وهم أصحاب الحديث يعني كون الإسلام غريب ليس منقصة عليهم بل سبب لتقريبهم في الآخرة اهـ وهو تخصيص بغير مخصص قال الكلاباذي: وإذا صار الأمر إلى هذا كان المؤمن في زمن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فإن النازع من القبيلة مهاجر مفارق لأهله ووطنه.
1581 إن الإسلام بدأ غريبا و سيعود غريبا كما بدأ و هو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
1582 إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو أو قل طعام عيالهم بالمدينة جعلوا ما كان عندهم في ثوب واحد ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد بالسوية فهم مني و أنا منهم( صحيح ) ( ق ) عن أبي موسى .
1583إن الأعمال ترفع يوم الاثنين و الخميس فأحب أن يرفع عملي و أنا صائم (صحيح)
( الشيرازي في الألقاب)عن أبي هريرة (هب)عن أسامة بن زيد .
الشرح:
(إن الأعمال) أي الأعمال القولية والفعلية (ترفع) إلى اللّه تعالى (يوم الاثنين و) يوم (الخميس) أي ترفع في كل اثنين وخميس (فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم) أخذ منه القسطلاني تبعاً لشيخه البرهان ابن أبي شريف مشروعية عنه الاجتماع للصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم في ليلة الجمعة والاثنين كما يفعل في الجامع الأزهر ورفع الصوت بذلك لأن الليلة ملحقة باليوم ولأن اللام في الأعمال للجنس فيشمل الذكر والصلاة والسلام على النبي صلى اللّه عليه وسلم والدعاء لا سيما في ليلة الاثنين فإنها ليلة مولده صلى اللّه عليه وسلم وقد قال ابن مرزوق: إنها أفضل من ليلة القدر انتهى، وأقول لا يخفى ما في الأخذ المذكور من البعد والتعسف.(1/100)
1584 إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن و علموا من السنة ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا و ليس فيه شيء فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا ! حتى يقال للرجل: ما أجلده ؟ ما أظرفه ؟ ما أعقله ؟ و ما في قلبه حبة خردل من إيمان ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن حذيفة .
1585 إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم ( صحيح )
( د ك ) عن جبير بن نفير وكثير بن مرة والمقدام وأبي أمامة .
الشرح:
(إن الأمير إذا ابتغى الريبة) أي طلب الريبة أي التهمة في الناس بنية فضائحهم أفسدهم وما أمهلهم وجاهرهم بسوء الظن فيها فيؤديهم ذلك إلى ارتكاب ما ظن بهم ورموا به ففسدوا، ومقصود الحديث حث الإمام على التغافل وعدم تتبع العورات فإن بذلك يقوم النظام ويحصل الانتظام والإنسان قل ما يسلم من عيبه فلو عاملهم بكل ما قالوه أو فعلوه اشتدت عليهم الأوجاع واتسع المجال بل يستر عيوبهم ويتغافل ويصفح ولا يتبع عوراتهم ولا يتجسس عليهم وعن ابن مسعود أنه قيل له هذا فلان تقطر لحيته خمراً فقال إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن ظهر لنا شيء نأخذ به 00000
1586 إن الأنبياء يتباهون أيهم أكثر أصحابا من أمته فأرجو أن أكون يومئذ أكثرهم كلهم واردة و إن كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصا يدعو من عرف من أمته و لكل أمة سيما يعرفهم بها نبيهم
( حسن ) ( طب ) عن سمرة .
1587 إن الأنصار قد قضوا الذي عليهم و بقي الذي عليكم فاقبلوا من محسنهم وتجاوزوا عن مسيئهم(صحيح)(الشافعي هق في المعرفة)عن أنس.
1588 إن الأوعية لا تحرم شيئا فانتبذوا فيما بدا لكم و اجتنبوا كل مسكر
( صحيح ) ( طب ) عن قرة بن إياس .(1/101)
1589 إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها
( صحيح ) ( حم ق ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن الإيمان ليأرز) بلام التوكيد ثم همزة ساكنة ثم راء مهملة ثم زاي معجمة أي لينضم ويلتجي (إلى المدينة) النبوية يعني يجتمع أهل الإيمان فيها وينضمون إليها وفيه أن الإيمان يزيد وينقص (كما تأرز الحية إلى جحرها) بضم الجيم أي كما تنضم وتلجأ إليه إذا انتشرت في طلب ما تعيش به فراعها شيء فرجعت إلى جحرها فكذلك أهل الإيمان يقال أزرت الحية إذا رجعت إلى ذنبها القهقرى شبه انضمامهم إليها بانضمام الحية إذا رجعت لأن حركتها أشق لمشيها على بطنها والهجرة إليها كانت مشقة كما يشير إليه لفظ يأرز الذي حروفه شديدة دون تنضم قال القاضي: معناه أن الإيمان أولاً وآخراً بهذه الصفة لأن في أول الإسلام كان كل من خلص إيمانه وصح إسلامه جاء المدينة مهاجراً متوطناً أو متشوقاً إلى رؤية المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ومتعلماً منه ومستقرباً ثم بعد هذا في زمن الخلفاء كذلك ثم من بعدهم من العلماء لأخذ السنن عنهم ثم في كل وقت إلى زمننا لزيارة قبره الشريف 000 فلا يأتيها إلا مؤمن ثابت الإيمان وفي التشبيه رمز إلى أنهم ينضمون إليها بلا عوج كدخول الحية جحرها فإنه بلا عوج، قيل وأراد بالمدينة جميع الشام لأنها منه وخصها لشرفها، ثم قيل إن ذا يعم كل زمن وقيل يختص بحياته ثم القرون الثلاثة بعده وفيه صحة مذهب أهلها وسلامتهم من البدع إلى آخر زمن الخلفاء الراشدين.
1590 إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى: أن يجدد الإيمان في قلوبكم( صحيح ) ( طب ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/102)
(إن الإيمان ليخلق) أي يكاد أن يبلى (في جوف أحدكم) أيها المؤمنون (كما يخلق الثوب) وصفه على طريق الاستعارة شبه الإيمان بالشيء الذي لا يستمر على هيئته والعبد يتكلم بكلمة الإيمان ثم يدنسها بسوء أفعاله فإذا عاد واعتذر فقد جدد ما أخلق وطهر ما دنس (فاسألوا اللّه تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم) حتى لا يكون لقلوبكم وجهة لغيره ولا رغبة لسواه ولهذا قال معاذ لبعض صحبه اجلس بنا نؤمن أي نذكره ذكراً يملأ قلوبنا وكان الصديق يقول كان كذا لا إله إلا اللّه فقلت كذالا إله إلا اللّه فلا يتكلم بكلمة إلا ختمها به.
1591 إن البركة تنزل في وسط الطعام فكلوا من حافته و لا تأكلوا من وسطه ( صحيح ) ( ت ك ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن البركة تنزل في وسط الطعام) بسكون السين قال الحافظ العراقي يحتمل إرادة الإمداد من اللّه تعالى (فكلوا) ندباً (من حافاته) أي جوانبه وأطرافه كل يأكل مما يليه (ولا تأكلوا من وسطه) ندباً لكونه محل تنزلات البركة قال ابن العربي: البركة في الطعام تكون بمعان كثيرة منها استمراء الطعام ومنها صيانته عن مرور الأيدي عليه فتتقذر النفس منه ومنها أنه إذا أخذ الطعام من الجوانب يتيسر عليه شيئاً فشيئاً وإذا أخذ من أعلاه كان ما بقي بعده دونه في الطيب ومنها ما يخلق اللّه من الأجزاء الزائدة فيه.
1592 إن البلايا أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه
( حسن ) ( حب ) عن عبدالله بن مغفل .
1593 إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة
( صحيح ) ( مالك ق ) عن عائشة .
الشرح:(1/103)
(إن البيت) يعني الموضع (الذي فيه الصور) أي ذوات الأرواح وإن لم يكن لها ظل عند الجمهور لا صورة ما لا روح فيه كشجر (لا تدخله الملائكة) ملائكة الرحمة والبركة، لا الحفظة فإنهم لا يفارقون وذلك زجر لصاحب البيت ولأن في اتخاذها تشبهاً بالكفار فإنهم يتخذونها في بيوتهم ويعظمونها فتصوير ما له روح حرام كما مر ويجيء، وشمل الحديث الصور الممتهنة كالتي على البسط وبه صرح الخطابي لكن نازع فيه بعضهم وإذا حصل الوعيد لصانعها فهو حاصل لمستعملها لأنها لم تصنع إلا لتستعمل فالصانع سبب والمستعمل مباشر فهو أولى.
1594 إن التجار هم الفجار( صحيح )
( حم ك هب ) عن عبدالرحمن بن شبل ( طب ) عن معاوية .
1595 إن الجذعة تجزي مما تجزي منه الثنية ( صحيح )
( حم هق ) عن رجل من مزينة .
1596 إن الجذع من الضأن يوفي مما يوفي منه الثني من المعز( صحيح )
( د ن ه ك هق ) عن مجاشع بن مسعود .
1597 إن الجماء لتقتص من القرناء يوم القيامة(صحيح)(عم) عن عثمان .
1598 إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة: علي و عمار و سلمان( حسن )
( ت ك ) عن أنس .
1599 إن الحج و العمرة لمن سبيل الله و إن عمرة في رمضان تعدل حجة
( صحيح ) ( ك ) عن أم معقل .
1600 إن الحسن و الحسين هما ريحانتاي من الدنيا( صحيح )
( ت ) عن ابن عمر ( ن ) عن أنس .
1601 إن الحمد لله و سبحان الله و لا إله إلا الله و الله أكبر لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة( حسن ) ( ت ) عن أنس .
1602 إن الحور العين لتغنين في الجنة يقلن: ; نحن الحور الحسان خبئنا لأزواج كرام( صحيح ) ( سمويه ) عن أنس .
1603 إن الحياء و الإيمان قرنا جميعا فإذا رفع أحدهما رفع الآخر
( صحيح ) ( ك هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/104)
(إن الحياء والإيمان قرنا جميعاً) ببناء قرنا للمفعول أي جمعهما اللّه تعالى ولازم بينهما فحيثما وجد أحدهما وجد الآخر، قال في الصحاح وغيره قرن الشيء بالشيء وصله به وقرن بينهما جمعهما والاسم القران بالكسر 00(فإذا رفع أحدهما رفع الآخر) ومن أمثالهم وجه بلا حياء عود قشر ليطة أو سراج في سليطة، ومحصول الخبر أن عدم الحياء يدل على عدم الإيمان وقلته تدل على ضعفه وكثرته على قوته.
1604 إن الخمر من العصير و الزبيب و التمر و الحنطة و الشعير و الذرة و إني أنهاكم عن كل مسكر( حسن ) ( د ) عن النعمان بن بشير .
1605 إن الدال على الخير كفاعله ( صحيح ) ( ت ) عن أنس .
الشرح:
يعني في مطلق حصول الثواب وإن اختلف الكم والكيف كما يأتي قال الراغب: والدلالة ما يتوصل به إلى معرفة الشيء وقال الزمخشري: دللته على الطريق أهديته إليه قال ومن المجاز الدال على الخير كفاعله ودله على الصراط المستقيم اهـ. ويدخل في ذلك دخولاً أولياً أولوياً من يعلم الناس العلم الشرعي بتدريس أو افتاء.
1606 إن الدجال ممسوح العين اليسرى عليها ظفرة مكتوب بين عينيه كافر ( صحيح ) ( حم ) عن أنس .
1607 إن الدجال يخرج من قبل المشرق من مدينة يقال لها: خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي بكر .
1608 إن الدنيا حلوة خضرة فمن أصاب منها شيئا من حله فذاك الذي يبارك له فيه و كم من متخوض في مال الله و مال رسوله له النار يوم القيامة( صحيح ) ( طب ) عن عمرة بنت الحارث بن أبي ضرار .
1609 إن الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله و ما والاه و عالما أو متعلما( حسن ) ( ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/105)
(إن الدنيا ملعونة) أي مطرودة مبعودة عن اللّه تعالى فإنه ما نظر إليها منذ خلقها (ملعون ما فيها) مما شغل عن اللّه تعالى وأبعد عنه لا ما قرب إليه فإنه محمود محبوب كما أشار إليه قوله (إلا ذكر اللّه وما والاه) أي ما يحبه اللّه من الدنيا وهو العمل الصالح والموالاة المحبة بين اثنين وقد تكون من واحد وهو المراد هنا (وعالماً أو متعلماً) بنصبهما عطفاً على ذكر اللّه تعالى ووقع للترمذي عالم أو متعلم بلا ألف لا لكونهما مرفوعين لأن الاستثناء من موجب بل لأن عادة كثير من المحدثين اسقاط الألف من الخط قال الحكيم نبه بذكر الدنيا وما معها على أن كل شيء أريد به وجه اللّه فهو مستثنى من اللعنة وما عداه ملعون فالأرض صارت سبباً لمعاصي العباد بما عليها فبعدت عن ربها بذلك إذ هي ملهية لعباده وكلما بعد عن ربه كان منزوع البركة.
1610 إن الدين النصيحة لله و لكتابه و لرسوله و لأئمة المسلمين و عامتهم
( صحيح ) ( حم م د ن ) عن تميم الداري
( ت ن ) عن أبي هريرة ( حم ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/106)
(إن الدين) بكسر الدال وهو دين الإسلام (النصيحة) أي هو عماده وقوامه: كالحج عرفة، فالحصر مجازي بل حقيقي فالنصيحة لم تبق من الدين شيئاً كما سيجيء، قال بعض وهي تحري الإخلاص قولاً وفعلاً وبذل الجهد في إصلاح المنصوح له، وهذه الكلمة مع وجازتها في كلامهم أجمع منها، ثم لما حكم بأن النصيحة هي الدين قال مفسراً مبيناً (للّه) بالإيمان به ونفي الشريك ووصفه بجميع صفات الكمال والجلال وتنزيهه عن جميع ما لا كمال فيه وتجنب معصيته والحب والبغض فيه والاعتراف بنعمته وشكره عليها والشفقة على خلقه والدعاء إلى ذلك، فمن النصيحة للّه أن لا تدخل في صفاته ما ليس منها ولا تنسب إليه ما ليس له برأيك فتعتقده على خلاف ما هو عليه فإنه غش والأشياء كلها بخلاف الباري تعالى لأنها محدثة وهو قديم وجاهلة وهو عليم وعاجزة وهو قدير وعبيده وهو رب وفقيرة وهو غني ومحتاجة إلى مكان وهو غير محتاج إليه فمن شبهه بشيء من خلقه فقد أدخل الغش في صفاته ولم ينصح له ومن أضاف شيئاً إلى المخلوقات مما هو عليه فقد غشها (ولكتابه) مفرد مضاف فيعم سائر كتبه وذلك يبذل جهده في الذب عنه من تأويل الجاهلين وانتحال المطالبين بالوقوف عند أحكامه. (ولرسوله) بالإيمان بما جاء به ونصرته حياً وميتاً وإعظام حقه وبث دعوته ونشر سنته والتلطف في تعلمها وتعليمها والتأدب بآدابه وتجنب من تعرض لأحد من آله وأصحابه (ولأئمة المسلمين) الخلفاء ونوابهم بمعاونتهم على الحق وإطاعتهم فيه وأمرهم به وتذكيرهم برفق وإعلامهم بما غفلوا عنه من حق المسلمين وترك الخروج عليهم والدعاء بصلاحهم (وعامتهم) بإرشادهم لما يصلح أخراهم ودنياهم وكف الأذى عنهم وتعليمهم ما جهلوه وستر عورتهم وسدّ خلتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر برفق وشفقة ونحو ذلك فبدأ أولاً باللّه لأن الدين له حقيقة وثنى بكتابه الصادع ببيان أحكامه المعجز ببديع نظامه وثلث بما يتلو كلامه في الرتبة وهو رسوله الهادي لدينه(1/107)
الموقف على أحكامه المفصل لجمل شريعته وربع بأولي الأمر الذين هم خلفاء الأنبياء القائمون بسنتهم ثم خمس بالتعميم 000000
1611 إن الدين يسر و لا يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا و قاربوا و أبشروا و استعينوا بالغدوة و الروحة و شيء من الدلجة( صحيح )
( خ ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن الدين) بكسر الدال (يسر) أي دين الإسلام ذو يسر نقيض العسر أو هو يسر مبالغة لشدة اليسر وكثرته كأنه نفسه بالنسبة للأديان قبله لرفع الإصر عن الأمة (ولن يشاد) أي يقاوم (الدين أحد إلا غلبه) أي لا يتعمق أحد في العبادة ويترك الرفق كالرهبان في الصوامع إلا عجز فغلب عليه العبد من العجز والمعبود من عظم الأمر وليس المراد ترك طلب الأكمل في العبادة فإنه محمود بل منع الإفراط المؤدي للملال 00 (فسددوا) الزموا السداد وهو الصواب بلا إفراط وبلا تفريط (وقاربوا) بموحدة تحتية لا بنون أي لا تبلغوا النهاية بل تقربوا منها (وأبشروا) بهمزة قطع قال الكرماني: وجاء في لغة أبشروا بضم الشين من البشر بمعنى الإبشار أي أبشروا بالثواب على العمل الدائم وإن قل وأبهم المبشر به تعظيماً وتفخيماً (واستعينوا بالغدوة والروحة) بفتح أولهما أي واستعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها في وقت النشاط كأول النهار وبعد الزوال وأصل الغدوة السير أول النهار والروحة السير بعد الزوال (وشيء من الدلجة) بضم وسكون قال الزركشي والكرماني كذا الرواية ويجوز فتحهما لغة أي واستعينوا عليها بإيقاعها آخر الليل أو والليل كله بدليل تعبيره بالتبعيض وهذه أطيب أوقات المسافر لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم خاطب مسافراً فنبهه على أوقات نشاطه وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا بالحقيقة دار نقلة للآخرة وهذه الأوقات أروح ما يكون فيها البدن للعبد بعض الشراح وقال البيضاوي الروحة والغدوة والدلجة استعير بها عن الصلاة في هذه الأوقات لأنها سلوك وانتقال من العادة إلى العبادة ومن الطبيعة إلى الشريعة(1/108)
ومن الغيبة إلى الحضور 000
1612 إن الرؤيا تقع على ما تعبر و مثل ذلك مثل رجل رفع رجليه فهو ينتظر متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما
( صحيح ) ( ك ) عن أنس .
الشرح:
(إن الرؤيا تقع على ما تعبر) بالتشديد أي تفسر قال في الصحاح: عبر الرؤيا فسرها وعبرها أيضاً تعبيراً (ومثل ذلك مثل رجل رفع رجله فهو ينتظر متى يضعها (فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحاً أو عالماً) أي بتأويلها وسيجيء توجيهه 0000(أحدها) أن يكون الصورة المدركة راجعة للمرئي بالنظر إلى منزلة مّا من منازله أو صفاته الراجعة إليه فتلك رؤيا الأمر على ما هو عليه بما يرجع إليه (الثانية) أن تكون الصورة المرئية راجعة لحال الرائي في نفسه (الثالثة) أن تكون راجعة إلى الحق المشروع والناموس الموضوع أي ناموس كان في تلك البقعة التي رأى تلك الصورة فيها في ولاية أمر ذلك الإقليم القائمين بناموسه وما ثم رتبة رابعة، فالأولى حسية كاملة لا تتصف بقبح ولا نقص والأخيران قد تظهر الصورة فيها بحسب الأحوال من حسن وقبح ونقص وكمال فإن كان من تلك الصورة خطاب فهو بحسب ما يكون الخطاب وبقدر ما يفهم منه في رؤياه ولا يعول على التعبير في ذلك بعد الرجوع إلى الحس إلا إن كان عالماً بالتعبير أو يسأل عالماً به وينظر حركة الرائي مع تلك الصورة من أدب واحترام وغير ذلك فإن حاله بحسب ما يصدر عنه من معاملته لتلك الصورة فإنها صورة حق بكل وجه وقد يشاهد الروح الذي بيده الصورة وقد لا، وما عدا هذه الصورة فليست إلا من الشيطان إن كان فيه تحزين أو مما يحدث به المرء نفسه في يقظته فلا يعول عليها ومع ذلك إذا عبرت كان لها حكم ولا بد يحدث لها ذلك من قوة التعبير لا من نفسها وذلك أن الذي يعبرها ولا يعبرها حتى يصورها في خياله من المتكلم فقد انتقلت تلك الصورة عن المحل التي كانت فيه حديث نفس أو تحزين شيطان إلى حال العابر لها وما هي له حديث نفس فيتحكم على(1/109)
صورة محققة ارتسمت في ذاته فيظهر لها حكم أحدثه حصول تلك الصورة في نفس العابر كما جاء في نفس قصة يوسف عليه السلام مع الرجلين وكانا كذبا فلما تخيلا ذلك وقصاه على يوسف عليه السلام حصل في خياله صورة من ذلك ولم يكن يوسف حدث بذلك نفسه وصارت حقاً في حقه فكأنه هو الرائي لتلك الرؤية لذلك الرجل وقاما له مقام الملك الذي بيده صورة الرؤيا فلما عبرها لهما قالا ما رأينا شيئاً فقال "قضى الأمر" فخرج الأمر في الحس كما عبر.
1613 إن الرجل أحق بصدر دابته و صدر فراشه و أن يؤم في رحله
( صحيح ) ( طب ) عن عبدالله بن حنظلة .
الشرح:
(إن الرجل أحق بصدر دابته) بأن يركب على مقدم ظهرها ويردف خلفه ولا يعكس (وصدر فراشه) بأن يجلس في أرفع تكرمته فلا يتقدم عليه في ذلك نحو ضيف ولا زائر إلا بإذنه (وأن يؤم في رحله) أي أن يصلي إماماً بمن حضر عنده في منزله الذي يسكنه بحق فإذا دخل إنسان على آخر في منزله لنحو زيارة أو ضيافة وحضرت الصلاة فصاحب المنزل أولى بالتقدم للإمامة ويستثنى الوالي في محل ولايته والفراش بالكسر فعال يعني مفعول ككتاب بمعنى مكتوب وجمعه فرش ككتاب وكتب وهو فرش أيضاً تسمية بالمصدر والرحل مسكن الإنسان ومأواه كما في الصحاح وغيره.
1614 إن الرجل إذا دخل في صلاته أقبل الله عليه بوجهه فلا ينصرف عنه حتى ينقلب أو يحدث حدث سوء ( حسن ) ( ه ) عن حذيفة .
الشرح:(1/110)
(إن الرجل إذا دخل في صلاته) أي أحرم بها إحراماً صحيحاً (أقبل اللّه عليه بوجهه) أي برحمته وفضله (فلا ينصرف عنه حتى ينقلب) بقاف وموحدة أي ينصرف من صلاته قال في الصحاح المنقلب يكون زماناً ومصدراً كالمنصرف وقلبهم صرفهم قال الزمخشري: قلبه قلباً حوله من وجهه ومن المجاز قلب المعلم الصبيان صرفهم إلى بيوتهم (أو يحدث) أي يحدث أمراً مخالفاً للدين أو المراد الحدث الناقض والأول أولى بقرينة قوله (حدث سوء) فالمعنى ما لم يحدث سوءاً، قال الغزالي: وإقبال اللّه عليه كناية عن مكاشفة كل مصلّ على قدر صفاته عن كدرات الدنيا ويختلف ذلك بالقوة والضعف والقلة والكثرة والجلاء والخفاء 00000
1615 إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة
( صحيح ) ( حم 4 حب ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إن الرجل إذا صلى مع الإمام) أي افتدى به واستمر (حتى ينصرف) من صلاته (كتب) وفي رواية حسب (له قيام ليلة) قال في الفردوس يعني التراويح اهـ 0000
1616 إن الرجل إذا مات بغير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة( حسن ) ( ن ه ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن الرجل إذا مات بغير مولده) أي بأرض غير الأرض الذي ولد بها يعني مات غريباً (فليس له) بالبناء للمفعول يعني أمر اللّه الملائكة أن تقيس أي تذرع له من مولده أي المكان الذي ولد فيه (إلى منقطع) بفتح الطاء (أثره) أي إلى موضع قطع أجله سمي الأجل أثراً لأنه يتبع العمر قال:
والمرء ما عاش ممدود له أجل * لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأجل
وأصله من أثر مشيه في الأرض فإن مات لا يبقى له أثر فلا يرى لأقدامه أثر وقوله (في الجنة) متعلق بقيس يعني من مات في غربة يفسح له في قبره مقدار ما بين قبره وبين مولده ويفتح له باب إلى الجنة ومن البين أن هذا الفضل العظيم لمن لم يعص بغربته.
1617 إن الرجل لترفع درجته في الجنة فيقول: أنى لي هذا ؟ فيقال: باستغفار ولدك لك( صحيح ) ( حم ه هق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/111)
(إن الرجل) يعني الإنسان المؤمن ولو أنثى (لترفع درجته في الجنة فيقول أنى هذا) أي من أين لي هذا ولم أعمل عملاً يقتضيه وفي نسخة أنى لي ولفظ لي ليس في خط المصنف (فيقال) أي تقول له الملائكة أو العلماء هذا (باستغفار ولدك لك) من بعدك، دل به على أن الاستغفار يحط الذنوب ويرفع الدرجات وعلى أنه يرفع درجة أصل المستغفر إلى ما لم يبلغها بعمله فما بالك بالعامل المستغفر ولو لم يكن في النكاح فضل إلا هذا لكفى 00000
1618 إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا يهوي بها سبعين خريفا في النار( صحيح ) ( ت ه ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن الرجل ليتكلم الكلمة) الواحدة (لا يرى بها بأساً) أي سوءاً يعني لا يظن أنها تعد عليه ذنباً ولا أنه يؤاخذ بها {وتحسبونه هيناً وهو عند اللّه عظيم} (يهوي بها) أي يسقط بسببها (سبعين خريفاً في النار) لما فيها من الأوزار التي ليس عند الغافل المسكين منها إشعار والمراد أنه يكون دائماً في الصعود والهوى ذكره القاضي والهروي فعلى العاقل أن يميز بين أشكال الكلام قبل نطقه فما كان من حظوظ النفس وإظهار صفات المدح ونحو ذلك تجنبه ومن آمن بهذا الخبر حق إيمانه اتقى اللّه في لسانه وقلل كلامه حسب إمكانه سيما فيما ينهى عن الكلام فيه كبعد العشاء إلا في خير قال الغزالي: اللسان إنما خلق لك لتكثر به ذكر اللّه وتلاوة كتابه وترشد به الخلق إلى طريقه أو تظهر به ما في ضميرك من حاجات دينك ودنياك فإذا استعملته لغيسر ما خلق له فقد كفرت نعمة اللّه فيه وهو أغلب أعضائك عليك ولا يكب الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم فاستظهر الغاية تؤتك حتى لا يكبك في قعر جهنم انتهى والهويّ بضم الهاء وفتحها السقوط من أعلى إلى أسفل ذكره أبو زيد وغيره والخريف هنا عبارة عن السنة والمراد بالسبعين التكثير لا التحديد.(1/112)
1619 إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله له بها رضوانه إلى يوم القيامة و إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة ( صحيح ) ( مالك حم ت ن ه حب ك ) عن بلال بن الحارث .
الشرح:
(إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان اللّه تعالى) بكسر الراء أي مما يرضيه ويحبه (ما) نافية (يظن أن تبلغ ما بلغت) من رضى اللّه بها عنه (فيكتب اللّه له بها رضوانه إلى يوم القيامة) أي بقية عمره وحتى يلقاه يوم القيامة فيقبض على الإسلام ولا يعذب في قبره ولا يهان في حشره (وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط) بضم فسكون (اللّه) أي مما يسخط اللّه أي يغضبه (ما يظن أن تبلغ ما بلغت) من سخط اللّه (فيكتب اللّه بها عليه سخطه إلى يوم القيامة بأن يختم له بالشقاوة ويصير معذباً في قبره مهاناً في حشره حتى يلقاه يوم القيامة فيورده النار وبئس الورد المورود قال الطيبي: ومعنى كتبه رضوانه توفيقه لما يرضي اللّه من الطاعات والمسارعة إلى الخيرات فيعيش في الدنيا حميداً وفي البرزخ يصان من عذاب القبر ويفسح له قبره ويقال له نم كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه ويحشر يوم القيامة سعيداً ويظله اللّه في ظله ثم يلقى بعد ذلك من الكرامة والنعيم المقيم في الجنة ثم يفوز بلقاء اللّه ما كل ذلك دونه وعكسه قوله فيكتب اللّه عليه بها سخطه ونظيره قوله تعالى لإبليس {وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين} قال الشافعي: ينبغي للمرء أن يتفكر فيما يريد أن يتكلم به ويتدبر عاقبته فإن ظهر له أنه خير محقق لا يترتب عليه مفسدة ولا يجرّ إلى منهي عنه أتى به وإلا سكت واختلف في قوله سبحانه وتعالى {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد} فقيل يشمل المباح فيكتب وقيل لا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب.
1620 إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار(1/113)
( صحيح ) ( حم ك ) عن عائشة .
1621 إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة القائم بالليل الظامئ بالهواجر
( حسن ) ( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إن الرجل) في رواية إن المؤمن (ليدرك بحسن خلقه درجة) أي مثل درجة أي منزلة (القائم بالليل) أي المتهجد فيه (الظامئ الهواجر) أي العطشان في شدة الحر بسبب الصوم لأنهما يجاهدان أنفسهما في مخالفة حظهما من الطعام والشراب والنكاح والنوم والصيام يمنع من ذلك والنفس أمارة بالسوء تدعو إلى ذلك لأن الطعام يتقوى وبالنوم ينمو، فالصائم والقائم مجاهدان بذلك ومن جمعهما فكأنه يجاهد نفساً واحدة ومن حسن خلقه يجاهد نفسه في تحمل أثقال مساوئ أخلاق الناس لأن الحسن الخلق لا يحمل غير، خلقه وأثقاله ويتحمل أثقال غيره وخلقه وهو جهاد كبير فأدرك ما أدركه القائم الصائم فاستويا في الدرجة قال الغزالي رضي اللّه عنه: ولا يتم لرجل حسن خلقه حتى يتم عقله فعند ذلك يتم إيمانه ويطيع ربه ويعصي عدوه إبليس.
1622 إن الرجل ليسألني الشيء فأمنعه حتى تشفعوا فتؤجروا ( صحيح ) ( طب ) عن معاوية .
الشرح:
(إن الرجل ليسألني الشيء) أي من أمور الدنيا. كذا قيل ولا دليل عليه (فأمنعه حتى تشفعوا فتؤجروا) الظاهر أنه أراد بالمنع السكوت انتظاراً للشفاعة لا المنع باللفظ كما سيجيء في عدة أخبار أنه ما سئل في شيء فقال لا قط، والمنع ضد الإعطاء والشفاعة المطالبة بوسيلة أو زمام والأجر الإثابة والمثيب هو اللّه تعالى.
1623 إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار و إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/114)
(إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة ثم يختم له عمله بعمل أهل النار) أي يعمل عمل أهل النار في آخر عمره فيدخلها قال الأكمل والزمن الطويل هو مدة العمر وهو منصوب على الظرفية (وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار ثم يختم له بعمل أهل الجنة) أي يعمل عمل أهل الجنة في آخر عمره فيدخلها واقتصر هنا على ذين مع أن الأقسام أربعة لظهور حكم القسمين الآخرين من عمل بعمل أهل الجنة والنار من أول عمره إلى آخره وقد اختلف السلف فمنهم من راعى حكم السابقة وجعلها نصب عينه ومنهم من راعى حكم الخاتمة وجعلها نصب عينه قيل والأول أولى لأنه تعالى سبق في علمه الأزلي سعيد العالم وشقيه ثم رتب على هذا السبق الخاتمة عند الموت بحسب صلاح العمل وفساده عندها وعلى الخاتمة سعادة الآخرة وشقاوتها.
1624 إن الرجل ليعمل عمل الجنة فيما يبدو للناس و هو من أهل النار و إن الرجل ليعمل عمل النار فيما يبدو للناس و هو من أهل الجنة( صحيح )
( ق ) عن سهل بن سعد زاد ( خ ) : وإنما الأعمال بخواتيمها .
الشرح:(1/115)
(إن الرجل) بضم الجيم وفيه لغة بسكونها وذكر الرجل وصف طردي والمراد المكلف رجلاً أم امرأة إنسياً أم جنياً وكذا يقال فيما بعده (ليعمل عمل) أهل (الجنة) من الطاعات (فيما يبدو للناس) أي فيما يظهر لهم قال الزركشي وهذه زيادة حسنة ترفع الإشكال من الحديث (وهو من أهل النار) بسبب دسيسة باطنة لا يطلع الناس عليها (وإن الرجل ليعمل عمل) أهل (النار) من المعاصي (فيما يبدو) أي يظهر (للناس وهو من أهل الجنة) لخصلة خير خفية تغلب عليه آخر أثر عمره فتوجب حسن الخاتمة أما باعتبار ما في نفس الأمر فالأول لم يصح له عمل قط لأنه كافر باطناً وأما الثاني فعمله الذي لا يحتاج لنية صحيح وما يحتاجها باطل من حيث عدم وجودها، قال النووي فيه التحذير من الاغترار بالأعمال وأن لا يتكل عليها ولا يركن إليها مخافة من انقلاب الحال للقدر السابق وكذا ينبغي للعاصي أن لا يقنط من رحمة ربه.
1625 إن الرجل ليكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها ( حسن ) ( حب ك ) عن أبي هريرة .
1626 إن الرجل لينصرف و ما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها (حسن)
(حم د حب)عن عماربن ياسر .
الشرح:(1/116)
(إن الرجل لينصرف) من الصلاة (وما كتب له) من الثواب (إلا عشر صلاته تسعها) بضم التاء أوله وهو وما بعده بدل مما قبله بدل تفصيل (ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها) أراد أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص بحسب الخشوع والتدبر ونحو ذلك مما يقتضي الكمال كما في صلاة الجماعة خمس وعشرون وسبع وعشرون وبدأ بالعشر لأنه أقل الكسور قال الغزالي: والصلاة قد يحسب بعضها ويكتب بعضها دون بعض كما دل عليه هذا الخبر، والفقيه يقول الصحة لا تتجزأ ولكن ذلك له معنى آخر وفي بعض الروايات إن العبد ليس له من صلاته إلا ما عقل أي فيكتب له منها ما عقل فقط وذلك فضل عظيم عند اللّه لأن صلاته كانت في موجب الأدب أسرع إلى العقوبة منها إلى أن يكتب له ما عقل إذ لا يدري بين يدي من هو حتى يلتفت إلى غيره بقلبه وهو واقف راكع ساجد بجسده قال الحسن البصري: كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع وقال بعضهم: كل صلاة كانت منك عن ظهر غيب مختلط بأنواع العيوب وبدن نجس بأقذار الذنوب ولسان متلطخ بأنواع المعاصي والفضول لا تصلح أن تحمل إلى تلك الحضرة العلية، وقال إمام الحرمين: انظر أيها العاقل هل وجهت قط صلاة من صلواتك إلى السماء كمائدة بعثتها إلى بيوت الأغنياء وقال الوراق: ما فرغت قط من صلاة إلا استحيت حين فرغت منها أشد من حياء امرأة فرغت من الزنا، وعلم مما تقرر أن مقصود الخبر الزجر عن كل ما ينقص الثواب أو يبطله بالأولى، وتمسك به من جعل الخشوع شرطاً للصحة كالغزالي وأجيب بأن الذي أبان عنه الخبر هو أنه لا يثاب إلا على ما عمل بقلبه وأما الفرض فيسقط والذمة تبرأ بعمل الجوارح.
1627 إن الرجل من أهل الجنة ليعطى قوة مائة رجل في الأكل و الشرب و الشهوة و الجماع حاجة أحدهم عرق يفيض من جلده فإذا بطنه قد ضمر
( صحيح ) ( طب ) عن زيد بن أرقم .
الشرح:(1/117)
(إن الرجل من أهل الجنة ليعطي قوة مائة رجل في الأكل والشرب والشهوة) خصها لأن ما عداها راجع إليها إذ الملبس والمسكن من الشهوة (والجماع) فإن قلت: كثرة الأكل والشرب في الدنيا مجمع على ذمه فكيف تمدح أهل الجنة فيها بكثرته؟ قلت: إنما كان مذموماً في الدنيا لما ينشأ عنه من الفتور والتواني والتثاقل عن فعل العبادات ولما ينشأ عنه من الأمراض من تخمة وقولنج وغيرهما ولما يكسبه كثرة الأكل من الضراوة وأهل الجنة مأمونون من ذلك كله وكل ما في الجنة من أكل وغيره لا يشبه شيئاً مما في الدنيا إلا في مجرد الاسم، ألا ترى إلى قوله (حاجة أحدهم) كنى عن البول والغائط (عرق) بفتح أوله (يفيض من جلده) أي يخرج من مسامه (فإذا بطنه قد ضمر) بفتحات أي انهضم وانضم، جعل اللّه سبحانه لهم أسباباً لتصرف الطعام من الجشاء والعرق الذي يفيض - بفتح أوله - من جلودهم فهذا سبب إخراجه وذلك سبب إنضاحه وقد جعل في أجوافهم من الحرارة ما يطبخ الطعام ويلطفه ويهيئه لخروجه عرقاً أو جشاء إلى غير ذلك من الأسباب التي لا تتم المعيشة إلا بها واللّه سبحانه خالق السبب والمسبب وهو رب كل شيء والأسباب مظهر أفعاله وحكمه لكنها مختلفة الأحكام في الدارين فأفعاله في الآخرة واردة على أسباب غير الأسباب المعهودة والمألوفة في الدنيا وربما لا يتأمل القاصر ذلك فينكره جهلاً وظلماً إذ ليست قدرته قاصرة علي أسباب آخر ومسببات تنشأ منها كما لم تقصر قدرته في هذا العالم المشهود عن أسبابه ومسبباته وليس ذا بأهون عليه من ذلك بل النشأة التي أنشأها بالعيان أعجب من النشأة الثانية الموعود بها إخراج الأشربة التي هي غذاء ودواء وشراب ولذة من بين فرث ودم ومن فم ذباب أعجب من إجراءها أنهاراً في الجنة بأسباب أخر وإخراج جوهر الذهب والفضة في عروق الجبال أعجب من إنشائها هناك من أسباب أخر وإخراج الحرير من لعاب دود القز وبنائها على نفسها القباب الملونة أعجب من إخراجه من شجرة هناك(1/118)
وجريان البحار بين السماء والأرض فوق السحاب أعجب من جريانها في الجنة بغير أخدود ومن تأمل آيات اللّه الدالة على كمال قدرته وبديع حكمته ثم وازن بينها وبين ما أخبر في الآخرة وجدهما عن مشكاة واحدة.
