[3779] مَا على الأَرْض يَمِين أُرِيد بِهِ الْمَحْلُوف عَلَيْهِ مجَازًا الا أَتَيْته أَي الْخَيْر وَتركت الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَوْله نستحمله أَي نطلب مِنْهُ مَا نركب عَلَيْهِ فِي غَزْوَة تَبُوك بِثَلَاث ذود بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة جمع النَّاقة بِمَعْنى أَي بِثَلَاث نُوق مَا أَنا حملتكم الخ يُرِيد أَن الْمِنَّة لله تَعَالَى لَا لمخلوق من مخلوقاته وَهُوَ الْفَاعِل حَقِيقَة أَو المُرَاد أَنِّي حَلَفت نظرا إِلَى ظَاهر الْأَسْبَاب وَهَذَا جَاءَ من الله تَعَالَى على خلاف تِلْكَ الْأَسْبَاب وعَلى كل تَقْدِير فَالْجَوَاب عَن الْحلف هُوَ قَوْله وَالله لَا أَحْلف على يَمِين الخ وَأخذ المُصَنّف من قَوْله الا كفرت الخ جَوَاز تَقْدِيم الْكَفَّارَة على الْحِنْث لَكِن التَّقْدِيم اللَّفْظِيّ لَا يدل على التَّقْدِيم الْمَعْنَوِيّ والعطف بِالْوَاو لَا يدل على التَّرْتِيب فَيجوز ان يكون الْمُتَأَخر مُتَقَدما نعم قد يُقَال الْأَمر فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة لَا دلَالَة لَهُ على وجوب تَقْدِيم الْحِنْث(7/9)
كَمَا لَا دلَالَة لَهُ على وجوب تَقْدِيم الْكَفَّارَة وَمُقْتَضى هَذَا الْإِطْلَاق دَلِيل للمطلوب وعَلى هَذَا فَقَوْل من أوجب تَقْدِيم الْحِنْث مُخَالف لهَذَا الْإِطْلَاق فَلَا بُد لَهُ من دَلِيل يُعَارض هَذَا الْإِطْلَاق ويترجح عَلَيْهِ حَتَّى يَسْتَقِيم الْأَخْذ بِهِ وَترك هَذَا الْإِطْلَاق
قَوْله
[3783] ثمَّ ائْتِ الَّذِي هُوَ خير كلمة ثمَّ مَحْمُولَة على معنى الْوَاو تَوْفِيقًا بَين الرِّوَايَات وَلَو حمل على ظَاهرهَا لوَجَبَ تَأْخِير الْحِنْث عَن الكفارةولم يقل بِهِ أحدقوله(7/10)
[3785] فليأت الَّذِي هُوَ خير ظَاهره كَلَام المُصَنّف يدل على أَنه أَخذ التَّقْدِيم من التَّقْدِيم اللفظى فَقَط وَقد عرفت أَنه لَا دلَالَة على التَّقْدِيم الْمَعْنَوِيّ
قَوْله
[3789] إِذا آلَيْت من الْإِيلَاء أَي حَلَفت على يَمِين أَي محلوف عَلَيْهِ قَوْله(7/11)
[3792] لَا نذر وَلَا يَمِين فِيمَا لَا يملك الخ ظَاهره أَنه لَا ينْعَقد النّذر وَالْيَمِين فِي شَيْء من ذَلِك أصلا لَكِن مُقْتَضى بعض الْأَحَادِيث أَنه لَا يلْزم الْوَفَاء بهما بل يكونَانِ سببين لِلْكَفَّارَةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاستثنى أَي فَقَالَ ان شَاءَ الله تَعَالَى فَإِن شَاءَ الخ أَي فَهُوَ مُخَيّر غير حنث بِكَسْر النُّون أَي حَال كَونه غير حانث فِي التّرْك فَهُوَ حَال من ضمير ترك قَوْله النِّيَّة فِي الْيَمين يُرِيد أَن الْيَمين على مَا نوى وَاسْتدلَّ عَلَيْهِ بِحَدِيث انما الْأَعْمَال اما لعُمُوم الْأَعْمَال الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال جَمِيعًا واما لإِطْلَاق قَوْله(7/12)
[3794] وَإِنَّمَا لامرئ مَا نوى عَن التَّقْيِيد بالْقَوْل وَالْفِعْل فَدلَّ على أَن لَهُ مَا نوى بقوله أَو فعله وَقد سبق للْحَدِيث زِيَادَة بسط فِي أول الْكتاب فَلَا نعيده قَوْله فتواصيت أَي توافقت ريح مَغَافِير شَيْء كريه الرَّائِحَة فَكَانَ عَادَته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الِاحْتِرَاز عَمَّا لَهُ رَائِحَة كريهة وَمُرَاد المُصَنّف أَن يفهم من الحَدِيث أَن تَحْرِيم مَا أحل الله يَمِين وَأَن من قَالَ لَا آكل هَذَا وَنَحْوه بنية التَّحْرِيم يكون تَحْرِيمًا ويمينا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/13)
[3796] فَإِذا فلق بِكَسْر الْفَاء وَفتح اللَّام جمع فلقَة بِكَسْر فَسُكُون بِمَعْنى الكسرة من الْخبز قَوْله كُنَّا أَي معشر التُّجَّار نسمي على بِنَاء الْمَفْعُول وَيحْتَمل أَنه على بِنَاء الْفَاعِل بِتَقْدِير نسمي أَنْفُسنَا السماسرة بِفَتْح السِّين الأولى وَكسر الثَّانِيَة جمع سمسار بِكَسْر السِّين وَهُوَ الْقيم بِأَمْر البيع والحافظ لَهُ قَالَ الْخطابِيّ هُوَ اسْم أعجمي وَكَانَ كثير مِمَّن يعالج البيع وَالشِّرَاء فيهم الْعَجم فتلقوا هَذَا الِاسْم عَنْهُم فَغَيره النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالتجار الَّذِي هُوَ من الْأَسْمَاء الْعَرَبيَّة يَا معشر التُّجَّار بِضَم فتشديد أَو كسر وَتَخْفِيف الْحلف بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة وَكسر اللَّام الْيَمين الكاذبة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي غير حَاشِيَة الْكتاب قلت وَيجوز سُكُون اللَّام أَيْضا ذكره فِي الْمجمع وَغَيره فشوبوا بِضَم الشين أَمر من الشوب بِمَعْنى الْخَلْط أَمرهم بذلك ليَكُون كَفَّارَة(7/14)
لما يجْرِي بَينهم من الْكَذِب وَغَيره وَالْمرَاد بهَا صَدَقَة غير مُعينَة حسب تضاعيف الآثام وَاسْتدلَّ بِهِ المُصَنّف على أَن الْحلف الْكَاذِب بِلَا قصد لَا كَفَّارَة فِيهِ إِذْ لم يَأْمُرهُم بِالْكَفَّارَةِ الْمَعْلُومَة فِي الْحلف بِعَينهَا وَيُؤَيّد ذَلِك بِمَا يفهم من الرِّوَايَة الْآتِيَة أَنه اللَّغْو حَيْثُ جَاءَ اللَّغْو فِيهَا مَوضِع الْحلف وَالله تَعَالَى أعلم(7/15)
قَوْله
[3801] نهى عَن النّذر أَي بِظَنّ أَنه يُفِيد فِي حُصُول الْمَطْلُوب والخلاص عَن الْمَكْرُوه من الْبَخِيل الَّذِي لَا يَأْتِي بِهَذِهِ الطَّاعَة الا فِي مُقَابلَة شِفَاء مَرِيض وَنَحْوه مِمَّا علق النّذر عَلَيْهِ وَقَالَ الْخطابِيّ نهى عَن النّذر تَأْكِيدًا لأَمره وتحذيرا للتهاون بِهِ بعد إِيجَابه وَلَيْسَ النَّهْي لافادة أَنه مَعْصِيّة والا لما وَجب الْوَفَاء بِهِ بعد كَونه مَعْصِيّة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3804] لَا يَأْتِي النّذر على بن آدم شَيْئا لم أقدره عَلَيْهِ الخ سوقه يَقْتَضِي أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَه حِكَايَة عَن الله تَعَالَى وَالْمرَاد بقوله على بن آدم أَي لِابْنِ آدم فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/16)
[3806] فَلَا يَعْصِهِ ظَاهره أَنه لَا ينْعَقد أصلا وَقيل ينْعَقد يَمِينا وَفِيه كَفَّارَة(7/17)
الْيَمين قَوْله وَلَا يستشهدون أَي لعلم النَّاس أَنه لَا شَهَادَة عِنْدهم فَهُوَ كِنَايَة عَن شَهَادَة الزُّور السّمن بِكَسْر فَفتح أَي يحبونَ ذَلِك ويتدارون لحصوله أَو يكثرون الْأكل وَالشرب فَإِنَّهُمَا من أَسبَابه وَهَذَا بَيَان دناءة هممهم
قَوْله
[3810] فِي قرن بِفتْحَتَيْنِ هُوَ الْحَبل الَّذِي يشد بِهِ قَوْله بخزامة بِكَسْر خاء مُعْجمَة بعْدهَا زَاي(7/18)
مُعْجمَة هُوَ مَا يَجْعَل فِي أنف الْبَعِير من شعر أَو غَيره ليقاد بِهِ بسير هُوَ بسين مُهْملَة مَفْتُوحَة وياء سَاكِنة مَا يقد من الْجلد قَوْله لتمش مَا قدرت ولتركب إِذا عجزت قَالُوا وَعَلَيْهَا الْهدى لذَلِك كَمَا جَاءَت بِهِ الرِّوَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/19)
[3815] غير مختمرة أَي غير ساترة رَأسهَا بالخمار وَقد أمرهَا بالاختمار والاستتار لَان تَركه مَعْصِيّة لَا نذر فِيهِ وَأما الْمَشْي حافيا فَيصح النّذر فِيهِ فلعلها عجزت عَن الْمَشْي وَاللَّازِم حِينَئِذٍ الْهدى فَلَعَلَّهُ تَركه الرَّاوِي للاختصار وَأما الْأَمر بِالصَّوْمِ فمبني على أَن الْكَفَّارَة للنذر بِمَعْصِيَة كَفَّارَة الْيَمين وَقيل عجزت عَن الْهدى فَأمرهَا بِالصَّوْمِ لذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/20)
[3816] فَأمرهَا أَن تَصُوم عَنْهَا من لَا يرى الصَّوْم جَائِزا يؤول الحَدِيث بِأَن المُرَاد الافتداء فَإِنَّهَا إِذا افتدت فقد أدَّت الصَّوْم عَنْهَا وَهُوَ تَأْوِيل بعيد جدا وَأحمد جوز الصَّوْم فِي النّذر وَقَالَ هُوَ المورد وَالْقَوْل الْقَدِيم للشَّافِعِيّ جَوَازه مُطلقًا وَرجحه محققو أَصْحَابه بِأَنَّهُ الأوفق للدليل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَيْلَة نذر الخ من لَا يصحح الإعتكاف بِلَا صَوْم يرى أَن المُرَاد(7/21)
اللَّيْلَة مَعَ نَهَارهَا وَالرِّوَايَات تساعدهذا التَّأْوِيل قَوْله فَأمره أَن يعْتَكف لَا مَانع من القَوْل بِأَن نذر الْكَافِر ينعقدموقوفا على إِسْلَامه فَإِن أسلم لزمَه الْوَفَاء بِهِ فِي الْخَيْر وَالْكفْر وان كَانَ يمْنَع عَن انْعِقَاده مُنجزا لَكِن لَا نسلم أَنه يمْنَع عَنهُ مَوْقُوفا وَحَدِيث الْإِسْلَام يجب مَا قبله من الْخَطَايَا لَا يُنَافِيهِ لِأَنَّهُ فِي الْخَطَايَا لَا فِي النذور وَلَيْسَ النّذر مِنْهَا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3824] أَن أَنْخَلِع من مَالِي الخ أَي أخرج كُله وأتجرد مِنْهُ كَمَا يتجرد الْإِنْسَان وينخلع من ثِيَابه وَكَانَ ذَلِك حِين قبلت تَوْبَته من تخلفه من غزوةتبوك وَمعنى صَدَقَة إِلَى الله الخ أَي تقربا إِلَيْهِ والى رَسُوله وَفِيه أَن نِيَّة التَّقَرُّب إِلَى غير الله تبعا فِي الْعِبَادَة لَا يضر بعد أَن يكون الْمَقْصد الْأَصْلِيّ التَّقَرُّب إِلَى الله لِأَن المتقرب إِلَى الله تَعَالَى متقرب إِلَى الرَّسُول قطعا فَلْيتَأَمَّل قيل هَذَا الانخلاع لَيْسَ بِظَاهِر فِي معنى النّذر وَإِنَّمَا هُوَ كَفَّارَة أَو شكر فَلَعَلَّهُ ذكره فِي الْبَاب لمشابهته فِي(7/22)
ايجابه على نَفسه مَا لَيْسَ بِوَاجِب لحدوث أمرقلت لَو ظهر الْإِيجَاب لما خَفِي كَونه نذرا وَالله تَعَالَى(7/23)
أعلم قَوْله هَل يدْخل الارضون فِي المَال اخْتلفُوا فِيمَا إِذا نذر أَن يتَصَدَّق بِمَالِه هَل يَشْمَل الْأَرَاضِي أم تخْتَص بِمَا تجب فِيهِ الزَّكَاة فنبه المُصَنّف على أَن الحَدِيث يَقْتَضِي دُخُول الْأَرَاضِي أَيْضا لِأَن قَول أبي هُرَيْرَة فَلم نغنم الا الْأَمْوَال أَرَادَ بالأموال فِيهِ الاراضي أَو مَا يَشْمَل الاراضي قطعا والا لَا يَسْتَقِيم الْحصْر ضَرُورَة أَنهم غنموا أَرَاضِي كَثِيرَة وَأَبُو هُرَيْرَة مِمَّن يعلم اللُّغَة واطلاقات الشَّرْع فَعلم أَن اسْم المَال يُطلق على الاراضي بل ينْصَرف إِلَيْهَا عِنْد الْإِطْلَاق فَكيف يخرج من اسْم المَال الاراضي قلت وَكَذَا يدل عَلَيْهِ حَدِيث كَعْب السَّابِق بل دلَالَته عَلَيْهِ أظهر وَأقوى كمالا يخفى فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[3827] فَلم نغنم من غنم كسمع مدعم بِكَسْر مِيم وَسُكُون دَال مُهْملَة وَفتح عين مُهْملَة فَوجه أَي توجه أَو وَجه وَجهه هَنِيئًا لَك الْجنَّة لِأَنَّهُ مَاتَ شَهِيدا فِي خدمَة النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ان الشملة بِفَتْح فَسُكُون كسَاء يشْتَمل بِهِ وَقد أَخذهَا قبل الْقِسْمَة غلولا بِشِرَاك بِكَسْر شين مُعْجمَة حد سيور النَّعْل الَّتِي على وَجههَا شِرَاك من نَار أَي لَوْلَا رددت أَو هُوَ رد بعد الْفَرَاغ من الْقِسْمَة وقسمتها وَحدهَا لَا يتَصَوَّر فَلذَلِك قَالَ مَا قَالَ وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال قَوْله(7/24)
[3831] فَلم يقل ان شَاءَ الله لَا اعراضا عَنهُ بعد مَا سمع فَإِنَّهُ بعيد عَن منصبه الْجَلِيل وَلَكِن لعدم الِالْتِفَات إِلَيْهِ لاشتغال قلبه بِمَا كَانَ فِيهِ من حب الْجِهَاد وَعلم مِنْهُ أَنه لَو قَالَ لنفعه لَو قَالَ إِن شَاءَ الله هَذَا أَخْبَار عَن قدر مُعَلّق فِي حَقه بِخُصُوصِهِ لَا أَن من يَقُول ذَلِك ينَال الْمَقْصد كَيفَ وَقد قَالَ سيدنَا مُوسَى ستجدني ان شَاءَ الله صَابِرًا وَلم يحصل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/25)
[3832] كَفَّارَة النّذر كَفَّارَة الْيَمين أَي إِذا كَانَ النّذر فِي مَعْصِيّة كَمَا سَيَجِيءُ
قَوْله
[3833] لَا نذر فِي مَعْصِيّة لَيْسَ مَعْنَاهُ أَنه لَا ينْعَقد أصلا إِذْ لَا يُنَاسب ذَلِك قَوْله وكفارته الخ بل مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ وَفَاء وَهَذَا هُوَ صَرِيح بعض الرِّوَايَات الصَّحِيحَة فَإِن فِيهَا لَا وَفَاء لنذر فِي مَعْصِيّة وَقَوله وكفارته ألخ مَعْنَاهُ أَنه ينْعَقد يَمِينا يجب فِيهِ الْحِنْث وَهَذَا هُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَلَا يخفى أَن حَدِيث وَمن نذر أَن يَعْصِي الله(7/26)
وَأَمْثَاله لَا يَنْفِي ذَلِك فَلَا حجَّة للمخالف فِيهِ نعم هم يضعفون حَدِيث وكفارته كَفَّارَة يَمِين وَيَقُولُونَ أَن فِي سَنَده سُلَيْمَان بن أَرقم وَهُوَ ضَعِيف وَأَنت خَبِير بِأَن الحَدِيث قد سبق عَن عقبةبن عَامر وَسَيَجِيءُ عَن عمرَان بن حُصَيْن وَحَدِيث عَائِشَة فِي بعض إِسْنَاده عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَفِي بَعْضهَا حَدثنَا أَبُو سَلمَة وَهَذَا يثبت سَماع الزُّهْرِيّ عَن أبي سَلمَة وَفِي بَعْضهَا عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ أَنَّ يَحْيَى بْنَ أبي كثير حَدثهُ أَنه سمع أَبَا سَلمَة وَهَذَا الِاخْتِلَاف يُمكن دَفعه بِإِثْبَات سَماع الزُّهْرِيّ مرّة عَن سُلَيْمَان عَن يحيى عَن أبي سَلمَة وَمرَّة عَن أبي سَلمَة نَفسه وَعند ذَلِك لَا قطع لضَعْفه سِيمَا حَدِيث عقبَة وَعمْرَان يُؤَيّد الثُّبُوت وَالله تَعَالَى أعلم(7/27)
قَوْله
[3842] لَا نذر فِي غضب أَي فِيمَا يحمل عَلَيْهِ الْغَضَب من الْعَزْم على الْمعاصِي وَالله تَعَالَى أعلم(7/28)
قَوْله يهادي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يمشي بَينهمَا مُعْتَمدًا عَلَيْهِمَا من ضعف بِهِ قَوْله(7/30)
[3856] وَكَانَ دركا بِفتْحَتَيْنِ أَي سَبَب إِدْرَاك لِحَاجَتِهِ
(كِتَابُ الْمُزَارَعَةِ)
الثَّالِثُ مِنْ الشُّرُوطِ فِيهِ الْمُزَارعَة والوثائق كَانَ مَا ذكره فِي كتاب الْأَيْمَان وَالنُّذُور اعْتَبرهُ بِمَنْزِلَة مَا بَين بَاب الْإِيمَان وَبَاب النذور وَاعْتبر كلا من الْإِيمَان وَالنُّذُور من الشُّرُوط لِأَنَّهُ كثيرا مَا يجرى فيهمَا التَّعْلِيق وَلذَلِك سمى هَذَا الْبَاب الثَّالِث من الشُّرُوط وَقَالَ فِيهِ يذكر الْمُزَارعَة والوثائق وَالله تَعَالَى أعلم(7/31)
قَوْله فَأعلمهُ من الاعلام
قَوْله
[3859] على طَعَامه أَي على أَنه يَأْكُل مَعَه أَو من بَيته
قَوْله
[3860] فَإِن سرت أَكثر من شهر نقصت الخ يُرِيد أَن الازدياد فِي الْأجر لأجل الاستعجال فِي السّير جَائِز وَأما النُّقْصَان فِيهِ لأجل الابطاء فمكروه فَإِن الأول يشبه الْعَطاء وَالْهِبَة وَالثَّانِي يشبه الظُّلم وَالنَّقْص من الْحق وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3861] قُلْتُ لِعَطَاءٍ عَبْدٌ أُؤَاجِرُهُ سَنَةً بِطَعَامِهِ وَسَنَةً أُخْرَى بِكَذَا وَكَذَا الخ كَأَنَّهُ صور الْمُسْتَأْجر فِي الْمَسْأَلَة عَطاء كَمَا يُشِير إِلَيْهِ آخر كَلَام عَطاء وَهُوَ قَوْله لَا تحاسبني لما مضى وَمُقْتَضى جَوَابه أَن الاجارة بِالطَّعَامِ عِنْده جَائِزَة وَقَوله ويجزئك الخ فَإِنَّهُ لبَيَان أَن السّنة غير لَازِمَة وَإِنَّمَا اللَّازِم مَا شَرطه من الْأَيَّام وَقَوله أوآجرته الخ من كَلَام بن جريج وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/32)
[3862] إِذا نكريها من الاكراء بِمَا على الرّبيع الساقي أَي بِمَا يزرع على الرّبيع أَي النَّهر الصَّغِير وَالْمرَاد من الساقي الَّذِي يستقى الزَّرْع ازرعها خطاب لصَاحب الأَرْض أَي ازرعها أَنْت بِنَفْسِك وَإِذا منحها أَي اعطها أَخَاك بِلَا أجر ليزرعهاقوله
[3863] عَن الحقل الحقل الزَّرْع وَالْمرَاد كِرَاء الْمزَارِع والحقل الثُّلُث أَي كِرَاء الأَرْض بِثلث مَا يخرج مِنْهَا وسْقا بِفَتْح فَسُكُون قَوْله أَو لِيَدَعْهَا أَي ليتركها فارغة إِن لم يَزْرَعهَا بِنَفسِهِ قَوْله فَقَالَ وَلم أفهم لَعَلَّ المُرَاد مَا فهمت(7/33)
سر هَذَا النَّهْي وَبِأَيِّ سَبَب جَاءَ النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3868] وَأمر رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على الرَّأْس وَالْعين مُبْتَدأ وَخبر وَقَوله أَن نتقبل أَي نكرى الأَرْض بِبَعْض خرجها أَي بِبَعْض مَا خرج مِنْهَا
قَوْله
[3873] لِأَن يمنح بِفَتْح الْهمزَة من قبيل وَأَن(7/34)
تَصُومُوا خير لكم قَوْله(7/36)
[3876] فضول أَرضين بِفتْحَتَيْنِ جمع أَرض أَي أراض فاضلة عَن قدر مَا يَحْتَاجُونَ إِلَى زرعه يكرون بِضَم يَاء المضارعة من أكرى أرضه
قَوْله
[3879] نهى عَن المخابرة الْمَشْهُور أَن المخابرة هِيَ الْمُعَامَلَة على الأَرْض بِبَعْض الْخَارِج وَهِي المحاقلة فَذكرهَا بعد يشبه التّكْرَار الا أَن يُقَال أحد النهيين لصَاحب الأَرْض وَالثَّانِي للآخذ لَكِن سَيَجِيءُ فِي كَلَام المُصَنّف أَن المخابرة بيع الْكَرم بالزبيب فَلَا اشكال حَتَّى يطعم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي حَتَّى يصير صَالحا للْأَكْل الا الْعَرَايَا جمع عرية وَظَاهر هَذَا الِاسْتِثْنَاء أَن المُرَاد مَا يُعْطِيهِ صَاحب المَال(7/37)
لبَعض الْفُقَرَاء من نَخْلَة أَو نخلتين ثمَّ يثقل عَلَيْهِ دُخُول الْفَقِير فِي مَاله كل يَوْم لخدمة النَّخْلَة فيسترد مِنْهُ النَّخْلَة على أَن يُعْطِيهِ قدرا من التَّمْر فِي أَوَانه وَلَا يُنَاسب للْحَدِيث تَفْسِير الْعرية بنخلة يَشْتَرِيهَا من يُرِيد أكل الرطب وَلَا نقد بِيَدِهِ يَشْتَرِيهَا بِهِ يَشْتَرِيهَا بِتَمْر بقى من قوته إِذْ لَا وَجه للرخصة فِي الشِّرَاء قبل بَدو الصّلاح بل هُوَ أحْوج إِلَى اشْتِرَاط بَدو الصّلاح من غَيره فَكيف يرخص لَهُ فِي خِلَافه من غير حَاجَة الا أَن يَجْعَل الِاسْتِثْنَاء عَن الْمُزَابَنَة كَمَا فِي سَائِر الْأَحَادِيث وان كَانَ بَعيدا من هَذَا الحَدِيث فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[3880] وَعَن الثنيا هِيَ كالدنيا وزنا اسْم من الِاسْتِثْنَاء الْمَجْهُول لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النزاع وَكَذَا اسْتثِْنَاء كيل مَعْلُوم لِأَنَّهُ قد لَا يبْقى بعده شَيْء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله المخاضرة بيع الثَّمر بالثاء الْمُثَلَّثَة أَرَادَ بِهِ(7/38)
الرطب أَو الثِّمَار مُطلقًا قبل أَن يزهو أَي قبل أَن يَبْدُو صَلَاحه بيع الْكَرم أَي بيع الْعِنَب(7/39)
الَّذِي على رُؤُوس الْكَرم قَوْله أزرعها أَي أعْطى غَيره ليزرع بالكراء خُذُوا زرعكم هَذَا الحَدِيث يَقْتَضِي أَن الزَّرْع بِالْعقدِ الْفَاسِد مُلْحق بالزرع فِي أَرض الْغَيْر بِغَيْر اذنه وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ قيل ان حَدِيث رَافع بن خديج مُضْطَرب متْنا وسندا فَيجب تَركه وَالرُّجُوع إِلَى حَدِيث خَيْبَر وَقد جَاءَ أَنه عَامل أهل خَيْبَر بِشَطْر مَا يخرج مِنْهَا من تمر أَو زرع وَهُوَ يدل على جَوَاز الْمُزَارعَة وَبِه قَالَ أَحْمد والصاحبان من عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة وَكثير من الْعلمَاء أخذُوا بِالْمَنْعِ مُطلقًا أَو فِيمَا إِذا لم يكن الْمُزَارعَة تبعا(7/40)
للمساقاة كمالك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3894] بِمَا يكون على الساقي أَي بِمَا ينْبت على طرف النَّهر من الزَّرْع فيجعلونه كِرَاء الأَرْض وَقَالَ أكروا بِفَتْح الْهمزَة من الاكراء(7/41)
قَوْله
[3895] وطواعية الله وَرَسُوله على وزن الْكَرَاهِيَة(7/42)
قَوْله
[3898] بِمَا ينْبت على الْأَرْبَعَاء جمع ربيع وَهُوَ النَّهر الصَّغِير وَشَيْء عطف على مَا ينْبت يسْتَثْنى صَاحب الأَرْض أَي يُخرجهُ لنَفسِهِ مِمَّا للزراع قَوْله قَالَ الماذيانات بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة قَالَ الْخطابِيّ هِيَ الْأَنْهَار وَهِي من كَلَام الْعَجم صَارَت دخيلا فِي كَلَامهم وأقبال الجداول بِهَمْزَة مَفْتُوحَة ثمَّ قَاف ثمَّ مُوَحدَة فِي النِّهَايَة هِيَ الْأَوَائِل والرؤس جمع قبل بِالضَّمِّ والقبل أَيْضا رَأس الْجَبَل والجداول جمع جدول وَهُوَ النَّهر الصَّغِير زجر عَنهُ أَي نهى عَنهُ لِأَنَّهُ يُفْضِي إِلَى النزاع(7/43)
على الرّبيع هُوَ النَّهر الصَّغِير(7/44)
قَوْله
[3904] فَترك كِرَاء الأَرْض أَي احْتِرَازًا عَن الشُّبْهَة وأخذا بالأحوط فِي الْوَرع(7/45)
قَوْله سُئِلَ عَن الْخَبَر هُوَ بِكَسْر الْخَاء أشهر من فتحهَا وَهُوَ المخابرة(7/48)
قَوْله
[3921] عَن بيع الثَّمر حَتَّى يَبْدُو الخ الظَّاهِر أَن الثَّمر بِالْمُثَلثَةِ لَا بِالْمُثَنَّاةِ(7/49)
قَوْله
[3927] ان كَانَ هَذَا شَأْنكُمْ الخ أَي فالنهي مَخْصُوص بِمَا إِذا أدّى إِلَى النزاع وَالْخِصَام والا فَلَا نهى أَو المُرَاد بِهَذَا الزّجر عَن الْخِصَام والنزاع لَا النَّهْي عَن الْكِرَاء فَإِن مثل هَذَا الْكَلَام كثيرا مَا يَجِيء لذَلِك النَّهْي فَلَا(7/50)
نهى أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي صِحَة مِنْهُ وَجَوَاز أَمر أَي حِين كَانَ صَحِيحا وَكَانَ أمره نَافِذا فِي أَمْوَاله كُله لَا صَبيا وَلَا مَرِيضا وشربها هُوَ بِكَسْر شين الْحَظ من المَاء وسواقيها جمع ساقية ببز ورك جمع بزر وَهُوَ كل حب يبزر للنبات وَالْبذْر هُوَ مَا عزل للزِّرَاعَة من الْحُبُوب وتسميد مَا يحْتَاج(7/51)
فِي الْقَامُوس سمد الأَرْض تسميد اجْعَل فِيهَا السماد أَي السرقين برماد(7/52)
قَوْله وضحا فِي الْقَامُوس الوضح محركة الدِّرْهَم الصَّحِيح والمضبوط هَا هُنَا بِضَم فَسُكُون على أَنه جمع قراضا بِكَسْر الْقَاف أَي مُضَارَبَة(7/54)
قَوْله اشتركت أَنا وعمار وَسعد الخ هَذَا يدل على جَوَاز الشّركَة فِي الْأَمْوَال الْمُبَاحَة كالاحتطاب وَنَحْوه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وسفاتج جمع سفتجة قيل بِضَم السِّين وَقيل بِفَتْحِهَا وَأما التَّاء فمفتوحة(7/57)
فيهمَا فَارسي مُعرب وفسرها بَعضهم فَقَالَ هِيَ كتاب صَاحب المَال لوَكِيله أَن يدْفع مَالا قرضا يَأْمَن بِهِ من خطر الطَّرِيق كَذَا فِي الْمِصْبَاح(7/58)
قَوْله لَا مثنوية بِفَتْح مِيم وَتَشْديد للنسبة بِمَعْنى الرُّجُوع
(كتاب عشرَة النِّسَاء)
قَوْله
[3939] حبب الي من الدُّنْيَا النِّسَاء قيل إِنَّمَا حبب إِلَيْهِ النِّسَاء لينقلن عَنهُ مَالا يطلع عَلَيْهِ الرِّجَال من أَحْوَاله ويستحيا من ذكره وَقيل حبب إِلَيْهِ زِيَادَة فِي الِابْتِلَاء فِي حَقه حَتَّى لَا يَلْهُوَ بِمَا حُبِّبَ إِلَيْهِ مِنَ النِّسَاءِ عَمَّا كلف بِهِ من أَدَاء الرسَالَة فَيكون ذَلِك أَكثر لمشاقةوأعظم لأجره وَقيل غير ذَلِك وَأما الطّيب فَكَأَنَّهُ يُحِبهُ لكَونه يُنَاجِي الْمَلَائِكَة وهم يحبونَ الطّيب وَأَيْضًا هَذِه الْمحبَّة تنشأ من اعْتِدَال المزاج وَكَمَال الْخلقَة وَهُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَشد اعتدالا من حَيْثُ المزاج وأكمل خلقه وَقَوله قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ إِشَارَةٌ(7/61)
إِلَى أَن تِلْكَ الْمحبَّة غير مَا نعقله عَن كَمَال الْمُنَاجَاة مَعَ الرب تبَارك وَتَعَالَى بل هُوَ مَعَ تِلْكَ الْمحبَّة مُنْقَطع إِلَيْهِ تَعَالَى حَتَّى أَنه بمناجاته تقر عَيناهُ وَلَيْسَ لَهُ قريرة الْعين فِيمَا سواهُ فمحبته الْحَقِيقِيَّة لَيست الا لخالقه تبَارك وَتَعَالَى كَمَا قَالَ لَو كنت متخذا أحدا خَلِيلًا لاتخذت أَبَا بكر وَلَكِن صَاحبكُم خَلِيل الرَّحْمَن أَو كَمَا قَالَ وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن محبَّة النِّسَاء وَالطّيب إِذا لم يكن مخلا لأَدَاء حُقُوق الْعُبُودِيَّة بل للانقطاع إِلَيْهِ تَعَالَى يكون من الْكَمَال والا يكون من النُّقْصَان فَلْيتَأَمَّل وعَلى مَا ذكر فَالْمُرَاد بِالصَّلَاةِ هِيَ ذَات رُكُوع وَسُجُود وَيحْتَمل أَن المُرَاد(7/62)
فِي صَلَاة الله تَعَالَى على أَو فِي أَمر الله تَعَالَى الْخلق بِالصَّلَاةِ على وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3942] من كَانَ لَهُ امْرَأَتَانِ الظَّاهِر أَن الحكم غير مَقْصُور على امْرَأتَيْنِ بل هُوَ اقْتِصَار على الْأَدْنَى فَمن لَهُ ثَلَاث أَو أَربع كَانَ كَذَلِك يمِيل أَي فعلا لَا قلبا والميل فعلا هُوَ المنهى عَنهُ بقوله تَعَالَى فَلَا تميلوا كل الْميل أَي بِضَم الْميل فعلا إِلَى الْميل قلبا أحدشقيه بِالْكَسْرِ أَي يَجِيء يَوْم الْقِيَامَة غير مستوى الطَّرفَيْنِ بل يكون أَحدهمَا كالراجح وزنا كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا غيرمستوى الطَّرفَيْنِ بِالنّظرِ إِلَى الْمَرْأَتَيْنِ بل كَانَ يرجح إِحْدَاهمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/63)
[3943] فَلَا تلمني فِيمَا تملك وَلَا أملك أَي الْمحبَّة بِالْقَلْبِ فَإِن قلت بِمثلِهِ لَا يُؤَاخذ وَلَا يلام غَيره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فضلا عَن أَن يلام هُوَ إِذْ لَا تَكْلِيف بِمثلِهِ فَمَا معنى هَذَا الدُّعَاء قلت لَعَلَّه مَبْنِيّ على جَوَاز التَّكْلِيف بِمثلِهِ وان رفع التَّكْلِيف تفضل مِنْهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي للْإنْسَان أَن يتَضَرَّع فِي حَضرته تَعَالَى ليديم هَذَا الْإِحْسَان(7/64)
أَو الْمَقْصُود إِظْهَار افتقار الْعُبُودِيَّة وَفِي مثله لَا الْتِفَات إِلَى مثل هَذِه الأبحاث وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فِي مِرْطِي بِكَسْر هِيَ الملحفة والازار وَالثَّوْب الْأَخْضَر يسألنك الْعدْل التَّسْوِيَة كَانَ المُرَاد التَّسْوِيَة فِي الْمحبَّة أَو فِي إرْسَال النَّاس الْهَدَايَا فَإِنَّهُم كَانُوا يتحرون يَوْم عَائِشَة وَهن كرهن ذَلِك التَّخْصِيص فاحبي هَذِه أَي عَائِشَة أَي فَلَا تقومي لمن يقوم عَلَيْهَا ينشدنك من نشدكنصر إِذا سَأَلَ تساميني أَي(7/65)
أَي تساويني مَا عدا سُورَة أَي جَمِيع خصالها محمودة مَا عدا سُورَة بسين مَفْتُوحَة وَسُكُون وَاو فراء فهاء أَي ثوران وعجلة من حِدة بِكَسْر حاء وهاء فِي آخرهَا أَي شدَّة خلق وَمن للْبَيَان أَو التَّعْلِيل أَو الإبتداء تسرع من الْإِسْرَاع الفيأة بِفَتْح فَاء وهمزة الرُّجُوع أَي ترجع مِنْهَا سَرِيعا وَوَقعت بِي أَي سبتني على عَادَة الضرات أرقب أَي أنظر وأراعي لم أنشبها فِي الْقَامُوس نشبه الْأَمر أَي كسمع لزقة أَي مَا قُمْت لَهَا سَاعَة حَتَّى أثخنت عَلَيْهَا بِهَمْزَة ثمَّ مُثَلّثَة ثمَّ خاء مُعْجمَة ثمَّ نون أَي بالغت فِي جوابها وأفحمتها انها ابْنة أبي بكر إِشَارَة إِلَى كَمَال فهمها ومتانة عقلهَا حَيْثُ صبرت إِلَى أَن ثَبت أَن التَّعَدِّي من جَانب(7/66)
الْخصم ثمَّ أجابت بِجَوَاب الزام قَوْله وَكَانَت أَي فَاطِمَة
[3946] ابْنة رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم حَقًا أَي على أَحْوَاله وخصاله وآدابه على أتم وَجه وأوكده قَوْله(7/67)
[3947] كفضل الثَّرِيد هُوَ أفضل طَعَام الْعَرَب لِأَنَّهُ مَعَ اللَّحْم جَامع بَين اللَّذَّة وَالْقُوَّة وسهولة التَّنَاوُل وَقلة الْمُؤْنَة فِي المضغ فَيُفِيد أَنَّهَا جَامِعَة لحسن الْخلق وحلاوة الْمنطق وَنَحْو ذَلِك
قَوْله
[3949] فِي لِحَاف امْرَأَة بِكَسْر لَام مَا يتغطى بِهِ وَكفى بِهَذَا شرفا وفخرا وَفِيه أَن محبته تَابِعَة لعظم منزلتها عِنْد الله تَعَالَى قَوْله(7/68)
[3950] كَانُوا يتحرون بهداياهم يَوْم عَائِشَة لما يرَوْنَ من حب النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاهَا أَكثر من حبه غَيرهَا ومرادهن أَن يَأْمُرهُم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يهدوا إِلَيْهِ حَيْثُ كَانَ كَمَا جَاءَ فِي البُخَارِيّ وَلَا يخفى أَن هَذَا كَلَام لَا يَلِيق بِصَاحِب المروأة ذكره فِي الْمجْلس فطلبهن من النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يذكر للنَّاس مثل هذاالكلام أما لعدم تفطنهن لما فِيهِنَّ من شدَّة الْغيرَة أَو هُوَ كِنَايَة عَن التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي المحبةبألطف وَجه لِأَن منشأ تحري النَّاس زِيَادَة الْمحبَّة لعَائِشَة فَعِنْدَ التَّسْوِيَة بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة يرْتَفع التَّحَرِّي من النَّاس فَكَأَنَّهُ إِذا سَاوَى بَينهُنَّ فِي الْمحبَّة فقد أَمرهم بِعَدَمِ التَّحَرِّي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فأجفت من أجاف الْبَاب رده فَلَمَّا رفه على بِنَاء الْمَفْعُول من رفه بِالتَّشْدِيدِ أَي أزيح وأزيل عَنهُ الضّيق والتعب
قَوْله
[3953] ترى مَالا نرى تُرِيدُ أَنْت ترى جِبْرِيل وَتسمع كَلَامه(7/69)
وَنحن لَا نرَاهُ قَوْله فَضربت أَي الَّتِي عِنْدهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم الكسرتين كالقطعتين وزنا وَمعنى وَكَذَا الفلقتين وَفِي الْمجمع الْكسر بِكَسْر كَاف الْقطعَة من الشَّيْء المكسور وَيَقُول غارت أمكُم اعتذارا عَنْهَا فَدفع الْقَصعَة الظَّاهِر أَن القصعتين كَانَتَا ملكا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَفعله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك كَانَ لارضاء من أرْسلت الطَّعَام والا فضمان التّلف يكون بِالْمثلِ وَهُوَ هَا هُنَا الْقيمَة الا أَن يُقَال القصعتان كَانَتَا متماثلتين فِي الْقيمَة بِحَيْثُ كَانَ كل مِنْهُمَا صَالِحَة أَن تكون بَدَلا لِلْأُخْرَى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3956] وَمَعَهَا فهر فِي الْقَامُوس الفهر بِالْكَسْرِ حجر قدر مَا يدق بِهِ(7/70)
الْجَوْز أَو مَا يمْلَأ الْكَفّ وَيُؤَنث وَالْجمع أفهار وفهور
قَوْله
[3959] فَلم تزل بِهِ عَائِشَة وَحَفْصَة أَي لم تزالا(7/71)
ملازمتين بِهِ ساعيتين فِي تَحْرِيمهَا عَلَيْهِ قَوْله(7/72)
[3960] فَقَالَ قد جَاءَك شَيْطَانك أَي فأوقع عَلَيْك اني قد ذهبت إِلَى بعض أزواجي فَأَنت لذَلِك متحيرة متفتشة عني فَقلت أمالك شَيْطَان أَي فَقطعت ذَاك الْكَلَام واشتغلت بِكَلَام آخر فَأسلم على صِيغَة الْمَاضِي فَصَارَ مُسلما فَلَا يدلني على سوء لذَلِك واسلام الشَّيْطَان غير عَزِيز فَلَا يُنكر على أَنه من بَاب خرق الْعَادة فَلَا يرد أَو على صِيغَة الْمُضَارع من سلم بِكَسْر(7/73)
اللَّام أَي فَأَنا سَالم من شَره
قَوْله
[3964] لما كَانَت لَيْلَتي الَّتِي هُوَ عِنْدِي أَي بليلة من جملَة اللَّيَالِي الَّتِي كَانَ فِيهَا عِنْدِي انْقَلب رَجَعَ من صَلَاة الْعشَاء الا ريثما ظن بِفَتْح رَاء وَسُكُون يَاء بعْدهَا مُثَلّثَة أَي قدر مَا ظن رويدا أَي بِرِفْق وأجافه أَي رده وتقنعت ازاري كَذَا فِي الْأُصُول بِغَيْر يَاء وَكَأَنَّهُ بِمَعْنَى لَبِسْتُ إِزَارِي فَلِذَا عُدِّيَ بِنَفْسِهِ وأحضر من الاحضار بحاء مُهْملَة وضاد مُعْجمَة بِمَعْنى الْعَدو وَلَيْسَ الا أَن اضطجعت أَي وَلَيْسَ بعد الدُّخُول مني الا الِاضْطِجَاع فالمذكور اسْم لَيْسَ وخبرها مَحْذُوف عائش ترخيم واختصار وَبِه ظهر أَنه قد يُزَاد على التَّرْخِيم بالاختصار فِي الْوسط عِنْد ظُهُور الدَّلِيل على الْمَحْذُوف رابية مُرْتَفعَة الْبَطن حشيا بِفَتْح حاء مُهْملَة وَسُكُون شين مُعْجمَة مَقْصُور أَي مُرْتَفع النَّفس متواتره كَمَا يحصل للمسرع فِي الْمَشْي لتخبرني بِفَتْح لَام وَنون ثَقيلَة مضارع للواحدة المخاطبة من الاخبار فتكسر الرَّاء هَا هُنَا وتفتح فِي الثَّانِي أَنْت السوَاد فلهدني بِالدَّال الْمُهْملَة من اللهد وَهُوَ الدّفع الشَّديد فِي الصَّدْر وَهَذَا كَانَ تأديبا لَهَا من سوء الظَّن أَن يَحِيف الله عَلَيْك وَرَسُوله من الحيف بِمَعْنى الْجور أَي بِأَن يدْخل(7/74)
الرَّسُول فِي نوبتك على غَيْرك وَذكر الله لتعظيم الرَّسُول وَالدّلَالَة على أَن الرَّسُول لَا يُمكن أَن يفعل بِدُونِ اذن من الله تَعَالَى وَلَو كَانَ مِنْهُ جور لَكَانَ بِإِذن الله تَعَالَى لَهُ فِيهِ وَهَذَا غير مُمكن وَفِيه دلَالَة على أَن الْقسم عَلَيْهِ وَاجِب إِذْ لَا يكون تَركه جورا الا إِذا كَانَ وَاجِبا وَقد وضعت بِكَسْر التَّاء لخطاب المراة
(كتاب تَحْرِيم الدَّم)
بَيَان أَن اراقة دم مُسلم بِغَيْر حق حرَام
قَوْله
[3966] يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُول الله الخ كَأَنَّهُ كِنَايَة فِي الْمَوْضِعَيْنِ عَن إِظْهَار شَعَائِر الْإِسْلَام أَو قبُول الْأَحْكَام وَبِه انْدفع أَن مُقْتَضى الْغَايَة ارْتِفَاع الْمُقَاتلَة بِمُجَرَّد الشَّهَادَتَيْنِ وَمُقْتَضى الْجُمْلَة الشّرطِيَّة عدم ارتفاعها بذلك حَتَّى يُصَلِّي وَيسْتَقْبل الْقبْلَة(7/75)
وَيَأْكُل لحم ذَبِيحَة الْمُسلم واندفع أَيْضا أَن أكل لحم الذَّبِيحَة غير مَشْرُوط فِي الْإِسْلَام عِنْد أحد وَحصل التَّوْفِيق بَين الرِّوَايَات الْمُخْتَلفَة فِي هَذَا الْبَاب فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ أَحَادِيث الْبَاب قد مَضَت مرَارًا فَلَا نعيده(7/76)
قَوْله
[3972] جمع شُعَيْب بن أبي حَمْزَة الْحَدِيثين أَي روى كلا مِنْهُمَا لَا أَنه رَوَاهُمَا جَمِيعًا بِإِسْنَاد وَاحِد(7/78)
قَوْله ساره أَي تكلم مَعَه سرا فَقَالَ اقْتُلُوهُ الضَّمِير لمن تكلم فِيهِ السار وَهُوَ الظَّاهِر أَو للسار وَكَأَنَّهُ تكلم بِكَلَام علم مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه مَا دخل الْإِيمَان فِي قلبه فَأَرَادَ قَتله ثمَّ رَجَعَ إِلَى تَركه حِين تفكر فِي إِسْلَامه أَي اظهاره الْإِيمَان ظَاهر إِذْ مدَار الْعِصْمَة عَلَيْهِ لَا على الْإِيمَان الباطني وَظَاهر هَذَا التَّقْدِير يَقْتَضِي أَنه قد يجْتَهد فِي الحكم الجزئي فيخطئ فِي المناط نعم لَا يُقرر عَلَيْهِ وَلَا يمْضِي الحكم بِالنّظرِ إِلَيْهِ بل يُوقف للرُّجُوع من سَاعَته إِلَى دَرك المناط وَالْحكم بِهِ وَلَا يخفى بعده وَالْأَقْرَب أَن يُقَال أَنه قد أذن لَهُ فِي الْعَمَل بالباطن فَأَرَادَ أَن يعْمل بِهِ ثمَّ ترجح عِنْده الْعَمَل بِالظَّاهِرِ لكَونه أَعم وأشمل لَهُ ولأمته فَمَال إِلَيْهِ وَترك الْعَمَل بالباطن وَبَعض الْأَحَادِيث يشْهد لذَلِك وعَلى هَذَا فَقَوله انما أمرت أَي وجوبا والا فَأذن لَهُ فِي الْقَتْل بِالنّظرِ إِلَى الْبَاطِن وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ نعم أَي قَالَ أَي السار أَو من توجه إِلَيْهِ بالسؤال(7/80)
قَوْله
[3984] الا الرجل أَي ذَنْب الرجل وَكَانَ المُرَاد كل ذَنْب ترجى مغفرته ابْتِدَاء الا قتل الْمُؤمن فَإِنَّهُ لَا يغْفر بِلَا سبق عُقُوبَة والا الْكفْر فَإِنَّهُ لَا يغْفر أصلا وَلَو حمل على الْقَتْل مستحلا لَا يبْقى الْمُقَابلَة بَينه وَبَين الْكفْر ثمَّ لَا بُد من حمله على مَا إِذا لم يتب والا فالتائب من الذَّنب كمن لَا ذَنْب لَهُ كَيفَ وَقد يدْخل الْقَاتِل والمقتول الْجنَّة مَعًا كَمَا إِذا قَتله وَهُوَ كَافِر ثمَّ آمن وَقتل وَلَعَلَّ هَذَا بعد ذكره على وَجه(7/81)
التَّغْلِيظ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأول أَي الَّذِي هُوَ أول قَاتل لَا أول الْأَوْلَاد كفل بِكَسْر الْكَاف هُوَ الْحَظ والنصيب أول من سنّ الْقَتْل فَهُوَ متبوع فِي هَذَا الْفِعْل وللمتبوع نصيب من فعل تَابعه وان لم يقْصد التَّابِع اتِّبَاعه فِي الْفِعْل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لقتل الْمُؤمن أعظم عِنْد الله الخ الْكَلَام مسوق لتعظيم الْقَتْل وتهويل أمره وَكَيْفِيَّة أفادة اللَّفْظ ذَلِك هُوَ أَن الدُّنْيَا عَظِيمَة فِي نفوس الْخلق فزوالها يكون عِنْدهم عَظِيما على قدر عظمتها فَإِذا قيل قتل الْمُؤمن أعظم مِنْهُ أَو الزَّوَال أَهْون من قتل الْمُؤمن يُفِيد الْكَلَام من تَعْظِيم الْقَتْل وتهويله وتقبيحه وتشنيعه مَا لَا يحيطه الْوَصْف وَلَا يتَوَقَّف ذَلِك(7/82)
على كَون الزَّوَال اثما أَو ذَنبا حَتَّى يُقَال انه لَيْسَ بذنب فَكل ذَنْب من جِهَة كَونه ذَنبا أعظم مِنْهُ فَأَي تَعْظِيم حصل للْقَتْل يَجعله أعظم مِنْهُ وان أُرِيد بالزوال الازالة فازالة الدُّنْيَا يسْتَلْزم قتل الْمُؤمنِينَ كلهم فَكيف يُقَال ان قتل وَاحِد أعظم مِمَّا يسْتَلْزم قتل الْكل وَكَذَا لَا يتَوَقَّف على كَون الدُّنْيَا عَظِيمَة فِي ذَاتهَا أَو عِنْد الله حَتَّى يُقَال هِيَ لَا تَسَاوِي جنَاح بعوضة عِنْد الله وكل شَيْء أعظم مِنْهُ فَلَا فَائِدَة فِي القَوْل بِأَن قتل الْمُؤمن أعظم مِنْهُ وَقيل المُرَاد بِالْمُؤمنِ الْكَامِل الَّذِي يكون عَارِفًا بِاللَّه تَعَالَى وَصِفَاته فَإِنَّهُ الْمَقْصُود من خلق الْعَالم لكَونه مظْهرا لآيَات الله وأسراره وَمَا سواهُ فِي هَذَا الْعَالم الْحسي من السَّمَاوَات وَالْأَرْض مَقْصُود لأَجله ومخلوق ليَكُون مسكنا لَهُ ومحلا لتفكره فَصَارَ زَوَاله أعظم من زَوَال التَّابِع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[3991] مَا يُحَاسب بِهِ العَبْد أَي فِيمَا بَينه وَبَين الله يقْضِي بَين النَّاس فِيمَا جرى بَينهم فَلَا مُنَافَاة بَين(7/83)
الْحكمَيْنِ قَوْله فيبوء أَي يرجع الْقَاتِل بإثمه الضَّمِير للْقَاتِل أَو الْمَقْتُول أَي يصير متلبسا بإثمه ثَابتا عَلَيْهِ ذَلِك أَو اثم الْمَقْتُول بتحميل اثمه عَلَيْهِ والتحميل قد جَاءَ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى لِأَن ذَلِك لم يسْتَحق حمل ذَنْب الْغَيْر بِفِعْلِهِ وَأما إِذا اسْتحق رَجَعَ ذَلِك إِلَى أَنه حمل أثر فعله فَلْيتَأَمَّل قَوْله فاتقها أَي فَاتق هَذِه السَّيئَة القبيحة المؤدية إِلَى مثل هَذَا الْجَواب الفاضح قَوْله(7/84)
[3999] وأنى لَهُ التَّوْبَة أَي من أَيْن جَاءَت لَهُ التَّوْبَة وَأي دَلِيل جوز قبُول تَوْبَته قيل هَذَا تَغْلِيظ من بن عَبَّاس كَيفَ والمشرك تقبل تَوْبَته وَقد قَالَ تَعَالَى فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ فَكيف لَا تقبل تَوْبَة الْقَاتِل وَقد قَالَ تَعَالَى وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء وَكَانَ يتَمَسَّك فِي قَوْله بِظَاهِر قَوْله وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا الْآيَة ويجيب عَن قَوْله وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ الْآيَة تَارَة بالنسخ وَتارَة بِأَن ذَاك إِذا قتل وَهُوَ كَافِر ثمَّ أسلم وَقَوله وَمن يقتل مُؤمنا الخ فِيمَن قتل وَهُوَ مُؤمن لَكِن النَّاس يرَوْنَ قَوْله تَعَالَى وَمن يقتل مُؤمنا مُتَعَمدا مُقَيّدا بِالْمَوْتِ بِلَا تَوْبَة وَيَقُولُونَ بعد ذَلِك بِأَن المُرَاد بالخلود طول الْمكْث وَبِأَن هَذَا بَيَان مَا يسْتَحقّهُ بِعَمَلِهِ كَمَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّم ثمَّ أمره إِلَيْهِ تَعَالَى ان شَاءَ عذبه وان شَاءَ عَفا عَنهُ وَبِأَن هَذَا فِي المستحل وَلَهُم فِي ذَلِك متمسكات من الْكتاب وَالسّنة وَالله تَعَالَى أعلم تَشْخَبُ بِمُعْجَمَتَيْنِ وَمُوَحَّدَةٍ أَيْ تَسِيلُ أَوْدَاجُهُ هِيَ مَا أحَاط الْعُنُق من الْعُرُوق الَّتِي يقطعهَا الذَّابِح وَاحِدهَا ودج بِالتَّحْرِيكِ لقد أنزلهَا الله أَي آيَة وَمن يقتل مُؤمنا الْآيَة(7/85)
قَوْله وانتهكوا أَي حُرْمَة التَّوْحِيد بالشرك(7/86)
قَوْله ناصيته أَي نَاصِيَة الْقَاتِل وَرَأسه فِي يَده أَي فِي يَد الْمَقْتُول وَالْجُمْلَة حَال بِلَا وَاو بل بالضمير وفيهَا ضمير للْقَاتِل والمقتول جَمِيعًا فَيجوز أَن تكون حَالا عَنْهُمَا أَو عَن أَحدهمَا حَتَّى يُدْنِيه من الادناء وَهُوَ مُتَعَلق بيجيء أَو يَقُول يُكَرر السُّؤَال حَتَّى يُدْنِيه وَضمير الْفَاعِل لله تَعَالَى وَضمير الْمَفْعُول للمقتول أَو الْفَاعِل للمقتول وَالْمَفْعُول للْقَاتِل(7/87)
قَوْله
[4008] أشفقنا مِنْهَا أَي خفنا من الشدَّة الَّتِي فِيهَا فَنزلت الْآيَة الَّتِي فِي الْفرْقَان للتَّخْفِيف علينا وَهَذَا يُفِيد خلاف مَا ذكره بن عَبَّاس وَالْجمع مُمكن بِأَنَّهُ بلغ بَعْضًا إِحْدَى الْآيَتَيْنِ أَو لَا ثمَّ بلغتهم الثَّانِيَة فظنوا الَّتِي بلغت ثَانِيًا أَنَّهَا نزلت ثَانِيًا الا أَن رِوَايَات هَذَا الحَدِيث فِي نَفسهَا أَيْضا متعارضة فالاعتماد على حَدِيث بن عَبَّاس وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4009] يعبد الله أَي يوحده وَقَوله وَلَا يُشْرك بِهِ شَيْئا تَأْكِيد لَهُ وَلَا يضرّهُ صُورَة الْعَطف للمغايرة بِالْمَفْهُومِ أَو يطيعه فِيمَا يطيقه فَمَا بعده إِلَى قَوْله ويجتنب الْكَبَائِر تَخْصِيص بعد تَعْمِيم وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا لَا بُد مِنْهُ فِي كَونه عابدا لَهُ تَعَالَى وَأَن منَاط الْأَمر عَلَيْهِ فَمن أَتَى بِهَذَا الْقدر من الطَّاعَة فَلهُ الْجنَّة وان قصر فِي غَيره قَوْله(7/88)
[4010] وَقَول الزُّور حملوه على شَهَادَة الزُّور وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ندا أَي مثلا وشريكا وَهُوَ خلقك أَي وَالْحَال أَنه انْفَرد بخلقك فَكيف لَك اتِّخَاذ شريك مَعَه وَجعل عبادتك مقسومة بَينهمَا فَإِنَّهُ تَعَالَى مَعَ كَونه منزها عَن شريك وَكَون الشَّرِيك بَاطِلا فِي ذَاته لَو فرض وجود شريك نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ لما حسن مِنْك اتِّخَاذه شَرِيكا مَعَه فِي عبادتك بِنَاء(7/89)
على أَنه مَا خلقك وَإِنَّمَا خلقك هُوَ تَعَالَى مُنْفَردا بخلقك وَفِي الْخطاب إِشَارَة إِلَى أَن الشّرك من الْعَالم بِحَقِيقَة التَّوْحِيد أقبح مِنْهُ من غَيره وَكَذَا الْخطاب فِيمَا بعد إِشَارَة إِلَى نَحوه ولدك أَي الَّذِي هُوَ أحب الْأَشْيَاء عِنْد الْإِنْسَان عَادَة ثمَّ الْحَامِل على قَتله خوف أَن يَأْكُل مَعَك وَهُوَ فِي نَفسه من أخس الْأَشْيَاء فَإِذا قَارن الْقَتْل سِيمَا قتل الْوَلَد سِيمَا من الْعَالم بِحَقِيقَة الْأَمر كَمَا يدل عَلَيْهِ الْخطاب زَاد قبحا على قبح بحليلة جَارك الَّذِي يسْتَحق مِنْك التوقير والتكريم فَالْحَاصِل أَن هَذِه الذُّنُوب فِي ذَاتهَا قبائح أَي قبائح وَقد قارنها من الْأَحْوَال مَا جعلهَا فِي الْقبْح بِحَيْثُ لَا يحيطها الْوَصْف وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4016] لَا يحل دم(7/90)
امْرِئ أَي اهراقه والمرء الْإِنْسَان أَو الذّكر لَكِن أُرِيد هَا هُنَا الْإِنْسَان مُطلقًا أَو أُرِيد الذّكر وَترك ذكر الْأُنْثَى على المقايسة والاتباع كَمَا هُوَ الْعَادة الْجَارِيَة فِي الْكتاب وَالسّنة يشْهد الخ إِشَارَة إِلَى أَن الْمدَار على الشَّهَادَة الظَّاهِرَة لَا على تَحْقِيق إِسْلَامه فِي الْوَاقِع مفارق الْجَمَاعَة أَي جمَاعَة الْمُسلمين لزِيَادَة التَّوْضِيح وَالنَّفس بِالنَّفسِ أَي النَّفس الَّتِي يطْلب قَتلهَا فِي مُقَابلَة النَّفس ثمَّ الْمَقْصُود فِي الحَدِيث بَيَان أَنه لَا يجوز قَتله الا بِإِحْدَى هَذِه الْخِصَال الثَّلَاث لَا أَنه لَا يجوز الْقِتَال مَعَه فَلَا اشكال بالباغي لِأَن الْمَوْجُود هُنَاكَ الْقِتَال لَا الْقَتْل على أَنه يُمكن ادراجه فِي قَوْله النَّفس بِالنَّفسِ بِنَاء على أَن المُرَاد بِالْقَتْلِ فِي مُقَابلَة أَنه قَتله أَو أَنه ان لم يقتل قَتله والباغي كَذَلِك فَيشْمَل الصَّائِل أَيْضا وَيجوز أَن يَجْعَل قتل الصَّائِل من بَاب الْقِتَال لَا الْقَتْل أما قَاطع الطَّرِيق فأيضا يُمكن ادراجه فِي النَّفس بِالنَّفسِ اما لِأَنَّهُ ان لم يقتل يقتل أَو لِأَنَّهُ لَا يقتل الا بعد أَن يقتل نفسا وَأما الساب لنَبِيّ من الْأَنْبِيَاء فَهُوَ دَاخل فِي قَوْله التارك لِلْإِسْلَامِ بِنَاء على أَنه مُرْتَدا لَا أَنه يلْزم حِينَئِذٍ أَن قَتله للارتداد لَا للحد فَيَنْبَغِي أَن تقبل تَوْبَته وَقد يُقَال معنى الا ثَلَاثَة نفر الا أَمْثَال ثَلَاثَة نفر أَي مِمَّا ورد الشَّرْع فِيهِ بِحل قَتله فَيصير حَاصِل الحَدِيث أَنه لَا يحل الْقَتْل الا من أحل الشَّرْع قَتله فَرجع حَاصله إِلَى معنى قَوْله تَعَالَى وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَهَذَا الْوَجْه أقرب إِلَى التَّوْفِيق بَين الْأَحَادِيث فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الأرجل بِالرَّفْع على الْبَدَلِيَّة بِتَقْدِير الادم رجل(7/91)
قَوْله
[4019] من بالبلاط بِفَتْح الْبَاء وَقيل بِكَسْر مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فَلم يقتلوني على لفظ الِاسْتِفْهَام قَوْله هنأت أَي شرور وَفَسَاد فَارق الْجَمَاعَة أَي خَالف مَا اتّفق عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ تفريقا بَين الْمُسلمين وإيقاعا للْخلاف بَينهم أَو يُرِيد يفرق كلمة أَو للشَّكّ وَيفرق بِمَعْنى أَن يفرق مفعول يُرِيد فَاقْتُلُوهُ أَي ادفعوه وَلَا تمكنوه مِمَّا يُرِيد فان أدّى الْأَمر إِلَى الْقَتْل فِي ذَلِك يحل قَتله فَإِن يَد الله على الْجَمَاعَة أَي حفظه تَعَالَى وَنَصره مَعَ الْمُسلمين إِذا اتَّفقُوا فَمن أَرَادَ التَّفْرِيق بَينهم فقد أَرَادَ صرف النَّصْر عَنْهُم قَوْله(7/92)
[4021] وهم جَمِيع أَي يَجْتَمعُونَ على أَمر وَاحِد كاجتماعهم على امام مثل أبي بكر وَعمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَوْله(7/93)
[4024] من عكل بِضَم الْمُهْملَة وَسُكُون الْكَاف أَبُو قَبيلَة وَقد جَاءَ أَن بَعضهم كَانُوا من عكل وَبَعْضهمْ من عرينة فاستوخموا أَي استثقلوها وَلم يُوَافق هواؤها أبدانهم وسقمت كسمعت فِي ابله أَي فِي الْإِبِل الَّتِي مَعَ الرَّاعِي فالاضافة لأدنى مُلَابسَة فتصيبوا بالشرب وَقد تقدم الْكَلَام فِي شرب الْبَوْل أول الْكتاب فَلَا حَاجَة إِلَى الْإِعَادَة فَبعث أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم نَاسا فِي أَثَرهم وَسمر بتَخْفِيف الْمِيم أَو تشديدها على بِنَاء الْفَاعِل أَي كحلهم بمسامير حميت حَتَّى ذهب بصرها ونبذهم أَي ألقاهم ونسبةهذه الْأَفْعَال إِلَيْهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لكَونه الْآمِر بهاقوله
[4025] فاجتووا الْمَدِينَة بِالْجِيم افتعال من الجوى وَالْمرَاد كَرهُوا الْمقَام بهَا لضَرَر لحقهم بهَا وسمل على بِنَاء الْفَاعِل بميم مُخَفّفَة آخِره لَا م أَي فقأها وَلم يحسمهم أَي مَا قطع دِمَاءَهُمْ بالكي وَنَحْوه قَوْله(7/94)
[4027] أَو عرينة بِالتَّصْغِيرِ فَأمر لَهُم أَي بذود فَقَوله بذودمتعلق بِهِ وَجُمْلَة واجتووا الْمَدِينَة حَال وَقَوله أَو لقاح شكّ من الرَّاوِي واللقاح(7/95)
بِالْكَسْرِ ذَات اللَّبن من النوق
قَوْله
[4029] لَو خَرجْتُمْ إِلَى ذودنا أَي لَكَانَ أحسن لكم وأرفق بحالكم أَو كلمة(7/96)
أَو لِلتَّمَنِّي فَلَا يحْتَاج إِلَى تَقْدِير الْجَواب
قَوْله
[4031] فِي الْحرَّة بِفَتْح فتشديد اسْم مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فِيهِ حِجَارَة سود
قَوْله
[4032] أهل ضرع أَي أهل لبن ريف بِكَسْر الرَّاء وَسُكُون يَاء أَي أهل زرع فَبعث الطّلب بِفتْحَتَيْنِ جمع طَالب كخدم جمع خَادِم قَوْله(7/97)
[4034] يكدم الأَرْض بِالدَّال الْمُهْملَة أَي يَتَنَاوَلهَا بِفِيهِ ويعض عَلَيْهَا بِأَسْنَانِهِ قيل مَا أَمر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك وَإِنَّمَا فعله الصَّحَابَة من عِنْد أنفسهم وَالْإِجْمَاع على أَن من وَجب عَلَيْهِ الْقَتْل لَا يمْنَع المَاء إِذا طلب وَقيل فعل كل ذَلِك قصاصا لأَنهم فعلوا بالراعي مثل ذَلِك وَقيل بل لشدَّة جنايتهم كَمَا يُشِير إِلَيْهِ كَلَام أبي قلَابَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4036] اللَّهُمَّ عَطش من(7/98)
التعطيش(7/99)
فِي الْمَوْضِعَيْنِ قَوْله عاتبة الله حَيْثُ شرع لَهُ التَّخْفِيف فِي الْعقُوبَة قَوْله على حلى بِضَم الْحَاء وَتَشْديد الْيَاء جمع حلى بِفَتْح وَتَخْفِيف مثل ثدى وثدى أى لأَجلهَا ورضخ بضاد وخاء معجمتين على(7/100)
بِنَاء الْفَاعِل أى كسر أَن يرْجم لَعَلَّه عبر عَن الْكسر بِالْحجرِ بِالرَّجمِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/101)
[4049] لم تقبل لَهُ صَلَاة قيل الْقبُول أخص من الاجزاء فَإِن الْقبُول هُوَ أَن يكون الْعَمَل سَببا لحُصُول الْأجر وَالرِّضَا والقرب من الْمولى والأجزاء كَونه سَببا لسُقُوط التَّكْلِيف عَن الذِّمَّة فَصَلَاة العَبْد الْآبِق صَحِيحَة مجزئة لسُقُوط التَّكْلِيف عَنهُ بهَا لَكِن لَا أجر لَهُ عَلَيْهَا لَكِن بَاقِي رِوَايَات الحَدِيث تدل على أَن المُرَاد مَا إِذا أبق بِقصد اللحاق(7/102)
بدار الْحَرْب ايثارا لدينهم وَلَا يخفى أَنه حِينَئِذٍ يصير كَافِرًا فَلَا تقبل لَهُ صَلَاة وَلَا تصح لَو فرض أَنه صلاهَا وَالله(7/103)
تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4059] من بدل دينه عُمُومه يَشْمَل الذّكر وَالْأُنْثَى وَمِنْهُم من خص بِالذكر لما جَاءَ النَّهْي عَن قتل الاناث فِي الْحَرْب وَلَا يخفى مَا فِي الْمُخَصّص من الضعْف فِي الدّلَالَة على التَّخْصِيص فالعموم أقرب وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ المُرَاد بالذين الْحق وَهَذَا ظَاهر بِالسوقِ فَلَا يَشْمَل عُمُومه من أسلم من الْكَفَرَة وَلَا من انْتقل مِنْهُم من مِلَّة إِلَى مِلَّة أُخْرَى من ملل الْكفْر قَوْله(7/104)
[4065] يعْبدُونَ وثنا أَي بعد مَا أَسْلمُوا فأحرقهم قَالُوا كَانَ ذَلِك مِنْهُ عَن رأى واجتهاد لَا عَن تَوْقِيف وَلِهَذَا لما بلغه قَول بن عَبَّاس استحسنه وَرجع إِلَيْهِ كَمَا تدل عَلَيْهِ الرِّوَايَات
قَوْله
[4066] قَضَاء الله أَي هُوَ أَي الْقَتْل قَضَاء الله أواقض قَضَاء الله قَوْله أَمن من التَّأْمِين أَو الْإِيمَان عاصف أَي ريح شَدِيد اخْتَبَأَ بِهَمْزَة أَي اختفى(7/105)
[4067] أما كَانَ فِيكُم رجل رشيد أَي فطن لصواب الحكم وَفِيه أَن التَّوْبَة عَن الْكفْر فِي حَيَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَت مَوْقُوفَة على رِضَاهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَأَن الَّذِي ارْتَدَّ وآذاه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِذا آمن سقط قَتله وَهَذَا رُبمَا يُؤَيّد القَوْل ان قتل الساب للارتداد لَا للحد وَالله تَعَالَى أعلم أَن يكون لَهُ خَائِنَة أعين قَالَ الْخطابِيّ هُوَ أَن يضمر فِي قلبه غير مَا يظهره للنَّاس فَإِذا كف لِسَانه وَأَوْمَأَ بِعَيْنِه إِلَى ذَلِك فقد خَان وَقد كَانَ ظُهُور تِلْكَ الْخِيَانَة من قبيل عينه فسميت خَائِنَة الْأَعْين قَوْله(7/106)
