَجعل فِي جُحر حَيَّة لم تخرج مِنْهُ وَإِن زرع الخربق فِي اقداح هربت مِنْهُ الْحَيَّات وَكَذَلِكَ القيصوم.
طبيخ القنطريون الْكَبِير يطرد الْحَيَّات وَكَذَلِكَ مَاء السذاب مَتى رش بِهِ.
وَمَتى وضع الحسك فِي جُحر الْحَيَّة هربت مِنْهُ.(5/315)
وَإِن قطر على الْعَقْرَب مَاء الفجل أَو طرح قشوره عَلَيْهَا مَاتَ. وَإِن يطْبخ شَيْء بعصارة حنظل رطب لم تقربه حَيَّة.
وَإِن عجن الزرنيخ والقنة بِسمن وبخر بِهِ فانه يطرد العقارب.
وَكَذَلِكَ إِن دخنت الْبيُوت بالفنجنكشت هربت مِنْهُ العقارب.
وَمَتى وضع فِيهِ سذاب بري لم يدخلهَا هَامة.
ودخان خشب الرُّمَّان وورقه يطرد الْحَيَّات والهوام.
وَمَتى ذَر الصعتر الْبري فِي الْبيُوت طردها جَمِيعهَا.
ودخان القنة يطرد الْهَوَام والفأر وَكَذَلِكَ دُخان الأشق.
مَاء الحنظل الرطب وطبيخ الْيَابِس يطرد الأرضة وَيمْنَع مِنْهَا مَتى طليت الْخشب بِهِ.
مَتى طرح على الْعَقْرَب ورد الملوكية أخدرها وَكَذَلِكَ نور السوسن الْبري.
وَكَذَلِكَ إِن ربطت فَأْرَة فِي بَيت هربت الْبَاقِيَة.
وَإِن دخن بقلقديس هرب الفأر كُله.
وَإِن وضع على السرير عود قنب لم يتأذ بالبق والبعوض.
وَإِن طليت عصى شَحم قنفذ اجْتمعت إِلَيْهِ البراغيث.)
أَبُو جريح بصل الفأر يقتل الفأر وَكَذَلِكَ تُرَاب الزئبق والكبريت والقطران يقتل القردان وَأكْثر الْحَيَّات والهوام ألف ز وخاصة النَّمْل وَإِن طلي على جحرتهن لم يخرج مِنْهُ.
اختيارات حنين: الْملح والنوشاذر مَتى أمسك فِي الْفَم وتفل فِي فَم الْحَيَّة مَاتَت من ساعتها.
فِي الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة قَالَ: يخلط رماد خشب الصنوبر وَيُوضَع حول الْمجْلس فانه يمْنَع الْهَوَام وخاصة الْحَيَّات وَكَذَلِكَ القطران.
وَمَتى دخن الْبَيْت بعاقرقرحا وكبريت كل يَوْم تهرب الْحَيَّات.
الفلاحة الفارسية: المرداسنج يخلط بعجين قتل الفأر وَكَذَلِكَ نحاتة الْحَدِيد.
وَمَتى طرح رماد بلوط فِي جحرتهن هربن.
وَمَتى سلخت وَاحِدَة وخليت هرب الْبَاقِي.
وَمَتى لطخ بَاب بيُوت الدَّجَاج بِمَاء السذاب أَو وضع فِيهِ لم يقربهُ السنور الْبري.
وَمَتى أحرقت العقارب هربت الْبَاقِيَة.
وَإِن دخن بالزرنيخ والقنة هربت. وَإِن طليت نسوفة خزف بشحم قرد ودفنت فِي وسط بَيت اجْتمعت إِلَيْهَا البراغيث.
وَكَذَلِكَ مَتى جعل فِيهَا دم التيس.(5/316)
الفلاحة الرومية: الْهَوَام لَا تقرب شجر الرُّمَّان وَكثير من الطير يحصن عشه بقضبان الرُّمَّان من الْهَوَام.
دُخان الرُّمَّان يطرد الْهَوَام.
عصارة الفجل تقتل العقارب.
ستر منسوج من ذَنْب الْخَيل مَتى علق على بَيت لم يدْخلهُ بعوض.
دُخان الكبريت أَو العلك يطرد البراغيث.
وَمَتى حفرت حُفْرَة وَطرح فِيهَا عيدَان قضبان الدفلى ونضح الْبَيْت بِمَاء وملح أَو سذاب أَو رماد قد عجن بخل العنصل أَو اطل بِالْمَاءِ وَالْملح وَلم يصب الحفرة مِنْهُ شَيْء مَالَتْ البراغيث إِلَيْهَا.
وَمَتى نضح الْبَيْت بنقيع بزر السلجم أَو الدفلى قتل البراغيث.
اتِّخَاذ الأيائل والطواويس والقنافذ والقرود فِي المساكن يفني الْهَوَام.)
مَتى رش الْبَيْت بطبيخ قثاء الْحمار قتل البراغيث.
الطَّبَرِيّ: وَمَتى رش الْبَيْت بطبيخ الحنظل أَو قثاء الْحمار لم يقربهُ الْهَوَام.
وَإِن رش بطبيخ العليق قتل البراغيث.
وَمَتى بخر بأصول السوسن طرد الْهَوَام.
وَمَتى بخر بورق الدلب طرد الخنافس.
ودخان الْحَيَّة يطرد الْحَيَّات جدا.(5/317)
(جمل فِي أَمر الْهَوَام الغريبة) (وعلاج الْقَرِيبَة مِنْهَا الَّتِي لَا يوبه لَهَا الزنبور وَنَحْوه) من كتاب السمُوم لِجَالِينُوسَ: الزنبور يدلك مَوْضِعه بالذباب ويطلى بِمَاء الْخَبَّازِي والباذروج ويدلك بِهِ أَو يسقى وزن دِرْهَمَيْنِ من بزر المرزنجوش فانه ليسكن مَا بِهِ على الْمَكَان.
أهرن قَالَ: الدرقة مثل القملة فِي الصغر فَمن لسعته لَا يسمع وَلَا يبصر ويثور بِهِ الدَّم وَيخْتَلف ويتقيأ وَيَمُوت وَرُبمَا سلم فان لحقت السَّلِيم فِي أول أمره فاسقه لَبَنًا حليباً حِين يحلب أَو مسخناً فان سمها حَار يَابِس يحْتَاج إِلَى مَا يلينه ويبرده واسقه الجدوار واطله بالفادزهر بِمَاء بَارِد.
الزنبور اطل عَلَيْهِ الخضرة الَّتِي تحدث على جرار المَاء مَعَ الْخلّ.
الطلمسات قَالَ: أدلك لسعة الزنبور بورق الينبوت الرطب فانه يسكن على الْمَكَان.
بولس قَالَ: للزنابير والنحل ألف ز اطله بالطين والخل أَو بأخثاء الْبَقر أَو كمده بِمَاء وملح ثمَّ اطله بِلَبن التِّين فانه يسكن على الْمَكَان.
لي ينظر فِي هَذَا.
الرتيلا قَالَ: يبرد مَوْضِعه وَيحك ويبرد الْأَطْرَاف ويرعد ويعرق عرقاً بَارِدًا ويصفر اللَّوْن ويدر الْبَوْل ويعسره وامتداد الْقَضِيب ورطوبة فِي الْعين وتمدد فِي الْقطن وانكسار اللِّسَان حَتَّى لَا يبين الْكَلَام.
وَمن العنكبوت نوع يعرض من لذعه وجع شَدِيد فِيمَا دون الشراسيف وعسر الْبَوْل وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق وينفع مِنْهُ أَن يسقوا كموناً أَو بزر فنجنكشت أَو أطْعمهُم الثوم واسقهم شرابًا صرفا.)
سقولوفندر الْبري والبحري: يكمد لون الْموضع وينتفخ وَتعرض حكة فِي الْجَسَد وَيكون الْموضع فِي اللسع البحري أَبيض وَفِي لسع الْبري أَحْمَر فليضمد بِمَاء وملح وينطل قبل ذَلِك بِزَيْت كثير بِمَاء حَار ثمَّ يوضع عَلَيْهِ الْأَدْوِيَة ويسقون زراوند بشراب أَو فوذنجا أَو سذاباً يَابسا بشراب.
اسقالاقوطس: يضمد مَكَان العضة بسمسم معجون محرق فانه ينفع من ذَلِك.(5/318)
ابْن سرابيون قَالَ: من لسعة النَّحْل تبقى الْحمة فِيهِ دَائِما. وَمن لذعة الزنبور رُبمَا بَقِي فِيهِ ويحمر ويرم وينفع مِنْهُ أَن يطلى بالطين الْحر المعجون بالخل أَو بأخثاء الْبَقر بخل لِأَن فِيهِ قُوَّة مجففة وجاذبة أَو ضمد بباذروج مدقوق بخل أَو بدقيق الشّعير أَو يطلى بالخبازي أَو بالطحلب أَو بِالشرابِ الْمَوْجُود فِي الكيزان الجدد كل ذَلِك بخل. وَإِن ذَلِك برؤوس الذُّبَاب أَبرَأَهُ لي خبرني من أَثِق بِهِ أَن زنبوراً لدغ فَحَمله قِطْعَة ثلج من ثلج فِي دبره فسكن على الْمَكَان.
3 - (الْأَدْوِيَة المفردة)
قَالَ: أخثاء الْبَقر ينفع من لسعة الزنبور بِحمْلِهِ جوهره.
ابْن ماسويه قَالَ: خاصية النمام أَن يسكن الوجع من لسعة الزنبور مَتى شرب مِنْهُ زنة مِثْقَال وَاحِد بسكنجبين.
قَالَ بولس: إِذا عرضت لدغة لَا يدْرِي مَا هِيَ فلتمتص من ساعتها بعد أَن يتمضمض الماص ثمَّ تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم إِن احْتمل الشَّرْط أَو بالنَّار على مَا حوله وَإِن كَانَ فِي مَوضِع يتهيأ قطعه فاقطعه وَإِن أدْرك قبل أَن ينتشر السم فِي الْبدن فافصده من ساعتك وخاصة من كَانَ بِهِ امتلاء ثمَّ يطعموا فلفلاً وثوماً ويشربوا بشراب قوي كثير ليولد بخاراً حَدِيثا وحرارة مُوَافقَة للطبيعة ليندفع السم وضمد الْموضع بالملذعات وانطله بِالْمَاءِ الْحَار الْمَطْبُوخ فِيهِ الفودنج ويسقى طرخشقوق وَنَحْوه من الْأَشْيَاء المقاومة للسم كالدارصيني والزراوند والفلفل وَحب الْغَار والطين الْمَخْتُوم وَنَحْوهَا.
الْأَدْوِيَة الْمَوْجُودَة قَالَ: الثوم وَالْخمر نافعان من نهش الْهَوَام وَكَذَلِكَ أَغْصَان السذاب ألف ز د: الْملح مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل يضمد بِهِ من لذع الزنابير.
ورق النمام الْبري للزنابير والنحل. وَورق الْغَار الطري وَكَذَلِكَ الخطمى والخل للزنابير والنحل.
قَالَ: خاصية الْخَبَّازِي أَنه يسكن لذع الزنبور من سَاعَته.)
وَقَالَ د: إِنَّه ينفع من الزنابير والنحل إِذا ضمد بِهِ وَإِن دق مَعَ الدّهن وتمسح بِهِ لم يجد لذع النَّحْل لَهُ.
يدلك برؤوس الذُّبَاب أَو يسقى بزر الكرفس وَمن مَائه أَو أوقيتان.
سَماع يُقَال: أَنه مَتى احْتمل الملسوع قِطْعَة ثلج سكن على الْمَكَان.
الزنبور يمص مَرَّات كَثِيرَة مَعَ شَرط وَيخرج مِنْهُ الدَّم مَا أمكن ويطلى بعد ذَلِك بطين أرميني بخل ويدلك بورق الْخَبَّازِي.
وَإِن كمد بِمَاء حارة سَاعَة ثمَّ وضع عَلَيْهِ بعقبه ثلج وأعيد الكماد والثلج مرّة بعد مرّة بَرِيء.
وَمَتى طلي بسورج بخل بَرِيء من سَاعَته.(5/319)
وَإِن وضع فِي مَاء حَار سَاعَة ثمَّ فِي مَاء ثلج وَفعل ذَلِك مَرَّات سكن.
لي يطلى بالكافور وخل ويدام وضع الثَّلج عَلَيْهِ حَتَّى تسكن عاديته. وأحسب أَن الشَّرْط د: وَالْملح يضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَعسل لنهش ذِي الربعة وَالْأَرْبَعِينَ وينفع مِنْهُ جدا زهرَة الخنتى وثمرته.
الْيَهُودِيّ: ينفع من لذعة قملة النسْر وَتسَمى الدرقة اللَّبن وَمَاء الشّعير وَصَاحبه لَا يبصر ويبول دَمًا ويرعف ويطلى بالفادزهر ويسقى مَاء الهندباء ويحجم مَوضِع اللسعة وَكَذَلِكَ أفعل بلسوع الطبوع.
ولنهش خرز الطين وَهِي دَابَّة لَهَا أرجل كَثِيرَة سمها حَار يعالج بدهن البنفسج والمحاجم بِلَا شَرط.
وعقرب المَاء حَار السم.
والذراريح تلسع.
وَفِي مخالب السبَاع سم يعالج بالمص والمحاجم وَبعد ذَلِك بدهن الْورْد. د: الأفسنتين بشراب ينفع من لسع التنين البحري. وينفع الباذروج.
وَكَذَلِكَ بَوْل الْإِنْسَان الْمُعْتق نَافِع من لسع الْهَوَام البحرية.
التجربة: الكبريت إِذا طلي بخل نفع من التنين البحري.
قَالَ ج: قد جربته يعجن ببول ويضمد بِهِ.
الرصاص يدلك على لسع الْعَقْرَب والتنين البحري.)
شَحم التمساح تضمد بِهِ العضة مِنْهُ نَافِع مجرب. ج فِي الترياق: السّمك الْمُسَمّى طريقلا ينفع إِذا وضع على نهش التنين وَالْعَقْرَب وَالْعَنْكَبُوت البحري. (فِيمَا ينفع من لذع الزنابير والنحل) ونهش الْهَوَام الْبَريَّة الغريبة السمُوم ونهش الْهَوَام البحرية والسموم زبل الْبَقر ينفع من ذَلِك وَيُمكن أَن يكون ذَلِك من خَاصَّة فِيهِ. ج: الْملح يضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل ينفع من لذع الزنابير والنحل. د: الْملح مَعَ ورق النمام جيد للذع الزنابير. وَورق النمام الَّذِي يضمد بِهِ مَعَ الْعَسَل نَافِع وَوحده أَيْضا.
ورق الْغَار الطري مَتى ضمد بِهِ مسحوقاً نفع من لسع الزنابير والنحل.(5/320)
طبيخ الخطمى بخل ممزوجا بِهِ أَو بشراب ينفع من لسع النَّحْل.
الْخَبَّازِي البستاني نَافِع للسع الزنابير والنحل ألف ز.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن خَاصَّة الْخَبَّازِي تسكين الوجع الَّذِي يعرض من لسع الزنبور والنحل. د: إِنَّه ينفع لسع الزنابير والنحل إِذا ضمد بِهِ وَإِن انْعمْ دقه بِزَيْت ويلطخ بِهِ لم يحل لسعها فِي الْبدن.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِن دق ورق الخباز وَوضع على لسع الزنبور سكن الوجع.
سَمِعت أَنه إِن أَدخل فِي دبر الملسوع من الزنبور قِطْعَة جليد سكن وَجَعه على الْمَكَان.
اسْتِخْرَاج: للسع الزنبور يمص مصاً شَدِيدا مَرَّات كَثِيرَة ويشرط وَيخرج مِنْهُ الدَّم مَا أمكن ويطلى عَلَيْهِ بعد ذَلِك طين أرميني وَمَاء ورق خبازي ويدلك عَلَيْهِ ذُبَاب. والخل والطين لَهُ مُوَافق.
وَمَتى وضع عَلَيْهِ إسفنج مغموس فِي مَاء حَار سَاعَة ثمَّ يَجْعَل عَلَيْهِ ثلج مرّة بعد مرّة برِئ.
وَإِن طلي عَلَيْهِ طين شاموس بخل برِئ سَرِيعا أَو يطلى بطين أرميني بِمَاء حصرم أَو يشرط ويمص.
وَمَتى وضع الْموضع فِي مَاء حارة سَاعَة ثمَّ نقل إِلَى مَاء ثلج ممزوج بخل مبرد بالثلج سكن وَجَعه على الْمَكَان.)
اسْتِخْرَاج مِمَّا ينفع من لسعة الزنبور وَهُوَ عَجِيب فِي ذَلِك: يُؤْخَذ أفيون وبزر الشوكران وكافور فيطلى على الْموضع بِمَاء الْخلاف. وَيُوضَع فَوْقه خرقَة مغموسة فِي مَاء ثلج. يطلى حول الْموضع بِمَاء الْورْد أَو بِمَاء الْخلاف وَيُوضَع فَوْقه خرقَة مغموسة فِي مَاء ثلج. يطلى حول الْموضع بطين وخل. وَأَنا أرى أَلا يحجم الْموضع. فان لذَلِك يؤلمه جدا ويهيج أوجاعاً وَأوراماً ويكفيه أَن يخدر الْموضع مُدَّة مَا ليسكن حِدة ذَلِك السم فانه يسكن فِي مديدة إِن شَاءَ الله وَإِن شِئْت من السمُوم لج قَالَ: يعرض مِنْهُ وجع وَورم ويعالج بِأَن يدلك بالذباب دلكا نعما ويطلى بالخنثى أَو بِمَاء البقلة اليمانية أَو يدلك عَلَيْهِ باذروج أَو يسقى مِنْهُ مِثْقَال مَعَ أوقيتين من مَاء المرزنجوش.
شَمْعُون قَالَ: لسع الزنبور يرم من سَاعَته وَهُوَ حَار حريف فاطله بالحوك وَهُوَ الباذروج والطحلب والخل واسق مِنْهُ مَاء الخس وَسَائِر الْمبرد.(5/321)
ابْن سرابيون: من لسعة الزنبور اطل عَلَيْهِ طيناً بخل أَو أخثاء الْبَقر بخل أَو ورق الباذروج مدقوقاً بخل أَو الخضرة الَّتِي تصير على جَانب المَاء أَو تُرَاب الكيزان الجدد بخل أَو يدلك برؤوس الذُّبَاب.(5/322)
3 - (نهش الْهَوَام الغريبة والسموم الغريبة) الْملح يتضمد بِهِ مَعَ الْخلّ وَالْعَسَل لسم ذِي الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ.
زهرَة الْخُنْثَى وثمرته يعظم نَفعه إِذا شرب بشراب من لذع ذِي الْأَرْبَع وَالْأَرْبَعِينَ.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع مِنْهُ شراب حُلْو ودهن ورد وَدم الْمعز وبزر القثاء الْبري مَعَ خمر مسحوقاً.
وَأما لشرب اقيماوس فتنفع عصارة عَصا الرَّاعِي أَو لِسَان الْحمل أَو فوذنج جبلي أَو الحاشي مَعَ الْخمر.
وَأما الْمُسَمّى دروفيس فَشرب لبن الْبَقر وَالشرَاب الحلو ومرق الحلزون.
وَأما الدَّوَاء الْمُسَمّى أنكيا فينفع مِنْهُ شرب الأفسنتين مَعَ الْخمر والجندبادستر والسذاب وَشرب السكنجبين والقيء وَكَذَلِكَ الفوذنج الْجبلي مَعَ الْخمر.
وَأما يوقريطن فالخمر الحلوة والقيء والمرق الدسم وَاللَّبن الْحَار ويؤكل شَيْء كثير من التِّين الرطب وَيشْرب طبيخ التِّين وَيشْرب أَربع درخمات بورق أَحْمَر مَعَ مَاء.
الْيَهُودِيّ: ينفع من لذعة قملة النسْر وَهِي الدرقة شرب اللَّبن وَمَاء الشّعير وصاحبها لَا يبصر إِذا لسعته ألف ز ويبول دَمًا ويرعف ويطلى بالبادزهر بِمَاء بَارِد ويسقى مَاء الْبِطِّيخ الْهِنْدِيّ ويحجم مَوضِع اللسعة وَكَذَلِكَ يفعل بلسع الطبوع ولنهش خرز الطين وَهُوَ حَيَوَان ذُو أرجل كَثِيرَة وسمها حَار تعالج بدهن بنفسج والمحجمة بِلَا شَرط.
وعالج من لسع اللقوة وَابْن قتره وعقرب المَاء وَجَمِيع مَا طَار من الْهَوَام بعلاج الْحَرَارَة فان سمها حَار جدا.
وعالج نهش الشبث وَهُوَ العنكبوت الْكَبِير ولسع الذراريح كَذَلِك.
جورجس قَالَ: الدرقة وَهِي قملة النسْر يخرج مِمَّن لسعته الدَّم من أَنفه وَفِيه وَفِي بَوْله ومقعدته وَفِي الْأَكْثَر لَا يبرأ وَلَكِن فِي أول مَا يلسع اسْقِ لَبَنًا حليباً سخناً فان سمها يضاده وَلَكِن الْأَشْيَاء الْبَارِدَة الدسمة واطله بالبادزهر واسقه عصارة الخس ودهن الْورْد والبزرقطونا وَمَاء الشّعير وَمَاء القرع واطله بعنب الثَّعْلَب وبزر القثاء الْبري والزبد وأطعمه مِنْهُ أَيْضا.
قَالَ شَمْعُون: يسْتَدلّ على سليمها من أَنه لَا يبصر ويبول وَيقوم الدَّم وعالجه بعلاج الجرارة. 3 (نهش الْهَوَام البحرية والسموم البحرية المائية) الأفسنتين مَتى شرب بشراب نفع من لسع التنين البحري.
الباذروج ينفع من لسع الزنابير البحرية.
بَوْل الْإِنْسَان مَتى صب على نهش الْهَوَام البحرية نفع. د: الكبريت مَتى اسْتعْمل بالخل نفع من لسع التنين البحري.
قَالَ ج: وَقد استعملته فِي نهش التنين واستعماله أَن يذر على الْموضع أَو يعجن بالريق وَيُوضَع عَلَيْهِ وَقد جربت هَذَا فَوَجَدته صَحِيحا. وَأَنا أرى من الرَّأْي أَن يعجن ببول إِنْسَان وَقد عتق فانه نَافِع من شرب أرنب الْبَحْر. وَكَذَلِكَ مَتى شرب لبن الماعز طرياً. د: الْملح ينفع من نهش التمساح. د: السرطان النَّهْرِي مَتى طبخ وَأكل مرقه نفع من الأرنب البحري. د: السَّمَكَة الَّتِي تسمى طريقلا تَنْفَع إِذا وضعت على نهش التنين البحري وَالْعَقْرَب وَالْعَنْكَبُوت البحري. د وَج: أصُول بخور مَرْيَم مَتى شربت نَفَعت جدا من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة الشونيز مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من شرب الأرنب البحري.
القطران مَتى شرب بالطلاء نفع من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة السوسن مَتى شربت بِخَمْر نَفَعت من شرب الأرنب البحري. د من الْمُقَابلَة للأدواء: ولشرب الأرنب البحري يشرب اللَّبن وخاصة لبن الأتن أَو غَيره أَو مَا اتّفق وأعطه قضبان الملوكية مسلوقة نعما وَمن الفوتنج النَّهْرِي حفْنَة مسحوقة بخل وأصل بخور مَرْيَم مَعَ خمر أوبولس وَاحِد اوبولس قطران مَعَ شراب حُلْو.
فِي الترياق إِلَى القيصر قَالَ: مَتى دق شَحم التمساح وَوضع على مَوضِع عضة شفَاه من سَاعَته وَقد جربت ذَلِك وعرفته.
من السمُوم المنسوبة إِلَى ج قَالَ: الضفادع إِذا أكلهَا الْإِنْسَان ظهر بِهِ ورم فِي بدنه ويكمد لَونه ويقذف الْمَنِيّ. يقيأ بالزيت مَرَّات وَيكثر الْمَشْي والتعريق وَالْحمام.
وَأما الأرنب البحري فَيعرض مِنْهُ وجع الْمعدة واحتباس الْبَوْل ألف ز وَرُبمَا بَال دم ويجد من طَعَامه رَائِحَة هَذِه الدَّابَّة فَلَا يَأْكُل ويعرق عرقاً بَارِدًا منتناً ويقيء مرّة صفراء مخلوطة بِدَم.)
يسقى لَبَنًا أَو خمرًا حلوة أَو طبيخ الْخَبَّازِي ويسقى الخربق الْأسود والسقمونيا من كل وَاحِد درهما يسحق نعما ويسقى بِمَاء الْعَسَل واسقه دم قنفذ طرياً وَقرب إِلَيْهِ السّمك فان أكل(5/323)
الجندبادستر الأغبر الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد مَا هُوَ من شرب مِنْهُ درهما فِي يَوْم قَتله. يسقى شَاربه مَاء التفاح الحامض بِلَبن الأتن.
من كتاب ابْن بطرِيق قَالَ: مَتى أكل من مرَارَة كلب المَاء قدر عدسه قتل بعد أُسْبُوع وعلاجه يسقى سمن الْبَقر مَعَ الجنطيانا الرُّومِي والدارصيني وإنفحة الأرنب ويمزج بدهن طيب وَيطْعم الْأَطْعِمَة اللطيفة ويجنب الغليظة.
الضفدع من شربه ينتن فَمه وَيفْسد لَونه ويعرض لَهُ قذف الْمَنِيّ فافسقه الزَّيْت وقيئه وليكثر الْمَشْي والعدو وَيلْزم الْحمام والآبزن والادهان. 3 (السمُوم الَّتِي من الْأَدْوِيَة والأغذية والقاتلة) من سَائِر الْحَيَوَان من مقَالَة تنْسب إِلَى جالينوس الذرايح من شربخ احْتبسَ بَوْله وً ورمت مثانته وبدنه وَيهْلك من يَوْمه علاجه أَن يسقى مَاء وزيت مضروبين ضربا شَدِيدا ويقيأ مَرَّات ويحقن بدهن وَعسل وخطمى وصفرة بيض ونطرون وَيُؤمر بِأَكْل التِّين وَشرب الْخمر بِمَاء طبيخ التِّين. وَإِن لم يسكن مص اللَّبن من ثدي الْمَرْأَة.
الضفدع: من أكل مِنْهُ عرض لَهُ ورم فِي بدنه ويكمد لَونه ويقذف الْمَنِيّ ويقيأ بالزيت وَيكثر الْمَشْي والعدو والعرق وَالْحمام.
الأرنب البحري: من شرب مِنْهُ عرض لَهُ وجع فِي الْمعدة واحتباس الْبَوْل وَرُبمَا بَال الدَّم وَإِن قرب إِلَيْهِ الطَّعَام لم يَأْكُلهُ ويجد مِنْهُ ريح هَذِه الدَّابَّة ويعرق عرقاً منتناً ويقيء صفراء بِدَم.
وعلاجه ليسقى لبن أَو خمر حُلْو أَو طبيخ الْخَبَّازِي وَيُؤْخَذ خربق أسود وسقمونياً فيسقى بِمَاء وَعسل أَو أسقه دم قنفذ طري. وعلامة برئه أَن يقرب إِلَيْهِ سمك فيأكل مِنْهُ.
طرف ذَنْب الأيل: سم قَاتل يقيأ صَاحبه بالسمن والخل واسقة البندق والفستق معجوناً بالبادزهرج الجندبادستر الْأسود والأغير الَّذِي يضْرب إِلَى السوَاد يقتل مِنْهُ دِرْهَم فِي يَوْم.
علاجه مَا التفاح الحامض وَلبن الأتن.
مرَارَة النمر تقتل من ساعتها.)
الجبسين من شربه عرض لَهُ غثيان واختناق وَثقل فِي الْمعدة ويبس شَدِيد فِي الْبَطن والفم ويطبخ لَهُ الْخِيَار بِالْمَاءِ حَتَّى ينتفخ ويسقى من مَاءَهُ نصف رَطْل ثمَّ يُؤْخَذ مَاء مَضْرُوب بِعَسَل فَيصب عَلَيْهِ زَيْت قَلِيل ويسقى مَاء ورماد التِّين ورماد حطب الْكَرم بِخَمْر حلوة وَيلْزم مَاء الشّعير أَيَّامًا.(5/324)
المرتك: يعرض لشاربه ثقل فِي اللِّسَان والمعدة ومغس فِي الْبَطن والتواء الأمعاء واحتباس الْبَوْل ويرم الْجَسَد. يسقى من المر وزن ثَلَاثَة دَرَاهِم بِمَاء فاتر واسقه افسنتيناً أَو فلفلاً أَو زبل الْحمام أَو فلفلاً بِعَسَل وخمر وزيت والزمه لُحُوم الخرفان واسقه خل خمر سَوْدَاء فَإِنَّهُ يكثر عرقه.
النورة والزرنيخ: مجتمعان يمغسان الْبَطن ويورثان قُرُوح المعي. علاجه طبيخ بزر لكتان وطبيخ الْأرز وطبيخ الجرجير واسقه اللسي فانه يسكن.
لي أَظُنهُ اللَّبن فَيجب أَن تنظر فِي النُّسْخَة.
إسفيداج الرصاص: يعرض مِنْهُ فوَاق وسعال وَبرد الْأَطْرَاف وَلَا يقدر أَن يَتَحَرَّك ويسخن لِسَانه ولثته وحنكه فاسقه مَاء وَعَسَلًا وطبيخ التِّين وطبيخ الْخَبَّازِي وَاللَّبن الْحَار أَو شحماً مدقوقاً مَعَ خمر أَو أسقه مَاء وزيتاً وقيئه واسقه وزن سِتَّة دَرَاهِم الأفسنتين بِمَاء وَعسل.
الزئبق: علاجه كعلاج المرتك وأعراضه كأعراضه.
الخربق الْأَبْيَض وعصارة قثاء الْحمار يتداركان بالسمن وَاللَّبن والحليب فانه يمْنَع أَن يصلا إِلَى الْقلب فان وصلا قتلا.
سذاب بري: يعرض لصَاحبه جحوظ وحرقة ولتهاب فليقيأ ألف ز بِالْمَاءِ وَالزَّيْت.
حب اللفاح: يضعف الْمعدة ويسبت وَرُبمَا قتل ويتدارك بالقيء وبالماء وَالْعَسَل والنطرون واسقه الأفسنتين مَعَ خمر حلوة وضع على رَأسه خل وخمر ودهن ورد واسقه الجندبادستر وسذاباً وعطسه بكندس فانه يسكن.
أفيون: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ فِي يَوْمَيْنِ وَيَأْخُذ مِنْهُ السبات وَبرد الْبدن وكزاز شَدِيد وَيهْلك يسقى بِالْمَاءِ وَالْعَسَل ويحقن بحقن قَوِيَّة لذاعة ويسقى سكنجبيناً وأفسنتيناً مَعَ خل واسقه فلفلاً وَمن الجندبادستر شَيْئا يَسِيرا بسكنجبين وأشمه الجندبادستر وأعطسه وَأَجْلسهُ فِي آبزن مَاء حَار وحسه مرق الدَّجَاج وأطعمه الْملح فانه جيد نَافِع لَهُ.
الدبق: من أَخذه عرضت لَهُ قرقرة فِي الْبَطن بِلَا اخْتِلَاف وَورم فِي الْعين وغشى يسقى المَاء)
وَالْعَسَل ويحقن بالحقن اللينة ويسقى الأفسنتين مَعَ خمر كَثِيرَة وسكنجبين وطبيخ الجرجير واسقه سنبلاً وجندبادستر قَلِيلا وكمده بِمَاء حَار وخل.
بنبج: يقتل ويعرض مِنْهُ سكر واختلاط عقل ودوار واسترخاء وظلمة فِي الْعين وضيق نفس فاسقه من سَاعَته مَاء وَعَسَلًا وَلبن الْبَقر والمعز وطبيخ التِّين ويسقى خمرًا كَثِيرَة حلوة واسقه بزر القريض وخردلاً أَو حرفا أَو بزر الفجل وأطعمه بصلاً وثوماً.