1628 إن الرجل من أهل النار ليعظم للنار حتى يكون الضرس من أضراسه كأحد( صحيح ) ( حم ) عن زيد بن أرقم .
1629 إن الرحم شجنة آخذة بحجزة الرحمن تصل من وصلها و تقطع من قطعها ( حسن ) ( حم ) عن ابن عباس .
1630 إن الرزق ليطلب العبد أكثر مما يطلبه أجله ( حسن )
( طب عد ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(إن الرزق ليطلب العبد) أي الإنسان (أكثر مما يطلبه أجله) أي غاية عمره قال البيهقي: معناه أن ما قدر من الرزق يأتيه ولا بد فلا يجاوز الحد في طلبه فالاهتمام بشأنه والحرص على استزادته ليس نتيجته إلا شغل القلوب عن خدمة علام الغيوب والعمى عن مرتبة العبودية وسوء الظن بالحضرات الرازقية00000
1631 إن الرسالة و النبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي و لا نبي و لكن المبشرات رؤيا الرجل المسلم و هي جزء من أجزاء النبوة ( صحيح )
( حم ت ك ) عن أنس .
الشرح:(1/119)
(إن الرسالة والنبوة) وفيه أنهما متغايران (قد انقطعت) أي كل منهما (فلا رسول بعدي) يبعث إلى الناس بشرع جديد فخرج عيسى عليه السلام (ولا نبي) يوحى إليه ليعمل لنفسه قال أنس راوي الحديث لما قال ذلك شق على المسلمين فقال (ولكن) الذي لا ينقطع هو (المبشرات) بكسر المعجمة فقالوا يا رسول اللّه وما المبشرات؟ قال (رؤيا الرجل) يعني الإنسان رجلاً أو غيره (المسلم في منامه) وفي رواية بدل المسلم الصالح (وهي جزء من أجزاء النبوة) أي خصلة من خصال الأنبياء التي بها يعلمون الوحي ومر أنها جزء من ستة وأربعين جزءاً وأقل وأكثر وجمع باختلاف قرب الأشخاص من أخلاق الحضرة النبوية وهذه قاعدة لا يحتاج في إثباتها إلى شيء لانعقاد الإجماع عليها ولا التفات إلى ما زعمه بعض فرق الضلال من أن النبوة باقية إلى يوم القيامة وبنوا ذلك على قاعدة الأوائل أن النبوة مكتسبة ورمى بذلك جمع من عظماء الصوفية كالإمام الغزالي افتراه عليه الحسدة وقد تبرأ رحمه اللّه من القول به وتنصل منه في كتبه وأما عيسى عليه الصلاة والسلام فقد أجمعوا على نزوله نبياً لكنه بشريعة نبينا صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم وذكر ابن بزيزة عن عصرية بن عربي أن زوجة عيسى عليه الصلاة والسلام ولدت في زمنه انتهى أقول وهذه دعوى قد تبين بطلانها فإن ابن عربي من القرن السادس ونحن الآن فيما بعد الألف وهذا مما يقوي الريبة في أقاويل ابن عربي.
1632إن الرقى والتمائم و التولة شرك(صحيح)(حم د ه ك)عن ابن مسعود.
الشرح:(1/120)
(إن الرقى) أي التي لا يفهم معناها إلا التعوذ بالقرآن ونحوه فإنه محمود ممدوح (والتمائم) جمع تميمة وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين توسعوا فيها فسموا بها كل عوذة (والتولة) بكسر التاء وفتح الواو كعنبة ما يحبب المرأة إلى الرجل من السحر (شرك) أي من الشرك سماها شركاً لأن المتعارف منها في عهده ما كان معهوداً في الجاهلية وكان مشتملاً على ما يتضمن الشرك أو لأن اتخاذها يدل على اعتقاد تأثيرها ويفضي إلى الشرك ذكره القاضي. وقال الطيبي رحمه اللّه: المراد بالشرك اعتقاد أن ذلك سبب قوي وله تأثير وذلك ينافي التوكل والانخراط في زمرة الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون لأن العرب كانت تعتقد تأثيرها وتقصد بها دفع المقادير المكتوبة عليهم فطلبوا دفع الأذى من غير اللّه تعالى وهكذا كان اعتقاد الجاهلية فلا يدخل في ذلك ما كان بأسماء اللّه وكلامه ولا من علقها بذكر تبركاً اللّه عالماً أنه لا كاشف إلا اللّه فلا بأس به.
1633 إن الركن و المقام ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس الله تعالى نورهما و لو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق و المغرب ( صحيح )
( حم ت حب ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن الركن والمقام) مقام إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام بحذاء الكعبة (ياقوتتان من ياقوت) وفي نسخة يواقيت والأول ما هو في خط المؤلف (الجنة) أي أصلهما ذلك (طمس اللّه تعالى نورهما) أي ذهب به لكون الخلق لا يتحملونه كما أطفأ حر النار حين أخرجت من جهنم بغسلها في البحر مرتين (ولو لم يطمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب) أي والخلق لا تطيق مشاهدة ذلك كما يدل له قوله ابن عباس في الحجر لولا ذلك ما استطاع أحد النظر إليه فطمس نورهما من ضرورة بقاء أهل الأرض والطمس المحو والتغيير كما في الصحاح. قال الزمخشري: ومن المجاز رجل طامس القلب ميته لا يعي شيئاً ونجم طامس ذاهب الضوء.(1/121)
1634 إن الروح إذا قبض تبعه البصر( صحيح ) ( حم م ه ) عن أم سلمة .
الشرح:
(إن الروح إذا قبض تبعه البصر) فينبغي تغيمضه لئلا يقبح منظره قال القاضي: يحتمل أن الملك المتوفى للمحتضر يتمثل له فينظر إليه نظراً شزراً ولا يرتد إليه طرفه حتى تفارقه الروح وتضمحل بقايا القوى ويبطل البصر على تلك الهيئة فهو علة للشق ويحتمل كونه للإغماض لأن الروح إذا فارقته تتبعه الباصرة في الذهاب فلم يبق لانفتاح بصره فائدة انتهى. وقول النووي معناه إذا خرج الروح من الجسد تبعه البصر ناظراً أين تذهب تعقبه السيوطي بأنه يبصر ما دام الروح في البدن فإذا فارقه تعطل الإبصار كما يتعطل الإحساس. قال: والذي ظهر لي بعد النظر ثلاثين سنة أن يجاب بأحد أمرين: الأول أن ذلك بعد خروج الروح من أكثر البدن وهي بعد باقية في الرأس والعين فإذا خرج من الفم أكثرها ولم تنته كلها نظر البصر إلى القدر الذي خرج وقد ورد أن الروح على مثال البدن وقدر أعضائه فإذا خرج بقيتها من الرأس والعين سكن النظر فيكون قوله إذا قبض معناه إذا شرع في قبضه ولم ينته، الثاني أن الروح لها اتصال بالبدن وإن كانت خارجة عنه يرى ويسمع ويعلم ويرد السلام ويكون هذا الحديث من أقوى الأدلة على ذلك اهـ وقد مرت الإشارة إلى ذلك وبيان الأصوب فيه، والروح قد خاض سائر الفرق غمرة الكلام فيها فما ظفروا بطائل ولا رجعوا بنائل وفيها أكثر من ألف قول قال ابن جماعة: وليس فيها قول صحيح بل هي قياسات وتخييلات عقلية وجمهور أهل السنة على أنها جسم لطيف يخالف الأجسام بالماهية والصفة متصرف في البدن حال فيه حلول النار في الفحم والزيت في الزيتون يعبر عنه بأنا وأنت 00000(1/122)
1635 إن الساعة لا تقوم حتى تكون عشر آيات: الدخان و الدجال و الدابة و طلوع الشمس من مغربها و ثلاثة خسوف: خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب و نزول عيسى و فتح يأجوج و مأجوج و نار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم حيث باتوا و تقيل معهم حيث قالوا( صحيح ) ( حم م 4 ) عن حذيفة بن أسيد .
الشرح:
(إن الساعة) أي القيامة (لا تقوم حتى تكون) أي يوجد فتكون تامة (عشر آيات) أي علامات بل أكثر من ذلك بكثير كما في أخبار آخر وإنما اقتصر عليها هنا لأنها أكبرها (الدخان) بالتخفيف بدل من عشراً أو خبر مبتدأ محذوف وفي رواية يملأ ما بين المشرق والمغرب (والدجال) من الدجل وهو السحر أي المسيح فإنه سياح يقطع نواحي الأرض في زمن قليل (والدابة) التي تجلو وجه المؤمن بالعصي وتخطم أنف الكافر (وطلوع الشمس من مغربها) لا يقدح فيه قول الهيوليين إن الفلكيات بسيطة لا تختلف ولا يتطرق إليها خلاف ما هي عليه لأنه لا مانع من انطباق منطقة البروج على معدل النهار بحيث يصير المشرق مغرباً وعكسه (وثلاثة خسوف) جمع خسف وخسف المكان ذهابه في الأرض وغيوبته فيها (خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب) مكة والمدينة واليمامة واليمن على ما حكي عن مالك رضي اللّه تعالى عنه سميت به لأنه يحيط بها بحر الهند وبحر القلزم ودجلة والفرات (ونزول عيسى) عليه السلام من السماء إلى الأرض حكماً عدلاً (وفتح يأجوج ومأجوج) أي سدهما - بالهمز - صنف من الناس (ونار تخرج من قعر عدن) أي من أسفلها وأساسها قال في المصباح: قعر الشيء نهاية أسفله، وعدن بالتحريك مدينة باليمن وقعرها أقصى أرضها (تسوق الناس) وفي رواية ترحل الناس وفي أخرى تطرد الناس (إلى المحشر) أي محل الحشر للحساب وهو الشام قال الخطابي: هذا قبل قيام الساعة يحشر الناس أحياء إلى الشام بدليل قوله (تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا) وهذا الحشر آخر الأشراط كما في مسلم وما(1/123)
ورد مما يخالفه مؤول. قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى: ويترجح من مجموع الأخبار أن أول الآيات المؤذنة بتغيير أحوال العالم الأرضي الدجال فنزول عيسى عليه السلام فخروج يأجوج ومأجوج وكلها سابقة على طلوع الشمس، وأولها المؤذن بغير أحوال العالم العلوي طلوع الشمس وخروج الدابة في يومه أو يقرب منه وأول أشراط الساعة نار تخرج من المشرق.
1636 إن السحور بركة أعطاكموها الله فلا تدعوها ( صحيح )
( حم ن ) عن رجل .
الشرح:
(إن السحور بركة) بفتح السين وضمها أي زيادة خير ونمو وعظم ثواب (أعطاكموها اللّه) أي خصكم بها على جميع الأمم (فلا تدعوها) أي لا تتركوها لمزيد فضلها فالتسحر سنة مؤكدة بل هذا الحديث يدل على كراهة تركه قال عياض: وكان في صدر الإسلام ممنوعاً اهـ. وقضية قاعدته أن ما كان ممنوعاً ثم جاز وجب أنه واجب ولعل الصارف عن الوجوب الإجماع أو عدم مواظبة الرسول صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم.
1637إن السعيد لمن جنب الفتن و لمن ابتلي فصبر(صحيح)(د)عن المقداد.
الشرح:
(إن السعيد لمن جنب) بضم الجيم وتشديد النون (الفتن) يعني بعد عنها ووفق للزوم بيته، وكرره ثلاثاً مبالغة في تأكد المباعدة عنها (ولمن ابتلى) أي بتلك الفتن هو بفتح اللام جواب قسم في صدر الحديث ومن بفتح الميم شرطية وابتلي في محل جزم بها (فصبر) معطوف عليه أي صبر على ما وقع في الفتن وصبر على ظلم الناس له وتحمل أذاهم ولم يدفع عن نفسه 00000
1638 إن السلام اسم من أسماء الله تعالى فأفشوه بينكم( صحيح )
( عق ) عن أبي هريرة .
1639 إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وضع في الأرض فأفشوا السلام بينكم( صحيح ) ( خد ) عن أنس .
الشرح:(1/124)
(إن السلام اسم من أسماء اللّه تعالى وضع) بالبناء للمفعول أي وضعه اللّه (في الأرض) لتعملوا به (فأفشوا السلام بينكم) أي أظهروه ندباً مؤكداً فإن في إظهاره الإيذان بالأمان والتحابب والتواصل بين الإخوان وإرغام الشيطان. وللسلام فوائد كثيرة أفردت بالتأليف ثم قيل معنى السلام عليكم أي معكم وقيل معناه اللّه مطلع عليكم فلا تغفلوا وقيل معناه اسم السلام عليكم أي اسم اللّه عليكم إذا كان اسم اللّه يذكر على الأعمال توقعاً لاجتماع معاني الخيرات فيه وانتقاء عوارض الفساد عنه وقيل معناه السلامة لكم كأن المسلم بسلامه على غيره معلم له بأنه مسالم له لا يخافه وقيل معناه الدعاء له بالسلامة.
1640إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة(صحيح)(حم)عن ابن مسعود.
1641 إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب( صحيح ) ( ابن سعد ) عن علي .
الشرح:
(إن الشاهد) أي الحاضر (يرى) من الرأي في الأمور المهمة لا من الرؤيا (ما لا يرى الغائب) أي الحاضر يعلم ما لا يعلمه الغائب إذ ليس الخبر كالمعاينة وهذا قاله لعلي كرم اللّه وجهه لما أرسله لقتل العلج الذي كان يتردد إلى مارية ليقتله فقال له علي: يا رسول اللّه أمض كيف كان فقال له إن الشاهد إلخ فكشف له عن سوءته فرآه خصياً مجبوباً فتركه.
1642 إن الشمس و القمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد و لا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله و كبروا و صلوا و تصدقوا يا أمة محمد ! و الله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد ! و الله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا اللهم هل بلغت(صحيح )
( مالك حم ق د ن ) عن عائشة .
1643 إن الشمس و القمر ثوران عقيران في النار( صحيح )
( الطيالسي ع ) عن أنس .
الشرح:(1/125)
(إن الشمس والقمر ثوران) بالثاء المثلثة (عقيران) أي معقوران يعني يكونان كالزمنين (في النار) لأنهما خلقا منها كما جاء في خبر آخر فردا إليها أو يجعلان في النار ليعذب بهما أهلها فلا يبرجان كأنهما زمنان عقيران فسقط قول بعض المشككين على الأصول الإسلامية ما ذنبهما حتى يعذبا وما هذا إلا كرجل قال في قوله سبحانه{واتقوا النار التي وقودهاالناس والحجارة}ما ذنب الحجارة؟ والثور الذكر من البقر والأنثى ثورة والمعقور المثبت بالجراحات.
1644 إن الشمس و القمر لا ينكسفان لموت أحد و لا لحياته و لكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا و ادعوا حتى ينكشف ما بكم( صحيح ) ( خ ن ) عن أبي بكرة ( ق ن ه ) عن أبي مسعود ( ق ن ) عن ابن عمر ( ق ) عن المغيرة .
الشرح:(1/126)
(إن الشمس والقمر) آيتان من آياته تعالى (لا ينكسفان) بالكاف وفي رواية للبخاري بالخاء وهو بفتح الياء قال الزركشي عن ابن الصلاح وقد منعوا أن يقال يكسفان بالضم (لموت أحد) من الناس أو من العظماء وهذا قاله يوم مات ابنه إبراهيم فكسفت الشمس فقالوا كسفت لموته (ولا لحياته) ذكره دفعاً لتوهم أنه إذا لم يكن لموت أحد من العظماء فيكون لإيجاده قال الأكمل كغيره وانكسافهما عبارة عند عدم إضاءتهما عالم العناصر مما يلينا في الوقت الذي من شأنهما أن لا يغيبا فيه وسبب كون كسوف الشمس توسط القمر بينهما وبين أبصارنا لأن جرم القمر كمد مظلم فيحجب ما وراءه عن الأبصار وفلكه دون فلك الشمس فإذا وجدنا الشمس بأبصارنا والقمر بيننا وبينها اتصل مخروط الشعاع الخارج عن الأبصار أولاً بالقمر ثم يتعدى إلى الشمس فتنكسف كلاً أو بعضاً وسبب خسوف القمر توسط الأرض بينه وبين نور الشمس فيقع في ظل الأرض ويبقى ظلامه الأصلي فيرى منخسفاً (ولكنهما آيتان) أي علامتان لقرب يوم القيامة أو لعذاب اللّه أو لكونهما مسخرين بقدرته (من آيات اللّه) الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته (يخوف اللّه بهما) أي بكسوفهما (عباده) من سطوته وكونه تخويفاً لا ينافي ما قدره أهل الهيئة فيه لأن للّه أفعالاً على حسب العادة وأفعالاً خارجة عنه وقدرته حاكمة على كل سبب ومسبب بعضهما على بعض فالعلماء باللّه لقوة اعتقادهم في عموم قدرته على خرق العادة إذا وقع شيء غريب خافوا لقوة ذلك الاعتقاد وذا لا يمنع أن ثم أسباب تجري عليها العادة إلا إن شاء اللّه خرقها (فإذا رأيتم) أي علمتم (ذلك) أي كسوف واحد منهما لاستحالة تقارنهما في الوقوع عادة وفي رواية للبخاري رأيتموها أي الكسفة أو الآية وفي أخرى رأيتموها بالتثنية (فصلوا) صلاة الكسوف بكيفيتها المبينة في الفروع ويجزئ عنهما ركعتان كسنة الصبح (وادعوا) اللّه ندباً (حتى) غاية للمجموع من الصلاة أو الدعاء (ينكشف ما بكم) بأن يحصل(1/127)
الانجلاء التام والأمر فيهما للندب وإنما أمر بالدعاء لأن النفوس عند مشاهدة الخارق تعرض عن الدنيا وتتوجه للحضرة العليا فيكون حينئذ أقرب للإجابة لا يقال هذا يدل على تكرر صلاة الكسوف إذا لم ينجل وهو غير مشروع لأنا نقول المراد مطلق الصلاة وقد يراد صلاة الكسوف وتكون الغاية لمجموع الأمرين بأن يمتد الدعاء إلى الانجلاء وفيه أنه يسن عند الكسوف الدعاء بكشفه وصلاة تخصه وأنها تسن جماعة وأن الكواكب لا أصل لها ولا تأثير استقلالاً بل بأمر اللّه تعالى.
1645 إن الشهر يكون تسعة و عشرين يوما ( صحيح )
( خ ت ) عن أنس ( ق ) عن أم سلمة ( م ) عن جابر وعائشة .
الشرح:
(إن الشهر) أي العربي الهلالي (يكون تسعة وعشرين يوماً) كما يكون ثلاثين ومن ثم لو نذر شهراً معيناً فكان تسعاً وعشرين لم يلزمه أكثر واللام في الشهر عهدية والمعهود أنه حلف لا يدخل على بعض نسائه شهراً فمضى تسع وعشرون فدخل فقيل له فقال إن الشهر أي المحلوف عليه يكون إلخ وسبب الحلف قصة مارية وتحريم العسل في قوله تعالى {يا أيها النبي لم تحرم} الآية أو أهديت له هدية فقسمها فلم ترض زينب نصيبها فزادها فلم ترض فقالت عائشة رضي اللّه تعالى عنها قد أعمت وجهك ترد عليك أو أنهن سألنه النفقة أو غير ذلك فحلف لا يدخل عليهن وجلس في مشربة له قال الخطابي: إنما لم يلزمه أكثر من ذلك لأنه كان عين الشهر وإلا فلو نذر صوم شهر بغير تعيين لزمه ثلاثون وهذا نص في الحلف على البعد من النساء 000000
1646 إن الشيخ يملك نفسه ( حسن ) ( حم طب ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن الشيخ) أي من وصل إلى حد الشيخوخة (يملك نفسه) أي يقدر على كف شهوته وقمع لذته فيصير حاكماً عليها ومن قدر على منع نفسه مما لا ينبغي فلا حرج عليه في التقبيل وهو صائم.(1/128)
1647 إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة أحال له ضراط حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس فإذا سمع الإقامة ذهب حتى لا يسمع صوته فإذا سكت رجع فوسوس( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن الشيطان) في رواية مسلم إن إبليس وهو نص صريح في أن المراد بالشيطان هنا إبليس ولا اتجاه لترديد أمير المؤمنين في الحديث: الحافظ ابن حجر بقوله المراد بالشيطان إبليس أو جنس الشيطان لأنه الشيطان الأكبر كما قاله الحافظ العراقي (إذا سمع النداء بالصلاة) أي الأذان لها (حال) قال في المصباح حال حولاً من باب قال إذا مضى ومنه قيل للعام ولو لم يمض حول لأنه سيمضي وقال الزمخشري رحمه اللّه: حال عن مكانه يحول (له) أي حالة كونه له وفي رواية حوله بحاء مهملة أي ذهب هارباً كذا في نسخة المؤلف وفي نسخ أحال بالهمزة (ضراط) حقيقي يشغل نفسه به عن سماع الأذان والجملة حال وإن لم تكن بواو اكتفاء بالضمير كما في {اهبطوا بعضكم لبعض عدو} (حتى) أي كي (لا يسمع صوته) أي صوت المؤذن بالتأذين لما اشتمل عليه من قواعد الدين وإظهار شرائع الإسلام والقول بأن المراد حتى لا يشهد للمؤذن بما سمعه إذا استشهد يوم القيامة اعترضوه (فإذا سكت) أي فرغ المؤذن من الأذان (رجع) الشيطان (فوسوس) للمصلين والوسوسة كلام خفي يلقيه في القلب وإنما يجيء عند الصلاة مع ما فيها من القرآن لأن غالبها سر ومناجاة فله تطرق على إفسادها على فاعلها وإفساد خضوعه بخلاف الأذان فإنه يرى اتفاق كل المؤذنين على الإعلام وعموم الرحمة لهم مع يأسه من رد ما أعلنوا به عليهم ويذكر عصيانه ومخالفته فلا يملك الحدث (فإذا سمع الإقامة) للصلاة (ذهب) أي وله ضراط وتركه اكتفاء بذكره فيما قبله فيشغل نفسه به لثقل الأذان والإقامة عليه (حتى لا) أي لئلا (يسمع صوته فإذا سكت) المقيم (رجع) الشيطان (فوسوس) إليهم وفيه فضل الأذان والإقامة إذ لولاه لما تأذى منهما الشيطان وحقارة الشيطان وهوائه على أهل(1/129)
الإيمان ولو ناصبوه واستعدوا له لأعيوه تعباً وأبعدوه هرباً لأنه إذا حصل له من الأذان ما ذكر وهو بلا قصد له فكيف بمن قصده واستعد له، بيد أن الأكابر لا يبالون به لعدم السلطان له عليهم فهو يروض نفسه على ضرهم فلا يقدر ويضر نفسه كالفراش بأمن النار فيلم بها فتحرقه قال أبو زرعة والظاهر أن هربه إنما يكون من أذان شرعي مستجمع للشروط واقع بمحله أريد به الإعلام بالصلاة فلا أثر لمجرد صورته وقال الغزالي: قوت الشيطان الشهوات فمن كان قلبه خالياً عنها انزجر عنه بمجرد كرم اللّه كما لو وقف عليك كلب جائع وليس عندك ما يؤكل فبمجرد أن تقول له اخسأ اندفع وإن كان عندك ذلك هجم ولم يندفع بمجرد الكلام فالشهوة إذا غلبت على القلب تدفع حقيقة الذكر إلى حواشي القلب ولم يتمكن من سوء يداه فيستقر الشيطان فيه والقلوب الخالية من الهوى والشهوات يطرقها الشيطان لا للشهوات بل لخلوها بالغفلة عن الذكر فإذا عاد إلى الذكر خنس الشيطان وإن كنت تقول الحديث ورد مطلقاً بأن الذكر والصلاة يطرد الشيطان ولم تفهم أن أكثر عمومات الشرع مخصوصة بشروط يعرفها علماء الدين فانظر لنفسك فليس الخبر كالمعاينة وتأمّل أن منتهى ذكرك صلاتك فراقب قلبك وانظر كيف يجاذبه الشيطان إلى الأسواق وحساب المعاملين وكيف يمر بك في أودية الدنيا ومهالكها حتى إنك لا تتذكر ما نسيت من فضول الدنيا إلا في صلاتك ولا يزدحم الشيطان على قلبك إلا فيها والصلاة محك القلوب وكما أن اللّه تعالى قال {ادعوني أستجب لكم} وأنت تدعو فلا يستجيب فكذا تذكر اللّه ولا يهرب الشيطان عنك لفقد الشروط في الذكر والدعاء.
1648 إن الشيطان إذا سمع النداء بالصلاة ذهب حتى يكون مكان الروحاء
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/130)
(الروحاء) بفتح الراء والمد بلد على نحو ستة وثلاثين ميلاً أو أربعين من المدينة أي يبعد الشيطان من المصلي بعد ما بين المكانين أو التقدير يكون الشيطان مثل الروحاء في الخمود والبعد ذكره الطيبي وذلك لئلا يسمع صوت المؤذن وقصد الشارع بهذا الحديث الإرشاد إلى طريق محاربة الشيطان فإن الإنسان بصدد عبادة الحق ودعوة الحق إليه بفعله والشيطان أبداً بصدد أن يناقضك ويكايدك وعليك أن تنتصب لمحاربته وقهره وإبعاده فمن أعظم ما يقهره ويبعده ويزجره الأذان وملازمة الذكر في جميع الأحيان000
1649 إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلاة علي فأمكنني الله تعالى منه فذعته و لقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول سليمان ( رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا ) . ( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/131)
(إن الشيطان) أي عدو اللّه إبليس كما جاء مصرحاً به في رواية مسلم (عرض لي) أي ظهر وبرز لي أي في صورة هرّ كما جاء في رواية أخرى (فشد) أي حمل (علي) في رواية إن عفريتاً من الجن تفلت عليّ بمروره بين يدي وإليه ذهب أحمد لأن المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم حكم بقطع الصلاة بمرور الكلب الأسود فقيل ما بال الأحمر والأبيض من الأسود قال الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن يتصورون بصورته ويحتمل كون قطعها بأن يصدر من العفريت أفعال تحوج إلى دفع منافية للصلاة فيقطعها بتلك الأفعال (ليقطع الصلاة) الليلية وأخر لفظ عليّ ليفيد أن التسليط على إرادة القطع إنما هو على ظاهر الصلاة (عليّ فأمكنني اللّه تعالى منه) أي جعلني غالباً عليه (فذعته) بذال معجمة وعين مهملة مخففة وفوقية مشددة أي خنقته خنقاً شديداً قال ابن الأثير: والذعت بذال ودال الدفع العنيف والعكر في التراب وإنكار الشافعي رضي اللّه تعالى عنه رؤية الجن محمول على رؤيتهم على صورهم الأصلية بخلاف رؤيتهم بعد التصور في صورة أخرى على أن الكلام في غير المعصوم (ولقد هممت) أي أردت (أن أوثقه) أي أقيده (إلى سارية) من سواري المسجد (حتى تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح (فتنظروا إليه) موثقاً بها وفي رواية أو تنظروا إليه على الشك (فذكرت قول) زاد في رواية أخي (سليمان) عليه السلام قال الحرالي: يقال هو من السلامة وأنه من سلامة مقدرة من تعلقه بما خوله اللّه من ملكيه {هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر} وهو واحد كمال في ملك العالم المشهور من الأركان الأربعة وما فيها من المخلوقات (رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) فاستجيب دعاؤه (فرده اللّه) أي دفعه اللّه وطرده (خاسئاً) أي صاغراً مهيناً ولم أحب أن أشارك سليمان عليه السلام في ذلك لتكون دعوتي مدخرة لأمتي وهي من خسأت الكلب فانخسأ أي زجرته فانزجر قال الحكيم: وجه خصوصية سليمان عليه الصلاة والسلام أن غيره من الحكام أمر(1/132)
أن يحكم بالظاهر بشاهدين ويمين المنكر وربما شهد زوراً وحلف كاذباً والذي سأله سليمان عليه الصلاة والسلام فأعطيه الحكم بما يصادف الحق باطناً فكان يحكم بين الوحش والطير والإنس والجن قال الإمام الرازي رحمه اللّه تعالى: والجن أجسام لطيفة فيحتمل أن تصور بصورة يمكن ربطه معها حتى يعود لما كان عليه قال الغزالي: وفي الحديث إشارة إلى أنه لا يخلو قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولان بالوسوسة.
1650 إن الشيطان قال: و عزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم فقال الرب: و عزتي و جلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني( حسن ) ( حم ع ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/133)
(إن الشيطان) لفظ رواية أحمد إن إبليس بدل الشيطان (قال وعزتك) أي وقوتك وشدتك (يا رب لا أبرح أغوي أي لا أزال أضل (عبادك) الآدميين المكلفين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأَي طريق ممكن (ما دامت أرواحهم في أجسادهم) أي مدة دوامها فيها (فقال الرب وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني) أي طلبوا مني الغفران أي الستر لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العود إلى الاسترسال مع اللعن وظاهر الخير أن غير المخلصين ناجون من الشيطان وليس في آية {لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين} ما يدل على اختصاص النجاة بهم كما وهم لأن قيد قوله تعالى {ممن اتبعك} أخرج العاصين المستغفرين إذ معناه ممن اتبعك واستمر على المتابعة ولم يرجع إلى اللّه ولم يستغفر ثم في إشعار الخبر توهين لكيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران قال حجة الإسلام: لكن إياك أن تقول إن اللّه يغفر الذنوب للعصاة فأعصى وهو غني عن عملي فإن هذه كلمة حق أريد بها باطل وصاحبها ملقب بالحماقة بنص خبر: الأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على اللّه الأماني، وقولك هذا يضاهي من يريد أن يكون فقيهاً في علوم الدين فاشتغل عنها بالبطالة وقال إنه تعالى قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما أفاضه على قلوب أنبيائه وأصفيائه بغير جهد وتعلم فمن قال ذلك ضحك عليه أرباب البصائر وكيف تطلب المعرفة من غير سعي لها واللّه يقول {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}، {وإنما تجزون ما كنتم تعملون}.
1651 إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون و لكن في التحريش بينهم
( حسن ) ( حم م ت ) عن جابر .
الشرح:(1/134)
(إن الشيطان قد يئس) في رواية أيس (أن يعبده المصلون) أي من أن يعبده المؤمنون يعني من أن تعبد الأصنام {يا أبت لا تعبد الشيطان} قال البيضاوي رحمه اللّه تعالى: عبادة الشيطان عبادة الصنم بدليل فجعل عبادة الصنم عبادته لأنه الآمر به الداعي إليه وعبر عن المؤمنين بالمصلين كما في حديث نهيت عن قتل المصلين لأن الصلاة هي الفارقة بين الإيمان والكفر وأظهر الأفعال الدالة على الإيمان فالمراد أن الشيطان أيس أن يعود أحد من المؤمنين إلى عبادة الصنم ويرتد إلى شركه في جزيرة العرب وارتداد بعض لا ينافي يأسه فلا يرد نقضاً أو لأنهم لم يعبدوا الصنم أو لأن المراد أن بين المصلين لا يحمعون بين الصلاة وعبادة الشيطان (ولكن في التحريش بينهم) خبر مبتدأ محذوف أي وهو في التحريش أو ظرف لمقدر أي يسعى في التحريش أي في إغراء بعضهم على بعض وحملهم على الفتن والحروب والشحناء قال القاضي: والتحريش الإغراء على الشيء بنوع من الخداع من حرش الضب الصياد خدعه وله من دقائق الوسواس ما لا يفهمه إلا البصراء بالمعارف الإلهية، قال بعض الأئمة: إنما خص جزيرة العرب لأنها مهبط الوحي وهو ما بين حفر أبي موسى الشعري إلى أقصى اليمن طولاً وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة موضع بالبادية من طريق الشام عرضاً وسميت جزيرة لأن البحار والأنهار اكتنفتها من أكثر الجهات كبحر البصرة وعمان وعدن وبحر الشام والنيل ودجلة والفرات قال أهل الهيئة: جملة ولاية العرب وأحيائهم من الحجاز واليمن والطائف وغيرها وبواديهم واقعة بين الضلع الغربي من بحر فارس والشرقي من بحر القلزم فلهذا تسمى العمارة الواقعة بينهما جزيرة العرب وقال الطيبي: لعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أخبر بما يكون بعده من التحريش الواقع بين صحبه أيس أن يعبد فيها لكن طمع في التحريش وكان كما أخبر فكان معجزة والتحريش الإغراء على الشيء كما مر من حرش الصياد أي يخدعهم ويغري بعضهم على بعض لما ذكر(1/135)
العبادة أولا سماهم المصلين تعظيماً لهم ولما ذكر الفتنة أخرجه مخرج التحريش وهو الإغراء بين البهائم توهيناً وتحقيراً لهم 000
1652 إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال: تسلم و تذر دينك و دين آبائك و آباء آبائك ؟ فعصاه فأسلم ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: تهاجر و تدع أرضك و سماءك و إنما مثل المهاجر كمثل الفرس في الطول ! فعصاه فهاجر ثم قعد له بطريق الجهاد فقال: تجاهد فهو جهد النفس و المال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة و يقسم المال ؟ فعصاه فجاهد فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يدخله الجنة و من قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة و إن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة و إن وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة( صحيح )
( حم ن حب ) عن سبرة بن أبي فاكه .
1653 إن الشيطان ليستحل الطعام الذي لم يذكر اسم الله عليه و إنه لما جاء بهذا الأعرابي ليستحل به فأخذت بيده و جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها فوالذي نفسي بيده أن يده في يدي مع أيديهما( صحيح )
( حم م د ن ) عن حذيفة .
1654 إن الشيطان ليفرق منك يا عمر(صحيح )( حم ت حب ) عن بريدة .
1655 إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته فيلبس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد سجدتين و هو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم
( صحيح ) ( ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/136)
(إن الشيطان يأتي أحدكم في صلاته) أي وهو فيها (فيلبس) بتخفيف الباء الموحدة المكسورة أي يخلط (عليه حتى لا يدري) أي يعلم (كم صلى) من الركعات (فإذا وجد ذلك أحدكم فليسجد) للسهو ندباً عند الشافعي ووجوباً عند أبي حنيفة وأحمد (سجدتين) فقط وإن تعدد السهو (هو جالس قبل أن يسلم ثم يسلم) من الصلاة وبعد أن يتشهد سواء كان سهوه بزيادة أو نقص وهذا كما ترى نص صريح شاهد للشافعي في ذهابه إلى أن محل سجود السهو قيل السلام ورد على أبي حنيفة في جعله بعده مطلقاً ومالك رضي اللّه تعالى عنه في قوله للزيادة يكون بعده وللنقص قبله وفيه أن سجود السهو سجدتان فقط وهو إجماع، وأما الخبر الآتي كل سهو سجدتان بعد ما يسلم فضعيف لا يقاوم هذا الحديث الصحيح.
1656 إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلق السماء ؟ فيقول: الله فيقول من خلق الأرض ؟ فيقول: الله فيقول: من خلق الله ؟ ! فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل: آمنت بالله و رسوله( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول) موسوساً مستدرجاً من رتبة إلى رتبة ليوقع المكلف في الشك في اللّه تعالى (من خلق السماء؟ فيقول اللّه فيقول من خلق الأرض؟ فيقول اللّه فيقول من خلق اللّه؟) رواية البخاري من خلق ربك (فإذا وجد ذلك أحدكم) في نفسه (فليقل) بقلبه ولسانه راداً على الشيطان (آمنت باللّه ورسوله) فإذا لجأ الإنسان إلى اللّه في دفعه اندفع بخلاف ما لو اعترض إنسان بذلك فإنه يمكن قطعه بالبرهان والفرق أن الآدمي يقع منه سؤال وجواب والحال معه محصور بخلاف الشيطان كلما ألزم حجة زاغ لغيرها 00000
1657 إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول: من خلقك ؟ فيقول: الله فيقول: فمن خلق الله ؟ فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل: آمنت بالله و رسله فإن ذلك يذهب عنه
( صحيح ) ( ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ) عن عائشة .