[4070] وَكَانَت لَهُ أم ولد أَي غير مسلمة وَلذَلِك كَانَت تجترئ على ذَلِك الْأَمر الشنيع فيزجرها أَي يمْنَعهَا ذَات لَيْلَة يُمكن رَفعه على أَنه اسْم كَانَ ونصبه على أَنه خبر كَانَ أَي كَانَ الزَّمَان أَو الْوَقْت ذَات لَيْلَة وَقيل يجوز نَصبه على الظَّرْفِيَّة أَي كَانَ الْأَمر فِي ذَات لَيْلَة ثمَّ ذَات لَيْلَة قيل مَعْنَاهُ سَاعَة من لَيْلَة وَقيل مَعْنَاهُ لَيْلَة من اللَّيَالِي والذات مقحمة فَوَقَعت فِيهِ قيل تعدى بفي لتضمين معنى الطعْن يُقَال وَقع فِيهِ إِذا عابه وذمه إِلَى المغول بِكَسْر مِيم وَسُكُون غين معجمةوفتح وَاو مثل سَيْفٍ قَصِيرٍ يَشْتَمِلُ بِهِ الرَّجُلُ تَحْتَ ثِيَابِهِ فَيُغَطِّيهِ وَقِيلَ حَدِيدَةٌ دَقِيقَةٌ لَهَا حَدٌّ مَاضٍ قَتِيلا يَسْتَوِي فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث لي عَلَيْهِ حق صفة لرجل أَي مُسلما يجب عَلَيْهِ طَاعَتي وإجابه دَعْوَتِي يتدلدل أَي يضطرب فِي مَشْيه ان دَمهَا هدر وَلَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم بِالْوَحْي صدق قَوْله وَفِيه دَلِيل على أَن الذِّمِّيّ(7/108)
إِذا لم يكف لِسَانه عَن الله وَرَسُوله فَلَا ذمَّة لَهُ فَيحل قَتله وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4071] لَيْسَ هَذَا أَي الْقَتْل للسب وَقلة الْأَدَب قَوْله تغيظ قيل لِأَنَّهُ سبّ أَبَا بكر قَالَ فوَاللَّه لأذهب الخ هَذَا من قَول أبي بَرزَة أَي أَن كَلَامي قد عظم عِنْد أبي بكر حَتَّى زَالَ بِسَبَب عظمه غَضَبه ثمَّ قَالَ أَي أَبُو بكر بعد أَن ذهب غَضَبه بِمَا قلت قَوْله(7/109)
[4078] اذْهَبْ بِنَا الْبَاء للمصاحبة أَو التَّعْدِيَة لَو سَمعك أَي سمع قَوْلك إِلَى هَذَا النَّبِي وَظهر لَهُ أَنَّك تعتقده نَبيا أَرْبَعَة أعين كِنَايَة عَن زِيَادَة الْفَرح وفرط السرُور إِذْ الْفَرح يُوجب قُوَّة الْأَعْضَاء وتضاعف القوى يشبه تضَاعف الْأَعْضَاء الحاملة لَهَا عَن تسع آيَات جمع آيَة وَهِي الْعَلامَة الظَّاهِرَة تسْتَعْمل فِي المحسوسات كعلامة الطَّرِيق وَغَيرهَا كَالْحكمِ الْوَاضِح وَالْمرَاد فِي الحَدِيث اما المعجزات التسع كَمَا هُوَ المُرَاد فِي قَوْله تَعَالَى أَدخل يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء فِي تسع آيَات وعَلى هَذَا فَالْجَوَاب فِي الحَدِيث مَتْرُوك ترك ذكره الرَّاوِي وَقَوله لَا تُشْرِكُوا الخ كَلَام مُسْتَأْنف ذكر عقب الْجَواب وَأما الْأَحْكَام الْعَامَّة شَامِلَة للملة كلهَا كَمَا جوز ذَاك فِي قَوْله تَعَالَى وَلَقَد آتَيْنَا مُوسَى تسع آيَات بَيِّنَات الخ وعَلى هَذَا فالمذكور فِي الحَدِيث هُوَ الْجَواب لَكِن زيد فِيهِ ذكر وَعَلَيْكُم خَاصَّة يهود لزِيَادَة الإفادة وَلَا تَمْشُوا بِبَرِيءٍ الْبَاء فِي بِبَرِيءٍ للتعدية وَالسُّلْطَان السلطنةوالحكم أَي لَا تتكلموا بِسوء فِيمَن لَيْسَ لَهُ ذَنْب عِنْد السُّلْطَان ليَقْتُلهُ أَو يُؤْذِيه وَلَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَي لَا تعاملوا بالربا وَلَا تأخذوه يهود بِحَذْف حرف(7/111)
النداء ان دَاوُد دَعَا الخ أَي فَنحْن نَنْتَظِر ذَلِك النَّبِي لنتبعه وَهَذَا مِنْهُم تَكْذِيب لقَولهم نشْهد أَنَّك نَبِي وَأَنَّهُمْ مَا قَالُوا عَن صدق اعْتِقَاد ضَرُورَة أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يدعى ختم النُّبُوَّة بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَالْقَوْل بِأَنَّهُ نَبِي يسْتَلْزم صدقه فِيهِ وانتظار نَبِي آخر يُنَافِيهِ فَانْظُر إِلَى تناقضهم وكذبهم وانا نَخَاف الخ عذر آخر كتركهم الْإِيمَان بِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم
قَوْله
[4079] من عقد عقدَة دأب أهل السحر أَن أحدهم يَأْخُذ خيطا فيعقد عَلَيْهِ عقدَة وَيتَكَلَّم عَلَيْهِ بِالسحرِ بنفث فَمن أَتَى بذلك فقد أَتَى بِعَمَل من أَعمال أهل السحر فقد أشرك أَي فقد أَتَى بِفعل من أَفعَال الْمُشْركين أَو لِأَنَّهُ قد يُفْضِي إِلَى الشّرك إِذا اعْتقد أَن لَهُ تاثيرا حَقِيقَة وَقيل المُرَاد الشّرك الْخَفي بترك التَّوَكُّل والاعتماد على الله سُبْحَانَهُ وَمن تعلق شَيْئا أَي علق شَيْئا بعنقه أَو عنق صَغِير من التَّعَلُّق بِمَعْنى التَّعْلِيق قيل المُرَاد تمائم الْجَاهِلِيَّة مثل الخرزات وأظفار السبَاع وعظامها وَأما مَا يكون من الْقُرْآن والأسماء الإلهية فَهُوَ خَارج عَن هَذَا الحكم بل هُوَ جَائِز لحَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَنه كَانَ يعلق على الصغار بعض ذَلِك وَقيل الْقبْح إِذا علق شَيْئا مُعْتَقدًا جلب نفع أَو دفع ضَرَر أما للتبرك فَيجوز وَقَالَ القَاضِي أَبُو بكر فِي شرح التِّرْمِذِيّ تَعْلِيق الْقُرْآن لَيْسَ من طَرِيق السّنة وَإِنَّمَا السّنة فِيهِ الذّكر دون التَّعْلِيق وكل إِلَيْهِ كِنَايَة عَن عدم(7/112)
العون مِنْهُ تَعَالَى
قَوْله
[4080] فاشتكى لذَلِك أَيَّامًا أَي مرض والأمراض جَائِزَة على الْأَنْبِيَاء وَكَونهَا بعد سحر هُوَ سَبَب عادي لَهَا لَا يضر وَلَا يُوجب نقصا فِي مَرَاتِبهمْ الْعلية عقد لَك عقدا بِضَم عين وَفتح قَاف جمع عقدَة كَأَنَّمَا نشط من عقال فِي النِّهَايَة إنماهو أنشط أَي حل وَلَا يَصح نشط فَإِنَّهُ بِمَعْنى عقد لَا حل
قَوْله
[4081] فَقَالَ الرجل ضمير قَالَ للرجل السَّابِق وَالرجل من جملَة الْمَقُول ناء بِأَلف ثمَّ همزَة أَو بِالْعَكْسِ أَي بعد قَاتل دون مَالك أَي قدامه قَوْله(7/113)
[4082] ان عدي على مَالِي عدي على بِنَاء الْمَفْعُول أَي سرق مَالِي فان قتلت على بِنَاء الْمَفْعُول فَفِي الْجنَّة أَي فَأَنت فِيهَا وان قتلت على بِنَاء الْفَاعِل فَفِي النَّار أَي فمقتولك فِيهَا قَوْله(7/114)
[4095] وَمن قتل دون دينه أَي من أَرَادَهُ أحد ليفتنه فِي دينه والا يُرِيد قَتله فَقبل الْقَتْل أَو قَاتل عَلَيْهِ حَتَّى قتل فَهُوَ شَهِيد وَجوز لَهُ إِظْهَار كلمة الْكفْر مَعَ ثُبُوت الْقلب على الْإِيمَان وَالْأولَى الصَّبْر على الْقَتْل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4096] دون مظلمته أَي قَصده قَاصد بالظلم
قَوْله
[4097] من شهر سَيْفه شهر بِالتَّخْفِيفِ كمنع وبالتشديد أَي سل سَيْفه ثمَّ وَضعه أَي فِي النَّاس أَي ضَربهمْ بِهِ فدمه هدر أَي لادية وَلَا قصاص بقتْله
قَوْله
[4099] من رفع السِّلَاح أَي على النَّاس ثمَّ وَضعه فيهم قَوْله علينا أَي الْمُسلمين وَترك ذكر الذميين والمستأمنين للمقايسة أَو المُرَاد بعلينا كل من كَانَ أهل أَمن أَو حرَام الدَّم بِالْإِيمَان أَو الذِّمَّة أَو الإستئمان(7/117)
فَلَيْسَ منا أَي على طريقتنا وَلَا من أهل سنتنا أَو هُوَ تَغْلِيظ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَهُوَ بِالْيَمِينِ أَي على الْيَمين بذهيبة تَصْغِير ذهب وَالْهَاء لِأَن الذَّهَب يؤنث وَالْمُؤَنَّثُ الثَّلَاثِيُّ إِذَا صُغِّرَ أُلْحِقَ فِي تَصْغِيرِهِ الْهَاءُ وَقِيلَ هُوَ تَصْغِيرُ ذَهَبَةٍ عَلَى نِيَّةِ الْقطعَة مِنْهَا فصغرها على لَفظهَا صَنَادِيد رُؤَسَاء غائر الْعَينَيْنِ أَي داخلهما إِلَى القعر ناتئ بِالْهَمْز أَي مرتفعهما كث اللِّحْيَة بِفَتْح الْكَاف وَتَشْديد الْمُثَلَّثَة أَي كبيرها وكثيفها من يطع الله إِذا عصيته إِذْ الْخلق مأمورون باتباعه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَإِذا عصى يتبعونه فِيهِ فَمن يطيعه وَمن فِي يطع استفهامية لَا شَرْطِيَّة فَالْوَجْه اثبات الْيَاء أَي من يُطِيع الله كَمَا فِي الْكُبْرَى وَالله تَعَالَى أعلم أيأمنني أَي الله تَعَالَى على أهل الأَرْض أَي على تَبْلِيغ الْوَحْي وَأَدَاء الرسَالَة إِلَيْهِم ان من ضئضئ بِكَسْر ضادين وَسُكُون الْهمزَة الأولى أَي من قبيلته يخرجُون(7/118)
يظهرون لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ بالصعود إِلَى مَحل الْقبُول أَو النُّزُول إِلَى الْقُلُوب ليؤثر فِي قُلُوبهم بمرقون يخرجُون من الدّين قيل الْإِسْلَام وَقيل طَاعَة الامام من الرَّمية بِفَتْح الرَّاء وَتَشْديد الْيَاء هِيَ الَّتِي يرميها الرَّامِي من الصَّيْد
قَوْله
[4102] أَحْدَاث الْأَسْنَان أَي صغَار الْأَسْنَان فَإِن حَدَاثَة السن مَحل للْفَسَاد عَادَة سُفَهَاء الأحلام ضِعَاف الْعُقُول من خير قَول الْبَريَّة أَي يَتَكَلَّمُونَ بِبَعْض الْأَقْوَال الَّتِي هِيَ من خِيَار أَقْوَال النَّاس قَالَ النَّوَوِيّ أَي فِي الظَّاهِر مثل ان الحكم الا لله ونظائره كدعائهم إِلَى كتاب(7/119)
الله قَوْله أَتَى على بِنَاء الْمَفْعُول من عَن يَمِينه بِفَتْح الْمِيم مَوْصُولَة وَيحْتَمل على بعد كسر الْمِيم على أَنَّهَا حرف جَارة وَعَن اسْم بِمَعْنى الْجَانِب وَكَذَا من فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْأَخيرينِ وَأما قَوْله فَقَامَ رجل من وَرَائه فحرف جر قطعا مَا عدلت بِالتَّخْفِيفِ أَي مَا سويت بَين الْمُسْتَحقّين مَطْمُومُ الشَّعْرِ يُقَالُ طَمَّ شَعْرَهُ إِذَا جَزَّهُ وَاسْتَأْصَلَهُ سِيمَاهُمُ التَّحْلِيقُ قَالَ النَّوَوِيُّ السِّيمَا الْعَلَامَةُ والأفصح فِيهَا الْقصر وَبِه جَاءَ الْقُرْآنُ وَالْمَدُّ لُغَةٌ وَالْمُرَادُ بِالتَّحْلِيقِ حَلْقُ الرَّأْس وَلَا دلَالَة فِيهِ على كَرَاهَة الْحلق فَإِن كَون الشَّيْء عَلامَة لَهُم لَا يُنَافِي الاباحةلقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وآيتهم رَجُلٌ أَسْوَدُ إِحْدَى عَضُدَيْهِ مِثْلُ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ وَمَعْلُوم أَن هَذَا لَيْسَ بِحرَام وَلَا مَكْرُوه وَقد جَاءَ فِي سنَن أبي دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى صَبِيًّا قَدْ حُلِقَ بَعْضُ رَأْسِهِ فَقَالَ احْلِقُوهُ كُلَّهُ أَوِ اتْرُكُوهُ كُلَّهُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي إِبَاحَةِ حَلْقِ(7/120)
الرَّأْس لَا يحْتَمل تَأْوِيلا وَقد يناقش فِي الِاسْتِدْلَال على أصُول مَذْهَب النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ يجوز عِنْدهم تَمْكِين الصَّغِير مِمَّا يحرم على الْبَالِغ كالحرير وَالذَّهَب فَلْيتَأَمَّل شَرّ الْخلق والخليقة الْخلق النَّاس والخليقة الْبَهَائِم وَقيل هما بِمَعْنى وَيُرِيد بهما جَمِيع الْخَلَائق قَوْله كفر أَي من أَعمال أهل الْكفْر فَإِنَّهُم الَّذين يقصدون قتال الْمُسلمين وتأويله بِحمْلِهِ على الْقِتَال مستحلا يُؤَدِّي إِلَى عدم صِحَة الْمُقَابلَة لكَون السباب مستحلا كفر أَيْضا فَلْيتَأَمَّل والسباب بِكَسْر سين مُهْملَة وخفة مُوَحدَة أَي شَتمه فسوق(7/121)
أَي من أَعمال أهل الفسوق(7/122)
قَوْله
[4114] من خرج من الطَّاعَة أَي طَاعَة الامام وَفَارق الْجَمَاعَة أَي جمَاعَة الْمُسلمين المجتمعين على امام وَاحِد ميتَة بِكَسْر الْمِيم حَالَة الْمَوْت جَاهِلِيَّة صفة بِتَقْدِير أَي كميته أهل الْجَاهِلِيَّة وَيحْتَمل الْإِضَافَة وَالْمرَاد مَاتَ كَمَا يَمُوت أهل الْجَاهِلِيَّة من الضلال وَلَيْسَ المُرَاد الْكفْر يضْرب برهَا بِفَتْح الْبَاء وَتَشْديد الرَّاء لَا يتحاشى أَي لَا يتْرك وَلَا يَفِي لذِي عهدها أَي لَا يَفِي لذِمِّيّ ذمَّته فَلَيْسَ مني أَي فَهُوَ خَارج عَن سنتي تَحت راية عمية بِكَسْر عين وَحكى ضمهَا وبكسر الْمِيم المشددةوبمثناة تحتية مُشَدّدَة هِيَ الْأَمر الَّذِي لَا يستبين وَجهه كقاتل الْقَوْم عصبية قيل قَوْله تَحت راية عمية كِنَايَة عَن جمَاعَة مُجْتَمعين على أَمر مَجْهُول لَا يعرف أَنه حق أَو بَاطِل وَفِيه أَن من قَاتل تعصبا لَا لإِظْهَار دين وَلَا لاعلاء كلمة الله وَإِن كَانَ المعصوب لَهُ حَقًا كَانَ على الْبَاطِل فقتلة بِكَسْر الْقَاف الْحَالة من الْقَتْل(7/123)
قَوْله
[4116] إِذا أَشَارَ الْمُسلم على أَخِيه هُوَ ان يُشِير كل مِنْهُمَا على صَاحبه فهما على جرف جَهَنَّم بِضَم جِيم وَرَاء مُهْملَة مَضْمُومَة أَو سَاكِنة مستعار من جرف النَّهر الطّرف كالسيل وَهُوَ كِنَايَة عَن قربهما من جَهَنَّم خرا أَي سقطا أَي الْقَاتِل والمقتول
قَوْله
[4117] أَحدهمَا على الآخر أَي كل مِنْهُمَا على صَاحبه
[4118] هَذَا الْقَاتِل أَي يسْتَحقّهُ لقَتله فَالْخَبَر مَحْذُوف وَالْأَقْرَب أَن هَذَا إِشَارَة إِلَى ذَات الْقَاتِل فَهُوَ مُبْتَدأ وَالْقَاتِل خَبره وَصِحَّة الْإِشَارَة بِاعْتِبَار إِحْضَار الْوَاقِعَة أَي هَذَا هُوَ الْقَاتِل فَلَا اشكال فِي كَونه فِي النَّار لِأَنَّهُ ظَالِم أَرَادَ قتل صَاحبه أَي مَعَ السَّعْي فِي أَسبَابه لِأَنَّهُ توجه بِسَيْفِهِ فَلَيْسَ هَذَا من بَاب الْمُؤَاخَذَة بِمُجَرَّد نِيَّة الْقلب بِدُونِ عمل كَمَا زَعمه بعض فاستدلوا على أَن العَبْد يُؤْخَذ بالعزم ثمَّ قد اسْتدلَّ كثير على أَن مرتكب الْكَبِيرَة(7/124)
مُسلم لقَوْله إِذا تواجه المسلمان فسماهما الْمُسلمين مَعَ كَونهمَا مباشرين بالذنب وَهَذَا الَّذِي قَالُوا ان مرتكب الْكَبِيرَة مُسلم حق لَكِن فِي كَون الحَدِيث دَلِيلا عَلَيْهِ نظر ظَاهر لِأَن التَّسْمِيَة فِي حيّز التَّعْلِيق لَا يدل على بَقَاء الِاسْم عِنْد تحقق الشَّرْط مثل إِذا أحدث الْمُتَوَضِّئ أَو الْمُصَلِّي بَطل وضوءه أَو صلَاته فَلْيتَأَمَّل(7/125)
قَوْله
[4125] لَا ترجعوا أَي لَا تصيروا كفَّارًا نَصبه على الْخَبَر أَي كالكفار يضْرب اسْتِئْنَاف لبَيَان صيرورتهم كالكفرة أَو المُرَاد لَا ترتدوا عَن الْإِسْلَام إِلَى مَا كُنْتُم عَلَيْهِ من عبَادَة الْأَصْنَام حَال كونكم كفَّارًا ضَارِبًا بَعْضكُم رِقَاب بعض وَالْأول أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/126)
[4126] بِجِنَايَة أَبِيه أَي بِذَنبِهِ بِأَن يُعَاقب فِي الْآخِرَة عَلَيْهِ أَو فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ وَنَحْوه والا فَالدِّيَة تتحملها الْعَاقِلَة الا أَن يُقَال الْجِنَايَة هُوَ الْعمد لَا الْخَطَأ قَوْله بجريرة أَبِيه أَي بِجِنَايَتِهِ
قَوْله
[4128] لَا ألفينكم من الفيته وجدته وَالنَّهْي ظَاهرا يتَوَجَّه إِلَى الْمُتَكَلّم وَالْمرَاد تَوْجِيهه إِلَى الْمُخَاطب أَي لَا تَكُونُوا بعدِي كَذَلِك فَإِنَّهُم إِذا كَانُوا كَذَلِك يجدهم كَذَلِك فَإِن قلت كَيفَ يجدهم بعده قلت بعد مَوْتهمْ أَو تعرض حَالهم عَلَيْهِ أَو يَوْم الْقِيَامَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/127)
[4131] استنصت النَّاس أَي قل لَهُم ليسكتوا حَتَّى يسمعوا قولي وَفِيه اهتمام وتعظيم لما يَقُوله
(كتاب قسم الْفَيْء)
الْفَيْء مَا حصل للْمُسلمين من أَمْوَال الْكفَّار من غير حَرْب وَلَا جِهَاد كَذَا فِي النِّهَايَة وَفِي الْمغرب هُوَ مَا نيل من الْكفَّار بعد مَا تضع الْحَرْب أَو زارها وَتصير الدَّار دَار الْإِسْلَام وَذكروا فِي حكمه أَنه لعامة الْمُسلمين وَلَا يُخَمّس وَلَا يقسم كالغنيمة وَالْمرَاد هَا هُنَا مَا يعم الْغَنِيمَة أَو الْغَنِيمَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4133] عَن سهم ذِي الْقُرْبَى من الْغَنِيمَة الْمَذْكُورَة فِي قَوْله تَعَالَى وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خَمْسَة الْآيَة وَكَأَنَّهُ تردد أَنه لقربى الامام أَو لقربى الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فَبين لَهُ بن عَبَّاس أَن المُرَاد الثَّانِي لَكِن الدَّلِيل الَّذِي اسْتدلَّ بِهِ على ذَلِك لَا يتم لجَوَاز أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قسم لَهُم ذَلِك لكَونه هُوَ الامام فقرابته قرَابَة الامام لَا لكَون المُرَاد قرَابَة الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الا ان يُقَال(7/128)
المُرَاد قسم لَهُم مَعَ قطع النّظر عَن كَونه إِمَامًا والمتبادر من نظم الْقُرْآن هُوَ قرَابَة الرَّسُول مَعَ قطع النّظر عَن هَذَا الدَّلِيل فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم رَأَيْنَاهُ دون حَقنا لَعَلَّه مبْنى على أَن عمر رَآهُمْ مصارف فَيجوز الصّرْف إِلَى بعض كَمَا فِي الزَّكَاة عِنْد الْجُمْهُور وَهُوَ مَذْهَب مَالك هَا هُنَا وَالْمُخْتَار من مَذْهَب الْحَنَفِيَّة وَالْخيَار للآمام ان شَاءَ قسم بَينهم بِمَا يرى وان شَاءَ أعْطى بَعْضًا دون بعض حسب مَا تَقْتَضِيه الْمصلحَة وبن عَبَّاس رَآهُمْ مستحقين لخمس الْخمس كَمَا يَقُول الشَّافِعِي هَا هُنَا وَفِي الزَّكَاة فَقَالَ بن عَبَّاس بِنَاء على ذَلِك أَنه عرض دون حَقهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أيمنا من لَا زوج لَهُ من الرِّجَال وَالنِّسَاء ويحذى بحاء مُهْملَة وذال مُعْجمَة من أحذيته إِذا أَعْطيته عائلنا أَي فقيرنا والغارم الْمَدْيُون
قَوْله
[4135] وَقسم أَبِيك هَكَذَا فِي نسختنا أَبِيك بِالْيَاءِ وَالظَّاهِر أَن الْجُمْلَة فعلية فَالْأَظْهر أَبوك بِالْوَاو الا أَن يَجْعَل أَبِيك تَصْغِير الْأَب اما لِأَن الْمقَام يُنَاسب التحقير أَو لِأَن اسْم الْوَلِيد يُنبئ عَن الصغر فصغره لذَلِك وَيحْتَمل أَن يكون قسم بِفَتْح فَسُكُون مصدر قسم مُبْتَدأ وَالْخَبَر مُقَدّر أَي غير مُسْتَقِيم أَو غير لَائِق أَو نَحْو(7/129)
ذَلِك أَو الْخمس كُله على أَن الْقسم بِمَعْنى الْمَقْسُوم من كثرت خصماؤه الظَّاهِر من جِهَة الْخط والسوق أَن من يفتح الْمِيم موصوله فَاعل ينجو وَيحْتَمل على بعد أَن فَاعل ينجو ضمير أَبِيه وَمن جَارة فَلْيتَأَمَّل المعازف بِعَين مُهْملَة وزاي مُعْجمَة وَفَاء أَي آلَات اللَّهْو من يجز بجيم وزاي مُعْجمَة مُشَدّدَة أَي يقطع جمتك بِضَم جِيم وَتَشْديد الْمِيم هِيَ من شعر الرَّأْس مَا سقط على الْمَنْكِبَيْنِ وَلَا كَرَاهَة فِي اتِّخَاذ الجمة فَلَعَلَّهُ كره لِأَنَّهُ كَانَ يتبختر بهَا فَلذَلِك أضَاف إِلَى السوء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4136] إِنَّمَا أرى هاشما وَالْمطلب شَيْئا وَاحِدًا المُرَاد بهاشم وَالْمطلب أولادهما أَي هم لكَمَال الإتحاد بَينهم فِي الْجَاهِلِيَّة(7/130)
وَالْإِسْلَام كشيء واحدقوله لِمَكَانِك بِمَعْنى المكانة وَالْفضل أَي لَا ننكر فَضلهمْ بِسَبَب فضلك الَّذِي جعلك الله مَقْرُونا بِهِ أَي بذلك الْفضل حَال كونك مِنْهُم فَحصل لَهُم بذلك فضل أَي فضل وَشرف أَي شرف قَوْله وبرة بِفتْحَتَيْنِ أَي شعرةقوله من سنامه بِفَتْح السِّين مَا ارْتَفع من ظهر الْجمل قَوْله مِمَّا أَفَاء الله خبر كَانَت أَي رده الله عَلَيْهِ أَي أعطَاهُ الله إِيَّاه وسمى الْعَطاء ردا للتّنْبِيه على أَن الْمُسْتَحقّين للأموال هم الْمُسلمُونَ والكفرة كالمتغلبين على أَمْوَال الْمُسلمين فَمَا جَاءَ إِلَى الْمُسلمين من الْكَفَرَة(7/131)
فَكَأَنَّهُ رد إِلَيْهِم مِمَّا لم يوجف لم يسْرع وَلم يجر أَي مِمَّا بِلَا حَرْب فِي الكراع بِضَم كَاف الْخَيل
قَوْله
[4141] من صَدَقَة أَي مِمَّا كَانَت صَدَقَة فِي الْوَاقِع أَو مِمَّا ظهر لَهَا بعد ذَلِك أَنَّهَا صَدَقَة وان كَانَت حِين السُّؤَال غير عَالِمَة بذلك لَا نورث أَي نَحن يُرِيد معشر الْأَنْبِيَاء وَهَذَا الْخَبَر قد رَوَاهُ غير أبي بكر أَيْضا وتكفي رِوَايَة أبي بكر لوُجُوب الْعَمَل بِهِ وَلَا يرد أَن خبر الْآحَاد كَيفَ يخصص عُمُوم الْقُرْآن لِأَن ذَلِك بِالنّظرِ إِلَى من بلغه الحَدِيث بِوَاسِطَة وَأما من أَخذه بِلَا وَاسِطَة فَالْحَدِيث بِالنّظرِ إِلَيْهِ كالقرآن فِي وجوب الْعَمَل فَيصح بِهِ التَّخْصِيص على أَن كثيرا من الْعلمَاء جوزالتخصيص بأخبار الاحاد فَلَا غُبَار أصلا وَهَهُنَا تحقيقات ذكرتها فِي حاشيتي الصَّحِيحَيْنِ قَوْله خمس الله الخ يُرِيد أَن ذكر الله للتبرك والتعظيم قَوْله(7/132)
[4143] فَاجْتمع رَأْيهمْ ظَاهره أَنه يَقْتَضِي أَنه اشْتبهَ عَلَيْهِم معنى الْقُرْآن ومصرف سهم الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَعَلمُوا أَن ذكر الله لكَونه مِفْتَاح كَلَام الله تَعَالَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَصفيه هُوَ مَا يصطفيه ويختاره لنَفسِهِ قَوْله وَسَهْم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ظَاهره أَن سَهْمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم زَائِد على الْخمس قَوْله(7/133)
[4147] خمس الْخمس يُرِيد أَن الْمَذْكُورين مستحقون للخمس فَلَا بُد من الْقِسْمَة بَينهم بِالسَّوِيَّةِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مِمَّن فِيهِ غناء(7/134)
هُوَ بِالْفَتْح وَالْمدّ الْكِفَايَة أَي مِمَّن كَانَ فِي وجوده كِفَايَة للْمُسلمين يكفيهم بشجاعته فِي الْحَرْب مثلا قَوْله وَهُوَ أشبه الْقَوْلَيْنِ فِيهِ أَنه لَا يبْقى حِينَئِذٍ لذكرهم كثير فَائِدَة سوى الايهام الْبَاطِل لِأَن يتيمهم دَاخل فِي الْيَتَامَى فَذكر ذَوي القربي على حِدة لَا فَائِدَة فِيهِ الا أَن ظَاهر الْمُقَابلَة والعموم يُوهم أَن المُرَاد الْعُمُوم وَهُوَ بَاطِل على هَذَا التَّقْدِير فَمَا بَقِي فِي ذكرهم فَائِدَة الا هَذَا فَافْهَم وَالله تَعَالَى أعلم(7/135)
قَوْله
[4148] قَالَ لَا نورث أَي فَلَو فصلت بَينهمَا بِالْقِسْمَةِ كَمَا يقسم الْإِرْث فقد أوهمت النَّاس بِالْإِرْثِ فَكيف أقسم سَبِيل المَال أَي مَال الله بجعله فِي الكراع وَالسِّلَاح وَنَحْوهمَا يَقُول هَذَا اقْسمْ لي بنصيبي من بن أخي أَي أقسم لي على قدر مَا يكون نَصِيبي لَو كَانَ لي ارث من بن أخي والا فَالظَّاهِر أَن الْعَبَّاس وعليا لَا يطلبان الْإِرْث بعد تقرر أَنه لَا ارث وَالله تَعَالَى أعلم كفيا ذَلِك على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يردان إِلَى مَا يكفيهما مُؤنَة ذَلِك فاستوعبت هَذِه الْآيَة النَّاس أَي عَامَّة الْمُسلمين كلهم أَي فالفيء لَهُم عُمُوما لَا يُخَمّس وَلَكِن يكون جملَة لمصَالح الْمُسلمين وَهَذَا مَذْهَب عَامَّة أهل الْفِقْه خلافًا للشَّافِعِيّ فَعنده يقسم الا بعض أَي الا العبيد يُرِيد انه لَا شَيْء للعبيد وَالله تَعَالَى أعلم(7/136)
(كتاب الْبيعَة)
قَوْله على السّمع وَالطَّاعَة صلَة بَايعنَا بتضمين معنى الْعَهْد أَي على أَن نسْمع كلامك ونطيعك فِي مرامك(7/137)
وَكَذَا من يقوم مقامك من الْخُلَفَاء من بعْدك والمنشط وَالْمكْره مفعل بِفَتْح مِيم وَعين من النشاط وَالْكَرَاهَة وهما مصدران أَي فِي حَالَة النشاط وَالْكَرَاهَة أَي حَالَة انْشِرَاح صدورنا وَطيب قُلُوبنَا وَمَا يضاد ذَلِك أَو اسْما زمَان وَالْمعْنَى وَاضح أَو اسْما مَكَان أَي فِيمَا فِيهِ نشاطهم وكراهتهم كَذَا قيل وَلَا يخفى أَن مَا ذكره من الْمَعْنى على تَقْدِير كَونهمَا اسمى مَكَان معنى مجازى وَكَذَا قَالَ بَعضهم كَونهمَا اسمى مَكَان بعيد وَقَوله وَأَن لَا ننازع الْأَمر أَي الامارة أَو كل أَمر أَهله الضَّمِير لِلْأَمْرِ أَي إِذا وكل الْأَمر إِلَى من هُوَ أهل لَهُ فَلَيْسَ لنا أَن نجره إِلَى غَيره سَوَاء كَانَ أَهلا أم لَا بِالْحَقِّ باظهاره وتبليغه لَا نَخَاف أَي لَا نَتْرُك قَول الْحق لخوف ملامتهم عَلَيْهِ وَأما الْخَوْف من غير ان يُؤَدِّي إِلَى ترك فَلَيْسَ(7/138)
بمنهى عَنهُ بل وَلَا فِي قدرَة الْإِنْسَان الِاحْتِرَاز عَنهُ
قَوْله
[4154] وأثره علينا الأثرة بِفتْحَتَيْنِ اسْم من الإستئثار(7/139)
أَي وعَلى تَفْضِيل غَيرنَا علينا وَلَا يخفى أَنه لَا يظْهر لِلْبيعَةِ عَلَيْهِ وَجه لِأَنَّهُ لَيْسَ فعلا لَهُم وَأَيْضًا لَيْسَ هُوَ بأمرمطلوب فِي الدّين بِحَيْثُ يُبَايع عَلَيْهِ وَأَيْضًا عُمُومه يرفعهُ من أَصله لِأَن كل مُسلم إِذا بَايع على أَن يفضل عَلَيْهِ غَيره فَلَا يُوجد ذَلِك الْغَيْر الَّذِي يفضل وَهَذَا ظَاهر فَالْمُرَاد وعَلى الصَّبْر على أَثَرَة علينا أَي بَايعنَا على أَنا نصبر أَن أوثر غَيرنَا علينا وَضمير علينا قيل كِنَايَة عَن جمَاعَة الْأَنْصَار أَو عَام لَهُم ولغيرهم وَالْأول أوجه فَإِنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أوصى إِلَى الْأَنْصَار أَنه سَيكون بعدِي أَثَرَة فَاصْبِرُوا عَلَيْهَا يَعْنِي أَن الْأُمَرَاء يفضلون عَلَيْكُم غَيْركُمْ فِي العطايا والولايات والحقوق وَقد وَقع ذَلِك فِي عهد الْأُمَرَاء بعد الْخُلَفَاء للراشدين فصبروا انتهىقوله
[4156] على النصح لكل مُسلم من النَّصِيحَة وَهِي إِرَادَة الْخَيْر وَفِي رِوَايَة بن حبَان فَكَانَ جرير إِذا اشْترى أَو بَاعَ يَقُول اعْلَم أَن مَا أَخذنَا مِنْك أحب إِلَيْنَا مِمَّا أعطيناك فاخترت قَوْله(7/140)
[4158] على الْمَوْت أَي لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اخْتِيَار أحد فالبيعة عَلَيْهِ لَا تتَصَوَّر لَكِن قد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الْبيعَة على الْمَوْت فيفسر ذَلِك بالبيعة على الثَّبَات وان أدّى ذَلِك إِلَى الْمَوْت وعَلى هَذَا فمؤدي الْبيعَة على الْمَوْت والبيعة على عدم الْفِرَار وَاحِد فَوجه الْجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَن بَعضهم بَايعُوا بِلَفْظ الْمَوْت وَبَعْضهمْ بِلَفْظ عدم الْفِرَار وَمُرَاد جَابر بِمَا ذكره تعْيين اللَّفْظ الَّذِي بَايع بِهِ هُوَ وَأَصْحَابه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4160] وَقد انْقَطَعت الْهِجْرَة أَي بعد الْفَتْح وَالْمرَاد الْهِجْرَة من مَكَّة لصيرورتها بعد الْفَتْح دَار إِسْلَام أَو إِلَى الْمَدِينَة من أَي مَوضِع كَانَت لظُهُور عزة الْإِسْلَام فِي كل نَاحيَة وَفِي الْمَدِينَة بخصوصها بِحَيْثُ مَا بَقِي لَهَا حَاجَة إِلَى هِجْرَة النَّاس إِلَيْهَا فَمَا بقيت هَذِه الْهِجْرَة فرضا وَأما الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَنَحْوهَا فَهِيَ وَاجِبَة على الدَّوَام قَوْله(7/141)
[4161] وَحَوله عِصَابَة بِكَسْر الْعين أَي جمَاعَة وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَان بكذب على أحد تفترونه تختلقونه بَين أَيْدِيكُم وأرجلكم أَي فِي قُلُوبكُمْ الَّتِي هِيَ بَين الْأَيْدِي والأرجل فِي مَعْرُوف لَا يخفى أَن أمره كُله مَعْرُوف وَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ خِلَافه فَقَوله فِي مَعْرُوف للتّنْبِيه على عِلّة وجوب الطَّاعَة وعَلى أَنه لَا طَاعَة للمخلوق فِي غير الْمَعْرُوف وعَلى أَنه يَنْبَغِي اشْتِرَاط الطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف فِي الْبيعَة لَا مُطلقًا شَيْئا أَي مِمَّا سوى الشّرك إِذْ لَا كَفَّارَة للشرك سوى التَّوْبَة عَنهُ فَهَذَا عَام مَخْصُوص نبه عَلَيْهِ النَّوَوِيّ وَغَيره وَهَذَا الحَدِيث صَرِيح فِي أَن الْحُدُود كَفَّارَات لأَهْلهَا وَأما قَوْله تَعَالَى فِي الْمُحَاربين لله وَرَسُوله ذَلِك لَهُم خزي فِي الدُّنْيَا وَلَهُم فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم فقد سبق عَن بن عَبَّاس ان ذَلِك فِي الْمُشْركين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/142)
[4163] ارْجع إِلَيْهِمَا لَعَلَّ ذَلِك حِين انْقَطَعت فَرِيضَة الْهِجْرَة فأضحكهما من الإضحاك أَي بدوام صحبتك مَعَهُمَا كَمَا أبكيتهما بِفِرَاقِك اياهما
قَوْله
[4164] عَن الْهِجْرَة هِيَ ترك الوطن والانتقال إِلَى الْمَدِينَة تأييدا وتقوية للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمُسْلِمين واعانة لَهُم على قتال الْكَفَرَة وَكَانَت فرضا فِي أول الْأَمر ثمَّ صَارَت مَنْدُوبَة فَلَعَلَّ السُّؤَال كَانَ فِي آخر الْأَمر أَو لَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خَافَ عَلَيْهِ لما كَانَ عَلَيْهِ الْأَعْرَاب من الضعْف حَتَّى أَن أحدهم ليقول ان حصل لَهُ مرض فِي الْمَدِينَة أَقلنِي بيعتك وَنَحْو ذَلِك وَلذَلِك قَالَ أَن أَمر الْهِجْرَة شَدِيد(7/143)
وَيحك للترحم فاعمل من وَرَاء الْبحار أَي فأت بالخيرات كلهَا وان كنت وَرَاء الْبحار وَلَا يَضرك بعْدك عَن الْمُسلمين لن يتْرك قَالَ السُّيُوطِيّ فِي غير حَاشِيَة الْكتاب بِكَسْر التَّاء الْمُثَنَّاة من فَوق أَي لن ينْقصك وَإِن أَقمت من وَرَاء الْبحار وسكنت أقْصَى الأَرْض يُرِيد أَنه من الترة كالعدة وَالْكَاف مفعول بِهِ قلت وَيحْتَمل أَنه من التّرْك فالكاف من الْكَلِمَة أَي لَا يتْرك شَيْئا من عَمَلك مهملا بل يجازيك على جَمِيع أعمالك فِي أَي مَحل فعلت وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4165] أَن تهجر أَي تتْرك فَأُرِيد بِالْهِجْرَةِ التّرْك وَفِيه أَن ترك الْمعاصِي خير من ترك الوطن فَإِن الْمَقْصُود الْأَصْلِيّ من ترك الوطن هُوَ ترك الْمعاصِي هِجْرَة الْحَاضِر أَي الْمُقِيم بالبلاد والقرى والبادي الْمُقِيم بالبادية فيجيب إِذا أَي لَا حَاجَة فِي حَقه إِلَى ترك الوطن بل حُضُوره فِي الْجِهَاد يَكْفِي قَوْله(7/144)
[4166] هجروا الْمُشْركين أَي تركوهم فجاؤوا وَفِيه أَن ترك الوطن فِي الْجُمْلَة وَالْعود إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يضر وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4167] أستقيم عَلَيْهِ أَي أثبت عَلَيْهِ وأعمله أَي أداوم عَلَيْهِ وَلَو بَقَاء فَإِن الْهِجْرَة لَا تَتَكَرَّر فَإِنَّهُ لَا مثل لَهَا أَي فِي ذَلِك الْوَقْت أَو فِي حق ذَلِك الرجل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/145)
[4169] وَلَكِن جِهَاد كلمة لَكِن تفِيد مُخَالفَة مَا بعْدهَا لما قبلهَا فَالْمَعْنى فَمَا بقيت فَضِيلَة الْهِجْرَة وَلَكِن بقيت فَضَائِل فِي معنى الْهِجْرَة كالجهاد وَنِيَّة الْخَيْر فِي كل عمل يصلح لَهَا وَإِذا استنفرتم على بِنَاء الْمَفْعُول أَي طلب الامام مِنْكُم الْخُرُوج إِلَى الْجِهَاد فانفروا أَي فاخرجوا
قَوْله
[4172] لَا تَنْقَطِع الْهِجْرَة أَي ترك دَار(7/146)
الْحَرْب إِلَى دَار الْإِسْلَام لمن كَانَ فِي دَار الْحَرْب فَأسلم هُنَاكَ إِذْ الْهِجْرَة هَا هُنَا هُوَ الْخُرُوج من الوطن إِلَى الْجِهَاد وبهذين التَّأْويلَيْنِ ظهر التَّوْفِيق بَين مَا سبق من انْقِطَاع الْهِجْرَة وَبَين ثُبُوتهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَو تَسْتَطِيع ذَلِك أَي مَا تَقول من السّمع وَالطَّاعَة فِي كل مَحْبُوب ومكروه أَو تطِيق شكّ من الرَّاوِي فبايعني والنصح أَي فبايعني على ذَلِك والنصح أَي وعَلى النصح بِالْجَرِّ عطف على مُقَدّر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/147)
فَقَالَ أُبَايِعكُم على أَن لَا تُشْرِكُوا أَي وصحبة الْمُشرك قد تُؤدِّي إِلَى الشّرك والبيعة على ترك الشّرك(7/148)
تَتَضَمَّن الْبيعَة على ترك مَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ فَصَارَت متضمنة لِلْبيعَةِ على ترك صُحْبَة الْمُشرك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان امْرَأَة أسعدتني الاسعاد المعاونة فِي النِّيَاحَة خَاصَّة والمساعدة عَام فِي كل مَعُونَة وَكَانَ نسَاء الْجَاهِلِيَّة يسْعد بَعضهنَّ بَعْضًا على النِّيَاحَة فحين بايعهن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على ترك النِّيَاحَة قَالَت أم عَطِيَّة أَنَّهَا ساعدتها امْرَأَة فِي النِّيَاحَة فَلَا بُد لَهَا من مساعدتها على ذَلِك قَضَاء لحقها ثمَّ لَا تعود فَرخص لَهَا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي ذَلِك قبل الْمُبَايعَة فَفعلت ثمَّ بَايَعت قَالُوا هَذَا الترخيص خَاص فِي أم عَطِيَّة وللشارع أَن يخص من يَشَاء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4181] قُلْنَا الله وَرَسُوله أرْحم بِنَا أَي حَيْثُمَا أطلق الْبيعَة بل قيد بالاستطاعة هَلُمَّ نُبَايِعك أَي تبَايع كل وَاحِدَة منا بِالْيَدِ على الإنفراد(7/149)
فَإِن الْبيعَة بِالْيَدِ لَا يتَصَوَّر فِيهَا الِاجْتِمَاع وَلذَلِك أجابهن صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِنَفْي الْأَمريْنِ فَقَالَ اني لَا أُصَافح النِّسَاء أَي بِالْيَدِ انما قولي لمِائَة فَلَا حَاجَة إِلَى الِانْفِرَاد فِي الْبيعَة القولية وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ارْجع أَي لَا حَاجَة إِلَى الْحُضُور عِنْدِي وَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم رأى أَنه يكرههُ النَّاس ويتأذون بِهِ وَعلم أَنه لَا يتَأَذَّى بِهَذَا فَفعل هَذَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَلم يبايعني لما فِيهِ من الْعَهْد والالزام وَالصَّغِير لَيْسَ أَهلا لذَلِك بل لَا يلْزمه شَيْء أَن ألزمهُ نَفسه فَأَي فَائِدَة فِي الْبيعَة مَعَه قَوْله بعنيه طلب مِنْهُ البيع اعانه لذَلِك العَبْد على وَفَاء مَا بَايع عَلَيْهِ من الْهِجْرَة(7/150)
قَوْله وعك بِفتْحَتَيْنِ أَو سُكُون الثَّانِي هُوَ الْحمى أَو ألمها أَقلنِي يُرِيد أَن مَا أَصَابَهُ قد أَصَابَهُ بشؤم مَا فعل من الْبيعَة فَلَو أقاله فَلَعَلَّهُ يذهب مَا لحقه بشؤمه من الْمُصِيبَة فَخرج أَي من الْمَدِينَة قصدا لاقالة أثر الْبيعَة كالكير هُوَ بِالْكَسْرِ كير الْحَدِيد وَهُوَ الْمَبْنِيُّ مِنَ الطِّينِ وَقِيلَ الزِّقُّ الَّذِي يُنْفَخُ بِهِ النَّارُ وَالْمَبْنِيُّ الْكُورُ تَنْفِي خَبَثَهَا أَيْ تُخْرِجُهُ عَنْهَا وَتَنْصَعُ طَيِّبَهَا بِالنُّونِ وَالصَّادِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَي تخلصه قَوْله الْمُرْتَد اعرابيا أَي الَّذِي يصير اعرابيا سَاكِنا بالبادية بعد أَن هَاجر قَوْله ارتددت أَي عَن الْهِجْرَة قَوْله وبدوت(7/151)
أَي خرجت إِلَى الْبَادِيَة وروى وبديت وَلَعَلَّه سَهْو فِي البدو أَي فِي الْخُرُوج إِلَى الْبَادِيَة أَي فَلَا يُنَافِي الْهِجْرَة الْخُرُوج إِلَيْهَا قَوْله والنصح الظَّاهِر أَنه بِالنّصب عطف على فِيمَا اسْتَطَعْت أَي فلقنني هذَيْن اللَّفْظَيْنِ وَيحْتَمل الْجَرّ(7/152)
على الْعَطف على الْمَوْصُول وَفِيه بعد فَإِن النصح مِمَّا وَقع عَلَيْهِ الْبيعَة كالسمع وَالطَّاعَة وَلَيْسَ المُرَاد السّمع وَالطَّاعَة فِي المستطاع وَفِي النصح فَلْيتَأَمَّل قَوْله خباء بِكَسْر خاء بَيت من صوف أَو وبر لَا من شعر من ينتضل من انتضل الْقَوْم إِذا رموا للسبق وَيُقَال انتضلوا بالْكلَام والأشعار من هُوَ فِي جشرته أَي فِي إِخْرَاجه الدَّوَابّ إِلَى المراعي الصَّلَاة جَامِعَة أَي ائْتُوا الصَّلَاة وَالْحَال أَنَّهَا جَامِعَة فهما بِالنّصب وَيجوز رفعهما على الِابْتِدَاء وَالْخَبَر فَقَالَ انه أَي ان الشَّأْن على مَا يُعلمهُ من الْعلم أَي على شَيْء يعلم النَّبِي ذَلِك الشَّيْء خيرا لَهُم جعلت عَافِيَتهَا أَي خلاصها عَمَّا يضر فِي الدّين فيدقق بدال مُهْملَة ثمَّ قَاف مُشَدّدَة مَكْسُورَة أَي يَجْعَل بَعْضهَا بَعْضًا دَقِيقًا وَفِي بعض النّسخ برَاء مُهْملَة مَوضِع دَال أَي يصير بَعْضهَا بَعْضًا رَقِيقا خفِيا وَالْحَاصِل أَن الْمُتَأَخِّرَة من الْفِتَن أعظم من الْمُتَقَدّمَة فَتَصِير الْمُتَقَدّمَة عِنْدهَا دقيقة رَفِيقَة روى برَاء سَاكِنة ففاء مَضْمُومَة من الرِّفْق أَي توَافق بَعْضهَا بَعْضًا أَو يَجِيء بَعْضهَا عقب بعض أَو فِي وقته وروى بدال مُهْملَة سَاكِنة ففاء مَكْسُورَة أَي يدْفع وَيصب أَن يزحزح على بِنَاء الْمَفْعُول(7/153)
وليأت إِلَى النَّاس أَي ليؤدي إِلَيْهِم وَيفْعل بهم مَا يحب أَن يفعل بِهِ وَثَمَرَة قلبه أَي خَالص عَهده أَو محبته بِقَلْبِه
قَوْله
[4192] وَلَو اسْتعْمل عَلَيْكُم عبد حبشِي أَي لَو جعل الْخَلِيفَة بعض عبيده أَمِيرا عَلَيْكُم فَلَا يرد أَن العَبْد لَا يصلح للخلافة على أَن الْمَطْلُوب الْمُبَالغَة فَلَا يلْتَفت إِلَى مثل هَذَا وَفِي قَوْله يقودكم بِكِتَاب الله إِشَارَة إِلَى أَنه لَا طَاعَة لَهُ فِيمَا يُخَالف حكم الله تَعَالَى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4193] من أَطَاعَنِي فقد أطَاع الله أَي لِأَنِّي أحكم نِيَابَة عَنهُ وَكَذَا أميره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحكم نِيَابَة عَنهُ فَالْحَاصِل أَن طَاعَة النَّائِب طَاعَة للْأَصْل قَوْله(7/154)
[4194] فِي سَرِيَّة أَي أَمِيرا فيهم فَنزل فِيهِ قَوْله تَعَالَى أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر حثا لأتباعه على أَن يطيعوه والى هَذَا الْمَعْنى تُشِير تَرْجَمَة المُصَنّف وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4195] وَأنْفق الْكَرِيمَة أَي صرف الْأَمْوَال العزيزة عَلَيْهِ ونبهه بِضَم فَسُكُون أَي انتباهه من النّوم بالكفاف بِفَتْح الْكَاف أَي سَوَاء بِسَوَاء أَي لَا يرجع مثل مَا كَانَ وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْجِهَاد قَوْله جُنَّةٌ أَيْ كَالتُّرْسِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ يُقْتَدَى بِرَأْيهِ وَنَظره فِي الْأُمُور الْعِظَام والوقائع(7/155)
الخطيرة وَلَا يُتَقَدَّمُ عَلَى رَأْيِهِ وَلَا يُنْفَرَدُ دُونَهُ بِأَمْر يُقَاتل من وَرَائه قيل المُرَاد أَنه يُقَاتل قدامه فوراء هَا هُنَا بِمَعْنى أَمَام وَلَا يُتْرَكَ يُبَاشِرُ الْقِتَالَ بِنَفْسِهِ لَمَا فِيهِ من تعرضه للهلاك وَفِيه هَلَاك الْكل قلت وَهَذَا لَا يُنَاسب التَّشْبِيه بِالْجنَّةِ مَعَ كَونه خلاف ظَاهر اللَّفْظ فِي نَفسه فَالْوَجْه أَن المُرَاد أَنه يُقَاتل على وفْق رَأْيه وَأمره وَلَا يُخَالف عَلَيْهِ فِي الْقِتَال فَصَارَ كَأَنَّهُمْ خَلفه فِي الْقِتَال وَالله تَعَالَى أعلم ويتقى بِهِ أَي يعتصم بِرَأْيهِ أَو يلتجئ إِلَيْهِ من يحْتَاج إِلَى ذَلِك قَوْله إِنَّمَا الدّين النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح قلت لَا بِمَعْنى النافع والا لَا يَسْتَقِيم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ تَعَالَى بل بِمَعْنى مَا يَلِيق وَيحسن لَهُ فَإِن الصّفة إِذا قسناها بِالنّظرِ(7/156)
إِلَى أحد فَأَما أَن يكون اللَّائِق وَالْأولَى بِهِ إِرَادَة ايجابها لَهُ أَو سلبها عَنهُ فارادة ذَلِك الطّرف اللَّائِق لَهُ هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وخلافه هُوَ الْغِشّ والخيانة واللائق بِهِ تَعَالَى أَن يحمد على كَمَاله وجلاله وجماله وَيثبت لَهُ من الصِّفَات وَالْأَفْعَال مَا يكون صِفَات كَمَال وَأَن ينزه عَن النقائص وَعَما لَا يَلِيق بعلى جنابه فارادة ذَلِك وَكَذَا كل مَا يَلِيق بجنابه الأقدس فِي حَقه تَعَالَى من نَفسه وَمن غَيره هِيَ النَّصِيحَة فِي حَقه وَقس على هَذَا وَيُمكن أَن يُقَال النَّصِيحَة الخلوص عَن الْغِشّ وَمِنْه التَّوْبَة النصوح فالنصيحة لله تَعَالَى أَن يكون(7/157)
عبدا خَالِصا لَهُ فِي عبوديته عملا واعتقادا وَالْكتاب أَي يكون خَالِصا فِي الْعَمَل بِهِ وَفهم مَعْنَاهُ عَن مُرَاعَاة الْهوى فَلَا يصرفهُ إِلَى هَوَاهُ بل يَجْعَل هَوَاهُ تَابعا لَهُ وَيحكم بِهِ على هَوَاهُ وَلَا يحكم بهواه عَلَيْهِ وعَلى هَذَا الْقيَاس وَقَالَ الْخطابِيّ النَّصِيحَة هِيَ إِرَادَة الْخَيْر للمنصوح لَهُ والنصح فِي اللُّغَة الخلوص فالنصيحة لله تَعَالَى صِحَة الِاعْتِقَاد فِي حد وَحْدَانِيَّتِهِ وَإِخْلَاصُ النِّيَّةِ فِي عِبَادَتِهِ وَالنَّصِيحَةُ لِكِتَابِ الله تَعَالَى الْإِيمَان بِهِ وَالْعَمَل بِمَا فِيهِ والنصح لرَسُوله التَّصْدِيق بنبوته وبذل الطَّاعَة لَهُ فِيمَا أَمر بِهِ وَنهى عَنهُ والنصيحة لأئمة الْمُسلمين أَن يطيعهم فِي الْحق وَأَن لَا يرى الْخُرُوج عَلَيْهِم بِالسَّيْفِ والنصيحة لعامة الْمُسلمين إرشادهم إِلَى مصالحهم
قَوْله
[4201] الا وَله بطانتان بطانة الرجل بِكَسْر الْبَاء صَاحب سره وداخله أمره قيل المُرَاد هَا هُنَا الْملك والشيطان(7/158)
لَا تألوه لَا تقصره خبالا بِفَتْح الْخَاء أَي من جِهَة الْفساد فِي أمره قَالَ السُّيُوطِيّ أَي لايقصر فِي افساد أمره فقد وقى أَي من كل بلَاء وَهُوَ أَي ذَلِك الَّذِي وقى من الَّتِي تغلب عَلَيْهِ من الْجَمَاعَة الَّتِي تغلب على بطانة السوء مِنْهُمَا من البطانتين أوالمعنى وَهُوَ أَي صَاحب البطانتين من جنس بطانة الَّتِي تغلب تِلْكَ البطانة عَلَيْهِ هَا هُنَا أَي من البطانتين فَإِن غلبت عَلَيْهِ بطانة الْخَيْر يكون خيرا وان غلبت عَلَيْهِ بطانة السوء يكون سَيِّئًا وَهَذَا أظهر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَأمر من التأمير إِنَّمَا فَرَرْنَا مِنْهَا من النَّار بِالْإِيمَان فَكيف ندْخلهَا(7/159)
قَوْله أَن لَا يُؤمر أَي حِين أَن لَا يُؤمر أَو كلمة أَن شَرْطِيَّة وَفِي كثير من النّسخ الا أَن يُؤمر بِمَعْصِيَة وَهُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4207] من صدقهم بكذبهم من التَّصْدِيق وَالْبَاء فِي بكذبهم بِمَعْنى فِي أَي أَنهم يكذبُون فِي الْكَلَام فَمن صدقهم فِي كَلَامهم ذَلِك وَقَالَ لَهُم صَدقْتُمْ تقربا بذلك إِلَيْهِم فَلَيْسَ مني تَغْلِيظ وَتَشْديد بِأَنَّهُ قد انْقَطع الْمُوَالَاة بيني وَبينهمْ على بتَشْديد الْيَاء وَمن لم يُصدقهُمْ أَي اتقاء وتورعا وَهَذَا لَا يكون الا للمتدين فَلذَلِك قَالَ فَهُوَ مني وَأَنا مِنْهُ وَيحْتَمل أَن يكون مُجَرّد الصَّبْر عَن صحبتهم فِي ذَلِك الزَّمَان مَعَ الْإِيمَان مفضيا إِلَى هَذِه الرُّتْبَة الْعلية أَو من صَبر يوفق لأعمال تفضيه إِلَى ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/160)
[4209] وَقد وضع أَي وَالْحَال أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وضع رجله أَو الرجل وضع رجله فِي الغرز بِفَتْح مُعْجمَة فمهملة سَاكِنة ثمَّ مُعْجمَة هُوَ ركاب كور الْجمل إِذا كَانَ من جلد أَو خشب وَقيل مُطلقًا كلمة حق فَإِنَّهُ جِهَاد قل من ينجو فِيهِ وَقل من يصوب صَاحبه بل الْكل يخطئونه أَو لَا ثمَّ يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْت بأشد طَرِيق عِنْدهم بِلَا قتال بل صبرا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/161)
[4211] وانها سَتَكُون أَي بعد الْمَوْت ندامة فنعمت الْمُرضعَة أَي الْحَالة الموصلة إِلَى الامارة وَهِي الْحَيَاة والفاطمة الْحَالة القاطعة عَن الامارة وَهِي الْمَوْت أَي فنعمت حياتهم وَبئسَ مَوْتهمْ وَالله تَعَالَى أعلم
(كتاب الْعَقِيقَة)
هِيَ الذَّبِيحَة تذبح عَن الْمَوْلُود من العق وَهُوَ الْقطع
قَوْله
[4212] وَكَأَنَّهُ كره الإسم يُرِيد أَنه لَيْسَ فِيهِ(7/162)
توهين لأمر الْعَقِيقَة وَلَا إِسْقَاط لوُجُوبهَا وَإِنَّمَا استبشع الِاسْم وَأحب أَن يُسَمِّيه بِأَحْسَن مِنْهُ كالنسيكة والذبيحة وَلذَلِك قَالَ من أحب أَن ينْسك عَن وَلَده بِضَم السِّين أَي يذبح قَالَ التوربشتي هَذَا الْكَلَام وَهُوَ كَأَنَّهُ كره الِاسْم غير سديد أدرج فِي الحَدِيث من قَول بعض الروَاة وَلَا يدْرِي من هُوَ وَبِالْجُمْلَةِ فقد صدر عَن ظن يحْتَمل الْخَطَأ وَالصَّوَاب وَالظَّاهِر أَنه هَا هُنَا خطأ لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكر الْعَقِيقَة فِي عدَّة أَحَادِيث وَلَو كَانَ يكره الِاسْم لعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَمن سنته تَغْيِير الِاسْم إِذا كرهه وَالْأَوْجه أَن يُقَال يحْتَمل أَن السَّائِل ظن أَن اشْتِرَاك الْعَقِيقَة مَعَ العقوق فِي الِاشْتِقَاق مِمَّا يوهن أمرهَا فَأعْلم النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن الَّذِي كرهه الله تَعَالَى من هَذَا الْبَاب هُوَ العقوق لَا الْعَقِيقَة وَيحْتَمل أَن العقوق هَا هُنَا مستعار للوالد بترك الْعَقِيقَة أَي لَا يجب أَن يتْرك الْوَالِد حق الْوَلَد الَّذِي هُوَ الْعَقِيقَة كمالا يجب أَن يتْرك الْوَلَد حق الْوَالِد الَّذِي هُوَ حَقِيقَة العقوق وَلَا يخفى أَن الْمُخَاطب مَا يهم هَذَا الْمَعْنى من الْجَواب وَلذَلِك أعَاد السُّؤَال فَقَالَ إِنَّمَا نَسْأَلك الخ فَالْوَجْه أَن يُقَال أَنه أطلق الِاسْم أَولا ثمَّ كرهه اما بالتفات مِنْهُ صلى الله عَلَيْهِ تَعَالَى وَسلم إِلَى ذَلِك أَو بِوَحْي أَو الْهَام مِنْهُ تَعَالَى إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله عَن الْغُلَام شَاتَان مُبْتَدأ وَخبر وَالْجُمْلَة جَوَاب لما يُقَال مَاذَا ينْسك أَو مَاذَا يُجزئ وَيحسن(7/163)
وَنَحْوه مكافئتان بِالْهَمْزَةِ أَي مساويتان فِي السن بِمَعْنى أَن لَا ينزل سنهما عَن سنّ أدنى مَا يُجزئ فِي الاضحية وَقيل مساويتان أَو متقاربتان وَهُوَ بِكَسْر الْفَاء من كافأه إِذا ساواه قَالَ الْخطابِيّ والمحدثون يفتحون الْفَاء وَأرَاهُ أَوْلَى لِأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ قَدْ سُوِّيَ بَيْنَهُمَا وَأما بِالْكَسْرِ فَمَعْنَاه مساويان فَيحْتَاج إِلَى شَيْء آخر يساويانه وَأما لَو قيل متكافئتان لَكَانَ الْكَسْرُ أَوْلَى وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْفَتْح وَالْكَسْر لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ إِذَا كَافَأَتْ أُخْتَهَا فَقَدْ كوفئت فَهِيَ مكافئة ومكافأة أَو يكون مَعْنَاهُ معادلتان لما يجب فِي الاضحية مِنَ الْأَسْنَانِ وَيُحْتَمَلُ مَعَ الْفَتْحِ أَنْ يُرَادَ مَذْبُوحَتَانِ مِنْ كَافَأَ الرَّجُلُ بَيْنَ بَعِيرَيْنِ إِذَا نحر هَذَا ثمَّ هَذَا مَعًا مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ كَأَنَّهُ يُرِيدُ شَاتَيْنِ تذبحهما معاقلت مُرَاد الزَّمَخْشَرِيّ أَن كلا من الْفَتْح وَالْكَسْر يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ اعْتِبَار شَيْء ثَالِث يساويانه أَو يساويهما وان اكْتفى بمساواة كل وَاحِدَة مِنْهُمَا صاحبتها صَحَّ الْفَتْح وَالْكَسْر فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4213] عَن الْحسن وَالْحُسَيْن أَي ذبح عَنْهُمَا وَسَيَجِيءُ بَيَان مَا ذبح
قَوْله
[4214] قَالَ فِي الْغُلَام عقيقة كلمة فِي بِمَعْنى مَعَ كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات وَكَون الْعَقِيقَة مَعَ الْغُلَام أَنه سَبَب لَهَا وأميطوا أزيلوا بحلق رَأسه وَقيل هُوَ نهى عَمَّا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ من تلطيخ رَأس الْمَوْلُود بِالدَّمِ وَقيل المُرَاد الْخِتَان قَوْله(7/164)
[4215] فِي الْغُلَام شَاتَان أَي فِي عقيقة الْغُلَام تُجزئ شَاتَان
قَوْله
[4217] على الْغُلَام كلمة على بِمَعْنى فِي كَمَا تقدم وَيحْتَمل أَن المُرَاد على أَب الْغُلَام أَو لما كَانَ الْغُلَام سَببا لوُجُوب الْعَقِيقَة جعل كَانَ الْعَقِيقَة وَاجِبَة عَلَيْهِ وعَلى الْوَجْهَيْنِ فَلَا يَسْتَقِيم الا على مَذْهَب من يَقُول بِوُجُوب الْعَقِيقَة بل بِوُجُوب الشاتين فِي عقيقة الْغُلَام وَالْجُمْهُور على خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم ذكرانا كن أَي شِيَاه الْعَقِيقَة قَوْله(7/165)
[4219] بكبشين كبشين أَي عَن كل وَاحِد بكبشين وَلذَلِك كرر وَيحْتَمل أَن التكرير للتَّأْكِيد والكبشان عَن الْإِثْنَيْنِ على أَن كل وَاحِد عق عَنهُ بكبش قَوْله كل غُلَام أُرِيد بِهِ مُطلق الْمَوْلُود ذكرا كَانَ أَو أُنْثَى رهين أَي مَرْهُون وَلِلنَّاسِ فِيهِ كَلَام فَعَن أَحْمد هَذَا فِي الشَّفَاعَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَعُقَّ عَنْهُ فَمَاتَ طِفْلًا لَمْ يَشْفَعْ فِي وَالِديهِ وَفِي النِّهَايَة أَنَّ الْعَقِيقَةَ لَازِمَةٌ لَهُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَشبه الْمَوْلُود فِي لُزُومِهَا لَهُ وَعَدَمِ انْفِكَاكِهِ مِنْهَا بِالرَّهْنِ فِي يدالمرتهن وَقَالَ التوربشتي أَي انه كالشيء الْمَرْهُون لَا يتم الِانْتِفَاع بِهِ دون فكه وَالنعْمَة انما تتمّ على الْمُنعم عَلَيْهِ بقيامه بالشكر ووظيفته وَالشُّكْر فِي هَذِه النِّعْمَة مَا سنه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ أَن يعق عَن الْمَوْلُود شكر الله تَعَالَى وطلبا لِسَلَامَةِ الْمَوْلُود وَيحْتَمل أَنه أَرَادَ بذلك أَن سَلامَة الْمَوْلُود ونشوه على النَّعْت الْمَحْمُود رهينة بالعقيقة وَهَا هُنَا بسط ذَكرْنَاهُ فِي حَاشِيَة أبي داودقوله
[4221] سمعته من سَمُرَة قيل لم يسمع الْحسن عَن سَمُرَة الا هَذَا الحَدِيث وَبَقِيَّة أَحَادِيث الْحسن عَن سَمُرَة مُرْسلَة وَالله تَعَالَى أعلم(7/166)
(كتاب الْفَرْع وَالْعَتِيرَة)
قَوْله
[4222] لَا فرع بِفتْحَتَيْنِ هُوَ أول مَا تلده النَّاقة فَكَانُوا يذبحونه لآلهتهم فَنهى الرجل عَنهُ وَلَا عتيرة شَاة تذبح فِي رَجَب قيل كَانَ الْفَرْع وَالْعَتِيرَة فِي الْجَاهِلِيَّة ويفعلهما الْمُسلمُونَ فِي أول الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وَقيل الْمَشْهُور أَنه لَا كَرَاهَة فيهمَا ثمَّ هما مستحبان وَالْمرَاد بِلَا فرع وَلَا عتيرة نفى وجوبهما أَو نفى التَّقَرُّب بالإراقة كالأضحية وَأما التَّقَرُّب بِاللَّحْمِ وتفرقته على الْمَسَاكِين فبر وَصدقَة قَوْله نهى لَعَلَّه من بعض الروَاة لزعمه أَن المُرَاد بِالنَّفْيِ النَّهْي على أَنه من قبيل قَوْله تَعَالَى فَلَا رفث وَلَا فسوق فَعبر بِالنَّهْي(7/167)
لقصد النَّقْل بِالْمَعْنَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ان على كل بَيت الخ ظَاهره الْوُجُوب لكِنهمْ حملوه على النّدب الْمُؤَكّد يعتر كيضرب أَي يذبح قَوْله حق قَالَ الشَّافِعِي مَعْنَاهُ أَنه لَيْسَ بباطل وَقد جَاءَ على وفْق كَلَام السَّائِل وَلَا يُعَارضهُ حَدِيث لَا فرع وَلَا عتيرة فَإِنَّهُ مَعْنَاهُ أَنَّهُمَا ليسَا بواجبين بكرا بِفَتْح فَسُكُون هُوَ الْفَتِيُّ مِنْ الْإِبِلِ بِمَنْزِلَةِ الْغُلَامِ مِنَ النَّاسِ خير أَي فَهُوَ خير وَالْجُمْلَة جَزَاء الشَّرْط من أَن تذبحه أَي حِين يُولد كَمَا كَانَ عَادَتهم بوبره بِفتْحَتَيْنِ أَي بصوفه لكَونه قَلِيلا غير سمين فتكفأ كتمنع آخِره همزَة أَي تقلبه وتكبه يُرِيد أَنَّك إِذا ذبحته حِين يُولد يذهب اللَّبن فَصَارَ كَأَنَّك(7/168)
كفأت اناءك أَي المحلب وتوله بتَشْديد اللَّام أَي تفجعها بولدهاقوله
[4226] وَمن شَاءَ فرع من التَّفْرِيع أَي ذبح الْفَرْع
قَوْله
[4228] اذبحوا لله أَي اذبحواان شِئْتُم وَاجْعَلُوا الذّبْح فِي رَجَب وَغَيره سَوَاء كَذَا(7/169)
ذكره الْبَيْهَقِيّ فِي سنَنه يُرِيد أَن الْأَمر للنَّدْب دون الْوُجُوب قَوْله نفرع من أفرع أَو فرع بِالتَّشْدِيدِ تغذوه أَي تعلفه ماشيتك فَاعل تغذوه وَيحْتَمل أَن يكون تغذوه للخطاب وماشيتك مَنْصُوب بِتَقْدِير مثل مَا شيتك أَو مَعَ ماشيتك استجمل بِالْجِيم أَي صَار جملا أَو بِالْحَاء أَي قوى للْحَمْل
قَوْله
[4230] وان هَذِه الْأَيَّام أَي أَيَّام الْأُضْحِية(7/170)
