بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(الْحَمد لله) الَّذِي علمنَا من تَأْوِيل الْأَحَادِيث فاطر السَّمَوَات وَالْأَرْض وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله شَهَادَة تنجي قَائِلهَا يَوْم الْعرض وَأشْهد أَن مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي خصّه بجوامع الْكَلم فِي الْمقَال وَجمع فِيهِ كل خلق وَخلق حسن فَاسْتَوَى على أكمل الْأَحْوَال [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وعَلى آله وَأَصْحَابه الْأَشِدَّاء الرُّحَمَاء الَّذين اشبهوا فِي الْهِدَايَة بهم نُجُوم السَّمَاء وعَلى الْأَئِمَّة الْأَعْلَام والأولياء الْكِرَام (وَبعد) فَأنى لما شرحت فِيمَا مضى الْجَامِع الصَّغِير من حَدِيث البشير النذير كوى قلب الْحَاسِد لما اسْتَوَى فجهد أَن يَأْتِي لَهُ بنظير فَرجع إِلَيْهِ بَصَره خاسئا وَهُوَ حسير فَلَمَّا آنس من نَفسه الْقُصُور وَالتَّقْصِير عمد إِلَى الطعْن فِيهِ بالتطويل وَكَثْرَة القال والقيل فلقطع أَلْسِنَة الحسدة المتعنتين وقصورهم الراغبين وَخَوف انتحال السارقين أَمرنِي بعض المحبين أَن أختصر اللَّفْظ اختصارا وأقتصر فِي الْمعَانِي على مَا يظْهر جهارا فعمدت أختصر وطفقت أقتصر ثمَّ عنّ لي أَنه كَيفَ يَلِيق إهمال هاتيك النكت البديعة اللطيفة والتحقيقات المنيعة الشَّرِيفَة لخوف السارقين والمنتهبين وقصور الأغبياء والمتغنين فَإِن لم ينْتَفع بِهِ الحاسدون والقاصرون فسينتفع بِهِ المنصفون الكاملون وَأَن انتحل مِنْهُ عتاة خائنون فَمن خوان الْكِرَام ينتهبون ولمثل هَذَا فليعمل الْعَامِلُونَ فَرَأَيْت إبْقَاء الأَصْل على حَاله حذرا من إِضَاعَة هاتيك الْبَدَائِع الروائع الَّتِي هِيَ خُلَاصَة أبكار الْعلمَاء وعصارة أنظار الْفُضَلَاء وَأَن يكون هَذَا شرحا ثَانِيًا وجيزا فدونك يَا طَالب الِاخْتِصَار والاقتصار شرحا كَأَنَّهُ سبيكة نضار وَمَعَ ذَلِك فِيهِ طرف من الظّرْف ونبذة من الْأَدَب من وقف عَلَيْهَا وقف وَمَعَ وصفي لَهُ بذلك مَا أبرئه وَلَا نَفسِي من ريب وَلَا أبيعه بِشَرْط الْبَرَاءَة من كل عيب وَلَا أدّعي فِيهِ كَمَال الاسْتقَامَة وَلَا أَقُول بِأَنَّهُ كَأَصْلِهِ جمع سَلامَة بل أعترف بالقصور وأسأل الله الغفور الْعَفو عَمَّا طَغى بِهِ الْقَلَم فكم جرى بِهَذِهِ السطور فأحرج على من عثر على هفوة أَو كبوة أَن يرقع خرقه ويفتق رتقه(1/2)
وَيصْلح خلله ويسترز لله فَمن تجنب الْإِنْصَاف وَنظر بِعَين الانحراف وَطلب عَيْبا وجدّ وجد وَمن افْتقدَ زلل أَخِيه بِعَين الرِّضَا فقد فرحم الله امْرأ غلب هَوَاهُ وَعمل بالإنصاف وعذرني فِي خطا كَانَ مني وزلل صدر عني فالكمال محَال لغير ذِي الْجلَال والمرء غير مَعْصُوم وَالنِّسْيَان فِي الْإِنْسَان غير مَعْدُوم (وسميته) التَّيْسِير بشرح الْجَامِع الصَّغِير وَالله سُبْحَانَهُ الْمَسْئُول أَن يَجْعَل مقاساتي فِيهِ كَأَصْلِهِ لوجهه الْكَرِيم ويثيبني عَلَيْهِ بجنات النَّعيم (بِسم الله) أؤلف أَو افْتتح متبرّكا أَو مستعينا (الرَّحْمَن) المتفضل بِإِرَادَة الْخَيْر بِكُل الْخلق (الرَّحِيم) مريده للْمُؤْمِنين (الْحَمد) أَي كل أَفْرَاده أَو ماهيته وَحَقِيقَته وَهُوَ الْوَصْف بالجميل على الْجَمِيل الصَّادِر بِالِاخْتِيَارِ حَقِيقَة أَو حكما على جِهَة التَّعْظِيم (لله) أَي مُخْتَصّ بِهِ فَلَا فَرد مِنْهُ لغيره فَحَمدَ غَيره كالعارية إِذا لكل مِنْهُ وَإِلَيْهِ لِأَنَّهُ مبدأ كل جميل وَالْجُمْلَة لإنشاء الْحَمد وَأَرْدَفَ التَّسْمِيَة بِالْحَمْد اتبَاعا لكتاب الحَدِيث بل لكتاب الْقَدِيم وَإِشَارَة إِلَى أَنه تَعَالَى حيّ قَادر مُرِيد عَالم إِذْ الْحَمد لَا يسْتَحقّهُ إِلَّا من هُوَ كَذَلِك وامتثالا لحديثي الِابْتِدَاء والتعارض مَدْفُوع بِحمْل الِابْتِدَاء على الْعرفِيّ الممتدّ أَو المُرَاد الِابْتِدَاء بِأَحَدِهِمَا لِأَن الْحكمَيْنِ إِذا تَعَارضا وَلم يعلم سبق وَلَا نسخ يحمل على التَّخْيِير كَمَا قرّر فِي الْأُصُول ذكره الْعَلامَة مرشد الشِّيرَازِيّ (الَّذِي) لِكَثْرَة جوده ورأفته بِنَا (بعث) أرسل (على رَأس) أَي أوّل أَو على (كل مائَة سنة) من المولد النَّبَوِيّ أَو الْبعْثَة أَو الْهِجْرَة (من) أَي مُجْتَهدا وَاحِدًا أَو متعدّدا (يجدّد لهَذِهِ الأمّة) أَي الْجَمَاعَة المحمدية وَالْمرَاد أمّة الْإِجَابَة بِقَرِينَة إِضَافَة الدّين إِلَيْهِم فِي قَوْله (أَمر دينهَا) أَي مَا اندرس من أَحْكَام شريعتها (وَأقَام) نصب وسخر (فِي كل عصر) أَي زمن (من يحوط هَذِه الْملَّة) أَي يتَعَاهَد هَذِه الطَّرِيقَة الإسلامية ويبالغ فِي الِاحْتِيَاط لحفظها (بتشييد أَرْكَانهَا) أَي بإعلاء أعلامها وَأَحْكَام أَحْكَامهَا وَرفع منارها (وتأييد سننها) أَي تقويتها (وتبيينها) للنَّاس أَي توضيحها لَهُم (وَأشْهد) أَي أعلم وَأبين (أَن لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق فِي الْوُجُود (إِلَّا الله وَحده) تَأْكِيد لتوحيد الذَّات (لَا شريك لَهُ) تَأْكِيد لتوحيد الصِّفَات (شَهَادَة يزيح) أَي يزِيل (ظلام الشكوك صبح يقينها) أَي أشهد بِهِ شَهَادَة ثَابِتَة جازمة يزِيل نور اعتقادها ظلمَة كل شكّ وريب فَهُوَ اسْتِعَارَة بِالْكِنَايَةِ لكَون نطقه بِالشَّهَادَةِ ناشئا عَن جزم قلب (وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا) عطف بَيَان لَا صفة وَلَا بدل اسْم مفعول من التَّحْمِيد وَهُوَ الْمُبَالغَة فِي الْحَمد سمى بِهِ لِكَثْرَة خصاله الحميدة (عَبده) قدّمه لِأَن وصف الْعُبُودِيَّة أشرف الْأَوْصَاف (وَرَسُوله) إِلَى كَافَّة الثقلَيْن (الْمَبْعُوث لرفع) أَي لأجل إعلاء (كلمة الْإِسْلَام) وَهِي كلمة التَّوْحِيد (وتشييدها) أَي أَحْكَامهَا وإعلائها وتوثيق عراها (وخفض) أَي وَلأَجل إهانة وإذلال (كلمة الْكفْر) من دَعْوَى الشَّرِيك لله وَنَحْو ذَلِك (وتوهينها) أَي إضعافها وتحقيرها أَي رَحمَه الله رَحْمَة مقترنة بتعظيم وَسلمهُ من كل آفَة مُنَافِيَة لغاية الْكَمَال وَكلمَة على هُنَا مجرّدة عَن المضرّة كَمَا فِي فتوكل على الله فَلَا يرد أنّ الصَّلَاة بِمَعْنى الدُّعَاء وَإِذا اسْتعْمل الدُّعَاء مَعَ كلمة على كَانَ للمضرّة وَالْجُمْلَة لإنشاء طلب الرَّحْمَة وَالسَّلَام وَإِن كَانَ بِصُورَة الْخَبَر (وعَلى آله) أَي أَقَاربه الْمُؤمنِينَ من بني هَاشم وَالْمطلب أَو أتقياء أمّته قَالَ الْعَلامَة الدوانيّ فِي حَاشِيَة شَرحه لهياكل النُّور آل الشَّخْص مَا يؤل إِلَى ذَلِك الشَّخْص وَآل الْمُصْطَفى من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب النّسَب أَو بِحَسب النِّسْبَة أمّا الأوّل فهم الَّذين حرمت عَلَيْهِم الصَّدَقَة وهم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب(1/3)
وأمّا الثَّانِي فهم الْعلمَاء إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الصُّورِي أَعنِي علم التشريع والأولياء والحكماء المتألهون إِن كَانَت النِّسْبَة بِحَسب الْكَمَال الْحَقِيقِيّ أَعنِي علم الْحَقِيقَة وكما حرم على الأوّل الصَّدَقَة الصورية حرم على الثَّانِي الصَّدَقَة المعنوية أَعنِي تَقْلِيد الْغَيْر فِي الْعُلُوم والمعارف الإلهية فآل النبيّ من يؤل إِلَيْهِ بِحَسب نسبه لِحَيَاتِهِ الجسمانية كأولاده النسبية وَمن يحذو حذوهم من أَقَاربه الصورية أَو بِحَسب نسبته لِحَيَاتِهِ الْعَقْلِيَّة كأولاده الروحانية من الْعلمَاء الراسخين والأولياء الكاملين والحكماء المتألهين المقتبسين من مشكاة النبوّة سَوَاء سَبَقُوهُ زَمَانا أَو لحقوه وَلَا شكّ أنّ الثَّانِيَة آكِد من الأولى وَالثَّانيَِة من الثَّانِيَة آكِد من الأولى مِنْهُمَا وَإِذا اجْتمع النسبتان بل النّسَب الثَّلَاث كَانَ نورا على نور كَمَا فِي الْأَئِمَّة الْمَشْهُورين من العترة الطاهرة (وَصَحبه) اسْم جمع لصَاحب بِمَعْنى الصحابيّ وَهُوَ من لقِيه بعد النبوّة وَقبل مَوته مُؤمنا بِهِ (لُيُوث الغابة) اسْتِعَارَة لمزيد شجاعتهم جمع لَيْث وَهُوَ الْأسد والغابة شجر ملتف أَو نَحوه تأوي إِلَيْهِ الْأسود وَزَاد قَوْله (وَأسد عرينها) دفعا لتوهم احْتِمَال عدم إِرَادَة الْحَيَوَان المفترس بِلَفْظ اللَّيْث إِذْ اللَّيْث أَيْضا نوع من العنكبوت والعرينة مأوى الْأسود (هَذَا) أَي الْمُؤلف الْحَاضِر فِي الْعقل (كتاب) أَي مَكْتُوب (أودعت) صنت وحفظت (فِيهِ من الْكَلم) بِفَتْح فَكسر جمع كلمة كَذَلِك (النَّبَوِيَّة) أَي المنسوبة إِلَى النَّبِي (ألوفا) بِضَم أوّله جمع ألف وَأَرَادَ بالكلم الْأَحَادِيث وبالنبيّ الْمَنْسُوب إِلَيْهِ مُحَمَّد قيل وعدّته عشرَة آلَاف وَتِسْعمِائَة وَأَرْبَعَة وَثَلَاثُونَ (وَمن الحكم) بِكَسْر فَفتح جمع حِكْمَة وَهِي اسْم لكل علم وَعمل صَالح (المصطفوية) أَي المنسوبة إِلَى الْمُصْطَفى أَي الْمُخْتَار (صنوفا) أَي أنواعا من الْأَحَادِيث فَإِنَّهَا متنوعة إِلَى مواعظ وَغَيرهَا (اقتصرت فِيهِ على الْأَحَادِيث الوجيزة) أَي القصيرة فَلم أتجاوزها إِلَى الطَّوِيلَة إِلَّا نَادرا (ولخصت فِيهِ من معادن الْأَثر) بِالتَّحْرِيكِ أَي الْمَأْثُور يَعْنِي الْمَنْقُول عَن النبيّ (ابريزه) أَي خالصه وَأحسنه شبه أصُول الحَدِيث بالمعادن وَمَا أَخذه مِنْهَا بِالذَّهَب الْخَالِص وَجمعه لَهَا بالتخليص (وبالغت) أَي تناهيت فِي الِاجْتِهَاد (فِي تَحْرِير التَّخْرِيج) أَي اجتهدت فِي تَهْذِيب عزو الْأَحَادِيث إِلَى مخرجها من أَئِمَّة الْفَنّ والتحرير والتهذيب (فَتركت القشر وَأخذت اللّبَاب) أَي تجنبت الْأَخْبَار الْمَوْضُوعَة وأتيت بِالصَّحِيحِ وَالْحسن والضعيف المتماسك (وصنته) أَي حفظت هَذَا الْجَامِع (عَمَّا) أَي عَن إِثْبَات حَدِيث (تفرد بِهِ) أَي بروايته راو (وَضاع) للْحَدِيث على النبيّ (أَو كَذَّاب) أَي كثير الْكَذِب فِي كَلَامه وَإِن لم يعرف بِالْوَضْعِ (ففاق بذلك) أَي بِسَبَب ذَلِك (الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع) أَي علاهم فِي الْحسن والكتب الْمُؤَلّفَة فِي هَذَا النَّوْع وَهُوَ إِيرَاد متون الْأَحَادِيث مجرّدة من الْأَسَانِيد مرتبَة على الْحُرُوف (كالفائق) فِي اللَّفْظ الرَّائِق للعلامة ابْن غَنَائِم جمع فِيهِ أَحَادِيث الرَّقَائِق (والشهاب) بِكَسْر أوّله للْقَاضِي أبي عبد الله القضاعيّ (وحوى) جمع وَضم (من نفائس) جمع نفيسة لَا نَفِيس (الصِّنَاعَة الحديثية) أَي المنسوبة للمحدّثين (مَا لم يودع قبله) أَي قبل تأليفه (فِي كتاب) من الْكتب الْمُؤَلّفَة فِي ذَلِك النَّوْع (ورتبته على حُرُوف المعجم) أَي حُرُوف التهجي (مراعيا) أَي ملاحظا فِي التَّرْتِيب (أوّل الحَدِيث فَمَا بعده) أَي محافظا على الِابْتِدَاء بالحرف الأوّل وَالثَّانِي من كل كلمة أولى من الحَدِيث واتباعهما بالحرف الثَّالِث وَهَكَذَا وَفعلت ذَلِك (تسهيلا على الطلاب) لعلم الحَدِيث أَي تيسيرا عَلَيْهِم (وسميته(1/4)
الْجَامِع الصَّغِير) أَي سميته بِمَجْمُوع الْمَوْصُوف وَالصّفة وَمَا أضيف إِلَيْهِمَا (من حَدِيث البشير النذير) أَي الْبَالِغ فِي كل من الوصفين غَايَة الْكَمَال ثمَّ بَين وَجه التَّسْمِيَة بقوله (لِأَنَّهُ مقتضب) أَي مقتطع (من الْكتاب الْكَبِير) حجما وعلما (الَّذِي) صفته فِي الحَدِيث على ذَلِك النَّحْو و (سميته جمع الْجَوَامِع) لجمعه كل مؤلف جَامع (وقصدت) أَي طلبت (فِيهِ) أَي فِي الْكتاب الْكَبِير (جمع الْأَحَادِيث النَّبَوِيَّة بأسرها) أَي بجميعها وَهَذَا بِحَسب مَا طالع عَلَيْهِ المُصَنّف لَا بِاعْتِبَار مَا فِي نفس الْأَمر (وَهَذِه رموزه) أَي إشاراته الدَّالَّة على من خرّج الحَدِيث من أهل الْأَثر (خَ للْبُخَارِيّ) صَاحب أصح الْكتب بعد الْقُرْآن (م لمُسلم) بن الْحُسَيْن بن الْحجَّاج الْقشيرِي النَّيْسَابُورِي (ق لَهما) فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَشْهُورين (د لأبي دَاوُد) سُلَيْمَان بن الْأَشْعَث السجسْتانِي الشافعيّ (ت لِلتِّرْمِذِي) بِكَسْر الْفَوْقِيَّة وَالْمِيم أَو بضمهما أَو بِفَتْح فَكسر مُحَمَّد بن عِيسَى بن سُورَة بِفَتْح السِّين من كبار الْأَعْلَام (ت للنسائي) أَحْمد بن شُعَيْب الخراسانيّ الشافعيّ (هـ لِابْنِ مَاجَه) مُحَمَّد بن يزِيد وماجه لقب لِأَبِيهِ (4 لهَؤُلَاء الْأَرْبَعَة) أبي دَاوُد وَمن بعده (3 لَهُم إِلَّا بَان مَاجَه حم لَا حمد فِي مُسْنده) الإِمَام أَحْمد ابْن مُحَمَّد بن حَنْبَل نَاصِر السّنة الصابر على المحنة الَّذِي قَالَ فِيهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ غسل وَجه السّنة من غُبَار الْبِدْعَة وكشف الْغُمَّة عَن عقيدة الْأمة (عَم لِابْنِهِ) عبد الله ابْن الإِمَام أَحْمد (فِي زوائده) أَي زَوَائِد مُسْند أَبِيه وَهُوَ نَحْو وَربع مُسْند أَبِيه فِي الحجم (ك للْحَاكِم) مُحَمَّد بن عبد الله بن حَمْدَوَيْه الضبيّ أحد الْأَعْلَام (فَإِن كَانَ فِي مُسْتَدْركه) على الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي قصد فِيهِ جمع الزَّوَائِد عَلَيْهِمَا مِمَّا هُوَ على شَرطهمَا أَو أَحدهمَا أَو هُوَ صَحِيح (أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره كتاريخه (بَينته) بِأَن أصرح باسم الْكتاب الْمُضَاف إِلَيْهِ (خد للْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب) أَي فِي كتاب الْأَدَب الْمُفْرد لَهُ وَهُوَ مَشْهُور (تخ لَهُ فِي التَّارِيخ) أَي الْكَبِير إِذْ هُوَ الْمَعْهُود عِنْد الْإِطْلَاق وَيحْتَمل غَيره وَله ثَلَاثَة تواريخ (حب لِابْنِ حَيَّان) مُحَمَّد بن حبَان التَّمِيمِي البستي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي صَحِيحه) الْمُسَمّى بالتقاسيم والأنواع (طب للطبرانيّ) سُلَيْمَان اللَّخْمِيّ أحد الْحفاظ الرحالين المعمرين وثقوه (فِي الْكَبِير) أَي فِي مُعْجَمه الْكَبِير المُصَنّف فِي أَسمَاء الصَّحَابَة (طس لَهُ فِي الْأَوْسَط) أَي فِي مُعْجَمه الْأَوْسَط الَّذِي أَلفه فِي غرائب شُيُوخه (طص لَهُ فِي الصَّغِير) أَي أَصْغَر معاجيمه الثَّلَاثَة (ص لسَعِيد ابْن مَنْصُور فِي سنَنه) هُوَ أَبُو عُثْمَان الخراسانيّ وَيُقَال الطالقانيّ ثِقَة ثَبت (ش لِابْنِ أبي شيبَة) عبد الله بن مُحَمَّد بن أبي شيبَة الْعَبْسِي الْكُوفِي صَاحب الْمسند (عب لعبد الرَّزَّاق فِي الْجَامِع) هُوَ عبد الرَّزَّاق بن نَافِع أَبُو بكر أحد الاعلام وَكَانَ يتشيع (ع لأبي يعلى فِي مُسْنده) محدّث الجزيرة أَحْمد بن عليّ بن الْمثنى التَّمِيمِي ثِقَة ثَبت (قطّ للدارقطني) نِسْبَة إِلَى الدَّار والقطن ركب الاسمان مِنْهُ عَليّ بن عمر الْبَغْدَادِيّ الشافعيّ أَمَام زَمَانه (فَإِن كَانَ فِي السّنَن أطلقت) العزوالية (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيرهَا من تصانيفه كالأفراد والعلل (بَينته) أَي أضفته إِلَى الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (فر للديلمي فِي مُسْند الفردوس) الْمخْرج على كتاب الشهَاب الْمُرَتّب على هَذَا النَّحْو والفردوس لعماد الْإِسْلَام أبي شُجَاع الديلمي وَمُسْنَده لوَلَده أبي مَنْصُور شهردار بن شيرويه (حل لأبي نعيم) أَحْمد بن عبد الله الأصفهانيّ الصُّوفِي الْفَقِيه الشافعيّ (فِي الْحِلْية) أَي فِي كتاب حلية الْأَوْلِيَاء وطبقات الأصفياء (هَب للبيهقي) الْحَافِظ الْكَبِير أحد أَئِمَّة الشَّافِعِيَّة (فِي) كتاب (شعب الْإِيمَان) بِكَسْر الْهمزَة كتاب نَفِيس غزير الْفَوَائِد (هق لَهُ فِي السّنَن) الْكُبْرَى الَّذِي قَالَ السُّبْكِيّ لم يؤلف(1/5)
أحد مثله (عد لِابْنِ عدي) الْحَافِظ عبد الله بن عدي الجرجانيّ (فِي) كِتَابه (الْكَامِل) الَّذِي أَلفه فِي معرفَة الضُّعَفَاء (عق للعقيلي) فِي كِتَابه الَّذِي صنفه (فِي الضُّعَفَاء) أَي فِي بَيَان حَال رجال الحَدِيث الضَّعِيف فالضعفاء جمع ضَعِيف (خطّ للخطيب) أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت الْبَغْدَادِيّ الْفَقِيه الشَّافِعِي (فَإِن كَانَ) الحَدِيث الَّذِي أعزوه إِلَيْهِ (فِي التَّارِيخ) أَي تَارِيخ بَغْدَاد الْمَشْهُور (أطلقت) الْعزو إِلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَن كَانَ فِي غَيره من تأليفاته الْمَشْهُورَة (بَينته) بِأَن أعين الْكتاب الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَالله أسأَل) لَا غَيره كَمَا يُؤذن بِهِ تَقْدِيم الْمَعْمُول (أَن يمنّ) أَي ينعم عليّ (بقبوله) مني بِأَن يثيبني عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة (وَأَن يجعلنا) أَتَى بنُون العظمة إِظْهَارًا لملزومها الَّذِي هُوَ نعْمَة من تَعْظِيم الله لَهُ بتأهيله للْعلم امتثالا لقَوْله تَعَالَى وأمّا بِنِعْمَة رَبك فحدّث (عِنْده) عندية إعظام وإكرام لَا مَكَان (من حزبه) بِكَسْر الْحَاء خاصته وجنده (المفلحين) الكاملين فِي الْفَلاح الفائزين بِكُل خير المدركين لما طلبُوا الناجين مِمَّا هربوا (وحزب رَسُوله) أَي اتبع الله وَاتِّبَاع رَسُوله المقرّبين لَدَيْهِ الغالبين على من سواهُم أنّ حزب الله هم الغالبون المفلحون
(إِنَّمَا الْأَعْمَال) أَي لَا صِحَة أَولا كَمَال للأعمال إِلَّا (بِالنِّيَّاتِ) قَالَ بعض الْمُحَقِّقين أصل إِنَّمَا أَن يكون الحكم الْمُسْتَعْمل فِيهِ مِمَّا يُعلمهُ الْمُخَاطب وَلَا يُنكره أَي من شَأْنه أَن لَا يجهله وَلَا يُنكره حَتَّى إِن إِنْكَاره يَزُول بِأَدْنَى تَنْبِيه فنبه الْمُصْطَفى بِهَذِهِ الْكَلِمَة على أنّ هَذَا الحكم لَا يحْتَاج إِلَى نظر بل يَكْفِيهِ أدنى تأمّل والأعمال والنيات جمع محلى بِاللَّامِ للكثرة ومفيد للاستغراق مَعَ إِفَادَة قصر الْمسند عَلَيْهِ على الْمسند وَمَعْنَاهُ كل عمل بنية فَلَا عمل إِلَّا بنية إِذْ الْجمع إِذا قوبل بِجمع يحمل على التَّوْزِيع وَقيل أنّ إِنَّمَا تفِيد تَأْكِيد الْحصْر إِذْ هُوَ مُسْتَفَاد من تَعْرِيف الْجمع وَيجوز أَن تكون إِنَّمَا أَيْضا للحصر وَلَا حجر فِي اجْتِمَاع الْأَدِلَّة على مَدْلُول وَاحِد كَمَا فِي شرح الْمِفْتَاح للشريف والنيات جمع نِيَّة وَهِي انبعاث الْقلب نَحْو مَا يرَاهُ مُوَافقا لغَرَض من جلب نفع أَو دفع ضرّ وَهَذَا اللَّفْظ مَتْرُوك الظَّاهِر لأنّ الذوات غير منتفية إِذْ تَقْدِير إِنَّمَا الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ لَا عمل إِلَّا بنية وَالْغَرَض أنّ ذَات الْعَمَل الْخَالِي عَن النِّيَّة مَوْجُودَة فَالْمُرَاد نفي أَحْكَامهَا كالصحة والفضيلة وَالْحمل على الصِّحَّة أولى لِأَنَّهُ الأَصْل فَلَا يَصح عمل إِلَّا بنية وَإِنَّمَا لم تشْتَرط فِي إِزَالَة خبث لِأَنَّهَا من قبيل التروك {وَإِنَّمَا لكل امْرِئ} أَي رجل ومؤنثه امْرَأَة {مَا نوى} أَي مَا حصل لإِنْسَان من الْعَمَل إِلَّا مَا نَوَاه فالم يُنَوّه لَا يعتدّ بِهِ فَلَيْسَ لَهُ من عمله الِاخْتِيَارِيّ القصدي إِلَّا مَا نَوَاه من خير وشرّ نفيا واثباتا فالإثبات لَهُ مَا نَوَاه وَالنَّفْي لَا يحصل لَهُ غير مَا نَوَاه فَلَيْسَ هَذَا تكْرَار فإنّ الأوّل دلّ على أنّ صَلَاح الْعَمَل وفساده بِحَسب النِّيَّة الْمُقْتَضِيَة للإيجاد وَالثَّانِي على أنّ الْعَامِل ثَوَابه على عمله بِحَسب نِيَّته إِن قصد لله وَللَّه وَإِن قصد للدنيا فلهَا فَقَط (فَمن كَانَت هجرته) أَي انْتِقَاله من بِلَاد الْكفْر (إِلَى الله وَرَسُوله) قصدا وعزما (فَهجرَته) بِبدنِهِ وجوارحه (إِلَى الله وَرَسُوله) ثَوابًا وَأَجرا فَلَمَّا كَانَت الْهِجْرَة لَهَا مبدأ وباعث من الْقلب ومصدر وَغَايَة فِي الْجَوَارِح كَانَ مصدرها وغايتها فِي الْخَارِج تبعا لمبدئها فِي الْقلب (وَمن كَانَت هجرته لدُنْيَا) بِضَم أوّله وَالْقصر بِلَا تَنْوِين وَاللَّام للتَّعْلِيل أَو بِمَعْنى إِلَى (يُصِيبهَا) أَي يحصلها شبه تَحْصِيلهَا عِنْد امتداد الأطماع نَحْوهَا بِإِصَابَة الْغَرَض السهْم بِجَامِع سرعَة الْوُصُول وَحُصُول المُرَاد (أَو امْرَأَة ينْكِحهَا) جعلهَا قسيما للدنيا مُقَابلا لَهَا تَعْظِيمًا لأمرها لكَونهَا أَشد فتْنَة فأو للتقسيم وَهُوَ أولى من جعله عطف خَاص على عَام لَا لما قيل من أنّ لفظ دنيا نكرَة وَهِي لَا تعم فِي الْإِثْبَات مَدْفُوع بِأَنَّهَا فِي سِيَاق الشَّرْط تعم بل(1/6)
لتصريح ابْن مَالك فِي شرح الْعُمْدَة بأنّ عطف الْخَاص على الْعَام يخْتَص بِالْوَاو (فَهجرَته إِلَى مَا هَاجر إِلَيْهِ) وَإِن كَانَت هجرته بِصُورَة وَالْهجْرَة إِلَى الله وَرَسُوله وذم قَاصد أَحدهمَا وَإِن قصد مُبَاحا لكَونه خرج لطلب فَضِيلَة ظَاهرا وأبطن غَيره وَفِيه أنّ الْأُمُور بمقاصدها وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْخمس الَّتِي ردّ بَعضهم جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا وَغير ذَلِك من الْأَحْكَام الَّتِي تزيد على سَبْعمِائة وَقد تَوَاتر النَّقْل عَن الْأَئِمَّة فِي تَعْظِيم هَذَا الحَدِيث حَتَّى قَالَ أَبُو عُبَيْدَة لَيْسَ فِي الْأَحَادِيث أجمع وأغنى وَأكْثر فَائِدَة مِنْهُ وَقَالَ الشَّافِعِي وَأحمد هُوَ ثلث الْعلم (ق 4 عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عمر ابْن الْخطاب) الْعَدوي أحد الْعشْرَة المبشرة بِالْجنَّةِ وَزِير الْمُصْطَفى (حل قطّ) وَكَذَا ابْن عَسَاكِر (فِي غرائب) الإِمَام الْمَشْهُور صدر الصُّدُور (مَالك) بن أنس الأصبحيّ (عَن أبي سعيد) سعد بن مَالك بن سِنَان الأنصاريّ الخدريّ (ابْن عَسَاكِر) حَافظ الشأم أَبُو الْقَاسِم عَليّ بن الْحسن بن هبة الله الدمشقيّ الشافعيّ (فِي أَمَالِيهِ) الحديثية من رِوَايَة يحيى بن سعيد عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم (عَن أنس) بن مَالك الأنصاريّ خَادِم النبيّ (الرشيد) بن (الْعَطَّار) الْحَافِظ رشيد الدّين أَبُو الْحُسَيْن يحيى الْمَشْهُور بِابْن الْعَطَّار (فِي جُزْء من تَخْرِيجه) وضعفوا سَنَده (عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي عبد الرَّحْمَن بن صَخْر على الْأَصَح من ثَلَاثِينَ قولا
حرف الْهمزَة
(آتى بَاب الْجنَّة) أَي أجئ بعد الِانْصِرَاف من الْموقف إِلَى أعظم المنافذ الَّتِي يتَوَصَّل مِنْهَا إِلَى دَار الثَّوَاب وَهُوَ بَاب الرَّحْمَة أَو التَّوْبَة يَوْم الْقِيَامَة فعالة تفهم فِيهَا التَّاء الْمُبَالغَة وَالْغَلَبَة وَهِي قيام أَمر مستعظم (فأستفتح) أَي أطلب فتح الْبَاب بالقرع (فَيَقُول الخازن) أَي الْحَافِظ للجنة وَهُوَ رضوَان (من أَنْت) أجَاب بالاستفهام وأكده بِالْخِطَابِ تلذذ بمناجاته (فَأَقُول مُحَمَّد) أكتفي بِهِ وَإِن كَانَ الْمُسَمّى بِهِ كثيرا لِأَنَّهُ الْعلم الَّذِي لَا يشْتَبه (فَيَقُول بك) قيل الْبَاء مُتَعَلقَة بِالْفِعْلِ بعْدهَا ثمَّ هِيَ إمّا سَبَبِيَّة قدمت للتخصيص أَي بسببك (أمرت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول والآمر الله (أَن لَا أفتح) الْبَاب (لأحد) من الْخلق (قبلك) لَا بِسَبَب آخر أَو صلَة للْفِعْل وَأَن لَا أفتح بدل من الضَّمِير الْمَجْرُور أَي أمرت بِفَتْح الْبَاب لَك قبل غَيْرك من الْأَنْبِيَاء (حم م) فِي الْإِيمَان (عَن أنس) بن مَالك
(آخر من يدْخل الْجنَّة) أَي من الْمُوَحِّدين لأنّ الْكفَّار مخلدون (رجل) هُوَ مُخْتَصّ بِالذكر من النَّاس (يُقَال لَهُ) أَي يُسمى (جُهَيْنَة) بِضَم فَفتح اسْم قَبيلَة سمى بِهِ الرجل (فَيَقُول أهل الْجنَّة) الَّذين هم فِيهَا حِينَئِذٍ (عِنْد) بِتَثْلِيث الْعين (جُهَيْنَة الْخَبَر الْيَقِين) أَي الْجَازِم الثَّابِت المطابق للْوَاقِع من أَنه هَل بَقِي فِي جَهَنَّم أحد يعذب من الْمُوَحِّدين أم لَا (خطّ فِي) كتاب (رُوَاة مَالك) بن أنس من وَجْهَيْن (عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب الْعلم الْفَرد أحد العبادلة الْأَرْبَعَة والْحَدِيث ضَعِيف من طريقيه يل قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ بَاطِل كَمَا هُوَ مُبين فِي الشَّرْح
(آخر قَرْيَة) من الْقرى الْجمع سميت بِهِ لِاجْتِمَاع النَّاس فِيهَا (من قرى الْإِسْلَام خرابا بِالْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّة علم لَهَا بالغلبة فَلَا يسْتَعْمل مُعَرفا إِلَّا فِيهَا (ت) فِي أَوَاخِر جَامعه (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث جُنَادَة وَذكر فِي الْعِلَل أَنه سَأَلَ عَنهُ البُخَارِيّ فَلم يعرفهُ وتعجب مِنْهُ
(آخر من يحْشر) أَي يساق إِلَى الْمَدِينَة والحشر السُّوق من جِهَات مُخْتَلفَة أَو المُرَاد من يَمُوت قَالَ عِكْرِمَة فِي قَوْله إِذا الوحوش حشرت حشرها مَوتهَا (راعيان) تَثْنِيَة رَاع وَهُوَ حَافظ الْمَاشِيَة (من(1/7)
مزينة) بِالتَّصْغِيرِ قَبيلَة مَعْرُوفَة (يُريدَان الْمَدِينَة) يقصدانها (ينعقان) بِكَسْر الْمُهْملَة (بغنمهما) يزجرانها بأصواتهما ويسوقانها يطلبان الْكلأ (فيجدانها) أَي الْغنم (وحوشا) بِضَم أوّله بِأَن تنْقَلب ذواتها أَو بِأَن تتوحش فتنفر من صيامهما أَو الضَّمِير للمدينة وَالْوَاو مَفْتُوحَة أَي يجدان الْمَدِينَة خَالِيَة والوحوش الْخَلَاء أَو يسكنهَا الْوَحْش لانقراض ساكنيها قَالَ النوويّ وَهُوَ الصَّحِيح والأوّل غلط وَتعقبه ابْن حجر بأنّ قَوْله (حَتَّى إِذا بلغا ثنية الْوَدَاع) يُؤَيّد الأوّل لأنّ وُقُوع ذَلِك قبل دُخُول الْمَدِينَة وثنية الْوَدَاع بِفَتْح الْوَاو وَمحل عقبَة عِنْد حرم الْمَدِينَة سمي بِهِ لأنّ المودعين يَمْشُونَ مَعَ الْمُسَافِر إِلَيْهَا (خرا) أَي سقطا (على وُجُوههمَا) أَي أخذتهما الصعقة عِنْد النفخة الأولى وَذَا ظَاهر فِي أَنه يكون لإدراكهما السَّاعَة وإيقاع الْجمع موقع التَّثْنِيَة جَائِز وواقع فِي كَلَامهم كَقَوْلِهِم حَيا الله وُجُوههمَا إِذْ لَا يكون لوَاحِد أَكثر من وَجه ذكره ابْن الشجري (ك) فِي الْفِتَن (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ على شَرطهمَا وَأقرهُ الذَّهَبِيّ
(آخر مَا أدْرك النَّاس) من النوس التحرّك أَو لأنّ بَعضهم يأنس بِبَعْض (من كَلَام النُّبُوَّة الأولى) أَي آخر مَا وجدوا مَأْمُورا بِهِ فِي زمن النُّبُوَّة الأولى وَهِي من عهد آدم إِلَى أَن أدركناه فِي شرعنا وَلم ينْسَخ فِي مِلَّة من الْملَل (إِذا لم تستح فَاصْنَعْ مَا شِئْت) إِذا لم تخش الْعَار عملت مَا شِئْت لم يردعك عَنهُ رادع وسيكافئك الله على فعلك فَهُوَ توبيخ شَدِيد أَو هُوَ للتهديد أَي اصْنَع مَا شِئْت فَسَوف ترى غبه أَو هُوَ على حَقِيقَته وَمَعْنَاهُ إِذا كنت فِي أمورك آمنا من الْحيَاء فِي فعلهَا لكَونه على وفْق الشَّرْع فَاصْنَعْ مِنْهَا مَا شِئْت / وَلَا عَلَيْك من أحد وَقد نظم بَعضهم معنى الحَدِيث فَقَالَ
(إِذا لم تصن عرضا وَلم تخش خَالِقًا ... وتستح مخلوقا فَمَا شِئْت فَاصْنَعْ)
وَقَالَ ابْن الْحسن السفلة من لَا يعبأ بِمَا صنع (ابْن عَسَاكِر فِي تَارِيخه) تَارِيخ دمشق (عَن أبي مَسْعُود) عقبَة بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة (البدري) الْأنْصَارِيّ
(آخر مَا تكلم بِهِ إِبْرَاهِيم) الْخَلِيل (حِين ألقِي فِي النَّار) الَّتِي أعدّها لَهُ نمروذ وألقاه فِيهَا ليحترق وسنه سِتّ عشرَة سنة على مَا قيل (حسبي الله) أَي كافيني وكافلني هُوَ الله لَا غَيره (وَنعم الْوَكِيل) أَي الموكول إِلَيْهِ وَنعم كلمة مُبَالغَة تجمع الْمَدْح كُله (خطّ) فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن يزْدَاد (عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (وَقَالَ) أَي الْخَطِيب (غَرِيب) أَي هُوَ حَدِيث غَرِيب وَهُوَ مَا انْفَرد بِهِ حَافظ وَلم يذكرهُ غَيره (وَالْمَحْفُوظ) عِنْد الْمُحدثين (عَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن أحد العبادلة الْأَرْبَعَة (مَوْقُوف) عَلَيْهِ غير / مَرْفُوع لَكِن مثله لَا يُقَال من قبيل الرَّأْي فَهُوَ حكمه
(آخر أربعاء) بِتَثْلِيث الْبَاء والمدّ (فِي الشَّهْر) من الشُّهْرَة يُقَال أشهر الشَّهْر إِذا طلع هلاله (يَوْم نحس) بِالْإِضَافَة وبدونها أَي شُؤْم وبلاء (مستمرّ) أَي مطرد شؤمه أَي دَائِم الشؤم أَو مستحكمه أَي على من تطير بِهِ واعتقد نحوسته لذاته وَخَافَ مِنْهَا مُعْتَقدًا مَا عَلَيْهِ المنجمون أما من اعْتقد أَنه لَا ينفع وَلَا يضر إِلَّا الله فَلَيْسَ هُوَ بنحس عَلَيْهِ (وَكِيع) بن الجرّاح أَبُو سُفْيَان الرواسِي (فِي الْغرَر) أَي فِي كتاب الْغرَر تأليفه (وَابْن مردوية) أَبُو بكر أَحْمد بن مُوسَى (فِي التَّفْسِير) تَفْسِير الْقُرْآن (خطّ) فِي تَرْجَمَة أبي الْوَزير صَاحب الْمهْدي (عَن ابْن عَسَاكِر) وَهُوَ ضَعِيف بل واه لضعف رِوَايَة سَلمَة بن الصَّلْت وَغَيره
(آدم) من أَدِيم الأَرْض أَي ظَاهر وَجههَا سمي بِهِ لخلقه مِنْهُ (فِي السَّمَاء الدُّنْيَا) الْقَرِيبَة منا (تعرض عَلَيْهِ أَعمال ذرّيته) أَي نَسْله وَلَا مَانع من عرض الْمعَانِي وَإِن(1/8)
كَانَت أعراضا لِأَنَّهَا فِي عَالم الملكوت متشكلة بأشكال تخصها وَمعنى عرضهَا أَن يراهم بمواضعهم فَيرى السُّعَدَاء من الْجَانِب الْأَيْمن وَغَيرهم من الْأَيْسَر (ويوسف) بن يَعْقُوب (فِي السَّمَاء الثَّانِيَة) وَهُوَ اسْم عبراني (وابنا الْخَالَة يحيى) اسْم أعجميّ أَو عربيّ (وَعِيسَى) بن مَرْيَم معرّب أَصله بالعبرانية يسوع (فِي السَّمَاء الثَّالِثَة وَإِدْرِيس فِي السَّمَاء الرَّابِعَة) أعجميّ غير مُشْتَقّ وَلَا منصرف قَالَ الجامي فِي شرح الفصوص وَهُوَ أوّل إِنْسَان حصل لَهُ الْعلم بالأعطية الْحَاصِلَة من الْمرتبَة المقضية وتنزلت عَلَيْهِ الْعُلُوم الوهبية (وهرون فِي السَّمَاء الْخَامِسَة ومُوسَى) بن عمرَان (فِي السَّمَاء السَّادِسَة) غير منصرف للعلمية والعجمة (وَإِبْرَاهِيم فِي السَّمَاء السَّابِعَة) أعجمي معرّب أَصله ابراهام وَزَاد فِي رِوَايَة مُسْند أظهره إِلَى الْبَيْت انْتهى (ابْن مردوية) فِي التَّفْسِير (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَهُوَ قِطْعَة من حَدِيث الْإِسْرَاء عِنْد الشَّيْخَيْنِ من حَدِيث أنس لكنه فِيهِ تخَالف فِي التَّرْتِيب
(آفَة الظّرْف) بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون الرَّاء الْكيس والبراعة (الصلف) بِالتَّحْرِيكِ مُجَاوزَة الْقدر يَعْنِي عاهة براعة اللِّسَان وذكاء الْجنان التطاول على الأقران والتمدّح بِمَا لَيْسَ فِي الْإِنْسَان وَالْمرَاد أنّ الظّرْف من الصِّفَات الْحَسَنَة لَكِن لَهُ آفَة رَدِيئَة كثيرا مَا تعرض لَهُ فَإِذا عرضت لَهُ أفسدته فليحذر ذُو الظّرْف تِلْكَ الآفة وَكَذَا يُقَال فِيمَا بعده والآفة بالمدّ العاهة أَو عرض يفْسد مَا يُصِيبهُ (وَآفَة الشجَاعَة الْبَغي) أَي وعاهة شدّة الْقلب عِنْد الْبَأْس تجَاوز الحدّ والتعدّي والإفساد (وَآفَة السماحة المنّ) أَي وعاهة الْجُود وَالْكَرم تعديد النعم على الْمُنعم عَلَيْهِ (وَآفَة الْجمال الْخُيَلَاء) أَي وعاهة حسن الصُّورَة أَو الْمعَانِي الْعجب وَالْكبر والتيه (وَآفَة الْعِبَادَة الفترة) أَي وعاهة الطَّاعَة التواني والتكاسل فِيهَا بعد كَمَال النشاط وَالِاجْتِهَاد (وَآفَة الحَدِيث) أَي مَا يتحدّث بِهِ وينقل (الْكَذِب) أَي الْإِخْبَار عَن الشَّيْء بِخِلَاف مَا هُوَ عَلَيْهِ (وَآفَة الْعلم النسْيَان) أَي وعاهة الْعلم أَن يهمله الْعَالم حَتَّى يذهب عَن ذهنه (وَآفَة الْحلم) بِالْكَسْرِ (السَّفه) أَي وعاهة الأناة والتثبت وَعدم العجلة الخفة والطيش وَعدم الملكة (وَآفَة الْحسب) بِالتَّحْرِيكِ (الْفَخر) أَي وعاهة الشّرف بِالْآبَاءِ ادّعاء العظمة والتمدّح بالخصال (وَآفَة الْجُود السَّرف) أَي وعاهة السخاء والتبذير والإنفاق فِي غير طَاعَة وَتجَاوز الْمَقَاصِد الشَّرْعِيَّة وَالْقَصْد التحذير من هَذِه العاهات الْمفْسدَة لهَذِهِ الْخِصَال الحميدة (هَب) وَكَذَا ابْن لال (وَضَعفه) أَي البيهقيّ (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَفِيه كَذَّاب
(آفَة) أهل (الدّين) أَو المُرَاد الدّين نَفسه لأنّ شُؤْم كل مِنْهُم يعود على الشَّرِيعَة بالوهن (ثَلَاثَة) من الرِّجَال (فَقِيه) أَي عَالم (فَاجر) أَي مائل عَن الْحق هاتك ستر الدّيانَة (وَإِمَام) أَي سُلْطَان سمي بِهِ لِأَنَّهُ يتقدّم على غَيره (جَائِر) أَي ظَالِم (ومجتهد جَاهِل) أَي وعابد مُجْتَهد فِي الْعِبَادَة جَاهِل بِأَحْكَام الدّين بِأَن لم يعلم الْوَاجِب عَلَيْهِ من الشَّرَائِع الظَّاهِرَة وَخص الثَّلَاثَة لعظم الضَّرَر بهم فالعالم يقْتَدى بِهِ وَالْإِمَام تعتقد الْعَامَّة وجوب طَاعَته والمتعبد يعظم الِاعْتِقَاد بِهِ (فر) عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ ضَعِيف لضعف رِوَايَة نهشل بن سعيد
(آفَة الْعلم النسْيَان) لما تقرّر (وإضاعته) أَي إهماله أَو إِتْلَافه (أَن تحدّث بِهِ غير أَهله) مِمَّن لَا يفهمهُ وَلَا يعرفهُ فتحديثك بِهِ لَهُ إهمال للْعلم أَي جعلته بِحَيْثُ صَار مهملا أَو إِتْلَاف لعدم معرفتهم بالمحدّث بِهِ وَمن ثمَّ قَالَ حَكِيم صقلك سَيْفا لَيْسَ لَهُ جَوْهَر من سخنه خطأ وحملك الصعب المسنّ على الرياضة عناء وَقَالَ أَبُو تَمام
(السَّيْف مَا لم يلف مِنْهُ صقيل ... من سخنه لم ينْتَفع بصقال)(1/9)
وَقيل لحكيم يُؤَدب شَيخا مَا تصنع قَالَ أغسل مسحا لَعَلَّه يبيض وَقَالَ أَبُو تَمام وَقد رأى عَالما يعلم بليدا ( ... وَلَو نشر الْخَلِيل لَهُ لعقت ... بلادته على فطن الْخَلِيل)
(ش عَن الْأَعْمَش مَرْفُوعا) إِلَى النبيّ (معضلا) وَهُوَ مَا سقط من رجال إِسْنَاده اثْنَان فَأكْثر على التوالي (وَأخرج) أَي ابْن أبي شيبَة (صَدره فَقَط) وَهُوَ قَوْله آفَة الْعلم النسْيَان (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله الْهُذلِيّ أحد العبادلة الْأَرْبَعَة على مَا فِي صِحَاح الْجَوْهَرِي مَوْقُوفا عَلَيْهِ غير مَرْفُوع (آكل) بِكَسْر الْكَاف والمدّ أَي متناول (الرِّبَا) بِأَيّ وَجه كَانَ وَخص الْأكل لِأَنَّهُ الْمَقْصد الْأَعْظَم من المَال وَهُوَ بِكَسْر الرَّاء وبقصر وألفه بدل من وَاو وَهُوَ لُغَة الزِّيَادَة وَشرعا عقد على عوض مَخْصُوص غير مَعْلُوم التَّمَاثُل حَال العقد أَو مَعَ تَأْخِير فِي الْبَدَلَيْنِ أَو أَحدهمَا (وموكله) مطعمه (وكاتبه) الَّذِي يكْتب الْوَثِيقَة بَين المترابين (وشاهداه) اللَّذَان يَشْهَدَانِ على العقد (إِذا علمُوا بذلك) أَي بِأَنَّهُ رَبًّا وَبِأَنَّهُ بَاطِل (و) الْمَرْأَة (الواشمة) الَّتِي تغرز الْجلد بِنَحْوِ إبرة وَتَذَر عَلَيْهِ بِنَحْوِ نيلة ليخضر أَو يزرق (والموشومة) الْمَفْعُول بهَا ذَلِك (لِلْحسنِ) أَي لأجل التحسين وَلَا مَفْهُوم لَهُ لِأَن الوشم قَبِيح شرعا مُطلقًا (ولاوي) بِكَسْر الْوَاو (الصَّدَقَة) أَي مَانع الزَّكَاة المماطل بهَا (والمرتدّ) حَال كَونه (أَعْرَابِيًا) بِفَتْح الْهمزَة وياء النِّسْبَة إِلَى الْجمع لِأَنَّهُ صَار علما فَهُوَ كالمفرد (بعد الْهِجْرَة) يَعْنِي والعائد إِلَى الْبَادِيَة ليقيم مَعَ الْأَعْرَاب بعد مهاجرته مُسلما وَكَانَ من رَجَعَ بعد هجرته بِلَا عذر يعد كالمرتد لوُجُوب الْإِقَامَة مَعَ النبيّ لنصرته (ملعونون) مطرودون عَن مَوَاطِن الْأَبْرَار لما اجترحوه من ارْتِكَاب هَذِه الْأَفْعَال القبيحة الَّتِي هِيَ من كبار الآصار (على لِسَان مُحَمَّد) أَي بقوله مِمَّا أُوحِي إِلَيْهِ (يَوْم الْقِيَامَة) ظرف للعن أَي هم يَوْم الْقِيَامَة مبعدون مطرودون عَن منَازِل الْقرب وَختم بِهِ تهويلا وَزِيَادَة فِي الزّجر وَفِيه أنّ مَا حرم أَخذه حرم إِعْطَاؤُهُ وَقد عدّها الْفُقَهَاء من الْقَوَاعِد وفرّعوا عَلَيْهَا كثيرا من الْأَحْكَام وَلَكِن استثنوا مسَائِل مِنْهَا الرِّشْوَة للمحكم ليصل إِلَى حَقه وَفك الْأَسير وَإِعْطَاء شَيْء لمن يخَاف هجوه وَغير ذَلِك (ن) فِي السّير وَكَذَا أَحْمد (عَن ابْن مَسْعُود) وَهُوَ ضَعِيف لضعف الْحَرْث الْأَعْوَر
(آكل) بالمدّ وَضم الْكَاف (كَمَا يَأْكُل العَبْد) أَي فِي الْقعُود لَهُ وهيئة التَّنَاوُل وَالرِّضَا بِمَا حضر فَلَا أتمكن عِنْد جلوسي لَهُ كَفعل أهل الرَّفَاهِيَة (وأجلس) للْأَكْل وَاحْتِمَال الْإِطْلَاق بعيد من السِّيَاق (كَمَا يجلس العَبْد) لَا كَمَا يجلس الْملك فإنّ التخلق بأخلاق العبدية أشرف الْأَوْصَاف البشرية وَقصد بِهِ تَعْلِيم أمّته آدَاب الْأكل وسلوك مَنْهَج التَّوَاضُع وتجنب عَادَة المتكبرين وَأهل الرَّفَاهِيَة (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (ع) كِلَاهُمَا (عَن عَائِشَة) أمّ الْمُؤمنِينَ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا
(آل مُحَمَّد كل تَقِيّ) أَي من قرَابَته لقِيَام الْأَدِلَّة على أنّ آله من حرمت الصَّدَقَة عَلَيْهِم أَو المُرَاد لَهُ بِالنِّسْبَةِ لمقام نَحْو الدُّعَاء فالإضافة للاختصاص أَي هم مختصون بِهِ اخْتِصَاص أهل الرجل بِهِ وأمّا حَدِيث أَنا جدّ كل تَقِيّ فَقَالَ الْمُؤلف لَا أعرفهُ (طس) وَكَذَا فِي الصَّغِير (عَن أنس) بن مَالك قَالَ سُئِلَ النبيّ من آل مُحَمَّد فَذكره وَهُوَ ضَعِيف لضعف نوح بن أبي مَرْيَم
(آل الْقُرْآن) أَي حفظته الْعَامِلُونَ بِهِ (آل الله) أَي أولياؤه أضيفوا إِلَى الْقُرْآن لشدّة اعتنائهم بِهِ وأضيفوا إِلَى الله تَشْرِيفًا أمّا من حفظه وَلم يحفظ حُدُوده يقف عِنْد أوامره ونواهيه فأجنبىّ من هَذَا التشريف إِذْ الْقُرْآن حجَّة عَلَيْهِ لَا لَهُ كَمَا يفِيدهُ أَحَادِيث تَأتي (خطّ فِي رُوَاة مَالك) من رِوَايَة مُحَمَّد بن بزيع عَن مَالك عَن(1/10)
الزهريّ (عَن أنس) بن مَالك وبزيع مَجْهُول
(آمروا) بالمدّ وَمِيم مُخَفّفَة مَكْسُورَة (النِّسَاء فِي بناتهنّ) أَي شاوروهن فِي تزويجهنّ ندبا لِأَنَّهُ أدعى للألفة وَأطيب للنَّفس وَلَا يجب اتِّفَاقًا (د) فِي النِّكَاح (هق) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد حسن
(آمروا النِّسَاء) أَي المكلفات (فِي أنفسهنّ) أَي شاوروهنّ فِي تزويجهنّ (فإنّ الثّيّب) فيعل من ثاب إِذا رَجَعَ لرجوعها عَن الزَّوْج الأوّل أَو لمعاودتها التزوّج (تعرب) تبين وتوضح (عَن نَفسهَا) لعدم غَلَبَة الْحيَاء عَلَيْهَا لما سبق لَهَا من ممارسة الرِّجَال (وَإِذن الْبكر) أَي الْعَذْرَاء وَهِي من لم تُوطأ فِي قبلهَا (صماتها) سكُوتهَا وَالْأَصْل وصماتها كأذنها فَشبه الصمات بالأذن شرعا ثمَّ جعل أذنا مجَازًا ثمَّ قدّم للْمُبَالَغَة وَأفَاد أنّ الْوَلِيّ لَا يزوّج موليته إِلَّا بِإِذْنِهَا لَكِن الثّيّب لَا بدّ من نطقها وَالْبكْر يَكْفِي سكُوتهَا لشدّة حيائها وَهَذَا عِنْد الشَّافِعِي فِي غير الْمُجبر أمّا هُوَ فيزوّج الْبكر بِغَيْر إِذْنهَا مُطلقًا لأدلة أُخْرَى وَقَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة عقده بِغَيْر إِذن مَوْقُوف على إجازتها (طب هق عَن الْعرس) بِضَم الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء (ابْن عميرَة) بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الْمِيم الْكِنْدِيّ صَحَابِيّ مَعْرُوف
(آمن) بالمدّ وَفتح الْمِيم (شعر أُميَّة) تَصْغِير أمة وَهُوَ عبد الله (بن أبي الصَّلْت) بن ربيعَة ابْن وهب بن عَوْف ثقفي من شعراء الْجَاهِلِيَّة مبرهن غوّاص على الْمعَانِي تعبد فِي الْجَاهِلِيَّة وطمع فِي النُّبُوَّة (وَكفر قبله) أَي اعْتقد مَا يُنَافِي شعره المشحون بِالْإِيمَان بِالْبَعْثِ وَالْحكم والتذكير بآلاء الله وآياته فَلم يَنْفَعهُ مَا تلفظ بِهِ مَعَ جحود قلبه (أَبُو بكر) مُحَمَّد بن الْقَاسِم بن مُحَمَّد بن بشار (بن الْأَنْبَارِي) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون النُّون نِسْبَة إِلَى الأنبار بَلْدَة قديمَة على الْفُرَات على عشرَة فراسخ من بَغْدَاد وَهُوَ النَّحْوِيّ صَاحب التصانيف (فِي) كتاب (الْمَصَاحِف خطّ وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عَبَّاس)
(آمين) اسْم فعل بِمَعْنى استجب مبنيّ على الْفَتْح كأين (خَاتم) بِفَتْح التَّاء وَكسرهَا (رب الْعَالمين) أَي هُوَ خَاتم دُعَاء الله بِمَعْنى أَنه يمْنَع الدُّعَاء من فَسَاد الخيبة والردّ كَمَا يمْنَع الطابع على الْكتاب فَسَاد ظُهُور مَا فِيهِ من الْغَيْر (على لِسَان عباده الْمُؤمنِينَ) أَي هُوَ طَابع الله على لِسَان عباده لأنّ العاهات والبلايا تنْدَفع بِهِ إِذْ الْخَتْم الطَّبْع أَي الْأَثر الْحَاصِل عَن نقش ويتجوّز بِهِ عَن الاستيثاق من الشَّيْء وَالْمَنْع مِنْهُ (عد طب فِي) كتاب (الدُّعَاء عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ كَمَا قَالَ المُصَنّف فِي حَاشِيَة القَاضِي ضَعِيف لضعف مؤمّل الثَّقَفِيّ
(آيَة الكرسيّ) أَي الْآيَة الَّتِي يذكر فِيهَا الكرسيّ (ربع الْقُرْآن) لاشتمالها على التَّوْحِيد والنبوّة وَأَحْكَام الدَّاريْنِ وَآيَة الْكُرْسِيّ ذكر فِيهَا التَّوْحِيد فَهِيَ ربعه بِهَذَا الِاعْتِبَار (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان (فِي) كتاب (الثَّوَاب) لأعمال (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لضعف سَلمَة بن وردان
(آيَة مَا بَيْننَا) أَي الْعَلامَة المميزة بَيْننَا أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (وَبَين الْمُنَافِقين) الَّذين آمنُوا بأفواههم وَلم تؤمن قُلُوبهم (أَنهم لَا يتضعلون) لَا يكثرون (من) شرب مَاء بِئْر (زَمْزَم) كَرَاهَة لَهُ بَعْدَمَا علمُوا ندب الشَّارِع شربه والإكثار مِنْهُ وَهُوَ أشرف مياه الدُّنْيَا والكوثر أشرف مياه الْآخِرَة (تخ هـ ك) من حَدِيث إِسْمَعِيل بن زَكَرِيَّا عَن عُثْمَان بن الْأسود (عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك أَن كَانَ عُثْمَان سمع من ابْن عَبَّاس فَهُوَ على شَرطهمَا فَقَالَ الذَّهَبِيّ لَا وَالله مَا لحقه انْتهى لَكِن قَالَ ابْن حجر الحَدِيث حسن
(آيَة الْعِزّ) أَي القوّة والشدّة والصلابة وَالْمرَاد أنّ الملازم على تلاوتها يصير قَوِيا شَدِيدا أَو المُرَاد الْآيَة الَّتِي تسمى آيَة الْعِزّ (وَقل الْحَمد لله) أَي الْوَصْف بالجميل لله (الَّذِي(1/11)
لم يتَّخذ ولدا) أَي لم يسم أحدا لَهُ ولدا وأمّا التولد فَمَا لَا يتصوّره عقل (وَلم يكن لَهُ شريك) أَي مشارك (فِي الْملك) فِي الألوهية (وَلم يكن لَهُ وليّ) نَاصِر موَالِيه (من) أجل (الذل) أَي المذلة ليدفعها بمناصرته ومعاونته فَلم يحالف أحدا وَلَا ابْتغى نصْرَة أحد لأنّ من احْتَاجَ إِلَى نصْرَة غَيره فقد ذل لَهُ وَهُوَ القاهر فَوق عباده (وَكبره تَكْبِيرا) أَي عظمه عَن كل مَالا يَلِيق بِهِ تامّا عامّا أَو اعرف وَصفه بِأَنَّهُ أكبر من أَن يكون لَهُ ولد أَو شريك أَو وليّ من الذل (حم طب عَن معَاذ بن أنس) الْجُهَنِيّ وَضَعفه الزين الْعِرَاقِيّ والهيتمي
(آيَة الْإِيمَان) كَلَام إضافي مَرْفُوع بِالِابْتِدَاءِ وَخَبره (حب الْأَنْصَار) أَي عَلامَة كَمَال إِيمَان الْإِنْسَان أَو نفس إيمَانه حب مؤمني الْأَوْس والخزرج لحسن وفائهم بِمَا عَاهَدُوا عَلَيْهِ من إيوائه وَنَصره على أعدائه زمن الضعْف والعسرة (وَآيَة النِّفَاق بغض الْأَنْصَار) صرح بِهِ مَعَ فهمه مِمَّا قبله لاقْتِضَاء الْمقَام التَّأْكِيد وَلَا دلَالَة فِي ذَا على أَن من لم يُحِبهُمْ غير مُؤمن إِذْ الْعَلامَة ويعبر عَنْهَا بالخاصة تطرد وَلَا تنعكس فَلَا يلْزم من عدم الْعَلامَة عدم مَا هِيَ لَهُ أَو يحمل البغض على التَّقْيِيد بالجهة فبغضهم من جِهَة كَونهم أنصار النَّبِي لَا يجامعه التَّصْدِيق (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك
(آيَة) أَي عَلامَة (الْمُنَافِق ثَلَاث) أخبر عَن آيَة بِثَلَاث بِاعْتِبَار إِرَادَة الْجِنْس أَي كل وَاحِد مِنْهَا آيَة ولأنّ مَجْمُوع الثَّلَاث هُوَ الْآيَة (إِذا حدث كذب) بِالتَّخْفِيفِ أَي أخبر بِخِلَاف الْوَاقِع (وَإِذا وعد) أخبر بِخَبَر فِي الْمُسْتَقْبل (أخلف) أَي جعل الْوَعْد خلافًا بِأَن لَا يَفِي بِهِ (وَإِذا ائْتمن) بِصِيغَة الْمَجْهُول أَي جعل أَمينا وَفِي رِوَايَة بتَشْديد الْمُثَنَّاة فَوق (خَان) تصرف على خلاف الشَّرْع وَنقص مَا ائْتمن عَلَيْهِ وَلم يؤدّه وَالْمرَاد النِّفَاق العملي أَو الْإِنْذَار والتخويف والاعتياد والاطراد (ق ت ن) فِي الْإِيمَان (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب الصّديق وَغَيره
(آيَة) بِالتَّنْوِينِ (بَيْننَا وَبَين الْمُنَافِقين) نفَاقًا عمليا (شُهُود) أَي حُضُور أَي ترك حُضُور (الْعشَاء وَالصُّبْح) أَي صلاتهما جمَاعَة فَإِنَّهُم (لَا يستطيعونهما) لِأَن أَحدهمَا ترك لطعم النّوم ولذته وَالْآخر شُرُوع فِي النّوم وفترته وَلَا يُؤثر ذَلِك الكسلان الْمُنَافِق وَإِذا قَامُوا إِلَى الصَّلَاة قَامُوا كسَالَى يراؤن النَّاس وَهَذِه حَالَة الْمُنَافِقين وأمّا المخلصون المتمكنون فِي إِيمَانهم فتطيب لَهُم هَذِه المشاق لتوقعهم الدَّرَجَات الْعلَا واستلذاذهم المتاعب لذَلِك تَتَجَافَى جنُوبهم عَن الْمضَاجِع يدعونَ رَبهم خوفًا وَطَمَعًا (ص عَن سعيد بن الْمسيب) بِفَتْح الْيَاء عِنْد الْأَكْثَرين وتكسر على قلَّة (مُرْسلا) وَسَببه أَنه يَوْمًا الصُّبْح فَقَالَ أشاهد فلَان قَالُوا لَا فَقَالَ فلَان قَالُوا لَا فَذكره
(آيتان) تَثْنِيَة آيَة (هما قُرْآن) أَي من الْقُرْآن (وهما يشفيان) الْمُؤمن وتنزل من الْقُرْآن مَا هُوَ شِفَاء (وهما مِمَّا يحبهما الله) بِدَلِيل أَنه أنزلهما من كنز تَحت الْعَرْش وَالْقِيَاس يُحِبهُ الله أَو يُحِبهَا إِذْ التَّقْدِير وهما من الشَّيْء الَّذِي أَو الْأَشْيَاء الَّتِي وَالظَّاهِر أَن التَّثْنِيَة من تصرف بعض الروَاة وهما (الْآيَتَانِ من آخر) سُورَة (الْبَقَرَة) وَقد ورد فِي عُمُوم فضائلهما مَا لَا يُحْصى وَالْقَصْد هُنَا بَيَان فضلهما على غَيرهمَا والحث على لُزُوم تلاوتهما وَفِيه ردّ على من كره أَن يُقَال الْبَقَرَة أَو سُورَة الْبَقَرَة بل السُّورَة الَّتِي يذكر فِيهَا الْبَقَرَة وَفِيه أَن بعض الْقُرْآن أفضل من بعض خلافًا للْبَعْض (فر عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف إِبْرَاهِيم بن يحيى
(ائْتِ الْمَعْرُوف) أَي افعله (واجتنب الْمُنكر) أَي لَا تقر بِهِ وَالْمَعْرُوف مَا عرفه الشَّرْع أَو الْعقل بالْحسنِ وَالْمُنكر مَا أنكرهُ أَحدهمَا لقبحه عِنْده (وَانْظُر) أَي تأمّل (مَا يعجب أُذُنك) يَعْنِي الَّذِي يَسُرك سَمعه(1/12)
ويعظم فِي قَلْبك وقعه (أَن يَقُول لَك الْقَوْم) أَي فِيك (إِذا قُمْت من عِنْدهم) يَعْنِي فَارَقْتهمْ أَو فارقوك من ثَنَاء حسن وَفعل جميل ذكروك بِهِ عِنْد غَيْبَتِك (فأته) أَي افعله والزمه (وَانْظُر الَّذِي) أَي وتأمّل الشَّيْء الَّذِي (تكره أَن يَقُول) أَي يَقُول (لَك الْقَوْم) أَي فِيك وَإِنَّمَا عبر بقوله لَك لِأَنَّهُ إِذا بلغه فَكَأَنَّهُ خُوطِبَ بِهِ (إِذا قُمْت من عِنْدهم) من وصف ذميم كظلم وشح وَسُوء خلق (فاجتنبه) لقبحه وَنبهَ بذلك على مَا يستلزمه من كف الْأَذَى وَالْمَكْرُوه عَن النَّاس وَأَنه كَمَا يحب أَن ينتصف من حَقه يَنْبَغِي إِذا كَانَ لأحد عِنْده حق أَن ينصفه من نَفسه (خد و) الْحَافِظ مُحَمَّد (بن سعد) فِي الطَّبَقَات (وَالْبَغوِيّ) فِي مُعْجَمه (والباوردي) بِفَتْح الْمُوَحدَة وَسُكُون الرَّاء وَآخره دَال مُهْملَة نِسْبَة لبلدة بِنَاحِيَة خُرَاسَان أَبُو مَنْصُور (فِي) كتاب (الْمعرفَة) معرفَة الصَّحَابَة (هَب) كلهم (عَن حَرْمَلَة) كَذَا خرّجه (ابْن عبد الله بن أَوْس) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وَكَانَ من أهل الصّفة قَالَ قلت يَا رَسُول الله مَا تَأْمُرنِي بِهِ فَذكره (وَمَاله غَيره) أَي لم يعرف لحرملة رِوَايَة غير هَذَا الحَدِيث وَهُوَ ضَعِيف لضعف عبد الله بن رَجَاء
(ائْتِ حرثك) أَي مَحل الْحَرْث من حليلتك وَهُوَ قبلهَا إِذْ هُوَ لَك بِمَنْزِلَة أَرض تزرع (أَنى شِئْت) أَي كَيفَ وَمَتى وَحَيْثُ شِئْت لَا يحظر عَلَيْك من جِهَة دون جِهَة وسع الْأَمر إزاحة لِلْعِلَّةِ فِي إتْيَان الْمحل المنهيّ عَنهُ وَهُوَ الدبر (وأطعمها إِذا طعمت) بتاء الْخطاب لَا التَّأْنِيث وَكَذَا (واكسها إِذا اكتسيت) قيل وبتاء التَّأْنِيث غلط (وَلَا تقبح الْوَجْه) أَي لَا تقل أَنه قَبِيح أَولا تقل لَهَا قبح الله وَجهك أَي ذاتك (وَلَا تضرب) ضربا مبرحا مُطلقًا وَلَا غير مبرح بِغَيْر إِذن شَرْعِي كنشوز (د عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جدّه) مُعَاوِيَة ابْن حميدة الصحابيّ الْقشيرِي وَهُوَ ضَعِيف لضعف بهز
(ائْتُوا الْمَسَاجِد) جمع مَسْجِد وَهُوَ بَيت الصَّلَاة حَال كونكم (حسرى) كسكرى جمع حاسر أَي كاشف يَعْنِي بِغَيْر عمائم (ومعصبين) ساترين رؤسكم بِالْعِصَابَةِ أَي الْعِمَامَة (فَإِن العمائم) جمع عِمَامَة بِكَسْر الْعين (تيجان الْمُسلمين) مجَاز على التَّشْبِيه أَي هِيَ كتيجان الْمُلُوك (عد عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(ائْتُوا) وجوبا (الدعْوَة) بِالْفَتْح وتضم وَالْمرَاد وَلِيمَة الْعرس لِأَنَّهَا الْمَعْهُودَة عِنْدهم حَالَة الْإِطْلَاق (إِذا دعيتم) إِلَيْهَا وتوفرت شُرُوط الْإِجَابَة وَهِي نَحْو عشْرين فالوليمة لَهُ سنة والإجابة إِلَيْهَا عِنْد توفر الشُّرُوط وَاجِبَة أمّا غير الْعرس من الولائم الْعشْرَة الْمَشْهُورَة فإتيانها مَنْدُوب (م عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ائتدموا) إرشادا أَو ندبا أَي كلوا الْخبز (بالزيت) المعتصر من الزَّيْتُون والادام مَا يؤتدم بِهِ يعمّ الْمَائِع وَغَيره (وادّهنوا) بِالتَّشْدِيدِ (بِهِ) أَي اطلوا بِهِ بدنكم بشرا وشعرا يَعْنِي وقتا بعد وَقت لَا دَائِما للنَّهْي عَن الادّهان والترجل الأغبا فِي حَدِيث آخر (فَإِنَّهُ يخرج) أَي ينْفَصل (من شَجَرَة) أَي من ثَمَر شَجَرَة (مباركة) لِكَثْرَة مَا فِيهَا من القوى النفاعة وَيلْزم من بركتها بركَة مَا يخرج مِنْهَا (هـ ك) وَقَالَ على شَرطهمَا (هق) من حَدِيث معمر بن زيد بن أسلم عَن أَبِيه (عَن عمر) بن الْخطاب وَذكر التِّرْمِذِيّ عَن البُخَارِيّ أَنه مُرْسل وَأنكر كَونه عَن عمر
(ائتدموا) أَي أصلحوا الْخبز بالادام فَإِن أكل الْخبز بِدُونِ ادام وَعَكسه ضار فَالْأولى الْمُحَافظَة على الائتدام (وَلَو بِالْمَاءِ) الَّذِي هُوَ مَادَّة الْحَيَاة وَسيد الشَّرَاب وَأحد أَرْكَان الْعَالم بل رُكْنه الْأَصْلِيّ (طس) وَكَذَا أَبُو نعيم والخطيب (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَقَالَ ابْن الْجَوْزِيّ لَا يَصح
(ائتدموا من) عصارة (هَذِه الشَّجَرَة) شَجَرَة الزَّيْتُون وَقَوله (يَعْنِي(1/13)
الزَّيْت) مدرج من كَلَام بعض الروَاة بَيَانا لما وَقعت الْأَشْجَار عَلَيْهِ (وَمن عرض عَلَيْهِ طيب) بِنَحْوِ إهداء أَو ضِيَافَة فَلَا يردّه كَمَا يجِئ فِي حَدِيث لخفة الْمِنَّة فِي قبُوله وَإِذا قبله (فليصب) أَي فليتطيب يُقَال أصَاب بغيته نالها (مِنْهُ) ندبا فَإِنَّهُ غذَاء الْأَرْوَاح الَّتِي هِيَ مَطِيَّة القوى وَهُوَ خَفِيف الْمُؤْنَة والْمنَّة (طس عَن ابْن عَبَّاس) رمز المُصَنّف لضَعْفه
(ائتزروا) أَي البسوا الْإِزَار (كَمَا رَأَيْت الْمَلَائِكَة) فِي لَيْلَة الْإِسْرَاء أَو غَيرهَا فَرَأى بصرية (تأتزر عِنْد) عرش (رَبهَا إِلَى أَنْصَاف) جمع نصف (سوقها) بِضَم فَسُكُون جمع سَاق وَالْمرَاد النَّهْي عَن إسبال الْإِزَار وأنّ السّنة جعله إِلَى نصف السَّاق فَإِن جَاوز الْكَعْبَيْنِ وَقصد الْخُيَلَاء حرم وَالْمَلَائِكَة جمع ملك من الألوكة بِمَعْنى الرسَالَة وهم عِنْد جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين أجسام لَطِيفَة نورانية قادرة على التشكل بأشكال مُخْتَلفَة وَعند الْحُكَمَاء جَوَاهِر مجرّدة علوِيَّة مُخَالفَة للنفوس الإنسانية بِالذَّاتِ وَعند جُمْهُور النَّصَارَى النُّفُوس الناطقة الفاضلة البشرية الْمُفَارقَة للأبدان ورؤية الْمُصْطَفى لَهُم تدل للأوّل (فر) من حَدِيث عمرَان الْقطَّان عَن الْمثنى (عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جدّه) عبد الله بن عَمْرو بن الْعَاصِ أحد العبادلة الْأَرْبَعَة وَعمْرَان الْقطَّان ضعفه الذهبيّ
(ائذنوا للنِّسَاء) اللَّاتِي لَا تخافون عليهنّ أَو منهنّ فتْنَة (أَن يصلين بِاللَّيْلِ) أَي وَمَا ألحق بِهِ وَهُوَ مُتَعَلق بقوله أَن يصلين (فِي الْمَسْجِد) ندبا إِذْ لَو كَانَ للْوُجُوب لَكَانَ الْخطاب لهنّ لَا لبعولتهن (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ائذنوا للنِّسَاء) أَن يذْهبن (بِاللَّيْلِ إِلَى الْمَسَاجِد) للصَّلَاة وَهَذَا عَام فِي كلهَا وَعلم مِنْهُ وَمِمَّا قبله بِمَفْهُوم الْمُوَافقَة أَنهم يأذنون لهنّ بِالنَّهَارِ أَيْضا لِأَن اللَّيْل مَظَنَّة الْفِتْنَة تَقْدِيمًا لمَفْهُوم الْمُوَافقَة على مَفْهُوم الْمُخَالفَة وَالْأَمر للنَّدْب بِاعْتِبَار مَا كَانَ فِي الصَّدْر الأوّل من عدم الْمَفَاسِد أما بعد ذَلِك فَحَدِيث آخر وَلِهَذَا قَالَت عَائِشَة لَو علم رَسُول الله مَا أحدث النِّسَاء بعده لمنعهنّ من الْمَسَاجِد كَمَا منعت نسَاء بني إِسْرَائِيل (حم م د ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَرَوَاهُ عَن البُخَارِيّ أَيْضا خلافًا لما يُوهِمهُ صَنِيع المُصَنّف
(أَبى الله) أَي امْتنع أَو لم يرد (أَن يَجْعَل لقَاتل الْمُؤمن) بِغَيْر حق (تَوْبَة) أَي إِن اسْتحلَّ أَو هُوَ زجر وتهويل أما كَافِر غير ذمِّي وَنَحْوه فَيحل بل يجب قَتله (طب والضياء) الْحَافِظ ضِيَاء الدّين الْمَقْدِسِي (فِي) الْأَحَادِيث (المختارة) مِمَّا لَيْسَ فِي الصَّحِيحَيْنِ (عَن أنس) بن مَالك قَالَ فِي الفردوس صَحِيح
(أَبى الله أَن يزرق عَبده الْمُؤمن) أَي الْمُؤمن الْكَامِل كَمَا يُؤذن بِهِ إِضَافَته إِلَيْهِ (إِلَّا من حَيْثُ لَا يحْتَسب) أَي من جِهَة لَا تخطر بِبَالِهِ وَلَا تتخالج فِي آماله وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَيَرْزقهُ من حَيْثُ لَا يحْتَسب والزرق إِذا جَاءَ من حَيْثُ لَا يتَوَقَّع كَانَ أهنأ وأسرّ (فر عَن أبي هُرَيْرَة) لكنه قَالَ من حَيْثُ لَا يعلم (هَب عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ ثمَّ قَالَ أَعنِي الْبَيْهَقِيّ ضَعِيف بِمرَّة انْتهى
(أَبى الله) أَي امْتنع (أَن يقبل عمل صَاحب بِدعَة) بِمَعْنى أَن لَا يثيبه على مَا عمله مَا دَامَ متلبسا بهَا (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يدع) أَن يتْرك (بدعته) وَنفى الْقبُول قد يُؤذن بانتقاء الصِّحَّة كَمَا فِي خبر لَا يقبل الله صَلَاة أحدكُم إِذا أحدث حَتَّى يتَطَهَّر وَقد لَا كَمَا هُنَا والبدعة مَا أحدث بعد الصَّدْر الأوّل وَلم يشْهد لَهُ أصل من أصُول الشَّرْع (هـ وَابْن أبي عَاصِم فِي السّنة) والديلمي (عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه ضعف
(أَبى الله أَن يَجْعَل للبلى) بِالْكَسْرِ وَالْقصر والألم والسقم (سُلْطَانا) سلاطة وشدّة ضنك (على بدن عَبده) إِضَافَة إِلَيْهِ للتشريف (الْمُؤمن) أَي على الدَّوَام فَلَا يُنَافِي وُقُوعه أَحْيَانًا لتطهيره(1/14)
وتمحيص ذنُوبه أَو المُرَاد أَن الأَرْض لَا تَأْكُل بدنه (فر عَن أنس) بن مَالك وَفِيه كَذَّاب
(ابتدروا) بِكَسْر الْهمزَة (الْأَذَان) أَي سابقوا إِلَى فعله (وَلَا تبتدروا الْإِمَامَة) أَي لِأَن الْمُؤَذّن أَمِين وَالْإِمَام ضمين وَمن ثمَّ ذهب النَّوَوِيّ إِلَى تفضيله عَلَيْهَا وَإِنَّمَا لم يُؤذن الْمُصْطَفى لشغله بشأن الأمّة وَلِهَذَا قَالَ عمر لَوْلَا الخليفى لأذنت (ش عَن يحيى بن أبي كثير) أَي مَنْصُور واليمامي (مُرْسلا) أرسل عَن أنس وَغَيره وَله شَوَاهِد
(ابْتَغوا) اطْلُبُوا بجدّ واجتهاد (الرّفْعَة) الشّرف وعلوّ الْمنزلَة (عِنْد الله) أَي فِي دَار كرامته قَالَ لَهُ بَعضهم وَمَا هِيَ قَالَ (تحلم) بِضَم اللَّام (عَمَّن جهل) أَي سفه (عَلَيْك) بِأَن تضبط نَفسك عِنْد هيجان الْغَضَب عَن سفهه (وَتُعْطِي من حَرمك) مَنعك مَا هُوَ لَك لأنّ مقَام الْإِحْسَان إِلَى الْمُسِيء ومقابلة إساءته بِالْإِحْسَانِ من كَمَال الْإِيمَان المؤدّية إِلَى الرّفْعَة فِي الدَّاريْنِ (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف الْوَازِع بن نَافِع
(ابْتَغوا الْخَيْر عِنْد حسان) جمع حسن محرّكا (الْوُجُوه) لِأَن حسن الْوَجْه يدل على الْحيَاء والجود والمروأة غَالِبا أَو أَرَادَ وُجُوه النَّاس أَي أكابرهم (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد) وَكَذَا ابْن أبي الدُّنْيَا (عَن أبي هُرَيْرَة) بِسَنَد ضَعِيف
(أَبَد) بِفَتْح فَسُكُون أَمر (المودّة لمن وادّك) أَي أظهر الْمحبَّة الشَّدِيدَة لمن أخْلص حبه لَك (فَإِنَّهَا) أَي الْخصْلَة أَو الفعلة هَذِه (أثبت) أَي أدوم وأرسخ والودّ خَالص الْحبّ وَالْأَمر للإرشاد (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة (طب) كِلَاهُمَا (عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ) عبد الرَّحْمَن أَو الْمُنْذر قَالَ الهيتمي فِيهِ من لم أعرفهم
(ابدا) بِالْهَمْز وبدونه (بِنَفْسِك) أَي قدّم نَفسك بِمَا تحتاجه من مُؤنَة وَغَيرهَا (فتصدّق عَلَيْهَا) لِأَنَّك الْمَخْصُوص بِالنعْمَةِ الْمُنعم عَلَيْك بهَا (فَإِن فضل) بِفَتْح الضَّاد (شَيْء) بَعْدَمَا تحتاجه لنَفسك (فلأهلك) أَي هُوَ لزوجك للُزُوم نَفَقَتهَا لَك وَعدم سُقُوطهَا بمضيّ الزَّمَان (فَإِن فضل عَن أهلك شَيْء فلذى قرابتك) لأَنهم فِي الْحَقِيقَة مِنْك فَإِن حمل على التَّطَوُّع شَمل كل قريب أَو على الْوَاجِب اخْتصَّ بِمن تجب نَفَقَته مِنْهُم على اخْتِلَاف الْمذَاهب (فَإِن فضل عَن ذِي قرابتك شَيْء فَهَكَذَا وَهَكَذَا) أَي بَين يَديك وَعَن يَمِينك وشمالك كِنَايَة عَن تَكْثِير الصَّدَقَة وتنويع جهاتها (ن عَن جَابر) بن عبد الله السّلمِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ مُسلم أَيْضا
(ابدأ بِمن تعول) أَي تمون يَعْنِي بِمن تلزمك مُؤْنَته من زَوْجَة وَقَرِيب وَذي روح ملكته فقدّمهم على غَيرهم وجوبا (طب عَن حَكِيم بن حزَام) الْأَسدي وَفِيه من لَا يعرف
(ابدؤا) أَيهَا الأمّة فِي أَعمالكُم (بِمَا) أَي الَّذِي (بَدَأَ الله بِهِ) فِي الْقُرْآن فَيجب عَلَيْكُم الِابْتِدَاء فِي السَّعْي بالصفا وَذَا وَإِن ورد على سَبَب لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ (قطّ) من عدّة طرق (عَن جَابر) ابْن عبد الله وَصَححهُ ابْن حزم
(أبردوا بِالظّهْرِ) أَي أدخلوها فِي الْبرد بِأَن تؤخروها عَن أوّل وَقتهَا إِلَى أَن يصير للحيطان ظلّ يمشي فِيهِ قَاصد الْجَمَاعَة (فإنّ شدّة الحرّ) أَي قوته (من) بعض أَو ابْتِدَاء (فيح) بِفَتْح فَسُكُون (جَهَنَّم) أَي غليانها وانتشار لهبها وَالْأَمر للنَّدْب وَله شُرُوط مبينَة فِي الْفُرُوع (خَ هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (حم ك) وَصَححهُ (عَن صَفْوَان بن مخرمَة) الزُّهْرِيّ (ن عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (طب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (عد عَن جَابر) بن عبد الله (هـ عَن الْمُغيرَة) بن شُعْبَة بِضَم الْمِيم وتكسر قَالَ الْمُؤلف وَذَا متواتر
(أبردوا) ندبا أَو إرشادا (بِالطَّعَامِ) باؤه للتعدية أَو زَائِدَة أَي تناولوه بَارِدًا (فَإِن الْحَار) تَعْلِيل لمشروعية التَّأْخِير (لَا بركَة فِيهِ) لإنماء وَلَا زِيَادَة وَالْمرَاد نفي الْخَيْر الإلهي (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ك عَن جَابر) بن عبد الله(1/15)
(وَعَن أَسمَاء) بنت أبي بكر (مسدّد) فِي الْمسند (عَن أبي يحيى طس عَن أبي هُرَيْرَة حل عَن أنس) ابْن مَالك قَالَ أَتَى النَّبِي بصحفة تَفُور فَرفع يَده مِنْهَا ثمَّ ذكره
(أَبْشِرُوا وبشروا) أَي أخْبركُم بِمَا يسركم وأخبروا (من وراءكم) بِمَا يسرّهم (أَنه) أَي بِأَنَّهُ (من شهد أَن) مُخَفّفَة من الثَّقِيلَة أَي أَنه (لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق فِي الْوُجُود (إِلَّا الله) الْوَاجِب الْوُجُود (صَادِقا) نصب على الْحَال (بهَا) بِالشَّهَادَةِ أَي مخلصا فِي إِتْيَانه بهَا بِأَن يصدّق بِقَلْبِه وَلسَانه (دخل الْجنَّة) أَن مَاتَ على ذَلِك وَلَو بعد دُخُوله النَّار وَالْمرَاد قَالَ ذَلِك مَعَ مُحَمَّد رَسُول الله (حم طب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَرِجَاله ثِقَات كَمَا قَالَه الهيتمي
(أبعد النَّاس من الله) أَي من كرامته وَرَحمته (يَوْم الْقِيَامَة) خصّه لِأَنَّهُ يَوْم كشف الْحَقَائِق (الْقَاص) بِالتَّشْدِيدِ أَي الَّذِي يَأْتِي بالقصص أَي يتتبع مَا حفظ مِنْهَا شَيْئا فَشَيْئًا (الَّذِي يُخَالف إِلَى غير مَا أَمر بِهِ) أَي الَّذِي يُخَالف مَا أَمر الله بِهِ أَو مَا أَمر هُوَ النَّاس بِهِ من الْبر وَالتَّقوى فيعدل عَنهُ لجراءته على الله بتكذيبه قَوْله فعله وَلعدم النَّفْع بِهِ فَإِنَّهُ لَا يدْخل الْقلب إِلَّا مَا خرج من الْقلب وَمن لَا ينفعك لحظه لَا ينفعك وعظه والصادق يتَكَلَّم بِلِسَان فعله أَكثر مِمَّا يتَكَلَّم بِلِسَان قَوْله وأمّا من خَالف فعله قَوْله فلفظه لَا ينفع لِأَنَّهُ يتَكَلَّم بهواه فَكَلَامه منطمس النُّور وَلِهَذَا قَالَ الْأَعْلَام نور الْكَلَام على قدر نور الْقلب وَنور السّمع على قدر نور الْقلب (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ ضَعِيف لضعف راوية عَمْرو السكْسكِي
(أبْغض الْحَلَال) أَي الشَّيْء الْجَائِز الْفِعْل (إِلَى الله الطَّلَاق) من حَيْثُ كَونه يؤدّى إِلَى قطع الْعِصْمَة المؤدّى إِلَى التناسل الَّذِي بِهِ تكْثر هَذِه الأمّة المحمدية (د هـ ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وروى مُرْسلا وَرجح على الْمسند
(أبْغض الْخلق) أَي الْخَلَائق (إِلَى الله من) أَي مُكَلّف (آمن) أَي صدق وأذعن وانقاد لأحكامه (ثمَّ كفر) أَي ارْتَدَّ من بعد إيمَانه (تَمام) فِي فَوَائده (عَن معَاذ) بن جبل
(أبْغض الرِّجَال) وَكَذَا الخناثي وَالنِّسَاء وخصهم لغَلَبَة اللدد فيهم (إِلَى الله الألدّ) بِالتَّشْدِيدِ أَي الشَّديد الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ (الْخصم) كفرح أَي المولع بِالْخُصُومَةِ الماهر فِيهَا الْحَرِيص عَلَيْهَا (ق ت ن عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَحْمد أَيْضا
(أبْغض الْعباد) بِالتَّخْفِيفِ جمع عبد وَيجوز تشديده جمع عَابِد لَكِن الْأَقْرَب الأوّل لبعده عَن التَّكَلُّف (إِلَى الله من كَانَ ثوباه) تَثْنِيَة ثوب (خيرا من عمله) يَعْنِي من لِبَاسه كلباس الْأَبْرَار وَعَمله كعمل الْفجار كَمَا قَالَ (أَن تكون ثِيَابه ثِيَاب الْأَنْبِيَاء) أَي مثل ثِيَابهمْ (وَعَمله عمل الجبارين) أَي كعملهم جمع جَبَّار وَهُوَ المتكبر العاتي (عق فر عَن عَائِشَة) وَفِي الْبَاب غَيرهَا أَيْضا
(أبْغض النَّاس إِلَى الله) أَي أبْغض عصاة الْمُؤمنِينَ إِلَيْهِ إِذْ الْكَافِر أبْغض مِنْهُم (ثَلَاثَة) أحدهم (ملحد) أَي مائل عَن الْحق (فِي) حق (الْحرم) الْمَكِّيّ بِأَن يفعل مَعْصِيّة فِيهِ لهتكه حرمته مَعَ مُخَالفَته لأمر ربه فَهُوَ عَاص من وَجْهَيْن (ومبتغ فِي الْإِسْلَام سنة الْجَاهِلِيَّة) أَي وطالب فِي مِلَّة الْإِسْلَام إحْيَاء مآثر أهل زمن الفترة قبل الْإِسْلَام (ومطلب) بِالتَّشْدِيدِ من الإطلاب (دم) أَي إِرَاقَة دم (امْرِئ) مثلث الْمِيم أَي رجل أَو إِنْسَان (بِغَيْر حق) بِأَن يكون ظلما (اليهريق) بهاء مَفْتُوحَة أَي يُصِيب (دَمه) يَعْنِي يزهق روحه بِأَيّ طَرِيق كَانَ وَخص الصب لِأَنَّهُ أغلب وَالثَّلَاثَة لجمعهم بَين الذَّنب وَمَا يزِيد بِهِ قبحا من الْإِلْحَاد وَكَونه فِي الْحرم وإحداث بِدعَة وَكَونهَا من أَمر الْجَاهِلِيَّة وَقتل نفس بِلَا مُوجب (خَ عَن ابْن عَبَّاس) وَلم يُخرجهُ مُسلم
(ابغوني) أَي اطلبوني طلبا حثيثا (الضُّعَفَاء) من يستضعفهم النَّاس لرثاثة حَالهم(1/16)
(فَإِنَّمَا ترزقون وتنصرون) تعانون على عدوّكم (بضعفائكم) أَي بسببهم أَو ببركة دُعَائِهِمْ (حم م حب ك) فِي الْجِهَاد (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ الْحَاكِم وأقروه
(أبلغوا) أوصلوا (حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع) أَي لَا يُطيق (إبلاغ حَاجته) بِنَفسِهِ لي أَو إِلَى ذِي سُلْطَان (فَمن أبلغ سُلْطَانا) أَي إنْسَانا ذَا قوّة واقتدار على إِنْفَاذ مَا يبلغهُ (حَاجَة من لَا يَسْتَطِيع إبلاغها) دينية أَو دنيوية (ثَبت الله تَعَالَى قَدَمَيْهِ) أَي أقرّهما وقوّاهما) على الصِّرَاط) الجسر الْمَضْرُوب على متن جَهَنَّم (يَوْم الْقِيَامَة) لِأَنَّهُ لما حرّكهما فِي إبلاغ حَاجَة هَذَا الْعَاجِز جوزى بِمِثْلِهَا جَزَاء وفَاقا (طب) وَكَذَا أَبُو الشَّيْخ (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَفِيه من لَا يعرف
(ابْنُوا الْمَسَاجِد) ندبا مؤكدا (واتخذوها) اجْعَلُوهَا (جما) بِضَم فتشديد أَي اجْعَلُوهَا بِلَا شرف فَإِن اتِّخَاذ الشّرف مَكْرُوه لكَونه من الزِّينَة الْمنْهِي عَنْهَا (ش هق عَن أنس) بن مَالك رمز المُصَنّف لحسنه وَفِيه انْقِطَاع
(ابْنُوا مَسَاجِدكُمْ جما) ندبا (وَابْنُوا مدائنكم) بِالْهَمْز وَتَركه جمع مَدِينَة وَهِي الْمصر الْجَامِع (مشرّفة) كعظمة لِأَن الزِّينَة إِنَّمَا تلِيق بالمدن دون الْمَسَاجِد الَّتِي هِيَ بيُوت الله (ش عَن ابْن عَبَّاس) وَفِي الْبَاب غَيره
(ابْنُوا الْمَسَاجِد وأخرجوا القمامة) بِالضَّمِّ الكناسة (مِنْهَا فَمن بنى لله بَيْتا) مَكَانا يُصَلِّي فِيهِ وَتَقْيِيد الْبَعْض بِالْجَمَاعَة لَا دَلِيل عَلَيْهِ (بنى الله لَهُ بَيْتا فِي الْجنَّة) سعته كسعة الْمَسْجِد عشر مرّات فَأكْثر كَمَا يفِيدهُ التنكير الدالّ على التَّعْظِيم والتكثير (وَإِخْرَاج القمامة مِنْهَا مُهُور الْحور الْعين) أَي نسَاء أهل الْجنَّة الْبيض الضخمات الْعُيُون يَعْنِي لمن يكنسها وينظفها بِكُل مرّة من كنسها زَوْجَة من حور الْجنَّة فَمن كثر كثر لَهُ وَمن قلل قلل لَهُ (طب والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة عَن أبي قرصافة) الْكِنَانِي حيدرة وَفِي إِسْنَاده جهلة لكنه اعتضد فَصَارَ حسنا
(أبن) أبعد (الْقدح) الْإِنَاء الَّذِي تشرب مِنْهُ (عَن فِيك) عِنْد الشّرْب ندبا وَلَا تشرب كشرب الْبَعِير (ثمَّ تنفس) فَإِنَّهُ أحفظ للْحُرْمَة وأنفى للتُّهمَةِ وَأبْعد عَن تغير المَاء وأنزه عَن القذارة (سموية) أَبُو بشر الْعَبْدي (فِي فَوَائده) الحديثية (هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي سعيد) الخدريّ وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا مَالك وَالتِّرْمِذِيّ وَغَيرهمَا
(أبن آدم) الْهمزَة للنداء (أطع رَبك) مالكك (تسمى) أَي إِذا أطعته تسْتَحقّ أَن تسمى بَين الْمَلأ الْأَعْلَى (عَاقِلا وَلَا تعصه فتسمى جَاهِلا) لأنّ ارْتِكَاب الْمعاصِي مِمَّا يَدْعُو إِلَيْهِ السَّفه وَالْجهل لَا مِمَّا تَدْعُو إِلَيْهِ الْحِكْمَة وَالْعقل فعلامة الْعَاقِل الْكَفّ عَن مساخط الله وَلُزُوم مَا خلق لأَجله من الْعِبَادَة والعاقل من عقل عَن الله مَا أمره وَنَهَاهُ فَعمل على ذَلِك قيل لكسرى من أولى النَّاس بالسعادة قَالَ أقلهم ذنوبا قبل فَمن أقلهم ذنوبا قَالَ أتمهم عقلا (حل عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ مَعًا وَهُوَ ضَعِيف بل قيل مَوْضُوع
(ابْن آدم عنْدك مَا يَكْفِيك) أَي مَا يسدّ حَاجَتك على وَجه الكفاف (وَأَنت تطلب) أَي وَالْحَال أَنَّك تحاول أَخذ (مَا يُطْغِيك) أَي يحملك على الظُّلم ومجاوزة الْحُدُود الشَّرْعِيَّة والحقوق المرعية (ابْن آدم لَا بِقَلِيل) من الرزق (تقنع) أَي ترْضى والقناعة الرِّضَا بِمَا قسم (وَلَا من كثير تشبع) بل لَا تزَال شَرها نهما (ابْن آدم إِذا أَصبَحت) أَي دخلت فِي الصَّباح وَالْحَال أَنَّك (معافى) أَي سالما من الآلام والآثام (فِي جسدك) أَي بدنك (آمنا) بالمدّ (فِي سربك) بِكَسْر فَسُكُون نَفسك أَو بِفَتْح فَسُكُون مذهبك أَو بِفتْحَتَيْنِ مَنْزِلك (عنْدك قوت يَوْمك) مَا تقوم بِهِ كفايتك فِي يَوْمك (فعلى الدُّنْيَا العفاء) الْهَلَاك والدروس وَذَهَاب(1/17)
الْأَثر وَذَا من جَوَامِع الْكَلم البديعة والمواعظ السّنيَّة البليغة (عد هَب) وَكَذَا الْخَطِيب فِي التَّارِيخ (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه كَذَّاب
(ابْن أُخْت الْقَوْم مِنْهُم) أَي هُوَ مُتَّصِل بأقربائه فِي جَمِيع مَا يجب أَن يتَّصل بِهِ كنصرة ومشورة ومودّة وسرّ لَا فِي الْإِرْث فَلَا يدل على تَوْرِيث ذَوي الْأَرْحَام (حم ق ت ن عَن أنس) بن مَالك (د عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (طب عَن جُبَير بن مطعم) بن عدي بن نَوْفَل الْقرشِي (وَعَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن (وَعَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) الصَّحَابِيّ الْكَبِير الشهير وَرَوَاهُ أَبُو يعلى أَيْضا وَزَاد بَيَان السَّبَب
(ابْن السَّبِيل) أَي الْمُسَافِر والسبيل الطَّرِيق سمي بِهِ للزومه لَهُ (أوّل شَارِب) قَالَ الديلمي (يَعْنِي) هُوَ مقدّم على الْمُقِيم فِي شربه (من) مَاء بِئْر (زَمْزَم) لعَجزه وَضَعفه بالاغتراب واحتياجه إِلَى إبراد حرّ مُفَارقَة الأحباب (طص عَن أبي هُرَيْرَة) وَرِجَاله ثِقَات لكنه فِيهِ نَكَارَة
(أَبُو بكر) عبد الله أَو عَتيق أَمِير الشَّاكِرِينَ الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق الفارّ مِنْهُ الشَّيْطَان (سيدا كهول أهل الْجنَّة) أَي الكهول عِنْد الْمَوْت إِذْ لَيْسَ فِي الْجنَّة كهول فَاعْتبر مَا كَانُوا عَلَيْهِ عِنْد فِرَاق الدُّنْيَا (من الأوّلين والآخرين) أَي النَّاس أَجْمَعِينَ (إِلَّا النَّبِيين وَالْمُرْسلِينَ) زَاد فِي رِوَايَة يَا عليّ لَا تخبرهما أَي قبلي ليَكُون إخباري لَهما أعظم لسرورهما وَسمي أَبُو بكر بالصدّيق لِأَنَّهُ صدق الْإِيمَان بِكُل الصدْق وَعمر بالفاروق لِأَنَّهُ يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل وأسماهما دليلان على مراتبهما من الله بالقلوب ومجرى الأوّل مجْرى صدق الْإِيمَان ومجرى الثَّانِي مجْرى وَفَاء الْحق وتنفيذه ذكره الْحَكِيم (حم ت) فِي المناقب (هـ) كلهم (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح (هـ عَن أبي جُحَيْفَة) السوَائِي وهب بن عبد الله أَو غَيره (ع والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك وَفِيه مختلط (طس عَن جَابر) بن عبد الله وَفِيه ضَعِيف (وَعَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي ضَعِيف أَيْضا
(أَبُو بكر) الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق (مني بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الرَّأْس) أَي هما مني فِي الْعِزَّة كَذَلِك أوهما من الْمُسلمين بِمَنْزِلَة السّمع وَالْبَصَر من الْجَسَد أَو منزلتهما فِي الدّين كمنزلتهما فِي الْبدن أَو غير ذَلِك (ع عَن الْمطلب بن عبد الله ابْن حنْطَب) المَخْزُومِي ثِقَة ثَبت (عَن أَبِيه) عبد الله قيل لَهُ صُحْبَة وَقيل لَا (عَن جدّه) حنْطَب المَخْزُومِي من مسلمة الْفَتْح (قَالَ) أَبُو عَمْرو (بن عبد الْبر) فِي الِاسْتِيعَاب (وَمَاله غَيره) وَإِسْنَاده كَمَا قَالَه ابْن الْأَثِير وَغَيره ضَعِيف (حل عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ مَجْهُول واه (خطّ عَن جَابر ابْن عبد الله وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا قَالَ الهيتمي وَرِجَاله ثِقَات
(أَبُو بكر) الصدّيق (خير النَّاس) فِي رِوَايَة خير أهل الأَرْض (إِلَّا أَن يكون) أَي يُوجد (نبيّ) فَلَا يكون خير النَّاس يَعْنِي هُوَ أفضل النَّاس إِلَّا الْأَنْبِيَاء وَالْمرَاد الْجِنْس (طب عد عَن سَلمَة) بن عَمْرو (بن الْأَكْوَع) وَيُقَال ابْن وهب بن الْأَكْوَع الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ ضَعِيف لضعف اسمعيل الْأَيْلِي
(أَبُو بكر صَاحِبي ومؤنسي فِي الْغَار) أَي الْكَهْف الَّذِي بجبل ثَوْر الَّذِي أويا إِلَيْهِ فِي خروجهما مُهَاجِرين (سدّوا كل خوخة) أَي كل بَاب صَغِير (فِي الْمَسْجِد) النَّبَوِيّ صِيَانة لَهُ عَن التطرّق (غير خوخة أبي بكر) تكريما لَهُ وإظهارا لتمييزه بَين الْمَلأ وَفِيه إلماح بِأَنَّهُ الْخَلِيفَة بعده (عَم عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الديلمي وَغَيره
(أَبُو بكر مني وَأَنا مِنْهُ) أَي هُوَ مُتَّصِل بِي وَأَنا مُتَّصِل بِهِ فَهُوَ كبعضي فِي الْمحبَّة والشفقة والطريقة (وَأَبُو بكر أخي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) أَي هُوَ فِي الْقرب مني(1/18)
واللصوق بِي كالأخ من النّسَب (فر عَن عَائِشَة) وَهُوَ ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن عَمْرو بن جبلة
(أَبُو بكر) الصدّيق (فِي الْجنَّة وَعمر) الْفَارُوق (فِي الْجنَّة وَعُثْمَان) بن عَفَّان (فِي الْجنَّة وَعلي) بن أبي طَالب (فِي الْجنَّة وَطَلْحَة) بن عبيد الله التَّيْمِيّ (فِي الْجنَّة) قتل يَوْم الْجمل (وَالزُّبَيْر) ابْن الْعَوام حوارِي الْمُصْطَفى وَابْن عمته (فِي الْجنَّة) قتل يَوْم الْجمل (وَعبد الرَّحْمَن بن عَوْف) ابْن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ (فِي الْجنَّة وَسعد بن أبي وَقاص) مَالك بن أهيب الزُّهْرِيّ (فِي الْجنَّة وَسَعِيد ابْن زيد) الْعَدوي (فِي الْجنَّة) وَهُوَ من السَّابِقين الأوّلين زوج أُخْت عمر (وَأَبُو عُبَيْدَة) عَامر بن عبد الله (بن الجرّاح) أَمِين هَذِه الأمّة (فِي الْجنَّة) وَكَيف وَقد قتل أَبَاهُ غضب الله وَرَسُوله وتبشير الْعشْرَة لَا يُنَافِي مَجِيء تبشير غَيرهم أَيْضا فِي غير مَا خبر لأنّ الْعدَد لَا يَنْفِي الزَّائِد (حم والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن سعيد بن زيد) بن عَمْرو بن نفَيْل (ت عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف) الزُّهْرِيّ (أَبُو سُفْيَان) واسْمه الْمُغيرَة (بن الْحَرْث) ابْن عمّ النبيّ وَأَخُوهُ من الرَّضَاع
(سيدفتيان أهل الْجنَّة) أَي شبابها الأسخياء الكرماء إِلَّا مَا خرج بِدَلِيل آخر كالحسنين (ابْن سعد) فِي طبقاته (ك) فِي المناقب (عَن عُرْوَة) بن الزبير الثِّقَة الثبت الْفَقِيه (مُرْسلا) وَرَوَاهُ الْحَاكِم مَوْصُولا بِلَفْظ أَبُو سُفْيَان بن الْحَرْث خير أَهلِي
(أَتَاكُم) جَاءَكُم أَيهَا الصحب (أهل الْيمن) طَائِفَة مِنْهُم وهم وَفد حمير قدمُوا بتبوك (هم أَضْعَف قلوبا) أعطفها وأشفقها (وأرق أَفْئِدَة) ألينها وأسرعها قبولا للحق فَإِنَّهُم أجابوا إِلَى الْإِسْلَام بِدُونِ محاربة والفؤاد وسط الْقلب أَو غشاؤه أَو عينه وَصفه بوصفين إِشَارَة إِلَى أنّ بِنَاء الْإِيمَان على الشَّفَقَة والرأفة على الْخلق (الْفِقْه) أَي الْفَهم فِي الدّين (يمانّ) أَي يمنى فالألف عوض عَن يَاء النِّسْبَة (وَالْحكمَة يَمَانِية) بتَخْفِيف الْيَاء وَالْألف عوض عَن يَاء النِّسْبَة وتشدّد فِي لغية نسب الْإِيمَان وَالْحكمَة إِلَى معادن نُفُوسهم ومساقط رُؤْسهمْ نِسْبَة الشَّيْء إِلَى مقرّه (ق ت عَن أبي هُرَيْرَة) مَرْفُوعا وَوَقفه الرَّافِعِيّ
(أَتَانِي) جَاءَنِي (جِبْرِيل) كفعليل وَفِيه ثَلَاثَة عشر وَجها (بالحمى) باؤه للتعدية وَهِي حرارة بَين الْجلد وَاللَّحم (والطاعون) بثرة مَعَ لَهب واسوداد من أثر وخز الجنّ (فَأَمْسَكت) حبست (الْحمى بِالْمَدِينَةِ) النَّبَوِيَّة لكَونهَا لَا تقتل غَالِبا (وَأرْسلت الطَّاعُون إِلَى الشَّام) لكَونه يقتل غَالِبا وَالشَّام كالرأس همزا وتخفيفا (فالطاعون شَهَادَة لأمتي) أمّة الْإِجَابَة (وَرَحْمَة لَهُم) بِشُرُوط (ورجس) أَي عَذَاب (على الْكَافرين) اخْتَار الْحمى أوّلا على الطَّاعُون واقرّها بِالْمَدِينَةِ ثمَّ دَعَا الله فنقلها إِلَى الْجحْفَة وَبقيت مِنْهَا بقايا بهَا (حم وَابْن سعد) فِي طبقاته (عَن أبي عسيب) بمهملتين كعظيم مولى النبيّ لَهُ صُحْبَة وَرِجَاله ثِقَات
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ) لي (بشر أمّتك) أمّة الْإِجَابَة (أَنه) أَي بِأَنَّهُ أَي الشان (من مَاتَ) حَالَة كَونه (لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) مَحَله نصب على الْحَال من ضمير مَاتَ أَي غير مُشْرك بِاللَّه شَيْئا وَاقْتصر على الشّرك لظُهُوره فِي ذَلِك الْآن وَالْمرَاد مصدّقا بِكُل مَا جَاءَ بِهِ الشَّارِع (دخل الْجنَّة) أَي عاقبته دُخُولهَا وَإِن دخل النَّار (قلت يَا جِبْرِيل وَإِن سرق) أَي أيدخلها وَإِن سرق (وَإِن زنى قَالَ نعم) يدخلهَا وَإِن فعل ذَلِك مرَارًا (قلت وَإِن سرق وَإِن زنى قَالَ نعم قلت وَإِن سرق وَإِن زنى قَالَ نعم) كرّر الِاسْتِفْهَام ثَلَاثًا للاستثبات أَو استعظاما لشأن الدُّخُول مَعَ مُلَابسَة ذَلِك أَو تَعَجبا ثمَّ أكده بقوله (وَإِن شرب الْخمر) وَاقْتصر من الْكَبَائِر على ذَيْنك لأنّ الْحق إمّا لله أَو للْعَبد فَأَشَارَ بِالزِّنَا للأوّل وبالسرقة(1/19)
للثَّانِي والبشارة لُغَة اسْم لخَبر يُغير بشرة الْوَجْه مُطلقًا سارا أَو محزنا لَكِن غلب اسْتِعْمَاله فِي الأوّل وَصَارَ اللَّفْظ حَقِيقَة لَهُ بِحكم الْعرف حَتَّى لَا يفهم مِنْهُ غَيره وَاعْتبر فِيهِ الصدْق فَالْمَعْنى الْعرفِيّ للبشارة وَالْخَبَر الصدْق السارّ الَّذِي لَيْسَ عِنْد الْمخبر بِهِ علمه (حم ت ن حب عَن أبي ذرّ) الْغِفَارِيّ جُنْدُب بن جُنَادَة على الْأَصَح
(أَتَانِي جِبْرِيل فبشرني) بِأَن قَالَ لي (إِنَّه من مَاتَ من أمّتك لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) أَي وَشهد أَنَّك رَسُوله وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِأحد الجزأين عَن الآخر لما مّر (دخل الْجنَّة فَقلت وَإِن زنى وَإِن سرق قَالَ وَإِن زنى وَإِن سرق) وَإِن ارْتكب كل كَبِيرَة فَلَا بدّ من دُخُوله إِيَّاهَا إمّا ابْتِدَاء إِن عُفيَ عَنهُ أَو بعد دُخُوله النَّار حَسْبَمَا نطقت بِهِ الْأَخْبَار (ق عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَفِي الْبَاب غَيره أَيْضا
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد كن عجاجا) بِالتَّشْدِيدِ أَي رَافعا صَوْتك بِالتَّلْبِيَةِ (ثجاجا) بِالتَّشْدِيدِ أَي سيالا لدماء الْهدى بنخر الْبدن بِأَن تنحرها (حم والضياء) الْمَقْدِسِي وَالطَّبَرَانِيّ (عَن السَّائِب بن خَلاد) الخزرجيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد) صرّح باسمه هُنَا وَفِيمَا قبل تلذذا بِذكرِهِ) كن عجاجا بِالتَّلْبِيَةِ) أَي بقول لبيْك اللهمّ لبيْك أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة ولزوما لطاعتك بعد لُزُوم (ثجاجا بنحر الْبدن) المهداة أَو المجعولة أضْحِية فيسنّ رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ فِي النّسك أَي للرجل (القَاضِي عبد الْجَبَّار فِي أَمَالِيهِ عَن أبي عمر) بن الْخطاب وَكَذَا الرَّافِعِيّ عَنهُ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَأمرنِي) عَن الله تَعَالَى أَمر ندب (أَن آمُر أَصْحَابِي) كَذَلِك (وَمن معي) عطفه عَلَيْهِ دفعا لتوهم أنّ مُرَاده بهم من عرف بِهِ لنَحْو طول مُلَازمَة وخدمة (أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ) إِظْهَار لشعائر الْإِحْرَام وتعليما للجاهل فِي ذَلِك الْمقَام (حم 4 حب ك) وَصَححهُ (هق) كلهم فِي الْحَج (عَن السَّائِب ابْن خَلاد) الْأنْصَارِيّ الخزرجيّ وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ لي أنّ الله يَأْمُرك أَن تَأمر أَصْحَابك أَن يرفعوا أَصْوَاتهم بِالتَّلْبِيَةِ فَإِنَّهَا من شَعَائِر الْحَج) أَي من أَعْلَامه وعلاماته (حم 5 حب ك عَن زيد بن خَالِد) الْجُهَنِيّ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ) لي (أنّ رَبِّي وَرَبك) المحسن إليّ وَإِلَيْك بجليل التربية (يَقُول لَك) أطنب بِزِيَادَة لَك للتّنْبِيه على كَمَال الاعتناء (تَدْرِي) بِحَذْف همزَة الِاسْتِفْهَام تَخْفِيفًا (كَيفَ رفعت ذكرك) أَي على أيّ حَال وَكَيْفِيَّة رفعته (قلت الله أعلم) أَي من كل عَالم (قَالَ لَا أذكر) مَجْهُول الْمُتَكَلّم (أَلا ذكرت) مَجْهُول الْمُخَاطب (معي) أَي كثيرا أَو عَادَة أَو فِي مَوَاطِن مَعْرُوفَة ومقامات مَوْصُوفَة (ع حب والضياء) الْمَقْدِسِي (فِي) كتاب (المختارة) كلهم (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ الطَّبَرَانِيّ أَيْضا وَحسنه الهيتمي
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي خضر) بِفَتْح فَكسر لِبَاس أَخْضَر (تعلق) بِالْقَافِ محرّكا مشدّدا (بِهِ) أَي الْخضر (الدرّ) اللُّؤْلُؤ الْعِظَام يَعْنِي تمثل لي بِتِلْكَ الْهَيْئَة الْحَسَنَة وَذَلِكَ الْمنْهَج المعجب وَكَانَ يَأْتِيهِ على هيئات متكثرة (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد عَن ابْن مَسْعُود) وَضَعفه
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ إِذا تَوَضَّأت) أَي غسلت أعضاءك الْأَرْبَعَة بِالنِّيَّةِ (فخلل لحيتك) أَي أَدخل المَاء فِي أصُول شعرهَا وَنبهَ بِهِ على ندب تَخْلِيل كل شعر يجب غسل ظَاهره فَقَط (ش عَن أنس) بن مَالك رمز المُصَنّف لحسنه وَلَا يصفو عَن نزاع
(أَتَانِي جِبْرِيل بِقدر) بِكَسْر فَسُكُون إِنَاء يطْبخ فِيهِ (فَأكلت مِنْهَا فَأعْطيت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (قوّة) أَي قدرَة (أَرْبَعِينَ رجلا فِي الْجِمَاع) زَاد أَبُو نعيم عَن مُجَاهِد وكل رجل من أهل الْجنَّة يُعْطي قوّة مائَة (ابْن سعد)(1/20)
فِي الطَّبَقَات (عَن صَفْوَان بن سليم) الزُّهْرِيّ الْمدنِي التَّابِعِيّ (مُرْسلا) وأسنده أَبُو نعيم وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي أوّل مَا أُوحِي إليّ) بِبِنَاء أوحى للْمَفْعُول (فعلمني الْوضُوء) بِالضَّمِّ (وَالصَّلَاة) الْأَذْكَار الْمَعْرُوفَة وَالْأَفْعَال الْمَشْهُورَة المفتتحة بِالتَّكْبِيرِ المختتمة بِالتَّسْلِيمِ (فَلَمَّا فرغ الْوضُوء) أَي أتمه (أَخذ غرفَة من المَاء فنضح بهَا فرجه) يَعْنِي رش بِالْمَاءِ الْإِزَار الَّذِي يَلِي مَحل الْفرج من الْآدَمِيّ فَينْدب ذَلِك لدفع الوسواس (حم قطّ ك) وَكَذَا الْحَرْث ابْن أبي أُسَامَة (عَن أُسَامَة بن زيد) حب الْمُصْطَفى وَابْن حبه (عَن أَبِيه زيد بن حَارِثَة) الْكَلْبِيّ مولى الْمُصْطَفى وَفِيه ضَعِيف ومتروك الكعبي
(أَتَانِي جِبْرِيل فِي ثَلَاث) أَي ثَلَاث لَيَال (بَقينَ من ذِي الْقعدَة) بِفَتْح الْقَاف وتكسر (فَقَالَ) لي (دخلت الْعمرَة) أَي أَعمالهَا (فِي) أَعمال (الْحَج) لمن قرن فيكفيه أَعمال الْحَج عَنْهُمَا أَو دخلت فِي وقته وأشهره بِمَعْنى أَنه يجوز فعلهَا فِيهَا أَو مَعْنَاهُ سُقُوط وجوب الْعمرَة بِوُجُوب الْحَج وَلكُل وجهة هُوَ موليها (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) أوّل خراب الدُّنْيَا وانقراض أهل الْإِيمَان فَلَيْسَ الحكم خَاصّا بِهَذَا الْعَام بل بِكُل عَام (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ حسن (قلت) كَمَا قَالَ بعض الْمُتَأَخِّرين (هَذَا) أَي قَوْله فِي ثَلَاث إِلَى آخِره (أصل) يسْتَدلّ بِهِ (فِي) مَشْرُوعِيَّة (التَّارِيخ) وَهُوَ تَعْرِيف الْوَقْت يَعْنِي هُوَ من جملَة أُصُوله لَا أَنه مُنْفَرد بِالْأَصَالَةِ
(أَتَانِي جِبْرِيل فَقَالَ يَا مُحَمَّد عش مَا شِئْت) من الْعُمر (فَإنَّك ميت) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف (وأحبب من شِئْت فَإنَّك مفارقه) بِمَوْت أَو غَيره وَمَا من أحد فِي الدُّنْيَا إِلَّا وَهُوَ ضيف وَمَا بِيَدِهِ عَارِية والضيف مرتحل وَالْعَارِية مُؤَدَّاة (واعمل مَا شِئْت) من خير أَو شرّ (فَإنَّك مجزىّ بِهِ) بِفَتْح أوّله أَو ضمه أَي مقضي عَلَيْك بِمَا يَقْتَضِيهِ عَمَلك (وَاعْلَم) بِصِيغَة الْأَمر إِفَادَة لغيره مَا علم للدلالة على أَنه علم وَعمل (أَن شرف الْمُؤمن) علاهُ ورفعته (قِيَامه بِاللَّيْلِ) أَي تَهَجُّده فِيهِ (وعزه) قوّته وغلبته على غَيره (استغناؤه) اكتفاؤه بِمَا قسم لَهُ (عَن النَّاس) أَي عَمَّا فِي أَيْديهم أَو عَن سُؤَالهمْ مِمَّا فِي أَيْديهم (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (ك) فِي الرَّقَائِق (هَب) كلهم (عَن سهل ابْن سعد بن مَالك) الخزرجيّ السَّاعِدِيّ (هَب عَن جَابر) بن عبد الله (حل عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ ضَعِيف لضعف زَافِر
(أَتَانِي آتٍ) أَي ملك وَفِيه إِشْعَار بِأَنَّهُ غير جِبْرِيل (من عِنْد رَبِّي) أَي برسالة بأَمْره وَلَيْسَت هِيَ عندية مَكَان (فخيرني بَين أَن يدْخل) بِضَم أوّله أَي الله (نصف أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (الْجنَّة وَبَين الشَّفَاعَة) فيهم (فاخترت الشَّفَاعَة) لعمومها إِذْ بهَا يدخلهَا وَلَو بعد دُخُول النَّار كل من مَاتَ مُؤمنا كَمَا قَالَ (وَهِي) أَي وَالْحَال أَنَّهَا كائنة أَو حَاصِلَة (لمن مَاتَ) من هَذِه الأمّة وَلَو مَعَ إصراره على كل كَبِيرَة لكنه (لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا) أَي وَيشْهد أَنِّي رَسُوله وَلم يذكرهُ اكْتِفَاء بِأحد الجزأين كَمَا مرّ (حم عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَرِجَاله ثِقَات (ت حب عَن عَوْف بن مَالك) بن أبي عَوْف (الْأَشْجَعِيّ) وَحسنه التِّرْمِذِيّ
(أَتَانِي آتٍ من عِنْد رَبِّي عز وَجل فَقَالَ من صلى عَلَيْك من أمّتك) الْإِضَافَة للتشريف (صَلَاة) أَي طلب لَك من الله دوَام التشريف ومزيد التَّعْظِيم ونكرها ليُفِيد حُصُولهَا بأيّ لفظ كَانَ لَكِن لفظ الْوَارِد أفضل (كتب الله) قدّر أَو أوجب (لَهُ بهَا عشر حَسَنَات) أَي ثَوَابهَا مضاعفا إِلَى سَبْعمِائة ضعف إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة لِأَن الصَّلَاة لَيست حَسَنَة وَاحِدَة بل حَسَنَات متعدّدة (ومحا) أَي أَزَال (عَنهُ عشر سيئات) جمع سَيِّئَة أَي قبيحة (وَرفع لَهُ) فِي الْجنَّة بهَا (عشر دَرَجَات) رتب عالية فِيهَا(1/21)
(وردّ عَلَيْهِ مثلهَا) أَي يَقُول عَلَيْك صَلَاتي على وفْق الْقَاعِدَة أنّ الْجَزَاء من جنس الْعَمَل فَصَلَاة الله على النبيّ جَزَاء لصلاته هُوَ عَلَيْهِ (حم عَن أبي طَلْحَة) زيد بن سهل الْأنْصَارِيّ وَإِسْنَاده حسن
(أَتَانِي ملك برسالة) أَي بِشَيْء مرسول بِهِ (من الله عز وَجل ثمَّ رفع رجله) بِكَسْر فَسُكُون الْعُضْو الْمَخْصُوص بِأَكْثَرَ الْحَيَوَان (فوضعها فَوق السَّمَاء) الدُّنْيَا (و) رجله (الْأُخْرَى فِي الأَرْض) هِيَ الجرم الْمُقَابل للسماء (لم يرفعها) تَأْكِيد لما قبله وَالْقَصْد الْإِعْلَام بِعظم أشباح الْمَلَائِكَة (طس عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ حسن
(أَتَانِي ملك فَسلم عليّ) فِيهِ أنّ السَّلَام مُتَعَارَف بَين الْمَلَائِكَة (نزل من السَّمَاء) من النُّزُول وَهُوَ الاهواء من علو إِلَى سفل (لم ينزل قبلهَا) صَرِيح فِي أَنه غير جِبْرِيل (فبشرني أنّ الْحسن وَالْحُسَيْن) لم يسم بهما أحد قبلهمَا (سيدا شباب أهل الْجنَّة) أَي من مَاتَ شَابًّا فِي سَبِيل الله من أهل الْجنَّة إِلَّا مَا خص بِدَلِيل وهم الْأَنْبِيَاء (وأنّ فَاطِمَة) أمّهما (سيدة نسَاء أهل الْجنَّة) هَذَا يدل على فَضلهَا على مَرْيَم سِيمَا إِن قُلْنَا بالأصح أَنَّهَا غير نبية (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان الْعَبْسِي وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا النَّسَائِيّ وَغَيره
(اتبعُوا الْعلمَاء) العاملين أَي جالسوهم واهتدوا بهداهم (فَإِنَّهُم سرج الدُّنْيَا) بِضَمَّتَيْنِ جمع سراج أَي يستضاء بهم من ظلمات الْجَهْل كَمَا يجلى ظلام اللَّيْل بالسراج الْمُنِير ويهتدى بِهِ فِيهِ (ومصابيح الْآخِرَة) جمع مِصْبَاح وَهُوَ السراج فغايرة التَّعْبِير مَعَ اتِّحَاد الْمَعْنى للتفنن وَقد يدّعى أَن الْمِصْبَاح أعظم (فر عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لضفع الْقَاسِم بن إِبْرَاهِيم الْمَلْطِي
(أتتكم الْمنية) أَي جَاءَكُم الْمَوْت (راتبة) أَي حَال كَونهَا ثَابِتَة مُسْتَقِرَّة (لَازِمَة) أَي لَا تفارق (إمّا) بِكَسْر فتشديد مركبة من أَن وَمَا (بشقاوة) أَي بِسوء عَاقِبَة (وَإِمَّا بسعادة) ضدّ الشقاوة أَي كأنكم بِالْمَوْتِ وَقد حضركم وَالْمَيِّت إمّا إِلَى النَّار وإمّا إِلَى الْجنَّة فالزموا الْعَمَل الصَّالح (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذكر الْمَوْت) أَي مَا جَاءَ فِيهِ (هَب) كِلَاهُمَا (عَن زيد السّلمِيّ مُرْسلا) قَالَ كَانَ النبيّ إِذا آنس من أَصْحَابه غَفلَة أَو غرّة نَادَى فيهم بذلك وَهُوَ ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد تقوّيه
(اتَّجرُوا) أَمر من التِّجَارَة وَهِي تقليب المَال للربح (فِي أَمْوَال الْيَتَامَى لَا تأكلها) أَي لِئَلَّا تأكلها (الزَّكَاة) أَي تنقصها وتفنيها لِأَن الْأكل سَبَب للفناء (طس عَن أنس) بن مَالك وَسَنَده كَمَا قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ صَحِيح
(أتحبّ) اسْتِفْهَام أَي أتودّ (أَن يلين قَلْبك) أَي يترطب ويسهل (وتدرك حَاجَتك) أَي تطفر بمطلوبك (ارْحَمْ الْيَتِيم) الَّذِي مَاتَ أَبوهُ فَانْفَرد عَنهُ وَذَلِكَ بِأَن تعطف عَلَيْهِ وتحنو حنوّا يَقْتَضِي التفضل وَالْإِحْسَان (وامسح رَأسه) تلطفا وإيناسا أَو بالدهن (وأطعمه من طَعَامك) أَي مِمَّا تملكه من الطَّعَام (يلن قَلْبك وتدرك حَاجَتك) أَي فَإنَّك إِن أَحْسَنت إِلَيْهِ وَفعلت بِهِ مَا ذكر يحصل لَك لين الْقلب وَالظفر بالبغية (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) قَالَ أَتَى النبيّ رجل شكا إِلَيْهِ قسوة الْقلب فَذكره
(اتخذ الله إِبْرَاهِيم خَلِيلًا) أَي اصطفاه وَخَصه بكرامة تشبه كَرَامَة الْخَلِيل عِنْد خَلِيله قَالَ ابْن عَرَبِيّ سمي خَلِيلًا لتخلله الصِّفَات الإلهية أَي دُخُوله حضراتها وقيامه بمظهرياتها واستيعابه إِيَّاهَا بِحَيْثُ لَا يشذ شَيْء مِنْهَا عَنهُ قَالَ الشَّاعِر
(وتخللت مَسْلَك الرّوح مني ... وَبِه سمى الْخَلِيل خَلِيلًا)
أَي دخلت من حَيْثُ محبتك جَمِيع مسالك روحي من القوى والاعضا بِحَيْثُ لم يبْق شَيْء مِنْهَا لم تصل(1/22)
إِلَيْهِ وَسبب هَذَا التخلل سمى الْخَلِيل خَلِيلًا وَهَذَا كَمَا يَتَخَلَّل اللَّوْن الَّذِي هُوَ عرض المتلوّن الَّذِي هُوَ جَوْهَر حل فِيهِ ذَلِك الْعرض حُلُول السريان والخليل من الأَرْض المضموم الَّذِي كشف الغطاء عَنهُ حَتَّى لَا يعقل سواهُ (ومُوسَى) بن عمرَان (نجيا) أَي مُخَاطبا وَأَصله من الْمُنَاجَاة (واتخذني حبيبا) فعيل بِمَعْنى مفعول أَو فَاعل وَقَضِيَّة السِّيَاق أَنه أَعلَى دَرَجَة مِمَّا جعل لغيره قَالَ الثعالبي الحبيب أخص من الْخَلِيل فِي الشَّائِع المستفيض من الْعَادَات أَلا ترى إِلَى قَوْله لَهُ {مَا وَدعك رَبك وَمَا قلى} مَعْنَاهُ أحبك وَقَضِيَّة هَذِه اللَّفْظَة أَنه اتَّخذهُ حبيبا وَيُؤَيِّدهُ أَنه تَعَالَى لَا يحب أحدا مَا لم يُؤمن بِهِ أما سمته يَقُول {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} (ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي) أَي قوّتي وغلبتي (وَجَلَالِي) عظمتي (لَأُوثِرَنَّ حَبِيبِي على خليلي) إِبْرَاهِيم (ونجي) أَي مناجى مُوسَى يَعْنِي لأفضلنه وأقدمنه عَلَيْهِمَا (هَب) وَكَذَا فِي كتاب الْبَعْث (عَن أبي هُرَيْرَة) ثمَّ ضعفه أَعنِي البيهقيّ
(اتَّخذُوا) ندبا (السراويلات) الَّتِي لَيست بواسعة وَلَا طَوِيلَة فَإِنَّهَا مَكْرُوهَة كَمَا فِي خبر آخر (فَإِنَّهَا من أستر ثيابكم) أَي من أَكْثَرهَا أَو هِيَ أَكْثَرهَا ستْرَة وَمن زَائِدَة وَذَلِكَ لسترها للعورة الَّتِي يسوء صَاحبهَا كشفها (وحصنوا بهَا نساءكم) أَي استروهنّ وحصنوهنّ بهَا (إِذا خرجن) من بيوتهنّ لما فِيهَا من الْأَمْن من انكشاف الْعَوْرَة بِنَحْوِ سُقُوط أَو ريح فَهِيَ كحصن مَانع (عق عد والبيهقيّ فِي) كتاب (الْأَدَب) كلهم (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ أَبُو حَاتِم حَدِيث مُنكر
(اتَّخذُوا) إرشادا (السودَان) جمع أسود اسْم جنس يعمّ الحبشي وَغَيره لَكِن المُرَاد هُنَا الحبشان بِقَرِينَة مَا يَجِيء (فَإِن ثَلَاثَة مِنْهُم من سَادَات أهل الْجنَّة) أَي من أَشْرَافهم وعظمائهم (لُقْمَان الْحَكِيم) عبد حبشِي لداود أعطَاهُ الله الْحِكْمَة لَا النُّبُوَّة عِنْد الْأَكْثَر (وَالنَّجَاشِي) بِفَتْح النُّون أشهر واسْمه أَصْحَمَة بمهملات (وبلال) ككتاب الحبشي (الْمُؤَذّن) للنبيّ من السَّابِقين الأوّلين الَّذين عذبُوا فِي الله (حب فِي) كتاب (الضُّعَفَاء) من الروَاة (طب) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف عُثْمَان الطرائفي
(اتَّخذُوا) ندبا (الديك) بِكَسْر الدَّال ذكر الدَّجَاج (الْأَبْيَض) لخواص فِي مُفْرَدَات ابْن البيطار وَغَيره (فَإِن دَار فِيهَا ديك أَبيض لَا يقربهَا شَيْطَان) فيعال من شطن بعد لبعده عَن الْحق أَو فعلان من شاط بَطل أَو احْتَرَقَ غَضبا (وَلَا سَاحر) أَي من الْجِنّ أَو المُرَاد سحر يَعْنِي لَا يُؤثر فِي أَهلهَا سحر (وَلَا الدويرات) مصغر جمع دَار (حولهَا) أَي المحلات الَّتِي حول تِلْكَ الدَّار وَالدَّار اسْم جَامع للْبِنَاء والعرصة (طس عَن أنس) بن مَالك
(اتَّخذُوا هَذِه الْحمام) هُوَ مَا عب وهدر (المقاصيص) جمع مقصوصة أَي مَقْطُوعَة شعر الأجنحة لِئَلَّا تطير (فِي بُيُوتكُمْ) يَعْنِي فِي أَمَاكِن سكناكم (فَإِنَّهَا تلهى) من لَهَا يلهو لعب (الجنّ عَن) عبثهم بِنَحْوِ (صِبْيَانكُمْ) وَإِذ هم لَهُم قيل وللأحمر فِي ذَلِك مزِيد خُصُوصِيَّة (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى) خطّ) فِي تَرْجَمَة الْيَشْكُرِي (فر) كلهم (عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الْخَطِيب وَغَيره (عد) من حَدِيث عُثْمَان بن مطر (عَن أنس) بن مَالك وَعُثْمَان قَالَ الذَّهَبِيّ يروي فِي الموضوعات
(اتَّخذُوا) ندبا أَو إرشادا (الْغنم) محرّكا الشَّاء لَا وَاحِد لَهَا من لَفظهَا (فَإِنَّهَا بركَة) أَي خير ونماء لسرعة نتاجها وكثرته إِذْ هِيَ تنْتج فِي الْعَام مرّتين وتضع الْوَاحِد والاثنين ويؤكل مِنْهَا مَا شَاءَ الله وَمَعَ ذَلِك يمتلئ مِنْهَا وَجه الأَرْض (طب خطّ عَن أمّ هَانِئ) فأخته أَو هِنْد بنت أبي طَالب أُخْت أَمِير الْمُؤمنِينَ (وَرَوَاهُ) عَنْهَا (هـ) أَيْضا (بِلَفْظ اتخذي)(1/23)
يَا أم هَانِئ (غنما فَإِنَّهَا بركَة) وَحسنه الْمُؤلف
(اتَّخذُوا عِنْد الْفُقَرَاء) جمع فَقير فعيل بِمَعْنى فَاعل من فقر يفقر إِذا قل مَاله (أيادي) جمع يَد أَي اصنعوا مَعَهم مَعْرُوفا وَالْيَد كَمَا تطلق على الْجَارِحَة تطلق على النِّعْمَة (فأنّ لَهُم دولة) انقلابا من الشدّة إِلَى الرخَاء وَمن الْعسر إِلَى الْيُسْر (يَوْم الْقِيَامَة) نصب على الظَّرْفِيَّة (حل عَن الْحُسَيْن بن عليّ) بن أبي طَالب وَضَعفه الزين الْعِرَاقِيّ (تَنْبِيه) قَالَ السهرودي الْفقر غير التصوّف بل نهايته بدايته وَكَذَا الزّهْد غير الْفقر وَلَيْسَ الْفقر عِنْد الْقَوْم الْفَاقَة فَحسب بل الْفقر الْمَحْمُود الثِّقَة بِاللَّه وَالرِّضَا بِمَا قسم
(اتَّخذهُ من ورق) بِفَتْح الْوَاو وتثليث الرَّاء فضَّة (و) لَكِن (لَا تتمه) تكمله من أتم الشَّيْء أكمله (مِثْقَالا) بِكَسْر فَسُكُون وَهُوَ دِرْهَم وَثَلَاثَة أَسْبَاع دِرْهَم وَقَوله (يَعْنِي الْخَاتم) تَفْسِير من الرَّاوِي لما أُشير إِلَيْهِ بضمير اتَّخذهُ فَمَتَى بلغ الْخَاتم مِثْقَالا كره تَنْزِيها فَإِن زَاد قيل حرم وَقيل لَا وَلَيْسَ الْخَاتم سنة مُطلقًا (3 عَن بُرَيْدَة) بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ وَهُوَ حسن لشواهده
(أَتَدْرُونَ) أَي أتعلمون (مَا العضه) بِسُكُون الضَّاد الْمُعْجَمَة أَي الْبُهْتَان قَالُوا الله وَرَسُوله أعلم قَالَ (نقل الحَدِيث) أَي مَا يتحدّث بِهِ (من بعض النَّاس إِلَى بعض ليفسدوا بَينهم) أَي لأجل أَن يفْسد الناقلون المفهومون من نقل بَين الْمَنْقُول إِلَيْهِم وعنهم وَالْقَصْد النَّهْي عَن ذَلِك (خد هق عَن أنس) بن مَالك
(أنرعوا) بِفَتْح فَسُكُون املؤا إرشادا (الطسوس) بِضَم الطَّاء جمع طس وَهُوَ لُغَة فِي الطست (وخالفوا) بذلك (الْمَجُوس) فَإِنَّهُم لَا يَفْعَلُونَ ذَلِك وهم عَبدة النَّار (هَب خطّ فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ
(أَتَرْعَوْنَ) بِفَتْح همزَة الِاسْتِفْهَام أَي أتتحرّجون (عَن ذكر الْفَاجِر) المائل إِلَى الْبَاطِل الْمُعْلن بِفِسْقِهِ الْغَيْر مبال بِمَا ارْتَكَبهُ من القبائح وتمتنعون (أَن تذكروه) أَي تجروا فعله على أَلْسِنَتكُم بَين النَّاس (فاذكروه) بِمَا فِيهِ فَقَط (يعرفهُ النَّاس) أَي لأجل أَن يعرفوا حَاله فيحذروه فَلَيْسَ ذكره مَنْهِيّا عَنهُ بل مَأْمُور بِهِ للْمصْلحَة (خطّ فِي) كتاب تراجم (رُوَاة مَالك عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ تفرّد بِهِ الْجَارُود وَهُوَ مُنكر الحَدِيث
(أَتَرْعَوْنَ عَن ذكر الْفَاجِر) أَي الَّذِي يفجر الْحُدُود أَي يخرقها ويتعدّاها مُعْلنا متهتكا (مَتى يعرفهُ النَّاس) أَي أتتحرّجون عَن ذكره بِمَا فِيهِ لِئَلَّا تعرفه النَّاس والاستفهام للإنكار (اذْكروا الْفَاجِر بِمَا فِيهِ) من الْفُجُور وشق ستر الدّيانَة (يحذرهُ النَّاس) فَذكره بذلك من النَّصِيحَة الْوَاجِبَة لِئَلَّا يغترّ بِهِ مُسلم فيتقدى بِهِ فِي فعله أَو يسترسل لَهُ فيؤذيه (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذمّ الْغَيْبَة) أَي فِي الْأَخْبَار الْوَارِدَة فِي ذمّها (والحكيم) التِّرْمِذِيّ الصُّوفِي الشَّافِعِي (فِي) كِتَابه (نَوَادِر الْأُصُول) فِي أَحَادِيث الرَّسُول (وَالْحَاكِم فِي) كتاب الْمعرفَة (الكنى) والألقاب وَقَالَ هَذَا غير صَحِيح (والشيرازي فِي) كتاب (الألقاب) لَهُ (عد طب هق) وَقَالَ أَعنِي الْبَيْهَقِيّ لَيْسَ بِشَيْء (خطّ) فِي تَرْجَمَة مُحَمَّد بن الْقَاسِم المؤدّب (عَن بهز بن حَكِيم عَن أَبِيه عَن جدّه) قَالَ الْجَارُود لقِيت بهز ابْن حَكِيم فِي الطّواف فَذكره لي
(اتْرُكُوا) من التّرْك وَهُوَ الرَّفْض (التّرْك) جيل من النَّاس مَعْرُوف وَالْجمع أتراك والوحد تركي كرومي وأروام (مَا تركوكم) أَي لَا تتعرّضوا لَهُم مدّة تَركهم لكم وخصوا الشدّة بأسهم وَبرد بِلَادهمْ (فإنّ أوّل من يسلب أمّتي ملكهم) أَي أوّل من ينتزع مِنْهُم بِلَادهمْ الَّتِي ملكوها (وَمَا خوّلهم الله) فِيهِ أَي أَعْطَاهُم من النعم (بَنو قنطوراء) بالمدّ جَارِيَة إِبْرَاهِيم من نسلها التّرْك أَو التّرْك والديلم والغز وَقيل هم بَنو عَم ياجوج وَمَأْجُوج(1/24)
(طب) وَكَذَا فِي الْأَوْسَط وَالصَّغِير (عَن ابْن مَسْعُود) ضَعِيف لضعف مَرْوَان بن سَالم
(اتْرُكُوا الْحَبَشَة) بِالتَّحْرِيكِ جيل من السودَان مَعْرُوف (مَا تركوكم) أَي مدّة دوَام تَركهم لكم لما يخَاف من شرّهم الْمشَار إِلَيْهِ بقوله (فَإِنَّهُ لَا يسْتَخْرج كنز الْكَعْبَة) أَي المَال المدفون فِيهَا (إِلَّا) عبد حبشِي لقبه (ذُو السويقتين من الْحَبَشَة) بِالتَّصْغِيرِ تَثْنِيَة سويقة أَي هُوَ دقيقهما جدّا والحبشة وَإِن كَانَ شَأْنهمْ دقة السُّوق لَكِن هَذَا متميز بمزيد من ذَلِك يعرف بِهِ (د ك) فِي الْفِتَن (عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ صَححهُ الْحَاكِم وَاعْترض
(اتْرُكُوا الدُّنْيَا لأَهْلهَا) أَي صيروها من قبيل الْمَتْرُوك الْمَطْرُوح الَّذِي لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وانبذوها لِعبيد الدِّرْهَم وَالدِّينَار فَمن خلفهَا ورواء ظَهره خلف الغموم وَالْأَحْزَان وَالنَّفس إِذا أطمعت طمعت وَإِذا أقنعت قنعت (فَإِنَّهُ) أَي الشان (من أَخذ مِنْهَا) مِقْدَارًا (فَوق مَا) أَي الْقدر الَّذِي (يَكْفِيهِ) أَي زَائِدا على الَّذِي يَحْتَاجهُ لنَفسِهِ ولممونه من نَحْو مأكل ومشرب وملبس ومسكن وخادم ومركب يَلِيق بِهِ وبهم (أَخذ من حتفه) أَي أَخذ فِي أَسبَاب هَلَاكه (وَهُوَ لَا يشْعر) أَي وَالْحَال أَنه لَا يحس بذلك لتمادي غفلته وَالْقَصْد بِهِ الْحَث على الكفاف وَأخذ قدر الْكِفَايَة غير مَذْمُوم لأنّ الدُّنْيَا منزل من منَازِل الْآخِرَة وَلَا بدّ للْمُسَافِر من زَاد يبلغهُ إِلَيْهَا وَالْمُسَافر إِذا أَخذ مَا يزِيد على الطَّرِيق مَاتَ تَحت ثقله وَلم يبلغ مقْصده فِي سَفَره (فَائِدَة) روى الْحَاكِم عَن زيد بن أَرقم كُنَّا مَعَ أبي بكر فَدَعَا بشراب فَأتى بِمَاء وَعسل فَبكى حَتَّى أبكى قَالُوا مَا يبكيك قَالَ كنت مَعَ رَسُول الله فرأيته يدْفع عَن نَفسه شَيْئا لم أره فَقلت مَا الَّذِي تدفع قَالَ هَذِه الدُّنْيَا تمثلت لي فَقلت لَهَا إِلَيْك عني قَالَت إِن أفلت مني فَلَنْ ينفلت مني من بعْدك (فر عَن أنس) بن مَالك وَفِيه من لَا يعرف
(أتق الله) أَي خفه واخش عِقَابه (فِيمَا) أَي فِي الشَّيْء الَّذِي (تعلم) وَحذف الْمَعْمُول للتعميم وَذَلِكَ بِأَن تتجنب المنهيّ عَنهُ كُله وَتفعل من الْمَأْمُور بِهِ مَا تستطيعه وَالْأَمر بالاتقاء أبلغ من الْأَمر بِالتّرْكِ فِي النَّهْي عَن مُلَابسَة الْمعاصِي (تخ ت) من حَدِيث ابْن الأشوع (عَن زيد بن سَلمَة) بن يزِيد بن مشجعَة (الْجعْفِيّ) قَالَ قلت يَا رَسُول الله سَمِعت مِنْك حَدِيثا كثيرا فأنساه فمرني بِكَلِمَة جَامِعَة فَذكره
(اتَّقِ الله) خفه واحذره (فِي عسرك ويسرك) أَي فِي ضيقك وشدّتك وضدّهما وَمن يتق الله يَجْعَل لَهُ مخرجا وَمن اتَّقى ارْتقى بالتقى وَمن خَالف هوى فِي هوى الشقا وبكمال التَّقْوَى والزهد تنجلي مرْآة الْقلب وَتَقَع لَهُ محاذاة لشَيْء من اللَّوْح الْمَحْفُوظ فيدرك بصفاء الْبَاطِن أمّهات الْعُلُوم وأصولها فَيعلم مُنْتَهى أَقْدَام الْعلمَاء فِي علومهم وَفَائِدَة كل علم (أَبُو قرّة) بِضَم الْقَاف وشدّ الرَّاء (الزبيدِيّ) نِسْبَة إِلَى زبيد الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة بِالْيمن (فِي سنَنه) بِضَم السِّين (عَن طليب) مُصَغرًا (ابْن عَرَفَة) لَهُ وفادة وصحبة قَالَ ابْن الْأَثِير لم يرو عَنهُ إِلَّا ابْنه كُلَيْب وهما مَجْهُولَانِ
(اتَّقِ الله) بامتثال أمره وَاجْتنَاب نَهْيه (حَيْثُمَا كنت) أَي فِي أيّ زمَان وَمَكَان كنت فِيهِ وَإِن كنت خَالِيا فإنّ الله مطلع عَلَيْك وَاتَّقوا الله إنّ الله كَانَ عَلَيْكُم رقيبا (وأتبع السَّيئَة) الصادرة مِنْك صَغِيرَة وَكَذَا كَبِيرَة على مَا شهد بِهِ عُمُوم الْخَبَر وَجرى عَلَيْهِ بَعضهم لَكِن خصّه الْجُمْهُور بالصغائر (الْحَسَنَة) صَلَاة أَو صَدَقَة أَو اسْتِغْفَارًا أَو نَحْو ذَلِك (تمحها) أَي السَّيئَة المثبتة فِي صحيفَة الْكَاتِبين وَذَلِكَ لأنّ الْمَرَض يعالج بضدّه فالحسنات يذْهبن السيآت وأصل ذَلِك أنّ الْقلب كالمرآة يَحْجُبهُ عَن تجلي أنوار الْمعرفَة كدورات الشَّهْوَة وَالرَّغْبَة فِيهَا ويرتفع من كل ذَنْب ظلمَة إِلَيْهِ وَمن كل حَسَنَة(1/25)
نور إِلَيْهِ فالحسنات تصقل النَّفس فَكَذَلِك الْحَسَنَة تمحو السَّيئَة (وخالق) بِالْقَافِ (النَّاس بِخلق حسن) أَي تكلّف معاشرتهم بالمجاملة فِي الْمُعَامَلَة وَغَيرهَا من نَحْو طلاقة وَجه وخفض جَانب وتلطف وإيناس وبذل ندى وَتحمل أَذَى فانّ فَاعل ذَلِك يُرْجَى لَهُ فِي الدُّنْيَا الْفَلاح وَفِي الْآخِرَة الْفَوْز بالنجاة والنجاح (حم ت) فِي الزّهْد وَصَححهُ (ك فِي الْإِيمَان) وَقَالَ على شَرطهمَا ونوزع (هَب) كلهم (عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَفِيه مَجْهُول قيل وَضَعِيف (حم ت هَب عَن معَاذ) بن جبل وَأَشَارَ البيهقيّ إِلَى أَنه أقوى من الأوّل وَحسنه فِي الْمُهَذّب (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بن مَالك وَأكْثر الْمُؤلف من مخرّجيه إِشَارَة إِلَى تَقْوِيَة الردّ على مضعفه
(اتَّقِ الله) أَي اجْعَل الْعِبَادَة وقايتك والاستقامة طريقتك وَالتَّقوى هِيَ الَّتِي يحصل بهَا الْوِقَايَة من النَّار والفوز بدار الْقَرار (وَلَا تحقرنّ) أَي لَا تستصغرنّ (من الْمَعْرُوف) أَي مَا عرفه الشَّرْع وَالْعقل بالْحسنِ (شَيْئا) أَي كثيرا كَانَ أَو قَلِيلا (وَلَو أَن تفرغ) بِضَم أوّله نصبٌ (من دلوك) هُوَ الْإِنَاء الَّذِي يستقى بِهِ من نَحْو الْبِئْر (فِي إِنَاء) أَي وعَاء (المستسقى) أَي طَالب السقيا يَعْنِي وَلَو أَن تُعْطِي مُرِيد المَاء مَا يُريدهُ رَغْبَة فِي الْمَعْرُوف وإغاثة للملهوف (وَأَن تلقى) أَي وَلَو أَن تلقى (أَخَاك) فِي الْإِسْلَام أَي ترَاهُ وتجتمع بِهِ (ووجهك إِلَيْهِ منبسط) أَي منطلق بالبشر وَالسُّرُور وَمن فعل ذَلِك دلّ على علوّ مرتبته فِي الدّين لأنّ ظُهُور الْبشر على الْوَجْه من آثَار أنوار الْقلب وَقد ينازل بَاطِن الْكَامِل نازلات الهية ومواهب قدسية يرتوى مِنْهَا قلبه ويمتلئ فَرحا وسرورا قل بِفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا وَالسُّرُور إِذا تمكن من الْقلب فاض على الْوَجْه آثاره وَإِذا تنعم الْقلب بلذيذ المسامرة ظهر الْبشر على الْوَجْه وَلِهَذَا قَالَ الزبيدِيّ يُعجبنِي من الإخوان كل سهل طلق مضحاك أما من يلقاك بالعبوس كَأَنَّهُ يمنّ عَلَيْك فَلَا أَكثر الله من أَمْثَاله (وَإِيَّاك وإسبال) بِالنّصب (الْإِزَار) أَي احذر إرخاءه إِلَى أَسْفَل الْكَعْبَيْنِ أَيهَا الرجل (فإنّ إسبال الْإِزَار من المخيلة) كعظيمة الْكبر وَالْخُيَلَاء التكبر عَن تخيل فَضِيلَة يجدهَا الْإِنْسَان فِي نَفسه (وَلَا يُحِبهَا الله) أَي لَا يرضاها ويعذب عَلَيْهَا إِن لم يعف عَنهُ وَهَذَا إِذا قصد ذَلِك أمّا الْمَرْأَة فالإسبال فِي حَقّهَا أولى مُحَافظَة على السّتْر (وَأَن امْرُؤ) أَي إِنْسَان أَو رجل (شتمك) سبك (وعيرك) بِالتَّشْدِيدِ أَي قَالَ فِيك مَا يعيبك وَيلْحق بك عارا (بِأَمْر) أَي بِشَيْء (لَيْسَ هُوَ فِيك) أَي لَيست متصفا بِهِ وَفِي نسخ بِأَمْر هُوَ فِيك والأوّل أبلغ (فَلَا تعيره) أَنْت (بِأَمْر هُوَ فِيهِ) لِأَن التَّنَزُّه عَن ذَلِك من مَكَارِم الْأَخْلَاق (ودعه) أَي اتركه (يكون) صنعه بك ذَلِك (وباله) أَي سوء عاقبته وشؤم وزره (عَلَيْهِ) وَحده (وأجره) أَي ثَوَابه (لَك) وَحدك وَقيل مَا تساب اثْنَان إِلَّا انحط الْأَعْلَى إِلَى رُتْبَة الْأَسْفَل والأغلب ألأمهما (وَلَا تسبن) بِفَتْح الْفَوْقِيَّة وشدّ الْمُوَحدَة أَي لَا تشتمن (أحدا) من النَّاس المعصومين وَإِن كَانَ مهينا أمّا الْحَرْبِيّ وَالْمُرْتَدّ فاشتمه بل اقتله وَيَأْتِي فِي خبر مَا يُفِيد أنّ من سبه إِنْسَان فَلهُ شَتمه بِمثلِهِ لَا بأزيد فَمَا هُنَا للأكمل (فَائِدَة) قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل لأبي حَاتِم مَا السَّلامَة من النَّاس قَالَ بِأَرْبَع تغْفر لَهُم جهلهم وتمنع جهلك عَنْهُم وتبذل لَهُم شيئك وَتَكون من شيئهم آيسا والشتم توصيف الشَّيْء بِمَا هُوَ إزراء أَو نقص فِيهِ (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن جَابر بن سليم) وَيُقَال سليم بن جَابر (الهُجَيْمِي) من بني هجيم بن عَمْرو بن تَمِيم لَهُ صُحْبَة ووفادة انْتهى
(اتَّقِ الله يَا أَبَا الْوَلِيد) كنية عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ لَهُ ذَلِك لما بَعثه على الصَّدَقَة (لَا تَأتي) أَي لِئَلَّا تَأتي (يَوْم الْقِيَامَة) يَوْم الْعرض(1/26)
الْأَكْبَر (بِبَعِير تحمله) زَاد فِي رِوَايَة على رقبتك (لَهُ وغاء) بِضَم الرَّاء والمدّ أَي تصويت والرغاء صَوت الْإِبِل (أَو بقرة لَهَا خوار) بخاء مُعْجمَة مَضْمُومَة أَي تصويت والخوار صَوت الْبَقر (أَو شَاة لَهَا ثؤاج) بمثلثة مَضْمُومَة صياح الْغنم وَالْمرَاد لَا تتجاوز الْوَاجِب فِي الزَّكَاة فتأخذ بَعِيرًا زَائِدا أَو شَاة أَو بقرة فَإنَّك تَأتي بِهِ يَوْم الْقِيَامَة تحمله على عُنُقك فَقَالَ عبَادَة يَا رَسُول الله إنّ ذَلِك كَذَلِك قَالَ أَي وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ إِلَّا من رحم الله قَالَ وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ لَا أعمل على اثْنَيْنِ أبدا (طب عَن عبَادَة ابْن الصَّامِت) الخزرجيّ نقيب جليل مِمَّن جمع الْقُرْآن وَإِسْنَاده حسن
(اتَّقِ الْمَحَارِم) أَي احذر الْوُقُوع فِيمَا حرّم الله عَلَيْك (تكن أعبد النَّاس) أَي من أعبدهم لِأَنَّهُ يلْزم من ترك الْمَحَارِم فعل الْفَرَائِض (وَارْضَ بِمَا قسم الله لَك) أَي أَعْطَاك (تكن أغْنى النَّاس) فَإِن من قنع بِمَا قسم لَهُ وَلم يطْمع فِيمَا فِي أَيدي النَّاس اسْتغنى عَنْهُم لَيْسَ الْغنى بِكَثْرَة الْعرض وَلَكِن الْغنى غنى النَّفس (وَأحسن إِلَى جَارك) أَي مجاورك بالْقَوْل وَالْفِعْل (تكن مُؤمنا) أَي كَامِل الْإِيمَان (وَأحب للنَّاس مَا تحب لنَفسك) من الْخَيْر (تكن مُسلما) كَامِل الْإِسْلَام بِأَن تحب لَهُم حُصُول مَا تحبه لنَفسك من جِهَة لَا يزاحمونك فِيهَا (وَلَا تكْثر الضحك فَإِن كَثْرَة الضحك تميت الْقلب) أَي تصيره مغمورا فِي الظُّلُمَات بِمَنْزِلَة الْمَيِّت الَّذِي لَا ينفع نَفسه بنافعة وَلَا يدْفع عَنْهَا مَكْرُوها وَذَا من جَوَامِع الْكَلم (حم ت) فِي الزّهْد (هَب) كلهم (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ت غَرِيب والذهبي فِيهِ مَجْهُول
(اتَّقِ) يَا عليّ كَذَا هُوَ ثَابت فِي رِوَايَة مخرجه الْخَطِيب (دَعْوَة) بِفَتْح الدَّال الْمرة من الدُّعَاء أَي تجنب دُعَاء (الْمَظْلُوم) أَي من ظلمته بأيّ وَجه كَانَ فَإِنَّهُ إِذا دَعَا عَلَيْك (فَإِنَّمَا يسْأَل الله تَعَالَى حَقه) أَي الشَّيْء الْوَاجِب لَهُ على خَصمه (وَأَن الله تَعَالَى لم يمْنَع ذَا حق) أَي صَاحب حق (حَقه) لِأَنَّهُ الْحَاكِم الْعَادِل نعم ورد فِي حَدِيث أَنه يرضى بعض خصوم بعض عباده بِمَا شَاءَ (خطّ) فِي تَرْجَمَة صَالح بن حسان (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَرَوَاهُ عَنهُ أَبُو نعيم أَيْضا
(اتَّقوا الله) المستجمع لصفات العظمة (فِي هَذِه الْبَهَائِم) جمع بَهِيمَة سميت بِهِ لاستبهامها عَن الْكَلَام (الْمُعْجَمَة) أَي الَّتِي لَا تقدر على النُّطْق (فاركبوها) إرشادا حَال كَونهَا (صَالِحَة) للرُّكُوب بِأَن تُطِيقهُ لَا إِن لم تطقه لنَحْو صغر أَو مرض أَو عجز (وكلوها صَالِحَة) أَي وَإِن أردتم أَن تنحروها فتأكلوها وَهِي سَمِينَة صَالِحَة للْأَكْل فافعلوا وَالْقَصْد الزّجر عَن تجويعها وتكليفها مَا لَا تُطِيقهُ (حم د) فِي الْجِهَاد (وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (حب) كلهم (عَن سهل) بن الرّبيع (بن الحنظلية) الأوسي المتعبد المتوحد وَإِسْنَاده صَحِيح
(اتَّقوا الله وأعدلوا فِي أَوْلَادكُم) بِأَن تسوّوا بَينهم فِي الْعَطِيَّة وَغَيرهَا فَعدم الْعدْل بَينهم مَكْرُوه عِنْد الشَّافِعِيَّة وَحرَام عِنْد الْحَنَابِلَة (ق عَن النُّعْمَان بن بشير) الخزرجيّ أَمِير حمص ليزِيد بن مُعَاوِيَة
(اتَّقوا الله وأعدلوا بَين أَوْلَادكُم كَمَا تحبون أَن يبروكم) بِفَتْح أوّله أَي يحسنوا طاعتكم ويتوقوا مَا تكرهونه (طب عَنهُ) أَي عَن النُّعْمَان الْمَذْكُور وَإِسْنَاده جيد
(اتَّقوا الله وَأَصْلحُوا ذَات بَيْنكُم) أَي الْحَالة الَّتِي يَقع بهَا الِاجْتِمَاع والائتلاف (فَإِن الله تَعَالَى يصلح بَين الْمُؤمنِينَ) أَي أصلحوا فَإِن الله يحب الصُّلْح ويفعله (يَوْم الْقِيَامَة) بِأَن يلهم الْمَظْلُوم الْعَفو عَن ظالمه أَو يعوّضه عَن ذَلِك أحسن الْجَزَاء (ع ك) فِي الْأَهْوَال (عَن أنس) بن مَالك وَقَالَ صَحِيح وَاعْترض
(اتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم) من الارقاء وَالدَّوَاب بِحسن الملكة مَعَهم وَالْقِيَام بِمَا يحتاجونه واحذروا مَا يَتَرَتَّب على إهمالهم من عِقَاب أَو عتاب وَلَا تُكَلِّفُوهُمْ على الدَّوَام مَالا(1/27)
يطيقُونَهُ على الدَّوَام (خد عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(اتَّقوا الله فِي الصَّلَاة) الَّتِي هِيَ حَضْرَة المراقبة وعماد الدّين بالمحافظة عَلَيْهَا والحذر من الْإِخْلَال بِشَيْء مِنْهَا (وَمَا ملكت أَيْمَانكُم) من كل آدَمِيّ وحيوان مُحْتَرم يَعْنِي احْذَرُوا أَن تضيعوهما فَإِنَّهُ حرَام (خطّ عَن أم سَلمَة) هِنْد أم الْمُؤمنِينَ
(اتَّقوا الله فِي الضعيفين) أَي المتواضعين الخاضعين اللَّذين لَا حول لَهما وَلَا قُوَّة قَالُوا وَمن هما يَا رَسُول الله قَالَ (الْمَمْلُوك) ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى (وَالْمَرْأَة) يَعْنِي الْأُنْثَى بِأَن تعاملوهما بِرِفْق وشفقة وَلَا تكلفوهما مَا لَا يطيقانه وَلَا تقصرُوا فِي حَقّهمَا ووصفهما بالضعف استعطافا (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز المُصَنّف لضَعْفه
(اتَّقوا الله فِي الصَّلَاة) اجْعَلُوهَا بَيْنكُم وَبَين غَضَبه وقاية بالمواظبة على فعل المكتوبات الْخمس (اتَّقوا الله فِي الصَّلَاة اتَّقوا الله فِي الصَّلَاة) كرّره تَأْكِيدًا واهتماما كَيفَ وَهِي علم الْإِيمَان وعماد الدّين وطهرة للقلوب من أدناس الذُّنُوب وَالْأَمر بالمحافظة عَلَيْهَا أَمر بالرعاية على أَرْكَانهَا وشروطها وهيآتها وأبعاضها (اتَّقوا الله فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم) فعاملوهم بالرعاية وَاعْفُوا عَمَّا يصدر عَنْهُم من الْجِنَايَة وَإِلَّا فبيعوا عباد الله وَلَا تعذبوهم كَمَا يَأْتِي فِي حَدِيث (اتَّقوا الله فِي الضعيفين الْمَرْأَة الأرملة) أَي المحتاجة المسكينة الَّتِي لَا كافل لَهَا (والصبيّ الْيَتِيم) أَي الصَّغِير الَّذِي لَا أَب لَهُ ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى (هَب عَن أنس) بن مَالك قَالَ كُنَّا عِنْد رَسُول الله حِين حَضرته الْوَفَاة فَذكره
(اتَّقوا الله وصلوا) بِالتَّشْدِيدِ (خمسكم) أَي صلواتكم الْخمس الْمَعْلُوم فرضيتها من الدّين بِالضَّرُورَةِ وأضافها إِلَيْهِم لِأَنَّهَا لم تَجْتَمِع لغَيرهم (وصوموا شهركم) رَمَضَان وَالْإِضَافَة للاختصاص على الْأَرْجَح (وأدّوا) أعْطوا (زَكَاة أَمْوَالكُم) إِلَى مستحقيها وقدّم الصَّلَاة لعُمُوم وُجُوبهَا إِذْ أَفْرَاد من تلْزمهُ تِلْكَ أَكثر وَلما كَانَ السخط وَالرِّضَا من أَعمال الْقُلُوب عقب ذَلِك بقوله (طيبَة) بِالتَّشْدِيدِ أَي منشرحة (بهَا أَنفسكُم) فَإِنَّكُم إِن أدّيتموها كَذَلِك طيبت أَمْوَالكُم وطهرتها وَلم يذكر الْحَج لكَون الْخطاب وَقع لمن بِعَرَفَة وغالب أهل الْحجاز يحجون كل عَام أَو لِأَنَّهُ لم يكن فرض (وَأَطيعُوا ذَا أَمركُم) أَي من ولي أُمُوركُم فِي غير إِثْم (تدْخلُوا) بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر (جنَّة ربكُم) الَّذِي رباكم فِي نعمه وصانكم من بأسه ونقمه قَالَ الطَّيِّبِيّ أضَاف الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالطَّاعَة إِلَيْهِم ليقابل الْعَمَل بالثواب فِي قَوْله جنَّة ربكُم ولتنعقد الْبيعَة بَين الرب وَالْعَبْد كَمَا فِي قَوْله أنّ الله اشْترى من الْمُؤمنِينَ أنفسهم وَأَمْوَالهمْ الْآيَة وَقَوله طيبَة بهَا أَنفسكُم هُوَ فِي بعض الرِّوَايَات وَفِي بعض النّسخ وَفِي أُخْرَى بإسقاطها (ت حب ك عَن أبي أُمَامَة) صديّ بن عجلَان الْبَاهِلِيّ السَّهْمِي آخر الصحب موتا بِالشَّام قَالَ ت حسن صَحِيح
(اتَّقوا الله وصلوا) بِالْكَسْرِ وَالتَّخْفِيف من الصِّلَة وَهِي الْعَطِيَّة (أَرْحَامكُم) أقاربكم بِأَن تحسنوا إِلَيْهِم قولا وفعلا مهما أمكن وَذَلِكَ وَصِيَّة الله للأمم السَّابِقَة فِي الْكتب الْمنزلَة فِي التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن شواهده كَثِيرَة
(اتَّقوا الله فإنّ أخونكم) أَي أَكْثَرَكُم خِيَانَة (عندنَا) معشر النَّبِيين أَو النُّون للتعظيم (من طلب الْعَمَل) أَي الْولَايَة وَلَيْسَ أَهلا لَهَا فَإِن كَانَ أَهلا فَالْأولى عدم الطّلب أَيْضا مَا لم يتَعَيَّن عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجب (طب عَن أبي مُوسَى)
(اتَّقوا الْبَوْل) احترزوا أَن يُصِيبكُم مِنْهُ شَيْء فاستبروا مِنْهُ لِأَن التهاون بِهِ تهاون بِالصَّلَاةِ الَّتِي هِيَ أفضل الْأَعْمَال فَلِذَا كَانَ أوّل مَا يسْأَل العَبْد عَنهُ كَمَا قَالَ (فَإِنَّهُ أوّل مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد) أَي(1/28)
الْمُكَلف (فِي الْقَبْر) أَي أوّل مَا يُحَاسب فِيهِ على ترك التَّنَزُّه مِنْهُ فأمّا أَن يُعَاتب وَلَا يُعَاقب أَو يناقش فيعذب (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(اتَّقوا الْحجر) بِالتَّحْرِيكِ (الْحَرَام) أَي الَّذِي لَا يحل لكم أَخذه واستعماله (فِي الْبُنيان) بِأَن تصونوه عَنهُ وجوبا (فَإِنَّهُ) أَي فإنّ إِدْخَال الْحجر الْحَرَام فِي الْبُنيان (أساس الخراب) أَي قَاعِدَته وَأَصله وَعنهُ ينشأ وَإِلَيْهِ يصير وَالْمرَاد خراب الدّين أَو الدُّنْيَا بقله الْبركَة وشؤم الْبَيْت الْمَبْنِيّ بِهِ (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ حَدِيث لَا يَصح
(اتَّقوا الحَدِيث عني) أَي لَا تحدّثوا عني (إِلَّا مَا) وَفِي رِوَايَة بِمَا (علمْتُم) أَي الَّذِي تعلمونه يَعْنِي تستيقنون صِحَة نسبته إليّ (فَمن كذب عليّ مُتَعَمدا) حَال من الضَّمِير الْمُسْتَتر فِي كذب الرَّاجِع إِلَى من (فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار) أَي فليتخذ لَهُ محلا مِنْهَا لينزل فِيهِ فَهُوَ أَمر بِمَعْنى الْخَبَر أَو هُوَ دُعَاء أَي بوّأه الله ذَلِك (وَمن قَالَ فِي الْقُرْآن بِرَأْيهِ) أَي من شرع فِي التَّفْسِير من غير أَن يكون لَهُ خبْرَة بلغَة الْعَرَب وضروب استعمالاتها وَمَا ذكره السّلف من مَعَانِيه وعلومه (فليتبوّأ مَقْعَده من النَّار) المعدّة فِي الْآخِرَة لِأَنَّهُ وَإِن طابق الْمَعْنى الْمَقْصُود بِالْآيَةِ فقد أقدم على كَلَام رب الْعَالمين بِغَيْر إِذن (حم ت) فِي التَّفْسِير (عَن ابْن عَبَّاس) رمز لحسنه تبعا لِلتِّرْمِذِي وَفِيه
(اتَّقوا الدُّنْيَا) أَي احْذَرُوا الاغترار بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ فِي وَشك الزَّوَال وعَلى شرف الترحال قَالُوا لَو وصفت الدُّنْيَا بِشَيْء لما عدت قَول أبي نواس
(إِذا امتحن الدُّنْيَا لَبِيب تكشفت ... لَهُ عَن عدوّ فِي ثِيَاب صديق)
(وَاتَّقوا النِّسَاء) أَي احْذَرُوا التطلع إِلَى الأجنبيات والتقرّب مِنْهُنَّ (فإنّ إِبْلِيس طلاع) كشداد مجرّب للأمور ركاب لَهَا يعلوها بقهر وَغَلَبَة (رصاد) بِالتَّشْدِيدِ أَي رِقَاب وثاب كَمَا يرصد القطاع الْقَافِلَة فيثبون عَلَيْهَا (وَمَا هُوَ بِشَيْء من فخوخه) جمع فخ وَهُوَ آلَة الصَّيْد (بأوثق) أَي أحكم (لصيده) أَي مصيده (فِي الأتقياء) جمع تقيّ (من النِّسَاء) فهن أعظم مصايده يزينهنّ فِي قُلُوب الرِّجَال ويغويهم بهنّ فيورطهم فِي الْمَحْذُور كصائد نصب شبكة ليصطاد بهَا وَإِنَّمَا كنّ أعظمها لأنهنّ شقائق الرِّجَال وَمن آدم خلقت حوّاء فَوجدَ الشَّيْطَان من ميل نفس الرجل إِلَيْهَا مساعدة وللنفوس امتزاج ومرابطة تعتضد وتشتدّ وتثور طبيعتها الجامدة وتلتهب نارها الخامدة وأدق من ذَلِك فتْنَة أُخْرَى هِيَ أَن يصير للروح استرواح إِلَى ألطف الْجمال وَيكون ذَلِك الاسترواح مَوْقُوفا على الرّوح وَيصير ذَلِك وليجة فِي حب الرّوح الْمَخْصُوص بالتعلق بالحضرة الإلهية فتبلد الرّوح وينسدّ بَاب المريد من الْفتُوح وَمن هَذَا الْقَبِيل دخلت الْفِتْنَة على جمع من عُظَمَاء الْقَوْم فَقَالُوا بِالْمُشَاهَدَةِ (فر عَن معَاذ) بن جبل بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اتَّقوا الظُّلم) الَّذِي هُوَ مُجَاوزَة الحدّ والتعدّي على الْخلق (فإنّ الظُّلم) فِي الدُّنْيَا (ظلمات) على أَصْحَابه فِي الدُّنْيَا بِمَعْنى أَنه يُورث ظلمَة فِي الْقلب فَيصير صَاحبه فِي ظلمات (يَوْم الْقِيَامَة) فَلَا يَهْتَدِي بِسَبَبِهِ يَوْم يسْعَى نور الْمُؤمنِينَ بَين أَيْديهم فالظلمة حسية وَقيل هِيَ معنوية شبه الضلال بالظلمة كَمَا تشبه الْهِدَايَة بِالنورِ (وَاتَّقوا الشُّح) الَّذِي هُوَ بخل مَعَ حرص (فإنّ الشُّح أهلك من كَانَ قبلكُمْ) من الْأُمَم (وَحَملهمْ على أَن سَفَكُوا دِمَاءَهُمْ) أَي اسألوها بِالْقُوَّةِ الغضبية حرصا على الاستئثار بِالْمَالِ (وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمهمْ) أَي استباحوا نِسَاءَهُمْ أَو مَا حرّم الله من أَمْوَالهم وَغَيرهَا وَالْخطاب للْمُؤْمِنين ردعا لَهُم من الْوُقُوع فِيمَا يؤدّيهم إِلَى دركات الهالكين من الْكَافرين(1/29)
الماضين وتحريضا على التَّوْبَة والمسارعة إِلَى نيل الدَّرَجَات مَعَ الفائزين (حم خدم) فِي الْأَدَب (عَن جَابر) بن عبد الله
(اتَّقوا الْقدر) بِالتَّحْرِيكِ أَي احْذَرُوا إِنْكَاره فَعَلَيْكُم أَن تعتقدوا أنّ مَا قدّر فِي الْأَزَل لَا بدّ من كَونه وَمَا لم يقدر فوقوعه محَال وَأَنه تَعَالَى خلق الْخَيْر والشرّ وأنّ جَمِيع الكائنات بِقَضَائِهِ وَقدره (فَإِنَّهُ) أَي إِنْكَاره (شُعْبَة من النَّصْرَانِيَّة) أَي فرقة من فرق دين النَّصَارَى وَذَلِكَ لأنّ الْمُعْتَزلَة الَّذين هم الْقَدَرِيَّة أَنْكَرُوا إِيجَاد الْبَارِي فعل العَبْد وَجعلُوا العَبْد قَادِرًا عَلَيْهِ فَهُوَ إِثْبَات للشَّرِيك كَقَوْل النَّصَارَى (ابْن أبي عَاصِم) أَحْمد بن عَمْرو (طب عد عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الهيتمي بنزار بن حبَان
(اتَّقوا اللعانين) أَي الْأَمريْنِ الجالبين للعن أَي الشتم والطرد الباعثين عَلَيْهِ (الَّذِي يتخلى) أَي أَحدهمَا تغوّط الَّذِي يتغوّط (فِي طَرِيق النَّاس) المسلوك (أَو فِي ظلهم) أَي وَالثَّانِي تغوّط الَّذِي يتغوّط فِي ظلهم الْمُتَّخذ مقيلا أَو للتحدّث فَيكْرَه تَنْزِيها وَقيل تَحْرِيمًا وَاخْتَارَهُ فِي الْمَجْمُوع لما فِيهِ من الْإِيذَاء وسها من عزا إِلَيْهِ الِاتِّفَاق على الْكَرَاهَة وَإِنَّمَا حكى الِاتِّفَاق على اتقاء ذَلِك وأنّ ظَاهر كَلَامهم الْكَرَاهَة ثمَّ اخْتَار التَّحْرِيم من حَيْثُ الدَّلِيل بل عدّ بَعضهم ذَلِك من الْكَبَائِر (حم م د) فِي الطَّهَارَة (عَن أبي هُرَيْرَة)
(اتَّقوا الْملَاعن) مَوَاضِع اللَّعْن جمع ملعنة الفعلة الَّتِي يلعن بهَا فاعلها (الثَّلَاث) فِي رِوَايَة الثَّلَاثَة والأوّل الْقيَاس (البرَاز فِي الْمَوَارِد) بِكَسْر الْبَاء على الْمُخْتَار كِنَايَة عَن الْغَائِط والموارد مناهل المَاء أَو الْأَمْكِنَة الَّتِي تأتيها النَّاس كالأندية (وقارعة الطَّرِيق) أَعْلَاهُ أَو وَسطه أَو صَدره أَو مَا برز مِنْهُ (والظل) الَّذِي يجْتَمع فِيهِ النَّاس لمباح وَمثله كل مَحل اتخذ لمصالحهم ومعايشهم الْمُبَاحَة فَلَيْسَ المُرَاد كل ظلّ يمْنَع قَضَاء الْحَاجة تَحْتَهُ فقد قعد الْمُصْطَفى لِحَاجَتِهِ تَحت حائش كَمَا فِي مُسلم والحائش ظلّ بِلَا ريب ذكره فِي الْمَجْمُوع (د هـ ك هق عَن معَاذ) بن جبل وَإِسْنَاده صَحِيح
(اتَّقوا الْمَلأ عَن الثَّلَاث أَن يقْعد أحدكُم) لقَضَاء الْحَاجة ويقضيها (فِي ظلّ يستظل) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي يستظل النَّاس (فِيهِ) للوقاية من حرّ الشَّمْس وَمثله مَوضِع الشَّمْس فِي الشتَاء (أَو فِي طَرِيق) مسلوك (أَو فِي نقع مَاء) أَي مَاء ناقع بنُون ثمَّ قَاف أَي مُجْتَمع فَيكْرَه ذَلِك قَالَ الْأَذْرَعِيّ وَغَيره وَفِي هَذِه الْأَحَادِيث عُمُوم للفضلتين فَهُوَ ردّ على من خصّه بالغائط (حم عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه ابْن لَهِيعَة
(اتَّقوا المجذوم) الَّذِي بِهِ الجذام وَهُوَ دَاء رَدِيء جدّا مَعْرُوف (كَمَا يتقى الْأسد) أَي اجتنبوا مخالطته كَمَا تجنبوا مُخَالطَة الْحَيَوَان المفترس فَإِنَّهُ يعدى المعاشر بإطالة اشتمام رِيحه أَو باستعداد مزاجه لقبوله وَلَا يناقضه خبر لَا عدوى لِأَنَّهُ نفى لاعتقاد الْجَاهِلِيَّة نِسْبَة الْفِعْل إِلَى غير الله (تخ عَن أبي هُرَيْرَة) رمز المُصَنّف لحسنه
(اتَّقوا صَاحب الجذام كَمَا يتقى) بِضَم الْيَاء التَّحْتِيَّة وشدّ الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة الْمَفْتُوحَة بضبط الْمُؤلف (السَّبع إِذا هَبَط وَاديا فاهبطوا غَيره) مُبَالغَة فِي التباعد عَنهُ (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (عَن عبد الله بن جَعْفَر) ابْن أبي طَالب الْمَشْهُور بِالْكَرمِ المفرط
(اتَّقوا) أَمر من الاتقاء وَهُوَ جعل الشَّيْء وقاية للشَّيْء (النَّار) أَي اجعلوا بَيْنكُم وَبَينهَا وقاية أَي حِجَابا من الصَّدَقَة (وَلَو) كَانَ الاتقاء (ب) شَيْء قَلِيل جدّا مثل (شقّ تَمْرَة) بِكَسْر الشين أَي جَانبهَا أَو نصفهَا فَإِنَّهُ قد يسدّ الرمق سِيمَا للطفل فَلَا يحتقر المتصدّق ذَلِك (ق ن عَن عدي بن حَاتِم) الطائيّ الْجواد ابْن الْجواد (حم عَن عَائِشَة) أم الْمُؤمنِينَ (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (طس والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك (الْبَزَّار عَن النُّعْمَان بن بشير)(1/30)
الْأنْصَارِيّ (وَعَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (طب عَن ابْن عَبَّاس) عبد الله (وَعَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَهُوَ متواتر
(اتَّقوا النَّار) أَي نَار جَهَنَّم (وَلَو بشق تَمْرَة فَإِن لم تَجدوا) مَا تتصدّقون بِهِ لفقده حسا أَو شرعا (فبكلمة طيبَة) تطيب قلب الْإِنْسَان بِأَن تتلطف بِهِ بالْقَوْل وَالْفِعْل فَإِنَّهَا سَبَب للنجاة من النَّار (حم ق عَن عدي) بن حَاتِم
(اتَّقوا الدُّنْيَا) أَي احذروها فَإِنَّهَا أعدى أعدائكم تطالبكم بحظوظها لتصدّكم عَن طَاعَة ربكُم بِطَلَب لذاتها (فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ) بقدرته وإرادته (إِنَّهَا الأسحر من هاروت وماروت) لِأَنَّهُمَا لَا يعلمَانِ السحر حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر فيعلمانه ويبينان فتنتهما وَالدُّنْيَا تعلم سحرها وتكتم فتنتها وشرّها (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن عبد الله بن بسر) بِضَم الْمُوَحدَة التَّحْتِيَّة وَسُكُون الْمُهْملَة (الْمَازِني) بزاي مُعْجمَة نزيل حمص صحابيّ مَشْهُور وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اتَّقوا بَيْتا يُقَال لَهُ الْحمام) أَي احْذَرُوا دُخُوله فَلَا تدخلوه للاغتسال فِيهِ ندبا قَالُوا إِنَّه يذهب الْوَسخ وَيذكر النَّار قَالَ إِن كُنْتُم لَا بدّ فاعلين (فَمن دخله) مِنْكُم (فليستتر) أَي فليستر عَوْرَته عَمَّن يحرم نظره إِلَيْهَا وجوبا عَن غَيره ندبا فدخوله مَعَ السّتْر جَائِز لَكِن الأولى تَركه حَيْثُ لَا عذر (طب ك هَب عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك على شَرط مُسلم ونوزع
(اتَّقوا زلَّة الْعَالم) أَي فعله الْخَطِيئَة جَهرا لِأَن بزلته يزل عَالم كثير لاقتدائهم بِهِ (وَانْتَظرُوا فيئته) بِفَتْح الْفَاء أَي رُجُوعه عَمَّا لابسه من الزلل وقارفه من الْعَمَل فإنّ الْعلم لَا يضيع أَهله ويرجى عود الْعَالم ببركته وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم طلبنا الْعلم لغير الله فَأبى أَن يكون إِلَّا لله (الْحلْوانِي عد هق) كلهم (عَن كثير) بِالْمُثَلثَةِ ضدّ الْقَلِيل الْمُزنِيّ (ابْن عبد الله بن عَمْرو بن عَوْف) الْمُزنِيّ بالزاي لَا بِالدَّال الصحابيّ (عَن أَبِيه) عبد الله (عَن جدّه) عَمْرو الْمَذْكُور
(اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم) أَي اجتنبوا دَعْوَة من تظلمونه وَذَلِكَ مُسْتَلْزم لتجنب سَائِر أَنْوَاع الظُّلم (فَإِنَّهَا تحمل على الْغَمَام) أَي يَأْمر الله بارتفاعها حَتَّى يُجَاوز الْغَمَام أَي السَّحَاب الْأَبْيَض حَتَّى تصل إِلَى حَضرته تقدّس (يَقُول الله وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لأنصرنك) بنُون التوكيد الثَّقِيلَة وَفتح الْكَاف أَي لأستخلصنّ لَك الْحق مِمَّن ظلمك (وَلَو بعد حِين) أَي أمد طَوِيل وَذَا مسوق إِلَى بَيَان أَنه تَعَالَى يُمْهل الظَّالِم وَلَا يهمله (طب والضياء) فِي المختارة (عَن خُزَيْمَة بن ثَابت) بن فاكه ذِي الشَّهَادَتَيْنِ بِإِسْنَاد صَحِيح
(اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا تصعد إِلَى السَّمَاء) فِي غَايَة السرعة (كَأَنَّهَا شرارة) لِأَنَّهُ مضطرّ فِي دُعَائِهِ وَقد قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {أمنّ يُجيب المضطرّ إِذا دَعَاهُ} قَالَ ابْن الجهم
(وأفنية الْمُلُوك محجبات ... وَبَاب الله لَيْسَ لَهُ فنَاء)
وَفِي الْمُبْهِج سُبْحَانَهُ من بَابه غير مرتج لمرتجى والشرار مَا تطاير من النَّار (ك) من حَدِيث عَاصِم ابْن كُلَيْب عَن محَارب (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(اتَّقوا دَعْوَة الْمَظْلُوم) أَي تجنبوا الظُّلم لِئَلَّا يَدْعُو عَلَيْكُم الْمَظْلُوم (وَإِن كَانَ كَافِرًا) فإنّ دَعوته إِذا كَانَ مَظْلُوما مَقْبُولَة وَالله تَعَالَى ينْتَقم لَهُ كَمَا ينْتَقم مِنْهُ (فَإِنَّهُ لَيْسَ دونهَا حجاب) أَي لَيْسَ بَينهَا وَبَين الْقبُول مَانع (حم ع والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده صَحِيح
(اتَّقوا فراسة) بِفَتْح الْفَاء وتكسر (الْمُؤمن) أَي اطِّلَاعه على مَا فِي الضمائر بسواطع أنوار أشرقت على قلبه فتجلت لَهُ بهَا الْحَقَائِق (فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله عز وَجل) أَي يبصر بِعَين قلبه الْمشرق بِنور الله تَعَالَى وَالْكَلَام فِي الْمُؤمن الْكَامِل وَفِيه قيل(1/31)
(يرى عَن ظهر غيب الْأَمر مَالا ... ترَاهُ عين آخر عَن عيان)
أمّا غَيره فأجنبى من هَذَا الْمقَام فَلَا عِبْرَة بفراسته وَلَا بظنه وَفِيه قيل وأضعف عصمَة عصم الظنون وأصل الفراسة أَن بصر الرّوح مُتَّصِل ببصر الْعقل فِي عَيْني الْإِنْسَان فالعين جارحة وَالْبَصَر من الرّوح وَإِدْرَاك الْأَشْيَاء من بَينهمَا فَإِذا تفرّغ الْعقل وَالروح من أشغال النَّفس أبْصر الرّوح وَأدْركَ الْعقل مَا أبْصر الرّوح وَإِنَّمَا عجز العامّة عَن هَذَا لشغل أَرْوَاحهم بالنفوس واشتباك الشَّهَوَات بهَا فشغل بصر الرّوح عَن دَرك الْأَشْيَاء الْبَاطِنَة وَمن أكب على شهواته وتشاغل عَن الْعُبُودِيَّة حَتَّى خلط على نَفسه الْأُمُور وتراكمت عَلَيْهِ الظُّلُمَات كَيفَ يبصر شَيْئا غَابَ عَنهُ (تخ ت) وَاسْتَغْرَبَهُ (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (وسموية) فِي فَوَائده (طب عد) كلهم (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (ابْن جرير) الطَّبَرِيّ (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(اتَّقوا محاش النِّسَاء) بحاء مُهْملَة وشين مُعْجمَة وَقيل مُهْملَة أَي أدبارهنّ جمع محشة وَهِي الدبر وَالنَّهْي للتَّحْرِيم فَيحرم وَطْء الحليلة فِي دبرهَا وَلَا حدّ فِيهِ (سموية) فِي فَوَائده (عد) وَكَذَا أَبُو نعيم والديلمي (عَن جَابر) بن عبد الله
(اتَّقوا هَذِه المذابح) جمع مذبح قَالَ الديلمي وَغَيره (يَعْنِي المحاريب) أَي تجنبوا تحرّي صُدُور الْمجَالِس يَعْنِي التنافس فِيهَا وَفهم الْمُؤلف أَنه نهي عَن اتِّخَاذ المحاريب فِي الْمَسَاجِد الْوُقُوف فِيهَا وَفِيه كَلَام بَينته فِي الأَصْل (طب هق عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أَتموا الرُّجُوع وَالسُّجُود) أَي ائْتُوا بهما تامين وأوفوا الطُّمَأْنِينَة حَقّهَا فيهمَا (فوالذي نَفسِي بِيَدِهِ) أَي بقدرته وتصريفه (أَنِّي لَا أَرَاكُم) بِفَتْح الْهمزَة (من وَرَاء ظَهْري إِذا رَكَعْتُمْ وَإِذا سجدتم) أَي رُؤْيَة إِدْرَاك فَلَا تتَوَقَّف على آلتها وَلَا على شُعَاع ومقابلة خرقا للْعَادَة (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك
(أَتموا الصُّفُوف) أَي صُفُوف الصَّلَاة الأوّل فالأوّل ندبا مؤكدا (فَإِنِّي أَرَاكُم خلف ظَهْري) قَالَ فِي المطامح فِي أبي دَاوُد عَن مُعَاوِيَة مَا يدل على أنّ ذَا كَانَ فِي آخر عمره (م عَن أنس) بن مَالك
(أَتموا) ندبا مؤكدا (الصَّفّ المقدّم) أَي أكملوا الصَّفّ الأوّل وَهُوَ الَّذِي يَلِي الإِمَام (ثمَّ الَّذِي يَلِيهِ) وَهَكَذَا (فَمَا كَانَ من نقص فَلْيَكُن فِي الصَّفّ الْمُؤخر) فَيكْرَه الشُّرُوع فِي صف قبل إتْمَام مَا قبله (حم د ن) فِي الصَّلَاة (حب وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (والضياء) فِي المختارة (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده صَحِيح
(أَتموا الْوضُوء) أَي عمموا بِالْمَاءِ جَمِيع أَجزَاء كل عُضْو حَتَّى الرجلَيْن (ويل لِلْأَعْقَابِ من النَّار) أَي شدّة هلكة فِي نَار الْآخِرَة لتارك غسلهَا فِي الْوضُوء وَالْمرَاد صَاحب الأعقاب (هـ عَن خَالِد بن الْوَلِيد) بن الْمُغيرَة سيف الله (وَيزِيد بن أبي سُفْيَان) بن حَرْب الْأَمِير (وشرحبيل بن حَسَنَة) الكنديّ الْأَمِير أَو التَّمِيمِي (وَعَمْرو بن العَاصِي) الْأَمِير قَالُوا كلهم سمعناه من النَّبِي (أتيت) بِضَم الْهمزَة (بمقاليد الدُّنْيَا) أَي بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض (على فرس أبلق) أَي لَونه مختلط ببياض وَسَوَاد (جَاءَنِي بِهِ جِبْرِيل) وَفِي رِوَايَة إسْرَافيل (عَلَيْهِ قطيفة) كعظيمة كسَاء مربع لَهُ خمل (من سندس) بِالضَّمِّ مارق من الديباج فخيره بَين أَن يكون نَبيا عبدا أَو نَبيا ملكا فَاخْتَارَ الأوّل وَترك التصرّف فِي خَزَائِن الأَرْض فعوّض التصرّف فِي خَزَائِن السَّمَاء (حم حب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن جَابر) ابْن عبد الله وَهُوَ صَحِيح وَوهم ابْن الْجَوْزِيّ
(أثبتكم على الصِّرَاط أشدّكم حبا لأهل بَيْتِي) عليّ وَفَاطِمَة وابناهما وذرّيتهما (ولأصحابي) وَالْمرَاد الْحبّ الَّذِي لَا يؤدّى إِلَى منهيّ عَنهُ شرعا(1/32)
(تَنْبِيه) اعْلَم أنّ الصِّرَاط هُوَ الجسر الْمَضْرُوب على متن جَهَنَّم وَهُوَ أَيْضا من السبل مَا لَا التواء فِيهِ وَلَا اعوجاج بل على سمت وَاحِد فَيحْتَمل أنّ المُرَاد هُنَا الثَّبَات فِي الْمُرُور على الجسر الْمَذْكُور وَيحْتَمل أنّ المُرَاد بأنّ من كَانَ أشدّ حبا لَهُم كَانَ أثبت النَّاس على الصِّرَاط الْمُسْتَقيم صِرَاط الَّذين أنعم الله عَلَيْهِم (عد فر) وَكَذَا أَو نعيم (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اثردوا) أَي فتوا الْخبز فِي المرق ندبا فإنّ فِيهِ سهولة المساغ وتيسرا لتناول ومزيد اللَّذَّة (وَلَو بِالْمَاءِ) مُبَالغَة فِي تَأَكد طلبه وَالْمرَاد وَلَو مرقا يقرب من المَاء (طس هَب عَن أنس) بن مَالك
(اثْنَان فَمَا فَوْقهمَا) أَي مَا يزِيد عَلَيْهِمَا على التَّعَاقُب وَاحِدًا بعد وَاحِد (جمَاعَة) أَي فَلَا يخْتَص فَضلهَا بِمَا فَوْقهمَا وَهَذَا قَالَه لما رأى رجلا يُصَلِّي وَحده فَقَالَ أَلا رجل يتصدّق على هَذَا فَيصَلي مَعَه فَقَامَ رجل فصلى مَعَه فَذكره (هـ عد عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (حم طب عد عَن أبي أُمَامَة) الباهليّ (قطّ عَن أبي عَمْرو) بن الْعَاصِ (ابْن سعد) فِي طبقاته (وَالْبَغوِيّ) أَبُو الْقَاسِم فِي مُعْجَمه (والبارودي) أَبُو مَنْصُور فِي الْمعرفَة (عَن الحكم بن عُمَيْر) مُصَغرًا التمالي الْأَزْدِيّ
(اثْنَان لَا ينظر الله إِلَيْهِمَا) نظر رَحْمَة ولطف (يَوْم الْقِيَامَة) نصب على الظَّرْفِيَّة (قَاطع رحم) أَي الْقَرَابَة بإساءة أَو هجر (وجار سوء) الَّذِي إِن رأى حَسَنَة كتمها أَو سَيِّئَة أفشاها كَمَا فسر بِهِ فِي خبر (فر عَن أنس) بن مَالك
(اثْنَان خير من وَاحِد) أَي هما أولى بالاتباع وَأبْعد عَن الابتداع (وَثَلَاثَة خير من اثْنَيْنِ) كَذَلِك (وَأَرْبَعَة خير من ثَلَاثَة) كَذَلِك (فَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة) أَي الزموها (فَإِن الله لن يجمع أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (إِلَّا على هدى) أَي حق وصواب وَلم يَقع قطّ أَنهم اجْتَمعُوا على ضلال وَهَذِه خُصُوصِيَّة لَهُم وَمن ثمَّ كَانَ إِجْمَاعهم حجَّة (حم عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَفِيه مقَال
(اثْنَان لَا تجَاوز) أَي تتعدّى (صلاتهما رؤسهما) أَي لَا ترْتَفع إِلَى الله رفع الْعَمَل الصَّالح بل أدنى شَيْء من الرّفْع أَحدهمَا (عبد) يَعْنِي قن (آبق) أَي هرب (من موَالِيه) يَعْنِي مالكيه فَلَا ترْتَفع صلَاته (حَتَّى يرجع) إِلَى طَاعَة مَالِكه حَيْثُ هرب لغير عذر شرعيّ (و) الثَّانِي (امْرَأَة عَصَتْ زَوجهَا) بنشوز أَو غَيره مِمَّا يجب عَلَيْهَا أَن تُطِيعهُ فِيهِ فَلَا ترْتَفع صلَاتهَا (حَتَّى ترجع) إِلَى طَاعَته وَلَا يلْزم من عدم الْقبُول عدم الصِّحَّة فصلاتهما صَحِيحَة وَلَا ثَوَاب فِيهَا (ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَصَححهُ وَاعْترض
(اثْنَتَانِ فِي) بعض (النَّاس) أَي خصلتان من خصالهم (هما بهم كفر) يَعْنِي هم بهما كفر فَهُوَ من بَاب الْقلب وَالْمرَاد أَنَّهُمَا من أَعمال الْكفَّار وَلَا من خِصَال الْأَبْرَار أَحدهمَا (الطعْن فِي الْأَنْسَاب) أَي الْوُقُوع فِي أَعْرَاض النَّاس بِنَحْوِ قدح فِي نسب ثَبت فِي ظَاهر الشَّرْع (و) الثَّانِي (النِّيَاحَة على الْمَيِّت) وَلَو بِغَيْر بكاء وَهِي رفع الصَّوْت بالندب بتعديد شمائله وَذَلِكَ لأنّ الطاعن فِي نسب غَيره كفر سَلامَة نسبه من الطعْن وَمن ناح كفر نعْمَة الله حَيْثُ لم يرض بِقَضَائِهِ (حم م عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسيّ وَغَيره
(اثْنَتَانِ يكرههما ابْن آدم) غَالِبا (يكره الْمَوْت) أَي حُلُوله بِهِ (وَالْمَوْت) أَي وَالْحَال أنّ مَوته (خير لَهُ من الْفِتْنَة) الْكفْر أَو الضلال أَو الْإِثْم أَو الامتحان فَإِنَّهُ مَا دَامَ حَيا لَا يَأْمَن من الْوُقُوع فِي ذَلِك (وَيكرهُ قلَّة المَال وَقلة المَال أقل لِلْحسابِ) أَي السُّؤَال عَنهُ كَمَا فِي خبر لَا تَزُول قدما عبد يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يسْأَل من أَربع وَفِيه عَن مَاله (صَحَّ حم عَن مَحْمُود بن لبيد) الْأنْصَارِيّ ولد فِي حَيَاة النبيّ ورواياته مُرْسلَة لَكِن الْإِسْنَاد صَحِيح كَمَا فِي شرح الصُّدُور
(اثْنَان يعجلهما الله) أَي يعجل عقوبتهما لفاعلهما (فِي الدُّنْيَا) أَحدهمَا (الْبَغي) أَي مُجَاوزَة(1/33)
الحدّ يَعْنِي التعدّي بِغَيْر حق (و) الثَّانِي (عقوق الْوَالِدين) أَي إيذاؤهما أَو أَحدهمَا وَالْمرَاد من لَهُ ولادَة وَإِن علا من الْجِهَتَيْنِ (تخ طب عَن أبي بكرَة) نفيع بن حَارِث بن كلدة الثَّقَفِيّ
(أثيبوا) كافؤا (أَخَاكُم) فِي الدّين على صنعه مَعكُمْ مَعْرُوفا بضيافة وَنَحْوهَا قَالُوا بِأَيّ شَيْء نثيبه قَالَ (ادعوا لَهُ بِالْبركَةِ) أَي بالنمو وَالزِّيَادَة فِي الْخَيْر (فَإِن الرجل) ذكره غالبي وَالْمرَاد الْإِنْسَان (إِذا أكل طَعَامه وَشرب شرابه) بِبِنَاء أكل وَشرب للْمَجْهُول أَي أكل ضَيفه من طَعَامه وَشرب من شرابه (ثمَّ دعى لَهُ بِالْبركَةِ) بِبِنَاء دعى للْمَجْهُول أَي دَعَا لَهُ الأضياف بهَا (فَذَاك) أَي مجرّد الدُّعَاء (ثَوَابه) أَي مكافأته (مِنْهُم) أَي من الأضياف أَي إِن عجزوا عَن مكافأته بضيافة أَو غَيرهَا أَو تعسر ذَلِك لعذر كَمَا بَين فِي خبر آخر (د هَب عَن جَابر) بن عبد الله
(اجْتَمعُوا) يَا من شكوا إِلَيْنَا أَنهم يَأْكُلُون فَلَا يشبعون (على طَعَامكُمْ) ندبا (واذْكُرُوا) حَال شروعكم فِي الْأكل (اسْم الله) عَلَيْهِ بِأَن تَقولُوا بِسم الله والأكمل إكمالها فَإِنَّكُم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك (يُبَارك) بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر (لكم فِيهِ) فالاجتماع على الطَّعَام وتكثير الْأَيْدِي عَلَيْهِ مَعَ التَّسْمِيَة سَبَب للبركة الَّتِي هِيَ سَبَب للشبع (حم د هـ) فِي الْأَطْعِمَة (حب ك) فِي الْجِهَاد (عَن وَحشِي بن حَرْب) قَاتل حَمْزَة بِإِسْنَاد حسن
(اجْتنب) أبعد افتعال من الْجنب (الْغَضَب) أَي أَسبَابه أَو لَا تفعل مَا يَأْمر بِهِ وَيحمل عَلَيْهِ من قَول أَو فعل (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذمّ الْغَضَب وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن رجل من الصَّحَابَة) وجهالته لَا تقدح لأنّ الصحب كلهم عدُول
(اجتنبوا) ابعدوا وَهُوَ أبلغ من لَا تَفعلُوا (السَّبع) أَي الْكَبَائِر السَّبع الْمَذْكُور فِي هَذَا الْخَبَر لاقْتِضَاء الْمقَام ذكرهَا فَقَط وَإِلَّا فَهِيَ إِلَى السّبْعين بل قيل إِلَى السبعمائة أقرب (الموبقات) أَي المهلكات (الشّرك) بنصبه على الْبَدَل وَرَفعه على أَنه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف (بِاللَّه) أَي جعل أحد شَرِيكا لَهُ وَالْمرَاد الْكفْر بِهِ (وَالسحر) وَهُوَ مزاولة النَّفس الخبيثة لأقوال وأفعال يَتَرَتَّب عَلَيْهَا أُمُور خارقة (وَقتل النَّفس الَّتِي حرّم الله) قَتلهَا عمدا أَو شبه عمد (إِلَّا بِالْحَقِّ) أَي بِفعل مُوجب للْقَتْل شرعا (وَأكل الرِّبَا) أَي تنَاوله بِأَيّ وَجه كَانَ وَخص الْأكل لما مرّ (وَأكل مَال الْيَتِيم) يَعْنِي التعدّي فِيهِ كَيفَ كَانَ وَخص الْأكل لما مرّ (والتولي) الادبار من وُجُوه الْكفَّار (يَوْم الزَّحْف) إِلَّا إِن علم أَنه إِن ثَبت قتل من غير نكاية فِي العدوّ (وَقذف الْمُحْصنَات) أَي الحافظات فروجهنّ (الْمُؤْمِنَات) بِاللَّه (الْغَافِلَات) عَن الْفَوَاحِش وَمَا قذفن بِهِ (ق د ن عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي
(اجتنبوا الْخمر) أَي شربهَا والتسبب فِيهِ وَالْمرَاد بهَا كل مَا أسكر عِنْد الْأَكْثَر وَقَالَ أَبُو حنيفَة الْمُتَّخذ من الْعِنَب (فَإِنَّهَا) يَعْنِي شربهَا (مِفْتَاح كل شرّ) كَانَ مغلقا من زَوَال الْعقل والوقوع فِي المنهيات واقتحام المستقبحات ونزول الأسقام والآلام (عد ك) فِي الْأَطْعِمَة (هَب) كلهم (عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك صَحِيح
(اجتنبوا) وجوبا (الْوُجُوه) من كل آدَمِيّ مُحْتَرم أُرِيد حدّه أَو تأديبه أَو بهيم قصد استقامته وتدريبه (لَا تضربوها) لِأَن الْوَجْه لطيف شرِيف وَالضَّرْب يشوّهه وَرُبمَا يعطبه فَيحرم أَو أَرَادَ بِالْوَجْهِ أكَابِر النَّاس فَيكون من قبيل خبر أقيلوا ذَوي الهيآت عثراتهم إِلَّا الْحُدُود (عد عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اجتنبوا التكبر) بمثناة فوقية قبل الْكَاف بِخَط الْمُؤلف وَهُوَ تَعْظِيم الْمَرْء نَفسه واحتقاره غَيره والأنفة من مساواته وَقَالَ الْغَزالِيّ حَقِيقَته أَن يرى نَفسه فَوق غَيره فِي صِفَات الكال(1/34)
(فَإِن العَبْد لَا يزَال يتكبر حَتَّى يَقُول الله تَعَالَى) لملائكته (اكتبوا عَبدِي هَذَا فِي الجبارين) جمع جَبَّار وَهُوَ المتكبر العاتي وأضاف العَبْد إِلَيْهِ حَتَّى لَا ييأس أحد من رَحْمَة ربه وَأَن كتب مَا كتب وَيعلم أَنه إِذا آب إِلَيْهِ قبله وَعطف عَلَيْهِ والكبيير ظنّ الْمَرْء أَنه أكبر من غَيره والتكبر إِظْهَار ذَلِك وَهَذِه صفة لَا يَسْتَحِقهَا إِلَّا الله وَالْكبر يتَوَلَّد من الْإِعْجَاب والإعجاب من الْجَهْل (أَبُو بكر) أَحْمد بن عَليّ (ابْن لال فِي) كِتَابه (مَكَارِم الْأَخْلَاق) أَي فِيمَا ورد فِي فَضلهَا (وَعبد الغنيّ بن سعيد) الْحَافِظ (فِي) كِتَابه (إِيضَاح الاشكال عد) كلهم (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَفِيه مقَال
(اجتنبوا هَذِه القاذورات) جمع قاذورة وَهِي كل قَول أَو فعل يستفحش ويستقبح لَكِن المُرَاد هُنَا الْفَاحِشَة يَعْنِي الزِّنَا لما بَينته فِي الأَصْل (الَّتِي نهى الله تَعَالَى عَنْهَا) أَي حرّمها (فَمن ألم) بِالتَّشْدِيدِ (بِشَيْء مِنْهَا) أَي قَارب مواقعته (فليستتر بستر الله وليتب إِلَى الله) بالندم وَالرُّجُوع والعزم على عدم الْعود (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (من يبدلنا صفحته) أَي من يظْهر لنا فعله الَّذِي حَقه السّتْر والإخفاء وَالْمرَاد من يظْهر لنا مَا ستره أفضل مِمَّا يُوجب حدّ الله والصفحة الْجنب والمصافح من يَزْنِي بِكُل امْرَأَة حرّة أَو أمة (نقم عَلَيْهِ) معشر الْحُكَّام (كتاب الله) أَي الحدّ الَّذِي شَرعه الله فِي كِتَابه وَالسّنة من الْكتاب (ك هق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ قَامَ النبيّ بعد رجم الْأَسْلَمِيّ فَذكره وَإِسْنَاده جيد
(اجتنبوا مجَالِس الْعَشِيرَة) الرفقاء المتعاشرين يَعْنِي لَا تجلسوا فِي مجَالِس الْجَمَاعَة الَّذين يكثرون الْكَلَام فِي غير ذكر الله وَمَا وَالَاهُ لما يَقع فِيهِ من اللَّغْو وَاللَّهْو وإضاعة الْوَاجِبَات (ص عَن أبان بن عُثْمَان) بن عَفَّان (مُرْسلا) هُوَ تابعيّ جليل وَفِي صَحِيح مُسلم نَحوه
(اجتنبوا الْكَبَائِر) جمع كَبِيرَة وَهِي مَا توعد عَلَيْهِ بِخُصُوصِهِ فِي الْكتاب أَو السّنة بِنَحْوِ لعن أَو غضب وَقيل غير ذَلِك (وسدّدوا) اطْلُبُوا بأعمالكم السداد أَي الاسْتقَامَة والاقتصاد وَلَا تشدّدوا فيشدّد عَلَيْكُم (وَأَبْشِرُوا) أَي إِذا تجنبتم الْكَبَائِر واستعملتم السداد فأبشروا بِمَا وَعدكُم ربكُم بقوله أَن تجتنبوا كَبَائِر مَا تنهون عَنهُ نكفر الْآيَة (ابْن جرير) الْمُجْتَهد الْمُطلق فِي تهذيبه (عَن قَتَادَة) بن دعامة (مُرْسلا) وَهُوَ أَبُو الْخطاب الدوسي الْأَعْمَى الْحَافِظ
(اجتنبوا) وجوبا (دعوات الْمَظْلُوم) فَإِنَّهَا (مَا) نَافِيَة (بَينهَا وَبَين الله حجاب) مجَاز عَن سرعَة الْقبُول كَمَا مرّ (ع عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (وَأبي هُرَيْرَة) الدوسي وَزَاد قَوْله (مَعًا) دفعا لتوهم أَن الْوَاو بِمَعْنى أَو رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اجتنبوا كل مُسكر) أَي شرب مَا شَأْنه الْإِسْكَار فَشَمَلَ القطرة مِنْهُ وَعبر بِكُل إِيذَانًا بتحقق الشُّمُول لما اتخذ من الْعِنَب وَغَيره (طب عَن عبد الله بن مُغفل) بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُعْجَمَة وشدّ الْفَاء الْمُزنِيّ الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ ابْن الصَّحَابِيّ وَإِسْنَاده لين
(اجتنبوا مَا) أَي الشَّرَاب الَّذِي (أسكر) شربه وَلَو من نَحْو زبيب وَحب وتمر وسكر (الْحلْوانِي) بِضَم الْحَاء الْمُهْملَة وَسُكُون اللَّام نِسْبَة إِلَى مَدِينَة حلوان آخر السوَاد وَهُوَ الْحسن بن عَليّ الْخلال (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ رمز الْمُؤلف لضَعْفه لَكِن لَهُ شَوَاهِد ترقيه إِلَى دَرَجَة الْحسن
(اجثوا) اجلسوا أَو ابركوا (على الركب) بَين يَدي الله تَعَالَى عِنْد إرادتكم الدُّعَاء فَإِنَّهُ أبلغ فِي الْأَدَب (ثمَّ قُولُوا يَا رب) اعطنا (يَا رب) اعطنا أَي كرّروا ذَلِك كثيرا وألحوا فِي الدُّعَاء فَإِن الله يحب الملحين فِيهِ وَقد قيل يَا رب يَا رب هُوَ الِاسْم الْأَعْظَم (أَبُو عوَانَة) فِي صَحِيحه (وَالْبَغوِيّ) فِي مُعْجَمه (عَن سعد) بن مَالك وَفِي إِسْنَاده اخْتِلَاف
(أجرؤكم) من الجراءة الْإِقْدَام على الشَّيْء (على قسم الجدّ) أَي على الْإِفْتَاء(1/35)
أَو الحكم بِمَا يسْتَحقّهُ من الْإِرْث (أجرؤكم على النَّار) أَي أقدمكم على الْوُقُوع فِيهَا لأنّ الْجد يخْتَلف مَا يَأْخُذهُ باخْتلَاف الْأَحْوَال فَمَتَى لم يكن الْمُفْتِي أَو الْحَاكِم عَالما بذلك متقنا لَهُ فقد تسبب لدُخُوله النَّار (ص عَن سعيد بن الْمسيب) بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت أشهر من كسرهَا مُرْسلا هُوَ المَخْزُومِي أحد الْأَعْلَام
(أجرؤكم على الْفتيا) أَي أقدمكم على إِجَابَة السَّائِل عَن حكم شَرْعِي (أجرؤكم على النَّار) أقدمكم على دُخُولهَا لأنّ الْمُفْتِي مُبين عَن الله حكمه فَإِذا أفتى على جهل أَو بِغَيْر مَا علمه أَو تهاون فِي تحريره واستنباطه فقد تسبب فِي إِدْخَاله نَفسه فِيهَا (الدَّارمِيّ) عبد الله السَّمرقَنْدِي (عَن عبيد الله) بِالتَّصْغِيرِ (ابْن أبي جَعْفَر مُرْسلا) هُوَ أَبُو بكر الصدّيق الْمصْرِيّ الْفَقِيه
(اجْعَل) يَا بِلَال إِذا الْخطاب لَهُ كَمَا صرّح فِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ (بَين أذانك وإقامتك) للصَّلَاة (نفسا) بِالتَّحْرِيكِ سَاعَة (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يقْضِي) أَي يتم (المتوضى) يَعْنِي المتطهر أَي الشَّارِع فِي الطَّهَارَة (حَاجته) أَي يَأْتِي بالفروض والشروط وَالسّنَن (فِي مهل) بِفَتْح أوّليه أَي بتؤدة وَسُكُون (و) حَتَّى (يفرغ الْآكِل) بالمدّ (من طَعَامه) بِأَن يشْبع (فِي مهل) أَي من غير عجلة فَينْدب أَن تُؤخر الْإِقَامَة بِقدر فعل الْمَذْكُورَات عِنْد اتساع الْوَقْت وَذَلِكَ مَنُوط بِنَظَر الإِمَام وأمّا الْأَذَان فَينْظر الْمُؤَذّن (عَم عَن أبيّ) بن كَعْب (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان (فِي) كتاب (الْأَذَان عَن سلمَان) الْفَارِسِي (وَعَن أبي هُرَيْرَة) مَعًا وَضَعفه النَّوَوِيّ وَغَيره
(اجعلوا) ندبا (آخر صَلَاتكُمْ بِاللَّيْلِ) يَعْنِي تهجدكم فِيهِ (وترا) لأنّ أوّل صَلَاة اللَّيْل الْمغرب وَهِي وتر فَنَاسَبَ كَون آخرهَا وترا وَالْوتر سنة مُؤَكدَة عِنْد الشَّافِعِيَّة وواجب عِنْد الْحَنَفِيَّة (ق د) فِي الصَّلَاة (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(اجعلوا) ندبا (أئمتكم) أَي الَّذين يُؤمنُونَ بكم فِي الصَّلَاة (خياركم) يَعْنِي قدّموا للْإِمَامَة أفضلكم بِالصِّفَاتِ المبينة فِي الْفُرُوع (فَإِنَّهُم) أَي الْأَئِمَّة (وفدكم) أَي متقدّموكم المتوسطون (فِيمَا بَيْنكُم وَبَين ربكُم) لأنّ الْإِمَامَة خلَافَة الْمُصْطَفى وَهِي بعده للأقرب فَالْأَقْرَب مِنْهُ منزلَة والأمثل فالأمثل بِهِ مرتبَة والأمثل أَحَق بالتقديم ليقبل دعاءه الْكَرِيم (قطّ هق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده مظلم كَمَا فِي التَّنْقِيح وَغَيره
(اجعلوا من صَلَاتكُمْ) أَي بَعْضهَا وَهُوَ مفعول الْجعل أَي اجعلوا شَيْئا مِنْهَا (فِي بُيُوتكُمْ) لتعود بركتها على الْبَيْت وَأَهله ولتنزل الرَّحْمَة وَالْمَلَائِكَة فِيهَا (وَلَا تتخذوها قبورا) أَي كالقبور مهجورة من الصَّلَاة شبه الْبيُوت الَّتِي لَا يصلى فِيهَا بالقبور وَالَّتِي تقبر الْمَوْتَى فِيهَا (حم ق د) وَكَذَا ابْن مَاجَه (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ع وَالرُّويَانِيّ) مُحَمَّد بن هرون الْفَقِيه (والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن زيد بن خَالِد وَمُحَمّد بن نصر) الْفَقِيه الشافعيّ (فِي) كتاب (الصَّلَاة) لَهُ كلهم (عَن عَائِشَة) أمّ الْمُؤمنِينَ
(اجعلوا بَيْنكُم وَبَين الْحَرَام سترا من الْحَلَال) أَي وقاية فَإِن (من فعل ذَلِك) أَي جعل بَينه وَبَين الْحَرَام سترا فقد (اسْتَبْرَأَ) بِالْهَمْز وَقد يُخَفف طلب الْبَرَاءَة (لعرضه) بصونه عَمَّا يشينه ويعيبه (وَدينه) عَن الذَّم الشَّرْعِيّ وَالْعرض بِكَسْر الْعين مَوضِع الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان (وَمن أرتع فِيهِ) أَي أكل مَا شَاءَ وتبسط فِي الْمطعم والملبس (كَانَ كالمرتع إِلَى جنب الْحمى) أَي جَانِبه من إِطْلَاق الْمصدر على الْمَفْعُول أَي المحمى وَهُوَ الَّذِي لَا يقربهُ أحد احتراما لمَالِكه (يُوشك) بِكَسْر الشين مضارع أوشك بِفَتْحِهَا وَمَعْنَاهُ يسْرع أَو يقرب (أَن يَقع) بِفَتْح أوّله فِيهِ وَفِي ماضيه (فِيهِ) أَي بِأَكْل مَاشِيَته مِنْهُ فيعاقب (وَإِن) وَفِي رِوَايَة أَلا وَإِن (لكل ملك) من مُلُوك الْعَرَب (حمى) يحميه عَن النَّاس فَلَا يقربهُ أحد(1/36)
خوفًا من سطوته (وَأَن حمى الله فِي الأَرْض) فِي رِوَايَة فِي أرضه (مَحَارمه) أَي مَعَاصيه فَمن دخل حماه بارتكاب شَيْء مِنْهَا اسْتحق الْعقُوبَة وَمن قاربه يُوشك أَن يَقع فِيهِ فالمحتاط لدينِهِ لَا يقربهُ (حب طب عَن النُّعْمَان بن بشير) الْأنْصَارِيّ أَمِير حمص وَإِسْنَاده صَحِيح
(اجعلوا بَيْنكُم وَبَين النَّار حِجَابا) أَي سترا وحاجزا منيعا (وَلَو بشق تَمْرَة) أَي بِشَطْر مِنْهَا فَلَا يحتقره المتصدّق فَإِنَّهُ حجاب منيع من النَّار (طب عَن فضَالة) بِفَتْح الْفَاء ومعجمة خَفِيفَة (بن عبيد) مُصَغرًا رمز الْمُؤلف لحسنه
(أجلوا) بِالْجِيم وشدّ اللَّام (الله) المستوجب لجَمِيع صِفَات الْجلَال والكمال أَي اعتقدوا جلالته وعظمته وأظهروا صِفَاته لجلالية الكمالية وروى بحاء مُهْملَة أَي اخْرُجُوا من حظر الشّرك إِلَى حل الْإِسْلَام (يغْفر لكم) ذنوبكم وَمن إجلاله أَن لَا يعْصى كَيفَ وَهُوَ يرى وَيسمع (حم ع طب عَن أبي الدَّرْدَاء) وَإِسْنَاده حسن
(أجملوا فِي طلب الدُّنْيَا) أَي اطْلُبُوا الرزق طلبا جميلا بِأَن ترفقوا وتحسنوا السَّعْي بِلَا كدّ وتكالب (فإنّ كلا) أَي كل وَاحِد من الْخلق (ميسر) مُهَيَّأ مَصْرُوف (لما كتب) أَي قدّر (لَهُ مِنْهَا) يَعْنِي الزرق الْمُقدر لَهُ سيأتيه وَلَا بدّ فَلَا فَائِدَة لإجهاد النَّفس قَالَ بَعضهم كنت ذَا صَنْعَة جليلة فأزيلت مني فحاك فِي صَدْرِي من أَيْن المعاش فَهَتَفَ بِي هَاتِف تَنْقَطِع إليّ وتتهمني فِي رزقك على أَن أخدمك وليا من أوليائي أَو منافقا من أعدائي (هـ ك طب هق عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ) عبد الرَّحْمَن أَو الْمُنْذر وَإسْنَاد صَحِيح
(أجوع النَّاس طَالب الْعلم وأشبعهم الَّذِي لَا يبتغيه) أَي طَالب الْعلم المتلذذ بفهمه لَا يزَال يطْلب مَا يزِيد استلذاذه فَكلما طلبه ازْدَادَ لَذَّة فَهُوَ يطْلب نِهَايَة اللَّذَّة وَهِي لَا نِهَايَة لَهَا وَمن لَا يبتغيه لَا يلتذ بِهِ وَلَا يشتهيه فَهُوَ بعكس ذَلِك (أَبُو نعيم فِي) كتاب فضل (الْعلم) الشَّرْعِيّ (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه ضعف كَمَا فِي الْكَبِير
(أجِيبُوا) وجوبا (هَذِه الدعْوَة) أَي دَعْوَة وَلِيمَة الْعرس (إِذا دعيتم لَهَا) وتوفرت شُرُوط الْإِجَابَة وَهِي نَحْو عشْرين (ق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أجِيبُوا الدَّاعِي) الَّذِي يدعوكم لوليمة وجوبا إِن كَانَت لعرس وتوفرت الشُّرُوط كَمَا تقرّر وندبا إِن كَانَت لغيره مِمَّا ينْدب أَن يولم لَهُ (وَلَا تردّوا) ندبا (الْهَدِيَّة) لِأَنَّهَا وصلَة إِلَى التحابب نعم يحرم قبُولهَا على القَاضِي كَمَا مرّ (وَلَا تضربوا الْمُسلمين) فِي غير حدّأ وتأديب بل تلطفوا مَعَهم بالْقَوْل وَالْفِعْل فَضرب الْمُسلم بِغَيْر حق حرَام بل كَبِيرَة وَالتَّعْبِير بِالْمُسلمِ غالبى فَمن لَهُ ذمّة أَو عهد يحرم وضربه تعدّيا (حم خد طب هَب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَإسْنَاد أَحْمد صَحِيح
(أجيفوا) ردّوا وَأَغْلقُوا (أبوابكم واكفؤا آنيتكم) أَي اقلبوها وَلَا تتركوها للعق الشَّيْطَان ولحس الْهَوَام (وأوكؤا) اربطوا (أسقيتكم) جمع سقاء ككساء ظرف المَاء يَعْنِي شدّوا فَم الْقرْبَة بِنَحْوِ خيط واذْكُرُوا اسْم الله (وأطفؤا سرجكم) جمع سراج ككتاب (فَإِنَّهُم) أَي الشَّيَاطِين وَلم يذكرُوا استهجانا لذكرهم ومبالغة فِي تحقيرهم (لم يُؤذن لَهُم) بِبِنَاء يُؤذن للْمَفْعُول وَالْفَاعِل الله (بالتسوّر) أَي التسلق وَالْبَاء بِمَعْنى فِي (عَلَيْكُم) أَي لم يَجْعَل الله لَهُم قدرَة ذَلِك أَي إِذا ذكر اسْم الله عِنْد كل مَا ذكر فَإِنَّهُ السرّ الدَّافِع وَالْأَمر إرشادي وَقيل ندبي (حم عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح خلافًا لقَوْل الْمُؤلف حسن
(أحبّ الْأَعْمَال إِلَى الله) أَي أَكْثَرهَا ثَوابًا (الصَّلَاة لوَقْتهَا) اللَّام لاستقبال الْوَقْت أَو بِمَعْنى فِي لأنّ الْوَقْت ظرف لَهَا (ثمَّ برّ الْوَالِدين) أَي الْإِحْسَان إِلَى الْأَصْلَيْنِ وَإِن علوا وامتثال أَمرهمَا الَّذِي لَا يُخَالف الشَّرْع (ثمَّ الْجِهَاد فِي سَبِيل الله) لإعلاء كَلمته وَإِظْهَار شعار دينه(1/37)
وَلَا يُعَارض هَذَا نَحْو خبر إطْعَام الطَّعَام خبر أَعمال الْإِسْلَام لأنّ الْمُصْطَفى كَانَ يُجيب كلا بِمَا يُوَافقهُ ويصلحه أَو بِحَسب الْوَقْت أَو الْحَال وَمعنى الْمحبَّة من الله تعلق الْإِرَادَة بالثواب (حم ق د ن عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله
(أحبّ الْأَعْمَال إِلَى الله تَعَالَى أدومها) أَي أَكْثَرهَا ثَوابًا أَكْثَرهَا تتابعا ومواظبة (وَإِن قلّ) ذَلِك الْعَمَل المداوم عَلَيْهِ لأنّ تَارِك الْعَمَل بعد الشُّرُوع كالمعرض بعد الْوَصْل والقليل الدَّائِم خير من الْكثير الْمُنْقَطع وَالْمرَاد الْمُوَاظبَة الْعُرْفِيَّة وَإِلَّا فحقيقة الدَّوَام شُمُول جَمِيع الْأَزْمِنَة وَهُوَ غير مَقْدُور (ق عَن عَائِشَة)
(أحب الْأَعْمَال إِلَى الله أَن تَمُوت وَلِسَانك) أَي وَالْحَال أنّ لسَانك (رطب من ذكر الله) يَعْنِي أَن تلازم الذّكر حَتَّى يحضرك الْمَوْت وَأَنت ذَاكر فإنّ للذّكر فَوَائِد لَا تحصى قَالَ الْغَزالِيّ أفضل الْأَعْمَال بعد الْإِيمَان ذكر الله (حب وَابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة طب هَب عَن معَاذ) بن جبل وَإِسْنَاده صَحِيح
(أحب الْأَعْمَال) الَّتِي يَفْعَلهَا أحدكُم مَعَ غَيره (إِلَى الله من) أَي عمل إِنْسَان (أطْعم) مُحْتَرما (مِسْكينا) أَي مضطرّ إِلَى الْإِطْعَام (من جوع) قدمه لِأَنَّهُ سَبَب لحفظ حُرْمَة الرّوح (أَو دفع عَنهُ مغرما) دينا أَو غَيره مِمَّا توجه عَلَيْهِ سَوَاء لزمَه أم لم يلْزمه وَسَوَاء كَانَ الدّفع بأَدَاء أَو شُفْعَة أَو غير ذَلِك (أَو كشف عَنهُ كربا) غما أَو شدّة أَي أزاله عَنهُ وَلكَون هَذَا أعمّ مِمَّا قبله ختم بِهِ قصدا للتعميم (طب عَن الحكم بن عُمَيْر) وَفِيه ضعف
(أحب الْأَعْمَال إِلَى الله بعد الْفَرَائِض) أَي بعد أَدَاء الْفَرَائِض العينية من صَلَاة وَزَكَاة وَصَوْم وَحج (إِدْخَال السرُور) أَي الْفَرح (على الْمُسلم) بِأَن يفعل مَعَه مَا يسرّ بِهِ من نَحْو تبشير بحدوث نعْمَة أَو اندفاع نقمة أَو إِزَالَة كرب أَو غير ذَلِك وَالْمرَاد الْمُسلم الْمَعْصُوم (طب) وَكَذَا فِي الْأَوْسَط (عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الْعِرَاقِيّ
(أحب الْأَعْمَال إِلَى الله حفظ اللِّسَان) أَي صيانته عَن النُّطْق بِمَا نهى عَنهُ من نَحْو كذب وغيبة ونميمة وَغَيرهَا (هَب عَن أبي حجيفة) بِالتَّصْغِيرِ واسْمه وهب السوَائِي وَإِسْنَاده حسن
(أحب الْأَعْمَال إِلَى الله الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله) أَي لأَجله وبسببه لَا لغَرَض آخر كميل أَو إِحْسَان وَمن لَازم الْحبّ فِي الله حب أوليائه وأصفيائه وَمن شَرط محبتهم اقتفاء آثَارهم وطاعتهم (حم عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَإِسْنَاده حسن (أحب أَهلِي إليّ فَاطِمَة) الزهراء قَالَه حِين سَأَلَهُ عليّ وَالْعَبَّاس يَا رَسُول الله أَي أهلك أحب إِلَيْك (ت ك عَن أُسَامَة بن زيد) حبه واين حبه بِإِسْنَاد صَحِيح
(أحب أهل بَيْتِي إليّ) وهم فَاطِمَة وابناها وعليّ أَصْحَاب الكساء (الْحسن وَالْحُسَيْن) وَمن قَالَ بِدُخُول الزَّوْجَات فمراده كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ أنهنّ من أهل بَيته الَّذين يعولهم وَأمر باحترامهم وإكرامهم وَلَا تعَارض بَين هَذَا وَمَا قبله لأنّ جِهَات الْحبّ مُخْتَلفَة أَو يُقَال فَاطِمَة أحب أَهله الْإِنَاث والحسنان أحب أَهله الذُّكُور هَذَا وَالْحق أَن فَاطِمَة لَهَا الأحبية الْمُطلقَة ثَبت ذَلِك فِي عدّة أَحَادِيث أَفَادَ مجموعها التَّوَاتُر الْمَعْنَوِيّ وَمَا عَداهَا فعلى معنى من أَو اخْتِلَاف الْجِهَة (ت) وَكَذَا أَبُو يعلى (عَن أنس) بن مَالك وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَغَيره
(أحب النَّاس إليّ) من حلائلي الْمَوْجُودين بِالْمَدِينَةِ حَال هَذِه الْمقَالة (عَائِشَة) على وزان خبر أوّل مَوْلُود فِي الْإِسْلَام ابْن الزبير يَعْنِي بِالْمَدِينَةِ (وَمن الرِّجَال أَبوهَا) لسابقته فِي الْإِسْلَام ونصحه لله وَرَسُوله وبذله نَفسه وَمَاله فِي رضاهما (ق ت عَن عَمْرو بن العَاصِي) بِالْيَاءِ وَيجوز حذفهَا (ت هـ عَن أنس) بن مَالك
(أحب الْأَسْمَاء إِلَى الله) أَي أحب مَا تسمى بِهِ العَبْد إِلَيْهِ وَلَفظ رِوَايَة مُسلم أحب أسمائكم (عبد الله وَعبد الرَّحْمَن) لتضمنهما مَا هُوَ وصف وَاجِب للحق تَعَالَى(1/38)
وَهُوَ الإلهية والرحمانية وَمَا هُوَ وصف للْإنْسَان وواجب لَهُ وَهُوَ الْعُبُودِيَّة والافتقار ثمَّ قد أضيف العَبْد الْفَقِير للإله الغنيّ إِضَافَة حَقِيقِيَّة فصدقت أَفْرَاد هَذِه الْأَسْمَاء الْأَصْلِيَّة وشرفت بِهَذِهِ الْإِضَافَة التركيبية فحصلت لَهما هَذِه الْأَفْضَلِيَّة الأحبية قَالَ الْقُرْطُبِيّ فَيلْحق بهما مَا هُوَ مثلهمَا كَعبد الْملك وَعبد الْغَنِيّ (م د ت هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أحب الْأَسْمَاء) الَّتِي يُسمى بهَا الْإِنْسَان (إِلَى الله مَا تعبد لَهُ) بِضَمَّتَيْنِ فتشديد لِأَنَّهُ لَيْسَ بَين العَبْد وربه نِسْبَة إِلَّا الْعُبُودِيَّة فَمن تسمى بهَا فقد عرف قدره وَلم يَتَعَدَّ طوره (وأصدق الْأَسْمَاء همام) كشدّاد من همّ عزم (وحارث) كصاحب من الْحَرْث وَهُوَ الْكسْب وَذَلِكَ لمطابقة الِاسْم لمعناه إِذْ كل عبد متحرّك بالإرادة والهمّ مبدأ الْإِرَادَة وَيَتَرَتَّب على إِرَادَته كَسبه وحرثه (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (طب) كِلَاهُمَا (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَفِيه ضعف