الشرح:(1/137)
(إن الشيطان يأتي أحدكم) أيها المخاطبون بأي صفة كنتم (فيقول من خلقك فيقول اللّه فيقول فمن خلق اللّه فإذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت باللّه ورسوله) أي قل أخالف عدو اللّه المعاند وأومن باللّه وبما جاء به رسوله (فإن ذلك يذهب عنه) لأن الشبهة منها ما يندفع بالإعراض عنها ومنها ما يندفع بقلعه من أصله يتطلب البراهين والنظر في الأدلة مع إمداد الحق بالمعرفة والوسوسة لا تعطي ثبوت الخواطر واستقرارها فلذا أحالهم على الإعراض عنها قال الغزالي من مكايد الشيطان حمل العوام ومن لم يمارس العلم ولم يتبحر فيه على التفكر في ذات اللّه وصفاته في أمور لا يبلغها حد عقله حتى يشككه في أمر الدين أو يخيل إليه في اللّه خيالاً يتعالى اللّه عنه فيصير به كافراً أو مبتدعاً وهو به فرح مسرور متبجح بما وقع في صدره يظن أن ذلك هو المعرفة والبصيرة وأنه انكشف له ذلك بذكائه وزيادة عقله وأشد الناس حمقاً أقواهم اعتقاداً في عقل نفسه وأثقب الناس عقلاً أشدهم اتهاماً لنفسه وظنه وأحرصهم على السؤال من العلماء والنبي لم يأمره في علاج هذا الوسواس بالبحث فإن هذا وسواس يجده العوام دون العلماء وإنما حق العوام أن يؤمنوا ويسلموا ويشتغلوا بعبادتهم ومعاشهم ويتركوا العلم للعلماء فإن العامي إذا زنى أو سرق خير له من أن يتكلم في العلم باللّه بغير إتقان وإلا وقع في الكفر من حيث لا يدري كمن يركب لجة البحر ولا يعرف السباحة، ومكايد الشيطان فيما يتعلق بالعقائد والمذاهب لا تحصر.
1658 إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم( صحيح )
( حم ق د ) عن أنس ( ق د ه ) عن صفية .
الشرح:(1/138)
(إن الشيطان) أي كيده (يجري من ابن آدم) أي فيه (مجرى الدم) في العروق المشتملة على جميع البدن قال القاضي: وهذا إمّا مصدر أي يجري مثل جريان الدم في أنه لا يحس بجريه كالدم في الأعضاء ووجهه الشبه شدة الاتصال فهو كناية عن تمكنه من الوسوسة أو ظرف ليجري ومن الإنسان حال منه أن يجري مجرى الدم كائناً من الإنسان أو بدل بعض من الإنسان أي يجري في الإنسان حيث يجري فيه الدم انتهى000 وفيه دليل على أن الاجتهاد في نفي التهمة واجب وجوب إنفاء التهمة الذنوب في مواقعها ووجود الشياطين وهم مردة الجن وقد نطق القرآن العظيم به وإنما خالف فيه الفلاسفة الضالون ومن اقتفى فيه أثرهم كالمعتزلة.
1659 إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه حتى يحضره عند طعامه فإذا سقطت من أحدكم اللقمة فليمط ما كان بها من أذى ثم ليأكلها و لا يدعها للشيطان فإذا فرغ فليلعق أصابعه فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
الشرح:(1/139)
(إن الشيطان يحضر أحدكم عند كل شيء من شأنه) أي من أمره الخاص به أو المشارك فيه غيره فإنه بصدد أن يغايظ الإنسان المؤمن ويكايده ويناقضه حتى يفسد عليه شأنه في كل أموره قال ابن العربي: لا يخلو أحد من الخلق عن الشيطان وهو موكل بالإنسان يداخله في أمره كله ظاهراً وباطناً عبادة وعادة ليكون له منه نصيب (حتى يحضره عند طعامه) أي عند أكله للطعام وشربه للشراب (فإذا سقطت) أي وقعت (من أحدكم اللقمة) حال الأكل (فليمط ما كان بها من أذى) أي فليزل ما عليها من تراب أو غيره، والإماطة التنحية. قال في الصحاح: إماطه نحاه ومنه إماطة الأذى عن الطريق (ثم ليأكلها) ندباً أو يطعمها غيره (ولا يدعها للشيطان) أي لا يتركها له (فأذا فرغ ) من الأكل (فليلعق أصابعه) أي يلحسها قال في الصحاح: لعق الشيء لحسه وبابه فهم والملعقة بالكسر واحدة الملاعق واللعقة بالضم اسم ما تأخذه الملعقة واللعقة بالفتح المرة الواحدة واللعوق اسم ما يلعق اهـ وزاد في روايات أو يلعقها غيره ممن لا يتقذر ذلك (فإنه لا يدري في أي طعامه تكون البركة) أفي الساقط أم في ما في القصعة أم في ما على الأصابع؟ قال المحقق أبو زرعة الظاهر أن المراد هنا وفيما مر ويجيء بالشيطان الجنس فلا يختص بواحد من الشياطين والشيطان كل عات متمرد، وهبه من الجن والإنس والدواب لكن المراد هنا شياطين الجن خاصة ويحتمل اختصاصه بالشيطان الأكبر إبليس وفيه الكبر وتغيير عادة الأكابر، إماطة الأذى عن المأكول والمشروب وإرغام الشيطان بلعق الأصابع، وأكل المتناثر وإطابة المطاعم حساً ومعنى.
1660 إن الصالحين يشدد عليهم و إنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت عنه بها خطيئة و رفع له بها درجة ( صحيح )
( حم حب ك هب ) عن عائشة .
الشرح:(1/140)
(إن الصالحين) جمع صالح وهو القائم بحقوق اللّه وحقوق خلقه وقول القاضي البيضاوي هو الذي صرف عمره في طاعة اللّه وماله في مرضاته ليس على ما ينبغي لاقتضائه أنه من صرف صدراً من عمره في عمل المعاصي ثم تاب توبة صحيحة وسلك طريق السلوك وقام بحق خدمة ملك الملوك لا يسمى صالحاً ومن البين أنه في حيز السقوط (يشدد عليهم) بالبناء للمفعول أي يشدد اللّه عليهم ويبتليهم ليرفع درجتهم لما مر غير مرة أن أشد الناس بلاء الأمثل فالأمثل (وإنه) أي الشأن (لا يصيب مؤمناً نكبة) أي مصيبة كما في المصباح (من شوكة فما فوقها إلا حطت عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة) أي منزلة عالية في الجنة وقد تقدم أنه لا بدع في كون الشيء الواحد حاطاً ورافعاً قال الطيبي: والصلاح استقامة الشيء على حالة كماله كما أن الفساد ضده ولا يحصل الصلاح الحقيقي إلا في الآخرة لأن الأحوال العاجلة وإن وصفت بالصلاح لا تخلو من شوب فساد وخلل والاستقامة التامة لا تكون إلا لمن فاز بالقدح المعلى.
1661 إن الصبر عند الصدمة الأولى ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن أنس .
الشرح:
(إن الصبر) أي المحمود صاحبه أو الكامل ما كان (عند الصدمة الأولى) أي الوارد على القلب غب المصيبة إذ لفجأتها روعة تزعج القلب بصدمتها فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها وضعفت قوتها فهان عليه استدامة الصبر وأما إذا أوردت بعد طول الأمل فقد توطن عليها ويطبعها ويصير صبره كالاضطراري فمعنى الخبر كما قال أبو عبيد إن كل ذي رزية قصاراه الصبر لكن إنما يحمد على صبره عند حدة المصيبة وحرارتها والصبر حبس النفس على مقتضى الشرع وهو لفظ عام ربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فحبس النفس لمصيبته يسمى صبراً لا غير ويقابله الجزع وحبسها في محاربة تسمى شجاعة ويقابله الجبن في إمساك عن كلام يسمى صمتاً وكتماناً ويقابله القلق وهكذا.(1/141)
1662 إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي بها سبعين عاما ما تفضي إلى قرارها ( صحيح ) ( ت ) عتبة بن غزوان .
الشرح:
(إن الصخرة) بسكون الحاء وفتحها الحجر العظيم كما يفيده قول الصحاح وغيره الصخر الحجارة العظام والواحدة صخرة بسكون الخاء وفتحها اهـ فقوله العظيمة صفة كاشفة (لتلقى من شفير جهنم) أي حرفها وساحلها وشفير كل شيء حرفه ومنه شفر النفس الفرج كما في المصباح وشفير النهر والبئر والقبر كما في الأساس (فتهوي بها) وفي نسخة فيها والأول هو ما في خط المصنف (سبعين عاماً) وفي نسخة خريفاً والأول هو الأثبت في خط المصنف (ما تفضي إلى قرارها) أي ما تصل إلى قعرها أراد وصف عمقها لأنه لا يكاد يتناهى فالسبعين للتكثير لا للتحديد جرياً على عادتهم في تخاطبهم من إرادة مجرد التكثير لا خصوص العدد.
1663 إن الصدقة لا تحل لنا و إن مولى القوم منهم ( صحيح )
( ت ن ك ) عن أبي رافع .
الشرح:
(إن الصدقة) أي المفروضة وهي الزكاة كما يدل عليه تعريفها (لا تحل لنا) أهل البيت لأنها طهرة وغسول تعافها أهل الرتب العلية والمقامات الرفيعة السنية (وإن مولى القوم) أي عتيقهم والمولى أيضاً الناصر والحليف والمعتق وغير ذلك لكن المراد هنا الأول (منهم) أي حكمه حكمهم وكما لا تحل الزكاة لنا لا تحل لمعتقنا قال في المظهر هذا ظاهر الحديث لكن قال الخطابي موالي بني هاشم لا حظ لهم في سهم ذي القربى فلا يحرمون الصدقة وإنما نهى عن ذلك تنزيهاً لهم وقال مولى القوم منهم على سبيل التسبيه في الاستنان منهم والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس فكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يكفيه مؤونته فنهاه عن أخذ الزكاة.
1664 إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد و إنما هي أوساخ الناس ( صحيح ) ( حم م ) عن عبدالمطلب بن ربيعة .
الشرح:(1/142)
(إن الصدقة) عرفها باللام العهدية لتفيد أن المراد الصدقة المعهودة وهي الفرض (لا تنبغي) أي لا تستقيم ولا تحسن ولفظ ينبغي في استعمالهم صالحة للندب وللوجوب ولا ينبغي للكراهة والتحريم فتارة يريدون به هذا وأخرى هذا والقرينة محكمة وهو هنا للتحريم (لآل محمد) أي محمد وآله وهم مؤمنو بني هاشم والمطلب وإطلاق الآل على الإنسان وآله شائع سائغ ونبه على أن علة التحريم الكرامة بقوله (إنما هي أوساخ الناس) أي أدناسهم وأقذارهم لأنها تطهر أدرانهم وتزكي أموالهم ونفوسهم {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فهي كغسالة الأوساخ فهي محرمة عليهم بعمل أو غيره حتى من بعضهم لبعض ومن زعم استثناءه فقد أبعد ومستنده خبر مرسل ضعيف وقد سأل بعض الآل عمر أو غيره جملاً من
الصدقة فقال أتحب أن رجلاً بادنا في يوم حار غسل ما تحت رفغيه فشربته فغضب وقال أتقول لي هذا قال إنما هي أوساخ الناس
يغسلونها 0000
1665 إن الصدق ليهدي إلى البر و إن البر يهدي إلى الجنة و إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا و إن الكذب يهدي إلى الفجور و إن الفجور يهدي إلى النار و إن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا
( صحيح ) ( ق ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/143)
(إن الصدق) الذي هو الإخبار على وفق الواقع وقال الحرالي: مطابقة أقواله وأفعاله لباطن حاله في نفسه وعرفان قلبه (يهدي) بفتح أوله أي يوصل صاحبه (إلى البر) بالكسر اسم يجمع الخير كله وقيل هو التوسع في الخير وقيل اكتساب الحسنات واجتناب السيئات (وإن البر يهدي) بفتح أوله أي يوصل صاحبه (إلى الجنة) يعني أن الصدق الذي يدعو إلى ما يكون براً مثله وذلك يدعو إلى دخول الجنة فهو سبب دخولها ومصداقه {إن الأبرار لفي نعيم} (وإن الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان المؤمن (ليصدق) أي يلازم الصدق (حتى يكتب عند اللّه صديقاً) بكسر فتشديد للمبالغة والمراد يتكرر منه الصدق ويداوم عليه حتى يستحق اسم المبالغة فيه ويشتهر بذلك عند الملأ الأعلى قولاً وفعلاً واعتقاداً ثم يوضع له ذلك في قلوب أهل الأرض كما في رواية فالمراد بالكتابة الكتابة في اللوح أو في صحف الملائكة. قال الطيبي: حتى للتدريج (وإن الكذب) أي الإخبار بخلاف الواقع (يهدي إلى الفجور) الذي هو هتك ستر الديانة والميل إلى الفساد والانبعاث في المعاصي وهو اسم جامع لكل شر (وإن الفجور يهدي إلى النار) أي يوصل إلى ما يكون سبباً لدخولها وذلك داع لدخولها (وإن الرجل ليكذب) أي يكثر الكذب (حتى يكتب عند اللّه كذاباً) بالتشديد صيغة مبالغة أي يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم في الأولى أو الكذابين وعقابهم في الثاني فالمراد إظهاره لخلقه بالكتابة فيما ذكر ليشتهر في الملأ الأعلى وتلقى في قلوب أهل الأرض كما تقرر ويوضع على ألسنتهم كما يوضع القبول والبغضاء في الأرض ذكره العلاء وغيره0000000
1666 إن الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء و لو إلى عشر حجج فإذا وجدت الماء فأمسه بشرتك( صحيح ) ( حم د ت ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/144)
(إن الصعيد الطيب) أي التراب الخالص الطاهر (طهور) بفتح الطاء أي مطهر أي كاف في التطهير (للمرء المسلم) واحتج به داود على مذهبه أن التيمم يرفع الحدث وقال الباقون المراد به أنه قائم مقام الطهور في إباحة الصلاة ولو كان طهوراً حقيقة لم يحتج الجنب بعد التيمم أن يغتسل (ما لم يجد الماء) بلا مانع حسي أو شرعي (ولو إلى عشر حجج) أي سنين، قاله لمن يعزب عن الماء ومعه أهله فيجنب (فإذا وجدت الماء) بلا مانع (فأمسه) 000 وفي رواية فأصبه (بشرتك) أي أوصله إليها وأسله عليها في الطهارة من وضوء أو غسل وفي رواية الترمذي فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك خير فأفاد أن التيمم ينقضه رؤية الماء إذا قدر على استعماله لأن القدرة هي المرادة بالوجود الذي هو غاية الطهور بالتراب والمراد بالصعيد في هذا الحديث وما أشبهه تراب له غبار فلا يجزىء التيمم بغيره عند الشافعية لخبر جعلت لي الأرض مسجداً وترابها طهوراً ولم يشترط الحنفية الغبار بل أجازوا الضرب على الصخر.
1667 إن الصعيد الطيب وضوء المسلم و إن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فإن ذلك هو خير( صحيح )
( حم ت حب ك ) عن أبي ذر .
1668 إن الصلوات الخمس يذهبن بالذنوب كما يذهب الماء الدرن
( صحيح ) ( محمد بن نصر ) عن عثمان .
1669 إن الظلم ظلمات يوم القيامة ( صحيح ) ( ق ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/145)
(إن الظلم) في الدنيا (ظلمات) بضم اللام وتفتح وتسكن وجمعها لكثرة أسبابها (يوم القيامة) حقيقة بحيث لا يهتدي صاحبه يوم القيامة بسبب ظلمه في الدنيا وأن المؤمن يسعى بنوره المسبب عن إيمانه في الدنيا أو مجازاً عما يناله في عرصاتها من الشدائد والكروب أو هو عبارة عن الأنكال والعقوبات بعد دخول النار ويدل على الأول قول المنافقين للمؤمنين{انظرونا نقتبس من نوركم} ووحد المبتدأ وجمع الخبر إيماء إلى تنوع الظلم وتكثر ضروبه كما سبق، ثم هذا تحذير من وخامة عاقبة الظلم لكل من ظلم غيره أو نفسه بذنب يقترفه وقد تطابقت الملل والنحل على تقيبح الظلم ، ومن أحسن ما قيل:
إذا ظالم استحسن الظلم مذهباً * ولج عتواً في قبيح اكتسابه
فكله إلى ريب الزمان فإنه * ستبدي له ما لم يكن في حسابه
فكم قد رأينا ظالماً متجبراً * يرى النجم تيهاً تحت ظل ركابه
فلما تمادى واستطال بظلمه * أناخت صروف الحادثات ببابه
وعوقب بالظلم الذي كان يقتفي * وصب عليه اللّه سوط عذابه
ويكفي في ذمه {وقد خاب من حمل ظلماً}.
1670 إن العبد إذا أخطاء خطيئة نكتت في قلبه نكته سوداء فإن هو نزع و استغفر و تاب صقل قلبه و إن عاد زيد فيها حتى تعلو على قلبه و هو الران الذي ذكر الله تعالى ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون . ( حسن )
( حم ت ن ه حب ك هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/146)
(إن العبد) في رواية إن المؤمن (إذا أخطأ خطيئة) في رواية أذنب ذنباً (نكتت) بنون مضمومة وكاف مكسورة ومثناة فوقية مفتوحة (في قلبه) لأن القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب أصبع ثم يطبع عليه (نكتة) أي أثر قليل كنقطة (سوداء) في صقيل كمرآة وسيف وأصل النكتة نقطة بياض في سواد وعكسه قال الحرالي: وفي إشعاره إعلام بأن الجزاء لا يتأخر عن الذنب وإنما يخفى لوقوعه في الباطن وتأخره عن معرفة ظهوره في الظاهر (فإن هو نزع) أي قلع عنه وتركه (واستغفر اللّه وتاب) إليه توبة صحيحة ونص على الإقلاع والاستغفار مع دخولهما في مسمى التوبة إذ هما من أركانهما اهتماماً بشأنهما (صقل) وفي نسخة سقل بسين مهملة أي رفع اللّه تلك النكتة فينجلي (قلبه) بنوره كشمس خرجت عن كسوفها فتجلت (وإن عاد) إلى ذلك الذنب أو غيره (زيد) بالبناء للمفعول (فيها) نكتة أخرى وهكذا (حتى تعلو على قلبه) أي تغطيه وتغمره وتستر سائره كمرآة علاها الصدأ فستر سائرها وتصير كمنخل وغربال لا يعي خيراً ولا يثبت فيه خير ومن ثم قال بعض السلف المعاصي بريد الكفر أي رسوله باعتبار أنها إذا أورثت القلب هذا السواد وعمته يصير لا يقبل خيراً قط فيقسو ويخرج منه كل رأفة ورحمة وخوف فيرتكب ما شاء ويفعل ما أراد ويتخذ الشيطان ولياً من دون اللّه فيضله ويغويه ويعده ويمنيه ولا يقنع منه بدون الكفر ما وجد إليه سبيلاً {ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون اللّه فقد خسر خسراناً مبيناً} (وهو الران) أي الطبع (الذي ذكره اللّه) تعالى في كتابه بقوله عز قائلاً (كلا بل ران) أي غلب واستولى (على قلوبهم) الصدأ والدنس (ما كانوا يكسبون) من الذنوب قال القاضي: المعنى بالقصد الأول في التكليف بالعمل الظاهر والأمر بتحسينه والنهي عن قبيحه هو ما تكتسب النفس منه من الأخلاق الفاضلة والهيئات الذميمة فمن أذنب ذنباً أثر ذلك في نفسه وأورث لها كدورة فإن تحقق قبحه وتاب عنه زال الأثر وصارت النفس صقيلة صافية وإن(1/147)
انهمك وأصر زاد الأثر وفشي في النفس واستعلى عليها فصار طبعاً وهو الران، وأدخل التعريف على الفعل لما قصد به حكاية اللفظ فأجرى مجرى النفس وشبه ثائر النفس باقتراف الذنوب بالنكتة السوداء من حيث كونهما يضادان الجلاء والصفاء وأنث الضمير الذي في كانت العائد لما دل عليه أذنب لتأنيثها على تأول السيئة. إلى هنا كلامه، قال الطيبي: وروي نكتة بالرفع على أن كان تامة فلا بد من الراجع أي حدث نكتة منه أي من الذنب قال المظهري: وهذه الآية نازلة في حق الكفار لكن ذكرها في الحديث تخويفاً للمؤمنين ليحترزوا عن كثرة الذنوب لأن المؤمن لا يكفر بكثرتها لكن يسود قلبه بها فيشبه الكفار في اسوداده فقط وقال الحكيم: الجوارح مع القلب كالسواقي تصب في بركة وهي توصل إلى القلب ما يجري فيها فإن أجري فيها ماء الطاعة وصل إلى القلب فصفا، أو ماء المعصية كدر وأسود فلا يسلم القلب إلا بكف الجوارح وأعظمها غض البصر عما حرم وقال الغزالي: القلب كالمرآة ومنه الآثار المذمومة كدخان مظلم يتصاعد إلى مرآة القلب فلا يزال يتراكم عليه مرة بعد أخرى حتى يسود ويظلم ويصير محجوباً عن اللّه تعالى وهو الطبع والرين ومهما تراكمت الذنوب طبع على القلب وعند ذلك يعمى عن إدراك الحق وصلاح الدين ويستهين بالآخرة ويستعظم أمر الدنيا ويهتم بها وإذا قرع سمعه أمر الآخرة وأخطارها دخل من أذن وخرج من أخرى ولم يستقر في القلب ولم يحركه إلى التوبة {أولئك يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور} (تنبيه) قيل لحكيم: لم لا تعظ فلاناً قال ذاك على قلبه قفل ضاع مفتاحه فلا سبيل لمعالجة فتحه (فائدة) قال حجة الإسلام: لا يذنب العبد ذنباً إلا ويسود وجه قلبه فإن كان من السعداء ظهر السواد على ظاهره لينزجر وإلا أخفى عنه لينهمك ويستوجب النار.
1671 إن العبد إذا قام يصلي أتي بذنوبه كلها فوضعت على رأسه و عاتقيه فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه( صحيح)( طب حل هق) عن ابن عمر .(1/148)
الشرح:
(إن العبد) أي الإنسان المؤمن (إذا قام يصلي) فرضاً أو نفلاً (أتي) بالبناء للمفعول أي جاءه الملك أو من شاء اللّه من خلقه بأمره (بذنوبه كلها) ظاهره يشمل الكبائر وقياس ما يجئ في نظائره استثناؤها (فوضعت على رأسه وعاتقيه) تثنية عاتق وهو ما بين المنكب والعنق وهو محل الرداء ويذكر ويؤنث ثم يحتمل أن الموضوع الصحف التي هي فيها ويحتمل أن تجسد ويحتمل أنه مجاز على التشبيه (فكلما ركع أو سجد تساقطت عنه) حتى لا يبقى عليه ذنب وذكر الركوع والسجود ليس للاختصاص بل تحقيقاً لوجه التشبيه فإن من وضع شيء على رأسه لا يستقر إلا ما دام منتصباً فإذا انحنى تساقط فالمراد أنه كلما أتم ركناً من الصلاة سقط عنه ركن من الذنوب حتى إذا أتمها تكامل السقوط وهذا في صلاة متوفرة الشروط والأركان والخشوع كما يؤذن به لفظ العبد والقيام إذ هو إشارة إلى أنه قام بين يدي ملك الملوك مقام عبد حقير ذليل ومن لم يكن كذلك فصلاته التي هي أعظم الطاعات أعظم إبعاداً له عن اللّه من الكبائر.
1672 إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبوابها دونها ثم تأخذ يمينا و شمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فإن كان لذلك أهلا و إلا رجعت إلى قائلها
( حسن ) ( د ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/149)
(إن العبد إذا لعن شيئاً) آدميا أو غيره بأن دعى عليه بالطرد والبعد عن رحمة اللّه تعالى (صعدت) بفتح فكسر (اللعنة إلى السماء) لتدخلها (فتغلق أبواب السماء دونها) لأنها لا تفتح إلا لعمل صالح {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه} (ثم تهبط) أي تنزل (إلى الأرض) لتصل إلى سجين (فتغلق أبوابها دونها) أي تمنع من النزول (ثم تأخذ يميناً وشمالاً) أي تتحير فلا تدري أين تذهب (فإذا لم تجد مساغاً) أي مسلكاً وسبيلاً تنتهي إليه لمحل تستقر فيه (رجعت إلى الذي لعن) بالبناء للمفعول بضبط المصنف (فإن كان لذلك) أي اللعنة (أهلاً) رجعت إليه فصار مطروداً مبعوداً فإن لم يكن أهلاً لها (رجعت) بإذن ربها (إلى قائلها) لأن اللعن طرد عن رحمة اللّه فمن طرد ما هو أهل لرحمته عن رحمته فهو بالطرد والإبعاد عنها أحق وأجدر، ومحصول الحديث التحذير من لعن من لا يستوجب اللعنة والوعيد عليه بأن يرجع اللعن إليه {إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار}.
1673 إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته: أنا قيدت عبدي بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له و إن أعافه فحينئذ يقعد لا ذنب له( حسن )
( ك ) عن أبي أمامة .
1674 إن العبد إذا نصح لسيده و أحسن عبادة ربه كان له أجره مرتين
( صحيح ) ( مالك حم ق د ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/150)
(إن العبد) أي القن (إذا نصح لسيده) أي قام بمصالحه عن وجه الخلوص وامتثل أمره وتجنب نهيه ويقال نصحته ونصحت له قال الطيبي: واللام مزيدة للمبالغة. قال الكرماني: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح وهي إرادة صلاح حاله وتخليصه من الخلل وتصفية الغش (وأحسن عبادة ربه) المتوجهة عليه بأن أقامها بشروطها وواجباتها وما يمكنه من مندوباتها بأن لم يفوت حق السيد (كان له أجره مرتين) لقيامه بالحقير وانكساره بالرق قال البعض وليس الأجران متساويين لأن طاعة اللّه أوجب من طاعة المخلوق ورده أبو زرعة بأن طاعة المخلوق هنا من طاعة اللّه ثم التضعيف يختص بالعمل الذي يتحد فيه طاعة اللّه وطاعة السيد فيعمل عملاً واحداً يؤجر عليه باعتبارين أما العمل المختلف الجهة فلا يختص العبد بتضعيف الأجر فيه على الحر فالمراد ترجيح العبد المؤدي للحقين على العبد المؤدي لأجرهما.
1675 إن العبد إذا وضع في قبره و تولى عنه أصحابه حتى أنه يسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ لمحمد فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله و رسوله فيقال: انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا من الجنة فيراهما جميعا و يفسح له في قبره سبعون ذراعا و يملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون ; و أما الكافر أو المنافق فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له: لا دريت و لا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه ( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن أنس .
الشرح:(1/151)
(إن العبد) المؤمن المخلص (إذا وضع في قبره) بالبناء للمفعول (وتولى عنه) أي أعرض (أصحابه) المشيعون له من أهله وأصدقائه (حتى إنه) بكسر همزة إن لوقوعها بعد حتى الابتدائية (يسمع قرع نعالهم) أي صوتها عند الرؤوس قال القاضي: يعني لو كان حياً فإن جسده قبل أن يأتيه الملك فيقعده ميت لا حس فيه انتهى وسيجيء ما ينازع فيه قال الطيبي: وقوله (أتاه) جواب الشرط والجملة خبر إن وقوله وإنه يسمع قرع نعالهم إما حال بحذف الواو أو كأحد الوجهين في قوله تعالى {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا} الآية (ملكان) بفتح اللام منكر ونكير بفتح كاف الأول وكلاهما ضد المعروف سميا به لأنهما لا يشبه خلقهما خلق آدمي ولا ملك ولا غيرهما وهما أسودان أزرقان جعلهما اللّه نكرة للمؤمن ليبصره ويثبته وعذاباً على غيره (فيعقدانه) حقيقة بأن يوسع اللحد حتى يجلس فيه زاد في رواية فتعاد روحه في جسده وظاهره في كله ونقله المصنف في أرجوزته عن الجمهور لكن قال ابن حجر: ظاهر الخبر في النصف الأعلى وجمع بأن مقرها في النصف الأعلى ولها اتصال بباقيه وقيل وجزم به القاضي والمراد بالإقعاد التنبيه والإيقاظ عما هو عليه بإعادة الروح فيه أجرى الإقعاد مجرى الإجلاس وقد يقال أجلسه من نومه إذا أيقظه والحديث ورد بهما والظاهر أن لفظ الرسول فيجلسانه وبعض الرواة أبدله بيقعدانه فإن الفصحاء يستعملون الإقعاد إذا كان من قيام والإجلاس إذا كان من اضطجاع وهو في ذلك تابع للأثر حيث قال عقب قوله يقعدانه وفي حديث البراء فيجلسانه وهو أولى بالاختيار لأن الفصحاء إنما يستعملون القعود في مقابلة القيام فيقولون القيام والقعود ولا تسمعهم يقولون القيام والجلوس يقال قعد عن قيامه وجلس عن مضجعه واستلقائه وحكى أن نصر بن جميل دخل على المأمون فسلم فقال له اجلس فقال يا أمير المؤمنين لست بمضطجع فأجلس فقال كيف أقول قال اقعد فالمختار من الروايتين الإجلاس لموافقته لدقيق المعنى وتصحيح الكلام(1/152)
وهو الأجدر ببلاغة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ولعل من روى فيقعدانه ظن أن اللفظين بمعنى ولهذا أنكروا رواية الحديث بالمعنى خشية أن يزل في الألفاظ المشتركة فيذهب عن المعنى المراد ورده الطيبي بأن الأقرب الترادف وأن استعمال القعود مع القيام والجلوس مع الاضطجاع مناسبة لفظية ونحن نقول به إذا كانا مذكورين معاً نحو {الذين يذكرون اللّه قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم} لا إذا لم يكن أحدهما مذكوراً، ألا ترى إلى حديث مجيء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد قوله إذ طلع علينا ولا خفاء أنه عليه الصلاة والسلام لم يضطجع بعد الطلوع عليهم وكذا لم يرد في نص الحديث الاضطجاع ليوجب أن يذكر معه الجلوس (فيقولان له) الظاهر أن أحدهما يقول لحصول الاكتفاء به لكن لما كان كل منهما بصدد القول نسب إليهما جميعاً (ما كنت) في حياتك (تقول) أي أيّ شيء تقوله (في هذا الرجل لمحمد) أي في محمد صلى اللّه عليه وسلم وقال الطيبي قوله لمحمد بيان من الراوي للرجل أي لأجل محمد ولم يقولا رسول اللّه أو النبي امتحاناً له واغراباً على المسؤول لئلا يتلقى تعظيمه منهما فيقول تقليداً لا اعتقاداً وفهم بعض من لفظ الإشارة أنه يكشف له عن النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى يراه عياناً فيقال ما تقول في هذا وأبطله ابن جماعة بأن الإشارة تطلق في كلامهم على الحاضر والغائب كما يقول المرء لصاحبه ما تقول في هذا السلطان وهما لم يرياه (فأما المؤمن) أي الذي قبض على الإيمان (فيقول) بعزم وجزم من غير تلعثم ولا توقف (أشهد أنه عبد اللّه ورسوله) إلى كافة الثقلين (فيقال) أي فيقول له الملكان المذكوران أو غيرهما (انظر إلى مقعدك من النار) أبي داود فيقال له هذا بيتك كان في النار ولكن اللّه عصمك ورحمك (قد أبدلك اللّه به مقعداً من الجنة) أي محل قعودك فيها (فيراهما جميعاً) أي يرى مقعده من النار ومقعده من الجنة فيزداد فرحاً إلى فرح ويعرف نعمة اللّه عليه(1/153)
بتخليصه من النار وإدخاله الجنة وأما الكافر فيزداد غماً إلى غم وحسرة إلى حسرة بتفويت الجنة وحصول النار له (ويفسح له في قبره) أي يوسع له فيه (سبعون ذراعاً) يعني شيئاً كثيراً جداً فالسبعين للتكثير لا للتحديد كما في نظائره (ويملأ عليه خضراً) أي ريحاناً ونحوه ويستمر كذلك (إلى يوم يبعثون) من القبور (وأما الكافر) أي المعلن بكفره (أو المنافق) الذي أظهر الإسلام وأبطن الكفر وهذا شك من الراوي أو بمعنى الواو قال ابن حجر: والروايات كلها مجمعة على أن كلاً منهما يسأل انتهى وفيه رد لقول ابن عبد البر لا يسأل الكافر لكن رجحه المصنف في أرجوزته قيل والسؤال من خصائص هذه الأمة وقيل لا وقيل بالوقف وقيل والمؤمن يسأل سبعاً والمنافق أربعين صباحاً (فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت) بفتح الراء (ولا تليت) من الدراية والتلاوة أصله تلوت أبدلت الواو ياء لمزاوجة دريت ومجموع ذلك دعاء عليه أي لا كنت دارياً ولا تالياً أو أخبار له أي لا علمت بنفسك بالاستدلال ولا اتبعت العلماء بالتقليد فيما يقولون ذكره ابن بطال وغيره وقال الخطابي: هكذا يرويه المحدثون وهو غلط وصوابه أتليت بوزن أفعلت من قولك أي ما أتلوته أي ما استطعته (ثم يضرب) بالبناء للمجهول يعني يضربه الملكان اللذان يليان فتنته (بمطراق) في رواية بمطرقة بكسر الميم أي بمرزبة كما عبر بها في سنن أبي داود (من حديد) ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من يليه) ظاهره الملكان فقط وليس مراداً بقرينة قوله (غير الثقلين) الجن والإنس وبقرينة خبر أحمد فيسمعه خلق اللّه كلهم غير الثقلين والمنطوق مقدم على المفهوم وحكمة عدم سماع الثقلين الابتلاء فلو سمعا صار الإيمان ضرورياً وأعرضوا عن نحو المعايش مما يتوقف عليه بقاء الشخص والنوع فيبطل معاشهم (ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه) وأصل الثقل المتاع المحمول على الدابة وقيل لهما(1/154)
الثقلان لأنهما قطان الأرض فكأنهما ثقلاها ذكره الزمخشري قال القاضي: وظاهر الخبر أن السؤال إنما يكون فيمن قبر أما غيره فبمعزل عنه ويشهد له خبر لولا أن لا تدافنوا لدعوات اللّه أن يسمعكم من عذاب القبر قلت بل هو أمر يشمل الأموات ويعمهم حتى من أكله سبع أو طير وتفرق شرقاً وغرباً فإنه تعالى يعلق روحه الذي فارقه يجزئه الأصلي الباقي من أول عمره إلى آخره المستمر على حالتي النمو والذبول الذي تتعلق به الأرواح أولاً فيحيى ويحيى بحياته سائر أجزاء البدن ليسأل فيثاب أو يعذب ولا يستبعد ذلك فإنه تعالى عالم بالجزئيات فيعلم الأجزاء انفصالها ومواقعها ومحالها ويميز بين الأصلي وغيره ويقدر على تعليق الروح بالجزء الأصلي منها حال الانفراد تعليقه به حال الاجتماع فإن البينة عندنا ليست شرطاً للحياة بل لا يستبعد تعليق ذلك الروح الشخص الواحد في آن واحد من تلك الأجزاء المتفرقة في المشارق والمغارب فإن تعلقه ليس على سبيل الحلول حتى يمنعه الحلول وفيه حل المشي بين القبور بنعل لكن يكره كذا قيل واستثنى من السؤال جماعة ووردت أخبار بإعفائهم عنه 000000(1/155)
1676 إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة و حنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة اخرجي إلى مغفرة من الله و رضوان فتخرج فتسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن و في ذلك الحنوط و يخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب ؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا به إلى سماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح له فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي إلى السماء السابعة فيقول الله عز و جل: اكتبوا كتاب عبدي في عليين و أعيدوا عبدي إلى الأرض فإني منها خلقتهم و فيها أعيدهم و منها أخرجهم تارة أخرى ; فتعاد روحه فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: ربي الله فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: ديني الإسلام فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هو رسول الله فيقولان له: و ما علمك ؟ فيقول: قرأت كتاب الله فآمنت به و صدقت فينادي مناد من السماء: أن صدق عبدي فأفرشوه من الجنة و ألبسوه من الجنة و افتحوا له بابا إلى الجنة فيأتيه من روحها و طيبها و يفسح له في قبره مد بصره و يأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح فيقول: أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول له: من أنت ؟ فوجهك الوجه يجيء بالخير فيقول: أنا عملك الصالح فيقول: رب أقم الساعة رب أقم الساعة ؟ حتى أرجع إلى أهلي و مالي ; و إن العبد الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا و إقبال من الآخرة نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح فيجلسون منه مد البصر ثم(1/156)
يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الخبيثة ! اخرجي إلى سخط من الله و غضب فتفرق في جسده فينتزعها كما ينتزع السفود من الصوف المبلول فيأخذها فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح و يخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث ؟ ! فيقولون: فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا فيستفتح له فلا يفتح له ثم قرأ: ( لا تفتح لهم أبواب السماء فيقول الله عز و جل: اكتبوا كتابه في سجين في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحا فتعاد روحه في جسده ; و يأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له: من ربك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فيقولان له: ما دينك ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فيقولان له: ما هذا الرجل الذي بعث فيكم ؟ فيقول: هاه هاه لا أدري فينادي مناد من السماء: أن كذب عبدي فأفرشوه من النار و افتحوا له بابا إلى النار فيأتيه من حرها و سمومها و يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه و يأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح فيقول: أبشر بالذي يسوؤك هذا يومك الذي كنت توعد فيقول: من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر ؟ فيقول: أنا عملك الخبيث فيقول: رب لا تقم الساعة ) ( صحيح ) ( حم د ابن خزيمة ك هب الضياء ) عن البراء .
1677إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في البناء(صحيح)( ه ) عن جناب .