قَوْله بإهابها قيل الاهاب الْجلد مُطلقًا وَقيل إِنَّمَا يُقَال لَهُ الاهاب قبل الدبغ لَا بعده وَلَا يخفى أَن(7/171)
المُرَاد هَا هُنَا الْجلد مُطلقًا فَهُوَ مجَاز على الثَّانِي إِنَّمَا حرم الله من التَّحْرِيم أكلهَا ظَاهره أَن مَا عدا ألماكول من أَجزَاء الْميتَة غير محرم الِانْتِفَاع بِهِ كالشعر وَالسّن والقرن وَنَحْوهَا قَالُوا لَا حَيَاة فِيهَا فَلَا ينجس بِمَوْت الْحَيَوَان قَوْله كَأَن أَعْطَاهَا أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا حرم أكلهَا لى بِنَاء الْمَفْعُول من التَّحْرِيم أَو على بِنَاء الْفَاعِل بِفَتْح فضم من الْحُرْمَة قَوْله أَلا دفعتم إهابها هَكَذَا فِي نسختنا من الدّفع بِالْفَاءِ وَالْعين الْمُهْملَة أَي أخذتموه وبعدتموه من اللَّحْم بالنزع عَنهُ وَالْأَقْرَب دبغتم(7/172)
بِالْبَاء والغين الْمُعْجَمَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مسكها بِفَتْح مِيم فَسُكُون أَي جلدهَا شنا بِفَتْح فتشديد أَي عتيقا
قَوْله
[4241] أَيّمَا اهاب دبغ بِعُمُومِهِ يَشْمَل جلد مَأْكُول اللَّحْم وَغَيره وَبِه أَخذ كثير قَوْله(7/173)
[4242] الدّباغ طهُور بِفَتْح الطَّاء
قَوْله
[4243] عَن سَلمَة بن المحبق هُوَ بِضَم الْمِيم وَفتح الْحَاء الْمُهْملَة وَتَشْديد الْبَاء الْمَكْسُورَة وَالْقَاف وَأَصْحَاب الحَدِيث يفتحون الْبَاء قَوْله ميتَة صفة لقربة على حذف الْمُضَاف أَي جلد ميتَة
قَوْله
[4246] ذَكَاة الْميتَة أَي ذَكَاة جُلُود الْميتَة
قَوْله
[4235] كَأَن أَعْطَاهَا أَي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِنَّمَا حرم أكلهَا على بِنَاء الْمَفْعُول من التَّحْرِيم أَو على بِنَاء الْفَاعِل بِفَتْح فضم من الْحُرْمَة
قَوْله
[4237] أَلا دفعتم اهابها هَكَذَا فِي نسختنا من الدّفع بِالْفَاءِ وَالْعين الْمُهْملَة أَي أخذتموه وبعدتموه من اللَّحْم بالنزع عَنهُ وَالْأَقْرَب دبغتم(7/174)
[4248] مثل الحصان بِكَسْر الْحَاء الْفرس الْكَرِيم الذّكر لَو أَخَذْتُم اهابها قيل كلمة لَو لِلتَّمَنِّي بِمَعْنى لَيْت وَقيل كلمة شَرط حذف جوابها أَي لَكَانَ حسنا يطهرها المَاء والقرظ بِفتْحَتَيْنِ ورق يدبغ بِهِ ظَاهره وجوب اسْتِعْمَال المَاء فِي أثْنَاء الدّباغ قيل وَهُوَ أحد قولي الشَّافِعِي وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4249] أَن لَا تنتفعوا الخ قيل هَذَا الحَدِيث نَاسخ للْأَخْبَار السَّابِقَة لِأَنَّهُ كَانَ قبل الْمَوْت شهر فَصَارَ مُتَأَخِّرًا وَالْجُمْهُور على خِلَافه لِأَنَّهُ لَا يُقَاوم تِلْكَ الْأَحَادِيث صِحَة واشتهارا وَجمع كثير بَين هَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث السَّابِقَة بِأَن الاهاب اسْم لغير المدبوغ فَلَا مُعَارضَة بَين هَذَا الحَدِيث وَالْأَحَادِيث السَّابِقَة أصلا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَمر أَي أذن وَرخّص أَن يسْتَمْتع على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله(7/175)
[4253] نهى عَن جُلُود السبَاع قيل قبل الدّباغ أَو مُطلقًا ان قيل بِعَدَمِ طَهَارَة الشّعْر بالدبغ كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي وان قيل بِطَهَارَتِهِ فالنهي لكَونهَا من دأب الْجَبَابِرَة وَعمل المترفهين وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4254] عَن الْحَرِير وَالذَّهَب أَي عَن استعمالهما للرِّجَال واطلاقه يَشْمَل اسْتِعْمَال الْحَرِير بالفرش وَقد جَاءَ عَنهُ النَّهْي صَرِيحًا فِي صَحِيح البُخَارِيّ ومياثر النمور أَي عَن أَن تفرش جلودها على السرج والرحال للجلوس عَلَيْهَا لما فِيهِ من التكبر أَو لِأَنَّهُ زِيّ الْعَجم أَو لِأَن الشّعْر نجس لَا يقبل الدّباغ قَوْله(7/176)
[4255] عَن لبوس بِضَم اللَّام مصدر لبس بِكَسْر الْبَاء
قَوْله
[4256] ويستصبح بهَا النَّاس أَي ينورون بِهِ مصابيحهم هُوَ حرَام أَي بيع الشحوم أَو الِانْتِفَاع بهَا قَاتل أَي لعنهم أَو قَتلهمْ وَصِيغَة المفاعلة للْمُبَالَغَة جملوه فِي الْقَامُوس جمل الشَّحْم وأجمله أذابه أَي اسْتخْرجُوا دهنه قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أذابوها حَتَّى تصير ودكا فيزول عَنْهَا اسْم الشَّحْم وَفِي هَذَا ابطال كل حِيلَة يتَوَصَّل بهَا إِلَى محرم وَأَنه لَا يتَغَيَّر حكمه بتغيير هَيئته وتبديل اسْمه قَوْله(7/177)
[4258] ألقوها وَمَا حولهَا أَي إِذا كَانَ جَامِدا كَمَا فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وكلوه أَي الْبَاقِي قيل وَمَا حولهَا يدل على أَنه جامد إِذْ لَو كَانَ مَائِعا لما كَانَ لَهُ حول يَعْنِي فَلَا حَاجَة إِلَى قيد زَائِد فِي الْكَلَام وستعرف فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة أَن هَذِه الْوَاقِعَة كَانَت فِي الجامد وَالْمرَاد بِمَا حولهَا مَا يظْهر وُصُول الْأَثر إِلَيْهِ فَفِيهِ تَفْوِيض إِلَى نظر الْمُكَلف فِي املاله قَوْله فليمقله الْمقل الغمس والغوص فِي المَاء وَالْمرَاد فليدخله فِي ذَلِك الْإِنَاء وَلَا يخفى أَن ذَلِك قد يُؤَدِّي إِلَى الْمَوْت فَدلَّ الحَدِيث على أَن مَا لادم فِيهِ مَوته لَا ينجس المَاء وَغَيره والا لما أَمر بالغمس خوفًا من تنجس الطَّعَام وَنَحْوه(7/178)
(كتاب الصَّيْد والذبائح)
قَوْله
[4263] وان أَدْرَكته أَي الْكَلْب أَو الصَّيْد لم يقتل أَي الْكَلْب الصَّيْد وَالْجُمْلَة حَال فاذبح أَي الصَّيْد أَي ان أردْت أكله وَاذْكُر اسْم الله أَي لَا تكتف بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد إرْسَال الْكَلْب عَلَيْك أَي لِأَجلِك فَلَا تطعم أَي فَلَا تَأْكُل وَبِه اخذ الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك فَإِنَّمَا أمسك على نَفسه أَي لأجل نَفسه لَا لَك وَشرط الْحل أَن يمسك عَلَيْك كَمَا فِي الْكتاب وَالْأَصْل التَّحْرِيم أَيهَا أَي أَي تِلْكَ الْكلاب قتل أَي فَيحْتَمل أَنه قَتله كلب آخر غير كلبك وَحِينَئِذٍ لَا يحل لعدم التَّسْمِيَة عِنْد إرْسَاله قَوْله(7/179)
[4264] عَن صيد المعراض بِكَسْر مِيم وَسُكُون عين آخِره ضاد مُعْجمَة خَشَبَة ثَقيلَة أَو عَصا فِي طرفها حَدِيدَة أَو سهم لَا ريش لَهُ بحده بِأَن نفذ فِي اللَّحْم وَقطع شَيْئا من الْجلد بعرضه هُوَ بِفَتْح الْعين أَي بِغَيْر المحدد مِنْهُ وقيذ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة فعيل بِمَعْنى مفعول أَي حرَام لعد الله تَعَالَى الموقوذة من الْمُحرمَات والوقيذ والموقوذ الْمَقْتُول بِغَيْر محدد من عَصا أَو حجر أَو غَيرهمَا فَلَا تَأْكُل فَإنَّك الخ هَذَا وَأَمْثَاله ظَاهر فِي ان مَتْرُوك التَّسْمِيَة فِي الصَّيْد حرَام وَالله تَعَالَى أعلم وبالتعليل الْمَذْكُور فِي الحَدِيث يتَبَيَّن أَن الْحُرْمَة إِذا كَانَ الْكَلْب الآخر أرسل بِلَا تَسْمِيَة وَأما إِذا أرسل بِتَسْمِيَة فَيحل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/180)
[4266] فاذكر اسْم الله عَلَيْهِ أَي عِنْد الرَّمْي لَا عِنْد الْأكل كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر فأدركت ذَكَاته أَي أَدْرَكته حَيا(7/181)
فذبحته
قَوْله
[4267] ان خزق بخاء وزاي معجمتين أَي جرح وَنفذ وَقتل بحده وَقطع شَيْئا من الْجلد(7/182)
قَوْله
[4276] لَكنا لَا ندخل أَي الْمَلَائِكَة وَالْمرَاد طَائِفَة مِنْهُم والا فالحفظة يدْخلُونَ كل بَيت وَلَا صُورَة أَي صُورَة ذِي روح أَمر بقتل الْكلاب ثمَّ نسخ الْأَمر كَمَا جَاءَ صَرِيحًا
قَوْله
[4277] غير مَا اسْتثْنى مِنْهَا أَي غير الْكلاب الْمَعْلُومَة بِالِاسْتِثْنَاءِ وَسَيَجِيءُ قَوْله(7/184)
[4280] لَوْلَا أَن الْكلاب أمة من الْأُمَم أَي أمة خلقت لمنافع أَو أمة تسبح وَهُوَ إِشَارَة إِلَى قَوْله وَمَا من دَابَّة فِي الأَرْض إِلَى قَوْله الا أُمَم أمثالكم فِي الدّلَالَة على الصَّانِع وَالتَّسْبِيح لَهُ قَالَ الْخطابِيّ انه كره افناء أمة من الْأُمَم بِحَيْثُ لَا تبقى منهاباقية لِأَنَّهُ مَا خلق الله عز وَجل خلقا الا وَفِيه نوع من حِكْمَة أَي إِذا كَانَ الْأَمر على هَذَا فَلَا سَبِيل إِلَى قتل كُلهنَّ فَاقْتُلُوا أشرارهن وَهن السود البهيم الأسودالخالص أَي وأبقوا مَا سواهَا لتنتفعوا بهَا فِي الحراسة وَيُقَال أَن السود من الْكلاب شِرَارهَا قِيرَاط هُوَ مِقْدَار مَحْدُود عِنْد الله
قَوْله
[4281] وَلَا جنب أَي من يتهاون فِي الإغتسال وَقد سبق الحَدِيث فِي كتاب الطَّهَارَة قَوْله(7/185)
[4283] أصبح يَوْمًا واجما مهتما وَهُوَ من أسكته الْهم وعلته الكآبة من وجم يجم لقد استنكرت هيئتك أَي أَرَاهَا متغيرة فيثقل على ذَلِك قَوْله أما وَالله مَا أخلفني أَي قبل هَذَا قطّ أَو لَيْسَ هَذَا مِنْهُ اخلاف الْوَعْد بل لَا بُد أَن وعده كَانَ مُقَيّدا بِأَمْر قد فقد ذَلِك الْأَمر والا فَلَا يتَصَوَّر مِنْهُ خلاف فِي الْوَعْد جرو كلب أَي كلب صَغِير تَحت نضد بِالتَّحْرِيكِ السرير الَّذِي ينضد عَلَيْهِ الثِّيَابُ أَيْ يُجْعَلُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ وَلَكنَّا لَا ندخل الخ أَي وَكَانَ الْوَعْد مُقَيّدا بِعَدَمِ الْمَانِع فَمَا أخلفت الْوَعْد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/186)
[4284] من اقتنى أَي اتخذ نقص يحْتَمل بِنَاء الْفَاعِل أَو الْمَفْعُول بِنَاء على أَنه جَاءَ لَازِما ومتعديا قيراطان لَعَلَّ الِاخْتِلَاف حسب اخْتِلَاف الزَّمَان فأولا شدد فِي أَمر الْكلاب حَتَّى أَمر بقتْله ثمَّ نسخ الْقَتْل وَبَين أَنه ينقص من الْأجر قيراطان ثمَّ خفف من ذَلِك إِلَى قِيرَاط وَالله تَعَالَى أعلم الا ضاريا أَي كَلْبا ضاريا أَي معلما أَو صَاحب مَاشِيَة أَي كَلْبا اتخذ للماشية أَو المُرَاد الا ضاريا أَي رجلا صائدا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/187)
[4285] سُفْيَان بن أبي زُهَيْر الشَّنَائِيُّ بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَالنُّونِ وَهَمْزَةٍ مَكْسُورَةٍ نِسْبَة إِلَى أَزْدِ شَنُوءَةَ وَيُقَالُ فِيهِ الشَّنُوئِيُّ بِضَمِّ النُّون على الأَصْل قَوْله لَا يُغني عَنهُ زرعا وَلَا ضرعا المُرَاد بالضرع هَا هُنَا الْمَاشِيَة(7/188)
قَوْله عَن ثمن الْكَلْب ظَاهره حُرْمَة بيعَة وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَلَعَلَّ من لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَنه كَانَ حِين كَانَ الْأَمر بقتْله وَقد علم نسخه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَمهر الْبَغي هُوَ مَا تَأْخُذهُ الزَّانِيَة على الزِّنَى سمى(7/189)
مهْرا لكَونه على صورته وَالْبَغي الزَّانِيَة وَأَصله بغوى على وزن صبور فَلذَلِك اسْتَوَى فِيهِ التَّذْكِير والتأنيث وحلوان الكاهن بِضَم الْحَاء وَسُكُون اللَّام مصدر حلوته إِذا أَعْطيته وَالْمرَاد مَا يعْطى على كهانته قَالَ أَبُو عبيد وَأَصله من الْحَلَاوَة شبه مَا يُعْطي الكاهن بِشَيْء حُلْو لاخذه إِيَّاه سهلا دون كلفة يُقَال حلوت الرجل إِذا أطعمته الحلو وَيُقَال للرشوة حلوان
قَوْله
[4294] وَكسب الْحجام ظَاهره التَّحْرِيم وَقد جَاءَ تَخْصِيصه بالأحرار دون العبيد وَبِه يَقُول أَحْمد وَالْجُمْهُور على أَنه للتنزيه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4295] عَن ثمن السنور وَالْكَلب قيل الأول للتنزيه وَالثَّانِي للتَّحْرِيم والْحَدِيث صَحِيح رَوَاهُ مُسلم وَقد حمله بعض(7/190)
أهل الْعلم على الهر إِذا توحش فَلم يقدر على تَسْلِيمه وَزعم بعض أَن النَّهْي كَانَ فِي ابْتِدَاء الْإِسْلَام ثمَّ نسخ وَلَا دَلِيل على الْقَوْلَيْنِ وَمَا عَن عَطاء من أَنه لَا بَأْس بِثمن السنور لَا يصلح مُعَارضا للْحَدِيث كَذَا ذكره الْبَيْهَقِيّ الا كلب صيد قيل أَخذ قوم بِهَذَا الِاسْتِثْنَاء فَأَجَازُوا بَيْعَ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْمَنْعِ وَأَجَابُوا بِأَن الحَدِيث ضَعِيف بِاتِّفَاق أَئِمَّة الحَدِيث قلت لَعَلَّ المُرَاد الِاسْتِثْنَاء والا فَالْحَدِيث رَوَاهُ مُسلم فِي صَحِيحه بِلَا اسْتثِْنَاء قَوْله مكلبة بِفَتْح اللَّام الْمُشَدّدَة أَي معلمة فاقتني من الاقناء أَو تَجدهُ قد صل بتَشْديد اللَّام أَي مَا لم ينتن وَلم يتَغَيَّر رِيحه يُقَال صل اللَّحْم وأصل لُغَتَانِ وَهَذَا على سَبِيل الِاسْتِحْبَاب والا فالنتن لَا يحرم وَقد جَاءَ أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أكل مَا تغير رِيحه وَلَعَلَّه أكل تَعْلِيما(7/191)
للْجُوَاز
قَوْله
[4297] فِي ذِي الحليفة من تهَامَة أَي لَيْسَ هُوَ الْمِيقَات الْمَشْهُور فِي أخريات الْقَوْم أَي فِي الْجَمَاعَات الْمُتَأَخِّرَة مِنْهُم فَدفع على بِنَاء الْمَفْعُول أَي جَاءَ سَرِيعا كَأَنَّهُ مَدْفُوع إِلَيْهِم فأكفئت بِضَم الْهمزَة وَكسر الْفَاء آخِره همزَة أَي قلبت وأريق مَا فِيهَا ند بتَشْديد الدَّال أَي شرد وَنَفر فأعياهم أَي أعجزهم ان لهَذِهِ الْبَهَائِم فِي هَذِه الْبَهَائِم أوابد أَي الَّتِي تتوحش وتنفر والْحَدِيث يدل على أَن مَا توحش مِنْهَا فَحكمه حكم الصَّيْد وَبِه يَقُول الْجُمْهُور قَوْله وَلَا تَدْرِي المَاء قَتله الخ يُفِيد أَن الأَصْل فِي الصَّيْد الْحُرْمَة فَإِذا حصل الشَّك يكون حَرَامًا كَمَا هُوَ الأَصْل قَوْله(7/192)
[4303] الا أَن ينتن من أنتن إِذا صَار ذَا نَتن وَقد سبق أَن الِاسْتِثْنَاء مَحْمُول على التَّنْزِيه دون التَّحْرِيم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالمروة بِفَتْح مِيم وَسُكُون رَاء حجر أَبيض براق يَجْعَل مِنْهُ كالسكين قَوْله فخزق(7/194)
بخاء وزاي معجمتين أَي جرح قَوْله جَفا أَي غلظ طبعه لقلَّة مُخَالطَة الْعلمَاء وَلَا يعْتَاد تحمل الْأَذَى من النَّاس فيتغير خلقه بِأَدْنَى أَمر غفل بِضَم الْفَاء كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة الْكتاب وَالْمَشْهُور أَنه من بَاب نصر وَصرح فِي الْمجمع أَي يستولي عَلَيْهِ حبه حَتَّى يصير غافلا عَن غَيره(7/195)
افْتتن ضَبطه السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد بِالْبِنَاءِ للْمَفْعُول وَقَالَ المُرَاد ذهَاب الدّين وَقَالَ فِي حَاشِيَة الْكتاب أَي أَصَابَته فتْنَة وَكَلَام الصِّحَاح يُفِيد جَوَاز الْبناء للْفَاعِل أَيْضا وَفِي الْمجمع افْتتن لِأَنَّهُ ان وَافقه فِيمَا يَأْتِي ويذر فقد خاطر بِدِينِهِ وان خَالفه خاطر بِرُوحِهِ وَهَذَا لمن دخل مداهنة وَمن دخل آمرا وناهيا وناصحا كَانَ دُخُوله أفضل قلت إِذا دخل كَذَلِك فقدخاطر بِرُوحِهِ كَمَا لَا يخفى وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4311] يَوْم القاحة بِالْقَافِ وحاء مهملةوصحف مَنْ رَوَاهُ بِالْفَاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ على ثَلَاث مراحل مِنْهَا رَأَيْتهَا تدمي مضارع رمى كرضى أَي تحيض فَكَانَ الظَّاهِر أَنَّهَا ماضي يكون وَجعلهَا بَعضهم من أَخَوَات ان وَكَأَنَّهُم زَعَمُوا أَنه لَا فَائِدَة فِي كَانَ هَا هُنَا وعَلى هَذَا يَنْبَغِي أَن يَجْعَل كَانَ للظن لَا للتشبيه إِذْ لَا يظْهر لَهُ وَجه فَلْيتَأَمَّل قَوْله أنفجنا هُوَ بنُون وَفَاء وجيم من الانفاج وَهُوَ التهيج والاثارة فَقبله أَي فالقبول دَلِيل الْحل قَوْله بمروة بِفَتْح مِيم حجر أَبيض يَجْعَل مِنْهُ كالسكين قَوْله(7/196)
[4314] لَا آكله للكراهة طبعا لَا دينا وَلَا أحرمهُ وَهَذَا صَرِيح فِي أَنه حَلَال لكنه مستقذر طبعا لَا يُوَافق كل ذِي طبع شرِيف فَلذَلِك من يَقُول بحرمته يَقُول كَانَ هَذَا قبل نزُول قَوْله تَعَالَى وَيحرم عَلَيْهِم الْخَبَائِث وَبعد نُزُوله حرم الْخَبَائِث والضب من جملَته لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يستقذره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/197)
فَقرب على بناءالمفعول من التَّقْرِيب فَأَهوى مد وأمال ليتناول مِنْهُ أعافه بِفَتْح الْهمزَة(7/198)
أَي أكرهه قَوْله أقطا بِفَتْح فَكسر وأضبا بِفَتْح وَضم جمع ضَب تقذرا أَي كَرَاهَة طبعا لَا دينا لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكر فِي وَجه الْكَرَاهَة أَنه لم يكن بِأَرْض قومِي وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4319] عَن أكل الضباب بِالْكَسْرِ جمع ضَب وَلَا آمُر بأكلهن أَي لَا أرخص فِي أكلهن
قَوْله
[4320] مسخت دَوَاب يحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك قبل الْعلم بِأَن الممسوخ لَا يعِيش أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام أَو امْتنع بِمُجَرَّد المجانسة للممسوخ وَالْحَاصِل أَن حَدِيث ان الممسوخ لَا يبْقى أَكثر من ثَلَاثَة أَيَّام صَحِيح وَهَذَا الحَدِيث غير صَرِيح فِي الْبَقَاء كَمَا لَا يخفى وعَلى تَقْدِير أَنه يَقْتَضِي الْبَقَاء يجب حمله على أَنه قبل الْعلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/199)
[4324] كل ذِي نَاب كالأسد وَالذِّئْب وَالْكَلب وأمثالها مِمَّا يعدو على النَّاس بأنيابه والناب السن الَّذِي خلف الرّبَاعِيّة قَوْله(7/200)
[4326] لَا تحل النهبي بِضَم نون وَسُكُون هَاء مَقْصُور هُوَ المَال المنهوب وَالْمرَاد الْمَأْخُوذ من الْمُسلم أَو الذِّمِّيّ أَو الْمُسْتَأْمن قهرا لَا الماخوذ من أهل الْحَرْب قهرا فَإِنَّهُ حَلَال وَلَا تحل الْمُجثمَة بِضَم مِيم وَفتح الْمُثَلَّثَة الْحَيَوَانَات الَّتِي تنصب وترمى لتقتل أَي تحبس وَتجْعَل هدفا وترمى بِالنَّبلِ وَالْمرَاد أَنَّهَا ميتَة لَا يحل اكلها وَفعل التجثيم حرَام جَاءَ عَنهُ النَّهْي أَيْضا
قَوْله
[4327] وَأذن فِي الْخَيل يدل على حل لُحُوم الْخَيل وَعَلِيهِ الجمهورقوله أطعمنَا أَي أَبَاحَ لنا وَأذن لنا فِي أكلهَا قَوْله(7/201)
[3331] لَا يحل أكل الخ اتّفق الْعلمَاء على أَنه حَدِيث ضَعِيف ذكره النَّوَوِيّ وَذكر بَعضهم أَنه مَنْسُوخ وَقَالَ بَعضهم لَو ثَبت لَا يُعَارض حَدِيث جَابر وَفِي الْكُبْرَى مَا نَصه قَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن الَّذِي قبل هَذَا الحَدِيث أصح وَيُشبه أَن يكون هَذَا ان كَانَ صَحِيحا أَن يكون مَنْسُوخا لِأَن قَوْله أذن فِي أكل لُحُوم الْخَيل دَلِيل على ذَلِك يُرِيد أَن الْإِذْن يُنبئ عَن منع سَابق وَهَذَا غير لَازم لَكِن قد يتَبَادَر إِلَى الأوهام وَفِيه نوع تأييد للنسخ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الإنسية الْمَشْهُور كسر الْهمزَة وَسُكُون النُّون نِسْبَة إِلَى الانس الْمُقَابل للجن وَالْمرَاد الْأَهْلِيَّة وَفِيه وُجُوه أخر تقدّمت قَوْله نضيجا أَي مطبوخا ونيئا بِكَسْر نون وَسُكُون يَاء مثناة وبهمزة وَقد تبدل الْهمزَة يَاء وتدغم فبقال نيا بياء مُشَدّدَة أَي غير مطبوخ(7/202)
[4339] فأكفئوا الْقُدُور بِقطع همزَة وَكسر فَاء وبوصلها وَفتح فَاء لُغَتَانِ يُقَال كفيت الْإِنَاء وأكفأته بِهَمْزَة فِي آخِره(7/203)
إِذا كببته أَي اقلبوا الْقُدُور وأريقوا مَا فِيهَا قلت وَالْمُنَاسِب هَا هُنَا قطع الْهمزَة كَقَوْلِه فأكفأناها قَوْله صبح بِالتَّشْدِيدِ وَمَعَهُمْ الْمساحِي جمع مسحاة وَهِي آلَة من حَدِيد وميمه زَائِدَة من السحو بِمَعْنى الْكَشْف والازالة وَالْخَمِيس أَي الْجَيْش يسعون يسرعون فِي الْمَشْي إِلَى الْحصن يَنْهَاكُم ضَمِيره للرسول وَذكر الله للتبرك وتعظيم أَمر الرَّسُول أَو لله فَإِنَّهُ الْحَاكِم وَالرَّسُول مبلغ وعَلى هَذَا لَو قدر الرَّسُول خبر أَي وَرَسُوله يبلغكم كَانَ أظهر وَيحْتَمل رَجَعَ الضَّمِير لكل وَاحِد رِجْس أَي نجس هَذَا صَرِيح فِي أَن النَّهْي للْحُرْمَة حمرا بِضَمَّتَيْنِ جمع حمَار لمن شهد التَّخْصِيص رُبمَا يشْعر بِأَن(7/204)
الْكفَّار غير مكلفين بالفروع وَمن يَقُول بالتكليف يحملهُ على عدم التَّخْصِيص لِأَن من شهد هُوَ المنتفع بِالْأَحْكَامِ
قَوْله
[4343] لُحُوم الْخَيل والوحش كَأَنَّهُ أَخذ من إِطْلَاق الْوَحْش جَوَاز لحم الْحمار الوحشي لَكِن الْإِطْلَاق فِي الْحِكَايَة غير مُعْتَبر فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4344] بِبَعْض أثايا الروحاء فِي الْقَامُوس الاثاية بِالضَّمِّ ويثلث مَوضِع بَين الْحَرَمَيْنِ فِيهِ مَسْجِد نبوي أَو ببردون العرج عَلَيْهَا مَسْجِد للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالظَّاهِر أَن أثايا جمع أثاية لتغليب أثاية على الْمَوَاضِع الَّتِي بقربها وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله شَأْنكُمْ بِالنّصب أَي خُذُوا شَأْنكُمْ هَذَا الْحمار بِالرَّفْع أَي بَين يديكم فافعلوا فِيهِ مَا شِئْتُم أَو شَأْنكُمْ بِالرَّفْع مُبْتَدأ أَي أَمركُم الْمَطْلُوب هَذَا الْحمار وَهُوَ لكم قَوْله(7/205)
[4346] أَتَى بدجاجة فِي الْقَامُوس الدَّجَاجَة مَعْرُوفَة للذّكر وَالْأُنْثَى ويثلث أَن لَا آكله أَي هَذَا النَّوْع من الطُّيُور
قَوْله
[4347] فَلم يدن أَي لم يقرب ذَلِك الطَّعَام
قَوْله
[4348] عَن كل ذِي مخلب من الطير بِكَسْر الْمِيم وَفتح اللَّام كالنسر والصقر والبازي وَنَحْوهَا مِمَّا يصطاد من الطُّيُور بمخلبها والمخلب للطير بِمَنْزِلَة الظفر من الْإِنْسَان قَوْله عصفورا اسْم طَائِر قَوْله(7/206)
[4351] وَأَيْنَ تقع التمرة أَي أَي نفع لَهَا فِي بطن الرجل لقد وجدنَا فقدها أَي فَعرفنَا بذلك نَفعهَا حِين فقدناها وَلِهَذَا اشْتهر أَن الْأَشْيَاء تعرف باضدادها قَوْله(7/207)
[4352] نرصد عير قُرَيْش من رصد إِذا قعد لَهُ على طَرِيقه رقيبا من بَاب نصر أكلنَا الْخبط بِفتْحَتَيْنِ الْوَرق أَي ورق الْأَشْجَار فثابت أجسامنا أَي رجعت إِلَى الْحَالة الأولى ضلعا بِكَسْر مُعْجمَة وَفتح لَام وَقد تسكن وَاحِدَة الأضلاع ثَلَاث جزائر جمع جزور والقصة مَذْكُورَة هَا هُنَا على غير ترتيبها فكلمة ثمَّ لتراخي الاخبار وَكَذَا الْفَاء فِي قَوْله فأخرجنا من عَيْنَيْهِ الخ لتعقيب الاخبار وَالله تَعَالَى أعلم قلَّة من ودك الْقلَّة بِضَم الْقَاف وَتَشْديد اللَّام جرة مَعْلُومَة فِي حجاج عَيْنَيْهِ بِتَقْدِيم الْحَاء الْمُهْملَة الْمَكْسُورَة والمفتوحة على الْجِيم المخففة عظم مستدير(7/208)
حول الْعين جراب بِكَسْر الْجِيم قَوْله وَبضْعَة بِكَسْر الْبَاء وَقد تفتح مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع أَو الْوَاحِد إِلَى الْعشْر وزودنا بتَشْديد الْوَاو أَي جعل زادنا عطف على بعثنَا فأعطانا أَي أَبُو عُبَيْدَة فَلَمَّا أَن جزناه من الْجَوَاز بِالْجِيم بِمَعْنى الْقطع أَي قَطعنَا غالبه بِأَكْلِهِ لنخبط الْخبط أَي نضرب الأوراق لتسقط والخبط ضرب الشّجر بالعصا ليتناثر وَرقهَا بعلف الْإِبِل وَنَحْوه والخبط بالحركة الْوَرق وَشِيقَةً بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَقَافٍ هِيَ أَن يَأْخُذ اللَّحْمُ فَيُغْلَى قَلِيلًا وَلَا يُنْضَجَ وَيُحْمَلَ فِي الْأَسْفَار وَقيل هِيَ القديد من أباعر جمع بعير عِيرَاتِ قُرَيْشٍ جَمْعُ عِيرٍ يُرِيدُ إِبِلَهُمْ وَدَوَابَّهُمُ الَّتِي كَانُوا يتاجرون عَلَيْهَا كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ وَفِي الْقَامُوس جمعه عيرات كعنبات وَقد(7/209)
تسكن قَوْله ضفدعا بِكَسْر الضَّاد وَالدَّال أَو بِفَتْح الدَّال
[4355] عَن قَتله أَي عَن التَّدَاوِي بِهِ لِأَن التَّدَاوِي بِهِ يتَوَقَّف على الْقَتْل فَإِذا حرم الْقَتْل حرم التَّدَاوِي بِهِ أَيْضا وَذَلِكَ اما لِأَنَّهُ نجس أَو لِأَنَّهُ مستقذر والمتبادر انه حرَام لَا يجوز ذبحه وَأكله وَالله تَعَالَى اعْلَم
قَوْله
[4358] بقرية النَّمْل أَي بمساكنها وبيوتها قَوْله فأحرقت على بِنَاء الْمَفْعُول من الاحراق وَظَاهر الحَدِيث يُفِيد ان الاحراق كَانَ جَائِزا فِي شَرِيعَة ذَلِك النَّبِي فَلذَلِك مَا عَاتب الله تَعَالَى عَلَيْهِ بالاحراق وَإِنَّمَا عَاتب عَلَيْهِ بِالزِّيَادَةِ على الْوَاحِدَة الَّتِي قرصت وَهُوَ غير جَائِز فِي شريعتنا فَلَا يجوز احراق الَّتِي قرصت أَيْضا وَأما قتل المؤذي فَجَائِز أَن قد الخ هُوَ بِتَقْدِير اللَّام مُتَعَلق بأهلكت تسبح إِشَارَة إِلَى أَن الْأمة مَطْلُوبَة الْبَقَاء وَلَو لم يكن فِيهَا الْبَقَاء وَلَو لم يكن فِيهَا فَائِدَة الا التَّسْبِيح لكفى دَاعيا إِلَى ابقائها(7/210)
(كتاب الضَّحَايَا)
فِيهَا أَربع لُغَات أضْحِية بِضَم الْهمزَة وَكسرهَا وَجَمعهَا الْأَضَاحِي بتَشْديد الْيَاء وتخفيفها واللغة الثَّالِثَة ضحية وَجَمعهَا ضحايا كعطية وعطايا وَالرَّابِعَة أضحاة بِفَتْح الْهمزَة وَالْجمع أضحى كارطاة وأرطى وَبهَا سمى يَوْم الْأَضْحَى قَوْله فَلَا يُؤْخَذ من شعره الخ حمله الْجُمْهُور على التَّنْزِيه قيل الْحِكْمَة فِيهِ أَنْ يُبْقِيَ كَامِلَ(7/211)
الْأَجْزَاء لِلْعِتْقِ من النَّار وَقيل التَّشْبِيه بالمحرم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4362] فَلَا يقلم يُقَال قلم الظفر كضرب وقلم بِالتَّشْدِيدِ أَي قطعه وَالتَّشْدِيد للْمُبَالَغَة وَالتَّخْفِيف هَا هُنَا أولى فَافْهَم
قَوْله
[4363] فَقَالَ أَلا يعتزل النِّسَاء كَأَنَّهُ زَعمه من قَول سعيد وَلم يبلغهُ الرّفْع وَزعم ان مَقْصُوده التَّشْبِيه بالمحرم فَاعْترضَ بِأَن اللَّائِق حِينَئِذٍ ترك النِّسَاء وَالطّيب أَيْضا قَوْله(7/212)
[4365] قَالَ لرجل أمرت ظَاهر السُّوق أَنه على بِنَاء الْمَفْعُول للخطاب أَو بِنَاء الْفَاعِل للمتكلم أَي أَمرتك أَو أمرت النَّاس وَيحْتَمل أَنه على بِنَاء الْمَفْعُول للمتكلم وَالْمعْنَى أمرت بالتضحية فِي يَوْم الْأَضْحَى حَال كَونه عيدا أَو يَوْم الْأَضْحَى أَن اتَّخذهُ عيدا وَالْمعْنَى الأول أقرب إِلَى قَول الرجل الا منيحة أُنْثَى أصل المنيحة مَا يُعْطِيهِ الرجل غَيره ليشْرب لَبنهَا ثمَّ يردهَا عَلَيْهِ ثمَّ يَقع على كل شَاة لِأَن من شَأْنهَا أَن تمنح بهَا وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا وَإِنَّمَا مَنعه لِأَنَّهُ لم يكن عِنْده غَيرهَا ينْتَفع بِهِ قلت وَيحْتَمل أَن المُرَاد هَا هُنَا مَا أعطَاهُ غَيره ليشْرب اللَّبن وَمنعه لِأَنَّهُ ملك الْغَيْر وَقَول الرجل لزعمه ان المنحة لَا ترد وَلذَلِك قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم المنحة مَرْدُودَة وَالله تَعَالَى أعلم وَلَكِن تَأْخُذ الخ كَأَنَّهُ أرشده إِلَى أَن يُشَارك الْمُسلمين فِي الْعِيد وَالسُّرُور وَإِزَالَة الْوَسخ فَذَاك يَكْفِيهِ إِذا لم يجد الاضحية وَالله تَعَالَى أعلم وتقلم التَّشْدِيد أنسب هَا هُنَا تَمام أضحيتك أَي هُوَ مَا يتم بِهِ أضحيتك بِمَعْنى أَنه يكْتب لَك بِهِ أضْحِية تَامَّة لَا بِمَعْنى ان لَك أضْحِية نَاقِصَة ان لم تفعل ذَلِك وان فعلته تصير تَامَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالمصلى ليرغب النَّاس فِيهِ(7/213)
قَوْله
[4367] إِذا لم ينْحَر أَي الْبَعِير يذبح أَي الشَّاة وَنَحْوهَا
قَوْله
[4368] فليذبح شَاة مَكَانهَا أَي لعدم أَجزَاء مَا تقدم على الصَّلَاة
قَوْله
[4369] لَا يجزن من الْجَوَاز العوراء بِالْمدِّ تَأْنِيث الْأَعْوَر الْبَين عورها بِفتْحَتَيْنِ ذهَاب بصر إِحْدَى الْعَينَيْنِ أَي العوراء عورها يكون ظَاهرا بَينا ظلعها الْمَشْهُور على أَلْسِنَة أهل الحَدِيث فتح الظَّاء وَاللَّام وَضَبطه أهل اللُّغَة بِفَتْح الظَّاء وَسُكُون اللَّام وَهُوَ العرج قلت كَأَن أهل الحَدِيث راعوا مشاكلة العور وَالْمَرَض وَالله تَعَالَى أعلم والكسيرة فسر بالمنكسرة الرجل(7/214)
الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى الْمَشْيِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مفعول وَفِي رِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَبَعض رِوَايَات المُصَنّف كَمَا سَيَجِيءُ بدلهَا الْعَجْفَاء وَهِي المهزولة وَهَذِه الرِّوَايَة أظهر معنى لَا تنقى من أنقى إِذا صَار ذَا نقى أَي مخ فَالْمَعْنى الَّتِي مَا بَقِي لَهَا مخ من غَايَة العجف قَوْله وَلَا تحرمه على أحد من التَّحْرِيم وَالْمرَاد لَا تقل أَنَّهَا(7/215)
لَا تجوز عَن أحد والا فَلَا يتَصَوَّر التَّحْرِيم فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4372] أَن نستشرف الْعين والاذن أَي نبحث عَنْهُمَا ونتأمل فِي حَالهمَا لِئَلَّا يكون فيهمَا عيب قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ اخْتلف فِي المُرَاد بِهِ هَل هُوَ من التَّأَمُّل وَالنَّظَر من قَوْلهم استشرف إِذا نظر من مَكَان مُرْتَفع فَإِنَّهُ أمكن فِي النّظر والتأمل أَو هُوَ تحرى الْأَشْرَف بِأَن لَا يكون فِي عينه أَو أُذُنه نقص وَقيل المُرَاد بِهِ غير العضوين الْمَذْكُورين لِأَنَّهُ يدل على كَونه أصلا فِي جنسه قَالَ الْجَوْهَرِي أذن شرفاء أَي طَوِيلَة وَالْقَوْل الأول هُوَ الْمَشْهُور وَأَن لَا نضحي بتَشْديد الْحَاء
[4373] وَلَا مُقَابلَة بِفَتْح الْبَاء وَكَذَا مدابرة الأولى هِيَ الَّتِي قطع مقدم أذنها وَالثَّانيَِة هِيَ الَّتِي قطع مُؤخر أذنها والشرقاء مشقوقة الْإِذْن والخرقاء الَّتِي فِي أذنها ثقب مستدير وَفِي رِوَايَة وَلَا بتراء أَي مَقْطُوعَة الذَّنب وَفِي بَعْضهَا جذعاء من الْجذع وَهُوَ قطع الْأنف أَو الْإِذْن أَو الشّفة وَهُوَ بالأنف أخص فَإِذا أطلق غلب عَلَيْهِ قَوْله(7/216)
[4377] بأعضب الْقرن هِيَ الْمَكْسُورَة الْقرن قَوْله الا مُسِنَّة اسْم فَاعل من أَسِنَت إِذا طلع سنّهَا وَذَلِكَ بعد السنتين لَا من أسن الرجل إِذا كبر جَذَعَة بِفتْحَتَيْنِ قيل هِيَ من الضَّأْن مَا تمّ لَهُ سنة وَقيل دون ذَلِك قَوْله عتود بِفَتْح فضم وَهُوَ الَّذِي قوى على الرَّعْي واستقل بِنَفسِهِ عَن الْأُم(7/218)
قَوْله فَحَضَرَ الْأَضْحَى الخ الحَدِيث يدل على أَن الْمُسَافِر يُضحي كالمقيم يُوفى من أوفى إِذا أعْطى الْحق وافيا وَالْمرَاد يُجزئ ويكفى والثنى هُوَ المسن(7/219)
قَوْله أملحين قَالَ الْعِرَاقِيّ فِي الاملح خَمْسَة أَقْوَال أَصَحهَا أَنه الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وبياضه أَكثر وَقيل هُوَ الْأَبْيَض الْخَالِص وَقيل هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاض وَسَوَاد وَقيل هُوَ الْأسود تعلوه حمرَة قلت وَهَذِه الْأَرْبَعَة قَوْله أقرنين الأقرن الَّذِي لَهُ قرنان معتدلان ذكره السُّيُوطِيّ على صفاحهما أَي على صفحة الْعُنُق مِنْهُمَا وَهِي جَانِبه فعل ذَلِك ليَكُون أثبت وَأمكن لِئَلَّا تضطرب الذَّبِيحَة برأسها فتمنعه من إِكْمَال الذّبْح أَو تؤذية كَذَا ذكرُوا قَوْله وانكفأ أَي مَال وَرجع
قَوْله
[4389] والى جذيعة هَكَذَا فِي نسختنا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَكتب على الذَّال عَلامَة التَّصْحِيح وَالَّذِي فِي النِّهَايَة وَغَيرهَا من كتب الْغَرِيب بِالْجِيمِ وَالزَّايِ مُصَغَّرًا هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ تَصْغِيرُ جِزَعَةٍ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الْقَلِيلُ مِنَ الشَّيْءِ وبالتصغير ضَبطه الْجَوْهَرِي وَضَبطه بن فَارس بِفَتْح جِيم وَكسر زَاي وَقَالَ هِيَ الْقِطْعَةُ مِنَ الْغَنَمِ كَأَنَّهَا فَعِيلَةٌ بِمَعْنى مفعولة(7/220)
وَمَا سمعناها فِي الحَدِيث الا مصغرة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أقرن أَي ذِي قرنين فحيل بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْحَاء الْمُهْملَة أَي كَامِل الْخلقَة لم تقطع أنثياه وَلَا اخْتِلَاف بَين هَذِه الرِّوَايَة وَبَين الرِّوَايَة الَّتِي بِخِلَافِهَا لحملهما على حَالين وكل مِنْهُمَا فِيهِ صفة مرغوبة فَإِن مَا قطع مِنْهُ أنثياه يكون أسمن وَأطيب لَحْمًا والفحيل أتم خلقه يمشي فِي سَواد أَي فِي رجلَيْهِ سَواد وَيَأْكُل فِي سَواد أَي فِي بَطْنه سَواد وَينظر فِي سَواد أَي حول عَيْنَيْهِ سَواد وَبَاقِيه أَبيض وَهُوَ أجمل قَوْله عشرا من الشَّاء بِبَعِير فَهَذَا يدل على ان الْبَعِير الْوَاحِد بِمَنْزِلَة عشر من الشَّاء وَعشر من الشَّاء تُجزئ فِي الْأُضْحِية عَن عشرَة فَكَذَا الْبَعِير الْوَاحِد ثمَّ حَدِيث بن عَبَّاس صَرِيح فِي ذَلِك قَالَ الْمظهر فِي شرح المصابيح عمل بِهَذَا الحَدِيث إِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَقَالَ غَيره أَنه مَنْسُوخ قلت أخذُوا بِحَدِيث بن عمر وَالْجَزُور عَن سَبْعَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/221)
[4393] ونشترك فِيهَا بِجَوَاز الشّركَة يَقُول الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك قَوْله من وَجه بتَشْديد الْجِيم أَي وَجه وَجهه وَالْمرَاد اسْتقْبل وَالْمرَاد أَن يكون مَعنا فِي هَذِه الْأُمُور أعد ذبحا بِكَسْر الذَّال اسْم لما يذبح وبالفتح مصدر والوجهان جائزان هَا هُنَا عنَاق لبن بِفَتْح الْمُهْملَة أُنْثَى من أَوْلَاد الْمعز دون المسنة وَالْإِضَافَة إِلَى اللَّبن اما للدلالة على أَنَّهَا صَغِيرَة ترْضع اللَّبن أَو للدلالة على أَنَّهَا سَمِينَة أعدت للبن هِيَ أحب أَي أطيب وأنفع لسمنها فانها خير نسيكتيك أَي خير ذبيحتك حَيْثُ تُجزئ عَن الْأُضْحِية بِخِلَاف الأولى قَوْله(7/222)
[4397] عنَاق جَذَعَةٌ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هِيَ صِفَةٌ لِلْعَنَاقِ وَلَا يُقَالُ عَنَاقَةٌ لِأَنَّهُ مَوْضُوعٌ لِلْأُنْثَى مِنْ وَلَدِ الْمعز فَلَا حَاجَة إِلَى الثَّاء الْفَارِقَةِ بَيْنَ الْمُذَكَّرِ وَالْمُؤَنَّثِ وَلَنْ تَجْزِيَ بِفَتْحِ التَّاء وَسُكُون الْجِيم بِلَا همز أَي تقضى قَالَه الْجَوْهَرِي قَالَ بَنو تَمِيم يَقُولُونَ أَجْزَأت عَنْك شَاة بِالْهَمْز فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ ضَمُّ التَّاءِ وَبِهِمَا قُرِئَ لَا تُجْزِي نَفْسٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هَذَا مِنْ خَصَائِصِ أَبِي بُرْدَةَ كَمَا(7/223)
أَن قيام شهادةخزيمة مَقَامَ الشَّهَادَتَيْنِ مِنْ خَصَائِصِ خُزَيْمَةَ وَمِثْلُهُ كَثِيرٌ كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت قد ذكرُوا أَن للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يخص الْبَعْض بِحكم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فليعد ظَاهره وجوب الْأُضْحِية وَمن يَقُول بِهِ يحملهُ على أَن الْمَقْصُود بِالْبَيَانِ أَن السّنة لَا تتأدى بِالْأولَى بل يحْتَاج إِلَى الثَّانِيَة فَالْمُرَاد فليعد لتَحْصِيل سنة الْأُضْحِية ان أرادها فَذكر هنة بِفتْحَتَيْنِ تَأْنِيث هن وَيكون كِنَايَة عَن كل اسْم جنس وَهَذَا معنى قَول من قَالَ يعبر بهَا عَن كل شَيْء وَالْمرَاد هَا هُنَا الْحَاجة أَي فَذكر أَنهم(7/224)
فُقَرَاء محتاجون إِلَى اللَّحْم قَوْله إِنِّي اصدت أَصله اصطدت كَمَا فِي بعض النّسخ قلبت الطَّاء صادا وأدغمت بمروة بِفَتْح فَسُكُون أَي بِحجر أَبيض قَوْله نيب بتَشْديد الْيَاء أَي أنشب أنيابه فِيهَا والناب سنّ خلف الرّبَاعِيّة
قَوْله
[4401] أنهر الدَّم من أنهر أَي أجْرى قَالَ السُّيُوطِيّ الْإِنْهَارُ الْإسَالَةُ وَالصَّبُّ بِكَثْرَةٍ شَبَّهَ خُرُوجَ الدَّمِ مِنْ مَوْضِعِ الذَّبْحِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ قَوْله(7/225)
[4402] فَعرض لَهَا على بِنَاء الْمَفْعُول أَي عرض لَهَا عَارض
قَوْله
[4403] الا بسن أَو ظفر اسْتثِْنَاء مِمَّا يفهم من الْكَلَام السَّابِق أَي فاذبح بِكُل آلَة تنهر الدَّم الا بسن أَو ظفر فَلَا تذبح بهما قَوْله مَا أنهر الدَّم الظَّاهِر أَن المُرَاد بِكَلِمَة مَا هِيَ الْآلَة أَي كل آلَة أنهرت الدَّم وَذكر اسْم الله على ذبيحتها فَكُلُوا ذبيحتها مَا لم تكن تِلْكَ الْآلَة سنا أَو ظفرا وَجُمْلَة وَذكر اسْم الله يحْتَمل الْعَطف والحالية فَعظم صَرِيح فِي أَن الْعلَّة كَونه عظما فَكل مَا صدق اسْم الْعظم عَلَيْهِ لَا تجوز الذَّكَاة بِهِ وَفِيه اخْتِلَاف بَين الْعلمَاء فمدى الْحَبَشَة بِضَم الْمِيم مَقْصُورا جمع مدية بِضَم مِيم وَكسرهَا وَقيل بِتَثْلِيث الْمِيم وَسُكُون الدَّال السكين وَالْمرَاد أَن الْحَبَشَة كفار فَلَا يجوز التَّشَبُّه بهم فِيمَا هُوَ من شعارهم قَوْله(7/226)
[4405] إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ أَي أوجب عَلَيْكُم الْإِحْسَان فِي كل شَيْء فكلمة على بِمَعْنى فِي ومتعلق الْكِتَابَة مَحْذُوف وَالْمرَاد بِالْإِيجَابِ النّدب الْمُؤَكّد فَأحْسنُوا القتلة بِكَسْر الْقَاف للنوع واحسان القتلة أَن لَا يمثل وَلَا يزِيد فِي الضَّرْب بِأَن يبْدَأ بِالضَّرْبِ فِي غير الْمقَاتل من غير حَاجَة وَنَحْو ذَلِك الذبْحَة بِكَسْر الذَّال وليحد من الاحداد شفرته بِفَتْح الشين السكين الْعَظِيم أَي ليجعله حادا سريع الْقطع وليرح من الإراحة قَوْله(7/227)
[4408] أما تكون الْهمزَة للاستفهام وَمَا نَافِيَة واللبة بِفَتْح فتشديد مُوَحدَة سَأَلَ ان الذَّكَاة منحصرة فيهمَا دَائِما فَأجَاب الا فِي الضَّرُورَة
قَوْله
[4410] انا لاقو الْعَدو غَدا أَي فَلَو استعملنا السيوف فِي الذَّبَائِح لكلت فتعجز عَن الْمُقَاتلَة نهبا بِفَتْح النُّون هُوَ المنهوب وَكَانَ هَذَا النهب غنيمَة ذكره النَّوَوِيّ والْحَدِيث قد تقدم قَرِيبا قَوْله(7/228)
لَيْسَ السن كلمة لَيْسَ للاستثناء وَالسّن بِالنّصب قَوْله وأصبنا نهبة قيل بِفَتْح النُّون مصدر وبالضم اسْم لِلْمَالِ المنهوب قَوْله اثْنَتَيْنِ أَي خَصْلَتَيْنِ اثْنَتَيْنِ هما إِحْسَان القتلة واحسان الذبْحَة
[4411] فَأحْسنُوا الذّبْح بِفَتْح الذَّال(7/229)
قَوْله يسر إِلَيْك من الْإِسْرَار قَوْله من آوى مُحدثا روى بِكَسْر الدَّال أَي مَنْ نَصَرَ جَانِيًا وَآوَاهُ وَأَجَارَهُ مِنْ خَصْمِهِ وأحال بَينه وَبَين أَن يقْتَصّ مِنْهُ وَبِفَتْحِهَا فَالْمُرَاد الْأَمر المبتدع الَّذِي هُوَ خلاف السّنة وايواؤه الرضابة وَالصَّبْرُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إِذَا رَضِيَ بِالْبِدْعَةِ وَأَقَرَّ فَاعِلَهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا عَلَيْهِ فَقَدْ آوَاهُ مَنْ غير منار الأَرْض الْمنَار جمع مَنَارَة بِفَتْح الْمِيم وَهِي الْعَلامَة تجْعَل بَين الحدين قَوْله(7/232)
[4423] نهى ان تُؤْكَل أَي نهى لصَاحب الْأَضَاحِي عَن ابقاء اللحوم إِلَى مَا بعد ثَلَاث وَأَرَادَ بذلك ان يتصدقواعلى الْفُقَرَاء وَقَالَ القَاضِي يحْتَمل أَن يكون ابْتِدَاء الثَّلَاث من يَوْم ذَبحهَا وَيحْتَمل أَن يكون من يَوْم النَّحْر بِأَن تَأَخّر ذَبحهَا إِلَى أَيَّام التَّشْرِيق قَالَ وَهَذَا أظهر ذكره النَّوَوِيّ
قَوْله
[4426] ثمَّ قَالَ كلوا فَهَذَا ظَاهر فِي النّسخ وَالَّذِي يدل عَلَيْهِ النّظر فِي أَحَادِيث الْبَاب ان الْمدَار على حَاجَة النَّاس فَإِن رأى حَاجتهم شَدِيدَة يَنْبَغِي لَهُ أَن لَا يدّخر فَوق ثَلَاث والا فَلهُ ذَلِك وعَلى هَذَا فَلَا نسخ وَلَعَلَّ نهى على مَبْنِيّ على ذَلِك لَا على عدم بُلُوغ النّسخ إِلَيْهِ قَوْله(7/233)
[4429] فَاشْرَبُوا فِي أَي وعَاء شِئْتُم صَرِيح فِي نسخ مَا سبق من النَّهْي عَن الدُّبَّاء وَنَحْوه وَأَنه لَا كَرَاهَة فِي الشّرْب فِي تِلْكَ الظروف لِأَن أقل مَرَاتِب الْأَمر الْإِبَاحَة والرخصة فَمن أَيْن الْكَرَاهَة وَهُوَ مَذْهَب الْجُمْهُور خلافًا لمَالِك وَالله تَعَالَى أعلم(7/234)
قَوْله دفت بِفَتْح دَال مُهْملَة وَتَشْديد فَاء والدافة جمَاعَة من الْأَعْرَاب جاؤوا الْمَدِينَة لينالوا من لُحُوم الْأَضْحَى وَالْمرَاد أَقبلُوا من الْبَادِيَة والدف سير سريع وتقارب فِي الخطا حَضْرَة بِفَتْح حاء مُهْملَة وَضمّهَا وَكسرهَا وَالضَّاد سَاكِنة وَادخرُوا ثَلَاثًا أَي لَا فَوق ثَلَاث يجملون بِالْجِيم من أجمل أَو جمل كضرب وَنصر والودك بِفتْحَتَيْنِ دسم اللَّحْم أَي يذيبون الشَّحْم ويستخرجون دهنه وَمَا ذَاك أَي مَا سَبَب هَذَا السُّؤَال مَعَ ظُهُور أَنه جَائِز الدافة بتَشْديد الْفَاء الْجَمَاعَة الَّتِي دفت أَي أردْت أَن تتصدقوا على أُولَئِكَ وَهَذَا ظَاهر فِيمَا قُلْنَا أَن الْمدَار على حَاجَة النَّاس فَلْيتَأَمَّل قَوْله ان(7/235)
يطعم من أطْعم والغني بِالرَّفْع فَاعله وَالْفَقِير بِالنّصب مَفْعُوله ثمَّ قَالَ هَكَذَا فِي نسختنا وَالصَّوَاب قَالَت أَي عَائِشَة الكراع بِضَم الْكَاف مَعْرُوف قَوْله فخبأ من خبأ بِالْهَمْزَةِ إِذا ادخر قَوْله دلى على بِنَاء الْمَفْعُول من التدلية أَي نزلوه من القلعة إِلَى خَارِجهَا يتبسم وَهَذَا تَقْرِير مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم على تنَاوله إِذْ عَادَة النَّاس فِي تِلْكَ الْأَيَّام أكل الشَّحْم فَلَو كَانَ حَرَامًا لوَجَبَ أَن يبين أَنه لَا يجوز(7/236)
أكله وَيلْزم مِنْهُ حلّه وَهُوَ يسْتَلْزم حل ذَبَائِحهم فَإِن الشَّحْم شَحم ذَبَائِحهم
قَوْله
[4436] اذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَكُلُوا أرشدهم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بذلك إِلَى حمل حَال الْمُؤمن على الصّلاح وان كَانَ جَاهِلا والى أَن الشَّك بِلَا دَلِيل لَا يضر وَأمرهمْ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأكل استحبا با وَلم يرد أَن تسميه الْأكل تنوب عَن تَسْمِيَة الذَّابِح كَمَا هُوَ ظَاهر الحَدِيث فَلم يقل أحد بالنيابة وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دلَالَة فِي الحَدِيث على أَن التَّسْمِيَة عِنْد الذّبْح لَيست بِشَرْط كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّافِعِي بل الحَدِيث بِظَاهِرِهِ يدل على النِّيَابَة فَلَا بُد للْكُلّ من تَأْوِيل الحَدِيث بِمَا ذكرنَا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4437] خاصمهم الْمُشْركُونَ أَي خَاصم الْمُؤمنِينَ الْمُشْركُونَ فَقَالُوا فِي معرض الِاسْتِدْلَال على بطلَان دين الْمُسلمين بأنكم تحرمون ذَبِيحَة الله تَعَالَى الَّتِي هِيَ الْميتَة وتحللون ذبيحتكم وَهَذَا شَيْء بعيد فَأنْزل الله تَعَالَى دفعا لهَذِهِ الشُّبْهَة قَوْله وَلَا تَأْكُلُوا الخ وَحَاصِل الْجَواب أَن الذَّبِيحَة انما حلت لِأَنَّهُ قد ذكر عَلَيْهَا اسْم الله وَالْميتَة لم يذكر عَلَيْهَا اسْم الله فَحرمت لذَلِك وَمُقْتَضى هَذَا التَّفْسِير أَن مَتْرُوك التَّسْمِيَة لَا يحل وَلَو نَاسِيا فَكيف عَامِدًا وَالله أعلم قَوْله الْمُجثمَة اسْم مفعول من التجثيم وَقد سبق عَن قريب شرحها قَوْله(7/237)
[4439] أَن تصبر الْبَهَائِم أَي تمسك وَتجْعَل(7/238)
هدفا يَرْمِي إِلَيْهِ حَتَّى تَمُوت فَفِيهِ تَعْذِيب لَهَا وَتصير ميتَة لَا يحل أكلهَا وَيخرج جلدهَا عَن الِانْتِفَاع بِهِ
قَوْله
[4440] لَا تمثلوا من الْمثلَة من بَاب نصر أَي لَا تغيرُوا صورته بِالرَّمْي إِلَيْهِ قَوْله غَرضا بِفَتْح غين مُعْجمَة وَرَاء مُهْملَة أَي هدفا عج بتَشْديد الْجِيم أَي رفع صَوته قَوْله(7/239)
[4447] وَعَن الْجَلالَة بِفَتْح الْجِيم وَتَشْديد اللَّام مَا تَأْكُل الْعذرَة من الدَّوَابّ وَالْمرَاد مَا ظهر فِي لَحمهَا ولبنها نَتن فَيَنْبَغِي أَن تحبس أَيَّامًا ثمَّ تذبح وَكَذَا يظْهر النتن فِي عرقها فَلذَلِك منع عَن الرّكُوب عَلَيْهَا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4448] وَالشرب من فِي السقاء لِأَنَّهُ قد يكون فِي المَاء حَيَّة وَنَحْوهَا فَيدْخل فِي الْجوف فتؤذي الشَّارِب فَالْأَحْسَن تَركه وَقد جَاءَ بعض ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَالله تَعَالَى أعلم
(كتاب الْبيُوع)
قَوْله
[4449] ان أطيب مَا أكل الرجل الخ الطّيب الْحَلَال والتفضيل فِيهِ بِنَاء على بعده من الشُّبُهَات(7/240)
ومظانها وَالْكَسْب السَّعْي وَتَحْصِيل الرزق وَغَيره وَالْمرَاد المكسوب الْحَاصِل بِالطَّلَبِ وَالْجد فِي تَحْصِيله بِالْوَجْهِ الْمَشْرُوع وَولد الْإِنْسَان من كَسبه أَي من المكسوب الْحَاصِل بالجد والطلب ومباشرة أَسبَابه وَمَال الْوَلَد من كسب الْوَلَد فَصَارَ من كسب الْإِنْسَان بِوَاسِطَة فَجَاز لَهُ أكله وَالْفُقَهَاء قيدوا ذَلِك(7/241)
بِمَا إِذا احْتَاجَ إِلَى مَال الْوَلَد فَيجوز لَهُ الْأَخْذ مِنْهُ على قدر الْحَاجة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4453] ان الْحَلَال بَين لَيْسَ الْمَعْنى كل مَا هُوَ حَلَال عِنْد الله تَعَالَى فَهُوَ بَين بِوَصْف الْحل يعرفهُ كل أحد بِهَذَا الْوَصْف وَأَن مَا هُوَ حرَام عِنْد الله تَعَالَى فَهُوَ كَذَلِك والا لم يبْق المشتبهات وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ وَالله تَعَالَى أعلم أَن الْحَلَال من حَيْثُ الحكم تبين بِأَنَّهُ لَا يضر تنَاوله وَكَذَا الْحَرَام بِأَنَّهُ يضر تنَاوله أَي هما بينان يعرف النَّاس حكمهمَا لَكِن يَنْبَغِي أَن يعلم النَّاس حكم مَا بَينهمَا من المشتبهات بِأَن تنَاوله يخرج من الْوَرع وَيقرب إِلَى تنَاول الْحَرَام وعَلى هَذَا فَقَوله الْحَلَال بَين وَالْحرَام بَين اعتذار لترك ذكر حكمهمَا أمورا مُشْتَبهَات بِسَبَب(7/242)
تجاذب الْأُصُول الْمَبْنِيّ عَلَيْهَا أَمر الْحل وَالْحُرْمَة فِيهَا وسأضرب مثلا أَي لَا يضاح تِلْكَ الْأُمُور والحمى بِكَسْر الْحَاء وَالْقصر أَرض يحميها الْمُلُوك وَيمْنَعُونَ النَّاس عَن الدُّخُول فِيهَا فَمن دخله أوقع بِهِ الْعقُوبَة وَمن احتاط لنَفسِهِ لَا يُقَارب ذَلِك الْحمى خوفًا من الْوُقُوع فِيهِ والمحارم كَذَلِك يُعَاقب الله تَعَالَى على ارتكابها فَمن احتاط لنَفسِهِ لم يقاربها بالوقوع فِي المشتبهات يُوشك بِضَم الْيَاء وَكسر الشين أَي يقرب لِأَنَّهُ يتَعَاهَد بِهِ التساهل ويتمرن عَلَيْهِ ويجسر على شُبْهَة أُخْرَى أغْلظ مِنْهَا وَهَكَذَا حَتَّى يَقع فِي الْحَرَام وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4454] من أَيْن أصَاب المَال أَي من أَي وَجه أَي لَا يبْحَث أحد عَن الْوَجْه الَّذِي أصَاب المَال مِنْهُ أهوَ حَلَال أم هُوَ حرَام وَإِنَّمَا المَال نَفسه يكون مَطْلُوبا بِأَيّ وَجه وصل الْيَد إِلَيْهِ أَخذه وَمثل هَذَا الحَدِيث حَدِيث يَأْتِي على النَّاس زمَان يَأْكُلُون الرِّبَا قلت هُوَ زَمَاننَا هَذَا فَإنَّا لله وانا إِلَيْهِ رَاجِعُون وَفِيه معْجزَة بَيِّنَة لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَوْله(7/243)
[4456] ان من أَشْرَاط السَّاعَة أَي من عَلَامَات قرب الْقِيَامَة أَن يفشو أَي يظْهر وَالْمرَاد يكثر فَمَا بعده عطف تَفْسِير لَهُ وَيظْهر الْجَهْل بِسَبَب اهتمام النَّاس بِأَمْر الدُّنْيَا هَكَذَا فِي بعض النّسخ وَفِي كثير من النّسخ الْعلم فَمَعْنَى يظْهر يَزُول ويرتفع أَي يذهب الْعلم عَن وَجه الأَرْض وَالله تَعَالَى أعلم حَتَّى أَستَأْمر تَاجر بني فلَان أَي أشاوره بَيَان لِكَثْرَة الْجَهْل إِذْ لَا يجوز التَّعْلِيق فِي البيع لَكِن بعض الْعلمَاء جوزوا شَرط الْخِيَار لغيره أَو بَيَان لِكَثْرَة اهتمام النَّاس بِأَمْر الدُّنْيَا وحرصهم على اصلاحها الْكَاتِب الَّذِي يعرف أَن يكْتب بِالْعَدْلِ وَلَا يطْمع فِي المَال بِغَيْر حق وَالله تَعَالَى أعلمقوله البيعان بِفَتْح فتشديد يَاء أَي الْمُتَبَايعَانِ(7/244)
وهما اللَّذَان جرى العقد بَينهمَا فَإِنَّهُمَا لَا يسميان بيعين الا حِينَئِذٍ بِالْخِيَارِ أَي لكل مِنْهُمَا خِيَار فسخ البيع مَا لم يفترقا عَن الْمجْلس بالأبدان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَهُوَ ظَاهر اللَّفْظ وَقيل المُرَاد بالمتبايعين المتساومان اللَّذَان جرى بَينهمَا كَلَام البيع وان لم يتم البيع بَينهمَا بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول وهما بِالْخِيَارِ إِذْ يجوز لكل مِنْهُمَا أَن يرجع عَن العقد مَا لم يفترقا بالأقوال وَهُوَ الْفَرَاغ عَن العقد فَصَارَ حَاصله لَهما الْخِيَار قبل تَمام العقد وَلَا يخفى أَن الْخِيَار قل تَمام العقد ضَرُورِيّ لَا فَائِدَة فِي بَيَانه مَعَ مَا فِيهِ من حمل البيع على السّوم وَحمل التَّفَرُّق على التَّفَرُّق بالأقوال وكل ذَلِك لَا يَخْلُو عَن بعد الا أَن يُجَاب عَن الأول بِأَنَّهُ لدفع ان الْمُوجب لَا خِيَار لَهُ لِأَنَّهُ أوجب ثمَّ بعض رِوَايَات حَدِيث التَّفَرُّق فِي الصَّحِيحَيْنِ يَنْفِي هَذَا الْحمل قطعا وَالله تَعَالَى أعلم فان صدقا أَي صدق البَائِع فِي صفة الْمَبِيع وَبَين مَا فِيهِ من عيب وَغَيره وَكَذَا المُشْتَرِي فِي الثّمن محق على بِنَاء الْمَفْعُول أَي محيت وَذَهَبت بركَة بيعهمَا
قَوْله
[4458] ثَلَاثَة لَا يكلمهم الله الْكَلَام مسوق لافادة كَمَال الْغَضَب عَلَيْهِم والا فَلَا يغيب أحد عَن نظره تَعَالَى فَقَوله لَا يكلمهم الله وَلَا ينظر إِلَيْهِم أَي تلطفا وَرَحْمَة وَقَوله وَلَا يزكيهم أَي لَا يطهرهم عَن دنس الذُّنُوب بالمغفرة أَو لَا يثنى عَلَيْهِم بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَة وَالْكل مُقَيّد بِأول الْأَحْوَال لَا بالدوام ثمَّ هَذَا بَيَان مَا يستحقونه وَفضل الله أوسع فقد قَالَ وَيغْفر مَا دون ذَلِك لمن يَشَاء المسبل من أسبل أَي من يطول ثَوْبه ويرسله إِلَى الأَرْض إِذا مَشى وَاللَّفْظ مُطلق الا أَن بعض الرِّوَايَات تفِيد تقيده بِمَا إِذا فعل ذَلِك تكبرا وَأما غَيره فَأمره أخف ان شَاءَ الله تَعَالَى والمنفق من التنفيق أَو الْإِنْفَاق بِمَعْنى الترويج الا ان الْمَشْهُور رِوَايَة هُوَ الأول سلْعَته بِكَسْر السِّين أَي مَتَاعه(7/245)
والمنان عطاءه أَي يمن بِمَا يُعْطي وَهَذَا إِذا لم يُعْط شَيْئا الا مِنْهُ كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات
[4460] وَكَثْرَة الْحلف بِفَتْح فَكسر أَو سُكُون فَإِنَّهُ أَي الْحلف وَالْمرَاد الكاذبة أَو مُطلقًا ثمَّ يمحق من المحق وَهُوَ المحو أَي يزِيل الْبركَة قَوْله الْحلف قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد المُرَاد الْيَمين الكاذبة قلت يُمكن ابقاؤه على إِطْلَاقه لِأَن الصَّادِق لترويج أَمر الدُّنْيَا وتحصيله يتَضَمَّن ذكر الله للدنيا وَهُوَ لَا يَخْلُو عَن كَرَاهَة مَا بِخِلَاف يَمِين الْمُدعى عَلَيْهِ فَإِنَّهَا لإِزَالَة التُّهْمَة فَلَا كَرَاهَة فِيهَا إِذا كَانَت صَادِقَة منفقة هُوَ وَمَا بعده مفعلة بِفَتْح مِيم وَعين أَي مَوضِع لنفاقها ورواجها ومظنة لَهُ فِي الْحَال وممحقة أَي مَوضِع لنُقْصَان الْبركَة ومظنة لَهُ فِي المَال بِأَن يُسَلط الله تَعَالَى عَلَيْهِ وُجُوهًا يتْلف فِيهَا اما سرقا أَو حرقا أَو غرقا أَو غصبا أَو نهبا أَو عوارض ينْفق فِيهَا من أمراض وَغير ذَلِك مِمَّا شَاءَ الله تَعَالَى كَذَا ذكره(7/246)