(أحب الْأَدْيَان) جمع دين وَقد مرّ تَعْرِيفه وَالْمرَاد هُنَا مَال الْأَنْبِيَاء (إِلَى الله) دين (الحنيفية) المائلة عَن الْبَاطِل إِلَى الْحق أَو المائلة عَن دين الْيَهُود وَالنَّصَارَى (السمحة) السهلة الْقَابِلَة للاستقامة المنقادة إِلَى الله الْمسلمَة أمرهَا إِلَيْهِ وَفِيه أنّ الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْأَرْبَع الَّتِي ردّ القَاضِي حُسَيْن جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا (حم خد طب عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(أحب الْبِلَاد) أَي أحب أَمَاكِن الْبِلَاد وَيُمكن أَن يُرَاد بِالْبَلَدِ المأوى فَلَا تَقْدِير (إِلَى الله مساجدها) لِأَنَّهَا بيُوت الطَّاعَة وأساس التَّقْوَى وَمحل تنزلات الرَّحْمَة (وَأبْغض الْبِلَاد إِلَى الله أسواقها) لِأَنَّهَا مَوَاطِن الْغَفْلَة والحرص والغش والفتن والطمع والخيانة والأيمان الكاذبة والأعراض الفانية فَالْمُرَاد محبَّة وبغض مَا يَقع فيهمَا (م) فِي الصَّلَاة (عَن أبي هُرَيْرَة حم ك عَن جُبَير) بِالتَّصْغِيرِ (ابْن مطعم) بِضَم أوّله وَكسر ثالثه وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(أحبّ الْجِهَاد) (إِلَى الله كلمة حق) أَي مُوَافق للْوَاقِع بِحَسب مَا يجب وعَلى قدر مَا يجب فِي الْوَقْت الَّذِي يجب (تقال لإِمَام) أَي سُلْطَان (جَائِر) أَي ظَالِم لأنّ من جَاهد العدوّ فقد تردّد بَين رَجَاء وَخَوف وَصَاحب السُّلْطَان إِذا قَالَ الْحق وَأمر بِالْمَعْرُوفِ وَنهى عَن الْمُنكر تعرّض للهلاك قطعا فَهُوَ أفضل (حم طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(أحب الحَدِيث إليّ) بتَشْديد الْيَاء (أصدقه) أفعل تَفْضِيل بِتَقْدِير من أَو بِمَعْنى فَاعل والصدق مُطَابقَة الْخَبَر للْوَاقِع وَالْكذب عدمهَا (حم خَ عَن الْمسور بن مخرمَة) بن نَوْفَل فَقِيه عَالم متدين (ومروان مَعًا) ابْن الحكم الْأمَوِي
(أحب الصّيام إِلَى الله) أَي أَكثر مَا يكون محبوبا إِلَيْهِ وَالْمرَاد إِرَادَة الْخَيْر لفَاعِله وَكَذَا يُقَال فِيمَا مرّ (صِيَام دَاوُد) النبيّ عَلَيْهِ السَّلَام (كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا) فَهُوَ أفضل من صَوْم الدَّهْر لِأَنَّهُ أشق على النَّفس بمصادفة مألوفها يَوْمًا ومفارقته يَوْمًا (وأحبّ الصَّلَاة إِلَى الله تَعَالَى صَلَاة دَاوُد كَانَ ينَام نصف اللَّيْل) أَعَانَهُ على قيام البنية الْمشَار إِلَيْهِ بِآيَة جعل لكم اللَّيْل لتسكنوا فِيهِ (وَيقوم ثلثه) من أوّل النّصْف الثَّانِي لكَونه وَقت التجلي وَهُوَ أعظم أَوْقَات الْعِبَادَة (وينام سدسه) الْأَخير ليريح نَفسه وَيسْتَقْبل الصُّبْح إذكار النَّهَار بنشاط وانبساط وَيكرهُ قيام كل اللَّيْل (حم ق د ن هـ عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أحب الطَّعَام) عامّ فِي كل مَا يقتات من بر وَغَيره (إِلَى الله) بِالْمَعْنَى المارّ (مَا كثرت عَلَيْهِ الْأَيْدِي) أَي أَيدي الآكلين لأنّ اجْتِمَاع الأنفاس وَعظم الْجمع أَسبَاب نصبها الْبَارِي مقتضية لفيوض الرَّحْمَة(1/39)
وتنزلات غيث النِّعْمَة وَالْمرَاد الأتقياء لخَبر لَا يَأْكُل طَعَامك الأتقى (ع حب هَب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن جَابر) بن عبد الله بأسانيد حَسَنَة صَحِيحَة
(أحب الْكَلَام) أل فِيهِ بدل من الْمُضَاف إِلَيْهِ أحبّ كَلَام المخلوقين (إِلَى الله أَن يَقُول العَبْد) أَي الْإِنْسَان حرّا كَانَ أَو قِنَا (سُبْحَانَ الله) أَي أنزهه من كل سوء (وَبِحَمْدِهِ) الْوَاو وللمحال أَي أسبح الله ملتبسا بِحَمْدِهِ أَو عاطفة أَي أسبح الله وألنبس بِحَمْدِهِ يَعْنِي أنزهه عَن جَمِيع النقائص وأحمده بأنواع الكمالات (حم م ت عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ
(أحب الْكَلَام إِلَى الله تَعَالَى) أَي المتضمن للأذكار والأدعية (أَربع سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر) لتضمنها تنزيهه تَعَالَى عَن كل مَا يَسْتَحِيل عَلَيْهِ وَوَصفه بِكُل مَا يجب لَهُ من أَوْصَاف كَمَا لَهُ وانفراده بوحدانيته واختصاصه بعظمته وَقدمه المفهومين من أكبريته ولتفصيل هَذِه الْجُمْلَة علم آخر (لَا يَضرك) أَيهَا الْمُتَكَلّم بِهن فِي حِيَازَة ثوابهن (بأيهن بدأت) فَلَا ينقص ثَوَابهَا بِتَقْدِيم بَعْضهَا على بعض لاستقلال كل وَاحِد من الْجمل لَكِن الْأَفْضَل ترتيبها هَكَذَا (حم م عَن سَمُرَة) بِضَم الْمِيم وتسكن (ابْن جُنْدُب) الْفَزارِيّ نزيل الْبَصْرَة وأميرها
(أحبّ اللَّهْو) أَي اللّعب وَهُوَ ترويح النَّفس بِمَا لَا تَقْتَضِيه الْحِكْمَة (إِلَى الله تَعَالَى إِجْرَاء الْخَيل) أَي مسابقة الفرسان بالأفراس بِقصد التأهب للْجِهَاد (وَالرَّمْي) عَن نَحْو قَوس مِمَّا فِيهِ إنكاء العدوّ (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أحب الْعباد إِلَى الله تَعَالَى أنفعهم لِعِيَالِهِ) أَي لعيال الله وَالْمرَاد نفع من يُسْتَطَاع نَفعه من الْخلق الأهمّ فالأهم أَو المُرَاد عِيَال الْإِنْسَان نَفسه وَيُوَافِقهُ خبر خَيركُمْ خَيركُمْ لأَهله (عبد الله) ابْن الإِمَام أَحْمد (فِي) كتاب (زَوَائِد الزّهْد) لِأَبِيهِ (عَن الْحسن مُرْسلا) وَهُوَ الْبَصْرِيّ وَلم يحْتَج لتعيينه احْتِرَازًا عَن الْحسن بن عليّ لِأَنَّهُ لَا التباس مَعَ قَوْله مُرْسلا
(أحبّ عباد الله إِلَى الله أحْسنهم خلقا) مَعَ الْخلق ببذل الْمَعْرُوف وكف الْأَذَى وطلاقة الْوَجْه والتواضع وَنَحْو ذَلِك وَفِي بعض الْكتب الْمنزلَة الْأَخْلَاق الصَّالِحَة ثَمَرَات الْعُقُول الراجحة وَقَالَ الْحسن الْأَخْلَاق أنفس الأعلاق وَمن حسنت أخلاقه درّت أرزاقه (طب عَن أُسَامَة بن شريك) الذبياني صَحَابِيّ مَعْرُوف وَإِسْنَاده صَحِيح واقتصار الْمُؤلف على حسنه تَقْصِير
(أحبّ بُيُوتكُمْ) أَي أهل بُيُوتكُمْ (إِلَى الله بَيت فِيهِ يَتِيم مكرم) بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ بِمَا يَلِيق بِهِ وَعدم إهانته وَنَحْو ذَلِك (هَب عَن عمر) بن الْخطاب وَفِي إِسْنَاده ضعف شَدِيد
(أحبّ الله تَعَالَى) بِفَتْح الْهمزَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَفْتُوحَة دُعَاء أَو خبر (عبدا) أَي إنْسَانا (سَمحا) بِفَتْح فَسُكُون صفة مشبهة تدلُ على الثُّبُوت فَمن ثمَّ كرر أَحْوَال البيع وَالشِّرَاء وَالْقَضَاء والاقتضاء فَقَالَ (إِذا بَاعَ وسمحا إِذا اشْترى وسمحا إِذا قضى) أَي أدّى مَا عَلَيْهِ (وسمحا إِذا اقْتضى) أَي طلب مَاله بِرِفْق ولين بَين بِهِ أَن السهولة والتسامح فِي التَّعَامُل سَبَب لاسْتِحْقَاق الْمحبَّة وإفاضة الرَّحْمَة وَالْإِحْسَان بِالنعْمَةِ وَفِي إفهامه سلب الْمحبَّة عَمَّن اتّصف بضدّ ذَلِك وَتوجه الذَّم إِلَيْهِ وَمن ثمَّ ردّت الشَّهَادَة بالمضايقة فِي التافه (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَعَلَّه لاعتضاده وَإِلَّا فَهُوَ ضَعِيف
(أحبكم إِلَى الله أقلكم طعما) بِضَم الطَّاء أكلا كنى بِهِ عَن الصَّوْم لأنّ الصَّائِم يقل أكله غَالِبا أَو هُوَ ندب إِلَى إقلال الْأكل بِأَن لَا يَأْكُل إِلَّا لقيمات يقمن صلبه (وأخفكم بدنا) أوقعه موقع التَّعْلِيل لما قبله فَإِن من قل أكله خف بدنه وَمن خف بدنه نشط لِلْعِبَادَةِ وللعبادة تَأْثِير فِي تنوير الْبَاطِن قَالَ(1/40)
بَعضهم فِي الْإِنْسَان ألف عُضْو من الشرّ كلهَا من الشَّيْطَان فَإِذا جوّع بَطْنه وروّض نَفسه احْتَرَقَ كل عُضْو بِنَار الْجُوع وفرّ الشَّيْطَان مِنْهُ (فر عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الْحَاكِم
(أحب) بِفَتْح فَكسر أَمر (للنَّاس مَا تحبّ لنَفسك) من الْخَيْر كَمَا صرّحت بِهِ رِوَايَة أَحْمد فَلَا حَاجَة لقَوْل الْبَعْض عَام مَخْصُوص وَذَلِكَ بِأَن تفعل مَعَهم مَا تحب أَن يفعلوه مَعَك وتعاملهم بِمَا تحب أَن يعاملوك بِهِ (تخ ع طب ك هَب عَن يزِيد بن أسيد) بِزِيَادَة يَاء وَضم الْهمزَة وَفتحهَا وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ ثِقَات كَمَا قَالَه الهيتمي
(أحبب حَبِيبك هونا مّا) أَي أحببه حبا قَلِيلا فَهُوَ نَا مَنْصُوب على الْمصدر صفة لما اشتق مِنْهُ أحبب (عَسى أَن يكون بَغِيضك يَوْمًا مّا وابغض بَغِيضك هونا مّا) فَإِنَّهُ (عَسى أَن يكون حَبِيبك يَوْمًا مّا) إِذْ رُبمَا انْقَلب ذَلِك بتغيير الزَّمَان وَالْأَحْوَال بغضا فَلَا تكون قد أسرفت فِي حبه فتندم عَلَيْهِ إِذا أبغضته أَو حبا فَلَا تكون أسرفت فِي بغضه فتستحي مِنْهُ إِذا أحببته وَلذَلِك قَالَ الشَّاعِر
(فهونك فِي حب وبغض فَرُبمَا ... بدا صَاحب من جَانب بعد جَانب)
(ت) فِي الْبر والصلة (هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (وَعَن ابْن عَمْرو) ابْن الْعَاصِ (قطّ فِي الْأَفْرَاد) بِفَتْح الْهمزَة (عد هَب عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ مَرْفُوعا (خد هَب عَن عليّ مَوْقُوفا) عَلَيْهِ قَالَ الترمذيّ هَذَا هُوَ الصَّحِيح
(أَحبُّوا الله) وجوبا (لما) أَي لأجل الَّذِي (يغذوكم بِهِ) من الْغذَاء ككساء مَا بِهِ نَمَاء الْجِسْم وقوامه وَهُوَ أعمّ من الْغَدَاء بِالْفَتْح (من نعمه) جمع نعْمَة بِمَعْنى أنعام أَي أحبوه لأجل أنعامه عَلَيْكُم بصروف النعم وضروب المنن قَالَ بعض العارفين محبَّة العَبْد لله عينا لَا تصح فَمَا بَقِي إِلَّا أَن يُحِبهُ لإحسانه فَلذَلِك قَالَ الْمُصْطَفى أَحبُّوا الله لعلمه بعجز الْخلق وجهلهم بِمِقْدَار مَا يَنْبَغِي لجلال الله من الانقياد والمحبة فنبههم بذلك على أَمر ظَاهر لَا يخفى وَهُوَ النعم السابغة عَلَيْهِم قَالَ الغزاليّ وكل مَا فِي الْعَالم من نعْمَة وَحسن وإحسان حَسَنَة من حَسَنَات وجوده يَسُوقهَا إِلَى عبَادَة بخطرة وَاحِدَة يخلقها فِي قلب الْمُنعم والمحسن وَمن تصوّر ذَلِك كَيفَ يحب غَيره تَعَالَى أَو يلْتَفت إِلَيْهِ (وأحبوني لحبّ الله) أَي إِنَّمَا تحبوني لِأَنَّهُ تَعَالَى أَحبَّنِي فَوضع محبتي فِيكُم (وأحبوا أهل بَيْتِي لحبي) أَي إِنَّمَا تحبونهم لِأَنِّي أَحْبَبْتهم لحبّ الله لَهُم فيلزمنا حبهم حبا لَا يعود علينا بوبال وظلم لَا كَالَّذِين حملهمْ الغلو والعصبية حَتَّى جاؤا بِأَحَادِيث مُخْتَلفَة تنكرهَا عقول الصَّادِقين حَتَّى أدّاهم ذَلِك إِلَى أَن طعنوا فِي الشَّيْخَيْنِ وسبوهما (ت ك) فِي فَضَائِل أهل الْبَيْت (عَن ابْن عَبَّاس) وصححاه
(أَحبُّوا الْعَرَب) بِالتَّحْرِيكِ خلاف الْعَجم (لثلاث) أَي لأجل خِصَال ثَلَاث امتازت بهَا (لِأَنِّي عربيّ وَالْقُرْآن عربيّ) قَالَ تَعَالَى بِلِسَان عربيّ مُبين (وَكَلَام أهل الْجنَّة) أَي تحاورهم فِيمَا بَينهم فِي الْجنَّة (عربيّ) الْقَصْد بإيراد هَذِه الْجمل الْحَث على حبّ الْعَرَب أَي من حَيْثُ كَونهم عربا وَقد يعرض مَا يُوجب البغض والازدياد مِنْهُ بِحَسب مَا يعرض لَهُم من كفر أَو نفاق (عق طب ك هَب عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك فِي صَحِيحَة وردّه الذَّهَبِيّ وَغَيره
(أَحبُّوا قُريْشًا) الْقَبِيلَة الْمَعْرُوفَة وَالْمرَاد الْمُسلمُونَ مِنْهُم (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (من أحبهم) من حَيْثُ كَونهم قُريْشًا الْمُؤمنِينَ (أحبه الله) تَعَالَى دُعَاء أَو خبر قَالُوا فَإِذا كَانَ ذَا فِي مُطلق قُرَيْش فَمَا ظَنك بِأَهْل الْبَيْت قَالَ الْحَكِيم هَذَا فِي أهل التَّقْوَى وَالْهدى مِنْهُم أمّا بَنو أُميَّة وأضرابهم فحالهم مَعْرُوف(1/41)
وَلَيْسوا بِمُرَاد (فَائِدَة) سميت الْمحبَّة محبَّة لِأَنَّهَا تخلص إِلَى حَبَّة الْقلب وَهِي بَاطِنه وسويداؤه (مَالك) فِي الموطا (حم ق) فِي الاسْتِئْذَان (د) فِي الْأَدَب (عَن أبي مُوسَى) الأشعريّ (وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ (معاطب والضياء) الْمَقْدِسِي فِي المختارة كلهم (عَن جُنْدُب البَجلِيّ) لَهُ صُحْبَة
(أَحبُّوا الْفُقَرَاء) أَي ذَوي المسكنة وَالْحَاجة من الْمُسلمين (وجالسوهم) فإنّ مجالستهم رَحْمَة ورفعة فِي الدَّاريْنِ (وَأحب الْعَرَب) حبا صَادِقا بِأَن يكون (من قَلْبك) لَا بِمُجَرَّد اللِّسَان (وليردّك) وليمنعك (عَن) احتقار (النَّاس) وازدرائهم وتتبع عَوْرَاتهمْ ومعايبهم (مَا تعلم من نَفسك) من معايبها ونقائصها فاشتغل بتطهير نَفسك عَن عيب غَيْرك خَاطب أوّلا الْجَمَاعَة الْحَاضِرين ثمَّ أقبل بِبَقِيَّة حَدِيثه على وَاحِد مِنْهُم اعتناء بِشَأْنِهِ واهتماما بتعليمه مَعَ إِرَادَة الْعُمُوم (ك) فِي الرَّقَائِق (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ صَحِيح
(احْبِسُوا صِبْيَانكُمْ) أَي امنعوهم من الْخُرُوج من الْبيُوت من الْغُرُوب (حَتَّى تذْهب) أَي إِلَى أَن تَنْقَضِي (فوعة الْعشَاء) أَي شدّة سوادها وظلمتها وَالْمرَاد أوّل سَاعَة من اللَّيْل كَمَا يدل لَهُ قَوْله (فَإِنَّهَا سَاعَة تخترق) بمعجمات وَرَاء تَنْتَشِر (فِيهَا الشَّيَاطِين) أَي مَرَدَة الْجِنّ فَإِن اللَّيْل مَحل تصرفهم وحركتهم فِي أوّل انتشارهم أشدّ اضطرابا (ك) فِي الْأَدَب (عَن جَابر) بن عبد الله وَقَالَ على شَرط م
(احْبِسُوا على الْمُؤمنِينَ ضالتهم) أَي ضائعهم يَعْنِي امنعوا من ضيَاع مَا تقوم بِهِ سياستهم الدُّنْيَوِيَّة ويوصلهم إِلَى الْفَوْز بالسعادة الأخروية ثمَّ بَين ذَلِك الْمَأْمُور بحبسه وَحفظه بقوله (الْعلم) أَي الشَّرْعِيّ بِأَن لَا تهملوه وَلَا تقصرُوا فِي طلبه فالعلم الَّذِي بِهِ قيام الدّين وسياسة الْمُسلمين فرض كِفَايَة فَإِذا لم ينْتَصب فِي كل قطر من تنْدَفع الْحَاجة بِهِ أثموا كلهم (فروا بن النجار) مُحَمَّد بن مَحْمُود (فِي تَارِيخه) تَارِيخ بَغْدَاد (عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف
(احتجموا) ارشادا (لخمس عشرَة أَو لسبع عشرَة أَو لتسْع عشرَة أَو لإحدى وَعشْرين) من الشَّهْر الْعَرَبِيّ فَإِنَّهَا فِي الرّبع الثَّالِث من أَربَاع الشَّهْر أَنْفَع من أوّله وَآخره لغَلَبَة الدّم حِينَئِذٍ وَخص الْأَوْتَاد لِأَنَّهُ تَعَالَى وتر يحب الْوتر (لَا يتبيغ) بتحتية ففوقية فوحدة فتحتية فغين مُعْجَمه أَي لِئَلَّا يتبيغ أَي يثور ويهيج (بكم الدَّم فيقتلكم) أَي فَيكون ثورانه سَببا لموتكم وَالْخطاب لأهل الْحجاز وَنَحْوهم لَا عَام قَالَ الْمُوفق الْبَغْدَادِيّ الْحجامَة تنقي سطح الْبدن أَكثر من الفصد وَأمن عائلة وَلِهَذَا وَردت الْأَخْبَار بذكرها دون الْقَصْد (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (وَأَبُو نعيم فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ (عَن ابْن عَبَّاس) بِسَنَد حسن
(احترسوا من النَّاس) أَي من شرارهم (بِسوء الظَّن) أَي تحفظُوا مِنْهُم بإساءة الظنّ بِأَهْل الشرّ وَلَا تثقوا بِكُل وَاحِد فَإِنَّهُ أسلم لكم (طس عد) وَكَذَا العسكريّ (عَن أنس) بن مَالك
(احتكار الطَّعَام) أَي احتباس مَا يقتات ليقل فيغلو فيبيعه بِكَثِير (فِي الْحرم) الْمَكِّيّ (إلحاد فِيهِ) يَعْنِي احتكار الْقُوت حرَام فِي جَمِيع الْبِلَاد وبمكة أشدّ تَحْرِيمًا فَإِنَّهُ بواد غير ذِي زرع فيعظم الضَّرَر بذلك الْإِلْحَاد والانحراف عَن الْحق إِلَى الْبَاطِل (د) فِي الْحَج (عَن يعلي بن أُميَّة) التَّيْمِيّ الْحَنْظَلِي
(احتكار الطَّعَام بِمَكَّة إلحاد) أَرَادَ بِمَكَّة وَمَا حولهَا فَلَا يُنَافِي مَا قبله (طس عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(احثوا) بِسُكُون الْحَاء وَضم الْمُثَلَّثَة ارموا (التُّرَاب فِي وُجُوه المداحين) يَعْنِي(1/42)
لَا تعطوهم على الْمَدْح شَيْئا فالحثو كِنَايَة عَن الردّ والحرمان أَو أعطوهم مَا طلبُوا فَإِن كل مَا فَوق التُّرَاب تُرَاب (عَن أبي هُرَيْرَة) وَحسنه (عدحل عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(احثوا فِي أَفْوَاه المداحين التُّرَاب) فِيهِ التوجيهان الْمَذْكُورَان وَمن حمله على ظَاهره وَرَمَاهُمْ بِالتُّرَابِ فَمَا أصَاب (تَنْبِيه) قَالَ الغزاليّ فِي الْمَدْح سِتّ آفَات أَربع على المادح وَاثْنَتَانِ على الممدوح أما المادح فقد يفرط فِيهِ فيذكره بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَيكون كذابا وَقد يظْهر فِيهِ من الحبّ مَالا يَعْتَقِدهُ فَيكون منافقا وَقد يَقُول لَهُ مَا لَا يتحققه فَيكون مجازفا وَقد يفرح الممدوح بِهِ وَرُبمَا كَانَ ظَالِما فيعصى بِإِدْخَال السرُور عَلَيْهِ وَأما الممدوح فَيحدث فِيهِ كبرا وإعجابا وَقد يفرح فَيفْسد الْعَمَل (5 عَن الْمِقْدَاد بن عَمْرو) الْكِنْدِيّ (حب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن عبَادَة بن الصَّامِت) بِضَم الْعين المهمة مخففا والمتن صَحِيح
(أحد) بِالتَّشْدِيدِ وَصِيغَة الْأَمر (يَا سعد) بن أبي وَقاص أَي أشر بإصبع وَاحِدَة فإنّ الَّذِي تَدعُوهُ وَاحِد (حم عَن أنس) قَالَ مرّ النبيّ بِسَعْد وَهُوَ يَدْعُو بأصبعين فَذكره
(أحد أحد يَا سعد) وكرره للتَّأْكِيد (د) فِي الدَّعْوَات (ن) فِي الصَّلَاة (ك) فِي الدَّعْوَات (عَن سعد) بن أبي وَقاص وَحسنه الترمذيّ وَصَححهُ الْحَاكِم (ت ن ك عَن أبي هُرَيْرَة)
(أحد) بِضَمَّتَيْنِ (جبل) على ثَلَاثَة أَمْيَال من الْمَدِينَة (يحبنا ونحبه) أَي نَحن نأنس بِهِ وترتاح نفوسنا لرُؤْيَته وَهُوَ سد بَيْننَا وَبَين مَا يؤذينا أَو المُرَاد أَهله الَّذين هم أهل الْمَدِينَة (خَ) فِي الْمَغَازِي (عَن سهل بن سعد) الساعديّ (ت عَن أنس) بن مَالك (حم طب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن سُوَيْد ابْن عَامر) بن زيد بن خَارِجَة (الأنصاريّ) قَالَ ابْن مَنْدَه لَا تعرف لَهُ صُحْبَة (وَمَاله غَيره) أَي لَيْسَ لسويد غير هَذَا الحَدِيث وَاعْترض (أَبُو الْقَاسِم بن بَشرَان فِي أَمَالِيهِ) الحديثية (عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ مُسلم عَن أنس
(أحد جبل يحبنا ونحبه فَإِذا جئتموه) أَي حللتم بِهِ أَو مررتم عَلَيْهِ (فَكُلُوا) ندبا بِقصد التَّبَرُّك (من شَجَره) الَّذِي لَا يضر آكله (وَلَو من عضاهه) جمع عضه أَو عضاهة وَهِي كل شَجَرَة عَظِيمَة ذَات شوك وَالْقَصْد الْحَث على عدم إهمال الْأكل (طس عَن أنس) بن مَالك
(أحد ركن من أَرْكَان الْجنَّة) أَي جَانب عَظِيم من جوانبها وأركان الشَّيْء جوانبه الَّتِي تقوم بهَا ماهيته وَأخذ مِنْهُ بَعضهم أَنه أفضل الأجبل وَقيل أفضلهَا عَرَفَة وَقيل أَبُو قبيس وَقيل الَّذِي كلم فِيهِ مُوسَى وَقيل قَاف وَقد رجح كلا مرجحون (ع طب عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ
(أحد هَذَا جبل يحبنا ونحبه) وَهُوَ (على بَاب من أَبْوَاب الْجنَّة) لَا يُعَارضهُ قَوْله فِيمَا قبله ركن من أَرْكَانهَا لِأَنَّهُ ركن بِجَانِب الْبَاب (وَهَذَا عير) بِفَتْح الْعين مرادف الْحمار جبل مَشْهُور فِي قبليّ الْمَدِينَة بِقرب ذِي الحليفة (يبغضنا ونبغضه) بِالْمَعْنَى المارّ (وَأَنه على بَاب من أَبْوَاب النَّار) نَار جَهَنَّم قَالُوا جعل الله أحدا حبيبا محبوبا لمن حضر وقعته وَجعله مَعَهم فِي الْجنَّة وَجعل عيرًا مبغوضا وَجعل لجهته الْمُنَافِقين حَيْثُ رجعُوا فِي الْوَقْعَة من جِهَة أحد إِلَى جِهَته فَكَانَ مَعَهم فِي النَّار (طس) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن أبي عبس بن جُبَير) الْأنْصَارِيّ الْحَارِث
(أحد أبوى بلقيس) ملكة سبأ (كَانَ جنيا) وَجَاء فِي آثَار أَنه أمهَا قَالَ الماورديّ وَذَا مستنكر للعقول لتباين الجنسين وَاخْتِلَاف الطبعين (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان (فِي) كتاب (العظمة) لَهُ (وَابْن مردوية فِي التَّفْسِير) الْمَشْهُور (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه(1/43)
(عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي
(احْذَرُوا فراسة الْمُؤمن) الْكَامِل الْإِيمَان (فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله) الَّذِي شرح بِهِ صَدره (وينطق بِتَوْفِيق الله) إِذْ النُّور إِذا دخل الْقلب استنار وَانْفَسَحَ وأفاض على اللِّسَان (ابْن جرير) الطَّبَرِيّ (عَن ثَوْبَان) السروي مولى الْمُصْطَفى
(احْذَرُوا) (زلَّة الْعَالم) كلبسه الابريسم ومركبه مراكب الْأَعَاجِم وتردده للسُّلْطَان وَغير ذَلِك (فَإِن زلته تكبكبه فِي النَّار) أَي تقلبه على رَأسه وترديه لوجهه فِيهَا لما يَتَرَتَّب على زلته من الْمَفَاسِد الَّتِي لَا تحصى لاقتداء الْخلق بِهِ فالعالم أَحَق الْخلق بالتقوى وتوقى الشَّهَوَات والشبهات والزهد فَإِنَّهُ لنَفسِهِ وَلغيره ففساده فَسَاد متعدّ وصلاحه صَلَاح متعدّ (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف
(احْذَرُوا الدُّنْيَا) أَي تيقظوا واستعملوا الحزم فِي التَّحَرُّز عَن دَار الْغرُور (فَإِنَّهَا أَسحر من هاروت وماروت) لِأَنَّهَا تكْتم فتنتها وهما يَقُولَانِ إِنَّمَا نَحن فتْنَة فَلَا تكفر كَمَا مرّ (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (ذمّ الدُّنْيَا هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَفِي الْبَاب غَيره أَيْضا
(احْذَرُوا الدُّنْيَا فَإِنَّهَا خضرَة) بِفَتْح فَكسر للْمُبَالَغَة أَي حَسَنَة المنظر (حلوة) أَي حلوة المذاق صعبة الْفِرَاق (حم فِي) كتاب (الزّهْد) لَهُ (عَن مُصعب بن سعد مُرْسلا) هُوَ ابْن أبي وَقاص أَبُو زُرَارَة الْمدنِي ثِقَة
(احْذَرُوا الشَّهْوَة الْخفية) قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ (الْعَالم يحبّ أَن يجلس إِلَيْهِ) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي يجلس النَّاس إِلَيْهِ للأخذ عَنهُ والتعلم مِنْهُ فَإِن ذَلِك يبطل عمله لتفويته للإخلاص فالعالم الصَّادِق لَا يتَعَرَّض لاستجلاب النَّاس إِلَيْهِ بلطف الرِّفْق وَحسن القَوْل محبَّة للاستتباع فإنّ ذَلِك من غوائل النَّفس الأمارة فليحذر ذَلِك فَإِنَّهُ ابتلاء من الله واختبار والنفوس جبلت على محبَّة قبُول الْخلق والشهرة وَفِي الخمول سَلامَة فَإِذا بلغ الْكتاب أَجله وخلعت عَلَيْهِ خلعة الْإِرْشَاد أقبل النَّاس إِلَيْهِ قهرا عَلَيْهِ (فر عَن أبي هُرَيْرَة)
(احْذَرُوا الشهرتين) تَثْنِيَة شهرة وَهِي ظُهُور الشَّيْء فِي شنعة وَالْمرَاد هُنَا اشتهار الْإِنْسَان بِلبْس (الصُّوف) بِضَم أوّله (والخز) أَي الْحَرِير يَعْنِي احْذَرُوا لبس مَا يُؤَدِّي إِلَى الشُّهْرَة فِي طرفِي التخشن والتحسن (أَبُو عبد الرَّحْمَن) مُحَمَّد بن الْحُسَيْن (السّلمِيّ) الصوفيّ (فِي) كِتَابه (سنَن الصُّوفِيَّة) قَالَ الْخَطِيب كَانَ وضاعا (فر) من طَرِيق السّلمِيّ هَذَا (عَن عَائِشَة) أم الْمُؤمنِينَ
(احْذَرُوا صفر الْوُجُوه) أَي الأناس المصفرة وُجُوههم (فَإِنَّهُ) أَي مَا بهم من الصُّفْرَة (إِن لم يكن) ناشئا (من عِلّة) بِالْكَسْرِ أَي مرض (أَو سهر) أَي عدم نوم لَيْلًا (فَإِنَّهُ) يكون ناشئا (من غل) بِالْكَسْرِ غش وحقد (فِي قُلُوبهم للْمُسلمين) إِذا مَا أخفت الصُّدُور ظهر على صفحات الْوُجُوه وَلذَلِك قَالَ كشاجم
(ويأبى الَّذِي فِي الْقلب إِلَّا تَبينا ... وكل إِنَاء بِالَّذِي فِيهِ يرشح)
(فر عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه ضعف
(احْذَرُوا الْبَغي) احترزوا من فعله (فَإِنَّهُ لَيْسَ من عُقُوبَة هِيَ أحضر) أَي أسْرع وقوعا (من عُقُوبَة الْبَغي) فَإِنَّهُ يعجل جَزَاؤُهُ فِي الدُّنْيَا سَرِيعا وَالْبَغي الْجِنَايَة على الْغَيْر وبغى عَلَيْهِ قهره (عَدو ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(احرثوا) ازرعوا من حرث الأَرْض أثارها للزِّرَاعَة وبذرها (فَإِن الْحَرْث) يَعْنِي تهيئة الأَرْض للزِّرَاعَة وإلقاء الْبذر فِيهَا (مبارك) نَافِع لِلْخلقِ فَإِن كل عَافِيَة تَأْكُل مِنْهُ وَصَاحبه مأجور عَلَيْهِ مبارك لَهُ فِيمَا يصير إِلَيْهِ (واكثروا فِيهِ من الجماجم)(1/44)
بجيمين أَي الْبذر أَو الْعِظَام الَّتِي تعلق على الزَّرْع لدفع الْعين أَو الطير وَالْأَمر إرشادي (د فِي مراسيله عَن عَليّ بن الْحُسَيْن مُرْسلا) هُوَ زيد العابدين
(أحسن النَّاس قِرَاءَة) لِلْقُرْآنِ الْقَارئ (الَّذِي إِذا قَرَأَ رَأَيْت) أَي علمت (أَنه يخْشَى الله) أَي يخافه لأنّ الْقِرَاءَة حَالَة تَقْتَضِي مطالعة جلال الله ولتلك الْحَال آثَار تنشأ عَنْهَا الخشية من وعيده وزواجر تذكيره (مُحَمَّد بن نصر فِي) كتاب (الصَّلَاة هَب خطّ عَن ابْن عَبَّاس السجْزِي) بِكَسْر أوّله المهمل وَسُكُون الْجِيم وزاي نِسْبَة إِلَى سجستان (فِي) كتاب (الْإِبَانَة خطّ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (فر عَن عَائِشَة) أم الْمُؤمنِينَ
(أحسن النَّاس قِرَاءَة من قَرَأَ الْقُرْآن يتحزن بِهِ) أَي يرقق صَوته بِهِ لما أهمه من شَأْن الْقِرَاءَة (طب عَن ابْن عَبَّاس)
(أَحْسنُوا إِذا وليتم) بِفَتْح أوّله وَالتَّخْفِيف وَيجوز ضمه وَالتَّشْدِيد أَي إِذا وليتم ولَايَة يَعْنِي إِمَارَة أَو مَا فِي مَعْنَاهَا فَأحْسنُوا إِلَى الرّعية قولا وفعلا (وَاعْفُوا عَمَّا ملكتم) سِيمَا من الأرقاء بِأَن تتجاوز عَن مسيئهم إِن كَانَ للتجاوز أَهلا (الخرائطي) مُحَمَّد بن جَعْفَر بن أبي بكر (فِي) كتاب (مَكَارِم الْأَخْلَاق) وَكَذَا الديلمي (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَحْسنُوا) فِي رِوَايَة أحسنى خطابا لعَائِشَة (جوَار) بِالْكَسْرِ وتضم (نعم الله) جمع نعْمَة (لَا تنفروها) نهي بِمَعْنى الْأَمر أَي لَا تبعدوها عَنْكُم بِعَمَل الْمعاصِي فَإِنَّهَا تزيل النعم (فقلما زَالَت عَن قوم فَعَادَت إِلَيْهِم) أَي إِذا زَالَت قلّ أَن تعود لِأَن حسن الْمُجَاورَة لنعم الله من تعظيمها وتعظيمها من شكرها وَالرَّمْي بهَا استخفاف وَذَلِكَ من الكفران والكفور ممقوت مسلوب وَمَا لتأكيد معنى الْقلَّة وَهِي كَافَّة للْفِعْل عَن الْعَمَل وَقيل هِيَ وَالْفِعْل بعْدهَا فِي تَأْوِيل مصدر (ع عد عَن أنس) بن مَالك وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ (هَب عَن عَائِشَة) وَضَعفه أَيْضا
(أَحْسنُوا إِقَامَة الصُّفُوف فِي الصَّلَاة) أَي أتموها وأكملوها وسوّوها على اعْتِدَال القائمين على سمت وَاحِد فَإِن ذَلِك مَنْدُوب مؤكدا (حم حب عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ صَحِيح
(أَحْسنُوا لباسكم) أَي مَا تلبسونه من نَحْو إِزَار ورداء وقميص وعمامة (وَأَصْلحُوا رحالكُمْ) أَي أثاثكم أَو سروجكم الَّتِي تَرْكَبُونَ عَلَيْهَا أَو الْكل (حَتَّى تَكُونُوا كأنكم شامة) بِفَتْح فَسُكُون أَصله أثر يغاير لَونه لون الْبدن وَالْمرَاد كونُوا فِي أحسن زيّ وَأصْلح هَيْئَة حَتَّى تظهروا (فِي النَّاس) فيروكم بالتوقير والاحترام كَمَا يستملحون الشامة لِئَلَّا تحتقروا فِي أعين العوامّ وَالْكفَّار ويزدريكم أهل الْجَهَالَة والضلال (ك عَن سهل بن الحنظلية) المتعبد المتوحد الزَّاهِد وَهُوَ سهل بن الرّبيع والحنظلية أمّة
(أَحْسنُوا الْأَصْوَات) جمع صَوت وَهُوَ هَوَاء منضغث بَين قارع ومقروع (بِالْقُرْآنِ) أَي بقرَاءَته بترقيق صَوت وترتيل وتدبر وتأمّل (طب عَن ابْن عَبَّاس)
(أَحْسنُوا إِلَى محسن الْأَنْصَار) بالْقَوْل وَالْفِعْل (وَاعْفُوا عَن مسيئهم) مَا فرط مِنْهُ من زلَّة لما لَهُم من المآثر الحميدة وَفِيه رمز إِلَى أنّ الْخلَافَة لَيست فيهم (طب عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ (وَعبد الله بن جَعْفَر) وَزَاد (مَعًا) لما مرّ
(احصوا) عدّوا واضبطوا قَالَ الطَّيِّبِيّ والإحصاء أبلغ من العدّ فِي الضَّبْط لما فِيهِ من إفراط الْجهد فِي العدّ وَلِهَذَا كنى عَنهُ بالطاقة فِي قَوْله اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا (هِلَال شعْبَان لرمضان) أَي لأجل صِيَامه وَالْمرَاد أحصوا استهلاله حَتَّى تكملوا العدّة إِن غم عَلَيْكُم (ت ك) فِي الصَّوْم (عَن أبي هُرَيْرَة)
(احضروا الْجُمُعَة) أَي خطبتها وصلاتها(1/45)
وجوبا على من هُوَ من أَهلهَا وندبا لغيره (وادنوا) ندبا (من الإِمَام) أَي اقربوا مِنْهُ بِأَن تَكُونُوا فِي الصَّفّ الَّذِي يَلِيهِ بِحَيْثُ تَسْمَعُونَ الْخطْبَة (فَإِن الرجل لَا يزَال يتباعد) من الإِمَام أَو عَن اسْتِمَاع الْخطْبَة أَو عَن مقَام الْمقر بَين أَو عَن مقاعد الْأَبْرَار (حَتَّى يُؤَخر) عَن الدَّرَجَات الْعَالِيَة (فِي الْجنَّة) وَفِي قَوْله (وَإِن دَخلهَا) إِيمَاء إِلَى أَن الدَّاخِل قنع من الْجنَّة وَمن تِلْكَ الدَّرَجَات بِمُجَرَّد الدُّخُول وَإِذا كَانَ هَذَا حَال الْمُتَأَخر فَكيف بالتارك (حم د ك هق عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب قَالَ ك صَحِيح
(احفظ لسَانك) صنه عَن النُّطْق بِمَا لَا يَعْنِيك فَإِن من كثر كَلَامه كثر سقطه وَمن كثر سقطه كثرت ذنُوبه وَمن كثرت ذنُوبه فَهُوَ فِي النَّار ولكثرة الْكَلَام مفاسد يتَعَذَّر حصرها وَهَذَا مَا لم يتَعَلَّق بِهِ مصلحَة كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله فِي رِوَايَة أُخْرَى إِلَّا من خير (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن مَالك بن يخَامر) بمثناة تحتية مَضْمُومَة مُعْجمَة وَكسر الْمِيم الْأَلْهَانِي الْحِمصِي
(احفظ مَا بَين لحييك) بِفَتْح اللَّام على الْأَشْهر بِأَن لَا تنطق إِلَّا بِخَير وَلَا تَأْكُل إِلَّا حَلَالا (وَمَا بَين رجليك) بِأَن تصون فرجك عَن الْفَوَاحِش وتستر عورتك عَن الْعُيُون (ع وَابْن قَانِع) فِي مُعْجَمه (وَابْن مَنْدَه) مُحَمَّد بن إِسْحَاق الْأَصْبَهَانِيّ (والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن صعصعة) بِفَتْح أوّله وثالثه الْمُهْمَلَتَيْنِ ابْن نَاجِية التَّمِيمِي (الْمُجَاشِعِي) بِضَم الْمِيم وجيم وشين مُعْجمَة نِسْبَة إِلَى قَبيلَة وَهُوَ جدّ الفرزدق لَا عَمه على الصَّحِيح
(احفظ) اسْتُرْ وصن (عورتك) مَا بَين سرتك وركبتك (إِلَّا من زَوجتك أَو مَا) أَي وَإِلَّا الْأمة الَّتِي (ملكت يَمِينك) وَحل لَك وَطْؤُهَا وَعبر بِالْيَمِينِ لأَنهم كَانُوا يتصافحون بهَا عِنْد الْعُقُود (قيل) يَعْنِي قَالَ مُعَاوِيَة الصَّحَابِيّ يَا رَسُول الله (إِذا كَانَ الْقَوْم) يَعْنِي أَرَأَيْت إِذا كَانَ الْقَوْم أَي الْجَمَاعَة (بَعضهم فِي) وَفِي نسخ من (بعض) كأب وحد وَابْن وَابْنَة أَو المُرَاد الْمثل لمثله كَرجل لرجل وَأُنْثَى لأنثى وَعَلِيهِ فالقوم اسْم كَانَ وَبَعْضهمْ بدل مِنْهُ وَفِي بعض خَبَرهَا (قَالَ) أَي رَسُول الله (إِن اسْتَطَعْت أَن لَا يرينها أحد) بنُون التوكيد شَدِيدَة أَو خَفِيفَة (فَلَا ترينها) أَي اجْتهد فِي حفظهَا مَا اسْتَطَعْت فَإِن دعت ضَرُورَة للكشف جَازَ بِقَدرِهَا (قيل) أَي قلت يَا رَسُول الله (إِذا كَانَ أَحَدنَا خَالِيا) أَي فِي خلْوَة فَمَا حِكْمَة السّتْر حِينَئِذٍ (قَالَ الله أَحَق) أَي أوجب (أَن يستحي) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (مِنْهُ من النَّاس) عَن كشف الْعَوْرَة قَالُوا وَذَا رمز إِلَى مقَام المراقبة (حم ع ك هق عَن بهز بن حَكِيم) كأمير (عَن أَبِيه عَن جده) مُعَاوِيَة بن حيدة الْقشيرِي الصحابيّ قَالَ ك صَحِيح وت حسن
(احفظ ودّ أَبِيك) بِضَم الْوَاو ومحبته وبكسرها صديقه (لَا تقطعه) بِنَحْوِ صدأ وهجر (فيطفئ الله نورك) بِالنّصب جَوَاب النَّهْي أَي يخمد ضياءك وَالْمرَاد احفظ محبَّة أَبِيك أَو صديقه بِالْإِحْسَانِ والمحبة سِيمَا بعد مَوته وَلَا تهجره فَيذْهب الله نور إيمانك (خد طس هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده حسن
(احْفَظُونِي فِي الْعَبَّاس) أَي احْفَظُوا حرمتي وحقي عَلَيْكُم باحترامه وإكرامه وكف الْأَذَى عَنهُ (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن يُؤْذِينِي مَا يُؤْذِيه إِذْ هُوَ (عمى وصنوابي) بِكَسْر أوّله المهمل أَي مثله يَعْنِي أَصلهمَا وَاحِد فَهُوَ وَمثل أبي فَهُوَ كالعلة لكَون حكمهمَا مِنْهُ فِي الْإِيذَاء سَوَاء وَإِن تَعْظِيمه وإجلاله كتعظيمه وإجلاله (عَدو ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي) أَي راعوني وارقبوني فيهم واقدروهم قدرهم وَكفوا أَلْسِنَتكُم عَنْهُم (وأصهاري) جمع صهر مَا كَانَ من خلْطَة تشبه الْقَرَابَة وَالْإِضَافَة للتشريف(1/46)
(فَمن حفظني فيهم) أَي راعاني بإكرامهم وَحسن الْأَدَب مَعَهم (حفظه الله تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) أَي مَنعه من كل ضير يضرّهُ فيهمَا (وَمن لم يحفظني فيهم) بِمَا ذكر (تخلى الله) أَي أعرض (عَنهُ) وَتَركه فِي غيه يتَرَدَّد وَذَا يحْتَمل الدُّعَاء وَالْخَيْر (وَمن تخلى الله عَنهُ أوشك) أَي أسْرع (أَن يَأْخُذهُ) أَي يُوقع بِهِ الْعَذَاب ويهلكه إِذْ الْأَخْذ الْإِيقَاع بالشخص والعقوبة وَذَا وَعِيد شَدِيد لمن تدبره (الْبَغَوِيّ) نِسْبَة إِلَى بغشور بلد مَشْهُور فِي مُعْجَمه (طب وَأَبُو نعيم) الْحَافِظ (فِي) كتاب (الْمعرفَة) معرفَة الصَّحَابَة (وَابْن عَسَاكِر) وَكَذَا الديلمي (عَن عِيَاض) بإهمال أوّله وكسره وإعجام آخِره مخففا (الْأنْصَارِيّ) وَله صُحْبَة
(اُحْفُوا الشَّوَارِب) أَي اجْعَلُوهَا حفاف الشّفة أَي حولهَا من الإحفاء وَأَصله الِاسْتِقْصَاء وَالْمرَاد بالغوا فِي قصّ مَا طَال مِنْهَا حَتَّى تبين الشّفة بَيَانا ظَاهرا ندبا وَقيل وجوبا (وَاعْفُوا اللحى) أَي اتركوها بِحَالِهَا لتكبر وتغزر لأنّ فِي ذَلِك جمالا للْوَجْه وَمُخَالفَة لزي الْمَجُوس نعم لَا بَأْس بِأخذ مَا زَاد من أطرافها وَخرج عَن السمت لخَبر سَيَجِيءُ (م ت ق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (عد عَن أبي هُرَيْرَة)
(اُحْفُوا الشَّوَارِب وَاعْفُوا اللحى وَلَا تشبهوا باليهود) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف وَفِي خبر ابْن حبَان بدل الْيَهُود الْمَجُوس قَالَ الزين الْعِرَاقِيّ وَالْمَشْهُور أَنه من فعل الْمَجُوس (الطَّحَاوِيّ) فِي مُسْنده نِسْبَة إِلَى طحا كسعى قَرْيَة من قرى مصر (عَن أنس) بن مَالك
(اُحْفُوا الشَّوَارِب) وَاعْفُوا اللحى وانتفوا الشّعْر الَّذِي فِي الآناف) بالنُّون جمع أنف فَهُوَ نهى عَن عدم نتف شعر الْأنف أَو بمثلثة جمع أثفية حِجَارَة تنصب وَتجْعَل عَلَيْهَا الْقدر وَعَلِيهِ هُوَ أَمر بِأَحْكَام الأثافي وتوقي الْخلَل الَّذِي يكون مِنْهَا كقلب البرمة (عد هَب عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جدّه) قَالَ الإِمَام أَحْمد هَذَا اللَّفْظ الْأَخير غَرِيب وَفِي ثُبُوته نظر
(أَحَق) أفعل تَفْضِيل من حق وَجب (مَا صليتم) أَي من أوجب شَيْء صليتموه صَلَاة الْجِنَازَة (على أطفالكم) فَتجب الصَّلَاة على الْمَوْلُود التَّام وَكَذَا السقط إِن اسْتهلّ أَو المُرَاد أنّ الأَصْل أَحَق بالتقدّم للصَّلَاة على فَرعه من غَيره (الطَّحَاوِيّ هق عَن الْبَراء) بن عَازِب وَفِيه مَجْهُول
(أحل) بِالْبِنَاءِ لما لم يسم فَاعله وَالْفَاعِل الله (الذَّهَب وَالْحَرِير) أَي الْخَالِص أَو الزَّائِد وزنا (لإناث أمّتي) لبسا وافتراشا وتحلية وَغير ذَلِك (وحرّم على ذكورها) الْمُكَلّفين غير المعذورين أَن يستعملوه لأنّ فِيهِ خنوثة لَا تلِيق بشهامة الرِّجَال (حم ن) فِي الزِّينَة (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(أحلّت لنا ميتَتَانِ) تَثْنِيَة ميتَة وَهِي مَا زَالَت حَيَاته بِغَيْر ذَكَاة شَرْعِيَّة (وَدَمَانِ) تَثْنِيَة دم بتَخْفِيف ميمه وشدّها (فأمّا الْمَيتَتَانِ فَالْحُوت) يَعْنِي حَيَوَان الْبَحْر الَّذِي يحل أكله وَإِن لم يسم سمكًا وَكَانَ على غير صورته وَلَو طافيا (وَالْجَرَاد) هبة مَاتَ باصطياد بِقطع رَأس أم غَيره أم حتف أَنفه (وأمّا الدمَان فَالْكَبِد وَالطحَال) بِكَسْر الطَّاء وَذَا لَا يَقْتَضِي تَخْصِيص الْحل بالأربعة الْمَذْكُورَة لِأَنَّهُ مَفْهُوم لقب (هـ ك هق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(احلفوا) ندبا إِذا دعت إِلَى الْحلف مصلحَة (بِاللَّه) أَي باسم من أَسْمَائِهِ أَو صفة من صِفَاته (وبروا) بِفَتْح الْمُوَحدَة (واصدقوا) فِي حلفكم (فَإِن الله يحب أَن يحلف بِهِ) إِذا كَانَ غَرَض الْحَالِف طَاعَة كحث على خير وَلَا يُعَارضهُ وَلَا تجْعَلُوا الله عرضة لأيمانكم لِأَنَّهُ فِي الْإِكْثَار وَبلا حَاجَة فَإِنَّهُ مَذْمُوم وَمن ثمَّ قيل عَلامَة الْكذَّاب وجوده بِيَمِينِهِ لغير مستحلف (حل) وَكَذَا الديملي (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(احلقوه) أَي شعر الرَّأْس (كُله) بِأَن لَا تبقوا مِنْهُ شَيْئا (أَو اتركوه كُله) بِأَن لَا تزيلوا(1/47)
مِنْهُ شَيْئا فَإِن حلق بعض الرَّأْس وَترك بعضه مثلَة وَيُسمى القزع فَهُوَ مَكْرُوه (د) فِي التَّرَجُّل (ن) فِي الزِّينَة (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(احملوا) أيتها الْأَوْلِيَاء (النِّسَاء على أهوائهنّ) بِأَن تزوّجوهنّ بِمن يرضينه ويرغبن فِيهِ إِذا كَانَ كُفؤًا أَو غير كُفْء ورضين بِهِ فَيلْزم الوليّ إِجَابَة بَالِغَة دعت لذَلِك (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَخَاف على أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (ثَلَاثًا) أَي خِصَالًا ثَلَاثًا رَدِيئَة مردئة (زلَّة عَالم) أَي سقطته يَعْنِي عمله بِمَا يُخَالف علمه فَإِنَّهُ عَظِيم الضَّرَر (وجدال مُنَافِق بِالْقُرْآنِ) أَي مناظرته بِالْقُرْآنِ لطلبة المغالبة بِالْبَاطِلِ (والتكذيب بِالْقدرِ) محرّكا بِإِسْنَاد أَفعَال الْعباد إِلَى قدرهم الَّذِي تَقول بِهِ الْمُعْتَزلَة وَالْخَوْف غمّ يلْحق الْإِنْسَان مِمَّا يتوقعه من السوء (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) وَفِيه ضعف
(أَخَاف على أمّتي من بعدِي) أَي بعد وفاتي خِصَالًا (ثَلَاثًا ضَلَالَة الْأَهْوَاء) أَي إهلاك أهوية نُفُوسهم لَهُم وَقد يُرَاد بِهِ هُنَا خُصُوص الْبدع والتعصب للمذاهب الْبَاطِلَة (وَاتِّبَاع الشَّهَوَات فِي الْبُطُون والفروج) بِأَن يصير الْوَاحِد مِنْهُم كالبهيمة قد عكف همه على بَطْنه وفرجه لَا يخْطر بِبَالِهِ غير ذَلِك قَالَ حجَّة الْإِسْلَام إِنَّمَا خافها على أمّته لدلَالَة الْفَهم وَالْعلم على أنّ اتباعها يُؤَكد علاقَة مَعَ هَذَا الْعَالم فَيخرج متبعها من الْعَالم منكوس الرَّأْس مواليا وَجهه إِلَى هَذَا الْعَالم وَفِيه محبوبه (والغفلة بعد الْمعرفَة) أَي إهمال الطَّاعَة بعد معرفَة وُجُوبهَا أَو ندبها (الْحَكِيم) فِي نوادره (وَالْبَغوِيّ) أَبُو الْقَاسِم (وَابْن مَنْدَه) وَعبد الله (وَابْن قَانِع وَابْن شاهين وَأَبُو نعيم الْخَمْسَة فِي كتب الصَّحَابَة عَن أَفْلح) مولى رَسُول الله
(أَخَاف على أمّتي من بعدِي) فِي رِوَايَة بعدِي بِإِسْقَاط من (ثَلَاثًا حيف الْأَئِمَّة) أَي جور الإِمَام الْأَعْظَم ونوّابه (وإيمانا بالنجوم) أَي تَصْدِيقًا باعتقاد أنّ لَهَا تَأْثِيرا فَالْمُرَاد أحد قسمي علم النُّجُوم وَهُوَ علم التَّأْثِير لَا التسيير قَالَ ذُو النُّون الْمصْرِيّ رَأَيْت فِي بعض برابي مصر كِتَابَة فتبينتها فِي ذَلِك الْعلم فَوَجَدتهَا
(تدبر بالنجوم وَلست تدرى ... وَرب النَّجْم يفعل مَا يَشَاء)
وفيهَا أَيْضا يقدّر المقدّر وَالْقَضَاء يضْحك (وتكذيبا بِالْقدرِ) أَي بِأَن الله تَعَالَى قدّر الْخَيْر والشرّ وَمِنْه النَّفْع والضر (ابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن أبي محجن) عَمْرو بن حبيب الثَّقَفِيّ
(أَخَاف على أمّتي بعدِي) وَفِي نسخ من بعدِي (خَصْلَتَيْنِ) تَثْنِيَة خصْلَة بِالْفَتْح وَهِي الْخلَّة (تَكْذِيبًا بِالْقدرِ وَتَصْدِيقًا بالنجوم) فَإِنَّهُم إِذا صدقُوا بتأثيراتها مَعَ قُصُور نظرهم على الْأَسْبَاب هَلَكُوا بِلَا ارتياب قَالَ منجم لعَلي كرّم الله وَجهه لما أَرَادَ النهروان لَا تسر فِي مَحل كَذَا وسر فِي مَحل كَذَا فَقَالَ مَا كَانَ مُحَمَّد يعلم مَا ادّعيت وَقَالَ اللهمّ لَا طير إِلَّا طيرك وَمَا كَانَ لعمر منجم وَقد فتح مَدَائِن كسْرَى وَقَيْصَر (ع عد خطّ فِي كتاب النُّجُوم عَن أنس) بن مَالك
(أَخْبرنِي جِبْرِيل أنّ حُسَيْنًا يقتل بشاطئ الْفُرَات) بِضَم الْفَاء أَي بِجَانِب نهر الْكُوفَة الْمَشْهُورَة وَهُوَ يمرّ بأطراف الشَّام ثمَّ بِأَرْض الطف من بِلَاد كربلاء فَلَا تعَارض بَين الرِّوَايَات وَقد وَقع كَمَا أخبر لعن الله من قَتله أَو أَمر بقتْله أَو رَضِي بِهِ (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ حسن
(أخبروني) يَا أَصْحَابِي (بشجرة شبه) كَمثل وزنا وَمعنى (الرجل الْمُسلم) وَبَين وَجه الشّبَه بقوله (لَا يتحات وَرقهَا) وَكَذَا الْمُسلم لَا تسْقط لَهُ دَعْوَة (وَلَا) يَنْقَطِع خَيرهَا (وَلَا) بِعَدَمِ فيثها (وَلَا) يبطل نَفعهَا بل (تؤتي أكلهَا كل حِين) فَإِنَّهَا تُؤْكَل من حِين تطلع حَتَّى تيبس ثمَّ ينْتَفع بِجَمِيعِ أَجْزَائِهَا حَتَّى النَّوَى(1/48)
والليف والجذع والخوص إِلَى غير ذَلِك قَالُوا يَا رَسُول الله حدّثنا مَا (هِيَ) قَالَ (النَّخْلَة) وَكَانَ الْقيَاس أَن يشبه الْمُسلم بالنخلة لكَون وَجه الشّبَه فِيهَا أظهر لَكِن قلب التَّشْبِيه ليفيدان الْمُسلم أتم نفعا مِنْهَا وَأكْثر (خَ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أخبر) أَمر بِمَعْنى الْخَبَر (تقله) بِفَتْح فَسُكُون فضم أَو كسر من القلى البغض يَعْنِي وجدت النَّاس مقولا فيهم هَذَا القَوْل مَا مِنْهُم أحد إِلَّا وَهُوَ مسخوط الْفِعْل عِنْد الْخِبْرَة فَإِذا أخْبرته أبغضته وَلذَلِك قيل
(لَا تحمدنّ امْرأ يرضيك ظَاهره ... وَأخْبر مودته فِي العتب وَالْغَضَب)
وَللَّه در أبي الْعَلَاء المعريّ حَيْثُ يَقُول
(جربت دهري وأهليه فَمَا تركت ... لي التجارب فِي ودّ امْرِئ غَرضا)
(ع طب عد حل عَن أبي الدَّرْدَاء)
(اختتن إِبْرَاهِيم) الْخَلِيل أَي قطع قلفة ذكر نَفسه (وَهُوَ ابْن ثَمَانِينَ سنة) وَفِي رِوَايَة عشْرين وَمِائَة وَجمع بِأَن المُرَاد هُنَا ثَمَانِينَ مَضَت من عمره واختتن لمِائَة وَعشْرين بقيت من عمره فَإِنَّهُ عَاشَ مِائَتي سنة وَاعْترض (بالقدوم) مخففا فَالْمُرَاد آلَة النجار وَقيل مشددا فَالْمُرَاد اسْم مَحل بِالشَّام أَو الْحجاز وَالأَصَح الأوّل (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة)
(اختضبوا) ندبا أَي غيروا لون شعركم (بِالْحِنَّاءِ) بِكَسْر الْمُهْملَة وَشد النُّون نبت مَعْرُوف (فَإِنَّهُ طيب الرّيح) أَي ذكي الرَّائِحَة عطرها (يسكن الروع) بِفَتْح الرَّاء الْفَزع لخاصة فِيهِ علمهَا الشَّارِع وَمَا ينْطق عَن الْهوى (ع ك فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (عَن أنس) بن مَالك
(اختضبوا بِالْحِنَّاءِ فَإِنَّهُ يزِيد فِي شبابكم وجمالكم ونكاحكم) لِأَنَّهُ يشدّ الأعضا وَفِيه قبض وترطيب ولونه نَارِي مَحْبُوب وَالْمرَاد خضب شعر اللِّحْيَة كَمَا تقرر أمّا خضب الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فمشروع للْأُنْثَى حرَام على الذّكر على الْأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة (الْبَزَّار) أَحْمد بن عَمْرو بن عبد الْخَالِق (وَأَبُو نعيم) الْأَصْبَهَانِيّ (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (عَن أنس) وَضَعفه (أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة) أَي فِي كتاب معرفَة الصَّحَابَة (عَن دِرْهَم) بن زِيَاد بن دِرْهَم عَن أَبِيه عَن جده
(اختضبوا وافرقوا) بِضَم الرَّاء وَالْقَاف أَي اجعلوا شعر رؤسكم فرْقَتَيْن عَن يَمِين وشمال (وخالفوا الْيَهُود) فَإِنَّهُم وَإِن خضبوا لَا يفرقون بل يسدلون وللخضاب فَوَائِد كَثِيرَة مِنْهَا تنظيف الشّعْر مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ من نَحْو غُبَار ودخان وَمِنْهَا استبشار الْمَلَائِكَة بِهِ وَغير ذَلِك لَكِن هَذَا فِي الخضاب بِغَيْر سَواد أمّا بِهِ فَإِنَّهُ حرَام عِنْد الشَّافِعِيَّة مَكْرُوه عَن الْمَالِكِيَّة لقَوْله فِي حَدِيث مُسلم وَاجْتَنبُوا السوَاد (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اخْتِلَاف أمتِي) أَي مجتهدي أمتِي فِي الْفُرُوع الَّتِي يسوغ الِاجْتِهَاد فِيهَا (رَحْمَة) أَي توسعة يَجْعَل الْمذَاهب كشرائع مُتعَدِّدَة بعث النبيّ بكلها توسيعا فِي شَرِيعَته السمحة السهلة (نصر الْمَقْدِسِي فِي) كتاب (الْحجَّة والبيهقيّ فِي الرسَالَة الأشعرية) مُعَلّقا (بِغَيْر سَنَد) لكنه لم يجْزم بِهِ بل قَالَ روى (وَأوردهُ الْحَلِيمِيّ) الْحُسَيْن بن الْحسن الإِمَام أَبُو عبد الله (وَالْقَاضِي حُسَيْن) أحد رفعاء الشَّافِعِيَّة وعظمائهم (وَإِمَام الْحَرَمَيْنِ) الْفَحْل ابْن الْفَحْل أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيّ (وَغَيرهم) كالديلمي والسبكي (وَلَعَلَّه خرّج فِي بعض كتب الْحفاظ الَّتِي لم تصل إِلَيْنَا) وَالْأَمر كَذَلِك فقد أسْندهُ البيهقيّ فِي الْمدْخل وَكَذَا الديلمي فِي الفردوس من حَدِيث ابْن عَبَّاس لَكِن بِلَفْظ اخْتِلَاف أَصْحَابِي رَحْمَة
(أَخذ الْأَمِير) أَي الإِمَام ونوّابه (الْهَدِيَّة) كغنيمة (سحت) أَي حرَام(1/49)
يسحت الْبركَة أَي يذهبها وَهُوَ بِضَم فَسُكُون الْحَرَام أَو مَا خبث من المكاسب فَلَزِمَ عَنهُ الْعَار (وَقبُول القَاضِي الرِّشْوَة) بِتَثْلِيث الرَّاء مَا يعطاه ليبطل حَقًا أَو يحِق بَاطِلا (كفر) أَي إِن اسْتحلَّ أَو هُوَ زجر وتهويل وَيَا لجمله فبذل الرِّشْوَة وقبولها كَبِيرَة وَهِي للْقَاضِي أقبح وَأعظم كَمَا أَفَادَهُ تَعْبِيره فِي الأول بسحت وَفِي الثَّانِي بِكفْر (حم فِي) كتاب (الزّهْد عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(أَخذنَا فألك) بِالْهَمْزَةِ وَتَركه أَي كلامك الْحسن أَيهَا النَّاطِق (من فِيك) وَإِن لم تقصد خطابنا قَالَه لما خرج فِي عَسْكَر فَسمع من يَقُول يَا حسن أَو لما خرج لغزوة خَيْبَر فَسمع عليا يَقُول يَا خضرَة فأسل فِيهَا سيف (د عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (ابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (عَن كثير بن عبد الله عَن أَبِيه عَن جده) عَمْرو بن عَوْف (فر) وَكَذَا أَبُو الشَّيْخ (عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب وَرَوَاهُ العسكري عَن سَمُرَة
(أخر) بِضَم فَكسر مشددا (الْكَلَام فِي الْقدر) محركا أَي فِي نفي كَون الْأَشْيَاء كلهَا بِتَقْدِير الله (لشرار أمتِي) وَفِي لفظ لشرار هَذِه الْأمة (فِي آخر الزَّمَان) أَي زمن الصحب فزمنهم هُوَ الزَّمَان وَهَذَا من معجزاته وعلامات نبوّته إِذْ هُوَ إِخْبَار عَن غيب وَقع (طس ك) فِي التَّفْسِير (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك صَحِيح وَاعْترض
(أخروا الْأَحْمَال) جمع حمل بِكَسْر فَسُكُون أَي اجْعَلُوهَا بِحَيْثُ يسهل حملهَا على الدَّابَّة لِئَلَّا تتأذى (فَإِن الْأَيْدِي) أَي أَيدي الدَّوَابّ الْمَحْمُول عَلَيْهَا (مغلقة) بغين مُعْجمَة أَي مثقلة بِالْحملِ (والأرجل موثقة) بِضَم فَسُكُون أَي كَأَنَّهَا مشدودة بوثاق وَالْقَصْد الرِّفْق بالدابة مَا أمكن (د فِي مراسيله عَن) ابْن شهَاب (الزُّهْرِيّ) مُرْسلا (وَوَصله الْبَزَّار) فِي مُسْنده (ع طس عَنهُ) أَي الزهريّ (عَن سعيد بن الْمسيب عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه) وَهُوَ حسن
(أخرجُوا) إرشادا (منديل) بِكَسْر الْمِيم وَفتحهَا (الْغمر) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالْمِيم أَي الْخِرْقَة الْمعدة لمسح الْأَيْدِي من وضر اللَّحْم وَالدَّسم (من بُيُوتكُمْ) أَي من الْأَمَاكِن الَّتِي تبيتون فِيهَا (فَإِنَّهُ مبيت) بِفَتْح فَكسر مصدر بَات أَي حَيْثُ يبيت لَيْلًا (الْخَبيث) الشَّيْطَان الرَّجِيم (ومجلسه) لِأَنَّهُ يحب الدنس ويأوى إِلَيْهِ (فر عَن جَابر) ابْن عبد الله وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أخسر النَّاس صَفْقَة) أَي أشدّ الْمُؤمنِينَ خسرانا وأعظمهم حسرة يَوْم الْقِيَامَة (رجل) يَعْنِي مُكَلّفا وَذكر الرِّجَال غالبى (أخلق) أَي أتعب (يَدَيْهِ) أفقرهما بالكدّ والجهد وخصهما لِأَن المزاولة بهما غَالِبا (فِي) بُلُوغ (آماله) جمع أمل وَهُوَ الرَّجَاء (وَلم تساعده) أَي تعاونه (الْأَيَّام) أَي الْأَوْقَات (على) بُلُوغ (أمْنِيته) أَي على الظفر بمطلوبه من نَحْو مَال ومنصب وجاه (فَخرج من الدُّنْيَا) بِالْمَوْتِ (بِغَيْر زَاد) يوصله إِلَى الْمعَاد وينفعه يَوْم يقوم الأشهاد (وَقدم على الله تَعَالَى بِغَيْر حجَّة) أَي معذرة يعْتَذر بهَا وبرهان يتَمَسَّك بِهِ على تفريطه (ابْن النجار فِي تَارِيخه) تَارِيخ بَغْدَاد (عَن عَامر بن ربيعَة) الْعَنزي البدريّ (وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلميّ) لعدم وُقُوفه على سَنَده
(أخْشَى مَا خشيت على أمتِي) أَي أخوف مَا خفت عَلَيْهِم (كبر الْبَطن) يَعْنِي الانهماك فِي الْأكل وَالشرب الَّذِي يحصل مِنْهُ كبرها (ومداومة النّوم) المفوّت للعقوق الْمَطْلُوبَة شرعا الجالب لِبُغْض الرب وقسوة الْقلب (والكسل) أَي التقاعس عَن النهوض إِلَى معاظم الْأُمُور وكفايات الخطوب والفتور عَن الْعِبَادَات (وَضعف الْيَقِين) اسْتِيلَاء الظلمَة على الْقلب الْمَانِعَة من ولوج النُّور فِيهِ (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد) بِفَتْح الْهمزَة وَكَذَا الديلمي (عَن جَابر) بن عبد الله(1/50)
(أخضبوا) اصبغوا ندبا (لحَاكم) بِكَسْر اللَّام أفْصح أَي بِغَيْر سَواد (فَإِن الْمَلَائِكَة تستبشر) أَي تسرّ (بخضاب الْمُؤمن) لما فِيهِ من اتِّبَاع السّنة وامتثال الْأَمر وَمُخَالفَة أهل الْكتاب (عد عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اخفضي) يَا أم عَطِيَّة الَّتِي كَانَت تخْفض بِالْمَدِينَةِ الْجَوَارِي (وَلَا تنهكي) أَي لَا تبالغي فِي استقصاء مَحل الْخِتَان بِالْقطعِ بل أُبْقِي بعض ذَلِك الْمحل (فَإِنَّهُ أَنْضَرُ للْوَجْه) أَي أَكثر لماء الْوَجْه وَدَمه وأبهج لرونقه (وأحظى عِنْد الزَّوْج) أَي أحسن فِي جِمَاعهَا عِنْده وَأحب إِلَيْهِ لِأَن الخافضة إِذا استأصلت جلدَة الْخِتَان ضعفت شَهْوَة الْمَرْأَة فَقلت خطوتها عِنْد زَوجهَا وَإِن تركتهَا بِحَالِهَا بقيت غلمتها فأخذا لبَعض تَعْدِيل للخلقة والشهوة (طب ك عَن الضَّحَّاك بن قيس الفِهري) أَو هُوَ غَيره
(أخْلص دينك) بِكَسْر الدَّال إيمانك عَمَّا يُفْسِدهُ من حظوظ النَّفس أَو طَاعَتك بتجنب دواعي الرِّيَاء وَنَحْوه فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك (يكفك) الشَّيْء (الْقَلِيل من الْعَمَل) لِأَن الرّوح إِذا خلص من شهوات النَّفس قَامَت الْجَوَارِح بِالْعبَادَة من غير مُنَازعَة النَّفس وَالْقلب وَالروح فَكَانَ ذَلِك صدقا فَيقبل الْعَمَل فينتفع بِهِ الْعَامِل (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (الْإِخْلَاص ك) فِي النّذر (عَن معَاذ) بن جبل قَالَ ك صَحِيح وَاعْترض
(أَخْلصُوا) (أَعمالكُم لله) أَي جردوها عَن شوايب الرِّيَاء (فَإِن الله لَا يقبل) من الْأَعْمَال (إِلَّا مَا) أَي عملا (خلص لَهُ) من جَمِيع الأغيار والمرائي عبد الرِّيَاء لَا عبد ربه وَالْإِخْلَاص مَا لَا حَظّ فِيهِ للنَّفس بِحَال وَقيل أَن لَا يطْلب على عمله عوضا فِي الدَّاريْنِ وَلَا حفظا من الْملكَيْنِ وَقيل نِسْيَان رُؤْيَة الْخلق بدوام النّظر إِلَى الْحق (قطّ عَن الضَّحَّاك بن قيس) الفِهري أَو غَيره
(أَخْلصُوا عبَادَة الله تَعَالَى) بَين بِهِ أَن المُرَاد بِالْعَمَلِ فِي الْخَبَر قبله الْعِبَادَة من وَاجِب ومندوب (وَأقِيمُوا خمسكم) الَّتِي هِيَ أفضل عبادات الْبدن وَلَا يكون إِقَامَتهَا إِلَّا بالمحافظة على جَمِيع حُدُودهَا (وأدّوا زَكَاة أَمْوَالكُم) اشعر باقتصاره فِيهَا على الْأَدَاء بِأَن إِخْرَاج المَال على هَذَا الْوَجْه لَا يكون إِلَّا مَعَ الْإِخْلَاص (طيبَة بهَا أَنفسكُم) أَي قُلُوبكُمْ بِأَن تدفعوها إِلَى مستحقيها بسماح وسخاء (وصوموا شهركم) رَمَضَان (وحجوا بَيتكُمْ) إِضَافَة إِلَيْهِم لِأَن أبويهم إِبْرَاهِيم وإسمعيل بنياه فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (تدْخلُوا) بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر (جنَّة ربكُم) أَي المحسن إِلَيْكُم بالهداية إِلَى الْإِخْلَاص وَبَيَان طَرِيق الْخَلَاص (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) وَفِيه ضعف
(اخلعوا) ندبا أَو إرشادا أَي انزعوا (نعالكم) من أَرْجُلكُم (عِنْد الطَّعَام) أَي عِنْد إِرَادَة أكله (فَإِنَّهَا) أَي هَذِه الْخصْلَة الَّتِي هِيَ النزع (سنة جميلَة) أَي طَريقَة حَسَنَة والنعل مَا وقيت بِهِ الْقدَم عَن الأَرْض فَخرج الْخُف (ك) فِي المناقب (عَن أبي عبس بن جبر) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الْمُوَحدَة وَفِيه ضَعِيف ومتروك
(اخلفوني) أَي كونُوا خلفائي (فِي أهل بَيْتِي) عليّ وَفَاطِمَة وابنيهما وذريتهما فاحفظوا حَقي وأحسنوا الْخلَافَة فيهم بإعظامهم واحترامهم وَالْإِحْسَان إِلَيْهِم والتجاوز عَنْهُم (طس عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أخنع) بِفَتْح الْهمزَة وَالنُّون بَينهمَا مُعْجمَة سَاكِنة أقبح (الْأَسْمَاء) أَي اقتلها بِصَاحِبِهِ وأهلكها لَهُ (عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة) قيد بِهِ لِأَنَّهُ يَوْم كشف الْحَقَائِق (رجل) أَي اسْم رجل أَو أَرَادَ بِالِاسْمِ الْمُسَمّى مجَازًا (تسمى ملك الْأَمْلَاك) أَو مَا فِي مَعْنَاهُ نَحْو شاه شاهان أَو شاهان شاه (لَا مَالك) لجَمِيع الْخَلَائق (لَا الله) وَحده ومالكية الْغَيْر(1/51)
مستردّة إِلَى ملك الْمُلُوك فَمن تسمى بذلك نَازع الله فِي رِدَاء كبريائه واستنكف أَن يكون عبد إِلَه (ق د ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب غَيره أَيْضا
(إخْوَانكُمْ خولكم) بِفتْحَتَيْنِ جمع خائل أَي خَادِم أخبر عَن الْأُخوة بالخول مَعَ أنّ الْقَصْد عَكسه اهتماما بشأن الإخوان أَو لحصر الخول فِي الإخوان أَي لَيْسُوا إِلَّا إخْوَانكُمْ وَإِخْوَانكُمْ مُبْتَدأ وَقَوله (جعلهم الله) خَبره وَخص الْأُخوة بِالذكر إشعارا بعلة الْمُوَاسَاة (قنية) أَي ملكا لكم (تَحت أَيْدِيكُم) يَعْنِي قدرتكم فاليد الحسية كِنَايَة عَن الْيَد الْحكمِيَّة (فَمن كَانَ أخوة تَحت يَده) أَي فَمن كَانَ مَمْلُوكه فِي قَبضته وَتَحْت حكمه (فليطعمه) بِضَم التَّحْتِيَّة أَي وجوبا وَإِن اخْتلف النَّوْع (من) جنس (طَعَامه وليلبسه) مَا يَلِيق (من لِبَاسه) وَالْوَاجِب الْكِفَايَة (وَلَا يكلفه) من الْعَمَل (مَا يغلبه) أَي مَا يعجز عَنهُ لصعوبته فَيحرم أَن يكلفه على الدَّوَام مَا لَا يطيقه على الدَّوَام (فَإِن) تعدّى و (كلفه مَا) أَي عملا (يغلبه) كَذَلِك (فليعنه) عَلَيْهِ بِنَفسِهِ أَو بِغَيْرِهِ وَمثل الْقِنّ نَحْو خَادِم وأجير ودابة (حم ق د ت هـ عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَفِي الحَدِيث قصَّة
(أخوف) أَي من أخوف (مَا أَخَاف على أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (كل مُنَافِق عليم اللِّسَان) أَي عَالم للْعلم منطلق اللِّسَان بِهِ لكنه جَاهِل الْقلب وَالْعَمَل فَاسد العقيدة مغر للنَّاس بشقاشقه وتفحصه وتقعره فِي الْكَلَام (عد عَن عمر) بن الْخطاب
(أخوف مَا أَخَاف على أمّتي) اتِّبَاع (الْهوى) بِالْقصرِ ميل النَّفس وانحرافها نَحْو المذموم شرعا والاسترسال مَعَ الْهوى موقع فِي الْهَلَاك قَالَ بَعضهم الْهوى شريك الْعَمى واتباعه آكِد أَسبَاب الردى (وَطول الأمل) رَجَاء مَا تحبه النَّفس لِأَنَّهُ إِذا أنس بالدنيا ولذاتها ثقل عَلَيْهِ فراقها وأقلع عَن التفكر فِي الْمَوْت إِلَى أَن تختطفه الْمنية فِي وَقت لَا يحتسبه فَيذْهب إِلَى الهاوية (عد عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَخُوك الْبكْرِيّ) بِكَسْر الْبَاء أوّل ولد الْأَبَوَيْنِ أَي أَخُوك شقيقك احذره (وَلَا تأمنه) فضلا عَن الْأَجْنَبِيّ فأخوك مُبْتَدأ والبكري نَعته وَالْخَبَر يخَاف مِنْهُ مُقَدرا وَالْقَصْد التحذير من النَّاس حَتَّى الْأَقْرَب وَللَّه در الْقَائِل
(احذر من الإخوان إِن شِئْت رَاحَة ... فَقرب ذَوي الدُّنْيَا لمن صَحَّ يمرض)
(سبرت كثيرا من أنَاس صحبتهم ... فَمَا مِنْهُم إِلَّا حسود ومبغض)
(طس عَن عمر) بن الْخطاب (دعن) عبد الله بن (عَمْرو بن الفغواء) بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَالْمدّ
(أدّ) وجوبا (الْأَمَانَة) هِيَ كل حق لزمك أَدَاؤُهُ (إِلَى من ائتمنك) عَلَيْهَا وَذَا لَا مَفْهُوم لَهُ بل غالبي (وَلَا تخن من خانك) أَي لَا تعامله بمعاملته وَلَا تقَابل خيانته بخيانتك فَتكون مثله (تَنْبِيه) الْأَمَانَة صفة كَرِيمَة عَظِيمَة من عَلامَة السَّعَادَة فَمن أَخذ درهما أَو أقل من مَال غَيره فَهُوَ خائن وَكَذَا من نظر إِلَى غير أَهله يسوء وَكَذَا جَمِيع الْجَوَارِح إِذا تعدت إِلَى مَتَاع غَيره فقد خَان غَيره فِي ذَلِك والخيانة كلهَا مذمومة مجانية للْإيمَان (تخ د ت) وَحسنه (ك عَن أبي هُرَيْرَة قطّ ك والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك (طب) وَكَذَا ابْن عَسَاكِر (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (د عَن رجل من الصَّحَابَة) وجهالته لَا تضرّ كَمَا مرّ (قطّ عَن أبيّ بن كَعْب) البدري سيد سَنَد جليل القدرو الْمَتْن صَحِيح اتِّفَاقًا
(أدّ مَا افْترض الله تَعَالَى) أوجب (عَلَيْك تكن من أعبد النَّاس) أَي المقبولة عِبَادَتهم يَعْنِي إِذا أدّيت الْعِبَادَة على أكمل الْأَحْوَال(1/52)
تكن من أعبدهم مِمَّن لم يَفْعَلهَا كَذَلِك (واجتنب مَا حرم الله عَلَيْك) أَي لَا تقربه فضلا عَن أَن تَفْعَلهُ (تكن من أورع النَّاس) أَي من أعظمهم كفا عَن الْمُحرمَات واجتنب الشُّبُهَات (وَارْضَ) أَي اقنع (بِمَا قسمه الله) قدّره (لَك) وَجعله نصيبك من الدُّنْيَا (تكن من أغْنى النَّاس) فَإِن من قنع بِمَا قسم لَهُ كَانَ كَذَلِك والقناعة كنز لَا ينْفد وَلَا يفنى (عد عَن ابْن مَسْعُود) وَرَوَاهُ عَنهُ الْبَيْهَقِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أدّبني رَبِّي) أَي عَلمنِي رياضة النَّفس ومحاسن الْأَخْلَاق (فَأحْسن تأديبي) بإفضاله عليّ بِجَمِيعِ الْعُلُوم الكسبية والوهبية بِمَا لم يَقع نَظِيره لأحد من الْبشر قَالَ السهروردي وَالنَّاس فِي الْأَدَب على طَبَقَات أهل الدُّنْيَا وَأهل الدّين وَأهل الْخُصُوص فأدب أهل الدُّنْيَا الفصاحة والبلاغة وَتَحْصِيل الْعُلُوم وأخبار الْمُلُوك وأشعار الْعَرَب وأدب أهل الدّين مَعَ الْعلم رياضة النَّفس وتأديب الْجَوَارِح وتهذيب الطباع وَحفظ الْحُدُود وَترك الشَّهَوَات وتجنب الشُّبُهَات وأدب أهل الْخُصُوص حفظ الْقُلُوب ورعاية الْأَسْرَار واستواء السِّرّ وَالْعَلَانِيَة (ابْن السَّمْعَانِيّ فِي أدب الْإِمْلَاء عَن ابْن مَسْعُود) وَكَذَا العسكري فِي الْأَمْثَال
(أدّبوا أَوْلَادكُم) علموهم لينشؤا ويستمروا (على) فعل (ثَلَاث خِصَال) وَهِي (حبّ نَبِيكُم) الْمحبَّة الإيمانية لَا الطبيعية لِأَنَّهَا غير اختيارية ومحبته تبْعَث على امْتِثَال مَا جَاءَ بِهِ (وحبّ أهل بَيته) عليّ وَفَاطِمَة وابنيهما كَمَا مر (وَقِرَاءَة الْقُرْآن) أَي حفظه ومدارسته (فَإِن حَملَة الْقُرْآن) أَي حفظته عَن ظهر قلب (فِي ظلّ الله يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظله) وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة (مَعَ أنبيائه وأصفيائه) الَّذين اخْتَارَهُمْ من خلقه وارتضاهم لجواره وقربه (تَنْبِيه) إِنَّمَا كَانَ التَّأْدِيب مَأْمُورا بِهِ لِأَن النَّفس مجبولة على سوء الْأَدَب وَالْعَبْد مَأْمُور بملازمة الْأَدَب وَالنَّفس تجول بطبعها فِي ميدان الْمُخَالفَة فَيتَعَيَّن ردّها بتهذيبها (أَبُو نصر عبد الْكَرِيم الشِّيرَازِيّ فِي فَوَائده فروا بن النجار) فِي تَارِيخه (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(أَدخل الله) بِصِيغَة الْمَاضِي دُعَاء وَقد يَجْعَل خَبرا ولتحقق حُصُوله نزل منزلَة الْوَاقِع نَحْو أَتَى أَمر الله (الْجنَّة) دَار الثَّوَاب (رجلا) يَعْنِي إنْسَانا وَذكر الرجل غالبى على قِيَاس مَا مر (كَانَ سهلا) أَي لينًا منقادا حَالَة كَونه (مُشْتَريا وبائعا وقاضيا) أَي مؤدّبا لغريمه مَا عَلَيْهِ (ومقتضيا) طَالبا مَاله ليأخذه فَلَا يعسر عَلَيْهِ وَلَا يضايقه فِي اسْتِيفَائه وَلَا يرهقه لبيع مَتَاعه بالبخس (حم ن هـ هَب عَن عُثْمَان) بن عَفَّان
(ادرؤا) ادفعوا (الْحُدُود) جمع حد وَهُوَ عُقُوبَة مقدّرة على ذَنْب (عَن الْمُسلمين) والملتزمين للْأَحْكَام فالتقييد غالبى (مَا اسْتَطَعْتُم) أَي مدّة استطاعتكم ذَلِك بِأَن وجدْتُم إِلَى التّرْك سَبِيلا شَرْعِيًّا (فَإِن وجدْتُم للْمُسلمِ مخرجا فَخلوا سَبيله) أَي اتركوه وَلَا تحدوه وَإِن قويت الرِّيبَة وَغلب ظنّ صدق مَا رمى بِهِ كوجوده مَعَ أَجْنَبِيَّة بفراش (فَإِن الإِمَام) يَعْنِي الْحَاكِم (لِأَن يُخطئ) أَي لخطؤه (فِي الْعَفو خير من أَن يُخطئ فِي الْعقُوبَة) أَي خَطؤُهُ فِي الْعَفو أولى من خطئه فِي الْعقُوبَة وَالْخطاب للأئمة ونوّابهم وَفِيه أَن الْحَد يسْقط بِالشُّبْهَةِ سَوَاء كَانَت فِي الْفَاعِل كمن وطئ امْرَأَة ظَنّهَا حليلته أَو فِي الْمحل بِأَن يكون للواطئ فِيهَا ملك أَو شُبْهَة أَو فِي الطَّرِيق بِأَن يكون حَلَالا عِنْد قوم حَرَامًا عِنْد آخَرين ككل نِكَاح مُخْتَلف فِيهِ (ش ت ك) فِي الْحُدُود (هق) كلهم (عَن عَائِشَة) مَرْفُوعا وموقوفا قَالَ ك صَحِيح ورد لَكِن الشواهد كَثِيرَة
(ادرؤا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) جمع شُبْهَة (وأقيلوا الْكِرَام عثراتهم) أَي زلاتهم بِأَن لَا تعاقبوهم عَلَيْهَا(1/53)
وَلَا تؤاخذوهم بهَا (إِلَّا فِي حدّ من حُدُود الله تَعَالَى) فَإِنَّهُ لَا يجوزا قالتهم فِيهِ إِذا بلغ الإِمَام (عد) فِي جُزْء لَهُ من حَدِيث أهل مصر والجزيرة عَن ابْن عَبَّاس) مَرْفُوعا (وروى صَدره) فَقَط وَهُوَ ادرؤا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ (أَبُو مُسلم الْكَجِّي) بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْجِيم نِسْبَة إِلَى الكج وَهُوَ الجص لقب بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَبْنِي بِهِ كثيرا (وَابْن السَّمْعَانِيّ فِي الذيل) كلهم (عَن عمر بن عبد الْعَزِيز) الْأمَوِي (مُرْسلا) وَهُوَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الإِمَام الْعَادِل (ومسدّد فِي مُسْنده عَن ابْن مَسْعُود مَوْقُوفا) وَضَعفه الذَّهَبِيّ لكنه تقوّى
(ادرؤا الْحُدُود و) لَكِن (لَا يَنْبَغِي للْإِمَام) الْأَعْظَم ونوّابه (تَعْطِيل الْحُدُود (أَي ترك إِقَامَتهَا بعد ثُبُوتهَا فَالْمُرَاد لَا تتفحصوا عَنْهَا إِذا لم تثبت عنْدكُمْ وَبعد الثُّبُوت فَإِن كَانَ ثمَّ شُبْهَة فادرؤا بهَا وَإِلَّا فأقيموها وجوبا (قطّ هق عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ
(ادعوا الله) أَي اسألوه من فَضله (وَأَنْتُم موقنون) متحققون جازمون (بالإجابة) حَال الدُّعَاء بِأَن تَكُونُوا على حَال تستحقون فِيهَا الْإِجَابَة بخلوص النِّيَّة وَحُضُور الْجنان وَفعل الطَّاعَات بالأركان وقوّة الرَّجَاء فِي الرَّحْمَن وَقيل معنى موقنون بالإجابة أَي مَعكُمْ نور الْيَقِين حَتَّى ينجاب لكم الْحجاب وينفلق وتنفذ الدعْوَة إِلَى رَبهَا (وَاعْلَمُوا أنّ الله لَا يستجيب دُعَاء من قلب غافل لاه) أَي لَا يعبأ بسؤال سَائل مشغوف الْقلب بِمَا أهمه من دُنْيَاهُ قَالَ الإِمَام الرَّازِيّ اجْمَعُوا على أنّ الدُّعَاء مَعَ غَفلَة الْقلب لَا أثر لَهُ (فَائِدَة) روى البُخَارِيّ فِي تَارِيخه عَن أنس خرجت مَعَ الْمُصْطَفى إِلَى الْمَسْجِد فِيهِ قوم رافعوا أَيْديهم يدعونَ فَقَالَ أَتَرَى مَا بِأَيْدِيهِم قلت مَا بِأَيْدِيهِم قَالَ نور قلت ادْع الله أَن يرينيه فَدَعَا ربه فأرانيه (ت) فِي الدَّعْوَات وَاسْتقر بِهِ (ك) فِي الدُّعَاء (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك مُسْتَقِيم الْإِسْنَاد ونوزع بل منع
(ادفعوا الْحُدُود عَن عباد الله مَا وجدْتُم لَهُ) أَي للحدّ الَّذِي هُوَ وَاحِد الْحُدُود يَعْنِي لَا تقيموها مدّة دوَام وجدانكم لَهَا (مدفعا) تَأْوِيلا يَدْفَعهَا لِأَنَّهُ تَعَالَى كريم يحب الْعَفو والستر أنّ الَّذين يحبونَ أَن تشيع الْفَاحِشَة فِي الَّذين آمنُوا لَهُم عَذَاب أَلِيم (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا
(ادفنوا) أَيهَا الْمُسلمُونَ (مَوْتَاكُم) الْمُسلمين (وسط) بِفَتْح السِّين وسكونها (قوم صالحين) جمع صَالح وَهُوَ الْقَائِم بِحُقُوق الْحق والخلق وَالْمرَاد الدّفن بِقرب صَالح وَلَو وَاحِدًا (فَإِن الْمَيِّت يتَأَذَّى) أَي يتَضَرَّر فِي قَبره (بجار السوء) بِالْفَتْح وَالْإِضَافَة أَي بجوار جَار السوء وَيخْتَلف مَرَاتِب الضَّرَر باخْتلَاف أَحْوَال المتضرر مِنْهُ (كَمَا يتَأَذَّى الحيّ بجار السوء) أَي مثل تأذيه بِهِ فِي حَال الْحَيَاة وَالْقَصْد الْحَث على الدّفن فِي مَقَابِر الصلحاء وعَلى الْعَمَل الصَّالح والبعد عَن أهل الشَّرّ فِي الْحَيَاة وَبعد الْمَوْت (حل) وَكَذَا الخليلي (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف
(ادفنوا الْقَتْلَى) أَي قَتْلَى أحد (فِي مصَارِعهمْ) أَي فِي الْأَمَاكِن الَّتِي قتلوا فِيهَا قَالَه لما أَرَادوا نقلهم ليدفنوهم بِالبَقِيعِ مَقْبرَة الْمَدِينَة فنهاهم قَالَ أَبُو بزيزة وَالصَّحِيح أَن ذَا كَانَ قبل دفنهم وَحِينَئِذٍ فَالْأَمْر للنَّدْب (4 عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ ت حسن صَحِيح
(أدمان) بِضَم فَسُكُون تَثْنِيَة أَدَم أَي لبن وَعسل (فِي إِنَاء) وَاحِد (لَا آكله وَلَا أحرمهُ) بل أتركه زهدا وورعا أَي لِأَنَّهُ كَانَ يكره التَّلَذُّذ بنعيم الدِّينَا وَيُحب التقلل مِنْهُ وَهَذَا شَأْن أكَابِر المقرّبين وَهُوَ عظيمهم روى الْحَكِيم الترمذيّ الْمُؤمن فِي الدُّنْيَا على ثَلَاثَة أَجزَاء الَّذين آمنُوا بِاللَّه وَرَسُوله ثمَّ لم يرتابوا وَالَّذِي يأمنه النَّاس على أنفسهم وَأَمْوَالهمْ وَالَّذِي إِذا أشرف على طمع تَركه لله فالأوّل(1/54)
الظَّالِمُونَ لأَنْفُسِهِمْ ضيعوا العبودة واستوفوا الرزق واكتالوا النعم بالمكيال الأوفى وكالوا الطَّاعَات بكيل الخيبة فهم من المطففين وَالثَّانِي المقتصد المتقى وَالثَّالِث تركُوا الْهوى وشهوة النَّفس وهم المقرّبون ففطموا نُفُوسهم عَن التبسط فِي المآكل والمشارب ورفضوا شهوات النُّفُوس تواضعا لله تَعَالَى (طس ك) فِي الْأَطْعِمَة (عَن أنس) بن مَالك قَالَ أَتَى النبيّ بِقَعْبٍ فِيهِ لبن وَعسل فَذكره وَإِسْنَاده ضَعِيف وَقَول الْحَاكِم صَحِيح رده الذَّهَبِيّ وَغَيره
(أدن) أَي قرّب إرشاد (الْعظم من فِيك) يَا صَفْوَان الَّذِي تَأْخُذ مِنْهُ اللَّحْم بيديك (فَإِنَّهُ) أَي تقريب اللَّحْم من الْفَم ونهشه (أهنأ) أَي أقل مشقة (وامرأ) على الْبدن أَي أقل ثقلا على الْمعدة وأسرع هضما وَأبْعد عَن الْأَذَى (د عَن صَفْوَان بن أُميَّة) بِضَم الْهمزَة وَفتح الْمِيم وشدّ الْمُثَنَّاة تَحت تَصْغِير أمة بن خلف الجُمَحِي قَالَ كنت آكل مَعَ النَّبِي فآخذ اللَّحْم من الْعظم فَذكره وَإِسْنَاده حسن لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(أدنى مَا تقطع فِيهِ يَد السَّارِق) أَي أدون مَا يجب قطع يَد السَّارِق بسرقته من حرز مثله بِشَرْطِهِ (ثمن) وَفِي رِوَايَة قيمَة (الْمِجَن) بِكَسْر الْمِيم وَفتح الْجِيم الترس وَكَانَ ثمنه إِذْ ذَاك ثَلَاثَة دَرَاهِم وَهِي تَسَاوِي ربع دِينَار فَلَا قطع إِلَّا فِي ربع دِينَار (الطَّحَاوِيّ) فِي مُسْنده (طب) كِلَاهُمَا (عَن أَيمن الحبشي) ابْن أم أَيمن حاضنة الْمُصْطَفى وَاسْمهَا بركَة وَرِجَاله ثِقَات لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(أدنى أهل النَّار) أَي أهونهم وَأَقلهمْ (عذَابا) وَهُوَ أَبُو طَالب كَمَا يَجِيء فِي خبر (ينتعل بنعلين من نَار يغلى دماغه من حرارة نَعْلَيْه) فَيرى أَنه أَشد النَّاس عذَابا وَهُوَ أهونهم وَالْمرَاد أَن النَّار تَأْخُذهُ إِلَى كعبيه فَقَط وَلَا تصل إِلَى بَقِيَّة بدنه رفقا بِهِ فَذكر النَّعْلَيْنِ عبارَة عَن ذَلِك (م عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ لَكِن بِلَفْظ أنّ أدنى
(أدنى أهل الْجنَّة) هُوَ جُهَيْنَة أَو هُوَ غَيره (الَّذِي لَهُ ثَمَانُون ألف خَادِم) أَي يُعْطي هَذَا الْعدَد اَوْ هُوَ مُبَالغَة فِي الْكَثْرَة (وَاثْنَتَانِ وَسَبْعُونَ زَوْجَة) من الْحور الْعين كَمَا فِي رِوَايَة أَي غير مَاله من نسَاء الدُّنْيَا (وتنصب لَهُ) فِي رَوْضَة من رياض الْجنَّة أَو على حافة نهر الْكَوْثَر (قبَّة) بِضَم الْقَاف وَشد الْمُوَحدَة بَيت صَغِير ومستدير (من لُؤْلُؤ) بِضَم اللامين (وَزَبَرْجَد) بدال مُهْملَة (وَيَاقُوت) أَي مركبة من هَذِه الْجَوَاهِر الثَّلَاث وسعتها (كَمَا بَين الْجَابِيَة) قَرْيَة بِالشَّام (وَصَنْعَاء) قَصَبَة بِالْيمن تشبه دمشق فِي كثر المَاء وَالشَّجر والمسافة بَينهمَا أَكثر من شهر قَالَ الْبَيْضَاوِيّ أَرَادَ أَن بعد مَا بَين طرفيها كَمَا بَين الْمَوْضِعَيْنِ وَإِذا كَانَ هَذَا الْأَدْنَى فَمَا بالك بالأعلى (حم ت) واستغر بِهِ (حب والضياء) فِي المختارة (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَهُوَ ضَعِيف لضعف رشدين
(أدنى جبذات) جمع جبذة بجيم فموحدة (الْمَوْت بِمَنْزِلَة مائَة ضَرْبَة بِالسَّيْفِ) أَي مثلهَا فِي الْأَلَم وَهَذَا بتهويل لشدّته وَإِشَارَة إِلَى أَنه خلق فظيع مُنكر لِأَنَّهُ لَا يمر بالآدمي وَلَا غَيره فِي حَيَاته مثله فِي الشدَّة والصعوبة وَلِهَذَا قَالَ بعض العارفين أشدّ الْعَذَاب سلب الرّوح (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذكر الْمَوْت عَن الضَّحَّاك بن حمرَة مُرْسلا) قَالَ سُئِلَ النبيّ عَن الْمَوْت فَذكره
(أدّوا) أعْطوا وجوبا وَفِي رِوَايَة أخرجُوا (صَاعا) عَن كل رَأس وَهُوَ خَمْسَة أَرْطَال وَثلث رَطْل بغدادي عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وَثَمَانِية عِنْد أبي حنيفَة (من طَعَام) فِي رِوَايَة من بر وَهُوَ مُبين للمراد بِالطَّعَامِ هُنَا (فِي الْفطر) أَي فِي زَكَاة الْفطر شكر الله على إحسانه بالهداية إِلَى صَوْم رَمَضَان وَفِيه وجوب زَكَاة الْفطر وَعَلِيهِ(1/55)
الْإِجْمَاع (حل هق عَن ابْن عَبَّاس) بِسَنَد ضَعِيف
(أَدّوا حق الْمجَالِس) قيل وَمَا حَقّهَا قَالَ (اذْكروا الله) ذكرا (كثيرا) ندبا (وأرشدوا) اهدوا عينا وَقد يكون كِفَايَة وَقد يكون مَنْدُوبًا (السَّبِيل) الطَّرِيق للضال عَنهُ (وغضوا الْأَبْصَار) أَي كفوها عَن الْمَارَّة حذرا من الافتتان بِامْرَأَة أَو غَيرهَا وَالْمرَاد بالمجالس أَعم من الطّرق (طب عَن سهل بن حنيف) بِضَم الْمُهْملَة وَفتح النُّون وَسُكُون التَّحْتِيَّة بن واهب بن عكيم الأوسي البدري صَحَابِيّ جليل الْقدر وَهُوَ حسن على مَا رمزه الْمُؤلف لَكِن فِي تابعيه مَجْهُول
(أَدّوا العزائم) جمع عَزِيمَة وَهِي الحكم الْأَصْلِيّ السَّالِم عَن الْمعَارض (واقبلوا الرُّخص) جمع رخصَة وَهِي الحكم الْمُتَغَيّر إِلَى سهولة مَعَ قيام السَّبَب للْحكم الْأَصْلِيّ وَالْمرَاد اعْمَلُوا بهَا وَلَا تشددوا على أَنفسكُم بِالْتِزَام العزائم (ودعوا النَّاس) اتركوهم وَلَا تبحثوا عَن عيوبهم وبواطن أَحْوَالهم (فقد كفيتموهم) أَي كفاركم شرهم من يعلم السرّ وأخفى إِذْ أَنْتُم فَعلْتُمْ ذَلِك (خطّ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أديموا) واظبوا وتابعوا (الْحَج وَالْعمْرَة) أَي ائْتُوا بهما على الدَّوَام والملازمة (فَإِنَّهُمَا ينفيان) أَي ينحيان (الْفقر) بِفَتْح الْفَاء وتضم ضد الْغنى (والذنُوب) أَي ويمحوان الذُّنُوب بِمَعْنى أَنه سُبْحَانَهُ يكفرهَا بهما أما الْحَج فيكفر الصَّغَائِر والكبائر وَأما الْعمرَة فَالظَّاهِر أَنَّهَا إِنَّمَا تكفر الصَّغَائِر (كَمَا ينفى الْكِير) بِكَسْر فَسُكُون رزق ينْفخ بِهِ الْحداد (خبث الْحَدِيد) وسخه الَّذِي تخرجه النَّار (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد طس) كِلَاهُمَا (عَن جَابر) بن عبد الله وَهُوَ حسن
(إِذا آتاك الله) أَعْطَاك (مَالا) أَي شَيْئا لَهُ قيمَة يُبَاع بهَا (فلير) بالبنا للْمَجْهُول أَي فَلْينْظر النَّاس (أثر نعْمَة الله عَلَيْك) أَي سمة أفضاله وبهاء عطائه (وكرامته) الَّتِي أكرمك بهَا فَلَا يَنْبَغِي لعبد أَن يكتم نعْمَة الله عَلَيْهِ وَلَا أَن يظْهر الْبُؤْس وَالْحَاجة بل يُبَالغ فِي التنظف وَحسن الْهَيْئَة والتجمل (3 ك عَن وَالِد أبي الْأَحْوَص) بحاء مُهْملَة وَأَبُو الْأَحْوَص اسْمه عَوْف وَأَبوهُ اسْمه مَالك وَهُوَ حَدِيث صَحِيح كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ
(إِذا آتاك الله مَالا) أَي متمولا وَإِن لم تجب فِيهِ الزَّكَاة (فلير) بِسُكُون لَام الْأَمر (عَلَيْك فَإِن الله يحب أَن يرى أَثَره) محركا أَي أثر مَا أكرمك بِهِ من المَال (على عَبده حسنا) بِحسن الْهَيْئَة والتجمل (وَلَا يحب الْبُؤْس) أَي الخضوع للنَّاس (وَلَا التباوس) بالمدّ والتسهيل وَقد يقصر ويشدّ أَي إِظْهَار التحزن والتخلقن والشكاية للنَّاس (تخ طب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن زُهَيْر بن أبي عَلْقَمَة) وَيُقَال ابْن عَلْقَمَة الضبعِي وَفِي صِحَّته خلف
(إِذا آخى) بِالْمدِّ (الرجل الرجل) أَي اتَّخذهُ أَخا يَعْنِي صديقا وَذكر الرجل غالبى (فليسأله) ندبا مؤكدا (عَن اسْمه) مَا هُوَ (وَاسم أَبِيه وَمِمَّنْ هُوَ) أَي من أَي قَبيلَة هُوَ (فَإِنَّهُ) أَي فَإِن سُؤَاله عَمَّا ذكر (أوصل للمودة) أَي أشدّ اتِّصَالًا لدلالته على الاهتمام بمزيد الاعتناء وشدّة الْمحبَّة (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (تخ ت) فِي الزّهْد (عَن يزِيد بن نعَامَة) بِلَفْظ الْحَيَوَان (الضبيّ) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر الْمُوَحدَة مشدّدة نِسْبَة لضبة قَبيلَة مَشْهُورَة قَالَ ابْن الْأَسير مُرْسل وَوهم البُخَارِيّ
(إِذا آخيت رجلا فَاسْأَلْهُ عَن اسْمه وَاسم أَبِيه) فَإِن لذَلِك فَوَائِد كَثِيرَة مِنْهَا مَا ذكره بقوله (فَإِن كَانَ غَائِبا) أَي مُسَافر أَو مَحْبُوسًا مثلا (حفظته) فِي أَهله وَمَاله وَمَا يتَعَلَّق بِهِ (وَإِن كَانَ مَرِيضا عدته) أَي زرته وتعهدته (وَإِن مَاتَ(1/56)
شهدته) أَي حضرت جنَازَته (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِي إِسْنَاده ضعف قَلِيل
(إِذا آمنك) بالمدّ (الرجل على دَمه فَلَا تقتله) أَي لَا يجوز لَك قَتله كَانَ الوليّ فِي الْجَاهِلِيَّة يُؤمن الْقَاتِل بقبوله الدِّيَة فَإِذا ظفر بِهِ قَتله فَنهى عَن ذَلِك الشَّارِع (حم هـ عَن سُلَيْمَان بن صرد) الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي رمز الْمُؤلف لصِحَّته وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل حسن
(إِذا ابتغيتم الْمَعْرُوف) أَي النصفة والرفق وَالْإِحْسَان وَالْأَدب (فاطلبوه عِنْد حسان الْوُجُوه) أَي الْحَسَنَة وُجُوههم حسنا حسيا أَو معنويا على مَا مرّ تَفْصِيله (عد هَب عَن عبد الله بن جَراد) الجلاحيّ الْعقيلِيّ وَضَعفه مخرجه الْبَيْهَقِيّ
(إِذا ابتلى أحدكُم) أَي اختبر وامتحن (بِالْقضَاءِ) أَي الحكم (بَين الْمُسلمين) خصهم لأصالتهم وَإِلَّا فالنهي الْآتِي يتَنَاوَل مَا لَو قضى بَين ذميين رفعا إِلَيْهِ (فَلَا يقْض) ندبا (وَهُوَ غَضْبَان) وَلَو كَانَ غَضَبه لله خلافًا للبلقيني الشَّافِعِي فَيكْرَه لَهُ ذَلِك كَرَاهَة تَنْزِيه لَا تَحْرِيم (وليسو بَينهم) أَي بَين الْخُصُوم (فِي النّظر) أَو عَدمه (والمجلس) فَلَا يرفع بَعضهم على بعض (وَالْإِشَارَة) فَلَا يُشِير إِلَى وَاحِد دون آخر فَيحرم ذَلِك فِرَارًا من كسر قلب من لم يفعل مَعَه ذَلِك (ع عَن أم سَلمَة) وَضَعفه الهيتمي بعباد بن كثير الثَّقَفِيّ
(إِذا أبردتم إليّ بريدا) أَي أرسلتم إليّ رَسُولا (فابعثوه حسن الْوَجْه) أَي جميله (حسن الِاسْم) للتفاؤل بِحسن صورته واسْمه (الْبَزَّار) من عدَّة طرق (عَن بُرَيْدَة) بِضَم الْمُوَحدَة وَفتح الرَّاء تَصْغِير بردة بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ وطرقه كلهَا كَمَا قَالَ الهيتمي ضَعِيفَة لَكِن لَهُ شَوَاهِد قَوِيَّة
(إِذا أبق العَبْد) أَي إِذا هرب الْقِنّ من مَالِكه بِغَيْر عذر (لم تقبل لَهُ صَلَاة) بِمَعْنى أَنه لَا يُثَاب عَلَيْهَا لَكِنَّهَا تصح وَلَا تلازم بَين الْقبُول وَالصِّحَّة وَنبهَ كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ بِالصَّلَاةِ على غَيرهَا من الطَّاعَات (م) فِي الْإِيمَان (عَن جرير) بن عبد الله
(إِذا أَتَى أحدكُم أَهله) أَي جَامع حليلته (ثمَّ أَرَادَ الْعود) للجماع لَهَا أَو لغَيْرهَا (فَليَتَوَضَّأ) وضوأ كَامِلا كوضوء الصَّلَاة وَيحصل أصل السّنة بِغسْل الْفرج وَالْأَمر للنَّدْب عِنْد الْجُمْهُور وللوجوب عِنْد الظَّاهِرِيَّة (حم م 4) فِي الطَّهَارَة (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَلم يخرّجه خَ (زَاد حب ك هق فَإِنَّهُ أنشط للعود) أَي أخف وَأطيب للنَّفس وأعون عَلَيْهِ
(إِذا أَتَى أحدكُم أَهله) أَي أَرَادَ جماع حليلته (فليستتر) أَي فليتغط هُوَ وَإِيَّاهَا بِثَوْب يسترهما ندبا (وَلَا يتجرّدان) من الثِّيَاب (تجرد العيرين) بِفَتْح الْعين تَثْنِيَة عبر وَهُوَ الْحمار الأهلي وَذَلِكَ حَيَاء من الله وأدبا مَعَ مَلَائكَته فَإِن فعل كره تَنْزِيها لَا تَحْرِيمًا إِلَّا إِن كَانَ ثمَّ من ينظر إِلَى شَيْء من الْعَوْرَة (ش طب هق عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (هـ عَن عقبَة بن عبد) هُوَ فِي الصحب متعدّد فَلَو ميزه كَانَ أولى (ن عَن عبد الله بن سرجس) بِفَتْح الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء وَسُكُون الْجِيم الْمُزنِيّ (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَهُوَ حسن بشواهده لذاته وفَاقا للعراقي وَخِلَافًا للمؤلف
(إِذا أَتَى الرجل الْقَوْم) أَي الْعُدُول الصلحاء (فَقَالُوا لَهُ) بِلِسَان القال أَو الْحَال (مرْحَبًا) نصب بمضمر أَي صادفت أَو لقِيت رحبا بِالضَّمِّ أَي سَعَة (فمرحبا بِهِ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم يلقى ربه) بدل مِمَّا قبله وَهَذَا كِنَايَة عَن رِضَاهُ عَنهُ وإدخاله جنته وَالْمرَاد إِذا عمل عملا يتسحق بِهِ أَن يُقَال ذَلِك لَهُ فَهُوَ علم لسعادته (وَإِذا أَتَى الرجل الْقَوْم فَقَالُوا لَهُ قحطا) بِفَتْح فَسُكُون أَو فتح نصب على الْمصدر أَيْضا أَي صادفت قحطا أَي شدّة وَحبس غيث (فقحطا لَهُ يَوْم الْقِيَامَة) أَصله الدُّعَاء عَلَيْهِ بالجدب فاستعير لانْقِطَاع الْخَيْر وجدب الْعَمَل الصَّالح وَهُوَ كِنَايَة عَن كَونه مغضوبا عَلَيْهِ(1/57)
(طب ك) فِي الْفَضَائِل (عَن الضَّحَّاك بن قيس) الفِهري أَو غَيره قَالَ ك صَحِيح على شَرط مُسلم وأقرّه الذَّهَبِيّ
(إِذا أَتَى أحدكُم الْغَائِط) مَحل قَضَاء الْحَاجة كنى بِهِ عَن الْعذرَة كَرَاهَة لاسمه فَصَارَ حَقِيقَة عرفية (فَلَا يسْتَقْبل الْقبْلَة) الْكَعْبَة المعظمة وَلَا هُنَا ناهية بِقَرِينَة قَوْله (وَلَا يولها) بِحَذْف الْيَاء (ظَهره) أَي لَا يَجْعَلهَا مُقَابل ظَهره (وَلَكِن شرّ قوا أَو غرّبوا) أَي توجهوا إِلَى جِهَة الشرق أَو الغرب وَفِيه الْتِفَات وَذَا لأهل الْمَدِينَة وَمن قبلتهم على سمتهم فَمن قبلته إِلَى الْمشرق أَو الْمغرب ينحرف إِلَى الْجنُوب أَو الشمَال (حم ق 4 عَن أبي أَيُّوب) الْأنْصَارِيّ بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة
(إِذا أَتَى عليّ يَوْم لَا أزداد فِيهِ علما) طَائِفَة من الْعلم أَو علما سنيا غزيرا فالتنكير للتفخيم (يقرّبني إِلَى الله تَعَالَى) إِلَى رَحمته وَرضَاهُ وكرامته (فَلَا بورك لي فِي طُلُوع شمس ذَلِك الْيَوْم) دُعَاء أَو خبر وَذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ دَائِم الترقي فِي كل لمحة فالعلم كالغذاء لَهُ قَالَ بَعضهم أَشَارَ الْمُصْطَفى إِلَى أنّ على الْعَارِف أَن يكون دَائِم التطلع إِلَى مواهب الْحق تَعَالَى فَلَا يقنع بِمَا هُوَ فِيهِ بل يكون دَائِم الطّلب قارعا بَاب النفحات راجيا حُصُول الْمَزِيد مواهبه تَعَالَى لَا تحصى وَلَا نِهَايَة لَهَا وَهِي مُتَّصِلَة بكلماته الَّتِي ينْفد الْبَحْر دون نفادها وتنفد أعداد الرمال دون أعدادها ومقصوده تبعيد نَفسه من ذَلِك وَبَيَان أنّ عدم الازدياد مَا وَقع قطّ وَلَا يَقع أبدا لما ذكر قَالَ بعض العارفين وَأَرَادَ بِالْعلمِ هُنَا علم التَّوْحِيد لَا الْأَحْكَام فإنّ فِيهِ زِيَادَة تكاليف على الأمّة وَقد بعث رَحْمَة (طس عد حل عَن عَائِشَة) وَهُوَ مَعْلُول من طرقه كلهَا بل قيل بِوَضْعِهِ
(إِذا أَتَى أحدكُم) بِالنّصب (خادمه) بِالرَّفْع فَاعل أَتَى (بطعامه قد كَفاهُ علاجه) أَي عمله ومزاولته (ودخانه) بِالتَّخْفِيفِ أَي مقاساة شمّ لَهب النَّار (فليجلسه) ليَأْكُل (مَعَه) كِفَايَته مُكَافَأَة لَهُ على كِفَايَته حرّه وعلاجه وسلوكا لمنهج التَّوَاضُع (فَإِن لم يجلسه مَعَه) لعذر كقلة طَعَام أَو لعيافة نَفسه لذَلِك وَيخَاف من إكراهها محذورا أَو لكَونه أَمْرَد يخْشَى من القالة بِسَبَبِهِ (فليناوله) ندبا مؤكدا (أَكلَة) بِضَم الْهمزَة مَا يُؤْكَل دفْعَة وَاحِدَة كلقمة (أَو أكلتين) بِحَسب حَال الطَّعَام وَالْخَادِم (ق د ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ
(إِذا أَتَاكُم كريم قوم) أَي رئيسهم المطاع فيهم المعوّد مِنْهُم بإكثار الإعظام وإكثار الاحترام (فأكرموه) بِرَفْع مَجْلِسه وإجزال عطيته لِأَنَّهُ تَعَالَى عوّده ذَلِك فَمن فعل بِهِ غَيره فقد احتقره وأفسد عَلَيْهِ دينه (هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (طب عد هَب عَن جرير) البَجلِيّ بِالتَّحْرِيكِ (الْبَزَّار) فِي الْمسند (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه مَجْهُول (عد عَن معَاذ) بن جبل (وأبى قَتَادَة ك عَن جَابر) بن عبد الله (طب عَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن (وَعَن عبد الله بن ضَمرَة) بن مَالك البَجلِيّ (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) ابْن مَالك (وَعَن عدي بن حَاتِم) الْجواد بن الْجواد (والدولابي) مُحَمَّد بن أَحْمد بن حَمَّاد (فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن أبي رَاشد عبد الرَّحْمَن بن عبد) بِغَيْر إِضَافَة وَيُقَال ابْن عبيد أَبُو مُعَاوِيَة بن أبي رَاشد الْأَزْدِيّ لَهُ وفادة لَكِن (بِلَفْظ) إِذا أَتَاكُم (شرِيف قوم) فأكرموه من الشّرف وَهُوَ الْمحل العالي سمي الشريف بِهِ لارْتِفَاع مَنْزِلَته
(إِذا أَتَاكُم الزائر) وَلَو غير كريم قوم وَتَقْيِيد بِهِ فِي الحَدِيث قبله إِنَّمَا هُوَ للآكدية لصدق إكرام كل زائر لَكِن الشريف فِي قومه آكِد وأهم (فأكرموه) بالتوقير والتصدير والضيافة وَنَحْو ذَلِك لأَمره تَعَالَى بِحسن الْعشْرَة (هـ عَن أنس) بن مَالك وَذَا حَدِيث مُنكر
(إِذا أَتَاكُم) أَيهَا(1/58)
الْأَوْلِيَاء (من) أَي رجل يخْطب وليتكُمْ (ترْضونَ خلقه) بِالضَّمِّ وَفِي رِوَايَة بدله أَمَانَته (وَدينه) بِأَن يكون عدلا غير فَاسق (فزوّجوه) إِيَّاهَا ندبا مؤكدا (أَن لَا تَفعلُوا) أَي إِن لم تزوّجوا الْخَاطِب الَّذِي ترْضونَ خلقه وَدينه (تكن) تحدث (فتْنَة فِي الأَرْض) امتحان واختبار وشرّ (وَفَسَاد) خُرُوج عَن الاسْتقَامَة النافعة الْمعينَة على العفاف (عريض) وَفِي رِوَايَة كَبِير يَعْنِي أَنكُمْ إِن لم ترغبوا فِي ذِي الْخلق الْحسن وَالدّين المتين تكن فتْنَة وَفَسَاد فَإِذا التمست الْمَرْأَة من وَليهَا تَزْوِيجهَا من كفؤ لَزِمته إجابتها فَإِن امْتنع فعاضل (ت هـ ك) فِي النِّكَاح (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك صَحِيح وردّه الذَّهَبِيّ (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ت هق عَن أبي حَاتِم الْمُزنِيّ) قَالَ البُخَارِيّ وَغَيره (وَمَاله غَيره) أَي لَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث
(إِذا أَتَاكُم السَّائِل) يَعْنِي وجدْتُم من يلْتَمس الصَّدَقَة بقاله أَو بِحَالهِ (فضعوا فِي يَده) أَي اعطوه (وَلَو ظلفا) بِكَسْر فَسُكُون للبقر وَالْغنم كالظفر للآدميّ (محرقا) يَعْنِي أَعْطوهُ وَلَو شَيْئا قَلِيلا وَلَا تردّوه خائبا فَذكر الظلْف للْمُبَالَغَة وَالْأَمر للنَّدْب وَقد يجب (عد عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا اتَّسع الثَّوْب) غير الْمخيط كالرداء (فتعطف) أَي توشح (بِهِ) بِأَن تخَالف بَين طَرفَيْهِ (على منكبيك) فَتلقى كل طرف مِنْهُمَا على الْمنْكب الآخر (ثمَّ صل) الْفَرْض أَو النَّفْل لِأَنَّهُ أصون للعورة (وَإِن ضَاقَ عَن ذَلِك) بِأَن لم تكن الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة (فشدّ بِهِ حقوك) بِفَتْح الْحَاء وتكسر معقد إزارك وخاصرتك (ثمَّ صل بِغَيْر رِدَاء) مُحَافظَة على السّتْر مَا أمكن فَالْأَمْر للنَّدْب عِنْد الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة وللوجوب عِنْد أَحْمد فَلَو خَالف لم تصح صلَاته عِنْده حَكَاهُ عَنهُ الطَّيِّبِيّ (حم والطَّحَاوِي) فِي مُسْنده (عَن جَابر) بن عبد الله رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(إِذا أثنى) بِتَقْدِيم الثَّاء على النُّون (عَلَيْك جيرانك) الصالحون للتزكية وَلَو اثْنَيْنِ مِنْهُم (أَنَّك) أَي بأنك (محسن) أَي من الْمُحْسِنِينَ يَعْنِي المطيعين (فَأَنت محسن) عِنْد الله (وَإِذا أثنى عَلَيْك جيرانك أَنَّك) أَي بأنك (مسيء) أَي عَمَلك غير صَالح (فَأَنت مسيء) عِنْد الله ومحصوله إِذا ذكرك صلحاء جيرانك بِخَير فَأَنت من أَهله وَعَكسه فَإِنَّهُم شُهَدَاء الله فِي الأَرْض فأحدث فِي الأوّل شكرا وَفِي الثَّانِي تَوْبَة فَحسن الثَّنَاء وضدّه عَلامَة على مَا عِنْد الله للْعَبد (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن مَسْعُود) قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله مَتى أكون محسنا وَمَتى أكون مسيئا فَذكره وَهُوَ حسن
(إِذا اجْتمع الداعيان) إِلَى وَلِيمَة وَلَو لغير عرس أَو غَيرهَا كشفاعة (فأجب) حَيْثُ لَا عذر (أقربهما) إِلَيْك (بَابا فإنّ أقربهما بَابا أقربهما جوارا) تَعْلِيل لما قبله هَذَا إِن لم يسْبق أَحدهمَا بِأَن تقارنا بالدعوة (و) أمّا (إِن سبق أَحدهمَا) بهَا (فأجب الَّذِي سبق) لأنّ إجَابَته وَجَبت أَو ندبت حِين دَعَاهُ قبل الآخر فَإِن اسْتَويَا قربا وسبقا فأقربهما رحما فَإِن اسْتَويَا فأكثرهما علما ودينا ثمَّ أَقرع (حم د عَن رجل لَهُ صُحْبَة) وإبهامه لَيْسَ بعلة قادحة كَمَا مرّ غير مرّة لكنه ضَعِيف كَمَا جزم بِهِ الْحَافِظ ابْن حجرويه يردّ تَحْسِين الْمُؤلف
(إِذا اجْتمع الْعَالم) بِالْعلمِ الشَّرْعِيّ النافع (وَالْعَابِد) الْقَائِم بوظائف الْعِبَادَات وَهُوَ جَاهِل بِالْعلمِ الشَّرْعِيّ أَي بِمَا زَاد على الْفَرْض الْعَيْنِيّ مِنْهُ (على الصِّرَاط) الْمَضْرُوب على متن جَهَنَّم (قيل) أَي يَقُول بعض الْمَلَائِكَة أَو من شَاءَ الله من خلقه بأَمْره (للعابد ادخل الْجنَّة) برحمة الله وترفع لَك الدَّرَجَات فِيهَا بعملك (وتنعم) بِالتَّشْدِيدِ ترفه (بعبادتك) أَي بِسَبَب عَمَلك الصَّالح فَإِنَّهُ قد نفعك لكنه قَاصِر عَلَيْك (وَقيل للْعَالم قف هُنَا) أَي عِنْد الصِّرَاط (فاشفع لمن أَحْبَبْت) الشَّفَاعَة لَهُ (فَإنَّك لَا تشفع(1/59)
لأحد) فَمن أذن لَك فِي الشَّفَاعَة فِيهِ (لأشفعت) أَي قبلت شفاعتك جَزَاء لَك على الْإِحْسَان إِلَى عباد الله بعملك (فَقَامَ مقَام الْأَنْبِيَاء) فِي كَونه فِي الدُّنْيَا هاديا للرشاد وَفِي العقبى فِي كَونه شافعا فِي الْعباد (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان (فِي) كتاب (الثَّوَاب) أَي ثَوَاب الْأَعْمَال (فر) وَكَذَا أَبُو نعيم (عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ مضعف بل مُنكر كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ
(إِذا أحب الله عبدا) أَي أَرَادَ بِهِ الْخَيْر ووفقه (ابتلاه) اختبره وامتحنه بِنَحْوِ مرض أَو همّ أَو ضيق (ليسمع تضرّعه) تذلله واستكانته وخضوعه ومبالغته فِي السُّؤَال ويثيبه (هَب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (وكر دوس مَوْقُوفا) عَلَيْهِمَا (هَب فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ حسن لغيره
(إِذا أحب الله قوما ابْتَلَاهُم) بأنواع الْبلَاء حَتَّى تمحص ذنوبهم وتفرغ قُلُوبهم لذكره وعبادته قَالَ الْغَزالِيّ وَالْبَلَاء من أَبْوَاب الْجنَّة لأنّ فِيهِ مُشَاهدَة طعم الْعَذَاب وَفِيه يعظم الْخَوْف من عَذَاب الْآخِرَة (طس) وَكَذَا فِي الْكَبِير (هَب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ صَحِيح
(إِذا أحب الله عبدا حماه) أَي حفظه (من) مَتَاع (الدُّنْيَا) ومناصبها أَي حَال بَينه وَبَين ذَلِك بِأَن يبعده عَنهُ ويعسر عَلَيْهِ حُصُوله (كَمَا يحمى أحدكُم سقيمه المَاء) أَي شربه إِذا كَانَ يضرّهُ فَهُوَ يذود من أحبه عَنْهَا حَتَّى لَا يتدنس بقذرها والأطباء تَحْمِي شرب المَاء فِي أمراض مَعْرُوفَة بل الصَّحِيح مَنْهِيّ عَن الْإِكْثَار مِنْهُ (ت ك) فِي الطِّبّ (هَب) كلهم (عَن قَتَادَة بَين النُّعْمَان) الظفري البدري قَالَ ك صَحِيح وَوهم ابْن الْجَوْزِيّ
(إِذا أحب الله عبدا) أَي أَرَادَ توفيقه وقدّر إسعاده (قذف) أَي ألْقى (حبه فِي قُلُوب الْمَلَائِكَة) فَيتَوَجَّه إِلَيْهِ الْمَلأ الْأَعْلَى بالمحبة والموالاة إِذْ كل مِنْهُم تبع لمَوْلَاهُ (وَإِذا أبْغض الله عبدا قذف بغضه فِي قُلُوب الْمَلَائِكَة) فيتوّجه إِلَيْهِ الْمَلأ الْأَعْلَى بالبغض لما ذكر (ثمَّ يقذفه فِي قُلُوب الْآدَمِيّين) فَلَا يرَاهُ أَو يسمع بِهِ أحد من الْبشر إِلَّا أبغضه لما تقرر فِيمَا قبله فتطابق الْقُلُوب على محبَّة عبد أَو بغضه عَلامَة على مَا عِنْد الله (حل) وَكَذَا الديلمي (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد تقويه
(إِذا أحب أحدكُم أَخَاهُ) فِي الدّين (فليعلمه) ندبا مؤكدا (أَنه) أَي بِأَنَّهُ (يُحِبهُ) لِأَنَّهُ إِذا أخبرهُ بذلك استمال قلبه واجتلب ودّه فبالضرورة يُحِبهُ فَيحصل الائتلاف وَيَزُول الِاخْتِلَاف بَين الْمُؤمنِينَ (حم خد د) فِي الْأَدَب (ت) فِي الزّهْد (حب ك) وَصَححهُ (عَن الْمِقْدَاد بن معد يكرب) الْكِنْدِيّ صَحَابِيّ مَشْهُور (حب عَن أنس) بن مَالك (خد عَن رجل من الصَّحَابَة) حسنه الْمُؤلف تبعا لِلتِّرْمِذِي وَهُوَ أَعلَى من ذَلِك فحقه الرَّمْز لصِحَّته
(إِذا أحب أحدكُم صَاحبه فليأته) ندبا مؤكدا و (فِي منزله) أفضل (فليخبره أَنه) أَي بِأَنَّهُ (يُحِبهُ لله) أَي لَا لغيره من إِحْسَان أَو غَيره فَإِنَّهُ أبقى للألفة وَأثبت للمودّة وَبِه تَجْتَمِع الْكَلِمَة وينتظم شَمل الْإِسْلَام (حم والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَإِسْنَاده حسن كَمَا بَينه الهيتمي
(إِذا أحب أحدكُم عبدا) يَعْنِي إنْسَانا (فليخبره) بمحبته لَهُ ندبا (فَإِنَّهُ) أَي المحبوب (يجد مثل الَّذِي يجد لَهُ) يَعْنِي يُحِبهُ بالطبع لَا محَالة كَمَا يُحِبهُ هُوَ قَالَ رجل لآخر أَنِّي أحبك قَالَ رائد ذَلِك عِنْدِي وليكونن النطاح
(وعَلى الْقُلُوب من الْقُلُوب دَلَائِل ... بالود قبل تشاهد الأشباح)
(هَب عَن ابْن عمر) وتابعيه مَجْهُول
(إِذا أحب أحدكُم أَن يحدّث ربه) أَي يناجيه (فليقرأ الْقُرْآن) فإنّ الْقُرْآن رِسَالَة من الله لِعِبَادِهِ فكأنّ الْقَارئ يَقُول يَا رب قلت كَذَا فَهُوَ مناج(1/60)
لَهُ تَعَالَى وَإِنَّمَا يكون كَذَلِك إِذا كَانَ عَن حُضُور قلب وتدبر (خطّ فر عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لضعف الْحسن بن زيد
(إِذا أَحْبَبْت رجلا) لَا تعرفه وَلم يظْهر مِنْهُ مَا تكره (فَلَا تماره) أَي لَا تجاد لَهُ وَلَا تنازعه (وَلَا تشاره) روى مُثقلًا ومخففا فالمثقل مفاعله من الشرّ أَي لَا تفعل بِهِ شرّا يحوجه أَن يفعل بك مثله والمخفف من المشارة الملاججة (وَلَا تسْأَل عَنهُ أحدا) حَيْثُ لم يظْهر مِنْهُ مَكْرُوه (فَعَسَى أَن توافى لَهُ) أَي تصادف لَهُ (عدّوا فيخبرك بِمَا لَيْسَ فِيهِ) لأنّ هَذَا شَأْن العدّو (فيفرّق مَا بَيْنك وَبَينه) بِزِيَادَة مَا وَقد قَالَ تَعَالَى {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا وَلَا تفَرقُوا} وَالْأَمر إرشادي (حل عَن معَاذ) بن جبل وَهُوَ ضَعِيف أَضْعَف مُعَاوِيَة بن صَالح
(إِذا أَحْبَبْتُم أَن تعلمُوا مَا للْعَبد عِنْد ربه) مِمَّا قدّر لَهُ من خير وشرّ (فانظروا) أَي تأمّلوا (مَا يتبعهُ من الثَّنَاء) بِالْفَتْح والمدّ أَي إِذا ذكره أهل الصّلاح بِشَيْء فاعلموا أنّ الله أجْرى على لسانهم مَاله عِنْده فَإِنَّهُم ينطقون بإلهامه (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ (مَالك) بن أنس (عَن كَعْب) الْأَحْبَار (مَوْقُوفا) وَكَعب الْأَحْبَار هُوَ الْحِمْيَرِي أسلم فِي خلَافَة أبي بكر أَو عمر
(إِذا أحدث أحدكُم) وَهُوَ (فِي صلَاته) يَعْنِي انْتقض طهره قَالَ الصغاني قَول الْفُقَهَاء أحدث أَتَى مِنْهُ مَا نقض طَهَارَته لَا تعرفه الْعَرَب أَي وَلِهَذَا قَالَ الْأَعرَابِي لأبي هُرَيْرَة مَا الْحَدث (فليأخذ) ندبا (بِأَنْفِهِ) أَي يتَنَاوَلهُ وَيقبض عله موهما أَنه رعف (ثمَّ لينصرف) من صلَاته لبطلانها وَذَلِكَ لِئَلَّا يخجل ويسول لَهُ الشَّيْطَان المضيّ فِيهَا استحياء من النَّاس وَلَيْسَ هُوَ من الْكَذِب بل من المعاريض بِالْفِعْلِ وَتمسك بِهِ من يرى النَّقْض بِخُرُوج الدَّم وَمذهب الشَّافِعِي خِلَافه لأدلة أُخْرَى (هـ حب ك) فِي الطَّهَارَة (هق) فِي الصَّلَاة (عَن عَائِشَة) أم الْمُؤمنِينَ قَالَ ك صَحِيح على شَرطهمَا
(إِذا أحسن الرجل) ذكر الرجل وصف طردي وَالْمرَاد الْإِنْسَان (الصَّلَاة فأتمّ ركوعها وسجودها) تَفْسِير لقَوْله أحسن وَاقْتصر عَلَيْهِمَا الْآن الْعَرَب كَانَت تأنف من الانحناء لكَونه بهيئة عمل قوم لوط فَأَرْشَدَهُمْ إِلَى أَنه لَيْسَ من ذَا الْقَبِيل (قَالَت الصَّلَاة) بِلِسَان الْحَال) حفظك الله كَمَا حفظتني) بإتمام أركاني وإكمال إحساني وَإسْنَاد القَوْل إِلَيْهَا مجَاز (فَترفع) إِلَى عليين كَمَا فِي خبر أَحْمد وَهُوَ كِنَايَة عَن الْقبُول وَالرِّضَا (وَإِذا أَسَاءَ الصَّلَاة فَلم يتمّ ركوعها و) لَا (سجودها قَالَت الصَّلَاة) بِلِسَان الْحَال كَمَا تقرّر وَإِرَادَة لِسَان القال بعيدَة (ضيعك الله كَمَا ضيعتني) أَي ترك كلاءتك وحفظك حَتَّى تهْلك جَزَاء لَك على عدم وفائك بحقي (فَتلف كَمَا يلف الثَّوْب الْخلق) بِفَتْح اللَّام أَي الْبَالِي (فَيضْرب بهَا وَجهه) كِنَايَة عَن خيبته وخسرانه فَيكون حَاله أشدّ من حَال التارك رَأْسا (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ (عَن عبَادَة بن الصَّامِت) الْأنْصَارِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ الْبَيْهَقِيّ أَيْضا ورمز الْمُؤلف لصِحَّته وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بن حسن
(إِذا اختلفتم) أَي تنازعتم أَيهَا المالكون لأرض أردتم الْبناء فِيهَا أَو قسمتهَا وَلَا ضَرَر (فِي الطَّرِيق) أَي فِي قدر عرض الطَّرِيق الَّتِي تجعلونها للمرور فِيهَا (فَاجْعَلُوهُ) وجوبا (سَبْعَة أَذْرع) بِذِرَاع الْآدَمِيّ بِمَعْنى أَنه يقْضى بَينهم بذلك لأنّ فِيهَا كِنَايَة لمدخل الْأَحْمَال والأثقال وَنَحْو ذَلِك فَهِيَ لائقة بِالْحَال (حم م د ت) وَحسنه (هـ عَن أبي هُرَيْرَة حم هـ هق عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا عَن أبي هُرَيْرَة وَوهم الْمُؤلف
(إِذا أَخذ) أَي شرع (الْمُؤَذّن) للصَّلَاة (فِي أُذُنه) أَضَافَهُ إِلَيْهِ لِأَنَّهُ الْمُنَادِي بِهِ (وضع الرب) تَعَالَى (يَده فَوق رَأسه) كِنَايَة عَن كَثْرَة إدرار الرَّحْمَة وَالْإِحْسَان وإفاضة البرّ(1/61)
والمدد عَلَيْهِ (فَلَا يزَال كَذَلِك) أَي ينعم عَلَيْهِ بِمَا ذكر (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يفرغ من أَذَانه) أَي يتمه (وَأَنه) أَي الشَّأْن (ليغفر لَهُ) بِضَم التَّحْتِيَّة وَالرَّاء (مدّ) بِالتَّشْدِيدِ (صَوته) أَي غَايَته بِمَعْنى أَنه لَو كَانَت ذنُوبه تملأ ذَلِك الفضاء لغفرت كلهَا وَأنكر بعض اللغويين مدّ بِالتَّشْدِيدِ وصوّب أَنه مدى وَلَيْسَ بمنكر بل هما لُغَتَانِ (فَإِذا فرغ) من أَذَانه (قَالَ الرب) تقدّس (صدق عَبدِي) أَي أخبر بِمَا طابق الْوَاقِع (وَشهِدت) يَا عَبدِي فَفِيهِ الْتِفَات (بِشَهَادَة الْحق) وَهِي أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله وأنّ مُحَمَّدًا رَسُوله (فأبشر) بِمَا يسرّك من الثَّوَاب وَهَذَا فضل عَظِيم للأذان لم يرد مثله فِي غَيره إِلَّا قَلِيلا وَفِيه شُمُول للمحتسب وَمن يَأْخُذ عَلَيْهِ أجرا وَيحْتَمل اخْتِصَاصه بالأوّل (ك فِي التَّارِيخ) تَارِيخ نيسابور الْمَشْهُور (فر) وَكَذَا أَبُو نعيم (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا أخذت) أَي أتيت كَمَا فِي خبر الْبَراء (مضجعك) بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا مَحل نومك يَعْنِي وضعت جَنْبك على الأَرْض لتنام (من اللَّيْل) ذكره غالبى فالنهار كَذَلِك فِيمَا أظنّ (فاقرأ) ندبا سُورَة (قل يَا أَيهَا الْكَافِرُونَ) أَي السُّورَة الَّتِي أوّلها ذَلِك (ثمَّ نم على خاتمتها) أَي اقرأها بكمالها وَاجْعَلْهَا خَاتِمَة كلامك ثمَّ نم (فَإِنَّهَا) أَي السُّورَة الْمَذْكُورَة (بَرَاءَة من الشّرك) أَي متضمنة للبراءة من الشّرك وَهُوَ عبَادَة الْأَوْثَان لأنّ الجملتين الْأَوليين لنفي الْعِبَادَة فِي الْحَال والأخيرتين لنفيها فِي الِاسْتِقْبَال (حم د) فِي الْأَدَب (ت) فِي الدَّعْوَات (ك) فِي التَّفْسِير (هَب) كلهم (عَن نَوْفَل) بِفَتْح النُّون وَفتح الْفَاء (ابْن مُعَاوِيَة) الديلمي صَحَابِيّ تَأَخّر مَوته (ت وَالْبَغوِيّ) فِي الصَّحَابَة (وَابْن قَانِع) فِي مُعْجَمه (والضياء) فِي المختارة كلهم (عَن جبلة) بِفَتْح الْجِيم وَالْمُوَحَّدَة (ابْن حَارِثَة) قَالَ قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أنتفع بِهِ فَذكره وجبلة هُوَ أَخُو زيد وعمّ أُسَامَة حب الْمُصْطَفى وَهُوَ حَدِيث صَحِيح
(إِذا أَدخل الله الْمُوَحِّدين) أَي الْقَائِلين بأنّ الله وَاحِد لَا شريك لَهُ وَذَا شَامِل لموحدي هَذِه الأمّة وَغَيرهَا (النَّار) نَار الْآخِرَة وَالْمرَاد بَعضهم وَهُوَ من مَاتَ عَاصِيا وَلم يتب وَلم يعف عَنهُ (أماتهم فِيهَا) لطفا مِنْهُ بهم وإظهارا لأثر التَّوْحِيد بِمَعْنى أَنه يغيب إحساسهم أَو يقبض أَرْوَاحهم (إماتة) تَأْكِيد لما قبله وَذَلِكَ لتحققهم بِحَقِيقَة لَا إِلَه إِلَّا الله (فَإِذا أَرَادَ) الله (أَن يخرجهم مِنْهَا) أَي بالشفاعة أَو الرَّحْمَة (أمسهم) أَي أذاقهم (ألم الْعَذَاب تِلْكَ السَّاعَة) أَي سَاعَة خُرُوجهمْ مِنْهَا وَفِي تَعْبِيره بالإمساس إِشَارَة إِلَى أَنه إيلام لَيْسَ بِذَاكَ رَحْمَة مِنْهُ تَعَالَى ورفقا بهم (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ حسن
(إِذا أدهن أحدكُم) أَي دهن شعر رَأسه بالدهن (فليبدأ) ندبا أَو إرشادا (بحاجبيه) وهما العظمان فَوق الْعَينَيْنِ بلحمهما وشعرهما أَو شعرهما وَحده أَو هما وَهُوَ المُرَاد هُنَا (فَإِنَّهُ) أَي دهنهما (يذهب) بِفَتْح أوّله (بالصداع) وجع الرَّأْس لِأَنَّهُ يفتح المسام فَيخرج البخار المنحبس فِي الرَّأْس (ابْن السّني وَأَبُو نعيم) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه كلهم (عَن قَتَادَة) السدُوسِي (مُرْسلا فر) وَكَذَا الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ (عَنهُ) أَي عَن قَتَادَة (عَن أنس) بن مَالك مَرْفُوعا قَالَ فِي الأَصْل ضَعِيف
(إِذا أدّى العَبْد) أَي الْإِنْسَان الْمُؤمن الَّذِي فِيهِ رق وَإِن قل أَو كَانَ خُنْثَى أَو أُنْثَى (حق الله) أَي مَا أمره بِهِ من نَحْو صَلَاة وَصَوْم (وَحقّ موَالِيه) أَي ملاكه من نَحْو خدمَة ونصح (كَانَ لَهُ أَجْرَانِ) أجر قِيَامه بِحَق الله وَأجر نصحه لسَيِّده وَلَا يَقْتَضِي ذَلِك تفضيله على الحرّ خلافًا لمن وهم (حم م عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا أدّيت) أَعْطَيْت (زَكَاة مَالك) الَّذِي وَجَبت عَلَيْك فِيهِ زَكَاة (فقد قضيت) أَي أدّيت (مَا عَلَيْك)(1/62)
من الْحق الْوَاجِب فِيهِ وَلَا تطالب بِإِخْرَاج شَيْء آخر مِنْهُ (ت) وَقَالَ غَرِيب (هـ ك) فِي الزَّكَاة (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك صَحِيح
(إِذا أدّيت زَكَاة مَالك فقد أذهبت عَنْك شرّه) أَي الدنيوي الَّذِي هُوَ تلفه ومحق الْبركَة مِنْهُ والأخروي الَّذِي هُوَ الْعَذَاب (ابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (ك) فِي الزَّكَاة (عَن جَابر) بن عبد الله مَرْفُوعا وموقوفا وَهُوَ صَحِيح
(إِذا أذن) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (فِي قَرْيَة) أَو بلد أَو نَحْوهَا من أَمَاكِن الِاجْتِمَاع (أمنها الله) بِالْقصرِ والمدّ أَي أَمن أَهلهَا (من عَذَابه) أَي من إِنْزَال عَذَاب بهم (فِي ذَلِك الْيَوْم) الَّذِي أذن فِيهِ بِأَن لَا ينزل عَلَيْهِم بلَاء وَلَا يُسَلط عَلَيْهِم عدّوا أَو المُرَاد يمْتَنع قِتَالهمْ (طص عَن أنس) بن مَالك
(إِذا أذن الْمُؤَذّن يَوْم الْجُمُعَة) أَي بَين يَدي الْخَطِيب لِأَنَّهُ الْمَعْرُوف وأمّا الْأَذَان الأوّل فأحدثه عُثْمَان (حرم) على من تلْزمهُ (الْعَمَل) أَي الشّغل عَنْهَا بِمَا يفوتها لما فِيهِ من التَّفْرِيط فِي الْوَاجِب الَّذِي دخل وقته (فَائِدَة) الْأَذَان شرع بعد الْهِجْرَة وَمَا فِي خبر أَن بِلَالًا أذن بِمَكَّة ضَعِيف (فر عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا جعل صنائعه) أَي فعله الْجَمِيل جمع صَنِيعَة وَهِي الْعَطِيَّة والكرامة (ومعروفه) أَي حسن صحبته ومواساته (فِي أهل الْحفاظ) بِكَسْر الْحَاء وَتَخْفِيف الْفَاء أَي الدّين وَالْأَمَانَة (وَإِذا أَرَادَ) الله (بِعَبْد شرّ جعل صنائعه ومعروفه فِي غير أهل الْحفاظ) أَي جعل عطاياه وَفعله الْجَمِيل فِي غير أهل الدّين وَالْأَمَانَة والأوّل عَلامَة حسن الخاتمة وَالثَّانِي ضدّه (تَنْبِيه) قَالَ بَعضهم أَصْحَاب الْأَنْفس الطاهرة والأخلاق الزكية اللطيفة يُؤثر فِيهَا الْجَمِيل فينبعثون بالطبع والمروأة إِلَى تَوْفِيَة الْحُقُوق ومكافأة الْخلق بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِم وَمن لم يكن كَذَلِك فَهُوَ بالضدّ وَحكى أنّ همام بن مرّة كَانَ قد أَخذ نَاشِرَة من أمّه لما مَاتَ أَبوهُ وعجزت عَن تَرْبِيَته فرّباه وَأحسن إِلَيْهِ فَلَمَّا بلغ فعل قبيحا فَنَهَاهُ عَنهُ فَتَركه حَتَّى نَام واغتاله (فر عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد فِيهِ كَذَّاب فَزعم صِحَّته وهم
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا) قيل المُرَاد بِالْخَيرِ الْمُطلق الْجنَّة وَقيل عُمُوم خيري الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (جعل غناهُ فِي نَفسه) أَي جعله قانعا بالكفاف لِئَلَّا يتعب فِي طلب الزِّيَادَة وَلَيْسَ لَهُ إِلَّا مَا قسم لَهُ (وتقاه) بِضَم الْفَوْقِيَّة وَتَخْفِيف الْقَاف (فِي قلبه) بِأَن يملأه بِنور الْيَقِين ويمنّ عَلَيْهِ بزواجر التَّذْكِير ليؤب وَيَتُوب (وَإِذا أَرَادَ) الله (بِعَبْد شرّا جعل فقره بَين عَيْنَيْهِ) فَلَا يزَال فَقير الْقلب حَرِيصًا على الدُّنْيَا منهمكا فِيهَا وَإِن كَانَ مُوسِرًا (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (فر) كِلَاهُمَا (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فقهه فِي الدّين) أَي فهمه الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة أَو أَرَادَ بالفقه الْعلم بِاللَّه وَصِفَاته الَّتِي تنشأ عَنْهَا المعارف القلبية (وزهده) بِالتَّشْدِيدِ صيره زاهدا (فِي الدُّنْيَا) بِأَن يَجْعَل قلبه معرضًا عَنْهَا محتقرا لَهَا رَغْبَة فِي الدَّار الْآخِرَة (وبصره) بِالتَّشْدِيدِ (عيوبه) أَي عرفه بهَا وَبَينهَا لَهُ ليتجنبها ويحذرها وَمن لم يرد الله بِهِ خيرا يعمى عَن عُيُوب نَفسه قَالَ بَعضهم
(إنّ الْمرْآة لَا تريك ... عُيُوب نَفسك فِي صداها)
(وكذاك نَفسك لَا تريك ... عُيُوب نَفسك فِي هَواهَا)
وَقَالَ المتنبي
(وَمن جهلت قدره نَفسه ... رأى غَيره مِنْهُ مَا لَا يرى)
(هَب عَن أنس) بن مَالك (فر عَن مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ) بِضَم الْقَاف وَفتح الرَّاء ومعجمة نِسْبَة(1/63)
لقريظة اسْم رجل نزل حصنا قرب الْمَدِينَة فَسُمي بِهِ (مُرْسلا) وَرَوَاهُ الديلمي عَن أنس وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ ضَعِيف جدّا
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا جعل لَهُ واعظا) ناصحا ومذكرا بالعواقب (من نَفسه) لفظ رِوَايَة الديلمي من قلبه (يَأْمُرهُ) بامتثال الْأَوَامِر الإلهية (وينهاه) عَن الممنوعات الشَّرْعِيَّة ويذكره بالعواقب الردية (فر) وَكَذَا ابْن لال (عَن أمّ سَلمَة) أمّ الْمُؤمنِينَ وَإِسْنَاده جيد كَمَا ذكره الْعِرَاقِيّ
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عسله) بِفَتْح الْعين وَالسِّين الْمُهْمَلَتَيْنِ مخففا ومشدّدا أَي طيب ثناءه بَين النَّاس (قيل) أَي قَالُوا يَا رَسُول الله (وَمَا عسله) أَي مَا مَعْنَاهُ (قَالَ يفتح لَهُ عملا صَالحا قبل مَوته) أَي قبيله (ثمَّ يقبضهُ عَلَيْهِ) شبه مَا رزقه الله من الْعَمَل الصَّالح بالعسل الَّذِي هُوَ الطَّعَام الصَّالح الَّذِي يحلو بِهِ كل شَيْء وَيصْلح كل مَا خالطه (حم طب عَن أبي عنبة) بِكَسْر الْمُهْملَة وَفتح النُّون الْخَولَانِيّ واسْمه عبد الله أَو عمَارَة وَإِسْنَاده حسن
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ قيل) أَي قَالُوا يَا رَسُول الله (وَمَا اسْتَعْملهُ) أَي مَا مَعْنَاهُ وَمَا المُرَاد بِهِ (قَالَ يفتح لَهُ عملا صَالحا بَين يَدي مَوته) أَي قبله (حَتَّى) يَتُوب و (يرضى عَنهُ) بِضَم أوّله وَالْفَاعِل الله وَيجوز فَتحه وَالْفَاعِل (من حوله) من أَهله وجيرانه ومعارفه فيبرؤن ذمّته ويثنون عَلَيْهِ خيرا فيجيز الرب بِشَهَادَتِهِم (حم ك عَن عَمْرو بن الْحمق) بِفَتْح الْحَاء وَكسر الْمِيم الخزاعيّ الصَّحَابِيّ وَهُوَ صَحِيح
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا طهره قبل مَوته قَالُوا) يَا رَسُول الله (وَمَا طهُور العَبْد) بِضَم الطَّاء أَي مَا المُرَاد بتطهيره (قَالَ عمل صَالح يلهمه) بِضَم أوّله أَي يلهمه الله (إِيَّاه) ويستمرّ (حَتَّى يقبضهُ عَلَيْهِ) أَي يميته وَهُوَ متلبس بِهِ (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَهُوَ حسن
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا اسْتَعْملهُ قيل) أَي قَالُوا يَا رَسُول الله (كَيفَ يَسْتَعْمِلهُ قَالَ يوفقه لعمل صَالح) يعمله (قبل الْمَوْت ثمَّ يقبضهُ عَلَيْهِ) وَهُوَ متلبس بذلك الْعَمَل الصَّالح وَمن مَاتَ على شَيْء بَعثه الله عَلَيْهِ كَمَا فِي خبر سَيَجِيءُ (حم ت حب ك) وَقَالَ صَحِيح (عَن أنس) بن مَالك
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد) مُسلم (خيرا صير) بِالتَّشْدِيدِ (حوائج النَّاس إِلَيْهِ) أَي جعله ملْجأ لحاجاتهم الدُّنْيَوِيَّة أَو الدِّينِيَّة ووفقه للْقِيَام بأعبائها (فر عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا عاتبه فِي مَنَامه) أَي لامه على تَقْصِيره وحذره من تفريطه وغروره بِرِفْق ليَكُون على بَصِيرَة من أمره (فر عَن أنس) بن مَالك وَفِيه ضعف
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الْخَيْر) وَفِي رِوَايَة خيرا (عجل) بِالتَّشْدِيدِ أَي أسْرع (لَهُ الْعقُوبَة فِي الدُّنْيَا) ليخرج مِنْهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْب وَمن فعل ذَلِك مَعَه فقد أعظم اللطف بِهِ والْمنَّة عَلَيْهِ (وَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْدِهِ الشرّ) فِي رِوَايَة شرّا (أمسك عَنهُ بِذَنبِهِ) أَي بالعقوبة بِسَبَب ذَنبه فِي الدُّنْيَا (حَتَّى يوافى بِهِ يَوْم الْقِيَامَة) أَي لَا يجازيه بِذَنبِهِ حَتَّى يَجِيء فِي الْآخِرَة متوفر الذُّنُوب وافيها فيستوفي مَا يسْتَحقّهُ من الْعقَاب وَهَذَا الحَدِيث لَهُ تَتِمَّة وَهِي وإنّ عظم الْجَزَاء من عظم الْبلَاء وَأَن الله تَعَالَى إِذا أحب قوما ابْتَلَاهُم فَمن رَضِي فَلهُ الرِّضَا وَمن سخط فَلهُ السخط (ت) فِي الزّهْد (ك) فِي الْحُدُود (عَن أنس) بن مَالك (طب ك هَب عَن عبد الله بِمَ مُغفل) بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُعْجَمَة وشدّ الْفَاء مَفْتُوحَة الْأنْصَارِيّ وَهُوَ صَحِيح (طب عَن عمار بن يَاسر) بِإِسْنَاد جيد (عد عَن أبي هُرَيْرَة) ورمز الْمُؤلف لصِحَّته
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فقهه فِي الدّين وألهمه رشده) أَي وَفقه لإصابة الصَّوَاب وَفِي إفهامه أَن من لم يفقهه فِي الدّين وَلم يلهمه الرشد لم يرد بِهِ خيرا (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله قَالَ التَّيْمِيّ رِجَاله(1/64)
موثقون
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا فتح) بِالتَّحْرِيكِ (لَهُ قفل قلبه) بِضَم الْقَاف وَسُكُون الْفَاء أَي أَزَال عَن قلبه حجب الْإِشْكَال وبصر بصيرته مَرَاتِب الْكَمَال (وَجعل فِيهِ) أَي فِي قلبه (الْيَقِين) أَي الْعلم المتوالي بِسَبَب النّظر فِي الممنوعات الدَّالَّة على الصَّانِع (والصدق) أَي التَّصْدِيق الْجَازِم الدَّائِم الَّذِي ينشأ عَنهُ دوَام الْعَمَل (وَجعل قلبه واعيا) أَي حَافِظًا ضابطا (لما سلك) دخل (فِيهِ) حَتَّى ينجع فِيهِ الْوَعْظ والنصيحة (وَجعل قلبه سليما) من الْأَمْرَاض القلبية من نَحْو حسد وحقد وَكبر وَعجب ورياء وغل (ولسنه صَادِقا) لتعظم حرمته وَتظهر ملاحته (وخليقته) أَي سجيته وطبيعته (مُسْتَقِيمَة) معتدلة مستوية متوسطة بَين طرفِي الإفراط والتفريط (وَجعل أُذُنه سميعة) أَي مصغية مقبلة على مَا تسمعه من أَحْكَام الله وزواجره ومواعظه وأذكاره وحدوده (وعينه) يَعْنِي عين قلبه (بَصِيرَة) فيبصر بهَا مَا جَاءَ بِهِ الشَّارِع فينهتك عَن قلبه ستر الغيوب فيشاهد الْأَمر عيَانًا وَيصير بِحَيْثُ لَو كشف الغطاء لم يَزْدَدْ إِلَّا يَقِينا وَهَذَا الحَدِيث من جَوَامِع الْكَلم (أَبُو الشَّيْخ) بن حبَان فِي الثَّوَاب (عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ الله بِأَهْل بَيت خيرا فقههم فِي الدّين) أَي فهمهم أمره وَنَهْيه بإفاضة النُّور على أفئدتهم (وَوقر) بِالتَّشْدِيدِ عظم (صَغِيرهمْ كَبِيرهمْ) فِي السنّ أَو المُرَاد بالكبير الْعَالم وبالصغير الْجَاهِل (ورزقهم الرِّفْق) اللطف والدربة وَحسن التَّصَرُّف (فِي معيشتهم) أَي حياتهم وَمَا يعيشون بِهِ (وَالْقَصْد) بِفَتْح فَسُكُون (فِي نفقاتهم) أَي الطَّرِيق الْوسط المعتدل بَين طرفِي الإفراط والتفريط (وبصرهم عيوبهم فيتوبوا) أَي ليتوبوا أَي يرجِعوا إِلَى الله (مِنْهَا) بِالطَّاعَةِ وَترك المنهيّ وَالْخُرُوج من الْمَظَالِم والعزم على عدم الْعود (وَإِذا أَرَادَ) الله (بهم غير ذَلِك) أَي الْعَذَاب وَسُوء الخاتمة (تَركهم هملا) بِالتَّحْرِيكِ أَي ضلالا بِأَن يخلي بَينهم وَبَين أنفسهم فَيحل بهم الْبلَاء ويدركهم الشَّقَاء لغضبه عَلَيْهِم وإعراضه عَنْهُم (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد عَن أنس) بن مَالك وَفِيه كَذَّاب
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم خيرا أَكثر فقهاءهم) أَي علماءهم بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّة أَو عُلَمَاء الْآخِرَة على مَا مرّ بِأَن يلهمهم الِاشْتِغَال بِالْعلمِ ويسهل لَهُم تَحْصِيله (وأقلّ جهالهم) بِالتَّشْدِيدِ (فَإِذا تكلم الْفَقِيه) بِمَا يُوجِبهُ الْعلم كأمر بِمَعْرُوف وَنهي عَن مُنكر (وجد أعوانا) جمع عون وَهُوَ كَمَا فِي الصِّحَاح الظهير (وَإِذا تكلم الْجَاهِل قهر) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي غلب وردّ عَلَيْهِ (وَإِذا أَرَادَ بِقوم شرّا أَكثر جهالهم وأقلّ فقهاءهم فَإِذا تكلم الْجَاهِل وجد أعوانا وَإِذا تكلم الْفَقِيه قهر) أَي وجد مقهورا مَغْلُوبًا (أَبُو نصر) الْخَلِيل بن أَحْمد (السجْزِي فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن حبَان) بِكَسْر الْمُهْملَة وشدّ الْمُوَحدَة التَّحْتِيَّة (ابْن أبي جبلة) بِفَتْح الْجِيم وَالْمُوَحَّدَة تَابِعِيّ لَهُ إِدْرَاك (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه ضعيفان
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم خير مدّ) أَي أمْهل وطوّل (لَهُم فِي الْعُمر) بِالْفَتْح وبالضم مدّة الْحَيَاة (وألهمهم الشُّكْر) أَي ألْقى فِي قُلُوبهم مَا يحملهم على عرفان الْإِحْسَان وَالثنَاء على الْمُنعم بالجنان والأركان فطول عمر العَبْد فِي طَاعَة الله عَلامَة على إِرَادَة الْخَيْر بِهِ (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه مَتْرُوك
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم خيرا ولى عَلَيْهِم حلماءهم) جمع حَلِيم والحلم الأناة والتثبت وَعدم الْمُبَادرَة إِلَى الْمُؤَاخَذَة بالذنب (وَقضى) أَي حكم (بَينهم علماؤهم) بِأَن يلهم الله الإِمَام الْأَعْظَم أَن يصير الحكم بَينهم إِلَى الْعلمَاء مِنْهُم (وَجعل المَال فِي سمحائهم) أَي كرمائهم جمع سميح وَهُوَ الْجيد الْكَرِيم (وَإِذا أَرَادَ(1/65)
الله (بِقوم شرّا ولى عَلَيْهِم سفهاءهم) أَي أخفهم أحلاما وَأَكْثَرهم جهلا (وَقضى بَينهم جهالهم) بِأَن يولي الإِمَام الجهلاء مِنْهُم لرشوة أَو عمى بَصِيرَة (وَجعل المَال فِي بخلائهم) الَّذين يكنزون الذَّهَب وَالْفِضَّة وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل الله (فر) وَكَذَا ابْن لال (عَن مهْرَان) مولى الْمُصْطَفى وَإِسْنَاده جيد
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم نَمَاء) بِالْفَتْح والمدّ زِيَادَة وسعة فِي أَرْزَاقهم (رزقهم السماحة) أَي السخاء وَالْكَرم (والعفاف) الْكَفّ عَن المنهيات وَعَن سُؤَالهمْ النَّاس تكثرا (وَإِذا أَرَادَ) الله (بِقوم اقتطاعا) أَي أَن يسلبهم وَيقطع عَنْهُم مَا هم فِيهِ من خير ونعمة (فتح عَلَيْهِم بَاب خِيَانَة) أَي نقصا مِمَّا ائتمنوا عَلَيْهِ من حُقُوق الْحق والخلق فضاقت أَرْزَاقهم وَفَشَا الْفقر فيهم إِذْ الْأَمَانَة تجلب الرزق والخيانة تجلب الْفقر كَمَا فِي حَدِيث يَأْتِي (طب وَابْن عَسَاكِر) والديلمي (عَن عبَادَة بن الصَّامِت) وَفِيه ضعف
(إِذا أَرَادَ الله بِأَهْل بَيت خيرا أَدخل عَلَيْهِم الرِّفْق) بِالْكَسْرِ لين الْجَانِب واللطف وَالْأَخْذ بِالَّتِي هِيَ أحسن (حم تخ طب عَن عَائِشَة) الصدّيقة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ الْمُؤلف حسن وَلَيْسَ ذَلِك مِنْهُ بِحسن بل صَحِيح فقد ذكر الْمُنْذِرِيّ وَغَيره أنّ رِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِذا أَرَادَ الله بعبيد خيرا رزقهم الرِّفْق فِي معاشهم) أَي مكاسبهم الَّتِي يعيشون بهَا (وَإِذا أَرَادَ بهم شرّا رزقهم الْخرق) بِضَم أوّله المعجم وَسُكُون الرَّاء ضدّ الرِّفْق (فِي معاشهم) فَالْمُرَاد أَنه إِذا أَرَادَ بِأحد خيرا رزقه مَا يسْتَغْنى بِهِ مدّ حَيَاته وَلينه فِي تصرّفه مَعَ النَّاس وألهمه القناعة وَإِذا أَرَادَ بِهِ شرّا ابتلاه بضدّ ذَلِك (هَب عَن عَائِشَة) وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ الله بِرَجُل) يَعْنِي إنْسَانا (من أمّتي خيرا ألْقى حب أَصْحَابِي فِي قلبه) فمحبتهم عَلامَة على إِرَادَة الله الْخَيْر بمحبهم كَمَا أنّ بغضهم عَلامَة على عَدمه (فر عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد تجبره
(إِذا أَرَادَ الله بالأمير) على الرّعية وَهُوَ الإِمَام ونوّابه (خيرا جعل لَهُ وَزِير صدق) أَي وزيرا صَالحا صَادِقا فِي نصحه ونصح رَعيته (إِن نسي) شَيْئا من أَحْكَام الشَّرْع وآدابه أَو نصر الْمَظْلُوم وَمن مصَالح رعاياه (ذكره) مَا نَسيَه ودله على الْأَصْلَح والأنفع (وَإِن ذكر) الْملك ذَلِك وَاحْتَاجَ لمساعدة (أَعَانَهُ) بِالرَّأْيِ أَو اللِّسَان أَو الْبدن أَو بِالْكُلِّ (وَإِذا أَرَادَ بِهِ غير ذَلِك) أَي شرّا وَلم يعبر بِهِ استهجانا لذكره (جعل لَهُ وَزِير سوء) بِالْفَتْح وَالْإِضَافَة (إِن نسي) شَيْئا (لم يذكرهُ) إِيَّاه (وَإِن ذكر لم يعنه) على مَا فِيهِ الرشد وَالصَّلَاح بل يحاول ضدّه كَمَا وَقع للعلقمي وَزِير المستعصم فِي وَاقعَة التتار بِبَغْدَاد وَلذَا قيل
(مَتى يبلغ الْبُنيان يَوْمًا تَمَامه ... إِذا كنت تبنيه وَغَيْرك يهدم)
(د هَب عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَعَلَّه لشواهده وَإِلَّا فقد جزم الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ بضعفه
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد شرا خضر) بِفَتْح الْخَاء وشدّ الضَّاد المعجمتين أَي حبب وزين (لَهُ فِي اللَّبن) بِكَسْر الْبَاء (والطين) أَي حبب الْآلَة الَّتِي يَبْنِي بهَا من نَحْو طوب وَحجر وطين وخشب وزينها فِي عينه (حَتَّى يَبْنِي) فيشغله ذَلِك عَن أَدَاء الْوَاجِبَات ويزين لَهُ الْحَيَاة وينسيه الْمَمَات وَهَذَا فِي بِنَاء لم يرد بِهِ وَجه الله وَزَاد على الْحَاجة (طب خطّ عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده جيد
(إِذا أَرَادَ الله بِعَبْد هوانا) ذلا وحقارة (أنْفق مَاله) أَي أنفده وأفناه (فِي والبنيان وَالْمَاء والطين) إِذا كَانَ الْبناء لغير غَرَض شَرْعِي أَو أَذَى لترك وَاجِب أَو فعل حرَام (الْبَغَوِيّ) أَبُو الْقَاسِم فِي المعجم (هَب) كِلَاهُمَا (عَن مُحَمَّد بن بشير الْأنْصَارِيّ) قَالَ جمع (وَمَاله غَيره) أَي لَا يعرف لَهُ غير هَذَا(1/66)
الحَدِيث الْوَاحِد (عد عَن أنس) بن مَالك ثمَّ تعقبه بأنّ فِيهِ وضاعا
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم سوأ) أَي أَن ينزل بهم مَا يسوءهم (جعل) أَي صير (أَمرهم) أَي ملكه والتصرّف فيهم (إِلَى مترفيهم) أَي متنعميهم المتعمقين فِي اللَّذَّات المشغولين بنيل الشَّهَوَات (فر عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ ضَعِيف لضعف حَفْص بن مُسلم
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم) من المذنبين (عذَابا) أَي عُقُوبَة على عَمَلهم السيء (أصَاب) أَي أوقع (الْعَذَاب) بِسُرْعَة وقوّة (من كَانَ فيهم) مِمَّن لم يُنكره عَلَيْهِم لله وَلم يكره عَمَلهم أَو هُوَ أعمّ (ثمَّ بعثوا) بعد الْمَمَات عِنْد النفخة الثَّانِيَة (على أَعْمَالهم) للجزاء عَلَيْهَا فَمن كَانَت نِيَّته صَالِحَة أثيب عَلَيْهَا أَو سَيِّئَة جوزي بهَا فيجازون فِي الْآخِرَة بنياتهم (ق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم عاهة) أَي آفَة أَو بلية (نظر إِلَى أهل الْمَسَاجِد) نظر احترام وإكرام وَرَحْمَة وإنعام وهم الملازمون والمتردّدون إِلَيْهَا لنَحْو صَلَاة أَو اعْتِكَاف أَو علم (فصرف) العاهة (عَنْهُم) إِكْرَاما لَهُم واعتناء بهم (عد فر) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف زَافِر وَغَيره
(إِذا أَرَادَ الله بقرية) أَي بِأَهْلِهَا على حدّ واسأل الْقرْيَة (هَلَاكًا أظهر) أَي أفشى (فيهم الزِّنَا) أَي التجاهر بِفِعْلِهِ لأنّ الْمعْصِيَة إِذا أخفيت لَا تتعدّى فاعلها فَإِذا أظهرت ضرت العامّة والخاصة فالتجاهر بِالزِّنَا سَبَب للإهلاك بالفقر والوباء والطاعون (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف
(إِذا أَرَادَ الله أَن يخلق خلقا) أَي إنْسَانا (للخلافة) أَي للْملك (مسح ناصيته بِيَدِهِ) يَعْنِي كَسَاه حلل الْوَقار والهيبة وَالْوَقار وَخص الناصية لِأَنَّهَا يعبر بهَا عَن الْجُمْلَة (عق عد خطّ فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه كَذَّاب
(إِذا أَرَادَ الله قبض عبد) أَي قبض روح إِنْسَان (بِأَرْض) غير الَّتِي هُوَ فِيهَا (جعل لَهُ بهَا حَاجَة) ليقبر بالبقعة الَّتِي خلق مِنْهَا (حم طب حل عَن أبي عزة) يسَار بن عبد الله وَفِيه مُوسَى الجرشِي وَفِيه خلف
(إِذا أَرَادَ الله أَن يرتغ) بِضَم التَّحْتِيَّة وَسُكُون الرَّاء وَكسر الْفَوْقِيَّة كَذَا فِي عامّة النّسخ وَالَّذِي فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ يزِيغ بزاي مُعْجمَة وَقد وقفت على خطّ الْمُؤلف فَوَجَدته يزِيغ بالزاي لكنه مصلح على كشط بِخَطِّهِ (عبدا) أَي يهلكه (أعمى عَلَيْهِ الْحِيَل) بِكَسْر الْحَاء أَي الاحتيال وَهُوَ الحذق فِي تَدْبِير الْأُمُور فَالْمُرَاد صيره أعمى الْقلب بليدا جَافيا جامد الطَّبْع (طس عَن عُثْمَان) بن عَفَّان ضَعِيف لضعف مُحَمَّد الطرسوسي
(إِذا أَرَادَ الله إِنْفَاذ) بِالْمُعْجَمَةِ (قَضَائِهِ وَقدره) بِالتَّحْرِيكِ أَي إِمْضَاء حكمه المقدّر فِي الْأَزَل وَالْقَضَاء والإرادة الأزلية لنظام الموجودات على التَّرْتِيب الْخَاص وَالْقُدْرَة تعلق الْإِرَادَة الأزلية بالأشياء فِي أَوْقَاتهَا وَقيل عَكسه (سلب) أَي اخْتَطَف بِسُرْعَة وقوّة على غَفلَة (ذَوي الْعُقُول) الكاملين المجرّبين (عُقُولهمْ حَتَّى ينفذ فيهم قَضَاؤُهُ وَقدره فَإِذا مضى أمره) أَي وَقع مَا قدّره (ردّ إِلَيْهِم عُقُولهمْ) فأدركوا قبح مَا فرط مِنْهُم (وَوَقعت) مِنْهُم (الندامة) أَي الأسف والحزن حِين لَا يَنْفَعهُمْ ذَلِك (فر) وَكَذَا أَبُو نعيم (عَن أنس) بن مَالك (و) عَن (عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ حَدِيث مُنكر
(إِذا أَرَادَ الله خلق شَيْء لم يمنعهُ شَيْء) قَالَه لما سُئِلَ عَن الْعَزْل فَأخْبر أَنه لَا يُغني حذر من قدر وَأَنه مَا من نسمَة كائنة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة (م) فِي النِّكَاح (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا
(إِذا أَرَادَ الله بِقوم قحطا) جدبا وشدّة واحتباس مطر (نَادَى مُنَاد) أَي أَمر ملكا يُنَادي (من السَّمَاء) أَي من جِهَة الْعُلُوّ قيل وَالظَّاهِر أَنه جِبْرِيل (يَا معى) بِكَسْر الْمِيم مَقْصُور أَي يَا مصارين (لتسعى) أَي تفسحي فَلَا يملؤك إِلَّا أَكثر مِمَّا(1/67)
كَانَ يملؤك قبل (وَيَا عين لَا تشبعي) أَي لَا تمتلئ بل انظري نظر شَره وشدّة شبق للْأَكْل (وَيَا بركَة) أَي يَا زِيَادَة فِي الْخَيْر (ارتفعي) أَي انْتَقِلِي عَنْهُم وارجعي من حَيْثُ أفضت وعَلى هَذَا فالنداء حَقِيقِيّ وَلَا يلْزم مِنْهُ سماعهَا لَهُ وَيحْتَمل أَنه مجَاز عَن عدم خلق الشِّبَع فِي بطونهم ومحق الْبركَة (ابْن النجار فِي تَارِيخه) تَارِيخ بَغْدَاد (عَن أنس) بن مَالك (وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلمي) لعدم وُقُوفه على سَنَد
(إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَبُول فليرتد) أَي فليطلب ندبا (لبوله) موضعا رخوا لينًا ليأمن عود الرشاش إِلَيْهِ فينجسه وَحذف الْمَفْعُول للْعلم بِهِ وَدلَالَة الْحَال فَإِن لم يجد إِلَّا صلبا لينًا بِنَحْوِ عود (د هق عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ قَالَ كنت مَعَ النَّبِي فَأَرَادَ أَن يَبُول فَأتى دمثا أَي محلا لينًا فِي أصل جِدَار فَبَال ثمَّ ذكره قَالَ النَّوَوِيّ ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يذهب) أَي يسير ويمضي (إِلَى الْخَلَاء) بالمدّ الْمحل الَّذِي تقضى فِيهِ الْحَاجة كَمَا مرّ (وأقيمت الصَّلَاة) الْفَرْض وَكَذَا نفل فعل جمَاعَة (فليذهب إِلَى الْخَلَاء) قبل الصَّلَاة إِن آمن خُرُوج الْوَقْت ليفرغ نَفسه ثمَّ يرجع فَيصَلي فَإِن صلى حاقنا كره وَصحت (حم د ن هـ حب ك عَن عبد الله بن الأرقم) بِفَتْح الْهمزَة وَالْقَاف ابْن عبد يَغُوث الزُّهْرِيّ كَاتب الْوَحْي وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَبِيع عقاره) أَي ملكه الثَّابِت كدار وبستان (فليعرضه) بِفَتْح التَّحْتِيَّة (على جَاره) بِأَن يظْهر لَهُ أَنه يُرِيد بَيْعه وَأَنه مُمكن لَهُ من شِرَائِهِ مؤثرا لَهُ على غَيره إِن شَاءَ دفعا لما قد يَقع من تضرر الْجَار الْمَأْمُور بالاستيصاء بِهِ وَدفع الضَّرَر عَنهُ بالشريك الْحَادِث وَالْأَمر للنَّدْب وَقيل للْوُجُوب وَيظْهر أَن المُرَاد بالجار الملاصق لَكِن يَأْتِي فِي خبر أَرْبَعُونَ دَارا جَار وَفِي الْأَخْذ بِعُمُومِهِ هُنَا بعد (ع عد عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف يحيى ابْن عبد الحميد الْحمانِي
(إِذا أَرَادَ أحدكُم سفرا) بِالتَّحْرِيكِ سمي بِهِ لِأَنَّهُ يسفر عَن الْأَخْلَاق (فليسلم) ندبا (على إخوانه) يَعْنِي معارفه من أَقَاربه وجيرانه وأصدقائه فَيذْهب لَهُم وَيطْلب مِنْهُم الدُّعَاء (فَإِنَّهُم يزيدونه بدعائهم) لَهُ (إِلَى دُعَائِهِ) لنَفسِهِ (خيرا) فَيَقُول كل مِنْهُم للْآخر أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عَمَلك الدُّعَاء الْمَشْهُور وَيزِيد الْمُقِيم وردّك فِي خير وَإِذا رَجَعَ تلقوهُ وسلموا (طس عَن أبي هُرَيْرَة) غَرِيب ضَعِيف
(إِذا أَرَادَ أحدكُم من امْرَأَته) زَوجته أَو أمته (حَاجته) أَي جِمَاعهَا كنى بهَا عَنهُ لمزيد حيائه وأمّا قَوْله لمن اعْترف بِالزِّنَا أنكتها فللاحتياط فِي تحقق مُوجب الحدّ بِحَيْثُ يكون اللَّفْظ لَا يقبل الْمجَاز وَلَا التَّأْوِيل (فليأتها) فليجامعها ولتطعه (وَإِن كَانَت على تنور) أَي وَإِن كَانَت تخبز على التَّنور مَعَ أَنه شغل شاغل فَالْمُرَاد أَنه يلْزمهَا أَن تُطِيعهُ وَإِن كَانَت فِي شغل لَا بدّ مِنْهُ حَيْثُ لَا عذر كحيض وَلَا إِضَاعَة مَال كاحتراق الْخبز (حم عَن طلق) بِفَتْح الطَّاء وَسُكُون اللَّام (ابْن عَليّ) بن الْمُنْذر الْحَنَفِيّ بِإِسْنَاد حسن
(إِذا أردْت) أَي هَمَمْت (أَن تفعل أمرا فَتدبر) إرشادا (عاقبته) بِأَن تتفكر وتتأمّل فِيمَا يصلحه ويفسده وتدقق النّظر فِي عواقبه (فَإِن كَانَ) فعله (خيرا) وَفِي رِوَايَة رشدا أَي غير منهيّ عَنهُ شرعا وَهُوَ مِمَّا تَقْتَضِيه مَكَارِم الْأَخْلَاق (فامضه) أَي أنفذه غير متوان فِي ذَلِك وَلذَلِك قيل انتهز الفرصة قبل أَن تعود غُصَّة وَقَالَ
(وَمن ترك العواقب مهملات ... فأيسر سَعْيه أبدا تبار)
وَقيل فِي مدح من يُرَاعِي الْعَاقِبَة
(فَتى لم يضيع وَجه حزم وَلم يبت ... يُلَاحظ إعجاز الْأُمُور تعقبا)(1/68)
(وَإِن) كَانَ فعله (شرّا) أَي مَنْهِيّ عَنهُ شرعا (فانته) أَي كف عَنهُ وَفِي رِوَايَة بدل فامضه فوحه أَي أسْرع فِيهِ من الوحا وَهُوَ السرعة ومقصوده الْأَمر بالتأني والتدبر فإنّ الأناة من الله والعجلة من الشَّيْطَان كَمَا يَأْتِي فِي خبر قَالَ بعض الصُّوفِيَّة وميزان الحركات المحمودة المذمومة أَن تنظر مَا بعْدهَا فَإِن وجدت سكونا ومزيد علم فمحمودة أَو ندما وضيقا فمذمومة لِأَنَّهَا من النَّفس أَو الشَّيْطَان (ابْن الْمُبَارك) عبد الله الإِمَام الْمَشْهُور (فِي) كتاب (الزّهْد) وَالرَّقَائِق (عَن أبي جَعْفَر عبد الله بن مسور) بِكَسْر الْمِيم ابْن عون بن جَعْفَر (الْهَاشِمِي) نِسْبَة إِلَى بني هَاشم (مُرْسلا) قَالَ فِي المغنى أَحَادِيثه مَوْضُوعَة
(إِذا أرت أَن تبزق) بزاي وسين وصاد أَي تطرح الرِّيق من فمك (فَلَا تبزق) حَيْثُ لَا عذر (عَن) جِهَة (يَمِينك) فَيكْرَه تَنْزِيها لشرف الْيَمين وأدبا مَعَ ملكه (وَلَكِن) ابصق (عَن) جِهَة (يسارك إِن كَانَ فَارغًا) لأنّ الدنس حق الْيَسَار وَالْيَمِين عَكسه وَخص النَّهْي بِالْيَمِينِ مَعَ أَن عَن شِمَاله ملكا لشرفه بِكِتَابَة الْحَسَنَات (فَإِن لم يكن فَارغًا) كَأَن كَانَ على الْيَسَار إِنْسَان (فتحت قدمك) أَي الْيُسْرَى كَمَا فِي خبر هبه فِي صَلَاة أَولا (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن طَارق) كفاعل بِمُهْملَة أوّله وقاف آخِره (ابْن عبد الله) الْمحَاربي لَهُ رُؤْيَة وَرِوَايَة وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِذا أرت أَن تغزو) أَي تسير لقِتَال الْكفَّار (فاشتر فرسا أغرّ) يَعْنِي حصل فرسا أَبيض تغزو عَلَيْهِ بشرَاء أم بِغَيْرِهِ والأغر الْأَبْيَض من كل شَيْء (محجلا) هُوَ الَّذِي قوائمه بيض يبلغ بياضها ثلث الوظيف أَو نصفه أَو ثُلثَيْهِ وَلَا يُجَاوز الرُّكْبَتَيْنِ (مُطلق الْيَد الْيُمْنَى) هِيَ الخالية من الْبيَاض مَعَ وجوده فِي بَقِيَّة القوائم (فَإنَّك) إِذا فعلت ذَلِك (تسلم) من العدّو (وتغنم) أَمْوَالهم وتخصيصه لذَلِك الْفرس ظَاهر لأنّ المتصف بذلك أجمل الْخَيل وأحسنها زيا وشكلا وَالْحسن من كل شَيْء يتفاءل بِهِ (طب ك هق عَن عقبَة) بِالْقَافِ (ابْن عَامر) الْجُهَنِيّ أَمِير شرِيف شَاعِر جواد قَالَ الْحَاكِم صَحِيح
(إِذا أردْت أمرا) أَي فعله (فَعَلَيْك بالتؤدة) أَي الزم التأني والرزانة والتثبت وتجنب العجلة (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يُرِيك الله مِنْهُ الْمخْرج) بِفَتْح الْمِيم وَالرَّاء المخلص يَعْنِي إِذا أردْت فعل شَيْء فأشكل أَو شقّ فَتثبت وَلَا تعجل حَتَّى يهديك الله إِلَى الْخَلَاص مِنْهُ فإنّ العجلة من الشَّيْطَان كَمَا يَأْتِي فِي خبر (خد هَب) وَكَذَلِكَ الطَّيَالِسِيّ (عَن رجل من بلىّ) بموحدة تحتية مَفْتُوحَة كرضى قَبيلَة مَشْهُورَة وَإِسْنَاده حسن
(إِذا أرت أَن يحبك الله فابغض الدُّنْيَا) الَّتِي مُنْذُ خلقهَا لم ينظر إِلَيْهَا بغضا فِيهَا وَالْمرَاد اكره بقلبك مَا نهيت عَنهُ مِنْهَا وَاقْتصر مِنْهَا على مَا لَا بدّ مِنْهُ (وَإِذا أردْت أَن يحبك النَّاس فَمَا كَانَ عنْدك من فضولها) بِضَم الْفَاء أَي بقاياها (فانبذه) أَي ألقه من يدك (إِلَيْهِم) فَإِنَّهُم كالذئاب لَا ينازعونك ويعادونك إِلَّا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا جعل الْمَأْمُور نبذ الفضول إِشَارَة إِلَى أَنه يقدّم نَفسه وَعِيَاله وَكفى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَن يضيع من يعول (خطّ عَن ربعي) بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْمُوَحدَة (ابْن حِرَاش) بحاء مُهْملَة مَكْسُورَة وشين مُعْجمَة مُخَفّفَة الْعَبْسِي (مُرْسلا) فَإِنَّهُ تَابِعِيّ وَقيل لَهُ إِدْرَاك
(إِذا أرت أَن تذكر عُيُوب غَيْرك) أَي أَن تَتَكَلَّم بهَا (فاذكر) أَي استحضر فِي ذهنك (عُيُوب نَفسك) فَعَسَى أَن يكون ذَلِك مَانِعا لَك من الوقيعة فِي الْغَيْر وَلَيْسَ المُرَاد إِبَاحَة ذكر عُيُوب النَّاس بل أَن يتفكر فِي عُيُوب نَفسه ويفتش عَنْهَا غير نَاظر بِعَين الرِّضَا عَنْهَا وليحذر من ذكر عيب الْغَيْر وَلَو صدقا فَإِنَّهُ يعود عَلَيْهِ بالذم كَمَا قيل(1/69)
(وَمن دَعَا النَّاس إِلَى ذمّه ... ذمّوه بِالْحَقِّ وبالباطل)
فيصدّه ذَلِك عَن عيب غَيره (الرَّافِعِيّ) الإِمَام عبد الْكَرِيم الْقزْوِينِي (فِي) كتاب (تَارِيخ قزوين عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ مَوْقُوفا وَهُوَ الْأَصَح
(إِذا أَسَأْت) أَي عملت سَيِّئَة يَعْنِي صَغِيرَة (فَأحْسن) أَي قَابل السَّيئَة بِفعل حَسَنَة إنّ الْحَسَنَات يذْهبن السيآت أمّا الْكَبِيرَة فَلَا يكفرهَا إِلَّا التَّوْبَة الصَّحِيحَة (ك هَب عَن ابْن عَمْرو) ابْن الْعَاصِ وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا اسْتَأْجر أحدكُم أَجِيرا) إِجَارَة عين أَو ذمّة (فليعلمه) لُزُوما ليَصِح العقد (أجره) أَي يبين لَهُ قدر أجرته وَقدر الْعَمَل والمدّة ليصير على بَصِيرَة وَيكون العقد صَحِيحا والإبهام غرر مُبْطل (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد عَن ابْن مَسْعُود) وَرَوَاهُ عَنهُ الديلمي أَيْضا وَإِسْنَاده ضَعِيف لضعف عبد الْأَعْلَى بن مشاور
(إِذا اسْتَأْذن أحدكُم ثَلَاثًا) أَي طلب من غَيره الْإِذْن فِي الدُّخُول وكرّره ثَلَاث مرّات (فَلم يُؤذن لَهُ) فِيهِ (فَليرْجع) وجوبا إِن غلب على ظَنّه أَنه سَمعه وَإِلَّا فندبا (تَنْبِيه) أَكثر عدد اعْتَبرهُ الشَّرْع الثَّلَاثَة ثمَّ السَّبْعَة فَاعْتبر الثَّلَاثَة فِي الاسْتِئْذَان ومسحات الِاسْتِنْجَاء وَالطَّهَارَة ومدّة الْخُف للْمُسَافِر وَالطَّلَاق وَالْعدَد وَالْخيَار وَالْقسم والاحداد وإمهال الزَّوْجَة للدخول والمرتدّ وتارك الصَّلَاة وَغير ذَلِك (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم ق) فِي الاسْتِئْذَان (د) فِي الْأَدَب (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ (معاطب والضياء) الْمَقْدِسِي فِي المختارة كلهم (عَن جُنْدُب البَجلِيّ)
(إِذا اسْتَأْذَنت أحدكُم امْرَأَته) أَي طلبت مِنْهُ زَوجته الْإِذْن (إِلَى الْمَسْجِد) أَي فِي الْخُرُوج إِلَى الصَّلَاة فِيهِ لَيْلًا (فَلَا يمْنَعهَا) بل يَأْذَن لَهَا ندبا حَيْثُ أَمن الْفِتْنَة بهَا وَعَلَيْهَا بِأَن تكون عَجُوز لَا تشْتَهي وَلَيْسَ عَلَيْهَا ثوب زِينَة كَمَا مرّ تَفْصِيله (حم ق ن) فِي الصَّلَاة (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا استجمر أحدكُم) أَي مسح مخرجه بالجمار وَهِي الْأَحْجَار الصغار (فليوتر) أَي فليجعله وترا ثَلَاثًا فَأكْثر ندبا وَالْوَاجِب ثَلَاث مسحات مَعَ الانقاء فَإِن حصل الانقاء برابع سنّ خَامِس وَكَذَا من أَرَادَ التبخر بِنَحْوِ عود (حم م عَن جَابر) ابْن عبد الله
(إِذا اسْتَشَارَ أحدكُم أَخَاهُ) فِي الدّين أَي طلب مِنْهُ المشورة يَعْنِي استأمره فِي شَيْء هَل يَفْعَله أَولا (فليشر عَلَيْهِ) بِمَا هُوَ الْأَصْلَح وَإِلَّا فقد خانه كَمَا فِي خبر فَيلْزمهُ بذل النصح وَذكر الْأَخ غالبى فَلَو استشاره ذميّ كَانَ كَذَلِك (هـ عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا استشاط السُّلْطَان) تلهب وَاحْتَرَقَ غيظا (تسلط الشَّيْطَان) أَي تغلب عَلَيْهِ فأغراه بالإيقاع بِمن يغْضب عَلَيْهِ فيفعل فَيهْلك فليحذر السُّلْطَان ذَلِك وَيظْهر أنّ المُرَاد بالسلطان من لَهُ سلطنة وقهر فَيدْخل الإِمَام الْأَعْظَم ونوّابه وَالسَّيِّد فِي حق عَبده وَالزَّوْج بِالنِّسْبَةِ لزوجته وَنَحْو ذَلِك (حم طب عَن عَطِيَّة) بن عُرْوَة (السَّعْدِيّ) لَهُ رُؤْيَة وَرِوَايَة وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا استطاب أحدكُم فَلَا يستطب بِيَمِينِهِ) أَي إِذا استنجى أحدكُم فَلَا يسْتَنْج بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَإِنَّهُ مَكْرُوه بل قَالَ الظَّاهِرِيَّة يحرم حَيْثُ لَا عذر أمّا جعل الْيَد آلَة لإِزَالَة الْخَارِج بِلَا حَائِل فَحَرَام اتِّفَاقًا (ليستنج) بلام الْأَمر وَحذف حرف الْعَطف لأنّ الْجُمْلَة استئنافية (بِشمَالِهِ) لِأَنَّهَا للأذى وَالْيَمِين لغيره والاستنجاء عِنْد الشَّافِعِي وَأحمد وَاجِب وَعند أبي حنيفَة وَمَالك فِي أحد قوليه سنة (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ صَحِيح
(إِذا استعطرت الْمَرْأَة) أَي اسْتعْملت الطّيب الظَّاهِر رِيحه (فمرت على الْقَوْم) الرِّجَال (ليجدوا) أَي لأجل أَن يشموا (رِيحهَا) أَي ريح عطرها (فَهِيَ زَانِيَة)(1/70)
أَي هِيَ بِسَبَب ذَلِك متعرضة للزِّنَا ساعية فِي أَسبَابه وَفِيه أنّ ذَلِك بِالْقَصْدِ الْمَذْكُور كَبِيرَة فتفسق بِهِ وَيلْزم الْحَاكِم الْمَنْع مِنْهُ (3 عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ بِإِسْنَاد حسن
(إِذا استقبلتك الْمَرْأَتَانِ) الأجنبيتان أَي صارتا تجاهك (فَلَا تمرّ) أَي لَا تمش (بَينهمَا) ندبا لأنّ الْمَرْأَة مَظَنَّة الشَّهْوَة فمزاحمتها تجر إِلَى مَحْذُور (خُذ يمنة أَو يسرة) جَوَاب سُؤال تَقْدِيره فَكيف أذهب قَالَ خُذ يمنة أَو يسرة وتباعد مَا أمكن وَالنَّهْي للتنزيه وَالْأَمر للنَّدْب مَا لم يتَحَقَّق حُصُول الْمفْسدَة بذلك وَإِلَّا كَانَ للتَّحْرِيم وللوجوب (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا استكتم) أَي أردتم أَن تستاكوا (فاستاكوا عرضا) بِفَتْح فَسُكُون أَي فِي عرض الْأَسْنَان فَيكْرَه طولا لِأَنَّهُ يدمي اللثة إِلَّا فِي اللِّسَان فيستاك فِيهِ طولا لخَبر فِيهِ (ص عَن عَطاء مُرْسلا) هُوَ أَبُو مُحَمَّد الْقرشِي المكيّ أحد الْأَعْلَام
(إِذا استلج) بِالتَّشْدِيدِ من اللجاج (أحدكُم فِي الْيَمين فَإِنَّهُ آثم لَهُ) بالمدّ أفعل تَفْضِيل أَي الْأَكْثَر إِثْمًا (عِنْد الله من الْكَفَّارَة الَّتِي أَمر بهَا) أَي إِذا حلف على شَيْء فَرَأى غَيره خيرا مِنْهُ ثمَّ لج فِي إبرارها وَترك الْحِنْث وَالْكَفَّارَة كَانَ ذَلِك أعظم إِثْمًا من أَن يَحْنَث وَيكفر (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا اسْتلْقى أحدكُم على قَفاهُ) أَي طرح نَفسه على الأَرْض مُلْصقًا ظهر بهَا (فَلَا يضع إِحْدَى رجلَيْهِ على الْأُخْرَى) أَي حَيْثُ لم يَأْمَن انكشاف شَيْء من عَوْرَته كالمؤتزر فَإِن أَمن كالمتسرول فَلَا بَأْس وَلَو بِالْمَسْجِدِ وَأطلق النَّهْي لأنّ عَادَة الْعَرَب الائتزار لَا التسرول غَالِبا (ت عَن الْبَراء) بن عَازِب (حم عَن جَابر) بن عبد الله (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن ابْن عَبَّاس) وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا استنشقت) أَيهَا المتطهر (فانتثر) ندبا أَي امتخط برِيح الْأنف إِن كفى وَإِلَّا فباليد الْيُسْرَى (وَإِذا استحمرت) أَي مسحت مَحل النجو بالجمار (فأوتر) بِثَلَاث أَو خمس أَو أَكثر ندبا وَالْوَاجِب عِنْد الشَّافِعِيَّة ثَلَاث مَعَ الإنقاء كَمَا مرّ وَأخر الِاسْتِنْجَاء إِشَارَة إِلَى جَوَاز تَأْخِيره عَن الْوضُوء (طب عَن سَلمَة بن قيس) الْأَشْجَعِيّ بِإِسْنَاد حسن
(إِذا اسْتَيْقَظَ الرجل) أَي انتبه الْإِنْسَان (من اللَّيْل) أَي اسْتَيْقَظَ من نَومه من اللَّيْل أَو فِي اللَّيْل أَو لَيْلًا (وَأَيْقَظَ أَهله) حليلته أَو نَحْو بنته (وصليا) بِأَلف التَّثْنِيَة (رَكْعَتَيْنِ) نفلا أَو فرضا (كتبا) أَي أَمر الله الْمَلَائِكَة بكتابتهما (من الذَّاكِرِينَ الله كثيرا وَالذَّاكِرَات) الَّذين أثنى الله عَلَيْهِم فِي الْقُرْآن الْعَزِيز (د ن هـ حب ك عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ (مَعًا) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ
(إِذا اسْتَيْقَظَ) أَي تيقظ أَي انتبه (أحدكُم من نَومه) فَائِدَة ذكره مَعَ أَن الاستيقاظ لَا يكون إِلَّا من نوم دفع توهم مُشَاركَة الغشى لَهُ (فَلَا يدْخل) ندبا (يَده) مُفْرد مُضَاف فيعمّ كلّ يَد وَلَو زَائِدَة (فِي الْإِنَاء) الَّذِي بِهِ مَاء قَلِيل أَو مَائِع وَلَو كثيرا (حَتَّى يغسلهَا ثَلَاثًا) فَيكْرَه ادخالها قبل استكمال الثَّلَاث (فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده) أَي هَل لاقت محلا طَاهِرا أَو نجسا كمحل النجو وَالتَّعْلِيل بِهِ غالبي فَلَو نَام نَهَارا أَو درى أَن يَده لم تلق نجسا أوشك فِي نجاستها بِلَا نوم سنّ غسلهَا كَذَلِك وَكره عَدمه وَلَا تَزُول الْكَرَاهَة عِنْد الشَّافِعِيَّة إِلَّا بالتثليث لأنّ الشَّارِع إِذا غيا حكما بغاية فَلَا يخرج من عهدته إِلَّا باستيفائها قَالَ الْبَيْضَاوِيّ إِذا ذكر الشَّارِع حكما وعقبه وَصفا مصدّرا بِالْفَاءِ أَو بَان أَو بهما كَانَ إِيمَاء إِلَى ثُبُوت الحكم لأَجله مِثَال أنّ قَوْله أَنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم بعد قَوْله أَنَّهَا لَيست بِنَجس وَمِثَال الْفَاء قَوْله من مَاتَ وَلم يحجّ فليمت وَمِثَال الْجمع قَوْله فِي الْمحرم فَإِنَّهُ سيحشر ملبيا بعد قَوْله لَا تقربوه طيبا وَقَوله فَإِنَّهُ لَا يدْرِي يدل على أنّ الْبَاعِث على(1/71)
الْأَمر بِالْغسْلِ احْتِمَال النَّجَاسَة وَفِي الحَدِيث فَوَائِد مِنْهَا أنّ المَاء الْقَلِيل إِذا ورد عَلَيْهِ نجس تنجس وَإِن لم يُغَيِّرهُ وَالْفرق بَين وُرُود المَاء على النَّجس وَعَكسه أنّ مَحل الِاسْتِنْجَاء لَا يطهر بِالْحجرِ بل يُعْفَى عَنهُ فِي حق الْمصلى وَندب غسل النَّجَاسَة ثَلَاثًا فَإِنَّهُ أَمر بِهِ فِي المتوهمة فَفِي المتحققة أولى وَالْأَخْذ بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْعِبَادَة وَغَيرهَا مَا لم يخرج لحدّ الوسوسة وَاسْتِعْمَال أَلْفَاظ الْكِنَايَة فِيمَا يتحاشى من التَّصْرِيح بِهِ (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (وَالشَّافِعِيّ) فِي الْمسند (حم ق 4) كلهم فِي الطَّهَارَة (عَن أبي هُرَيْرَة) وَظَاهر كَلَام الْمُؤلف بل صَرِيحه أَنه مُتَّفق عَلَيْهِ بِهَذَا وَتبع فِي ذَلِك الْحَافِظ عبد الْغَنِيّ وَهُوَ وهم فإنّ البُخَارِيّ لم يذكر التَّثْلِيث بل تفرّد بِهِ مُسلم عَنهُ نبه عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ
(إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من مَنَامه) لَيْلًا أَو نَهَارا (فَتَوَضَّأ) أَي أَرَادَ الْوضُوء (فليستثر) أَي فَليخْرجْ المَاء من أَنفه ندبا بعد الِاسْتِنْشَاق يفعل ذَلِك (ثَلَاث مرّات) وَتحصل سنة الِاسْتِنْشَاق بِلَا انتثار لَكِن الْأَكْمَل إِنَّمَا يحصل بِهِ (فَإِن الشَّيْطَان يبيت على خياشيمه) أَي حَقِيقَة أَو مجَازًا عَن الوسوسة بِالْكَسَلِ والكلال جمع خيشوم وَهُوَ كَمَا قَالَ القَاضِي كالتوربشتي أقْصَى الْأنف الْمُتَّصِل بالبطن المقدّم من الدِّمَاغ الَّذِي هُوَ مَحل الْحس الْمُشْتَرك ومستقرّ الخيال فَإِذا نَام تَجْتَمِع فِيهِ الأخلاط ويبس عَلَيْهِ المخاط ويكل الْحس ويتشوّش الْفِكر فَيرى أضغاث أَحْلَام فَإِذا قَامَ من نَومه وَترك الخيشوم بِحَالهِ استمرّ الكسل والكلال واستعصى عَلَيْهِ النّظر الصَّحِيح وعسر الخضوع وَالْقِيَام بِحُقُوق الصَّلَاة وأبوابها ثمَّ قَالَ التوربشتي مَا ذكر هُوَ من طَرِيق الِاحْتِمَال وَالْحق الْأَدَب دون الْكَلِمَات النَّبَوِيَّة الَّتِي هِيَ مخازن الْأَسْرَار الربوبية ومعادن الحكم الإلهية أَن لَا يتَكَلَّم فِي هَذَا الحَدِيث وإخواته بِشَيْء فَإِنَّهُ تَعَالَى خص رَسُوله بِغَرَائِب الْمعَانِي وكاشفه عَن حقائق الْأَشْيَاء مَا يقصر عَن بَيَانه بَاعَ الْفَهم وَبِكُل عَن إِدْرَاكه بصر الْعقل وَقيل المشاعر الْخَمْسَة كل مِنْهَا الْعلم وَطَرِيق معرفَة الله الخيشوم فَلِذَا كَانَ مقترب الشَّيْطَان وَمَوْضِع دُخُوله فِيهِ قَالَ الطيبيّ وَلَعَلَّ خِلَافه أولى لأنّ أنسب المشاعر بعالم الْأَرْوَاح حسن الشم وَلذَا حبب إِلَى الْمُصْطَفى الطّيب وَحرم عَلَيْهِ تنَاول مَا يُخَالِفهُ وَقَالَ أَبُو الطّيب
(مسكية النفحات أَلا إِنَّهَا ... وحشية بسواهم لَا تعبق)
ولأنّ الشَّيْطَان اللص إِنَّمَا يهم بِقطع الطَّرِيق الْموصل وسدّ مسالك روح الله إِلَى قلب العَبْد (ق ن عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم) أَي رجعت روحه لبدنه بعد نَومه (فَلْيقل) ندبا (الْحَمد لله الَّذِي ردّ عليّ روحي) إِلَى بدني وَالنَّوْم أَخُو الْمَوْت (وعافاني) سلمني من الأسقام والبلايا (فِي جَسَدِي) أَي بدني (وَأذن لي بِذكرِهِ) أَي فِيهِ وَفِيه ندب الذّكر عِنْد الانتباه (ابْن السّني) فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ النَّوَوِيّ صَحِيح
(إِذا أسلم العَبْد) أَي صَار مُسلما بنطقه بِالشَّهَادَتَيْنِ (فَحسن إِسْلَامه) بِأَن أخْلص فِيهِ وَصَارَ بَاطِنه كظاهره (يكفر الله) بِالرَّفْع جَوَاب إِذا (عَنهُ كل سَيِّئَة كَانَ زلفها) بتَخْفِيف اللَّام وَقد تشدّد أَي محا عَنهُ كل خَطِيئَة قدّمها على إِسْلَامه لِأَنَّهُ يجب مَا قبله (وَكَانَ بعد ذَلِك) أَي بَعْدَمَا علم من الْمَجْمُوع وَهُوَ محو السيآت وتكفيرها بِالْإِسْلَامِ (الْقصاص) المقاصصة والمجازاة وَاتِّبَاع كل عمل بِمثلِهِ وَفسّر الْقصاص بقوله (الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا) مُبْتَدأ وَخبر الْجُمْلَة استئنافية (إِلَى سَبْعمِائة ضعف) أَي منتهية إِلَى ذَلِك فَهُوَ نصب على الْحَال وَيجوز كَون تَقْدِيره تكْتب بِعشر أَمْثَالهَا (والسيئة بِمِثْلِهَا) أَي فيؤاخذ بهَا(1/72)
مُؤَاخذَة مثلهَا (إِلَّا أَن يتَجَاوَز الله عَنْهَا) بِقبُول التَّوْبَة أَو بِالْعَفو عَن الجرائم (خَ ن عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِذا أَشَارَ الرجل) أَي حمل كَمَا بَينته رِوَايَة من حمل علينا السِّلَاح (على أَخِيه) فِي الدّين وَإِن كَانَ أَجْنَبِيّا (بِالسِّلَاحِ) بِالْكَسْرِ آلَة الْحَرْب كسيف وقوس (فهما على (جرف) بِضَم الْجِيم وَضم الرَّاء وسكونها وبحاء مُهْملَة وَسُكُون الرَّاء طرف (جَهَنَّم) أَي هما قريب من السُّقُوط فِيهَا (فَإِذا قَتله وَقعا فِيهِ جَمِيعًا) أمّا الْقَاتِل فَظَاهر وأمّا الْمَقْتُول فلقصده قتل أَخِيه إِذا الْفَرْض أنّ كلا مِنْهُمَا قصد قتل صَاحبه (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (ن) كِلَاهُمَا (عَن أبي بكرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِذا اشتدّ الحرّ فأبردوا) ندبا بِشُرُوط مَعْرُوفَة (بِالصَّلَاةِ) أَي صَلَاة الظّهْر أَي أخروها إِلَى انحطاط قوّة الوهج (فإنّ شدّة الحرّ من فيح جَهَنَّم) أَي غليانها أَو انتشار لهبها (قَاعِدَة) كل عبَادَة مُؤَقَّتَة فَالْأَفْضَل تَعْجِيلهَا أوّل الْوَقْت إِلَّا سَبْعَة الْإِبْرَاد بِالظّهْرِ وَالضُّحَى أوّل وَقتهَا طُلُوع الشَّمْس وَيسن تَأْخِيرهَا الرّبع النَّهَار والعيد يسن تَأْخِيرهَا للارتفاع والفطرة أول وَقتهَا غرُوب شمس لَيْلَة الْعِيد ويسنّ تَأْخِيرهَا ليومه وَرمي جَمْرَة الْعقبَة وَطواف الْإِفَاضَة وَالْحلق يدْخل وَقتهَا بِنصْف لَيْلَة النَّحْر ويسنّ تَأْخِيرهَا ليومه (حم ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة حم ق د ت عَن أبي ذَر ق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ الْمُؤلف والْحَدِيث متواتر
(إِذا اشتدّ كلب) بِفَتْح الْكَاف وَاللَّام (الْجُوع) أَي حرصه (فَعَلَيْك) يَا أَبَا هُرَيْرَة (برغيف) فعيل بِمَعْنى مفعول (وجرّ) بِفَتْح الْجِيم منوّنا جمع جرّة إِنَاء مَعْرُوف (من مَاء القراح) كسلام الَّذِي لَا يشوبه شَيْء (وَقل) لنَفسك بِلِسَان الْحَال أَو القال بِأَن تجرّد مِنْهَا نفسا تخاطبها بِقَوْلِك (على الدُّنْيَا) الدنية (وَأَهْلهَا) المتعبدين لَهَا (مني الدمار) يَعْنِي نزلتهم منزلَة الهالكين فَلَا أنزل بهم حاجاتي وَلَا أقصدهم فِي مهماتي فَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الدُّعَاء عَلَيْهِم (عد هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا اشتدّ الحرّ فاستعينوا) على دفع أَذَاهُ (بالحجامة) لغَلَبَة الدَّم حِينَئِذٍ (لَا يتبيغ الدَّم) أَي لِئَلَّا يهيج (بأحدكم فيقتله) وَهَذَا حث على التَّدَاوِي وَلَو بالحجامة وَأَنه لَا يُنَافِي التَّوَكُّل وَالْخطاب لأهل الْحجاز وَنَحْوهم من الأقطار الحارّة كَمَا مرّ (ك) فِي الطِّبّ (عَن أنس) بن مَالك وَقَالَ صَحِيح وأقروه
(إِذا اشْترى أحدكُم بَعِيرًا) بِفَتْح الْبَاء وتكسر (فليأخذ) ندبا (بِذرْوَةِ) بِالضَّمِّ وَالْكَسْر (سنامه) أَي بِأَعْلَى علوه وسنام كل شَيْء أَعْلَاهُ (وليتعوّذ بِاللَّه من الشَّيْطَان) لِأَن الشَّيْطَان على سنامه كَمَا يَجِيء فِي خبر فَإِذا سمع الِاسْتِعَاذَة هرب وَمن الْعلَّة يُؤْخَذ أَنه لَيْسَ نَحْو الْفرس مثله (د) فِي النِّكَاح (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد حسن
(إِذا اشْترى أحدكُم لَحْمًا) ليطبخه وَالْمرَاد حصله بشرَاء أَو غَيره فَذكر الشِّرَاء غالبى (فليكثر) ندبا أَو إرشادا (مرقته) بِفَتْح الرَّاء وَقد تسكن (فَإِن لم يصب أحدكُم لَحْمًا أصَاب مرقا وَهُوَ أحد اللحمين) لأنّ دسم اللَّحْم يتَحَلَّل فِيهِ فَيقوم مقَام اللَّحْم فِي التغذي والنفع (ت ك) فِي الْأَطْعِمَة (هَب) كلهم (عَن عبد الله الْمُزنِيّ) بِضَم الْمِيم وَفتح الزَّاي قَالَ ت غَرِيب وَقَالَ ك صَحِيح
(إِذا اشْتريت نعلا) أَي حذاء يقي قدمك من الأَرْض (فاستجدها) بِسُكُون الدَّال الْخَفِيفَة أَي اتخذها جَيِّدَة وَلَيْسَ من الْجَدِيد الْمُقَابل للقديم وَإِلَّا لقَالَ استجدها بِالتَّشْدِيدِ (وَإِذا اشْتريت ثوبا فاستجده) فِيهِ الْعَمَل المقرّر وَالْأَمر إرشادي (طس عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن ابْن عمر) بن الْخطاب (بِزِيَادَة وَإِذا اشْتريت دَابَّة فاستفرهها) أَي اتخذها فارهة (وَإِذا كَانَت عنْدك كَرِيمَة قوم) أَي زَوْجَة كَرِيمَة من قوم كرام (فأكرمها) بِأَن تفعل بهَا مَا يَلِيق(1/73)
بِمنْصب آبائها وعصباتها
(إِذا اشْتَكَى الْمُؤمن) أَي أخبر عَمَّا يقاسيه من ألم الْمَرَض وَالْمرَاد إِذا مرض (أخصله) الْمَرَض (من الذُّنُوب كَمَا يخلص الْكِير) بِكَسْر الْكَاف وَسُكُون الْمُثَنَّاة تَحت الزق الَّذِي ينْفخ فِيهِ الحدّاد (خبث الْحَدِيد) أَي صفاه تألمه بمرضه من ذنُوبه كتصفية الْكِير للحديد من الْخبث فاسناد التصفية الى الْمَرَض مجَاز وَالْمرَاد الصَّغَائِر أما الْكَبَائِر فَلَا يكفرهَا الا التَّوْبَة على قِيَاس مَا مرّ (خد حب طس عَن عَائِشَة) وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا اشتكيت) أَي مَرضت (فضع يدك) واليمنى أولى (حَيْثُ تَشْتَكِي) أَي على الْمحل الَّذِي يؤالمك (ثمَّ قل) ندبا حَال الْوَضع (بِسم الله) استشفى (أعوذ) أَعْتَصِم (بعزة الله) أَي قوّته وعظمته (وَقدرته من شرّ مَا أجد) زَاد فِي رِوَايَة وأحاذر (من وجعي) أَي مرضِي (هَذَا ثمَّ ارْفَعْ يدك) عَنهُ (ثمَّ أعد ذَلِك) أَي الْوَضع وَالتَّسْمِيَة والتعوّذ بهؤلاء الْكَلِمَات (وترا) أَي سبعا كَمَا تفيده رِوَايَة مُسلم يَعْنِي فَإِن ذَلِك يزِيل الْأَلَم أَو يخففه (ت ك) فِي الطِّبّ (عَن أنس) بن مَالك قَالَ ك صَحِيح
(إِذا اشْتهى مَرِيض أحدكُم شَيْئا) يَأْكُلهُ (فليطعمه) مَا اشتهاه ندبا لأنّ الْمَرِيض إِذا تنَاول مشتهاه عَن شَهْوَة صَادِقَة طبيعية وَكَانَ فِيهِ ضَرَر مَا فَهُوَ أَنْفَع لَهُ مِمَّا لَا يشتهيه وَإِن كَانَ نَافِعًا لَكِن لَا يطعم إِلَّا قَلِيلا بِحَيْثُ تنكسر حدّة شَهْوَته قَالَ بقراط الإقلال من الضارّ خير من الْإِكْثَار من النافع وَوُجُود الشَّهْوَة فِي الْمَرِيض عَلامَة جَيِّدَة عِنْد الْأَطِبَّاء قَالَ ابْن سينا مَرِيض يَشْتَهِي أحبّ إليّ من صَحِيح لَا يَشْتَهِي وَقيل لمريض مَا تشْتَهي قَالَ أشتهي أَن أشتهي (هـ عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا أصَاب أحدكُم مُصِيبَة) بلَاء وشدّة أَو فقد مَحْبُوب (فَلْيقل) ندبا مؤكدا (إِنَّا لله) ملكا وخلقا وعبيدا (وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون) بِالْبَعْثِ والنشور (اللهمّ عنْدك) قدّم للاختصاص أَي لَا عِنْد غَيْرك (أحتسب) أدّخر ثَوَاب (مصيبتي) فِي صَحَائِف حسناتي (فأجرني) بالمدّ وَالْقصر (فِيهَا) أَي عَلَيْهَا (وأبدلني بهَا خيرا مِنْهَا) يَعْنِي بِهَذِهِ الْمُصِيبَة أَي اجْعَل بدل مَا فَاتَ شَيْئا آخر أَنْفَع مِنْهُ (د ك عَن أم سَلمَة) أم الْمُؤمنِينَ (ت هـ عَن أبي سَلمَة) عبد الله المَخْزُومِي
(إِذا أصَاب أحدكُم همّ) أَي حزن (أولأ واء) بِفَتْح فَسُكُون فمدّ شدّة وضيق معيشة (فَلْيقل) ندبا (الله الله) كرّره استلذاذا بِذكرِهِ (رَبِّي) أَي المحسن إليّ بإيجادي وتوفيقي (لَا أشرك بِهِ شَيْئا) فِي رِوَايَة لَا شريك لَهُ وَالْمرَاد أَن ذَا يفرّج الهمّ والغمّ إِن صدقت النِّيَّة (طس عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه ونوزع
(إِذا أصَاب أحدكُم مُصِيبَة فليذكر مصيبته بِي) أَي بفقدي من بَين أظهر هَذِه الأمّة وَانْقِطَاع الْوَحْي (فَإِنَّهَا من أعظم المصائب) بل هِيَ أعظمها قَالَ أنس مَا نفضنا أَيْدِينَا من التُّرَاب من دَفنه حَتَّى أَنْكَرْنَا قُلُوبنَا (عد هَب عَن ابْن عَبَّاس طب عَن سابط الجُمَحِي) القرشيّ الصَّحَابِيّ رمز الْمُؤلف لضَعْفه لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا أَصبَحت) أَي صرت فِي الصَّباح (آمنا) بالمدّ أَي ذَا أَمن (فِي سربك) بِكَسْر السِّين نَفسك وَبِفَتْحِهَا مسلكك وطريقتك (معافى فِي بدنك) من البلايا والرزايا (عنْدك قوت يَوْمك) أَي مؤنتك وَمؤنَة من تلزمك مُؤْنَته ذَلِك الْيَوْم (فعلى الدُّنْيَا) الدنيئة (وَأَهْلهَا العفاء) الدُّرُوس وَذَهَاب الْأسر (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف وَفِي الْبَاب غَيره أَيْضا
(إِذا أصبح ابْن آدم) أَي دخل فِي الصَّباح (فإنّ الْأَعْضَاء) جمع عُضْو كل عظم وافر بِلَحْمِهِ (كلهَا) تَأْكِيد (تكفر اللِّسَان) تذل وتخضع لَهُ (فَتَقول) أَي حَقِيقَة أَو هُوَ مجَاز بِلِسَان الْحَال (اتَّقِ الله فِينَا) أَي خفه فِي حفظ حقوقنا (فَإِنَّمَا نَحن بك) أَي نستقم وتعوج بك (فَإِن(1/74)
اسْتَقَمْت) أَي اعتدلت (استقمنا) اعتدلنا تبعا لَك (وَإِن اعوججت) ملت عَن طَرِيق الْهدى (اعوججنا) ملنا عَنهُ اقْتِدَاء بك فَنَطَقَ اللِّسَان يُؤثر فِي أَعْضَاء الْإِنْسَان بالتوفيق والخذلان فَللَّه درّه من عُضْو مَا أصغره وَأعظم نَفعه وضرّه (ت) فِي الزّهْد (وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (هَب) كلهم (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا أَصْبَحْتُم) أَي دَخَلْتُم فِي الصَّباح (فَقولُوا) ندبا (اللهمّ بك) قدّمه للاختصاص (أَصْبَحْنَا وَبِك أمسينا) أَي أَصْبَحْنَا وأمسينا ملتبسين بنعمتك أَو بحياطتك وحفظك (وَبِك نحيا وَبِك نموت) أَي يستمرّ حَالنَا على هَذَا فِي جَمِيع الْأَزْمَان وَسَائِر الأحيان (وَإِلَيْك) لَا الى غَيْرك (الْمصير) الْمرجع فِي نيل الثَّوَاب مِمَّا نكتسبه فِي حياتنا (هـ وَابْن السّني عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن ذكره النَّوَوِيّ
(إِذا اصطحب أَي تلازم (رجلَانِ) أَو امْرَأَتَانِ أَو خنثيان (مسلمان فحال) أَي حجز (بَينهمَا شجر) يمْنَع الرُّؤْيَة (أَو حجر) بِالتَّحْرِيكِ أَي صَخْرَة (أَو مدر) بِفَتْح الدَّال تُرَاب ملبد أَو قطع طين يابسة أَو نَحْو ذَلِك (فليسلم) ندبا (أَحدهمَا على الآخر) لِأَنَّهُمَا يعدَّانِ عرفا متفرّقين (ويتباذلوا) بذال مُعْجمَة أَي يفشوا (السَّلَام) ندبا للمبتدئ ووجوبا للرادّ (هَب عَن أبي الدَّرْدَاء) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا اضطجعت) أَي وضعت جَنْبك بِالْأَرْضِ (فَقل) ندبا (بِسم الله) أَي أَضَع جَنْبي وَالْبَاء للمصاحبة أَو الملابسة (أعوذ) أَي أَعْتَصِم (بِكَلِمَات الله) أَي كتبه الْمنزلَة على رسله أَو صِفَاته (التامّة) أَي الخالية عَن التناقص وَالِاخْتِلَاف والنقائص (من غَضَبه) أَي سخطه على من عَصَاهُ وإعراضه عَنهُ (وعقابه) أَي عُقُوبَته (وَمن شرّ عباده) من أهل السَّمَاء وَالْأَرْض (وَمن همزات الشَّيَاطِين) أَي نزعاتهم ووساوسهم (وَأَن يحْضرُون) أَي يحومون حَولي فِي شَيْء من أموري لأَنهم إِنَّمَا يحْضرُون لسوء (أَبُو نصر السجْزِي فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(إِذا أَطَالَ أحدكُم الْغَيْبَة) فِي سفر أَو غَيره (فَلَا يطْرق) بِفَتْح أوّله (أَهله) أَي لَا يفجأ حلائله بالقدوم عَلَيْهِم (لَيْلًا) لتفويت التأهب عَلَيْهِم بل يصبر حَتَّى يصبح لكَي تمتشط الشعثة وتستحدّ المغيبة (حم ق عَن جَابر)
(إِذا اطْمَأَن الرجل إِلَى الرجل) أَي سكن قلبه بتأمينه لَهُ (ثمَّ قَتله بَعْدَمَا اطمأنّ إِلَيْهِ) بِغَيْر مُوجب شَرْعِي (نصب لَهُ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول لتذهب النَّفس كل مَذْهَب تهويلا لِلْأَمْرِ (يَوْم الْقِيَامَة) يَوْم الْجَزَاء الْأَكْبَر (لِوَاء) بِكَسْر ومدّ أَي علم (غدر) يَعْنِي من غدر فِي الدُّنْيَا تعدّيا عُوقِبَ فِي العقبى عقَابا أَلِيمًا لأنّ الْجَزَاء من جنس الْعَمَل (ك عَن عَمْرو بن الْحمق) الكاهن الْخُزَاعِيّ
(إِذا أعْطى الله أحدكُم خيرا) أَي مَالا (فليبدأ) لُزُوما (بِنَفسِهِ) أَي بِالْإِنْفَاقِ مِنْهُ على نَفسه (وَأهل بَيته) يَعْنِي ثمَّ من تلْزمهُ مؤنتهم كَمَا مرّ (حم م) فِي الْمَغَازِي من حَدِيث طَوِيل (عَن جَابر بن سَمُرَة)
(إِذا أعْطى أحدكُم الريحان) مَاله رَائِحَة طيبَة أَو نبت مَخْصُوص (فَلَا يرّده) ندبا فإنّ قبُوله مَحْبُوب مَطْلُوب (فَإِنَّهُ خرج من الْجنَّة) يَعْنِي يشبه ريحَان الْجنَّة أَو هُوَ على ظَاهره ويدّعي سلب خواصه الَّتِي مِنْهَا أَنه لَا يتَغَيَّر وَلَا يذبل وَلَا يَنْقَطِع رِيحه (د فِي مراسيله ت) فِي الاسْتِئْذَان (عَن أبي عُثْمَان النَّهْدِيّ مُرْسلا) أدْرك زمن الْمُصْطَفى وَلم يسمع مِنْهُ
(إِذا أَعْطَيْت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (شيأ) من جنس المَال (من غير أَن تسْأَل) فِيهِ (فَكل) مِنْهُ إرشادا يَعْنِي أنتفع بِهِ (وتصدّق) مِنْهُ فِيهِ إِشَارَة إِلَى أَن شَرط قبُول المبذول علم حلّه بِاعْتِبَار الظَّاهِر (م د ن عَن عمر)
(إِذا أعطيتم الزَّكَاة) الْمَالِيَّة أَو الْبَدَنِيَّة (فَلَا تنسوا) أَي(1/75)
فَلَا تتركوا (ثَوَابهَا) وَذَلِكَ (أَن تَقولُوا) أَي تدعوا للمعطي بِنَحْوِ (اللهمّ اجْعَلْهَا) للمعطي (مغنما) أَي غنيمَة مدخرة لَهُ فِي الْآخِرَة يفوز بهَا (وَلَا تجعلها مغرما) أَي لَا تجعلني أرى إخْرَاجهَا غَرَامَة أغرمها وَهَذَا التَّقْرِير بِنَاء على أَن أعطيتم مبنيّ للْفَاعِل وَيُمكن بِنَاؤُه للْمَفْعُول وتوجيهه لَا يخفى (هـ ع عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعفاء
(إِذا أفطر أحدكُم) أَيهَا الصائمون أَي أَرَادَ الْفطر (فليفطر) أَي فَلْيَكُن فطره ندبا (على تمر) أَي بِتَمْر وَالْأَفْضَل بِسبع وَالْأولَى من رطب فعجوة (فَإِنَّهُ بركَة) أَي فإنّ فِي الْإِفْطَار عَلَيْهِ ثَوابًا كثيرا فَالْأَمْر بِهِ شَرْعِي وَفِيه شوب إرشاد (فَإِن لم يجد تَمرا) يَعْنِي لم يَتَيَسَّر (فليفطر على المَاء) القراح (فَإِنَّهُ طهُور) بِالْفَتْح مطهر مُحَصل للمقصود مزيل للوصال الْمَمْنُوع (حم 4 وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (حب) كلهم فِي الصَّوْم (عَن سلمَان بن عَامر الضَّبِّيّ) صحابيّ سكن الْبَصْرَة وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا أقبل اللَّيْل) يَعْنِي ظلمته (من هَهُنَا) يَعْنِي من جِهَة الْمشرق (وَأدبر النَّهَار) أَي ضوءه (من هَهُنَا) أَي من جِهَة الْمغرب وَزَاد (وغربت الشَّمْس) مَعَ أنّ مَا قبله كَاف إِشَارَة إِلَى اشْتِرَاط تحقق كَمَال الْغُرُوب (فقد أفطر الصَّائِم) أَي انْقَضى صَوْمه أَو تمّ صَوْمه شرعا أَو أفطر حكما أَو دخل وَقت إفطاره وَيُمكن كَمَا قَالَه الطَّيِّبِيّ حمل الْأَخْبَار على الْإِنْشَاء إِظْهَار للحرص على وُقُوع الْمَأْمُور بِهِ أَي إِذا أقبل اللَّيْل فليفطر الصَّائِم لأنّ الخبرية منوطة بتعجيل الْإِفْطَار فَكَأَنَّهُ وَقع وَحصل وَهُوَ مخبر عَنهُ وَفِيه ردّ على المواصلين لأنّ اللَّيْل لَا يقبل الصَّوْم (ق د ت عَن عمر) بن الْخطاب وَله سَبَب مَعْرُوف
(إِذا اقْترب) افتعل من الْقرب (الزَّمَان) أَي اقْتَرَبت السَّاعَة (لم تكد رُؤْيا الرجل الْمُسلم) فِي مَنَامه (تكذب) لانكشاف المغيبات وَظُهُور الخوارق حِينَئِذٍ (وأصدقهم) أَي الْمُسلمين الْمَدْلُول عَلَيْهِم بِلَفْظ مُسلم (رُؤْيا أصدقهم حَدِيثا) فَإِن غير الصَّادِق فِي حَدِيثه يتطرّق الْخلَل إِلَى رُؤْيَاهُ وحكايته إِيَّاهَا فَمن كَانَ حَدِيثه أصدق كَانَت رُؤْيَاهُ أصدق وَقَالَ الغزاليّ إِنَّمَا كَانَ من تعوّد الصدْق تصدق رُؤْيَاهُ غَالِبا بالتجربة لأنّ الصدْق حصل فِي قلبه هَيْئَة صَادِقَة تتلقى لوائح النّوم على الصِّحَّة بِخِلَاف الْكذَّاب فَإِنَّهَا تكذب غَالِبا وَكَذَا الشَّاعِر لتعوّده التخيلات فاعوج لذَلِك صُورَة قلبه فَإِن كنت تُرِيدُ أَن تلمح جنَّات الفردوس فاترك ظَاهر الْإِثْم وباطنه وَالْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن واترك الْكَذِب حَتَّى فِي حَدِيث النَّفس ترى الْعجب العجاب (ق هـ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا أقْرض أحدكُم أَخَاهُ) فِي الدّين وَهُوَ غالبى فالذمّيّ كَذَلِك فِيمَا أظنّ (قرضا) هُوَ بِمَعْنى المقروض (فأهدى) أَي الْأَخ الْمُقْتَرض (إِلَيْهِ) أَي إِلَى الْمقْرض (طبقًا) محرّكا هُوَ مَا يُؤْكَل عَلَيْهِ (فَلَا يقبله أَو حمله على دَابَّته) أَي أَرَادَ أَن يركبه دَابَّته أَو أَن يحمل عَلَيْهَا مَتَاعا لَهُ (فَلَا يركبهَا) وَلَا يحمل عَلَيْهَا (إِلَّا أَن يكون جرى بَينه وَبَينه قبل ذَلِك) فَإِنَّهُ يجوز الْآن وَهَذَا منزل على الْوَرع أَو على مَا إِذا شَرط عَلَيْهِ ذَلِك (ص هـ هق عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد حسن
(إِذا اقشعرّ) بِالتَّشْدِيدِ (جلد العَبْد) أَخَذته قشعريرة أَي رعدة (من خشيَة الله) أَي من خَوفه (تحاتت) أَي تساقطت وزالت (عَنهُ خطاياه) أَي ذنُوبه (كَمَا يتحاتّ عَن الشَّجَرَة الْيَابِسَة وَرقهَا) تَشْبِيه تمثيلي لانتزاع أُمُور متوهمة فِي الْمُشبه من الْمُشبه بِهِ وَوجه الشّبَه الْإِزَالَة الْكُلية على سَبِيل السرعة (سموية) فِي فَوَائده (طب) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن الْعَبَّاس) بن عبد الْمطلب وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(إِذا أقل الرجل) ذكر الرجل وصف طردي غالبى وَالْمرَاد الْإِنْسَان (الطّعْم) بِالضَّمِّ أَي الْأكل لصوم أَو غَيره(1/76)