الشرح:
(إن العبد ليؤجر في نفقته كلها) أي فيما ينفقه على نفسه وعلى من عليه مؤونته (إلا في البناء) الذي لا يحتاجه أو المزخرف أما بيت يقيه من نحو حر وبرد ولص أو جهة قريبة كمسجد ومدرسة ورباط وحوض ومصلى عيد ونحوها فمطلوب محبوب وفاعله على الوجه المطلوب شرعاً محتسباً مأجوراً لأن المسكن كالغذاء في الاحتياج إليه وفضل بناء المساجد ونحوها معروف وعلى الزائد على الحاجة ينزل خبر القبة السابق 0000000(1/157)
1678 إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق و المغرب ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبن ما فيها) بمثناة تحتية مضمومة فمثناة فوقية مفتوحة فموحدة تحتية مشددة مكسورة فنون هكذا ضبطها الزمخشري قال وتبن دقق النظر من التبانة وهي الفطنة والمراد التعمق والإغماض في الجدل وأدى ذلك إلى التكلم بما ليس بحق00 (يزل) بفتح أوله وكسر الزاي يسقط وفي رواية مسلم بدل يزل يهوي (بها في النار) نار جهنم (أبعد ما) وفي رواية مما (بين المشرق والمغرب) يعني أبعد قعراً من البعد الذي بينهما والقصد به الحث على قلة الكلام وتأمل ما يراد النطق به فإن كثيراً من الكلام الذي يؤاخذ به العبد يسيره الهوى وتحول بين العبد وبين عاقبته النفس والشيطان ويزينا له أنه لا ذنوب إلا الذنوب التي في ذكره في ذلك الكلام وأن كلامه كله في نهاية التمام قال أهل السلوك: وطريق التوبة منها أن يتذكر أوقاته الماضية كم فيها من حق ضيعه أو ذنب ركبه ويتأمل في منطقه ولحظه واستماعه وبطشه وحق من عليه له فيتدارك الممكن مما ذكره 000000000
1679 إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعا و إنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آذانهم( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/158)
(إن العرق) بالتحريك الرشح من البدن (يوم القيامة) في الموقف (ليذهب في الأرض سبعين باعاً) أي ينزل فيها من كثرته شيء كثير جداً فالسبعين للتكثير لا للتحديد على ما مر (وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس) أي يصل إلى أفواههم فيصير لهم بمنزلة اللجام فيمنعهم من الكلام (وإلى آذانهم) بأن يغطي الأفواه ويعلو عليها إذ الأذن أعلى من الفم فيكون الناس على قدر أعمالهم، فمنهم من يلجمه فقط ومنهم من يزيد فيبلغ إلى أذنيه ثم يحتمل أن المراد عرق نفسه خاصة ويحتمل غيره كما مر فيشدد على بعض ويخفف عن بعض وهذا كله لتزاحم الناس وانضمام بعضهم لبعض حتى صار العرق يجري كالسيل واستشكل بأن الجمع إذا وقفوا في ماء على أرض معتدلة فتغطيهم على السواء وأجيب بأن ذلك من الخوارق الواقعة يوم القيامة وسبب كثرته تراكم الأهوال ودنو الشمس من رؤوسهم. قال الغزالي: وكل عرق لم يخرجه التعب في سبيل اللّه من حج وجهاد وصيام وقيام وتردد في قضاء حاجة مسلم وتحمل مشقة في أمر بمعروف ونهي عن منكر يستخرجه الحياء والخوف في صعيد يوم القيامة.
1680 إن العلماء إذا حضروا ربهم كان معاذ بن جبل بين أيديهم رتوة بحجر( صحيح ) ( حل ) عن عمر .
1681 إن العين لتولع بالرجل بإذن الله تعالى حتى يصعد حالقا ثم يتردى منه( صحيح ) ( حم ع ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/159)
(إن العين) أي عين العائن من الإنسان أو الجان (لتولع) بالبناء للمفعول أي تعلق (بالرجل) أي الكامل في الرجولية فالمرأة ومن هو في سن الطفولية أولى (بإذن اللّه تعالى) أي بتمكينه وإقداره (حتى يصعد حالقاً) بحاء مهملة أي جبلاً عالياً (ثم يتردى) أي يسقط (منه) لأن العائن إذا تكيفت نفسه بكيفية رديئة انبعث من عينه قوة سمية تتصل به فتضره وقد خلق اللّه تعالى في الأرواح خواص تؤثر في الأشباح لا ينكرها عاقل، ألا ترى الوجه كيف يحمر لرؤية من يحتشمه ويصفر لرؤية من يخافه وذلك بواسطة تأثير الأرواح، ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل إليها وليست هي الفاعلة بل التأثير للروح فحسب، قال ابن القيم: ومن وجه بأن اللّه تعالى أجرى العادة بخلق ما يشاء عند مقابلة عين العائن من غير تأثير أصلاً فقد سد على نفسه باب العلل والتأثيرات والأسباب وخالف جميع العقلاء00000
1682 إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة فيقال: ألا هذه غدرة فلان بن فلان( صحيح ) ( مالك ق د ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن الغادر) أي المغتال لذي عهد أو أمان (ينصب) في رواية يرفع (له لواء) أي علم (يوم القيامة) خلفه تشهيراً له بالغدر وإخزاء وتفضيحاً على رؤوس الأشهاد (فيقال) أي ينادي عليه في ذلك المحفل العظيم (ألا) إن (هذه غدرة فلان) أي علامة على غدرة فلان (ابن فلان) ويرفع في نسبه حتى يتميز عن غيره تمييزاً تاماً وظاهره أن لكل غدرة لواء فيكون للواحد ألوية بعدد غدراته، وحكمة نصب اللواء أن العقوبة تقع غالباً بضد الذنب والعذر خفي فاشتهرت عقوبته بإشهار اللواء.
1683 إن الفخذ عورة( صحيح ) ( ك ) عن جرهد .
الشرح:
أي من العورة سواء كان ذكر أو أنثى حراً أو قيناً فيجب ستر ما بين السرة والركبة ويحرم النظر إليه من ذكر أوأنثى إلا الحليل لكن يحل نظر العورة من صغير أو صغيرة لا تشتهى إلا الفرج عند الشافعية.(1/160)
1684 إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا منه فما بعده أيسر منه و إن لم ينج منه فما بعده أشد منه( حسن )( ت ه ك ) عن عثمان بن عفان .
الشرح:
(إن القبر أول منازل الآخرة فإن نجا) الميت (منه) أي من القبر أي من عذابه ونكاله (فما بعده) من أهوال المحشر والموقف والحساب والصراط والميزان وغيرها (أيسر) عليه (منه وإن لم ينج منه) أي من عذابه (فما بعده) مما ذكر (أشد منه) عليه فما يراه الإنسان فيه عنوان ما سيصير إليه ولا ينافيه قوله تعالى {وإنما توفون أجوركم} أي على طاعتكم ومعصيتكم يوم القيامة لأن كلمة التوفية يزيل هذا الوهم إذ المعنى أن توفية الأجور وتكميلها يكون ذلك اليوم وما يكون قبل ذلك فبعض الأجور، ذكره في الكشاف.
1685 إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها ( صحيح )
( حم ت ك ) عن أنس .
الشرح:(1/161)
(إن القلوب) أي قلوب بني آدم جمع قلب وليس المراد بها هنا اللحم الصنوبري الشكل القار في الجانب الأيسر من الصدر فإنه موجود في البهائم بل لطيفة ربانية روحانية لها بذلك القلب الجسماني تعلق وتلك اللطيفة هي حقيقة الإنسان وهي المدرك والمخاطب والمطالب والمعاقب ولهذه اللطيفة علاقة بالقلب الجسداني وقد تحيرت عقول الأكثر في كيفية التعلق وأن تعلقها به يضاهي تعلق الأعراض بالأجسام والأوصاف بالموصوفات أو تعلق المستعمل للآلة بالآلة أو تعلق المتمكن بالمكان وتحقيق التعلق متعلق بعلوم المكاشفة لا بالعلوم النظرية (بين أصبعين من أصابع اللّه يقلبها) حيث شاء أي يصرفها إلى ما يريد بالعبد بحسب القدر الحاوي عليه المستند إلى العلم الأزلي بحسب خلق تلك الدواعي والصوارف فتصرفه سبحانه وتعالى في خلقه إما ظاهر بخلق يخرق العادات كالمعجزة أو بنصيب الأدلة كالأحكام التكليفية وإما باطن بتقدير الأسباب نحو {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد} أو يخلق الدواعي والصوارف نحو {كذلك زينا لكل أمة عملهم} {ونقلب أفئدتهم} "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" أي طاعتك 000000
1686 إن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم و لو كنت في السجن ما لبث ثم أتاني الرسول لأجبت و رحمة الله على لوط إن كان ليأوي إلى ركن شديد قال: ( لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فما بعث الله بعده نبيا إلا في ذروة من قومه ) . ( حسن )
( ت ك ) عن أبي هريرة .
1687 إن الذي أمشاهم على أرجلهم في الدنيا قادر على أن يمشيهم على وجوههم يوم القيامة( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أنس .
1688 إن الذي أنزل الداء أنزل الشفاء( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/162)
(إن الذي أنزل الداء) وهو اللّه تعالى (أنزل الشفاء) أي أنزل ما يحصل به الشفاء من الأدوية أو أنزل ما يستشفى به منه وما من شيء إلا وله ضد وشفاء الضد بضده وإنما يتعذر استعماله بالجهل بعينه أو بفقده أو قيام موانع أخر وكذا المرض والدواء ما يتداوى به كما مر والشفاء البرء من العلة.
1689 إن الذي حرم شربها حرم بيعها - يعني الخمر - ( صحيح )
( حم م ن ) عن ابن عباس .
1690 إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل إليه ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان فيلزمه أو يطوقه يقول: أنا كنزك أنا كنزك( صحيح )
( حم ن ) عن ابن عمر .
1691 إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه يوم القيامة
( صحيح ) ( هب ) عن أبي هريرة .
1692 إن الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة و الذهب إنما يجرجر في بطنه نار جهنم( صحيح ) ( م ه ) عن أم سلمة زاد ( طب ) : إلا أن يتوب .
الشرح:
(إن) المكلف (الذي يأكل أو يشرب في آنية الفضة والذهب) عبر بفي دون من لأن المحرم الأكل أو الشرب واضعاً فاه فيه لا متباعداً منه (إنما يجرجر) بضم التحتية وفتح الجيم (في بطنه نار جهنم) أي يرددها فيه من جرجر الفحل إذ ردد صوته في حنجرته ذكره في الفائق وفي رواية ناراً أي قطعة هائلة من نار جهنم جعل صوت شرب الإنسان الماء في هذه الآنية لكون استعمالها محرماً موجباً لاستحقاق العقاب كجرجرة نار جهنم في بطنه، وفي رواية ناراً من جهنم، وهي أبلغ بزيادة التنوين الذي للتهويل000000
1693 إن الذي يجر ثيابه من الخيلاء لا ينظر الله إليه يوم القيامة
( صحيح ) ( م ن ه ) عن ابن عمر .
1694إن الذي يكذب علي يبني له بيت في النار(صحيح)(حم)عن ابن عمر
1695 إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم( صحيح ) ( ق ن ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/163)
(إن) المصورين (الذين يصنعون هذه الصور) أي التماثيل ذوات الأرواح (يعذبون يوم القيامة) في نار جهنم (فيقال لهم أحيوا ما خلقتم) أمر تعجيز أي اجعلوا ما صورتم حياته ذا روح ونسب الخلق إليهم تهكماً واستهزاء وهذا يؤذن بدوام تعذيب المصور لتكليفه نفخ الروح وليس بنافخ وهو على بابه إن استحل التصوير لكفره وإلا فهو زجر وتهديد إذ دوام التعذيب إنما للكفار.
1696 إن الذين يقطعون السدر يصبون في النار على رءوسهم صبا
( صحيح ) ( هق ) عن عائشة .
1697 إن الله أبى ذلك لكم و رسوله أن يجعل لكم أوساخ أيدي الناس
( صحيح ) ( طب ) عن عبدالمطلب بن ربيعة .
1698 إن الله أبى علي فيمن قتل مؤمنا ثلاثا ( صحيح )
( حم ن ك ) عن عقبة بن مالك .
الشرح:
(إن اللّه أبى عليّ فيمن قتل مؤمناً) ظلماً يعني سألته أن يقبل توبته فامتنع أشدّ امتناع قال ذلك (ثلاثاً) أي كرره ثلاث مرات للتأكيد هذا إن كان ثلاثاً من لفظ الصحابي فإن كان من الحديث فالمعنى سألته ثلاث مرات فامتنع وفي رواية للخطيب ما يقتضي الأول وهذا يخرج مخرج الزجر والتهويل كأنه علم أن ذلك القاتل ليس ممن أناب حق الإنابة أو المراد من استحل القتل ظلماً
1699 إن الله احتجر التوبة على كل صاحب بدعة( صحيح )
( ابن فيل طس هب الضياء ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه احتجر التوبة) منعها والحجر المنع وفي رواية للبيهقي احتجب وفي رواية له حجب (عن كل صاحب بدعة) وإن كان زاهداً متعبداً فعاقبته خطرة جداً والمراد بالبدعة هنا أن يعتقد في ذات اللّه وصفاته وأفعاله خلاف الحق فيعتقده على خلاف ما هو عليه نظراً وتقليداً فإذا قرب موته فظهرت له ناصية ملك الموت اضطرب قلبه بما فيه وانكشف له بطلان بعض معتقده وكان قاطعاً به فيكون سبباً لبطلان بقية اعتقاداته أو شكه فيها فإن خرجت روحه قبل أن يثبت ويعود إلى أصل الإيمان فهو من أهل النيران.(1/164)
1700 إن الله أحدث في الصلاة أن لا تكلموا إلا بذكر الله و ما ينبغي لكم و أن تقوموا لله قانتين ( صحيح ) ( ن ) عن ابن مسعود .
1701 إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة و أخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال: ( ألست بربكم قالوا بلى . ( صحيح ) ( حم ن ك هق في الأسماء ) عن ابن عباس .
1702 إن الله أخذ ذرية آدم من ظهره ثم ( أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى ثم أفاض بهم في كفيه فقال: هؤلاء في الجنة و هؤلاء في النار فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار). ( صحيح ) ( البزار طب هق ) عن هشام بن حكيم .
1703 إن الله أخرجني من النكاح و لم يخرجني من السفاح ( حسن )
( هب ) عن محمد بن علي مرسلا .
1704 إن الله إذا أحب أهل بيت أدخل عليهم الرفق( صحيح )
( ابن أبي الدنيا في ذم الغضب الضياء ) عن جابر .
1705 إن الله تعالى إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله تعالى يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض و إذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه فيبغضونه ثم يوضع له البغضاء في الأرض( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/165)
(إن اللّه تعالى إذا أحب عبداً) أي رضي عنه وأراد به خيراً وهداه ووفقه (دعا جبريل) أي أذن له في القرب من حضرته (فقال) له (إني أحب فلاناً فأحببه) أنت يا جبريل وهو بهمزة قطع مفتوحة فحاء مهملة ساكنة على الفك (فيحبه جبريل) فالضمير في نادى إلى اللّه تعالى يعني إذا أراد اللّه تعالى إظهار محبة عبد يعلمها أولاً (ثم ينادي) أي جبريل (في السماء) أي في أهلها (فيقول إن اللّه) وفي رواية بدون يقول وعليها هو بكسر الهمزة على إضمار القول عند البصريين وعند الكوفيين على أن في النداء معنى القول (يحب فلاناً فأحبوه) بتشديد الموحدة أنتم (فيحبه أهل السماء) أي الملائكة (ثم يوضع له القبول في) أهل (الأرض) أي يحدث له في القلوب مودة ويزرع له فيها مهابة فتحبه القلوب وترضى عنه النفوس من غير تودد منه ولا تعرض للأسباب التي تكتسب لها مودات القلوب من قرابة أو صداقة أو اصطناع وإنما هو اختراع منه ابتداء اختصاصاً منه لأوليائه بكرامة خاصة كما يقذف في قلوب أعدائه الرعب والهيبة إعظاماً لهم وإجلالاً لمكانهم ذكره الزمخشري. قال بعضهم: وفائدة ذلك أن يستغفر له أهل السماء والأرض وينشأ عندهم هيبة وإعزازهم له {وللّه العزة ولرسوله وللمؤمنين} 000000(1/166)
قال ابن الأثير: والقبول بفتح القاف المحبة والرضى بالشيء وميل النفس إليه. قال الغزالي رضي اللّه تعالى عنه: لا تستبعد رضى اللّه عن العبد مما يغضب به على غيره، ألا ترى إلى قول موسى عليه الصلاة والسلام {إن هي إلا فتنتك} {ولهم على ذنب فأخاف أن يقتلون} وهذا من غير موسى عليه السلام من سوء الأدب لكن من أقيم مقام الأنس يتلاطف ويحتمل ولم يحتمل من يونس عليه الصلاة والسلام ما دون ذلك لكونه أقيم مقام القبض والهيبة فعوقب بما عوقب به وذلك الاختلاف إما لاختلاف المقامات أو لما سبق في الأزل من التفاضل. وانظر كيف احتمل إخوة يوسف عليه السلام ما فعلوه بيوسف عليه السلام ولم يحتمل للعزيز كلمة واحدة سأل عنها في القدر وكان بلعم بن باعوراء من أكابر العلماء فأكل الدنيا بالدين فلم يحتمل له ذلك وكان آصف من المسرفين فعفى عنه أوحى اللّه إلى سليمان عليه الصلاة والسلام يا رأس العابدين ويا محجة الزاهدين إلى كم يعصيني ابن خالتك آصف وأنا أحلم عنه لئن أخذته لأتركنه مثلة لمن معه ونكالاً لمن بعده فخرج آصف حتى علا كثيباً ثم رفع رأسه وقال إلهي وسيدي أنت أنت وأنا أنا فكيف أتوب إن لم تتب عليّ وكيف أعتصم إن لم تعصمني فأوحى اللّه إليه صدقت يا آصف قد تبت عليك وأنا التواب الرحيم. قال الغزالي رضي اللّه عنه: هذا كلام مدل به عليه وهارب منه إليه فهذه سنة اللّه في عباده بالتقديم والتأخير على ما سبقت به المشيئة الأزلية (وإذا أبغض عبداً) أي أراد به شراً أو أبعده عن الهداية (دعا جبريل فيقول إني أبغض فلاناً فأبغضه فيبغضه جبريل) يحتمل أن يريد عدم استغفاره له وعدم دعائه له ويحتمل إرادة المعنى الحقيقي وهو عدم الميل القلبي والنفرة منه (ثم ينادي في أهل السماء إن اللّه يبغض فلاناً فأبغضوه فيبغضونه ثم توضع له البغضاء في الأرض) أي فيبغضه أهل الأرض جميعاً فلا تميل إليه قلوبهم بل تميل عنه وينظرون إليه بعين النقص والإزراء وتسقط مهابته من(1/167)
النفوس وإعزازه من الصدور من غير صدور إيذاء منه لهم ولا جناية عليهم. وقيل: إن بغضه يلقى في الماء فلا يشربه أحد إلا أبغضه0000
1706 إن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر و من جزع فله الجزع( صحيح ) ( حم ) عن محمود بن لبيد .
1707 إن الله تعالى إذا أراد رحمة أمة من عباده قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا و سلفا بين يديها و إذا أراد هلكة أمة عذبها و نبيها حي فأهلكها و هو ينظرفأقر عينه بهلكتها حين كذبوه وعصوا أمره(صحيح)(م)عن أبي موسى
الشرح:(1/168)
(إن اللّه تعالى إذا أراد رحمة أمة) قال ابن الكمال: إذا ذكر الرحمة خصوصاً في مقابلة الهلاك يراد بها الإمهال والتأخير والأمة في اللفظ واحد وفي المعنى جمع وكل جنس من الحيوان أمة ولهذا قال (من عباده) جمع عبد وهو الإنسان (قبض نبيها) أي أخذه بمعنى توفاه قال في الأساس: ومن المجاز قبض فلان إلى رحمة اللّه تعالى. قال المولى ابن الكمال: وتقدير المضاف هنا من ضيق العطن (قبلها) أي قبل قبضها (فجعله لها فرطاً) بفتحتين بمعنى الفارط المتقدم إلى الماء ليهيء السقي في القاموس يقال للواحد والجمع وما تقدمك من أجر وعمل قال التلمساني: السابق ليزيل ما يخاف منه ويأخذ الأمن للمتأخر، الطيبي يريد أنه شفيع يتقدم، قال بعض المحققين: والظاهر منه المرجو أن له صلى اللّه عليه وسلم شفاعة ونفعاً غير مأمنه يوم القيامة فإنها لا تتفاوت بالموت قبل أو بعد ولأن الفرط يهيء قبل الورود، يؤيده ما نقل من حضوره عند الموت والميت ونحوه وإن احتمل أن يكون المراد يوم القيامة ولا خفاء في أن قوله فجعله إلخ إشارة إلى علة التقدم فما قيل من أنهم إذا ماتوا انقطع عملهم أو الخير في بقائهم نسلاً بعد نسل مستغنى عنه مع أن فيه ما فيه (وسلفاً بين يديها) وهو المقدم وكل عمل صالح قدمته أو الفرط والمقدم من الآباء والأقرباء كذا في القاموس قال البعض وهو من عطف المرادف أو أعم وفائدة التقديم الإنس والاطمئنان وقلة كربة الغربة ونحو ذلك إذا بلغت بلداً مخوفاً ليس لك بها أنيس وقيل الأجر لشدة المصيبة وقد ظهر أن الاقتصار على الأجر المذكور من القصور انتهى وفي الكشاف في تفسير {لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله} حقيقة قولهم جلست بين يدي فلان أن يجلس بين الجهتين المسامتتين ليمينه وشماله قريباً منه فسميت الجهتان يدين لكونهما على سمت اليدين مع القرب منها توسعاً كما يسمى الشيء باسم غيره إذا جاوزه وداناه قال ابن الكمال: وقد جرت هذه العبارة هنا على سنن ضرب من المجاز(1/169)
وهو الذي يسميه أهل اللسان تمثيلاً (وإذا أراد هلكة أمة) بفتح الهاء واللام هلاكها (عذبها ونبيها حي) أي وهو مقيم بين أظهرها قيدها في قيد الحياة (فأهلكها) الفاء للتعقيب (وهو ينظر) أي والحال أن نبيها ينظر إلى إهلاكهم قال الجوهري: النظر تأمل الشيء بالعين (فأقر عينه) الفاء للتفريع أي فرحه اللّه وبلغه اللّه أمنيته. وذلك لأن المستبشر الضاحك يخرج من عينيه ماء بارد فيقر (بهلكتها) في حياته (حين كذبوه) في دعواه النبوة والرسالة (وعصوا أمره) بعدم إتباع ما جاء به عن اللّه وإنما كان موت النبي صلى اللّه عليه وسلم قبل أمته رحمة لأنه يكون مصيبة عظيمة لهم ثم يتمسكون بشرعه بعده فتضاعف أجورهم وأما هلكة الأمة قبل نبيها فإنما يكون بدعائه عليهم ومخالفتهم أمره كما فعل بقوم نوح عليه السلام فالمراد من الأمة الأولى أمة الإجابة وبالثانية أمة الدعوة وفيه بشرى عظيمة لهذه الأمة حيث كان قبضه رحمة لهم كما كان بعثه كذلك.
1708 إن الله إذا استودع شيئا حفظه( صحيح )( حب هق) عن ابن عمر .
1709 إن الله إذا أطعم نبيا طعمة فهي للذي يقوم من بعده ( صحيح )
( ه ) عن أبي بكر .
الشرح:(1/170)
(إن اللّه إذا أطعم نبياً طعمة) بضم الطاء وسكون العين المأكلة يقال جعلت هذه الضيعة طعمة فلان والطعمة أيضاً وجه المكسب يقال فلان عفيف الطعمة وخبيث الطعمة إذا كان رديء الكسب وأما ضبط الكمال ابن أبي شريف رضي اللّه تعالى عنه الطعمة هنا بكسر الطاء وسكون العين وفتح الميم فلا يظهر وجهه وزاد في رواية بعد قوله طعمة ثم قبضه والمراد هنا الفيء ونحوه (فهي للذي يقوم) بالخلافة (من بعده) أي يعمل فيها ما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يعمل لا أنها تكون له ملكاً كما ظن فلا تناقض بينه وبين خبر ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي صدقة ذكره ابن جرير. قال: وفيه أن من كان مشتغلاً بشيء من مصالح المسلمين كعالم وقاض وأمير له أخذ الرزق من الفيء على اشتغاله به وأنه مع ذلك مأجور وفيه رد على من حرم على القسام آخذ الأجر انتهى00000
1710 إن الله تعالى إذا أنزل سطواته على أهل نقمته فوافت آجال قوم صالحين فأهلكوا بهلاكهم ثم يبعثون على نياتهم و أعمالهم( صحيح )
( هب ) عن عائشة .
الشرح:(1/171)
(إن اللّه تعالى إذا أنزل سطواته) جمع سطوة قهره وشدة بطشه وفي رواية ابن حبان سطوته بالإفراد (على أهل نقمته) أي المستوجبين لها (فوافت آجال قوم صالحين فأهلكوا بهلاكهم ثم يبعثون على) حسب (نياتهم وأعمالهم) أي بعث كل واحد منهم على حسب أعماله من خير وشر فإن كانت نيته وعمله صالحة فعقباه صالحة وإلا فسيئة فذلك العذاب طهرة للصالح ونقمة على الفاسق فالصالح ترفع درجاته والطالح تسفل دركاته فلا يلزم من الاشتراك في الموت الاشتراك في الثواب والعقاب بل يجازى كل واحد بعمله على حسب نيته ومن الحكم العدل أن أعمالهم الصالحة إنما يجازون عليها في الآخرة أما في الدنيا فمهما أصابهم من بلاء فهو تكفير لما قدموه من عمل سيء والنقمة عقوبة المجرم والفعل من نقم بالفتح والكسر ذكره القاضي وذهب ابن أبي جمرة إلى أن الذين يقع لهم ذلك بسبب سكوتهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر اهـ. وذهب بعضهم إلى التعميم تمسكاً بآية {فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذاً مثلهم} وأخذ منه مشروعية الهرب من الكفار والظلمة لأن الإقامة معهم من إلقاء النفس في التهلكة.
1711 إن الله تعالى إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر النعمة عليه و يكره البؤس و التباؤس و يبغض السائل الملحف و يحب الحيي العفيف المتعفف ( صحيح ) ( هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/172)
(إن اللّه إذا أنعم على عبد نعمة) وهي كل ملائم تحمد عاقبته كما سبق (يحب أن يرى أثر النعمة عليه) لأنه إنما أعطى عبده ما أعطاه ليبرزه إلى جوارحه ليكون مهاباً بها مكرماً فإذا منعه فقد ظلم نفسه وضيعها (ويكره البؤس) وهو شدة الحال والفاقة والذلة (والتباؤس) إظهار الفقر وشدة الحاجة (ويبغض السائل الملحف) أي الملازم الملح (ويحب الحيي العفيف) أي المنكف عن الحرام والسؤال للناس (المتعفف) أي المتكلف العفة قال الحرالي: التعفف تكلف العفة وهو كف ما يبسط للشهوة من الآدمي إلا بحقه ووجهه وفيه أنه يندب لكل أحد بل يتأكد على من يقتدي به تحسين الهيئة والمبالغة في التجمل والنظافة والملبوس بجميع أنواعه لكن التوسط نوعاً من ذلك بقصد التواضع للّه تعالى أفضل من الأرفع إلا إن قصد به إظهار النعمة والشكر عليها كما اقتضاه هذا الحديث والتوسعة على العيال لكن بغير تكلف كقرض لحرمته على فقير جهل المقرض إلا إذا كان له ما يتيسر الوفاء منه إذا طولب.
1712 إن الله إذا أنعم على عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبده
( صحيح ) ( طب هق ) عن عمران بن حصين .(1/173)
1713 إن الله إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم و كل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن و رجل قتل في سبيل الله و رجل كثير المال فيقول الله للقارئ: ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي قال: بلى يا رب قال: فماذا عملت بما علمت ؟ قال: كنت أقوم به آناء الليل و آناء النهار فيقول الله له: كذبت و تقول له الملائكة: كذبت و يقول الله له: بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذلك ; و يؤتى بصاحب المال فيقول الله له: ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد ؟ قال: بلى يا رب قال: فماذا عملت فيما آتيتك ؟ قال: كنت أصل الرحم و أتصدق فيقول الله له: كذبت و تقول الملائكة: كذبت و يقول الله: بل أردت أن يقال: فلان جواد فقد قيل ذلك ; و يؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقول الله: في ماذا قتلت ؟ فيقول: أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله له: كذبت و تقول له الملائكة: كذبت و يقول الله: بل أردت أن يقال فلان جريء فقد قيل ذلك ; يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة ( صحيح )
( ت ك ) عن أبي هريرة .
1714 إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض و عنقه مثنية تحت العرش و هو يقول: سبحانك ما أعظمك ! فيرد عليه:لا يعلم ذلك من حلف بي كاذبا(صحيح)(أبو الشيخ في العظمة طس ك) عن أبي هريرة.
الشرح:(1/174)
(إن اللّه أذن لي أن أحدث عن ديك) أي عن عظمة جثة ديك من خلق اللّه تعالى يعني عن ملك في صورة ديك وليس بديك حقيقة كما يصرح به قوله في رواية إن للّه تعالى ملكاً في السماء يقال له الديك إلخ (قد مرقت رجلاه الأرض) أي وصلتا إليها وخرقتاها من جانبها الآخر قال في الصحاح مرق السهم خرج من الجانب الآخر (وعنقه مثنية تحت العرش)أي عرش الإله (وهو يقول) أي هجيراه وشعاره قوله (سبحانك ما أعظمك) زاد في رواية الطبراني ربنا (فيرد عليه) أي فيجيبه اللّه الذي خلقه بقوله (لا يعلم ذلك) أي لا يعلم عظمة سلطاني وسطوة انتقامي (من حلف بي كاذباً) فإنه لو نظر إلى كمال الجلال وتأمل بعين بصيرته في عظم المخلوقات الدالة على عظم الخالق لم يتجرأ على اسمه ويقسم به على خلاف الواقع فالجرأة على اليمين الكاذبة إنما تنشأ عن كمال الجهل باللّه تعالى ومن ثم كانت اليمين الغموس من أكبر الكبائر وإن كانت على قضيب من أراك.
1715 إن الله أرسلني مبلغا و لم يرسلني متعنتا(صحيح)( م) عن عائشة .
1716 إن الله استقبل بي الشام و ولى ظهري اليمن و قال لي: يا محمد إني جعلت لك ما تجاهك غنيمة و رزقا و ما خلف ظهرك مددا و لا يزال الإسلام يزيد و ينقص الشرك و أهله حتى تسير المرأتان لا تخشيان إلا جورا و الذي نفسي بيده لا تذهب الأيام و الليالي حتى يبلغ هذا الدين مبلغ هذا النجم( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة .
1717 إن الله تعالى اصطفى كنانة من ولد إسماعيل و اصطفى قريشا من كنانة و اصطفى من قريش بني هاشم و اصطفاني من بني هاشم ( صحيح ) ( م ت ) عن واثلة .
الشرح:(1/175)
(إن اللّه اصطفى) اختار واستخلص (كنانة) بكسر الكاف عدة قبائل أبوهم كنانة بن خزيمة (من ولد إسماعيل) فيه فضل إسماعيل عليه السلام على جميع ولد إبراهيم عليه السلام حتى إسحاق عليه السلام ولا يعارضه {وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين} {تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض} وفي الروض الأنور كان لإبراهيم عليه الصلاة والسلام ستة بنين سوى إسماعيل وإسحاق عليهما السلام وعبر هنا بولد وفيما يجيء بلفظ نبي: إشعاراً بأنه أفضل الأفضل لأن لفظ نبي مختص بالذكور بخلاف الولد ومن ثم لو أوصى لولده دخل البنات ولبنيه لا (واصطفى قريشاً من كنانة) لأن أبا قريش مضر بن كنانة. قال ابن حجر: وهذا ذكره لإفادة الكفاءة والقيام بشكر النعم ونهيه عن التفاخر بالآباء موضعه مفاخرة تفضي لتكبر أو احتقار مسلم (واصطفى من قريش بني هاشم) وهاشم هو ابن عبد مناف (واصطفاني من بني هاشم) فإنه محمد بن عبد اللّه بن اللّه بن عبد المطلب بن هاشم ومعنى الاصطفاء والخيرة في هذه القبائل ليس باعتبار الديانة بل باعتبار الخصال الحميدة وفيه أن غير قريش من العرب ليس كفؤاً لهم ولا غير بني هاشم كفؤاً لهم أي إلا بني المطلب وهو مذهب الشافعية. قال ابن تيمية: وقد أفاد الخبر أن العرب أفضل من جنس العجم وأن قريشاً أفضل العرب وأن بني هاشم أفضل قريش وأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أفضل بني هاشم فهو أفضل الناس نفساً ونسباً وليس فضل العرب فقريش فبني هاشم بمجرد كون النبي منهم وإن كان هذا من الفضل بل هم في أنفسهم أفضل وبذلك يثبت للنبي صلى اللّه عليه وسلم أنه أفضل نفساً ونسباً وإلا لزم الدور.(1/176)
1718 إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعا: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر فمن قال: سبحان الله كتبت له عشرون حسنة و حطت عنه عشرون سيئة و من قال: الله أكبر مثل ذلك و من قال: لا إله إلا الله مثل ذلك و من قال: الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتبت له ثلاثون حسنة و حط عنه ثلاثون خطيئة( صحيح )
( حم ك الضياء ) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا .
الشرح:
(إن اللّه اصطفى من الكلام أربعاً) وهي قول (سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر) فهي مختار اللّه من جميع كلام الآدميين (فمن قال) أي دبر الصلاة أو غيرها (سبحان اللّه كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ومن قال اللّه أكبر مثل ذلك ومن قال لا إله إلا اللّه مثل ذلك ومن قال الحمد للّه رب العالمين من قبل نفسه) يحتمل أن المراد به قصدية الإنشاء أو الإخبار أو قالها لا من جهة نعمة تجددت أو نقمة اندفعت (كتبت له ثلاثون حسنة وحط عنه ثلاثون خطيئة) وفي رواية أن اللّه اصطفى لملائكته من الكلام أربعاً إلخ. قال الطيبي: لمح به إلى قوله تعالى {ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك} ويمكن أن تجعل هذه الكلمة مختصرة من قوله سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر لما مر أن سبحان اللّه تنزيه لذاته عما لا يليق بجلاله وتقديس لصفاته من النقائص فيندرج فيه معنى قوله لا إله إلا اللّه وقوله وبحمده صريح في معنى والحمد للّه لأن الإضافة بمعنى اللام في الحمد ومستلزم بمعنى اللّه أكبر لأنه إذا كان كل الفضل والإفضال للّه ومن اللّه وليس من غيره فلا يكون أحد أكبر منه ولا يلزم منه أن يكون التسبيح أفضل من التهليل إذ التهليل صريح في التوحيد والتسبيح متضمن له ولأن نفي التهليل في قوله لا إله نفي لمصححاتها من الخالقية والرازقية وكونه مثيباً ومعاقباً من الغير وقوله إلا اللّه إثبات له ويلزم منه نفي ما يضاد الإلهية ويخالفها من النقائص فمنطوق(1/177)
سبحان اللّه تنزيه ومفهومه توحيد ومنطوق لا إله إلا اللّه توحيد ومفهومه تقديس فإذا اجتمعا دخلا في مفهوم الطرد والعكس. إلى هنا كلام الطيبي. وأخذ منه بعضهم أن الحمد أفضل من التسبيح لأن في التحميد إثبات سائر صفات الكمال. والتسبيح تنزيه عن سمات النقص والإثبات أكمل من السلب وادعى بعضهم أن الحمد أكثر ثواباً من التهليل ورد بأن في خير البطاقة المشهور ما يفيد أن لا إله إلا اللّه لا يعدلها شيء.
1719 إن الله تعالى اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه اطلع على أهل بدر) الذين حضروا مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بقصد إعلاء كلمة الجبار وهم ثلاثمائة وثلاثة أو أربعة عشر رجل يعني نظر اللّه إليهم نظرة رحمة وعطف وقد ارتقوا إلى مقام يقتضي الإنعام عليهم بمغفرة ذنوبهم السابقة واللاحقة (فقال) لهم (اعملوا ما شئتم) أن تعملوا (فإني قد غفرت لكم) ذنوبكم أي سترتها فلا أؤاخذكم بها لبذلكم مهجكم في اللّه ونصر دينه والمراد إظهار العناية بهم وإعلاء رتبتهم والتنويه بإكرامهم والإعلام بتشريفهم وإعظامهم لا الترخيص لهم في كل فعل كما يقال للمحب افعل ما شئت أو هو على ظاهره والخطاب لقوم منهم على أنهم لا يقارفون بعد بدر ذنباً وإن قارفوه لم يصروا بل يوفقون لتوبة نصوح فليس فيه تخييرهم فيما شاؤوا وإلا لما كان أكابرهم بعد ذلك أشد خوفاً وحذراً مما كانوا قبله وبذلك سقط ما قيل إن هذا سقط من المشكل لأنه إباحة مطلقة وهو خلاف عقد الشرع وأما الجواب بمثل أن المراد الأعمال الماضية لا المستقبلة فكما أنه لا يلائم السياق يدفعه لفظ اعملوا.
1720 إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث و الولد للفراش و للعاهر الحجر( صحيح ) ( ت ) عن عمرو بن خارجة .