الكزبرة: يقتل من عصارتها أَربع أَوَاقٍ مَتى شربت وأعراضها السدر واختلاط الْعقل(5/325)
وَإِن يخرج ريح الكزبرة من جسده فقيئه بالزيت وَالْمَاء ثمَّ أسقه أفسنتيناً مَعَ خمر وأطعمه الْبيض مازريون: المازريون يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ وَكَذَلِكَ السقمونيا.
شبرم: يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَمَيْنِ فان اغْتسل شَاربه بِالْمَاءِ والثلج وَجلسَ فِيهِ قطع اسهاله.
فربيون: حَار قَاتل.
الدفلى: حَار يَابِس يقتل النَّاس وَالدَّوَاب.
لبن الْعشْر: يقتل مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم فِي يَوْمَيْنِ بِأَن يفتت الكبد.
الخربق الْأسود: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ ويعرض مِنْهُ تشنج.
الجرم دانق: يقتل مِنْهُ دِرْهَمَانِ وَتعرض مِنْهُ حكة وورم.
الكمأة وَالْفطر مَتى أَكثر مِنْهُمَا قتلا وَمن الْفطر والكمأة أَنْوَاع تقتل وَلَو قل مِنْهُمَا.
الدادى: مَتى أَكثر مِنْهُ قتل.
جوز ماثل: يقتل مِنْهُ مِثْقَال فِي يَوْم وعلاجه السّمن وَوضع الْأَطْرَاف فِي المَاء حَار.
البلاذر: يقتل مِنْهُ من عسله مثقالان.
الكبيكج: حَار حريف قَاتل تسكن حِدته بالدهن.
الدند: يقتل بفرط الإسهال وعلاجه السّمن وَاللَّبن والمرق وَالدَّسم.
كسب الخروع والمشمش: يقتلان مَتى استقصى نزع دهنهما.
الثَّانِيَة من الْأَدْوِيَة المفردة الأفيون: مَتى سقى مِنْهُ مِقْدَار مَا يقتل بشراب قَلِيل كَانَ أسْرع لقَتله لِأَنَّهُ يبذرقه بِسُرْعَة قبل أَن تمسه اسْتِحَالَة شَدِيدَة وَكَذَلِكَ هُوَ فِي الْأَبدَان الحارة إِن أَخذ مِنْهُ مِقْدَار مَا لَهُ أَن يقتل لِأَنَّهُ أسْرع وصُولا إِلَى قلبه لِأَن حرارته تسرع تقسمه إِلَى أَجزَاء صغَار وبدرقه بِسُرْعَة فَأَما إِذا كثر الشَّرَاب فانه يخرج عَن حد يبدرق الأفيون إِلَى حد يقاومه)
فَلذَلِك إِن سقيت من سقِِي الأفيون شرابًا عتيقاً كثير الْمِقْدَار فحقيق لَهُ أَن يبرأ وخاصة إِن كَانَ هَذَا الشَّرَاب مَعَ عتقه ريحانيا لطيفا فانه ألف ز يبرأ لَا محَالة إِلَّا أَن يكون قد مَاتَ مثلا. وَبِالْجُمْلَةِ فان أَجود الشَّرَاب هَاهُنَا الْأَصْفَر اللَّطِيف الذكي الْقوي الْكثير الِاحْتِمَال للْمَاء الْعَتِيق وَيجب أَن يسقى مِنْهُ صرفا شَيْئا كثيرا.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: يعرض من شراب المرتك أَعْرَاض سوء وينفع مِنْهُ الفلفل وبزر الكرفس.
وَمن شرب الجبسين: رماد حطب الْكَرم وحاشا مسحوقان يشربان بِالْمَاءِ.
وينفع من الأفيون الْقَيْء بِالْمَاءِ وَالزَّيْت مَرَّات ثمَّ حقنة قَوِيَّة.
وَمن الشوكران: خمر صرفه عتيقة مَعَ فلفل وحرف وقردمانا وحقنة لينَة وَشرب لبن الْبَقر وتضمد الْمعدة والبطن وَكله بدقيق حِنْطَة مَعَ خمر.(5/326)
وَمن البنج: اللَّبن مَعَ شراب.
وَمن الكزبرة: خمر صرف ومرق دجَاجَة سَمِينَة.
أهرن: الشواء المغموم بعد شيه سَرِيعا قد يكون قَاتلا.
السّمك الْبَارِد قد يكون رديئاً ضاراً.
وَكَذَلِكَ اللَّبن الْفَاسِد تعرض عَنهُ أَعْرَاض سوء.
ويعرض من السّمك المغموم انطلاق الْبَطن والغشي وأعراض الهيضة.
لي قد رَأَيْت عرض مِنْهُ سبات وفقد الْعقل.
والذراريح قَالَ: تعالج بِمَاء الشّعير وَسمن الْبَقر بعد الْقَيْء والآبزن الفاتر والأطعمة الدسمة إسفيذباجا بدجاج وشحم دَجَاج وبلحم الحملان وَيطْعم السّمن ويسقى اللَّبن كثيرا.
كزبرة وبزرقطونا قيئه أَولا ثمَّ اسْقِهِ طبيخ الأفسنتين مَعَ شراب أَو ميبختج.
الأفيون يَأْخُذ مِنْهُ الدوار والفواق وظلمة الْعين وَبرد الْأَطْرَاف ويضيق الْحلق وَيصير ذبحه فقيئه أَولا ثمَّ أطْعمهُ الترياق أَو الشخزنايا وَنَحْوهَا بشراب.
البنج مَتى شرب أسكر وحمر الْوَجْه وَالْعين وأغمى عَلَيْهِ فاسقه لبن الْغنم حِين يحلب وَمَاء الْعَسَل وطبيخ التِّين وأطعمه البصل الْمَطْبُوخ وأعطه فِي الْجُمْلَة كل حَار لطيف كالترياق والسابيزج: يسبت فقيئه بِمَاء الْعَسَل واسقه طبيخ الأفسنتين وَشَرَابًا ثمَّ اسْقِهِ فلفلاً)
وجندبادستر وسذابا وخردلاً وعطسه بهَا.
والأفيون: عطس صَاحبه فانه نَافِع جدا ويحقن بحقن حارة. وَرُبمَا حك جسده وَيُوجد فِيهِ ريح الأفيون فابدأ فِي علاجه بالقيء ثمَّ احقنه بحقن حارة ثمَّ اسْقِهِ شرابًا قد طبخ فِيهِ صعتر ثمَّ عطسه وأعطه الدارصيني فانه بادزهر الْأَدْوِيَة الْبَارِدَة وَلَا سِيمَا الأفيون وأعطه الفلفل والبورق والجندبادستر بسكنجبين.
البيش: من شربه ورم لِسَانه وصرع فقيئه بطبيخ بزر السلجم واسقه طلاء وَسمن الْبَقر واطبخ قشور البلوط بِخَمْر واسقه.
والمسك جيد للبيش مَتى سقِِي وَكَذَلِكَ الفادزهر وَسمن الْبَقر الْعَتِيق جيد والجدوار والترياق الْكَبِير.
الأسفيذاج: من شربه أَبيض لِسَانه وَوَقع عَلَيْهِ الفوق والسعال لِأَنَّهُ زعم يبرد ويجفف الدِّمَاغ فاسقهم طبيخ التِّين وَمَاء الْعَسَل والملوكية وَلبن الْغنم وَأَيْضًا مِمَّا يَنْفَعهُ: السمسم يقمحه ويمضغه وَيشْرب عَلَيْهِ طلاء واسقه دانقا من السقمونيا بِمَاء الْعَسَل واسقه رماد الْكَرم بالطلاء على قدر قوته.(5/327)
الكمأة: يعرض مِنْهَا الذبْحَة فقيئهم بطبيخ الشبث ألف ز ثمَّ أعطهم رماد الْكَرم بسكنجبين وأعطه قدر مثقالين من ذرق الدَّجَاج بسكنجبين كي يتقيأ بِهِ.
مرداسنج قيئه بِمَاء الشبث الْمَطْبُوخ والتين ثمَّ خُذ بزر الكرفس زنة مثقالين وَمر زنة مثقالين وَمن الأفسنتين زنة مِثْقَال فاعجنه بطلاء وأعطه مِنْهُ مثقالين.
وعالج الزئبق بِمثل ذَلِك.
الزرنيخ قيئه وَلَا تَدعه أَن ينَام واحقنه مَتى خفت أَن يكون قد بَقِي فِي جَوْفه مِنْهُ شَيْء ثمَّ اسْقِهِ اللَّبن وأعطه الأمراق الدسمة.
خبث الْحَدِيد: أعْطه نصف مِثْقَال من مغناطيس بطلاء حَتَّى يجْتَمع إِلَيْهِ كُله ثمَّ أسهله بِقُوَّة.
الدفلى قَالَ مَا سرجويه: دَوَاء الفنجنكشت يطْبخ مِنْهُ للنَّاس وللدواب.
والطلمسات: من سقِِي الأفيون فعطسه ليتحرك دماغه فَأَنَّهُ أيسر علاجه وَمن لم يعطس فَهُوَ وَإِن بَرِيء عَسى أَن يضرّهُ.
فِي من سقى الذراريح مَجْهُول: اسْقِهِ دهن السفرجل فانه بليغ فِيهِ.)
بولس قَالَ: الأرنب البحري من سقيه صَارَت فِي فِيهِ سهوكة سميكة وَوجع الظّهْر والبطن وبراز بنفسجي وَيمْنَع من سقيه من أكل السّمك ويعرق عرقاً منتناً ويتقيؤن مرّة ودما فاسقهم لبن الأتن والنبيذ الحلو وقيئهم دَائِما وأسهلهم بالخربق الْأسود والسقمونيا وعلامة خلاصهم أَن يُمكنهُم أكل السّمك.
وَأما البنج فَيعرض عَنهُ ذهَاب الْعقل وسكر وَهُوَ سهل العلاج فاسقه مَاء حاراً وَعَسَلًا كثيرا وثوماً وبصلا بشراب بسكنجبين وينامون بهدوء كَمَا يحْتَاج إِلَيْهِ السَّكْرَان.
الكزبرة: لَا يخفى مَكَان رائحتها وَهِي مَتى شربت تبح الصَّوْت وَتذهب الْعقل فقيئهم أَولا ثمَّ أسقهم الشَّرَاب الصّرْف الْقوي مَعَ الأفسنتين واسقهم أَيْضا ميبختجاً حلوا مَعَ شراب وغذهم بصفرة الْبيض اليفرشت.
البزرقطونا: يعقب بردا فِي الْبدن كُله وخدراً وضعفاً وقلقاً وعلاجه كعلاج الكزبرة.
الشوكران: يهيج مِنْهُ عشي الْبَصَر حَتَّى لَا يبصر وخوانيق وَبرد الْأَطْرَاف وامتداد فقيئهم ثمَّ احقنهم حَتَّى ينقى مَا فِي الْمعدة والمعي مِنْهُ ثمَّ اِسْقِهِمْ الشَّرَاب الصّرْف فانه علاجه فليسقوه سَاعَة بعد سَاعَة ثمَّ اِسْقِهِمْ بعد ذَلِك الافسنتين والفلفل والجندبادستر والحلتيت وَنَحْوه مَعَ شراب حُلْو.
الأفيون: يعقب سباتاً وبرداً فِي الْأَبدَان مَعَ حكة شَدِيدَة فقيئه ثمَّ احقنه بحقنة قَوِيَّة وقيئه بالزيت وَالْعَسَل والسكنجبين وَالْمَاء الْحَار ثمَّ يكثر من شرب الشَّرَاب الصّرْف مَعَ الأفسنين أَو مَعَ الدارصيني وجرعة خلا ثقيفاً وأعطه صعتراً جبلياً أَو سذاباً ويشم أَشْيَاء(5/328)
مُنْتِنَة وامنعهم النّوم وأدخلهم المَاء الْحَار حَتَّى يسكن الحكة الْعَارِضَة لَهُم.
اليبروح: يعرض من شربه سدر ودوار وسبات شبه ليثرغس فقيئهم واسقهم مَاء الْعَسَل والافسنتين وضع على رَأسه خل خمر ودهن ورد وعطسهم بالفلفل والشونيز واشمهم الزفت ألف ز فان اشْتَدَّ السبات فعطسهم بالكندس ثمَّ عالجهم بِالشرابِ وَسَائِر علاج الأفيون.
التافسيا تورث ورماً حاراً فِي اللِّسَان وَيحبس جَمِيع الفضول الَّتِي تخرج من الْجَسَد وَتعرض قرقرة مَعَ ريَاح مَعَ غشى وَصغر النَّفس وينتفعون بعد بالقيء الْكثير والإسهال يشرب بنقيع الأفسنتين وَالشرَاب أَو بالسكبنجين وَيصْلح لَهُم اللَّبن.
مضرَّة الْفطر إِمَّا بِجِنْسِهِ فان مِنْهُ مَا هُوَ قتال وَإِمَّا بالاستكثار مِنْهُ ... يقيئون بِمَاء تودرى)
وخصوصاً بعصير الفجل مَعَ البورق ... وَيجب بعد التقيئة أَن يسقى من المري النبطي ...
والخردل والحرف ... .
دم الثور: يخنق ويضيق النَّفس فَلَا يجب أَن يعْطى هَؤُلَاءِ مَا يقيء بل أعطهم مَا يذيب الدَّم الجامد. ثمَّ أسهل بطونهم وَمن ذَلِك لبن التِّين بالخل وَالْمَاء الْحَار والبورق وأعطهم الأنافح مَعَ خل وأعطهم الحلتيت وبزر الكرنب أَو رماد خشب التِّين أَو البورق أَو الفلفل أَو الفوذنج والخل.
وَأما أَصْحَاب اللَّبن الجامد فَهَذَا علاجهم غير أَنه لَا يجب أَن يقربُوا شَيْئا مالحاً لِأَنَّهُ يشد جمود اللَّبن فِي معدهم وَلَا يسْتَعْمل فيهم الْقَيْء أَيْضا لِأَن اللَّبن الجامد إِن جَاءَ فِي المري سَده وَعرضت مِنْهُ أَعْرَاض رَدِيئَة واختناق.
وَمن الْعَسَل صنفان يعرض مِنْهُمَا مَا يعرض من الشوكران وعلاجها الْقَيْء وَالشرَاب.
الجبسين: يعرض مِنْهُ اختناق فقيئهم أَولا ثمَّ عالجهم بعلاج الْفطر واسقهم لعابات لزجة كَيْلا يخدش المري والمعي وأسهلهم بِقُوَّة بالسقمونيا وَنَحْوه.
الزرنيخ والنورة: علاجهما بالعابات واللزوجات ليمنع أكلهَا مثل الخطمى ولعاب بزر الْكَتَّان وَاللَّبن والأمراق الدسمة.
المُرَاد سنج يكون مِنْهُ ثقل فِي الْمعدة وقروح فِي المعي ومغس مُتَّصِل وعسر بَوْل وَيصير فِي الْجَسَد غدد متحجرة فاسقهم أفسنيتناً أَو زوفا أَو بزر الكرفس أَو فلفلاً بشراب أَو سنبلاً بشراب مَعَ زبل الْحمام الراعية فانه علاج فائق.
برادة الرصاص: علاجها كعلاج هَذَا وأعراضها كأعراضه.
وَكَذَلِكَ الزئبق غير أَنه أحد وَلذَلِك يجب أَن تسقيهم اللَّبن(5/329)
الخربق الْأَبْيَض يعرض مِنْهُ قيء شَدِيد وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق فعلاجه: قيئه ومسه بالأدوية وَكَذَلِكَ أَعْرَاض الغاريقون الْأسود وعلاجه.
وَإِن شرب الْإِنْسَان مَاء بَارِد كثيرا بعقب الْحمام أَو رياضة قَوِيَّة أَو شرابًا حلواً فسد مزاجه مَتى لم يتدارك بالفصد والإسهال سَرِيعا.
لي من شرب شرابًا حلواً غليظاً بعقب الْحمام فليفصد ثمَّ يسهل مَا بَقِي وَيفتح سدد الكبد.
وَمن شرب مَاء فعلاجه مَا يسخن الكبد من ضماد أَو مشروب.
فيلغريوس قَالَ: لاشيء أصلح للفطر الْقِتَال من ذرق الدَّجَاج مَتى سقِِي بِمَاء حَار.)
التَّذْكِرَة: للدم الجامد فِي الْجوف اسْقِهِ حرفا بِمَاء وَاللَّبن الجامد اسْقِهِ النعنع مَعَ ملح أَو خرء الديك مَعَ عسل وملح أَو ملحاً جريشاً أَو عسلاً وملحاً.
أَبُو جريج: مَتى حدث عَن البزرقطونا غشى وكرب فقيئه بالشبث وَالْملح.
روفس فِي كِتَابه فِي تَدْبِير الْأَطْفَال اللَّبن الجامد قَالَ: أعْط من جمد اللَّبن فِي معدته عصارة ألف ز الفوتنج فانه يحله من سَاعَته أَو أسقه حلتيتاً فانه يحله على الْمَكَان.
ابْن ماسويه من دفع مضار الأغذية: يدْفع ضَرَر البنج بِاللَّبنِ وَالْعَسَل والقيء قبل ذَلِك بِمَاء التِّين الْمَطْبُوخ ثمَّ يَأْكُل لوز الصنوبر وبزر الأنجرة وبزر البصل والحرف والفجل والثوم ويشربه بطلاء وقيئه بهَا أَيْضا ثمَّ عاود.
اللفاح: يدْفع ضَرَره بالقيء ثمَّ الشَّرَاب وَالْعَسَل ثمَّ الفلفل والخردل والجندبادستر والسذاب والتعطيس.
الأفيون: قيئه أَولا بدهن وخل ثمَّ بالسكبنجين العسلي أَو بالعسل وَالْمَاء الْحَار ثمَّ أحقنه بالحقن القوية الحادة ثمَّ أسقه الشَّرَاب الصّرْف بالدارصيني والفلفل.
بزرقطونا: يبْدَأ بالقيء بالعسل وَالْملح والشبث الْمَطْبُوخ والبورق ثمَّ اسْقِهِ الشَّرَاب الصّرْف وغذه بصفرة الْبيض مَعَ الدَّار صيني والفلفل وَالزَّيْت.
لي رَأَيْت بالتجربة: أَنْفَع شَيْء من سقِِي الأفيون وَجَمِيع المخدرات أَن يسقى من الحلتيت زنة مِثْقَال بأوقيتين من شراب قوي صرف فانه عَجِيب.
من كتاب العلامات: يعرض عَن شرب الفربيون لذع فِي الْبَطن وفواق وَغشيَ وصفرة فِي الْوَجْه كُله وَلَا سِيمَا فِي الشّفة وَثقل فِي الْجَسَد وَنَفس بَارِد منتن وخدر فِي جِسْمه كُله وَثقل الرَّأْس وَفَسَاد الْعقل ونبض صَغِير وعرق بَارِد ثمَّ يحم وَيَمُوت مِنْهُ.(5/330)
قَاتل الذِّئْب والنمر: يعرض لمن تنَاول مِنْهُمَا عفوصة ويبس بالحنك واللهاة والمري وقصبة الرئة مَعَ ورم ويتصاعد بخار شبه الدُّخان من الْفَم وينعقل اللِّسَان ويختلج الصدغان ويرتعد ويتشنج ويتغير اللَّوْن إِلَى الكمودة ويعرض قراقر وخوانيق.
دروقنيون: يعرض مِنْهُ غثيان شَدِيد وفواق مَعَ غشى ومغس وحاله شَبيه ايلاؤس وقيء متتابع وَرُبمَا قاء الدَّم وَمَشاهُ ويخدر بدنه كُله وَيَمُوت من الرَّابِع إِلَى السَّابِع.
ذرايح: تعرض مِنْهُ قُرُوح فِي الْفَم وَالْحلق ومغس ولهيب. ويبول الدَّم ووجع الكلى وَحمى قَوِيَّة)
جدا واختلاط الذِّهْن وقروح المثانة.
أفيون: تغور مِنْهُ الْعين وينعقل اللِّسَان ويتشجى بِمَشَقَّة ويعرض لَهُ حكاك شَدِيد وعرق بَارِد وكلف الْأَظْفَار ويصغر النَّفس ويشم من بدنه كُله رَائِحَة الأفيون ويتشنج وبأخره يهْلك.
البنج: تعرض مِنْهُ حمرَة فِي الْعين والجسم كُله وحكة وغشى دَائِم وصمم وصرع وتشنج ومغس ويصوتون أصواتاً مُخْتَلفَة ثمَّ يهْلكُونَ فَهَذِهِ أَعْرَاض اليبروح.
مرتك: يعرض مِنْهُ ضيق النَّفس وأعراض ايلاؤس مَعَ نفخة فِي الْبَطن غالبة ويرم الْوَجْه وَرُبمَا عرض مِنْهُ اختناق قَاتل. ج الْأَدْوِيَة المفردة: تَنْفَع من خنق الْفطر القتالان يسقى البورق أَو خرء الدَّجَاج فانه يتقيأ بلغماً كثيرا ويتخلص. د: الْعَسَل الْحَرْف الَّذِي إِذا شم حرك العطاس ويعرض من أكله غشى وعرق بَارِد وَذَهَاب الْعقل وعلاجه أكل السّمك المالح ألف ز والسذاب وَشرب الشَّرَاب الْمُسَمّى انومالي حنين فِي كتاب الترياق: بزر الكرفس والمر والفلفل لَهَا خاصية فِي النَّفْع من شرب المرتك وَهُوَ كَاف فِيهِ.
روفس فِي كِتَابه إِلَى الْعَوام: شرب اللَّبن دَوَاء مُقَابل البنج يفِيق بِهِ صَاحبه من سَاعَته جيد لشرب المرتك.
والشواء المغموم والسمك الْبَارِد رُبمَا قتلا.
مَجْهُول صَحِيح: الدفلى يقتل الْبَهَائِم إِذا أَكلته وعلاجه: يُؤْخَذ طبيخ الحلبة وَالتَّمْر الشهريز فانه يفِيق من سَاعَته.
وَكَذَلِكَ يفعل ورق الأزاذدرخت بالبهائم يَقْتُلهَا وعلاجه ذَلِك.
البلاذر: مَتى كحل بِهِ عين الْإِنْسَان بأشنان مسحوق أَو الْحمار أَو الْبَقر أَو البغال أذهب الْعين وَمَتى كحل بِهِ مُفردا ابْيَضَّتْ الْعين.
الخربق يقتل الْحمار من سَاعَته.(5/331)
من كتاب الْحَيَوَان قَالَ: مَتى طرح فِي المَاء الَّذِي تشرب مِنْهُ الْخَيل زرنيخ أَحْمَر قَتلهَا سَرِيعا. د: اللوز المر يقتل الثعالب إِذا أَكلته من ساعتها.
الخربق يقتل الْكلاب والذئاب وَسَائِر السبَاع.)
قَالَ: الْحَيَّات والعقارب مَتى مرت تَحت شَجَرَة البلخية مَاتَت وتتجنبه غَايَة التجنب. د: الأفسنتين مَتى شرب بشراب نفع من شرب الشوكران.
دهن البلسان مَعَ لبن جيد للشوكران.
خبث الْحَدِيد يشرب مَعَ سكنجبين فَيدْفَع ضَرَر اقونيطن.
الْملح بسكنجبين يصلح للأفيون.
الْعَسَل ودهن الْورْد يصلحان للأفيون.
طبيخ قشور التوت للشوكران.
الْخلّ ينفع من المحرورات.
قَالَ ج: ذرق الدَّجَاج عَظِيم النَّفْع من الْفطر الْقِتَال ثَلَاثَة دَرَاهِم بسكنجبين مَعَ مَاء فاتر فيفني جَمِيع ذَلِك. د رماد الْكَرم يشرب للفطر الْقِتَال بخل.
وَمَاء رماد خشب الكمثرى قوي جدا فِي دفع مضرَّة الْمُعَطل وَيُقَال: إِنَّه إِن طبخ الكمثرى مَعَ الْفطر لم يضر الْبَتَّةَ.
الْملح بسكنجبين للفطر.
مَاء الفجل كَذَلِك. ج: رَأَيْت رجلا أَصَابَهُ من الْفطر ضيق النَّفس وعرق بَارِد وتخلص بعد جهد بسكنجبين وفودنج بري وبورق سقِِي فتقيئه. د: القلقنت مَتى سقِِي بِالْمَاءِ الْبَارِد درخمى دفع مضرَّة الفجل.
الْخلّ وَالْملح للفطر.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من الْفطر الفجل وَالشرَاب والبورق ودردى الْخمر والأفسنتين بخل وَالشرَاب وَحده ينفع جدا.
فيلفريوس قَالَ: عَلَيْك للفطر بذرق الدَّجَاج بِمَاء وَعسل فَلَا شَيْء أبلغ مِنْهُ.(5/332)
د الزئبق: يسقى صَاحبه لَبَنًا بعد الْقَيْء ويسقى شرابًا مَعَ افسنتين أَو بزر الكرفس وفوتنج وزوفا وبزر الكرفس.
ينفع للمرداسنج مَاء الرماد الْقوي ورماد خشب التِّين للجبسين.)
من الْمُقَابلَة للأدواء الأسفيذاج الرصاصي: اسْقِهِ زيتاً كثيرا مسخناً ويقيأ ويسقى شرابًا حلوا وَمَاء حاراً وَلبن الماعز وعصارة الملوكية وَمَاء الْعَسَل ودهن حل وطبيخ التِّين مَعَ دهن ورد ورماد الْكَرم والتين والجوز.
شَمْعُون الزرنيخ: يتقيأ مَرَّات وتكرر عَلَيْهِ الأغذية الدسمة واللزجة ليؤمن التشنج وامنعه من النّوم. د: النطرون مَعَ انجدان لدم الثور وَإِن شرب بِالْمَاءِ للذرايخ.
دهن السفرجل للذراريح.
الْمُقَابلَة للأدواء: للذراريح السّمك المالح معتدل مَعَ سذاب.
ألف ز وَشرب الشَّرَاب والقيء مرّة بعد مرّة نَافِع من أكل الْعَسَل الْقَتْل الحريف.
والسمك المغموم دواؤه بالقيء.
وشحم التيس نَافِع للذراريح.
من الْمُقَابلَة للأدواء: للذراريح دهن حل وشراب حُلْو ويقيء ويسقى لَبَنًا كثيرا وَيطْعم شَيْئا كثيرا من لوز الصنوبر الْكِبَار مَعَ عسل. وَيُعْطى طين شاموس أَو أسقه سذاباً ودهن السوسن.
من سقى بعض مَا يحلق الشّعْر فليقيأ مَرَّات بدهن وَمَاء ثمَّ أعْطه لَبَنًا وعصارة الملوكية مَعَ عسل مسخن.
الْيَهُودِيّ عرق الدَّوَابّ مَتى شرب يخضر الْوَجْه ويرم ويسيل من الإبطين الْعرق فقيئه بِمَاء بَارِد واسقه طلاء بعد ذَلِك مَعَ دهن ورد وَشَيْء من زراوند وملح بِمَاء فاتر.
شَمْعُون للذراريح: اسْقِهِ لَبَنًا وزبدا وَسمنًا واحقن بالحقن اللينة وأطعمه الأمراق الدسمة من لُحُوم الحملان واحقن بالمثانة بِاللَّبنِ وَمَتى بَال أعد عَلَيْهِ فانه يتَخَلَّص من أَن تقرحها.
السابيزج: رُبمَا أَبَت فقيئه بِمَاء عسل قد طبخ فِيهِ أفسنتين واسقه فلفلاً وجندبادستر وعطسه.
البيش أَجود الْأَشْيَاء لَهُ أَن يسقى مسك وَحجر البادزهر يحك ويسقى مَاؤُهُ وَسمن(5/333)
الْبَقر الْعَتِيق جدا والترياق الْأَكْبَر وابدأ بعلاجه بالقيء ثمَّ بِهَذِهِ فان تخلص مِنْهُ فانه سيقع فِي السل.
ابْن البطريق بيض الحرباء: مَتى شرب قتل من سَاعَته وَإِن لم يتدارك من سَاعَته لم ينفع بعد ذَلِك شَيْء وينفع مِنْهُ أَن يسقى ذرق الباز بطلاء جيد ثمَّ يقيأ بجوز الْقَيْء وامرخ بدنه بِسمن)
الْبَقر وأطعمه الرند والجنطيانا والتين الْيَابِس وكمد رَأسه بالملح. وَمَتى طبخت هَذِه الدَّابَّة بِالْمَاءِ ورش فِي الْحمام لم يستحم فِيهِ أحد إِلَّا اخضر جلده مُدَّة وَيرجع قَلِيلا قَلِيلا.
الحرذون: من أكله ورم لِسَانه وَعرضت لَهُ حرقة وصداع وظلمة عين وحكة يُؤْخَذ سمسم وخرنوب نبطي وسكر بالسواء ويسقى بِسمن الْبَقر واسقه لَبَنًا حليبا ويمرخ بالدهن ويستحم.
الجندبادستر: إِذا كَانَ أغبر يقتل مِنْهُ زنة دِرْهَم فِي يَوْم يقيأ مَرَّات ثمَّ أسقه عصير التفاح مرَارَة النمر: يقتل من ساعتها إِن لم يتدارك يقْعد فِي مَاء الرياحين حارة ويسقى ترياق: الطين الْمَخْتُوم وَحب الْغَار وإنفحة الظبي وبزر السذاب وَمر وَحب الْغَار يعجن بِعَسَل.
الْغُرَاب مَتى أكل قلبه وَلسَانه لم يشرب المَاء ثَلَاثِينَ يَوْمًا حَتَّى يهْلك يقيأ بالسمن والخل ويسقى لَبَنًا حليبا ويحلب على رَأسه أبدا.
الوزغة: مَتى سَقَطت فِي الشَّرَاب يعرض مِنْهُ الْقَيْء ووجع الْفُؤَاد الشَّديد وَإِن لم يعالج قبل قتل.
الخربق الْأسود: مَتى شرب مِنْهُ دِرْهَمَانِ عرضت حرقة وخفقان وحرقة اللِّسَان وعض عَلَيْهِ وجشاء كثير وَنفخ ثمَّ يتشنج ويرتعش وَيَمُوت علاجه أفسنتين بشراب أَو سنبل وجندبادستر وكمون وأنيسون بالسواء يسقى مِنْهُ قريب دِرْهَمَيْنِ بشراب ويكمد بِمَا يحلل الرِّيَاح ويحسى بعد ذَلِك ألف ز أحساء لينَة مَرَّات وَيطْعم الْجُبْن الرطب وَالْعَسَل وَالسمن الطري والمرق الدسم والأغذية الدسمة وَالشرَاب الحلو.
جوز مائل شرك هندي: يقتل مثقاله فِي سَاعَة يعرض مِنْهُ السبات وخمول النَّفس والعرق الْبَارِد وعلاجه أَن يسقى شرابًا كثيرا بفلفل وعاقرقروا وَحب الْغَار وجندبادستر ودارصيني وكمون وأنيسون بالسواء بعد أَن يقيأ بنطرون ويحسى بعد ذَلِك أحساء ويسخن جسده جيدا البلاذر: يقتل مِنْهُ مثقالان يقيأ ويسهل وَيطْعم بعد ذَلِك زبدا كثيرا ويسعط وَحب الصنوبر وَلبن الأتن والماعز ويدهن رَأسه ببنفسج ويسعط بِهِ ويحسى أمراقاً دسمة وَيجْلس فِي مَاء ثلج. وَبِالْجُمْلَةِ يبرد ويرطب.(5/334)
وَكَذَلِكَ أفعل فِي الفربيون.
الدفلى ينْفخ الْبَطن ويهيج كربا وَوهجا وقيئا واسقه طبيخ الحلبة وَالتَّمْر وَورق الخطمى)
ودهن وخل ثَقِيف ويحقن بِمَاء عسل ثمَّ يحقن بحقن لينَة.
الكندس: يعطس ويجفف الْحلق ويهيج وجع الْبَطن اسْقِهِ اللَّبن والدهن السمسمي.
والجوز بادزهر البلاذر وأصل الْكبر بادزهر البيش والحلتيت بادزهر السم الأرميني طرخشقوق. د: الأرنب البحري ينفع مِنْهُ شرب لبن الماعز.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من طرخشقوق: شراب حُلْو ودهن ورد خام وَدم الماعز وبزر اللفت الْبري مَعَ الْخمر.