السُّيُوطِيّ
قَوْله
[4462] فضل مَاء بِالْمدِّ والتنوين هَذَا الحَدِيث يُفِيد ذمّ منع بن السَّبِيل فَلَا يدْخل فِيهِ منع زرع الْغَيْر وَلَا يلْزمه الْبَذْل فِيهِ وَفِي لَهُ أَي مَا عَلَيْهِ من الطَّاعَة مَعَ أَن الْوَفَاء وَاجِب عَلَيْهِ مُطلقًا بعد الْعَصْر للْمُبَالَغَة فِي الذَّم لِأَنَّهُ وَقت يَتُوب فِيهِ المقصر تَمام النَّهَار ويشتغل فِيهِ الْمُوفق بِالذكر وَنَحْوه فالمعصية فِي مثله أقبح قَوْله ونبتاعها أَي نشتريها فشوبوه بِضَم الشين أَمر من الشوب بِمَعْنى الْخَلْط أَمرهم بذلك ليَكُون كَفَّارَة لما يجْرِي بَينهم من الْكَذِب وَغَيره وَالْمرَاد بهَا صَدَقَة غير مُعينَة حسب تضاعيف الآثام وَقد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْإِيمَان قَوْله(7/247)
[4465] الا بيع الْخِيَار اسْتثِْنَاء من مَفْهُوم الْغَايَة أَي فان تفَرقا فَلَا خِيَار الا فِي بيع شَرط فِيهِ الْخِيَار فيمتد فِيهِ الْخِيَار إِلَى الْأَبَد الْمَشْرُوط وَقيل من نفس الحكم أَي الا أَن يكون بيعا جرى فِيهِ التخاير بِأَن قَالَ أَحدهمَا للْآخر فِي الْمجْلس اختر فَقَالَ اخْتَرْت فَلَا خِيَار قبل التَّفَرُّق والا أَن يكون بيعا شَرط فِيهِ عدم الْخِيَار أَي شُرِطَ فِيهِ أَنْ لَا خِيَارَ لَهُمَا فِي الْمَجْلِسِ فَيَلْزَمُ الْبَيْعُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ فِيهِ خِيَار أصلا وَالْوَجْه الأول يعم المذهبين مَذْهَب من يَقُول بِخِيَار الْمجْلس وَمن يَنْفِيه والاخيران يختصان بِمذهب الْقَائِل بِهِ وَرِوَايَات الحَدِيث تدل على أَن المُرَاد الْمَعْنى الثَّانِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/248)
[4466] أَو يكون كلمة أَو بِمَعْنى الا أَن والمضارع مَنْصُوب أَي الا أَن يكون العقد ذَا خِيَار
قَوْله
[4472] إِذَا تَبَايَعَ الرَّجُلَانِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ الخ هَذِه الرِّوَايَة تبطل تَأْوِيل من(7/249)
يُنكر خِيَار الْمجْلس فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4473] فَارق صَاحبه أَي خوفًا من أَن يرد البَائِع البيع بِمَالِه من الْخِيَار فَانْظُر إِلَى مَا فهم عبد الله من الحَدِيث وَهُوَ رَاوِيه هَل هُوَ الَّذِي يَقُول الْمُثبت للخيار فِي الْمجْلس أم هُوَ الَّذِي يَقُول النَّافِي لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4477] لَا بيع بَينهمَا أَي لَا يلْزم بِحَيْثُ يبطل الْخِيَار وَقد(7/250)
يُقَال هَذِه الرِّوَايَة ناظرة إِلَى قَول من يُفَسر الِافْتِرَاق بالافتراق بالأقوال فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4483] وَلَا يحل(7/251)
لهأن يُفَارق صَاحبه خشيَة أَن يستقيله أَي يبطل البيع بِسَبَب مَاله من الْخِيَار فَهَذَا يُفِيد وجود خِيَار الْمجْلس والا فَلَا خشيَة وَقيل بل يَنْفِيه لَان طلب الاقالة إِنَّمَا يتَصَوَّر إِذا لم يكن لَهُ خِيَار والا فيكفيه مَاله من الْخِيَار فِي ابطاله البيع عَن طلب الاقالة من صَاحبه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4484] أَنه يخدع على بِنَاء الْمَفْعُول لَا خلابة أَي لَا خداعة قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ الخداع بالْقَوْل اللَّطِيف قيل إِنَّمَا علمه النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذَلِك ليطلع بِهِ صَاحبه على أَنه لَيْسَ من ذَوي البصائر فيراعيه وَيرى لَهُ كَمَا يرى لنَفسِهِ وَكَأن النَّاس فِي ذَلِك الزَّمَان أَخَوان ينظر بَعضهم لبَعض أَكثر مِمَّا ينظرُونَ لأَنْفُسِهِمْ وروى فِي آخر هَذَا الحَدِيث ثمَّ أَنْت بِالْخِيَارِ فِي كل سلْعَة ثَلَاث لَيَال قَالَ أَكثر أهل الْعلم وَهَذَا خَاص بِهَذَا الرجل وَحده وَلَا يثبت لغيره الْخِيَار بِهَذِهِ الْكَلِمَة
قَوْله
[4485] فِي عقدته بِضَم فَسُكُون أَي فِي رَأْيه وَنَظره فِي مصَالح نَفسه وعقله أحجر بِتَقْدِيم الْمُهْملَة على الْمُعْجَمَة أَي أمْنَعهُ قَوْله المحفلة بتَشْديد الْفَاء اسْم مفعول(7/252)
وَهِي الْمُصراة والتحفيل هِيَ التصرية هَكَذَا الْمَشْهُور وسيذكرها المُصَنّف وسوق كَلَام المُصَنّف يُفِيد أَن بَينهمَا فرقا
قَوْله
[4486] أَو اللقحة بِفَتْح وَكسر فَسُكُون قَاف النَّاقة الْقَرِيبَة الْعَهْد بالنتاج وَفِي الصِّحَاح اللقحة كالقربة وَالْجمع لقح كقرب فَلَا يحفلها من التحفيل أَي فَلَا تحبس لَبنهَا فِي الضَّرع لتخدع بِهِ المُشْتَرِي قَوْله وَهُوَ أَي التصرية أَو الضَّمِير للتصرية التَّذْكِير بِاعْتِبَار الْخَبَر أخلاف النَّاقة أَي ضروعها جمع خلف بِالْكَسْرِ وَهُوَ الضَّرع لكل ذَات خف وظلف
قَوْله
[4487] لَا تلقوا الركْبَان من التلقي أَي لَا تستقبلوا الْقَافِلَة الجالبة للطعام قبل أَن يقدموا الْأَسْوَاق وَلَا تصروا هُوَ من التصرية عِنْد كثير وَقد روى عَن بعض الْمَشَايِخ أَنه كَانَ يَقُول لتلامذته مَتى أشكل عَلَيْكُم ضَبطه فاذكروا قَوْله تَعَالَى فَلَا تزكوا أَنفسكُم واضبطوه على هَذَا الْمِثَال فيرتفع الاشكال وَجوز بَعضهم انه بِفَتْح التَّاء وَضم الصَّاد وَتَشْديد الرَّاء من الصر بِمَعْنى الشد والربط والتصرية حبس اللَّبن فِي ضروع الْإِبِل وَالْغنم تغريرا للْمُشْتَرِي والصر هُوَ شدّ الضَّرع وربطه لذَلِك وَظَاهر كَلَام المُصَنّف يُشِير إِلَى الثَّانِي فَإِنَّهُ فسر بالربط من ابْتَاعَ أَي اشْترى(7/253)
[4488] صَاع من تمر أَي صَاع مِمَّا هُوَ غَالب 3 أهل الْعلم قَالَ بن عبد الْبر أَن لبن التصرية اخْتَلَط بِاللَّبنِ الطَّارِئ فِي ملك المُشْتَرِي فَلم يتهيأ تَقْوِيم مَا للْبَائِع مِنْهُ لِأَن مَالا يعرف لَا يُمكن تقويمه فَحكم صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِصَاع من تمر قطعا للنزاع وَالْحَاصِل أَن الطَّعَام بدل اللَّبن الْمَوْجُود فِي الضَّرع حَال البيع وَأما الْحَادِث بعد ذَلِك فقد حدث على ملك المُشْتَرِي لِأَنَّهُ فِي ضَمَانه وَقد أَخذ الْجُمْهُور بِالْحَدِيثِ وَمن لَا يَأْخُذ بِهِ يعْتَذر عَنهُ بِأَن الْمَعْلُوم من قواعدالدين هُوَ الضَّمَان بِالْقيمَةِ أَو الثّمن وَهَذَا الضَّمَان لَيْسَ شَيْئا من ذَلِك فَلَا يثبت بِحَدِيث الْآحَاد على خلاف ذَلِك الْمَعْلُوم قطعا وَقَالُوا الحَدِيث من رِوَايَة أبي هُرَيْرَة وَهُوَ غير فَقِيه وَأجَاب الْجُمْهُور بِأَن لَهُ نَظَائِر كالدية فَإِنَّهَا مائَة بعير وَلَا تخْتَلف باخْتلَاف حَال الْقَتِيل والغرة فِي الْجِنَايَة على الْجَنِين وكل ذَلِك شرع قطعا للنزاع وَأما الحَدِيث فقد جَاءَ من رِوَايَة بن عمر رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِوَجْه وَالطَّبَرَانِيّ بآخر وَمن رِوَايَة أنس أخرجه أَبُو يعلى وَمن رِوَايَة عَمْرو بن عَوْف أخرجه الْبَيْهَقِيّ فِي الخلافيات وَقد رَوَاهُ بن مَسْعُود مَوْقُوفا كَمَا فِي صَحِيح البُخَارِيّ وَالْمَوْقُوف لَهُ حكم الرّفْع لتصريحهم أَنه مُخَالف للأقيسة وَالْمَوْقُوف الْمُخَالف مَرْفُوع حكما وبن مَسْعُود من أجلاء الْفُقَهَاء بالِاتِّفَاقِ وَقَوْلهمْ أَبُو هُرَيْرَة غير فَقِيه ضَعِيف أَيْضا فقد ذكره فِي الْإِصَابَة فِي فُقَهَاء الصَّحَابَة وَذكر أَنه كَانَ يُفْتى وَمن تتبع كتب الحَدِيث يجده حَقًا بِلَا ريب وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4489] لَا سمراء أَي لَا يتَعَيَّن السمراء بِعَينهَا للرَّدّ بل الصَّاع من الطَّعَام الَّذِي هُوَ غَالب قوت الْبَلَد يَكْفِي أَو الْمَعْنى أَن الصَّاع لَا بُد أَن يكون من غير السمراء وَالْأول أقرب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/254)
[4490] أَن الْخراج بِالضَّمَانِ الْخراج بِالْفَتْح أُرِيد بِهِ مَا يخرج وَيحصل من غلَّة الْعين الْمُشْتَرَاة عبدا كَانَ أَو غَيره وَذَلِكَ بَان يَشْتَرِيَهُ فَيَسْتَغِلَّهُ زَمَانًا ثُمَّ يَعْثُرَ مِنْهُ عَلَى عيب كَانَ فِيهِ عِنْد البَائِع فَلَهُ رَدُّ الْعَيْنِ الْمَبِيعَةِ وَأَخْذُ الثَّمَنِ وَيَكُونُ للْمُشْتَرِي مَا استغله لِأَن الْمَبِيع لَو تَلِفَ فِي يَدِهِ لَكَانَ فِي ضَمَانِهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ شَيْءٌ وَالْبَاءُ فِي قَوْله بِالضَّمَانِ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الْخَرَاجُ مُسْتَحَقٌّ بِالضَّمَانِ أَي بِسَبَبِهِ أَي ضَمَان الأَصْل سَبَب لملك خراجه وَقيل الْبَاء للمقابلة والمضاف مَحْذُوف وَالتَّقْدِير بَقَاء الْخراج فِي مُقَابلَة الضَّمَان أَي مَنَافِع الْمَبِيع بعد الْقَبْض تبقى للْمُشْتَرِي فِي مُقَابلَة الضَّمَان اللَّازِم عَلَيْهِ بِتَلف الْمَبِيع وَمن هَذَا الْقَبِيل الْغنم بالغرم وَفِي الْمقَام مبَاحث ذَكرنَاهَا فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد
قَوْله
[4491] وَأَن يَبِيع مهَاجر المُرَاد أَن يَبِيع حَاضر لباد لَكِن خص المُهَاجر نظرا إِلَى ذَلِك الْوَقْت وَذَلِكَ لِأَن الْأَنْصَار كَانُوا يَوْمئِذٍ أهل زرع والمهاجرين كَانُوا أهل تِجَارَة كَمَا روى عَن أبي هُرَيْرَة وَالله تَعَالَى أعلم وَقَوله والنجش بِفَتْح فَسُكُون هُوَ أَن يمدح السّلْعَة ليروجها أَو يزِيد فِي الثّمن وَلَا يُرِيد شراءها ليغتر بذلك غَيره قَوْله(7/255)
[4492] نهى أَن يَبِيع حَاضر هُوَ الْمُقِيم بالبلدة والبادي البدوي وَهُوَ أَن يَبِيع الْحَاضِر مَال البادي نفعا لَهُ بِأَن يكون دلالالة وَذَلِكَ يتَضَمَّن الضَّرَر فِي حق الْحَاضِرين فَإِنَّهُ لَو ترك البادي لَكَانَ عَادَة بَاعه رخيصا
قَوْله
[4496] وَلَا تناجشوا جِيءَ بالتفاعل لِأَن التُّجَّار يتعارضون فيفعل هَذَا بِصَاحِبِهِ على أَن يُكَافِئهُ بِمثل مَا فعل فنهوا عَن أَن يَفْعَلُوا مُعَارضَة فضلا عَن أَن يفعل بَدَأَ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/256)
[4501] لَا تلقوا الجلب هُوَ بِفَتْح لَام وسكونها مصدر بِمَعْنى المجلوب من مَحل إِلَى غَيره ليباع فِيهِ فَإِذا أَتَى سَيّده أَي الجالب فَهُوَ بِالْخِيَارِ وَذَلِكَ لِأَن المتلقي كثيرا مَا يخدعه فيذكر لَهُ سعر السُّوق على خلاف مَا عَلَيْهِ فَإِن وجده كَذَلِك فَلهُ خِيَار فِي رد البيع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/257)
[4502] وَلَا تسْأَل الْمَرْأَة المخطوبة طَلَاق أُخْتهَا الْمَوْجُودَة فِي بَيت الْخَاطِب بِأَن تَقول لَا أقبل النِّكَاح وَلَا أرْضى بِهِ الا بِطَلَاق السَّابِقَة
قَوْله
[4504] حَتَّى يبْتَاع أَي يَشْتَرِي وَهُوَ غَايَة لما يفهم أَي لينتظر حَتَّى يبْتَاع والا لَا تستقيم الْغَايَة ثمَّ هَذِه الْغَايَة تؤيد القَوْل أَن المُرَاد بِالْبيعِ المغيا الشِّرَاء والسوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قدحا بِفتْحَتَيْنِ وحلسا بِكَسْر حاء مُهْملَة كسَاء يَلِي ظهر الْبَعِير يفرش تَحت القتب فِيمَن يزِيد الظَّاهِر أَن فِي بِمَعْنى من وَكَانَا لفقير فَقَالَ بَعضهم أعْطى درهما فَقَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من يزِيد أَو كَمَا قَالَ فَأعْطى آخر دِرْهَمَيْنِ فَبَاعَ مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/258)
[4509] نهى عَن الْمُلَامسَة هِيَ أَن يَجْعَل العقد نفس اللَّمْس قَاطعا للخيار عِنْد البيع أَو قَاطعا للخيار بعد البيع أَو قَاطعا لكل خِيَار أَقْوَال والمنابذة(7/259)
أَن يَجْعَل نبذ الْمَبِيع كَذَلِك قَوْله(7/260)
[4512] عَن بيعَتَيْنِ الْمَشْهُور فتح الْبَاء وَالْأَقْرَب الْكسر على الْهَيْئَة
قَوْله
[4515] عَن لبستين بِكَسْر اللَّام للهيئة وَهُوَ الْمَشْهُور الْمُوَافق للمعقول وهما غير مذكورتين فِي الحَدِيث للإختصار قَوْله(7/261)
[4518] عَن بيع الْحَصَاة هُوَ أَن يَقُول أحد الْعَاقِدين إِذا نبذت إِلَيْك الْحَصَاة فقد وَجب البيع وَقبل ذَلِك لي الْخِيَار فَهَذَا يتَضَمَّن اثبات خِيَار إِلَى أجل مَجْهُول أَو هُوَ أَن يَرْمِي حَصَاة فِي قطيع غنم فَأَي شَاة أَصَابَهَا كَانَت مبيعة وَهُوَ يتَضَمَّن جَهَالَة الْمَبِيع وَقيل هُوَ أَن يَجْعَل الرَّمْي عين العقد وَهُوَ عقد مُخَالف لعقود الشَّرْع فَإِنَّهُ بِالْإِيجَابِ وَالْقَبُول أَو التعاطي لَا بِالرَّمْي وَعَن بيع الْغرَر هُوَ مَا كَانَ لَهُ ظَاهر يغر المُشْتَرِي وباطن مَجْهُول وَقَالَ الْأَزْهَرِي هُوَ مَا كَانَ بِغَيْر عُهْدَة وَلَا ثِقَة وَيدخل فِيهِ بُيُوع كَثِيرَة من كل مَجْهُول وَبيع الْآبِق والمعدوم وَغير مَقْدُور التَّسْلِيم وأفردت بَعْضهَا بِالنَّهْي لكَونه من مشاهير بُيُوع الْجَاهِلِيَّة وَقد ذكرُوا أَن الْغرَر الْقَلِيل أَو الضَّرُورِيّ مُسْتَثْنى من الحَدِيث كَمَا فِي الْإِجَارَة على الْأَشْهر مَعَ تفَاوت الْأَشْهر فِي الْأَيَّام وكما فِي الدُّخُول فِي الْحمام مَعَ تفَاوت النَّاس فِي صب المَاء والمكث فِيهِ وَنَحْو ذَلِك(7/262)
قَوْله لَا تَبِيعُوا الثَّمَرَة بِالْمُثَلثَةِ ظَاهره عُمُوم النَّهْي مَا إِذا شرطُوا الْقطع وَمن يَقُول بِجَوَازِهِ مَعَ شَرط الْقطع يرى أَن النَّهْي كَانَ لاختصامهم بِسَبَب العاهات كَمَا يشْهد لذَلِك الرِّوَايَات الصحيحات وبالقطع تَنْقَطِع الْخُصُومَة فَيجوز وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَلَا تبتاعوا الثَّمر بِالتَّمْرِ الأول بِفَتْح الْمُثَلَّثَة وَالْمِيم الرطب على النخيل وَالثَّانِي بِالْمُثَنَّاةِ الفوقانية وَسُكُون الْمِيم وَمثل هَذَا البيع يُسمى مزابنة مفاعلة من الزَّبْن بِمَعْنى الدّفع وَهَذَا البيع قد يُفْضِي إِلَى التدافع
قَوْله
[4523] أَنه نهى عَن المخابرة قد سبق مَا يتَعَلَّق بشرح هَذَا قَرِيبا وَأَن لَا يُبَاع كلمة لَا زَائِدَة ذكرت تذكيرا للنَّهْي لبعد النَّهْي أَي وَقَالَ لَا تَبِيعُوا الثَّمر الا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِم وَالْمرَاد لَا تَبِيعُوا الرطب بِالتَّمْرِ وَالْعِنَب بالزبيب لشُبْهَة الرِّبَا وَرخّص فِي الْعَرَايَا جمع عرية فعيلة وَهِي عِنْد كثير نَخْلَة أَو نخلتين يَشْتَرِيهَا من يُرِيد أكل الرطب وَلَا نقد بِيَدِهِ يَشْتَرِيهَا بهَا فيشتريها بِتَمْر بَقِي من قوته فَرخص لَهُ فِي ذَلِك دفعا للْحَاجة فِيمَا دون خَمْسَة أَو سُقْ وَقد اخْتلفُوا فِي تَفْسِيرهَا اخْتِلَافا كثيرا لَكِن هَذَا الحَدِيث يُنَاسب مَا ذكرنَا وَقد سبق تَفْسِير آخر هُوَ الْمُنَاسب فِي الحَدِيث الْآتِي وَقد تقدم الْكَلَام فِيهِ قَوْله(7/263)
[4524] حَتَّى يطعم أَي يصلح للْأَكْل الا الْعَرَايَا ظَاهره أَنه اسْتثِْنَاء عَن الآخير لَكِن الْمُنَاسب لسَائِر الرِّوَايَات أَنه اسْتثِْنَاء عَن الْمُزَابَنَة وَقد تقدم الْكَلَام
قَوْله
[4526] نهى عَن بيع الثِّمَار أَي على الْأَشْجَار حَتَّى تزهى من أزهى إِذا احمر أَو أصفر ان منع الله الثَّمر أَي من الْإِدْرَاك فَبِمَ أَي بِأَيّ وَجه أَي فِي مُقَابلَة أَي شَيْء مَال أَخِيه أَي الثّمن وَهَذِه الْعلَّة إِنَّمَا تُوجد إِذا لم يشْتَرط الْقطع وَمِنْه أَخذ المُصَنّف جَوَاز(7/264)
البيع قبل بَدو الصّلاح بِشَرْط الْقطع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله جَائِحَة أَي آفَة أهلكت الثَّمَرَة أَن تَأْخُذ مِنْهُ أَي من أَخِيك شَيْئا أَي فِي مُقَابلَة الْهَالِك ظَاهره حُرْمَة الْأَخْذ وَوُجُوب وضع الْجَائِحَة وَبِه قَالَ أَحْمد وَأَصْحَاب الحَدِيث قَالُوا وضع الْجَائِحَة لَازم بِقدر مَا هلك وَقَالَ الْخطابِيّ هِيَ لندب الْوَضع من طَرِيق الْمَعْرُوف وَالْإِحْسَان عِنْد الْفُقَهَاء وَلَا يخفى أَن هَذِه الرِّوَايَة تأبى ذَلِك جدا وَقيل الحَدِيث مَحْمُول على مَا هلك قبل تَسْلِيم الْمَبِيع إِلَى المُشْتَرِي فَإِنَّهُ فِي ضَمَان البَائِع بِخِلَاف مَا هلك بعد التَّسْلِيم لِأَن الْمَبِيع قد خرج عَن عُهْدَة البَائِع بِالتَّسْلِيمِ إِلَى المُشْتَرِي فَلَا يلْزمه ضَمَان مَا يَعْتَرِيه بعده وَاسْتدلَّ على ذَلِك بِمَا روى أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ أَن رجلا أُصِيب فِي ثمار ابتاعها فَكثر دينه فَقَالَ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تصدقوا عَلَيْهِ وَلَو كَانَت الجوائح مَوْضُوعَة لم يصر مديونا بِسَبَبِهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله على مَا هِيَ استفهامية ثَبت ألفها مَعَ الْجَار على خلاف الْمَشْهُور
قَوْله
[4530] لَيْسَ لكم الا ذَلِك ظَاهره أَنه وضع الجائح بِمَعْنى أَنه لَا يُؤْخَذ مِنْهُ مَا عجز عَنهُ وَيحْتَمل أَن الْمَعْنى لَيْسَ لكم فِي الْحَال الا ذَلِك لوُجُوب الِانْتِظَار فِي غَيره لقَوْله تَعَالَى فنظرة إِلَى ميسرَة وَحِينَئِذٍ فَلَا وضع أصلا وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا الحَدِيث دَلِيل لمن يَقُول بِعَدَمِ الْوَضع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/265)
[4531] بيع الثَّمر سِنِين هُوَ أَن يَبِيع ثمره نَخْلَة أَو نخلات بِأَعْيَانِهَا سنتَيْن أَو ثَلَاثًا مثلا فَإِنَّهُ بيع شَيْء لَا وجود لَهُ حَال العقد قَوْله(7/266)
بِخرْصِهَا قيل بِكَسْر فَسُكُون اسْم بِمَعْنى المخروص أَي الْقدر الَّذِي يعرف بالتخمين وبفتح فَسُكُون مصدر بِمَعْنى التخمين وَيُمكن أَن يُرَاد بِهِ المخروص أَيْضا كالخلق بِمَعْنى الْمَخْلُوق وَالْمرَاد هَا هُنَا المخروص فَيصح الْوَجْهَانِ قلت هَذَا على أَن الْبَاء فِي بِخرْصِهَا للمقابلة كَمَا هُوَ الْمُتَبَادر الشَّائِع وَالْمرَاد أَي بِقدر المخروص(7/267)
وَأما إِذا كَانَت للسَّبَبِيَّة فالخرص يكون مصدرا بِمَعْنَاهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بيع الْعَرَايَا بالرطب هَذَا يَقْتَضِي أَن الْعرية مَا يُعْطي صَاحب الْحَائِط لبَعض الْفُقَرَاء من النّخل ثمَّ يسْتَردّ مِنْهُ بِمَا يُعْطِيهِ من تمر أَو رطب لَا مَا يَشْتَرِيهِ من يُرِيد أكل الرطب بِمَا بَقِي عِنْده من التَّمْر كَمَا لَا يخفى فَلْيتَأَمَّل قَوْله أَو مَا دون خَمْسَة شكّ من الرَّاوِي أَو هُوَ تَعْمِيم فِي طرف النُّقْصَان لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن خَمْسَة أوسق ذكرت تحديدا لمنع النُّقْصَان فَفِيهِ بَيَان أَن خَمْسَة أوسق حد لمنع الزِّيَادَة فَقَط قَوْله(7/268)
[4545] أينقص الرطب تَنْبِيه على عِلّة الْمَنْع بعد اتِّحَاد الْجِنْس فَيجْرِي الْمَنْع فِي كل مَا يجْرِي فِيهِ هَذِه الْعلَّة قَالَ القَاضِي فِي شرح المصابيح لَيْسَ المُرَاد من الِاسْتِفْهَام اسْتِفْهَام الْقَضِيَّة فَإِنَّهَا جلية مستغنية عَن الاستكشاف بل التَّنْبِيه على أَن الْمَطْلُوب تحقق الْمُمَاثلَة حَال اليبوسة فَلَا يَكْفِي تماثل الرطب وَالتَّمْر على رطوبته وَلَا على فرض اليبوسة لِأَنَّهُ تخمين فَلَا يجوز بيع أَحدهمَا بِالْآخرِ وَبِه قَالَ أَكثر أهل الْعلم وَجوز أَبُو حنيفَة إِذا تَسَاويا كَيْلا حملا للْحَدِيث على النَّسِيئَة لما روى هَذَا الرَّاوِي أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم نهى عَن بيع الرطب بالثمر نَسِيئَة وَضَعفه بَين لِأَن النَّهْي عَن بَيْعه نَسِيئَة لَا يَسْتَدْعِي الْإِذْن فِي بَيْعه يدا بيد الا من طَرِيق الْمَفْهُوم وَهُوَ عِنْده غير مَنْظُور إِلَيْهِ فضلا عَن أَن يُسَلط على الْمَنْطُوق ليبطل إِطْلَاقه ثمَّ هَذَا التَّقْيِيد يفْسد السُّؤَال وَالْجَوَاب وترتيب النَّهْي عَلَيْهِمَا بِالْكُلِّيَّةِ أذ كَونه نَسِيئَة يَكْفِي فِي عدم الْجَوَاز وَلَا دخل مَعَه للجفاف قلت الْمَشْهُور عِنْد الْحَنَفِيَّة فِي الْجَواب جَهَالَة زيد بن عَيَّاش ورده الْجُمْهُور بِأَن عدم معرفَة بعض لَا يضر فِي عدم معرفَة غَيره فَالْأَقْرَب قَول الْجُمْهُور وَلذَلِك خَالف الامام صَاحِبَاه وذهبا إِلَى قَول الْجُمْهُور وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4547] عَن بيع الصُّبْرَة بِضَم صَاد وَسُكُون بَاء هِيَ الطَّعَام الْمُجْتَمع كالكومة وَجَمعهَا صَبر قَوْله(7/269)
[4549] أَن يَبِيعهُ بكيل طَعَام أَي من جنسه قَوْله عَن المخابرة كِرَاء الأَرْض بِبَعْض الْخَارِج والمزابنة بيع الرطب على رُؤُوس الْأَشْجَار بِالتَّمْرِ والمحاقلة بيع الْحِنْطَة فِي سنبلها بحنطة صَافِيَة قَوْله(7/270)
[4551] بيع النَّخْلَة أَي مَا عَلَيْهَا من الثِّمَار مُنْفَرِدَة عَن النّخل حَتَّى تزهو هُوَ بِفَتْح التَّاء من زها النّخل يزهو إِذا ظَهرت ثَمَرَته وَالْمرَاد أَن يظْهر صَلَاحهَا وَعَن السنبل أَي عَن بيع مَا فِيهِ من الْحبّ يبيض بتَشْديد الضَّاد أَي يشْتَد حبه العاهة الآفة الَّتِي تصيب الزَّرْع أَو التَّمْر فتفسده
قَوْله
[4552] إِنَّا لَا نجد الصيحاني هُوَ ضرب من التَّمْر وَالظَّاهِر ان المُرَاد بالعذق أَيْضا نوع من التَّمْر بِجمع التَّمْر بِتَمْر مُخْتَلَطٌ مِنْ أَنْوَاعٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَلَيْسَ مَرْغُوبًا فِيهِ وَلَا يكون غَالِبا الا رديئا أَي ان أهل التَّمْر الْجيد لَا يُعْطون من الْجيد فِي مُقَابلَة الرَّدِيء بِقَدرِهِ وَلَا يرضون بِهِ فَكيف نَفْعل إِذا بعنا الْجيد هَل نزيد لَهُم من الردئ فَبين لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن من أَرَادَ تَحْصِيل الْجيد يَنْبَغِي لَهُ أَن يَبِيع رديئه بِنَقْد ثمَّ يَشْتَرِي بِهِ الْجيد وَلَيْسَ فِيهِ أَنه يَبِيع الرَّدِيء من صَاحب الْجيد لَكِن بِإِطْلَاقِهِ يَشْمَل مَا إِذا بَاعَ مِنْهُ فَكَأَنَّهُ لهَذَا اسْتدلَّ بِهِ بَعضهم على جَوَاز حِيلَة الرِّبَا لَكِن رده غير وَاحِد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله جنيب نوع مَعْرُوف من أَنْوَاع التَّمْر(7/271)
قَوْله رَيَّان أَي الَّذِي سقى نخله مَاء كثير بعلا أَي مَا يشرب بعروقه وَلَا يسقى بالانهار أَنِّي بتَشْديد النُّون مَقْصُور من أدوات الِاسْتِفْهَام
قَوْله
[4555] لَا صاعي تمر كلمة لَا لنفي الْجِنْس ومدخولها مَنْصُوب مُضَاف وَالْمرَاد لَا يحل بيع صَاعَيْنِ من تمر بِصَاع مِنْهُ لَا أَنه لَا يتَحَقَّق شرعا فَيدل الحَدِيث على(7/272)
بطلَان العقد فِي الرِّبَا قَوْله أوه فِي النِّهَايَة أوه كلمة يَقُولهَا الرجل عِنْد الشكاية والتوجع وَهِي سَاكِنة الْوَاو مَكْسُورَة الْهَاء وَرُبمَا قلبوا الْوَاو ألفا فَقَالُوا آه وَرُبمَا شَدَّدُوا الْوَاو وكسروها وَسَكنُوا الْهَاء فَقَالَ أوه وَرُبمَا حذفوا الْهَاء فَقَالُوا أَو وَبَعْضهمْ يفتح الْوَاو مَعَ التَّشْدِيد فَيَقُول أَو عين الرِّبَا أَي هَذَا العقد نفس الرِّبَا الممنوعة لَا نظيرها وَمَا فِيهِ شبهتها لَا تقربه من قرب كعلم أَي قربه يضر فضلا عَن مُبَاشَرَته قَوْله يَعْنِي بالورق بِفَتْح فَكسر الْفضة وَفِيه تَنْبِيه على أَن رَبًّا النَّسِيئَة يجْرِي فِي هَذِه الْأَشْيَاء عِنْد اخْتِلَاف الْبَدَلَيْنِ أَيْضا بِخِلَاف رَبًّا الْفضل فَإِنَّهَا لَا تكون الا عِنْد اتِّحَاد الْبَدَلَيْنِ الا هَاء هُوَ كجاء أَي هاك وَأهل الحَدِيث يَقُولُونَ بِالْقصرِ وَقَالَ الْخطابِيّ الصَّوَاب الْمَدّ وَقَالَ غَيره الْوَجْهَانِ جائزان وَالْمدّ أشهر وَهُوَ حَال أَي الا مقولا مِنْهُمَا أَي من الْمُتَعَاقدين فِيهِ خُذ وَخذ أَي يدا بيد قَوْله التَّمْر بِالتَّمْرِ(7/273)
إِلَى قَوْله يدا بيد أَي ومثلا بِمثل وَلذَلِك فرع عَلَيْهِ فَمن زَاد تفريعه لَا يظْهر الا بملاحظة مثلا بِمثل فَفِي الحَدِيث اخْتِصَار وَيحْتَمل أَنه من بَاب صَنْعَة الاحتباك فَذكر فِي الحكم يدا بيد وَترك مثلا بِمثل ثمَّ ذكر فِي التَّفْرِيع تَفْرِيع مثلا بِمثل وَترك تَفْرِيع يدا بيد فَلْيتَأَمَّل فَمن زَاد فِي الدّفع أَو ازْدَادَ بِأخذ الزِّيَادَة فقد أربى أَي أَتَى بالربا فَصَارَ عَاصِيا يُرِيد ان الرِّبَا لَا يتَوَقَّف على أَخذ الزِّيَادَة بل يتَحَقَّق باعطائها أَيْضا فَكل من الْمُعْطِي والآخذ عَاص الا مَا اخْتلفت ألوانه أَي أربى فِي تَمام تِلْكَ الْبيُوع الا فِي بيع اخْتلفت ألوان بدلية أَي أجناسه وَبِهَذَا ظهر أَن الِاسْتِثْنَاء مُنْقَطع مَعَ كَون الْمُسْتَثْنى مِنْهُ محذوفا وَأَنه لَا بُد من تَقْدِير حرف الْجَرّ على خلاف الْقيَاس وَأما تَقْدِير الْمُسْتَثْنى مِنْهُ عَاما حَتَّى يكون الِاسْتِثْنَاء مُتَّصِلا بِأَن يُقَال فقد أربى فِي كل بيع سَوَاء كَانَ من الْمَذْكُورَات أَو غَيرهَا الا فِي بيع اخْتلفت ألوان بدلية لَا يَخْلُو عَن اشكال معنى لأدائه إِلَى ثُبُوت الرِّبَا إِذا اتَّحد الْجِنْس فِي كل بيع فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4560] كَيفَ شِئْنَا أَي من حيتية الكمية والا فَلَا بُد من مُرَاعَاة يدا بيد كَمَا سَيَجِيءُ فَمن زَاد الخ مُتَعَلق بقوله مثلا بِمثل قَوْله جمع الْمنزل بِالرَّفْع فَاعل جمع أَي اجْتمعَا فِي منزل وَاحِد وَالْمرَاد فِي بَلْدَة وَاحِدَة لَا فِي بَيت واحدقوله(7/274)
[4562] فَقَالَ عبَادَة أَي بعد أَن ارْتكب مُعَاوِيَة بعض الْعُقُود الرَّديئَة أَو قصد أَن يرتكبها كَمَا يفهم من رِوَايَة مُسلم هَذَا الحَدِيث فَقَالَ مَا بَال رجال اسْتِدْلَال بِالنَّفْيِ على رد الحَدِيث الصَّحِيح بعد ثُبُوته مَعَ اتِّفَاق الْعُقَلَاء على بطلَان الِاسْتِدْلَال بِالنَّفْيِ وَظُهُور بُطْلَانه بِأَدْنَى نظر بل بديهة فَهَذَا جَرَاءَة عَظِيمَة يغْفر الله لنا وَله قَوْله(7/275)
[4563] وَكَانَ بَايع أَي فَقَامَ والا لما قَامَ خوفًا من مُعَاوِيَة تبرها وعينها أَي سَوَاء وَالْفِضَّة أكثرهما الْجُمْلَة حَال وَهَذَا الْقَيْد بِنَاء على الْمُتَعَارف وَالْعَادَة والا فقد جَاءَ وَإِذا اخْتلفت هَذِه الْأَصْنَاف فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد مديا كقفل مكيال لأهل الشَّام وَفِي الحَدِيث دلَالَة على أَن الْبر وَالشعِير(7/276)
جِنْسَانِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور لَا وَاحِد كَمَا قَالَ مَالك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الكفة بِكَسْر الْكَاف كفة الْمِيزَان قَوْله(7/277)
[4568] قَالَ عمر الدِّينَار الخ قيل هَكَذَا فِي نُسْخَة المجتبي قَالَ عمر وَالَّذِي فِي الْكُبْرَى بن عمر وَذكره فِي الْأَطْرَاف فِي مُسْند بن عمر وَالله تَعَالَى اعْلَم
قَوْله
[4570] وَلَا تشفوا من أشف بِمُعْجَمَة وَفَاء إِذا أعْطى(7/278)
زَائِدا أَي لَا تفضلوا
قَوْله
[4573] حَتَّى تفصل أَي تميز بَين الذَّهَب والخرز قَوْله(7/279)
[4580] لَا رَبًّا الا فِي النَّسِيئَة كالكريمة وزنا قَالَ النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى تَرْكِ الْعَمَلِ بِظَاهِرِهِ ثُمَّ قَالَ قَوْمٌ إِنَّهُ مَنْسُوخٌ وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ على أَن المُرَاد لَا رَبًّا فِي الْأَجْنَاس الْمُخْتَلفَة الا فِي النَّسِيئَة
قَوْله
[4581] أَرَأَيْت هَذَا الَّذِي تَقول أَي من أَنه لَا رَبًّا فِي الْفضل أشيئا أَي أَيكُون شَيْئا واعتباره مَنْصُوبًا على الْإِضْمَار(7/281)
بِشَرْط التَّفْسِير بعيد نظرا إِلَى الْمَعْنى قَوْله بالنقيع قيل بالنُّون مَوضِع قريب بِالْمَدِينَةِ أَو بِالْبَاء مرَادا بِهِ بَقِيع الْغَرْقَد لَا بَأْس أَن تَأْخُذ يحْتَمل فتح همزَة أَن على أَنَّهَا ناصبة وَكسرهَا على أَنَّهَا شَرْطِيَّة جازمة أَي لَا بَأْس أَن تَأْخُذ بدل الدَّنَانِير وَالدَّرَاهِم وَبِالْعَكْسِ بِشَرْط التَّقَابُض فِي الْمجْلس وَالتَّقْيِيد بِسعْر الْيَوْم على طَرِيق الِاسْتِحْبَاب وبينكما شَيْء حَال أَي لَا بَأْس مَا لم تفترقا وَالْحَال أَنه بَقِي بَيْنكُمَا شَيْء غير مَقْبُوض قيل وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَو استبدل عَن الدّين شَيْئا مُؤَجّلا لَا يجوز لِأَنَّهُ بيع الكالىء بالكالئ وَقد نهى عَنهُ قلت وعَلى هَذَا لَو استبدل بعض الدّين وَأبقى بعضه على حَاله ثمَّ استبدله عِنْد قبض الْبَدَل فَيَنْبَغِي أَن لَا يكون بِهِ بَأْس أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لبس أَي خلط بِسَبَب أَن يبْقى بَيْنكُمَا بَقِيَّة(7/282)
قَوْله
[4586] إِذا كَانَ من قرض لِئَلَّا يُؤَدِّي إِلَى جر نفع وَالْقَرْض إِذا جر النَّفْع يكون مَكْرُوها قَوْله رويدك أَي أمهلني قَوْله وَزَادَنِي الزِّيَادَة فِي أَدَاء الدّين من غير اشْتِرَاط استحبها كثير وعدوها صَدَقَة خُفْيَة قَوْله(7/283)
[4592] من هجر بِفتْحَتَيْنِ اسْم بلد قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد ذكر بَعضهم أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اشْترى السَّرَاوِيل وَلم يلبسهَا وَفِي الْهدى لِابْنِ قيم الجوزية أَنه لبسهَا فَقيل هُوَ سبق قلم لَكِن فِي مُسْند أبي يعلى والأوسط للطبراني بِسَنَد ضَعِيف عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ دخلت يَوْمًا السُّوق مَعَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَجَلَسَ إِلَى البزازين فَاشْترى سَرَاوِيل بأَرْبعَة دَرَاهِم وَكَانَ لأهل السُّوق وزان فَقَالَ لَهُ زن وأرجح فوزن وأرجح وَأخذ السَّرَاوِيل فَذَهَبت لأحمله عَنهُ فَقَالَ صَاحب الشَّيْء أَحَق بشيئه أَن يحملهُ الا أَن يكون ضَعِيفا يعجز عَنهُ فيعينه أَخُوهُ الْمُسلم قلت يَا رَسُول الله وانك لتلبس السَّرَاوِيل فَقَالَ فِي السّفر والحضر وَاللَّيْل وَالنَّهَار فَإِنِّي أمرت بالستر فَلم أجد شَيْئا أستر مِنْهُ قلت وَيُؤَيِّدهُ أَنه اشْتَرَاهُ قبل الْهِجْرَة فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4594] الْمِكْيَال على مكيال أهل الْمَدِينَة أَي الصَّاع الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ وجوب الْكَفَّارَات وَيجب إِخْرَاج صَدَقَة الْفطر بِهِ صَاع الْمَدِينَة وَكَانَت الصيعان مُخْتَلفَة فِي الْبِلَاد وَالْوَزْن الخ المُرَاد وزن الذَّهَب وَالْفِضَّة فَقَط وَالْمرَاد أَن الْوَزْن الْمُعْتَبر فِي بَاب الزَّكَاة وزن أهل مَكَّة وَهِي الدَّرَاهِم الَّتِي الْعشْرَة مِنْهَا بسبعة مَثَاقِيل وَكَانَت الدَّرَاهِم مُخْتَلفَة الأوزان فِي الْبِلَاد وَكَانَت دَرَاهِم أهل مَكَّة هِيَ الدَّرَاهِم الْمُعْتَبرَة فِي بَاب الزَّكَاة فأرشد صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى ذَلِك لهَذَا الْكَلَام كَمَا أرشد إِلَى بَيَان الصَّاع الْمُعْتَبر فِي بَاب الْكَفَّارَات وَصدقَة الْفطر بِمَا سبق وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/284)
[4595] فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيه قَالَ الْخطابِيّ أجمع أهل الْعلم على أَن الطَّعَام لَا يجوز بَيْعه قبل الْقَبْض وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِيمَا عداهُ قيل فَقَالَ مَالك هُوَ فِي الطَّعَام فَقَط وَقَالَ الشَّافِعِي وَمُحَمّد بل فِي كل شَيْء وَقَالَ أَبُو حنيفَة وَأَبُو يُوسُف وَهُوَ ظَاهر مَذْهَب أَحْمد أَنه فِيمَا سوى الْعقار وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4597] حَتَّى يكتاله كِنَايَة عَن الْقَبْض أَو الْقَبْض عَادَة يكون بِالْكَيْلِ قَوْله(7/285)
[4600] ان كل شَيْء بِمَنْزِلَة الطَّعَام فتخصيص الطَّعَام بِالذكر للاهتمام لكَونه مدَار التَّقْوَى ولكثرة الْحَاجة إِلَيْهِ بِخِلَاف غَيره
قَوْله
[4604] اشْتَرَاهُ بكيل خرج مخرج الْغَالِب الْمُعْتَاد فَلَا مَفْهُوم لَهُ فَوَافَقَ أَحَادِيث الْإِطْلَاق وَأَحَادِيث الْجزَاف قَوْله(7/286)
[4605] من يَأْمُرنَا قَالَ السُّيُوطِيّ هَذَا أصل إِقَامَة الْمُحْتَسب على أهل السُّوق إِلَى مَكَان سواهُ أَي ليتم الْقَبْض على آكِد وَجه قَوْله جزَافا مثلث الْجِيم وَالْكَسْر أفْصح هُوَ الْمَجْهُول الْقدر مَكِيلًا كَانَ أَو موزوناقوله
[4608] رَأَيْت النَّاس يضْربُونَ هَذَا أصل فِي ضرب الْمُحْتَسب أهل الْأَسْوَاق إِذا خالفوا الحكم الشَّرْعِيّ فِي مبايعاتهم ومعاملاتهم قَوْله واهالة بِكَسْر الْهمزَة هِيَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ الْأَدْهَانِ مِمَّا يُؤْتَدَمُ بِهِ وَقِيلَ هِيَ مَا أُذِيبَ مِنَ الْأَلْيَةِ والشحم وَقيل الدسم الجامد سنخة بِفَتْح مُهْملَة وَكسر نون مُعْجمَة أَي متغيرة الرّيح قَوْله(7/287)
[4611] لَا يحل سلف وَبيع لسلف بِفتْحَتَيْنِ الْقَرْض وَيُطلق على السّلم وَالْمرَاد هَا هُنَا الْقَرْض أَي لَا يحل بيع مَعَ شَرط قرض بِأَن يَقُول بِعْتُك هَذَا العَبْد على أَن تسلفني ألفا وَقيل هُوَ أَن تقرضه ثمَّ تبيع مِنْهُ شَيْئا بِأَكْثَرَ من قِيمَته فَإِنَّهُ حرَام لِأَنَّهُ قرض جر نفعا أَو المُرَاد السّلم بِأَن أسلف إِلَيْهِ فِي شَيْء فَيَقُول فَإِن لم يتهيأ عنْدك فَهُوَ بيع عَلَيْك وَلَا شَرْطَانِ فِي بيع(7/288)
مثل بِعْتُك هَذَا الثَّوْب نَقْدا بِدِينَار ونسيئة بدينارين وَهَذَا هُوَ بيعان فِي بيع وَهَذَا عِنْد من لَا يجوز الشَّرْط فِي البيع أصلا كالجمهور وَأما من يجوز الشَّرْط الْوَاحِد دون اثْنَيْنِ يَقُول هُوَ أَن يَقُول أبيعك هَذَا الثَّوْب وعَلى خياطته وقصارته وَهَذَا لَا يجوز وَلَو قَالَ أبيعك وعَلى خياطته فَلَا بَأْس بِهِ وَلَا بيع مَا لَيْسَ عنْدك قيل هُوَ كَبيع الْآبِق وَمَال الْغَيْر وَالْبيع قبل الْقَبْض وَالْجُمْهُور على جَوَاز بيع مَال الْغَيْر مَوْقُوفا وَهُوَ مُقْتَضى بعض الْأَحَادِيث وَمنعه الشَّافِعِي لظَاهِر هَذَا الحَدِيث قَالَ الْخطابِيّ يُرِيد الْعين دون بيع الصّفة يَعْنِي أَن المُرَاد بيع الْعين دون الدّين كَمَا فِي السّلم فَإِن مَدَاره على الصّفة وَهَذَا جَائِز فِيمَا لَيْسَ عِنْد الْإِنْسَان بِالْإِجْمَاع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4612] لَيْسَ على رجل الخ أَي لَو بَاعَ ملك الْغَيْر لَا يلْزم عَلَيْهِ ذَلِك البيع حَتَّى يطْلب تَسْلِيم الْمَبِيع
قَوْله
[4613] فيسألني البيع هُوَ بِمَعْنى الْمَبِيع وَجُمْلَة لَيْسَ عِنْدِي صفته بِنَاء على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس وَمثله يُوصف بِالْجُمْلَةِ مثل كَمثل الْحمار يحمل أسفاراأو الْجُمْلَة حَال أبيعه بِتَقْدِير همزَة الِاسْتِفْهَام
قَوْله
[4614] كُنَّا نُسلف من أسلف وَالْمرَاد السّلم أَي نعطي الثّمن ونسلمه لأجل هَذِه الْأَشْيَاء إِلَى قوم الخ الْمَقْصُود بَيَان مَحل الحَدِيث السَّابِق وَأَنه فِي بيع الْعين لَا فِي السّلم قَوْله(7/289)
[4616] وهم يسلفون يُقَال أسلف اسلافا وَسلف تسليفا وَالِاسْم السّلف وَهُوَ على وَجْهَيْن أَحدهمَا قرض لَا مَنْفَعَة فِيهِ للمقرض غير الْأجر وَالشُّكْر وَالثَّانِي أَن يُعْطي مَالا فِي سلْعَة إِلَى أجل مَعْلُوم وَنصب السّنة السنتين اما على نزع الْخَافِض أَي إِلَى السّنة أَو على الْمصدر أَي اسلاف السّنة وَوزن مَعْلُوم بِالْوَاو فِي الْأُصُول فَقيل الْوَاو للتقسيم أَي بِمَعْنى أَو أَي كيل فِيمَا يُكَال وَوزن فِيمَا يُوزن وَقيل بِتَقْدِير الشَّرْط أَي فِي كيل مَعْلُوم ان كَانَ كيليا وَوزن مَعْلُوم ان كَانَ وزنيا(7/290)
أَو من أسلف فِي مَكِيل فليسلف فِي كيل مَعْلُوم وَمن أسلف فِي مَوْزُون فليسلف فِي وزن مَعْلُوم قَوْله إِلَى أجل مَعْلُوم قيل ظَاهره اشْتِرَاط الْأَجَل فِي السّلم وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة وَمَالك وَالصَّحِيح من مَذْهَب أَحْمد وَقَالَ الشَّافِعِي لَا يشْتَرط الْأَجَل وَالْمرَاد فِي الحَدِيث أَنه ان أجل اشْترط أَن يكون الْأَجَل مَعْلُوما كَمَا فِي قرينته وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله استسلف أَي اسْتقْرض بكرا بِفَتْح فَسُكُون الْفَتى من الْإِبِل كالغلام من الْإِنْسَان رباعيا كثمانيا وَهُوَ مَا دخل فِي السّنة السَّابِعَة لِأَنَّهَا زمن ظُهُور رباعيته والرباعية بِوَزْن ثَمَانِيَة خيارا مُخْتَارًا وَفِيه أَن رد الْقَرْض بالأجود من غير شَرط من السّنة وَمَكَارِم الْأَخْلَاق وَكَذَا فِيهِ جَوَاز قرض الْحَيَوَان وَعَلِيهِ الْجُمْهُور وَعند أبي حنيفَة لَا يجوز وَقَالُوا هَذَا الحَدِيث مَنْسُوخ ورده النَّوَوِيّ بِأَنَّهُ دَعْوَى بِلَا دَلِيل قلت بل دَلِيله حَدِيث سَمُرَة أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ(7/291)
وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً وَسَيَجِيءُ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حسن صَحِيح وَذَلِكَ لِأَن الاستقراض فِي الْحَيَوَان بيع بِخِلَافِهِ فِي الدَّرَاهِم لِأَنَّهَا لَا تتَعَيَّن فَيكون رد الْمثل فِي الدَّرَاهِم كرد الْعين وَالْحَيَوَان يتَعَيَّن فَرد الْمثل فِيهِ رد للبدل وَهُوَ بيع فَلَا يجوز للنَّهْي ومرجعه إِلَى أَنه قد اجْتمع الْمُبِيح وَالْمحرم فَيقدم الْمحرم بَقِي أَن هَذَا مَبْنِيّ على قواعدهم وَلَا بعد فِي ذَلِك وَيُؤَيّد قَول أبي حنيفَة فِي الْجُمْلَة أَن استقراض الْجَارِيَة للْوَطْء ثمَّ ردهَا بِعَينهَا مِمَّا لَا يَقُول بِهِ أحد مَعَ أَنه يَنْبَغِي أَن يكون جَائِزا على أصل من يَقُول باستقراض الْحَيَوَان فأمل وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4619] الا نجيبة أَي نَاقَة نجيبه
قَوْله
[4620] نهى عَن بيع الْحَيَوَان بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَة أَي من الطَّرفَيْنِ أَو أَحدهمَا وَبِه قَالَ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّة تَرْجِيحا للْمحرمِ على الْمَسِيح وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على النَّسِيئَة من الطَّرفَيْنِ جمعا بَينه وَبَين مَا يُفِيد الْإِبَاحَة وَلَا يخفى ان النَّسِيئَة إِذا كَانَت من الطَّرفَيْنِ فَلَا يجوز لِأَنَّهُ بيع الكالئ بالكالئ قَوْله(7/292)
[4622] السّلف فِي حَبل الحبلة هما بِفتْحَتَيْنِ ومعناهما محبول المحبولة فِي الْحَال على أَنَّهُمَا مصدران أُرِيد بهما الْمَفْعُول وَالتَّاء فِي الثَّانِي للْإِشَارَة إِلَى الْأُنُوثَة وَالسَّلَف فِيهِ هُوَ أَن يسلم المُشْتَرِي الثّمن إِلَى رجل عِنْده نَاقَة حُبْلَى وَيَقُول إِذا ولدت هَذِه النَّاقة ثمَّ ولدت الَّتِي فِي بَطنهَا فقد اشْتريت مِنْك وَلَدهَا بِهَذَا الثّمن فَهَذِهِ الْمُعَامَلَة شَبيهَة بالربا لكَونهَا حَرَامًا كالربا من حَيْثُ أَنه بيع مَا لَيْسَ عِنْد البَائِع وَهُوَ لَا يقدر على تَسْلِيمه فَفِيهِ غررقوله
[4623] عَن بيع حَبل الحبلة هُوَ أَن يُقَال البَائِع وَعِنْده نَاقَة حُبْلَى إِذا ولدت هَذِه النَّاقة ثمَّ ولدت الَّتِي فِي بَطنهَا فقد بِعْتُك وَلَدهَا وَيُؤَيّد هَذَا التَّفْسِير الحَدِيث الأول وروى عَن بن عمر مَا يَقْتَضِي أَن المُرَاد أَن يُبَاع شَيْء بتا وَيجْعَل أجل ثمنة إِلَى أَن تنْتج النَّاقة ثمَّ ينْتج مَا فِي بَطنهَا واضافة البيع حِينَئِذٍ لأدنى ملابسةقوله(7/293)
[4527] عَن بيع هُوَ أَن يَبِيعهُ ثَمَرَة حَائِطه إِلَى سنتَيْن أَو أَكثر
قَوْله
[4628] بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ الْقِطْرِيُّ بِكَسْرِ الْقَافِ ضَرْبٌ مِنَ الْبُرُودِ فِيهِ حُمْرَةٌ وَلَهَا أَعْلَامٌ فِيهَا بَعْضُ الخشونة إِلَى الميسرة أَي إِلَى وَقت مَعْلُوم يتَوَقَّع فِيهِ انْتِقَال الْحَال من الْعسر إِلَى الْيُسْر وَكَأَنَّهُ كَانَ وقتا معينا يتَوَقَّع فِيهِ ذَلِك فَلَا يرد الاشكال بِجَهَالَة الْأَجَل وآداهم للأمانة فِي الصِّحَاح أدّى دينه دِيَة أَي قَضَاهُ وَهُوَ آدى للأمانة مِنْك بِمد الْألف قَوْله(7/294)
[4629] وَربح مَا لم يضمن هُوَ ربح مَبِيع اشْتَرَاهُ فَبَاعَهُ قبل ان ينْتَقل من ضَمَان البَائِع الأول إِلَى ضَمَانه بِالْقَبْضِ والْحَدِيث قد مضى سَابِقًا قَوْله(7/295)
[4633] وَعَن الثنيا هِيَ كالدنيا وزنا اسْم للاستثناء وَالْمرَاد أَنه لَا يجوز بمستثنية الْمَجْهُول لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى النزاع وَالله تَعَالَى أعلم والمعاومة هِيَ بيع ثَمَر النّخل وَالشَّجر سنتَيْن أَو أَكثر
قَوْله
[4635] أبر نخلا من التَّأْبِير وَهُوَ التلقيح وَهُوَ أَن يشق طلع الاناث وَيُؤْخَذ من طلع الذُّكُور فَيُوضَع فِيهَا ليَكُون الثَّمر بِإِذن الله تَعَالَى أَجود مِمَّا لم يؤبر فَالَّذِي أبر أَي للْبَائِع الْمُبْتَاع أَي المُشْتَرِي لنَفسِهِ وَقت البيع قَوْله(7/296)
[4636] وَله مَال هِيَ إِضَافَة مجازية عِنْد غَالب الْعلمَاء كاضافة الجل إِلَى الْفرس لِأَن العَبْد لَا يملك وَلذَلِك أضيف المَال إِلَى البَائِع فِي قَوْله فَمَاله للْبَائِع وَلَا يُمكن مثله مَعَ كَون الْإِضَافَة حَقِيقِيَّة فِي المحلين وَقيل المَال للْعَبد لَكِن للسَّيِّد حق النزع مِنْهُ قَوْله فأعيا جملي أَي عجز عَن السّير أَن أسيبه بتَشْديد الْيَاء أَي أتركه فِي مَحل بعنيه أَي بِعْهُ منى قلت لَا اما للْحَاجة إِلَيْهِ فِي السّفر وَذَاكَ مَنعه عَن البيع أَو لِأَنَّهُ أَرَادَ أَن يَأْخُذهُ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِلَا بدل فَامْتنعَ عَن البيع لذَلِك حملانه بِضَم الْحَاء وَسُكُون الْمِيم أَي ركُوبه وبظاهره جوز أَحْمد اشْتِرَاط ركُوب الدَّابَّة فِي بيعهَا مُطلقًا وَقَالَ مَالك بِجَوَازِهِ ان كَانَت الْمسَافَة قريبَة كَمَا كَانَت فِي قَضِيَّة جَابر وَمن لَا يجوز ذَلِك مُطلقًا يَقُول مَا كَانَ ذَاك شرطا فِي العقد بل أعطَاهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تكرما وَسَماهُ بعض الروَاة شرطا وَبَعض رِوَايَات الحَدِيث يُفِيد أَنه كَانَ اعارة ماكستك قللت فِي ثمن جملك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/297)
[4638] فأزحف الْجمل بزاي معجمةوحاء مُهْمَلَةٍ وَفَاءٍ أَيْ أَعْيَا وَوَقَفَ قَالَ الْخَطَّابِيُّ المحدثون يَقُولُونَ بِفَتْح الْحَاء أَي على بِنَاء الْفَاعِل والأجود ضم الْألف أَي على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال زحف الْبَعِير إِذْ قَامَ من الاعياء وأزحفه السّير وَكَانَت لي إِلَيْهِ أَي الْجمل أَن عبد الله يُرِيد أَبَاهُ أُصِيب أَي اسْتشْهد يَوْم أحد وَترك جواري أَي بَنَات صغَارًا عشَاء أَي آخر النَّهَار أَي لَا فِي اللَّيْل وَبعد الْعشَاء قَوْله(7/298)
[4639] فَإِن كنت أَي فَإِن الشَّأْن كنت يهمني رَأسه أَي أَخَاف أَن يتَقَدَّم رَأسه على جمال النَّاس يهمني ذَلِك يَوْم الْحرَّة أَي يَوْم حَارب أهل الشَّام أهل الْمَدِينَة فِي الْحرَّة بِفَتْح فتشديد رَاء مَوضِع بِالْمَدِينَةِ فِيهِ حِجَارَة سود وَيُقَال لكل أَرض ذَات حِجَارَة سودقوله سوء أَي رَدِيء هيأته أَي هيأت ذَلِك الناضح
قَوْله
[4642] فَخَيرهَا من زَوجهَا أَي فِي زَوجهَا قَوْله وخيرت على بِنَاء الْمَفْعُول قَوْله(7/299)
[4645] حَتَّى تقسم وَذَلِكَ لعدم الْملك قبل الْقِسْمَة إِذْ لَا يدْرِي كل غَانِم قبل الْقِسْمَة مَا يدْخل فِي سَهْمه فَلَو بَاعَ سَهْمه قبل ذَلِك فقد بَاعَ الْمَجْهُول
قَوْله
[4646] فِي كل شرك بِكَسْر أَوله وَسُكُون الرَّاء أَي كل مُشْتَرك ربعَة بِفَتْح الرَّاء وَسُكُون الْبَاء الْمسكن وَالدَّار بدل من شرك أَو حَائِط بُسْتَان لَا يصلح لَهُ أَن يَبِيع أَي يكره لَهُ البيع لَا أَن البيع حرَام كَذَا قَرَّرَهُ كثير من الْعلمَاء وان كَانَ ظَاهر الْأَحَادِيث يَقْتَضِي الْحُرْمَة قَوْله ابْتَاعَ أَي اشْترى واستتبعه أَي قَالَ للأعرابي اتبعني أَن كنت مبتاعا أَي مرِيدا لشرائه أَي فاشتر يلوذون أَي يتعلقون بهما ويحضرون مكالمتهما(7/301)
[4648] هَلُمَّ شَاهدا أَي هَات شَاهدا على مَا تَقول بتصديقك أَي بمعرفتي أَنَّك صَادِق فِي كل مَا تَقول أَو بِسَبَب أَنِّي صدقتك فِي أَنَّك رَسُول وَمَعْلُوم من حَال الرَّسُول عدم الْكَذِب فِيمَا يخبر سِيمَا لأجل الدُّنْيَا فَجعل أَي فَحكم بذلك وَشرع فِي حَقه اما بِوَحْي جَدِيد أَو بتفويض مثل هَذِه الْأُمُور إِلَيْهِ مِنْهُ تَعَالَى وَالْمَشْهُور أَنه رد الْفرس بعد ذَلِك على الْأَعرَابِي فَمَاتَ من ليلته عِنْده وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/302)
[4648] إِذا اخْتلف البيعان أَي فِي قدر الثّمن أَو فِي شَرط الْخِيَار مثلا يحلف البَائِع على مَا انكر ثمَّ يتَخَيَّر المُشْتَرِي بَين أَن يرضى بِمَا حلف عَلَيْهِ البَائِع وَبَين ان يحلف على مَا أنكر فَإِذا تحَالفا فاما أَن يرضى أَحدهمَا على مَا يَدعِي الآخر أَو يفْسخ البيع هَذَا إِذا كَانَت السّلْعَة قَائِمَة كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات وَقَوله أَو يتركا أَي يفسخا العقد هَكَذَا قَالُوا وَظَاهر الحَدِيث أَنه بعد حلف البَائِع يُخَيّر المُشْتَرِي بَين أَن يَأْخُذهُ بِمَا حلف عَلَيْهِ البَائِع وَبَين أَن يرد كَمَا فِي الرِّوَايَة الْآتِيَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/303)
[4652] يَشْتَرِيهِ مني فِيهِ بيع الْمُدبر وَمن لَا يرَاهُ يحملهُ على التَّدْبِير الْمُقَيد أَو على أَنه كَانَ مديونا يَوْم دبر وَالْأول بعيد وَالثَّانِي يُبطلهُ آخر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم وَفِيه أَن السَّفِيه يحْجر وَيرد عَلَيْهِ تصرفه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/304)
[4655] أَن أقضى عَنْك كتابتك أَي أشتريك وأعتقك وسمى ذَلِك قَضَاء للكتابة مجَازًا ثمَّ فِيهِ بيع الْمكَاتب وَمن لَا يرَاهُ يحملهُ على أَن البيع كَانَ بعد فسخ الْكِتَابَة وتعجيزها بِرِضا الطَّرفَيْنِ قَوْله ونفست بِكَسْر فَاء أَي رغبت وَالْجُمْلَة حَال من فَاعل قَالَت(7/305)
[4657] عَن بيع الْوَلَاء لَيْسَ المُرَاد بِهِ المَال بعد موت الْمُعْتق بِالْفَتْح وانتقاله إِلَى الْمُعْتق بِالْكَسْرِ بل المُرَاد هُوَ السَّبَب الَّذِي بَين الْمُعْتق وَالْمُعتق الَّذِي هُوَ سَبَب لانتقال هَذَا المَال قَوْله(7/306)
[4660] عَن بيع المَاء غَالب الْعلمَاء على أَن المَاء إِذا أحرزه انسان فِي انائه وَملكه يجوز بَيْعه وحملوا الحَدِيث على مَاء السَّمَاء والعيون والأنهار الَّتِي لَا مَالك لهاقوله
[4662] عَن بيع فضل المَاء هُوَ مَا فضل عَن حَاجته وحاجة عِيَاله وماشيته وزرعه قَوْله مَاء الوهط ضبط بِفتْحَتَيْنِ مَالٌ كَانَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِالطَّائِفِ وَقِيلَ قَرْيَة بِالطَّائِف وَأَصله الْموضع المطمئن قَوْله هَل علمت الخ يُرِيد أَن الْخمر حرَام فلعلك مَا علمت بذلك فَفعلت مَا فعلت لذَلِك فَسَار من السِّرّ الَّذِي هُوَ بِمَعْنى الْكَلَام الْخَفي ومفعوله انسانا وَقَوله(7/307)
[4665] ثمَّ حرم التِّجَارَة فِي الْخمر تَنْبِيها على أَنَّهُمَا فِي الْحُرْمَة سَوَاء وَقَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد جَاءَ عَن عَائِشَة فِي بعض الرِّوَايَات لما نزلت سُورَة الْبَقَرَة نزل فِيهَا تَحْرِيم الْخمر فَنهى رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عَن ذَلِك فَهَذَا يدل على أَنه كَانَ فِي الْآيَات الْمَذْكُورَة تَحْرِيم ذَلِك وَكَأَنَّهُ نسخت تِلَاوَته(7/308)
قَوْله والأصنام وَكَانُوا يعملونها من النّحاس وَنَحْوه ويبيعونها فَانْظُر إِلَى سخافة عُقُولهمْ حَيْثُ يعْبدُونَ أَرْبَابًا يبيعونها فِي الْأَسْوَاق قَوْله(7/309)
[4670] عَن بيع ضراب الْجمل أَي عَن أَخذ الْكِرَاء على ضرابه وَيَنْبَغِي لصَاحب الْفَحْل اعارته بِلَا كِرَاء فَإِن فِي الْمَنْع عَنْهَا قطع النَّسْل وَبيع الأَرْض للحرث أَي كِرَاء الأَرْض للزَّرْع وَقد سبق
قَوْله
[4671] عَن عسب الْفَحْل عسبه بِفَتْح فَسُكُون مَاؤُهُ فرسا كَانَ أَو بَعِيرًا أَو غَيرهمَا وضرابه أَيْضا وَلم ينْه عَن وَاحِد مِنْهُمَا بل عَن كِرَاء يُؤْخَذ عَلَيْهِ فَهُوَ بِحَذْف الْمُضَاف أَي كِرَاء عسبه وَقيل يُقَال لكرائه عسب أَيْضا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/310)
[4676] أَيّمَا امْرِئ كلمة مَا زَائِدَة لزِيَادَة الايهام وامرئ مجرور بِالْإِضَافَة أفلس يُقَال أفلس الرجل إِذا صَار إِلَى حَال لَا فلوس لَهُ أَو صَار ذَا فلس بعد أَن كَانَ ذَا دَرَاهِم ودنانير وَحَقِيقَته الِانْتِقَال من الْيُسْر إِلَى الْعسر قيل الْمُفلس لُغَة من لَا عين لَهُ وَلَا عرض وَشرعا مَا قصر مَا بِيَدِهِ عَمَّا عَلَيْهِ من الدُّيُون
[4676] ثمَّ وجد رجل أَي بعد أَن بَاعهَا مِنْهُ وَلم يقبض من ثمنه شَيْئا كَمَا فِي رِوَايَة الْمُوَطَّأ عِنْد مَالك فَهُوَ أولى بِهِ أَي بذلك الَّذِي وجد من السّلْعَة أَي يجوز لَهُ أَن(7/311)
يَأْخُذهُ بِعَيْنِه وَلَا يكون مُشْتَركا بَينه وَبَين سَائِر الْغُرَمَاء وَبِهَذَا يَقُول الْجُمْهُور خلافًا للحنفية فَقَالُوا انه كالغرماء لقَوْله تَعَالَى وان كَانَ ذُو عسرة فنظرة إِلَى ميسرَة ويحملون الحَدِيث على مَا إِذا أَخذه على سوم الشِّرَاء مثلا أَو على البيع بِشَرْط الْخِيَار للْبَائِع أَي إِذا كَانَ الْخِيَار للْبَائِع وَالْمُشْتَرِي مُفلس فالأنسب أَن يخْتَار الْفَسْخ وَهُوَ تَأْوِيل بعيد وَقَوْلهمْ ان الله تَعَالَى لم يشرع للدائن عِنْد الافلاس الا الِانْتِظَار فَجَوَابه أَن الِانْتِظَار فِيمَا لَا يُوجد عِنْد الْمُفلس وَلَا كَلَام فِيهِ وَإِنَّمَا الْكَلَام فِيمَا وجد عِنْد الْمُفلس وَلَا بُد أَن الدائنين يَأْخُذُونَ ذَلِك الْمَوْجُود عِنْده والْحَدِيث يبين أَن الَّذِي يَأْخُذ هَذَا الْمَوْجُود هُوَ صَاحب الْمَتَاع وَلَا يَجْعَل مقسوما بَين تَمام الدائنين وَهَذَا لَا يُخَالف الْقُرْآن وَلَا يَقْتَضِي الْقُرْآن خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4677] عَن الرجل أَي فِي الرجل يعْدم من أعدم الرجل إِذا افْتقر وَهُوَ صفة الرجل لِأَن تَعْرِيفه للْجِنْس لَا الْعَهْد انه بكسران وَالْجُمْلَة جَزَاء الشَّرْط وَالضَّمِير للمتاع
قَوْله
[4679] قَالَ حَدثنِي أسيد بن حضير بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا قَالَ الْمزي فِي الْأَطْرَاف قَالَ أَحْمد بن حَنْبَل هُوَ فِي كتاب بن جريج أسيد بن ظهير وَلَكِن حَدِيث بن جريج حَدثهمْ بِالْبَصْرَةِ قَالَ الْمزي وَهُوَ الصَّوَاب لِأَن أسيد بن حضير مَاتَ فِي زمن عمر وَصلى عَلَيْهِ فَكيف(7/312)