1721 إن الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم ( حسن ) ( طب ) عن خالد بن عبيد السلمي .(1/178)
1722 إن الله افترض على العباد خمس صلوات في كل يوم و ليلة
(صحيح) ( طس ) عن عائشة .
1723 إن الله أمرني أن أسمي المدينة طيبة ( صحيح )
( طب ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:
( طيبة) بالفتح والتخفيف مؤنث طيب بالفتح لغة في طيب بكسر الطاء الرائحة الحسنة أو صاحبها أو تخفيف الطيب تأنيث الطيب بالفتح والتشديد أي الطاهرة التربة أو من النفاق أو من الشرك، سماها بذلك لأنه سبحانه طيبها بهجرته إليها وجعلها محل نصرته وموضع تربته ولها أسماء كثيرة قال ابن القيم ويكره تسميتها يثرب كراهة شديدة وإنما حكاه اللّه عن المنافقين.(1/179)
1724 إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بهن و أن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فكأنه أبطأ بهن فأوحى الله إلى عيسى: إما أن يبلغهن أو تبلغهن فأتاه عيسى فقال له: إنك أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن و تأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهن فإما أن تبلغهن و إما أن أبلغهن فقال له: يا روح الله إني أخشى إن سبقتني أن أعذب أو يخسف بي فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد فقعد على الشرفات فحمد الله و أثنى عليه ثم قال: إن الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن و آمركم أن تعملوا بهن ; و أولهن: أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا فإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق ثم أسكنه دارا فقال: اعمل و ارفع إلي فجعل العبد يعمل و يرفع إلى غير سيده فأيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟ و إن الله خلقكم و رزقكم فاعبدوه و لا تشركوا به شيئا و أمركم بالصلاة و إذا قمتم إلى الصلاة فلا تلتفتوا فإن الله عز و جل يقبل بوجهه على عبده ما لم يلتفت ; و أمركم بالصيام و مثل ذلك كمثل رجل معه صرة مسك في عصابة كلهم يجد ريح المسك و إن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ; و أمركم بالصدقة و مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه إلى عنقه و قدموه ليضربوا عنقه فقال لهم: هل لكم أن أفتدي نفسي منكم ؟ فجعل يفتدي نفسه منهم بالقليل و الكثير حتى فك نفسه و أمركم بذكر الله كثيرا و مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فأتى حصنا حصينا فأحرز نفسه فيه و إن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله تعالى . و أنا آمركم بخمس أمرني الله بهن: الجماعة و السمع و الطاعة و الهجرة و الجهاد في سبيل الله فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع و من دعا بدعوة الجاهلية فهو من جثاء جهنم و إن صام و صلى و زعم أنه مسلم فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين المؤمنين(1/180)
عباد الله( صحيح ) ( حم تخ ت ن حب ك ) عن الحارث ابن الحارث الأشعري .
1725 إن الله أوحى إلي: أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد و لا يبغي أحد على أحد ( حسن ) ( م د ه ) عن عياض بن حمار .
الشرح:
(إن اللّه تعالى أوحى إليّ) وحي إرسال وزعم أنه وحي إلهام خلاف الأصل والظاهر بلا دليل والوحي إعلام في خفاء (أن) أي بأن (تواضعوا) بخفض الجناح ولين الجانب وأن مفسرة (حتى لا يفخر أحد) منكم (على أحد) بتعدد محاسنه كبراً ورفع قدر نفسه على الناس تيهاً وعجباً قال ابن القيم: والتواضع انكسار القلب للّه وخفض جناح الذل والرحمة للخلق حتى لا يرى له على أحد فضلاً ولا يرى له عند أحد حقاً بل والحق له. والفخر ادعاء العظم قال الطيبي: وحتى هنا بمعنى كي (ولا يبغي) بنصبه عطفاً على تواضعوا أي لا يجوز ولا يتعدى (أحد) منكم (على أحد) ولو ذمَّياً أو معاهداً أو مؤمَّناً، والبغي مجاوزة الحد في الظلم قال الطيبي: المراد أن الفخر والبغي شحناء الكبير لأن المتكبر هو الذي يرفع نفسه فوق منزلته فلا ينقاد لأحد، قال المجد ابن تيمية: نهى اللّه على لسان نبيه عن نوعي الاستطالة على الخلق وهي الفخر والبغي لأن المستطيل إن استطال بحق فقد افتخر أو بغير حق فقد بغى فلا يحل هذا ولا هذا فإن كان الإنسان من طائفة فاضلة كبني هاشم أو غيرهم فلا يكن حظه استشعار فضل نفسه والنظر إليها فإنه مخطئ، إذ فضل الجنس لا يستلزم فضل الشخص فرب حبشي أفضل عند اللّه من جمهور قريش، ثم هذا النظر يوجب نقصه وخروجه عند الفضل فضلاً عن استعلائه بهذا واستطالته به. وأخذ منه أنه يتأكد للشيخ التواضع مع طلبته {واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين} وإذا طلب التواضع لمطلق الناس فكيف لمن له حق الصحبة وحرمة التودّد وصدق المحبة لكن لا يتواضع معهم مع اعتقاد أنهم دونه فقد قال ابن عطاء اللّه رضي اللّه عنه: من أثبت لنفسه تواضعاً فهو المتكبر حقاً فالتواضع لا يكون إلا عن رفعة مع عظمة(1/181)
واقتدار، ليس المتواضع الذي إذا تواضع رأى أنه فوق ما صنع بل الذي إذا تواضع رأى أنه دون ما صنع اهـ.
1726 إن الله تعالى أوحى إلى: أن تواضعوا و لا يبغي بعضكم على بعض
( حسن ) ( خد ه ) عن أنس .
1727 إن الله أوحى إلي: أنه من سلك مسلكا في طلب العلم سهلت له طريق الجنة و من سلبت كريمتيه أثبته عليهما الجنة و فضل في علم خير من فضل في عبادة و ملاك الدين الورع( صحيح ) ( هب ) عن عائشة .
1728 إن الله بعثني إلى كل أحمر و أسود و نصرت بالرعب و أحل لي المغنم و جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا و أعطيت الشفاعة للمذنبين من أمتي يوم القيامة( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن علي .
1729 إن الله تجاوز لأمتي عما توسوس به صدورهم ما لم تعمل أو تتكلم به و ما استكرهوا عليه( صحيح ) ( ه هق ) عن أبي هريرة .
1730 إن الله تعالى تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل به( صحيح ) ( ق 4)عن أبي هريرة( طب ) عن عمران بن حصين .
الشرح:(1/182)
(إن اللّه تجاوز) أي عفا من جازه يجوزه إذا تعداه وعبر عليه (لأمتي) أمة الإجابة وفي لفظ رواية البخاري تجاوز لي عن أمتي (عما) وفي رواية لمسلم ما (حدثت) في رواية للبخاري وسوست (به أنفسها) وفي رواية له صدورها مع أنفسها قال النووي رحمه اللّه عقب إيراده هذا الحديث قال العلماء المراد به الخواطر التي لا تستقر قالوا وسواء كان ذلك الخاطر غيبة أو كفراً أو غيره فمن خطر له الكفر مجرد خطور من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه اهـ وقوله أنفسها رفع على الفاعلية أي قلوبها قيل وهو أصوب ويدل عليه حديث إن أحدنا يحدث نفسه بل قال القرطبي إنه الرواية أي لم يؤاخذهم بما يقع في قلوبهم من القبائح قهراً وقال الأكمل أنفسها بالرفع والنصب والرفع أظهر والنصب أشهر ووجهه محادثة المرء نفسه المسماة عند البلغاء بالتجريد (ما لم تتكلم به) أي في القوليات باللسان على وفق ذلك (أو تعمل به) في العمليات بالجوارح كذلك وفي رواية لمسلم ما لم يتكلموا به أو يعملوا به أي فيؤاخذوا حينئذ بالكلام أو بالعمل فقط، ويحتمل أن يؤاخذوا به وبحديث النفس أيضاً وعليه السبكي في الحلبيات وإذا لم يحصل كلام ولا عمل فلا مؤاخذة بحديث النفس ما لم يبلغ حد الجزم وإلا أوخذ به حتى لو عزم على ترك واجب أو فعل محرم ولو بعد سنين أثم حالاً وقال ابن العربي رضي اللّه تعالى عنه: خلق اللّه القلوب سيالة مطربة على الخواطر ميالة إلى كل طارئ عليها حاضراً أو غائباً، محالاً أو جائزاً، حقاً أو باطلاً، معقولاً أو متخيلاً، وللّه الحكمة البالغة، والحجة الغالبة، ثم عطف بفضله فعفى عن كل ما يخطر للمرء بقلبه، حتى يكون به مرتبطاً وعليه عازماً، فحينئذ يكون به نفسه متكلماً وهو الكلام الحقيقي، فإن خالفه القول كان هذياناً اهـ. وفيه أن المجاوزة خصوصية لهذه الأمة، وأنه إذا حدث نفسه بطلاق ولم ينطق به لا يقع، وعليه الشافعي رضي اللّه تعالى عنه خلافاً لمالك(1/183)
وأنه لو عزم على الظهار فلا كفارة وأنه لو حدث نفسه في صلاته لم تبطل وغير ذلك.
1731 إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه(صحيح)(حم ه)عن أبي ذر( طب ك ) عن ابن عباس(طب)عن ثوبان .
الشرح:
(إن اللّه تجاوز لي) أي لأجلي (عن أمتي الخطأ) أي عن حكمه أو عن إثمه أو عنهما. وهو أقرب لفقد المرجح وعموم التناول ولا ينافيه ضمان المخطئ للمال والدية ووجوب القضاء على المصلي محدثاً أو يحدث ناسياً وإثم المكره على القتل لخروجها بدليل منفصل والمراد بالخطأ ضد العمد وهو أن يقصد شيئاً فيخالف غير ما قصد لا ضد الصواب خلافاً لزاعمه لأن تعمد الإثم يسمى خطئاً بالمعنى الثاني ولا تمكن إرادته هنا ولفظه يمد ويقصر (والنسيان) بكسر النون ضد الذكر والحفظ ويطلق على الترك وليس مراداً هنا (وما استكرهوا) أي الأمة وذكره نظراً للمدلول لا للفظ (عليه) أي حملوا على فعله قهراً وشرطه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به مما يؤثر العاقل الإقدام على المكره عليه والمراد رفع الإثم وفي ارتفاع الحكم خلف والشافعي في الجمهور على الارتفاع.
1732 إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تتكلم( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أبي هريرة .
1733 إن الله تعالى تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم و جعل ذلك زيادة لكم في أعمالكم(حسن)(ه)عن أبي هريرة(طب)عن معاذ وأبي الدرداء
الشرح:(1/184)
(إن اللّه تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم) أي مكنكم من التصرف فيها حالتئذ بالوصية وغيرها فتصح الوصية بالثلث ولو مع وجود وارث خاص ومخالفته (وجعل ذلك زيادة لكم في أعمالكم) فأجرالوصية بذلك من أعمال الميت التي يثاب عليها إن قبلت، وأخذ جمع من مخاطبة الصحب بذلك وجعله زيادة في العمل أنه خاص بالمسلمين لاختصاصهم بزيادة الأعمال ومذهب الشافعية خلافه ومن خصائص نبينا صلى اللّه عليه وسلم أن له أن يوصي بالتصدق بجميع ماله في سائر أحواله من غير حرمة ولا كراهة لأنه لا يورث كسائر الأنبياء.
1734 إن الله تطاول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم و أعطى محسنكم ما سأل ادفعوا بسم الله ( صحيح ) ( ه ) عن بلال .
1735 إن الله تعالى جعل البركة في السحور و الكيل ( حسن )
( الشيرازي في الألقاب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه جعل البركة) أي الزيادة والنماء (في السحور) أي في أكل الصائم وقت السحر بنية التقوي على الصوم (والكيل) أي في ضبط الحبوب وإحصائها بالكيل كما يفسره خبر كلوا طعامكم يبارك لكم فيه وذكر الغزالي رحمه اللّه تعالى وتبعه المؤلف أن الدابة ينبغي أن تعلف مكيلاً فإنها تنمو وتزيد.
1736إن الله جعل الحق على لسان عمروقلبه (صحيح)(حم ت)عن ابن عمر(حم دك)عن أبي ذر(ع ك)عن أبي هريرة(طب)عن بلال وعن معاوية.
الشرح:(1/185)
(إن اللّه جعل الحق) يعني أجراه (على لسان عمر) فكان كالسيف الصارم والحسام القاطع. قال الطيبي: جعل بمعنى أجرى فعداه بعلى وفيه معنى ظهور الحق واستعلانه على لسانه، ووضع جعل موضع أجراه إيذاناً بأن ذلك كان خلقياً ثابتاً لازماً مستقراً (وقلبه) فكان الغالب على قلبه جلال اللّه فكان الحق معتمله حتى يقوم بأمر اللّه وينفذ بقاله وحاله وفاء بما قلده اللّه الخلق من رعاية هذا الدين الذي ارتضاه لهم ومن ثم جاء في خبر إن غضبه عز ورضاه حكم وذلك لأن من غلب على قلبه سلطان الحق فغضبه للحق عز للدين ورضاه عدل لأن الحق هو عدل اللّه فرضاه بالحق عدل منه على أهل ملته ومعنى رضاه حكم أنه إذا رضي رضي للحق0000
1737 إن الله تعالى جعل الدنيا كلها قليلا و ما بقي منها إلا القليل كالثغب شرب صفوه و بقي كدره ( حسن ) ( ك ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إن اللّه تعالى جعل الدنيا كلها قليلاً وما بقي منها إلا القليل كالثغب) بمثلثة مفتوحة وغين معجمة ساكنة الغدير الذي قل ماؤه (شرب صفوه وبقي كدره) يعني أن مثل الدنيا كمثل حوض كبير ملئ ماء وجعل مورداً للأنام والأنعام فجعل الحوض ينقص على كثرة الوارد حتى لم يبق منه إلا وشل كدر في أسفله بالت في الدواب وخاضت فيه الأنعام فالعاقل لا يطمئن إلى الدنيا ولا يغتر بها بعد ما اتضح له أنها زائلة مستحيلة وأنه قد مضى أحسنها وأنها وإن ساعدت مدة فالموت لا محالة يدرك صاحبها ويخترمه.
1738 إن الله تعالى جعل عذاب هذه الأمة في الدنيا القتل( صحيح )
( حل ) عن عبدالله بن يزيد الأنصاري .
الشرح:
أي يقتل بعضهم بأيدي بعض مع دعائهم إلى كلمةالتقوى واجتماعهم على الصلاة وجعل القتل كفارة لما اجترحوه كما بينته أخبار أخرى.
1739 إن الله تعالى جعل ما يخرج من بني آدم مثلا للدنيا( حسن )
( حم طب هب ) عن الضحاك بن سفيان .
الشرح:(1/186)
(إن اللّه جعل) لفظ رواية أحمد والطبراني ضرب (ما يخرج من ابن آدم) من البول والغائط (مثلاً للدنيا) قال الزمخشري: معناه أن المطعم وإن تكلف الإنسان التنوق في صنعته وتطييبه وتحسينه فإنه لا محالة عائد إلى حال يستقذر فكذا الدنيا المحروص على عمارتها ونظم أسبابها راجعة إلى خراب وإدبار اهـ. وقال الديلمي هذا كناية عن البول والغائط يعني ما يخرج منه كان قبل ذلك ألواناً من أطعمة طيبة وشراباً سائغاً فصارت عاقبته ما ترون فالدنيا خضرة حلوة والنفس تميل إليها والجاهل بعاقبتها ينافس في زينتها ظاناً أنها تبقى أو هو يبقى انتهى. فشهوات الدنيا في القلب كشهوات الأطعمة في المعدة وسوف يجد العبد عند الموت لشهوات الدنيا في قلبه من الكراهة والنتن والقبح ما يجده للأطعمة اللذيذة إذا انتهت إلى المعدة غايتها وكما أن في الأطعمة كلما كانت ألذ طعماً وأكثر دسماً وحلاوة كان رجيعها أقذر فكذا كل شهوة في النفس ألذ وأقوى فالتأذي بها عند الموت أشد كما أن تفجع الإنسان بمحبوبه إذا فقده يقوى بفقد محبة المحبوب وقد كان بعض الصوفية يقول لصحبه انطلقوا حتى أريكم الدنيا فيذهب إلى المزابل فيقول انظروا إلى ثماركم ودجاجكم وسكركم.
1739 / 1 ( إن الله جعل هذه الأهلة مواقيت) فإذا رأيتموه فصوموا و إذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين ( صحيح )
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 1595 .
( ابن سعد طب ) عن سعد بن مسعود .
1740 إن الله تعالى جعلني عبدا كريما و لم يجعلني جبارا عنيدا( حسن )
( د ه ) عن عبدالله بن بسر .
الشرح:
(إن اللّه جعلني عبداً كريماً) أي متواضعاً سخياً (ولم يجعلني جباراً) أي مستكبراً متمرداً عاتياً (عتيداً) أي جائراً عن القصد مع العلم به.
1741 إن الله تعالى جميل يحب الجمال(صحيح)(م ت)عن ابن مسعود
(طب)عن أبي أمامة(ك)عن ابن عمر(ابن عساكر)عن جابروعن ابن عمر.
الشرح:(1/187)
(إن اللّه تعالى جميل) له الجمال المطلق ومن أحق بالجمال من كل جمال في الوجود من آثار صنعته فله جمال الذات وجمال الصفات وجمال الأفعال ولولا حجاب النور على وجهه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه من خلقه (يحب الجمال) أي التجمل منكم في الهيئة أو في قلة إظهار الحاجة لغيره وسر ذلك أنه كامل في أسمائه وصفاته فله الكمال المطلق من كل وجه ويحب أسماءه وصفاته ويحب ظهور آثارها في خلقه فإنه من لوازم كماله وهو وتر يحب الوتر جميل يحب الجمال عليم يحب العلماء جواد يحب الجود قوي يحب القوي فالمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف حيي يحب أهل الحياء والوفاء شكور يحب الشاكرين صدوق يحب الصادقين محسن يحب المحسنين إلى غير ذلك 000000
1742 إن الله تعالى جميل يحب الجمال و يحب أن يرى أثر نعمته على عبده و يبغض البؤس و التباؤس( صحيح ) ( هب ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن اللّه جميل) أي جميل الذات والأفعال كما تقرر قال الزمخشري: والعرب تصف الشيء بفعل ما هو من سببه (يحب الجمال ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده) أي أثر الجدة من فيض النعم عليه زياً وإنفاقاً وشكراً للّه تعالى فهو تارة يكون بالقال وتارة يكون بالحال وتارة يكون بالفعال (ويبغض البؤس والتباؤس) ومن آثار جمال أفعاله تقدس الرضى من عباده باليسير من الشكر وإثابة الكثير من الأجر على قليل العمل المدخول ويجعل الحسنة عشراً ويزيد من شاء ما شاء ويعفو عن السيئات ويستر الزلات فعلى عباده أن يتجملوا معه في إظهار نعمته عليهم المؤذن بقلة إظهار السؤال لغيره والطلب ممن سواه وتجنب أضداد ذلك من إظهار البؤس والفاقة (فإن قلت) ينافي هذا الحديث ما سبق من الأمر بلبس الخشن من الثياب في حديث (قلت) قد يقال إن ذلك يختلف باختلاف الأحوال ولكل مقام مقال000000000
1743 إن الله تعالى جميل يحب الجمال و يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها( صحيح ) ( طس ) عن جابر .(1/188)
1744 إن الله تعالى جواد يحب الجود و يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها( صحيح ) ( هب ) عن طلحة بن عبيدالله ( حل ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن اللّه جواد) بالتخفيف أي كثير الجود أي العطاء (يحب الجود) الذي هو سهولة البذل والإنفاق وتجنب ما لا يحمد من الأخلاق وهو يقرب من معنى الكرم والجود يكون بالعبادة والصلاح وبالسخاء بالدنيا والسماح (ويحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها) أي رديئها وحقيرها وتمام الحديث عند مخرجه البيهقي ومن إعظام إجلال اللّه عز وجل إكرام ثلاثة: الإمام المقسط، وذو الشيبة في الإسلام وحامل القرآن غير الجافي عنه ولا المغالي فيه اهـ بحروفه.
1745 إن الله حبس عن مكة الفيل و سلط عليها رسول الله و المؤمنين ألا فإنها لم تحل لأحد قبلي و لا تحل لأحد بعدي ألا و إنها حلت لي ساعة من نهار ألا و إنها ساعتي هذه حرام لا يختلى شوكها و لا يعضد شجرها و لا يلتقط ساقطتها إلا لمنشد و من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يعقل و إما أن يقاد أهل القتيل( صحيح ) ( حم ق د ) عن أبي هريرة .
1746 إن الله حرم الخمر و حرم الميتة و ثمنها و حرم الخنزير و ثمنه
( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
1747 إن الله حرم على أمتي الخمر و الميسر و المزر و الكوبة و الغبيراء و زادني صلاة الوتر( صحيح ) ( طب هق ) عن ابن عمرو .
1748 إن الله حرم عليكم الخمر و الميسر و المزر و الكوبة و كل مسكر حرام( صحيح ) ( هق ) عن ابن عباس .
1749 إن الله تعالى حرم عليكم: عقوق الأمهات و وأد البنات و منعا و هات و كره لكم: قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال( صحيح )
( ق ) عن المغيرة بن شعبة .
الشرح:(1/189)
(إن اللّه تعالى حرم عليكم عقوق الأمهات) خصهن وإن كان عقوق الآباء عظيماً لأن عقوقهن أقبح أو إليهن أسرع أو لغير ذلك فهو من تخصيص الشيء بالذكر إظهاراً لعظم موقعه، والعقوق صدور ما يتأذى به من قول أو فعل غير معصية. قال ابن حجر: ما لم يتعنت الأصل وضبطه ابن عطية بوجوب طاعتهما في المباحات فعلاً وندباً وندبها في المندوبات (ووأد) بفتح الواو وسكون الهمزة دفن (البنات) أحياء حين يولدن وكان أهل الجاهلية يفعلونه كراهة فيهن فخصهن لا لاختصاص الحكم بهن بل لأنه كان هو الواقع فوجه النهي إليه وأول من فعل ذلك قيس بن عاصم التميمي أغار عليه عدوه فأسر بنته واستفرشها ثم اصطلحا فخير ابنته فاختارت زوجها فآلى على نفسه أن لا تولد له بنت إلا دفنها فتبعه العرب (ومنعاً) بسكون النون مع تنوين العين وهذه رواية البخاري لأبي ذر وفي رواية للبخاري بالسكون أيضاً بغير تنوين. قال البيضاوي: وإنما لم ينون وإن كان مصدراً لأن المضاف إليه محذوف منه مراداً أي كره منع ما عنده أو حرم منع الواجبات من الحقوق وفي رواية للبخاري أيضاً منع بالتحريك على بناء الماضي (وهات) بالبناء على الكسر فعل أمر من الإيتاء: أي حرم أخذ ما لا يحل من أموال الناس. والحاصل أنه عبر بهما عن البخل والمسألة فكره أن يمنع الإنسان ما عنده ويسأل ما عند غيره وهو معنى قولهم يمنع الناس رفده ويطلب رفدهم (وكره لكم قيل) كذا (وقال) فلان كذا مما يتحدث به من فضول الكلام فهما إما مصدران أتى بهما للتأكيد وحذف التنوين لإرادة المضاف إليه المحذوف أي كره لكم قيل وقال ما لا فائدة فيه أو ماضيان ونبه به على وجوب تجنب التبرع بنقل الأخبار لما فيه من هتك الأستار وكشف الأسرار وذلك ليس من دأب الأخيار، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه واللّه سبحانه ستار والستر لا يحصل مع كثرة نقل الأخبار ودلّ على إرادة النهي عن الإكثار عطفه قال علي قيل وهو من حسن الاعتبار والقول بأن المراد(1/190)
الأقوال الواقعة في الدين كأن تقول قال أهل السنة كذا والحكماء ولا يبين الأقوى أو بقيل الجواب وقال الابتداء بعيد ويخص من هذا النقل لضرورة أو حاجة سيما إذا كان عن ثقة (وكثرة السؤال) عن أحوال الناس أو عن ما لا يعني فربما كره المسؤول الجواب فيؤدي لسكوته فيجر للحقد والضغائن أو يلجئه إلى الكذب قالوا ومنه أين كنت أو المراد السؤال عن المسائل العلمية امتحاناً وإظهاراً للمراء وادعاء وفخراً ولا يحمل على سؤال الناس من أموالهم لكراهته وإن قل (وإضاعة المال) صرفه في غير حله وبذله في غير وجهه المأذون فيه شرعاً أو تعريضه للفساد واللّه لا يحب المفسدين أو السرف في إنفاقه بالتوسع في لذيذ المطاعم والمشارب ونفيس الملابس والمراكب وتمويه السقوف ونحو ذلك لما ينشأ عنه من غلط الطبع وقسوة القلب المبعدة عن الرب أما في طاعة فعبادة وقد نهى سبحانه عن التبذير وأرشد إلى حسن التدبير {ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك} ولا يخفى ما في هذا الحديث من المحسنات اللفظية باعتبار نسجها على أحسن منوال وكثرة معانيها مع ما في اللفظ من الإقلال.
1750 إن الله حرم علي الصدقة و على أهل بيتي ( صحيح )
( ابن سعد ) عن الحسن بن علي .
الشرح:
(إن اللّه حرم عليَّ الصدقة) فرضها وكذا نقلها (وعلى أهل بيتي) أي وحرم الصدقة فرضها فقط على مؤمني بني هاشم والمطلب لأنها أوساخ الناس فلا تحل لمحمد ولا لآل محمد كما فسره في أحاديث أخر.
1751 إن الله حرم مكة يوم خلق السموات و الأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لم تحل لأحد قبلي و لا تحل لأحد بعدي و لم تحل لي قط إلا ساعة من الدهر لا ينفر صيدها و لا يعضد شوكها و لا يختلى خلاها و لا تحل لقطتها إلا لمنشد( صحيح ) ( خ ) عن ابن عباس .
1752إن الله حرم من الرضاعة ماحرم من الولادة(صحيح)(ت)عن عائشة
1753 إن الله تعالى حرم من الرضاع ما حرم من النسب( صحيح )
( ت ) عن علي .
الشرح:(1/191)
فيه دلالة جلية على أن لبن الفحل يحرم وهو مذهب الشافعي 0
1754 إن الله تعالى حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا ( حسن )
( حم ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى حيث خلق الداء) أي أوجده وقدره (خلق الدواء فتداووا) ندباً بكل طاهر حلال وكذا بغيره إن توقف البرء عليه ولم يجد غيره يقوم مقامه كما سبق والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب وكذا تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك ودخل فيه الداء القاتل الذي اعترف حذاق الأطباء بأن لا دواء له وأقروا بالعجز عن مداواته.
1755 إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
1756 إن الله تعالى حيي ستير يحب الحياء و الستر فإذا اغتسل أحدكم فليستتر( صحيح ) ( حم د ن ) عن يعلى بن أمية .
الشرح:(1/192)
(إن اللّه تعالى حيي) بكسر المثناة تحت الأولى أي ذو حياء عظيم وأصل الحياء كما سبق انقباض النفس عن القبائح خوف لحوق عار وهو في حقه تعالى محال والقانون في مثله حمله على الغايات دون المبادىء كما سبق (ستير) بالكسر والتشديد أي تارك لحب القبائح ساتر للعيوب والفضائح فعيل بمعنى فاعل وجعله بمعنى مفعول أي مستور عن العيون في الدنيا بعيد من السوق كما لا يخفى على أهل الذوق (يحب الحياء) أي من اتصف به والمراد الحياء المحمود بدليل خبر "إن اللّه لا يستحيي من الحق" (والستر) من العبد وإن كره ما يستر عبده عليه كما يحب المغفرة وإن كره المعصية والعتق وإن كره السبب الذي يعتق عليه من النار والعفو وإن كره ما يعفو عنه من الأوزار والتوبة وإن كره المعصية التي يتاب منها والجهاد وإن كره أفعال من يجاهدوه وهذا باب واسع يضيق عنه الأسفار واللبيب من يدخل عليه من بابه قال التوربشتي: وإنما كان اللّه يحب الحياء والستر لأنهما خصلتان يفضيان به إلى التخلق بأخلاق اللّه وقال الطيبي: وصف اللّه بالحياء والستر تهجناً لكشف العورة وحثاً على تحري الحياء والستر (فإذا اغتسل أحدكم فليستتر) أي يستر عورته بما لا يصف اللون وجوباً إن كان بحضرته من يحرم النظر إلى عورته وندباً في غير ذلك ومن ثم ندبوا أن لا يدخل الماء إلا بإزار وعدّ الشافعية من سنن الغسل أن يستر عورته بإزار إن لم يحضر من يحرم نظره إليه بأن كان بخلوة أو حضرة من يحل نظره إليه كحليلته قالوا: وأما غسله عليه السلام متجرداً فلبيان الجواز فإن حضره من يحرم نظره لعورته وعلم منه أنه لا يغض بصره عنه لزمه الاستتار منه وحرم التكشف كما في الروضة والمجموع ويجوز كشف العورة في الخلوة لأدنى غرض كالتبرد فالغسل أولى.
1757 إن الله تعالى حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين ( صحيح ) ( حم د ت ه ك ) عن سلمان .
الشرح:(1/193)
(إن اللّه تعالى) في رواية إن ربكم (حيي) بكسر الياء الأولى (كريم) أي جواد لا ينفد عطاؤه (يستحيي إذا رفع الرجل) يعني الإنسان وذكر الرجل وصف طردي (إليه يديه) سائلاً متذللاً (أن يردّهما صفراً) أي خاليتين (خائبتين) من عطائه لكرمه والكريم يدع ما يدعه تكرماً ويفعل ما يفعله تفضلاً فيعطي من لا يستحق ويدع عقوبة المستوجب والكريم المطلق هو اللّه فإذا رفع عبده يديه متذللاً مفتقراً حاضر القلب موقناً بالإجابة حلال المطعم والمشرب كما يفيده قوله في خبر مسلم فأنى يستجاب له ومطعمه حرام ومشربه حرام يكره حرمانه وإن لم يستوجب المسؤول وقد يعطي الكافر ما يسأله لشدة كرمه. قال الزمخشري في الفائق: قوله يستحيي إلى آخره جملة مستأنفة بإعادة من استؤنف عنه الحديث يعني حياؤه وكرمه يمنعه أن يخيب سائله. اهـ. وفي الكشاف هو جار على سبيل التمثيل وفيه ندب رفع اليدين في الدعاء ورد على مالك حيث كره ذلك. قال ابن حجر: وقد ورد في رفع اليدين أخبار صحيحة صريحة لا تقبل تأويلاً. اهـ. لكن عدم الرد لا يتوقف على الرفع إذا توفرت الشروط وإنما قيد به لأنه حال السائل المتذلل المضطرعادة.
1758 إن الله خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال: هؤلاء في الجنة و لا أبالي و هؤلاء في النار و لا أبالي(صحيح)(حم ك)عن عبدالرحمن بن قتادة.
1759 إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأحمر و الأبيض و الأسود و بين ذلك و السهل و الحزن و الخبيث و الطيب و بين ذلك ( صحيح )
( حم د ت ك هق ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/194)
(إن اللّه تعالى خلق آدم من قبضة) أصلها ما يضم عليه من كل شيء (قبضها من جميع) أجزاء (الأرض) أي ابتداء خلقه من قبضته فمن ابتدائية إن كان من قبضة متعلقاً بخلق وإن كان حالاً من آدم تكون بيانية والقبضة هنا مطابقة الآية {والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة} في بيان تصوير عظمة اللّه وإن كل المكونات الآفاقية والأنفسية منقادة لإرادته ومسخرة بأمره أي فليس هنا قبضة بالحقيقة بل هو تخييل لعظمة شأنه وتمثيل حسي لخلقه ذكره الطيبي وغيره وقال الكمال ابن أبي شريف أخذاً من كلام بعضهم المراد بالقبض هنا حقيقة لكن إنما قبضها عزرائيل عليه السلام ملك الموت فلما كان القبض بأمره تعالى نسب إليه ويشهد له ما رواه سعيد بن منصور وأبو حاتم عن أبي هريرة إن اللّه تعالى لما أراد أن يخلق آدم عليه الصلاة والسلام بعث ملكاً من حملة العرش يأتي بتراب من الأرض فلما هوى ليأخذ منها قالت أسألك بالذي أرسلك لا تأخذ مني اليوم شيئاً يكون منه للنار نصيب فتركها فلما رجع إلى ربه أخبره فأرسل آخر فقال مثل ذلك قال الذي أرسلني أحق بالطاعة فأخذ من وجهها ومن طيبها ومن خبيثها .الحديث. (فجاء بنو آدم على قدر الأرض) أي على قدر لونها وطبعها فخلق من الحمراء الأحمر ومن البيضاء الأبيض ومن سهلها سهل الخلق اللين الرقيق ومن حزنها ضده ومن ثم (جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك) من الألوان {ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم} 00000 (والسهل) بفتح فسكون أي الذي فيه رفق ولين (والحزن) بفتح وسكون أي الذي فيه عنف وغلظة فالسهل من الأرض السهلة والفظ الغليظ الجافي من ضدها (والخبيث والطيب وبين ذلك) أي فالخبيث من الأرض السبخة والطيب من العذبة ومن ثم اختلفت قوى الإنسان فتقبل كل قوة منها ما يأتيها من المواد فيزيد لذلك وينقص ويصلح لذلك ويفسد ويطيب ويخبث لما ذكر من أنه أنشئ من أشياء مختلفة وطبائع شتى {والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه(1/195)
والذي خبث لا يخرج إلا نكداً} ذكره البيضاوي. وقال الطيبي: ولما كانت الأوصاف الأربعة الأولى من الأمور الظاهرة في الإنسان والأرض أجريت على حقيقتها وتركت الأربعة الأخيرة مفتقرة إلى تأويل لأنها من الأخلاق الباطنة فإن المعنى بالسهل الرفق واللين وبالحزن الخرق والعنف وبالطيب الذي يعني به الأرض العذبة المؤمن الذي هو نفع كله وبالخبيث الذي يراد به الأرض السبخة الكافر الذي هو ضرر وخسار في الدارين والذي سبق له الكلام في الحديث هو الأمور الباطنة لأنها داخلة في حديث القدر من الخير والشر وأما الظاهرة من الألوان وإن كانت مقدرة فلا إعتبار لها.
1760 إن الله تعالى خلق الجنة و خلق النار فخلق لهذه أهلا و لهذه أهلا
( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
الشرح:
(إن اللّه خلق الجنة) وجمع فيها كل طيب (وخلق النار) وجمع فيها كل خبيث (فخلق لهذه أهلاً) وهم السعداء وحرمها على غيرهم (ولهذه أهلاً) وهم الأشقياء وحرمها على غيرهم وجعلهما جميعاً في هذه الدار سبعاً فوقع الابتلاء والامتحان بسبب الاختلاط وجعلها دار تكليف فبعث إليهم الرسل لبيان ما كلفهم به من الأقوال والأفعال والأخلاق وأمرهم بجهاد الأشقياء فقامت الحرب على ساق فإذا كان يوم القيامة أي يوم الميعاد ميز اللّه الخبيث من الطيب فجعل الطيب وأهله في دارهم والخبيث وأهله في دارهم فينعم هؤلاء بطيبهم ويعذب هؤلاء بخبثهم لانكشاف الحقائق. قال البيضاوي: وفيه أن الثواب والعقاب لا لأجل الأعمال بل الموجب لهما هو اللطف الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم وهم في أصلاب آبائهم بل وهم وآبائهم وأصول أكوانهم بعد في العدم 000000
1761 إن الله تعالى خلق الخلق حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقال: مه ؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة قال: نعم أما ترضين أن أصل من وصلك و أقطع من قطعك ؟ قالت: بلى يا رب قال: فذلك لك( صحيح )
( ق ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/196)
(إن اللّه خلق الخلق) أي قدر المخلوقات في علمه السابق على ما هم عليه وقت وجودهم (حتى إذا فرغ من خلقه) أي قضاه وأتمه والفراغ تمثيلي وقول الأكمل خلق إن كان بمعنى أوجد فالفراغ على حقيقته رد بأن الفراغ الحقيقي بعد الشغل واللّه سبحانه لا يشغله شأن عن شأن ثم إن ذا بعد خلق السماوات والأرض وإبرازها للوجود أو بعد خلقها كتبا في اللوح أو بعد انتهاء خلق أرواح بني آدم عند قوله {ألست بربكم} (قامت الرحم) حقيقة بأن تجسد وتتكلم والقدرة صالحة أو هو تمثيل وإستعارة إذ الرحم معنى وهو الإتصال القربي من النسب فشبهت بمن يحتاج إلى الصلة فاستعاذ من القطيعة والمراد تفخيم شأنها (فقال) تعالى لها (مه) بفتح فسكون استفهام أي ما تقولين كأنها قامت على هيئة الطالب لشيء والقصد به إظهار الحاجة دون الاستعلام فإنه يعلم السر وأخفى وقيل زجر أي اكففي عن الالتجاء (قالت) بلسان القال أو الحال على ما تقرر (هذا مقام العائذ بك) أي مقامي هذا مقام المستجير بك من القطيعة والعائذ المعتصم بالشيء المستجير به (قال) تعالى (نعم) حرف إيجاب مقرر لما سبق إستفهاماً كان أو خبراً (أما) بالتخفيف وفي رواية للبخاري ألا (ترضين) خطاب للرحم والهمزة للاستفهام على سبيل التقرير لما بعد لا النافية (أن أصل من وصلك) بأن أعطف عليه وأحسن إليه فهو كناية عن عظيم إحسانه (وأقطع من قطعك) فلا أعطف عليه فهو كناية عن حرمان إنعامه وإمتنانه (قالت بلى يا رب) أي رضيت (قال) اللّه تعالى (فذلك لك) بكسر الكاف فيهما أي الحكم السابق حصل لك وصلة الرحم بالمال ونحو عون على حاجة ودفع ضرر وطلاقة وجه ودعاء والمعنى الجامع إيصال الممكن من الخير ودفع الممكن من شر وهذا إنما يطرد إن استقام أهل الرحم فإن كفروا وفخروا فقطيعتهم في اللّه صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم ومن ثم قتل أمين هذه الأمة أباه كافراً غضباً للّه ونصرة لدينه.(1/197)
1762 إن الله تعالى خلق الداء و الدواء فتداووا و لا تتداووا بحرام
( صحيح ) ( طب ) عن أم الدرداء .