وَمن لوقرسطوس: الْخمر الحلو والقيء وَالدَّسم وَاللَّبن الْحَار وَيكثر أكل التِّين الرطب أَو شرب طبيخ التِّين واسقه بورقاً أَحْمَر ثَلَاثَة مَثَاقِيل بِمَاء.
وَمن المسى انكسا: أفسنتين مَعَ خمر وجندبادستر وسذاب بعد الْقَيْء بسكنجبين أَو فوتنج جبلي مَعَ خمر.
أقيماروس: يشرب لَهُ أَغْصَان عصى الرَّاعِي أَو لِسَان الْحمل والفوتنج الْجبلي أَو حاشي مَعَ خمر.
ومرق السرطان النَّهْرِي ينفع من شرب الأرنب البحري.
ثَمَرَة الشونيز كَذَلِك.
القطران يشرب مَعَ طلي لذَلِك مجرب.
من الْمُقَابلَة للأدواء: ينفع من شرب الأرنب البحري اللَّبن وخاصة لبن الأتن وقضبان الملوخية مسلوقة نعما أَو يسقى الفوذنج النَّهْرِي حفْنَة وأصول بخزر مَرْيَم قدر أبولوس بِخَمْر أَو قطران أبولوس بِخَمْر.
السمُوم: من سقى الضفدع ورم بدنه وكمد وَقذف الْمَنِيّ قيئه بِالْمَاءِ وَالزَّيْت وليكثر من الْمَشْي والتعرق وَالْحمام.
ابْن البطريق: من سقى مرَارَة من كلب المَاء قدر عدسة قتل بعد أُسْبُوع علاجه سمن الْبَقر مَعَ جنطيانا رومي ودارصيني وإنفحة الأرنب ويمرخ بدهن طيب ولطف تَدْبيره ويدع الضفدع من شربه نَتن فَمه وَفَسَد لَونه وَقذف الْمَنِيّ اسْقِهِ الزَّيْت وقيئه وألزمه الْمَشْي والتعرق وَالْحمام والآبزن والادهان.)(5/335)
3 - (نهش الأفاعي والحيات) أَقْرَاص الكرسنة الممزوجة تنوب عَن الترياق فِي نهش الأفاعي: بزر الحندقوق وزراوند مدحرج ألف ز بسذاب بري ودقيق الكرسنة بالسواء يعجن بخل خمر ويقرص الشربة درخمي بشراب صرف ودهن.
لي يَعْنِي دهن سمن وَأَظنهُ يَعْنِي بالسذاب الْبري هَاهُنَا الحرمل.
الخوز قَالَت: سمن الْبَقر يمْنَع من سم الأفاعي من الْوُصُول إِلَى الْقلب.
لي أَخْبرنِي ابْن سوَادَة أَنه نهش بالبادية رجلا أفعوان فَسَقَاهُ من سمن بقر عَتيق كَانَ مَعَه فَلم ينله ضَرَر الْبَتَّةَ.
الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ جالينوس: قد رَأينَا السذاب نَافِعًا فِي نهش الأفاعي والعقارب وجربناه فِي نهش الثعبان الَّذِي هُوَ أردأ وأشر من جَمِيع الأفاعي بِالْقَتْلِ على الْمَكَان فَأنى رَأَيْت رجلا قد نهشه ثعبان إصبعه فربطها عِنْد أَصْلهَا ربطاً شَدِيدا وقطعها فَأَفلَت. وَأعرف رجلا شرب الترياق الْكَبِير بعد قطع إصبعه فبرئ.
مقَالَة تنْسب إِلَى ج فِي السمُوم قَالَ: من لدغته أَفْعَى فليبادر بالترياق الْكَبِير فان لم يحضر فَاسق دَقِيق الكرسنة وزن عشرَة دَرَاهِم بشراب صرف ويحسى طبيخ الكرنب النبطي ويسقى مِثْقَالا من دَاخل حب الأترج وأطعمه الفستق.
بولس: من لدغته أَفْعَى عرض لَهُ وجع فِي مَوضِع النهشة ثمَّ يدب وَجَعه فِي جَمِيع الْبدن وَترى فِي مَوضِع اللدغ ثقبين مفترقين قَلِيلا. يسيل مِنْهُ دم ورطوبة شبه مائية الدَّم ثمَّ يسيل مِنْهُ رُطُوبَة زيتية ثمَّ رُطُوبَة زنجارية وَتعرض حواليه أورام حارة وينتفط ويسرع إِلَى العفن والتأكل ويعرض مِنْهُ غشى ورعدة وعرق بَارِد وأجود علاجهم أَن يأكلو الثوم ويشربوا الشَّرَاب الصّرْف فانه إِن برأَ الملدوغ على هَذَا لم يحْتَج إِلَى غَيره وليأكلوا أَيْضا الكراث والبصل السّمك المالح الشَّديد الملوحة.
ترياق مجرب: مر جندبادستر فلفل زرنيخ أَحْمَر دِرْهَم دِرْهَم بزر الشبث أوقيتان يعجن بالطلاء ويسقى فانه عَجِيب. وانطل الْموضع بالأشياء الحارة وَإِذا تنفط فَصَارَت النفاطات قَوِيَّة دموية فلتشرط ليسيل مَا فِيهَا وَلَا تسلح حَتَّى تنطل بِمَاء كثير ثمَّ تضمد بعدس مطبوخ وَعسل حَتَّى يبرأ إِن شَاءَ الله واسقهم الترياق الْكَبِير فانه أعظم علاجهم.)
سرابيون من نهشه أفعوان ذكر يكون فِي مَوضِع النهشه ثقبتان متقاربتان وَإِذا كَانَت أُنْثَى أَربع ثقب. وأضر مَا تكون النهشة إِذا وَقعت بجائع أما إِذا وَقعت بشبعان أَو بسكران فانه أقل(5/336)
وَهَذَا ترياق خَاص لنهش الأفاعي حَتَّى أَنه ليقارب فِي ذَلِك الترياق الْكَبِير: أنيسون كشوثا فلفل أَربع درخميات قشور الزراوند المدحرج جندبادستر من كل وَاحِد درخمية يعجن بطلاء البشربة قدر الجوزة.
الثَّالِثَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الْحَيَوَانَات الْبَارِدَة المزاج جدا تكون فِي الشتَاء ملقاة شبه الْميتَة مِنْهَا الأفعى.
الْخَامِسَة قَالَ: كَانَ الرجل من خدم الْمُلُوك يصيد الأفاعي ألف ز فلدغته أَفْعَى فَمَكثَ أَيَّامًا لَا يقدر على ترياق يشربه فَتغير لَونه كُله واخضر فَأَتَانِي فسقيته الترياق فَلَمَّا شربه أَيَّامًا عَاد لَونه إِلَى حَاله الطبيعي.
لي: فِي هَذَا تَكْذِيب من يَقُول إِن الترياق يضر إِن لم يسق سَاعَة يلْدغ لَكِن بعد مُدَّة.
ابْن ماسويه: فِي كتاب السمُوم قَالَ: سم الأفعى بَارِد وببرده يقتل وَفِي آخر الْكتاب أهرن ذَلِك بِعَيْنِه.
الأولى من الْفُصُول قَالَ: الْحَيَوَانَات الْبَارِدَة المزاج تصير فِي الشتَاء شبه الْميتَة والحارة المزاج تكون حَرَارَتهَا أَكثر.
الأقربادين الْعَتِيق: أَنْفَع شَيْء للأفعى إِذا لدغت الحلتيت مَتى سقِِي مِنْهُ مِثْقَال بِمَاء بَارِد.
لي يجب أَن تنظر هَل ذَلِك فِي نَص كتاب المزاج.
ديسقوريوس قَالَ: لَا شَيْء أبلغ فِي نهش الأفعى من أكل الثوم وَشرب الشَّرَاب بعده دَائِما.
قضيب الأيل مَتى سحق نفع من لسع الأفاعي.
التضميد بالأشقال نَافِع جدا.
الْبيض مَتى تحسى جيد من لدغ الْحَيَّة المقرنة.
نخالة الْحِنْطَة مَعَ شراب يطْبخ ويكمد بِهِ نَافِع جدا من للذع الأفاعي.
قَالَ ج: خبرني رجل صَدُوق أَنه ينفع إِذا علق على الملدوغ من الأفعى حجرا لحية. د: رماد الْكَرم والخل يضمد بِهِ.
عصير الكرنب مَعَ شراب نَافِع.)
السليخة مَتى شربت نَفَعت.
بزر الفجل نَافِع من لسع الْحَيَّة المقرنة.
الْقسْط نَافِع من نهش الأفاعي.
القنابر يضمد بهَا للسع الْحَيَّات.
روفس: القطران مَعَ ملح يضمد بِهِ للسع المقرنة.(5/337)
الثوم نَافِع من نهش الأفاعي المدمية إِذا أكل وَشرب بعده الشَّرَاب وأجود مَا يكون إِذا سخن وَشرب.
قَالَ: النافع من نهش الأفاعي مِثْقَال قسط مَعَ ثَلَاثَة مَثَاقِيل من الجنطيانا يطْبخ فِي المَاء ثُلثي رَطْل حَتَّى يقل وَيصير سدس رَطْل ويسقاه وَيطْعم فجلاً ويسقى مَاء الفجل ويضمد ببصل الفأر ودقيق الكرسنة وملح أَو يضمد أَو يستف عشرَة دَرَاهِم بدقيق الكرسنة بشراب صرف وحسه طبيخ الكرنب النبطي.
التَّذْكِرَة: يسقى لنهش الأفاعي أصل الحزا مَعَ شراب عَتيق أَو حب الْغَار أَو زراوند طَوِيل مَعَ مر وَعسل وشراب.
الْجَامِع قَالَ: يوضع على النهشة ضفادع مشقوقة فانه جيد.
الْكَمَال والتمام: يسقى مَاء ورق التفاح المعصور الْمَطْبُوخ ويضمد الْموضع بورق التفاح مدقوقاً أَو يسقى مَاء المرزنجوش أَو يسقى جنطيانا وفلفلاً وسذاباً أَو يضمد بِالتِّينِ والثوم والكون.
الْمُقَابلَة للأدواء الَّذِي يسْتَعْمل فِي نهش الأفاعي من الْأَدْوِيَة البسيطة: يغلي الْخلّ وَيشْرب مِنْهُ أَربع أَوَاقٍ وَنصف فانه نَافِع.
قشر الزراوند مثقالان بِأَرْبَع أَوَاقٍ من خل خمر.
أَو جوشير زنة دِرْهَمَيْنِ مَعَ خل.
أَو إنفحة أيل درخمي مَعَ خمر.
أَو سلحفاة بحريّة دِرْهَمَانِ مَعَ خل.
ترياق الأفاعي: لبن اللاغية مجفف مر دسم مَا يعجن بِعَسَل. الشربة مِثْقَال بخل ممزج برطل وَنصف ويضمد بورق اللاغية.
وَهَذَا دَوَاء قوي: يُؤْخَذ من إنفحة أرنب مِثْقَال ويسقى بِأَرْبَع أَوَاقٍ من شراب عَتيق ريحاني)
ممزوج وَيُؤمر يَوْمًا باليقظة وَالْمَشْي وأدخلهم ألف ز الْحمام وعرقهم فِيهِ واسقهم الإنفحة واسقهم مَاء المداد ويضمد بِهِ. الْيَهُودِيّ: اتخذ للملذوع الأفعى آبزنا تملأ بِلَبن يجلس فِيهِ وخاصة مَتى اصْفَرَّتْ عَيْنَيْهِ وَجلده وأطعمه السّمن واسقه مرَارَة ظَبْي أَو مَاء السذاب أَو الزنجبيل بِلَبن امْرَأَة أَو مرَارَة الديوك بشراب واكحل عينه. ج فِي كتاب العلامات قَالَ: سم الأصلة مجمعه لدم الْقلب ومزاجها بَارِد يَابِس لَكِن يتبع بردهَا حِدة فتطفي ببردها الْحَرَارَة الغريزية وَتَكون مَعَه أَعْرَاض الْحَرَارَة والترياق بِلُطْفِهِ ويمنعه أَن يجمد لدم الْقلب.(5/338)
فِي نهش الأفاعي والحيات يَقُول أطهورسفس: وسخ أذن الْإِنْسَان ينفع نفعا بَينا متي سقِِي وأسنان الْإِنْسَان إِذا سحقت وَنَثَرت على النهشة أَبرَأته.
قَالَ د: قضيب الأيل إِذا دق وسحق وَشرب نفع من لدغة الأفعى. وَقَالَ ديسقوريدوس: إِن طبخ جَوف الأشقيل بخل وَيعْمل مِنْهُ ضماد للدغة الأفعى فينفع.
وعصير أناغالس مَتى شرب بشراب نفع من لذع الأفاعي.
بَوْل الْإِنْسَان إِذا شرب نفع من نهش الأفاعي.
الْبَيْضَة مَتى حسيت نَفَعت من نهش الأفعى الَّتِي تسمى المدمية.
نخالة الْحِنْطَة مَتى طبخت بِالشرابِ وكمد بهَا نفع من نهش الأفاعي.
وَحجر الْحَيَّة يَقُول ج: خبرني رجل صَدُوق أَنه ينفع من لدغ الأفاعي مَتى علق.
رماد ثخير الْعِنَب ورماد قضبان الْكَرم مَتى ضمد بِهِ مَعَ الْخلّ نفع من نهش الأفاعي. د: دَقِيق الكرسنة مَتى عجن بِالشرابِ وضمد بِهِ نفع من نهش الأفاعي.
عصير الكرنب مَتى شرب مَعَ شراب نفع من نهش الأفعى. د: عصارة ورق المر مَتى شربت بِخَمْر أَو تضمد بهَا نَفَعت من نهش الأفعى.
المالح مَعَ الفوذنج الْجبلي والزوفا وَالْعَسَل لنهشة الأفعى الذّكر وَمَعَ القطران أَو الزفت أَو الْعَسَل لنهشة الْحَيَّة المقرنة. د: السليخة مَتى شربت نَفَعت من نهش الأفعى المقرنة.
وَقَالَ: السكنجبين الْمَعْمُول بِمَاء الْبَحْر نَافِع من نهش الأفعى. د: السمسم نَافِع من نهش الْحَيَّة المقرنة.) د: الْحَيَوَان الْمُسَمّى فسافس مَتى شرب مِنْهَا سبع نَفَعت من نهش الثعبان. د: قشر الفجل مَتى تضمد بِهِ مَعَ عسل نفع من نهش الثعبان والأفعى. د: إِذا شرب بشراب وَافق نهش الأفعى والحية المقرنة. د: أصل الفاشرا يشرب مِنْهُ درخمان فيوافق نهش الأفعى. د: الْقسْط مَتى شرب بشراب نفع من نهش الأفعى. د: القنابري يضمد بِهِ لنهش الأفعى والحيات.
روفس: القطران مَتى ضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من نهشة الْحَيَّة المقرنة. د: الثوم نَافِع من نهشة الْحَيَّة المدمية إِذا أكل وَشرب بعده شرابًا دَائِما وَمَتى سحق بشراب وَشرب كَانَ عَظِيم النَّفْع من ذَلِك.(5/339)
قَالَ ابْن مَا سويه: الْأَدْوِيَة الَّتِي تَنْفَع من لسع الْحَيَّات والأفاعي: اسْقِ الملسوع من التربذ دِرْهَمَيْنِ بِلَبن حليب أَو بنبيذ ثَلَاث أَوَاقٍ أَو أسقه مِثْقَال قسط مَعَ ثَلَاثَة مَثَاقِيل جنطيانا تطبخ بِثُلثي رَطْل حَتَّى يذهب الثُّلُثَانِ وَيبقى الثُّلُث. وضمد مَوضِع اللدغة بدقيق الكرسنة ألف ز معجوناً بِلَبن حليب وأطعمه فجلاً واسقه مَاء الفجل وضع على مَوضِع اللدغة بصل الفأر مشوياً مَعَ ملح.
وينفع من نهش الأفاعي: يطعم ذكر الأيل مشوياً واسقه من دَقِيق الكرسنة عشرَة دَرَاهِم وحسه مَاء أَطْرَاف الكرنب النبطي.
للذع الأفعى: يدق اليتوع ويضمد بِهِ الْمَكَان.
من تذكرة عَبدُوس: للسع الْحَيَّات اسْقِهِ أصل الحزا مَعَ مطبوخ أَو حب الْغَار أَو الزراوند الطَّوِيل مَعَ مر وَعسل وشراب.
من الْجَامِع: يوضع على اللذع ضفادع مشقوقة فانه جيد.
من الْكَمَال والتمام: يسقى مَاء ورق التفاح المعصور بالمطبوخ ويضمد الْموضع بورق التفاح مدقوقاً أَو يسقى مَاء المرزنجوش أَو يسقى العقارب وتؤكل أَو يسقى العليل جنطيانا وفلفل وسذاب أَو يضمد بِالتِّينِ والثوم والكمون.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: الَّتِي تسْتَعْمل فِي نهش الأفاعي من البسيطة: يُؤْخَذ من الْخلّ أَربع أَوَاقٍ وَنصف ويغلي وَيشْرب فانه نَافِع.)
وبزر الحندقوقي قدر ثَلَاث أوبولس بخل خمر مِقْدَار أَربع أَوَاقٍ وَنصف.
وجوشير زنة درخمين بخل.
وإنفحة الأرنب درخمي خل.
وسلحفاة بحريّة دِرْهَمَيْنِ بخل.
وَهَذَا يَسْتَعْمِلهُ صيادو الأفاعي: يُؤْخَذ لبن اللاعية مجفف سِتَّة عشر جُزْء وَمن المر الدسم عشرَة درخميات يسحق ويعجن بِعَسَل مَا يجمعه الشربة درخمي مَعَ خمر ممزوج مزاجاً قَوِيا خمس عشرَة أُوقِيَّة ويضمد اللاوعية.
دَوَاء قوي جدا من نهش جَمِيع الْهَوَام من ذَوَات السمُوم وخاصة الأفاعي: يُؤْخَذ إنفحة الأرنب وأجودها مَا قرب عهدها فَإِنَّهَا أطيب من الْعَتِيق درخمي فيسقى بِأَرْبَع أَوَاقٍ من الْخمر الريحانية الممزوجة مزاجا معتدلا ومرهم باليقظة وَالْمَشْي وأدخلهم الْحمام فِي بعض الْأَوْقَات ومرهم باللبث فِيهِ. فَإِذا كَانَ بعد ذَلِك بِقَلِيل فاسقهم كَمَا قلت الإنفحة واسقهم المداد وضمد الْموضع بذلك الثفل.(5/340)
الْيَهُودِيّ قَالَ: انقع الملذوع من الأفعى فِي اللَّبن وخاصة مَتى اصفر جلده وَعَيناهُ وأطعمه السّمن واسقه مرَارَة طير أَو مَاء السذاب أَو مرَارَة الديوك بطلاء أَو زنجبيل اسحقه بِلَبن فِي الترياق إِلَى قَيْصر: مَتى دقَّتْ الأفعى وَوضعت على مَوضِع النهشة زَالَ الوجع.
جَوَامِع كتاب المزاج: سم الأفعى يفْسد الْبدن باسخانه أَيَّاهُ.
من السمُوم لِجَالِينُوسَ قَالَ: من نهشته أَفْعَى فليبادر بالترياق الْكَبِير أَو يطعم ذكر الأيل مشوياً أَو اسْقِهِ دَقِيق الكرسنة زنة عشرَة دَرَاهِم بنبيذ صرف. أَو يحسى مَاء أَطْرَاف الكرنب النبطي أَو اسْقِهِ مِثْقَالا من دَاخل حب الأترج وَيطْعم الفستق.
من الْأَعْضَاء الألمة: نهش الثعبان يقتل من سَاعَته وَقد جربت ربط الديوك فَوق النهشة فَوَجَدتهَا نافعة جدا فِي جَمِيع النهوش واللسوع. وَقد رَأَيْت من نهش إصبعه ثعبان فَربط اصلها جدا وسدها فتخلص من غير شَيْء آخر عمله وَلَا احْتَاجَ إِلَيْهِ وَرَأَيْت أَيْضا من تخلص من لسع أَفْعَى لقطع الإصبع بِلَا علاج آخر الْبَتَّةَ.
ابْن سرابيون: من نهشته أَفْعَى فان الوجع يحدث بِهِ بديا فِي مَوضِع النهشة وَبعد ذَلِك يدب فِي الْجَسَد كُله وَيكون ألف ز فِي مَوضِع النهشة ثقبتان غير متباعدتين ويسيل مِنْهَا صديد وَبعد)
هَذَا رُطُوبَة دهنية وَثمّ رُطُوبَة تشبه الصديد وَيحدث ضيق نفس وَرُبمَا حدث عسر بَوْل وتنفط فِي الْموضع. وَأقوى علاج لَهُم أكل الثوم وَيشْرب الصراف الصّرْف فان هُوَ احْتمل هذَيْن لم يحْتَج إِلَى علاج آخر. وَكَذَلِكَ أَيْضا الكراث والبصل.
وأحضر مِنْهُ نفعا وفعلا ومعجون لاريباسيوس: أنيسون مر اكشوثا فلفل من كل وَاحِد أَربع درخميات قشر الزراوند المدحرج والجندبادستر درخمى من كل وَاحِد يعجن بطلاء الشربة باقلاه.(5/341)
(جمود الدَّم وَاللَّبن) (والمدة فِي الْمعدة والمثانة والأرحام والصدر والمعي) قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة: إِذا جمد الدَّم إِن كَانَ ذَلِك فِي المعي أَو فِي الْمعدة أَو فِي المثانة أَو الصَّدْر فانه فِي الصَّدْر أَشد مَا يكون عرض بِسَبَبِهِ غشى وَذَهَاب اللَّوْن وَصَارَ النبض صَغِيرا ضَعِيفا متواتراً وسخن العليل واسترخاء وَقد رَأَيْت الدَّم جمد فِي المثانة فعرضت هَذِه الْأَعْرَاض فسقيته دَوَاء تفتت الْحَصَى مَعَ سكنجبين وَجعلت شرابًا سكنجبينياً وَلم يفلت أحد مِمَّن عالجته من هَؤُلَاءِ إِلَّا وَاحِدًا فانه انحل ذَلِك العلق من مثانته وَخرج أَولا أَولا.
من الكيموس قَالَ: إِذا جمد الدَّم وَاللَّبن فِي الْمعدة يبرد الْإِنْسَان ويختنق ويغشى عَلَيْهِ ويصغر نبضه.
وابحث كَيفَ صَار هَذَا الدَّم وَهُوَ أقرب الأخلاط إِلَى الطبيعة يعرض عَنهُ هَذِه الْأَعْرَاض إِذا جمد فِي بعض التجاويف بحثا طَويلا.
من سموم ج قَالَ: من شرب من دم ثَوْر عرض لَهُ ضيق النَّفس واختناق وتورم لِسَانه.
علاجه: أطْعمهُ تيناً قد أنقع فِي خل وَمَاء ونطرون أَو أطْعمهُ أصل الحلتيت منقوعاص بخل أَو يَأْخُذ شهدانج وفلفل فيسحقان نعما ويعجنان بِعَسَل ويلعق أَو يسقى عصير ورق العليق بِشَيْء من خل فَإِنَّهُ يسهله والزم حلقه ومعدته وصدره ضماداً مُهَيَّأ من دَقِيق الشّعير.
وَقَالَ: من شرب لَبَنًا فتجبن فِي معدته أَخذه الخناق وضيق النَّفس ويغشى عَلَيْهِ فاسقه خلا وَمَاء أَو يسقى من الفوتنج المجفف فيسقى مِنْهُ وزن خَمْسَة دَرَاهِم. وَإِيَّاك أَن يقربهُ شَيْء من الملوحات واسقه من رماد التِّين دِرْهَمَيْنِ وَمن إنفحة الأرنب مِثْقَالا اسقها بخل خمر أَو اسْقِهِ)
من إنفخة الأرنب وَحدهَا زنة نصف مِثْقَال وَمن إنفحة الجدي مِثْقَال فان هَذِه تحل اللَّبن المتعقد فِي الْجوف ويخرجه إِمَّا بالقيء أَو بالإسهال.
مسيح الدِّمَشْقِي مَتى انْعَقَد اللَّبن فِي المثانة فأعطه ازاذدرخت فَهُوَ جيد.
وأذب شَيْئا من ملح واحقن بِهِ الإحليل وَليكن وزن نواة أَو يحقن بِمَاء الرماد ويديم شرب السكنجبين وأعطه الترياق والمدرة للبول واطل المثانة من الْخَارِج بالأدوية المدرة للحصى وَالَّتِي تذيب الدَّم.
بولس قَالَ: مِمَّا يحل الدَّم فِي المثانة البرنجاسف وبزر الفجل والحلتيت وعصارة(5/342)
الكرفس الف ز والخل الثقيف والأنافح وَمَاء الرماد ويكمد من خَارج باسفنج بِمَاء الْملح أَو برماد حَار ابْن ماسويه: من المنقية يخرج الدَّم المتعقد من المثانة اسْقِ مِثْقَالا بِثَلَاث أَوَاقٍ مَاء الكرفس أَو يسقى من القردمانا بِمَاء حَار أَو دِرْهَمَيْنِ من عود الفاوانيا أَو دِرْهَمَيْنِ من حب البلسان أَو دِرْهَمَيْنِ من أظفار الطّيب بِمَاء حَار أَو إنفحة الأرنب أَو غاريقون أَو ساليوس أَو يسقى مِثْقَال زراوند أَو نصف مِثْقَال حلتيت وَيطْعم مَاء الحمص.
3 - (الْأَدْوِيَة)
ترياق الطين الْمَخْتُوم تياذوق: لَا شَيْء أبلغ لجمود الدَّم وَاللَّبن فِي الْمعدة من ترياق الطين الْمَخْتُوم.
هَذَا دَوَاء بليغ: يُؤْخَذ طين مختوم ثَمَانِيَة إنفحة الأرنب سِتَّة وَثَلَاثُونَ إنفحة الظباء اثْنَان وَثَلَاثُونَ جنطيانا أَرْبَعَة زراوند مدحرج أَرْبَعَة بزر السذاب الْبري أَرْبَعَة مر أَرْبَعَة حلتيت أَرْبَعَة يعجن بِعَسَل وَيُعْطى مِنْهُ عِنْد الْحَاجة مثل الجوزة بأوقية مَاء حَار على الرِّيق أَو سكنجبين فاذا لم يحضر شَيْء من هَذِه فدق القرطم وأدفه بِمَاء خار واسقه.
الْأَدْوِيَة المفردة لج قَالَ: قد جربت الأفافح فِي جمود اللَّبن فِي الْمعدة وسقيت مِنْهَا بخل فرأيتها منجحة وإنفحة الأرنب أَجودهَا. ج:
الحلتيت إِذا شرب بالسكنجبين ينفع من جمود الدَّم فِي الْجوف.
الطَّبَرِيّ: عصير ورق ازاذدرخت يحل الدَّم الجامد فِي المثانة.
روفس وَابن ماسويه: الْخلّ يحل الدَّم وَاللَّبن الجامدين.
حنين فِي كتاب الترياق: الْمقل يحل الدَّم الجامد فِي المثانة وَغَيرهَا. د: الحاشا يشرب فَيحل الدَّم الجامد. القفر يشرب فَيحل الدَّم.
لبن التِّين يحل الدَّم الجامد.
الْخلّ الثقيف يحل الدَّم الجامد.
التَّذْكِرَة: عصير النعنع مَعَ ملح جريش قوي فِي ذَلِك أَو حرف بِمَاء حَار.
الْمُقَابلَة للأدواء: يسقى لجمود اللَّبن فِي الْمعدة وَالدَّم أنجدان وكبريت بالسواء بخل والخل دَوَاء عَظِيم لذَلِك.
العلامات: يعرض من جمود اللَّبن صفرَة اللَّوْن وانتفاخ الْبَطن وترادف الغشى وَصغر النبض.
روفس: 3 (تَدْبِير الْأَطْفَال) الحبق الْبري يحل الدَّم الدَّم الجامد من سَاعَته.
فيلغريوس قَالَ: رعق رجل وضغف فاستلقى وَدخل دم كثير فِي حلقه وجمد فِي(5/343)
بَطْنه فَلَمَّا رَأَيْت أَعْرَاض جمود الدَّم وانتفخ الْبَطن سقيته عسلاً وعصير الكرفس فتقيأ دَمًا متعقداً وَنَجَا ويعرض مِنْهُ ضيق النَّفس الْقوي وَإِن لم يتدارك بالقيء قتل بالخنق.
ابْن البطريق قَالَ: إياك أَن تقرب من جمد الدَّم أَو اللَّبن فِي معدته الْملح الَّتِي تحلل اللَّبن وَالدَّم الجامدين فِي الْجوف أجمع فِي جَمِيع تجاويفه: الْمعدة والصدر والمثانة وَغير ذَلِك.
قَالَ ج: قد وثق النَّاس من الأقحوان الْأَبْيَض مَتى شربت أَطْرَافه أَنه يحل الدَّم الجامد لَا الَّذِي فِي الْمعدة فَقَط بل وَالَّذِي يجمد فِي المثانة إِذا شربت بِمَاء الْعَسَل.
قَالَ بولس: الأقحوان الْأَحْمَر إِذا شرب مَعَ شراب وَعسل يذوب الدَّم الجامد فِي الْجوف.
وَقَالَ ديسقوريدوس: إِن شرب مَعَ بعض الانافح ثَلَاثَة أبولسات نفع من جمود الدَّم فِي الْمعدة مَتى قَالَ ج: قد جربت تَحْلِيل الدَّم الجامد فِي الْجوف وَاللَّبن لَا بانفحة الأرنب وَحدهَا بل بِجَمِيعِ الأنافح فَكَانَ صَحِيحا إِلَّا أَن أَجودهَا على الْحَقِيقَة إنفحة الأرنب يشرب بخل.
قَالَ ج: مَتى شرب الحلتيت بسكنجبين نفع من جمود الدَّم فِي الْجوف.
الحاشا مَتى شرب بخل حللت الدَّم.
القفر مَتى شرب بخل حل الدَّم المتعقد فِي الْجوف. د لبن الماعز يذيب الدَّم وَاللَّبن الجامدين. د مَاء رماد خشب التِّين المكرر يحل اللَّبن وَالدَّم فِي الْجوف مَتى سقِِي. د: الْخلّ يحل الدَّم وَاللَّبن الجامدين فِي الْجوف.
ابْن ماسويه: مِمَّا ينفع من جمود اللَّبن وَالدَّم فِي الْمعدة رماد التِّين دِرْهَمَانِ إنفحة الأرنب دِرْهَم يدافان بخل خمر وَيشْرب. وَيشْرب مِثْقَال من خرء الديوك بِمَاء حَار. أَو يُؤْخَذ مِثْقَال من إنفحة الأرنب وملح اندراني دِرْهَم.
وإنفحة الجدي مَعَ ملح يفعل ذَلِك يشربان بِمَاء حَار.
اسْتِخْرَاج: النوشادر نَافِع جدا لجمود اللَّبن فِي الْجوف.
من تذكرة عَبدُوس: مَاء نعنع مَعَ ملح جريش أَو خرء الديوك مَعَ عسل.)
من الْمُقَابلَة للأدواء: اسْقِ حرفا بِمَاء أَو مَاء الحاشا وَورق النعنع ولتجبن اللَّبن فِي الْمعدة اسْقِهِ انجذانا وكبريتا بالسواء بالخل والخل دوائهم.
من كتاب الكيموسين قَالَ إِذا جمد البن أَو الدَّم فِي الْجوف صغر النبض وَجَاء الغشى والنافض.(5/344)
من سموم ج قَالَ: يُصِيب من تجبن اللَّبن فِي معدته أَو الدَّم ضيق النَّفس ويغشى عَلَيْهِ فاسقه خلا وَمَاء الفوتنج المجفف اسْقِهِ مِنْهُ خَمْسَة دَرَاهِم وَإِيَّاك أَن تقربه شَيْئا من الموالح أَو اسْقِهِ رماد التِّين أَو اسْقِهِ من إنفحة الأرنب زنة مِثْقَال مَعَ مِثْقَال ملح اندراني بِمَاء حَار فانه يخرج إِمَّا بالقيء وَإِمَّا بالإسهال.
ينظر فِي هَذَا فانه قَالَ: لَا يقربهُ ملوحة ثمَّ أعطَاهُ رماد التِّين وَالْملح وَلست واثقاً بِهَذَا الْكتاب لَهُ.