يدْرك زمن مُعَاوِيَة قَوْله إِذا وجدهَا أَي السّرقَة أَو الْأَمْتِعَة أَو الْأَمْوَال المسروقة أَو الْمَغْصُوبَة غير الْمُتَّهم أَي فِي يَد من اشْترى من الْغَاصِب وَالسَّارِق لَا فِي يَد الْغَاصِب أَو السَّارِق بِمَا اشْتَرَاهَا لِئَلَّا يتَضَرَّر من غير تَقْصِير مِنْهُ وَلَا يخفى مَا بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين حَدِيث سَمُرَة الْآتِي من الْمُعَارضَة لَكِن ان ثَبت أَن الْخُلَفَاء قضوا بِهَذَا الحَدِيث فَيَنْبَغِي أَن يكون الْعَمَل بِهِ أرجح الا أَن كثيرا من الْعلمَاء مَال إِلَى خِلَافه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4680] سرق مِنْهُ على بِنَاء الْمَفْعُول(7/313)
قَوْله أَحَق بهَا أَي بِالسَّرقَةِ على إِرَادَة الْمَسْرُوق باسم السّرقَة
قَوْله
[4681] بِعَين مَاله قَالَ الْخطابِيّ هَذَا فِي الْمَغْصُوب والمسروق وَنَحْوهمَا وَالْبَائِع يُطلق على المُشْتَرِي وَهُوَ المُرَاد هَا هُنَا
قَوْله
[4682] فَهِيَ للْأولِ مِنْهُمَا أَي للناكح الأول من الناكحين أَو للْوَلِيّ الأول من الوليين ينفذ فِيهَا تصرفه دون تصرف الثَّانِي قَوْله(7/314)
[4684] حَتَّى يقْضِي عَنهُ دينه أَي أَو يرضى عَنهُ خَصمه فِي الدُّنْيَا أَو فِي الْآخِرَة فَإِنَّهُ فِي معنى الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4685] أما اني لم أنوه بك هُوَ صِيغَة الْمُضَارع من نوه تنويها إِذا رَفعه أَي لَا أرفع وَلَا أذكر لكم الا خيرا مأسورا بِالرَّفْع خبر ان أَي مَحْبُوس مَمْنُوع عَن دُخُول الْجنَّة أَو الاسْتِرَاحَة بهَا أَرَادَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يُخبرهُ بذلك ليستعجل فِي أَدَاء الدّين عَنهُ قَوْله تدان بتَشْديد الدَّال من أدان إِذا اسْتقْرض وَهُوَ افتعال من الدّين وتكثر من الْإِكْثَار فِي الدّين ولاموها من اللوم ووجدوا عَلَيْهَا أَي غضبوا قَوْله(7/315)
[4688] إِذا اتبع بِضَم فَسُكُون فَكسر مخفف أَي أُحِيل على ملئ بِالْهَمْزَةِ ككريم أَو هُوَ كغني لفظا وَمعنى وَالْأول هُوَ الأَصْل لَكِن قد اشْتهر الثَّانِي على الْأَلْسِنَة فَليتبعْ بِإِسْكَان الْفَوْقِيَّة على الْمَشْهُور من تبع أَي فليقبل الْحِوَالَة وَقيل بشدها وَالْجُمْهُور على أَن الْأَمر للنَّدْب وَحمله بَعضهم على الْوُجُوب مطل الْغنى أَرَادَ بالغنى الْقَادِر على الْأَدَاء وَلَو كَانَ فَقِيرا ومطله مَنعه أَدَاء وَتَأْخِير القَاضِي منع قَضَاء مَا اسْتحق أَدَاؤُهُ زَاد الْقُرْطُبِيّ مَعَ التَّمَكُّن من ذَلِك وَطلب صَاحب الْحق حَقه قلت التَّمَكُّن من ذَلِك مُعْتَبر فِي الْغنى فَلَا حَاجَة إِلَى زِيَادَته وَالْإِضَافَة إِلَى الْفَاعِل لَا غير وان جوز فِي قَوْله مطل الْغنى ظلم الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول أَيْضا على معنى أَن يمْنَع الْغنى عَن إِيصَال الْحق إِلَيْهِ ظلم فَكيف منع الْفَقِير عَن إِيصَال الْحق إِلَيْهِ وَالْمعْنَى يجب وَفَاء الدّين وان كَانَ صَاحبه غَنِيا فالفقير بِالْأولَى لَكِن الْمَعْنى هَا هُنَا على الْقصر بِشَهَادَة تَعْرِيف الطَّرفَيْنِ والسوق أَي الظُّلم منع الْغنى دون الْفَقِير فَلَا يَصح على تَقْدِير الْإِضَافَة إِلَى الْمَفْعُول فَلْيتَأَمَّل(7/316)
قَوْله
[4690] لَيُّ الْوَاجِدِ بِفَتْحِ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ أَيْ مطلة والواجد بِالْجِيم الْقَادِر على الْأَدَاء أَي الَّذِي يجد مَا يُؤَدِّي يحل عرضه أَي للدائن بِأَن يَقُول ظَلَمَنِي ومطلني وعقوبته بِالْحَبْسِ والتعزيرقوله
[4692] أَنا أتكفل بِهِ فِيهِ دَلِيل على جَوَاز الضَّمَان عَن الْمَيِّت وَمن لَا يَقُول بِهِ يحملهُ على أَنه كَانَ وَعدا وَلذَلِك قَالَ بِالْوَفَاءِ وَعبر بعض الروَاة عَنهُ بِلَفْظ الْكفَالَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خياركم أَي من خياركم
قَوْله
[4694] مَا تيَسّر أَي للمديون أَدَاؤُهُ(7/317)
[4695] تجَاوز عَنهُ أَي لَا تتعرض لَهُ
[4695] لَعَلَّ الله أَن يتَجَاوَز عَنَّا أَن زَائِدَة دخلت فِي خبر لَعَلَّ تَشْبِيها لَهَا بعسى قَوْله مُشْتَريا حَال وَكَذَا مَا بعده قَوْله(7/318)
[3345] من أعتق أَي مِمَّن يلْزم عتقه فَخرج الصَّبِي وَالْمَجْنُون شركا بِكَسْر الشين وَسُكُون الرَّاء أَي نَصِيبا
[4699] مَا يبلغ ثمنه أَي ثمن الْبَاقِي لَا ثمن الْكل وَالْمرَاد بِالثّمن الْقيمَة إِذْ الْمدَار عَلَيْهَا بِقِيمَة العَبْد على الْإِضَافَة البيانية أَي أَي قيمَة هِيَ عدل ووسط لَا زِيَادَة فِيهَا وَلَا نقص أَو بِقِيمَة الْمُقَوّم الْعدْل الَّذِي يعْتَمد على كَلَامه وَوَقع فِي نسخ النَّسَائِيّ بِقِيمَة العَبْد وَالظَّاهِر أَنه سهووالصواب بِقِيمَة الْعدْل كَمَا فِي غَالب الْكتب وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(7/319)
[4700] فَلَا يبعها أَي تنزها قَوْله ربعَة بِفَتْح فَسُكُون أَي منزل وَقد سبق الحَدِيث قَرِيبا
قَوْله
[4702] أَحَق بسقبه السقب بِفتْحَتَيْنِ الْقرب وباء بسقبه صلَة أَحَق لَا للسبب أَي الْجَار أَحَق بِالدَّار الساقبة أَي الْقَرِيبَة وَمن لَا يَقُول بشفعة الْجَار يحمل الْجَار على الشَّرِيك فَإِنَّهُ يُسمى جارا أَو يحمل الْبَاء على السَّبَبِيَّة أَي أَحَقُّ بِالْبِرِّ وَالْمَعُونَةِ بِسَبَبِ قُرْبِهِ مِنْ جَارِهِ وَلَا يخفى أَنه لَا معنى لقولنا الشَّرِيك أَحَق بِالدَّار الْقَرِيبَة كَمَا هُوَ مؤدى التَّأْوِيل الأول وَالظَّاهِر أَن الرِّوَايَة الْآتِيَة ترد التَّأْويلَيْنِ فَلْيتَأَمَّل قَوْله(7/320)
[4704] فِي كل مَال لم يقسم أَي بَاقٍ على اشتراكه فَالشُّفْعَة إِنَّمَا هِيَ مَا دَامَت الأَرْض مُشْتَركَة بَينهم وَأما إِذا قسمت وَعين لكل مِنْهُم سَهْمه وَجعل لكل قِطْعَة طَرِيقا مُفْردَة فَلَا شُفْعَة وَظَاهره أَنه لَا شُفْعَة للْجَار وَإِنَّمَا الشُّفْعَة للشَّرِيك وَبِه قَالَ مَالك وَالشَّافِعِيّ وَمن لَا يَقُول بهَا يحمل النَّفْي على نفي شُفْعَة الشّركَة لِأَن الشَّرِيك أولى بهَا من الْجَار فَإِذا قسمت الأَرْض وَعين لكل مِنْهُم سَهْمه وَطَرِيقه فَمَا بَقِي لَهُ الا الْأَوْلَوِيَّة فَهَذَا محمل الحَدِيث عِنْدهم قَوْله والجوار أَي ومراعاة الْجوَار وَهَذَا لَا دَلِيل فِيهِ لَا للمثبت وَلَا للنافي وَالله تَعَالَى هُوَ الْكَافِي وَهُوَ أعلم بِمَا هُوَ الْحق الوافي(7/321)
(كتاب الْقسَامَة والقود والديات)
الْقسَامَة بِفَتْح قَاف وَتَخْفِيف سين مُهْملَة مَأْخُوذَة من الْقسم وَهِي الْيَمين وَهِي فِي عرف الشَّرْع حلف يكون عِنْد التُّهْمَة بِالْقَتْلِ أَو هِيَ مَأْخُوذَة من قسْمَة الْإِيمَان على الحالفين
قَوْله
[4706] كَانَ رجل خبر لأوّل قسَامَة على معنى قسَامَة كَانَت فِي هَذِه الْقَضِيَّة اسْتَأْجر رجلا هَكَذَا فِي النّسخ وَالْمَشْهُور فِي رِوَايَة البُخَارِيّ اسْتَأْجرهُ رجل من قُرَيْش من فَخذ أُخْرَى قيل وَهُوَ الَّذِي فِي الْكُبْرَى وَأما رِوَايَة الْكتاب فقد جعلهَا الْحَافِظ بن حجر رِوَايَة الْأصيلِيّ وَأبي ذَر فِي البُخَارِيّ لَكِن قَالَ وَهُوَ مقلوب وَالصَّوَاب اسْتَأْجرهُ رجل من فَخذ أحدهم أَي من قَبيلَة بَعضهم وَالضَّمِير لقريش وَالْأَقْرَب من(8/2)
فَخذ أُخْرَى كَمَا فِي البُخَارِيّ فَانْطَلق أَي الْأَجِير الْهَاشِمِي مَعَه أَي مَعَ الْمُسْتَأْجر الْقرشِي جوالق بِضَم جِيم وَكسر لَام وعَاء يكون من جُلُود وَغَيرهَا فَارسي مُعرب كَذَا فِي الْقُسْطَلَانِيّ وَفِي الْمجمع هُوَ بِضَم جِيم وَكسر لَام الْوِعَاء وَالْجمع الجوالق بِفَتْح جِيم أَغِثْنِي من الاغاثة بِالْمُثَلثَةِ بعقال بِكَسْر الْعين الْمُهْملَة أَي بِحَبل لَا تنفر الْإِبِل بِكَسْر الْفَاء وَضم الرَّاء والابل بِالرَّفْع فَاعله لَا تنفر الْإِبِل بِسُقُوط مَا فِي الجوالق وعقلت على بِنَاء الْمَفْعُول فَقَالَ الْفَاء زَائِدَة فِي جَوَاب لما فَحَذفهُ بِمُهْملَة وذال مُعْجمَة أَي رَمَاه كَانَ فِيهَا فِي تِلْكَ الرَّمية أَجله مَوته لَا على الْفَوْر بل على التَّرَاخِي بِأَن مرض ثمَّ مَاتَ الْمَوْسِم أَي موسم الْحَج شهِدت أَي قبل مبلغ من الابلاغ أَو التَّبْلِيغ مرّة من الدَّهْر أَي وقتا من الْأَوْقَات أَي فِي موسم من المواسم يَا آل قُرَيْش بِإِضَافَة الْآل إِلَى قُرَيْش وَفِي بعض النّسخ يالقريش بِفَتْح اللَّام دَاخِلَة على قُرَيْش للاستغاثة وَمَات المستاجر بِفَتْح الْجِيم أَي الْأَجِير بعد أَن(8/3)
أوصى بِمَا أوصى فَمَكثَ بِضَم الْكَاف ذكره الْقُسْطَلَانِيّ وافى الْمَوْسِم أَي أَتَاهُ فَأَتَتْهُ أَي أَبَا طَالب رجل مِنْهُم من قوم الْقَاتِل وَلَا تصبر يَمِينه على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل من صَبر كنصر وَضرب مَعْطُوف على تجيز وروى على صِيغَة النَّهْي وَالْيَمِين المصبورة هِيَ الَّتِي يحبس لأَجلهَا صَاحبهَا فالمصبور هُوَ الصاحب عين تطرف بِكَسْر الرَّاء أَي تتحرك يُرِيد أَنه مَاتَ الْكل وَحلف عَلَيْهِ(8/4)
بن عَبَّاس مَعَ أَنه لم يُولد حِينَئِذٍ اما لِأَنَّهُ تَوَاتر عِنْده أَو تكلم مَعَه بعض من وثق بِهِ وَيحْتَمل أَنه أخبرهُ بذلك النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خالفهما أَي خَالف يُونُس وَالْأَوْزَاعِيّ معمر فِيمَا بعد بن شهَاب الزُّهْرِيّ قَوْله ومحيصة هُوَ وحويصة بِضَم فَفتح ثمَّ يَاء مُشَدّدَة مَكْسُورَة(8/5)
أَو مُخَفّفَة سَاكِنة وَجْهَان مشهوران فيهمَا أشهرهما التَّشْدِيد من جهد بِفَتْح جِيم أَي تَعب ومشقة فاتى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي أَتَاهُ آتٍ وَكَذَا أخبر فِي فَقير هُوَ مثل الْفَقِير الْمُقَابل للغني بِئْر قريبَة القعر وَاسع الْفَم فَذهب أَي شرع كبر بتَشْديد الْبَاء أَي قدم الْأَكْبَر اما أَن يدوا مضارع ودى بِحَذْف الْوَاو كَمَا فِي يَفِي وَالضَّمِير للْيَهُود اما أَن يؤذنوا الظَّاهِر أَنه بِفَتْح الْيَاء من الْإِذْن بِمَعْنى الْعلم مثله قَوْله تَعَالَى فأذنوا بِحَرب وَضبط على بِنَاء الْمَفْعُول من الايذان بِمَعْنى الاعلام وَهُوَ أقرب إِلَى الْخط وَالْمرَاد أَنهم يَفْعَلُونَ أحد الامرين ان ثَبت عَلَيْهِم الْقَتْل دم صَاحبكُم الْمَقْتُول أَو دم صَاحبكُم الْقَاتِل على مَذْهَب من يرى الْقصاص بالقسامة فوداه أَي أعْطى دِيَته قَالُوا إِنَّمَا أعْطى دفعا للنزاع واصلاحا لذات الْبَين وجبرا لخاطرهم المكسور بقتل قريبهم والا فَأهل الْقَتِيل لَا يسْتَحقُّونَ الا أَن يحلفوا أَو يستحلفوا الْمُدَّعِي عَلَيْهِم مَعَ نكولهم وَلم يتَحَقَّق شَيْء من الْأَمريْنِ ثمَّ رِوَايَات الحَدِيث(8/6)
لَا تَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَاخْتِلَاف وَلذَلِك ترك بعض الْعلمَاء بعض رواياته وَأخذ بروايات أخر لما(8/7)
ترجح عِنْدهم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4712] إِذا بمحيصة الْبَاء زَائِدَة كبر الْكبر بِضَم فَسُكُون بِمَعْنى الْأَكْبَر فتبرئكم من التبرئة أَي يرفعون ظنكم وتهمتكم أَو دعوتكم عَن أنفسهم وَقيل يخلصونكم عَن الْيَمين بِأَن يحلفوا فتنتهي الْخُصُومَة بحلفهم خمسين يَمِينا أَي بِخَمْسِينَ يميناقوله
[4713] يقسم خَمْسُونَ من أقسم قَوْله(8/8)
[4714] يَتَشَحَّط فِي دَمه أَي يضطرب فِيهِ ويتمرغ ويتخبط
قَوْله
[4716] الْكبر الْكبر بِضَم فَسُكُون بِمَعْنى الْأَكْبَر وتكريره للتَّأْكِيد وَهُوَ مَنْصُوب بِتَقْدِير عَامل أَي قدم الْأَكْبَر قَالُوا هَذَا عِنْد تساويهم فِي الْفضل وَأما إِذا كَانَ الصَّغِير ذَا فضل فَلَا بَأْس أَن يتَقَدَّم روى أَنه قدم وَفد من الْعرَاق على عمر بن عبد الْعَزِيز فَنظر عمر إِلَى شَاب مِنْهُم يُرِيد الْكَلَام فَقَالَ عمر كبر فَقَالَ الْفَتى يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ(8/9)
ان الْأَمر لَيْسَ بِالسِّنِّ وَلَو كَانَ كَذَلِك لَكَانَ فِي الْمُسلمين من هُوَ أسن مِنْك فَقَالَ صدقت تكلم رَحِمك الله(8/10)
قَوْله برمتِهِ بِضَم رَاء وَتَشْديد مِيم قِطْعَة حَبل يشد بِهِ الاسير أَو الْقَاتِل للْقصَاص هَذَا هُوَ الأَصْل ثمَّ يُرَاد بِهِ عرفا أدفعه إِلَيْك بكله فقسم رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم دِيَته عَلَيْهِم أَي على(8/12)
يهود أَي على تَقْدِير أَن يقرُّوا بذلك كَأَنَّهُ أرسل إِلَى يهود أَنه يقسم الدِّيَة عَلَيْهِم ويعينهم بِالنِّصْفِ ان أقرُّوا فَلَمَّا لم يقرُّوا وداه من عِنْده وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4021] النَّفس بِالنَّفسِ أَي النَّفس تقتل فِي مُقَابلَة النَّفس وَهَذَا بَيَان الموصوفين بالخصال الثَّلَاث إِذْ بيانهم يتَبَيَّن الصِّفَات الثَّلَاث والْحَدِيث قد سبق فِي كتاب تَحْرِيم الدَّم
قَوْله
[4722] قتل رجل على بِنَاء الْمَفْعُول أَو الْفَاعِل مَا أردْت قَتله أَي مَا كَانَ الْقَتْل عمدا أما أَنه ان كَانَ الخ يفيدأن مَا كَانَ ظَاهره العمدلا يسع فِيهِ كَلَام الْقَاتِل انه لَيْسَ بعمد فِي الحكم نعم يَنْبَغِي لوَلِيّ الْمَقْتُول أَن لَا يقْتله خوفًا من لُحُوق الْإِثْم بِهِ على تَقْدِير صدق دَعْوَى الْقَاتِل بنسعة بِكَسْر نون قِطْعَة جلد تجْعَل زماما للبعير وَغَيره قَوْله(8/13)
[4723] فَإِنَّهُ يبوء بِهَمْزَة بعد الْوَاو أَي يرجع باثمك واثم صَاحبك ظَاهره أَن الْوَلِيّ إِذا عَفا عَن الْقَاتِل بِلَا مَال يتَحَمَّل الْقَاتِل اثم الْوَلِيّ والمقتول جَمِيعًا وَلَا يَخْلُو عَن اشكال فَإِن أهل التَّفْسِير قد أولُوا قَوْله تَعَالَى إِنِّي أُرِيد أَن تبوء باثمي واثمك فضلا عَن اثم الْوَلِيّ وَلَعَلَّ الْوَجْه فِي هَذَا الحَدِيث أَن يُقَال المُرَاد بِرُجُوعِهِ باثمهما هُوَ رُجُوعه ملتبسا بِزَوَال اثمهما عَنْهُمَا وَيحْتَمل أَنه تَعَالَى يرضى بِعَفْو الْوَلِيّ فَيغْفر لَهُ ولمقتوله فَيرجع وَالْقَاتِل وَقد أزيل عَنْهُمَا اثمهما بالمغفرة وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمَشْهُور هُوَ الرِّوَايَة الْآتِيَة وَهِي يبوء بإثمه واثم صَاحبك أَي الْمَقْتُول وَقيل فِي تَأْوِيله أَي يرجع ملتبسا بإثمه السَّابِق وبالإثم الْحَاصِل لَهُ(8/14)
بقتل صَاحبه فأضيف إِلَى الصاحب لأدنى مُلَابسَة بِخِلَاف مَا لَو قتل فَإِن الْقَتْل يكون كَفَّارَة لَهُ عَن اثم الْقَتْل وَهَذَا الْمَعْنى لَا يصلح للترغيب الا ان يُقَال التَّرْغِيب بِاعْتِبَار إِيهَام الْكَلَام بِالْمَعْنَى الظَّاهِر وَيجوز التَّرْغِيب بِمثلِهِ توسلا بِهِ إِلَى الْعَفو وَإِصْلَاح ذَات الْبَين كَمَا يجوز التَّعْرِيض فِي مَحَله وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4726] كَانَا فِي جب بِضَم جِيم وَتَشْديد مُوَحدَة هُوَ بِئْر غير مطوي فَرفع المنقار الظَّاهِر أَن المُرَاد بالمنقار هَا هُنَا آلَة نقر الأَرْض أَي حفرهَا وَيُقَال لَهُ المنقر بِكَسْر الْمِيم والمعول وَالله تَعَالَى أعلم ان قتلته كنت مثله أَي فِي كَون كل مِنْهُمَا قَاتل نفس وان كَانَ هَذَا قتل بِالْبَاطِلِ وَأَنت قتلت بِالْحَقِّ لَكِن أطلق(8/15)
الْكَلَام لإيهامه ظَاهره ليتوسل بِهِ إِلَى الْعَفو أَو المُرَاد كنت مثله ان كَانَ الْقَاتِل صَادِقا فِي دَعْوَى أَن الْقَتْل لم يكن عمدا وَالله تَعَالَى أعلم فَرجع فَقَالَ أَي الْوَلِيّ ان قتلته على صِيغَة الْمُتَكَلّم
قَوْله
[4727] قَالَ بلَى فَإِن ذَاك ان شَرْطِيَّة أَي فَإِن كَانَ الْأَمر ذَاك فقد عَفَوْت عَنهُ قَوْله(8/16)
[4729] الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار لم يرد أَن هَذَا الْقَاتِل والمقتول فِي النَّار بل أَرَادَ أَن الْقَاتِل والمقتول يكونَانِ فِي النَّار فِيمَا إِذا التقى المسلمان بسيفيهما فَهُوَ خبر صَادِق فِي مَحَله لَكِن لإيهام الْكَلَام الْمَعْنى الأول ذكره ليَكُون وَسِيلَة إِلَى الْعَفو وَالله تَعَالَى أعلم
[4730] فلحق الرجل على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد بِالرجلِ ولي الْمَقْتُول قَوْله(8/17)
[4731] فأعنفه من أعنف بالنُّون وَالْفَاء إِذا وبخ كعنف بِالتَّشْدِيدِ وَهَذِه قَضِيَّة أُخْرَى غير قَضِيَّة صَاحب النسعة وَلَعَلَّه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم بِوَحْي أَن الْقَتْل فِي حق هَذَا الْقَاتِل خير بِخِلَاف الْقَاتِل فِي الْوَاقِعَة السَّابِقَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4732] كَانَ قُرَيْظَة بِالتَّصْغِيرِ وَالنضير كالأمير وَخبر كَانَ مَحْذُوف أَي فِي الْمَدِينَة أَو بَينهمَا فرق فِي الشّرف وَنَحْو ذَلِك مائَة وسق بِفَتْح وَاو وَسُكُون سين وَكسر الْوَاو لُغَة سِتُّونَ صَاعا فَقَالُوا بَيْننَا الخ أَي قَالَت قُرَيْظَة ذَاك حِين أَبى النَّضِير دفع الْقَاتِل إِلَيْهِم جَريا على الْعَادة السالفة قَوْله يودون على بِنَاء الْمَفْعُول من الدِّيَة قَوْله(8/18)
[4734] هَل عهد إِلَيْك أَي أَوْصَاك الا مَا فِي كتابي لَا يخفى أَن مَا فِي كِتَابه مَا كَانَ من الْأُمُور الْمَخْصُوصَة بِهِ فالاستثناء اما بملاحظة الْكتاب فَكَأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم خص عليا بِأَن أمره أَن يكْتب دون غَيره أَو لبَيَان نفي الِاخْتِصَاص بأبلغ وَجه أَي لَو كَانَ شَيْء خصنا بِهِ لَكَانَ مَا فِي كتابي لَكِن الَّذِي فِي كتابي لَيْسَ مِمَّا خصنا بِهِ فَمَا خصنا بِشَيْء وَالله تَعَالَى أعلم من قرَاب سَيْفه بِكَسْر الْقَاف هُوَ وعَاء يكون فِيهِ السَّيْف بغمده وحمائله تَتَكَافَأ(8/19)
بتاءين أَي تتساوى فَيقْتل الشريف بالوضيع وَمِنْه أَخذ المُصَنّف أَن الْحر يقتل بِالْعَبدِ لمساواة الدِّمَاء وهم يَد أَي اللَّائِق بحالهم أَن يَكُونُوا كيد وَاحِدَة فِي التعاون والتعاضد على الْأَعْدَاء فَكَمَا أَن الْيَد الْوَاحِدَة لَا يُمكن أَن يمِيل بَعْضهَا إِلَى جَانب وَبَعضهَا إِلَى آخر فَكَذَلِك اللَّائِق بشأن الْمُؤمنِينَ يسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَي ذمتهم فِي يدأقلهم عددا وَهُوَ الْوَاحِد أَو أسفلهم رُتْبَة وَهُوَ العَبْد يمشي بِهِ يعقده لمن يرى من الْكَفَرَة فَإِذا عقد حصل لَهُ الذِّمَّة من الْكل وَلَا يقتل مُؤمن بِكَافِر ظَاهره الْعُمُوم وَمن لَا يَقُول بِهِ يَخُصُّهُ بِغَيْر الذِّمِّيّ جمعا بَينه وَبَين مَا ثَبت من أَن لَهُم مالنا وَعَلَيْهِم مَا علينا وَلَا ذُو عهد من الْكَفَرَة كالذمي والمستأمن وَبَقِيَّة الحَدِيث قد سبقت قَوْله من قتل عَبده قَتَلْنَاهُ اتّفق الْأَئِمَّة على أَن السَّيِّد لَا يقتل بِعَبْدِهِ وَقَالُوا الحَدِيث وَارِد على الزّجر والرضع ليرتدعوا وَلَا يقدموا على ذَلِك وَقيل ورد فِي عبد أعْتقهُ سَيّده فَسمى عَبده بِاعْتِبَار مَا كَانَ وَقيل مَنْسُوخ قلت حَاصِل الْوَجْه الأول أَن المُرَاد بقوله(8/20)
قَتَلْنَاهُ وَأَمْثَاله عاقبناه وجازيناه على سوء صَنِيعه الا أَنه عبر بِلَفْظ الْقَتْل وَنَحْوه للمشاكلة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى وَجَزَاء سَيِّئَة سَيِّئَة مثلهَا وَفَائِدَة هَذَا التَّعْبِير الزّجر والردع وَلَيْسَ المُرَاد أَنه تكلم بِهَذِهِ الْكَلِمَة لمُجَرّد الزّجر من غير أَن يُرِيد بِهِ معنى أَو أَنه أَرَادَ حَقِيقَته لقصد الزّجر فَإِن الأول يَقْتَضِي أَن تكون هَذِه الْكَلِمَة مُهْملَة وَالثَّانِي يُؤَدِّي إِلَى الْكَذِب لمصْلحَة الزّجر وكل ذَلِك لَا يجوز وَكَذَا كل مَا جَاءَ فِي كَلَامهم من نَحْو قَوْلهم هَذَا وَارِد على سَبِيل التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد فمرادهم أَن اللَّفْظ يحمل على معنى مجازى مُنَاسِب للمقام فَائِدَة هَذِه الْفَائِدَة تنفعك فِي مَوَاضِع فاحفظها وَأما قَوْلهم ورد فِي عبد أعْتقهُ فمبنى على أَن من مَوْصُولَة لَا شَرْطِيَّة وَالْكَلَام أَخْبَار عَن وَاقعَة بِعَينهَا وَالله تَعَالَى أعلم
[4736] وَمن جدع بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد للتكثير لَا يُنَاسب الْمقَام وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4739] أَنه نَشد أَي طلب تَحْقِيقه حَمَلُ بْنُ مَالِكٍ بِفَتْحِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمِيمِ بِمِسْطَحٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ عُودٌ مِنْ أَعْوَادِ الْخِبَاءِ وجنينها أَي وَقتلت الَّتِي فِي بَطنهَا من الْوَلَد قَوْله(8/21)
[4740] على أوضاح بحاء مُهْملَة هِيَ نوع من حلى صيغت من الدَّرَاهِم الصِّحَاح
قَوْله
[4741] ثمَّ رضخ بضاد وخاء معجمتين على بِنَاء الْفَاعِل أَي كسر وَبهَا رَمق أَي بَقِيَّة حَيَاة فَجعلُوا يتبعُون فِي الصِّحَاح تتبعت الشَّيْء تتبعا أَي تطلبته وَكَذَلِكَ تَبعته تتبيعا فَهَذَا يحْتَمل أَن يكون من التتبع لَكِن بالعدول إِلَى تَشْدِيد التَّاء الْمُثَنَّاة أَو من التتبيع وَالْبَاء الْمُوَحدَة على الْوَجْهَيْنِ مُشَدّدَة وَالْمرَاد يبحثون عِنْدهَا عَن النَّاس ويذكرونهم قَالَت نعم أَي حِين ذكرُوا الْقَاتِل قَالَت نعم بِالْإِشَارَةِ وَكَانَت قبل ذَلِك تَقول لَا بِالْإِشَارَةِ فَأمر رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَي بعد أَن حضر وَأقر بذلك كَمَا جَاءَ صَرِيحًا والا فَلَا عِبْرَة بقول الْمَقْتُول فضلا عَن إيمائه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/22)
[4743] لَا يَحِلُّ قَتْلُ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي إِحْدَى ثَلَاث اسْتدلَّ بالحصر على أَنه لَا يقتل مُسلم بِكَافِر وَأَنت خَبِير أَن الْحصْر يحْتَاج إِلَى تَأْوِيل لِأَن الْمُرْتَد يقتل وان لم يحارب بِقطع الطَّرِيق وَكَذَلِكَ غَيره وَقد ذكر تَأْوِيل الْحصْر فِيمَا تقدم فَلَا يَسْتَقِيم الِاسْتِدْلَال بِهَذَا الحَدِيث على مُرَاده على أَنه جَاءَ فِي بعض رواياته النَّفس بِالنَّفسِ فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4744] شَيْء سوى الْقُرْآن أَي شَيْء مَكْتُوب والا فَلَا شكّ أَنه كَانَ عِنْده أَكثر مِمَّا ذكر الا أَن يعْطى الله كَأَنَّهُ اسْتثِْنَاء بِتَقْدِير مُضَاف أَي الا أثر إِعْطَاء الله الخ وَكَأَنَّهُ كتب بعدآثار مَا أعطَاهُ الله من الْفَهم وعده مِمَّا عِنْده من رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم اما لِأَنَّهُ عرضه عَلَيْهِ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فقرره أَو لِأَنَّهُ لما استخرجه من كَلَامه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم عده مِمَّا عِنْده مِنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلَا يخفى أَن قَوْله أَن يعْطى الله على مَا ذكرنَا لَا يحمل على الِاسْتِقْبَال فَلْيتَأَمَّل وعَلى مَا ذكر ظهر عطف قَوْله أَو مَا فِي هَذِه الصَّحِيفَة على قَوْله أَن يعْطى وَظهر وَجه كَون الِاسْتِثْنَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ مُتَّصِل(8/23)
وفكاك الْأَسير بِفَتْح فَاء وَكسرهَا أَي فِيهَا حكم الفكاك وَالتَّرْغِيب فِيهِ وَأَنه من أَنْوَاع بر يهتم بِهِ وَالْمرَاد بالأسير أَسِير يصلح لذَلِك والا فَمن لَا يصلح لَهُ لَا يَنْبَغِي فكاكه
قَوْله
[4746] ان النَّاس قد تفشغ بفاء وشين مُعْجمَة وغين مُعْجمَة أَي فشار انْتَشَر فيهم مَا يسمعُونَ أَي مِنْك من كَثْرَة سُبْحَانَ الله صدق الله وَرَسُوله فَإِنَّهُ كَانَ يكثر ذَلِك فَزعم النَّاس أَن عِنْده علما مَخْصُوصًا بِهِ وَقد ذكر السُّيُوطِيّ هَا هُنَا مَا لَا يُنَاسب الْمقَام فليتنبه لذَلِك
قَوْله
[4747] فِي غير كنهه أَي فِي غير وقته الَّذِي يجوز فِيهِ قَتله وتتبين فِيهِ حَقِيقَة أمره من نقص وكنه الشَّيْء وقته أَو حَقِيقَته حرم الله عَلَيْهِ الْجنَّة أَي دُخُولهَا أَولا بِالِاسْتِحْقَاقِ قَوْله(8/24)
[4751] ان غُلَاما قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الْغُلَام الْجَانِي كَانَ حرا قلت أَرَادَ أَن الْغُلَام بِمَعْنى الصَّغِير لَا الْمَمْلُوك كَمَا فهمه المُصَنّف ثمَّ قَالَ وَكَانَت جِنَايَته خطأ وَكَانَت عَاقِلَته فُقَرَاء وَإِنَّمَا تواسى الْعَاقِلَة من وجد مِنْهُم وسعة وَلَا شَيْء على الْفَقِير مِنْهُم وَأما العَبْد إِذا جنى فجنايته فِي رقبته قَوْله(8/25)
[4755] ان أُخْت الرّبيع بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْقصاص أَي الحكم هُوَ الْقصاص(8/26)
وَيحْتَمل النصب أَي أَدّوا الْقصاص وسلموه إِلَى مُسْتَحقّه أم الرّبيع بِفَتْح رَاء وَكسر بَاء وَتَخْفِيف يَاء أيقتص الخ أَخْبَار بَان الْكسر لَا يتَحَقَّق لَا رد الحكم لَو أقسم على الله أَي متوكلا عَلَيْهِ فِي حُصُول الْمَحْلُوف عَلَيْهِ قَوْله أنس بن النَّضر الخ قَالَ النَّوَوِيّ الْقَائِل فِي هَذِه الرِّوَايَة أنس بن النَّضر والجارحة الرّبيع نَفسهَا لَا أُخْتهَا كَمَا سَيَجِيءُ بِخِلَاف الرِّوَايَة الأولى فِي الامرين فَيحمل على تعدد الْقَضِيَّة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4757] كسرت الرّبيع بِالتَّصْغِيرِ(8/27)
قَوْله
[4758] عض يَد رجل أَي أَخذهَا بالأسنان فَانْتزع يَده أَي اجتذبها من فِيهِ ثنيته وَاحِدَة الثنايا وَهِي الْأَسْنَان الْمُتَقَدّمَة اثْنَتَانِ من فَوق وثنتان من أَسْفَل فاستعدى فِي الصِّحَاح استعديت على فلَان الْأَمِير فاعداني أَي استعنت بِهِ عَلَيْهِ فَأَعَانَنِي عَلَيْهِ تقضمها هُوَ بِفَتْح الضَّاد الْمُعْجَمَة أفْصح من كسرهَا والقضم الْأكل بأطراف الْأَسْنَان الْفَحْل أَي الْجمل وَهُوَ إِشَارَة إِلَى عِلّة الاهدار وَقَوله إِن شِئْت الخ إِشَارَة إِلَى أَنه لَو فرض هُنَاكَ قصاص لَكَانَ ذَاك بِهَذَا الْوَجْه قَوْله فندرت أَي سَقَطت يعَض بِحَذْف همزَة الِاسْتِفْهَام وَالْأَصْل أيعض على طَرِيق الْإِنْكَار قَوْله(8/28)
[4763] كَمَا يعَض الْبكر بِفَتْح فَسُكُون هُوَ الْفَتى من الْإِبِل بِمَنْزِلَة الْغُلَام من الْإِنْسَان(8/29)
قَوْله فأطلها بتَشْديد اللَّام(8/30)
قَوْله فأندر أَي أسقط(8/31)
قَوْله نترها بنُون وتاء مثناة من فَوق وَرَاء مُهْملَة فِي النِّهَايَة النتر جذب فِيهِ قُوَّة وجفوة
قَوْله
[4773] فأكب عَلَيْهِ أَي سقط عَلَيْهِ لينال شَيْئا بالاستعجال وَلم يصبر فطعنه تأديبا بعرجون بِضَم عين عود أصفر فِيهِ شماريخ العذق(8/32)
فاستقد أَي فاطلب مني الْقود وخذه مني وَقد جَاءَ فِي الْقصاص من نَفسه أَحَادِيث عديدة
قَوْله
[4775] فِي أَب كَانَ لَهُ أَي للْعَبَّاس فَصَعدَ الْمِنْبَر وَفِيه أَن الامام يطْلب الْعَفو فِي الْقود إِذا رأى فِيهِ مصلحَة لَا تسبوا فِيهِ أَن السباب مؤذ فَإِذا بَدَأَ بالسب وَعَاد إِلَيْهِ شَيْء من الْأَذَى بِسَبَبِهِ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَن يطْلب فِيهِ الْقود لِأَنَّهُ جَاءَهُ كالجزاء لعمله قَوْله فجبذ فِي الْقَامُوس الجبذ الجذب وَلَيْسَ مقلوبه بل لُغَة صَحِيحَة كَمَا وهمه الْجَوْهَرِي فحمر من التحمير أَي جعلهَا حَمْرَاء(8/33)
[4776] احْمِلْ لي اعطني من الطَّعَام وَغَيره مَا أحمل عَلَيْهِمَا وَهَذَا من عَادَة جُفَاة الْأَعْرَاب وخشونتهم وَعدم تَهْذِيب أَخْلَاقهم لَا أَي لَا أحمل من مَالِي واستغفر الله من أَن أعتقد ذَلِك لَا أحمل لَك حَتَّى تقيدني من الاقادة وَلَعَلَّ المُرَاد الاخبار انه لَا يسْتَحق أَن يحمل لَهُ بِلَا أَخذ الْقود مِنْهُ والا فقد حمله بِلَا قَود وَفِيه دلَالَة على شرع الْقود للجبذة وَالله لَا أقيدكها كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنه لكَمَال كرمه يعْفُو الْبَتَّةَ وَفِي أَمْثَال هَذِه الْأَحَادِيث دَلِيل على أَنه لَوْلَا المعجزات الا هَذَا الْخلق لكفى شَاهدا على النُّبُوَّة وَالله تَعَالَى أعلم عزمت أَي أَقْسَمت أَن لَا يبرح مقَامه أَي لَا يتْرك مقَامه بل يقوم مقَامه كَأَنَّهُ أَرَادَ إِظْهَار مَا أعطَاهُ الله من شرح الصَّدْر وسعة الْخلق ليقتدوا بِهِ فِي ذَلِك بِقدر وسعهم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4777] يقص من نَفسه من أقص الْأَمِير فلَانا من فلَان إِذا(8/34)
اقْتصّ لَهُ مِنْهُ فجرحه مثل جرحه أَو قَتله قوداقوله فلاجه بتشديدالجيم أَي نازعه وخاصمه أَو بتَشْديد الْحَاء الْمُهْملَة قريب مِنْهُ
[4778] لكم كَذَا وَكَذَا أَي أُعْطِيكُم ذَلِك الْقدر فِي مُقَابلَة الْقود(8/35)
قَوْله
[4780] فاستعصموا بِالسُّجُود أَي طلبُوا لأَنْفُسِهِمْ الْعِصْمَة بِإِظْهَار السُّجُود فَقتلُوا على بِنَاء الْمَفْعُول بازدحام الْقِتَال بِنصْف الْعقل بعد علمه بِإِسْلَامِهِمْ وَجعل لَهُم النّصْف لأَنهم قد أعانوا على أنفسهم بمقامهم بَين ظهراني الْكفَّار فَكَانُوا كمن هلك بِجِنَايَة نَفسه وَجِنَايَة غَيره فَسقط حِصَّة جِنَايَته من الدِّيَة وَإِنِّي بَرِيء أَي من اعانته أَو من ادايته بعد هَذَا ان قتل أَلا لَا ترَاءى ناراهما هُوَ من الترائي وَهُوَ تفَاعل من الرُّؤْيَة وَمِنْه قَوْله تَعَالَى فَلَمَّا ترَاءى الْجَمْعَانِ وَكَانَ أَصله تتراءى بتاءين حذفت إِحْدَاهمَا أَي لَا يَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن ينزل بِقرب الْكَافِر بِحَيْثُ يُقَابل نَار كل مِنْهُمَا نَار صَاحبه حَتَّى كَأَن نَار كل مِنْهُمَا ترى نَار صَاحبه قَوْله(8/36)
[4781] يتبع هَذَا أَي ولى الْمَقْتُول الَّذِي عَفا يتبع الْقَاتِل وَيطْلب مِنْهُ الدِّيَة بِالْمَعْرُوفِ أَي بِالْوَجْهِ اللَّائِق أَن يطْلب بِهِ وَيُؤَدِّي هَذَا أَي الْقَاتِل بِأَحْسَن وَجه فَإِن ولي الْمَقْتُول قد أحسن إِلَيْهِ حَيْثُ ترك دَمه بِالْمَالِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَن يُؤَدِّي إِلَيْهِ المَال بِأَحْسَن وَجه قَوْله(8/37)
[4785] فَهُوَ بِخَير النظرين أَي هُوَ مُخَيّر بَين النظرين يخْتَار مِنْهُمَا مَا يَشَاء وَيرى لَهُ خيرا اما أَن يُقَاد أَي لأَجله الْقَاتِل واما أَن يفدى على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يعْطى لَهُ الْفِدْيَة قَوْله(8/38)
[4788] وعَلى المقتتلين بِكَسْر التَّاء الثَّانِيَة أُرِيد بهم أَوْلِيَاء الْقَتِيل وَالْقَاتِل وَسَمَّاهُمْ مقتتلين لما ذكره الْخطابِيّ فَقَالَ يشبه أَن يكون معنى المقتتلين هَا هُنَا أَن يطْلب أَوْلِيَاء الْقَتِيل الْقود فَيمْتَنع القتلة فينشأ بَينهم الْحَرْب والقتال لأجل ذَلِك فجعلهم مقتتلين لما ذكرنَا أَن ينحجزوا أَيْ يَكُفُّوا عَنِ الْقَوَدِ وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ شَيْئًا فَقَدِ انْحَجَزَ عَنْهُ وَالِانْحِجَازُ مُطَاوِعُ حَجَزَهُ إِذا مَنعه أَي يَنْبَغِي لوَرَثَة الْمَقْتُول الْعَفو الأول فَالْأول أَي الْأَقْرَب فَالْأَقْرَب فَإِذا عفى مِنْهُم وَاحِد وان كَانَت امْرَأَة سقط الْقود وَصَارَ دِيَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4789] فِي عميا بِكَسْر عين فتشديد مِيم مَقْصُور وَمثله الرميا وزنا أَي فِي حَالَة غير مبينَة لَا يدْرِي فِيهِ الْقَاتِل وَلَا حَال قَتله أَو فِي ترام جرى بَينهم فَوجدَ بَينهم قَتِيل فقود يَده أَي فَحكم قَتله قَود نَفسه وَعبر بِالْيَدِ عَن النَّفس مجَازًا أَي فَهُوَ قَود جَزَاء لعمل يَده الَّذِي هُوَ الْقَتْل فأضيف الْقود إِلَى الْيَد مجَازًا فَمن حَال بَينه أَي بَين الْقَاتِل وَبَينه أَي بَين الْقود بِمَنْع أَوْلِيَاء الْمَقْتُول عَن قَتله بعد طَلَبهمْ ذَلِك لَا بِطَلَب الْعَفو مِنْهُم فَإِنَّهُ جَائِز فَعَلَيهِ لعنة الله أَي يسْتَحق ذَلِك لَا يقبل مِنْهُ صرف قيل تَوْبَة لما فِيهَا من صرف الْإِنْسَان نَفسه من حَالَة الْمعْصِيَة إِلَى حَالَة الطَّاعَة وَلَا عدل أَي فدَاء مَأْخُوذ من التعادل وَهُوَ التَّسَاوِي لِأَن فدَاء الاسير يُسَاوِيه وَالْمرَاد التَّغْلِيظ وَالتَّشْدِيد فِيمَن حَال بَين الْحُدُود وأمثالها قَوْله(8/39)
[4790] فِي عمية بِكَسْر عين وَتَشْديد مِيم بعْدهَا يَاء مُشَدّدَة وَمثلهَا رمية فِي الْوَزْن وَالْمعْنَى مَا سبق قَوْله قَتِيل الْخَطَأ أَي دِيَة قَتِيل الْخَطَأ بِتَقْدِير مُضَاف
[4791] شبه الْعمد الشّبَه كالمثل يجوز فِي كل مِنْهُمَا الْكسر مَعَ السّكُون وفتحتان وَهُوَ صفة الْخَطَأ وَقَوله بِالسَّوْطِ مُتَعَلق بقتيل الْخَطَأ قَوْله(8/40)
[4793] مَا كَانَ بِالسَّوْطِ بدل من الْخَطَأ أَو الأول بدل وَالثَّانِي بدل من الْبَدَل وَحَاصِل الْمَعْنى على الْوَجْهَيْنِ قَتِيل قتل كَانَ بِالسَّوْطِ والعصا قَوْله الْخَطَأ الْعمد أَي شبه الْعمد بِتَقْدِير مُضَاف ثنية مَا دخلت فِي السَّادِسَة
[4794] إِلَى بازل عامها مُتَعَلق بثنية وَذَلِكَ فِي ابْتِدَاء السّنة التَّاسِعَة وَلَيْسَ بعده اسْم بل يُقَال بازل عَام وبازل عَاميْنِ خلفة بِفَتْح فَكسر هِيَ النَّاقة الحاملة إِلَى نصف أجلهَا ثمَّ هِيَ عشار قَوْله مُغَلّظَة أَي دِيَة مُغَلّظَة قَوْله(8/41)
[4801] ثَلَاثُونَ بنت مَخَاض هِيَ الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا الْحول وَبنت لبون الَّتِي أَتَى عَلَيْهَا حولان والحقة بِكَسْر الْحَاء وَتَشْديد الْقَاف هِيَ الَّتِي دخلت فِي الرَّابِعَة قَالَ الْخطابِيّ هَذَا الحَدِيث لَا أعرف أحدا من الْفُقَهَاء قَالَ بِهِ رفع أَي زَاد وَهَذَا أَن أهل الْإِبِل تُؤْخَذ مِنْهُم الْإِبِل بِقِيمَتِهَا فِي ذَلِك الزَّمَان وَأما أهل الْقرى فَعَلَيْهِم مِقْدَار معِين من النَّقْد يُؤْخَذ عَنْهُم فِي مُقَابلَة الْإِبِل قَوْله(8/43)
[4802] وَعشْرين بن مَخَاض ذُكُور فِي شرح السّنة عدل الشَّافِعِي عَن هَذَا إِلَى إِيجَاب عشْرين بني لبون ذُكُور لِأَن خشف بن مَالك مَجْهُول لَا يعرف إِلَّا بِهَذَا الحَدِيث وروى أَن النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ودى قَتِيل خَيْبَر مائَة من ابل الصَّدَقَة وَلَيْسَ فِي أَسْنَان ابل الصَّدَقَة بن مَخَاض إِنَّمَا فِيهَا بن لبون عِنْد عدم بنت الْمَخَاض وَقَالَ أَبُو عبد الرَّحْمَن فِي الْكُبْرَى الْحجَّاج بن أَرْطَاة ضَعِيف لَا يحْتَج بِهِ وَعشْرين جَذَعَة بِفتْحَتَيْنِ
قَوْله
[4803] اثْنَي عشر ألفا هَذَا يُؤَيّد القَوْل أَن النَّقْد كَانَ مُخْتَلفا بِحَسب الْأَوْقَات فَإِن قيمَة الْإِبِل مُخْتَلفَة بِحَسب الْأَوْقَات وَالله تَعَالَى أعلم وَذكر قَوْله الا أَن أغناهم الله قَالَ فِي الْكَبِير والأطراف وبن ماجة بِلَفْظ ذَلِك وَقَوله وَمَا نقموا الا أَن أغناهم الله وَالْمرَاد أَن الله أغناهم بشرع الدِّيَة فأخذوهاقوله(8/44)
[4805] حَتَّى يبلغ الثُّلُث من دِيَتهَا يَعْنِي أَن المُرَاد تَسَاوِي الرجل فِي الدِّيَة فِيمَا كَانَ إِلَى ثلث الدِّيَة فَإِذا تجاوزت الثُّلُث وَبلغ الْعقل نصف الدِّيَة صَارَت دِيَة الْمَرْأَة على النّصْف من دِيَة الرجل
قَوْله
[4808] بدية الْحر مُتَعَلق بقضى ظَاهره أَنه حر بِقدر مَا أدّى سِيمَا رِوَايَة على قدر مَا عتق مِنْهُ وَهُوَ مُخَالف لظَاهِر حَدِيث عبد الله بن عَمْرو أَنه عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم وَالْفُقَهَاء أخذُوا بذلك الحَدِيث وَتركُوا هَذَا اما لِأَن الرّقّ فِيهِ هُوَ الأَصْل فَلَا يثبت خِلَافه الا بِدَلِيل غير معَارض أَو علمُوا بنسخ هَذَا الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم قَالَ الْخطابِيّ أجمع عوام الْعلمَاء على أَن الْمكَاتب عبد مَا بَقِي عَلَيْهِ دِرْهَم فِي جِنَايَته وَالْجِنَايَة عَلَيْهِ وَلم يذهب إِلَى هَذَا الحَدِيث أحد من الْعلمَاء فِيمَا بلغنَا الا إِبْرَاهِيم النَّخعِيّ وَقد روى فِي ذَلِك أَيْضا شَيْء عَن عَليّ بن أبي طَالب وَإِذا صَحَّ الحَدِيث وَجب القَوْل بِهِ إِذا لم يكن مَنْسُوخا أَو مُعَارضا بِمَا هُوَ أولى مِنْهُ قَوْله(8/45)
[4809] أَن يودي على بِنَاء الْمَفْعُول من الدِّيَة دِيَة الْحر بِالنّصب على أَنه مصدر للنوع(8/46)
قَوْله حذفت أَي رمتها والذال مُعْجمَة وَفِي الْحَاء الاهمال والاعجام ذكره السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد وَعَن الْخذف رمى الْحَصَاة قَوْله غرَّة أَي مَمْلُوكا عبدا أَو أمة وَرَأى طَاوس أَن الْفرس يقوم مقَام ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4817] الَّتِي قضى عَلَيْهَا هِيَ المتعدية على الَّتِي أسقطت الْجَنِين فَإِنَّهَا الْمقْضِي(8/47)
عَلَيْهَا قَوْله بِحجر ولعلها رمت بِحجر وعمود جَمِيعًا
[4818] غرَّة عبد أَو وليدة الْمَشْهُور تَنْوِين غرَّة وَمَا بعده بدل مِنْهُ أَو بَيَان لَهُ وروى بَعضهم بِالْإِضَافَة وَاو للتقسيم لَا للشَّكّ فَإِن كلا من العَبْد والامة يُقَال لَهُ الْغرَّة إِذْ الْغرَّة اسْم للْإنْسَان الْمَمْلُوك وَيُطلق على معَان أخر أَيْضا وَقضى بدية الْمَرْأَة المقتولة على عاقلتها أَي عَاقِلَة القاتلة وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن الْقَتْل كَانَ شبه العمدوليس بعمد كَمَا تدل عَلَيْهِ هَذِه الرِّوَايَة نعم الرِّوَايَات متعارضة فَفِي بَعْضهَا جَاءَ الْقصاص وَيُمكن التَّوْفِيق بِأَنَّهُ قضى بِالْقصاصِ ثمَّ وَقع الصُّلْح والتراضي على الدِّيَة وَفِيه أَن دِيَة الْعمد على الْقَاتِل لَا الْعَاقِلَة الا أَن يُقَال أَنهم تحملوا عَنْهَا برضاهم فَتَأمل وَالله تَعَالَى أعلم وورثها بتشديدالراء وَالظَّاهِر أَن الضَّمِير للْقَاتِل بِنَاء على أَنَّهَا مَاتَت بعد ذَلِك أَيْضا وَلَا اسْتهلّ أَي وَلَا صَاح عِنْد الْولادَة ليعرف بِهِ أَنه مَاتَ بعد ان كَانَ حَيا يطلّ هُوَ اما مضارع بِضَم الْيَاء الْمُثَنَّاة وَتَشْديد اللَّام أَي يهدر ويلغي أَو مَاض بِفَتْح الْبَاء الْمُوَحدَة وَتَخْفِيف اللَّام من الْبطلَان من أجل سجعه أَي قَالَ لَهُ ذَلِك لاجل سجعه قَالَ الْخطابِيّ لم يعبه بِمُجَرَّد السجع بل بِمَا تضمنه سجعه من الْبَاطِل أَو إِنَّمَا ضرب الْمثل بالكهان لأَنهم كَانُوا يروجون أقاويلهم الْبَاطِلَة بأسجاع ترقق الْقُلُوب ليميلوا إِلَيْهَا والا فالسجع فِي مَوضِع الْحق جَاءَ كثيرا قلت وَالظَّاهِر أَن مَا جَاءَ جَاءَ بِلَا قصد(8/48)
وَالْقَصْد إِلَيْهِ غير لَائِق مُطلقًا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4821] عَن عبيد بن نضيلة بِالتَّصْغِيرِ فيهمَا وَيُقَال بن نَضْلَة بِالتَّكْبِيرِ بِفَتْح نون فَسُكُون ضاد مُعْجمَة قَوْله أدّى صِيغَة الْمُتَكَلّم من الدِّيَة وَلَا صَاح أَي عِنْد الْولادَة فَاسْتهلَّ أَي فَيُقَال أَنه اسْتهلّ وَلَا بُد من تَقْدِير مثل ذَلِك والاستهلال هُوَ الصياح عِنْد الْولادَة فَلَا يَصح أَن يعْطف عَلَيْهِ بِالْفَاءِ فَلْيتَأَمَّل وَالله تَعَالَى أعلم(8/49)
قَوْله تغرمني بِالْخِطَابِ وَتَشْديد الرَّاء(8/50)
قَوْله جارتان أَي ضرتان صخب بِفتْحَتَيْنِ أَي ارْتِفَاع صَوت ومخاصمة قَوْله(8/51)
[4828] وَالْأُخْرَى أم غطيف قَالَ السُّيُوطِيّ الْمَعْرُوفُ أُمُّ عَفِيفٍ بِنْتُ مَسْرُوحٍ زَوْجُ حَمَلِ بن مَالك كَذَا فِي مبهمات الْخَطِيب وَأسد الْغَابَةِ وَلَمْ يُذْكَرْ فِي الصَّحَابِيَّاتِ مَنِ اسْمُهَا أم عطيف بِالْعينِ الْمُهْملَة وَقد يُقَال أم عفيف بنت مسروح الهذلية زوج حمل بن مَالك الْهُذلِيّ تقدم ذكرهَا فِي مليكَة ثمَّ ذكر أم غطيف فِي الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَقَالَ هِيَ أم غطيف الهذليه فِي أم عفيف فِي الْعين الْمُهْملَة وَقَالَ فِي مليكَة أَنَّهَا بنت عُوَيْمِر الهذلية وَقيل بنت عويم بِغَيْر رَاء وتكني أم عفيف وَقيل غطيف وَالْأول الْمُعْتَمد وَالثَّانِي وَقع فِي كَلَام أبي عمر فَهُوَ تَصْحِيف وَهَذَا يدل على أَن مليكَة هِيَ الَّتِي فِي كنيتها اخْتِلَاف أَنَّهَا أم عفيف أَو أم غطيف وَهَذَا بعيد وَإِنَّمَا الْخلاف فِي كنية الْأُخْرَى وَأَيْضًا قَوْله وَالثَّانِي وَقع فِي كَلَام أبي عمر بعيد فقد جَاءَ عَن بن عَبَّاس أَنَّهَا أم غطيف كَمَا فِي النَّسَائِيّ وَذكر الْقُسْطَلَانِيّ فِي الدِّيات وَفِي رِوَايَة الْبَيْهَقِيّ وَأبي نعيم فِي الْمعرفَة عَن بن عَبَّاس أَن الْمَرْأَة الْأُخْرَى أم غطيف وَذكر أَن الَّذِي فِي مُسْند أَحْمد وَالطَّبَرَانِيّ أَن الرامية أم عفيف وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لمولى أَي لمعتق بِالْفَتْح
[4829] أَن يتَوَلَّى مُسلما أَي يتَّخذ مُسلما آخر غير مُعْتقه بِالْكَسْرِ مولى لَهُ وَيَقُول مولَايَ فلَان بِغَيْر اذنه أَي بِغَيْر اذن مَوْلَاهُ وَهَذَا الْقَيْد لزِيَادَة التقبيح والا فَلَا يجوز ذَلِك مَعَ الْإِذْن أَيْضا وَلَا يخفى مَا فِي هَذِه الرِّوَايَة من الِاخْتِصَار المخل لَكِن الرِّوَايَات الاخر مبينَة للمرادقوله(8/52)
[4830] من تطبب أَي تكلّف فِي الطِّبّ وَهُوَ لَا يُعلمهُ فَهُوَ ضَامِن لما أتْلفه بطبه
قَوْله
[4832] أشهد بِهِ أَي أشهد بِكَوْنِهِ ابْني أما انك الخ أَي جِنَايَة كل مِنْهُمَا قَاصِرَة عَلَيْهِ لَا تتعداه إِلَى غَيره وَلَعَلَّ المُرَاد الْإِثْم والا فَالدِّيَة متعدية وَيحْتَمل أَن يخص الْجِنَايَة بالعمد وَالْمرَاد أَنه لَا يقتل الا الْقَاتِل لَا غَيره كَمَا كَانَ عَلَيْهِ أَمر الْجَاهِلِيَّة فَهُوَ أَخْبَار بِبُطْلَان أَمر الْجَاهِلِيَّة وَيُؤَيِّدهُ الحَدِيث الْآتِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/53)
[4840] السَّادة لمكانها بتَشْديد الدَّال أَي الْبَاقِيَة الثَّابِتَة فِي مَكَانهَا أَي لم تخرج من الحدقة فَبَقيت فِي الظَّاهِر على مَا كَانَت وَلم يذهب جمال الْوَجْه لَكِن ذهب ابصارها وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4842] خمْسا خمْسا مَنْصُوب على التَّمْيِيز أَي مُتَسَاوِيَة من حَيْثُ وجوب خمس من الْإِبِل فِي الدِّيَة قَوْله(8/55)
[4843] الْأَصَابِع عشر عشر أَي دِيَة الْأَصَابِع عشر عشر جعلت سَوَاء وان كَانَت مُخْتَلفَة الْمعَانِي وَالْمَنَافِع قصدا للضبط وَكَذَا الْأَسْنَان وَلَو اعْتبرت الْمَنْفَعَة لاختلف الْأَمر اخْتِلَافا شَدِيدا قَوْله(8/56)
[4852] وَفِي المواضح جمع مُوضحَة وَهِي الشَّجَّة الَّتِي توضح الْعظم أَي تظهره والشجة الْجراحَة وَإِنَّمَا تسمى شجة إِذا كَانَت فِي الْوَجْه والراس وَالْمرَاد فِي كل وَاحِدَة من الْمُوَضّحَة خمس قَالُوا وَالَّتِي فِيهَا خمس من الْإِبِل مَا كَانَ فِي الرَّأْس وَالْوَجْه وَأما فِي غَيرهمَا فَحُكُومَة عدل قَوْله أَن من اعتبط الخ يُقَال عبطت النَّاقة إِذا ذبحتها من غير مرض أَي من قَتله بِلَا جِنَايَة وَلَا جريرة(8/57)
[4853] فَإِنَّهُ قَود أَي فان الْقَاتِل يقتل بِهِ ويقاد إِذا أوعب جدعه أَي قطع جَمِيعه الدِّيَة أَي الْكَامِلَة فِي الادمي كُله وَفِي البيضتين أَي الخصيتين وَفِي المأمومة أَي فِي الشَّجَّة الَّتِي تصل إِلَى أم الدِّمَاغ وَهِي جلدَة فَوق الدِّمَاغ وَفِي الْجَائِفَة أَي الطعنة الَّتِي تبلغ جَوف الرَّأْس أوجوف الْبَطن وَفِي المنقلة هِيَ شجة يخرج مِنْهَا صغَار الْعظم وينقل عَن أماكنها وَقيل هِيَ الَّتِي تنقل الْعظم أَي تكسره قَوْله(8/58)
[4858] فالتقم عينه من خصَاصَة الْبَاب الْخَصَاصَة ضبط بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَالصَّاد الْمُهْمَلَتَيْنِ الفرجة وَالْمعْنَى جعل فُرْجَة الْبَاب محاذي عينه كَأَنَّهَا لقْمَة لَهَا فَبَصر بِهِ بِضَم الصَّاد فتوخاه أَي طلبه ليفقأ كيمنع آخِره همزَة أَي ليشق انقمع أَي رد بَصَره وَرجع قَوْله من جُحر بِتَقْدِيم الْجِيم المضمومة على الْحَاء الْمُهْملَة الساكنة أَي من ثقب بمدري بِكَسْر مِيم وَسُكُون دَال مُهْملَة مَقْصُور شَيْء يعْمل من حَدِيد أَو خشب على شكل سنّ من أَسْنَان الْمشْط يسرح بِهِ الشّعْر تنظرني أَي تراني قَوْله(8/60)
[4860] فَلَا دِيَة لَهُ وَلَا قصاص لَكِن لَا يصدق الَّذِي فعل فِي ذَلِك الا بِشُهُود قَوْله فدرأه بِهَمْزَة أَي دَفعه فَلم يرجع من الْمُرُور بل اسْتمرّ مارا
[4862] مَا ضَربته إِنَّمَا ضربت الشَّيْطَان أَي مَا ضَربته وَهُوَ بن أخي وَلَكِن ضَربته(8/61)
وَهُوَ شَيْطَان فَلَا يرد أَنه لَا يَصح نفي الْحَقِيقَة فَلَا يَصح أَن يَقُول مَا ضَربته الا أَن يكون كذبا قَوْله فَقَالَ لم ينسخها بِشَيْء الخ قد سبق تَحْقِيق هَذَا الحَدِيث فِي كتاب تَحْرِيم الدَّم(8/62)
وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ هِيَ الْكَاذِبَةُ الْفَاجِرَةُ كَاَلَّتِي يَقْتَطِعُ بِهَا الْحَالِفُ مَالَ غَيْرِهِ سُمِّيَتْ غَمُوسًا لِأَنَّهَا تغمس فِي الْإِثْم وَالنَّار وفعول للْمُبَالَغَة قَوْله(8/63)
[4869] لَا يَزْنِي الْعَبْدُ حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ هَذَا وَأَمْثَاله حمله الْعلمَاء على التَّغْلِيظ وعَلى كَمَال الْإِيمَان وَقيل المُرَاد بِالْإِيمَان الْحيَاء لكَونه شُعْبَة من الْإِيمَان فَالْمَعْنى لَا يَزْنِي الزَّانِي وَهُوَ يستحيي من الله تَعَالَى وَقيل المُرَاد بِالْمُؤمنِ ذُو الْأَمْن من الْعَذَاب وَقيل النَّفْي بِمَعْنى النَّهْي أَي لَا يَنْبَغِي للزاني أَن يَزْنِي وَالْحَال أَنه مُؤمن فَإِن مُقْتَضى الْإِيمَان أَن لَا يَقع فِي مثل هَذِه الْفَاحِشَة وَالله تَعَالَى أعلم
(كتاب قطع السَّارِق)
قَوْله
[4870] وَلَا ينتهب نهبة النهب الاخذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَالنهبَة بِالْفَتْح مصدر وبالضم المَال المنهوب والتوصيف بالشرف بِاعْتِبَار متعلقها الَّذِي هُوَ المَال والتوصيف بِرَفْع أبصار النَّاس لبَيَان قسوة قلب فاعلها وَقلة رَحمته وحيائه قَوْله(8/64)
[4871] ثمَّ التَّوْبَة معروضة أَي من الله تَعَالَى على الْمُؤمن مَفْتُوح بَابهَا أَي فَإِذا تَابَ تَابَ الله عَلَيْهِ بعد أَي إِلَى وقتنا هَذَا
قَوْله
[4872] خلع ربقة الْإِسْلَام الربقة فِي الأَصْل عُرْوَة فِي حَبل يَجْعَل فِي عنق الْبَهِيمَة أَو يَدهَا وَالْمرَاد هَا هُنَا تَشْبِيه الْإِسْلَام بهَا كَأَنَّهُ طوق فِي عنق الْمُسلم لَازم بِهِ لُزُوم الربقة فَإِذا بَاشر بعض هَذِه الْأَفْعَال فَكَأَنَّهُ خلع هَذَا الطوق من عُنُقه
قَوْله
[4873] يسرق الْبَيْضَة أَي بَيْضَة الدَّجَاجَة وَهَذَا تقليل لمسروقه بِالنّظرِ إِلَى يَده المقطوعة فِيهِ كَأَنَّهُ كالبيضة وَالْحَبل مِمَّا لَا قيمَة لَهُ وَقيل المُرَاد أَنه يسرق قدر الْبَيْضَة وَالْحَبل أَو لَا ثمَّ يجترئ إِلَى أَن يقطع يَده وَقيل المُرَاد بالبيضة بَيْضَة الْحَدِيد وبالحبل حَبل السَّفِينَة وكل وَاحِد مِنْهُمَا لَهُ قيمَة وَلَا يخفى أَنه لَا يُنَاسب سوق الحَدِيث فَإِنَّهُ مسوق لتحقير مسروقه وتعظيم عُقُوبَته وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/65)
[4874] من الكلاعيين نِسْبَة إِلَى ذِي كلاع بِفَتْح كَاف وخفة لَام قَبيلَة من الْيمن فحبسهم الْحَبْس للتُّهمَةِ جَائِز وَقد جَاءَ عَنهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَنه حبس رجلا فِي تُهْمَة كَمَا سَيَجِيءُ أخذت من ظهوركم أَي قصاصا وَنقل عَن أبي دَاوُد فِي بعض نسخ السّنَن أَنه قَالَ إِنَّمَا أرهبهم بِهَذَا القَوْل أَي لَا أحب الضَّرْب الا بعد الِاعْتِرَاف قلت كنى بِهِ أَنه لَا يحل ضَربهمْ فَإِنَّهُ لَو جَازَ لجَاز ضربكم أَيْضا قصاصا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/66)
[4877] مَا اخالك بِكَسْر الْهمزَة هُوَ الشَّائِع الْمَشْهُور بَين الْجُمْهُور وَالْفَتْح لُغَة بعض وان كَانَ هُوَ الْقيَاس لكَونه صِيغَة الْمُتَكَلّم من خَال كخاف بِمَعْنى ظن قيل أَرَادَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم تلقين الرُّجُوع عَن الِاعْتِرَاف وَللْإِمَام ذَلِك فِي السَّارِق إِذا اعْترف كَمَا يُشِير إِلَيْهِ تَرْجَمَة المُصَنّف وَمن لَا يَقُول بِهِ يَقُول لَعَلَّه ظن بالمعترف غَفلَة عَن معنى السّرقَة وأحكامها أَو لِأَنَّهُ استبعد اعترافه بذلك لِأَنَّهُ مَا وجد مَعَه مَتَاع وَاسْتدلَّ بِهِ من يَقُول لَا بُد فِي السّرقَة من تعددالاقرار فَقَالَ لَهُ قل الخ لَعَلَّ المُرَاد الاسْتِغْفَار وَالتَّوْبَة من سَائِر الذُّنُوب أَو لَعَلَّه قَالَ ذَلِك ليعزم على عدم الْعود إِلَى مثله فَلَا دَلِيل لمن قَالَ الْحُدُود لَيست كَفَّارَات لأَهْلهَا مَعَ ثُبُوت كَونهَا كَفَّارَات بالأحاديث الصِّحَاح الَّتِي كَادَت تبلغ حد التَّوَاتُر كَيفَ وَالِاسْتِغْفَار مِمَّا أَمر بِهِ النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ اسْتغْفر لذنبك وَقد قَالَ تَعَالَى لقد تَابَ الله على النَّبِي لمعان ومصالح ذكرُوا فِي مَحَله فَمثله(8/67)
لَا يصلح دَلِيلا على بَقَاء ذَنْب السّرقَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4878] فَأمر بِقِطْعَة قيل أَي بعد اقراره بِالسَّرقَةِ قلت وَهُوَ الْوَارِد والا فَيحْتَمل أَن يُقَال أَنه بعد قيام الْبَيِّنَة قد تجاوزت عَنهُ وَقد جَاءَ انه قَالَ أبيعه مِنْهُ أَو أهبه لَهُ يُرِيد أَن يَجْعَل الرِّدَاء ملكا لَهُ فيرتفع مُسَمّى السّرقَة فَمَا قبل صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم شَيْئا من ذَلِك وَقَالَ أَفلا كَانَ الخ أَي لَو تركته قبل احضاره عِنْدِي لنفعه ذَلِك وَأما بعد ذَلِك فَالْحق للشَّرْع لَا لَك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/68)
[4881] أَنه طَاف بِالْبَيْتِ الْمَشْهُور أَن الْقَضِيَّة كَانَت فِي مَسْجِد النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَمَا سَيَجِيءُ ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْمَسْجِد حرز فِي حق النَّائِم عِنْد مَاله فِيهِ قَوْله(8/69)
[4885] تعافوا الْحُدُود أَي تجاوزوا عَنْهَا وَلَا ترفعوها إِلَى فَانِي مَتى علمتها أقمتها
قَوْله
[4887] تستعير الْمَتَاع قيل ذكرت الْعَارِية تعريفا لحالها الشنيعة لَا لِأَنَّهَا سَبَب الْقطع وَسبب الْقطع إِنَّمَا كَانَ السّرقَة لَا جحد الْعَارِية قَالَ الْجُمْهُور لَا قطع على من جحد الْعَارِية وَقَالَ أَحْمد وَإِسْحَاق بِالْقطعِ قلت قَول الرَّاوِي فَأمر(8/70)
بِالْفَاءِ ظَاهر فِي قَول أَحْمد وآب عَن تَأْوِيل الْجُمْهُور وَقد جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي ذَلِك وَمَا جَاءَ من لفظ السّرقَة فِي بعض الرِّوَايَات فَيحْتَمل التَّأْوِيل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/71)
[4897] الا حبه بِكَسْر الْحَاء أَي محبوبه قَوْله يعْرفُونَ على بِنَاء الْمَفْعُول وَكَذَا