على الصَّوَاب (مَلأ) الله (جَوْفه نورا) أَي مَلأ بَاطِنه بِالنورِ ثمَّ يفِيض ذَلِك النُّور على الْجَوَارِح فتصدر عَنْهَا الْأَعْمَال الصَّالِحَة وَإِنَّمَا كَانَ الْجُوع يُورث تنوير الْجوف لِأَنَّهُ يُورث صفاء الْقلب وتنوير البصيرة ورقة الْقلب حَتَّى يدْرك لَذَّة الْمُنَاجَاة وذل النَّفس وَزَوَال البطر والطغيان وَذَلِكَ سَبَب لفيضان النُّور والجوع هُوَ أساس طَرِيق الْقَوْم قَالَ الكنانيّ كنت أَنا وَعَمْرو الْمَكِّيّ وَعَيَّاش نصطحب ثَلَاثِينَ سنة نصلي الْغَدَاة بِوضُوء الْعَصْر وَنحن على التَّجْرِيد مَا لنا مَا يُسَاوِي فلسًا فنقيم ثَلَاثَة أَيَّام وَأَرْبَعَة وَخَمْسَة لَا نَأْكُل شَيْئا وَلَا نسْأَل فَإِن ظهر لنا شَيْء وعرفنا حلّه أكلنَا وَإِلَّا طوينا فَإِذا اشْتَدَّ الْجُوع وخفنا التّلف أَتَيْنَا أَبَا سعيد الخرّاز فيتخذ لنا ألوانا كَثِيرَة ثمَّ نرْجِع لما كُنَّا عَلَيْهِ (فر عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة) أَي شرع فِي إِقَامَتهَا وَمثله إِذا قرب وَقتهَا (فَلَا صَلَاة) أَي كَامِلَة (إِلَّا الْمَكْتُوبَة) الَّتِي أقيم لَهَا أَي لَا يَنْبَغِي أَن يشْتَغل إِلَّا بهَا لِئَلَّا يفوتهُ فضل تحرّمه مَعَ الإِمَام (م 4 عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب ابْن عمر وَغَيره
(إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة) نبه بِالْإِقَامَةِ على مَا سواهَا لِأَنَّهُ إِذا نهي عَن إتيانها سعيا حَال الْإِقَامَة مَعَ خوف فَوت الْبَعْض فقبلها أولى (فَلَا تأتوها وَأَنْتُم) حَال من ضمير الْفَاعِل (تسعون) تهرولون وَإِن خِفْتُمْ فَوت التبكير أَو التَّكْبِير (و) لَكِن (ائتوها وَأَنْتُم تمشون) بهينة (وَعَلَيْكُم السكينَة) أَي الزموا الْوَقار فِي الْمَشْي وغض الْبَصَر وخفض الصَّوْت وَعدم الِالْتِفَات والعبث (فَمَا أدركتم) مَعَ الإِمَام من الصَّلَاة (فصلو) هـ مَعَه (وَمَا فاتكم) مِنْهَا (فَأتمُّوا) أَي فأتموه يَعْنِي أكملوه وحدكم فَعلم أَن مَا أدْركهُ الْمَسْبُوق أوّل صلَاته إِذْ الْإِتْمَام يَقع على بَاقِي شَيْء تقدّم وَعَلِيهِ الشَّافِعِيَّة وَقَالَ الْحَنَفِيَّة آخر صلَاته بِدَلِيل رِوَايَة فاقضوا بدل فَأتمُّوا فيجهر فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ عِنْدهم لَا عِنْد الشَّافِعِيَّة (حم ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة) أَي نَادَى الْمُؤَذّن بِالْإِقَامَةِ (فَلَا تقوموا) ندبا (حَتَّى تروني) خرجت لِئَلَّا يطول عَلَيْكُم الْقيام وَقد يعرض مَا يَقْتَضِي التَّأْخِير (حم ق د ن عَن أبي قَتَادَة) الْحَرْث بن ربعي أَو النُّعْمَان (زَاد 3 قد خرجت إِلَيْكُم)
(إِذا أُقِيمَت الصَّلَاة وَحضر الْعشَاء) كسماء مَا يُؤْكَل عِنْد الْعشَاء وَالْمرَاد بِحُضُورِهِ وَضعه بَين يَدي الْآكِل أَو قرب حُضُوره وتاقت نَفسه لَهُ (فابدؤا) ندبا (بالعشاء) إِن اتَّسع الْوَقْت وَهَذَا وَإِن ورد فِي صَلَاة الْمغرب لكنه مطرد فِي كل صَلَاة نظرا لِلْعِلَّةِ وَهِي خوف فَوت الْخُشُوع (حم ق ت ن هـ عَن أنس) بن مَالك (ق هـ عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب (خَ هـ عَن عَائِشَة حم طب عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع) الْأَسْلَمِيّ (طب عَن ابْن عَبَّاس)
(إِذا اكتحل أحدكُم) افتعل أَي جعل الْكحل فِي عينه (فليكتحل) ندبا (وترا) أَي موترا فَهُوَ نصب على الْحَال أَو صفة لمَحْذُوف أَي اكتحالا وترا فِي كل عين وَكَونه ثَلَاثًا وليلا أولى (وَإِذا استجمر) أَي اسْتعْمل الْأَحْجَار فِي الِاسْتِنْجَاء أَو المُرَاد تبخر عود وَهُوَ أنسب بِمَا قبله (فليستجمر) ندبا (وترا) ثَلَاثًا أَو خمْسا وَهَكَذَا مَعَ الانقاء (حم عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب عقبَة بن عَامر وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا أكفر الرجل أَخَاهُ) أَي قَالَ لَهُ يَا كَافِر أَو قَالَ عَنهُ فلَان كَافِر (فقد بَاء) بالمدّ رَجَعَ (بهَا) أَي بالمعصية الْمَذْكُورَة حكما يَعْنِي رَجَعَ (أَحدهمَا) بِمَعْصِيَة اكفاره فالراجع عَلَيْهِ التَّكْفِير لَا الْكفْر أَو المُرَاد أنّ ذَلِك يؤل بِهِ إِلَى الْكفْر إِذا الْمعاصِي بريد الْكفْر فَلَا ضَرُورَة لحمله على المستحل وَلَا اتجاه لَهُ (م عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا أكل أحدكُم طَعَاما) أَي تنَاول شَيْئا ليسغيه (فليذكر) ندبا وَلَو حَائِضًا وجنبا (اسْم الله) بِأَن يَقُول بِسم الله(1/77)
والأكمل إكمالها وَذَلِكَ لأنّ اسْم الله نَافِع يقي الإسواء وَيدْفَع الإدواء وَيدْفَع ضَرَر الطَّعَام ويجلب الشِّفَاء لمن ذكر بقلب حَاضر مَعَ مَا فِيهِ من عود الْبركَة على الطَّعَام بتكثيره ولحضور الْقلب عِنْد التَّسْمِيَة للْأَكْل أثر كَبِير يُدْرِكهُ أَرْبَاب البصائر (فَإِن نسي) أَو تعمد بِالْأولَى (أَن يذكر اسْم الله فِي أوّله فَلْيقل) وَلَو بعد فرَاغ الْأكل على مَا قيل لكنه عليل (بِسم الله على أوّله وَآخره) أَي آكل أوّله وَآخره بِسم الله فالجار وَالْمَجْرُور حَال من فَاعل الْفِعْل المقدّر (د ت ك عَن عَائِشَة) قَالَ ك صَحِيح
(إِذا أكل أحدكُم) أَي أَرَادَ أَن يَأْكُل (طَعَاما) غير لبن (فَلْيقل) ندبا مؤكدا (اللهمّ بَارك لنا فِيهِ) من الْبركَة وَهِي زِيَادَة الْخَيْر ونموّه ودوامه (وأبدلنا خيرا مِنْهُ) من طَعَام الْجنَّة أَو أعمّ (وَإِذا شرب) أَي تنَاول (لَبَنًا) وَلَو غير حليب وَعبر بالشرب لِأَنَّهُ الْغَالِب (فَلْيقل اللَّهُمَّ بَارك لنا فِيهِ وزدنا مِنْهُ) وَلَا يَقُول خيرا مِنْهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَطْعِمَة خير مِنْهُ (فَإِنَّهُ لَيْسَ شَيْء يجزى) بِضَم أوّله يَكْفِي (من الطَّعَام وَالشرَاب إِلَّا اللَّبن) يَعْنِي لَا يَكْفِي فِي دفع الْعَطش والجوع مَعًا شَيْء وَاحِد إِلَّا هُوَ لِأَنَّهُ مركب من جبنية وسمنية ومائية (حم د ت هـ هَب عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده صَحِيح أَو حسن
(إِذا أكل أحدكُم طَعَاما) ملوّثا وَفرغ من الْأكل (فَلَا يسمح) ندبا (يَده) الَّتِي أكل بهَا أَي أَصَابِعه بِدَلِيل خبر مُسلم كَانَ يَأْكُل بِثَلَاثَة أَصَابِع فَإِذا فرغ لعقها (بالمنديل) بِكَسْر الْمِيم (حَتَّى يلعقها) بِفَتْح أوّله ثلاثيا أَي يلحسها بِنَفسِهِ (أَو يلعقها) بِضَم أوّله رباعيا أَي يَجْعَل غَيره مِمَّن لَا يتقذر ذَلِك كحليلته وخادمه وَولده يلحسها لأنّ الْمسْح بالمنديل قبل اللعق عَادَة الْجَبَابِرَة ثمَّ مَحل ذَلِك إِذا لم يكن فِي الطَّعَام غمر وَإِلَّا غسلهَا الْخَبَر التِّرْمِذِيّ من نَام وَفِي يَده غمر فَأَصَابَهُ شَيْء فَلَا يلومنّ إِلَّا نَفسه (حم ق د هـ عَن ابْن عَبَّاس حم م ن هـ عَن جَابر) بن عبد الله (بِزِيَادَة فَإِنَّهُ) أَي الْآكِل (لَا يدْرِي فِي أيّ) جُزْء من أَجزَاء (طَعَامه) تكون (الْبركَة) أفيما أكل أَو فِي الْبَاقِي بأصابعه فيحفظ تِلْكَ الْبركَة بلعقها
(إِذا أكل أحدكُم طَعَاما فليلعق أَصَابِعه) أَي فِي آخر الطَّعَام لَا فِي أَثْنَائِهِ لِأَنَّهُ يمس بأصابعه بصاقه فِي فِيهِ إِذا لعقها ثمَّ يُعِيدهَا فَيصير كَأَنَّهُ بَصق فِيهِ وَذَلِكَ مستقبح ذكره القرطبيّ (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه تكون الْبركَة) فَإِنَّهُ تَعَالَى قد يخلق الشِّبَع عِنْد لعق الْأَصَابِع أَو الْقَصعَة قَالَ النَّوَوِيّ وَالْمرَاد بِالْبركَةِ مَا يحصل بِهِ التغذي وَيُقَوِّي على الطَّاعَة (حم م ت عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن زيد بن ثَابت طس عَن أنس) بن مَالك
(إِذا أكل أحدكُم طَعَاما) أَي ملوّثا (فليغل يَده) الَّتِي أكل بهَا (من وضر) بِالتَّحْرِيكِ (اللَّحْم) أَي دسمه وزهومته فَإِن إهمال ذَلِك وَالْمَبِيت بِهِ يُورث اللَّحْم (عدا عَن ابْن عمر) بن الْخطاب باسناد ضَعِيف
إِذا أكل أحدكُم) أى أَرَادَ أَن يَأْكُل (فَليَأْكُل) ندبا مؤكدا (بِيَمِينِهِ) أَي بِيَدِهِ الْيُمْنَى حَيْثُ لَا عذر (وَإِذا شرب فليشرب بِيَمِينِهِ) كَذَلِك أَنَّهَا أشرف من الشمَال وَأقوى غَالِبا وأسبق للأعمال وَأمكن فِي الأشغال ثمَّ هِيَ مُشْتَقَّة من الْيمن وَالْبركَة وَقد شرّف الله أهل الْجنَّة بنسبتهم إِلَيْهَا كَمَا ذمّ أهل النَّار بنسبتهم إِلَى الشمَال فَقَالَ فأصحاب الميمنة مَا أَصْحَاب الميمنة وَعَكسه فِي أَصْحَاب الشمَال فاليمين وَمَا نسب إِلَيْهَا وَمَا اشتق مِنْهَا مَحْمُود لِسَانا وَشرعا ودينا وَأُخْرَى وَالشمَال بالضدّ حَتَّى قَالَ الشَّاعِر
(أنبئ أَفِي يمنى يَديك جَعَلتني ... فَأَفْرَح أم صيرتني فِي شمالكا)
وَقيل يحرم (فإنّ الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بِشمَالِهِ) حَقِيقَة أَو يحمل أولياءه من الْإِنْس(1/78)
على ذَلِك ليضادّ بِهِ الصلحاء (حم م د عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ن عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا أكل أحدكُم) أَي أَرَادَ أَن يَأْكُل (فَليَأْكُل بِيَمِينِهِ وليشرب بِيَمِينِهِ وليأخذ بِيَمِينِهِ وليعط بِيَمِينِهِ) لأنّ من حق النِّعْمَة الْقيام بشكرها وَحقّ الْكَرَامَة أَن تتلقى بِالْيَمِينِ فَيكْرَه بالشمال بِلَا عذر (فَإِن الشَّيْطَان يَأْكُل بِشمَالِهِ وَيشْرب بِشمَالِهِ وَيَأْخُذ بِشمَالِهِ وَيُعْطِي بِشمَالِهِ) قَالَ الْغَزالِيّ للْيَمِين زِيَادَة على الْيَسَار غَالِبا بِفضل القوّة فَلذَلِك كَانَ الْعدْل أَن يفضلها على الْيَسَار ويستعملها فِي الْأَعْمَال الشَّرِيفَة كأخذ مصحف وَطَعَام وَيتْرك الْيَسَار للاستنجاء وَتَنَاول المستقذرات وقلم الظفر وتطهير لليد فيفعل بِالْيَمِينِ انْتهى وَأخذ جمع حنابلة ومالكية وظاهرية من التَّعْلِيل بِهِ حُرْمَة أكله أَو شربه أَو أَخذه أَو إِعْطَائِهِ بهَا بِلَا عذر لأنّ فَاعل ذَلِك إمّا شَيْطَان أَو شَبيه بِهِ (الْحسن بن سُفْيَان فِي مُسْنده) الْمَشْهُور (عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا أكل أحدكُم طَعَاما فَسَقَطت لقْمَة فليمط مَا رابه مِنْهَا) أَي فلينح مَا يعافه مِمَّا أَصَابَهَا (ثمَّ ليطعمها) بِفَتْح التَّحْتِيَّة وَسُكُون الطَّاء أَي ليأكلها (وَلَا يَدعهَا) أَي يَتْرُكهَا (للشَّيْطَان) جعل تَركهَا إبْقَاء لَهَا للشَّيْطَان لِأَنَّهُ تَضْييع للنعمة وَهُوَ يرضاه وَيَأْمُر بِهِ (ت عَن جَابر) بن عبد الله وَإِسْنَاده حسن
(إِذا أكلْتُم الطَّعَام) أَي أردتم أكله (فاخلعوا نعالكم) انزعوها من أَرْجُلكُم (فَإِنَّهُ أروح لأقدامكم) لفظ رِوَايَة الْحَاكِم أبدانكم بدل أقدامكم وَتَمام الحَدِيث وَأَنَّهَا سنة جميلَة (طس ع ك عَن أنس) ابْن مَالك صَححهُ الْحَاكِم وَاعْترض
(إِذا التقى) من اللِّقَاء وَهُوَ مُقَابلَة الشَّيْء ومواجهته (المسلمان بسيفيهما) أَو مَا فِي مَعْنَاهُمَا كخنجريهما أَو رمحيهما بِلَا تَأْوِيل سَائِغ وَفِيه حذف تَقْدِيره متقاتلان (فَقتل أَحدهمَا صَاحبه فالقاتل والمقتول فِي النَّار) نَار جَهَنَّم أَي هما يستحقان ذَلِك (قيل) يَعْنِي قَالَ أَبُو بكرَة رَاوِيه (يَا رَسُول الله هَذَا الْقَائِل) أَي يسْتَحق النَّار) فَمَا بَال الْمَقْتُول) أَي مَا ذَنبه يَسْتَحِقهَا أَيْضا (قَالَ) رَسُول الله (أَنه كَانَ حَرِيصًا على قتل صَاحبه) فَكل مِنْهُمَا ظَالِم وَلَا يلْزم من كَونهمَا فِي النَّار كَون عذابهما فِي رُتْبَة وَاحِدَة فالقاتل يعذب على الْقِتَال وَالْقَتْل والمقتول يعذب على الْقِتَال فَقَط (حم ق د ن عَن أبي بكرَة هـ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إِذا التقى المسلمان) الذكران أَو الأنثيان أَو الذّكر ومحرمه أَو حليلته (فتصافحا) أَي وضع كل مِنْهُمَا يَده فِي يَد صَاحبه عقب تلاقيهما بِلَا تراخ بعد سلامهما (وحمدا الله) بِكَسْر الْمِيم (واستغفرا) الله أَي طلبا من الله الْمَغْفِرَة (غفر) أَي غفر الله (لَهما) زَاد أَبُو دَاوُد قبل أَن يتفرّقا وَالْمرَاد الصَّغَائِر قِيَاسا على النَّظَائِر وَالْكَلَام فِي غير أَمْرَد جميل وأجذم وأبرص (د عَن الْبَراء) بن عَازِب وَفِيه اضْطِرَاب
(إِذا التقى المسلمان فَسلم أَحدهمَا على صَاحبه كَانَ أحبهما إِلَى الله) أَي أكثرهما ثَوابًا عِنْده (أحسنهما بشرا) بِكَسْر الْبَاء طلاقة وَجه وَفَرح وَتَبَسم (بِصَاحِبِهِ) لأنّ الْمُؤمن عَلَيْهِ سمة الْإِيمَان وبهاؤه ووقاه فأحسنهما بشرا أفهمهما لذَلِك (فَإِذا تصافحا) كَمَا مرّ (أنزل الله عَلَيْهِمَا مائَة رَحْمَة للبادئ) مِنْهُمَا بِالسَّلَامِ والمصافحة (تسعون) بِتَقْدِيم التَّاء على السِّين (وللمصافح) بِفَتْح الْفَاء (عشرَة) لأنّ الصفاح كالبيعة فَإِذا لقِيه فصافحه فَكَأَنَّهُ بَايعه فَفِي كل مرّة يلقاه يجدّد بيعَته وَالسَّابِق إِلَى التَّجْدِيد لَهُ الأحظ الأوفر لحضه على التَّمَسُّك بالأخوّة وَالْولَايَة وَفِيه أنّ الْمَنْدُوب قد يفضل الْوَاجِب (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (وَأَبُو الشَّيْخ) ابْن حَيَّان (عَن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه ونوزع
(إِذا التقى الختانان) أَي تحاذيا لَا تماسا كَمَا يُقَال(1/79)
التقى الفارسان إِذا تحاذيا وَإِن لم يتلاصقا قَالَ الطَّيِّبِيّ وَفِيه دَلِيل على أَنه لَو لف على ذكره خرقَة وَأدْخلهُ وَجب الْغسْل وَالْمرَاد ختان الرجل وخفاض الْمَرْأَة فجمعهما بِلَفْظ وَاحِد تَغْلِيبًا (فقد وَجب الْغسْل) على الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَلَو بِلَا إِنْزَال فالموجب مغيب الْحَشَفَة والحصر فِي خبر إِنَّمَا المَاء من المَاء مَنْسُوخ وَكَذَا خبر الصَّحِيحَيْنِ إِذا جَامع الرجل امْرَأَته ثمَّ أكسل أَي لم ينزل فليغسل مَا أصَاب الْمَرْأَة مِنْهُ ثمَّ ليتوضأ وَذكر الْخِتَان غالبى فَيجب بِدُخُول ذكر بِلَا حَشَفَة فِي دبر أَو فرج بَهِيمَة عِنْد الشافعيّ (هـ عَن عَائِشَة وَعَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَرِجَال حَدِيث عَائِشَة ثِقَات
(إِذا ألْقى الله فِي قلب امْرِئ خطْبَة امْرَأَة) بِكَسْر الْخَاء التمَاس نِكَاحهَا (فَلَا بَأْس) أَي لَا حرج (أَن ينظر إِلَيْهَا) أَي إِلَى الْوَجْه وَالْكَفَّيْنِ مِنْهَا فَقَط بل يسنّ وَإِن لم تَأذن وَلَا وَليهَا اكْتِفَاء بِإِذن الشَّارِع (حم هـ ك) فِي المناقب (هق) كلهم (عَن مُحَمَّد بن مسلمة) بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام الْأنْصَارِيّ وَفِيه غرابة وَضعف
(إِذا أمّ أحدكُم النَّاس) أَي صلى بهم إِمَامًا (فليخفف) صلَاته ندبا وَقيل وجوبا بِأَن لَا يخل بِأَصْل سننها وَلَا يستوعب الْأَكْمَل (فإنّ فيهم الصَّغِير) أَي الطِّفْل (وَالْكَبِير) سنا (والضعيف) أَي خلقَة بِدَلِيل تعقيبه بقوله (وَالْمَرِيض) مَرضا يشق مَعَه التَّطْوِيل (وَذَا الْحَاجة) عطف عَام على خَاص إِذْ هِيَ أعمّ الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة نعم لَهُ التَّطْوِيل إِذا أمّ بمحصورين راضين لم يتَعَلَّق بعينهم حق وَحذف الْمَعْمُول ليُفِيد الْعُمُوم لكل صَلَاة وَلَو نفلا (وَإِذا صلى بِنَفسِهِ) أَي مُنْفَردا (فليطوّل) فِي صلَاته (مَا شَاءَ) فِي الْقِرَاءَة وَالرُّكُوع وَالسُّجُود وَالتَّشَهُّد وَإِن خرج الْوَقْت على الْأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة (حم ق ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَضِيَّة صَنِيع الْمُؤلف أنّ الْكل رَوَوْهُ هَكَذَا وَهُوَ وهم فَلم يذكر البُخَارِيّ وَذَا الْحَاجة
(إِذا أمّن) بِالتَّشْدِيدِ (الإِمَام) أَي إِذا فرغ الإِمَام من قِرَاءَة الْفَاتِحَة فِي الجهرية (فأمّنوا) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ مقارنين لَهُ وَظَاهره أَنه إِذا لم يؤمّن لَا يؤمّنوا وَلَيْسَ مرَادا (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (وَمن وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة) قولا وزمنا وَقيل إخلاصا وخشوعا وَاعْترض وَالْمرَاد جَمِيعهم أَو الْحفظَة أَو من يشْهد الصَّلَاة (غفر لَهُ مَا تقدّم) زَاد فِي رِوَايَة للجرجاني فِي أَمَالِيهِ وَمَا تَأَخّر وَعَلَيْهَا اعْتمد الْغَزالِيّ فِي وسيطه (من ذَنبه) يَعْنِي من الصَّغَائِر كَمَا يفِيدهُ أَخْبَار تَجِيء وَمن للْبَيَان لَا للتَّبْعِيض قَالَ الْمُؤلف وَأحسن مَا فسر بِهِ هَذَا الحَدِيث مَا رَوَاهُ عبد الرَّزَّاق عَن عِكْرِمَة قَالَ صُفُوف أهل الأَرْض على صُفُوف أهل السَّمَاء فَإِذا وَافق أَمِين فِي الأَرْض أَمِين فِي السَّمَاء غفر للْعَبد قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر مثله لَا يُقَال بِالرَّأْيِ فالمصير إِلَيْهِ أولى (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا أَنا مت وَأَبُو بكر) الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق (وَعُثْمَان) بن عَفَّان (فَإِن اسْتَطَعْت أَن تَمُوت فمت) أَي إِن أمكنك الْمَوْت فافعله فَإِنَّهُ خير لَك من الْحَيَاة قَالَه لمن قَالَ لَهُ يَا رَسُول الله إِن جِئْت فَلم أجدك فَإلَى من آتِي فَذكره مُشِيرا بِهِ إِلَى أَن عمر قفل الْفِتْنَة وأنّ بقتل عُثْمَان تقع حَتَّى يصير الْمَوْت خَبرا من الْحَيَاة وَذَا من معجزاته (حل) وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ (عَن سهل بن أبي حثْمَة) بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة عبد الله أَو عَامر الْأنْصَارِيّ ضَعِيف لضعف مَيْمُون الْخَواص
(إِذا انتاط) بنُون فمثناة فوقية افتعل من نِيَاط الْمَفَازَة وَهُوَ بعْدهَا كَأَنَّهَا نيطت بِأُخْرَى (غزوكم) أَي بَعدت مَوَاضِع غزوكم (وَكَثُرت العزائم) بِعَين مُهْملَة وزاي أَي عَزمَات الْأُمَرَاء على النَّاس فِي الْغَزْو إِلَى الأقطار النائية (واستحلت الْغَنَائِم) أَي اسْتحلَّ الْأَئِمَّة ونوّابهم الاستئثار بهَا فَلم يقسموها على الْغَانِمين كَمَا أمروا(1/80)
(فَخير جهادكم الرِّبَاط) أَي المرابطة وَهِي الْإِقَامَة فِي الثغر (طب وَابْن مَنْدَه) فِي الصَّحَابَة (خطّ) فِي تَرْجَمَة الْعَبَّاس الْمَدَائِنِي (عَن عتبَة) بِضَم الْمُهْملَة وَفتح الْمُثَنَّاة فَوق (ابْن ندّر) بنُون مَضْمُومَة ودال مُهْملَة مشدّة مَفْتُوحَة وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا انتصف شعْبَان) لفظ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ إِذا بَقِي النّصْف من شعْبَان (فَلَا تَصُومُوا حَتَّى يكون رَمَضَان) أَي حَتَّى يدْخل لتقووا على صَوْمه واستقباله بنشاط وعزم قَالَ الْبَيْضَاوِيّ الْمَقْصُود من النَّهْي استجمام من لم يقو على تتَابع الصَّوْم الْكثير فاستحب الْإِفْطَار فِيهَا كَمَا اسْتحبَّ فطر عَرَفَة للْحَاج ليقوى على الدُّعَاء أما من لم يضعف بِهِ فَلَا يتَوَجَّه النَّهْي إِلَيْهِ وَرَسُول الله جمع بَين صَوْم الشَّهْرَيْنِ مَعًا انْتهى وَهُوَ عجب من هَذَا الإِمَام إِذْ الَّذِي عَلَيْهِ المعّول من مذْهبه تَحْرِيم صَوْم نصف شعْبَان الثَّانِي بِلَا سَبَب مَا لم يصله بِمَا قبله (حم 4 عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ت حسن صَحِيح وَاعْترض
(إِذا انتعل أحدكُم) أَي لبس النَّعْل (فليبدأ) ندبا (باليمنى) أَي بإنعال رجله الْيُمْنَى (وَإِذا خلع) النَّعْل أَي نَزعه فليبدأ ندبا (باليسرى) أَي يخلع الْيُسْرَى أوّلا لِأَن اللّبْس كَرَامَة للبدن واليمنى أَحَق بالإكرام (لتكن) الرجل (الْيُمْنَى أوّلهما) مُتَعَلق بقوله (تنعل) وَهُوَ خبر كَانَ وَذكره بِتَأْوِيل الْعُضْو أَو هُوَ مُبْتَدأ وتنعل خَبره وَالْجُمْلَة خبر كَانَ (وآخرهما تنْزع) لِأَن الْيُمْنَى مَحْبُوب الله ومختاره من خلقه فبدئ بِهِ وَفَاء بِحقِّهِ (حم م د ت هـ) فِي اللبَاس (عَن أبي هُرَيْرَة) وَنقل ابْن التِّين عَن ابْن وَضاع أنّ لتكن مدرج وَأَن الْمَرْفُوع إِلَيّ باليسرى
(إِذا انْتهى أحدكُم) أَي انْتهى بِهِ السّير حَتَّى وصل (إِلَى الْمجْلس) أَي مجْلِس التخاطب بَين الْقَوْم المجتمعين للتحدّث وَهُوَ النادي (فَإِن وسع لَهُ) أَخُوهُ الْمُسلم كَمَا فِي رِوَايَة (فليجلس) وَلَا يأب الْكَرَامَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يُوسع لَهُ (فَلْينْظر إِلَى أوسع مَكَان يرَاهُ) فِي الْمجْلس (فليجلس فِيهِ) وَلَا يقم أحد ليجلس مَكَانَهُ فَإِنَّهُ منهيّ عَنهُ وَلَا يستنكف أَن يجلس فِي آخريات الْقَوْم بل يُخَالف الشَّيْطَان وَيجْلس حَيْثُ كَانَ (الْبَغَوِيّ) أَبُو الْقَاسِم فِي المعجم (طب هَب عَن شيبَة بن عُثْمَان) الْعَبدَرِي وَإِسْنَاده حسن
(إِذا انْتهى أحدكُم إِلَى الْمجْلس) بِحَيْثُ يرى الجالسين ويرونه وَيسمع كَلَامهم ويسمعونه (فليسلم) عَلَيْهِم ندبا مؤكدا إِجْمَاعًا كَمَا حَكَاهُ ابْن عبد الْبر (فَإِن بدا) أَي عَن (لَهُ أَن يجلس) مَعَهم (فليجلس) فِي أوسع مَكَان يرَاهُ كَمَا تقرر (ثمَّ إِذا قَامَ) من عِنْدهم (فليسلم) عَلَيْهِم أَيْضا ندبا وَإِن قصر الْفَصْل بَين سَلَامه وقيامه بِأَن قَامَ فَوْرًا (فَلَيْسَتْ) التسليمة (الأولى بِأَحَق) بِأولى (من) التسليمة (الْآخِرَة) أَي كلتا التسليمتين حق وَسنة وكما أَن التسليمة الأولى إِخْبَار عَن سلامتهم من شَره عِنْد الْحُضُور فالثانية إِخْبَار بذلك عِنْد الْغَيْبَة (حم د ت حب ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ت حسن وَفِي الْأَذْكَار أسانيده جَيِّدَة
(إِذا أنْفق الرجل) فِي رِوَايَة بدله الْمُسلم (على أَهله) أَي زَوجته وأقاربه أَو زَوجته وهم ملحقون بهَا بِالْأولَى (نَفَقَة) حذف الْمِقْدَار لإِفَادَة التَّعْمِيم (وَهُوَ يحتسبها) أَي وَالْحَال أَنه يقْصد بهَا الاحتساب وَهُوَ طلب الثَّوَاب (كَانَت لَهُ صَدَقَة) أَي يُثَاب عَلَيْهَا كَمَا يُثَاب على الصَّدَقَة والتشبيه فِي أصل الْمِقْدَار لَا فِي الكمية والكيفية وَإِطْلَاق الصَّدَقَة على الثَّوَاب مجَازًا أما الغافل عَن نِيَّة التَّقَرُّب فَلَا ثَوَاب لَهُ (حم ق ن عَن أبي مَسْعُود) عقبَة بِالْقَافِ الخزرجي البدري
(إِذا أنفقت الْمَرْأَة) على عِيَال زَوجهَا أَو نَحْو ضَيفه (من) الطَّعَام الَّذِي فِي (بَيت زَوجهَا) أَي مِمَّا أَتَى بِهِ فِيهِ من مطعوم وَجعل لَهَا
قَوْله وَفتح الْمُثَنَّاة وَكَذَا بِخَطِّهِ وَالصَّوَاب وَسُكُون الْمُثَنَّاة أه من هَامِش(1/81)
التَّصَدُّق مِنْهُ بِالصَّرِيحِ أَو مَا ينزل مَنْزِلَته حَال كَونهَا (غير مفْسدَة) بِأَن لم تجَاوز الْعَادة وَلم تقصر وَلم تبذر بِخِلَاف مَا لَو اضْطربَ الْعرف أَو شكت فِي رِضَاهُ فَيحرم (كَانَ لَهَا) أَي الْمَرْأَة (أجرهَا) أَي الصَّدَقَة أَي مثله (بِمَا) أَي بِسَبَب الَّذِي (أنفقت) غير مفْسدَة وَالْبَاء للسَّبَبِيَّة (ولزوجها) عبر بِهِ لكَونه الْغَالِب وَالْمرَاد الحليل (أجره بِمَا كسب) أَي بِسَبَب كَسبه (وللخازن) أَي الَّذِي النَّفَقَة بِيَدِهِ أَو الْحَافِظ لَهُ أَي الْمُسلم إِذْ لَا نِيَّة لكَافِر (مثل ذَلِك) الْأجر بِالشّرطِ الْمَذْكُور (لَا ينقص بَعضهم من أجر بعض شَيْئا) فهم فِي أصل الْأجر سَوَاء وَإِن اخْتلف قدره والْحَدِيث وَإِن لم يكن فِيهِ أَمر الزَّوْج لكنه مُسْتَفَاد من عَادَة الْحجاز فِي إِجَازَته للزَّوْجَة والخازن وَالتَّقْيِيد بِعَدَمِ الْإِفْسَاد فِي الخازن مُسْتَفَاد من قَوْله فِي الزَّوْجَة غير مفْسدَة والعطف عَلَيْهِ (ق 4 عَن عَائِشَة) وَفِي الْبَاب غَيرهَا
(إِذا أنفقت الْمَرْأَة من بَيت) فِي رِوَايَة من كسب وَفِي أُخْرَى من طَعَام (زَوجهَا عَن) وَفِي رِوَايَة من (غير أمره) أَي فِي ذَلِك الْقدر الْمعِين بعد وجود إِذن سَابق بِصَرِيح أَو عرف (فلهَا نصف أجره) يَعْنِي قسم مثل أجره فِي الْجُمْلَة وَإِن كَانَ أَحدهمَا أَكثر (ق د عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا انفلتت دَابَّة أحدكُم) أَي فرت وَخرجت مسرعة (بِأَرْض فلاة) أَي قفر لَا مَاء فِيهَا لَكِن المُرَاد هُنَا بَريَّة لَيْسَ فِيهَا أحد كَمَا يدل لَهُ رِوَايَة لَيْسَ بهَا أنيس (فليناد) بِأَعْلَى صَوته (يَا عباد الله احْبِسُوا عليّ دَابَّتي) أَي امنعوها من الْهَرَب (فَإِن لله فِي الأَرْض حَاضرا) أَي خلقا من خلقه إنسيا أَو جنيا أَو ملكا لَا يغيب (سيحبسه عَلَيْكُم) أَي الْحَيَوَان المنفلت فَإِذا قَالَ ذَلِك بنية صَادِقَة وَتوجه تامّ حصل المُرَاد بعون الْملك الْجواد (ع وَابْن السّني طب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله قَالَ ابْن حجر حَدِيث غَرِيب تفرد بِهِ مَعْرُوف بن حسان وَهُوَ مُنكر الحَدِيث
(إِذا انْقَطع شسع نعل أحدكُم) بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة سَيرهَا الَّذِي بَين الْأَصَابِع (فَلَا يمش) ندبا (فِي) النَّعْل (الْأُخْرَى) الَّتِي لم تَنْقَطِع (حَتَّى يصلحها) أَي النَّعْل الَّذِي انْقَطع شسعها فَيكْرَه الْمَشْي فِي نعل وَاحِدَة أَو خف أَو مداس بِلَا عذر لِأَنَّهُ يؤدّي للعثار وَيُخَالف الْوَقار ويخل بِالْعَدْلِ بَين الْجَوَارِح (خدم ن عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن شَدَّاد بن أَوْس) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْوَاو وبمهملة أبي يعلى الْأنْصَارِيّ
(إِذا انْقَطع شسع نعل أحدكُم فليسترجع) أَي ليقل ندبا إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون (فَإِنَّهَا) أَي هَذِه الْحَادِثَة الَّتِي هِيَ انْقِطَاع النَّعْل (من المصائب) إِذْ هِيَ تؤذي الْإِنْسَان وكل مَا آذاه فَهُوَ مُصِيبَة والمصائب دَرَجَات (الْبَزَّار) فِي مُسْنده عَن أبي هُرَيْرَة وَضَعفه الهيتمي بكر بن حُبَيْش (عد عَن أبي هُرَيْرَة بِإِسْنَاد) ضَعِيف لضعف خَارِجَة بن مُصعب لكنه تقوى بِتَعَدُّد طرقه
(إِذا أَوَى) بقصر الْهمزَة على الْأَفْصَح (أحدكُم إِلَى فرَاشه) أَي انْضَمَّ إِلَيْهِ وَدخل فِيهِ (فلينفضه) ندبا أَو إرشادا (بداخله إزَاره) أَي أحد جانبيه الَّذِي يَلِي الْبدن أمره بداخله الْإِزَار دون خارجته لِأَنَّهُ أبلغ وأجدى (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا خَلفه) بِالتَّشْدِيدِ (عَلَيْهِ) أَي على الْفراش لَا يدْرِي مَا حصل فِي فرَاشه بعد خُرُوجه مِنْهُ إِلَى عوده من الْهَوَام المؤذية (ثمَّ ليضطجع) ندبا و (على شقَّه الْأَيْمن) أولى (ثمَّ ليقل) ندبا (بِاسْمِك رَبِّي وضعت جَنْبي وَبِك) أَي وباسمك (أرفعه) قيل وَلَا يَقُول إِن شَاءَ الله اقتصارا على الْوَارِد (إِن أَمْسَكت نَفسِي) أَي قبضت روحي فِي نومي (فارحمها) أَي تفضل عَلَيْهَا وَأحسن إِلَيْهَا (وَإِن أرسلتها) أَي(1/82)
وَإِن رددت الْحَيَاة إِلَى بدني وأيقظتني من النّوم (فاحفظها) إِشَارَة إِلَى آيَة الله يتوفى الْأَنْفس حِين مَوتهَا (بِمَا) أَي بِالَّذِي (تحفظ بِهِ عِبَادك الصَّالِحين) أَي القائمين بحقوقك وَذَا من محَاسِن الشَّرِيعَة إِذْ النَّائِم مُحْتَاج إِلَى من يحرس نَفسه من الْآفَات وفاطره وَهُوَ حافظه (ق د عَن أبي هُرَيْرَة) من عدَّة طرق
(إِذا باتت الْمَرْأَة) أَي دخلت فِي الْمبيت أَي أوت إِلَى فراشها لَيْلًا للنوم حَال كَونهَا (هاجرة فرَاش زَوجهَا) بِلَا سَبَب شرعيّ (لعنتها) أَي سبتها وذمتها (الْمَلَائِكَة) الْحفظَة أَو أهل السَّمَاء وَيُؤَيِّدهُ قَوْله رِوَايَة مُسلم الَّذِي فِي السَّمَاء وَقد غضب الزَّوْج عَلَيْهَا لذَلِك (حَتَّى تصبح) أَي تدخل فِي الصَّباح لمخالفتها أَمر رَبهَا بعصيان زَوجهَا وَخص اللَّعْنَة بِاللَّيْلِ لغَلَبَة وُقُوع طلب الِاسْتِمْتَاع لَيْلًا فَإِن وَقع ذَلِك فِي النَّهَار لعنتها حَتَّى تمسي وَلَيْسَ نَحْو الْحيض عذرا إِذْ لَهُ التَّمَتُّع بِمَا فَوق الْإِزَار (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا بَال أحدكُم فَلَا يمس) حَال الْبَوْل (ذكره بِيَمِينِهِ) تكريما للْيَمِين فَيكْرَه مَسّه بهَا بِلَا حَاجَة تَنْزِيها عِنْد الشَّافِعِيَّة وتحريما عِنْد بعض الْحَنَابِلَة والظاهرية (وَإِذا دخل الْخَلَاء) أَي بَال أَو تغوّط (فَلَا يتمسح) ندبا (بِيَمِينِهِ) أَي لَا يَجْعَلهَا آلَة لاستعمال المَاء وَالْحجر الَّذِي يستنجي بِهِ فَإِنَّهُ مَكْرُوه تَنْزِيها أَو تَحْرِيمًا على مَا تقرر أمّا الِاسْتِنْجَاء بهَا بِمَعْنى جعلهَا بِمَنْزِلَة الجامد فَيحرم (وَإِذا شرب فَلَا ينتفس) بجزمه مَعَ الْفِعْلَيْنِ قبله على النَّهْي وبرفعه مَعَهُمَا على النَّفْي (فِي) دَاخل (الْإِنَاء) بل يفصل الْقدح عَن فِيهِ ثمَّ يتنفس وَالنَّهْي للتنزيه (حم ق ع عَن أبي قَتَادَة) الْحَرْث أَو النُّعْمَان الْأنْصَارِيّ
(إِذا بَال أحدكُم) أَي أَرَادَ أَن يَبُول (فليرتد) أَي فليطلب (لبوله مَكَانا لينًا) ندبا لِئَلَّا يعود عَلَيْهِ رشاشه فينجسه (د) وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه وَاعْترض
(إِذا بَال أحدكُم) أَي انْقَطع بَوْله (فلينتر) بمثناة فوقية لَا مُثَلّثَة (ذكره ثَلَاث نترات) أَي يجذبه بقوّة ندبا فَلَو تَركه واستنجى عقب الِانْقِطَاع أَجزَأَهُ (حم د فِي مراسيله هـ عَن يزْدَاد) وَيُقَال ازْدَادَ الْفَارِسِي عَن أَبِيه وَفِيه مَجْهُولَانِ
(إِذا بَال أحدكُم) أَي أَرَادَ الْبَوْل (فَلَا يسْتَقْبل الرّيح ببوله) ندبا (فتردّه عَلَيْهِ) أَي لِئَلَّا تردّه عَلَيْهِ فينجسه (وَلَا يسْتَنْج بِيَمِينِهِ) لِأَنَّهَا أشرف العضوين فتنزه عَن ذَلِك (ع وَابْن قَانِع) فِي مُعْجَمه (عَن حضرمي) بِمُهْملَة مَفْتُوحَة فمعجمة سَاكِنة وَرَاء مَفْتُوحَة بِلَفْظ النِّسْبَة (ابْن عَامر) الْأَسدي (وَهُوَ) أَي هَذَا الحَدِيث (مِمَّا بيض لَهُ) أَي لسنده (الديلمي) فِي مُسْند الفردوس لعدم وُقُوفه لَهُ على سَنَد قَالَ ابْن حجر وَإِسْنَاده ضَعِيف جدّا
(إِذا بعثت سَرِيَّة) طَائِفَة من الْجَيْش أقصاها أَرْبَعمِائَة (فَلَا تنتقهم) أَي لَا تختر مِنْهُم الْجيد القويّ (واقتطعهم) أَي خُذ قِطْعَة من الْجند بِغَيْر انتقاء وَإِن لم يكن بَعضهم جلدا قَوِيا (فَإِن الله ينصر الْقَوْم بأضعفهم) كَمَا فعل فِي قصَّة طالوت وملاك النَّصْر الزّهْد فِي الْقلب والورع فِي التَّنَاوُل بِالْيَدِ (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة (فِي مُسْنده عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا بعثتم إليّ رجلا) فِي رِوَايَة بدله بريدا (فابعثوه حسن الْوَجْه) لأنّ قبح الْوَجْه مَذْمُوم والطباع تنفر مِنْهُ وحاجات الْجَمِيل إِلَى الْإِجَابَة أقرب (حسن الِاسْم) لأجل التفاؤل وَبَين الِاسْم والمسمى علاقَة فقبح الِاسْم عنوان قبح الْمُسَمّى وَلَيْسَ ذَا من الطَّيرَة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (طس) كِلَاهُمَا (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن وَقيل ضَعِيف وَقيل صَحِيح
(إِذا بلغ المَاء قُلَّتَيْنِ) وهما خَمْسمِائَة رَطْل بغدادي تَقْرِيبًا (لم يحمل الْخبث) أَي يَدْفَعهُ وَلَا يقبله(1/83)
كَقَوْلِه حملُوا التَّوْرَاة ثمَّ لم يحملوها أَي يقبلوها للْعَمَل بهَا وَزعم أَن المُرَاد أَنه يضعف عَن حمله يردهُ رِوَايَة أبي دَاوُد فَإِنَّهُ لَا ينجس فَإِن قيل لَا تمسك بِخَبَر الْقلَّتَيْنِ لاشتراكه بقلة الْجَبَل وقامة الرجل وشموله نَحْو كوز وجرة والمختلف لَا يَصح حدا وَلِأَنَّهُ روى قلتان وَثَلَاث وَأَرْبَعُونَ فالأخذ بالقلتين تَرْجِيح ردّ الأوّل بِأَنَّهُ للآنية لِأَنَّهَا أشهر فِي الْخطاب وَأكْثر عرفا وَالثَّانِي بِأَنَّهُ لما قدر بِعَدَد دلّ على أَنه أَرَادَ أكبرها وَالثَّالِث بِأَنَّهُ ورد من قلال هجر وَهِي تسع قربتين وشيئا فَحمل الشَّيْء على النّصْف احْتِيَاطًا وَخبر الثَّلَاث شكّ فِيهِ الرَّاوِي وَالْأَرْبَعِينَ مَوْقُوف على أَنا نقُول قلتان محمولتان على أكبر وَالثَّلَاث على أَصْغَر وَالْأَرْبَعُونَ على مَا يقلّ بِالْيَدِ (حم 3 حب قطّ ك هق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ النَّوَوِيّ فِي الْخُلَاصَة حَدِيث صَحِيح وَقَالَ جدي رَحمَه الله فِي أَمَالِيهِ صَحِيح
(إِذا تَابَ العَبْد أنسى الله الْحفظَة) وهم المعقبات (ذنُوبه) فِي رِوَايَة الْحَكِيم بدله مَا كَانَ يعْمل (وأنسى ذَلِك جوارحه) أَي عوامله من يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ (ومعالمه من الأَرْض) أَي آثاره مِنْهَا يَعْنِي أنساهم ذنُوبه أَيْضا فَلَا يشْهدُونَ عَلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة (حَتَّى يلقى الله وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَاهد من الله) أَي من قبل الله (بذنب) لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب التوابين فَإِذا تقرّبوا إِلَيْهِ بِمَا يُحِبهُ أحبهم وَإِذا أحبهم غَار عَلَيْهِم أَن يظْهر أحدا على نقص فيهم فَيسْتر عَلَيْهِم (ابْن عَسَاكِر) وَكَذَا الْحَكِيم (عَن أنس) بن مَالك وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ
(إِذا تبايعتم بالعينة) بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون التَّحْتِيَّة أَن يَبِيع سلْعَة بِثمن لأجل ثمَّ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ بِأَقَلّ مِنْهُ وَهِي مَكْرُوهَة عِنْد الشَّافِعِيَّة مُحرمَة عِنْد غَيرهم (وأخذتم أَذْنَاب الْبَقر) كِنَايَة عَن الِاشْتِغَال بالحرث (ورضيتم بالزرع) أَي بِكَوْنِهِ همتكم ونهمتكم وتركتم الْجِهَاد) أَي غَزْو أَعدَاء الدّين (سلط الله عَلَيْكُم ذلا) بِضَم الذَّال الْمُعْجَمَة وَكسرهَا ضعفا واستهانة (لَا يَنْزعهُ عَنْكُم حَتَّى ترجعوا إِلَى دينكُمْ) أَي إِلَى الاهتمام بِأُمُور دينكُمْ جعل ذَلِك بِمَنْزِلَة الرِّدَّة وَالْخُرُوج عَن الدّين لمزيد الزّجر والتهويل (د عَن ابْن عمر) رمز الْمُؤلف لحسنه ونوزع
(إِذا اتبعتم الْجِنَازَة) أَي مشيتم مَعهَا مشيعين لَهَا (فَلَا تجلسوا) ندبا (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (تُوضَع) بِالْأَرْضِ كَمَا فِي رِوَايَة أبي دَاوُد عَن أبي هُرَيْرَة أَو باللحد كَمَا رَوَاهُ أَبُو مُعَاوِيَة عَن سُهَيْل وَذَلِكَ لأنّ الْمَيِّت كالمتبوع فَلَا يقْعد التَّابِع قبله هَذَا فِي حق الْمَاشِي مَعهَا أما الْقَاعِد بِنَحْوِ الطَّرِيق إِذا مرت بِهِ أَو على الْقَبْر فَلَا يقوم فَإِنَّهُ مَكْرُوه على مَا فِي الرَّوْضَة (م عَن أبي سعيد) الخدريّ
(إِذا تثاءب) بِهَمْزَة بعد الْألف وبالواو غلط (أحدكُم فليضع) حَال التثاؤب (يَده) أَي ظهر كف يسَاره ندبا (على فِيهِ) سترا على فعله المذموم الجالب للكسل وَالنَّوْم (فَإِن الشَّيْطَان يدْخل) من فَمه إِلَى بَاطِن بدنه (مَعَ التثاؤب) يَعْنِي يتَمَكَّن مِنْهُ فِي تِلْكَ الْحَالة ويغلب عَلَيْهِ أَو يدْخلهُ حَقِيقَة ليثقل عَلَيْهِ صلَاته فَيخرج مِنْهَا أَو يتْرك الشُّرُوع فِيهَا وَالنَّهْي عَام لكنه للْمُصَلِّي آكِد (حم ق د عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِذا تثاءب أحدكُم) أَي عرض لَهُ التثاؤب (فليردّه) أَي ليَأْخُذ فِي أَسبَاب رده لَا أَن المُرَاد أَنه يملك دَفعه (مَا اسْتَطَاعَ) ردّه (فإنّ أحدكُم إِذا قَالَ هَا) أَي بَالغ فِي التثاؤب فَظهر مِنْهُ هَذَا الْحَرْف (ضحك مِنْهُ الشَّيْطَان) أَي حَقِيقَة أَو هُوَ كِنَايَة عَن فرحه وانبساطه بذلك (خَ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا تثاءب أحدكُم فليضع يَده) ندبا (على فِيهِ وَلَا يعوى) بمثناة تحتية مَفْتُوحَة وَعين مُهْملَة وواو مَكْسُورَة أَي لَا يصوّت وَلَا يَصِيح كَالْكَلْبِ (فإنّ الشَّيْطَان يضْحك مِنْهُ) إِذا فعل ذَلِك(1/84)
لِأَنَّهُ صيره ملعبة لَهُ بتشويه خلقته فِي تِلْكَ الْحَالة وتكاسله وفتوره (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف ونكارة
(إِذْ تجشأ أحدكُم) من الجشاء وَهُوَ صَوت من ريح يخرج من الْفَم عِنْد الشِّبَع (أَو عطس) بِفَتْح الطا ومضارعه بِكَسْرِهَا وَضمّهَا (فَلَا يرفع) ندبا (بهما) أَي بالجشاء والعطاس (الصَّوْت) أَي صَوته (فَإِن الشَّيْطَان) الَّذِي هُوَ عدوّ الْإِنْسَان (يحب أَن يرفع بهما الصَّوْت) ليضحك مِنْهُ ويهزأ بِهِ (هَب عَن عبَادَة بن الصَّامِت) الْأنْصَارِيّ الخزرجي (وَعَن شدّاد ابْن أَوْس وواثلة) بن الْأَسْقَع اللَّيْثِيّ (د فِي مراسيله عَن يزِيد بن مرْثَد) بِسُكُون الرَّاء بعْدهَا مُثَلّثَة
(إِذا تخففت أمتِي بالخفاف ذَات المناقب) أَي لبستها (الرِّجَال وَالنِّسَاء) مشتركين فِيهَا (وخصفوا) أصل الخصف ترقيع النَّعْل أَو نسجها (نعَالهمْ) الظَّاهِر أنّ المُرَاد بِهِ جعلوها براقة لامعة متلونة بِقصد الزِّينَة والمباهاة (تخلى الله مِنْهُم) أَي تَركهم هملا وَأعْرض عَنْهُم وَمن تخلى عَنهُ فَهُوَ من الهالكين (طب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف عُثْمَان الشَّامي
(إِذا تزوّج أحدَكم فَلْيقل لَهُ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي فَقولُوا لَهُ ندبا فِي التهنئة (بَارك الله لَك وَبَارك عَلَيْك) كَانَت عَادَة الْعَرَب إِذا تزوّج أحدهم قَالُوا لَهُ بالرفاء والبنين فَنهى الشَّرْع عَن ذَلِك وأبدله بِالدُّعَاءِ الْمَذْكُور فَيكْرَه أَن يُقَال لَهُ بالرفاء والبنين (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة (طب) كِلَاهُمَا (عَن (عقيل بن أبي طَالب) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا تزوّج الرجل الْمَرْأَة لدينها) أَي لأجل كَونهَا دينة أَي متصفة بِالْعَدَالَةِ (وجمالها) أَي دقة حسنها وبراعة صورتهَا (كَانَ فِيهَا سداد) بِكَسْر أوّله (من عوز) أَي كَانَ فِيهَا مَا يدْفع الْحَاجة ويسدّ الْخلَّة وَيقوم بِبَعْض الْأَمر وَفِيه إِشْعَار بِأَن ذَلِك غير مبالغ فِيهِ فِي مدحه وَأَن اللَّائِق بالكمال عدم الِالْتِفَات لقصد غير الدّين (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (عَن ابْن عَبَّاس وَعَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا تزين الْقَوْم بِالآخِرَة) أَي تزينوا بزيّ أهل الْآخِرَة مَعَ كَونهم لَيْسُوا على منهاجهم (وتجملوا للدنيا) أَي طلبُوا الدُّنْيَا بِالدّينِ (فَالنَّار مأواهم) أَي يسْتَحقُّونَ الْمكْث فِي نَار الْآخِرَة وَهِي جَهَنَّم لاشتغالهم عَمَّا ينجيهم مِنْهَا (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف (وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلمي) فِي مُسْند الفردوس لعدم وُقُوفه على سَنَد لَهُ
(إِذا تسارعتم) أَي تبادرتم (إِلَى الْخَيْر) أَي إِلَى قربَة من الْقرب (فامشوا) ندبا (حُفَاة) أَي بِغَيْر نعل حَيْثُ أمنتم تتجس الْقدَم (فَإِن الله يُضَاعف أجره) يَعْنِي أجر الحافي (على) أجر (المنتعل) أَي لابس النَّعْل أَي أَن قصد بِهِ التَّوَاضُع وإذلال النَّفس الأمّارة فَإِن الْأجر على قدر النصب والحفاء مشق كَمَا هُوَ بَين (طس خطّ عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الديلمي وَإِسْنَاده ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(إِذا تسميتم بِي فَلَا تكنوا بِي) أَي لَا تجمعُوا بَين اسْمِي وكنيتي لوَاحِد قَالَ جمع وَذَا فِي عصره لِئَلَّا يشْتَبه فَيُقَال يَا أَبَا الْقَاسِم فيظن أَنه المدغو فيلتفت فَيَتَأَذَّى وَالأَصَح عِنْد الشَّافِعِيَّة تَعْمِيم التَّحْرِيم (ت عَن جَابر) ابْن عبد الله بِإِسْنَاد حسن
(إِذا تصافح المسلمان) الرّجلَانِ أَو الْمَرْأَتَانِ أَي جعل كل مِنْهُمَا بطن يَده على بطن يَد الآخر كَمَا مرّ (لم تفرق أكفهما حَتَّى يغْفر لَهما) فتتأكد المصافحة لذَلِك وَهِي كَمَا فِي الْأَذْكَار سنة مجمع عَلَيْهَا (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَرِجَاله ثِقَات إِلَّا الْمُهلب بن الْعَلَاء فَلَا يعرف
(إِذا تصدّقت) أَي أردْت التصدّق (بِصَدقَة فامضها) أَي أنفذها فَوْرًا ندبا لِئَلَّا يغلب عَلَيْك الشُّح ويحول الشَّيْطَان بَيْنك وَبَينهَا فَإِنَّهَا لَا تخرج حَتَّى تفك لحيى(1/85)
سبعين شَيْطَانا كَمَا فِي خبر وعَلى كل خبر مَانع (حم تخ عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ بِإِسْنَاد حسن
(إِذا تطيبت الْمَرْأَة لغير زَوجهَا) أَي اسْتعْملت الطّيب ليستمتع بهَا غير حَلِيلهَا (فَإِنَّمَا هُوَ) أَي تطييبها لذَلِك (نَار) أَي يجرّ إِلَيْهَا (وشنار) بِمُعْجَمَة وَنون مفتوحتين مخففا وَإِذا كَانَ هَذَا فِي التَّطَيُّب فَمَا بالك بِالزِّنَا أَي عيب وعار (طس عَن أنس بن مَالك) وَفِيه مَجْهُولَانِ
(إِذا تغوّلت لكم الغيلان) أَي ظَهرت وتلوّنت بصور مُخْتَلفَة وهم جنس من الْجِنّ تزْعم الْعَرَب أَنَّهَا تتراءى للنَّاس فِي الفلوات فتتلون فِي صور شَتَّى فتغولهم أَي تضلهم عَن الطَّرِيق (فَنَادوا بِالْأَذَانِ) أَي ادفعوا شرّها بِرَفْع الصَّوْت بالأذن (فَإِن الشَّيْطَان إِذا سمع النداء) بِالْأَذَانِ أدبر) أَي ولى هَارِبا (وَله حصاص) بمهملات أوّلها مَضْمُومَة أَي ولى وَله شدّة عدوا وضراط لثقل الْأَذَان علية وَأخذ مِنْهُ أَنه ينْدب الْأَذَان فِي الدَّار الَّتِي تعبث الجنّ بهَا (طس عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف على الْأَصَح
(إِذا تمّ فجور العَبْد) أَي استحكم فسق الْإِنْسَان وانهمك فِي الْعِصْيَان (ملك عَيْنَيْهِ) أَي صَار دمعهما كَأَنَّهُ فِي يَدَيْهِ (فيبكي بهما مَتى شَاءَ) أَي فِي أيّ وَقت أَرَادَ إِظْهَارًا للخشوع ليرتب على ذَلِك السَّعْي فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ (عد عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا تمنى أحدكُم) أَي اشْتهى حُصُول أَمر مَرْغُوب فِيهِ (فَلْينْظر) أَي فَلْيتَأَمَّل (مَا يتَمَنَّى) أَي فِيمَا يتمناه أَن خيرا فَذَاك وَإِلَّا فليكف عَنهُ (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يكْتب لَهُ من أمْنِيته) أَي مَا يقدر لَهُ مِنْهَا وَتَكون أمْنِيته سَبَب حُصُول مَا تمناه (حم خد هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا تمنى أحدكُم) خيرا (فليكثر) الْأَمَانِي (فَإِنَّمَا يسْأَل ربه) عز وَجل فيعظم الرَّغْبَة ويوسع المسئلة فَلَا يختصر وَلَا يقْتَصر فَإِن خَزَائِن الْجُود سحاء اللَّيْل وَالنَّهَار (طس عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد حسن بل صَحِيح
(إِذا تنَاول أحدكُم) أَي أَخذ (عَن أَخِيه) فِي الدّين (شَيْئا) أَي أماط عَن نَحْو ثَوْبه أَو بدنه نَحْو قذاة (فليره) بِضَم التَّحْتِيَّة وَسُكُون اللَّام أَمر من أرَاهُ يرِيه (إِيَّاه) ندبا تطييبا لخاطره وإشعارا بِأَنَّهُ بصدد إِزَالَة مَا يشينه وَذَلِكَ يبْعَث على الْحبّ وَيزِيد فِي الودّ (د فِي مراسيله عَن ابْن شهَاب) الزهريّ (قطّ فِي الْأَفْرَاد عَنهُ عَن أنس) بن مَالك لَكِن (بِلَفْظ إِذا نزع) بدل إِذا تنَاول
(إِذا تنخم) بِالتَّشْدِيدِ (أحدكُم) أَي رمى النخامة وَهِي البصاق الغليظ وَالْمرَاد هُنَا مُطلق البصاق (وَهُوَ فِي الْمَسْجِد فليغيب نخامته) بِتَثْلِيث النُّون بِأَن يواريها فِي التُّرَاب أَي تُرَاب غير الْمَسْجِد أَو يبصق فِي طرف نَحْو ثَوْبه أَو رِدَائه ثمَّ يحك بعضه بِبَعْض ليضمحل (لَا تصيب) أَي لِئَلَّا تصيب (جلد مُؤمن) أَي شَيْئا من بدنه (أَو ثَوْبه) يَعْنِي ملبوسه (فتؤذيه) أَي فَيَتَأَذَّى بإصابتها لَهُ وَذَلِكَ مَطْلُوب فِي غير الْمَسْجِد أَيْضا لَكِن البصاق فِي أرضه حرَام ومواراته أَو إِخْرَاجه وَاجِب وَفِي غَيره مَنْدُوب (حم ع وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (هَب والضياء) والديلمي (عَن سعد) بن أبي وَقاص وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا تَوَضَّأ أحدكُم) فِي نَحْو بَيته (فَأحْسن الْوضُوء) بِأَن رَاعى فروضه وشروطه وآدابه (ثمَّ خرج) زَاد فِي رِوَايَة عَامِدًا (إِلَى الْمَسْجِد) يَعْنِي مَحل الْجَمَاعَة (لَا يَنْزعهُ إِلَّا الصَّلَاة) أَي لَا يُخرجهُ من مَحَله إِلَّا إِيَّاهَا (لم تزل رجله الْيُسْرَى تمحو عَنهُ سَيِّئَة وتكتب لَهُ الْيُمْنَى حَسَنَة) فِيهِ إِشْعَار بِأَن هَذَا الْجَزَاء للماشي لَا للراكب وَيسْتَمر المحو والكتب (حَتَّى يدْخل الْمَسْجِد) أَي مَحل الْجَمَاعَة وَفِيه تَكْفِير السَّيِّئَات مَعَ رفع الدَّرَجَات وَقد يجْتَمع فِي عمل وَاحِد شيأن أَحدهمَا رَافع وَالْآخر مكفر وَاحْتج من فضل الرجل(1/86)
على الْيَد بِهَذَا الْخَبَر وَعكس بَعضهم بِأَن بِالْيَدِ الْبَطْش والتناول ومزاولة الْأَعْمَال والصنائع وَالضَّرْب فِي الْجِهَاد وَالرَّمْي وَغير ذَلِك قَالَ بَعضهم وَالتَّحْقِيق أَنَّهُمَا متعادلان لتميز كل مِنْهُمَا بفضائل لَيست فِي الْأُخْرَى (وَلَو يعلم النَّاس مَا فِي) صَلَاة (الْعَتَمَة) أَي صَلَاة الْعشَاء (وَالصُّبْح) أَي وَصَلَاة الصُّبْح أَي مَا فيهمَا من جزيل الثَّوَاب (لأتوهما) لسعوا إِلَى فعلهمَا (وَلَو حبوا) أَي زاحفين على الركب (طب ك هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ ك صَحِيح وأقروه
(إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فِي بَيته) يَعْنِي مَحل إِقَامَته وَلَو خلْوَة أَو مدرسة (ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد) أَي مَحل الصَّلَاة (كَانَ فِي صَلَاة) أَي حكمه حكم من هُوَ فِي صَلَاة من جِهَة كَونه مَأْمُورا بترك الْعَبَث وتحري الْخُشُوع وَيسْتَمر هَذَا (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يرجع) إِلَى مَحَله (فَلَا يقل هَكَذَا) يَعْنِي لَا يشبك بَين أَصَابِعه فالمشار إِلَيْهِ قَول الرَّاوِي (وَشَبك) أَي رَسُول الله (بَين أَصَابِعه) أَي أَدخل بعض أَصَابِع يَدَيْهِ فِي بعض وَإِطْلَاق القَوْل على الْفِعْل شَائِع ذائع فِي استعمالات أهل اللِّسَان (ك) فِي الصَّلَاة (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ على شَرطهمَا وأقروه
(إِذا تَوَضَّأ أحدكُم فَأحْسن وضوأه) بِأَن أَتَى بواجباته ومندوباته قَالَ الطَّيِّبِيّ الْفَاء موقعه موقع ثمَّ الَّتِي لبَيَان الرُّتْبَة دلَالَة على أَن الإجادة فِي الْوضُوء من تَطْوِيل الْغرَّة وتكرار الْغسْل وَالْمسح ثَلَاثًا ورعاية آدابه من الِاسْتِقْبَال وَالدُّعَاء الْمَأْثُور وَغَيرهَا أفضل وأكمل من أَدَاء مَا وَجب مُطلقًا (ثمَّ خرج) من مَحَله (عَامِد إِلَى الْمَسْجِد) أَي قَاصد إِلَى مَحل الْجَمَاعَة (فَلَا يشبكنّ) ندبا (بَين) أَصَابِع (يَدَيْهِ) أَي لَا يدْخل أَصَابِع إِحْدَاهمَا بَين أَصَابِع الْأُخْرَى (فَإِنَّهُ فِي صَلَاة) أَي فِي حكم من هُوَ فِي صَلَاة والتشييك جالب للنوم وَهُوَ مَظَنَّة للْحَدَث فَلِذَا كره تَنْزِيها وَمَفْهُوم الشَّرْط لَيْسَ قيدا مُعْتَبرا فَلَو تَوَضَّأ وَاقْتصر على الْوَاجِب تَارِكًا للسنن فَهُوَ مَأْمُور بذلك وَفَائِدَة الشَّرْط الْإِيمَاء إِلَى أَنه لَا يَأْتِي بِمَا يُخَالف مَا ابْتَدَأَ بِهِ عِبَادَته من الْعَبَث فِي طَريقَة التشييك بل يواظب على صِفَات الْكَمَال (حم د ت عَن كَعْب ن عجْرَة) بِفَتْح الْعين الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم الْبلوى حَلِيف الْأَنْصَار وَفِي إِسْنَاده اخْتِلَاف ونكارة
(إِذا تَوَضَّأ أحدكُم) أَي أَرَادَ الْوضُوء (فَلَا يغسل) ندبا (أَسْفَل رجلَيْهِ بِيَدِهِ الْيُمْنَى) بل باليسرى لأَنهم كَانُوا يَمْشُونَ حُفَاة فقد يعلق نَحْو أَذَى أَو زبل بأسفلهما فَلَا يُبَاشر ذَلِك بيمناه تكرمة لَهَا (عد عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ) أَي هَذَا الحَدِيث (مِمَّا بيض لَهُ الديلمي) فِي مُسْند الفردوس لعدم عثوره لَهُ على سَنَد وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا توضأتم فابدؤا) ندبا (بميامنكم) أَي يغسل يمنى الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ فَإِن عكس كره وَصَحَّ وضوءه لَا يُقَال الحَدِيث يُفِيد الْوُجُوب لأَنا نقُول هُوَ مَصْرُوف عَن مُقْتَضَاهُ بِالْإِجْمَاع على اسْتِحْبَابه قَالَ فِي المغنى لَا نعلم قَائِلا بِخِلَافِهِ وَلَا يعقل فِي ذَلِك إِلَّا تشريف الْيُمْنَى وَذَلِكَ لَا يَقْتَضِي عَدمه الْعقَاب (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا تَوَضَّأت) بتاء الْخطاب أَي فرغت من وضوئك (فانتضح) أَي رش المَاء ندبا على مذاكيرك وَمَا يَليهَا من الْإِزَار حَتَّى إِذا أحسست ببلل تقدّر أَنه بَقِيَّة المَاء لِئَلَّا يوسوس لَك الشَّيْطَان (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وردّ
(إِذا توفّي أحدكُم) أَي قبضت روحه (فَوجدَ شَيْئا) يَعْنِي خلف تَركه لم يتَعَلَّق بِعَينهَا حق لَازم (فليكفن) ندبا (فِي ثوب حبرَة) كعنبة ثوب يماني من قطن أَو كَانَ مخطط وَهَذَا يُعَارضهُ الْأَحَادِيث الآمرة بالتكفين فِي الْبيَاض وَهِي أصح فلتقدم (د والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن جَابر) بن عبد الله وَفِيه مقَال (إِذا جَاءَ أحدكُم الْجُمُعَة) أَي أَرَادَ الْمَجِيء إِلَيْهَا(1/87)
وَذكر الْمَجِيء غالبى فَالْحكم يعم الْمُقِيم بمحلها (فليغتسل) ندبا عِنْد الْجُمْهُور وَصَرفه عَن الْوُجُوب خبر من تَوَضَّأ يَوْم الْجُمُعَة فبها ونعمت وَمن اغْتسل فالغسل أفضل (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (ق ن عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا جَاءَ أحدكُم يَوْم الْجُمُعَة) أَي دخل الْمحل الَّذِي تُقَام فِيهِ الْجُمُعَة (وَالْإِمَام يخْطب) خطبتها (فَليصل) ندبا قبل أَن يقْعد (رَكْعَتَيْنِ) تَحِيَّة الْمَسْجِد فَيكْرَه الْجُلُوس قبلهمَا عِنْد الشَّافِعِي وَفِيه ردّ على أبي حنيفَة وَمَالك فِي ذهابهما إِلَى كَرَاهَة التَّحِيَّة لداخله (وليتجوّز فيهمَا) بِأَن يقْتَصر على الْوَاجِب وجوبا فَإِن زَاد على أقل مجزئ بِطَلَب عِنْد جمع شافعية (حم ق دن هـ عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا جَاءَ أحدكُم) إِلَى مَحل بِهِ جمَاعَة يُرِيد الْجُلُوس مَعَهم (فأوسع لَهُ أَخُوهُ) أَي تفسح لَهُ أَخُوهُ فِي الْإِسْلَام (فَإِنَّمَا هِيَ) أَي الْحَالة أَو الفعلة أَو الْخصْلَة (كَرَامَة أكْرمه الله بهَا) بِوَاسِطَة أَخِيه حَيْثُ ألهمه ذَلِك وَلَو شَاءَ لألهمه ضدّه فَلَا يأباها وَفِي إفهامه ندب التفسح فِي الْمجْلس (تخ هَب عَن مُصعب بن شيبَة) الْعَبدَرِي الحَجبي رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا جَاءَ الْمَوْت لطَالب الْعلم) الشَّرْعِيّ الْعَامِل بِهِ (وَهُوَ على هَذِه الْحَالة) الَّتِي هِيَ الطّلب لله مخلصا (مَاتَ وَهُوَ شَهِيد) أَي فِي حكم الْآخِرَة فينال دَرَجَة شُهَدَاء الْآخِرَة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ (وَأبي هُرَيْرَة) مَعًا وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ
(إِذا جَاءَكُم الزائر) أَي الْمُسلم الَّذِي قصد زيارتكم (فأكرموه) ندبا مؤكدا ببشر وطلاقة وَجه ولين جَانب وضيافة وَنَحْو ذَلِك (الخرائطي فِي) كتاب (مَكَارِم الْأَخْلَاق فر) وَكَذَا ابْن لال (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا جَاءَكُم الْأَكفاء) طَالِبين نِكَاح موليتكم (فأنكحوهنّ) أَي زوّجوهنّ (وَلَا تَرَبَّصُوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا تنتظروا (بهنّ) يَعْنِي بتزويجهنّ (الْحدثَان) بِالتَّحْرِيكِ اللَّيْل وَالنَّهَار وَالْمرَاد إِذا خطب موليتكم كُفْء فأجيبوه وَلَا تمنعوه وتنتظروا بهنّ نَوَائِب الدَّهْر من موت الْوَلِيّ أَو المولية أَو غَيرهمَا من الْأَقَارِب فَإِذا دعت الْمَرْأَة وَليهَا إِلَى نِكَاحهَا من كُفْء لزمَه إجابتها (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(إِذا جَامع أحدكُم أَهله) أَي حليلته (فليصدقها) بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَضم الدَّال من الصدْق فِي الودّ والنصح أَي فليجامعها بشدّة وقوّة وَحسن فعل (فَإِن سبقها) بالإنزال وَهِي ذَات شَهْوَة (فَلَا يعجلها) أَي فَلَا يحملهَا على أَن تعجل فَلَا تقضي شهوتها بذلك الْجِمَاع بل يُمْهِلهَا حَتَّى تقضي وطرها ندبا فَإِنَّهُ من حسن المعاشرة الْمَأْمُور بِهِ (ع عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا جَامع أحدكُم أَهله فليصدقها ثمَّ إِذا قضى حَاجته) مِنْهَا بِأَن أنزل (قبل أَن تقضي) هِيَ (حَاجَتهَا) أَي قبل أَن تنزل (فَلَا يعجلها) ندبا أَي لَا يحثها على مُفَارقَته بل يسْتَمر مَعهَا (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (تقضي حَاجَتهَا) بِأَن تتمّ إنزالها وتسكن غلمتها (ع عَن أنس) بن مَالك وَفِيه راو مَجْهُول وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(إِذا جَامع أحدكُم امْرَأَته) يَعْنِي حليلته زَوْجَة كَانَت أَو أمة (فَلَا يتَنَحَّى) عَنْهَا (حَتَّى تقضي حَاجَتهَا) مِنْهُ (كَمَا يحب) هُوَ (أَن يقْضِي حَاجته) مِنْهَا لِأَنَّهُ من الْعدْل وَحسن الْعشْرَة (عد عَن طلق) بن عَليّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا جَامع أحدكُم زَوجته أَو جَارِيَته فَلَا ينظر) حَال الْجِمَاع (إِلَى فرجهَا) ندبا وَقيل وجوبا (فَإِن ذَلِك) أَي النّظر إِلَيْهِ حالتئذ (يُورث الْعَمى) للبصيرة أَو الْبَصَر للنَّاظِر أَو الْوَلَد وَلِهَذَا لم ينظر إِلَيْهِ الْمُصْطَفى قطّ وَلَا رَآهُ مِنْهُ أحد من نِسَائِهِ وَإِذا نهى عَنهُ فِي حَال الْجِمَاع فَفِي غَيره أولى(1/88)
فَيكْرَه نظر فرج الحليلة مُطلقًا تَنْزِيها وَخرج بِالنّظرِ الْمس فَلَا يكره اتِّفَاقًا (بقى بن مخلد عد عَن ابْن عَبَّاس قَالَ) شيخ الْإِسْلَام تَقِيّ الدّين (بن الصّلاح) الشَّافِعِي هَذَا حَدِيث (جيد الْإِسْنَاد) مُخَالفا لِابْنِ الْجَوْزِيّ فِي زَعمه وَضعه
(إِذا جَامع أحدكُم حليلته فَلَا ينظر إِلَى الْفرج) أَي فرجهَا (فَإِنَّهُ) أَي النّظر إِلَيْهِ (يُورث الْعَمى وَلَا يكثر الْكَلَام) حَالَة الْجِمَاع (فَإِنَّهُ) أَي إكثاره حِينَئِذٍ (يُورث الخرس) فِي الْمُتَكَلّم أَو الْوَلَد على مَا سبق تَقْرِيره فَيكْرَه الْكَلَام حَال الْجِمَاع تَنْزِيها (الْأَزْدِيّ فِي) كتاب (الضُّعَفَاء) والمتروكين (والخليلي فِي مشيخته) الْمَشْهُورَة (فر) كلهم (عَن أبي هُرَيْرَة) وَضَعفه ابْن حجر
(إِذا جعلت اصبعيك فِي أذنيك) يَعْنِي أنملتي سبابتيك فَوضع الْأُنْمُلَة مَحل الْأصْبع للْمُبَالَغَة (سَمِعت خرير الْكَوْثَر) أَي مثل تصويته فِي جريه فقد قَالَ بعض الْحفاظ مَعْنَاهُ من أحبّ أَن يسمع مثل خرير الْكَوْثَر أَو شبهه فَلْيفْعَل ذَلِك (قطّ عَن عَائِشَة) وَفِيه ضعف وَانْقِطَاع
(إِذا جلستم) أَي أردتم الْجُلُوس لأكل أَو غَيره (فاخلعوا) ندبا (نعالكم) أَي انزعوها من أَرْجُلكُم (تستريح) أَي لكَي تستريح (أقدامكم) فَالْأَمْر إرشادي وَمحله حَيْثُ لَا عذر وَخرج بالنعل الْخُف فَلَا يطْلب نَزعه (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف مُوسَى بن مُحَمَّد التَّيْمِيّ
(إِذا جَلَست فِي صَلَاتك) أَي فِي آخرهَا للتَّشَهُّد الْأَخير (فَلَا تتركن) بنُون التوكيد (الصَّلَاة عليّ) إِذْ هِيَ وَاجِبَة وَبِه أَخذ الشَّافِعِي وأقلها اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد (فَإِنَّهَا) أَي الصَّلَاة عليّ (زَكَاة الصَّلَاة) أَي صَلَاحهَا من زكى الرجل صلح فتفسد الصَّلَاة بِتَرْكِهَا (قطّ عَن بُرَيْدَة) بن الْحصيب الْأَسْلَمِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا جمرتم الْمَيِّت) أَي بخرتم أَكْفَانه عِنْد دَرَجه فِيهَا (فأوتروا) أَي بخروه وترا ثَلَاثًا كَمَا يدل لَهُ خبر أَحْمد إِذا جمرتم الْمَيِّت فاجمروه ثَلَاثًا وَذَلِكَ لِأَن الله وتر يحب الْوتر (حب ك عَن جَابر) وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا جهل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي إِذا جهل أحدكُم (على أحدكُم) أَي فعل بِهِ فعل الْجَاهِلين من نَحْو سبّ وَشتم (وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (صَائِم) وَلَو نفلا (فَلْيقل) ندبا بِاللِّسَانِ والجنان (أعوذ بِاللَّه مِنْك) أَي أَعْتَصِم بِهِ من شرك أَيهَا الشاتم (إِنِّي صَائِم) تذكيرا لَهُ بِهَذِهِ الْحَالة ليكف عَن جَهله وَلَا يردّ عَلَيْهِ بِمثلِهِ (ابْن السّني) فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة (عَن أبي هُرَيْرَة) رمز لصِحَّته وَأَصله فِي الصَّحِيح
(إِذا حاك) بحاء مُهْملَة وكاف أَي اختلج (فِي نَفسك) أَي قَلْبك (شَيْء) وَلم يمازج نوره بل حصل عنْدك قلق واضطراب ونفور مِنْهُ (فَدَعْهُ) اتركه لِأَنَّهُ تَعَالَى فطر عباده على السّكُون إِلَى الْحق والنفور من الْبَاطِل وَالْكَلَام فِيمَن شرح الله صَدره بِنور الْيَقِين فَلَا عِبْرَة بِمَا يختلج فِي نفوس الْقَوْم الْفَاسِقين (حم حب ك) والضياء (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَأَسَانِيده جَيِّدَة
(إِذا حج الرجل) أَو اعْتَمر وَذكر الرجل غالبى وَالْمرَاد الْمُكَلف (بِمَال) اكْتَسبهُ (من غير حلّه) أَي من وَجه حرَام (فَقَالَ) أَي فَأحْرم بِهِ فَقَالَ (لبيْك اللَّهُمَّ لبيْك) نصب على الْمصدر أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة (قَالَ الله) لَهُ (لَا لبيْك وَلَا سعديك هَذَا) أَي نسكك الَّذِي أَنْت فَاعله (مَرْدُود عَلَيْك) أَي غير مَقْبُول مِنْك وَأَن حكم بِصِحَّتِهِ ظَاهرا بل تسْتَحقّ الْعقَاب عَلَيْهِ لما اجترحت من إِنْفَاق الْحَرَام فِيهِ (عد فر عَن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا حج الرجل عَن وَالِديهِ) أَي أصليه الْمُسلمين وَإِن عليا (تقبل الله مِنْهُ ومنهما) أَي أثابه وأثابهما عَلَيْهِ فَيكْتب لَهُ ثَوَاب حجَّة مُسْتَقلَّة وَلَهُمَا كَذَلِك (وابتشر) بموحدة سَاكِنة فمثناة فَوق مَفْتُوحَة أَي فَرح (بِهِ أرواحهما)(1/89)
الكائنة (فِي السَّمَاء) فَإِن أَرْوَاح الْمُؤمنِينَ فِيهَا وَالْكَلَام فِي الميتين بِدَلِيل ذكر الْأَرْوَاح فَإِن كَانَا حيين فَكَذَلِك إِن كَانَا معضوبين (قطّ عَن زيد بن أَرقم) الْأنْصَارِيّ الخزرجي وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا حدّث الرجل بِحَدِيث) وَفِي رِوَايَة بِالْحَدِيثِ مُعَرفا وَفِي أُخْرَى الحَدِيث (ثمَّ الْتفت) أَي غَابَ عَن الْمجْلس أَو الْتفت يَمِينا وَشمَالًا (فَهِيَ) أَي الكامة الَّتِي حدّث بهَا (أَمَانَة) عِنْد المحدّث فَيجب عَلَيْهِ كتمها لأنّ التفاته قرينَة على أَن مُرَاده أَن لَا يطلع على حَدِيثه أحد وَفِيه ذمّ إفشاء السِّرّ وَعَلِيهِ الْإِجْمَاع وَسبب إذاعته أَن للْإنْسَان قوّتين آخذة ومعطية وَكِلَاهُمَا يتشرف إِلَى الْفِعْل الْمُخْتَص بِهِ وَلَوْلَا أَنه تَعَالَى وكل المعطية بِإِظْهَار مَا عِنْدهَا مَا ظَهرت الْأَسْرَار فكامل الْعقل كلما طلبت القوّة الْفِعْل قيد هاو وَزنهَا بِالْعقلِ (حم د) فِي الْأَدَب (ت) فِي الْبر (والضياء) فِي المختارة (عَن جَابر) بن عبد الله (ع عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا حرم) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (أحدكُم) أَي منع (الزَّوْجَة وَالْولد) فَلم يرزقهما (فَعَلَيهِ بِالْجِهَادِ) أَي فليلزم الْجِهَاد فِي سَبِيل الله لانْقِطَاع عذره بخفة ظَهره فَإِن ذَا الْوَلَد يخْشَى أَن يوتم وَلَده وَذَا الزَّوْجَة أَن يرمل زَوجته (طب عَن مُحَمَّد بن حَاطِب) الْقرشِي الجُمَحِي وَفِيه مُوسَى بن مُحَمَّد بن حَاطِب مَجْهُول وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(إِذا حسدتم) أَي تمنيتم زَوَال النِّعْمَة عَن مَخْلُوق (فَلَا تَبْغُوا) أَي لَا تتعدوا وتفعلوا بِمُقْتَضى التَّمَنِّي فَمن حضر لَهُ ذَلِك فليبادر إِلَى استكراهه (وَإِذا ظننتم) أَي شَكَكْتُمْ فِي أَمر برجحان (فَلَا تحققوا) ذَلِك بِاتِّبَاع موارده إِن بعض الظَّن إِثْم (وَإِذا تطيرتم) تشاءمتم بِشَيْء (فامضوا) لقصدكم وَلَا يلْتَفت خاطركم لذَلِك (وعَلى الله) لَا على غَيره (فتوكلوا) فوّضوا لَهُ الْأَمر أَنه يحبّ المتوكلين (عد عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا حضرتم مَوْتَاكُم) عِنْد احتضارهم (فأغمضوا الْبَصَر) أَي أطبقوا الجفن الْأَعْلَى على الْأَسْفَل (فَإِن الْبَصَر يتبع الرّوح) يَعْنِي ذهَاب الباصرة فِي ذهَاب الرّوح فَهِيَ تَابِعَة لَهَا فَإِذا ذهبت الرّوح ذهبت الباصرة (وَقُولُوا) ندبا (خيرا) من الدُّعَاء للْمَيت بِنَحْوِ مغْفرَة وللمصاب بجبر الْمُصِيبَة (فَإِن الْمَلَائِكَة) الموكلين يقبض روحه أَو من حضر مِنْهُم أَو أعمّ (تؤمن على مَا يَقُول أهل الْمَيِّت) أَي تَقول آمين يَعْنِي استجب يَا رَبنَا مَا قَالُوهُ (حم هـ ك عَن شدّاد بن أَوْس)
(إِذا حكم الْحَاكِم) أَي أَرَادَ الحكم (فاجتهد) يَعْنِي إِذا اجْتهد فَحكم فَهُوَ من بَاب الْقلب (فَأصَاب) أَي فطابق مَا عِنْد الله (فَلهُ أَجْرَانِ) أجر لاجتهاده وَأجر لإصابته وَذَا فِي حَاكم أهل للِاجْتِهَاد (وَإِذا حكم) أَي أَرَادَ الحكم (فاجتهد) فِيهِ (فَأَخْطَأَ) أَي ظنّ أَن الْحق فِي نفس الْأَمر فِي جِهَة فَكَانَ خِلَافه (فَلهُ أجر وَاحِد) على اجْتِهَاده لِأَن اجْتِهَاده فِي طلب الْحق عبَادَة (حم ق د ن هـ عَن عَمْرو ابْن العَاصِي حم ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب غَيره
(إِذا حكمتم فاعدلوا) أنّ الله يَأْمر بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَان (وَإِذا قتلتم) قودا أَو حدّا أَو مَا يحل قَتله (فَأحْسنُوا) القتلة بِالْكَسْرِ هَيْئَة الْقَتْل بِأَن تختاروا أسهل الطّرق وأسرعها إزهاقا لَكِن تراعى المثلية فِي الْقَاتِل فِي الْهَيْئَة والآلة إِن أمكن (فَإِن الله محسن يحبّ الْمُحْسِنِينَ (أَي يرضى عَنْهُم ويجزل مثوبتهم وَيرْفَع درجتهم (طس عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا حلم أحدكُم) بِفَتْح اللَّام أَي رأى فِي مَنَامه رُؤْيا (فَلَا يحدّث النَّاس بتلعب) كَذَا فِي نسخ الْكتاب وَفِي بعض نسخ الْجَامِع الْكَبِير بتقلب (الشَّيْطَان) بِهِ (فِي الْمَنَام) لِأَنَّهَا رُؤْيا تحزين من الشَّيْطَان يرِيه إِيَّاهَا ليحزنه(1/90)
فيسوء ظَنّه بربه ويقل شكره فَيَنْبَغِي أَن لَا يلْتَفت لذَلِك وَلَا يشْتَغل بِهِ (م هـ عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا حم أحدكُم) بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد أَي أَخَذته الْحمى (فليسنّ) بسين مُهْملَة وَقيل مُعْجمَة (عَلَيْهِ المَاء الْبَارِد) أَي فليرش عَلَيْهِ مِنْهُ رشا مُتَفَرقًا وَيفْعل ذَلِك (ثَلَاث لَيَال) مُتَوَالِيَة (من السحر) أَي قبيل الصُّبْح فَإِنَّهُ ينفع فِي فصل الصَّيف فِي قطر الْحر فِي الْحمى العرضية أَو الغب الْخَالِصَة الخالية عَن ورم وَعرض رَدِيء وموادّ فَاسِدَة (ن ع ك والضياء عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده صَحِيح خلافًا للمؤلف
(إِذا خَافَ الله العَبْد) قدّم الْمَفْعُول اهتماما بالخوف وحثا عَلَيْهِ (أَخَاف الله مِنْهُ كل شَيْء) من الْمَخْلُوقَات (وَإِذا لم يخف العَبْد الله أخافه الله من كل شَيْء) لِأَن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل وكما تدين تدان وَالْمرَاد بالخوف كف جوارحه عَن الْمعْصِيَة وتقييدها بِالطَّاعَةِ وَإِلَّا فَهُوَ حَدِيث نفس لَا خوف فَإِذا هِبته بقلبك وعملت على رِضَاهُ هابك الْخلق وَإِن عَظمته عظموك وَإِن أحببته أحبوك وَإِن وثقت بِهِ وثقوا بك وَإِن أنست بِهِ أنسوا بك وَإِن نزهته نظرُوا إِلَيْك بِعَين النزاهة وَالطَّهَارَة فنفسك تجلى لقلوب الْخلق عَن قَلْبك مَا أريك من قَلْبك فَإِن شِئْت فازدد وَإِن شِئْت فانقص وَحكم عَكسه عكس حكمه (عق عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(إِذا ختم العَبْد الْقُرْآن) أَي انْتهى فِي قِرَاءَته إِلَى آخِره (صلى عَلَيْهِ عِنْد خَتمه) قِرَاءَته (سِتُّونَ) كَذَا بِخَط الْمُؤلف فَمَا فِي نسخ من أَنه سَبْعُونَ تَحْرِيف (ألف ملك) يحْتَمل أَن هَذَا الْعدَد يحْضرُون عِنْد خَتمه وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِالْعدَدِ التكثير لَا التَّحْدِيد كنظائره وَفِي إفهامه حث على خَتمه (فر عَن عَمْرو بن شُعَيْب عَن أَبِيه عَن جده) عبد الله بن عمر وبإسناد ضَعِيف
(إِذا ختم أحدكُم الْقُرْآن فَلْيقل) ندبا عقب خَتمه (اللَّهُمَّ آنس) بالمدّ (وحشتي) خوفي وغربتي (فِي قَبْرِي) إِذا مت وقبرت فَإِن الْقُرْآن يكون مؤنسا لَهُ فِيهِ منوّرا لَهُ ظلمته (فر عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا خرج أحدكُم إِلَى سفر) طَوِيل أَو قصير لَكِن الطَّوِيل آكِد (فليودّع) ندبا مؤكدا (إخوانه) فِي الْإِسْلَام وَيبدأ بأقاربه وَذَوي الصّلاح ويسألهم الدُّعَاء (فَإِن الله جَاعل لَهُ فِي دُعَائِهِمْ) لَهُ بالسلامة وَالظفر بالمراد (الْبركَة) أَي النموّ وَالزِّيَادَة فِي الْخَيْر ويسنّ لَهُم الدُّعَاء بِحَضْرَتِهِ وَفِي غيبته بالمأثور وَغَيره (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (فر) كِلَاهُمَا (عَن زيد بن أَرقم) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا خرج ثَلَاثَة) فَأكْثر (فِي سفر) يحْتَمل تَقْيِيده بِغَيْر الْقصير لما هُوَ ظَاهر (فليؤمّروا) ندبا وَقيل وجوبا (أحدهم) أَي فليتخذوه أَمِيرا عَلَيْهِم ويسمعون ويطيعون لَهُ وَيَصْدُرُونَ عَن رَأْيه لِأَنَّهُ أجمع لرأيهم ولشملهم وَألْحق بَعضهم بِالثَّلَاثَةِ الِاثْنَيْنِ وَيَنْبَغِي أَن يؤمروا أزهدهم فِي الدُّنْيَا وأوفرهم حظا من التَّقْوَى وأتمهم مروأة وسخاء وَأَكْثَرهم شَفَقَة (د والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ مَعًا قَالَ النَّوَوِيّ بعد عزوه لأبي دَاوُد وَإِسْنَاده حسن
(إِذا خرج أحدكُم من الْخَلَاء) بالمدّ أَي قضى حَاجته (فَلْيقل) ندبا (الْحَمد لله) فِي رِوَايَة غفرانك الْحَمد الله (الَّذِي أذهب عني) فِي رِوَايَة أخرج عني (مَا يُؤْذِينِي) لَو بَقِي (وَأمْسك عليّ) فِي رِوَايَة أبقى فيّ (مَا يَنْفَعنِي) مِمَّا جذبه الكبد وطبخه ثمَّ دَفعه إِلَى الْأَعْضَاء وَذَا من أجلّ النعم (ش قطّ عَن طَاوس مُرْسلا) هُوَ ابْن كيسَان يلقب طَاوس القرّاء قَالَ الْعِرَاقِيّ لَا يَخْلُو عَن(1/91)
ضعف
(إِذا خرجت الْمَرْأَة) أَي أَرَادَت الْخُرُوج (إِلَى الْمَسْجِد) أَي إِلَى مَحل الْجَمَاعَة (فلتغتسل) ندبا (من الطّيب) إِن كَانَت متطيبة (كَمَا تَغْتَسِل من الْجَنَابَة) إِن عمّ الطّيب بدنهَا وَإِلَّا فمحله فَقَط لحُصُول الْمَقْصُود وَزَوَال الْمَحْذُور شبه خُرُوجهَا من بَيتهَا متطيبة مهيجة لشَهْوَة الرِّجَال وَفتح عيونهم الَّتِي هِيَ بِمَنْزِلَة رائد الزِّنَا بِالزِّنَا وَحكم عَلَيْهَا بِمَا يحكم على الزَّانِي من الْغسْل مُبَالغَة فِي الزّجر (ن عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ صَحِيح
(إِذا خرجت) أَي أردْت الْخُرُوج (من مَنْزِلك) فِي رِوَايَة من بَيْتك (فصلّ) ندبا (رَكْعَتَيْنِ) خفيفتين وَتحصل بِفَرْض أَو نفل فَإِنَّهُمَا (تمنعانك مخرج السوء) بِالْفَتْح مصدر وبالضم اسْم مَكَان (وَإِذا دخلت إِلَى مَنْزِلك فصل) ندبا (رَكْعَتَيْنِ) خفيفتين فَإِنَّهُمَا (تمنعانك مدْخل السوء) بِالْفَتْح وَالضَّم كَذَلِك (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن
(إِذْ خَرجْتُمْ من بُيُوتكُمْ) أَي من مَسَاكِنكُمْ بُيُوتًا أَو نَحْوهَا (بِاللَّيْلِ) خصّه لِأَنَّهُ زمن انتشار الشَّيَاطِين وَأهل الْفساد (فأغلقوا) ندبا (أَبْوَابهَا) لِأَن الشَّيَاطِين لم يُؤذن لَهُم أَن يفتحوا بَابا مغلقا كَمَا فِي خبر فيسنّ غلق الْبَاب عِنْد الْخُرُوج كالدخول (طب عَن وحشيّ) ابْن حَرْب وَإِسْنَاده صَحِيح لَا حسن فَقَط خلافًا للمؤلف
(إِذا خطب أحدكُم الْمَرْأَة) حرَّة أَو أمة (فَلَا جنَاح عَلَيْهِ) أَي لَا إِثْم وَلَا حرج فِي (أَن ينظر إِلَيْهَا) أَي إِلَى وَجههَا وكفيها فَقَط (إِذا كَانَ إِنَّمَا ينظر إِلَيْهَا لخطبته) إِيَّاهَا أَي إِذا مَحْض نِيَّته لذَلِك بِخِلَاف مَا لَو قصد رؤيتها لَا ليتزوجها بل ليعلم كَونهَا جميلَة أَو لَا جعل الْخطْبَة وَسِيلَة لذَلِك فيأثم فالمأذون فِيهِ النّظر بِشَرْط قصد النِّكَاح إِن أَعْجَبته وَحِينَئِذٍ ينظرها (وَإِن كَانَت لَا تعلم) بِأَنَّهُ ينظر إِلَيْهَا كَأَن يطلع عَلَيْهَا من نَحْو كوّة وَهِي غافلة (حم طب عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ) عبد الرَّحْمَن أَو الْمُنْذر رمز الْمُؤلف لحسنه وَهُوَ أَعلَى
(إِذا خطب أحدكُم الْمَرْأَة فليسأل) إرشادا (عَن شعرهَا) أَي عَن صفته من جعودة أَو سبوطة أَو حسن أَو ضدّه (كَمَا يسْأَل عَن جمَالهَا فَإِن الشّعْر أحد الجمالين) فَيتَعَيَّن السُّؤَال عَنهُ كَمَا يتَعَيَّن السُّؤَال عَن الْجمال وَعبر بيسأل دون ينظر لِأَنَّهُ لَا يجوز لَهُ أَن ينظر إِلَى شعر رَأسهَا (فر عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَفِي إِسْنَاده كَذَّاب
(إِذا خطب أحدكُم الْمَرْأَة وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (يخضب) أَي يُغير لون شعره الْأَبْيَض (بِالسَّوَادِ) يَعْنِي بِغَيْر بَيَاض (فليعلمها) وجوبا (أَنه) أَي بِأَنَّهُ (يخضب) لِأَن النِّسَاء يُكْرهن الشّعْر الْأَبْيَض لدلالته على الشيخوخة الدَّالَّة على ضعف الْقُوَّة فكتمه تَدْلِيس (فر عَن عَائِشَة) ضَعِيف لضعف عِيسَى بن مَيْمُون
(إِذا خفيت الْخَطِيئَة) أَي استترت وَالْمرَاد بهَا الذَّنب (لَا تضرّ إِلَّا صَاحبهَا) أَي فاعلها (وَإِذا ظَهرت) أَي برزت بعد الخفاء (فَلم تغير) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي لم يغيرها النَّاس مَعَ الْقُدْرَة وسلامة الْعَاقِبَة (ضرت العامّة) أَي استوجبوا الْعقَاب لتركهم مَا توجه عَلَيْهِم من الْقيام بِفَرْض الْكِفَايَة (طس عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف خلافًا لقَوْل الْمُؤلف حسن
(إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فليسلم) ندبا وَقيل وجوبا (على النبيّ) لِأَن الْمَسَاجِد مَحل الذّكر وَالصَّلَاة على النبيّ مِنْهُ (وَليقل اللَّهُمَّ) أَي يَا الله (افْتَحْ لي أَبْوَاب رحمتك) أَي بِفَضْلِك وإحسانك (وَإِذا خرج) مِنْهُ (فليسلم على النبيّ وَليقل اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من فضلك) أَي من إحسانك وَزِيَادَة إنعامك وَخص ذكر الرَّحْمَة بِالدُّخُولِ وَالْفضل بِالْخرُوجِ لأنّ الدَّاخِل(1/92)
اشْتغل بِمَا يزلفه إِلَى الله من الْعِبَادَة فَنَاسَبَ ذكر الرَّحْمَة فَإِذا خرج انْتَشَر فِي الأَرْض ابْتِغَاء فضل الله أَي رزقه فَنَاسَبَ ذكر الْفضل (د عَن أبي حميد) السَّاعِدِيّ (أَو أبي أسيد) بِفَتْح السِّين بضبط المُصَنّف (هـ عَن أبي حميد) السَّاعِدِيّ وَأَسَانِيده صَحِيحَة لَا حَسَنَة فَقَط
(إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد) وَهُوَ متطهر (فَلَا يجلس) ندبا مؤكدا (حَتَّى يُصَلِّي) فِيهِ (رَكْعَتَيْنِ) تَحِيَّة الْمَسْجِد والصارف عَن الْوُجُوب خبر هَل عليّ غَيرهَا قَالَ لَا (حم ق 4 عَن أبي قَتَادَة عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم) لزيارة أَو غَيرهَا (فأطعمه من طَعَامه فَليَأْكُل) ندبا وَإِن كَانَ صَائِما نفلا جبر الخاطرة (وَلَا يسْأَل عَنهُ) أَي عَن الطَّعَام من أَي وَجه اكْتَسبهُ (وَإِن سقَاهُ من شرابه فليشرب وَلَا يسْأَل عَنهُ) كَذَلِك لأنّ السُّؤَال عَن ذَلِك يُورث الضغائن وَيُوجب التباغض (طس ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ
(إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه الْمُسلم) وَهُوَ صَائِم (فَأَرَادَ أَن يفْطر) وقدّم إِلَيْهِ طَعَاما (فليفطر) ندبا لما مرّ (إِلَّا أَن يكون صَوْمه ذَلِك رَمَضَان أَو قَضَاء رَمَضَان أَو نذرا) أَو كَفَّارَة أَو نَحْو ذَلِك من كل صَوْم وَاجِب فَإِنَّهُ لَا يحل لَهُ الْفطر لأنّ الْوَاجِب لَا يجوز تَركه لسنة (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا دخل أحدكُم إِلَى الْقَوْم) جمَاعَة الرِّجَال (فأوسع لَهُ) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي أوسع لَهُ بعض الْقَوْم مَكَانا يجلس فِيهِ (فليجلس) فِيهِ ندبا فَإِنَّمَا هِيَ) أَي هَذِه الفعلة أَو الْخصْلَة الَّتِي هِيَ التفسح لَهُ (كَرَامَة من الله أكْرمه بهَا أَخُوهُ الْمُسلم) يَعْنِي إِكْرَاما من الله لَهُ أجراه على يَد ذَلِك الْأَخ (فَإِن لم يُوسع لَهُ فَلْينْظر أوسعها مَكَانا) أَي مَكَانا هُوَ أوسع أمكنة تِلْكَ الْبقْعَة) فليجلس فِيهِ) وَلَا يزاحم أحد وَلَا يحرص على التصدير كَمَا هُوَ دأب فُقَهَاء الدُّنْيَا وعلماء السوء وَالْحَامِل على التصدر فِي الْمجَالِس إِنَّمَا هُوَ التعاظم والتكبر فإنّ الْعَالم إِذا دخل مَجْلِسا ميز لنَفسِهِ محلا يجلس فِيهِ كَمَا عِنْده من اعْتِقَاده فِي نَفسه رفْعَة مَحَله ومقامه فَإِذا دخل دَاخل من أَبنَاء جنسه وَقعد فَوْقه استشاط غَضبا وأظلمت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَلَو أمكنه الْبَطْش بالداخل فعل فَهَذَا مرض اعتراه وَهُوَ لَا يفْطن أَن هَذِه عِلّة غامصة وَمرض يحْتَاج إِلَى مداواة وَلَا يتفكر فِي منشأ هَذَا الْمَرَض وَلَو علم أَن هَذِه نفس ثارت وَكبر ظهر بالجبلة لبادر باللوم على نَفسه ظهر ولعالج ذَلِك الْمَرَض من قبل حُلُوله برمسه (الْحَرْث) ابْن أبي أُسَامَة والديلمي (عَن أبي شيبَة الْخُدْرِيّ) وَهُوَ أَخُو أبي سعيد وَإِسْنَاده جيد
(إِذا دخل أحدكُم الْمَسْجِد فَلَا يجلس) ندبا (حَتَّى يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) تَحِيَّة الْمَسْجِد (وَإِذا دخل أحدكُم بَيته) أَي محلّ سكنه (فَلَا يجلس حَتَّى يرْكَع رَكْعَتَيْنِ) ندبا (فإنّ الله جَاعل لَهُ من ركعتيه) اللَّتَيْنِ يركعهما (فِي بَيته خيرا) أَي كثيرا وَأخذ مِنْهُ حجَّة الْإِسْلَام ندب رَكْعَتَيْنِ لدُخُول الْمنزل كالخروج مِنْهُ وَقد مرّ (عق عد هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَأَسَانِيده ضَعِيفَة لَكِن تقوّت
(إِذا دخل أحدكُم على أَخِيه) فِي الْإِسْلَام وَهُوَ فِي بَيته (فَهُوَ) أَي صَاحب الْمَكَان الْمَالِك منفعَته (أَمِير عَلَيْهِ) أَي على الدَّاخِل مَا دَامَ عِنْده (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يخرج من عِنْده) فَلَيْسَ للداخل التقدّم على ربّ الْمنزل أَو وليه فِي صَلَاة وَلَا غَيرهَا إِلَّا بِإِذْنِهِ وَلَا ينْصَرف حَتَّى يَأْذَن لَهُ عد عَن أبي أُمَامَة) الباهليّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا دخل الضَّيْف على الْقَوْم) فِي بُيُوتهم (دخل برزقه) بِمَعْنى أَنه تَعَالَى يُبَارك للمضيف فِي معيشته ويخلف عَلَيْهِ قدر مَا يتَكَلَّف للضيف وَزِيَادَة (وَإِذا) ضيفوه ثمَّ (خرج) من عِنْدهم (خرج بمغفرة ذنوبهم) يَعْنِي يقارن خُرُوجه حُصُول(1/93)
الْمَغْفِرَة كرما من الله وَجَزَاء للْقَوْم على إكرامهم الضَّيْف لله تَعَالَى وَذكر الْقَوْم مِثَال قَالُوا حد حكمه كَذَلِك (فر عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف مَعْرُوف بن حسان
(إِذا دخل عَلَيْكُم) فِي بُيُوتكُمْ (السَّائِل) أَي المستطعم (بِغَيْر إِذن) مِنْكُم لَهُ فِي الدُّخُول (فَلَا تطعموه) أَي الأولى أَن لَا تعطوه شَيْئا من أكل أَو غَيره زجرا لَهُ على جراءته وتعدّيه بِالدُّخُولِ بِغَيْر إِذن المنهيّ عَنهُ شرعا (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن عَائِشَة) وَقيل إِنَّمَا هُوَ أنس (وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلمي) أَبُو مَنْصُور فِي مُسْند الفردوس لعدم وُقُوفه على سَنَده وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا دخل الْعشْر) عشر ذِي الْحجَّة فَاللَّام للْعهد كَأَنَّهُ لَا عشر إِلَّا هُوَ (فَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي) قَالَ الرَّافِعِيّ الْفَاء للتعقيب كأنّ الْإِرَادَة كَانَت عقب دُخُول الْعشْر مُقَارنَة لأوّل جُزْء مِنْهُ وَكَذَا قَوْله (فَلَا يمس) لِأَن الْمَنْع من الْمس معقب للإرادة فَإِنَّهُ مَعَ اتصاف كَونه مرِيدا للتضحية يَنْبَغِي أَن لَا يمس (من شعره) أَي شعر بدنه رَأْسا أَو لحية أَو غَيرهمَا (وَلَا من بشره) كظفره (شَيْئا) بل يبقيه ندبا لتشمل الْمَغْفِرَة جَمِيع أَجْزَائِهِ فَإِنَّهُ يغْفر لَهُ بأوّل قَطْرَة من دَمهَا فَيكْرَه لَهُ بِلَا عذر إِزَالَة شَيْء مِنْهَا تَنْزِيها عِنْد الشَّافِعِي وتحريما عِنْد أَحْمد وَلَو أَرَادَ أَن يُضحي بِعَدَد فَهَل يبْقى النَّهْي إِلَى آخرهَا أَو يَزُول بِذبح الأوّل خرّجه الأسنويّ على قَاعِدَة أَن الحكم الْمُعَلق على الِاسْم هِيَ يَقْتَضِي الِاقْتِصَار على أوّله أَو لَا بدّ من آخِره وَفِيه قَولَانِ (م ن هـ عَن أم سَلمَة)
(إِذا دخل شهر رَمَضَان فتحت) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد أَي تفتح (أَبْوَاب الْجنَّة) كِنَايَة عَن تَوَاتر هبوط غيث الرَّحْمَة وتوالي صعُود الطَّاعَة بِلَا مَانع (وغلقت أَبْوَاب جَهَنَّم) كِنَايَة عَن تنزه الصوّام عَن رِجْس الآثام (وسلسلت الشَّيَاطِين) قيدت وشدّت بالأغلال كَيْلا توسوس للصَّائِم وَآيَة ذَلِك إمْسَاك أَكثر المنهمكين فِي الطغيان عَن الذُّنُوب فِيهِ (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا دَخَلْتُم على الْمَرِيض) لعيادته (فنفسوا لَهُ فِي الْأَجَل) أَي وَسعوا لَهُ وأطعموه فِي طول الْحَيَاة ندبا (فَإِن ذَلِك) أَي التَّنْفِيس (لَا يردّ شَيْئا) من الْمَقْدُور (وَهُوَ يطيب بِنَفس الْمَرِيض) يَعْنِي لَا بَأْس بتنفيسك لَهُ فَإِن ذَلِك التَّنْفِيس لَا أثر لَهُ إِلَّا فِي تطييب نَفسه فَلَا يضرّكم ذَلِك وَمن ثمَّ عدّوا من آدَاب العيادة تشجيع العليل بلطيف الْمقَال وَحسن الْحَال وَالْبَاء زَائِدَة (ت هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده لين
(إِذا دَخَلْتُم بَيْتا) أَي إِذا وصل أحد إِلَى مَحل بِهِ مُسلمُونَ فالتعبير بِالدُّخُولِ وبالبيت وبالجمع غالبى (فَسَلمُوا) ندبا (على أَهله) بذلا للأمان وَإِقَامَة لشعائر أهل الْإِيمَان (فَإِذا خَرجْتُمْ فأودعوا) من الْإِيدَاع (أَهله بِسَلام) أَي اجعلوا السَّلَام وَدِيعَة عِنْدهم كي ترجعوا إِلَيْهِم وتستردوا وديعتكم تفاؤلا بالسلامة والمعاودة مرّة بعد أُخْرَى (هَب عَن قَتَادَة مُرْسلا) وَسَنَده جيد
(إِذا دخلت) بِفَتْح التَّاء (على مَرِيض) مُسلم لنَحْو عِيَادَة (فمره يَدْعُو لَك) مَنْصُوب بإضمار أَن أَي مره بِأَن يَدْعُو لَك وَيصِح جزمه جَوَابا لِلْأَمْرِ بِتَأْوِيل أَن هَذَا الْأَمر من النَّبِي والصحابيّ يبلغهُ إِلَى الْمَرِيض (فَإِن دعاءه كدعاء الْمَلَائِكَة) فِي كَونه مَقْبُولًا وَكَونه دُعَاء من لَا ذَنْب لَهُ لِأَن الْمَرَض يمحص الذُّنُوب وَالْمَلَائِكَة لَا ذَنْب لَهُم (هـ عَن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف وَوهم الدَّمِيرِيّ
(إِذا دخلت) بِفَتْح التَّاء خطابا لمحجن الَّذِي أُقِيمَت الصَّلَاة فصلى النَّاس وَلم يصل مَعَهم وَقَالَ صليت مَعَ أَهلِي (مَسْجِدا) أَي مَحل جمَاعَة (فصل مَعَ النَّاس) جمَاعَة (وَإِن كنت قد صليت) قبل ذَلِك فَإِن إِعَادَة الصَّلَاة فِي جمَاعَة مَنْدُوب مَحْبُوب (ص عَن محجن) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم ابْن أبي محجن (الدؤليّ)(1/94)
بدال مُهْملَة مَضْمُومَة فهمزة مَفْتُوحَة نِسْبَة إِلَى حيّ من كنَانَة رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَعَلَّه لاعتضاده
(إِذا دَعَا أحدكُم) ربه (فليعزم) بلام الْأَمر (المسئلة) أَي فليطلب طلبا جَازَ مَا لَا شكّ فِيهِ ويجتهد فِي عقد قلبه على الْجَزْم بِحُصُول مَطْلُوبه (وَلَا) يعلقه بِنَحْوِ مَشِيئَة فَلَا (يقل اللَّهُمَّ إِن شِئْت فَأعْطِنِي) بِهَمْزَة قطع أَي لَا تشْتَرط الْمَشِيئَة لعطائه لأنّ من اليقينيات أَنه لَا يعْطى إِلَّا أَن شَاءَ كَمَا قَالَ (فَإِن الله) يفعل مَا يَشَاء و (لَا مستكره لَهُ) أَي يَسْتَحِيل أَن يكرههُ أحد على شَيْء فَإِن الْأَسْبَاب إِنَّمَا تكون بمشيئته فَمَا شَاءَ كَانَ وَمَا لم يَشَأْ لم يكن وللدعاء شُرُوط وآداب كَثِيرَة من أهمها مَا ذكر فَلذَلِك أفرده بِالذكر اهتماما بِشَأْنِهِ وَمن أهمها أَيْضا التمسكن والتذلل والخضوع وَحُضُور الْقلب والتطهر عَن الحدثين فَإِنَّهُ مُخَاطب لله تَعَالَى فَلْينْظر العَبْد كَيفَ يُخَاطب مَوْلَاهُ (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك
(إِذا دَعَا أحدكُم) لنَفسِهِ أَو غَيره (فليؤمّن) ندبا (على دُعَاء نَفسه) فَإِنَّهُ إِذا آمّن أمنت الْمَلَائِكَة مَعَه كَمَا مرّ (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف (وبيض لَهُ الديلمي)
(إِذا دَعَا الْغَائِب لغَائِب) أَي عَن الْمجْلس (قَالَ لَهُ الْملك) الْمُوكل بِنَحْوِ ذَلِك كَمَا يرشد إِلَيْهِ تَعْرِيفه (وَلَك مثل ذَلِك) وَفِي رِوَايَة وَلَك بِمثل بِالتَّنْوِينِ بِدُونِ ذَلِك أَي أَدْعُو الله أَن يَجْعَل لَك مثل مَا دَعَوْت بِهِ لأخيك وَارِدَة الْأَخْبَار بعيدَة (عد عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه لَكِن لَهُ شَوَاهِد كَثِيرَة
(إِذا دَعَا الرجل زَوجته) وَأمته (لِحَاجَتِهِ) كِنَايَة عَن الْجِمَاع (فلتأته) أَي فلتمكنه من نَفسهَا فَوْرًا وجوبا حَيْثُ لَا عذر (وَإِن كنت على) إيقاد (التَّنور) الَّذِي يخبز فِيهِ حَيْثُ لم يَتَرَتَّب على إهماله وَتَقْدِيم حَظه مِنْهَا إِضَاعَة مَال أَو نَحوه (ت ن عَن طلق بن عَليّ) قَالَ ت حسن غَرِيب
(إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه) ليجامعها فَهُوَ كِنَايَة عَنهُ بديعة (فلتجب) وجوبا فوريا حَيْثُ لَا عذر (وَإِن كَانَت على ظهر قتب) أَي وَهِي تسير على ظهر بعير أَو مَعْنَاهُ وَإِن كَانَت قد أجلست على قتب عِنْد مَجِيء الْمَخَاض لتلد وَالْقَصْد بذلك الْمُبَالغَة فِي الزّجر عَن امتناعها مِنْهُ أَو تسويفها إِيَّاه فِي خبر يَأْتِي لعن الله المسوّفة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن زيد بن أَرقم) الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِذا دَعَا الرجل امْرَأَته إِلَى فرَاشه فَأَبت) امْتنعت بِلَا عذر شَرْعِي (فَبَاتَ) بِسَبَب ذَلِك (وَهُوَ غَضْبَان عَلَيْهَا) ارتكبت إِثْمًا عَظِيما وَفِيه أَن امْتنَاع الْمَرْأَة من حَلِيلهَا بِلَا سَبَب كَبِيرَة للتوعد عَلَيْهِ باللعن وَمن ثمَّ (لعنتها) سبتها وذمتها ودعت عَلَيْهَا (الْمَلَائِكَة حَتَّى تصبح يَعْنِي ترجع كَمَا فِي رِوَايَة أُخْرَى وَقد مرّ (حم ق د عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا دَعَا العَبْد) أَي الْمُسلم إِذْ هُوَ الَّذِي تكْتب لَهُ حَسَنَة (بدعوة) الْبَاء للتَّأْكِيد (فَلم تستجب لَهُ) أَي لم يُعْط عين مَطْلُوبه (كتبت لَهُ حَسَنَة) لأنّ الدُّعَاء عبَادَة بل هُوَ مخها كَمَا يَجِيء فِي خبر وَقد قَالَ تَعَالَى {إِنَّا لَا نضيع أجر من أحسن عملا} (خطّ عَن هِلَال بن يسَاف) بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت وخفة الْمُهْملَة وَفَاء (مُرْسلا) وَهُوَ الْأَشْجَعِيّ التابعيّ رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(إِذا دَعَوْت الله) أَي سَأَلته فِي جلب نفع (فَادع الله بِبَطن كفيك) أَي اجْعَل بَطنهَا إِلَى وَجهك وظهرهما إِلَى الأَرْض حَال الدُّعَاء (وَلَا تدع بظهورهما) فَإِن دَعَا بِرَفْع بلَاء أَو قحط أَو غلاء جعل ظهرهَا إِلَى السَّمَاء كَمَا فِي خبر (فَإِذا فرغت) من دعائك (فامسح بهما) ندبا (وَجهك) لِأَنَّهُ أشرف الْأَعْضَاء الظَّاهِرَة فمسحه إِشَارَة إِلَى عود الْبركَة إِلَى الْبَاطِن فمسحه سنة وفَاقا للتحقيق وَخِلَافًا للمجموع (هـ عَن ابْن عَبَّاس) رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا دعوتم(1/95)
لأحد من الْيَهُود أَو النَّصَارَى) أَي أردتم الدُّعَاء لأَحَدهم (فَقولُوا) يَعْنِي ادعوا لَهُ بِمَا نَصه (أَكثر الله مَالك) لِأَن المَال قد ينفعنا بجزيته أَو مَوته بِلَا وَارِث أَو بنقضه الْعَهْد ولحوقه بدار الْحَرْب وَبِغير ذَلِك (وولدك) فَإِنَّهُم قد يسلمُونَ أَو نَأْخُذ جزيتهم أَو نسترقهم بِشَرْطِهِ وَإِن مَاتُوا كفَّارًا فهم فداؤنا من النَّار وَيجوز الدُّعَاء لَهُ أَيْضا بِنَحْوِ عَافِيَة لَا مغْفرَة إِن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ (عد وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف وَالِد ابْن الْمَدِينِيّ
(إِذا دعِي) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (أحدكُم إِلَى وَلِيمَة الْعرس فليجب) وجوبا إِن توفرت الشُّرُوط وَهِي عِنْد الشَّافِعِيَّة نَحْو عشْرين (م هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام) أَي إِلَى الْإِتْيَان إِلَيْهِ (فليجب) وجوبا إِن كَانَ طَعَام عرس وندبا إِن كَا غَيره وَهَذَا فِي غير القَاضِي كَمَا مرّ (فَإِن كَانَ مُفطرا فَليَأْكُل) ندبا وَقيل وجوبا (وَإِن كَانَ صَائِما) فرضا (فليصلّ) أَي فَليدع لأهل الطَّعَام بِالْبركَةِ وَيحْتَمل بَقَاؤُهُ على ظَاهره تَشْرِيفًا للمكان وَأَهله (حم م د ت عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (صَائِم فَلْيقل إِنِّي صَائِم) اعتذارا للداعي فَإِن سمح وَلم يُطَالِبهُ بالحضور فَلهُ التَّخَلُّف وَإِلَّا حضر وَلَيْسَ الصَّوْم عذرا فِي التَّخَلُّف (م د ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ت حسن صَحِيح
(إِذا دعِي أحدكُم) إِلَى وَلِيمَة عرس (فليجب) إِلَى حُضُورهَا إِن توفرت شُرُوط الْإِجَابَة (وَإِن كَانَ صَائِما) فَإِن الصَّوْم لَيْسَ عذرا وَلَو فرضا (ابْن منيع) فِي المعجم (عَن أبي أَيُّوب) الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن كَانَ مُفطرا فَليَأْكُل) ندبا كَمَا فِي الرَّوْضَة (وَإِن كَانَ صَائِما فَليدع بِالْبركَةِ) لأهل الطَّعَام وَلمن حضر (طب عَن ابْن مَسْعُود) وَهُوَ صَحِيح
(إِذا دعِي أحدكُم إِلَى طَعَام فليجب فَإِن شَاءَ طعم) أَي أكل وَشرب (وَإِن شَاءَ لم يطعم) فالأكل لَيْسَ بِوَاجِب وَفِيه رد على مَا وَقع للنووي فِي شرح مُسلم من تَصْحِيح الْوُجُوب الَّذِي ذهب إِلَيْهِ الظَّاهِرِيَّة (م د عَن جَابر) ابْن عبد الله
(إِذا دعِي أحدكُم فجَاء مَعَ الرَّسُول) أَي رَسُول الدَّاعِي يَعْنِي نَائِبه (فإنّ ذَلِك لَهُ إِذن) أَي قَائِم مقَام إِذْنه فَلَا يحْتَاج لتجديد إِذن أَي إِن لم يطلّ عهد بَين الْمَجِيء والطلب أَو كَانَ المستدعي بِمحل يحْتَاج مَعَه إِلَى الْإِذْن عَادَة (خد د هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن وَبَالغ بَعضهم فَقَالَ صَحِيح
(إِذا دعيتم إِلَى كرَاع) بِضَم الْكَاف وَالتَّخْفِيف أَي يَد شَاة لتأكلوا مِنْهَا وَزعم بَعضهم أَن المُرَاد كرَاع الغميم مَحل بَين الْحَرَمَيْنِ ردّه الْجُمْهُور (فأجيبوا) ندبا فَالْمَعْنى إِذا دعيتم إِلَى طَعَام وَلَو قَلِيلا كيد شَاة فأجيبوا وَلَا تحتقروا ذَلِك (م عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا ذبح أحدكُم) حَيَوَانا (فليجهز) أَي يذفف ويسرع بِقطع جَمِيع الْحُلْقُوم والمريء بِسُرْعَة ليَكُون أوحى وأسهل (هـ عد هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه ونوزع
(إِذا ذكر أَصْحَابِي) بِمَا شجر بَينهم من الحروب والمنازعات (فأمسكوا) وجوبا عَن الطعْن فيهم فَإِنَّهُم خير الأمّة وَخير الْقُرُون (وَإِذا ذكرت النُّجُوم) أَي أَحْكَامهَا ودلالاتها (فأمسكوا) عَن الْخَوْض فِيهَا (وَإِذا ذكر الْقدر) بِالتَّحْرِيكِ (فأمسكوا) عَن محاورة أَهله ومقاولتهم لما فِي الْخَوْض فِي الثَّلَاثَة من الْمَفَاسِد الَّتِي لَا تحصى وَالْقدر محركا الْقَضَاء الإلهي وَالْقدر بِهِ جَاحد وَالْقدر كَمَا مر (طب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (وَعَن ثَوْبَان) مولى رَسُول الله (عد عَن عمر) بن الْخطاب(1/96)
رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا ذكرْتُمْ بِاللَّه) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول مشدد أَي إِذا ذكركُمْ أحد بوعيد الله وأليم عِقَابه وَقد عزمتم على فعل شَيْء (فَانْتَهوا) أَي كفوا عَنهُ إجلالا لذكر الله (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أبي سعيد) كيسَان (المَقْبُري) بِتَثْلِيث الْمُوَحدَة نِسْبَة إِلَى حفر الْقُبُور (مُرْسلا) وروى مُسْند عَن أبي هُرَيْرَة
(إِذا ذلت) بِالتَّشْدِيدِ بضبط الْمُؤلف (الْعَرَب) أَي ضعف أمرهَا وَهَان قدرهَا (ذل الْإِسْلَام) لِأَن أصل الْإِسْلَام نَشأ مِنْهُم وبهم ظهر وانتشر فَإِذا ذلوا ذلّ أَي نقص (ع عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ الْعِرَاقِيّ صَحِيح وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا) فِي الْمَنَام (الْحَسَنَة) وَهِي مَا فِيهِ بِشَارَة أَو نذارة أَو تَنْبِيه على تَقْصِير أَو نَحْو ذَلِك (فليفسرها) أَي فليقصها وليظهرها (وليخبر بهَا) وأدّا أَو عَارِفًا (وَإِذا رأى أحدكُم (الرُّؤْيَا القبيحة) ضدّ الْحَسَنَة (فَلَا يُفَسِّرهَا) أَي لَا يبينها لأحد (وَلَا يخبر بهَا) أحدا بل يستعيذ بِاللَّه من شَرها وَشر الشَّيْطَان ويتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا ولتحوّل لجنبه الآخر (ت) وَكَذَا ابْن مَاجَه (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ حسن
(إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يكرهها) الْجُمْلَة صفة الرُّؤْيَا أَو حَال مِنْهَا (فليبصق) بالصَّاد وَيُقَال بسين وزاي (عَن يسَاره) أَي عَن جَانِبه الْأَيْسَر (ثَلَاثًا) كَرَاهَة لما رأى وتحقير للشَّيْطَان الَّذِي حضرها وَخص الْيَسَار لِأَنَّهُ مَحل الأقذار والتثليث للتَّأْكِيد (وليستعذ بِاللَّه من الشَّيْطَان ثَلَاثًا) بِأَن يَقُول أعوذ بِاللَّه من شَرّ الشَّيْطَان وَمن شَرها لِأَنَّهُ بواسطته (وليتحوّل) أَي ينْتَقل (عَن جنبه الَّذِي كَانَ) مُضْطَجعا (عَلَيْهِ) حِين رأى ذَلِك تفاؤلا بتحوّل تِلْكَ الْحَال (م د هـ عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا رأى أحدكُم رُؤْيا يكرهها فليتحوّل) ندبا عَن جنبه إِلَى الآخر (وليتفل عَن يسَاره ثَلَاثًا) أَي فليبصق بصقا خَفِيفا عَن جِهَته الْيُسْرَى ثَلَاث مَرَّات (وليسأل الله من خَيرهَا) بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك خير مَا رَأَيْته فِي مَنَامِي هَذَا (وليتعوّذ بِاللَّه من شَرها) بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا رَأَيْت وَمن شَرّ الشَّيْطَان فَإِنَّهَا لَا تضره (عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ حسن
(إِذا رأى أحدكُم الرُّؤْيَا يُحِبهَا فَإِنَّمَا هِيَ من الله فليحمد الله عَلَيْهَا) بِأَن يَقُول الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات (وليحدّث بهَا غَيره وَإِذا رأى غير ذَلِك مِمَّا يكره فَإِنَّمَا هِيَ) أَي الرُّؤْيَا (من الشَّيْطَان) ليحزنه ويشوش عَلَيْهِ فكره ليشغله عَن الْعِبَادَة (فليستعذ بِاللَّه) من شَرها وَشر الشَّيْطَان (وَلَا يذكرهَا لأحد) فَإِنَّهُ رُبمَا فسرّها تَفْسِيرا مَكْرُوها على ظَاهر صورتهَا فَتَقَع كَذَلِك بِتَقْدِير الله (فَإِنَّهَا لَا تضره) جعل فعله من التعوّذ وَمَا مَعَه سَببا للسلامته من مَكْرُوه وَيَتَرَتَّب عَلَيْهَا كَمَا جعل الصَّدَقَة وقاية لِلْمَالِ وسببا لدفع الْبلَاء (حم خَ ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِذا رأى أحدكُم من نَفسه أَو مَاله أَو من أَخِيه) من النّسَب أَو الْإِسْلَام (مَا يُعجبهُ) أَي مَا يستحسنه ويرضاه (فَليدع لَهُ بِالْبركَةِ) ندبا بِأَن يَقُول اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ (فَإِن الْعين) أَي الْإِصَابَة بهَا (حق) أَي أَمر كَائِن مقضي بِهِ فِي الْوَضع الإلهي لَا شُبْهَة فِي تَأْثِيره فِي النُّفُوس فضلا عَن الْأَمْوَال (ع طب ك) فِي الطِّبّ (عَن عَامر بن ربيعَة) حَلِيف آل الْخطاب قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّوه
(إِذا رأى أحدكُم مبتلى) فِي دينه بِفعل الْمعاصِي لَا بِنَحْوِ مرض بِقَرِينَة السِّيَاق (فَقَالَ الْحَمد لله الَّذِي عافاني مِمَّا ابتلاك بِهِ) أَي نجاني وأنقذني مِنْهُ (وفضلني عَلَيْك) أَي صيرني أفضل مِنْك أَي أَكثر خيرا وَأحسن حَالا (وعَلى كثير \ من عباده تَفْضِيلًا) مصدر مُؤَكد لما قبله (كَانَ شكر تِلْكَ النِّعْمَة) أَي كَانَ قَوْله مَا ذكر قيَاما(1/97)
بشكر تِلْكَ النِّعْمَة الْمُنعم بهَا عَلَيْهِ وَهِي معافاته من ذَلِك الْبلَاء وَالْخطاب فِي قَوْله ابتلاك وَعَلَيْك يُؤذن بِأَنَّهُ يظهره لَهُ وَمحله إِذا لم يخف فتْنَة (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) رمز لضَعْفه
(إِذا رأى أحدكُم امْرَأَة حسناء) أَي ذَات حسن أَي جمال (فَأَعْجَبتهُ) أَي استحسنها لِأَن غَايَة رُؤْيَة المتعجب مِنْهُ استحسانه وَلَو رأى شوهاء فَأَعْجَبتهُ كَانَ كَذَلِك وَإِنَّمَا قيد بالحسناء لِأَنَّهَا الَّتِي تستحسن غَالِبا (فليأت أَهله) أَي فليجامع حليلته ليسكن مَا بِهِ من حر الشَّهْوَة خوفًا من استحكام دواعي فتْنَة النّظر (فَإِن الْبضْع) بِالضَّمِّ الْفرج (وَاحِد) يَعْنِي الْفروج متحدة المذاق غير مُخْتَلفَة عِنْد الحذاق وَمن ثمَّ قَالَ (وَمَعَهَا مثل الَّذِي مَعهَا) أَي مَعهَا فرج مثل الْفرج الَّذِي مَعَ تِلْكَ الْأَجْنَبِيَّة وَلَا مزية لفرج الْأَجْنَبِيَّة عَلَيْهِ والتمييز بَينهمَا من تَزْيِين الشَّيْطَان وَقد قَالَ الْأَطِبَّاء إِن الْجِمَاع يسكن هيجان الْعِشْق وَإِن كَانَ مَعَ غير المعشوق (خطّ عَن عمر) بن الْخطاب
(إِذا رأى أحدكُم بأَخيه) فِي الدّين (بلَاء) محنة أَو مُصِيبَة فِي دينه أَو بدنه أَو غَيرهمَا (فليحمد الله) ندبا على سَلَامَته من مثله وَيعْتَبر ويكف عَن الذُّنُوب (وَلَا يسمعهُ ذَلِك) أَي حَيْثُ لم ينشأ ذَلِك الْبلَاء عَن محرم كمقطوع فِي سَرقَة لم يتب (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا رَأَيْت النَّاس) يَعْنِي وجدْتُم (قد مرجت) بميم وجيم مفتوحتين (عهودهم) أَي اختلت وفسدت وَقلت فيهم أَسبَاب الديانَات (وَخفت) بِالتَّشْدِيدِ قلت (أماناتهم) جمع أَمَانَة ضدّ الْخِيَانَة (وَكَانُوا هَكَذَا) وَبَين الرَّاوِي مَا وَقعت عَلَيْهِ الْإِشَارَة بقوله (وَشَبك) أَي خلط (بَين أنامله) أَي أنامل أَصَابِع يَدَيْهِ إِشَارَة إِلَى تموّج بَعضهم فِي بعض وتلبيس أَمر دينهم (فَالْزَمْ بَيْتك) يَعْنِي اعتزل النَّاس وانجع عَنْهُم (واملك) بِكَسْر اللَّام (عَلَيْك لسَانك) احفظه وصنه (وَخذ مَا تعرف) من أَمر الدّين (ودع) اترك (مَا تنكر) من أَمر النَّاس الْمُخَالف للشَّرْع (وَعَلَيْك بِخَاصَّة أَمر نَفسك) أَي استعملها فِي الْمَشْرُوع وكفها عَن الْمنْهِي (ودع عَنْك أَمر الْعَامَّة) أَي اتركه فَإِذا غلب على ظَنك أَن الْمُنكر لَا يَزُول بإنكارك وَخفت مَحْذُور فَأَنت فِي سَعَة من تَركه وَأنكر بِالْقَلْبِ مَعَ الانجماع قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ وَالْمرَاد بالخاصة حَادِثَة الْوَقْت الَّتِي تخص الْإِنْسَان (ك عَن ابْن عَمْرو) بن العَاصِي وَقَالَ صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ
(إِذا رَأَيْت) لفظ رِوَايَة الْبَزَّار رَأَيْتُمْ (أمتِي) يَعْنِي مَا صَارَت أمتِي إِلَى حَالَة (تهاب) أَي تخَاف (الظَّالِم) أَي الجائر المتعدّي للحدود (أَن تَقول لَهُ أَنَّك ظَالِم) يَعْنِي أَن تَمنعهُ من الظُّلم أَو تشهد عَلَيْهِ بِهِ (فقد تودّع مِنْهُم) بِضَم أوّله بضبط المُصَنّف أَي اسْتَوَى وجودهم وعدمهم وخذلوا وخلى بَينهم وَبَين مَا يرتكبون من الْمعاصِي أَصله من التوديع وَهُوَ التّرْك (حم طب ك هَب عَن ابْن عَمْرو) بن العَاصِي (طس عَن جَابر) بن عبد الله صَححهُ الْحَاكِم وأقرّوه
(إِذا رَأَيْت الْعَالم) أَي وجدته (يخالط) أَي يداخل (السُّلْطَان) الإِمَام الْأَعْظَم أَو أحد نوّابه (مُخَالطَة كَثِيرَة) أَو فَوق الْحَاجة (فَاعْلَم أَنه لص) أَي سَارِق أَي محتال على اقتناص الدُّنْيَا بِالدّينِ ويجذبها إِلَيْهِ من حرَام أَو غَيره فَاحْذَرُوهُ أما لَو خالطه أَحْيَانًا لمصْلحَة كشفاعة وَنصر مظلوم فَلَا بَأْس وَالله يعلم الْمُفْسد من المصلح (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا رَأَيْت الله تَعَالَى) أَي علمت أَنه (يُعْطي العب) أَي عبدا من عباده (من الدُّنْيَا) أَي من زهرتها وَزينتهَا (مَا يحب) أَي العَبْد من نَحْو مَال وجاه وَولد (وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (مُقيم على مَعَاصيه) أَي عاكف عَلَيْهَا ملازم لَهَا (فَإِنَّمَا ذَلِك) أَي إِعْطَاؤُهُ وَهُوَ بِتِلْكَ الْحَالة(1/98)
(مِنْهُ) أَي من الله (اسْتِدْرَاج لَهُ) أَي استنزال لَهُ من دَرَجَة إِلَى أُخْرَى حَتَّى يُدْنِيه من الْعَذَاب فيصبه عَلَيْهِ صبا ويسحه عَلَيْهِ سَحا فَالْمُرَاد بالاستدراج هُنَا تقريبه من الْعقُوبَة شَيْئا فَشَيْئًا (حم طب هَب عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا رَأَيْت من أَخِيك) فِي الدّين (ثَلَاث خِصَال) أَي فعل ثَلَاث خِصَال (فارجه) أَي فأمل أَن تنْتَفع بِهِ عَن قرب وَيكون مشاورا فِي الْأُمُور مسترشدا فِي التَّدْبِير وَهِي (الْحيَاء وَالْأَمَانَة والصدق) فَإِن هَذِه الْخِصَال أُمَّهَات مَكَارِم الْأَخْلَاق فَإِذا وجدت فِي عبد دلّت على صَلَاحه فيرجى ويرتجى (وَإِذا لم تَرَهَا) مجتمعة فِيهِ (فَلَا ترجه) لشَيْء مِمَّا ذكر وَلَا ترجو لَهُ الْفَلاح (عد فر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا رَأَيْت كلما) بِالنّصب هُنَا على الظَّرْفِيَّة (طلبت شَيْئا من أَمر الْآخِرَة) أَي من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بهَا المقربة إِلَيْهَا (وابتغيته يسر لَك) أَي تهَيَّأ وَحصل لَك بسهولة وَعدم تَعب (وَإِذا أردْت شَيْئا من أَمر الدُّنْيَا) أَي من الْأُمُور الْمُتَعَلّقَة بهَا (وابتغيته عسر عَلَيْك) أَي صَعب فَلم يحصل لَك إِلَّا بتعب وكلفة ومشقة (فَاعْلَم أَنَّك على حَالَة حَسَنَة) أَي مرضية عِنْد الله تَعَالَى لِأَنَّهُ إِنَّمَا زوى عَنْك الدُّنْيَا وعرّضك للبلاء لينقيك من دنسك ويريحك وَيرْفَع درجتك فِي الْآخِرَة (وَإِذا رَأَيْت كَمَا طلبت شَيْئا من أَمر الْآخِرَة وابتغيته عسر عَلَيْك وَإِذا طلبت شَيْئا من أَمر الدُّنْيَا وابتغيته يسر لَك فَأَنت على حَالَة قبيحة) أَي غير مرضية عِنْده تَعَالَى فَإِن النعم محن وَالله تَعَالَى يبلو بِالنعْمَةِ كَمَا يبلوا بالنقمة وَالْأول عَلامَة حسن الخاتمة وَالثَّانِي ضِدّه والمسئلة ربَاعِية فَبَقيَ مَا إِذا كَانَ يعسر عَلَيْهِ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا إِذا كَانَا يتيسران لَهُ وَلم يتَعَرَّض لَهما لوضوحهما (ابْن الْمُبَارك فِي) كتاب (الزّهْد عَن سعيد بن أبي سعيد مُرْسلا) هُوَ ابْن كيسَان المَقْبُري (هَب عَن عمر بن الْخطاب) وَفِيه انْقِطَاع
(إِذا رَأَيْتُمْ من) أَي مُكَلّفا (يَبِيع أَو يبْتَاع) أَي يَشْتَرِي وَهُوَ (فِي الْمَسْجِد فَقولُوا) لَهُ ندبا وَقيل وجوبا (لَا أربح الله تجارتك) دُعَاء عَلَيْهِ بالخسران أَو احْتِمَال الْخَبَر بعيد (وَإِذا رَأَيْتُمْ من) أَي مُكَلّفا (ينشد) بِفَتْح أَوله يتطلب (فِيهِ ضَالَّة) بِالْهَاءِ تقع على الذّكر وَالْأُنْثَى وَهِي أَصَالَة الْحَيَوَان وَهنا أَي شَيْء ضَاعَ (فَقولُوا) لَهُ ندبا (لَا ردهَا الله عَلَيْك) دُعَاء عَلَيْهِ بِعَدَمِ الوجدان زجرا لَهُ عَن ترك تَعْظِيم الْمَسْجِد والمساجد لم تبن لهَذَا كَمَا فِي خبر مُسلم (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يتعزى) أَي ينتسب (بعزاء الْجَاهِلِيَّة) أَي بنسبها والانتماء إِلَيْهَا (فأعضوه) أَي اشتموه (بِهن أَبِيه) أَي قُولُوا لَهُ اعضض بِهن أَبِيك أَي بِذكرِهِ وصرحوا بِلَفْظ الذّكر (وَلَا تكنوا) عَنهُ بالهن تنكيلا وزجرا (حم ت عَن أبيّ) بن كَعْب وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل يعْتَاد الْمَسَاجِد) الَّتِي هِيَ جنان الدُّنْيَا يَعْنِي وجدْتُم قلبه مُعَلّقا بهَا من حِين يخرج مِنْهَا إِلَى أَن يعود إِلَيْهَا لنَحْو صَلَاة واعتكاف (فَاشْهَدُوا لَهُ بِالْإِيمَان) أَي اقْطَعُوا لَهُ بِأَنَّهُ مُؤمن حَقًا فَإِن الشَّهَادَة قَول صدر عَن مواطأة الْقلب اللِّسَان على سَبِيل الْقطع وَلِلْحَدِيثِ تَتِمَّة وَهِي فَإِن الله يَقُول {إِنَّمَا يعمر مَسَاجِد الله من آمن بِاللَّه} (حم ت هـ وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (حب ك ن هق عَن أبي سعيد) الخدريّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل) فِي رِوَايَة بدله العَبْد (قد أعْطى) بالبنا للْمَفْعُول أَي أعطَاهُ الله (زهدا فِي الدُّنْيَا) أَي استصغارا لَهَا واحتقارا لشأنها (وَقلة منطق) كمحمل أَي عدم كَلَام فِي غير طَاعَة إِلَّا بِقدر الْحَاجة (فاقتربوا مِنْهُ فَإِنَّهُ يلقى) بقاف مشدّدة مَفْتُوحَة (الْحِكْمَة) أَي يعلم دقائق(1/99)
الإشارات الشافية لأمراض الْقُلُوب الْمَانِعَة من اتِّبَاع الْهوى (حل هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل) ذكر الرجل وصف طرديّ وَالْمرَاد الْإِنْسَان الْمَعْصُوم (يقتل صبرا) أَي يمسك فَيقْتل فِي غير معركة (فَلَا تحضروا مَكَانَهُ) أَي مَكَان قَتله يَعْنِي لَا تقصدوا حُضُور الْمحل الَّذِي يقتل فِيهِ حَالَة قَتله (فَإِنَّهُ لَعَلَّه يقتل ظلما فتنزل السخطة) أَي الغضبة من الله (فتصيبكم) وَالْمرَاد مَا يَتَرَتَّب على الْغَضَب من نزُول عَذَاب وحلول عِقَاب (ابْن سعد) فِي طبقاته (طب) كِلَاهُمَا (عَن خرشه) بخاء وشين معجمتين مفتوحتين بَينهمَا رَاء سَاكِنة وَهُوَ ابْن الْحَرْث الْمرَادِي وَهُوَ حَدِيث حسن
(إِذا رَأَيْتهمْ الَّذين يسبون) أَي يشتمون (أَصْحَابِي) أَي أحدهم (فَقولُوا) لَهُم بِلِسَان القال فَإِن خِفْتُمْ فبلسان الْحَال (لعنة الله على شركم) قَالَ الزمخشريّ هَذَا من الْكَلَام الْمنصف فَهُوَ على وزان وَأَنا أَو إيَّاكُمْ لعلى هدى أَو فِي ظلال مُبين وَقَول حسان فشمر كَمَا الْخَيْر كَمَا الْفِدَاء (ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَقَالَ هَذَا حَدِيث مُنكر
(إِذا رَأَيْتُمْ الْجِنَازَة) بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا أَي الْمَيِّت فِي النعش (فَقومُوا لَهَا) مسلمة أَو ذِمِّيَّة إِكْرَاما لقابض روحها مَعَ احترامها أَو لما مَعهَا من الْمَلَائِكَة أَو للْمَوْت لَا للْمَيت (حَتَّى تخلفكم) بِضَم الْفَوْقِيَّة وشدا لللام أَي تتركم خلفهَا (أَو تُوضَع) على الأَرْض أَو فِي اللَّحْد وأو للتنويع وَذَا مَنْسُوخ بترك النبيّ الْقيام لَهَا بعد (حم ق 4 عَن عَامر بن ربيعَة) وَغَيره
(إِذا رَأَيْتُمْ آيَة) أَي عَلامَة تنذر بنزول بلَاء وَمِنْه انْقِرَاض الْعلمَاء وأزواجهم الآخذات عَنْهُم (فاسجدوا) لله التجاء إِلَيْهِ ولياذا بِهِ فِي دفع مَا عساه يحصل من عَذَاب عِنْد انْقِطَاع بركتهم فالسجود لدفع الْخلَل الْحَاصِل (د ت عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف خلافًا لقَوْل الْمُؤلف حسن وَسَببه قَالَ عِكْرِمَة قيل لِابْنِ عَبَّاس مَاتَت فُلَانَة بعض أَزوَاج النبيّ فَخر سَاجِدا فَقيل لَهُ أتسجد هَذِه السَّاعَة قَالَ قَالَ رَسُول الله فَذكره ثمَّ قَالَ وأية آيَة أعظم من ذهَاب أَزوَاج النبيّ
(إِذا رَأَيْتُمْ الْأَمر) أَي الْمُنكر وَالْحَال أَنكُمْ (لَا تَسْتَطِيعُونَ تَغْيِيره) بيد وَلَا لِسَان لعجزكم عَن ذَلِك أَو خوف أَو فتْنَة أَو وُقُوع مَحْذُور (فَاصْبِرُوا) كارهين لَهُ بقلوبكم (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يكون الله هُوَ) أَي لَا غَيره (الَّذِي يُغَيِّرهُ) أَي يُزِيلهُ يَعْنِي فَلَا إِثْم عَلَيْكُم حالتئذ إِذْ لَا يُكَلف الله نَفسهَا إِلَّا وسعهَا (عد هَب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ ضَعِيف لضعف عفيم بن معدان
(إِذا رَأَيْتُمْ الْحَرِيق فكبروا) أَي قُولُوا الله أكبر الله أكبر وكرّروه كثيرا (فَإِن التَّكْبِير يطفئه) حَيْثُ صدر عَن كَمَال إخلاص وقوّة يَقِين (ابْن السّني عد وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عَمْرو) بن العَاصِي وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(إِذا رَأَيْتُمْ الْحَرِيق فكبروا فَإِنَّهُ) أَي التَّكْبِير (يُطْفِئ النَّار) قد بَينا سرّ ذَلِك فِي الشَّرْح بِمَا لَا مزِيد على حسنه (عد عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن شَاهده مَا قبله وَلذَلِك رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا رَأَيْتُمْ العَبْد) الْمُؤمن قد (ألمّ) بِالتَّشْدِيدِ أَي أنزل (الله بِهِ الْفقر وَالْمَرَض) الْوَاو بِمَعْنى أَو فِيمَا يظْهر (فإنّ الله) أَي فاعلموا أنّ الله أَو فالشأن أنّ الله (يُرِيد أَن يصافيه) أَي يستخلصه لوداده ويجعله من جملَة أحبابه فإنّ الْفقر أشدّ الْبلَاء وَإِذا أحبّ الله عبدا ابتلاه (فر عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(إِذا رَأَيْتُمْ) النسْوَة (اللَّاتِي ألقين على رؤسهنّ مثل أسنمة البعر) أَي الَّذين يلقون على رؤسهنّ مَا يكبرها ويعظمها من الْخرق والعصائب حَتَّى تصير كأمثال العمائم وَأَسْنِمَة الْإِبِل وَالْقِيَاس أَن(1/100)
يُقَال سَنَام فالتعبير بِالْجمعِ لَعَلَّه من تصرّف بعض الروَاة (فأعلموهنّ) أخبروهنّ (أَنه لَا تقبل لهنّ) مَا دمن كَذَلِك (صَلَاة) وَإِن حكم لَهَا بِالصِّحَّةِ كمن صلى فِي ثوب مَغْصُوب بل أولى (طب عَن أبي شقرة) التَّمِيمِي قَالَ ابْن عبد الْبر فِي إِسْنَاده نظر
(إِذا رَأَيْتُمْ فِي) نواحي (السَّمَاء عمودا أَحْمَر) أَي شَيْئا يشبه العمود الْأَحْمَر يظْهر (من قبل) بِكَسْر وَفتح (الْمشرق فِي شهر رَمَضَان) فَإِن ذَلِك عَلامَة الجدب والقحط (فادّخروا) أَمر إرشاد (طَعَام سنتكم) أَي قوت عامكم ذَلِك لتطمئن قُلُوبكُمْ (فَإِنَّهَا سنة جوع) فَجَائِز أَن يكون ظُهُور ذَلِك عَلامَة للقحط فِي سنة وَلَا أثر لظُهُوره بعد وَهُوَ مَا عَلَيْهِ ابْن جرير وَأَن يكون كلما ظهر فِي سنة كَانَ كَذَلِك (طب عَن عبَادَة بن الصَّامِت) رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا رَأَيْتُمْ المدّاحين) أَي الَّذين صناعتهم الثَّنَاء على النَّاس (فاحثوا فِي وُجُوههم التُّرَاب) أعطوهم شَيْئا قَلِيلا يشبه التُّرَاب لخسته أَو اقْطَعُوا ألسنتهم بِالْمَالِ وَإِرَادَة الْحَقِيقَة فِي حيّز الْبعد (حم خد م د ت عَن الْمِقْدَاد بن الْأسود) الْمِقْدَاد عَمْرو بن ثَعْلَبَة تبناه الْأسود فنسب إِلَيْهِ (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ (ك فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (عَن أنس) بن مَالك وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ رجال الصَّحِيح
(إِذا رَأَيْتُمْ هِلَال ذِي الْحجَّة) بِكَسْر الْحَاء أفْصح يَعْنِي علمْتُم بِدُخُولِهِ والهلال إِذا كَانَ لليلة أَو لَيْلَتَيْنِ ثمَّ هُوَ قمر سمي هلالا لأنّ النَّاس يرفعون أَصْوَاتهم عِنْد أوّل رُؤْيَته بالتهليل (وَأَرَادَ أحدكُم أَن يُضحي فليمسك عَن شعره وأظفاره) أَي فليجتنب المضحي إِزَالَة شعر نَفسه ليبقى كَامِل الْأَجْزَاء فتعتق كلهَا من النَّار (م عَن أم سَلمَة)
(إِذا رَأَيْتُمْ الرَّايَات السود) جمع راية وَهِي علم الْجَيْش (قد جَاءَت من قبل خُرَاسَان) أَي من جِهَتهَا (فأتوها) زَاد فِي رِوَايَة نعيم بن حَمَّاد وَلَو حبوا على الثَّلج (فَإِن فِيهَا خَليفَة الله) مُحَمَّد بن عبد الله (الْمهْدي) الجائي قبيل عِيسَى أَو مَعَه وَقد ملئت الأَرْض ظلما وجورا فيملؤها قسطا وعدلا (حم ك عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى وَفِي إِسْنَاده مقَال
(إِذا رَأَيْتُمْ الرجل أصفر الْوَجْه) ذكر الرجل وصف طرديّ وَالْمرَاد الْإِنْسَان (من غير مرض وَلَا عِلّة) أَي مرض لَازم أَو حدث شاغل لصَاحبه (فَذَلِك) يَعْنِي الاصفرار الْمَفْهُوم من أصفر (من غش) بِالْكَسْرِ عدم نصح (الْإِسْلَام فِي قلبه) أَي من إضماره عدم النصح والحقد والغل والحسد لإخوانه الْمُسلمين يَعْنِي الْأَصْفَر عَلامَة تدل على ذَلِك (ابْن السّني وَأَبُو نعيم) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (عَن أنس) بن مَالك (وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ) أَبُو مَنْصُور (الديلمي) فِي مُسْند الفردوس لعدم وُقُوفه على سَنَده قَالَ ابْن حجر وَلَا أصل لَهُ
(إِذا رجف) تحرّك واضطرب (قلب الْمُؤمن فِي سَبِيل الله) أَي عِنْد قتال الْكفَّار (تحاتت) تساقطت (خطاياه) أَي ذنُوبه (كَمَا يتحات عذق النَّخْلَة) بِمُهْملَة فمعجمتين كفلس النَّخْلَة بحملها وبكسر فَسُكُون العرجون بِمَا فِيهِ من الشماريخ وَهُوَ المُرَاد (طب حل عَن سلمَان) الْفَارِسِي رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا رددت على السَّائِل ثَلَاثًا) معتذرا عَن عدم إِعْطَائِهِ (فَلم يذهب) لجاجا وعنادا (فَلَا بَأْس) أَي لَا حرج عَلَيْك فِي (أَن تزبره) أَي تزجره وتنهره لتعدّيه مَا لَا يحل لَهُ (قطّ فِي) كتاب (الْأَفْرَاد عَن ابْن عَبَّاس طس عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف ضرار بن صرد
(إِذا ركب أحدكُم الدَّابَّة فليحملها) أَي فليسيرها أَو فليسر بهَا (على ملاذه) بِالتَّشْدِيدِ أَي ليجرها فِي السهولة لَا الحزونة رفقا بهَا (فَإِن الله يحمل على القويّ والضعيف)(1/101)
أَي اعْتمد على الله وسير الدَّابَّة سيرا وسطا فِي سهولة وَلَا تغترّ بقوتها فترتكب العسف فِي تسييرها فَإِنَّهُ لَا قوّة لمخلوق إِلَّا بِاللَّه وَلَا تنظر لِضعْفِهَا فَتتْرك الْحَج وَالْجهَاد بل اعْتمد على الله فَهُوَ الْحَامِل وَهُوَ الْمعِين (قطّ فِي الافراد عَن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(إِذا ركبتم هَذِه الْبَهَائِم الْعَجم فانجوا عَلَيْهَا) أَي أَسْرعُوا (فَإِذا كَانَت سنة) بِالتَّحْرِيكِ أَي جدباء (فانجوا) أَي أَسْرعُوا (وَعَلَيْكُم بالدلجة) بِالضَّمِّ وَالْفَتْح أَي الزموا سير اللَّيْل (فَإِنَّمَا يطويها الله) أَي لَا يطوي الأَرْض للمسافرين فِيهَا حِينَئِذٍ إِلَّا الله إِكْرَاما لَهُم حَيْثُ أَتَوا بِهَذَا الْأَدَب الشَّرْعِيّ (طب عَن عبد الله بن مُغفل) بِسَنَد رِجَاله ثِقَات
(إِذا ركبتم هَذِه الدوابّ فأعطوها حظها) أَي نصِيبهَا (من الْمنَازل) أَي اُعْتِيدَ النُّزُول فِيهَا أَي أريحوها فِيهَا لتقوى على السّير (وَلَا تَكُونُوا عَلَيْهَا) أَي على الدَّوَابّ أَو الْمنَازل (شياطين) أَي لَا تركبوها ركُوب الشَّيَاطِين الَّذين لَا يراعون الشَّفَقَة عَلَيْهَا (قطّ فِي الافراد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا زار أحدكُم أَخَاهُ) فِي الدّين إِكْرَاما لَهُ وإظهارا لمودّته (فَجَلَسَ عِنْده) أَي فِي مَحَله وَالْفَاء سَبَبِيَّة أَو تعقيبية وفيهَا معنى الْوَاو على وَجه (فَلَا يقومنّ) لَا ناهية (حَتَّى) إِلَى أَن (يَسْتَأْذِنهُ) يَعْنِي لَا يقوم لينصرف إِلَّا بِإِذْنِهِ لِأَنَّهُ أَمِير عَلَيْهِ وَالْأَمر للنَّدْب (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه من لَا يعرف
(إِذا زار أحدكُم أَخَاهُ) فِي النّسَب أَو الدّين (فَألْقى) أَي المزور للزائر يَعْنِي فرش (لَهُ شَيْئا) يقْعد عَلَيْهِ (يَقِيه من التُّرَاب) وَنَحْوه (وَقَاه الله عَذَاب النَّار) دُعَاء أَو خبر فَكَمَا وقى أَخَاهُ مَا يشينه من الأقذار فِي هَذِه الدَّار يجاز بِهِ الله بالوقاية من النَّار (طب عَن سلمَان) الْفَارِسِي
(إِذا زار أحدكُم قوما) فِي مَنَازِلهمْ (فَلَا يصل بهم) أَي لَا يؤمهم لِأَن ربّ الدَّار أولى بالتقدّم (وَليصل بهم) ندبا (رجل مِنْهُم) لِأَن صَاحب الْمنزل أَحَق بِالْإِمَامَةِ فَإِن قدّموه فَلَا بَأْس وَالْمرَاد بِصَاحِب الْمنزل مَالك منفعَته (حم 3 عَن مَالك ابْن الْحُوَيْرِث) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح
(إِذا زخرفتم مَسَاجِدكُمْ) أَي زينتموها بالنقش والتزويق (وحليتم مصاحفكم) بِالذَّهَب وَالْفِضَّة (فالدمار) الْهَلَاك (عَلَيْكُم) دُعَاء أَو خبر فَكل من زخرفة الْمَسَاجِد وتحلية الْمَصَاحِف مَكْرُوه تَنْزِيها لِأَنَّهُ يشغل الْقلب ويلهي (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي الدَّرْدَاء)
(إِذا زلزلت) أَي سورتها (تعدل) أَي تماثل (نصف الْقُرْآن) كُله (وَقل يأيها الْكَافِرُونَ) أَي سورتها (تعدل ربع الْقُرْآن) لِأَن إِذا زلزلت وَردت فِي بَيَان الْمعَاد الَّذِي هُوَ نصف بِالنِّسْبَةِ للمبدأ وَأما الْكَافِرُونَ فَلِأَن الْقُرْآن يَشْمَل على أَحْكَام الشَّهَادَتَيْنِ وأحوال النشأتين فَهِيَ لتضمنها الْبَرَاءَة من الشّرك ربع (وَقل هُوَ الله أحد تعدل ثلث الْقُرْآن) لأنّ عُلُوم الْقُرْآن ثَلَاثَة علم التَّوْحِيد وَعلم الشَّرَائِع وَعلم تَهْذِيب الْأَخْلَاق وَهِي مُشْتَمِلَة على الأوّل (ت ك هَب عَن ابْن عَبَّاس) وَهَذَا حَدِيث مُنكر وَتَصْحِيح الْحَاكِم مَرْدُود
(إِذا زنى العَبْد) أَي أَخذ فِي الزِّنَا (خرج مِنْهُ الْإِيمَان) أَي نوره أَو كَمَاله (فَكَانَ على رَأسه كالظلة) بِضَم الظَّاء وَتَشْديد اللَّام السحابة فَلَا يَزُول عَنهُ حكمه حَتَّى يقْلع (فَإِذا أقلع) عَنهُ بِأَن نزع وَتَابَ تَوْبَة صَحِيحَة (رَجَعَ إِلَيْهِ) الْإِيمَان أَي نوره أَو كَمَاله فالمسلوب اسْم الْإِيمَان الْمُطلق لَا مُطلق الْإِيمَان (د ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِذا سَأَلَ أحدكُم) ربه (الرزق) أَي إِذا أَرَادَ(1/102)
أحدكُم سُؤال الرزق أَي طلبه من الرازق (فليسأل) ربه أَن يُعْطِيهِ الشَّيْء (الْحَلَال) أَي الْقُوت الْجَائِز تنَاوله وَأَن يبعده عَن الْحَرَام فَإِنَّهُ يُسمى زرقا عِنْد الأشاعرة فَإِذا أطلق سُؤال الرزق شَمله (عد عَن أبي سعيد) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا سَأَلَ أحدكُم ربه مسئلة) مصدر ميمي بِمَعْنى اسْم الْمَفْعُول أَي طلب مِنْهُ شَيْئا (فتعرّف) بِفتْحَتَيْنِ ثمَّ رَاء مشدّدة (الْإِجَابَة) أَي تطلبها حَتَّى عرف حُصُولهَا بِأَن ظَهرت لَهُ إمارتها (فَلْيقل) ندبا شكرا لله عَلَيْهَا (الْحَمد لله الَّذِي بنعمته) بكرمه ومنته (تتمّ) أَي تكمل (الصَّالِحَات) أَي النعم الحسان (وَمن أَبْطَأَ) أَي تَأَخّر (عَنهُ) فَلم يسْرع إِلَيْهِ (ذَلِك) أَي تعرّف الْإِجَابَة (فَلْيقل) ندبا (الْحَمد لله على كل حَال) أَي على كل كَيْفيَّة من الكيفيات الَّتِي قدّرها فإنّ قَضَاء الله لِلْمُؤمنِ كُله خير وَلَو انْكَشَفَ لَهُ الغطاء لفرح بالضراء أَكثر من فرحه بالسراء (هق عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا سَأَلْتُم الله تَعَالَى) أَي أردتم سُؤَاله (فَاسْأَلُوهُ الفردوس فَإِنَّهُ سر الْجنَّة) بِكَسْر السِّين وشدّ الرَّاء أفضل مَوضِع فِيهَا وَالْمرَاد أَنه وسط الْجنَّة وأعلاها وأفضلها (طب) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن الْعِرْبَاض) بن سَارِيَة وَرِجَاله موثقون
(إِذا سَأَلْتُم الله تَعَالَى) جلب نعْمَة (فَاسْأَلُوهُ ببطون أكفكم وَلَا تسألوه بظهورها) لأنّ اللَّائِق هُوَ السُّؤَال ببطونها إِذْ عَادَة من طلب شَيْئا من غَيره أَن يمدّ يَده إِلَيْهِ ليضع النائل فِيهَا وَفِيه ردّ على بعض الْمُسلمين حَيْثُ رأى رجلا رَافعا يَده إِلَى السَّمَاء فَقَالَ يَا هَذَا اغضض بَصرك وكف يدك فَلَنْ ترَاهُ وَلنْ تناله (د عَن مَالك بن يسَار السكونِي) ثمَّ الْعَوْفِيّ وَلَا يعرف لَهُ غير هَذَا الحَدِيث (هـ طب ك عَن ابْن عَبَّاس وَزَاد) أَي الْحَاكِم فِي رِوَايَته (وامسحوا بهَا وُجُوهكُم) وَهُوَ حَدِيث حسن
(إِذا سُئِلَ) بالبنا للْمَفْعُول (أحدكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (أمؤمن هُوَ فَلَا يشك فِي إيمَانه) أَي فَلَا يقل أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله لِأَنَّهُ إِن كَانَ للشَّكّ فَهُوَ كفر أَو للتبرك أَو للتأدّب أَو للشَّكّ فِي الْعَاقِبَة لَا فِي الْآن أَو للتبرئ عَن تَزْكِيَة النَّفس فَالْأولى تَركه (طب عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا سافرتم فليؤمكم) ندبا والصارف عَن الْوُجُوب بِالْإِجْمَاع (أقرؤكم) يَعْنِي أفقهكم والأقرأ من الصحب كَانَ هُوَ الأفقه (وَإِن كَانَ أصغركم) سنا (وَإِذا أمكُم) بِالتَّشْدِيدِ أَي كَانَ أَحَق بأمامتكم (فَهُوَ أميركم) أَي فَهُوَ أَحَق بالإمرة الْمَأْمُور بهَا فِي السّفر على بَقِيَّة الرّفْقَة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا سافرتم فِي الخصب) بِكَسْر الْخَاء وَسُكُون الْمُهْملَة زمن كَثْرَة النَّبَات والعلف (فأعطوا الْإِبِل حظها من الأَرْض) بِأَن تمكنوها من رعي النَّبَات (وَإِذا سافرتم فِي السّنة) بِالْفَتْح الجدب وَقلة النَّبَات (فَأَسْرعُوا عَلَيْهَا السّير) لتصل الْمَقْصد وَبهَا بَقِيَّة من قوّتها لفقد مَا يقوّيها على السّير (وَإِذا عرّستم) بِالتَّشْدِيدِ نزلتم (بِاللَّيْلِ) أَي آخِره لنَحْو يَوْم أَو استراحة (فَاجْتَنبُوا (الطَّرِيق) أَي اعدلوا وأعرضوا عَنْهَا (فَإِنَّهَا طرق الدَّوَابّ ومأوى الْهَوَام) أَي مَحل تردّدها (بِاللَّيْلِ) لتأكل مَا فِيهَا من الرمّة ولتلتقط مَا يسْقط من المارةّ من نَحْو مَأْكُول (م د ت عَن أبي هُرَيْرَة
(إِذا سَبَب الله تَعَالَى) أَي أجْرى وأوصل (لأحدكم رزقا من وَجه) أَي حَال من الْأَحْوَال (فَلَا يَدعه) أَي لَا يتْركهُ ويعدل لغيره (حَتَّى يتَغَيَّر) فِي رِوَايَة يتنكر (لَهُ) فَإِذا صَار كَذَلِك(1/103)
فليتحول لغيره فإنّ أَسبَاب الرزق كَثِيرَة (حم هـ عَن عَائِشَة) وَضَعفه السخاوي كالعراقي لَكِن رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا سبقت للْعَبد من الله تَعَالَى منزلَة) أَي إِذا منحه فِي الْأَزَل مرتبَة عالية (لم ينلها بِعَمَلِهِ) لقصوره عَن إبلاغه إِلَيْهَا لقلته وسموها (ابتلاه الله فِي جسده) بالآلام والأسقام (وَفِي أَهله) بالفقد أَو عدم الاسْتقَامَة وتلونهم عَلَيْهِ (وَمَاله) بإذهاب أَو غَيره (ثمَّ صبره) بِالتَّشْدِيدِ أَي ألهمه الصَّبْر (على ذَلِك) أَي مَا ابتلاه بِهِ فَلَا يشْكر ربه وَلَا يضجر (حَتَّى ينَال) بِسَبَب ذَلِك (الْمنزلَة الَّتِي سبقت لَهُ من الله عز وَجل) أَي الَّتِي اسْتحقَّهَا بِالْقضَاءِ الأزلي وَالتَّقْدِير الإلهي فأعظم بهَا بِشَارَة سَرِيَّة لأهل الْبلَاء الصابرين على الضراء والبأساء (تخ د فِي رِوَايَة ابْن داسة وَابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (ع) وَكَذَا الْبَيْهَقِيّ فِي الشّعب كلهم (عَن مُحَمَّد بن خَالِد السّلمِيّ عَن أَبِيه) خَالِد الْبَصْرِيّ (عَن جدّه) عبد الرَّحْمَن بن جناب السلميّ الصحابيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا سبك) أَي شتمك (رجل) وصف طرديّ وَالْمرَاد الْإِنْسَان (بِمَا يعلم مِنْك) من النقائص والعيوب (فَلَا تسبه) أَنْت (بِمَا تعلم مِنْهُ) من ذَلِك أَي إِذا نقصك وحقرك بِمَا فِيك فَلَا تفعل بِهِ مثله وَعلله بقوله (فَيكون أجر ذَلِك لَك) بتركك لحقك وَعدم انتصارك لنَفسك (و) دَعه يكون) وباله) أَي إثمه وعذابه (عَلَيْهِ) فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَمَا الله بغافل عَمَّا تَعْمَلُونَ فَإِذا سبك إِنْسَان فَلَا تجبه وتغافل عَنهُ كَمَا قَالَ ابْن الرُّومِي
(وغفلة الْمَرْء عَن حق لصَاحبه ... لؤم وغفلته عَن حَقه كرم)
ويتأكد عدم سبّ اللَّئِيم الذميم كَمَا قيل دم من كَانَ خاملا إطراء وَقيل لِلْحسنِ ذكرك الْحجَّاج بِسوء فَقَالَ علم مَا فِي نَفسِي فَنَطَقَ عَن ضميري وكل امْرِئ بِمَا كسب رهين (ابْن منيع) والديلمي (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه وَهُوَ كَمَا قَالَ أَو أَعلَى
(إِذا سجد العَبْد) أَي الْإِنْسَان (سجد مَعَه سَبْعَة أراب) بِوَزْن أَفعَال جمع ارب بِكَسْر فَسُكُون الْعُضْو وَتلك السَّبْعَة هِيَ (وَجهه وَكَفاهُ وَركبَتَاهُ وَقَدمَاهُ) بَين بِهِ أنّ أَعْضَاء السُّجُود سَبْعَة وَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على وجوب وَضعهَا كلا أَو بَعْضهَا كَمَا وهم إِذْ لَيْسَ مفاده إِلَّا أَنه إِذا سجد سجد عَلَيْهَا (حم م 4 عَن الْعَبَّاس) بن عبد الْمطلب (عبد بن حميد عَن سعد) بن أبي وَقاص
(إِذا سجد العَبْد) أَي الْإِنْسَان (طهر) بِالتَّشْدِيدِ أَي نظف (سُجُوده مَا تَحت جَبهته إِلَى سبع أَرضين) طَهَارَة حَقِيقِيَّة على مَا أفهمهُ هَذَا الحَدِيث وَحمله على الطَّهَارَة المعنوية وإفاضة الرَّحْمَة على مَا وَقع السُّجُود عَلَيْهِ ينافره السَّبَب وَهُوَ أَن عَائِشَة قَالَت كَانَ النبيّ يُصَلِّي فِي الْموضع الَّذِي يَبُول فِيهِ الْحسن وَالْحُسَيْن فَقلت لَهُ أَلا نخص لَك موضعا فَذكره (طس) وَكَذَا ابْن عديّ (عَن عَائِشَة) وَفِيه مُتَّهم بِالْوَضْعِ
(إِذا سجد أحدكُم فَلَا يبرك كَمَا يبرك الْبَعِير) أَي لَا يَقع على رُكْبَتَيْهِ كَمَا يَقع الْبَعِير عَلَيْهِمَا حِين يقْعد (وليضع يَدَيْهِ قبل رُكْبَتَيْهِ) قَالُوا ذَا مَنْسُوخ بِخَبَر سعد كُنَّا نضع الْيَدَيْنِ قبل الرُّكْبَتَيْنِ فَأمرنَا بالركبتين قبل الْيَدَيْنِ رَوَاهُ ابْن خُزَيْمَة (د ن عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لصِحَّته وَلَيْسَ كَمَا قَالَ
(إِذا سجد أحدكُم فليباشر بكفيه الأَرْض) أَي فليضعهما مكشوفتين على مُصَلَّاهُ (عَسى الله تَعَالَى) هِيَ للترجي وَمن الله وَاجِبَة وأتى بهَا هُنَا ترغيبا للْمُصَلِّي فِيمَا ذكر (أَن يفك) أَن يخلص ويفصل وَفِي لفظ للطبراني يكف وَالْأولَى أنسب بقوله (عَنهُ الغل) بِالضَّمِّ الطوق من حَدِيد يَجْعَل فِي الْعُنُق أَو الْقَيْد الْمُخْتَص(1/104)
باليدين (يَوْم الْقِيَامَة) يَعْنِي من فعل ذَلِك فَجَزَاؤُهُ مَا ذكر (طس عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف عبيد الْمحَاربي
(إِذا سجد أحدكُم فليعتدل) بِوَضْع كفيه على الأَرْض وَرفع مرفقيه وجنبيه عَنْهَا لِأَنَّهُ أمكن وأشدّ اعتناء بِالصَّلَاةِ (وَلَا يفترش) بِالْجَزْمِ على النَّهْي أَي الْمصلى (ذِرَاعَيْهِ) بِأَن يجعلهما كالفراش والبساط (افتراش الْكَلْب) لما فِيهِ من شوب استهانة بِهَذِهِ الْعِبَادَة الَّتِي هى أفضل الْعِبَادَات (حم ت هـ وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (والضياء) فِي المختارة (عَن جَابر) بن عبد الله بأسانيد صَحِيحَة
(إِذا سجدت فضع كفيك) على الأَرْض (وَرَافِع مرفقيك) بِكَسْر الْمِيم عَن جنبيك وَعَن الأَرْض لِأَنَّهُ أشبه بالتواضع وَأبْعد من هَيْئَة الكسالى وَهَذَا مَنْدُوب للرجل لَا غَيره (حم م عَن الْبَراء) بن عَازِب
(إِذا سرّتك) أَي أفرحتك (حسنتك) أَي عبادتك (وساءتك سيئتك) أَي أحزنك ذَنْبك (فَأَنت مُؤمن) أَي كَامِل الْإِيمَان لفرحك بِمَا يُرْضِي الله وحزنك بِمَا يغضبه وَفِي الْحزن عَلَيْهَا إِشْعَار بالندم الَّذِي هُوَ أعظم أَرْكَان التَّوْبَة (حم حب طب ك هَب والضياء عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ قَالَ ك على شَرطهمَا وأقرّوه
(إِذا سِرْتُمْ فِي أَرض خصبة) بِكَسْر الْخَاء (فأعطوا الدوابّ حظها) من نَبَات الأَرْض وحظها الرَّعْي مِنْهُ (وَإِذا سِرْتُمْ فِي أَرض مُجْدِبَة) بدال مُهْملَة وَلم يكن مَعكُمْ وَلَا فِي الطَّرِيق علف (فانجوا عَلَيْهَا) أَي أَسْرعُوا عَلَيْهَا السّير لتبلغكم الْمنزل قبل أَن تضعف (وَإِذا عرّستم) بشدّ الرَّاء أَي نزلتم آخر اللَّيْل (فَلَا تعرّسوا على قَارِعَة الطَّرِيق) أَي أَعْلَاهَا أَو وَسطهَا (فَإِنَّهَا مأوى كل دَابَّة) أَي محلهَا الَّذِي تأوي إِلَيْهِ لَيْلًا (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله ثِقَات
(إِذا سرق الْمَمْلُوك) يَعْنِي الْقِنّ (قبعه) إرشادا (وَلَو بنش) بنُون وشين مُعْجمَة نصف أُوقِيَّة أَو هُوَ عشرُون درهما سمي بِهِ لخفته وقلته أَو هُوَ الْقرْبَة البالية وَالْقَصْد الْأَمر بِبيعِهِ وَلَو بِشَيْء تافه جدّا أَو بَيَان أَن السّرقَة عيب قَبِيح (حم خد د) وَكَذَا ابْن مَاجَه (عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا سقى الرجل امْرَأَته المَاء أجر) بِضَم فَكسر أَي أثيب على فعله ذَلِك إِن قصد بِهِ وَجه الله وَهُوَ شَامِل لمناولتها المَاء فِي إنائه وَجعله فِي فِيهَا وإتيانها بِهِ (تخ طب عَن الْعِرْبَاض) بن سَارِيَة رمز الْمُؤلف لحسنه وَاعْترض
(إِذا سَقَطت) فِي رِوَايَة وَقعت (لقْمَة أحدكُم فليمط) بلام الْأَمر أَي فليزل (مَا بهَا من الْأَذَى) من تُرَاب أَو نَحوه مِمَّا يعاف إِن تنجست طهرهَا إِن أمكن وَإِلَّا أطعمها حَيَوَانا (وليأكلها) أَو يطْعمهَا غَيره وَهَذَا أَمر على جِهَة الاحترام لتِلْك اللُّقْمَة فَإِنَّهَا من نعم الله لم تصل للْإنْسَان حَتَّى سخر الله لَهُ فِيهَا أهل السَّمَاء وَالْأَرْض (وَلَا يَدعهَا) أَي لَا يَتْرُكهَا ندبا (للشَّيْطَان) جعل التّرْك للشَّيْطَان لِأَنَّهُ إطاعة لَهُ وإضاعة لنعمة الله واستحقارها وَالْقَصْد بذلك ذمّ حَال التارك وتنبيهه على تَحْصِيل نقيض غَرَض الشَّيْطَان (وَلَا يمسح يَده بالمنديل) أَو نَحوه (حَتَّى يلعقها) بِفَتْح أوّله (أَو يلعقها) لغيره وَهُوَ بِضَم أوّله وَعلل ذَلِك بقوله (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أيّ طَعَامه) تكون (الْبركَة) أَي التغذية والقوّة على الطَّاعَة فَرُبمَا كَانَ ذَلِك فِي اللُّقْمَة الساقطة فيفوته بفوتها خير كثير (حم م ن هـ عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا سلّ) بِالتَّشْدِيدِ بضبط المُصَنّف (أحدكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (سَيْفا) أَي انتزعه من غمده (لينْظر إِلَيْهِ) أَي لأجل أَن ينظر إِلَيْهِ لشراء أَو تعهد أَو غير ذَلِك (فَأَرَادَ أَن يناوله أَخَاهُ) فِي النّسَب أَو الدّين (فليغمده) ندبا أَي يدْخلهُ فِي قرَابه قبل مناولته إِيَّاه (ثمَّ يناوله إِيَّاه) ليأمن من إِصَابَة ذبابه لَهُ وتحرزا عَن صُورَة الْإِشَارَة بِهِ إِلَى أَخِيه الَّتِي(1/105)
ورد النَّهْي عَنْهَا (حم طب ك عَن أبي بكرَة) بِفَتْح الْبَاء وَالْكَاف قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه
(إِذا سلم عَلَيْكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (أحد من أهل الْكتاب) الْيَهُود أَو النَّصَارَى (فَقولُوا) وجوبا فِي الردّ عَلَيْهِم (وَعَلَيْكُم) فَقَط لأَنهم إِن لم يقصدوا دُعَاء علينا فَهُوَ دُعَاء لَهُم بِالْإِسْلَامِ وَإِن قصدُوا الدُّعَاء علينا فَمَعْنَاه ونقول لكم عَلَيْكُم مَا تريدونه بهَا أَو تستحقونه أَو وندعو عَلَيْكُم بِمَا دعوتم بِهِ علينا (حم ق د ت هـ عَن أنس) بن مَالك
(إِذا سلم الإِمَام) من الصَّلَاة (فردّوا) ندبا (عَلَيْهِ) بِأَن تنووا بسلامكم الردّ عَلَيْهِ بِالْأولَى أوالثانية فإنّ ذَلِك من سنَن الصَّلَاة (هـ عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب الْغَطَفَانِي وَفِي إِسْنَاده ضعف
(إِذا سلمت الْجُمُعَة) أَي سلم يَوْمهَا من وُقُوع الآثام فِيهِ (سلمت الْأَيَّام) أَي أَيَّام الْأُسْبُوع من الْمُؤَاخَذَة (وَإِذا سلم) شهر (رَمَضَان) من ارْتِكَاب المحرّمات فِيهِ (سلمت السّنة) كلهَا من الْمُؤَاخَذَة لِأَنَّهُ تَعَالَى جعل لأهل كل مِلَّة يَوْمًا يتفرغون فِيهِ لعبادته فَيوم الْجُمُعَة يَوْم عبادتنا كشهر رَمَضَان فِي الشُّهُور وَسَاعَة الْإِجَابَة فِيهِ كليلة الْقدر فِي رَمَضَان فَمن سلم لَهُ يَوْم جمعته سلمت أَيَّامه وَمن سلم لَهُ رَمَضَان سلمت لَهُ سنته (قطّ فِي الافراد عد حل هَب) وَابْن حبَان (عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(إِذا سمع أحدكُم) مِمَّن يُرِيد الصَّوْم (النداء) أَي أَذَان بِلَال الأوّل للصبح أَو المُرَاد إِذا سمع الصَّائِم الْأَذَان للمغرب (والأناء) مُبْتَدأ (على يَده) خَبره (فَلَا يَضَعهُ) نهي أَو نفي بِمَعْنَاهُ (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يقْضِي حَاجته مِنْهُ) بِأَن يشرب مِنْهُ كِفَايَته مَا لم يتَحَقَّق طُلُوع الْفجْر الصَّادِق (حم د ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك على شَرط مُسلم وأقرّوه
(إِذا سَمِعت الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (يَقُول هلك النَّاس) ودلت حَاله على أَنه يَقُول ذَلِك إعجابا بِنَفسِهِ واحتقارا لَهُم وازدراء لما هم عَلَيْهِ (فَهُوَ أهلكهم) بِضَم الْكَاف أَي أحقهم بِالْهَلَاكِ وأقربهم إِلَيْهِ لذمّه للنَّاس وَبِفَتْحِهَا فعل مَاض أَي فَهُوَ جعلهم هالكين لكَونه قنطهم من رَحْمَة الله أمّا لَو قَالَه إشفاقا وتحسرا عَلَيْهِم فَلَا بَأْس (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم خد م د عَن أبي هُرَيْرَة) وَلم يُخرجهُ البُخَارِيّ
(إِذا سَمِعت جيرانك) أَي الصلحاء مِنْهُم (يَقُولُونَ قد أَحْسَنت فقد أَحْسَنت) أَي كنت من أهل الْإِحْسَان سترا من الله وتجاوزا عَمَّا عرف من الممدوح مِمَّا اسْتَأْثر بِعِلْمِهِ (وَإِذا سمعتهم يَقُولُونَ قد أَسَأْت فقد أَسَأْت) أَي كنت من أهل الْإِسَاءَة لأَنهم إِنَّمَا شهدُوا بِمَا ظهر من سيئ عمله فَإِذا عذبه الله فَبِحَق مَا ظهر من عمله السيء (حم هـ طب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (هـ عَن كُلْثُوم) بن عَلْقَمَة (الْخُزَاعِيّ) المصطلقي قيل لَهُ وفادة وَالأَصَح لِأَبِيهِ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِذا سَمِعت النداء) أَي الْأَذَان فَاللَّام عهدية وَيجوز أَن يقدّر نِدَاء الْمُؤَذّن (فأجب) ندبا (دَاعِي الله) وَهُوَ الْمُؤَذّن لِأَنَّهُ الدَّاعِي لعبادته وَالْمرَاد بالإجابة أَن تَقول مثله ثمَّ تَجِيء إِلَى الْجَمَاعَة حَيْثُ لَا عذر (طب عَن كَعْب بن عجْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا سَمِعت النداء فأجب) ندبا (وَعَلَيْك) أَي وَالْحَال أنّ عَلَيْك فِي حَال ذهابك (السكينَة) أَي الْوَقار أَو أخص حَتَّى تبلغ الْمصلى (فَإِن أصبت) أَي وجدت (فُرْجَة) فَأَنت أَحَق بهَا (فتقدّم إِلَيْهَا) وَلَو بالتخطي لتقصير الْقَوْم بإهمالها (وَإِلَّا) بِأَن لم تجدها (فَلَا تضيق) ندبا بل وجوبا إِن كَانَ فِيهِ أَذَى (على أَخِيك) فِي الدّين يَعْنِي لَا تزاحمه فتؤذيه بالتضييق عَلَيْهِ (و) إِذا أَحرمت (اقْرَأ مَا تسمع أذنيك) أَي اقْرَأ سرّا بِحَيْثُ تسمع نَفسك (وَلَا) ترفع صَوْتك بِالْقِرَاءَةِ فَوق ذَلِك (تؤذ جَارك) أَي المجاور لَك فِي الْمصلى (وصلّ صَلَاة مودّع) بِأَن تتْرك الْقَوْم وحديثهم بقلبك وَتَرْمِي بالأشغال الدُّنْيَوِيَّة خلف ظهرك وَتقبل على رَبك(1/106)
بتخشع وتدبر (أَبُو نصر السجري فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا سَمِعْتُمْ النداء) أَي الْأَذَان لِأَنَّهُ نِدَاء دُعَاء إِلَيْهَا (فَقولُوا) ندبا وَقيل وجوبا (مثل مَا يَقُول الْمُؤَذّن) لم يقل مثل مَا قَالَ ليشعر بِأَنَّهُ يجِيبه بعد كل كلمة وَلم يقل مثل مَا تَسْمَعُونَ إِيمَاء إِلَى أَنه يجِيبه فِي الترجيع وَأَنه لَو علم أَنه يُؤذن لَكِن لم يسمعهُ لنَحْو صمم أَو بعد يُجيب وَأَرَادَ بِمَا يَقُوله ذكر الله والشهادتين لَا الحيعلتين وَأفَاد أَنه لَو سمع مُؤذنًا بعد مُؤذن يُجيب الْكل لأنّ ترَتّب الحكم على الْوَصْف الْمُنَاسب يشْعر بالعلية لقَوْله إِذا سَمِعْتُمْ وَقَول بَعضهم لَا يُجيب لأنّ الْأَمر ر يَقْتَضِي التّكْرَار ردّ بِأَنَّهُ لَا يفِيدهُ من جِهَة اللَّفْظ وَهنا أَفَادَهُ من جِهَة ترَتّب الحكم على الْوَصْف كَمَا تقرّر (مَالك حم ق 4 عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِذا سَمِعْتُمْ النداء) بِالْأَذَانِ (فَقومُوا) إِلَى الصَّلَاة (فَإِنَّهَا عَزمَة من الله) أَي أَمر الله الَّذِي أَمرك أَن تَأتي بِهِ والعزم الجدّ فِي الْأَمر (حل عَن عُثْمَان) بن عَفَّان وَفِيه كَذَّاب
(إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد) أَي الصَّوْت الَّذِي يسمع من السَّحَاب (فاذكروا الله) بِأَن تَقولُوا سُبْحَانَ الله الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ أَو نَحْو ذَلِك من الْمَأْثُور أَو مَا فِي مَعْنَاهُ (فَإِنَّهُ) أَي الرَّعْد يَعْنِي مَا ينشأ عَنهُ من المخاوف (لَا يُصِيب ذَاكِرًا) لله فإنّ ذكره حصن حُصَيْن مِمَّا يخَاف وَيَتَّقِي (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا سَمِعْتُمْ الرَّعْد فَسَبحُوا) أَي قُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي يسبح الرَّعْد بِحَمْدِهِ أَو نَحْو ذَلِك كَمَا تقرّر (وَلَا تكبروا) أَي الأولى إِيثَار التَّسْبِيح وَالْحَمْد عِنْد سَمَاعه لِأَنَّهُ الْأَنْسَب لراجي الْمَطَر وَحُصُول الْغَيْث (د فِي مراسيله عَن عبيد الله بن أبي جَعْفَر) مُرْسلا وَفِي إِسْنَاده لين
(إِذا سَمِعْتُمْ أصوات الديكة) بِكَسْر فَفتح جمع ديك (فَسَلُوا الله) ندبا (من فَضله) أَي من زِيَادَة إنعامه عَلَيْكُم (فَإِنَّهَا) أَي الديكة (رَأَتْ ملكا) بِفَتْح اللَّام وَالدُّعَاء بِمحضر الْمَلَائِكَة لَهُ مزايا لَا تكَاد تحصى (وَإِذا سَمِعْتُمْ نهيق الْحمير) أَي أصواتها زَاد النَّسَائِيّ ونباح الْكلاب (فتعوّذوا بِاللَّه) أَي اعتصموا بِهِ (من الشَّيْطَان) بِأَن يَقُول أحدكُم أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم أَو نَحْو ذَلِك من صِيغ التعوّذ (فَإِنَّهَا) أَي الْحمير وَالْكلاب (رَأَتْ شَيْطَانا) وَحُضُور الشَّيَاطِين مَظَنَّة للوسوسة والطغيان وعصيان الرَّحْمَن فيناسب التعوّذ لدفع ذَلِك (حم ق د ت عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا سَمِعْتُمْ بجبل زَالَ عَن مَكَانَهُ) أَي إِذا أخْبركُم مخبر بأنّ جبلا من الْجبَال انْفَصل عَن مَحَله الَّذِي هُوَ فِيهِ وانتقل لغيره (فصدّقوا) أَي اعتقدوا أنّ ذَلِك غير خَارج عَن دَائِرَة الْإِمْكَان (وَإِذا سَمِعْتُمْ بِرَجُل) ذكر الرجل وصف طرديّ وَالْمرَاد إِنْسَان (زَالَ عَن خلقه) بِضَم اللَّام طبعه وسجيته بِأَن فعل خلاف مَا يَقْتَضِيهِ طبعه وَثَبت عَلَيْهِ (فَلَا تصدّقوا) أَي لَا تعتقدوا صِحَة ذَلِك لأنّ ذَلِك خَارج عَن الْإِمْكَان إِذْ هُوَ خلاف مَا جبل عَلَيْهِ الْإِنْسَان وَلذَلِك قَالَ (فَإِنَّهُ يصير إِلَى مَا جبل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول طبع (عَلَيْهِ) يَعْنِي وَإِن فرط مِنْهُ على الندور خلاف مَا يَقْتَضِيهِ طبعه فَمَا هُوَ إِلَّا كطيف مَنَام أَو برق لمع وَمَا دَامَ فَكَمَا لَا يقدر الْإِنْسَان أَن يصير سَواد الشّعْر بَيَاضًا فَكَذَا لَا يقدر على تَغْيِير طبعه (حم عَن أبي الدَّرْدَاء) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(إِذا سَمِعْتُمْ من يعتزى بعزاء الْجَاهِلِيَّة فأمضوه وَلَا تكنوا) فَإِنَّهُ جدير بِأَن يستهان بِهِ ويخاطب بِمَا فِيهِ قبح وهجنة ردعا لَهُ عَن فعله الشنيع (حم ن حب طب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أبيّ) بن كَعْب بأسانيد صَحِيحَة
(إِذا سَمِعْتُمْ نباح الْكلاب) بِضَم النُّون وتكسر صياحها (ونهيق الْحمير) أَي صَوتهَا جمع حمَار (بِاللَّيْلِ) خصّه لانتشار شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ فِيهِ وَكَثْرَة(1/107)
إفسادهم (فتعوّذوا بِاللَّه من) شرّ (الشَّيْطَان فإنهنّ يرين) من الْجِنّ وَالشَّيَاطِين (مَا لَا ترَوْنَ) أَنْتُم يَا بني آدم فَهُوَ مخصوصون بذلك دونكم (وأقلوا الْخُرُوج) من مَنَازِلكُمْ (إِذا هدأت) بِفتْحَتَيْنِ سكنت (الرجل) بِكَسْر الرَّاء أَي سكن النَّاس من الْمَشْي بأرجلهم فِي الطّرق (فَإِن الله عز وَجل يبث) أَي يفرق وينشر (فِي ليله من خلقه مَا يَشَاء) من إنس وجن وشياطين وَهُوَ أمّ وَغَيرهَا فَمن أَكثر الْخُرُوج إِذْ ذَاك رُبمَا أَذَاهُ بَعضهم (وأجيفوا الْأَبْوَاب) أغلقوها (واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهَا) عِنْد غلقها (فإنّ الشَّيْطَان لَا يفتح بَابا أجيف) أَي أغلق (وَذكر اسْم الله عَلَيْهِ) أَي لم يُؤذن لَهُ فِي ذَلِك من قبل خالقه (وغطوا الجرار) جمع جرّة وَهُوَ إِنَاء مَعْرُوف (وأوكؤا) بِالْقطعِ والوصل كَمَا فِي الْقَامُوس كَغَيْرِهِ وَكَذَا مَا بعده (الْقرب) جمع قربَة وَهُوَ وعَاء المَاء (وأكفؤا الْآنِية) جمع إِنَاء اقلبوها لِئَلَّا يدب عَلَيْهَا شَيْء أَو تتنجس (حم خد د حب ك عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ ك على شَرط مُسلم وأقرّوه
(إِذا سَمِعْتُمْ) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ الكاملون الْإِيمَان الَّذين استنارت قُلُوبهم من مشكاة النبوّة (الحَدِيث عَنى تعرفه قُلُوبكُمْ وتلين لَهُ أَشْعَاركُم) جمع شعر (وَأَبْشَاركُمْ) جمع بشرة (وترون) أَي تعلمُونَ (أَنه مِنْكُم قريب) أَي أَنه قريب من إفهامكم وَلَا تأباه قَوَاعِد عُلُوم الشَّرْع (فَأَنا أولاكم بِهِ) أَي أَحَق بِقُرْبِهِ إليّ مِنْكُم لأنّ مَا أفيض على قلبِي من أنوار الْيَقِين أَكثر من الْمُرْسلين فضلا عَنْكُم (وَإِذا سَمِعْتُمْ الحَدِيث عني تنكره قُلُوبكُمْ وتنفر مِنْهُ أَشْعَاركُم وَأَبْشَاركُمْ وترون أَنه بعيد مِنْكُم فَأَنا أبعدكم مِنْهُ) لما ذكر (حم ع) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن أبي أسيد) بِضَم الْهمزَة كَذَا رَأَيْته بِخَطِّهِ وبينت فِي الأَصْل أنّ الصَّوَاب خِلَافه (أَو أبي حميد) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِذا سَمِعْتُمْ بالطاعون بِأَرْض) أَي إِذا بَلغَكُمْ وُقُوعه فِي بَلْدَة أَو محلّة (فَلَا تدْخلُوا عَلَيْهِ) أَي يحرم عَلَيْكُم ذَلِك لأنّ الْإِقْدَام عَلَيْهِ جَرَاءَة على خطر وإيقاع للنَّفس فِي التَّهْلُكَة وَالشَّرْع ناه عَن ذَلِك قَالَ تَعَالَى وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة (وَإِذا وَقع) أَي الطَّاعُون (وَأَنْتُم بِأَرْض) أَي وَالْحَال أَنكُمْ فِيهَا (فَلَا تخْرجُوا مِنْهَا فِرَارًا) أَي بِقصد الْفِرَار (مِنْهُ) فإنّ ذَلِك حرَام لِأَنَّهُ فرار من الْقدر وَهُوَ لَا ينفع والثبات تَسْلِيم لما لم يسْبق مِنْهُ اخْتِيَار فِيهِ فَإِن لم يقْصد فِرَارًا بل خرج لنَحْو حَاجَة لم يحرم (حم ق ن عَن عبد الرَّحْمَن) بن عَوْف الزُّهْرِيّ أحد الْعشْرَة (ن عَن أُسَامَة) بن زيد
(إِذا سَمِعْتُمْ بِقوم) فِي رِوَايَة بركب (قد خسف بهم) أَي غارت بهم الأَرْض وذهبوا فِيهَا (هَهُنَا قَرِيبا) يحْتَمل أَنه جَيش السفياني وَيحْتَمل غَيره (فقد أظلت السَّاعَة) أَي أَقبلت عَلَيْكُم وَدنت مِنْكُم كَأَنَّهَا أَلْقَت عَلَيْكُم ظلة (حم ك فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (طب) كلهم (عَن بقيرة) بِضَم الْبَاء الْمُوَحدَة (الْهِلَالِيَّة) امْرَأَة الْقَعْقَاع وَإِسْنَاده حسن
(إِذا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذّن) أَي أَذَانه (فَقولُوا) ندبا (مثل مَا يَقُول) أَي شُبْهَة فِي مجرّد القَوْل لَا صفته كَمَا مرّ (ثمَّ) بعد فرَاغ الْإِجَابَة (صلوا) ندبا (عليّ) أَي وسلموا وَصَرفه عَن الْوُجُوب الْإِجْمَاع على عَدمه خَارج الصَّلَاة (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (من) أَي إِنْسَان (صلى عليّ صَلَاة) أَي مرّة وَاحِدَة بِقَرِينَة الْمقَام مَعَ مَا ورد مصرّحا بِهِ (صلى الله عَلَيْهِ بهَا) أَي بِالصَّلَاةِ (عشرا) رتبها على المرّة لِأَنَّهَا من أعظم الْحَسَنَات وَمن جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا (ثمَّ سلوا الله لي الْوَسِيلَة) قد مرّ مَعْنَاهَا لُغَة لَكِن النبيّ فَسرهَا بقوله (فَإِنَّهَا منزلَة فِي الْجنَّة لَا تنبغي) أَي لَا يَلِيق إعطاؤها (إِلَّا لعبد) أَي عَظِيم كَمَا يفِيدهُ التنكير (من عباد الله) الَّذين هم أصفياؤه وخلاصة خَواص خلقه (وَأَرْجُو) أَي أؤمّل (أَن أكون أَنا(1/108)
هُوَ) أَي أَنا ذَلِك العَبْد وَذكره على مَنْهَج الترجي تأدّبا وتشريعا (فَمن سَأَلَ) الله (لي) من أمّتي (الْوَسِيلَة) أَي طلبَهَا لي مِنْهُ (حلت عَلَيْهِ الشَّفَاعَة) أَي وَجَبت وجوبا وَاقعا عَلَيْهِ أَو نالته أَو نزلت بِهِ هبه صَالحا أم طالحا فالشفاعة تكون لزِيَادَة الثَّوَاب وَالْعَفو عَن الْعقَاب أَو بعضه (حم م 3 عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(إِذا سميتم فعبدوا) بِالتَّشْدِيدِ أَي إِذا أردتم تَسْمِيَة نَحْو ولد أَو خَادِم فَسَموهُ بِمَا فِيهِ عبودية لله تَعَالَى لأنّ أشرف الْأَسْمَاء مَا تعبد لَهُ كَمَا فِي خبر آخر (الْحسن بن سُفْيَان) فِي جزئه (وَالْحَاكِم) أَبُو عبد الله (فِي) كتاب (الكنى) والألقاب ومسدّد وَابْن مَنْدَه (طب) وَأَبُو نعيم كلهم (عَن أبي زُهَيْر) بن معَاذ بن رَبَاح (الثَّقَفِيّ) واسْمه معَاذ وَقيل عمار وضعفوا إِسْنَاده
(إِذا سميتم الله) أَي قُلْتُمْ بِسم الله (فكبروا) ندبا قَالَه فِي الفردوس (يَعْنِي) قُولُوا (على الذَّبِيحَة) أَي المذبوحة بِسم الله وَالله أكبر وَذَلِكَ عِنْد ذَبحهَا (طس عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف عُثْمَان الْقرشِي
(إِذا سميتم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ أحدا من أَوْلَادكُم أَو أقربائكم (مُحَمَّدًا) على اسْم نَبينَا (فَلَا تضربوه) فِي غير حدّ أَو تَأْدِيب (وَلَا تحرموه) من البرّ وَالْإِحْسَان والصلة إِكْرَاما لمن تسمى باسمه (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أبي رَافع) إِبْرَاهِيم أَو أسلم أَو صَالح القبطي مولى الْمُصْطَفى وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا سميتم الْوَلَد مُحَمَّدًا فأكرموه) أَي وقروه وعظموه (وأوسعوا لَهُ) إِذا قدم (فِي الْمجْلس) عطف خَاص على عَام للاهتمام (وَلَا تقبحوا لَهُ وَجها) أَي لَا تَقولُوا لَهُ قبح الله وَجهك أَو لَا تسبوه إِلَى الْقبْح ضدّ الْحسن فِي شَيْء من أَقْوَاله وأفعاله وكنى بِالْوَجْهِ عَن الذَّات (خطّ عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا شرب أحدكُم) مَاء أَو غَيره (فَلَا يتنفس) ندبا (فِي الْإِنَاء) فَيكْرَه تَنْزِيها لِأَنَّهُ يقذره ويغير رِيحه (وَإِذا أَتَى الْخَلَاء) أَي الْمحل الَّذِي تقضي فِيهِ الْحَاجة (فَلَا يمس) الرجل (ذكره بِيَمِينِهِ) أَي بِيَدِهِ الْيُمْنَى حَال قَضَاء الْحَاجة وَلَا تمس الْأُنْثَى فرجهَا حالتئذ فَيكْرَه لَهما ذَلِك (وَلَا يتمسح بِيَمِينِهِ) أَي لَا يستنجي بهَا فَإِنَّهُ مَكْرُوه تَنْزِيها فَإِن جعلهَا آلَة لإِزَالَة الْخَارِج بِمَنْزِلَة نَحْو الْحجر حرم (خَ ت عَن أبي قَتَادَة) الْحَرْث بن ربعي الْأنْصَارِيّ
(إِذا شرب أحدكُم فَلَا يتنفس) ندبا (فِي الْإِنَاء) عَام فِي كل إِنَاء فَإِنَّهُ يقذره فتعافه النَّفس
(وَإِذا أَرَادَ أَن يعود) إِلَى الشّرْب (فلينح الْإِنَاء) أَي يُزِيلهُ ويبعده عَن فِيهِ ثمَّ يتنفس (ثمَّ ليعد) بعد تنحيته (إِن كَانَ يُرِيد) الْعود وَلَا يُعَارضهُ خبر كَانَ إِذا شرب تنفس ثَلَاثًا لِأَنَّهُ كَانَ يتنفس خَارج الْإِنَاء (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) رمز لحسنه
(إِذا شرب أحدكُم فليمص) ندبا المَاء (مصا) مصدر مُؤَكد لما قبله أَي ليأخذه فِي مهلة ويشربه شربا رَفِيقًا (وَلَا يعبّ عبا) أَي يشرب بِكَثْرَة من غير تنفس وَعلل ذَلِك بقوله (فإنّ الكباد) كغراب وجع الكبد وكسحاب الشدّة والضيق لَكِن المُرَاد هُنَا الأوّل (من العبّ) نفسا وَاحِدًا وَقد اتّفق على كَرَاهَة العبّ أهل الطِّبّ وَذكروا أَنه يُولد أمراضا يعسر علاجها (ص وَابْن السّني وَأَبُو نعيم) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (هَب) كلهم (عَن ابْن أبي حُسَيْن مُرْسلا) هُوَ عبد الله بن عبد الرَّحْمَن
(إِذا شربتم المَاء فاشربوه مصا وَلَا تشربوه عبا فإنّ العب يُورث الكباد) أَي يتَوَلَّد مِنْهُ وجع الكبد وَذَا من محَاسِن حكمته وطبه (فر عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف لكنه تقوّى بِمَا قبله
(إِذا شربتم فَاشْرَبُوا مصا وَإِذا استكتم) أَي استعملتم السِّوَاك (فاستاكوا عرضا) أَي فِي عرض الْأَسْنَان ظَاهرهَا وباطنها فَيكْرَه طولا لكَونه يدمي اللثة وَيفْسد عُمُوم الْأَسْنَان نعم(1/109)
لَا يكره فِي اللِّسَان لخَبر فِيهِ (د فِي مراسيله عَن عَطاء بن أبي رَبَاح مُرْسلا) وَفِيه مَعَ إرْسَاله ضعف لكنه منجبر
(إِذا شربتم اللَّبن) أَي فَرَغْتُمْ من شربه (فتمضمضوا) ندبا بِالْمَاءِ (مِنْهُ) أَي من أَثَره وفضلته (فَإِن لَهُ دسما) قَالَ الطَّيِّبِيّ جملَة استئنافية تَعْلِيل للتمضمض وَفِيه إِشْعَار بأنّ الدسومة عِلّة مُنَاسبَة لَهُ وَقيس بِهِ ندب الْمَضْمَضَة من كل ذِي دسم لِأَنَّهُ يبْقى مِنْهُ فِي الْفَم تصل إِلَى بَاطِنه فِي الصَّلَاة فَيَنْبَغِي التمضمض من كل مَا خيف مِنْهُ الْوُصُول إِلَى بَطْنه فِي الصَّلَاة طردا لِلْعِلَّةِ وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث السويق (هـ عَن أم سَلمَة) أم الْمُؤمنِينَ وَإِسْنَاده حسن بل صَحِيح
(إِذا شهِدت إحداكنّ) أَيهَا النسْوَة الْمُؤْمِنَات (الْعشَاء) أَي أَرَادَت حُضُور صلَاتهَا مَعَ الْجَمَاعَة بِالْمَسْجِدِ أَو نَحوه (فَلَا تمس طيبا) قبل الذّهاب إِلَى شهودها أَو مَعَه لِأَنَّهُ سَبَب للافتتان بهَا بِخِلَافِهِ بعده فِي بَيتهَا وَفِيه إيدان بأنهنّ كن يحضرن الْعشَاء مَعَ الْجَمَاعَة ولجواز شهودهنّ الْجَمَاعَة مَعَ الرِّجَال شُرُوط مرّت (حم م ن عَن زَيْنَب الثقفية) امْرَأَة ابْن مَسْعُود
(إِذا شهِدت أمّة من الْأُمَم وهم أَرْبَعُونَ فَصَاعِدا) أَي فَمَا فَوق ذَلِك يَعْنِي شهدُوا للْمَيت بِالْخَيرِ وأثنوا عَلَيْهِ (أجَاز الله تَعَالَى شَهَادَتهم) أَي قبلهَا وأمضاها فصيره من أهل الْخَيْر وحشره مَعَهم قيل وَحِكْمَة الْأَرْبَعين أَنه لم يجْتَمع هَذَا الْعدَد إِلَّا وَفِيهِمْ ولي (طب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن وَالِد أبي الْمليح) اسْم الْوَلَد أُسَامَة بن عُمَيْر وَاسم أبي الْمليح عَامر وَفِيه صَالح بن هِلَال مَجْهُول
(إِذا شهر الْمُسلم على أَخِيه) فِي الدّين (سِلَاحا) أَي انتضاه من غمده وأهوى بِهِ إِلَيْهِ (فَلَا تزَال مَلَائِكَة الله تَعَالَى) الْإِضَافَة للتشريف (تلعنه) أَي تدعوا عَلَيْهِ بالطرد والإبعاد عَن رَحْمَة الله (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يشيمه) بِفَتْح أوّله أَي يغمده والشيم من الأضداد يكون سلا وإغمادا (عَنهُ) وَذَا فِي غير الصَّائِل والباغي (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أبي بكرَة) بِالتَّحْرِيكِ وَإِسْنَاده حسن
(إِذا صلى أحدكُم فَليصل صَلَاة مودّع) أَي إِذا شرع فِي الصَّلَاة فليقبل على الله بشرا شَره ويدع غَيره بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ فسر صَلَاة المودّع بقوله (صَلَاة من لَا يظنّ أَنه يرجع إِلَيْهَا أبدا) فَإِنَّهُ إِذا استحضر ذَلِك بَعثه على قطع العلائق والتلبس بالخشوع الَّذِي هُوَ روح الصَّلَاة (فر عَن أم سَلمَة) زوج الْمُصْطَفى ضَعِيف لضعف أَحْمد بن الصَّلْت وَغَيره
(إِذا صلى أحدكُم) غير صَلَاة الْجِنَازَة (فليبدأ) صلَاته (بتحميد الله تَعَالَى وَالثنَاء عَلَيْهِ) أَي بِمَا يتَضَمَّن ذَلِك قيل وَأُرِيد بذا هُنَا التَّشَهُّد (ثمَّ ليصل على النبيّ) يُرِيد أَنه يَجعله خَاتِمَة دُعَائِهِ (ثمَّ ليدعو) ندبا (بعد) أَي بَعْدَمَا ذكر (بِمَا شَاءَ) من دين أَو دنيا أَي مِمَّا يجوز طلبه وَفِيه وجوب التَّشَهُّد وَالْقعُود (د ت حب ك هق عَن فضَالة بن عبيد) قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه
(إِذا صلى أحدكُم) فرضا أَو نفلا (فَليصل) ندبا (إِلَى ستْرَة) من نَحْو سَارِيَة أَو عَصا (وليدن من سترته) بِحَيْثُ لَا يزِيد مَا بَينه وَبَينهَا على ثَلَاثَة أَذْرع وَكَذَا بَين الصفين (لَا يقطع) بِالرَّفْع على الِاسْتِئْنَاف وَالنّصب بِتَقْدِير لِئَلَّا يقطع ثمَّ حذفت لَام الجرّ وَأَن الناصبة (الشَّيْطَان) من الْجِنّ وَالْإِنْس (عَلَيْهِ صلَاته) يَعْنِي ينقصها بشغل قلبه بالمرور بَين يَدَيْهِ وتشويشه عَلَيْهِ فَلَيْسَ المُرَاد بِالْقطعِ الْإِبْطَال (حم د ن حب ك عَن سهل بن أبي حثْمَة) الْأنْصَارِيّ الأوسي قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّوه
(إِذا صلى أحدكُم رَكْعَتي الْفجْر) أَي سنته (فليضطجع) ندبا وَقيل وجوبا (على جنبه الْأَيْمن) أَي يضع جنبه الْأَيْمن على الأَرْض لِأَن الْقلب من جِهَة الْيَسَار فَلَو اضْطجع عَلَيْهِ استغرق نوما لكَونه أبلغ فِي الرَّاحَة (د ت حب عَن أبي هُرَيْرَة) صَحِيح غَرِيب
(إِذا صلى أحدكُم الْجُمُعَة فَلَا يصل)(1/110)
ندبا (بعْدهَا شَيْئا) يَعْنِي لَا يُصَلِّي سنتها البعدية (حَتَّى يتَكَلَّم) بِشَيْء من كَلَام الْآدَمِيّين يحْتَمل الْإِطْلَاق (أَو يخرج) يَعْنِي حَتَّى يفصل بَينهمَا بِكَلَام أَو يخرج من مَحل إِقَامَتهَا إِلَى نَحْو بَيته فَينْدب حِينَئِذٍ أَن يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وأربعا فإنّ حكمهَا فِي الرَّاتِبَة حكم الظّهْر فِيمَا قبلهَا وَبعدهَا (طب عَن عصمَة بن مَالك) الْأنْصَارِيّ الخطمي وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا صلى أحدكُم) أَي أَرَادَ أَن يُصَلِّي (فليلبس نَعْلَيْه) الطاهرتين أَي فَليصل فيهمَا بِدَلِيل رِوَايَة البُخَارِيّ كَانَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْه قَالَ الْقشيرِي وَذَا من الرُّخص لَا المستحبات (أَو ليخلعهما) أَي ينزعهما وليجعلهما ندبا (بَين رجلَيْهِ) إِذا كَانَتَا طاهرتين (وَلَا يؤذ بهما غَيره) بِأَن يضعهما أَمَام غَيره أَو عَن يَمِينه أَو شِمَاله وَأفَاد التحذير من أَذَى الْخلق وَإِن قل التأذي (ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَصَححهُ وأقروه
(إِذا صلى أحدكُم الْجُمُعَة فَليصل) ندبا مؤكدا (بعْدهَا أَرْبعا) من الرَّكْعَات لَا يُعَارضهُ رِوَايَة الرَّكْعَتَيْنِ لحمل النصين على الْأَقَل والأكمل كَمَا فِي التَّحْقِيق (حم م ن عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا صلى أحدكُم) أَي دخل فِي الصَّلَاة (فأحدث) فِيهَا يَعْنِي انْتقض طهره بأيّ طَرِيق كَانَ (فليمسك) ندبا (على أَنفه) موهما أَنه رعف (ثمَّ لينصرف) فَينْظر سترا على نَفسه من الوقيعة فِيهِ وَهنا بحث شرِيف فِي الشَّرْح (هـ عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا صلى أحدكُم فِي بَيته) أَي فِي مَحل سكنه وَلَو نَحْو خلْوَة أَو مدرسة أَو حَانُوت (ثمَّ دخل الْمَسْجِد) يَعْنِي مَحل إِقَامَة جمَاعَة (وَالْقَوْم يصلونَ فَليصل مَعَهم) مرّة وَاحِدَة فإنّ ذَلِك مَنْدُوب لَهُ (وَتَكون لَهُ نَافِلَة) وفرضه الأولى وأمّا خبر لَا تصلوا صَلَاة فِي يَوْم مرّتين فَمَعْنَاه لَا يجب (طب عَن عبد الله بن سرجس) بِفَتْح فَسُكُون الْمدنِي نزيل الْبَصْرَة رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا صلت الْمَرْأَة خمسها) أَي المكتوبات الْخمس (وصامت شهرها) رَمَضَان غير أَيَّام الْحيض أَو النّفاس إِن كَانَ (وحفظت) فِي رِوَايَة أحصنت (فرجهَا) أَي من وَطْء غير حَلِيلهَا (وأطاعت زَوجهَا) فِي غير مَعْصِيّة (دخلت الْجنَّة) أَي مَعَ السَّابِقين الأوّلين بِشَرْط أَن تجتنب مَعَ ذَلِك بَقِيَّة الْكَبَائِر أَو تابت تَوْبَة صَحِيحَة أَو عُفيَ عَنْهَا (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أنس) بن مَالك (حم عَن عبد الرَّحْمَن) الزُّهْرِيّ (طب عَن عبد الرَّحْمَن ابْن حَسَنَة) أخي شُرَحْبِيل وحسنة أمّهما
(إِذا صلوا) أَي الْمُؤْمِنُونَ (على جَنَازَة فَأَثْنوا) عَلَيْهَا (خيرا) من نَحْو دين وَعلم (يَقُول الرب أجزت شَهَادَتهم فِيمَا يعلمُونَ) أَي أمضيتها وأنفذتها فِيمَا علمُوا بِهِ من عمله (وأغفر لَهُ مَا لَا يعلمُونَ) من الذُّنُوب المستورة عَنْهُم فإنّ الْمُؤمنِينَ شُهَدَاء الله فِي الأَرْض كَمَا أنّ الْمَلَائِكَة شُهَدَاء الله فِي السَّمَاء (تخ عَن الرّبيع) بِضَم الرَّاء وَفتح الْمُوَحدَة وشدّ الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة فَمن زعم خِلَافه فقد صحف وحرف (بنت معوّذ) بن عفراء الْأَنْصَارِيَّة الصحابية رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا صليت) أَي دخلت فِي الصَّلَاة (فَلَا تبزقنّ) بنُون التوكيد وَأَنت فِيهَا (بَين يَديك) أَي إِلَى جِهَة الْقبْلَة (وَلَا عَن يَمِينك) زَاد فِي رِوَايَة فإنّ عَن يَمِينه ملكا وَالنَّهْي للتنزيه (وَلَكِن ابزق تِلْقَاء شمالك) أَي جِهَته (إِن كَانَ فَارغًا) من آدَمِيّ يتَأَذَّى بالبزاق (وَإِلَّا) بِأَن لم يكن فَارغًا من ذَلِك (ف) ابزق (تَحت قدمك الْيُسْرَى) يَعْنِي ادفنها تَحْتَهُ إِن كَانَ مَا تَحْتَهُ تُرَابا أَو رملا فَإِن كَانَ مبلطا فادلكها بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهَا أثر فَقَوله (وادلكه) أَي امرسه بِيَدِك فِي نَحْو البلاط أَو الرخام بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ أثر الْبَتَّةَ وَإِلَّا لم يجز لِأَنَّهُ تقذير لَهُ وتقذيره حَتَّى بالطاهر حرَام (حم 4 حب ك عَن طَارق بن عبد الله الْمحَاربي) الصَّحَابِيّ
(إِذا صليت الصُّبْح) أَي فرغت من(1/111)
صلَاته (فَقل) ندبا عَقبهَا (قبل أَن تكلم أحدا من النَّاس اللهمّ أجرني) بِكَسْر الْجِيم أَي أعذني وأنقذني (من النَّار) أَي من عَذَابهَا أَو من دُخُولهَا قل ذَلِك (سبع مرّات فَإنَّك إِن) قلت ذَلِك و (مت من يَوْمك ذَلِك كتب الله لَك جوارا من النَّار وَإِذا صليت الْمغرب فَقل قبل أَن تكلم أحدا من النَّاس اللهمّ أجرني من النَّار سبع مرّات فَإنَّك إِن مت من ليلتك) تِلْكَ (كتب الله لَك جوارا من النَّار) أَي من دُخُولهَا بِالْكُلِّيَّةِ لَا تَحِلَّة الْقسم وَيحْتَمل أنّ المُرَاد نَار الخلود ثمَّ يحْتَمل أَيْضا تَقْيِيده باجتناب الْكَبَائِر كالنظائر (حم د ن حب عَن الْحَرْث) بن مُسلم (التَّمِيمِي) أَنه حدّث عَن أَبِيه بِهِ
(إِذا صليتم على الْمَيِّت) صَلَاة الْجِنَازَة (فأخلصوا لَهُ الدُّعَاء) أَي ادعوا لَهُ بإخلاص لأنّ الْقَصْد بِهَذِهِ الصَّلَاة إِنَّمَا هُوَ الشَّفَاعَة للْمَيت وَإِنَّمَا يُرْجَى قبُولهَا عِنْد توفر الْإِخْلَاص والابتهال (د هـ حب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا صليتم خلف أئمتكم فَأحْسنُوا طهوركم) بِضَم الطَّاء بِأَن تَأْتُوا بِهِ على أكمل حالاته من شَرط وَفرض وَسنة وأدب (فَإِنَّمَا يرتج) بِالْبِنَاءِ لما لم يسمّ فَاعله أَي يستغلق ويصعب (على الْقَارئ قِرَاءَته بِسوء طهر الْمُصَلِّي خَلفه) أَي بقبحه لأنّ شؤمه يعود على إِمَامه وَالرَّحْمَة خَاصَّة وَالْبَلَاء عَام (فر عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا صليتم) أَي أردتم الصَّلَاة (فائتزروا) أَي البسوا الْإِزَار (وَارْتَدوا) أَي اشتملوا بالرداء (وَلَا تشبهوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ (باليهود) فَإِنَّهُم لَا يَأْتَزِرُونَ وَلَا يرتدون بل يشتملون اشْتِمَال الصماء (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف نصر بن حَمَّاد وَغَيره
(إِذا صليتم الْفجْر) أَي فَرَغْتُمْ من صَلَاة الصُّبْح (فَلَا تناموا عَن طلب أرزاقكم) فَإِن هَذِه الأمّة قد بورك لَهَا فِي بكورها وأحق مَا طلب العَبْد رزقه فِي الْوَقْت الَّذِي بورك لَهُ فِيهِ (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا صليتم فارفعوا سبلكم) بسين مُهْملَة وباء مُوَحدَة محركا ثيابكم المسبلة وَعلل ذَلِك بقوله (فَإِن كل شَيْء أصَاب الأَرْض من سبلكم) بِأَن جَاوز الْكَعْبَيْنِ (فَهُوَ فِي النَّار) يَعْنِي فصاحبه فِي النَّار أَو يكون على صَاحبه فِي النَّار فتلتهب فِيهِ فيعذب بِهِ وَذَا إِذا قصد الْفَخر وَالْخُيَلَاء (تخ طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) رمز لحسنه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ
(إِذا صليتم صَلَاة الْفَرْض) يَعْنِي المكتوبات الْخمس (فَقولُوا) ندبا (فِي عقب كل صَلَاة) أَي فِي أَثَرهَا من غير فاصل أَو بِحَيْثُ ينْسب إِلَيْهَا عرفا (عشر مَرَّات) أَي مُتَوَالِيَات وَيحْتَمل اغتفار الْفَصْل أَو السُّكُوت اليسيرين (لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق (إِلَّا الله) أَدَاة الْحصْر لقصر الصّفة على الْمَوْصُوف قصر إِفْرَاد لأنّ مَعْنَاهُ الألوهية منحصرة فِي الله الْوَاحِد فِي مُقَابلَة زاعم اشْتِرَاك غَيره مَعَه (وَحده) حَال مُؤَكدَة (لَا شريك لَهُ) بَيَان لذَلِك (لَهُ الْملك وَله الْحَمد وَهُوَ على كل شَيْء قدير) أَي هُوَ فعال لكل مَا يَشَاء كَمَا شَاءَ (يكْتب لَهُ) أَي فَقَائِل ذَلِك يقدر الله لَهُ أَو يَأْمر الْملك أَن يكْتب فِي اللَّوْح أَو الصَّحِيفَة (من الْأجر كَأَنَّمَا أعتق رَقَبَة) أَي أجرا كَأَجر من أعتق رَقَبَة لما للكلمات الْمَذْكُورَة من المزية عِنْد الله تَعَالَى (الرَّافِعِيّ) الإِمَام عبد الْكَرِيم الْقزْوِينِي (فِي تَارِيخه) تَارِيخ قزوين (عَن الْبَراء) ابْن عَازِب
(إِذا صمت) يَا أَبَا ذَر (من الشَّهْر) أيّ شهر كَانَ (ثَلَاثًا) من الْأَيَّام أَي أردْت صَوْم ذَلِك تطوّعا (فَصم) ندبا (ثَلَاث عشرَة وَأَرْبع عشرَة وَخمْس عشرَة) أَي صم الثَّالِث عشر من / الشَّهْر وتالييه وَتسَمى الْأَيَّام الْبيض وصومها من كل شهر مَنْدُوب (حم ت ن حب عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا صمتم) فرضا أَو نفلا (فاستاكوا بِالْغَدَاةِ) أَي الضحوة وَهُوَ(1/112)
أوّل النَّهَار (وَلَا تستاكوا بالعشيّ) هُوَ مَا بَين الزَّوَال إِلَى الْغُرُوب وَقيل إِلَى الصَّباح وَقَالَ أَبُو شامة هُوَ من الْعَصْر وَاسْتدلَّ بِهِ لاختياره أَنه لَا يكره للصَّائِم إِلَّا بعد الْعَصْر وَسَبقه الْمحَامِلِي فحدّه فِي اللّبَاب بالعصر وَحَكَاهُ فِي الرونق قولا للشافعيّ وَهُوَ مَذْهَب أبي هُرَيْرَة (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (لَيْسَ من صَائِم تيبس شفتاه بالعشيّ إِلَّا كَانَ نورا بَين عَيْنَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة) يضيء لَهُ فيسعى فِيهِ أَو يكون سيمة وعلامة لَهُ يعرف بهَا فِي الْموقف (طب قطّ عَن خباب) بن الْأَرَت الخزاعيّ التَّمِيمِي وضعفوا إِسْنَاده لَكِن يقويه مَا فِي سنَن الشافعيّ عَن عَطاء عَن أبي هُرَيْرَة تِلْكَ السِّوَاك إِلَى الْعَصْر إِذا صليت الْعَصْر فألقه فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله يَقُول فَذكر حَدِيثا نَحوه
(إِذا ضحى أحدكُم فَليَأْكُل) ندبا مؤكدا (من أضحيته) وَمن كَبِدهَا أولى قَالَ تَعَالَى فَكُلُوا مِنْهَا وأطعموا البائس الْفَقِير لَكِن إِن ضحى عَن غَيره بِإِذْنِهِ كميت أَو صبي لَيْسَ لَهُ وَلَا لغيره من الْأَغْنِيَاء الْأكل (حم عَن أبي هُرَيْرَة) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِذا ضرب أحدكُم خادمه) يَعْنِي مَمْلُوكه وَكَذَا كل من لَهُ ولَايَة تأديبه (فَذكر الله) عطف على الشَّرْط (فارفعوا) ندبا (أَيْدِيكُم) جَوَاب الشَّرْط أَي كفوا عَن ضربه إجلالا لمن ذكر اسْمه ومهابة لعظمته (ت) فِي الْبر (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَضعف إِسْنَاده
(إِذا ضرب أحدكُم خادمه) أَو حليلته أَو وَلَده أَو نحوهم (فليتق) رِوَايَة مُسلم فليجتنب وَهِي مبينَة لِمَعْنى الاتقاء فِي غَيرهَا (الْوَجْه) وجوبا لِأَنَّهُ شين وَمثله لَهُ للطافته هَذَا فِي الْمُسلم وَنَحْوه كذمّيّ ومعاهد أمّا الحربيّ فالضرب فِي وَجهه أنجح للمقصود وأردع لأهل الْجُحُود كَمَا هُوَ بَين (د) فِي الْحُدُود (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِذا ضنّ) بتَشْديد النُّون أَي بخل (النَّاس بالدينار وَالدِّرْهَم) أَي بإنفاقهما فِي وُجُوه البرّ (وتبايعوا بالعينة) بِالْكَسْرِ وَهِي أَن يَبِيع بِثمن لأجل ثمَّ يَشْتَرِيهِ بِأَقَلّ (وتبعوا أَذْنَاب الْبَقر) كِنَايَة عَن شغلهمْ بالحرث وَالزَّرْع وإهمالهم الْقيام بوظائف الْعِبَادَات (وَتركُوا الْجِهَاد فِي سَبِيل الله) لإعلاء كلمة الله (أَدخل الله تَعَالَى عَلَيْهِم ذلا) بِالضَّمِّ أَي هوانا وضعفا (لَا يرفعهُ عَنْهُم حَتَّى يراجعوا دينهم) أَي إِلَى أَن يرجِعوا عَن ارْتِكَاب هَذِه الْخِصَال الذميمة وَفِي جعله إِيَّاهَا من غير الدّين وأنّ مرتكبها تَارِك للدّين مزِيد تقريع وتهويل لفاعلها (حم طب هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده حسن
(إِذا طبختم اللَّحْم) أَي انضجتموه بمرق (فَأَكْثرُوا المرق) إرشادا أَو ندبا (فَإِنَّهُ) أَي إكثاره (أوسع) للطعام (وأبلغ للجيران) أَي أبلغ فِي تعميمهم وَلم ينص على الْأَمر بالغرف للجيران مِنْهُ كَأَنَّهُ أَمر مُتَعَارَف (ش عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد حسن
(إِذا طلب أحدكُم من أَخِيه) فِي النّسَب أَو الدّين (حَاجَة) أَي أَرَادَ طلبَهَا مِنْهُ (فَلَا يبدأه) قبل طلبَهَا (بالمدحة) أَي الثَّنَاء عَلَيْهِ بِمَا فِيهِ من الصِّفَات الحميدة (فَيقطع ظَهره) فَإِن الممدوح قد يغتر بذلك ويعجب بِهِ فَيسْقط من عين الله فَأطلق قطع الظّهْر مرِيدا بِهِ ذَلِك أَو نَحوه توسعا (ابْن لال فِي) كتاب (مَكَارِم الْأَخْلَاق) أَي فِيمَا ورد فِي فَضلهَا (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن عِيسَى بن حَيَّان