من العلامات لج: يعرض من جمود اللَّبن وَالدَّم فِي الْبَطن صفرَة اللَّوْن واضطراب وَصغر النبض وانتفاخ الْبَطن.
قَالَ روفس فِي كتاب الْأَطْفَال: إِن الحبق يحلل اللَّبن حَتَّى يصير مَاء فَلذَلِك يسْقِي عصارته من تجبن اللَّبن فِي الْمعدة لِأَنَّهُ يحلله الْبَتَّةَ.
قَالَ: الحلتيت يحلل اللَّبن الجامد من سَاعَته.
فيلغريوس قَالَ: كَانَ رجل رعف وَضعف واستلقى على قَفاهُ وَدخل الدَّم فِي حلقه فجمد فِي بَطْنه وَكَاد أَن يختنق مِنْهُ وَلما عرفت السَّبَب البادي سقيته عسلا وعصير الكرفس أَو طبيخه فقاء طستا من دم أسود وتخلص بذلك.
الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: الدَّم إِذا جمد وانعقد إِن كَانَ ذَلِك فِي المثانة أَو فِي الأمعاء أَو فِي الْمعدة أَو فِي الصَّدْر وَإِن هَذَا أَشد من جموده فِي المثانة عرض من أَجله غشى وصفرة اللَّوْن وَصغر فِي النبض وَضعف وتواتر وسخن العليل واسترخاء.
ابْن البطريق قَالَ: إياك أَن تَسْقِي من انْعَقَد اللَّبن فِي بَطْنه ملحا.(5/345)
(عضة الْكَلْب الْكَلْب) قَالَ جالينوس فِي الْمقَالة السَّادِسَة من الْأَعْضَاء الألمة قَالَ: فِي ذكره الاختناق الرَّحِم: لَيْسَ تَجِد حَيَوَانا أصلا يُصِيبهُ الْكَلْب غير الْكَلْب. ويبلغ من فَسَاد الأخلاط فِي الْكَلْب الْكَلْب أَن لعابه مَتى وَقع فِي بدن إِنْسَان أَصَابَهُ الْكَلْب وَرُبمَا ظَهرت بليته بعد سِتَّة أشهر وَلست أعرف الْفِكر فِيهِ.
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: قد جرب الحضض الْهِنْدِيّ الْجيد مَتى سقِِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا على الرِّيق بِالْمَاءِ من يخَاف على نَفسه من المَاء منع من ذَلِك.
أهرن: 3 (سليم الْكَلْب الْكَلْب) مَتى رأى المَاء أرتعش وَلَا يشرب حَتَّى يَمُوت.
لي كَانَ عندنَا 3 (فِي المارستان) رجل مِنْهُم ينبح بِاللَّيْلِ وَمَات. وَكَانَ أَيْضا رجل لَا يشرب المَاء وَإِذا قرب إِلَيْهِ المَاء لم يخفه وَرجل آخر كَانَ إِذا رأى المَاء ارتعد واقشعر وانتفض حَتَّى ينحى عَنهُ.
3 - (عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب)
أَن لَا يعرف صَاحبه ويشد على كل مَا وجد وَهُوَ مَفْتُوح الْفَم مدلوع اللِّسَان وَقد أرْخى أُذُنَيْهِ وَأدْخل ذَنبه بَين رجلَيْهِ وطأطأ رَأسه واحمرت عَيناهُ وتهرب مِنْهُ الْكلاب ويسيل من فِيهِ الزّبد وَإِن عض إنْسَانا فَجعل على العضة خبز وَرمي لكَلْب لم يَأْكُلهُ فابدأ فِي علاجه بِأَن تضع المحاجم عَلَيْهِ مَرَّات ثمَّ ضمده بِمَا يوسعه واحتل فِي سقيه المَاء سرا أَو ضمد بَطْنه بالأضمدة المفردة ليقل عطشه.
لي يجب أَن تسهله بِمَا يخرج السَّوْدَاء مَرَّات ويفصد ثمَّ يعْطى الْأَشْيَاء المدرة للبول الملطفة.
بولس: عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب أَن يبح صَوته ويسيل لعابه وَيحمل على من يستقبله وَلَا ينبح.
قَالَ: والفزع من المَاء يعرض مَعَه امتداد وَحُمرَة الْجَسَد كُله وَلَا سِيمَا حمرَة فِي الْوَجْه مَعَ عرق وغشى ويهربون من المَاء وَمِنْهُم من يهرب من كل شَيْء سَائل رطب ويعرض الْفَزع بعد أَرْبَعِينَ فَمَا دونه وفوقه إِلَى السِّتَّة أشهر وَإِلَى السّنة وَمِنْهُم من ينبح كَالْكَلْبِ(5/346)
وَيحمل النَّاس على بَعضهم فَيُصِيب المعضوض مثل ذَلِك وَلم يرى أحدا فزع من المَاء سلم إِلَّا فِي الشاذ مِمَّن عضهم فاذا عض إنْسَانا كلب وَلم يدر أكلب هُوَ أم لَا فدق الْجَوْز دقاً نعما وضمد بِهِ مَوضِع النهشة لَيْلَة ثمَّ خُذْهُ من الْغَد وألقه لدجاجة فانها لَا تَأْكُله إِلَّا أَن يضطرها الْجُوع فان أكلت مِنْهُ مَاتَت من غَد وَإِن أَكلته الدَّجَاجَة سَرِيعا وَلم تمت فَأقبل على الْجرْح فادمله وَإِلَّا فَأقبل عَلَيْهِ مَا بوسعه مثل الثوم والجوشير والجوز والأدوية الأكالة للحم مَعَ القلدفيون ثمَّ السّمن بعده وَليكن فَم الْجرْح مَفْتُوحًا أقل مَا يكون أَرْبَعِينَ يَوْمًا واسقهم من الْأَدْوِيَة البسيطة الحضض والأفسنتين والحلتيت والجعدة ودواء جالينوس وأسهلهم بقثاء الْحمار واسقهم بعده الشَّرَاب الصّرْف الحلو الْعَتِيق وَيَشْرَبُونَ اللَّبن ويأكلون البصل والكراث والثوم. وَإِنَّمَا يسْتَعْمل توسع الْجرْح فِي الِابْتِدَاء فَأَما بعد نُفُوذه فِي الْبدن فَلَا يجب ذَلِك بل اسْتعْمل فِي هَذِه الْحَالة إسهال السَّوْدَاء وتبديل المزاج. والتعرق جيد لَهُم.
فيلغريوس فِي كِتَابه فِي الْكَلْب الْكَلْب قَالَ: يكلب فِي الْبلدَانِ الحارة وَفِي صميم الصَّيف أَكثر وَقد تكلب فِي أبرد الْأَوْقَات فِي الشتَاء وَفِي الْبِلَاد الْبَارِدَة فاذا كلبت لم تَأْكُل شَيْئا وهربت من المَاء وسال من أفواهها زبد وَمن مناخرها رُطُوبَة وتحمر أعينها وَتحمل على الإنسن وَلَا تنبح وَلَا تدخل أذنابها الف ز بَين رِجْلَيْهَا وَلَا تعرف أَصْحَابهَا وتهرب مِنْهَا الْكلاب ويعرض مَعَه)
الْخَوْف من المَاء للسليم ورم فِي جسده كُله وخاصة فِي وَجهه وَيصير لون جسده لون الرماد وَتعرض لَهَا غشاوة سَاعَة بعد سَاعَة وتنفر من الضَّوْء وَرُبمَا وثب على من مَعَه فعضه.
ويعرض للمعضوض مثل ذَلِك بِعَيْنِه وقلما من يفلت مِنْهُ. فعالجه قبل الْفَزع من المَاء فِي الايام الأولى بِأَن تحرق السرطان النَّهْرِي وان تدقه وتنعم سحقه كالكحل وارفعه عنْدك واحرق الجنطيانا ثمَّ اسحقه واسق مِنْهُمَا أَربع ملاعق بشراب عَتيق لطيف صرف هَذَا فِي الْأَيَّام الأولى إِلَى عشرَة أَيَّام فان لم تلْحقهُ إِلَى بعد مُضِيّ أَيَّام كَثِيرَة فاسقه ضعف هَذَا الْقدر واشرط الْجرْح وَمَا حواليه شرطا عميقاً حَتَّى يخرج مِنْهُ دم كثير ومص السم وضع عَلَيْهِ المحاجم والأدوية الحادة وَإِن كويته فَأول مَا يعرض عَلَيْهِ العض خلصته الْبَتَّةَ وَلم يسر السم فِي جسده واسقه الشَّرَاب الصّرْف وَاللَّبن فانه يضاد هَذَا السم وأطعمه الثوم والبصل فانهما يمنعان توغل السم فِي الْجَسَد وَلزِمَ هَذَا التَّدْبِير مُنْذُ أول الْأَمر فانك إِذا توانيت فِي ذَلِك حَتَّى يمْضِي أَيَّام كَثِيرَة لم ينْتَفع بالعلاج وَلَا تلح على الْجرْح بعد تقادمه فَلَا تعن بتوسعه لِأَن السم قد نفذ وشاع فِي الْجَسَد وَلَكِن عَلَيْك إِذا ذَاك بأيارج روفس فِي هَذَا الْوَقْت وإسهال السَّوْدَاء وَأكل البصل والثوم وَشرب الشَّرَاب الصّرْف فانه نَافِع جدا. وعرقه بِمَا اسْتَطَعْت واسقه الخربق فانهم قبل أَن يفزعو من المَاء يبرؤون بِهَذَا العلاج.
لي إِذا أَتَت على السَّلِيم خَمْسَة أَيَّام فقد سرى السم فِي الْبدن فَلَا تعن حِينَئِذٍ بتوسع الْجرْح بل أعن بذلك إِلَى يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاثَة أَكْثَره. وَإِذا فزع من المَاء فَنَاوَلَهُ المَاء على جلد(5/347)
الضبع العرجاء فانه يقبله مِنْهُ فاذا سرى السم فِي الْبدن فَعَلَيْك بالفصد والحقن واحقنه كل يَوْم وأسهله وَإِيَّاك وَدخُول الْحمام وَعَلَيْك بِالتَّدْبِيرِ المرطب بالأغذية وبالشراب فانها تمنع سُورَة السم وسريته واعرض عَلَيْهِ المَاء مَرَّات ابداً حَتَّى يشرب.
قَالَ سواريس: جلد الضبع لَا ينفع وَلَا الخربق. قَالَ: وينفع مِنْهُ جدا ترياق الْأَرْبَعَة.
سرابيون: إِذا كلبت امْتنعت عَن الْغذَاء وتلهث دَائِما وتبح أصواتها وَلَا تنبح الْبَتَّةَ ويعرض لسليمها عرق كثير.
قَالَ فَاتخذ لَهُ بلبلة طَوِيلَة تدخل فِيهِ وصب المَاء مِنْهَا فِي فَمه.
الأقربادين الْقَدِيم قَالَ: ابدأ قبل أَن يفزع من المَاء فافصده أَن كَانَ كثير الدَّم وَإِلَّا فَلَا ثمَّ أسهله السَّوْدَاء مَرَّات متواترة وادلكه فِي مَا بَينهمَا وأغذه بالأغذية المعتدلة المرطبة جدا واسقهم)
الشَّرَاب وأعطه دَوَاء السراطين كل يَوْم ووسع الْجرْح وضع عَلَيْهِ الجاذبات.
3 - (الْأَدْوِيَة المفردة)
قَالَ: رماد السرطانات النهرية مَتى أحرقت نَفَعت جدا من نهشة الْكَلْب الْكَلْب سقيت وَحدهَا أَو خلطت مَعَ جنطيانا والكندر وَيجب أَن يَأْخُذ من الكندر جُزْء وَمن الجنطيانا خَمْسَة أَجزَاء ورماد السرطانات عشرَة أَجزَاء وَيُؤْخَذ قدر نُحَاس أَحْمَر فَتلقى فِيهِ سراطين بحريّة أَحيَاء وَيُوضَع فِي تنور وتشوى بِقدر مَا تسحق وَلَا يشْتَد حرقها وَافْعل ذَلِك فِي الصَّيف وَالشَّمْس فِي الْأسد الف ز وارفعه ليَكُون معداً واسقه السَّلِيم إِن لحقته فِي الْأَيَّام الأول كل يَوْم معلقَة تذره على المَاء واسقه وَإِن كَانَ قد مَضَت أَيَّام كَثِيرَة فاسقه معلقتين كل يَوْم ووسع الْجرْح بِمثل مرهم الزفت والجوشير والخل. وَهَذِه صفة هَذَا الدَّوَاء: خل ثَقِيف جدا قسط جوشير ثَلَاثَة أَوَاقٍ زفت رَطْل بطيخ حَتَّى يصير مرهماً.
قَالَ: وَهَذَا العلاج أبلغ العلاجات وَقد أطلت تجربته فَلم أجد اُحْدُ اسْتَعْملهُ قبل الْفَزع من المَاء فَفَزعَ مِنْهُ وَلَا مَاتَ.
الحلتيت نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى ضمد بِهِ.
قَالَ: الْملح والسذاب يسحق بِمَاء بصل ويضمد بِهِ.
الجوشير مَعَ الزفت نَا فع إِذا ضمد بِهِ.
والحضض يسقى بِمَاء كَذَلِك الطين الْمَخْتُوم يشرب بشراب صرف جيد لَهُ.
رماد الْكَرم ونطرون وخل يضمد بِهِ.
كبد الْكَلْب الْكَلْب يُقَال بقول مستقاض أَنه ينفع وَيمْنَع من الْفَزع من المَاء. وَيُقَال ان نَاب الْكَلْب الْكَلْب يعلق على الْإِنْسَان فيحرسه من الْكَلْب الْكَلْب.(5/348)
لحم السّمك المالح يضمد بِهِ.
رماد السرطان النَّهْرِي ثَلَاثَة مَثَاقِيل جنطيانا مِثْقَال وَنصف يشرب ثَلَاثَة أَيَّام بشراب فيعظم نَفعه.
الْعَسَل جيد جدا إِذا لعق.
الثوم نَافِع أكل أَو تضمد بِهِ.
ابْن ماسويه: ليفصدوا ويسهلوا السَّوْدَاء مَرَّات قبل الْأَرْبَعين وَإِيَّاك والتواني فِي ذَلِك.
وَهَذَا الترياق جيد لَهُ: رماد السطرانات جنطيانا خَمْسَة كندر فوتنج ثَلَاثَة ثَلَاثَة طين مختوم اثْنَتَانِ يسقى مِنْهُ ثَلَاثَة دَرَاهِم غدْوَة بِمَاء فاتر وَثَلَاثَة بالعشى أَيَّامًا كَثِيرَة قبل الْأَرْبَعين فانه مَتى خَافَ من المَاء لم يكن لَهُ علاج.
مسيح يعرض لَهُم فوَاق وعطش وَخَوف من المَاء.
ودواء الذراريح عَجِيب: يُؤْخَذ ذرايح سمان كبار جُزْء عدس مقشر جُزْء بعد أَن يلقى رؤوسها وأجنحتها زعفران سنبل قرنفل فلفل دَار صيني من كل وَاحِد سدس جُزْء ينعم سحق ذَلِك وخاصة الذراريح ويعجن بِمَاء ويقرص كل قرص من دانقين ويسقى العليل مِنْهُ قرصة كل يَوْم بِمَاء فاتر أَيَّامًا فان وجد وجعاً فِي المثانة أَو مغساً فيشرب مَاء طبيخ العدس المقشر ودهن لوز حُلْو أَو سمناً وَيدخل الْحمام كل يَوْم بعد شربه وَيقْعد فِي الآبزن حَتَّى يَبُول وَيكون طَعَامه اسفيذباجا بفروج سمين وَيشْرب نبيذاً نقيعاً بِمَاء فاتر ويتوقى الْبرد.
قَالَ: والآبزن نَافِع جدا لمن عضة كلب كلب.)
من الْمُقَابلَة للأدواء قَالَ: ينفع من الْخَوْف من المَاء ماهودانه وجندبادستر من فَوق وَمن أَسْفَل واسقهم المَاء الَّذِي يطفاً فِيهِ الْحَدِيد من حَيْثُ لَا يعلم فانه عَجِيب أَو أجعَل تَحت الْإِنَاء الَّذِي يتَنَاوَل فِيهِ المَاء خرقَة مِمَّا يكون فِي المتوضأة فانه يقبل المَاء أَو يغشى الْإِنَاء كَمَا يَدُور بجلد الْيَهُودِيّ قَالَ: من عضه كلب كلب مَتى صب على بدنه مَاء بَارِد يسخنى جسده وَمَتى لطخ خبز بدمه لم تَأْكُله الْكلاب ويختلط بِالْغَضَبِ أبدا بِلَا سَبَب وَلَا يَبُول وَلَا ينْطَلق بَطْنه ويصيبه فوَاق ويسيل لعابه وَيجب أَن تشده شداً وثيقاً وأوجره المَاء.
شَمْعُون قَالَ: أعن بجذب السم إِلَى الْخَارِج ثمَّ بعد ذَلِك أخرج السَّوْدَاء وَرطب الْبدن كُله وضمد كبده ومعدته بِمَا يسكن الْعَطش ويبرد.
أَبُو جريج قَالَ: ذَنبه أبدا ملتقى وعينه فِي نَاحيَة ويهرب من المَاء وَرُبمَا مَاتَ إِذا نظر إِلَيْهِ ويهرب مِنْهُ الْكلاب وتبصبص لَهُ.
قَالَ وَمَتى وضع قدح خشب فِيهِ مَاء على جلد الضبع شرب مِنْهُ وَلَا أعرف شَيْئا خيرا لَهُ من الجنطيانا.(5/349)
من كتاب الْحَيَوَان الْقَدِيم: مَتى سقِِي المعضوض إنفحة جرو كلب صَغِير برِئ.
وَإِن رَأَيْت السَّلِيم من حَيْثُ لَا يرى إنْسَانا بِمَا يرى وَيرى الْمرْآة فان رأى فِيهَا إنْسَانا برِئ وَإِن رأى فِيهَا كَلْبا مَاتَ.
ابْن البطريق فِي السمُوم قَالَ: لَا يَأْكُل الْكَلْب وَلَا يشرب ويسيل لعابه ويتوجع فِي مشيته ويترجح وَلَا ينبح وسليمه يرتعش ويتشنج وَمِنْهُم من يكره الضَّوْء وينبح ويبول كلابا صغَارًا جدا.
فَوسعَ العضة فِي الإبتداء جهدك بالأدوية والكي فِي أول الْأَمر وعرقه مشيا واستحماما ثمَّ خُذ فِي إسهال السَّوْدَاء بالخربق وبأرياج.
روفس: 3 (أذنا الْكَلْب) أبدا مسترخيتان وَلَا يسْتَقرّ بل يعد دَائِما ويحلم سليمه أحلاماً مُخْتَلفَة مختلطة ويختلج مِنْهُم الْحجاب ويشتد الْعَطش ويضجرون ويفزعون وتبح لأصواتهم ثمَّ يعرض لَهُم من بعد الْخَوْف من المَاء ويتقدم ويتأخر بِحَسب بعد الْبدن من غَلَبَة السَّوْدَاء وقربه وَأَنَّهُمْ يخَافُونَ من المَاء لانقلاب الطبيعة من اليبس فيخيل لَهُم للمضادة أَن المَاء مهلك لَهُم فادفع قبل ذَلِك الْحمام والآبزن والأغذية المرطبة والأدهان وَالشرَاب الممزوج والحقن المسهلة للسوداء ثمَّ المرطبة وافصدهم أَولا واحتل فِي المَاء أَن ينزل أَجْوَافهم من حَيْثُ ل يعلمُونَ.
3 - (دَوَاء مجرب)
يُؤْخَذ ذراريح وَقد قطعت رؤوسها وأجنحتها فتنقع فِي الرائب يَوْمًا وَلَيْلَة.
ثمَّ يصب ذَلِك الرائب عَنْهَا ويبدل رائب آخر وتترك فِيهِ يَوْمًا وَلَيْلَة يفعل ذَلِك ثَلَاث مَرَّات. ثمَّ تجفف فِي الظل وتسحق مَعَ مثلهَا عدسا مقشرا ويقرص واسق مِنْهُ دانقين كل يَوْم بشراب أَو مَاء فاتر فَإِذا شربه فَليقمْ فِي الشَّمْس أَو يتدثر أَو يمشي ويحضر بِسُرْعَة حَتَّى يعرق فان وجد كرباً فليشرب سكرجة من سمن أَو زَيْت. وَإِن احْتبسَ بَوْله أخل الآبزن فاذا بَال الدَّم فقد أَمن من الْفَزع من المَاء.
فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب قَالَ ج: الشونيز إِنَّمَا سمي بِهَذَا الأسم لِأَنَّهُ نَافِع من نهش الْكَلْب الْكَلْب مَتى شرب مرَارًا كَثِيرَة مِنْهُ نفع نفعا عَظِيما بِخَاصَّة فِيهِ.
شعر الْإِنْسَان مَتى بل بخل وَوضع على عضة الْكَلْب الْكَلْب أرأه من سَاعَته فِيمَا يزْعم أطهورسفس.
بَوْل الْإِنْسَان مَتى عتق جذب السم من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
قَالَ: وَإِن عتق بَوْل الْإِنْسَان حَتَّى اشْتَدَّ رِيحه ثمَّ ألقِي فِي مِقْدَار مَا يجلس الْإِنْسَان فِيهِ باقة كراث وطبخ وَجلسَ فِي مَائه من عضة الْكَلْب الْكَلْب نَفعه جدا لِأَنَّهُ يجذب مِنْهُ رُطُوبَة شَبيهَة بِمَاء اللَّحْم. ج: الحلتيت نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى وضع عَلَيْهِ.
بَوْل الْإِنْسَان إِذا خلط بنطرون وصب على عضته نفع.(5/350)
د: مَاء البصل يخلط مَعَ ملح وسذاب وَعسل واجعله ضمادا لعضة الْكَلْب الْكَلْب.
الجوشير مَتى خلط بزفت كَانَ نَافِعًا جدا لعضة الْكَلْب الْكَلْب.)
الحضض يسقى الف ز بِمَاء لعضة الْكَلْب الْكَلْب. د: الطين الْمَخْتُوم نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى سقِِي بشراب ممزوج. ج: ويطلى على العضة مِنْهُ بخل وَثَقِيف.
رماد الْكَرم مَتى ضمد بِهِ مَعَ خل ونطرون نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. ج: كبد الْكَلْب الْكَلْب قد استفاض فِيهِ القَوْل أَنه نَافِع إِن أكل من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَمن فزع من المَاء.
وَقد يعلق نَاب الْكَلْب الْكَلْب إِذا عض إنْسَانا على غَيره فيحرسه من عضة الْكَلْب الْكَلْب. د: النعنع إِن تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع عضة الْكَلْب الْكَلْب.
السرطان النَّهْرِي: مَتى أحرق وَأخذ رماده يُؤْخَذ مِنْهُ زنة ثَلَاثَة مَثَاقِيل مَعَ مِثْقَال وَنصف من جنطيانا وَشرب ثَلَاثَة أَيَّام بشراب نفع نفعا عَظِيما من عضة الْكَلْب الْكَلْب. وَكَذَلِكَ مَتى خلط بِعَسَل مطبوخ وَحده نفع مِنْهُ. د: رماد السرطان النَّهْرِي ينفع نفعا عَظِيما من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى اسْتعْمل وَأخذ على مَا قد ذكرنَا فِي كتاب الْأَدْوِيَة المفردة أَو يَأْخُذ مِنْهُ عشرَة أَجزَاء وَمن الكندر جُزْء وَمن الجنطيانا وَاسْتعْمل على النهشة ضماد الجواشير زعم ج: أَنه لَا يعادله شَيْء فِي مثل هَذِه الْعلَّة وَقد اتخذ ذَلِك وَجَربه.
لحم السّمك المالح مَتى تضمد بِهِ نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب. د: الْعَسَل جيد مَتى لعق.
كَذَلِك الفراسيون الاسود مَتى تضمد بِهِ مَعَ ملح نفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
بولس: ورق القثاء البستاني نَافِع مَتى دق وتضمد بِهِ عضة الْكَلْب الْكَلْب نفع. د: أصل الرازيانج إِذا تضمد بِهِ مدقوقا بِعَسَل أَبْرَأ عضة الْكَلْب الْكَلْب.
الثوم نَافِع من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى أكل. د قَالَ ابْن ماسويه: مِمَّا ينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب وَغَيره أَن يطلى بحضض بِمَاء بَارِد وَأطْعم العليل سرطان نهري مَعَ مَاء الشّعير واسقه الجنطيانا الرُّومِي زنة مِثْقَال مَعَ رماد سرطان نهري زنة مثقالين بِمَاء بَارِد. وتضع على مَوضِع العضة الجوشير مدافا بِمَاء حَار.
من عضة الْكَلْب الْكَلْب أفصده فِي يَوْمَيْنِ من يَده الْيُمْنَى واسقه من بعد ذَلِك من إنفحة كلب)
صَغِير مِثْقَالا أَو مَاء بصل أوقيتين يداف فِيهِ جبن عَتيق زنة دِرْهَمَيْنِ جنطيانا مثقالان سرطان نهري محرق ثَلَاثَة مَثَاقِيل طين مختوم أَرْبَعَة مَثَاقِيل يسقى من جَمِيع هَذِه(5/351)
دِرْهَمَيْنِ بِالْغَدَاةِ وَقيل: الْحبّ الَّذِي ذَكرْنَاهُ فِي بَاب مَا يخرج السَّوْدَاء وَهُوَ حب الخربق جيد لعض الْكلاب. د: دَوَاء جيد لذَلِك: سرطان نهري جنطيانا رومي خَمْسَة خَمْسَة كندر فوتنج ثَلَاثَة ثَلَاثَة طين رومي جزءان يستف مِنْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم بِمَاء فاتر على الرِّيق بِالْغَدَاةِ والعشي اياما كَثِيرَة قبل الْأَرْبَعين فانه إِن خَافَ من المَاء لم يكن لَهُ علاج.
دَوَاء يُوسع عضة الْكَلْب الْكَلْب: ملح ثَلَاثَة نوشادر جزءان قلقديس ثَمَانِيَة مَثَاقِيل أشقيل مشوي سِتَّة عشر سذاب أَرْبَعَة بسذ عشرَة نُحَاس محرق أَرْبَعَة زنجار ثَلَاثَة بزر فراسيون اثْنَان يَجْعَل عَلَيْهِ وَهُوَ منخول بالحريرة فانه نَافِع إِن شَاءَ الله.
فِي كتاب فليغروس إِلَى أربوطس فِي عضة الْكَلْب الْكَلْب قَالَ: من عضة الْكَلْب الْكَلْب لَا يحب أَن يرى الضَّوْء وَرُبمَا حمل بَعضهم على النَّاس فعضهم فَيعرض مِنْهُ مثل مَا يعرض من الْكَلْب وَيصير لَونه كلون الرماد ويعرض لَهُ غشاوة سَاعَة بعد أُخْرَى ويفر إِلَى الظلمَة وَوصف السرطان والجنطيانا وَقَالَ: اشرطه مَوضِع العضة وأسل دَمه مَا أمكن ثمَّ عالجه بِشعر رَأسه والمحاجم وخاصة إِن كَانَت مسخنة.
والكي افضل مَا عولج بِهِ من هَذَا وَجَمِيع السمُوم ووسع الْجرْح بالأشياء المالحة والحريف وضع عَلَيْهِ الثوم والحلتيت ووسع بالأشياء مَا أمكنك وَلَا تدع الْجرْح يندمل حَتَّى يبرأ العليل واسقه الشَّرَاب وَاللَّبن فانهما مضادان لجَمِيع السمُوم واطعمه ايضاً البصل والثوم فانهما يضادان السمُوم ايضاً والترياق والمثروديطوس فان هَذِه تمنع أَن يصير السمُوم إِلَى الْقلب وَإِنَّمَا يَنْبَغِي ان تعنى بتوسع الْجرْح واجتلاب السم فِي أول الْأَمر فَأَما بعد أَيَّام فان ذَلِك لَا يقي بِهِ. لِأَن السمُوم قد ذهبت فِي الْبدن ورسخ لَكِن يجب بعد ذَلِك أَن تعرقه مَا أمكن واسقه الشَّرَاب وَمَا يخْتل مزاج السم ويخرجه إِلَى خَارج السم واسقه الخربق وَلَا تخف عَلَيْهِ فانه قد نجا خلق شربوه قبل الْأَرْبَعين.
قَالَ: وَقد جرب دم الْكَلْب الْكَلْب وَوجد نَافِعًا مَتى شرب أَو شدّ نَاب الْكَلْب على عضد السَّلِيم فانه ينفع مِنْهُ وَمَتى أردْت أَن يَتَّسِع الْجرْح فضع عَلَيْهِ قِطْعَة سمك مالح أَو قَمِيص مَعَ ملح.)
قَالَ: إِن لم يتدارك العليل إِلَّا بعد الْفَزع من المَاء فَخذ جلد الضبعة العرجاء فاشوه وأطعمه اَوْ أطْعمهُ كبد الْكَلْب وَقَلبه مشويين أَو ضع قدح مَاء على جلد كلب كلب وقربه غليه فانه يشربه.
وجكى عَن سواريس قَالَ: أدخلهُ بَيْتا مضيئاً دفيا وافصده وَلَا تتركه ينظر إِلَى دَمه(5/352)
واحقنه بِزَيْت وَمَاء. فان هَذِه الحقنة تخفف وَجَعه وتسكن عطشه وَاجعَل غذاءه الأحساء وأياك وَقد ذكر الخربق سورانس فِي هَذَا السقم وَجَمِيع السمُوم الحارة وَزعم أَن جلد الضبع العرجاء لَا ينفع شَيْئا.
من الْمُقَابلَة للأدواء دَوَاء نَافِع من الْخَوْف من المَاء: ماهودانه وجندبادستر من فَوق وَمن أَسْفَل أَيْضا.
قَالَ: واسقه من مَاء الحدادين من حَيْثُ لَا يشْعر وَهُوَ المَاء الَّذِي يطفئون فِيهِ الْحَدِيد فَهُوَ عَجِيب الْفِعْل فِي ذَلِك.
قَالَ: وَإِن جعلت تَحت الْإِنَاء خرقَة من الَّتِي فِي المتوضا شرب العليل ذَلِك المَاء أَو يغشى الْإِنَاء كَمَا يَدُور من خَارج بجلد ضبع عرجاء فانه يشرب مِنْهُ المَاء إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
قَالَ الْيَهُودِيّ: إِن من عضة الْكَلْب الْكَلْب مَتى صب عَلَيْهِ المَاء سخن بدنه.
لي هَذ إِن كَانَ نَافِع فِي تعرف عضة الْكَلْب هَل هُوَ كلب أم لَا.
قَالَ وَمَتى لطخ الْخبز بِالدَّمِ الَّذِي سَالَ من مَوضِع العضة وَرمي إِلَى كلب لم يَأْكُلهُ فالكلب كلب.
قَالَ: وافصده وكلفه الْمَشْي وَأدْخلهُ الْحمام كرها والمسه بالأدهان الحارة واكو الْموضع وَأخرجه إِلَى النزه مَاشِيا وأطعمه سرطانا نهريا مشويا.
قَالَ: من عضه الْكَلْب يجن وَرُبمَا كَانَ كالغضبان وَلَا يَبُول وَلَا ينْطَلق بَطْنه وَيكثر بزاقه ويصيبه الفواق ويسيل لعابه وَيَنْبَغِي أَن يشده شدَّة وثاقا وَيبقى وَيبقى ويوجره المَاء.
للكلب الْكَلْب: الْجَوْز المقشر الف ز من قشريه يدق نعما مَعَ ملح ويعجن بالعسل وَيُوضَع على العضة أَو ضع عَلَيْهِ حِنْطَة محرقة مَعَ عسل وبصل أَو لبن التِّين أَو دَقِيق الكرسنة أَو الْملح أَو السذاب.
شَمْعُون فِي السمُوم قَالَ: وسع مَوضِع العضة وعالجه بعلاج من قد غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء من)
الْأَدْوِيَة المسهلة وَاجعَل مَاء فِي بلبة طَوِيلَة الْعُنُق واحتل فِي شربه كل حِيلَة وضمد الْمعدة والكبد بالأشياء الْبَارِدَة الَّتِي تهدئ الْعَطش.