1763 إن الله تعالى خلق الرحمة يوم خلقها مائة رحمة فأمسك عنده تسعا و تسعين رحمة و أرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة فلو يعلم الكافر بكل الذي عند الله من الرحمة لم ييأس من الجنة و لو يعلم المؤمن بالذي عند الله من العذاب لم يأمن من النار( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه خلق) أي قدر (الرحمة) التي يرحم بها عباده، ورحمته إرادة الإنعام أو فعل الإكرام فمرجعها صفة ذاتية أو فعلية فهي حادثة من حيث إنها فعل كائن عن الإرادة (يوم خلقها مائة رحمة) قال التوربشتي: رحمة اللّه غير متناهية فلا يعتريها التقسيم والتجزئة وإنما قصد ضرب المثل للأمة ليعرفوا التفاوت بين القسطين قسط أهل الإيمان منها في الآخرة وقسط كافة المربوبين في الأولى فجعل مقدار حظ الفئتين من الرحمة في الدارين على الأقسام المذكورة تنبيهاً على المستعجم وتوفيقاً على المستفهم ولم يرد به تجريد ما قد حلى عن الحد أو تعديد ما يجاوز العد (فأمسك عنده تسعاً وتسعون رحمة وأرسل) وفي رواية وأنزل (في خلقه كلهم رحمة واحدة) تعم كل موجود فكل موجود مرحوم حتى في آن العذاب إذ الكف عن الآشد رحمة وفضل (فلو يعلم الكافر بكل الذي عند اللّه من الرحمة) الواسعة (لم ييأس) أي لم يقنط (من الجنة) أي من شمول الرحمة له فيطمع في أن يدخل الجنة (ولو يعلم المؤمن بالذي عند اللّه من العذاب لم ييأس من النار) أي من دخولها قال الطيبي: سياق الحديث في بيان صفتي القهر والرحمة للّه فكما أن صفاته تعالى غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد فكذا عقوبته ورحمته فلو فرض أن المؤمن وقف على كنه صفة القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخلق طراً فلا يطمع في جنته أحد، هذا معنى وضع ضمير المؤمن، ويجوز أن يراد بالمؤمن الجنس على سبيل الاستغراق فالتقدير أحد منهم ويجوز أن يكون المعنى على وجه(1/198)
آخر وهو أن المؤمن اختص بأن يطمع في الجنة فإذا انتفى منه فقد انتفى عن الكل وكذا الكافر مختص بالقنوط فإذا انتفى القنوط عنه انتفى عن الكل انتهى. وقال المظهر: ورد الحديث في بيان كثرة عقوبته ورحمته لئلا يغتر مؤمن برحمته فيأمن عذابه. وقال العلائي: هذا بيان واضح لوقوف العبد بين حالتي الرجاء والخوف وإن كان الخوف وقت الصحة ينبغي كونه أغلب أحواله لأن تمحض الخوف قد يوقعه في القنوط فينقله لحالة أشر من الذنوب.
1764 إن الله تعالى خلق خلقه في ظلمة فألقى عليهم من نوره فمن أصابه من ذلك النور يومئذ اهتدى و من أخطأه ضل ( صحيح )
( حم ت ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/199)
(إن اللّه خلق خلقه) أي الثقلين فإن الملائكة ما خلقوا إلا من نور ولم يخلقوا من ظلمة الطبيعة والميل إلى الشهوة والغفلة عن معالم الغيب (في ظلمة) أي كائنين في ظلمة الطبيعة فالنفس الأمارة بالسوء المجبولة بالشهوات المردية والأهواء المضلة والركون إلى المحسوسات والغفلة عن معالم الغيب وأسرار عالم القدس (فألقى) وفي رواية للحكيم بدله رش والإلقاء في الأصل طرح الشيء حيث يلقاه ثم صار في التعارف إسماً لكل طرح (عليهم من نوره) أي شيئاً من نوره ومن إما للتبيين أو للتبعيض أو زائدة وكذا في من ذلك النور وهو ما نصب من الشواهد والرباهين وأنزل من الآيات والنذر (فمن) شاء اللّه هدايته (أصابه من ذلك النور يومئذ) فخلص من تلك الظلمة (واهتدى) إلى إصابة طرق السعداء (ومن أخطأه ذلك النور) أي جاوزه وتعداه لعدم مشاهدة تلك الآيات وإبصاره تلك البراهين الجليات (ضل) أي بقي في ظلمة الطبيعة متحيراً كالأنعام كما هو حال الفجرة المنهمكين في الشهوات المعرضين عن الآيات والنذر، أو المراد خلق الذر المستخرج من صلب آدم فعبر بالنور عن الألطاف التي هي تباشير صبح الهداية وإشراق لمع برق العناية ثم أشار بقوله أصاب وأخطأ إلى ظهور أثر تلك العناية في الإنزال من هداية بعض وضلال بعض أو معنى في ظلمته جهالاً عن معرفة اللّه لأن العبودية لا تدرك الربوبية إلا بإحداث المعرفة منها لها وهو معنى ألقى عليهم من نوره أي هدى من شاء فعبر عن الهدى بالنور فلا يعرف اللّه إلا باللّه فالدلائل لإلزام الحجة لا سبب للّهداية بمجردها وإلا لاهتدى بها كل ناظر وكم نظر فيها ذو عقل سليم وفهم قويم وفكر مستقيم ولم يزده ذلك إلا ضلالاً000000000
1765 إن الله خلق مائة رحمة رحمة منها قسمها بين الخلائق و تسعة و تسعين إلى يوم القيامة( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .(1/200)
1766 إن الله خلق مائة رحمة فبث بين خلقه رحمة واحدة فهم يتراحمون بها و ادخر عنده لأوليائه تسعة و تسعين ( صحيح )
( طب ابن عساكر ) عن معاوية بن حيدة .
1767 إن الله تعالى خلق يوم خلق السموات و الأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء و الأرض فجعل منها في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها و الوحش و الطير بعضها على بعض و أخر تسعا و تسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ( صحيح )
( حم م ) عن سلمان ( حم ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن اللّه خلق يوم خلق السماوات والأرض مائة رحمة) أي أظهر تقديرها يوم أظهر تقدير السماوات والأرض وفيه بشرى للمؤمنين لأنه إذا حصل من رحمة واحدة في دار الأكدار ما حصل من النعم الغزار فما ظنك بباقيها في دار القرار (كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض) أي ملء ما بينهما وقد مر معنى الطباق ومقصوده التعظيم والتكثير وورود ذلك بهذا اللفظ غير عزيز (فجعل في الأرض منها رحمة) قال القرطبي: هذا نص في أن الرحمة يراد بها متعلق الإرادة وأنها راجعة إلى المنافع والنعم (فيها تعطف) أي تحن وترق وتشفق وفي الصحاح عطف عليه شفق وفي المصباح عطفت الناقة على ولدها عطفاً حنت (الوالدة على ولدها) من الآدميين وكل ذي روح (والوحش والطير) أي وغيرهما من كل نوع من أنواع ذوات الأرواح ولعل تخصيص الوحش والطير لشدة نفورها واللّه أعلم بمراد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. قال القرطبي: وحكمة ذلك تسخير القوي للضعيف والكبير للصغير حتى يتحفظ نوعه وتتم مصلحته وذلك تدبير اللطيف الخبير (بعضها على بعض وأخر تسعاً وتسعين فإذا كان يوم القيامة أكملها بهذه الرحمة ) فالرحمة التي في الدنيا يتراحمون بها أيضاً يوم القيامة. قال المهلب: الرحمة رحمتان رحمة من صفة الذات وهي لا تتعدد ورحمة من صفة الفعل 0000
1768 إن الله رحيم حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه يديه ثم لا يضع فيهما خيرا( صحيح ) ( ك ) عن أنس .(1/201)
1769 إن الله تعالى رضي لهذه الأمة اليسر و كره لها العسر( صحيح )
( طب ) عن محجن بن الأدرع .
1770 إن الله رفيق يحب الرفق و يرضاه و يعين عليه ما لا يعين على العنف فإذا ركبتم هذه الدواب العجم فنزلوها منازلها فإن أجدبت الأرض فانجوا عليها فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار و إياكم و التعريس بالطريق فإنه طريق الدواب و مأوى الحيات ( صحيح )
( طب ) عن معدان .
1771 إن الله تعالى رفيق يحب الرفق و يعطي عليه ما لا يعطي على العنف( صحيح ) ( خد د ) عن عبدالله بن المغفل ( ه حب ) عن أبي هريرة ( حم هب ) عن علي ( طب ) عن أبي أمامة ( البزار ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه رفيق) أي لطيف بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر فيكلفهم فوق طاقتهم بل يسامحهم ويلطف بهم ولا يجوز إطلاق الرفيق عليه سبحانه اسماً لأن أسماءه سبحانه إنما تتلقى بالنقل المتواتر ولم يوجد، ذكره بعض الشراح، وأصله قول القاضي الرفق ضد العنف وهو اللطف وأخذ الأمر بأحسن الوجوه وأيسرها والظاهر أنه لا يجوز إطلاقه عليه تعالى لأنه لم يتواتر ولم يستعمل هنا على قصد التسمية وإنما أخبر به عنه تمهيداً للحكم الذي بعده انتهى لكن قال النووي: الأصح جواز تسميته تعالى رفيقاً وغيره مما يثبت بخبر الواحد (يحب الرفق) بالكسر لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل أي يحب أن يرفق بعضكم ببعض وزعم أن المراد يحب أن يرفق بعباده لا يلائم سياق قوله (ويعطي عليه) في الدنيا من الثناء الجميل ونيل المطالب وتسهيل المقاصد وفي العقبى من الثواب الجزيل (مالا يعطي على العنف) بالضم الشدة والمشقة وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله. نبه به على وطاءة الأخلاق وحسن المعاملة وكمال المجاملة ووصف اللّه سبحانه وتعالى بالرفق إرشاداً وحثاً لنا على تحري الرفق في كل أمر فهو خارج مخرج الأخبار لا التسمية كما تقرر.(1/202)
1772 إن الله زادكم صلاة فحافظوا عليها و هي الوتر ( صحيح )
( حم ) عن ابن عمرو .
1773 إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها و مغاربها و إن ملك أمتي سيبلغ ما زوي لي منها و إني أعطيت الكنزين الأحمر و الأبيض و إني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكوا بسنة عامة و لا يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم و إن ربي عز و جل قال: يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد و إني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة و أن لا أسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم فيستبيح بيضتهم و لو اجتمع عليهم من بين أقطارها حتى يكون بعضهم يفني بعضا و إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين و إذا وضع في أمتي السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة و لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين حتى تعبد قبائل من أمتي الأوثان و إنه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبي و أنا خاتم النبيين لا نبي بعدي و لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله( صحيح)( حم م د ت ه )عن ثوبان .
1774 إن الله تعالى سائل كل راع عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه ؟ حتى يسأل الرجل عن أهل بيته ( حسن ) ( ن حب ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى سائل) إشارة إلى تحقق وقوع ذلك (كل راع عما استرعاه) أي أدخله تحت رعايته (أحفظ ذلك أم ضيعه) بهمزة الاستفهام (حتى يسأل الرجل عن أهل بيته) أحفظهم أم ضيعهم فيعامل من قام بحق ما استرعاه عليه بفضله ويعامل من أهمله بعدله وما يعفو اللّه أكثر قال الطيبي: فيه أن الراعي ليس مطلوباً لذاته وإنما أقيم لحفظ ما استرعاه فعليه أن لا يتصرف إلا بمأذون الشارع فيه وهو تمثيل ليس ألطف ولا أجمع ولا أبلغ منه وزاد في رواية فأعدوا للمسئلة جواباً قالوا: وما جوابها قال: أعمال البر خرجه ابن عدي والطبراني قال ابن حجر: بسند حسن واستدل به على أن المكلف يؤاخذ بالتقصير في أمر من في حكمه 00000000(1/203)
1775إن الله تعالى سمى المدينةطابة( صحيح)(حم م ن)عن جابربن سمرة.
الشرح:
(إن اللّه سمى) وفي رواية إن اللّه أمرني أن أسمي ولا تعارض لأن المراد أنه أمره بإظهار تسميتها (المدينة طابة) بمنع صرفها وفي بعض روايات البخاري طابة بالتنوين بجعلها نكرة وهي تأنيث طاب من الطيب وأصلها طيبة قلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها وكان اسمها يثرب فكرهه النبي صلى اللّه عليه وسلم لاستعمال الثرب في معنى القبح فبين أن اللّه سماها طابة لتيطيب مكانها بالدين أو لخلوصها من الشرك وتطيبها منه أو لطيب رائحتها وأمورها كلها أو لحلول الطيب بها وهو المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أو لكونها تنفي خبثها ويبقى طيبها أو لغير ذلك وتسميتها في التنزيل يثرب وقوله في حديث هذه يثرب باعتبار ما عند المنافقين أو نزول الآية سابق على التسمية.
1776 إن الله سيخلص رجلا من أمتي على رءوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة و تسعين سجلا كل سجل مثل مد البصر ثم يقول: أتنكر من هذا شيئا ؟ أظلمك كتبتي الحافظون ؟ فيقول: لا يا رب فيقول: أفلك عذر ؟ فيقول: لا يا رب فيقول: بلى إن لك عندنا حسنة و إنه لا ظلم عليك اليوم فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله فيقول: احضر وزنك فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات ؟ فيقال: فإنك لا تظلم فتوضع السجلات في كفة و البطاقة في كفة فطاشت السجلات و ثقلت البطاقة و لا يثقل مع اسم الله تعالى شيء ( صحيح )
( حم ت ك هب ) عن ابن عمرو .
1777 إن الله تعالى صانع كل صانع و صنعته ( صحيح )
( خ في خلق أفعال العباد ك هق في الأسماء ) عن حذيفة .
الشرح:(1/204)
(إن اللّه تعالى صانع) بالتنوين وعدمه (كل صانع وصنعته) أي مع صنعته فهو خالق للفاعل والفعل لقوله تعالى {واللّه خلقكم وما تعملون} وبهذا أخذ أهل السنة وهو نص صريح في الرد على المعتزلة وكمال الصنعة لا يضاف إليها وإنما يضاف إلى صانعها وهذا الحديث قد احتج به لما اشتهر بين المتكلمين والفقهاء من إطلاق الصانع عليه تعالى قال المؤلف فاعتراضه بأنه لم يرد وأسماؤه تعالى توقيفية غفلة عن هذا الخبر وهذا حديث صحيح لم يستحضره من اعترض ولا من أجاب بأنه مأخوذ من قوله {صنع اللّه} انتهى ومنعه بعض المحققين بأنه لا دليل لما صرحوا به من اشتراط إذ لا يكون الوارد على جهة المقابلة نحو {أم نحن الزارعون} {واللّه خير الماكرين} وهذا الحديث من ذلك القبيل وبأن الكلام في الصانع بأل بغير إضافة وما في الخبر مضاف وهو لا يدل على جواز غيره بدليل قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يا صاحب كل نجوى أنت الصاحب في السفر لم يأخذوا منه أن الصاحب بغير قيد من أسمائه تقدس000000000
1778 إن الله ضرب الدنيا لمطعم ابن آدم مثلا و ضرب مطعم ابن آدم مثلا للدنيا و إن قزحه و ملحه ( حسن ) ( ابن المبارك هب ) عن أبي .
1779 إن الله تعالى عفو يحب العفو( حسن )
( ك ) عن ابن مسعود ( عد ) عن عبدالله بن جعفر .
1780 إن الله فضلني على الأنبياء بأربع: أرسلني إلى الناس كافة و جعل الأرض كلها لي و لأمتي طهورا و مسجدا فأينما أدرك رجل من أمتي الصلاة فعنده مسجده و عنده طهوره و نصرني بالرعب مسيرة شهر و أحل لي المغانم ( صحيح ) ( طب الضياء ) عن أبي أمامة .
1781 إن الله قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة و إيتاء الزكاة و لو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون له ثان و لو كان له واديان لأحب أن يكون لهما ثالث و لا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب(صحيح )
( حم طب ) عن أبي واقد .(1/205)
1782 إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب و ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلى مما افترضته عليه و ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها و إن سألني لأعطينه و إن استعاذني لأعيذنه و ما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن يكره الموت و أنا أكره مساءته(صحيح)( خ )عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى قال من عادى) من المعاداة ضد الموالاة (لي) متعلق بقوله (ولياً) وهو من تولي اللّه بالطاعة فتولاه اللّه بالحفظ والنصر، فالولي هنا القريب من اللّه باتباع أمره وتجنب نهيه وإكثار النفل مع كونه لا يفتر عن ذكره ولا يرى بقلبه سواه (فقد آذنته بالحرب) أي أعلمته بأني سأحاربه {فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من اللّه ورسوله} ومن حاربه اللّه أي عامله معاملة المحارب من التجلي عليه بمظاهر القهر والجلال وهذا في الغاية القصوى من النهديد والمراد عادى ولياً لأجل ولايته لا مطلقاً فخرج نحو محاكمته لخلاص حق أو كشف غامض، فلا يرد خصومة العمرين رضي اللّه عنهما لعليّ والعباس رضي اللّه عنهما ومعاداته لولايته إما بإنكارها عناداً أو حسداً أو بسبه أو شتمه ونحو ذلك من ضروب الإيذاء، وإذا علم ما في معاداته من الوعيد علم ما في موالاته من الثواب (وما تقرب إلي عبدي بشيء) أي بفعل طاعة (أحب إلي مما افترضه عليه أي من آدابه عيناً أو كفاية لأنها الأصل الذي ترجع إليه جميع الفروع والأمر بها جازم يتضمن أمرين الثواب على فعلها والعقاب على تركها فالفرض كالأس والنفل كالبناء عليه (ولا يزال عبدي) الإضافة للتشريف (يتقرب) وفي رواية يتحبب (إلي بالنوافل) أي التطوع من جميع صنوف العبادة (حتى أحبه) بضم أوله وفتح ثالثه (فإذا أحببته) لتقربه إليّ بما ذكر حتى قلبه بنور معرفتي (كنت) أي صرت (سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده(1/206)
الذي يبطش بها ورجله التي يمشي بها) يعني يجعل اللّه سلطان حبه غالباً حتى لا يرى ولا يسمع ولا يفعل إلا ما يحبه اللّه عوناً له على حماية هذه الجوارح عما لا يرضاه أو هو كناية عن نصرة اللّه وتأييده وإعانته له في كل أموره وحماية سمعه وبصره وسائر جوارحه عما لا يرضاه وحقيقة القول ارتهان كلية العبد بمراضي الرب على سبيل الاتساع فإنهم إذا أرادوا اختصاص شيء بنوع اهتمام وعناية واستغراق فيه ووله به ونزوع إليه سلكوا هذا الطريق000000 والحاصل أن من تقرب إليه بالفرض ثم النفل قرّبه فرقاه من درجة الإيمان مقام الإحسان حتى يصير ما في قلبه من المعرفة يشاهده بعين بصيرته وامتلاء القلب بمعرفته يمحي كل ما سواه فلا ينطق إلا بذكره ولا يتحرك إلا بأمره فإن نظر فيه أو سمع فيه أو بطش فيه وهذا هو كمال التوحيد (وإن سألني لأعطينه) مسؤوله كما وقع لكثير من السلف (وإن استعاذ بي) روي بنون وروي بموحدة تحيتية والأول الأشهر (لأعيذنه) مما يخاف وهذا حال المحب مع محبوبه وفي وعده المحقق المؤكد بالقسم إيذان بأن من تقرب بما مر لا يرد دعاؤه (وما تردّدت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس المؤمن) أي ما أخرت وما توفقت توقف المتردد في أمر أنا فاعله إلا في قبض نفس عبدي المؤمن أتوقف عليه حتى يسهل عليه ويميل قلبه إليه شوقاً إلى انخراطه في سلك المقربين والتبوىء في أعلا عليين، أو أراد بلفظ التردد إزالة كراهة الموت عن المؤمن بما يبتلي به من نحو مرض وفقر، فأخذه المؤمن عما تشبث به من حب الحياة شيئاً فشيئاً بالأسباب المذكورة يشبه فعل المتردد فعبر به عنه (يكره الموت) لصعوبته وشدته ومرارته وشدة ائتلاف روحه لجسده وتعلقها به ولعدم معرفته بما هو صائر إليه بعده (وأنا أكره مساءته) وأريده له لأنه يورده موارد الرحمة والغفران والتلذذ بنعيم الجنان فالمراد ما رددت شيئاً بعد شيء مما أريد أن أفعله بعبدي كترددي في إزالة كراهة الموت عنه بأن يورد عليه(1/207)
حوادث يسأم معها الحياة ويتمنى الموت كما تمنى علي كرم اللّه وجهه الموت لاختلاف رعيته عليه وقتالهم له مع كونه الإمام الحق وقد يحدث اللّه بقلب عبده من الرغبة فيما عنده والشوق إليه ما يشتاق به إلى الموت فضلاً عن كراهته فيأتيه وهو له مؤثر وإليه مشتاق وذلك من مكنون ألطافه فسبحان اللطيف الخبير، وهذا أصل في السلوك كبير.
1783 إن الله تعالى قبض أرواحكم حين شاء و ردها عليكم حين شاء يا بلال قم فأذن في الناس بالصلاة ( صحيح ) ( حم خ د ن ) عن أبي قتادة .
الشرح:(1/208)
(إن اللّه تعالى قبض) حين شاء (أرواحكم) عن أبدانكم أيها الذين ناموا في الوادي عن صلاة الصبح وذلك بأن قطع تعلقها عنها وتصرفها فيها ظاهراً لا باطناً فالقبض مجاز عن سلب الحس والحركة الإرادية لأن النائم كمقبوض الروح في سلبها عنه فهو من قبيل {اللّه يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} ولا يلزم من قبض الروح الموت فالموت انقطاع تعلق الروح بالبدن ظاهراً وباطناً والنوم انقطاعه عن ظاهره فقط (حين شاء وردها عليكم) عند اليقظة (حين شاء) وحين شاء في الموضعين ليس لوقت واحد فإن نوم القوم لا يتفق غالباً في وقت واحد بل يتتابعون فحين الأولى خبر عن أحيان متعددة والمراد بذلك أنه لا لوم عليكم في نومكم حتى خرج وقت الصلاة إذ ليس في النوم تفريط ولا ينافيه أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لما مر بعلي وفاطمة رضي اللّه تعالى عنهما وهما نائمان حتى طلعت الشمس أنكر عليهما فقال عليّ رضي اللّه عنه إن نواصينا بيد اللّه إن شاء أنامها وإن شاء أقامها فولى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وضرب بيده على فخده قائلاً {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} لأن قصده بذلك حثهما على عدم التفريط بالاسترسال في النوم وهذا قاله حين نام هو وصحبه عن الصبح في الوادي حتى طلعت الشمس فسلاهم به وقال اخرجوا بنا من هذا الوادي فإن فيه شيطاناً فلما خرجوا قال (يا بلال قم فأذن الناس بالصلاة) كذا هو مشدد الذال أي أذن وبالموحدة فيهما في رواية البخاري وفي رواية له فآذن بالمد وحذف الموحدة من بالناس وأذن معناه أعلم والمراد به الإعلام المحض بحضور وقتها لا خصوص الآذان المشروع فإن مشروعيته كانت بعد، ذكره عياض، فلما اذن قام المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابياضت قام فصلى والأنبياء وإن كانوا لا تنام قلوبهم لكن صرف اللّه قلبه للتشريع وأما الجواب بأنه كان له حالات فتارة ينام قلبه وتارة لا: فضعفه النووي0000 وفيه الأذان للفائتة وبه(1/209)
قال أبو حنيفة رضي اللّه تعالى عنه وأحمد والشافعي رضي اللّه تعالى عنهما في القديم، وفي الجديد لا، وهو قول مالك رضي اللّه تعالى عنه واختار النووي رضي اللّه تعالى عنه الأول لهذا الحديث وندب الأذان قائماً لقوله قم، ذكره عياض، ورده النووي رضي اللّه تعالى عنه بأن المراد بقوله قم اذهب إلى محل بارز فناد فيه للصلاة ليسمعك الناس ولا تعرض فيه للقيام حال الأذان.
1784 إن الله قبض قبضة فقال: هذه إلى الجنة برحمتي و قبض قبضة فقال: هذه إلى النار و لا أبالي( صحيح ) ( ع ) عن أنس .
1785 إن الله قد اتخذني خليلا( صحيح ) ( ك ) عن جندب .
1786 إن الله تعالى قد أجار أمتي أن تجتمع على ضلالة ( حسن )
( ابن أبي عاصم ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى قد أجار) في رواية بإسقاط قد (أمتي) أي حفظ علماءها عن (أن تجتمع على ضلالة) أي محرم، ومن ثم كان إجماعهم حجة قاطعة فإن تنازعوا في شيء ردوه إلى اللّه ورسوله إذ الواحد منهم غير معصوم بل كل أحد يؤخذ منه ويرد عليه إلا الرسول صلى اللّه عليه وسلم، ونكر ضلالة لتعم وأفردها لأن الإفراد أبلغ.
1787 إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية و فخرها بالآباء مؤمن تقي و فاجر شقي أنتم بنو آدم و آدم من تراب ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن ( حسن ) ( حم د ) عن أبي هريرة .
1788 إن الله تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث(صحيح )
( ه ) عن أنس .
الشرح:(1/210)
(إن اللّه تعالى قد أعطى كل ذي حق حقه) أي حظه ونصيبه الذي فرض له المذكور في آيات المواريث الناسخة للوصية للوالدين والأقربين (فلا وصية لوارث) ولو بدون الثلث إن كانت ممن لا وارث له غير الموصى له وإلا فموقوفة على إجازة بقية الورثة لقوله في الخبر الآخر إلا أن تجيز الورثة كذا قرره بعضهم وقال ابن حجر: المراد بعدم صحة الوصية للوارث عدم اللزوم لقوله لأن الأكثر على أنها موقوفة على إجازة الورثة وقد كانت الوصية قبل نزول آية المواريث واجبة للأقربين فلما نزلت بطلت في الوصايا.
1789 إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث الولد للفراش و للعاهر الحجر و حسابهم على الله و من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة و لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا بإذن زوجها قيل: و لا الطعام ؟ قال: ذلك أفضل أموالنا
( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي أمامة .
1790 إن الله قد أمده لرؤيته فإن أغمي عليكم فأكملوا العدة ( صحيح )
( حم م ) عن ابن عباس .
1791 إن الله تعالى قد أوقع أجره على قدر نيته ( صحيح )
( مالك حم د ن ه حب ك ) عن جابر بن عتيك .
الشرح:
(إن اللّه تعالى قد أوقع) أي صير (أجره) أي أجر عبد اللّه بن ثابت الذي تجهز للغزو مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمات قبل خروجه (على قدر نيته) أي فيكتب له أجر الشهادة وإن كان مات على فراشه وهذا يحتمل كونه خصوصية لذلك الصحابي ويحتمل العموم.
1792 إن الله قد جعل لجعفر جناحين مضرجين بالدم يطير بهما مع الملائكة ( صحيح ) ( الدارقطني في الأفراد ك ) عن البراء .
1793 إن الله تعالى قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله ( صحيح ) ( ق ) عن عتبان بن مالك .
الشرح:(1/211)
(إن اللّه قد حرم النار) أي نار الخلود لما ثبت أن طائفة من الموحدين يعذبون ثم يخرجون بدليل أخبار الشفاعة (من قال لا إله إلا اللّه يبتغي بذلك وجه اللّه) أي يقولها خالصاً من قلبه يطلب بها النظر إلى وجه اللّه تعالى وظاهر الخبر الاكتفاء بقولها مرة واحدة في أي وقت كان من العمر لكن بشرط الاستمرار على اعتقاد مدلولها إلى الموت المشار إليه بخبر من كان آخر كلامه لا إله إلا اللّه دخل الجنة وأجرى بعضهم الحديث على ظاهره من إطلاق التحريم على النار وقال الكلام فيمن قالها بالإخلاص والصدق وهم فريقان أعلى وأدنى فالأدنى من يقف عند صنعه وأمره كالعبيد أما صنعه فهو حكمه عليه من عز وذل وصحة وسقم وفقر وغنى بأن يحفظ جوارحه السبع عن كل حكم به عليه وأما أمره فأداء الواجبات وتجنب المحرمات والإعلاء ان يكون في هذين حافظاً لقلبه قد راض نفسه وماتت شهواته ورضي بأحكام اللّه وقنع بما أعطاه اللّه وفطم نفسه عن اللذات وانقاد لأمره ونهيه إعظاماً لجلاله فخمدت نار شهوة النفس وخرج القلب من أسرها وقهرها فاستمسك بالعروة الوثقى فقوي واتصل بربه اتصالاً لا يجد العدو إليه سبيلاً لإلقاء شرك أو شك لما لزم قلبه من ذلك النور فإذا انتهى إلى الصراط صار ذلك النور وقاية من تحت قدمه ومن فوقه ومن حوله وأمامه 000 أما من قال لا إله إلا اللّه ونفسه ذات هلع وشره وشهوة غالبة فائرة بدخان لذاتها كدخان الحريق مضيعة لحقوق اللّه مشحونة
بالكذب والغش والخيانة كثيرة الهواجس والاضطرار فليست النار محرمة عليه بل يدخلها للتطهير إلا أن يتداركه عفو إلهي 000
1794 إن الله قسم لكل وارث نصيبه من الميراث و لا تجوز لوارث وصية الولد للفراش و للعاهر الحجر و من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه رغبة عنهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين و لا يقبل الله منه صرفا و لا عدلا ( صحيح ) ( حم ه ) عن عمرو بن خارجة .(1/212)
1795 إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته ( صحيح )
( حم م 4 ) عن شداد بن أوس .
الشرح:
(إن اللّه كتب) أي أوجب أو طلب والأول هو موضوع كتب عند أكثر أهل العرف لكن الثاني أولى لشموله للمندوب ومكملاته (الإحسان) مصدر أحسن وهو هنا ما حسنه الشرع لا العقل خلافاً للمعتزلة والمراد طلب تحسين الأعمال المشروعة باتباعها بمكملاتها المعتبرة شرعاً (على) أي في، كما في {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان} أو إلى (كل شيء) غير الباري تقدس غني بذاته عن إحسان كل ما سواه فشمل الحيوان آدمياً أم غيره والنبات لاحتياجه للنمو والملائكة بأن تحسن عشرتهم فلا يفعل ما يكرهه الحفظة ولا يأكل ماله ريح كريه والجن بنحو نيتهم بسلام الصلاة وغير ذلك والإحسان لشياطينهم بالدعاء لهم ككفار الإنس وبالإسلام وفي إفهام كتب إشعار بأنه لا يتقاصر عنه من كتب عليه إلا انشرم دينه كما ينشرم خرز القربة المكتوب فيها، ذكره الحرالي (فإذا قتلتم) قوداً أو حداً غير قاطع طريق وزان محصن لإفادة نص آخر التشديد فيهما وغيره نحو حشرات وسباع فلا حظ لهما في الإحسان على ما قيل لكنه عليل إذ وجوب قتلها لا ينافي إحسان كيفيته، وفرع هذا وما بعده على ما قبله مع أن صور الإحسان لا تحصر لكونها الغاية في إيذاء الحيوان فإذا طلب الإحسان إليهما فغيرهما أولى (فأحسنوا القتلة) بكسر القاف هيئة القتل بأن يختاروا أسهل الطرق وأخفها إيلاماً وأسرعها زهوقاً لكن تراعى المثلية في القاتل في الهيئة والآلة إن أمكن وإلا كلواط وسحر فالسيف (وإذا ذبحتم) بهيمة تحل (فأحسنوا الذبحة) بالكسر بالرفق بها فلا يصرعها بعنف ولا يجرها لتذبح بعنف وبإحداد الآلة وتوجيهها للقبلة والتسمية والإجهاز ونية التقرب بذبحها وإراحتها وتركها إلى أن تبرد وشكر اللّه حيث سخرها لنا ولم يسلطها علينا ولا يذبحها بحضرة(1/213)
أخرى سيما بنتها أو أمها (وليحد أحدكم) أي كل ذابح (شفرته) بالفتح وجوباً في الكالة وندباً في غيرها وهي السكين وشفرتها حدها فسميت به تسمية للشيء باسم جزئه وينبغي مواراتها منها حال حدها للأمر به في خبر (وليرح) بضم أوله من أراح إذا حصلت له راحة (ذبيحته) بسقيها عند الذبح ومر السكين عليها بقوة ليسرع موتها فترتاح وبالإمهال بسلخها حتى تبرد، وعطف ذا على ما قبله لبيان فائدته إذ الذبح بآلة كالة يعذبها فراحتها ذبحها بآلة ماضية والذبيحة فعيلة بمعنى مفعولة وتاؤها للنقل من الوصفية إلى الإسمية قالوا وهذا الحديث من قواعد الدين.
1796 إن الله تعالى كتب الحسنات و السيئات ثم بين ذلك فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله تعالى عنده حسنة كاملة فإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشرة حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة و إن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة فإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى سيئة واحدة و لا يهلك على الله إلا هالك (صحيح)( ق)عن ابن عباس.
الشرح:(1/214)
(إن اللّه تبارك) تعاظم (وتعالى) تنزه عما يليق بعلا كماله (كتب الحسنات والسيئات) أي قدرهما في علمه على وفق الواقع أو أمر الحفظة بكتابتهما (ثم بين) اللّه تعالى (ذلك) للكتبة من الملائكة حتى عرفوه واستغنوا به عن استفساره في كل وقت كيف يكتبونه (فمن هم بحسنة) أي عقد عزمه عليها (فلم يعملها) بفتح الميم (كتبها اللّه تعالى) للذي هم بها أي قدرها أو أمر الحفظة بكتابتها (عنده حسنة كاملة) لا نقص فيها وإن نشأت عن مجرد الهم، والعندية للتشريف ومزيد الاعتناء سواء كان الترك لمانع أم لا، قيل: ما لم يقصد الإعراض عنها جملة وإلا لم تكتب، واطلاع الملك على فعل القلب بإطلاع اللّه تعالى أو بأن يخلق له علماً يدرك به أو بأن يجد للّهم بها ريحاً طيبة (فإن هم بها فعملها) بكسر الميم أي الحسنة (كتبها اللّه) أي قدر أو أمر (عنده) تشريفاً لصاحبها (عشر حسنات) لأنه أخرجها من الهم إلى ديوان العمل و{من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} وهذا أقل ما وعد به من الأضعاف (إلى سبعمائة ضعف) بكسر الضاد أي مثل وقيل مثلين (إلى أضعاف كثيرة) بحسب الزيادة في الإخلاص وصدق العزم وحضور القلب وتعدي النفع واللّه يضاعف لمن يشاء قال في الكشاف: مضاعفة الحسنات فضل ومكافأة السيئات عدل (وإن هم بسيئة فلم يعملها) بجوارحه ولا بقلبه (كتبها اللّه عنده) عندية تشريف (حسنة كاملة) ذكره لئلا يظن أن كونها مجرد هم ينقص ثوابها وفي خبر مسلم الكف عن الشر صدقة (فإن هم بها فعملها) بكسر الميم (كتبها اللّه تعالى) عليه (سيئة واحدة) لم يعتبر مجرد الهم في جانب السيئة واعتبره في جانب الحسنة تفضلاً منه سبحانه، واستثنى البعض الحرم المكي فتضاعف فيه، وفيه (ولا يهلك على اللّه إلا هالك) أي من أصر على السيئة وأعرض عن الحسنات ولم ينفع فيه الآيات والنذر فهو غير معذور فهو هالك أو من حتم هلاكه وسدت عليه سبل الهدى أو من غلبت آحاده وهو السيئات عشراته وهي الحسنات المضاعفة إلى(1/215)
أضعاف كثيرة، وأعظم بمضمون هذا الحديث من منة إذ لولاه لما دخل أحد الجنة لغلبة السيئات على الحسنات.