(إِذا طلع الْفجْر) أَي الصَّادِق (فَلَا صَلَاة إِلَّا رَكْعَتي الْفجْر) أَي لَا صَلَاة تندب حِينَئِذٍ إِلَّا رَكْعَتَيْنِ سنة الْفجْر ثمَّ صَلَاة الصُّبْح وَبعده تحرم صَلَاة لَا سَبَب لَهَا حَتَّى تطلع الشَّمْس وترتفع كرمح (طس عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا طلعت الثريا) أَي ظَهرت للناظرين ساطعة عِنْد طُلُوع الْفجْر وَذَلِكَ فِي الْعشْر الأوّل من أيار فَلَيْسَ المُرَاد من طُلُوعهَا مُجَرّد(1/113)
ظُهُورهَا فِي الْأُفق لِأَنَّهَا تطلع كل يَوْم وَلَيْلَة (أَمن الزَّرْع من العاهة) أَي أَن العاهة تَنْقَطِع وَالصَّلَاح يَبْدُو حالتئذ غَالِبا فَيُبَاع التَّمْر حِينَئِذٍ فَالْعِبْرَة حَقِيقَة ببدوّ الصّلاح وَإِنَّمَا نيط بظهورها للْغَالِب (طص عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا طَنَّتْ) بِالتَّشْدِيدِ أَي صوّتت (أذن أحدكُم) أَيهَا الْأمة (فَلْيذكرْنِي) بِأَن يَقُول مُحَمَّد رَسُول الله أَو نَحْو ذَلِك (وَليصل عليّ) أَي يَقُول صلى الله وَسلم عَلَيْهِ أَو اللَّهُمَّ صل وَسلم على مُحَمَّد أَو نَحْو ذَلِك (وَليقل ذكر الله من ذَكرنِي بِخَير) فَإِن الْأذن إِنَّمَا تطن لما ورد على الرّوح من الْخَبَر الْخَيْر وَهُوَ أَن الْمُصْطَفى قد ذكر ذَلِك الْإِنْسَان بِخَير فِي الْمَلأ الْأَعْلَى فِي عَالم الْأَرْوَاح (الْحَكِيم) الترمذيّ (وَابْن السّني طب عق عَن أبي رَافع) أسلم أَو إِبْرَاهِيم مولى الْمُصْطَفى وَإسْنَاد الطَّبَرَانِيّ حسن
(إِذا أظلم أهل الذِّمَّة) أَو من فِي حكمهم كمعاهد ومستأمن (كَانَت الدولة دولة العدوّ) أَي كَانَت مُدَّة ذَلِك الْملك أمدا قَصِيرا وَالظُّلم لَا يَدُوم وَإِن دَامَ دمر (وَإِذا كثر الزِّنَا) بزاي وَنون (كثر السباء) أَي الْأسر يَعْنِي يُسَلط الله العدوّ على أهل الْإِسْلَام فيكثر من السَّبي مِنْهُم (وَإِن كثر اللوطية) الَّذين يأْتونَ الذُّكُور شَهْوَة من دون النِّسَاء (رفع الله تَعَالَى يَده عَن الْخلق) أَي أعرض عَنْهُم ومنعهم ألطافه (وَلَا يُبَالِي فِي أَي وَاد هَلَكُوا) لِأَن من فعل ذَلِك فقد أبطل حِكْمَة الله وعارضه فِي تَدْبيره حَيْثُ جعل الذّكر للفاعلية وَالْأُنْثَى للمعفولية فَلَا يُبَالِي بإهلاكه (طب عَن جَابر) بن عبد الله ضَعِيف لضعف عبد الْخَالِق
(إِذا ظننتم فَلَا تحققوا) أَي إِذا ظننتم بِأحد سوأ فَلَا تجزموا بِهِ مَا لم تتحققوه إِن بعض الظَّن إِثْم (وَإِذا حسدتم فَلَا تَبْغُوا) أَي إِذا وسوس إِلَيْكُم الشَّيْطَان بحسد أحد فَلَا تطيعوه وَلَا تعملوا بِمُقْتَضى الْحَسَد من الْبَغي على الْمَحْسُود إيذائه بل خالفوا النَّفس والشيطان وداووا الْقلب من ذَلِك الدَّاء (وَإِذا تطيرتم فامضوا) أَي وَإِذا خَرجْتُمْ لنَحْو سفر أَو عزمتم على فعل شَيْء فتشاءمتم بِهِ لرؤية أَو سَماع مَا فِيهِ كَرَاهَة فَلَا ترجعوا (وعَلى الله فتوكلوا) أَي إِلَيْهِ لَا إِلَى غَيره فوّضوا أُمُوركُم والتجؤا إِلَيْهِ فِي دفع شَرّ مَا تطيرتم مِنْهُ (وَإِذا وزنتم) شَيْئا (فأرجحوا) واحذروا أَن تَكُونُوا من الَّذين إِذا اكتالوا على النَّاس يستوفون وَإِذا كالوهم أَو وزنوهم يخسرون (هـ عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا ظهر الزِّنَا) بزاي وَنون (والربا) برَاء مُهْملَة وباء مُوَحدَة (فِي قَرْيَة) أَي فِي أهل قَرْيَة أَو نَحْوهَا كبلدة أَو محلّة (فقد أحلُّوا) بِفَتْح الْحَاء وَتَشْديد اللَّام من الْحُلُول (بِأَنْفسِهِم عَذَاب الله) أَي تسببوا فِي وُقُوعه بهم وَلم يقل الْعَذَاب بل زَاد الِاسْم زِيَادَة فِي التهويل والزجر وَذَلِكَ لمخالفتهم مَا اقتضته الْحِكْمَة الإلهية من حفظ الْأَنْسَاب وَعدم اخْتِلَاط الْمِيَاه وَأَن النَّاس شُرَكَاء فِي النَّقْد والمطعوم لَا اخْتِصَاص لأحد بِهِ إِلَّا بِعقد لَا تفاضل فِيهِ (تَنْبِيه) سُئِلَ بَعضهم لم كَانَ الْبلَاء عَاما وَالرَّحْمَة خَاصَّة فَقَالَ لِأَن هَذَا هُوَ اللَّائِق بالجناب الإلهي للرحمة الَّتِي وسعت كل شَيْء لِأَن الْبلَاء لَو نزل بعد عروجه على الْعَامِل وَحده هلك حَالا فَيذْهب مُعظم الْكَوْن لِأَن أهل الطَّاعَة قَلِيلُونَ جدّا بِالنِّسْبَةِ للعصاة فَكَانَ من رَحْمَة الله توزيع الْبلَاء على الْعُمُوم ليستمر لذَلِك العَاصِي فتح بَاب التَّوْبَة وَيبقى حَيا حَتَّى يَتُوب وَإِلَّا لمات بِلَا تَوْبَة وَهُوَ تَعَالَى يحب من عباده التوابين لأَنهم مَحل تَنْفِيذ إِرَادَته وَإِظْهَار عَظمته (طب ك عَن ابْن عَبَّاس) وَصَححهُ الْحَاكِم
(إِذا ظَهرت الْحَيَّة) أَي برزت (فِي الْمسكن) أَي مَحل سُكْنى أحدكُم من بَيت أَو غَيره (فَقولُوا لَهَا) ندبا وَقيل وجوبا (إِنَّا نَسْأَلك)(1/114)
بِكَسْر الْكَاف خطابا للحية وَهِي مُؤَنّثَة (بِعَهْد نوح وبعهد سُلَيْمَان بن دَاوُد أَن لَا تؤذينا فَإِن عَادَتْ) مرّة أُخْرَى (فاقتلوها) لِأَنَّهَا إِذا لم تذْهب بالإنذار فَهِيَ لَيست من الْعمار وَلَا مِمَّن أسلم من الْجِنّ فَلَا حُرْمَة لَهَا فَتقْتل وَقَضيته أَنَّهَا لَا تقتل قبل الْإِنْذَار ويعارضه إِطْلَاق الْأَمر بِالْقَتْلِ فِي أَخْبَار تَأتي وَحملهَا بَعضهم على غير عمار الْبيُوت جمعا بَين الْأَخْبَار (ت عَن) عبد الرَّحْمَن (بن أبي ليلى) الْفَقِيه الْكُوفِي وَحسنه
(إِذا ظَهرت الْفَاحِشَة) وَهِي مَا اشْتَدَّ قبحه من الْمعاصِي وَترد بِمَعْنى الزِّنَا (كَانَت) أَي حصلت (الرجفة) أَي الزلزلة أَو الِاضْطِرَاب وتفرق الْكَلِمَة وَظُهُور الْفِتَن (وَإِذا جَار الْحُكَّام) أَي ظلمُوا رعاياهم (قل الْمَطَر) الَّذِي بِهِ حَيَاة النَّبَات وَالْحَيَوَان (وَإِذا غدر) بِضَم الْغَيْن وَكسر الدَّال بضبط الْمُؤلف (بِأَهْل الذِّمَّة) أَي نقض عَهدهم أَو عوملوا من قبل الإِمَام بِخِلَاف مَا يُوجِبهُ عقد الْجِزْيَة لَهُم (ظهر العدوّ) أَي غلب عدوّ الْمُسلمين وإمامهم عَلَيْهِم لِأَن الْجَزَاء من جنس الْعَمَل وكما تدين تدان (فر عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب وَضَعفه ابْن عدي
(إِذا ظَهرت الْبدع) المذمومة الْمُخَالفَة للشَّرْع (وَلعن آخر هَذِه الْأمة أوّلها) وهم الصَّحَابَة يَعْنِي بَعضهم كالشيخين وعَلى (فَمن كَانَ عِنْده علم) أَي بِفضل الصَّدْر الأوّل وَمَا للسلف من المناقب الحميدة (فلينشره) أَي يظهره ويشيعه بن الْخَاص وَالْعَام ليعلم الْجَاهِل مَا لَهُم من الْفَضَائِل ويكف لِسَانه عَنْهُم (فَإِن كاتم الْعلم يَوْمئِذٍ) أَي يَوْم ظُهُور الْبدع وَلعن الآخرين السّلف (ككاتم مَا أنزل الله على مُحَمَّد) فيلجم يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار كَمَا جَاءَ فِي عدّة أَخْبَار (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن معَاذ) بن جبل وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا دَعَا أحدكُم مَرِيضا) أَي زار مُسلما فِي مَرضه (فَلْيقل) فِي دُعَائِهِ لَهُ ندبا (اللَّهُمَّ اشف عَبدك ينْكَأ) بِفَتْح فَسُكُون أَي ليجرح ويؤلم من النكاية بِالْكَسْرِ وَهِي الْقَتْل والإثخان (لَك عدوّا) من الْكفَّار (أَو يمش لَك إِلَى صَلَاة) وَفِي رِوَايَة إِلَى جَنَازَة أما الْكَافِر فَلَا يُمكن الدُّعَاء لَهُ بذلك وَإِن جَازَت عيادته (ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ ك صَحِيح
(إِذا عَاد أحدكُم مَرِيضا فَلَا يَأْكُل عِنْده شَيْئا) أَي يكره لَهُ ذَلِك (فَإِنَّهُ) إِن أكل عِنْده فَهُوَ (حَظه من عيادته) أَي فَلَا ثَوَاب لَهُ فِيهَا وَيظْهر أَن مثل الْأكل شرب نَحْو السكر فَهُوَ محبط لثواب العيادة (فر عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا عرف الْغُلَام) اسْم للمولود إِلَى أَن يبلغ (يَمِينه من شِمَاله) أَي مَا يضرّهُ وَمَا يَنْفَعهُ فَهُوَ كِنَايَة عَن التَّمْيِيز (فَمُرُوهُ) وجوبا مَعَ التهديد (بِالصَّلَاةِ) وشروطها وَالْخطاب للأولياء الْأَب فالجد فالأم ليتعوّدها فَلَا يَتْرُكهَا إِذا كمل فَإِذا بلغ عشر اضْرِب عَلَيْهَا وَكَذَا الصَّوْم إِن أطاقه (د هق عَن رجل من الصَّحَابَة) وَهُوَ عبد الله بن حبيب الْجُهَنِيّ وَإِسْنَاده صَالح
(إِذا عطس أحدكُم) بِفَتْح الطَّاء (فَحَمدَ الله) وأسمع من بِقُرْبِهِ عَادَة شكرا على نعْمَته بالعطاس لِأَنَّهُ بحران الرَّأْس (فشمتوه) بِمُهْملَة وبمعجمة أَكثر أَي ادعوا الله لَهُ أَن يردهُ إِلَى حَاله الأوّل لِأَن العطاس يحلّ مرابط الْبدن ومفاصله (وَإِذا لم يحمد الله فَلَا تشمتوه) فَيكْرَه لِأَن غير الشاكر لَا يسْتَحق الدُّعَاء (حم خد م عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (إِذا عطس أحدكُم) أَي هم بالعطاس (فليضع) ندبا (كفيه) أَو كَفه الْوَاحِدَة إِن كَانَ أقطع أَو أشل فِيمَا يظْهر (على وَجهه) لِأَنَّهُ لَا يَأْمَن من أَن يَبْدُو من فضلات دماغه مَا يكرههُ الناظرون فيتأذون بِرُؤْيَتِهِ (وليخفض) ندبا (صَوته) بالعطاس فَإِن الله يكره رفع الصَّوْت بِهِ كَمَا فِي خبر يَجِيء(1/115)
(ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقروه
(إِذا عطس أحدكُم فَلْيقل) ندبا (الْحَمد لله رب الْعَالمين) وَلَا أصل لما اُعْتِيدَ من قِرَاءَة بَقِيَّة الْفَاتِحَة وَيكرهُ الْعُدُول عَن الْحَمد إِلَى التَّشَهُّد (وَليقل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي وَليقل (لَهُ) سامعه (يَرْحَمك الله) دُعَاء أَو خبر على طَرِيق الْبشَارَة (وَليقل هُوَ) أَي الْعَاطِس مُكَافَأَة لَهُ (يغْفر الله لنا وَلكم) وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ يهديكم الله وَيصْلح بالكم واختير الْجمع وَرجح وَاعْترض (طب ك هَب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (حم 3 ك هَب عَن سَالم بن عبيد الْأَشْجَعِيّ) من أهل الصّفة وَهُوَ صَحِيح
(إِذا عطس أحدكُم فَقَالَ الْحَمد لله) مسمعا من بِقُرْبِهِ عَادَة حَيْثُ لَا مَانع (قَالَت الْمَلَائِكَة) أَي الْحفظَة أَو من حضر مِنْهُم أَو أَعم (رب الْعَالمين) أَي مالكهم (فَإِذا قَالَ) العَبْد (رب الْعَالمين قَالَت الْمَلَائِكَة رَحِمك الله) دُعَاء أَو خبر كَمَا تقرّر فَإِذا أَتَى العَبْد بِصِيغَة الْحَمد الْكَامِلَة اسْتحق إجَابَته بِالرَّحْمَةِ وَإِن قصر باقتصاره على لفظ الْحَمد تممت الْمَلَائِكَة لَهُ مَا فَاتَهُ (طب) وَكَذَا فِي الْأَوْسَط (عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا عطس أحدكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (فليشمته) ندبا (جليسه) أَي مجالسه وَلَو أَجْنَبِيّا (فَإِن زَاد) الْعَاطِس (على ثَلَاث) من العطسات (فَهُوَ مزكوم) أَي بِهِ دَاء الزُّكَام وَهُوَ مرض من أمراض الرَّأْس (وَلَا يشمت بعد ثَلَاث) أَي لَا يدعى لَهُ بِالدُّعَاءِ الْمَشْرُوع للعاطس بل دُعَاء لَائِق بِالْحَال كالشفاء وَمن فهم النَّهْي عَن مُطلق الدُّعَاء فقد وهم (د عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا عظمت) بِالتَّشْدِيدِ (أمّتي الدُّنْيَا) لفظ رِوَايَة ابْن أبي الدُّنْيَا الدِّينَار وَالدِّرْهَم (نزعت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي نزع الله (مِنْهَا هَيْبَة الْإِسْلَام) لِأَن من شَرط الْإِسْلَام تَسْلِيم النَّفس لله عبودية فَمن عظم الدُّنْيَا سبته فَصَارَ عَبدهَا فَيذْهب بهاء الْإِسْلَام عَنهُ لِأَن الهيبة إِنَّمَا هِيَ لمن هاب الله (وَإِذا تركت الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر) مَعَ الْقُدْرَة وسلامة الْعَاقِبَة (جرمت) بِضَم فَكسر (بركَة الْوَحْي) أَي فهم الْقُرْآن فَلَا يفهم الْقَارئ أسراره وَلَا يَذُوق حلاوته (وَإِذا تَسَابَّتْ أمّتي) أَي شتم بَعْضهَا بَعْضًا (سَقَطت من عين الله) أَي حط قدرهَا وحقر أمرهَا عِنْده (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) وَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ ابْن أبي الدُّنْيَا وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا علم الْعَالم فَلم يعْمل) بِعَمَلِهِ (كَانَ كالمصباح) أَي السراج فِي أَنه (يضيء للنَّاس وَيحرق نَفسه) يَعْنِي يكون صَلَاح غَيره فِي هَلَاكه كَمَا أَن إضاءة السراج للنَّاس فِي هَلَاك الزَّيْت وَلذَلِك قَالُوا كَثْرَة الْعلم فِي غير طَاعَة مادّة الذُّنُوب وَعلم من ذَلِك أَن الْعَالم قد ينْتَفع بِهِ غَيره وَإِن كَانَ هُوَ مرتكبا للكبائر وَقَول بَعضهم إِذا لم يُؤثر كَلَام الْوَاعِظ فِي السَّامع دلّ على عدم صدقه ردّ بِأَن كَلَام الْأَنْبِيَاء لم يُؤثر فِي كل أحد مَعَ عصمتهم فَالنَّاس قِسْمَانِ قسم يَقُول سمعنَا وأطعنا وَقسم يَقُول سمعنَا وعصينا وكل ذَلِك بِحكم القبضتين (ابْن قَانِع فِي مُعْجَمه) أَي مُعْجم الصَّحَابَة (عَن سليك الْغَطَفَانِي) هُوَ سليك بن عمر وَقيل ابْن هدبة وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن شواهده كَثِيرَة
(إِذا عمل أحدكُم عملا فليتقنه) أَي فليحكمه (فَإِنَّهُ) أَي الإتقان الْمَفْهُوم من يتقن (مِمَّا يَلِي) بِضَم الْيَاء وَتَشْديد اللَّام بضبط المُصَنّف (بِنَفس الْمُصَاب) وأصل هَذَا أَن الْمُصْطَفى لما دفن ابْنه إِبْرَاهِيم رأى فُرْجَة فِي اللَّبن فَأمر بهَا أَن تسد ثمَّ ذكره فَالْمُرَاد بِالْعَمَلِ هُنَا تهيئة للحد وإحكام السدّ لَكِن الحَدِيث وَإِن ورد على سَبَب فَالْحكم عَام (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن عَطاء) الْهِلَالِي القَاضِي (مُرْسلا) وَهُوَ تابعيّ كَبِير وَله شَاهد مَرْفُوع سَيَأْتِي
(إِذا عملت سَيِّئَة) أَي عملا(1/116)
من حَقه أَن يسوءك لكَونه محرما (فأحدث عِنْدهَا تَوْبَة) تجانسها بِحَيْثُ يكون (السرّ بالسرّ وَالْعَلَانِيَة بالعلانية) أَي الْبَاطِن بالباطن وَالظَّاهِر بِالظَّاهِرِ لتقع الْمُقَابلَة وتتحقق المشاكلة (حم فِي) كتاب (الزّهْد عَن عَطاء) بن يسَار الْهِلَالِي (مُرْسلا) قَالَ الْعِرَاقِيّ فِيهِ انْقِطَاع
(إِذا عملت) يَا أَبَا ذَر الْقَائِل أوصني يَا رَسُول الله (سَيِّئَة فأتبعها حَسَنَة تمحها) أَي فَإِن الْحَسَنَة تذهبها إِن الْحَسَنَات يذْهبن السيآت وَالْأولَى أَن يتبعهَا حَسَنَة من جِنْسهَا لكَي تضادّها (حم عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(إِذا عملت عشر سيآت فاعمل) فِي مقابلها وَلَو (حَسَنَة) وَاحِدَة (تحدرهنّ) أَي تسقطهنّ بِسُرْعَة (بهَا) لِأَن السَّيئَة سَيِّئَة وَاحِدَة والحسنة الْوَاحِدَة بِعشر (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَمْرو بن الْأسود مُرْسلا) هُوَ الْعَبْسِي الشَّامي الزَّاهِد
(إِذا عملت) بِضَم الْعين (الْخَطِيئَة) أَي الْمعْصِيَة (فِي الأَرْض كَانَ من شَهِدَهَا) أَي حضرها (فكرهها) بِقَلْبِه وَفِي رِوَايَة أنكرها (كمن غَابَ عَنْهَا) فِي عدم لُحُوق الْإِثْم لَهُ وَالْكَلَام فِيمَن عجز عَن إِزَالَتهَا بِيَدِهِ وَلسَانه (وَمن غَابَ عَنْهَا فرضيها) وَفِي رِوَايَة فأحبها (كَانَ كمن شَهِدَهَا) أَي حضرها فرضيها فِي الْمُشَاركَة فِي الْإِثْم وَإِن بَعدت الْمسَافَة بَينهمَا (د) فِي الْفِتَن (عَن الْعرس) بِضَم الْعين وَسكن الرَّاء (ابْن عميرَة) بِفَتْح الْعين وَكسر الْمِيم الْكِنْدِيّ وعميرة أمّة وَاسم أَبِيه قيس
(إِذا غربت الشَّمْس) فِي كل يَوْم (فكفوا) ندبا (صِبْيَانكُمْ) عَن الانتشار فِي الدُّخُول وَالْخُرُوج وَعلل ذَلِك بقوله (فَإِنَّهَا سَاعَة ينشر فِيهَا الشَّيْطَان) أَي الشَّيَاطِين فَاللَّام للْجِنْس وَيسْتَمر طلب الْكَفّ حَتَّى تذْهب فوعة الْعشَاء كَمَا فِي خبر آخر وَالْمرَاد بِالصَّبِيِّ مَا يَشْمَل الصبية (طب عَن ابْن عَبَّاس) رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا غضب أحدكُم) لأمر نابه (فليسكت) عَن النُّطْق بِغَيْر الِاسْتِعَاذَة لِأَن الْغَضَب يصدر عَنهُ من الْقبْح مَا يُوجب النَّدَم عَلَيْهِ بعد وبالسكوت تنكسر سورته وَفِي خبر آخر أَنه يتَوَضَّأ فالأكمل الْجمع بَينهمَا وَبَين مَا فِي الْحَدِيثين الآتيين (حم عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا غضب أحدكُم وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (قَائِم فليجلس) ندبا (فَإِن ذهب عَنهُ الْغَضَب) فَذَاك (وَإِلَّا) بِأَن اسْتمرّ (فليضطجع) على جنبه لِأَن الْقَائِم متأهب للانتقام والقاعد دونه والمضطجع دونهمَا وَالْقَصْد الإبعاد عَن هَيْئَة الْوُثُوب مَا أمكن (حم د حب عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح
(إِذا غضب الرجل) هُوَ وصف طرديّ وَالْمرَاد الْإِنْسَان (فَقَالَ أعوذ بِاللَّه) زَاد فِي رِوَايَة من الشَّيْطَان الرَّجِيم (سكن غَضَبه) لِأَن الْغَضَب من إغواء الشَّيْطَان والاستعاذة سلَاح لِلْمُؤمنِ فيدفعه بهَا (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن ورد من طَرِيق آخر بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات
(إِذا فاءت الأفياء) أَي رجعت ظلال الشواخص من جَانب الْمغرب إِلَى الْمشرق (وهبت الْأَرْوَاح) جمع ريح (فاذكروا) ندبا (حَوَائِجكُمْ) أَي اطلبوها من الله فِي تِلْكَ السَّاعَة (فَإِنَّهَا سَاعَة الأوّابين) أَي الْوَقْت الَّذِي يتَوَجَّه فِيهِ المطيعون لله إِلَيْهِ أَو الْوَقْت الَّذِي يتصدّون فِيهِ إِلَى إسعاف ذَوي الْحَاجَات بالشفاعة إِلَى رَبهم (عب عَن أبي سُفْيَان مُرْسلا حل) وَكَذَا الديلمي (عَن ابْن أبي أوفى) بِفَتْح الْهمزَة وَفتح الْوَاو وَالْفَاء مَقْصُورَة عَلْقَمَة بن مَالك الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ وبتعدّد طرقه ارْتقى إِلَى الْحسن
(إِذا فتحت مصر فَاسْتَوْصُوا بالقبط) كسبط أهل مصر وَقد تضم الْقَاف فِي النِّسْبَة (خيرا) أَي اطْلُبُوا الْوَصِيَّة من أَنفسكُم بِفعل الْخَيْر مَعَهم أَو مَعْنَاهُ اقْبَلُوا وصيتي فيهم(1/117)
إِذا استوليتم عَلَيْهِم فَأحْسنُوا إِلَيْهِم (فَإِن لَهُم ذمّة) ذماما وَحُرْمَة وأمانا من جِهَة إِبْرَاهِيم بن الْمُصْطَفى فَإِن أمّة مِنْهُم (ورحما) قرَابَة لِأَن هَاجر أم إِسْمَعِيل مِنْهُم وَذَا من معجزاته حَيْثُ فتحت بعده (طب ك عَن كَعْب بن مَالك) الْأنْصَارِيّ وَرِجَال أحد طرقه رجال الصَّحِيح
(إِذا فتح) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي فتح الله (على العَبْد) أَي الْإِنْسَان (الدُّعَاء) بِأَن أفيض على قلبه نور انْشَرَحَ بِهِ صَدره للدُّعَاء (فَليدع) ندبا مؤكدا (ربه) بِمَا شَاءَ من مهماته الأخروية الدُّنْيَوِيَّة (فَإِن الله يستجيب لَهُ) لِأَنَّهُ عِنْد الْفَتْح تتَوَجَّه رَحْمَة الله للْعَبد وَإِذا تَوَجَّهت لَا يتعاظمها شَيْء (تَنْبِيه) سُئِلَ بَعضهم عَن الْقَسْوَة الَّتِي يجدهَا العَبْد أَحْيَانًا فَلَا يُمكنهُ أَن يحضر قلبه مَعَ ربه حَال الدُّعَاء أَو الْعِبَادَة فَقَالَ سَببه قيام وصف الْعِزَّة والغنى بك فَإِن حَضْرَة الله لَا يدخلهَا من تلبس بِأَحَدِهِمَا فتب من هذَيْن الوصفين تدخل حَضْرَة رَبك فيجيب دعاءك (ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ حسن
(إِذا فعلت) فِي رِوَايَة عملت (أمّتي خمس عشرَة خصْلَة) بِالْفَتْح أَي خلة (فقد حل بهَا الْبلَاء) أَي نزل أَو وَجب قَالُوا وَمَا هِيَ يَا رَسُول الله قَالَ (إِذا كَانَ الْمغنم) أَي الْغَنِيمَة (دولا) بِكَسْر فَفتح جمع دولة اسْم لكل مَا يتداول من المَال (وَالْأَمَانَة مغنما) أَي غنيمَة أَي يذهبون بهَا فيغتنمونها فَيرى من فِي يَده أَمَانَة أَن الْخِيَانَة فِيهَا عنيمة (وَالزَّكَاة مغرما) أَي يشق عَلَيْهِم أَدَاؤُهَا بِحَيْثُ يعدّون إخْرَاجهَا غَرَامَة (وأطاع الرجل زَوجته) يَعْنِي حليلته فِيمَا نرومه مِنْهُ (وعق أمّه) أَي عصاها وآذاها (وبرّ صديقه) أَي أحسن إِلَيْهِ وَأَدْنَاهُ وحباه (وجفا أَبَاهُ) أبعده وأقصاه (وَارْتَفَعت الْأَصْوَات) أَي علت أصوات النَّاس (فِي الْمَسَاجِد) بِنَحْوِ الْخُصُومَات والمبايعات وَاللَّهْو واللعب (وَكَانَ زعيم الْقَوْم) أَي رئيسهم المطاع فيهم (أرذلهم) أحقرهم نسبا وأسفلهم أمّا وَأَبا (وَأكْرم الرجل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي أكْرم النَّاس الْإِنْسَان (مَخَافَة شَره) أَي خشيَة من تعدّي شَره إِلَيْهِم (وشربت الْخُمُور) جمعهَا لاخْتِلَاف أَنْوَاعهَا إِذْ كل مُسكر خمر أَي أَكثر النَّاس من شربهَا أَو تجاهروا بِهِ (وَلبس الْحَرِير) أَي لبسه الرِّجَال بِلَا ضَرُورَة (واتخذت الْقَيْنَات) الأماء الْمُغَنِّيَات (وَالْمَعَازِف) الدفوف (وَلعن آخر هَذِه الْأمة أوّلها) أَي لعن أهل الزَّمن الْمُتَأَخر السّلف (فليرتقبوا) جَوَاب إِذا أَي فلينتظروا (عِنْد ذَلِك ريحًا حَمْرَاء) أَي حُدُوث هبوب ريح حَمْرَاء (أَو خسفا) أَي غورا بهم فِي الأَرْض (أَو مسخا) قلب خلقَة من صُورَة إِلَى أُخْرَى (ت عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب تفرد بِهِ فرج وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا قَالَ) من القَوْل وَهُوَ عبارَة عَن جملَة مَا يتَكَلَّم بِهِ الْمُتَكَلّم على وَجه الْحِكَايَة (الرجل) ذكره وصف طردي وَالْمرَاد الْإِنْسَان (لِأَخِيهِ) نسبا أَو دينا أَو مذهبا وَطَرِيقَة وَكَانَ قد فعل مَعَه مَعْرُوفا (جَزَاك الله خيرا) أَي قضى لَك بِخَير وأثابك عَلَيْهِ (فقد أبلغ فِي الثَّنَاء) أَي بذل الْجهد فِي مكافأته فَإِن ضمّ إِلَى ذَلِك مَعْرُوفا من جنس الْمَفْعُول مَعَه كَانَ أكمل وَفِيه أَن العَبْد إِذا شكر الْمُنعم الأوّل بشكر الْوَاسِطَة الْمُنعم من النَّاس وَيَدْعُو لَهُ لَكِن مَعَ قطع النّظر عَن الأغيار ورؤية النعم حَقِيقَة من الْمُنعم الْجَبَّار واعتقاد أنّ الْخلق وسايط وَالْكل مِنْهُ وَإِلَيْهِ (ابْن منيع) فِي مُعْجَمه (خطّ) كَلَامهَا (عَن أبي هُرَيْرَة خطّ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَرَوَاهُ أَيْضا الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وَفِي أسانيده مقَال لكنه انجبر بتعددها
(إِذا قَالَ الرجل لِأَخِيهِ) الْمُسلم (يَا كَافِر فقد بَاء بهَا) أَي رَجَعَ بإثم تِلْكَ الْمقَالة أَحدهمَا أَو رَجَعَ بِتِلْكَ الْكَلِمَة(1/118)
(أَحدهمَا) لِأَن الْقَائِل إِن صدق فالمقول لَهُ كَافِر وَإِن كذب بِأَن اعْتقد كفر الْمُسلم بذنب وَلم يكن كفرا إِجْمَاعًا كفر (خَ عَن أبي هُرَيْرَة حم خَ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا قَالَ العَبْد) أَي الْإِنْسَان (يَا رب يَا رب قَالَ الله) مجيبا لَهُ (لبيْك عَبدِي) أَي أَجَابَهُ بعد إِجَابَة (سل) مَا شِئْت فَإنَّك (تعط) أَي أُعْطِيك إِيَّاه لِأَن من أَسبَاب الْإِجَابَة الإلحاح على الله والترامي على كرمه وَالْمرَاد أَنه يُعْطي عين المسؤل أَو يعوّض عَنهُ بِمَا هُوَ أصلح وَفِي حَدِيث رَوَاهُ الْحَاكِم أَن العَبْد يَقُول يَا رب اغْفِر لي وَقد أذنبت فَتَقول الْمَلَائِكَة أَنه لَيْسَ بِأَهْل فَقَالَ الله لكنى أهل أَن أَغفر لَهُ (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي والديلمي (عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا قَالَ الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (لِلْمُنَافِقِ) الَّذِي يخفي الْكفْر وَيظْهر الْإِسْلَام (يَا سيد) وَمثله يَا مولَايَ (فقد أغضب ربه) أَي فعل مَا يسْتَحق بِهِ الْعقَاب من مَالك أمره لِأَنَّهُ إِن كَانَ سَيّده وَهُوَ مُنَافِق فحاله دون حَاله (ك هَب عَن بُرَيْدَة) بن الْحصيب قَالَ الْحَاكِم صَحِيح ونوزع
(إِذا قَالَت الْمَرْأَة لزَوجهَا) أَو قَالَت الْأمة لسَيِّدهَا (مَا رَأَيْت مِنْك خيرا قطّ فقد حَبط عَملهَا) أَي فسد وَبَطل وَالْمرَاد أَنَّهَا جحدت إحسانه إِلَيْهَا فتجازى بِإِبْطَال عَملهَا أَي حرمانها ثَوَابه وَهَذَا تخويف وتنفير (عد وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا قَامَ أحدكُم يُصَلِّي من اللَّيْل) أَي إِذا أَرَادَ الْقيام للصَّلَاة فِيهِ (فليستك) أَي يسْتَعْمل السِّوَاك (فَإِن أحدكُم إِذا قَرَأَ فِي صلَاته وضع ملك فَاه على فِيهِ وَلَا يخرج من فِيهِ) أَي من فَم الْقَارئ (شَيْء) من الْقُرْآن (إِلَّا دخل فَم) ذَلِك (الْملك) لِأَن الْمَلَائِكَة لم يُعْطوا فَضِيلَة تِلَاوَة الْقُرْآن كَمَا أفْصح بِهِ فِي خبر آخر فهم حريصون على اسْتِمَاع الْقُرْآن من الْآدَمِيّين (هَب وَتَمام) فِي فَوَائده (والضياء) فِي المختارة (عَن جَابر) بن عبد الله وَهُوَ صَحِيح
(إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل) للصَّلَاة وَدخل فِيهَا أَو وَإِن لم يدْخل فالقيام على بَابه (فاستعجم) بِفَتْح التَّاء استغلق (الْقُرْآن) بِالرَّفْع فَاعل استغلق (على لِسَانه) أَي ثقلت عَلَيْهِ الْقِرَاءَة كالأعجم لغَلَبَة النعاس (فَلم يدر مَا يَقُول) أَي صَار لنعاسه لَا يفهم مَا ينْطق بِهِ (فليضطجع) للنوم ندبا إِن خف النعاس بِحَيْثُ يفعل الْمَفْعُول أَو وجوبا إِن غَلبه بِحَيْثُ أفْضى إِلَى الْإِخْلَال بِوَاجِب (حم م د هـ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا قَامَ أحدكُم من اللَّيْل) ليُصَلِّي (فليفتتح صلَاته بِرَكْعَتَيْنِ) ينشط لما بعدهمَا وليكونا (خفيفتين) وحكمته استعجال حل عقد الشَّيْطَان (حم م عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا قَامَ أحدكُم إِلَى الصَّلَاة فليسكن أَطْرَافه) أَي يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ يَعْنِي لَا يحركها بل يصير نَفسه جمادا مجمدا لَا يَتَحَرَّك مِنْهُ شَيْء (وَلَا يتميل كَمَا تتميل الْيَهُود) أَي لَا يعوج بدنه يَمِينا وَشمَالًا كَمَا يَفْعَلُونَهُ ثمَّ علل ذَلِك بقوله (فَإِن تسكين) وَفِي رِوَايَة سُكُون (الْأَطْرَاف فِي الصَّلَاة من تَمام الصَّلَاة) أَي من تَمام هيآتها ومكملاتها بل إِن كثر التحرك كثلاث مُتَوَالِيَة أبطل عِنْد الشافعيّ وَسبب تمايل الْيَهُود فِي الصَّلَاة أَن مُوسَى كَانَ يُعَامل بني إِسْرَائِيل على ظَاهر الْأُمُور فَكَانَ يعظم الْأُمُور وَلِهَذَا أَمر بتحلية التَّوْرَاة بِالذَّهَب وَقَالَ السهروردي إِنَّمَا كَانَ يتمايل لِأَنَّهُ يرد عَلَيْهِ الْوَارِد فِي صلَاته وَحَال مناجاته فيموج بِهِ بَاطِنه كتموّج بَحر سَاكن يهبّ عَلَيْهِ الرّيح فَكَانَ تمايل تلاطم أمواج بَحر الْقلب إِذا هبت عَلَيْهِ نسمات الْفضل فَرَأى الْيَهُود ظَاهره فتمايلوا من غير حَظّ لبواطنهم(1/119)
من ذَلِك (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عد حل عَن أبي بكر) الصدّيق وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا قَامَ الرجل) أَي الْجَالِس لنَحْو إقراء علم شَرْعِي (من مَجْلِسه) زَاد فِي رِوَايَة فِي الْمَسْجِد (ثمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَق بِهِ) من غَيره إِن كَانَ قَامَ مِنْهُ ليعود إِلَيْهِ لِأَن لَهُ غَرضا فِي لُزُوم ذَلِك الْمحل ليألفه النَّاس (حم خد م د هـ عَن أبي هُرَيْرَة حم عَن وهب بن حُذَيْفَة) الْغِفَارِيّ وَيُقَال الْمُزنِيّ
(إِذا قَامَ أحدكُم فِي الصَّلَاة فَلَا يغمض عَيْنَيْهِ) أَي يكره تغميضهما فِيهَا إِلَّا لعذر لِأَنَّهُ فعل الْيَهُود وَبِهَذَا أَخذ الشَّافِعِيَّة قَالَ النَّوَوِيّ وَعِنْدِي لَا يكره إِن لم يخف ضَرَرا (طب عد عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ ضَعِيف لضعف المصِّيصِي
(إِذا قَامَ أحدكُم الى الصَّلَاة) أَي دخل فِيهَا (فَإِن الرَّحْمَة تواجهه) أَي تنزل بِهِ وَتقبل عَلَيْهِ (فَلَا يمسح) حَال الصَّلَاة ندبا (الْحَصَى) وَنَحْوه الَّذِي بِمحل سُجُوده لِأَنَّهُ يُنَافِي الْخُشُوع (حم 4 حب عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ
(إِذا قَامَ العَبْد) أَي الْإِنْسَان (فِي صلَاته ذرّ) بذال مُعْجمَة وَرَاء مشدّدة فَهِيَ مبنيّ للْمَفْعُول أَي ذَر الله أَو الْملك بأَمْره (البرّ) أَي ألْقى الْإِحْسَان (على رَأسه) ونشره عَلَيْهِ وَيسْتَمر ذَلِك (حَتَّى يرْكَع فَإِذا ركع علته) وَفِي نسخ عَلَيْهِ بمثناة تحتية (رَحْمَة الله) أَي نزلت عَلَيْهِ وغمرته وَيسْتَمر (حَتَّى يسْجد والساجد يسْجد على قدمي الله تَعَالَى) اسْتِعَارَة تمثيلية وَمن حق إقبال الله عَلَيْهِ برحمته إقبال العَبْد بِقَلْبِه عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ (فليسأل) الله مَا شَاءَ لقُرْبه مِنْهُ (وليرغب) فِيمَا أحب وَإِن عظم فَإِن الله لَا يتعاظمه شَيْء (ص عَن أبي عمَارَة مُرْسلا) واسْمه قيس وَفِيه كَمَا فِي التَّقْرِيب لين
(إِذا قَامَ صَاحب الْقُرْآن) أَي حافظه (فَقَرَأَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَار) أَي تعهد تِلَاوَته لَيْلًا وَنَهَارًا (ذكره) أَي اسْتمرّ ذَاكِرًا لَهُ (وَإِن لم يقم بِهِ) أَي بتلاوته (نَسيَه) فَإِنَّهُ شَدِيد النفور كَالْإِبِلِ الْمُعَلقَة إِذا انفلتت من عقلهَا (مُحَمَّد بن نصر فِي) كتاب (الصَّلَاة عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه ضعف
(إِذا قدم أحدكُم على أَهله من سفر) طَال أَو قصر لَكِن الطَّوِيل آكِد (فليهد) ندبا (لأَهله) هَدِيَّة مِمَّا يجلب من ذَلِك الْقطر الَّذِي سَافر إِلَيْهِ (فليطرفهم) أَي يتحفهم بِشَيْء جَدِيد لَا ينْقل لبلدهم للْبيع بل للهدية (وَلَو كَانَ حِجَارَة) أَي حِجَارَة الزِّنَاد وَلَا يقدم عَلَيْهِم بِغَيْر شَيْء جبرا لخواطرهم مَا أمكن ولتشوفهم إِلَى مَا يقدم بِهِ (هَب عَن عَائِشَة) وَأَشَارَ مخرجه الْبَيْهَقِيّ إِلَى تَضْعِيفه
(إِذا قدم أحدكُم) على أَهله (من سفر فليقدم مَعَه بهدية) ندبا مؤكدا (وَلَو) كَانَ شَيْئا تافها جدّا كَأَن (يلقِي) أَي يطْرَح (فِي مخلاته حجرا) من حِجَارَة الزِّنَاد وَلَا يقدم متجردا (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَإِسْنَاده ضَعِيف لكنه انجبر
(إِذا قَرَأَ ابْن آدم السَّجْدَة) أَي آيتها (فَسجدَ) سُجُود التِّلَاوَة (اعتزل) أَي تبَاعد عَنهُ (الشَّيْطَان) إِبْلِيس (يبكي يَقُول (حالان من فَاعل اعتزل (يَا ويله) أَي يَا حزني وَيَا هلاكي احضر فَهَذَا أوانك جعل الويل منادى لفرط حزنه (أَمر ابْن آدم بِالسُّجُود) اسْتِئْنَاف وَجَوَاب عَمَّن سَأَلَ عَن حَاله (فَسجدَ فَلهُ الْجنَّة) بِطَاعَتِهِ (وَأمرت بِالسُّجُود فعصيت فلي النَّار) نَار جَهَنَّم خَالِدا فِيهَا لعصيانه واستكباره قَالَ بَعضهم وَإِنَّمَا لم يَنْفَعهُ هَذَا الْبكاء والحزن مَعَ أَنه نَدم والندم تَوْبَة لأنّ لَهُ وَجْهَيْن وَجه يمدّ بِهِ العصاة فَلَا يَعْصِي أحد إِلَّا بواسطته فَهَذَا لَا يُمكن تَوْبَته مِنْهُ وَوجه يؤدّي بِهِ عبوديته مَعَ ربه لكَونه(1/120)
يرى أَنه منصرف تَحت مَشِيئَته وإرادته فِي أصل قَبْضَة الشَّقَاء وَالتَّوْبَة إِمَّا تصح من الْوَجْهَيْنِ مَعًا وَلَا يُمكنهُ التَّوْبَة مِنْهُمَا جمعيا (حم م هـ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا قَرَأَ الْقَارئ) الْقُرْآن (فَأَخْطَأَ) فِيهِ بِالْهَمْز من الْخَطَأ ضد الصَّوَاب (أَو لحن) فِيهِ أَي حرّفه أَو غير إعرابه (أَو كَانَ أعجميا) لَا يَسْتَطِيع للكنته أَن ينْطق بالحروف مَبْنِيَّة (كتبه الْملك كَمَا أنزل) أَي قوّمه الْملك الْمُوكل بذلك وَلَا يرفع إِلَّا قُرْآنًا عَرَبيا غير ذِي عوج (فر عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه ضعف
(إِذا قَرَأَ الإِمَام) فِي الصَّلَاة (فأنصتوا) لقرَاءَته أَيهَا المقتدون أَي اسْتَمعُوا لَهَا ندبا فَلَا تشتغلوا بِقِرَاءَة السُّورَة إِن بَلغَكُمْ صَوت قِرَاءَته وَالْأَمر للنَّدْب عِنْد الشَّافِعِي وللوجوب عِنْد غَيره (م) وَابْن مَاجَه (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إِذا قَرَأَ الرجل الْقُرْآن واحتشى من أَحَادِيث رَسُول الله) أَي امْتَلَأَ جَوْفه مِنْهَا (وَكَانَت هُنَاكَ) أَي فِي ذَلِك الرجل (غريزة) بغين مُعْجمَة فراء مُهْملَة فزاي أَي طبيعة عارفة بِفقه الحَدِيث (كَانَ خَليفَة من خلفاء الْأَنْبِيَاء) أَي ارْتقى إِلَى منصب وراثة الْأَنْبِيَاء وَهَذَا فِيمَن عمل بِمَا علم (الرَّافِعِيّ) الإِمَام عبد الْكَرِيم الْقزْوِينِي (فِي تَارِيخه) أَي تَارِيخ بَلَده قزوين (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(إِذا قرّب إِلَى أحدكُم طَعَامه) أَي وضع بَين يَدَيْهِ ليأكله وَكَذَا إِن قرب تَقْدِيمه (وَفِي رجلَيْهِ نَعْلَانِ فلينزع نَعْلَيْه) ندبا قبل الْأكل وَعلل ذَلِك بقوله (فَإِنَّهُ أروح للقدمين) أَي أَكثر رَاحَة لَهما (وَهُوَ) أَي نزعهما (من السّنة) أَي طَريقَة الْمُصْطَفى وهديه فَلَا تهملوا ذَلِك (ع عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا قصر) بِالتَّشْدِيدِ (العَبْد) أَي الْإِنْسَان (فِي الْعَمَل) أَي فِي الْقيام بِمَا عَلَيْهِ من الْوَاجِبَات (ابتلاه الله تَعَالَى بالهمّ) ليَكُون مَا يقاسيه مِنْهُ جَابِرا لتَقْصِيره مكفرا لتهاونه روى الْحَكِيم عَن عليّ خلق الْإِنْسَان يغلب الرّيح ويتقيها بِيَدِهِ ثمَّ خلق النّوم يغلب الْإِنْسَان ثمَّ خلق الهمّ يغلب النّوم فأشدّ خلق رَبك الهمّ (حم فِي) كتاب (الزّهْد عَن الحكم مُرْسلا) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا قضى الله تَعَالَى) أَي أَرَادَ وقدّر فِي الْأَزَل (لعبد) من عباده (أَن يَمُوت بِأَرْض) وَلَيْسَ هُوَ فِيهَا (جعل لَهُ إِلَيْهَا حَاجَة) زَاد فِي رِوَايَة الْحَاكِم فَإِذا بلغ أقْصَى أَثَره فتوفاه الله بهَا فَتَقول الأَرْض يَوْم الْقِيَامَة يَا رب هَذَا مَا استودعتني (ت) فِي الْقدر (ك) فِي الْإِيمَان (عَن مطر) بِالتَّحْرِيكِ (ابْن عكامس) بِضَم الْمُهْملَة وخفة الْكَاف وَكسر الْمِيم ثمَّ مهمله (ت عَن أبي عزة) بِفَتْح الْعين وَشد الزَّاي وَحسنه التِّرْمِذِيّ
(إِذا قضى أحدكُم) أَي أتم (حجه) أَي أَو نَحوه من كل سفر طَاعَة كغزو (فليعجل) أَي فليسرع ندبا (الرُّجُوع إِلَى أَهله فَإِنَّهُ أعظم لأجره) لما يدْخلهُ على أَهله من السرُور وَلِأَن الْإِقَامَة بالوطن يسهل مَعهَا الْقيام بوظائف الْعِبَادَات وَقَضِيَّة الْعلَّة الأولى أَنه لَو لم يكن لَهُ أهل لَا ينْدب لَهُ التَّعْجِيل وَقَضِيَّة الثَّانِيَة خِلَافه (ك هق عَن عَائِشَة) قَالَ الذَّهَبِيّ إِسْنَاده قوي
(إِذا قضى أحدكُم الصَّلَاة فِي مَسْجده) يَعْنِي أدّى الْفَرْض فِي مَحل الْجَمَاعَة (فليجعل لبيته) أَي لمحل سكنه (نَصِيبا) أَي قسما (من صلَاته) بِأَن يَجْعَل الْفَرْض فِي الْمَسْجِد وَالنَّفْل فِي منزله لتعود بركته عَلَيْهِ (فإنّ الله تَعَالَى جَاعل فِي بَيته من صلَاته) أَي من أجلهَا وبسببها (خيرا) أَي عَظِيما كعمارة الْبَيْت بِذكر الله وطاعته وَحُضُور الْمَلَائِكَة وطرد الشَّيْطَان وَغير ذَلِك (حم م هـ عَن جَابر) بن عبد الله (قطّ فِي) كتاب (الافراد عَن أنس) بن مَالك
(إِذا قعد أحدكُم إِلَى أَخِيه) فِي الدّين(1/121)
ليسأله عَن شَيْء من الْمسَائِل (فليسأله تفقها) أَي سُؤال تفهم وَتعلم واستفادة ومذاكرة (وَلَا يسْأَله تعنتا) أَي لَا يسْأَله سُؤال ممتحن متعنت طَالب لتعجيزه وتخجيله فَإِنَّهُ حرَام (فر عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ ضَعِيف لضعف مسيب بن شريك
(إِذا قلت) بتاء الْخطاب (لصاحبك) أَي جليسك سميّ صاحبا لِأَنَّهُ صَاحبه فِي الْخطاب (وَالْإِمَام يحطب يَوْم الْجُمُعَة) خطبتها وَهُوَ ظرف لَقلت (أنصت) أَي اسْكُتْ (فقد لغوت) أَي تَكَلَّمت بِمَا لَا يَنْبَغِي لأنّ الْخطْبَة أُقِيمَت مقَام رَكْعَتَيْنِ فَلَا يَنْبَغِي الْكَلَام فِيهَا فَيكْرَه حالتئذ تَنْزِيها عِنْد الشَّافِعِيَّة وتحريما عِنْد الثَّلَاثَة (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم ق د ن هـ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا قُمْت فِي صَلَاتك) أَي شرعت فِيهَا (فصل صَلَاة مودّع) أَي صَلَاة من لَا يرجع إِلَيْهَا أبدا وَذَلِكَ أَن الْمُصَلِّي سَائِر إِلَى الله بِقَلْبِه فيودع هَوَاهُ ودنياه وكل مَا سواهُ (وَلَا تكلم) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف (بِكَلَام تعتذر) بمثناة فوقية بِخَط الْمُؤلف (مِنْهُ) أَي لَا تنطق بِشَيْء يُوجب أَن يطْلب من غَيْرك رفع اللوم عَنْك بِسَبَبِهِ (واجمع الْإِيَاس) بِكَسْر الْهمزَة وخفة الْمُثَنَّاة تَحت (مِمَّا فِي أَيدي النَّاس) أَي اعزم وصمم على قطع الأمل عَمَّا فِي يَد غَيْرك من الْخلق من مَتَاع الدُّنْيَا فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك استراح قَلْبك وَصفا لبك والزهد فِي الدُّنْيَا يرِيح الْقلب وَالْبدن كَمَا فِي خبر حسن (حم هـ عَن أبي أَيُّوب) خَالِد بن زيد الْأنْصَارِيّ وَإِسْنَاده حسن
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أَتَى بِالْمَوْتِ كالكبش الأملح) أَي الْأَبْيَض الَّذِي يخالطه قَلِيل سَواد (فَيُوقف بَين الْجنَّة وَالنَّار فَيذْبَح) بَينهمَا زَاد فِي رِوَايَة الْبَزَّار كَمَا تذبح الشَّاة (وهم) أَي أهل الْموقف (ينظرُونَ) إِلَيْهِ (فَلَو أَن أحدا مَاتَ فَرحا لمات أهل الْجنَّة) لَكِن لم يعْتد موت أحد من شدّة الْفَرح فَلَا يَمُوت أَهلهَا (وَلَو أَن أحدا مَاتَ حزنا لمات أهل النَّار) لَكِن الْحزن لَا يُمِيت أَي غَالِبا فَلَا يموتون وَذَا مثل ضرب ليوصل إِلَى الإفهام حُصُول الْيَأْس من الْمَوْت فَافْهَم (ت عَن أبي سعيد) الخدريّ وَهُوَ حسن وَاعْلَم أَن هُنَا أَحَادِيث بضعَة عشر زَائِدَة على مَا فِي أَكثر النّسخ المتداولة لكني رَأَيْتهَا ثَابِتَة فِي خطّ المُصَنّف فأثبتها فِي الشَّرْح ومشيت هُنَا على مَا فِي النّسخ
(إِذا كَانَ) هِيَ تامّة فَلَا تحْتَاج إِلَى خبر وَالْمعْنَى إِذا وجد (يَوْم الْجُمُعَة كَانَ على كل بَاب من أَبْوَاب الْمَسْجِد) أَي أَبْوَاب الْأَمَاكِن الَّتِي تُقَام فِيهَا الْجُمُعَة وَخص الْمَسْجِد لأنّ الْغَالِب إِقَامَتهَا فِيهِ (مَلَائِكَة) أَي كَثِيرُونَ كَمَا أَفَادَهُ التنكير فَهُوَ هُنَا للتكثير وهم هُنَا غير الْحفظَة (يَكْتُبُونَ النَّاس) أَي أُجُورهم (على قدر مَنَازِلهمْ) أَي مَرَاتِبهمْ فِي الْفضل أَو مَنَازِلهمْ فِي الْمَجِيء (الأوّل) أَي ثَوَاب من يَأْتِي فِي الْوَقْت الأوّل (فالأوّل) أَي يَكْتُبُونَ ثَوَاب من يَجِيء بعده فِي الْوَقْت الثَّانِي سَمَّاهُ أوّلا لِأَنَّهُ سَابق على من يَجِيء فِي الْوَقْت الثَّالِث (فَإِذا جلس الإِمَام) على الْمِنْبَر (طَوَوْا) أَي الْمَلَائِكَة (الصُّحُف) صحف الْفَضَائِل الْمُتَعَلّقَة بالمبادرة إِلَى الْجُمُعَة (وجاؤا يَسْتَمِعُون الذّكر) أَي الْخطْبَة فَلَا يَكْتُبُونَ من يَجِيء ذَلِك الْوَقْت (وَمثل المهجر) أَي المبكر فِي السَّاعَة الأولى من النَّهَار (كَمثل الَّذِي يهدى) بِضَم أوّله يقرّب (بدنه) أَي يتصدّق بِبَعِير (ثمَّ كَالَّذي) أَي ثمَّ الثَّانِي الْآتِي فِي السَّاعَة الثَّانِيَة كَالَّذي (يهدى بقرة ثمَّ كَالَّذي) أَي ثمَّ الثَّالِث الْآتِي فِي السَّاعَة الثَّالِثَة كَالَّذي (يهدى الْكَبْش) فَحل الضَّأْن (ثمَّ كَالَّذي) أَي ثمَّ الرَّابِع الْآتِي فِي السَّاعَة الرَّابِعَة كَالَّذي (يهدى الدَّجَاجَة) بِفَتْح الدَّال أفْصح (ثمَّ كَالَّذي) أَي ثمَّ الْخَامِس الْآتِي فِي السَّاعَة الْخَامِسَة كَالَّذي (يهدى الْبَيْضَة) وَذكر الدَّجَاجَة والبيضة مَعَ أنّ الْهَدْي(1/122)
لَا يكون مِنْهُمَا من قبيل المشاكلة (ق ن هـ عَن أبي هُرَيْرَة
إِذا كَانَ جنح اللَّيْل) بِالضَّمِّ وَالْكَسْر ظلامه أَو طَائِفَة مِنْهُ وَالْمرَاد هُنَا فَحْمَة الْعشَاء (فكفوا صِبْيَانكُمْ) امنعوهم من الْخُرُوج من الْبيُوت ندبا وَقَالَ الظَّاهِرِيَّة وجوبا (فَإِن الشَّيَاطِين) يَعْنِي الجنّ (تَنْتَشِر حِينَئِذٍ) أَي حِين فَحْمَة الْعشَاء (فَإِذا ذهب سَاعَة من اللَّيْل فخلوهم) أَي فَلَا تمنعوهم من الدُّخُول وَالْخُرُوج (وَأَغْلقُوا الْأَبْوَاب) أَي ردوهَا (واذْكُرُوا اسْم الله) عَلَيْهَا (فإنّ الشَّيْطَان) اللَّام للْجِنْس (لَا يفتح بَابا مغلقا) أَي وَقد ذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَلَا يناقضه مَا ورد أَنه يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم لما ذكرته فِي الشَّرْح (وأوكئوا قربكم) أَي شدّوا أَفْوَاه أسقيتكم وَهِي الْقرب (واذْكُرُوا اسْم الله) على ذَلِك كُله فَإِنَّهُ السِّرّ الدَّافِع (وخمروا) غطوا واستروا (آنيتكم) جمع قلَّة وَجمع الْكَثْرَة أَوَان (واذْكُرُوا اسْم الله) عَلَيْهَا (وَلَو أَن تعرضوا) بِكَسْر الرَّاء وَضمّهَا تضعوا (عَلَيْهِ) يَعْنِي الْإِنَاء (شَيْئا) أَي على رَأس الْإِنَاء وَالْمعْنَى إِن لم تغطه فَلَا أقل من ذَلِك (وأطفئوا مصابيحكم) إِذا لم تضطروا إِلَيْهَا لنَحْو تربية طِفْل أَو غير ذَلِك (حم ق د ن عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا كَانَ يَوْم صَوْم أحدكُم) فرضا أَو نفلا (فَلَا يرْفث) أَي لَا يتَكَلَّم بفحش (وَلَا يجهل) أَي لَا يفعل خلاف الصَّوَاب من قَول أَو فعل (فَإِن امْرُؤ شاتمه) أَي إِن شَتمه إِنْسَان متعرّضا لمشاتمته (أَو قَاتله) أَي دافعه ونازعه (فَلْيقل) بِلِسَانِهِ (إِنِّي صَائِم إِنِّي صَائِم) أَي عَن مكافأتك أَو عَن فعل مَالا يرضاه من أَصوم لَهُ بِحَيْثُ يسمعهُ الصَّائِم وَجمعه بَين الْجنان وَاللِّسَان أولى (مَالك ق د هـ عَن أبي هُرَيْرَة
إِذا كَانَ آخر) فِي رِوَايَة فِي آخر (الزَّمَان وَاخْتلفت الْأَهْوَاء) جمع هوى مَقْصُور هوى النَّفس (فَعَلَيْكُم بدين أهل الْبَادِيَة) أَي سكانها القاطنين بهَا (وَالنِّسَاء) أَي الزموا اعْتِقَادهم من تلقي أصل الْإِيمَان وَظَاهر الِاعْتِقَاد بطرِيق التَّقْلِيد والاشتغال بِفعل الْخَيْر (حب فِي) كتاب (الضُّعَفَاء) والمتروكين (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا كَانَ الْجِهَاد على بَاب أحدكُم) أَي قَرِيبا جدا وَلَو أَنه على بَابه مُبَالغَة (فَلَا يخرج) إِلَيْهِ (إِلَّا بِإِذن أَبَوَيْهِ) أَي أصليه الْحَيَّيْنِ أَو بِإِذن الحيّ مِنْهُمَا وَإِن علا أَو كَانَ قِنَا فَيحرم الْخُرُوج بِغَيْر إِذْنه إِن كَانَ مُسلما (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا كَانَ لأحدكم شعر) بِفَتْح الْعين (فليكرمه) ندبا بصونه عَن الْوَسخ والقذر وتعهده بالترجيل والتطبيب والدهن (د عَن أبي هُرَيْرَة هَب عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(إِذا كَانَ أحدكُم فِي الشَّمْس فقلص) بِفَتَحَات ارْتَفع وَزَالَ (عَنهُ الظل وَصَارَ بعضه فِي الظل وبضعه فِي الشَّمْس فَليقمْ) يَعْنِي فليتحوّل إِلَى الظل ندبا لِأَن الْقعُود بَين الظل وَالشَّمْس مُضر بِالْبدنِ مُفسد للمزاج لما بَينته فِي الشَّرْح (د) فِي الْأَدَب (عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَاعْترض
(إِذا كَانَ للرجل على رجل) أَي لإِنْسَان على إِنْسَان وَذكر الرجل غالبى (حق) أَي دين (فَأَخَّرَهُ إِلَى أَجله كَانَ لَهُ صَدَقَة) وَاحِدَة (فَإِن أَخّرهُ بعد أَجله كَانَ لَهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة) يَعْنِي إِذا كَانَ لإِنْسَان على آخر دين وَهُوَ مُعسر فَأنْظر بِهِ مدّة كَانَ لَهُ أجر صَدَقَة وَاحِدَة فَإِن أخر مُطَالبَته بعد نوع يسَار توقعا ليساره الْكَامِل فَلهُ بِكُل يَوْم صَدَقَة (طب عَن عمرَان) بن حُصَيْن رمز الْمُؤلف لضَعْفه لكنه منجبر
(إِذا كَانَ فِي آخر الزَّمَان لَا بدّ للنَّاس فِيهَا) أَي فِي تِلْكَ المدّة أَو تِلْكَ الْأَزْمَان (من الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير) أَي لَا محيد لَهُم عَنْهُمَا وَوجه ذَلِك بقوله(1/123)
(يُقيم الرجل بهَا) أَي بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِير (دينه ودنياه) أَي فَيكون بِالْمَالِ قوامهما فَمن أحب المَال لحب الدّين فَهُوَ من المصيبين وَاعْلَم أَنه تَعَالَى خلق الدَّرَاهِم وَالدَّنَانِير لتَكون حاكمة فِي الْأَحْوَال كلهَا ولولاهما لتعذرت الْمُعَامَلَات إِذْ لَا يدْرِي كَيفَ تشتري الثِّيَاب بالزعفران وَالدَّوَاب بِالطَّعَامِ إِذْ لَا مُنَاسبَة بَينهمَا وَإِنَّمَا يشتر كَانَ فِي روح الْمَالِيَّة ومعياره مِقْدَارًا رواحهما هُوَ النقدان فَمن كنزهما كَانَ كمن حبس حَاكما حَتَّى تعطلت الْأَحْكَام وَمن اتخذ مِنْهُمَا كَانَ كمن اسْتعْمل حَاكما فِي نَحْو حياكة أَو فلاحة حَتَّى يتعطل الحكم وَذَلِكَ أشدّ من الْحَبْس وكل ذَلِك ظلم وتغيير لحكمة الله فِي خلقه وَإِنَّمَا حِكْمَة وضع الدِّينَار وَالدِّرْهَم التَّوَصُّل بهما إِلَى الْأُمُور المحمودة شرعا كَمَا أَشَارَ لذَلِك الْمُصْطَفى بقوله يُقيم الرجل إِلَى آخِره (طب عَن الْمِقْدَام) بن معد يكرب
(إِذا كَانَ اثْنَان يتناجيان) أَي يتحدّثان سرا (فَلَا تدخل) أَنْت ندبا (بَينهمَا) بالْكلَام وَزَاد فِي رِوَايَة أَحْمد إِلَّا بإذنهما أَي فَإِنَّهُ يؤذيهما (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَله شَوَاهِد كَثِيرَة
(إِذا كَانَ أحدكُم فَقِيرا) أَي لَا مَال لَهُ وَلَا كسب يَقع موقعا من كِفَايَته (فليبدأ بِنَفسِهِ) أَي فليقدّم نَفسه بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا مِمَّا آتَاهُ الله (فَإِن كَانَ فضل) بِسُكُون الضَّاد أَي فَإِن فضل بعد كِفَايَة مُؤنَة نَفسه فضلَة (فعلى عِيَاله) أَي الَّذين يعولهم وَتلْزَمهُ نَفَقَتهم (فَإِن كَانَ فضل فعلى ذِي قرَابَته فَإِن كَانَ فضل فههنا وَهَهُنَا) أَي فَيردهُ على من عَن يَمِينه ويساره وأمامه وَخَلفه من الْفُقَرَاء يقدّم الأحوج فالأحوج (حم م د ن عَن جَابر) بن عبد الله
(إِذا كَانَ أحدكُم يُصَلِّي فَلَا يبصق) أَي لَا يسْقط البصاق (قبل وَجهه) بِكَسْر الْقَاف وَفتح الْبَاء أَي جِهَته بل عَن يسَاره أَو تَحت قدمه لَا عَن يَمِينه للنَّهْي عَنهُ أَيْضا ثمَّ علل ذَلِك بقوله (فإنّ الله قبل وَجهه) أَي فَإِن قبْلَة الله أَو عَظمته أَو ثَوَابه مُقَابل وَجهه (إِذا صلى) فَلَا يُقَابل هَذِه الْجِهَة بالبصاق (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (ق ن عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة) خصّه لكَونه يَوْم ظُهُور سودده (كنت إِمَام النَّبِيين) بِكَسْر الْهمزَة أَي يقتدون بِهِ (وخطيبهم وَصَاحب شفاعتهم) الْعَامَّة (غير فَخر) أَي لَا أقوله تفاخرا وتعاظما بل تحدثا بِالنعْمَةِ (حم ت هـ ك عَن أبيّ) بن كَعْب وَهُوَ صَحِيح
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نُودي) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي أَمر الله مناديا يُنَادي (أَيْن أَبنَاء السِّتين وَهُوَ الْعُمر الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى أولم نُعَمِّركُمْ مَا يتَذَكَّر فِيهِ من تذكر) وَجَاءَكُم النذير أَي الشيب أَو الْمَرَض أَو الْهَرم وبلوغ السِّتين يصلح كَونه نذيرا للْمَوْت وَقد أحسن الله إِلَى عبد بلغه سِتِّينَ ليتوب فَإِذا لم يقبل على ربه حِينَئِذٍ فَلَا عذر لَهُ وَقيل لبزرجمهر أَي شَيْء أشدّ قَالَ دنوّ أجل وَسُوء عمل (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الذَّهَبِيّ
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد) بِأَمْر الله تَعَالَى (لَا يرفعن أحد من هَذِه الْأمة) المحمدية (كِتَابه) أَي كتاب حَسَنَاته (قبل أبي بكر) الصدّيق (وَعمر) الْفَارُوق تشهيرا لَهما بالفخامة فِي ذَلِك الْموقف الحافل (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف) الزُّهْرِيّ أحد الْعشْرَة وَهُوَ ضَعِيف كَمَا فِي الْكَبِير
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دَعَا الله تَعَالَى بِعَبْد من عبيده) جَائِز أَن يُرَاد بِهِ وَاحِد وَأَن يُرَاد بِهِ المتعدّد (فيقف بَين يَدَيْهِ فيسأله عَن جاهه) هَل قَامَ بِحقِّهِ ببذله لمستحقه والجاه بعلوّ الْقدر والمنزلة (كَمَا يسْأَله عَن مَاله) من أَيْن اكْتَسبهُ وفيم أنفقهُ وَبَين بِهِ أَنه كَمَا يجب على العَبْد رِعَايَة حق الله فِي مَاله بِالْإِنْفَاقِ فَعَلَيهِ(1/124)
رِعَايَة حَقه فِي بدنه ببذل المعونة لِلْخلقِ فِي الشَّفَاعَة وَغَيرهَا (تَتِمَّة) قَالَ بعض العارفين قَلما يكون صَادِق متمسك بِعُرْوَة الْإِخْلَاص ذُو قلب عَامر إِلَّا ويرزق الجاه وَقبُول الْخلق حَتَّى قَالَ بَعضهم أُرِيد الجاه وإقبال الْخلق عليّ لَا لأبلغ نَفسِي حظها من الْهوى فَإِنِّي لَا أُبَالِي أَقبلُوا أم أدبروا بل لكَون قبُول الْخلق عَلامَة على صِحَة الْحَال فَإِذا ابتلى عبد بذلك فَلَا يَأْمَن على نَفسه من الركون إِلَى الْأَسْبَاب واستجلاب قبُول الْخلق فَرُبمَا جراه إِلَى التصنع والتعمل ويتسع الْخرق على الراقع (تَمام) فِي فَوَائده (حَظّ) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ مخرّجه الْخَطِيب غَرِيب جدا
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة بعث الله تَعَالَى إِلَى كل مُؤمن ملكا مَعَه كَافِر فَيَقُول الْملك لِلْمُؤمنِ يَا مُؤمن هاك هَذَا الْكَافِر فَهَذَا فداؤك من النَّار) أَي خلاصك مِنْهَا بِهِ يَعْنِي كَانَ لَك منزلَة فِي النَّار وَلَو استحقيته دخلت فِيهِ فَلَمَّا اسْتَحَقَّه هَذَا الْكَافِر صَار كالفكاك لَك فألقه فِي النَّار فداءك (طب وَالْحَاكِم فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أعْطى الله تَعَالَى كل رجل من هَذِه الْأمة رجلا من الْكفَّار فَيُقَال لَهُ هَذَا فداؤك من النَّار) فيورث الْكِتَابِيّ مقْعد الْمُؤمن من النَّار بِكُفْرِهِ وَيُورث الْمُؤمن مقْعد الْكَافِر من الْجنَّة بإيمانه (م عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من وَرَاء الْحجب) أَي بِحَيْثُ لَا يبصره أهل الْموقف (يَا أهل الْجمع) أَي يَا أهل الْموقف (غضوا أبصاركم) أَي احفظوها (عَن فَاطِمَة) الزهراء (بنت مُحَمَّد) الْمُصْطَفى (حَتَّى تمر) أَي تذْهب إِلَى الْجنَّة (تَمام) فِي فَوَائده (ك) كِلَاهُمَا (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ صَححهُ الْحَاكِم واعترضوه
(إِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة نَادَى مُنَاد من عمل عملا لغير الله فليطلب ثَوَابه مِمَّن عمله لَهُ) أَي يَأْمر الله بعض مَلَائكَته أَن يُنَادي بذلك فِي الْموقف وَفِيه حجَّة لمن ذهب إِلَى أَن الرِّيَاء يحبط الْعَمَل وَإِن قل وَلَا يعْتَبر غَلَبَة الْبَاعِث (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن أبي سعد ابْن أبي فضَالة) بِفَتْح الْفَاء الْأنْصَارِيّ رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(إِذا كَانَت الْفِتْنَة) أَي الِاخْتِلَاف والحروب وَاقعَة (بَين) طائفتين أَو أَكثر من (الْمُسلمين فَاتخذ سَيْفا من خشب) كِنَايَة عَن الْعُزْلَة والكف عَن الْقِتَال والانجماع عَن الْفرْقَتَيْنِ جَمِيعًا (هـ عَن أهبان) بِضَم فَسُكُون وَيُقَال وهبان بن سَيفي الْغِفَارِيّ الصَّحَابِيّ وَهُوَ حسن
(إِذا كَانَت أمراؤكم) أَي وُلَاة أُمُوركُم (خياركم) أَي أقومكم على الاسْتقَامَة (وأغنياؤكم سمحاءكم) أَي كرماءكم (وأموركم شُورَى بَيْنكُم) أَي لَا يستأثر أحد مِنْكُم بِشَيْء دون غَيره وَلَا يستبدّ بِرَأْي (فَظهر الأَرْض خير لكم من بَطنهَا) يَعْنِي الْحَيَاة خير لكم من الْمَوْت (وَإِذا كَانَت أمراؤكم شِرَاركُمْ وأغنياؤكم بخلاءكم وأموركم) مفوضة (إِلَى نِسَائِكُم) فَلَا تصدرون إِلَّا عَن رَأْيهمْ (فبطن الأَرْض خيرا لكم من ظهرهَا) أَي فالموت خير لكم من الْحيَاء لفقد استطاعة إِقَامَة الدّين (ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ غَرِيب
(إِذا كَانَت عِنْد الرجل امْرَأَتَانِ) فَصَاعِدا (فَلم يعدل بَينهمَا) أَو بَينهُنَّ أى فِي فعل الْقسم (جَاءَ يَوْم الْقِيَامَة وَشقه) بِكَسْر أَوله نصفه أَو جَانِبه (سَاقِط) أَي ذَاهِب أَو أشل وَخرج بِالْفِعْلِ الْميل القلبي فَلَا يُؤثر (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الإشبيلي حَدِيث ثَابت
(إِذا كَانُوا) أَي المتصاحبون (ثَلَاثَة) بنصبه على أَنه خبر كَانَ وروى بِالرَّفْع على لُغَة أكلوني البراغيث وَكَانَ تَامَّة (فَلَا يَتَنَاجَى) بِأَلف(1/125)
مَقْصُورَة أَي لَا يتَكَلَّم سرا (اثْنَان دون الثَّالِث) لِأَنَّهُ يُوقع الرعب فِي قلبه وَيُورث التنافر والضغائن (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (ق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا كَانُوا ثَلَاثَة) فِي سفر أَو غَيره (فليؤمهم أحدهم) أَي يُصَلِّي بهم الصَّلَوَات إِمَامًا (وأحقهم بِالْإِمَامَةِ اقرؤهم) أَي أفقههم لأنّ الأقرأ إذذاك كَانَ هُوَ الأفقه كَذَا قرّره الشَّافِعِيَّة وَأخذ الْحَنَفِيَّة بِظَاهِرِهِ فقدّموا الأقرأ على الأفقه (حم م ن عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِذا كَانُوا ثَلَاثَة فليؤمهم) ندبا (أقرؤهم لكتاب الله) يَعْنِي هُوَ أحقهم بِالْإِمَامَةِ (فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأكبرهم سنا) فِي رِوَايَة مُسلم فأقدمهم سلما (فَإِن كَانُوا فِي السن سَوَاء فأحسنهم وَجها) أَي صُورَة ويقدّم عَلَيْهِ عِنْد الشَّافِعِيَّة الْأَنْسَب فالأسبق هِجْرَة فَالْأَحْسَن ذكرا فالأنظف ثوبا فصوتا ثمَّ يقرع (هتي عَن أبي زيد) عَمْرو ابْن أَخطب (الْأنْصَارِيّ) رمز الْمُؤلف لضَعْفه وَفِيه نظر
(إِذا كبر العَبْد) أَي قَالَ الْإِنْسَان الله أكبر فِي الصَّلَاة أَو خَارِجهَا (سترت) أَي مَلَأت (تكبيرته مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض من شئ) يَعْنِي لَو كَانَ فَضلهَا أَو ثَوَابهَا يجسم لملأ الجوّ وضاق بِهِ الفضاء (خطّ عَن أبي الدَّرْدَاء)
(إِذا كتب أحدكُم كتابا فليتربه) أَي فليذرّ على الْمَكْتُوب تُرَابا أَو فليسقطه على التُّرَاب (فَإِنَّهُ أنجح لِحَاجَتِهِ) أَي أقرب لقَضَاء مَطْلُوبه وتيسر مأربه (ت عَن جَابر) بن عبد الله وَقَالَ مُنكر
(إِذا كتب أحدكُم إِلَى أحد) من النَّاس كتابا (فليبدأ) فِيهِ (بِنَفسِهِ) أَي بِذكر اسْمه مقدّما على اسْم الْمَكْتُوب لَهُ وَلَا يجْرِي على سنَن الْأَعَاجِم من الْبدَاءَة بأسماء الأكابر (طب عَن النُّعْمَان بن بشير) الْأنْصَارِيّ وَفِيه ضعف
(إِذا كتب أحدكُم إِلَى إِنْسَان) كتابا أَي أَرَادَ أَن يكْتب (فليبدأ) فِيهِ (بِنَفسِهِ) ثمَّ بالمكتوب إِلَيْهِ نَحْو من فلَان إِلَى فلَان (وَإِذا كتب) أَي أنهى الْكِتَابَة (فليترب) ندبا (كِتَابه) أَي مكتوبه (فَهُوَ) أَي تتريبه (أنجح) لِحَاجَتِهِ أَي أيسر لقضائها (طس عَن أبي الدَّرْدَاء) وَهُوَ ضَعِيف كَمَا بَينه الهيتميّ
(إِذا كتب أحدكُم بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) أَي أَرَادَ أَن يَكْتُبهَا (فليمدّ) حُرُوف (الرَّحْمَن) بِأَن يمدّ اللَّام وَالْمِيم ويجّوف النُّون ويتأنق فِي ذَلِك (خطّ فِي) كتاب (الْجَامِع) فِي آدَاب الْمُحدث وَالسَّامِع (فر) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك وَفِيه ضعف
(إِذا كتبت بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) أَي أردْت كتَابَتهَا (فَبين السِّين فِيهِ) أَي أظهرها ووضح سننها إجلالا لاسم الله (خطّ) فِي تَرْجَمَة ذِي الرياستين (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن زيد بن ثَابت) بن الضَّحَّاك النجاري وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا كتبت) أَي أردْت أَن تكْتب (فضع قلمك على أُذُنك) حَال الْكِتَابَة أَي اجْعَلْهُ بإزائها (فَإِنَّهُ أذكر لَك) أَي أعون لَك على تذكر مَا تكْتب وَهَذَا أَمر إرشاد (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بن مَالك
(إِذا كتبتم الحَدِيث) أَي أردتم كِتَابَته (فاكتبوه بِإِسْنَادِهِ) لأنّ فِي كِتَابَته بِدُونِ سَنَد خلطا للصحيح بالضعيف بل والموضوع فَإِذا كتب بِإِسْنَادِهِ برِئ الْكَاتِب من عهدته كَمَا قَالَ (فَإِن يَك) الحَدِيث (حَقًا كُنْتُم شُرَكَاء فِي الْأجر) لمن رَوَاهُ من الرِّجَال (وَإِن يَك بَاطِلا كَانَ وزره عَلَيْهِ) أَي ثقل إثمه على من تعمد فِيهِ الْكَذِب (ك فِي) كتاب (عُلُوم الحَدِيث وَأَبُو نعيم) وَكَذَا الديلمي (وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ كلهم (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ الذَّهَبِيّ مَوْضُوع
(إِذا كثرت ذنُوب العَبْد) أَي الْإِنْسَان (فَلم يكن لَهُ من الْعَمَل مَا يكفرهَا) لقلته (ابتلاه الله بالحزن) وَفِي رِوَايَة بالهم (ليكفرهما)(1/126)
عَنهُ بِهِ) فغالب مَا يحصل من الهموم والغموم من التَّقْصِير فِي الطَّاعَة (حم عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد حسن
(إِذا كثرت ذنوبك) أَي وَأَرَدْت اتباعها بحسنات تمحوها (فَاسق المَاء على المَاء) أَي اسْقِ المَاء على أثر سقى المَاء بِأَن تتابعه أَو اسْقِ المَاء وَإِن كنت بشط نهر فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك (تتناثر) ذنوبك (كَمَا يَتَنَاثَر الْوَرق من الشّجر فِي الرّيح العاصف) أَي الشَّديد (خطّ عَن أنس) ابْن مَالك وَضَعفه الذَّهَبِيّ
(إِذا كذب العَبْد) أَي الْإِنْسَان (كذبة) وَاحِدَة (تبَاعد عَنهُ الْملك) يحْتَمل أَن أل جنسية وَيحْتَمل أَنَّهَا عهدية والمعهود الْحَافِظ (ميلًا) وَهُوَ مُنْتَهى مدّ الْبَصَر (من نَتن مَا جَاءَ بِهِ) أَي من نَتن مَا جَاءَ بِهِ ذَلِك الْكَاذِب من الْكَذِب كتباعده من نَتن مَاله ريح كريه كالثوم بل أولى (ت) فِي الزّهْد (حل) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ التِّرْمِذِيّ جيد غَرِيب
(إِذا كُنْتُم فِي سفر) طَوِيل أَو قصير (فأقلوا الْمكْث) اللّّبْث والانتظار (فِي الْمنَازل) أَي الْأَمَاكِن الَّتِي اُعْتِيدَ النُّزُول فِيهَا فِي السّفر لنَحْو استراحة وتزوّد (أَبُو نعيم) وَكَذَا لديلمي (عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف الْحسن الْأَهْوَازِي
(إِذا كُنْتُم ثَلَاثَة فَلَا يَتَنَاجَى رجلَانِ) مِنْكُم (دون الآخر) بِغَيْر إِذْنه أَي لَا يجوز ذَلِك إِلَّا بِإِذْنِهِ سَوَاء كَانَ فِي سفر أَو حضر على الْأَصَح (حَتَّى تختلطوا بِالنَّاسِ) أَي تمتزجوا بهم (فإنّ ذَلِك) يَعْنِي التناجي حَالَة عدم الِاخْتِلَاط (يحزنهُ) بِضَم الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَكسر الزَّاي وَبِفَتْحِهَا وَضم الزَّاي وَذَلِكَ لما ذكر من توهم أَن نجواهما لإيذائه وَخرج بِالثَّلَاثَةِ الْأَرْبَعَة فيتناجى اثْنَان وَاثْنَانِ وَالنَّاس أَصله أنَاس جمع إِنْسَان وَلذَلِك لَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي معنى الْجَمَاعَة كَقَوْلِه تَعَالَى يَوْم نَدْعُو كل أنَاس بإمامهم (حم ق ت هـ عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله
(إِذا لبستم) أَي أردتم لبس نَحْو ثوب أَو نعل أَو خف فابدؤا ندبا بميامنكم (وَإِذا توضأتم) الْوضُوء الشَّرْعِيّ (فابدؤا) ندبا (بميامنكم) وَفِي رِوَايَة بأيامنكم فَأَيا من جمع أَيمن أَو يَمِين وميامن جمع ميمنة بِأَن يبْدَأ بِلبْس الْكمّ أَو الْخُف أَو النَّعْل الْأَيْمن ويقدّم نَحْو الأقطع غسل الْيَمين على الْيَسَار مُطلقًا وَغَيره يمنى يَدَيْهِ وَرجلَيْهِ وَمَا عدا ذَلِك يطهره دفْعَة وَذَلِكَ لأنّ اللّبْس والتطهير من بَاب التكريم فاليمين بِهِ أولى كَمَا مرّ وَيكرهُ عَكسه وَخرج باللبس الْخلْع فَيبْدَأ فِيهِ باليسار (د حب عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ فِي الرياض حَدِيث صَحِيح
(إِذا لعب الشَّيْطَان بأحدكم فِي مَنَامه) بِأَن أرَاهُ رُؤْيا تخزنه أَو خلط عَلَيْهِ فِيهَا (فَلَا يحدّث بِهِ) أَي بِمَا رَآهُ (النَّاس) ندبا لِئَلَّا يستقبله الْمعبر فِي تَفْسِيرهَا بِمَا يزِيدهُ غما بل يفعل مَا مرّ من الِاسْتِعَاذَة والتغل والتحوّل (م هـ عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ قَالَ رجل للنبيّ رَأَيْت أَن عنقِي ضربت فَأَخَذته فأعدته فَذكره
(إِذا لعن آخر هَذِه الْأمة) المحمدية (أَولهَا) أَي السّلف (فَمن كتم) حِينَئِذٍ (حَدِيثا) بلغه عَن الشَّارِع بطريقه الْمُعْتَبر عِنْد أهل الْأَثر فِي فضل الصَّحَابَة وذم من يبغضهم (فقد كتم مَا أنزل الله عز وَجل عليّ) فيلجم يَوْم الْقِيَامَة بلجام من نَار كَمَا يَجِيء فِي أَخْبَار (هـ عَن جَابر) بن عبد الله وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ
(إِذا ألْقى أحدكُم أَخَاهُ) فِي الدّين (فليسلم) ندبا (عَلَيْهِ فَإِن حَالَتْ بَينهمَا) أَي حجز وَمنع (شَجَرَة أَو حَائِط أَو حجر ثمَّ لقِيه) مرّة أُخْرَى (فليسلم عَلَيْهِ) ندبا وَإِن تكرّر ذَلِك عَن قرب وَفِيه كَمَا قَالَ الطَّيِّبِيّ حث على السَّلَام عِنْد كل تغير حَال وَلَكِن جَاءَ وغاد (د هـ هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا لقِيت الْحَاج) عِنْد قدومه من حجه (فَسلم عَلَيْهِ وَصَافحهُ) أَي ضع يدك الْيُمْنَى فِي يَده (ومره أَن يسْتَغْفر لَك) أَي يطْلب لَك(1/127)
الْمَغْفِرَة من الله بِنَحْوِ أسْتَغْفر الله لي وَلَك وَالْأولَى كَون ذَلِك (قبل أَن يدْخل بَيته) أَي مَحل سكنه (فَإِنَّهُ) أَي الْحَاج (مغْفُور لَهُ) إِذا كَانَ حجه مبرورا كَمَا قيد بِهِ فِي خبر فَتلقى الْحَاج وَالسَّلَام عَلَيْهِ وَطلب الدُّعَاء مِنْهُ مَنْدُوب وَإِنَّمَا كَانَ طلبه مِنْهُ قبل دُخُول بَيته أولى لِأَنَّهُ بعده قد يخلط (حم عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه الْحَافِظ الهيتمي وَبِه يردّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(إِذا لم يُبَارك للرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان وَذكر الرجل غالبى (فِي مَاله جعله) أَي وسوس إِلَيْهِ الشَّيْطَان وَالنَّفس الأمارة بصرفه (فِي المَاء والطين) أَي فِي الْبُنيان بهما وَمر أَن ذَا فِي غير مَا فِيهِ قربَة أَو مِنْهُ بدّ (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا مَاتَ الْمَيِّت) هَذَا من قبيل الْمجَاز بِاعْتِبَار مَا يؤل إِذا الْمَيِّت لَا يَمُوت (تَقول الْمَلَائِكَة) أَي يَقُول بَعضهم لبَعض استفهاما وَالْمرَاد الْمَلَائِكَة الَّذين يَمْشُونَ أَمَام الْجِنَازَة (مَا قدّم) بِالتَّشْدِيدِ أَي من الْعَمَل أهوَ صَالح فنستغفر لَهُ أم غَيره أَو هُوَ تعجب لَا اسْتِفْهَام أَي مَا أَكثر مَا قدّمه من الْعَمَل الصَّالح أَو غَيره (وَتقول النَّاس مَا خلف) بتَشْديد اللَّام أَي مَا ترك لوَرثَته فالملائكة لَيْسَ اهتمامهم إِلَّا بِالْأَعْمَالِ والآدميون لَا يهتمون إِلَّا بِالْمَالِ الميال (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِذا مَاتَ الْإِنْسَان) وَفِي رِوَايَة ابْن آدم (انْقَطع عمله) أَي فَائِدَة عمله وتجديد ثَوَابه (إِلَّا من ثَلَاث) فَإِن ثَوَابهَا لَا يَنْقَطِع بل هُوَ دَائِم مُتَّصِل النَّفْع (صَدَقَة) لفظ رِوَايَة مُسلم إِلَّا من صَدَقَة قَالَ الطَّيِّبِيّ وَهُوَ بدل من قَوْله إِلَّا من ثَلَاث أَي يَنْقَطِع ثَوَاب عمله من كل شَيْء وَلَا يَنْقَطِع ثَوَابه من هَذِه الثَّلَاث (جَارِيَة) أَي دارّة مُتَّصِلَة كوقف (أَو علم ينْتَفع بِهِ) كتعليم وتصنيف قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ والتصنيف أقوى لطول بَقَائِهِ على ممرّ الزَّمَان انْتهى وارتضاه الْمُؤلف (أَو ولد صَالح) أَي مُسلم (يَدْعُو لَهُ) لِأَنَّهُ السَّبَب فِي وجوده وَفَائِدَة تَقْيِيده بِالْوَلَدِ مَعَ أَن دُعَاء غَيره يَنْفَعهُ تحريض الْوَلَد على الدُّعَاء لأصله وَورد فِي أَحَادِيث أخر زِيَادَة على الثَّلَاثَة وتتبعها الْمُؤلف فبلغت أحد عشر ونظمها فِي قَوْله
(إِذا مَاتَ ابْن آدم لَيْسَ يجْرِي ... عَلَيْهِ من فعال غير عشر)
(عُلُوم بثها وَدُعَاء نجل ... وغرس النّخل وَالصَّدقَات تجْرِي)
(وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر الْبِئْر أَو إِجْرَاء نهر)
(وَبَيت للغريب بناه يأوي ... إِلَيْهِ أَو بِنَاء مَحل ذكر)
(وَتَعْلِيم لقرآن كريم ... فَخذهَا من أَحَادِيث بحصر)
وَسَبقه إِلَى ذَلِك ابْن الْعِمَاد فعدّها ثَلَاثَة عشر وسرد أحاديثها وَالْكل رَاجع إِلَى هَذِه الثَّلَاث كَمَا يَأْتِي (خد م 3 عَن أبي هُرَيْرَة
إِذا مَاتَ أحدكُم عرض عَلَيْهِ مَقْعَده) أَي مَحل قعوده من الْجنَّة أَو النَّار بِأَن تُعَاد الرّوح إِلَى بدنه أَو بعضه (بِالْغَدَاةِ والعشي) أَي وقتهما (إِن كَانَ من أهل الْجنَّة فَمن أهل الْجنَّة وَإِن كَانَ من أهل النَّار فَمن أهل النَّار) أَي فمقعده من مقاعد أهل الْجنَّة ومقعده من مقاعد أهل النَّار فَلَيْسَ الْجَزَاء وَالشّرط متحدين معنى بل لفظا ثمَّ (يُقَال لَهُ) من قبل الله تَعَالَى (هَذَا مَقْعَدك حَتَّى يَبْعَثك الله إِلَيْهِ) أَي إِلَى ذَلِك المقعد (يَوْم الْقِيَامَة) أَي لَا تصل إِلَيْهِ إِلَّا بعد الْبَعْث وَيحْتَمل رُجُوع الضَّمِير إِلَى الله تَعَالَى (ق ت هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِذا مَاتَ صَاحبكُم) أَي الْمُؤمن الَّذِي كُنْتُم تجتمعون بِهِ(1/128)
وتصاحبونه (فَدَعوهُ) أَي اتركوه من الْكَلَام فِيهِ بِمَا يُؤْذِيه لَو كَانَ حَيا (لَا تقعوا فِيهِ) أَي لَا تتكلموا فِي عرضه بِسوء فَإِنَّهُ قد أفْضى إِلَى مَا قدّم وغيبة الْمَيِّت أفحش من غيبَة الْحَيّ وَقد ورد النَّهْي عَن ذكر مساوي مَوتَانا فتخصيص الصاحب هُنَا لكَونه آكِد وَقيل أَرَادَ بالصاحب نَفسه وَبِقَوْلِهِ دَعوه لَا تؤذوه فِي عترته فَإِن من وَقع فيهم فَكَأَنَّهُ وَقع فِي حَقه (د عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ جيد
(إِذا مَاتَ صَاحب بِدعَة) أَي هوى أَو ضَلَالَة كمجسم ورافضي وقدري (فقد فتح) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (فِي الْإِسْلَام فتح) أَي فموته كبلد من ديار الْكفْر فتحت واستؤصل أَهلهَا بِالسَّيْفِ لِأَن مَوته رَاحَة للعباد والبلاد لافتتانهم بِهِ وعود شؤمه على الْإِسْلَام وَأَهله بإفساد عقائدهم (خطّ فر عَن أنس) بن مَالك قَالَ مخرّجه الْخَطِيب إِسْنَاده صَحِيح وَمَتنه مُنكر
(إِذا مَاتَ ولد العَبْد) أَي الْإِنْسَان الْمُسلم ذكرا أَو أُنْثَى (قَالَ الله تَعَالَى لملائكته) الموكلين بِقَبض أَرْوَاح الْخَلَائق (قبضتم ولد عَبدِي) أَي روحه (فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول قبضتم ثَمَرَة فُؤَاده) أَن نتيجته كالثمرة تنتجها الشَّجَرَة (فَيَقُولُونَ نعم فَيَقُول مَاذَا قَالَ عَبدِي) عِنْد ذَلِك (فَيَقُولُونَ حمدك) أَي أثنى عَلَيْك بالجميل (واسترجع) أَي قَالَ إِنَّا لله وَإِن إِلَيْهِ رَاجِعُون قَالَ الطَّيِّبِيّ رَجَعَ السُّؤَال إِلَى تَنْبِيه الْمَلَائِكَة على فضل الْمُؤمن الْمُصَاب الحامد وَقَالَ أوّلا ولد عَبده أَي فرع شجرته ثمَّ ترقى إِلَى ثَمَرَة فُؤَاده أَي نقاوة خلاصته (فَيَقُول الله تَعَالَى) لملائكته أَو لمن شَاءَ من خَلفه (ابْنُوا لعبدي بَيْتا فِي الْجنَّة) ليسكنه فِي الْآخِرَة (وسموه بَيت الْحَمد) أَي الْبَيْت الْمُنعم بِهِ على أَنه ثَوَاب الْحَمد وَفِيه أنّ المصائب لَا ثَوَاب فِيهَا بل فِي الصَّبْر عَلَيْهَا وَعَلِيهِ جمع لَكِن نوزع فِيهِ (ت عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ حسن غَرِيب
(إِذا مدح الْمُؤمن فِي وَجهه رَبًّا الْإِيمَان فِي قلبه) أَي زَاد إيمَانه لمعرفته نَفسه وإذلاله لَهَا بِحَيْثُ لَا يغتر بإطراء المادح فَالْمُرَاد الْمُؤمن الْكَامِل الْإِيمَان أما غَيره فعلى نقيض ذَلِك وَعَلِيهِ حمل خبر إيَّاكُمْ والمدح فَلَا تعَارض (طب ك عَن أُسَامَة بن زيد) حب رَسُول الله وَابْن حبه وَضَعفه الْعِرَاقِيّ
(إِذا مدح الْفَاسِق غضب الرب) لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمر بمجانبته وإبعاده سِيمَا المجاهر (واهتز) أَي تحرّك (لذَلِك) أَي لمدحه أَو لغضب الله (الْعَرْش) لأنّ فِيهِ رضَا بِمَا فِيهِ سخط الله وغضبه (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذمّ الْغَيْبَة ع هَب عَن أنس) بن مَالك (عد عَن أبي هُرَيْرَة) وَضَعفه الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ وَابْن حجر
(إِذا مَرَرْت ببلدة) وَأَنت مُسَافر (لَيْسَ فِيهَا سُلْطَان) أَي حَاكم (فَلَا تدْخلهَا) فضلا عَن السُّكْنَى بهَا (إِنَّمَا السُّلْطَان ظلّ الله) أَي يدْفع بِهِ الْأَذَى عَن النَّاس كَمَا يدْفع الظل أَذَى حر الشَّمْس (وَرمحه فِي الأَرْض) أَي يدْفع بِهِ وَيمْنَع كَمَا يدْفع العدّو بِالرُّمْحِ وَفِي هَذَا من الفخامة والبلاغة مَا لَا يخفى فقد استوعب بِهَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ جَمِيع مَا على الْوَالِي لرعيته (هَب عَن أنس) بن مَالك وَضَعفه السخاوي لَكِن لَهُ شَاهد
(إِذا مررتم بِأَهْل الشرّة) بِكَسْر الشين وشدّ الرَّاء أَي من الْمُسلمين (فَسَلمُوا) ندبا (عَلَيْهِم) بِصِيغَة السَّلَام الشَّرْعِيَّة (تطفأ) بمثناة فوقية أَوله بِخَط الْمُؤلف أَي فَإِنَّكُم إِن سلمتم عَلَيْهِم تطفأ (عَنْكُم شرّتهم ونائرتهم) أَي عداوتهم وفتنتهم لأنّ فِي السَّلَام عَلَيْهِم إِشَارَة إِلَى عدم احتقارهم وَذَلِكَ سَبَب لسكون شرتهم (هَب عَن أنس) بن مَالك
(إِذا مررتم برياض الْجنَّة) جمع رَوْضَة وَهِي الْموضع المعجب بالزهر (فارتعوا) أَي ارعوا كَيفَ شِئْتُم وتوسعوا فِي اقتباس الْفَوَائِد العلمية (قَالُوا) أَي الصَّحَابَة أَي بَعضهم (وَمَا(1/129)
رياض الْجنَّة) يَا رَسُول الله أَي مَا المُرَاد بهَا (قَالَ) هِيَ (حلق الذّكر) أَرَادَ بِهِ التَّسْبِيح والتحميد وَشبه الْخَوْض فِيهِ بالرتع فِي الخصب وَزَاد الْحَكِيم فِي رِوَايَته فاغدوا وروحوا فِي ذكر الله وذكروه بِأَنْفُسِكُمْ (فَائِدَة) أخرج ابْن عَسَاكِر عَن سعد بن مَسْعُود أَن الْمُصْطَفى كَانَ فِي مجْلِس يرفع نظره إِلَى السَّمَاء ثمَّ طأطأ نظره ثمَّ رَفعه فَسئلَ عَن ذَلِك فَقَالَ إنّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يذكرُونَ الله يَعْنِي أهل مجْلِس أَمَامه فَتكلم رجل بباطل فَرفعت عَنْهُم (حم ت هَب عَن أنس) بن مَالك وبإسناده وشواهده يرتقي إِلَى الصِّحَّة
(إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قَالُوا وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ مجَالِس الْعلم) أَي علم طَرِيق الْآخِرَة وَهُوَ الْعلم بِاللَّه وبآياته ومصنوعاته ذكره الْغَزالِيّ وَقَالَ غَيره أَرَادَ الْعُلُوم الثَّلَاثَة التَّفْسِير والْحَدِيث وَالْفِقْه (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه راو لم يسم
(إِذا مررتم برياض الْجنَّة فارتعوا قيل وَمَا رياض الْجنَّة قَالَ الْمَسَاجِد قيل وَمَا الرتع قَالَ سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر) أَي قَول ذَلِك وَلَا يُنَافِيهِ تَفْسِيره فِيمَا قبله بحلق الْعلم لعدم الْمَانِع من إِرَادَة الْكل أَو أَنه خرج جَوَابا عَن سُؤال معِين فَرَأى أنّ الأولى بِحَال السَّائِل حلق الْعلم وبحال سَائل آخر حلق الذّكر (ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ غَرِيب
(إِذا مر أحدكُم فِي مَسْجِدنَا) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ فَلَيْسَ المُرَاد مَسْجِد الْمَدِينَة فَقَط (أَو فِي سوقنا) تنويع من الشَّارِع لَا شكّ من الرَّاوِي (وَمَعَهُ نبل) بِفَتْح فَسُكُون سِهَام غَرِيبَة (فليمسك على نصالها) جمع نصل حَدِيدَة السهْم (بكفه) مُتَعَلق بقوله يمسك (لَا يعقر) بِالرَّفْع اسْتِئْنَاف أَو الْجَزْم جَوَاب الْأَمر أَي لَا يجرح (مُسلما) وَقيل أَرَادَ بالكف الْيَد أَي لَا يعقر بِيَدِهِ أَي بِاخْتِيَارِهِ مُسلما (ق د هـ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إِذا مر رجال بِقوم) وَمثله مَا لَو مر نسَاء بنسوة (فَسلم رجل من الَّذين مرّوا على الْجُلُوس وردّ من هَؤُلَاءِ وَاحِد أَجْزَأَ عَن هَؤُلَاءِ وَعَن هَؤُلَاءِ) لأنّ ابْتِدَاء السَّلَام من الْجَمَاعَة سنة كِفَايَة وَالْجَوَاب من الْجمع فرض كِفَايَة قَالَ فِي الْحِلْية وَلَيْسَ لنا سنة كِفَايَة إِلَّا هَذِه (حل عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَقَالَ غَرِيب
(إِذا مرض العَبْد) أَي عرض لبدنه مَا أخرجه عَن الِاعْتِدَال الْخَاص بِهِ فَأوجب الْخلَل فِي أَفعاله (أَو سَافر) وَفَاتَ عَلَيْهِ مَا وظفه على نَفسه من النَّفْل (كتب الله) تَعَالَى (لَهُ) أَي قدّر أَو أَمر الْملك أَن يكْتب فِي اللَّوْح أَو غَيره (من الْأجر مثل مَا كَانَ) أَي مثل ثَوَاب الَّذِي كَانَ (يعْمل) حَال كَونه (صَحِيحا مُقيما) من النَّفْل لعذره وَالْعَبْد مجزىّ بنيته وَمحله أَن لَا يكون الْمَرَض بِفِعْلِهِ وَأَن لَا يكون السّفر مَعْصِيّة (حم خَ) فِي الْجِهَاد (عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إِذا مرض العَبْد) أَي الْإِنْسَان (ثَلَاثَة أَيَّام) وَلَو مَرضا خَفِيفا كَحمى يسيرَة وصداع قَلِيل (خرج من ذنُوبه) فِيهِ شُمُول للكبائر لَكِن نزل على غَيرهَا قِيَاسا على النَّظَائِر (كَيَوْم وَلدته أمّه) أَي غفر لَهُ فَصَارَ لَا ذَنْب لَهُ فَهُوَ كَيَوْم وَلدته فِي خلوّه عَن الآثام (طس وَأَبُو الشَّيْخ عَن أنس) بن مَالك وَضَعفه الهيتمي
(إِذا مرض العَبْد) أَي الْإِنْسَان (يُقَال) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي يَقُول الله (لصَاحب الشمَال) أَي الْملك الْمُوكل بِكِتَابَة الْمعاصِي (ارْفَعْ عَنهُ الْقَلَم) فَلَا تكْتب عَلَيْهِ خَطِيئَة (وَيُقَال لصَاحب الْيَمين) الَّذِي هُوَ كَاتب الْحَسَنَات (اكْتُبْ لَهُ) مَا دَامَ مَرِيضا (أحسن مَا كَانَ يعْمل) من الْعَمَل الصَّالح (فَإِنِّي أعلم بِهِ) أَي أعلم بِحَالهِ وَنِيَّته (وَأَنا قيدته) بِالْمرضِ فَلَا تَقْصِير مِنْهُ ومحصوله أَنه يقدّر لَهُ من الْعَمَل مَا كَانَ يعمله صَحِيحا بِشَرْطِهِ المارّ (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن مَكْحُول)(1/130)
فَقِيه الشَّام وعالمه (مُرْسلا) أرسل عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره
(إِذا مشت أمتِي المطيطا) بالمدّ وَيقصر بِمَعْنى التمطي وَهُوَ التَّبَخْتُر ومدّ الْيَدَيْنِ (وخدمها أَبنَاء الْمُلُوك أَبنَاء فَارس وَالروم) بدل مِمَّا قبله (سلط) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي سلط الله (شِرَارهَا على خِيَارهَا) أَي مكنهم مِنْهُم وأغراهم بهم وَذَا من معجزاته فَإِنَّهُم لما فتحُوا فَارس وَالروم وَسبوا أَوْلَادهم واستخدموهم سلط عَلَيْهِم قتلة عُثْمَان فَكَانَ مَا كَانَ (ت) فِي الْفِتَن (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَاسْتَغْرَبَهُ لَكِن حسنه غَيره
(إِذا نَادَى الْمُنَادِي) أَي أذن الْمُؤَذّن للصَّلَاة (فتحت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (أَبْوَاب السَّمَاء واستجيب الدُّعَاء) أَي اسْتَجَابَ الله دُعَاء الدَّاعِي حِينَئِذٍ لكَونهَا من سَاعَات الْإِجَابَة وَفِيه أنّ السَّمَاء ذَات أَبْوَاب وَقيل أَرَادَ بِفَتْحِهَا إِزَالَة الْحجب والموانع (ع ك عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(إِذا نزل الرجل بِقوم) ضيفا أَو مدعوا فِي وَلِيمَة (فَلَا يصم) ندبا (إِلَّا بإذنهم) أَي لَا يشرع فِي صَوْم نفل إِلَّا إِن أذنوا لَهُ فِيهِ أَو لَا يتمه إِن شرع فِيهِ إِلَّا بإذنهم فَيحل قطع النَّفْل عِنْد الشَّافِعِي أما الْفَرْض فَلَا دخل لأذنهم فِيهِ (هـ عَن عَائِشَة) وَضعف
(إِذا نزل أحدكُم منزلا) فِي سفر أَو حضر (فَقَالَ فِيهِ) أَي نَام نصف النَّهَار (فَلَا يرحل عَنهُ حَتَّى يُصَلِّي) فِيهِ (رَكْعَتَيْنِ) أَي ينْدب أَن يودّعه بذلك (عد عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ ضَعِيف
(إِذا نزل بكم) يَا بني عبد الْمطلب (كرب) أَي أَمر مَلأ الصَّدْر غيظا (أَو جهد) بِفَتْح الْجِيم وتضم مشقة (أَو بلَاء) هم يَأْخُذ بِالنَّفسِ (فَقولُوا) عِنْد ذَلِك ندبا (الله الله رَبنَا لَا شريك) أَي مشارك (لَهُ) فِي ربوبيته فإنّ ذَلِك يُزِيلهُ بِشَرْط قوّة الإتقان وَتمكن الْإِيمَان (هَب) وَكَذَا الطَّبَرَانِيّ (عَن ابْن عَبَّاس) حسنه الْمُؤلف وَضَعفه الهيتمي
(إِذا نزل أحدكُم منزلا) مَظَنَّة للهوامّ أَو نَحْو ذَلِك (فَلْيقل) ندبا لدفع شَرها (أعوذ) أَي أَعْتَصِم (بِكَلِمَات الله) أَي صِفَاته الْقَائِمَة بِذَاتِهِ (التامات) أَي الَّتِي لَا يعتريها نقص (من شَرّ مَا خلق) من الْأَنَام والهوام (فَإِنَّهُ) إِذا قَالَ ذَلِك (لَا يضرّه شَيْء) من الْمَخْلُوقَات (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يرتحل عَنهُ) أَي عَن ذَلِك الْمنزل (م عَن خَوْلَة) بخاء مُعْجمَة مَفْتُوحَة (بنت حَكِيم) السلمِيَّة الصَّالِحَة زَوْجَة الرجل الصَّالح عُثْمَان بن مَظْعُون
(إِذا نسي أحدكُم) أَن يذكر (اسْم الله) وَمثله مَا إِذا تعمد بِالْأولَى (على طَعَامه) أَي جنس أكله (فَلْيقل) ندبا (إِذا ذكر) وَهُوَ فِي أَثْنَائِهِ (بِسم الله أوّله وَآخره) فإنّ الشَّيْطَان يقيء مَا أكله كَمَا فِي خبر آخر أمّا بعد فراعه فَلَا ينْدب عِنْد جمع شافعية (ع عَن امْرَأَة) من الصَّحَابَة رمز لحسنه
(إِذا نصر الْقَوْم) أَو الرجل (بسلاحهم وأنفسهم) بِأَن بذلوها فِي مناصرتهم أَو مناصرته (فألسنتهم أَحَق) أَن ينصرُوا فإنّ دينك أشق وَمن رَضِي بالأشد فَهُوَ بِمَا دونه أَحَق (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن ابْن عَوْف عَن مُحَمَّد مُرْسلا)
(إِذا نظر أحدكُم إِلَى من فضل عَلَيْهِ) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول وَالضَّمِير الْمَجْرُور عَائِد إِلَى أحد (فِي المَال والخلق) بِفَتْح الْخَاء الصُّورَة (فَلْينْظر إِلَى من هُوَ أَسْفَل مِنْهُ) أَي من هُوَ دونه فيهمَا ليرضى فيشكر وَلَا يحتقر مَا عِنْده (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة
(إِذا نظر الْوَالِد إِلَى وَلَده نظرة) وَاحِدَة (كَانَ للْوَلَد) المنظور إِلَيْهِ (عدل) بِكَسْر الْعين وَفتحهَا أَي مثل (عتق نسمَة) يَعْنِي إِذا نظر الأَصْل لفرعه فَرَآهُ على طَاعَة كَانَ للْوَلَد من الثَّوَاب مثل ثَوَاب عتق رَقَبَة لجمعه بَين رضَا ربه وَإِقْرَار عين أَبِيه بِرُؤْيَتِهِ لَهُ مُطيعًا لله (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(إِذا نعس أحدكُم) بِفَتْح الْعين (وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (يُصَلِّي)(1/131)
فرضا أَو نفلا (فليرقد) وجوبا أَو ندبا على تَفْصِيل مرّ (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يذهب عَنهُ النّوم فإنّ أحدكُم إِذا صلى وَهُوَ ناعس) أَي فِي أَوَائِل النّوم (لَا يدْرِي لَعَلَّه يذهب يسْتَغْفر) أَي يقْصد أَن يسْتَغْفر لنَفسِهِ كَأَن يُرِيد أَن يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي (فيسب نَفسه) أَي يَدْعُو عَلَيْهَا كَأَن يَقُول اعفر لي بِعَين مُهْملَة والعفر التُّرَاب فَالْمُرَاد بالسب قلب الدُّعَاء لَا الشتم كَمَا هُوَ بَين (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (ق د ت هـ عَن عَائِشَة) أم الْمُؤمنِينَ
(إِذا نعس أحدكُم) يَوْم الْجُمُعَة هَكَذَا هُوَ فِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ (وَهُوَ فِي الْمَسْجِد) أَي وَالْحَال أَنه فِيهِ (فليتحوّل) أَي لينتقل ندبا (من مَجْلِسه) أَي من مَحل جُلُوسه (ذَلِك إِلَى غَيره) لأنّ بتحوّله يحصل لَهُ من الْحَرَكَة مَا يَنْفِي الفتور الْمُوجب للنوم وَمثل الْجُمُعَة غَيرهَا وخصها للطول فِيهَا بِالْخطْبَةِ فَهِيَ مَظَنَّة النعاس أَكثر (د ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح
(إِذا نمتم) أَي أردتم النّوم (فأطفئوا) أخمدوا إرشادا وَقيل ندبا (الْمِصْبَاح) السراج وَعلل ذَلِك بقوله (فإنّ الفارة) بِالْهَمْز وَتَركه الْحَيَوَان الْمَعْرُوف (تَأْخُذ الفتيلة) أَي تجرّها من السراج أَي شَأْنهَا ذَلِك (فتحرق) بِضَم الْفَوْقِيَّة (أهل الْبَيْت) أَي الْمحل الَّذِي فِيهِ السراج فتعبيره بِالْبَيْتِ للْغَالِب وَمِنْه لَو كَانَ الْمِصْبَاح فِي قنديل لَا يتَمَكَّن مِنْهُ الفار لَا ينْدب (وَأَغْلقُوا الْأَبْوَاب) أَي أَبْوَاب سكنكم إِذا نمتم أَي أوثقوها بالغلق (وأوكئوا الأسقية) اربطوا أَفْوَاه قربكم (وخمروا الشَّرَاب) غطوا المَاء وَغَيره من كل مَانع وَلَو بِعرْض عود عَلَيْهِ مَعَ ذكر الله كَمَا مرّ (طب ك) وَكَذَا أَحْمد (عَن عبد الله بن سرجس) حَدِيث صَحِيح
(إِذا نهق الْحمار) أَي إِذا سَمِعْتُمْ صَوت حمَار (فتعوّذوا) ندبا (بِاللَّه) أَي اعتصموا بِهِ (من الشَّيْطَان الرَّجِيم) فَإِنَّهُ رأى شَيْطَانا كَمَا مرّ تَعْلِيله بِهِ فِي خبر (طب عَن صُهَيْب) مُصَغرًا ابْن سِنَان الرُّومِي صحابيّ جليل وَضَعفه الهيتمي
(إِذا نُودي بِالصَّلَاةِ) أَي أذن الْمُؤَذّن لأية صَلَاة كَانَت (فتحت أَبْوَاب السَّمَاء) حَقِيقَة أَو هُوَ عبارَة عَن إِزَالَة الْمَوَانِع (واستجيب الدُّعَاء) مَا دَامَ الْأَذَان فَادعوا الله حالتئذ بإخلاص فإنّ الدُّعَاء لَا يردّ بِشَرْطِهِ (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (ع والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده حسن
(إِذا هَمَمْت بِأَمْر) أَي عزمت على فعل شَيْء مِمَّا لَا تعلم وَجه الصَّوَاب فِيهِ (فاستخر) ندبا (رَبك) أَي اطلب مِنْهُ خير الْأَمريْنِ (فِيهِ) وَأعد الاستخارة (سبع مرّات) فَأكْثر (ثمَّ انْظُر) أَي تَأمل (إِلَى) الشَّيْء (الَّذِي يسْبق إِلَى قَلْبك) من فعل أَو ترك (فَإِن الْخيرَة) بِكَسْر الْخَاء (فِيهِ) فَلَا تعدل عَنهُ وَأخذ مِنْهُ ندب صَلَاة الاستخارة وَفِيه نظر (ابْن السّني فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة فر عَن أنس) بن مَالك وَفِيه ضعف
(إِذا وجد أحدكُم ألما) أَي وجعا فِي عُضْو ظَاهر أَو بَاطِن (فليضع) ندبا (يَده) وَالْأولَى كَونهَا الْيُمْنَى (حَيْثُ يجد ألمه) أَي فِي الْمحل الَّذِي يحس بالوجع فِيهِ (وَليقل) ندبا (سبع مَرَّات أعوذ بعزة الله وَقدرته على كل شَيْء) وَمِنْه هَذَا الْأَلَم (من شَرّ مَا أجد) زَاد فِي رِوَايَة وأحاذر (حم طب عَن كَعْب بن مَالك) الْأنْصَارِيّ السّلمِيّ أحد الثَّلَاثَة الَّذين خلفوا رمز الْمُؤلف لحسنه وَفِيه مَا فِيهِ
(إِذا وجد أحدكُم لِأَخِيهِ) فِي النّسَب أَو الدّين (نصحا) أَي إخلاصا وصدقا (فِي نَفسه فليذكره) وجوبا (لَهُ) فَإِن كتمه عَنهُ غش وخيانة (عد عَن أبي هُرَيْرَة) وَضَعفه الْحَافِظ ابْن حجر وَغَيره فرمز الْمُؤلف لحسنه غير جيد
(إِذا وجد أحدكُم عقربا وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَنه (يُصَلِّي فليقتلها بنعله الْيُسْرَى) وَلَا تبطل صلَاته لِأَنَّهُ فعل وَاحِد وَلَو(1/132)
قَتلهَا باليمنى لم يكره لَكِن الْيُسْرَى أولى لِأَنَّهَا الْمُنَاسبَة لكل مستقذر (د فِي مراسيله عَن رجل من الصَّحَابَة) من بني عديّ بن كَعْب وَرِجَاله ثِقَات فرمز الْمُؤلف لضَعْفه لَيْسَ فِي مَحَله
(إِذا وجدت القملة) أَي أَو نَحْوهَا كبرغوث وبق (فِي الْمَسْجِد) حَال من الْفَاعِل أَي وَجدتهَا فِي شَيْء من ملبوسك كثوبك وَأَنت فِيهِ (فلفها فِي ثَوْبك) أَو نَحوه كطرف عمامتك أَو منديلك (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (تخرج) مِنْهُ فاطرحها حِينَئِذٍ خَارجه فَإِن طرحها فِيهِ حرَام وَبِه أَخذ بعض الشَّافِعِيَّة لَكِن أفهم كَلَام غَيره خِلَافه أما الْميتَة فطرحها فِيهِ حرَام اتِّفَاقًا (ص عَن رجل من بني خطمة) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الديلمي وَغَيره وَحسنه الْمُؤلف
(إِذا وسد) بِالتَّشْدِيدِ (الْأَمر) أَي أسْند وفوّض الحكم الْمُتَعَلّق بِالدّينِ كالخلافة ومتعلقاتها (إِلَى غير أَهله) من فَاسق وجائر ودنيء نسب وَنَحْو ذَلِك (فانتظر السَّاعَة) فإنّ ذَلِك يدل على دنوّها لإفضائه إِلَى اختلال الْأَمر وَضعف الْإِسْلَام وَذَلِكَ من أشراطها (خَ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا وضع) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (السَّيْف) أَي الْمُقَاتلَة بِهِ وَالْمرَاد وَقع الْقِتَال بِسيف أَو غَيره كرمح ونار ومنجنيق وَخص السَّيْف لغَلَبَة الْقِتَال (فِي أمتِي) أمة الْإِجَابَة (لم يرْتَفع عَنْهَا) وَفِي رِوَايَة عَنْهُم (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) إِجَابَة لدعوته أَن يَجْعَل بأسهم بَينهم (ت) فِي التَّوْبَة (عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى وَقَالَ صَحِيح
(إِذا وضع الطَّعَام) أَي قرّب إِلَيْكُم لتأكلوه أَو قرب وَقت تقريبه (فاخلعوا نعالكم) أَي انزعوا مَا فِي أَرْجُلكُم مِمَّا وقيت بِهِ الْقدَم عَن الأَرْض (فَإِنَّهُ) أَي النزع (أروح) أَي أَكثر رَاحَة (لأقدامكم) فِيهِ إِشَارَة إِلَى أنّ الْأَمر إرشادي (الدَّارمِيّ) فِي مُسْنده (ك) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ صَحِيح
(إِذا وضع الطَّعَام) بَين أَيدي الآكلين (فليبدأ) ندبا بِالْأَكْلِ (أَمِير الْقَوْم أَو صَاحب الطَّعَام أَو خير الْقَوْم) بِنَحْوِ علم أَو صَلَاح أَو رياسة وكما يسن أَن يكون مِنْهُ ابْتِدَاء يسنّ أَن يكون بِهِ الِانْتِهَاء (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي إِدْرِيس الْخَولَانِيّ مُرْسلا) عَابِد جليل زاهد أرسل عَن عدَّة من الصَّحَابَة
(إِذا وضع الطَّعَام) بَين أَيْدِيكُم للْأَكْل (فَخُذُوا) ندبا (من خافته) أَي تناولوا من جَانِبه (وذروا وَسطه) أَي اتْرُكُوا الْأَخْذ من وَسطه أوّلا (فإنّ الْبركَة) أَي النموّ وَزِيَادَة الْخَيْر (تنزل فِي وَسطه) سوءا أكل الْآكِل وَحده أَو مَعَ غَيره على مَا اقْتَضَاهُ إِطْلَاقه وتخصيصه بِالْأَكْلِ مَعَ غَيره يحْتَاج لدَلِيل (هـ عَن ابْن عَبَّاس) رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(إِذا وضعت جَنْبك) أَي شقك (على الْفراش) للنوم (وقرأت فَاتِحَة الْكتاب) أَي سورتها {وَقل هُوَ الله أحد} أَي سورتها (فقد أمنت من كل شَيْء) يُؤْذِيك (إِلَّا الْمَوْت) فإنّ أجل الله إِذا جَاءَ لَا يُؤَخر وَلَا يَضرك بِأَيِّهِمَا بدأت لَكِن الأولى تَقْدِيم مَا قدّمه الْمُصْطَفى فِي اللَّفْظ وَهُوَ الْفَاتِحَة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده حسن
(إِذا وضعتم مَوْتَاكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (فِي الْقُبُور فَقولُوا) ندبا أَي ليقل مِنْكُم من يضجعه فِي لحده حَال إلحاده (بِسم الله وعَلى سنة رَسُول الله) أَي أَضَعهُ ليَكُون اسْم الله وَسنة رَسُول الله زَاد لَهُ وعدّه يلقِي بهَا الفتانين (حم حب طب ك هق عَن) عبد الله (بن عمر) ابْن الْخطاب وَهُوَ صَحِيح
(إِذا وعد الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (أَخَاهُ) فِي الدّين وَإِن لم يكن من النّسَب (وَمن نِيَّته أَن يَفِي لَهُ فَلم يَفِ) لَهُ (وَلم يَجِيء لِلْمِيعَادِ) لعذر مَنعه من الْوَفَاء بالوعد (فَلَا إِثْم عَلَيْهِ) فَإِن ترك الْوَفَاء من غير عذرا ثمَّ على مَا اقْتَضَاهُ ظَاهر هَذَا الْخَبَر وَأخذ بِهِ بعض السّلف(1/133)
لَكِن الْجُمْهُور على أَنه لَا يَأْثَم بل ارْتكب مَكْرُوها وَأولُوا الْخَبَر بِأَن المُرَاد أَنه يَأْثَم إِذا كَانَ الْوَفَاء مَأْمُورا بِهِ لذاته لَا للوعد وَمنعه عذر وَبِالْجُمْلَةِ قالو فَاء بالوعد مِمَّا تطابق على الْحَث عَلَيْهِ جَمِيع الْملَل والنحل وَمَا أحسن مَا قيل فِي يحيى بن خَالِد الْبَرْمَكِي
(ينسى صنائعه وَيذكر وعده ... ويبيت فِي أَمْثَاله يتفكر)
وَقَالَ بَعضهم الْوَفَاء تمس الْحَاجة إِلَيْهِ وَتجب الْمُحَافظَة عَلَيْهِ وَقد صَار رسما دارسا وحلة لَا تَجِد لَهَا لابسا (د) فِي الْأَدَب (ت) فِي الْإِيمَان (عَن زيد بن أَرقم) وَاسْتَغْرَبَهُ وَإِسْنَاده لَيْسَ بالقويّ
(إِذا وَقع الذُّبَاب فِي شراب أحدكُم) مَاء أَو غَيره من الْمَائِعَات (فليغمسه) ندبا وَقيل إرشادا (ثمَّ لينزعه) مِنْهُ (فَإِن فِي إِحْدَى جناحيه دَاء) أَي قوّة سميَّة (وَفِي الْأُخْرَى شِفَاء) حَقِيقَة فيقابل مَا فِيهِ من الدَّاء بِمَا فِيهِ من الدَّوَاء (خَ هـ عَن أبي هُرَيْرَة)
(إِذا وَقعت فِي ورطة) أَي بلية يعسر الْخُرُوج مِنْهَا (فَقل) ندبا (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم) أَي أستعين على التَّخَلُّص (وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه) أَي لَا حَرَكَة وَلَا استطاعة إِلَّا بمشيئته (العليّ) أَي الَّذِي لَا رُتْبَة إِلَّا وَهِي دون رتبته (الْعَظِيم) عَظمَة تتقاصر عَنْهَا الإفهام (فإنّ الله تَعَالَى يصرف بهَا) عَن قَائِلهَا (مَا شَاءَ من أَنْوَاع الْبلَاء) أَن تلفظ بهَا بِصدق وَحُضُور وإخلاص وقوّة إيقان (ابْن السنيّ فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ قَالَ لي رَسُول الله يَا عليّ أَلا أعلمك كَلِمَات إِذا وَقعت فِي ورطة قلتهَا قلت بل فَذكره
(إِذا وَقَعْتُمْ) أَي حصلتم وارتبكتم (فِي الْأَمر الْعَظِيم) أَي الصعب المهول (فَقولُوا) ندبا (حَسبنَا الله) أَي كافينا (وَنعم الْوَكِيل) الموكول إِلَيْهِ فإنّ ذَلِك يصرف الله بِهِ مَا شَاءَ من الْبلَاء كَمَا فِي الْخَبَر قبله وَلَا تعَارض بَين هَذَا وَمَا قبله لأنّ الْمُصْطَفى كَانَ يُجيب كل إِنْسَان بِمَا يَقْتَضِيهِ الْحَال والزمن (ابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِذا وَقع فِي الرجل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي سبّ واغتيب (وَأَنت فِي مَلأ) أَي جمَاعَة (فَكُن للرجل ناصرا) أَي معينا مقويا مؤيدا (وَلِلْقَوْمِ زاجرا) أَي مَا نعَالهمْ عَن الوقيعة فِيهِ (وقم عَنْهُم) أَي انْصَرف من الْمحل الَّذِي هم فِيهِ إِن أصرّوا وَلم ينْتَهوا فإنّ المقرّ على الْغَيْبَة كفاعلها (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذمّ الْغَيْبَة عَن أنس) بن مَالك
(إِذا ولى) فِي رِوَايَة بدله إِذا كفن (أحدكُم أَخَاهُ) فِي الْإِسْلَام أَي تولى أَمر تَجْهِيزه عِنْد مَوته (فليحسن) بِالتَّشْدِيدِ (كَفنه) بِفَتْح الْفَاء عِنْد الْأَكْثَر وَقيل بسكونها أَي فعل التَّكْفِين من إسباغ وتحسين وَبَيَاض وَنَحْوه وَلَيْسَ المُرَاد المغالاة فِي ثمنه فَإِنَّهُ مَكْرُوه (حم م د ن عَن جَابر) بن عبد الله (ت هـ عَن أبي قَتَادَة) الْأنْصَارِيّ
(إِذا ولى أحدكُم أَخَاهُ فليحسن كَفنه) فِيهِ مَا تقرّر فِيمَا قبله وَعلل ذَلِك بقوله (فَإِنَّهُم) أَي الْمَوْتَى وَإِن لم يتقدّم لَهُم ذكر لدلَالَة الْحَالة (يبعثون) يَوْم الْقِيَامَة (فِي أكفانهم) الَّتِي يكفنون عِنْد مَوْتهمْ فِيهَا لَا يُعَارضهُ حشرهم عُرَاة لأَنهم يخرجُون من قُبُورهم بثيابهم ثمَّ يجردون (ويتزاورون) أَي يزور بَعضهم بَعْضًا (فِي أكفانهم) لَا يُعَارضهُ خبر لَا تغَالوا فِي الْكَفَن فَإِنَّهُ يسلب سَرِيعا لاخْتِلَاف أَحْوَال الْمَوْتَى وَلَا قَول الصدّيق إِنَّمَا هُوَ أَي الْكَفَن للصديد لِأَنَّهُ كَذَلِك فِي رؤيتنا لَا فِي نفس الْأَمر (تَنْبِيه) قَالَ ابْن الْقيم إِنَّمَا يتزاور من الْأَمْوَات الْأَرْوَاح المنعمة الْمُرْسلَة غير المحبوسة فَإِنَّهُم يتزاورون مَا كَانَ مِنْهُم فِي الدُّنْيَا وَمَا يكون لأهل الدُّنْيَا قَالَ أما المعذبة والمحبوسة فَهِيَ فِي شغل شاغل عَن التزاور (سموية) فِي فَوَائده (عق خطّ عَن أنس) بن(1/134)
مَالك (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة (عَن جَابر) بن عبد الله وَضَعفه مخرّجه الْخَطِيب
(اذبحوا لله) أَي اذبحوا الْحَيَوَان الَّذِي يحل أكله وَاجْعَلُوا الذّبْح لله (فِي أَي شهر كَانَ) رجبا أَو غَيره (وبروا) بِفَتْح الْمُوَحدَة أَي تعبدوا (لله وأطعموا) الْفُقَرَاء وَغَيرهم كَانَ الرجل إِذا بلغت إبِله مائَة نحر مِنْهَا بكرا فِي رَجَب لصنمه يسمونه الْفَرْع فَنهى الشَّرْع عَنهُ وَأمر بِالذبْحِ لله (د ن هـ ك عَن نُبَيْشَة) مُصَغرًا وَهُوَ نُبَيْشَة الْخَيْر قَالَ قيل يَا رَسُول الله إِنَّا كُنَّا نعتر عتيرة فِي الْجَاهِلِيَّة فِي رَجَب فَمَا تَأْمُرنَا فَذكره وَصَححهُ الْحَاكِم وَضَعفه الذَّهَبِيّ
(اذكر الله) بِاللِّسَانِ ذكرا وبالقلب فكرا (فَإِنَّهُ) أَي الذّكر أَو لله (عون لَك على مَا تطلب) أَي مساعد لَك على تَحْصِيل مطلوبك لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب أَن يذكر فَإِذا ذكر أعْطى (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَطاء بن أبي مُسلم مُرْسلا) هُوَ الْخُرَاسَانِي
(اذْكروا الله ذكرا) كثيرا جدّا حَتَّى (يَقُول المُنَافِقُونَ إِنَّكُم تراؤن) أَي حَتَّى يرميكم أهل النِّفَاق بالرياء لما يرَوْنَ من محافظتكم عَلَيْهِ فَلَيْسَ خوف الرَّمْي بالرياء عذرا فِي تَركه (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الهيتمي
(اذْكروا الله ذكرا خاملا) بخاء مُعْجمَة أَي منخفضا (قيل) أَي قَالَ بعض الصحب (وَمَا الذّكر الخامل) يَا رَسُول الله (قَالَ الذّكر الْخَفي) فَهُوَ أفضل من الذّكر جهرة لسلامته من نَحْو رِيَاء وَهَذَا عِنْد جمع من الصُّوفِيَّة فِي غير ابْتِدَاء السلوك أما فِي الِابْتِدَاء فالذكر الجهري أَنْفَع وَقد مرّ أَن الْمُصْطَفى كَانَ يَأْمر كل إِنْسَان بِمَا هُوَ الْأَصْلَح الأنفع لَهُ قَالَ بَعضهم وَلَا يَنْبَغِي للذاكر أَن يشْتَغل بمعاني الذّكر بل يذكر على وَجه كَونه تعبد أَلا يعقل فَإذْ اذكر كَذَا عمل الذّكر بالخاصية (ابْن الْمُبَارك) عبد الله (فِي) كتاب (الزّهْد عَن ضَمرَة بن حبيب مُرْسلا) هُوَ الزبيدِيّ الْحِمصِي بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن شواهده كَثِيرَة
(اذْكروا محَاسِن مَوْتَاكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (وَكفوا عَن مساويهم) جمع مسوى بِفَتْح الْمِيم وَالْوَاو وَأي لَا تذكروهم إِلَّا بِخَير فَذكر مساويهم حرَام إِلَّا لضَرُورَة أَو مصلحَة كتحذير من بدعته أَو ظلمه (د ت ك هق عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب وَفِي أسانيده مقَال
(أذن لي) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول والآذن لَهُ هُوَ الله (أَن أحدّث) أَصْحَابِي أَو النَّاس (عَن ملك) أَي عَن شَأْنه أَو عَن عظم خلقه (من مَلَائِكَة الله تَعَالَى من حَملَة الْعَرْش مَا بَين شحمة أُذُنه إِلَى عَاتِقه مسيرَة سَبْعمِائة سنة) أَي بالفرس الْجواد كَمَا فِي خبر آخر فَمَا ظَنك بِطُولِهِ وَعظم جِئْته وَالْمرَاد بالسبعين التكثير لَا التَّحْدِيد (د) فِي السّنة (والضياء) فِي المختارة (عَن جَابر) بن عبد الله وَإِسْنَاده صَحِيح
(أذيبوا) أسيلوا (طَعَامكُمْ) أَي مِائَتَا ولتموه من غداء أَو عشَاء (بِذكر الله) أَي بمواظبة الذّكر عَلَيْهِ (وَالصَّلَاة) يَعْنِي اذْكروا الله وصلوا عقب الْأكل فَإِن للذّكر وَالصَّلَاة عقبه حرارة فِي الْبَاطِن فَإِذا اشتعلت قوّة الْحَرَارَة الغريزية أعانتها على اسْتِحَالَة الطَّعَام وانحداره عَن الْمعدة وكل شَيْء ثقل على الْمعدة فَهُوَ على الْقلب أثقل (وَلَا تناموا عَلَيْهِ) أَي قبل انهضامه عَن أعالي الْمعدة (فتقسو) بِالنّصب بفتحة على الْوَاو لِأَنَّهُ جَوَاب النَّهْي وَمن جعلهَا ضمر الْجمع فَإِنَّمَا يتخرّج على مَا قَالَه جمع على لُغَة أكلوني البراغيث (قُلُوبكُمْ) أَي تغلظ وتشتدّ وتعلوها الظلمَة والرين وبقدر قسوة الْقلب يكون الْبعد عَن الرب (طس عد وَابْن السّني) فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة (وَأَبُو نعيم) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (هَب) كلهم (عَن عَائِشَة) قَالَ الْبَيْهَقِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر والعراقي ضَعِيف
(ارأف) فِي رِوَايَة ارْحَمْ (أمتِي بأمتي) أَي(1/135)
أَكْثَرهم رأفة أَي شدّة رَحْمَة (أَبُو بكر) الصدّيق لِأَن شَأْنه رِعَايَة تَدْبِير الْحق تَعَالَى فِي صنعه (وأشدّهم) أَي أقواهم صرامة وأعظمهم شهامة (فِي دين الله عمر) بن الْخطاب لغَلَبَة سُلْطَان الْجلَال على قلبه (وأصدقهم حَيَاء عُثْمَان) بن عَفَّان ولشدّة حَيَاته كَانَت الْمَلَائِكَة تَسْتَحي مِنْهُ (وأقضاهم عليّ) بن أبي طَالب أَي هُوَ أعرفهم بِالْقضَاءِ بِأَحْكَام الشَّرْع وَالْعلم هُوَ مادّة الْقَضَاء (وأفرضهم) أَي أَكْثَرهم علما بقسمة الْمَوَارِيث (زيد بن ثَابت) الْأنْصَارِيّ أَي أَنه سيصير كَذَلِك بعد انْقِرَاض أكَابِر الصحب وَإِلَّا فعليّ وَأَبُو بكر وَعمر أفرض مِنْهُ (وأقرؤهم) أَي أعلمهم بِقِرَاءَة الْقُرْآن (أبيّ) بن كَعْب بِالنِّسْبَةِ لجَماعَة مخصوصين أَو وَقت مَخْصُوص (وأعلمهم بالحلال وَالْحرَام) أَي بِمَعْرِِفَة مَا يحل وَيحرم من الْأَحْكَام (معَاذ بن جبل) الْأنْصَارِيّ يَعْنِي سيصير أعلمهم بعد انْقِرَاض أكَابِر الصَّحَابَة (أَلا) بِالتَّخْفِيفِ حرف تَنْبِيه (وَأَن لكل أمة أَمينا) أَي يأتمنونه ويتقون بِهِ (وَأمين هَذِه الْأمة) المحمدية (أَبُو عُبَيْدَة) عَامر (بن الْجراح) أَي هُوَ أشدّهم مُحَافظَة على الْأَمَانَة قَالَ الْحَافِظ بن حجر الْأمين الثِّقَة الرضى وَهَذِه الصّفة وَإِن كَانَت مُشْتَركَة بَينه وَبَين غَيره لَكِن السِّيَاق يُشِير بِأَن لَهُ مزيدا فِيهَا (ع عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب قَالَ ابْن عبد الْهَادِي فِي مَتنه نَكَارَة أَي مَعَ صِحَة إِسْنَاده
(أَرَاكُم) بِفَتْح الْهمزَة أَي أظنكم ظنا مؤكدا (ستشرّفون مَسَاجِدكُمْ) أَي تَتَّخِذُونَ لَهَا شرافات (بعدِي) أَي بعد وفاتي (كَمَا شرّفت الْيَهُود كنائسها) جمع كَنِيسَة وَهِي متعبدهم (وكما شرّفت النَّصَارَى بيعهَا) جمع بيعَة بِالْكَسْرِ متعبدهم أَي فَإِنَّهَا كم عَن اتباعهم ولستم بسامعيه بل لَا بدّ فاعلوه مَعَ كَونه مَكْرُوها وَأخذ بِهِ الشَّافِعِيَّة فكرهوا نقش الْمَسْجِد وتزويقه واتخاذ شرافات لَهُ (هـ عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(أربى الرِّبَا) أَي أزيده إِثْمًا (شتم الْأَعْرَاض) أَي سبها جمع عرض بِالْكَسْرِ وَهُوَ مَحل الْمَدْح والذم من الْإِنْسَان (وأشدّ الشتم الهجاء) أَي الوقيعة فِي أَعْرَاض النَّاس بالشعر وَالرجز (وَالرِّوَايَة) أَي الَّذِي يروي الهجاء عَن الشَّاعِر (أحد الشاتمين) بِفَتْح الْمِيم بِلَفْظ التَّثْنِيَة أَو بِكَسْرِهَا بِلَفْظ الْجمع أَي حكمه حكمه أَو حكمهم فِي الْإِثْم وَفِيه أَن الهجو حرَام أَي إِذا كَانَ لمعصوم وَلَو ذِمِّيا وَإِن صدق أَو كَانَ بتعريض (عب هَب عَن عَمْرو بن عُثْمَان مُرْسلا) ومنقطعا أَيْضا كَمَا فِي الْمُهَذّب
(أربى الرِّبَا تَفْضِيل الْمَرْء) أَي زِيَادَته (على أَخِيه) دينا وَإِن لم يكن نسبا (بالشتم) أَي السب والذم أَدخل الْعرض فِي جنس المَال مُبَالغَة وَجعل الرِّبَا نَوْعَيْنِ متعارفا وَغير مُتَعَارَف وَهُوَ استطالة الرجل اللِّسَان فِي عرض صَاحبه بِأَكْثَرَ مِمَّا يسْتَحقّهُ ثمَّ فضل أَحدهمَا على الآخر وناهيك بِهِ بلاغة (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (الصمت عَن أبي نجيح) بِفَتْح النُّون (مُرْسلا) وَله شَوَاهِد عديدة مَرْفُوعَة
(أَربع) من الْخِصَال (إِذا كن فِيك) أَيهَا الْإِنْسَان (فَلَا عَلَيْك مَا فاتك من الدُّنْيَا) أَي لَا بَأْس عَلَيْك وَقت فَوت الدُّنْيَا إِذا حصلت هَذِه الْخلال (صدق الحَدِيث) أَي ضبط اللِّسَان عَن الْبُهْتَان (وَحفظ الْأَمَانَة) بِأَن يحفظ جوارحه وَمَا ائْتمن عَلَيْهِ (وَحسن الْخلق) بِالضَّمِّ بِأَن يكون حسن الْعشْرَة مَعَ الْخلق (وعفة مطعم) بِفَتْح الْمِيم وَالْعين بِأَن لَا يطعم حَرَامًا وَلَا مَا فِيهِ شُبْهَة قَوِيَّة وَلَا يزِيد على الْكِفَايَة حَتَّى من الْحَلَال وَلَا يكثر الْأكل وَلَفظ رَاوِيه الْبَيْهَقِيّ وَحسن خَلِيقَة وعفة طعمة (حم طب ك هَب عَن) عَن عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب (طب عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن العَاصِي (عَدو ابْن(1/136)
عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن ابْن عَبَّاس) وَإِسْنَاده حسن
(أَربع) أَي خِصَال أَربع كائنة (فِي أمتِي من أَمر الْجَاهِلِيَّة) أَي من أَفعَال أَهلهَا (لَا يتركونهنّ) حالان من الضَّمِير المتحوّل إِلَى الْجَار وَالْمَجْرُور ذكره الطَّيِّبِيّ (الْفَخر فِي الأحساب) أَي الشّرف بالإباء والتعاظم بمناقبهم (والطعن فِي الْأَنْسَاب) أَي الْوُقُوع فِيهَا بِنَحْوِ قدح أَو ذمّ (وَالِاسْتِسْقَاء بالنجوم) أَي اعْتِقَاد أَن نزُول الْمَطَر بِنَجْم كَذَا (والنياحة) أَي رفع الصَّوْت بندب الْمَيِّت وتعديد شمائله فالأربع مُحرمَات وَمَعَ ذَلِك لَا تتركها هَذِه الْأمة أَي أَكْثَرهم مَعَ الْعلم بتحريمها (م) فِي الْجَنَائِز (عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ
أَربع حق على الله تَعَالَى عونهم) أَي إعانتهم بالنصر والتأييد (الْغَازِي) أَي من خرج بِقصد قتال الْكفَّار لله (والمتزوّج) بِقصد عفة فرجه أَو تَكْثِير النَّسْل (وَالْمكَاتب) السَّاعِي فِي أَدَاء النُّجُوم لسَيِّده (والحاج) أَي من خرج حَاجا حجا مبرورا (حم عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ حَدِيث حسن
(أَربع دعوات لَا تردّ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي لَا يرد الله وَاحِدَة مِنْهَا (دَعْوَة الْحَاج) مَا دَامَ فِي النّسك (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يرجع) يَعْنِي يفرغ من أَعماله ويصدر إِلَى أَهله (ودعوة الْغَازِي) أَي من خرج لقِتَال الْكفَّار لإعلاء كلمة الله (حَتَّى يصدر) إِلَى أَهله أَي يرجع إِلَيْهِم (ودعوة الْمَرِيض حَتَّى يبرأ) من مَرضه (ودعوة الْأَخ لِأَخِيهِ) فِي الْإِسْلَام (بِظهْر الْغَيْب) أَي وَهُوَ غَائِب لَا يشْعر بِهِ وَإِن كَانَ حَاضرا فِيمَا يظْهر وَلَفظ الظّهْر مقحم وَمحله نصب على الْحَال من الْمُضَاف إِلَيْهِ (وأسرع هَؤُلَاءِ الدَّعْوَات إِجَابَة) أَي أسرعها قبولا (دَعْوَة الْأَخ لِأَخِيهِ بِظهْر الْغَيْب) لِأَنَّهَا أبلغ فِي الْإِخْلَاص (فر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَربع) لَا تعَارض بَينه وَبَين قَوْله آنِفا آيَة الْمُنَافِق ثَلَاث فقد تكون لشَيْء وَاحِد عَلَامَات كل مِنْهَا يحصل مِنْهَا صفته فَتَارَة يذكر بَعْضهَا وَأُخْرَى كلهَا (من كن فِيهِ كَانَ منافقا خَالِصا) نفاق عمل لَا نفاق إِيمَان كَمَا مر (وَمن كَانَت فِيهِ خصْلَة مِنْهُنَّ كَانَت فِيهِ خصْلَة من النِّفَاق حَتَّى يَدعهَا) أَي إِلَى أَن يَتْرُكهَا (إِذا حدّث) أَي أخبر عَن شَيْء من ماضي الْأَحْوَال (كذب) لتمهيد معذرته فِي التَّقْصِير (وَإِذا وعد) بإيفاء عهد الله (أخلف) أَي لم يَفِ (وَإِذا عَاهَدَ غدر) أَي نقض الْعَهْد (وَإِذا خَاصم فجر) مَال فِي الْخُصُومَة عَن الْحق واقتحم الْبَاطِل ومقصود الحَدِيث الزّجر عَن هَذِه الْخِصَال على آكِد وَجه وأبلغه لِأَنَّهُ بَين أَن هَذِه الْأُمُور طلائع النِّفَاق وأعلامه وَقد تمكن فِي الْعُقُول السليمة إِن النِّفَاق أسمج القبائح فَإِنَّهُ كفر مموّه باستهزاء وخداع مَعَ رب الأرباب وعالم الْأَسْرَار وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى فِي شَأْنهمْ مَا قَالَ ونعى عَلَيْهِم بالخصال الشنيعة وَمثلهمْ بالامثال الفظيعة وجعلهم شَرّ الْكفَّار وأعدّ لَهُم الدَّرك الْأَسْفَل من النَّار (حم ق 3 عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن العَاصِي وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو دَاوُد
(أَربع من كن فِيهِ حرّمه الله على النَّار) أَي نَار الخلود (وَعَصَمَهُ من الشَّيْطَان) أَي مَنعه مِنْهُ ووقاه بِلُطْفِهِ من كَيده (من ملك نَفسه حِين يرغب وَحين يرهب) أَي حِين يُرِيد وَحين يخَاف (وَحين يَشْتَهِي وَحين يغْضب) لِأَن الْملك للقلب على النَّفس فَمن ملك قلبه نَفسه فِي هَذِه الْأَحَايِين الْأَرْبَع حرّم على النَّار (وَأَرْبع من كن فِيهِ نشر الله تَعَالَى عَلَيْهِ رَحمته) أَي بثها عَلَيْهِ وَأَحْيَا قلبه بهَا فِي الدُّنْيَا (وَأدْخلهُ جنته) فِي الْأُخْرَى (من آوى مِسْكينا) أَي أسْكنهُ عِنْده وَكَفاهُ الْمُؤْنَة أَو تسبب لَهُ فِي ذَلِك (ورحم الضَّعِيف) أَي رق لَهُ وَعطف عَلَيْهِ وَأحسن إِلَيْهِ (ورفق(1/137)
بالمملوك) لَهُ أَو لغيره بِأَن لم يحملهُ على الدَّوَام مَالا يطيقه على الدَّوَام (وَأنْفق على الْوَالِدين) أَي أصليه وَإِن عليا (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أَربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة لِسَان ذَاكر) لله تَعَالَى (وقلب شَاكر) لَهُ (وبدن على الْبلَاء) أَي الامتحان والاختبار (صابر وَزَوجته لَا تبغيه خونا) أَي تطلب لَهُ خِيَانَة وَهُوَ بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْوَاو وَأَن يؤتمن الْإِنْسَان فَلَا ينصح وَفِي بعض النّسخ حوبا بِمُهْملَة وَهُوَ تَصْحِيف (فِي نَفسهَا) بِأَن لَا تمكن غَيره من الزِّنَا بهَا (وَلَا مَاله) بِأَن لَا تتصرف فِيهِ بِمَا لَا يرضيه (طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) وَبَعض أَسَانِيد الطَّبَرَانِيّ جيد
(أَربع من سنَن الْمُرْسلين) أَي من طريقتهم وَالْمرَاد الرُّسُل من الْبشر (الْحيَاء) بمثناة تحتية بِخَط الْمُؤلف وَالصَّوَاب كَمَا قَالَه جمع الْخِتَان بخاء مُعْجمَة ومثناة فوقية وَنون (والتعطر) اسْتِعْمَال الْعطر وَهُوَ الطّيب (وَالنِّكَاح) أَي الْوَطْء (والسواك) لأنّ الْفَم طَرِيق لكَلَام الله الْمنزل عَلَيْهِم وَالْمرَاد أَن الْأَرْبَع من سنَن غَالب الرُّسُل فنوح لم يختتن وَعِيسَى لم يتزوّج (حم ت هَب عَن أبي أَيُّوب) الْأنْصَارِيّ قَالَ الترمذيّ حسن غَرِيب ونوزع
(أَربع من سَعَادَة الْمَرْء) أَي من بركته ويمنه وعزه (أَن تكون زَوجته صَالِحَة) أَي دينة جميلَة (وَأَوْلَاده أبرارا) أَي يبرونه ويتقون الله (وخلطاؤه) أَي أَصْحَابه وَأهل حرفته الَّذين يخالطونه (صالحين) أَي قَائِمين بِحُقُوق الله وَحُقُوق خلقه (وَأَن يكون رزقه) أَي مَا يرتزق مِنْهُ من نَحْو حِرْفَة أَو صناعَة (فِي بَلَده) أَي فِي وَطنه وَهَذِه حَالَة فاضلة وَأَعْلَى مِنْهَا أَن يَأْتِيهِ رزقه من حَيْثُ لَا يحْتَسب كَمَا مرّ (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (فر) كِلَاهُمَا (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي كتاب الإخوان عَن عبد الله بن الحكم) بن أبي زِيَاد الْكُوفِي (عَن أَبِيه) الحكم (عَن جدّه) أبي زِيَاد الْمَذْكُور رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أَربع) وَفِي رِوَايَة أَرْبَعَة (من الشَّقَاء) ضدّ السَّعَادَة (جمود الْعين) قلَّة دمعها قيل وَهُوَ كِنَايَة عَن قسوة الْقلب وَعَلِيهِ فالعطف فِي قَوْله (وَقُوَّة الْقلب) تفسيري وقسوته غلظته وشدّته فِي ذَات الله عز وجلّ (والحرص) أَي الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا والانهماك عَلَيْهَا والحرص يَحْتَاجهُ الْإِنْسَان لَكِن بِقدر مَعْلُوم (وَطول الأمل) أَي رَجَاء الْإِكْثَار من الْإِقَامَة فِي الدُّنْيَا وأناط الحكم بِطُولِهِ ليخرج أَصله فَإِنَّهُ لَا بدّ مِنْهُ فِي بَقَاء هَذَا الْعَالم (عد حل) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف
(أَربع لَا يشبعن من أَربع عين من نظر) أَي إِلَى مَا يستحسن ويستلذ (وَأَرْض من مطر) فَكل مطر وَقع عَلَيْهَا شربته واستدعت غَيره (وَأُنْثَى من ذكر) فَإِنَّهَا فضلت على الرجل فِي قُوَّة شبقها بسبعين ضعفا لَكِن الله ألْقى عَلَيْهَا الْحيَاء (وعالم من علم) فَإِنَّهُ إِذا ذاق أسراره وخاض بحاره صَار عِنْده أعظم اللَّذَّات وبمنزلة الأقوات وَعبر بعالم دون إِنْسَان أَو رجل لِأَن الْعلم صَعب على المبتدى (حل عَن أبي هُرَيْرَة عد خطّ عَن عَائِشَة) قَالَ مخرّجه ابْن عدي مُنكر
(أَربع) من الرَّكْعَات يصليهن الْإِنْسَان (قبل الظّهْر) أَي قبل صلَاته أَو قبيل دُخُول وقته وَهُوَ عِنْد الزَّوَال (لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيم) أَي لَيْسَ بَين كل رَكْعَتَيْنِ مِنْهَا فصل بِسَلام (تفتح لَهُنَّ أَبْوَاب السَّمَاء) كِنَايَة عَن حسن الْقبُول وَسُرْعَة الْوُصُول وَتسَمى هَذِه سنة الزَّوَال وَهِي غير سنة الظّهْر صرح بِهِ الغزالى (د ت فى) كتاب (الشَّمَائِل) النَّبَوِيَّة (هـ وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (عَن أبي أَيُّوب) الأنصاريّ قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي إِسْنَاده احْتِمَال للتحسين ورمز الْمُؤلف لصِحَّته لما قَامَ عِنْده فِي ذَلِك
(أَربع قبل الظّهْر(1/138)
كعدلهنّ) أَي كنظيرهنّ ووزانهن (بعد الْعشَاء وَأَرْبع بعد الْعشَاء كعدلهنّ من لَيْلَة الْقدر) فنتج أَن أَرْبعا قبل الظّهْر يعدلن الْأَرْبَع لَيْلَة الْقدر فِي الْفضل أَي فِي مطلقه وَلَا يلْزم مِنْهُ التَّسَاوِي فِي الْمِقْدَار والتضعيف (طس عَن أنس) بن مَالك قَالَ الْحَافِظ الهيتمي ضَعِيف جدّا فرمز الْمُؤلف لحسنه مَمْنُوع
(أَربع لَا يصبن إِلَّا بعجب) أَي لَا تُوجد وتجتمع الْأَعْلَى وَجه عَجِيب أَي قلّ أَن تَجْتَمِع (الصمت) أَي السُّكُوت عَمَّا لَا يَنْبَغِي أَو مَا لَا يَعْنِي (وَهُوَ أوّل الْعِبَادَة) أَي مبناها وأساسها (والتواضع) أَي لين الْجَانِب لِلْخلقِ (وَذكر الله) أَي لُزُومه والدوام عَلَيْهِ (وَقلة الشَّيْء) الَّذِي ينْفق مِنْهُ على نَفسه وممونه فَإِنَّهُ لَا يُجَامع السُّكُوت وَالْوَقار وَلُزُوم الذّكر بل الْغَالِب على الْمقل الشكوى وَإِظْهَار الضجر والتأمل وشغل الفكرة الصَّارِف عَن الذّكر (طب ك هَب عَن أنس) بأسانيد ضَعِيفَة وَتَصْحِيح الْحَاكِم ردّه جمع حفاظ محققون
(أَربع لَا يقبلن فِي أَربع) أَي لَا يُثَاب من أنْفق منهنّ وَيقبل عمله فِيهِنَّ (نَفَقَة من خِيَانَة أَو سَرقَة أَو غلُول) من غنيمَة (أَو مَال يَتِيم) فَلَا يقبل الْإِنْفَاق من وَاحِد من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَع (فِي حج) بِأَن حج بِمَال خانه أَو سَرقه أَو غله أَو غصبه من مَال يَتِيم (وَلَا) فِي (عمْرَة) سَوَاء كَانَا حجَّة الْإِسْلَام وعمرته أم تَطَوّعا (وَلَا) فِي (جِهَاد) هبه فرض عين أَو كِفَايَة (وَلَا) فِي (صَدَقَة) فرضا أَو نفلا كوقف أَو غَيره (ص عَن مَكْحُول مُرْسلا عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد حسن
(أَربع أنزلن) أَي أنزلهن الله (من كنز تَحت الْعَرْش) أَي عرش الرَّحْمَن (أم الْكتاب) الْفَاتِحَة (وَآيَة الْكُرْسِيّ وخواتيم الْبَقَرَة) أَي آمن الرَّسُول إِلَى آخر السُّورَة (والكوثر) أَي السُّورَة الَّتِي ذكر فِيهَا الْكَوْثَر وَهِي {إِنَّا أعطيناك الْكَوْثَر} والكنز النفائس المدخرة فَهُوَ إِشَارَة إِلَى أَنَّهَا ادخرت للمصطفى فَلم تنزل على من قبله (طب وَأَبُو الشَّيْخ) بن حَيَّان (والضياء) المقدسيّ (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(أَربع حق على الله أَن لَا يدخلهم الْجنَّة وَلَا يذيقهم نعميها مد من خمر) أَي مداوم على شربهَا (وآكل الرِّبَا وآكل مَال الْيَتِيم بِغَيْر حق) قيد بِهِ فِي مَال الْيَتِيم دون الرِّبَا لأنّ أكل الرِّبَا لَا يكون إِلَّا بِغَيْر حق بِخِلَاف مَال الْيَتِيم (والعاق لوَالِديهِ) أَي إِن اسْتحلَّ كل مِنْهُم ذَلِك وَإِلَّا فَالْمُرَاد مَعَ السَّابِقين الأوّلين أَو حَتَّى يطهرهم بالنَّار (ك هَب عب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف وَقَول الْحَاكِم صَحِيح ردّ عَلَيْهِ
(أَربع أفضل الْكَلَام) أَي كَلَام الْبشر (لَا يضرّك) أَيهَا الْآتِي بهنّ فِي حِيَازَة ثوابهن (بأيهنّ بدأت) وَفِيه إِشْعَار بِأَن الْأَفْضَل الْإِتْيَان بهَا على هَذَا التَّرْتِيب وهنّ (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر) أما كَلَام الله فَهُوَ أفضل من التَّسْبِيح والتهليل الْمُطلق والاشتغال بالمأثور فِي وَقت أَو حَال مَخْصُوص أفضل مِنْهُ بِالْقُرْآنِ (هـ ص عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب وَهُوَ حَدِيث صَحِيح
(أَربع دعوتهم مستجابة) يَعْنِي إِذا دعوا أجَاب الله دعاءهم (الإِمَام الْعَادِل) أَي الْحَاكِم الَّذِي لَا يجور فِي حكمه (وَالرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان فَذكر الرجل وصف طردي (يَدْعُو لِأَخِيهِ) فِي الدّين (بِظهْر الْغَيْب) أَي فِي غيبته وَلَفظ الظّهْر مقحم كَمَا مرّ (ودعوة الْمَظْلُوم) على ظالمه (وَرجل) أَي إِنْسَان كَمَا تقرّر (يَدْعُو لوَالِديهِ) أَي أصليه وَأَن عليا أَو لأَحَدهمَا بالمغفرة أَو نَحْو ذَلِك وَورد مِمَّن يُسْتَجَاب دعاؤه أَيْضا جمَاعَة وَذكر الْعدَد لَا يَنْفِي الزَّائِد (حل عَن وائلة) بن الْأَسْقَع بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَرْبَعَة) أَي أَرْبَعَة أشخاص (لَا ينظر الله تَعَالَى إِلَيْهِم) نظر رضَا ومثوبة (يَوْم الْقِيَامَة عَاق) لوَالِديهِ أَو أَحدهمَا (ومنان) بِمَا أعْطى (وَمد من خمر) أَي(1/139)
ملازم على شربهَا (ومكذب بِالْقدرِ) بِالتَّحْرِيكِ بِأَن أسْند أَفعَال الْعباد إِلَى قدرهم وَأنكر كَونهَا بِتَقْدِير الله تَعَالَى وَفِيه أَن الْأَرْبَعَة الْمَذْكُورَة من الْكَبَائِر (طب عد عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بأسانيد ضَعِيفَة كَمَا بَينه الهيتمي
(أَرْبَعَة يبغضهم الله) أَي يعذبهم ويحلهم دَار الهوان (البياع الحلاف) بِالتَّشْدِيدِ أَي الَّذِي يكثر الْحلف على سلْعَته وَهُوَ كَاذِب (وَالْفَقِير المختال) أَي المتكبر المعجب بِنَفسِهِ (وَالشَّيْخ الزَّانِي) أَي الَّذِي طعن فِي السن وَهُوَ مصرّ على الزِّنَا (وَالْإِمَام الجائر) أَي الْحَاكِم المائل فِي حكمه عَن الْحق الْعَادِل إِلَى الْبَاطِل وَوجه بغضه لَهُم ذكرته فِي الأَصْل (ن هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَصَححهُ أَئِمَّة حفاظ
(أَرْبَعَة تجْرِي عَلَيْهِم أُجُورهم بعد الْمَوْت) أَي لَا يَنْقَطِع ثَوَاب أَعْمَالهم بموتهم (من مَاتَ مرابطا فِي سَبِيل الله) أَي إِنْسَان مَاتَ حَال كَونه ملازما ثغر العدوّ بِقصد الذب عَن الْمُسلمين (وَمن علم علما أجْرى لَهُ عمله مَا عمل بِهِ) أَي وإنسان علم علما وَعلمه غَيره ثمَّ مَاتَ فَيجْرِي عَلَيْهِ ثَوَابه مدّة دوَام الْعَمَل بِهِ بعده (وَمن تصدّق بِصَدقَة فأجرها يجْرِي لَهُ مَا وجدت) أَي وإنسان تصدّق بِصَدقَة جَارِيَة كوقف فَيجْرِي لَهُ أجره مدّة بَقَاء الْعين المتصدّق بهَا (وَرجل) أَي إِنْسَان (ترك ولدا صَالحا) أَي فرعا مُسلما ذكرا أَو أُنْثَى (فَهُوَ يَدْعُو لَهُ) بِالرَّحْمَةِ وَالْمَغْفِرَة فدعاؤه أسْرع قبولا من دُعَاء الأجنبيّ وَلَا تعَارض بَين قَوْله هُنَا أَرْبَعَة وَقَوله فِي الحَدِيث المارّ إِذا مَاتَ ابْن آدم انْقَطع عمله إِلَّا من ثَلَاث لما بَينته فِي الأَصْل (حم طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف لكنه صَحِيح مفرقا من حَدِيث غَيره
(أَرْبَعَة يُؤْتونَ أُجُورهم مرّتين) أَي يُضَاعف الله لَهُم ثَوَاب عَمَلهم مرّتين (أَزوَاج النبيّ) فِيهِ شُمُول لمن مَاتَ قبله وَتَأَخر بعده (وَمن أسلم من أهل الْكتاب) يَعْنِي الْفرْقَة النَّاجِية من النَّصَارَى (وَرجل كَانَت عِنْده أمة) يملكهَا وَهِي تحل لَهُ (فَأَعْجَبتهُ فَأعْتقهَا) أَي أَزَال عَنْهَا الرّقّ لله (ثمَّ تزوّجها) بِعقد (وَعبد مَمْلُوك) قيد بِهِ تمييزا بَينه وَبَين الحرّ فَإِنَّهُ أَيْضا عبد الله (أدّى حق الله تَعَالَى وَحقّ سادته) كَمَا مرّ وَلَا بدع فِي كَون عمل وَاحِد يُؤجر عَلَيْهِ الْعَامِل مرّتين لِأَنَّهُ فِي الْحَقِيقَة عملان مُخْتَلِفَانِ طَاعَة الله وَطَاعَة الْمَخْلُوق فيؤجر على كل مِنْهُمَا مرّة وَقَوله فَأَعْجَبتهُ للتصوير لَا للتَّقْيِيد وَلَعَلَّه خرج جَوَابا لسائل (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده حسن
(أَرْبَعَة من كنز الْجنَّة) أَي نوابهن مدخر فِي الْجنَّة (إخفاء الصَّدَقَة) أَي عدم إعلانها وَالْمُبَالغَة فِي كتمانها (وكتمان الْمُصِيبَة) أَي عدم إشاعتها وإذاعتها على جِهَة الشكوى (وصلَة الرَّحِم) الْإِحْسَان إِلَى الْأَقَارِب (وَقَول) الْإِنْسَان (لَا حول) أَي لَا تحوّل عَن الْمعْصِيَة (وَلَا قوّة) على الطَّاعَة (إِلَّا بِاللَّه) أَي بإقداره وتوفيقه (خطّ عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَرْبَعُونَ خصْلَة) بِفَتْح الْخَاء مُبْتَدأ (أعلاهنّ) مُبْتَدأ ثَان (منحة العنز) خبر الثَّانِي وَالْجُمْلَة خبر الأوّل والعنز بِفَتْح فَسُكُون أُنْثَى الْمعز وَالْمرَاد أَن يُعْطي إِنْسَان لآخر عَنْزًا لينْتَفع بلبنها وصوفها وَيُعِيدهَا (لَا يعْمل عبد) أَي إِنْسَان (بخصلة مِنْهَا رَجَاء ثَوَابهَا) بِالنّصب مفعول لَهُ (وتصديق موعودها) بميم أوّله بِخَط الْمُؤلف أَي بِمَا وعد لفاعلها من الثَّوَاب (لَا أدخلهُ الله تَعَالَى بهَا) أَي بِسَبَب قبُوله لَهَا (الْجنَّة) وَلم يعين الْأَرْبَعين كلهَا خوفًا من الِاقْتِصَار عَلَيْهَا والزهد فِي غَيرهَا (خَ د عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أَرْبَعُونَ رجلا أمة) أَي جمَاعَة مُسْتَقلَّة لَا تحلوا من عبد صَالح غَالِبا (وَلم يخلص أَرْبَعُونَ رجلا فِي الدُّعَاء لميتهم) أَي صلَاتهم عَلَيْهِ (إِلَّا وهبه الله تَعَالَى لَهُم وَغفر لَهُ) ذنُوبه إِكْرَاما(1/140)
لَهُم ويكرمه هُوَ بالمغفرة لَهُم (الخليلي) نِسْبَة إِلَى جده الْأَعْلَى فَإِنَّهُ عبد الله بن أَحْمد بن إِبْرَاهِيم الخليلي الْقزْوِينِي (فِي مشيخته) أَي فِي مُعْجَمه الَّذِي ذكر فِيهِ مشايخه (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أَرْبَعُونَ دَارا) من كل جِهَة من الْجِهَات الْأَرْبَع (جَار) فَلَو أوصنى لجيرانه صرف لأربعين دَارا من كل جَانب من الْحُدُود الْأَرْبَعَة كَمَا عَلَيْهِ الشافعيّ (د فِي مراسيله عَن الزُّهْرِيّ) يَعْنِي ابْن شهَاب (مُرْسلا) بِسَنَد صَحِيح
(ارْجِعْنَ) أَيهَا النسْوَة اللَّاتِي جلسن ينتظرن جَنَازَة ليذهبن مَعهَا (مَأْزُورَات) أَي آثمات وَعدل عَن موزورات مَعَ كَونه الْقيَاس للازدواج لقَوْله (غير مَأْجُورَات) فزيارة الْقُبُور للنِّسَاء مَكْرُوهَة فَإِن ترَتّب عَلَيْهَا نَحْو جزع أَو ندب أَو صياح حرمت (هـ عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد صَحِيح (ع عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف (أَرْحَامكُم) أَي أقاربكم من الذُّكُور وَالْإِنَاث (أَرْحَامكُم) بِالنّصب فيهمَا أَي صلوهم وَاسْتَوْصُوا بهم واحذروا من التَّفْرِيط فِي فِي حَقهم والتكرير للتَّأْكِيد (حب عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ صَحِيح
(ارْحَمْ من فِي الأَرْض) من جَمِيع أَصْنَاف الْخَلَائق (يَرْحَمك من فِي السما) أى من أمره نَافِذ فِيهَا أَو من فِيهَا قدرته وسلطانه فَإنَّك كَمَا تدين تدان (طب عَن جرير) بن عبد الله (طب ك عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَهُوَ صَحِيح
(ارحموا ترحموا) لأنّ الرَّحْمَة من صِفَات الْحق الَّتِي بهَا شَمل الْخلق فندب إِلَيْهَا الشَّرْع فِي كل شَيْء (واغفروا يغْفر لكم) لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب أسماءه وَصِفَاته وَمِنْهَا الغفور وَيُحب من تخلق بذلك (ويل لأقماع القَوْل) أَي شدّة هلكة والأقماع بِفَتْح الْهمزَة جمع قمع بِكَسْر فَفتح لمن لَا يعي أَمر الشَّارِع وَلم يتأدب بآدابه شبه من لَا يعي القَوْل بأقماع الْأَوَانِي الَّتِي تجْعَل على أفواهها وَيصب فِيهَا فَإِنَّهَا لَا تدْرك شَيْئا مِمَّا يصب فِي أوانيها لمروره عَلَيْهَا مجتازا أَي يَجْعَل بَينه وَبَين فهم الْكَلَام حاجبا عَن الْفَهم أَو الْعَمَل تأمّل (ويل للمصرين) على الذُّنُوب أَي العازمين على المداومة عَلَيْهَا (الَّذين يصرون على مَا فعلوا) يُقِيمُونَ عَلَيْهِ فَلم يتوبوا وَلم يَسْتَغْفِرُوا (وهم يعلمُونَ) أَي يصرون فِي حَال عَمَلهم بِأَن مَا فَعَلُوهُ مَعْصِيّة والإصرار الْإِقَامَة على الْقَبِيح من غير اسْتِغْفَار (حم خد هَب عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ سَمِعت رَسُول الله يَقُول على منبره ذَلِك وَإِسْنَاده جيد
(أردية الْغُزَاة السيوف) أَي هِيَ بِمَنْزِلَة أرديتهم فَلَيْسَ الارتداء فِي حَقهم بمطلوب كَمَا يطْلب لغَيرهم بل الْمَطْلُوب لَهُم التقلد بِالسُّيُوفِ مكشوفة ليراها العدوّ فيرهب وَلِأَنَّهُ قد يحْتَاج إِلَى سل السَّيْف فَيكون لَا حَائِل بَينه وَبَينه (عب عَن الْحسن مُرْسلا) وَهُوَ الْبَصْرِيّ
(ارضخى) بِكَسْر الْهمزَة أَي أعطي يَا أَسمَاء بنت الصدّيق وَلَو يَسِيرا (مَا اسْتَطَعْت) أَي مَا دمت قادرة على الْإِعْطَاء (وَلَا توعي) تمسكي المَال فِي الْوِعَاء يَعْنِي لَا تمنعي فضل المَال عَن الْفُقَرَاء (فيوعى الله عَلَيْك) يمنعك فَضله فإسناد الوعي إِلَى الله مجَاز عَن الْمَنْع (م ن عَن أَسمَاء بنت أبي بكر) الصدّيق قَالَت قلت يَا رَسُول الله لَيْسَ لي شَيْء إِلَّا مَا يدْخل عليّ الزبير فَهَل عليّ جنَاح أَن أرضخ مِنْهُ فَذكره
(أرضوا) أَيهَا المزكون الَّذين جاؤا يتظلمون من السعاة (مصدقيكم) يَعْنِي السعاة ببذل الْوَاجِب وملاطفتهم وملاينتهم فَلَيْسَ المُرَاد الْأَمر ببذل زِيَادَة على الْوَاجِب وَسبب الحَدِيث أَن نَاسا أَي من الْأَعْرَاب أَتَوْهُ فَقَالُوا يَا رَسُول الله إِن نَاسا من المصدّقين يَأْتُونَا فيظلمونا قَالَ أرضوا مصدقيكم قَالُوا وَإِن ظلمونا قَالَ وَإِن ظلمتم أَي فِي زعمكم (حم م د ن عَن جرير) بن عبد الله
(ارْفَعْ إزارك) يَا من(1/141)
سبله حَتَّى وصل إِلَى الأَرْض (وَاتَّقِ الله) أَي خف عِقَابه على تعَاطِي مَا حرمه عَلَيْك من جرّ إزارك تكبرا وخيلا (طب عَن الشريد بن سُوَيْد) الثَّقَفِيّ مَالك أَو غَيره رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(ارْفَعْ إزارك) أَي شمره (فَإِنَّهُ) أَي الرّفْع (أنقى) بالنُّون (لثوبك) أَي أنزه لَهُ عَن القاذورات وروى بموحدة تحتية من الْبَقَاء (وَأتقى لِرَبِّك) أوفق للتقوى لبعده عَن الْكبر وَفِيه كَالَّذي قبله حُرْمَة إسبال الرجل إزَاره وَنَحْوه عَن الْكَعْبَيْنِ أَي بِقصد الْخُيَلَاء (ابْن سعد) فِي طبقاته (حم هَب) كلهم (عَن الْأَشْعَث بن سليم) الْمحَاربي (عَن عمته عَن عَمها) رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(ارْفَعْ) أَيهَا الْبَانِي (الْبُنيان إِلَى السَّمَاء) يَعْنِي إِلَى جِهَة العلوّ والصعود (واسأل الله) أَي اطلب مِنْهُ (السعَة) أَي أَن يُوسع عَلَيْك وَفِيه إِشْعَار بِكَرَاهَة ضيق الْمنزل (طب عَن خَالِد بن الْوَلِيد) بن الْمُغيرَة قَالَ شكيت إِلَى رَسُول الله الضّيق فِي مسكني فَذكره وَهُوَ حسن لَا ضَعِيف خلافًا للمؤلف
(ارْفَعُوا أَلْسِنَتكُم عَن الْمُسلمين) أَي كفوها عَن الوقيعة فِي أعراضهم (وَإِذا مَاتَ أحد مِنْهُم فَقولُوا فِيهِ خيرا) أَي لَا تذكروه إِلَّا بِخَير فَإِن غيبَة الْمَيِّت أشدّ من غيبَة الْحَيّ وَهَذَا مَا لم يَتَرَتَّب على ذكره بالسوء مصلحَة وَإِلَّا كالتحذير من بدعته فَهُوَ جَائِز بل وَاجِب (طب عَن سهل بن سعد) الساعديّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(أَرِقَّاءَكُم أَرِقَّاءَكُم) بِالنّصب أَي الزموا الْإِحْسَان إِلَيْهِم والتكرير للتَّأْكِيد (فَأَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَأْكُلُونَ) أَي من جنس الَّذِي تأكلونه (وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ) كَذَلِك (وَإِذا جاؤا بذنب لَا تُرِيدُونَ أَن تغفروه) أَي وَإِن أَتَوا بذنب يصعب على النَّفس الإغضاء عَنهُ (فبيعوا عباد الله وَلَا تعذبوهم) بِضَرْب أَو تهديد فَإِنَّكُم لَسْتُم بمالكين لَهُم حَقِيقَة بل هم عباد الله حَقًا وَإِنَّمَا لكم بهم نوع اخْتِصَاص (حم وَابْن سعد) فِي طبقاته (عَن زيد بن الْخطاب) هُوَ أَخُو عمر وَضَعفه الهيتمي بعاصم بن عبد الله وَبِه يردّ تَحْسِين الْمُؤلف
(أرقاؤكم إخْوَانكُمْ) فِي الدّين (فَأحْسنُوا إِلَيْهِم) بالْقَوْل وَالْفِعْل (استعينوهم على مَا غَلَبَكُمْ) أَي مَالا يمكنكم مُبَاشَرَته من الْأَعْمَال (وأعينوهم على مَا غلبهم) لكم من الْخدمَة اللَّازِمَة لَهُم وَمَا ذكر من أَنه بغين مُعْجمَة هُوَ مَا فِي خطّ الْمُؤلف وَهُوَ الصَّوَاب فَمَا فِي نسخ من أَنه بِمُهْملَة تَصْحِيف وَإِن كَانَ مَعْنَاهُ صَحِيحا (حم خد عَن رجل) من الصَّحَابَة رمز الْمُؤلف لحسنه
(أرقى) خطا بالمؤنث وَهِي دايته الشِّفَاء وَالْحكم عَام أَي لَا حرج فِي الرقيا لشَيْء من الْعَوَارِض كلدغ عقرب (مَا لم يكن شرك بِاللَّه) أَي مَا لم تشْتَمل الرّقية على مَا فِيهِ شَيْء من أَنْوَاع الْكفْر كالشرك فَإِنَّهَا محظورة مَمْنُوعَة وَالْأَمر للْإِبَاحَة وَقد تندب وَقد تجب (ك عَن الشِّفَاء) داية النبيّ (بنت عبد الله) بن عبد شمس العدوية وَإِسْنَاده صَحِيح
(اركبوا هَذِه الدَّوَابّ سَالِمَة) أَي خَالِصَة من الكد والأتعاب (واتدعوها سَالِمَة) أَي اتركوها وانزلوا عَنْهَا إِذا لم تحتاجوا إِلَى ركُوبهَا وَفِي رِوَايَة ودعوها بدل تدعوها (وَلَا تتخذوها كراسي لأحاديثكم فِي الطّرق والأسواق) أَي لَا تجلسوا على ظُهُورهَا لتتحدّثوا مَعَ أصحابكم وَهِي موقفة كجلوسكم على الكراسي للتحدّث والمنهي عَنهُ الْوُقُوف الطَّوِيل لغير حَاجَة (فَرب) دَابَّة (مركوبة خير من راكبها) عِنْد الله تَعَالَى (وَأكْثر ذكر الله مِنْهُ) بَين بِهِ أَن الدَّوَابّ مِنْهَا مَا هُوَ صَالح وَغَيره وَأَن لَهَا إدراكا وتمييزا وَأَنَّهَا تسبح وَإِن من شَيْء إِلَّا يسبح بِحَمْدِهِ (حم ع طب ك عَن معَاذ بن أنس) قَالَ مرّ النبيّ على قوم وهم وقُوف على دوابهم فَذكره وَاحِد أسانيده صَحِيح
(ارْكَعُوا)(1/142)
ندبا (هَاتين الرَّكْعَتَيْنِ فِي بُيُوتكُمْ) أَي صلوهما فِي مَنَازِلكُمْ لَا فِي الْمَسْجِد ثمَّ بَينهمَا بقوله (السبحة) بِضَم فَسُكُون (بعد الْمغرب) أَي النَّافِلَة بعْدهَا سميت بِهِ لاشتمالها على التَّسْبِيح فَأفَاد ندب رَكْعَتَيْنِ بعد الْمغرب وَهُوَ إِجْمَاع (هـ عَن رَافع بن خديج) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَكسر الدَّال الْمُهْملَة الأوسي وَهُوَ حسن
(ارموا) بِالسِّهَامِ ندبا لترتاضوا وتتمرنوا على الرَّمْي قبل لِقَاء العدوّ (واركبوا) الْخَيل وَنَحْوهَا مِمَّا يصلح لِلْقِتَالِ (وَأَن ترموا) بِفَتْح الْهمزَة أَي وَالرَّمْي بِالسِّهَامِ وَخَبره (أحب إليّ من أَن تركبوا) أَي من ركوبكم نَحْو الْخَيل (كل شَيْء يلهو بِهِ الرجل بَاطِل) أَي لَا اعْتِبَار بِهِ (إِلَّا رمي الرجل بقوسه) الْعَرَبيَّة أَو الفارسية (أَو تأدبيه فرسه) أَي ركضها وتدريبها وَتَعْلِيمهَا مَا يَحْتَاجهُ للْجِهَاد بنيته (أَو ملاعبته امْرَأَته) أَي مزاحه حليلته بِقصد إِحْسَان الْعشْرَة (فَإِنَّهُنَّ) أَي الْخِصَال الْمَذْكُورَة (من الْحق) أَي من الْأُمُور الْمُعْتَبرَة فِي نظر الشَّرْع إِذا قصد بالأوّلين الْجِهَاد وبالثالث حسن الْعشْرَة (وَمن ترك الرَّمْي) بِالسِّهَامِ بِلَا عذر (بعد مَا علمه) بِكَسْر اللَّام المخففة على الصَّوَاب أَي بعد علمه إِيَّاه بالتعلم (فقد كفر الَّذِي علمه) أَي ستر نعْمَة معلمه فَيكْرَه ترك لرمي بعد مَعْرفَته لأنّ من تعلمه حصل أَهْلِيَّة الدّفع عَن دين الله فَتَركه تهاون بِالدّينِ (حم ت هَب) والشافعيّ (عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ وَهُوَ حسن
(ارموا الْجَمْرَة) فِي الْحَج (بِمثل حَصى الْخذف) بِفَتْح الْخَاء وَسُكُون الذَّال المعجمتين أَي بِقدر الْحَصَا الصغار الَّتِي تخذف أَي يرْمى بهَا وَالْمرَاد هُنَا مَا قدر إِلَّا نملة طولا وعرضا وَهُوَ قدر الباقلا فَيكْرَه بِدُونِهِ وفوقه ويجزى (حم وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (والضياء) فِي المختارة (عَن رجل من الصَّحَابَة) وَرِجَاله ثِقَات وجهالة صحابية لَا تضر لأَنهم عدُول
(أرهقوا) بِفَتْح فَسُكُون فَكسر (الْقبْلَة) أَي ادْنُوا من الستْرَة الَّتِي تصلونَ إِلَيْهَا بِحَيْثُ يكون بَيْنكُم وَبَينهَا ثَلَاثَة أَذْرع فَأَقل وَالْأَمر للنَّدْب (الْبَزَّاز) فِي مُسْنده (هَب وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أريت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (مَا تلقى أمتِي من بعدِي) أَي أطلعني الله بِالْوَحْي أَو بِالْعرضِ التمثيلي أَو بالكشف القلبي على مَا ينوبها من نَوَائِب ونواكب (وَسَفك بَعضهم دِمَاء بعض) أَي قتل بَعضهم بَعْضًا بِالسَّيْفِ فِي الْفِتَن الْوَاقِعَة بَينهم (وَكَانَ ذَلِك) السفك (سَابِقًا من الله) يَعْنِي فِي الْأَزَل (كَمَا سبق فِي الْأُمَم قبلهم) من أَن كل نبيّ تعرض عَلَيْهِ أمته أَو من سفك بَعضهم دِمَاء بعض سبق بِهِ قَضَاؤُهُ كَمَا وَقع لمن قبلهم (فَسَأَلته أَن يوليني) بِفَتْح الْوَاو وشدّ اللَّام أَو سُكُون الْوَاو وَالتَّخْفِيف (شَفَاعَة فيهم) أَي عَظِيمَة جدّا كَمَا أَفَادَهُ التنكير (يَوْم الْقِيَامَة) لأخلصهم مِمَّا أرهقهم عسرا (فَفعل) أَي أَعْطَانِي مَا سَأَلته (حم طس ك عَن أم حَبِيبَة) زوج النبيّ وَهُوَ صَحِيح (إزرة) بِكَسْر الْهمزَة (الْمُؤمن) أَي حَالَته الَّتِي ترْضى مِنْهُ فِي الائتزار وَأَن يكون الْإِزَار (إِلَى أَنْصَاف سَاقيه) فَإِن هَذِه هِيَ الْمَطْلُوبَة المحبوبة وَهِي إزرة الْمَلَائِكَة كَمَا مرّ وَمَا أَسْفَل من ذَلِك فَفِي النَّار كَمَا فِي عدّة أَخْبَار قَالَ الطَّيِّبِيّ جمع السَّاقَيْن ليشعر بالتوسعة فِي الْأَمر (ن عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ (وَابْن عمر) بن الْخطاب (والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك بأسانيد صَحِيحَة
(ازهد فِي الدُّنْيَا) باستصغار جُمْلَتهَا واحتقار جَمِيع شَأْنهَا والإعراض عَنْهَا بِالْقَلْبِ (يحبك الله) لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب من أطاعه وطاعته لَا تَجْتَمِع مَعَ محبَّة الدُّنْيَا لأنّ الْقلب بَيت الرب فَلَا يحب أَن يُشْرك فِي بَيته غَيره (وازهد فِيمَا عِنْد النَّاس) مِنْهَا (يحبك النَّاس) لأنّ طباعهم(1/143)
جبلت على حب الدُّنْيَا وَمن نَازع إِنْسَان فِي محبوبه قلاه وَمن تَركه لَهُ أحبه واصطفاه قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ أصُول الْأَحَادِيث أَرْبَعَة هَذَا مِنْهَا (هـ طب ك هَب عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ قَالَ قَالَ رجل يَا رَسُول الله دلَّنِي على عمل إِذا عملته أَحبَّنِي الله وَالنَّاس فَذكره وَحسنه النَّوَوِيّ كالترمذي وَصَححهُ الْحَاكِم وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ
(أزهد النَّاس) بِفَتْح الْهمزَة أَي أَكثر النَّاس زهدا (فِي الْعَالم أَهله وجيرانه) زَاد فِي رِوَايَة حَتَّى يفارقهم وَذَلِكَ سنة الله فِي الَّذين خلوا من قبل من الْأَنْبِيَاء وَالْعُلَمَاء ورثتهم وَمن ثمَّ قَالَ بعض العارفين كل مَقْدُور عَلَيْهِ مزهود فِيهِ وكل مَمْنُوع مَرْغُوب فِيهِ (حل عَن أبي الدَّرْدَاء عد عَن جَابر) بن عبد الله وَفِيه ضعف شَدِيد
(أزهد النَّاس فِي الْأَنْبِيَاء) أَي وَالرسل (وأشدّهم عَلَيْهِم) فِي الْإِيذَاء وَالْبذَاء (الأقربون) مِنْهُم بِنسَب أَو مصاهرة أَو جوَار أَو مصاحبة وَنَحْو ذَلِك وَذَلِكَ لَا يكَاد يتَخَلَّف فِي نبيّ من الْأَنْبِيَاء كَمَا يُعلمهُ من أحَاط بسيرهم وقصصهم وَكَفاك مَا وَقع للمصطفى من عَمه أبي لَهب وزوجه وولديه وأضرابهم وَفِي الْإِنْجِيل لَا يفقد النَّبِي حرمته إِلَّا فِي بَلَده (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي الدردا) وَهُوَ واه بل قيل بِوَضْعِهِ
(أزهد النَّاس) أَي أَكْثَرهم زهدا فِي الدُّنْيَا (من لم ينس الْقَبْر) يَعْنِي مَوته ونزوله الْقَبْر ووحدته ووحشته (والبلا) الفناء والاضمحلال (وَترك أفضل زِينَة) الْحَيَاة (الدُّنْيَا) مَعَ إِمْكَان نيلها (وآثر مَا يبْقى على مَا يفنى) أَي آثر الْآخِرَة وَمَا ينفع فِيهَا على الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا (وَلم يعدّ غَدا من أَيَّامه) لجعله الْمَوْت نصب عَيْنَيْهِ على توالي اللحظات (وعدّ نَفسه فِي الْمَوْتَى) لعلمه بِأَن الْمَوْت لَا بدّ أَن يلاقيه وَهُوَ بسبيل من أَن يفجأه قبل الْمسَاء أَو الصَّباح وَأفَاد بقوله أفضل أنّ قَلِيل الدُّنْيَا لَا يخرج عَن الزّهْد وَلَيْسَ من الزّهْد ترك الْجِمَاع فقد قَالَ سُفْيَان بن عُيَيْنَة كَثْرَة النِّسَاء لَيْسَ من الدُّنْيَا فقد كَانَ عليّ كرم الله وَجهه أزهد الصَّحَابَة وَله أَربع زَوْجَات وتسع عشرَة سَرِيَّة وَقَالَ ابْن عَبَّاس خير هَذِه الْأمة أَكْثَرهَا نسَاء وَكَانَ الْجُنَيْد شيخ الْقَوْم يحب الْجِمَاع وَيَقُول إِنِّي أحتاج إِلَى الْمَرْأَة كَمَا أحتاج إِلَى الطَّعَام (هَب عَن الضَّحَّاك مُرْسلا) قَالَ قيل يَا رَسُول الله من أزهد النَّاس فَذكره وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أُسَامَة) بِضَم أوّله مخففا ابْن زيد بن حَارِثَة (أحب النَّاس) من مواليّ (إليّ) وَكَونه أحبهم إِلَيْهِ لَا يسْتَلْزم تفضيله على غَيره من أكَابِر الصحب وَأهل الْبَيْت لما يَجِيء (حم طب عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب
(إسباغ) بِكَسْر الْهمزَة (الْوضُوء) بِالضَّمِّ (فِي المكاره) أَي اسْتِيعَاب الْأَعْضَاء بِالْغسْلِ وَتَطْوِيل الْغرَّة وتكرير الْغسْل وَالْمسح ثَلَاثًا حَال مَا يكره اسْتِعْمَال المَاء لنَحْو شدّة برد وألم جسم وإيثار الْوضُوء على الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة فَلَا يَأْتِي بِهِ مَعَ ذَلِك إِلَّا كَارِهًا مُؤثر الْوَجْه الله تَعَالَى (وإعمال) بِكَسْرِهَا أَيْضا (الْإِقْدَام) أَي اسْتِعْمَالهَا فِي الْمَشْي (إِلَى الْمَسَاجِد) أَي مَوَاضِع الْجَمَاعَة (وانتظار الصَّلَاة بعد الصَّلَاة) إِذا صلى جمَاعَة أَو مُنْفَردا ثمَّ جلس ينْتَظر أُخْرَى وَتعلق قلبه بهَا بِأَن يجلس بِالْمَسْجِدِ ينتظرها أَو فِي بَيته ويشغل فكره ويعلق قلبه بحضورها (يغسل الْخَطَايَا) يَعْنِي لَا يبْقى شَيْئا من الذُّنُوب كَمَا لَا يبْقى الْغسْل شَيْئا من وسخ الثَّوْب وَقَوله (غسلا) مصدر مُؤَكد لما قبله وَالْمرَاد الصَّغَائِر وَوهم من زعم الْعُمُوم (ع ك هَب عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(إسباغ الْوضُوء شطر الْإِيمَان) أَي جزؤه أَو المُرَاد أَن الْإِيمَان يطهر الْبَاطِن وَالْوُضُوء يطهر الظَّاهِر فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَار نصف (وَالْحَمْد لله) أَي هَذَا اللَّفْظ وَحده (تملأ) بفوقية أَو تحتية (الْمِيزَان) أَي ثَوَاب النُّطْق بهَا مَعَ الإذعان يمْلَأ كفة(1/144)
الْحَسَنَات (وَالتَّسْبِيح) أَي تنزيهه تَعَالَى عَمَّا يَلِيق بِهِ (وَالتَّكْبِير) أَي تَعْظِيم الله بِنَحْوِ الله أكبر (يمْلَأ السَّمَوَات) السَّبع (وَالْأَرْض) لَو قدّر ثوابهما جسما (وَالصَّلَاة نور) أَي ذَات نورا ومنورة أَو ذَاتهَا نور ومبالغة (وَالزَّكَاة) وَفِي رِوَايَة وَالصَّدَََقَة (برهَان) حجَّة وَدَلِيل على إِيمَان المتصدّق (وَالصَّبْر) أَي حبس النَّفس على الطَّاعَة والنوائب (ضِيَاء) بِمَعْنى أَن صاحيه لَا يزَال مستضيأ بِنور الْحق (وَالْقُرْآن) أَي اللَّفْظ الْمنزل على مُحَمَّد للإعجاز بِهِ (حجَّة لَك) فِي تِلْكَ المواقف إِن عملت بِهِ (أَو عَلَيْك) فِي تِلْكَ المواطن إِن لم تعْمل بِهِ (كل النَّاس يَغْدُو) يبكر ساعيا فِي مطالبه (فبائع نَفسه) من ربه يبذلها فِي رِضَاهُ (فمعتقها) من الْعَذَاب (أَو) بَائِع نَفسه من الشَّيْطَان فَهُوَ (موبقها) أَي مهلكها بِسَبَب مَا أوقعهَا فِيهِ من الْعَذَاب (حم ن هـ حب عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) الْحَرْث أَو عبيد أَو كَعْب أَو غَيرهم وَهُوَ صَحِيح
(استاكوا وتنظفوا) أَي نقوا أبدانكم وملابسكم من الْوَسخ (وأوتروا) أَي افعلوا ذَلِك وترا ثَلَاثًا أَو خمْسا وَهَكَذَا (فَإِن الله عز وَجل وتر) أَي فَرد غير مزدوج بِشَيْء (يحب الْوتر) أَي يرضاه ويثيب عَلَيْهِ فَوق مَا يثيبه على الشفع (ش طس عَن) أبي مطرف (سُلَيْمَان) بن صرد بِمُهْملَة مَضْمُومَة وَرَاء مَفْتُوحَة الْخُزَاعِيّ الْكُوفِي وَإِسْنَاده حسن
(استتروا فِي صَلَاتكُمْ) أَي صلوا إِلَى ستْرَة ندبا كجدار أَو عَمُود أَو سجادة فَإِن فقد ذَلِك كفى السّتْر بِغَيْرِهِ (وَلَو) كَانَ (بِسَهْم) أَو نَحوه كعصا مغروزة وللساتر شُرُوط مبينَة فِي الْفُرُوع (حم ك هق عَن الرّبيع بن سُبْرَة) بِفَتْح الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُوَحدَة ابْن معبد الْجُهَنِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(استتمام الْمَعْرُوف أفضل) فِي رِوَايَة خير (من ابْتِدَائه) بِدُونِ استتمام لِأَن ابتداءه نفل وَتَمَامه فرض ذكره بعض الْأَئِمَّة وَمرَاده أَنه بعد الشُّرُوع متأكد بِحَيْثُ يقرب من الْوُجُوب (طس عَن جَابر) بن عبد الله وَهُوَ حَدِيث ضَعِيف كَمَا بَينه الهيثمي
(استحلوا فروج النِّسَاء بأطيب أَمْوَالكُم) أَي اسْتَمْتعُوا بهَا حَلَالا بِأَن تكون بِعقد شَرْعِي على صدَاق شَرْعِي وَاجْعَلُوا ذَلِك الصَدَاق من مَال حَلَال لَا شُبْهَة فِيهِ بِقدر الْإِمْكَان فإنّ لذَلِك أثرا بَينا فِي دوَام الْعشْرَة وَصَلَاح الْوَلَد (د فِي مراسيله عَن يحيى بن يعمر) بِفَتْح التَّحْتِيَّة وَالْمِيم (مُرْسلا) هُوَ قَاضِي مرو ثِقَة ثَبت وَإِسْنَاده صَالح
(استحي من الله استحياءك) أَي مثل استحيائك (من رجلَيْنِ) جليلين (من صالحي عشيرتك) أَي احذر أَن يراك حَيْثُ نهاك أَو يفقدك حَيْثُ أَمرك كَمَا تحذر أَن تفعل مَا تعاب بِهِ بِحَضْرَة جمع من قَوْمك فَذكر الرجلَيْن لِأَنَّهُمَا أقل الْجمع وَالْإِنْسَان يستحي من فعل الْقَبِيح بِحَضْرَة الْجَمَاعَة أَكثر (عد عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اسْتَحْيوا من الله حق الْحيَاء) أَي حَيَاء ثَابتا لَازِما كَمَا يحب (فَإِن الله قسم بَيْنكُم أخلاقكم) قبل أَن يخلق الْخلق بِزَمن طَوِيل (كَمَا قسم بَيْنكُم أرزاقكم) فَأعْطى كلا من عباده مَا تلِيق بِهِ الْحِكْمَة (تخ عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَهُوَ حسن
(اسْتَحْيوا من الله حق الْحيَاء) أَي حَيَاء ثَابتا لَازِما صَادِقا قَالُوا يَا نَبِي الله إِنَّا نستحي من الله وَللَّه الْحَمد قَالَ لَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن (من استحيا من الله حق الْحيَاء فَلْيحْفَظ الرَّأْس) أَي رَأسه (وَمَا وعى) أَي مَا جمعه الرَّأْس من الْحَواس الظَّاهِرَة والباطنة (وليحفظ الْبَطن وَمَا حوى) أَي وَمَا جمعه الْجوف من الْقلب وَغَيره وَعطف مَا وعى على الرَّأْس إِشَارَة إِلَى أَن حفظ الرَّأْس عبارَة عَن التَّنَزُّه عَن الشّرك فَلَا يسْجد لغيره وَلَا يرفعهُ تكبرا وَجعل الْبَطن قطبا تَدور عَلَيْهِ سَرِيَّة الْأَعْضَاء من الْقلب والفرج(1/145)
وَالْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ وَعطف مَا حوى على الْبَطن إِشَارَة إِلَى حفظه عَن الْحَرَام والتحرّز من أَن يملأه من الْمُبَاح وَيُؤَيّد ذَلِك كُله قَوْله (وليذكر الْمَوْت والبلى) أَي نزولهما بِهِ (وَمن أَرَادَ الْآخِرَة) أَي الْفَوْز بنعيمها (ترك) حتما (زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا) لِأَنَّهُمَا ضرتان فَمَتَى أرضيت إِحْدَاهمَا أغضبت الْأُخْرَى (فَمن فعل ذَلِك فقد استحيا من الله حق الْحيَاء) أَي أورثه ذَلِك الْفِعْل الاستحياء مِنْهُ تَعَالَى فارتقى إِلَى مقَام المراقبة الْموصل إِلَى دَرَجَة الْمُشَاهدَة قَالَ بَعضهم فَمن استحيا من الله حق الْحيَاء ترك الشَّهَوَات وَتحمل المكاره والمشاق حَتَّى تصير نَفسه مدموغة فَعندهَا تظهر محَاسِن الْأَخْلَاق وتشرق أنوار الْأَسْمَاء فِي قلبه ويغزر علمه بِاللَّه فيعيش غَنِيا بِهِ مَا عَاشَ (حم ت ك هَب عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ
(استذكروا الْقُرْآن) أَي أَكْثرُوا تلاته واستحضروه فِي قُلُوبكُمْ وعَلى أَلْسِنَتكُم والزموا ذَلِك وَالسِّين للْمُبَالَغَة (فَلَهو أَشد تفصيا) بفاء وصاد مُهْملَة تفلتا وتخلصا (من صُدُور الرِّجَال) أَي من قُلُوبهم الَّتِي فِي صُدُورهمْ (من النعم) بِفتْحَتَيْنِ أَي الْإِبِل (من عقلهَا) بِضَمَّتَيْنِ جمع عقال ككتب وَكتاب أَي أشدّ نفارا من الْإِبِل إِذا انفلتت من العقال فَإِنَّهَا لَا تكَاد تلْحق ونسيان الْقُرْآن بعد حفظه كَبِيرَة (حم ق ت ن عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله
(استرشدوا الْعَاقِل) أَي الْكَامِل الْعقل فأل فِيهِ للكمال (ترشدوا) بِضَم الْمُعْجَمَة أَي اطْلُبُوا مِنْهُ الْإِرْشَاد إِلَى إِصَابَة الصَّوَاب يحصل لكم الرشد فيشاور فِي شَأْن الدُّنْيَا من جرب الْأُمُور ومارس المخبور والمحذور وَفِي أُمُور الدّين من عقل عَن الله أمره وَنَهْيه (وَلَا تعصوه) بِفَتْح أَوله (فتندموا) أَي وَلَا تخالفوه فِيمَا يرشدكم إِلَيْهِ من الرَّأْي فتصبحوا على مَا فَعلْتُمْ نادمين وَلذَا قيل الْعَاقِل وَزِير رشيد وظهير سعيد من أطاعه أَنْجَاهُ من وَمن عَصَاهُ أغواه وَالْفَاء لتأكيد الطّلب والتحذير من الْمُخَالفَة وَخرج بالعاقل بِالْمَعْنَى المقرّر غَيره فَلَا يستشار وَلَا يعْمل بِرَأْيهِ (خطّ فِي رِوَايَة مَالك) بن أنس الإِمَام الْمَشْهُور (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد واه
(استرقوا لَهَا) أَي لمن فِي وَجههَا سفعة بِمُهْملَة ففاء فعين مُهْملَة أَي أثر سَواد أَو صفرَة أَو غَيره (فَإِن بهَا النظرة) أَي بهَا إِصَابَة عين من الجنّ وَقيل من النَّاس (ق عَن أم سَلمَة) وَسَببه أَنه دخل عَلَيْهَا فَوجدَ عِنْدهَا جَارِيَة بوجهها سفعة فَذكره وَفِيه جَوَاز الرقي لَكِن بِمَا يفهم مَعْنَاهُ وَيجوز شرعا
(استشفوا من الْأَمْرَاض) الجسمية والقلبية (بِمَا) أَي بِقِرَاءَة أَو كِتَابَة الَّذِي (حمد الله تَعَالَى بِهِ نَفسه) أَي أثنى عَلَيْهَا بِهِ (قبل أَن يحمده خلقه وَبِمَا مدح الله تَعَالَى بِهِ نَفسه الْحَمد لله وَقل هُوَ الله أحد) يَعْنِي بسورتي الْحَمد وَالْإِخْلَاص ومقصوده بَيَان أَن لتينك السورتين أثرا فِي الشِّفَاء أَكثر من غَيرهمَا وَإِلَّا فالقرآن كُله شاف بِدَلِيل قَوْله (فَمن لم يشفه الْقُرْآن فَلَا شفَاه الله) دُعَاء أَو خبر (ابْن قَانِع) فِي مُعْجم الصَّحَابَة (عَن رَجَاء الغنوي) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالنُّون نِسْبَة إِلَى قَبيلَة وَكَذَا عَنهُ أَيْضا أَبُو نعيم
(استعتبوا الْخَيل) أَي روضوها وأدّبوها للرُّكُوب وَالْحَرب (فَإِنَّهَا تعتب) أَي تقبل العتاب أَي التَّأْدِيب وَالْأَمر للإرشاد وَخص الْخَيل للْحَاجة إِلَيْهَا لَا لإِخْرَاج غَيرهَا فَإِن من الْحَيَوَان مَا يقبل ذَلِك أَكثر كالقرد والنسناس (عَدو ابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(استعدّ للْمَوْت) أَي تأهب للقائه بِالتَّوْبَةِ وَالْخُرُوج عَن الْمَظَالِم (قبل نزُول الْمَوْت) أَي قبل نُزُوله بك فقد يفجؤك فَلَا تتمكن من شَيْء وَمن وُجُوه الاستعداد لَهُ الِاعْتِذَار وَالِاسْتِغْفَار وتغطية السَّيئَة بِالْحَسَنَة والاستعداد(1/146)
لَهُ مَأْمُور بِهِ ندبا وَقد يجب لكل أحد لكنه للْمَرِيض آكِد (طب ك عَن طَارق) بِمُهْملَة وقاف وزن فَاعل (الْمحَاربي) بِضَم الْمِيم وَهُوَ صَحِيح
(اسْتَعِنْ بيمينك) بِأَن تكْتب مَا تخشى نسيانه إِعَانَة لحفظك إِذْ الْحُرُوف علائم تدل على الْمعَانِي المرادة وَلِلْحَدِيثِ عِنْد مخرجه الْمَذْكُور تَتِمَّة وَهِي قَوْله على حفظك (ت عَن أبي هُرَيْرَة الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ شكى رجل إِلَى رَسُول الله سوء حفظه فَذكره وَهَذَا كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ حَدِيث مُنكر
(استعيذوا بِاللَّه من طمع) أَي حرص شَدِيد (يهدي إِلَى طبع) بِفَتْح الطَّاء وَالْمُوَحَّدَة أَي يؤدّي إِلَى دنس وشين (وَمن طمع يهدي إِلَى غير مطمع وَمن طمع حَيْثُ لَا مطمع) أَي وَمن طمع فِي شَيْء لَا مطمع فِيهِ لتعذره حسا أَو شرعا قَالَ القَاضِي وَالْمعْنَى تعوذوا بِاللَّه من طمع يَسُوق إِلَى شين فِي الدّين وإزراء بالمروأة وَقَالَ الطَّيِّبِيّ الْهِدَايَة هُنَا بِمَعْنى الدّلَالَة الموصلة إِلَى البغية وَارِدَة على سَبِيل التَّمْثِيل لأنّ الطَّبْع الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الرين مسبب عَن كسب الآثام قَالَ تَعَالَى كلا بل ران على قُلُوبهم مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَمَا جعل مسببا عَن الطمع الَّذِي هُوَ نزوع النَّفس إِلَى الشَّيْء شَهْوَة لَهُ جعل كالمرشد وَالْهَادِي إِلَى مَكَان سحيق فيتخذ إلهه هَوَاهُ وَهُوَ المعنيّ بالرين فَاسْتعْمل الْهدى فِيهِ على مَنْهَج الِاسْتِعَارَة تهكما (حم طب ك عَن معَاذ بن جبل) ضدّ السهل الْأنْصَارِيّ قَالَ الْحَكِيم مُسْتَقِيم الْإِسْنَاد
(استعيذوا بِاللَّه من شرّ جَار الْمقَام) بِالضَّمِّ أَي الْإِقَامَة فَإِن ضَرَره دَائِم وأذاه ملازم بِخِلَاف جَار الْمُسَافِر كَمَا قَالَ (فَإِن جَار الْمُسَافِر إِذا شَاءَ أَن يزايل زايل) أَي إِذا أَرَادَ أَن يُفَارق جَاره فَارقه وَعم جَار الْمقَام الحليلة وَالْخَادِم وَالصديق الملازم وَفِيه إِشْعَار بِطَلَب مُفَارقَته مَا وجد لذَلِك سَبِيلا (ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ صَحِيح وأقروه
(استعيذوا بِاللَّه من الْعين) الَّتِي هِيَ آفَة تصيب الْإِنْسَان أَو الْحَيَوَان من نظر العائن فتؤثر فِيهِ فيمرض أَو يهْلك (فَإِن الْعين حق) أَي بِقَضَاء الله وَقدره لَا بِفعل النَّاظر بل يحدث الله فِي المنظور عِلّة يكون النّظر سَببهَا (هـ ك عَن عَائِشَة) الصديقة وَقَالَ على شَرطهمَا وأقرّه متعقبوه
(استعيذوا بِاللَّه من الْفقر والعيلة) الْوَاو بِمَعْنى مَعَ فإنّ ذَلِك هُوَ الْبلَاء الْعَظِيم وَالْمَوْت الْأَحْمَر (وَمن أَن تظلموا) أَنْتُم أحدا من النَّاس (أَو تظلموا) أَي أَو يظلمكم أحد فالأوّل مَبْنِيّ للْفَاعِل وَالثَّانِي للْمَفْعُول (طب عَن عبَادَة بن الصَّامِت) ضدّ النَّاطِق رمز الْمُؤلف لحسنه لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(اسْتَعِينُوا على إنْجَاح الْحَوَائِج) من جلب نفع وَدفع ضرّ (بِالْكِتْمَانِ) اكْتِفَاء بإعانة الله وصيانة للقلب عَمَّا سواهُ وحذرا من حَاسِد يطلع عَلَيْهَا قبل التَّمام فيعطلها فاكتموا وَاسْتَعِينُوا بِاللَّه على الظفر بهَا (فَإِن كل ذِي نعْمَة مَحْسُود) فاكتموا النِّعْمَة عَن الْحَاسِد إشفاقا عَلَيْهِ وَعَلَيْكُم مِنْهُ وَلَا يُنَافِيهِ الْأَمر بالتحدّث بِالنعْمَةِ لِأَنَّهُ فِيمَا بعد الْحُصُول وَلَا أثر للحسد حِينَئِذٍ (عق عد طب حل هَب عَن معَاذ) بن جبل (الخرائطي فِي) كتاب (اعتلال الْقُلُوب عَن عمر) بن الْخطاب (خطّ عَن ابْن عَبَّاس الخلعي فِي فَوَائده عَن عَليّ) بن أبي طَالب قَالَ ابْن أبي حَاتِم مُنكر وَابْن الْجَوْزِيّ مَوْضُوع والعراقي ضَعِيف وَهُوَ الْأَوْجه
(اسْتَعِينُوا) ندبا (بِطَعَام السحر) بِالتَّحْرِيكِ أَن السّحُور (على صِيَام النَّهَار) فَإِنَّهُ يقوى عَلَيْهِ (وبالقيلولة) النّوم وسط النَّهَار (على قيام اللَّيْل) يَعْنِي التَّهَجُّد فِيهِ فَإِن النَّفس إِذا أخذت حظها من نوم النَّهَار قويت على السهر (هـ ك طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ابْن حجر فِيهِ زَمعَة بن صَالح وَفِيه ضعف(1/147)
(اسْتَعِينُوا على الرزق) أَي على إدراره وتيسره وسعته (بِالصَّدَقَةِ) لِأَن المَال مَحْبُوب عِنْد الْخلق فَمن قهر نَفسه بمفارقة معبودبة رزقه الله أضعافه (فر عَن عبد الله بن عَمْرو) بن عَوْف (الْمُزنِيّ) صَحَابِيّ موثق وَفِيه مُحَمَّد بن الْحُسَيْن السّلمِيّ ضَعَّفُوهُ
(اسْتَعِينُوا على النِّسَاء) اللَّاتِي فِي كفالتكم بزوجيه أَو بعضيه أَو ملك (بالعرى) أَي اسْتَعِينُوا على قسرهن فِي الْبيُوت بِعَدَمِ التَّوسعَة عَلَيْهِنَّ فِي اللبَاس والاقتصار على مَا يقيهن الحرّ وَالْبرد على الْوَجْه اللَّائِق (فَإِن إِحْدَاهُنَّ إِذا كثرت ثِيَابهَا) أَي زَادَت على قدر حَاجَة عَادَة أَمْثَالهَا (وأحسنت زينتها) أَي مَا تتزين بِهِ (أعجبها الْخُرُوج) إِلَى الشوارع ليرى الرِّجَال مِنْهَا ذَلِك فيترتب عَلَيْهِ من الْمَفَاسِد مَا هُوَ عني عَن الْبَيَان (عد عَن أنس) بن مَالك
(استغنوا بغناء الله) أَي اسألوه من فَضله وأعرضوا عَمَّن سواهُ فإنّ خَزَائِن الْوُجُود والجود بِيَدِهِ وَتَمام الحَدِيث عِنْد مخرجه ابْن عدي عشَاء لَيْلَة وغداء يَوْم انْتهى وَلَعَلَّه اغفله سَهوا (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(استغنوا عَن النَّاس وَلَو بشوص) روى بِضَم الشين وَبِفَتْحِهَا (السِّوَاك) أَي غسالته أَو مَا يتفتت مِنْهُ عِنْد التسوّك وَالْمرَاد التقنع بِالْقَلِيلِ والاكتفاء بالكفاف (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) إِسْنَاده كَمَا قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ صَحِيح
(استفت نَفسك) أَي عوّل على مَا خطر فِي قَلْبك لأنّ لنَفس الكمل شعورا بِمَا تحمد عاقبته فالتزم الْعَمَل بذلك (وَإِن أَفْتَاك الْمفْتُون) بِخِلَافِهِ لأَنهم إِنَّمَا يطلعون على الظَّوَاهِر وَالْكَلَام فِيمَن شرح الله صَدره بِنور الْيَقِين (تخ) وَكَذَا أَحْمد (عَن وابصة) بِكَسْر الْمُوَحدَة وَفتح الْمُهْملَة ابْن معبد قَالَ النَّوَوِيّ إِسْنَاده حسن
(اسْتَفْرِهُوا) ندبا (ضَحَايَاكُمْ) أَي استكرموها فضحوا بالكريمة الشَّابَّة الْحَسَنَة السّير والمنظر السمينة الثمينة (فَإِنَّهَا مَطَايَاكُمْ على الصِّرَاط) أَي فإنّ المضحي يركبهَا وتمرّ بِهِ على الصِّرَاط إِلَى الْجنَّة فَإِذا كَانَت مَوْصُوفَة بِمَا ذكر مرت على الصِّرَاط بخفة ونشاط وَسُرْعَة (فرعن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ ضَعِيف اتِّفَاقًا
(اسْتَقِم) بِلُزُوم فعل المأمورات وتجنب المنهيات قَالَ الدقاق كن طَالب الاسْتقَامَة لَا طَالب الْكَرَامَة فإنّ نَفسك تطلب مِنْك الْكَرَامَة وَرَبك يطْلب مِنْك الاسْتقَامَة قَالَ السهروردي وَهَذَا أصل كَبِير غفل عَنهُ كَثِيرُونَ (وليحسن خلقك للنَّاس) بِأَن تفعل بهم مَا تحب أَن يفعلوه مَعَك بَين بِهِ أَن الاسْتقَامَة نَوْعَانِ استقامة مَعَ الْحق بِفعل طَاعَته وتجنب مُخَالفَته عقدا وقولا وفعلا واستقامة مَعَ الْخلق بمخالقتهم بِخلق حسن وَكَمَال ذَلِك كَمَا قَالَ الْبَيْضَاوِيّ خطب مهول لَا يكون إِلَّا لمن أشرق قلبه بالأنوار القدسية وتخلص من الكدورات البشرية وَقَلِيل مَا هم (طب ك هَب عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ قَالَ معَاذ أوصني فَذكره وَإِسْنَاده حسن
(اسْتَقِيمُوا وَلنْ تُحْصُوا) ثَوَابهَا أَي الاسْتقَامَة أَو لن تُطِيقُوا أَن تستقيموا حق الاسْتقَامَة لعسرها (وَاعْلَمُوا أَن خير أَعمالكُم الصَّلَاة) أَي من أتم أَعمالكُم دلَالَة على الاسْتقَامَة الصَّلَاة (وَلَا يحافظ على الْوضُوء) الظَّاهِر وَالْبَاطِن (إِلَّا مُؤمن) أَي كَامِل الْإِيمَان ذكر الصَّلَاة إِشَارَة إِلَى تَطْهِير الْبَاطِن أنّ الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وَالْوُضُوء لِأَنَّهُ تَطْهِير الظَّاهِر وَإِلَيْهِ ينظر قَوْله تَعَالَى إنّ الله يحب التوّابين وَيُحب المتطهرين وَمن ثمَّ خَيرهَا على جَمِيع الْأَعْمَال لأنّ محبَّة الله مُنْتَهى سُؤال العارفين (حم هـ ك هق عَن ثَوْبَان مولى الْمُصْطَفى هَب طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ (طب عَن سَلمَة بن(1/148)
الْأَكْوَع) قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاد ابْن مَاجَه صَحِيح وَقَالَ الرَّافِعِيّ حَدِيث ثَابت
(اسْتَقِيمُوا وَنِعما) أَصله نعم فأدغم وشدد وَنعم كلمة مُبَالغَة تجمع الْمَدْح كُله وَمَا كلمة مُبْهمَة تجمع الممدوح كُله (إِن اسْتَقَمْتُمْ) فَإِن شَأْن الاسْتقَامَة عَظِيم وَلَا يطيقها إِلَّا من أيد بالمشاهدات القوية والأنوار القدسية وَهَذَا الْمُصْطَفى قد خُوطِبَ بقوله فاستقم وَلَوْلَا تِلْكَ الْمُقدمَات مَا أطَاق الاسْتقَامَة وَلذَلِك قيل لأبي حَفْص أيّ الْأَعْمَال أفضل قَالَ الاسْتقَامَة فَهِيَ أفضل مَطْلُوب وأشرف مأمول (وَخير أَعمالكُم الصَّلَاة) وَمن ثمَّ كَانَت أفضل عبادات الْبدن بعد الْإِسْلَام (وَلنْ يحافظ على الْوضُوء إِلَّا مُؤمن) أَي كَامِل الْإِيمَان (هـ عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (طب عَن عبَادَة) بن الصَّامِت وَهُوَ صَحِيح
(اسْتَقِيمُوا لقريش مَا استقاموا لكم) أَي اسْتَقِيمُوا لَهُم بِالطَّاعَةِ مَا أَقَامُوا على الدّين وحكموا فِيكُم بِحكمِهِ (فَإِن لم يستقيموا لكم) على ذَلِك (فضعوا سُيُوفكُمْ على عواتقكم) متأهبين لِلْقِتَالِ (ثمَّ أبيدوا) أهلكوا (خضراءهم) أَي سوادهم ودهماءهم يَعْنِي اقْتُلُوا جماهيرهم وَفرقُوا جمعهم وَلِلْحَدِيثِ تَتِمَّة وَهِي فَإِن لم تَفعلُوا فكونوا حراثين أشقياء تَأْكُلُونَ من كد أَيْدِيكُم (حم عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى (طب عَن النُّعْمَان بن بشير) الْأنْصَارِيّ ورمز الْمُؤلف لحسنه وَلَعَلَّه لاعتضاده
(استكثر من النَّاس) أَي الْمُؤمنِينَ سِيمَا الصلحاء والعباد والزهاد (من دُعَاء الْخَيْر لَك) أَي اطلب مِنْهُم كثيرا أَن يدعوا لَك كثيرا بِالْخَيرِ وَمن الأولى ابتدائية وَالثَّانيَِة بَيَانِيَّة أَو تبعيضية (فإنّ العَبْد) أَي الْإِنْسَان (لَا يدْرِي على لِسَان من) من النَّاس (يُسْتَجَاب لَهُ أَو يرحم فَرب أَشْعَث أغبر لَو أقسم على الله لَأَبَره خطّ فِي رُوَاة مَالك) ابْن أنس (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(استكثروا من) قَول (الْبَاقِيَات الصَّالِحَات) قيل وَمَا هن يَا رَسُول الله قَالَ (التَّسْبِيح والتهليل والتحميد وَالتَّكْبِير وَلَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه) أَي هِيَ قَول سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر وَلَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه وَإِلَى كَون هَذِه هِيَ الْبَاقِيَات الْمَذْكُورَة فِي الْقُرْآن ذهب الحبر وَالْجُمْهُور (حم حب ك) فِي الدُّعَاء (عَن أبي سعيد) الخدريّ وَهُوَ صَحِيح
(استكثروا) إرشادا وَاحْتِمَال النّدب غير بعيد (من النِّعَال) أَي من إعدادها للسَّفر واستصحابها فِيهِ (فَإِن الرجل لَا يزَال رَاكِبًا مادام منتعلا) أَي هُوَ شَبيه بالراكب مدّة دَوَامه لابسا للنعل فِي خفَّة الْمَشَقَّة وسلامة الرجل من أَذَى نَحْو شوك أَو غَيره وَيظْهر إِلْحَاق الاخفاف بهَا (حم تخ م ن عَن جَابر) بن عبد الله (طب عَن عمرَان) بن حُصَيْن (طس عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(استكثروا من قَول لَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه فَإِنَّهَا) أَي هَذِه الْكَلِمَة (تدفع) عَن قَائِلهَا (تِسْعَة وَتِسْعين بَابا) أَي وَجها إِذْ كل بَاب وَجه من الْوُجُوه (من الضّر أدناها الْهم) أَو قَالَ الْهَرم وَهَكَذَا هُوَ على الشَّك عِنْد مخرجه وَذَلِكَ لخاصية فِيهَا علمهَا الشَّارِع وَيظْهر أَن المُرَاد بِهَذَا الْعدَد التكثير لَا التَّحْدِيد (عق عَن جَابر) بن عبد الله قَالَ سَمِعت الْمُصْطَفى يَقُول ذَلِك فِي غَزْوَة غَزَاهَا وَإسْنَاد ضَعِيف
(استكثروا من الإخوان) أَي من مؤاخاة الْمُؤمنِينَ الأخيار (فَإِن لكل مُؤمن شَفَاعَة) عِنْد الله (يَوْم الْقِيَامَة) فَكلما كثرت إخْوَانكُمْ كثرت شفعاؤكم وَخرج بالأخيار غَيرهم فَلَا تندب مؤاخاتهم بل يتَعَيَّن اجتنابهم وَبِذَلِك يجمع بَين الأخيار فصحبة الأخيار تورث الْخَيْر وصحبة الأشرار تورث الشرّ كَالرِّيحِ إِذا مرت على النتن حملت نَتنًا وعَلى الطّيب حملت طيبا (ابْن(1/149)
النجار فِي تَارِيخه عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اسْتَمْتعُوا من هَذَا) أَي بِهَذَا (الْبَيْت) الْكَعْبَة غلب عَلَيْهَا كالنجم على الثريا وَكَانَت الْعَرَب فِي الْجَاهِلِيَّة تسميها بَيت الله وَلَا تبني بنيانا مربعًا تَعْظِيمًا لَهَا بِأَن تكثروا الطّواف وَالْحج وَالْعمْرَة وَالصَّلَاة وَالِاعْتِكَاف بمسجده وَنَحْو ذَلِك (فَإِنَّهُ قد هدم مرَّتَيْنِ) اقْتِصَاره فِي الْهدم على مرَّتَيْنِ أَرَادَ بِهِ هدمها عِنْد الطوفان إِلَى أَن بناها إِبْرَاهِيم وهدمها فِي أَيَّام قُرَيْش وَكَانَ ذَلِك مَعَ إِعَادَة بنائها وللمصطفى من الْعُمر خمس وَثَلَاثُونَ كَذَا فِي الاتحاف (وَيرْفَع فِي الثَّالِثَة) بهدم ذِي السويقتين لَهُ وَالْمرَاد رفع بركته (طب ك عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب وَهُوَ صَحِيح
(استنثروا) أَي استنشقوا ثمَّ اطرحوا مَاء الِاسْتِنْشَاق مَعَ إِخْرَاج مَا بالأنف من أَذَى مَعَه ندبا وافعلوا ذَلِك (مرّتين بالغتين) أَي إِلَى أَعلَى دَرَجَات الاستنثار (أَو ثَلَاثًا) لم يذكر فِي الثَّالِثَة الْمُبَالغَة لقِيَام الْمُبَالغَة فِي الثِّنْتَيْنِ مقَام الثَّالِثَة وَذَلِكَ مَنْدُوب فِي الْوضُوء وَعند الْقيام من النّوم (حم هـ د ك عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ صَحِيح
(استنجوا بِالْمَاءِ الْبَارِد فَإِنَّهُ مَصَحَّة) بِفَتْح الْمِيم والمهملة وشدّة الْحَاء الْمُهْملَة (للبواسير) أَي ذهَاب لمَرض البواسير جمع باسور ورم تَدْفَعهُ الطبيعة إِلَى مَا يقبل الرُّطُوبَة من الْبدن كالدبر وَالْأَمر إرشادي طبيّ (طس عَن عَائِشَة طب عَن الْمسور) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْوَاو (ابْن رِفَاعَة) بِكَسْر الرَّاء الْقرظِيّ وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي عمار بن هرون مَتْرُوك
(استنزلوا الرزق بِالصَّدَقَةِ) أَي اطْلُبُوا إدراره عَلَيْكُم من خَزَائِن الرازق بالتصدق على الْمُحْتَاج فَإِن الْخلق عِيَال الله وَمن أحسن إِلَى عِيَاله أحسن إِلَيْهِ وَأَعْطَاهُ وحباه (هَب عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عد عَن جُبَير) مُصَغرًا (ابْن مطعم) بِضَم الْمِيم وَكسر الْعين (أَبُو الشَّيْخ) بن حَيَّان (عَن أبي هُرَيْرَة) وطرقه كلهَا ضَعِيفَة
(استهلال الصَّبِي) الْمَوْلُود (العطاس) أَي عَلامَة حَيَاة الْوَلَد عِنْد انْفِصَاله أَن يعطس حالتئذ وَالْمرَاد أَن العطاس أظهر العلامات الَّتِي يسْتَدلّ بهَا على حَيَاته فَيجب حِينَئِذٍ غسله وتكفينه وَالصَّلَاة عَلَيْهِ وَيَرِث وَيُورث (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الهيتمي ضَعِيف
(أستودع الله) أَي استحفظه (دينك) خَاطب بِهِ من جَاءَ يودعه للسَّفر (وأمانتك) أَي أهلك وَمن تخلفه بعْدك مِنْهُم وَمن المَال الَّذِي توّدعه (وخواتيم عَمَلك) أَي الصَّالح الَّذِي جعلته آخر عَمَلك فِي الْإِقَامَة فَإِن الْمُسَافِر يسن لَهُ ختم إِقَامَته بِعَمَل صَالح فَينْدب لكل من ودع أحد من الْمُسلمين أَن يَقُول لَهُ ذَلِك وَإِن يكرره (د ت عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب قَالَ التِّرْمِذِيّ صَحِيح غَرِيب
(استودعك الله) أَيهَا الْمُسَافِر (الَّذِي لَا تضيع ودائعه) أَي الَّذِي استحفظ وَدِيعَة لَا تضيع لِأَن التوديع تخل عَن الْمُسَافِر وَتَركه وَإِذا تخلى العَبْد عَن شَيْء وَتَركه لله حفظه (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(اسْتَوْصُوا بالأسارى خيرا) بِضَم الْهمزَة أَي افعلوا بهم مَعْرُوفا وَلَا تعذبوهم وَذَا قَالَه فِي أسرى بدر (طب عَن أبي عَزِيز) بِفَتْح الْعين وَكسر الزَّاي بضبط الْمُؤلف وَإِسْنَاده حسن
(اسْتَوْصُوا بالأنصار خيرا) زَاد فِي رِوَايَة فَإِنَّهُم كرشى وعيتبي وَقد قضوا الَّذِي عَلَيْهِم وَبَقِي الَّذِي لَهُم فَأَقْبَلُوا من محسنهم وتجاوزوا عَن مسيئهم (حم عَن أنس) بن مَالك قَالَ صعد النَّبِي الْمِنْبَر وَلم يَصْعَدهُ بعد ذَلِك فَحَمدَ الله وَأثْنى عَلَيْهِ ثمَّ ذكره وَهُوَ حسن
(اسْتَوْصُوا بِالْعَبَّاسِ) أبي الْفضل بن عبد الْمطلب (خيرا فَإِنَّهُ عمى وصنو أبي) فَهُوَ أَب مجَازًا فَمن حَقي عَلَيْكُم إِذْ هديتكم(1/150)
من الضلال إكرام من هُوَ بِهَذِهِ الْمنزلَة مني (عد عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد بحبره
(اسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا) أَي أَقبلُوا وصيتي فِيهِنَّ وارفقوا بِهن وأحسنوا عشرتهنّ (فإنّ الْمَرْأَة خلقت من ضلع) بِكَسْر فَفتح فإنّ حَوَّاء أخرجت من ضلع آدم (وَإِن أَعْوَج شَيْء فِي الضلع أَعْلَاهُ) أَي هِيَ خلقت خلقا فِيهِ اعوجاج لكَونهَا من أصل معوج فَلَا يتهيأ الِانْتِفَاع بهَا إِلَّا بِالصبرِ على تعوّجها وَأعَاد الضَّمِير مذكرا على تَأْوِيله بالعضو وَإِلَّا فالضلع مُؤَنّثَة (فَإِن ذهبت تُقِيمهُ كَسرته) أَي إِن طلبت مِنْهَا تَسْوِيَة اعوجاجها أدّى إِلَى فراقها فَهُوَ ضرب مثل للطَّلَاق (وَإِن تركته) فَلم تقمه (لم يزل أَعْوَج) فَلَا مطمع فِي استقامتهن (فَاسْتَوْصُوا بِالنسَاء خيرا) ختم بِمَا بَدَأَ بِهِ ذَهَابًا إِلَى شدّة الْمُبَالغَة فِي الْوَصِيَّة بِهن (تَنْبِيه) من الْوَصِيَّة بِهن تأديبهن أَن تعين سمع أَبُو حنيفَة امْرَأَة تصيح لضرب زَوجهَا لَهَا فَقَالَ صَدَقَة مَقْبُولَة وحسنة مَكْتُوبَة فَقيل لَهُ كَيفَ قَالَ لحَدِيث ضرب الْجَاهِل صَدَقَة وَأَنا أعرفهَا جاهلة (ق عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ النَّسَائِيّ أَيْضا