3 - (عَلامَة الْكَلْب الْكَلْب)
أَن يسيل من فِيهِ زبد وتحمر عَيناهُ ويدلى ذَنبه وَلَا يعرف معارفه وَيحمل على كل شَيْء يُرِيد عضه.
وَقَالَ أَبُو جريح: إِن ذَنبه أبدا يكون ملقى وعينه فِي نَاحيَة وتهرب مِنْهُ الْكلاب وتبصبص لَهُ ويهرب من المَاء وَرُبمَا مَاتَ إِذا نظر إِلَيْهِ.(5/353)
قَالَ: مَتى وضع قدح خشب فِيهِ مَاء على جلد ضبع عرجاء وَدفع إِلَى السَّلِيم قبله وشربه.
قَالَ: وَلَا أعرف عقارا خيرا لَهُ من الجنطيانا.
من كتاب الطِّبّ الْقَدِيم قَالَ: إِن سقى المعضوض من الْكَلْب الْكَلْب إنفحة جرو صَغِير برِئ.
وَإِن أريت السَّلِيم مرْآة فان رأى فِيهَا إنْسَانا برِئ وَإِن رأى فِيهَا كَلْبا مَاتَ.
قَالَ ج فى الْأَعْضَاء الألمه: قد يعرض الْفَزع من المَاء بعد سِتَّة أشهر وَلم يعرض قبله الْبَتَّةَ وَلَا أعرف الْعلَّة فِي هَذَا.
ابْن البطريق قَالَ ج: أَكثر مَا تكلب الْكلاب فِي القيظ وَرُبمَا كلب فِي الْبرد الشَّديد وَإِذا كلب الْكَلْب لم يَأْكُل وَلم يشرب وسال من فِيهِ زبد وينقلب عَيناهُ ويترجح فِي مشيته كَأَنَّهُ سَكرَان ويعض كلما لحق وَلَا ينبح وَلَيْسَ يعرض من نهشه وجع شَدِيد لَكِن يعرض بعد ذَلِك الْخَوْف من المَاء والأرتعاش والتشنج ويرتعش جلده كُله وخاصة وَجهه وَمِنْهُم من يهرب من النُّور والضياء وَمِنْهُم من ينبح وَيُقَال: أَنه يَبُول بولاً فِيهِ شبه الْكلاب الصغار جدا وَإِن كَانَ مَوضِع العضة وَاسِعًا فَهُوَ أسلم وَيجب أَن يشرط حَتَّى يخرج الدَّم خُرُوجًا كثيرا شرطا غائراً فانه ملاكه ثمَّ تُوضَع عَلَيْهِ المحاجم بِنَار فان ذَلِك نَافِع والكي أَيْضا نَافِع لِأَن هَذَا يمْنَع غوص السم فِي الْبدن ويجذبه إِلَى السَّطْح. وَلَا تدع الْجرْح أَن يندمل وقشر خشكريشة ووسع الْموضع بالملح والثوم وَاعْلَم أَن الكي والمحاجم إِنَّمَا تصلح فِي ابْتِدَاء الْأَمر فاذا مَضَت أَيَّام صَالِحَة لم ينفع.
والفزع من المَاء إِنَّمَا يكون من أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَى سنة فاذا مَضَت أَيَّام فَاسق أيارج روفس مَعَ الخربق الْأسود فانه عَجِيب واسهل بَطْنه بِهَذَا الدَّوَاء وأطعمه كبد الْكَلْب مشويا فانه يُبرئهُ وأطعمه الْجَوْز المقشر.)
مرهم الجوشير يُوسع الْجرْح وَيُوضَع على عضة الْكَلْب الْكَلْب: يُؤْخَذ من الزفت رَطْل وخل ثَقِيف وقسط وَجوشير ثَلَاث أَوَاقٍ ينقع بخل ثمَّ يخلط الْجَمِيع وَيسْتَعْمل فانه ينفع جدا.
عَلَامَات الْكَلْب الْكَلْب أَن يحضر ويعثر ويعض جَمِيع مَا يلقاه من حجر وَغَيره وفمه مَفْتُوح وَلسَانه مدلوع ولعابه سَائل وَعَيناهُ جاحظتان محمرتان الف ز وأذناه مسترخيتان وذنبه بَين فَخذيهِ وَلَا يسْتَقرّ الْبَتَّةَ بل يعدو دَائِما. ويهرب من المَاء وتهرب مِنْهُ الْكلاب وَإِذا لم يتَّفق أَن يرى الْكَلْب فتعرف مَا هُوَ فالطخ دم المعضوض على كسرة وألقها لكَلْب فان لم يأكلها فَهُوَ كلب.
وعلامة من يعضه الْكَلْب أَن يحلم أَحْلَام مفزعة وَرُبمَا اخْتَلَط ويحس باختلاج فِي الْحجاب الحاجز وعطش شَدِيد وجفاف فِي الْفَم وَرُبمَا حمو فِي أَكثر الْأَمر بِلَا سَبَب ويفزعون(5/354)
من كل شَيْء ويكثرون الِالْتِفَات ويغضبون بِلَا سَبَب فاذا بلغ الْأَمر مِنْهُم بحت أَصْوَاتهم وفزعو من المَاء ويتأخر الْفَزع من المَاء ويتقدم على قدر بعد الْأَبدَان من الطبيعة السَّوْدَاء بهَا وَإِنَّمَا يخَافُونَ المَاء من غَلَبَة اليبس على مزاجهم فيخيل إِلَيْهِم فِي أدمغتهم أَن المَاء يُحِلهُمْ ويبيدهم ويستدل على ذَلِك أَنهم يتلفون بالتشنج فاذا لحقتهم فِي أول الْأَمر فَعَلَيْك بجذب السم إِلَى سطح الْبدن بالأدوية والمحاجم وَإِلَّا فَعَلَيْك باسهال الْبَطن بِمَا يخرج السَّوْدَاء مثل أفتيمون والخربق الْأسود وأدم الْحمام وَالْمَاء الفاتر والأدهان والأغذية اللطيفة المرطبة وَكَذَلِكَ الْأَشْرِبَة واحقنهم بحقن قَوِيَّة حريفة أَولا بِمَا يجذب السَّوْدَاء ثمَّ بالرطبة واحتل إِذا فزع من المَاء أَن تفرغ مَاء فِي جَوْفه وَهُوَ لَا يشْعر فان أجابتك الْقُوَّة فافصده وأسهله بِهَذَا الْحبّ: اهليج كابلي مثقلان أفتيمون مِثْقَال وَنصف ملح هندي نصف مِثْقَال بسايج مِثْقَال حجر أرميني مثله غارقيون مثله وَبَعْضهمْ يلقى مِثْقَالا وَنصف المثقال خربق أسود مثقالان اسْقِهِ مِنْهُ مثقالين وَيَأْكُل بعد ذَلِك فروجاً أَو دَرَّاجًا وَمن خرج مِنْهُ الدَّم عِنْد العضة فَهُوَ أسلم.
لي علاج هَؤُلَاءِ بعد الجذب شرب الْأَشْيَاء الَّتِي شَأْنهَا تَقْوِيَة الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة وَمنع السم مثل دَوَاء السرطان وَلَا يسقى فِي هَذِه الْأَيَّام دَوَاء مسهلاً وَلَا يفصد لِأَنَّهُ يعين على جذب السم إِلَى دَاخل. فَإِذا استقصيت الجذب إِلَى دَاخل يَوْمَيْنِ وَثَلَاثَة أخذت حِينَئِذٍ بالإسهال والتنقية.
دَوَاء مجرب: تنقع ذراريح فِي الدوغ يَوْمًا وَلَيْلَة ثمَّ يُبدل دوغها ثَلَاث مَرَّات ثمَّ تجفف فِي الظل وتدق وتنخل وَيجْعَل مَعهَا عدس مقشر مثله وَتجْعَل أقراصاً مِنْهَا دانقان فِي كل وَاحِدَة وتجفف)
الشربة وَاحِدَة بنبيذ أَو بِمَاء فاتر فاذا شربه شربة فَليقمْ فِي الشَّمْس ويتدثر وَيَمْشي بِسُرْعَة حَتَّى يعرق. فان وجد كربا شرب سكرجة من سمن بقر أَو زيتا صافيا وَإِن احْتبسَ بَوْله دخل الآبزن فاذا بَال دَمًا فقد برِئ وَأمن من الْفَزع من المَاء وَيجب أَن تقطع أَجْنِحَة الذراريح وأرجلها ورؤوسها.
أهرن للكلب الْكَلْب قَالَ: اسْقِهِ المَاء فِي أنبوب وَهُوَ لَا يعلم وضع على معدته وَرَأسه الْأَشْيَاء الملطفة المبردة فانه ملاكه.
ابْن سرابيون: يهيج الْكَلْب فِي الْأَكْثَر فِي الْحر الشَّديد وَالْبرد الشَّديد أَيْضا وَإِذا هاج لم يغتذ وَلم يشرب الْبَتَّةَ وفر من المَاء ويلهث دَائِما وتحرك أذنابها وَيخرج من افواهها زبد وتنقطع أصواتها كَأَنَّهَا مخنوقة وتشد على من اسْتَقْبلهَا من غير نبح وَإِذا نهش فَلَيْسَ يعرض مِنْهُ فِي الِابْتِدَاء شَيْء سوى وجع النهشة فَأَما بأخره فَيعرض الْخَوْف من المَاء وتشنج وَحُمرَة فِي الْجِسْم وخاصة فِي الْوَجْه وعرق كثير ويهربون من المَاء إِذا رَأَوْهُ وَمن سَائِر الرطوبات وَرُبمَا كلبوهم أَيْضا وشدوا على النَّاس يعضونهم فَيعرض مثل الْعَارِض الأول.
وَقَالَ بعض الْأَطِبَّاء فِي عِلّة الْخَوْف من المَاء: إِن ذَلِك يكون لِأَن مزاجهم يَسْتَحِيل دَائِما(5/355)
الْبَتَّةَ إِلَى اليبس فتضادهم الرُّطُوبَة جدا لِأَن مزاج الدِّمَاغ يغلب عَلَيْهِ اليبس.
لي لَو كَانَ هَذَا هَكَذَا لَكَانَ مَعَه سهر دَائِم.
قَالَ: خُذ الْجَوْز ودقه وضع على النهشة وشده نصف يَوْم ثمَّ اقلعه واطرحه للدجاجة أَو للديك فانه لَا يقربهُ إِن كَانَ كَلْبا إِلَّا أَن يضطره الْجُوع إِلَى أكله فتموت فِي الْيَوْم الثَّانِي فان صَحَّ عنْدك أَن كلب الْكَلْب فَوسعَ الْجرْح بالأدوية الموسعة كالبصل والثوم واالخردل والجرجير المسلوق بِسمن واسقهم دَوَاء السرطانات.
وأدويتهم البسيطة هِيَ الحضض الأفسنتين صمغ الأنجدان سقورديون كمادريوس جعدة ترياق الأفاعي أَيْضا نَافِع وَالشرَاب الحلو الصّرْف الْعَتِيق الْقوي وَأكل البصل والثوم والكراث مسيح قَالَ: يعرض لَهُم فوَاق وعطش وَخَوف من المَاء.
دَوَاء الذراريح جيد عَجِيب لذَلِك: تُؤْخَذ ذرياريح كبار سمان وألق رؤوسها وأجنحتها سِتَّة مَثَاقِيل وزعفران وقرنفل وفلفل وسنبل وزنجبيل ودارصيني مِثْقَال عدس مقشر سِتَّة مَثَاقِيل ينعم سحق الْجَمِيع وخاصة الذرايح واعجن الْكل وأجعلها أقراصاً القرص من دانقين واسق)
العليل قرصة بِمَاء فاتر أَيَّامًا فان وجد مغساً فليشرب مَاء قد غلى فِيهِ عدس وَشَيْء من سمن وَيدخل الْحمام كل يَوْم بعد شربه وَيقْعد فِي الآبزن حَتَّى يَبُول وَليكن طَعَامه اسفيذباجة من فروج سمين وَيشْرب نبيذاً رَقِيقا بِمَاء بَارِد ويتوقى الْبرد.
قَالَ: وَالْجُلُوس فِي المَاء الْحَار جيد لَهُ.
انْتهى السّفر التَّاسِع عشر من كتاب الحاوى على مَا جزأه مُؤَلفه ويتلوه السّفر الْعشْرين فِي الْأَدْوِيَة المفردة وأفعالها فِي الْأَبدَان(5/356)
(الْجُزْء الْعشْرُونَ)
(الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف أَب ت ث)(6/5)
(فارغة)(6/6)
وَصلى الله على مُحَمَّد وعَلى آله وَسلم.
(الْأَدْوِيَة المفردة على حُرُوف أَب ت ث)
3 - (بَاب الْألف)
أقحوان قَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى شرب يَابسا بالسكنجبين أَو بالملح مثل مَا يشرب الأفتيمون أسهل مرّة سَوْدَاء وبلغما ونفع من الربو وَأَصْحَاب الْمرة السَّوْدَاء.
وَمَتى شرب زهر هَذَا النَّبَات نفع من الْحَصَى والربو.
وطبيخه يجلس فِيهِ النِّسَاء لصلابة الرَّحِم والورم الْحَار الْعَارِض فِيهَا وَقد يضمد بِهِ مَعَ زهرَة للحمرة والأورام الحارة.
ودهن أقحوان مسخن مفتح لأفواه الحروق مدر للعرق وَالْبَوْل نَافِع.
إِذا جعل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة المعفنة نفع من النواصير وأدرة المَاء بعد أَن تشق وتقشر الخشكريشة والقروح الخبيثة ويوافق عسر الْبَوْل والأورام المقعدة الحارة وَيفتح البواسير مَتى دهنت بِهِ المقعدة ويدر الطمث مَتى احْتمل وَيحل صلابة الْأَرْحَام والأورام البلغمية الَّتِي فِيهَا ج فِي السَّادِسَة: إسخان هَذَا إسخان لَيْسَ بِيَسِير وَلَيْسَ يجفف تجفيفا شَدِيدا بل هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة.
وَأما الأقحوان الْأَبْيَض فان قوته قُوَّة تقطع وتلطف الأخلاط الغليظة وَلذَلِك صَار يدر الطمث إِذا شربت أَطْرَافه بشراب وَقد وثق النَّاس مِنْهَا أَيْضا بِأَنَّهَا تحل الدَّم الجامد وَأَنَّهَا لَيست تفعل)
ذَلِك بالجامد مِنْهُ فِي الْمعدة فَقَط بل وَبِمَا يجمد مِنْهُ فِي المثانة وَيجب أَن تشرب بِمَاء الْعَسَل وَمن شَأْنهَا أَن تجفف جَمِيع مَا يتجلب إِلَى الْمعدة جملَة إِذا هِيَ شربت. وَهِي رَدِيئَة للمعدة وَلَا سِيمَا لفمها.
قَالَ: والأقحوان الْأَبْيَض حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الثَّانِيَة وَأما الْأَحْمَر فانه يلطف الكيموس ويقطعه ويدر الطمث. وَإِذا شرب مَعَ شراب وَعسل ذوب الدَّم الجامد فِي الْجوف ويجفف جَمِيع أَنْوَاع السيلان وَهُوَ ردئ للمعدة.(6/7)
قَالَ ابْن ماسه: إِنَّه ينيم ويسبت إِن شم.
أرز قد ذَكرْنَاهُ باسمه الآخر وَهُوَ تنوب.
أيرسا أم غيلَان قَابض يُوَافق سيلان الرطوبات من الرَّحِم وَنَفث الدَّم وماؤه يُوَافق سيلان الرطوبات.
أدخيموي وأدغيموي قد ذَكرْنَاهُ عِنْد ذكر الشقائق.
أسارون قَالَ د: الأسارون طيب الرَّائِحَة يلذع اللِّسَان جدا مدر للبور صَالح لمن بِهِ حِين وعرق النسا يدر الطمث وَإِذا شرب مِنْهُ سَبْعَة مَثَاقِيل بِمَاء الْعَسَل أسهل كالخربق الْأَبْيَض وَمَتى أَخذ من الأسارون ثَلَاثَة مَثَاقِيل وَطرح فِي اثْنَي عشر قوطولي وطبخ حَتَّى يذهب الثُّلُثَانِ وروق بعد شَهْرَيْن وَسقي مِنْهُ نفع من الاسْتِسْقَاء واليرقان ووجع الكبد والورك.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: الَّذِي ينفع من هَذِه الحشيشة أُصُولهَا وَقُوَّة الْأُصُول كقوة الوج إِلَّا أَنَّهَا أقوى.
قَالَ مسيح الدِّمَشْقِي: وَهُوَ نَافِع من وجع الورك الْقَدِيم.
قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ جيد للكلى والمثانة وَيزِيد فِي النُّطْفَة أفيون أَفْعَى هِيَ مَذْكُورَة فِي بَاب الْحَيَّة.
أذخر قَالَ فِيهِ د: إِنَّه يلذع اللِّسَان ويحذيه حذياً يَسِيرا وقوته مسخنة تفت الْحَصَى منضجة ملينة مفتحة لأفواه الْعُرُوق مدر للبور والطمث مُحَلل للنفخ ينقي الرَّأْس وَيقبض قبضا يَسِيرا وفقاحه نَافِع من نفث الدَّم وأوجاع الْمعدة والرئة والكلى والكبد وَأَصله أَشد قبضا وَلذَلِك قد يسقى للغثيان مِثْقَال مِنْهُ مَعَ مثله من الفلفل وطبيخه مُوَافق للأورام الحارة الْعَارِضَة الَّتِي تعرض للرحم إِذا جلس فِيهِ.
وَقَالَ ج: قُوَّة زهرَة الْإِذْخر مركبة لِأَنَّهُ لَا يُطلق الْبَطن إِذا شرب لَكِن يقبض أَيْضا.
وَقَالَ أريباسيوس: زهرَة الْإِذْخر وَهُوَ الْمُسَمّى زهر الْإِذْخر يسخن إسخانا يَسِيرا وَقَبضه أقل من إسخانه وَلَيْسَ بِبَعِيد فِي اللطافة من الْجَوْهَر اللَّطِيف الْأَجْزَاء وَلذَلِك يدر الْبَوْل والطمث وينفع من الأورام الَّتِي تكون فِي الْبَطن والكبد والمعدة.
فِي الثَّامِنَة مِنْهُ قَالَ ج فِي سجونس البحري: وَيُوجد بحذائه الْإِذْخر وَمن الْبَين أَنه يسخن وَيقبض قَلِيلا وجوهره مَعَه لطافة مَا وَلذَلِك يدر الطمث وَالْبَوْل شرب أَو كمد بِهِ فينفع وتكمد بِهِ وَأما الآجامى مِنْهُ الَّذِي يُسمى أكسجونس فانه أدق وأصلب وَالَّذِي يُقَال لَهُ أولوسجويوس)
أغْلظ وأرخى وَهَذَا النَّوْع يجلب النّوم والدقيق يصدع وجميعهما إِذا قليا(6/8)
بالنَّار وشربا بِالشرابِ عقلا الْبَطن وقطعا النزف الْأَحْمَر وَهُوَ دم عَارض للنِّسَاء وَهَذِه أَفعَال تدل على أَن مزاجهما مركب من جَوْهَر أرضي يسير الْبرد وجوهر مائي حَار حرارة يسيرَة.
حنين فِي كتاب الترياق: الْإِذْخر جيد لورم الكبد والمعدة جدا ودهنه نَافِع من جَمِيع أَنْوَاع الحكة وَمَا كَانَ مِنْهَا أَيْضا فِي الْبَهَائِم وَيذْهب الإعياء جيد للبرص.
أسفيذاج الرصاص قد ذَكرْنَاهُ فِي ذكر الأسرب.
أشنة قَالَ فِيهَا د: إِن قوتها قابضة تصلح لأوجاع الرَّحِم إِذا جلس فِي طبيخها وَتَقَع فِي الدخن والأدهان الَّتِي تحل الاعياء. ج فِي السَّادِسَة: قوتها قابضة باعتدال وَلَيْسَت بباردة برودة قَوِيَّة بل هِيَ قريبَة من الفتورة وفيهَا مَعَ هَذَا قُوَّة محللة ملينة وخاصة فِي الَّذِي يُوجد مِنْهَا على شجر الصنوبر.
قَالَ بولس: إِنَّهَا تفشي وتلين قَلِيلا وخاصة مَا كَانَ على شَجَرَة القطران.
قَالَ الخوزي: مَتى أنقعت فِي الشَّرَاب أَنَام ذَلِك الشَّرَاب نوما غرقا.
قَالَ القلهمان: إِنَّهَا بَارِدَة قابضة جَيِّدَة مَتى طليت على الورم الْحَار.
وَوجدت أَيْضا فِي كتبهمْ أَنَّهَا حارة فِي الأولى يابسة فِي الثَّانِيَة وَمَتى أنقعت فِي شراب قَابض وَشرب ذَلِك الشَّرَاب نفع الْمعدة وأذهب نفخ الْبَطن وأنام الصّبيان نوما غرقا ويطيب الْمعدة وَيحبس القئ.
أسقنقور ذَكرْنَاهُ فِي بَاب السِّين.
أسفيوس هُوَ البزرقطونا.
أومالي هُوَ شَيْء دَهِين أثخن من الْعَسَل حُلْو يسيل من سَاق شَجَرَة تكون بتدمر مَتى شرب مِنْهُ ثَلَاث أَوَاقٍ بتسع أَوَاقٍ من مَاء الْعَسَل أسهل فضولانية وَمرَّة صفراء ويعرض لشاربه كسل واسترخاء وَلَا يهولنك ذَلِك وَلَا تتركهم يُسْبِتُوا. وَقد تهَيَّأ من دسم أَغْصَان هَذِه الشَّجَرَة أدهان وأجوده مَا كَانَ مِنْهُ عتيقا ثخينا دسما صافيا وَهُوَ مسخن صَالح للظلمة فِي الْبَصَر مَتى اكتحل بِهِ. وَإِن وَقَالَ بولس فِي هَذَا: وَهُوَ يشبه الدّهن العسلي إِلَّا أَنه أثخن من الْعَسَل ويسيل من سَاق شَجَرَة حلوة المذاق ويعرض مِنْهُ إِذا شرب الإسهال على مَا ذكره د واسترخاء وكسل وَيجب أَلا يهولنك ذَلِك وَلَا تجزعن مِنْهُ.
أذريونة قَالَ فِيهِ بديغورش: خاصته النَّفْع من السمُوم والهوام وَإِسْقَاط الأجنة.
أغافت نذكرهُ فِي بَاب الْغَيْن.(6/9)
أسفاي قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه حَار فِي الثَّانِيَة قَابض فِي الأولى.
لي أَظن أَن هَذَا هُوَ رعي الْإِبِل.
أريقي قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض ويحلل أَيْضا بِلَا لذع وَأكْثر مَا يسْتَعْمل مِنْهُ ورده وورقه.
أغالوجن طيب الرَّائِحَة قَابض مَعَ مرَارَة يسيرَة إِذا شرب من أَصله مِثْقَال نفع من لزوجة الْمعدة وضعفها وَسكن لهيبها وَمَتى شرب بِالْمَاءِ نفع من وجع الكبد وَالْجنب وقرحة المعي والمغص ويهيأ مِنْهُ ذرور يطيب الْجِسْم وطبيخه يطيب النكهة إِذا تمضمض بِهِ وَكَذَلِكَ هُوَ إِن مضغ.
وَيسْتَعْمل فِي الدخن.
أثمد قَالَ ج: قوته قابضة مبردة يذهب اللَّحْم الزَّائِد فِي القروح ويدملها وينقي أوساخها وأوساخ القروح الْعَارِضَة فِي الْعين وَيقطع الرعاف الْعَارِض فِي الْحجب الَّتِي فَوق الدِّمَاغ وقوته فِي الْجُمْلَة شَبيهَة بِقُوَّة الرصاص المحرق.
وَمَتى خلط الإثمد بِبَعْض الشحوم الطرية ولطخ على حرق النَّار لم تعرض فِيهِ خشكريشة من القروح الْعَارِضَة من حرق النَّار.
قَالَ ج: فِي الْعَاشِرَة لهَذَا الدَّوَاء مَعَ التجفيف أَنه يقبض وَلذَلِك يخلط فِي الشيافات والأكحال النافعة للعين.
وَقَالَ فِي الرَّابِعَة من قاطاجانس: إِن الْكحل أَشد تجفيفا من الزاج الْأَحْمَر.
أصابغ صفر قَالَ بديغورس: إِن خاصته النَّفْع من الْجُنُون والفضول الغليظة.
نذكرها مَعَ الْحِنْطَة.
أس قَالَ د: إِن الشَّديد الخضرة الَّذِي يضْرب من أجل شدَّة خضرته إِلَى السوَاد أقوى فِي العلاج من الَّذِي يمِيل إِلَى الْبيَاض وَثَمَرَة الْأَبْيَض أقوى من ثَمَرَة الْأسود.
وَقُوَّة جَمِيع الآس قابضة يُؤْكَل رطبا ويابساً لنفث الدَّم ولحرقة المثانة.
وعصارة الثَّمر وَهُوَ رطب يفعل فعل الثَّمَرَة وَهُوَ جيد للمعدة مدر للبول نَافِع من عضة الرتيلا إِذا لطخ بشراب وَمن لسعة الْعَقْرَب.
وطبيخ ثَمَرَته يصْبغ الشّعْر وَإِذا طبخ بشراب وتضمد بِهِ أَبْرَأ القروح الَّتِي فِي الْكَفَّيْنِ والقدمين.
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الشوكران سكن الأورام الحارة الْعَارِضَة للعين. وطبيخه يُوَافق خُرُوج المقعدة وَالرحم.
وأفشرح الآس: يصلح لكل مَا تصلح ثَمَرَته. وَيصْلح طبيخه للنِّسَاء اللواتي تسيل(6/10)
مِنْهُنَّ رطوبات مزمنة ويجلو نخالة الرَّأْس وقروحه الرّطبَة وبثوره ويمسك الشّعْر المتساقط ويوافق المفاصل المسترخية.
وَمَتى صب على كسور الْعِظَام الَّتِي لم تلتحم بعد نَفعهَا. ويجلو البهق. ويقطر فِي الآذان الَّتِي وعصارة الْوَرق أَيْضا تفعل ذَلِك وَمَتى دق الْوَرق وصب عَلَيْهِ المَاء وخبص مَعَ زَيْت وخمر وتضمد بِهِ وَافق القروح الرّطبَة والمواضع الَّتِي تسيل مِنْهَا الفضول والإسهال المزمن والنملة والحمرة والأورام الحارة الْعَارِضَة للانثيين والشرى والبواسير.
وَإِذا دق يَابسا وذر على الداحس نفع مِنْهُ. وَيذْهب نَتن الْأنف وَيقطع الْعرق. وينفع من الخفقان وَيُقَوِّي الْقلب.
وَمَتى اسْتعْمل بموم وزيت عذب أَبْرَأ حرق النَّار والداحس.
وَيَنْبَغِي أَن تسْتَعْمل عصارته وَهِي حَدِيثَة لِأَنَّهَا مَتى أزمنت تكرجت وضعفت.
بنكه: وبنك الآس قد يكون على سَاق شجر الآس بنك شَبِيها بلون السَّاق فِي مشابهة الْكَفّ فِي شكله وَقَبضه أقوى من قبض الآس يُؤْخَذ فينعم سحقه ويعجن بشراب عفص ويتخذ)
أقراصا وَهَذِه الأقراص أقوى فعلا من ورق الآس وثمره. وَإِن احتجت أَن تجْعَل قيروطيا رطبا قَابِضا فَاجْعَلْ فِيهِ شَيْئا من هَذِه الأقراص وَكَذَلِكَ الضمادات والفرزجات والمياه وَجَمِيع مَا أردْت أَن تكون قوته قابضة.
دهن الآس: وَأما دهن الآس فقوته قابضة مصلبة وَيَقَع فِي المراهم المدملة وَيصْلح لحرق النَّار والقروح الرّطبَة فِي الرَّأْس والنخالة والبثور فِيهِ والسحج والشقاق فِي الْمعدة واسترخاء شراب الآس: وشراب الآس شَدِيد الْقَبْض جيد للمعدة يقطع سيلان الرُّطُوبَة إِلَى الْمعدة والمعي وباطن الْبدن وسيلان الرطوبات وورم الْمعدة والمعي وينفع من القروح الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والنخالة والبثر فِيهِ واسترخاء اللثة وورم النغانغ وَالْأُذن الَّتِي يسيل مِنْهَا مَاء وَيقطع العرقز وَقد يحرق الآس وَيسْتَعْمل بَدَلا من التوتيا على مَا فِي كتاب الصَّنْعَة.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: دهن الآس قَابض وَقَالَ فِيهِ حَيْثُ ذكره خَالِصا: إِنَّه مركب من قوى متضادة وَالْأَكْثَر فِيهِ الأرضي الْبَارِد وَفِيه مَعَ هَذَا شَيْء حَال لطيف فَهُوَ لذَلِك يجفف تجفيفا قَوِيا وورقه وقضبانه وثمرته وعصارته لَيْسَ بَينهَا فِي الْقَبْض كثير خلاف.
وَأما البنك الَّتِي فِي سَاقه وَالْعقد الَّتِي فِي قضبانه فبحسب مَا هِيَ أيبس كَذَلِك هِيَ أَقبض وَأَشد تجفيفا وَقد تحرق هَذِه وتعجن بِالشرابِ وتتخذ أقراصا.
ورقه: وَأما ورقه الْيَابِس فَأكْثر تجفيفا مِنْهُ رطبا.(6/11)
وَأما رب الآس فحابس مَا بَقِي من دَاخل وَمن خَارج لِأَنَّهُ لَا يخالطها الْبَتَّةَ شَيْء من قوى المسهلة وَلَا من الغسالة.
حب الآس وورقه قَالَ فِي كتاب الأغذية: حب الآس وَهِي ثَمَرَته قَليلَة الْغذَاء تقبض وتحبس الْبَطن وَقَبضه أَكثر من برده ويخالط قَبضه حِدة وحراقة. وَجَمِيع الأغذية الَّتِي فِيهَا حراقة أَو حِدة إِذا فَارقهَا ذَلِك بالإنقاع والطبخ غذا غذَاء يَسِيرا. وَقد عرض ذَلِك للبصل والكراث.
قَالَ ابْن ماسويه: حب الآس بَارِد يَابِس فِيهِ مرَارَة يسيرَة ويبسه إِلَى الْبرد للعفوصة الَّتِي فِيهِ وَإِن كَانَت فِيهِ حلاوة لَطِيفَة وَهُوَ نَافِع من نفث الدَّم الْعَارِض فِي الصَّدْر والرئة دابغ للمعدة لما فِيهِ من العفوصة وَلَيْسَ بضار للرئة لحلاوته ويغذو غذَاء يَسِيرا صَالحا وينفع استطلاق الْبَطن الْحَادِث من الْمرة الصَّفْرَاء ونفعه للسعال بالحلاوة اللطيفة الَّتِي فِيهِ ونفعه من استطلاق الْبَطن)
بالعفوصة. وَلَا يكَاد يجْتَمع النَّفْع من السعال واستطلاق الْبَطن إِلَّا لقَلِيل من الْأَشْيَاء.
رب الآس: وَرب الآس نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة. د: وأصبت فِي النُّسْخَة الْقَدِيمَة أَن حب الآس ينفع من لذع المثانة والسعال عَاقل للطبيعة قَاطع للاسهال الصفراوي مقو للمعدة وَنَفث الدَّم.
ابْن ماسويه يَقُول: رب الآس نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة والسعال وَهُوَ مَعَ ذَلِك جيد للقروح فِي الْأَعْضَاء الدَّاخِلَة مقولها مُمْسك للْحيض.
أكثمكث دَوَاء هندي يفعل أَفعَال الفاوانيا إِذا سحق بِمَاء وطلي على الْعُضْو الَّذِي يرْتَفع مِنْهُ بخار الْمرة أصطرك وَهُوَ ضرب من الميعة والجيد مِنْهُ حاد الرَّائِحَة جدا وقوته مسخنة ملينة منضجة وَتصْلح للسعال والنزلات والزكام وبحوحة الصَّوْت وانقطاعه وَإِذا شرب أَو احْتمل وَافق انضمام فَم الرَّحِم والصلابة الْعَارِضَة فِيهَا ويدر الطمث.