قَوْله
[4898] وَهِي لَا تعرف قَوْله(8/73)
[4904] خير لأهل الأَرْض أَي أَكثر بركَة فِي الرزق وَغَيره من الثِّمَار والأنهار من أَن يمطروا على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال مطرتهم السَّمَاء ومطروا
قَوْله
[4906] قطع رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي مجن بِكَسْر فَفتح فتشديد نون اسْم لكل مَا يستر بِهِ من الترس وَنَحْوه ثمَّ ظَاهر الْكتاب نوط الْقطع بتحقق مُسَمّى السّرقَة قَالَ تَعَالَى وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا لَكِن الْأَئِمَّة اتَّفقُوا على تَقْيِيد هَذَا الْإِطْلَاق وَاخْتلفُوا فِي الْقدر الَّذِي يقطع فِيهِ وَلَا يخفى أَن حَدِيث فِي مجن قِيمَته خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم لَا يدل على تعْيين أَن ذَلِك الْقدر خَمْسَة دَرَاهِم أَو ثَلَاثَة دَرَاهِم وَلَا يَنْفِي الْقطع فِيمَا دونه لَا منطوقا وَلَا مفهوما لِأَنَّهُ حِكَايَة حَال لَا عُمُوم لَهُ وَكَذَا مَا جَاءَ من الْقطع فِي عشرَة دَرَاهِم وَقد جَاءَ التَّحْدِيد فِي الرِّوَايَات الصَّحِيحَة بِربع دِينَار فَالْأَقْرَب القَوْل بِهِ وَمَا جَاءَ من الْقطع بِثَلَاثَة دَرَاهِم فقد جَاءَ أَن ثَلَاثَة دَرَاهِم كَانَ ربع الدِّينَار فِي ذَلِك الْوَقْت فَصَارَ الأَصْل ربع الدِّينَار وَقد اعْترف بِقُوَّة هَذَا القَوْل كثير من الْمُخَالفين وَمن زَاد فِي التَّحْدِيد على ربع الدِّينَار اعتذر بِأَن أَحَادِيث التَّحْدِيد لَا تَخْلُو عَن اضْطِرَاب وَقد اتَّفقُوا على أَن لَا قطع بمطاق مُسَمّى السّرقَة وَيَد الْمُسلم لَهُ حُرْمَة فَلَا(8/76)
يَنْبَغِي قطعهَا بِالشَّكِّ وَفِيمَا دون عشرَة دَرَاهِم حصل الشَّك بِوَاسِطَة الِاضْطِرَاب فِي الحَدِيث وَاخْتِلَاف الْأَئِمَّة فَالْوَجْه تَركه وَالْأَخْذ بِالْعشرَةِ الَّتِي لَا خلاف لأحد فِي الْقطع بهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله سرق كضرب
[4909] من صفة النِّسَاء بِضَم صَاد وَتَشْديد فَاء قَوْله(8/77)
يَعْنِي ثمن الْمِجَن المُرَاد بِالثّمن الْقيمَة إِذْ الْأَشْيَاء تحد وتعرف بالقيم لَا بالأثمان ثمَّ المُرَاد مجن معِين وَهُوَ مَا قِيمَته ربع دِينَار أَو الْمِجَن عِنْدهم غَالِبا مَا كَانَ أقل من ربع دِينَار والا فالمجن مُخْتَلف الْقيمَة فَلَا يصلح للضبط وَأما ثلث دِينَار أونصف دِينَار فَهُوَ مُخَالف للمشهور وَهُوَ ربع دِينَار مَعَ مَا فِيهِ من الشَّك وَالله تَعَالَى أعلم(8/78)
قَوْله
[4937] الا فِي الْمِجَن أَو ثمنه هُوَ شكّ من الروَاة وَالْمرَاد بِثمن الْمِجَن قِيمَته كَمَا تقدم
قَوْله
[4938] الْمِجَن أَرْبَعَة دَرَاهِم كَأَن قِيمَته كَانَت أَحْيَانًا أَرْبَعَة دَرَاهِم أَو كَانَ ربع الدِّينَار كَانَ أَرْبَعَة دَرَاهِم فحدد عُرْوَة بذلك والا فالمدار على ربع الدِّينَار قَوْله(8/81)
[4940] لَا تقطع الْخمس أَي خمس أَصَابِع وَهُوَ كِنَايَة عَن الْيَد الا فِي الْخمس أَي خمس دَرَاهِم وَهَذَا لَا يُقَابل الْمَرْفُوع الصَّحِيح
قَوْله
[4941] فِي أدنى من حجفة بحاء مُهْملَة ثمَّ جِيم مفتوحتين هِيَ الدرقة وَهِي مَعْرُوفَة كَذَا ذكره النَّوَوِيّ
قَوْله
[4943] وَثمن الْمِجَن يَوْمئِذٍ دِينَار هَذَا حِكَايَة مَا بَلغهُمْ من ثمن الْمِجَن فِي بعض أَوْقَات تِلْكَ الْأَيَّام أَو هُوَ ثمن قسم من الْمِجَن فِي ذَلِك الزَّمَان فزعموا أَنه الْحَد لَكِن حِين أَن الْحَد ربع الدِّينَار فَلَا ينظر إِلَى هَذَا الْمقَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/82)
[4957] فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ مُعَلّق أَي بالأشجار الجرين كأمير مَوضِع يجمع فِيهِ التَّمْر ويجفف وَالْمَقْصُود أَنه لَا بُد فِي تحقق الْحِرْز فِي الْقطع فِي حريسة الْجَبَل أَرَادَ بهَا الشَّاة المسروقة من المرعى والاحتراس أَن يُؤْخَذ الشَّيْء من المرعى يُقَال فلَان يَأْكُل الحرسات إِذا كَانَ يَأْكُل أَغْنَام النَّاس كَذَا نقل عَن شرح السّنة المراح بِفَتْح الْمِيم الْمحل ترجع إِلَيْهِ وتبيت فِيهِ قَوْله مَا أصَاب عبارَة عَن الثَّمر وَضمير الْمَفْعُول مَحْذُوف
[4958] من ذِي حَاجَة من زَائِدَة وَحَمَلُوهُ على حَالَة الِاضْطِرَار أَي فَقَالُوا إِنَّمَا أُبِيح للْمُضْطَر والخبنة بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون الْبَاء الْمُوَحدَة وَنون مِعْطَفُ الْإِزَارِ وَطَرَفُ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ فِي ثَوْبه فَلَا شَيْء عَلَيْهِ أَي على الْمُصِيب وَلَا بُد من تَقْدِير فِيهِ أَي فِي ذَلِك الثَّمر غَرَامَة مثلية(8/85)
بالتثنية وَقد جَاءَ بالافراد فِي بعض نسخ أبي دَاوُد وَهُوَ أظهر وأمثل بقواعد الشَّرْع والتثنية من بَاب التَّعْزِير بِالْمَالِ وَالْجمع بَينه وَبَين الْعقُوبَة وغالب الْعلمَاء على نسخ التَّعْزِير بِالْمَالِ
قَوْله
[4959] فَقَالَ هِيَ أَي على من سَرَقهَا هِيَ وَمثلهَا والنكال أَي الْعقُوبَة
قَوْله
[4960] لَا قطع فِي ثَمَر بِفتْحَتَيْنِ فسر بِمَا كَانَ مُعَلّقا بِالشَّجَرِ قبل أَن يجد ويحرز كَمَا تقدم وَقيل المُرَاد بِهِ أَنه لَا قطع فِيمَا يتسارع إِلَيْهِ الْفساد وَلَو بعد الْإِحْرَاز(8/86)
وَلَا كثر بِفتْحَتَيْنِ جمار النّخل(8/87)
قَوْله
[4971] على خائن هُوَ الاخذ مِمَّا فِي يَده على وَجه الْأَمَانَة وَلَا منتهب النهب الْأَخْذ على وَجه الْعَلَانِيَة والقهر وَلَا مختلس الاختلاس أَخذ الشَّيْء من ظَاهر بِسُرْعَة قَالُوا كل ذَلِك لَيْسَ فِيهِ معنى السّرقَة قَالَ القَاضِي عِيَاض شرع الله إِيجَاب الْقطع على السَّارِق وَلم يَجْعَل ذَلِك فِي غَيرهَا كالاختلاس والانتهاب وَالْغَصْب لِأَن ذَلِك قَلِيل بِالنِّسْبَةِ إِلَى السّرقَة وَلِأَنَّهُ يُمكن استرجاع هَذَا النَّوْع باستعداء الْوُلَاة ويسهل إِقَامَة الْبَيِّنَة(8/88)
عَلَيْهِ بِخِلَاف السّرقَة فَعظم أمرهَا واشتدت عقوبتها ليَكُون أبلغ فِي الزّجر عَنْهَا(8/89)
قَوْله
[4977] فَقَالَ اقْتُلُوهُ سُبْحَانَ من أجْرى على لِسَانه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَا آل إِلَيْهِ عَاقِبَة أمره والْحَدِيث يدل بِظَاهِرِهِ على أَن السَّارِق فِي الْمرة الْخَامِسَة يقتل وَقد جَاءَ الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَرْفُوعا عَن جَابر فِي أبي دَاوُد وَالنَّسَائِيّ فِي الرِّوَايَة وَالْفُقَهَاء على خِلَافه فَقيل لَعَلَّه وجد مِنْهُ ارتداد أوجب قَتله وَهَذَا الِاحْتِمَال أوفق بِمَا فِي حَدِيث جَابر أَنهم جروه وألقوه فِي الْبِئْر إِذْ الْمُؤمن وان ارْتكب كَبِيرَة فَإِنَّهُ يقبر وَيصلى عَلَيْهِ لَا سِيمَا بعد إِقَامَة الْحَد وتطهيره وَأما الاهانة بِهَذَا الْوَجْه فَلَا تلِيق بِحَال الْمُسلم وَقيل بل حَدِيث الْقَتْل فِي الْمرة الْخَامِسَة مَنْسُوخ بِحَدِيث لَا يحل دم امْرِئ مُسلم الحَدِيث وَأَبُو بكر مَا علم بنسخه فَعمل بِهِ وَفِيه أَن الْحصْر فِي ذَلِك الحَدِيث مُحْتَاج إِلَى التَّوْجِيه فَكيف يحكم بنسخ هَذَا الحَدِيث على أَن التَّارِيخ غير مَعْلُوم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/90)
[4978] ثمَّ كشر بيدَيْهِ وَرجلَيْهِ قيل هَكَذَا فِي النّسخ والكشر ظُهُور الْأَسْنَان للضحك وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى هَا هُنَا وَفِي الْكُبْرَى كسر بِالْمُهْمَلَةِ وَصحح عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهُ كثير معنى وَقد جَاءَ كشيش الأفعى بشينين معجمتين بِلَا رَاء بِمَعْنى صَوت جلدهَا إِذا تحركت يُقَال كشت تكش وَهَذَا الْمَعْنى صَحِيح هُنَا لوساعدته رِوَايَة قلت وُقُوع تَحْرِيف قَلِيل من النَّاسِخ غير بِعَبْد وَالله تَعَالَى أعلم فانصدعت الْإِبِل أَي تَفَرَّقت
قَوْله
[4979] لَا تقطع الْأَيْدِي فِي السّفر وَجَاء فِي رِوَايَات الحَدِيث فِي الْغَزْو وَهَذَا الحَدِيث أَخذ بِهِ الْأَوْزَاعِيّ وَلم يقل بِهِ أَكثر الْفُقَهَاء فَقَالَ قَائِل الحَدِيث ضَعِيف وَقَالَ قَائِل المُرَاد بقوله فِي غَزْو أَي فِي غنيمَة لِأَنَّهُ شريك بسهمه فِيهِ وَقيل هَذَا إِذا خيف لُحُوق الْمَقْطُوع يَده بدار الْحَرْب وَالله أعلم
قَوْله
[4980] وَلَو بنش بِفَتْح نون وَتَشْديد شين(8/91)
عشرُون درهما وَقيل يُطلق على النّصْف من كل شَيْء فَالْمُرَاد وَلَو بِنصْف الْقيمَة أَو بِنصْف دِرْهَم وَالله تَعَالَى أعلم وَالْمرَاد البيع مَعَ بَيَان الْحَال وَأمره بِالْبيعِ مَعَ أَنه يَنْبَغِي للْمُسلمِ أَن يحب لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ لِأَن الْإِنْسَان قد لَا يقدر على إصْلَاح حَاله وَيكون غَيره قَادِرًا عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله شعرته أَي الْعَانَة استحيي أَي ترك حَيا قَوْله وعلق يَده أَي ليَكُون عِبْرَة ونكالا قَالَ بن الْعَرَبِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ وَلَو ثَبت هَذَا الحكم لَكَانَ حسنا صَحِيحا لكنه لم يثبت وَيَرْوِيه الْحجَّاج بن أَرْطَاة قلت والْحَدِيث قد حسنه التِّرْمِذِيّ وَسكت عَلَيْهِ أَبُو دَاوُد وان تكلم فِيهِ النَّسَائِيّ وَالله تَعَالَى(8/92)
أعلم قَوْله لَا يغرم من التغريم أَي إِن وجد عِنْده عين الْمَسْرُوق يُؤْخَذ مِنْهُ وَإِلَّا يتْرك بعد إِجْرَاء الْحَد عَلَيْهِ وَلَا يضمن وَبِه أَخذ الإِمَام أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى وَالْجُمْهُور يَتَكَلَّمُونَ فِي الحَدِيث بِأَنَّهُ مُرْسل كَمَا ذكره المُصَنّف وَذَلِكَ لِأَن الْمسور بن إِبْرَاهِيم لم يسمع عَن عبد الرَّحْمَن وَرِوَايَته عَنهُ مُرْسلَة والمرسل لَيْسَ بِحجَّة عِنْد بعض فَكيف يُؤْخَذ بِهِ فِي مُقَابلَة الْعِصْمَة الثَّابِتَة لمَال الْمُسلم قطعا لَكِن الْإِرْسَال عِنْد أبي حنيفَة لَيْسَ بحرج فَإِن الْمُرْسل عِنْده حجَّة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله أَي الْأَعْمَال أفضل إِلَخ قد جَاءَ فِي أفضل الْأَعْمَال أَحَادِيث مُخْتَلفَة ذكر الْعلمَاء فِي التَّوْفِيق(8/93)
بَينهَا وُجُوهًا وَأحسن مَا قَالُوا أَنه خَاطب كل شخص بِالنّظرِ إِلَى مقَامه وَمَا يَقْتَضِيهِ حَاله كَمَا هُوَ حَال الْحَكِيم نعم لَا اشكال فِي هَذَا الحَدِيث فَإِن الظَّاهِر أَن الْإِيمَان أفضل الْأَعْمَال على الْإِطْلَاق وَفِيه إِطْلَاق اسْم الْعَمَل على الْإِيمَان وَأَنه لَا يخْتَص بِأَفْعَال الْجَوَارِح وعَلى هَذَا فعطف الْعَمَل على الْإِيمَان فِي مَوَاضِع من الْقُرْآن مثل ان الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات من عطف الْأَعَمّ على الْأَخَص الا أَن يخص الْعَمَل فِي الْآيَة بِعَمَل الْجَوَارِح بِقَرِينَة الْمُقَابلَة فَيكون من عطف المتباينين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يشك فِيهِ أَي فِي مُتَعَلّقه وَهُوَ الْمُؤمن بِهِ وَالْمرَاد بِنَفْي الشَّك نفي احْتِمَال مُتَعَلقَة النقيض بِوَجْه من الْوُجُوه كَمَا هُوَ الْمَعْنى اللّغَوِيّ لَا نفي الِاحْتِمَال الْمسَاوِي كَمَا هُوَ الْمُتَعَارف فِي الِاصْطِلَاح فَرجع حَاصِل الْجَواب إِلَى أَنه التَّصْدِيق اليقيني دون الظني فَإِن التَّصْدِيق يكون على وَجه الْيَقِين وَالظَّن فَلَا يرد أَن الشَّك لَا يجْتَمع مَعَ التَّصْدِيق أصلا فَلَا فَائِدَة فِي هَذَا الْوَصْف وَحمل الشَّك فِيهِ على إِظْهَار الشَّك فِيهِ بِلَفْظ الِاسْتِثْنَاء بِأَن يَقُول أَنا مُؤمن ان شَاءَ الله بعيد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ثَلَاث أَي ثَلَاث خِصَال أَي خِصَال ثَلَاث وَهُوَ مُبْتَدأ للتخصيص وَالْجُمْلَة الشّرطِيَّة خبر أوصفه وَقَوله أَن يكون الله الخ خبر وَمعنى من كن أَي وجدن فَكَانَ تَامَّة أَو من كن مجتمعة فِيهِ وَهِي نَاقِصَة
[4987] وجد بِهن بِسَبَب وجودهن فِيهِ أَو اجتماعهن فِيهِ حلاوة الْإِيمَان أَي انْشِرَاح الصَّدْر بِهِ وَلَذَّة الْقلب لَهُ تشبه لَذَّة الشَّيْء إِلَى حُصُول(8/94)
فِي الْفَم وطعمه عطفه عَلَيْهَا كعطف التَّفْسِير وَقيل الْحَلَاوَة الْحسن وَبِالْجُمْلَةِ فللايمان لَذَّة فِي الْقلب تشبه الْحَلَاوَة الحسية بل رُبمَا يغلب عَلَيْهَا حَتَّى يدْفع بهَا أَشد المرارات وَهَذَا مِمَّا يعلم بِهِ من شرح الله صَدره لِلْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ ارزقناها مَعَ الدَّوَام عَلَيْهَا أحب إِلَيْهِ قيل هُوَ الْحبّ الِاخْتِيَارِيّ لَا الطبعي ومرجعه إِلَى أَن يخْتَار طاعتهما على هوى النَّفس وَغَيرهَا وَأَن يحب أَي غير الله فِي الله أَي لأَجله لَا لأجل هَوَاهُ وَأَن يبغض كل مَا يبغض فِي الله أَي لأَجله وهما جَمِيعًا خصْلَة وَاحِدَة للُزُوم بَينهمَا عَادَة وَحَاصِل(8/95)
هَذَا هُوَ أَن يكون الله تَعَالَى عِنْده هُوَ المحبوب بِالْكُلِّيَّةِ وَأَن يكون النَّفس مفقودا فِي جنب الله فَلَا يَرَاهَا أصلا الا لله من حَيْثُ كَونهَا عبدا لَهُ تَعَالَى وَعند ذَلِك يصير النَّفس وَغَيره سَوَاء الْوُجُود هَذَا الْقدر فِي الْكل فَينْظر إِلَى الْكل بِحَدّ سَوَاء وَلَا يرجح النَّفس على الْغَيْر أصلا بل رجح الْقَرِيب إِلَى الله بِقدر قربه على نَفسه وَحِينَئِذٍ يظْهر فِيهِ آثَار قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يحب لنَفسِهِ نعم هَذَا لَا يُنَافِي تَقْدِيم نَفسه على غَيره فِي الْإِنْفَاق وَغَيره لأجل أَمر الله تَعَالَى بذلك وَأَن توقد الخ ظَاهره أَنه مُبْتَدأ خَبره أحب إِلَيْهِ لَكِن عد الْجُمْلَة من الْخِصَال غير مُسْتَقِيم فَالْوَجْه أَن يقدر أَن يكون وَيجْعَل أَن يُوقد الخ اسْما لَهُ وَأحب بِالنّصب خَبرا أَي وَأَن يكون ايقاد نَار عَظِيمَة فوقوعه فِيهَا أحب إِلَيْهِ من الشّرك أَي أَن يصير الشّرك عِنْده لقُوَّة اعْتِقَاده بجزائه الَّذِي هُوَ النَّار المؤبدة بِمَنْزِلَة جَزَائِهِ فِي الْكَرَاهَة والنفرة عَنهُ فَكَمَا أَنه لَو خير بَين نَار الْآخِرَة ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا كَذَلِك لَو خير بَين الشّرك ونار الدُّنْيَا لاختار نَار الدُّنْيَا ومرجع هَذَا أَن يصير الْغَيْب عِنْده من قُوَّة الِاعْتِقَاد كالعيان كَمَا روى عَن عَليّ لَو كشف الغطاء مَا ازددت يَقِينا وَلَا يخفى أَن من تكون عقيدته من الْقُوَّة بِهَذَا الْوَجْه ومحبة الله تَعَالَى بذلك الْوَجْه فَهُوَ حقيق بِأَن يجدمن لَذَّة الْإِيمَان مَا يجد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من أحب الْمَرْء تَفْصِيل للموصوفين بِتِلْكَ الصِّفَات الثَّلَاث ليتبين بِهِ الصِّفَات الثَّلَاث وَالْمرَاد من الْمَرْء من يُحِبهُ من النَّاس يَشْمَل نَفسه وَغَيره
[4988] أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ الله مِنْهُ قيد على حسب وقته إِذْ النَّاس كَانُوا فِي وقته أَسْلمُوا بعد سبق الْكفْر وَهُوَ كِنَايَة عَن معنى بعد أَن رزقه الله الْإِسْلَام وهداه إِلَيْهِ وَالرُّجُوع على الأول على حَقِيقَته وعَلى الثَّانِي كِنَايَة عَن الدُّخُول فِي الْكفْر قَوْله(8/96)
[4990] وَوضع كفيه على فَخذيهِ أَي فَخذي نَفسه جَالِسا على هَيْئَة المتعلم كَذَا ذكره النَّوَوِيّ وَاخْتَارَهُ التوربشتي بِأَنَّهُ أقرب إِلَى التوقير وأشبه بسمت ذَوي الْأَدَب أَو فَخذي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم ذكره الْبَغَوِيّ وَغَيره وَيُؤَيِّدهُ الْمُوَافقَة لقَوْله فأسند رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ وَرجحه بن حجر بِأَن فِي رِوَايَة بن خُزَيْمَة ثمَّ وضع يَدَيْهِ على ركبتي النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قَالَ وَالظَّاهِر أَنه أَرَادَ بذلك الْمُبَالغَة فِي تعمية أمره ليقوى الظَّن أَنه من جُفَاة الْأَعْرَاب قلت وَهَذَا الَّذِي نَقله من رِوَايَة بن خُزَيْمَة هُوَ رِوَايَة المُصَنّف فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة وَأبي ذَر والواقعة متحدة وَالله تَعَالَى أعلم(8/97)
يَا مُحَمَّد كَرَاهَة النداء باسمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي حق النَّاس لَا فِي حق الْمَلَائِكَة فَلَا اشكال فِي نِدَاء جِبْرِيل بذلك على أَن التعمية كَانَت مَطْلُوبَة أَن تشهد الخ حَاصله أَن الْإِسْلَام هُوَ الْأَركان الْخَمْسَة الظَّاهِرِيَّة يسْأَله وَالسُّؤَال يَقْتَضِي الْجَهْل بالمسئول عَنهُ ويصدقه والتصديق هُوَ الْخَبَر بِأَن هَذَا مُطَابق للْوَاقِع وَهَذَا فرع معرفَة الْوَاقِع وَالْعلم بِهِ ليعرف مُطَابقَة هَذَا لَهُ
[4990] أَن تؤمن بِاللَّه أَي تصدق فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ والايمان الْمَسْئُول عَنهُ الشَّرْعِيّ فَلَا دور وَفِي هَذَا التَّفْسِير إِشَارَة إِلَى أَن الْفرق(8/98)
بَين الْإِيمَان الشَّرْعِيّ واللغوي بِخُصُوص الْمُتَعَلّق فِي الشَّرْعِيّ وَحَاصِل الْجَواب أَن الْإِيمَان هُوَ الِاعْتِقَاد الباطني عَن الْإِحْسَان أَي الْإِحْسَان فِي الْعِبَادَة أَو الْإِحْسَان الَّذِي حث الله تَعَالَى عباده على تَحْصِيله فِي كِتَابه بقوله وَالله يحب الْمُحْسِنِينَ كَأَنَّك ترَاهُ صفة مصدر مَحْذُوف أَي عبَادَة كَأَنَّك فِيهَا ترَاهُ أوحال أَي وَالْحَال كَأَنَّك ترَاهُ وَلَيْسَ الْمَقْصُود على تَقْدِير الحالية أَن ينْتَظر بِالْعبَادَة تِلْكَ الْحَال فَلَا يُعِيد قبل تِلْكَ الْحَال بل الْمَقْصُود تَحْصِيل تِلْكَ الْحَال فِي الْعِبَادَة وَالْحَاصِل أَن الْإِحْسَان هُوَ مُرَاعَاة الْخُشُوع والخضوع وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا فِي الْعِبَادَة على وَجه راعاه لَو كَانَ رائيا وَلَا شكّ أَنه لَو كَانَ رائيا حَال الْعِبَادَة لما ترك مَا قدر عَلَيْهِ من الْخُشُوع وَغَيره وَلَا منشأ لتِلْك المراعاة حَال كَونه رائيا إِلَّا كَونه تَعَالَى رقيبا عَالما مطلعا على حَاله وَهَذَا مَوْجُود وان لم يكن العَبْد يرَاهُ تَعَالَى وَلذَلِك قَالَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فِي تَعْلِيله فَإِن لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك أَي وَهُوَ يَكْفِي فِي مُرَاعَاة الْخُشُوع بذلك الْوَجْه فَإِن على هَذَا وصلية لَا شَرْطِيَّة(8/99)
وَالْكَلَام بِمَنْزِلَة فَإنَّك وان لم تكن ترَاهُ فَإِنَّهُ يراك فليفهم مَا المسؤل عَنْهَا الخ أَي هما متساويان فِي عدم الْعلم أَن تَلد الْأمة ربتها أَي أَن تحكم الْبِنْت على الْأُم من كَثْرَة العقوق حكم السيدة على أمهَا وَلما كَانَ العقوق فِي النِّسَاء أَكثر خصت الْبِنْت وَالْأمة بِالذكر وَقد ذكرُوا وُجُوهًا أخر فِي مَعْنَاهُ قَوْله وَأَن ترى الحفاة العراة كل مِنْهُمَا بِضَم الأول العالة جمع عائل بِمَعْنى الْفَقِير رعاء الشَّاء كل مِنْهُمَا بِالْمدِّ وَالْأول بِكَسْر الرَّاء وَالْمرَاد الاعراب وَأَصْحَاب الْبَوَادِي يتطاولون بِكَثْرَة الْأَمْوَال(8/100)
فَلَبثت ثَلَاثًا أَي ثَلَاث لَيَال وَقد جَاءَ هَذَا فِي رِوَايَات كَثِيرَة وَهُوَ بَيَان لقَوْله فَلَبثت مَلِيًّا أَي زَمَانا طَويلا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[4991] وانا لجُلُوس جمع جَالس كالقعود أَو هُوَ من إِطْلَاق الْمصدر مَوضِع الْجمع حَتَّى سلم من طرف السماط السماط بِكَسْر السِّين الصَّفّ من النَّاس وَفِي بعض النّسخ حَتَّى سلم فِي طرف الْبسَاط وَهَذَا يدل على أَنهم فرشوا لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بساطا قَالَ أدنو صِيغَة الْمُتَكَلّم من الدنو بِمَعْنى الْقرب وهمزة الِاسْتِفْهَام مقدرَة قَالَ ادنه بِسُكُون الْهَاء للسكتة أَن تعبد الله أَي يوحده بِلِسَانِهِ على وَجه يعْتد بِهِ فَشَمَلَ الشَّهَادَتَيْنِ فَوَافَقَ هَذِه الرِّوَايَة رِوَايَة عمر وَكَذَا حَدِيث بني الْإِسْلَام على خمس وَجُمْلَة(8/101)
[4991] وَلَا تشرك بِهِ شَيْئا للتَّأْكِيد قَالَ إِذا فعلت على صِيغَة الْمُتَكَلّم أنكرناه استبعدنا كَلَامه وَقُلْنَا أَنه سَائل ومصدق وَبَين الوصفين تنَاقض قَالَ الْإِيمَان بِاللَّه أَي التَّصْدِيق بوحدانيته فَالْمُرَاد بِهِ الْمَعْنى اللّغَوِيّ كَمَا تقدم وتؤمن بِالْقدرِ الظَّاهِر أَنه من عطف الْفِعْل على الِاسْم الصَّرِيح وَالنّصب فِي مثله أحسن فَنَكس أَي طأطأ رَأسه أَي خفضه الرعاء البهم بِضَمَّتَيْنِ نعت للرعاء أَي السود وَقيل جمع بهيم بِمَعْنى الْمَجْهُول الَّذِي لَا يعرف وَمِنْه أبهم الْأَمر إِذا لم تعرف حَقِيقَته وَقيل أَي الْفُقَرَاء الَّذين لَا شَيْء لَهُم وعَلى هَذَا فهم رعاء لابل الْغَيْر لَا لابلهم إِذْ الْمَفْرُوض أَنه لَا شَيْء لَهُم وَقد يُقَال من يملك قدر الْقُوت على وَجه الضّيق لَا يُسمى غَنِيا وَلَا يُوصف بِأَن عِنْده شَيْئا فَلَا اشكال وَقد جَاءَ فِي بعض رِوَايَات الحَدِيث رعاء الْإِبِل والبهم بِفَتْح بَاء وَسُكُون هَاء هِيَ الصغار من أَوْلَاد الضَّأْن(8/102)
والمعز خمس لَا يعلمهَا دَلِيل على قَوْله مَا الْمَسْئُول عَنْهَا بِأَعْلَم من السَّائِل ثمَّ قَالَ أَي للنَّاس الْحَالين عِنْده بعد أَن خرج الرجل من الْمجْلس نَزَلَ فِي صُورَةِ دِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ قَالَ الْحَافِظُ بن حجر هَذَا وَهْمٌ لِأَنَّ دِحْيَةَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ وَقَدْ قَالَ عمر مَا يعرفهُ منا أحد قلت كَونه فِي صُورَة دحْيَة لَا يَقْتَضِي أَن لَا يمتاز عَنهُ بِشَيْء أصلا سِيمَا الامتياز بالأمور الْخَارِجَة فَيجوز أَنه ظهر لَهُم بِبَعْض الْقَرَائِن الْخَارِجَة بل الدَّاخِلَة الْخفية أَنه غير دحْيَة فَلَا وَجه لتوهيم الروَاة بِمَا ذكر فَلْيتَأَمَّل
قَوْله
[4992] أَو مُسلم بِسُكُون الْوَاو وَكَأَنَّهُ أرشده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم(8/103)
إِلَى أَنه لَا يجْزم بِالْإِيمَان لِأَن مَحَله الْقلب فَلَا يظْهر وَإِنَّمَا الَّذِي يجْزم بِهِ هُوَ الْإِسْلَام لظُهُوره فَقَالَ أَو مُسلم أَي قل أَو مُسلم على الترديد أَو الْمَعْنى أَو قل مُسلم بطرِيق الْجَزْم بِالْإِسْلَامِ وَالسُّكُوت عَن الْإِيمَان بِنَاء على أَن كلمة أَو اما للترديد أَو بِمَعْنى بل وَالرِّوَايَة الْآتِيَة تؤيد الْوَجْه الثَّانِي وعَلى الْوَجْه الثَّانِي يرد أَنه لَا وَجه لاعادة سعد القَوْل بِالْجَزْمِ بِالْإِيمَان لِأَنَّهُ يتَضَمَّن الاعراض عَن ارشاده صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم فَكَأَنَّهُ لغَلَبَة ظن سعد فِيهِ بِالْخَيرِ أَو لشغل قلبه بِالْأَمر الَّذِي كَانَ فِيهِ مَا تنبه للارشاد وَالله تَعَالَى أعلم مَخَافَة أَن يكبوا أَي أُولَئِكَ الَّذين أعطيهم فِي النَّار أَي مَخَافَة أَن يرتدوا لضعف ايمانهم ان لم أعطهم أَو يتكلموا بِمَا لَا يَلِيق فسقطوا فِي النَّار قَوْله أَنه لَا يدْخل الْجنَّة أَي من بَين الْمُسلمين أَو من بَين النَّاس الا مُؤمن وَفِيه أَن الْإِسْلَام بِلَا ايمان لَا ينفع فِي دُخُول دَار السَّلَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/104)
الْمُسلم المُرَاد بِهِ الْكَامِل فِي الْإِسْلَام وَالْمرَاد بقوله
[4996] من سلم الْمُسلمُونَ من لَا يُؤْذِي أحدا بِوَجْه من الْوُجُوه لَا بِالْيَدِ وَلَا بِاللِّسَانِ واجراء الْحُدُود وَالتَّعْزِير وَمَا يسْتَحقّهُ الْمَرْء إصْلَاح أَو طلب للحق لَا ايذاء شرعا وَالْمَقْصُود أَن الْكَمَال فِي الْإِسْلَام لَا يتَحَقَّق بِدُونِ هَذَا وَلَا يكون الْمَرْء بِدُونِ هَذَا الْوَصْف مُؤمنا كَامِلا لَا أَنه إِذا تحقق هَذَا الْوَصْف تحقق هَذَا الْكَمَال فِي الْإِسْلَام وان كَانَ مَعَ ترك الصَّلَاة وَنَحْوهَا لجَوَاز عُمُوم الْمَحْمُول من الْمَوْضُوع وَمثله قَوْله وَالْمُؤمن وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله من صلى صَلَاتنَا أَي من أظهر شَعَائِر الْإِسْلَام وَقد تقدم الحَدِيث قَوْله(8/105)
[4998] فَحسن إِسْلَامه بِضَم سين مُخَفّفَة أَي صَار حسنا بمواطأة الظَّاهِر الْبَاطِن وَيُمكن تَشْدِيد السِّين ليُوَافق رِوَايَة أحسن أحدكُم إِسْلَامه أَي جعله حسنا بالمواطأة الْمَذْكُورَة كَانَ أزلفها أَي أسلفها وقدمها يُقَال زلف وزلف مشددا ومخففا بِمَعْنى وَاحِد وَهَذَا الحَدِيث يدل على أَن حَسَنَات الْكَافِر مَوْقُوفَة ان أسلم تقبل والا ترد لَا مَرْدُودَة وعَلى هَذَا فنحو قَوْله تَعَالَى وَالَّذين كفرُوا أَعْمَالهم كسراب مَحْمُول على من مَاتَ على الْكفْر وَالظَّاهِر أَنه لَا دَلِيل على خِلَافه وَفضل الله أوسع من هَذَا وَأكْثر فَلَا استبعاد فِيهِ وَحَدِيث الْإِيمَان يجب مَا قبله من الْخَطَايَا فِي السَّيِّئَات لَا فِي الْحَسَنَات الْقصاص بِالرَّفْع اسْم كَانَ أَي الْمُمَاثلَة الشَّرْعِيَّة وَضعهَا الله تَعَالَى فضلا مِنْهُ ولطفا لَا الْعَقْلِيَّة وَجُمْلَة الْحَسَنَة الخ بَيَان لذَلِك الْقصاص وَنعم الْقصاص هَذَا الْقصاص مَا أكْرمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قَوْله(8/106)
[4999] أَي الْإِسْلَام قيل تَقْدِيره أَي ذَوي الْإِسْلَام كَمَا يدل عَلَيْهِ الْجَواب وَيُوَافِقهُ رِوَايَة مُسلم أَي الْمُسلمين أفضل وَبِه ظهر دُخُول أَي على المتعدد وَيُمكن أَن يُقَال المُرَاد أَي افراد الْإِسْلَام أفضل وَمعنى من سلم الخ أَي إِسْلَام من سلم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5000] أَي الْإِسْلَام خير أَي أَي خصاله وأعماله خير أَي كثير النَّفْع للْغَيْر وَسبب لارضائه تطعم هُوَ فِي تَقْدِير الْمصدر أَي اطعام الطَّعَام وَمثله تسمع بالمعيدي خير وتقرأ مضارع قَرَأَ أَي تَقُولُ قَالَ أَبُو حَاتِمٍ السِّجِسْتَانِيُّ تَقُولُ اقْرَأْ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَا تَقول أقرئه السَّلَام فَإِن كَانَ مَكْتُوبًا أقرئه السَّلَام أَي اجْعَلْهُ يَقْرَؤُهُ
قَوْله
[5001] قَالَ لَهُ أَلا تغزو قَالَ سَمِعت الخ كَأَنَّهُ فهم أَن السَّائِل يرى الْجِهَاد من أَرْكَان الْإِسْلَام فَأجَاب بِمَا ذكر والا فَلَا يَصح التَّمَسُّك بِهَذَا الحَدِيث فِي ترك(8/107)
مَا لم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث وَهَذَا ظَاهر بني الْإِسْلَام يُرِيد أَنه لَا بُد من اجْتِمَاع هَذِه الْأُمُور الْخَمْسَة ليَكُون الْإِسْلَام سالما عَن خطر الزَّوَال وَكلما زَالَ وَاحِد من هَذِه الْأُمُور يخَاف زَوَال الْإِسْلَام بِتَمَامِهِ وللتنبيه على هَذَا الْمَعْنى أَتَى بِلَفْظ الْبناء وَفِيه تَشْبِيه الْإِسْلَام بِبَيْت مخمسة زواياه وَتلك الزوايا أجزاؤه فبوجودها أجمع يكون الْبَيْت سالما وَعند زَوَال وَاحِد يخَاف على تَمام الْبَيْت وان كَانَ قد يبْقى معيوبا أَيَّامًا وَالله تَعَالَى أعلم شَهَادَة بِالْجَرِّ على الْبَدَلِيَّة من خمس أَو الرّفْع على أَنه خبر مَحْذُوف أَي هِيَ شَهَادَة الخ وَالْمرَاد الشَّهَادَة(8/108)
بِالتَّوْحِيدِ على وَجه يعْتد بِهِ وَهُوَ أَن تكون مقرونة بِالشَّهَادَةِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5002] فَمن وفى مِنْكُم قَالَ السُّيُوطِيّ بِالتَّخْفِيفِ التَّشْدِيد أَيْ ثَبَتَ عَلَى الْعَهْدِ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ تَعْظِيم لِلْأجرِ بإضافته إِلَى عَظِيم(8/109)
والْحَدِيث قد سبق وَكَذَا الَّذِي بعده قَوْله بضع بِكَسْر الْبَاء وَحكى فتحهَا هُوَ فِي الْعدَد مَا بَين الثَّلَاث إِلَى التسع وَهُوَ الصَّحِيح وَالْمرَاد بضع وَسَبْعُونَ خصْلَة أَو شُعْبَة أَو نَحْو ذَلِك وَفِي الرِّوَايَة الأولى نَص على الشعبة وَهُوَ بِضَم الشين القطعةمن الشَّيْء وَالْمرَاد الْخصْلَة وَهُوَ كِنَايَة عَن الْكَثْرَة فَإِن أَسمَاء الْعدَد كثيرا(8/110)
مَا تَجِيء كَذَلِك فَلَا يرد أَن الْعدَد قد جَاءَ فِي بَيَان الشّعب مُخْتَلفا وَالْمرَاد بِلَا اله الا الله مَجْمُوع الشَّهَادَتَيْنِ عَن صدق قلب أَو الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ فَقَط لَكِن عَن صدق قلبه على أَن الشَّهَادَة بالرسالة شُعْبَة أُخْرَى وَمعنى أوضعها أدناها وأقلها مِقْدَارًا واماطة الشَّيْء عَن الشَّيْء إِزَالَته عَنهُ واذهابه وَالْحيَاء بالمدلغة تغير وانكسار يعتري الْمَرْء مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِير فِي حق ذِي الْحق وَالْمرَاد هَا هُنَا اسْتِعْمَال هَذَا الْخلق على قَاعِدَة الشَّرْع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ملئ على بِنَاء الْمَفْعُول إِلَى مشاشه بِضَم مِيم وَتَخْفِيف هِيَ رُؤُوس الْعِظَام كالمرفقين والكتفين والركبتين
قَوْله
[5008] فَإِن لم يسْتَطع تَغْيِيره وازالته بِيَدِهِ فبلسانه أَي فلينكر بِلِسَانِهِ فبقلبه أَي فليكرهه بِقَلْبِه وَلَيْسَ المُرَاد فليغيره بِلِسَانِهِ وَقَلبه إِذْ اللِّسَان وَالْقلب لَا يصلحان للتغيير عَادَة سِيمَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع وَذَلِكَ أَي الِاكْتِفَاء بِالْكَرَاهَةِ بِالْقَلْبِ أَضْعَف الْإِيمَان أَضْعَف أَعمال الْإِيمَان الْمُتَعَلّقَة بانكار الْمُنكر فِي ذَاته لَا بِالنّظرِ إِلَى غير المستطيع فَإِنَّهُ بِالنّظرِ إِلَيْهِ هُوَ تَمام الوسع والطاقة وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيره وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/111)
[5009] فقد بَرِيء أَي من الْمُشَاركَة مَعَ أَهله فِي الْإِثْم
قَوْله
[5010] يكون لَهُ صفة الْحق على أَن تَعْرِيفه للْجِنْس بأشد مجادلة بِنصب مجادلة على التَّمْيِيز وَفِيه مُبَالغَة حَيْثُ جعل المجادلة ذَات مجادلة وَلَا يجوز زجر مجادلة بِإِضَافَة اسْم التَّفْضِيل إِلَيْهَا لِأَنَّهُ يلْزم الْجمع بَين الْإِضَافَة وَمن وَاسم التَّفْضِيل لَا يسْتَعْمل بهما وَأَيْضًا التنكير يَأْبَى احْتِمَال الْإِضَافَة من الْمُؤمنِينَ أَي مجادلة الْمُؤمنِينَ الَّذين أدخلُوا على بِنَاء الْمَفْعُول رَبنَا بِتَقْدِير حرف النداء أَي يَا رَبنَا أخواننا أَي هم إِخْوَاننَا أَو هُوَ مُبْتَدأ خَبره جملَة(8/112)
كَانُوا الخ بصورهم فَإِن صُورَة الْوَجْه لَا تَتَغَيَّر بالنَّار لِأَن النَّار لَا تَأْكُل أَعْضَاء السُّجُود فَانْظُر أَنه كَيفَ يكون هَذَا ان لم يكن فِي الْقُلُوب محبته فِي الدُّنْيَا فَلَعَلَّ من لَا يتحابون لَا يشفعون هَذِه الشَّفَاعَة وَالله تَعَالَى يدْخل الْمحبَّة فِي قُلُوبهم فِي تِلْكَ الْحَالة ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن الْإِيمَان يزِيد وَينْقص وَهُوَ قَوْله يعرضون على على بِنَاء الْمَفْعُول الثدي بِضَم مُثَلّثَة وَتَشْديد يَاء جمع ثدي بِفَتْح فَسُكُون(8/113)
قَوْله
[5012] ذَلِك الْيَوْم أَي يَوْم نُزُولهَا قَالَ الْيَوْم أكملت وَفِيه نِسْبَة الْإِكْمَال إِلَى الدّين وَأخذ مِنْهُ المُصَنّف القَوْل بِزِيَادَة الْإِيمَان وَفِيه خَفَاء لَا يخفى فِي عَرَفَة فِي يَوْم جُمُعَة أَي فقد جمع الله تَعَالَى لنا فِي يَوْم نُزُولهَا عيدين مِنْهُ تَعَالَى من غير تكلّف منافله الْحَمد على تَمام نعْمَته
قَوْله
[5013] أكون أحب إِلَيْهِ أفعل مَبْنِيّ للْمَفْعُول وَقد سبق مَا قيل أَن المُرَاد بِهِ الْمحبَّة الاختيارية لَا الطبيعية وَكَذَا ذكرُوا أَن المُرَاد بقوله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لَا يُؤمن لَا يكمل ايمانه وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/114)
[5016] مَا يحب لنَفسِهِ أَي من خير الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالْمرَاد الْجِنْس لَا خُصُوص النَّوْع والفرد إِذْ قد يكون جبرا لَا يقبل الِاشْتِرَاك كالوسيلة أَو لَا يَلِيق لغير من لَهُ وَنَحْو ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم ثمَّ المُرَاد بِهَذِهِ الْغَايَة وأمثالها أَنه لَا يكمل الْإِيمَان بِدُونِهَا لَا أَنَّهَا وَحدهَا كَافِيَة فِي كَمَال الْإِيمَان وَلَا يتَوَقَّف الْكَمَال بعد حُصُولهَا على شَيْء آخر حَتَّى يلْزم التَّعَارُض بَين هَذِه الغايات الْوَارِدَة فِي مثل هَذِه الْأَحَادِيث فَلْيتَأَمَّل قَوْله(8/115)
[5018] لَا يحبك أَي حبا لائقا لَا على وَجه الافراط فَإِن الْخُرُوج عَن الْحَد غير مَطْلُوب وَلَيْسَ من عَلَامَات الْإِيمَان بل قد يُؤَدِّي إِلَى الْكفْر فَإِن قوما قد خَرجُوا عَن الْإِيمَان بالافراط فِي حب عِيسَى
قَوْله
[5019] حب الْأَنْصَار لنصرتهم وَكَذَا بغضهم لذَلِك وَأما الْحبّ والبغض لما يجْرِي بَين النَّاس من الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة فخارجان عَن هَذَا الحكم وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5020] من كن فِيهِ أَي مجتمعة ثمَّ المرجو أَن هَذِه الْأَرْبَع مجتمعة على وَجه الاعتياد والدوام لَا تُوجد فِي مُسلم إِذْ الْمُسلم لَا يَخْلُو عَن عيب فَلَا حَاجَة للْحَدِيث إِلَى تَأْوِيل فَإِن الحَدِيث من الاخبار بِالْغَيْبِ وَإِذا عَاهَدَ العهود هِيَ المواثيق الْمُؤَكّدَة بِالْإِيمَان وَوضع الأيادي فجر أَي شتم وَسَب وَذكر مَالا يَلِيق قَوْله ثَلَاث أَي مَجْمُوع ثَلَاث وَلَعَلَّ هَذِه الثَّلَاث مجتمعة مثل تِلْكَ الْأَرْبَع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/116)
[5022] أَن لَا يحبني أَي لصحبتي وَقَرَابَتِي وَمَا أَعْطَانِي رَبِّي من الْفَضَائِل والكرامات وَكَذَا البغض وَلَيْسَ الْحبّ والبغض للأمور الدُّنْيَوِيَّة مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله إِيمَانًا أَي لأجل الْإِيمَان بِاللَّه تَعَالَى وَرَسُوله أَو لأجل الْإِيمَان بِفضل رَمَضَان واحتسابا أَي لأجل طلب الْأجر مِنْهُ تَعَالَى لَا لأجل رِيَاء وَسُمْعَة قَوْله(8/117)
[5028] ثَائِر الرَّأْس أَي منتشر شعر الرَّأْس يسمع على بِنَاء الْمَفْعُول أَو بالنُّون على بِنَاء الْفَاعِل دوى صَوته بِفَتْح دَال وَكسر وَاو وَتَشْديد يَاء وَحكى ضم الدَّال هُوَ مَا يظْهر من الصَّوْت عِنْد شدته وَبعده فِي الْهَوَاء شَبِيها بِصَوْت النَّحْل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي أول كتاب الصَّلَاة قَوْله(8/118)
[5029] انتدب الله أَي تكفل والْحَدِيث قد سبق مشروحا فِي كتاب الْجِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله انا هَذَا الْحَيّ الظَّاهِر أَنه بِالرَّفْع خبران أَي نَحن المعروفون
[5031] الْإِيمَان بِاللَّه بدل من أَربع لكَونه عبارَة عَمَّا فسر بِهِ من الْأُمُور الْأَرْبَعَة وَلذَلِك رَجَعَ إِلَيْهِ ضمير الْمُؤَنَّث فِي قَوْله ثمَّ فَسرهَا لَهُم التَّفْسِير يدل على أَن المُرَاد بِالْإِيمَان الْإِسْلَام قَوْله(8/119)
[5033] يعظ أَخَاهُ فِي الْحيَاء أَي يُعَاتب عَلَيْهِ فِي شَأْنه ويحثه على تَركه من الْإِيمَان أَي من شُعْبَة كَمَا تقدم وَلَيْسَ فِيهِ تَسْمِيَة الْحيَاء باسم الْإِيمَان كَمَا ذكره السُّيُوطِيّ نقلا عَن غَيره
قَوْله
[5034] ان هَذَا الدّين يسر قَالَ السُّيُوطِيّ سَمَّاهُ يُسْرًا مُبَالَغَةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَدْيَانِ قَبْلَهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى رَفَعَ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الْإِصْرَ الَّذِي كَانَ عَلَى مَنْ قَبْلَهُمْ وَمِنْ أَوْضَحِ الْأَمْثِلَةِ لَهُ أَنَّ تَوْبَتَهُمْ كَانَتْ بِقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَتَوْبَةُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِالْإِقْلَاعِ(8/121)
والعزم والندم وَلنْ يشاد الدّين أحد هُوَ بِضَم الْيَاء وَتَشْديد الدَّال للْمُبَالَغَة من الشدَّة وَأَصله لَا يُقَابل الدّين أحد بالشدة وَلَا يجرى بَين الدّين وَبَينه مُعَاملَة بِأَن يشدد كل مِنْهُمَا على صَاحبه الا غَلبه الدّين وَالْمرَاد أَنه لَا يفرط أحد فِيهِ وَلَا يخرج عَن حد الِاعْتِدَال وَقَالَ بن التِّينِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَمٌ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّة فقد علم أَن كل متنطع أَي مُنْفَرد فِي الدّين يَنْقَطِع وَلَيْسَ المُرَاد مِنْهُ الْمَنْع من طَلَبَ الْأَكْمَلِ فِي الْعِبَادَةِ فَإِنَّهُ مِنَ الْأُمُورِ المحمودة بل الْمَنْع مِنْ الْإِفْرَاطِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَالِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي التَّطَوُّعِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْأَفْضَلِ أَوْ إِخْرَاجِ الْفَرْض عَن وقته كمن بَات يُصَلِّي طول اللَّيْل كُله ويغالب النّوم إِلَى أَن غلبت عَيْنَاهُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ فَنَامَ عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ فَسَدِّدُوا أَيِ الْزَمُوا السَّدَادَ وَهُوَ الصَّوَابُ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ وَقَارِبُوا أَيْ إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذَ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّبُ مِنْهُ وَأَبْشِرُوا أَيْ بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَلِ الدَّائِمِ وَإِنْ قَلَّ أَوِ الْمُرَادُ تَبْشِيرُ مَنْ عَجَزَ عَنِ الْعَمَلِ بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْزَ إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صُنْعِهِ لَا يَسْتَلْزِمُ نَقْصَ الْأَمر وَأبْهم المبشر بِهِ تَعْظِيمًا وتفخيما وَاسْتَعِينُوا بالغدوة بِالْفَتْح سيرأول النَّهَار وَالرَّوْحَةُ بِالْفَتْحِ السَّيْرُ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالدُّلْجَةُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِهِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ سَيْرُ آخِرِ اللَّيْلِ أَي(8/122)
اسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَةِ الْعِبَادَةِ بِإِيقَاعِهَا فِي الْأَوْقَاتِ المنشطة وَفِيه تَشْبِيه للسَّفر إِلَى الله تَعَالَى بِالسَّفرِ الْحسي وَمَعْلُوم أَن الْمُسَافِر إِذا اسْتمرّ على السّير انْقَطع وَعجز وَإِذا أَخذ الْأَوْقَات المنشطة نَالَ الْمَقْصد بالمداومة وغالب هَذَا الَّذِي ذكرته فِي شرح هَذَا الحَدِيث نقلته عَن حَاشِيَة السُّيُوطِيّ رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله مَه اسكتي عَن مدحها فَإِن الْمَدْح لَيْسَ بالافراط وَإِنَّمَا هُوَ بالاستقامة مَا تطيقون أَي تطيقون المداومة عَلَيْهِ والا فَلَا شكّ أَن من يفعل شَيْئا فَلَا يفعل الا مَا يطيقه لَا يمل بِفَتْح مِيم وَتَشْديد لَام أَي لَا يعرض عَن العَبْد وَلَا يقطع عَنهُ الإقبال عَلَيْهِ بِالرَّحْمَةِ وَالْإِحْسَان حَتَّى تملوا تعرضوا عَن عِبَادَته بعد الدُّخُول فِيهَا لملالة النَّفس أحب الدّين أَي الطَّاعَة وَالْعِبَادَة(8/123)
قَوْله خير مَال الْمُسلم بِالنّصب على الخبرية غنم بِالرَّفْع على أَنه اسْم يكون يتبع بتَشْديد التَّاء من الافتعال أَو تخفيفها من تبع بِكَسْر الْبَاء مُجَردا شعف الْجبَال بِفتْحَتَيْنِ الأولى مُعْجمَة وَالثَّانيَِة مُهْملَة رُؤُوس الْجبَال ومواضع الْقطر أَي الْمَوَاضِع الَّتِي يسْتَقرّ فِيهَا الْمَطَر كالأودية وَفِيه أَنه يجوز الْعُزْلَة بل هِيَ أفضل أَيَّام الْفِتَن قَوْله العائرة أَي المترددة بَين قطيعين من الْغنم وَهِي الَّتِي تطلب الْفَحْل فتتردد بَين قطيعين وَلَا تَسْتَقِر مَعَ إِحْدَاهمَا وَالْمُنَافِق مَعَ الْمُؤمنِينَ بِظَاهِرِهِ وَمَعَ الْمُشْركين بباطنه تبعا لهواه وغرضه الْفَاسِد فَصَارَ بِمَنْزِلَة تِلْكَ الشَّاة وَفِيه سلب الرجولية عَن الْمُنَافِقين والغنمة وَاحِدَة وَالْغنم جمع فَفِي الحَدِيث تَثْنِيَة للْجمع بتأويله بِالْجَمَاعَة نقل السُّيُوطِيّ عَن الزَّمَخْشَرِيّ أَنه قَالَ فِي الْمفصل قديثنى الْجَمْعُ عَلَى تَأْوِيلِ الْجَمَاعَتَيْنِ وَالْفِرْقَتَيْنِ وَمِنْهُ هَذَا الحَدِيث(8/124)
قَوْله
[5038] مثل الأترجة بِضَم همزَة وَرَاء وَتَشْديد جِيم وَهِي من أفضل الثِّمَار لكبر جرمها وَحسن منظرها وَطيب طعمها ولين ملمسها ولونها يسر الناظرين وَفِيه تَشْبِيه الْإِيمَان بالطعم الطّيب لكَونه خيرا باطنيا لَا يظْهر لكل أحد وَالْقُرْآن بِالرِّيحِ الطّيب ينْتَفع بِسَمَاعِهِ كل أحد وَيظْهر سَمحا لكل سامع وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قَالَ القَاضِي يَعْنِي بن الكسار كَمَا فِي بعض النّسخ وَفِي الْأَطْرَاف بعد نقل كَلَام القَاضِي قَالَ أَبُو الْقَاسِم وَهَذَا حَفْص بن عمر أَبُو عمر المهرقاني الرَّازِيّ مَعْرُوف وَقد ذكره أهل كتب الْأَسْمَاء وَعَلِيهِ عَلامَة النَّسَائِيّ قَالَ فِي التَّقْرِيب من الْعَاشِرَة قَوْله الربالي بِفَتْح الرَّاء وَالْبَاء وَبعد الْألف لَام نِسْبَة إِلَى جده ربال بن إِبْرَاهِيم(8/125)
(كتاب الزِّينَة)
قَوْله
[5040] عشرَة من الْفطْرَة بِكَسْر الْفَاء بِمَعْنى الْخلقَة وَالْمرَاد هَا هُنَا هِيَ السّنة الْقَدِيمَة اختارهاالله تَعَالَى للأنبياء فَكَأَنَّهَا أَمر جبلي فطرواعليها وَمن فِي قَوْله من الْفطْرَة تدل على عدم حصر الْفطْرَة فِيهَا وَلذَلِك جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات خمس من الْفطْرَة فلاتعارض بَين الرِّوَايَتَيْنِ لعدم الْحصْر وَقيل يحْتَمل أَنه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم علم أَولا بالخمس ثمَّ علم بالعشر فاستقام الْكَلَام لَو أُرِيد الْحصْر أَيْضا بِلَا مُعَارضَة وَقيل يحْتَمل أَنْ تَكُونَ الْخَمْسُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَة آكِد فلمزيد الاهتمام بهاأفردها بِالذكر ثمَّ عشرَة مُبْتَدأ بِتَقْدِير أَفعَال عشرَة أَو عشرَة أَفعَال وَالْجَار وَالْمَجْرُور خبر لَهُ أَو صفة وَمَا بعده خبر قصّ الشَّارِب أَي قطعه والشارب الشّعْر النَّابِت على الشّفة والقص هُوَ الْأَكْثَر فِي الْأَحَادِيث نَص(8/126)
عَلَيْهِ الْحَافِظ بن حجر وَهُوَ مُخْتَار مَالك وَقد جَاءَ فِي بَعْضهَا الاحفاء وَهُوَ مُخْتَار أَكثر الْعلمَاء والاحفاء هُوَ الاستئصال وَاخْتَارَ كثير من الْمُحَقِّقين القص وحملوا عَلَيْهِ غَيره جمعا بَين الْأَحَادِيث وَغسل البراجم تنظيف الْمَوَاضِع الَّتِي يجْتَمع فِيهَا الْوَسخ وَالْمرَاد الاعتناء بهَا فِي الِاغْتِسَال واعفاء اللِّحْيَة أَي ارسالها وتوفيرها ونتف الابط أَي أَخذ شعره بالأصابع وَهل يَكْفِي الْحلق والتنوير فِي السّنة وَخص الابط بالنتف لِأَنَّهُ مَحل الرَّائِحَة الكريهة باحتباس الأبخرة عِنْد المسام والنتف يضعف أصُول الشّعْر وَالْحلق يقويها روى أَن الشَّافِعِي كَانَ يحلق المزين إبطه وَيَقُول السّنة النتف لكني لَا أقدر عَلَيْهِ وانتقاص بِالْقَافِ وَالصَّاد الْمُهْملَة على الْمَشْهُور أَي انتقاص الْبَوْل بِغسْل المذاكير وَقيل هُوَ بِالْفَاءِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة(8/127)
أَي نضح المَاء على الذّكر الا أَن تكون الْمَضْمَضَة قيل هَذَا شكّ وَالْأَقْرَب أَنَّهَا الْخِتَان الْمَذْكُور فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة من جملَة الْخمس قَوْله وَمصْعَب مُنكر الحَدِيث رد بِأَن مُسلما روى عَنهُ فِي الصَّحِيح(8/128)
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله ونتف الضبع بِفَتْح الضَّاد المعجمةوسكون الْمُوَحَّدَةِ وَسَطُ الْعَضُدِ وَقِيلَ هُوَ مَا تَحْتَ الابط قَوْله اُحْفُوا أَمر من الاحفاء وَقيل وَجَاء حفا الرجل شَاربه يحفوه كأحفى إِذا استأصل أَخذ شعره وَكَذَلِكَ جَاءَ عَفَوْت الشّعْر وأعفيته وعَلى هَذَا يجوز أَن تكون همزَة وصل واللحى بِكَسْر لَام أفْصح من ضمهَا والْحَدِيث قد سبق فِي أول الْكتاب أَيْضا(8/129)
قَوْله
[5047] من لم يَأْخُذ شَاربه أَي حِين احْتَاجَ إِلَى الْأَخْذ بَان طَال فَلَيْسَ منا تهديد شَدِيد وتغليظ فِي حق التارك وتأويله بِأَنَّهُ لَيْسَ من أهل سنتنا مشهورقوله
[5048] احلقوه كُله فِيهِ اذن فِي حلق الْكل
قَوْله
[5050] عَن القزع بقاف وزاي مُعْجمَة مفتوحتين قطع السَّحَاب وَالْمرَاد أَنْ يُحْلَقَ رَأْسُ الصَّبِيِّ وَيُتْرَكَ مِنْهُ مَوَاضِعُ مُتَفَرِّقَة غير محلوقةقوله ذُبَاب بذال مُعْجمَة مَضْمُومَة وموحدتين قيل هُوَ الشؤم أَي هَذَا شُؤْم وَقيل هُوَ الشَّرّ الدَّائِم لم أعنك أَي مَا قلت لَك ذَلِك يُرِيد أَنه أَخطَأ فِي الْفَهم وَأصَاب فِي الْفِعْل قَوْله(8/130)
[5053] شعرًا رجلا يُقَال شعر رجل بِفَتْح رَاء وَكسر جِيم وَقيل بِفَتْحِهَا أَي مسترسل أَي كَأَنَّهُ مشط فتكسر قَلِيلا بالجعد بِفَتْح فَسُكُون أَي المنقبض بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا بالسبط بِكَسْر سين وَفتحهَا مَعَ سُكُون بَاء وَكسرهَا وَفتحهَا السبط من الشّعْر المنبسط المسترسل
قَوْله
[5054] أَن يمتشط أَحَدنَا كل يَوْم أَي المداومة عَلَيْهِ مَكْرُوهَة لما فِيهِ من الاهتمام بالتزين والتهالك فِيهِ قَوْله(8/131)
[5055] عَن التَّرَجُّل والترجيل تَسْرِيح الشّعْر وتنظيفه وتحسينه كَذَا فِي النِّهَايَة وَفِي الْقَامُوس التسريح حل الشّعْر وارساله وَهُوَ إِنَّمَا يكون باصلاحها بالامتشاط وَلذَلِك يفسرون الترجيل بالامتشاط ثمَّ الْغَالِب اسْتِعْمَال الترجيل فِي الرَّأْس والتسريح فِي اللِّحْيَة الا غبا الغب بِكَسْر الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء أَن يفعل يَوْمًا وَيتْرك يَوْمًا وَالْمرَاد كَرَاهَة المداومة عَلَيْهِ وخصوصية الْفِعْل يَوْمًا وَالتّرْك يَوْمًا غير مرادقوله
[5058] شعث الرَّأْس بِفَتْح شين مُعْجمَة وَكسر عين مُهْملَة أَي متفرق الشّعْر مُشْعَانٌّ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَعَيْنٍ مُهْملَة وَآخره نون مُشَدّدَة هُوَ المنتفش الشّعْر الثائر الرَّأْس يُقَال رجل مُشْعَانٌّ وَمُشْعَانُّ الرَّأْسِ وَشَعْرٌ مُشْعَانٌّ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ عَن الإرفاه بِكَسْر الْهمزَة على الْمصدر وَالْمرَاد كَثْرَة التدهن والتنعم وَقيل التَّوَسُّع فِي الْمطعم وَالْمشْرَب لِأَنَّهُ من زِيّ الْأَعَاجِم وأرباب الدُّنْيَا وَتَفْسِير الصَّحَابِيّ يُغني عَمَّا ذكرُوا فَهُوَ أعلم بالمراد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/132)
[5059] يحب التَّيَامُن أَي اسْتِعْمَال الْيَمين فِيمَا يصلح لذَلِك وَيُحب التَّيَمُّن أَي الْبدَاءَة بِالْيَمِينِ فِي أُمُوره اللائقة بذلك
قَوْله
[5060] فِي حلَّة حَمْرَاء الظَّاهِر أَن الْجَار وَالْمَجْرُور حَال من رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَهَذَا بَيَان الْحَال الَّتِي رَآهُ عَلَيْهَا متفكرا فِي جماله وَيحْتَمل أَنه حَال من أحد لكَونه فِي حيّز الفي فصح وُقُوعه ذَا حَال أَو مُتَعَلق برأيت لَا لكَون الرُّؤْيَة كَانَت فِي الْحلَّة بل لكَون مفعولها كَانَ فِي الْحلَّة حَال الرُّؤْيَة مثل رَأَيْت زيدا فِي الْمَسْجِد وَمثله كثير وَالْمرَاد بالحمراء المخططة لَا الْحَمْرَاء الْخَالِصَة كَمَا ذكره كثير وجمته هِيَ بِضَم الْجِيم وَتَشْديد الْمِيم مَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِ الرَّأْسِ عَلَى الْمَنْكِبَيْنِ
قَوْله
[5061] إِلَى أَنْصَاف أُذُنَيْهِ أَي أَحْيَانًا فَلَا يُنَافِي مَا تقدم وَمَعْلُوم أَن شعر الرَّأْس تنضبط حَاله قَوْله(8/133)
[5062] وَرَأَيْت لَهُ لمة بِكَسْر لَام وَتَشْديد مِيم شعر الرَّأْس إِذا نزل عَن شحمة الْأذن وألم بالمنكبين وعَلى هَذَا فاطلاق الجمة اما مجَاز أَو بِاعْتِبَار حَال آخر
قَوْله
[5063] على قِرَاءَة من تأمروني أَقرَأ قَالَه يَوْم أَمر أَن يقْرَأ الْقُرْآن على مصحف عُثْمَان وَيتْرك مصحفه فَكَانَ بَينهمَا فرق بِاعْتِبَار أَن بعض مَا نسخ تِلَاوَته من الْقُرْآن قد بَقِي عِنْد بعض الصَّحَابَة مَكْتُوبًا فِي مصاحفهم ذؤابتين بذال مُعْجمَة بعْدهَا همزَة هِيَ الشّعْر المضفور من شعر الراس يُرِيد أَنه أَعلَى من زيد الَّذِي هُوَ كَاتب مصحف عُثْمَان منزلَة فِي الْقِرَاءَة وأقدم أخذا فَلَيْسَ عَلَيْهِ الرُّجُوع إِلَى مَا كتبه زيد مِمَّا عِنْده وَمَا نظر رضى الله تَعَالَى عَنهُ أَن هَذَا الْمُصحف مِمَّا أنْفق الْمُسلمُونَ عَلَيْهِ فِي الْمَدِينَة قَوْله ادن من الدنو بِمَعْنى الْقرب وسمت من التَّسْمِيَة بِمَعْنى الدُّعَاء وَمَا بعده من عطف التَّفْسِير لَهُ قَوْله(8/134)
[5067] عَن عَيَّاش بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّة الْمُشَدّدَة والشين الْمُعْجَمَة بن عَبَّاس بِالْمُوَحَّدَةِ والمهملة الْقِتْبَانِي بِكَسْر قَاف وَسُكُون مثناة من فَوق ثمَّ مُوَحدَة ان شييم بِكَسْر مُعْجمَة وَضمّهَا بعْدهَا مثناة تحتية مَفْتُوحَة ثمَّ أُخْرَى سَاكِنة بن بيتان على صُورَة تَثْنِيَة بَيت رويفع بِضَم أَوله وَكسر الْفَاء لَعَلَّ الْحَيَاة الخ قَدْ ظَهَرَ مِصْدَاقُ ذَلِكَ فَطَالَتْ بِهِ الْحَيَاةُ حَتَّى مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَخَمْسِينَ بِإِفْرِيقِيَّةَ(8/135)
وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ بِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ ذكره السُّيُوطِيّ من عقد لحيته قيل هُوَ معالجتها حَتَّى تَنْعَقِد وتتجعد وَقيل كَانُوا يعقدونها فِي الحروب تكبرا وعجبا فَأمروا بارسالها وَقيل هُوَ فتلها كفتل الْأَعَاجِم أَو تقلد وترا هُوَ بِفتْحَتَيْنِ وتر الْقوس أَو مُطلق الْحَبل قيل المُرَاد بِهِ مَا كَانُوا يعلقونه عَلَيْهِم من العوذ والتمائم الَّتِي يشدونها بِتِلْكَ الأوتار ويرون أَنَّهَا تعصم من الْآفَات وَالْعين وَقيل من جِهَة الاجراس الَّتِي يعلقونها بهَا وَقيل لِئَلَّا تختنق الْخَيل عِنْده شدَّة الركض برجيع دَابَّة هُوَ الروث(8/136)
قَوْله
[5069] لَا تصبغ أَي لَا تخضبون اللِّحْيَة قَوْله(8/137)