(اسْتَووا) اعتدلوا فِي الصَّلَاة ندبا بِأَن تقوموا على سمت وَاحِد (وَلَا تختلفوا) أَي لَا يتَقَدَّم بَعْضكُم على بعض فِي الصُّفُوف (فتختلف) بِالنّصب على حد لَا تدن من الْأسد فيأكلك (قُلُوبكُمْ) فِي رِوَايَة صدوركم) وليلينى مِنْكُم) بِكَسْر اللامين وياء مَفْتُوحَة بعد اللَّام الثَّانِيَة وَشدَّة النُّون وبحذف الْيَاء وخفة النُّون رِوَايَتَانِ (أولو الأحلام وَالنَّهْي) قَالَ فِي شرح مُسلم النَّهْي الْعُقُول وأولو الأحلام الْعُقَلَاء وَقيل البالغون فعلى الأوّل اللفظان بِمَعْنى للتَّأْكِيد وعَلى الثَّانِي مَعْنَاهُ البالغون الْعُقَلَاء قدمهم ليحفظوا صلَاته إِن سَهَا فيجبرها أَو يَجْعَل أحدهم خَليفَة عِنْد الِاحْتِيَاج (ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ) وَهَكَذَا كالمراهقين فالصبيان المميزين فالخناثى فالنساء (حم م ن عَن ابْن مَسْعُود) البدري
(اسْتَووا) ندبا (فِي الصَّلَاة) أَي عدلوا صفوفكم فِيهَا فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (تستو قُلُوبكُمْ) لِأَن الْقلب تَابع للأعضاء استقامة واعوجاجا (وتماسوا) أَي تلاصقوا حَتَّى لَا يكون بَيْنكُم فرج أَي خلل يسع وَاقِفًا (تراحموا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا أَي يعْطف بَعْضكُم على بعض وَالْأَمر للنَّدْب (طس حل عَن أبي مَسْعُود) البدري وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أسدّ الْأَعْمَال) أَي من أَكْثَرهَا صَوَابا (ثَلَاثَة) أَي خِصَال ثَلَاثَة (ذكر الله على كل حَال) أَي سرّا وجهرا وقيما وقعودا وَفِي السرّاء والضرّاء حَتَّى فِي حَال الْجَنَابَة لَكِن بِالْقَلْبِ فَقَط (والإنصاف من نَفسك) أَي مُعَاملَة غَيْرك بِالْعَدْلِ بِأَن تقضي لَهُ على نَفسك بِمَا يسْتَحقّهُ عَلَيْك (ومواساة الْأَخ) فِي الدّين وَإِن لم يكن من النّسَب (فِي المَال) بِأَن تصلح خلله الدنيوي من مَالك والمواساة مَطْلُوبَة مُطلقًا لَكِنَّهَا للأقارب والأصدقاء آكِد (ابْن الْمُبَارك) فِي الزّهْد (وهناد والحكيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي جَعْفَر مُرْسلا حل عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ (مَوْقُوفا) عَلَيْهِ لَا مَرْفُوعا رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أسْرع الأَرْض خرابا) فِي رِوَايَة الْأَرْضين بِالْجمعِ (يسراها ثمَّ يمناها) أَي مَا هُوَ من الأقاليم عَن يسَار الْقبْلَة ثمَّ مَا هُوَ عَن يَمِينهَا فاليسار الْجنُوب وَالْيَمِين الشمَال فَعِنْدَ دنوّ طيّ الدُّنْيَا يبْدَأ الخراب من جِهَة الْجنُوب ثمَّ يتتابع (طس حل عَن جرير) بن عبد الله وَإِسْنَاده حسن كَمَا بَينه الهيتمي
(أسْرع الْخَيْر ثَوابًا) أَي أعجل أَنْوَاع الطَّاعَة جَزَاء من الله (الْبر) بِالْكَسْرِ الْإِحْسَان إِلَى خلق الرَّحْمَن (وصلَة الرَّحِم) أَي الْأَقَارِب (وأسرع الشرّ) أَي الْفساد وَالظُّلم (عُقُوبَة الْبَغي وَقَطِيعَة الرَّحِم) فعقوبتهما تسرع(1/151)
إِلَيْهِمَا فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا ادّخر من الْعقَاب فِي العقبى (ت هـ عَن عَائِشَة) الصديقة أم الْمُؤمنِينَ وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره فرمز الْمُؤلف لحسنه لَيْسَ فِي مَحَله
(أسْرع الدُّعَاء إِجَابَة دُعَاء الْغَائِب لغَائِب) أَي فِي غيبَة الْمَدْعُو لَهُ لبعده عَن الرِّيَاء والأغراض الْفَاسِدَة ولتأمين الْمَلَائِكَة عَلَيْهِ (خد د طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَإِسْنَاده حسن
(أَسْرعُوا) إسراعا خَفِيفا بَين الْمَشْي الْمُعْتَاد والخبب (بالجنازة) أَي بحملها إِلَى الْمصلى ثمَّ إِلَى الْقَبْر ندبا فَإِن خيف التَّغَيُّر وَجب الْإِسْرَاع أَو التَّغَيُّر بِهِ وَجب التأني (فَإِن تَكُ) أَي الجثة المحمولة وَأَصله تكون سكنت نونه للجازم وحذفت الْوَاو لالتقاء ساكنين ثمَّ النُّون تَخْفِيفًا (صَالِحَة) أَي ذَات عمل صَالح (فَخير) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي فَهُوَ خبر أَو مُبْتَدأ حذف خَيره أَي فلهَا خير وَصَحَّ الِابْتِدَاء بِهِ مَعَ كَونه نكرَة لاعتماده على صفة مقدرَة أَي خير عَظِيم (تقدمونها إِلَيْهِ) أَي إِلَى الْخَيْر بِاعْتِبَار الثَّوَاب أَي تقدمونها إِلَى جَزَاء عَملهَا الصَّالح (وَإِن تَكُ سوى ذَلِك) أَي غير صَالِحَة (فشرّ) أَي فَهُوَ شرّ أَو فَلهُ شرّ (تضعونه) أَي الْمَيِّت (عَن رِقَابكُمْ) أَي تستريحون مِنْهُ لبعده عَن الرَّحْمَة فَلَا حَظّ لكم فِي مصاحبته بل فِي مُفَارقَته وَهَذَا نَاظر لقَوْله فِي الحَدِيث الآخر مستريح أَو مستراح مِنْهُ وَكَانَ قَضِيَّة الْمُقَابلَة أَن يُقَال فشر تقدمونها إِلَيْهِ لكنه عدل عَن ذَلِك شوقا إِلَى سَعَة الرَّحْمَة ورجاء الْفضل فقد يُعْفَى عَنهُ فَلَا يكون شرّا بل خيرا أَن الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء (حم ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة)
(أسست السَّمَوَات السَّبع والأرضون السَّبع على قل هُوَ الله أحد) أَي لم تخلق إِلَّا لتدل على تَوْحِيد الله وَمَعْرِفَة صِفَاته الَّتِي نطقت بهَا هَذِه السُّورَة وَلذَلِك سميت سُورَة الأساس لاشتمالها على أصُول الدّين أَو المُرَاد لَوْلَا الوحدانية لما تكوّنت السَّمَوَات وَالْأَرْض فالتوحيد أساس لكل شَيْء وَلذَلِك سميت السُّورَة سُورَة الأساس (تَمام) فِي فَوَائده (عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أسعد النَّاس) أَي أحظاهم (بشفاعتي يَوْم الْقِيَامَة من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله) أَي مَعَ مُحَمَّد رَسُول الله (خَالِصا) عَن شوب شرك أَو نفاق (مخلصا من قلبه) أَي قَالَ ذَلِك ناشئا من قلبه وَأَرَادَ بالشفاعة بعض أَنْوَاعهَا وَهِي إِخْرَاج من فِي قلبه ذرة من إِيمَان أما الْعُظْمَى فأسعد النَّاس بهَا من يدْخل الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب ثمَّ الَّذين يَلُونَهُمْ وَأَشَارَ بِأَسْعَد إِلَى اخْتِلَاف مَرَاتِبهمْ فِي السَّبق فَهُوَ على بَابه لَا بِمَعْنى سعيد كَمَا ظن (خَ) فِي الْإِيمَان (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ قلت يَا رَسُول الله من أسعد النَّاس بشفاعتك يَوْم الْقِيَامَة فَذكره
(أسعد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة) أَي أعظمهم سَعَادَة فِيهَا (الْعَبَّاس) لما لَهُ فِي الْإِسْلَام من المآثر الحميدة والمناقب الفريدة (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أَسْفر بِصَلَاة الصُّبْح) أَي أَخّرهَا إِلَى الْأَسْفَار أَي الإضاءة (حَتَّى يرى الْقَوْم مواقع نبلهم) أَي مواقع سِهَامهمْ إِذا رموا بهَا فالباء للتعدية عِنْد الْحَنَفِيَّة وَجعلهَا الشَّافِعِيَّة للملابسة أَي ادخُلُوا فِي وَقت الإضاءة ملتبسين بالصبح بِأَن تمدوها إِلَيْهَا (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن رَافع بن خديج) الْحَارِثِيّ الصَّحَابِيّ الْمَشْهُور وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الطبرانيّ ورمز الْمُؤلف لحسنه
(أسفروا بِالْفَجْرِ) أَي بِصَلَاتِهِ (فَإِنَّهُ) أَي الْأَسْفَار بِهِ (أعظم لِلْأجرِ) وَذَلِكَ بِأَن تؤخروها إِلَى تحقق طُلُوع الْفجْر الثَّانِي وإضاءته أَو أسفروا بِالْخرُوجِ مِنْهَا على مَا تقرّر (ت ن حب عَن رَافع) بن خديج وَهُوَ صَحِيح
(أسلم) بِفَتْح الْهمزَة(1/152)
وَكسر اللَّام من الْإِسْلَام (ثمَّ قَاتل) يَا من جَاءَنَا مقنعا بالحديد يرد يَد الْقِتَال مَعنا وَهُوَ كَافِر فَإنَّا لَا نستعين بمشرك (خَ عَن الْبَراء) بن عَازِب
(أسلم) بضبط مَا قبله (وَإِن كنت كَارِهًا) خَاطب بِهِ من قَالَ إِنِّي أجدني كَارِهًا لِلْإِسْلَامِ (حم ع والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(أسلم) بِفَتْح الْهمزَة وَاللَّام قَبيلَة من خُزَاعَة وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره قَوْله (سَالَمَهَا الله) أَي صالحها أَو سلمهَا (وغفار) بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَالتَّخْفِيف قَبيلَة من كنَانَة وَهُوَ مُبْتَدأ خَبره (غفر الله لَهَا) وَهُوَ دُعَاء أَو خبر وخصهما لِأَن غفارًا أَسْلمُوا طَوْعًا وَأسلم سالموه (أما) بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف حرف استفتاح (وَالله مَا أَنا قلته) من تِلْقَاء نَفسِي (وَلَكِن الله قَالَه) وَأَمرَنِي بتبليغه إِلَيْكُم فاعرفوا لَهُم حَقهم (حم طب ك عَن سَلمَة بن الْأَكْوَع م عَن أبي هُرَيْرَة)
(أسلم سَالَمَهَا الله وغفار غفر الله لَهَا وتجيب) بِضَم الْمُثَنَّاة فَوق وَفتحهَا وَكسر الْجِيم وَسُكُون التَّحْتِيَّة وموحدة (أجابوا الله) بانقيادهم إِلَى دين الله اخْتِيَارا من غير تلعثم وَلَا توقف (طب عَن عبد الرَّحْمَن بن سندر) أبي الْأسود الرُّومِي وَحسنه الهيتمي
(أسلمت) أَي دخلت فِي الْإِسْلَام (على مَا أسلفت) وَلَفظ رِوَايَة البُخَارِيّ على مَا سلف (من خير) أَي على اكتسابه أَو احتسابه أَو قبُوله فقد روى أَن حَسَنَات الْكَافِر إِذا ختم لَهُ بِالْإِسْلَامِ مَقْبُولَة وَإِن مَاتَ كَافِرًا بطلت وَقد نقل النَّوَوِيّ الْإِجْمَاع على إِثْبَات ثَوَابه إِذا أسلم (حم ق عَن حَكِيم بن حزَام) قَالَ قلت يَا رَسُول الله أَرَأَيْت أَشْيَاء كنت أتحنث بهَا فِي الْجَاهِلِيَّة من نَحْو صَدَقَة فَهَل فِيهَا من أجر فَذكره
(أسلمت عبد الْقَيْس) قَبيلَة مَشْهُورَة (طَوْعًا) أَي دخلُوا فِي الْإِسْلَام غير مكرهين (وَأسلم النَّاس) أَي أَكْثَرهم (كرها) أَي مكرهين خوفًا من السَّيْف (فَبَارك الله فِي عبد الْقَيْس) خبر بِمَعْنى الدُّعَاء أَو هُوَ على بَابه (طب عَن نَافِع الْعَبْدي) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اسْم الله الْأَعْظَم) بِمَعْنى الْعَظِيم إِن قُلْنَا أَن أَسمَاء الله لَيْسَ بَعْضهَا أعظم من بعض أَو للتفضيل إِن قُلْنَا بتفاوتها فِي الْعظم وَهُوَ رَأْي الْجُمْهُور
(الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب) بِأَن يُعْطي عين المسؤل بِخِلَاف الدُّعَاء بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ وَإِن كَانَ لَا يردّ لكنه إِمَّا أَن يعطاه أَو يُؤَخر للآخرة أَو يعوّض (فِي ثَلَاث سور من الْقُرْآن فِي الْبَقَرَة وَآل عمرَان وطه) أَي فِي وَاحِد مِنْهَا أَو فِي كل مِنْهَا (هـ ك طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده حسن وَقيل صَحِيح
(اسْم الله الْأَعْظَم فِي هَاتين الْآيَتَيْنِ) وهما (وإلهكم إِلَه وَاحِد) أَي الْمُسْتَحق لِلْعِبَادَةِ وَاحِد لَا شريك لَهُ (لَا إِلَه إِلَّا هُوَ) فَلَا يسْتَحق أَن يعبد إِلَّا هُوَ (الرَّحْمَن الرَّحِيم) الْمُنعم بجلائل النعم ودقائقها (وفاتحة) سُورَة (آل عمرَان) وَهِي {الم الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الْحَيّ} الْحَيَاة الْحَقِيقِيَّة الَّتِي لَا موت وَرَاءَهَا (القيوم) الَّذِي بِهِ قيام كل شَيْء قَالَ الْغَزالِيّ وَهَذَا يشْهد بِأَن الِاسْم الْأَعْظَم الحيّ القيوم وَاخْتَارَهُ النَّوَوِيّ وَقواهُ الإِمَام الرَّازِيّ بِأَنَّهُمَا يدلان من صِفَات العظمة بالربوبية مَالا يدل عَلَيْهِ غَيرهمَا وَاخْتَارَ الْغَزالِيّ فِي مَوضِع آخر أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ الحيّ القيوم قَالَ وَله سر يدق عَن الْفَهم ذكره وَالْقدر الَّذِي يُمكن الرَّمْز إِلَيْهِ أَن لَا إِلَه إِلَّا هُوَ يشْعر بِالتَّوْحِيدِ وَمعنى الوحدانية فِي الذَّات والرتبة حقيقيّ فِي حق الله غير مؤوّل ومجاز فِي حق غَيره ومؤوّل وَمعنى الحيّ هُوَ الَّذِي يشْعر بِذَاتِهِ وَيعلم بِذَاتِهِ وَالْمَيِّت هُوَ الَّذِي لَا خير لَهُ من ذَاته وَهُوَ أَيْضا حَقِيقِيّ لله والقيوم ويشعر بِكَوْنِهِ قَائِما بِذَاتِهِ وَأَن كل شَيْء قوامه بِهِ وَهَذَا حَقِيقِيّ لَهُ لَا يُوجد لغيره (حم د ت هـ عَن أَسمَاء بنت يزِيد) من الزِّيَادَة ابْن السكن(1/153)
الْأَنْصَارِيَّة حسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ غَيره
(اسْم الله الْأَعْظَم الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب فِي هَذِه الْآيَة) من آل عمرَان (قل اللَّهُمَّ مَالك الْملك) أَي الَّذِي لَا يملك مِنْهُ شَيْئا غَيره (الْآيَة) بكمالها (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي حسن بن فرقد ضَعِيف
(اسْم الله) الْأَعْظَم (الَّذِي إِذا دعِي بِهِ أجَاب وَإِذا سُئِلَ بِهِ أعْطى دَعْوَة يُونُس) نَبِي الله (ابْن مَتى) الَّتِي دَعَا بهَا وَهُوَ فِي بطن الْحُوت وَهُوَ لَا إِلَه إِلَّا أَنْت سُبْحَانَكَ إِنِّي كنت من الظَّالِمين مَا دَعَا بهَا مُسلم فِي شَيْء قطّ إِلَّا اسْتَجَابَ الله لَهُ كَمَا فِي خبر يَأْتِي (ابْن جرير) الطَّبَرِيّ (عَن سعد) بن أبي وَقاص بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إسماع الأصمّ) أَي إبلاغ الْكَلَام للاصم بِنَحْوِ صياح فِي أُذُنه أَو كِتَابه أَو إِشَارَة (صَدَقَة) عَن المسمع أَي يُثَاب عَلَيْهِ كَمَا يُثَاب على الصَّدَقَة (خطّ فِي) كتاب (الْجَامِع) بَين آدَاب الرَّاوِي وَالسَّامِع (عَن سهل) بن سعد وَضَعفه
(أسمح أمتِي جَعْفَر) أَي من أَكْثَرهم جودا وَأكْرمهمْ نفسا جَعْفَر بن أبي طَالب وَإِلَّا فللحسن إِحْدَى الريحانتين من الْجُود مَا هُوَ مَعْرُوف ولعائشة من الْكَرم مَا لَا يُنكر حَتَّى حجر عَلَيْهَا لذَلِك ابْن أُخْتهَا أَمِير الْمُؤمنِينَ ابْن الزبير فَهجرَته بَقِيَّة عمرها (الْمحَامِلِي فِي أَمَالِيهِ وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلمي وَهُوَ ضَعِيف
(أسمح) أَي أسهل (يسمح لَك) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَالْفَاعِل الله أَي عَامل النَّاس بالمسامحة والمساهلة يعاملك الله بِمثلِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وكما تدين تدان (حم طب هَب عَن ابْن عَبَّاس
اسمحوا يسمح لكم) كَذَا هُوَ فِي نسخ لَا تكَاد تحصى لكم بِاللَّامِ لَكِن رَأَيْته ثَابتا فِي خطّ الْمُؤلف بباء مُوَحدَة مضبوطة بِخَطِّهِ بدل اللَّام وَلَعَلَّ الأوّل الصَّوَاب (عب عَن عَطاء) بن أبي رَبَاح (مُرْسلا
اسمعوا) أَي اسْتَمعُوا كَلَام من تجب طَاعَته من وُلَاة أُمُوركُم وجوبا (وَأَطيعُوا) أَمرهم وجوبا فِي غير مَعْصِيّة (وَإِن اسْتعْمل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (عَلَيْكُم عبد حبشيّ) أَي وَإِن اسْتَعْملهُ الإِمَام الْأَعْظَم أَمِيرا عَلَيْكُم (كأنّ رَأسه زبيبة) حَال أَو صفة لعبد يَعْنِي وَإِن كَانَ صَغِيرا لجثة حَتَّى كأنّ رَأسه زبيبة مُبَالغَة فِي صغرها أَو المُرَاد أنّ شعر رَأسه مقطقط إِشَارَة إِلَى بشاعة صورته وَأَجْمعُوا على عدم صِحَة تَوْلِيَة العَبْد الْإِمَامَة لَكِن لَو تغلب وَجَبت طَاعَته خوف الْفِتْنَة (حم خَ هـ عَن أنس) بن مَالك وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا
(أَسْوَأ النَّاس سَرقَة الَّذِي يسرق من صلَاته) قيل وَكَيف يسرق مِنْهَا يَا رَسُول الله قَالَ (لَا يتم ركوعها وَلَا سجودها وَلَا خشوعها) لأنّ السَّارِق إِذا أَخذ مَال الْغَيْر قد ينْتَفع بِهِ فِي الدُّنْيَا أَو يسْتَحل صَاحبه أَو يحدّ فينجو من عِقَاب الْآخِرَة وَهَذَا سرق حق نَفسه من الثَّوَاب وأبدل مِنْهُ الْعقَاب فِي الْآخِرَة (حم ك عَن أبي قَتَادَة) الْأنْصَارِيّ (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (حم ع عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَأَسَانِيده صَالِحَة كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ
(أشبه من رَأَيْت بِجِبْرِيل) رَسُول الله (دحْيَة) بِفَتْح أوّله وكسره (الْكَلْبِيّ) أَي أقرب النَّاس شبها بِهِ إِذا تصوّر فِي صُورَة إِنْسَان هُوَ (ابْن سعد) فِي طبقاته واسْمه يحيى (عَن ابْن شهَاب) كَذَا هُوَ بِخَط الْمُؤلف
(اشتدّ غضب الله على من زعم أَنه ملك الْأَمْلَاك) أَي من تسمى بذلك أَو دعى بِهِ رَاضِيا بذلك وَإِن لم يَعْتَقِدهُ فَإِنَّهُ (لَا ملك) فِي الْحَقِيقَة (إِلَّا الله) وَحده وَغَيره إِن سمى ملكا أَو مَالِكًا فتجوّز وَإِنَّمَا اشتدّ غَضَبه عَلَيْهِ لمنازعته لَهُ تَعَالَى فِي ربوبيته وألوهيته (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة الْحَرْث عَن ابْن عَبَّاس
اشْتَدَّ غضب الله على الزناة) لتعرّضهم لإفساد الْحِكْمَة الإلهية بِالْجَهْلِ بالأنساب(1/154)
(أَبُو سعد الجرباذقاني) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وخفة الْمُوَحدَة تَحت وَبعد الْألف ذال مُعْجمَة مَفْتُوحَة وقاف مُخَفّفَة وَآخره نون نِسْبَة لبلدة بالعراق (فِي جزئه) الْمَشْهُور (وَأَبُو الشَّيْخ) بن حَيَّان (فِي عواليه فر) كلهم (عَن أنس) بن مَالك وطرقه كلهَا ضَعِيفَة لَكِن تقوى بتعدّدها
(اشتدّ غضب الله على امْرَأَة أدخلت على قوم ولدا لَيْسَ مِنْهُم يطلع على عَوْرَاتهمْ وبشركهم فِي أَمْوَالهم) المُرَاد أَنَّهَا عرضت نَفسهَا للزِّنَا حَتَّى حملت مِنْهُ فَأَتَت بِولد فنسبته لصَاحب الْفراش فَصَارَ وَلَده ظَاهرا يطلع على بواطن أُمُوره ويعوله حَيا ويرثه مَيتا (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي إِبْرَاهِيم بن يزِيد ضَعِيف
(اشتدّ غضب الله على من) أَي إِنْسَان (آذَانِي فِي عِتْرَتِي) بِوَجْه من وُجُوه الْإِيذَاء كلعن أَو سبّ أَو طعن فِي نسب أَو تعرّض لبَعْضهِم أَو جفَاء لبَعْضهِم والعترة بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة فَوق نسل الرجل وأقاربه ورهطه (فر عَن أبي سعيد) الخدريّ وَهُوَ ضَعِيف لضعف أبي إِسْرَائِيل الْملَائي
(اشتدّ غضب الله على من ظلم من لَا يجد ناصرا غير الله) فَإِن ظلمه أشدّ جر مَا من ظلم من لَهُ حمية أَو شَوْكَة أَو ملْجأ (فر عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَفِيه الْحَرْث الْأَعْوَر كَذَّاب
(اشتدّي أزمة) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الزَّاي وخفة الْمِيم أَي يَا أزمة وَهِي سنة الْقَحْط أبلغي النِّهَايَة فِي الشدّة (تنفرجي) فَإِن الشدَّة إِذا تناهت انفرجت فَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة أَمر الشدَّة بالاشتداد بل الْبشَارَة بالفرج عِنْد ذَلِك وخاطب من لَا يعقل تَنْزِيلا لَهُ منزلَة الْعَاقِل (الْقُضَاعِي) فِي الشهَاب (فر) وَكَذَا العسكري (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَفِيه نَكَارَة وَضعف
(اشْتَروا الرَّقِيق) أَمر إرشاد (وشاركوهم فِي أَرْزَاقهم) أَي فِيمَا يكتسبونه كمخارجتهم وَضرب الْخراج عَلَيْهِم أَو نَحْو ذَلِك (وَإِيَّاكُم والزنج) بِفَتْح الزَّاي وتكسر أَي احْذَرُوا شراءهم (فَإِنَّهُم قَصِيرَة أعمارهم قَليلَة أَرْزَاقهم) لِأَن الْأسود إِنَّمَا هُوَ لبطنه وفرجه كَمَا فِي خبر سَيَجِيءُ وَإِن جَاع سرق وَإِن شبع فسق كَمَا فِي خبر آخر وَذَلِكَ يمحق بركَة الْعُمر والرزق (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي من لَا يعرف
(أَشد النَّاس) أَي من أشدّهم وَكَذَا يُقَال فِيمَا يَأْتِي (عذَابا) أَي تعذيبا (للنَّاس فِي الدُّنْيَا) أَي بِغَيْر حق (أشدّ النَّاس عذَابا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة) يَعْنِي فِي الْآخِرَة فَالْمُرَاد بالقيامة هُنَا مَا بعد الْبَعْث إِلَى مَا لَا نِهَايَة لَهُ فَكَمَا تدين تدان وَفِي الْإِنْجِيل بِالْكَيْلِ الَّذِي تكتال يُكَال لَك (حم هَب عَن خَالِد بن الْوَلِيد) سيف الله (ك عَن عِيَاض) بِكَسْر الْعين مُهْملَة وَفتح الْمُثَنَّاة تَحت مُخَفّفَة (ابْن غنم) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون النُّون أحد الْأُمَرَاء الْخَمْسَة يَوْم اليرموك (وَهِشَام بن حَكِيم) بن حزَام الْأَسدي وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الْعِرَاقِيّ صَحِيح
(أَشد النَّاس يَوْم الْقِيَامَة عذَابا إِمَام) وَمثله قَاض (جَائِر) لِأَنَّهُ تَعَالَى ائتمنه على عبيده وأمواله ليحفظها ويراقبه فِيهَا فَإِذا تعدى اسْتحق ذَلِك (ع طس حل عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده حسن
(أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة من يرى) بِضَم فَكسر وَيجوز فتح أَوله وثانيه (النَّاس) مفعول على الأول وفاعل على الثَّانِي (أَن فِيهِ خيرا وَلَا خير فِيهِ) بَاطِنا فَلَمَّا تخلق بأخلاق الأخيار وَهُوَ من الْفجار اسْتوْجبَ ذَلِك (أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ) مُحَمَّد بن الْحُسَيْن (فِي الْأَرْبَعين) الْمَجْمُوعَة للصوفية (فر) كِلَاهُمَا (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَهُوَ ضَعِيف لضعف الرّبيع بن بدر
(أَشد النَّاس عذَابا عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يضاهون بِخلق الله) أَي يشابهون(1/155)
عَمَلهم التَّصْوِير بِخلق الله من ذَوَات الْأَرْوَاح (حم ق ن عَن عَائِشَة) قَالَت دخل رَسُول الله سهوة لي بقرام فِيهِ تماثيل فَلَمَّا رَآهُ هتكه وتلوّن وَجهه ثمَّ ذكره
(أَشد النَّاس عذَابا يَوْم الْقِيَامَة عَالم لم يَنْفَعهُ علمه) بِأَن لم يعْمل بِهِ لِأَن عصيانه عَن علم فَهُوَ أعظم جرما وأقبح إِثْمًا وَلِهَذَا كَانَ المُنَافِقُونَ فِي الدَّرك الْأَسْفَل لكَوْنهم جَحَدُوا بعد الْعلم (طص عد هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(أَشد النَّاس بلَاء) أَي محنة واختبارا (الْأَنْبِيَاء) المُرَاد بهم مَا يَشْمَل الرُّسُل (ثمَّ الأمثل فالأمثل) أَي الْأَشْرَف فالأشرف والأعلى فالأعلى فهم معرّضون للمحن والمصائب والمتاعب أَكثر وَقَوله (يبتلى الرجل) بَيَان للجملة الأولى وتعريف الأمثل للْجِنْس وَالرجل للاستغراق (على حسب) بِالتَّحْرِيكِ (دينه) أَي بِقدر قوّة إيمَانه وَضَعفه (فَإِن كَانَ فِي دينه صلبا) بِالضَّمِّ أَي قَوِيا شَدِيدا (اشتدّ بلاؤه) أَي عظم للغاية (وَإِن كَانَ فِي دينه رقة) أَي ذَا رقة أَي ضعف ولين (ابتلى على قدر دينه) أَي ببلاء هَين سهل وَالْبَلَاء فِي مُقَابلَة النِّعْمَة فَمن كَانَت النِّعْمَة عَلَيْهِ أَكثر فبلاؤه أغزر قَالَ اليافعي مَاتَ بَين الْحطيم وزمزم ثلثمِائة نبيّ من الْجُوع (فَمَا يبرح الْبلَاء بِالْعَبدِ) أَي الْإِنْسَان (حَتَّى يتْركهُ يمشي على الأَرْض وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَة) كِنَايَة عَن سَلَامَته من الذُّنُوب وخلاصه مِنْهَا كَأَنَّهُ كَانَ مُقَيّدا فخلى يمشي مَا عَلَيْهِ بَأْس (حم خَ ت هـ عَن سعد) بن أبي وَقاص
(أشدّ النَّاس بلَاء فِي الدُّنْيَا نبيّ أَو صفيّ) وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيث آخر إِنِّي أوعك كَمَا يودعك رجلَانِ مِنْكُم (تخ عَن أَزوَاج النَّبِي) أَي عَن بَعضهنَّ وَإِسْنَاده حسن
(أَشد النَّاس بلَاء الْأَنْبِيَاء ثمَّ الصالحون) أى القائمون بِمَا عَلَيْهِم من حُقُوق الْحق والخلق (ثمَّ الامثل فالامثل) على مَا مر تَقْرِيره (طب عَن أُخْت حُذَيْفَة) بن الْيَمَان فَاطِمَة أَو خَوْلَة رمز لحسنه
(أَشد النَّاس بلَاء الانبياء ثمَّ الصالحون) يبتليهم فِي العاجل ليرْفَع درجتهم فِي الآجل (لقد كَانَ أحدهم يبتلى بالفقر) الدنيوي الَّذِي هُوَ قلَّة المَال (حَتَّى مَا يجد إِلَّا العباءة يجوّبها) بجيم وواو وموحدة أَي يخرقها ويقطعها وكل شَيْء قطع وَسطه فَهُوَ مجوب (فيلبسها) أَي يدْخل عُنُقه فِيهَا ويراها نعْمَة عَظِيمَة (ويبتلى بالقمل) فيأكل من بدنه (حَتَّى يقْتله) حَقِيقَة أَو مُبَالغَة من شدّة الضنا (ولأحدهم) بلام التَّأْكِيد (كَانَ أَشد فَرحا بالبلاء من أحدكُم بالعطاء) لِأَن الْمعرفَة كلما قويت بالمبتلى هان الْبلَاء وَلَا يزَال يرتقى فِي المقامات حَتَّى يلتذ بالضراء أعظم من التذاذه بالسراء (هـ ع ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(أَشد النَّاس حسرة يَوْم الْقِيَامَة رجل أمكنه طلب الْعلم) الشَّرْعِيّ وَالْعَمَل بِهِ (فِي الدُّنْيَا فَلم يَطْلُبهُ) لما يرَاهُ من عَظِيم أفضال الله على الْعلمَاء العاملين (وَرجل علم علما فَانْتَفع بِهِ من سَمعه مِنْهُ دونه) لكَون من سَمعه عمل بِهِ ففاز بِسَبَبِهِ وَهلك هُوَ بِعَدَمِ الْعَمَل بِهِ (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) وَقَالَ أَنه مُنكر
(أَشد النَّاس عَلَيْكُم) معشر الْأمة (الرّوم) نِسْبَة إِلَى الرّوم بن عيصو (وَإِنَّمَا هلكتهم) بِالتَّحْرِيكِ (مَعَ السَّاعَة) أَي قرب قِيَامهَا (حم عَن الْمُسْتَوْرد) بِضَم الْمِيم وَكسر الرَّاء ابْن شَدَّاد الْقرشِي وَهُوَ حسن
(أَشد) أَي من أَشد (أمتِي لي حبا) تَمْيِيز لنسبة أَشد (قوم يكونُونَ بعدِي) وَقَوله (يودّ أحدهم) بَيَان لشدّة حبهم لَهُ على طَرِيق الِاسْتِئْنَاف (أَنه فقد أَهله وَمَاله وَأَنه رَآنِي) حِكَايَة لودادهم مَعَ إِفَادَة معنى التَّمَنِّي وَهَذَا من معجزاته فَإِنَّهُ إِخْبَار عَن غيب وَقد وَقع (حم عَن أبي ذَر) وَرِجَاله ثِقَات لَكِن تابعيه لم يسم(1/156)
(أَشد الْحَرْب النِّسَاء) برَاء مُهْملَة وباء مُوَحدَة على مَا فِي مسودّة الْمُؤلف بِخَطِّهِ وَعَلِيهِ فمنعاه أَن كيدهن عَظِيم يغلبن بِهِ الرِّجَال فَهُوَ أشدّ عَلَيْهِم من محاربة الْأَبْطَال وبزاي مُعْجمَة وَنون على مَا فِي تَارِيخ الْخَطِيب وَجرى عَلَيْهِ ابْن الْجَوْزِيّ وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ أَشد الْحزن حزن النِّسَاء (وَأبْعد اللِّقَاء) بِكَسْر اللَّام الْمَوْت) لِكَثْرَة طول الأمل وغلبته على بني آدم مَعَ أَنه قريب (وأشدّ مِنْهُمَا الْحَاجة إِلَى النَّاس) لما فِي السُّؤَال من الذل والهوان (خطّ عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف
(أشدّكم من غلب نَفسه) أَي ملكهَا وقهرها (عِنْد) ثوارن (الْغَضَب) وهيجانه بِأَن لم يُمكنهَا من الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ بل يجاهدها ويقمعها عَنهُ (وأحلمكم من عَفا بعد الْقُدْرَة) أَي أثبتَكم عقلا وأرجحكم أَنَاة من عَفا عَمَّن جنى عَلَيْهِ بعد ظفره بِهِ وتمكنه من عُقُوبَته (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب (ذمّ الْغَضَب عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عليّ) بن أبي طَالب وَهُوَ كَمَا قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ ضَعِيف
(أَشْرَاف أمتِي حَملَة الْقُرْآن) أَي حفظه المواظبون على تِلَاوَته الْعَامِلُونَ بأحكامه (وَأَصْحَاب) قيام (اللَّيْل) أَي الَّذين يحيونه بالتهجد وَنَحْوه فَمن حفظ الْقُرْآن فقرأه وَقَامَ اللَّيْل فَهُوَ الْأَشْرَف ودونه من اتّصف بِأَحَدِهِمَا فَقَط (طب هَب عَن ابْن عَبَّاس) وَضَعفه الهيتمي بِسَعْد الْجِرْجَانِيّ
(أشربوا) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الرَّاء أَي اسقوا (أعينكُم من المَاء) أَي أعطوها حظها مِنْهُ (عِنْد الْوضُوء) أَي عِنْد غسل الْوَجْه فِيهِ وَالْمرَاد أَنه ينْدب الِاحْتِيَاط فِي غسل الموق وَنَحْوه خشيَة من عدم وُصُول المَاء إِلَيْهِ هَذَا هُوَ الْمُتَبَادر من الحَدِيث وَأما مَا ذكره السهروردي من أَن المُرَاد الْوضُوء اللّغَوِيّ وَأَنه ينْدب مسح الْعين بِالْمَاءِ بعد غسل الْيَدَيْنِ من الطَّعَام ببلل الْغسْل فَغَرِيب مُخَالف للظَّاهِر (وَلَا تنفضوا أَيْدِيكُم) من مَاء الطُّهْر (فَإِنَّهَا) أَي الْأَيْدِي يَعْنِي نفضها بعد غسلهَا فِيهِ (مراوح الشَّيْطَان) أَي تشبه مراوحه الَّتِي يروّح بهَا على نَفسه وَلِهَذَا ذهب إِلَى كَرَاهَته الإِمَام الرَّافِعِيّ وَوَجهه بِأَنَّهُ كالتبري من الْعِبَادَة لَكِن صحّح النَّوَوِيّ إِبَاحَته لثُبُوت النفض من فعله وَمثل الْوضُوء فِيمَا ذكر الْغسْل (ع عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أشرف الْمجَالِس) أَي الجلسات الَّتِي يجلسها الْإِنْسَان للتعبد أَو المُرَاد الْمجَالِس نَفسهَا (مَا اسْتقْبل بِهِ الْقبْلَة) أَي الْمجْلس الَّذِي يسْتَقْبل فِيهِ الْإِنْسَان الْكَعْبَة بِأَن يَجْعَل وَجهه ومقدّم بدنه تجاهها حَال الْعِبَادَة بِخِلَافِهِ عِنْد نَحْو بَوْل فَإِنَّهُ مَكْرُوه أَو حرَام (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَهُوَ ضَعِيف
(أشرف الْإِيمَان) أَي من أرفع خِصَال الْإِيمَان (أَن يأمنك) أَي يَأْمَن مِنْك (النَّاس) على دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالهمْ وأعراضهم وأماناتهم (وأشرف الْإِسْلَام أَن يسلم النَّاس من لسَانك) فَلَا ترسله بِمَا يضرّهم (ويدك) فَلَا تبسطها بِمَا يؤذيهم (وأشرف الْهِجْرَة أَن تهجر السيآت) حَتَّى الخواطر الرَّديئَة لأنّ ذَلِك هُوَ الْجِهَاد الْأَكْبَر (وأشرف الْجِهَاد أَن تقتل وتعقر فرسك) أَي تعرّضه بشدّة الْمُقَاتلَة عَلَيْهِ إِلَى أَن يجرحه العدوَ أَو يقطع قوائمه (طص عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب (وَرَوَاهُ ابْن النجار) فِي تَارِيخ بَغْدَاد عَن ابْن عمر أَيْضا (وَزَاد) فِي رِوَايَته على مَا ذكر (وأشرف الزّهْد أَن يسكن قَلْبك على مَا رزقت) أَي لَا يضطرب وَلَا يتحرّك لطلب الزِّيَادَة لعلمه بِأَن حُصُول مَا فَوق ذَلِك محَال (وَأَن أشرف مَا تسْأَل من الله عز وَجل الْعَافِيَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا) وَمن ثمَّ كَانَ ذَلِك أَكثر دُعَائِهِ وَفِي الْخَبَر الْآتِي إِلَيْك انْتَهَت الْأَمَانِي يَا صَاحب الْعَافِيَة وَهَذَا(1/157)
الحَدِيث أصلا وَزِيَادَة ضَعِيف
(أشعر) فِي رِوَايَة أصدق (كلمة) أَي قِطْعَة من الْكَلَام من تَسْمِيَة الشَّيْء باسم جزئه (تَكَلَّمت بهَا الْعَرَب) فِي رِوَايَة قَالَهَا الشَّاعِر (كلمة لبيد) بن ربيعَة الصحابيّ الْمَشْهُور الشريف جَاهِلِيَّة وإسلاما (أَلا) كلمة تَنْبِيه تدل على تَحْقِيق مَا بعْدهَا (كل شَيْء) اسْم للموجود فَلَا يُقَال للمعدوم شَيْء (مَا خلا الله) وَصِفَاته الذاتية والفعلية (بَاطِل) أَي فَإِن غير ثَابت أَو خَارج عَن حدّ الِانْتِفَاع كل شَيْء هَالك إِلَّا وَجهه وَإِنَّمَا كَانَت أصدق لشهادة الْعقل وَالنَّقْل بهَا (م ت عَن أبي هُرَيْرَة
اشفع) بِهَمْزَة وصل مَكْسُورَة (الْأَذَان) أَي ائْتِ بمعظمه مثنى إِذْ التَّكْبِير فِي أوّله أَربع والتهليل فِي آخِره فَرد (وأوتر الْإِقَامَة) أَي ائْتِ بمعظم ألفاظها مُفردا إِذا التَّكْبِير فِي أوّلها اثْنَان وَلَفظ الْإِقَامَة فِي أَثْنَائِهَا كَذَلِك وَإِنَّمَا ثنى لِأَنَّهُ إِعْلَام للغائبين وأفردت لِأَنَّهَا للحاضرين (خطّ عَن أنس) بن مَالك (قطّ فِي) كتاب (الافراد عَن جَابر) بن عبد الله وَهُوَ حسن
(اشفعوا) أَي ليشفع بَعْضكُم فِي بعض فِي غير الْحُدُود (تؤجروا) بِالْجَزْمِ جَوَاب الْأَمر المتضمن لِمَعْنى الشَّرْط فتندب الشَّفَاعَة إِلَى وُلَاة الْأُمُور وَغَيرهم من ذِي الْحُقُوق مَا لم يكن فِي حد أَو أَمر لَا يجوز تَركه (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن مُعَاوِيَة) بن أبي سُفْيَان وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن شواهده كَثِيرَة
(اشفعوا تؤجروا) أَي يثيبكم الله تَعَالَى (وَيقْضى الله على لِسَان نبيه مَا شَاءَ) أَي يظْهر على لِسَان رَسُوله بِوَحْي أَو إلهام مَا قدّر فِي الْأَزَل أَنه سَيكون من إِعْطَاء أَو حرمات (ق 3 عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ قَالَ كَانَ رَسُول الله إِذا أَتَاهُ طَالب حَاجَة ذكره
(أَشْقَى الأشقياء) أَي أسوؤهم عَاقِبَة (من اجْتمع عَلَيْهِ فقر الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة) لكَونه مقلا فِي الدُّنْيَا عَاد مَا لِلْمَالِ وَهُوَ مَعَ ذَلِك كَافِر ويليه فِي الشقاوة فَقير مُسلم مصر على ارْتِكَاب الْكَبَائِر مَاتَ بِغَيْر تَوْبَة وَلم يعف عَنهُ (طس عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَهُوَ حسن لَا صَحِيح خلافًا للمؤلف وَلَا ضَعِيف خلافًا لبَعْضهِم
(أَشْقَى النَّاس) قدار بن سالف (عَاقِر نَاقَة ثَمُود) أَي قاتلها حِين قَالَ لَهُ نَبِي الله صَالح نَاقَة الله وسقياها لَهَا شرب وَلكم شرب يَوْم مَعْلُوم (وَابْن آدم) قابيل (الَّذِي قتل أَخَاهُ) هابيل ظلما (مَا سفك على الأَرْض) أَي مَا أريق عَلَيْهَا (من دم) بقتل امْرِئ مَعْصُوم ظلما (إِلَّا لحقه مِنْهُ) أَي من إثمه (لِأَنَّهُ أوّل من سنّ الْقَتْل) أَي جعله طَريقَة متبعة وَمن سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي عدَّة أَخْبَار وأشقى فِي هَذَا الْخَبَر وَمَا قبله بِمَعْنى من وأشقى مِنْهُم من قتل نَبيا أَو قَتله نبيّ كَمَا فِي حَدِيث (طب ك حل عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن الْعَاصِ رمز الْمُؤلف لصِحَّته اعْتِمَادًا على الْحَاكِم ونوزع
(أشكر النَّاس لله) أَي أَكْثَرهم شكرا لَهُ (أشكرهم للنَّاس) لِأَنَّهُ تَعَالَى جعل للنعم وسابط مِنْهُم وَأوجب شكر من جعله سَببا لإفاضتها فَيَنْبَغِي لمن صنع إِلَيْهِ مَعْرُوف أَن يشْكر من جرى على يَدَيْهِ وَأَن يمْلَأ الأَرْض ثَنَاء وَالسَّمَاء دُعَاء وَيَنْبَغِي لمن لَا يقوم بالشكر أَن لَا يقبل الْعَطاء قَالَ البحتري
(لَا أقبل الدَّهْر نيلا لَا يقوم بِهِ ... شكري وَلَو كَانَ مسديه إليّ أَبى)
وَالشُّكْر مَطْلُوب وَلَو على مُجَرّد الْهم بِالْإِحْسَانِ كَمَا قَالَ
(لَا شكرنك مَعْرُوفا هَمَمْت بِهِ ... إِن اهتمامك بِالْمَعْرُوفِ مَعْرُوف)
(حم طب هَب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن الْأَشْعَث بن قيس) بن معد يكرب الْكِنْدِيّ (طب هَب(1/158)
عَن أُسَامَة بن زيد عد عَن ابْن مَسْعُود) رمز الْمُؤلف لصِحَّته وَمرَاده أَنه صَحِيح لغيره
(أشهد بِاللَّه) أَي اشْهَدُوا لله فَهُوَ قسم (وَأشْهد لله) أَي لأَجله (لقد قَالَ لي) أَمِين الْوَحْي (جِبْرِيل مُحَمَّد أَن مدمن الْخمر) أَي الملازم لشربها المداوم على معاقرتها (كعابد وثن) أَي صنم إِن اسْتَحلَّهَا أَو هُوَ زجر وردع (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى والرافعي (وَأَبُو نعيم) الْحَافِظ (فِي مسلسلاته) الَّتِي بِلَفْظ أشهد بِاللَّه (وَقَالَ) هَذَا حَدِيث (صَحِيح ثَابت) كِلَاهُمَا (عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عَليّ) بن أبي طَالب
(أشهدوا) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْهَاء (هَذَا الْحجر) بِفَتَحَات (خيرا) أَي اجعلوا الْحجر الْأسود شَهِيدا لكم على خير تفعلونه عِنْده كتقبيل أَو استلام أَو دُعَاء أَو ذكر (فَإِنَّهُ يَوْم الْقِيَامَة شَافِع) فِيمَن أشهده خيرا (مُشَفع) أَي مَقْبُول الشَّفَاعَة من قبل الله تَعَالَى (لَهُ لِسَان) نَاطِق (وشفتان يشْهد لمن استلمه) أَي لمسه إِمَّا بالقبلة أَو بِالْيَدِ فيتأكد تقبيله واستلامه لذَلِك وَلَا مَانع من أَن الله يَجْعَل لَهَا لِسَانا فِي الْآخِرَة ينْطق بِهِ كلساننا أَو على كَيْفيَّة أُخْرَى لما يَأْتِي أنّ مَا فِي الْآخِرَة لَا يشبه مَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا فِي الِاسْم (طب عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده حسن
(أشيدوا) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمُعْجَمَة من الإشادة وَهِي رفع الصَّوْت بالشَّيْء (النِّكَاح) أَي أعْلنُوا عقدّه وأشهروا أمره ندبا واجعلوه فِي الْمَسَاجِد (طب عَن السَّائِب) بِمُهْملَة وتحتية وموحدة (ابْن يزِيد) من الزِّيَادَة وَهُوَ الْكِنْدِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(أشيدوا النِّكَاح وأعلنوه) عطف تَفْسِير وَالنِّكَاح فِي هَذَا الْخَبَر وَمَا قبله المُرَاد بِهِ العقد اتِّفَاقًا وَفِيه نهى عَن نِكَاح السرّ (الْحسن بن سُفْيَان) فِي جزئه (طب عَن هَبَّار بن الْأسود) الْقرشِي الْأَسدي قَالَ الْبَغَوِيّ هَذَا حَدِيث لَا أصل لَهُ
(أَصَابَتْكُم فتْنَة الضراء) هِيَ الْحَالة الَّتِي تضر وَالْمرَاد ضيق الْعَيْش والشدّة (فصبرتم) عَلَيْهَا (وَإِن أخوف مَا أَخَاف عَلَيْكُم) أَي أعظم مَا أَخَاف عَلَيْكُم أَن تفتنوا بِهِ (فتْنَة السَّرَّاء) وَهِي إقبال الدُّنْيَا وَالسعَة والراحة فَإِنَّهَا أَشد من فتْنَة الضراء وَالصَّبْر عَلَيْهَا أشق لكَونهَا مقرونة بِالْقُدْرَةِ وَمن الْعِصْمَة أَن لَا تَجِد ومعظم هَذِه الْفِتْنَة (من قبل النِّسَاء) أَي من جهتهن (إِذا تسورن الذَّهَب) أَي لبسن أساور من ذهب (وَلبس ريط الشأم) جمع ريطة برَاء مَفْتُوحَة فمثناة تَحت كل ثوب ولين رَقِيق أَو نَحْو ذَلِك (وَعصب الْيمن) بِفَتْح الْعين وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة برود يمنية يعصب غزلها أَي يجمع ويشد ثمَّ يصْبغ وينسج فَيصير موشيا (وأتعبن) كَذَا وقفت عَلَيْهِ فِي خطّ الْمُؤلف فَمَا فِي نسخ من أَنه أتبعن بِتَقْدِيم الْمُوَحدَة على الْعين تَحْرِيف (الْغنى وكلفن الْفَقِير مَا لَا يجد) أَي حملنه على تَحْصِيل مَا لَيْسَ عِنْده من الدُّنْيَا فيضطر إِلَى التساهل فِي الِاكْتِسَاب ويتجاوز الْحَلَال إِلَى الْحَرَام فَيَقَع فِي الذُّنُوب والآثام (خطّ عَن معَاذ) بن جبل وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أصب) وَفِي رِوَايَة أضف والأوّل أَعم (بطعامك) أَي اقصد بإطعامه (من تحب فِي الله) فَإِن إطعامه آكِد من إطْعَام غَيره وَإِن كَانَ إطْعَام الطَّعَام لكل أحد من برّ وَفَاجِر وصديق وعدّ ومطلوبا (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي) كتاب فضل زِيَارَة (الإخوان) فِي الله (عَن) أبي الْقَاسِم (الضَّحَّاك) بن مُزَاحم الْهِلَالِي (مُرْسلا) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا ابْن الْمُبَارك
(أصدق كلمة) أَي قِطْعَة من الْكَلَام (قَالَهَا الشَّاعِر كلمة لبيد الْأكل شَيْء مَا خلا الله بَاطِل) أَي هَالك لِأَنَّهُ مُوَافق لأصدق الْكَلَام وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {كل من عَلَيْهَا فان} وَتَمام الْبَيْت(1/159)
(وكل نعيم لَا محَالة زائل ... )
(ق هـ عَن أبي هُرَيْرَة) زَاد مُسلم فِي رِوَايَة وَكَاد أُميَّة بن أبي الصَّلْت أَن يسلم
(أَصْحَاب الْبدع) أَي أهل الْأَهْوَاء الَّذين يكفرون ببدعتهم (كلاب أهل النَّار) أَي يتعاوون فِيهَا كعواء الْكلاب أَو هم أخس أَهلهَا وأحقرهم كَمَا أنّ الْكَلَام أخس الْحَيَوَان (أَبُو حَاتِم) مُحَمَّد بن عبد الْوَاحِد (الْخُزَاعِيّ فِي جزئه) الْمَشْهُور (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(أصدق الحَدِيث مَا عطس عِنْده) بِبِنَاء عطس للْفَاعِل أَي مَا عطس إِنْسَان عِنْده وبناؤه للْمَفْعُول لَا يلائم الصِّنَاعَة إِذْ نَائِب الْفَاعِل لَا يكون ظرفا لَكِن الْمَعْنى عَلَيْهِ وَإِنَّمَا كَانَ أصدق لِأَن العطسة تنفس الرّوح وتحببه إِلَى الله فَإِذا تحرّك العطس عِنْده فَهُوَ آيَة الصدْق (طس عَن أنس) بن مَالك قَالَ الْمُؤلف فِي النكت فِي إِسْنَاده لين
(أصدق الرُّؤْيَا) الْوَاقِعَة فِي الْمَنَام (بالأسحار) أَي مَا رَآهُ الْإِنْسَان فِي وَقت السحر وَهُوَ مَا بَين الفجرين لِأَن الْغَالِب حِينَئِذٍ أَن تكون الخواطر مجتمعة والدواعى متوفرة والمعدة خَالِيَة (حم ت حب ك هَب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقروه
(اصرف بَصرك) أَي اقلبه إِلَى جِهَة أُخْرَى إِذا وَقع على نَحْو أَجْنَبِيَّة بِلَا قصد فَإِن صرفته لم تأثم وَإِن استدمت أثمت (حم م 3 عَن جرير) بن عبد الله قَالَ سَأَلت رَسُول الله عَن نظر الفجاة فَذكره
(اصرم) بِكَسْر الْهمزَة ومهملة وَرَاء مَكْسُورَة من الصرم الْقَاطِع (الأحمق) أَي اقْطَعْ ودّه وَهُوَ وَاضع الشَّيْء فِي غير مَحَله مَعَ الْعلم بقبحه وَالْقَصْد الْأَمر بِعَدَمِ صحبته ومخالطته لقبح حَالَته وَلِأَن الطباع سراقَة معدية وَقد يسرق طبعك مِنْهُ قَالُوا وعدوّ عَاقل خير من صديق أَحمَق وَقَالَ
(عدوّك ذُو الْعقل أبقى عَلَيْك ... وأرعى من الوامق الأحمق)
وَقيل إِنَّك تحفظ الأحمق من كل شَيْء إِلَّا من نَفسه قَالَ بَعضهم
(لَا يبلغ الْأَعْدَاء من جَاهِل ... مَا يبلغ الأحمق من نَفسه)
وروى الْحَكِيم التِّرْمِذِيّ عَن أنس مَرْفُوعا أَن الأحمق يُصِيب بحمقه أعظم من فجور الْفَاجِر وَإِنَّمَا يقرب النَّاس الزلف على قدر عُقُولهمْ وَقيل إِذا أردْت أَن تعرف الْعَاقِل من الأحمق فحدثه بالمحال فَإِن قبله فَهُوَ أَحمَق (طب عَن بشير) ضَبطه الْحَاكِم بموحدة مَفْتُوحَة فمعجمة مَكْسُورَة وياء ورده الْبَيْهَقِيّ بِأَنَّهُ وهم وَإِنَّمَا هُوَ بتحتية مَضْمُومَة فمهملة مُصَغرًا (الْأنْصَارِيّ) ذكره الْحَاكِم أَيْضا فَتَبِعَهُ الْمُؤلف قَالَ الْحَافِظ ابْن حجر وَلَيْسَ كَذَلِك وَإِنَّمَا هُوَ عبديّ وَقيل كندي
(اصطفوا وليتقدّمكم فِي الصَّلَاة) للْإِمَامَة (أفضلكم) بِنَحْوِ فقه أَو غَيره من الصِّفَات المقررة الْمرتبَة فِي الْفُرُوع (فإنّ الله عز وَجل يصطفي) أَي يخْتَار (من الْمَلَائِكَة رسلًا وَمن النَّاس) قَالَ الْمُؤلف وَمن خَصَائِص هَذِه الْأمة الصَّفّ فِي الصَّلَاة (طب عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي كَذَّاب
(أصل كل دَاء) من الأدواء الامتلائية والمورثة لضعف الْمعدة وفسادها وحدوث السدد وَنَحْو ذَلِك وَإِلَّا فَمن الأدواء مَا يحدث عَن غير التُّخمَة كالأمراض الدموية وَقَوْلهمْ لفظ الْكُلية والأبدية لَا يُجَامِعهَا التَّخْصِيص غالبى (الْبردَة) أَي التُّخمَة وَهِي بِفَتْح الرَّاء على الصَّوَاب خلاف مَا عَلَيْهِ المحدّثون وَمن إسكانها وَذَلِكَ لِأَنَّهَا تبرد حرارة الشَّهْوَة وتنقل الطَّعَام على الْمعدة وَكَثِيرًا مَا تتولد من الشّرْب على الطَّعَام قبل هضمه قَالَ بعض الْأَطِبَّاء وأضرّ الطَّعَام طَعَام بَين شرابين وشراب بَين طعامين (تَنْبِيه) الطَّعَام فِيهِ طبائع أَربع وَفِي(1/160)
الْمعدة طبائع أَربع فَإِذا أَرَادَ الله اعْتِدَال مزاج الْبدن أَخذ طبع من طبائع الْمعدة ضدّه من الطَّعَام فتأخذ الْحَرَارَة الْبُرُودَة وَهَكَذَا ليعتدل المزاج وَإِن أَرَادَ إفناء قالبه وتخريب بنيته أخذت كل طبيعة جِنْسهَا من الْمَأْكُول فتميل الطبائع ويضطرب الْبدن ذَلِك تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم (قطّ فِي) كتاب (الْعِلَل عَن أنس) بن مَالك (ابْن السّني وَأَبُو نعيم) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عَليّ) بن أبي طَالب (وَعَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (وَعَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا) وَهُوَ ابْن شهَاب وَهَذَا كَمَا قَالَ ابْن حبَان حَدِيث مُنكر
(أصلح) يَا أَبَا كَاهِل (بَين النَّاس) المتشاحنين أَو المتعادين (وَلَو) أَنَّك (تَعْنِي الْكَذِب) قَالَ الديلمي يُرِيد وَلَو أَن تقصد الْكَذِب (طب عَن أبي كَاهِل) الأحمسي واسْمه قيس أَو عبد الله صَحَابِيّ صَغِير وَفِيه كَمَا أَفَادَهُ الهيتميّ كَذَّاب
(أصلحوا دنياكم) أَي أَمر معاشكم فِيهَا (وَاعْمَلُوا لآخرتكم) بجد واجتهاد مَعَ قصر أمل (كأنكم تموتون غَدا) أَي قَرِيبا جدا بِأَن تجْعَلُوا الْمَوْت نصب أعينكُم وَعبر فِي شَأْن الدُّنْيَا بأصلحوا دون اعْمَلُوا إِشَارَة للاقتصار مِنْهَا على مَا لَا بدّ مِنْهُ (فر عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لضعف زَاهِر الشحامي وَغَيره
(اصْنَع الْمَعْرُوف إِلَى من هُوَ أَهله وَإِلَى غير أَهله) أَي افعله مَعَ أهل الْمَعْرُوف وَمَعَ غَيرهم (فَإِن أصبت أَهله أصبت أَهله) أَي أصبت الَّذِي يَنْبَغِي اصطناع الْمَعْرُوف مَعَهم قَالَ ابْن مَالك قد يقْصد بالْخبر الْمُفْرد بَيَان الشُّهْرَة وَعدم التَّغَيُّر فيتحد بالمبتدأ لفظا وَقد يفعل ذَا بِجَوَاب الشَّرْط نَحْو من قصدني فقد قصدني وَذَا مِنْهُ (وَإِن لم تصب أَهله كنت أَنْت أَهله) لِأَنَّهُ تَعَالَى أثنى على فَاعل الْمَعْرُوف مَعَ الْأَسير الْكَافِر فَمَا بالك بِمن فعله مَعَ موحد (خطّ فِي) كتاب (رُوَاة مَالك) بن أنس (عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عَليّ) بن أبي طَالب وَهُوَ كَمَا فِي المغنى ضَعِيف
(اصنعوا) ندبا (لآل جَعْفَر) بن أبي طَالب الَّذِي قتل بغزوة مُؤْتَة وَجَاء نعيه إِلَى الْمَدِينَة (طَعَاما) بشبعهم ويومهم وليلتهم (فَإِنَّهُ قد أَتَاهُم مَا يشغلهم) عَن صنع الطَّعَام لأَنْفُسِهِمْ فِي ذَلِك الْيَوْم فَينْدب لجيران الْمَيِّت وأقاربه الأباعد فعل ذَلِك وَأَن يلحوا عَلَيْهِم فِي الْأكل لأَنهم قد يتركونه حزنا أَو حَيَاء أما أَهله الأقربون فَلَا ينْدب لَهُم صنع ذَلِك (حم د ت هـ ك عَن عبد الله بن جَعْفَر) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن وَقَالَ الْحَاكِم صَحِيح
(اصنعوا مَا بدا لكم) فِي جماع السبايا من عزل أَو غَيره (فَمَا قضى الله تَعَالَى) بِكَوْنِهِ (فَهُوَ كَائِن) لَا محَالة عزائم أم لَا (وَلَيْسَ من كل المَاء) أَي المنى (يكون الْوَلَد) وَهَذَا قَالَه لما قَالُوا أَنا نأتي السبايا ونحب أَثْمَانهنَّ فَمَا ترى فِي الْعَزْل وَفِيه جَوَاز الْعَزْل لَكِن يكره فِي الحرّة بِغَيْر إِذْنهَا (حم عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده حسن
(اضربوهن) يَعْنِي نساءكم اللَّاتِي تخافون نشوزهن (وَلَا يضْرب) هن (إِلَّا شِرَاركُمْ) أما الأخيار فيصبرون على عوجهن ويعاملونهن بِالْعَفو والحلم ويقوّمونهن بِرِفْق (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد) الْفَقِيه قَالَ شكى رجال النِّسَاء إِلَى رَسُول الله فَأذن لَهُم فِي ضربهن فَطَافَ تِلْكَ اللَّيْلَة مِنْهُنَّ نسَاء كثير يذكرن مَا لَقِي نسَاء الْمُسلمين فَذكره (مُرْسلا) أرسل عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره
(اضمنوا لي سِتّ خِصَال) أَي فعلهَا (أضمن لكم) فِي نظيرها (الْجنَّة) أَي دُخُولهَا مَعَ السَّابِقين الأوّلين أَو من غير سبق عَذَاب (لَا تظالموا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف أَي لَا يظلم بَعْضكُم بضعا أَيهَا الْوَرَثَة (عِنْد قسْمَة مواريثكم) فَإِن كل الْمُسلم(1/161)
على الْمُسلم حرَام (وأنصفوا النَّاس من أَنفسكُم) بِأَن تَفعلُوا مَعَهم مَا تحبون فعله مَعكُمْ (وَلَا تجبنوا عِنْد قتال عدوّكم) أَي لَا تهابهوه فتولوا الأدبار (وَلَا تغلوا) بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق وَضم الْمُعْجَمَة (غنائمكم) أَي لَا تخونوا فِيهَا فَإِن الْغلُول كَبِيرَة (وامنعوا ظالمكم من مظلومكم) أَي خُذُوا للمظلوم حَقه فَمن ظلمه وَلَا تقروه على ظلمه (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَهُوَ ضَعِيف كَمَا بَينه الهيتمي وَغَيره لَا حسن خلافًا للمؤلف
(اضمنوا لي سِتا) من الْخِصَال أَي فعلهَا (من أَنفسكُم) بِأَن تداوموا عَلَيْهَا (أضمن لكم الْجنَّة) أَي دُخُولهَا على مَا تقرّر فِيمَا قبله (اصدقوا إِذا حدّثتم) أَي لَا تكذبوا فِي شَيْء من حديثكم إِلَّا أَن ترَتّب على الْكَذِب مصلحَة (وأوفوا إِذا وعدتم) فَاتَ الْوَفَاء بالوعود والعهود مَحْبُوب مَطْلُوب (وأدّوا إِذا ائتمنتم) إنّ الله يَأْمُركُمْ أَن تؤدّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا (واحفظوا فروجكم) من فعل الْحَرَام (وغضوا أبصاركم) أَي كفوها عَن النّظر إِلَى كل محرم (وَكفوا أَيْدِيكُم) أَي امنعوها عَن تعَاطِي مَا لَا يجوز تعاطيه شرعا (حم حب ك هَب عَن عبَادَة بن الصَّامِت) وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمُهَذّب صَالح لَكِن فِيهِ كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ انْقِطَاع
(أطب الْكَلَام) أَي تكلم بِكَلَام طيب يَعْنِي قل لَا إِلَه إِلَّا الله خَالِصا (وأفش السَّلَام) بَين من تعرفه وَمن لَا تعرفه من الْمُسلمين (وصل الْأَرْحَام) أَي أحسن إِلَى أقاربك بالْقَوْل وَالْفِعْل (وصل بِاللَّيْلِ وَالنَّاس نيام) أَي تهجد فِي جَوف اللَّيْل (ثمَّ) إِذا فعلت ذَلِك وَلَزِمتهُ يُقَال لَك (ادخل الْجنَّة بِسَلام) أَي مَعَ سَلامَة من الْآفَات (حب حل عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ ضَعِيف للْجَهْل بِحَال عبد الله بن عبد الْجَبَّار
(أطت السَّمَاء) بِفَتْح الْهمزَة وشدّة الطَّاء صاحت وَأَنت من ثقل مَا عَلَيْهَا من ازدحام الْمَلَائِكَة وَكَثْرَة الساجدين مِنْهُم (ويحقها أَن تئط) بِفَتْح الْمُثَنَّاة فَوق وَكسر الْهمزَة يَعْنِي صوتت وَحقّ لَهَا أَن تصوّت لِأَن كَثْرَة مَا فِيهَا من الْمَلَائِكَة أثقلتها حَتَّى أطت (وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ) أَي بقدرته وتصريفه (مَا فِيهَا مَوضِع شبر إِلَّا وَفِيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بِحَمْدِهِ) على ضروب شَتَّى وأنحاء من الصِّيَغ مُخْتَلفَة وَاحْتج بِهِ من فضل السَّمَاء على الأَرْض وعكست شرذمة لكَون الْأَنْبِيَاء فِيهَا خلقُوا وفيهَا قبروا (ابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن أنس) بن مَالك رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أطع كل أَمِير) فِيمَا لَا إِثْم فِيهِ وجوبا وَلَو جائرا (وصل خلف كل إِمَام) وَلَو فَاسِقًا (وَلَا تسبن) بنُون التوكيد أَي لَا تشتمن (أحدا من أَصْحَابِي) لما لَهُم من الْفَضَائِل وَحسن الشَّمَائِل فشتم أحد مِنْهُم حرَام شَدِيد التَّحْرِيم وَأما مَا وَقع بَينهم من الحروب فَلهُ محامل (طب عَن معَاذ) بن جبل وَفِيه كَمَا قَالَ الذَّهَبِيّ وَغَيره انْقِطَاع
(أطعموا الطَّعَام) للبر والفاجر (وأطيبوا الْكَلَام) لَهما لِأَنَّهُ تَعَالَى أطْعم الْكفَّار واصطنع الْمَعْرُوف مَعَ كل بر وَفَاجِر وَأمر بذلك (طب عَن الْحسن بن) عَليّ) وَهُوَ ضَعِيف كَمَا جرى عَلَيْهِ الهيتمي لَا حسن خلافًا للمؤلف
(أطعموا الطَّعَام وأفشوا السَّلَام) أَي أعلنوه بَين الْمُسلمين (تورثوا الْجنان) أَي فعلكم ذَلِك وإدامتكم لَهُ يورثكم دُخُولهَا مَعَ الْفضل (طب عَن عبد الله بن الْحَرْث) صَحَابِيّ صَغِير شهير وَإِسْنَاده حسن بل قَالَ بَعضهم صَحِيح
(أطعموا طَعَامكُمْ الأتقياء) لِأَن التقى يَسْتَعِين بِهِ على التَّقْوَى فتكونون شُرَكَاء لَهُ فِي طَاعَته (وَأولُوا معروفكم الْمُؤمنِينَ) يَعْنِي الَّذين حسنت أَخْلَاقهم وأحوالهم فِي مُعَاملَة رَبهم فتجملوا فِي الْقيام بإنفاقهم وَفعل صنوف الْمَعْرُوف مَعَهم (ابْن أبي(1/162)
الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي كتاب) فضل (الإخوان ع عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده حسن
(أَطْفَال الْمُؤمنِينَ) أَي ذَرَارِيهمْ الَّذين لم يبلغُوا الْحلم (فِي جبل فِي الْجنَّة) يَعْنِي أَرْوَاحهم فِيهِ (يكفلهم) أبوهم (إِبْرَاهِيم) خَلِيل الرَّحْمَن (و) زَوجته (سارّة) بسين مُهْملَة وَرَاء مشدّدة سميت بِهِ لِأَنَّهَا كَانَت لبراعة جمَالهَا تسرّ من رَآهَا (حَتَّى يردّهم إِلَى آبَائِهِم يَوْم الْقِيَامَة) فَنعم الْوَالِدَان الكافلان هما وَأسْندَ الْكفَالَة إِلَيْهِمَا والردّ إِلَى إِبْرَاهِيم وَحده لِأَن الْمُخَاطب بِمثلِهِ الرِّجَال (حم ك وَالْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الْبَعْث عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح
(أَطْفَال الْمُشْركين) أَي أَوْلَاد الْكفَّار الصغار (خدم أهل الْجنَّة) يَعْنِي يدْخلُونَهَا فيجعلون خدما لأَهْلهَا كمن لم تبلغه الدعْوَة وَأولى وَهَذَا مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور وَمَا ورد مِمَّا يُخَالِفهُ مؤوّل (طس عَن أنس) بن مَالك (ص عَن سلمَان) الْفَارِسِي (مَوْقُوفا) عَلَيْهِ غير مَرْفُوع وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي تَارِيخه الْأَوْسَط عَن سَمُرَة مَرْفُوعا وَإِسْنَاده حسن لكنه لتعدّد طرقه يرتقي إِلَى دَرَجَة الصِّحَّة
(أطفئوا) ندبا أَو إرشادا (المصابيح) من بُيُوتكُمْ (إِذا رقدتم) أَي نمتم لِئَلَّا تجرّ الفويسقة الفتيلة فتحرق الْبَيْت (وَأَغْلقُوا الْأَبْوَاب) أَي أَبْوَاب بُيُوتكُمْ (وأوكئوا الأسقية) اربطوا أَفْوَاه الْقرب (وخمروا الطَّعَام وَالشرَاب) أَي استروه وغطوه (وَلَو بِعُود تعرضه عَلَيْهِ) مَعَ ذكر الله فَإِنَّهُ السرّ الدَّافِع كَمَا مرّ (خَ عَن جَابر) بن عبد الله فِي عدّة مَوَاضِع
(اطلب الْعَافِيَة) أَي السَّلامَة فِي الدّين وَالدُّنْيَا (لغيرك) من كل مَعْصُوم (ترزقها) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (فِي نَفسك) فَإنَّك كَمَا تدين تدان (الْأَصْبَهَانِيّ فِي) كتاب (التَّرْغِيب) والترهيب (عَن) عبد الله (بن عَمْرو) بن العَاصِي
(اطْلُبُوا الْحَوَائِج) أَي حَوَائِجكُمْ (إِلَى ذَوي الرَّحْمَة من أمتِي) أَي إِلَى الرقيقة قُلُوبهم السهلة عريكتهم فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (تُرْزَقُوا وتنجمعوا) أَي تصيبوا حَوَائِجكُمْ وتظفروا بمطالبكم (فَإِن الله تَعَالَى يَقُول) فِي الحَدِيث الْقُدسِي (رَحْمَتي فِي ذَوي الرَّحْمَة من عبَادي) أَي أسكنت الْمَزِيد مِنْهَا فيهم (وَلَا تَطْلُبُوا الْحَوَائِج عِنْد القاسية قُلُوبهم) أَي الغليظة أفئدتهم (فَلَا تُرْزَقُوا وَلَا تنجعوا فَإِن الله تَعَالَى يَقُول إِن سخطي) أَي كراهتي وشدّة غَضَبي (فيهم) أَي جعلته فيهم (عق طس عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَهُوَ ضَعِيف كَمَا بَينه ابْن حجر لَا مَوْضُوع خلافًا لِابْنِ الْجَوْزِيّ
(اطْلُبُوا الْخَيْر) زَاد فِي رِوَايَة وَالْمَعْرُوف (عِنْد حسان الْوُجُوه) الطَّلقَة المستبشرة وُجُوههم فإنّ الْوَجْه الْجَمِيل مَظَنَّة الْفِعْل الْجَمِيل وَبَين الْخلق والخلق تناسب قريب (تخ وَابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب فضل (قَضَاء الْحَوَائِج) للنَّاس (ع طب عَن عَائِشَة طب هَب عَن) عبد الله (بن عَبَّاس عد عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بن مَالك (طس عَن جَابر) بن عبد الله (تَمام) فِي فَوَائده (خطّ) كِلَاهُمَا (فِي) كتاب (رُوَاة مَالك) بن أنس (عَن أبي هُرَيْرَة تَمام) فِي فَوَائده أَيْضا (عَن أبي بكرَة) بِسُكُون الْكَاف وَفتحهَا قَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ طرقه كلهَا ضَعِيفَة أَي لكنه يقوى بتعدّدها فَقَوْل المُصَنّف حسن صَحِيح مَمْنُوع كَحكم بن الْجَوْزِيّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ
(اطْلُبُوا الْخَيْر دهركم كُله) أَي مدّة حَيَاتكُم جَمِيعهَا (وتعرّضوا لنفحات رَحْمَة الله) أَي عطاياه الَّتِي تهب من ريَاح رَحمته (فَإِن لله نفحات من) خَزَائِن (رَحمته يُصِيب بهَا من يَشَاء من عباده) الْمُؤمنِينَ فدوموا على الطّلب فَعَسَى أَن تصادفوا نفحة مِنْهَا فتسعدوا سَعَادَة الْأَبَد(1/163)
قَالَ لُقْمَان يَا بني عوّد لسَانك أَن يَقُول اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَإِن لله سَاعَة لَا يردّ فِيهَا سَائِلًا (وسلوا الله تَعَالَى) أَي اطْلُبُوا مِنْهُ قيَاما وقعودا وعَلى جنوبكم وَفِي حَال الشّغل بِالتَّصَرُّفِ فِي معاشكم (أَن يستر عوراتكم) جمع عَورَة وَهِي كل مَا يستحي مِنْهُ إِذا ظهر (وَأَن يُؤمن روعاتكم) أَي فزعاتكم جمع روعة وَهُوَ الْفَزع (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (الْفرج) بعد الشدّة (والحكيم) فِي نوادره (هَب حل) كلهم (عَن أنس) بن مَالك (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه وَقَول العامري حسن صَحِيح بَاطِل
(اطْلُبُوا الرزق فِي خبايا الأَرْض) أَي التمسوه فِي الْحَرْث لنَحْو زرع وغرس فإنّ الأَرْض تخرج مَا فِيهَا مخبأ من النَّبَات الَّذِي بِهِ قوام الْحَيَوَان أَو المُرَاد اسْتِخْرَاج الْجَوَاهِر والمعادن وَفِيه أَن طلب الرزق مَشْرُوع بل رُبمَا دخل بعض الطّلب فِي حد الْفَرْض وَذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّوَكُّل لأنّ الرزق من الله لكنه مسبب تسببا عاديا بِالطَّلَبِ (ع طب هَب عَن عَائِشَة) قَالَ النَّسَائِيّ هَذَا حَدِيث مُنكر وَقَالَ الهيتمي ضَعِيف
(اطْلُبُوا الْعلم) أَي الشَّرْعِيّ عَليّ وَجهه الْمَشْرُوع (وَلَو بالصين) مُبَالغَة فِي الْبعد (فإنّ طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم) وَهُوَ الْعلم الَّذِي لَا يعْذر الْمُكَلف فِي الْجَهْل بِهِ وَالْعلم سِتَّة أَقسَام فرض كِفَايَة إِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط الْحَرج عَن الْكل وَإِلَّا أَثم الْكل وَفرض عين وَهُوَ مَا يَحْتَاجهُ الْمُكَلف فِي الْفَرْض كوضوء وَصَلَاة وَصَوْم لَكِن إِنَّمَا يلْزم تعلم الظَّوَاهِر لَا الدقائق والنوادر وَمن لَهُ مَال زكوي يلْزمه تعلم أَحْكَام الزَّكَاة الظَّاهِرَة وَمن يَبِيع وَيَشْتَرِي يلْزمه تعلم أَحْكَام الْمُعَامَلَة وَمن لَهُ زَوْجَة يلْزمه تعلم أَحْكَام عشرَة النِّسَاء وَكَذَا من لَهُ قن وَكَذَا معرفَة مَا يحل وَيحرم من مَأْكُول ومشروب وملبوس وَعلم الْكَلَام فرض كِفَايَة لإِزَالَة الشُّبْهَة فَإِن ارتاب فِي أصل مِنْهُ لزمَه السَّعْي فِي إِزَالَته عينا وَعلم لقلب وَمَعْرِفَة أمراضه من نَحْو حسد وَعجب ورياء قَالَ الْغَزالِيّ فرض عين وَقَالَ غَيره من رزق قلبا سليما مِنْهَا كَفاهُ والأوجب تعلمه وَالثَّالِث مَنْدُوب كالتجر فِي الْعُلُوم الشَّرْعِيَّة وَالرَّابِع حرَام كالشعبذة والفلسفة والتنجيم وَالسحر وَالْخَامِس مَكْرُوه كأشعار الْغَزل والبطالة وَالسَّادِس مُبَاح كشعر لَا سخف فِيهِ وَلَا تثبيط عَن خير (عق عد هَب وَابْن عبد البرّ) أَبُو عَمْرو (فِي) كتاب فضل (الْعلم) كلهم (عَن أنس) بن مَالك قَالَ الْبَيْهَقِيّ مَتنه مَشْهُور وَأَسَانِيده ضَعِيفَة وَقَالَ غَيره يرتقي بِمَجْمُوع طرقه إِلَى الْحسن
(اطْلُبُوا الْعلم وَلَو بالصين) وَلِهَذَا سَافر جَابر بن عبد الله رَضِي الله من الْمَدِينَة إِلَى مصر فِي طلب حَدِيث وَاحِد بلغه عَن رجل بِمصْر (فَإِن طلب الْعلم فَرِيضَة على كل مُسلم) ثمَّ بَين مَا فِي طلبه من الْفضل بقوله (إنّ الْمَلَائِكَة تضع أَجْنِحَتهَا لطَالب الْعلم) أَي تبسطها لَهُ أَو تتواضع لَهُ تَعْظِيمًا لحقه أَو تنزل عِنْده وَتَدَع الطيران أَو تعينه وتيسر لَهُ أَو غير ذَلِك (رضَا بِمَا يطْلب) فِيهِ كَالَّذي قبله ندب الرحلة فِي طلب الْعلم وَطلب العلوّ فِيهِ (ابْن عبد البرّ) أَبُو عَمْرو فِي كتاب الْعلم (عَن أنس) بن مَالك وَفِيه كَذَّاب
(اطْلُبُوا الْعلم يَوْم الِاثْنَيْنِ) لفظ رِوَايَة أبي الشَّيْخ والديلمي فِي كل يَوْم اثْنَيْنِ (فَإِنَّهُ ميسر لطالبه) أَي يَتَيَسَّر لَهُ أَسبَاب تَحْصِيله بِدفع الْمَوَانِع وتهيئة الْأَسْبَاب إِذا طلبه فِيهِ فَطلب الْعلم فِي كل وَقت مَطْلُوب لكنه فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ آكِد قَالَ ابْن مَسْعُود اطْلُبُوا معيشة لَا يقدر السُّلْطَان على غصبهَا قيل وَمَا هِيَ قَالَ الْعلم (أَبُو الشَّيْخ) بن حَيَّان (فرّ) كِلَاهُمَا (عَن أنس) بن مَالك وَفِيه ضعف لكنه متماسك
(اطْلُبُوا الْحَوَائِج بعزة الْأَنْفس فَإِن الْأُمُور تجْرِي) أَي(1/164)
تمرّ (بالمقادير) يَعْنِي لَا تذلوا أَنفسكُم بالجد فِي الطّلب والتهافت على التَّحْصِيل بل اطْلُبُوا طلبا رَفِيقًا فَإِن مَا قدر لَك يَأْتِيك وَمَا لَا فَلَا وَإِن حرصت (تَمام) فِي فَوَائده (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عبد الله بن بسر) بِضَم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُهْملَة وَهُوَ الْمَازِني رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اطْلُبُوا الْفضل) أَي الزِّيَادَة والتوسعة عَلَيْكُم (عِنْد الرُّحَمَاء من أمتِي) أمة الْإِجَابَة فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (تعيشوا فِي أَكْنَافهم) جمع كنف بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ الْجَانِب (فَإِن فيهم رَحْمَتي) كَذَا وجدته فِي نسخ وَلَعَلَّه سقط قبله من الحَدِيث فإنّ الله يَقُول أَو نَحْو ذَلِك (وَلَا تَطْلُبُوا) الْفضل (من القاسية قُلُوبهم) أَي الفظة الغليظة قُلُوبهم (فَإِنَّهُم ينتظرون سخطي) فِيمَا نقضهم ميثاقهم لعناهم وَجَعَلنَا قُلُوبهم قاسية (الخرائطي فِي) كتاب (مَكَارِم الْأَخْلَاق) وَكَذَا ابْن حبَان (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَضَعفه الْعِرَاقِيّ وَغَيره
(اطْلُبُوا الْمَعْرُوف) أَي الْإِحْسَان (من رحماء أمتِي تعيشوا فِي أَكْنَافهم وَلَا تطلبوه من القاسية قُلُوبهم فَإِن اللَّعْنَة تنزل عَلَيْهِم) يَعْنِي الْأَمر بالطرد والإبعاد عَن منَازِل أهل الرشاد (يَا عَليّ) بن أبي طَالب (إنّ الله تَعَالَى خلق الْمَعْرُوف وَخلق لَهُ أَهلا فحببه إِلَيْهِم وحبب إِلَيْهِم فعاله وَوجه إِلَيْهِ طلابه) بِالتَّشْدِيدِ (كَمَا وَجه المَاء فِي الأَرْض الجدبة) أَي المنقطعة الْغَيْث من الجدب وَهُوَ الْمحل وزنا وَمعنى (لتحيا بِهِ ويحيا بِهِ أَهلهَا إِن أهل الْمَعْرُوف فِي الدُّنْيَا هم أهل الْمَعْرُوف فِي الْآخِرَة) يَعْنِي من بذل معروفه فِي الدُّنْيَا للنَّاس آتَاهُ الله يَوْم الْقِيَامَة جَزَاء معروفه وَمَفْهُومه أنّ أهل الشَّرّ فِي الدُّنْيَا هم أهل الشَّرّ فِي الْآخِرَة (ك عَن) أَمِير الْمُؤمنِينَ (عَليّ) بن أبي طَالب وَصَححهُ الْحَاكِم وردّه الذَّهَبِيّ وَغَيره
(اطلع فِي الْقُبُور) أَي عَلَيْهَا (وَاعْتبر بالنشور) أَي انْظُر وَتَأمل فِيهَا أمره بِالنّظرِ فِي الْقُبُور على وَجه يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الِاعْتِبَار الْمَذْكُور وتتبعه الْعبْرَة فِي أَحْوَال النشور ليصدق زهد النَّاظر وَيقصر أمله (هَب عَن أنس) بن مَالك قَالَ شكى رجل إِلَى الْمُصْطَفى قسوة قلبه فَذكره قَالَ مخرّجه الْبَيْهَقِيّ مَتنه مُنكر
(اطَّلَعت) بتَشْديد الطَّاء أَي أشرفت (فِي الْجنَّة) أَي عَلَيْهَا (فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا الْفُقَرَاء) هَذَا من أقوى حجج من فضل الْفقر على الْغنى (واطلعت فِي النَّار) أَي عَلَيْهَا وَالْمرَاد نَار جَهَنَّم (فَرَأَيْت أَكثر أَهلهَا النِّسَاء) لِأَن كفران العشير وَالعطَاء وَترك الصَّبْر عِنْد الْبلَاء فيهنّ أَكثر وعورض بِخَبَر رايتكن أَكثر أهل الْجنَّة وَأجِيب بأنّ المُرَاد بكونهن أَكثر أهل النَّار نسَاء الدُّنْيَا وبكونهن أَكثر أهل الْجنَّة نسَاء الْآخِرَة (حم م ت عَن أنس) بن مَالك (خَ ت عَن عمرَان بن حُصَيْن) بِضَم الْحَاء وَفتح الصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ
(أطوعكم لله) أَي أَكْثَرَكُم طَاعَة لَهُ (الَّذِي يبْدَأ صَاحبه بِالسَّلَامِ) أَي الَّذِي يُبَادر من لقِيه من الْمُسلمين بِالسَّلَامِ قبل سَلام الآخر عَلَيْهِ (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) قَالَ قُلْنَا يَا رَسُول الله إِنَّا نَلْتَقِي فأينا يبْدَأ بِالسَّلَامِ فَذكره وَفِيه كَمَا قَالَ الهيتمي مَجْهُول
(أطول النَّاس أعناقا) بِفَتْح الْهمزَة جمع عنق (يَوْم الْقِيَامَة المؤذنون) للصلوات أَي هم أَكْثَرهم رَجَاء لِأَن من يَرْجُو شيأ طَال إِلَيْهِ عُنُقه وَالنَّاس يكونُونَ فِي الكرب وهم يشرئبون أَن يُؤذن لَهُم فِي دُخُول الْجنَّة أَو مَعْنَاهُ الدنوّ إِلَى الله أَو أَنهم لَا يلجمهم الْعرق فَإِن النَّاس يَوْم الْقِيَامَة يكونُونَ فِي الْعرق بِقدر أَعْمَالهم أَو مَعْنَاهُ يكونُونَ رُؤَسَاء يَوْمئِذٍ وَالْعرب تصف السَّادة بطول الْعُنُق وَقيل الْأَعْنَاق الْجَمَاعَة يُقَال جَاءَ عنق من النَّاس أَي جمَاعَة وَمَعْنَاهُ أَن جمع المؤذنين بهَا يكون أَكثر فإنّ من أجَاب دعوتهم يكون مَعَهم أَو طول الْعُنُق عبارَة عَن(1/165)
عدم الخجل وتنكيس الرَّأْس قَالَ تَعَالَى {وَلَو ترى إِذْ المجرمون ناسكوا رُؤْسهمْ} أَو غير ذَلِك وروى بِكَسْرِهَا أَي أَكْثَرهم إسراعا إِلَى الْجنَّة (حم عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(اطووا ثيابكم) أَي لفوها فَإِنَّكُم إِذا طويتموها (ترجع إِلَيْهَا أرواحها) أَي تبقى فِيهَا قوتها (فإنّ الشَّيْطَان) إِبْلِيس أَو المُرَاد الْجِنْس (إِذا وجد ثوبا مطويا لم يلْبسهُ) أَي يمْنَع من لبسه (وَإِن وجده منشورا لبسه) فيسرع إِلَيْهِ البلى وَتذهب مِنْهُ الْبركَة (طس عَن جَابر) بن عبد الله وَفِيه كَمَا حرّره الهيتمي وَضاع فَكَانَ على الْمُؤلف حذفه
(أطيب الطّيب) أَي أفضله (الْمسك) بِكَسْر أوّله فَهُوَ أَفْخَر أَنْوَاعه وسيدها وَتَقْدِيم العنبر عَلَيْهِ خطأ كَمَا قَالَ ابْن الْقيم (حم م د ن عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أطيب الْكسْب) أَي أفضل طرق الِاكْتِسَاب (عمل الرجل بِيَدِهِ) لِأَنَّهُ سنة الْأَنْبِيَاء كَانَ دَاوُد يعْمل السرد وَكَانَ زَكَرِيَّا نجارا (وكل بيع مبرور) أَي لَا غش فِيهِ وَلَا خِيَانَة (حم طب ك عَن رَافع بن خديج طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَرِجَال أَحْمد كَمَا قَالَ الهيتمي رجال الصَّحِيح
(أطيب كسب الْمُسلم سَهْمه فِي سَبِيل الله) لأنّ مَا حصل بِسَبَب الْحِرْص على نصْرَة دين الله لَا شَيْء أطيب مِنْهُ فَهُوَ أفضل من البيع وَغَيره مِمَّا مرّ لِأَنَّهُ كسب الْمُصْطَفى وحرفته (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أطيب) لفظ رِوَايَة التِّرْمِذِيّ أَن أطيب (اللَّحْم لحم الظّهْر) أَي ألذه يُقَال طَابَ الشَّيْء يطيب إِذا كَانَ لذيذا وَقيل مَعْنَاهُ أحسن وَقيل أطهر لبعده عَن مَوَاضِع الْأَذَى وكيفما كَانَ فَالْمُرَاد أَن ذَلِك من أطيبه إِذْ لحم الذِّرَاع أطيب من بديل أَن الْمُصْطَفى كَانَ يُحِبهُ ويؤثره على غَيره وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أخف على الْمعدة وأسرع هضما وَأعجل نضجا (حم هـ ك هَب عَن عبد الله بن جَعْفَر) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ وَغَيره
(أطيب الشَّرَاب الحلو الْبَارِد) لِأَنَّهُ أطفأ للحرارة وأبعث على الشُّكْر وأنفع للبدن (ت عَن الزُّهْرِيّ مُرْسلا) وَهُوَ ابْن شهَاب (حم عَن ابْن عَبَّاس) عبد الله وَرِجَاله رجال الصَّحِيح لَكِن تابعيه مَجْهُول
(أَطِيعُونِي مَا كنت) فِي رِوَايَة مَا دمت أَي مدّة دوامي (بَين أظْهركُم) فَإِنِّي لَا آمُر إِلَّا بِمَا أَمر الله بِهِ وَلَا أنهِي إِلَّا عَمَّا نهى الله عَنهُ (وَعَلَيْكُم بِكِتَاب الله) أَي الزموا الْعَمَل بِالْقُرْآنِ (أحلُّوا حَلَاله وحرّموا حرَامه) يَعْنِي مَا أحله افعلوه وَمَا حرّمه لَا تقربوه ومحصوله مَا دمت بَيْنكُم حَيا فَعَلَيْكُم اتِّبَاع مَا أَقُول وأفعل فإنّ الْكتاب عليّ نزل وَأَنا أعلم الْخلق بِهِ وَأما بعدِي فالزموا الْقُرْآن فَمَا أذن فِي فعله افعلوه وَمَا نهى عَنهُ فَانْتَهوا (طب عَن عَوْف) بِفَتْح الْمُهْملَة أوّله وَآخره فَاء (ابْن مَالك) الْأَشْجَعِيّ قَالَ خرج علينا رَسُول الله وَهُوَ مرعوب وَقد فَذكره وَرُوَاته موثقون
(أظهرُوا النِّكَاح) أَي أعْلنُوا عقده (وأخفوا الْخطْبَة) بِكَسْر الْخَاء أسروها ندبا وَهَذَا الْخطاب فِي غَرَض التزوّج (فر عَن أم سَلمَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أعبد النَّاس) أَي من أَكثر هَذِه الأمّة عبَادَة (أَكْثَرهم تِلَاوَة لِلْقُرْآنِ) وَالْعِبَادَة لُغَة الخضوع وَعرفا فعل الْمُكَلف على خلاف هوى نَفسه تَعْظِيمًا لرَبه (فر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه مَجْهُول
(أعبد النَّاس أَكْثَرهم تِلَاوَة لِلْقُرْآنِ وَأفضل الْعِبَادَة الدُّعَاء) أَي الطّلب من الله تَعَالَى وَإِظْهَار التذلل والافتقار (المرهبي فِي) كتاب فضل (الْعلم عَن يحيى بن أبي كثير مُرْسلا) هُوَ أَبُو نصر الْيَمَانِيّ أحد الْأَعْلَام وَأَرْدَفَ الْمُؤلف الْمسند بالمرسل إِشَارَة إِلَى تقوّيه
(اعبد)(1/166)
بِهَمْزَة وصل مَضْمُومَة (الله) أَي أطعه فِيمَا أَمر وَنهي (لَا تشرك بِهِ شَيْئا) أَي اعبده غير مُشْرك بِهِ شَيْئا صنما وَلَا غَيره أَو شَيْئا من الْإِشْرَاك جليا أَو خفِيا (وأقم الصَّلَاة الْمَكْتُوبَة) بتعديل أَرْكَانهَا (وأدّ الزَّكَاة الْمَفْرُوضَة) قيد بِهِ مَعَ كَونهَا لَا تكون إِلَّا مَفْرُوضَة لِأَنَّهَا تطلق على إِعْطَاء المَال تبرّعا (وَحج وَاعْتمر وصم رَمَضَان) مَا لم تكن مَعْذُور بسفر أَو مرض (وَانْظُر) أَي تَأمل (مَا تحبّ للنَّاس أَن يأتوه إِلَيْك فافعله بهم وَمَا تكره أَن يأتوه إِلَيْك فذرهم) أَي اتركهم (مِنْهُ) أَي من فعله بهم فَإِن من فعل ذَلِك استقام حَاله (طب عَن أبي المنتفق) الْعَنْبَري وَإِسْنَاده حسن
(اعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا) أَي لَا تشرك مَعَه فِي التذلل لَهُ شيأ أيّ شَيْء كَانَ (واعمل لله كَأَنَّك ترَاهُ) بِأَن تكون مجدّا فِي الْعُبُودِيَّة مخلصا فِي النِّيَّة (واعدد نَفسك فِي الْمَوْتَى) أَي قدر فِي نَفسك أَنَّك تصبح أَو تمسي فِي عَسْكَر الْأَمْوَات (وَاذْكُر الله تَعَالَى عِنْد كل حجر وكل شجر) أَي عِنْد مرورك على كل شَيْء من ذَلِك وَالْمرَاد اذكره على كل حَال (وَإِذا عملت سَيِّئَة فاعمل بجنبها حَسَنَة) فَإِنَّهَا تمحوها إنّ الْحَسَنَات يذْهبن السيآت (السرّ بالسرّ وَالْعَلَانِيَة بالعلانية) أَي إِن عملت سَيِّئَة سرّية فقابلها بحسنة سرّية وَإِن عملت سَيِّئَة جهرية فقابلها بِمِثْلِهَا (طب هَب عَن معَاذ) بن جبل قَالَ أردْت سفرا فَقلت يَا رَسُول الله أوصني فَذكره وَإِسْنَاده جيد لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(اعبد الله) وَحده حَال كونك (كَأَنَّك ترَاهُ وعدّ نَفسك فِي الْمَوْتَى) بِأَن تشهد مشْهد من غبر وتعدّ نَفسك ضيفا فِي بَيْتك وروحك عَارِية فِي بدنك (وَإِيَّاك ودعوات الْمَظْلُوم) أَي احذرها بالتحرّز عَمَّا يؤدّي إِلَيْهَا (فَإِنَّهُنَّ مجابات) قطعا (وَعَلَيْك بِصَلَاة الْغَدَاة) أَي الزم صَلَاة الصُّبْح (وَصَلَاة الْعشَاء فاشهدهما) أَي احضر جماعتهما وداوم عَلَيْهِمَا (فَلَو تعلمُونَ مَا فيهمَا) من كَثْرَة الثَّوَاب (لأتيتموهما) أَي أتيتم مَحل جماعتها (وَلَو) كَانَ إتيانكم لَهُ إِنَّمَا هُوَ (حبوا) أَي زحفا على الأست يَعْنِي لسعيتم لَهُ وَلَو بغاية الْجهد والكلفة (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) وَهُوَ ضَعِيف كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ وَغَيره لكنه يقوّيه مَا بعده فَهُوَ حسن لغيره وَعَلِيهِ يحمل رمز الْمُؤلف لحسنه
(اعبد الله كَأَنَّك ترَاهُ) ومحال أَن ترَاهُ وَتشهد مَعَه أحدا سواهُ (فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك) أَي أَنَّك بمرأى من رَبك لَا يخفاه شَيْء من أَمرك وَمن علم أَن معبوده مشَاهد لعبادته تعين عَلَيْهِ بذل المجهود فِي الْخُشُوع والحضور (واحسب نَفسك مَعَ الْمَوْتَى) أَي عدّ نَفسك من أهل الْقُبُور وَكن فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيب أَو عَابِر سَبِيل (وَاتَّقِ دَعْوَة الْمَظْلُوم فَإِنَّهَا مستجابة) وَلَو بعد حِين كَمَا مرّ (حل عَن زيد بن أَرقم) رمز الْمُؤلف لحسنه أَي لاعتضاده بِمَا قبله
(اعبد الله وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا وَزَل مَعَ الْقُرْآن أَيْنَمَا زَالَ) أَي در مَعَه كَيفَ دَار (وَاقْبَلْ الْحق مِمَّن جَاءَ بِهِ من صَغِير أَو كَبِير) أَي من مسن أَو حَدِيث السن أَو جليل أَو وضيع (وَإِن كَانَ بغيضا لَك بَعيدا) مِنْك بعدا حسيا أَو معنويا (واردد الْبَاطِل على من جَاءَ بِهِ من صَغِير أَو كَبِير وَإِن كَانَ حبيبا) لَك (قَرِيبا) مِنْك حسا أَو معي نسبا أَو غَيره (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن) عبد الله (بن مَسْعُود) قَالَ قلت للنبيّ عَلمنِي كَلِمَات جَوَامِع نوافع فَذكره وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اعبدوا الرَّحْمَن) أَي أفردوه بِالْعبَادَة (وأطعموا الطَّعَام) للبر والفاجر (وأفشوا السَّلَام) أَي أظهروه وعموا بِهِ النَّاس وَلَا تخصوا المعارف (تدْخلُوا الْجنَّة بِسَلام) أَي فَإِنَّكُم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك ومتم عَلَيْهِ دَخَلْتُم الْجنَّة آمِنين لَا خوف عَلَيْكُم وَلَا أَنْتُم تَحْزَنُونَ (ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَحسنه قَالَ(1/167)
قلت يَا رَسُول الله إِذا رَأَيْتُك طابت نَفسِي وقرّت عَيْني فأنبئني عَن كل شَيْء قَالَ كل شَيْء خلق من مَاء قلت أنبئني بِشَيْء إِذا فعلته دخلت الْجنَّة فَذكره
(اعتبروا الأَرْض بأسمائها واعتبروا الصاحب بالصاحب) فإنّ الْأَرْوَاح جنود مجندة فَمَا تعارف مِنْهَا ائتلف وَمَا تناكر مِنْهَا اخْتلف كَمَا يَجِيء فِي خبر وَلذَا قيل
(وَلَا يصحب الْإِنْسَان إِلَّا نَظِيره ... وَإِن لم يَكُونُوا من قبيل وَلَا بلد)
وَقيل الْأَخ نسيب الْجِسْم وَالصديق وَنصِيب الرّوح وَقيل انْظُر من تصاحب فقلّ نواة طرحت مَعَ حَصَاة لَا أشبهتها (عد عَن ابْن مَسْعُود) مَرْفُوعا (هَب عَنهُ مَوْقُوفا) وطرقه كلهَا ضَعِيفَة لَكِن شواهده كَثِيرَة وَبهَا يرتقي إِلَى الْحسن
(اعتدلوا فِي السُّجُود) بِوَضْع أكفكم فِيهِ على الأَرْض وَرفع مرافقكم عَنْهَا وَرفع بطونكم عَن أفخاذكم إِذا كَانَ الْمصلى ذكرا (وَلَا يبسط أحدكُم) بِالْجَزْمِ على النَّهْي أَي الْمصلى (ذراعية انبساط الْكَلْب) أَي لَا يفرشهما على الأَرْض فِي الصَّلَاة فَإِنَّهُ مَكْرُوه لما فِيهِ من قلَّة الاعتناء بِالصَّلَاةِ (حم ق 4 عَن أنس) بن مَالك
(أعتق) فعل مَاض (أم إِبْرَاهِيم) مَارِيَة الْقبْطِيَّة (وَلَدهَا) إِبْرَاهِيم وَأطْلقهُ لعدم الالتباس فَإِنَّهَا لم تَلد غَيره أَي أثبت لَهَا حُرْمَة الحرّية وَأَجْمعُوا على أنّ ولد الرجل من أمته ينْعَقد حرّا (هـ قطّ ك هق عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ذكرت أم إِبْرَاهِيم عِنْد رَسُول الله فَذكره وَضَعفه الذَّهَبِيّ بِحُسَيْن بن عبد الله قَالَ ابْن حجر لَكِن لَهُ طَرِيق غير مَا ذكر سندها جيد
(أعتقوا) بِفَتْح الْهمزَة (عَنهُ) أَي عَمَّن وَجَبت عَلَيْهِ كَفَّارَة الْقَتْل (رَقَبَة) عبد أَو أمة مَوْصُوفا بِصفة الْأَجْزَاء فِي الْكَفَّارَة فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (يعْتق الله بِكُل عُضْو مِنْهَا عضوا مِنْهُ من النَّار) زَاد فِي رِوَايَة حَتَّى الْفرج بالفرج (د ك عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع قَالَ أَتَيْنَا رَسُول الله فِي صَاحب لنا أوجب بِالْقَتْلِ أَي اسْتَحَقَّه بِهِ فَذكره وَهُوَ صَحِيح
(اعْتِكَاف عشر فِي رَمَضَان كحجتين وعمرتين) أَي يعدل ثَوَاب حجَّتَيْنِ وعمرتين غير مفروضتين وَالْأَوْجه أنّ المُرَاد الْعشْر الْأَخير فإنّ فِيهِ لَيْلَة الْقدر الَّتِي الْعَمَل فِيهَا خير من ألف شهر (طب عَن الْحُسَيْن بن عَليّ) وَضَعفه الهيتمي وَغَيره (أعْتِمُوا) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمُثَنَّاة فَوق (بِهَذِهِ الصَّلَاة) صَلَاة الْعشَاء أَي ادخلوها فِي الْعَتَمَة وَهِي مَا بعد غيبوبة الشَّفق (فَإِنَّكُم قد فضلْتُمْ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (بهَا على سَائِر الْأُمَم وَلم تصلها أمة قبلكُمْ) وَجه جعل الثَّانِي عِلّة للأوّل أَنهم إِذا أخروها منتظرين خُرُوجه كَانُوا فِي صَلَاة وَكتب لَهُم ثَوَاب الْمصلى (د عَن معَاذ) بن جبل وَإِسْنَاده حسن (اعتموا) بِكَسْر الْهمزَة وشدّ الْمِيم أَي البسوا العمائم (تزدادوا حلما) أَي يكثر حلمكم وتتسع صدوركم لِأَن تَحْسِين الْهَيْئَة يُورث الْوَقار والرزانة (طب عَن أُسَامَة بن عُمَيْر) بِالتَّصْغِيرِ (طب ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وردّه الذَّهَبِيّ (اعتموا تزدادوا حلما والعمائم تيجان الْعَرَب) أَي هِيَ لَهُم بِمَنْزِلَة التيجان للملوك لِأَن العمائم فيهم قَليلَة وَأَكْثَرهم بالقلانس (عد هَب عَن أُسَامَة بن عُمَيْر) قَالَ ابْن حجر ضَعِيف لَكِن لَهُ شَاهد ضَعِيف أَي وَبِه يتقوّى (أعْتِمُوا) بِالتَّخْفِيفِ أَي صلوا الْعشَاء فِي الْعَتَمَة (خالفوا على الْأُمَم قبلكُمْ) فَإِنَّهُم وَإِن كَانُوا يصلونَ الْعشَاء لكِنهمْ كَانُوا لَا يعتمون بهَا بل يقارنون مغيب الشَّفق (هَب عَن خَالِد بن معدان) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح النُّون تَابِعِيّ جليل (مُرْسلا) قَالَ أَتَى النَّبِي بِثِيَاب من الصَّدَقَة فَقَسمهَا بَين أَصْحَابه ثمَّ ذكره
(أعجز النَّاس) أَي أضعفهم رَأيا (من عجز عَن الدُّعَاء) أَي الطّلب(1/168)
من الله سِيمَا عِنْد الشدائد (وأبخل النَّاس) أَي أمنعهم للفضل وأشحهم بالبذل (من بخل بِالسَّلَامِ) على من لقِيه من الْمُؤمنِينَ من يعرفهُ وَمن لَا يعرفهُ فَإِنَّهُ خَفِيف الْمُؤْنَة عَظِيم المثوبة (طس هَب عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده جيد قوي فَهُوَ صَحِيح لَا حسن فَقَط خلافًا للمؤلف
(اعدلوا بَين أَوْلَادكُم فِي النَّحْل) أَي العطايا والمواهب (كَمَا تحبون أَن يعدلُوا بَيْنكُم فِي البرّ) بِالْكَسْرِ الْإِحْسَان (واللطف) الرِّفْق بكم فإنّ انتظام المعاش والمعاد دائر مَعَ الْعدْل والتفاضل يجرّ إِلَى التباغض المؤدّي إِلَى العقوق وَمنع الْحُقُوق (طب عَن النُّعْمَان) بِضَم النُّون (بن بشير) وَإِسْنَاده حسن
(أعدي عدوّك) يَعْنِي من أشدّ أعدائك (زَوجتك الَّتِي تضاجعك) فِي الْفراش (وَمَا ملكت يَمِينك) من الأرقاء لأَنهم يوقعونك فِي الْإِثْم والعقوبة وَلَا عَدَاوَة أعظم من ذَلِك (فر عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) الصحابيّ الْمَشْهُور وَإِسْنَاده حسن
(أعذر الله إِلَى امْرِئ) أَي سلب عذر ذَلِك الْإِنْسَان فَلم يبْق لَهُ عذرا يعْتَذر بِهِ حَيْثُ (أخر أَجله) أَي أطاله (حَتَّى بلغ سِتِّينَ سنة) لِأَنَّهَا قريبَة من المعترك وَهُوَ سنّ الْإِنَابَة وَالرُّجُوع وترقب الْمنية (خَ عَن أبي هُرَيْرَة
أعربوا) بِفَتْح همزَة الْوَصْل وَسُكُون الْمُهْملَة وَكسر الرَّاء (الْقُرْآن) أَي بينوا مَا فِيهِ من غرائب اللُّغَة وبدائع الْإِعْرَاب وَقَوله (والتمسوا) اطْلُبُوا (غَرَائِبه) لم يرد بِهِ غرائب اللُّغَة لِئَلَّا يلْزم التّكْرَار وَلِهَذَا فسره ابْن الْأَثِير بقوله غَرَائِبه فَرَائِضه وحدوده وَهِي تحْتَمل وَجْهَيْن أَحدهمَا فَرَائض الْمَوَارِيث وحدود الْأَحْكَام الثَّانِي أَن المُرَاد بالفرائض مَا يلْزم الْمُكَلف أَتْبَاعه وبالحدود مَا يطلع بِهِ على الْأَسْرَار الْخفية والرموز الدقيقة قَالَ الطَّيِّبِيّ وَهَذَا التَّأْوِيل قريب من معنى خبر أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف لكل آيَة مِنْهَا ظهر وبطن الحَدِيث فَقَوله أعربوا إِشَارَة إِلَى مَا ظهر مِنْهُ وفرائضه وحدوده إِلَى مَا بطن مِنْهُ وَلما كَانَ الْفَرْض الْأَصْلِيّ هُنَا الثَّانِي قَالَ والتمسوا أَي شمروا عَن سَاق الجدّ فِي تفتيش مَا يعنيكم وجدوا فِي تبصر مَا يهمكم من الْأَسْرَار وَلَا توانوا فِيهِ (ش ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح عِنْد جمع ورده الذَّهَبِيّ بِأَنَّهُ مجمع على ضعفه
(أعربوا الْكَلَام) أَي تعلمُوا إعرابه وَالْمرَاد بِهِ هُنَا مَا يُقَابل اللّحن (كي تعربوا الْقُرْآن) أَي لأجل أَن تنطقوا بِهِ سليما من اللّحن (ابْن الْأَنْبَارِي فِي) كتاب (الْوَقْف) والابتداء (والمرهبي فِي) كتاب (فضل الْعلم) كِلَاهُمَا (عَن أبي جَعْفَر معضلا) هُوَ أَبُو جَعْفَر الْأنْصَارِيّ التَّابِعِيّ
(أَعرضُوا) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْعين وَكسر الرَّاء من الْعرض أَي قابلوا (حَدِيثي على كتاب الله) أَي قابلوا مَا فِي حَدِيثي من الْأَحْكَام الدَّالَّة على الْحل وَالْحُرْمَة على أَحْكَام الْقُرْآن (فَإِن وَافقه فَهُوَ) دَلِيل على أَنه (مني) أَي نَاشِئ عني (وَأَنا قلته) أَي وَهُوَ دَلِيل على أَنِّي قلته أَي إِذا لم يكن فِي الْخَبَر نسخ لما فِي الْكتاب وَهَذَا الْعرض وَظِيفَة الاجتهادية (طب عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى قَالَ فِي الأَصْل وَضعف
(اعرضوا عليّ رقاكم) لِأَنِّي الْعَارِف الْأَكْبَر المتلقي عَن معلم الْعلمَاء (لَا بَأْس بالرقي) أَي هِيَ جَائِزَة (مَا لم يكن فِيهِ) أَي فِيمَا رقى بِهِ (شرك) أَي شَيْء من الْكفْر فَذَلِك محرم إِذْ قَلِيل الشّرك وَكَثِيره جهل بِاللَّه وآياته (م د عَن عَوْف بن مَالك) قَالَ كُنَّا نرقى فِي الْجَاهِلِيَّة فَقُلْنَا يَا رَسُول الله كَيفَ ترى فِي ذَلِك فَذكره
(أَعرضُوا) أَي ولوا (عَن النَّاس) وانجمعوا عَنْهُم (ألم تَرَ) بِهَمْزَة الِاسْتِفْهَام أَي تعلم (أَنَّك إِن ابْتَغَيْت) أَي طلبت (الرِّيبَة فِي النَّاس) أَي التُّهْمَة فيهم لتظهرها (أفسدتم أَو كدت
قَوْله بِفَتْح همزَة الْوَصْل صَوَابه الْقطع وَقَوله فِي الحَدِيث الْآتِي اعرضوا بِفَتْح الْهمزَة صَوَابه بِكَسْر الْهمزَة(1/169)
تفسدهم) لوُقُوع بَعضهم فِي بعض بِنَحْوِ غيبَة (طب عَن مُعَاوِيَة) بن أبي سُفْيَان وَإِسْنَاده حسن
(اعرفوا أنسابكم) جمع نسب وَهُوَ الْقَرَابَة أَي تعرّفوها وافحصوا عَنْهَا (تصلوا أَرْحَامكُم) أَي لأجل أَن تصلوها بِالْإِحْسَانِ أَو أَنكُمْ إِن فَعلْتُمْ ذَلِك وصلتموها (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (لأَقْرَب للرحم إِذا قطعت وَإِن كَانَت قريبَة) فِي نفس الْأَمر (وَلَا بعد لَهَا إِذا وصلت وَإِن كَانَت بعيدَة) فِي نفس الْأَمر فالقطع يُوجب النكران وَالْإِحْسَان يُوجب الْعرْفَان (وَالطَّيَالِسِي ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ الذَّهَبِيّ فِي الْمُهَذّب إِسْنَاده جيد
(أعروا النِّسَاء) أَي جردوهنّ عَمَّا يزِيد على ستر الْعَوْرَة وَمَا يقيهن الحرّ وَالْبرد فَإِنَّكُم إِن فَعلْتُمْ ذَلِك (يلزمن الحجال) جمع حجلة بَيت كالقبة يستر بالثياب يَعْنِي لَا يعجبهن أنفسهنّ فيطلبن البروز بل يخترن الْحجاب (طب عَن مسلمة بن مخلد) بِفَتْح الْمِيم وَاللَّام الخزرجي الزرقي وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ طرق ترقيه إِلَى الْحسن وَزعم ابْن الْجَوْزِيّ وَضعه مَمْنُوع
(أعز) بِفَتْح فَكسر (أَمر الله) أَي اشتدّ فِي طَاعَة الله وامتثال أمره (يعزك الله) يقويك ويشدك ويكسوك جلالة ومهابة فِي الْقُلُوب (فر عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بِإِسْنَاد فِيهِ كَذَّاب
(اعزل الْأَذَى) بِالْمُعْجَمَةِ (عَن طَرِيق الْمُسلمين) أَي إِذا رَأَيْت فِي ممرهم مَا يُؤْذِي كشوك وَحجر فنحه عَنْهُم ندبا فإنّ ذَلِك من شعب الْإِيمَان (م د عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ قلت يَا رَسُول الله عَلمنِي شَيْئا أنتفع بِهِ فَذكره
(اعزل) ماءك أَيهَا المجامع (عَنْهَا) أَي عَن حليلتك بِأَن تنْزع عِنْد الْإِنْزَال فَينزل خَارج الْفرج (إِن شِئْت) أَن لَا تحبل وَذَلِكَ لَا يُفِيد (فَإِنَّهُ سيأتيها مَا قدّر لَهَا) فَإِن قدّر لَهَا حمل حصل وَإِن عزلت أَو عَدمه لم يَقع وَإِن لم تعزل (م عَن جَابر) بن عبد الله
(اعزلوا) عَن النِّسَاء (أَولا تعزلوا) أَي لَا أثر للعزل وَلَا لعدمه لأنّ (مَا كتب الله تَعَالَى) أَي قدر (من نسمَة) أَي نفس (هِيَ كائنة) فِي علم الله (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا وَهِي كائنة) فِي الْخَارِج فَلَا فَائِدَة لعزلكم وَلَا لإهماله لِأَنَّهُ إِن كَانَ قدّر الله خلقهَا سبقكم المَاء فَلَا ينفعكم الْحِرْص (طب عَن صرمة) بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء (العذري) بِعَين مُهْملَة مَضْمُومَة وذال مُعْجمَة صَحَابِيّ جليل قَالَ غزا رَسُول الله بِنَا فأصبنا كرائم الْعَرَب فرغبنا فِي التَّمَتُّع وَقد اشتدّت علينا الْعُزُوبَة فأردنا أَن نستمتع ونعزل فسألنا رَسُول الله فَذكره وَإسْنَاد ضَعِيف لضعف عبد الحميد بن سُلَيْمَان لَكِن شواهده كَثِيرَة جدّا
(أعْط) وَفِي رِوَايَة أعْطوا (كل سُورَة) من الْقُرْآن (حظها) نصِيبهَا (من الرُّكُوع وَالسُّجُود) يحْتَمل أنّ المُرَاد إِذا قَرَأْتُمْ سُورَة فصلوا عَقبهَا صَلَاة قبل الشُّرُوع فِي أُخْرَى (ش عَن بعض الصَّحَابَة) وَإِسْنَاده صَحِيح
(أعْطوا أعينكُم حظها من الْعِبَادَة) قَالَ قَائِل وَمَا حظها مِنْهَا قَالَ (النّظر فِي الْمُصحف) يَعْنِي قِرَاءَة الْقُرْآن نظرا فِيهِ (والتفكر فِيهِ) أَي تدبر آيَات الْقُرْآن وتأمّل مَعَانِيه (وَالِاعْتِبَار عِنْد عجائبه) من أوامره وزواجره ومواعظه وَأَحْكَامه وَنَحْوهَا (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (هَب) كِلَاهُمَا (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده كَمَا قَالَ الْبَيْهَقِيّ ضَعِيف
(أعْطوا السَّائِل) أَي الَّذِي يسْأَل التصدّق عَلَيْهِ (وَإِن) فِي رِوَايَة وَلَو (جَاءَ على فرس) يَعْنِي لَا تردوه وَإِن جَاءَ على حَالَة تدل على غناهُ كَكَوْنِهِ رَاكِبًا فرسا (عد عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أعْطوا) ندبا مؤكدا (الْمَسَاجِد حَقّهَا) قيل وَمَا حَقّهَا قَالَ (رَكْعَتَانِ) تَحِيَّة الْمَسْجِد إِذا دَخلته (قبل أَن تجْلِس) فِيهِ فَإِن جَلَست عمدا فَاتَت لتقصيرك (ش عَن أبي قَتَادَة) الْأنْصَارِيّ(1/170)
وَإِسْنَاده حسن كَمَا رمز إِلَيْهِ الْمُؤلف
(أعْطوا الْأَجِير أجره) أَي كِرَاء عمله (قبل أَن يجِف عرقه) لِأَن أجره عمالة بدنه فَإِذا عجل منفعَته اسْتحق التَّعْجِيل وَالْأَمر بإعطائه قبل جفاف عرقه عبارَة عَن الْحَث على دَفعهَا لَهُ عقب فَرَاغه وَإِن لم يعرق (5 عَن) عبد الله (بن عمر) بن الْخطاب (ع عَن أبي هُرَيْرَة طس عَن جَابر) بن عبد الله (الْحَكِيم) الترمذيّ (عَن أنس) بن مَالك وطرقه كلهَا ضَعِيفَة لكنه تقوى بانضمامها
(أعطي) يَا أَسمَاء بنت الصدّيق (وَلَا توكى) بِسُكُون الْبَاء أَي لَا تربطي الوكاء وَهُوَ الْخَيط الَّذِي يرْبط بِهِ (فيوكا) بِسُكُون الْألف (عَلَيْك) أَي لَا تمسكي المَال وتوكئي عَلَيْهِ فِي الْوِعَاء بِأَن تشدّي رَأسه فَيمسك الله عَنْك فَضله كَمَا أَمْسَكت فضل مَا أَعْطَاك (د عَن أَسمَاء بنت أبي بكر) الصدّيق وَسكت عَلَيْهِ أَو دَاوُد فَهُوَ صَالح
(أَعْطَيْت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (جَوَامِع الْكَلم) أَي الْكَلِمَات البليغة الوجيزة الجامعة للمعاني الْكَثِيرَة قَالَ الْقُرْطُبِيّ وَقد جَاءَ هَذَا الْفظ وَيُرَاد بِهِ الْقُرْآن فِي غير هَذَا الحَدِيث (وَاخْتصرَ لي الْكَلَام) حَتَّى صَار كثير الْمعَانِي قَلِيل الْأَلْفَاظ وَقَوله (اختصارا) مصدر مُؤَكد لما قبله (ع عَن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده حسن
(أَعْطَتْ سُورَة الْبَقَرَة من الذّكر الأوّل) هِيَ كَمَا فِي الْبَحْر الْمُفِيد الصُّحُف الْعشْرَة والكتب الثَّلَاثَة (وَأعْطيت) سُورَة (طه و) سُورَة (الطواسين والحواميم من أَلْوَاح) الكليم (مُوسَى) بن عمرَان (وَأعْطيت فَاتِحَة الْكتاب) أَي سُورَة الْفَاتِحَة (وخواتيم سُورَة الْبَقَرَة) وَهِي من آمن الرَّسُول إِلَى آخر السُّورَة على الْأَصَح (من) كنز (تَحت الْعَرْش) أَي عرش الرَّحْمَن تقدس (والمفضل نَافِلَة) أَي زِيَادَة سمى مفصلا لأنّ سُورَة قصار كل سُورَة لفصل من الْكَلَام فالقرآن جَامع لثناء الأوّلين والآخرين وَالسورَة طَائِفَة من الْقُرْآن أقلهَا ثَلَاث آيَات وَهِي أَن جعلت واوها أَصْلِيَّة منقولة من سُورَة الْبَلَد أَو مبدلة من همزَة من السُّورَة الَّتِي هِيَ الْبَقِيَّة أَو الْقطعَة من الشَّيْء وفاتحة الشَّيْء أَوله وأضافتها إِلَى الْكتاب الَّذِي هُوَ مَجْمُوع كَلَام الله بِمَعْنى اللَّام (ك هَب عَن معقل) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة (بن يسَار) ضدّ الْيَمين وَهُوَ ضَعِيف لضعف عبد الله بن أبي حميد
(اعطيت آيَة الْكُرْسِيّ من تَحت الْعَرْش) أَي من كنز تَحْتَهُ كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ هَكَذَا فِي رِوَايَة أُخْرَى (تخ وَابْن الضريس) بِالتَّصْغِيرِ (عَن الْحسن مُرْسلا) وَهُوَ الْبَصْرِيّ وَرَوَاهُ الديلمي عَن على مَرْفُوعا
(أَعْطَيْت مَا لم يُعْط أحد من الْأَنْبِيَاء قبلي) المُرَاد بهم مَا يَشْمَل الرُّسُل وقبلي صفة كاشفة (نصرت بِالرُّعْبِ) أَي بخوف العدوّ مني زَاد فِي رِوَايَة مسيرَة شهر وَفِي أُخْرَى شَهْرَيْن (وَأعْطيت مَفَاتِيح) جمع مِفْتَاح وَهُوَ اسْم لكل مَا يتوسل بِهِ إِلَى اسْتِخْرَاج المغلقات خَزَائِن (الأَرْض) اسْتِعَارَة لوعد الله لَهُ بِفَتْح الْبِلَاد (وَسميت أَحْمد) أَي نعت بذلك فِي الْكتب السَّابِقَة (وَجعل لي التُّرَاب طهُورا) بِفَتْح الطَّاء فَهُوَ يقوم مقَام المَاء عِنْد الْعَجز عَنهُ حسا أَو شرعا (وَجعلت أمّتي خير الْأُمَم) بِنَصّ كُنْتُم خير أمّة أخرجت للنَّاس (حم عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ رمز الْمُؤلف لصِحَّته وَفِيه نظر
(أَعْطَيْت فواتح الْكَلَام) يَعْنِي البلاغة والتوصل إِلَى غوامض الْمعَانِي الَّتِي أغلقت على غَيره (وجوامعه) أسراره الَّتِي جمعهَا الله فِيهِ (وخواتمه) قَالَ الْقُرْطُبِيّ يَعْنِي أَنه يخْتم كلامة بمقطع وجيز بليغ جَامع وَيَعْنِي بجملة هَذَا الْكَلَام أنّ كَلَامه من مبدئه إِلَى خاتمته كُله بليغ وجيز وَكَذَلِكَ كَانَ وَلِهَذَا كَانَت الْعَرَب الفصحاء تَقول لَهُ مَا رَأينَا أفْصح مِنْك فَيَقُول وَمَا يَمْنعنِي وَقد نزل الْقُرْآن بِلِسَان عَرَبِيّ مُبين فَكَانَ يبْدَأ كَلَامه بأعذب لفظ(1/171)
وأجزله وبختمه بِمَا يشوق سامعه للإقبال على مثله (ش ع طب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ رمز الْمُؤلف لحسنه
(أَعْطَيْت مَكَان التَّوْرَاة السَّبع الطوَال) بِكَسْر الطَّاء جمع طَوِيلَة وأوّلها الْبَقَرَة وَآخِرهَا بَرَاءَة بِجعْل الْأَنْفَال مَعَ بَرَاءَة وَاحِدَة (وَأعْطيت مَكَان الزبُور المئين) وَهِي كل سُورَة تزيد على نَحْو مائَة آيَة (وَأعْطيت مَكَان الْإِنْجِيل المثاني) أَي السُّورَة الَّتِي آيها أقل من مائَة وَقد تطلق على الْفَاتِحَة وَتطلق على الْقُرْآن كُله (وفضلت بالمفصل) وَآخره سُورَة النَّاس اتِّفَاقًا وَالأَصَح أنّ أوّله الحجرات والتوراة وَالْإِنْجِيل اسمان أعجميان على مَا ذكره القَاضِي لَكِن قَالَ الطَّيِّبِيّ دُخُول اللَّام يدل على أَنَّهُمَا عربيان وَقَالَ التَّفْتَازَانِيّ دُخُول اللَّام فِي الْأَعْلَام مَحل نظر (طب هَب عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع وَفِيه عمرَان الْقطَّان فِيهِ خلف
(أَعْطَيْت هَذِه الْآيَات من آخر سُورَة الْبَقَرَة) وَهِي الَّتِي أوّلها آمن الرَّسُول (من كنز تَحت الْعَرْش) يَعْنِي أَنَّهَا ادخرت وكنزت فَلم يؤتها أحد قبله ذكره الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ وَلذَا قَالَ (لم يُعْطهَا نَبِي قبلي) وَقَالَ فِي المطامح يجوز كَون هَذَا كنز الْيَقِين (حم طب هَب عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان (حم عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ وَإسْنَاد أَحْمد صَحِيح
(أَعْطَيْت ثَلَاث خِصَال) جمع خصْلَة ومرّ تَعْرِيفهَا (أَعْطَيْت صَلَاة فِي الصُّفُوف) وَكَانَت الْأُمَم السَّابِقَة يصلونَ منفردين وُجُوه بَعضهم لبَعض (وَأعْطيت السَّلَام) أَي التَّحِيَّة بِالسَّلَامِ (وَهِي تَحِيَّة أهل الْجنَّة) أَي يحيي بَعضهم بَعْضًا بِهِ (تَنْبِيه) قَالَ أَبُو طَالب فِي كتاب التَّحِيَّات تَحِيَّة الْعَرَب السَّلَام وَهُوَ أشرف التَّحِيَّات وتحية الأكاسرة السُّجُود للْملك وتقبيل الأَرْض وتحية الْفرس طرح الْيَد على الأَرْض أَمَام الْملك والحبشة عقد الْيَدَيْنِ على الصَّدْر وَالروم كشف الرَّأْس وتنكيسها والنوبة الْإِيمَاء بفمه مَعَ جعل يَدَيْهِ على رَأسه وَوَجهه وحمير الْإِيمَاء بِالدُّعَاءِ بالأصبع (وَأعْطيت آمين) أَي ختم الدَّاعِي قِرَاءَته أَو دعاءه بِلَفْظ آمين (وَلم يُعْطهَا أحد مِمَّن كَانَ قبلكُمْ) أَي لم يُعْط هَذِه الْخصْلَة الثَّالِثَة كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله (إِلَّا أَن يكون الله) تَعَالَى (أَعْطَاهَا) نبيه (هرون) فَإِنَّهُ لَا يكون من الخصائص المحمدية بِالنِّسْبَةِ لَهُ بل بِالنِّسْبَةِ لغيره من الْأَنْبِيَاء (فإنّ مُوسَى) أَخَاهُ (كَانَ يَدْعُو) الله تَعَالَى (ويؤمن) على دُعَائِهِ أَخُوهُ (هرون) كَمَا دلّ عَلَيْهِ لفظ التَّنْزِيل حَيْثُ قَالَ قد أجيبت دعوتكما وَقَالَ فِي مبتدا الْآيَة وَقَالَ مُوسَى رَبنَا (الْحَرْث) بن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده (وَابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن أنس) بن مَالك
(أَعْطَيْت خمْسا) أَي من الْخِصَال (لم يُعْطهنَّ) بِبِنَاء الْفِعْلَيْنِ للْمَجْهُول (أحد من الْأَنْبِيَاء) أَي لم تَجْتَمِع لأحد مِنْهُم (قبلي) فَهِيَ من الخصائص وَلَيْسَت خَصَائِصه منحصرة فِي الْخمس بل تزيد على ثلثمِائة والتخصيص بِالْعدَدِ لَا يَنْفِي الزَّائِد (نصرت بِالرُّعْبِ) أَي بالخوف مني زَاد فِي رِوَايَة أَحْمد يقذف فِي قُلُوب أعدائي (مسيرَة شهر) أَي نصرني الله بالقاء الْخَوْف فِي قُلُوب أعدائي من مسيرَة شهر يَعْنِي بيني وَبينهمْ من سَائِر نواحي الْمَدِينَة وَجَمِيع جهاتها (وَجعلت لي الأَرْض) زَاد أَحْمد ولأمّتي (مَسْجِدا) أَي مَحل سُجُود فَلَا يخْتَص مِنْهَا بِمحل وَكَانَت صَلَاة الْأُمَم المتقدّمة لَا تصح إِلَّا بِنَحْوِ كَنِيسَة (وَطهُورًا) بِفَتْح الطَّاء بِمَعْنى مطهر أَو فسر الْمَسْجِد بقوله (فأيما) أيّ مُبْتَدأ وَمَا مزيدة للتَّأْكِيد (رجل) بالجرّ بِالْإِضَافَة (من أمّتي أَدْرَكته الصَّلَاة) أَي فِي أيّ مَحل من الأَرْض أَدْرَكته أَي صَلَاة كَانَت (فَليصل) بِوضُوء أَو تيَمّم صرح بِهِ لدفع توهم أَنه خَاص بِهِ (وَأحلت لي الْغَنَائِم) يَعْنِي التَّصَرُّف فِيهَا كَيفَ شِئْت وقسمتها كَيفَ أردْت (وَلم تحل)(1/172)
يجوز بِنَاؤُه للْفَاعِل وَالْمَفْعُول (لأحد قبلي) من الْأُمَم السَّابِقَة (وَأعْطيت الشَّفَاعَة) العامّة والخاصة الخاصتان فَاللَّام للْعهد (وَكَانَ النَّبِي يبْعَث إِلَى قومه خَاصَّة) لأمه للاستغراق بِدَلِيل رِوَايَة وَكَانَ كل نبيّ (وَبعثت إِلَى النَّاس) أَي أرْسلت إِلَيْهِم رِسَالَة (عامّة) فِي نَاس زَمَنه فَمن بعدهمْ إِلَى آخِرهم وَلم يذكر الجنّ لِأَن الْإِنْس أصل أَو لِأَن النَّاس تعمهم (تَنْبِيه) ذهب الجهور إِلَى أَنه لم يكن من الجنّ نبيّ وتأوّلوا يَا معشر الْجِنّ وَالْإِنْس ألم يأتكم رسل مِنْكُم على أَنهم رسل عَن الرَّسُول سمعُوا كَلَامهم فأنذروا قَومهمْ لَا عَن الله وَذهب الضَّحَّاك وَابْن حزم إِلَى أَن مِنْهُم أَنْبيَاء تمسكا بقوله فِي هَذَا الحَدِيث إِلَى قومه خَاصَّة قَالَا وَلَيْسَ الجنّ من قومه وَلَا شكّ أَنهم أنذر وأفصح أَنهم جَاءَهُم أَنْبيَاء مِنْهُم (ق ن عَن جَابر) بن عبد الله ظَاهر كَلَام الْمُؤلف بل صَرِيحه أنّ الشَّيْخَيْنِ روياه بِهَذَا الْفظ وَقد اغْترَّ فِي ذَلِك بِصَاحِب الْعُمْدَة وَهُوَ وهم وَاللَّفْظ إِنَّمَا هُوَ للْبُخَارِيّ وَلم يروه مُسلم كَذَلِك إِنَّمَا رَوَاهُ بِلَفْظ وَبعثت إِلَى كل أَحْمَر وأسود وَلَعَلَّ الْمُؤلف اغتفر ذَلِك ظنا مِنْهُ ترادفهما وَلَيْسَ كَذَلِك فقد فرق بَينهمَا بِمَا تعطيه الصِّيغَة من كل وَاحِد مِنْهُمَا على أنّ رِوَايَة مُسلم أقوى فِي نظر الحديثي لِأَنَّهُ رَوَاهَا عَن شَيْخه يحيى بن يحيى وَالْبُخَارِيّ روى لَفظه عَن مُحَمَّد بن سِنَان وَيحيى أجل نبه عَلَيْهِ الزَّرْكَشِيّ
(أَعْطَيْت سبعين ألفا) من النَّاس (من أمّتي) أمّة الْإِجَابَة (يدْخلُونَ الْجنَّة بِغَيْر حِسَاب) أَي وَلَا عِقَاب (وُجُوههم) أَي وَالْحَال أنّ ضِيَاء وُجُوههم (كَالْقَمَرِ لَيْلَة الْبَدْر) أَي كضيائه لَيْلَة كَمَاله وَهُوَ لَيْلَة أَرْبَعَة عشر (قُلُوبهم على قلب رجل وَاحِد) أَي متوافقة مُتَطَابِقَة غير متخالفة (فاستزدت رَبِّي عز وَجل) أَي طلبت مِنْهُ أَن يدْخل من أمّتي بِغَيْر حِسَاب فَوق ذَلِك (فزادني مَعَ كل وَاحِد) من السّبْعين ألفا (سبعين ألفا) يحْتَمل أَن المُرَاد خُصُوص الْعدَد وَأَن يُرَاد الْكَثْرَة ذكره المظهري (حم عَن أبي بكر) الصدّيق ضَعِيف لاختلاط المَسْعُودِيّ وَعدم تَسْمِيَة تابعية
(أَعْطَيْت أمتِي) أَي أمّة الْإِجَابَة (شيأ) نكره للتعظيم (لم يُعْطه أحد من الْأُمَم) السَّابِقَة وَذَلِكَ (أَن يَقُولُوا) أَي يَقُول الْمُصَاب مِنْهُم (عِنْد الْمُصِيبَة إِنَّا لله وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُون) بَين بِهِ أَن الاسترجاع من خَصَائِص هَذِه الْأمة (طب وَابْن مردوية) فِي التَّفْسِير (عَن ابْن عَبَّاس) عبد الله ضَعِيف لضعف خَالِد الطَّحَّان
(أَعْطَيْت قُرَيْش) الْقَبِيلَة الْمَعْرُوفَة ومرّوجه تَسْمِيَتهَا بِهِ (مَا لم يُعْط النَّاس) أَي الْقَبَائِل وَغَيرهَا ثمَّ بَين ذَلِك الْمُعْطِي بقوله (اعطوا مَا أمْطرت السَّمَاء) أَي النَّبَات الَّذِي ينْبت على الْمَطَر (وَمَا جرت بِهِ الْأَنْهَار وَمَا سَالَتْ بِهِ السُّيُول) يحْتَمل أنّ المُرَاد أَنه تَعَالَى خفف عَنْهُم النصب فِي مَعَايشهمْ فَلم يَجْعَل زرعهم يسقى بمؤنة كدولاب بل بالمطر والسيل وَأَن يُرَاد أَن الشَّارِع أقطعهم ذَلِك (الْحسن بن سُفْيَان) فِي جزئه (وَأَبُو نعيم فِي) كتاب (الْمعرفَة) معرفَة الصَّحَابَة (عَن حَلبس) بحاء وسين مهملتين بَينهمَا مُوَحدَة وزن جَعْفَر وَقيل بمثناة تحتية مُصَغرًا صَحَابِيّ صَغِير يعد فِي الحمصيين
(أعْطى يُوسُف) بن يَعْقُوب بن سحق بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل (شطر الْحسن) لفظ رِوَايَة الْحَاكِم أعْطى يُوسُف وأمّه شطر الْحسن قَالَ الذَّهَبِيّ مُتَّصِلا بِالْحَدِيثِ يَعْنِي سارّة انْتهى وَالظَّاهِر أَنه تَفْسِير من الرَّاوِي (ش حم ع ك عَن أنس) بن مَالك قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ
(أعظم الْأَيَّام) أَي من أعظمها (عِنْد الله يَوْم النَّحْر لِأَنَّهُ يَوْم الْحَج الْأَكْبَر وَفِيه مُعظم أَعمال النّسك (ثمَّ يَوْم القر) بِفَتْح الْقَاف وشدّ الرَّاء ثَانِي يَوْم النَّحْر لأَنهم يقرّون فِيهِ ويستجمعون مِمَّا تعبوا فِي الْأَيَّام الثَّلَاثَة وفضلهما لذاتهما أَو لما وظف فيهمَا(1/173)
من الْعِبَادَات أما يَوْم عَرَفَة فأفضل من يَوْم النَّحْر على الْأَصَح (حم د ك عَن عبد الله بن قرط) الْأَزْدِيّ التمالي قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ
(أعظم الْخَطَايَا) أَي الذُّنُوب الصادرة عَن عمد (اللِّسَان الكذوب) أَي الْكَذِب الصَّادِر عَن الْكثير الْكَذِب لأنّ اللِّسَان أَكثر الْأَعْضَاء عملا فَإِن استقام استقامت الْجَوَارِح وَإِن اعوج اعوجت فباعوحاجه تعظم الْخَطَايَا (ابْن لال عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (عد عَن ابْن عَبَّاس) ترجمان الْقُرْآن وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أعظم الْعِبَادَة أجرا) أَي أَكْثَرهَا ثَوابًا (أخفها) بِأَن يُخَفف الْقعُود عِنْد الْمَرِيض فَعلم أنّ العيادة بمثناة تحتية لَا بموحدة وَإِن صَحَّ اعْتِبَاره بِدَلِيل تعقيبه فِي رِوَايَة بقوله والتعزية مرّة (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أعظم الْغلُول) أَي الْخِيَانَة وكل من خَان شيأ فِي خَفَاء فقد غل (عِنْد الله يَوْم الْقِيَامَة) خصّه لِأَنَّهُ يَوْم وُقُوع الْجَزَاء (ذِرَاع من الأَرْض) أَي إِثْم غصب ذِرَاع من أَرض (تَجِدُونَ الرجلَيْن جارين) أَي متجاورين (فِي الأَرْض أَو فِي الدَّار) أَو بنحوهما (فيقتطع أَحدهمَا من حَظّ صَاحبه) أَي من حَقه (ذِرَاعا) مثلا (فَإِذا اقتطعه) مِنْهُ (طوّقه) أَي يخسف بِهِ الأَرْض فَتَصِير الْبقْعَة الْمَغْصُوب مِنْهَا فِي عُنُقه كالطوق (من سبع أَرضين يَوْم الْقِيَامَة) استفدنا من ذَا الْوَعيد أَن الْغَصْب كَبِيرَة بل يكفر مستحلة (حم طب عَن أبي مَالك الْأَشْجَعِيّ) هُوَ تَابِعِيّ فَالْحَدِيث مُرْسل قَالَ ابْن حجر إِسْنَاده حسن
(أعظم الظُّلم ذِرَاع) أَي ظلم غصب ذِرَاع (من الأَرْض) أَو نَحْوهَا (ينتقصه الْمَرْء من حق أَخِيه) دينا وَإِن لم يكن أَخَاهُ نسبا (لَيست حَصَاة أَخذهَا) مِنْهُ (إِلَّا طوّقها يَوْم الْقِيَامَة) وَذكر الْحَصَاة والذراع لينبه على أنّ مَا فَوق ذَلِك أبلغ فِي الْإِثْم وَأعظم فِي الْعقُوبَة (طب عَن ابْن مَسْعُود) رمز الْمُؤلف لحسنه
(أعظم النَّاس أجرا) أَي ثَوابًا (فِي الصَّلَاة أبعدهم إِلَيْهَا ممشى) تَمْيِيز أَي مَكَانا يمشي فِيهِ (فأبعدهم) الْفَاء للاستمرار وَالْمرَاد أبعدهم مَسَافَة إِلَى الْمَسْجِد لِكَثْرَة الخطا فِيهِ الْمُشْتَملَة على الْمَشَقَّة (وَالَّذِي ينْتَظر الصَّلَاة حَتَّى يُصليهَا مَعَ الإِمَام أعظم أجرا من الَّذِي يُصليهَا) فِي وَقت الِاخْتِيَار وَحده أَو مَعَ الإِمَام بِغَيْر انْتِظَار (ثمَّ ينَام) أَي كَمَا أَن بعد الْمَكَان مُؤثر فِي زِيَادَة الْأجر فَكَذَا طول الزَّمن للْمَشَقَّة وَفَائِدَة ثمَّ ينَام الْإِشَارَة إِلَى الاسْتِرَاحَة الْمُقَابلَة للْمَشَقَّة الَّتِي فِي ضمن الِانْتِظَار (ق عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (هـ عَن أبي هُرَيْرَة
أعظم النَّاس هما) أَي حزنا وغما (الْمُؤمن) أَي الْكَامِل الْإِيمَان إِذْ هُوَ الَّذِي (يهتم بِأَمْر دُنْيَاهُ وبأمر آخرته) فَإِن رَاعى دُنْيَاهُ أضرّ بآخرته أَو عكس أضرّ بدنياه فاهتمامه بأموره الدُّنْيَوِيَّة بِحَيْثُ لَا يخل بالمطالب الأخروية هم وأيّ هم لصعوبته إِلَّا على الموفقين وَلذَا قيل أهم النَّاس من كفى أَمر دُنْيَاهُ وَلم يهتم لآخرته وَقَالَ الشَّاعِر
(من رزق الْحمق فذو نعْمَة ... آثارها وَاضِحَة ظَاهِرَة)
(يحط ثقل الْهم عَن نَفسه ... والفكر فِي الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَة)
لَكِن فِي الْحَقِيقَة هَذِه نقم لَا نعم (هـ عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أعظم النَّاس حَقًا على الْمَرْأَة زَوجهَا) فَيجب أَن لَا تخونه فِي نَفسهَا وَمَاله وَأَن لَا تَمنعهُ حَقًا عَلَيْهَا (وَأعظم النَّاس حَقًا على الرجل أمه) فحقها فِي الآكدية فَوق حق الْأَب لما قاسته من مشاق حمله وفصاله (ك عَن عَائِشَة) وَقَالَ صَحِيح
(أعظم النِّسَاء بركَة أيسرهنّ مُؤنَة) لأنّ الْيُسْر دَاع إِلَى الرِّفْق(1/174)
وَالله رَفِيق يحب الرِّفْق فِي الْأَمر كُله قَالَ عُرْوَة وأوّل شُؤْم الْمَرْأَة كَثْرَة صَدَاقهَا (حم ك هَب عَن عَائِشَة) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ
(أعظم آيَة فِي الْقُرْآن آيَة الْكُرْسِيّ) لاشتمالها على أمّهات الْمسَائِل الإلهية فَإِنَّهَا دَالَّة على أَنه تَعَالَى وَاحِد فِي الإلهية متصف بِالْحَيَاةِ قَائِم بِنَفسِهِ مقوّم لغيره منزه عَن التحيز والحلول مبرأ عَن التَّغَيُّر والأفول لَا يُنَاسب الأشباح وَلَا يَعْتَرِيه مَا يعتري الْأَرْوَاح مَالك الْملك والملكوت مبدع الْأُصُول وَالْفُرُوع ذُو الْبَطْش الشَّديد الَّذِي لَا يشفع عِنْده إِلَّا من أذن لَهُ الْعَالم بالأشياء كلهَا جليها أَو خفيها كليها وجزئيها وَاسع الْملك وَالْقُدْرَة وَلَا يؤده شاق وَلَا يشْغلهُ شَأْن متعال عَمَّا يُدْرِكهُ وهم وَهُوَ عَظِيم لَا يُحِيط بِهِ فهم ذكره القَاضِي (وَأَعْدل آيَة فِي الْقُرْآن) قَوْله تَعَالَى (إِن الله يَأْمر بِالْعَدْلِ) بالتوسط فِي الِاعْتِقَاد وَفِي الْعَمَل وَفِي الْخلق (وَالْإِحْسَان) إِلَى الْخلق أَو المُرَاد الْأَمر بِالْعَدْلِ فِي الْفِعْل وَالْإِحْسَان فِي القَوْل أَو هما التَّوْحِيد وَالْعَفو أَو غير ذَلِك (وأخوف آيَة فِي الْقُرْآن) قَوْله تَعَالَى {فَمن يعْمل مِثْقَال ذرة} أَي زنة أَصْغَر نملة أَو هباء (خيرا يره) أى جزاءه أَو فِي كِتَابه أَو عِنْد المعاتبة أَو يعرفهُ أَو غير ذَلِك (وَمن يعْمل مِثْقَال ذرة شرا يره) بِشَرْط عدم الإحباط وَالْمَغْفِرَة (وأرجى آيَة فِي الْقُرْآن) قَوْله تَعَالَى (يَا عبَادي) الْمُؤمنِينَ كَمَا أشعرت بِهِ الْإِضَافَة (الَّذين أَسْرفُوا على أنفسهم) بالانهماك فِي الْمعاصِي (لَا تقنطوا) لَا تيأسوا (من رَحْمَة الله) مغفرته أوّلا وتفضله ثَانِيًا (أنّ الله يغْفر الذُّنُوب جَمِيعًا) يَسْتُرهَا بعفوه وَلَو بِلَا تَوْبَة إِذا شَاءَ إِلَّا الشّرك أنّ الله لَا يغْفر أَن يُشْرك بِهِ (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (وَابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (والهروي فِي فضائله) أَي فِي كتاب فَضَائِل الْقُرْآن كلهم (عَن ابْن مَسْعُود) مَرْفُوعا ورمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أعظم النَّاس فِرْيَة) بِكَسْر الْفَاء أَي كذابا (اثْنَان) أَحدهمَا (شَاعِر يهجو قَبيلَة بأسرها) لرجل وَاحِد مِنْهُم غير مُسْتَقِيم أَو أنّ المُرَاد أَن الْقَبِيلَة لَا تَخْلُو من عبد صَالح (و) الثَّانِي (رجل انْتَفَى من أَبِيه) بِأَن قَالَ لست ابْن فلَان وَذَلِكَ كَبِيرَة وَمثل الْأَب الأمّ فِيمَا يظْهر (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (ذمّ الْغَضَب هـ عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده حسن كَمَا فِي الْفَتْح
(أعف النَّاس) وأرحمهم (قتلة) بِكَسْر الْقَاف أَي أكفهم وأرحمهم من لَا يتعدّى فِي هَيْئَة الْقَتْل وَلَا يفعل مَا لَا يحل فعله من تَشْوِيه الْمَقْتُول وإطالة تعذيبه (أهل الْإِيمَان) لما جعل فِي قُلُوبهم من الرَّحْمَة والشفقة على الْخلق بِخِلَاف أهل الْكفْر والفسوق مِمَّن أشْرب الْقَسْوَة حَتَّى أبعد عَن الرَّحْمَن (د هـ عَن ابْن مَسْعُود) وَرِجَاله ثِقَات
(اعقلها) أَي شدّ ركبة نَاقَتك مَعَ ذراعها بِحَبل (وتوكل) أَي اعْتمد على الله يَا من قَالَ أَعقل نَاقَتي وَأَتَوَكَّل أَو أطلقها وَأَتَوَكَّل وَذَلِكَ لأنّ عقلهَا لَا يُنَافِي التَّوَكُّل (ت عَن أنس) بن مَالك وَاسْتَغْرَبَهُ وَقَالَ غَيره مُنكر
(أعلم النَّاس) أَي أَكْثَرهم علما (من) أَي عَالم (يجمع علم النَّاس إِلَى علمه) أَي يحرص على تعلم مَا عِنْدهم مُضَافا لما عِنْده (وكل صَاحب علم غرثان) بغين مُعْجمَة مَفْتُوحَة وَرَاء فمثلثة أَي جَائِع وَالْمرَاد أَنه لشدّة تلذذه بِالْعلمِ ومحبته لَهُ لَا يزَال منهمكا فِي تَحْصِيله فَلَا يقف عَن حدّ (ع عَن جَابر) بن عبد الله وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اعْلَم أَنَّك لَا تسْجد لله سَجْدَة إِلَّا رفع الله لَك بهَا دَرَجَة وَحط عَنْك بهَا خَطِيئَة) فَأكْثر من الصَّلَاة لترتفع لَك الدَّرَجَات وتمحى عَنْك السيآت (حم ع حب طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(اعْلَم يَا أَبَا مَسْعُود) فِي رِوَايَة يحذف حرف النداء (أنّ الله أقدر عَلَيْك مِنْك على هَذَا الْغُلَام) أَي أقدر عَلَيْك بالعقوبة(1/175)
من قدرتك على ضربه لكنه يحلم إِذا غضب وَأَنت لَا تحلم إِذا أغضبت (م عَن أبي مَسْعُود) البدري قَالَ بَينا أضْرب غُلَاما لي سَمِعت صَوتا خَلْفي اعْلَم أَبَا مَسْعُود فَالْتَفت فَإِذا رَسُول الله فَذكره فَقلت هُوَ حر لوجه الله قَالَ أما لَو تفعل لَلَفَحَتْك النَّار
(اعْلَم يَا بِلَال) بن رَبَاح (أَنه من أَحْيَا سنة من سنتي) هِيَ مَا شَرعه النبيّ من الْأَحْكَام وَقد يكون فرضا كَزَكَاة الْفطر (قد أميتت بعدِي) أَي تركت وهجرت (كَانَ لَهُ من الْأجر مثل من عمل بهَا من غير أَن ينقص من أُجُورهم شيأ وَمن ابتدع بِدعَة ضَلَالَة) روى بِالْإِضَافَة وَيصِح نَصبه نعتا أَو منعوتا (لَا يرضاها الله وَرَسُوله كَانَ عَلَيْهِ مثل آثام من عمل بهَا لَا ينقص ذَلِك من أوزار النَّاس شَيْئا) وأفعال الْعباد وَإِن كَانَت غير مقتضية لثواب وَلَا عِقَاب لذاتها لكنه تَعَالَى ربط المسببات بأسبابها (ت عَن عَمْرو بن عَوْف) الْأنْصَارِيّ وَحسنه
(اعلموا أَنه لَيْسَ مِنْكُم من أحد الآمال وَارثه أحب إِلَيْهِ من مَاله) قَالُوا كَيفَ ذَلِك يَا رَسُول الله قَالَ (مَالك مَا قدّمت) أَي مَا صرفته فِي وُجُوه الْقرب فَصَارَ أمامك تجازي عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة (وَمَال وارثك مَا أخرت) أَي مَا خلفته بعْدك لَهُ (ن عَن ابْن مَسْعُود) وَفِي الصَّحِيحَيْنِ نَحوه
(أعْلنُوا النِّكَاح) أَي أظهروه إِظْهَارًا للسرور وفرقا بَينه وَبَين غَيره من المآرب (حم حب طب حل ك عَن ابْن الزبير) عبد الله وَرِجَال أَحْمد ثِقَات
(أعْلنُوا هَذَا النِّكَاح واجعلوه فِي الْمَسَاجِد واضربوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ) جمع دف بِالضَّمِّ مَا يضْرب بِهِ لحادث سرُور أَو لعب وَفِيه أَن عقد النِّكَاح فِي الْمَسْجِد لَا يكره بِخِلَاف البيع وَنَحْوه (ت عَن عَائِشَة) وَضَعفه الْبَيْهَقِيّ
(أَعمار أمّتي مَا بَين السِّتين) من السِّتين (إِلَى السّبْعين) أَي مَا بَين السِّتين وَالسبْعين (وَأَقلهمْ من يجوز ذَلِك) أَي من يحط السّبْعين وَرَاءه ويتعدّاها وَإِنَّمَا كَانَت أعمارهم قَصِيرَة وَلم يَكُونُوا كالأمم قبلهم الَّذين كَانَ أحدهم بعمر ألف سنة وَأَقل وَأكْثر وَكَانَ طوله نَحْو مائَة ذِرَاع وَعرضه نَحْو عشرَة أَذْرع لأَنهم كَانُوا يتناولون من الدُّنْيَا من مطعم ومشرب وملبس على قدر أجسامهم وَطول أعمارهم وَذَلِكَ شَيْء يسير وَالدُّنْيَا حلالها حِسَاب وحرامها عَذَاب كَمَا فِي خبر فَأكْرم الله هَذَا الأمّة بقلة عقابهم وحسابهم المعوّق لَهُم عَن دُخُول الْجنَّة وَلِهَذَا كَانُوا أوّل الْأُمَم دُخُولا الْجنَّة وَمن ثمَّ قَالَ الْمُصْطَفى نَحن الْآخرُونَ الأوّلون وَهَذَا من اخباراته الْمُطَابقَة الَّتِي تعدّ من المعجزات (ت عَن أبي هُرَيْرَة ع عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده حسن كَمَا فِي الْفَتْح
(اعْمَلْ لوجه وَاحِد يَكْفِيك لوجوه كلهَا) أَي اعْمَلْ لله تَعَالَى وَحده خَالِصا لوجهه يَكْفِيك جَمِيع مهماتك فِي حياتك ومماتك (عد فر عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف جدا
(اعْمَلْ عمل امْرِئ يظنّ أَن لن يَمُوت أبدا وَاحْذَرْ حذر امْرِئ يخْشَى أَن يَمُوت غَدا) أَي قَرِيبا جدا وَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الْغَد (هق عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ ورمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اعْمَلُوا) بِظَاهِر مَا أمرْتُم وَلَا تتكلوا على مَا كتب لكم من خير وشرّ (فَكل) أَي فَكل من الْخلق (ميسر) أَي مُهَيَّأ مَصْرُوف (لما خلق لَهُ) أَي لأمر خلق ذَلِك الْأَمر لَهُ فَلَا يقدر على عمل غَيره فذو السَّعَادَة ميسر لعمل أَهلهَا وَذُو الشقاوة بعكسه (طب عَن ابْن عَبَّاس وَعَن عمرَان ابْن حُصَيْن) وَإِسْنَاده صَحِيح
(اعْمَلُوا فَكل ميسر لما يهدى لَهُ من القَوْل) فريق فِي الْجنَّة وفريق فِي السعير (طب عَن عمرَان بن حُصَيْن) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اعملي) يَا أمّ سَلمَة (وَلَا تتكلي) أَي تتركي الْعَمَل وتعتمدي على مَا فِي الذّكر الأوّل (فإنّ شَفَاعَتِي للهالكين من أمّتي) وَفِي(1/176)
رِوَايَة للاهين من أمّتي (عدّ عَن أمّ سَلمَة) وَهُوَ ضَعِيف
(أعينوا أَوْلَادكُم على البرّ) أَي على برّكم بِالْإِحْسَانِ إِلَيْهِم والتسوية بَينهم فِي الْعَطِيَّة (من شَاءَ استخرج العقوق من وَلَده) أَي نَفَاهُ عَنهُ بِأَن يفعل بِهِ من مُعَامَلَته بالإكرام مَا يُوجب عوده للطاعة (طس عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أغبط النَّاس) أَي أحقهم (عِنْدِي) بِأَن يغبط ويتمنى مثل حَاله (مُؤمن) مَوْصُوف بِأَنَّهُ (خَفِيف الحاذ) بحاء مُهْملَة أَي خَفِيف الظّهْر من الْعِيَال وَالْمَال بِأَن يكون قليلهما (ذُو حَظّ من صَلَاة) أَي ذُو نصيب وافر مِنْهَا (وَكَانَ رزقه كفافا) أَي بِقدر حَاجته لَا يفضل وَلَا يزِيد (فَصَبر عَلَيْهِ) أَي حبس نَفسه عَلَيْهِ غير نَاظر إِلَى توسع أَبنَاء الدُّنْيَا فِي نَحْو مطعم وملبس (حَتَّى يلقى الله) أَي يَمُوت فيلقاه (وَأحسن عبَادَة ربه) بِأَن أَتَى بهَا بِكَمَال الْوَاجِبَات والمندوبات (وَكَانَ غامضا فِي النَّاس) بغين وضاد معجمتين أَي خاملا خافيا لَا يعرفهُ كل أحد وروى بصاد مُهْملَة وَهُوَ فَاعل بِمَعْنى مفعول أَي محتقرا (عجلت منيته) أَي كَانَ قبض روحه سهلا (وَقل تراثه) أَي مِيرَاثه (وَقلت بوَاكِيهِ) جمع باكية فالموفق من قلت بوَاكِيهِ وشكرت مساعيه وَفِيه إِشَارَة إِلَى فضل التجرّد على التزوّج وَقد تنوع كَلَام الشَّارِع فِي ذَلِك لتنوّع الْأَحْوَال والأشخاص فَمن النَّاس من الْأَفْضَل فِي حَقه التَّجْرِيد وَمِنْهُم من فضيلته فِي التأهل فخاطب كل إِنْسَان بِمَا هُوَ الْأَفْضَل فِي حَقه فَلَا تعَارض بَين الْأَخْبَار (حم ت ك هَب عَن أبي أُمَامَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف لضعف عليّ بن زيد لَكِن حسنه بَعضهم
(أغبوا) بِفَتْح الْهمزَة وَكسر الْمُعْجَمَة وَضم الْمُوَحدَة مشدّدة (فِي العيادة) بمثناة تحتية أَي عودوا الْمَرِيض يَوْمًا واتركوه يَوْمًا فَلَا تلازموه كل يَوْم (وأربعوا) أَي دَعوه يَوْمَيْنِ بعد يَوْم العيادة وعودوه فِي الرَّابِع هَذَا إِن كَانَ صَحِيح الْعقل فَإِن غلب وَخيف عَلَيْهِ تعهد كل يَوْم ومتعهده وَمن يأنس بِهِ يلازمه (ع عَن جَابر) بن عبد الله بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة) بنيتها (وَلَو كأسا بِدِينَار) أَي حَافظُوا على الْغسْل يَوْمهَا وَلَو عز المَاء فَلم يُمكن تَحْصِيله للْغسْل إِلَّا بِثمن غال جدّا فَالْمُرَاد الْمُبَالغَة (عدّ عَن أنس) بن مَالك مَرْفُوعا (ش عَن أبي هُرَيْرَة مَوْقُوفا) وَالْمَرْفُوع ضَعِيف لكنه اعتضد بالموقوف
(اغتسلوا يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (من اغْتسل يَوْم الْجُمُعَة) أَي وَلَو مَعَ نَحْو جَنَابَة (فَلَو كَفَّارَة مَا بَين الْجُمُعَة إِلَى الْجُمُعَة) أَي من السَّاعَة الَّتِي صلى فِيهَا الْجُمُعَة إِلَى مثلهَا من الْجُمُعَة الْأُخْرَى (وَزِيَادَة) على ذَلِك (ثَلَاثَة أَيَّام) لتَكون الْحَسَنَة بِعشر أَمْثَالهَا (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اغتنم خمْسا قبل خمس) أَي افْعَل خَمْسَة أَشْيَاء قبل حُصُول خَمْسَة (حياتك قبل موتك) أَي اغتنم مَا تلقى نَفعه بعد موتك فإنّ من مَاتَ انْقَطع عمله (وصحتك قبل سقمك) أَي الْعَمَل حَال الصِّحَّة فقد يعرض مَانع كَمَرَض (وفراغك قبل شغلك) أَي فراغك فِي هَذِه الدَّار قبل شغلك بأهوال الْقِيَامَة الَّتِي أوّل منازلها الْقَبْر (وشبابك قبل هرمك) أَي فعل الطَّاعَة حَال قدرتك وقوّتك قبل هجوم الْكبر عَلَيْك (وغناك قبل فقرك) أَي التصدّق بِفُضُول مَالك قبل عرُوض جَائِحَة تتْلف مَالك فَتَصِير فَقِيرا فِي الدَّاريْنِ فَهَذِهِ الْخَمْسَة لَا يعرف قدرهَا إِلَّا بعد زَوَالهَا (ك هَب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد حسن لَا صَحِيح خلافًا للمؤلف (حم) فِي الزّهْد (حل هَب عَن عَمْرو بن مَيْمُون مُرْسلا) قَالَ قَالَ النَّبِي لرجل وَهُوَ يعظه اغتنم الخ
(اغتنموا الدُّعَاء عِنْد الرقة) أَي عِنْد لين الْقلب والخشوع (فَإِنَّهَا رَحْمَة) أَي فَإِن تِلْكَ الْحَالة سَاعَة رَحْمَة ترجى فِيهَا الْإِجَابَة (فر عَن أبيّ) بن كَعْب وَإِسْنَاده حسن
(واغتنموا دَعْوَة(1/177)
الْمُؤمن الْمُبْتَلى) أَي فِي نَفسه أَو مَاله وَأَهله فإنّ دعاءه أقرب للقبول وَالْكَلَام فِي غير العَاصِي (أَبُو الشَّيْخ) فِي الثَّوَاب (عَن أبي الدَّرْدَاء) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(اغْدُ) أَي اذْهَبْ وَتوجه حَال كونك (عَالما أَو متعلما) للْعلم الشَّرْعِيّ (أَو مستمعا) لَهُ (أَو محبا) لوَاحِد من هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة (لَا تكن الْخَامِسَة فتهلك) وَهِي أَن تبغض الْعلم وَأَهله (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (طس) كِلَاهُمَا (عَن أبي بكرَة) بِفَتْح الْكَاف وتسكن نفيع أَو ربيع وَرِجَاله ثِقَات
(اغدوا) اذْهَبُوا وتوجهوا (فِي طلب الْعلم) أَي فِي طلب تَحْصِيله أوّل النَّهَار (فَإِنِّي سَأَلت رَبِّي أَن يُبَارك لأمّتي) أمّة الْإِجَابَة (فِي بكورها) أَي فِيمَا تَفْعَلهُ فِي أوّل النَّهَار (وَيجْعَل) رَبِّي (ذَلِك يَوْم الْخَمِيس) أَي يَجْعَل مزِيد الْبركَة فِي البكور فِي يَوْم الْخَمِيس فالبكور مبارك وَفِي يَوْم الْخَمِيس أَكثر بركَة وَلَا تعَارض بَين هَذَا وَقَوله فِي الحَدِيث الْمَار اطْلُبُوا الْعلم يَوْم الِاثْنَيْنِ لِأَنَّهُ أَمر بِطَلَبِهِ يَوْم الِاثْنَيْنِ وبطلبه يَوْم الْخَمِيس فِي أوّل النَّهَار (طس عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اغدوا فِي طلب الْعلم فإنّ الغدو بركَة ونجاح) قَالَ الْغَزالِيّ المُرَاد بِالْعلمِ فِي هَذِه الْأَخْبَار الْعلم النافع المعرّف للصانع وَالدَّال على طَرِيق الْآخِرَة (خطّ عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اغزوا) أَمر من الْغَزْو وَهُوَ الْجِهَاد (قزوين) أَي أَهلهَا وَهِي بِفَتْح الْقَاف وَسُكُون الزَّاي مَدِينَة عَظِيمَة مَعْرُوفَة بَينهَا وَبَين الرّيّ سَبْعَة وَعِشْرُونَ فرسخا خرج مِنْهَا جمع كثير من الْعلمَاء (فَإِنَّهُ) أَي ذَلِك الْبَلَد (من أَعلَى أَبْوَاب الْجنَّة) بِمَعْنى أَن تِلْكَ الْبقْعَة مقدّسة وَأَنَّهَا تصير فِي الْآخِرَة أشرف بقاع الْجنَّة فَلَا يَلِيق أَن تكون مسكنا للْكفَّار أَو الضَّمِير للغزو أَي فَإِن غَزْو أهل ذَلِك الْبَلَد يُوصل إِلَى اسْتِحْقَاق الدُّخُول من أَعلَى أَبْوَاب الْجنَّة (ابْن أبي حَاتِم) الْحَافِظ عبد الرَّحْمَن إِمَام الْجرْح وَالتَّعْدِيل (والخليلي) أَبُو يعلى الْخَلِيل بن عبد الله بن الْخَلِيل الخليلي الْحَافِظ الْقزْوِينِي روى عَن أبي حَفْص الْكِنَانِي والقيطري وَغَيرهمَا وَعنهُ المراغي وَغَيره (معافى) كتاب (فَضَائِل قزوين عَن بشر بن سلمَان الْكُوفِي عَن رجل مُرْسلا خطّ فِي) كتاب (فَضَائِل قزوين عَن بشر بن سلمَان عَن أبي السّري عَن رجل نسي أَبُو السرى اسْمه وَأسْندَ عَن أبي زرْعَة قَالَ لَيْسَ فِي قزوين حَدِيث أصح من هَذَا) وَكَونه أصح شَيْء فِي الْبَاب لَا يلْزم مِنْهُ كَونه صَحِيحا
(اغسلوا أَيْدِيكُم) عِنْد إِرَادَة الشّرْب (ثمَّ اشربوا فِيهَا) إرشادا فيهمَا (فَلَيْسَ من إِنَاء أطيب من الْيَد) فيفعل ذَلِك وَلَو مَعَ وجود الْإِنَاء وَلَا نظر لاستكراه المترفهين والمتكبرين لَهُ لَكِن يظْهر أَن مَحل ذَلِك فِيمَن يغترف من نَحْو نهر أَو بركَة أما من مَعَه مَاء فِي إنائه كإبريق وَقلة فَلَا ينْدب لَهُ أَن يصبهُ فِي يَده ثمَّ يشربه (هـ هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(اغسلوا ثيابكم) أزيلوا وسخها (وخذوا من شعوركم) أَي أزيلوا شعر نَحْو إبط وعانة وَمَا طَال من نَحْو شَارِب وحاجب وعنفقه (واستاكوا) بِمَا يزِيل القلح (وتزينوا) بالأدهان وتحسين الْهَيْئَة (وتنظفوا) بِإِزَالَة الرّيح الكريه وتطيبوا أَيهَا الرِّجَال بِمَا خَفِي لَونه وَظهر رِيحه (فَإِن بني إِسْرَائِيل لم يَكُونُوا يَفْعَلُونَ ذَلِك) بل يهملون أنفسهم شعثا غبرا دنسة ثِيَابهمْ وسخة أبدانهم (فزنت نِسَاؤُهُم) أَي كثر الزِّنَا فِيهِنَّ لاستقذارهن إيَّاهُم وَالْأَمر للنَّدْب وَقَضِيَّة التَّعْلِيل أَن الرجل الأعزب لَا يطْلب مِنْهُ ذَلِك وَلَيْسَ مرَادا بل الْأَمر بتنظيف الثَّوْب وَالْبدن وَإِزَالَة الشّعْر والوسخ أَمر مَطْلُوب كَمَا دلّت عَلَيْهِ الْأَخْبَار وَالْإِسْلَام نظيف بني على النَّظَافَة وَإِنَّمَا المُرَاد أَن المتزّوج يطْلب مِنْهُ ذَلِك أَكثر وَيظْهر أَن مثل الرِّجَال الحلائل فَإِن الرجل يعاف(1/178)
الْمَرْأَة الوسخة الشعثة فَرُبمَا يَقع فِي الزِّنَا (ابْن عَسَاكِر عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اغْفِر) أَمر من الغفر وَهُوَ السّتْر (فَإِن عَاقَبت) وَلَا بدّ (فعاقب بِقدر الذَّنب) فَلَا تتجاوز قدر الجرم وَلَا تتعدّ حُدُود الشَّرْع (وَاتَّقِ الْوَجْه) أَي احذر ضربه لِأَنَّهُ تَشْوِيه لَهُ وَكَذَا الْمقَاتل وَلَا تضرب ضربا مبرحا مُطلقًا وصدّر بِالْعَفو إِشَارَة للحث عَلَيْهِ (طب وَأَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن جُزْء) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الزَّاي وهمزة وَهُوَ ابْن قيس أَخُو عُيَيْنَة بن حصن
(أغْنى النَّاس) أَي أعظمهم غنى (حَملَة الْقُرْآن) حفظته عَن ظهر قلب الْعَامِلُونَ بِهِ الواقفون عِنْد حُدُوده العارفون بمعانيه وَالْمرَاد أنّ من كَانَ كَذَلِك فقد فَازَ بالغنى الْحَقِيقِيّ لَيْسَ الْغنى بِكَثْرَة الْعرض أَو أَرَادَ أَن ذَلِك يجلب الْغنى (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بِسَنَد ضَعِيف
(أغْنى النَّاس حفظَة الْقُرْآن) قيل وَمن هم يَا رَسُول الله قَالَ (من جعله الله تَعَالَى فِي جَوْفه) أَي رزقه حفظه مَعَ الْعَمَل بِهِ (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(افتتحت الْقرى) قرى الْحجاز واليمن وَمَا حولهما (بِالسَّيْفِ) أَي بِالْقِتَالِ بِهِ (وافتتحت الْمَدِينَة) طيبَة (بِالْقُرْآنِ) لِأَن الْمُصْطَفى تلاه لَيْلَة الْعقبَة على الأثنى عشر من الْأَنْصَار فأسلموا وَرَجَعُوا إِلَى الْمَدِينَة فدعوا قَومهمْ إِلَى الْإِسْلَام فأسلموا وَالْجهَاد كَمَا يكون بالأسباب الظَّاهِرَة يكون بهمم النُّفُوس الطاهرة وتوجهها إِلَى الروحانيات وَتعلق الْقلب بِكَلَام ربّ البريات (هَب عَن عَائِشَة) رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل مُنكر
(افْتَرَقت الْيَهُود على إِحْدَى وَسبعين فرقة وتفرّقت النَّصَارَى على اثْنَيْنِ وَسبعين فرقة) مَعْرُوفَة عِنْدهم (وتفرّقت أمتِي) فِي الْأُصُول الدِّينِيَّة لَا الْفُرُوع الْفِقْهِيَّة إِذْ الأولى هِيَ الْمَخْصُوصَة بالذم (على ثَلَاث وَسبعين فرقة) زَاد فِي رِوَايَة كلهَا فِي النَّار إِلَّا وَاحِدَة أَي وَهِي أهل السّنة وَالْجَمَاعَة وَهَذَا من معجزاته لِأَنَّهُ إِخْبَار عَن غيب وَقع وَالْكل متفقون على إِثْبَات الصَّانِع وأنّ لَهُ الْكَمَال الْمُطلق (4 عَن أبي هُرَيْرَة) بأسانيد جَيِّدَة
(افرشوا لي قطيفتي) كسَاء لَهُ خمل (فِي لحدي) إِذا دفنتموني وَقد فعل شقران مَوْلَاهُ ذَلِك (فَإِن الأَرْض لم تسلط على) أكل (أجساد الْأَنْبِيَاء) فَالْمَعْنى الَّذِي يفرش للحيّ لأَجله لم يزل بِالْمَوْتِ وَبِه فَارق الْأَنْبِيَاء غَيرهم من الْأَمْوَات حَيْثُ كره فِي حَقهم (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (عَن الْحسن) الْبَصْرِيّ (مُرْسلا)
(أفرض أمتِي) أعرفهم بِعلم الْفَرَائِض (زيد بن ثَابت) الْأنْصَارِيّ كَاتب الْوَحْي وَالْمرَاد أَنه سيصير كَذَلِك بعد انْقِضَاء أكَابِر عُلَمَاء الصحب وَمن ثمَّ أَخذ الشَّافِعِي بقوله فِي الْفَرَائِض لهَذَا الحَدِيث وَنَحْوه (ك عَن أنس) وَصَححهُ وَاعْترض
(افش السَّلَام) ندبا أَي أظهره بِرَفْع الصَّوْت وَالسَّلَام على كل من لَقيته وَإِن لم تعرفه وَهَذَا عَام مَخْصُوص بِغَيْر الْكفَّار (وابذل الطَّعَام) للخاص وَالْعَام من كل مُحْتَرم (واستحي من الله تَعَالَى كَمَا تَسْتَحي رجلا من رهطك) أَي عشيرتك (ذَا هَيْبَة وليحسن خلقك) قرنه بلام الْأَمر دون مَا قبله لِأَنَّهُ اس الْكل وجماع الْجَمِيع (وَإِذا أَسَأْت) بقول أَو فعل (فَأحْسن) كَذَلِك (إنّ الْحَسَنَات يذْهبن السَّيِّئَات) ختم بِالْأَمر بِالْإِحْسَانِ لِأَن اللَّفْظ الْجَامِع الْكُلِّي (طب عَن أبي أُمَامَة) وَفِيه ابْن لَهِيعَة لين وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(أفشوا السَّلَام) بَيْنكُم فَإِنَّكُم إِذا فَعلْتُمْ ذَلِك (تسلموا) من التنافر والتقاطع وتدوم المودّة وتجتمع الْقُلُوب وتزول الضغائن والحروب (خد ع حب هَب عَن الْبَراء) بن عَازِب قَالَ ابْن حبَان صَحِيح(1/179)
(أفشوا السَّلَام بَيْنكُم تحَابوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف أَي تأتلف قُلُوبكُمْ وَأقله أَن يرفع صَوته بِحَيْثُ يسمع الْمُسلم عَلَيْهِ وَإِلَّا لم يكن آتِيَا بِالسنةِ (ك عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَقَالَ صَحِيح
(أفشوا السَّلَام فَإِنَّهُ) أَي إفشاءه (لله تَعَالَى رضَا) أَي هُوَ مِمَّا يرضى بِهِ الله عَن العَبْد بِمَعْنى أَنه يثيب عَلَيْهِ (طس عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل ضَعِيف لَكِن يعضده مَا قبله
(أفشوا السَّلَام كي تعلوا) فَإِنَّكُم إِذا أفشيتموه تحاببتم فاجتمعت كلمتكم فقهرتم عَدوكُمْ وعلوتم عَلَيْهِ (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) رمز الْمُؤلف لضَعْفه وَلَيْسَ كَمَا زعم بل حسن جيد كَمَا بَينته فِي الأَصْل
(أفشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام) المحاويج أَو الأضياف (وَكُونُوا إخْوَانًا كَمَا أَمركُم الله) بقوله إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أخوة (هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ النَّسَائِيّ
(أفشوا السَّلَام وأطعموا الطَّعَام) أَرَادَ بِهِ هُنَا قدرا زَائِدا على الْوَاجِب فِي الزَّكَاة سَوَاء فِيهِ الصَّدَقَة والهدية والضيافة (واضربوا الْهَام) رُؤْس الْكفَّار جمع هَامة بِالتَّخْفِيفِ الرَّأْس (تورثوا الْجنان) الَّتِي وعد بهَا المتقون لأنّ أفعالهم هَذِه لما كَانَت تخلف عَلَيْهِم الْجنان فكأنهم ورثوها (ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ حسن غَرِيب
(أفضل الْأَعْمَال) أَي من أفضلهَا أَي أَكْثَرهَا ثَوابًا (الصَّلَاة لوَقْتهَا) اللَّام بِمَعْنى فِي أَو للاستقبال نَحْو فطلقوهن لعدتهم وَأما خبر وأسفروا بِالْفَجْرِ فمؤوّل (وبرّ) فِي رِوَايَة ثمَّ برّ (الْوَالِدين) أَي الْأَصْلَيْنِ الْمُسلمين وَإِن عليا من الْجِهَتَيْنِ أخبر أنّ أفضل حُقُوق الله الصَّلَاة لوَقْتهَا وَأفضل حُقُوق الْعباد برّ أصليه وَالْمرَاد أَن ذَلِك من الْأَفْضَل (م عَن ابْن مَسْعُود
أفضل الْأَعْمَال الصَّلَاة لوَقْتهَا) لِأَنَّهَا عماد الدّين وعصام الْيَقِين ومناجاة رب الْعَالمين وَمجمع مَا تفرّق فِي غَيرهَا من الْقرب (د ت ك عَن أم فَرْوَة) وَفِي إِسْنَاده اضْطِرَاب فرمز الْمُؤلف لصِحَّته غير صَوَاب
(أفضل الْأَعْمَال الصَّلَاة لوَقْتهَا وبر الْوَالِدين) أَي طاعتهما وَالْإِحْسَان إِلَيْهِمَا بِمَا لَا يُخَالف الشَّرْع (وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله) بِالنَّفسِ وَالْمَال لإعلاء كلمة الله وأخره عَن برّهما لَا لكَونه دونه بل لتوقف حلّه على أذنهما (تَنْبِيه) أَخذ من جعله برّ الْوَالِدين تاليا للْإيمَان أَنه يجب إِجَابَة أَحدهمَا إِذا دَعَاهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاة وَلَا تبطل وَهُوَ وَجه حَكَاهُ فِي الْبَحْر ثمَّ صحّح الْوُجُوب والبطلان وَخَصه السُّبْكِيّ بالنفل دون الْفَرْض (خطّ عَن أنس) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أفضل الْأَعْمَال أَن تدخل على أَخِيك الْمُؤمن) أَي أَخِيك فِي الْإِيمَان وَإِن لم يكن من النّسَب (سُرُورًا) أَي سَببا لانشراح صَدره (أَو تقضي عَنهُ دينا) توجه عَلَيْهِ (أَو تطعمه خبْزًا) فَمَا فَوْقه من نَحْو لحم أفضل وَإِنَّمَا خص الْخبز لعُمُوم وجوده حَتَّى لَا يبْقى للْإنْسَان عذر فِي ترك الْإِطْعَام وَالْمرَاد بِالْمُؤمنِ الْمَعْصُوم الَّذِي يسْتَحبّ إطعامه فَإِن كَانَ مضطرّا وَجب (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب فضل (قَضَاء الْحَوَائِج) للإخوان (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ (عد عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أفضل الْأَعْمَال بعد الْإِيمَان بِاللَّه التودّد) أَي التحبب (إِلَى النَّاس) لأنّ بِهِ تحصل الألفة ويندفع الْمَكْرُوه وَالْجمع بَينه وَبَين مَا قبله أَن الْمُصْطَفى كَانَ يُجيب كل وَاحِد بِمَا يُوَافقهُ ويليق بِهِ أَو بِحَسب الْحَال أَو الْوَقْت أَو السُّؤَال وَفِيه أَن الْعَمَل الْقَاصِر قد يكون أفضل من الْمُتَعَدِّي وَقد قدم الْمُصْطَفى التَّسْبِيح عقب الصَّلَاة على الصَّدَقَة وَقَالَ خير أَعمالكُم(1/180)
الصَّلَاة ذكره ابْن عبد السَّلَام قَالَ وَالْمُخْتَار أَن فضل الطَّاعَات على قدر الْمصَالح الناشئة عَنْهَا (الطَّبَرَانِيّ فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(أفضل الْأَعْمَال) الكسبية الْمَطْلُوبَة شرعا (الْكسْب من الْحَلَال) اللَّائِق لِأَنَّهُ فَرِيضَة بعد الْفَرِيضَة كَمَا فِي خبر قَالَ تَعَالَى {كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا} وَالْحرَام خَبِيث وَلَيْسَ بِطيب فقد قرن أكل الطَّيِّبَات بِالْعبَادَة قَالَ الْغَزالِيّ ولطيب الْمطعم خاصية عَظِيمَة فِي تصفية الْقلب وتنويره وتأكيد استعداده لقبُول أنوار الْمعرفَة فَلذَلِك كَانَ طلبه من أفضل الْأَعْمَال (ابْن لال) والديلمي (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل الْأَعْمَال الْإِيمَان بِاللَّه وَحده) لِأَن بِهِ فضلت الْأَنْبِيَاء على غَيرهم وَإِنَّمَا تفاضلوا فِيمَا بَينهم بِالْعلمِ بِهِ لَا بِغَيْرِهِ من الْأَعْمَال (ثمَّ الْجِهَاد ثمَّ حجَّة برّة) أَي مبرورة يَعْنِي مَقْبُولَة أَو لم يخالطها إِثْم أَو لَا رِيَاء فِيهَا فَإِنَّهَا (تفضل سَائِر الْأَعْمَال) أَي مَا عدا مَا قبلهَا بِدَلِيل التَّرْتِيب بثم على مَا يَأْتِي (كَمَا بَين مطلع الشَّمْس إِلَى مغْرِبهَا) عبارَة عَن الْمُبَالغَة فِي سَموهَا على جَمِيع أَعمال البرّ قدم الْجِهَاد وَلَيْسَ بِرُكْن على الْحَج وَهُوَ ركن لقُصُور نفع الْحَج غَالِبا وتعدّى نفع الْجِهَاد أَو كَانَ الْجِهَاد إِذْ ذَاك فرض عين وَكَانَ أهم (طب عَن مَاعِز) وَكَذَا رَوَاهُ عَنهُ أَحْمد وَإِسْنَاده جيد
(أفضل الْأَعْمَال الْعلم بِاللَّه) أَي معرفَة مَا يجب لَهُ ويستحيل عَلَيْهِ فَهُوَ أشرف مَا فِي الدُّنْيَا وجزاؤه أشرف مَا فِي الْآخِرَة (إِن الْعلم ينفعك مَعَه قَلِيل الْعَمَل وَكَثِيره) لِأَن الْعِبَادَة المعتدّ بهَا مَا كَانَ مَعَ الْعلم بِهِ (وَإِن الْجَهْل لَا ينفعك مَعَه قَلِيل الْعَمَل وَلَا كَثِيره) لِأَن الْعلم هُوَ الْمُصَحح للْعَمَل وَالنَّاس بمعرفته يرشدون وبجهله يضلون فَلَا يَصح أَدَاء عبَادَة جهل فاعلها صِفَات أَدَائِهَا وَلم يعلم شُرُوط أَجْزَائِهَا (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل الْأَعْمَال الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله) أَي لأَجله وَلِهَذَا قَالَ السهروردي الْحبّ فِي الله والبغض فِي الله من أوثق عرى الْإِيمَان وَفِيه أَنه يجب أَن يكون للْإنْسَان أَعدَاء يبغضهم فِي الله وأصدقاء يُحِبهُمْ فِي الله (د عَن أبي ذَر) وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول
(أفضل الْأَيَّام) أَي أَيَّام الْأُسْبُوع (عِنْد الله يَوْم الْجُمُعَة) لما لَهُ من الْفَضَائِل الَّتِي لم تَجْتَمِع لغيره أما أفضل أَيَّام الْعَام فعرفة والنحر وأفضلهما عَرَفَة عِنْد الشَّافِعِيَّة والنحر عِنْد ابْن الْقيم وَجمع (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(أفضل الْإِيمَان أَن تعلم أَن الله مَعَك حَيْثُمَا كنت) فَإِن من علم ذَلِك اسْتَوَت سَرِيرَته وعلانيته فهابه فِي كل مَكَان واستحيا مِنْهُ فِي كل زمَان فَعظم فِي قلبه الْإِيمَان فَالْمُرَاد علم الْجنان لَا علم اللِّسَان (طب حل عَن عبَادَة) بن الصَّامِت بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل الْإِيمَان الصَّبْر) أَي حبس النَّفس عَن كريه تتحمله أَو لذيذ تُفَارِقهُ (والمسامحة) أَي المساهلة وَعدم المضايقة لَا سِيمَا فِي التافه والبذل وَالْإِحْسَان بِقدر الطَّاقَة لِأَن حبس النَّفس عَن شهواتها وقطعها عَن مألوفها تَعْذِيب لَهَا فِي رضَا الله وبذل المَال مشق صَعب إِلَّا على واثق بِمَا عِنْده مُعْتَقد أَن مَا بذله هُوَ الْبَاقِي وَذَلِكَ من أَعلَى خِصَال الْإِيمَان (فر عَن معقل) بِفَتْح الْمِيم (ابْن يسَار) ضدّ الْيَمين الْمُزنِيّ (تخ عَن عُمَيْر) بِالتَّصْغِيرِ (اللَّيْثِيّ) وَرَوَاهُ أَيْضا الْبَيْهَقِيّ فِي الزّهْد بِإِسْنَاد صَحِيح
(أفضل الْإِيمَان أَن تحبّ لله وَتبْغض لله) فتحب أهل الْمَعْرُوف لأَجله لَا لفعلهم الْمَعْرُوف مَعَك وَتبْغض أهل الشرّ لأَجله لإيذائهم لَك (وتعمل لسَانك فِي ذكر الله عز وجلّ) بِأَن لَا تفتر عَنهُ فَإِن الذّكر مِفْتَاح الْغَيْب وجاذب الْخَبَر وأنيس(1/181)
المستوحش ومنشور الْولَايَة (وَأَن تحبّ للنَّاس) من الْخَيْر (مَا) أَي مثل الَّذِي (تحبّ لنَفسك) من ذَلِك (وَتكره لَهُم مَا تكره لنَفسك) من المكاره الدُّنْيَوِيَّة والآخروية (وَأَن تَقول خيرا أَو تصمت) تسكت وَالْمرَاد بالمثلية مُطلق الْمُشَاركَة المستلزمة لكف الْأَذَى عَن النَّاس والتواضع لَهُم وَإِظْهَار عدم المزية عَلَيْهِم فَلَا يُنَافِي كَون الْإِنْسَان يحبّ بطبعه كَونه أفضل النَّاس (طب عَن معَاذ بن أنس) وَفِيه ابْن لَهِيعَة لين
(أفضل الْجِهَاد) أَي من أفضل أَنْوَاع الْجِهَاد بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ الْعَام (كلمة حق) بِالْإِضَافَة وبدونها وَالْمرَاد بِالْكَلِمَةِ مَا أَفَادَ أمرا بِمَعْرُوف أَو نهيا عَن مُنكر من لفظ أَو مَا فِي مَعْنَاهُ ككتابة وَنَحْوهَا (عِنْد سُلْطَان جَائِر) ظَالِم لِأَن مجاهدة العدوّ متردّدة بَين رَجَاء وَخَوف وَصَاحب السُّلْطَان إِذا أمره بِمَعْرُوف تعرّض للتلف فَهُوَ أفضل من جِهَة غَلَبَة خَوفه (هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (حم هـ طب هَب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ قَالَ الْمُؤلف فِي الدُّرَر سَنَده لين (حم ن هَب) والضياء الْمَقْدِسِي (عَن طَارق بن شهَاب) البَجلِيّ الأحمسي قَالَ الْمُنْذِرِيّ بعد عزوه للنسائي إِسْنَاده صَحِيح
(أفضل الْجِهَاد أَن يُجَاهد الرجل) ذكر الرجل وصف طرديّ وَالْمرَاد الْإِنْسَان (نَفسه) فِي ذَات الله (وهواه) بالكف عَن الشَّهَوَات وَالْمَنْع عَن الاسترسال فِي اللَّذَّات وَلُزُوم فعل المأمورات وتجنب المنهيات (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن أبي ذرّ) الْغِفَارِيّ وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو نعيم والديلمي بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل الْحَج العج والثج) أَي أفضل أَعمال الْحَج رفع الصَّوْت بِالتَّلْبِيَةِ وصب دِمَاء الْهَدْي أَرَادَ الِاسْتِيعَاب فَبَدَأَ بِالْإِحْرَامِ الَّذِي هُوَ الإهلال وَختم بالتحليل الَّذِي هُوَ إهراق دم الْهَدْي فَاكْتفى بالمبدأ والمنتهى عَن جَمِيع أَعماله (ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (هـ ك هق عَن أبي بكر) الصدّيق قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ وَفِيه نظر ظَاهر (ع عَن ابْن مَسْعُود) وَهُوَ مَعْلُول من طرقه الثَّلَاثَة كَمَا بَينه ابْن حجر
(أفضل الْحَسَنَات) الْمُتَعَلّقَة بِحسن المعاشرة (تكرمة الجلساء) تفعلة من الْكَرَامَة وَمن جُمْلَتهَا بسط الرِّدَاء والوسادة والإصغاء لحَدِيث الجليس وضيافته بِمَا تيَسّر وتشييعه لباب الدَّار (الْقُضَاعِي) فِي الشهَاب (عَن ابْن مَسْعُود
أفضل الدُّعَاء دُعَاء الْمَرْء لنَفسِهِ) لِأَنَّهَا أقرب جَار إِلَيْهِ والاقرب بالرعاية أَحَق فَيكون الْقيام بذلك أفضل (ك عَن عَائِشَة) وَصَححهُ فَرد عَلَيْهِ
(أفضل الدُّعَاء أَن تسْأَل رَبك الْعَفو) اى محو الجرائم (والعافية) السَّلامَة من الأسقام والبلايا (فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإنَّك إِذا أعطيتهما فِي الدُّنْيَا ثمَّ أعطيتهما فِي الْآخِرَة فقد أفلحت) أَي فزت وظفرت لِأَن لكل نعْمَة تبعة وَلكُل ذَنْب نقمة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَإِذا زويت عَنهُ التَّبعَات والنقمات تخلص (حم وهناد) فِي الزّهْد (ت هـ عَن أنس) وَحسنه التِّرْمِذِيّ
(أفضل الدَّنَانِير) أَي أَكْثَرهَا ثَوابًا إِذا أنفقت (دِينَار يُنْفِقهُ الرجل على عِيَاله) أَي من يعوله وَيلْزمهُ مُؤْنَته من نَحْو زَوْجَة وخادم وَولد (ودينار يُنْفِقهُ الرجل على دَابَّته فِي سَبِيل الله) أَي الَّتِي أعدّها للغزو عَلَيْهَا (ودينار يُنْفِقهُ الرجل على أَصْحَابه فِي سَبِيل الله عز وَجل) يَعْنِي على رفقته الْغُزَاة وَقيل أَرَادَ بسبيله كل طَاعَة وَقدم الْعِيَال لأنّ نَفَقَتهم أهم (حم م ت ن هـ عَن ثَوْبَان) وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(أفضل الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله) لِأَنَّهَا كلمة التَّوْحِيد والتوحيد لَا يماثله شَيْء وَهِي الفارقة بَين الْكفْر وَالْإِيمَان وَلِأَنَّهَا أجمع للقلب مَعَ الله وأنقى للْغَيْر وَأَشد تَزْكِيَة للنَّفس وتصفية للباطن وتنقية للخاطر من
قَوْله أَرَادَ الِاسْتِيعَاب لَا يظْهر مَعَ تَقْدِير أَعمال إِذا لم يبْق مفضل عَلَيْهِ أه(1/182)
خبث النَّفس وَأطْرد للشَّيْطَان ولأمر مَا أجمع الْمَشَايِخ على أَن المُرَاد غَلَبَة مداومتها وَحدهَا (وَأفضل الدُّعَاء الْحَمد لله) لِأَن الدُّعَاء عبارَة عَن ذكر الله وَأَن تطلب مِنْهُ الْحَاجة وَالْحَمْد يشملهما ذكره الإِمَام وَقَالَ الْمُؤلف دلّ بمنطوقه على أَن كلا مِنْهُمَا أفضل نَوعه وبمفهومه على أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أفضل من الْحَمد لِأَن نوع الذّكر أفضل انْتهى وَيُؤَيِّدهُ قَول الْغَزالِيّ الذّكر أفضل الْعِبَادَات مُطلقًا (ت ن هـ حب ك عَن جَابر) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَالْحَاكِم صَحِيح
(أفضل الرِّبَاط) فِي الأَصْل الْإِقَامَة على جِهَاد العدوّ ثمَّ شبه بِهِ الْعَمَل الصَّالح (الصَّلَاة) لفظ رِوَايَة الطَّيَالِسِيّ الصَّلَاة بعد الصَّلَاة فَسقط من قلم الْمُؤلف (وَلُزُوم مجَالِس الذّكر) ومرّ المُرَاد بهَا (وَمَا من عبد) أَي مُسلم (يُصَلِّي) فرضا أَو نفلا (ثمَّ يقْعد فِي مُصَلَّاهُ) أَي الْمحل الَّذِي صلى فِيهِ (إِلَّا لم تزل الْمَلَائِكَة تصلي عَلَيْهِ) أَي تستغفر لَهُ (حَتَّى يحدث) أَي إِلَى أَن ينْتَقض طهره بِأَيّ نَاقض كَانَ أَو يحدث أمرا من أُمُور الدُّنْيَا وشواغلها (أَو يقوم) من مُصَلَّاهُ ذَلِك مَتى قَامَ (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أفضل الرّقاب) أَي لِلْعِتْقِ (أغلاها ثمنا) بغين مُعْجمَة وروى بِمُهْملَة وَالْمعْنَى مُتَقَارب وَذَا فِيمَن يعْتق وَاحِدَة فَإِن أَرَادَ الشِّرَاء بِأَلف لِلْعِتْقِ فالعدد أولى وَفَارق السمينة فِي الْأُضْحِية بِأَن الْقَصْد هُنَا فك الرّقاب وَثمّ طيب اللَّحْم (وأنفسها) بِفَتْح الْفَاء أحبها وَأَكْرمهَا (عِنْد أَهلهَا) أَي مَا اغتباطهم بِهِ أشدّ فَإِن عتقه إِنَّمَا يَقع غَالِبا خَالِصا لن تنالوا البرّ حَتَّى تنفقوا مِمَّا تحبون (حم ق ن هـ عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ (حم طب عَن أبي أُمَامَة الْبَاهِلِيّ وَرِجَاله ثِقَات
(أفضل السَّاعَات جَوف اللَّيْل) بنصبه على الظّرْف أَي الدُّعَاء جَوف اللَّيْل أَي ثلثه (الآخر) لِأَنَّهُ وَقت التجلي وزمان التنزل الإلهي (طب عَن عَمْرو بن عبسة) بموحدة ومهملتين مفتوحتين ابْن نجيح السّلمِيّ
(أفضل الشُّهَدَاء من سفك دَمه) أَي أسيل بأيدي الْكفَّار فَهَلَك (وعقر جَوَاده) يَعْنِي قتل فرسه حَال الْقِتَال وَخص الْعقر الَّذِي هُوَ ضرب القوائم بِالسَّيْفِ لغلبته فِي المعركة وَالْمرَاد أَنه جرح بِسَبَب قتال الْكفَّار وعقر مركوبه ثمَّ مَاتَ من أثر ذَلِك الْجرْح فَلهُ أجر نَفسه وَأجر فرسه فَإِن عقر فرسه بعده فَأَجره لوَارِثه (طب عَن أبي أُمَامَة) رمز الْمُؤلف لحسنه
(أفضل الصَّدَقَة) أعظمها أجرا (أَن تصدق) بتَخْفِيف الصَّاد على حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ بِالتَّشْدِيدِ على إدغامها (وَأَنت صَحِيح) أَي سليم من مرض مخوف (شحيح) حَرِيص على الضنة بِالْمَالِ وَالشح بخل مَعَ حرص فَهُوَ أبلغ مِنْهُ (تَأمل الْغنى) فَتَقول أترك مَالِي عِنْدِي لأَكُون غَنِيا (وتخشى الْفقر) أَي تَقول فِي نَفسك لَا تتْلف مَالك لِئَلَّا تصير فَقِيرا وَقد تعمر طَويلا (وَلَا تمهل) بِالْجَزْمِ نهي وبالرفع نفي فَيكون مستأنفا وَبِالنَّصبِ عطف على تصدق وَكِلَاهُمَا خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي أفضل الصَّدَقَة أَن تتصدّق حَال صحتك مَعَ حَاجَتك إِلَى مَا بِيَدِك وَلَا تُؤخر (حَتَّى إِذا بلغت) الرّوح يدل على السِّيَاق (الْحُلْقُوم) بِالضَّمِّ الْحلق أَي قاربت بُلُوغه إِذْ لَو بلغته لما صَحَّ تصرّفه (قلت لفُلَان كَذَا وَلفُلَان كَذَا) كِنَايَة عَن الْمُوصى لَهُ وَبِه أَي إِذا وصلت هَذِه الْحَالة وَعلمت مصير المَال لغيرك تَقول اعطوا فلَانا كَذَا وصرفوا للْفُقَرَاء كَذَا (أَلا وَقد كَانَ لفُلَان) أَي وَالْحَال أَن المَال فِي تِلْكَ الْحَالة صَار مُتَعَلقا بالوارث فَلهُ إِبْطَاله إِن زَاد على الثُّلُث (حم ق د ن عَن أبي هُرَيْرَة)
(أفضل الصَّدَقَة جهد) بِضَم الْجِيم (الْمقل) أَي مجهود قَلِيل المَال يَعْنِي قدرته واستطاعته وَالْمرَاد الْمقل(1/183)
الْغَنِيّ الْقلب ليُوَافق قَوْله الْآتِي أفضل الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى (وابدأ) بِالْهَمْزَةِ وَتَركه (بِمن تعول) أَي بِمن تلزمك مُؤْنَته وجوبا (د ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وَصَححهُ الْحَاكِم وأقرّه الذَّهَبِيّ
(أفضل الصَّدَقَة مَا كَانَ عَن ظهر غنى) بِزِيَادَة لفظ الظّهْر إشباعا ونكر غنى ليُفِيد أَنه لَا بدّ للمتصدق من غنى مَا أما غنى النَّفس ثِقَة بِاللَّه وَأما غنى المَال الْحَاصِل بِيَدِهِ والأوّل أَعلَى اليسارين (وَالْيَد الْعليا) المعطية (خير من الْيَد السُّفْلى) أَي الآخذة (وابدأ بِمن تعول) محصول مَا فِي الْآثَار أَن أَعلَى الْأَيْدِي المنفقة ثمَّ المتعففة عَن الْأَخْذ ثمَّ الْأَخْذ بِلَا سُؤال وأسفل الْأَيْدِي الْمَانِعَة والسائلة (حم م ن عَن حَكِيم) بن حزَام بِفَتْح الْمُهْملَة وزاي مُعْجمَة الْقرشِي الشريف جَاهِلِيَّة وإسلاما
(أفضل الصَّدَقَة سقِِي المَاء) أَي لمعصوم مُحْتَاج وَفَسرهُ فِي رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ بِأَن يحملهُ إِلَيْهِم إِذا غَابُوا ويكفيهم إِيَّاه إِذا حضورا (حم د ن هن حب ك عَن سعد بن عبَادَة) بِضَم الْمُهْملَة وَالتَّخْفِيف (ع عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ قَالَ سعد مَاتَت أم سعد أيّ الصَّدَقَة أفضل فَذكره
(أفضل الصَّدَقَة أَن يتَعَلَّم الْمَرْء الْمُسلم علما) أَي شَرْعِيًّا أَو مَا كَانَ آلَة لَهُ (ثمَّ يُعلمهُ أَخَاهُ الْمُسلم) فتعليم الْعلم لغيره صَدَقَة مِنْهُ عَلَيْهِ وَهُوَ من أفضل أَنْوَاع الصَّدَقَة لأنّ الِانْتِفَاع بِهِ فَوق الِانْتِفَاع بِالْمَالِ لِأَنَّهُ ينْفد وَالْعلم بَاقٍ (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده حسن
(أفضل الصَّدَقَة الصَّدَقَة على ذِي الرَّحِم الْكَاشِح) فالصدقة عَلَيْهِ أفضل مِنْهَا على ذِي رحم غير كاشح لما فِيهِ من قهر النَّفس للإذعان لمعاديها (حم طب عَن أبي أَيُّوب) وَإِسْنَاده ضَعِيف لضعف حجاج بن أَرْطَأَة (وَعَن حَكِيم بن حزَام) وَإِسْنَاده حسن (خد د ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (طب) عَن أم كُلْثُوم وَرِجَاله رجال الصَّحِيح (ك عَن أم كُلْثُوم) بِضَم الْكَاف وَسُكُون اللَّام (بنت عقبَة) بِسُكُون الْقَاف ابْن أبي معيط أُخْت عُثْمَان لأمه وَصَححهُ الْحَاكِم
(أفضل الصَّدَقَة مَا تصدّق بِهِ) يجوز كَونه مَاضِيا للْمَفْعُول أَو الْفَاعِل أَو مضارعا مخففا على حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ ومشدّدا على إدغامها (على مَمْلُوك) آدَمِيّ أَو غَيره من كل مَعْصُوم (عِنْد مَالك) بِالتَّنْوِينِ (سوء) لِأَنَّهُ مضطرّ غير مُطلق التصرّف وَالصَّدَََقَة على المضطرّ تزيد على الصَّدَقَة على غَيره أضعافا مضاعفة وَلَا تدافع بَين ذَا وَمَا قبله لاخْتِلَاف ذَلِك باخْتلَاف الْأَحْوَال والأزمان والأشخاص (طس عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أفضل الصَّدَقَة) الصَّدَقَة (فِي رَمَضَان) لأنّ التَّوسعَة فِيهِ على عِيَال الله محبوبة مَطْلُوبَة وَلذَا كَانَ الْمُصْطَفى أَجود مَا يكون فِيهِ (سليم الرَّازِيّ فِي جزئه عَن أنس) وَضَعفه ابْن الْجَوْزِيّ
(أفضل صَدَقَة اللِّسَان الشَّفَاعَة) الْمَوْجُود فِي أصُول شعب الْبَيْهَقِيّ أفضل الصَّدَقَة صَدَقَة اللِّسَان قَالُوا وَمَا صَدَقَة اللِّسَان قَالَ الشَّفَاعَة وَهَكَذَا هُوَ فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ (تفك بهَا الْأَسير) أَي تخلص بِسَبَبِهَا المأسور من الْعَذَاب أَو الشدّة (وتحقن بهَا الدَّم) أَي قنعه أَن يسفك (وتجرّ بهَا الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان إِلَى أَخِيك) فِي الدّين (وتدفع عَنهُ) بهَا (الكريهة) أَي مَا يكرههُ ويشق عَلَيْهِ من النَّوَازِل والمهمات وَالْوَاو بِمَعْنى أَو (طب هَب عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب ضَعِيف لضعف أبي بكر الْهُذلِيّ وَغَيره
(أفضل الصَّدَقَة أَن تشبع كبدا جائعا) وصف الكبد بِوَصْف صَاحبه على الْإِسْنَاد الْمجَازِي وَشَمل الْمُؤمن وَالْكَافِر أَي الْمَعْصُوم والناطق والصامت (هَب عَن أنس) رمز الْمُؤلف لحسنه وَلَعَلَّه لاعتضاده
(أفضل الصَّدَقَة إصْلَاح ذَات الْبَين) بِالْفَتْح
قَوْله بِفَتْح الْمُهْملَة الصَّوَاب كسر أه(1/184)
الْعَدَاوَة والبغضاء والفرقة يَعْنِي إصْلَاح الْفساد بَين الْقَوْم وَإِزَالَة الْفِتْنَة (طب هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإِسْنَاده ضَعِيف لضعف ابْن أنعم لكنه اعتضد
(أفضل الصَّدَقَة حفظ اللِّسَان) أَي صونه عَن النُّطْق بالحرام بل بِمَا لَا يَعْنِي فَهُوَ أفضل صَدَقَة الْإِنْسَان على نَفسه (فر عَن معَاذ) بن جبل رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أفضل الصَّدَقَة سرا إِلَى فَقير) أَي إسرار بِالصَّدَقَةِ إِلَيْهِ قَالَ تَعَالَى وَإِن تخفوها وتؤتوها الْفُقَرَاء فَهُوَ خير لكم (وَجهد من مقل) أَي بذل من فَقير لِأَنَّهُ يكون بِجهْد ومشقة لقلَّة مَاله وَهَذَا فِيمَن يصبر على الاضاقة (طب عَن أبي أُمَامَة) ضَعِيف لضعف رَاوِيه عَليّ بن زيد لَكِن لَهُ شَوَاهِد عِنْد أَحْمد وَغَيره عَن أبي ذرّ قلت يَا رَسُول الله الصَّدَقَة مَا هِيَ قَالَ جهد من مقل أَو سرّ إِلَى فَقير
(أفضل الصَّدَقَة المنيح) كأمير وَأَصله المنيحة فحذفت التَّاء والمنيحة المنحة وَهِي الْعَطاء هبة أَو قرضا وَنَحْو ذَلِك قَالُوا وَمَا ذَاك يَا رَسُول الله قَالَ (أَن يمنح الدَّرَاهِم) أَو الدَّنَانِير أَي يقْرضهُ ذَلِك أَو يتصدّق بِهِ أَو يَهبهُ (أَو ظهر الدَّابَّة) أَي يعيره دَابَّة ليرْكبَهَا ثمَّ يردهَا أَو يَجْعَل لَهُ درّها ونسلها وصوفها (طب) وَكَذَا أَحْمد (عَن ابْن مَسْعُود) وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح
(أفضل الصَّدقَات ظلّ فسطاط) بِضَم الْفَاء وتكسر خيمة يستظل بهَا الْمُجَاهِد (فِي سَبِيل الله عز وَجل) أَي أَن ينصب خيمة أَو خباء للغزاة يَسْتَظِلُّونَ بِهِ (أَو منحة) بِكَسْر الْمِيم (خَادِم فِي سَبِيل الله) أَي هبة خَادِم للمجاهد أَو قرضه أَو إعارته (أَو طروقة فَحل فِي سَبِيل الله) بِفَتْح الطَّاء فعولة بِمَعْنى ومعقولة أَي مركوبة يَعْنِي نَاقَة أَو نَحْو فرس بلغت أَن يطرقها الْفَحْل يُعْطِيهِ إِيَّاهَا ليرْكبَهَا إِعَارَة أَو قرضا أَو هبة وَهَذَا عطف على منحة خَادِم (حم ت عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (ت عَن عدي بن حَاتِم) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَاعْترض بِأَن حَقه حسن لَا صَحِيح
(أفضل الصَّلَوَات عِنْد الله تَعَالَى صَلَاة الصُّبْح يَوْم الْجُمُعَة فِي جمَاعَة) لأنّ يَوْم الْجُمُعَة أفضل أَيَّام الْأُسْبُوع وَالصُّبْح أفضل الْخمس بِنَاء على القَوْل بِأَنَّهَا الْوُسْطَى (حب هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أفضل الصَّلَاة بعد الْمَكْتُوبَة) أَي ولواحقها من الرَّوَاتِب وَنَحْوهَا من كل نفل بسن جمَاعَة إِذْ هِيَ أفضل من مُطلق النَّفْل على الْأَصَح (الصَّلَاة فِي جَوف اللَّيْل) فَهِيَ فِيهِ أفضل مِنْهَا فِي النَّهَار لأنّ الْخُشُوع فِيهِ أوفر لِاجْتِمَاع الْقلب والخلوّ بالرب أنّ ناشئة اللَّيْل هِيَ أشدّ وطأ وَالْمرَاد بالجوف هُنَا السُّدس الرَّابِع وَالْخَامِس وَسميت الْمَفْرُوضَة مَكْتُوبَة لأنّ الله تَعَالَى كتبهَا على عباده أنّ الصَّلَاة كَانَت على الْمُؤمنِينَ كتابا موقوتا أَو من الْمُكَاتبَة كَأَنَّهُ تَعَالَى كاتبهم على أَدَائِهَا فِي أَوْقَاتهَا فَإِذا أدّوها اعتقوا من النَّار كَمَا يعْتق الْمكَاتب بأَدَاء النُّجُوم (وَأفضل الصّيام) أَي أفضل شهور الصّيام (بعد شهر رَمَضَان شهر الله) إِضَافَة إِلَيْهِ تَعْظِيمًا وتفخيما (الْمحرم) أَي هُوَ أفضل شهر يتطوّع بصيامه كَامِلا بعد رَمَضَان لِأَنَّهُ أوّل السّنة المستأنفة فافتتاحها بِالصَّوْمِ الَّذِي هُوَ ضِيَاء أفضل الْأَعْمَال وَخص بِهَذِهِ الْإِضَافَة مَعَ أَن فِي الشُّهُور أفضل مِنْهُ لما اسْتَأْثر بِهِ عَلَيْهَا من أَنه اسْم إسلامي (م 4 عَن أبي هُرَيْرَة) مَرْفُوعا (الرَّوْيَانِيّ) مُحَمَّد بن هرون الْحَافِظ (فِي مُسْنده) الَّذِي قَالَ فِيهِ ابْن حجر لَيْسَ دون السّنَن فِي الرُّتْبَة (طب عَن جُنْدُب) وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(أفضل الصَّلَاة طول الْقُنُوت) أَي أفضل أحوالها طول الْقيام لِأَنَّهُ مَحل الْقِرَاءَة الْمَفْرُوضَة فتطويله أفضل من تَطْوِيل السُّجُود وَبِه أَخذ الشافعيّ وَأَبُو حنيفَة وَعكس آخَرُونَ تمسكا بِخَبَر يَأْتِي (حم م ت هـ عَن جَابر) بن عبد الله (طب عَن(1/185)
أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ (وَعَن عَمْرو بن عبسة) السّلمِيّ (وَعَن عُمَيْر) بِالتَّصْغِيرِ (ابْن قَتَادَة) بِفَتْح الْقَاف مخففا (اللَّيْثِيّ) وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(أفضل الصَّلَاة صَلَاة الْمَرْء فِي بَيته) لِأَنَّهُ أبعد عَن الرِّيَاء (إِلَّا الْمَكْتُوبَة) أَي الْمَفْرُوضَة فَإِنَّهَا فِي الْمَسْجِد أفضل لِأَن الْجَمَاعَة تشرع لَهَا فَهِيَ بمحلها أفضل وَمثل الْفَرْض كل نفل شرع جمَاعَة كَمَا مرّ وَفِيه أنّ الْفَضِيلَة الْمُتَعَلّقَة بِنَفس الْعِبَادَة أولى من الْفَضِيلَة الْمُتَعَلّقَة بمكانها إِذْ النَّافِلَة فِي الْبَيْت فَضِيلَة تتَعَلَّق بهَا فَإِنَّهُ سَبَب لتَمام الْخُشُوع وَالْإِخْلَاص فَلذَلِك كَانَت صلَاته فِي بَيته أفضل مِنْهَا فِي مَسْجِد الْمُصْطَفى كَمَا أفْصح بِهِ الْمُؤلف كَغَيْرِهِ فِي قَوَاعِده (ن طب عَن زيد بن ثَابت) وَرَوَاهُ أَيْضا الشَّيْخَانِ
(أفضل الصَّوْم بعد) صَوْم (رَمَضَان) صَوْم (شعْبَان لتعظيم رَمَضَان) أَي لأجل تَعْظِيمه لكَونه يَلِيهِ فصومه كالمقدّمة لصومه وَهَذَا قَالَه قبل علمه بأفضلية صَوْم والمحرّم أَو ذَاك أفضل شهر يصام كَامِلا وَهَذَا أفضل شهر يصام أَكْثَره ثمَّ إنّ هَذَا لَا يُعَارضهُ حَدِيث النَّهْي عَن تقدّم رَمَضَان يَصُوم يَوْم أَو يَوْمَيْنِ وَالنَّهْي عَن صَوْم النّصْف الثَّانِي من شعْبَان لأنّ النَّهْي مَحْمُول على من لم يصم من أوّل شعْبَان وابتدأ من نصفه الثَّانِي (وَأفضل الصَّدَقَة صَدَقَة فِي رَمَضَان) لِأَنَّهُ موسم الْخيرَات وَشهر الْعِبَادَات (ت هَب عَن أنس) ضَعِيف لضعف صَدَقَة بن مُوسَى
(أفضل الصَّوْم صَوْم أخي) فِي النبوّة والرسالة (دَاوُد كَانَ يَصُوم يَوْمًا وَيفْطر يَوْمًا) لكَونه أشق على النَّفس بمصادفة مألوفها يَوْمًا ومفارقته يَوْمًا وَصَوْم الدَّهْر لَا يشق باعتياده وليكون العَبْد بَين الصَّبْر وَالشُّكْر دَائِما (و) كَانَ (لَا يفرّ إِذْ الأقى) أَي وَلأَجل تقويه بِالْفطرِ كَانَ لَا يفرّ من عدوّه إِذْ لاقاه لِلْقِتَالِ فَلَو سرد الصَّوْم لضعف عَن ذَلِك (ت ن عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح
(أفضل الْعباد دَرَجَة عِنْد الله) العندية لتشريف (يَوْم الْقِيَامَة الذاكرون الله) أَي دَرَجَة الذَّاكِرِينَ الله وَالذَّاكِرَات وَلم يذكرهنّ مَعَ إرادتهنّ تَغْلِيبًا للمذكر على الْمُؤَنَّث (كثيرا) أَي المواظبين على الْأَذْكَار المأثورة صباحا وَمَسَاء وَفِي الْأَوْقَات وَالْأَحْوَال الْمُخْتَلفَة قيَاما وقعودا وعَلى جنُوبهم (حم ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد حسن
(أفضل الْعِبَادَة الْفِقْه) أَي الْفَهم فِي الدّين وانكشاف الغطاء عَن عين الْيَقِين وَقيل المُرَاد الِاشْتِغَال بِعلم الْفِقْه والأوّل أقرب قَالَ السهروردي جعل الله تَعَالَى الْفِقْه صفة للقلب فَقَالَ لَهُم قُلُوب لَا يفقهُونَ بهَا فَلَمَّا فقهوا علمُوا وَلما علمُوا عمِلُوا وَلما عمِلُوا عرفُوا اهتدوا فَكل من كَانَ أفقه كَانَت نَفسه أسْرع إِجَابَة وَأكْثر انقيادا لمعالم الدّين وأوفر حظا من نور الْيَقِين (وَأفضل الدّين الْوَرع) الَّذِي هُوَ الْخُرُوج عَن كل شُبْهَة ومحاسبة النَّفس مَعَ كل طرفَة وخطرة (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لضَعْفه (أفضل الْعِبَادَة الدُّعَاء) أَي إِظْهَار غَايَة التذلل والافتقار والاستكانة إِذْ مَا شرعت الْعِبَادَة إِلَّا للخضوع للبارئ تقدّس (ك عَن ابْن عَبَّاس) وَقَالَ صَحِيح (عد عَن أبي هُرَيْرَة ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (عَن النُّعْمَان بن بشير) رمز الْمُؤلف لصِحَّته
(أفضل الْعِبَادَة قِرَاءَة الْقُرْآن) لأنّ الْقَارئ يُنَاجِي ربه وَلِأَنَّهُ أصل الْعُلُوم وأمّها وأهمها فالاشتغال بقرَاءَته أفضل من الِاشْتِغَال بِجَمِيعِ الْأَذْكَار إِلَّا مَا ورد فِيهِ شَيْء مَخْصُوص وَمن ثمَّ قَالَ الشَّافِعِيَّة تِلَاوَة الْقُرْآن أفضل الذّكر العامّ قَالَ بَعضهم وَلَا يُنَافِيهِ خبر من شغله ذكرى عَن مسئلتي لأنّ ذَاك فِيهِ ذكر بعض أَفْرَاد الْعَام وَهُوَ لَا يخصص (ابْن قَانِع) عبد الْبَاقِي فِي مُعْجَمه (عَن أَسِير) بِضَم الْهمزَة وَفتح
هَامِش قَوْله عرفُوا اهتدوا لَعَلَّه وَلما عرفُوا اهتدوا أه(1/186)
السِّين وَآخره رَاء (ابْن جَابر) التَّيْمِيّ (السجْزِي فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أفضل الْعِبَادَة انْتِظَار الْفرج) زَاد فِي رِوَايَة من الله لأنّ أشرف الْعِبَادَات توجه الْقلب بهمومه كلهَا إِلَى مَوْلَاهُ فَإِذا نزل بِهِ ضيق انْتظر فرجه مِنْهُ لَا مِمَّن سواهُ (هَب الْقُضَاعِي عَن أنس) بن مَالك وَفِيه مَجَاهِيل وَهُوَ غير ثَابت
(أفضل الْعَمَل النِّيَّة الصادقة) لأنّ النِّيَّة لَا يدخلهَا الرِّيَاء فيبطلها فَهِيَ أفضل من الْعَمَل وعورض بِخَبَر من همّ بحسنة فَلم يعملها كتبت لَهُ حَسَنَة وَمن عَملهَا كتبت لَهُ عشرا وَأجِيب بِأَن النِّيَّة من حَيْثُ أَنَّهَا عله ومقدّمة فِي الْوُجُود وَلَا يدخلهَا الرِّيَاء وَعبادَة مُسْتَقلَّة بِدُونِهِ بِخِلَافِهِ خير بِمَعْنى أَنه أشرف وَالْعَمَل من حَيْثُ أَنه يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الثَّوَاب أَكثر مِنْهَا خير بِمَعْنى أَنه أفضل نَظِير مَا قَالُوهُ فِي تَفْضِيل الْملك والبشر أنّ الْملك من حَيْثُ تقدّم الْوُجُود والتجرّد وَغير ذَلِك أشرف والبشر من حَيْثُ كَثْرَة الثَّوَاب أفضل (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل الْعِبَادَة) بمثناة تحتية أَي زِيَارَة الْمَرِيض (أجرا سرعَة الْقيام من عِنْد الْمَرِيض) بِأَن يكون قعوده قدر فوَاق نَاقَة كَمَا فِي خبر آخر لِأَنَّهُ قد يَبْدُو للْمَرِيض حَاجَة وَهَذَا فِي غير متعهده وَمن يأنس بِهِ (فر عَن جَابر) ضَعِيف لضعف مُحَمَّد الرقي وَغَيره
(أفضل الْغُزَاة فِي سَبِيل الله خادمهم) الَّذِي يتَوَلَّى خدمتهم فِي الْغَزْو إِذا خرج بنية الْغَزْو وَألْحق بِهِ المخذل للعدوّ (ثمَّ) بعده فِي الْفضل (الَّذِي يَأْتِيهم بالأخبار) أَي بأخبار العدوّ (وأخصهم عِنْد الله منزلَة) أَي أرفعهم عِنْده دَرَجَة (الصَّائِم) فِي الْغَزْو فرضا أَو نفلا أَي إِذا لم يُضعفهُ الصَّوْم عَن الْقِتَال (طس عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف عَنْبَسَة بن مهْرَان وَغَيره
(أفضل الْفَضَائِل) جمع فَضِيلَة وَهِي مَا يزِيد بِهِ الرجل على غَيره وَأكْثر مَا يسْتَعْمل فِي الخصائل المحمودة كَمَا أَن الفضول أَكثر اسْتِعْمَاله فِي المذموم (أَن تصل من قَطعك وَتُعْطِي من حَرمك) لما فِيهِ من مجاهدة النَّفس وقهرها (وتصفح عَمَّن ظلمك) لما فِيهِ من مكابدة الطبعة لميله إِلَى الْمُؤَاخَذَة والانتقام (حم طب عَن معَاذ بن أنس) ضَعِيف لضعف زِيَاد بن فائد وَغَيره
(أفضل الْقُرْآن الْحَمد لله رب الْعَالمين) أَي أعظم الْقُرْآن أجرا قِرَاءَة سُورَة الْفَاتِحَة لِأَنَّهَا أمّ الْقُرْآن (ك هَب عَن أنس) بن مَالك
(أفضل الْقُرْآن سُورَة الْبَقَرَة) أَي هِيَ أفضل السُّور الَّتِي فصلت فِيهَا الْأَحْكَام وَضربت فِيهَا الْأَمْثَال وأقيمت الْحجَج إِذْ لم تَشْمَل سُورَة على مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من ذَلِك (وَأعظم آيَة مِنْهَا آيَة الْكُرْسِيّ) لاحتوائها على أُمَّهَات الْمسَائِل الإلهية ودلالتها على أَنه تَعَالَى وَاحِد متصف بِالْحَيَاةِ قَائِم بِنَفسِهِ مقوّم لغيره منزه عَن التحيز والحلول وَغير ذَلِك (وَأَن الشَّيْطَان) إِبْلِيس أَو أَعم (ليخرج من الْبَيْت) وَنَحْوه من كل مَكَان (أَن يسمع تقْرَأ فِيهِ سُورَة الْبَقَرَة) يَعْنِي ييأس من إغواء أَهله لما يرى من جدّهم واجتهادهم فِي الدّين وَخص الْبَقَرَة لِكَثْرَة أَحْكَامهَا وَأَسْمَاء الله أَو لسرّ علمه الشَّارِع (الْحَرْث) ابْن أبي أُسَامَة فِي مُسْنده (وَابْن الضريس وَمُحَمّد بن نصر) بِمُهْملَة الْمروزِي فِي كتاب الصَّلَاة (عَن الْحسن مُرْسلا) هُوَ الْبَصْرِيّ
(أفضل الْكسْب بيع مبرور) أَي لَا غش فِيهِ وَلَا خِيَانَة أَو مَقْبُول فِي الشَّرْع بِأَن لَا يكون فَاسِدا (وَعمل الرجل بِيَدِهِ) خص الرجل لِأَنَّهُ المحترف غَالِبا لَا لإِخْرَاج غَيره وَالْيَد لكَون أَكثر مزاولة الْعَمَل بهَا (حم طب عَن أبي بردة بن نيار) الْأنْصَارِيّ وَإِسْنَاده حسن
(أفضل الْكَلَام) بعد الْقُرْآن كَمَا فِي الْهدى (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله(1/187)
وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر) يَعْنِي هِيَ أفضل كَلَام الْآدَمِيّين لاشتمالها على جملَة أَنْوَاع الذّكر من تَنْزِيه وتحميد وتوحيد وتمجيد ودلالتها على جَمِيع المطالب الإلهية إِجْمَالا (حم عَن رجل) من الصَّحَابَة وَرِجَاله إِلَى الرجل رجال الصَّحِيح
(أفضل الْمُؤمنِينَ إسلاما من سلم الْمُسلمُونَ) وَالْمُسلمَات وَكَذَا من لَهُ ذمَّة أَو عهد مُعْتَبر (من لِسَانه وَيَده) من التعدّي بِأَحَدِهِمَا وَالْمرَاد من اتّصف بذلك مَعَ بَقِيَّة أَرْكَان الدّين وخصهما لأنّ اللِّسَان يعبر بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِير وَالْيَد أَكثر مزاولة الْعَمَل بهَا وقدّم اللِّسَان لأكثرية عمله (وَأفضل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا) بِضَم الْخَاء وَاللَّام فَمن كَانَ سيء الْخلق كَانَ نَاقص الْإِيمَان قَالَ بعض الْأَعْيَان لَو كَانَ الْإِيمَان يُعْطي بِذَاتِهِ مَكَارِم الْأَخْلَاق لم يقل لِلْمُؤمنِ افْعَل كَذَا واترك كَذَا وَقد تُوجد مكام الْأَخْلَاق وَلَا إِيمَان وللمكارم آثَار ترجع على صَاحبهَا فِي أَي دَار كَانَ (وَأفضل الْمُهَاجِرين من هجر مَا نهى الله عَنهُ) لأنّ الْهِجْرَة ظَاهِرَة وباطنة فالباطنة ترك مُتَابعَة النَّفس الأمّارة والشيطان وَالظَّاهِرَة الْفِرَار بِالدّينِ من الْفِتَن وَالْهجْرَة الْحَقِيقَة ترك المنهيات (وَأفضل الْجِهَاد من جَاهد نَفسه فِي ذَات الله عز وَجل) لأنّ الشَّيْء إِنَّمَا يفضل ويشرف بشرف ثَمَرَته وَثَمَرَة مجاهدة النَّفس الْهِدَايَة وَالَّذين جاهدوا فِينَا لنهدينهم سبلنا (طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أفضل الْمُؤمنِينَ) أَي من أرفعهم دَرَجَة (أحْسنهم خلقا) بِالضَّمِّ لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب الْخلق الْحسن كَمَا ورد فِي السّنَن وَالْمرَاد حسن الْخلق مَعَ الْمُؤمنِينَ وَكَذَا مَعَ الْكفَّار والفساق على الْأَصَح (هـ ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد صَحِيح
(أفضل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا) عامّ مَخْصُوص إِذْ الْعلمَاء الذابون عَن الدّين أفضل (الَّذِي إِذا سَأَلَ أعْطى) بِبِنَاء سَأَلَ للْفَاعِل وَأعْطى للْمَفْعُول أَي أعطَاهُ النَّاس مَا طلبه مِنْهُم لمحبتهم لَهُ الْمحبَّة الإيمانية واعتقادهم فِيهِ لدلَالَة ذَلِك على محبَّة الله لَهُ (وَإِذا لم يُعْط اسْتغنى) بِاللَّه ثِقَة بِمَا عِنْده وَلَا يلح فِي السُّؤَال وَلَا يبرم فِي الْمقَال وَلَا يذل نَفسه بِإِظْهَار الْفَاقَة والمسكنة (خطّ عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَرَوَاهُ بن مَاجَه بِنَحْوِهِ وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أفضل الْمُؤمنِينَ رجل) أَي إِنْسَان مُؤمن (سمح البيع سمح الشِّرَاء سمح الْقَضَاء سمح الِاقْتِضَاء) إِذا بَاعَ أحدا شَيْئا سهل وَإِذا اشْترى من غَيره شيأ سهل وَإِذا قضى مَا عَلَيْهِ من الدّين سهل وَإِذا طَالب غَيره بِدِينِهِ سهل فَلَا يمطل غَرِيمه مَعَ قدرته على الْوَفَاء وَلَا يضيق على الْمقل وَلَا يلجئه لبيع مَتَاعه بِدُونِ ثمن مثله وَلَا يضايق فِي التافه (طس عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرِجَاله ثِقَات