وَمَتى ابتلع مِنْهُ شَيْء يسير مَعَ صمغ بطم لين الْبَطن تَلْيِينًا خَفِيفا.
ويخلط بالمراهم المحللة والأدهان المحللة للاعياء.
ودخانه يُوَافق وَيصْلح جَمِيع مَا يصلح لَهُ دُخان الكندر.
ودهنه يسخن ويلين جدا ويصدع ويثقل الرَّأْس ويسبت.
أسطرا طيقوس الحالبي د: وَإِنَّمَا سمي كَذَلِك لِأَنَّهُ يشفي من الورم الْحَادِث فِي الحالب مَتى ضمد بِهِ أَو علق عَلَيْهِ.
وقوته محللة وَفِيه أَيْضا قُوَّة مبردة دافعة وَلَيْسَ لَهُ قبض. وأصبت أَن هَذَا الدَّوَاء يُسمى الحزم.
أبهل قَالَ فِيهِ د: انه صنفان كِلَاهُمَا يمْنَع سعي القروح الخبيثة ويسكن الأورام الحادة وَمَتى تضمد بِهِ نقي سَواد الْجلد وأوساخه الَّتِي تعرض من فضول الْبدن ويقشر خشكريشة الْجَمْرَة ويبول الدَّم إِذا شرب.(6/12)
وَيسْقط الْجَنِين مَتى احْتمل أَو شرب أَو تدخن بِهِ.
وَيَقَع فِي أخلاط الأدهان المسخنة وخاصة فِي أخلاط دهن عصير الْعِنَب.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا قوي التجفيف فِي كيفياته كلهَا الْمَوْجُودَة فِي طعمه على مِثَال مَا هِيَ عَلَيْهِ فِي الشربين إِلَّا أَنه أحد من الشربين وَكَأَنَّهُ فِي الْمثل أطيب رَائِحَة مِنْهُ وَهَذَا من الْحَرَارَة وَله أَيْضا مرَارَة وَقبض أفضل مِمَّا للشربين وَهَذَا مِمَّا يدل على أَنه أحد مِنْهُ فَهُوَ لذَلِك يحلل أَكثر من تَحْلِيل الشربين وَلذَلِك صَار لَا يقدر على إدمال الْجِرَاحَات لشدَّة حرارته ويبسه لِأَن فِيهِ من الْحَرَارَة واليبوسة جَمِيعًا مِقْدَارًا مَا يخرج بِهِ إِلَى أَن يكون يهيج ويلهب. وَأما القروح العفنة فَهُوَ نَافِع لَهَا كَنَفس الشربين وخاصة للعفونة الرَّديئَة الخبيثة المستحكمة فان العفونة إِذا كَانَت على هَذِه الْحَال احتملت قُوَّة هَذَا الدَّوَاء من غير أَذَى وَهُوَ أَيْضا ينقي القروح المسودة الوسخة جدا نَافِع مَتى وضع عَلَيْهَا مَعَ مَاء الْعَسَل ويقلع الخشكريشة الَّتِي تكون على الْجَمْر وللطافته يدر الطمث أَكثر من كل شَيْء يدره وَينزل دَمًا وَيفْسد الأجنة الْأَحْيَاء وَيخرج الأجنة الْمَوْتَى وليوضع من الْحَرَارَة واليبوسة فِي الدرجَة الثَّالِثَة على أَنه من الْأَدْوِيَة اللطيفة الحادة لذَلِك يدْخل فِي الأدهان الطّيبَة وَقد يَجْعَل مَكَان الدارصيني مِنْهُ ضعف الدارصيني فِي كثير من المعجونات لِأَن قوته تحلل وتلطف إِذا شرب.
قَالَ بديغورس: خَاصَّة الابهل قتل الْوَلَد وتجفيف القروح وإحدار الْحَيْضَة وَالْبَوْل.
قَالَ أريباسيوس: إِنَّه من الْأَشْيَاء القوية التجفيف والإسخان مُحَلل يدر الطمث من أجل لطافته أَكثر من جَمِيع الْأَشْيَاء ويحرك خُرُوج الدَّم بالبول وَيفْسد الأجنة الْأَحْيَاء وَيخرج)
الْمَوْتَى.
قَالَ بولس: الابهل شَبيه بالسرو فِي أَمر العفونات وَمن هَهُنَا يدل على أَن الشربين هُوَ السرو. د وَج جَمِيعًا على أَن السرو لَا يسخن وَلَهُمَا جَمِيعًا ذكر للسرو مُفردا فَذَلِك يصحح أَن الشربين لَيْسَ هُوَ السرو.
قَالَ مسيح: إِنَّه نَافِع من الْأكلَة مَتى سحق ونثر عَلَيْهَا.
قَالَ الطَّبَرِيّ: إِن الابهل كالسرو فِي أَفعاله وطباعه إِلَّا أَنه ألطف.
أولودار ذكر مَعَ الكتيت.
أوياكخ أللبخ يذكر مَعَ السدر.
أبنوس قَالَ فِيهِ د: إِن قوته جالية للظلمة من الْبَصَر جلاء قَوِيا وَيصْلح لسيلان الرطوبات المزمنة إِلَى الْعين والقرحة فِيهَا.(6/13)
وَمَتى عمل مِنْهُ مسن وحك عَلَيْهِ الشياف كَانَ فعلهَا أقوى وأجود وَتُؤْخَذ برادته فتنقع فِي شراب ريحاني ثمَّ ينعم سحقه ويتخذ أشيافا والأجود أَن ينعم نخلها بالحرير قبل ثمَّ تنقعها بِالشرابِ وَقد يعْمل بِالْمَاءِ.
وَإِذا أحرق ثمَّ غسل صلح للرمد الْيَابِس وحكة الْعين.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته مسخنة وَإِذا حك بِالْمَاءِ انحل كَمَا ينْحل بالحك بعض الْحِجَارَة وَهُوَ لطيف جدا وَلذَلِك قد وثق النَّاس أَنه يجلو مِنْهُ مَا يكون قُدَّام الْعين فيحجبها عَن الْبَصَر.
ويخلط أَيْضا مَعَ أدوية أخر من أدوية الْعين النافعة للقروح العتيقة من قُرُوح الْعين والمواد المنجلبة إِلَيْهَا إِذا عتقت والبثور الَّتِي تحدث فِي الْعين من جنس النفاخات.
وَقَالَ بولس: إِنَّه ينقي الغشاء الْعَارِض للعين وَيدخل مَعَ أدوية أخر تصلح للعين.
أقاقيا قَالَ د: إِن قوته قابضة مبردة تدخل فِي أدوية الْعين والحمرة والنملة والشقاق الْعَارِض من الْبرد والداحس وقروح الْفَم وَيصْلح نتوء الْعين وَيقطع سيلان الرطوبات المزمنة من الرَّحِم وَيرد نتوء المقعدة وَالرحم البارزة.
وَيعْقل الْبَطن مَتى شرب أَو احتقن بِهِ ويسود الشّعْر.
وطبيخ ثَمَرَته مَتى صب على المفاصل المسترخية شدها.
وَمَتى لطخ الأقاقيا مَعَ بَيَاض الْبيض على حرق النَّار لم يتنفظ.
وَلَيْسَ بِصَالح فِي أدوية الْعين إِلَّا الْمصْرِيّ مِنْهُ.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن شَجَرَة الأقاقيا قابضة جدا وَكَذَلِكَ جَمِيع ثمره.
وعصارته مَتى غسلت نقصت قوتها وَصَارَت غير لذاعة لِأَن حدتها تنسلخ فِي المَاء. فان مسح بِهَذِهِ العصارة عُضْو صَحِيح جففته على الْمَكَان ومددته وَلَا يحدث فِيهِ مس حرارة بل برودة غير الشَّدِيدَة وَهَذَا مِمَّا يعلم مِنْهُ أَن هَذَا الدَّوَاء بَارِد أرضي ويخالطه مَعَ هَذَا شَيْء من الْجَوْهَر المائي.
وَإِنِّي لأَظُن أَن أجزاءه لَيست بمتشابهة بل فِيهِ أَجزَاء لَطِيفَة تُفَارِقهُ فِي الْغسْل فليوضع إِذا فِي الدرجَة الثَّالِثَة من التجفيف وَفِي الثَّانِيَة من دَرَجَات التبريد إِذا هُوَ غسل فان لم يغسل فَفِي الأولى.
وَقَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الأورام الحارة.
وَقَالَ اريباسيوس يجفف تجفيفا قَوِيا ويبرد تبريدا كَافِيا إِذا غسل فان لم يغسل فتبريده يسير لِأَن فِيهِ حرارة يسيرَة تُفَارِقهُ بِالْغسْلِ.
قَالَ حنين فِي كتاب الترياق: فِي الأقاقيا حِدة توصل شدَّة تجفيفه وتغوصه.(6/14)
أسقولو قندريون نذكرهُ فِي حرف السِّين.
أترج قَالَ د: بزره مَتى شرب بشراب ضاد السمُوم القاتلة وأسهل الْبَطن.
وطبيخه يطيب النكهة.
وقشوره تحفظ اللثات من التأكل.
وحماضه قَالَ ج فِي السَّابِعَة: إِن الحماض يبرد ويجفف فِي الثَّالِثَة.
وقشر الأترج يجفف تجفيفا مَعَ حِدة لَيست بيسيرة وَلذَلِك صَار تجفيفه فِي الثَّالِثَة وَأما فِي وَأما لَحْمه فيولد أخلاطا غَلِيظَة بَارِدَة.
وَأما بزره فَهُوَ مر وَإِذا كَانَ كَذَلِك فَالْأَمْر فِيهِ بَين أَنه مُحَلل مجفف فِي الثَّانِيَة.
وورقه أَيْضا مجفف مُحَلل.
وَقَالَ فِي كتاب الْغَدَاء: قشره الْأَصْفَر عطر فِي نَفسه عسر الهضم لِأَنَّهُ صلب قحل فَأَما إِن اسْتعْمل فِي الْأَطْعِمَة فَهُوَ يعين على الاستمراء كَمَا يعين الْأَشْيَاء الحارة وَكَذَلِكَ يُقَوي الْمعدة مَتى تنوول مِنْهُ الشَّيْء الْيَسِير فَهُوَ يعين على الاستمراء.
وَكَذَلِكَ مَاؤُهُ مَتى دق وعصر وخلط فِي الْأَدْوِيَة المسهلة.
وَأما حماضه فانه يلقِي فِي الْخمر الْغَيْر الحامضة لتزداد حمضة.
وَأما لَحْمه فَهُوَ عسر الانهضام صلب ويؤكل بالمربى فَيصير أسْرع هضما.
قَالَ ابْن ماسويه: قشره حَار يَابِس فِي الثَّانِيَة وَهُوَ كثيف مستحصف بطئ الهضم فِي نَفسه يعين على هضم الطَّعَام إِعَانَة يسيرَة وَيُقَوِّي الْمعدة مَا لم يكثر مِنْهُ.
وَأما لَحْمه الْأَبْيَض فبارد رطب فِي آخر الأولى وبرده أَكثر من رطوبته بطئ فِي الْمعدة عسر الهضم.
وحماضه بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة مسكن للمرة الصَّفْرَاء عَاقل للطبيعة.
وحبه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة نَافِع من السمُوم فِي عداد الْأَدْوِيَة لَا الأغذية مَتى شرب مِنْهُ مثقالان بِمَاء فاتر وشراب أَو دق وَوضع على مَوضِع اللسع ملين للطبيعة مُطيب للنكهة وَأكْثر هَذَا الْفِعْل مَوْجُود فِي قشره.)
وَيجب لآكل الأترج أَلا يَأْكُل بعده طَعَاما حَتَّى ينهضم وَلَا يَأْكُلهُ بعد الطَّعَام الْبَتَّةَ لِأَنَّهُ يتخم.
وَمَتى لطخ بحماضه الكلف والقوباء أذهبهما وخاصة القوباء.
وطبيخ الحماض نَافِع للخفقان مشه للطعام قَاطع للمرة الصَّفْرَاء والإسهال والقئ الْعَارِض مِنْهَا مطفئ للحرارة الَّتِي فِي الكبد.
وخاصة قشر الأترج أَن يطيب النكهة.
وخاصة لَحْمه تطفئة الْحَرَارَة الَّتِي فِي الْمعدة.(6/15)
وخاصة حماضه إذهاب القوباء وَالْغَم وَالْكرب والقئ الْعَارِض من الصَّفْرَاء.
وخاصة حبه النَّفْع من السمُوم.
وَرب حماض الأترج نَافِع من الصَّفْرَاء قَاطع للاسهال وَالْغَم الْمُتَوَلد مِنْهَا مشه للطعام دابغ للمعدة إِلَّا أَنه ضار بالرئة والعصب لحموضته.
والأترج المربى وَإِن كَانَ الْعَسَل قد لطفه وأذهب أَكثر غلظه فانه عسر الهضم ويستعان عَلَيْهِ بِأَن تجْعَل فِيهِ أفاوية لَطِيفَة كالسنبل والدارصيني والقاقلة والزنجبيل والمسك فانه عِنْد ذَلِك يجلو الْمعدة من الرطوبات ويهضم الطَّعَام.
اريباسيوس قَالَ: حماض الأترج فِي الثَّالِثَة مِمَّا يبرد ويجفف.
أنسان قَالَ د: أما بَوْل الْإِنْسَان فَيُقَال: إِنَّه إِذا شرب نفع من نهشة الأفعى والأدوية القتالة وَابْتِدَاء الحبن.
وَإِذا صب على نهشة هوَام الْبَحْر نفع.
وَمَتى خلط بنطرون وصب على عضة الْكَلْب نفع. ويجلو الجرب المتقرح والحكة.
وَالْمُعتق مِنْهُ أَجود وَأقوى للقروح الْعَارِضَة فِي الرَّأْس والنخالة والجرب والحصبة وَيمْنَع الساعية.
وَمَتى حقن بِهِ القروح منع الخبيثة مِنْهَا من السَّعْي.
وَيقطع سيلان الْقَيْح من الآذان.
وَإِذا سخن فِي قشر رمان وقطر مِنْهُ فِي الآذان أخرج الدُّود الْمُتَوَلد فِيهَا.
وَبَوْل الصّبيان غير الْبَالِغين إِذا تحسى مِنْهُ نفع من عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب.
وَإِذا طبخ فِي إِنَاء نُحَاس مَعَ عسل جلا الْبيَاض الْعَارِض فِي الْعين من اندمال القروح.
وعكر الْبَوْل الراسب فِي أَسْفَله إِذا مكث أَيَّامًا مَتى لطخ على الْحمرَة سكنها.
وَمَتى احْتمل مَعَ دهن الْحِنَّاء بعد أَن يغلي مَعَه سكن اختناق الْأَرْحَام ويجلو الْبيَاض والجرب من الْعُيُون.
دم الطمث قَالَ د: مَتى احْتمل قد يمْنَع الْحَبل.
وَمَتى وطيت الْحَائِض لم تحبل فِي أَكثر الْأَوْقَات وَإِن حبلت جَاءَ وَلَدهَا موؤفا.
وَإِن لطخ دم الْحيض على النقرس والحمرة خفف الوجع.
قَالَ ج فِي القوى الطبيعية: إِن البلغم الَّذِي فِي الْفَم يشفي القوابي وَيقتل الْعَقْرَب سَاعَة ينفث عَلَيْهَا.
وَمَتى مضغت الْحِنْطَة وَوضعت على الْخراج قيح أسْرع مِمَّا تقيح الْحِنْطَة المطبوخة.
قَالَ: وَيقتل سَائِر الْهَوَام السمية إِلَّا أَنه يتَقَدَّم ويتأخر قَتله لبعضها دون بعض وَلَا بُد لَهَا من أَن يَضرهَا مضرَّة عَظِيمَة.(6/16)
زبل الْإِنْسَان قَالَ د: مَتى تضمد بِهِ حارا منع الْحمرَة من الْجِرَاحَات وألزقها.
وَمَتى جفف وخلط بالعسل وتحنك بِهِ نفع من الخناق.
قَالَ ج: إِنَّه نَافِع من الخناق وَقد ذكرنَا أَيْضا كَلَامه فِي بَاب الزبل فاقرأه.
قَالَ د: إِن لبن النِّسَاء نَافِع من اللذع فِي الْمعدة وقروح الرئة وَشرب الأرنب البحري.)
ويطلي على النقرس مَعَ أفيون وموم وزيت فينفع جدا.
منى الْإِنْسَان نَافِع من النقرس والقوابي والبهق مَتى طلي عَلَيْهَا.
وَقَالَ ج فِي الأولى من حفظ الصِّحَّة: إِن الْأَكْثَر فِي المنى بِالْإِضَافَة إِلَى الدَّم النارية والهوائية وَالْأَكْثَر فِي الدَّم بِالْقِيَاسِ إِلَى المنى الأرضية والمائية وَإِن المنى أَيْضا أَكثر يبسا من الدَّم.
وَقَالَ فِي الكيموس: إِن البزاق مَا لم يُؤْكَل يقتل العقارب إِذا ثفل عَلَيْهَا مَرَّات وَأَحْسبهُ قد قَالَ ذَلِك أَيْضا فِي الْأَدْوِيَة المفردة.
عِظَام ج: قد زعم قوم أَن قُوَّة التَّحْلِيل والتجفيف الَّذِي فِي الْعِظَام المحرقة إِنَّمَا هِيَ لعظم الْإِنْسَان وَحده وَأعرف إنْسَانا كَانَ يسْقِي عِظَام النَّاس محرقة خلقا كثيرا مِمَّن يصرع وَمِمَّنْ بِهِ وجع المفاصل.
شعر قَالَ اطهورسفس: إِن شعر الْإِنْسَان إِذا بل بخل وَوضع على عضة الْكَلْب أَبرَأَهُ من سَاعَته.
وَإِذا بل بشراب صرف وزيت وَوضع على الْجِرَاحَات الْعَارِضَة فِي الرَّأْس منعهَا من الورم.
وَمَتى دخن بِهِ واشتم رِيحه نفع من خناق الْأَرْحَام وَالنِّسْيَان.
وَالشعر المحرق إِذا سحق بخل خمر وَوضع على البثر نَفعه وأبرأه.
وَإِذا سحق مَعَ كندر وذر على الْجِرَاحَات الْعَارِضَة بعد أَن يطلى الْجرْح بالزيت ألحمه.
وَإِن سحق بِعَسَل وَوضع على الْجِرَاحَات أبرأها.
وَإِذا احْتَرَقَ وسحق مَعَ المرتك وطلي على الْعين الجربة والحكة الشَّدِيدَة سكنها.
وَمَتى سحق الشّعْر المحرق ببعر الْغنم وَوضع على مَوضِع العثرة والأورام الدبابة أبرأها.
وَإِذا خلط بدهن الْورْد وقطر فِي الْأذن سكن وجع الْأَسْنَان.
وسخ وسخ الْأذن ينفع الورم الْحَادِث فِي أصُول الظفر إِذا لم يكن فِيهَا قيح بعد إِذا وضع عَلَيْهِ.
وَإِذا طلي على الشّفة المتشققة فِي ابْتِدَاء الشقاق نَفعه.
وَهُوَ نَافِع من نهش الأفعى نفعا بَينا إِن شقّ وَوضع عَلَيْهِ مَرَّات كَثِيرَة.
لزوجة: واللزوجة الَّتِي تكون على الْأَسْنَان إِذا لطخت على القوابي أبرأتها.(6/17)
الْأَسْنَان: الْأَسْنَان إِذا سحقت وذرت على نهش الأفاعي أَبرَأته.)
لعاب: لعاب الْإِنْسَان إِذا كَانَ صَائِما يخرج الدُّود من الْأذن من سَاعَته إِذا قطر فِيهَا.
ولعاب الصَّائِم مَتى جعل شيافة مَعَ الزراوند وَجعل على البواسير أسْرع برأها.
لبن: وَلبن النِّسَاء إِذا قطر فِي الْعين الوجعة منع حِدة الوجع ونفعها وَلَا سِيمَا أعين الصّبيان إِذا وَمَتى أَخذ وبل صوف بِاللَّبنِ وَوضع عَلَيْهَا فعل ذَلِك.
وينفع من خشونة الأجفان وتكدر الْعين إِذا أدمن القطور فِيهَا.
ويحلل الأورام الْعَارِضَة للعين إِذا خلط مَعَ بَيَاض الْبيض خلطا جيدا وَوضع على صوف لين وَجعل على الْعين.
وَإِذا قطر فِيهَا سكن الوجع.
وَإِذا خلط اللَّبن مَعَ شَحم الإوز وفتر وقطر فِي الْأذن الوارمة من ضَرْبَة وَلِجَمِيعِ الأورام الحارة نفع.
وَإِن غمس فِيهِ صوف وَاحْتمل نفع من القروح والخراجات فِي الرَّحِم.
وَإِن سحق أفيون بِهِ وطلي على النقرس والأورام الحارة نفع.
وينفع من السل وَمن وجع الْأَرْحَام إِذا احْتمل بقطنة.
وَإِن خلط بِعَسَل وَجعل فِي قشر رمان وقطر فِي الْأذن المنتنة الرّيح نفع.
وَمَتى شرب أدر الْبَوْل كثيرا ونفع الكبد.
وَمَتى مزج بِالشرابِ وَشرب فتت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة.
بَوْل: بَوْل الْإِنْسَان إِذا عتق نفع من شرب الأرنب البحري وَالْفطر الْقِتَال وورم اللوزتين وَالْحلق ونفع من قُرُوح الْأذن إِذا قطر فِيهَا وَالَّتِي فِي المذاكير إِذا غسل بهَا وَجَمِيع قُرُوح الْجَسَد والجرب والنخالة فِي الرَّأْس.
ويجذب السم من عضة الْكَلْب الْكَلْب وعضة الْإِنْسَان وعضة القرد ويمنعها من الورم.
وَإِذا خلط برماد قضبان الْكَرم وَوضع على سيلان الدَّم قطعه.
وَإِذا خلط بنطرون ودلكت بِهِ الحكة والجرب نفعهما.
وَالْبَوْل العفن الشَّديد الرَّائِحَة ينقي الأورام.
وَإِذا أَخذ مِنْهُ قدر ثُلثي رَطْل وباقة كراث وطبخ وَجَلَست فِيهِ الْمَرْأَة تفعل ذَلِك خَمْسَة أَيَّام نقي رَحمهَا وَأخرج رطوبات كَثِيرَة مِنْهَا.)
وينفع من عضة الْكَلْب الْكَلْب لِأَنَّهُ يجذب رطوبات مِنْهَا شَبيهَة بِمَاء اللَّحْم.
وَأما أَبْوَال الصّبيان إِذا طبخت فِي إِنَاء نُحَاس حَتَّى يذهب ربعه مِنْهُ فانه يذهب الْآثَار الَّتِي فِي الْوَجْه وَالْبَيَاض الْكَائِن عَن القروح فِي الْعين.(6/18)
وَالْبَوْل إِذا شرب مِنْهُ قدر سكرجة أَبْرَأ اليرقان سَرِيعا.
زبل: زبل الْإِنْسَان مَتى شرب مِنْهُ نفع من أكل الْفطر الْقِتَال وورم اللوزتين.
وَإِذا طلي بريشة على الوضح قلعة الْبَتَّةَ إِذا كَانَ رطبا.
وَإِذا شرب قطع الإسهال.
وَإِذا شرب مَعَ مَاء الحمص الْمَطْبُوخ وَالْعَسَل الْأَحْمَر نفع من اليرقان نفعا بَينا.
وخاصته النَّفْع من جَمِيع الْهَوَام والأدوية القتالة المتلفة.
فاذا أحرق زبل الْإِنْسَان وسحق وضمد على عضة الْإِنْسَان وعَلى الْمَوَاضِع العفنة أبرأها.
أناغورس وأناجورس قَالَ ج: إنَّهُمَا منتنا الرَّائِحَة وَلَهُمَا حِدة وَقُوَّة حارة محللة إِلَّا أَن ورقهما مَا داما رطبين أقل حِدة وهما يضمدان الأورام.
وَإِذا جَفا صَارَت قوتهما تقطع وتجفف تجفيفا بليغا وَهَذِه الْقُوَّة نَفسهَا مَوْجُودَة فِي لحاء أصولهما.
فَأَما بزرهما فَهُوَ ألطف ويصلحان للقئ.
أمدريان شَجَرَة كالكبر حادة الرَّائِحَة جدا ثقيلتها وَلها ثَمَر فِي غلف.
قَالَ أَبُو جريج الراهب: إِنَّهَا أقوى من عِنَب الثَّعْلَب والكاكنج فِي أورام الْجوف.
وَقدر شربتها أوقيتان.
وَهُوَ عَجِيب من الْعجب للورم أَيْنَمَا كَانَ.
لي أَحسب أَن هَذَا هُوَ الَّذِي يُسمى عندنَا الْجَوَاهِر وبالعراق امتداريا.
أللبخ فسر حنين هَذَا السدر.
قَالَ ج فِي اللبخ: إِن ورقه فِيهِ من الْقَبْض.
إِنَّه نَافِع من انفجار الدَّم إِذا وضع على الْعُضْو.
أدميس قَالَ جالينوس: يجفف فِي الثَّانِيَة ويبرد فِي الأولى ويشفى النملة والحمرة الضعيفة.
وَهِي شَوْكَة فَاسْتعْمل وَرقهَا.
وفسرها حنين أَنَّهَا العليق.
أحيلس قد سمي سندريطس.
قَالَ ج: قوتها كقوة سندريطس إِلَّا أَنَّهَا أَشد قبضا مِنْهُ وَلذَلِك ينفع من انفجار الدَّم وقروح المعي والنزف الْعَارِض للنِّسَاء.(6/19)
أوافينوس وَهُوَ الحدقي قَالَ ج: أصل هَذَا النَّبَات يجفف فِي الأولى ويبرد فِي الثَّانِيَة فِي آخرهَا وَلذَلِك قد وثق النَّاس مِنْهُ بِحِفْظ عانة الصّبيان من الشّعْر مُدَّة طَوِيلَة إِذا وضع الضماد مِنْهُ على مَوضِع الشّعْر بشراب وثمرته تجلو جلاء يَسِيرا وتقبض فَلذَلِك صَارَت تسقى لليرقان بشراب.
وَهُوَ يجفف فِي الثَّانِيَة. وَأما فِي الْحَرَارَة والبرودة فمعتدل.
أفيغلون ج فِي الثَّامِنَة: قُوَّة هَذَا تبرد تبريدا شَدِيدا فِي الثَّالِثَة.
أيمليلون قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّهَا ثَمَرَة عفصة رَدِيئَة للمعدة مصدعة للرأس لِأَنَّهُ يخالطها كَيْفيَّة غَرِيبَة رَدِيئَة.
أقيمارون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا الدَّوَاء يُسمى بِهِ نَوْعَانِ: أَحدهمَا قتال يُقَال لَهُ بلخيون وَالْآخر دَوَاء يُقَال لَهُ سوس بري وَهُوَ قَابض طيب الرَّائِحَة وَذَلِكَ يدل على أَنه مركب من مَانع ومحلل وأفعاله تشهد ذَلِك لِأَنَّهُ نَافِع من وجع الْأَسْنَان إِذا تغرغر بطبيخه.
وورقه نَافِع للخراجات قبل أَن تتقيح إِذا طلي بشراب وضمد بِهِ.
قَالَ فِيهِ د: إِنَّه لَهُ قُوَّة ملزقة للجراحات وَهُوَ يقطع الرطوبات السائلة إِلَى الْعين وَيَقَع فِي المراهم.
وَقَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قوته مركبة من قوتين: إِحْدَاهمَا مسددة لَا حجَّة وَالْأُخْرَى فِيهَا بعض المرارة وَلذَلِك صَار يجفف تجفيفا لَا لذع مَعَه وَبِهَذَا السَّبَب يقدر أَن يلحم الْجراحَة الْحَادِثَة عَن ضَرْبَة.
قَالَ بولس: هُوَ ملصق مجفف من غير لذع وَلذَلِك يلصق الْجِرَاحَات.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه بَارِد فِي الثَّالِثَة حَدِيد جدا يَأْكُل اللَّحْم العفن من الخراجات وَله فِي الرمد قُوَّة بَالِغَة.
وخاصته فِي إِخْرَاج القذى من الْعين أَكثر من جَمِيع الْأَدْوِيَة وَلَا سِيمَا مَتى خلط بالنشا وَالسكر الْأَبْيَض.
وَهُوَ يُورث الصلع فِي الْمَشَايِخ بِسُرْعَة وَفِي الشَّبَاب بابطاء إِذا شربوه كثيرا.
ويسهل الخام من الورك وَقد ذكرنَا ذَلِك فِي بَاب المسهلات فاقرأه.
ابْن ماسويه فِي علاج المسهلة: إِن خاصته إسهال البلغم اللزج وإدمال الخراجات وجذب رطوباتها وَدفع الْمَادَّة النَّازِلَة إِلَى الْعين.
قَالَ الطَّبَرِيّ: الأنزروت يجْبر الوثء ويلحم القروح وينقيها مَعَ الْعَسَل.
قَالَ ابْن ماسويه: إِن فِيهِ مَنْفَعَة للوثء.
وَقَالَ ج فِي الرَّابِعَة من الميامر: إِن الأنزروت ينضج ويحلل.(6/20)
أبنوساليون هما ضَرْبَان من الكرفس نذكرهما بعد ذكره.
أماريطون ذكر ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه ضرب من الأقحوان وَقد ذَكرْنَاهُ هُنَاكَ.
أبيلن د قَالَ: إِن الصِّنْف الفرفيري الزهرة إِذا شربت مِنْهُ أَربع درخميات أَبْرَأ عسر الْبَوْل ووجع الكلى.
وصنفاه جَمِيعًا إِذا خلطا بعد السحق بدهن الْورْد وَاللَّبن واحتملا لينًا الأورام الْعَارِضَة فِي الدبر ويبرئان الْجِرَاحَات.
وَهَذَا الصِّنْف والصنف المالح الطّعْم إِذا خلطا بعد السحق بدهن الْورْد واحتملا لينًا الأورام الْعَارِضَة فِي الرَّحِم.
وَأما الصِّنْف الَّذِي يُسمى كمافيطس فانه مَعَ فعله هَذِه الْأَفْعَال مَتى شرب بالسكنجبين كَانَ وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إنَّهُمَا نَوْعَانِ كِلَاهُمَا يجففان قَلِيلا حَتَّى أَنَّهُمَا يدملان القروح.
وَالنَّوْع الشبيه بالكمافيطس ألطف حَتَّى أَنه نَافِع من الصرع وَالْآخر أَكثر جلاء.
أنداهيمان وَهُوَ الدَّوَاء الْكرْمَانِي.
قَالَ بديغورس: هَذَا نَافِع من استطلاق الْبَطن جدا بِخَاصَّة فِيهِ.
أقونيطن وَهُوَ خانق النمر.
قَالَ د: إِن أَصله فِيمَا زعم بعض النَّاس إِذا قرب من الْعَقْرَب أخمدها.
وَإِذا قرب إِلَيْهَا بعد ذَلِك الخربق أنعشها.
وَقد يَقع فِي أدوية الْعين المسكنة للأوجاع.
وَيقتل الْكلاب وَالنُّمُور والخنازير والذئاب مَتى جعل فِي اللَّحْم وأكلته وَكَذَلِكَ سَائِر السبَاع.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قوته معفنة مفْسدَة وَيَنْبَغِي أَن يتوقى أَن يدْخل مِنْهُ شَيْء فِي الْغذَاء أَو الشَّرَاب.
وينفع أَصله إِذا احْتِيجَ إِلَيْهِ أَن يعفه شَيْء من الْبدن ذب من خَارج.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذِه حشيشة تلطف وتقطع الأخلاط الغليظة وَلذَلِك تدر الطمث إِذا شربت أطرافها بشراب.
وَقد وثق النَّاس مِنْهُ أَنه يحل الدَّم الجامد لَيْسَ فِي الْمعدة فَقَط بل وَفِي المثانة.
وَيشْرب بشراب عَسَلِي ويجفف مَا يتجلب إِلَى الْمعدة إِذا شرب. وَهُوَ رَدِيء لفم الْمعدة.