1797 إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر و زنا اللسان المنطق و النفس تمنى و تشتهي و الفرج يصدق ذلك أو يكذبه ( صحيح ) ( ق د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى كتب) أي قضى وقدر يقال هذا كتاب اللّه أي قدره ومنه {كتب عليكم الصيام}، {كتب عليكم القصاص}. قال الزمخشري: سألني بعض المغاربة ونحن بالطواف عن القدر فقلت هو في السماء مكتوب في الأرض مكسوب (على ابن آدم حظه من الزنا) أي خلق له الحواس التي بها يجد لذة الزنا وأعطاه القوى التي بها يقدر عليه وركز في جبلته حب الشهوات فمن للبيان وهو مع مجروره حال من حظه، ذكره القاضي (أدرك ذلك لا محالة) بفتح الميم أي أصاب ذلك ووصل إليه البتة، ولا لنفي الجنس قال الجوهري: حال كونه تغير وحال عن العهد انقلب وحال الشيء بيننا حجز والمحالة الحيلة يقال المرء يعجز لا محالة وقولهم لا محالة أي لا بد قال البيضاوي: وهذا استئناف جواب عمن قال هل يخلص ابن آدم عنه قال ابن رسلان كلما سبق في العلم لا بد أن يدركه لا يستطيع دفعه لكن يلام على صدوره منه لتمكنه من التمسك بالطاعة وبه تندفع شبه القدرية والجبرية وقال الطيبي: الجملة الثانية مترتبة على الأولى بلا حرف الترتيب تعويضاً لاستفادته إلى ذهن السامع والتقدير كتب اللّه ذلك وما كتبه لا بد أن يقع (فزنا العين النظر) إلى ما لا يحل من نحو أجنبية وأمرد (وزنا اللسان المنطق) وفي رواية النطق بدون ميم أي بما لا يجوز وإطلاق الزنا على ما بالعين واللسان مجاز لأن كل ذلك من مقدماته (والنفس تمنى) أي تتمنى فحذف إحدى التاءين أي وزنا النفس تمنيها (وتشتهي) أي اشتهاؤها إياه (والفرج يصدق ذلك أو يكذبه) أي إن فعل بالفرج ما هو المقصود من ذلك صار الفرج مصدقاً لتلك الأعضاء وإن ترك ما هو المقصود من ذلك(1/216)
فقد صار الفرج مكذباً ذكره القاضي وقال الطيبي: سمى هذه الأشياء باسم الزنا لأنها مقدمات له مؤذنة بوقوعه ونسب التصديق والتكذيب إلى الفرج لأنه منشؤه ومكانه أي يصدق بالإتيان لما هو المراد منه ويكذبه بالكف عنه والترك قال الزمخشري في قوله كذب عليك الحج كذب كلمة جرت مجرى المثل في كلامهم وهو في معنى الأمر يريد أن كذب هنا تمثيل لإرادة تلك ما سولت لك نفسك من التواني في الحج وكذا ما نحن فيه من الاستعارة التمثيلية شبه صورة حالة الإنسان من إرساله الطرف الذي هو رائد القلب إلى النظر إلى المحارم وإصغائه الأذن إلى السماع ثم انبعاث القلب إلى الإشتهاء والتمني ثم استدعائه منه فصار ما يشتهى وتمنى باستعمال الرجلين في المشي واليدين في البطش والفرج في تحقيق مشتهاه فإذا مضى الإنسان على ما استدعاه القلب حقق متمناه وإذا امتنع عن ذلك خيبة فيه ثم استعمل في حال المشبه ما كان مستعملاً في جانب المشبه به من التصديق والتكذيب ليكون قرينة للتمثيل وقد نظر المحاسبي رضي اللّه عنه إلى هذا حيث قال:
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً * لقلبك يوماً تعنك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر * عليه ولا عن بعضه أنت صابر
قال الطيبي: والإسناد في قوله والفرج يصدقه أو يكذبه مجازي لأن الحقيقي هو أن يسند إلى الإنسان فأسنده إلى الفرج لأنه مصدر الفعل والسبب الأقوى وهذا ليس على عمومه لعصمة الخواص وقد يحتمل بقائه على عمومه بتكلف، وبدأ بزنا العين لأنه أصل زنا اليد والرجل والقلب والفرج زنبه بزنا اللسان بالكلام على زنا الفم بالتقبيل وجعل الفرج مصدقاً لذلك إن حقق الفعل ومكذباً له إن لم يحققه فكان الفرج هو الموقع وفيه أن العبد لا يخلق فعل لنفسه لأنه قد يريد الزنا فلا يطاوعه الذكر ولو كان خالقاً لفعله لم يعجز عما يريده مع استحكام الشهوة.1798 إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا (صحيح)( طب )عن ابن عباس .
الشرح:(1/217)
(إن اللّه تعالى كتب) أي فرض (عليكم السعي) بين الصفا والمروة في النسك فمن لم يسع لم يصح حجه عند الثلاثة وقال أبو حنيفة رضي اللّه تعالى عنه واجب لا ركن فيجير بدم ويصح حجه (فاسعوا) أي اقطعوا المسافة بينهما بالمرور كما يرشد إليه قول ابن عمر رضي اللّه عنه في رواية دن إذا نزل من الصفا يمشي فليس المراد بالسعي العدو كما وهم وأصل السعي الإسراع في المشي حساً أو معنى ذكره الحرالي.
1799 إن الله تعالى كتب كتابا قبل أن يخلق السموات و الأرض بألفي عام و هو عند العرش و إنه أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة و لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها الشيطان(صحيح)(ت ن ك)عن النعمان بن بشير.
الشرح:(1/218)
(إن اللّه كتب كتاباً) أي أجرى القلم على اللوح وأثبت فيه مقادير الخلائق على وفق ما تعلقت به إرادته أزلاً إثبات الكاتب على ما في ذهنه بقلمه على اللوح أو قدر وعين مقادير تعييناً بتاً يستحيل خلافه (قبل أن يخلق السماوات والأرض) جمع السماوات دون الأرض وهن مثلهن لأن طبقاتها بالذات متفاوتة الآثار والحركات وقدمها لشرفها وعلو مكانها (بألفي عام) كنى به عن طول المدة وتمادي ما بين التقدير والخلق من المدد فلا ينافي عدم تحقيق الأعوام قبل السماء والأعوام مجرد الكثرة وعدم النهاية مجازاً أو العدد من غير حصر فلا ينافي الزيادة ثم الظاهر أن المراد إحداث اللفظ أو ما يدل عليه في علم ملك أو في اللوح أو في كتاب كما قيل {في صحف مكرمة} الآية ولا إشكال وإن أراد الأمر الأزلي فتوجيهه أن المراد بالقبلية مجرد التقدم ومن البين تقدم الأزلي على حدوث كل حادث وما قيل إن الأزلي لا يتصف بالقبلية فهو بالمعنى المذكور ممنوع فإنه لا يقتضي وقوع المقدم في الزمن كتقدم الزمن الماضي على المستقبل فالمعنى أنه تحقق دون خلق السماء وقد تخلل بينهما مقدار كثير فتأمله ليظهر به اندفاع ما لكثيرين هنا (وهو عند) وفي رواية وهو عنده فوق (العرش) أي علمه عند العرش والمكتوب عنده فوق عرشه تنبيهاً على تعظيم الأمر وقيل للّه ما في السماوات وعلى ما مر وجلالة قدر ذلك الكتاب فإن اللوح المحفوظ تحت العرش والكتاب المشتمل على الحكم فوق العرش 0000 (وأنه أنزل منه) أي من جملة الكتاب المذكور (الآيتين) اللتين (ختم بهما سورة البقرة) أي جعلها خاتمتهما وأولهما {آمن الرسول} إلى آخرها وقيل {للّه ما في السماوات} على ما مر ( ولا يقرآن في دار) يعني مكان، داراً أو خلوة أو مسجد أو مدرسة أو غيرها (ثلاث ليال) في كل ليلة منها، وكذا في ثلاث أيام فيما يظهر: إنما خص الليل لأنه محل سكون الآدميين وانشار الشياطين (فيقر بها شيطان) فضلاً عن أن يدخلها فعبر بنفي القرب ليفيد(1/219)
نفي الدخول بالأولى 0000 قال الطيبي: وخلاصة ما قرراه: الكوائن كتبت في اللوح المحفوظ قبل خلق السماوات والأرض بخمسين ألف عام ومن جملتها كتابة القرآن ثم خلق اللّه خلقاً من الملائكة وغيرهم فأظهر كتابة القرآن عليهم قبل ان يخلق السماوات والأرض بألفي عام وخص من ذلك هاتين الآيتين وأنزلهما مختوماً بهما أولى الزهراوين0000000
1800 إن الله كريم يحب الكرماء جواد يحب الجودة يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها( صحيح )( ابن عساكر الضياء) عن سعد بن أبي وقاص .
1801 إن الله كريم يحب الكرم و يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها
( صحيح ) ( طب حل ك هب ) عن سهل بن سعد .
الشرح:
(إن اللّه تعالى كريم) أي جواد لا ينفذ عطاؤه (يحب الكرم) لأنه من صفاته وهو يحب من تخلق بشيء منها كما سبق (ويحب معالي الأخلاق) من الحلم ونحوه من كل خلق فاضل لما ذكر (ويكره) لفظ رواية أبي نعيم ويبغض (سفسافها) بفتح أوله المهمل أي رديئها. قال ابن عبد السلام: الصفات الإلهية ضربان: أحدهما يختص به كالأزلية والأبدية والغنى عن الأكون، والثاني يمكن التخلق به وهو ضربان: أحدهما لا يجوز التخلق بها كالعظمة والكبرياء، والثاني ورد الشرع بالتخلق به كالكرم والحلم والحياء والوفاء فالتخلق به بقدر الإمكان مرض للرحمن مرغم للشيطان. (تنبيه) قال في الصحاح: السفساف الرديء من الشيء كله والأمر الحفير وقال الزمخشري: تقول العرب شعر سفساف وكل عمل لم يحكمه عامله فقد سفسفه. وكل رجل مسفسف لئيم العطية ومن المجاز قولهم تحفظ من العمل السفساف ولا تسف له بعض الإسفاف.
وسام جسيمات الأمور ولا تكن * مسفاً إلى ما دق منهن دانيا
1802 إن الله لعن الخمر و عاصرها و معتصرها و شاربها و ساقيها و حاملها و الحمولة إليه و بائعها و مشتريها و آكل ثمنها ( صحيح )
( ك هب ) عن ابن عمر .
1803 إن الله تعالى لما خلق الخلق كتب بيده على نفسه: إن رحمتي تغلب غضبي( صحيح ) ( ت ه ) عن أبي هريرة .(1/220)
الشرح:
(إن اللّه تعالى لما) أي حين (خلق الخلق كتب بيده على نفسه) أي أنبت في علمه الأزلي قال القاضي: يعني أنه لما خلق الخلق حكم حكماً جازماً ووعد وعداً لازماً لا خلف فيه فشبه حكم الجازم الذي لا يعتريه نسخ ولا يتطرق إليه تغيير بحكم الحاكم إذا قضى أمراً وأراد إحكام أمر عقد عليه سجلاً وحفظة ليكون حجة باقية محفوظة عن التبديل والتحريف (إن رحمتي تغلب غضبي) أي غلبت عليه بكثرة آثارها ألا ترى أن قسط الخلق من الرحمة أكثر من قسطهم من الغضب لنيلهم إياها بلا استحقاق وأن قلم التكليف مرفوع عنهم إلى البلوغ ولا يعجل بالعقوبة عليهم إذا عصوه بل يرزقهم ويقبل توبتهم وما تعلق بالرحمة والفضل أحب إليه من فعل ما تعلق بالغضب.
1804 إن الله تعالى لم يأمرنا فيما رزقنا أن نكسو الحجارة و اللبن و الطين
( صحيح ) ( م د ) عن عائشة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لم يأمرنا فيما رزقنا) أي في الرزق الذي رزقناه (أن نكسو الحجارة واللبن) بكسر الباء (والطين) قاله لعائشة رضي اللّه عنها وقد رآها أخذت غطاء فسترته على الباب فهتكه أو قطعه وفهم منه كراهة ستر نحو باب وجدار لأنه من السرف وفضول زهرة الدنيا التي نهى اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن لا يمد عينيه إليها بقوله{ولا تمدن عينيك} الآية والكراهة للتنزيه عند جمهور الشافعية لا للتحريم إذا كان غير حرير خلافاً لبعضهم وليس في قوله لم يأمرنا بذلك ما يقتضي التحريم إذ هو إنما يبغي الوجوب والندب.
1805 إن الله تعالى لم يبعث نبيا و لا خليفة إلا و له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف و تنهاه عن المنكر و بطانة لا تألوه خبالا و من يوق بطانة السوء فقد وقي ( صحيح ) ( خد ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/221)
(إن اللّه تعالى لم يبعث نبياً ولا) استخلف (خليفة) فضلاً عن غيرهما وفي رواية من خليفة كالأمراء فإنهم خلفاء اللّه على عباده (إلا وله بطانتان) تثنية بطانة بالكسر وليجة وهو الذي يعرفه الرجل بأسراره ثقة به، شبه ببطانة الثوب هنا كما شبه بالشعار في خبر: الأنصار شعار والناس دثار ذكره القاضي (بطانة تأمره بالمعروف) أي ما عرفه الشرع وحكم بحسنه وفي رواية بدل بالمعروف بالخير (وتنهاه عن المنكر) ما أنكره الشرع ونهى عن فعله قال ابن حجر: البطانة بكسر الموحدة اسم جنس يشمل الواحد والمتعدد (وبطانة لا تألوه خبالاً) أي لا تقصر في إفساد أمره وهو اقتباس من قوله سبحانه وتعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً}، {ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً} واتستشكل هذا التقسيم بالنسبة للنبي لأنه وإن جاز عقلاً أن يكون في من يداخله من يكون من أهل الشر لكنه لا يتصور من أن يصغي إليه ولا يعمل بقوله لعصمته، وأجيب بأن في بقية الحديث الإشارة إلى سلامة النبي من ذلك وهو قوله (ومن يوق بطانة السوء) بأن يعصمه اللّه تعالى منها (فقد وقى) أي وقي الشر كله فهذا هو منصب النبوة الذي لا يجوز عليهم غيره وقد يحصل لغيرهم بتوفيقه تعالى وهدايته وفي الولاة من لا يقبل إلا من بطانة الشر وفيهم من يقبل من هؤلاء تارة ومن هؤلاء أخرى فإن كان على حد سواء فلم يتعرض له في الحديث لظهوره وإن كان الأغلب عليه القبول من أحدهما فهو ملحق به إن خيراً فخير وإن شراً فشر قال ابن التين وغيره يحتمل أن يريد بالبطانتين الوزيرين ويحتمل الملك والشيطان ويحتمل النفس الأمارة واللوامة إذ لكل منهم قوة ملكية وقوة حيوانية والحمل على الأعم أتم لكن قد لا يكون للبعض إلا البعض وحينئذ فعلى الحاكم أن لا يبادر بما تلقى إليه حاشيته حتى يبحث عنه وأن يتخذ لسره ثقة مأموناً فطناً عاقلاً لأن المصيبة إنما تدخل على الحاكم المأمون من قبول قول غير(1/222)
موثوق به إذ كان هو حسن الظن فيلزمه التثبت والتدبر ويسأل اللّه الهداية والتبصر.
1806 إن الله لم يبعثني معنتا و لا متعنتا و لكن بعثني معلما ميسرا
( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
الشرح:
(إن اللّه لم يبعثني معنتاً) أي شقاء على عباده (ولا متعنتاً) بتشديد النون مكسورة أي طالب للعنت وهو العسر والمشقة (ولكن بعثني معلماً) بكسر اللام مشددة (ميسراً) من اليسر قال الحرالي: وهو حصول الشيء عفواً بلا كلفة وهذا قاله لعائشة رضي اللّه عنها لما أمره اللّه بتخيير نسائه فبدأ بها فخيرها فاختارته وقالت يا رسول اللّه لا تقل إني اخترتك 0000000
1807 إن الله تعالى لم يجعل لمسخ نسلا و لا عقبا و قد كانت القردة و الخنازير قبل ذلك ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لم يجعل لمسخ) أي الآدمي ممسوخ قرداً أو خنزيراً (نسلاً ولا عقباً) يحتمل أنه لا يولد له أصلاً أو يولد له لكن ينقرض في حياته يعني فليس هؤلاء القردة والخنازير من أعقاب من مسخ من بني إسرائيل كما توهمه بعض الناس ثم استظهر على دفعه بقوله (وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك) أي قبل مسخ من مسخ من الإسرائيليين فأنى لكم في أن هذه القردة والخنازير الموجودة الآن من نسل الممسوخ؟ هذا رجم بالغيب، قال السهيلي: وفي الحديث رد على زعم ابن قتيبة أن أل في قوله تعالى {وجعل منهم القردة والخنازير} يدل على أن القردة والخنازير من نسل أولئك الذين مسخوا0000000000
1808 إن الله تعالى لم يضع داء إلا وضع له شفاء فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل الشجر ( صحيح ) ( حم ) عن طارق بن شهاب .
الشرح:(1/223)
(إن اللّه تعالى لم يضع) أي ينزل (داء إلا وضع له شفاء) فإنه لا شيء من المخلوقات إلا وله ضد فكل داء له ضد من الدواء يعالج به قال القرطبي رحمه اللّه: هذه الكلمة صادقة العموم لأنها خبر عن الصادق البشير عن الخالق القدير {ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير} فالداء والدواء خلقه والشفاء والهلاك فعله وربط الأسباب بالمسببات حكمته وحكمه فكل ذلك بقدر لا معدل عنه والداء والدواء كلاهما بفتح الدال والمد وحكى كسر دال الدواء (فعليكم بألبان البقر) أي الزموا تناولها (فإنها ترم) بفتح المثناة وبضم الراء (من كل الشجر) أي تجمع منه وتأكله وفي الأشجار كغيرها من النبات منافع لا تحصى منها ما علمه الأطباء ومنها ما استأثر اللّه بعلمه، واللبن يتولد منها ففيه بعض تلك المنافع فربما صادف الداء الدواء والمستعمل لا يشعر.
1809 إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه و جهله من جهله إلا السام و هو الموت ( صحيح ) ( ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله) فإذا شاء اللّه الشفاء يسر ذلك الدواء، على مستعمله بواسطة أو دونها فيستعمله على وجهه وفي وقته فيبرأ، وإذا أراد هلاكه أذهله عن دوائه وحجبه بمانع فهلك وكل ذلك بمشيئته وحكمه كما سبق في علمه، وما أحسن قول من قال:
والناس يرمون الطبيب وإنما * غلط الطبيب إصابة المقدور(1/224)
علق البرء بموافقة الداء للدواء وهذا قدر زائد على مجرد وجوده فإن الدواء متى جاوز درجة الداء في الكيفية أو الكمية نقله إلى داء آخر ومتى قصر عنها لم يف بمقاومته وكان العلاج قاصراً ومتى لم يقع المداوى على الدواء لم يحصل الشفاء ومتى لم يكن الزمن صالحاً للدواء لم ينفع ومتى كان البدن غير قابل له أو القوة عاجزة عن حمله أو ثم مانع منع تأثيره لم يحصل البرؤ ومتى تمت المصادفة حصل قال ابن حجر رحمه اللّه تعالى: ومما يدخل في قوله جهله من جهله ما يقع لبعضهم أنه يداوي من داء بدواء فيبرأ ثم يعتريه ذلك الداء بعينه فيداويه بذلك الدواء بعينه فلا ينجع وسببه الجهل بصفة من صفات الدواء فرب مرضين نشابها ويكون أحدهما مركباً لا ينجع فيه ما ينجع في غير المركب فيقع الخطأ وقد يكون متحداً لكن يريد اللّه أن لا ينجع وهنا تخضع رقاب الأطباء ولهذا قال:
إن الطبيب لذو عقل ومعرفة * ما دام في أجل الإنسان تأخير
حتى إذا ما انقضت أيام مدته * حار الطبيب وخانته العقاقير
(إلا السام) بمهملة مخففاً (وهو الموت) فإنه لا دواء له والتقدير إلا داء الموت أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت فيه قال ابن القيم: والحديث يعم أدواء القلب والروح والبدن وأدويتها وقد سمى النبي صلى اللّه عليه وسلم الجهل داء وجعل دواءه سؤال العلماء وفيه كالذي قبله الأمر بالتداوي ومشروعيته وقد تداوى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وأمر به صحبه لكن لم يتداووا بالأدوية المركبة بل المفردة وربما أضافوا للمنفرد ما يعاونه أو يكسر صورته قال ابن القيم: وهذا غالب طب الأمم على اختلاف أجناسها وإنما عني بالمركب الروم واليونان والأدوية من جنس الأغذية فمن غالب غذائه بالمفردات كالعرب فطبه بها فمن ثم أفرد المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم اللبن بالذكر ومن غالب غذائه المركبات فطبه بالأدوية المركبة أنفع والتداوي لا ينافي التوكل.(1/225)
1810 إن الله تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء إلا الهرم فعليكم بألبان البقر فإنها ترم من كل شجر ( صحيح ) ( ك ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء إلا الهرم) أي الكبر فإنه لا دواء له البتة، قال ابن حجر رحمه اللّه: استثنى في الحديث الآتي الموت وهنا الهرم فكأنه جعله شبيهاً بالموت والجامع بينهما نقص الصحة أو القربة إلى الموت وإفضائه إليه ويحتمل أنه استثناء منقطع والتقدير لكن الهرم لا دواء له (فعليكم بألبان البقر) أي الزموها (فإنها ترم من كل الشجر) قد تضمن هذا الخبر وما قبله وبعده إثبات الأسباب والمسببات وصحة علم الطب وجواز التطيب بل ندبه والرد على من أنكره من غلاة الصوفية قال الحكماء: والطبيب معذور إذا لم يدفع المقدور.
1811 إن الله لن يعجزني في أمتي أن يؤخرها نصف يوم( خمسمائة عام )
( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني( حل ) عن سعد .
1812إن الله لوشاء أن لا يعصى ماخلق إبليس( حسن)(حل)عن ابن عمر.
1813 إن الله تعالى ليؤيد الدين بالرجل الفاجر( صحيح )
( طب ) عن عمرو بن النعمان بن مقرن .
الشرح:(1/226)
(إن اللّه تعالى ليؤيد هذا الدين) أي الدين المحمدي بدليل قوله في الخبر الآتي إن اللّه يؤيد هذا الدين (بالرجل الفاجر) واللام للعهد والمعهود الرجل المذكور أو للجنس ولا يعارضه خبر مسلم الآتي إنا لا نستعين بمشرك لأنه خاص بذلك الوقت وحجة النسخ شهود صفوان بن أمية حنيناً مشركاً كما قال ابن المنير فلا يتخيل في إمام أو سلطان فاجر إذا حمى بيضة الإسلام أنه مطروح النفع في الدين لفجوره فيجوز الخروج عليه وخلعه لأن اللّه تعالى قد يؤيد به دينه وفجوره على نفسه فيجب الصبر عليه وطاعته في غير إثم ومنه جوزوا الدعاء للسلطان بالنصر والتأييد مع جوره وهذا قاله لما رأى في غزوة حنين رجلاً يدعي الإسلام يقاتل شديداً: هذا من أهل النار فجرح فقتل نفسه من شدة وجهه فذكره والمراد بالفاجر الفاسق إن كان الرجل مسلماً حقيقة أو الكافر إن كان منافقاً أي الإمام الجائر أو العالم الفاسق أو المجاهد في سبيل اللّه.
1814 إن الله تعالى ليحمي عبده المؤمن من الدنيا و هو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام و الشراب تخافون عليه ( صحيح )
( حم ) عن محمود بن لبيد ( ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن اللّه تعالى ليحمي عبده المؤمن) من (الدنيا) أي يحفظه من مال الدنيا ومناصها ويبعده عما يضر بدينه منها (وهو يحبه) أي والحال أنه يحبه (كما تحمون مريضكم الطعام) أي من تناول الطعام (والشراب تخافون عليه) أي لكونكم تخافون عليه من تناول ما يؤذيه منها أي والحال أنكم تخافون عليه من ذلك، وذلك لأنه سبحانه وتعالى خلق عباده على أوصاف شتى فمنهم القوي والضعيف والوضيع والشريف فمن علم من قلبه قوة على حمل أعباء الفقر الذي هو أشد البلاء صبر على تجرع مرارته أفقره في الدنيا ليرفعه على الأغنياء في العقبى ومن علم ضعفه وعدم احتماله وأن الفقر ينسيه ربه صرفه عنه لأنه لا يحب أن عبده ينساه أو ينظر إلى من سواه، فسبحان الحكيم العليم 000000000(1/227)
1815 إن الله ليربي لأحدكم التمرة و اللقمة كما يربي لأحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل أحد ( صحيح ) ( حم حب ) عن عائشة .
1816 إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عليها ( صحيح ) ( حم م ت ن ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى ليرضى عن العبد) المؤمن أي يرحمه ويثيبه (أن) علة ليرضى أي لأجل أن (يأكل) بفتح همزة أن أي بسبب أن يأكل أو وقت أكله (الأكلة) بفتح الهمزة المرة الواحدة من الأكل أي الغدوة أو العشوة كذا اقتصر عليه جمع منهم النووي في رياضه لكن ضبطه بعضهم بالضم وقال هي اللقمة (أو يشرب الشربة فيحمد اللّه عليها) يعني يرضى عنه لأجل أحد هذين الفعلين أياً كان وليس هو بشك من راو خلافاً خلافاً لزاعمه وفيه أن أصل سنة الحمد تحصل بأي لفظ اشتق مادة ح م د بل بما يدل على الثناء على اللّه والأولى كما كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يحمد به وسيأتي وهذا تنويه عظيم بمقام الشكر حيث رتب هذا الجزء العظيم الذي هو أكبر أنواع الجزاء كما قال سبحانه وتعالى {ورضوان من اللّه أكبر} في مقابلة شكره بالحمد وعبر بالمرة إشعاراً بأن الأكل والشرب يستحق الحمد عليه وإن قل جداً أو أنه يتعين علينا أن لا نحتقر من اللّه شيئاً وإن قل وفيه ندب الدعاء عقبها ويسن خفض صوته به إذا فرغ لم يفرغ رفقته لئلا يكون منعاً لهم 0000000
1817إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه(صحيح)(خ ن)عن عائشة .
1818 إن الله تعالى ليسأل العبد يوم القيامة حتى يسأله: ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره ؟ فإذا لقن الله العبد حجته قال: يا رب رجوتك و فرقت من الناس ( صحيح ) ( حم ه حب ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/228)
(إن اللّه تعالى ليسأل العبد يوم القيامة) عن كل شيء (حتى يسأله ما منعك إذا رأيت المنكر) هو كل ما قبحه الشرع كما سبق (أن تنكره) فمن رأى إنساناً يفعل معصية أو يوقع بمحترم محذوراً ولم ينكر عليه مع القدرة فهو مسؤول عنه في القيامة معذب عليه إن لم يدركه العفو الإلهي والغفر السبحاني وفي خبر أبي نعيم عن ابن عباس مرفوعاً لا يقفن أحدكم على أحد يضرب ظلماً فإن اللعنة تنزل من السماء على من حضره إذا لم يدفعوا عنه ولا يقفن أحدكم على رجل يقتل ظلماً فإن اللعنة تنزل من السماء على من حضره إذا لم يدفعوا عنه (فإذا لقن اللّه العبد حجته) أي ألهمه إياها (قال يا رب رجوتك) أن تسامحني من الرجاء وهو التوقع والأمل وهمزته منقلبة عن واو (وفرقت) أي خفت (من الناس) أي من أذاهم قال البيهقي هذا فيمن يخاف سطوتهم ولا يستطيع دفعها عن نفسه وإلا فلا يقبل اللّه معذرته بذلك قال الغزالي: فالعمل على الرجاء أغلب منه على الخوف 0000
1819 إن الله تعالى ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن( حسن ) ( ه ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إن اللّه تعالى ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه) ذنوبهم واللام إما على بابها بتضمين يطلع معنى ينظر أو بمعنى على وفيه شمول للكبائر وفيه كلام سيجيء (إلا لمشرك) باللّه يعني كافر وخص الشرك لغلبته حينئذ (أو مشاحن) أي معاد والشحناء العداوة قال الطيبي: لعل المراد البغضاء التي بين المؤمنين من قبل نفوسهم الأمارة بالسوء قال في الكشاف: ولها أربعة أسماء الليلة المباركة وليلة البراءة وليلة الصك وليلة الرحمة 00000
1820 إن الله ليعجب من الصلاة في الجمع( حسن ) ( حم ) عن ابن عمر .
1821 إن الله ليعجب من العبد إذا قال: لا إله إلا أنت إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت قال: عبدي عرف أن له ربا يغفر و يعاقب ( صحيح ) ( ابن السني ك ) عن علي .(1/229)
1822 إن الله تعالى ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ( صحيح )
( ق ت ه ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إن اللّه تعالى ليملي) بفتح اللام الأولى أي ليمهل والإملاء الإمهال والتأخير وإطالة العمر (للظالم) زيادة في استدراجه ليطول عمره ويكثر ظلمه فيزداد عقابه {إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً} فإمهاله عين عقابه (حتى إذا أخذه) أي أنزل به نقمته (لم يفلته) أي لم يفلت منه أو لم يفلته منه أحد أي لم يخلصه أبداً بل يهلكه لكثرة ظلمه بالشرك فإن كان مؤمناً لم يخلصه مدة طويلة بقدر جنايته، وقول بعضهم معنى لم يفلته لم يؤخره تعقبه ابن حجر بأنه يفهم أن الظالم إذا صرف عن منصبه أو أهين لا يعود إلى غيره والمشاهد في بعضهم بخلافه فالأولى جعله غالبياً من الإفلات وهو خروج من مضيق وتمام الحديث في البخاري: ثم قرأ {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} وفيه تسلية للمظلوم ووعيد للظالم وأنه لا يغتر بالإمهال فإنه ليس بإهمال.
1823 إن الله تعالى محسن فأحسنوا( صحيح ) ( عد ) عن سمرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى محسن) أي الإحسان له وصف لازم ولا يخلو موجود عن إحسانه طرفة عين فلا بد لكل مكون من إحسانه إليه بنعمة الإيجاد ونعمة الإمداد (فأحسنوا) إلى عباده بالقول والفعل فإن الإحسان غاية رتب الدين وأعظم أخلاق عباد اللّه الصالحين000
1824 إن الله محسن يحب الإحسان فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبح و ليحد أحدكم شفرته ثم ليرح ذبيحته( صحيح )
( طب ) عن شداد بن أوس .
1825 إن الله تعالى مع الدائن حتى يقضي دينه ما لم يكن دينه فيما يكره الله ( صحيح ) ( تخ ه ك ) عن عبدالله بن جعفر .
الشرح:(1/230)
(إن اللّه تعالى مع الدائن) أي من أخذ الدين على نفسه بإعانته على وفاء دينه (حتى يقضي دينه) أي يوفيه إلى غريمه ولا يعارضه استعاذة المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم من الدين لأن كلامه هنا فيمن استدان لواجب أو مندوب أو مباح وله قدرة على وفائه غالباً ويريد قضاءه كما يشير إليه قوله (ما لم يكن دينه فيما يكره اللّه) فهو الذي يكون اللّه في عونه على قضائه أما المستدين في مكروه للّه كراهة تحريم أو تنزيه أو لا يجد لقضائه سبيلاً أو نوى ترك القضاء فهو المستعاذ منه.
1826 إن الله مع القاضي ما لم يجر عمدا فإذا جار وكله إلى نفسه( حسن )
( ه حب ) عن ابن أبي أوفى .
1827 إن الله تعالى مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تبرأ منه و ألزمه الشيطان( حسن ) ( ك هق ) عن ابن أبي أوفى .
الشرح:
(إن اللّه تعالى مع القاضي) بما ذكر (ما لم يجر) أي يظلم (فإذا جار) في حكمه (تبرأ اللّه منه) لفظ رواية الترمذي وابن ماجه تخلى اللّه عنه (وألزمه الشيطان) أي صيره قرينه ملازماً له في سائر أقضيته لا ينفك عن إغوائه {ومن يكن الشيطان له قريناً فساء قريناً} وفي أصول صحيحة ولزمه الشيطان بدون همزة 000
1828 إن الله تعالى مع القاضي ما لم يحف عمدا( حسن )
( طب ) عن ابن مسعود ( حم ) عن معقل بن يسار .
الشرح:
(إن اللّه تعالى مع القاضي) بتأييده وتسديده وإعانته في أقضيته ومتعلقاتها فهي معية خاصة (ما لم يحف) أي يتجاوز حدود اللّه التي حدها لعباده وخرج بذلك ما لو اجتهد فأخطأ فإنه معذور حيث لم يقصر في اجتهاده (عمداً) فإنه حينئذ يتخلى عنه ويتولاه الشيطان لاستغنائه به عن الرحمن.
1829 إن الله تعالى وتر يحب الوتر( صحيح )
( ابن نصر ) عن أبي هريرة وعن ابن عمر .
الشرح:(1/231)
(إن اللّه تعالى وتر) أي واحد في ذاته لا يقبل الانقسام والتجزئة واحد في صفاته فلا شبيه له واحد في أفعاله فلا شريك له {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (يحب الوتر) أي صلاته أو أعم بمعنى أنه يثيب عليه ويقبله من عامله قبولاً حسناً قال القاضي: وكل ما يناسب الشيء أدنى مناسبة كان أحب إليه مما لم يكن له تلك المناسبة قال ابن عربي: فتعين عليك أن تكون من أهل الوتر في جميع أفعالك حتى تطلب العدد والكمية وقد أمرك اللّه تعالى بقوله في الخبر الآتي فأوتروا إلى آخره فإذا اكتحلت فاكتحل وتراً في كل عين واحدة أو ثلاث فإن كل عين عضو مستقل وإذا طعمت فلا تنزع يدك إلا عن وتر وإذا شربت الماء في حسواتك اجعله وتراً حتى إنك إذا أخذك الفواق اشرب من الماء سبع حسوات تنقطع هكذا جربته وقال الحكيم الترمذي: خلق اللّه الأشياء على محبوب الوتر واحداً وثلاثاً وخمساً وسبعاً فالعرش واحد والكرسي واحد والقلم واحد واللوح واحد والدار واحدة والسجن واحد وأبواب الجنة سبعة ثم تزيد واحداً بمحمد صلى اللّه عليه وسلم باب الرحمة والتوبة وهو أصل الأبواب وأبواب السجن سبعة وعمال اللّه مقسومون على سبعة أجزاء وظلال الآدميين سبعة والأيام سبعة وأرزاقهم سبعة وعبادتهم على سبع جوارح ثم افترض على العباد خمس صلوات وهي وتر وعدد ركعاتها سبعة عشر وهي وتر وأم القرآن آياتها وتر وأدنى القراءة واحد وهي آية وأدنى التسابيح واحد في الركوع والسجود وفرض الحج في يوم تاسع الحجة والزكاة في كل مائتين خمسة دراهم والعشور من كل عشرة واحد وافترض على العباد حفظ سبع جوارح وجعل التقوى في سبعة وأسماءه تسعة وتسعون والقلب وتر وخالقه وتر فأظهر اللّه محبوبه في عامة الأشياء فللعبد في الوتر من النوال ما لا عين رأت ولا أذن سمعت 000000
1830 إن الله وتر يحب الوتر فإذا استجمرتم فأوتر ( صحيح )
( ع ) عن ابن مسعود .(1/232)
1831 إن الله تعالى وتر يحب الوتر فأوتروا يا أهل القرآن ( حسن )
( ت ) عن علي ( ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إن اللّه تعالى وتر) أي فرد لا من جهة العدد بل من حيث إنه غير مزدوج كما مر (يحب الوتر) أي يتقبله ويثيب عليه (فأوتروا) أي اجعلوا صلاتكم وتراً بضم الوتر إليها أو صلوا الوتر والفاء جزاء شرط محذوف كأنه قال إذا هديتم إلى أن اللّه يحب الوتر فأوتروا فإن من شأن أهل القرآن الكدح في ابتغاء مرضات اللّه وإيثار محابه (يا أهل القرآن) أراد المؤمنين المصدقين له المنتفعين به وقد يطلق ويراد به القراءة ذكره القاضي قال العليمي: وإنما خص الثناء بهم في مقام الفردية لأن القرآن ما أنزل إلا لتقرير التوحيد فكأنه قيل إن اللّه واحد يحب الوحدة فوحدوه يا أهل التوحيد انتهى00000
1832 إن الله و رسوله حرم بيع الخمر و الميتة و الخنزير و الأصنام
( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن جابر .
1833 إن الله و رسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس من عمل الشيطان( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن أنس .
1834 إن الله وضع الحق على لسان عمر يقول به(صحيح)(ه)عن أبي ذر.
1835 إن الله وضع عن المسافر الصوم و شطر الصلاة( حسن )
( حم 4 ) عن أنس بن مالك القشيري وماله غيره .
الشرح:(1/233)
(إن اللّه تعالى وضع) أي أسقط (عن المسافر) من السفر وهو إزالة الكن عن الرأس (الصوم) أي صوم رمضان (وشطر) وفي رواية للنسائي ونصف (الصلاة) أي نصف الرباعية لما يحتاجه المسافر من الغذاء لوفور نهضة في عمله في سفره وأن وقت غذائه بحسب البقاع لا بحسب الاختيار إذ المسافر متاعه على قلة إلا من وقى اللّه، والسفر قطعة من العذاب فخفف عنه لئلا يجتمع على العبد كلفتان فتتضاعف عليه المشقة دينا ودنيا فإذا خلف عنه الأمر من وجه طبيعي أخذ بالحكم من وجه آخر ديني قال القاضي: والصوم منصوب عطف على شطر ولا يجوز عطفه على الصلاة لفساد اللفظ والمعنى أما لفظاً فإنه لو عطف عليه لزم منه العطف على عاملين مختلفين وهو غير جائز وأما معنى فلأن الموضوع عنهم الصوم لا شطره والمراد بالوضع وضع الأداء ليشترك فيه المعطوف والمعطوف عليه فيصح نسبته إليهما إذ الصوم غير موضوع مطلقاً فإن قضاءه واجب عليهم بخلاف شطر الصلاة قال الخطابي: وقد يجمع نظم الكلام أشياء ذات عدد مسوقة في الذكر متفرقة في الحكم وذلك أن النظر الموضوع من الصلاة يسقط لا إلى قضاء والصوم يقضى. قال الحافظ العراقي: وفيه جواز الفطر والقصر للمسافر وإطلاق الكل وإرادة البعض لأنه قال شطر الصلاة وإنما وضع عنه شطر ثلاث صلوات على أن الشطر قد يطلق على غير النصف، وأن الصوم والإتمام كانا واجبين ثم نسخ.