(أفضل النَّاس مُؤمن يُجَاهد فِي سَبِيل الله) المُرَاد مُؤمن قَامَ بِمَا عَلَيْهِ من الْوَاجِب ثمَّ حصل هَذِه الْفَضِيلَة (بِنَفسِهِ وَمَاله) لما فِيهِ من بذلهما لله مَعَ النَّفْع الْمُتَعَدِّي (ثمَّ) بعده فِي الْفضل (مُؤمن) مُنْقَطع للتعبد (فِي شعب من الشعاب) بِالْكَسْرِ فُرْجَة بَين جبلين يَعْنِي فِي خلْوَة مُنْفَردا وَإِنَّمَا مثل بِهِ لأنّ الْغَالِب على الشعاب الْخلْوَة (يَتَّقِي الله) يخافه فِيمَا أَمر وَنهى (ويدع) يتْرك (النَّاس من شرّه) فَلَا يخاصمهم وَلَا ينازعهم فِي شَيْء وَهَذَا مَحَله فِي زمن الْفِتْنَة أَو فِيمَن لَا يصبر على أَذَى النَّاس (حم ق ت ن هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أفضل النَّاس مُؤمن مزهد) بِضَم فَسُكُون فَفتح أَي مزهود فِيهِ لفقره ورثائته وَهُوَ أَنه عِنْد النَّاس وَقيل بِكَسْر الْهَاء أَي زاهدا فِي الدُّنْيَا أَو قَلِيل المَال لأنّ مَا عِنْده يزهد فِيهِ لقلته (فر عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل النَّاس رجل يُعْطي جهده) بِالضَّمِّ أَي مَا يقدر عَلَيْهِ وَالْمَقْصُود أَن صَدَقَة الْمقل أَكثر أجرا من صَدَقَة كثير المَال وَصدقَة فَقير برغيف(1/188)
هُوَ قوته أعظم أجرا من صَدَقَة غنيّ بِأَلف من أُلُوف (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أفضل النَّاس مُؤمن بَين كريمين) أَي بَين أبوين مُؤمنين أَو بَين أَب مُؤمن هُوَ أَصله وَابْن مُؤمن هُوَ فَرعه فَهُوَ بَين مُؤمنين هما طرفاه أَو بَين فرسين يَغْزُو عَلَيْهِمَا أَو بَعِيرَيْنِ يَسْتَقِي عَلَيْهِمَا ويعتزل النَّاس (طب عَن كَعْب بن مَالك) ضَعِيف لضعف مُعَاوِيَة بن يحيى
(أفضل أمّتي الَّذين يعْملُونَ بالرخص) جمع رخصَة وَهِي التسهيل فِي الْأُمُور كالقصر وَالْجمع وَالْفطر فِي السّفر وَغير ذَلِك من رخص الْمذَاهب لَكِن بِشَرْط أَن لَا يتبعهَا بِحَيْثُ تنْحَل ربقة التَّكْلِيف من عُنُقه وَإِلَّا أَثم (ابْن لال) والديلمي (عَن عمر) بن الْخطاب أَمِير الْمُؤمنِينَ ضَعِيف لضعف عبد الْملك بن عبد ربه
(أفضل أَيَّام الدُّنْيَا أَيَّام الْعشْر) عشر ذِي الْحجَّة لِاجْتِمَاع أُمَّهَات الْعِبَادَة فِيهِ وَهِي الْأَيَّام الَّتِي أقسم الله بهَا فِي كِتَابه بقوله وَالْفَجْر وليال عشر فَهِيَ أفضل من أَيَّام الْعشْر الْأَخير من رَمَضَان على مَا اقْتَضَاهُ هَذَا الْخَبَر وَأخذ بِهِ بَعضهم لَكِن الْجُمْهُور على خِلَافه (الْبَزَّار عَن جَابر) بِإِسْنَاد حسن
(أفضل سور الْقُرْآن الْبَقَرَة وَأفضل آي الْقُرْآن آيَة الْكُرْسِيّ) لما اجْتمع فِيهَا من التَّقْدِيس والتحميد وَالصِّفَات الذاتية الَّتِي لم تَجْتَمِع فِي آيَة سواهَا (الْبَغَوِيّ) أَبُو الْقَاسِم (فِي مُعْجَمه عَن ربيعَة) بن عَمْرو الدِّمَشْقِي (الجرشِي) بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء مُخْتَلف فِي صحبته فَمن نفاها قَالَ الحَدِيث مُرْسل
(أفضل طَعَام الدُّنْيَا وَالْآخِرَة اللَّحْم) زَاد فِي رِوَايَة وَلَو سَأَلت رَبِّي أَن يطعمنيه كل يَوْم لفعل وَذَلِكَ لِأَن أكله يحسن الْخلق كَمَا فِي خبر يَأْتِي فَهُوَ أفضل من اللَّبن عِنْد جمع لهَذَا الْخَبَر وَعكس آخَرُونَ (عق حل عَن ربيعَة بن كَعْب) الْأَسْلَمِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أفضل عبَادَة أمّتي تِلَاوَة الْقُرْآن) لأنّ لقارئة بِكُل حرف مِنْهُ عشر حَسَنَات وَذَلِكَ من خَصَائِصه على جَمِيع الْكتب الإلهية (هَب عَن النُّعْمَان بن بشير) وَإِسْنَاده حسن لغيره وَكَذَا مَا بعده
(أفضل عبَادَة أمّتي قِرَاءَة الْقُرْآن نظرا) أَي فِي نَحْو مصحف فَهِيَ أفضل من قِرَاءَته عَن ظهر قلب فقراءة الْقُرْآن الْعَظِيم أفضل الذّكر العامّ على مَا مرّ (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن عبَادَة) بن الصَّامِت
(أفضل كسب الرجل وَلَده) أَي الَّذِي ينْسب إِلَيْهِ وَلَو بِوَاسِطَة (وكل بيع مبرور) أَي سَالم من نَحْو غش وخيانة (طب عَن أبي بَرزَة بن نيار) الْأنْصَارِيّ الصَّحَابِيّ وَفِي إِسْنَاده مقَال
(أفضل نسَاء أهل الْجنَّة) لم يقل النِّسَاء إِفَادَة تفضلهن على الْحور أَيْضا وَإِلَّا لتوهم أَن المُرَاد نسَاء الدُّنْيَا (خَدِيجَة بن خويلد وَفَاطِمَة بنت مُحَمَّد) وَهِي وأخوها إِبْرَاهِيم أفضل من جَمِيع الصَّحَابَة (وَمَرْيَم بنت عمرَان) الصدّيقة بِنَصّ الْقُرْآن (وآسية بنت مُزَاحم امْرَأَة فِرْعَوْن) وَالثَّانيَِة وَالثَّالِثَة أفضل من الأولى وَالرَّابِعَة وَالْأولَى أفضل من الْأَخِيرَة وَفِي الثَّانِيَة وَالثَّالِثَة خلاف مَشْهُور وَالأَصَح تَفْضِيل الثَّالِثَة (حم طب ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ
(أفضلكم الَّذين اذا رؤا) بالبصر أَو البصيرة (ذكر الله تَعَالَى لرؤيتهم) أَي عِنْدهَا يَعْنِي أَنهم فِي الِاخْتِصَاص بِاللَّه بِحَيْثُ إِذا رؤا خطر ببال من رَآهُمْ ذكر الله لما علاهم من بهاء الْعِبَادَة (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أنس) بن مَالك وَهُوَ ضَعِيف لَكِن لَهُ شَاهد
(أفضل الحاجم والمحجوم) أَي تعرضا للفطر إِذْ الحاجم عِنْد المص لَا يَأْمَن وُصُول شَيْء من الدَّم جَوْفه والمحجوم تضعف قواه بِخُرُوج الدَّم فيؤل الْحَال لإفطاره فَلَا يفطران حَقِيقَة عِنْد الشَّافِعِي كَأبي حنيفَة وَمَالك لخَبر البُخَارِيّ وَأحمد عَن ابْن عَبَّاس أنّ رَسُول الله احْتجم وَهُوَ صَائِم(1/189)
وَأخذ أَحْمد بِظَاهِر الحَدِيث المشروح فَقَالَ بفطرهما وَلُزُوم الْقَضَاء وعورض بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُور (حم د ن هـ حب ك عَن ثَوْبَان) وَصَححهُ جمع (وَهُوَ متواتر) فقد رَوَاهُ بعضه عشر صحابيا
(أفطر عنْدكُمْ الصائمون وَأكل طَعَامكُمْ الْأَبْرَار وصلت عَلَيْكُم الْمَلَائِكَة) قَالَه لسعد بن معَاذ لما أفطر عِنْده فِي رَمَضَان وَقيل لسعد بن عبَادَة وَلَا مَانع من الْجمع (هـ حب عَن) عبد الله (بن الزبير) بن الْعَوام وَهُوَ صَحِيح
(أُفٍّ للحمام حجاب لَا يستر) الْعَوْرَة لأنّ المئزر ينْكَشف عِنْد الْحَرَكَة غَالِبا (وَمَاء لَا يطهر) بِضَم أوّله وَفتح الطَّاء وشدّ الْهَاء الْمَكْسُورَة لغَلَبَة الِاسْتِعْمَال على مائَة فإنّ حياضه لَا يبلغ الْوَاحِد مِنْهَا نَحْو قُلَّتَيْنِ وَأكْثر من يدْخلهُ لَا يعرف حكم نِيَّة الاغتراف فَيصير المَاء مُسْتَعْملا وَرُبمَا كَانَ على بدنه نَجَاسَة فلاقاه بهَا (لَا يحل لرجل أَن يدْخلهُ إِلَّا بمنديل) يَعْنِي بساتر يستر عَوْرَته عَمَّن يحرم نظره إِلَيْهَا (مر) بِصِيغَة الْأَمر (الْمُسلمين لَا يفتنون نِسَاءَهُمْ) أَي لَا يَفْعَلُونَ مَا يؤدّي إِلَى افتتانهن بتمكينهنّ من دُخُول الْحمام وَنظر بعضهنّ إِلَى عَورَة بعض وَرُبمَا وصف بعضهنّ بَعْضًا للرِّجَال فيجرّ للزِّنَا (الرِّجَال قوّامون) أهل قيام (على النِّسَاء) قيام الْوُلَاة على الرعايا فَحق عَلَيْهِم مَنعهنَّ مِمَّا فِيهِ فتْنَة منهنّ أَو عليهنّ (علموهنّ) الْآدَاب الشَّرْعِيَّة الَّتِي مِنْهَا مُلَازمَة الْبيُوت وَعدم دُخُول الْحمام (ومروهنّ بالتسبيح) وَقد سقط من قلم الْمُؤلف جملَة من الحَدِيث بينتها فِي الشَّرْح وَفِي الْحمام أَقْوَال أَصَحهَا أَنه مُبَاح للرِّجَال مَكْرُوه للنِّسَاء إِلَّا لضَرُورَة (هَب عَن عَائِشَة) الصدّيقة وَفِيه انْقِطَاع وَضعف
(أَفْلح من رزق لبا) أَي عقلا يَعْنِي فَازَ وظفر من رزق عقلا راجحا كَامِلا اهْتَدَى بِهِ إِلَى الْإِسْلَام وَفعل الْمَأْمُور وتجنب الْمنْهِي (تخ طب عَن قُرَّة) بِضَم الْقَاف وشدّ الرَّاء (ابْن هُبَيْرَة) بن عَامر الْقشيرِي وَفِيه راو لم يسم وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(أَفْلح من هدى إِلَى الْإِسْلَام وَكَانَ عيشه كفافا) أَي قدر الْكِفَايَة بِغَيْر زِيَادَة وَلَا نقص (وقنع بِهِ) أَي رَضِي بذلك والمفلح الظافر بمطلوبه والفلاح الْخَيْر الْمَقْطُوع بِهِ وَمِنْه يُقَال الْفَلاح للمكارى والأكار لقطعهما الأَرْض فِي الكرا والكراب وَفِي الْمثل الْحَدِيد بالحديد يفلح أَي يقطع وَيصْلح (طب ك عَن فضَالة) بِفَتْح الْفَاء (ابْن عبيد) الأوسي قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وَأقرهُ الذَّهَبِيّ
(أفلحت يَا قديم) بِالْقَافِ وَهُوَ الْمِقْدَام بن معد يكرب صغره رَحْمَة لَهُ وتلطفا (إِن مت وَلم تكن أَمِيرا) على بلد أَو قوم لِأَن خطب الْولَايَة شَدِيد وعاقبتها وخيمة لمن خَافَ عدم الْقيام بِحَقِّهَا (وَلَا كَاتبا) على نَحْو جِزْيَة أَو صَدَقَة أَو خراج أَو وقف وَلم يَثِق بأمانة نَفسه (وَلَا عريفا) أَي قيمًا لنَحْو قَبيلَة يلى أَمرهم ويعرّف الْأَمِير حَالهم فعيل بِمَعْنى فَاعل (د عَن الْمِقْدَام) بن معد يكرب قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِيهِ كَلَام لَا يقْدَح
(أَفلا استرقيتم لَهُ) أَي طلبتم لَهُ رقية وَهِي العوذة الَّتِي يرقى بهَا (فَإِن ثلث منا يَا أمتِي من الْعين) أَي كثيرا من مناياها من تَأْثِير الْعين فَإِن الْعين حق وَلم يرد الثُّلُث حَقِيقَة بل الْمُبَالغَة فِي الْكَثْرَة (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَاهد
(إِقَامَة حدّ من حُدُود الله تَعَالَى) على من فعل مُوجبه وَثَبت عَلَيْهِ (خير من مطر أَرْبَعِينَ لَيْلَة فِي بِلَاد الله) لأنّ دوَام الْمَطَر قد يفْسد وإقامتها صَلَاح مُحَقّق وَهَذَا إِذا ثَبت مُوجبه بِوَجْه لَا احْتِمَال مَعَه كَمَا يفِيدهُ خبر ادرؤا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ (هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف سعيد الْحِمصِي
(اقْبَلُوا الْكَرَامَة) هِيَ مَا يفعل بالإنسان أَو يعطاه على وَجه الْإِكْرَام (وَأفضل الْكَرَامَة) الَّتِي تكرم بهَا أَخَاك الزائر مثلا (الطّيب) بِأَن تعرضه عَلَيْهِ ليتطيب مِنْهُ(1/190)
أَو تهديه لَهُ (أخفه محملًا وأطيبه رَائِحَة) أَي هُوَ أخف الشَّيْء الَّذِي يكرم بِهِ حملا فَلَا كلفة فِي حمله وأطيبه ريحًا عِنْد الْآدَمِيّين وَعند الْمَلَائِكَة فيتأكد إتحاف الإخوان بِهِ وَيكرهُ ردّه (قطّ فِي الافراد طس عَن زَيْنَب بنت جحش) أمّ الْمُؤمنِينَ الأَسدِية
(اقتدوا باللذين) بِفَتْح الذَّال أَي بالخليفتين اللَّذين يقومان (من بعدِي أبي بكر وَعمر) لحسن سيرتهما وَصدق سريرتهما وَفِيه إِشَارَة لأمر الْخلَافَة (حم ت هـ عَن حُذَيْفَة) وَفِيه انْقِطَاع
(اقتدوا باللذين) بِفَتْح الذَّال (من بعدِي من أَصْحَابِي أبي بكر وَعمر) لما فطرا عَلَيْهِ من الْأَخْلَاق المرضية والطبيعة الْقَابِلَة للخيور السّنيَّة والمواهب السجانية (واهتدوا بهدى عمار) بِالْفَتْح وَالتَّشْدِيد ابْن يَاسر أَي سِيرُوا بسيرته (وتمسكوا بِعَهْد) عبد الله (بن مَسْعُود) أَي مَا يُوصِيكُم بِهِ أَي من أَمر الْخلَافَة (ت عَن ابْن مَسْعُود) وَحسنه التِّرْمِذِيّ (الرَّوْيَانِيّ) أَبُو المحاسن فِي مُسْنده (عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان (عد عَن أنس) بن مَالك وَإِسْنَاده حسن
(اقْتَرَبت السَّاعَة) أَي دنا وَقت قِيَامهَا (وَلَا تزداد مِنْهُم) يَعْنِي من النَّاس الحريصين على الاستكثار من الدُّنْيَا (الأقربا) لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ والحلية إِلَّا بعدا وَلكُل مِنْهُمَا وَجه صَحِيح وَالْمعْنَى على الأوّل كلما مرّ بهم زمن وهم فِي غفلتهم ازْدَادَ قربهَا مِنْهُم وعَلى الثَّانِي كلما اقْتَرَبت وَدنت كلما تناسوا قربهَا وَعمِلُوا عمل من أخذت السَّاعَة فِي الْبعد عَنهُ (طب عَن ابْن مَسْعُود) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(اقْتَرَبت السَّاعَة) وَمَعَ ذَلِك (لَا يزْدَاد النَّاس على الدُّنْيَا إِلَّا حرصا) شحا وإمساكا لعماهم عَن عَاقبَتهَا (وَلَا يزدادون من الله) أَي من رَحمته (إِلَّا بعدا) لِأَن الدُّنْيَا مبعدة عَن الله لِأَنَّهُ يكرهها وَلم ينظر إِلَيْهَا مُنْذُ خلقهَا والبخيل مبغوض إِلَى الله بعيد عَنهُ (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَقَالَ صَحِيح ورد بِأَنَّهُ مُنكر
(اقْتُلُوا الْحَيَّة) اسْم جنس يَشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى (وَالْعَقْرَب وَإِن كُنْتُم فِي الصَّلَاة) أَي وترتب على الْقَتْل بُطْلَانهَا وَالْأَمر للنَّدْب وَصَرفه عَن الْوُجُوب حَدِيث أبي يعلى كَأَن لَا يرى بقتلها فِي الصَّلَاة بَأْسا (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اقْتُلُوا الأسودين فِي الصَّلَاة) الْأسود الْعَظِيم من الْحَيَّات الَّذِي فِيهِ سَواد (الْحَيَّة وَالْعَقْرَب) سماهما أسودين تَغْلِيبًا وَيلْحق بهما كل ضار كزنبور وَخص الْأسود لعظم ضَرَره فالاهتمام بقتْله أعظم لَا لإِخْرَاج غَيره من الأفاعي بِدَلِيل مَا بعده (د ت) وَكَذَا النَّسَائِيّ (حب ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ابْن حجر إِسْنَاده ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(اقْتُلُوا الْحَيَّات كلهنّ) أَي بِجَمِيعِ أنواعهنّ فِي كل حَال وزمان وَمَكَان حَتَّى حَال الْإِحْرَام وَفِي الْبَلَد الْحَرَام (فَمن خَافَ) من قتلهن (ثارهنّ) أَي تبعتهنّ (فَلَيْسَ منا) أَي من جملَة ديننَا أَو العاملين بأمرنا وَمرَاده الْخَوْف المتوهم فَإِن غلب على ظَنّه حُصُول ضَرَر فَلَا يلام على التّرْك (د ن عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (طب عَن جرير) بن عبد الله (وَعَن عُثْمَان بن أبي العَاصِي) الثَّقَفِيّ من أُمَرَاء الْمُصْطَفى وَرِجَاله ثِقَات
(اقْتُلُوا الْحَيَّات) كُلهنَّ (اقْتُلُوا ذَا الطفيتين) تَثْنِيَة طفية بِضَم فَسُكُون مَا يظهره خطان أسودان وَقيل أبيضان (والأبتر) الَّذِي يشبه مَقْطُوع الذَّنب (فَإِنَّهُمَا يطمسان) يعميان (الْبَصَر) أَي بصر النَّاظر إِلَيْهِمَا أَو من ينهشاه (ويسقطان) لفظ رِوَايَة الصَّحِيحَيْنِ يستسقطان (الْحَبل) أَي الْحمل عِنْد نظر الْحَامِل إِلَيْهِمَا بالخاصية لبَعض الْأَفْرَاد جعل مَا يفعلانه بالخاصية كَالَّذي يفعلانه بِالْقَصْدِ وَفِي رِوَايَة لمُسلم الحبالى بدل الْحَبل (حم ق د ت هـ عَن ابْن عمر)(1/191)
ابْن الْخطاب
(اقْتُلُوا الوزغ) بِالتَّحْرِيكِ مَعْرُوف سمي بِهِ لخفته وَسُرْعَة حركته (وَلَو) كَانَ (فِي جَوف الْكَعْبَة) لِأَنَّهُ من الحشرات المؤذيات وَلما يُقَال أَنه يسْقِي الْحَيَّات ويمج فِي الْإِنَاء وَلِأَنَّهُ كَانَ ينْفخ النَّار على إِبْرَاهِيم (طب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف عَمْرو بن قيس الْمَكِّيّ
(اقْتُلُوا شُيُوخ الْمُشْركين) أَي الرِّجَال الأقوياء أهل النجدة والبأس لَا الهرمي الَّذين لَا قوّة لَهُم وَلَا رَأْي (واستبقوا) وَفِي رِوَايَة اسْتَحْيوا (شرخهم) أَي المراهقين الَّذين لم يبلغُوا الْحلم فَيحرم قتل الْأَطْفَال وَالنِّسَاء (تَنْبِيه) يجْرِي فِي الْقَتْل الْأَحْكَام الْخَمْسَة فَيكون فرض عين على الإِمَام فِي الردّة والمحاربة وَترك الصَّلَاة وَالزِّنَا وَفرض كِفَايَة فِي الْجِهَاد والصيال على بضرع ومندوبا فِي الْحَرْبِيّ إِذا ظفر بِهِ وَلَا مصلحَة فِي استرقاقه ومكروها فِي الْأَسير حَيْثُ كَانَ فِي استرقاقه مصلحَة وحراما فِي النِّسَاء الْحَرْبِيين وصبيانهم ومباحا فِي الْقود (حم د ت عَن سَمُرَة) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح غَرِيب
(اقْرَأ الْقُرْآن على كل حَال) قَائِما وَقَاعِدا وراقدا وماشيا وَغَيرهَا مِمَّا خرج عَن ذَلِك (إِلَّا وَأَنت جنب) أَي أَو حَائِض أَو نفسَاء بِالْأولَى فَإنَّك لَا تَقْرَأهُ وَأَنت كَذَلِك فَتحرم قِرَاءَة شَيْء مِنْهُ على نَحْو الْجنب بقصدها (أَبُو الْحسن بن صَخْر فِي فَوَائده) الحديثية (عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ وَهُوَ غَرِيب ضَعِيف
(اقْرَأ الْقُرْآن فِي كل شهر) بِأَن تقْرَأ كل لَيْلَة جزأ من ثَلَاثِينَ (اقرأه فِي كل عشْرين لَيْلَة) فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ثَلَاثَة أَجزَاء (اقرأه فِي عشر) بِأَن تقْرَأ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة سِتَّة أَجزَاء (اقراه فِي سبع) أَي فِي أُسْبُوع (وَلَا تزد على ذَلِك) ندبا فَإِنَّهُ يَنْبَغِي التفكر فِي مَعَانِيه وَأمره وَنَهْيه ووعده ووعيده وتدبر ذَلِك لَا يحصل فِي اقل من أُسْبُوع (ق د عَن ابْن عمر) ابْن الْخطاب
(اقْرَأ الْقُرْآن فِي أَرْبَعِينَ) يَوْمًا ليَكُون حِصَّة كل يَوْم نَحْو مائَة وَخمسين آيَة وَذَلِكَ لأنّ تَأْخِيره أَكثر مِنْهَا يعرضه للنسيان والتهاون بِهِ (ت عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَحسنه
(اقْرَأ الْقُرْآن فِي ثَلَاث) من الْأَيَّام بِأَن تقْرَأ فِي كل يَوْم وَلَيْلَة ثلثه (إِن اسْتَطَعْت) قِرَاءَته فِي ثَلَاث مَعَ ترتيل وتدبر وَإِلَّا فاقرأه فِي أَكثر وَفِي حَدِيث من قَرَأَ الْقُرْآن فِي أقل من ثَلَاث لم يفقه أَي غَالِبا قَالَ الغزاليّ وَلذَلِك ثَلَاث دَرَجَات أدناها أَن يخْتم فِي الشَّهْر مرّة وأقصاها فِي ثَلَاثَة أَيَّام مرّة وأعدلها أَن يخْتم فِي الْأُسْبُوع وَأما الْخَتْم كل يَوْم فَلَا يسْتَحبّ وَإِيَّاك أَن تتصرف بعقلك فَتَقول مَا كَانَ خيرا فَكلما كَانَ أَكثر كَانَ أَنْفَع فإنّ الْعقل لَا يَهْتَدِي إِلَى أسرار الْأُمُور الإلهية وَإِنَّمَا يتلَقَّى من النبوّة فَعَلَيْك بالاتباع فَإِن خَواص الْأُمُور وَلَا تدْرك بِالْقِيَاسِ أَلا ترى أَنَّك نهيت عَن الصَّلَاة فِي الْخَمْسَة الْأَوْقَات الْمَعْرُوفَة وَذَلِكَ نَحْو قدر ثلث النَّهَار وَكَيف واثر الْفساد ظَاهر على هَذَا الْقيَاس فَإِنَّهُ كَقَوْلِك الدَّوَاء نَافِع للْمَرِيض وَكلما كَانَ أَكثر فَهُوَ أَنْفَع مَعَ أَن كثرته رُبمَا تقتل (حم طب عَن سعد بن الْمُنْذر) لَهُ صُحْبَة هُوَ أَنْصَارِي عقبيّ
(اقْرَأ الْقُرْآن فِي خمس) أَخذ بِهِ جمع من السّلف مِنْهُم عَلْقَمَة بن قيس فَكَانَ يقْرَأ فِي كل خمس ختما (طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(اقْرَأ الْقُرْآن مَا نهاك) عَن الْمعْصِيَة وأمرك بِالطَّاعَةِ أَي مَا دمت مؤتمرا بأَمْره منتهيا بنهيه وزجره (فَإِذا لم ينهك فلست) فِي الْحَقِيقَة (تقرؤه) أَي فَإنَّك وَإِن قرأته (كَأَنَّك لم تَقْرَأهُ لإعراضك عَن مُتَابَعَته فَلم تظفر بفوائده وعوائده فَيَعُود حجَّة عَلَيْك وخصما لَك غَدا وَلِهَذَا قَالَت عَائِشَة لرجل كَانَ يقْرَأ بهذبه أَن فلَانا مَا قَرَأَ الْقُرْآن وَلَا سكت (فر عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ الْعِرَاقِيّ(1/192)
إِسْنَاده ضَعِيف
(اقْرَأ المعوذات) الفلق وَالنَّاس ذَهَابًا إِلَى أَن أقل الْجمع اثْنَان أَو وَالْإِخْلَاص تَغْلِيبًا (فِي دبر) بِضَمَّتَيْنِ أَي عقب (كل صَلَاة) من الْخمس فَينْدب فإنهنّ لم يتعوّذ بمثلهن فالمواظب على ذَلِك يصير فِي حراستها إِلَى الصَّلَاة الْأُخْرَى (د حب عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالح وَصَححهُ ابْن حبَان
(اقْرَأ الْقُرْآن بالحزن) بِالتَّحْرِيكِ أَي بِصَوْت يشبه صَوت الحزين بِعني بتخشع وتباك فإنّ لذَلِك تَأْثِيرا فِي رقة الْقلب وجريان الدمع (فَإِن نزل بالحزن) أَي نزل كَذَلِك بِقِرَاءَة جِبْرِيل أَو بِالْوَصْفِ الْمَطْلُوب وَهُوَ هَذَا كالتجويد (ع طس حل عَن بُرَيْدَة) بن الْحصيب ضَعِيف لضعف اسمعيل بن سيف
(اقرؤا الْقُرْآن) دوموا على قِرَاءَته (مَا ائتلفت) مَا اجْتمعت (عَلَيْهِ قُلُوبكُمْ) أَي مَا دَامَت قُلُوبكُمْ تألف الْقِرَاءَة (فَإِذا اختلفتم فِيهِ) بِأَن صَارَت قُلُوبكُمْ فِي فكرة شَيْء سوى قراءتكم وَصَارَت الْقِرَاءَة بِاللِّسَانِ مَعَ غيبَة الْجنان (فَقومُوا عَنهُ) اتْرُكُوا قِرَاءَته حَتَّى ترجع قُلُوبكُمْ أَو المُرَاد اقرؤه مَا دمتم متفقين فِي قِرَاءَته فَإِن اختلفتم فِي فهم مَعَانِيه فَدَعوهُ لأنّ الِاخْتِلَاف يجرّ إِلَى الْجِدَال والجدال إِلَى الْجحْد وتلبيس الْحق بِالْبَاطِلِ (حم ق ن عَن جُنْدُب) بِضَم الْجِيم وَالدَّال تفتح وتضم وَهُوَ ابْن عبد الله البَجلِيّ
(اقرؤا الْقُرْآن فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْم الْقِيَامَة) أَي فِي النشأة الْآخِرَة (شَفِيعًا لأَصْحَابه) أَي لقارئيه بِأَن يتَمَثَّل بِصُورَة يرَاهُ النَّاس كَمَا يَجْعَل الله لأعمال الْعباد صُورَة ووزنا لتوضع فِي الْمِيزَان وَالله على كل شَيْء قدير (اقرؤا الزهراوين) أَي النيرين سميتا بِهِ لِكَثْرَة نور الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة والأسماء الإلهية فيهمَا أَو لهدايتهما لقارئهما (الْبَقَرَة وَآل عمرَان) بدل من الزاهراوين للْمُبَالَغَة فِي التَّفْسِير (فَإِنَّهُمَا يأتيان) أَي ثوابهما يَوْم الْقِيَامَة أطلق اسمهما على الْآتِي (يَوْم الْقِيَامَة) اسْتِعَارَة على عَادَة الْعَرَب (كَأَنَّهُمَا غمامتان) سحابتان تظلان قارئهما عَن حرّ الْموقف وكرب ذَلِك الْيَوْم (أَو غيايتان) تَثْنِيَة غياية وَهِي مَا أظل الْإِنْسَان فَوْقه وأرد بِهِ مَاله صفاء وضوء إِذْ الغياية ضوء شُعَاع الشَّمْس (أَو كَأَنَّهُمَا فرقان) بِكَسْر فَسُكُون أَي قطيعان وجماعتان (من طير) أَي طَائِفَتَانِ مِنْهَا (صوافّ) باسطات أَجْنِحَتهَا مُتَّصِلا بَعْضهَا بِبَعْض وَلَيْسَت أَو للشَّكّ وَلَا للتَّخْيِير فِي تَشْبِيه السورتين وَلَا للترديد بل للتنويع وتقسيم القارئين فالأوّل لمن يقرؤهما وَلَا يفهم الْمَعْنى وَالثَّانِي للجامع بَين التِّلَاوَة ودراية الْمَعْنى وَالثَّالِث لمن ضم إِلَيْهِمَا التَّعْلِيم والإرشاد (يحاجان) يدافعان عَنهُ الْجَحِيم والزبانية أَو بِالدّلَالَةِ على سَعْيه فِي الدّين ورسوخه فِي الْيَقِين (اقرؤا الْبَقَرَة) عمم أَولا وعلق بِهِ الشَّفَاعَة ثمَّ خص الزهراوين وعلق بهما النجَاة من كرب الْقِيَامَة والمحاجة ثمَّ أفرد الْبَقَرَة وعلق بهَا الْمعَانِي الثَّلَاثَة الْآتِيَة إِيمَاء إِلَى أنّ لكل خاصية يعرفهَا الشَّارِع (فإنّ أَخذهَا) أَي مواظبتها وَالْعَمَل بهَا (بركَة) زِيَادَة ونماء (وَتركهَا حسرة) تندم على مَا فَاتَ من ثَوَابهَا (وَلَا تستطيعها البطله) بِالتَّحْرِيكِ لزيغهم عَن الْحق وانهماكهم فِي الْبَاطِل أَو أهل البطالة الَّذين لم يوفقوا لذَلِك (حم م عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(اقرؤا الْقُرْآن وَاعْمَلُوا بِهِ) بامتثال أمره وَاجْتنَاب نَهْيه (وَلَا تجفوا عَنهُ) أَي تبعدوا عَن تِلَاوَته (وَلَا تغلوا فِيهِ) أَي تتعدّوا حُدُوده من حَيْثُ لَفظه أَو مَعْنَاهُ وَلَا تبذلوا جهدكم فِي قِرَاءَته وتتركوا غَيره من الْعِبَادَات فالجفاء عَنهُ التَّقْصِير والغلو التعمق فِيهِ (وَلَا تَسْتَكْثِرُوا بِهِ) تجعلوه سَببا للاستكثار من الدُّنْيَا (حم ع طب هَب عَن عبد الرَّحْمَن بن شبْل) الْأنْصَارِيّ(1/193)
وَرِجَاله ثِقَات
(اقرؤا الْقُرْآن بِلُحُونِ الْعَرَب) أَي بتطريبها (وَأَصْوَاتهَا) أَي ترنماتها الْحَسَنَة الَّتِي لَا يخْتل مَعهَا شَيْء من الْحُرُوف عَن مخرجه لأنّ ذَلِك يُضَاعف النشاط وَيزِيد الانبساط (وَإِيَّاكُم وَلُحُون أهل الْكِتَابَيْنِ) التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وهم الْيَهُود وَالنَّصَارَى (وَأهل الْفسق) من الْمُسلمين الَّذين يخرجُون الْقُرْآن عَن مَوْضُوعه بالتمطيط بِحَيْثُ يزِيد أَو ينقص حرفا فَإِنَّهُ حرَام إِجْمَاعًا بِدَلِيل قَوْله (فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ بعدِي قوم يرجعُونَ) بِالتَّشْدِيدِ يردّدون أَصْوَاتهم (بِالْقُرْآنِ تَرْجِيع الْغناء) أَي يفاوتون ضروب الحركات فِي الصَّوْت كَأَهل الْغناء (والرهبانية) رَهْبَانِيَّة النَّصَارَى (وَالنوح) أَي أهل النوح (وَلَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ) أَي مجاري أنفاسهم (مَفْتُونَة قُلُوبهم) بِنَحْوِ محبَّة النِّسَاء والمرد (وَقُلُوب من يعجبهم شَأْنهمْ) فَإِن من أعجبه شَأْنهمْ فَحكمه حكمهم (طس هَب عَن حُذَيْفَة) وَفِيه مَجْهُول والْحَدِيث مُنكر
(اقرؤا الْقُرْآن) أَي مَا تيَسّر مِنْهُ (فإنّ الله تَعَالَى) عَمَّا تُدْرِكهُ الْحَواس والأوهام (لَا يعذب عبدا وعى الْقُرْآن) أَي حفظه وتدبره فَمن حفظ لَفظه وضيع حُدُوده فَهُوَ غير واع لَهُ وَحفظ الْقُرْآن فرض كِفَايَة (تَمام) فِي فَوَائده (عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ
(اقرؤا الْقُرْآن) على الْكَيْفِيَّة الَّتِي تسهل على أَلْسِنَتكُم مَعَ اختلافها فصاحة ولثغة وَلكنه بِلَا تكلّف وَلَا مُبَالغَة (وابتغوا بِهِ الله تَعَالَى من قبل أَن يَأْتِي قوم يقيمونه إِقَامَة الْقدح) أَي يسرعون فِي تِلَاوَته كإسراع السهْم إِذا خرج من الْقوس والقدح بِكَسْر فَسُكُون السهْم (يتعجلونه) يطْلبُونَ بقرَاءَته العاجلة عرض الدُّنْيَا والرفعة (وَلَا يتأجلونه) لَا يُرِيدُونَ بِهِ الآجلة أَي جَزَاء الْآخِرَة (حم د عَن جَابر) ابْن عبد الله وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالح
(اقرؤا سُورَة الْبَقَرَة فِي بُيُوتكُمْ) أَي فِي مَسَاكِنكُمْ (وَلَا تجعلوها قبورا) كالقبور خَالِيَة عَن الذّكر وَالْقِرَاءَة بل اجعلوا لَهَا نَصِيبا من الطَّاعَة (وَمن قَرَأَ سُورَة الْبَقَرَة) كلهَا أَي بِأَيّ مَحل كَانَ أَو فِي بَيته وَهُوَ ظَاهر السِّيَاق (توّج بتاج) حَقِيقَة فِي الْقِيَامَة أَو (فِي الْجنَّة) أَو مجَازًا بِأَن يوضع عَلَيْهِ عَلامَة الرِّضَا يَوْم فصل الْقَضَاء أَو بعد دُخُولهَا (هَب عَن الصلصال) بمهملتين مفتوحتين بَينهمَا لَام سَاكِنة أَبى الغضنفر (بن الدلهمس) بدال مُهْملَة ثمَّ لَام مفتوحتين قَالَ الذَّهَبِيّ صَحَابِيّ لَهُ حَدِيث عَجِيب الْمَتْن والإسناد يُشِير بِهِ إِلَى هَذَا الحَدِيث
(اقرؤا سُورَة هود يَوْم الْجُمُعَة) فَإِنَّهَا من أفضل سور الْقُرْآن فيليق قرَاءَتهَا فِي أفضل أَيَّام الْأُسْبُوع (هَب عَن كَعْب) الْأَحْبَار (مُرْسلا) قَالَ الْحَافِظ بن حجر مُرْسل صَحِيح الْإِسْنَاد
(اقرؤا على) وَفِي رِوَايَة ذكرهَا ابْن الْقيم عِنْد (مَوْتَاكُم) أَي من حَضَره الْمَوْت من الْمُسلمين لأنّ الْمَيِّت لَا يقْرَأ عَلَيْهِ (يس) أَي سورتها لاشتمالها على أَحْوَال الْبَعْث وَالْقِيَامَة فيتذكر ذَلِك بهَا أَو المُرَاد اقرؤها عَلَيْهِ بعد مَوته وَالْأولَى الْجمع قَالَ ابْن الْقيم وَخص يس لما فِيهَا من التَّوْحِيد والمعاد والبشرى بِالْجنَّةِ لأهل التَّوْحِيد وغبطة من مَاتَ عَلَيْهِ لقَوْله يَا لَيْت قومِي يعلمُونَ الْآيَة (حم د هـ هَب حب ك عَن معقل بن يسَار) قَالَ فِي الْأَذْكَار إِسْنَاد ضَعِيف
(اقرؤا على من لَقِيتُم من أمتِي) أمة الْإِجَابَة (السَّلَام) أَي أبلغوه السَّلَام مني يُقَال قَرَأَ واقرأه أبلغه (الأوّل) أَي من يَأْتِي فِي الزَّمن الأوّل (فالأوّل) أَي من يَأْتِي فِي الزَّمن الثَّانِي سَمَّاهُ أَولا لِأَنَّهُ سَابق على من يَجِيء فِي الزَّمن الثَّالِث (إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) فَينْدب فعل ذَلِك وَيُقَال فِي الردّ وَعَلِيهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام أَو عَلَيْهِ السَّلَام لِأَنَّهُ ردّ سَلام(1/194)
التَّحِيَّة لَا إنْشَاء السَّلَام الْمَقُول فِيهِ بِكَرَاهَة إِفْرَاده (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) والكنى (عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَقْرَأَنِي جِبْرِيل الْقُرْآن على حرف) أَي لُغَة أَو وَجه من الْإِعْرَاب أَو الْمَعْنى (فراجعته) أَي فَقلت لَهُ أنّ ذَلِك تضييق فأقرأني إِيَّاه على حرفين (فَلم أزل أستزيده) أطلب مِنْهُ أَن يطْلب لي من الله الزِّيَادَة على الْحَرْف توسعة وتخفيفا وَيسْأل جِبْرِيل ربه فيزيده (فيزيدني) حرفا حرفا (حَتَّى انْتهى إِلَى سَبْعَة أحرف) سَبْعَة أوجه أَو لُغَات تجوز الْقِرَاءَة بِكُل مِنْهَا وَفِي ذَلِك نَحْو أَرْبَعِينَ قولا (حم ق عَن ابْن عَبَّاس
أقرب الْعَمَل) من الْقرب وَهُوَ مطالعة الشَّيْء حسا أَو معنى (إِلَى الله عز وَجل) أَي إِلَى رَحمته (الْجِهَاد فِي سَبِيل الله) أَي قتال الْكفَّار لإعلاء كلمة القهار وَقد يُرَاد الْأَصْغَر أَيْضا (وَلَا يُقَارِبه) فِي الْأَفْضَلِيَّة (شَيْء) لما فِيهِ من الصَّبْر على بذل الرّوح فِي رضَا الرب (تخ عَن فضَالة) بِفَتْح الْفَاء (ابْن عبيد) الْأنْصَارِيّ
(أقرب مَا) مُبْتَدأ حذف خَبره لسدّ الْحَال مسدّه (يكون العَبْد) أَي الْإِنْسَان (من ربه وَهُوَ ساجد) أَي أقرب مَا يكون من رَحْمَة ربه حَاصِل فِي حَال كَونه سَاجِدا (فَأَكْثرُوا الدُّعَاء) فِي السُّجُود لِأَنَّهَا حَالَة غَايَة التذلل وَكَمَال الْقرب فَهِيَ مَظَنَّة الْإِجَابَة (م د ن عَن أبي هُرَيْرَة
(أقرب مَا يكون الرب من العَبْد فِي جَوف اللَّيْل الآخر) قَالَ هُنَا أقرب مَا يكون الرب وَفِيمَا قبله أقرب مَا يكون العَبْد لأنّ قرب رَحْمَة الله من الْمُحْسِنِينَ سَابق على إحسانهم فَإِذا سجدوا قربوا من رَبهم بإحسانهم (فَإِن اسْتَطَعْت) خطاب عَام (أَن تكون مِمَّن يذكر الله) أَي ينخرط فِي زمرة الذَّاكِرِينَ الله وَيكون لَك مساهمة مَعَهم (فِي تِلْكَ السَّاعَة فَكُن) هَذَا أبلغ مِمَّا لَو قيل إِن اسْتَطَعْت أَن تكون ذَاكِرًا فَكُن لأنّ الأولى فِيهَا صفة عُمُوم شَامِل للأنبياء والأولياء فَيكون دَاخِلا فيهم (ت ن ك عَن عَمْرو بن عبسة) بموحدة تحتية وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم
(أقرّوا الطير على) وَفِي رِوَايَة فِي (مكناتها) بِكَسْر الْكَاف وَضمّهَا أَي بيضها كَذَا فِي الْقَامُوس كأصلية وَقَالَ غَيره جمع مكنة بِفَتْح فَكسر أَي أقرّوها فِي أوكارها وَلَا تنفروها أَو جمع مكنة بِالضَّمِّ بِمَعْنى التَّمَكُّن أَي أقرّوها على كل مكنة ترونها عَلَيْهَا ودعوا التطير بهَا كَأَن أحدهم إِذا سَافر ينفر طيرا فَإِن طَار يمنة مضى وَإِلَّا رَجَعَ (د ك عَن أم كرز) بِضَم فَسُكُون كعبية خزاعية صحابية صَححهُ الْحَاكِم وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد
(أقسم الْخَوْف والرجاء) أَي حلفا بِلِسَان الْحَال إِذْ هما من الْمعَانِي لَا الْأَجْسَام فَفِيهِ تَشْبِيه بليغ (أَن لَا يجتمعا فِي أحد فِي الدُّنْيَا) بتساو أَو تفاضل (فيريح ريح النَّار) أَي يشم ريح لَهب نَار جَهَنَّم لِأَنَّهُ على سنَن الاسْتقَامَة وَمن كَانَ كَذَلِك من الْأَبْرَار فَلَا تقرب مِنْهُ النَّار (وَلَا يفترقا فِي أحد فِي الدُّنْيَا فيريح ريح الْجنَّة) لأنّ انْفِرَاد الْخَوْف يُفْضِي للقنوط والرجاء لأمن الْمَكْر فَلَا بدّ للسعادة من اجْتِمَاعهمَا لَكِن يَنْبَغِي غَلَبَة الْخَوْف فِي الصِّحَّة والرجاء فِي الْمَرَض (تَنْبِيه) قَالَ الْعَارِف السهروردي الْخَوْف والرجاء زمامان يمنعان العَبْد عَن سوء الْأَدَب وكل قلب خلا مِنْهُمَا فَهُوَ خراب والرجاء هُنَا الطمع فِي الْعَفو وَالْخَوْف مطالعة الْقلب بسطوات الله ونقماته (تَنْبِيه ثَان) قَالَ الْغَزالِيّ لَا يُنَافِي مدح الرَّجَاء فِي هَذَا الحَدِيث مَا يَأْتِي فِي حَدِيث الْكيس من دَان نَفسه من ذمّ التَّمَنِّي على الله إِذْ الرَّجَاء وَالتَّمَنِّي مُخْتَلِفَانِ فَإِن من لم يتعهد الأَرْض وَلم يبث الْبذر ثمَّ ينْتَظر الزَّرْع فَهُوَ متمن مغرور وَلَيْسَ براج إِنَّمَا الراجي من تعهد الأَرْض وَبث الْبذر وسقاه وَحصل كل سَبَب مُتَعَلق(1/195)
بِاخْتِيَار ثمَّ بَقِي مرجوّا أَن يدْفع الله الْآفَات عَنهُ وَأَن يُمكنهُ من الْحَصاد (هَب عَن وَاثِلَة) بِكَسْر الْمُثَلَّثَة (ابْن الْأَسْقَع) بِفَتْح الْهمزَة وَالْقَاف
(اقضوا الله) وفوه حَقه اللَّازِم لكم من فرض وَدين وَغَيرهمَا (فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ) لَهُ بِالْإِيمَان والطاعات وَأَدَاء الْوَاجِبَات (خَ عَن ابْن عَبَّاس
اقطف الْقَوْم دَابَّة أَمِيرهمْ) أَي هُوَ يَسِيرُونَ بسير دَابَّته فيتبعونه كَمَا يتبع الْأَمِير يُقَال قطفت الدَّابَّة إِذْ ضَاقَ مشيها وأقطف الرجل دَابَّته أعجل مسيره عَلَيْهَا مَعَ تقَارب الخطو (خطّ عَن مُعَاوِيَة بن قرّة) بِضَم الْقَاف وشدّة الرَّاء الْمُزنِيّ الْبَصْرِيّ (مُرْسلا
أقل مَا يُوجد فِي أمتِي فِي آخر الزَّمَان دِرْهَم حَلَال) أَي مَقْطُوع بحله لغَلَبَة الْحَرَام فِيمَا فِي أَيدي النَّاس وَلِهَذَا قَالَ الْحسن لَو وجدت رغيفا من حَلَال لأحرقته ودققته ثمَّ داويت بِهِ المرضى فَإِذا كَانَ هَذَا زمَان الْحسن فَمَا بالك بِهِ الْآن (أَو أَخ) أَي صديق (يوثق بِهِ) وَلذَلِك قيل لحكيم مَا الصّديق قَالَ اسْم على غير مُسَمّى حَيَوَان غير مَوْجُود قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ الصّديق هُوَ الصَّادِق فِي ودادك الَّذِي يهمه مَا أهمك وَهُوَ أعز من بيض لَا نُوق وَسُئِلَ بعض الْحُكَمَاء عَنهُ فَقَالَ اسْم لَا معنى لَهُ وَإِذا كَانَ هَذَا فِي زمَان الزَّمَخْشَرِيّ فَمَا بالك الْآن وَقيل لحكيم مَا الصداقة قَالَ افْتِرَاق نفس وَاحِدَة فِي أجسام متفرّقة وَمن نظم الْأُسْتَاذ أبي إِسْحَق الشِّيرَازِيّ
(سَأَلت النَّاس عَن خل وفيّ ... فَقَالُوا مَا إِلَى هَذَا سَبِيل)
(تمسك إِن ظَفرت بودّ حرّ ... فإنّ الحرّ فِي الدُّنْيَا قَلِيل)
(عد وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أقل أمتِي) أَي أقصرها أعمارا (أَبنَاء السّبْعين) فَإِن معترك المنايا مَا بَين السِّتين إِلَى السّبْعين فَمن جَاوز سبعين كَانَ من الأقلين (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أقل أمتِي الَّذِي يبلغون) من الْعُمر (السّبْعين) عَاما كَذَا هُوَ فِي نسخ الْكتاب كَغَيْرِهَا بِتَقْدِيم السِّين قَالَ الْحَافِظ الهيتمي وَلَعَلَّه بِتَقْدِيم التَّاء (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف سعيد السماك
(أقل الْحيض ثَلَاث وَأَكْثَره عشرَة) الَّذِي فِي مُعْجم الطَّبَرَانِيّ ثَلَاثَة أَيَّام وَأَكْثَره عشرَة أَيَّام وَبِهَذَا أَخذ بعض الْمُجْتَهدين وَذهب الشَّافِعِي إِلَى أَن أَقَله يَوْم وَلَيْلَة لأدلة أُخْرَى (طب عَن أبي أُمَامَة) ضَعِيف لضعف أَحْمد بن بشير الطَّيَالِسِيّ وَغَيره
(أقلّ) وَفِي رِوَايَة أقلل (من الذُّنُوب) أَي من فعلهَا (يهن عَلَيْك الْمَوْت) فَإِن كرب الْمَوْت قد يكون من كَثْرَة الذُّنُوب (وَأَقل من الدّين) بِفَتْح الدَّال أَي الِاسْتِدَانَة (تعش حرّا) أَي تنجو من رق رب الدّين والتذلل لَهُ فَإِن لَهُ تحكما وتأمرا وتحجرا فبالاقلال من ذَلِك تصير لَا وَلَاء عَلَيْك لأحد وَعبر بالإقلال دون التّرْك لِأَنَّهُ لَا يُمكن التَّحَرُّز عَن ذَلِك بِالْكُلِّيَّةِ غَالِبا (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أقل الْخُرُوج) أَي من الْخُرُوج من محلك (بعد هدأة الرجل) أَي سُكُون النَّاس عَن الْمَشْي فِي الطّرق لَيْلًا (فإنّ لله تَعَالَى دَوَاب يبثهنّ) يفرقهن وينشرهنّ (فِي الأَرْض فِي تِلْكَ السَّاعَة) أَي فِي أَوَائِل اللَّيْل فَمَا بعدهنّ فَإِن خَرجْتُمْ حِينَئِذٍ فَأَما أَن تؤذوهم أَو يؤذوكم وَعبر بأقلّ دون لَا تخرج إِيمَاء إِلَى أنّ الْخُرُوج لما لَا بدّ مِنْهُ لَا حرج فِيهِ (حم د ن عَن جَابر) وَقَالَ على شَرط مُسلم وأقروه
(أقلوا الدُّخُول على الْأَغْنِيَاء) بِالْمَالِ (فَإِنَّهُ) أَي إقلال الدُّخُول عَلَيْهِم (أَحْرَى) أَجْدَر (أَن لَا تَزْدَرُوا) تحتقروا وتنقصوا (نعم الله(1/196)
عز وَجل) الَّتِي أنعم الله بهَا عَلَيْكُم لأنّ الْإِنْسَان حسود غيور بالطبع فَإِذا تَأمل مَا أنعم بِهِ على غَيره حمله ذَلِك على الكفران والسخط وَعبر بأقلوا دون لَا تدْخلُوا لنَحْو مَا مر (حم د ن عَن عبد الله بن الشخير) بِكَسْر الشين وشدّة الْخَاء المعجمتين العامري صَححهُ الْحَاكِم وأقروه
(أقلى) يَا عَائِشَة وَالْحكم عَام (من المعاذير) أَي لَا تكثري من الِاعْتِذَار لمن تعتذري إِلَيْهِ لِأَنَّهُ قد يُورث رِيبَة كَمَا أَنه يَنْبَغِي للمعتذر إِلَيْهِ أَن لَا يكثر من العتاب والاعتذار طلب رفع اللوم (فر عَن عَائِشَة) ضَعِيف لضعف حَارِثَة بن مُحَمَّد وَغَيره
(أقِم الصَّلَاة) عدّ أَرْكَانهَا واحفظها عَن وُقُوع خلل فِي أفعالها وأقوالها (وأدّ الزَّكَاة) إِلَى مستحقيها أَو الإِمَام (وصم رَمَضَان) أَي شهره حَيْثُ لَا عذر من نَحْو مرض أَو سفر (وَحج الْبَيْت وَاعْتمر) إِن اسْتَطَعْت إِلَى ذَلِك سَبِيلا (وبر والديك) أَي أصليك الْمُسلمين بِأَن تحسن إِلَيْهِمَا (وصل رَحِمك) قرابتك وَإِن بَعدت (واقري الضَّيْف) النَّازِل بك (وَأمر بِالْمَعْرُوفِ) بِمَا عرف من الطَّاعَة (وَأَنه عَن الْمُنكر) مَا أنكرهُ الشَّرْع حَيْثُ قدرت وَأمنت الْعَاقِبَة (وَزَل مَعَ الْحق حَيْثُمَا زَالَ) بِزِيَادَة مَا أَي در مَعَه كَيفَ دَار (تخ ك عَن ابْن عَبَّاس) صَححهُ الْحَاكِم فردّ عَلَيْهِ
(أقيلوا ذَوي الهيآت) أَي أهل المروأة والخلال الحميدة الَّتِي تأبى عَلَيْهِم الطباع وتجمح بهم الإنسانية والأنفة أَن يرْضوا لأَنْفُسِهِمْ بِنِسْبَة الشرّ إِلَيْهَا (عثراتهم) أَي ارْفَعُوا عَنْهُم الْعقُوبَة على زلاتهم فَلَا تؤاخذوهم بهَا (إِلَّا الْحُدُود) إِذا بلغت الإِمَام وَإِلَّا حُقُوق الْآدَمِيّ فإنّ كلا مِنْهُمَا يُقَام فالمأمور بِالْعَفو عَنهُ هفوة أَو زلَّة لَا حدّ فِيهَا وَهِي من حُقُوق الْحق وَالْخطاب للأئمة وَمن فِي معناهم (حم خد د عَن عَائِشَة) الصديقة ضَعِيف لضعف عبد الْملك بن زيد الْعَدوي
(أقيلوا السخيّ) أَي الْمُؤمن الْكَرِيم الَّذِي لَا يعرف بِالشَّرِّ (زلته) هفوته الْوَاقِعَة مِنْهُ على سَبِيل الندور (فإنّ الله آخذ بِيَدِهِ) منجيه ومسامحه (كلما عثر) بِعَين مُهْملَة ومثلثة زل أَي سقط فِي أَثم نَادرا (الخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه لَيْث بن أبي سليم مُخْتَلف فِيهِ
(أقِيمُوا حُدُود الله فِي الْبعيد والقريب) أَي الْقوي والضعيف وَقيل المُرَاد الْبعد والقرب فِي النّسَب وَيُؤَيِّدهُ خبر لَو سرقت فَاطِمَة لقطعتها (وَلَا تأخذكم فِي الله) خبر بِمَعْنى النَّهْي (لومة لائم) أَي عذل عاذل سَوَاء كَانَ فِي الْغَزْو أَو غَيره وَمن خصّه بالغزو فَعَلَيهِ الْبَيَان وَالْقَصْد الصلابة فِي دين الله وَاسْتِعْمَال الْجد والاهتمام فِيهِ (هـ عَن عبَادَة) بن الصَّامِت قَالَ الذَّهَبِيّ واه
(أقِيمُوا الصُّفُوف) سووها فِي الصَّلَاة (وحاذوا بالمناكب) اجعلوا بَعْضهَا فِي محاذاة بعض أَي مُقَابلَته بِحَيْثُ يصير منْكب كل من الْمُصَلِّين مسامتا لمنكب الآخر (وأنصتوا) عَن الْقِرَاءَة خلف الإِمَام حَال قِرَاءَته الْفَاتِحَة ندبا (فإنّ أجر المنصت الَّذِي لَا يسمع) قِرَاءَة الإِمَام (كَأَجر المنصت الَّذِي يسمع) قِرَاءَته (عب عَن زيد بن أسلم) مُرْسلا وَهُوَ الْفَقِيه الْعمريّ (وَعَن عُثْمَان بن عَفَّان) مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع
(أقِيمُوا الصُّفُوف فَإِنَّمَا تصفون بصفوف الْمَلَائِكَة) قَالُوا كَيفَ تصف الْمَلَائِكَة قَالَ يتمون الصُّفُوف المقدّمة ويتراصون هَكَذَا جَاءَ مُبينًا فِي الْخَبَر (وحاذوا) قابلوا (بَين المناكب) اجعلوا منْكب كل مسامتا لمنكب الآخر (وسدّوا الْخلَل) بِفتْحَتَيْنِ الْفرج الَّتِي فِي الصُّفُوف (ولينوا) بِكَسْر فَسُكُون (بأيدي إخْوَانكُمْ) فَإِذا جَاءَ من يُرِيد الدُّخُول فِي الصَّفّ فَوضع يَده على مَنْكِبه لَان وأوسع لَهُ(1/197)
ليدْخل (وَلَا تذروا) لَا تتركوا (فرجات) بِالتَّنْوِينِ جمع فُرْجَة (للشَّيْطَان) إِبْلِيس أَو أَعم (وَمن وصل صفا) بوقوفه فِيهِ (وَصله الله) برحمته وَرفع دَرَجَته (وَمن قطع صفا) بِأَن كَانَ فِيهِ فَخرج مِنْهُ لغير حَاجَة (قطعه الله) أبعده من ثَوَابه ومزيد رَحمته وَالْجَزَاء من جنس الْعَمَل وَهَذَا يحْتَمل الْخَبَر وَالدُّعَاء (حم طب عَن وَابْن عمر) بن الْخطاب وَصَححهُ الْحَاكِم وَابْن خُزَيْمَة
(أقِيمُوا الصُّفُوف فِي الصَّلَاة) عدّلوها وسوّوها باعتدال القائمين بهَا ندبا بِدَلِيل قَوْله (فإنّ إِقَامَة الصَّفّ من حسن تَمام) إِقَامَة (الصَّلَاة) لَا من واجباتها إِذْ لَو كَانَ فرضا لم يَجْعَل من حسنها إِذْ حسن الشَّيْء وَتَمَامه زَائِد على حَقِيقَته وَالْمرَاد بالصف الْجِنْس (م عَن أبي هُرَيْرَة) وَغَيره
(أقِيمُوا صفوفكم) سوّوها (فوَاللَّه لتقيمن) بِضَم الْمِيم أَصله لتقيمون (صفوفكم أَو ليخالفن الله بَين قُلُوبكُمْ) أَو للْعَطْف ردّد بَين تَسْوِيَة صفوفهم وَمَا هُوَ كاللازم وَهُوَ اخْتِلَاف فِي الْقُلُوب لنقيضها فَإِن تقدّم الْخَارِج عَن الصَّفّ تفوّق على الدَّاخِل جارّ إِلَى الضغائن فتختلف الْقُلُوب واختلافها يُفْضِي إِلَى اخْتِلَاف الْوُجُوه الْمعبر بِهِ فِي خبر (د عَن النُّعْمَان ابْن بشير) بشين مُعْجمَة وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالح
(أقِيمُوا) سووا (صفوفكم) فِي الصَّلَاة (وتراصوا) تضاموا وتلاصقوا فِيهَا حَتَّى يتَّصل مَا بَيْنكُم (فَإِنِّي أَرَاكُم) رُؤْيَة حَقِيقَة (من وَرَاء ظَهْري) من خَلْفي بِأَن خلق الله لَهُ إدراكا من خَلفه كَمَا يشْعر بِهِ التَّعْبِير بِمن الابتدائية (خَ ن عَن أنس) بن مَالك
(أقِيمُوا صفوفكم وتراصوا) تلاصقوا بِغَيْر خلل (فوالذي) أَي فوَاللَّه الَّذِي (نَفسِي) روحي (بِيَدِهِ) بقدرته وَفِي قَبضته (إِنِّي لأرى) بلام الِابْتِدَاء لتأكيد مَضْمُون الْجُمْلَة (الشَّيَاطِين) جنسهم (بَين صفوفكم) يتخللونها (كَأَنَّهَا غنم عفر) بيض غير ناصعة الْبيَاض وَفِيه جَوَاز الْقسم على الْأُمُور المهمة وَقَوله كَأَنَّهَا غنم عفر أَي تشبهها فِي الصُّورَة بِأَن تشكلت كَذَلِك وَالشَّيَاطِين لَهَا قوّة التشكل وَيحْتَمل فِي الْكَثْرَة والعفرة غالبة فِي أَنْوَاع غنم الْحجاز (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (عَن أنس) بن مَالك
(أقِيمُوا الرُّكُوع وَالسُّجُود) أكملوهما وَفِي رِوَايَة أَتموا (فوَاللَّه أَنِّي لأَرَاكُمْ) بقوّة إبصار أدْرك بهَا وَلَا يلْزم رؤيتنا ذَلِك (من بعدِي) من ورائي كَمَا يفسره مَا قبله يَعْنِي بِخلق حاسة باصرة فِيهِ وَحمله على بعد موتِي خلاف الظَّاهِر (إِذا رَكَعْتُمْ وَإِذا سجدتم) حث على الْإِقَامَة وَمنع عَن التَّقْصِير فإنّ تقصيرهم إِذا لم يخف على الرَّسُول فَكيف يخفى على مرسله وَفِيه وجوب الطُّمَأْنِينَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود ورد على من لم يُوجِبهَا (ق عَن أنس) بن مَالك
(أقِيمُوا الصلات وَآتوا الزَّكَاة وحجوا واعتمروا) إِن اسْتَطَعْتُم (واستقيموا) دوموا على الطَّاعَة واثبتوا على الْإِيمَان (يستقم بكم) أَي فَإِنَّكُم إِن اسْتَقَمْتُمْ مَعَ الْحق استقامت أُمُوركُم مَعَ الْخلق فَهُوَ رمز إِلَى قطع كل مَا سوى الله عَن مجْرى النّظر وَفِيه ردّ على من ذهب إِلَى عدم وجوب الْعمرَة (طب عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب بِإِسْنَاد حسن
(أكبر الْكَبَائِر الْإِشْرَاك بِاللَّه) يَعْنِي الْكفْر وآثر الْإِشْرَاك لغلبته فِي الْعَرَب وَلَيْسَ المُرَاد خصوصه لِأَن نفي الصَّانِع أكبر مِنْهُ وأفحش (وَقتل النَّفس) المحترمة بِغَيْر حق (وعقوق الْوَالِدين) الأصليين أَو أَحدهمَا بِقطع صلَة أَو مُخَالفَة فِي غير محرّم (وَشَهَادَة الزُّور) أَي الْكَذِب ليتوصل بِهِ إِلَى بَاطِل وَإِن قل وَذكر الْأَرْبَعَة لَيْسَ للحصر بل ذكر الْبَعْض الَّذِي هُوَ أكبر (خَ عَن أنس) بن مَالك
(أكبر الْكَبَائِر) أَي من أكبرها وَكَذَا يُقَال فِيمَا بعده (حب الدُّنْيَا) لأنّ حبها(1/198)
رَأس كل خَطِيئَة كَمَا فِي حَدِيث وَلِأَنَّهَا أبْغض الْخلق إِلَى الله وَلِأَنَّهُ لم ينظر إِلَيْهَا مُنْذُ خلقهَا وَلِأَنَّهَا ضرَّة الآخر وَلِأَنَّهُ قد يجرّ إِلَى الْكفْر (فر عَن ابْن مَسْعُود) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(أكبر الْكَبَائِر سوء الظنّ بِاللَّه) بِأَن يظنّ أَنه لَيْسَ حَسبه فِي كل أُمُوره وَأَنه لَا يعْطف عَلَيْهِ وَلَا يرحمه وَلَا يعافيه لأنّ ذَلِك يؤدّي إِلَى الْقنُوط ذَلِكُم ظنكم الَّذِي ظننتم بربكم أرداكم وَلَا ييأس من روح الله إِلَّا الْقَوْم الْكَافِرُونَ وَقَالَ تَعَالَى أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي (فر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ ابْن حجر وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أكبر أمتِي) أَي أعظمهم قدرا (الَّذين لم يُعْطوا فيبطروا) أَي يطغوا عِنْد النِّعْمَة (وَلم يقتر) أَي يضيق (عَلَيْهِم) فِي الرزق (فيسألوا) النَّاس يَعْنِي الَّذين لَيْسُوا بأغنياء وَلَا فُقَرَاء إِلَى الْغَايَة وهم أهل الكفاف الراضين بِهِ وَالْمرَاد من أكبرهم (تخ وَالْبَغوِيّ) أَبُو الْقَاسِم (وَابْن شاهين عَن الجدع) وَيُقَال ابْن أبي الجدع (الْأنْصَارِيّ) وَإِسْنَاده حسن
(اكتحلوا بالإثمد) بِكَسْر الْهمزَة وَالْمِيم وَوهم من أجَاز ضمهَا الْحجر المعدني الْمَعْرُوف قَالَ فِي الْمِصْبَاح كالتهذيب وَيُقَال أَنه معرّب ومعدنه بالمشرق وَهُوَ أسود يضْرب إِلَى حمرَة وَقيل كحل أصبهاني أسود أَي دوموا على اسْتِعْمَاله (المروّح) أَي الْمطلب بِنَحْوِ مسك (فَإِنَّهُ يجلوا الْبَصَر) أَي يزِيد نور الْعين بِدَفْعِهِ الموادّ الرَّديئَة المنحدرة إِلَيْهِ من الرَّأْس (وينبت الشّعْر) بتحريك الْعين هُنَا أفْصح للازدواج وَأَرَادَ بالشعر هدب الْعين لِأَنَّهُ يُقَوي طبقاتها وَهَذَا من أَدِلَّة الشَّافِعِيَّة على سنّ الاكتحال وَاعْتِرَاض العصام عَلَيْهِم بِأَنَّهُ إِنَّمَا أَمر بِهِ لمصْلحَة الْبدن بِدَلِيل تعقيب الْأَمر بقوله فَإِنَّهُ إِلَى آخِره وَالْأَمر بِشَيْء ينفع الْبدن لَا يثبت سنيته لَيْسَ فِي مَحَله لِأَنَّهُ ثَبت فِي عدّة أَخْبَار أَنه كَانَ يكتحل بالإثمد وَالْأَصْل فِي أَفعاله أَنَّهَا للقربة مَا لم يدل دَلِيل آخر والمخاطب بذلك ذُو الْعين الصَّحِيحَة أما العليلة فقد يضرّها (حم عَن أبي النُّعْمَان) الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد حسن
(أَكثر أهل الْجنَّة البله) جمع ابله أَي الَّذين خلوا من الدهاء وَالْمَكْر وغلبت عَلَيْهِم سَلامَة الصَّدْر وهم عقلاء أَو البليد فِي أُمُور الدُّنْيَا دون الْآخِرَة وَالْمرَاد بكونهم أَكثر أَهلهَا أنّ عدد من يدخلهَا مِنْهُم أَكثر من نسبته مِمَّن يدخلهَا من غَيرهم لَكِن يظْهر أَن أفعل التَّفْضِيل لَيْسَ على بَابه وَالْمرَاد أَنهم كثير فِي الْجنَّة (الْبَزَّار عَن أنس) وَضَعفه
(أَكثر خرز الْجنَّة) أَي خرز أهل الْجنَّة (العقيق) أَي هُوَ أَكثر حليتهم الَّتِي يتحلون بهَا وَقد لَا يقدر وَيكون المُرَاد أَكثر حصبائها (حل عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف بل طرق العقيق كلهَا واهية
(أَكثر خَطَايَا ابْن آدم من لِسَانه) لِأَنَّهُ أَكثر الْأَعْضَاء عملا وأصغرها جرما وَأَعْظَمهَا ذللا (طب هَب عَن ابْن مَسْعُود) وَإسْنَاد حسن
(أَكثر عَذَاب الْقَبْر من الْبَوْل) أَي من عدم التَّنَزُّه عَنهُ لِأَنَّهُ يفْسد الصَّلَاة وَهِي عماد الدّين وَأول مَا يُحَاسب عَلَيْهِ العَبْد (حم هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح (أَكثر مَا أَتَخَوَّف على أمتِي من بعدِي) أَي بعد وفاتي (رجل أَي الافتتان بِرَجُل زائغ (يتَأَوَّل الْقُرْآن) أَي شَيْئا من أَحْكَامه بِأَن يصرفهَا عَن وَجههَا بِحَيْثُ (يَضَعهُ على غير موَاضعه) كتأويل الرافضة مرج الْبَحْرين يَلْتَقِيَانِ أَنَّهُمَا عليّ وَفَاطِمَة يخرج مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤ والمرجان الْحسن وَالْحُسَيْن وكتأويل بعض المتصوّفة من ذَا الَّذِي يشفع عِنْده أَن المُرَاد من ذل ذِي يَعْنِي النَّفس وَأَن المُرَاد بفرعون فِرْعَوْن النَّفس وبسليمان سُلَيْمَان الرّوح (وَرجل يري) يعْتَقد (أَنه أَحَق بِهَذَا الْأَمر) الْخلَافَة (من غَيره) مِمَّن هُوَ مستجمع لشروطها فَإِن فتنته(1/199)
شَدِيدَة لما يسفك بِسَبَبِهِ من الدِّمَاء وَلِهَذَا قَالَ فِي حَدِيث آخر إِذا بُويِعَ لخليفتين فَاقْتُلُوا الآخر مِنْهُمَا (طس عَن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف اسمعيل بن قيس (أَكثر منافقي أمتِي قراؤها) أَرَادَ نفاق الْعَمَل وَهُوَ الرِّيَاء لَا الِاعْتِقَاد (حم طب هَب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ بِإِسْنَاد صَالح (حم طب عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ (طب عد عَن عصمَة بن مَالك) وَأحد أَسَانِيد أَحْمد رِجَاله ثِقَات
(أَكثر من يَمُوت من أمتِي بعد قَضَاء الله وَقدره بِالْعينِ) لأنّ هَذِه الْأمة فضلت على جَمِيع الْأُمَم بِالْيَقِينِ فحجبوا أنفسهم بالشهوات فعوقبوا بِآفَة الْعين وَذكر الْقَضَاء وَالْقدر مَعَ أنّ كل كَائِن إِنَّمَا هُوَ بهما للردّ على الْعَرَب الزاعمين أَن الْعين تُؤثر بذاتها (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (تخ والحكيم) التِّرْمِذِيّ (وَالْبَزَّار والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن جَابر) بِإِسْنَاد حسن كَمَا فِي الْفَتْح
(أَكثر النَّاس ذنوبا يَوْم الْقِيَامَة) خصّه لِأَنَّهُ يَوْم وُقُوع الْجَزَاء (أَكْثَرهم كلَاما فِيمَا لَا يعنيه) أَي يشْغلهُ بِمَا لَا يعود عَلَيْهِ مِنْهُ نفع لأنّ من كثر كَلَامه كثر سقطه فتكثر ذنُوبه من حَيْثُ لَا يشْعر (ابْن لال وَابْن النجار) الْحَافِظ محب الدّين (عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ (السجْزِي) بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الْجِيم وزاي (فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن) عبد الله (بن أبي أوفى) بِفَتْح الْهمزَة وَالْوَاو (حم فِي) كتاب (الزّهْد) لَهُ (عَن سلمَان) الْفَارِسِي (مَوْقُوفا) رمز الْمُؤلف لضَعْفه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل حسن
(أَكثر من أَكلَة كل يَوْم سرف) وَالله لَا يحب المسرفين لِأَن الْأكلَة فِيهِ كَافِيَة لما دون الشِّبَع وَذَلِكَ أحسن لاعتدال الْبدن وأحفظ للحواس (هَب عَن عَائِشَة) وَفِيه ابْن لَهِيعَة (أكثرت عَلَيْكُم فِي) اسْتِعْمَال (السِّوَاك) أَي بالغت فِي تَكْرِير طلبه مِنْكُم وحقيق أَن أفعل أَو فِي التَّرْغِيب فِيهِ وحقيق أَن تطيعوا وَفِيه ندب تَأْكِيد السِّوَاك وَيزِيد تأكدا فِي مَوَاضِع مَذْكُورَة فِي الفقة (حم خَ ن عَن أنس) بن مَالك
(أَكثر أَن تَقول سُبْحَانَ الْملك) أَي ذِي الْملك (القدّوس) المنزه عَن سمات النَّقْص وصفات الْحُدُوث (رب الْمَلَائِكَة وَالروح) جِبْرِيل أَو ملك أعظم خلقا أَو حَاجِب الله الَّذِي يقوم بَين يَدَيْهِ أَو ملك لَهُ سَبْعُونَ ألف وَجه (جللت) أَي عممت وطبقت (السَّمَوَات وَالْأَرْض بِالْعِزَّةِ) أَي بقدرته تَعَالَى وَغَلَبَة سُلْطَانه (والجبروت) فعلوت من الْجَبْر وَهُوَ الْقَهْر وَهَذَا يَقُوله من بلَى بالوحشة (ابْن السّني) فِي عمل يَوْم وَلَيْلَة (والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن الْبَراء) بن عَازِب
(أَكثر من الدُّعَاء فَإِن الدُّعَاء يردّ الْقَضَاء المبرم) أَي الْمُحكم يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لما فِي لوح المحو وَالْإِثْبَات أَو لما فِي صحف الْمَلَائِكَة لَا للْعلم الأزلي (أَبُو الشَّيْخ) فِي الثَّوَاب (عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَكثر من السُّجُود) أَي من تعدّده بإكثار الرَّكْعَات أَو من إطالته (فَإِنَّهُ) أَي الشَّأْن (لَيْسَ من مُسلم يسْجد لله سَجْدَة) صَحِيحَة (إِلَّا رَفعه الله بهَا دَرَجَة فِي الْجنَّة وَحط عَنهُ بهَا خَطِيئَة) أَي محا عَنهُ بهَا ذَنبا من ذنُوبه ولأبدع فِي كَون الشَّيْء الْوَاحِد يكون رَافعا ومكفرا (ابْن سعد) فِي طبقاته (حم عَن فَاطِمَة) الزهراء وَهُوَ حسن
(أَكثر الدُّعَاء بالعافية) أَي بدوام السَّلامَة من الْأَمْرَاض الحسية والمعنوية سِيمَا الْأَمْرَاض القلبية كالكبر والحسد وَالْعجب وَهَذَا قَالَه لِعَمِّهِ الْعَبَّاس حِين قَالَ لَهُ عَلمنِي شَيْئا أسأله الله (ك عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد حسن
(أَكثر الصَّلَاة) النَّافِلَة الَّتِي لَا تشرع لَهَا جمَاعَة (فِي بَيْتك) أَي مَحل سكنك فَإنَّك إِن فعلت ذَلِك (يكثر خير بَيْتك) لعود بركتها عَلَيْهِ (وَسلم على(1/200)
من لقِيت من أمّتي) أمّة الْإِجَابَة سَوَاء عَرفته أم لم تعرفه (تكْثر حَسَنَاتك) بِقدر إكثارك السَّلَام على من لَقيته مِنْهُم فَمن كثر كثر لَهُ وَمن قلل قلل لَهُ (هَب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف وَالَّذِي وقفت عَلَيْهِ فِي الشّعب عَن أنس
(أَكثر من) قَول (لَا حول) أَي تَحْويل للْعَبد عَن الْمعْصِيَة (وَلَا قوّة) لَهُ على الطَّاعَة (إِلَّا بِاللَّه) أَي باقداره وتوفيقه (فَإِنَّهَا) أَي الحوقلة (من كنز الْجنَّة) أَي لقائلها ثَوَاب نَفِيس مدخر فِي الْجنَّة فَهُوَ كالكنز فِي كَونه نفيسا مدخرا لاحتوائها على التَّوْحِيد الْخَفي (ع طب حب عَن أبي أَيُّوب) الْأنْصَارِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(أَكثر ذكر الْمَوْت) فِي كل حَال وَعند نَحْو الضحك وَالْعجب آكِد (فَإِن ذكره يسليك عَمَّا سواهُ) لِأَن من تَأمل أنّ عِظَامه تصير بالية وأعضاءه متمزقة هان عَلَيْهِ مَا فَاتَهُ من اللَّذَّات العاجلة وأهمه مَا عَلَيْهِ من طلب الآجلة (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر الْقرشِي (فِي ذكر الْمَوْت عَن سُفْيَان) الثَّوْريّ (عَن شُرَيْح) بِضَم الْمُعْجَمَة القَاضِي (مُرْسلا) تابعيّ كَبِير ولاه عمر قَضَاء الْكُوفَة
(أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات) بِالْمُعْجَمَةِ قَاطع أما بِمُهْملَة فَمَعْنَاه مزيل الشَّيْء من أَصله قَالَ السُّهيْلي وَالرِّوَايَة بِالْمُعْجَمَةِ (الْمَوْت) بجرّه عطف بَيَان وبرفعه خبر مُبْتَدأ وبنصبه بِتَقْدِير أَعنِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أزْجر عَن الْمعْصِيَة وأدعى إِلَى الطَّاعَة فإكثار ذكره سنة مُؤَكدَة ولمريض أكد (ت ن 5 حل عَن ابْن عمر) أَمِير الْمُؤمنِينَ (ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (طس حل هَب عَن أنس) بن مَالك بأسانيد بَعْضهَا حسن وَبَعضهَا صَحِيح
(أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُولُوا) يَعْنِي الْمُنَافِقين إِن مكثر الذّكر (مَجْنُون) فَلَا تلتفتوا لقَولهم النَّاشِئ عَن مرض قُلُوبهم لعظم فَائِدَة ذكر الله وَرَأس الذّكر لَا إِلَه إِلَّا الله كَمَا فِي الْأَذْكَار وَفِيه ندب إدامة الذّكر فَإِن لِسَانه ذكر بِقَلْبِه وَمَا وَقع لبَعْضهِم من تخبط عقله واضطراب جِسْمه فِي الْخلْوَة فَهُوَ من عدم الْإِخْلَاص أما مَعَ الصدْق وَالْإِخْلَاص فَلَا يكون ذَلِك لِأَنَّهُ فِي حمايتهما (حم ع حب ك هَب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ صَححهُ الْحَاكِم وَاقْتصر ابْن حجر على تحسينه
(أَكْثرُوا ذكر الله حَتَّى يَقُول المُنَافِقُونَ أَنكُمْ مراؤن) وَفِي رِوَايَة تراؤن أَي إِلَى أَن يَقُولُوا أَن إكْثَاركُمْ لذكره إِنَّمَا هُوَ رِيَاء وَسُمْعَة لَا إخلاص يَعْنِي أَكْثرُوا ذكره وَلَا تَدعُوهُ وَإِن رموكم بذلك (ص حم فِي) كتاب (الزّهْد) الْكَبِير (هَب عَن أبي الجوزاء) بِفَتْح الْجِيم (مُرْسلا) واسْمه أَوْس بن عبد الله الربعِي تَابِعِيّ كَبِير
(أَكْثرُوا ذكر هاذم اللَّذَّات) أَي نغصوا بِذكرِهِ لذاتكم حَتَّى يَنْقَطِع ركونكم إِلَيْهَا فتقبلوا على الله (فَإِنَّهُ) أَي الْإِكْثَار مِنْهُ (لَا يكون فِي كثير) من الأمل وَالدُّنْيَا (الأقلله) أَي صيره قَلِيلا (وَلَا فِي قَلِيل) من الْعَمَل (إِلَّا أجز لَهُ) أَي صيره جَلِيلًا عَظِيما فَإِنَّهُ إِذا قرب من نَفسه مَوته وتذكر حَال إخوانه وأقرانه الَّذين درجوا أثمر لَهُ ذَلِك قَالَ الغزاليّ والإكثار من ذكره عَظِيم النَّفْع وَلذَلِك عظم الشَّرْع ثَوَاب ذكره إِذْ بِهِ ينقص حبّ الدُّنْيَا وتنقطع علاقَة الْقلب عَنْهَا وبغض الدُّنْيَا رَأس كل حَسَنَة كَمَا أَن حبها رَأس كل خَطِيئَة (هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب رمز الْمُؤلف لحسنه
(أَكْثرُوا ذكر هاذم) بِمُعْجَمَة قَاطع وبمهملة مزيل قَالَ فِي الرَّوْض وَلَيْسَ بِمُرَاد هُنَا (اللَّذَّات الْمَوْت فَإِنَّهُ لم يذكرهُ أحد فِي ضيق من الْعَيْش إِلَّا وَسعه عَلَيْهِ وَلَا ذكره فِي سَعَة إِلَّا ضيقها عَلَيْهِ) قَالَ العسكري لَو فكر البلغاء فِي هَذَا اللَّفْظ لعملوا أنّ الْمُصْطَفى أوفى بِهَذَا الْقَلِيل على كل مَا قيل فِي الْمَوْت نظما ونثرا قَالَ الْغَزالِيّ وللعارف فِي ذكره فَائِدَتَانِ النفرة عَن الدُّنْيَا وَالثَّانيَِة الشوق إِلَى لِقَاء(1/201)
الله وَلَا يصير إِلَى إقبال الْخلق على الدُّنْيَا إِلَّا قلَّة التفكر فِي الْمَوْت (حب هَب عَن أبي هُرَيْرَة الْبَزَّار عَن أنس) وَهُوَ صَحِيح
(أَكْثرُوا ذكر الْمَوْت فَإِنَّهُ يمحص الذُّنُوب) يزيلها (ويزهد فِي الدُّنْيَا فَإِن ذكرتموه عِنْد الْغنى) بِكَسْر فَفتح (هَدمه وَإِن ذكرتموه عِنْد الْفقر أرضاكم بعيشكم) لِأَن نورّ التَّوْحِيد فِي الْقلب وَفِي الصَّدْر ظلمَة من الشَّهَوَات فَإِذا أَكثر ذكر الْمَوْت انقشعت الظلمَة واستنار الصَّدْر بِنور الْيَقِين فأبصر الْمَوْت فَرَآهُ قَاطعا لكل لَذَّة (ابْن أبي الدُّنْيَا) فِي كتاب الْمَوْت (عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف كَمَا فِي المغنى
(أَكْثرُوا الصَّلَاة عليّ فِي اللَّيْلَة الغراء) النيرة المشرقة (وَالْيَوْم الْأَزْهَر) الصافي المضيء لَيْلَة الْجُمُعَة ويومها وقدّم اللَّيْلَة لسبقها فِي الْوُجُود ووصفها بالغراء لِكَثْرَة الْمَلَائِكَة فِيهَا لأَنهم أنوار وَالْيَوْم بالأزهر لِأَنَّهُ أفضل أَيَّام الْأُسْبُوع (فإنّ صَلَاتكُمْ تعرض عليّ) وَكفى للْعَبد شرفا وفخرا أَن يذكر اسْمه بَين يَدَيْهِ (هَب عَن أبي هُرَيْرَة عد عَن أنس) بن مَالك (ص عَن الْحسن) الْبَصْرِيّ (وخَالِد بن معدان) بِفَتْح الْمِيم وَسُكُون الْعين المهلمة (مُرْسلا) وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ عَن أبي هُرَيْرَة وبتعدد طرقه صَار حسنا
(أَكْثرُوا من الصَّلَاة عليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة فَإِنَّهُ يَوْم مشهود تشهده الْمَلَائِكَة) أَي تحضره فتقف على أَبْوَاب الْمَسَاجِد يَكْتُبُونَ الأوّل فالأوّل ويصافحون الْمُصَلِّين وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُم (وَإِن أحدا لن يُصَلِّي عليّ إِلَّا عرضت عليّ صلَاته حِين يفرغ مِنْهَا) والوارد فِي الصَّلَاة عَلَيْهِ أَلْفَاظ كَثِيرَة أشهرها اللَّهُمَّ صل على مُحَمَّد وعَلى آل مُحَمَّد كَمَا صليت على إِبْرَاهِيم وعَلى آل إِبْرَاهِيم (5 عَن أبي الدَّرْدَاء) وَرِجَاله ثِقَات
(أَكْثرُوا من الصَّلَاة عليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَإِن صَلَاة أمتِي) عليّ وَالْمرَاد أمّة الْإِجَابَة (تعرض عليّ فِي كل يَوْم جُمُعَة فَمن كَانَ أَكْثَرهم عليّ صَلَاة كَانَ أقربهم مني منزلَة) وَمَا تقدم من مُطلق الْعرض مَحْمُول على هَذَا الْمُقَيد أَو أَن هَذَا عرض خَاص (هَب عَن أبي أُمَامَة) وَرِجَاله ثِقَات لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(أَكْثرُوا من الصَّلَاة عليّ فِي يَوْم الْجُمُعَة وَلَيْلَته لأنّ يَوْم الْجُمُعَة سيد الْأَيَّام والمصطفى سيد الْأَنَام فللصلاة عَلَيْهِ فِيهِ مزية لَيست لغيره (هَب عَن أنس) رمز لحسنه وَلَيْسَ كَمَا قَالَ بل ضَعِيف لَكِن شواهده كَثِيرَة وَلَعَلَّ مُرَاده أَنه حسن لغيره
(أَكْثرُوا الصَّلَاة عليّ) فِي كل وَقت لَكِن فِي يَوْم الْجُمُعَة وليلتها آكِد (فإنّ صَلَاتكُمْ عليّ مغْفرَة لذنوبكم) أَي سَبَب لمغفرتها (واطلبوا إِلَى الدرجَة الْوَسِيلَة فإنّ وسيلتي عِنْد رَبِّي شَفَاعَة لكم) أَي لعصاة الْمُؤمنِينَ بِمَنْع الْعَذَاب أَو دَوَامه وَلمن دخل الْجنَّة بِرَفْع الدَّرَجَات فِيهَا (ابْن عَسَاكِر عَن الْحسن بن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(أَكْثرُوا من الصَّلَاة على مُوسَى) كليم الله (فَمَا رَأَيْت) أَي علمت (أحد من الْأَنْبِيَاء أحوط على أمتِي) أَي أَكثر ذبا (مِنْهُ) عَلَيْهِم وأجلب لمصالحهم وأحرص على مَا يَنْفَعهُمْ وَالتَّخْفِيف عَنْهُم (ابْن عَسَاكِر عَن أنس) بن مَالك
(أَكْثرُوا فِي الْجِنَازَة قَول لَا إِلَه إِلَّا الله) أَي أَكْثرُوا حَال تشييعكم للْمَيت من قَوْلهَا سرا فإنّ بركتها تعود عَلَيْهِ وَعَلَيْكُم أما الْجَهْر بهَا حالتئذ فَغير مَطْلُوب (فر عَن أنس) بِسَنَد فِيهِ مقَال
(أَكْثرُوا من قَول القرينتين) وهما (سُبْحَانَ الله وَبِحَمْدِهِ) أَي أسبحه حامدا لَهُ فَإِنَّهُمَا يحطان الْخَطَايَا ويرفعان الدَّرَجَات (ك فِي تَارِيخه) عَن عليّ أَمِير الْمُؤمنِينَ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَكْثرُوا من شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله) أَي أَكْثرُوا النُّطْق بهَا مَعَ استحضارها فِي الْقلب (قبل أَن يُحَال بَيْنكُم وَبَينهَا) بِالْمَوْتِ(1/202)
فَلَا تَسْتَطِيعُونَ الْإِتْيَان بهَا (ولقنوها مَوْتَاكُم) يَعْنِي من حَضَره الْمَوْت فَينْدب تلقينه لَا إِلَه إِلَّا الله مرّة فَقَط بِلَا إلحاح وَلَا يُقَال لَهُ قل بل تذكر عِنْده وَقَول جمع يلقن مُحَمَّد رَسُول الله أَيْضا لِأَن الْقَصْد مَوته على الْإِسْلَام وَلَا يكون مُسلما إِلَّا بهما ردّ بِأَنَّهُ مُسلم وَإِنَّمَا الْقَصْد ختم كَلَامه بِلَا إِلَه إِلَّا الله أما الْكَافِر فيلقنهما قطعا إِذْ لَا يصير مُسلما إِلَّا بهما (ع عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف كَا فِي المغنى
(أَكْثرُوا من لَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بِاللَّه) أَي من قَوْلهَا (فَإِنَّهَا من كنز الْجنَّة) كَمَا مرّ تَوْجِيهه (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَكْثرُوا من تِلَاوَة الْقُرْآن فِي بُيُوتكُمْ) ندبا (فَإِن الْبَيْت الَّذِي لَا يقْرَأ فِيهِ الْقُرْآن يقل خَيره وَيكثر شَره ويضيق على أَهله) أَي يضيق رزقه عَلَيْهِم فإنّ الْبركَة تَابِعَة لكتاب الله حَيْثُمَا كَانَ كَانَت (قطّ فِي الْإِفْرَاد عَن أنس) بن مَالك (وَجَابِر) بن عبد الله وَضَعفه مخرجه أَعنِي الدَّارَقُطْنِيّ
(أَكْثرُوا من غرس الْجنَّة فَإِنَّهُ عذب مَاؤُهَا طيب ترابها) بل هُوَ أطيب الطّيب لِأَنَّهُ الْمسك والزعفران (فَأَكْثرُوا من غراسها) بِالْكَسْرِ فعال بِمَعْنى مفعول وَهَذَا تَأْكِيد لطلب الْإِكْثَار أَي فَحَيْثُ علمْتُم أَنَّهَا عذبة المَاء الخ فَلَا عذر لكم فِي إهمال الْإِكْثَار من غراسها قَالُوا وَمَا غراسها قَالَ (لَا حول وَلَا قُوَّة) لَا حَرَكَة وحيلة (إِلَّا بِاللَّه) أَي بمشيئته وإقداره وتمكينه (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف عقبَة ابْن عَليّ
(أكذب النَّاس الصباغون والصواغون) صباغو نَحْو الثِّيَاب وصاغة الحلى لأَنهم يمطلون أَو الَّذين يصبغون الْكَلَام ويصوغونه أَي يغيرونه ويزينونه (حم 5 عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه اضْطِرَاب
(أكْرم النَّاس اتقاهم) لِأَن أصل الْكَرم كَثْرَة الْخَيْر فَلَمَّا كَانَ المتقي كثير الْخَيْر فِي الدُّنْيَا وَله الدَّرَجَات الْعليا فِي الْآخِرَة كَانَ أَعم النَّاس كرما فَهُوَ أَتْقَاهُم (خَ عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ مُسلم أَيْضا
(أكْرم الْمجَالِس مَا اسْتقْبل بِهِ الْقبْلَة) أَي هُوَ أشرفها فَيَنْبَغِي تحري الْجُلُوس إِلَى جِهَتهَا فِي غير حَالَة قَضَاء الْحَاجة (طس عد عَن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ
(أكْرم النَّاس) أَي أكْرمهم من جِهَة النّسَب (يُوسُف بن يَعْقُوب بن اسحق بن إِبْرَاهِيم) لِأَنَّهُ جمع شرف النُّبُوَّة وَشرف النّسَب وَكَونه ابْن ثَلَاثَة أَنْبيَاء متناسبة فَهُوَ رَابِع نبيّ فِي نسق وَاحِد لَكِن لَا يلْزم من ذَلِك أَن يكون أفضل من غَيره مُطلقًا (ق عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن ابْن مَسْعُود) قَالَ سُئِلَ الْمُصْطَفى من أكْرم النَّاس فَذكره
(أكْرم شعرك) بصونه من نَحْو وسخ وقذر (وَأحسن إِلَيْهِ) بترجيله ودهنه أفعل ذَلِك عِنْد الْحَاجة أَو غبا (ن عَن أبي قَتَادَة) الْأنْصَارِيّ
(أكْرمُوا أَوْلَادكُم وأحسنوا أدبهم) بِأَن تعلموهم رياضة النَّفس ومحاسن الْأَخْلَاق (ق 5 عَن أنس) وَفِيه نَكَارَة وَضعف
أكْرمُوا حَملَة الْقُرْآن) حفظته عَن ظهر قلب مَعَ الْعَمَل بِمَا فِيهِ (فَمن أكْرمهم فقد أكرمني) وَمن أكرمني فقد أكْرم الله أما حافظه مَعَ عدم الْعَمَل بِمَا فِيهِ فَلَا يكرم بل يهان لِأَنَّهُ حجَّة عَلَيْهِ (فر عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَفِيه ضعفاء ومجاهيل
(أكْرمُوا المعزي) اسْم جنس لَا وَاحِد لَهُ من لَفظه وَهِي ذَوَات الشّعْر من الْغنم وألفها للإلحاق لَا للتأنيث وتقصر وتمدّ (وامسحوا برغامها) بِتَثْلِيث الرَّاء وَالْفَتْح أفْصح وغين مُعْجمَة مُخَفّفَة أَي امسحوا التُّرَاب عَنْهَا والرغام التُّرَاب وروى بِعَين مُهْملَة والرغام بِالضَّمِّ المخاط أَي امسحوا مَا يسيل من انفها من نَحْو مخاط وَالْأَمر إرشادي (فَإِنَّهَا من دَوَاب الْجنَّة) أَي نزلت مِنْهَا أَو تدْخلهَا بعد الْحَشْر أَو من نوع مَا فِيهَا (الْبَزَّار)(1/203)
فِي مُسْنده (عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف يزِيد النَّوْفَلِي
(أكْرمُوا المعزى وامسحوا الرغم مِنْهَا) رِعَايَة وإصلاحا لَهَا (وصلوا فِي مراحها) بِضَم الْمِيم مأواها لَيْلًا (فَإِنَّهَا من دَوَاب الْجنَّة (على مَا تقرّر فِيمَا قبله وَالْأَمر للْإِبَاحَة (عبد بن حميد عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده ضَعِيف لَكِن يجْبرهُ مَا قبله فيتعاضدان
(أكْرمُوا الْخبز) بِالضَّمِّ بِالنّظرِ إِلَيْهِ بِعَين الإجلال والتعظيم وَالِاعْتِرَاف بِأَنَّهُ من فيض الْفضل العميم إِذْ بِهِ حَيَاة الأشباح وبعموم وجوده حُصُول الرّوح والارتياح وَزعم أَن المُرَاد بإكرامه التقنع بِهِ وَحده لما فِيهِ من الرِّضَا بالموجود من الزرق وَعدم التعمق فِي التنعم وَطلب الْمَزِيد يردّه الْأَمر بالائتدام وَالنَّهْي عَن أكله غير مأدوم (ك هَب عَن عَائِشَة) وَصَححهُ الْحَاكِم وأقروه
(أكْرمُوا الْخبز فَإِن الله أكْرمه فَمن أكْرم الْخبز أكْرمه الله) وإكرامه بِمَا مرّ وَأَن لَا يُوطأ وَلَا يمتهن بِنَحْوِ إلقائه فِي قاذورة أَو مزبلة أَو ينظر إِلَيْهِ بِعَين الاحتقار (طب عَن أبي سكينَة) نزيل حمص أَو حماة ضَعِيف لضعف خلف بن يحيى قَاضِي الريّ
(أكْرمُوا الْخبز فَإِن الله أنزلهُ من بَرَكَات السَّمَاء) يَعْنِي الْمَطَر (وَأخرجه من بَرَكَات الأَرْض) أَي من نباتها (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن الْحجَّاج بن علاط) بن خَالِد بن نُوَيْرَة (السّلمِيّ) الْبَهْزِي (ابْن مَنْدَه) فِي تَارِيخ الصَّحَابَة (عَن عبد الله بن بريد) تَصْغِير برد (عَن أَبِيه) بطرق كلهَا ضَعِيفَة مضطربة بل قيل بِوَضْعِهِ
(أكْرمُوا الْخبز فَإِنَّهُ من بَرَكَات السَّمَاء) أَي مطرها (وَالْأَرْض) أَي نباتها (من أكل مَا يسْقط من السفرة) من فتات الْخبز (غفر لَهُ) أَي محا الله عَنهُ الصَّغَائِر فَلَا يؤاخذه بهَا (ت عَن عبد الله بن أم حرَام) بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَالرَّاء ضد الْحَلَال الْأنْصَارِيّ ضَعِيف لضعف عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الشَّامي وَغَيره
(أكْرمُوا الْعلمَاء) العاملين بِأَن تعاملوهم بالإجلال والإعظام وتوفوهم حَقهم من التوقير والاحترام (فَإِنَّهُم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء) فَإِنَّهُم لم يورثوا دِينَارا وَلَا درهما إِنَّمَا ورثوا الْعلم لَكِن إِنَّمَا ينَال هَذَا الْوَصْف من عمل بِعِلْمِهِ (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن يقوّيه مَا بعده
(أكْرمُوا الْعلمَاء) العاملين (فَإِنَّهُم وَرَثَة الْأَنْبِيَاء) أَرَادَ بهم مَا يَشْمَل الرُّسُل (فَمن أكْرمهم فقد أكْرم الله وَرَسُوله) وَالْمرَاد هُنَا وَفِيمَا مرّ الْعلمَاء بعلوم الشَّرْع (خطّ عَن جَابر) ضَعِيف لضعف الضَّحَّاك بن حجرَة لَكِن يعضده مَا قبله
(أكْرمُوا بُيُوتكُمْ) أَي مَنَازِلكُمْ الَّتِي تأوون إِلَيْهَا (بِبَعْض صَلَاتكُمْ) أَي بِشَيْء من صَلَاتكُمْ النَّفْل الَّتِي لَا تشرع جمَاعَة فِيهَا (وَلَا تتخذوها قبورا) أَي كالقبور فِي كَونهَا خَالِيَة من الصَّلَاة معطلة عَن الذّكر وَالْعِبَادَة (طب وَابْن خُزَيْمَة) فِي صَحِيحه (ك عَن أنس) بن مَالك رمز الْمُؤلف لصِحَّته اغْتِرَارًا بتصحيح ابْن خُزَيْمَة وَالْحَاكِم وَفِيه مَا فِيهِ
(أكْرمُوا) ندبا (الشّعْر) أَي شعر الرَّأْس واللحية وَنَحْوهمَا بترجيله ودهنه وإزالته من نَحْو إبط وعانة (الْبَزَّار عَن عَائِشَة) ضَعِيف لضعف خَالِد بن إلْيَاس لَكِن لَهُ عاضد
(أكْرمُوا الشُّهُود) الْعُدُول (فَإِن الله يسْتَخْرج بهم الْحُقُوق) لإربابها (وَيدْفَع بهم الظُّلم) إِذْ لولاهم لتم لجاحد مَا أَرَادَهُ من ظلم صَاحب الْحق وَأكله مَاله بِالْبَاطِلِ (البانياسي) بِفَتْح الْمُوَحدَة وَكسر النُّون فمثناة تَحت فمهملة نِسْبَة إِلَى بانياس بَلْدَة من بِلَاد فلسطين أَبُو عبد الله مَالك بن أَحْمد (فِي جزئه) الْمَشْهُور (خطّ وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن ابْن عَبَّاس) ثمَّ قَالَ الْخَطِيب تفرد بِهِ عبيد الله بن مُوسَى وَقد ضَعَّفُوهُ
(أكْرمُوا عمتكم(1/204)
النَّخْلَة فَإِنَّهَا خلقت من فضلَة طِينَة أبيكم آدم) الَّتِي خلق مِنْهَا فَهِيَ بِهَذَا الِاعْتِبَار عمَّة الْآدَمِيّ من نسبه (وَلَيْسَ من الشّجر شَجَرَة أكْرم على الله تَعَالَى من شَجَرَة ولدت تحتهَا مَرْيَم بنت عمرَان) وَلذَلِك أعلم الله بمزيتها فِي الْقُرْآن على جَمِيع الْأَشْجَار بِحَيْثُ خص النّخل فِي مقَام الامتنان بإفراده بعد دُخُوله فِي جملَة الشّجر فِي قَوْله فِي جنَّات وعيون الْآيَة (فأطعموا نساءكم الْوَلَد) بِضَم الْوَاو وشدّ اللَّام (الرطب) بِضَم فَفتح ندبا أَو إرشادا (فَإِن لم يكن) أَي فَإِن لم يَتَيَسَّر (رطب) لفقد أَو عزة وجود (فتمر) فَإِنَّهُ كَانَ طَعَام مَرْيَم لما ولدت عِيسَى (ع وَابْن أبي حَاتِم عق عد وَابْن السّني وَأَبُو نعيم مَعًا فِي الطِّبّ) النَّبَوِيّ (وَابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ بأسانيد كلهَا ضَعِيفَة وَفِي بَعْضهَا انْقِطَاع لَكِن باجتماعها تتقوى
(اكفلوا) تحملوا والتزموا (لي) أَي لأجل أَمْرِي الَّذِي أَمرتكُم بِهِ عَن الله (سِتّ خِصَال) أَي فعلهَا والدوام عَلَيْهَا (أكفل لكم الْجنَّة) أَي دُخُولهَا مَعَ السَّابِقين الأوّلين أَو بِغَيْر عَذَاب قيل وَمَا هِيَ قَالَ (الصَّلَاة) الْمَفْرُوضَة أَي أَدَاؤُهَا لوَقْتهَا بشروطها وأركانها (وَالزَّكَاة) أَي دَفعهَا للْمُسْتَحقّ أَو الإِمَام (وَالْأَمَانَة) أَي توفيتها لمستحقها الْمَأْمُور بِهِ بقوله تَعَالَى {إِن الله يَأْمُركُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَات إِلَى أَهلهَا} (والفرج) بِأَن تصونوه عَن الْجِمَاع الْمحرم (والبطن) بِأَن تحترزوا عَن إِدْخَال مَا يحرم تنَاوله شرعا (وَاللِّسَان) بِأَن تكفوه عَن النُّطْق بِمَا يحرم وَلم يذكر بَقِيَّة أَرْكَان الْإِسْلَام لدخولها فِي الْأَمَانَة (طس عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْمُنْذِرِيّ إِسْنَاده لَا بَأْس بِهِ
(أكل اللَّحْم) لصحيح الْبدن قويم المزاج (يحسن الْوَجْه) يكسبه حسنا ونضارة (وَيحسن الْخلق) بِالضَّمِّ لزيادته فِي اعْتِدَال المزاج وَكلما اعتدل وَمَال عَن طرفِي الإفراط والتفريط حسن الْخلق وَهَذَا إِذا اسْتعْمل باعتدال (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أكل كل ذِي نَاب) يعدو بِهِ ويصول (من السبَاع) كأسد وذئب ونمر (حرَام) بِخِلَاف غير العادي كثعلب فَمن تبعيضية وَلَك جعلهَا جنسية (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَالْبُخَارِيّ عَن أبي ثَعْلَبَة
(أكل اللَّيْل أَمَانَة) أَي الْأكل فِيهِ للصَّائِم أَمَانَة لِأَنَّهُ لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا الله فَعَلَيهِ التحرّي فِي الْإِمْسَاك من الْفجْر وَعدم الهجوم على الْأكل إِلَّا أَن تحقق بَقَاء اللَّيْل (أَبُو بكر بن أبي دَاوُد فِي جُزْء من حَدِيثه فر عَن أبي الدَّرْدَاء) ضَعِيف لضعف بَقِيَّة وَيزِيد بن حُجَيْر
(أكل السفرجل يذهب بطخاء الْقلب) أَي يزِيل الثّقل والغثيان والغيم الَّذِي على الْقلب كغيم السَّمَاء والطخاء بِمُهْملَة فمعجمة مفتوحتين كسماء الكرب على الْقلب والظلمة (القالي) بِالْقَافِ أَبُو عَليّ اسمعيل بن الْقَاسِم الْبَغْدَادِيّ (فِي أَمَالِيهِ) الأدبية (عَن أنس) وَهُوَ مِمَّا بيض لَهُ الديلمي وَفِيه ضعف
(أكل الشمر) بِالتَّحْرِيكِ نَبَات مَعْرُوف (أَمَان من) حُدُوث (القولنج) لِأَنَّهُ يحلل الرِّيَاح الغليظة ويرقق الأخلاط الَّتِي فِي المعدّة ويسهل دَفعهَا (أَبُو نعيم فِي) كتاب (الطِّبّ) النَّبَوِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اكلفوا) أديموا (من الْعَمَل مَا تطيقون) الدَّوَام عَلَيْهِ (فإنّ الله لَا يمل حَتَّى تملوا) أَي لَا يقطع ثَوَابه عَمَّن قطع الْعَمَل ملا لَا أَولا يقطع عَنْكُم فَضله حَتَّى تملوا سُؤَاله فتزهدوا فِي الرَّغْبَة إِلَيْهِ (وَأَن أحب الْعَمَل إِلَى الله أَدْوَمه وَإِن قل) فالقليل الدَّائِم أحب إِلَيْهِ من كثير مُنْقَطع لِأَنَّهُ كالإعراض بعد الْوَصْل وَهُوَ قَبِيح كَمَا مرّ (حم د ن عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ الشَّيْخَانِ أَيْضا
(أكمل الْمُؤمنِينَ) أَي من أتمهم (إِيمَانًا) تَمْيِيز (أحْسنهم خلقا) بِالضَّمِّ لِأَن هَذَا الدّين مَبْنِيّ على حسن الْخلق(1/205)
والسخاء وَلَا يصلح إِلَّا بهما فكمال إِيمَان العَبْد ونقصه بِقدر ذَلِك وبحسبه وَفِيه كَالَّذي بعده أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص (حم د حب ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(أكمل الْمُؤمنِينَ إِيمَانًا أحْسنهم خلقا) بِالضَّمِّ وَلذَلِك كَانَ الْمُصْطَفى أحسن النَّاس خلقا لكَونه أكملهم إِيمَانًا (وخياركم خياركم لنسائهم) أَي من يعاملهنّ بِالصبرِ على أخلاقهنّ ونقصان عقلهن وكف الْأَذَى وبذل الندى وَحسن الْخلق وحفظهن عَن مواقع الريب وَالْمرَاد بهم حلائله وأبعاضه (ت حب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(الله الله فِي أَصْحَابِي) أَي اتَّقوا الله فيهم وَلَا تلمزوهم بِسوء أَو اذْكروا الله فيهم وَفِي تعظيمهم وتوقيرهم وكرره لمزيد التَّأْكِيد (لَا تتخذوهم غَرضا) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالرَّاء هدفا ترموهم بقبيح الْكَلَام كَمَا يرْمى الهدف بِالسِّهَامِ (بعدِي) أَي بعد موتِي (فَمن أحبهم فبحبي أحبهم) أَي بِسَبَب حبه إيَّايَ أَو حبي إيَّاهُم أَي إِنَّمَا أحبهم لحبه إيَّايَ أَو لحبي إيَّاهُم (وَمن أبْغضهُم فببغضي أبْغضهُم) أَي إِنَّمَا أبْغضهُم بِسَبَب بغضه إيَّايَ (وَمن آذاهم فقد آذَانِي وَمن آذَانِي فقد آذَى الله وَمن آذَى الله يُوشك) بِكَسْر الْمُعْجَمَة (أَن يَأْخُذهُ) أَي يسْرع أَخذ روحه أَخْذَة غَضْبَان منتقم وَوجه الْوَصِيَّة نَحْو البعدية وَخص الْوَعيد بهَا لما كشف لَهُ مِمَّا سَيكون بعده من الْفِتَن وإيذاء كثير مِنْهُم (ت عَن عبد الله بن مُغفل) وَفِي إِسْنَاده اضْطِرَاب وغرابة
(الله الله) أَي خافوه (فِيمَا ملكت أَيْمَانكُم) من الأرقاء وكل ذِي روح مُحْتَرم (ألبسوا ظُهُورهمْ) مَا يستر عورتهم ويقيهم الحرّ وَالْبرد (وأشبعوا بطونهم وألينوا لَهُم القَوْل) فِي المخاطبة فَلَا تعاملوهم بأغلاظ وَلَا فظاظة وَذَا قَالَه فِي مرض مَوته (ابْن سعد) فِي الطَّبَقَات (طب) وَابْن السّني (عَن كَعْب ابْن مَالك) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(الله الله فِيمَن لَيْسَ لَهُ) نَاصِر أَو ملْجأ (إِلَّا الله) كيتيم وغريب ومسكين وأرملة فتجنبوا أَذَاهُ وأكرموا مثواه فإنّ الْمَرْء كلما قلت أنصاره كَانَت رَحْمَة الله لَهُ أَكثر وعنايته بِهِ أشدّ وَأظْهر فالحذ الحذر (عد عَن أبي هُرَيْرَة) رمز الْمُؤلف لضَعْفه
(الله الطَّبِيب) أَي هُوَ المداوي الْحَقِيقِيّ لَا غَيره وَذَا قَالَه لوالد أبي رمثة حِين رأى خَاتم النبوّة فَظَنهُ سلْعَة فَقَالَ إِنِّي طَبِيب أطبها فردّ عَلَيْهِ (د عَن أبي رمثة) بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون الْمِيم وَفتح الْمُثَلَّثَة واسْمه رِفَاعَة الْبلوى
(الله مَعَ القَاضِي) بعونه وإرشاده (مَا لم يجر) فِي حكمه أَي يتَعَمَّد الظُّلم (فَإِذا جَار) فِيهِ تخلى الله) أَي قطع (عَنهُ) توفيقه وإسعافه (وَلَزِمَه الشَّيْطَان) يغويه ويضله ليخزيه غَد أَو يذله (ت عَن عبد الله بن أبي أوفى) وَاسْتَغْرَبَهُ لَكِن صَححهُ ابْن حبَان
(الله وَرَسُوله مولى من لَا مولى لَهُ) أَي حَافظ من لَا حَافظ لَهُ فحفظ الله لَا يُفَارِقهُ وَكَيف يُفَارِقهُ مَعَ أَنه وليه (وَالْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ) احْتج بِهِ من قَالَ بتوريث ذَوي الْأَرْحَام (ت هـ عَن عمر) بن الْخطاب وَحسنه التِّرْمِذِيّ
(اللَّهُمَّ) الْمِيم عوض من يَا وَلذَا لَا يَجْتَمِعَانِ (لَا عَيْش) كَامِلا أَو مُعْتَبرا أَو بَاقِيا (إِلَّا عَيْش الْآخِرَة) أَي لَا هَذَا الفاني الزائل لأنّ الْآخِرَة بَاقِيَة وعيشها بَاقٍ وَالدُّنْيَا ظلّ زائل وَالْقَصْد بذلك فطم النَّفس عَن الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَحملهَا على الرَّغْبَة فِي الْآخِرَة (حم ق 3 عَن أنس) بن مَالك (حم ق عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ
(اللهمّ اجْعَل رزق آل مُحَمَّد) زَوْجَاته وَمن فِي نَفَقَته أَو هم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب (فِي الدُّنْيَا قوتا) بلغَة تسدّ رمقهم وتسمك قوتهم بِحَيْثُ لَا ترهقهم الْفَاقَة وَلَا يكون فِيهِ فضول يُفْضِي إِلَى ترفه وتبسط ليسلموا من آفَات الْفقر والغنى (حم ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَكَذَا البُخَارِيّ
(اللَّهُمَّ اغْفِر للمتسرولات) أَي لابسات السراويلات(1/206)
من) نسَاء (أمتِي) أمة الْإِجَابَة لما حافظن على مَا أمرن بِهِ من السّتْر قابلهن بِالدُّعَاءِ بالغفر الَّذِي أَصله السّتْر فَذَاك ستر العورات وَذَا ستر الخطيئات (الْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الْأَدَب عَن عليّ) ضَعِيف لضعف إِبْرَاهِيم بن زَكَرِيَّا الضَّرِير وَغَيره
(اللَّهُمَّ اغْفِر للْحَاج) حجا مبرورا (وَلمن اسْتغْفر لَهُ الْحَاج) قَالَه ثَلَاثًا فيتأكد طلب الاسْتِغْفَار من الْحَاج ليدْخل فِي دُعَاء الْمُصْطَفى وَفِي حَدِيث أوردهُ الْأَصْفَهَانِي فِي ترغيبه يغْفر لَهُ بَقِيَّة ذِي الْحجَّة وَالْمحرم وصفر وَعشر من ربيع الأوّل وروى مَوْقُوفا على عمر قَالَ ابْن الْعِمَاد وَرَوَاهُ أَحْمد مَرْفُوعا (هَب) وَكَذَا الْحَاكِم (عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ صَحِيح
(اللَّهُمَّ رب) أَي يَا رب (جِبْرِيل) اسْم عبودية لأنّ ايل اسْم الله فِي الْمَلأ الْأَعْلَى (وَمِيكَائِيل وإسرافيل وَمُحَمّد نَعُوذ) أَي نعتصم (بك من النَّار) أَي من عَذَابهَا وَخص الْأَمْلَاك الثَّلَاثَة لِأَنَّهَا الموكلة بِالْحَيَاةِ وَعَلَيْهَا مدَار نظام هَذَا الْعَالم أَو لكَمَال اختصاصهم وأفضليتهم على من سواهُم من الْمَلَائِكَة (طب ك) وَكَذَا ابْن السّني (عَن وَالِد أبي الْمليح) واسْمه عَامر بن أُسَامَة وَفِيه مَجَاهِيل لَكِن الْمُؤلف رمز لصِحَّته
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع) وَهُوَ مَا لَا يَصْحَبهُ عمل أَو مَا لم يُؤذن فِي تعلمه شرعا أَو مَا لَا يهذب الْأَخْلَاق (وَعمل لَا يرفع) إِلَى الله رفع قبُول لرياء أَو فقد نَحْو إخلاص (وَدُعَاء لَا يُسْتَجَاب) أَي لَا يقبله الله لِأَن الْعلم غير النافع وبال على صَاحبه وَالْعَمَل إِذا ردّ يكون صَاحبه مغضوبا عَلَيْهِ وَالدُّعَاء إِذا لم يقبل دلّ على خبث صَاحبه (حم حب ك عَن أنس) وَهُوَ صَحِيح
(اللَّهُمَّ أحيني مِسْكينا وتوفني مِسْكينا واحشرني فِي زمرة الْمَسَاكِين) أَي اجمعني فِي جَمَاعَتهمْ بِمَعْنى اجْعَلنِي مِنْهُم لَكِن لم يسْأَل مسكنة ترجع للقلة بل للإخبات والتواضع والخشوع قَالَ شيخ الْفَرِيقَيْنِ السهروردي لَو سَأَلَ الله أَن يحْشر الْمَسَاكِين فِي زمرته لَكَانَ لَهُم الْفَخر العميم وَالْفضل الْعَظِيم فَكيف وَقد سَأَلَ أَن يحْشر فِي زمرتهم (وَأَن أَشْقَى الأشقياء من اجْتمع عَلَيْهِ فقر الدُّنْيَا وَعَذَاب الْآخِرَة) فَهُوَ أَشْقَى من كل شقي لِأَنَّهُ معذب فِي الدَّاريْنِ محروم فِي النشأتين (ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَقَالَ صَحِيح وَصَححهُ الضياء أَيْضا وَأَخْطَأ ابْن الْجَوْزِيّ
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله) أَي سَائِر أَنْوَاعه وَجَمِيع وجوهه (مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم) هَذَا من جَوَامِع الدُّعَاء وَطَلَبه للخير لَا يُنَافِي أَنه أعْطى مِنْهُ مَا لم يُعْط غَيره لِأَن كل صفة من صِفَات المحدثات قَابِلَة للزِّيَادَة وَالنَّقْص (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (طب عَن جَابر بن سَمُرَة) بن جُنْدُب
(اللَّهُمَّ أحسن عاقبتنا فِي الْأُمُور كلهَا) أَي اجْعَل آخر كل عمل لنا حسنا فَإِن الْأَعْمَال بخواتيمها (وأجرنا من خزي الدُّنْيَا) رزاياها ومصائبها وغرورها وخدعها وتسلط الْأَعْدَاء وشماتتهم (وَعَذَاب الْآخِرَة) زَاد الطَّبَرَانِيّ فَمن كَانَ هَذَا دعاءه مَاتَ قبل أَن يُصِيبهُ الْبلَاء وَذَا من جنس اسْتِغْفَار الْأَنْبِيَاء مِمَّا علمُوا أَنه مغْفُور لَهُم للتشريع (حم حب ك عَن بسر) بِضَم الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُهْملَة (ابْن أَرْطَأَة) صَوَابه ابْن أبي أَرْطَأَة العامري وَرِجَال بعض أسانيده ثِقَات
(اللَّهُمَّ بَارك لأمتي) أمة الْإِجَابَة (فِي بكورها) أَخذ مِنْهُ أَنه ينْدب لمن لَهُ وَظِيفَة من نَحْو قِرَاءَة أَو ورد أَو علم شَرْعِي أَو حِرْفَة فعله أول النَّهَار وَكَذَا نَحْو سفر وَعقد نِكَاح وإنشاء أَمر (حم 4 حب ك عَن صَخْر) بن ودَاعَة (الغامدي) بغين مُعْجمَة ودال مُهْملَة الْأَزْدِيّ (هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (طب عَن ابْن عَبَّاس وَعَن ابْن مَسْعُود وَعَن عبد الله بن سَلام) بتَخْفِيف اللَّام (وَعَن عمرَان بن الْحصين) بِالتَّصْغِيرِ(1/207)
(وَعَن كَعْب بن مَالك وَعَن النوّاس) بنُون مَفْتُوحَة فواو مشدّدة فمهملة بعد الْألف (ابْن سمْعَان) كشعبان وَقيل بِكَسْر الْمُهْملَة أوّله الْكلابِي وطرقه معلولة لَكِن تقوّى بانضمامها
(اللَّهُمَّ بَارك لأمتي فِي بكورها) لفظ رِوَايَة ابْن السكن فِي بكورهم (يَوْم الْخَمِيس) رِوَايَة الْبَزَّار يَوْم خميسها فَيسنّ فِي أوّل نَهَاره طلب الْحَاجة وَابْتِدَاء السّفر وَعقد النِّكَاح وَغير ذَلِك من الْمُهِمَّات (هـ) وَكَذَا الْبَزَّار (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف كَمَا فِي المغنى
(اللَّهُمَّ إِنَّك سألتنا) أَي كلفتنا (من أَنْفُسنَا مَا لَا نملكه) أَي نستطيعه (إِلَّا بك) بأقدارك وتوفيقك وَذَلِكَ المسؤل فعل الطَّاعَات وتجنب المخالفات (فَأَعْطِنَا مِنْك مَا) أَي تَوْفِيقًا تقتدر بِهِ على فعل الَّذِي (يرضيك عَنَّا) فإنّ الْأُمُور كلهَا مِنْك مصدرها وَإِلَيْك مرجعها فَلَا تملك نفس لنَفس شَيْئا (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْمُؤلف وَهَذَا متواتر
(اللَّهُمَّ اهد قُريْشًا) دلها على طَرِيق الْحق وَهُوَ الدّين الْقيم (فَإِن عالمها) أَي الْعَالم الَّذِي سَيظْهر من نسل تِلْكَ الْقَبِيلَة (يمْلَأ طباق الأَرْض علما) أَي يعم الأَرْض بِالْعلمِ حَتَّى يكون طبقًا لَهَا يَعْنِي لَا أَدْعُوك عَلَيْهِم بإيذائهم إيَّايَ بل أَدْعُوك أَن تهديهم لأجل إحكام أَحْكَام دينك يبْعَث ذَلِك الْعَالم الَّذِي حكمت بإيجاده من سلالتها وَذَلِكَ هُوَ الإِمَام الشافعيّ (اللَّهُمَّ كَمَا أذقتهم عذَابا) بِالْقَحْطِ والغلاء وَالْقَتْل والقهر (فأذقهم نوالا) أنعاما وَعَطَاء وفتحا من عنْدك (خطّ وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضعف لَكِن لَهُ شَوَاهِد بَعْضهَا عِنْد الْبَزَّاز بِإِسْنَاد صَحِيح
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من جَار السوء) أَي من شرّه (فِي دَار المقامة) بِضَم الْمِيم أَي الوطن فَإِنَّهُ الشرّ الدَّائِم وَالضَّرَر الملازم (فَإِن جَار الْبَادِيَة يتحوّل) فمدّته قَصِيرَة فَلَا يعظم الضَّرَر فِي تحملهَا وَلَعَلَّه دَعَا بذلك لما بَالغ جِيرَانه وَمِنْهُم عَمه أَبُو لَهب وزوجه وَابْنه فِي إيذائه فقد كَانُوا يطرحون الفرث وَالدَّم على بَابه (ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ صَحِيح وأقرّوه
(اللَّهُمَّ اجْعَلنِي من الَّذين إِذا أَحْسنُوا اسْتَبْشَرُوا) أَي إِذا أَتَوا بِعَمَل حسن قرنوه بالإخلاص فيترتب عَلَيْهِ الْجَزَاء فيستحقون الْجنَّة فيستبشرون بهَا (وَإِذا أساؤا) فعلوا سَيِّئَة (اسْتَغْفرُوا) طلبُوا من الله مغْفرَة مَا فرط مِنْهُم وَهَذَا تَعْلِيم للْأمة وإرشاد إِلَى لُزُوم الاسْتِغْفَار لكَونه ممحاة للذنوب (هـ هَب عَن عَائِشَة) وَفِيه ضعف مَا لضعف عَليّ بن زيد بن جدعَان
(اللَّهُمَّ اغْفِر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الْأَعْلَى) أَي نِهَايَة مقَام الرّوح وَهِي الحضرة الواحدية فالمسؤل إِلْحَاقه بِالْمحل الَّذِي لَيْسَ بَينه وَبَينه أحد فِي الِاخْتِصَاص فأتقنه وَلَا تعرّج على مَا قيل (ق ت عَن عَائِشَة) وَقَالَت أَنه كَانَ آخر كَلَامه
(اللَّهُمَّ من ولى من أَمر أمتِي شَيْئا) من الولايات كخلافة وسلطنة وَقَضَاء وإمارة ووصاية ونظارة ونكره مُبَالغَة فِي الشُّيُوع (فشق عَلَيْهِم) حملهمْ على مَا يشق عَلَيْهِم (فاشقق عَلَيْهِم) أوقعه فِي الْمَشَقَّة جَزَاء وفَاقا (وَمن ولى من أَمر أمتِي شَيْئا فرفق بهم) عاملهم باللين والشفقة (فارفق بِهِ) افْعَل بِهِ مَا فِيهِ الرِّفْق لَهُ مجازاة لَهُ بِمثل فعله وَقد اسْتُجِيبَ فَلَا يرى ذُو ولَايَة جَار إِلَّا وعاقبة أمره الْبَوَار والخسار (م عَن عَائِشَة) وَغَيرهَا
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ مَا عملت) أَي من شَرّ عمل يحْتَاج فِيهِ إِلَى الْعَفو (وَمن شَرّ مَا لم أعمل) بِأَن تحفظني مِنْهُ فِي الْمُسْتَقْبل أَو أَرَادَ شَرّ عمل غَيره وَاتَّقوا فتْنَة لَا تصيبن الَّذين ظلمُوا مِنْكُم خَاصَّة (م د ن هـ عَن عَائِشَة) الصدّيقة أمّ الْمُؤمنِينَ
(اللَّهُمَّ أَعنِي على غَمَرَات الْمَوْت) شدائده جمع غمرة وَهِي الشدَّة وَفِي رِوَايَة مُنكرَات (أَو سَكَرَات الْمَوْت) شدائده(1/208)
الذاهبة بِالْعقلِ وشدائد الْمَوْت على الْأَنْبِيَاء لَيْسَ نقصا وَلَا عذَابا بل تَكْمِيل لفضائلهم وَرفع لدرجاتهم وَهَذَا شكّ من عَائِشَة أَو من دونهَا من الروَاة (ت هـ ك) وَكَذَا النَّسَائِيّ (عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده صَحِيح
(اللَّهُمَّ زِدْنَا) من الْخَيْر (وَلَا تنْقصنَا) أَي لَا تذْهب منا شَيْئا (وَأَكْرمنَا وَلَا تهنا وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمنَا) عطف النواهي على الْأَوَامِر مُبَالغَة وتعميما (وَآثرنَا) بالمدّ اخترنا بعنايتك وإكرامك (وَلَا تُؤثر) تخير (علينا) غَيرنَا فتعزه وتذلنا يَعْنِي لَا تغلب علينا أعداءنا (وَأَرْضنَا) بِمَا قضيت لنا أَو علينا بِإِعْطَاء الصَّبْر والتجمل والتقنع بِمَا قسمت لنا (وَارْضَ عَنَّا) بِمَا نُقِيم من الطَّاعَات القليلة الَّتِي فِي جهدنا (ت ك) فِي الدُّعَاء (عَن عمر) بن الْخطاب وَصَححهُ الْحَاكِم
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من قلب لَا يخشع) لذكرك وَلَا لسَمَاع كلامك وَهُوَ الْقلب القاسي (وَمن دُعَاء لَا يسمع) لَا يُسْتَجَاب وَلَا يعْتد بِهِ فَكَأَنَّهُ غير مسموع (وَمن نفس لَا تشبع) من جمع المَال أشرا وبطرا أَو من كَثْرَة الْأكل الجالبة لِكَثْرَة الأبخرة الْمُوجبَة لِكَثْرَة النّوم المؤدية إِلَى فقر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَمن علم لَا ينفع) لَا يعْمل بِهِ أَو غير شَرْعِي كعلوم الْأَوَائِل (أعوذ بك من هَؤُلَاءِ الْأَرْبَع) فإنّ ذَلِك كُله وبال وضلال وَنبهَ بِإِعَادَة الِاسْتِعَاذَة على مزِيد التحذير من الْمَذْكُورَات (ت ن عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ (د ن هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة) الدوسي (ن عَن أنس) بن مَالك وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب
(اللَّهُمَّ ارزقني حبك وَحب من يَنْفَعنِي حبه عنْدك) لِأَنَّهُ لَا سَعَادَة للقلب وَلَا لَذَّة وَلَا نعيم وَلَا صَلَاح إِلَّا بِأَن يكون الله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُ (اللَّهُمَّ مَا رزقتني مِمَّا أحب فاجعله قوّة لي فِيمَا تحب) لَا صرفه فِيهِ (اللَّهُمَّ وَمَا زويت) أَي صرفت ونحيت (عني مِمَّا أحب فاجعله فراغا لي فِيمَا تحب) يَعْنِي اجْعَل مَا نحيته عني من محابي عوناء على شغلي بمحابك (ت عَن عبد الله بن يزِيد) بمثناتين تحتيتين (الخطمي) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْمُهْملَة قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب
(اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذَنبي) أَي مَا لَا يَلِيق أَو إِن وَقع (ووسع لي فِي دَاري) مَحل سكني فِي الدُّنْيَا لِأَن ضيق مرافق الدَّار يضيق الصَّدْر ويجلب الْهم ويشغل البال ويغم الرّوح أَو المُرَاد الْقَبْر فَإِنَّهُ الدَّار الْحَقِيقِيَّة (وَبَارك لي فِي رِزْقِي) اجْعَلْهُ مُبَارَكًا محفوفا بِالْخَيرِ ووفقني للرضا بالمقسوم مِنْهُ وَعدم الِالْتِفَات لغيره (ت عَن أبي هُرَيْرَة) رمز لصِحَّته
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من زَوَال نِعْمَتك) أَي ذهابها مُفْرد بِمَعْنى الْجمع يعم النعم الظَّاهِرَة والباطنة (وتحوّل) وَفِي رِوَايَة تَحْويل (عافيتك) تبدلها أَو يُفَارق الزَّوَال التحّول بأنّ الزَّوَال يُقَال فِي كل شَيْء ثَبت لشَيْء ثمَّ فَارقه والتحول تغير الشَّيْء وانفصاله عَن غَيره (وفجاءه) بِالضَّمِّ والمدّ وَيفتح وَيقصر يغته (نقمتك) بِكَسْر فَسُكُون غضبك (وَجَمِيع سخطك) أَي سَائِر الْأَسْبَاب الْمُوجبَة لذَلِك وَإِذا انْتَفَت حصلت أضدادها (م د ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من مُنكرَات الْأَخْلَاق) كحقد وحسد وَجبن ولؤم وَكبر وَغَيرهَا (والأعمال) الْكَبَائِر كَقَتل وزنا وَشرب وسرقة وَذكر هَذَا مَعَ عصمته تَعْلِيم للْأمة (والأهواء) جمع هوى مَقْصُور هوى النَّفس وَهُوَ ميلها إِلَى الشَّهَوَات وأنهما كهافيها (والأدواء) من نَحْو جذام وبرص وسل واستسقاء وَذَات جنب وَنَحْوهَا (ت طب ك عَن عَم زِيَادَة بن علاقَة) هُوَ قُطْبَة بن مَالك قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب
(اللَّهُمَّ متعني) انفعني زَاد فِي رِوَايَة فِي الدُّنْيَا (بسمعي وبصري) الجارحتين المعروفتين(1/209)
أَو العمرين (واجعلهما الْوَارِث مني) اسْتِعَارَة من وَارِث الْمَيِّت لِأَنَّهُ يبْقى بعد فنائه (وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي) بغى عَليّ (وَخذ مِنْهُ بثاري) أَشَارَ بِهِ إِلَى قوّة الْمُخَالفين حثا على تَصْحِيح الالتجاء والصدق فِي الرَّغْبَة (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَالْبَيْهَقِيّ عَن جرير
(اللَّهُمَّ حبب الْمَوْت إِلَى من يعلم أَنِّي رَسُولك) لِأَن النَّفس إِذا أحبت الْمَوْت أنست بربها ورسخ يقينها فِي قَلبهَا وَإِذا نفرت مِنْهُ نفر الْيَقِين فَانْحَطَّ من دَرَجَات الْمُتَّقِينَ (طب عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) ضَعِيف لضعف اسمعيل بن مُحَمَّد بن عَيَّاش
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك غناي وغنى مولَايَ) أقاربي وعصابتي وأنصاري وأتباعي وأصهاري وأحبائي (طب عَن أبي صرمة) بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الرَّاء الْأنْصَارِيّ واسْمه مَالك بن قيس أَو قيس بن صرمة
(اللَّهُمَّ اجْعَل فنَاء أمتِي) أمة الدعْوَة وَقيل بل الْإِجَابَة (قتلا فِي سَبِيلك) أَي قتال أعدائك لإعلاء دينك (بالطعن) بِالرُّمْحِ (والطاعون) وخز أعدائهم من الْجِنّ أَي اجْعَل فنَاء غالبهم بِهَذَيْنِ أَو بِأَحَدِهِمَا دَعَا لَهُم فاستجيب لَهُ فِي الْبَعْض أَو أَرَادَ طَائِفَة مَخْصُوصَة أَو صفة مَخْصُوصَة (حم طب عَن أبي بردة) أخي أبي مُوسَى (الْأَشْعَرِيّ) صَححهُ الْحَاكِم وأقرّوه
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك) أطلب مِنْك (رَحْمَة) أَي عَظِيمَة كَمَا أَفَادَهُ تنكيره (من عنْدك) أَي ابْتِدَاء مِمَّن غير سَبَب (تهدي) ترشد (بهَا قلبِي) إِلَيْك وتقربه لديك وَخَصه لِأَنَّهُ مَحل الْعقل ومناط التجلي (وَتجمع بهَا أَمْرِي) تضمه بِحَيْثُ لَا أحتاج إِلَى غَيْرك (وتلم) تجمع (بهَا شعثي) مَا تفرّق من أَمْرِي (وَتصْلح بهَا غائبي) مَا غَابَ عني أَي باطني بِكَمَال الْإِيمَان والأخلاق الحسان والملكات الفاضلة (وترفع بهَا شَاهِدي) ظاهري بِالْعَمَلِ الصَّالح والخلال الحميدة (وتزكي بهَا عَمَلي) تزيده وتنميه وتطهره من الرِّيَاء والسمعة (وتلهمني بهَا رشدي) تهديني بهَا إِلَى مَا يرضيك ويقرّبني إِلَيْك (وَترد بهَا ألفتي) بِضَم الْهمزَة وتكسر أَي أليفي أَو مألوفي أَي مَا كنت آلفه (وتعصمني) تمنعني وتحفظني (بهَا من كل سوء) أَي تصرفني عَنهُ وتصرفه عني (اللَّهُمَّ أَعْطِنِي إِيمَانًا ويقينا لَيْسَ بعده كفر) فإنّ الْقلب إِذا تمكن مِنْهُ نور الْيَقِين انزاح عَنهُ ظلام الشَّك وغيم الريب (وَرَحْمَة) عَظِيمَة (أنال بهَا شرف كرامتك فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) علو الْقدر فيهمَا (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْفَوْر فِي الْقَضَاء) أَي الْفَوْز باللطف فِيهِ (وَنزل) بالضمتين (الشُّهَدَاء) أَي منزلهم فِي الْجنَّة أَو درجتهم فِي الْقرب مِنْك لِأَنَّهُ مَحل الْمُنعم عَلَيْهِم وَهُوَ وَإِن كَانَ أعظم ومنزله أوفى وأفخم لكنه ذكره للتشريع (وعيش السُّعَدَاء) الَّذين قدرت لَهُم السَّعَادَة الأخروية (والنصر على الْأَعْدَاء) الظفر بأعداء الدّين (اللَّهُمَّ إِنِّي أنزل) بِالضَّمِّ أحل (بك حَاجَتي) أَي أَسأَلك قَضَاء مَا أحتاجه من أَمر الدَّاريْنِ (فَإِن قصر) بِالتَّشْدِيدِ عجز (رَأْيِي) عَن إِدْرَاك مَا هُوَ أنجح وَأصْلح (وَضعف عَمَلي) عبادتي عَن بُلُوغ مَرَاتِب الْكَمَال (افْتَقَرت إِلَى رحمتك) أَي احتجت فِي بُلُوغ ذَلِك إِلَى شمولي بِرَحْمَتك الَّتِي وسعت كل شَيْء (فأسألك) أَي فبسب ضعْفي وافتقاري أطلب مِنْك (يَا قَاضِي الْأُمُور) حاكمها ومحكمها (وَيَا شافي) مداوي (الصُّدُور) الْقُلُوب من أمراضها الَّتِي إِن توالت عَلَيْهَا أهلكتها هَلَاك الْأَبَد (كَمَا تجير) تفصل وتحجز (بَين البحور) تمنع أَحدهَا من الِاخْتِلَاط بِالْآخرِ مَعَ الِاتِّصَال (أَن تجيرني) تمنعني (من عَذَاب السعير) بِأَن تحجزه عني وتمنعه مني (وَمن دَعْوَة الثبور) النداء بِالْهَلَاكِ (وَمن فتْنَة الْقُبُور) بِأَن ترزقني الثَّبَات عِنْد سُؤال مُنكر وَنَكِير (اللَّهُمَّ مَا قصر عَنهُ رَأْيِي) أَي اجتهادي فِي تدبيري (وَلم تبلغه نيتي) أَي(1/210)
تصحيحها فِي ذَلِك الْمَطْلُوب (وَلم تبلغه مسئلتي) إياك (من) كل (خير وعدته أحدا من خلقك أَو خير أَنْت معطيه أحدا من عِبَادك) أَي من غير سَابِقَة وعدله بِخُصُوصِهِ فَلَا يعدّ مَعَ مَا قبله تَكْرَارا (فَإِنِّي أَرغب) أطلب مِنْك بجدّ واجتهاد (إِلَيْك فِيهِ) أَي فِي حُصُوله مِنْك لي (وَأَسْأَلك) زِيَادَة على ذَلِك (من رحمتك) الَّتِي لَا نِهَايَة لسعتها (يَا ربّ الْعَالمين) الْخلق كلهم وَذكره تتميما لكَمَال الاستعطاف (اللَّهُمَّ يَا ذَا الْحَبل) بموحدة (الشَّديد) الْقُرْآن أَو الدّين وَصفه بالشدّة لِأَنَّهَا من صِفَات الحبال والشدّة فِي الدّين الثَّبَات والاستقامة وروى بمثناة تحتية وَهُوَ القوّة (وَالْأَمر الرشيد) السديد الْمُوَافق لغاية الصَّوَاب (أَسأَلك الْأَمْن) من الْفَزع والأهوال (يَوْم الْوَعيد) أَي يَوْم التهديد وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة (وَالْجنَّة يَوْم الخلود) أَي خُلُود أهل الْجنَّة فِي الْجنَّة وَأهل النَّار فِي النَّار (مَعَ المقرّبين) إِلَى الحضرات القدسية (الشُّهُود) الناظرين إِلَى رَبهم (الركع السُّجُود) المكثرين للصَّلَاة ذَات الرُّكُوع وَالسُّجُود فِي الدُّنْيَا (الْمُوفينَ بالعهود) بِمَا عَاهَدُوا الله عَلَيْهِ (إِنَّك رَحِيم) مَوْصُوف بِكَمَال الْإِحْسَان بدقائق النعم (ودود) شَدِيد الْحبّ لمن والاك (وَإنَّك تفعل مَا تُرِيدُ) فتعطي من تشَاء مسؤله وَإِن عظم (اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا هادين) دالين لِلْخلقِ على مَا يوصلهم إِلَى الْحق (مهديين) إِلَى إِصَابَة الصَّوَاب قولا وَعَملا (غير ضَالِّينَ) عَن الْحق (وَلَا مضلين) لأحد من الْخلق (سلما) بِكَسْر فَسُكُون صلحا (لأوليائك) حزبك (وعدوا لأعدائك) مِمَّن اتخذ لَك شَرِيكا أَو ندا (نحب بحبك) أَي بِسَبَب حبنا لَك (من أحبك) حبا خَالِصا (ونعادي بعداوتك) أَي بِسَبَب عداوتك (من خالفك) أَي خَالف أَمرك (اللَّهُمَّ هَذَا الدُّعَاء) أَي مَا أمكننا مِنْهُ قد أَتَيْنَا بِهِ وَلم نأل جهدا وَهُوَ مقدورنا (وَعَلَيْك الْإِجَابَة) فضلا مِنْك لَا وجوبا (وَهَذَا الْجهد) بِالضَّمِّ وتفتح الوسع والطاقة (وَعَلَيْك التكلان) بِالضَّمِّ الِاعْتِمَاد (اللَّهُمَّ اجْعَل لي نورا فِي قلبِي) أَي عَظِيما فالتنوين للتعظيم (ونورا فِي قَبْرِي) أستضيء بِهِ فِي ظلمَة اللَّحْد (ونورا بَين يَدي) أَي يسْعَى أَمَامِي (ونورا من خَلْفي) أَي من ورائي ليتبعني أتباعي ويقتدي بِي أشياعي (ونورا عَن يَمِيني ونورا عَن شمَالي ونورا من فَوقِي ونورا من تحتي) يَعْنِي اجْعَل النُّور يحفني من جَمِيع الْجِهَات السِّت (ونورا فِي سَمْعِي ونورا فِي بَصرِي) وَبِزِيَادَة ذَلِك تزداد المعارف (ونورا فِي شعري ونورا فِي بشري) ظَاهر جلدي (ونورا فِي لحمي) الظَّاهِر وَالْبَاطِن (ونورا فِي دمي ونورا فِي عِظَامِي) نَص على الْمَذْكُورَات كلهَا لِأَن إِبْلِيس يَأْتِي الْإِنْسَان من هَذِه الْأَعْضَاء فيوسوسهم فَدَعَا بِإِثْبَات النُّور فِيهَا ليدفع ظلمته (اللَّهُمَّ أعظم لي نورا وَأَعْطِنِي نورا وَاجعَل لي نورا) عطف عَام على خَاص أَي اجْعَل لي نورا شَامِلًا للأنوار المتقدّمة وَغَيرهَا (سُبْحَانَ الَّذِي تعطف بالعز) أَي تردّى بِهِ بِمَعْنى أَنه اتّصف بِأَنَّهُ يغلب كل شَيْء وَلَا يغالبه شَيْء (وَقَالَ بِهِ) أَي غلب بِهِ كل عَزِيز (سُبْحَانَ الَّذِي لبس الْمجد) أَي ارتدى بالعظمة والكبرياء وتكرم بِهِ) أَي تفضل وأنعم على عباده (سُبْحَانَ الَّذِي لَا يَنْبَغِي التَّسْبِيح إِلَّا لَهُ) أَي لَا يَنْبَغِي التَّنْزِيه الْمُطلق إِلَّا لجلاله تقدس (سُبْحَانَ ذِي الْفضل) الزِّيَادَة فِي الْخَيْر (وَالنعَم) جمع نعْمَة بِمَعْنى أنعام (سُبْحَانَ ذِي الْمجد وَالْكَرم سُبْحَانَ ذِي الْجلَال وَالْإِكْرَام) أَي الَّذِي يجله الموحدون عَن التَّشْبِيه بخلقه وَعَن أفعالهم أَو الَّذِي يُقَال لَهُ مَا أَجلك وأكرمك (ت وَمُحَمّد بن نصر) الْمروزِي (فِي) كتاب (الصَّلَاة طب وَالْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الدَّعْوَات عَن ابْن عَبَّاس) وَفِي أسانيده مقَال لَكِنَّهَا تعاضدت
(اللَّهُمَّ لَا تَكِلنِي) لَا تصرف أَمْرِي (إِلَى نَفسِي) أَي إِلَى تدبيريها (طرفَة(1/211)
عين) أَي تَحْرِيك جفن وَهُوَ مُبَالغَة فِي الْقلَّة (وَلَا تنْزع) تسلب (مني صَالح مَا أَعْطَيْتنِي) قد علم أَن ذَلِك لَا يكون لَكِن أَرَادَ تَحْرِيك همم أمته إِلَى الدُّعَاء بذلك (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف إِبْرَاهِيم بن يزِيد
(اللَّهُمَّ اجْعَلنِي شكُورًا) أَي كثير الشُّكْر لَك (واجعلني صبورا) أَي لَا أعاجل بالانتقام أَو المُرَاد الصَّبْر الْعَام وَهُوَ حبس النَّفس على مَا تكره طلبا لمرضاة الله (واجعلني فِي عَيْني صَغِيرا وَفِي أعين النَّاس كَبِيرا) استوهب ربه أَن يعظمه فِي عُيُون خلقه ليسهل عَلَيْهِ فِي الْجُمْلَة أمره الَّذِي هُوَ خلَافَة الله فِي أرضه (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن بُرَيْدَة) بِالضَّمِّ ابْن الْحصيب بِإِسْنَاد حسن
(اللَّهُمَّ إِنَّك لست باله استحدثناه) أَي طلبنا حُدُوثه أَي تجدده بعد أَن لم يكن (وَلَا بِرَبّ ابتدعناه) أَي اخترعناه (وَلَا كَانَ لنا قبلك من إِلَه نلجأ إِلَيْهِ ونذرك) نَتْرُكك (وَلَا أعانك على خلقنَا) إيجادنا من الْعَدَم (أحد) غَيْرك (فنشركه فِيك) أَي فِي عبادتك والالتجاء إِلَيْك (تَبَارَكت) تقدّمت (وَتَعَالَيْت) تنزهت وَكَانَ نَبِي الله دَاوُد يَدْعُو بِهِ (طب عَن صُهَيْب) بِالتَّصْغِيرِ الرُّومِي ضَعِيف لضعف عَمْرو بن الْحصين الْعقيلِيّ
(اللَّهُمَّ إِنَّك تسمع كَلَامي) أَي لَا يعزب عَنْك مسموع وَإِن خَفِي (وَترى مَكَاني) إِن كنت فِي ملا أَو خلاء (وَتعلم سري وعلانيتي) مَا أُخْفِي وَمَا أظهر (لَا يخفى عَلَيْك شَيْء من أَمْرِي وَأَنا البائس) الَّذِي اشتدّت ضَرُورَته (الْفَقِير) الْمُحْتَاج إِلَيْك فِي جَمِيع أحوالي (المستغيث) المستعين الْمُسْتَنْصر بك (المستجير) الطَّالِب مِنْك الْأمان من الْعَذَاب (الوجل) الْخَائِف (المشفق) الحذر (الْمقر الْمُعْتَرف بِذَنبِهِ أَسأَلك مسئلة الْمِسْكِين) الخاضع الضَّعِيف (وأبتهل إِلَيْك ابتهال المذنب) أَي أتضرّع إِلَيْك تضرّع من أخجلته مقارفة الذُّنُوب (الذَّلِيل) المستهان بِهِ (وأدعوك دُعَاء الْخَائِف المضطرّ) بَين بِهِ أنّ العَبْد وَإِن علت مَنْزِلَته فَهُوَ دَائِم الِاضْطِرَار إِذْ حَقِيقَته لَا تُعْطِي إِلَّا ذَلِك فَإِنَّهُ مُمكن وكل مُمكن مضطرّ إِلَى ممدّ يمدّه (من خضعت لَك رقبته) أَي نكس رَأسه رضَا بالتذلل إِلَيْهِ (وفاضت لَك عبرته) بِالْفَتْح أَي سَالَتْ من الْفرق دُمُوعه (وذل لَك جِسْمه) انْقَادَ لَك بِجَمِيعِ أَرْكَانه الظَّاهِرَة والباطنة (وَرَغمَ لَك أَنفه) لصق بِالتُّرَابِ (اللَّهُمَّ لَا تجعلني بدعائك شقيا) تعبا خائبا (وَكن بِي رؤوفا رحِيما) عطوفا شفوقا (يَا خير المسؤلين وَيَا خير المعطين) أَي يَا خير من طلب مِنْهُ وَخير من أعْطى (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف كَمَا فِي الْمَعْنى
(اللَّهُمَّ أصلح ذَات بَيْننَا) أَي الْحَال الَّتِي يَقع بهَا الِاجْتِمَاع (وَألف بَين قُلُوبنَا) اجْعَل بَينهَا الإيناس والمودّة والتراحم لتثبت على الْإِسْلَام وتقوى على مقاومة أعدائك (واهدنا سبل السَّلَام) دلنا على طرق السَّلامَة من الْآفَات (ونجنا من الظُّلُمَات إِلَى النُّور) أنقذنا من ظلمات الدُّنْيَا إِلَى نور الْآخِرَة (وجنبنا الْفَوَاحِش مَا ظهر مِنْهَا وَمَا بطن) بَعدنَا عَن القبائح الظَّاهِرَة والباطنة (اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وَأَزْوَاجنَا وَذُرِّيَّاتنَا وَتب علينا أَنَّك أَنْت التواب) الرجاع بعباده إِلَى موطن النجَاة بعد مَا سلط عَلَيْهِم عدوّهم بغوايته ليعرفوا فَضله عَلَيْهِم ثمَّ أتبعه وَصفا كالتعديل لَهُ فَقَالَ (الرَّحِيم) المبالغ فِي الرَّحْمَة (واجعلنا شاكرين لنعمتك) أَي إنعامك (مثنين بهَا) أَي نذكرك بالجميل (قائلين بهَا) أَي مستمرّين على قَول ذَلِك مداومين عَلَيْهِ (وأتمها علينا) سَأَلَ التَّوْفِيق لدوام الشُّكْر لِأَنَّهُ قيد النعم بِهِ تدوم وبتركه تَزُول (طب ك عَن ابْن مَسْعُود) بِإِسْنَاد جيد
(اللَّهُمَّ إِلَيْك أَشْكُو ضعف قوتي) أَي أَشْكُو إِلَيْك ضعفها لَا إِلَى(1/212)
غَيْرك فَإِن الشكوى إِلَيْهِ لَا تجدي (وَقلة حيلتي وهواني على النَّاس) أَي احتقارهم إيَّايَ واستهانتهم بِي (يَا أرْحم الرَّاحِمِينَ) أَي يَا مَوْصُوفا بِكَمَال الْإِحْسَان بجلائل النعم ودقائقها والشكوى إِلَيْهِ تَعَالَى لَا تنَافِي أمره بِالصبرِ فِي النُّصُوص القرآنية (إِلَى من تَكِلنِي) أَي تفوّض أَمْرِي (إِلَى عدوّ يتجهمني) بِالتَّشْدِيدِ أَي يلقاني بغلظة وَوجه كريه (أم إِلَى قريب) من النّسَب (ملكته أَمْرِي) أَي جعلته متسلطا على إيذائي وَلَا أَسْتَطِيع دَفعه (إِن لم تكن ساخطا عليّ) وَفِي رِوَايَة إِن لم يكن لَك سخط عليّ (فَلَا أُبَالِي) بِمَا تصنع بِي أعدائي (غير أَن عافيتك) الَّتِي هِيَ السَّلامَة من البلايا والمحن والمصائب (أوسع لي أعوذ بِنور وَجهك) أَي ذاتك (الْكَرِيم) أَي الشريف (الَّذِي أَضَاءَت لَهُ السَّمَوَات وَالْأَرْض) جمع السَّمَوَات وأفرد الأَرْض لِأَنَّهَا طَبَقَات متفاضلة بِالذَّاتِ مُخْتَلفَة بِالْحَقِيقَةِ (وأشرقت لَهُ الظُّلُمَات) بِبِنَاء أشرقت للْمَفْعُول من شَرقَتْ بالضوء تشرق إِذا امْتَلَأت بِهِ (وَصلح) بِفَتْح اللَّام وتضم (عَلَيْهِ أَمر الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) استقام وانتظم (أَن تحل عليّ غضبك) أَي تنزله بِي أَو توجبه على (أَو تنزل عليّ سخطك) غضبك فَهُوَ من عطف الرديف للاستعطاف (وَلَك العتبى) بِضَم الْمُهْملَة آخِره ألف مَقْصُورَة اسْم من الأعتاب والأعتاب كَمَا قَالَ الْخَلِيل مُخَاطبَة الادلال ومذاكرة الموجدة (حَتَّى ترْضى) أَي أسترضيك حَتَّى ترْضى (وَلَا حول وَلَا قوّة إِلَّا بك) استعاذ بِهَذَا بعد استعاذته بِذَاتِهِ تَعَالَى رمزا إِلَى أَنه لَا تُوجد نابضة حَرَكَة وَلَا قابضة سُكُون فِي خير وَشر إِلَّا بأَمْره التَّابِع لمشيئته وَفِي هَذَا من كَمَال خوف الْمُصْطَفى من ربه مَا لَا يخفى وَكلما ارْتَفَعت منزلَة العَبْد عظم خَوفه وَفِيه أبلغ ردّ على الْإِسْنَاد ابْن فورك حَيْثُ ذهب إِلَى أَن الْوَلِيّ لَا يجوز أَن يعرف أَنه ولى لِأَنَّهُ بسلبه الْخَوْف وَيُوجب لَهُ الْأَمْن فإنّ الْأَنْبِيَاء إِذا كَانُوا أشدّ النَّاس خوفًا مَعَ علمهمْ بنبوتهم فَكيف بغيرهم (طب عَن عبد الله ابْن جَعْفَر) بن أبي طَالب
(اللَّهُمَّ واقية كواقية الْوَلِيد) أَي الْمَوْلُود يَعْنِي أَسأَلك كلاءة وحفظا كحفظ الطِّفْل الْمَوْلُود أَو أَرَادَ مُوسَى ألم نربك فِينَا وليدا يَعْنِي كَمَا وقيت مُوسَى شَرّ فِرْعَوْن وَهُوَ فِي حجره فقني شَرّ قومِي وَأَنا بَينهم وَفِي هَذَا مَا لَا يخفى من دوَام افتقار الْمُصْطَفى ودوام التجائه إِلَى ربه وَلَا يتَحَقَّق بِهَذَا الْوَصْف إِلَّا عبد كوشف بَاطِنه بصفاء الْمعرفَة وأشرق صَدره بِنور الْيَقِين وخلص قلبه إِلَى بِسَاط الْقرب وجلى سرّه بلذاذة المسامرة فَبَقيت نَفسه بَين هَذِه كلهَا أسيرة مأمورة (ع عَن عمر) بن الْخطاب وَفِي إِسْنَاده مَجْهُول
(اللَّهُمَّ كَمَا حسنت خلقي) بِالْفَتْح أَي أوصافي الظَّاهِرَة (فَحسن خلقي) بِالضَّمِّ أَي أوصافي الْبَاطِنَة الَّتِي هِيَ منَاط الْكَمَال لأقوى على تحمل أثقال الْخلق وأتخلق بتحقق الْعُبُودِيَّة والرضاب بِالْقضَاءِ ومشاهدة لربوبية (حم عَن ابْن مَسْعُود) بِإِسْنَاد جيد جدّا
(اللَّهُمَّ احفظني بِالْإِسْلَامِ قَائِما) أَي حَال كوني قَائِما وَكَذَا مَا بعده (واحفظني بِالْإِسْلَامِ قَاعِدا واحفظني بِالْإِسْلَامِ رَاقِدًا) أَرَادَ فِي جَمِيع الْحَالَات ومقصوده طلب الْكَمَال وإتمام النِّعْمَة عَلَيْهِ بإكمال دينه (وَلَا تشمت بِي عدوّا وَلَا حَاسِدًا) لَا تنزل بِي بلية يفرح بهَا عدوّي وحاسدي (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من كل خير خزائنه بِيَدِك وَأَعُوذ بك من كل شَرّ خزائنه بِيَدِك) وَفِي رِوَايَة بيديك فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَالْيَد مجَاز عَن القوّة المتصرفة وتثنيتها بِاعْتِبَار تنويع التَّصَرُّف فِي الْعَالمين (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَغَيره وَصَححهُ
(اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك مُوجبَات رحمتك) بِكَسْر الْجِيم جمع مُوجبَة وَهِي الْكَلِمَة الَّتِي أوجبت(1/213)
لقائلها الرَّحْمَة أَي مقتضياتها بوعدك (وعزائم مغفرتك) مؤكداتها أَو موجباتها يَعْنِي أَسأَلك أعمالا بعزم تهب بهَا لى مغفرتك (والسلامة من كل إِثْم) يُوجب عقَابا أَو عتابا أَو نقص دَرَجَة (وَالْغنيمَة من كل برّ) بِالْكَسْرِ طَاعَة وَخير (والفوز بِالْجنَّةِ والنجاة من النَّار) وَهَذَا على منهاج التَّعْلِيم لأمته كَيفَ وَهُوَ مَحْكُوم لَهُ بالفوز والنجاة (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَوهم من قَالَ أَبُو مَسْعُود
(اللَّهُمَّ أمتعني بسمعي وبصري حَتَّى تجعلهما الْوَارِث مني) أبقهما صَحِيحَيْنِ سليمين إِلَى أَن أَمُوت أَو أَرَادَ بقاءهما وقوّتهما عِنْد الْكبر وانحلال القوى (وَعَافنِي فِي ديني وَفِي جَسَدِي وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي) من أَعدَاء دينك (حَتَّى تريني فِيهِ ثَأْرِي) أَي تهلكه (اللَّهُمَّ إِنِّي أسلمت نَفسِي) ذاتي (إِلَيْك) يَعْنِي جعلت ذاتي طَائِعَة لحكمك منقادة لأمرك (وفوّضت) رددت (أَمْرِي إِلَيْك) أَي إِلَى حكمك (وألجأت ظَهْري إِلَيْك) أَي أسندته إِلَيْك وَخص الظّهْر لجري الْعَادة بِأَن الْآدَمِيّ يعْتَمد بظهره إِلَى مَا يسْتَند إِلَيْهِ (وخليت) بخاء مُعْجمَة فرغت (وَجْهي) قصدي (إِلَيْك) أَي برأته من الشّرك والنفاق وعقدت قلبِي على الْإِيمَان (لَا ملْجأ) بِالْهَمْز وَقد تتْرك للازدواج (وَلَا منجا) هَذَا مَقْصُور لَا يمدّ وَلَا يهمز إِلَّا بِقصد الْمُنَاسبَة للأوّل أَي لَا مهرب وَلَا مخلص (مِنْك إِلَّا إِلَيْك) فأموري الدَّاخِلَة والخارجة مفتقرة إِلَيْك (آمَنت برسولك الَّذِي أرْسلت) يَعْنِي نَفسه أَو المُرَاد كل رَسُول أَرْسلتهُ أَو هُوَ تَعْلِيم (وبكتابك الَّذِي أنزلت) يَعْنِي الْقُرْآن أَو كل كتاب سبق (ك) فِي الدُّعَاء (عَن عليّ) وَقَالَ صَحِيح وأقرّوه
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز) بِسُكُون الْجِيم سلب القوّة وتخلف التَّوْفِيق (والكسل) التثاقل والتراخي عَمَّا يَنْبَغِي مَعَ الْقُدْرَة قَالَ بزرجمهر من تخلق بِالْكَسَلِ فليتسل عَن سَعَادَة الدَّاريْنِ وَقَالَ بَعضهم راحتي فِي جِرَاحَة راحتي والبطالة تبطل الهيبة الإنسانية (والجبن) الخور عَن تعَاطِي الْقِتَال خوفًا على المهجة (وَالْبخل) منع السَّائِل الْمُحْتَاج عَمَّا يفضل عَن الْحَاجة (والهرم) كبر السن المؤدّي إِلَى سُقُوط القوى وَذَهَاب الْعقل وتخبط الرَّأْي (وَالْقَسْوَة) غلظ الْقلب وصلابته (والغفلة) غيبَة الشَّيْء المهم عَن البال وَعدم تذكره (والذلة) بِالْكَسْرِ الهوان على النَّاس وتظهرهم إِيَّاه بِعَين الاحتقار (والقلة) بِالْكَسْرِ قلَّة الصَّبْر أَو الِانْتِصَار أَو المَال بِحَيْثُ لَا يجد كفافا (والمسكنة) سوء الْحَال مَعَ قلَّة المَال (وَأَعُوذ بك من الْفقر) فقر النَّفس لَا مَا هُوَ الْمُتَبَادر من إِطْلَاقه على الْحَاجة الضرورية فَإِنَّهُ يعم كل مَوْجُود يأيها النَّاس أَنْتُم الْفُقَرَاء إِلَى الله (وَالْكفْر) عنادا أَو جحد أَو تدينا أَو نفَاقًا (والفسوق) الْخُرُوج عَن الاسْتقَامَة والجور فِي الْأُمُور (والشقاق) مُخَالفَة الْحق بِأَن يصير كل من المتنازعين فِي شقّ (والنفاق) الْحَقِيقِيّ أَو الْمجَازِي (والسمعة) بِالضَّمِّ التنويه بِالْعَمَلِ ليسمعه النَّاس (والرياء) بمثناة تحتية إِظْهَار الْعِبَادَة لترى فيحمد ويعتقد واستعاذته من هَذِه الْخِصَال إبانة عَن قبحها والزجر عَنْهَا (وَأَعُوذ بك من الصمم) بطلَان السّمع أَو ضعفه (والبكم) الخرس أَو أَن يُولد لَا ينْطق وَلَا يسمع (وَالْجُنُون) زَوَال الْعقل (والجذام) عِلّة تسْقط الشّعْر وتفتت اللَّحْم وتجري الصديد مِنْهُ (والبرص) عِلّة تحدث فِي الْأَعْضَاء بَيَاضًا (وسيء) الأسقام) الْأَمْرَاض الْفَاحِشَة الرَّديئَة المؤدّية إِلَى فرار الْحَمِيم وفقد الأنيس (ك وَالْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الدُّعَاء عَن أنس) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّوه
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وقلب لَا يخشع وَدُعَاء لَا يسمع وَنَفس لَا تشبع وَمن الْجُوع) الْأَلَم الَّذِي ينَال الْحَيَوَان(1/214)
من خلوّ الْمعدة (فَإِنَّهُ بئس الضجيع) الْمضَاجِع لِأَنَّهُ يمْنَع رَاحَة الْبدن ويحلل الموادّ المحمودة بِلَا بدل ويشوّش الدِّمَاغ وَيُورث الوسواس (وَمن الْخِيَانَة) مُخَالفَته الْحق بِنَقْض الْعَهْد فِي السرّ (فَإِنَّهَا بئست البطانة) أَي بئس الشَّيْء الَّذِي يستبطنه من أمره ويجعله بطانة (وَمن الكسل وَالْبخل والجبن وَمن الْهَرم وَإِن أرد إِلَى أرذل الْعُمر) الْهَرم والخرف أَو ضعف كالطفولية أَو ذهَاب الْعقل (وَمن فتْنَة الدَّجَّال) محنته وامتحانه وَهُوَ من الدجل التغطية لِأَنَّهُ يُغطي الْحق يباطله (وَعَذَاب الْقَبْر) أَي وَمن عَذَاب فِي الْقَبْر أَو أضيف للقبر لِأَنَّهُ الْغَالِب (وفتنة الْمحيا) بِفَتْح الْمِيم مَا يعرض للآدمي مدّة حَيَاته من الافتتان بالدنيا والجهالات أَو هِيَ الِابْتِلَاء مَعَ فقد الصَّبْر (وَالْمَمَات) أَي مَا يفتن بِهِ عِنْد الْمَوْت أضيفت إِلَيْهِ لقربها مِنْهُ (اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك قلوبا أواهة) متضرعة أَو كَثِيرَة الدُّعَاء أَو الْبكاء (مخبتة) خاشعة مطيعة منقادة (منيبة) رَاجِعَة إِلَيْك بِالتَّوْبَةِ (فِي سَبِيلك) أَي الطَّرِيق إِلَيْك (اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلك عزائم مغفرتك) حَتَّى يَسْتَوِي المذنب التائب وَالَّذِي لم يُذنب فِي منَازِل الرَّحْمَة (ومنجيات أَمرك) مَا يُنجي من عقابك ويصون عَن عذابك (والسلامة من كل إِثْم) ذَنْب (وَالْغنيمَة من كل برّ) بِالْكَسْرِ خير وَطَاعَة (والفوز بِالْجنَّةِ) أَي بنعيمها (والنجاة من النَّار) أَي من عَذَابهَا ومرّ أَن هَذَا مقول للتشريع (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَقَالَ صَحِيح قَالَ الْعِرَاقِيّ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ
(اللَّهُمَّ اجْعَل أوسع رزقك عليّ عِنْد كبر سني وَانْقِطَاع عمري) أَي إشرافه على الِانْقِطَاع فَإِن الْآدَمِيّ عِنْد الشيخوخة ضَعِيف القوى قَلِيل الكدّ عَاجز السَّعْي (ك عَن عَائِشَة) وَقَالَ حسن غَرِيب وردّ عَلَيْهِ بأنّ فِيهِ مُتَّهمًا
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْعِفَّة) أَي العفاف يَعْنِي التَّنَزُّه عَمَّا لَا يحل (والعافية فِي دنياي وديني) ويندرج فِيهِ الْوِقَايَة من كل مَكْرُوه (وَأَهلي وَمَالِي اللَّهُمَّ اسْتُرْ عورتي) عيوبي وخللي وتقصيري وَكلما يستحيي من ظُهُوره (وآمن روعتي) بِفَتْح الرَّاء خوفي من الروع بِالْفَتْح الْفَزع (واحفظني من بَين يَدي وَمن خَلْفي وَعَن يَمِيني وَعَن شمَالي وَمن فَوقِي وَأَعُوذ بك أَن أغتال) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي أهلك (من تحتي) أَي أدهى من حَيْثُ لَا أشعر بخسف أَو غَيره استوعب الْجِهَات السِّت بأجمعها (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف يُونُس بن جناب
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك إِيمَانًا يُبَاشر قلبِي) أَي يلابسه ويخالطه (حَتَّى أعلم) أَجْزم وأتيقن (أَنه لَا يُصِيبنِي إِلَّا مَا كتبت لي) أَي قدرته عليّ فِي الْعلم الْقَدِيم الأزلي أَو فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ (ورضني بِمَا قسمت لي) أَي وَأَسْأَلك أَن ترزقني الرِّضَا بِالَّذِي قسمته لي من الرزق فَلَا أتسخطه وَلَا أستقله (الْبَزَّار عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف سعيد بن سِنَان
(اللَّهُمَّ إِن إِبْرَاهِيم كَانَ عَبدك وخليلك) من الْخلَّة الصداقة والمحبة الَّتِي تخللت الْقلب فملأته (دعَاك لأهل مَكَّة بِالْبركَةِ) بقوله وارزقهم من الثمرات الْآيَة (وَأَنا مُحَمَّد عَبدك وَرَسُولك) لم يذكر الْخلَّة لنَفسِهِ مَعَ أَنه خَلِيل أَيْضا تواضعا ورعاية للأدب مَعَ أَبِيه (أَدْعُوك لأهل الْمَدِينَة) طيبَة (أَن تبَارك لَهُم فِي مدّهم وصاعهم) أَي فِيمَا يُكَال بهما بركَة (مثلي مَا باركت لأهل مَكَّة مَعَ الْبركَة بركتين) أَي أَدْعُوك أَن تضَاعف لَهُم الْبركَة ضعفى مَا باركته لأهل مَكَّة بِدُعَاء إِبْرَاهِيم (ت) وَكَذَا أَحْمد (عَن عَليّ) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(اللَّهُمَّ إنّ إِبْرَاهِيم حرم مَكَّة) أَي أظهر حرمتهَا بِأَمْر الله فَلَا يسفك فِيهَا دم إِنْسَان وَلَا يظلم فِيهَا أحد وَلَا يصاد صَيْده وَلَا يخْتَلى خلاه وَقَوله(1/215)
(فَجَعلهَا حَرَامًا) جملَة مُوضحَة شارحة لما قبلهَا (وَإِنِّي حرمت الْمَدِينَة) أَي جَعلتهَا إحراما (مَا بَين مأزميها) تَثْنِيَة مأزم بِالْهَمْز وزاي مَكْسُورَة الْجَبَل أَو الْمضيق بَين جبلين وحرمتها (أَن لَا يراق فِيهَا دم) أَي لَا يقتل فِيهَا آدَمِيّ مَعْصُوم بِغَيْر حق (وَلَا يحمل فِيهَا سلَاح لقِتَال) أَي عِنْد فقد الِاضْطِرَار (وَلَا تخبط) تضرب (فِيهَا شَجَرَة) ليسقط وَرقهَا (إِلَّا لعلف) بِسُكُون اللَّام مَا تَأْكُله الْمَاشِيَة (اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدينتنا) كثر خَيرهَا (اللَّهُمَّ بَارك لنا يَفِ صاعنا) أَي فِيمَا يُكَال بِهِ (اللَّهُمَّ بَارك لنا فِي مدّنا) بِحَيْثُ يَكْفِي المدّ فِيهَا لمن لَا يَكْفِيهِ فِي غَيرهَا (اللَّهُمَّ اجْعَل مَعَ الْبركَة) الَّتِي فِي غَيرهَا (بركتين) فِيهَا فَتَصِير الْبركَة فِيهَا مضاعفة (وَالَّذِي نَفسِي) روحي (بِيَدِهِ) بتقديره وتصريفه (مَا من الْمَدِينَة شعب) بِكَسْر الشين فُرْجَة نَافِذَة بَين جبلين (وَلَا نقب) بِفَتْح النُّون وَسُكُون الْقَاف طَرِيق بَين جبلين (إِلَّا وَعَلِيهِ ملكان) بِفَتْح اللَّام (يحرسانها) من العدوّ (حَتَّى تقدمُوا) بمثناة فوقية (إِلَيْهَا) من سفركم وَكَانَ هَذَا القَوْل حِين كَانُوا مسافرين للغزو وبلغهم أَن العدوّ يُرِيد الهجوم (أَو هجم عَلَيْهَا (م عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(اللهمّ إِنِّي أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم) أَي مِمَّا يَأْثَم بِهِ الْإِنْسَان أَو مِمَّا فِيهِ إِثْم أَو مِمَّا يُوجب الْإِثْم أَو الْإِثْم نَفسه (والمغرم) أَي مغرم الذُّنُوب أَو الدّين فِيمَا لَا يحل أَو فِيمَا يحل لَكِن يعجز عَن وفائه أَو من الْحَاجة إِلَيْهِ وَذَا تَعْلِيم أَو إِظْهَار للعبودية والافتقار (وَمن فتْنَة الْقَبْر) الْحيرَة فِي جَوَاب الْملكَيْنِ (وَعَذَاب الْقَبْر) عطف عامّ على خَاص فعذابه قد ينشأ عَن فتنته بِأَن يتحير فيعذب وَقد يكون لغَيْرهَا بِأَن يُجيب بِالْحَقِّ ثمَّ يعذب على تفريطه فِي مَأْمُور أَو مَنْهِيّ (وَمن فتْنَة النَّار) سُؤال خزنتها وتوبيخهم (وَعَذَاب النَّار) إحراقها بعد فتنتها (وَمن شرف فتْنَة الْغنى) البطر والطغيان وَصرف المَال فِي الْمعاصِي (وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْفقر) حسد الْأَغْنِيَاء والطمع فِي مَالهم والتذلل لَهُم وَعدم الرِّضَا بالمقسوم (وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح) بحاء مُهْملَة لكَون إِحْدَى عَيْنَيْهِ ممسوحة أَو لسمح الْخَيْر مِنْهُ أَو لمسحه الأَرْض أَي قطعهَا فِي أمد قَلِيل (الدَّجَّال) من الدجل الْخَلْط أَو الْكَذِب استعاذ مِنْهُ مَعَ كَونه لَا يُدْرِكهُ نشرا لخبره بَين الْأمة لِئَلَّا يلتبس كفره على مدركه (اللَّهُمَّ اغسل) أزل (عني خطاياي) ذُنُوبِي بفرضها (بِالْمَاءِ والثلج وَالْبرد) بِفَتْح الرَّاء جمع بَينهمَا مُبَالغَة فِي التَّطْهِير لِأَن مَا غسل بِالثَّلَاثَةِ أنقى مِمَّا غسل بِالْمَاءِ وَحده فَسَأَلَ ربه أَن يطهره التَّطْهِير إِلَّا على الْمُوجب لجنة المأوى وَالْمرَاد طهرني مِنْهَا بأنواع مغفرتك (ونق قلبِي) الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَة ملك الْأَعْضَاء أَو استقامتها باستقامته (من الْخَطَايَا) تَأْكِيد للسابق ومجاز عَن إِزَالَة الذُّنُوب (كَمَا ينقى الثَّوْب الْأَبْيَض من الدنس) الْوَسخ (وباعد) أبعد وَعبر بالمفاعلة مُبَالغَة (بيني وَبَين خطاياي) كرر بَين لِأَن الْعَطف على الضَّمِير الْمَجْرُور يُعَاد فِيهِ الْخَافِض (كَمَا باعدت) أَي كتبعيدك (بَين الْمشرق) مَوضِع الشروق (وَالْمغْرب) مَحل الْغُرُوب أَي امح مَا حصل من ذُنُوبِي وَحل بيني وَبَين مَا يخَاف من وُقُوعهَا حَتَّى لَا يبْقى لَهَا مني اقتراب بِالْكُلِّيَّةِ (ق ت ن هـ عَن عَائِشَة
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من الْخَيْر كُله عاجله وآجله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم وَأَعُوذ بك من الشَّرّ كُله عاجله وآجله مَا علمت مِنْهُ وَمَا لم أعلم) هَذَا من جَوَامِع الْكَلم وَأحب الدُّعَاء إِلَى الله كَمَا قَالَ الْحَلِيمِيّ وأعجله إِجَابَة (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك من خير مَا سَأَلَك بِهِ عَبدك وَنَبِيك وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا عاذ بِهِ عَبدك وَنَبِيك اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْجنَّة وَمَا قرّب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل وَأَعُوذ بك من النَّار وَمَا قرب إِلَيْهَا من قَول أَو عمل وَأَسْأَلك أَن تجْعَل كل قَضَاء قَضيته لي(1/216)
خيرا) الْقَصْد بِهِ طلب دوَام شُهُود الْقلب أَن كل وَاقع فَهُوَ خير وينشأ عَنهُ الرِّضَا فَلَا يُنَافِي حَدِيث عجبا لِلْمُؤمنِ لَا يقْضِي الله لَهُ قَضَاء إِلَّا كَانَ لَهُ خيرا (هـ عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَيْضا أَحْمد وَغَيره
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِاسْمِك الطَّاهِر) الأقدس الْأَنْفس المنزه عَن كل عيب وَنقص (الطّيب) النفيس (الْمُبَارك) الزَّائِد خَيره العميم فَضله (الأحب إِلَيْك) من جَمِيع الْأَسْمَاء (الَّذِي إِذا دعيت بِهِ أجبْت) الدَّاعِي إِلَى مَا سَأَلَهُ (وَإِذا سُئِلت بِهِ أَعْطَيْت) السَّائِل سؤله (وَإِذا استرحمت بِهِ) أَي طلب أحد مِنْك الرَّحْمَة وَأقسم عَلَيْك بِهِ (رحمت) أَي رَحمته (وَإِذا استفرجت بِهِ) أَي طلب مِنْك الْفرج (فرجت) عَمَّن استفرج بِهِ وَلم ترده خائبا (هـ عَن عَائِشَة) وَبَوَّبَ عَلَيْهِ بَاب اسْم الله الْأَعْظَم
(اللَّهُمَّ من آمن بِي وصدّقني) بِمَا جِئْت بِهِ من عنْدك وَهَذَا من عطف الرديف (وَعلم أنّ مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحق من عنْدك فأقلل مَاله وَولده) لِأَن من كَانَ مقلا مِنْهُمَا سهل عَلَيْهِ التَّوَسُّع فِي عمل الْآخِرَة (وحبب إِلَيْهِ لقاءك) أَي حبب إِلَيْهِ الْمَوْت ليلقاك (وَعجل لَهُ الْقَضَاء) أَي الْمَوْت (وَمن لم يُؤمن بِي وَلم يصدّقني وَلم يعلم أَن مَا جِئْت بِهِ هُوَ الْحق من عنْدك) جمع بَين هَذِه الْجمل للإطناب (فَأكْثر مَا لَهُ وَولده وأطل عمره) ليكْثر عَلَيْهِ أَسبَاب الْعقَاب وَلَا يُعَارضهُ خبر أَنه دَعَا لأنس بتكثير مَا لَهُ وَولده لاخْتِلَاف ذَلِك باخْتلَاف الْأَشْخَاص كَمَا يفِيدهُ الْخَبَر الْقُدسِي أنّ من عبَادي من لَا يصلحه إِلَّا الْغنى الحَدِيث وَكَانَ قِيَاس دُعَائِهِ بطول الْعُمر فِي الثَّانِي دعاؤه فِي الأول بقصره لكنه تَركه لأنّ الْمُؤمن كلما طَال عمره وَحسن عمله كَانَ خيرا لَهُ (5 عَن عَمْرو بن غيلَان) بن سَلمَة (الثَّقَفِيّ) مُخْتَلف فِي صحبته (طب عَن معَاذ) بن جبل ضَعِيف لضعف عَمْرو بن وَاقد لكنه يُقَوي بوروده من طَرِيقين
(اللَّهُمَّ من آمن بك) صدق بأنك لَا إِلَه إِلَّا أَنْت وَحدك (وَشهد أَنِّي رَسُولك) إِلَى الثقلَيْن فحبب إِلَيْهِ لقاءك) أَي الْمَوْت ليلقاك (وَسَهل عَلَيْهِ قضاءك) فيتلقاه بقلب سليم وَصدر منشرح (وأقلل لَهُ من الدُّنْيَا) أَي من زهرتها وَزينتهَا ليتجافى عَن دَار الْغرُور ويميل إِلَى دَار الخلود (وَمن لم يُؤمن بك وَلم يشْهد أَنِّي رَسُولك فَلَا تحبب إِلَيْهِ لقاءك وَلَا تسهل عَلَيْهِ قضاءك وَكثر لَهُ من الدُّنْيَا) وَذَلِكَ هُوَ غَايَة الشَّقَاء (طب عَن فضَالة بن عبيد) وَرِجَاله ثِقَات
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الثَّبَات فِي الْأَمر) الدَّوَام على الدّين وَلُزُوم الاسْتقَامَة عَلَيْهِ (وَأَسْأَلك عَزِيمَة الرشد) حسن التَّصَرُّف فِي الْأَمر وَالْإِقَامَة عَلَيْهِ (وَأَسْأَلك شكر نِعْمَتك) أَي التَّوْفِيق لشكر أنعامك (وَحسن عبادتك) أَي إيقاعها على الْوَجْه الْحسن المرضي (وَأَسْأَلك لِسَانا صَادِقا) مَحْفُوظًا من الْكَذِب (وَقَلْبًا حَلِيمًا) بِحَيْثُ لَا يقلق وَلَا يضطرب عِنْد هيجان الْغَضَب (وَأَعُوذ بك من شرّ مَا تعلم) أَي مَا تعلمه أَنْت وَلَا أعلمهُ أَنا (وَأَسْأَلك من خير مَا تعلم وأستغفرك مِمَّا تعلم) مني من تَفْرِيط (أَنَّك أَنْت علام الغيوب) أَي الْأَشْيَاء الْخفية الَّتِي لَا ينفذ فِيهَا ابْتِدَاء الأعلم اللَّطِيف الْخَبِير (ت ن عَن شدّاد بن أَوْس) قَالَ الْعِرَاقِيّ مُنْقَطع وَضَعِيف
(اللَّهُمَّ لَك أسلمت وَبِك آمَنت وَعَلَيْك توّكلت وَإِلَيْك أنبت) أَي رجعت وَأَقْبَلت بهمتي (وَبِك خَاصَمت) أَي بك أحتج وأدافع وأقاتل (اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بعزتك) أَي بقوّة سلطانك (لَا إِلَه إِلَّا أَنْت أَن تضلني) أَي تهلكني بِعَدَمِ التَّوْفِيق للرشاد (أَنْت الْحَيّ القيوم) الدَّائِم الْقَائِم بتدبير الْخلق (الَّذِي لَا يَمُوت) بِالْإِضَافَة للْغَائِب للْأَكْثَر وَفِي رِوَايَة بِلَفْظ الْخطاب (وَالْجِنّ وَالْإِنْس يموتون) عِنْد انْقِضَاء آجالهم (م عَن ابْن عَبَّاس) وَرَوَاهُ عَنهُ البُخَارِيّ أَيْضا
(اللَّهُمَّ لَك الْحَمد كَالَّذي نقُول) بالنُّون أَي كَالَّذي نحمدك(1/217)
بِهِ من المحامد (وَخيرا مِمَّا نقُول) بالنُّون أَي مِمَّا حمدت بِهِ نَفسك أَو استأثرت بِهِ فِي علم الْغَيْب عنْدك (اللَّهُمَّ لَك) لَا لغيرك (صَلَاتي ونسكي) عبادتي أَو ذبائحي فِي الْحَج وَالْعمْرَة (ومحياي) حَياتِي (ومماتي) موتِي أَي لَك مَا فيهمَا من جَمِيع الْأَعْمَال وَالْجُمْهُور على فتح يَاء محياي وَسُكُون يَاء مماتي وَيجوز الْفَتْح والسكون فيهمَا (3 وَلَك رب تراثي) بمثناة ومثلثة مَا يخلفه الْإِنْسَان لوَرثَته فَبين أَنه لَا يُورث وَأَن مَا يخلفه صدقه لله (اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر ووسوسة الصَّدْر) حَدِيث النَّفس بِمَا لَا يَنْبَغِي (وشتات الْأَمر) تَفْرِقَة وتشعبه (اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك من خير مَا تجئ بِهِ الرِّيَاح وَأَعُوذ بك من شَرّ مَا تجئ بِهِ الرّيح) سَأَلَ الله خير الْمَجْمُوعَة لِأَنَّهَا تجئ للرحمة وتعوذ بِهِ من شَرّ المفردة لِأَنَّهَا للعذاب (ت هَب عَن عليّ) وَلَيْسَ إِسْنَاده بِقَوي
(اللَّهُمَّ عَافنِي فِي جَسَدِي) سلمني من المكاره فِيهِ (وَعَافنِي فِي بَصرِي) كَذَلِك (واجعله الْوَارِث مني) بِأَن يلازمني حَتَّى عِنْد الْمَوْت لُزُوم الْوَارِث لمورثه (لَا إِلَه إِلَّا الله الْحَلِيم الْكَرِيم سُبْحَانَ الله رب الْعَرْش الْعَظِيم الْحَمد لله رب الْعَالمين) أَي الْوَصْف بِجَمِيعِ صِفَات الْكَمَال لله وَحده على كل حَال (ت ك عَن عَائِشَة) وَإِسْنَاده جيد
(اللَّهُمَّ اقْسمْ لنا) اجْعَل لنا (من خشيتك) أَي خوفك (مَا) أَي قسما ونصيبا (يحول) يحجب وَيمْنَع (بَيْننَا وَبَين مَعَاصِيك) لِأَن الْقلب إِذا امْتَلَأَ من الْخَوْف أحجمت الْأَعْضَاء عَن الْمعاصِي (وَمن طَاعَتك مَا تبلغنَا بِهِ جنتك) أَي مَعَ شمولنا بِرَحْمَتك وَلَيْسَت الطَّاعَة وَحدهَا مبلغة (وَمن الْيَقِين مَا يهون) يسهل (علينا مصائب الدُّنْيَا) بِأَن نعلم أَن مَا قدرته لَا يَخْلُو عَن حِكْمَة ومصلحة وَأَنه لَا يفعل بِالْعَبدِ شَيْئا إِلَّا وَفِيه صَلَاحه (وَمَتعْنَا بأسماعنا وأبصارنا وَقُوَّتِنَا مَا أَحْيَيْتَنَا) أَي مدّة حياتنا (واجعله الْوَارِث منا) أَي اجْعَل تَمَتعنَا بهَا بَاقِيا عَنَّا موروثا لمن بَعدنَا أَو مَحْفُوظًا لنا ليَوْم الْحَاجة (وَاجعَل ثَأْرنَا على من ظلمنَا) أَي مَقْصُورا عَلَيْهِ وَلَا تجعلنا مِمَّن تعدّي فِي طلب ثاره فَأخذ بِهِ غير الْجَانِي (وَانْصُرْنَا على من عَادَانَا) ظفرنا عَلَيْهِ وانتقم مِنْهُ (وَلَا تجْعَل مُصِيبَتنَا فِي ديننَا) أَي لَا تصبنا بِمَا ينقص ديننَا من أكل حرَام أَو غَيره (وَلَا تجْعَل الدُّنْيَا أكبر هَمنَا) فَإِن ذَلِك سَبَب للهلاك (وَلَا مبلغ علمنَا) بِحَيْثُ يكون جَمِيع معلوماتنا الطّرق المحصلة للدنيا (وَلَا تسلط علينا من لَا يَرْحَمنَا) أَي لَا تجعلنا مغلوبين للظلمة والكفرة أَو لَا تجْعَل الظَّالِمين علينا حاكمين أَو من لَا يَرْحَمنَا من مَلَائِكَة الْعَذَاب (ت ك عَن ابْن عمر) بِإِسْنَاد حسن
(اللَّهُمَّ انفعني بِمَا علمتني) بِالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ (وَعَلمنِي مَا يَنْفَعنِي) لأرتقي مِنْهُ إِلَى عمل زَائِد (وزدني علما) مُضَافا إِلَى مَا علمتنيه (الْحَمد لله على كل حَال) من أَحْوَال السَّرَّاء وَالضَّرَّاء (وَأَعُوذ بِاللَّه من حَال أهل النَّار) فِي النَّار وَغَيرهَا وَهَذَا الدُّعَاء من جَوَامِع الْكَلم (ت هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ التِّرْمِذِيّ غَرِيب
(اللَّهُمَّ اجْعَلنِي أعظم شكرك) أَي وفقني لإكثاره والدوام على استحضاره (وَأكْثر ذكرك) القلبي واللساني (وَاتبع نصيحتك) بامتثال مَا يقرّبني إِلَى رضاك ويبعدني من غضبك (واحفظ وصيتك) بملازمة فعل المأمورات وتجنب المنهيات (ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه مَجْهُول
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك وأتوجه إِلَيْك بنبيك مُحَمَّد نَبِي الرَّحْمَة) أَي الْمَبْعُوث رَحْمَة للْعَالمين (يَا مُحَمَّد إِنِّي تَوَجَّهت بك) أَي استشفعت (إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتي هَذِه لِتَقضي لي) أَي لتقضيها لي بِشَفَاعَتِهِ (اللَّهُمَّ فشفعه فِي) أَي اقبل شَفَاعَته فِي حَقي (ت هـ ك عَن عُثْمَان بن حنيف) قَالَ جَاءَ رجل ضَرِير إِلَى النَّبِي فَقَالَ ادعو الله أَن يعافيني قَالَ إِن شِئْت
3 - (وَإِلَيْك مآبي) سَقَطت هَذِه الْجُمْلَة من خطّ الشَّارِح أه(1/218)
أخرت لَك وَهُوَ خير وَإِن شِئْت دَعَوْت قَالَ فَادعه فَأمره أَن يتَوَضَّأ وَيُصلي رَكْعَتَيْنِ وَيَدْعُو بِهَذَا قَالَ الْحَاكِم صَحِيح
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ سَمْعِي وَمن شَرّ بَصرِي وَمن شَرّ لساني) أَي نطقي فَإِن أَكثر الْخَطَايَا مِنْهُ (وَمن شَرّ قلبِي) يَعْنِي نَفسِي وَالنَّفس مجمع الشَّهَوَات والمفاسد (وَمن شَرّ مني) أَي من شَرّ شدّة الغلمة وسطوة الشبق إِلَى الْجِمَاع الَّذِي إِذا أفرط قد يُوقع فِي الزِّنَا وَخص الْمَذْكُورَات لِأَنَّهَا أصل كل شَرّ (د ك عَن شكل) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالْكَاف قَالَ ت حسن غَرِيب
(اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بدني) من الأسقام والآلام (اللَّهُمَّ عَافنِي فِي سَمْعِي اللَّهُمَّ عَافنِي فِي بَصرِي اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْكفْر والفقر اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر لَا إِلَه إِلَّا أَنْت) فَلَا يستعاذ من جَمِيع المخاوف إِلَّا بك أَنْت (د ك عَن أبي بكرَة) وَضَعفه النَّسَائِيّ
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك عيشة تقية) أَي زكية راضية مرضية (وميتة) بِكَسْر الْمِيم حَالَة الْمَوْت (سوية) بِفَتْح فَكسر فتشديد (ومردا) أَي مرتجعا إِلَى الْآخِرَة (غير مخز) بِضَم فَسُكُون وَفِي رِوَايَة مخزي بِإِثْبَات الْيَاء المشدّدة أَي غير مذل وَلَا موقع فِي بلَاء (وَلَا فاضح) أَي كاشف للمساوي والعيوب (الْبَزَّار) فِي مُسْنده (طب ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَإسْنَاد الطَّبَرَانِيّ جيد
(اللَّهُمَّ إِن قُلُوبنَا وجوارحنا بِيَدِك) أَي فِي تصرّفك تقلبها كَيفَ تشَاء (لم تملكنا مِنْهَا شيأ فَإذْ) وَفِي رِوَايَة فَإِن (فعلت ذَلِك بهما فَكُن أَنْت وليهما) مُتَوَلِّيًا حفظهما وتصريفهما فِي مرضاتك (حل عَن جَابر)
(اللَّهُمَّ اجْعَل لي فِي قلبِي نورا) أَي عَظِيما كَمَا يفِيدهُ التنكير (وَفِي لساني) نطقي (نورا) اسْتِعَارَة للْعلم وَالْهدى (وَفِي بَصرِي نورا) ليتحلى بأنوار المعارف ويتجلى لَهُ صنوف الْحَقَائِق (وَفِي سَمْعِي نورا) ليصير مظهر الْكل مسموع ومدركا لكل كَمَال لَا مَقْطُوع وَلَا مَمْنُوع (وَعَن يَمِيني نورا وَعَن يساري نورا) خصهما بعن إِيذَانًا بتجاوز الْأَنْوَار عَن قلبه وسَمعه وبصره إِلَى من عَن يَمِينه وشماله من أَتْبَاعه (وَمن فَوقِي نورا وَمن تحتي نورا وَمن أَمَامِي نورا وَمن خَلْفي نورا) لأَكُون محفوفا بِالنورِ من جَمِيع الْجِهَات (وَاجعَل لي فِي نَفسِي نورا) أَي اجْعَل لي نورا شَامِلًا للأنوار السَّابِقَة وَغَيرهَا (وَأعظم لي نورا) أَي اجزل لي من عطائك نورا عَظِيما لَا يكتنه كنهه لأَكُون دَائِم السّير والترقي فِي دَرَجَات المعارف (حم ق ن عَن ابْن عَبَّاس
اللَّهُمَّ اصلح لي ديني الَّذِي هُوَ عصمَة أَمْرِي) أَي الَّذِي هُوَ حَافظ لجَمِيع أموري فَإِن من فسد دينه فَسدتْ أُمُوره وخاب وخسر قَالَ الطَّيِّبِيّ هُوَ من قَوْله تَعَالَى {واعتصموا بِحَبل الله جَمِيعًا} أَي بِعَهْد الله وَهُوَ الدّين (وَأصْلح لي دنياي الَّتِي فِيهَا معاشي) أَي بِإِعْطَاء الكفاف فِيمَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَكَونه حَلَالا معينا على الطَّاعَة (وَأصْلح لي آخرتي الَّتِي فِيهَا معادي) أَي مَا أَعُود إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة قَالَ الطَّيِّبِيّ إصْلَاح الْمعَاد اللطف والتوفيق على طَاعَة الله وعبادته وَطلب الرَّاحَة بِالْمَوْتِ فَجمع فِي هَذِه الثَّلَاثَة صَلَاح الدُّنْيَا وَالدّين والمعاد وَهِي أصُول مَكَارِم الْأَخْلَاق (وَاجعَل الْحَيَاة زِيَادَة لي فِي كل خير) أَي اجْعَل حَياتِي زِيَادَة فِي طَاعَتي (وَاجعَل الْمَوْت رَاحَة لي من كل شَرّ) أَي اجْعَل موتِي سَبَب خلاصي من مشقة الدُّنْيَا والتخلص من غمومها (م عَن أبي هُرَيْرَة
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الْهدى) الْهِدَايَة إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقيم (والتقى) الْخَوْف من الله والحذر من مُخَالفَته (والعفاف) الصيانة من مطامع الدُّنْيَا (والغنى) غنى النَّفس والاستغناء عَن النَّاس (م ت هـ عَن ابْن مَسْعُود
اللَّهُمَّ اسْتُرْ عورتي) مَا يسوءني إِظْهَاره (وآمن روعتي)(1/219)
خوفي وفزعي (وأقض عني ديني) بِأَن تقدرني على وفائه (طب عَن خباب) بن الْأَرَت الْخُزَاعِيّ وَفِيه مَجَاهِيل
(اللَّهُمَّ اجْعَل حبك) أَي حبي لَك (أحب الْأَشْيَاء إليّ) وَذَلِكَ يسْتَلْزم الترقي فِي مدارج معرفَة الْحق فَكلما ازدادت الْمعرفَة تضاعفت الأحبية (وَاجعَل خشيتك) خوفي مِنْك المقترن بِكَمَال التَّعْظِيم (أخوف الْأَشْيَاء عِنْدِي) بِأَن تكشف لي من صِفَات الْجلَال مَا يُوجب كَمَال الْخَوْف (واقطع عني حاجات الدُّنْيَا) امنعها وادفعها (بالشوق إِلَى لقائك) أَي بِسَبَب حُصُول التشوّق إِلَى النّظر إِلَى وَجهك الْكَرِيم (وَإِذا أَقرَرت أعين الدُّنْيَا من دنياهم) أَي فرحتهم بِمَا آتيتهم مِنْهَا (فأقرر عَيْني من عبادتك) أَي فرحني بهَا وَذَلِكَ لِأَن المستبشر الضاحك يخرج من عينه مَاء بَارِد والباكي جزعا يخرج من عينه مَاء سخن من كبده (حل عَن الْهَيْثَم ابْن مَالك الطَّائِي) الشَّامي الْأَعْمَى
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شرّ الأعميين) قيل وَمَا الأعميان قَالَ (السَّيْل وَالْبَعِير الصؤل) فعول من الصولة وَهِي الحملة والوثبة سماهما أعميين لما يُصِيب من يصيبانه من الْحيرَة فِي أمره (طب عَن عَائِشَة بنت قدامَة) بن مَظْعُون ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن الْحَاطِبِيُّ
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك الصِّحَّة) الْعَافِيَة من الْأَمْرَاض والعاهات (والعفة) عَن كل محرّم ومكروه ومخل بالمروءة (وَالْأَمَانَة وَحسن الْخلق) بِالضَّمِّ أَي مَعَ الْخلق (وَالرِّضَا بِالْقدرِ) أَي بِمَا قدّرته فِي الْأَزَل وَهَذَا تَعْلِيم للْأمة (الْبَزَّار طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد بن أنعم
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من يَوْم السوء) الْقبْح وَالْفُحْش أَو يَوْم الْمُصِيبَة أَو نزُول الْبلَاء أَو الْغَفْلَة بعد الْمعرفَة (وَمن لَيْلَة السوء وَمن سَاعَة السوء) كَذَلِك (وَمن صَاحب السوء) مُفْرد الصَّحَابَة بِالْفَتْح وَلم يجمع فَاعل على فعالة إِلَّا هَذَا (وَمن جَار السوء فِي دَار المقامة) بِالضَّمِّ الْإِقَامَة (طب عَن عقبَة ابْن عَامر) الْجُهَنِيّ وَرِجَاله ثِقَات
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ برضاك من سخطك) أَي بِمَا يرضيك عَمَّا يسخطك (وبمعافاتك من عُقُوبَتك) استعاذ بمعافاته بعد استعاذته بِرِضَاهُ لِأَنَّهُ يحْتَمل أَن يرضى عَنهُ من جِهَة حُقُوقه ويعاقبه على حق غَيره (وَأَعُوذ بك مِنْك) أَي بِرَحْمَتك من عُقُوبَتك فَإِن مَا يستعاذ مِنْهُ صادر عَن مَشِيئَته وخلقه بِإِذْنِهِ وقضائه فَهُوَ مسبب الْأَسْبَاب المستعاذ مِنْهَا وَهُوَ الَّذِي يعيذ مِنْهَا (لَا أحصي) لَا أُطِيق (ثَنَاء عَلَيْك) فِي مُقَابلَة نعْمَة وَاحِدَة (أَنْت كَمَا أثنيت على نَفسك) بِقَوْلِك فَللَّه الْحَمد الْآيَة وَغير ذَلِك مِمَّا حمدت بِهِ نَفسك (م 4 عَن عَائِشَة) وَلم يخرّجه البخاوي
(اللَّهُمَّ لَك الْحَمد شكرا) على نعمائك الَّتِي لَا تتناهى (وَلَك الْمَنّ فضلا) أَي زِيَادَة وَذَا قَالَه لما بعث بعثا وَقَالَ إِن سلمهم الله فَللَّه على شكر فَسَلمُوا وغنموا (طب عَن كَعْب بن عجْرَة) ضَعِيف لضعف عبد الله بن شبيب وَغَيره
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك التَّوْفِيق) خلق قدرَة الطَّاعَة (لمحابك) مَا تحبه وترضاه (من الْأَعْمَال) الصَّالِحَة لأترقى فِي الْأَفْضَل فَالْأَفْضَل مِنْهَا (وَصدق التَّوَكُّل عَلَيْك) أَي إخلاصه ومطابقته للْوَاقِع (وَحسن الظَّن بك) أَي يَقِينا جَازِمًا يكون سَببا لحسن الظَّن بك (حل عَن الْأَوْزَاعِيّ مُرْسلا الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اللَّهُمَّ افْتَحْ مسامع قلبِي لذكرك) ليدرك لَذَّة مَا نطق بِهِ كل لِسَان ذَاكر (وارزقني طَاعَتك) أَي كَمَال لُزُوم أوامرك (وَطَاعَة رَسُولك) النَّبِي الْأُمِّي (وَعَملا بكتابك) الْقُرْآن أَي الْعَمَل بِمَا فِيهِ من الْأَحْكَام (طس عَن عَليّ) ضَعِيف لضعف الْحَرْث الْأَعْوَر(1/220)
(اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك صِحَة فِي إيماني) يَعْنِي صِحَة فِي بدني مَعَ تمكن التَّصْدِيق من قلبِي (وإيمانا فِي حسن خلق) بِالضَّمِّ أَي إِيمَانًا بصحبه حسن خلق (ونجاحا) حصولا للمطلوب (يتبعهُ فلاح) فوز ببغية الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (وَرَحْمَة مِنْك وعافية) من الْبلَاء والمصائب (ومغفرة مِنْك) أَي سترا للعيوب (ورضوانا) مِنْك عني فَإِنَّهُ منَاط الْفَوْز بِخَير الدَّاريْنِ (طب عَن أبي هُرَيْرَة) وَرِجَاله ثِقَات
(اللَّهُمَّ اجْعَلنِي أخشاك حَتَّى كَأَنِّي أَرَاك وأسعدني بتقواك) فَإِنَّهَا سَبَب كل خير وسعادة (وَلَا تشقني بمعصيتك) قَالَه مَعَ عصمته اعترافا بِالْعَجزِ وخضوعا لله وتواضعا لعزته وتعليما لأمته (وخر لي قي قضائك) أَي أجعَل لي خير الْأَمريْنِ فِيهِ (وَبَارك لي فِي قدرك حَتَّى لَا أحب تَعْجِيل مَا أخرت وَلَا تَأْخِير مَا عجلت) فإنّ الْخَيْر كُله فِي الرِّضَا بِالْقضَاءِ وَالتَّسْلِيم (وَاجعَل غناي فِي نَفسِي) فَإِنَّمَا الْغنى بِالْحَقِيقَةِ غنى النَّفس لَا المَال (وأمتعني بسمعي وبصري واجعلهما الْوَارِث مني وَانْصُرْنِي على من ظَلَمَنِي وَأَرِنِي فِيهِ ثَأْرِي وأقرّ بذلك عَيْني) أَي فرحني بالظفر عَلَيْهِ والانتقام مِنْهُ (طس عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف إِبْرَاهِيم بن خَيْثَم بن عرَاك
(اللَّهُمَّ ألطف بِي فِي تيسير كل عسير) أَي تسهيل كل صَعب شَدِيد (فَإِن تيسير كل عسير عَلَيْك يسير) فَإنَّك خَالق الْكل ومقدر الْجَمِيع (وَأَسْأَلك الْيُسْر) أَي سهولة الْأُمُور وَحسن انقيادها (والمعافاة فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة) بِأَن تصرف أَذَى النَّاس عني وَتصرف أذاي عَنْهُم (طس عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه مَجَاهِيل وَإِسْنَاده مظلم
(اللَّهُمَّ اعْفُ عني فَإنَّك عَفْو كريم) أَي ذُو فضل وَذُو كرم تفضل الأفضال والأنعام (طس عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ ضَعِيف لضعف يحيى بن مَيْمُون التمار
(اللَّهُمَّ طهر قلبِي من النِّفَاق) أَي من إِظْهَار خلاف مَا فِي الْبَاطِن قَالَه تَعْلِيما لغيره (وعملي من الرِّيَاء) بمثناة تحتية (ولساني من الْكَذِب) زَاد فِي الْأَحْيَاء وفرجى من الزِّنَا (وعيني من الْخِيَانَة) أَي النّظر إِلَى مَا لَا يجوز (فَإنَّك تعلم خَائِنَة الْأَعْين) أَي الرَّمْز بهَا أَو مسارقة النّظر أَو تَقْدِيره الْأَعْين الخائنة (وَمَا تخفي الصُّدُور) أَي الوسوسة أَو مَا يضمر من أَمَانَة وخيانة (الْحَكِيم خطّ عَن أم معبد الْخُزَاعِيَّة) الْكَعْبِيَّة عَاتِكَة بِإِسْنَاد ضَعِيف
(اللَّهُمَّ ارزقني عينين هطالتين) أَي ذرافتين بالدموع (تشفيان الْقلب بذروف الدُّمُوع) أَي بسيلان الدُّمُوع (من خشيتك قبل أَن تكون الدُّمُوع دَمًا والأضراس جمرا) من شدَّة الْعَذَاب وَهَذَا تَعْلِيم للْأمة (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر) بِإِسْنَاد حسن
(اللَّهُمَّ عَافنِي فِي قدرتك) أَي بقدرتك أَو فِيمَا قَضيته عليّ (وأدخلني فِي جنتك) ابْتِدَاء من غير سبق عَذَاب (واقض أَجلي فِي طَاعَتك) أَي اجْعَل انْقِضَاء أَجلي حَال كوني ملازما على طَاعَتك (وَاخْتِمْ لي بِخَير عَمَلي) فإنّ الْأَعْمَال بخواتيمها (وَاجعَل ثَوَابه الْجنَّة) يَعْنِي رفع الدَّرَجَات فِيهَا وَإِلَّا فالدخول بِالرَّحْمَةِ (ابْن عَسَاكِر عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(اللَّهُمَّ أغنني بِالْعلمِ) أَي علم طَرِيق الْآخِرَة إِذْ لَيْسَ الْغَنِيّ إِلَّا بِهِ وَهُوَ انقطب وَعَلِيهِ الْمدَار (وزيني بالحلم) أَي اجْعَلْهُ زِينَة لي (وأكرمني بالتقوى) لَا كَون من أكْرم النَّاس عَلَيْك أنّ أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم (وجملني بالعافية) فَإِنَّهُ لَا جمال كجمالها (ابْن البخار عَن ابْن عمر) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الرَّافِعِيّ
(اللَّهُمَّ أَنِّي أَسأَلك من فضلك) سَعَة جودك (ورحمتك) الَّتِي وسعت كل شَيْء (فَإِنَّهُ لَا يملكهما إِلَّا أَنْت) أَي لَا يملك الْفضل وَالرَّحْمَة غَيْرك فَإنَّك مقدرهما ومرسلهما (طب عَن ابْن مَسْعُود)(1/221)
(اللَّهُمَّ حجَّة) أَي أَسأَلك حجَّة مبرورة (لَا رِيَاء فِيهَا وَلَا سمعة) بل تكون خَالِصَة لوجهك مقربة إِلَى حضرتك (5 عَن أنس)
(اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من خَلِيل ماكر) أَي يظْهر الْمحبَّة والوداد وَهُوَ فِي بَاطِن الْأَمر محتال مخادع (عَيناهُ ترياني) أَي ينظر إليّ بهما نظر الْخَلِيل لخليله خداعا ومداهنة (وَقَلبه يرعاني) يُرَاعِي إيذائي وَهُوَ لَهُ بالمرصاد (ان رأى) مني (حَسَنَة) أَي علم مني بِفعل حَسَنَة (دَفنهَا) سترهَا وغطاها كَمَا يدْفن الْمَيِّت (وَإِن رأى) مني (سَيِّئَة) أَي علم مني بِفعل خَطِيئَة زللت بهَا (أذاعها) نشرها وَأظْهر خَبَرهَا بَين النَّاس قيل أَرَادَ الْأَخْنَس بن شريق وَقيل عَام فِي الْمُنَافِقين وذم أَعْرَابِي قوما فَقَالَ قُلُوبهم أمرّ من الدفلي وألسنتهم من الْعَسَل أحلى وَقَالَ الشَّاعِر
(إِذا نصبوا لِلْقَوْلِ قَالُوا حسنوا ... وَلَكِن حسن القَوْل خَالفه الْفِعْل)
وَقَالَ الأندلسي
(النَّاس شبه ظروف حشوها صَبر ... وَبَين أفواهها شَيْء من الْعَسَل)
(تحلو لذائقها حَتَّى إِذا انكشفت ... لَهُ تبين مَا تحويه من زغل)
وَقَالَ الْقَائِل
(وَأكْثر من تلقى يَسُرك قَوْله ... وَلَكِن قَلِيل من يَسُرك فعله)
وَبَالغ فِي الذَّم من قَالَ
(لم يبْق فِي النَّاس إِلَّا الْمَكْر والملق ... شوك إِذا اختبروا زهر إِذا رمقوا)
(فَإِن دعَاك إِلَى إيلافهم قدر ... فَكُن حجيما لَعَلَّ الشوك يَحْتَرِق)
وَقَالَ الْقَائِل
(يُرِيك النَّصِيحَة عِنْد اللِّقَاء ... ويبريك فِي السِّرّ بَرى الْقَلَم)
(فَبت حبالك من وَصله ... وَلَا تكثرن عَلَيْهِ النَّدَم)
وَقَالُوا الْمُنَافِق يطيعك لِسَانه ويعصيك قلبه (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن سعيد) بن أبي سعيد كيسَان (المَقْبُري مُرْسلا) أرسل عَن أبي هُرَيْرَة وَغَيره قَالَ أَحْمد لَا بَأْس بِهِ
(اللَّهُمَّ اغْفِر لي ذُنُوبِي وخطاياي) أَي استرها (كلهَا) صغيرها وكبيرها (اللَّهُمَّ انعشني) ارفعني وقوّ جأشي (وأجبرني) سدّ مفاقري (واهدني لصالح الْأَعْمَال) أَي للأعمال الصَّالِحَة (والأخلاق) جمع خلق بِالضَّمِّ الطَّبْع والسجية (فَإِنَّهُ لَا يهدي لصالحها وَلَا يصرف سيئها إِلَّا أَنْت) لِأَنَّك المقدّر للخير وَالشَّر فَلَا يطْلب جلب الْخَيْر وَلَا دفع الشَّرّ إِلَّا مِنْك (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ وَرِجَاله موثقون
(اللَّهُمَّ بعلمك الْغَيْب) الْبَاء للاستعطاف والتذلل أَي أنْشدك بِحَق عَمَلك مَا خفى على خلقك مِمَّا استأثرت بِهِ (وقدرتك على الْخلق) جَمِيع الْمَخْلُوقَات من أنس وجن وَملك وَغَيرهَا (أحيني مَا علمت الْحَيَاة خيرا لي وتوفني إِذا علمت الْوَفَاة خيرا لي) عبر بِمَا فِي الْحَيَاة لاتصافه بِالْحَيَاةِ حَالا وبإذا الشّرطِيَّة فِي الْوَفَاة لانعدامها حَال التَّمَنِّي (اللَّهُمَّ وَأَسْأَلك الخشية) عطف على مَحْذُوف واللهم مُعْتَرضَة (فِي الْغَيْب وَالشَّهَادَة) فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة أَو المشهد والمغيب فَإِن خشيَة الله رَأس كل خير (وَأَسْأَلك كلمة الْإِخْلَاص) النُّطْق بِالْحَقِّ (فِي الرِّضَا وَالْغَضَب) أَي فِي حالتي رضَا الْخلق عني وغضبهم عَليّ فِيمَا أقوله فَلَا أداهن وَلَا أنافق أَو فِي حالتي رضاي(1/222)
وغضبي (وَأَسْأَلك الْقَصْد) أَي التَّوَسُّط (فِي الْغنى والفقر) وَهُوَ الَّذِي لَا إِسْرَاف مَعَه وَلَا تقتير (وَأَسْأَلك نعيما لَا ينْفد) لَا يَنْقَضِي وَذَلِكَ لَيْسَ إِلَّا نعيم الْآخِرَة (وَأَسْأَلك قرّة عين) بِكَثْرَة النَّسْل المستمر بعدِي أَو بالمحافظة على الصَّلَاة (لَا تَنْقَطِع بل تستمر مَا بقيت الدُّنْيَا (وَأَسْأَلك الرِّضَا بِالْقضَاءِ) لَا تَلقاهُ بِوَجْه منبسط وخاطر منشرح (وَأَسْأَلك برد الْعَيْش بعد الْمَوْت) أَي الْفَوْز بالتجلي الذاتي الأبدي الَّذِي لَا حجاب بعده (وَأَسْأَلك لَذَّة النّظر إِلَى وَجهك والشوق إِلَى لقائك فِي غير ضراء مضرَّة وَلَا فتْنَة مضلة) أَي موقعة فِي الْحيرَة مفضية إِلَى الْهَلَاك (اللَّهُمَّ زينا بزينة الْإِيمَان) وَهِي زِينَة الْبَاطِن وَلَا معوّل إِلَّا عَلَيْهَا (واجعلنا هداة مهتدين) وصف الهداة بالمهتدين لأنّ الْهَادِي إِذا لم يكن مهتديا فِي نَفسه لَا يصلح كَونه هاديا لغيره لِأَنَّهُ يُوقع الْخلق فِي الضلال (ق ك عَن عمار بن يَاسر)
(اللَّهُمَّ رب جِبْرِيل وَمِيكَائِيل وَرب إسْرَافيل أعوذ بك من حرّ النَّار) نَار جَهَنَّم (وَمن عَذَاب الْقَبْر) خص هَؤُلَاءِ الْأَمْلَاك لانتظام هَذَا الْوُجُود بهم فَإِنَّهُم المدبرون لَهُ (ن عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَحْمد أَيْضا
(اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من غَلَبَة الدّين) ثقله وشدّته وَذَاكَ حَيْثُ لَا قدرَة على وفائه سِيمَا مَعَ الطّلب (وَغَلَبَة العدوّ) هُوَ من يفرح بمصيبته ويحزن بمسرته (وشماتة الْأَعْدَاء) فَرَحهمْ ببلية تنزل بعدوهم (ن ك عَن ابْن عمر
(اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من غَلَبَة الدّين وَغَلَبَة الْعَدو وَمن بوار الأيم) أَي كسادها والأيم من لَا زوج لَهَا بكرا أَو ثَيِّبًا وبوارها أَن لَا يرغب فِيهَا أحد (وَمن فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال) الَّتِي لَا فتْنَة أكبر مِنْهَا (قطّ فِي الْإِفْرَاد طب عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه عباد بن زَكَرِيَّا مَجْهُول وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بك من التردي) السُّقُوط وَمن عَال كشاهق أَو فِي بِئْر (وَالْهدم) بِسُكُون الدَّال سُقُوط الْبناء على الْإِنْسَان وروى بِالْفَتْح وَهُوَ اسْم مَا انْهَدم مِنْهُ (وَالْغَرق) بِكَسْر الرَّاء كفرح الْمَوْت بِالْغَرَقِ وَقيل بِفَتْح الرَّاء (والحرق) بِفَتْح الْحَاء وَالرَّاء الالتهاب بالنَّار استعاذ مِنْهَا مَعَ مَا فِيهَا من نيل الشَّهَادَة لِأَنَّهَا فظيعة مقلقة لَا يثبت الْمَرْء عِنْدهَا فَرُبمَا استزله الشَّيْطَان فأخل بِدِينِهِ (وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الشَّيْطَان) يفْسد ديني أَو عَقْلِي (عِنْد الْمَوْت) بنزغاته الَّتِي تزل بهَا الْأَقْدَام وتصرع الْعُقُول والأحلام (وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت فِي سَبِيلك مُدبرا) أَو عَن قتال الْكفَّار حَيْثُ حرم الْفِرَار (وَأَعُوذ بك أَن أَمُوت لذيعا) بدال مُهْملَة وغين مُعْجمَة فعيل بِمَعْنى مفعول واللدغ يسْتَعْمل فِي ذَوَات السمّ (ن ك عَن أبي الْيُسْر) واسْمه كَعْب بن عَمْرو وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو دَاوُد وَغَيره
(اللَّهُمَّ أَنِّي أعوذ بِوَجْهِك الْكَرِيم) مجَاز عَن ذَاته عز وَجل (واسمك الْعَظِيم) أَي الْأَعْظَم من كل شَيْء (من الْكفْر والفقر) فقر المَال أَو فقر النَّفس على مَا مرّ وَذَا تَعْلِيم لأمته (طب فِي السّنة عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي بكر) الصّديق وَفِيه من لَا يعرف
(اللَّهُمَّ لَا يدركني) أَي أَسأَلك أَن لَا يلحقني وَلَا يصل إليّ (زمَان) أَي عصر أَو وَقت (وَلَا تدركوا زَمَانا) يَعْنِي وأسأل الله أَن لَا تدركوا زَمَانا (لَا يتبع فِيهِ الْعَلِيم) أَي لَا ينقاد أهل ذَلِك الزَّمَان إِلَى الْعلمَاء ويتبعونهم فِيمَا يَقُولُونَ أَنه الشَّرْع (وَلَا يستحيا فِيهِ من الْحَلِيم) بِاللَّامِ أَي الْعَاقِل المتثبت فِي الْأُمُور (قُلُوبهم) يَعْنِي قُلُوب أهل ذَلِك الزَّمَان (قُلُوب الْأَعَاجِم) أَي كقلوبهم بعيدَة من الخلاق مَمْلُوءَة من الرِّيَاء والنفاق (وألسنتهم أَلْسِنَة الْعَرَب) متشدقون متفصحون يتلونون فِي الْمذَاهب ويزوغون كالثعالب (حم عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ (ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعَّفُوهُ
(اللَّهُمَّ ارْحَمْ خلفائي
قَوْله ق كَذَا بِخَطِّهِ وَالَّذِي فِي النّسخ ن ك أهـ هَامِش(1/223)
الَّذين يأْتونَ من بعدِي) قيد بِهِ لأنّ الْخَلِيفَة كثيرا مَا يخلف الْغَائِب بِسوء وَإِن كَانَ مصلحا فِي حُضُوره (الَّذين يروون أحاديثي وسنتي ويعلمونها للنَّاس) فهم خلفاؤه على الْحَقِيقَة بَين بِهِ أَنه لَيْسَ مُرَاده الْخلَافَة الْحَقِيقِيَّة الَّتِي هِيَ الْإِمَامَة الْعُظْمَى (طس عَن عَليّ) ضَعِيف مُنكر لضعف أَحْمد بن عِيسَى الْعلوِي بل كذبه
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من فتْنَة النِّسَاء) الامتحان بِهن والابتلاء بمحبتهن (وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر) هَذَا تَعْلِيم للْأمة (الخرائطي فِي) كِتَابه اعتلال الْقُلُوب عَن سعد) بن أبي وَقاص
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْفقر والقلة) بِكَسْر الْقَاف قلَّة المَال الَّتِي يخَاف مِنْهَا قلَّة الصَّبْر على الإقلال وتسلط الشَّيْطَان بِذكر تنعم الْأَغْنِيَاء أَو قلَّة الْعدَد والمدد (وَأَعُوذ بك أَن أظلم) بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل أَي أجور وأعتدي (أَو أظلم) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَفِيه ندب الِاسْتِعَاذَة من الظُّلم والظلمة (د ن هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة) سكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالح
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْجُوع) أَي من ألمه وشدّة مصابرته (فَإِنَّهُ بئس الضجيع) أَي النَّائِم معي فِي فِرَاشِي فَلَمَّا كَانَ يلازم صَاحبه فِي المضجع سمى ضجيعا (وَأَعُوذ بك من الْخِيَانَة فَإِنَّهَا بئست البطانة) بِكَسْر الْمُوَحدَة كَمَا مرّ (د ن هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَضعف بِمُحَمد بن عجلَان وَإِنَّمَا خرّج لَهُ مُسلم فِي الشواهد
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الشقاق) النزاع وَالْخلاف أَو التعادي أَو الْعَدَاوَة (والنفاق) نفاق الْعَمَل (وَسُوء الْأَخْلَاق) لأنّ صَاحب سوء الْخلق لَا يفرّ من ذَنْب إِلَّا وَقع فِي آخر (د ن عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه ضَعِيف ومجهول
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من البرص وَالْجُنُون والجذام) استعاذ مِنْهَا إِظْهَارًا للافتقار أَو تَعْلِيما لأمته (وَمن سيء الأسقام) أَي الأسقام السَّيئَة أَي الرَّديئَة كالسل وَالِاسْتِسْقَاء وَذَات الْجنب وَغَيرهَا وَنَصّ على تِلْكَ الثَّلَاثَة مَعَ دُخُولهَا فِي الأسقام لكَونهَا أبْغض شَيْء إِلَى الْعَرَب (حم د ن عَن أنس)
(اللَّهُمَّ اجْعَل بِالْمَدِينَةِ ضعْفي مَا جعلت بِمَكَّة من الْبركَة) الدُّنْيَوِيَّة والأخروية (حم ق عَن أنس) ابْن مَالك
(اللَّهُمَّ رب النَّاس) أَي الَّذِي رباهم بإحسانه وَعَاد عَلَيْهِم بفضله وامتنانه (مَذْهَب) مزيل (الْبَأْس) شدّة الْمَرَض (اشف أَنْت) لَا غَيْرك (الشافي) المداوي من الْمَرَض (لَا شافي إِلَّا أَنْت اشف شِفَاء) مصدر منصوف باشف وَقد يرفع خبر مُبْتَدأ أَي هُوَ (لَا يُغَادر) بغين مُعْجمَة لَا يتْرك وَفَائِدَته أَنه قد يحصل الشِّفَاء من ذَلِك الْمَرَض فيخلفه مرض آخر (سقما) بِضَم فَسُكُون وبفتحتين مَرضا وَلَا يشكل الدُّعَاء بالشفاء مَعَ أَن الْمَرَض كَفَّارَة لأنّ الدُّعَاء عبَادَة وَلَا يُنَافِي النواب وَالْكَفَّارَة حصولهما بأوّل الْمَرَض وبالصبر عَلَيْهِ (حم ق 3 عَن أنس) بن مَالك
(اللَّهُمَّ رَبنَا آتنا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة) يَعْنِي الصِّحَّة والكفاف والعفاف والتوفيق (وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة) يَعْنِي الثَّوَاب وَالرَّحْمَة (وقنا) بِالْعَفو وَالْمَغْفِرَة (عَذَاب النَّار) الَّذِي استوجبناه بِسوء أَعمالنَا (ق عَن أنس) بن مَالك
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الهمّ والحزن) والهم يكون فِي أَمر متوقع والحزن فِيمَا وَقع فَلَيْسَ الْعَطف لاخْتِلَاف اللَّفْظَيْنِ مَعَ اتِّحَاد الْمَعْنى (وَالْعجز) الْقُصُور عَن فعل الشَّيْء (والكسل وَالْبخل والجبن وضلع الدّين) بِفتْحَتَيْنِ ثقله الَّذِي يمِيل بِصَاحِبِهِ عَن الاسْتوَاء (وَغَلَبَة الرِّجَال) شدّة تسلطهم بِغَيْر حق (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة
(اللَّهُمَّ أحيني مِسْكينا وأمتني مِسْكينا واحشرني فِي زمرة الْمَسَاكِين) أَرَادَ مسكنة الْقلب لَا المسكنة الَّتِي هِيَ نوع من الْفقر وَقيل أَرَادَ أَن لَا يتَجَاوَز الكفاف (عبد بن حميده
وَله والقلة فِي بعض نسخ الْمَتْن زِيَادَة والذلة وَفِي بعض نسخ الشَّرْح الْمُعْتَبرَة أه زيادتها على الْهَامِش قَوْله ن فِي نُسْخَة الْمَتْن المطبوعة بدل ن 3 أه(1/224)
عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (طب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن عبَادَة) بن الصَّامِت وادّعى ابْن الْجَوْزِيّ أَنه مَوْضُوع ورد بِأَنَّهُ ضَعِيف فَقَط
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز) ترك مَا يجب فعله من أَمر الدَّاريْنِ (والكسل) أَي عدم النشاط لِلْعِبَادَةِ (والجبن وَالْبخل والهرم وَأَعُوذ بك من عَذَاب الْقَبْر) وَمَا فِيهِ من الْأَهْوَال (وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا) الِابْتِلَاء مَعَ فقد الصَّبْر وَالرِّضَا (وَالْمَمَات) سُؤال مُنكر وَنَكِير مَعَ الْحيرَة (حم ق ن عَن أنس) بن مَالك
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من عَذَاب الْقَبْر) أَي عُقُوبَته (وَأَعُوذ بك من عَذَاب النَّار وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمحيا وَالْمَمَات وَأَعُوذ بك من فتْنَة الْمَسِيح الدَّجَّال) فَإِنَّهَا أعظم الْفِتَن (خَ ن عَن أبي هُرَيْرَة
اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذ عنْدك عهدا) أَي وعد أَو عبر بِهِ عَنهُ تَأْكِيدًا (لن تخلفنيه فَإِنَّمَا أَنا بشر فأيما مُؤمن أذيته أَو سببته أَو جلدته أَو لعنته) تعزيزا لَهُ (فاجعلها) لَهُ أَي الْكَلِمَات المفهمة شتما أَو نَحْو لعنة (صَلَاة) رَحْمَة وإكراما وتعطفا (وَزَكَاة) طَهَارَة من الذُّنُوب (وقربة يقرب بهَا إِلَيْك يَوْم الْقِيَامَة) وَلَا تعاقبه بهَا فِي العقبى وَاسْتشْكل هَذَا بِأَنَّهُ لعن جمَاعَة كَثِيرَة مِنْهُم المصور والعشار وَمن ادّعى إِلَى غير أَبِيه والمحلل وَالسَّارِق وشارب الْخمر وآكل الرِّبَا وَغَيرهم فَيلْزم لَهُم رَحْمَة وَطهُورًا وَأجِيب بِأَن المُرَاد هُنَا من لَعنه فِي حَال غَضَبه بِدَلِيل مَا جَاءَ فِي رِوَايَة فأيما رجل لعنته فِي غَضَبي وَفِي رِوَايَة لمُسلم إِنَّمَا أَنا بشر أرْضى كَمَا يرضى الْبشر وأغضب كَمَا يغْضب الْبشر فأيما أحد دَعَوْت عَلَيْهِ بدعوة لَيْسَ لَهَا بِأَهْل أَن تجعلها لَهُ طهُورا أمّا من لَعنه فَمن فعل مَنْهِيّا عَنهُ فَلَا يدْخل فِي هَذَا (ق عَن أبي هُرَيْرَة) بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة لَكِن لفظ رِوَايَة مُسلم فِي الْبر والصلة اللَّهُمَّ إِنِّي أَتَّخِذ عنْدك عهدا آذيته شتمته لعنته جلدته بِحَذْف كلمة أَو وَذَلِكَ مُسْتَعْمل عِنْدهم شَائِع فِي كَلَامهم
(اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من الْعَجز والكسل والجبن وَالْبخل والهرم وَعَذَاب الْقَبْر وفتنة الدَّجَّال اللَّهُمَّ آتٍ) أعْط (نَفسِي تقواها) تحرّزها عَن مُتَابعَة الْهوى وارتكاب الْفُجُور (وزكها) طهرهَا من كل خلق ذميم (أَنْت خير من زكاها) أَي من جعلهَا زكية يَعْنِي لَا مزكي لَهَا إِلَّا أَنْت (أَنْت وَليهَا) الَّذِي يتولاها بِالنعْمَةِ فِي الدَّاريْنِ (ومولاها) سَيِّدهَا (اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من علم لَا ينفع وَمن قلب لَا يخشع وَمن نفس لَا تشبع وَمن دَعْوَة لَا يُسْتَجَاب لَهَا) ومحصوله الِاسْتِعَاذَة من دنيء أَفعَال الْقُلُوب وَفِي قرنه بَين الِاسْتِعَاذَة من علم لَا ينفع وَمن قلب لَا يخشع رمز إِلَى أَن الْعلم النافع مَا أورث الْخُشُوع (حم عبد بن حميد م ن عَن زيد بن أَرقم
اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي وجهلي) أَي مَا لم أعلمهُ (وإسرافي فِي أَمْرِي) مجاوزتي الْحَد فِي كل شَيْء (وَمَا أَنْت أعلم بِهِ مني مِمَّا) عَلمته وَمَا لم أعلمهُ (اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطئي وعمدي) هما متقابلان (وهزلي وجدّي) هما متضادان (وكل ذَلِك عِنْدِي) أَي مُمكن أَو مَوْجُود أَي أَنا متصف بِهِ فاغفره لي قَالَه تواضعا أَو تَعْلِيما (اللَّهُمَّ اغْفِر لي مَا قدّمت) قبل هَذَا الْوَقْت (وَمَا أخرت) عَنهُ (وَمَا أسررت) أخفيت (وَمَا أعلنت) أظهرت أَي مَا حدثت بِهِ نَفسِي وَمَا يتحرّك بِهِ لساني (أَنْت المقدّم) أَي بعض الْعباد إِلَيْك بالتوفيق لما ترضاه (وَأَنت الْمُؤخر) يخذلان بَعضهم عَن التَّوْفِيق أَو أَنْت الرافع والخافض أَو الْمعز والمذل (وَأَنت على كل شَيْء قدير) أَي أَنْت الفعال لكل مَا تشَاء (ق عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(اللَّهُمَّ أَنْت خلقت نَفسِي وَأَنت توفاها) أَي تتوفاها (لَك مماتها ومحياها) أَي أَنْت الْمَالِك لإحيائها ولإماتتها أيّ وَقت شِئْت لَا مَالك لَهما غَيْرك (فَإِن أحييتها فاحفظها) صنها عَن التورط فِيمَا لَا يرضيك (وَإِن