[5075] كحواصل الْحمام أَي صُدُور الْحمام قيل المُرَاد كحواصل الْحمام فِي الْغَالِب لِأَن حواصل بعض الحمامات لَيست بسود وَقيل يُرِيد بالتشبيه أَن المُرَاد السوَاد الصّرْف غير مشوب بلون آخر لَا يريحون أَي لَا يشمون يُقَال رَاح يرِيح وَيرَاح وأراح قيل المُرَاد أَنهم وان دخلُوا الْجنَّة لَا يَجدونَ رِيحهَا وَلَا يتلذذون بِهِ وَقيل هُوَ تَغْلِيظ وَتَشْديد أَو المُرَاد أَنهم لَا يَجدونَ رِيحهَا مَعَ السَّابِقين ثمَّ الحَدِيث قد صَححهُ غير وَاحِد وَحسنه وخطئوا بن الْجَوْزِيّ فِي نسبته إِلَى الْوَضع وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5076] بِأبي قُحَافَة بِضَم الْقَاف وَالِد أبي بكر الصّديق رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كالثغامة بمثلثة مَفْتُوحَة وغين مُعْجمَة نَبَات لَهُ ثَمَر أَبيض غيروا هَذَا إِذا كَانَ الشيب غير مستحسن عِنْد الطباع كَمَا يدل عَلَيْهِ سوق الحَدِيث وَالنَّاس فِي ذَلِك مُخْتَلفُونَ وَالله تَعَالَى أعلم وَاجْتَنبُوا السوَاد لَعَلَّ المُرَاد الْخَالِص وَفِيه أَن الخضاب بِالسَّوَادِ حرَام أَو مَكْرُوه وللعلماء فِيهِ كَلَام وَقد مَال بعض إِلَى جَوَازه للغزاة ليَكُون أهيب فِي عين الْعَدو وَالله تَعَالَى أعلم(8/138)
قَوْله الشمط بِفتْحَتَيْنِ الشيب الْحِنَّاء والكتم هُوَ بكاف وتاء مثناة من فَوق مفتوحتين وَالْمَشْهُور تَخْفيف التَّاء وَبَعْضهمْ يشددها نبت يخلط بِالْحِنَّاءِ ويخضب بِهِ الشّعْر ثمَّ قيل المُرَاد هَا هُنَا اسْتِعْمَال كل مِنْهُمَا بالإنفراد لِأَن اجْتِمَاعهمَا يحصل بِهِ السوَاد وَهُوَ منهى عَنهُ وَيحْتَمل أَن المُرَاد الْمَجْمُوع وَالنَّهْي عَن السوَاد(8/139)
الْخَالِص وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله وَقد لطخ قيل لَيْسَ لِأَنَّهُ خضب بِهِ فَإِن شيبَة مَا بلغ ذَلِك الْحَد بل لِأَنَّهُ اغْتسل بِهِ فَبَقيَ مِنْهُ بعض آثاره والنسخ على أَن بن عمر مَا بلغه النّسخ وَالنَّهْي عِنْدهم مقدم على الْإِبَاحَة فَلِذَا أَخذ كثير بِالنَّهْي وَالله تَعَالَى أعلم
[5085] حَتَّى عمَامَته بِكَسْر الْعين قَوْله وَهَذَا أولى بِالصَّوَابِ من حَدِيث أبي قُتَيْبَة أخرجه فِي الْكُبْرَى وَهُوَ أخصر من هَذَا الحَدِيث
قَوْله
[5086] انما كَانَ شَيْء أَي انما وجد شَيْء من الشيب فِي صدغيه بِضَم صَاد وَسُكُون دَال والصدغ هُوَ الَّذِي عِنْد شحمة الْأذن من اللِّحْيَة قَوْله(8/140)
[5087] انما كَانَ الشمط بِفتْحَتَيْنِ الشيب عِنْد العنفقة هِيَ شعر فِي الشّفة السُّفْلى وَقيل شعر بَينهَا وَبَين الذقن
قَوْله
[5088] وتغيير الشيب أَي بِالسَّوَادِ وَالضَّرْب بالكعاب بِكَسْر الْكَاف هِيَ فصوص النَّرْد جمع كَعْب وكعبة واللعب بهَا حرَام وكرهها عَامَّة الصَّحَابَة وَقيل كَانَ بن مُغفل يَفْعَله مَعَ امْرَأَته من غير قمار وَقيل رخص بن الْمسيب بِلَا قمار والتبرج بالزينة أَيْ إِظْهَارُهَا لِلنَّاسِ الْأَجَانِبِ وَهُوَ الْمَذْمُومُ فَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَلَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا والرقى بِضَم الرَّاء وَفتح الْقَاف مَقْصُور جمع رقية بِضَم فَسُكُون العوذة الا المعوذات أَي وَنَحْوهَا مِمَّا هُوَ ذكر الله وَتَعْلِيقَ التَّمَائِمِ جَمْعُ تَمِيمَةٍ وَهِيَ خَرَزَاتٌ كَانَتِ الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا عَلَى أَوْلَادِهِمْ يَتَّقُونَ بِهَا الْعَيْنَ فِي زعمهم فأبدله الْإِسْلَام وعزل المَاء بِغَيْر مَحَله أَي عَزله من إِقْرَارِهِ فِي فَرْجِ الْمَرْأَةِ وَهُوَ مَحَلُّهُ وَفِي قَوْله لغير مَحَلِّهِ تَعْرِيضٌ بِإِتْيَانِ الدُّبُرِ وَإِفْسَادَ(8/141)
الصَّبِيِّ هُوَ إِتْيَانُ الْمَرْأَةِ الْمُرْضِعِ فَإِذَا حَمَلَتْ فَسَدَ لَبَنُهَا وَكَانَ مِنْ ذَلِكَ فَسَادُ الصَّبِيِّ غير مُحرمَة حَال من ضمير يكره وَالضَّمِير للأخير فَقَط أَو للمجموع بِتَأْوِيل الْمَجْمُوع أَو الْمَذْكُور وَالْمعْنَى كرهه وَلم يبلغ بِهِ حد التَّحْرِيم وَبَعض الْمَذْكُورَات حرَام فَالْوَجْه هُوَ الْوَجْه الأول وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5089] فَقبض يَده أَي عَن أَخذ الْكتاب من يَدهَا لَو كنت امْرَأَة أَي لَو كنت تراعين شعار النِّسَاء لخضبت يدك
قَوْله
[5090] عَن الخضاب بِالْحِنَّاءِ الظَّاهِر أَن السُّؤَال عَن خضاب الْيَدَيْنِ وَالرّجلَيْنِ بِالْحِنَّاءِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد فِي النِّسَاء وَيُؤَيِّدهُ قَوْلهَا وَلَكِنِّي أكرهه لِأَن عَائِشَة مَا بلغت أَو أَن خضاب الرَّأْس كَذَا قيل وَقيل المُرَاد خضاب شعر الرَّأْس تَوْفِيقًا بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين الْأَحَادِيث الَّتِي تفِيد التَّرْغِيب فِي اسْتِعْمَال الْحِنَّاء فِي الْيَدَيْنِ فَأَما أَن يُقَال كَرَاهَته رِيحه لَا يَقْتَضِي ترك اسْتِعْمَال النِّسَاء للِاحْتِرَاز عَن التَّشَبُّه بِالرِّجَالِ أَو يُقَال كَرَاهَة عَائِشَة خضاب الرَّأْس لَا يتَوَقَّف على بُلُوغهَا أَو أَن خضاب الرَّأْس لجَوَاز أَنَّهَا تكره ذَلِك قبل بُلُوغ ذَلِك السن فِي غَيرهَا أَو فِي نَفسهَا ان بلغت ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/142)
[5091] من المعافر بِفَتْح الْمِيم أَرض بِالْيمن بايلياء بِكَسْر الْهمزَة وَاللَّام بَينهمَا يَاء سَاكِنة بِالْمدِّ وَالْقصر مَدِينَة بَيت الْمُقَدّس عَن الوشر بِفَتْح وَاو فَسُكُون شين مُعْجمَة وَرَاء مُهْملَة هُوَ معالجة الْأَسْنَان بِمَا يحددها ويرقق أطرافها تَفْعَلهُ الْمَرْأَة المسنة تتشبه بذلك بالشواب والوشم هُوَ أَن يغرز الْجلد بابرة ثمَّ يحشى كحلا أَو غَيره من خضرَة أَو سَواد والنتف أَي نتف الْبيَاض عَن اللِّحْيَة وَالرَّأْس أَو نتف الشّعْر عَن الْحَاجِب وَغَيره للزِّينَة أَو نتف الشّعْر عِنْد الْمُصِيبَة وَعَن مكامعة المكامعة المضاجعة بِغَيْر شعار بِكَسْر الشين وَهُوَ مَا يَلِي الْجَسَد من الثَّوْب أَي بِلَا حَاجِب من ثوب أَسْفَل ثِيَابه بِمَعْنى لبس الْحَرِير حرَام على الرِّجَال سَوَاء كَانَت تَحت الثِّيَاب أَو فَوْقهَا وَعَادَة جهال الْعَجم أَن يلبسوا تَحت الثِّيَاب ثوبا قَصِيرا من حَرِير ليلين أعضاءهم أَو يَجْعَل على مَنْكِبَيْه هُوَ أَن يلقِي الثَّوْب الْحَرِير على الْكَتِفَيْنِ(8/143)
وَعَن النهبي بِضَم النُّون وَالْقصر هُوَ النَّهْبُ وَقَدْ يَكُونُ اسْمَ مَا يُنْهَبُ كَالْعُمْرَى والرقبي ركُوب النمور أَي جلودها ملقاة على السرج والرحال لما فِيهِ من التكبر أَو لِأَنَّهُ زِيّ الْعَجم أَو لَان الشّعْر نجس لَا يقبل الدّباغ ولبوس الخواتيم بِضَم اللَّام مصدر بِمَعْنى اللّبْس وَالْمرَاد بِذِي سُلْطَان من يحْتَاج إِلَيْهِ للمعاملة مَعَ النَّاس وَلغيره يكون زِينَة مَحْضَة فَالْأولى تَركه فالنهي للتنزيه وَقيل فِي إِسْنَاده رجل مُبْهَم فَلم يَصح الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5092] نهى عَن الزُّور سَيَجِيءُ شَرحه فِي الرِّوَايَة الآتيةقوله كبة بِضَم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض وَقَوله تزيد فِيهِ أَي تزيد ذَلِك فِي الرَّأْس قَوْله الْوَاصِلَة هِيَ الَّتِي تصل الشّعْر بِشعر آخر سَوَاء تصل بشعرها أَو شعر غَيرهَا وَالْمسْتَوْصِلَة الَّتِي تَأمر من يفعل بهَا وَكَذَلِكَ(8/144)
[5096] الواشمة والمستوشمة من الوشم وَقد تقدم قَرِيبا قبل هَذَا وَنَحْو لعن الله الْيَهُود وَأَمْثَاله أَخْبَار بِأَن الله لعن هَؤُلَاءِ لادعاء مِنْهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لم يبْعَث لعانا وَقد قَالَ الْمُؤمن لَا يكون لعانا قلت لعن الشَّيْطَان وَغَيره ورد فَالظَّاهِر أَن اللَّعْن على من يسْتَحقّهُ على قلَّة لَا يضر فَلذَلِك قيل لم يبْعَث لعانا بِصِيغَة الْمُبَالغَة وَوجه اللَّعْن مَا فِيهِ من تَغْيِير الْخلق يتَكَلَّف وَمثله قد حرم الشَّارِع فَيمكن تَوْجِيه اللَّعْن إِلَى فَاعله(8/145)
بِخِلَاف التَّغْيِير بالخضاب وَنَحْوه مِمَّا لم يحرمه الشَّارِع لعدم التَّكَلُّف فِيهِ قَوْله زعراء كحمراء تَأْنِيث أرعر أَي قَليلَة الشّعْر قَوْله وَالْمُتَنَمِّصَات النمص نتف الشّعْر والتفلج التَّكَلُّف لتَحْصِيل الفلجة بَين الْأَسْنَان بِاسْتِعْمَال بعض الالات وَقَوله لِلْحسنِ مُتَعَلق بالمتفلجات فَقَط أَو بِالْكُلِّ الْمُغيرَات أَي خلق(8/146)
الله
قَوْله
[5102] إِذا علمُوا ذَلِك أَي أَن الْمُعَامَلَة رِيَاء ولاوى الصَّدَقَة اسْم فَاعل من لواه أَي صرفه وَالْمرَاد مَانع الصَّدَقَة وَالْمُرْتَدّ أَعْرَابِيًا أَي الَّذِي يصير اعرابيا يسكن الْبَادِيَة قَوْله وَالْحَال من الْحل أَي(8/147)
الَّذِي ينْكح بنية أَن تحل الزَّوْجَة للمطلق والمحلل لَهُ هُوَ الْمُطلق قَوْله تشم مضارع من الوشم(8/148)
قَوْله الوشر هُوَ تَحْدِيد الْأَسْنَان وَقد سبق قَرِيبا(8/149)
قَوْله الاثمد بِكَسْر همزَة وَسُكُون مُثَلّثَة وَمِيم مَكْسُورَة قيل هُوَ الْحجر الْمَعْرُوف للاكتحال وَقيل هُوَ كحل أصفهاني يجلو من الاجلاء أَي يزِيدهُ نورا وينبت من الانبات الشّعْر بِفَتْح الْعين شعر أهداب الْعين
قَوْله
[5114] لم ير على بِنَاء الْمَفْعُول من الرُّؤْيَة أَي لم يظْهر الشيب مِنْهُ لقلته يصْبغ قد سبق لَهُ نوع تَحْقِيق
قَوْله
[5116] عَن مُحَمَّد بن عَليّ قَالَ الْحَافِظ هُوَ بن الْحَنَفِيَّة وَأما مُحَمَّد بن عَليّ بن الْحُسَيْن فَلم يدْرك عَائِشَة(8/150)
قَوْله بذكارة الطّيب هُوَ بِكَسْرِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَرَاءٍ مَا يَصْلُحُ لِلرِّجَالِ كَالْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ وَالْعُودِ وَالْكَافُورِ وَهِيَ جَمْعُ ذَكَرٍ وَهُوَ مَالا لون لَهُ والمؤنث طيب النِّسَاء كالخلوق والزعفران قَوْله مَا ظهر لَونه أَي مَا يكون لَهُ لون مَطْلُوب لكَونه زِينَة والا فالمسك وَغَيره من طيب الرِّجَال لَهُ لون ثمَّ هَذَا إِذا أَرَادَت الْخُرُوج والا(8/151)
فَعِنْدَ الزَّوْج تتطيب بِمَا شَاءَت قَوْله ردع بِفَتْح فَسُكُون وبعين مُهْملَة وَقيل بِمُعْجَمَة لطخ لم يعم الْبدن كُله من خلوق بِفَتْح خاء مُعْجمَة آخِره قَاف طيب يتركب من زعفران وَغَيره فأنهكه أَي بَالغ فِي غسله يدل الحَدِيث على شدَّة كَرَاهَة اسْتِعْمَال مَا لَهُ لون للرِّجَال(8/152)
قَوْله استعطرت أَي اسْتعْملت الْعطر وَهُوَ الطّيب قَوْله فلتغتسل من الطّيب ظَاهره انها إِذا أَرَادَت الْخُرُوج إِلَى الْمَسْجِد وَهِي قد اسْتعْملت الطّيب فِي الْبدن(8/153)
فلتغتسل مِنْهُ وتبالغ فِيهِ كَمَا تبالغ فِي غسل الْجَنَابَة حَتَّى يَزُول عَنْهَا الطّيب بِالْكُلِّيَّةِ ثمَّ لتخرج وَمثله قَوْله تَعَالَى وَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه لَا أَنَّهَا إِذا خرجت بِطيب ثمَّ رجعت فعلَيْهَا الْغسْل لذَلِك لَكِن رِوَايَة أبي دَاوُد ظَاهِرَة فِي الثَّانِي فَقيل أمرهَا بذلك تشديدا عَلَيْهَا وتشنيعا لفعلها وتشبيها لَهُ بالزنى وَذَلِكَ لِأَنَّهَا هيجت بالتعطر شهوات الرِّجَال وَفتحت بَاب عيونهم الَّتِي بِمَنْزِلَة بريد الزِّنَى فَحكم عَلَيْهَا بِمَا يحكم على الزَّانِي من الِاغْتِسَال من الْجَنَابَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بخورا بِفَتْح بَاء وخفة خاء أَخذه دُخان الطّيب المحروق وَقيل هُوَ مَا يتبخر بِهِ الْعشَاء لَعَلَّ التَّخْصِيص لِأَن الْخَوْف عَلَيْهِنَّ فِي اللَّيْل أَكثر أَو لِأَن عادتهن(8/154)
اسْتِعْمَال البخور فِي اللَّيْل لِأَزْوَاجِهِنَّ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5131] فَلَا تقربن بِفَتْح رَاء قَوْله(8/155)
[5135] إِذا استجمر تبخر بالالوة الْمَشْهُور فِيهِ ضم الْهمزَة وَاللَّام وَفتح الْوَاو الْمُشَدّدَة وَقد تفتح الْهمزَة وَحكى فِي اللَّام الكسرة وَفِي الْوَاو التَّخْفِيف وَهِي الْعود الَّذِي يتبخر بِهِ قَالَ الْأَصْمَعِي اراها فارسية معربة غير مطراة بِضَم الْمِيم وَفتح الطَّاء وَالرَّاء الْمُشَدّدَة أَي غير مخلوط أَو غير مرباة بِشَيْء آخر من جنس الطّيب وبكافور ألخ أَي تَارَة كَانَ يتبخر بِالْعودِ الْخَالِص وَأُخْرَى مخلوط بالكافور
قَوْله
[5136] أَهله الْحِلْية بِكَسْر فَسُكُون الظَّاهِر أَنه يمْنَع أَزوَاجه الْحِلْية مُطلقًا سَوَاء كَانَ من ذهب أَو فضَّة وَلَعَلَّ ذَلِك مَخْصُوص بهم ليؤثروا الْآخِرَة على الدُّنْيَا وَكَذَا الْحَرِير وَيحْتَمل أَن المُرَاد بالأهل الرِّجَال من أهل الْبَيْت فَالْأَمْر وَاضح قَوْله(8/156)
[5137] أما لَكِن فِي الْفضة مَا تحلين أَي تتحلينه ثمَّ حذف إِحْدَى التَّاءَيْنِ والعائد إِلَى الْمَوْصُول أَي مَا تتخذنه حلية لَكِن تظهره يحْتَمل أَن تكون الْكَرَاهَة إِذا ظَهرت وافتخرت بِهِ لَكِن الْفضة مثل الذَّهَب فِي ذَلِك فَالظَّاهِر أَن هَذَا لزِيَادَة التقبيح والتوبيخ وَالْكَلَام لافادة حُرْمَة الذَّهَب على النِّسَاء مَعَ قطع النّظر عَن الاظهار والافتخار وَيُؤَيِّدهُ الرِّوَايَة الْآتِيَة لَكِن الْمَشْهُور جَوَاز الذَّهَب للنِّسَاء وَلذَلِك قَالَ السُّيُوطِيّ هَذَا مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ إنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُور أمتِي حل لأناثها وَنقل بن شاهين مَا يدل على ذَلِك وَقَالَ وَحَكَى النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ على ذَلِك قلت وَلَوْلَا الْإِجْمَاع لَكَانَ الظَّاهِر أَن يُقَال أَو لَا كَانَ الذَّهَب حَلَالا للْكُلّ ثمَّ حرم على الرِّجَال فَقَط ثمَّ حرم على النِّسَاء أَيْضا وَقَول بن شاهين أَنه كَانَ أَولا حَلَالا للْكُلّ ثمَّ أُبِيح للنِّسَاء دون الرِّجَال بِاعْتِبَار النّسخ مرَّتَيْنِ مَعَ أَن الْعلمَاء على أَنه إِذا دَار الْأَمر بَين نسخ وَاحِد ونسخين لَا يحكم بنسخين فَإِن الأَصْل عدم النّسخ فتقليله أليق بِالْأَصْلِ لَكِن الْإِجْمَاع هَا هُنَا دَاع إِلَى اعْتِبَار النسخين وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله خرصا بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَسُكُون(8/157)
الرَّاء حلى الْأذن قَوْله فتخ بفتحفاء ومثناة من فَوق وَآخره خاء مُعْجمَة وَهِي خَوَاتِيم كبار يضْرب يَدهَا تعزيرا لَهَا على مَا فعلت من لبس الذَّهَب فانتزعت فَاطِمَة ظَاهر هَذَا أَن السلسلة كَانَت بَاقِيَة عِنْدهَا حِين كَانَت هَذِه الْقَضِيَّة لَكِن آخر الحَدِيث يدل على أَنَّهَا باعت قبل ذَلِك وَالْأَقْرَب أَن يُقَال ضمير فِي عُنُقهَا لبِنْت هُبَيْرَة وَلَعَلَّ تِلْكَ السلسلة اشترتها بنت هُبَيْرَة حِين باعتها فَاطِمَة وَكَانَت فِي عُنُقهَا حِينَئِذٍ فرأتها فَاطِمَة فانتزعت من عُنُقهَا لتذكر لَهَا حَالهَا فتقيس عَلَيْهَا حَال الفتخ وَالله تَعَالَى أعلم أيغرك(8/158)
من الْغرُور أَي يَسُرك هَذَا القَوْل فتصيري بذلك مغرورة فتقعي فِي هَذَا الْأَمر الْقَبِيح بِسَبَبِهِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5142] سِوَارَيْنِ من ذهب أَي ألبس سِوَارَيْنِ من ذهب سواران أَي لَك سواران طوق أَي أَيحلُّ طوق قرطين بِضَم قَاف وَسُكُون رَاء نوع من حلى الْأذن وَوجه النصب فِي السُّؤَال قد سبق وَأما فِي الْجَواب بِأَن يُقَال تَقْدِيره يبدلهما الله قرطين من نَار صلفت أَي قل خَيرهَا من بَاب علم كَمَا هُوَ المضبوط ثمَّ تصفره أَي فيجتمع صفرَة الزَّعْفَرَان مَعَ بريق الْفضة فيخيل إِلَى النُّفُوس أَنه من ذهب وَيُؤَدِّي من الزِّينَة مَا يُؤَدِّيه الذَّهَب وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5143] مسكتي ذهب بِفتْحَتَيْنِ من حلى الْيَد قَوْله(8/159)
[5144] ان هذَيْن إِشَارَة إِلَى جنسهما لَا عينهما فَقَط حرَام قيل الْقيَاس حرامان الا أَنه مصدر وَهُوَ لَا يثنى وَلَا يجمع أَو التَّقْدِير كل وَاحِد مِنْهُمَا حرَام فأفرد لِئَلَّا يتَوَهَّم الْجمع وَقَالَ بن مَالك أَي اسْتِعْمَال هذَيْن فَحذف الْمُضَاف وَأبقى الْخَبَر على افراده وعَلى كل تَقْدِير فَالْمُرَاد استعمالهما لبسا والا فالاستعمال صرفا وانفاقا وبيعا جَائِز للْكُلّ وَاسْتِعْمَال الذَّهَب باتخاذ الْأَوَانِي مِنْهُ واستعمالها حرَام للْكُلّ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/160)
[5149] الا مقطعا أَي مكسرا مَقْطُوعًا وَالْمرَاد الشَّيْء الْيَسِير مثل السن وَالْأنف وَالله تَعَالَى أعلم(8/161)
قَوْله طرفَة بِفَتَحَات وعرفجة بِفَتْح مُهْملَة وَسُكُون أُخْرَى وَفتح فَاء بعْدهَا جِيم قَوْله يَوْم الْكلاب بِضَم كَاف وَتَخْفِيف لَام اسْم مَاء كَانَت فِيهِ وقْعَة مَشْهُورَة من أَيَّام الْعَرَب وَلَيْسَ من غَزَوَاته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بل كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّة وَبِهَذَا الحَدِيث أَبَاحَ أَكثر الْعلمَاء اتِّخَاذ الْأنف من ذهب وربط الْأَسْنَان بِهِ روى أَن حَيَّان بن بشير ولى الْقَضَاء بأصبهان فَحدث بِهَذَا الحَدِيث وَقَرَأَ يَوْم الْكلاب بِكَسْر الْكَاف فَرد عَلَيْهِ رجل وَقَالَ انما هُوَ الْكلاب بِضَم الْكَاف فَأمر بحبسه فَرَآهُ بعض أَصْحَابه فَقَالَ لَهُ فيمَ حبست فَقَالَ حَرْب كَانَت فِي الْجَاهِلِيَّة حبست بِسَبَبِهَا فِي الْإِسْلَام من ورق الْمَشْهُور كسر الرَّاء على أَن المُرَاد الْفضة وروى عَن الْأَصْمَعِي فتحهَا على أَن المُرَاد ورق الشَّجَرَة وَزعم أَن الْفضة لَا تنتن لَكِن قَالَ بعض أَصْحَاب الْخِبْرَة أَن الْفضة تنتن وَالذَّهَب لَا قلت وَالرِّوَايَة الْآتِيَة صَرِيحَة فِي أَن المُرَاد الْفضة وَكَأَنَّهُ لهَذَا ذكر المُصَنّف تِلْكَ الرِّوَايَة بعد هَذِه الرِّوَايَة فَأَنْتن بِفَتْح الْهمزَة أَي صَار نَتنًا كريه الرَّائِحَة وَفِي إِسْنَاد الحَدِيث كَلَام للنَّاس لَكِن التِّرْمِذِيّ قَالَ حَدِيث حسن وَقَالَ نَاس انه مُرْسل وَالله تَعَالَى أعلم(8/164)
قَوْله
[5163] قَالَ قَدْ رَآهُ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْكَ الخ قيل قَالَ فِي الْكُبْرَى بعد إِيرَاده هَذَا الحَدِيث قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ قَوْله خَاتم الذَّهَب حِين كَانَ الذَّهَب مُبَاحا للْكُلّ ثمَّ نسخ
قَوْله
[5166] وَعَن القسي بِفَتْح قَاف وَقد تكسر وَتَشْديد سين مُهْملَة نِسْبَة إِلَى بِلَاد يُقَال لَهَا القس وَهُوَ ثوب يغلبه الْحَرِير والمياثر جمع ميثرة بِكَسْر مِيم وَفتح مُثَلّثَة وطاء محشو يَجْعَل فَوق رَحل الْبَعِير تَحت الرَّاكِب وَهُوَ دأب المتكبرين وَمَفْهُوم الحَدِيث أَنَّهَا إِذا لم تكن حَمْرَاء لم تحرم لقصد الاسْتِرَاحَة خُصُوصا للضعفاء وَعَن الجعة بِكَسْر جِيم وَتَخْفِيف عين مُهْملَة هِيَ النَّبِيذ الْمُتَّخذ من الشّعير قَوْله(8/165)
[5168] عَن حَلقَة الذَّهَب أَي خَاتمه قَوْله انهنا صِيغَة أَمر من النَّهْي عَن الدُّبَّاء النَّهْي عَن الظروف مَنْسُوخ وَلَعَلَّ عليا رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَا بلغه نَاسخ قَوْله(8/166)
[5172] لَا أَقُول نهى النَّاس قَالَ ذَلِك اما لِأَن مُرَاده حِكَايَة اللَّفْظ وَكَانَ اللَّفْظ مَخْصُوصًا غير عَام أَو لِأَنَّهُ جوز الْخُصُوص حكما فَقَالَ ذَلِك عَن تختم الذَّهَب هَذَا مَخْصُوص بِالرِّجَالِ وَكَذَا مَا بعده الا الْقِرَاءَة فِي الرُّكُوع وَالسُّجُود فان النَّهْي عَنْهَا عَام يَشْمَل الرِّجَال وَالنِّسَاء المفدمة هُوَ بِالْفَاءِ وَتَشْديد الدَّال الْمُهْملَة الْمَفْتُوحَة أَي المصبغة الَّتِي بلغت الْغَايَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/167)
[5184] عَن مياثر الأرجوان بِضَم همزَة وجيم بَينهمَا رَاء سَاكِنة ورد أَحْمَر مَعْرُوف وَالْمرَاد المياثر الَّتِي(8/169)
هِيَ كالأرجوان فِي الْحمرَة وَالله تَعَالَى أعلم(8/170)
قَوْله مخصرة بِكَسْر مِيم وَسُكُون مُعْجمَة وبمهملة مَا يتَوَكَّأ عَلَيْهِ نَحْو الْعَصَا وَالسَّوْط
قَوْله
[5190] فَجعل يقرعه أَي يضْربهُ الا قد أوجعناك بالقرع وأغرمناك بالتسبب لإلقاء الْخَاتم قَوْله(8/171)
[5195] حلية أهل النَّار بِكَسْر الْحَاء أَي زِيّ الْكفَّار فَإِن سلاسلهم وأغلالهم فِي النَّار من الْحَدِيد من شبه بِفتْحَتَيْنِ نوع من النّحاس يشبه الذَّهَب وَكَانُوا يتخذون مِنْهُ الْأَصْنَام قَوْله من ورق بِفَتْح(8/172)
فَكسر أَي فضَّة فصه بِفَتْح فَاء وَيكسر وَتَشْديد صَاد مَعْرُوف حبشِي أَي على الْوَضع الحبشي وَقيل أَو صائغه حبشِي وعَلى هَذَا لامخالفة بَين هَذَا الحَدِيث وَبَين حَدِيث وفصة مِنْهُ وان قُلْنَا انه كَانَ حجرا أَو جزعا أَو نَحوه يكون بِالْحَبَشَةِ يظْهر الْمُخَالفَة بَين الْحَدِيثين وتدفع بالْقَوْل بِتَعَدُّد الْخَاتم كَمَا نقل عَن الْبَيْهَقِيّ وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ بعد ذَلِك وَالْأَشْبَه أَنَّ الَّذِي كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا هُوَ الْخَاتَمُ الَّذِي اتَّخَذَهُ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ طَرَحَهُ وَاتَّخَذَ خَاتمًا من ورق أَي وَقَول الزُّهْرِيّ خَاتمًا من ورق سَهْو مِنْهُ وَقع مَوضِع من ذهب وَالله تَعَالَى أعلم وَنقش فِيهِ مُحَمَّد قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد وَكَذَا بِالرَّفْع على الْحِكَايَة وَنقش أَي أَمر بنقشه قلت بل رَفعه على الِابْتِدَاء وَمَا بعده خبر وَالْجُمْلَة مفعول نقش على أَن المُرَاد بِمَجْمُوع الْجُمْلَة هَذَا اللَّفْظ لَا بِالنّظرِ إِلَى الْوُجُود اللَّفْظِيّ بل بِالنّظرِ إِلَى الْوُجُود الكتبي وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5197] يتختم بِهِ فِي يَمِينه قد صَحَّ تختمه فِي الْيَمين واليسار جَمِيعًا فَقَالَ بَعضهم يجوز الْوَجْهَانِ وَالْيَمِين أفضل لِأَنَّهُ زِينَة وَالْيَمِين بهَا أولى وَقَالَ آخَرُونَ بنسخ الْيَمين لما جَاءَ فِي بعض الرِّوَايَات الضعيفة أَنه تختم أَولا فِي الْيَمين ثمَّ حول إِلَى الْيَسَار وَمِنْهُم من يرى الْوَجْهَيْنِ مَعَ تَرْجِيح الْيَسَار اما لهَذَا الحَدِيث أَو لِأَنَّهُ إِذا كَانَ التَّخَتُّم فِي الْيَسَار يكون أَخذ الْخَاتم وَقت اللّبْس والنزع بِالْيَمِينِ بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ التَّخَتُّم فِي الْيَمين وَالْوَجْه القَوْل بِجَوَاز الْوَجْهَيْنِ وَالله تَعَالَى أعلم مِمَّا يَلِي كَفه قَالَ الْعلمَاء قد جَاءَ خِلَافه أَيْضا لَكِن مِمَّا يَلِي كَفه أصح وَأكْثر(8/173)
فَهُوَ أفضل وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَقَالُوا انهم الخ يدل على أَنه مَا اتخذ خَاتمًا الا عِنْد الْحَاجة إِلَيْهَا فَالْأَصْل تَركه وَقَالَ الْخطابِيّ وَذَلِكَ لِأَن الْخَاتم مَا كَانَ من عَادَة الْعَرَب لبسه(8/174)
قَوْله
[5205] حديدا ملويا عَلَيْهِ فضَّة قيل هَذَا الحَدِيث أَجود إِسْنَادًا مِمَّا قبله لِأَن فِي إِسْنَاد الأول عبد الله بن مُسلم الْمروزِي وَقيل انه لَا يحْتَج بحَديثه وَقيل ثِقَة يُخطئ سِيمَا وَهَذَا الحَدِيث يعضده حَدِيث التمس وَلَو خَاتمًا من حَدِيد وَلَو كَانَ مَكْرُوها لم يَأْذَن فِيهِ قلت وَالرِّوَايَة الْآتِيَة صَرِيحَة فِي الْجَوَاز وَقيل ان كَانَ الْمَنْع مَحْفُوظًا يحمل الْمَنْع على مَا كَانَ حديدا صرفا وَهَا هُنَا بِالْفِضَّةِ الَّتِي لويت عَلَيْهِ ترْتَفع الْكَرَاهَة وَالله تَعَالَى أعلم على خَاتم أَي أَمينا عَلَيْهِ(8/175)
قَوْله إِذا بجمر كثير يُرِيد أَن مَا جَاءَ بِهِ من الذَّهَب فَهُوَ جمر على هَذَا فَأَشَارَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِلَى أَنه جمر فِي حق من يرَاهُ أحسن من حِجَارَة الْحرَّة فيتزين بِهِ وَأما من يرَاهُ مثله وَإِنَّمَا يقْضِي بِهِ حَاجته الدُّنْيَوِيَّة فَلَا يكون فِي حَقه جمرا واجزأ اسْم تَفْضِيل من الْأَجْزَاء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5207] على نقشه وَذَلِكَ لِئَلَّا تفوت مصلحَة نقش الإسم بِوُقُوع الإشتراك قَوْله(8/176)
[5209] لَا تستضيئوا بِنَار الْمُشْركين أَي لَا تقربوهم كَمَا قَالَ لَا ترَاءى ناراهما وَقيل أَرَادَ بالنَّار هَا هُنَا الرَّأْيَ أَيْ لَا تُشَاوِرُوهُمْ فَجَعَلَ الرَّأْيَ مثل الضَّوْء عِنْد الْحيرَة عَرَبيا أَي نقشا مَعْلُوما فِي الْعَرَب وَلم يكن ثمَّة نقش مَعْلُوم فيهم الا نقش خَاتمه لأَنهم مَا كَانُوا يلبسُونَ الخواتيم فَأَرَادَ بذلك أَنكُمْ لَا تجْعَلُوا نقش خواتيمكم نقش خَاتمِي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/177)
[5217] وَفِي يَد أبي بكر هَذَا بناءعلى أَن مَاله لَيْسَ بميراث بل لانتفاع الْمُسلمين فللخليفة أَن ينْتَفع مِنْهُ بِقدر حَاجته فَلَمَّا كثرت أَي الْكتب المحتاجة إِلَى الْخَتْم فَسقط قَالُوا ثمَّ انْتقض عَلَيْهِ الْأَمر وَكَانَ ذَلِك مبدأ الْفِتْنَة إِلَى قيام السَّاعَة وَمِنْه أَخذ أَن خَاتمه صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم كَانَ فِيهِ سر غَرِيب كخاتم سُلَيْمَان عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَالله تَعَالَى أعلم وَنقش فِيهِ الخ قَالَ الْحَافِظ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد قلت كَأَنَّهُ فهم أَن النَّهْي مَخْصُوص بحياته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم لزوَال الْمَحْذُور وَهُوَ وُقُوع الِاشْتِرَاك وَنَظِيره قَول من خصص النَّهْي عَن التكني بكنيته بحياته أَيْضا وَالْمُخْتَار فِي الْحَدِيثين إِطْلَاق النَّهْي قلت وَالظَّاهِر أَنه فهم خصوصه مُدَّة بَقَاء الْخَاتم وَالْأَقْرَب أَنه فهم من النَّهْي أَن الْمَقْصُود بِهِ أَن لَا تَتَعَدَّد الْخَوَاتِم على نقش وَاحِد فِيمَا إِذا كَانَ الْخَاتم مَقْصُودا صون نقشه عَن الِاشْتِرَاك كخواتم الْحُكَّام وَالْأَظْهَر مِنْهُ أَنه فهم الْإِطْلَاق الا أَنه رأى أَن خَاتمه الْجَدِيد نَائِب عَن الْخَاتم الْقَدِيم وللنائب حكم الأَصْل فَنقل(8/179)
نقشه إِلَيْهِ لَا يخل بِإِطْلَاق النَّهْي وَالله تَعَالَى أعلمقوله
[5219] لَام الْبَنِينَ مَعَهم أَجْرَاس جمع جرس بِفتْحَتَيْنِ وَهُوَ مَا يعلق بعنق الدَّابَّة أَو بِرَجُل الْبَازِي وَالصبيان وَكَذَا الجلاجل بِفَتْح أولى الجيمين وَكسر ثَانِيهمَا جمع جلجل بِضَم الْجِيم مَعَهم جلجل قيل أَنما كرهه لِأَنَّهُ يدل على أَصْحَابه بِصَوْتِهِ وَكَانَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم يحب أَن لَا يعلم الْعَدو بِهِ حَتَّى يَأْتِيهم فَجْأَة وَقيل غير ذَلِك قَوْله رفْقَة بِضَم رَاء وَكسرهَا مَعَ سُكُون فَاء جمَاعَة ترافقهم فِي سفرك
قَوْله
[5222] جلجل وَلَا جرس يدل على أَن بَينهمَا فرقا وَبَعْضهمْ فسر أَحدهمَا بِالْآخرِ قَوْله(8/180)
[5223] رث الثِّيَاب بِفَتْح فتشديد مُثَلّثَة الشَّيْء الْبَالِي من كل المَال أَي لي من كل أَنْوَاع المَال المتعارفة فِي ذَلِك الْوَقْت شَيْء فلير أَثَره عَلَيْك على بِنَاء الْمَفْعُول أَي البس ثوبا جَدِيدا جيدا ليعرف النَّاس أَنَّك غَنِي وليقصدك المحتاجون لطلب الزَّكَاة وَالصَّدقَات قيل هَذَا فِي تَحْسِين الثِّيَاب بالتنظيف والتجديد عِنْد الْإِمْكَان من غير أَن يُبَالغ فِي النعامة والرقة قَوْله دون أَي خسيس فليرى هَكَذَا فِي نسختنا بِثُبُوت الْألف كَأَنَّهُ للاشباع أَو مُعَاملَة المعتل مُعَاملَة الصَّحِيح وكرامته قد يكون المَال كَرَامَة إِذا صرفه العَبْد فِي مصارفه أَو هُوَ كَرَامَة وَإِنَّمَا الْخلاف يَجِيء من سوء صَنِيع العَبْد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والاستحداد أَي حلق الْعَانَة بِاسْتِعْمَال الْحَدِيد فِيهَا قَوْله(8/181)
أحفوا من الإحفاء وأعفوا من الاعفاء على الْمَشْهُور واللحى بِكَسْر اللَّام وَقد تقدم قَوْله أمْهل أَي اتركهم يكون حِين جَاءَ خبر مَوته أفرخ بِفَتْح همزَة وَضم رَاء جمع فرخ وَهُوَ ولد الطَّائِر يشبه بِهِ الصَّغِير وَحلق رؤوسهم لِأَن أمّهم شغلت بالمصيبة عَن ترجيل شُعُورهمْ وَغسل رؤوسهم فخاف عَلَيْهِم(8/182)
الْوَسخ وَالْقمل قَوْله عَن القزع بِفتْحَتَيْنِ قَوْله رجلا هُوَ خبر لفظا لَكِن المقصودالإخبار بِصفتِهِ مربوعا أَي متوسطا بَين الطول وَالْقصر كث اللِّحْيَة بِفَتْح فتشديد مُثَلّثَة هُوَ أَن لَا يكون اللِّحْيَة دقيقة وَلَا طَوِيلَة جمته بِضَم جِيم فتشديد مِيم
قَوْله
[5233] من ذِي لمة بِكَسْر لَام فتشديد مِيم قَوْله(8/183)
[5336] ثَائِر الرَّأْس قد انْتَشَر شعر رَأسه من قلَّة الدّهن مَا يسكن من التسكين أَي يلم بِهِ شعثه وَيجمع مُتَفَرِّقه
قَوْله
[5237] أَن يحسن إِلَيْهَا إِلَى الجمة باصلاحها بِالْغسْلِ والتنظيف والادهان قَوْله وَأَن يترجل كل يَوْم لَعَلَّ هَذَا مَخْصُوص بِهِ والا فقد جَاءَ عَنهُ النَّهْي أَو لِأَن النَّهْي مَخْصُوص بِمن لَا يحْتَاج شعره إِلَى التَّرَجُّل كل يَوْم وَهَذَا كَانَ شعره مُحْتَاجا إِلَى ذَلِك لكثرته وَطوله وَالْأَقْرَب أَن المُرَاد بِكُل يَوْم أَي أَي يَوْم كَانَ فَالْمُرَاد بَيَان أَن التَّرَجُّل لَا يخْتَص بِيَوْم دون يَوْم بل كل يَوْم فِي جَوَازه سَوَاء وان كَانَ الافراط فِيهِ لَا يَنْبَغِي بل التَّوَسُّط هُوَ الْمَطْلُوب وعَلى هَذَا الْمَعْنى لَو جعل كل يَوْم مُتَعَلقا بمقدر هُوَ خبر مَحْذُوف أَي وَذَلِكَ جَائِز كل يَوْم كَانَ أحسن وكل ذَلِك وان كَانَ خلاف الظَّاهِر لَكِن قد يرتكب مثله للتوفيق وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5238] كَانَ يسدل من بَاب نصر وَضرب وَكَذَا فرق والسدل إرْسَال الشّعْر حول الرَّأْس من غير أَن يقسم بنصفين وَالْفرق أَن يقسمهُ نصفه من يَمِينه على الصَّدْر وَنصفه من يسَاره عَلَيْهِ وَكِلَاهُمَا جَائِز وَالْأَفْضَل الْفرق يحب مُوَافقَة أهل الْكتاب لاحْتِمَال استناد عَمَلهم إِلَى أمره تَعَالَى أَو لتألفهم حِين دخل الْمَدِينَة ثمَّ فرق رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بعد ذَلِك كلمة بعد ذَلِك تَأْكِيد لما يفِيدهُ كلمة ثمَّ أَي حِين اطلع على أَحْوَالهم فَرَآهُمْ أضلّ النَّاس وَأَن التَّأْلِيف لَا يُؤثر فيهم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/184)
ثغامة بمثلثة مَفْتُوحَة وغين مُعْجمَة ثَمَر أَبيض لنَوْع من النَّبَات وَقد تقدم الحَدِيث(8/185)
قَوْله قصَّة بِضَم فتشديد شعر الناصية أَيْن عُلَمَاؤُكُمْ يُرِيد أَنهم لَو كَانُوا أَحيَاء لمنعوا النَّاس عَن القبائح(8/186)
قَوْله
[5246] وَأخذ كبة بِضَم فتشديد شعر ملفوف بعضه على بعض(8/187)
قَوْله
[5257] أَن يزعفر الرجل جلده صَرِيح فِي أَن الْمنْهِي عَنهُ هُوَ اسْتِعْمَال الزَّعْفَرَان فِي الْبدن قَوْله(8/189)
[5287] أَن ألبس فِي أُصْبُعِي هَذِه الظَّاهِر أَن الْإِشَارَة إِلَى السبابَة قَالُوا يكره للرجل التَّخَتُّم فِي الْوُسْطَى وتاليتيها كَرَاهَة التَّنْزِيه وَيجوز للْمَرْأَة فِي كل الْأَصَابِع قَوْله(8/194)
[5289] إِلَيْهِ نظرة واليكم نظرة وَلَعَلَّه اتّفق لَهُ أَنه وَقع عَلَيْهِ نظره مرَارًا مُتَعَددًا فكره أَن يتفرق عَلَيْهِ نظره فَقَالَ مَا قَالَ وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْحَال
قَوْله
[5291] أَنَّهُ رَأَى فِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ يَوْمًا وَاحِدًا فصنعوه فلبسوه فَطرح النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَطرح النَّاس قيل هَذَا وهم من الزُّهْرِيّ وَالصَّوَاب من ذهب مَكَان قَوْله من ورق وَقيل طَرحه إنكارا على النَّاس تشبههم قلت التَّشَبُّه بِهِ مَطْلُوب فَكيف يُنكر ذَلِك وَالْأَقْرَب أَن هَذِه الرِّوَايَة ان ثبتَتْ فطرحه خَاتم الْفضة لكَرَاهَة الزِّينَة تَنْزِيها وَكَانَ يلْبسهُ أَحْيَانًا بعد ذَلِك لبَيَان الْجَوَاز وَلَا يلبسهَا فِي غَالب الْأَوْقَات وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/195)
[5293] حَتَّى هلك فِي بِئْر أريس بِفَتْح فَكسر فَسُكُون اسْم حديقة بقباء قَالَ الْكرْمَانِي والأفصح صرفه
[5295] أَنه رأى حلَّة سيراء بِكَسْر السِّين وَفتح التَّحْتَانِيَّة مَمْدُود نوع من البرود فِيهِ خطوط يخالطه حَرِير وَهُوَ على الْإِضَافَة وَله أَمْثَال كحلة سندس وحلة حَرِير وحلة خَز وَيَرْوِيه بَعضهم بِالتَّنْوِينِ وللوفد أَي لِلْخُرُوجِ على الْوَفْد من لَا خلاق لَهُ أَي فِي لبس الْحَرِير كَمَا جَاءَ بِهِ التَّصْرِيح وَيُمكن تحقق ذَلِك مَعَ الدُّخُول فِي الْجنَّة بِأَن يصرف الله تَعَالَى شهاه عَنهُ فَلَا يُنَافِيهِ قَوْله تَعَالَى وَلكم فِيهَا مَا تشْتَهي أَنفسكُم بل هَذَا لَازم فِي الْجنَّة والا لاشتهى كل أحد دَرَجَة نَبينَا صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَالله تَعَالَى أعلم فكساني أَي أَعْطَانِي قَوْله(8/196)
[5297] المضلع بالقز المضلع الَّذِي فِيهِ خطوط عريضة مثل الاضلاع والقز بِفَتْح فتشديد مُعْجمَة الْحَرِير قَوْله فأطرتها أَي قسمتهَا بَينهُنَّ بِأَن شققتها وَجعلت لكل وَاحِدَة مِنْهُنَّ قِطْعَة وَالْمرَاد بِنِسَائِي من كَانَ فِي بَيته من النِّسَاء يُقَال طَار لفُلَان فِي الْقِسْمَة كَذَا أَي صَار لَهُ وَوَقع فِي حِصَّته قَوْله(8/197)
[5299] حلَّة استبرق ديباج من حَرِير غليظ قَوْله(8/198)
[5300] حلَّة سندس بِالضَّمِّ مَا رق من الديباج قَوْله استسقى أَي طلب المَاء دهقان بِكَسْر دَال وَضمّهَا رَئِيس الْقرْيَة ومقدم أَصْحَاب الزِّرَاعَة وَهُوَ مُعرب قيل هُوَ مثلث وَضم داله أشهر الثَّلَاثَة يصرف وَيمْنَع ونونه أَصْلِيَّة لقَوْله تدهقن وَقيل زَائِدَة من الدهق وَهُوَ الامتلاء فَحَذفهُ أَي رمى بِهِ إِلَيْهِم أَي إِلَى الْحَاضِرين اني نهيته أَي قبل هَذَا مرَارًا فَإِنَّهَا أَي الْأَشْيَاء الْمَذْكُورَة لَهُم أَي للكفرة بِقَرِينَة الْمُقَابلَة بقوله لنا للْمُسلمين قَوْله وأطوله الظَّاهِر أطولهم وَلَعَلَّ الْأَفْرَاد لمراعاة أَفْرَاد النَّاس لفظا يلمسونها أَي ينظرُونَ إِلَى لينها ويتعجبون مِنْهَا إِذْ مَا سبق لَهُم عهد بِمِثْلِهَا فخاف عَلَيْهِم أَن يميلوا بذلك إِلَى الدُّنْيَا ويستحسنوها فِي طباعهم فزهدهم عَنْهَا ورغبهم فِي الْآخِرَة وَقَالَ لَهُم لمناديل سعد أَي هَذَا فِي الدُّنْيَا قد أعد للبس الْمُلُوك وَمَعَ(8/199)
ذَلِك لَا يُسَاوِي مناديل سعد فِي الْآخِرَة الَّتِي أعدت لإِزَالَة الْوَسخ وتنظيف الْأَيْدِي فَأَي نِسْبَة بَين الدُّنْيَا وَالْآخِرَة فَلَا يَنْبَغِي للمرء الرَّغْبَة فِي الدُّنْيَا وَعَن الْآخِرَة قَوْله أوشك أَن تنزعه أَي قَارب نَزعه لبسه
قَوْله
[5303] أوشك مَا نَزَعته مَا مَصْدَرِيَّة أَي قَارب نزعك إِيَّاه اللّبْس
قَوْله
[5305] لَا تلبسوا نساءكم الْحَرِير قَالَ النَّوَوِيّ هَذَا مَذْهَب بن الزبير قلت وَهُوَ ظَاهر قَول بن عمر كَمَا سَيَجِيءُ وَأَجْمعُوا بعده على إِبَاحَة الْحَرِير(8/200)
للنِّسَاء قلت كَأَنَّهُ أَخذه من عُمُوم كلمة من وخصها الْجُمْهُور بِالذكر وَزَاد فِي الْكُبْرَى قَالَ بن الزبير أَنه من لبسه فِي الدُّنْيَا لم يدْخلهُ الْجنَّة قَالَ الله تَعَالَى ولباسهم فِيهَا حَرِير وَهَذَا مِنْهُ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ استنباط لطيف لَكِن دلَالَة هذاالكلام على الْحصْر غير لَازم وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والقسية بِفَتْح قَاف وَقد تكسر(8/201)
وَتَشْديد سين وياء
قَوْله
[5310] من حكة أَي لأجل حكة وَالظَّاهِر أَن الحكة هِيَ عِلّة الرُّخْصَة وَقد جَاءَ أَن الْوَاقِعَة كَانَت فِي السّفر لَكِن السّفر اتفاقي لَا دخل لَهُ فِي الْعلَّة وَيحْتَمل أَن الْعلَّة مجموعها أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا وَكَانَ من جوز للحرب رأى أَن الْعلَّة كل مِنْهُمَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله كَانَت بهما يَعْنِي الحكة لَعَلَّ المُرَاد يَعْنِي ضمير كَانَت لحكة وَلم يرد رخص لحكة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5312] فرأيتهما أزرار الطيالسة أَي رَأَيْت أَنَّهُمَا إِشَارَة إِلَى أزرار الطيالسة فَيجوز أَن يكون الزران من الْحَرِير حَتَّى رَأَيْت الطيالسة فَعلمت(8/202)
بذلك أَن المُرَاد الْإِشَارَة إِلَى أَعْلَام الطيالسة وَالْحَاصِل أَنه تحقق عِنْده بعد ذَلِك أَن المُرَاد جَوَاز قدر الاصبعين للأعلام بعد أَن اشْتبهَ عَلَيْهِ أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله مترجلا أَي شعر رَأسه قَوْله الْحبرَة بِكَسْر الْحَاء الْمُهْملَة وَفتح الْبَاء قيل هِيَ من برود الْيمن من الْقطن وَلذَا أحبه وَفِيه خطوط(8/203)
خضر قيل لذَلِك كَانَ يُحِبهُ لِأَن الْأَخْضَر من ثِيَاب الْجنَّة وَقيل خطوط حمر والمحبة لاحْتِمَال الْوَسخ وَهُوَ الْمَشْهُور وَالله تَعَالَى اعْلَم
قَوْله
[5317] قَالَ فِي النَّار فطرحهما فِي تنور أَهله(8/204)
قَوْله
[5322] فانها أطهر وَأطيب لِأَنَّهُ يلوح فِيهَا أدنى وسخ فيزال بِخِلَاف سَائِر الألوان وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/205)
[5326] من الْخُيَلَاء بِضَم الْخَاء الْمُعْجَمَة وَفتح الْيَاء مَمْدُود وَكسر الْخَاء لُغَة الْكبر وَالْعجب والاختيال يتجلجل أَي يغوص فِي الأَرْض حَتَّى يخسف بِهِ والجلجلة حَرَكَة مَعَ صَوت
قَوْله
[5327] لم ينظر الله إِلَيْهِ أَي نظر رَحْمَة وَالْمرَاد أَنه لَا يرحمه مَعَ السَّابِقين استحقاقا وَجَزَاء وان كَانَ قد يرحمه تفضلا واحسانا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/206)
[5329] مَوضِع الْإِزَار أَي الْموضع المحبوب لازار الْمُؤمن وَالْمرَاد الرجل دون الْمَرْأَة إِلَى أَنْصَاف السَّاقَيْن الظَّاهِر أَنْصَاف السَّاقَيْن بِدُونِ إِلَى لتَكون مَحْمُولا على الْموضع فَلَعَلَّ التَّقْدِير مَوضِع الْإِزَار مَوضِع أَن يكون الْإِزَار إِلَى أَنْصَاف السَّاقَيْن ثمَّ حذف مَا حذف لدلَالَة الْمَذْكُور عَلَيْهِ والعضلة هِيَ بِفَتَحَات كل لحم صلبة مكتنزة فِي الْبدن وَمِنْه عضلة السَّاق وَهِي المُرَاد هَا هُنَا وَلَا حق للكعبين أَي لَا تستر الْكَعْبَيْنِ بالإزار وَالظَّاهِر أَن هَذَا هُوَ التَّحْدِيد وان لم يكن هُنَاكَ خُيَلَاء نعم إِذا انْضَمَّ إِلَى الْخُيَلَاء اشْتَدَّ الْأَمر وبدونه الْأَمر أخف وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5330] فَفِي النَّار أَي فموضعه من الْبدن فِي النَّار
قَوْله
[5331] مَا أَسْفَل قيل يحْتَمل أَنه مَنْصُوب على أَنه خبر كَانَ الْمَحْذُوف أَي مَا كَانَ أَسْفَل أَو مَرْفُوع بِتَقْدِير(8/207)
الْمُبْتَدَأ أَي مَا هُوَ أَسْفَل وَيحْتَمل أَنه فعل مَاض
قَوْله
[5332] إِلَى مُسبل أَي إِرَادَة إِلَى مَا هُوَ أَسْفَل من الْكَعْبَيْنِ
قَوْله
[5333] المنان بِمَا أعْطى أَي الَّذِي إِذا أعْطى من واعتد بِهِ على الْمُعْطى بِالْفَتْح وَقيل الَّذِي إِذا كال أَو وزن نقص من الْحق وَمِنْه قَوْله تَعَالَى لَهُم أجر غير ممنون أَي غير مَنْقُوص والمنفق بتَشْديد الْفَاء أَي المروج وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور رِوَايَة والا فَيجوز أَن يكون من الْإِنْفَاق بِمَعْنى الترويج
قَوْله
[5334] الإسبال فِي الْإِزَار الخ أَي الإسبال يتَحَقَّق فِي جَمِيع هَذِه الْأَشْيَاء والعمامة الإسبال فِيهَا بإرسال العذبات زِيَادَة على الْعَادة عددا وطولا وغايتها إِلَى نصف الظّهْر وَالزِّيَادَة عَلَيْهِ بِدعَة كَذَا ذكرُوا وَالله تَعَالَى أعلم(8/208)
قَوْله ترخينه شبْرًا من الْحَد الَّذِي حد للرِّجَال قَوْله(8/209)
[5340] عَن اشْتِمَال الصماء الْمَشْهُور على الْأَلْسِنَة المضبوط فِي كتب الحَدِيث واللغة أَن الصَّمَّاءِ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْمَدِّ وَفِي حَاشِيَة السُّيُوطِيّ بِضَم الصَّاد الْمُهْملَة وَالله تَعَالَى أعلم قيل هُوَ عِنْد الْعَرَب أَن يشْتَمل الرجل بِثَوْبِهِ بِحَيْثُ لَا يبْقى لَهُ منفذ يخرج مِنْهُ يَده وَأما الْفُقَهَاء فَقَالُوا هُوَ أَن يشْتَمل بِثَوْب وَاحِد لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ ثُمَّ يَرْفَعُهُ مِنْ أَحَدِ جانبيه فيضعه على مَنْكِبَيْه فيبدو مِنْهُ فرجه وَالْفُقَهَاء بالتأويل فِي هَذَا وَذَاكَ أصح فِي(8/210)
الْكَلَام قَوْله حَرْقَانِيَّةً بِسُكُونِ الرَّاءِ أَيْ سَوْدَاءَ عَلَى لَوْنِ مَا أَحْرَقَتْهُ النَّارُ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ بِزِيَادَةِ الْأَلِفِ وَالنُّونِ إِلَى الْحَرَقِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالرَّاءِ قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيّ كَذَا فِي حَاشِيَة السُّيُوطِيّ
قَوْله
[5346] قد أرْخى أَي أرسل(8/211)
قَوْله
[5347] لَا تدخل الْمَلَائِكَة قد تقدم الحَدِيث قَوْله تنْزع نمطا بِفتْحَتَيْنِ ثوب من صوف يفرش وَيجْعَل سترا ويطرح على الهودج وَإِلَّا مَا كَانَ رقما أَي نقشا فِي ثوب يُرِيد مَا لَا ظلّ لَهُ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5352] وَقد علقت قراما بِكَسْر الْقَاف الثَّوْب الملون الرَّقِيق قَوْله(8/212)
[5353] ذكرت الدُّنْيَا لَا يلْزم مِنْهُ الْميل إِلَيْهَا بل يجوز أَن يذكرهَا مَعَ الْكَرَاهَة وَمَعَ ذَلِك كره أَن يحضر لَدَيْهِ صُورَة الدُّنْيَا بِأَيّ وَجه كَانَ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5354] إِلَى سَهْوَةٍ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ بَيْتٌ صَغِيرٌ مُنْحَدِرٌ فِي الأَرْض قَلِيلا وَقيل كالصفة تَكُونُ بَيْنَ يَدَيِ الْبَيْتِ وَقِيلَ شَبِيهٌ بِالرَّفِّ أَوِ الطاق يوضع فِيهِ الشَّيْء قَوْله(8/213)
[5355] يرتفق عَلَيْهِمَا أَي يتكأ
قَوْله
[5356] أَشد النَّاس أَي من أَشد النَّاس الَّذين يضاهون يشبهون الله تَعَالَى فِي خلقه فالباء فِي بِخلق الله بِمَعْنى فِي قَوْله تلون وَجهه أَي تغير غَضبا لله قَوْله(8/214)
[5358] أصور هَذِه التصاوير أَي تصاوير ذَوي الْأَرْوَاح فَقَالَ أدنه أَمر من الدنو وَالْهَاء للسكتة من صور صُورَة أَي صُورَة ذِي روح
قَوْله
[5359] عذب حَتَّى ينْفخ الخ قد جعل غَايَة عَذَابه بنفخ الرّوح وَأخْبر أَنه لَيْسَ بنافخ فَيلْزم أَنه يبْقى معذبا دَائِما وَهَذَا فِي حق من كفر بالتصوير بِأَن صور مستحلا أَو لتعبد أَو يكون كَافِرًا فِي الأَصْل وَأما غَيره وَهُوَ العَاصِي بِفعل ذَلِك غير مستحل لَهُ وَلَا قَاصد أَن تعبد فيعذب ان لم يعف عَنهُ عذَابا يسْتَحقّهُ ثمَّ يخلص مِنْهُ أَو المُرَاد بِهِ الزّجر وَالتَّشْدِيد والتغليظ ليَكُون أبلغ فِي الارتداع وَظَاهره غير مُرَاد وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/215)
[5364] ان من أَشد النَّاس إِلَى قَوْله المصورون بِالرَّفْع على أَن اسْم ان ضمير الشَّأْن وعَلى رِوَايَة المصورين بِالنّصب هُوَ الإسم فَأَما أَن يقطع رؤوسها بِوَضْع صبغ يُغير على مَوضِع الرَّأْس فِيهِ تصاوير أَي سليمَة غير مهانة وبقطع الرَّأْس أَو بالجعل بساطا يَزُول ذَلِك وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يُصَلِّي فِي(8/216)
لحفنا أَي احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قد لَا يكون خَالِيا عَن الْأَذَى وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله قبالان قبال النَّعْل ككتاب زِمَام بَين الْأصْبع الْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا
قَوْله
[5369] شسع نعل أحدكُم بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة وَسُكُون(8/217)
السِّين الْمُهْملَة أحد سيور النَّعْل فِي نعل وَاحِدَة قيل النَّهْي للشهرة وَقيل لما فِيهِ من الْمثلَة ومفارقة الْوَقار ومشابهة زِيّ الشَّيْطَان كَالْأَكْلِ بالشمال وللمشقة فِي الْمَشْي وَالْخُرُوج عَن الِاعْتِدَال فَرُبمَا يصير سَببا للعثار
قَوْله
[5371] على نطع بِفَتْح نون وَكسرهَا مَعَ فتح طاء وسكونها وَالْأول أشهر الْأَرْبَع ذكره(8/218)
فِي الْمجمع
قَوْله
[5372] أوجع يشئزك بِضَم يَاء وبهمزة بعد الشين من أشأزه أقلقه أَي أوجع يقلقك فقد ذهب صفوها أَي فَلَا وَجه للبكاء عَلَيْهَا تدْرك أَمْوَالًا أَي غَنَائِم قَوْله قبيعة قبيعة السَّيْف كسفينة مَا على طرف مقبضه من فضَّة أَو حديدقوله قسى بِفَتْح فتشديد وياء مُشَدّدَة ثوب يغلبه الْحَرِير الرحل أَي للوضع على الرحل كالقطائف جمع قطيفة هِيَ كسَاء لَهُ خمل من الأرجوان بِضَم همزَة وجيم بَينهمَا رَاء سَاكِنة ورد أَحْمَر وَكَأَنَّهُم كَانُوا يتخذونها من القسي الْأَحْمَر للْفرس على الرحل قَوْله(8/219)
[5377] خلت قوائمه حديدا هُوَ بِكَسْر الْخَاء من أَخَوَات علمت وظننت من الخيال أَي ظَنَنْت أَن قوائمه كَانَت حديداقوله يسير أَي يُرِيد السّير إِلَى الْمَدِينَة لَا أَنه كَانَ سائرا فِي تِلْكَ الْحَالة يتبع بِضَم الْيَاء من اتبع أَي يَجْعَل فَاه تَابعا للجهتين فِي الحيعلتين وَالله تَعَالَى أعلم(8/220)
(كتاب آدَاب الْقُضَاة)
هَكَذَا فِي كثير من النّسخ ثمَّ كتاب الِاسْتِعَاذَة ثمَّ كتاب الْأَشْرِبَة وَفِي بَعْضهَا هَا هُنَا كتاب الْأَشْرِبَة ثمَّ كتاب آدَاب الْقُضَاة ثمَّ كتاب الإستعاذة
قَوْله
[5379] إِنَّ الْمُقْسِطِينَ جَمْعُ مُقْسِطٍ اسْمُ فَاعِلٍ مِنْ أقسط أَي عدل علىمنابر من نور أَي مجَالِس رفيعة تتلألأ نورا وَيحْتَمل أَن يكون المُرَاد الْمنَازل الرَّفِيعَةِ الْمَحْمُودَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى يَمِينِ الرَّحْمَنِ يُقَالُ أَتَاهُ عَنْ يَمِينٍ إِذَا أَتَاهُ مِنَ الْجِهَة المحمودة والا فقد قَامَ(8/221)
الْأَدِلَّة الْعَقْلِيَّة والنقلية على أَنه تَعَالَى منزه عَن مماثلة الْأَجْسَام والجوارح وَمَا وَلُوا بِفَتْحِ الْوَاوِ وَضَمِّ اللَّامِ الْمُخَفَّفَةِ أَي كَانَت لَهُم عَلَيْهِ ولَايَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ نقلا عَن غَيره الا شَيْئا قَلِيلا ذكره بِلَا نقل قَوْله سَبْعَة قَالَ السُّيُوطِيّ لَا مَفْهُوم لهَذَا الْعدَد فقد جَاءَت أَحَادِيث فِي هَذَا الْمَعْنى إِذا جمعت تفِيد أَنهم سَبْعُونَ الا ظله أَي ظلّ يتبع اذنه لَا يكون لأحد بِلَا اذنه أَو ظلّ عَرْشه على حذف الْمُضَاف وَقيل المُرَاد بالظل الْكَرَامَة أَو نعيم الْجنَّة قَالَ تَعَالَى وندخلهم ظلا ظليلا إِمَامٌ عَادِلٌ قَالَ الْقَاضِي(8/222)
هُوَ كُلُّ مَنْ إِلَيْهِ نَظَرٌ فِي شَيْءٍ من أُمُور الْمُسلمين بَدَأَ بِهِ لِكَثْرَة مَنَافِعه فِي خَلَاءٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمَدِّ الْمَكَانُ الْخَالِي مُعَلّقا بِالْمَسْجِدِ أَي شَدِيد الْحبّ لَهُ أَو هُوَ الملازم للْجَمَاعَة فِيهِ وَلَيْسَ المُرَاد دوَام الْقعُود فِي الْمَسْجِد ومنصب أَي ذَات الْحسب وَالنّسب الشريف إِلَى نَفْسِهَا قَالَ النَّوَوِيُّ أَيْ دَعَتْهُ إِلَى الزِّنَى بِهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ فِي مَعْنَاهُ وَقِيلَ دَعَتْهُ لِنِكَاحِهَا فَخَافَ الْعَجْزَ عَنِ الْقِيَامِ بِحَقِّهَا أَوْ أَنَّ الْخَوْفَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَغَلَهُ عَن لذات الدُّنْيَا وشهواته فَقَالَ اني أَخَاف الله يحْتَمل أَنه قَالَ ذَلِك بِاللِّسَانِ أوبالقلب ليزجر نَفسه حَتَّى لَا تعلم شِمَاله هُوَ مُبَالغَة فِي الْإخْفَاء غالبه مِمَّا ذكره السُّيُوطِيّ(8/223)
قَوْله
[5381] إِذا حكم الْحَاكِم أَي أَرَادَ الحكم وَالْحَاصِل أَن اللَّازِم عَلَيْهِ الِاجْتِهَاد فِي إِدْرَاك الصَّوَاب وَأما الْوُصُول إِلَيْهِ فَلَيْسَ بقدرته فَهُوَ مَعْذُور ان لم يصل إِلَيْهِ نعم ان وفْق للصَّوَاب فَلهُ أَجْرَانِ أجر الِاجْتِهَاد وَأجر الحكم بالحكم والا فَلهُ أجر وَاحِد هُوَ أجر الِاجْتِهَاد بَقِي أَن هَذَا هَل هُوَ اجْتِهَاد فِي معرفَة الحكم من أدلته أَو اجْتِهَاد فِي معرفَة حَقِيقَة الْحَادِثَة ليقضي على وفْق مَا عَلَيْهِ الْأَمر فِي نَفسه وغالب الْعلمَاء على أَن المُرَاد هُوَ الأول وَلذَلِك قَالُوا الحَدِيث فِي حَاكم عَالم للِاجْتِهَاد وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5382] اسْتَعِنْ بِنَا فِي عَمَلك أَي استعملنا فِي بعض الولايات الْمُتَعَلّقَة بك بِمن سألناه أَي بِالَّذِي طلب منا الْعَمَل لِأَن الْعَمَل فِيهِ تَعب فِي الدُّنْيَا وَخَوف فِي الْآخِرَة وَلَا يرضى بِهِ وَلَا يَطْلُبهُ عَادَة الا من اتَّخذهُ سَببا لنيل الدُّنْيَا وَمثله لَا يسْتَحق لذَلِك قَوْله(8/224)
[5383] انكم سَتَلْقَوْنَ بعدِي أَثَرَة بِفتْحَتَيْنِ اسْم من الايثار أَي ان الْأُمَرَاء بعدِي يفضلون عَلَيْكُم غَيْركُمْ يُرِيد أَنَّك ظَنَنْت هَذَا الْقدر أَثَرَة وَلَيْسَ كَذَلِك وَلَكِن الأثرة مَا يكون بعدِي وَالْمَطْلُوب فِيهِ مِنْكُم الصَّبْر فَكيف تصبر إِذا لم تقدر أَن تصبر على هَذَا الْقدر فَعَلَيْك بِالصبرِ بِهِ حَتَّى تقدر على الصَّبْر فِيمَا بعد وَالْحَاصِل رَآهُ مستعجلا فأرشده إِلَى الصَّبْر على الْإِطْلَاق بألطف وَجه قَوْله الْإِمَارَة بِكَسْر الْهمزَة ان أعطيتهَا على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَفظ الْخطاب وَكَذَا وكلت إِلَيْهَا أَي إِلَى الْمَسْأَلَة وَهَذَا كِنَايَة عَن عدم العون من الله تَعَالَى فِي معرفَة الْحق والتوفيق للْعَمَل بِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ حَيْثُ اجترأ على السُّؤَال فقد اعْتمد على نَفسه فَلَا يسْتَحق العون أعنت على بِنَاء الْمَفْعُول أَيْضا
قَوْله
[5385] سَتَكُون ندامة أَي بعد الْمَوْت(8/225)
وَلَعَلَّه المُرَاد بِيَوْم الْقِيَامَة فَإِن من مَاتَ فقد قَامَت قِيَامَته وَالله تَعَالَى أعلم الْمُرضعَة هِيَ الْحَيَاة الَّتِي هِيَ موصلة لَهُم إِلَى الامارة الفاطمة أَي الْمَوْت الْقَاطِع لَهُم عَن الامارة والتأنيث بِاعْتِبَار أَنه حَالَة وَالْمرَاد فنعمت حياتهم وَبئسَ مَوْتهمْ قَوْله أَمر من التأمير فتماريا تجادلا فِي تعْيين من هُوَ الأولى بذلك وَلَو أَنهم صَبَرُوا نزل فِيمَا فعلوا حَال قدومهم حَيْثُ نادوه من الْبَيْت لَا فِي جِدَال الشَّيْخَيْنِ رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا قَوْله سَمعه أَي سمع النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مناداته أَي مناداة الْقَوْم إِيَّاه بِأبي الحكم فضمير الْفَاعِل فِي سمع للنَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم وَضمير الْمَفْعُول لهانئ على حذف مُضَاف
[5387] وهم يكنون اما بتَشْديد(8/226)