أخينوس قَالَ ج: ثَمَرَة هَذَا النَّبَات قابضة فَلذَلِك تسْتَعْمل فِي مداواة الْعين وَالْأُذن إِذا كَانَت الْموَاد تنجلب إِلَيْهَا.(6/21)
أنجوشا وجدت تَفْسِير هَذَا فِي كثير من النّسخ فِي ثَبت أَسمَاء الْأَدْوِيَة أَنه خس الْحمار.
وَقَالَ د: إِن ورقه يشبه ورق الخس الدَّقِيق الْوَرق عَلَيْهِ زغب وَهُوَ خشن أسود كثير الْعدَد نابت حول الأَصْل لاصق بِالْأَرْضِ مشوك.
وَأَصله فِي غلظ الإصبع لَونه فِي الصَّيف أَخْضَر إِلَى الْحمرَة الدموية ويصبغ الْيَد إِذا لمس. قَالَ ديسقوريدوس: وأصل هَذَا النَّبَات قَابض إِذا غلي بالزيت وأذيب ذَلِك الزَّيْت بالموم كَانَ جيدا لحرق النَّار والقروح المزمنة.
وَإِن تضمد بِهِ مَعَ الْخلّ أَبْرَأ البهق والجرب المتقرح.
وَإِذا احتملته الْمَرْأَة أخرج الْجَنِين.
وَقد يسقى طبيخه مَعَ الشَّرَاب الْمُسَمّى بقراطن لمن بِهِ يرقان ووجع الكلى وَالطحَال والحمى.
وورقه مَتى شرب بِالشرابِ عقل الْبَطن.
والصنف الآخر مِنْهُ الَّذِي ورقه أَصْغَر وَله ثَمَر أَحْمَر قانئ مَتى مضغ وَنَفث فِي فَم بعض الْهَوَام قَتله.
وَله أصل إِذا شرب مِنْهُ قدر اكسونافن مَعَ الدَّوَاء الَّذِي يُسمى الزوفا والحرف وَفِي بعض النّسخ والقردمانا أخرج الدُّود من الْبَطن الْمُسَمّى حب القرع.
وَقَالَ ج فِي الشنكار: إِن هَذِه الحشيشة أَرْبَعَة أَنْوَاع لَيست قواها متشابهة والمسمى مِنْهَا اونوقليا أَصله قَابض وَفِيه مرَارَة يسيرَة دابغ للمعدة ملطف يجلو الأخلاط المرارية والمالحة.
وَقد قَالَ فِيمَا تقدم: إِن العفص إِذا خلط بالمر فَمن شَأْنه أَن يفعل هَذِه الْأَفْعَال وَلذَلِك صَار هَذَا الدَّوَاء نَافِعًا لليرقان ووجع الكلى وَالطحَال وَهُوَ مَعَ هَذَا مبرد.
وَلذَلِك مَتى خلط فِي الضماد مَعَ دَقِيق الشّعير فعل هَذِه الأفاعيل أَعنِي أَنه ينفع الْحمرَة ويجلو إِذا شرب أَو وضع من خَارج.
وَقُوَّة ورقه أَضْعَف من قُوَّة الأَصْل وَلكنه هُوَ أَيْضا لَيْسَ بِبَعِيد مِنْهُ فِي التجفيف وَالْقَبْض)
وَلذَلِك يسقى لانطلاق الْبَطن بشراب فيشفيه.
والمسمى لوقاسيوس فَهُوَ أَيْضا ينفع من الورم الْمَعْرُوف بالحمرة على مِثَال الأول.
وأصل هَذَا النَّوْع الثَّانِي أَشد قبضا من أصل النَّوْع الأول بِكَثِير وَأما الْمُسَمّى ابو خينس فقوته أَشد من هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَمن أجل ذَلِك فِي طعمه حرافة كَثِيرَة أَكثر وَهُوَ بليغ النَّفْع من نهش الأفاعي إِذا ضمد بِهِ أَو أدنى مِنْهُ فَقَط أَو أكل.(6/22)
وَأما الشنجار الْمُطلق فالحال فِيهِ كالحال فِي الْمُسَمّى أَبُو خينس إِلَّا أَنه أَشد مرَارَة مِنْهُ وَأقوى: وَلذَلِك يخرج حب القرع مَتى شرب مِنْهُ مِثْقَال وَنصف مَعَ قردمانا وزوفا أَو حرف.
وَرَأَيْت أطباء دَهْرنَا متفقين على أَن الشنجار جيد لوجع الْأذن.
يَنْبَغِي أَن يرد مَا ذكره ج فِي بَاب س ذكره باسمه سغار لَا باسم مَجْهُول.
ألقيسني زعم حنين أَنه حشيشة يجلي بهَا الزّجاج يعرف بفلسطين بحشيشة الزّجاج.
وَقَالَ د: لورقه قُوَّة مبردة قابضة وَلذَلِك مَتى تضمد بِهِ أَبْرَأ الْحمرَة والبواسير الناتئة فِي المقعدة وَحرق النَّار والأورام الَّتِي تسمى فوجيلا فِي ابْتِدَاء كَونهَا والأورام الحارة والبلغمية.
وَإِذا خلطت بقيروطي مَعَ دهن الْحِنَّاء أَو بشحم تَيْس نَفَعت من النقرس.
وَمَتى تحسى من العصارة قوانوس نفع من السعال المزمن.
وَإِذا تغرغر بِهِ حلل تعقد اللوزتين.
وَإِذا خلط بدهن الْورْد وقطر فِي الْأذن الوجعة سكن وجعها.
وَقَالَ ج فِي القيسني فِي الْمقَالة السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا النَّبَات تجلو وتقبض مَعًا قبضا يَسِيرا مَعَ رُطُوبَة فِيهِ بَارِدَة فَهُوَ لذَلِك نَافِع من الأورام فِي ابتدائها وَفِي التزيد وَفِي الْمُنْتَهى وخاصة الأورام الحارة وَيُوضَع أَيْضا على الأورام الرخوة فِي ابتدائها فيقلعها.
وَأما عصارته فنافعة مَعَ دهن الْورْد لوجع الْأذن الْحَادِث عَن ورم حَار باعتدال.
وَفِي النَّاس قوم يتغرغرون بِهِ لورم النغانغ.
وَمن الْأَطِبَّاء من يسْقِي مِنْهُ أَصْحَاب السعال المزمن.
وَهُوَ يعطيك من نَفسه تجربة لفعله مَا يَفْعَله فِي أواني الزّجاج من قُوَّة الْجلاء.
اريباسيوس يَقُول: إِن قوته جلاءة مَعَ قبض يسير ورطوبة تميل إِلَى الْبرد وَلذَلِك يشفي الأورام)
الحارة فِي ابتدائها وتزيدها إِلَى أَن تبلغ الْمُنْتَهى وَلَا سِيمَا مَتى كَانَت حَرَارَتهَا أَكثر.
وَقد يوضع مِنْهُ ضماد على القروح الَّتِي تكون فِي الْقَدَمَيْنِ.
وعصارته أَيْضا مَتى خلطت بدهن ورد نَفَعت من أوجاع الْأذن الَّتِي تكون عَن ورم حَار نفعا بَينا.
أفتيمون قَالَ د: يسهل بلغما وسوداء ويوافق أَصْحَاب السَّوْدَاء والنفخ يشرب مِنْهُ أَربع درخميات بِعَسَل وَشَيْء يسير من ملح.
وَقَالَ ج: قُوَّة هَذَا النَّبَات شَبيهَة بِقُوَّة الحاشا إِلَّا أَنه أقوى مِنْهُ فِي كل شَيْء وَهُوَ يسخن ويجفف فِي الثَّالِثَة.
قَالَ الدِّمَشْقِي: إِنَّه نَافِع من التشنج.
أسفنج أما الْجَدِيد مِنْهُ الَّذِي لَيْسَ بدسم فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه يصلح للخراجات(6/23)
وَيقبض الأورام البلغمية وَيلْزق الْجِرَاحَات فِي أول مَا تعرض إِذا اسْتعْمل بالخل وَالْمَاء.
ويلحم القروح العتيقة مَتى اسْتعْمل بِعَسَل مطبوخ.
وَأما الْخلق مِنْهُ إِذا جعل فَتِيلَة وَلم يبل وَأدْخل فِي أَفْوَاه الْعُرُوق الجاسية أذهبها وأدملها.
وَإِذا وضع وَهُوَ جَاف على القروح الرّطبَة العتيقة الَّتِي لَهَا مجار فِي الْأَعْضَاء جففها.
وَأما الاسفنج المحرق فانه صَالح للرمد الْيَابِس وللجلاء وَالْقَبْض وَإِذا غسل كَانَ أصلح الْأَدْوِيَة للعين مِنْهُ إِذا لم يغسل.
وَمَتى أحرق مَعَ الزفت كَانَ صَالحا لنفث الدَّم.
وَالْحجر الْمَوْجُود فِي الاسفنج مَتى شرب بِالْخمرِ فت الْحَصَى الَّتِي فِي المثانة.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: إِن فِي حجر الاسفنج قُوَّة تفت الْحَصَى إِلَّا أَنه لَا يبلغ من قُوَّة أَن يفت حَصى المثانة والواصفون لذَلِك قد كذبُوا: وَهِي تفت الْحَصَى فِي الكلى وَهَذَا يدل على أَنه يلطف من غير إسخان إسخانا مَعْلُوما.
وَقَالَ فِيهِ حَيْثُ أفرد ذكره: إِن المحرق قوته حارة محللة وَقد كَانَ رجل من معلمينا يَسْتَعْمِلهُ فِي انفجار الدَّم الْعَارِض عِنْد البط وَالْقطع فَكَانَ يعده ليَكُون مُهَيَّأ عِنْده فِي وَقت الْحَاجة إِلَيْهِ)
وَهُوَ يَابِس لَا نداوة فِيهِ الْبَتَّةَ ويغمسه أَكثر ذَلِك فِي القفر والزفت ويشعل فِيهِ النَّار ويضعه وَهُوَ مشتعل على الْجراحَة ليقوم مقَام الكي وَيصير شَبِيها بالغطاء والسداد للجرح أَعنِي جرم الاسفنجنة الَّتِي تحرق يجمع الْأَمريْنِ جَمِيعًا.
فَأَما الاسفنجة الحديثة فتقوم مقَام الصوفة فِي أَن تقبل مَا تبلها بِهِ وتضعه حَيْثُ تحْتَاج إِلَيْهِ وَهِي أَيْضا تجفف تجفيفا بَينا.
وَتعلم ذَلِك بِأَن تستعملها وَحدهَا فِي مداواة الْجِرَاحَات بعد بلها بِالْمَاءِ أَو بالخل الممزوج أَو بِالشرابِ على حسب اخْتِلَاف الْأَبدَان كَمَا قلت قبل فانك تدمل الْجِرَاحَات بِهَذِهِ الاسفنجة كَمَا تدملها بالمراهم الْمَعْرُوفَة بمدملة الْجِرَاحَات الطرية بدمها.
وَإِن لم تكن الاسفنجة طرية لَكِن مستعملة فانك تعلم علما يَقِينا كم نقص مِقْدَار قوتها فِي تجفيفها للجراحات. وَذَلِكَ أَن الجديدة تجفف مَا دَامَت رَائِحَة مَاء الْبَحْر بَاقِيَة فِيهَا فَأَما المزمنة فانها وَإِن لم تسْتَعْمل فان فِيهَا قُوَّة مَاء الْبَحْر وَلَا تجفف حِينَئِذٍ على مَا يَنْبَغِي.
اريباسيوس: قُوَّة حجر الاسفنج جلاءة تفت الْحَصَى فِي المثانة على مَا يَنْبَغِي.
أسيوس هُوَ حجر يتكون عَلَيْهِ الْملح الَّذِي يُسمى زهر حجر اسيوس.
قَالَ د: قُوَّة الْحجر وزهره معفنة تعفينا يَسِيرا محللة للخراجات إِذا خلط كل وَاحِد مِنْهُمَا بصمغ بطم أَو بالزفت والزهر أقوى من الْحجر ويفضل عَلَيْهِ بِأَنَّهُ يُبرئ القروح العتيقة الْعسرَة الِانْدِمَال ويقلع اللَّحْم الزَّائِد إِذا اسْتعْمل يَابسا.(6/24)
وَكَذَلِكَ يفعل بالقروح الشبيهة بِالْفطرِ فِي شكلها وتملو القروح العميقة لَحْمًا وينقيها إِذا خلط بالعسل.
وَإِذا خلط بدقيق الباقلي وضمد بِهِ النقرس نفع مِنْهُ.
وَقد ينفع من ورم الطحال إِذا خلط بالكلس والخل.
وَإِذا لعق بالعسل نفع من القرحة الْعَارِضَة فِي الرئة.
وَقد يضع المنقرسون فِي طبيخ هَذَا الْحجر أَرجُلهم فينفعهم.
ويتخذ مِنْهُ مراهم أكالة.
وَإِذا ذَر على الْأَبدَان العبلة فِي الْحمام بَدَلا من النطرون أضمرها.)
وَقَالَ ج: إِن حجر اسيوس لطيف يبلغ من لطافته أَنه يذوب اللَّحْم المترهل ويأكله من غير لذع وَقُوَّة هَذَا الْحجر الَّذِي تتولد عَنهُ هَذِه الزهرة شَبيهَة بِقُوَّة هَذِه الزهرة إِلَّا أَن فعل الصَّخْرَة أقل من فعل الزهرة وَذَلِكَ أَن الزهرة أَكثر إذابة وتحليلا وتجفيفا وَتفعل هَذَا من غير لذع شَدِيد وفيهَا مَعَ هَذَا شَيْء مالح الطّعْم أَعنِي فِي الزهرة.
وَذَلِكَ مَا يدل بالحدس أَن تولد الزهرة إِنَّمَا هُوَ من الطل الَّذِي يَقع على تِلْكَ الصَّخْرَة من الْبَحْر وتجففه الشَّمْس.
ألوسن وَتَفْسِيره فِي ثَبت الْأَسْمَاء: حشيشة تسمى الترس لمشابهة فِيهَا بالترس.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّمَا سمي هَذَا الدَّوَاء بِهَذَا الِاسْم لِأَنَّهُ من نهش الْكَلْب الْكَلْب نفعا عجيبا ويسقى مِنْهُ مرَارًا كَثِيرَة أَيْضا من قد تمكن مِنْهُ الْكَلْب واستحكم فِيهِ إِذا شربه وَحده إِلَّا أَن هَذَا الْفِعْل بِخَاصَّة جملَة جوهره وَلَيْسَ إِلَى اسْتِخْرَاج هَذِه القوى سَبِيل بطرِيق قياسي صناعي.
وَأما الْمعرفَة بِهَذَا الدَّوَاء الَّذِي يُمكن أَن يسْتَعْمل فِي أَشْيَاء كَثِيرَة فَهُوَ أَن قوته تجفف باعتدال وتحلل وتجلو جلاء يَسِيرا وَكَذَلِكَ ينقي الكليتين وَيذْهب بِهِ الكلف من الْوَجْه.
أندروسافس وأندروساخس أصبت هَذَا فِي ثَبت الْأَسْمَاء لحنين أَنه نوع من الهيوفاريقون وَهُوَ المدن وَزعم حنين أَنه نوع من الداذي. ج يَقُول فِيهِ: إِنَّه حشيشة مرّة المذاق حريفة قوتها تدر الْبَوْل إِذا شربت جافة هِيَ أَو ثَمَرَتهَا إدرارا كثيرا وَالْأَمر فِيهَا بَين أَنَّهَا تحلل مَعَ هَذَا وتجفف.
أنداسيمان هُوَ دَوَاء كرماني.
قَالَ بديغورس: هُوَ نَافِع من استطلاق الْبَطن بخاصية فِيهِ.
قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من السمُوم.(6/25)
وَقَالَت الخوز: ورقه يطول الشّعْر وَيقتل الْقمل وثمرته رَدِيئَة للمعدة قاتلة وورقه نَافِع من شرب السم.
أظفار الطّيب بولس قَالَ: مَتى تبخر بهَا نبهت وأقامت الْمَرْأَة الَّتِي بهَا اختناق الرَّحِم وَأَصْحَاب الصرع.
وَمَتى شربت بخل حركت الْبَطن.
قَالَ مسيح: هِيَ حارة يابسة فِي الثَّانِيَة ويبسها أَكثر وفيهَا قبض ولطافة تَنْفَع الْمعدة والكبد والأرحام بطيبها نافعة من الخفقان جَيِّدَة للمعدة وَالرحم لَطِيفَة.
إِذا تدخنت بهَا الْمَرْأَة أنزلت الْحيض.
قَالَ ماسرجويه: هِيَ حارة يابسة فِي الثَّالِثَة
أوسبيد هُوَ ضرب من النيلوفر الْهِنْدِيّ.
أمبرباريس قَالَ بديغورس: خاصته النَّفْع من الأورام الحارة.
ماسرجويه قَالَ: هُوَ بَارِد جيد للأورام الحارة مَتى وضع عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْن ماسويه: قوته قابضة يقطع الْعَطش الحاد وَيُقَوِّي الكبد والمعدة بَارِد يَابِس فِي الثَّانِيَة.
أشنان قَالَ ماسرجويه: إِنَّه فِي الثَّالِثَة من الْحَرَارَة وَإنَّهُ حَار محرق منق.
الخوز: ينفر من دخانه الْهَوَام والأخضر مِنْهُ أقوى.
كتاب السمُوم قَالَ: مَتى شربت امْرَأَة من الأشنان الْفَارِسِي خَمْسَة دَرَاهِم أسقطت جَنِينهَا حَيا كَانَ أَو مَيتا.
وَمَتى شربت من نصف دِرْهَم إِلَى دِرْهَم أنزلت الْبَوْل والحيضة.
وَمَتى سقى المستسقى مِنْهَا ثَلَاثَة دَرَاهِم أسهله مَاء.
وَيَأْكُل اللَّحْم وَيقتل مِنْهُ عشرَة دَرَاهِم.
ألومن قَالَ بولس: مَتى أَخذ من بزره كَمَا يُؤْخَذ من الأفتيمون مَعَ خل وملح أسهل سَوْدَاء ويجرح المعي قَلِيلا.
قَالَ مسيح: غذاؤه أَجود من غذَاء السرمق واليمانية وَهُوَ قريب مِنْهُمَا فِي أَفعاله.
قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد رطب فِي آخر الأولى وَهُوَ ملين للبطن نَافِع من وجع الصَّدْر والرئة الْعَارِض من الدَّم والأوجاع الحارة الْحَادِثَة من الصَّفْرَاء وَالدَّم.
أريقي قَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي اريقي: إِن قوته قابضة محللة بِلَا لذع وَأكْثر مَا يسْتَعْمل مِنْهُ ورده وورقه.(6/26)
أندروصارون هَذَا هُوَ الفاس يشبه الفاس وَهُوَ حب أَحْمَر اللَّوْن وَله حدان كَحَد الفاس مر الطّعْم مَعَ عفوصة قَليلَة فَهُوَ لذَلِك ينفع الْمعدة وَيفتح السدد الْعَارِضَة فِي الأحشاء وَتفعل ذَلِك أَيْضا أَطْرَافه.
أملج قَالَ بديغورس: خاصته تَقْوِيَة الْمعدة وَمنع الْفساد مِنْهَا.
أرمال قَالَ ابْن ماسويه: يشبه القرفة حَار طيب الرَّائِحَة يُقَوي الْقلب والدماغ.
أورسمون وَيُقَال فِيهِ إِنَّه التوذرنج.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: طعم هَذَا النَّبَات يشبه طعم الْحَرْف وقوته قَوِيَّة وَهُوَ حَار ملهب فاذا احتجت إِلَيْهِ أَن تستعمله فِي لعوق فانقعه فِي المَاء ثمَّ غله وصره فِي صرة فِي عجين واشوه.
وَهُوَ إِذا خلط فِي اللعوق نَافِع لنفث الأخلاط الغليظة اللزجة الَّتِي تصعد فِي الصَّدْر والرئة والأورام الصلبة الَّتِي تحدث فِي أصل الْأذن والصلابة الَّتِي تكون فِي الثديين والأنثيين.
وَحكى ج عَن د: أَنه مَتى اسْتعْمل بِالْمَاءِ وَالْعَسَل كالضماد نفع من السراطين الَّتِي لَا قرحَة مَعهَا.
بولس قَالَ مَا قَالَ ج: إِنَّه نَافِع من السرطان الْخَفي إِذا تضمد بِهِ عَلَيْهِ.
أنف قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ بَارِد يَابِس للغضروفية الَّتِي فِيهِ عسر الهضم وَيجب أَن يُؤْكَل بالتوابل.
أذن قَالَ ابْن ماسويه فِيهِ مَا قَالَ فِي الْأنف.
وَقَالَ ج فِي كتاب الكيموسين: آذان الْحَيَوَان لَا تغذو لِأَن الغضاريف لَا تغذو وَلَا تنهضم وَمَا أغراطين وجدت فِي نُسْخَة سلمويه: أَنه هُوَ الحلفا والبردى.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قُوَّة هَذَا الدَّوَاء تحلل وتمنع كَون الأورام.
أشترغاز قَالَ ابْن ماسويه: هُوَ أحد وأيبس من الأنجدان وَأَبْطَأ فِي الْمعدة وَأَقل هضما للطعام.
وَيجب أَن يسْتَعْمل مِنْهُ خله وَلَا يتَعَرَّض لجسمه فان خاصته أَنه يقئ ويغثى بلذعه ويؤذي بلذعه الْمعدة إِذا أَكثر مِنْهُ.
قَالَ الدِّمَشْقِي: عمله كعمل الأنجدان.
قَالَ ابْن ماسويه: فقاحه حَار فِي الثَّالِثَة يَابِس فِي الأولى يفتح سدد الدِّمَاغ.
قَالَ الخوزي: يطول الشّعْر وَيقتل الْقمل وثمرته السم.(6/27)
بديغورس: خاصته النَّفْع من السم.
قَالَ ابْن ماسه خاصته النَّفْع من حمى الرّبع الكائنة من احتراق البلغم.
أقانيس قَالَ فِيهِ د: إِذا تضمد بِهِ نفع حرق النَّار والتواء العصب.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: إِن فِيهِ تحليلا باعتدال.
وَأَصله يجفف وَيقطع الأخلاط الغليظة بعض التقطيع وَهُوَ لطيف.
أطماط دَوَاء مَعْرُوف هندي.
أمداريون قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار رطب مهيج للمباه قوته كقوة البوزيدان.
أرتدبريد دَوَاء فَارسي يجلب من سجستان شبه البصل المشقوق نَافِع من البواسير.
أفاسير قَالَ فِيهِ د: إِن هَذَا النَّبَات إِذا جمع كَانَ مِنْهُ شَيْء يشبه مَاء الْفطر.
وَأَصله وورقه مَتى شربا نفعا من الفالج الَّذِي يعرض فِيهِ ميل الرَّقَبَة إِلَى خلف.
قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن قُوَّة أصل هَذَا النَّبَات وورقه حارة لَطِيفَة حَتَّى أَنه ينفع من التشنج.
أَذَان الفار قَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: هَذَا النَّبَات يجفف فِي الدرجَة الثَّانِيَة وَلَيْسَت فِيهِ حرارة بَيِّنَة قَالَ أَبُو جريج فِي آذان الفار: تحمر الْجلد إِذا وضعت عَلَيْهِ وينفع من الْقُوَّة مَتى استعط بِهِ.
لي قد أجمع الْأَطِبَّاء على نفع هَذِه للقوة وَإِن كَانَ يحمر الْجلد فَلَيْسَ ببارد فَانْظُر فِي ذَلِك.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة فِي هَذِه الحشيشة: قوتها شَبيهَة بِقُوَّة الحشيشة الَّتِي يجلى بهَا الزّجاج لِأَنَّهَا تبرد وترطب وَذَلِكَ أَن جوهرها جَوْهَر مائي بَارِد فَلذَلِك هِيَ نافعة للأورام الحارة والحمرة الضعيفة.
وَقَالَ فِي قاطاجانس: إِن الحشيشة الَّتِي تسمى آذان الفار تبرد أقل مِمَّا يبرد الطحلب.
وَقَالَ بولس: يُسمى بعض النَّاس البسيني آذان الفار وقوته كقوة اللبلاب فِي الْبُرُودَة والرطوبة وَيصْلح الْحَار الملتهب.
لي يجب أَن تعلم أَن هَذِه الحشيشة لَيست الْمَعْرُوفَة عندنَا بآذان الفار.
وَقَالَ فِي آذان الفار أَيْضا فِي السَّابِعَة: إِن هَذَا النَّبَات يجفف فِي الثَّانِيَة وَلَيْسَت لَهُ حرارة بَيِّنَة أصلا.
أذريونه ماسرجويه: إِنَّه حَار فِي الثَّالِثَة.(6/28)
قَالَ د: إِن الحبلى مَتى مسته أَو احتملته أسقطت من ساعتها.
ماسرجويه: إِنَّه دَوَاء فَارسي حَار لطيف يذكر الْعقل والذهن.
ألنفل دَوَاء عَرَبِيّ وَهُوَ أصل ينْبت فِي فصل الرّبيع يشبه القت وأصل الحندقوقا وَهُوَ كثير القضبان وبزره شَبيه ببزر الجزر حَار يدر الْبَوْل وينفع من الطحال.
ألسسر قَالَ د: لَهُ قُوَّة مبردة قابضة مَتى تضمد بِهِ مَعَ سويق شعير نفع من الأورام الحارة الَّتِي تعرض للعين وَإِذا قطرت عصارته فِي الْأذن سكن الوجع مِنْهَا وَيفْعل جَمِيع مَا يَفْعَله الْقَيْسِي.
أنوغلوس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: قوته ملينة.
ألخليطس قَالَ ج: إِن قوته ملطفة مجففة نافعة من المغس ونهش الرتيلا.
أنوقنونداس قَالَ ج: إِن قُوَّة بزره قطاعة مجففة لَا لذع فِيهَا وَهُوَ يشبه الباذروج.
قَالَ ديسقوريدوس: إِن كلا صنفي الأنجرة مَتى تضمد بِهِ مَعَ الْملك أَبْرَأ القروح الْعَارِضَة من عض الْكَلْب والخبيثة من القروح والسرطانية والوسخة والتواء العصب والخراجات والأورام الْعَارِضَة فِي أصل الْأذن وَالَّتِي تسمى فوجيلا والدبيلات.
وَقد يعْمل مَعَ القيروطي ويضمد بِهِ الطحال الجاسي.
وَمَتى دق الْوَرق وصير فِي المنخرين قطع الرعاف.
وَإِذا دق وخلط مَعَ المر وَاحْتمل أدر الطمث.
وَمَتى أَخذ الْوَرق وَهُوَ طري وَوضع على الرَّحِم الناتئة ردهَا إِلَى أَسْفَل يَعْنِي إِلَى دَاخل.
وبزره مَتى شرب بالطلاء حرك الباه وَفتح فَم الرَّحِم.
وَإِذا دق وخلط بِعَسَل ولعق مِنْهُ منع عسر النَّفس المحوج إِلَى الانتصاب والشوصة والأورام الحارة الْعَارِضَة فِي الرئة وَيخرج الفضول الَّتِي فِي الصَّدْر.
وَيدخل فِي أخلاط الْأَدْوِيَة الأكالة.
وَمَتى طبخ ورقه مَعَ مرق بعض الأصداف وَأخذ لين الْبَطن وَحل النفخ وأدر الْبَوْل.
وَإِذا طبخ مَعَ الشّعير أخرج مَا فِي الصَّدْر.
وطبيخ الْوَرق مَتى شرب مَعَ شَيْء يسير من المر أدر الطمث.
ويسهل الْبَطن دهنه إِذا شرب.
قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة من الْأَدْوِيَة المفردة: ثَمَر هَذَا النَّبَات وورقه هما اللَّذَان يستعملان فِي الَّذِي يحْتَاج إِلَيْهِ فِي المداواة وقوتهما قُوَّة تحلل تحليلا كثيرا حَتَّى أَنَّهُمَا يذهبان الخراجات والأورام الَّتِي تحدث عِنْد الْأُذُنَيْنِ وَفِيهِمَا مَعَ هَذَا قُوَّة نافخة وَلذَلِك(6/29)
صَارا يهيجان شَهْوَة الْجِمَاع وخاصة مَتى شرب البزر من هَذَا النَّبَات مَعَ عقيد الْعِنَب.
وَالَّذِي يشْهد على أَنه لَا يسخن فِي غَايَة الإسخان وَأَنه فِي غَايَة اللطافة إصعاده مَا يصعد من الأخلاط الغليظة اللزجة من الصَّدْر وَمن الرئة إِذا هُوَ شرب ولذعه مَا يلقى من أَعْضَاء)
الْجِسْم.
وَأما النفخة الَّتِي قُلْنَا: إِنَّه يولدها فانما تتولد مِنْهُ حِين ينهضم فِي الْمعدة وَذَلِكَ أَنه لَيْسَ هُوَ نافخا بِالْفِعْلِ بل هُوَ نافخ بِالْقُوَّةِ.
وَهُوَ يُطلق الْبَطن إطلاقا معتدلا من طَرِيق أَنه يجلو ويحرك فَقَط لَا من طَرِيق أَنه مسهل كَسَائِر الْأَدْوِيَة المسهلة وَمَا يَفْعَله أَيْضا من شِفَاء القروح المتأكلة فِي الْعلَّة الْمَعْرُوفَة بالأكلة والسرطان وَجَمِيع مَا يحْتَاج إِلَى التجفيف جملَة من غير تلذيع وَلَا حِدة.
وَهُوَ حقيق بِفِعْلِهِ إِذْ كَانَ فِي مزاجه لطيفا يَابسا لَيْسَ فِيهِ من الْحَرَارَة مَا يحدث اللذع.
ودهن الأبخرة أَشد إطلاقا للبطن من دهن القرطم بِحَسب قُوَّة الأبخرة على الْإِطْلَاق عِنْد القرطم.
وَقَالَ فِيهِ فِي السَّابِعَة حِين ذكره وَكَانَ قد فسره فِي الْكتاب القريص: إِن قوته تسخن.
وَقَالَ فِيهِ فِي كتاب الأغذية: إِنَّه دَقِيق لطيف الْأَجْزَاء وحقيق أَن لَا يسْتَعْمل على طَرِيق الْغذَاء.
وَمَتى اسْتعْمل فِي الطَّعَام أعَان فِي إِطْلَاق الْبَطن.
وَقَالَ بديغورس: خاصته أَن يهيج الباه.
وَقَالَ اريباسيوس: قُوَّة ورقه وبزره لَطِيفَة محللة من غير إسخان قوي وَلذَلِك صَار يُبرئ الخراجات والأورام الَّتِي تكون عِنْد الْأذن ويعين على قذف الرُّطُوبَة الغليظة اللزجة المخنقة فِي الصَّدْر والرئة.
وَيحدث نفخة يسيرَة بهَا يهيج الباه وَلَا سِيمَا مَتى شرب بشراب حُلْو.
قَالَ ابْن ماسويه: حَار فِي آخر الثَّالِثَة يَابِس فِي آخر الثَّانِيَة مهيج للجماع مَتى أكل مَعَ البصل أم مَعَ مخ الْبيض مسهل للبلغم مَتى شرب مِنْهُ مِقْدَار دِرْهَمَيْنِ.
وخاصته إسهال البلغم اللزج.
الخوز: هُوَ حَار فِي الثَّالِثَة وبزره يهيج الباه.
أباغيون قَالَ فِيهِ د: ورقه مَتى ضمد بِهِ حلل الأورام البلغمية.
ويسقى مِنْهُ درخمى فينفع من الربو وَيخرج المشيمة والجنين ويحدر الطمث.
ويسقى بِالشرابِ للصداع.
ويعلق على النِّسَاء اللواتي يعسر ولادهن فاذا ولدن يَنْبَغِي أَن يُؤْخَذ عَنْهُن على الْمَكَان.(6/30)
وعصارة أصل هَذَا النَّبَات تحلل وتنضج.
ونقى ثَمَرَته مَتى أكلت قيأ قيئا شَدِيدا.
أقطي قَالَ ج: هَذَا النَّبَات نَوْعَانِ: شجري وحشيشي وَكِلَاهُمَا يجفف ويدمل ويحلل تحليلا معتدلا.