قَوْله لَكِن لفظ الخ مُسلم لَهُ عدَّة رِوَايَات بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة لَيْسَ مَا ذكره لفظ وَاحِدَة مِنْهَا مَعَ أَنه سقط من قلمه شَيْء لَا يَصح الْكَلَام بِدُونِهِ أه من هَامِش(1/225)
أمتها فَاغْفِر لَهَا) ذنوبها فَإِنَّهُ لَا يغْفر الذُّنُوب إِلَّا أَنْت (اللَّهُمَّ) إِنِّي (أَسأَلك) أطلب مِنْك (الْعَافِيَة) السَّلامَة فِي الدّين من الافتتان وَكيد الشَّيْطَان وَالدُّنْيَا من الآلام والأسقام (م عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ألبان الْبَقر شِفَاء) من الْأَمْرَاض السوداوية وَالْغَم والوسواس وَغير ذَلِك (وسمنها دَوَاء) فَإِنَّهُ ترباق السمُوم المشروبة كَمَا فِي الموجز وَغَيره وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك لِأَنَّهَا ترم من كل الشّجر كَمَا فِي الْخَبَر فتأكل الضارّ والنافع فَانْصَرف الضارّ إِلَى لَحمهَا لِأَنَّهَا تَأْكُل بالنهمة والشره والنافع إِلَى لَبنهَا ذكره الْحَكِيم (ولحومها دَاء) مضرّة بِالْبدنِ جالبة للسوداء عسرة الهضم (طب عَن مليكَة) بِالتَّصْغِيرِ (بنت عَمْرو) الزيدية الجعفية
(البس الخشن الضّيق) من الثِّيَاب (حَتَّى لَا يجد الْعِزّ) البطر والأشر والترفع على النَّاس (وَالْفَخْر) ادِّعَاء الْعظم (فِيك مساغا) أَي مدخلًا وَمن ثمَّ قَالَ بعض أكَابِر السّلف كَمَا نَقله الْغَزالِيّ من رق ثَوْبه رق دينه فَلَا تكن مِمَّن قيل فِيهِ ثوب رَقِيق نظيف وجسم خَبِيث سخيف لَكِن لَا يُبَالغ فِي ذَلِك فإنّ الله يحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده حسنا كَمَا مرّ (ابْن مَنْدَه) الْحَافِظ أَبُو الْقَاسِم (عَن أنيس) مُصَغرًا (ابْن الضَّحَّاك) ثمَّ قَالَ غَرِيب وَفِيه إرْسَال
(البسوا الثِّيَاب الْبيض) أَي آثروا ندبا الملبوس الْأَبْيَض على غَيره من نَحْو ثوب وعمامة وَإِزَار ورداء (فَإِنَّهَا أطهر) لِأَنَّهَا تحكي مَا يُصِيبهَا من النَّجس عينا أَو أثرا (وَأطيب) لدلالتها على التَّوَاضُع والتخشع وَعدم الْكبر وَالْعجب (وكفنوا فِيهَا مَوْتَاكُم) ندبا مؤكدا وَيكرهُ التَّكْفِين فِي غير أَبيض (حم ت ن هـ ك عَن سَمُرَة) قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح وَالْحَاكِم صَحِيح وأقرّوه
(التمس) أَيهَا الطَّالِب للتزوج شَيْئا تَجْعَلهُ صَدَاقا (وَلَو) كَانَ مَا تَجِد (خَاتمًا من حَدِيد) كَأَنَّهُ قَالَ التمس شَيْئا لي كل حَال وَإِن قل فَيَنْبَغِي أَن لَا يعْقد نِكَاح إِلَّا بِصَدَاق وَأَنه غير مُقَدّر فَيجوز بِأَقَلّ مُتَمَوّل (حم ق د عَن سهل) بن سعد
(التمسوا) إرشادا (الْجَار قبل الدَّار) أَي قبل شِرَائهَا أَو سكناهَا بِأُجْرَة أَي اطْلُبُوا حسن سيرته وابحثوا عَنْهَا (والرفيق قبل الطَّرِيق) أَي أعدّ لسفرك رَفِيقًا قبل الشُّرُوع فِيهِ فَإِن لكل مفازة غربَة وَفِي كل غربَة وَحْشَة وبالرفيق تذْهب وَيحصل الْأنس وَلِهَذَا قيل مَا أضيق الطَّرِيق على من لَيْسَ لَهُ رَفِيق (تَتِمَّة) قيل لرابعة أَلا تسألين الله الْجنَّة قَالَت الْجَار ثمَّ الدَّار (طب عَن رَافع بن خديج) بِفَتْح الْمُعْجَمَة الْحَارِثِيّ الأوسي ضَعِيف لضعف عُثْمَان الطرائفي
(التمسوا الْخَيْر) اطلبوه فاستعير للطلب اللَّمْس (عِنْد حسان الْوُجُوه) حَال طلب الْحَاجة فَرب حسن الْوَجْه دميمه عِنْد الطّلب وَعَكسه (طب عَن أبي خصيفَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(التمسوا الرزق بِالنِّكَاحِ) أَي التزوّج فَإِنَّهُ جالب للبركة جَار للزرق إِذا صلحت النِّيَّة (فر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(التمسوا السَّاعَة الَّتِي ترجى) أَي ترجى استجابة الدُّعَاء فِيهَا (من يَوْم الْجُمُعَة بعد الْعَصْر إِلَى غيبوبة الشَّمْس) أَي سُقُوط جَمِيع القرص وَقد اخْتلف فِيهَا على نَحْو خمسين قولا وصوّب النَّوَوِيّ أَنَّهَا مَا بَين قعُود الإِمَام على الْمِنْبَر إِلَى فرَاغ الصَّلَاة (ت عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(التمسوا لَيْلَة الْقدر) أَي الْقَضَاء وَالْحكم بالأمور سميت بِهِ لعظم منزلتها (فِي أَربع وَعشْرين) أَي ليلته وَهَذَا مَذْهَب ابْن عَبَّاس وَالْحسن (مُحَمَّد بن نصر فِي) كتاب (الصَّلَاة عَن ابْن عَبَّاس
التمسوا لَيْلَة الْقدر لَيْلَة سبع وَعشْرين) وَبِهَذَا أَخذ الْأَكْثَر وَهُوَ اخْتِيَار الصُّوفِيَّة (طب عَن مُعَاوِيَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(التمسوا لَيْلَة الْقدر وَآخر لَيْلَة من رَمَضَان) أَي لَيْلَة تسع وَعشْرين لَا لَيْلَة السلخ (ابْن نصر عَن مُعَاوِيَة) بن أبي سُفْيَان وَهُوَ ضَعِيف(1/226)
(ألحدوا) شَقوا فى جَانب الْقَبْر مِمَّا يَلِي الْقبْلَة شقا وضعُوا فِيهِ الْمَيِّت (وَلَا تشقوا) لَا تحفروا فِي وَسطه وتبنوا جانبيه وتسقفوه من فَوْقه (فَإِن للحد لنا) أَي هُوَ الَّذِي نؤثره ونختاره (والشق لغيرنا) أَي هُوَ اخْتِيَار من قبلنَا من الْأُمَم فاللحد أفضل وَالنَّهْي عَن الشق للتنزيه (حم عَن جرير) بن عبد الله وَفِيه عُثْمَان بن عُمَيْر ضَعَّفُوهُ (ألحد لآدَم) أَي عمل لَهُ شقّ فِي جَانب الْقَبْر ليوضع فِيهِ عِنْد مَوته (وَغسل بِالْمَاءِ وترا) وَصلى عَلَيْهِ وَوضع فِي لحده (فَقَالَت الْمَلَائِكَة) أَي من حَضَره مِنْهُم أَو من فِي الأَرْض مِنْهُم أَي قَالَ بَعضهم لبَعض (هَذِه سنة ولد آدم من بعده) فَكل من مَاتَ مِنْهُم يفعل بِهِ ذَلِك وَقَوْلهمْ ذَلِك يحْتَمل أَنهم رَأَوْهُ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَو فِي صُحُفهمْ أَو بِاجْتِهَاد (ابْن عَسَاكِر عَن أبيّ بن كَعْب
ألْحقُوا الْفَرَائِض) الْأَنْصِبَاء الْمقدرَة فِي الْقُرْآن (بِأَهْلِهَا) أَي من يَسْتَحِقهَا بِالنَّصِّ (فَمَا بَقِي فَلَا ولى) أَي فَهُوَ لَا قرب (رجل) من عصبات الْمَيِّت (ذكر) احْتِرَاز عَن الْخُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يَجْعَل عصبَة وَلَا صَاحب فرض بل يُعْطي أقل النَّصِيبَيْنِ (حم ق ت عَن ابْن عَبَّاس
الزم) بِفَتْح الزَّاي من لزم (بَيْتك) مَحل سكنك بَيْتا أَو خلْوَة أَو غَيرهمَا قَالَه لرجل اسْتَعْملهُ على عمل فَقَالَ خر لي فَالْمُرَاد بلزومه التَّنَزُّه عَن نَحْو الْإِمَارَة وإيثار الانجماع وَالْعُزْلَة قَالَ ابْن دِينَار لراهب عظني قَالَ إِن استعطت أَن تجْعَل بَيْنك وَبَين النَّاس سورا من حَدِيد فافعل قَالَ الْغَزالِيّ وكل من خالط النَّاس كثرت مَعَاصيه وَإِن كَانَ تقيا إِلَّا أَن ترك المداهنة وَلم تَأْخُذهُ فِي الله لومة لائم وَبِه احْتج من ذهب إِلَى أَن الْعُزْلَة أفضل من المخالطة (طب عَن ابْن عمر) ضَعِيف لضعف الْفُرَات
(الزم) بِكَسْر الزَّاي من ألزم (نعليك قَدَمَيْك) بِأَن لَا تخلعهما للجلوس للصَّلَاة وَنَحْوهَا إِذا كَانَتَا طاهرتين (فَإِن خلعتهما) وَلَا بدّ (فاجعلهما) ندبا (بَين رجليك وَلَا تجعلهما) أَي وَلَا يَنْبَغِي جَعلهمَا (عَن يَمِينك) صونا لَهما عَمَّا هُوَ مَحل الْأَذَى (وَلَا عَن يَمِين صَاحبك) يَعْنِي مصاحبك فِي الْجُلُوس (وَلَا وَرَاءَك) أَي وَرَاء ظهرك (فتؤذي) أَي لِئَلَّا تؤذي بهما (من خَلفك) من النَّاس فَإِن فعل ذَلِك بِقصد الْإِضْرَار أَثم أَو بِدُونِهِ خَالف الْأَدَب (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(الزموا هَذَا الدُّعَاء) أَي داوموا عَلَيْهِ وَهُوَ (اللَّهُمَّ إِنِّي أَسأَلك بِاسْمِك الْأَعْظَم ورضوانك الْأَكْبَر) أَي رضاك الْأَعْظَم (فَإِنَّهُ اسْم من أَسمَاء الله) الَّتِي إِذا سُئِلَ بهَا أعطي وَإِذا دعِي بهَا أجَاب (الْبَغَوِيّ وَابْن قَانِع طب عَن حَمْزَة بن عبد الْمطلب) بن هَاشم أبي يعلى أَو أبي عمَارَة وَهُوَ حسن
(الزموا الْجِهَاد) محاربة الْكفَّار لإعلاء كلمة الْجَبَّار (تصحوا) أَي فإنّ لُزُومه يُورث صِحَة الْأَبدَان (وتستغنوا) بِمَا يفتح عَلَيْكُم من الْفَيْء وَالْغنيمَة (عد عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَلظُّوا) بِظَاء مُعْجمَة مشدّدة وَفِي رِوَايَة بحاء مُهْملَة (بِيَاذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام) أَي الزموا قَوْلكُم ذَلِك فِي دعائكم لِئَلَّا تركنوا وتطمئنوا لغيره وَقد ذهب بَعضهم إِلَى أَنه اسْم الله الْأَعْظَم (ت عَن أنس حم ن ك عَن ربيعَة بن عَامر) بن نجاد الْأَزْدِيّ وَمَاله غَيره قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب وَالْحَاكِم صَحِيح
(الق) ندبا (عَنْك) أَيهَا الْآتِي إِلَيْنَا وَقد أسلم (شعر الْكفْر) أزاله بحلق أَو غَيره كقص ونورة وَالْحلق أفضل وَهُوَ شَامِل لشعر الرَّأْس وَغَيره مَا عدا اللِّحْيَة فِيمَا يظْهر وَقيس بِهِ قلم ظفر وَغسل ثوب (ثمَّ اختتن) وجوبا أَن أَمن الْهَلَاك لِأَنَّهُ شعار الدّين وَبِه يُمَيّز الْمُسلم من الْكَافِر وَالْخطاب وَقع لرجل وَمثله الْمَرْأَة فِي الْخِتَان فِي إِزَالَة شعر الرَّأْس لِأَنَّهُ مثله فِي حَقّهَا (حم د عَن عثيم) تَصْغِير عُثْمَان (ابْن)(1/227)
كثير بن (كُلَيْب) الْحَضْرَمِيّ الْجُهَنِيّ عَن أَبِيه عَن جده فالصحابي كُلَيْب وَفِيه انْقِطَاع وَضعف
(ألهم إِسْمَعِيل) الَّذِي فِي الْمُسْتَدْرك والشعب إِبْرَاهِيم (هَذَا اللِّسَان الْعَرَبِيّ إلهاما) أَي الزِّيَادَة فِي بَيَانه بَعْدَمَا تعلم أصل الْعَرَبيَّة من جرهم وَلم يكن لِسَان أَبَوَيْهِ (ك هَب عَن جَابر) قَالَ الْحَاكِم على شَرط مُسلم وَاعْترض
(الهوا) بِكَسْر أوّله أَمر إِبَاحَة (والعبوا) عطف تَفْسِير أَي فِيمَا لَا حرج فِيهِ (فَإِنِّي أكره أَن يرى) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (فِي دينكُمْ) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (غلظة) شدّة وفظاظة (هَب عَن الْمطلب بن عبد الله) المَخْزُومِي وَفِيه انْقِطَاع وَضعف
(إِلَيْك) لَا إِلَى غَيْرك (انْتَهَت الْأَمَانِي) جمع أُمْنِية وَهِي تَقْدِير الْوُقُوع فيهمَا يترامى إِلَيْهِ الأمل (يَا صَاحب الْعَافِيَة) أَي وقفت عَلَيْك الأمنية فَلَا يسئل غَيْرك (طس هَب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإسْنَاد الطَّبَرَانِيّ حسن
(أما) بتَخْفِيف الْمِيم (أَن) بِكَسْر الْهمزَة إِن جعلت أما بِمَعْنى حَقًا وَبِفَتْحِهَا أَن جعلت افتتاحية (رَبك يحب الْمَدْح) فِي رِوَايَة الْحَمد أَي يحبّ أَن يحمد كَمَا بَينه خبر إِن الله يحب أَن يحمد وَذَا قَالَه للأسود بن سريع لما قَالَ لَهُ مدحت رَبِّي بِمَحَامِد (حم خد ن ك عَن الْأسود بن سريع) وَأحد أَسَانِيد أَحْمد رِجَاله رجال الصَّحِيح
(أما إِن كل بِنَاء) من الْقُصُور المشيدة والغرف المرتفعة فَهُوَ (وبال على صَاحبه) أَي سوء عِقَاب وَطول عَذَاب فِي الْآخِرَة لِأَنَّهَا إِنَّمَا تبنى كَذَلِك رَجَاء التَّمَكُّن فِي الدُّنْيَا وتمني الخلود فِيهَا مَعَ مَا فِيهِ من اللَّهْو عَن ذكر الله والتفاخر (أَلا مَالا) بُد مِنْهُ لنَحْو وقاية حرّ وَبرد وَستر عِيَال وَدفع لص والأمور بمقاصدها والأعمال بِالنِّيَّاتِ (د عَن أنس) وَرِجَاله موثقون
(أما أَن كل بِنَاء فَهُوَ وبال على صَاحبه يَوْم الْقِيَامَة إِلَّا مَا كَانَ فِي مَسْجِد أَو اواو) أَي أَو كَانَ فِي مدرسة أَو رِبَاط أَو خَان مُسبل أوقف أَو مَا لَا بُد مِنْهُ وَمَا عداهُ مَذْمُوم (حم هـ عَن أنس) بن مَالك
(أما إِنَّك) أَيهَا الرجل الَّذِي لدغته عقرب (لَو قلت حِين أمسيت) أَي دخلت فِي الْمسَاء (أعوذ بِكَلِمَات الله التامات) الَّتِي لَا تنقص وَلَا عيب فِيهَا وَفِي رِوَايَة كلمة بِالْإِفْرَادِ (من شَرّ مَا خلق) أَي من شَرّ خلقه (لم تَضُرك) بِأَيّ يُحَال بَيْنك وَبَين كَمَال تأثيرها بِحَسب كَمَال التَّعَوُّذ وقوّته وَضَعفه (م د عَن أبي هُرَيْرَة
أما أَنه) أَي من لدغته عقرب فَلم ينم ليلته (لَو قَالَ حِين أمسي) فِي تِلْكَ اللَّيْلَة (أعوذ بِكَلِمَات الله التامات من شَرّ مَا خلق لم يضرّهُ لدغ عقرب حَتَّى يصبح) لِأَن الْأَدْوِيَة الإلهية تمنع من الدَّاء بعد حُصُوله وتمنع من وُقُوعه وَإِن وَقع لم يضر (هـ عَن أبي هُرَيْرَة
أما أنّ العريف) الْقيم على قوم ليسوسهم ويحفظ أُمُورهم (يدْفع فِي النَّار) أَي تَدْفَعهُ الزَّبَانِيَة فِي نَار جَهَنَّم (دفعا) شنيعا فظيعا وَقصد بِهِ التنفير من الرياسة والتباعد عَنْهَا مَا أمكن لخطرها (طب عَن يزِيد بن سيف) الْيَرْبُوعي وَفِيه مودودين الْحَرْث مَجْهُولَانِ
(أما) اسْتِفْهَام إنكاري (بَلغَكُمْ) أَيهَا الْقَوْم الَّذين وَسموا حمارا فِي وَجهه (أَنِّي لعنت من وسم الْبَهِيمَة فِي وَجههَا) أَي دَعَوْت عَلَيْهِ بالطرد والبعد عَن الرَّحْمَة فَكيف فَعلْتُمْ ذَلِك وقرنه باللعن يدل على كَونه كَبِيرَة أَي إِذا كَانَ لغير حَاجَة أمالها كوسم إبل الصَّدَقَة فَيجوز لِلِاتِّبَاعِ (أَو ضربهَا فِي وَجههَا) ضربا مبرحا لِأَن الْوَجْه طيف فَرُبمَا شوهه فَيحرم ضرب وَجه كل دَابَّة مُحْتَرمَة والآدمي أَشد (د عَن جَابر) بن عبد الله
(أما ترْضى) يَا عمر (أَن تكون لَهُم) فِي رِوَايَة لَهما يَعْنِي كسْرَى وَقَيْصَر (الدُّنْيَا) نعيمها والتمتع بزهرتها ولذتها (وَلنَا) أَيهَا الْأَنْبِيَاء أَو الْمُؤْمِنُونَ (الْآخِرَة) قَالَه لعمر وَقد رَآهُ على(1/228)
حَصِير أثر فِي جنبه وَتَحْت رَأسه وسَادَة من أَدَم حشوها لِيف فَقَالَ كسْرَى وَقَيْصَر فِيمَا هم فِيهِ وَأَنت رَسُول الله هَكَذَا فَذكره ونعيم الدُّنْيَا وَإِن أعطي لبعضنا إِنَّمَا أعْطِيه ليستعين بِهِ على أُمُور الْآخِرَة فَهُوَ من الْآخِرَة (ق هـ عَن عمر
أما ترْضى إحداكنّ) أَي نسَاء هَذِه الْأمة (أَنَّهَا إِذا كَانَت حَامِلا من زَوجهَا) وَمثلهَا الْأمة المؤمنة من سَيِّدهَا (وَهُوَ عَنْهَا رَاض) بِأَن كَانَت مطيعة لَهُ فِيمَا يحل (أنّ) أَي بأنّ (لَهَا) مدّة حملهَا (مثل أجر الصَّائِم) بِالنَّهَارِ (الْقَائِم) بِاللَّيْلِ (فِي سَبِيل الله) أَي فِي الْجِهَاد (وَإِذا أَصَابَهَا الطلق) أَي ألم الْولادَة (لم يعلم أهل السَّمَاء وَالْأَرْض) من أنس وجنّ وَملك (مَا أُخْفِي لَهَا) عِنْد الله (من قرّة أعين) جَزَاء لَهَا على تحملهَا مشقة حملهَا وصبرها على شَدَائِد الْمَخَاض (فَإِذا وضعت لم يخرج من لَبنهَا جرعة) بِضَم فَسُكُون (وَلم يمص) أَي الْوَلَد (من ثديها مصة إِلَّا كَانَ لَهَا بِكُل جرعة وَبِكُل مصة حَسَنَة) تكْتب لَهَا فِي صحيفتها لتجازى بهَا غَدا (فَإِن أسهرها) أَي الْمَوْلُود (لَيْلَة) فَلم يَدعهَا تنام لصياحه (كَانَ لَهَا مثل أجر سبعين رَقَبَة) أَي نفسا فِي سَبِيل الله (تعتقهم) لله وَالْمرَاد بالسبعين التكثير (سَلامَة) أَي يَا سَلامَة حاضنة وَلَده إِبْرَاهِيم (تدرين) أَصله أَتَدْرِينَ أَي أتعلمين (من أَعنِي بِهَذَا) الْجَزَاء الْمَوْعُود المبشر بِهِ هنّ (المتنعمات الصَّالِحَات المطيعات لأزواجهنّ اللواتي لَا يكفرن العشير) أَي الزَّوْج أَي لَا يغطين إحسانه إليهنّ وَلَا يجحدن أفضاله عليهنّ وَهَذَا قَالَه لما قَالَت تبشر الرِّجَال بِكُل خير وَلَا تبشر النِّسَاء (الْحسن بن سُفْيَان) فِي مُسْنده (طس وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن سَلامَة) الْمَرْأَة (حاضنة السَّيِّد إِبْرَاهِيم) ابْن النبيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(أما) اسْتِفْهَام توبيخي (كَانَ عِنْد هَذَا) الرجل الشعث الَّذِي تفرّق شعره وثار (مَا يسكن بِهِ رَأسه) أَي شعر رَأسه أَي يضمه ويلينه ويلبده من نَحْو زَيْت (أما كَانَ يجد هَذَا) الرجل الدنسة ثِيَابه الوسخة أطماره (مَا يغسل بِهِ ثِيَابه) من نَحْو صابون والاستفهام إنكاري أَي كَيفَ لَا يتنظف مَعَ إِمْكَان تَحْصِيل الدّهن والصابون والنظافة لَا تنَافِي النَّهْي عَن التزين فِي الملبس وَالْأَمر بِلبْس الخشن ومدح الشعث الغبر كَمَا مرّ وَيَأْتِي (حم د حب ك عَن جَابر) بأسانيد جَيِّدَة
(أما يخْشَى) يخَاف (أحدكُم) أَيهَا المقتدون (إِذا رفع رَأسه) من السُّجُود أَو الرُّكُوع (قبل) رفع (الإِمَام) رَأسه (أَن يَجْعَل) يحول (الله) تَعَالَى (رَأسه) الجانية بِالرَّفْع تَعَديا (رَأس حمَار) فِي رِوَايَة ابْن حبَان كلب (أَو) للشَّكّ من الرَّاوِي أَو غَيره (يَجْعَل الله صورته صُورَة حمَار) حَقِيقَة بِنَاء على مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَر من وُقُوع المسخ لهَذِهِ الأمّة أَو مجَازًا عَن البلادة الْمَوْصُوف بهَا الْحمار أَو أَنه يسْتَحق ذَلِك وَلَا يلْزم من الْوَعيد الْوُقُوع وَفِيه أَن ذَلِك حرَام وَبِه قَالَ الشافعيّ (ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة) وَذكره ابْن تَيْمِية فِي الْمُنْتَقى بِلَفْظ يحول فيهمَا وَعَزاهُ للْجَمَاعَة كلهم وَذكره فِي الْعُمْدَة بِلَفْظ يحوّل فِي الأولى وَيجْعَل فِي الثَّانِيَة وَالَّذِي فِي البخاريّ وَالْجمع بَين الصَّحِيحَيْنِ مَا فِي الْكتاب
(أما يخْشَى أحدكُم إِذا رفع رَأسه) من رُكُوع أَو سُجُود (فِي الصَّلَاة) قبل إِمَامه (أَن لَا يرجع إِلَيْهِ بَصَره) بِأَن يعمى قبل رفع رَأسه ثمَّ لَا يعود إِلَيْهِ بَصَره بعد ذَلِك (حم م هـ عَن جَابر بن سَمُرَة) بن جُنْدُب
(أما وَالله إِنِّي لأمين فِي السَّمَاء وَأمين فِي الأَرْض) فِي نفس الْأَمر وَعند كل عَالم بحالي وَقد كَانَ يدعى فِي الْجَاهِلِيَّة بالأمين وَقدم السَّمَاء لعلوها ورمز إِلَى أَن شهرته بذلك فِي الْمَلأ الْأَعْلَى أظهر (طب عَن أبي رَافع) قَالَ أَرْسلنِي النبيّ إِلَى يهوديّ أَن أَسْلفنِي دَقِيقًا قَالَ لَا إِلَّا برهن فَأَخْبَرته فَذكره
(أما(1/229)
علمت) يَا عَمْرو بن الْعَاصِ الَّذِي جَاءَ ليبايعنا بِشَرْط الْمَغْفِرَة (أَن الْإِسْلَام يهدم مَا كَانَ قبله) من الْكفْر والمعاصي أَي يسْقطهُ ويمحو أَثَره (وَأَن الْهِجْرَة) من أَرض الْكفْر إِلَى بِلَاد الْإِسْلَام (تهدم) تمحو (مَا كَانَ قبلهَا) من الْخَطَايَا الْمُتَعَلّقَة بِحَق الْحق لَا الْخلق (وَأَن الْحَج يهدم مَا كَانَ قبله) الحكم فِيهِ كَالَّذي قبله لَكِن جَاءَ فِي خبر أَنه يكفر حَتَّى التَّبعَات وَأخذ بِهِ جمع (م عَن عَمْرو بن الْعَاصِ
(أما أَنكُمْ) أَيهَا النَّاس الَّذين قعدتم عِنْد مصلانا تضحكون (لَو أَكثرْتُم ذكرهَا ذمّ اللَّذَّات) قاطعها (لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أرى) من الضحك (الْمَوْت) بجرّه عطف بَيَان وَرَفعه خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف ونصبه بِتَقْدِير أَعنِي (فَأَكْثرُوا) من (ذكرهَا ذمّ اللَّذَّات الْمَوْت فَإِنَّهُ لم يَأْتِي على الْقَبْر يَوْم إِلَّا تكلم فِيهِ) بِلِسَان الْحَال أَو بِلِسَان الْمقَال وَالَّذِي خلق الْكَلَام فِي لِسَان الْإِنْسَان قَادر عل خلقه فِي الجماد وَلَا يلْزم مِنْهُ سَمَاعنَا لَهُ (فَيَقُول أَنا بَيت الغربة) فَالَّذِي يسكنني غَرِيب (وَأَنا بَيت الْوحدَة) فَمن حل بِي وحيد (وَأَنا بَيت التُّرَاب وَأَنا بَيت الدُّود) فَمن ضمنه أكله التُّرَاب والدود إِلَّا من اسْتثْنى مِمَّن نَص على أَنه لَا يبْلى وَلَا يدود فِي قَبره فَالْمُرَاد بَيت من شَأْنه ذَلِك (فَإِذا دفن العَبْد الْمُؤمن) أَي الْمُطِيع كَمَا يدل عَلَيْهِ ذكر الْفَاجِر وَالْكَافِر فِي مُقَابِله (قَالَ لَهُ الْقَبْر مرْحَبًا وَأهلا) أَي وجدت مَكَانا رحبا وَوجدت أَهلا من الْعَمَل الصَّالح فَلَا يُنَافِي مَا مرّ (أما) بِالتَّخْفِيفِ (إِن كنت لأحب من يمشي على ظهر الأَرْض إليّ) لكونك مُطيعًا لِرَبِّك (فَإذْ) أَي حِين (وليتك) أَي استوليت عَلَيْك (الْيَوْم وصرت إليّ) أَي صرت إليّ واليتك والوا وَلَا ترَتّب وَكَذَا يُقَال فِيمَا يَأْتِي (فسترى صنيعي بك) فَإِنِّي محسنة جدّا وَقَضِيَّة السِّين أنّ ذَلِك يتَأَخَّر عَن الدّفن زَمنا (فيتسع لَهُ مدّ بَصَره) أَي بِقدر مَا يمتدّ إِلَيْهِ بَصَره وَلَا يُنَافِي رِوَايَة سبعين ذِرَاعا لأنّ المُرَاد بهَا التكثير لَا التَّحْدِيد (وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة) تفتحه الْمَلَائِكَة بِإِذن إلهيّ أَو ينفتح بِنَفسِهِ بأَمْره تَعَالَى ليَأْتِيه من روحها وريحها وَينظر إِلَى نعيمها وحورها فيأنس وَيَزُول عَنهُ كرب الغربة والوحدة (وَإِذا دفن العَبْد الْفَاجِر) الْمُؤمن الْفَاسِق (أَو الْكَافِر) بِأَيّ كفر كَانَ (قَالَ لَهُ الْقَبْر لَا مرْحَبًا وَلَا أَهلا أما أَن كنت لأبغض من يمشي على ظهر الأَرْض إليّ فَإذْ) أَي حِين (وليتك الْيَوْم وصرت إليّ فسترى صنيعي بك) فِي التَّنْفِيس مَا مرّ (فيلتئم) يَنْضَم (عَلَيْهِ حَتَّى يلتقي عَلَيْهِ) بشدّة وعنف (وتختلف أضلاعه) من شدّة الضغطة (ويقيض لَهُ سَبْعُونَ تنينا) أَي ثعبانا (لَو أنّ وَاحِدًا مِنْهَا نفخ فِي الأَرْض) أَي على ظهرهَا بَين النَّاس (مَا أنبتت شيأ) من النَّبَات (مَا بقيت الدُّنْيَا) أَو مدّة بَقَائِهَا (فينهشنه) بشين مُعْجمَة وَقد تهمل (ويخدشنه) يجرحنه (حَتَّى يُفْضِي بِهِ إِلَى الْحساب) أَي حَتَّى يصل إِلَى يَوْم الْحساب وَهُوَ الْقِيَامَة فعذاب الْقَبْر غير مُنْقَطع (إِنَّمَا الْقَبْر رَوْضَة من رياض الْجنَّة) حَقِيقَة لما يتحف بِهِ الْمُؤمن من الريحان وأزهار الْجنان أَو مجَازًا عَن الْأَمْن والراحة وَالسعَة (أَو حُفْرَة من حفر النَّار) كَذَلِك وَفِيه أَن الْمُؤمن الْكَامِل لَا يضغط فِي قَبره لَكِن فِي حَدِيث آخر خِلَافه وَأَن عَذَاب الْقَبْر يكون للْكَافِرِ أَيْضا وَأَن عَذَاب البرزخ غير مُنْقَطع وَفِي كثير من الْأَخْبَار والْآثَار مَا يدل على انْقِطَاعه وَقد يجمع باخْتلَاف ذَلِك باخْتلَاف الْأَمْوَات (ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَحسنه
(أما) بِالتَّشْدِيدِ وَكَذَا مَا بعده (أَنا فَلَا آكل مُتكئا) مُتَمَكنًا مُعْتَمدًا على وطاء تحتي أَو مائلا إِلَى أحد شقي فَيكْرَه الْأكل حَال الاتكاء تَنْزِيها لَا تَحْرِيمًا (ت عَن أبي جُحَيْفَة) بجيم ثمَّ حاء السوَائِي
(أما أهل النَّار الَّذين هم أَهلهَا) أَي المختصون بالخلود فِيهَا (فَإِنَّهُم لَا يموتون فِيهَا) موتا يريحهم (وَلَا يحيون) حَيَاة(1/230)
تريحهم (وَلَكِن) اسْتِدْرَاك من توهم نفي الْعَذَاب عَنْهُم (نَاس) من الْمُؤمنِينَ (أَصَابَتْهُم النَّار بِذُنُوبِهِمْ فأماتتهم) بمثناتين أَي النَّار وَفِي رِوَايَة بمثناة أَي أماتهم الله (إماتة) أَي بعد أَن يعذبوا مَا شَاءَ الله وَهِي إماتة حَقِيقِيَّة وَقيل مجازية عَن ذهَاب الإحساس بالألم (حَتَّى إِذا) بَعثهمْ الله من تِلْكَ الموتة (صَارُوا فحما) أَي كالحطب الَّذِي أحرق حَتَّى اسودّ (أذن) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَو للْفَاعِل أَي أذن الله (بالشفاعة) فيهم فحملوا أَو أخرجُوا (فجيء بهم) أَي فتأتي بهم الْمَلَائِكَة إِلَى الْجنَّة بِإِذن رَبهم (ضبائر ضبائر) بِمُعْجَمَة مَفْتُوحَة فموحدة مُخَفّفَة أَي يحملون كالأمتعة جماعات جماعات منفردين عكس أهل الْجنَّة فَإِنَّهُم يدْخلُونَ يتحاذون بالمناكب لَا يدْخل آخِرهم قبل أَوَّلهمْ وَلَا عَكسه (فبثوا) فرقوا (على أَنهَار الْجنَّة) أَي على حافاتها (ثمَّ قيل) أيّ قَالَت الْمَلَائِكَة أَو قَالَ الله (يَا أهل الْجنَّة أفيضوا) صبوا (عَلَيْهِم) مَاء الْحَيَاة فيفيضون مِنْهُ فيحيون (فينبتون نَبَات الْحبَّة) بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة حب الرياحين وَنَحْوهَا مِمَّا ينْبت فِي الْبَريَّة مِمَّا (تكون فِي حميل السَّيْل) وَهُوَ مَا حمله السَّيْل فِي سرعَة فَتخرج لِضعْفِهَا صفراء متلونة وَذَا كِنَايَة عَن سرعَة نباتهم وَضعف حَالهم ثمَّ تشتدّ قواهم ويصيرون إِلَى مَنَازِلهمْ (حم م هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أما أوّل أَشْرَاط السَّاعَة) علاماتها الَّتِي يعقبها قِيَامهَا (فَنَار تخرج من الْمشرق فتحشر النَّاس) تجمعهم مَعَ سوق (إِلَى الْمغرب) قيل أَرَادَ نَار الْفِتَن وَقد وَقعت كفتنة التتار سَارَتْ من الْمشرق إِلَى الْمغرب وَقيل بل تَأتي وَاسْتشْكل جعل النَّار أوّل العلامات وَجَوَابه فِي الأَصْل (وَأما أوّل مَا) أَي طَعَام (يَأْكُل أهل الْجنَّة) فِيهَا (فَزِيَادَة كبد الْحُوت) أَي زائدته وَهِي الْقطعَة المنفردة الْمُتَعَلّقَة بالكبد (وَأما شبه الْوَلَد أَبَاهُ) تَارَة (وَأمه) أُخْرَى (فَإِذا سبق مَاء الرجل مَاء الْمَرْأَة) فِي النُّزُول والاستقرار فِي الرَّحِم (نزع إِلَيْهِ) أَي إِلَى الرجل (الْوَلَد) بنصبه على المفعولية أَي جذبه إِلَيْهِ (وَإِذا سبق مَاء الْمَرْأَة مَاء الرجل نزع) الْوَلَد (إِلَيْهَا) أَي الْمَرْأَة وَذَلِكَ أَن ابْن سَلام أَتَى الْمُصْطَفى لما قدم الْمَدِينَة فَقَالَ إِنِّي سَائِلك عَن ثَلَاث لَا يعلمهنّ إِلَّا نبيّ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَجَابَهُ بذلك فَأسلم (حم خَ ن عَن أنس) بن مَالك
(أمّا صَلَاة الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان وَلَو أُنْثَى (فِي بَيته) أَي مَحل إِقَامَته (فنور) أَي منورة للقلب بِحَيْثُ تشرق فِيهِ أنوار المعارف (فنوّروا بهَا بُيُوتكُمْ) فَإِنَّهَا تمنع الْمعاصِي وتنهى عَن الْفَحْشَاء وَالْمُنكر وتهدي إِلَى الصَّوَاب كَمَا أَن النُّور يستضاء بِهِ (حم هـ عَن عمر) ابْن الْخطاب وَهُوَ حسن
(أمّا فِي ثَلَاث مَوَاطِن) أَي أَمَاكِن فِي الْقِيَامَة (فَلَا يذكر أحد أحد) لعظم هولها وشدّة روعها (عِنْد الْمِيزَان) أَي إِذا نصب لوزن الْأَعْمَال وَهِي وَاحِدَة ذَات لِسَان وكفتين وكفة الْحَسَنَات من نور وكفة السَّيِّئَات من ظلمَة (حَتَّى يعلم) الْإِنْسَان (أيخف) بمثناة تحتية وَكَذَا يثقل (مِيزَانه) فَيكون من الهالكين (أم يثقل) فَيكون من الناجين (وَعند الْكتاب) أَي نشر صحف الْأَعْمَال (حِين يُقَال هاؤم اقرؤا كِتَابيه) أَي خُذُوا كتابي فاقرؤه وَالْهَاء للسكت (حَتَّى يعلم أَيْن يَقع كِتَابه أَفِي يَمِينه أم فِي شِمَاله أم من وَرَاء ظَهره) قَالَ ابْن السَّائِب تلوى يَده خلف ظَهره ثمَّ يعْطى كِتَابه (وَعند الصِّرَاط إِذا وضع بَين ظهراني جَهَنَّم) بِفَتْح الظَّاء أَي على ظهرهَا أَي وَسطهَا كالجسر فزيدت الْألف وَالنُّون للْمُبَالَغَة وَالْيَاء لصِحَّة دُخُول بَين على متعدّد وَقيل لفظ ظهراني مقحم (حافتاه) جانباه (كلاليب كَثِيرَة) أَي هما نفسهما كلاليب وَهُوَ أبلغ من كَونهَا فيهمَا (وحسك) بِالتَّحْرِيكِ شوك يُسمى شوك السعدان(1/231)
(كثير يحبس الله بهَا من يَشَاء من خلقه) أَي يعوقه عَن الْمُرُور ليهوى فِي النَّار (حَتَّى يعلم أينجو أم لَا) وَهَذَا كُله إلهاب وتهييج وتذكير للمرء بِمَا أَمَامه من الْأَهْوَال (د ك عَن عَائِشَة) قَالَت ذكرت النَّار فَبَكَيْت فَقَالَ رَسُول الله مَالك قلت ذكرت النَّار فَهَل تذكرُونَ أهليكم يَوْم الْقِيَامَة فَذكره قَالَ الْحَاكِم صَحِيح لَوْلَا إرْسَال فِيهِ
(أما بعد) أَي بعد حمد الله وَالثنَاء عَلَيْهِ (فَإِن أصدق) لفظ رِوَايَة مُسلم خير (الحَدِيث) أَي مَا يتحدّث بِهِ وينقل وَلَيْسَ المُرَاد مَا أضيف إِلَى الْمُصْطَفى فَقَط كَمَا وهم (كتاب الله) لإعجازه وتناسب أَلْفَاظه وتناصفها فِي التخير والإصابة وتجاوب نظمه وتأليفه فِي الإعجاز والتبكيت وإفهامه مَا اشْتَمَل عَلَيْهِ من الْأَخْبَار وَالْأَحْكَام والمواعظ (وأنّ أفضل الْهَدْي هدي مُحَمَّد) بِفَتْح فَسُكُون فيهمَا وَيجوز ضم فَفتح بل قيل إِنَّه روى بِهِ أَيْضا أى أحسن الطّرق طَرِيقَته وسمته وَسيرَته أَو أحسن الدّلَالَة دلَالَته وإرشاده (وَشر الْأُمُور محدثاتها) جمع محدثة بِالْفَتْح مَا لم يعرف من كتاب وَلَا سنة وَلَا إِجْمَاع (وكل محدثة بِدعَة وكل بِدعَة ضَلَالَة) أَي كل فعلة أحدثت على خلاف الشَّرْع ضَلَالَة أَي تُوصَف بذلك لإضلالها وَالْحق فِيمَا جَاءَ بِهِ الشَّارِع فَمَاذَا بعد الْحق إِلَّا الضلال (وكل ضَلَالَة فِي النَّار) أَي صائرة إِلَيْهَا مَعَ فاعلها (أتتكم السَّاعَة بَغْتَة) بنصبه على المفعولية وَيجوز رَفعه (هَكَذَا) وَقرن بَين أصبعيه السبابَة وَالْوُسْطَى تَمْثِيل لمقارنتها أَو تقريب لما بَينهمَا من المدّة (صبحتكم السَّاعَة ومستكم) أَي توقعوا قِيَامهَا فكأنكم بهَا وَقد فاجأتكم صباحا أَو مسَاء فبادروا بِالتَّوْبَةِ (أَنا أولى) أَحَق (بِكُل مُؤمن من نَفسه) كَمَا قَالَ تَعَالَى النَّبِي أولى بِالْمُؤْمِنِينَ من أنفسهم فَإِذا احْتَاجَ لنَحْو طَعَام لزم مَالِكه بذله لَهُ (من) مَاتَ (وَترك مَالا فلأهله) أَي ورثته (وَمن ترك دينا) عَلَيْهِ لم يوفه فِي حَيَاته (أَو ضيَاعًا) بِفَتْح الضَّاد عيالا وَأَطْفَالًا (فإليّ وعليّ) أَي فَأمر كِفَايَة عِيَاله اليّ ووفاء دينه عليّ (وَأَنا وليّ الْمُؤمنِينَ) أَجْمَعِينَ كَانَ لَا يُصَلِّي على من مَاتَ وَلم يخلف وَفَاء ثمَّ نسخ بِمَا ذكر (حم م ن هـ عَن جَابر)
(أما بعد فوَاللَّه إِنِّي لأعطي الرجل وأدع) أترك (الرجل) الآخر فَلَا أعْطِيه شيأ (وَالَّذِي أدع) إعطاءه (أحب إليّ من الَّذِي أعْطى وَلَكِن) اسْتِدْرَاك بَين بِهِ جَوَاب سُؤال تَقْدِيره لم تفعل ذَلِك مَعَ أنّ الْقيَاس الْعَكْس وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ لكني (أعطي أَقْوَامًا لما) بِكَسْر اللَّام (أرى) أَي أعلم (فِي قُلُوبهم من الْجزع) بِالتَّحْرِيكِ أَي الضعْف عَن تحمل الإملاق (والهلع) محرّكة شدّة بالجزع أَو أفحشه أَو هما بِمَعْنى فالجمع للإطناب (وَأكل) بِفَتْح فَكسر (أَقْوَامًا إِلَى مَا جعل الله فِي قُلُوبهم من الْغنى) النَّفْسِيّ (وَالْخَيْر) الْجبلي الدَّاعِي إِلَى الصَّبْر وَالتَّعَفُّف عَن المسئلة والشره (مِنْهُم عَمْرو بن ثَعْلَب) بِفَتْح الْمُثَنَّاة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَكسر اللَّام النمري محركة وَهَذِه منقبة شريفة لَهُ (خَ عَن عَمْرو بن تغلب) قَالَ أَتَى النَّبِي بِمَال فَأعْطى رجَالًا وَترك رجَالًا ثمَّ خطب فَذكره
(أما بعد فَمَا بَال أَقوام) اسْتِفْهَام إنكاري إبطالي أَي مَا حَالهم وهم أهل بَرِيرَة أَرَادَت عَائِشَة شراءها وعتقها فشرطوا الْوَلَاء لَهُم فَخَطب فنبه على تقبيح فعلهم حَيْثُ (يشترطون شُرُوطًا لَيست فِي كتاب الله) أَي فِي حكمه الَّذِي كتبه على عبَادَة أَو فِي شَرعه (مَا كَانَ من شَرط لَيْسَ فِي كتاب الله) حكمه الَّذِي يتعبد بِهِ عباد من كتاب أَو سنة أَو إِجْمَاع (فَهُوَ بَاطِل وَإِن كَانَ) الْمَشْرُوط (مائَة شَرط) مُبَالغَة وتأكيد لأنّ عُمُوم مَا كَانَ من شَرط دلّ على بطلَان جَمِيع الشُّرُوط وَإِن زَادَت على الْمِائَة (قَضَاء الله) حكمه (أَحَق) يَعْنِي هُوَ الْحق الَّذِي يجب الْعَمَل بِهِ(1/232)
لَا غَيره (وَشرط الله أوثق) أَي هُوَ الْأَقْوَى وَمَا سواهُ بَاطِل واه (وَإِنَّمَا الْوَلَاء لمن أعتق) لَا لغيره من مشترط وَغَيره فَهُوَ منفيّ شرعا وَعَلِيهِ الْإِجْمَاع (ق 4 عَن عَائِشَة) وَهِي قصَّة بَرِيرَة الْمَشْهُورَة
(أما بعد فَمَا بَال الْعَامِل) أَرَادَ عبد الله بن اللتبية اسْتَعْملهُ على عمل فجَاء فَقَالَ هَذَا لي وَهَذَا لكم وَهَذَا أهدي إليّ فَخَطب موبخا لَهُ فَقَالَ (نَسْتَعْمِلهُ) نوليه عملا (فَيَأْتِينَا) عِنْد فرَاغ عمله (فَيَقُول هَذَا من عَمَلكُمْ وَهَذَا أهدي إليّ) ثمَّ برهن على ذَلِك بِحجَّة إلزامية عقلية بقوله (أَفلا قعد فِي بَيت أَبِيه أَو أمّه فَينْظر هَل يهدى لَهُ) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (أم لَا) ثمَّ أقسم على أنّ الْمَأْخُوذ على الْوَجْه الْمَذْكُور غلُول فَقَالَ (فوالذي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ) بقدرته وتصريفه (لَا يغل أحدكُم) بغين مُعْجمَة من الْغلُول وَهُوَ الْخِيَانَة (مِنْهَا) أَي الصَّدَقَة (شيأ) وَلَو تافها حَقِيرًا كَمَا يفِيدهُ التنكير (إِلَّا جَاءَ بِهِ يَوْم الْقِيَامَة) حَال كَونه (يحملهُ على عُنُقه) وَمن يغلل يَأْتِ بِمَا غل يَوْم الْقِيَامَة (إِن كَانَ) مَا غله (بَعِيرًا جَاءَ بِهِ) يَوْمهَا (لَهُ رُغَاء) بِضَم الرَّاء مخففا ممدودا لَهُ صَوت (وَإِن كَانَت بقرة جَاءَ بهَا لَهَا خوار) بِضَم الْمُعْجَمَة صَوت (وَإِن كَانَت شَاة جَاءَ بهَا تَيْعر) بمثناة فوقية مَفْتُوحَة فتحتية سَاكِنة فمهملة صَوت شَدِيد (فقد بلغت) بشدّ اللَّام حكم الله الَّذِي أرْسلت بِهِ إِلَيْكُم (حم ق د عَن أبي حميد السَّاعِدِيّ) وَذكر البُخَارِيّ أنّ هَذِه الْخطْبَة كَانَت عَشِيَّة بعد الصَّلَاة
(أما بعد أَلا أَيهَا النَّاس) الْحَاضِرُونَ أَو أَعم (إِنَّمَا أَنا بشر يُوشك) أَي يسْرع (أَن يَأْتِي رَسُول رَبِّي) ملك الْمَوْت يدعوني (فَأُجِيب) أَي أَمُوت كني عَنهُ بالإجابة رمزا إِلَى أَن اللَّائِق بِهِ تلقيه بِالْقبُولِ كالمجيب إِلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ (وَأَنا تَارِك فِيكُم ثقلين) سمى بِهِ لعظمهما وشرفهما وآثر التَّعْبِير بِهِ لِأَن الْأَخْذ بِمَا يتلَقَّى عَنْهُمَا والمحافظة على رعايتهما وَالْقِيَام بِوَاجِب حرمتهما ثقيل (أوّلهما كتاب الله) قدّمه لأحقيته بالتقديم وَالْكتاب علم بالغلبة على الْقُرْآن وَقَالَ الرَّاغِب والكتب وَالْكتاب ضم أَدِيم إِلَى أَدِيم بالخياطة وَعرفا ضم الْحُرُوف بَعْضهَا الْبَعْض فِي اللَّفْظ وَلِهَذَا سمي كتاب الله وَإِن لم يكْتب كتابا قَالَ ابْن الْكَمَال وَمن قَالَ أطلق على المنظوم عبارَة قبل أَن يكْتب لِأَنَّهُ مِمَّا يكْتب فَكَأَنَّهُ لم يفرق بَين الْخط وَالْكِتَابَة (فِيهِ الْهَدْي) من الضلال (والنور) للصدور (من استمسك بِهِ وَأخذ بِهِ كَانَ على الْهدى وَمن أخطأه ضل) أَي أَخطَأ سَبِيل السَّعَادَة وَهلك فِي ميدان الشقاوة (فَخُذُوا بِكِتَاب الله واستمسكوا بِهِ) فَإِنَّهُ السَّبَب الْموصل إِلَى المقامات الْعلية والسعادة الأبدية (و) ثَانِيهمَا (أهل بَيْتِي) 3 من حرمت عَلَيْهِ الصَّدَقَة من أَقَاربه وَالْمرَاد هُنَا علماؤهم (حم عبد بن حميد) بِغَيْر إِضَافَة (م عَن زيد بن أَرقم) وَله تَتِمَّة فِي مُسلم
(أما بعد فإنّ أصدق الحَدِيث كتاب الله) لِاسْتِحَالَة الْكَذِب فِي خَبره وَإِنَّمَا تكذب الظنون فِي فهم خطابه (وأوثق العرى كلمة التَّقْوَى) كلمة الشَّهَادَة إِذْ هِيَ الْوَفَاء بالعهد (وَخير الْملَل مِلَّة إِبْرَاهِيم) الْخَلِيل وَلذَلِك أَمر الْمُصْطَفى باتباعها (وَخير السّنَن) جمع سنة (سنة مُحَمَّد) وَهِي قَوْله أَو فعله أَو تَقْرِيره لِأَنَّهَا أهْدى من كل سنة وأقوم من كل طَريقَة (وأشرف الحَدِيث ذكر الله) لِأَن الشَّيْء يشرف بشرف من هُوَ لَهُ (وَأحسن الْقَصَص هَذَا الْقُرْآن) لِأَنَّهُ برهَان مَا فِي جَمِيع الْكتب وَدَلِيل صِحَّتهَا (وَخير الْأُمُور عوازمها) فرائضها الَّتِي عزم الله على الأمّة فعلهَا (وشرّ الْأُمُور محدثاتها) أَي شرّ الْأُمُور على الدّين مَا أحدث من الْبدع (وَأحسن الْهَدْي) بِفَتْح فَسُكُون السمت والطريقة والسيرة (هدي
3 - قي هَامِش بعض النّسخ سقط من قلم الشَّارِح وَهُوَ ثَابت فِي نسخ الْمَتْن الْمُعْتَمدَة أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي أذكركم الله فِي أهل بَيْتِي أه(1/233)
الْأَنْبِيَاء) لعصمتهم من الضلال والإضلال (وأشرف الْمَوْت قتل الشُّهَدَاء) لِأَنَّهُ فِي الله وَللَّه ولإعلاء كلمة الله فأعقبهم الْحَيَاة بِاللَّه (وأعمى الْعَمى الضَّلَالَة بعد الْهدى) الْكفْر بعد الْإِيمَان فَهُوَ الْعَمى على الْحَقِيقَة (وَخير الْعلم مَا نفع) بِأَن صَحبه إخلاص (وَخير الْهَدْي مَا اتبع) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي اقْتدى بِهِ كنشر علم وتأديب مُرِيد وتهذيب أَخْلَاق (وشرّ الْعَمى عمى الْقلب) لأنّ عماه بفقد نور الْإِيمَان بِالْغَيْبِ فيثمر الْغَفْلَة عَن الله وَالْآخِرَة وَمن كَانَ فِي هَذِه أعمى فَهُوَ فِي الْآخِرَة أعمى (وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى) أَي المعطية خير من الآخذة (وَمَا قل) من الدُّنْيَا (وَكفى) الْإِنْسَان لمؤنته وَمؤنَة ممونه (خير مِمَّا كثر وألهى) عَن الله وَالدَّار الْآخِرَة لأنّ الاستكثار من الدُّنْيَا يُورث الهمّ والغمّ وَالْقَسْوَة (وشرّ المعذرة حِين يحضر الْمَوْت) فإنّ العَبْد إِذا اعتذر بِالتَّوْبَةِ عِنْد الغرغرة لَا يفِيدهُ لانها حَالَة كشف الغطاء (وَشر الندامة) التحسر على مافات (يَوْم الْقِيَامَة) فانها لَا تَنْفَع يَوْمئِذٍ وَلَا تفِيد (وَمن النَّاس من لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دبرا) بِضَمَّتَيْنِ أَي بعد فَوت الْوَقْت (وَمِنْهُم من لَا يذكر الله إِلَّا هجرا) أَي تَارِكًا للإخلاص كأنّ قلبه هَاجر لِلِسَانِهِ (وَأعظم الْخَطَايَا اللِّسَان الكذوب) وَهُوَ الَّذِي تكرّر كذبه حَتَّى صَار صفة لَهُ (وَخير الْغنى غنى النَّفس) فَإِنَّهُ الْغنى على الْحَقِيقَة (وَخير الزَّاد) إِلَى الْآخِرَة (التَّقْوَى وَرَأس الْحِكْمَة مَخَافَة الله) أَي الْخَوْف مِنْهُ فَمن لم يخف مِنْهُ فباب الْحِكْمَة وَطَرِيق السَّعَادَة دونه مسدود (وَخير مَا وقر فِي الْقلب الْيَقِين) أَي خير مَا سكن فِيهِ نور الْيَقِين فَإِنَّهُ المزيل لظلمة الريب (والارتياب) أَي الشَّك فِي شَيْء مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُول (كفر) بِاللَّه (والنياحة من عمل الْجَاهِلِيَّة) أَي النوح على الْمَيِّت بِنَحْوِ واكهفاه من عَادَة الْجَاهِلِيَّة وَقد حرّمه الْإِسْلَام (والغلول) الْخِيَانَة الْخفية (من جثا جَهَنَّم) جمع جثوَة بِالضَّمِّ الشَّيْء الْمَجْمُوع يَعْنِي الْحِجَارَة الْمَجْمُوعَة (والكنز) المَال الَّذِي لم تؤدّ زَكَاته (كيّ من النَّار) يكوى بِهِ صَاحبه فِي جَهَنَّم (وَالشعر) بِالْكَسْرِ الْكَلَام المقفى الْمَوْزُون قصدا (من مَزَامِير إِبْلِيس) إِذا كَانَ محرّما (وَالْخمر جماع الْإِثْم) مجمعه ومظنته (وَالنِّسَاء حبالة الشَّيْطَان) مصايده وفخوخه وَاحِدهَا حبالة بِالْكَسْرِ وَهِي مَا يصاد بِهِ (والشباب شُعْبَة من الْجُنُون) لِأَنَّهُ يمِيل إِلَى الشَّهَوَات ويوقع فِي المضارّ (وشرّ المكاسب كسب الرِّبَا) أَي التكسب بِهِ لأنّ درهما مِنْهُ أشدّ من ثَلَاث وَثَلَاثِينَ زنية (وشرّ المأكل) أَي الْمَأْكُول (مَال الْيَتِيم) ظلما لأنّ آكله إِنَّمَا يَأْكُل فِي بَطْنه نَارا (والسعيد من وعظ بِغَيْرِهِ) أَي من تصفح أَفعَال غَيره فاقتدى بأحسنها وانْتهى عَن قبيحها (والشقي من شقي فِي بطن أمه) فَلَا اخْتِيَار للسعيد فِي تَحْصِيل السَّعَادَة وَلَا اقتدار للشقي على تَبْدِيل الشقاوة (وَإِنَّمَا يصير أحدكُم) إِذا مَاتَ (إِلَى مَوضِع أَرْبَعَة أَذْرع) وَهُوَ اللَّحْد (وَالْأَمر بِآخِرهِ) بالمدّ إِنَّمَا الْأَعْمَال بخواتيمها (وملاك الْعَمَل) بِالْكَسْرِ قوامه ونظامه وَمَا يعْتَمد عَلَيْهِ فِيهِ (خواتمه) يَعْنِي أَحْكَام عمل الْخَيْر وثباته مَوْقُوفَة على سَلامَة عاقبته (وشرّ الروايا روايا الْكَذِب وكل مَا هُوَ آتٍ) من الْمَوْت وَالْقِيَامَة والحساب وَالْوُقُوف (قريب) وَأَنت سَائِر على مراحل الْأَيَّام والليالي إِلَيْهِ أَنهم يرونه بعيد أَو نرَاهُ قَرِيبا (وسباب الْمُؤمن) بِكَسْر الْمُهْملَة سبه وشمته (فسوق) أَي فسق (وقتال الْمُؤمن) بِغَيْر حق (كفر) إِن اسْتحلَّ قَتله بِلَا تَأْوِيل سَائِغ (وَأكل لَحْمه) أَي غيبته وَهُوَ ذكره بِمَا يكرههُ فِي غيبته (من مَعْصِيّة الله) أَيُحِبُّ أحدكُم أَن يَأْكُل لحم أَخِيه مَيتا (وَحُرْمَة مَاله كَحُرْمَةِ دَمه) فَكَمَا يمْتَنع سفك دَمه بِغَيْر حق يمْتَنع أَخذ شَيْء(1/234)
من مَاله كَذَلِك (وَمن يتأل على الله) يحكم عَلَيْهِ وَيحلف (بكذبه) بِأَن يفعل خلاف مَا حلف عَلَيْهِ مجازاة لَهُ على جراءته وفضوله (وَمن يغْفر يغْفر الله لَهُ) أَي وَمن يستر على مُسلم فضيحة اطلع عَلَيْهَا يستر الله ذنُوبه فَلَا يؤاخذه بهَا (وَمن يعف يعف الله عَنهُ) أَي وَمن يمح أثر جِنَايَة غَيره عَلَيْهِ يمح الله سيآته جَزَاء وفَاقا (وَمن يَكْظِم الغيظ) يردهُ ويكتمه مَعَ قدرته على انفاده (يأجره الله) ينيبه لِأَنَّهُ محسن يحب الْمُحْسِنِينَ وكظم الغيظ إِحْسَان (وَمن يصبر على الرزية) الْمُصِيبَة احتسابا (يعوّضه الله) عَنْهَا خيرا مِمَّا فَاتَهُ (وَمن يتبع السمعة يسمع الله بِهِ) روى بشين مُعْجمَة وَمَعْنَاهُ من عَبث بِالنَّاسِ واستهزأ بهم يعبث الله ويستهزئ بِهِ وبمهملة وَمَعْنَاهُ من يرائي بِعَمَلِهِ يَفْضَحهُ الله (وَمن يصبر) على مَا أَصَابَهُ من بلَاء (يضعف الله لَهُ) الثَّوَاب أَي يؤته أجره مرّتين (وَمن يعْص الله يعذبه الله) أَن لم يعف عَنهُ فَهُوَ تَحت الْمَشِيئَة (اللهمّ اغْفِر لي ولأمّتي) قَالَه ثَلَاثًا لِأَنَّهُ تَعَالَى يحب الملحين فِي الدُّعَاء (أسْتَغْفر الله لي وَلكم) وَهَذِه الْخطْبَة قد عدّها العسكري من الحكم والأمثال (الْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الدَّلَائِل) دَلَائِل النبوّة (وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن عقبَة بن عَامر الْجُهَنِيّ أَبُو نصر السجْزِي) بِكَسْر السِّين الْمُهْملَة (فِي) كتاب (الْإِنَابَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن أبي الدَّرْدَاء) مَرْفُوعا (ش) وَكَذَا أَبُو نعيم (عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (مَوْقُوفا) وَإِسْنَاده حسن
(أما بعد فإنّ الدُّنْيَا) فِي الرَّغْبَة فِيهَا والميل إِلَيْهَا كالفاكهة الَّتِي هِيَ (خضرَة) فِي المنظر (حلوة) فِي المذاق وكل مِنْهُمَا يرغب فِيهِ مُنْفَردا فَكيف إِذا اجْتمعَا (وأنّ الله مستخلفكم فِيهَا) جاعلكم خلفاء فِي الدُّنْيَا (فناظر كَيفَ تَعْمَلُونَ) أَي كَيفَ تتصرّفون فِي مَال الله الَّذِي آتَاكُم هَل هُوَ على الْوَجْه الَّذِي يرضاه الْمُسْتَخْلف أَولا (فَاتَّقُوا الدُّنْيَا) أَي أحذروا فتنتها (وَاتَّقوا النِّسَاء) أَي الافتتان بهنّ (فإنّ أوّل فتْنَة بني إِسْرَائِيل كَانَت فِي النِّسَاء) يُرِيد قتل النَّفس الَّتِي أَمر فِيهَا بَنو إِسْرَائِيل بِذبح الْبَقَرَة فَإِنَّهُ قتل ابْن أَخِيه أَو عَمه ليتزوّج زَوجته أَو ابْنَته (أَلا) بِالتَّخْفِيفِ (أنّ بني آدم خلقُوا على طَبَقَات شَتَّى) أَي متفرّقة (مِنْهُم من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت مُؤمنا) وَهَذَا الْفَرِيق هم سعداء الدَّاريْنِ (وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت كَافِرًا) وَهَذَا الْقسم هم أهل الشقاوة (وَمِنْهُم من يُولد مُؤمنا ويحيا مُؤمنا وَيَمُوت كَافِرًا) أَي يسْبق عَلَيْهِ الْكتاب فيختم لَهُ بالْكفْر (وَمِنْهُم من يُولد كَافِرًا ويحيا كَافِرًا وَيَمُوت مُؤمنا) أَي يخْتم لَهُ بِالْإِيمَان فَيصير من أهل السَّعَادَة (إِلَّا أَن الْغَضَب جَمْرَة توقد) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا (فِي جَوف ابْن آدم أَلا ترَوْنَ إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ) عِنْد الْغَضَب (وانتفاخ أوداجه) جمع ودج بِفَتْح الدَّال وتكسر الْعرق الَّذِي يقطعهُ الذَّابِح وَيُسمى الوريد (فَإِذا وجد أحدكُم) فِي نَفسه (شيأ من ذَلِك) أَي من مبادى الْغَضَب (فالأرض الأَرْض) أَي فليضطجع بِالْأَرْضِ ويلصق نَفسه بهَا لتنكسر نَفسه وَتذهب حِدة غَضَبه (إِلَّا أنّ خير الرِّجَال) يَعْنِي الْآدَمِيّين فَذكر الرِّجَال وصف طردي (من كَانَ بطيء الْغَضَب سريع الرِّضَا وَشر الرِّجَال من كَانَ) بعكس ذَلِك أَي (سريع الْغَضَب بطيء الرِّضَا فَإِذا كَانَ الرجل بطيء الْغَضَب بطيء الْفَيْء) أَي الرُّجُوع (وسريع الْغَضَب سريع الْفَيْء فَإِنَّهَا بهَا) أَي فإنّ إِحْدَى الخصلتين تقَابل الْأُخْرَى فَلَا يسْتَحق مدحا وَلَا ذما (إِلَّا أنّ خير التُّجَّار) بِضَم الْمُثَنَّاة جمع تَاجر (من) أَي تَاجر (كَانَ حسن الْقَضَاء) أَي الْوَفَاء لما عَلَيْهِ من دين التِّجَارَة وَنَحْوهَا (حسن الطّلب) أَي سهل التقاضي يرحم الْمُعسر وَلَا يضايق الْمُوسر(1/235)
فِي تافه وَلَا يرهقه إِلَى الْوَفَاء فِي وَقت معِين (وَشر التِّجَارَة من كَانَ سيء الْقَضَاء مسيء الطّلب) أَي لَا يُوفى لغريمه دينه إِلَّا بِمَشَقَّة ومطل مَعَ يسَاره (فَإِذا كَانَ الرجل) التَّاجِر وَذكر الرجل وصف طردي وَالْمرَاد الْإِنْسَان لأنّ غَالب المتجر إِنَّمَا يتعاناه الرِّجَال (حسن الْقَضَاء سيء الطّلب أَو) كَانَ بعكسه (سيء الْقَضَاء حسن الطّلب فَإِنَّهَا بهَا) أَي فإحدى الخصلتين تقَابل بِالْأُخْرَى نَظِير مَا مرّ وَيجْرِي ذَلِك كُله فِي كل من لَهُ أَو عَلَيْهِ حق (إِلَّا أَن لكل غادر لِوَاء) أَي ينصب لَهُ (يَوْم الْقِيَامَة) لِوَاء حَقِيقَة (بِقدر غدرته) فَإِن كَانَت كَبِيرَة نصب لَهُ لِوَاء كَبِير وَإِن كَانَت صَغِيرَة فصغير وَفِي خبر أَنه يكون عِنْد أسته وَقيل اللِّوَاء مجَاز عَن شهرة حَاله فِي الْموقف (إِلَّا وأكبر الْغدر غدر أَمِير عامّة) بِالْإِضَافَة (إِلَّا لَا يمنعن رجلا مهابة النَّاس أَن يتَكَلَّم بِالْحَقِّ إِذا علمه) فإنّ ذَلِك يلْزمه وَلَيْسَت مهابة النَّاس عذرا بِشَرْط سَلامَة الْعَاقِبَة (إِلَّا أَن أفضل الْجِهَاد) أَي أَنْوَاعه (كلمة حق) يتَكَلَّم بهَا كأمر بِمَعْرُوف أَو نهي عَن مُنكر (عِنْد سُلْطَان جَائِر) ظَالِم فإنّ ذَلِك أفضل من جِهَاد الْكفَّار لِأَنَّهُ أعظم خطرا (إِلَّا أَن مثل مَا بَقِي من الدُّنْيَا فِيمَا مضى مِنْهَا مثل مَا بَقِي من يومكم هَذَا فِيمَا مضى مِنْهُ) يَعْنِي مَا بَقِي من الدُّنْيَا أقل مِمَّا مضى مِنْهَا فَلم يبْق مِنْهَا إِلَّا صبَابَة وَإِذا كَانَت بَقِيَّة الشَّيْء وَإِن كثرت فِي نَفسهَا قَليلَة بِالْإِضَافَة إِلَى معظمه كَانَت خَلِيقَة بِأَن تُوصَف بالقلة (حم ت ك هَب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَفِيه عَليّ بن زيد بن جدعَان
(أمامكم) بِفَتْح الْهمزَة أَي قدامكم أيتها الأمّة المحمدية (حَوْض) لي تردونه يَوْم الْقِيَامَة وتنكيره للتعظيم وَفسّر بالكوثر ونوزع وَهل وُرُوده قبل الصِّرَاط أَو بعده قَولَانِ وَجمع بِإِمْكَان التعدّد (كَمَا بَين جربا) بِفَتْح الْجِيم وَسُكُون الرَّاء وموحدة تقصر وتمدّ قَرْيَة بالشأم (وأذرح) بِفَتْح الْهمزَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة وَضم الرَّاء وحاء مُهْملَة قَرْيَة بِالشَّام وَفِي الحَدِيث حذف بَينته رِوَايَة الدَّارَقُطْنِيّ وَهِي مَا بَين ناحيتي حَوْضِي كَمَا بَين الْمَدِينَة وَبَين جربا وأذرح فالمسافة بَين الْمَدِينَة وَبَينهمَا ثَلَاثَة أَيَّام لَا بَينهمَا كَمَا وهم (خد عَن ابْن عمر) وَفِي الطَّبَرَانِيّ نَحوه
(أَمَان لأهل الأَرْض من الْغَرق) بِفَتْح الرَّاء (الْقوس) أَي ظُهُور الْقوس الْمُسَمّى بقوس قزَح كزفر سمى بِهِ لِأَنَّهُ أوّل مَا ريء على جبل قزَح بِالْمُزْدَلِفَةِ وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ فِي الْأَدَب الْمُفْرد أما قَوس قزَح فأمان من الْغَرق بعد قوم نوح أَي فَإِن ظُهُوره لَهُم لم يكن دافعا للغرق بِخِلَاف من بعدهمْ وَفِي آخر حَدِيث ابْن عَبَّاس أَنه كَانَ عَلَيْهِ وتر وَسَهْم فِي السَّمَاء فَلَمَّا جعل أَمَانًا لأهل الأَرْض نزعا (وأمان لأهل الأَرْض من الِاخْتِلَاف) أَي الْفِتَن والحروب (الْمُوَالَاة لقريش) أَي قَبيلَة قُرَيْش (قُرَيْش أهل الله) أولياؤه أضيفوا إِلَيْهِ تَشْرِيفًا (فَإِذا خالفتها قَبيلَة من الْعَرَب صَارُوا حزب إِبْلِيس) أَي جنده قَالَ الْحَكِيم أَرَادَ بِقُرَيْش أهل الْهدى مِنْهُم وَإِلَّا فبنو أُميَّة وأضرابهم حَالهم مَعْرُوف وَإِنَّمَا الْحُرْمَة لأهل التَّقْوَى (طب ك عَن ابْن عَبَّاس) وَصَححهُ الْحَاكِم وردّ بِأَنَّهُ واه
(أَمَان لأمتي من الْغَرق إِذا ركبُوا الْبَحْر) فِي رِوَايَة السَّفِينَة وَفِي أُخْرَى الْفلك (أَن يَقُولُوا) يقرؤا قَوْله تَعَالَى {بِسم الله مجْراهَا وَمرْسَاهَا} أَي حَيْثُ تجْرِي وَحَيْثُ ترسو (الْآيَة) أَي إِلَى آخرهَا وَقَوله تَعَالَى {وَمَا قدرُوا الله حق قدره} الْآيَة بكمالها (ع وَابْن السّني عَن الْحُسَيْن) بن عَليّ ضَعِيف لضعف جبارَة وَشَيْخه يحيى بن الْعَلَاء
(أم الْقُرْآن) الْفَاتِحَة سميت بِهِ لاشتمالها على كليات الْمعَانِي الَّتِي فِيهِ من الثَّنَاء على الله والتعبد بِالْأَمر وَالنَّهْي والوعد والوعيد كَذَا ذكرُوا وَاسْتشْكل بِأَن كثيرا من السُّور مُشْتَمل على هَذِه الْمعَانِي(1/236)
مَعَ أَنَّهَا لم تسم بِأم الْقُرْآن وَأجِيب بِأَنَّهَا سَابِقَة على غَيرهَا وضعا بل نزولا عِنْد الْأَكْثَر فَنزلت من تِلْكَ السُّور منزلَة مَكَّة من جَمِيع الْقرى حَيْثُ مهدت أَولا ثمَّ دحيت الأَرْض من تحتهَا فَكَمَا سميت أم الْقرى سميت هَذِه أم الْقُرْآن على أَنه لَا يلْزم إطراد وَجه الشّبَه (هِيَ السَّبع المثاني) سميت سبعا لِأَنَّهَا سبع آيَات بِاعْتِبَار عد الْبَسْمَلَة والمثاني لتكررها فِي الصَّلَاة أَو الْإِنْزَال فَإِنَّهَا نزلت بِمَكَّة حِين فرضت الصَّلَاة وبالمدينة حِين حوّلت الْقبْلَة وَفِيه أَن الْوَصْف الْمَذْكُور ثَبت لَهَا بِمَكَّة بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَلَقَد آتيناك سبعا من المثاني وَالْقُرْآن الْعَظِيم} عطف على السَّبع عطف صفة الشَّيْء على صفة أُخْرَى لَهُ (خَ عَن أبي بكر
أم الْقُرْآن) سميت بِهِ لِأَنَّهَا لَهُ عنوان وَهُوَ كُله لَهَا بسط وَبَيَان (عوض من غَيرهَا) من الْقُرْآن (وَلَيْسَ غَيرهَا مِنْهَا عوض) وَلِهَذَا لم يكن لَهَا فِي الْكتب الإلهية عديل (قطّ ك عَن عبَادَة) بن الصَّامِت وَصَححهُ وَاعْترض
(أم الْوَلَد حرّة) أَي كالحرّة فِي كَونهَا لَا تبَاع وَلَا ترهن وَلَا توهب وَلَا يتَصَرَّف فِيهَا بمزيل للْملك (وَإِن كَانَ) الْوَلَد (سقطا) لم تنفخ فِيهِ الرّوح بل وَلَو مخططا خَفِي تخطيطه بِحَيْثُ لَا يعرفهُ إِلَّا القوابل وَذَا مجمع عَلَيْهِ الْآن (طب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف الْحُسَيْن بن عِيسَى الْحَنَفِيّ
(أم ملدم) مفعل من لدمه لطمه وروى بذال مُعْجمَة من لذم بِمَعْنى لزم وَهِي الْحمى
(تَأْكُل) مضارع أكل (اللَّحْم) فَإِذا لَزِمت المحموم أنحلته (وتشرب الدَّم) تحرقه (بردهَا وحرها من جَهَنَّم) وَلذَلِك كَانَت شَهَادَة (طب عَن شبيب بن سعد) الْبلوى وَفِيه بَقِيَّة مُدَلّس
(أم أَيمن) بركَة حاضنة الْمُصْطَفى ودايته (أُمِّي بعد أُمِّي) فِي الاحترام أَو فِي حضنها إِيَّاه فَإِن أمه مَاتَت وَهُوَ ابْن نَحْو سبع فاحتضنته فَقَامَتْ مقَام أمه فِي تَرْبِيَته (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن سُلَيْمَان بن أبي شيخ مُرْسلا معضلا
(أمتِي يَوْم الْقِيَامَة غرّ) بِضَم الْمُعْجَمَة وشدّ الرَّاء جمع أغر أَي ذُو غرّة (من السُّجُود) أَي من أَثَره فِي الصَّلَاة (محجلون من الْوضُوء) أَي من أَثَره فِي الدُّنْيَا وَهُوَ هُنَا بِالضَّمِّ قَالَ الزَّرْكَشِيّ هَكَذَا الرِّوَايَة وَجوز ابْن دَقِيق الْعِيد الْفَتْح وَمن سَبَبِيَّة أَو لابتداء الْغَايَة وَجعله هُنَا السُّجُود عِلّة للغرة يُعَارضهُ كَمَا قَالَ الزَّرْكَشِيّ جعل الْوضُوء عِلّة للغرة والتحجيل فِي الْخَبَر الْآتِي وَقد يمْنَع (ت عَن عبد الله بن بسر) وَقَالَ حسن غَرِيب
(أمتِي أمة مباركة لَا يردي أوّلها خير) من آخرهَا (أَو آخرهَا) خير من أوّلها لتقارب أوصافهم وتشابه أفعالهم كَالْعلمِ وَالْجهَاد والتراحم وَقرب نعوت بَعضهم من بعض (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَمْرو بن عُثْمَان) بن عَفَّان (مُرْسلا) قَالَ الذَّهَبِيّ وَهُوَ ثِقَة
(أمتِي) المجتمعون على ملتي (أمّة مَرْحُومَة) من الله أَو من بَعضهم لبَعض (مغْفُور لَهَا) من رَبهَا (متاب عَلَيْهَا) مِنْهُ لأَنهم جمعهم الدّين وفرّقتهم الدُّنْيَا مَعَ اجْتِمَاعهم على الْإِيمَان وَالصَّلَاة وأذاقهم بأسهم بَينهم كَفَّارَة لما اجترحوه (الْحَاكِم فِي) كتاب (الكنى) والألقاب (عَن أنس) وَهَذَا حَدِيث مُنكر
(أمتِي هَذِه) أَي الموجودون الْآن وهم قرنه أَو أَعم (أمة مَرْحُومَة) أَي مَخْصُوصَة بمزيد الرَّحْمَة وإتمام النِّعْمَة (لَيْسَ عَلَيْهَا عَذَاب فِي الْآخِرَة) بِمَعْنى أَن من عذب مِنْهُم لَا يحس بألم النَّار (إِنَّمَا عَذَابهَا فِي الدُّنْيَا الْفِتَن) الْحَرْب والهرج بَينهم (والزلازل) مجَاز عَن الشدائد والأهوال (وَالْقَتْل والبلايا) لِأَن شَأْن الْأُمَم السَّابِقَة جَار على منهاج الْعدْل وأساس الربوبية وشأن هَذِه الْأُمَم ماش على مَنْهَج الْفضل وجود الألوهية (د طب ك هَب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ قَالَ ك صَحِيح وأقرّه الذَّهَبِيّ وَاعْترض
(أمثل مَا تداويتم بِهِ) أَي أنفعه وأفضله(1/237)
(الْحجامَة) لمن احْتمل ذَلِك سنا ولاق بِهِ قطرا ومرضا (والقسط) بِضَم الْقَاف بخور مَعْرُوف (البحري) بِالنِّسْبَةِ لمن يَلِيق بِهِ ذَلِك وتختلف باخْتلَاف الْبلدَانِ والأزمان والأشخاص فَهُوَ جَوَاب لسؤال سَائل يُنَاسِبه (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم ق ت ن عَن أنس) بن مَالك
(امْرُؤ الْقَيْس) بن حجر الْكِنْدِيّ الشَّاعِر الجاهلي الْمَشْهُور (صَاحب لِوَاء الشُّعَرَاء) أَي حَامِل راية شعراء الْجَاهِلِيَّة قَالَ دعبل وَلَا يَقُود الْقَوْم إِلَّا أَمِيرهمْ وَرَئِيسهمْ (إِلَى النَّار) لِأَنَّهُ عظيمهم فِيهَا وَيكون قائدهم فِي العقبى لَا لكَونه قَالَ مَا لم يَقُولُوا بل لكَونه ابتدع أمورا فاقتدوا بِهِ فِيهَا (حم) وَالْبَزَّار (عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه أَبُو الجهم مَجْهُول وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(امْرُؤ الْقَيْس قَائِد الشُّعَرَاء إِلَى النَّار) نَار جَهَنَّم (لِأَنَّهُ أوّل من أحكم قوافيها) أَي أتقنها وأوضح مَعَانِيهَا ولخصها وكشف عَنْهَا الْحجب وجانب التعويص والتعقيد (أَبُو عرُوبَة) بِفَتْح الْعين (فِي كتاب الْأَوَائِل) تأليفه (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(امْرَأَة ولود) أَي تزوّج امراءة كَثِيرَة الْولادَة غير حسنا كَمَا يدل عَلَيْهِ السِّيَاق (أحب إِلَى الله تَعَالَى) أَي أفضل عِنْده (من) تزوّج (امْرَأَة حسناء لَا تَلد) لعقمها (أَنِّي مُكَاثِر بكم الْأُمَم) المتقدّمة (يَوْم الْقِيَامَة) أَي أغالبكم بهم كَثْرَة وَالْقَصْد الْحَث على تَكْثِير النَّسْل (ابْن قَانِع) فِي المعجم (عَن حَرْمَلَة بن النُّعْمَان) وَأخرجه عَنهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره
(أَمر النِّسَاء) أَي فِي التَّزْوِيج (إِلَى آبائهن) أَي الْأَب وَأَبِيهِ وَإِن علا (ورضاهن السُّكُوت) أَي رضَا الْبكر الْبَالِغ منهنّ سكُوتهَا إِذا زوّجها أَب أَو جدّ بالإجبار وَإِلَّا فَلَا بدّ من إِذْنهَا نطقا (طب خطّ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ ضَعِيف لضعف عَليّ بن عَاصِم
(أمرا بَين الْأَمريْنِ) أَي بَين طرفِي الإفراط والتفريط (وَخير الْأُمُور أوساطها) أَي الَّذِي لَا تَرْجِيح لأحد جانبيه على الآخر لِأَن الْوسط الْعدْل الَّذِي نِسْبَة الجوانب كلهَا إِلَيْهِ سَوَاء فَهُوَ خِيَار الشَّيْء والآفات إِنَّمَا تتطرق إِلَى الْأَطْرَاف (هَب عَن عَمْرو بن الْحَرْث بلاغا) أَي قَالَ بلغنَا عَن رَسُول ذَلِك
(أَمر الدَّم) أَي أسله واستخرجه روى بشدّ الرَّاء وصوّب الْخطابِيّ تخفيفها وَفِي رِوَايَة أَمر وبراءين (بِمَا شِئْت) إِلَّا بِمَا اسْتثْنى من السن وَالظفر (وَاذْكُر اسْم الله عز وَجل) على الذّبْح ندبا بِأَن تَقول بِسم الله وَيكرهُ ترك التَّسْمِيَة والذبيحة حَلَال (تَنْبِيه) قَالَ ابْن الصّلاح تَحْرِيم الذَّكَاة بِالسِّنِّ وَالظفر لم أر بعد الْبَحْث من ذكر لَهُ معنى يعقل وَكَأَنَّهُ تعبدي قَالَ بَعضهم وَإِذا عجز الْفَقِيه عَن تَعْلِيل حكم قَالَ تعبدي أَو نحوي قَالَ مسموع أَو حَكِيم قَالَ هَذَا بالخاصية (حم د هـ ك عَن عديّ بن حَاتِم) قلت يَا رَسُول الله إِنَّا نصيد فَلَا نجد سكينا إِلَّا الظرارة أَي الْحجر الصلب وشقة الْعَصَا أَي مَا شقّ مِنْهَا وَهُوَ محدد فَذكره
(أمرت) أَي أَمرنِي الله وَحذف الْفَاعِل تَعْظِيمًا كَمَا يَقُول رَسُول الْخَلِيفَة للمرسل إِلَيْهِ يُقَال لَك كَذَا (أَن) أَي بِأَن (أقَاتل النَّاس) أَي بمقاتلتهم عَام خص مِنْهُ من أقرّ بالجزية (حَتَّى) أَي إِلَى أَن (يشْهدُوا) يقرّوا ويبينوا (أَن لَا إِلَه) أَي لَا معبود بِحَق (إِلَّا الله) اسْتثِْنَاء من كَثْرَة متوهمة وجودهَا محَال (وَأَنِّي رَسُول الله) غَايَة لقتالهم فكلمة التَّوْحِيد هِيَ الَّتِي خلق الْحق لَهَا الْخلق وَهِي الْعبارَة الدَّالَّة على الْإِسْلَام فَمن قَالَهَا بِلِسَانِهِ سلم من السَّيْف وَكَانَت لَهُ حُرْمَة الْإِسْلَام وَالْمُسْلِمين ظَاهرا فِي مقَام الْإِسْلَام فَإِن أسلم قلبه كَمَا أسلم لِسَانه فقد سلم من عَذَاب الْآخِرَة كَمَا سلم من عَذَاب الدُّنْيَا كَمَا أَشَارَ إِلَى ذَلِك بقوله فَإِذا) آثرها على أَن مَعَ أَن الْمقَام لَهَا لِأَن فعلهم متوقع لِأَنَّهُ علم إِصَابَة بَعضهم فَغَلَبَهُمْ لشرفهم(1/238)
أَو تفاؤلا (قالوها) كلمة الشَّهَادَتَيْنِ والتزموا أَحْكَامهَا (عصموا) حفظوا (مني دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالهمْ) منعوهما (إِلَّا بِحَقِّهَا) أَي الدِّمَاء وَالْأَمْوَال يَعْنِي هِيَ معصومة إِلَّا عَن حق لله يجب فِيهَا كردّة وحدّ وَترك صَلَاة وَزَكَاة وَحقّ آدَمِيّ كقود فالباء بِمَعْنى عَن أَو من أَي عصموها إِلَّا عَن حَقّهَا أَو من حَقّهَا (و) أما بِاعْتِبَار الْبَاطِن فَأَمرهمْ لَيْسَ لِلْخلقِ بل (حسابهم على الله) فِيمَا يسرونه من كفر وإثم فنقنع مِنْهُم بقولِهَا وَلَا نفتش عَن قُلُوبهم وَمَا أوهمته العلاوة من الْوُجُوب غير مُرَاد وَذُو أصل من أصُول الْإِسْلَام وَقَاعِدَة من قَوَاعِده (ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة وَهُوَ متواتر) لِأَنَّهُ رَوَاهُ خَمْسَة عشر صحابيا
(أمرت) أَمر ندب (بالوتر) أَي بِصَلَاتِهِ بعد فعل الْعشَاء وَقبل الْفجْر (والأضحى) أَي بِصَلَاة الضُّحَى أَو بالتضحية (وَلم تعزم) كل مِنْهُمَا (عليّ) أَي لم تفرض وَلم توجب عليّ وَبِهَذَا أَخذ بعض الْمُجْتَهدين وَمذهب الشَّافِعِي أَن الْوتر وَالضُّحَى والتضحية وَاجِبَة عَلَيْهِ لأدلة أُخْرَى (قطّ عَن أنس) بِإِسْنَاد قَالَ الذَّهَبِيّ واه
(أمرت بِيَوْم الْأَضْحَى عيدا) بِالنّصب بِفعل مُضْمر يفسره مَا بعده أَي (جعله الله) عيدا (لهَذِهِ الْأمة) فَهُوَ من خصائصها (حم د ن ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَصَححهُ ابْن حبَان وَغَيره
(أمرت) أمرا ندبيا (بِالسِّوَاكِ) بِكَسْر السِّين الْفِعْل وَيُطلق على الْعود وَنَحْوه (حَتَّى خشيت أَن يكْتب عليّ) أَخذ بِهِ من ذهب إِلَى عدم وجوب السِّوَاك عَلَيْهِ قَالَ الْعِرَاقِيّ والخصائص لَا تثبت إِلَّا بِدَلِيل صَحِيح (حم عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع بِإِسْنَاد حسن
(أمرت) أَي أَمرنِي الله (بِالسِّوَاكِ حَتَّى خفت على أسناني) أَرَادَ مَا يعم الأضراس (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَفِيه عَطاء بن السَّائِب وَفِيه كَلَام
(أمرت بالنعلين) أَي يَلْبسهُمَا (والخاتم) أَي بلبسه فِي الْأصْبع وباتخاذه للختم بِهِ فَلَيْسَ النَّعْلَيْنِ مَأْمُور بِهِ ندبا خشيَة تقذر الرجلَيْن وَكَذَا الْخَاتم (الشِّيرَازِيّ فِي) كتاب (الألقاب) وَكَذَا الطبرانيّ (عد خطّ والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أمرت) أَي أَمرنِي الله (أَن) أَي بِأَن (أبشر) من الْبشَارَة وَهِي الْخَبَر الصدْق السارّ (خَدِيجَة) بنت خويلد زَوجته (بِبَيْت) أَي قصر عَظِيم (فِي الْجنَّة) أعدّ لَهَا (من قصب) بِالتَّحْرِيكِ أَي قصب اللُّؤْلُؤ كَذَا جَاءَ مُفَسرًا فِي رِوَايَة الطبرانيّ (لَا صخب) لَا اضْطِرَاب (فِيهِ) وَلَا ضجة وَلَا خصام وَلَا صياح فَهُوَ مَخْصُوص بذلك (وَلَا نصب) لَا تَعب يَعْنِي لَا يكون لَهَا هُنَاكَ شاغل يشغلها عَن لذائذ الْجنَّة وَلَا تَعب ينغصها (حم حب ك عَن عبد الله بن جَعْفَر) قَالَ ك على شَرط مُسلم وأقرّوه
(أمرت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول والآمر هُوَ الله عرف ذَلِك بِالْعرْفِ (أَن أَسجد على سَبْعَة أعظم) سمي كل وَاحِد عظما نظر للجملة وَإِن اشْتَمَل كل على عِظَام (على الْجِهَة) أَي أَسجد على الْجَبْهَة حَال كَون السُّجُود على سَبْعَة أَعْضَاء وَيَكْفِي جُزْء مِنْهَا وَيجب كشفه (وَالْيَدَيْنِ) بَاطِن الْكَفَّيْنِ (والركبتين وأطراف) أَصَابِع (الْقَدَمَيْنِ) بِأَن يَجْعَل قَدَمَيْهِ قائمتين على بطُون أصابعهما وعقبيه مرتفعتين وَالْأَمر للْوُجُوب فِي أحد قولي الشافعيّ وَهُوَ الْأَصَح وَالثَّانِي للنَّدْب لِأَنَّهُ عطف عَلَيْهِ مَنْدُوبًا اتِّفَاقًا بقوله (وَلَا نكفت) بِكَسْر الْفَاء وَبِالنَّصبِ لَا نضم وَلَا نجمع (الثِّيَاب) عِنْد الرُّكُوع وَالسُّجُود (وَلَا الشّعْر) شعر الرَّأْس فَجمع بَعْضًا من الْفَرْض وَالسّنة وَالْأَدب تَلْوِيحًا بِطَلَب الْكل (ق د ن هـ عَن ابْن عَبَّاس
أمرت بالوتر وركعتي الضُّحَى وَلم يكتبا) أَي لم يفرضا وَفِي نُسْخَة لم يكْتب بمثناة تحتية أوّله بِغَيْر ألف أَي ذَلِك (عَلَيْكُم) وَفِي رِوَايَة وَلم يفرضا عَلَيْكُم وَفِي أُخْرَى وَلم تفرض عليّ (حم عَن ابْن(1/239)
عَبَّاس) وَفِيه جَابر الْجعْفِيّ كَذَّاب
(أمرت بقرية) أَي أَمرنِي الله بِالْهِجْرَةِ إِلَى قَرْيَة (تَأْكُل الْقرى) تغلبها فِي الْفضل حَتَّى يكون فضل غَيرهَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهَا كَالْعدمِ أَو الْحَرْب بِأَن يظْهر أَهلهَا على غَيرهم من الْقرى فيغنمون مَا فِيهَا فيأكلونه (يَقُولُونَ يثرب) أَي يسميها النَّاس قبل الْإِسْلَام بذلك اسْم رجل من العمالقة نزلها (وَهِي) أَي وَاسْمهَا اللَّائِق بهَا (الْمَدِينَة) فَهُوَ الِاسْم الْمُنَاسب لَهَا وَأما يثرب فمكروه لِأَن التثريب الْفساد وَهِي (تَنْفِي النَّاس) أَي شرارهم وهمجهم (كَمَا يَنْفِي الْكِير) بمثناة تحتية الزق الَّذِي ينْفخ بِهِ (خبث الْحَدِيد) رديئه جعل مثل الْمَدِينَة وساكنيها مثل الْكِير وَمَا يُوقد عَلَيْهِ فِي النَّار فيميز بِهِ الْخَبيث من الطّيب فَيذْهب الْخَبيث وَيبقى الطّيب كَمَا كَانَ فِي زمن عمر أخرج الْيَهُود وَالنَّصَارَى مِنْهَا (ق عَن أبي هُرَيْرَة
أمرت الرُّسُل) والأنبياء (أَن لَا تَأْكُل إِلَّا طيبا) أَي حَلَالا (وَلَا تعْمل إِلَّا صَالحا) فَلَا يَفْعَلُونَ غير صَالح من كَبِيرَة وَلَا صَغِيرَة عمدا وَلَا سَهوا لعصمتهم (ك عَن أم عبد الله بنت) أَوْس الْأَنْصَارِيَّة (أُخْت شدّاد بن أَوْس) قَالَ ك صَحِيح ورده الذَّهَبِيّ
(أمرنَا) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي أَنا وَأمتِي (بإسباغ الْوضُوء) بإكماله بِمَا شرع فِيهِ من السّنَن بإتمام فروضه فَإِنَّهُ غير مَخْصُوص بهم (الدَّارمِيّ) فِي مُسْنده (عَن ابْن عَبَّاس) وَفِي الْبَاب غَيره
(أمرنَا) أَي أَنا وَأمتِي (بالتسبيح) أَي بقول سُبْحَانَ الله (فِي أدبار) أعقاب (الصَّلَوَات) الْمَكْتُوبَة وَيحْتَمل وَغَيرهَا وَالْأَمر للنَّدْب (ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تَسْبِيحَة) أَي قَول سُبْحَانَ الله (وَثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ تحميده) أى قَول الْحَمد لله (وأربعا وَثَلَاثِينَ تَكْبِيرَة) أى قَول الله أكبر بَدَأَ بالتسبيح لتَضَمّنه نفي النقائص عَنهُ تَعَالَى ثمَّ بالتحميد لتَضَمّنه إِثْبَات الْكَمَال لَهُ ثمَّ بِالتَّكْبِيرِ لإفادته أَنه أكبر من كل شَيْء (طب عَن أبي الدَّرْدَاء
أَمرنِي جِبْرِيل) عَن الله (أَن) أَي بِأَن (أكبر) أَي أقدّم الْأَكْبَر سنا فِي مناولة السِّوَاك وَنَحْوه (الْحَكِيم) الترمذيّ (حل) وَكَذَا الطبرانيّ (عَن ابْن عمر
امسحوا) جَوَازًا (على الْخُفَّيْنِ) حضرا وسفرا وَلم ينْسَخ ذَلِك حَتَّى مَاتَ وَقد بلغت أَحَادِيثه التَّوَاتُر حَتَّى قَالَ بَعضهم أخْشَى أَن يكون إِنْكَاره كفرا (حم عَن بِلَال) الْمُؤَذّن
(امسح) ندبا (رَأس الْيَتِيم) أل للْعهد الذهْنِي وَالْمرَاد بعض من الْحَقِيقَة غير مُعينَة (هَكَذَا إِلَى مقدّم رَأسه) 3 أَي من الْمُقدم إِلَى الْمُؤخر (وَمن لَهُ أَب) أوجد (هَكَذَا إِلَى مُؤخر رَأسه) أَي من مقدمه إِلَى مؤخره وَالْأَمر للنَّدْب (خطّ وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أمسك عَلَيْك) يَا كَعْب الَّذِي جَاءَنَا تَائِبًا معتذرا عَن تخلفه عَن غَزْوَة تَبُوك مرِيدا للانخلاع من جَمِيع مَاله (بعض مَالك) وَتصدق بِبَعْض (فَهُوَ يخر لَك) من التَّصَدُّق بكله لِئَلَّا تتضرر بالفقر وَعدم الصَّبْر على الْفَاقَة فالتصدق بِكُل المَال غير مَحْبُوب إِلَّا لمن قوي يقينه كالصدّيق (ق 3 عَن كَعْب) بن مَالك
(امش ميلًا) هُوَ ثَلَاثَة فراسخ (عد) ندبا (مَرِيضا) مُسلما (امش) ندبا (ميلين أصلح بَين اثْنَيْنِ) انسانين أَو فئتين أَي حَافظ على ذَلِك وَإِن كَانَ عَلَيْك فِيهِ مشقة كَأَن تمشي إِلَى مَحل بعيد (امش) ندبا (ثَلَاثَة أَمْيَال زر أَخا فِي الله تَعَالَى) وَإِن لم يكن أَخَاك من النّسَب ومقصوده أَن الثَّالِث أفضل وآكد وأهم من الثَّانِي وَالثَّانِي من الأوّل (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي كتاب) فضل زِيَارَة (الإخوان عَن مَكْحُول) الدِّمَشْقِي (مُرْسلا) وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن أبي أُمَامَة وَإِسْنَاده ضَعِيف
(امشوا) ندبا (أَمَامِي) أَي قدامي و (خلوا) فرّغوا (ظَهْري) أَي مَا ورائي (للْمَلَائكَة) لمشيهم خَلْفي وَهَذَا كالتعليل للمشي
3 - قَوْله أَي من المقدّم الخ صَوَابه كَمَا فِي الْكَبِير أَي من الْمُؤخر إِلَى الْمُقدم أه من هَامِش(1/240)
أَمَامه وَبِه علم أَن غَيره من الْأمة لَيْسَ مثله فِيهِ بل تمشي الطّلبَة خلف الشَّيْخ (ابْن سعد عَن جَابر)
(أمط) أزل ندبا (الْأَذَى) من نَحْو شوك وَحجر وكل مَا يُؤْذِي (عَن الطَّرِيق) أَي طَرِيق الْمَارَّة (فَإِنَّهُ لَك صَدَقَة) تؤجر عَلَيْهِ كَمَا تؤجر على الصَّدَقَة لتسببه إِلَى سَلامَة من يمرّ بِهِ من الْأَذَى (خد عَن أبي بَرزَة) الْأَسْلَمِيّ نَضْلَة بن عبيد
(أمك) سميت أما لِأَنَّهَا أصل الْوَلَد وَأم كل شَيْء أَصله (ثمَّ أمك ثمَّ أمك) بِنصب الْمِيم فِي الثَّلَاثَة أَي قدمهَا فِي البرّ والتكرير للتَّأْكِيد أَو لإِفَادَة أَن لَهَا ثَلَاثَة أَمْثَال مَا للْأَب من البرّ لما كابدته من مشاق الْحمل وَالرّضَاع (ثمَّ) قدم (أَبَاك) لِأَن فضل النُّصْرَة أهم مَا تجب رعايته وَذَا إِذا طلبا شيأ فِي وَقت وَلم يُمكن الْجمع (ثمَّ) قدم (الْأَقْرَب) مِنْك (فَالْأَقْرَب) فَيقدم الْأَب فالأولاد فالأجداد والجدات فالأخوة وَالْأَخَوَات فالمحارم من ذَوي الْأَرْحَام كالعم والعمة (حم د ت ك عَن مُعَاوِيَة بن حيدة) الْقشيرِي قَالَ ت حسن صَحِيح (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) قلت يَا رَسُول الله من أَحَق النَّاس بِحسن الصُّحْبَة فَذكره
(املك يدك) اجْعَلْهَا مَمْلُوكَة لَك فِيمَا عَلَيْك تَبعته واقبضها عَمَّا يَضرك وابسطها فِيمَا ينفعك (تخ عَن أسود بن أَصْرَم) الْمحَاربي الشَّامي وَإِسْنَاده حسن
(املك عَلَيْك) يَا من سألتنا مَا النجَاة (لسَانك) بِأَن لَا تحركه بِمَعْصِيَة فَإِن أعظم مَا تطلب استقامته بعد الْقلب اللِّسَان وَهل يكب النَّاس فِي النَّار على وُجُوههم إِلَّا حصائد ألسنتهم (ابْن قَانِع) فِي المعجم (طب عَن الْحَرْث بن هِشَام) المَخْزُومِي أخي أبي جهل بِإِسْنَاد جيد
(املك عَلَيْك لسَانك) احفظه وصنه لعظم خطره وَكَثْرَة ضَرَره (وليسعك بَيْتك) يَعْنِي تعرض لما هُوَ سَبَب للُزُوم بَيْتك من الِاشْتِغَال بِاللَّه ورفض الأغيار (وابك على خطيئتك) ذنوبك ضمن بَكَى معنى الندامة وعداه بعلى أَي اندم على خطيئتك باكيا فَإِن جَمِيع أعضائك تشهد عَلَيْك فِي الْقِيَامَة (ت) فِي الزّهْد (عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ قيل وَصَوَابه عَن أبي أُمَامَة وَفِي إِسْنَاده مقَال
(املكوا الْعَجِين) أنعموا عجنه وأجيدوه (فَإِنَّهُ أعظم للبركة) أَي أَكثر لزِيَادَة الْخبز والنمو فِيهِ وَالْأَمر للإرشاد (عد عَن أنس) وَذَا حَدِيث مُنكر
(أُمَنَاء الْمُسلمين على صلَاتهم وسحورهم المؤذنون) أَي هم الحافظون عَلَيْهِم دُخُول الْوَقْت لأجل الصَّلَاة والتسحر للصَّوْم فِيهِ فَمَتَى قصروا فِي تَحْرِير الْوَقْت خانوا مَا ائتمنوا عَلَيْهِ (هق عَن أبي مَحْذُورَة) الجُمَحِي الْمَكِّيّ
(أمنع الصُّفُوف) أحوطها وأحفظها (من الشَّيْطَان) أَي من وسوسته (الصَّفّ الأوّل) الَّذِي يَلِي الإِمَام فيتأكد الاهتمام بإيثاره (أَبُو الشَّيْخ) والديلمي (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أمنُوا) بِالتَّشْدِيدِ أَي قُولُوا آمين ندبا (إِذا قرئَ) يَعْنِي إِذا قَرَأَ الإِمَام فِي الصَّلَاة أَو قَرَأَ أحدكُم خَارِجهَا (غير المغضوب عَلَيْهِم وَلَا الضَّالّين) أَي إِذا انْتهى فِي قِرَاءَته إِلَى ذَلِك وَورد فِي حَدِيث آخر تَعْلِيله بِأَن من وَافق تأمينه تَأْمِين الْمَلَائِكَة غفر لَهُ (ابْن شاهين فِي السّنة عَن عليّ
أميران) تَثْنِيَة أَمِير هُوَ صَاحب الْأَمر وكل من تشاوره أَو تؤامره فَهُوَ أميرك (وليسا بأميرين) الْإِمَارَة المتعارفة وهما (الْمَرْأَة) الَّتِي (تحج مَعَ الْقَوْم) الْحجَّاج (فتحيض قبل أَن تَطوف بِالْبَيْتِ طواف الزِّيَادَة فَلَيْسَ لأصحابها أَن ينفروا حَتَّى يستأمروها) فَيَنْبَغِي لأمير الْحَاج أَن لَا يرحل عَن مَكَّة لأجل حَائِض لم تطف للإفاضة (وَالرجل يتبع الْجِنَازَة فَيصَلي عَلَيْهَا فَلَيْسَ لَهُ أَن يرجع حَتَّى يستأمر أَهلهَا) أَي لَا يَنْبَغِي لَهُ الرُّجُوع حَتَّى يستأذنهم (الْمحَامِلِي) بِفَتْح الْمِيم نِسْبَة إِلَى المحامل الَّتِي تحمل النَّاس فِي السّفر وَهُوَ القَاضِي أَبُو عبد(1/241)
الله (فِي أَمَالِيهِ) الحديثية وَكَذَا الْبَزَّار (عَن جَابر) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِن الله أَبى عليّ فِيمَن قتل مُؤمنا) ظلما يَعْنِي سَأَلته أَن يقبل تَوْبَته فَامْتنعَ (ثَلَاثًا) أَي سَأَلته ثَلَاث مرّات فَامْتنعَ أَو قَالَ النبيّ ذَلِك أَي كَرَّرَه ثَلَاثًا للتَّأْكِيد وَهَذَا فِي المستحل أَو خرج مخرج الزّجر والتنفير (حم ن ك عَن عقبَة بن مَالك) اللَّيْثِيّ بِإِسْنَاد صَحِيح
(إِن الله أَبى لي أَن أتزوّج) امْرَأَة (أَو أزوج) من أَهلِي امْرَأَة (إِلَّا من أهل الْجنَّة) يَعْنِي مَنَعَنِي من مصاهرة من يخْتم لَهُ بِعَمَل أهل النَّار فيخلد فِيهَا (ابْن عَسَاكِر عَن هِنْد بن أبي هَالة) التَّمِيمِي ولد خَدِيجَة
(أَن الله اتَّخَذَنِي خَلِيلًا) من المخاللة وَهِي المداخلة فِيمَا يقبل التَّدَاخُل وموقع مَعْنَاهَا الْمُوَافقَة فِي وصف الرِّضَا والسخط (كَمَا اتخذ إِبْرَاهِيم خَلِيلًا) لِأَنَّهُ تَعَالَى لما علم من كل مِنْهُمَا خلالا رضيها أهلهما لمخاللته (وَإِن خليلي) من الْبشر (أَبُو بكر) الصّديق وَفِي رِوَايَة الْعَبَّاس وَفِي رِوَايَة عليّ (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِن الله تَعَالَى أجاركم) حماكم ومنعكم وأنقذكم (من ثَلَاث خلال) خِصَال الأولى (أَن لَا يَدْعُو عَلَيْكُم نَبِيكُم) كَمَا دَعَا نوح على قومه (فَتَهْلكُوا) بِكَسْر اللَّام (جَمِيعًا) أَي بل كَانَ النبيّ كثير الدُّعَاء لأمته (و) الثَّانِيَة (أَن لَا يظْهر) بِضَم أوّله وَكسر ثالثه أَي لَا يغلب (أهل) دين (الْبَاطِل) وَهُوَ الْكفْر (على) دين (أهل الْحق) وَهُوَ الْإِسْلَام بِحَيْثُ يمحقه ويطفئ نوره (و) الثَّالِثَة (أَن لَا تجتمعوا على ضَلَالَة) فِيهِ أَن إِجْمَاع أمته حجَّة وَهُوَ من خصائصهم (د) وَكَذَا الطبرانيّ (عَن أبي مَالك الْأَشْعَرِيّ) وَفِيه انْقِطَاع وَضعف
(إِن الله احتجر التَّوْبَة) منعهَا (عَن كل صَاحب بِدعَة) أَي من يعْتَقد فِي ذَات الله وَصِفَاته وأفعاله خلاف الْحق فيعتقده على خلاف مَا هُوَ عَلَيْهِ نظرا أَو تقليدا (ابْن قيل) وَفِي نسخ فيل وَلَعَلَّه الصَّوَاب (طس هَب والضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) وَهَذَا حَدِيث مُنكر
(إِن الله تَعَالَى إِذا أحب عبدا جعل رزقه كفافا) أَي بِقدر الْكِفَايَة لَا يزِيد عَلَيْهَا فيطغيه وَلَا ينقص عَنْهَا فيؤذيه فَإِن الْغنى مبطرة مأشرة والفقر مذلة مأسرة (أَبُو الشَّيْخ) والديلمي (عَن عليّ) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِن الله تَعَالَى) تفَاعل من علوّ الْقدر والمنزلة (إِذا أحب إِنْفَاذ أَمر) أَي أَرَادَ إمضاءه (سلب كل ذِي لب لبه) حَتَّى لَا يدْرك بِهِ مواقع الصَّوَاب ويتجنب مَا يوقعه فِي المهالك والأعطاب فمحصوله أَن قَضَاء الله لَا بدّ من وُقُوعه وَلَا يمْنَع مِنْهُ وفور عقل (خطّ عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف لَاحق ابْن حُسَيْن
(إِن الله إِذا أَرَادَ إِمْضَاء أَمر نزع) قلع وأذهب (عقول الرِّجَال) أَي الكاملين فِي الرجولية الراسخين فِي الإنسانية فَلِذَا لم يقل النَّاس (حَتَّى يمْضِي أمره فَإِذا أَمْضَاهُ ردّ إِلَيْهِم عُقُولهمْ) ليعتبروا وَيعْتَبر بهم (وَوَقعت الندامة) مِنْهُم على مَا فرط فَإِن أَنْت أحكمت الْيَقِين وجزمت بِأَنَّهُ لَا بدّ من وُقُوع الْقَضَاء المبرم هان عَلَيْك الْأَمر وَارْتَفَعت الندامة (أَبُو عبد الرَّحْمَن السّلمِيّ فِي سنَن الصُّوفِيَّة عَن جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّادِق عَن أَبِيه عَن جدّه) عليّ بن أبي طَالب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إنّ الله تَعَالَى إِذا أنزل سطواته) قهره وشدّة بطشه (على أهل نقمته) أَي المستوجبين لَهَا (فوافت آجال قوم صالحين فأهلكوا بهلاكهم ثمَّ يبعثون على نياتهم وأعمالهم) أَي بعث كل وَاحِد مِنْهُم على حسب عمله من خير وشرّ فَذَلِك الْعَذَاب طهرة للصالح ونقمة على الْكَافِر وَالْفَاسِق فَلَا يلْزم من الِاشْتِرَاك فِي الْمَوْت لاشترك فِي الثَّوَاب وَالْعِقَاب (هَب عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَيْضا ابْن حبَان وَهُوَ صَحِيح
(إنّ الله إِذا أنعم على عبد نعمه يحبّ أَن يرى(1/242)
أثر نعْمَته عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا أعطَاهُ مَا أعطَاهُ ليبرزه إِلَى جوارحه ليَكُون مكرما لَهَا فَإِذا مَنعه فقد ظلم نَفسه (وَيكرهُ الْبُؤْس) شدّة الْحَال والفاقة (وَالتَّبَاؤُس) إِظْهَار الْفقر وَالْحَاجة لِأَنَّهُ كالشكوى إِلَى الْعباد من ربه فالتجمل فِي النَّاس لله لَا للنَّاس مَطْلُوب (وَيبغض السَّائِل الْمُلْحِف) الملازم لملح (ويحبّ الحيّ الْعَفِيف) أَي المنكف عَن الْحرم وسؤال النَّاس (الْمُتَعَفِّف) الْمُتَكَلف الْعِفَّة وَهِي كف مَا ينبسط للشهوة من الْآدَمِيّ إِلَّا بِحقِّهِ (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بأسانيد جَيِّدَة كَمَا فِي الْمُهَذّب
(إِن الله إِذا رَضِي عَن العَبْد أثنى عَلَيْهِ بسبعة أَصْنَاف من الْخَيْر لم يعمله) يَعْنِي يقدّر لَهُ التَّوْفِيق لفعل الْخَيْر فِي الْمُسْتَقْبل ويثني عَلَيْهِ بِهِ قبل صدوره مِنْهُ بِالْفِعْلِ (وَإِذا سخط على العَبْد أثنى عَلَيْهِ بسبعة أَصْنَاف من الشَّرّ لم يعمله) فالجناية لَا تضرّ مَعَ الْعِنَايَة قَالَ بَعضهم
(من لم يكن للوصال أَهلا ... فَكل إحسانه ذنُوب)
وَقَالَ الْعَارِف السهروردي الرِّضَا والسخط نعتان قديمان لَا يتغيران بِأَفْعَال الْعباد وَفِي تَفْسِير الْبَغَوِيّ أَن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام رأى الْمِيزَان كل كفة كَمَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَقَالَ يَا رب من يَسْتَطِيع يملؤها حَسَنَات قَالَ إِذا رضيت على عبد ملأتها بتمرة وَالْحَاصِل أَنه كَمَا بَين الرزق تفَاوت فِي الْقِسْمَة فَكَذَا الثَّنَاء لَهُ تفَاوت فِي الْقِسْمَة فقسمة الرزق على التَّدْبِير وَقِسْمَة الثَّنَاء على منَازِل العبيد من رَبهم فِي الْبَاطِن لَا فِي الظَّاهِر وَإِنَّمَا ينزل الثَّنَاء على الْقُلُوب وَتظهر السمات على الْوُجُوه بِاعْتِبَار مَا عِنْد الله تَعَالَى فِي غيبه (حم حب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرِجَاله وثقوا على ضعف فِي بَعضهم
(إنّ الله تَعَالَى إِذا قضى على عبد قَضَاء لم يكن لقضائه مرد) أَي راد فَلَيْسَ هُوَ كملوك الدُّنْيَا يُحَال بَينهم وَبَين بعض مَا يُرِيدُونَ بِنَحْوِ شَفَاعَة فَمن قضى لَهُ بالسعادة فَمن أَهلهَا أَو بالشقاوة فَمن أَهلهَا إِلَّا رادّ لقضائه وَلَا معقب لحكمه (ابْن قَانِع عَن شُرَحْبِيل) بِضَم الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء (ابْن السمط) الْكِنْدِيّ مُخْتَلف فِي صحبته
(إنّ الله إِذا أَرَادَ بالعباد نقمة) عُقُوبَة (أمات الْأَطْفَال وعقم النِّسَاء) أَي منع المنى أَن ينْعَقد فِي أرحامهنّ ولدا (فتنزل بهم النقمَة وَلَيْسَ فيهم مَرْحُوم) لأنّ سُلْطَان الانتقام إِذا ثار حنت الرَّحْمَة بَين يَدي الله حنين الواله فتطفئ تِلْكَ الثائرة فَإِذا لم يكن فيهم مَرْحُوم ثار الْغَضَب واعتزلت الرَّحْمَة (الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان (وعمار بن يَاسر مَعًا) دفع بِهِ توهم أَنه عَن وَاحِد مِنْهُمَا على الشَّك
(أنّ الله تَعَالَى إِذا أَرَادَ أَن يهْلك عبدا) من عباده (نزع مِنْهُ الْحيَاء) مِنْهُ تَعَالَى أَو من الْخلق أَو مِنْهُمَا (فَإِذا نزع مِنْهُ الْحيَاء فَلم تلقه إِلَّا مقيتا) فعيل بِمَعْنى فَاعل أَو مفعول من المقت وَهُوَ أَشد الْغَضَب (ممقتا) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبناء للْمَجْهُول أَي ممقوتا بَين النَّاس مغضوبا عَلَيْهِ عِنْدهم (فَإِذا لم تلقه إِلَّا مقيتا ممقتا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة) وأودعت فِيهِ الْخِيَانَة (فَإِذا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة لم تلقه) أَي لم تَجدهُ (إِلَّا خائنا) فِيمَا جعل أَمينا عَلَيْهِ (مخوّنا) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبناء للْمَجْهُول أَي مَنْسُوبا إِلَى الْخِيَانَة مَحْكُومًا لَهُ بهَا وَإِذا صَار بِهَذَا الْوَصْف (نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة) رقة الْقلب والعطب على الْخلق (فَإِذا نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة لم تلقه إِلَّا رجيما) أَي مطرودا وأصل الرَّجْم الرَّمْي بِالْحِجَارَةِ فعيل بِمَعْنى مفعول أَي مرجوم (ملعنا) بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد أَي يلعنه النَّاس كثيرا وَإِذا صَار كَذَلِك (نزعت مِنْهُ ربقة الْإِسْلَام) بِكَسْر الرَّاء وتفتح أَي حُدُود الْإِسْلَام وَأَحْكَامه وَفِيه أنّ الْحيَاء أشرف الْخِصَال وأكمل الْأَحْوَال (هـ عَن ابْن عمر) ضعفه الْمُنْذِرِيّ
(إنّ الله تَعَالَى إِذا أحبّ عبدا) أَي أَرَادَ بِهِ خيرا وهداه ووفقه (دَعَا جِبْرِيل) أَي(1/243)
أذن لَهُ فِي الْقرب من حَضرته (فَقَالَ إِنِّي أحبّ فلَانا فَأَحبهُ) يَا جِبْرِيل (فَيُحِبهُ جِبْرِيل ثمَّ يُنَادي) جِبْرِيل (فِي السَّمَاء) أَي فِي أَهلهَا (فَيَقُول) يَا أهل السَّمَاء (إنّ الله يحبّ فلَانا فَأَحبُّوهُ) أَنْتُم (فَيُحِبهُ أهل السَّمَاء) أَي الْمَلَائِكَة (ثمَّ يوضع لَهُ الْقبُول فِي) أهل (الأَرْض) أَي تحدث لَهُ فِي الْقبُول مودّة ويزرع لَهَا فِيهَا مهابة فتحبه الْقُلُوب وترضى عَنهُ النُّفُوس من غير تودّد مِنْهُ وَلَا تعرض لسَبَب (وَإِذا أبْغض عبدا) أَي أَرَادَ بِهِ شرا أَو أبعده عَن الْهِدَايَة (دَعَا جِبْرِيل فَيَقُول أَنِّي أبْغض فلَانا فَأَبْغضهُ فَيبْغضهُ جِبْرِيل ثمَّ يُنَادي فِي أهل السَّمَاء أنّ الله يبغض فلَانا فَأَبْغضُوهُ فَيبْغضُونَهُ ثمَّ تُوضَع لَهُ الْبغضَاء فِي الأَرْض) أَي فَيبْغضهُ أَهلهَا جَمِيعًا فَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ بِعَين الإزدراء وَتسقط مهابته فِي النُّفُوس وإعزازه من الصُّدُور من غير إِيذَاء مِنْهُ لَهُم وَلَا جِنَايَة عَلَيْهِم (م عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ البُخَارِيّ بِدُونِ ذكر الْبغضَاء
(إنّ الله إِذا أطْعم نَبيا طعمة) بِضَم الطَّاء وَسُكُون الْعين أَي مأكلة وَالْمرَاد الْفَيْء وَنَحْوه (فَهِيَ للَّذي يقوم) بالخلافة (من بعده) أَي يعْمل فِيهَا مَا كَانَ الْمُصْطَفى يعْمل لَا أَنَّهَا تكون لَهُ ملكا كَمَا وهم فَلَا يُنَافِيهِ خبر مَا تركت بعد نَفَقَة نسَائِي وَمؤنَة عَامِلِي صَدَقَة (د) وَكَذَا أَحْمد (عَن أبي بكر) الصدّيق ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن فُضَيْل والوليد بن جَمِيع
(إنّ الله إِذا أَرَادَ رَحْمَة أمّة) أَي إمهالها وتأخيرها (من عباده قبض نبيها) أَي أَخذه بِمَعْنى توّفاه (قبلهَا) أَي قبل قبضهَا (فَجعله لَهَا فرطا) بِفتْحَتَيْنِ بِمَعْنى الفارط المتقدّم إِلَى المَاء ليهيء السَّقْي يُرِيد أَنه شَفِيع يتقدّم أَو سلفا بَين يَديهَا) وَهُوَ المقدّم فَهُوَ من عطف المرادف أَو أَعم وَفَائِدَة التقدّم الْأنس والطمأنينة وَقلة كرب الغربة أَو الْأجر لشدّة الْمُصِيبَة (وَإِذا أَرَادَ هلكة أمة) بِفَتْح الْهَاء وَاللَّام هلاكها (عذبها ونبيها حيّ) أَي وَهُوَ مُقيم بَين أظهرهم (فأهلكها وَهُوَ ينظر) إِلَى هلاكها (فأقرّ عينه) أَي فرحه وبلغه أمْنِيته وَذَلِكَ لأنّ المستبشر الضاحك يخرج من عينه مَاء بَارِد فيقرّ (بهلكتها) فِي حَيَاته (حِين كذبوه) فِي دَعْوَاهُ الرسَالَة (وعصوا أمره) لعدم اتِّبَاع مَا جَاءَ بِهِ من عِنْد الله وَفِيه بشرى عَظِيمَة لهَذِهِ الأمّة (م عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(إنّ الله تَعَالَى إِذا أَرَادَ أَن يخلق عبدا للخلافة مسح يَده على جَبهته) يَعْنِي ألْقى عَلَيْهِ المهابة وَالْقَبُول ليتَمَكَّن من إِنْفَاذ الْأَوَامِر ويطاع فمسحها كِنَايَة عَن ذَلِك (خطّ عَن أنس) وَقَالَ مغيث بن عبد الله ذَاهِب الحَدِيث
(إنّ الله إِذا أَرَادَ أَن يخلق خلقا للخلافة مسح يَده على ناصيته) أَي مقدّم رَأسه زَاد فِي رِوَايَة بِيَمِينِهِ (فَلَا تقع عَلَيْهِ عين) أَي لَا ترَاهُ عين إِنْسَان (لَا أحبته) وَمن لَازم محبَّة الْخلق لَهُ امْتِثَال أوامره وتجنب نواهيه وَتمكن هيبته من الْقُلُوب (ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ابْن حجر وَشَيخ الْحَاكِم ضَعِيف
(إنّ الله إِذا أنزل عاهة) أَي بلَاء (من السَّمَاء) أَي من جِهَتهَا (على أهل الأَرْض) أَي ساكنيها (صرفت) أَي صرفهَا الله (عَن عمار الْمَسَاجِد) بِذكر الله تَعَالَى لَا من عمرها وَهُوَ منْكب على دُنْيَاهُ معرض عَن أخراه قَالَ بَعضهم يُؤْخَذ مِنْهُ أَن من عمل صَالحا فقد أحسن إِلَى جَمِيع النَّاس أَو سيأ فقد أَسَاءَ إِلَى جَمِيعهم لِأَنَّهُ سَبَب لنزول الْبلَاء وَالْبَلَاء عَام وَالرَّحْمَة مُخْتَصَّة (ابْن عَسَاكِر عَن أنس) وَغَيره
(إنّ الله تَعَالَى إِذا غضب على أمّة لم ينزل بهَا) أَي وَالْحَال أَنه لم ينزل بهَا (عَذَاب خسف) بِالْإِضَافَة أَي وَلم يعذبها بالخسف بهَا (وَلَا مسخ) أَي وَلم يعذبها بمسخ صورها قردة أَو خنازير مثلا (غلت أسعارها) أَي ارْتَفَعت أسعار أقواتها (وَيحبس) يمْنَع (عَنْهَا أمطارها) فَلَا يمطرون وَقت الْحَاجة (وَولى عَلَيْهَا شِرَارهَا) أَي يُؤمر(1/244)
عَلَيْهِم أشرهم سيرة وأقبحهم سريرة فيعاملهم بالعسف وَالْقَسْوَة والغلظة والجور (تَنْبِيه) أصل الْغَضَب تغير يحصل لإِرَادَة الانتقام وَهُوَ فِي حَقه تَعَالَى محَال والقانون فِي أَمْثَاله أنّ جَمِيع الْأَعْرَاض النفسانية كالغضب وَالرَّحْمَة والفرح وَالسُّرُور وَالْحيَاء والتكبر والاستهزاء لَهَا أَوَائِل ونهايات فالغضب أوّله التَّغَيُّر الْمَذْكُور وغايته إِرَادَة إِيصَال الضَّرَر إِلَى المغضوب عَلَيْهِ فَلفظ الْغَضَب فِي حَقه تَعَالَى لَا يحمل على أوّله الَّذِي هُوَ من خَواص الْأَجْسَام بل على غَايَته وَهَذِه قَاعِدَة شريفة نافعة فِي هَذَا الْكتاب جدّا (ابْن عَسَاكِر عَن أنس) وَكَذَا الديلمي بِزِيَادَة
(إنّ الله أذن لي أَن أحدّث عَن ديك) أَي عَن عظم جثة ملك فِي صُورَة ديك (قد مرقت رِجْلَاهُ الأَرْض) أَي وصلنا إِلَيْهَا وخرقتاها وخرجتا من جَانبهَا الآخر (وعنقه منثنية تَحت الْعَرْش وَهُوَ يَقُول سُبْحَانَكَ مَا أعظم شَأْنك) زَاد فِي رِوَايَة رَبنَا (فيردّ عَلَيْهِ) أَي فَيُجِيبهُ الله الَّذِي خلقه بقوله (لَا يعلم ذَلِك) أَي عَظمَة سلطاني وسطوة انتقامي (من حلف بِي كَاذِبًا) فَإِنَّهُ لَو نظر إِلَى كَمَال الْجلَال وَتَأمل فِي عظم الْمَخْلُوقَات الدَّالَّة على عظم خَالِقهَا لم يتَجَزَّأ على ذَلِك فالجراءة على الْيَمين الكاذبة منشؤها كَمَال الْجَهْل بِاللَّه (أَبُو الشَّيْخ فِي العظمة طس ك عَن أبي هُرَيْرَة) صَححهُ الْحَاكِم وأقروه وَرِجَال الطَّبَرَانِيّ ثِقَات
(إنّ الله استخلص هَذَا الدّين لنَفسِهِ) أَي دين الْإِسْلَام (وَلَا يصلح لدينكم إِلَّا السخاء) بالمدّ الْكَرم فَإِنَّهُ لَا قوام لشَيْء من الطَّاعَات إِلَّا بِهِ (وَحسن الْخلق) بِالضَّمِّ (إِلَّا) بِالتَّخْفِيفِ حرف تَنْبِيه (فزينوا) من الزين ضدّ الشين (بهما دينكُمْ) زَاد فِي رِوَايَة مَا صحبتموه فالسخاء السماح بِالْمَالِ وَحسن الْخلق السماح بِالنَّفسِ فَمن سمح بهما مَالَتْ إِلَيْهِ النُّفُوس وألفته الْقُلُوب وتلقت مَا يبلغهُ عَن الله بِالْقبُولِ (طب عَن عمرَان ابْن حُصَيْن) ضَعِيف لضعف عَمْرو الْعقيلِيّ
(إنّ الله اصْطفى) اخْتَار واستخلص (كنَانَة) بِالْكَسْرِ عدّة قبائل أبوهم كنَانَة بن خُزَيْمَة (من ولد إِسْمَعِيل) بن إِبْرَاهِيم الْخَلِيل (وَاصْطفى قُريْشًا من كنَانَة) لأنّ أَبَا قُرَيْش مُضر بن كنَانَة وَذكره لإِفَادَة الْكَفَاءَة وَالْقِيَام بشكر الْمُنعم (وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم) وَمعنى الاصطفاء والخيرية فِي هَذِه الْقَبَائِل لَيْسَ بِاعْتِبَار الدّيانَة بل بِاعْتِبَار الْخِصَال الحميدة (م ت عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع وَله طرق كَثِيرَة أفردت بِالْجمعِ
(إِن الله اصْطفى من ولد إِبْرَاهِيم) وَكَانُوا ثَلَاثَة عشر (إِسْمَعِيل) إِذْ كَانَ نَبيا رَسُولا إِلَى جرهم وعماليق الْحجاز (وَاصْطفى من ولد إِسْمَعِيل كنَانَة) بن ثَابت (وَاصْطفى من كنَانَة قُريْشًا) بن النَّضر (وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم) فَهُوَ أفضلهم (وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم) فأودع ذَلِك النُّور الَّذِي كَانَ فِي جبهة آدم فِي جبهة عبد الْمطلب ثمَّ وَلَده بالمصطفى شرفت بَنو هَاشم قَالَ ابْن الرُّومِي فِي تَفْضِيل الْوَلَد على الْوَالِد
(قَالُوا أَبُو الصَّقْر من شَيبَان قلت لَهُم ... كلا لعمري وَلَكِن مِنْهُ شَيبَان)
(كم من أَب قد علا بِابْن ذَوا شرف ... كَمَا علا برَسُول الله عدنان)
وَقَالَ بَعضهم فِي تَفْضِيل الآخر على الأوّل
(كَذَاك رَسُول الله آخر مُرْسل ... وَمَا مثله فِيمَا تقدّم مُرْسل)
(ت عَن وَاثِلَة) وَقَالَ ت حسن صَحِيح
(إِن الله اصْطفى من الْكَلَام أَرْبعا) وَهِي قَول (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْد لله وَلَا إِلَه إِلَّا الله وَالله أكبر) فَهِيَ مُخْتَار الله من جَمِيع كَلَام الْآدَمِيّين (فَمن(1/245)
قَالَ سُبْحَانَ الله كتب لَهُ عشرُون حَسَنَة وحطت عَنهُ عشرُون خَطِيئَة وَمن قَالَ الله أكبر مثل ذَلِك وَمن قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله مثل ذَلِك وَمن قَالَ الْحَمد لله رب الْعَالمين من قبل نَفسه) بِأَن قصد بهَا الْإِنْشَاء لَا الْإِخْبَار (كتبت لَهُ ثَلَاثُونَ حَسَنَة وَحط عَنهُ ثَلَاثُونَ خَطِيئَة) أَي ذَنبا قَالَ بَعضهم وَالْحَمْد أفضل من التَّسْبِيح وَوَجهه ظَاهر وَأما القَوْل بِأَنَّهُ أَكثر ثَوابًا من التهليل فمردود (حم ك والضياء عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ (و) عَن (أبي هُرَيْرَة مَعًا) قَالَ ك على شَرط مُسلم وأقرّوه
(إنّ الله اصْطفى مُوسَى بالْكلَام وَإِبْرَاهِيم بالخلة) أَي المخاللة (ك عَن ابْن عَبَّاس) وَصَححهُ وأقروه
(إنّ الله اطلع) أَي تجلى تجليا خَاصّا (على أهل بدر) الَّذين حَضَرُوا وقعتها مَعَ الْمُصْطَفى وَقد ارْتَقَوْا إِلَى مقَام يَقْتَضِي الإنعام عَلَيْهِم بمغفرة ذنوبهم السَّابِقَة واللاحقة (فَقَالَ) لَهُم (اعْمَلُوا مَا شِئْتُم) أَن تعملوا (فقد غفرت لكم) ذنوبكم فَلَا أؤاخذكم بهَا لبذلكم مهجكم فِي الله وَنصر دينه وَالْمرَاد إِظْهَار الْعِنَايَة بهم لَا الترخيص لَهُم فِي كل فعل أَو الْخطاب لقوم مِنْهُم علم أَنهم لَا يقارفون ذَنبا وَإِن قارفوه لم يصروا (ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(إنّ الله أَعْطَانِي فِيمَا منّ بِهِ عليّ) أَن قَالَ لي (إِنِّي أَعطيتك فَاتِحَة الْكتاب) أمّ الْقُرْآن (وَهِي من كنوز عَرْشِي) أَي المخبوأة المدخرة تَحْتَهُ (ثمَّ قسمتهَا بيني وَبَيْنك نِصْفَيْنِ) أَي قسمَيْنِ فَإِن كل مَا يَنْقَسِم قسمَيْنِ يُسمى أَحدهمَا نصفا وَإِن تَفَاوتا (ابْن الضريس هَب عَن أنس) بن مَالك
(إنّ الله أَعْطَانِي السَّبع مَكَان التَّوْرَاة وَأَعْطَانِي الراآت إِلَى الطواسين مَكَان الْإِنْجِيل) تَأْخِيره فِي الذّكر يُفِيد تَعْظِيمه بِأَن مَا قبله مقدّمة لتلقيه لَهُ (وَأَعْطَانِي مَا بَين الطواسين إِلَى الحواميم مَكَان الزبُور وفضلني) ميزني وحصني (بالحواميم والمفصل) وَهُوَ من آخر الحجرات إِلَى آخر الْقُرْآن (مَا قرأهنّ نَبِي قبلي) يَعْنِي مَا أنزلن عَليّ نبيّ غَيْرِي (مُحَمَّد بن نصر) الْمروزِي (عَن أنس) بن مَالك
(إنّ الله أعْطى مُوسَى الْكَلَام) أَي التكليم يَعْنِي خصّه بِهِ (وَأَعْطَانِي الرُّؤْيَة لوجهه) تقدّس يَعْنِي خصني بهَا فِي مُقَابلَة مَا خص بِهِ مُوسَى (وفضلني) عَلَيْهِ (بالْمقَام الْمَحْمُود) الَّذِي يحمده فِيهِ الأوّلون وَالْآخرُونَ يَوْم الْقِيَامَة (والحوض المورود) يَعْنِي الْكَوْثَر الَّذِي ترده الْخَلَائق فِي الْمَحْشَر وَهَذَا يُعَارضهُ الْخَبَر الْآتِي أنّ لكل نبيّ حوضا (ابْن عَسَاكِر عَن جَابر) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إنّ الله افْترض صَوْم رَمَضَان) على هَذِه الأمّة وَكَانَ كتبه على أهل الْإِنْجِيل فَأَصَابَهُمْ موتان فزادوا عشرا قبله ثمَّ عشرا فجعلوه خمسين وَقيل وَقع فِي برد أَو حرّ شَدِيد فزادوا عشْرين كَفَّارَة التَّحْوِيل (وسننت لكم قِيَامه) الصَّلَاة فِيهِ لَيْلًا (فَمن صَامَهُ وقامه) أَي صَامَ نَهَاره وَقَامَ ليله (إِيمَانًا) تَصْدِيقًا بِأَنَّهُ حق وَطَاعَة (واحتسابا) لوجهه تَعَالَى لَا رِيَاء (ويقينا كَانَ كَفَّارَة لما مضى) من ذنُوبه وَالْمرَاد الصَّغَائِر (ن هَب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَوْف) بِإِسْنَاد حسن
(إنّ الله تَعَالَى أَمرنِي أَن أعلمكُم مِمَّا عَلمنِي وَأَن أؤدبكم) مِمَّا أدبني لِأَنِّي بعثت كالأنبياء طَبِيبا لأمراض الْقُلُوب (إِذا قُمْتُم على أَبْوَاب حجركم) جمع حجرَة (فاذكروا اسْم الله) أَي قُولُوا بِسم الله وَالْأكل إِكْمَال الْبَسْمَلَة فَإِنَّكُم إِذا ذكرْتُمْ ذَلِك (يرجع الْخَبيث) الشَّيْطَان (عَن مَنَازِلكُمْ) فَلَا يدخلهَا (وَإِذا وضع بَين يَدي أحدكُم طَعَام) ليأكله (فليسم) الله بِأَن يَقُول بِسم الله والأكمل الرَّحْمَن الرَّحِيم (حَتَّى لَا يشارككم الْخَبيث) إِبْلِيس أَو أَعم (فِي أرزاقكم) فَإِنَّكُم إِذا لم تسموا أكل مَعكُمْ (وَمن اغْتسل مِنْكُم بِاللَّيْلِ) أَي فِيهِ (فليجاوز عَن عَوْرَته فَإِن لم يفعل) بِأَن لم يستر عَوْرَته (فَأَصَابَهُ لمَم) طرف من(1/246)
جُنُون (فَلَا يلومنّ إِلَّا نَفسه) لِأَنَّهُ المتسبب إِلَيْهِ بِعَدَمِ السّتْر (وَمن باله فِي مغتسله) أَي الْمحل المعدّ لاغتساله فِيهِ (فَأَصَابَهُ الوسواس) مِمَّا تطاير من الْبَوْل وَالْمَاء (فَلَا يلومنّ إِلَّا نَفسه) لِأَنَّهُ فَاعل السَّبَب (وَإِذا رفعتم الْمَائِدَة) الَّتِي أكلْتُم عَلَيْهَا (فاكنسوا مَا تحتهَا) من فتات الْخبز وبقايا الطَّعَام (فإنّ الشَّيَاطِين يلتقطون مَا تحتهَا) من ذَلِك (فَلَا تجْعَلُوا لَهُم نَصِيبا فِي طَعَامكُمْ) أَي لَا يَنْبَغِي ذَلِك فَإِنَّهُم أعداؤكم (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن أبي هُرَيْرَة) لكنه لم يسْندهُ بل علقه
(إنّ الله تَعَالَى أَمرنِي بحب أَرْبَعَة) من الرِّجَال (وَأَخْبرنِي أَنه يُحِبهُمْ) قَالُوا بَينهم لنا قَالَ (عليّ) بن أبي طَالب (مِنْهُم) الْعلم الَّذِي لَا يلتبس (وَأَبُو ذَر) الْغِفَارِيّ جُنْدُب بن جُنَادَة (والمقداد) بن عَمْرو بن ثَعْلَبَة الْكِنْدِيّ (وسلمان) الْفَارِسِي مولى الْمُصْطَفى يعرف بسلمان الْخَيْر (ت) وَقَالَ حسن غَرِيب (هـ ك عَن بُرَيْدَة) الْأَسْلَمِيّ قَالَ ك على شَرط مُسلم وردّه الذَّهَبِيّ
(إِن الله أَمرنِي أَن أزوّج فَاطِمَة) الزهراء (من عليّ) بن أبي طَالب قَالَه لما خطبهَا أَبُو بكر وَعمر وَغَيرهمَا فَرد وزوّجه إِيَّاهَا (طب عَن ابْن مَسْعُود) وَرِجَاله ثِقَات
(إِن الله أَمرنِي أَن أسمي الْمَدِينَة طيبَة) بِالْفَتْح وَالتَّخْفِيف لطيبها أَو لطهارة تربَتهَا أَو لطهارة أَهلهَا من النِّفَاق أَو من الشّرك وَيكرهُ تَسْمِيَتهَا يثرب (طب عَن جَابر بن سَمُرَة
إنّ الله أَمرنِي بمداراة النَّاس) أَي ندبا أَو وجوبا وَيدل لَهُ (كَمَا أَمرنِي بِإِقَامَة الْفَرَائِض) أَي أَمرنِي بملاينتهم والرفق بهم وتأليفهم ليدْخل من دخل مِنْهُم فِي الدّين وَيَتَّقِي الْمُؤْمِنُونَ شَرّ من قدر عَلَيْهِ الشَّقَاء مِنْهُم أما المداهنة وَهِي بذل الدّين لصلاح الدُّنْيَا فمحرّمة وَقد امتثل الْمُصْطَفى أَمر ربه فَبلغ فِي المداراة الْغَايَة الَّتِي لَا ترتقي وبالمداراة وَاحْتِمَال الْأَذَى يظْهر الْجَوْهَر النَّفْسِيّ وَقد قيل لكل شَيْء جَوْهَر وجوهر الْإِنْسَان الْعقل وجوهر الْعقل المداراة فَمَا من شَيْء يسْتَدلّ بِهِ على قوّة عقل الشَّخْص ووفور علمه وَحمله كالمداراة وَالنَّفس لَا تزَال تشمئز مِمَّن يعكس مرادها ويستفزها الْغَضَب وبالمداراة تَنْقَطِع حمية النَّفس وَيرد طيشها ونفورها (فر عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إِن الله أنزل الدَّاء والدواء وَجعل لكل دَاء دَوَاء) فَمَا أصَاب أحدا دَاء إِلَّا قدر لَهُ دَوَاء (فَتَدَاوَوْا) ندبا (وَلَا تداووا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف (بِحرَام) أَي يحرم عَلَيْكُم ذَلِك فالتداوي بِمحرم محرم أَي حَيْثُ وجد دَوَاء حَلَالا طَاهِرا يقوم مقَامه وَفِيه مَشْرُوعِيَّة التَّدَاوِي لَكِن إِن تَركه توكلا فَهُوَ فَضِيلَة قيل للربيع بن خَيْثَم أَلا نَدْعُو لَك طَبِيبا فَقَرَأَ وعادا وثمودا وَأَصْحَاب الرس وقرونا بَين ذَلِك كثيرا كَانَ فيهم أطباء فَلم يبْق المداوى وَلَا المداوي (د عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه إِسْمَعِيل بن عَيَّاش فِيهِ مقَال
(إنّ الله أنزل بَرَكَات) أَي كرامات (ثَلَاثًا) من السَّمَاء كَمَا فِي رِوَايَة (هِيَ الشَّاة والنخلة وَالنَّار) سَمَّاهَا بَرَكَات وساقها فِي معرض الامتنان لأنّ الشَّاة عَظِيمَة النَّفْع درا ونسلا وثمر النّخل جَامع بَين التَّلَذُّذ والتغذي وَالنَّار لَا بُد مِنْهَا لقِيَام نظام الْعَالم (طب عَن أمّ هَانِئ) ضَعِيف لضعف النَّضر بن حميد
(إنّ الله أوحى إليّ) وَحي إرْسَال (أَن) أَي بِأَن (تواضعوا) بخفض الْجنَاح ولين الْجَانِب (حَتَّى لَا) أَي لكيلا (يفخر أحد) مِنْكُم (على أحد) بعدّ محاسنه كبرا وبرفع قدره تيها وعجبا (وَلَا يَبْغِي) لَا يجور (أحد) مِنْكُم (على أحد) وَلَو ذمّيا وَالْمرَاد أَن الْفَخر وَالْبَغي شَحْنَاء الْكبر لأنّ المتكبر وَهُوَ من يرفع نَفسه فَوق مَنْزِلَته فَلَا ينقاد لأحد (م د هـ عَن عِيَاض بن حمَار) بِكَسْر الْمُهْملَة الْمُجَاشِعِي
(إنّ الله أيدني) قواني (بأَرْبعَة وزراء اثْنَيْنِ) أَي ملكَيْنِ (من أهل السَّمَاء جِبْرِيل وَمِيكَائِيل(1/247)
(واثنين) أَي رجلَيْنِ (من أهل الأَرْض أبي بكر وَعمل) فَأَبُو بكر يشبه مِيكَائِيل وَعمر يشبه جِبْرِيل لشدّته وحدّته وصلابته فِي أَمر الله (طب حل عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن مُجيب الثَّقَفِيّ
(إنّ الله تبَارك وَتَعَالَى بَارك فِيمَا) أَي فِي الْبقْعَة أَو الأَرْض الَّتِي (بَين الْعَريش) أَصله كل مَا يستظل بِهِ وَهُوَ هُنَا اسْم لبلد بالشأم (والفرات) بِالضَّمِّ وَالتَّخْفِيف النَّهر الْمَشْهُور (وَخص فلسطين) بِكَسْر الْفَاء وَفتح اللَّام نَاحيَة كَبِيرَة وَرَاء الْأُرْدُن من أَرض الشأم فِيهَا عدّة مدن مِنْهَا بَيت الْمُقَدّس (بالتقديس) بالتطهير لبقعتها أَو لأَهْلهَا (ابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن زُهَيْر بن مُحَمَّد) الْمروزِي (بلاغا) أَي أَنه قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله ذَلِك
(إنّ الله بَعَثَنِي) أَرْسلنِي (رَحْمَة مهداة) لِلْمُؤمنِ الْكَافِر بتأخر الْعَذَاب وَنَحْوه (بعثت بِرَفْع قوم) بِالسَّيْفِ إِلَى الْإِيمَان وَإِن كَانُوا من ضعفاء الْعباد (وخفض آخَرين) وهم من أَبى واستكبر وَإِن بلغ من الشّرف الْمقَام الأفخر بِمَعْنى أَنه يضع قدرهم ويذلهم بِاللِّسَانِ والسنان (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إنّ الله بنى الفردوس) أَي جنته رومي معرّب (بِيَدِهِ) أَي بيد قدرته (وحظرها) منعهَا وحرّم دُخُولهَا (على كل مُشْرك) يَعْنِي كَافِر وَخص الْمُشرك لغَلَبَة الْإِشْرَاك فِي الْعَرَب (وعَلى كل مدمن خمر) مداوم لشربها (سكير) مبالغ فِي شرب الْمُسكر لَا يفتر عَنهُ وَالْمرَاد المستحل (هَب وَابْن عَسَاكِر عَن أنس) وَفِيه اضْطِرَاب وَضعف
(إِن الله تجَاوز) عَفا (لأمتي عَمَّا) وَفِي رِوَايَة لمُسلم مَا (حدثت) وَفِي رِوَايَة وسوست (بِهِ أَنْفسهَا) بِالرَّفْع وَهُوَ أظهر وَبِالنَّصبِ وَهُوَ أشهر فَلَا يؤاخذهم بِمَا يَقع فِي قُلُوبهم من القبائح قهرا (مَا لم تَتَكَلَّم بِهِ) أَي فِي القوليات بِاللِّسَانِ على وفْق ذَلِك (أَو تعْمل) بِهِ فِي العمليات بالجوارح كَذَلِك فَلَا يؤاخذهم بِحَدِيث النَّفس مَا لم يبلغ حدّ الْجَزْم وَهَذَا مَخْصُوص بِغَيْر الْكفْر فَلَو تردّد فِيهِ كفر حَالا (ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن عمرَان بن حُصَيْن
إنّ الله تجَاوز لي) أَي لأجلي (عَن أمّتي الْخَطَأ) أَي عَن حكمه أَو عَن إثمه أَو عَنْهُمَا وَضَمان الْمُخطئ لِلْمَالِ وَالدية وَوُجُوب الْقَضَاء على من صلى محدّثا سَهوا وإثم الْمُكْره على الْقَتْل خرجت بِدَلِيل مُنْفَصِل (وَالنِّسْيَان) ضدّ الذّكر وَالْحِفْظ (وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) أَي حملُوا على فعله قهرا وَالْمرَاد رفع الْإِثْم وَفِي ارْتِفَاع الحكم خلف وَالْجُمْهُور على ارتفاعه (هـ عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ (طب ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك صَحِيح (طب عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى قَالَ اليهتمي ضَعِيف وَأخرجه الطَّبَرَانِيّ أَيْضا فِي الْأَوْسَط عَن ابْن عمر قَالَ الْمُؤلف فِي الْأَشْبَاه وَإِسْنَاده صَحِيح وَمن الْعجب اقْتِصَاره هُنَا على رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ الضعيفة وحذفه للصحيحة
(إِن الله تصدّق بفطر رَمَضَان على مَرِيض أمّتي) لِحَاجَتِهِ للدواء والغذاء بِحَسب تداعي جِسْمه (ومسافرها) لما يَحْتَاجهُ من اغتذائه لوفور نهضته فِي عمله فِي سَفَره (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن عَائِشَة) الصدّيقة أمّ الْمُؤمنِينَ
(إنّ الله تصدّق عَلَيْكُم عِنْد وفاتكم) أَي موتكم (بِثلث أَمْوَالكُم) أَي مكنكم من التصرّف فِيهَا حالتئذ بِالْوَصِيَّةِ وَغَيرهَا فَتَصِح الْوَصِيَّة بِالثُّلثِ قهرا على الْوَارِث (وَجعل ذَلِك زِيَادَة لكم فِي أَعمالكُم) فَإِن أجر الْوَصِيَّة بذلك من عمل الْمَيِّت الَّذِي يُثَاب عَلَيْهِ (هـ عَن أبي هُرَيْرَة طب عَن معَاذ بن جبل وَعَن أبي الدَّرْدَاء) قَالَ ابْن حجر إِسْنَاده ضَعِيف أَي لكنه تقوى بتعدّد طرقه
(إِن الله جعل الْحق) يَعْنِي أجراه (على لِسَان عمر) بن الْخطاب فَكَانَ لِسَانه كالسيف الصارم والحسام الْقَاطِع (وَقَلبه) فَكَانَ الْغَالِب على قلبه صفة الْجلَال فَكَانَ الْحق معتمله حَتَّى يقوم بِأَمْر الله(1/248)
وينفذه بقاله وحاله وَيُحَاسب نَفسه وَالنَّاس على الذرّة والخردلة فِي السِّرّ والعلن فَكَأَنَّهُ خلق عز الْإِسْلَام إِجَابَة لدَعْوَة الْمُصْطَفى روى أَنه كَانَ بَين مُسلم ومنافق قَضِيَّة فَقضى الْمُصْطَفى للْمُسلمِ فَأبى الْمُنَافِق وَقَالَ ادفعنا لأبي بكر فَقَالَ مَا كنت لأقضي بَين من رغب عَن قَضَاء الْمُصْطَفى فَأتيَا عمر فَقَالَ لَا تعجل حَتَّى أخرج فَدخل فَاشْتَمَلَ على سَيْفه وَخرج فَحمل على الْمُنَافِق حَتَّى بلغ كبده وَقَالَ هَكَذَا أَقْْضِي (حم ت عَن ابْن عمر) قَالَ ت حسن صَحِيح (حم د ك عَن أبي ذَر) الْغِفَارِيّ (ع ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك على شَرط مُسلم وأقروه (طب عَن بِلَال) الْمُؤَذّن (وَعَن مُعَاوِيَة) بِإِسْنَاد فِيهِ ضعفاء ومختلط
(إنّ الله جعل) وَفِي رِوَايَة ضرب (مَا يخرج من ابْن آدم) من الْبَوْل وَالْغَائِط (مثلا للدنيا) لخستها وحقارتها فالمطعم وَإِن تكلّف الْإِنْسَان التنوّق فِي صَنعته وتطييبه وتحسينه يعود إِلَى حَال يستقذر فَكَذَا الدُّنْيَا المحروص على عمارتها ونظم أَسبَابهَا ترجع إِلَى خراب وإدبار (حم طب هَب عَن الضَّحَّاك بن سُفْيَان) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح غير عليّ بن جدعَان وَقد وثق
(إنّ الله جعل الدُّنْيَا كلهَا قَلِيلا وَمَا بَقِي مِنْهَا إِلَّا الْقَلِيل كالثغب) بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَسُكُون الْمُعْجَمَة الغدير الْقَلِيل المَاء (شرب صَفوه وَبَقِي كدره) يَعْنِي الدُّنْيَا كحوض كَبِير ملئ مَاء وَجعل موردا فَجعل الْحَوْض ينقص على كَثْرَة الْوَارِد حَتَّى لم يبْق مِنْهُ إِلَّا وشل كدر بَالَتْ فِيهِ الدَّوَابّ وخاضت الْأَنْعَام فاعتبروا يَا أولي الْأَبْصَار (ك عَن ابْن مَسْعُود) وَقَالَ صَحِيح وأقروه
(إنّ الله جعل هَذَا الشّعْر) أَي الْأَشْعَار وَهِي أَن يشق أحد جَانِبي سَنَام الْبَعِير حَتَّى يسيل دَمه ليعرف أَنه هدي (نسكا) من مَنَاسِك الْحَج (وسيجعله الظَّالِمُونَ نكالا) ينكلون بِهِ الْأَنْعَام بل الْأَنَام فَفعله لغير ذَلِك حرَام (ابْن عَسَاكِر عَن عمر بن عبد الْعَزِيز) الإِمَام الْعَادِل (بلاغا) أَي قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله
(إِن الله جعل لكل نَبِي شَهْوَة) أَي شيأ يشتهيه (وَإِن شهوتي فِي قيام هَذَا اللَّيْل) أَي الصَّلَاة فِيهِ وَهُوَ التَّهَجُّد (إِذا قُمْت) إِلَى الصَّلَاة (فَلَا يصلين أحد خَلْفي) فَإِن التَّهَجُّد وَاجِب عليّ دونكم وَهَذَا كَانَ أوّلا ثمَّ نسخ (وَإِن الله جعل لكل نَبِي (من الْأَنْبِيَاء طعمة) بِالضَّمِّ أَي رزقا (وَإِن طمعتي) جعلهَا الله (هَذَا الْخمس) من الْفَيْء وَالْغنيمَة (فَإِذا قبضت) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي قبضني الله أَي أماتني (فَهُوَ) أَي الْخمس (لولاة الْأَمر من بعدِي) أَي الْخُلَفَاء على مَا مرّ (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد فِيهِ مقَال
(إنّ الله جعل للمعروف) اسْم جَامع لكل مَا عرف من الطَّاعَة وَندب من الْإِحْسَان (وُجُوهًا) أَي طرقا (من خلقه) أَي الْآدَمِيّين (حبب إِلَيْهِم الْمَعْرُوف) أَي نَفسه (وحبب إِلَيْهِم فعاله) أَي فعلهم لَهُ مَعَ غَيرهم (وَوجه) بِالتَّشْدِيدِ (طلاب) جمع طَالب (الْمَعْرُوف إِلَيْهِم) أَي إِلَى قصدهم وسؤالهم (وَيسر عَلَيْهِم إعطاءه) سهله عَلَيْهِم وهيأ لَهُم أَسبَابه (كَمَا يسر الْغَيْث إِلَى الأَرْض الجدبة ليحييها) بِهِ فَيخرج نباتها (وَيحيى بِهِ) أَي النَّبَات (أَهلهَا) سكانها (وأنّ الله جعل للمعروف) بالتفسير الْمَار (أَعدَاء من خلقه) فهم بالمرصاد لمَنعه (بغض إِلَيْهِم الْمَعْرُوف وبغض إِلَيْهِم فعاله وخطر عَلَيْهِم إعطاءه) أَي كف يدهم عَنهُ وعسر عَلَيْهِم أَسبَابه (كَمَا يخْطر الْغَيْث عَن الأَرْض الجدبة ليهلكها وَيهْلك بهَا أَهلهَا) بِالْقَحْطِ (وَمَا يعْفُو) الله (أَكثر) أَي أنّ الجدب يكون بِسَبَب عَمَلهم الْقَبِيح ونيتهم الرَّديئَة وَمَعَ ذَلِك فَالَّذِي يغفره الله لَهُم أعظم مِمَّا يؤاخذهم بِهِ وَلَو يُؤَاخذ الله النَّاس بِمَا كسبوا مَا ترك على ظهرهَا من دَابَّة (ابْن أبي الدُّنْيَا فِي قَضَاء الْحَوَائِج عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد(1/249)
ضَعِيف لَكِن لَهُ جوابر
(إِن الله جعل السَّلَام تَحِيَّة لِأُمَّتِنَا) أمة الْإِجَابَة (وأمانا لأهل ذمتنا) أَخذ بِهِ بعض السّلف فجوّز ابْتِدَاء أهل الذِّمَّة بِالسَّلَامِ وَمنعه الْجُمْهُور وحملوا الحَدِيث على حَال الضَّرُورَة بِأَن خَافَ ترَتّب مفْسدَة فِي دين أَو دنيا لَو تَركه وَكَانَ نفطويه يَقُول إِذا سلمت على ذمِّي فَقلت أَطَالَ الله بَقَاءَك وأدام سلامتك فَإِنَّمَا أُرِيد الْحِكَايَة أَي أَن الله فعل بِهِ ذَلِك إِلَى هَذَا الْوَقْت (طب هَب عَن أبي أُمَامَة) ضَعِيف لضعف بكر بن سهل وَغَيره
(إنّ الله جعل الْبركَة فِي السّحُور) أَي أكل الصَّائِم وَقت السحر بنية التقوّي على الصَّوْم (والكيل) أَي ضبط الْحبّ وإحصائه بِالْكَيْلِ (الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن أبي هُرَيْرَة
إنّ الله جعل عَذَاب هَذِه الأمّة فِي الدُّنْيَا الْقَتْل) أَي يقتل بَعضهم بأيدي بعض مَعَ دُعَائِهِمْ إِلَى كلمة التَّقْوَى وَجعل الْقَتْل كَفَّارَة لما اجترحوه (حل عَن عبد الله بن يزِيد الْأنْصَارِيّ) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إنّ الله جعل ذُرِّيَّة كل نَبِي فِي صلبه) أَي فِي ظَهره (وَجعل ذريتي فِي صلب عَليّ بن أبي طَالب) أَي أَوْلَاده من فَاطِمَة دون غَيرهَا فَمن خَصَائِص الْمُصْطَفى أنّ أَوْلَاد بَنَاته ينسبون إِلَيْهِ (طب عَن جَابر) ضَعِيف لضعف يحيى بن الْعَلَاء (خطّ عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف بل قيل مَوْضُوع لثُبُوت كذب ابْن الْمَرْزُبَان
(إِن الله جعلهَا) يَعْنِي زَوجتك أَيهَا الرجل (لَك لباسا وجعلك لَهَا لباسا) لاشتمل كل مِنْهُمَا على صَاحبه وستره لَهُ عَن الْوُقُوع فِي الْفُجُور (وَأَهلي يرَوْنَ عورتي وَأَنا أرى ذَلِك مِنْهُم) يَعْنِي يحل لَهُم مني وَيحل لي مِنْهُم رؤيتها فَلَا يُنَافِي قَول عَائِشَة مَا رَأَيْت مِنْهُ وَلَا رأى مني (ابْن سعد طب عَن سعد بن مَسْعُود) الْأنْصَارِيّ صَحَابِيّ
(إِن الله جعلني عبدا كَرِيمًا) أَي متواضعا سخيا (وَلم يَجْعَلنِي جبارا) مستكبرا متمردا (عنيدا) جائرا بَاغِيا رادا للحق (د هـ عَن عبد الله بن بسر) بموحدة وسين مُهْملَة وَرِجَاله ثِقَات
(إِن الله جميل) لَهُ الْجمال الْمُطلق جمال الذَّات وجمال الصِّفَات وجمال الْأَفْعَال (يحب الْجمال) أَي التجمل مِنْكُم فِي الْهَيْئَة أَو فِي قلَّة إِظْهَار الْحَاجة لغيره والعفاف عَن سواهُ (م ت عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (طب عَن أبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (ك عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (وَابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن جَابر) بن عبد الله (وَعَن ابْن عمر) بن الْخطاب بأسانيد صَحِيحَة
(إنّ الله جميل يحب الْجمال وَيُحب أَن يرى أثر نعْمَته على عَبده) أَي أثر الْجدّة من إفَاضَة النعم عَلَيْهِ زيا وإنفاقا وشكرا (وَيكرهُ الْبُؤْس وَالتَّبَاؤُس) أَي إِظْهَار الْفقر والفاقة والمسئلة (هَب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ ضَعِيف لضعف السّلمِيّ الصُّوفِي لَكِن لَهُ شَاهد عِنْد أبي يعلى وَغَيره
(إنّ الله جميل يحب الْجمال سخي يحب السخاء نظيف يحب النَّظَافَة) لأنّ من تخلق بِشَيْء من صِفَاته ومعاني أَسْمَائِهِ الْحسنى كَانَ محبوبا لَهُ مقرّبا عِنْده (عد عَن ابْن عمر) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(إنّ الله جواد) بِالتَّخْفِيفِ كثير الْجُود أَي الْعَطاء (يحب الْجُود) الَّذِي هُوَ سهولة الْبَدَل والإنفاق وتجنب مَا لَا يحمد من الْأَخْلَاق (وَيُحب معالي الْأَخْلَاق وَيكرهُ سفسافها) أَي رديئها وحقيرها (هَب عَن طَلْحَة بن عبيد الله) ابْن كرير قَالَ الْعِرَاقِيّ هَذَا مُرْسل انْتهى والمؤلف ظن أَنه طَلْحَة الصَّحَابِيّ فَوَهم (حل عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد لَا يَصح
(إنّ الله حرّم من الرَّضَاع مَا حرّم من النّسَب) دلّ على أنّ لبن الْفَحْل يحرّم وَهُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي (ت عَن عَليّ) وَقَالَ حسن صَحِيح
(إنّ الله حرم الْجنَّة) أَي دُخُولهَا مَعَ السَّابِقين الأوّلين (على كل) إِنْسَان (مراء) لإحباطه عمله وإضراره بِدِينِهِ بشغله(1/250)
نَفسه برعاية من لَا يملك لَهُ ضرا وَلَا نفعا (حل فر عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ ضَعِيف لضعف سلميان الْحَرَّانِي
(إِن الله تَعَالَى حرّم عَلَيْكُم عقوق الْأُمَّهَات) خصهن وَإِن كَانَ عقوق الْآبَاء عَظِيما لِأَن عقوقهن أقبح أَو أَكثر وقوعا والعقوق مَا يتَأَذَّى بِهِ من قَول أَو فعل غير محرّم مَا لم يتعنت الأَصْل وَالْمرَاد الْأُمَّهَات المحترمات (ووأد الْبَنَات) دفنهن أَحيَاء حِين يولدن كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة يَفْعَلُونَهُ كَرَاهَة لَهُنَّ (ومنعا) بِسُكُون النُّون منوّنا وَغير منون (وهات) بِالْبِنَاءِ على الْكسر عبر بهما عَن الْبُخْل والمسئلة فكره أَن يمن الْإِنْسَان مَا عِنْده وَيسْأل مَا عِنْد غَيره (وَكره لكم قيل) كَذَا (وَقَالَ) فلَان كَذَا مِمَّا يتحدّث بِهِ من فضول الْكَلَام (وَكَثْرَة السُّؤَال) عَن أَحْوَال النَّاس أَو عَمَّا لَا يعْنى أَو عَن الْمسَائِل العلمية امتحانا وفخرا وتعاظما (وإضاعة المَال) صرفه فِي غير حلّه وبذله فِي غير وَجهه الْمَأْذُون فِيهِ شرعا أَو تعريضه للْفَسَاد أَو السَّرف فِي إِنْفَاقه والتوسع فِي المطاعم والملابس أما فِي طَاعَة فعبادة (ق عَن الْمُغيرَة بن شُعْبَة) الثَّقَفِيّ
(إنّ الله حرّم عليّ الصَّدَقَة) فَرضهَا ونفلها (وعَلى أهل بَيْتِي) أَي وحرّم الصَّدَقَة فَرضهَا فَقَط على مؤمني بني هَاشم وَالْمطلب لِأَنَّهَا أوساخ النَّاس (ابْن سعد عَن الْحسن بن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(إنّ الله تَعَالَى حَيْثُ خلق الدَّاء خلق الدَّوَاء فَتَدَاوَوْا) ندبا بِكُل طَاهِر حَلَال شرعا وَكَذَا بِغَيْرِهِ إِن توقف الْبُرْء عَلَيْهِ وفقد مَا يقوم مقَامه والتداوي لَا يُنَافِي التَّوَكُّل (حم عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله ثِقَات
(إِن الله تَعَالَى حَيّ) فَلَا يردّ من سَأَلَهُ (ستر) بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد تَارِك لحب القبائح سَاتِر للعيوب والفضائح (بحب الْحيَاء) أَي من فِيهِ ذَلِك (والستر) من العَبْد وَإِن كره مَا يستر عَبده عَلَيْهِ كَمَا يحب الْمَغْفِرَة وَإِن كره الْمعْصِيَة (فَإِن اغْتسل أحدكُم فليستتر) وجوبا إِن كَانَ ثمَّ من يحرم نظره لعورته وندبا فِي غير ذَلِك واغتساله عُريَانا لبَيَان الْجَوَاز (حم د ن عَن يعلى بن أُميَّة) بِإِسْنَاد حسن
(إِن الله تَعَالَى) فِي رِوَايَة لِلتِّرْمِذِي إِن ربكُم (حَيّ) بِكَسْر الْيَاء الأولى (كريم) أَي جواد لَا ينْفد عطاؤه (يستحي إِذا رفع الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (إِلَيْهِ يَدَيْهِ) سَائِلًا متذللا حَاضر الْقلب حَلَال الْمطعم وَالْمشْرَب كَمَا يفِيدهُ خبر مُسلم (أَن يردهّما صفرا) بِكَسْر فَسُكُون أَي خاليتين (خائبتين) من عطائه لكرمه والكريم يدع مَا يَدعه تكرّما وَيفْعل مَا يَفْعَله تفضلا فيعطي من لَا يسْتَحق ويدع عُقُوبَة المستوجب (حم د ت هـ ك عَن سلمَان) الْفَارِسِي قَالَ ت حسن غَرِيب وَقَالَ ك عَن شَرطهمَا ونوزع وَبِالْجُمْلَةِ إِسْنَاده جيد
(إِن الله ختم سُورَة الْبَقَرَة بآيتين أعطانيهما من كنزه الَّذِي تَحت الْعَرْش فتعلموهنّ) جمعه بِاعْتِبَار الْكَلِمَات (وعلموهن نساءكم وأبناءكم) وخصهم لأهمية تعليمهم لَا لإِخْرَاج غَيرهم (فَإِنَّهُمَا صَلَاة) أَي رَحْمَة عَظِيمَة (وَقُرْآن وَدُعَاء) أَي يشتملان على ذَلِك كُله (ك عَن أبي ذَر) وَقَالَ على شَرط البُخَارِيّ ورد
(إِن الله خلق الْجنَّة بَيْضَاء) نيرة مضيئة وتربتها وَإِن كَانَت من زعفران وشجرها وَإِن كَانَ أَخْضَر لكنه يتلألأ نورا وأصل الْخلق التَّقْدِير يُقَال خلق النَّعْل إِذا قدّرها وسوّاها بِالْقِيَاسِ وَالْمرَاد الايجاد على تَقْدِير واستواء (وَأحب شَيْء إِلَى الله الْبيَاض) فألبسوه أحياءكم وكفنوا فِيهِ مَوْتَاكُم (الْبَزَّار عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف هِشَام ابْن زِيَاد
(إِن الله خلق خلقه) أَي الثقلَيْن فإنّ الْمَلَائِكَة مَا خلقُوا إِلَّا من نور (فِي ظلمَة) أَي كائنين فِي ظلمَة الطبيعة وَالنَّفس الأمّارة المجبولة بالشهوات المردية والأهواء المضلة (فَألْقى)(1/251)
فِي رِوَايَة فرش (عَلَيْهِم) شيأ (من نوره) عبارَة عَمَّا نصب من الشواهد والبراهين وَأنزل من الْآيَات وَالنّذر (فَمن) شَاءَ الله هدايته (أَصَابَهُ من ذَلِك النُّور يَوْمئِذٍ) فخلص من تِلْكَ الظلمَة و (اهْتَدَى) إِلَى إِصَابَة طرق السُّعَدَاء (وَمن أخطأه) ذَلِك النُّور لعدم مُشَاهدَة تِلْكَ الْآيَات (ضل) أَي بَقِي فِي ظلمَة الطبيعة متحيرا كالأنعام أَو المُرَاد خلق الذَّر الْمُسْتَخْرج من صلب آدم فَعبر بِالنورِ عَن الألطاف وإشراق لمع برق الْعِنَايَة ورمز بأصاب وَأَخْطَأ إِلَى ظُهُور أثر تِلْكَ الْعِنَايَة فِي الْإِنْزَال من هِدَايَة بعض وضلال بعض (حم ت ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَصَححهُ الْحَاكِم وَابْن حبَان
(أنّ الله خلق آدم من قَبْضَة) أَصْلهَا مَا انْضَمَّ عَلَيْهِ الْيَد من كل شَيْء (قبضهَا من جَمِيع) أَجزَاء (الأَرْض) أَي ابْتَدَأَ خلقه من قَبْضَة وَهَذَا تخييل لعظمته تَعَالَى شَأْنه وَأَن كل المكونات منقادة لإرادته فَلَيْسَ ثمَّ قَبْضَة حَقِيقَة أَو المُرَاد أَن عزرائيل قبضهَا حَقِيقَة بأَمْره تَعَالَى (فجَاء بَنو آدم على قدر الأَرْض) أَي على لَوْنهَا وطبعها فَمن الْحَمْرَاء أَحْمَر وَمن الْبَيْضَاء أَبيض وَمن سهلها سهل الْخلق لين رَقِيق وَمن حزنها ضدّه وَلِهَذَا (جَاءَ مِنْهُم الْأَبْيَض والأحمر وَالْأسود وَبَين ذَلِك) من جَمِيع الألوان (والسهل) اللين المنقاد (والحزن) بِالْفَتْح الغليظ الطَّبْع الجافي القاسي (والخبيث وَالطّيب) فالخبيث من الأَرْض السبخة وَالطّيب من العذبة الطّيبَة قَالَ الْحَكِيم وَكَذَا جَمِيع الدَّوَابّ والوحوش فالحية أبدت جوهرها حَيْثُ خانت آدم حَتَّى لعنت وأخرجت من الْجنَّة والفأر قرض حبال سفينة نوح والغراب أبدى جوهره الْخَبيث حَيْثُ أرْسلهُ نوح من السَّفِينَة ليَأْتِيه بِخَبَر الأَرْض فَأقبل على جيفه وَتَركه وَهَكَذَا (حم د ت ك هق عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ قَالَ الترمذيّ ثمَّ ابْن حبَان صَحِيح
(إنّ الله خلق الْخلق) أَي الْمَخْلُوقَات إنسا وجنا وملكا ثمَّ جعلهم فرقا (فجعلني) صيرني (فِي خير فرقهم) بِكَسْر فَفتح أشرفها من الْإِنْس (وَخير الْفَرِيقَيْنِ) الْعَرَب والعجم (ثمَّ تخير الْقَبَائِل) أَي اخْتَار خيارهم فضلا (فجعلني فِي خير قَبيلَة) من الْعَرَب هَذَا بِحَسب الإيجاد أَي قدّر إيجادي فِي خَيرهَا قَبيلَة (ثمَّ تخير الْبيُوت) أَي اخْتَارَهُمْ شرفا (فجعلني فِي خير بُيُوتهم) أَي فِي أشرف بُيُوتهم (فَأَنا) فِي سَابق علم الله (خَيرهمْ نفسا) أَي روحا وذاتا إِذْ جعلني نَبيا رَسُولا فاتحا خَاتمًا (وَخَيرهمْ بَيْتا) أَي أصلا إِذْ جِئْت من طيب إِلَى طيب إِلَى صلب عبد الله بِنِكَاح لَا سفاح (ت عَن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب
(إنّ الله خلق آدم من طين) وَفِي رِوَايَة من تُرَاب (الْجَابِيَة) بجيم فموحدة فمثناة تحتية قَرْيَة أَو مَوضِع بالشأم وَالْمرَاد أَنه خلقه من قَبْضَة من جَمِيع أَجزَاء الأَرْض ومعظمها من طين الْجَابِيَة (وعجنه بِمَاء من مَاء الْجنَّة) ليطيب عنصره وَيحسن خلقه ويطبع على طباع أَهلهَا ثمَّ صوّره وَركب جسده وَجعله أجوف ثمَّ نفخ فِيهِ الرّوح فَكَانَ من بديع فطرته وَعَجِيب صَنعته (ابْن مردوية) فِي تَفْسِيره (عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا ابْن عدي وَإِسْنَاده ضَعِيف
(إِن الله خلق لوحا مَحْفُوظًا) وَهُوَ الْمعبر عَنهُ فِي الْقُرْآن بذلك وبالكتاب الْمُبين وبأم الْقُرْآن (من درّة بَيْضَاء) لؤلؤة عَظِيمَة كَبِيرَة (صفحاتها) جنباتها ونواحيها (من ياقوتة حَمْرَاء) فِي غَايَة الْإِشْرَاق والصفاء (قلمه نور) وَلَيْسَ كالقلم القصبي (وَكتابه نور) بَين بذلك أَن اللَّوْح والقلم ليسَا كألواح الدُّنْيَا المتعارفة وَلَا كأقلامهما (لله فِي كل يَوْم سِتُّونَ وثلثمائة لَحْظَة يخلق ويرزق وَيُمِيت ويحيي ويعز ويذل وَيفْعل مَا يَشَاء) فَإِذا كَانَ العَبْد على حَالَة مرضية أَدْرَكته اللحظة على حَالَة مرضية فوصل إِلَى الأمل من(1/252)
نوال الْخَيْر وَصرف السوء وَحكم عَكسه عكس حكمه (طب عَن ابْن عَبَّاس) وَرِجَال أحد أسناديه ثِقَات
(أَن الله خلق الْخلق) أَي قدّر الْمَخْلُوقَات فِي علمه السَّابِق (حَتَّى إِذا فرغ من خلقه) أَي قَضَاهُ وأتمه فالفراغ تَمْثِيل (قَامَت الرَّحِم) حَقِيقَة بِأَن تجسد وتتكلم وَالْقُدْرَة صَالِحَة أَو هُوَ تَمْثِيل واستعارة (فَقَالَ) تَعَالَى (مَه) أَي مَا تقولي وَالْقَصْد بِهِ إِظْهَار الْحَاجة دون الاستعلام فَإِنَّهُ يعلم السرّ وأخفى (فَقَالَت) بِلِسَان القال أَو الْحَال على مَا تقرّر (هَذَا مقَام العائذ بك) أَي مقَامي هَذَا مقَام المستجير بك من القطيعة (قَالَ) تَعَالَى (نعم) حرف إِيجَاب مُقَرر لما سبق (أما) بِالتَّخْفِيفِ (ترْضينَ) خطاب للرحم والهمزة للاستفهام التقريري (أَن أصل من وصلك) بِأَن أعطف عَلَيْهِ وَأحسن إِلَيْهِ (وأقطع من قَطعك) فَلَا أعطف عَلَيْهِ فَهُوَ كِنَايَة عَن حرمَان أنعامه (قَالَت) الرَّحِم (بلَى يَا رب) رضيت (قَالَ) الله تَعَالَى (فَذَلِك) الْمَذْكُور (لَك) بِكَسْر الْكَاف فيهمَا أَي حصل لَك وصلَة الرَّحِم تكون بإيصال الْمُمكن من خير وَدفع الْمُمكن من شرّ وَهَذَا إِن استقام أهل الرَّحِم فَإِن كفرُوا وفجروا فقطيعتهم صلتهم (ق ن عَن أبي هُرَيْرَة
(إنّ الله خلق) أَي قدّر (الرَّحْمَة) الَّتِي يرحم بهَا عباده وَهِي إِرَادَة الْأَنْعَام وَفعل الْإِكْرَام (يَوْم خلقهَا مائَة رَحْمَة) الْقَصْد بِذكرِهِ ضرب الْمثل لنا لنعرف بِهِ التَّفَاوُت بَين القسطين فِي الدَّاريْنِ لَا التَّقْسِيم والتجزئة فإنّ رَحمته تَعَالَى غير متناهية (فَأمْسك) ادّخر (عِنْده تسعا وَتِسْعين رَحْمَة وَأرْسل فِي خلقه كلهم رَحْمَة) وَاحِدَة تعم كل مَوْجُود (فَلم يعلم الْكَافِر بِكُل الَّذِي عِنْد الله من الرَّحْمَة) الواسعة (لم ييأس) لم يقنط (من الْجنَّة) أَي من شُمُول الرَّحْمَة لَهُ فيطمع أَن يدْخل الْجنَّة (وَلَو يعلم الْمُؤمن بِالَّذِي عِنْد الله تَعَالَى من الْعَذَاب لم يَأْمَن من النَّار) أَي من دُخُولهَا فَهُوَ غَافِر الذَّنب شَدِيد الْعقَاب وَهَذَا أَمر بوقوف العَبْد بَين حالتي الرَّجَاء وَالْخَوْف (ق عَن أبي هُرَيْرَة) وَغَيره
(إِن الله خلق يَوْم خلق السَّمَوَات وَالْأَرْض مائَة رَحْمَة) أَي أظهر تقديرها يَوْم أظهر تَقْدِير السَّمَوَات وَالْأَرْض (كل رَحْمَة طباق مَا بَين السَّمَاء وَالْأَرْض أَي ملْء مَا بَينهمَا بِفَرْض كَونهَا جسما (فَجعل فِي الأَرْض مِنْهَا وَاحِدَة فبها تعطف) تحنّ وترق (الوالدة على وَلَدهَا) من الدَّوَابّ (والوحش وَالطير) والحشرات والهوام وَغَيرهَا (بَعْضهَا على بعض وَأخر) أمسك عِنْده (تسعا وَتِسْعين) رَحْمَة (فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة أكملها بِهَذِهِ الرَّحْمَة) أَي ضمهَا إِلَيْهَا فالرحمة الَّتِي فِي الدُّنْيَا يتراحمون بهَا أَيْضا يَوْم الْقِيَامَة ويعطف بَعضهم على بعض بهَا (حم م عَن سلمَان) الْفَارِسِي (حم م عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(إِن الله خلق الْجنَّة) وَجمع فِيهَا كل طيب (وَخلق النَّار) وَجمع فِيهَا كل خَبِيث (وَخلق لهَذِهِ أَهلا) وهم السُّعَدَاء وحرّمها على غَيرهم (ولهذه أَهلا) وهم الأشقياء وحرّمها على غَيرهم وجمعهما جَمِيعًا فِي هَذِه الدَّار فَوَقع الِابْتِلَاء والاختبار بِسَبَب الِاخْتِلَاط ليميز الله الْخَبيث من الطّيب قَالَ السهروردي الرِّضَا والسخط نعتان قديمان لَا يتغيران بِأَفْعَال الْعباد فَمن رَضِي عَنهُ اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل الْجنَّة وَمن سخط عَلَيْهِ اسْتَعْملهُ بِعَمَل أهل النَّار (م عَن عَائِشَة) قَالَت مَاتَ صبي فَقلت طُوبَى لَهُ عُصْفُور من عصافير الْجنَّة فَذكره وَزَاد فِي رِوَايَة بعد قَوْله أَهلا فهم بعملها يعْملُونَ
(إِن الله تَعَالَى) لكَمَال رأفته بِنَا (رَضِي لهَذِهِ الْأمة الْيُسْر) فِيمَا شَرعه لَهَا من الْأَحْكَام وَلم يشدّد عَلَيْهَا كَغَيْرِهَا (وَكره لَهَا الْعسر) أَي لم يردهُ بهَا وَلم يَجعله عَزِيمَة عَلَيْهَا يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يُرِيد بكم الْعسر (طب(1/253)
عَن محجن) بِكَسْر الْمِيم وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْجِيم (ابْن الأدرع) بِفَتْح الْهمزَة فمهملة سَاكِنة السّلمِيّ وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(إِن الله تَعَالَى رَفِيق) أَي لطيف بعباده فَلَا يكلفهم فَوق طاقتهم بل يسامحهم ويلطف بهم (يحب الرِّفْق) بِالْكَسْرِ اللطف وَأخذ الْأَمر بِأَحْسَن الْوُجُوه وأسهلها (وَيُعْطِي عَلَيْهِ) فِي الدُّنْيَا من الثَّنَاء الْجَمِيل ونيل المطالب وتسهيل الْمَقَاصِد وَفِي الْآخِرَة من الثَّوَاب الجزيل (مَا لَا يُعْطي على العنف) بِالضَّمِّ الشدّة وَالْمَشَقَّة وَالْقَصْد بِهِ الْحَث على حسن الْأَخْلَاق والمعاملة مَعَ الْخلق وَإِن فِي ذَلِك خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة (خد د عَن عبد الله بن مُغفل) بِضَم الْمِيم وَفتح الْمُعْجَمَة وَشد الْفَاء (هـ حب عَن أبي هُرَيْرَة حم هَب عَن عَليّ طب عَن أبي أُمَامَة الْبَزَّار عَن أنس) بأسانيد بَعْضهَا رِجَاله ثِقَات
(إِن الله زوّجني فِي الْجنَّة مَرْيَم بنت عمرَان) أَي حكم بجعلها زَوْجَتي فِيهَا (وَامْرَأَة فِرْعَوْن) آسِيَة بنت مُزَاحم (وَأُخْت مُوسَى) الكليم خلصهن الله من الاصطفاء العبراني إِلَى الاصطفاء الْعَرَبِيّ فَجمع لَهُنَّ بَين الاصطفاءين (طب عَن سعد بن جُنَادَة) الْعَوْفِيّ وَفِي إِسْنَاده من لَا يعرف
(إِن الله سَائل) يَوْم الْقِيَامَة (كل رَاع عَمَّا استرعاه) أَي أدخلهُ تَحت رعايته (أحفظ ذَلِك أم ضيعه) أَي يسْأَله يَوْم الْقِيَامَة عَن كل فَرد فَرد من ذَلِك (حَتَّى يسْأَل الرجل عَن أهل بَيته) أَقَامَ بِمَا لزمَه لَهُم من الْحُقُوق أم قصر وضيع فيعامل من قَامَ بحقهم بفضله ويعامل من فرط بعد لَهُ ويرضى خصماء من شَاءَ بجوده وكما يسْأَل عَن أهل بَيته يسْأَل أهل بَيته عَنهُ (ن حب عَن أنس) بن مَالك
(إِن الله سمى) وَفِي رِوَايَة أَمرنِي أَن أسمى وَلَا تعَارض لأنّ المُرَاد أمره بِإِظْهَار ذَلِك (الْمَدِينَة طابة) بِالتَّنْوِينِ وَعَدَمه وَأَصلهَا طيبَة قلبت الْيَاء ألفا لتحرّكها وَفتح مَا قبلهَا وَكَانَ اسْمهَا يثرب فكرهه وسماها بذلك لطيب سكانها بِالدّينِ (حم م ن عَن جَابر بن سَمُرَة) وَلم يخرّجه البُخَارِيّ
(إِن الله صانع كل صانع وصنعته) أَي مَعَ صَنعته وَكَمَال الصَّنْعَة لَا يُضَاف إِلَيْهَا إِنَّمَا تُضَاف إِلَى صانعها وَاحْتج بِهِ من قَالَ الْإِيمَان صفة للرحمن غير مَخْلُوق (خَ فِي) كتاب (خلق أَفعَال الْعباد) وَكَانَ حَقه أَن يذكر رسم البُخَارِيّ صَرِيحًا من غير رمز فإنّ حرف خَ جعله فِي الْخطْبَة رمزا لَهُ فِي صَحِيحه لَا فِي غَيره (ك) وَصَححهُ (وَالْبَيْهَقِيّ فِي) كتاب (الْأَسْمَاء) وَالصِّفَات (عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان لَكِن لفظ الْحَاكِم أَن الله خَالق بدل صانع
(إنّ الله تَعَالَى طيب) بالتثقيل أَي منزه عَن النفائص مقدس عَن الْآفَات والعيوب وَفِي رِوَايَة أنّ الله طيب لَا يقبل إِلَّا الطّيب يَعْنِي الْحَلَال فِي الصَّدَقَة ومصداقه وَلَا تيمموا الْخَبيث مِنْهُ تتفقون (يحب الطّيب) أَي الْحَلَال الَّذِي يعلم أَصله وجريانه على الْوَجْه الشَّرْعِيّ (نظيف يحب النَّظَافَة) الظَّاهِرَة والباطنة من خلوص العقيدة وَنفي الشّرك ومجانبة الْهوى والأمراض القلبية (فنظفوا) ندبا (أفنيتكم) جمع فنَاء وَهُوَ الفضاء أَمَام الدَّار (وَلَا تشبهوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف (باليهود) فِي قذارتهم وقذارة أفنيتهم وَلِهَذَا كَانَ للمصطفى وَأَصْحَابه مزِيد حرص على نظافة الملبس والأفنية وَكَانَ يتَعَاهَد نَفسه وَلَا تُفَارِقهُ الْمرْآة والسواك والمقراض قَالَ أَبُو دَاوُد مدَار السّنة على أَرْبَعَة أَحَادِيث وعدّ هَذَا مِنْهَا (ت عَن سعد) بن أبي وَقاص وَفِي بعض رِجَاله مقَال
(أنّ الله عفوّ) متجاوز عَن السيآت غَافِر للزلات (يحب الْعَفو) أَي صدوره من خلقه لِأَنَّهُ يحبّ أسماءه وَصِفَاته وَيُحب من اتّصف بِشَيْء مِنْهَا وَيبغض من اتّصف بأضدادها (ك عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (عد(1/254)
عَن عبد الله بن جَعْفَر
(إنّ الله تَعَالَى عِنْد لِسَان كل قَائِل) يَعْنِي يعلم مَا يَقُوله الْإِنْسَان ويتفوّه بِهِ كمن يكون عِنْد الشَّيْء مهيمنا لَدَيْهِ محافظا عَلَيْهِ (فليتق الله عبد) عِنْد إِرَادَة النُّطْق (ولينظر) يتَأَمَّل ويتدبر (مَا يَقُول) أَي مَا يُرِيد النُّطْق بِهِ هَل هُوَ لَهُ أم عَلَيْهِ (حل عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (الْحَكِيم) التِّرْمِذِيّ (عَن ابْن عَبَّاس
أنّ الله غيور) فعول من الْغيرَة وَهِي الحمية والأنفه وَهِي محَال عَلَيْهِ فَالْمُرَاد لازمها وَهُوَ الْمَنْع والزجر عَن الْمعْصِيَة (يحب) من عباده (الغيور) فِي مَحل الرِّيبَة (وَأَن عمر) بن الْخطاب (غيور) فَهُوَ لذَلِك يُحِبهُ لأنّ من لمح لمحا من وصف كَانَ من الْمَوْصُوف بِهِ بألطف لطف (رستة) بِضَم الرَّاء وَسُكُون الْمُهْملَة وَفتح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة عبد الرَّحْمَن الْأَصْبَهَانِيّ (فِي) كتاب (الْإِيمَان) لَهُ (عَن عبد الرَّحْمَن بن رَافع) التنوخي قَاضِي إفريقية (مُرْسلا) قَالَ الذَّهَبِيّ مُنكر الحَدِيث
(أَن الله تَعَالَى قَالَ من عادى) من المعاداة ضدّ الْمُوَالَاة (لي) مُتَعَلق بقوله (وليا) وَهُوَ من تولى الله بِالطَّاعَةِ فتولاه الله بِالْحِفْظِ والنصر (فقد آذنته بِالْحَرْبِ) أَي أعلمته بِأَنَّهُ سأحاربه فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله وَمن حاربه الله أَي عَامله مُعَاملَة الْمُحَارب من التجلي عَلَيْهِ بمظاهر الْقَهْر فَهُوَ هَالك (وَمَا تقرّب إليّ عَبدِي بِشَيْء) من الطَّاعَات (أحبّ إليّ مِمَّا افترضته عَلَيْهِ) أَي من أَدَائِهِ عينا أَو كِفَايَة لِأَنَّهُ الأَصْل الَّذِي يرجع إِلَيْهِ جَمِيع الْفُرُوع (وَلَا يزَال عَبدِي يتقرّب) يتحبب (إليّ بالنوافل) أَي التطوّع من جَمِيع صنوف الْعِبَادَة (حَتَّى أحبه) بِضَم أوّله وَفتح ثالثه (فَإِذا أحببته) لتقربه إليّ بِمَا ذكر (كنت) صرت (سَمعه الَّذِي يسمع بِهِ وبصره الَّذِي يبصر بِهِ وَيَده الَّتِي يبطش بهَا وَرجله الَّتِي يمشي بهَا) يَعْنِي يَجْعَل الله سُلْطَان حبه غَالِبا عَلَيْهِ حَتَّى لَا يرى وَلَا يسمع وَلَا يفعل إِلَّا مَا يُحِبهُ الله عونا لَهُ على حماية هَذِه الْجَوَارِح عَمَّا لَا يرضاه أَو هُوَ كِنَايَة عَن نصر الله وتأييده وإعانته فِي كل أُمُوره وحماية سَمعه وبصره وَجَمِيع جوارحه عَمَّا لَا يرضاه (وَإِن سَأَلَني لأعطينه) مسؤله (وَإِن استعاذني) بنُون أَو بَاء (لأعيذنه) مِمَّا يخَاف وَهَذَا حَال المحبّ مَعَ محبوبه (وَمَا تردّدت)
عَن) وَفِي رِوَايَة فِي (شَيْء أَنا فَاعله تردّدي عَن قبض نفس الْمُؤمن) أَي مَا أخرت وَمَا توقفت توقف المتردّد فِي أَمر أَنا فَاعله إِلَّا فِي قبض نفس الْمُؤمن أتوقف فِيهِ حَتَّى يسهل عَلَيْهِ ويميل قلبه إِلَيْهِ شوقا إِلَى انخراطه فِي زمرة المقربين (يكره الْمَوْت) لشدّة صعوبته (وَأَنا أكره مساءته) وأريده لَهُ لِأَنَّهُ يُورِدهُ موارد الرَّحْمَة والغفران والتلذذ بنعيم الْجنان وَفِيه أَن الْفَرْض أفضل من النَّفْل وَقد عدّه الْفُقَهَاء من الْقَوَاعِد لَكِن استثنوا مِنْهَا إِبْرَاء الْمُعسر فَإِنَّهُ أفضل من أنظاره وأنظاره وَاجِب وإبراؤه سنة وَابْتِدَاء السَّلَام فَإِنَّهُ سنة والردّ وَاجِب وَالْأَذَان سنة وَهُوَ أفضل من الْإِمَامَة الَّتِي هِيَ فرض كِفَايَة وَغير ذَلِك (خَ عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الذَّهَبِيّ غَرِيب جدّا وَلَوْلَا هَيْبَة الْجَامِع الصَّحِيح لعدوّه من الْمُنْكَرَات
(أَن الله تَعَالَى قَالَ لقد خلقت خلقا) من الْآدَمِيّين (ألسنتهم أحلى من الْعَسَل) فبها يملقون ويداهنون (وَقُلُوبهمْ أمرّ من الصَّبْر) فبها يمكرون وينافقون (فَبِي حَلَفت) أَي بعظمتي وَجَلَالِي لَا بِغَيْر ذَلِك (لأتيحنهم) بمثناة فوقية فمثناة تحتية فحاء مُهْملَة فنون أَي لأقدّرن لَهُم (فتْنَة) ابتلاء وامتحانا (تدع الْحَلِيم) بِاللَّامِ (مِنْهُم حيران) أَي تتْرك الْعَاقِل مِنْهُم متحير إِلَّا يُمكنهُ دَفعهَا وَلَا كف شرّها (فَبِي يغترّون أم عليّ يجترؤن) الْهمزَة للاستفهام أَي فبحلمي ومهالي يغترّون والاغترار هُنَا عدم الْخَوْف من الله وإهمال التَّوْبَة(1/255)
والاسترسال فِي الْمعاصِي والشهوات (ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَقَالَ غَرِيب حسن
(أَن الله تَعَالَى قَالَ أَنا خلقت الْخَيْر والشرّ فطوبى لمن قدّرت على يَده الْخَيْر وويل لمن قدرت على يَده الشرّ) لِأَنَّهُ تَعَالَى جعل هَذِه الْقُلُوب أوعية فَخَيرهَا أوعاها للخير والرشاد وشرّها أوعاها للبغي وَالْفساد (طب عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أنّ الله قبض أرواحكم) عَن أبدانكم وَهُوَ مجَاز عَن سلب الْحس وَالْحَرَكَة الإرادية (وردّها عَلَيْكُم) عِنْد الْيَقَظَة (حِين شَاءَ) وَذَا قَالَه لما نَام هُوَ وَصَحبه عَن الصُّبْح فِي الْوَادي حَتَّى طلعت الشَّمْس فسلاهم بِهِ وَقَالَ اخْرُجُوا من هَذَا الْوَادي فَإِن فِيهِ شَيْطَانا فَلَمَّا خَرجُوا قَالَ (يَا بِلَال) الْمُؤَذّن (قُم فَأذن بِالنَّاسِ) بِالصَّلَاةِ أَي أعلمهم بالاجتماع لَهَا فَصلي بهم بعد طُلُوع الشَّمْس (حم خَ د ن عَن أبي قَتَادَة) الْأنْصَارِيّ
(أنّ الله قد حرم على النَّار) نَار الخلود (من قَالَ لَا إِلَه إِلَّا الله يَبْتَغِي بذلك) أَي بقولِهَا خَالِصا من قلبه (وَجه الله) أَي يطْلب بهَا النّظر إِلَى وَجهه تَعَالَى (ق عَن عتْبَان) بِكَسْر الْمُهْملَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة (ابْن مَالك) الخزرجي السالمي البدري
(أنّ الله تَعَالَى قد أمدّكم) أَي زادكم كَمَا جَاءَ هَكَذَا فِي رِوَايَة (بِصَلَاة هِيَ خير لكم من حمر) بِسُكُون الْمِيم جمع أَحْمَر (النعم) بِفَتْح النُّون الْإِبِل وَهِي أعز أَمْوَال الْعَرَب وأنفسها فَجعل كِنَايَة عَن خير الدُّنْيَا كُله كَأَنَّهُ قيل هَذِه الصَّلَاة خير مِمَّا تحبون من الدُّنْيَا (الْوتر) بالجرّ بدل من صَلَاة وَالرَّفْع خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف وَذَا لَا يدل على وجوب الْوتر إِذْ لَا يلْزم أَن يكون المزاد من جنس الْمَزِيد (جعلهَا الله لكم) أَي جعل وَقتهَا (فِيمَا بَين صَلَاة الْعشَاء إِلَى أَن يطلع الْفجْر) تمسك بِهِ مَالك وَأحمد على قَوْلهم أنّ الْوتر لَا يقْضى (حم د ت هـ قطّ ك عَن خَارِجَة بن حذافة) الْقرشِي الْعَدوي قَالَ ابْن حجر ضعفه البُخَارِيّ
(أنّ الله قد أعْطى كل ذِي حق حَقه) أَي حَظه ونصيبه الَّذِي فرض لَهُ (فَلَا وَصِيَّة لوَارث) أَرَادَ بِعَدَمِ صِحَّتهَا للْوَارِث عدم اللُّزُوم لِأَن الْأَكْثَر على أَنَّهَا مَوْقُوفَة على الْإِجَازَة (هـ عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله قد أوقع أجره) أَي أجر عبد الله بن ثَابت الَّذِي تجهز للغزو مَعَ رَسُول الله فَمَاتَ قبل خُرُوجه (على قدر نِيَّته) أَي فيزيد أجره بِزِيَادَة مَا عزم على فعله (مَالك) فِي الموطا (حم د ن هـ حب ك عَن جَابر) بن عتِيك بن قيس الْأنْصَارِيّ
(أَن الله تَعَالَى قد أَجَارَ أمتِي أَن تَجْتَمِع) أَي من أَن تَجْتَمِع (على ضلاله) أَي محرّم وَمن ثمَّ مِنْهُم فممكن بل وَاقع (ابْن أبي عَاصِم عَن أنس) غَرِيب ضَعِيف لَكِن لَهُ شَاهد
(أَن الله كتب) أَي أثبت وَجمع وَمِنْه قَوْله تَعَالَى كتب فِي قُلُوبكُمْ الْإِيمَان (الْإِحْسَان) أَي الْأَحْكَام والأكمال وتحسين الْأَعْمَال الْمَشْرُوعَة بإيقاعها بكمالاتها الْمُعْتَبرَة شرعا (على) أَي فِي أوالي (كل شَيْء) غير الْبَارِي تقدس فَإِنَّهُ غَنِي بِذَاتِهِ عَن إِحْسَان كل مَا سواهُ وكل مَا سواهُ مفتقر إِلَيْهِ (فَإِذا قتلتم) قودا أوحدا غير قَاطع طَرِيق وزان ومحصن لإِفَادَة نَص آخر التَّشْدِيد فيهمَا (فَأحْسنُوا القتلة) بِالْكَسْرِ هَيْئَة الْقَتْل بِأَن تَفعلُوا أَهْون الطّرق وأخفها إيلاما وأسرعها زهوقا وَمن إِحْسَان القتلة كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيّ أَن لَا يقْصد التعذيب لَكِن تراعى المثلية فِي الْقِتَال إِن أمكن (وَإِذا ذبحتم) بَهِيمَة تحل (فَأحْسنُوا الذبْحَة) بِالْكَسْرِ هَيْئَة الذّبْح بالرفق بهَا فَلَا يصرعها بعنف وَلَا يجرّها للذبح بعنف وبإحداد الْآلَة وتوجيهها للْقبْلَة والإجهاز وإراحتها وَتركهَا حَتَّى تبرد(1/256)
وَلَا يذبحها بِحَضْرَة أُخْرَى (وليحدّ أحدكُم) أَي كل ذابح (شفرته) أَي سكينته وجوبا فِي الكالة وندبا فِي غَيرهَا (وليرح) بِضَم أوّله من رَاح إِذا حصلت لَهُ رَاحَة (ذَبِيحَته) بسقيها عِنْد الذّبْح ومرّ السكين عَلَيْهَا بقوّة ليسرع مَوتهَا فترتاح (حم م 4 عَن شدّاد بن أَوْس) الخزرجي ابْن أخي حسان
(أَن الله كتب) أَي قضى وَقدر (على ابْن آدم حَظه من الزِّنَا) أَي خلق لَهُ الْحَواس الَّتِي يجد بهَا لَذَّة الزِّنَا وَأَعْطَاهُ القوى الَّتِي بهَا يقدر عَلَيْهِ وركز فِي جبلته الشَّهْوَة (أدْرك ذَلِك لَا محَالة) بِفَتْح الْمِيم أَي أصَاب ذَلِك الْبَتَّةَ فَكل مَا سبق فِي الْعلم الأزلي لَا بدّ أَن يُدْرِكهُ (فزنا الْعين النّظر) إِلَى مَا لَا يحل (وزنا اللِّسَان النُّطْق) وَفِي رِوَايَة الْمنطق أَي فِيمَا لَا يجوز (وَالنَّفس تمنى) أَي تتمنى فَحذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ أَي وزنا النَّفس تمنيها إِيَّاه (والفرج يصدق ذَلِك أَو يكذبهُ) أَي إِن فعل بالفرج مَا هُوَ الْمَقْصُود من ذَلِك فقد صَار الْفرج مُصدقا لتِلْك الْأَعْضَاء وَأَن ترك الْمَقْصُود من ذَلِك صَار الْفرج مُكَذبا وَهَذَا خص مِنْهُ الْخَواص لعصمتهم (ق د ن عَن أبي هُرَيْرَة
أنّ الله تبَارك) تعاظم (وَتَعَالَى) تنزه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ (كتب الْحَسَنَات والسيآت) قدرهما فِي علمه على وفْق الْوَاقِع أَو أَمر الْحفظَة بكتابتهما (ثمَّ بَين) الله تَعَالَى (ذَلِك) للكتبة من الْمَلَائِكَة حَتَّى عرفوه واستغنوا بِهِ عَن استفساره فِي كل وَقت كَيفَ يكتبونه (فَمن همّ بحسنة) عقد عزمه عَلَيْهَا (فَلم يعملها) بِفَتْح الْمِيم (كتبهَا الله تَعَالَى عِنْده) للَّذي هم بهَا أَي (حسنه كَامِلَة) وَإِن نشأت عَن مجرّد الْهم سَوَاء كَانَ التّرْك لمَانع أم لَا (فَإِن هم بهَا فعملها) أَي الْحَسَنَة (كتبهَا الله عِنْده) لصَاحِبهَا (عشر حَسَنَات) لِأَنَّهُ أخرجهَا عَن الْهم إِلَى ديوَان الْعَمَل وَمن جَاءَ بِالْحَسَنَة فَلهُ عشر أَمْثَالهَا (إِلَى سَبْعمِائة ضعف) بِالْكَسْرِ أَي مثل وَقيل مثلين (إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة) بِحَسب الزِّيَادَة فِي الْإِخْلَاص وَصدق الْعَزْم وَحُضُور الْقلب وتعدّي النَّفْع (وَإِن همّ بسيئة فَلم يعملها) بجوارحه وَلَا بِقَلْبِه (كتبهَا الله عِنْده حَسَنَة كَامِلَة) ذكره لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن كَونهَا مجردهم ينقص ثَوَابهَا (فَإِن هم بهَا فعملها كتبهَا الله تَعَالَى) عَلَيْهِ (سَيِّئَة وَاحِدَة) لم يعْتَبر مجرا لَهُم فِي جَانب السَّيئَة واعتبره فِي جَانب الْحَسَنَة تفضلا (وَلَا يهْلك على الله إِلَّا هَالك) أَي من أصر على السَّيئَة وَأعْرض عَن الْحَسَنَات فَلم تَنْفَع فِيهِ الْآيَات والنذز فَهُوَ غير مَعْذُور وهالك (ق عَن ابْن عَبَّاس
أَن الله كتب كتابا) أَي أجْرى الْقَلَم على اللَّوْح وَأثبت فِيهِ مقادير الْخَلَائق على وفْق مَا تعلّقت بِهِ الْإِرَادَة (قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض بألفي عَام) كنى بِهِ عَن طول المدّة وَتَمَادَى مَا بَين التَّقْدِير والخلق من الزَّمن فَلَا يُنَافِي عدم تحقق الأعوام قبل السَّمَاء وَالْمرَاد مجرّد الْكَثْرَة وَعدم النِّهَايَة (وَهُوَ عِنْد الْعَرْش) أَي علمه عِنْده أَو الْمَكْتُوب عِنْده فَوق عَرْشه تَنْبِيها على جلالة الْأَمر وتعظيم قدر ذَلِك الْكتاب أَو هُوَ عبارَة عَن كَونه مَسْتُورا عَن جَمِيع الْخلق مَرْفُوعا عَن حيّز الْإِدْرَاك (وَأَنه أنزل مِنْهُ الْآيَتَيْنِ) اللَّتَيْنِ (ختم بهما سُورَة الْبَقَرَة) أَي جَعلهمَا خاتمتها (وَلَا يقرآن فِي دَار) أَي مَكَان (ثَلَاث لَيَال) أَي فِي كل لَيْلَة مِنْهَا (فيقربها شَيْطَان) فضلا عَن أَن يدخلهَا فَعبر بِنَفْي الْقرب ليُفِيد نفي الدُّخُول بِالْأولَى (ت ن ك عَن النُّعْمَان بن بشير) وَرِجَال بعض أسانيده ثِقَات
(أَن الله كتب فِي أم الْكتاب) علمه الأزلي أَو اللَّوْح (قبل أَن يخلق السَّمَوَات وَالْأَرْض أنني أَنا الرَّحْمَن الرَّحِيم) أَي الْمَوْصُوف بِكَمَال الْأَنْعَام بجلائل النعم ودقائقها (خلقت الرَّحِم) أَي قدّرتها
قَوْله أَي حسنه كَذَا بِخَطِّهِ وَصَوَابه إِسْقَاط أَي وَسقط من خطه لَفْظَة عِنْده وَهِي ثَابِتَة فِي نسخ الْمَتْن الْمُعْتَمدَة أه من هَامِش(1/257)
(وشققت لَهَا اسْما من أسمى) لِأَن حُرُوف الرَّحِم مَوْجُودَة فِي الِاسْم الرَّحْمَن فهما من أصل وَاحِد وَهُوَ الرَّحْمَة (فَمن وَصلهَا وصلته) أَي أَحْسَنت إِلَيْهِ وأنعمت عَلَيْهِ (وَمن قطعهَا قطعته) أَي أَعرَضت عَنهُ وأبعدته عَن رَحْمَتي وَلم أَزْد لَهُ فِي عمره (طب عَن جرير) ضَعِيف لضعف أبي مُطِيع
(أَن الله تَعَالَى كتب) أَي فرض (عَلَيْكُم السَّعْي) بَين الصَّفَا والمروة فِي النّسك فَمن لم يسع لم يَصح حجه عِنْد الثَّلَاثَة وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَاجِب لَا ركن فيجيز وَيصِح حجه (فَاسْعَوْا) أَي اقْطَعُوا الْمسَافَة بَينهمَا بالمرور على الْوَجْه الْمَعْرُوف شرعا (طب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف الْفضل ابْن صَدَقَة
(أَن الله كتب الْغيرَة) بِفَتْح الْمُعْجَمَة أَي الحمية والأنفه (على النِّسَاء) أَي حكم بِوُجُود الْغيرَة فِيهِنَّ وركبها فِي طباعهن (وَالْجهَاد على الرِّجَال فَمن صَبر مِنْهُنَّ إِيمَانًا واحتسابا) أَي لوجه الله تَعَالَى (كَانَ لَهُ مثل أجر الشَّهِيد) أَي الْمَقْتُول فِي معركة الْكفَّار بِسَبَب الْقِتَال وَلَا يلْزم من المثلية التَّسَاوِي فِي الْمِقْدَار فَهَذِهِ الْفَضِيلَة تجبر تِلْكَ النقيصة وَهِي عدم قيامهن بِالْجِهَادِ (طب عَن ابْن مَسْعُود) بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(أَن الله تَعَالَى كره لكم ثَلَاثًا) أَي فعل خِصَال ثَلَاث (اللَّغْو عِنْد الْقُرْآن) أَي عِنْد قِرَاءَته يَعْنِي التَّكَلُّم بالمطروح من القَوْل عِنْد تِلَاوَته (وَرفع الصَّوْت فِي الدُّعَاء) فَإِن من تَدعُونَهُ يعلم السِّرّ وأخفى (والتحضر فِي الصَّلَاة) أَي وضع الْيَد على الخاصرة فِيهَا فَيكْرَه تَنْزِيها (عب عَن يحيى بن أبي كثير مُرْسلا) وَرَوَاهُ الديلمي عَن جَابر مُسْندًا
(أَن الله تَعَالَى كره لكم سِتا) من الْخِصَال أَي فعلهَا (الْعَبَث فِي الصَّلَاة) أَي عمل مَا لَا فَائِدَة فِيهِ فِيهَا (والمن فِي الصَّدَقَة) أَي من المتصدّق على المتصدّق عَلَيْهِ بِمَا أعطَاهُ فَإِنَّهُ محبط لثوابها (والرفث فِي الصّيام) أَي الْكَلَام الْفَاحِش فِيهِ (والضحك عِنْد الْقُبُور) فَإِنَّهُ يدل على قسوة الْقلب المبعدة عَن جناب الرب (وَدخُول الْمَسَاجِد وَأَنْتُم جنب) يَعْنِي دُخُولهَا بِغَيْر مكث فَإِنَّهُ مَكْرُوه أَو خلاف الأولى وَمَعَ اللّّبْث حرَام (وَإِدْخَال الْعُيُون الْبيُوت بِغَيْر إِذن) من أَهلهَا يَعْنِي نظر الْأَجْنَبِيّ لمن هُوَ دَاخل بَيت غَيره بِغَيْر إِذن فَإِنَّهُ يكره تَحْرِيمًا (ص عَن يحيى بن أبي كثير مُرْسلا) وَفِيه انْقِطَاع أَيْضا
(أَن الله كره لكم الْبَيَان) ثمَّ أبدل مِنْهُ قَوْله (كل الْبَيَان) أَي التعمق فِي إِظْهَار الفصاحة فِي الْمنطق وتكلف البلاغة لأدائه إِلَى إِظْهَار الْفضل على غَيره وتكبره عَلَيْهِ (طب عَن أبي أُمَامَة) ضَعِيف لضعف عفير بن معدان
(أَن الله تَعَالَى كريم) أَي جواد (يحب الْكَرم) لِأَنَّهُ من صِفَاته وَهُوَ يحب من تخلق بِشَيْء مِنْهَا (وَيُحب معالي الْأَخْلَاق) من الْحلم وَنَحْوه من كل خلق فَاضل (وَيكرهُ) وَفِي رِوَايَة يبغض (سفسافها) رديها وفاسدها (طب حل ك هَب عَن سهل بن سعد) وَإِسْنَاده صَحِيح
(إِن الله تَعَالَى لم يبْعَث نَبيا وَلَا اسْتخْلف خَليفَة) كالأمراء (الأوله بطانتان) تَثْنِيَة بطانة وليجة وَهُوَ الَّذِي يعرفهُ الرجل أسراره ثِقَة بِهِ شبه ببطانة الثَّوْب (بطانة تَأمره بِالْمَعْرُوفِ) أَي مَا عرفه الشَّرْع وَحكم بحسنه (وتنهاه عَن الْمُنكر) أَي مَا أنكرهُ الشَّرْع وَنهى عَن فعله (وبطانة لَا تألوه إِلَّا خبالا) أَي لَا تقصر فِي إِفْسَاد أمره (وَمن يُوقَ بطانة السوء) بِأَن يعصمه الله مِنْهَا (فقد وقى) الشَّرّ كُله (خدت عَن أبي هُرَيْرَة) وَهُوَ فِي البُخَارِيّ بِزِيَادَة وَنقص
(أَن الله لم يَجْعَل شفاءكم) من الْأَمْرَاض النفسية والقلبية أَو الشِّفَاء الْكَامِل الْمَأْمُون الغائلة (فِيمَا حرم عَلَيْكُم) لِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لم يحرمه إِلَّا لخبثه ضنا بِعبَادة وَرَحْمَة بهم وصيانة عَن التلطخ بدنسه وَمَا حرم عَلَيْهِم شيأ إِلَّا عوضهم(1/258)
خيرا مِنْهُ فعدو لَهُم عَنهُ إِلَى مَا حرمه يُوجب حرمَان نَفعه وَالْكَلَام فِي غير حَال الضَّرُورَة فَيحل التَّدَاوِي بالمسكران تعين وَفِي الْخَانِية للحنفية إِنَّمَا قَالَ الْمُصْطَفى ذَلِك فِيمَا لَا شِفَاء فِيهِ فَمَا فِيهِ شِفَاء لَا بَأْس بِهِ (طب عَن أم سَلمَة) وَإِسْنَاده مُنْقَطع وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(أَن الله لم يفْرض الزَّكَاة) أَي لم يُوجِبهَا (إِلَّا ليطيب) بإفرازها عَن المَال وصرفها إِلَى مستحقها (مَا بَقِي من أَمْوَالكُم) أَي يخلصها من الشّبَه والرذائل فَإِنَّهَا تطهر المَال من الْخبث وَالنَّفس من الْبُخْل (وَإِنَّمَا فرض الْمَوَارِيث) أَي الْحُقُوق الَّتِي أثبتها بِمَوْت الْمُورث لوَارِثه (لتَكون) فِي رِوَايَة لتبقى (لمن بعدكم) من الْوَرَثَة حَتَّى لَا يتركهم عَالَة يَتَكَفَّفُونَ النَّاس فَلَو كَانَ مُطلق الْجمع مَحْظُورًا لما افْترض الزَّكَاة وَلَا الْمِيرَاث (إِلَّا) حرف تَنْبِيه (أخْبركُم) وَفِي نُسْخَة أخْبرك وَالْخطاب لعمر وَالْحكم عَام (بِخَير مَا يكنز) بِفَتْح أوّله (الْمَرْء) فَاعل يكنز (الْمَرْأَة الصَّالِحَة) فَإِنَّهَا خير مَا يكنز وادخارها أَنْفَع من كنز الذَّهَب وَالْفِضَّة وَهِي الَّتِي (إِذا نظر إِلَى سرّته) أَعْجَبته لِأَنَّهُ ادّعى لجماعها فَتكون سَببا لصون فرجهَا ومجيء ولد صَالح (وَإِذا أمرهَا أَطَاعَته) فِي غير مَعْصِيّة (وَإِذا غَابَ عَنْهَا) فِي سفر أَو حضر (حفظته) فِي نَفسهَا وَمَاله زَاد فِي رِوَايَة وَإِن أقسم عَلَيْهَا أَبرته (د ك هق عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك على شَرطهمَا وَاعْترض
(إِن الله) أَي أعلم يَا من جَاءَنَا يطْلب من الصَّدَقَة أَن الله قد اعتنى بِأَمْر الصَّدَقَة وَتَوَلَّى قسمتهَا بِنَفسِهِ و (لم يرض بِحكم نَبِي) مُرْسل (وَلَا غَيره) من ملك مقرب أَو مُجْتَهد (فِي الصَّدقَات) أَي فِي قسمتهَا (حَتَّى حكم فِيهَا هُوَ) أَي أنزلهَا مقسومة فِي كِتَابه (فجزاها ثَمَانِيَة أَجزَاء) مَذْكُورَة فِي قَوْله إِنَّمَا الصَّدقَات الْآيَة (د عَن زِيَاد بن الْحَرْث الصدائي) وَفِيه عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد الإفْرِيقِي ضَعِيف
(أَن الله لم يَبْعَثنِي مُعنتًا) أَي مشقا على عباده (وَلَا مُتَعَنتًا) بشد النُّون أَي طَالب الْعَنَت وَهُوَ الْعسر وَالْمَشَقَّة (وَلَكِن بَعَثَنِي معلما) بِكَسْر اللَّام (ميسرًا) من الْيُسْر وَهُوَ حُصُول الشَّيْء عفوا بِلَا كلفة وَذَا قَالَه لعَائِشَة لما أَمر بِتَخْيِير نِسَائِهِ فَبَدَأَ بهَا فَخَيرهَا فاختارته وَقَالَت لَا تخبر بِأَنِّي اخْتَرْتُك (م عَن عَائِشَة
أَن الله تَعَالَى لم يَأْمُرنَا فِيمَا رزقنا) أَي الَّذِي رزقناه (أَن نكسوا الْحِجَارَة وَاللَّبن) بِكَسْر الْمُوَحدَة (والطين) قَالَه لعَائِشَة وَقد رَآهَا أخذت غطاء فَسترته على الْبَاب فهتكه أَي قطعه وَالْمَنْع للنَّدْب فَيكْرَه تَنْزِيها لَا تَحْرِيمًا على الْأَصَح (م د عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ البُخَارِيّ أَيْضا
(أَن الله تَعَالَى لم يَجْعَل لمسخ) أَي لأدميّ ممسوخ قردا أَو خنزيرا (نَسْلًا وَلَا عقبا) فَلَيْسَ هَؤُلَاءِ القردة والخنازير من أعقاب من مسخ من بني إِسْرَائِيل كَمَا قيل (وَقد كَانَت القردة والخنازير قبل ذَلِك) أَي قبل مسخ من مسخ من الإسرائيليين وَلَا يُنَافِيهِ الحَدِيث الْآتِي فقدت أمة من الْأُمَم الخ لأنّ تِلْكَ الْفَأْرَة الَّتِي كَانَت فِي زَمَنه هِيَ الْأمة الَّتِي فقدت من بني إِسْرَائِيل ممسوخة (حم م عَن ابْن مَسْعُود
أَن الله تَعَالَى لم يَجْعَلنِي لحانا) فِي الْكَلَام بل لساني عَرَبِيّ مُبين مُسْتَقِيم وأفعل التَّفْضِيل لَيْسَ هُنَا على بَابه (اخْتَار لي خير الْكَلَام كِتَابَة الْقُرْآن) فَمن كَانَ كِتَابه الْقُرْآن كَيفَ يلحن (الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن أبي هُرَيْرَة) وَإِسْنَاده حسن لغيره
(أَن الله لم يخلق خلقا هُوَ أبْغض إِلَيْهِ من الدُّنْيَا) وَإِنَّمَا أسكن فِيهَا عباده ليبلوهم أحسن عملا (وَمَا نظر إِلَيْهَا) نظر رضَا (مُنْذُ خلقهَا بغضا لَهَا) لِأَن أبْغض الْخلق إِلَى الله من أذلّ أولياءه وشغل أحبابه وَصرف وُجُوه عباده عَنهُ (ك فِي التَّارِيخ) تَارِيخ نيسابور (عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف دَاوُد بن المحبر
(أَن الله لم يضع) أَي ينزل (دَاء إِلَّا وضع لَهُ(1/259)
شِفَاء) فَإِنَّهُ لَا شَيْء من الْمَخْلُوقَات إِلَّا وَله ضدّ (فَعَلَيْكُم بألبان الْبَقر) أَي الزموا شربهَا (فَإِنَّهَا ترم) بِفَتْح فضم فتشديد (من كل الشّجر) أَي تجمع مِنْهُ وتأكل وَفِي الْأَشْجَار كَغَيْرِهَا مَنَافِع لَا تحصى مِنْهَا مَا علمه الْأَطِبَّاء وَمِنْهَا مَا اسْتَأْثر الله بِهِ وَاللَّبن متولد مِنْهَا فَفِيهِ تِلْكَ الْمَنَافِع (حم عَن طَارق) بن شهَاب بن عبد شمس البَجلِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(أَن الله لم ينزل دَاء إِلَّا أنزل لَهُ شِفَاء إِلَّا الْهَرم) أَي الْكبر فَإِنَّهُ لَا دَوَاء لَهُ (فَعَلَيْكُم بألبان الْبَقر) الزموها (فَإِنَّهَا ترم من كل الشّجر) وَفِيه إِثْبَات الْأَسْبَاب والمسببات وَصِحَّة علم الطِّبّ وَحل التطبب (ك عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَقَالَ صَحِيح
(أَن الله لم ينزل دَاء إِلَّا أنزل لَهُ دَوَاء علمه من علمه وجهله من جَهله) علق الْبُرْء بموافقة الدَّاء الدَّوَاء وَهُوَ قدر زَائِد على مجرّد وجوده فالدواء مَوْجُود لَكِن لَا يُعلمهُ إِلَّا من شَاءَ الله (إِلَّا السام) بِمُهْملَة مخففا (وَهُوَ الْمَوْت) فَإِنَّهُ لَا دَوَاء لَهُ وَتَقْدِيره الْأَدَاء الْمَوْت أَي الْمَرَض الَّذِي قدر على صَاحبه الْمَوْت (ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان
(أَن الله تَعَالَى لم يحرّم حُرْمَة إِلَّا وَقد علم أَنه سيطلعها) بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت وَشد الطَّاء وَكسر اللَّام (مِنْكُم مطلع) مفتعل اسْم مفعول أَصله مَوضِع الِاطِّلَاع من الْمَكَان الْمُرْتَفع إِلَى الْمَكَان المنخفض وَالْمرَاد أَنه لم يحرم على الْآدَمِيّ شيأ إِلَّا وَقد علم أَنه سيطلع على وُقُوعه مِنْهُ (إِلَّا) بِالتَّخْفِيفِ (وَإِنِّي مُمْسك بِحُجزِكُمْ) جمع حجزة وَهِي مَحل الْعقْدَة من الْإِزَار (أَن تهافتوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا (فِي النَّار) من الهفت السُّقُوط (كَمَا يتهافت الْفراش والذباب) فِي النَّار وَالْحُرْمَة بِالضَّمِّ الْمَنْع من الشَّيْء (حم طب عَن ابْن مَسْعُود) وَفِيه المَسْعُودِيّ وَقد اخْتَلَط
(أنّ الله تَعَالَى لم يكْتب على اللَّيْل صياما فَمن صَامَ) فِيهِ (تعنى) أَي أوقع نَفسه فِي العناء (وَلَا أجر لَهُ) لِأَن النَّهَار معاش وَاللَّيْل سبات وَوقت توف فَمن أكل فِيهِ فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله وسقاه (ابْن قَانِع والشيرازي فِي الألقاب عَن أبي سعد الْخَيْر) الْأَنمَارِي واسْمه عَامر بن سعد وَفِيه من لَا يعرف
(أَن الله تَعَالَى لما خلق الدُّنْيَا أعرض عَنْهَا) وَفِيه حذف تَقْدِيره لما خلقهَا نظر إِلَيْهَا ثمَّ أعرض عَنْهَا (فَلم ينظر إِلَيْهَا بعد ذَلِك نظر رضَا وَإِلَّا فَهُوَ ينظر إِلَيْهَا نظر تَدْبِير (من هوانها) أَي حقارتها (عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا قَاطِعَة عَن الْوُصُول إِلَيْهِ وعدوة لأوليائه (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَليّ بن الْحُسَيْن) زين العابدين (مُرْسلا
أَن الله تَعَالَى لما خلق الدُّنْيَا نظر إِلَيْهَا ثمَّ أعرض عَنْهَا) بغضا لَهَا ولأوصافها الذميمة وأفعالها القبيحة (ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أنزلتك إِلَّا فِي شرار خلقي) وَلِهَذَا كَانَ أَكثر الْقُرْآن مُشْتَمِلًا على ذمها والتحذير مِنْهَا وَصرف الْخلق عَنْهَا (ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة)
(أَن الله تَعَالَى لما خلق الْخلق كتب بِيَدِهِ على نَفسه) يَعْنِي أثبت فِي علمه الأزلي (أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي) أَي غلبت عَلَيْهِ بِكَثْرَة آثارها أَلا ترى أَن قسط الْخلق من الرَّحْمَة أَكثر من قسطهم من الْغَضَب لنيلهم إِيَّاهَا بِلَا اسْتِحْقَاق (ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الله تَعَالَى ليؤيد) يقوّي وينصر من الأيد وَهُوَ القوّة (الْإِسْلَام بِرِجَال مَا هم من أَهله) أَي من أهل الدّين لكَوْنهم كفَّارًا أَو منافقين أَو فجارا على نظام دبره وقانون أحكمه فِي الْأَزَل يكون سَبَب لكف القويّ عَن الضَّعِيف (طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد
(أَن الله تَعَالَى ليؤيد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر) قَالَه لما رأى فِي غَزْوَة خَيْبَر رجلا يَدعِي الْإِسْلَام يُقَاتل شَدِيدا فَقَالَ هَذَا من أهل النَّار فجرح فَقتل نَفسه لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ(1/260)
لَا بِخُصُوص السَّبَب فَيدْخل فِي ذَلِك الْعَالم الَّذِي يَأْمر النَّاس وينهاهم وَلَا يعْمل بِعِلْمِهِ وَلِهَذَا قَالَ بَعضهم وَمثل ذَلِك الْعَالم الْفَاسِق أَو الإِمَام الجائر (طب عَن عَمْرو بن النُّعْمَان بن مقرن) الْمُزنِيّ والْحَدِيث فِي الصَّحِيحَيْنِ
(أَن الله تَعَالَى ليبتلي الْمُؤمن) أَي يختبره ويمتحنه (وَمَا يَبْتَلِيه إِلَّا لكرامته عَلَيْهِ) لِأَن للابتلاء فَوَائِد وَحكما مِنْهَا مَا لَا يظْهر إِلَّا فِي الْآخِرَة وَمِنْهَا مَا ظهر بالاستقراء كالنظر إِلَى قهر الربوبية وَالرُّجُوع إِلَى ذل الْعُبُودِيَّة وَأَنه لَيْسَ لأحد مفرّ من الْقَضَاء وَلَا محيد عَن الْقدر وَخرج بِالْمُؤمنِ الْكَافِر فابتلاؤه إِنَّمَا هُوَ تَعْجِيل للعذاب فِي حَقه وَقَالَ بعض الْعلمَاء وابتلاء الْمُؤمن لَا يُعْطي مقَاما وَلَا يرقى أحدا وَإِنَّمَا ذَلِك بِالصبرِ وَالرِّضَا (الْحَاكِم) أَبُو أَحْمد (فِي) كتاب (الكنى) بِضَم الْكَاف (عَن أبي فَاطِمَة الضمرِي) الْمصْرِيّ
(أنّ الله تَعَالَى ليتعاهد عَبده الْمُؤمن) أَي المصدّق بِلِسَانِهِ وَقَلبه (بالبلاء) فَيصب عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا الْبلَاء صبا ليصبّ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَة الْأجر صبا (كَمَا يتَعَاهَد الْوَالِد وَلَده بِالْخَيرِ) فيسلبه محبوبه العاجل الشاغل عَنهُ ليصرف وَجهه إِلَيْهِ ويحمله المكاره ليهرب مِنْهُ إِلَيْهِ وَيقبل بكليته عَلَيْهِ (وَأَن الله ليحمي عَبده الْمُؤمن من الدُّنْيَا) أَي يمنعهُ مِنْهَا ويقيه أَن يتلوث بدنسها (كَمَا يحمي الْمَرِيض أَهله الطَّعَام) لِئَلَّا يزِيد مَرضه بتناوله (هَب وَابْن عَسَاكِر عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان وَفِيه الْيَمَان بن الْمُغيرَة ضَعَّفُوهُ
(أَن الله تَعَالَى ليحمي عَبده الْمُؤمن من الدُّنْيَا) أَي يحفظه من مَالهَا ومناصبها ويبعده عَن ذَلِك (وَهُوَ يُحِبهُ كَمَا تحمون مريضكم الطَّعَام وَالشرَاب تخافون عَلَيْهِ) أَي لكونكم تخافون عَلَيْهِ من تنَاول مَا يُؤْذِيه مِنْهُمَا (حم عَن مَحْمُود بن لبيد ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَن الله تَعَالَى ليرْفَع) لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ بِالدَّال لَا بالراء وأكد بِاللَّامِ لبعد مَا ذكر عَن الأفهام وَكَذَا يُقَال فِيمَا قبله وَبعده (بِالْمُسلمِ الصَّالح عَن مائَة أهل بَيت من جِيرَانه الْبلَاء) تَمَامه وَلَوْلَا دفع الله النَّاس بَعضهم بِبَعْض لفسدت الأَرْض فَيدْفَع بالذاكر مِنْهُم عَن الغافلين وبالمصلي عَن غير الْمُصَلِّين وبالصائم عَن غير الصائمين كهمج وذباب اجْتَمعْنَ على مزبلة وكناسة فَعمد رجل إِلَى مكنسة كنسه بهَا وَيظْهر أَن الْمِائَة للتكثير لَا للتحديد وَأخذ مِنْهُ فضل مُلَازمَة الصُّوفِيَّة للزوايا والربط وَفضل مجاورتهم والقرب مِنْهُم (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(أَن الله تَعَالَى ليرضى عَن العَبْد أَن يَأْكُل) أَي لِأَن يَأْكُل (الْأكلَة) بِفَتْح الْهمزَة المرّة الْوَاحِدَة من الْأكل وَقيل بِالضَّمِّ وَهِي اللُّقْمَة (أَو يشرب الشربة فيحمد الله عَلَيْهَا) عبر بالمرة إشعارا بِأَن الْأكل وَالشرب يسْتَحق الْحَمد عَلَيْهِ وَإِن قل وَهَذَا تنويه عَظِيم بمقام الشُّكْر (حم م ت ن عَن أنس) بن مَالك
(أَن الله تَعَالَى ليسأل العَبْد يَوْم الْقِيَامَة) عَن كل شَيْء (حَتَّى يسْأَله مَا مَنعك إِذْ) أَي حِين (رَأَيْت مُنْكرا أَن تنكره) فَمن رأى مُكَلّفا يفعل إِثْمًا أَو يُوقع بمحذور مُحْتَرما وَلم يُنكر عَلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَة فَهُوَ مسؤل مطَالب (فَإِذا لقن الله العَبْد حجَّته) هِيَ الدَّلِيل والبرهان (قَالَ يَا رب رجوتك) أَي أملت عفوك (وَفرقت) أَي خفت (من النَّاس) أَي من أذاهم وَهَذَا فِيمَن خيف سطوته وَلم يُمكن دَفعه وَإِلَّا فَلَا يقبل الله معذرته بذلك (حم م حب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ بِإِسْنَاد لَا بَأْس بِهِ
(أَن الله تَعَالَى ليضحك) يَعْنِي يدر رَحمته ويجزل مثوبته فَالْمُرَاد بضحكه لَازمه (إِلَى ثَلَاثَة) من النَّاس (الصَّفّ فِي الصَّلَاة) أَي الْجَمَاعَة المصنفون فِي الصَّلَاة على سمت وَاحِد (وَالرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان الَّذِي (يُصَلِّي فِي جَوف اللَّيْل) أَي يتهجد فِيهِ (وَالرجل)
قَوْله بمحذور مُحْتَرما الظَّاهِر الْعَكْس(1/261)
الَّذِي (يُقَاتل) الْكفَّار (خلف الكتيبة) أَي يتَوَارَى عَنْهُم بهَا وَيُقَاتل من وَرَائِهَا (هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَن الله تَعَالَى ليطلع فِي لَيْلَة النّصْف من شعْبَان) على عباده (فَيغْفر لجَمِيع خلقه) ذنوبهم الصَّغَائِر أَو أَعم (إِلَّا لِمُشْرِكٍ) بِاللَّه أَي كَافِر وَخص الْمُشرك لغلبته حالتئذ (أَو مُشَاحِن) أَي معاد عَدَاوَة نشأت عَن النَّفس الأمّارة (هـ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ ضَعِيف لضعف ابْن لَهِيعَة وللجهل بِحَال الضَّحَّاك بن أَيمن
(أَن الله تَعَالَى ليعجب من الشابّ) أَي يعظم قدره عِنْده فيجزل لَهُ أجره لكَونه (لَيست لَهُ صبوة) أَي ميل إِلَى الْهوى لحسن اعتياده للخير وقوّة عزيمته فِي الْبعد عَن الشَّرّ فِي حَال الشَّبَاب الَّذِي هُوَ مَظَنَّة لضدّ ذَلِك (حم طب عَن عقبَة بن عَامر) الْجُهَنِيّ بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله تَعَالَى ليملى) بِفَتْح اللَّام الأولى أَي ليمهل (للظالم) زِيَادَة فِي استدراجه ليطول عمره وَيكثر ظلمه فَيَزْدَاد عِقَابه (حَتَّى إِذا أَخذه لم يفلته) أَي لن ينفلت مِنْهُ أَو لم يفلته مِنْهُ أحد أَي لم يخلصه بل يهلكه فَإِن كَانَ كَافِرًا خلده فِي النَّار أَو مُؤمنا لم يخلصه مدّة طَوِيلَة بِقدر جِنَايَته (ق ت هـ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(أَن الله تَعَالَى لينفع العَبْد بالذنب) الَّذِي (يذنبه) لِأَنَّهُ يكون سَببا لفراره إِلَى الله من نَفسه والاستعاذة بِهِ والالتجاء إِلَيْهِ من عدوّه وَفِي الحكم رب مَعْصِيّة أورثت ذلا وانكسارا خير من طَاعَة أورثت تعززا واستكبارا (حل عَن ابْن عمر) وَفِيه ضعف وجهالة
(أَن الله تَعَالَى محسن) أَي الْإِحْسَان وصف لَازم لَهُ (فَأحْسنُوا) إِلَى عباده فَإِنَّهُ يحبّ من تخلق بِشَيْء من صِفَاته (عد عَن سَمُرَة) بن جُنْدُب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى مَعَ القَاضِي) بتأييده وتسديده وإعانته وَحفظه (مَا لم يحف) أَي يتَجَاوَز الْحق وَيَقَع فِي الْجور (عمدا) فَإِنَّهُ إِن جَار عمدا تخلى الله عَنهُ وتولاه الشَّيْطَان (طب عَن ابْن مَسْعُود) ضَعِيف لضعف جَعْفَر بن سُلَيْمَان الْقَارِي (حم عَن معقل بن يسَار
أَن الله مَعَ القَاضِي) بتوفيقه (مَا لم يجر) أَي يظلم (فَإِذا جَار) فِي حكمه (تَبرأ الله مِنْهُ وألزمه الشَّيْطَان) أَي صيره ملازما مَاله فِي جَمِيع أقضيته لَا يَنْفَكّ عَن إضلاله وَفِي لفظ وَلَزِمَه بِغَيْر همز (ك هق عَن ابْن أبي أوفى) قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه وَرَوَاهُ عَنهُ التِّرْمِذِيّ أَيْضا
(أَن الله تَعَالَى مَعَ الدَّائِن) بإعانته على وَفَاء دينه (حَتَّى يقْضِي دينه) أَي يُوفيه إِلَى غَرِيمه وَهَذَا فِيمَن اسْتَدَانَ لواجب أَو مَنْدُوب أَو مُبَاح وَيُرِيد قَضَاءَهُ كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله (مَا لم يكن دينه فِيمَا يكره الله) لكَونه لَا قدرَة لَهُ على الْوَفَاء أَو نوى ترك الْقَضَاء فَإِن كَانَ كَذَلِك لم يكن مَعَه بل عَلَيْهِ وَهُوَ الَّذِي استعاذ مِنْهُ الْمُصْطَفى (تخ 5 ك عَن عبد الله بن جَعْفَر) قَالَ ك صَحِيح وأقروه
(إِن الله تَعَالَى هُوَ الْخَالِق) لجَمِيع الْمَخْلُوقَات لَا غَيره (الْقَابِض) أَي الَّذِي لَهُ إِيقَاع الْقَبْض والإقتار على من شَاءَ (الباسط) لمن يَشَاء من عباده (الرازق) من شَاءَ مَا شَاءَ (المسعر) الَّذِي يرفع سعر الأقوات ويضعها فَلَيْسَ ذَلِك إِلَّا إِلَيْهِ وَمَا توّلاه بِنَفسِهِ وَلم يكله لِعِبَادِهِ لَا دخل لَهُم فِيهِ (وَإِنِّي لأرجو) أَي أُؤَمِّل (أَن ألْقى الله تَعَالَى) فِي الْقِيَامَة (وَلَا يطلبني أحد بمظلمة) بِفَتْح الْمِيم وَكسر اللَّام اسْم لما أَخذ ظلما (ظلمتها إِيَّاه فِي دم) أَي فِي سفكه (وَلَا مَال) أَرَادَ بِالْمَالِ التسعير لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من الْمَظْلُوم قهرا وَهَذَا قَالَه لما غلا السّعر فَقَالُوا سعر لنا فَأجَاب بِأَنَّهُ حرَام وَبِه أَخذ مَالك والشافعيّ وَمذهب عمر الْحل (حم د ت 5 حب هَب عَن أنس) قَالَ ت حسن صَحِيح
(إِن الله تَعَالَى وتر) أَي وَاحِد فِي ذَاته لَا يقبل الانقسام والتجزئة فَلَا شَبيه لَهُ وَاحِد فِي أَفعاله فَلَا شريك لَهُ (يحب الْوتر) أَي صلَاته أَو أَعم بِمَعْنى أَنه يثيب(1/262)