النُّون مَعَ ضم أَوله أَو بتخفيفها مَعَ فتح أَوله وضميرهم لقوم هَانِئ مَا أحسن هَذَا أَي الَّذِي ذكرت من الحكم على وَجه يرضى المتخاصمين فَإِنَّهُ لَا يكون دَائِما على هَذَا الْوَجْه الا بِكَوْنِهِ عدلا أَبُو شُرَيْح رِعَايَة للأكبر سنا وَشُرَيْح هَذَا هُوَ الْمَشْهُور بِالْقضَاءِ فِيمَا بَين التَّابِعين وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5388] عصمني الله أَي حِين أردْت أَن أقَاتل عليا من طرف عَائِشَة ولوا أَمرهم امْرَأَة أَي فَقلت فِي نَفسِي حِين تذكرت هَذَا الحَدِيث ان عَائِشَة امْرَأَة فَلَا تصلح لتولية الْأَمر إِلَيْهَا وَقد عصمه الله تَعَالَى فِيمَا جرى على مُعَاوِيَة وعَلى بِحَدِيث إِذا التقى المسلمان بسيفيهما الحَدِيث
قَوْله
[5389] ان فَرِيضَة الله الخ قد تقدم الحَدِيث فِي كتاب الْحَج قَوْله(8/227)
[5397] أَكْثرُوا على عبد الله أَي بن مَسْعُود فِي السُّؤَال وَعرض الوقائع المحتاجة إِلَى الحكم ليحكم فِيهَا انه قد أَتَى أَي مضى ان بلغنَا من التَّبْلِيغ وَالضَّمِير البارز مفعول أَو من الْبلُوغ وَالضَّمِير البارز فَاعله فليجتهد رَأْيه أَي ان كَانَ لَهُ أَهلا وَهَذَا الحَدِيث دَلِيل على جَوَاز الِاجْتِهَاد نعم انه مَوْقُوف لكنه فِي حكم الرّفْع على مُقْتَضى الْقَوَاعِد بَقِي أَنه يدل على تَقْدِيم التَّقْلِيد بالسلف الصَّالِحين كالخلفاء الْأَرْبَعَة على الرَّأْي وَالْقِيَاس فَلْيتَأَمَّل وَكَأَنَّهُ لهَذَا حمل الحَدِيث المُصَنّف على صُورَة الإتفاق ليَكُون إِجْمَاعًا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/230)
[5400] أَشد من شتم يشتمونا هَؤُلَاءِ جملَة يشتمونا صفة شتم بِتَقْدِير الْعَائِد وَيكون الضَّمِير الْعَائِد مَفْعُولا مُطلقًا ثمَّ الْكَلَام من قبيل أكلوني البراغيث وَهَؤُلَاء الْآيَات هُوَ مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف أَي من أَشد الشتم أَو يتْركُوا عطف على الْقَتْل أَي عرض عَلَيْهِم ان يقبلُوا الْقَتْل أَو التّرْك مَا تُرِيدُونَ أَي أَي شَيْء تُرِيدُونَ مائلين إِلَى مَا تَقولُونَ إسطوانة أَي مَنَارَة مُرْتَفعَة من الأَرْض وَلَا نرد عَلَيْكُم من الْوُرُود أَي حَتَّى تروا قراءتنا شتما لكم نسيح أَي نسير ونهيم من هام فِي البراري إِذا ذهب بِوَجْهِهِ على غير جادة وَلَا طلب مقصد الا وَله حميم فيهم أَي فَلذَلِك قبلوا مِنْهُم هَذَا الْكَلَام وتركوهم من الْقَتْل فَأنْزل الله عز وَجل رَهْبَانِيَّة أَي أوقعهَا فِي قُلُوبهم وجعلهم مائلين إِلَيْهَا وَالْآخرُونَ أَي الَّذين لقبوا عِنْد الْملك ثمَّ الحَدِيث يدل على أَن عدم الحكم بِمَا أنزل الله هُوَ أَن يحكم بالْكفْر والهوى وَهُوَ مَطْلُوب المُصَنّف بِذكر الحَدِيث وَالله تَعَالَى أعلم(8/232)
قَوْله
[5401] وَإِنَّمَا أَنا بشر أَي لَا أعلم من الْغَيْب الا مَا عَلمنِي رَبِّي كَمَا هُوَ شَأْن الْبشر أَلحن أَي أفطن لَهَا وَأعرف بهَا أَو أقدر على بَيَان مَقْصُوده وَأبين كلَاما أقطعه بِهِ الخ أَي أقطع لَهُ مَا هُوَ حرَام عَلَيْهِ يفضيه إِلَى النَّار قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد هَذَا فِي أول الْأَمر لما أمررسول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَن يحكم بِالظَّاهِرِ ويكل سرائر الْخلق إِلَى الله تَعَالَى كَسَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام ثمَّ خص صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بِأَن أذن لَهُ أَن يحكم بالباطن أَيْضا وَأَن يقتل بِعِلْمِهِ خُصُوصِيَّة أنفرد بهَا عَن سَائِر(8/233)
الْخلق بِالْإِجْمَاع قَالَ الْقُرْطُبِيّ اجْتمعت الْأمة على أَنه لَيْسَ لأحد أَن يقتل بِعِلْمِهِ الا النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم قلت كَلَام الْقُرْطُبِيّ مَحْمُول على هَذِه الْأمة والا يشكل الْأَمر بقتل خضر فَتَأمل(8/234)
قَوْله
[5402] بِهِ للكبرى اما لِأَنَّهَا ذَات الْيَد أَو لشبه بهَا أَو لِأَن فِي شَرِيعَته تَرْجِيح قَول الْكُبْرَى عِنْد الِاشْتِبَاه وَأما سُلَيْمَان فتوصل بالحيلة إِلَى معرفَة بَاطِن الْأَمر فأوهمهما أَنه يُرِيد قطع الْوَلَد لِيَعْرِفَ مَنْ يَشُقُّ عَلَيْهَا قَطْعُهُ فَتَكُونَ هِيَ أمه فَلَمَّا رضيت الْكُبْرَى بِالْقطعِ وأبت الصُّغْرَى عرف ان الصُّغْرَى هِيَ الْأُم دون الْكُبْرَى وَلَعَلَّه مَا قضى بِهِ وَحده بل طلب الْإِقْرَار من الْكُبْرَى فأقرت بعد ذَلِك بِالْوَلَدِ للصغرى فَحكم بِالْإِقْرَارِ وللحاكم اسْتِعْمَال الْحِيلَة لمعْرِفَة الصَّوَاب لَكِن لَا يحكم الا بِوَجْهِهِ لَا بالحيلة فَقَط وَالله تَعَالَى أعلم(8/235)
قَوْله صبأنا أَي خرجنَا من دين آبَائِنَا إِلَى الدّين الْمَدْعُو إِلَيْهِ وهم أَرَادوا بذلك إِظْهَار الدُّخُول فِي الْإِسْلَام فَإِن الْكَفَرَة كَانُوا يَقُولُونَ للْمُسلمِ الصَّابِئ يَوْمئِذٍ لَكِن لما كَانَ اللَّفْظ غير صَرِيح فِي الْإِسْلَام جوز خَالِد قَتلهمْ وَجعل خَالِد قَتْلَى وَأسرى هَكَذَا فِي بعض النّسخ وعَلى هَذَا فقتلي جمع قَتِيل وَأسرى جمع أَسِير وَالتَّقْدِير جعل خَالِد بَعضهم قَتْلَى وَبَعْضهمْ أسرى وَفِي بعض النّسخ قتلا وأسرا بِالنّصب على أَنه مصدر أَي جعل يقتلهُمْ قتلا ويأسرهم أسرا مِمَّا صنع خَالِد من قتل من أظهر أَن مُرَاده الْإِسْلَام قَوْله(8/237)
[5406] لَا يحكم نهى أَو نفى بِمَعْنى النَّهْي وَذَلِكَ لِأَن الْغَضَب يفْسد الْفِكر ويغير الْحَال فَلَا يُؤمن عَلَيْهِ فِي الحكم وَقَالُوا وَكَذَا الْجُوع والعطش وأمثال ذَلِك
قَوْله
[5407] أَنَّهُ خَاصَمَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا ظَاهره أَنه كَانَ مُسلما لَا منافقا كَمَا قيل إِذْ يبعد أَن يُقَال لمنافق ذَلِك فَالظَّاهِر أَنه وَقع فِيمَا وَقع من شدَّة الْغَضَب بِلَا اخْتِيَار مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم فِي شراج الْحرَّة بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة آخِره جِيم جمع شرجة بِفَتْح فَسُكُون وَهِي مسايل المَاء بِالْحرَّةِ بِفَتْح فتشديد وَهِي أَرض ذَات حِجَارَة سود سرح أَمر من التسريح أَي أرسل اسْقِ يحْتَمل قطع الْهمزَة وَوَصلهَا أَن كَانَ بِفَتْح الْهمزَة حرف مصدري أَو مخفف ان وَاللَّام(8/238)
مقدرَة أَي حكمت بِهِ لكَونه بن عَمَّتك وروى بِكَسْر الْهمزَة على أَنه مخفف ان وَالْجُمْلَة استئنافية فِي مَوضِع التَّعْلِيل فَتَلَوَّنَ أَي تغير وَظهر فِيهِ آثَار الْغَضَب إِلَى الْجدر بِفَتْح الْجِيم وَكسرهَا وَسُكُون الدَّال الْمُهْملَة وَهُوَ الْجِدَار قيل المُرَاد بِهِ مَا رفع حول المزرعة كالجدار وَقيل أصُول الشّجر أمره صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَولا بالمسامحة والايثار بِأَن يسقى شَيْئا يَسِيرا ثمَّ يُرْسِلهُ إِلَى جَاره فَلَمَّا قَالَ الْأنْصَارِيّ مَا قَالَ وَجَهل مَوضِع حَقه أمره بِأَن يَأْخُذ تَمام حَقه ويستوفيه فَإِنَّهُ أصلح لَهُ وَفِي الزّجر أبلغ
[5407] فَلَمَّا أحفظ أَي أغضب من الحفيظة بِمَعْنى الْغَضَب قيل هَذَا من كَلَام الزُّهْرِيّ
قَوْله
[5408] أَنه تقاضى أَي طلب مِنْهُ قَضَاء الدّين ضع أَي اترك هَذَا الْقدر وابرئه مِنْهُ قَوْله(8/239)
[5409] ففركت من سنبله أَي دلكته بِالْيَدِ لاخراج الْحبّ مِنْهُ استعدي عَلَيْهِ أَي اطلب مِنْهُ أَن ينْتَقم مِنْهُ لي مَا عَلمته من التَّعْلِيم اعتذر عَنهُ بِأَنَّهُ جَاهِل غَرِيب وجائع فَيَنْبَغِي لَك تَعْلِيم مثله واطعامه بوسق بِفَتْح فَسُكُون قَوْله(8/240)
عسيفا بِالْعينِ الْمُهْملَة أَجِيرا فَافْتَدَيْت بِمِائَة شَاة أَي أَعْطيته مائَة شَاة لذَلِك وَكَأَنَّهُ زعم أَن الْحق لزوج الزَّانِيَة بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِحُكْمِ اللَّهِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا وَفسّر النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبِيلَ بِالرَّجْمِ فِي حَقِّ الْمُحْصَنِ وَقِيلَ هُوَ إِشَارَةٌ إِلَى آيَةِ الشَّيْخِ(8/241)
وَالشَّيْخَة كَذَا ذكره السُّيُوطِيّ قلت مَعَ قَوْله تَعَالَى الزَّانِيَة وَالزَّانِي فاجلدوا الْآيَة فَلْيتَأَمَّل
[5411] فَرد عَلَيْك أَي عَلَيْهِم أَن يردوها عَلَيْك وَجلد ابْنه أَي بعد اقراره وَثُبُوت الزِّنَى عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ لَا بِمُجَرَّد كَلَام الْأَب فَإِن اعْترفت قيل إِطْلَاقه يدل على كِفَايَة الْمَرْأَة فِي لُزُوم الْحَد قلت الْإِطْلَاق غير مُرَاد كَيفَ وَلَو ادَّعَت الْإِكْرَاه وَالْجُنُون مثلا يسْقط الرَّجْم فَعِنْدَ ذَلِك ينْصَرف الْمُطلق إِلَى مُقَيّد يكون مَعْلُوما فِي الشَّرْع وَقد علم أَربع مرار فِي ثُبُوت الْحَد فَيَنْصَرِف إِلَيْهِ ثمَّ قَالَ النَّوَوِيّ فِي وَجه إرْسَال أنيس إِلَى الْمَرْأَة مَعَ أَن الْمَطْلُوب فِي حد الزِّنَى الدرء لَا الْإِثْبَات أَن هَذَا مَحْمُولٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى إِعْلَامِ الْمَرْأَةِ بِأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ قَذَفَهَا بِابْنِهِ فَيُعَرِّفَهَا بِأَنَّ لَهَا عِنْدَهُ حَدَّ الْقَذْفِ فَتُطَالِبَ بِهِ أَوْ تَعْفُو عَنهُ الا أَن تعترف بالزنى فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا حد الزِّنَى قَوْله 5412 فَأرْسل إِلَيْهِ كَانَ الْإِرْسَال إِلَيْهِ مثل الْإِرْسَال إِلَى الْمَرْأَة(8/242)
فِي الحَدِيث الْمُتَقَدّم باثكال بِكَسْر الْهمزَة وَسُكُون الْمُثَلَّثَة بعْدهَا كَاف ثمَّ لَام وَهُوَ عذق النَّخْلَة بِمَا فِيهِ من الشماريخ قَوْله صفحوا من التصفيح أَي ضربوا أَيْديهم للاعلام يَعْنِي يَدَيْهِ أَي يحمد الله تَعَالَى على اكرام النَّبِي صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم إِيَّاه بالتقدم بَين يَدَيْهِ ولكونه فهم أَن الْأَمر بذلك للاكرام لَا للايجاب اخْتَار عَلَيْهِ التأدب والا فَلَا يجوز ترك الْأَمر لَو كَانَ للآيجاب ثمَّ نكص أَي رَجَعَ إِلَى الْعقب بَين يَدي نبيه أَي بِلَا ضَرُورَة فَلَا يرد إِمَامَته فِي الْمَرَض مَعَ مَا جَاءَ فِيهِ من(8/243)
الإختلاف
قَوْله
[5414] فَمر بهما أَي ظهر لَهما فَلَا مُنَافَاة بَينه وَبَين مَا تقدم قَرِيبا
قَوْله
[5415] فِي نسعة بِكَسْر النُّون قَوْله(8/244)
[5416] فِي شراج الْحرَّة بِكَسْر الشين وَقد تقدم الحَدِيث قَرِيبا
قَوْله
[5417] يطوف خلفهَا يبكي أَي حِين اخْتَارَتْ هِيَ الْفِرَاق بعد أَن أعتقت فخيرت أَلا تعجب أَي مَعَ أَن الْمُعْتَاد أَن الْحبّ يكون من الطَّرفَيْنِ قَوْله(8/245)
[5418] رجل من الْأَنْصَار قد تقدم الحَدِيث الا أَن فِي هَذِه الرِّوَايَة للدّين وَمُقْتَضى الرِّوَايَة السَّابِقَة عَدمه فَلَعَلَّهُ كَانَ قَلِيلا غير مَنْظُور إِلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5419] فقد أوجب الله الخ أَي جَزَاؤُهُ ذَلِك وَأمر الْمَغْفِرَة وَرَاء ذَلِك قَضِيبًا أَي عودا من أَرَاك بِالْفَتْح شَجَرَة مَعْرُوفَة قَوْله بِالْمَعْرُوفِ أَي بِالْقدرِ الْمُعْتَاد بَين أهل الْعرف لَا الزَّائِد على قدر الْحَاجة وَمن لم ير الْقَضَاء على الْغَائِب يحمل الحَدِيث على أَنه أفتاها بِهِ وَبَين لَهَا أَنه حَلَال وَالْفَتْوَى غير الْقَضَاء وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/246)
[5421] فِي قَضَاء أَي فِي أَمر وَاحِد كَمَا فِي بعض طرق الحَدِيث بقضاءين بِأَن يحكم بِلُزُوم الدّين وسقوطه مثلا إِذْ الْمَقْصُود من نصب الْقُضَاة قطع النزاع وَلَا يَنْقَطِع بِمثل هَذَا الْقَضَاء قَوْله(8/247)
[5423] الألد الْخصم أَي شَدِيد الْخُصُومَة بِالْبَاطِلِ قَوْله لَيْسَ لوَاحِد بَينه كِنَايَة عَن عدم رُجْحَان أَحدهمَا على الآخر بِأَن لَا يكون فِي يَد أَحدهمَا أَو يكون فِي يدهما جَمِيعًا وَالله تَعَالَى اعْلَم قَوْله تخرزان من خرز الْخُف من بَاب نصر تدمى كترضى قَوْله آللَّهُ بِالْمدِّ أَي أنْشدكُمْ بِاللَّه والهمزة الممدودة عوض من حرف الْقسم تُهْمَة لكم بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِهَا فُعْلَةٌ مِنَ اتهمَ وَالتَّاء بدل من الْوَاو وَكَذَا ذكره السُّيُوطِيّ يباهي بكم الْمَلَائِكَة أَي فَأَرَدْت أَن أحقق بِمَاذَا كَانَت المباهاة فللاهتمام بتحقيق ذَلِك الْأَمر والأشعار بتعظيمه استحلفتكم قَوْله(8/248)
[5427] آمَنت بِاللَّه أَي بأَمْره أَن الْحَالِف يصدق إِذا أمكن ذَلِك أَو بِأَنَّهُ عَظِيم لَا يَنْبَغِي حرمَان من توسل بإسمه إِلَى أمره وكذبت بَصرِي أَي حكمت وأظهرت خطأه وَالله تَعَالَى أعلم(8/249)
(كتاب الِاسْتِعَاذَة)
قَوْله
[5428] أَصَابَنَا طش بِفَتْح طاء وَتَشْديد شين مُعْجمَة الْمَطَر الضَّعِيف قَالَ قل هُوَ الله أحد جملَة قل هُوَ الله أحد أُرِيد بهَا السُّورَة الْمَعْهُودَة على أَنَّهَا لفعل مُقَدّر مثل قل أَي قل هَذِه السُّورَة المصدرة بقل هُوَ الله أحد والمعوذتين عطف عَلَيْهَا وَحين يُمْسِي من الامساء وَيُصْبِح من الاصباح ظرف للْفِعْل الْمُقدر(8/250)
وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَاسْتَمَعْت أَي تَوَجَّهت تِلْقَاء كَلَامه ذَلِك وَمَا عرفت مَا يُرِيد قَوْله(8/251)
[5433] بغلة شهباء أَي بَيْضَاء فَعرف أَنِّي لم أفرح بهَا جدا أَي مَا حصل لي السرُور الْكَامِل كَأَن الْقلب كَانَ مَشْغُولًا بِمَا كَانَ فِي الْوَقْت من الظلمَة وَغَيرهَا فَمَا ظهر فِي الْقلب السرُور على أكمل وَجه بذلك كَمَا هُوَ حَال الحزين وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5434] فأمنا رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بهما فِي صَلَاة الْغَدَاة أَي ليعلم(8/252)
بذلك عقبَة أَنَّهُمَا مَعَ قلَّة حروفهما تقومان مقَام السورتين الطويلتين إِذْ الْمُعْتَاد فِي صَلَاة الْفجْر كَانَ هُوَ التَّطْوِيل ليفرح بهما ويعطيهما غَايَة التَّعْظِيم قَوْله قَرِيبا أَي فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة سررت على بِنَاء الْفَاعِل قَوْله فأجللت أَي عظمت فَأَشْفَقت أَي خفت هنيهة بِالتَّصْغِيرِ أَي زَمَانا قَلِيلا(8/253)
قَوْله أبلغ عِنْد الله أَي أعظم فِي بَاب الِاسْتِعَاذَة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/254)
[5442] من علم لَا ينفع أَي صَاحبه فَإِن من الْعلم مَالا ينفع صَاحبه بل يصير عَلَيْهِ حجَّة وَفِي استعاذته صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم من هَذِه الْأُمُور إِظْهَار للعبودية واعظام للرب تبَارك وَتَعَالَى وَأَن العَبْد يَنْبَغِي لَهُ مُلَازمَة الْخَوْف ودوام الافتقار إِلَى جنابه تَعَالَى وَفِيه حث للْأمة على ذَلِك وَتَعْلِيم لَهُم والا فَهُوَ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم مَعْصُوم من هَذِه الْأُمُور وَفِيه أَن الْمَمْنُوع من السجع مَا يكون عَن قصد إِلَيْهِ وتكلف فِي تَحْصِيله وَأما مَا اتّفق حُصُوله بِسَبَب قُوَّة السليقة وفصاحة اللِّسَان فبمعزل عَن ذَلِك وَنَفس لَا تشبع أَي حريصة على الدُّنْيَا لَا تشبع مِنْهَا واما الْحِرْص على الْعلم وَالْخَيْر فمحمود مَطْلُوب قَالَ تَعَالَى وَقل رب زِدْنِي علما وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5443] مِنَ الْجُبْنِ هُوَ ضِدُّ الشُّجَاعَةِ وَفِتْنَةِ الصَّدْرِ قيل هُوَ أَن يَمُوت غير تائب وَالظَّاهِر الْعُمُوم ويساعده المقامقوله
[5444] أَن شُتَيْرَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ فَوْقَ بن شكل بِفتْحَتَيْنِ أَو اسكان الْكَاف قَوْله وَشر مني هُوَ المنى الْمَشْهُور بِمَعْنى المَاء الْمَعْرُوف كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ المُصَنّف مُضَافا إِلَى يَاء الْمُتَكَلّم قَوْله(8/255)
[5447] من أَن أرد على بِنَاء الْمَفْعُول من الرَّد وأرذل الْعُمر رديئه وَهُوَ مَا ينتقص فِيهِ من القوى الظَّاهِرَة(8/256)
والباطنة فَيصير كالطفل قَوْله والهرم بِفتْحَتَيْنِ أقْصَى الْكبر وفتنة الْمحيا مفعل من الْحَيَاة فَهُوَ مَقْصُور لَا مَمْدُود قَوْله من الْهم والحزن بِفتْحَتَيْنِ وبضم فَسُكُون مثل رشد ورشد قيل الْفرق(8/257)
بَينهمَا أَن الْحزن على مَا وَقع والهم فِيمَا يتَوَقَّع وَكثير مِنْهُم يجعلونه من بَاب التكرير والتأكيد وَكَثِيرًا مَا يَجِيء مثل هَذَا التَّأْكِيد بالْعَطْف مُرَاعَاة لتغاير اللَّفْظ
قَوْله
[5453] وضلع الدّين الضلع بِفتْحَتَيْنِ وَالضَّاد مُعْجمَة بِمَعْنى الثّقل والشدة وَالدّين بِفَتْح الدَّال هُوَ الرِّوَايَة أَي ثقل الدّين وشدته وَلَو كسرت الدَّال(8/258)
لم يبعد من حَيْثُ الْمَعْنى لَكِن بعد من حَيْثُ الرِّوَايَة تحريفا وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5454] أَكثر مَا يتَعَوَّذ من المغرم والمأثم الظَّاهِر أَن أَكثر صِيغَة التَّفْضِيل وَهُوَ بِالرَّفْع مُبْتَدأ مُضَاف إِلَى مَا بعده وَمَا فِي قَوْله مَا يتَعَوَّذ مَصْدَرِيَّة وَالْجَار وَالْمَجْرُور خبر الْمُبْتَدَأ وَالْجُمْلَة خبر كَانَ وَالتَّقْدِير كَانَ رَسُول الله صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم أَكثر تعوذه كَانَ من المغرم والمأثم ولازمه أَنه لَا يستعيذ من شَيْء قدر مَا يستعيذ مِنْهُمَا وَيُمكن أَن يكون أَكثر صيغه مَاض من الْإِكْثَار أَي أَنه قد أَكثر التَّعَوُّذ من المغرم والمأثم ولازمه أَنه يستعيذ مِنْهُمَا كثيرا وَلَا يلْزم أَن يكون تعوذه مِنْهُمَا أَكثر من تعوذه من الْأَشْيَاء الْأُخَر قيل والمغرم مصدر وضع مَوضِع الِاسْم يُرِيد مَغْرَمَ الذُّنُوبِ وَالْمَعَاصِي وَقِيلَ الْمَغْرَمُ كَالْغُرْمِ وَهُوَ الدّين قلت وَالثَّانِي هُوَ الْمُوَافق لاخر الحَدِيث ثمَّ قَالَ وَالْمرَاد مَا استدين بِهِ فِيمَا يكره أَوْ فِيمَا يَجُوزُ ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ اما فِيمَا يحْتَاج وَيقدر على أَدَائِهِ فَلَا يستعاذ مِنْهُ قلت الْمُوَافق للْحَدِيث هُوَ الدّين المفضي إِلَى الْمعْصِيَة بِوَاسِطَة الْعَجز عَن الْأَدَاء مَا أَكثر مَا تعوذ بِفَتْح الرَّاء على التَّعَجُّب وَمَا فِيمَا تعوذ مَصْدَرِيَّة كَأَنَّهَا تعجبت لاجل أَن الدّين يكرههُ من يحب التَّوَسُّع فِي الدُّنْيَا وَلَا يرضى بِضيق الْحَال وَلَيْسَ ذَاك من صِفَات الرِّجَال من غرم بِكَسْر رَاء وَحَاصِل الْجَواب أَن الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ لَيْسَ بحب التَّوَسُّع وَإِنَّمَا هُوَ لاجل مَا يُفْضِي إِلَيْهِ الدّين من الْخلَل فِي الدّين(8/259)
قَوْله والذلة بِكَسْر الذَّال كالقلة وكل ذَلِك مِمَّا يَنْبَغِي للْإنْسَان الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ لافضائه كثيرا إِلَى الْخلَل فِي الدّين(8/261)
قَوْله
[5466] وَشر فتْنَة الْغنى هُوَ بِالْكَسْرِ وَالْقصر الْيَسَار قَوْله(8/262)
[5468] فَإِنَّهُ بئس الضجيع ضجيعك بِفَتْح فَكسر من ينَام فِي فراشك أَي بئس الصاحب الْجُوع الَّذِي يمنعك من وظائف الْعِبَادَات ويشوش الدِّمَاغ ويثير الأفكار الْفَاسِدَة والخيالات الْبَاطِلَة والبطانة بِكَسْر بَاء مُوَحدَة هِيَ ضد الظهارة وَأَصلهَا فِي الثَّوْب فاتسع فِيمَا يستبطن من أمره قَوْله(8/263)
أيعدل(8/264)
[5474] الدّين بالْكفْر قَالَ نعم أَرَادَ الرجل أَن قرانهما فِي الذّكر يَقْتَضِي قُوَّة الْمُنَاسبَة بَينهمَا فِي الْمضرَّة بِحَيْثُ ان كلا مِنْهُمَا يُسَاوِي الْأُخَر فَهَل الدّين بلغ هَذَا الْمبلغ حَتَّى اسْتحق أَن يَجْعَل عديلا للكفر وَيذكر قرينا مَعَه فِي الذّكر فَأجَاب بِأَنَّهُ كَذَلِك كَيفَ وَهُوَ يمْنَع دُخُول الْجنَّة كالكفر نعم هُوَ دائمي وَمنع الدّين إِلَى غَايَة الْأَدَاء وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5475] وشماتة الْأَعْدَاء فرحتهم بمصائبه(8/265)
[5486] أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَزِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الزَّايِ مِنَ الزَّلَلِ وَرُوِيَ بِالذَّالِ مِنَ الذُّلِّ أَوْ أَضِلَّ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الضَّادِ وَفِي رِوَايَةٍ أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَزِلَّ أَوْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ الْأَوَّلُ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ بِقَوْلِهِ بَعْدَهُ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ فَإِنَّ الْأَوَّلَ فِيهِمَا مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ وَالثَّانِي لِلْمَفْعُولِ وَيُقَدَّرُ فِي أَجْهَلَ عَلَى أَحَدٍ يُوَازِنُ قَوْله فِي الثَّانِي عَليّ وَالْمرَاد بِالْجَهْلِ لَا كَذَا قَوْله(8/268)
[5491] من دَرك الشَّقَاء الدَّرك بِفتْحَتَيْنِ وَحكى سُكُون الثَّانِي اللحاق والشقاء بِالْفَتْح وَالْمدّ الشدَّة أَي من لحاق الشدَّة وَقَالَ السُّيُوطِيّ وَالْمرَاد بالشقاء سوء الخاتمة نَعُوذ بِاللَّه مِنْهُ وَسُوءِ الْقَضَاءِ قَالَ الْكَرْمَانِيُّ هُوَ بِمَعْنَى الْمَقْضِيِّ إِذْ حُكْمُ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حُكْمُهُ كُلُّهُ حَسَنٌ لَا سُوءَ فِيهِ قَالُوا فِي تَعْرِيف الْقَضَاء(8/269)
وَالْقَدَرِ الْقَضَاءُ هُوَ الْحُكْمُ بِالْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ الْإِجْمَالِ فِي الْأَزَلِ وَالْقَدَرُ هُوَ الْحُكْمُ بِوُقُوعِ الْجُزْئِيَّاتِ الَّتِي لِتِلْكَ الْكُلِّيَّاتِ عَلَى سَبِيلِ التَّفْصِيلِ فِي الْإِنْزَالِ قَالَ تَعَالَى وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُوم وَجهد الْبلَاء بِفَتْح الْجِيم أَي شدَّة الْبلَاء قَالَ السُّيُوطِيّ هِيَ الْحَالة الَّتِي يخْتَار الْمَوْت عَلَيْهَا أَي لَو خير بَين الْمَوْت وَبَين تِلْكَ الْحَالة لأحب أَن يَمُوت تَحَرُّزًا عَن تِلْكَ الْحَالة وَقِيلَ هُوَ قِلَّةُ الْمَالِ وَكَثْرَةُ الْعِيَالِ قَالَ الْكرْمَانِي هَذِه الْكَلِمَة جَامِعَةٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إِمَّا أَنْ يُلَاحَظَ مِنْ جِهَةِ الْمَبْدَأِ وَهُوَ سُوءُ الْقَضَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْمَعَادِ وَهُوَ دَرَكُ الشَّقَاءِ أَوْ مِنْ جِهَة المعاش وَهُوَ إِمَّا مِنْ جِهَةِ غَيْرِهِ وَهُوَ شَمَاتَةُ الْأَعْدَاءِ أَوْ مِنْ جِهَةِ نَفْسِهِ وَهُوَ جَهْدُ الْبَلَاءِ نَعُوذ بِاللَّه من ذَلِك وَأَنت خَبِير بِأَنَّهُ لَا مُقَابلَة على مَا ذكره بَين سوء الْقَضَاء وَغَيره بل غَيره كالتفصيل لجزئياته فالمقابلة يَنْبَغِي أَن تعْتَبر بِاعْتِبَار أَن مَجْمُوع الثَّلَاثَة الْأَخِيرَة بِمَنْزِلَة الْقدر فَكَأَنَّهُ قَالَ من سوء الْقَضَاء وَالْقدر لَكِن أقيم أهم أَقسَام سوء الْقدر مقَامه بَقِي أَن الْمقْضِي من حَيْثُ الْقَضَاء أزلي فَأَي فَائِدَة فِي الِاسْتِعَاذَة مِنْهُ وَالظَّاهِر أَن المُرَاد صرف الْمُعَلق مِنْهُ فَإِنَّهُ قد يكون مُعَلّقا وَالتَّحْقِيق أَن الدُّعَاء مَطْلُوب لكَونه عبادةوطاعة وَلَا حاجةلنا فِي ذَلِك إِلَى أَن نَعْرِف الْفَائِدَة المترتبة عَلَيْهِ سوى مَا ذكرنَا قَوْله وسيئ الأسقام هِيَ مَا يكون سَببا لعيب وَفَسَاد عُضْو وَنَحْو ذَلِك(8/270)
قَوْله
[5494] فَلَمَّا نزلت المعوذتان بِكَسْر الواوقوله
[5495] وَسُوء الْكبر بِكَسْر الْكَاف وَفتح الْبَاء أَي كبر السن وَهُوَ قريب من الْهَرم وَجعله بِسُكُون الْبَاء بِمَعْنى التكبر بعيد لكَونه كُله سَيِّئًا وَالله تَعَالَى أعلم(8/271)
قَوْله من وعثاء السّفر بِفَتْح وَاو وَسُكُون عين مُهْملَة ومثلثة وَمد أَي شدته ومشقته وكآبة المنقلب بِفَتْح كَاف وهمزة ممدودة أَو سَاكِنة كرأفة ورآفة فِي الْقَامُوس هِيَ الْغم وَسُوء الْحَال والإنكسار(8/272)
من حزن والمنقلب مصدر بِمَعْنى الانقلاب أَو اسْم مَكَان قَالَ الْخطابِيّ مَعْنَاهُ أَن يَنْقَلِب إِلَى أَهله كئيبا حَزينًا لعدم قَضَاء حَاجته أَو إِصَابَة آفَة لَهُ أَو يجدهم مرضى أَو مَاتَ مِنْهُم بَعضهم والحور بعد الكور الكور لف الْعِمَامَة والحور نقضهَا وَالْمرَاد الِاسْتِعَاذَة من النُّقْصَان بعد الزِّيَادَة أَو من الشتات بعد الانتظام أَي من فَسَاد الْأُمُور بعد صَلَاحهَا وَقيل من الرُّجُوع عَن الْجَمَاعَة بعد الْكَوْن فيهم وروى بعد الْكَوْن بنُون أَي الرُّجُوع من الْحَالة المستحسنة بعد أَن كَانَ عَلَيْهَا قيل هُوَ مصدر كَانَ تَامَّة أَي من التَّغَيُّر بعد الثَّبَات ودعوة الْمَظْلُوم استعاذة من الظُّلم فَإِنَّهُ يَتَرَتَّب عَلَيْهِ دَعْوَة الْمَظْلُومِ وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حجاب وَسُوء المنظر هُوَ كل منظر يعقب النّظر إِلَيْهِ سوء(8/273)
قَوْله أَنْت الْخَلِيفَة أَي الْكَافِي
قَوْله
[5502] فِي دَار الْمقَام بِضَم الْمِيم أَي دَار الْإِقَامَة قَوْله(8/274)
[5510] وفتنة الاحياء والأموات هما بِفَتْح الْهمزَة جمع حَيّ وميت أَي من الْفِتْنَة الَّتِي تلْحق الْأَحْيَاء والأموات قَوْله(8/276)
[5522] ان سيد الاسْتِغْفَار وَفِي رِوَايَة أفضل الاسْتِغْفَار أَي أَكثر ثَوابًا لقائله من بَين جنس الاسْتِغْفَار وَوجه كَونه كَذَلِك مِمَّا لَا يعرف بِالْعقلِ وَإِنَّمَا هُوَ أَمر مفوض إِلَى الَّذِي قرر الثَّوَاب على الْأَعْمَال وَأَنا على عَهْدك أَي على الشَّهَادَة بِالتَّوْحِيدِ الَّتِي جرى بهَا الْمِيثَاق والعهد وَوَعدك بالثواب للْمُؤْمِنين على لِسَان الرُّسُل أَبُوء أَي أعترف دخل الْجنَّة أَي ابْتِدَاء والا فَكل مُؤمن يدْخل الْجنَّة بايمانه وَهَذَا فضل من الله تَعَالَى قَوْله(8/279)
[5523] من شَرّ مَا عملت الخ أَي من شَرّ مَا فعلت من السَّيِّئَات وَمَا تركت من الْحَسَنَات أَو(8/280)
من شَرّ كل شَيْء مِمَّا تعلق بِهِ كسبي أَولا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/281)
[5529] أَن أغتال على بِنَاء الْمَفْعُول يُقَال اغتاله أَي قَتله غيلَة بِكَسْر الْغَيْن وَهُوَ أَن يخدعه فَيذْهب بِهِ إِلَى مَوضِع لَا يرى فِيهِ فَإِذا صَار إِلَيْهِ قَتله أَي أعوذ بك من أَن يجيئني الْبلَاء من حَيْثُ لَا أشعر بِهِ
قَوْله
[5533] من التردي هُوَ السُّقُوط من العالي إِلَى السافل وَالْهدم بِفَتْح فَسُكُون مصدر هدم الْبناء نقضه وَالْمرَاد من أَن يهدم على الْبناء على أَنه مصدر مَبْنِيّ للْمَفْعُول أَو من أَن أهدم الْبناء على أحد على أَنه مصدر مَبْنِيّ للْفَاعِل وَالْغَرق بِفتْحَتَيْنِ والحريق أَي الْعَذَاب المحرق وَأَعُوذ بك أَن يتخبطني الخ قد فسره الْخطابِيّ(8/282)
بِأَن يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ مُفَارَقَةِ الدُّنْيَا فَيُضِلَّهُ وَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ أَوْ يَعُوقَهُ عَنْ إِصْلَاحِ شَأْنِهِ وَالْخُرُوجِ مِنْ مَظْلَمَةٍ تَكُونُ قِبَلَهُ أَوْ يُؤَيِّسَهُ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ أَوْ يُكَرِّهَ لَهُ الْمَوْتَ وَيُؤْسِفَهُ عَلَى حَيَاةِ الدُّنْيَا فَلَا يَرْضَى بِمَا قَضَاهُ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ الْفِنَاءِ وَالنُّقْلَةِ إِلَى دَار الْآخِرَة فيختم لَهُ ويلقى الله وَهُوَ ساخط عَلَيْهِ لديغا هوالملدوغ(8/283)
وَهُوَ من لدغته بعض ذَوَات السم قَوْله من أَن أزل بِفَتْح الْهمزَة وَكَذَا أضلّ وَكَذَا أظلم الأول وَأما الثَّانِي فبضم الْهمزَة واجهل بِفَتْح الْهمزَة ويجهل على بِنَاء الْمَفْعُول وَهَذَا الدُّعَاء هُوَ ختم بعض النّسخ وَنعم الدُّعَاء هُوَ(8/285)
(كتاب الْأَشْرِبَة)
قَوْله
[5540] لما نزل تَحْرِيم الْخمر أَي لما قرب نُزُوله أَو لما أَرَادَ الله تَعَالَى أَن ينزله وفْق عمر لطلبه حَتَّى أنزلهُ بالتدريج الْمَذْكُور فِي الحَدِيث فالتحريم انما حصل بِآيَة الْمَائِدَة وَدُعَاء عمر كَانَ قبل ذَلِك فَلَا بُد من تَأْوِيل ظَاهر الحَدِيث بِمَا ذكرنَا وَالْمرَاد بِآيَة الْبَقَرَة قَوْله تَعَالَى قل فيهمَا اثم كَبِير وَمَنَافع للنَّاس الْآيَة وَالْمرَاد بالإثم وَالله تَعَالَى أعلم الضَّرَر كَمَا يدل عَلَيْهِ مُقَابلَته بالمنافع وَلذَلِك مَا فهم الصَّحَابَة مِنْهَا الْحُرْمَة واما قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ الْآيَة فَلَعَلَّ المُرَاد نهي من لَهُ معرفَة من السكرِي فِي الْجُمْلَة أَو المُرَاد بِهِ النَّهْي عَن مُبَاشرَة أَسبَاب السكر عِنْد قرب الصَّلَاة لَا نهي السَّكْرَان لِأَنَّهُ لَا يفهم فَكيف ينْهَى قَوْله(8/286)
[5541] من فضيخ لَهُم بِفَتْح فَاء وخفة مُعْجمَة واعجام خاء شراب يتَّخذ من الْبُسْر من غير ان يمسهُ نَار وَقيل يتَّخذ من بر وتمر وَقيل يتَّخذ من بسر مفضوخ أَي مكسور قلت وَقد بَين أنس فِي الحَدِيث الفضيخ فَلَا حاجةالى بَيَانه وَمُرَاد أنس أَن الفضيخ هُوَ مَحل نزُول الْآيَة فَتَنَاول الْآيَة لَهُ أولى قَوْله فَقَالُوا أكفأها بِالْهَمْزَةِ فِي آخِره أَي أقلب وعاءها قَوْله(8/287)
[5546] هُوَ الْخمر أَي الْكَامِل فِي الْكَوْن خمرًا وَلَيْسَ المُرَاد الْحصْر وَالْمرَاد بَيَان تنَاول الْآيَة للقسمين لَا قصرهَا على أَحدهمَا
قَوْله
[5547] نهى عَن البلح وَالتَّمْر أَي عَن الْجمع بَين النَّوْعَيْنِ فِي الانتباذ لمسارعة الْإِسْكَار والاشتداد عِنْد الْخَلْط فَرُبمَا يَقع بذلك فِي شرب الْمُسكر وَقد جَاءَ مَا يُفِيد أَنه إِذا أَمن من الْإِسْكَار فَلَا بَأْس وَبِه أَخذ كثير من الْعلمَاء وَقَالَ بَعضهم النَّهْي للتنزيه وَالله تَعَالَى أعلم(8/288)
[5548] وان يخلط البلح والزهو الزهو بِفَتْح الزَّاي وَضمّهَا وَسُكُون الْهَاء الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ الَّذِي بَدَا فِيهِ حُمْرَةٌ أَوْ صفرَة وطاب وَفِي الصِّحَاح وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ الزهو بِالضَّمِّ قَوْله(8/289)
[5563] يبغى أَحدهمَا على صَاحبه أَي يشْتَد من الْبَغي وَهُوَ الْخُرُوج ومجاوزة الْحَد كَانَ يكره المذنب اسْم فَاعل من التذنيب يُقَال ذنبت البسرة تذنيبا إِذا ظهر فِيهِ الإرطاب قَوْله(8/292)
[5567] يُلَاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ يُشَدُّ وَيُرْبَطُ وَالْمرَاد الأسقية المتخذة من الْجلد فَإِنَّهَا يظْهر فِيهَا مَا اشْتَدَّ من غَيره لِأَنَّهَا تَنْشَق بالاشتداد القوى غَالِبا وَالْمَقْصُود فِي الْكل الِاحْتِرَاز عَن الْمُسكر فَإِن الْمُسكر حرَام وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/293)
[5573] من هَاتين الشجرتين لَا على وَجه الْقصر عَلَيْهِمَا بل على معنى أَنه مِنْهُمَا وَلَا يقْتَصر على الْعِنَب وَقيل الْمَقْصُود بَيَان ذَلِك لأهل الْمَدِينَة وَلم يكن عِنْدهم مشروب الا من هذَيْن النَّوْعَيْنِ وَقيل أَن مُعظم مَا يتَّخذ من الْخمر أَو أَشد مَا يكون فِي معنى المخامرة والإسكار انما هُوَ من هَاتين وَالله تَعَالَى أعلمقوله(8/294)
[5574] السكر خمر السكر بِفتْحَتَيْنِ قيل الْآيَة نزلت قبل تَحْرِيم الْخمر قَالَ بن عَبَّاس السكر مَا حرم وَهُوَ الْخمر والرزق الْحسن مَا بَقِي حَلَالا وَهُوَ الاعناب والتمور وَالسكر اسْم لما يسكر كَذَا نقل من شرح السّنة
قَوْله
[5578] وَهِي من خَمْسَة أَي الْخمر الْمَوْجُودَة بَين النَّاس المستعملة بَينهم والمرادتناول الْآيَة وَالْحُرْمَة لجَمِيع تِلْكَ الْأَقْسَام الْخَمْسَة لَا مُقْتَصرا عَلَيْهَا بل يعمها ويعم كل مَا خامر الْعقل لِأَن حَقِيقَة الْخمر مَا خامر الْعقل قَوْله(8/295)
[5582] وكل مُسكر خمر يحْتَمل أَن المُرَاد أَن الْخمر اسْم لكل مَا يُوجد فِيهِ السكر من الْأَشْرِبَة وَمن ذهب إِلَى هَذَا قَالَ ان للشريعة أَن تحدث الْأَسْمَاء بعد أَن لم تكن كَمَا أَن لَهَا أَن تضع الْأَحْكَام وَيحْتَمل أَن مَعْنَاهُ أَن كل مُسكر سوى الْخمر كَالْخمرِ فِي الْحُرْمَة وَالْحَد وعَلى هَذَا فَهُوَ يُؤَكد مَا قبله فِي الْجُمْلَة وَيحْتَمل أَن يُرَاد أَنه كَالْخمرِ فِي الْحَد فَقَط فَهُوَ تأسيس وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/296)
[5592] سُئِلَ عَن البتع بِكَسْر الْبَاء الْمُوَحدَة وَسُكُون الْمُثَنَّاة من فَوق وَعين مُهْملَة نَبِيذ الْعَسَل قَوْله(8/298)
[5603] قلت البتع بِكَسْر مُوَحدَة وَسُكُون مثناة والمزر بِكَسْر مِيم وَسُكُون زَاي مُعْجمَة(8/299)
قَوْله
[5605] قَالَ حَبَّة تصنع أَي شراب حَبَّة
[5606] فَقَالَ سبق مُحَمَّد الباذق فِي النِّهَايَةِ هُوَ بِفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَمْرُ تَعْرِيبُ بَادِه وَهُوَ اسْمُ الْخَمْرِ بِالْفَارِسِيَّةِ أَيْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَانِهِ أَوْ سَبَقَ قَوْلُهُ فِيهِ وَفِي غَيره من جنسه نَقله السُّيُوطِيّ
قَوْله
[5607] مَا أسكر كَثِيره أَي مَا يحصل السكر بِشرب كَثِيره فَهُوَ حرَام قَلِيله وَكَثِيره وان كَانَ قَلِيله غير مُسكر وَبِه أَخذ الْجُمْهُور وَعَلِيهِ الِاعْتِمَاد عِنْد عُلَمَائِنَا الْحَنَفِيَّة والاعتماد على القَوْل بِأَن الْمحرم هوالشربة المسكرة وماكان قبلهَا فحلال قد رده الْمُحَقِّقُونَ كَمَا رده المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى قَوْله(8/300)
[5610] فتحينت فطره أَي فراعيت حِين فطره بنبيذ أدنه من الإدناء أَي قربه ألى فَإِذا هُوَ ينش بِكَسْر النُّون وَتَشْديد الْمُعْجَمَة أَي يغلى قَوْله وتحليلهم مَا تقدمها الَّذِي يشرب فِي الْفرق قبلهَا الظَّاهِر أَن هَذَا تَحْرِيف و(8/301)
الصَّوَاب مَا فِي الْكُبْرَى الَّذِي يسري فِي الْعُرُوق قبلهَا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله والجعة بِكَسْر الْجِيم وَفتح الْعين الْمُهْملَة المخففة قَالَ أَبُو عبيد هِيَ النَّبِيذ الْمُتَّخذ من الشّعير
قَوْله
[5613] فِي تور بِالْمُثَنَّاةِ الْمَفْتُوحَة(8/302)
اناء كالإجانة
قَوْله
[5614] عَن نَبِيذ الْجَرّ بِفَتْح الْجِيم وتشديدالراء وَاحِدهَا جرة وَهِي اناء مَعْرُوف من آنِية الفخار وَأَرَادَ المدهونة لِأَنَّهَا أسْرع فِي الشدَّة والتخمير قَوْله(8/303)
قَوْله نهى عَن الدُّبَّاء بِذَاتِهِ نهى على بِنَاء الْمَفْعُول وَالْمرَاد النهى عَن الانتباذ فِيهِ وَمعنى بِذَاتِهِ أَي مَعَ قطع النّظر عَن الاسكار أى الانتباذ فِيهِ وَحده مَمْنُوع وَلَو لم يكن مَعَه اسكار وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله بالخريبة قيل هِيَ محلّة من محَال الْبَصْرَة عَن العكر بِفتْحَتَيْنِ الْوَسخ والدرن من كل شَيْء وَالْمرَاد هَا هُنَا درن الْخمر الْبَاقِي فِي الْوِعَاء وأوكى عَلَيْهِ من الايكاء بِمَعْنى الرَّبْط وَالْمرَاد ربط فَمه وَلَعَلَّ الْمَقْصُود بِالْبَيَانِ أَن الْوِعَاء يكون من الْجلد لِأَنَّهُ الذى يوكى عَلَيْهِ وَالله تَعَالَى أعلم(8/307)
قَوْله والمزادة المجبوبة بجيم وموحدة مكررة هِيَ الَّتِى يخاط بَعْضهَا إِلَى بعض فقد يتَغَيَّر فِي هَذِه الظروف النَّبِيذ وَلَا يدْرِي بِهِ صَاحبهَا بِخِلَاف السقاء الْمُتَعَارف فانه يظْهر فِيهِ مَا اشْتَدَّ من غَيره لِأَنَّهَا تَنْشَق بالاشتداد القوى غَالِبا وَقد فسر بَعضهم المزادة المجبوبة بتفسير آخر وَقَوله ائْذَنْ لى يَا رَسُول الله فِي مثل هَذَا قَالَ الخ الظَّاهِر أَن الاشارة إِلَى أَمر مُتَعَلق بِالْمَجْلِسِ وَلَا يدْرِي مَاذَا وَالْأَقْرَب أَنه طلب الرُّخْصَة فِي بعض الْأَقْسَام الممنوعة فَبين لَهُ صلى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وَسلم بالاشارة أَنَّك أذا رخصت لَك فِي بعض هَذِه الْأَقْسَام فلعلك تشربه وَقد فار فنقع فِي الْمُسكر الْحَرَام وَالله تَعَالَى أعلم(8/309)
قَوْله فِي تور برام ضبط بِكَسْر بَاء أَي تور حِجَارَة(8/310)
قَوْله
[5652] فَاشْرَبُوا فِي الأسقية كلهَا الخ قَالُوا هَذَا نَاسخ للنَّهْي الْمُتَقَدّم عَن الأوعية فَصَارَ بعد النّسخ مدَار الْحُرْمَة على الْإِسْكَار وَلَا دخل لظرف فِي حل أَو حُرْمَة هَذَا مَذْهَب الْجُمْهُور وَخَالفهُم مَالك فَرَأى أَن الْكَرَاهَة بَاقِيَة بعد وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5655] إِذْ حل من الْحُلُول أَي نزل فَسمع لَهُم لَغطا بِفَتْح لَام وغين مُعْجمَة وَيجوز سُكُون الْغَيْن أَيْضا أصواتا مُخْتَلفَة لَا تفهم قَوْله(8/311)
[5657] هداك للفطرة أَي لما جبل على حبه الْإِنْسَان إِذا لم يُعَارضهُ الْعَارِض وَبَقِي على السَّلامَة وَهُوَ أول غذَاء للْإنْسَان فَإِن الطِّفْل لَا يغذى الا بِهِ لَو أخذت الْخمر غوت أمتك فَإِنَّهَا تشارك فِي الِاسْم خمر الدُّنْيَا الَّتِي هِيَ أُمَّهَات الْخَبَائِث فَيكون دَلِيلا على حُصُول الْخَبَائِث للْأمة قَوْله(8/312)
[5658] يسمونها بِغَيْر اسْمهَا قَالَه فِي مَحل الذَّم فَيدل على أَن التَّسْمِيَة وَالْحِيلَة لَا تجعلان الْحَرَام حَلَالا وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله لَا يَزْنِي الزَّانِي قد تقدم الحَدِيث
قَوْله
[5661] ثمَّ ان شرب فَاقْتُلُوهُ الْجُمْهُور على أَن الْأَمر بِالْقَتْلِ مَنْسُوخ بل قد ادّعى الْعلمَاء الْإِجْمَاع على ذَلِك وللحافظ السُّيُوطِيّ فِيهِ بحث ذكره فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ وَانْفَرَدَ بالْقَوْل بِأَن الْحق بَقَاؤُهُ وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/313)
[5663] مَا أُبَالِي شرب الخ يُرِيد أَنه لَا فرق بَين الشّرك وَشرب الْخمر عِنْده يُرِيد أَنه بلغ من التَّقْوَى مبلغا صَار شرب الْخمر عِنْده بِمَنْزِلَة الشّرك أَو المُرَاد ان الْغَالِب أَن الْخمر يجر إِلَى الشّرك فِي عَاقِبَة الْأَمر فَصَارَ فِي دَرَجَته فِي نظر الْمُؤمن وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5664] فَيقبل الله تَعَالَى مِنْهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة التِّرْمِذِيّ ذكر فِي حِكْمَة ذَلِك أَنَّهَا تبقى فِي عروقه وأعصابه أَرْبَعِينَ يَوْمًا نَقله بن الْقيم قَوْله قَالَ القَاضِي الخ ضمير قَالَ لمسروق وَالْقَاضِي حِينَئِذٍ مُبْتَدأ مَا بعده خَبره يُرِيد أَن هَدِيَّة القَاضِي حرَام فضلا عَن رشوته وَأما الرِّشْوَة فعندأهل الْوَرع(8/314)
مثل الْكفْر فِي الْفِرَار عَنهُ وكفره أَن لَيْسَ لَهُ صَلَاة يُرِيد أَنه كفر مجَازًا بِمَعْنى أَن لَا تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ يَوْمًا كالكافر لَا يقبل صلَاته قَوْله فعلقته بِكَسْر لَام أَي عشقته وأحبته وباطية خمر فِي الصِّحَاح الباطية اناء وَأَظنهُ معربا فَلم يرم بِفَتْح الْيَاء وَكسر الرَّاء من رام يريم أَي فَلم يبرح وَلم يتْرك كَذَلِك وادمان الْخمر أَي ملازمتها والدوام عَلَيْهَا أَن يخرج أَحدهمَا أَي الْخمر صَاحبه أَي الْإِيمَان ان لم يتب وان تَابَ فقد أخرج الْإِيمَان الْخمر فَللَّه الْحَمد(8/315)
قَوْله
[5668] فَلم ينتش من الانتشاء قيل هُوَ أَوَّلُ السُّكْرِ وَمُقَدِّمَاتُهُ وَقِيلَ هُوَ السُّكْرُ نَفْسُهُ قلت وَالظَّاهِر أَن الثَّانِي هوالمراد مَاتَ كَافِرًا أَي كالكافر فِي عدم قبُول الصَّلَاة فَإِن الْكَافِر لَو صلى مَعَ الْكفْر لما قبلت صلَاته فَصَارَ شَارِب الْخمر مثله فِي عدم قبُول الصَّلَاة وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فَإِن أذهبت الخ أَي مَا ذكر من عدم قبُول الصَّلَاة سبعا أَي سبع لَيَال إِذا لم تذْهب الْخمر عقله وَلم تَجْعَلهُ غافلا عَن شَيْء من الصَّلَوَات وَغَيرهَا من الْفَرَائِض وان أذهبت عقله وَجَعَلته غافلا عَن الْفَرَائِض لم تقبل لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ(8/316)
يَوْمًا قَوْله مخاصر هُوَ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَة أَن يَأْخُذ الرجل بيد رجل آخر يتماشيان وَيَد كل وَاحِد مِنْهُمَا عِنْد خصر صَاحبه يزن بتَشْديد النُّون على بِنَاء الْمَفْعُول أَي يتهم لم تقبل لَهُ تَوْبَة الظَّاهِر أَن المُرَاد أَنه ان تَابَ فِي أَرْبَعِينَ لَا يقبل تَوْبَته وان تَابَ بعد ذَلِك يقبل فِي الْمَرَّتَيْنِ وَفِي الْمرة الثَّالِثَة لَا يقبل التَّوْبَة أصلا وَهَذَا مُشكل الا أَن يُرَاد أَنه لَا يوفق للتَّوْبَة فِي هَذِه الْمدَّة فِي الْمَرَّتَيْنِ وَبعد الْمرة الثَّالِثَة لَا يوفق غَالِبا وَالْمرَاد بِعَدَمِ قبُول التَّوْبَة أَنه لَا يوفق للتَّوْبَة غَالِبا وَالله تَعَالَى أعلم من طِينَة الخبال قيل مُقَيّد بِعَدَمِ الْمَغْفِرَة أَي ان لم يغْفر لَهُ لقَوْله تَعَالَى إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ والخبال بِفَتْح الْخَاء الْفساد قَالَ السُّيُوطِيّ وَيكون فِي الْأَفْعَال والأبدان والعقول وَقد جَاءَ مُفَسرًا فِي الحَدِيث قلت وَلَعَلَّه أَرَادَ بذلك مَا فِي التِّرْمِذِيّ وَسَيَجِيءُ فِي النَّسَائِيّ مثله أَنه ان عَاد الرَّابِعَة لم يقبل الله لَهُ صَلَاة أَرْبَعِينَ صباحا فَإِن(8/317)
مَاتَ لم يتب الله عَلَيْهِ وسقاه من نهر الخبال قيل يَا أَبَا عبد الرَّحْمَن وَمَا نهر الخبال قَالَ نهر من صديد أهل النَّار وَهَذَا مَبْنِيّ على أَن المُرَاد بطينة الخبال هِيَ نهر الخبال وَهُوَ الظَّاهِر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله حرمهَا بِالتَّخْفِيفِ على بِنَاء الْمَفْعُول من الحرمان أَي يَجعله الله تَعَالَى محروما مِنْهَا فِي الْآخِرَة قَوْله منان أَي كثير الْمَنّ وَلَعَلَّ المُرَاد من لَا يُعْطي شَيْئا الا من كَمَا جَاءَ وَمَعَ ذَلِك فَلَا بُد من التَّأْوِيل قَوْله(8/318)
غرب من التَّغْرِيب وَهَذَا التَّغْرِيب من بَاب التَّعْزِير وَهُوَ غير دَاخل فِي الْحَد بِخِلَاف التَّغْرِيب فِي حد الزِّنَى وَقَول عمر لَا أغرب بعده مُسلما مَحْمُول على مثل هَذَا وَأما مَا كَانَ جزأ للحد فَلَا بُد مِنْهُ وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5677] وَلَا تسكروا من سكر كعلم وَيفهم مِنْهُ أَن المُرَاد لَا تبلغوا بالشرب حد السكر فَيحل مَا كَانَ قبله وَلذَلِك رده المُصَنّف وَيحْتَمل أَن يُرَاد وَلَا تشْربُوا الْمُسكر تَوْفِيقًا بَين الْأَدِلَّة على أَن الْمَفْهُوم لَا يُعَارض الْأَدِلَّة الصَّرِيحَة عِنْد الْقَائِل بل عِنْد غَيره لَا عِبْرَة بِهِ أصلا فِي التَّحْرِيم فَلَا وَجه(8/319)
للإستدلال بِهِ فِي مُقَابلَة الصرائح وَهَذَا ظَاهر
قَوْله
[5681] مَاء حبكن الْحبّ بِضَم مُهْملَة فتشديد فِي الصِّحَاح(8/320)
هُوَ الخابية فَارسي مُعرب
قَوْله
[5683] وَالسكر من كل شَيْء روى بِفتْحَتَيْنِ بِمَعْنى الْمُسكر وبضم فَسُكُون وبهذه الرِّوَايَة اسْتدلَّ من يرى أَن الْحَرَام الْقدر الْمُسكر أَو الشربة الْأَخِيرَة الَّتِي عِنْدهَا يحصل السكر وَلَا حُرْمَة قبلهَا
قَوْله
[5687] عَن الباذق بِفَتْح الذَّال الْمُعْجَمَة
قَوْله
[5688] من سره أَن يحرم كل هَذِه الْأَلْفَاظ الْمَذْكُورَة فِي الحَدِيث من التَّحْرِيم أَي من سره أَن يتَّخذ مَا حرم الله وَرَسُوله حَرَامًا فَإِن كَانَ محرما ذَلِك فليحرم النَّبِيذ وَالْمرَاد نَبِيذ الدُّبَّاء والحنتم وَنَحْوهمَا أَو النَّبِيذ الْمُسكر وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله(8/321)
[5690] نَبِيذ الْبُسْر بحت لَا يحل الظَّاهِر أَن الْخَبَر لَا يحل وبحت بِتَقْدِير وان وجد بحت أَي خَالص وَهُوَ مَنْصُوب وَلَا عِبْرَة بالخط أَي وَلَو كَانَ بحتا أَي خَالِصا لَا يخالط الْبُسْر شَيْء آخر ومحمله الْمُسكر والكائن فِي الأوعية الْمَعْلُومَة وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5691] يقرقر بَطْني فِي الصِّحَاح قرقر بَطْنه صَوت
قَوْله
[5692] خشيت أَن أفتضح أَي لما يظْهر فِي من مبادئ السكر قَوْله(8/322)
[5693] ان لي جريرة تَصْغِير الجرة تروت بتَشْديد الْوَاو من التروي وَهُوَ من الرّيّ من الْخبث وَهُوَ بِفتْحَتَيْنِ النَّجس
قَوْله
[5694] فَوَجَدَهُ شَدِيدا لَعَلَّ المُرَاد بِهِ ان صَحَّ الحَدِيث أَنه وجده قَرِيبا إِلَى الْإِسْكَار وَأَنه ظهر فِيهِ مبادئ السكر(8/323)
بِحَيْثُ انه لَو ترك على حَالَة لأسكر عَن قريب فقطب بتَشْديد الطَّاء أَو تخفيفه أَي جمع مَا بَين عَيْنَيْهِ كَمَا يَفْعَله العبوس أَي عبس وَجهه وَجمع جلدته لما وجد مَكْرُوها إِذا اغتلمت أَي اشتدت واضطربت عِنْد الغليان وَالْمرَاد إِذا قاربت الإشتداد وَالله تَعَالَى أعلم(8/324)
قَوْله
[5708] فَزعم أَنه شرب الطلاء بِكَسْر الطَّاء وَالْمدّ مَا طبخ من عصير الْعِنَب(8/326)
قَوْله
[5711] دع مَا يَرِيبُكَ قَالَ فِي النِّهَايَةِ يُرْوَى بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضمّهَا أَي مَا يشك فِيهِ إِلَى مَالا يشك فِيهِ وَالْمرَاد أَن مَا اشْتبهَ حَاله على الْإِنْسَان فتردد بَين كَونه حَلَالا أَو حَرَامًا فاللائق بِحَالهِ تَركه والذهاب إِلَى مَا يعلم حَاله وَيعرف أَنه حَلَال وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله فاعتزل ضيعتي هَذَا من كَمَال الْوَرع وَالتَّقوى فرحم الله من يطْلب ذَلِك ويبغي وَالله الْمُوفق 329 قَوْله(8/328)
كطلاء الْإِبِل أَي الَّذِي يطلي بِهِ الْإِبِل الأجرب ثلث ببغيه وَثلث بريحه هَكَذَا فِي كثير من النّسخ بِالْيَاءِ الجارة الدَّاخِلَة على الْبَغي مصدر بغي بموحدة وغين مُعْجمَة إِذا جَاوز الْحَد وَكَذَا بريحه جَار ومجرور أَي ثلث خَبِيث بِسَبَب بغيه وَثلث خَبِيث بِسَبَب رِيحه يُرِيد أَن الْعصير لَهُ ثَلَاث أَوْصَاف أَحدهَا بغيه أَي اشتداده واسكاره وَالثَّانِي أَنه إِذا اشْتَدَّ يحدث لَهُ ريح كريه وَالثَّالِث مذوق طيب فَيَنْبَغِي أَن يقسم أجزاءه على اوصافه وَصَارَ ثلثه للبغي وَالثَّانِي للريح وَالثَّالِث للذوق فالثلثان مِنْهُ خبيثان وَالثلث طيب فَإِذا أَزَال النَّار مِنْهُ ثُلثَيْهِ الخبيثين بَقِي الْبَاقِي طيبا فَصَارَ حَلَالا وَفِي بعض النّسخ ثلث يبغيه على أَنه مضارع بغي وَكَذَا يريحه فَمر من قبلك بِكَسْر قَاف وَفتح بَاء مُوَحدَة أَي ائْذَنْ الْحَاضِرين عنْدك(8/329)
فِي شربه وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5723] إِذا طبخ الطلاء على الثُّلُث يُرِيد على أَن يبْقى مِنْهُ الثُّلُث وَأما كَلَام عمر على الثُّلثَيْنِ فَالْمُرَاد على أَن يذهب الثُّلُثَانِ قَوْله(8/330)
[5729] مَا كَانَ طريا أَي مَا مضى عَلَيْهِ زمَان قَوْله لَا تحل شَيْئا أَي رد لقَولهم فِي الطلاء أَنه يحل إِذا ذهب ثُلُثَاهُ وَلَا يحرم الْوضُوء مِمَّا مسته النَّار أَي وَلَا تحرمه رد لقَولهم الْوضُوء مِمَّا مست النَّار فَإِن الشَّيْء قبل مس النَّار لَا يُوجب الْوضُوء اللَّاحِق وَلَا يبطل الْوضُوء السَّابِق فَلَو كَانَ بعد مس النَّار لَا يُوجب الْوضُوء اللَّاحِق ومبطل للْوُضُوء السَّابِق لَكَانَ ذَلِك بِمَنْزِلَة أَن يُقَال أَن النَّار مُحرمَة وعَلى هَذَا فجملة مِمَّا مست النَّار جُزْء من الحَدِيث وَلَيْسَت من قبيل التَّرْجَمَة كَمَا كتبه كثير من الْكتاب فِي نسخ الْكتاب وَقد نبه على ذَلِك بعض المعتنين وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5731] قَالَ اشرب الْعصير مَا لم يُزْبِد هُوَ بزاي مُعْجمَة وباء مُوَحدَة ودال مُهْملَة من أزبد الْبَحْر إِذا رمى بالزبد قَوْله(8/331)
[5735] على عشائكم بِفَتْح الْعين الطَّعَام فِي القلل بِضَم الْقَاف وَفتح اللَّام هِيَ الجرار الْكِبَار وَاحِدهَا قلَّة واجعلوه فِي الشنان بِكَسْر الشين الْمُعْجَمَة جمع شن بِفَتْحِهَا قَالَ السُّيُوطِيّ فِي حَاشِيَة أبي دَاوُد الشنان هِيَ الأسقية من الْأدم(8/332)
وَغَيرهَا وَاحِدهَا شن وَأكْثر مَا يُقَال ذَلِك فِي الْجلد الرَّقِيق أَو الْبَالِي من الْجُلُود
قَوْله
[5740] وَلَا يَجْعَل فِيهَا درديا دردي الزَّيْت وَغَيره بِضَم فساكن الكدر قَوْله(8/333)
[5743] فحدثها عَن النَّضر ابْنه يُرِيد أَنه يعْتَقد حلّه إِذا لم يكن مُسكرا وَلذَلِك يَفْعَله ابْنه فِي بَيته وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5744] يكره أَن يَجْعَل نطل النَّبِيذ هُوَ مَا يبْقى من النَّبِيذ بعد الْخَالِص وَهُوَ العكر والدردي وَذَلِكَ هُوَ أَن يُؤْخَذ سلاف النَّبِيذ وماصفى مِنْهُ وَإِذا لم يبْق الا العكر والدردي صب عَلَيْهِ مَاء وخلطه بالنبيذ الطري ليشتدقوله
[5746] على عكر بِفتْحَتَيْنِ
قَوْله
[5748] لَا بَأْس بنبيذ البختج هُوَ الْعصير الْمَطْبُوخ أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ بخته قلت وَالظَّاهِر أَنه بِضَم بَاء(8/334)
وَسُكُون مُعْجمَة فَإِنَّهُ الْمُوَافق للفارسي وَالله تَعَالَى أعلم قَوْله الشامات
[5752] كَأَنَّهُ جمع على إِرَادَة الْبِلَاد الشامية
قَوْله
[5753] قدح من عيدَان هُوَ بِالْفَتْح والسكون جمع عيدانه بِمَعْنى النَّخْلَة الطَّوِيلَة أَو بِالْكَسْرِ والسكون جمع عود وَقد تقدم فِي أول الْكتاب الْكَلَام فِي تَصْحِيح الضبطين وَالله تَعَالَى أعلم
قَوْله
[5754] اشرب المَاء على لفظ الْخطاب وَقَوله الَّذِي نجعت بِهِ على بِنَاء الْمَفْعُول وَلَفظ الْخطاب أَي الَّذِي سقيته فِي الصغر وغذيت بِهِ فَقَالَ الْخمر تُرِيدُ تشديدا وتغليظا فِي أَمر النَّبِيذ أَي تَسْأَلنِي عَن النَّبِيذ(8/335)
لَا أَقُول لَك حَلَال فَتَشرب الْخمر بذلك قَوْله فتْنَة أَي ابتلاء فَفِيهِ نفع وضرر فالصغير يَرْبُو وَيزِيد قُوَّة وَهُوَ نفع وَضمير فِيهَا للنبيذ بِاعْتِبَار مَا فِيهِ من الْفِتْنَة وَفِي للسَّبَبِيَّة وَالْكَبِير يهرم وَهُوَ ضَرَر قَوْله كَانَ بن شبْرمَة لَا يشرب الا المَاء وَاللَّبن أَي يقْتَصر من بَين الْأَشْرِبَة عَلَيْهِمَا فَيتْرك كثيرا مِمَّا علم حلّه احْتِرَازًا من الْوُقُوع فِي الْحَرَام وَهَذَا كَمَال الْوَرع وَلَقَد أحسن المُصَنّف رَحمَه الله تَعَالَى وأجاد حَيْثُ ختم الْكتاب بِهَذَا الْأَثر الْمُفِيد للحث على كَمَال الْوَرع وَالتَّقوى فنبه بِخَتْم الْكتاب على أَن نتيجة الْعلم هِيَ التَّقْوَى فقد قَالَ تَعَالَى إِن أكْرمكُم عِنْد الله أَتْقَاكُم اللَّهُمَّ ارزقناها بِفَضْلِك يَا كريم الْحَمد لله الَّذِي بنعمته تتمّ الصَّالِحَات وعَلى نبيه وحبيبه مُحَمَّد أكمل الصَّلَوَات وأشرف التسليمات وَآخر دَعوَاهُم أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين(8/336)