أرغاموني قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هَذِه الحشيشة قوتها قُوَّة تجلو وتحلل.
أرسارون قَالَ جالينوس فِي السَّادِسَة: هَذَا أَصْغَر من اللوف كثيرا وَأَصله بِمِقْدَار زيتونة وَهُوَ أسخن من اللوف.
الشبيه بالحدقة قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يجفف فِي الأولى ويبرد فِي الثَّانِيَة نَحْو آخرهَا أَو فِي أول الثَّالِثَة وَلذَلِك قد وثق النَّاس مِنْهُ بِأَنَّهُ يحفظ عانات الصّبيان مُدَّة طَوِيلَة لَا تنْبت إِذا ضمدت بِهِ بشراب.
وَأما ثَمَرَته فانها تجلو جلاء يسرا وتقبض وَلذَلِك يسقى لليرقان بشراب وَهُوَ مجفف فِي الثَّانِيَة معتدل فِي الْحر وَالْبرد.
أوفاريقون كَانَ تَفْسِيره الدازي بالرومية.
قَالَ فِيهِ د: مَتى احْتمل أدر الطمث وَالْبَوْل.
وَيشْرب بزره بِالشرابِ لحمى الرّبع فينفع.
وَمَتى شرب أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُتَوَالِيَة أَبْرَأ عرق النسا.
وَإِذا تضمد بورقه وبزره أَبْرَأ حرق النَّار.
أسفارغس الصخري ج فِي السَّادِسَة: لَهَا جلاء وَلَيْسَ لَهَا إسخان وَلَا تزيد ظَاهر فَلذَلِك يفتح سدد الكلى وخاصة أَصْلهَا وبزرها.
ويشفي وجع الْأَسْنَان إِذْ يجفف من غير لذع وَهَذَا هُوَ أَكثر شَيْء يحْتَاج إِلَيْهِ الْأَسْنَان خَاصَّة.
أسطراغاليس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته مجففة تجفيفا قَوِيا فَهُوَ لذَلِك يدمل القروح العتيقة وَيحبس الْبَطن مَتى طبخ الأَصْل بشراب وَشرب.
أنبونيطش قَالَ ج: قوته مرّة قابضة فَلذَلِك ينفع الطحال مَتى شرب بالخل.
أنرنجان قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته تبرد وتحلل تحليلا يَسِيرا.
أرميس كَانَ بحذائه عليق قَالَ ج فِي الْمُفْردَات: إِن هَذِه شَوْكَة تحلل فِي الثَّانِيَة وتبرد فِي الأولى فِي آخرهَا فَلذَلِك يشفي النملة والحمرة الضعيفة وَيسْتَعْمل فِي ذَلِك وَرقهَا اللين.
ألانخيطس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه إِنَّمَا يُسمى بِهَذَا لنفعه من نهش الرتيلا وقوته ملطفة مجففة وَلذَلِك يُقَال:(6/31)
أندراماس د يَقُول: مَتى فرك فاحت مِنْهُ رَائِحَة شَبيهَة برائحة الراتينج.
وَمَتى سحق هَذَا البزر وَشرب مِنْهُ درخميان أسهل الْبَطن وَأخرج مرَادا.
وَيُبرئ خَاصَّة عرق النسا.
وَيجب لمن أسهله هَذَا الدَّوَاء أَن يتجرع بعد إسهاله مَاء حارا.
وَمَتى تصمد بِهَذَا النَّبَات أَبْرَأ حرق النَّار.
وَفِي بعض النّسخ: وَيقطع نزف الدَّم.
وَزِيَادَة فِي أُخْرَى: وينقي النسا.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِن هَذَا النَّبَات نَوْعَانِ كِلَاهُمَا يسهل الْبَطن.
وَأما ورقهما فقوته قُوَّة تجفف وتجلو قَلِيلا وَلذَلِك قد وثق النَّاس بِأَنَّهُ يشفي حرق النَّار.
وَمَتى طبخ بشراب قَابض صَار ذَلِك الشَّرَاب يدمل الْجِرَاحَات الْعَظِيمَة.
ألسفافس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: حرارته بَيِّنَة مَعَ قبض قَلِيل.
أندروسافس أنطريون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: قوته كقوة البونيون إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف مِنْهُ.
أباديني قَالَ ج فِي السَّادِسَة: وَهُوَ قَلِيلا ويجفف وَله لطافة.
أرفطيون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: هُوَ نَوْعَانِ: أَحدهمَا لَهُ ورق صَغِير وَأَصله لين أَبيض وثمرته مثل الكمون وَهَذَا النَّوْع لطيف غَايَة اللطافة فَلذَلِك يجفف.
وَفِيه من الْجلاء شَيْء يسير وَمن أجل ذَلِك مَتى طبخ أَصله وثمرته بِالشرابِ سكن وجع الْأَسْنَان.
وطبيخه بِالشرابِ نَافِع أَيْضا من حرق النَّار وَمن القروح الْحَادِثَة فِي أصُول الْأَظْفَار فِي الشتَاء.
فَأَما الَّذِي يشبه ورقه ورق القرع إِلَّا أَنه أَصْلَب مِنْهُ وأكبر فانه مجفف مُحَلل مَعَ شَيْء من قبض وَلذَلِك صَار ورقه يشفي من القروح العتيقة.
أسقولينوس الْمُسَمّى باناقس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا أقل إسخانا من باناقس الَّذِي ذَكرْنَاهُ قبل وَلذَلِك أبوطن قَالَ بولس: مَتى أَخذ من بزره خَمْسَة دَرَاهِم مَعَ ملح وخل أسهل المَاء بِقُوَّة ويسحج قَلِيلا.
أنجذان قَالَ د: أَصله نافخ مجشئ مجفف عسر الانهضام مُضر بالمثانة.
وَإِن خلط بالقيروطي وتضمد بِهِ أَبْرَأ الْخَنَازِير والخراجات.(6/32)
وَمَتى تضمد بِهِ مَعَ الزَّيْت أَبْرَأ كمنة الدَّم تَحت الْعين.
وَإِذا خلط بالقيروطي مَعْمُولا بدهن الإيرسا ودهن الْحِنَّاء وتضمد بِهِ وَافق عرق النسا.
وَإِذا طبخ بخل فِي قشر رمان وتضمد بِهِ أَبْرَأ البواسير الناتئة فِي المقعدة.
وَمَتى شرب كَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة.
بولس: والحلتيت فِيهِ قُوَّة مسهلة قَليلَة.
قَالَ د: الصمغة الَّتِي تخرج مِنْهُ ويه الحلتيت فالمعروف مِنْهُ بقونيانقوس إِذا ذاق مِنْهُ إِنْسَان قَلِيلا فانه على الْمَكَان يظْهر فِي بدنه كُله شَيْء نَحْو الحصف وَلَيْسَت رَائِحَته بكريهة وَمن أجل ذَلِك لَا يكون لفم المتناول مِنْهُ رَائِحَة شَدِيدَة.
وَجَمِيع الحلتيت نافخ مريف.
وَمَتى خلط بالعسل واكتحل بِهِ أحد الْبَصَر وأذهب ابْتِدَاء المَاء من الْعين.
وَيُوضَع فِي أكال الْأَسْنَان فَيذْهب الوجع.
ويخلط أَيْضا بالكندر ويلطخ على خرقَة وَيُوضَع على السن الوجعة فيسكن.
ويطبخ مَعَ الزوفا ولاتين بخل ممزوج بِمَاء ويتمضمض بطبيخه فيفعل ذَلِك.
وينفع القرحة الْعَارِضَة من عضة الْكَلْب الْكَلْب.
وَإِذا شرب أَو تلطخ بِهِ نفع ضَرَر الْحَيَوَانَات ذَوَات السمُوم كلهَا والخراجات الْعَارِضَة من النشاب المسموم.
ويداف فِي الزَّيْت ويتمسح بِهِ للسعة الْعَقْرَب.
وَإِذا شرطت الأورام الخبيثة المميتة للعضو وَجعل الحلتيت فِي مَوضِع الشَّرْط نفع.)
وَإِذا وضع وَحده أَو مَعَ النطرون والسذاب أَو مَعَ النطرون وَالْعَسَل نفع مِنْهَا.
وَإِذا وضع بعد أَن يخلط بقيروطي أَو بجوف التِّين الْيَابِس على الْموضع الَّذِي تقلع مِنْهُ الثآليل المسمارية والغدد الظَّاهِرَة الناتئة أَو بعد أَن يخلط بالقيروطي أبرأها.
وَإِذا خلط بالخل أَبْرَأ القوابي فِي حدثان كَونهَا.
وَإِذا خلط بالقلقنت والزنجار وصير فِي المنخرين أَيَّامًا قلع اللَّحْم النَّابِت فِي الْأنف.
وينفع من خشونة الْحلق المزمن.
وَإِذا ديف بِالْمَاءِ وتجرع صفي الصَّوْت الَّذِي عرضت لَهُ بحوحة بَغْتَة على الْمَكَان.
وَإِذا خلط بالعسل وتحنك بِهِ حلل أورام اللهاة أَو تغرغر بِهِ مَعَ مَاء القراطن نفع من سونحى.
وَمَتى اسْتعْمل فِي الطَّعَام حسن اللَّوْن.
وَمَتى تحسى بالبيض وَافق السعال.(6/33)
وَمَتى طرح فِي الحساء وتناوله من بِهِ شوصة وَافقه.
وَمَتى اسْتعْمل بِالتِّينِ الْيَابِس نفع من اليرقان والحبن.
وَمَتى شرب بِالشرابِ مَعَ فلفل وسذاب سكن الكزاز.
وَقد يُؤْخَذ مِنْهُ قدر اوبولوسين فيخلط مَعَ شمع ويبلعه من عرض لَهُ فالج مَعَ انتصاب الرَّقَبَة وميلها إِلَى خلف.
وَإِذا تغرغر بِهِ مَعَ خل قلع العلق الْمُتَعَلّق بِالْحلقِ.
وَإِذا شرب بالسكنجبين نفع من جمود اللَّبن فِي الْجوف وَمن الصرع.
وَإِذا شرب بالفلفل والمر أدر الطمث.
وَإِذا أَخذ مِنْهُ فِي حَبَّة عِنَب نفع من الإسهال المزمن.
وورق الأنجدان وأطرافه بولس: قَالَ د: قد يخرج من ورق الأنجذان رُطُوبَة تفعل فعل الحلتيت إِلَّا أَنَّهَا أَضْعَف.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: الحلتيت يفعل فِي ورم اللهاة مَا يفعل الفاوانيا فِي الصرع.
وَقَالَ فِي الثَّامِنَة: هَذَا أَكثر ألبان الشّجر حرارة ولطفا فَهُوَ لذَلِك أَشد تحليلا ويجذب جذبا بليغا وَينْقص اللَّحْم.
قَالَ ج فِي الثَّامِنَة فِي الأنجدان: جَمِيع هَذَا النَّبَات حَار جدا الْبَتَّةَ قضبانه وأصوله ولبنه)
وجوهرها كلهَا جَوْهَر نفاخ هوائي وَلذَلِك صَارَت كلهَا عسر الانهضام.
وَمَتى اسْتعْملت من خَارج الْجِسْم كَانَت أقوى فعلا.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه حَار يَابِس فِي الثَّالِثَة بطئ فِي الْمعدة مغير لريح الثفل وَالطَّعَام وَفِي أَصله قُوَّة مفنية لرطوبة الْمعدة.
قَالَ أَبُو جريج: إِنَّه حَار فِي الرَّابِعَة فِي أَولهَا يضر بالمعدة والكبد.
وَمَتى جعل فِي الضرس المتأكل نفع.
وَقَالَ ماسرجويه: الحلتيت المنتن أَشد حرارة وألطف وَأقوى.
وأصبت لِابْنِ ماسويه أَنه جيد للدبيلات الدَّاخِلَة وينفع من ريَاح البواسير وَيعْقل الْبَطن.
أماغورس وأماخوزس أصبت تَفْسِير هَذَا فِي ثَبت الْأَسْمَاء لحنين أَنه عقار يُسمى بِالْعَرَبِيَّةِ الذّبْح وَيُسمى الذبْحَة.
وَقَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه منتن الرَّائِحَة حادها وقوته حارة محللة إِلَّا أَن ورقه مَا(6/34)
دَامَ رطبا فَهُوَ بِسَبَب مَا يخالطه من الرُّطُوبَة قَلِيل الحدة أَعنِي الْوَرق ويضمر الأورام فاذا جف صَارَت قوته تقطع وتجفف تجفيفا بليغا وَهَذِه الْقُوَّة بِعَينهَا مَوْجُودَة فِي لحاء أَصله.
فَأَما بزره فَهُوَ ألطف وَيصْلح للقئ.
أبرنك كابلي وَيُقَال أبرنج قَالَ أَبُو جريج: لَهُ خَاصَّة فِي نشف الرطوبات فِي الْمعدة وقلعها من المفاصل وَقلع حب القرع الْبَتَّةَ.
وَقَالَ ج: يجب أَن يثبت فِي القرص الْبَرْمَكِي قولا يَنْبَغِي أَن يكْتب.
قَالَ ماسرجويه: حره فِي الأولى ويبسه فِي الثَّانِيَة ينفض فضول البلغم من المعي وَيقتل الدُّود وَحب القرع.
أنيسرون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه يبرد تبريدا يَسِيرا لَا شَدِيدا مَعَ رُطُوبَة مائية ويحفظ الثدي على وَيُقَال: إِنَّه مَتى شرب جعل الشَّارِب عقيما.
أيمارواي قالس قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه يشبه أصل السوسن فِي منظره وقوته وينفع مثل منفعَته من حرق النَّار لِأَن فِيهِ قُوَّة تحلل تحليلا قَوِيا مَعَ شَيْء من قُوَّة مَانِعَة.
أنبوسطس ج قَالَ فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض مر فَلذَلِك ينفع الطحال إِذا شرب بالخل.
إيدرياربوا قَالَ ج فِي السَّادِسَة: إِنَّه قَابض جدا فَلذَلِك يسقى لانفجار الدَّم واستطلاق الْجوف وقروح المعي وَنَحْوهَا شرب أَو كمد بِهِ أَو ضمد بِهِ.
أقشوريورون قَالَ ج فِي السَّادِسَة: فِي هَذَا عفوصة يسيرَة فَلذَلِك يجلو وَيقطع مَعَ أَنه يشد وَيلْزق وَلذَلِك يعين على النفث من الصَّدْر وينقي الكبد وَلَا يضر بنفث الدَّم بل يَنْفَعهُ لِأَنَّهُ مركب الْقُوَّة.
أوسطيون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: إِنَّه يجفف وَيقبض وَلذَلِك يسقى مِنْهُ من أَصَابَهُ فسخ فِي العضل.
قَالَ بولس: إِن لَهُ وَرقا يشبه ورق قلومس مَتى غلى أَصله بِالْمَاءِ وَشرب نفع من عرق النسا والشوصة وَنَفث الدَّم.
ونفع من خشونة الْحلق إِذا أَخذ مَعَ عسل.
أربياطايون نَبَات يشبه القرع.
قَالَت الخوز: إِنَّه مَعْرُوف بِهَذَا الِاسْم وَإنَّهُ يضم الخراجات الطرية سَرِيعا.
أجاص قَالَ فِيهِ د: إِن ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة وَهُوَ الإجاص ردئ للمعدة مليت للبطن وَيكون بِدِمَشْق إجاص يعقل الْبَطن.(6/35)
وَمَتى طبخ ورق الإجاص وتغرغر بمائه قطع سيلان الْموَاد إِلَى اللهاة وعضلتي اللوزتين واللهاة والمري.
وصمغ الإجاص يلزق القروح ويغري.
وَمَتى شرب بِالشرابِ فت الْحَصَى.
وَمَتى لطخ على القوابي بالخل قلعهَا خَاصَّة الَّتِي فِي الصّبيان.
وَقَالَ جالينوس فِي السَّابِعَة: ثَمَرَة هَذِه الشَّجَرَة تطلق الْبَطن وخاصة إِذا كَانَت طرية فَأَما إِذا يَبِسَتْ فَهِيَ لذَلِك أقل.
وَأما الإجاص الدِّمَشْقِي فانه يُطلق الْبَطن لكنه أقل فِي ذَلِك من الأرميني والأرميني أَشد حلاوة.
وَفِي شَجَرَة الدِّمَشْقِي قبض زَائِد على شَجَرَة الأرميني وَلَا أَدْرِي لم حكم ديسقوريدوس على الدِّمَشْقِي بِأَنَّهُ يعقل الْبَطن إِذْ كُنَّا قد نجده عيَانًا يُطلقهُ.
وَبِالْجُمْلَةِ جَمِيع الشّجر الَّذِي فِيهِ عفوصة مَتى طبخ ورقه وقضبانه الغضة كَانَ ذَلِك الطبيخ نَافِعًا لورم اللهاة والنغانغ.
وَأما ثَمَرَة الإجاص الْبري فَهُوَ يقبض قبضا بَينا وَيحبس الْبَطن.
وَيَزْعُم قوم أَن صمغ هَذِه الشَّجَرَة إِذا شرب فتت الْحَصَاة.
وَإِذا طلي بالخل نفع القوابي الَّتِي تكون بالصبيان.
وَإِن كَانَ هَذَا الصمغ يفعل هَذَا فَالْأَمْر بَين فِيهِ أَنه قطاع ملطف.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء: هَذَا إِذا استحكم نضجه لَا يُوجد عفصا وَلَا قَابِضا إِلَّا فِي الندرة وغذاؤه يسير جدا نَافِع لمن بِهِ حَاجَة إِلَى تبريد بدنه ومعدته وترطيبها وَيُطلق الْبَطن من أجل وَأما الصلب العفص مِنْهُ فَلَا يُطلق الْبَطن.
وطبيخه بِمَاء الْعَسَل يُطلق الْبَطن إطلاقا بليغا.
فان أكل وَشرب بعده كَانَ أَحْرَى بِالْإِطْلَاقِ.)
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي وسط الثَّانِيَة رطب فِي آخرهَا يغذو غذَاء يَسِيرا ويرطب الْمعدة بلزوجته ويبردها ويلين الطبيعة بلزوجته ويسهل صفراء.
وَفعل الْأسود فِي مَا ذكرنَا أتم.
وَالصَّغِير مِنْهُ أقل إسهالا مِمَّا عظم مِنْهُ وَهُوَ مطفئ للحرارة.
وخاصته ترطيب الْمعدة وتبريدها.
قَالَت الخوز: إِن مَاءَهُ يدر الطمث من النِّسَاء المحرورات.
وصمغته بسكر تذْهب القوباء.
وَقَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد قبل أَن يحلو فاذا حلا فانه معتدل.
خاصته نفع اللهاة.(6/36)
وَإِذا أَخذ مَعَ السكر أسهل.
أرنب بري وبحري دماغ قَالَ: دماغ الأرنب الْبري إِذا أكل مشويا نفع من الرعشة الْعَارِضَة بعقب الْمَرَض وَمَتى دلك بِهِ لثة الصَّبِي والعمور نفعهم من وجع الْأَسْنَان.
رَأس قَالَ: رَأس الأرنب الْبري مَتى أحرق وخلط بشحم دب أَو خل أَبْرَأ دَاء الثَّعْلَب.
إنفحة قَالَ: إنفحة الأرنب الْبري إِذا شربت ثَلَاثَة أَيَّام بخل بعد الطُّهْر منعت من الْحَبل وَأَمْسَكت الرُّطُوبَة السائلة من الْبَطن وَالرحم.
وَإِذا شربت بخل نَفَعت من الصرع وَكَانَ بادزهر الْأَدْوِيَة القتالة وخاصة لتجبن اللَّبن ونهش الأفعى.
دم قَالَ وَدَمه: إِذا لطخ وَهُوَ حَار نقي الكلف والبهق والبثور اللينة.
دماغ قَالَ: ودماغ الأرنب إِذا تحنك بِهِ ودلكت بِهِ منابت الْأَسْنَان وَأكل مِنْهُ نفع نفعا عَظِيما للأطفال الَّذين أخذت أسنانهم تنْبت وَلَيْسَ يفعل ذَلِك بِخَاصَّة بل بِالْقُوَّةِ الَّتِي بهَا يفعل ذَلِك الزَّيْت واسمن وَالْعَسَل وَجَمِيع الْأَشْيَاء الشبيهة بهَا فِي النَّفْع من ذَلِك. وَقد يسْتَعْمل فِي الرعشة.
رَأس قَالَ: رَأس الأرنب قد يحرق وَيسْتَعْمل فِي دَاء الثَّعْلَب.
الأرنب البحري مَتى طبخ فِي الزَّيْت اسْتعْمل ذَلِك الزَّيْت فِي حلق الشّعْر. ج وَقَالَ د: دم الأرنب ينفع مقلوا من قرحَة المعي الرَّديئَة والإسهال المزمن والسم وخاصة)
ابْن عرس أما الْبري فَقَالَ فِيهِ د: إِنَّه مَتى أخرج مَا فِي بَطْنه بعد سلخه وملح وجفف ثمَّ شرب مِنْهُ مثقالان بشراب كَانَ أقوى الترياقات للهوام وللدواء الَّذِي يَجعله أهل أرمينة على السِّهَام وجوفه إِذا حشى بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام والصرع.
وَإِن أحرق كَمَا هُوَ فِي قدر وخلط رماده بخل وطلي على النقرس نَفعه.
وَدَمه إِذا لطخ على الْخَنَازِير نَفعهَا وينفع المصروعين وَإِذا شقّ وَجعل على عضة أبرأها.
وَقَالَ جالينوس: قد ذكر قوم من أَصْحَاب الْكتب أَن رماد ابْن عرس إِذا عجن بالخل وطلي على النقرس ووجع المفاصل نفع من طَرِيق أَنه يحلل تحليلا شَدِيدا.
وَمَتى جفف ابْن عرس وسحق وَشرب نفع فِي مَا زَعَمُوا من الصرع من أجل هَذِه الْقُوَّة المحللة.
وَقوم آخَرُونَ يَقُولُونَ فِي ابْن عرس وخاصة فِي الْعُضْو الَّذِي يقوم لَهُ مقَام الْمعدة: إِنَّه يُقَاوم جَمِيع السمُوم من الْهَوَام.(6/37)
قَالَ: وَالْحَيَوَان الْمُسَمّى موغالي نَافِع من لسعة الْعَقْرَب مَتى وضع عَلَيْهَا.
بولس وَقد ذكر ج: ان دماغ ابْن عرس إِذا شرب يَابسا بخل أَبْرَأ من الصرع.
وَقَالَ ابْن ماسويه: لحم ابْن عرس نَافِع من الصرع.
وَأما الْبري فَقَالَ د: والممسى وغالى مَتى ملح بعد سلخه ونظف جَوْفه وجفف ثمَّ شرب مِنْهُ مثقالان بشراب كَانَ أقوى الترياقات للهوام وللنشاب المسموم الَّذِي يسمه أهل أرمينية.
جملَته كُله قَالَ: وَإِن أحرق كَمَا هُوَ فِي قدر وخلط رماده بخل وطلي على النقرس نَفعه.
قَالَ: وَإِذا شقّ وَوضع على عضة أبرأها.
دَمه قَالَ: دَمه إِن لطخ على الْخَنَازِير نفع من ذَلِك وينفع من الصرع.
جَوْفه قَالَ جالينوس: جَوْفه إِن حشى بكزبرة وجفف نفع من نهش الْهَوَام وَمن الصرع. ج قَالَ: قد ذكر الْأَطِبَّاء أَن رماده إِذا طلي بخل نفع النقرس إِلَّا أَنه يحلل تحليلا شَدِيدا وَأَنه مَتى جفف وسحق وَشرب أَبْرَأ من الصرع من أجل هَذِه الْقُوَّة المحللة.
معدته وَيَقُولُونَ: إِن معدته خَاصَّة توَافق سموم الْحَيَوَان.
موغالى قَالَ ج: موغالى إِنَّه مَتى شقّ وَوضع على لسع الْعَقْرَب أَبرَأَهُ.
دماغه قَالَ بولس: ذكر جالينوس أَن دماغ ابْن عرس مَتى شرب وَهُوَ يَابِس بالخل أَبْرَأ الصرع.)
أيل قرنه قَالَ د: إِنَّه مَتى دق بعد الإحراق وَشرب مِنْهُ فلنجاران مَعَ خمر نفع من لسعة الأفعى.
وَقَالَ ج: مَتى أحرق وَشرب مِنْهُ أَيْضا فلنجاران مَعَ كثيرا نفع من نفث الدَّم: قرحَة المعي وَمَتى غسل بعد إحراقه نفع الْعين الَّتِي يسيل الْموَاد إِلَيْهَا ويجلو الْأَسْنَان.
وَإِذا بخر بِهِ بَيت غير محرق طرد الْهَوَام.
وَإِذا طبخ بخل وتمضمض بِهِ سكن وجع الضرس.
وَقَالَ ج: قرن الأيل المحرق يجلو الْأَسْنَان ويشد اللثة وَقد أَحْمَده قوم بعد غسله إِذا أحرق لقروح المعي والذرب وَنَفث الدَّم وخلطوه بالشيافات الَّتِي تجلب الْموَاد المنحدرة إِلَى الْعين لِأَن قوته مجففة.
قضيب الأيل قَالَ بولس: إِنَّه نَافِع من نهش الْهَوَام وَلذَلِك يَجْعَل فِي الترياقات.
إنفحته قَالَ د: إنفحة ولد الأيل مَتى احتملتها الْمَرْأَة ثَلَاثَة أَيَّام بعد الطُّهْر منعت الْحَبل.
دَمه قَالَ د: دم الأيل إِذا قلى نفع من قرحَة المعي والإسهال المزمن والسم الَّذِي يوضع على السِّهَام وَيشْرب بشراب خَاصَّة.
قضيبه قَالَ بولس: مذاكير الأيل إِذا جففت وشربت بشراب نَفَعت الملسوعين من الأفعى.(6/38)
وطرف ذَنْب الأيل يقتل مَتى شرب.
أذارقي قَالَ د: يصلح لقلع الجرب المتقرح والكلف والقوابي والبثور اللينة وَمَا أشبه ذَلِك وَهُوَ فِي الْجُمْلَة وَقَالَ جالينوس: يُبدل مزاج الْأَعْضَاء إِلَى مزاج جيد وينفع عرق النسا.
وَقَالَ ج فِي الْحَادِيَة عشرَة: هُوَ دَوَاء حَار جدا وَلذَلِك صَار لَا ينْتَفع بِهِ وَحده فِي شَيْء من الْوُجُوه لكنه يخلط مَعَ أدوية تسكن قوته فَيصير عِنْد ذَلِك نَافِعًا للعلل المحتاجة إِلَى الإسخان إِذا عولج بهَا من خَارج فَأَما إِلَى دَاخل الْبدن فَلَيْسَ يُورد لشدَّة قوته.
أملج قَالَ ابْن ماسويه: الأملج المربى يفعل فعل الهليلج المربى إِلَّا أَنه أَضْعَف.
قَالَ الْيَهُودِيّ: إِن الأملج يدبغ الْمعدة وَيُقَوِّي الشَّهْوَة ويهيج الباه وَيقطع البزاق والقئ ويسكن الْعَطش.
قَالَ الْفَارِسِي: إِنَّه يقطع الْعَطش وَيزِيد الْفُؤَاد قُوَّة وحدة وذكاء.
قَالَ ماسرجويه: الأملج بَارِد فِي الثَّانِيَة يَابِس يشد أصُول الشّعْر وَيُقَوِّي الْمعدة والمقعدة.
قَالَ شرك الْهِنْدِيّ: إِن الأملج يسخن وَهُوَ سيد الْأَدْوِيَة.
وأصبت لِابْنِ ماسويه فِي إصْلَاح الْأَدْوِيَة: أَن الأملج يُطْفِئ حرارة الدَّم ويدبغ الْمعدة ويسود الشّعْر والمربى يلين الطبيعة وينفع البواسير وَيزِيد فِي المَاء ويشهى الطَّعَام وَيقطع الْعَطش.
قَالَ ابْن ماسويه: إِنَّه بَارِد فِي الأولى يَابِس فِي الثَّانِيَة يُقَوي الشرج وَيمْنَع الشّعْر من الانتثار.
قَالَ ج: إِنَّه يجلو جلاء معتدلا وَيقبض.
انيطرون قَالَ د: يصلح للاسهال فَقَط يخرج بلغما ومرارا وطعمه مالح وَلذَلِك لَا يُمكن اسْتِعْمَاله فِي أَشْيَاء أخر.
أوباغون قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات إِذا جفف صَارَت رَائِحَته كرائحة الْخمر وقوته كقوته. أنوسما قَالَ فِي الثَّامِنَة: هُوَ حريف مر فَلذَلِك يقتل الأجنة إِذا شرب بشراب.
أونوبروخيش قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: هَذَا يُوسع مسام الْجِسْم ويحلل وَلذَلِك صَار ورقه مَا دَامَ طريا يحلل الخراجات.
وَإِذا شرب بشراب شفي عسر الْبَوْل.
وَإِذا خلط بالزيت وأدهن بِهِ أدر الْعرق.(6/39)
أونوفس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: أصل هَذَا النَّبَات يسخن فِي الثَّالِثَة. وأنفع مَا فِيهِ لحاؤه. وَفِي اللحاء تقطيع وَيسْتَعْمل فِي مداواة وجع الْأَسْنَان طبيخه بخل وَمَاء ويتمضمض بِهِ.
أوكسوفاليس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: منظر هَذَا وقوته مثل الكمثرى وثمرتها مثل حب الآس وَهُوَ قطاع لطيف.
وَنوى هَذِه الثَّمَرَة نافعة لجَمِيع الْعِلَل السيالة مَتى شرب.
أوكسيرس قَالَ ج فِي الثَّامِنَة: طعمه مر وقوته فتاحة فَلذَلِك ينفع السدد الَّتِي فِي الكبد جدا.
كَانَ فِي الْأُم بحذائه الزوفا وَكَانَ فِيهِ أَنه الْحَشِيش الَّذِي يتَّخذ مِنْهُ المكانس.
أنافح قَالَ ج: كل إنفحة إِذا شرب مِنْهَا ثَلَاثَة أوبولسات بشراب وَافَقت نهش الْهَوَام والإسهال المزمن وقرحة المعي والسيلان المزمن من الْأَرْحَام وجمود الدَّم فِي الْمعدة ونفثه من الصَّدْر.
وَمَتى احتملت الْمَرْأَة بالزبد بعد الطُّهْر أعانت على الْحَبل.
وَمَتى شربت بعد الطُّهْر منعت من ذَلِك.
وإنفحة الجدي والخروف والخشف توَافق من شرب الشوكران.
وَإِذا شربت بالخل وَافَقت جمود الدَّم فِي الْمعدة.
وَقَالَ ج: إِن جَمِيع الأنافح ملطفة محللة وَالْأَمر أَيْضا بَين أَنَّهَا إِذا كَانَت كَذَلِك فَهِيَ مجففة.
وَقد ذكر فِي الْكتب أَن إنفحة الأرنب نافعة من الصرع مَتى شربت بالخل وتقطع النزف الْعَارِض للنِّسَاء ويحلل الدَّم الجامد فِي الْمعدة.
وَهَذَا شَيْء قد جربناه نَحن تحليلها للبن الجامد لَا فِي إنفحة الأرنب فَقَط بل فِي غَيرهَا أَيْضا إِلَّا أَن أَجودهَا على الْحَقِيقَة إنفحة الأرنب. وَإِن شربت على هَذَا الْمِثَال حلل الدَّم الجامد فِي الْمعدة وَهَذَا الْفِعْل عَام لجَمِيع الأنافح.
وَقد قيل: إِن إنفحة الأرنب مَتى شربت قطعت نزف الدَّم وَلم أجرب ذَلِك لِأَنِّي لم أر اسْتِعْمَال دَوَاء حَار فِي عِلّة تحْتَاج إِلَى شَيْء بَارِد.
وَقَالَ فِي كتاب الْغذَاء فِي بَاب اللَّبن: إِن فِي هَذِه الإنفحة حرارة نارية.
ابْن ماسويه: الإنفحة رَدِيئَة للمعدة مولدة للقولنج تعقد الْبَطن عقدا شَدِيدا.(6/40)