عَلَيْهِ وَالْعرش وَاحِد والكرسي وَاحِد والقلم وَاحِد واللوح وَاحِد وَالله وَاحِد وَالدَّار وَاحِدَة والسجن وَاحِد وأسماؤه تِسْعَة وَتسْعُونَ وَهَكَذَا (ابْن نصر) فِي كتاب الصَّلَاة (عَن أبي هُرَيْرَة وَعَن ابْن عمر) وَرَوَاهُ عَنهُ أَحْمد أَيْضا وَرِجَاله ثِقَات
(إِن الله تَعَالَى وتر) أَي فَرد (يحب الْوتر) أَي يقبله ويثيب عَلَيْهِ (فأوتروا) أَي اجعلوا صَلَاتكُمْ وترا أوصلوا الْوتر (يَا أهل الْقُرْآن) أَرَادَ الْمُؤمنِينَ المصدقين لَهُ المنتفعين بِهِ وَقد يُطلق وَيُرَاد بِهِ الْقِرَاءَة وَخص الثَّنَاء بهم فِي مقَام الفردية لِأَن الْقُرْآن إِنَّمَا أنزل لتقرير التَّوْحِيد (ت عَن عَليّ) وَقَالَ حسن (هـ عَن ابْن مَسْعُود) وَفِيه إِبْرَاهِيم الهجري ضعف
(أَن الله تَعَالَى وضع عَن أمتِي الْخَطَأ وَالنِّسْيَان وَمَا اسْتكْرهُوا عَلَيْهِ) حَدِيث جليل يَنْبَغِي أَن يعدّ نصف الْإِسْلَام لأنّ الْفِعْل إِمَّا عَن قصد وَاخْتِيَار أَولا الثَّانِي مَا يَقع عَن خطأ أَو إِكْرَاه أَو نِسْيَان وَهَذَا الْقسم معفوّ عَنهُ اتِّفَاقًا قَالَ الْمُؤلف كَغَيْرِهِ قَاعِدَة الْفِقْه أنّ النسْيَان وَالْجهل مسْقط للإثم مُطلقًا أما الحكم فَإِن وَقعا فِي ترك مَأْمُور وَلم يسْقط بل يجب تَدَارُكه وَلَا يحصل الثَّوَاب الْمُتَرَتب عَلَيْهِ لعدم الائتمار أَو فعل منهيّ لَيْسَ من بَاب الْإِتْلَاف فَلَا شَيْء أَو فِيهِ إِتْلَاف لم يسْقط الضَّمَان فإنّ أوجب عُقُوبَة كَانَ شُبْهَة فِي إِسْقَاطهَا وَخرج عَن ذَلِك صور نادرة (هـ عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف على مَا قَالَه الزَّيْلَعِيّ ونوزع وَقَالَ الْمُؤلف فِي الْأَشْبَاه أَنه حسن وَقَالَ فِي مَوضِع آخر لَهُ شَوَاهِد تقويه تقضي لَهُ بِالصِّحَّةِ أَي فَهُوَ حسن لذاته صَحِيح لغيره
(أَن الله تَعَالَى وضع) أسقط (عَن الْمُسَافِر الصَّوْم) صَوْم رَمَضَان (وَشطر الصَّلَاة) أَي نصف الصَّلَاة الرّبَاعِيّة لما يَحْتَاجهُ من الْغذَاء لوفور نهضته فِي عمله فِي سَفَره (حم 4 عَن أنس بن مَالك) الكعبي (الْقشيرِي) أبي أُميَّة قَالَ التِّرْمِذِيّ (وَمَا لَهُ غَيره) قَالَ الْعِرَاقِيّ وَهُوَ كَمَا قَالَ
(أَن الله وكل) بِالتَّشْدِيدِ (بالرحم) هُوَ مَا يشْتَمل على الْوَلَد من أَعْضَاء التناسل يكون فِيهِ تخلقه (ملكا) بِفَتْح اللَّام (يَقُول) الْملك عِنْد اسْتِقْرَار النُّطْفَة فِي الرَّحِم (أَي رب) أَي يَا رب هَذِه (نُطْفَة) أَي منيّ (أَي رب) هَذِه (علقَة) قِطْعَة من دم جامدة (أَي رب) هَذِه (مُضْغَة) قِطْعَة لحم بِقدر مَا يمضغ وَفَائِدَته أَن يستفهم هَل يتكوّن فِيهَا أم لَا فَيَقُول نُطْفَة عِنْد كَونهَا نُطْفَة وَيَقُول علقَة عِنْد كَونهَا علقَة فَبين الْقَوْلَيْنِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَلَيْسَ المُرَاد أَنه يَقُوله فِي وَقت وَاحِد (فَإِذا أَرَادَ الله) تَعَالَى (أَن يقْضِي خلقه) أَي يَأْذَن فِي إتْمَام خلقه (قَالَ) الْملك (أَي رب شقي أَو سعيد) أَي هَل أكتبه من الأشقياء أم من السُّعَدَاء (ذكر أَو أُنْثَى) كَذَلِك (فَمَا الرزق) يَعْنِي أيّ شَيْء قدروه فاكتبه (فَمَا الْأَجَل) يَعْنِي مدّة قدر أَجله فأكتبها (فَيكْتب كَذَلِك فِي بطن أمّه) قبل بروزه إِلَى هَذَا الْعَالم (حم ق عَن أنس) ابْن مَالك
(أَن الله تَعَالَى وهب لأمتي) أمة الْإِجَابَة (لَيْلَة الْقدر) أَي خصهم بهَا (وَلم يُعْطهَا من كَانَ قبلهم) من الْأُمَم المتقدّمة فَهَذَا صَرِيح فِي أَنَّهَا من خصوصياتنا (فر عَن أنس) ضَعِيف لضعف إِسْمَعِيل بن أبي زِيَاد الشَّامي
(أَن الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته يصلونَ على الَّذين يصلونَ الصُّفُوف) أَي يعفر لَهُم وَيَأْمُر مَلَائكَته بالاستغفار لَهُم (وَمن سدّ فُرْجَة) خللا بَين مصلين فِي صف (رَفعه الله بهَا دَرَجَة) فِي الْجنَّة (حم هـ حب ك عَن عَائِشَة) قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه
(أَن الله وَمَلَائِكَته) أَي عباده المقرّبين المصطفين من أدناس الْبشر (يصلونَ على الصَّفّ الأوّل) الَّذِي يَلِي الإِمَام أَي يَسْتَغْفِرُونَ لأَهله (حم د هـ ك عَن الْبَراء) بن عَازِب (هـ عَن عبد الرَّحْمَن ابْن عَوْف) أحد الْعشْرَة (طب عَن النُّعْمَان بن بشير) الأنصاريّ (الْبَزَّار عَن جَابر) وَرِجَاله(1/263)
موثقون
(أَن الله وَمَلَائِكَته يصلونَ على ميامن الصُّفُوف) أَي يَسْتَغْفِرُونَ لمن عَن يَمِين الإِمَام من كل صف (د هـ حب عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(أَن الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته يصلونَ على أَصْحَاب العمائم) أَي الَّذين يلبسونها (يَوْم الْجُمُعَة) فَينْدب تَأَكد لبسهَا فِي ذَلِك الْيَوْم وَينْدب أَن لَا يَنْزِعهَا قبل الصَّلَاة (طب عَن أبي الدَّرْدَاء) ضَعِيف لضعف أَيُّوب بن مدرك بل كذبه
(أَن الله تَعَالَى وَمَلَائِكَته يصلونَ على المتسحرين) أَي الَّذين يتناولون السّحُور بِقصد التقوّي على الصَّوْم فَلذَلِك تَأَكد ندب السّحُور (حب طس حل عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَفِيه مَجْهُول
(أَن الله لَا يجمع أمتِي) أَي علماءهم (على ضَلَالَة) لأنّ الْعَامَّة عَنْهَا تَأْخُذ دينهَا وإليها تفزع فِي النَّوَازِل فاقتضت الْحِكْمَة حفظهَا (وَيَد الله على الْجَمَاعَة) كِنَايَة عَن الْحِفْظ أَي الْجَمَاعَة المتفقهة فِي الدّين (من شَذَّ) أَي انْفَرد عَن الْجَمَاعَة (شَذَّ إِلَى النَّار) أَي إِلَى مَا يُوجب دُخُول النَّار فَأهل السّنة هم الْفرْقَة النَّاجِية (ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات لَكِن فِيهِ اضْطِرَاب
(أَن الله لَا يحب الْفَاحِش) أَي ذَا الْفُحْش فِي قَوْله أَو فعله (الْمُتَفَحِّش) الَّذِي يتَكَلَّف ذَلِك ويتعمده (وَلَا الصياح) بِالتَّشْدِيدِ الصرّاخ (فِي الْأَسْوَاق) يَعْنِي كثير الصُّرَاخ فِيهَا كالسوقة والدلالين (خد عَن جَابر) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أَن الله لَا يحب الذوّاقين وَلَا الذّواقات) هُوَ استطراق النِّكَاح وقتا بعد وَقت كلما تزوّج أَو تزوّجت مدّ أَو مدّت عينهَا إِلَى آخر أَو أُخْرَى (طب عَن عبَادَة) فِيهِ راو لم يسم وَبَقِيَّة إِسْنَاده ثِقَات
(أنّ الله لَا يرضى لعَبْدِهِ الْمُؤمن إِذا ذهب بصفيه) الَّذِي يصافيه الود وَيُخَلِّصهُ (من أهل الأَرْض) يَعْنِي أَمَاتَهُ (فَصَبر واحتسب) أَي طلب بفقده الاحتساب أَي الثَّوَاب (بِثَوَاب دون الْجنَّة) أَي دون إِدْخَاله إِيَّاهَا مَعَ السَّابِقين الْأَوَّلين أَو من غير عَذَاب أَو بعد عَذَاب يسْتَحق مَا فَوْقه (ن عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أنّ الله لَا يستحيي) أَي لَا يَأْمر بِالْحَيَاءِ فِي الْحق أَو لَا يفعل مَا يَفْعَله المستحي (من) بَيَان (الْحق) أَو من ذكره فَكَذَا أَنا لَا أمتنع من تعليمكم أَمر دينكُمْ وَإِن كَانَ فِي لَفظه استحياء (لَا تَأْتُوا النِّسَاء) تجامعوهن (فِي أدبارهن) لأنّ الدبر لَيْسَ مَحل الْحَرْث وَلَا مَوضِع الزَّرْع وَمن ثمَّ اتّفق الْجُمْهُور على تَحْرِيمه وَالْحيَاء انقباض النَّفس مَخَافَة الذَّم وَهُوَ الْوسط بَين الوقاحة الَّتِي هِيَ الجراءة على القبائح وَعدم المبالاة والخجالة الَّتِي هِيَ انحصار النَّفس عَن الْفِعْل مُطلقًا وَاسْتِعْمَال الاستحياء لله مجَاز على سَبِيل التَّمْثِيل وَالْحق هُوَ الْأَمر الثَّابِت الصَّحِيح فِي نفس الْأَمر الَّذِي لَا يسوغ عَنهُ الْعقل إِنْكَاره يُقَال حق الْأَمر إِذا ثَبت (ن هـ عَن خُزَيْمَة بن ثَابت) بأسانيد أَحدهَا جيد
(أنّ الله لَا يظلم) أَي لَا ينقص (الْمُؤمن) وَفِي رِوَايَة مُؤمنا (حَسَنَة) أَي لَا يضيع أجر حَسَنَة مُؤمن (يُعْطي) أَي يُعْطي الْمُؤمن (عَلَيْهَا) وَفِي رِوَايَة بهَا أَي بِتِلْكَ الْحَسَنَة أجرا (فِي الدُّنْيَا) وَهُوَ دفع الْبلَاء وتوسعة الرزق وَنَحْوه (ويثاب عَلَيْهَا فِي الْآخِرَة) بِرَفْع الدَّرَجَات (وأمّا الْكَافِر) إِذا عمل حَسَنَة فِي الدُّنْيَا كَأَن فك أَسِيرًا (فيطعم بحسناته فِي الدُّنْيَا) أَي يجازي فِيهَا بِمَا فعله من قربه لَا تحْتَاج لنِيَّة (حَتَّى إِذا أفْضى إِلَى الْآخِرَة) أَي صَار إِلَيْهَا (لم تكن لَهُ حَسَنَة يُعْطي بهَا خيرا) يَعْنِي أَن الله لَا يظلم أحدا على حَسَنَة أما الْمُؤمن فيجزيه فِي الْآخِرَة ويتفضل عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَأما الْكَافِر فيجزيه فِي الدُّنْيَا وَمَاله فِي الْآخِرَة من نصيب (حم م عَن أنس) بن مَالك
(أنّ الله لَا يعذب) بِنَار جَهَنَّم (من عباده(1/264)
إِلَّا المارد المتمرد) أَي العاتي الشَّديد المفرط فِي الاعتداء والعناد (الَّذِي يتمرمد على الله وأبى) أَي امْتنع (أَن يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله) أَي مَعَ قرينتها وَبَقِيَّة شُرُوطهَا (هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أنّ الله لَا يغلب) بِضَم أَوله وَفتح ثالثه (وَلَا يخلب) كَذَلِك بخاء مُعْجمَة أَي لَا يخدع (وَلَا ينبأ بِمَا لم يعلم) أَي لَا يُخبرهُ أحد بِشَيْء لَا يُعلمهُ بل هُوَ عَالم بِجَمِيعِ الْأُمُور كليها وجزئيها على الْمَدّ هَب الْمَنْصُور الْحق (طب عَن مُعَاوِيَة) ضَعِيف لضعف يزِيد الصَّنْعَانِيّ
(أنّ الله تَعَالَى لَا يقبض الْعلم) المؤدّي لمعْرِفَة الله وَالْإِيمَان بِهِ وَعلم أَحْكَامه (انتزاعا ينتزعه) أَي محوا يمحوه فانتزاعا مفعول قدّم على فعله (من) صُدُور (الْعباد) الَّذين هم الْعلمَاء لِأَنَّهُ وهبهم إِيَّاه فَلَا يسترجعه (وَلَكِن يقبض الْعلم بِقَبض الْعلمَاء) أَي بموتهم فَلَا يُوجد فِيمَن بَقِي من يخلف الْمَاضِي (حَتَّى إِذا لم يبْق) بِضَم أَوله وَكسر الْقَاف (عَالما) وَفِي رِوَايَة يبْق عَالم بِفَتْح الْيَاء وَالْقَاف وَعبر بإذا دون أَن رمزا إِلَى أَنه كَائِن لَا محَالة (اتخذ النَّاس رؤسا) بِضَم الْهمزَة والتنوين جمع رَأس وروى بِفَتْحِهَا وبهمزة آخِره جمع رَئِيس وَالْأول رِوَايَة الْأَكْثَر (جُهَّالًا) جهلا بسيطا أَو مركبا (فسئلوا فأفتوا بِغَيْر علم) فِي رِوَايَة برأيهم استكبارا وأنفة عَن أَن يَقُولُوا لَا نعلم (فضلوا) فِي أنفسهم (وأضلوا) من أفنوه وَفِيه تحذير من ترئيس الجهلة وحث على تعلم الْعلم وذم من يُبَادر إِلَى الْجَواب بِغَيْر تحقق وَغير ذَلِك وَذَا لَا يُعَارضهُ خبر لَا تزَال طَائِفَة من أمتِي الحَدِيث بِحمْل ذَا على أصل الدّين وَذَاكَ على فروعه (حم ق ت هـ عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أَن الله لَا يقبل صَلَاة رجل مُسبل إزَاره) أَي مرخيه إِلَى أَسْفَل كعبيه أَي لَا يثيب رجلا على صَلَاة أرْخى فِيهَا إزَاره اختيالا وعجبا وَإِن كَانَت صَحِيحَة (د عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد فِيهِ مَجْهُول
(أنّ الله لَا يقبل من الْعَمَل إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصا) أَي عَن الرِّيَاء والسمعة (وابتغى بِهِ وَجهه) وَمن أَرَادَ بِعَمَلِهِ الدُّنْيَا وَزينتهَا دون الله وَالْآخِرَة فحظه مَا أَرَادَ وَلَيْسَ لَهُ غَيره والرياء من أكبر الْكَبَائِر وأخبث السرائر شهِدت بمقته الْآيَات والْآثَار وتواترت بذمه الْقَصَص وَالْأَخْبَار وَمن استحيا من النَّاس وَلم يستحي من الله فقد استهان بِهِ وويل لمن أرْضى الله بِلِسَانِهِ وأسخطه بجنانه (ن عَن أبي أُمَامَة) بِإِسْنَاد جيد
(أَن الله لَا يقبل صَلَاة من لَا يُصِيب أَنفه الأَرْض) فِي السُّجُود فَوضع الْأنف وَاجِب لهَذَا الحَدِيث عِنْد قوم وَالْجُمْهُور على أَنه مَنْدُوب وحملوا الحَدِيث على أنّ المنفيّ كَمَال الْقبُول لَا أَصله (طب عَن أم عَطِيَّة) الْأَنْصَارِيَّة ضَعِيف لضعف سُلَيْمَان القاقلاني
(أنّ الله لَا يقدس) لَا يطهر (أمّة) أَي جمَاعَة (لَا يُعْطون الضَّعِيف مِنْهُم) فِي رِوَايَة فيهم (حَقه) لتركهم الْأَمر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنكر (طب عَن ابْن مَسْعُود) ضَعِيف لضعف أبي سعيد النقال
(أَن الله لَا ينَام) أَي يَسْتَحِيل عَلَيْهِ النّوم لِأَنَّهُ غَلَبَة على الْعقل يسْقط بِهِ الإحساس وَهُوَ منزه عَن ذَلِك (و) من لَا يشْغلهُ شَأْن عَن شَأْن (لَا يَنْبَغِي لَهُ) أَي لَا يَلِيق بعليّ شَأْنه (أَن ينَام) لما دلّت الْكَلِمَة الأولى على عدم صُدُور النّوم مِنْهُ أكدها بِالثَّانِيَةِ الدَّالَّة على نفي جَوَاز صدوره عَنهُ إِذْ لَا يلْزم من عدم الصُّدُور عدم جَوَاز الصُّدُور (يخْفض الْقسْط وَيَرْفَعهُ) أَي ينقص الرزق بِاعْتِبَار مَا كَانَ يمنحه قبل ذَلِك وَيزِيد بِالنّظرِ إِلَيْهِ لمقْتَضى قدره الَّذِي هُوَ تَفْصِيل لقضائه الأول فمحصوله يقلل لمن يَشَاء وَيكثر لمن يَشَاء بِالْقِسْطِ أَو أَرَادَ بِالْقِسْطِ الْعدْل أَي يرفع بعدله الطائع ويخفض العَاصِي (يرفع) بِصِيغَة الْمَجْهُول (إِلَيْهِ) أَي إِلَى خزائنه فيضبط إِلَى يَوْم الْقِيَامَة (عمل(1/265)
اللَّيْل قبل عمل النَّهَار) أَي قبل الْإِتْيَان بِعَمَل النَّهَار الَّذِي بعده (وَعمل النَّهَار قبل عمل اللَّيْل) الَّذِي بعده أَي ترفع الْمَلَائِكَة إِلَيْهِ عمل اللَّيْل بعد انقضائه فِي أول النَّهَار وَعمل النَّهَار بعد انقضائه فِي أول اللَّيْل وَذَلِكَ غَايَة فِي سرعَة العروج وَلَا تعَارض بَينه وَبَين مَا يَأْتِي أَن الْأَعْمَال تعرض يَوْم الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيس لأنّ هَذَا عرض خَاص كَمَا فِي خبر أنّ الله تكفل برزق طَالب الْعلم فَهُوَ تكفل خَاص وَإِلَّا فالباري متكفل بأرزاق جَمِيع الْخَلَائق وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَّا على الله رزقها وَوجه الْجمع بَين الحَدِيث أَن الْأَعْمَال تعرض كل يَوْم فَإِذا كَانَ الْخَمِيس عرضت عرضا آخر فيطرح مِنْهَا مَا لَيْسَ فِيهِ ثَوَاب وَلَا عِقَاب نَحْو كل اشرب كَمَا نقل عَن الضَّحَّاك وَغَيره وَيثبت مَا فِيهِ ثَوَاب أَو عِقَاب (حجابه النُّور) تحيرت البصائر دون أنوار عَظمته وكبريائه وأشعة عزه وسلطانه (لَو كشفه) بتذكير الضَّمِير أَي النُّور (لأحرقت سبحات) بِضَمَّتَيْنِ جمع سبْحَة وَهِي العظمة (وَجهه) أَي ذَاته وَهِي الْأَنْوَار الَّتِي إِذا رَآهَا الْمَلَائِكَة سبحوا لما يروعهم من الْجلَال وَالْعَظَمَة (مَا انْتهى إِلَيْهِ) أَي إِلَى وَجهه (بَصَره) الضَّمِير عَائِد إِلَى مَا و (من خلقه) بَيَان لَهُ وَأَرَادَ بِمَا انْتهى إِلَيْهِ جَمِيع الْمَخْلُوقَات من سَائِر العوالم العلوية والسفلية لأنّ بَصَره تَعَالَى مُحِيط بِالْكُلِّ يَعْنِي لَو كشف الْحجاب عَن ذَاته لاضمحلت جَمِيع مخلوقاته وَذَا تقريب للأفهام لأنّ كَون الشَّيْء ذَا حجاب من أَوْصَاف الْأَجْسَام وَالْحق منزه عَن ذَلِك (م هـ عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ واسْمه عبد الله بن قيس
(أنّ الله تَعَالَى لَا ينظر إِلَى صوركُمْ) أَي لَا يجازيكم على ظَاهرهَا (و) لَا إِلَى (أَمْوَالكُم) الخالية عَن الْخيرَات أَي لَا يثيبكم عَلَيْهَا (وَلَكِن) إِنَّمَا (ينظر إِلَى قُلُوبكُمْ) أَي إِلَى طَهَارَة قُلُوبكُمْ الَّتِي هِيَ مَحل التَّقْوَى وأوعية الْجَوَاهِر وكنز المعارف (وَأَعْمَالكُمْ) فَمن كَانَ يَرْجُو لِقَاء ربه فليعمل عملا صَالحا فَمَعْنَى النّظر الِاخْتِيَار وَالرَّحْمَة والعطف لأنّ النّظر فِي الشَّاهِد دَلِيل الْمحبَّة وَتَركه دَلِيل البغض (م هـ عَن أبي هُرَيْرَة
أنّ الله لَا ينظر) نظر لطف وعناية (إِلَى من يجرّ إزَاره) أَي يسبله إِلَى تَحت كعبيه (بطرا) أَي للكبر فَهُوَ حرَام للتوعد عَلَيْهِ وَأفهم انّ جَرّه إِذا لم يكن بطرا لَا يحرم بل يكره وَمثل الْإِزَار نَحْو قَمِيص وجبة وَسَرَاويل بل وعمامة (م عَن أبي هُرَيْرَة
أنّ الله تَعَالَى لَا ينظر إِلَى مُسبل إزَاره) إِلَى أَسْفَل الْكَعْبَيْنِ أَي بطرا كَمَا قيد بِهِ الرِّوَايَة الاولى (حم ت عَن ابْن عَبَّاس
أَن الله تَعَالَى لَا ينظر إِلَى من يخضب) أَي يُغير لون شعره (بِالسَّوَادِ يَوْم الْقِيَامَة) فَإِنَّهُ حرَام أَي لغير الْجِهَاد أمّا بِغَيْر سَواد كصفرة فَجَائِز (ابْن سعد عَن عَامر مُرْسلا) لَعَلَّ مُرَاده الشّعبِيّ
(أنّ الله لَا يهتك) لَا يرفع (ستر عبد فِيهِ مِثْقَال ذرة من خير) بل يتفضل عَلَيْهِ بستر عيوبه فِي هَذِه الدَّار وَمن ستره فِيهَا لم يَفْضَحهُ يَوْم الْقَرار (عد عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى لَا يُؤَاخذ المزاح) أَي الْكثير المزح الملاطف بالْقَوْل وَالْفِعْل (الصَّادِق فِي مزاحه) أَي الَّذِي لَا يشوب مزاحه بكذب أَو فحش بل يُخرجهُ على ضرب من التورية كَقَوْل الْمُصْطَفى لَا يدْخل الْجنَّة عَجُوز (ابْن عَسَاكِر عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا الديلمي أَيْضا وَإِسْنَاده ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يُؤَيّد هَذَا الدّين) دين الْإِسْلَام (بِأَقْوَام لَا خلاق لَهُم) لَا أَوْصَاف حميدة يلتبسون بهَا (ن حب عَن أنس) بن مَالك (حم طب عَن أبي بكرَة) بِفَتْح الْكَاف بِإِسْنَاد جيد
(أَن الله تَعَالَى يباهي مَلَائكَته بالطائفتين) بِالْكَعْبَةِ أَي يظْهر لَهُم فَضلهمْ ويعرفهم أَنهم من أهل الحظوة عِنْده (حل هَب عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يباهي مَلَائكَته(1/266)
عَشِيَّة عَرَفَة بِأَهْل عَرَفَة) أَي الواقفين بهَا (يَقُول انْظُرُوا إِلَى عبَادي) أَي تأملوا هيئتهم (أَتَوْنِي) أَي جاؤا بَيْتِي إعظاما لي وتقربا لما يقرّبهم مني (شعثا) متغيري الْأَبدَان والشعور والملابس (غبرا) من غير استحداد وَلَا تنظف قد علاهم غُبَار الطَّرِيق وَذَا يَقْتَضِي الغفران وَعُمُوم التَّكْفِير (حم طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَرِجَال أَحْمد موثقون
(أَن الله تَعَالَى يباهي بالشاب) هُوَ من لم يصل إِلَى حدّ الكهولة (العابد) لله (الْمَلَائِكَة يَقُول انْظُرُوا إِلَى عَبدِي ترك شَهْوَته من أَجلي) أَي قهر نَفسه بكفها عَن لذاتها ابْتِغَاء لرضاي (ابْن السّني فر عَن طَلْحَة) بن عبيد الله بِإِسْنَاد ضَعِيف لضعف يحيى بن بسطَام وَغَيره
(أَن الله تَعَالَى يبتلى) يمْتَحن (عَبده الْمُؤمن) القويّ على احْتِمَال ذَلِك (بِالسقمِ) بِضَم فَسُكُون أَي بطول الْمَرَض (حَتَّى يكفر عَنهُ كل ذَنْب) فالبلاء فِي الْحَقِيقَة نعْمَة يجب الشُّكْر عَلَيْهَا لَا نقمة (طب عَن جُبَير بن مطعم ك عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله تَعَالَى يَبْتَلِي العَبْد) أَي يعامله مُعَاملَة المختبر (فِيمَا أعطَاهُ) من الرزق (فَإِن رَضِي بِمَا قسم لَهُ بورك لَهُ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي بَارك الله لَهُ (فِيهِ ووسعه) عَلَيْهِ (وَإِن لم يرض) بِهِ (لم يُبَارك لَهُ) فِيهِ (وَلم يزدْ على مَا كتب) أَي قدّر (لَهُ) فِي الْأَزَل أَو فِي بطن أمّه لِأَن من لم يرض بالمقسوم كَأَنَّهُ سخط على ربه فَيسْتَحق حرمَان الْبركَة (حم وَابْن قَانِع هَب عَن رجل من بني سليم) وَرِجَاله رجال الصَّحِيح
(أَن الله تَعَالَى يبسط يَده بِاللَّيْلِ) أَي فِيهِ (ليتوب مسيء النَّهَار) يَعْنِي يبسط يَد الْفضل والأنعام لأيد الْجَارِحَة فَإِنَّهَا من لَوَازِم الْأَجْسَام (ويبسط يَده بِالنَّهَارِ ليتوب مسيء اللَّيْل) يَعْنِي يقبل التَّوْبَة من العَاصِي لَيْلًا وَنَهَارًا وَلَا يزَال كَذَلِك (حَتَّى تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا) فَإِذا طلعت مِنْهُ غلق بَاب التَّوْبَة (حم م عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(أَن الله تَعَالَى يبْعَث لهَذِهِ الْأمة) أَي يقيض لَهَا (على رَأس كل مائَة سنة) من الْهِجْرَة أَو غَيرهَا على مَا مرّ (من) أَي رجلا أَو أَكثر (يجدّد لَهَا دينهَا) أَي يبين السّنة من الْبِدْعَة ويذل أَهلهَا قَالَ ابْن كثير وَقد ادّعى كل قوم فِي إمَامهمْ أَنه المُرَاد وَالظَّاهِر حمله على الْعلمَاء من كل طَائِفَة (د ك والبيهقيّ فِي الْمعرفَة عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد صَحِيح
(أَن الله تَعَالَى يبْعَث ريحًا من الْيمن) لَا يُنَافِي رِوَايَة من الشَّام لِأَنَّهَا ريح شامية يَمَانِية أَو أَن مبدأها من أحد الإقليمين ثمَّ تصل للْآخر وتنتشر عَنهُ (أَلين من الْحَرِير فَلَا تدع) تتْرك (أحدا فِي قلبه مِثْقَال حَبَّة) فِي رِوَايَة ذرة (من إِيمَان) أَي وَزنهَا مِنْهُ وَلَيْسَ المُرَاد بالمثقال حَقِيقَته بل عبر بِهِ لِأَنَّهُ أقل مَا يُوزن بِهِ عَادَة غَالِبا (إِلَّا قَبضته) أَي قبضت روحه وَلَا يُنَافِيهِ خبر لَا تزَال طَائِفَة الحَدِيث لأنّ مَعْنَاهُ حَتَّى تقبضهم الرّيح الطّيبَة قرب الْقِيَامَة (م ك عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الله تَعَالَى يبغض السَّائِل الْمُلْحِف) الْملح الملازم قيل وَهُوَ من عِنْده غداء وَيسْأل عشَاء (حل عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف وَرْقَاء
(أَن الله يبغض الطَّلَاق) أَي قطع عقد النِّكَاح بِلَا عذر شَرْعِي (وَيُحب الْعتاق) لما فِيهِ من فك الرَّقَبَة (فر عَن معَاذ) بن جبل وَفِيه ضعف وَانْقِطَاع
(أَن الله تَعَالَى يبغض البليغ من الرِّجَال) أَي الْمظهر للتفصح تيها على الْغَيْر ووسيلة إِلَى الاقتدار على تَعْظِيم صَغِير أَو تحقير عَظِيم (الَّذِي يَتَخَلَّل بِلِسَانِهِ تخَلّل الباقرة بلسانها) أَي الَّذِي يتشدق بِلِسَانِهِ كَمَا تتشدق الْبَقَرَة وَوجه الشّبَه إدارة لِسَانه حول أَسْنَانه حَال كَلَامه كَفعل الْبَقَرَة حَال الْأكل وَخص الْبَقَرَة لأنّ جَمِيع الْبَهَائِم تَأْخُذ النَّبَات بأسنانها وَهِي لَا تحش إِلَّا بلسانها أما من بلاغته خلقية فَغَيره مبغوض إِلَى الحضرة الإلهية قَالَ المتنبي(1/267)
(أبلغ مَا يطْلب النجاح بِهِ الطَّبْع وَعند التعمق الزلل ... )
وَسمع أَعْرَابِي الْحسن يعظ فَقَالَ فصيح إِذا لفظ نصيح إِذا وعظ وَقيل البلاغة أَن لَا تبطي وَلَا تخطي (حم د ت عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ ت حسن غَرِيب
(أَن الله تَعَالَى يبغض البذخين) بموحدة وذال وخاء معجمتين من البذخ الْفَخر والتطاول (الفرحين) فَرحا مطغيا (المرحين) من المرح وَهُوَ الْخُيَلَاء والتكبر الَّذين اتَّخذُوا الشماخة وَالْكبر والفرح بِمَا أُوتُوا ديدنا وشعارا (فر عَن معَاذ) بن جبل ضَعِيف لضعف إِسْمَعِيل ابْن أبي زِيَاد الشَّامي
(أَن الله تَعَالَى يبغض الشَّيْخ الغربيب) بِكَسْر الْمُعْجَمَة الَّذِي لَا يشيب أَو الَّذِي يسوّد شَيْبه بالخضاب (عد عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف رشدين
(أَن الله تَعَالَى يبغض الْغَنِيّ الظلوم) الْكثير الظُّلم لغيره بِمَعْنى أَنه يُعَاقِبهُ وَيبغض الْفَقِير الظلوم لَكِن الْغَنِيّ أشدّ (وَالشَّيْخ الجهول) بالفروض العينية أَو الَّذِي يفعل فعل الْجُهَّال وَإِن كَانَ عَالما (والعائل الْمُخْتَار) أَي الْفَقِير الَّذِي لَهُ عِيَال محتاجون وَهُوَ مختال أَي متكبر عَن تعَاطِي مَا يقوم بهم (طس عَن عَليّ) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يبغض الْفَاحِش) الَّذِي يتَكَلَّم بِمَا يكره سَمَاعه أَو من يُرْسل لِسَانه بِمَا لَا يَنْبَغِي (الْمُتَفَحِّش) المبالغ فِي قَول الْفُحْش أَو فِي فعل الْفَاحِشَة لِأَنَّهُ طيب جميل فيبغض من لَيْسَ كَذَلِك (حم عَن أُسَامَة بن زيد) بأسانيد أَحدهَا رِجَاله ثِقَات
(أَن الله تَعَالَى يبغض المعبس فِي وُجُوه إخوانه) الَّذِي يلقاهم بِكَرَاهَة عَابِسا وَفِي إفهامه إرشاد إِلَى الطلاقة والبشاشة (فر عَن عَليّ) ضَعِيف لضعف عِيسَى بن مهْرَان وَغَيره
(أَن الله يبغض الْوَسخ) الَّذِي لَا يتعهد بدنه وثيابه بالتنظيف (والشعث) لِأَنَّهُ تَعَالَى نظيف يحب النَّظَافَة وَيُحب من تخلق بهَا وَيكرهُ ضد ذَلِك (هَب عَن عَائِشَة) ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الصُّوفِي
(أَن الله تَعَالَى يبغض كل عَالم بالدنيا) أَي بِمَا يبعده عَن الله من الإمعان فِي تَحْصِيله (جَاهِل بِالآخِرَة) أَي مَا يقرّبه إِلَيْهَا ويدنيه مِنْهَا لأنّ الْعلم شرف لَازم لَا يَزُول وَمن قدر على الشريف الْبَاقِي وَرَضي بالخسيس الغاني فَهُوَ مبغوض لشقاوته وادباره (الْحَاكِم فِي تَارِيخه) تَارِيخ نيسابور (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله تَعَالَى يبغض الْبَخِيل) مَانع الزَّكَاة أَو أَعم (فِي حَيَاته السخي عِنْد مَوته) لِأَنَّهُ مضطرّ فِي الْجُود حالتئذ لَا مُخْتَار (خطّ فِي كتاب البخلاء عَن عليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(إنّ الله تَعَالَى يبغض الْمُؤمن الَّذِي لَا زبر لَهُ) بزاي فموحدة وَرَاء أَي لَا عقل لَهُ يزبره أَي ينهاه عَن الْإِثْم أَو لَا تماسك لَهُ عَن الشَّهَوَات فَلَا يرتدع عَن فَاحِشَة وَلَا ينزجر عَن محرم (عق عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يبغض ابْن السّبْعين) من السنين (فِي أَهله) كِنَايَة عَن شدّة التواني وَلُزُوم التكاسل والتقاعد عَن قَضَاء حوائجهم (ابْن عشْرين) سنة (فِي مشيمته) بِكَسْر الْمِيم هَيْئَة الْمَشْي (ومنظره) أَي من هُوَ فِي مشيته وهيئته كالشاب المعجب بِنَفسِهِ الْفَرح بحياته الطائش فِي أَحْوَاله (طس عَن أنس) ضَعِيف لضعف مُوسَى بن مُحَمَّد
(أَن الله تَعَالَى يتجلى) بالجبم (لأهل الْجنَّة) فِيهَا (فِي مِقْدَار كل يَوْم جُمُعَة) من أَيَّام الدُّنْيَا (على كثيب كافور) بِالْإِضَافَة (أَبيض) فيرونه عيَانًا وَذَلِكَ هُوَ يَوْم عيد أهل الْجنَّة قَالَ الْغَزالِيّ وَإِذا ارْتَفع الْحجاب بعد الْمَوْت انقلبت الْمعرفَة بِعَينهَا مُشَاهدَة وَيكون لكل وَاحِد على قدر مَعْرفَته فَلذَلِك تزيد لَذَّة الْأَوْلِيَاء فِي النّظر إِلَيْهِ على لَذَّة غَيرهم بتجليه تَعَالَى إِذْ يتجلى لأبي بكر خَاصَّة وَلِلنَّاسِ عَامَّة (خطّ عَن أنس) وَهَذَا حَدِيث مَوْضُوع(1/268)
(أَن الله تَعَالَى يحب إِذا عمل أحدكُم عملا أَن يتقنه) أَي يحكمه كَمَا جَاءَ مُصَرحًا بِهِ فِي رِوَايَة وَذَلِكَ لأنّ الْإِمْدَاد الإلهي ينزل على الْعَامِل بِحَسب عمله فَكل من كَانَ عمله أتقن وأكمل فالحسنات تضَاعف أَكثر وَإِذا أَكثر العَبْد أحبه الله تَعَالَى (هَب عَن عَائِشَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يحب من الْعَامِل) أَي من كل عَامل (إِذا عمل) فِي طَاعَة (أَن يحسن) عمله بِأَن لَا يبْقى فِيهِ مقَالا لقَائِل (هَب عَن كُلَيْب) الْجرْمِي بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يحب إغاثة اللهفان) أَي المكروب يَعْنِي إعانته ونصرته (ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا أَبُو يعلى والديلمي
(أَن الله تَعَالَى يحب الرِّفْق) لين الْجَانِب بالْقَوْل وَالْفِعْل وَالْأَخْذ بالأسهل وَالدَّفْع بالأخف (فِي الْأَمر كُله) أَي فِي أَمر الدّين وَالدُّنْيَا فِي جَمِيع الْأَقْوَال والافعال قَالَ الْغَزالِيّ فَلَا يَأْمر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا ينْهَى عَن الْمُنكر إِلَّا رَفِيق فِيمَا يَأْمر بِهِ رَفِيق فِيمَا ينْهَى عَنهُ حَلِيم فِيمَا يَأْمر بِهِ حَلِيم فِيمَا ينْهَى عَنهُ فَقِيه فِيمَا يَأْمر بِهِ فَقِيه فِيمَا ينْهَى عَنهُ وعظ الْمَأْمُون واعظ بعنف فَقَالَ لَهُ يَا هَذَا ارْفُقْ فقد بعث من هُوَ خير مِنْك إِلَى من هُوَ شرّ مني قَالَ الله تَعَالَى فقولا لَهُ قولا لينًا وَمِنْه أَخذ أَنه يتَعَيَّن على الْعَالم الرِّفْق بالطالب وَأَن لَا يوبخه وَلَا يعنفه وَكَذَا الصُّوفِي بالمريد قَالَ الْجُنَيْد لَا تبدأ الْفَقِير بِالْعلمِ وابدأه بالرفق فَإِن الْعلم يوحشه والرفق يؤنسه وترفق الصُّوفِيَّة بالمتشبه بهم ينفع المبتدى (خَ عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ عَنْهَا أَيْضا مُسلم فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ وَذهل الْمُؤلف
(أَن الله يحب السهل الطليق) أَي المتهلل الْوَجْه البسام لِأَنَّهُ تَعَالَى يحبّ من تخلق بِشَيْء من أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَمِنْهَا السهولة والطلاقة لِأَنَّهُمَا من الْحلم وَالرَّحْمَة وَلِهَذَا صدق الْقَائِل
(وَمَا اكْتسب المحامد طالبوها ... بِمثل الْبشر وَالْوَجْه الطليق)
(الشِّيرَازِيّ) وكدا الديلمي (عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أنّ الله يحب الشَّاب التائب) الرَّاجِع إِلَى الله تَعَالَى عَن قَبِيح فعله وَقَوله لأنّ الشبيبة حَال غَلَبَة الشَّهْوَة وَضعف الْعقل فأسباب الْمعْصِيَة فِيهَا قَوِيَّة فَإِذا تَابَ مَعَ قوّة الدَّاعِي اسْتوْجبَ محبَّة الله (أَبُو الشَّيْخ عَن أنس) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أنّ الله تَعَالَى يحب الشَّاب الَّذِي يفنى شبابه) يصرفهُ كُله (فِي طَاعَة الله) لِأَنَّهُ لما تجرّع مرَارَة حبس نَفسه عَن لذاتها فِي محبَّة الله جوزى بمحبته لَهُ وَالْجَزَاء من جنس الْعَمَل (حل عَن ابْن عمر) ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن الْفضل بن عَطِيَّة
(أنّ الله تَعَالَى يحب الصمت) أَي السُّكُوت (عِنْد ثَلَاث) من الْأَشْيَاء (عِنْد تِلَاوَة الْقُرْآن) ليتدبر مَعَانِيه ويتأمل أَحْكَامه (وَعند الزَّحْف) أَي التقاء الصُّفُوف للْجِهَاد (وَعند الْجِنَازَة) أَي فِي الْمَشْي مَعهَا وَالصَّلَاة عَلَيْهَا وتشييعها (طب عَن زيد بن أَرقم) وَفِيه راو لم يسم وَآخر مَجْهُول
(أَن الله تَعَالَى يحب العَبْد التقي) بمثناة فوقية من يتْرك الْمعاصِي امتثالا لِلْأَمْرِ واجتنابا بِالنَّهْي (الْغنى) غنى النَّفس وَهُوَ الْغنى الْمَطْلُوب (الْخَفي) بخاء مُعْجمَة الخامل الذّكر المعتزل عَن النَّاس الَّذِي يخفي عَنْهُم مَكَانَهُ ليتعبد وروى بِمُهْملَة وَمَعْنَاهُ الْوُصُول للرحم اللَّطِيف بهم وبغيرهم وتتمة الحَدِيث الْمُتَعَفِّف هَكَذَا هُوَ ثَابت فِي رِوَايَة مخرّجيه فَسقط من قلم الْمُؤلف سَهوا (حم م عَن سعد) بن أبي وَقاص
(أَن الله يحب العَبْد الْمُؤمن المفتن) بِفَتْح الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة الممتحن بالذنب (التواب) الْكثير التَّوْبَة أَي الَّذِي يَتُوب ثمَّ يعود ثمَّ يَتُوب وَهَكَذَا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَحل تَنْفِيذ إِرَادَته وَإِظْهَار عَظمته وسعة رَحمته وَهَذَا من سرّ تقَابل الْأَسْمَاء الْمُوجبَة للرحمة والموجبة للانتقام كالرحمن مَعَ الْجَبَّار والغفور مَعَ(1/269)
المنتقم تَنْبِيه) قَالَ السهروردي أَجمعُوا على أنّ البشرية لَا تَزُول وَأَن تربع فِي الْهَوَاء لَكِنَّهَا تضعف تَارَة وتقوى أُخْرَى (حم عَن عَليّ) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يحب العطاس) أَي سَببه يَعْنِي الَّذِي لَا ينشأ عَن زكام لِأَنَّهُ الْمَأْمُور فِيهِ بِالْحَمْد والتشميت (وَيكرهُ التثاؤب) بِالْهَمْز وَقيل بِالْوَاو وَهُوَ تنفس ينفتح مَعَه الْفَم بِلَا قصد وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يكون عَن كَثْرَة الْغذَاء المذمومة وَفِي حَدِيث التِّرْمِذِيّ أَن الله يكره التثاؤب وَيُحب العطاس فِي الصَّلَاة قَالَ ابْن حجر وَهُوَ ضَعِيف وَهَذَا لَا يُنَافِي حَدِيث عبد الرَّزَّاق عَن قَتَادَة نزع من الشَّيْطَان وَذكر مِنْهَا شدّة العطاس لأنّ هَذَا مقَام إِطْلَاق هُوَ أنّ التثاؤب والعطاس فِي الصَّلَاة من الشَّيْطَان وَعَلِيهِ حمل الأوّل فِي مقَام نسبي وَهُوَ أَنَّهُمَا إِذا وَقعا فِي الصَّلَاة مَعَ كَونهمَا من الشَّيْطَان فالعطاس أحبّ إِلَى الله من التثاؤب والتثاؤب فِيهَا أكره إِلَيْهِ من العطاس فِيهَا وَعَلِيهِ حمل حَدِيث عبد الرَّزَّاق فَهُوَ رَاجع إِلَى تفَاوت رتب الْمَكْرُوه ذكره الْمُؤلف (خَ د ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ مُسلم أَيْضا فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ وَوهم الْمُؤلف
(أَن الله تَعَالَى يحب الْمُؤمن المتبذل) التارك للزِّينَة تواضعا (الَّذِي لَا يُبَالِي مَا لبس) أهوَ من الثِّيَاب الفاخرة أَو من دنيء اللبَاس وخشنه لأنّ ذَلِك هُوَ دأب الْأَنْبِيَاء وشأن الْأَوْلِيَاء وَمِنْه أَخذ السهروردي أَن لبس الخلقان والمرقعان أفضل من الثَّوْب الفاخر من الدُّنْيَا الَّتِي حلالها حِسَاب وحرامها عِقَاب (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف 2
(أَن الله تَعَالَى يحبّ الْمُؤمن المحترف) أَي الْمُتَكَلف فِي طلب المعاش بِنَحْوِ صناعَة أَو زراعة أَو تِجَارَة لِأَن قعُود الرجل فَارغًا أَو شغله بِمَا لَا يعنيه مَذْمُوم وَمن لَا عمل لَهُ لَا أجر لَهُ والإكساب مُدبرَة للقلب وموجبة للأثر فَمن ترك الْأَسْبَاب دَار الْفلك بِنَصِيب غَيره وَلم يحصل لَهُ الْإِمْدَاد لكَونه لم يعْمل شَيْئا قَالَ الرَّاغِب وَغَيره وَقد ذمّ من يَدعِي التصوّف فيتعطل عَن المكاسب وَلَا يكون لَهُ علم يُؤْخَذ عَنهُ وَلَا عمل صَالح فِي الدّين يقْتَدى بِهِ فِيهِ بل يَجْعَل همه غاذية بَطْنه والرقص وَالسَّمَاع فَلَا طائل فِي أفعالهم قَالَ الْجُنَيْد إِذا رَأَيْت الْفَقِير يطْلب السماع فَاعْلَم أَن فِيهِ بَقِيَّة من البطالة وَالله لَا يحب الرجل البطال فَإِن من تبطل وتعطل فقد انْسَلَخَ من الإنسانية بل من الحيوانية (الْحَكِيم طب هَب عَن ابْن عمر) ضَعِيف لضعف الرّبيع السمان وَعَاصِم وَغَيرهمَا
(أَن الله تَعَالَى يحب المداومة) أَي الْمُلَازمَة والاستمرار (على الإخاء) بالمدّ (الْقَدِيم فداوموا عَلَيْهِ) بتعهد الإخوان فِي الله وتفقد حَالهم (فر عَن جَابر
أَن الله تَعَالَى يحب حفظ الود الْقَدِيم (عد عَن عَائِشَة) باسناد ضَعِيف
(ان الله يحب المحلين فِي الدُّعَاء) اى الملازمين لَهُ (الْحَكِيم عد هَب عَن عَائِشَة) ضَعِيف لِتَفَرُّد يُوسُف بن السّفر عَن الْأَوْزَاعِيّ بِهِ
(أَن الله يحب الرجل) أَي الْإِنْسَان (الَّذِي لَهُ الْجَار السوء يُؤْذِيه) بقول أَو فعل (فيصبر على أَذَاهُ) امتثالا لأَمره تَعَالَى بِالصبرِ على مثله (ويحتسب) أَي يَقُول كلما أَذَاهُ حَسبنَا الله وَنعم الْوَكِيل (حَتَّى يَكْفِيهِ الله) أمره (بحياة أَو موت) أَي بِأَن ينْتَقل أَحدهمَا عَن صَاحبه فِي حَال الْحَيَاة أَو بِمَوْت أَحدهمَا (خطّ) وَكَذَا الديلمي (وَابْن عَسَاكِر) فِي التَّارِيخ (عَن أبي ذَر) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله يحب أَن يعْمل بِفَرَائِضِهِ) أَي واجباته وَفِي حَدِيث آخر مَا تقرب إِلَى المتقرّبون بِمثل أَدَاء مَا افترضته عَلَيْهِم وَفِي رِوَايَة بِرُخصِهِ (عد عَن عَائِشَة) بِإِسْنَادَيْنِ ضعيفين
(أَن الله تَعَالَى يحب أَن تُؤْتى رخصه) بِبِنَاء تُؤْتى للْمَجْهُول جمع رخصَة وَهِي مُقَابل الْعَزِيمَة (كَمَا يحب أَن تُؤْتى عَزَائِمه) أَي مطلوباته الْوَاجِبَة فَإِن أَمر الله فِي الرُّخص والعزائم وَاحِد
2 - هَذَا الحَدِيث سقط من خطّ الشَّارِح وَهُوَ ثَابت فِي الشَّرْح الْكَبِير أه من هَامِش(1/270)
فَلَيْسَ الْوضُوء أولى من التَّيَمُّم فِي مَحَله (حم هق عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (طب عَن ابْن مَسْعُود وَعَن ابْن عَبَّاس) وَالأَصَح وَقفه
(إِن الله يحب أَن يرى) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول (أثر نعْمَته) أَي أنعامه (على عَبده) يَعْنِي يُرِيد الشُّكْر لله بِالْعَمَلِ الصَّالح والعطف والترحم والإنفاق من فضل مَا عِنْده فِي الْخَيْر (ت ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ ت حسن
(أَن الله يحب أَن تقبل) وَفِي رِوَايَة تفعل (رخصه كَمَا يحب العَبْد مغْفرَة ربه) أَي ستره عَلَيْهِ بِعَدَمِ عِقَابه فَيَنْبَغِي اسْتِعْمَال الرُّخص فِي محلهَا سِيمَا لعالم يقْتَدى بِهِ (طب عَن أبي الدَّرْدَاء وواثلة) بن الْأَسْقَع (وَأبي أُمَامَة) الْبَاهِلِيّ (وَأنس) ابْن مَالك ضَعِيف لِتَفَرُّد إِسْمَعِيل الْعَطَّار بِهِ لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أَن الله يحب أَن يرى عَبده تعبا) أَي عَيْبا (فِي طلب) الْكسْب (الْحَلَال) بِمَعْنى أَنه يرضى عَنهُ ويثيبه إِن قصد بِعَمَلِهِ التقرّب إِلَيْهِ (قَالَ الْعَارِف) السهروردي أَجمعُوا أَي الصُّوفِيَّة على مدح الْكسْب وَالتِّجَارَة والصناعة بِقصد التعاون على الْبر وَالتَّقوى من غير أَن يرَاهُ سَببا لاستجلاب الرزق وَلَا تحل المسئلة لغنيّ وَلَا سويّ انْتهى (فر عَن عَليّ) بِإِسْنَاد ضَعِيف بل قيل بِوَضْعِهِ
(أَن الله تَعَالَى يحبّ أَن يُعْفَى) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (عَن ذَنْب السريّ) أَي الرئيس وَالْجمع سراة وَهُوَ عَزِيز وَقيل هُوَ الشريف وَقيل الَّذِي لَا يعرف بالشرّ وَفِي إفهامه أنّ الْفَاجِر المتهتك فِي فجوره لَا يَنْبَغِي أَن يُعْفَى عَنهُ وَلِهَذَا قَالَ بعض الأخيار وَمن النَّاس من لَا يرجع عَن الْأَذَى إِلَّا إِذا مس بإضرار (ابْن أبي الدُّنْيَا فِي) كتاب (ذمّ الْغَضَب وَابْن لال) أَبُو بكر فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق (عَن عَائِشَة) ضَعِيف لضعف هَانِئ بن يحيى بن المتَوَكل
(أَن الله تَعَالَى يحب من عباده الغيور) أَي كثير الْغيرَة وَالْمرَاد الْغيرَة المحبوبة وَهِي مَا كَانَ لريبة بِخِلَاف مَا كَانَ عِنْد عدمهَا (طس عَن عليّ) ضَعِيف لضعف الْمِقْدَام
(أَن الله تَعَالَى يحبّ سمح البيع) أَي سهله (سمح الشِّرَاء سمح الْقَضَاء) أَي التقاضي لشرف نَفسه وَحسن خلقه بِمَا ظهر من قطع علاقَة قلبه بِالْمَالِ (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ الْحَاكِم صَحِيح وأقرّوه
(أَن الله تَعَالَى يحبّ) من عباده (من يحب التَّمْر) بمثناة فوقية أَي أكله وَلِهَذَا كَانَ طَعَام الْمُصْطَفى المَاء وَالتَّمْر (طب عد عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ ضَعِيف لضعيف إِبْرَاهِيم بن أبي حَبَّة
(أَن الله يحبّ عَبده الْمُؤمن الْفَقِير الْمُتَعَفِّف) أَي المبالغ فِي الْعِفَّة مَعَ وجود الْحَاجة لطموح بصيرته عَن الْخلق إِلَى الْخَالِق (أَبَا الْعِيَال) فِيهِ إِشْعَار بِأَنَّهُ ينْدب للْفَقِير إِظْهَار التعفف وَعدم الشكوى (تَنْبِيه) الْفقر فقران فقر مثوبة وفقر عُقُوبَة وعلامة الأوّل أَن يحسن خلقه ويطيع ربه وَلَا يشكو ويشكر الله على فقره وَالثَّانِي أَن يسوء خلقه ويعصي ويشكو ويتسخط وَالَّذِي يُحِبهُ الله الأوّل دون الثَّانِي (هـ عَن عمرَان بن حُصَيْن) بِإِسْنَاد ضَعِيف لَكِن لَهُ شَوَاهِد
(أَن الله يحب كل قلب حَزِين) بِأَن يفعل مَعَه من الْإِكْرَام فعل المحبّ مَعَ حَبِيبه وَالله ينظر إِلَى قُلُوب الْعباد فيحب كل قلب تخلق بأخلاق الْمعرفَة كالخوف والرجاء والحزن والرقة والصفاء (طب ك عَن أبي الدَّرْدَاء) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله يحب معالي الْأُمُور وأشرافها) وَهِي الْأَخْلَاق الشَّرْعِيَّة والخصال الدِّينِيَّة (وَيكرهُ) فِي رِوَايَة يبغض (سفسافها) حقيرها ورديئها فَمن اتّصف بالأخلاق الزكية أحبه وَمن تحلى بالأوصاف الرَّديئَة كرهه وَالْإِنْسَان يضارع الْملك بقوّة الْفِكر والتمييز ويضارع الْبَهِيمَة بالشهوة والدناءة فَمن صرف همته إِلَى اكْتِسَاب معالي الْأَخْلَاق أحبه الله فحقيق أَن(1/271)
يلْتَحق بِالْمَلَائِكَةِ لطهارة أخلاقه وَمن صرفهَا إِلَى السفساف ورذائل الْأَخْلَاق الْتحق بالبهائم فَيصير إمّا ضَارِبًا ككلب أَو شَرها كخنزير وحقودا كجمل أَو متكبرا كنمر أَو رواغا كثعلب أَو جَامعا لذَلِك كشيطان (طب عَن الْحُسَيْن بن عليّ) وَرِجَاله ثِقَات
(أَن الله تَعَالَى يحب أَبنَاء الثَّمَانِينَ) أَي من بلغ من الْعُمر ثَمَانِينَ سنة من رجل أَو امْرَأَة وَالْمرَاد من الْمُؤمنِينَ (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أَن الله يحب أَبنَاء السّبْعين ويستحي من أَبنَاء الثَّمَانِينَ) أَي يعاملهم مُعَاملَة المستحي بِأَن لَا يعذبهم فَلَيْسَ المُرَاد حَقِيقَة الْحيَاء الَّذِي هُوَ انقباض النَّفس عَن الرذائل (حل عَن عَليّ) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله يحب أَن يحمد) أَي يحب من عَبده أَن يثني عَلَيْهِ بِمَالِه من صِفَات الْكَمَال ونعوت الْجلَال (طب عَن الْأسود بن سريع) بِفَتْح السِّين التَّمِيمِي السَّعْدِيّ
(أَن الله يحب الْفضل) بضاد مُعْجمَة أَي الزِّيَادَة (فِي كل شَيْء) من الْخَيْر (حَتَّى فِي الصَّلَاة) لِأَنَّهَا خير مَوْضُوع (ابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أَن الله تَعَالَى يحب أَن تُؤْتى رخصه) لما فِيهِ من دفع التكبر والترفع عَن اسْتِبَاحَة مَا أَبَاحَهُ الشَّرْع والرخص عِنْد الشَّافِعِيَّة أَقسَام مَا يجب فعلهَا كَأَكْل الْميتَة للمضطرّ وَالْفطر لمن خَافَ الْهَلَاك بعطش أَو جوع وَمَا ينْدب كالقصر فِي السّفر وَمَا يُبَاح كالسلم وَمَا الأولى تَركه كالجمع وَالتَّيَمُّم لقادر وجد المَاء بِأَكْثَرَ من ثمن مثله وَمَا يكره فعله كالقصر فِي أقل من ثَلَاث فَالْحَدِيث منزل على الأوّلين (حم حب هَب عَن ابْن عمر) وَرِجَال أَحْمد رجال الصَّحِيح
(أَن الله يحب أَن تعدلوا بَين أَوْلَادكُم) فِي كل شَيْء (حَتَّى فِي الْقبل) بِضَم فَفتح جمع قبْلَة أَي حَتَّى فِي تَقْبِيل أحدكُم لوَلَده فَلَا يُمَيّز بَعضهم على بضع فِي ذَلِك لما فِي عَدمه من إيراث الضغائن (ابْن النجار عَن النُّعْمَان بن بشير) الْأنْصَارِيّ
(أَن الله تَعَالَى يحبّ الناسك) المتعبد (النَّظِيف) أَي النَّفْي الْبدن وَالثَّوْب فَإِنَّهُ تَعَالَى نظيف يحب النَّظَافَة (خطّ عَن جَابر) بن عبد الله
(أَن الله تَعَالَى يحب أَن يقْرَأ) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (الْقُرْآن كَمَا أنزل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَو الْفَاعِل أَي من غير زِيَادَة وَلَا نقص (السجْزِي) أَبُو النَّصْر (فِي) كتاب (الْإِبَانَة) عَن أصُول الدّيانَة (عَن زيد ابْن ثَابت
أَن الله يحب أهل الْبَيْت الخصب) ككتف أَي الْكثير الْخَيْر الَّذِي وسع على صَاحبه فَلم يقتر على عِيَاله (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (قرى الضَّيْف عَن) عبد الْملك بن عبد الْعَزِيز (بن جريج (بِضَم الْجِيم وَفتح الرَّاء الْمَكِّيّ معضلا
(أَن الله تَعَالَى يحب أَن يرى) بِضَم الْيَاء وَفتحهَا فعلى الضَّم الرُّؤْيَة تعود للنَّاس وعَلى الْفَتْح لله لِأَنَّهُ يرى الْأَشْيَاء على مَا هِيَ عَلَيْهِ (أثر نعْمَته على عَبده) لِأَنَّهُ من الْجمال الَّذِي يُحِبهُ وَذَلِكَ من شكره على نعمه وَهُوَ جمال بَاطِن فيحب أَن يرى عَلَيْهِ الْجمال الظَّاهِر بِالنعْمَةِ وَالْبَاطِن بالشكر عَلَيْهَا (فِي مأكله ومشربه) وَحَتَّى يرى أثر الْجدّة عَلَيْهِ وعَلى من عَلَيْهِ مُؤْنَته (ابْن أبي الدُّنْيَا فِيهِ) أَي فِي قرى الضَّيْف (عَن عليّ بن زيد بن جدعَان) التَّمِيمِي (مُرْسلا) وَهُوَ ابْن أبي مليكَة لينه الدَّارَقُطْنِيّ
(أَن الله يحمي عَبده الْمُؤمن) يمنعهُ مِمَّا يُؤْذِيه (كَمَا يحمي الرَّاعِي الشفيق) أَي الْكثير الشَّفَقَة أَي الرَّحْمَة (غنمه عَن مراتع الهلكة) وَذَلِكَ من غيرته على عَبده فيحميه عَمَّا يضرّهُ وَرب عبد الْخيرَة لَهُ فِي الْفقر وَالْمَرَض وَلَو كثر مَاله وَصَحَّ لبطر وطغى (هَب عَن حُذَيْفَة) ضَعِيف لضعف الْحُسَيْن الْجعْفِيّ
(أَن الله تَعَالَى يحْشر) يجمع (المؤذنين) فِي الدُّنْيَا (يَوْم الْقِيَامَة أطول النَّاس أعناقا) أَي أَكْثَرهم(1/272)
رَجَاء (بقَوْلهمْ لَا إِلَه إِلَّا الله) أَي بِسَبَب نطقهم بِالشَّهَادَتَيْنِ فِي التأذين فِي الْأَوْقَات الْخَمْسَة (خطّ عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف عمر بن عبد الرَّحْمَن الوقاصي
(أَن الله تَعَالَى يُخَفف على من يَشَاء من عباده طول يَوْم الْقِيَامَة) حَتَّى يصير عِنْده فِي الخفة (كوقت صَلَاة مَكْتُوبَة) أَي مِقْدَار صَلَاة الصُّبْح كَمَا فِي خبر آخر وَهَذَا تَمْثِيل لمزيد السرعة وَالْمرَاد لمحة لَا تكَاد تدْرك (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله) تَعَالَى (يدْخل) بِضَم أوّله وَكسر ثالثه (بِالسَّهْمِ الْوَاحِد) الَّذِي يَرْمِي بِهِ إِلَى أَعدَاء الله بِقصد إعلاء كلمة الله (ثَلَاثَة نفر الْجنَّة صانعه) الَّذِي (يحْتَسب فِي صَنعته الْخَيْر) أَي الَّذِي يقْصد بِعَمَلِهِ الْإِعَانَة على الْجِهَاد (والرامي بِهِ) فِي سَبِيل الله (ومنبله) بِالتَّشْدِيدِ مناوله للرامي ليرمي بِهِ احتسابا وَفِيه أَن الْأُمُور بمقاصدها وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْخمس الَّتِي ردّ بَعضهم جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا (حم 3 عَن عقبَة بن عَامر) وَفِيه خَالِد بن زيد مَجْهُول الْحَال
(أَن الله ليدْخل بلقمة الْخبز) أَي بِقدر مَا يلقم مِنْهُ (وقبصة التَّمْر) بصاد مُهْملَة مَا يناوله الْأَخْذ للسَّائِل برؤس أنامله الثَّلَاث (وَمثله) أَي وَمثل كل مَا ذكر (مِمَّا) أَي من كل مَا (ينفع الْمِسْكِين) وَإِن لم يكفه كقبصة زبيب أَو قِطْعَة لحم (ثَلَاثَة الْجنَّة) مَعَ السَّابِقين الأوّلين أَو بِغَيْر عَذَاب (صَاحب الْبَيْت) الَّذِي تصدّق بذلك على الْفَقِير مِنْهُ (الْآمِر بِهِ) أَي الَّذِي أَمر بالمتصدّق بِهِ (وَالزَّوْجَة الْمصلحَة) للخبز أَو الطَّعَام (وَالْخَادِم الَّذِي يناوله الْمِسْكِين) أَي الَّذِي يناول الصَّدَقَة للمتصدق عَلَيْهِ (ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ على شَرط مُسلم وَتعقبه الذَّهَبِيّ
(أَن الله يدْخل بِالْحجَّةِ الْوَاحِدَة ثَلَاثَة نفر الْجنَّة الْمَيِّت) المحجوج عَنهُ (والحاج عَنهُ والمنفذ لذَلِك) قَالَ الْبَيْهَقِيّ يَعْنِي الوصيّ وَفِيه شُمُول لما لَو تطّوع بِالْحَجِّ وَلما لَو حج بِأُجْرَة (عد هَب عَن جَابر) ضَعِيف لضعف أبي معشر
(أَن الله تَعَالَى يدنو من خلقه) أَي يقرب مِنْهُم قرب كَرَامَة ولطف وَرَحْمَة وَالْمرَاد لَيْلَة النّصْف من شعْبَان كَمَا فِي رِوَايَة (فَيغْفر لمن اسْتغْفر) أَي طلب الْمَغْفِرَة (إِلَّا الْبَغي بفرجها) أَي الزَّانِيَة (والعشار) بِالتَّشْدِيدِ المكاس (طب عد عَن عُثْمَان بن أبي الْعَاصِ) وَرِجَاله ثِقَات
(أَن الله تَعَالَى يدني الْمُؤمن) أَي يقرّبه مِنْهُ بِالْمَعْنَى الْمُقَرّر فِيمَا قبله (فَيَضَع عَلَيْهِ كنفه) بِالتَّحْرِيكِ ستره فيحفظه (ويستره) بِهِ (عَن النَّاس) أهل الْموقف صِيَانة لَهُ عَن الخزي والفضيحة (ويقرّره بذنوبه) أَي يَجعله مقرا بهَا بِأَن يظهرها لَهُ ويلجئه إِلَى الْإِقْرَار بهَا (فَيَقُول) تَعَالَى لَهُ (أتعرف ذَنْب كَذَا أتعرف ذَنْب كَذَا) مرَّتَيْنِ (فَيَقُول) الْمُؤمن (نعم) أعرفهُ (أَي رب) أعرف ذَلِك وَهَكَذَا كلما ذكر لَهُ ذَنبا أقربه (حَتَّى إِذا قَرَّرَهُ بذنوبه) أَي جعله مقرا بهَا كلهَا (وَرَأى فِي نَفسه أَنه) أَي الْمُؤمن (قد هلك) باستحقاقه الْعَذَاب لإِقْرَاره بذنوب لَا يجد لَهَا مدفعا (قَالَ) أَي الله لَهُ (فَإِنِّي قد سترتها) أَي الذُّنُوب (عَلَيْك فِي الدُّنْيَا وَأَنا أغفرها لَك الْيَوْم) قدّم أَنا ليُفِيد الِاخْتِصَاص إِذْ الذُّنُوب لَا يغفرها غَيره وَهَذَا فِي عبد مُؤمن ستر على النَّاس عيوبهم وَاحْتمل فِي حق نَفسه تقصيرهم (ثمَّ يعْطى) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي يُعْطي الله الْمُؤمن (كتاب حَسَنَاته بِيَمِينِهِ أما الْكَافِر وَالْمُنَافِق فَيَقُول الأشهاد) جمع شَهِيدا وَجمع شَاهد أَي أهل الْمَحْشَر لِأَنَّهُ يشْهد بَعضهم على بعض (هَؤُلَاءِ) إِشَارَة إِلَى الْكَافرين وَالْمُنَافِقِينَ (الَّذين كذبُوا على رَبهم أَلا لعنة الله على الظَّالِمين) فِيهِ ردّ على الْمُعْتَزلَة المانعين مغْفرَة ذنُوب أهل الْكَبَائِر (حم ق ن هـ عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(أَن الله يرضى لكم ثَلَاثًا) من الْخِصَال (وَيكرهُ لكم ثَلَاثًا) أَي يَأْمُركُمْ بِثَلَاث(1/273)
وينهاكم عَن ثَلَاث (فيرضى لكم أَن تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شيأ) فِي عِبَادَته فَهَذِهِ وَاحِدَة خلافًا لقَوْل النَّوَوِيّ ثِنْتَانِ (و) الثَّانِيَة (أَن تعتصموا بِحَبل الله) الْقُرْآن (وَلَا تفرّقوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ للتَّخْفِيف وَذَا نفي عطف على تعتصموا أَي لَا تختلفوا فِي ذَلِك الِاعْتِصَام كَمَا اخْتلف أهل الْكتاب أَي لَا تختلفوا فِي ذَلِك الِاعْتِصَام كَمَا اخْتلف أهل الْكتاب (و) الثَّالِثَة (أَن تناصحوا من ولاه الله أَمركُم) أَي من جعله والى أَمركُم وَهُوَ الإِمَام ونوابه وَأَرَادَ بمناصحتهم ترك مخالفتهم وَالدُّعَاء عَلَيْهِم وَالدُّعَاء لَهُم وَنَحْو ذَلِك (وَيكرهُ لكم قيل وَقَالَ) أَي المقاولة والخوض فِي أَخْبَار النَّاس (وَكَثْرَة السُّؤَال) عَن الْأَخْبَار أَو عَن الْأَمْوَال (وإضاعة المَال) صرفه فِي غير وَجهه الشَّرْعِيّ (حم م عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الله تَعَالَى يرفع بِهَذَا الْكتاب) أَي بِالْإِيمَان بِالْقُرْآنِ وتعظيمه وَالْعَمَل بِهِ قَالَ الطَّيِّبِيّ أطلق الْكتاب على الْقُرْآن ليثبت لَهُ الْكَمَال لِأَن اسْم الْجِنْس إِذا أطلق على فَرد من أَفْرَاده يكون مَحْمُولا على كَمَاله وبلوغه إِلَى حد هُوَ الْجِنْس كُله كَأَن غَيره لَيْسَ مِنْهُ (أَقْوَامًا) أَي دَرَجَة أَقوام ويكرمهم فِي الدَّاريْنِ (وَيَضَع) يذل (بِهِ آخَرين) وهم من لم يُؤمن بِهِ أَو أَمن وَلم يعْمل بِهِ (م هـ عَن عمر
أَن الله تَعَالَى يزِيد فِي عمر الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ببره وَالِديهِ) أَي أصليه وَأَن علوا يَعْنِي بإحسانه إِلَيْهِمَا وطاعتهما (ابْن منيع عد عَن جَابر) ضَعِيف لضعف الْكَلْبِيّ
(أَن الله تَعَالَى يسْأَل العَبْد) يَوْم الْقِيَامَة (عَن فضل علمه) أَي زِيَادَته لم اكْتَسبهُ وماذا عمل بِهِ وَمن علمه (كَمَا يسْأَله عَن فضل مَاله) من أَيْن اكْتَسبهُ وَفِيمَا أنفقهُ (طس عَن ابْن عمر) ضَعِيف لضعف يُوسُف الْأَفْطَس
(أَن الله تَعَالَى يسعر) أَي يشدّد (لَهب جَهَنَّم كل يَوْم فِي نصف النَّهَار) أَي وَقت الاسْتوَاء (ويخبتها) وقته (فِي يَوْم الْجُمُعَة) لما خص بِهِ ذَلِك الْيَوْم من عَظِيم الْفضل وَلِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيَّة لَا تَنْعَقِد صَلَاة لَا سَبَب لَهَا وَقت الاسْتوَاء إِلَّا يَوْم الْجُمُعَة (طب عَن وَاثِلَة) بن الْأَسْقَع
(أَن الله يطلع فِي الْعِيدَيْنِ إِلَى الأَرْض) أَي إِلَى أَهلهَا (فابرزوا من الْمنَازل) إِلَى مصلى الْعِيد (تلحقكم) أَي لتلحقكم (الرَّحْمَة) فإنّ نظره إِلَى عباده نظر رَحْمَة (ابْن عَسَاكِر عَن أنس) بن مَالك بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يعافي الْأُمِّيين) يَعْنِي الْجُهَّال الَّذين لم يقصروا فِي تعلم مَا لَزِمَهُم (يَوْم الْقِيَامَة مَا لَا يعافي الْعلمَاء) الَّذين لم يعملوا بِمَا علمُوا الآنّ الْجَاهِل يهيم على رَأسه كالبهيم والعالم إِذا ركب هَوَاهُ ردعه علمه فَإِن لم يفد فِيهِ ذَلِك نُوقِشَ فعذب (حل والضياء عَن أنس) قيل وَذَا حَدِيث مُنكر
(أَن الله تَعَالَى يعجب) تعجب إِنْكَار (من سَائل) أَي طَالب (يسْأَل) الله (غير الْجنَّة) الَّتِي هِيَ أعظم المطالب (وَمن معط يُعْطي لغير الله) من مدح مَخْلُوق وَالثنَاء عَلَيْهِ فِي المحافل وَنَحْو ذَلِك (وَمن متعوّذ يتعوّذ من غير النَّار خطّ عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ
(أَن الله تَعَالَى يعذب يَوْم الْقِيَامَة الَّذين يُعَذبُونَ النَّاس فِي الدُّنْيَا) ظلما بِخِلَافِهِ بِحَق كقود وحدّ وتعزيز (حم م د عَن هِشَام بن حَكِيم) بن حزَام (حم هَب عَن عِيَاض بن غنم) بأسانيد صَحِيحَة
(أَن الله تَعَالَى يُعْطي الدُّنْيَا على نِيَّة الْآخِرَة) لِأَن أَعمال الْآخِرَة محبوبة لَهُ فَإِذا أحب عبدا أحبه الْوُجُود الصَّامِت والناطق وَمن الصَّامِت الدُّنْيَا (وأبى) أَي امْتنع (أَن يُعْطي الْآخِرَة على نِيَّة الدُّنْيَا) فَأَشَارَ بالدنيا إِلَى الأرزاق وبالدين إِلَى الْأَخْلَاق (ابْن الْمُبَارك عَن أنس) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا الديلمي بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يغار للْمُسلمِ) أَي يغار عَلَيْهِ أَن ينقاد لسواه من شَيْطَانه وهواه ودنياه (فليغر) الْمُسلم على جوارحه أَن يستعملها فِي الْمعاصِي (طس عَن ابْن مَسْعُود)(1/274)
ضَعِيف لضعف عبد الْأَعْلَى الثعلبيّ
(أَن الله تَعَالَى يغار وأنّ الْمُؤمن يغار وغيرة الله) هِيَ (أَن يَأْتِي الْمُؤمن) أَي يفعل (مَا حرم الله عَلَيْهِ) وَلذَلِك حرم الْفَوَاحِش وَشرع عَلَيْهَا أعظم الْعُقُوبَات (حم ق ت عَن أبي هُرَيْرَة) لَكِن لم يقل البُخَارِيّ وَالْمُؤمن يغار
(أَن الله يقبل الصَّدَقَة ويأخذها بِيَمِينِهِ) كِنَايَة عَن حسن قبُولهَا لِأَن الشَّيْء المرضي يتلَقَّى بِالْيَمِينِ عَادَة (فيربيها لأحدكم) يَعْنِي يضعف أجرهَا (كَمَا يُربي أحدكُم) تَمْثِيل لزِيَادَة التفهيم (مهره) صَغِير الْخَيل وَفِي رِوَايَة فلوّه وَخَصه لِأَنَّهُ يزِيد زِيَادَة بَيِّنَة (حَتَّى أَن اللُّقْمَة لتصير مثل) جبل (أحد) فِي الْعظم وَهُوَ مثل ضرب لكَون أَصْغَر صَغِير يصير أكبر كَبِير بالتربية (ت عَن أبي هُرَيْرَة) بِإِسْنَاد جيد
(أَن الله يقبل تَوْبَة العَبْد) أَي رُجُوعه إِلَيْهِ من الْمُخَالفَة إِلَى الطَّاعَة (مَا لم يُغَرْغر) أَي تصل روحه حلقومه لِأَنَّهُ لم ييأس من الْحَيَاة فَإِن وصلت لذَلِك لم يعتدّ بهَا ليأسه ولأنّ من شَرط التَّوْبَة الْعَزْم على عدم المعاودة وَقد فَاتَ ذَلِك (حم ت هـ حب ك هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب قَالَ ت حسن غَرِيب
(أَن الله تَعَالَى يَقُول) يَوْم الْقِيَامَة (لأهون) أَي أسهل (أهل النَّار عذَابا) يَأْتِي فِي حَدِيث أَنه أَبُو طَالب (لَو أَن لَك مَا فِي الأَرْض من شَيْء) أَي لَو ثَبت لَك ذَلِك (كنت تَفْتَدِي بِهِ) الْآن من النَّار (قَالَ نعم) أفعل ذَلِك (قَالَ) الله تَعَالَى (فقد سَأَلتك مَا هُوَ أَهْون من هَذَا) أَي أَمرتك بِمَا هُوَ أَهْون عَلَيْك مِنْهُ (وَأَنت فِي صلب) أَبِيك (آدم) حِين أخذت الْمِيثَاق (أَن) أَي بِأَن (لَا تشرك بِي شيأ) من الْمَخْلُوقَات (فأبيت) إِذْ أخرجتك إِلَى الدُّنْيَا (إِلَّا الشّرك) أَي فامتنعت إِلَّا أَن تشرك بِي (ق عَن أنس
أَن الله تَعَالَى يَقُول أنّ الصَّوْم لي) أَي لم يتعبد بِهِ أحد غيرى أَو هُوَ سرّ بيني وَبَين عَبدِي (وَأَنا) لَا غَيْرِي (أجزئ بِهِ) صَاحبه بِأَن أضاعف لَهُ الْجَزَاء (أَن للصَّائِم فرحتين إِذا أفطر فَرح وَإِذا لَقِي الله تَعَالَى فجزاه فَرح وَالَّذِي نفس مُحَمَّد بِيَدِهِ) أَي بقدرته وتصريفه (لخلوف فَم الصَّائِم) بِضَم الْخَاء تغير رِيحه لخلو الْمعدة عَن الطَّعَام (أطيب عِنْد الله) يَوْم الْقِيَامَة كَمَا فِي خبر مُسلم أَو فِي الدُّنْيَا كَمَا يدل لَهُ خبر آخر (من ريح الْمسك) عِنْد الْخلق خصّه لأَنهم يؤثرونه على غَيره (حم م ن عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد) الْخُدْرِيّ (مَعًا) بِأَلْفَاظ مُتَقَارِبَة
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنا ثَالِث الشَّرِيكَيْنِ) بالمعونة وَحُصُول الْبركَة (مَا لم يخن أَحدهمَا صَاحبه) يتْرك أَدَاء الْأَمَانَة (فَإِذا خانه خرجت من بَينهمَا) يَعْنِي نزعت الْبركَة عَن مَالهمَا فشركة الله لَهما اسْتِعَارَة (د ك) وَصَححهُ (عَن أبي هُرَيْرَة) وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وَقيل وَالصَّوَاب مُرْسل
(أَن الله تَعَالَى يَقُول يَا ابْن آدم تفرغ لعبادتي) أَي تفرغ عَن مهماتك لطاعتي (املأ صدرك) أَي قَلْبك (غنى) والغنى إِنَّمَا هُوَ غنى الْقلب (وأسدّ فقرك) أَي تفرغ عَن مهماتك لعبادتي أقض مهماتك وأغنك عَن خلقي (وَألا تفعل ذَلِك مَلَأت يَديك شغلا) بِضَم الشين وبضم الْغَيْن وتسكن للتَّخْفِيف (وَلم أَسد فقرك) أَي وَإِن لم تتفرّغ لذَلِك واشتغلت بغيري لم أسدّ فقرك لِأَن الْخلق فُقَرَاء على الْإِطْلَاق فتزيد فقرا على فقرك (حم ت حب د ك عَن أبي هُرَيْرَة) قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه
(أَن الله تَعَالَى يَقُول إِذا أخذت كَرِيمَتي عبد) أَي أعميت عَيْنَيْهِ الكريمتين عَلَيْهِ (فِي الدُّنْيَا لم يكن لَهُ جَزَاء عِنْدِي إِلَّا الْجنَّة) أَي دُخُولهَا مَعَ السَّابِقين أَو بِغَيْر عَذَاب لِأَن الْعَمى من أعظم البلايا وَهَذَا قَيده فِي حَدِيث آخر بِمَا إِذا صَبر واحتسب (ت عَن أنس) وَرِجَاله ثِقَات
(أَن الله تَعَالَى يَقُول يَوْم الْقِيَامَة أَيْن المتحابون لجلالي) أَي عظمتي أَو فِي عظمتي (الْيَوْم أظلهم فِي ظِلِّي) أَي ظلّ(1/275)
عَرْشِي (يَوْم لَا ظلّ إِلَّا ظِلِّي) أَي لَا يكون من لَهُ ظلّ كَمَا فِي الدُّنْيَا وَالْمرَاد أَنه فِي ظله من الْحر والوهج (حم م عَن أبي هُرَيْرَة)
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنا مَعَ عَبدِي) بالتوفيق وَالْهِدَايَة (مَا ذَكرنِي) أَي مدّة ذكره لي (وتحرّكت بِي شفتاه) لِأَنَّهُ بمحبته وَذكره لما استولى على قلبه وروحه صَار مَعَه وجليسه بمعونته ونصرته وتوفيقه (حم هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الله تَعَالَى يَقُول أَن عَبدِي كل عَبدِي) أَي عَبدِي حَقًا (الَّذِي يذكرنِي وَهُوَ ملاق قرنه) بِكَسْر الْقَاف وَسُكُون الرَّاء عدوّه الْمُقَارن المكافئ لَهُ فِي الْقِتَال فَلَا يغْفل عَن ربه حَتَّى فِي حَال مُعَاينَة الْهَلَاك (ت عَن عمَارَة) بِضَم الْعين (ابْن زعكره) بِفَتْح الزَّاي وَالْكَاف وَسُكُون الْعين الْمُهْملَة الْأَزْدِيّ أَو الْكِنْدِيّ وَهُوَ حسن غَرِيب
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَن عبدا) مُكَلّفا (أصححت لَهُ جِسْمه ووسعت عَلَيْهِ فِي معيشته) أَي فِيمَا يعِيش فِيهِ من الْقُوت (تمْضِي عَلَيْهِ خَمْسَة أَعْوَام لَا يفد إليّ) أَي لَا يزور بَيْتِي وَهُوَ الْكَعْبَة يَعْنِي لَا يقصدها بنسك (لمحروم) من الْخَيْر لدلالته على عدم حبه لرَبه (ع حب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ ضَعِيف لضعف صَدَقَة بن يزِيد الْخُرَاسَانِي
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنا خير قسيم) أَي قَاسم أَو مقاسم (لمن أشرك بِي) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (من أشرك بِي) بِالْبِنَاءِ للْفَاعِل (شيأ) من الْخلق فِي عمل من الْأَعْمَال (فإنّ عمله قَلِيله وَكَثِيره لشَرِيكه الَّذِي أشرك بِي أَنا عَنهُ غَنِي) وقليله وَكَثِيره بِالنّصب على الْبَدَل من الْعَمَل أَو على التوكيد وَيصِح رَفعه على الِابْتِدَاء ولشريكه خَبره وَالْجُمْلَة خبر أَن وَتمسك بِهِ من قَالَ الْعَمَل لَا يُثَاب عَلَيْهِ إِلَّا أَن خلص لله كُله وَاخْتَارَ الْغَزالِيّ اعْتِبَار غَلَبَة الْبَاعِث (الطَّيَالِسِيّ حم عَن شدّاد بن أَوْس) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله تَعَالَى يَقُول لأهل الْجنَّة) بعد دُخُولهمْ إِيَّاهَا (يَا أهل الْجنَّة فَيَقُولُونَ لبيْك) أَي إِجَابَة بعد إِجَابَة (يَا رَبنَا وَسَعْديك) بِمَعْنى الإسعاد وَهُوَ الْإِعَانَة أَي نطلب مِنْك إسعادا بعد إسعاد (وَالْخَيْر فِي يَديك) أَي فِي قدرتك وَلم يذكر الشَّرّ لِأَن الْأَدَب عدم ذكره صَرِيحًا (فَيَقُول) تَعَالَى لَهُم (هَل رَضِيتُمْ) بِمَا صرتم إِلَيْهِ من النَّعيم الْمُقِيم (فَيَقُولُونَ وَمَا لنا لَا نرضى) الِاسْتِفْهَام لتقرير رضاهم (وَقد أَعطيتنَا) وَفِي رِوَايَة وَهل شَيْء أفضل مِمَّا أَعطيتنَا أَعطيتنَا (مَا لم تعط أحدا من خلقك) الَّذين لم تدخلهم الْجنَّة (فَيَقُول) تَعَالَى (أَلا) بِالتَّخْفِيفِ (أُعْطِيكُم) بِضَم الْهمزَة (أفضل من ذَلِك فَيَقُولُونَ يَا رب وَأي شَيْء أفضل من ذَلِك فَيَقُول أحل) بِضَم أوّله وَكسر الْمُهْملَة أنزل (عَلَيْكُم رِضْوَانِي) بِكَسْر أوّله وضمه أَي رضائي (فَلَا أَسخط عَلَيْكُم بعده أبدا) مَفْهُومه أَنه لَا يسْخط على أهل الْجنَّة (حم ق ت عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنا عِنْد ظن عَبدِي بِي) أَي أعامله على حسب ظَنّه وأفعل بِهِ مَا يتوقعه مني (إِن خيرا فَخير وَإِن شرّا فشرّ) أَي إِن ظن خيرا أفعل بِهِ خيرا وَإِن ظنّ شرّا أفعل بِهِ شرا فَمن اطمأنت نَفسه وأشرق قلبه بِالنورِ حسن ظَنّه بربه لِأَن ذَلِك النُّور الَّذِي فِي صَدره يرِيه من علاثم التَّوْحِيد مَا تسكن النَّفس إِلَيْهِ فيظن أَن الله كافيه وحسبه وَأَنه كريم رَحِيم عطوف يرحمه ويعطف عَلَيْهِ فيجد ذَلِك عِنْده فَهَذَا هُوَ حسن الظنّ وَمن كَانَت نَفسه شرهة وشهوته غالبه فارت بِدُخَان شهواتها فأظلم صَدره فانكسف النُّور بِتِلْكَ الظلمَة وعمى الْقلب فَجَاءَت النَّفس بهواجسها فظنّ ضدّ ذَلِك فيجده عِنْده فَهَذَا هُوَ سوء الظنّ بِاللَّه فَإِذا أَرَادَ الله بِعَبْد خيرا أعطَاهُ حسن الظَّن وَحكم عَكسه عكس حكمه (طس حل عَن وَاثِلَة) ابْن الْأَسْقَع
(أَن الله تَعَالَى يَقُول يَوْم الْقِيَامَة يَا ابْن آدم مَرضت فَلم تعدني) أضَاف الْمَرَض(1/276)
إِلَيْهِ وَالْمرَاد العَبْد تَشْرِيفًا لَهُ (قَالَ يَا رب كَيفَ أعودك وَأَنت رب الْعَالمين) حَال مقرره للإشكال الَّذِي تضمنه معنى كَيفَ أَي أَن العيادة إِنَّمَا هِيَ للْمَرِيض الْعَاجِز وَأَنت الْمَالِك الْقَادِر (قَالَ أما علمت أنّ عَبدِي فلَانا) أَي الْمُؤمن (مرض فَلم تعده أما علمت أَنَّك لوعدته لَوَجَدْتنِي عِنْده) أَي وجدت ثوابي وكرامتي فِي عيادته (يَا ابْن آدم استطعمتك فَلم تطعمني قَالَ يَا رب وَكَيف أطعمك وَأَنت رب الْعَالمين) أَي كَيفَ أطعمك وَالْإِطْعَام إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ الضَّعِيف الَّذِي يتقوّت بِهِ فيقيم بِهِ صلبه وَيصْلح عَجزه (قَالَ أما علمت أَنه استطعمك عَبدِي فلَان فَلم تطعمه أما علمت أَنَّك لَو أطعمته لوجدت ذَلِك عِنْدِي) قَالَ فِي العيادة لَوَجَدْتنِي عِنْده وَفِي الْإِطْعَام والسقي لوجدت ذَلِك عِنْدِي رمزا إِلَى أكثرية ثَوَاب العيادة (يَا ابْن آدم استسقيتك فَلم تَسْقِنِي قَالَ يَا رب كَيفَ أسقيك وَأَنت رب الْعَالمين) أَي كَيفَ ذَلِك وَإِنَّمَا يحْتَاج إِلَى الشّرْب الْعَاجِز الْمُحْتَاج لتعديل أَرْكَانه وطبيعته (قَالَ استسقاك عَبدِي فلَان فَلم تسقه أما إِنَّك لَو سقيته لوجدت ذَلِك عِنْدِي) أَي ثَوَابه (م عَن أبي هُرَيْرَة) وَرَوَاهُ عَنهُ أَيْضا التِّرْمِذِيّ وَغَيره
(أَن الله تَعَالَى يَقُول إِنِّي لأهم بِأَهْل الأَرْض عذَابا) أَي أعزم على إِيقَاع الْعَذَاب بهم (فَإِذا نظرت إِلَى عمار بيوتي) أَي عمار الْمَسَاجِد الَّتِي هِيَ بيُوت الله بأنواع الْعِبَادَة من نَحْو ذكر وَصَلَاة وَقِرَاءَة وَغير ذَلِك (والمتحابين فِي) أَي لأجلي لَا لغَرَض سوى ذَلِك (والمستغفرين بالأسحار) أَي الطالبين من الله الْمَغْفِرَة فِيهَا (صرفت عَذَابي عَنْهُم) أَي عَن أهل الأَرْض إِكْرَاما لهَؤُلَاء وَفِيه فضل الاسْتِغْفَار فِي السحر عَلَيْهِ فِي غَيره وَالسحر محركة قبيل الْفجْر (هَب عَن أنس) بن مَالك ضَعِيف لضعف صَالح المرّي
(أَن الله تَعَالَى يَقُول أَنِّي لست على كل كَلَام الْحَكِيم أقبل وَلَكِن أقبل على همه وهواه فَإِن كَانَ همه وهواه فِيمَا يحب الله ويرضى جعلت صمته) أَي سُكُوته (حمدا لله ووقارا وَإِن لم يتَكَلَّم) فِيهِ رمز إِلَى علو مقَام الْفِكر وَمن ثمَّ قَالَ الفضيل أَنه مخ الْعِبَادَة وَأَعْظَمهَا (ابْن النجار عَن المُهَاجر بن حبيب
أَن الله يكْتب للْمَرِيض) حَاله مَرضه (أفضل مَا كَانَ يعْمل فِي صِحَّته مَا دَامَ فِي وثَاقه) أَي مَرضه وَالْمرَاد مرض لَيْسَ أَصله مَعْصِيّة (وللمسافر أفضل مَا كَانَ يعْمل فِي حَضَره) إِذا شغله السّفر عَن ذَلِك الْعَمَل وَالْمرَاد السّفر الَّذِي لَيْسَ بِمَعْصِيَة (طب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ
(أَن الله يكره فَوق سمائه) خص الْفَوْقِيَّة إِيمَاء إِلَى أَن كَرَاهَة ذَلِك شائعة متعارفة بَين الْمَلأ الْأَعْلَى (أَن يخطأ أَبُو بكر الصدّيق) أَي يكره أَن ينْسب إِلَى الخطا (فِي الأَرْض) لكَمَال صديقيته وإخلاص سَرِيرَته (الْحَرْث طب وَابْن شاهين فِي السّنة عَن معَاذ) بن جبل بِإِسْنَاد ضَعِيف
(أَن الله تَعَالَى يكره من الرِّجَال الرفيع الصَّوْت) أَي شديده (وَيُحب الخفيض من الصَّوْت) وَلذَلِك أوصى نبيه بقوله {واخفض من صَوْتك} الْآيَة (هَب عَن أبي أُمَامَة) وَقَالَ إِسْنَاده لَيْسَ بِقَوي
(أَن الله تَعَالَى يلوم على الْعَجز) أَي التَّقْصِير والتهاون فِي الْأُمُور وَذَا قَالَه لمن ادّعى عَلَيْهِ عِنْده فحسبك تعريضا بِأَنَّهُ مظلوم أَي أَنْت مقصر بتركك الِاحْتِيَاط (وَلَكِن عَلَيْك بالكيس) بِفَتْح فَسُكُون التيقظ فِي الْأَمر وإتيانه من حَيْثُ يُرْجَى حُصُوله (فَإِذا غلبك أَمر) بعد الِاحْتِيَاط وَلم تَجِد الى الدّفع سَبِيلا (فَقل) حِينَئِذٍ (حسبي الله وَنعم الْوَكِيل) لعذرك حِينَئِذٍ وَحَاصِله لَا تكن عَاجِزا وَتقول حسبي الله بل كن يقظا جَازِمًا فَإِذا غلبك أَمر فَقل ذَلِك (د عَن عَوْف بن مَالك) ضَعِيف للْجَهْل بِحَال سيف الشَّامي
(أَن الله تَعَالَى يُمْهل حَتَّى إِذا كَانَ(1/277)
ثلث اللَّيْل الآخر) وَفِي رِوَايَة الثُّلُث الأوّل وَفِي أُخْرَى النّصْف وَجمع باخْتلَاف الْأَحْوَال (نزل إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا) أَي الْقُرْبَى نزُول رَحْمَة ومزيد لطف وَإجَابَة دَعْوَة وَقبُول معذرة (فَنَادَى هَل من مُسْتَغْفِر) فَأغْفِر لَهُ (هَل من تائب) فأتوب عَلَيْهِ (هَل من سَائل) فَيعْطى (هَل من دَاع) فأستجيب لَهُ وَلَا يزَال كَذَلِك (حَتَّى ينفجر الْفجْر) وَخص مَا بعد الثُّلُث أَو النّصْف من اللَّيْل لِأَنَّهُ وَقت التعرّض لنفحات الرَّحْمَة وزمن عبَادَة المخلصين (حم م عَن أبي هُرَيْرَة وَأبي سعيد مَعًا
أَن الله تَعَالَى ينزل) بِفَتْح أوّله (لَيْلَة النّصْف من شعْبَان) أَي ينزل أمره أَو رَحمته (إِلَى السَّمَاء الدُّنْيَا) أَي ينْتَقل من مُقْتَضى صِفَات الْجلَال الْمُقْتَضِيَة للقهر والانتقام من العصاة إِلَى مُقْتَضى صِفَات الْإِكْرَام الْمُقْتَضِيَة للرأفة وَالرَّحْمَة وَقبُول المعذرة والتلطف والتعطف (فَيغْفر لأكْثر من عدد شعر غنم كلب) خصهم لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَرَب أَكثر غنما مِنْهُم وَالْمرَاد غفران الصَّغَائِر (حم ت هـ عَن عَائِشَة) قَالَ ت لَا يعرف إِلَّا من حَدِيث الْحجَّاج بن أَرْطَأَة وَسمعت مُحَمَّدًا يَعْنِي البُخَارِيّ يضعف هَذَا الحَدِيث
(أَن الله تَعَالَى ينزل) بِضَم أوّله (على أهل هَذَا الْمَسْجِد) أَي مَسْجِد مَكَّة وَفِي رِوَايَة ينزل على هَذَا الْبَيْت (فِي كل يَوْم وَلَيْلَة عشْرين وَمِائَة رَحْمَة سِتِّينَ) مِنْهَا (للطائفين) بِالْبَيْتِ (وَأَرْبَعين للمصلين) بِالْمَسْجِدِ (وَعشْرين للناظرين) إِلَى الْكَعْبَة وَالْقِسْمَة على كل فريق على قدر الْعَمَل لَا على مُسَمَّاهُ على الْأَظْهر (طب وَالْحَاكِم فِي الكنى وَابْن عَسَاكِر عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن السّفر وَغَيره
(أَن الله ينزل المعونة على قدر الْمُؤْنَة وَينزل الصَّبْر على قدر الْبلَاء) لأنّ من صفة العَبْد الْجزع وَالصَّبْر لَا يكون إِلَّا بِاللَّه فَمن عظمت مصيبته أفيض عَلَيْهِ الصَّبْر بِقَدرِهَا وَإِلَّا لهلك هلعا (عدّو ابْن لال) فِي المكارم (عَن أبي هُرَيْرَة) ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن وَافد
(أَن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ) لِأَن الْحلف بِشَيْء يَقْتَضِي تَعْظِيمه وَالْعَظَمَة إِنَّمَا هِيَ لله وَحده وَلَا يُعَارضهُ حَدِيث أَفْلح وَأَبِيهِ لِأَنَّهَا كلمة جرت على لسانهم للتَّأْكِيد لَا للقسم (حم ق 4 عَن ابْن عمر) بن الْخطاب وَهَذَا الحَدِيث قد اخْتَصَرَهُ الْمُؤلف وَلَفظ رِوَايَة الشَّيْخَيْنِ من حَدِيث ابْن عمر أَلا إِن الله يَنْهَاكُم أَن تحلفُوا بِآبَائِكُمْ من كَانَ حَالفا فليحلف بِاللَّه أَو ليصمت
(أَن الله يُوصِيكُم بِأُمَّهَاتِكُمْ) أَي من النّسَب قَالَه (ثَلَاثًا) أَي كرّره ثَلَاث مرّات لمزيد التَّأْكِيد ثمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَة (أنّ الله يُوصِيكُم بِآبَائِكُمْ) وَأَن علوا قَالَه (مرَّتَيْنِ) إِشَارَة إِلَى تأكده وَأَنه دون تَأَكد حق الْأُم ثمَّ قَالَ (إِن الله يُوصِيكُم بالأقرب فَالْأَقْرَب) من النّسَب قَالَه مرّة وَاحِدَة إِشَارَة إِلَى أَنه دون مَا قبله فَيقدم فِي البرّ الْأُم فالأب فالأولاد فالأجداد فالجدّات فالأخوة وَالْأَخَوَات فالمحارم (خد هـ طب ك عَن الْمِقْدَام) بن معد يكرب بِإِسْنَاد حسن
(أَن الله يُوصِيكُم بِالنسَاء خيرا) كَرَّرَه ثَلَاثًا وَوَجهه بقوله (فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتكُم وبناتكم وخالاتكم أنّ الرجل من أهل الْكتاب يتزوّج الْمَرْأَة وَمَا تعلق) بِضَم اللَّام (يداها الْخَيط) أَي لَا يكون فِي يَدهَا شَيْء من الدُّنْيَا حَتَّى وَلَا التافه جدّا كالخيط وَالْمرَاد أَنَّهَا فِي غَايَة الْفقر (فَمَا يرغب وَاحِد مِنْهُمَا عَن صَاحبه) حَتَّى يموتا كَمَا فِي رِوَايَة يَعْنِي أنّ أهل الْكتاب يتزوّج أحدهم الْمَرْأَة الفقيرة جدّا فيصبر عَلَيْهَا وَلَا يفارقها إِلَّا بِالْمَوْتِ فافعلوا ذَلِك ندبا (طب عَن الْمِقْدَام) بن معد يكرب وَرِجَاله ثِقَات
(أَن الْإِبِل) بنوعيها عرابا وبخاتى (خلقت من الشَّيَاطِين وَأَن وَرَاء كل بعير شَيْطَانا) يَعْنِي خلقت من طباع الشَّيَاطِين وَأَن الْبَعِير(1/278)
إِذا نفر كَانَ نفاره من شَيْطَان يعدو خَلفه فينفره أَلا ترى إِلَى هيئتها وعينها إِذا نفرت (ص عَن خَالِد ابْن معدان) بِفَتْح الْمِيم الكلَاعِي (مُرْسلا) أرسل عَن ابْن عَمْرو غَيره
(أَن الأَرْض لتعج إِلَى الله تَعَالَى) بِعَين مُهْملَة وجيم أَي ترفع صَوتهَا إِلَيْهِ تَشْكُو (من) الْقَوْم (الَّذين يلبسُونَ الصُّوف رِيَاء) إيهاما للنَّاس أَنهم من الصُّوفِيَّة الصلحاء الزهاد ليعتقدوا ويعطوا وَمَا هم مِنْهُم وَفِيهِمْ قَالَ المعري
(أرى حَبل التصوّف شَرّ حَبل ... فَقل لَهُم وأهون بالحلول)
(أقَال الله حِين عبدتموه ... كلوا أكل الْبَهَائِم وارقصوا إِلَيّ)
(وَقَالَ آخر)
(قد لبس الصُّوف لترك الصَّفَا ... مَشَايِخ الْعَصْر لشرب الْعصير)
(بالرقص وَالشَّاهِد من شَأْنهمْ ... شرّ طَوِيل تَحت ذيل قصير)
(فر عَن ابْن عَبَّاس) بِإِسْنَاد ضَعِيف جدّا
(أَن الأَرْض لتنادي كل يَوْم) من علا ظهرهَا من الْآدَمِيّين (سبعين مرّة) يَعْنِي نِدَاء كثيرا بِلِسَان الْحَال أَو الْمقَال إِذْ الَّذِي خلق النُّطْق فِي الْإِنْسَان قَادر على خلقه فِي غَيره (يَا بني آدم كلوا) وَاشْرَبُوا (مَا شِئْتُم) أَن تَأْكُلُوا وتشربوا من الْأَطْعِمَة اللذيذة (واشتهيتم) مِنْهَا وَهَذَا أَمْرَد وَارِد على منهاج التهكم (فوَاللَّه) إِذا صرتم فِي بَطْني (لآكلنّ لحومكم وجلودكم) أَي أمحقها وأفنيها كَمَا يفنى الْحَيَوَان مَا يَأْكُلهُ وَهَذَا نِدَاء متسخط متوعد وَالْأَرْض لَا تسخط على الْأَنْبِيَاء والأولياء وَالْعُلَمَاء فالنداء لغَيرهم مِمَّن أكل مِنْهَا بِشَهْوَة ونهمة كالبهيمة (الْحَكِيم عَن ثَوْبَان) مولى الْمُصْطَفى
(أَن الْإِسْلَام بَدَأَ) بِالْهَمْز وروى بِدُونِهِ أَي ظهر (غَرِيبا) أَي فِي قلَّة من النَّاس ثمَّ انْتَشَر (وَسَيَعُودُ غَرِيبا) أَي وسيلحقه النَّقْص والخلل حَتَّى لَا يبْقى إِلَّا فِي قلَّة (كَمَا بدا) غَرِيبا يَعْنِي كَانَ فِي أَوله كالغريب الوحيد الَّذِي لَا أهل لَهُ لقلَّة الْمُسلمين يَوْمئِذٍ وَقلة من يعْمل بِهِ ثمَّ انْتَشَر وَسَيَعُودُ كَمَا كَانَ بِأَن يقل الْمُسلمُونَ والعاملون بِهِ فيصيرون كالغرباء (فطوبى) أَي فرحة وقرّة عين أَو سرُور وغبطة أَو الْجنَّة أَو شَجَرَة فِيهَا (للغرباء) الَّذين يصلحون مَا أفسد النَّاس بعدِي من سنتي (م هـ عَن أبي هُرَيْرَة ت هـ عَن ابْن مَسْعُود هـ عَن أنس طب عَن سلمَان وَسَهل بن سعد وَابْن عَبَّاس) وَغَيرهم
(أَن الْإِسْلَام بدا جذعا) بجيم وذال مُعْجمَة أَي شَابًّا فتيا والفتيّ من الْإِبِل مَا دخل فِي الْخَامِسَة (ثمَّ ثنيا) هُوَ مِنْهَا مَا دخل فِي السَّادِسَة (ثمَّ رباعيا) مخففا مَا دخل فِي السَّابِعَة (ثمَّ سديسيا) مَا دخل فِي الثَّامِنَة (ثمَّ بازلا) مَا دخل فِي التَّاسِعَة وَحِينَئِذٍ تكمل قوّته قَالَ عمر وَمَا بعد البزول إِلَّا النُّقْصَان أَي فالإسلام اسْتكْمل قوته وَبعد ذَلِك يَأْخُذ فِي النَّقْص (حم عَن رجل) وَفِيه راو وَلم يسم وَبَقِيَّة رِجَاله ثِقَات
(أَن الْإِسْلَام نظيف) تَقِيّ من الدنس (فتنظفوا) أَي نظفوا ظواهركم من دنس نَحْو مطعم ومشرب حرَام وملابسة قذر وبواطنكم بِنَفْي الشّرك وَالْإِخْلَاص وتجنب الْهوى والأمراض القلبية (فَإِنَّهُ لَا يدْخل الْجنَّة إِلَّا نظيف) أَي طَاهِر الظَّاهِر وَالْبَاطِن فَمن أَتَى يَوْم الْقِيَامَة وَهُوَ متلطخ بِشَيْء من هَذِه القاذورات طهر بالنَّار ليصلح لجوار الْغفار فِي دَار الْأَبْرَار وَقد تُدْرِكهُ الْعِنَايَة الإلهية فيعفى عَنهُ (خطّ عَن عَائِشَة) وَفِيه ضعف
(أَن الْأَعْمَال) القولية والفعلية (ترفع) إِلَى الله تَعَالَى (يَوْم الِاثْنَيْنِ و) يَوْم (الْخَمِيس) أَي فِي كل اثْنَيْنِ وخميس (فأحبّ أَن(1/279)
بِرَفْع عَمَلي وَأَنا صَائِم) وَفِي رِوَايَة وَأَنا فِي عبَادَة رَبِّي وَهَذَا غير الْعرض اليومي والعامي فاليومي إِجْمَالا وَمَا عداهُ تَفْصِيلًا أَو عَكسه (الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن أبي هُرَيْرَة هَب عَن أُسَامَة بن زيد) وَرَوَاهُ عَنهُ أَبُو دَاوُد وَغَيره
(أَن الإِمَام) الْأَعْظَم (الْعَادِل) بَين رَعيته وَهُوَ الَّذِي لَا يمِيل بِهِ الْهوى فيجور فِي الحكم (إِذا) مَاتَ و (وضع فِي قَبره) على شقَّه الْأَيْمن (ترك على يَمِينه) أَي لم تحوله عَنهُ الْمَلَائِكَة (فَإِذا كَانَ جائرا نقل من يَمِينه على يسَاره) أَي وأضجع على جنبه الْأَيْسَر فَإِن الْيَمين يمن وبركة فَهُوَ للأبرار وَالشمَال للفجار (ابْن عَسَاكِر عَن عمر بن عبد الْعَزِيز) الْخَلِيفَة الْأمَوِي (بلاغا) أَي أَنه قَالَ بلغنَا عَن رَسُول الله ذَلِك
(أَن الْأَمِير إِذا ابْتغى الرِّيبَة) أَي طلب الرِّيبَة أَي التُّهْمَة (فِي النَّاس) يتتبع فضائحهم (أفسدهم) يَعْنِي إِذا جاهرهم بِسوء الظنّ فيهم أدّى ذَلِك إِلَى ارتكابهم مَا ظنّ بهم ورموا بِهِ ففسدوا ومقصود الحَدِيث حث الإِمَام على التغافل وَعدم تتبع العورات فَإِن بذلك يقوم النظام وَيحصل الانتظام (د ك عَن جُبَير بن نفير) بنُون وَفَاء مُصَغرًا وَهُوَ الْجَهْضَمِي الْحِمصِي صَحَابِيّ صَغِير وَقيل تَابِعِيّ (وَكثير بن مرّة) تَابِعِيّ كَبِير فَالْحَدِيث من جِهَته مُرْسل (والمقدام وَأبي أُمَامَة) وَرَوَاهُ أَيْضا أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ عَنْهُمَا وَرِجَاله ثِقَات
(أَن الْإِيمَان ليخلق) أَي يكَاد أَن يبْلى (فِي جَوف أحدكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (كَمَا يخلق الثَّوْب) وصف بِهِ على طَرِيق الِاسْتِعَارَة (فاسألوا الله تَعَالَى أَن يجدّد الْإِيمَان فِي قُلُوبكُمْ) حَتَّى لَا يكون لقلوبكم وَله لغيره وَلَا رَغْبَة فِي سواهُ وَفِيه أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص (طب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب بِإِسْنَاد حسن (ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ بِإِسْنَاد رُوَاته ثِقَات
(أَن الْإِيمَان ليأرز) بلام التوكيد وهمزة سَاكِنة فراء مُهْملَة فزاي مُعْجمَة أَي لينضم ويلتجئ (إِلَى الْمَدِينَة) النَّبَوِيَّة يَعْنِي يجْتَمع أهل الْإِيمَان فِيهَا وينضمون إِلَيْهَا (كَمَا تأرز الْحَيَّة إِلَى حجرها) بِضَم الْجِيم أَي كَمَا تنضم وتلتجئ إِلَيْهِ إِذا انتشرت فِي طلب المعاش ثمَّ رجعت فَكَذَا الْإِيمَان شبه انضمامهم إِلَيْهَا بانضمام الْحَيَّة لأنّ حركتها أشق لمشيها على بَطنهَا وَالْهجْرَة إِلَيْهَا كَانَت مشقة (حم ق هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب سعد وَغَيره
(أَن الْبركَة تنزل فِي وسط الطَّعَام) بِسُكُون السِّين أَي الْإِمْدَاد من الله تَعَالَى ينزل فِي وَسطه (فَكُلُوا) ندبا (من حَافَّاته) أَي جوانبه وأطرافه (وَلَا تَأْكُلُوا من وَسطه) أَي يكره ذَلِك تَنْزِيها لكَونه مَحل تنزلات الْبركَة وَالْخطاب للْجَمَاعَة أما الْمُنْفَرد فيأكل من الحافة الَّتِي تليه وَعَلِيهِ تنزل رِوَايَة حافته بِالْإِفْرَادِ (ت ك عَن ابْن عَبَّاس) قَالَ ك صَحِيح وأقرّوه
(أَن الْبَيْت) يَعْنِي الْموضع وقصره على بَيت الصَّلَاة بعيد (الَّذِي فِيهِ الصُّور) ذَوَات الْأَرْوَاح (لَا تدخله الْمَلَائِكَة) مَلَائِكَة الرَّحْمَة وَالْبركَة زجرا لرب الْبَيْت وَلِأَن فِي اتخاذها شبها بالكفار (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (ق عَن عَائِشَة) وَغَيرهَا
(أَن الْبَيْت الَّذِي يذكر الله فِيهِ) بأيّ نوع من أَنْوَاع الذّكر (ليضيء) حَقِيقَة لَا مجَازًا خلافًا لمن وهم (لأهل السَّمَاء) أَي الْمَلَائِكَة (كَمَا تضيء النُّجُوم لأهل الأَرْض) أَي كإضاءتها لمن فِي الأَرْض من الْآدَمِيّين وَغَيرهم من سكانها (أَبُو نعيم فِي الْمعرفَة عَن سابط) بن أبي حميصة الْقرشِي
(أَن الْحجامَة فِي الرَّأْس) أَي فِي وَسطه (دَوَاء من كل دَاء) وأبدل مِنْهُ قَوْله (الْجُنُون والجذام) بِضَم الْجِيم دَاء مَعْرُوف (والعشا) بِفَتْح الْعين وَالْقصر ضعف الْبَصَر أَو عدم الإبصار لَيْلًا (والبرص) وَهُوَ آفَة تعرض فِي الْبشرَة تخَالف لَوْنهَا (والصداع) بِالضَّمِّ وجع الرَّأْس وَهُوَ مَخْصُوص بِأَهْل الْحجاز وَنَحْوهم (طب عَن أم سَلمَة) أم الْمُؤمنِينَ(1/280)
(أَن الْحيَاء وَالْإِيمَان قرنا جَمِيعًا) أَي جَمعهمَا الله ولازم بَينهمَا فَحَيْثُمَا وجد أَحدهمَا وجد الآخر (فَإِذا رفع أَحدهمَا رفع الآخر) لتلازمهما كَمَا تقرّر وَذَلِكَ لِأَن الْمُكَلف إِذا لم يستحي من الله لَا يحفظ الرَّأْس وَمَا وعى وَلَا الْبَطن وَمَا حوى وَلَا يذكر الْمَوْت والبلى كَمَا فِي الحَدِيث الْمَار بل ينهمك فِي الْمعاصِي وَذَلِكَ بريد الْكفْر (ك هَب عَن ابْن عمر) بن الْخطاب ضَعِيف لضعف جرير بن حَازِم وتغيره
(أَن الْحيَاء وَالْإِيمَان فِي قرن) بِالتَّحْرِيكِ أَي مجموعان متلازمان (فَإِذا سلب أَحدهمَا تبعه الآخر) أَي إِذا نزع من عبد الْحيَاء تبعه الْإِيمَان وَعَكسه (هَب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف مُحَمَّد بن يُونُس الْكُدَيْمِي
(أَن الْخصْلَة الصَّالِحَة) من خِصَال الْخَيْر (تكون فِي الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (فيصلح الله لَهُ بهَا عمله كُله) وَإِذا كَانَ هَذَا فِي خصْلَة وَاحِدَة فَمَا بالك بِمن جمع خِصَالًا عديدة من الْخَيْر (وطهور الرجل) بِضَم الطَّاء أَي وضوءه وغسله عَن الْجَنَابَة والخبث (لصلاته) أَي لأَجلهَا (يكفر الله بِهِ ذنُوبه وَتبقى صلَاته لَهُ نَافِلَة) أَي زِيَادَة فِي الْأجر وَالْمرَاد الصَّغَائِر فَقَط (ع طس هَب عَن أنس) بِإِسْنَاد حسن
(أَن الدَّال على الْخَيْر كفاعله) فِي مُطلق حُصُول الثَّوَاب وَإِن اخْتلف الْقدر بل قد يكون أجر الدَّال أعظم وَيدخل فِيهِ معلم الْعلم دُخُولا أَو ليا (ت عَن أنس) وَفِيه غرابة وَضعف
(أَن الدُّنْيَا ملعونة) أَي مطرودة مبعودة عَن الله (مَلْعُون مَا فِيهَا) مِمَّا شغل عَن الله لَا مَا تقرّب بِهِ إِلَيْهِ كَمَا بَينه بقوله (إِلَّا ذكر الله) وَعطف عَلَيْهِ عطف عَام على خَاص قَوْله (وَمَا وَالَاهُ) أَي مَا يُحِبهُ الله من الدُّنْيَا وَهُوَ الْعَمَل الصَّالح والموالاة الْمحبَّة بَين اثْنَيْنِ وَقد تكون من وَاحِد (وعالما أَو متعلما) بنصبهما عطف على ذكر الله وَوَقع لِلتِّرْمِذِي بِلَا ألف لَا لِكَوْنِهِمَا مرفوعين لِأَن الِاسْتِثْنَاء من مُوجب بل لِأَن عَادَة كثير من الْمُحدثين استماط الْألف فِي الْخط (ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ حسن غَرِيب
(أَن الدّين) دين الْإِسْلَام (النَّصِيحَة) أَي هِيَ عماده وقوامه وَهِي بذل الْجهد فِي إصْلَاح المنصوح وتحرّي الْإِخْلَاص قولا وفعلا (لله) بِالْإِيمَان بِهِ وَنفي الشَّرِيك وَوَصفه بِجَمِيعِ الكمالات وتنزيهه عَمَّا لَا يَلِيق بِهِ (ولكتابه) أَي كتبه ببذل الْجهد فِي الذب عَنْهَا من تَأْوِيل جَاهِل وانتحال مُبْطل وَالْوُقُوف عِنْد أَحْكَامهَا (وَلِرَسُولِهِ) بِالْإِيمَان بِمَا جَاءَ بِهِ وإعظام حَقه والتخلق بأخلاقه والتأدب بآدابه (ولأئمة لمسلمين) الْخُلَفَاء ونوّابهم بمعاونتهم على الْحق وطاعتهم فِيهِ (وعامتهم) بالإرشاد لما فِيهِ صَلَاحهمْ دنيا وَأُخْرَى وكف الْأَذَى عَنْهُم وتعليمهم مَا جهلوه ومعاملتهم بالرفق والشفقة وسد الْخلَّة وَستر الْعَوْرَة وَنَحْو ذَلِك (حم م د ن عَن تَمِيم) بن أَوْس (الدَّارِيّ) المتعبد المتزهد (ت ن عَن أبي هُرَيْرَة حم عَن ابْن عَبَّاس) قَالُوا هَذَا الحَدِيث ربع الْإِسْلَام
(أَن الدّين يسر) أَي دين الْإِسْلَام ذُو يسر أَو هُوَ يسر مُبَالغَة لشدَّة الْيُسْر فِيهِ وكثرته كَأَنَّهُ نَفسه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَان قبله لرفع الأصر عَن هَذِه الْأمة (وَلنْ يشادّ) أَي يُقَاوم هَذَا (الدّين أحد) بِشدَّة (إِلَّا غَلبه) يَعْنِي لَا يتعمق أحد فِي الْعِبَادَة وَيتْرك الرِّفْق كالرهبان والأعجز فيغلب (فسددوا) الزموا السداد وَهُوَ الصَّوَاب بِلَا إفراط وَلَا تَفْرِيط (وقاربوا) أَي إِن لم تستطيعوا الْأَخْذ بالأكمل فاعملوا بِمَا يقرب مِنْهُ (وَأَبْشِرُوا) بالثواب على الْعَمَل الدَّائِم وَإِن قل (وَاسْتَعِينُوا بالغدوة والروحة) أَي اسْتَعِينُوا على مداومة الْعِبَادَة بإيقاعها فِي وَقت النشاط كأوّل النَّهَار وَبعد الزَّوَال (وَشَيْء من الدلجة) بِضَم فَسُكُون كَذَا الرِّوَايَة أَي وَاسْتَعِينُوا عَلَيْهَا بإيقاعها آخر اللَّيْل وَفِيه أَن الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير وَأَن الْأَمر إِذا(1/281)
ضَاقَ اتَّسع قَالُوا يتخرّج على ذَلِك جَمِيع رخص الشَّرْع وتخفيفاته (خَ ن عَن أبي هُرَيْرَة) والْحَدِيث مَعْدُود من جَوَامِع الْكَلم
(أَن الذّكر فِي سَبِيل الله) أَي حَال قتال الْكفَّار (يضعف) بالتضعيف وَعَدَمه مَبْنِيّ للْمَجْهُول تفخيما أَي يُضعفهُ الله (فَوق النَّفَقَة سَبْعمِائة ضعف) أَي أجر ذكر الله فِي الْجِهَاد يعدل ثَوَاب النَّفَقَة فِيهِ وَيزِيد بسبعمائة ضعف وَالظَّاهِر أَن المُرَاد بِهِ التَّكْبِير حَال الْقِتَال (حم طب عَن معَاذ) بن أنس الْجُهَنِيّ
(أَن الرجل) يَعْنِي الْمُكَلف رجلا كَانَ أَو غَيره (ليعْمَل عمل أهل الْجنَّة) من الطَّاعَات (فِيمَا يَبْدُو للنَّاس) أَي يظْهر لَهُم وَهَذِه زِيَادَة حَسَنَة ترفع الْإِشْكَال من الحَدِيث قَالَ التَّاج السُّبْكِيّ هَذِه الزِّيَادَة عَظِيمَة الوقع جليلة الْفَائِدَة عِنْد الأشعرية كَثِيرَة النَّفْع لأهل السّنة فِي أَنا مُؤمن إِن شَاءَ الله فليفهم الفاهم مَا نبهت عَلَيْهِ (وَهُوَ) فِي الْبَاطِن (من أهل النَّار) بِسَبَب أَمر باطني لَا يطلع النَّاس عَلَيْهِ (وَأَن الرجل) يَعْنِي الْمُكَلف ول أُنْثَى (ليعْمَل عمل أهل النَّار) من الْمعاصِي (فِيمَا يَبْدُو) أَي يظْهر (للنَّاس وَهُوَ) بَاطِنا (من أهل الْجنَّة) لخصلة خير خُفْيَة تغلب عَلَيْهِ فتوجب حسن الخاتمة أما بِاعْتِبَار مَا فِي نفس الْأَمر فَالْأول لم يَصح لَهُ عمل أصلا لِأَنَّهُ كَافِر بَاطِنا وَالثَّانِي عمله الَّذِي يحْتَاج لنِيَّة بَاطِل وَغَيره صَحِيح (ق عَن سهل بن سعد) السَّاعِدِيّ (زادخ) فِي رِوَايَته على مُسلم (وَإِنَّمَا الْأَعْمَال بخواتيمها) يَعْنِي أَن الْعَمَل السَّابِق غير مُعْتَبر وَإِنَّمَا الْمُعْتَبر الَّذِي ختم بِهِ
(أَن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل) وَهُوَ مدّة الْعُمر وَهُوَ مَنْصُوب على الظَّرْفِيَّة (بِعَمَل أهل الْجنَّة ثمَّ يخْتم لَهُ عمله بِعَمَل أهل النَّار) أَي يعْمل عمل أهل النَّار فِي آخر عمره فيدخلها (وَأَن الرجل ليعْمَل الزَّمن الطَّوِيل بِعَمَل أهل النَّار ثمَّ يخْتم عمله بِعَمَل أهل الْجنَّة) أَي يعْمل عمل أهل الْجنَّة فِي آخر عمره فيدخلها وَاقْتصر على قسمَيْنِ مَعَ أنّ الْأَقْسَام أَرْبَعَة لظُهُور حكم الآخرين من عمل بِعَمَل أهل الْجنَّة أَو النَّار طول عمره (م عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من رضوَان الله تَعَالَى) بِكَسْر الرَّاء أَي مِمَّا يرضيه وَيُحِبهُ (مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت) مَا رضَا الله بهَا عَنهُ (فَيكْتب الله لَهُ بهَا رضوانه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) أَي بَقِيَّة عمره حَتَّى يلقاه يَوْم الْقِيَامَة فَيقبض على الْإِسْلَام وَلَا يعذب فِي قَبره وَلَا يهان فِي حشره (وَأَن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ من سخط الله) أَي مِمَّا يغضبه (مَا يظنّ أَن تبلغ مَا بلغت) من سخط الله (فَيكْتب الله عَلَيْهِ بهَا سخطه إِلَى يَوْم الْقِيَامَة) بِأَن يخْتم لَهُ بالشقاوة ويعذب فِي قَبره ويهان فِي حشره حَتَّى يلقاه يَوْم الْقِيَامَة فيورده النَّار (مَالك) فِي الْمُوَطَّأ (حم ت ن هـ حب ك عَن بِلَال بن الْحَرْث) الْمُزنِيّ الْمدنِي وَفِي الحَدِيث قصَّة مَذْكُورَة فِي الأَصْل
(أَن الرجل ليوضع الطَّعَام) وَمثله الشَّرَاب (بَين يَدَيْهِ) ليأكله أَو يشربه (فَمَا يرفع حَتَّى يغْفر لَهُ) أَي الصَّغَائِر كَمَا نَظَائِره وَذكر الرّفْع غالبى وَالْمرَاد فرَاغ الْأكل قيل يَا رَسُول الله وَبِمَ ذَاك قَالَ (يَقُول بِسم الله إِذا وضع وَالْحَمْد لله إِذا رفع) أَي يغْفر لَهُ بِسَبَب قَوْله فِي ابْتِدَاء الْأكل بِسم الله وَعند فَرَاغه الْحَمد لله فالتسمية وَالْحَمْد عِنْد الشُّرُوع فِيهِ والفراغ مِنْهُ سنة مُؤَكدَة (الضياء) الْمَقْدِسِي (عَن أنس) ضَعِيف لضعف عبد الْوَارِث مولى أنس
(أَن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ليحرم) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي يمْنَع (الرزق) أَي بعض النعم الدُّنْيَوِيَّة والأخروية وَحذف الْفَاعِل لاستهجان ذكره فِي مقَام المرزوق (بالذنب يُصِيبهُ) أَي بشؤم كَسبه للذنب وَلَو بنسيان الْعلم أَو سُقُوط مَنْزِلَته من الْقُلُوب أَو قهر أعدائه لَهُ (وَلَا يرد الْقَضَاء إِلَّا الدُّعَاء) بِمَعْنى أَنه يهوّنه حَتَّى يصير الْقَضَاء النَّازِل كَأَنَّهُ مَا نزل(1/282)
(وَلَا يزِيد فِي الْعُمر إِلَّا الْبر) بِالْكَسْرِ لِأَن البرّ يطيب عيشه فَكَأَنَّمَا زيد فِي عمره (حم ن هـ حب ك عَن نوبان) قَالَ ك صَحِيح وأقرّه
(أَن الرجل إِذا نزع ثَمَرَة من) ثمار شجر (الْجنَّة) أَي قطعهَا مِنْهَا ليأكلها (عَادَتْ مَكَانهَا أُخْرَى) حَالا فَلَا يرى شَجَرَة من أشجارها عُرْيَانَة من ثمارها كَمَا فِي الدُّنْيَا (طب) وَكَذَا الْحَاكِم وَالْبَزَّار (عَن ثَوْبَان) بأسانيد بَعْضهَا صَحِيح
(أَن الرجل إِذا نظر إِلَى امْرَأَته) بِشَهْوَة أَو غَيرهَا (وَنظرت إِلَيْهِ) كَذَلِك (نظر الله تَعَالَى إِلَيْهِمَا نظرة رَحْمَة) أَي صرف لَهما حظا عَظِيما مِنْهَا (فَإِذا أَخذ بكفها) ليداعبها أَو يضاجعها فيجامعها (تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما) أَي من بَينهمَا وَالْمرَاد الصَّغَائِر لَا الْكَبَائِر كَمَا يَأْتِي وَيظْهر أَن مَحل ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ قصدهم الإعفاف أَو الْوَلَد لتكثير الْأمة (ميسرَة بن عليّ فِي مشيخته) الْمَشْهُورَة (والرافعيّ) إِمَام الدّين عبد الْكَرِيم الْقزْوِينِي (فِي تَارِيخه) تَارِيخ قزوين (عَن أبي سعيد) الخدريّ
(أَن الرجل لينصرف) من الصَّلَاة (وَمَا كتب لَهُ إِلَّا عشر صلَاته تسعها) بِضَم أَوله وَهُوَ مَا بعده بِالرَّفْع بدل مِمَّا قبله بدل تَفْصِيل (ثمنهَا سبعها سدسها خمسها ربعهَا ثلثهَا نصفهَا) أَرَادَ أَن ذَلِك يخْتَلف باخْتلَاف الْأَشْخَاص بِحَسب الْخُشُوع والتدبر وَنَحْوه مِمَّا يَقْتَضِي الْكَمَال وَحذف من هَذِه الْمَذْكُورَات كلمة أَو وَهِي مُرَادة وحذفها كَذَلِك سَائِغ شَائِع فِي كَلَامهم واستعمالهم وَمن ذَلِك أَيْضا أثر عمر فِي الصَّحِيح صلى فِي قَمِيص فِي إِزَار فِي رِدَاء فِي كَذَا فِي كَذَا (حم د حب عَن عمار بن يَاسر) قَالَ الْعِرَاقِيّ إِسْنَاده صَحِيح
(أَن الرجل إِذا دخل فِي صلَاته) أَي أحرم بهَا إحراما صَحِيحا (أقبل الله عَلَيْهِ بِوَجْهِهِ) أَي برحمته ولطفه وَمن حق إقباله عَلَيْهِ أَن يقبل بِقَلْبِه إِلَيْهِ (فَلَا ينْصَرف عَنهُ حَتَّى يَنْقَلِب) بقاف وموحدة أَي ينْصَرف من صلَاته (أَو يحدث) أمرا مُخَالفا للدّين أَو المُرَاد الْحَدث الناقض ويرشح للْأولِ قَوْله (حدث سوء) بِالْإِضَافَة يَعْنِي مَا لم يحدث سوأ وإقباله تَعَالَى عَلَيْهِ كِنَايَة عَن مكاشفته على قدر صفائه من أكدار الدُّنْيَا (هـ عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان
(أَن الرجل لَا يزَال فِي صِحَة من رَأْيه) أى عقله المكتسب (مَا نصح لمستشيره) أى مُدَّة دوَام نصحه لَهُ (فاذا غش مستشيره سلبه الله تَعَالَى صِحَة رَأْيه) فَلَا يرى رَأيا وَلَا يدبر أمرا إِلَّا انعكس وانتكس جَزَاء لَهُ على غش أَخِيه الْمُسلم (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخ دمشق (عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف مَالك بن الْهَيْثَم وَغَيره
(أَن الرجل ليسألني الشَّيْء) أَي من أُمُور الدُّنْيَا (فأمنعه حَتَّى تشفعوا) أَي لَا أُجِيبهُ إِلَى مَطْلُوبه حَتَّى يحصل مِنْكُم الشَّفَاعَة عِنْدِي (فتؤجروا) عَلَيْهَا وَالْخطاب للصحابة (طب عَن مُعَاوِيَة) بن أبي سُفْيَان
(أَن الرجل ليعْمَل أَو الْمَرْأَة) لتعمل (بِطَاعَة الله تَعَالَى سِتِّينَ سنة) مثلا (ثمَّ يحضرهما الْمَوْت فيضارّان) بِالتَّشْدِيدِ أَي يوصلان الضَّرَر إِلَى ورثتهما (فِي الْوَصِيَّة) بِأَن يزيدا على الثُّلُث أَو يقصدا حرمَان الْأَقَارِب أَو يقرا بدين لَا أصل لَهُ (فَتجب لَهما) بذلك (النَّار) أَي يستحقان دُخُول نَار جَهَنَّم وَلَا يلْزم من الِاسْتِحْقَاق الدُّخُول فقد يعْفُو الله (د ت عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ التِّرْمِذِيّ حسن غَرِيب ونوزع
(أَن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ) الْوَاحِدَة (لَا يرى بهَا بَأْسا) أَي سوأ يَعْنِي لَا يظنّ أَنَّهَا ذَنْب يُؤَاخذ بِهِ (يهوي بهَا) أَي يسْقط بِسَبَبِهَا (سبعين خَرِيفًا فِي النَّار) لما فِيهَا من الأوزار الَّتِي غفل عَنْهَا وَالْمرَاد أَنه يكون دَائِما فِي صعُود وهويّ فالسبعين للتكثير لَا للتحديد (ت هـ ك عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الرجل ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ(1/283)
لَا يرى بهَا بَأْسا ليضحك بهَا الْقَوْم وَأَنه ليَقَع بهَا أبعد من السَّمَاء) أَي يَقع بهَا فِي النَّار أَو من عين الله أبعد من وُقُوعه من السَّمَاء إِلَى الأَرْض قَالَ الْغَزالِيّ أَرَادَ بِهِ مَا فِيهِ إِيذَاء مُسلم وَنَحْوه دون مجرّد المزاح (حم عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ ضَعِيف لضعف أبي إِسْرَائِيل
(أَن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (إِذا مَاتَ بِغَيْر ولد) يَعْنِي مَاتَ غَرِيبا (قيس لَهُ) أَي أَمر الله مَلَائكَته أَن تقيس أَي تذرع لَهُ (من مولده إِلَى مُنْقَطع) بِفَتْح الطَّاء (أَثَره) أَي إِلَى مَوضِع انْتِهَاء أَجله سمى الْأَجَل أثرا لِأَنَّهُ يتبع الْعُمر وَقَوله (فِي الْجنَّة) مُتَعَلق بقيس يَعْنِي من مَاتَ فِي غربته يفسح لَهُ فِي قَبره بِقدر مَا بَين قَبره ومولده وَيفتح لَهُ بَاب إِلَى الْجنَّة وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تحامل على نَفسه بتجرع مرَارَة مُفَارقَة الْألف والخلان والأهل والأوطان وَلم يجد لَهُ متعهدا فِي مَرضه غَالِبا وَلم يحضرهُ إِذا احْتضرَ أحد مِمَّن يلوذ بِهِ فَإِذا صَبر على ذَلِك محتسبا جوزي بِمَا ذكر (ن هـ عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ مَاتَ رجل بِالْمَدِينَةِ من أَهلهَا فصلى عَلَيْهِ الْمُصْطَفى ثمَّ قَالَ ليته مَاتَ بِغَيْر مولده قَالُوا وَلم فَذكره
(أَن الرجل إِذا صلى مَعَ الإِمَام) أَي اقْتدى بِهِ واستمرّ (حَتَّى ينْصَرف) من صلَاته (كتب) فِي راية حسب (لَهُ قيام لَيْلَة) يَعْنِي التَّرَاوِيح كَمَا فِي الفردوس وَغَيره (حم 4 حب عَن أبي ذرّ) الْغِفَارِيّ وَهُوَ بعض حَدِيث طَوِيل
(أَن الرجل من أهل عليين) أَي من أهل أشرف الْجنان وأعلاها من الْعُلُوّ وَكلما علا الشَّيْء وارتفع عظم قدره (ليشرف) بِضَم الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَكسر الرَّاء (على) من تَحْتَهُ من أهل الْجنَّة (فتضيء الْجنَّة) أَي تستنيرا اسْتِنَارَة مفرطة (لوجهه) أَي من أجل إشراق إضاءة وَجهه عَلَيْهَا (كَأَنَّهَا) أَي كَأَن وُجُوه أهل عليين (كَوْكَب) أَي ككوكب (دريّ) نِسْبَة للدَّار لبياضه وصفائه أَي كَأَنَّهَا كَوْكَب من در فِي غَايَة الصفاء وَالْإِشْرَاق والضياء (د عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(أَن الرجل من أهل الْجنَّة ليُعْطى قُوَّة مائَة رجل فِي الْأكل وَالشرب والشهوة) إِلَى الْجِمَاع (وَالْجِمَاع) وَإِنَّمَا ذمّ كَثْرَة الْأكل وَالشرب فِي الدُّنْيَا لما ينشأ عَنهُ من التثاقل عَن الطَّاعَة (حَاجَة أحدهم) كِنَايَة عَن الْبَوْل وَالْغَائِط (عرق) بِالتَّحْرِيكِ (يفِيض من جلده) أَي يخرج من مسامه رِيحه كالمسك (فَإِذا بَطْنه قد ضمر) أَي انهضم وانضم (طب عَن زيد بن أَرقم) بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات
(أَن الرجل) فِي رِوَايَة أَن الْمُؤمن (ليدرك بِحسن خلقه دَرَجَة الْقَائِم بِاللَّيْلِ) أَي المتهجد فِيهِ (الظامئ بالهواجر) أَي العطشات فِي شدّة الحرّ لِأَنَّهُمَا يجاهدان أَنفسهمَا فِي مُخَالفَة حظهما من الطَّعَام وَالشرَاب وَالنِّكَاح وَالنَّوْم فكأنهما يجاهدان نفسا وَاحِدًا وَأما من يحسن خلقه مَعَ النَّاس مَعَ تبَاين طباعهم وأخلاقهم فَكَأَنَّهُ يُجَاهد نفوسا كَثِيرَة فَأدْرك مَا أدْركهُ الصَّائِم الْقَائِم فاستويا فِي الدرجَة بل رُبمَا زَاد (طب عَن أبي أُمَامَة) ضَعِيف لضعف عفير بن معدان
(أَن الرجل فِي راية الطَّبَرَانِيّ أَن الْكَافِر (ليلجمه الْعرق) أَي يصل إِلَى فِيهِ فَيصير كاللجام (يَوْم الْقِيَامَة) من شدّة الهول وَالْمرَاد كَمَا قَالَ النَّوَوِيّ عرق نَفسه وَيحْتَمل وعرق غَيره (فَيَقُول رب) بِحَذْف حرف النداء للتَّخْفِيف وَفِي رِوَايَة بإثباته (أرحنى) من طول الْوُقُوف على هَذَا الْحَال (وَلَو) بإرسالي (إِلَى النَّار) فِيهِ إِشَارَة إِلَى طول وقوفهم فِي مقَام الهيبة وتمادي حَبسهم فِي مشْهد الْجلَال (طب عَن ابْن مَسْعُود) بِإِسْنَاد كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيّ جيد
(أَن الرجل ليطلب الْحَاجة) أَي الشَّيْء الَّذِي يَحْتَاجهُ مِمَّن جعل الله حوائج النَّاس إِلَيْهِ (فيزويها) بالزاي أَي يصرفهَا (الله تَعَالَى عَنهُ) فَلَا يسهلها لَهُ (لما هُوَ خير لَهُ) مِنْهَا فِي الْآخِرَة أَو الدُّنْيَا وَهُوَ أعلم بِمَا يصلح لَهُ عِنْده وَعَسَى أَن تكْرهُوا(1/284)
شَيْئا وَهُوَ خير لكم (فيتهم النَّاس ظلما لَهُم) وَفِي نُسْخَة ظَالِما لَهُم أَي بذلك الاتهام (فَيَقُول من سيعني) بِفَتْح السِّين الْمُهْملَة على مَا فِي بعض الْحَوَاشِي الْمُوَحدَة وَالْعين الْمُهْملَة أَي من تزين بِالْبَاطِلِ وعارضني فِيمَا طلبته ليؤذيني بذلك فيتهم النَّاس وَلَو تَأمل وتدبر أَنه تَعَالَى الْفَاعِل الْحَقِيقِيّ أَقَامَ الْعذر لمن عَارضه بل لكل مَوْجُود (طب عَن ابْن عَبَّاس) ضَعِيف لضعف أبي الصَّباح عبد الغفور
(إِن الرجل لترفع دَرَجَته فِي الْجنَّة فَيَقُول أَنى لي هَذَا) أَي من أَيْن لي هَذَا وَلم أعمل عملا يُوجِبهُ (فَيُقَال) أَي تَقول لَهُ الْمَلَائِكَة هَذَا (باستغفار ولدك لَك) من بعْدك دلّ بِهِ على أَن الاسْتِغْفَار يمحو الذُّنُوب وَيرْفَع الدَّرَجَات وَأَن اسْتِغْفَار الْفَرْع لأصله بعد مَوته كاستغفاره هُوَ لنَفسِهِ فَإِن ولد الرجل من كَسبه فعمله كَأَنَّهُ عمله (حم هـ هق عَن أبي هُرَيْرَة) // (بِإِسْنَاد قوي) // جيد
(إِن الرجل أَحَق بصدر دَابَّته) بِأَن يركب على مقدمها ويركب خَلفه وَلَا يعكس (وَصدر فرَاشه) بِأَن يجلس فِي صَدره تكرمة فَلَا يتَقَدَّم عَلَيْهِ فِي ذَلِك نَحْو ضيف وَلَا زائر إِلَّا بِإِذْنِهِ (وَأَن يؤم فِي رَحْله) أَي يُصَلِّي إِمَامًا بِمن حضر عِنْده فِي منزله الَّذِي سكنه بِحَق (طب عَن عبد الله بن حَنْظَلَة) ابْن أبي عَامر الراهب الْأنْصَارِيّ
(إِن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ليبتاع الثَّوْب بالدينار وَالدِّرْهَم) أَي أَو الدِّرْهَم (أَو بِنصْف الدِّينَار) مثلا وَالْمرَاد بِشَيْء حقير كَذَا فِي النّسخ المتداولة وَفِي نُسْخَة الْمُؤلف الَّتِي بِخَطِّهِ أَو بِالنِّصْفِ الدِّينَار بِزِيَادَة أل (فيلبسه فَمَا يبلغ كعبيه) أَي مَا يصل إِلَى عظميه الناتئين عِنْد مفصل السَّاق والقدم وَفِي رِوَايَة فَمَا يبلغ ثدييه (حَتَّى يغْفر لَهُ) أَي يغْفر الله لَهُ ذنُوبه وَالْمرَاد الصَّغَائِر (من الْحَمد) أَي من) أجل حَمده لرَبه تَعَالَى على حُصُول ذَلِك لَهُ فَيسنّ لمن لبس ثوبا جَدِيدا أَن يحمد الله تَعَالَى على تيسره لَهُ وَأولى صِيغ الْحَمد مَا جَاءَ عَن الْمُصْطَفى من قَوْله الْحَمد لله كَمَا كسوتنيه الحَدِيث (ابْن السّني عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ // (وَإِسْنَاده ضَعِيف) //
(إِن الرجل إِذا رَضِي هدي الرجل) بِفَتْح الْهَاء وَسُكُون الدَّال أَي سيرته وطريقته ونعته وَذكر الرجل وصف طردي (وَعَمله) أَي وَرَضي عمله (فَهُوَ مثله) فَإِن كَانَ مَحْمُودًا فَهُوَ مَحْمُودًا ومذموماً فمذموم وَالْقَصْد الْحَث على تجنب أهل الْمعاصِي وَنَحْوهم والاقتداء بالصلحاء فِي أفعالهم وأقوالهم (طب عَن عقبَة بن عَامر) // (ضَعِيف) // لضعف عبد الْوَهَّاب الضَّحَّاك
(إِن الرجل ليُصَلِّي الصَّلَاة) أَي فِي آخر وَقتهَا (وَلما فَاتَهُ مِنْهَا) من أول وَقتهَا (أفضل من أَهله وَمَاله) وَفِي رِوَايَة بدله خير من الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا (ص عَن طلق) بِفَتْح فَسُكُون (بن حبيب) الْعَنزي الْبَصْرِيّ الزَّاهِد العابد التَّابِعِيّ فَالْحَدِيث // (مُرْسل) //
(إِن الرَّحْمَة) وَفِي رِوَايَة إِن الْمَلَائِكَة أَي مَلَائِكَة الرَّحْمَة (لَا تنزل) من السَّمَاء (على قوم فيهم قَاطع رحم) أَي قرَابَة لَهُ بِنَحْوِ إِيذَاء أَو هجر وَالْمَقْصُود الزّجر عَن قطيعة الرَّحِم وحث الْقَوْم على أَن يخرجُوا من بَينهم قاطعها لِئَلَّا يحرموا الْبركَة بِسَبَبِهِ (خدعن) عبد الله (بن أبي أوفى) بِفَتَحَات وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(إِن الرزق ليطلب العَبْد) يَعْنِي الْإِنْسَان (أَكثر مِمَّا يَطْلُبهُ أَجله) فالاهتمام بِشَأْنِهِ والتهافت على استزادته لَا أثر لَهُ إِلَّا شغل الْقُلُوب عَن خدمَة علام الغيوب فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب (طب عد عَن أبي الدَّرْدَاء) وَرِجَاله ثِقَات
(إِن الرزق لَا تنقصه الْمعْصِيَة وَلَا تزيده الْحَسَنَة) أَي بِالنِّسْبَةِ لما فِي الْعلم الْقَدِيم الأزلي (وَترك الدُّعَاء) أَي الطّلب من الله (مَعْصِيّة) لما فِي حَدِيث آخر أَن من لم يسْأَل الله يغْضب عَلَيْهِ وَلذَلِك قيل
(الله يغْضب إِن تركت سُؤَاله ... وَبني آدم حِين يسئل يغْضب)
- هوامش قَوْله: بِفَتَحَات تكَرر مِنْهُ هَذَا الضَّبْط وَالصَّوَاب إسكان الْوَاو كَمَا فِي الْقُسْطَلَانِيّ أه(1/285)
(طص عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ // (ضَعِيف) // لضعف عَطِيَّة الْعَوْفِيّ
(إِن الرسَالَة والنبوة قد انْقَطَعت) كل منمها (فلَان رَسُول بعدِي) يبْعَث إِلَى النَّاس بِكِتَاب أَو يَدْعُو إِلَى كتاب (وَلَا نَبِي) يوحي إِلَيْهِ ليعْمَل لنَفسِهِ قَالَ أنس رَاوِي الحَدِيث لما قَالَ ذَلِك شقّ على الْمُسلمين فَقَالَ (وَلَكِن الْمُبَشِّرَات) اسْم فَاعل قَالُوا يَا رَسُول الله وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ (رُؤْيا الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان رجلا كَانَ أَو غَيره (الْمُسلم) فِي مَنَامه إِمَّا صَرِيحًا بِعَين الْوَاقِع أَو بِمَا يُشِير إِلَيْهِ (وَهِي جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة) هَذِه قَاعِدَة لَا يحْتَاج فِي إِثْبَاتهَا إِلَى شَيْء لانعقاد الْإِجْمَاع عَلَيْهَا وَلَا الِالْتِفَات لزعم بعض فرق الضلال أَن النُّبُوَّة بَاقِيَة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة وَأما عِيسَى فَينزل نَبيا لكنه يحكم بشرعنا (حم ت ك عَن أنس) قَالَ الْحَاكِم على شَرط مُسلم وأقروه
(إِن الرُّؤْيَا تقع على مَا يعبر) بِضَم الْمُثَنَّاة وَشد الْمُوَحدَة مَفْتُوحَة أَي يُفَسر (وَمثل ذَلِك مثل رجل) أَي إِنْسَان (رفع رجله فَهُوَ ينْتَظر مَتى يَضَعهَا فَإِذا رأى أحدكُم رُؤْيا فَلَا يحدث بهَا إِلَّا ناصحاً) أَي إنْسَانا مَعْرُوفا بالنصح (أَو عَالما) بتأويلها (ك عَن أنس) بن مَالك (حم ت ك عَن أنس) وَهُوَ // (صَحِيح) //
(ان الرقى) أَي الَّتِي لَا يفهم مَعْنَاهَا (والتمائم) بمثناة فوقية مَفْتُوحَة جمع تَمِيمَة وَأَصلهَا خَرَزَات تعلقهَا الْعَرَب على رَأس الْوَلَد لدفع الْعين ثمَّ توسعوا فِيهَا فسموا بهَا كل عوذة (والتولة) بِكَسْر الْمُثَنَّاة الْفَوْقِيَّة وَفتح الْوَاو كعنبة مَا يحبب الْمَرْأَة إِلَى الرجل من السحر (شرك) أَي من أَنْوَاع الشّرك سَمَّاهَا شركا لِأَن الْعَرَب كَانَت تعتقد تأثيرها وتقصد بهَا دفع الْمَقَادِير أما تَمِيمَة فِيهَا ذكر الله مُعْتَقدًا أَنه لَا فَاعل إِلَّا الله فَلَا بَأْس (حم د هـ ك عَن ابْن مَسْعُود) قَالَ الْحَاكِم // (صَحِيح) // وأقروه
(ان الرُّكْن وَالْمقَام) مقَام إِبْرَاهِيم (ياقوتتان) أَي أَصلهمَا (من ياقوت) وَفِي نُسْخَة من يَوَاقِيت وَالْأول هُوَ مَا رَأَيْته فِي خطّ الْمُؤلف (الْجنَّة) وَلَكِن (طمس الله تَعَالَى نورهما) أَي ذهب بِهِ لكَون الْخلق لَا يتحملونه وَلَو لم يطمس نورهما لأضاءتا مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب) أَي والخلق لَا تطِيق مُشَاهدَة ذَلِك كَمَا هُوَ مشَاهد فِي الشَّمْس (حم ت حب ك عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ قَالَ الْحَاكِم تفرد بِهِ أَيُّوب بن سُوَيْد قَالَ الذَّهَبِيّ وَأَيوب ضعفه أَحْمد وَتَركه النَّسَائِيّ (ان الرّوح إِذا قبض تبعه الْبَصَر) فَيَنْبَغِي تغميضه لِئَلَّا يقبح منظره قَالَ الْبَيْضَاوِيّ يحْتَمل أَن الْملك الْمُتَوفَّى للمتحضر يتَمَثَّل لَهُ فَينْظر إِلَيْهِ شزراً وَلَا يرْتَد إِلَيْهِ طرفه حَتَّى يُفَارِقهُ الرّوح وتضمحل بقايا القوى وَيبْطل الْبَصَر على تِلْكَ الْهَيْئَة فَهُوَ عِلّة للشق وَيحْتَمل كَونه عِلّة للإغماض لِأَن الرّوح إِذا فَارقه تتبعه الباصرة فِي الذّهاب فَلم يبْق لانفتاح بَصَره فَائِدَة (حم م هـ عَن أم سَلمَة) زوج الْمُصْطَفى قَالَت دخل النَّبِي على أبي سَلمَة وَقد شقّ بَصَره فأغمضه ثمَّ ذكره
(ان الزناة يأْتونَ) يَوْم الْقِيَامَة (تشتعل) أَي تضطرم (وُجُوههم) أَي ذواتهم وَلَا مَانع من إِرَادَة الْوَجْه وَحده (نَارا) لأَنهم لما نزعوا لِبَاس الْإِيمَان عَاد تنور الشَّهْوَة الَّذِي كَانَ فِي قُلُوبهم تنوراً ظَاهرا يحمى عَلَيْهِ بالنَّار لوجوههم الَّتِي كَانَت ناظرة للمعاصي (طب عَن عبد الله بن بسر) بموحدة مَضْمُومَة وسين مُهْملَة قَالَ الْمُنْذِرِيّ فِي إِسْنَاده نظر
(ان السَّاعَة) أَي الْقِيَامَة (لَا تقوم حَتَّى تكون) أَي تُوجد فَكَانَ تَامَّة (عشر آيَات) أَي عَلَامَات كبار وَلها عَلَامَات أُخْرَى دونهَا فِي الْكبر (الدُّخان) بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ بدل من عشر أَو خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف زَاد فِي رِوَايَة يمْلَأ مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب (والدجال) من الدجل وَهُوَ السحر (وَالدَّابَّة) الَّتِي تجلو وَجه الْمُؤمن بالعصا وتخطم وَجه الْكَافِر بالخاتم(1/286)
(وطلوع الشَّمْس من مغْرِبهَا) بِحَيْثُ يصير الْمشرق مغرباً وَعَكسه (وَثَلَاثَة خُسُوف خسف بالمشرق وَخسف بالمغرب وَخسف بِجَزِيرَة الْعَرَب) هِيَ مَكَّة وَالْمَدينَة واليمامة واليمن سميت بِهِ لِأَنَّهَا يُحِيط بهَا بَحر الْهِنْد وبحر القلزم ودجلة والفرات (ونزول عِيسَى) ابْن مَرْيَم حكما عدلا (وَفتح يَأْجُوج وَمَأْجُوج) أَي سدهما وهم صنف من النَّاس (ونار تخرج من قَعْر عدن) بِالتَّحْرِيكِ أَي من أساسها وأسفلها وَهِي مَدِينَة بِالْيمن (تَسوق النَّاس) أَي تطردهم إِلَى الْمَحْشَر) أَي مَحل الْحَشْر لِلْحسابِ وَهُوَ أَرض الشَّام (تبيت مَعَهم حَيْثُ باتوا وتقيل مَعَهم حَيْثُ قَالُوا) وَهَذَا الْحَشْر آخر الأشراط كَمَا فِي مُسلم وَمَا يُخَالِفهُ مؤوّل (حم م 4 عَن حُذَيْفَة بن أسيد) بِفَتْح الْهمزَة الْغِفَارِيّ قَالَ كَانَ الْمُصْطَفى فِي غرفَة وَنحن أَسْفَل فَاطلع علينا فَقَالَ مَا تذكرُونَ قُلْنَا السَّاعَة فَذكره
(ان السّحُور) بِفَتْح السِّين وَضمّهَا (بركَة) أَي زِيَادَة خير ونمو (أعطاكموها الله) أَي خصكم بهَا من بَين جَمِيع الْأُمَم (فَلَا تدعوها) أَي لَا تتركوها ندبا لمزيد فَضلهَا فالتسحر سنة مُؤَكدَة وَيكرهُ تَركه وَكَانَ فِي صدر الْإِسْلَام مَمْنُوعًا (حم ن من رجل) من الصَّحَابَة
(ان السَّعَادَة كل السَّعَادَة) أَي السَّعَادَة التَّامَّة الْكَامِلَة الَّتِي تسْتَحقّ أَن تسمى سَعَادَة (طول الْعُمر) بِضَم الْعين وتفتح (فِي طَاعَة الله) فَإِنَّهُ كلما طَال ازْدَادَ من الطَّاعَة فتكثر حَسَنَاته وترفع درجاته (خطّ عَن الْمطلب) بن ربيعَة بن الْحَرْث (عَن أَبِيه) ربيعَة وَفِيه ابْن لَهِيعَة
(ان السعيد) فعيل بِمَعْنى مفعول (لمن) أَي الْإِنْسَان الَّذِي (جنب) بِضَم الْجِيم وَشد النُّون (الْفِتَن) أَي بعد عَنْهَا ووفق للُزُوم بَيته وكرره ثَلَاثًا للْمُبَالَغَة (وَلمن ابتلى) بِتِلْكَ الْفِتَن (فَصَبر) أَي من وَقع فِي الْفِتْنَة وصبر على ظلم النَّاس لَهُ وَتحمل أذاهم وَلم يدْفع عَن نَفسه (د عَن الْمِقْدَام) بن معد يكرب وَفِي نُسْخَة الْمِقْدَاد
(ان السقط) بِتَثْلِيث السِّين الْوَلَد يسْقط من بطن أمه قبل تَمَامه (ليراغم) بمثناة تحتية وغين مُعْجمَة يغاضب (ربه) أَي يدل على ربه (إِذا دخل أَبَوَاهُ النَّار فَيُقَال) أَي تَقول الْمَلَائِكَة أَو غَيرهم بِإِذن الله (أَيهَا السقط المراغم ربه) أَي المدل عَلَيْهِ (أَدخل أَبَوَيْك) الْمُسلمين (الْجنَّة) أَي أخرجهُمَا من النَّار وأدخلهما الْجنَّة (فيجرهما بسرره) بمهملتين مفتوحتين مَا تقطعه الْقَابِلَة من السُّرَّة أَي يَجْعَل الله ذَلِك مُتَّصِلا بِهِ حالتئذ (حَتَّى يدخلهما الْجنَّة) بِشَفَاعَتِهِ وَإِذا كَانَ السقط يجر أَبَوَيْهِ بِمَا قطع من العلاقة بَينهمَا فَكيف بِالْوَلَدِ (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان السَّلَام اسْم من أَسمَاء الله تَعَالَى وضع) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي وَضعه الله (فِي الأَرْض) ليتعارف بِهِ النَّاس (فأفشوا السَّلَام بَيْنكُم) أَي أظهروه ندبا مؤكداً فَإِن فِي إِظْهَاره الأيذان بالأمان والتواصل بَين الإخوان (خد عَن أنس) بن مَالك // (بِإِسْنَاد حسن) //
(إِن السَّمَوَات السَّبع وَالْأَرضين السَّبع) وَالْجِبَال (لتلعن) بلام التوكيد (الشَّيْخ الزَّانِي) وَالشَّيْخَة الزَّانِيَة بِلِسَان الْحَال أَو القال (وَإِن فروج الزناة) من الذُّكُور وَالْإِنَاث (ليؤذي أهل النَّار نَتن رِيحهَا) أَي ريح الصديد السَّائِل مِنْهَا وَخص الشَّيْخ لِأَن الزِّنَا مِنْهُ أقبح وأفحش (الْبَزَّار عَن بُرَيْدَة) وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ
(ان السَّيِّد) أَي الْمُقدم فِي الْأُمُور الشريف فِي قومه (لَا يكون بَخِيلًا) أَي لَا يَنْبَغِي أَن يكون كَذَلِك أَو لَا يَنْبَغِي أَن يسوّد وَيُؤمر على قومه (خطّ فِي كتاب) ذمّ (البخلاء عَن أنس) بن مَالك // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان الشَّاهِد) أَي الْحَاضِر (يرى) من الرَّأْي فِي الْأُمُور المهمة لَا من الرُّؤْيَة (مَا لَا يرى الْغَائِب) يَعْنِي الْحَاضِر يدْرك مَا لَا يُدْرِكهُ الْغَائِب إِذْ لَيْسَ(1/287)
الْخَبَر كالمعاينة (ابْن سعد) فِي طبقاته (عَن عَليّ) أَمِير الْمُؤمنِينَ
(ان الشَّمْس وَالْقَمَر نوران) بِالْمُثَلثَةِ (عقيران) أَي معقوران يَعْنِي يكونَانِ كالزمنين (فِي النَّار) يَوْم الْقِيَامَة لِأَنَّهُمَا خلقا مِنْهَا كَمَا ورد فِي حَدِيث آخر فَردا إِلَيْهَا أَو يجعلان فِي النَّار ليعذب بهما أَهلهَا فَلَا يزَالَانِ فِيهَا كَأَنَّهُمَا زمنين (الطَّيَالِسِيّ) أَبُو دَاوُد (ع) مَعًا (عَن أنس) بن مَالك وَحكى ابْن الْجَوْزِيّ وَضعه
(ان الشَّمْس وَالْقَمَر لَا ينكسفان) بِالْكَاف وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة (لمَوْت) أَي لأجل موت (أحد) من النَّاس أَو من العظماء وَهَذَا قَالَه يَوْم مَاتَ ابْنه إِبْرَاهِيم فكسفت الشَّمْس فَقَالُوا كسفت لمَوْته فردّ عَلَيْهِم (وَلَا لِحَيَاتِهِ) دفع بِهِ توهم أَنه إِذا لم يكن لمَوْت أحد من العظماء فَيكون لإيجاده (ولكنهما آيتان من آيَات الله) الدَّالَّة على عَظمته (يخوف الله بهما) أَي بكسوفهما (عباده) وَكَونه تخويفاً لَا يُنَافِي مَا قَرَّرَهُ عُلَمَاء الْهَيْئَة فِي الْكُسُوف لِأَن لله أفعالاً على حسب الْعَادة وَاقعا لَا خَارِجَة عَنْهَا وَقدرته حاكمة على كل سَبَب (فَإِذا رَأَيْتُمْ) أَي علمْتُم (ذَلِك) أَي كسوف وَاحِد مِنْهُمَا لِاسْتِحَالَة وقوعهما مَعًا (فصلوا) صَلَاة الْكُسُوف (وَادعوا) الله ندبا (حَتَّى) غَايَة للمجموع من الصَّلَاة وَالدُّعَاء (ينْكَشف مَا بكم) بِأَن يحصل الانجلاء التَّام (خَ ن عَن أبي بكرَة) بِالتَّحْرِيكِ (ق ن هـ عَن أبي مَسْعُود) البدري (ق ن عَن ابْن عمر) بن الْخطاب (ق عَن الْمُغيرَة) بن شُعْبَة
(ان الشَّمْس وَالْقَمَر إِذا رأى أَحدهمَا من عَظمَة الله شَيْئا) نكره للتقليل أَي شَيْئا قَلِيلا جدا إِذْ لَا يُطيق مَخْلُوق النّظر إِلَى كثير مِنْهَا (حاد عَن مجْرَاه) أَي مَال وَعدل عَن وجهة جرية (فانكسف) لشدَّة مَا يرَاهُ من صفة الْجلَال (ابْن النجار) فِي تَارِيخه (عَن أنس) بن مَالك
(ان الشَّهْر) أَي الْعَرَبِيّ الْهِلَالِي قد (يكون تِسْعَة وَعشْرين يَوْمًا) كَمَا قد يكون ثَلَاثِينَ وَمن ثمَّ لَو نذر شهرا معينا فَكَانَ تسعا وَعشْرين لم يلْزمه أَكثر وَاللَّام فِي الشَّهْر عهدية والمعهود أَنه حلف لَا يدْخل على نِسَائِهِ شهرا فَمضى تسع وَعِشْرُونَ فَدخل فَقيل لَهُ فِيهِ فَقَالَ إِن الشَّهْر أَي الْمَحْلُوف عَلَيْهِ يكون إِلَى آخِره (خَ ت عَن أنس) بن مَالك (ق عَن أم سَلمَة) أم الْمُؤمنِينَ (عَن جَابر) ابْن عبد الله (وَعَائِشَة) لَكِن لَفْظهمَا أَن الشَّهْر تسع وَعشْرين إِلَى آخِره بِحَذْف يكون وَلَا بُد من تقديرها
(ان الشَّيَاطِين) جمع شَيْطَان (تَغْدُو براياتها) أَي تذْهب أول النَّهَار بإعلامها (إِلَى الْأَسْوَاق) جمع سوق (فَيدْخلُونَ) بهَا (مَعَ أول) إِنْسَان (دَاخل) إِلَيْهَا (وَيخرجُونَ) مِنْهَا (مَعَ آخر) إِنْسَان (خَارج) مِنْهَا هَذَا كِنَايَة عَن ملازمتهم أهل السُّوق وإغوائهم (طب عَن أبي أُمَامَة) // (ضَعِيف) // لضعف عبد الْوَهَّاب بن الضَّحَّاك
(ان الشَّيْخ) أَي من وصل إِلَى سنّ الشيخوخة (يملك نَفسه) أَي يقدر على كف شَهْوَته فَلَا حرج عَلَيْهِ فِي التَّقْبِيل وَهُوَ صَائِم بِخِلَاف الشَّاب (حم طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ وَفِيه ابْن لَهِيعَة
(ان الشَّيْطَان يحب الْحمرَة) أَي يمِيل بطبعه إِلَيْهَا (فإياكم والحمرة) أَي احْذَرُوا لبس الْمَصْبُوغ مِنْهَا لِئَلَّا يشارككم الشَّيْطَان لعدم صبره عَنهُ وَإِيَّاكُم (وكل ثوب ذِي شهرة) فاحذروا لبسه وَهُوَ الْمَشْهُور بمزيد الزِّينَة والنعومة أَو بمزيد الخشونة والرثاثة (الْحَاكِم فِي الكنى) والألقاب وَابْن السكن (وَابْن قَانِع) فِي المعجم (عدهب) وَابْن مَنْدَه (عَن رَافع بن يزِيد) الثَّقَفِيّ قَالَ ابْن حجر // (مَتنه ضَعِيف) //
(ان الشَّيْطَان ذِئْب الْإِنْسَان كذئب الْغنم) أَي مُفسد للْإنْسَان مهلك لَهُ كذئب أرسل فِي قطيع من الْغنم (يَأْخُذ الشَّاة القاصية) بصاد مُهْملَة أَي الْبَعِيدَة عَن صواحباتها مثل حَالَة مُفَارقَة الْإِنْسَان الْجَمَاعَة(1/288)
ثمَّ تسلط الشَّيْطَان عَلَيْهِ بِشَاة شَاذَّة عَن الْغنم ثمَّ افتراس الذِّئْب إِيَّاهَا بِسَبَب انفرادها (والناحية) بحاء مُهْملَة الَّتِي غفل عَنْهَا وَبقيت فِي جَانب مُنْفَرِدَة (فإياكم والشعاب) أَي احْذَرُوا التَّفَرُّق وَالِاخْتِلَاف (وَعَلَيْكُم بِالْجَمَاعَة) تَقْرِير بعد تَقْرِير وتأكيد بعد تَأْكِيد أَي الزموها (والعامة) أَي جُمْهُور الْأمة المحمدية فَإِنَّهُم أبعد عَن مُوَافقَة الخطا (وَالْمَسْجِد) فَإِنَّهُ أحب الْبِقَاع إِلَى الله تَعَالَى وَمِنْه يفر الشَّيْطَان فيغدو إِلَى الْأَسْوَاق (حم عَن معَاذ) بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات لَكِن فِيهِ انْقِطَاع
(ان الشَّيْطَان يحضر أحدكُم عِنْد كل شَيْء من شَأْنه) أَي من أمره الْخَاص بِهِ أَو المشارك لَهُ فِيهِ غَيره فَإِنَّهُ بالمرصاد لمغايظة الْمُؤمن ومكايدته (حَتَّى يحضرهُ عِنْد طَعَامه) أَي عِنْد أكله الطَّعَام (فَإِذا سَقَطت من أحدكُم اللُّقْمَة) حَالَة الْأكل (فليمط مَا كَانَ بهَا من الْأَذَى) أَي فليزل مَا عَلَيْهَا من تُرَاب وَغَيره (ثمَّ ليأكلها) ندبا أَو ليطعمها غَيره (وَلَا يَدعهَا للشَّيْطَان) أَي لَا يَتْرُكهَا لَهُ (فَإِذا فرغ) من الْأكل (فليلعق أَصَابِعه) أَي يلحسها ندبا (فَإِنَّهُ لَا يدْرِي فِي أَي طَعَامه تكون الْبركَة) هَل هِيَ فِي السَّاقِط أَو فِيمَا بَقِي فِي الْقَصعَة وَالْمرَاد بالشيطان الْجِنْس (م عَن جَابر) بن عبد الله
(ان الشَّيْطَان يَأْتِي أحدكُم فِي صلَاته) أَي وَهُوَ فِيهَا (فيلبس) بتَخْفِيف الْبَاء الْمُوَحدَة الْمَكْسُورَة أَي بخلط (عَلَيْهِ حَتَّى لَا يدرى) أَي يعلم (كم صلى) من الرَّكْعَات (فَإِذا وجد ذَلِك أحدكُم فليسجد) ندبا عِنْد الشَّافِعِي ووجوباً عِنْد أبي حنيفَة وَأحمد (سَجْدَتَيْنِ) فَقَط وَأَن تعدد السَّهْو (وَهُوَ جَالس قبل أَن يسلم) (سَوَاء كَانَ سَهْوه بِزِيَادَة أم نقص وَبِهَذَا أَخذ الشَّافِعِي وَقَالَ أَبُو حنيفَة بعد أَن يسلم) وَمَالك إِن كَانَ لزِيَادَة فبعده وَإِلَّا فَقبله (ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة) // (بِإِسْنَاد جيد) //
(ان الشَّيْطَان) إِبْلِيس (قَالَ وَعزَّتك) أَي قوتك وقدرتك (يَا رب لَا أَبْرَح أغوي) بِفَتْح الْهمزَة أَي لَا أَزَال أضلّ (عِبَادك) بني آدم أَي إِلَّا المخلصين مِنْهُم وَيحْتَمل حَتَّى هم ظنا مِنْهُ إِفَادَة ذَلِك (مَا دَامَت أَرْوَاحهم) وَفِي نُسْخَة حياتهم (فِي أَجْسَادهم فَقَالَ الرب وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَزَال أَغفر لَهُم مَا استغفروني) أَي طلبُوا مني الغفر أَي السّتْر لذنوبهم مَعَ النَّدَم والإقلاع (حم ع ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ // (بِإِسْنَاد صَحِيح) //
(ان الشَّيْطَان لم يلق عمر) بن الْخطاب (مُنْذُ أسلم الآخر) أَي سقط (لوجهه) خوفًا مِنْهُ لاستعداده ومناصبته إِيَّاه فَكَانَ شَأْن عمر الْقيام بِالْحَقِّ وَالْغَالِب على قلبه عَظمَة الرب وجلاله فَلذَلِك كَانَ يفر مِنْهُ وَالْخَبَر يحْتَمل الْحَقِيقَة وَالْمجَاز وَلَا يلْزم من ذَلِك تفضيله على أبي بكر فقد يخْتَص الْمَفْضُول بمزايا (طب عَن سديسة) بِالتَّصْغِيرِ الْأَنْصَارِيَّة مولاة حَفْصَة أم الْمُؤمنِينَ // (بِإِسْنَاد حسن) //
(ان الشَّيْطَان ليَأْتِي أحدكُم) وَهُوَ فِي صلَاته (فَيَأْخُذ بشعرة من دبره فيمدّها فَيرى) أَي يظنّ الْمُصَلِّي (أَنه أحدث) بِخُرُوج ريح من دبره فَإِذا حصل ذَلِك للْمُصَلِّي (فَلَا ينْصَرف) من صلَاته أَي لَا يَتْرُكهَا ليتطهر ويستأنف (حَتَّى يسمع صَوتا أَو يجد ريحًا) يَعْنِي يتَيَقَّن الْحَدث وَلَا يشْتَرط السماع وَلَا الشم إِجْمَاعًا وَفِيه دَلِيل لقاعدة الشَّافِعِيَّة أَن الْيَقِين لَا يطْرَح بِالشَّكِّ وَهِي إِحْدَى الْقَوَاعِد الْأَرْبَع الَّتِي ردّ القَاضِي حُسَيْن جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِي إِلَيْهَا (حم ع عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ // (بِإِسْنَاد حسن) //
(ان الشَّيْطَان) فِي رِوَايَة أَن إِبْلِيس وَهُوَ مُبين للمراد (إِذا سمع النداء بِالصَّلَاةِ) أَي الْأَذَان لَهَا (أحَال) بحاء مُهْملَة أَي ذهب هَارِبا (لَهُ) وَفِي رِوَايَة وَله (ضراط) حَقِيقِيّ يشغل نَفسه بِهِ عَن سَماع الْأَذَان (حَتَّى لَا يسمع صَوته) أَي صَوت الْمُؤَذّن بِالتَّأْذِينِ لما اشْتَمَل عَلَيْهِ من قَوَاعِد الدّين وَإِظْهَار شَعَائِر - - هوامش قَوْله بِفَتْح الْهمزَة لَعَلَّ مُرَاده همزَة أَبْرَح وَأما أغوى فبضمها كَمَا فِي العزيزي أه من هَامِش(1/289)
الْإِسْلَام (فَإِذا سكت) الْمُؤَذّن (رَجَعَ) الشَّيْطَان (فوسوس) للْمُصَلِّي والوسوسة كَلَام خَفِي يلقيه فِي الْقلب (فَإِذا سمع الْإِقَامَة) للصَّلَاة (ذهب) أَي فرّ وَله ضراط وَتَركه اكْتِفَاء بِمَا قبله (حَتَّى لَا يسمع صَوته) بِالْإِقَامَةِ (فَإِذا سكت) الْمُقِيم (رَجَعَ فوسوس) إِلَى الْمُصَلِّين وَفِيه فضل الْإِقَامَة وَالْأَذَان وحقارة الشَّيْطَان لَكِن هربه كَمَا قَالَ الْمُحَقق أَبُو زرْعَة إِنَّمَا يكون من أَذَان شَرْعِي مُجْتَمع الشُّرُوط وَاقع بمحله أُرِيد بِهِ الْإِعْلَام بِالصَّلَاةِ فَلَا أثر لمجرّد صورته (م عَن أبي هُرَيْرَة
ان الشَّيْطَان يَأْتِي أحدكُم فَيَقُول من خلق السَّمَاء فَيَقُول الله فَيَقُول من خلق الأَرْض فَيَقُول الله فَيَقُول من خلق الله) وَفِي رِوَايَة للْبُخَارِيّ بدله من خلق رَبك (فَإِذا وجد أحدكُم ذَلِك) فِي نَفسه (فَلْيقل) ردا على الشَّيْطَان (آمَنت بِاللَّه وَرَسُوله) فَإِذا لَجأ الْإِنْسَان إِلَى الله فِي دَفعه انْدفع بِخِلَاف مَا لَو اعْترض آدَمِيّ بذلك فَإِنَّهُ يقطع بالبرهان لِأَنَّهُ يَقع مِنْهُ سُؤال وَجَوَاب بِخِلَاف الشَّيْطَان (طب عَن بن عَمْرو) بن الْعَاصِ // (بِإِسْنَاد جيد) //
(إِن الشَّيْطَان يَأْتِي أحدكُم فَيَقُول من خلقك فَيَقُول الله فَيَقُول فَمن خلق الله فَإِذا وجد أحدكُم ذَلِك فَلْيقل آمَنت بِاللَّه وَرَسُوله) أَي فَلْيقل أُخَالِف عدوّ الله المعاند وأومن بِاللَّه وَبِمَا جَاءَ بِهِ رَسُوله (فَإِن ذَلِك يذهب عَنهُ) لِأَن الشّبَه مِنْهَا مَا ينْدَفع بِطَلَب الْبُرْهَان وَمِنْهَا مَا ينْدَفع بِالْإِعْرَاضِ عَنْهَا وَهَذَا مِنْهَا لما مرّ (ابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (مكايد الشَّيْطَان عَن عَائِشَة) وَرَوَاهُ أَيْضا أَحْمد وَغَيره وَرِجَاله ثِقَات
(ان الشَّيْطَان وَاضع خطمه) أَي فَمه وَأَنْفه (على قلب ابْن آدم) أَي حَقِيقَة أَو هُوَ تَصْوِير لكَون الشَّيْطَان لَهُ قُوَّة الِاسْتِيلَاء على قلب الْإِنْسَان الغافل عَن الذّكر لما أَن الْقلب رَئِيس الْبدن وَعنهُ تصدر أَفعَال الْجَوَارِح (فَإِن) وَفِي نُسْخَة فَإِذا (ذكر الله تَعَالَى خنس) أَي انقبض وَتَأَخر (وَإِن نسي الله الْتَقم قلبه) فَبعد الشَّيْطَان من الْإِنْسَان على قدر لُزُومه للذّكر وللذكر نور يتقيه الشَّيْطَان كأتقار أَحَدنَا للنار (ابْن أبي الدُّنْيَا) فِي المكايد (ع هَب) كلهم (عَن أنس) ضَعِيف لضعف عدي بن عمَارَة وَغَيره
(ان الشَّيْطَان) أَي عَدو الله إِبْلِيس اللعين كَمَا فِي رِوَايَة مُسلم (عرض) أَي ظهر وبرز (لي) أَي فِي صُورَة هرّ كَمَا فِي رِوَايَة (فشدّ) أَي حمل (عليّ) وَفِي رِوَايَة لمُسلم أَن عفريتاً من الْجِنّ تفلت عليّ (ليقطع الصَّلَاة عَليّ) بمروره بَين يَدي (فأمكنني الله تَعَالَى مِنْهُ) أَي جعلني غَالِبا عَلَيْهِ (فذعته) بذال مُعْجمَة وَعين مُهْملَة مُخَفّفَة وفوقية مُشَدّدَة أَي خنقته خنقاً شَدِيدا ودفعته دفعا عنيفاً (وَلَقَد هَمَمْت) أَي أردْت (أَن أوثقه) أَي أقيده (إِلَى سَارِيَة) من سواري الْمَسْجِد (حَتَّى تصبحوا) أَي تدْخلُوا فِي الصَّباح (فتنظروا إِلَيْهِ) موثقًا بهَا (فَذكرت قَول) زَاد فِي رِوَايَة أخي (سُلَيْمَان) نَبِي الله {ربّ هَب لي ملكا لَا يَنْبَغِي لأحد من بعدِي} فَاسْتَجَاب الله دعاءه (فَرده الله) أَي دَفعه الله وطرده (خاسئاً) أَي صاغراً مهيناً (خَ عَن أبي هُرَيْرَة) وَكَذَا مُسلم بِلَفْظ أَن عفريتاً
(ان الشَّيْطَان إِذا سمع النداء بِالصَّلَاةِ ذهب حَتَّى يكون مَكَان الروحاء) بِفَتْح الرَّاء والمدّ بلد على نَحْو سِتَّة وَثَلَاثِينَ ميلًا من الْمَدِينَة وَذَلِكَ لِئَلَّا يسمع صَوت الْمُؤَذّن كَمَا مر (م عَن أبي هُرَيْرَة
ان الشَّيْطَان قد يئس) فِي رِوَايَة أيس (أَن يعبده المصلون) أَي من أَن يعبده الْمُؤْمِنُونَ وَعبر عَنْهُم بالمصلين لِأَن الصَّلَاة هِيَ الفارقة بَين الْكفْر وَالْإِيمَان (وَلَكِن فِي التحريش بينهنم) خبر مُبْتَدأ مَحْذُوف أَي هُوَ فِي التحريش أَو ظرف لمقدر أَي يسْعَى فِي التحريش أَي فِي إغواء بَعضهم على بعض وَمن ذَلِك علم أَن الشَّيْطَان إِذا لم يُمكنهُ(1/290)
الدُّخُول على الْإِنْسَان من طَرِيق الشَّرّ دخل عَلَيْهِ من جِهَة الْخَيْر كَمَا إِذا رزق قبُول الْخلق وَسَمَاع القَوْل وَكَثْرَة الطَّاعَات قد يجره إِلَى التصنع والرياء وَهَذِه مزلة عَظِيمَة للإقدام (حم م ت عَن جَابر) ابْن عبد الله
(ان الشَّيْطَان حساس) بحاء مُهْملَة وَشدَّة السِّين الْمُهْملَة أَي شَدِيد الْحس والإدراك (لحساس) بِالتَّشْدِيدِ أَي يلحس بِلِسَانِهِ الْيَد المتلوثة من الطَّعَام (فَاحْذَرُوهُ على أَنفسكُم) أَي خافوه عَلَيْهَا فَاغْسِلُوا أَيْدِيكُم بعد فرَاغ الْأكل من أثر الطَّعَام ندبا مؤكداً (فَإِنَّهُ من بَات وَفِي يَده ريح غمر) بغين مُعْجمَة وَمِيم مفتوحتين زهومة اللَّحْم (فَأَصَابَهُ شَيْء) للبزار فَأَصَابَهُ خبل وَلغيره لمَم أَي جُنُون وَفِي رِوَايَة وضح (فَلَا يَلُومن إِلَّا نَفسه) فَإنَّا قد بَينا لَهُ الْأَمر (ت ك عَن أبي هُرَيْرَة) وَقَالَ على شَرطهمَا وردّ بِأَنَّهُ // (ضَعِيف بل مَوْضُوع) //
(ان الشَّيْطَان) أَي كَيده (يجْرِي من ابْن آدم) أَي فِيهِ (مجْرى الدَّم) فِي الْعُرُوق الْمُشْتَملَة على جَمِيع الْبدن قَالَ ابْن الْكَمَال فِي هَذَا تَصْوِير أَرَادَ أَن للشَّيْطَان قُوَّة التَّأْثِير فِي السرائر وَإِن كَانَ مُنْكرا فِي الظَّاهِر فإليه رَغْبَة روحانية فِي الْبَاطِن بتحريكه تنبعث القوى الشهوانية فِي البواطن (حم ق د عَن أنس) بن مَالك (ق د هـ عَن صَفِيَّة) بنت حييّ النَّضْرِية أم الْمُؤمنِينَ
(ان الشَّيْطَان ليفرق مِنْك يَا عمر حم ت حب عَن بُرَيْدَة
ان الصَّائِم إِذا أكل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (عِنْده) نَهَارا بِحَضْرَتِهِ (لم تزل تصلي عَلَيْهِ الْمَلَائِكَة) أَي تستغفر لَهُ (حَتَّى يفرغ) الْآكِل (من طَعَامه) أَي من أكل طَعَامه لِأَن حُضُور الطَّعَام عِنْده يهيج شَهْوَته للْأَكْل فَلَمَّا كف نَفسه وقهرها امتثالاً لأمر الشَّارِع استغفرت لَهُ الْمَلَائِكَة (حم ت هَب عَن أم عمَارَة) بنت كَعْب الْأَنْصَارِيَّة قَالَ ت حسن صَحِيح) //
(ان الصَّالِحين) جمع صَالح وَهُوَ الْقَائِم بِحَق الْحق والخلق (يشدد عَلَيْهِم) فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة والأخروية لِأَن أَشد النَّاس بلَاء الأمثل فالأمثل كَمَا مرّ (وانه) أَي الشان (لَا يُصِيب مُؤمنا نكبة) أَي مُصِيبَة (من شَوْكَة فَمَا فَوْقهَا) أَي فَصَاعِدا (إِلَّا حطت عَنهُ بهَا خَطِيئَة وَرفع لَهُ بهَا دَرَجَة) أَي منزلَة عالية فِي الْجنَّة (حم حب ك هَب عَن عَائِشَة) قَالَ الْحَاكِم // (صَحِيح وأقروه) //
(ان الصبحة) بِضَم الصَّاد وَسُكُون الْمُوَحدَة أَي النّوم حَتَّى تطلع الشَّمْس (تمنع بعض الرزق) أَي حُصُوله وَفِي رِوَايَة بِإِسْقَاط بعض لما فِي حَدِيث آخر أَن مَا بَين طُلُوع الْفجْر وطلوع الشَّمْس سَاعَة تَنْقَسِم فِيهَا الأرزاق وَلَيْسَ من حضر الْقِسْمَة كمن غَابَ فَالْمُرَاد أَنَّهَا تمنع حُصُول بعض الرزق حَقِيقَة أَو أَنَّهَا تمحق الْبركَة مِنْهُ (حل عَن عُثْمَان بن عَفَّان) // (بِسَنَد ضَعِيف) //
(ان الصَّبْر) أَي الْمَحْمُود صَاحبه مَا كَانَ (عِنْد الصدمة الأولى) أَي الْوَارِد على الْقلب عِنْد ابْتِدَاء الْمُصِيبَة فَهُوَ الصَّبْر الْمُعْتَبر الدَّال على ثبات صَاحبه وَأما بعد فيهون الْأَمر شَيْئا فشيئاَ (حم ق 4 عَن أنس) قَالَ مر النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] بِامْرَأَة تبْكي عِنْد قبر فَذكره
(ان الصَّخْرَة) بِسُكُون الْخَاء وتفتح الْحجر الْعَظِيم فَقَوله (الْعَظِيمَة) دلّ بِهِ على شدَّة عظمها (لتلقى) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (من شَفير جَهَنَّم) أَي حرفها أَو ساحلها (فتهوى بهَا) وَفِي نُسْخَة فِيهَا (سبعين عَاما) وَفِي نُسْخَة خَرِيفًا (مَا تُفْضِي إِلَى قَرَارهَا) أَي مَا تصل إِلَى قعرها أَرَادَ بِهِ وصف عمقها بِأَنَّهُ لَا يكَاد يتناهى فالسبعين للتكثير (ت عَن عتبَة) بِضَم الْعين الْمُهْملَة فمثناة فوقية سَاكِنة (ابْن غَزوَان) بِفَتْح الْمُعْجَمَة وَالزَّاي الْمَازِني
(ان الصداع) بِالضَّمِّ وجع بعض آخر الرَّأْس أَو كُله وَهُوَ مرض الْأَنْبِيَاء (والمليلة) فعيلة من التملل أَصْلهَا من الْملَّة الَّتِي يخبر فِيهَا فاستعيرت لحرارة الْحمى (لَا يزَالَانِ بِالْمُؤمنِ و) الْحَال (ان ذنُوبه مثل(1/291)
أحد) بِضَمَّتَيْنِ الْجَبَل الْمَعْرُوف أَي عظمه كَمَا وكيفاً (فَمَا يدعانه) أَي يتركانه (وَعَلِيهِ من ذنُوبه
مِثْقَال حَبَّة من خَرْدَل) بل يكفر الله عَنهُ بهما كل ذَنْب وَهَذَا إِن صَبر واحتسب وَالْمرَاد الصَّغَائِر على قِيَاس مَا مرّ (حم طب عَن أبي الدَّرْدَاء) وَضَعفه الْمُنْذِرِيّ وَغَيره
(ان الصدْق) أَي مُطَابقَة الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال لباطن الْحَال (يهدى) بِفَتْح أَوله أَي يُوصل صَاحبه (الى الْبر) بِكَسْر الْمُوَحدَة اسْم جَامع لكل خير (وَأَن البرّ يهدي إِلَى الْجنَّة) ومصداقه {إِن الْأَبْرَار لفي نعيم} (وَأَن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ليصدق) أَي يلازم الْأَخْبَار بالواقع (حَتَّى يكْتب عِنْد الله صديقا) بِكَسْر فتشديد للْمُبَالَغَة وَالْمرَاد يتَكَرَّر مِنْهُ الصدْق ويداوم عَلَيْهِ حَتَّى يسْتَحق اسْم الْمُبَالغَة فِيهِ وَيعرف بذلك فِي الْعَالم الْعلوِي (وَأَن الْكَذِب) أَي الْإِخْبَار بِخِلَاف الْوَاقِع (يهدي إِلَى الْفُجُور) أَي الَّذِي هُوَ هتك ستر الدّيانَة والميل إِلَى الْفساد (وَأَن الْفُجُور يهدي إِلَى النَّار) أَي يُوصل إِلَى مَا يكون سَببا لدخولها وَذَلِكَ دَاع لدخولها (وَأَن الرجل) يَعْنِي الْإِنْسَان (ليكذب) أَي يكثر الْكَذِب (حَتَّى يكْتب عِنْد الله كذابا) بِالتَّشْدِيدِ أَي يحكم لَهُ بذلك وَالْمرَاد إِظْهَار تخلقه بِالْكِتَابَةِ فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ أَو فِي صحف الْمَلَائِكَة والمضارعان وهما يصدق ويكذب للاستمرار والدوام (ق عَن ابْن مَسْعُود) وَوهم الْحَاكِم فاستدركه
(ان الصَّدَقَة) فَرضهَا ونفلها (لَا تزيد المَال) الَّتِي تخرج مِنْهُ (إِلَّا كَثْرَة) فِي الثَّوَاب بمضاعفته إِلَى أَضْعَاف كَثِيرَة أَو فِي الْبركَة وَدفع الْعَوَارِض (عد عَن ابْن عمر) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان الصَّدَقَة على ذِي قرَابَة) أَي صَاحب قرَابَة وَإِن بعد (يضعف) لفظ رِوَايَة الطَّبَرَانِيّ يُضَاعف (أجرهَا مرَّتَيْنِ) لِأَنَّهَا صَدَقَة وصلَة وَلكُل مِنْهُمَا أجر يَخُصُّهُ (طب عَن أبي أُمَامَة) // (ضَعِيف) // لضعف عبيد الله بن زحر
(إِن الصَّدَقَة لتطفىء غضب الرب) أَي سخطه على من عَصَاهُ (وتدفع ميتَة) بِكَسْر الْمِيم وَالْإِضَافَة لقَوْله (السوء) بِفَتْح السِّين بِأَن يَمُوت مصرا على ذَنْب أَو قانطاً من الرَّحْمَة أَو نَحْو لديغ أَو حريق أَو غريق أَو هدم وَنَحْو ذَلِك (ت حب عَن أنس) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان الصَّدَقَة) الْمَعْهُودَة وَهِي الْفَرْض (لَا تنبغي) أَي لَا تجوز (لآل مُحَمَّد) أَي مُحَمَّد وَآله وهم مؤمنو بني هَاشم وَالْمطلب ثمَّ بَين حِكْمَة التَّحْرِيم بقوله (إِنَّمَا هِيَ أوساخ النَّاس) أَي أدناسهم لِأَنَّهَا تطهر أدرانهم وتزكي أَمْوَالهم ونفوسهم فَهِيَ كغسالة الأوساخ فَلذَلِك حرمت عَلَيْهِم (حم م عَن الْمطلب بن ربيعَة) الْهَاشِمِي
(ان الصَّدَقَة لتطفىء عَن أَهلهَا) أَي عَن المتصدّقين بهَا لوجه الله خَالِصا (حر الْقُبُور) أَي عَذَابهَا أَو كربها لِأَن المتصدّق لما أخمد حرّ جوع الْفَقِير بهَا وَكسر تلهبه جوزي بتبريد مضجعه جَزَاء وفَاقا (وَإِنَّمَا يستظل الْمُؤمن يَوْم الْقِيَامَة) من حر الْموقف (فِي ظلّ صدقته) بِأَن تجسد كالطود الْعَظِيم فيقف فِي ظلها (طب عَن عقبَة بن عَامر) وَفِيه ابْن لَهِيعَة
(ان الصَّدَقَة يبتغى) أَي يُرَاد (بهَا وَجه الله) من سد خلة مِسْكين أَو صلَة رحم أَو نَحْو ذَلِك (والهدية يَبْتَغِي بهَا وَجه الرَّسُول) أَي النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] (وَقَضَاء الْحَاجة) الَّتِي قدم عَلَيْهِ الْوَفْد لأَجلهَا (طب عَن عبد الرَّحْمَن بن عَلْقَمَة) الثَّقَفِيّ قَالَ قدم وَفد ثَقِيف على رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَمَعَهُمْ هَدِيَّة فَقَالَ مَا هَذِه قَالُوا صَدَقَة فَذكره فَقَالُوا بل هَدِيَّة فقبلها [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
(ان الصَّدَقَة) أَي الْمَفْرُوضَة وَهِي الزَّكَاة كَمَا دلّ عَلَيْهِ التَّعْرِيف (لَا تحل لنا) أهل الْبَيْت لِأَنَّهَا طهرة وغسول تعافها أهل الرتب الْعلية (وَإِن مولى الْقَوْم) أَي عتيقهم (مِنْهُم) أَي حكمه حكمهم فِي حُرْمَة الزَّكَاة عَلَيْهِ هَذَا هُوَ فقه الحَدِيث(1/292)
وَلم أر من أَخذ بِظَاهِرِهِ (ت ن ك عَن أبي رَافع) مولى الْمُصْطَفى قَالَ الْحَاكِم على شَرطهمَا وأقرّوه وَسَببه أَن رجلا عمل على الصَّدَقَة فَقَالَ لأبي رَافع اصحبني كي تصيب مِنْهَا قَالَ لَا حَتَّى آتِي رَسُول الله فأسأله فَسَأَلَهُ فَذكره
(ان الصَّعِيد الطّيب) أَي التُّرَاب الْخَالِص (طهُور) بِفَتْح الطَّاء أَي مطهر كَاف فِي التَّطْهِير (مَا لم يجد المَاء) بِلَا مَانع حسي أَو شَرْعِي (وَلَو إِلَى عشر حجج) أَي سِنِين قَالَه لمن كَانَ يعزب عَن المَاء وَمَعَهُ أَهله فيجنب فَلَا يجد مَاء (فَإِذا وجدت المَاء) بِلَا مَانع (فأمسه بشرتك) أَي أوصله إِلَيْهَا وأسله عَلَيْهَا فِي الطَّهَارَة من وضوء أَو غسل (حم د ت عَن أبي ذَر) قَالَ ت // (حسن صَحِيح) //
(إِن الصَّفَا) بِالْقصرِ أَي الْحِجَارَة الملس (الزلَال) بتَشْديد اللَّام الأولى يضْبط الْمُؤلف أَي مَعَ فتح الزَّاي وَكسرهَا يُقَال أَرض مزلة تزل فِيهَا الْأَقْدَام (الَّذِي لَا تثبت) أَي لَا تَسْتَقِر (عَلَيْهِ أَقْدَام الْعلمَاء) كِنَايَة عَمَّا يزلقهم ويمنعهم الثَّبَات على الاسْتقَامَة (الطمع) لِأَنَّهُ يحمل الْوَاحِد مِنْهُم على أَن يمد عُنُقه إِلَى الشَّيْء شغفا بحصوله حَتَّى يكَاد يَزُول عَن مَكَانَهُ فَهُوَ أعظم الْفِتَن عَلَيْهِم فَلذَلِك قَالَ فِي حَدِيث آخر تعوذوا وَبِاللَّهِ من طمع يهدي إِلَى طبع فالطمع إِذا عمل فِي الْقلب حبه طبع عَلَيْهِ فَيصير من تَابعه كَالْعَبْدِ لَهُ فكم من حق يضيعه فِي جنب وَكم من حق يسكت عَنهُ إِنَّا نطق نطق بالهوى فَهَذَا قلب خرب قَالَ الْغَزالِيّ قد مرض الْعلمَاء فِي هَذِه الإعصار مَرضا عسر عَلَيْهِم علاج أنفسهم لِأَن الدَّاء المهلك ثمَّ حب الدُّنْيَا والطمع فِيهَا وَقد غلب ذَلِك عَلَيْهِم واضطروا إِلَى الْكَفّ عَن تحذير النَّاس مِنْهُ لِئَلَّا تنكشف فضائحهم فافتضحوا لما اصْطَلحُوا على الطمع فِي الدُّنْيَا والتكالب عَلَيْهَا فَلذَلِك غلب الدَّاء وَانْقطع الدَّوَاء فَإِنَّهُم أطباء النَّاس وَقد اشتغلوا بِالْمرضِ فليتهم إِذْ لم يصلحوا لم يفسدوا فَإِن الشَّيْطَان طلاع رصاد لدعائهم لَهُ يشغلهم عَن ذكر الله وَطول الهموم فِي التَّدْبِير حَتَّى تَنْقَضِي أعمارهم وهم على هَذَا الْحَال فاحق الْخلق بترك الطمع والزهد فِي الدُّنْيَا الْعلمَاء لانهم لانفسهم ولغيرهم (ابْن الْمُبَارك) فِي الزّهْد (وَابْن قَانِع) فِي مُعْجَمه (عَن سُهَيْل بن حسان) الْكَلْبِيّ (مُرْسلا) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) // بل قيل مَوْضُوع
(إِن الصَّلَاة وَالصِّيَام) الْفَرْض وَالنَّقْل (وَالذكر) أَي التِّلَاوَة وَالتَّسْبِيح وَالتَّكْبِير والتهليل والتحميد (يُضَاعف) ثَوَابه (على) ثَوَاب (النَّفَقَة فِي سَبِيل الله تَعَالَى) أَي فِي جِهَاد أَعدَاء الله لاعلاء كَلمته (بسبعمائة) أَي إِلَى سَبْعمِائة (ضعف) على حسب مَا اقْترن بِهِ من اخلاص النِّيَّة والخشوع وَغير ذَلِك (دك عَن معَاذ بن أنس) قَالَ الْحَاكِم // (صَحِيح) // وأقروه
(إِن الصَّلَاة قرْبَان الْمُؤمن) أَي يتَقرَّب بهَا إِلَى الله ليعود بهَا وصل مَا انْقَطع وكشف مَا انحجب وَلَا يُعَارض عُمُوم قَوْله هُنَا الْمُؤمن قَوْله فِي حَدِيث كل تَقِيّ لَان مُرَاده انها قرْبَان للناقص والكامل وَهِي للكامل أعظم لانه يَتَّسِع لَهُ فِيهَا من ميادين الاسرار ويشرق لَهُ من شوارق الانوار مَا لَا يحصل لغيره وَلذَا رؤى الْجُنَيْد فِي الْمَنَام فَقيل لَهُ مَا فعل الله بك قَالَ طاحت تِلْكَ الاشارات وَغَابَتْ تِلْكَ الْعبارَات وفنيت تِلْكَ الْعُلُوم وبليت تِلْكَ الرسوم وَمَا نفعنا إِلَّا رَكْعَات كُنَّا نركعها عِنْد السحر (عد عَن أنس) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(إِن الضاحك فِي الصَّلَاة والملتفت فِيهَا) يمنة أَو يسرة بعنقه (والمفقع أَصَابِعه) أَي أَصَابِع يَدَيْهِ أَو رجلَيْهِ (بِمَنْزِلَة وَاحِدَة) حكما وَجَزَاء فالثلاثة مَكْرُوهَة عِنْد الشَّافِعِي وَلَا تبطل بهَا الصَّلَاة عِنْده (حم طب هق عَن معَاذ بن أنس) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان الطير) بِجَمِيعِ أَنْوَاعهَا (إِذا أَصبَحت) أَي دخلت فِي الصَّباح (سبحت رَبهَا وَسَأَلته(1/293)
قوت يَوْمهَا) أَي طلبت مِنْهُ تيسير حُصُول مَا يقوم بهَا من الْأكل وَالشرب فالادمي أولى بسؤال ذَلِك (خطّ عَن على) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(إِن الظُّلم) فِي الدُّنْيَا (ظلمات) بِضَمَّتَيْنِ جمع ظلمَة وَجَمعهَا لتَعَدد أَسبَابهَا (يَوْم الْقِيَامَة) حَقِيقَة بِحَيْثُ لَا يَهْتَدِي صَاحبه بِسَبَب ظلمه فِي الدُّنْيَا إِلَى الْمَشْي أَو مجَاز عَمَّا يَنَالهُ فِيهَا من الكرب والشدة (ق ت عَن ابْن عمر) بن الْخطاب
(إِن الْعَار) أَي مَا يتعر بِهِ الانسان كغادر ينصب لَهُ لِوَاء غدر عِنْد استه وغال نَحْو بقرة يأتى وَهُوَ حَامِل لَهَا وَغير ذَلِك مِمَّا هُوَ أعظم (ليلزم الْمَرْء يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى يَقُول يَا رب لارسالك بِي إِلَى النَّار أيسر عَليّ مِمَّا ألقِي) من الفضيحة والخزي (وانه ليعلم مَا فِيهَا من شدَّة الْعَذَاب لَك) نه يرى أَن مَا هُوَ فِيهِ أَشد (ك عَن جَابر) وَصَححهُ ورد عَلَيْهِ بِأَنَّهُ // (ضَعِيف) //
(ان العَبْد) أَي الانسان (ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ) اللَّام للْجِنْس حَال كَونهَا (من رضوَان الله) أَي من كَلَام فِيهِ رضَا الله ككلمة يدْفع بهَا مظْلمَة أَو فِي شَفَاعَة (لَا يلقِي) بِضَم الْيَاء وَكسر الْقَاف حَال من ضمير يتَكَلَّم (لَهَا بَالا) أَي لَا يَتَأَمَّلهَا وَلَا يلْتَفت اليها وَلَا يعْتد بهَا بل ظَنّهَا قَليلَة وَهِي عِنْد الله عَظِيمَة (يرفعهُ الله بهَا دَرَجَات) اسْتِئْنَاف جَوَاب عَمَّن قَالَ مَاذَا يسْتَحق الْمُتَكَلّم بهَا (وان العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ) الْوَاحِدَة (من سخط الله) أَي مِمَّا يغضبه وَيُوجب عِقَابه (لَا يلقِي) بضبط مَا قبله (لَهَا بَالا يهوى بهَا) بِفَتْح فَسُكُون فَكسر أَي يسْقط بِتِلْكَ الْكَلِمَة (فِي جَهَنَّم) وتحسبونه هينا وَهُوَ عِنْد الله عَظِيم (حم خَ عَن أبي هُرَيْرَة
إِن العَبْد ليَتَكَلَّم بِالْكَلِمَةِ مَا يتَبَيَّن مَا فِيهَا) بمثناة تحتية مَضْمُومَة فمثناة فوقية مَفْتُوحَة فموحدة تحتية مُشَدّدَة مَكْسُورَة فنون كَذَا ضَبطه الزَّمَخْشَرِيّ قَالَ وتبن دقق النّظر من التبانة وَهِي الفطنة وَالْمرَاد التعمق والاغماض فِي الجدل انْتهى لَكِن الَّذِي فِي أصُول كَثِيرَة من الصَّحِيحَيْنِ مَا يتَبَيَّن (يزل بهَا فِي النَّار أبعد مَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب) يَعْنِي أبعد قعرا من الْبعد الَّذِي بَينهمَا وَالْقَصْد بِهِ الْحَث على قلَّة الْكَلَام وَتَأمل مَا يُرَاد النُّطْق بِهِ وَلِهَذَا كَانَ الْقَوْم على غَايَة من التحفظ فِي الْكَلَام أخرج ابْن الْمُبَارك عَن شَدَّاد بن أَوْس رَضِي الله عَنهُ أَنه نزل منزلا فَقَالَ ائتونا بسفرة بعث بهَا فَأنْكر عَلَيْهِ فَقَالَ مَا تَكَلَّمت بِكَلِمَة قطّ الا وَأَنا اخطمها ثمَّ أزنها إِلَّا هَذِه فَلَا تحفظوها على (حم ق عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِي الْبَاب غَيره
(ان العَبْد إِذا قَامَ يُصَلِّي أَتَى) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي جَاءَهُ الْملك (بذنوبه كلهَا) فِيهِ شُمُول الْكَبَائِر (فَوضعت على رَأسه وعاتقيه) تَثْنِيَة عاتق وَهُوَ مَا بَين الْمنْكب والعنق (فَكلما ركع أَو سجد تساقطت عَنهُ) حَتَّى لَا يبْقى عَلَيْهِ ذَنْب وَهَذَا فِي صَلَاة متوفرة الشُّرُوط والاركان والخشوع وَجَمِيع الْآدَاب كَمَا يُؤذن بِهِ لفظ العَبْد وَالْقِيَام (طب حل هق عَن ابْن عمر) // (ضَعِيف) // لضعف عبد الله بن صَالح كَاتب اللَّيْث
(ان العَبْد) أَي الْقِنّ (اذا نصح لسَيِّده) أَي قَامَ بمصالحه وامتثل امْرَهْ وتجنب نَهْيه وَأصْلح خلله وَاللَّام زَائِدَة للْمُبَالَغَة (وَأحسن عبَادَة ربه) بِأَن أَقَامَهَا بشر وطها وواجباتها وَكَذَا مندوباتها الَّتِي لَا تفوت حق سَيّده (كَانَ لَهُ أجره مرَّتَيْنِ) لقِيَامه بالحقين وانكساره بِالرّقِّ (مَالك حم ق دعن ابْن عمر) بن الْخطاب
(ان العَبْد ليذنب الذَّنب فَيدْخل بِهِ) أَي بِسَبَبِهِ (الْجنَّة) لانه يستجلب التَّوْبَة وَالِاسْتِغْفَار الَّذِي هُوَ موقع محبَّة الله ان الله يحب التوابين (يكون نصب عَيْنَيْهِ) أَي كائنه يُشَاهِدهُ أبدا (تَائِبًا) أَي رَاجعا إِلَى الله (فَارًّا) مِنْهُ اليه (حَتَّى يدْخل بِهِ الْجنَّة) لانه كلما ذكره طَار عقله حَيَاء من ربه حَيْثُ فعله وَهُوَ يرَاهُ ويسمعه فتضرع فِي الانابة(1/294)
بخاطر منكسر وَالله عِنْد المنكسرة قُلُوبهم قَالَ أَبُو يزِيد لاصحابه يَوْمًا بقيت اللَّيْلَة كلهَا أجهد أَن أَقُول لَا اله إِلَّا الله فَمَا قدرت قيل وَلم قَالَ ذكرت كلمة قلتهَا فِي صباي فجاءتني وحشتها فمنعتني من ذَلِك (ابْن الْمُبَارك) فِي الزّهْد (عَن الْحسن) الْبَصْرِيّ (مُرْسلا) وَلأبي نعيم نَحوه
(ان العَبْد اذا كَانَ همه) أَي عزمه (الْآخِرَة) أَي مَا يقربهُ اليها (كف الله تَعَالَى) أَي جمع (عَلَيْهِ ضيعته) أَي مَا يكون مِنْهُ معاشه كصنعة وتجارة وزراعة (وَجعل غناهُ فِي قلبه) أَي أسْكنهُ فِيهِ (فَلَا يصبح الاغنيا) بِاللَّه (وَلَا يمسى الاغنيا) بِهِ لَان من جعل غناهُ فِي قلبه صَارَت همته للآخرة (وَإِذا كَانَ همه الدُّنْيَا أفشى الله) أَي كثر (عَلَيْهِ ضيعته) ليشتغل عَن الاخرة (وَجعل فقره بَين عَيْنَيْهِ) يُشَاهِدهُ دَائِما (فَلَا يمسى إِلَّا فَقِيرا وَلَا يصبح الا فَقِيرا) لَان الدُّنْيَا فقر كلهَا وحاجة الرَّاغِب فِيهَا) لَا تَنْقَضِي فَمن كَانَت الدُّنْيَا نصب عَيْنَيْهِ صَار الْفقر بَين عَيْنَيْهِ والصباح والمساء كِنَايَة عَن الدَّوَام والاستمرار (حم فِي) كتاب (الزّهْد عَن الْحسن مُرْسلا) وَهُوَ البصرى
(ان العَبْد اذا صلى) فرضا أَو نقلا (فِي الْعَلَانِيَة) بِالتَّخْفِيفِ أَي حَيْثُ يرَاهُ النَّاس (فَأحْسن) الصَّلَاة (وَصلى فِي السِّرّ) أَي حَيْثُ لَا يرَاهُ أحد (فَأحْسن) الصَّلَاة (قَالَ الله تَعَالَى) مثنيا عَلَيْهِ (هَذَا عَبدِي حَقًا) مصدر مُؤَكد أَي حق ذَلِك حَقًا وَالْمرَاد بالاحسان فِيهَا رِعَايَة الْخُشُوع وَنَحْوه وَإِذا اثنى الله بالعبودية حَقًا نظرت الْمَلَائِكَة الى بهائه فَرَأَوْا أمرا عجيبا فَلم يكن الله ليباهي بِهِ وَيشْهد لَهُ بحقية الْعُبُودِيَّة ثمَّ لَا يفِيدهُ شَيْئا فَكَانَ أول مَا يفِيدهُ أَن ينشر ثناءه بَين الْمَلَائِكَة فيحبوه ثمَّ تقع محبته فِي قُلُوب أهل الأَرْض وَحكم عَكسه عكس حكمه (هـ عَن أبي هُرَيْرَة) وَفِيه بَقِيَّة وَفِيه كَلَام
(ان العَبْد ليؤجر فِي نَفَقَته كلهَا) أَي فِيمَا يُنْفِقهُ على نَفسه وممونه وَنَحْو ذَلِك (إِلَّا فِي الْبناء) الَّذِي لَا يَحْتَاجهُ أَو المزوق أما مَا يَقِيه نَحْو حر وَبرد ولص أَو كَانَ جِهَة قربه كمسجد ففاعله محتسبا مأجور (هـ عَن خباب) بن الارت بمثناة فوقية
(ان العَبْد ليتصدق بالكسرة) من الْخبز ابْتِغَاء وَجه الله (تربو) أَي تزيد (عِنْد الله حَتَّى تكون) فِي الْعظم (مثل أحد) بِضَمَّتَيْنِ الْجَبَل الْمَعْرُوف وَالْمرَاد كَثْرَة ثَوَابهَا لَا أَنَّهَا تكون كالجبل حَقِيقَة (طب عَن أبي بَرزَة) // (ضَعِيف) // لضعف سوار بن مُصعب
(ان العَبْد إِذا لعن شَيْئا) آدَمِيًّا أَو غَيره بِأَن دَعَا عَلَيْهِ بالطرد عَن رَحْمَة الله (صعدت) بِفَتْح فَكسر (اللَّعْنَة إِلَى السَّمَاء) لتدخلها (فتغلق أَبْوَاب السَّمَاء دونهَا) لانها لَا تفتح إِلَّا لعمل صَالح (ثمَّ تهبط) أَي تنزل (إِلَى الأَرْض) لتصل إِلَى سِجِّين (فتغلق أَبْوَابهَا دونهَا) أَي تمنع من النُّزُول (ثمَّ تَأْخُذ يَمِينا وَشمَالًا) أَي تتحير لَا تَدْرِي أَيْن تذْهب (فَإِذا لم تَجِد مساغا) أَي مسلكا تسلكه لتستقر فِي مَحل (رجعت إِلَى الَّذِي لعن) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (فَإِذا كَانَ لذَلِك) أَي للعنة (أَهلا) أَي يَسْتَحِقهَا رجعت إِلَيْهِ فَصَارَ مبعودا مطرودا (والا) بِأَن لم يكن أهلالها (رجعت) باذن رَبهَا (الى قَائِلهَا) لَان اللَّعْن طرد من رَحْمَة الله فَمن طرد عَن هُوَ أهل لِرَحْمَتِهِ عَنْهَا فَهُوَ بالطرد أَجْدَر (دعن أبي الدَّرْدَاء) // (بِسَنَد جيد) //
(ان العَبْد) فِي رِوَايَة ان الْمُؤمن (اذا أَخطَأ خَطِيئَة) فِي رِوَايَة أذْنب ذَنبا (نكتت) بنُون مَضْمُومَة وكاف مَكْسُورَة (فِي قلبه نكثة) أَي أثر قَلِيل كنقطة (سَوْدَاء) فِي صيقل كمرآة وَسيف (فَإِن هُوَ نزع) أَي أقلع عَنهُ وَتَركه (واستغفر) الله (وَتَابَ) تَوْبَة صَحِيحَة (صقل) بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول أَي محا الله تِلْكَ النكثة فينجلي (قلبه) بنوره كشمس خرجت عَن كسوفها فتجلت (وان عَاد) الى مَا اقترفه (زيد فِيهَا) نُكْتَة أُخْرَى وَهَكَذَا(1/295)
حَتَّى تعلو على قلبه) أَي تغطيه وتغمره وتستر سائره وَيصير كُله ظلمَة فَلَا يعي خيرا وَلَا يبصر رشدا (وَهُوَ الران) أَي الطَّبْع (الَّذِي ذكر) هـ (الله تَعَالَى) فِي كِتَابه بقوله تَعَالَى (كلا بل ران) أَي غلب وَاسْتولى (على قُلُوبهم) للصدأ والدنس (مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) من الذُّنُوب (حم ت ن هـ حب ك هَب عَن أبي هُرَيْرَة) // (بأسانيد صَحِيحَة) //
(ان العَبْد) أَي الْمُؤمن (ليعْمَل الذَّنب فاذا ذكره احزنه) أَي أَسف على مَا فرط مِنْهُ وَنَدم (واذا نظر الله اليه قد أحزنه غفر لَهُ مَا صنع) من الذَّنب قبل أَن يَأْخُذ) أَي يشرع (فِي كَفَّارَته بِلَا صَلَاة وَلَا صِيَام) فَيغْفر لَهُ قبل الاسْتِغْفَار بِاللِّسَانِ قَالَ ابْن مَسْعُود وَمن أَعقل مِمَّن خَافَ ذنُوبه واستحقر عمله (حل وَابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة) // (باسناد ضَعِيف) //
(ان العَبْد اذا وضع فِي قَبره وَتَوَلَّى عَنهُ أَصْحَابه) أَي المشيعون لَهُ (حَتَّى أَنه) بِكَسْر همزَة أَن لوقوعها بعد حَتَّى الابتدائية (يسمع قرع) بِالْقَافِ (نعَالهمْ) صَوتهَا عِنْد الدوس لَو كَانَ حَيا فَإِنَّهُ قبل أَن يقعده الْملك لَا حس فِيهِ (أَتَاهُ ملكان) بِفَتْح اللَّام مُنكر وَنَكِير سميا بِهِ لانه لَا يشبه خلقهما خلق آدَمِيّ وَلَا ملك وَلَا غَيرهمَا (فَيُقْعِدَانِهِ) حَقِيقَة بِأَن يُوسع اللَّحْد حَتَّى يقْعد فِيهِ أَو مجَاز عَن الايقاظ والتنبيه بِإِعَادَة الرّوح إِلَيْهِ (فَيَقُولَانِ لَهُ) أَي يَقُول أَحدهمَا مَعَ حُضُور الآخر (مَا كنت) فِي حياتك (تَقول فِي هَذَا الرجل) عبر بِهِ لَا بِنَحْوِ هَذَا النَّبِي امتحانا للمسؤول لِئَلَّا يَتَلَقَّن مِنْهُ (لمُحَمد) أَي فِي مُحَمَّد (فَأَما الْمُؤمن) أَي الَّذِي ختم لَهُ بِالْإِيمَان (فَيَقُول) بعزم وَجزم بِلَا توقف (أشهد أَنه عبد الله وَرَسُوله) إِلَى كَافَّة الثقلَيْن (فَيُقَال) أَي فَيَقُول لَهُ الْملكَانِ أَو غَيرهمَا (انْظُر إِلَى مَقْعَدك من النَّار) فِي أبي دَاوُد يُقَال لَهُ هَذَا بَيْتك كَانَ فِي النَّار لَكِن الله عصمك ورحمك (قد أبدلك الله بِهِ مقْعدا من الْجنَّة) أَي مَحل قعُود فِيهَا (فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا) عيَانًا (ويفسح لَهُ فِي قَبره) أَي يُوسع لَهُ فِيهِ (سَبْعُونَ ذِرَاعا) أَي توسعة عَظِيمَة جدا فالسبعون للتكثير (ويملأ عَلَيْهِ خضرًا) بِفَتْح الْخَاء وَكسر الضَّاد المعجمتين ريحانا وَنَحْوه وَيسْتَمر (إِلَى يَوْم يبعثون) أَي الْمَوْتَى من قُبُورهم (وَأما الْكَافِر) الْمُعْلن بِكُفْرِهِ (أَو) شكّ من الرَّاوِي أَو بِمَعْنى الْوَاو (النمافق) الَّذِي أظهر الاسلام وأضمر الْكفْر (فَيُقَال لَهُ مَا كنت تَقول فِي هَذَا الرجل فَيَقُول لَا أَدْرِي كنت أَقُول مَا يَقُول النَّاس فَيُقَال لَهُ لَا دَريت) بِفَتْح الرَّاء (وَلَا تليت) من الدِّرَايَة والتلاوة وَأَصله تَلَوت دُعَاء عَلَيْهِ أَي لَا كنت داريا وَلَا تاليا (ثمَّ يضْرب) بِالْبِنَاءِ للْمَجْهُول أَي يضْربهُ الْملكَانِ الفتانان (بمطراق) أَي مرزبة (من حَدِيد ضَرْبَة بَين أُذُنَيْهِ فَيَصِيح صَيْحَة يسْمعهَا من يَلِيهِ) من جَمِيع جهاته (غير الثقلَيْن) الْجِنّ وَالْإِنْس فَإِنَّهُمَا لَا يسمعانه والا لأعرضا عَن المعاش وَبَطل الشَّخْص وَالنَّوْع (ويضيق عَلَيْهِ قَبره حَتَّى تخْتَلف أضلاعه) وَفِيه حل الْمَشْي بَين الْقُبُور بنعل لَكِن يكره وَيسْتَثْنى من السُّؤَال جمَاعَة ورد باعفائهم عَنهُ أَحَادِيث) (حم ق د ن عَن أنس) ابْن مَالك
(ان العَبْد) أَي الْمُؤمن ذَا البصيرة (أَخذ عَن الله أدبا حسنا) وَهُوَ أَنه (إِذا وسع عَلَيْهِ) أَي وسع الله عَلَيْهِ رزقه (وسع) على نَفسه وَعِيَاله (وَإِذا أمسك) الله (عَلَيْهِ) أَي ضيق (أمسك) من غير ضجر وَلَا قلق لعلمه بِأَن مَشِيئَة الله فِي بسط الرزق وضيقه لحكمة ومصلحة (حل عَن ابْن عمر) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(ان الْعجب) بِضَم فَسُكُون أَي نظر الانسان إِلَى نَفسه بِعَين الِاسْتِحْسَان (ليحبط) بِضَم أَوله أَي ليفسد (عمل سبعين سنة) أَي مُدَّة طَوِيلَة جدا فالسبعون للتكثير لَان المعجب يستكثر فعله ويستحسن عمله فَيكون كمن أَصَابَهُ عين فاتلفته (فرعن الْحُسَيْن(1/296)
ابْن عَليّ) ضَعِيف لضعف مُوسَى بن إِبْرَاهِيم الْمروزِي
(أَن العرافة) بِالْكَسْرِ أَي تَدْبِير أَمر الْقَوْم وَالْقِيَام بسياستهم (حق) أَي لَا بُد مِنْهَا للضَّرُورَة اليها وَكَيف لَا تكون كَذَلِك (وَلَا بُد للنَّاس من العرفاء) ليتعرف الْأَمِير من العرفاء حَالهم ليرتب الأجناد وَيبْعَث الْبعُوث (وَلَكِن العرفاء فِي النَّار) أَي عاملون بِمَا يصيرهم إِلَيْهَا وَالْمرَاد الَّذين لم يعدلُوا وَعبر بِصِيغَة الْعُمُوم اجراء للْغَالِب مجْرى الْكل (د عَن رجل) من الصحب ضَعِيف لضعف غَالب الْقطَّان
(ان الْعرق) بِالتَّحْرِيكِ رشح الْبدن (يَوْم الْقِيَامَة) فِي الْموقف (ليذْهب فِي الأَرْض سبعين باعا) أَي ينزل فِيهَا لكثرته شَيْئا كثيرا (وَأَنه ليبلغ إِلَى أَفْوَاه النَّاس) أَي يصل إِلَيْهَا فَيصير كاللجام يمنعهُم من الْكَلَام (أَو إِلَى آذانهم) بِأَن يُغطي الأفواه ويعلو عَلَيْهَا لِأَن الْأذن أَعلَى من الْفَم فَتكون النَّاس على قدر أَعْمَالهم فَمنهمْ من يلجمه وَمِنْهُم من يزِيد على ذَلِك وَسبب كثرته تراكم الْأَهْوَال ودنو الشَّمْس من الرؤوس (م عَن أبي هُرَيْرَة
ان الْعين) أَي عين العائن من انس أَو جن (لتولع) أَي تعلق (بِالرجلِ) أَي الْكَامِل الرجولية فالمرأة وَمن سنّ الطفولية أولى (بِإِذن الله تَعَالَى) أَي بتمكينه واقداره (حَتَّى يصعد حالقا) أَي جبلا عَالِيا (ثمَّ يتردى) أَي يسْقط (مِنْهُ) لَان العائن إِذا تكيفت نَفسه بكيفية رَدِيئَة انْبَعَثَ من عينه قُوَّة سميَّة تتصل بِهِ فتضره (حم ع عَن أبي ذَر) // (بِإِسْنَاد رِجَاله ثِقَات) //
(ان الغادر) أَي المغتال لذِي عهد أَو أَمَان (ينصب) فِي رِوَايَة يرفع (لَهُ لِوَاء) أَي علم (يَوْم الْقِيَامَة) خَلفه تشهيرا لَهُ بالغدر وتفضيحا على رُؤُوس الاشهاد (فَيُقَال) أَي يُنَادى عَلَيْهِ يَوْمئِذٍ (أَلا) أَن (هَذِه غدرة فلَان بن فلَان) وَيرْفَع فِي نَفسه حَتَّى يتَمَيَّز عَن غَيره وسر ذَلِك أَن الْعقُوبَة تقع غَالِبا بضد الذَّنب والذنب خَفِي فاشتهرت عُقُوبَته باشهار النداء (مَالك ق د ت عَن ابْن عمر
ان الْغسْل يَوْم الْجُمُعَة) بنيتها لاجلها (ليسل) أَي يخرج (الْخَطَايَا) أَي ذنُوب المغتسل لَهَا (من أصُول الشّعْر استلالا) أَي يُخرجهَا من منابتها خُرُوجًا وأكد بِالْمَصْدَرِ اشارة إِلَى أَنه يستأصلها (طب عَن أبي أُمَامَة) // (بِإِسْنَاد صَحِيح) //
(إِن الْغَضَب من الشَّيْطَان) أَي هُوَ المحرك لَهُ الْبَاعِث عَلَيْهِ ليغوي الْآدَمِيّ (وان الشَّيْطَان) ابليس (خلق من النَّار) لانه من الجان الَّذِي قَالَ الله تَعَالَى فيهم وَخلق الجان من مارج من نَار وَكَانَ ابليس اللعين أعبدهم فعصى فَجعل شَيْطَانا (وانما تطفأ النَّار بِالْمَاءِ فَإِذا غضب أحدكُم) أَيهَا الْمُؤْمِنُونَ (فَليَتَوَضَّأ) ندبا وضوأه للصَّلَاة وَإِن كَانَ متوضئا وَبِذَلِك تحصل السّنة وأكمل مِنْهُ الْغسْل الْمَأْمُور بِهِ فِي خبر آخر (حم د) فِي الْأَدَب (عَن عَطِيَّة) بن عُرْوَة (العوفى) صَحَابِيّ يعد فِي الشاميين وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد فَهُوَ صَالح
(أَن الْفِتْنَة) أَي الْبدع والضلالات وَالْفرق الزائغة (تجيئ فتنسف الْعباد نسفا) أَي تهلكهم وتبيدهم وَاسْتِعْمَال النسف فِي ذَلِك مجَاز (وينجو الْعَالم مِنْهَا بِعِلْمِهِ) أَي الْعَالم بِعلم طَرِيق الْآخِرَة لمعرفته الطَّرِيق إِلَى توقي الشُّبُهَات والشهوات وتجنب الْهوى والبدع (حل عَن أبي هُرَيْرَة) // (بِسَنَد ضَعِيف) //
(ان الْفُحْش والتفحش) أَي تكلّف إِيجَاد الْفُحْش أَي الْقبْح شرعا (ليسَا من الْإِسْلَام فِي شَيْء وان أحسن النَّاس اسلاما أحْسنهم خلقا) بِضَمَّتَيْنِ لَان حسن الْخلق شعار الدّين وَحلية الْمُؤمنِينَ (حم ع طب عَن جَابر بن سَمُرَة) // (وَإِسْنَاده صَحِيح) //
(أَن الْفَخْذ عَورَة) أَي من الْعَوْرَة سَوَاء كَانَ من ذكر أَو أُنْثَى من حرأ وقن فَيجب ستر مَا بَين السُّرَّة وَالركبَة (ك عَن جرهد) الْأَسْلَمِيّ الصَّحَابِيّ قَالَ الْحَاكِم // (صَحِيح) // وأقروه وَهَذَا قَالَه وَقد أبْصر فَخذ(1/297)
جرهد مكشوفة
(ان القَاضِي الْعدْل) أَي الَّذِي يحكم بِالْحَقِّ (ليجاء بِهِ يَوْم الْقِيَامَة) إِلَى الْموقف (فَيلقى من شدّة الْحساب مَا) أَي أمرا عَظِيما (يتَمَنَّى) مَعَه (أَن لَا يكون قضى) أَي حكم فِي الدُّنْيَا (بَين اثْنَيْنِ) أَي خصمين حَتَّى وَلَا (فِي) شَيْء تافه جدّاً نَحْو (تَمْرَة) أَو حَبَّة بر أَو زبيب لما يرى من ذَلِك الهول وَإِذا كَانَ هَذَا فِي الْعدْل فَمَا حَال غَيره (قطّ والشيرازي فِي الألقاب) والكنى (عَن عَائِشَة) // (بِإِسْنَاد ضَعِيف) //
(أَن الْقَبْر أوّل منَازِل الْآخِرَة فَإِن نجا) الْمَيِّت (مِنْهُ) أَي من الْقَبْر أَي من عَذَابه (فَمَا بعده) من أهوال الْحَشْر والنشر وَغَيرهمَا (أيسر) عَلَيْهِ (مِنْهُ وَإِن لم ينج مِنْهُ فَمَا بعده أشدّ مِنْهُ) عَلَيْهِ فَمَا يحصل للْمَيت فِيهِ عنوان مَا سيصير إِلَيْهِ (ت هـ ك عَن عُثْمَان) بن عَفَّان // (صَححهُ الْحَاكِم وَاعْترض) //
(أَن الْقُلُوب) أَي قُلُوب بني آدم (بَين إِصْبَعَيْنِ من أَصَابِع الله) هَذَا من أَحَادِيث الصِّفَات فَيجب الْإِيمَان بهَا ونقول الله أعلم بِمُرَاد رَسُوله بذلك (يقلبها كَيفَ يَشَاء) أَي يصرفهَا إِلَى مَا يُرِيد بِالْعَبدِ بِحَسب الْقدر الْجَارِي عَلَيْهِ الْمُسْتَند إِلَى الْعلم الأزليّ (حم ت ك عَن أنس) بن مَالك وَرِجَاله رجال مُسلم
(أَن الْكَافِر ليسحب لِسَانه) أَي يجرّه (يَوْم الْقِيَامَة وَرَاءه الفرسخ والفرسخين يتواطؤه النَّاس) أَي أهل الْموقف فَيكون ذَلِك من الْعَذَاب قبل دُخُوله النَّار (حم ت عَن ابْن عمر) و // (إِسْنَاده ضَعِيف) //
(انّ الْكَافِر ليعظم) أَي تكبر جثته فِي الْآخِرَة جدّاً (حَتَّى أَن ضرسه لأعظم من أحد) أَي حَتَّى يصير كل ضرس من أَضْرَاسه أعظم من جبل أحد (وفضيلة جسده) أَي زِيَادَته وعظمه (على ضرسه كفضيلة جَسَد أحدكُم على ضرسه) فَإِذا كَانَ ضرسه مثل جبل أحد فحثته مثله مائَة مرّة أَو أَكثر وَأمر من الْآخِرَة وَرَاء طور الْعُقُول فنؤمن بذلك وَلَا نبحث فِيهِ (هـ عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ
(ان) الْمَرْأَة (الَّتِي تورث المَال غير أَهله عَلَيْهَا نصف عَذَاب) هَذِه (الأمّة) يَعْنِي أَن الْمَرْأَة إِذا أَتَت بِولد من زنا ونسبته إِلَى زَوجهَا ليلتحق بِهِ ويرثه عَلَيْهَا عَذَاب عَظِيم لَا يكتنه كنهه وَلَا يُوصف قدره فَلَيْسَ المُرَاد النّصْف حَقِيقَة (عب عَن ثَوْبَان) مولى رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]
(أنّ الَّذِي أنزل الدَّاء) وَهُوَ الله تَعَالَى (أنزل الشِّفَاء) أَي مَا يستشفى بِهِ من الْأَدْوِيَة فَتَدَاوَوْا فَمَا من دَاء إِلَّا وَله دَوَاء علمه من علمه وجهله من جَهله (ك عَن أبي هُرَيْرَة) // (وَقَالَ صَحِيح) //
(ان الَّذِي يتخطى رِقَاب النَّاس يَوْم الْجُمُعَة) عِنْد جلوسهم لاستماع الْخطْبَة (ويفرّق بَين اثْنَيْنِ) قصدا لذَلِك (بعد خُرُوج الإِمَام) من مَكَانَهُ ليصعد الْمِنْبَر للخطبة (كالجار قصبه) بِضَم الْقَاف وَسُكُون الصَّاد الْمُهْملَة أَي أمعاءه أَي مصارينه (فِي النَّار) أَي لَهُ فِي الْآخِرَة عَذَاب شَدِيد مثل عَذَاب من يجرّ أمعاء فِي النَّار بِمَعْنى أَنه يسْتَحق ذَلِك فَيحرم تخطي الرّقاب والتفريق (حم طب ك عَن الأرقم) بن أبي الأرقم قَالَ الْحَاكِم // (صَحِيح وردّ عَلَيْهِ) //
(أَن) الْمُكَلف الَّذِي يَأْكُل وَيشْرب فِي آنِية الذَّهَب وَالْفِضَّة إِنَّمَا يجرجر) بِضَم الْمُثَنَّاة التَّحْتِيَّة وَفتح الْجِيم (فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم) أَي يُرَدِّدهَا فِيهِ جعل صَوت شرب المَاء فِي آنِية النَّقْد لكَون اسْتِعْمَالهَا محرّماً مُوجبا للعذاب كجرجرة نَار جَهَنَّم فِي بَطْنه فَأفَاد حُرْمَة اسْتِعْمَاله على الذّكر وَالْأُنْثَى (م هـ عَن أم سَلمَة) أم الْمُؤمنِينَ (زَاد طب) فِي رِوَايَته (إِلَّا أَن يَتُوب) تَوْبَة صَحِيحَة عَن اسْتِعْمَاله فَلَا يعذب الْعَذَاب الْمَذْكُور
(ان) الْإِنْسَان (الَّذِي لَيْسَ فِي جَوْفه شَيْء من الْقُرْآن كالبيت الخرب) أَرَادَ بالجوف الْقلب وَفَائِدَة ذكره تَصْحِيح التَّشْبِيه بِالْبَيْتِ الخرب كجوف الانسان الْخَالِي عَمَّا لَا بُد مِنْهُ من التَّصْدِيق والاعتقاد الْحق (حم ت ك عَن ابْن عَبَّاس) // (وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم) // ورد(1/298)
عَلَيْهِمَا
(ان) المصورين (الَّذين يصنعون هَذِه الصُّور) أَي التماثيل ذَوَات الْأَرْوَاح (يُعَذبُونَ يَوْم الْقِيَامَة) فِي نَار جَهَنَّم (فَيُقَال لَهُم أحيوا مَا خلقْتُمْ) أَمر تعجيز أَي اجعلوا مَا صورتم حياذا روح (ق ن عَن ابْن عمر
أَن المَاء طهُور) أَي طَاهِر فِي نَفسه مطهر لغيره (لَا يُنجسهُ شَيْء) مِمَّا اتَّصل بِهِ من النَّجَاسَة أَرَادَ مثل المَاء المسؤل عَنهُ وَهُوَ بِئْر بضَاعَة كَانَت كَثِيرَة المَاء ويطرح فِيهَا من الانجاس مَا لَا يغيرها (حم 3 قطّ هق عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ // (وَحسنه التِّرْمِذِيّ وَصَححهُ أَحْمد) // فنفى ثُبُوته مَمْنُوع
(إِن المَاء لَا يُنجسهُ شَيْء) نجس وَقع فِيهِ (إِلَّا مَا) أَي نجسا (غلب على رِيحه ولونه وطعمه) الْوَاو مَانِعَة خلو لَا جمع وَأفَاد كَالَّذي قبله أَن المَاء يقبل التَّنْجِيس وَأَنه لَا أثر لملاقاته حَيْثُ لَا تغير أَي إِن كثر المَاء (هـ عَن أبي أُمَامَة) // (باسناد ضَعِيف) // لضعف رشدين وَغَيره
(إِن المَاء لَا يجنب) بِضَم أَوله أَي لَا ينْتَقل لَهُ حكم بالجنابة وَهُوَ الْمَنْع من اسْتِعْمَاله باغتسال الْغَيْر مِنْهُ وَهَذَا قَالَه لميمونة لما اغْتَسَلت من جَفْنَة فجَاء ليغتسل مِنْهَا فَقَالَت إِنِّي كنت جنبا (دت هـ حب ك هق عَن ابْن عَبَّاس) // (بأسانيد صَحِيحَة) //
(إِن الْمُؤمن) وَفِي رِوَايَة أَن العَبْد (ليدرك بِحسن الْخلق) أَي يبسط الْوَجْه وبذل الْمَعْرُوف وكف الْأَذَى (دَرَجَة الْقَائِم الصَّائِم) وَهُوَ رَاقِد على فرَاشه (د حب عَن عَائِشَة) وَغَيرهَا
(إِن الْمُؤمن تخرج نَفسه من بَين جَنْبَيْهِ) أَي تنْزع روحه من جسده بغاية الْأَلَم وَنِهَايَة الشدَّة (وَهُوَ يحمد الله تَعَالَى) أَي رضَا بِمَا قَضَاهُ ومحبة فِي لِقَائِه (هَب عَن ابْن عَبَّاس) رَضِي الله عَنْهُمَا
(إِن الْمُؤمن يضْرب وَجهه بالبلاء كَمَا يضْرب وَجه الْبَعِير) مجَاز عَن كَثْرَة إِيرَاد أَنْوَاع المصائب وضروب الْفِتَن والمحن عَلَيْهِ لكرامته على ربه لما فِي الِابْتِلَاء من تمحيص الذُّنُوب وَرفع الدَّرَجَات (خطّ عَن ابْن عَبَّاس) // (باسناد ضَعِيف جدا) //
(إِن الْمُؤمن ينضى) بمثناة تحتية وَنون سَاكِنة وضاد مُعْجمَة (شَيْطَانه) أَي يَجعله نضوا أَي مهزولا سقيما لِكَثْرَة اذلاله لَهُ وَجعله أَسِيرًا تَحت قهره (كَمَا ينضى أحدكُم بعيره فِي السّفر) لِأَن من أعز سُلْطَان الله أعز سُلْطَانه وسلطه على عدوه وصيره تَحت حكمه (حم والحكيم) التِّرْمِذِيّ (وَابْن أبي الدُّنْيَا) أَبُو بكر (فِي) كتاب (مَكَائِد الشَّيْطَان) كلهم (عَن أبي هُرَيْرَة) // (ضَعِيف) // لضعف ابْن لَهِيعَة
(إِن الْمُؤمن إِذا أَصَابَهُ سقم) بِضَم فَسُكُون وبفتحتين مرض (ثمَّ أَعْفَاهُ الله مِنْهُ) بِأَن لم يكن ذَلِك مرض مَوته وَفِي رِوَايَة ثمَّ أعفى بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول (كَانَ) مَرضه (كَفَّارَة لما مضى من ذنُوبه وموعظة لَهُ فِيمَا يسْتَقْبل) لِأَنَّهُ لما مرض عقل إِن سَبَب مَرضه ارتكابه الذُّنُوب فَتَابَ مِنْهَا فَكَانَ كَفَّارَة لَهَا (وَإِن الْمُنَافِق إِذا مرض أعفى) من مَرضه (كَانَ كالبعير عقله أَهله) أَي أَصْحَابه (ثمَّ أَرْسلُوهُ) أَي أَطْلقُوهُ من عقاله (فَلم يدر لم عقلوه) أَي لأي شَيْء فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِك (وَلم يدر لم أَرْسلُوهُ) فَهُوَ لَا يتَذَكَّر الْمَوْت وَلَا يتعظ بمرضه وَلَا يتَنَبَّه من غفلته فَلَا ينجع فِيهِ سَبَب الْمَوْت وَلَا يذكر حسرة الْفَوْت (دعن عَامر الرام) أخي الْخضر وَفِيه راو لم يسم
(إِن الْمُؤمن) فِي رِوَايَة الْمُسلم (لَا ينجس) زَاد الْحَاكِم حَيا وَلَا مَيتا وَذكر الْمُؤمن وصف طردى فالكافر كَذَلِك وَالْمرَاد بِنَجَاسَة الْمُشْركين فِي الْآيَة نَجَاسَة اعْتِقَادهم أَو تجنبهم كالنجس وَفِي قَوْله حَيا وَلَا مَيتا رد على أبي خنيفة فِي قَوْله يَتَنَجَّس بِالْمَوْتِ (ق 4 عَن أبي هُرَيْرَة حم م دن 5 عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان (ن عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله (طب عَن أبي مُوسَى) الْأَشْعَرِيّ وَاللَّفْظ للْبُخَارِيّ
(إِن الْمُؤمن يُجَاهد بِسَيْفِهِ) الْكفَّار (وَلسَانه) الْكفَّار وَغَيرهم من الْمُلْحِدِينَ وَالْفرق الزائفة باقامة الْبَرَاهِين أَو أَرَادَ(1/299)