1836 إن الله تعالى وضع عن أمتي الخطأ و النسيان و ما استكرهوا عليه
( صحيح ) ( ه ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/234)
(إن اللّه تعالى وضع عن أمتي) أمة الإجابة (الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) قالوا فيه أن طلاق المكره لا يقع إلا إن نواه أو ظهرت منه قرينة اختيار قال ابن حجر حديث جليل قال بعض العلماء ينبغي أن يعد نصف الإسلام لأن الفعل إما عن قصد واختيار أو لا، الثاني ما يقع عن خطأ أو نسيان أو إكراه وهذا القسم معفو عنه اتفاقاً وإنما اختلف هل المعفو عنه الإثم أو الحكم أو هما معاً وظاهر الحديث الأخير وما خرج عنه كالقتل فبدليل منفصل.
1837 إن الله تعالى وكل بالرحم ملكا يقول: أي رب نطفة أي رب علقة أي رب مضغة فإذا أراد الله أن يقضي خلقها قال: أي رب شقي أم سعيد ؟ ذكر أو أنثى ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه ( صحيح )
( حم ق ) عن أنس .
الشرح:(1/235)
(إن اللّه تعالى وكل) بالتشديد من التوكل بمعنى التسليط والقيام بشأن تلك الخدمة (بالرحم) قال الحرالي: هو ما تشتمل على الولد من أعضاء التناسل يكون فيه تخليقه من كونه نطفة إلى كونه خلقاً آخر (ملكاً) بفتح اللام (يقول) الملك عند استقرار النطفة في الرحم التماساً لإتمام الخلقة (أي رب) أي يا رب هذه (نطفة) أي منيّ (أي رب) هذه (علقة) قطعة من دم جامدة (أي رب) هذه (مضغة) قطعة لحم قدر ما يمضغ، وفائدة ذلك أنه يستفهم هل يتكون فيها أم لا فيقول نطفة عند كونها نطفة ويقول علقة عند كونها علقة فبين القولين أربعون يوماً وليس المراد أنه يقول في وقت واحد وإلا لزم كون النطفة علقة ومضغة في آن واحد (فإذا أراد اللّه) سبحانه وتعالى (أن يقضي خلقه) بفتح فسكون أي يأذن في إتمام خلقه (قال) الملك (أي رب شقي أو) وفي رواية أم (سعيد) من السعداء وقدم الاستفهام عن الشفاء لكثرة ما تراه الملائكة من مخالفة البشر المستحقة بها للعذاب (ذكراً أو أنثى) كذلك وقدم الذكر لشرفه وأصالته والخنثى ذكر أو أنثى عند اللّه فليس قسماً ثالثاً يسأل عنه (فما الرزق) أي أي شيء قدره فأكتبه (فما الأجل) يعني فأي مدة قدر أجله فأكتبه (فيكتب) بصيغة المجهول أو المعلوم (كذلك) أي مثل ما يؤمر به (في بطن أمه) أي وهو في بطنها أو والحال أنه في بطنها قبل بروزه إلى هذا العالم، فرغ ربك من ثلاث عمرك ورزقك وشقي أم سعيد فيكتبه الملك في صحيفة فلا يزاد عليه ولا ينقص إلى يوم القيامة كما في رواية مسلم وفي حديث أنه يكتب بين عينيه ولا مانع من كتابته فيهما 00000
1838 إن الله و ملائكته حتى النملة في جحرها و حتى الحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير( صحيح ) ( طب الضياء ) عن أبي أمامة .
1839 إن الله و ملائكته يصلون على الصف الأول ( صحيح )
( حم د ه ك ) عن البراء ( ه ) عن عبدالرحمن بن عوف ( طب ) عن النعمان بن بشير ( البزار ) عن جابر .(1/236)
1840 إن الله و ملائكته يصلون على الصف الأول سووا صفوفكم و حاذوا بين مناكبكم و لينوا في أيدي إخوانكم و سدوا الخلل فإن الشيطان يدخل فيما بينكم مثل الحذف( صحيح ) ( حم طب ) عن أبي أمامة .
1841 إن الله و ملائكته يصلون على الصف المقدم و المؤذن يغفر له مد صوته و يصدقه من سمعه من رطب و يابس و له مثل أجر من صلى معه
( صحيح ) ( حم ن الضياء ) عن البراء .
1842 إن الله و ملائكته يصلون على الصفوف المقدمة ( صحيح )
( ن ) عن البراء .
1843 إن الله تعالى و ملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف و من سد فرجة رفعه الله بها درجة( حسن ) ( حم ه حب ك ) عن عائشة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى وملائكته يصلون على الذين يصلون) من الوصل ضد القطع (الصفوف) بحيث لا يبقى فيها ما يسع واقفاً أي يغفر لهم ويأمر ملائكته بأن يستغفروا لهم. قال الفخر الرازي: ولا يصح كونها بمعنى الدعاء لأنه غير معقول المعنى في حقه تعالى لأن الدعاء للغير يقتضي طلب نفعه من ثالث وهو هنا محال وتقييد الصف في الحديث الآتي بالأول للأكثرية لا لإخراج غيره كما يصرح به ما يأتي (ومن سد فرجة) بضم أوله خللاً بين المصلين في صف (رفعه اللّه بها) أي بسبب سده إياها (درجة) في الجنة زاد في رواية ودرت عليه الملائكة من البر وهذا وارد على منهج تأكد سد الفرج في الصفوف وكراهة تركها مع عدم العذر0000000
1844 إن الله تعالى و ملائكته يصلون على المتسحرين( حسن )
( حب طس حل ) عن ابن عمر .
الشرح:
أي الذين يتناولون السحور بقصد التقوي به على الصوم لما فيه من كسر شهوة البطن والفرج الموجبة لتصفية القلب وغلبة الروحانية على الجسمانية الموجبة للقرب من جانب الرب تعالى فلذلك كان السحور متأكد الندب جداً.
1845 إن الله هو: الحكم و إليه الحكم( صحيح )
( د ن ك حب ) عن هانئ بن يزيد .(1/237)
1846 إن الله تعالى هو: الخالق القابض الباسط الرازق المسعر و إني لأرجو أن ألقى الله و لا يطلبني أحد بمظلمة ظلمتها إياه في دم و لا مال
( صحيح ) ( حم د ت ه حب هق ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى هو الخالق) لجميع المخلوقات لا غيره (القابض) أي الذي له هذه الصفة وهي إيقاع القبض والإقتار بمن يشاء وإن اتسعت أمواله قال الحرالي: والقبض إكمال الأخذ أصله القبض باليد كلها (الباسط) لمن يشاء من عباده وإن ضاقت حاله والبسط توسعة المجتمع إلى حد غايته (الرزاق) من شاء من عباده ما شاء (المسعر) أي الذي يرفع سعر الأقوات ويضعها فليس ذلك إلا إليه وما تولاه اللّه بنفسه ولم يكله إلى عباده لا دخل لهم فيه، قال الطيبي: هذا جواب على سبيل التعليل للامتناع عن التسعير وأكد بأن وضمير الفصل وتعريف الخبر ليدل على التأكيد ثم رتب الحكم على الوصف المناسب فمن حاول التسعير فقد عارض الخالق ونازعه في مراده ومنع العباد حقهم مما أولاهم اللّه في الغلاء والرخص فبين أن المانع له من التسعير ما في ضمن ذلك من كونه ظلماً للناس في أموالهم لكونه تصرفاً فيها بغير إذنهم بقوله (وإني لأرجو) أي أؤمل (أن ألقى اللّه تعالى) في القيامة (ولا يطلبني) أي يطالبني (أحد بمظلمة) بالفتح وكسر اللام اسم لما أخذ ظلماً (ظلمتها إياه) أي ظلمته بها (في دم) أي في سفكه (ولا مال) أراد بالمال هذا التسعير لأنه مأخوذ من المظلوم قهراً وهو كأرش الجناية وإنما أتى بمظلمة توطئة له ذكره الطيبي قال: وعطف قوله ولا مال على قوله ولا دم وجيء بلا النافية للتوكيد من غير تكرير لأن المعطوف عليه في سياق النفي وهذا أصل في إيجاب الإمام الأعظم العدل على نفسه وأفاد أن التسعير حرام لأنه جعله مظلمة وبه قال مالك والشافعي وجوزه ربيعة وهو مذهب عمر لأن به حفظ نظام الأسعار وقال ابن العربي المالكي: الحق جواز التسعير وضبط الأمر على قانون ليس فيه مظلمة لأحد من الطائفتين وما قاله(1/238)
المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حق وما فعله حكم لكن على قوم صحت نياتهم وديانتهم أما قوم قصدوا أكل مال الناس والتضييق عليهم فباب اللّه أوسع وحكمه أمضى. اهـ. وفصل قوم بين الغلاء والرخص ومن مفاسد التسعير تحريك الرغائب والحمل على الامتناع من البيع والجلب المؤدي إلى القحط والغلاء قال القاضي: والسعر القيمة التي يقدر بها في الأسواق سميت به لأنها ترتفع والتركيب لما له ارتفاع والتسعير تقديرها.
1847 إن الله هو: السلام فإذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل: التحيات لله و الصلوات و الطيبات السلام عليك أيها النبي و رحمة الله و بركاته السلام علينا و على عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء و الأرض أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ثم ليتخير من المسألة ما شاء( صحيح ) ( حم ق ) عن ابن مسعود .
1848 إن الله تعالى لا يجمع أمتي على ضلالة و يد الله على الجماعة
( و من شذ شذ في النار ) ( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني
( ت ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لا يجمع أمتي) أي علماء أمتي ولفظ رواية الترمذي لا يجمع أمتي أو قال أمة محمد وهو تردّد من الراوي (على ضلالة) لأن العامة عنها تأخذ دينها، وإليها تفزع في النوازل فاقتضت الحكمة حفظها. قال الطيبي: وقوله أمّة محمد أظهر في الدراية لأن التخصيص يدل على امتياز أمته عن جميع الأمم بهذه الفضيلة فيلزم منه امتياز الفرقة الناجية المسماة بأهل السنة والجماعة من الفرق الضالة فلذلك عقبه بقوله (ويد اللّه على الجماعة) 000 أي الجماعة المتفقة من أهل الإسلام في كنف اللّه ورعايته (ومن شذ) انفرد عن الجماعة 000(شذ إلى النار) أي إلى ما يوجب دخولها فأهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية، فالشذوذ الانفراد وشذ عن الجماعة انفرد عنهم0
1849 إن الله لا يحب العقوق( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمرو .(1/239)
1850 إن الله لا يحب كل فاحش متفحش(حسن)( حم ) عن أسامة بن زيد .
1851 إن الله تعالى لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر و احتسب بثواب دون الجنة ( حسن )( ن ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن اللّه لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه) الذي يصافيه الودّ ويخلصه فعيل بمعنى فاعل أو مفعول (من أهل الأرض) يعني أماته (فصبر) العبد المؤمن على قضاء اللّه تعالى (واحتسب) أي طلب بفقده الاحتساب أي الثواب عند اللّه تعالى (بثواب دون الجنة) أي دون إدخاله إياها مع السابقين الأولين أو من غير عذاب أو بعد عذاب يستحق ما هو فوقه وهذا مرشح لما ذهب إليه ابن عبد السلام في طائفة من أن المصائب لا ثواب فيها بل في الصبر عليها لكونها ليست من كسب العبد، وذهب آخرون إلى خلافه وتأولوا هذا وما أشبهه.
1852 إن الله تعالى لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن
( صحيح ) ( ن ه ) عن خزيمة بن ثابت .
الشرح:
(إن اللّه لا يستحيي) أي لا يأمر بالحياء في الحق أو لا يفعل ما يفعله المستحيي من ترك ما يستحيا منه فالاستحياء هنا استعارة تبعية تمثيلية فالمراد أن اللّه لا يمتنع من بيان (الحق) أو من ذكره فكذا أنا لا أمتنع من إرشادي لكم وتعليمكم أمر دينكم وإن كان في لفظه استحياء وقدم ذلك توطئة وبسطاً لعذره في ذكره ما يستحيا منه عادة بحضرة النساء (لا تأتوا النساء) نساءكم أي تجامعوهنّ (في أدبارهن) لأنه ليس محل الحرث ولا موضع الزرع وإذا حرم وطء الحائض بعلة أن في فرجها أذى وهو دم الحيض فالدبر أولى لأن الفرج الحلال إذا حرم بطرق الأذى عليه فموضع لا يفارقه الأذى أحرى أن يحرم قال الطيبي: وفي جعل قوله "إن اللّه لا يستحيي" إلى آخره مقدمة وتمهيداً للنهي بعد إشعاره بشناعة هذا الفعل واستهجانه وكان من حق الظاهر إني لا أستحيي فأسند إليه تعالى للمبالغة والتأكيد ومن ثم اتفق الجمهور من السلف والخلف على تحريمه.(1/240)
1853 إن الله تعالى لا يظلم المؤمن حسنة يعطى عليها في الدنيا و يثاب عليها في الآخرة و أما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا( صحيح ) ( حم م ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى لا يظلم) أي لا ينقص (المؤمن) وفي روايات مؤمناً (حسنة) أي لا يضع أجر حسنة المؤمن (يعطي) بالبناء للمفعول أي المؤمن (عليها) وفي رواية بها أي بتلك الحسنة أجراً في الدنيا وهو دفع البلاء وتوسعة الرزق وغير ذلك (ويثاب عليها في الآخرة) أي يثيبه اللّه أي يجازيه عليها برفع درجاته في الجنة فهو يجازي على حسناته في الدنيا وفي الآخرة (وأما الكافر) إذا عمل حسنة في الدنيا كأن فك أسيراً وأنقذ غريقاً (فيطعم بحسناته في الدنيا) أي يجازي فيها على ما فعله من القرب التي لا تحتاج لنية بنحو توسعة لرزقه ودفع مصيبة ونصر على عدو وغير ذلك، وقال في المؤمن يعطى وفي الكافر يطعم لأن العطاء أكثر استعماله فيما تحمد عاقبته (حتى إذا أفضى إلى الآخرة) أي صار إليها (لم تكن له حسنة يعطى لها خيراً) قال الطيبي: قوله لا يظلم أي لا ينقص وهو يتعدى إلى مفعولين أحدهما مؤمناً والآخر حسنة والياء في قوله يعطى بها إن حملت على السيئة يحتاج إلى مقدر أي يعطى بسببها حسنة وإن حملت على البدل فلا. وذكر في القرينة الثانية أن الكافر إذا فعل حسنة يستوفي أجرها بكمالها في الدنيا حتى لا يكون له نصيب في الآخرة والمؤمن إنما يجزى الجزاء الأوفى في الآخرة وتحرير المعنى أن اللّه لا يظلم أحداً على حسنة أما المؤمن فيجزيه في الآخرة الجزاء الأوفى ويفضل عليه في الدنيا وأما الكافر فيجزيه في الدنيا وماله في الآخرة من نصيب.
1854 إن الله تعالى لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد و لكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رءوساء جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا و أضلوا( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/241)
(إن اللّه لا يقبض العلم) المؤدي لمعرفة اللّه والإيمان به وعلم أحكامه، إذ العلم الحقيقي هو ذلك (انتزاعاً) مفعول مطلق قدم على فعله وهو ينتزعه أي محواً يمحوه قيل ولا يجوز تقديمه لأنه مؤكد ورتبته التأخير لأنه كالتابع فيكون إما منصوباً بفعل يفسره ما بعده وإما مفعول لقوله لا يقبض (من) صدور (العباد) الذين هم العلماء لأنه أكرم الأكرمين وهو وهبهم إياه فلا يسترجعه (ولكن يقبض العلم) وضع الظاهر موضع المضمر لزيادة التعظيم كما في قوله تعالى {اللّه الصمد} بعد {قل هو اللّه أحد} (بقبض العلماء) أي بموتهم فيقبض العلم بتضييع التعلم فلا يوجد فيمن بقي من يخلف من مضى وفي رواية للبخاري بدل هذا لكن ينتزعه منهم بقبض العلماء بعلمهم وتقديره ينتزعه بقبض العلماء مع علمهم ففيه نوع قلب وفي رواية لكن ذهابه قبض العلماء ومعانيها متقاربة قال ابن المنير: محو العلم من الصدور جائز في القدرة لكن الحديث دل على عدم وقوعه (حتى) ابتدائية دخلت على الجملة (إذا لم يبق) بضم أوله وكسر القاف (عالماً) وفي رواية يبق عالم بفتح الياء والقاف وفي رواية إذا لم يترك وعبر بإذا دون إن إيماء إلى أنه كائن لا محالة بالتدريج (اتخذ) أصله يتخذ قلبت الهمزة تاء ثم أدغمت التاء في التاء (الناس رؤساء) روي بضم الهمزة والتنوين جمع رأس وروي بفتحها وهم آخره جمع رئيس قال النووي كلاهما صحيح لكن الأول أشهر والمراد بالناس جميعهم فلا يصح أن الناس اتخذوا رؤوساً جهالاً إلا عند عدم العالم مطلقاً فسقط ما توهم من أن إذا شرطية ويلزم من انتفاء الشرط انتفاء المشروط ومن وجوده وجوده لكنه ليس كذلك لجواز حصول الإيجاد مع وجود العالم وهذا حث على لزوم العلم (جهالاً) جهلاً بسيطاً أو مركباً (فسئلوا) بالبناء للمجهول وضميره يعود إلى رؤساء (فأفتوا بغير علم) في رواية برأيهم أي استكباراً وأنفة عن أن يقولوا لا نعلم (فضلوا) في أنفسهم (وأضلوا) من أفتوه وفي رواية وضلوا عن سواء(1/242)
السبيل. وهذا تحذير من ترئيس الجهلة وأن الفتوى هي الرئاسة الحقيقية وذم من يقدم عليها بلا علم وأن قبض العلم موت حملته لا محوه منهم ولا يلزم من بقاء القرآن حينئذ بقاء العلم لأنه مستنبط منه ولا يلزم من المستنبط نفي المستنبط منه والعالم وإن كان قارئاً فهو أخص ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم وفيه جواز خلو الزمان عن مجتهد وعليه الجمهور خلافاً لأكثر الحنابلة وترئيس أهل الجهل ويلزمه الحكم بالجهل وهذا كما قال الكرماني: تعم القضاة الجاهلين إذ الحكم بشيء يستلزم الفتوى به ثم إن ذا لا يعارضه خبر لا تزال طائفة إلخ محل ذا على أصل الدين وذاك على فروعه أو أنه لا يقبض العلم إلى زمن مبادىء الأشراط قبل استحكام نهايتها فإذا أزفت الآزفة وأفرط قرب قيام الساعة وما أمر اللّه زال الكل فيحمل الخبر على زمنين مختلفين يزول التعارض من البين 00000000
1855 إن الله لا يقبل صلاة بغير طهور و لا صدقة من غلول( صحيح )
( حم د ن ه حب ) عن والد أبي المليح .
1856 إن الله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا و ابتغي به وجهه ( حسن ) ( ن ) عن أبي أمامة .
الشرح:(1/243)
(إن اللّه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً) بأن لا يشرك العامل في عبادة ربه أحداً (وابتغى به وجهه) فمن أراد بعمله الدنيا وزينتها دون اللّه والآخرة فحظه ما أراد وليس له غيره، وسبب هذا الحديث أن أبا أمامة قال: يا رسول اللّه أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر ما له؟ فقال: لا شيء له فأعادها ثلاثاً يقول لا شيء له ثم ذكره، وبه نوزع كثيرون في قولهم لو أضاف إلى قصد إعلاء كلمة اللّه سبباً من الأسباب الدنيوية لم يضر حيث وقع ضمناً لا مقصوداً، وقول الآخرين إذا كان أصل الباعث الإعلاء لا يضر العارض الطارىء. قال ابن حجر: ويمكن حمل الحديث على من قصد الأمرين معاً فلا يخالف ما ذكر وقد قال ابن أبي جمرة: ذهب المحققون إلى أنه إذا كان الباعث الأول قصد الإعلاء لم يضر ما انضاف إليه. (تنبيه) قال بعض العارفين: هذا الحديث قطع ظهور العاملين ولم يبق لهم معه تعلق بعمل وقد انكشف بالخبر والعيان ان شرط العمل الإخلاص وهذا الحديث من أقوى أدلة من قال لا ثواب في عمل إلا إن خلص كله من الرياء وأنه لا يعتبر غلبة الباعث الذي عليه الإمام الغزالي.
1857 إن الله لا يقدس أمة لا يأخذ الضعيف حقه من القوي و هو غير متعتع ( صحيح ) ( هق ) عن أبي سفيان بن الحارث .
1858 إن الله تعالى لا يقدس أمة لا يعطون الضعيف منهم حقه( صحيح )
( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/244)
(إن اللّه لا يقدس) أي يطهر (أمة) أي جماعة (لا يعطون الضعيف منهم) في رواية فيهم (حقه) وذلك لأن اللّه سبحانه وتعالى جعل الحق ليقتضي الوفاء بقيام التوحيد والإنقياد له فإذا وجدهم الحق معظمين له قائمين بوفائه رجع إلى اللّه تعالى مثنياً عليهم فرجع من اللّه بالتقديس إليهم والإمداد بالإرشاد حتى يزدادوا قوة على القيام به ومن وجده الحق غير معظم له رجع إلى اللّه ليشكوه والرحمة تلقى الحق بين يدي اللّه تعالى مراقبة للحق فكلما جاء الحق يشكو من الخلق حنت الرحمة في محلها حنين الوالهة فيسكن سلطان الغضب ولولا شأن الرحمة ثار السلطان فدمر العباد والبلاد فإذا جاء الحق يشكو مؤذياً معانداً جباراً ثار السلطان بالعقوبات فاعتزلت الرحمة فإن المعاند مبارز فرب قوم تحل منهم العقوبة في طرفة عين ورب آخرين رأسهم مظلمة سنين حتى يقع عليهم وهم في غفلتهم لاهين.
1859 إن الله لا يمل حتى تملوا ( صحيح ) ( البزار ) عن أبي هريرة .
1860 إن الله تعالى لا ينام و لا ينبغي له أن ينام يخفض القسط و يرفعه و يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار و عمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه
( صحيح ) ( م ه ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/245)
(إن اللّه تعالى لا ينام) أي يستحيل عليه النوم لأنه انغمار وغلبة على العقل يسقط به الإحساس لاستراحة القوى والحواس وهو منزه عنه ومن كان بريئاً من ذلك لا يشغله شأن عن شأن (لا ينبغي له أن ينام) قال الأشرفي: لما كانت الكلمة الأولى تدل بظاهرها على عدم صدور النوم منه سبحانه أكدها بالثانية الدالة على نفي جواز صدوره عنه إذ لا يلزم من عدم الصدور عدم جواز الصدور وذلك لأنه تعالى لو نام لم تستمسك السماء والأرض هكذا عللّه به في حديث رواه الموصلي عن أبي هريرة مرفوعاً: وقع في نفس موسى عليه الصلاة والسلام هل ينام اللّه عز وجل فأرسل اللّه إليه ملكاً أعطاه قارورتين في كل يد قارورة وأمره أن يستحفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه تلتقيان ثم يستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى حتى نام نومة فاصطكت يداه فانكسرت القارورتان فضرب اللّه مثله إن اللّه عز وجل لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض انتهى وفيه أمية بن شبل ذكره في الميزان ولم يذكر أن أحداً ضعفه وإنما ذكر له هذا الحديث وضعفه به ورده الهيثمي بأن ابن حبان ذكره في الثقات وحينئذ فهو صحيح (يخفض القسط ويرفعه) أي ينقص الرزق باعتبار ما كان يمنحه قبل ذلك ويزيد بالنظر إليه بمقتضى قدره الذي هو تفصيل لقضائه الأول فمحصوله يقلل لمن يشاء ويكثر لمن يشاء بالقسط أو أراد بالقسط العدل الذي يرفع بعدله الطائع ويخفض العاصي وهو إشارة إلى آثار القدرة الكاملة التي لا تقاس عليها غيرها فهو إخبار بأن بيده تصاريف الأمور وتكوينها على ما يشاء وأي زمن شاء وأشار بنوعي الرفع والخفض إلى أن قدرته لا تتعلق بشيء واحد بل يظهر عنها المتضادات والمختلفات والمتماثلات كذا في المطامح وقال التوربشتي: فسر بعضهم القسط بالرزق أي يقتره ويوسعه عبر به عنه لأنه قسط كل مخلوق وبعضهم بالميزان ويسمى قسطاً لما يقع به من المعدلة في القسمة وهو أولى لخبر يرفع الميزان ويخفضه ويحتمل أن المراد من رفع الميزان ما يوزن(1/246)
من أرزاق العباد النازلة من عنده وأعمالهم المرتفعة إليه ويحتمل أنه إشارة إلى أنه تعالى كل يوم هو في شأن وأنه يحكم في خلقه بميزان العدل وبين المعنى بما شوهد من وزن الوزان الذي يزن فيخفض يده ويرفعها وهذا يناسب قوله ولا ينبغي له أن ينام أي كيف يجوز عليه ذلك وهو الذي يتصرف أبداً في ملكه بميزان العدل (يرفع) بصيغة المجهول (إليه) أي إلى خزائنه كما يقال حمل المال إلى الملك فيضبط إلى يوم الجزاء أو يعرض عليه وإن كان أعلم به ليأمر ملائكته بإمضاء ما مضى لفاعله جزاء له على فعله (عمل الليل قبل عمل النهار) أي قبل أن يؤتى بعمل النهار الذي بعده (وعمل النهار قبل عمل الليل) الذي بعده وبه خص عموم خبر ما في رواية لمسلم عمل النهار بالليل ومعناه يرفع إليه عمل النهار في أول الليل الذي بعده وعمل الليل في أول النهار الذي بعده فإن الحفظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل وفيه تعجيل إجابته لمن دعاه وحسن قبوله من عمل له (حجابه النور) أي تحيرت البصائر والأبصار وارتجت طرق الأفكار دون أنوار عظمته وكبريائه وأشعة عزه وسلطانه فهي الحجب التي تحول بين العقول البشرية وما وراءها وفي رواية لمسلم النار بدل النور. قال الطيبي: وهذا استئناف جواب عمن قال لم لا نشاهد اللّه فقال: هو محتجب بنور عزته وأشعة عظمته وذلك الحجاب هو الذي تدهش دونه العقول وتذهب الأبصار وتتحير البصائر فحجابه خلاف الحجب المعهودة فكيف يشاهد (لو كشفه) بتذكير الضمير أي النور، هذه هي الرواية وفي بعض النسخ كشفها وهو تحريف من النساخ استئناف جواب لمن قال لم لا يكشف الحجب (لأحرقت سبحات) بضم السين والباء جمع سبحة وهي العظمة (وجهه) أي ذاته قال القاضي: وهي الأنوار التي إذا رآها الملائكة المقربون سبحوا لما يروعهم من الجلال والعظمة (وما انتهى إليه) أي إلى وجهه (بصره) الضمير فيه راجع إلى ما و (من خلقه)(1/247)
بيان له وقيل سبحات وجهه جلاله يعني لو كشفت فتجلى ما وراءها لأحرقت عظمة جلال ذاته وأفنت ما انتهى إليه بصره من خلفه لعدم إطاقته وهو يعد في دار الدنيا منغمس في الشهوات متآلف بالمحسوسات محجوب بالشواغل البدنية والعوائق الجسمانية عن حضرته والإتصال بها ومشاهدة جمالها ذكره القاضي 000000
1861 إن الله لا ينزع العلم منكم بعدما أعطاكموه انتزاعا و لكن يقبض العلماء بعلمهم و يبقى جهال فيسألون فيفتون فيضلون و يضلون( حسن )
( طس ) عن أبي هريرة .
1862 إن الله تعالى لا ينظر إلى صوركم و أموالكم و لكن إنما ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/248)
(إن اللّه لا ينظر إلى صوركم) أي لا يجازيكم على ظاهرها (ولا إلى أموالكم) الخالية من الخيرات أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم منه (ولكن إنما ينظر إلى قلوبكم) التي هي محل التقوى وأوعية الجواهر وكنوز المعرفة (وأعمالكم){فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً} فمعنى النظر هنا الإحسان والرحمة والعطف ومعنى نفيه نفي ذلك فعبر عن الكائن عند النظر بالنظر مجازاً وذلك لأن النظر في الشاهد دليل المحبة وترك النظر دليل البغض والكراهية وميل الناس إلى الصور المعجبة والأموال الفائقة واللّه منزه عن ذلك فجعل نظره إلى ما هو السر والب وهو القلب والعمل. والجمال قسمان ظاهري وباطني كجمال علم وعقل وكرم وهذا هو محل نظر اللّه من غيره وموضع محبته فيرى صاحب الجمال الباطني فيكسوه من الجمال والمهابة والحلاوة بحسب ما اكتسبت روحه من تلك الصفات فإن المؤمن يعطي حلاوة ومهابة بحسب إيمانه فمن رآه هابه ومن خالطه أحبه وإن كان أسود مشوهاً وهذا أمر مشهود للعيان (تنبيه) قال الغزالي: قد أبان هذا الحديث أن محل القلب موضع الرب فيا عجباً ممن يهتم بوجهه الذي هو نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ويزينه بما أمكن لئلا يطلع فيه مخلوق على عيب ولا يهتم بقلبه الذي هو محل نظر الخالق فيطهره ويزينه لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره فيه انتهى.
1863إن الله تعالى لا ينظرإلى مسبل إزاره(صحيح)(حم ن)عن ابن عباس.
الشرح:
(إن اللّه تعالى لا ينظر) نظر رحمة (إلى مسبل إزاره) إلى أسفل الكعبين أي بطراً كما قيده به في الرواية الأولى فإسباله لا للبطر ولا للخيلاء مكروه لا حرام والكلام في إسبال لغير ضرورة، هذا في حق الرجل وأجمعوا على حل الإسبال للمرأة.
1864 إن الله تعالى لا ينظر إلى من يجر إزاره بطرا( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/249)
(إن اللّه تعالى لا ينظر) نظر مثوبة أو رحمة أو لطف أو عناية فعبر عن المعنى الكائن عند النظر به لأن من نظر إلى متواضع رحمه أو إلى منكر مقته وفي رواية للشيخين زيادة يوم القيامة (إلى من يجر إزاره) وفي رواية ثوبه أي يسبله إلى تحت كعبيه (بطراً) أي للكبر فهو حرام متوعد عليه بالثأر في عدة أخبار ويفهم منه أن جره إذ لم يكن بطراً لا يحرم بل يكره وسبل الإزار والسراويل والقميص والجبة ونحو ذلك مثله قال العراقي: بل ورد في حديث دخول العمامة.
1865 إن الله يؤيد حسان بروح القدس ما نافح عن رسول الله ( صحيح )
( حم ت ) عن عائشة .
1866 إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم ( صحيح )
( ن حب ) عن أنس ( حم طب ) عن أبي بكرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يؤيد هذا الدين) دين الإسلام قال الحرالي: والأيد تضعيف القوة الباطنة وقال الراغب: الأيد القوة الشديدة ومنه قيل للأمير المعظم مؤيد (بأقوام) جمع قوم (لا خلاق لهم) أي لا أوصاف حميدة يتلبسون بها قال حجة الإسلام ومنهم عالم طالب للرياسة والقبول وإقامة الجاه ونيل الثروة والعز والوقار وهو في نفسه هالك ويصلح بسببه الدين والخلق إذا كان يدعو إلى رفض الدنيا ظاهراً وينشر الشريعة ويقيم نواميس الشعائر الدينية فهو ممقوت عند اللّه ويظن أنه عنده بمكان اهـ. وقال بعضهم: العبد وإن وقع على يديه تأييد للدين ونفع للعباد بالإفتاء والتدريس والتأليف فهو جاهل بخاتمة أمره هذا إذا سلم حال حياته من نحو عجب وشفوف على الناس بعلمه وإلا فحاله ظاهر اهـ.
1867 إن الله يباهي بأهل عرفات أهل السماء فيقول لهم: انظروا إلى عبادي هؤلاء جاءوني شعثا غبرا( صحيح)( حب ك هق) عن أبي هريرة .
1868 إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة يقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا( صحيح ) ( حم طب ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/250)
(إن اللّه تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة) أي الواقفين بها ثم بين تلك المباهات بقوله (يقول انظروا إلى عبادي) أي تأملوا حالهم وهيأتهم (أتوني) أي جاؤوا إلى بيتي إعظاماً لي وتقرباً لما يقربهم مني (شعثاً) أي متغيرين الأبدان والشعور والملابس لقلة تعهدهم بالأدهان والإصلاح والشعث الوسخ في بدن أو شعر (غبراً) أي من غير استحداد ولا تنظف قد ركبهم غبار الطريق قال في المطامح: وذا يقتضي الغفران وعموم التكفير لأنه لا يباهي بالحاج إلا وقد تطهر من كل ذنب إذ لا تباهي الملائكة وهم مطهرون إلا بمطهر فينتج أن الحج يكفر حق الحق وحق الخلق حتى الكبائر والتبعات ولا حجر على اللّه في فضله ولا حق بالحقيقة لغيره وفيه أفضلية عرفة حتى على النحر وهو ما عليه الأكثر فلو قال أنت طالق في أفضل الأيام لم تطلق إلا يومه قال القاضي: وإنما سمي الموقف عرفة لأنه نعت لإبراهيم عليه السلام فلما أبصره عرفه أو لأن جبريل كان يدور في المشاعر فلما رآه قال قد عرفت أو لأن آدم وحواء عليهما السلام التقيا فيه فتعارفا أو لأن الناس يتعارفون فيه.
1869 إن الله تعالى يبتلي العبد فيما أعطاه فإن رضي بما قسم الله له بورك له فيه ووسعه و إن لم يرض لم يبارك له و لم يزد على ما كتب له(صحيح)
( حم ابن قانع هب ) عن رجل من بني سليم .
الشرح:(1/251)
(إن اللّه تعالى يبتلي) أي يمتحن ويختبر (العبد فيما أعطاه) من الرزق (فإن رضى بما قسم اللّه له) أي بالذي قسم له منه أو بقسمة اللّه (بورك له) بالبناء للمفعول يعني بارك اللّه له فيه (ووسعه) عليه (وإن لم يرضى) به ( لم يبارك له) فيه (ولم يزده على ما كتب له) أي قدر له في الأزل أو في بطن أمه لأن من لم يرض بالمقسوم كأنه سخط على ربه حيث لم يقسم له فوق ما قسم فاستحق حرمانه من البركة لكونه يرى نفسه أهلاً لأكثر مما قدر له واعترض على اللّه في حكمته. قال بعضهم: وهذا الداء قد كثر في أبناء الدنيا فترى أحدهم يحتقر ما قسم له ويقللّه ويقبحه ويعظم ما بيد غيره ويكثره ويحسنه ويجهد في المزيد دائماً فيذهب عمره وتنحل قواه ويهرم من كثرة الهم والتعب فيتعب بدنه ويفرق جبينه وتسود صفحته من كثرة الآثام بسبب الإنهماك في التحصيل مع أنه لا ينال إلا المقسوم فخرج من الدنيا مفلساً لا هو شاكر ولا نال ما طلب.
1870 إن الله تعالى يبتلي عبده المؤمن بالسقم حتى يكفر عنه كل ذنب
( صحيح ) ( طب ) عن جبير بن مطعم ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يبتلي) أي يختبر ويمتحن (عبده المؤمن) القوي على احتمال ذلك (بالسقم) بضم فسكون أي المرض (حتى يكفر عنه كل ذنب) فيجب على العبد أن يشكر اللّه على البلاء لأنه في الحقيقة نعمة لا نقمة لأن عقوبة الدنيا منقطعة وعقوبة الآخرة دائمة ومن عجلت عقوبته في الدنيا لا يعاقب في العقبى قال القرطبي والمكفر بالمرض الصغائر بشرط الصبر أما الكافر فقد يزاد له بالبلاء في المال والولد وقد يخفف عنه به عقوبة غير الشرك 000000
1871 إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار و يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها ( صحيح )
( حم م ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/252)
(إن اللّه تعالى يبسط يده بالليل) أي فيه (ليتوب مسيء النهار) مما اجترح فيه وهو إشارة إلى بسط يد الفضل والإنعام لا إلى الجارحة التي هي من لوازم الأجسام فالبسط في حقه عبارة عن التوسع في الجود والتنزه عن المنع عند اقتضاء الحكمة (ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل) يعني يقبل التوبة من العصاة ليلاً ونهاراً أي وقت كان فبسط اليد عبارة عن قبول التوبة ومن قبل توبته فداه بأهل الأديان يوم القيامة كما مر ويجيء في خبر وفيه تنبيه على سعة رحمة اللّه وكثرة تجاوزه عن المذنبين ولا يزال كذلك (حتى تطلع الشمس من مغربها) فإذا طلعت منه غلق باب التوبة قال في المطامح: ومن أنكر طلوعها من مغربها كفر وسمعت عن بعض أهل عصرنا أنه ينكره نعوذ باللّه من الخذلان انتهى وأنت خبير بأن جزمه بالتكفير لا يكاد يكون صحيحاً سيما في حق العامة لأنه لم يبلغ مبلغ المعلوم من الدين بالضرورة ومجرد وروده في أخبار صحاح لا يوجب التكفير فتدبر.
1872 إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئتها و يبعث الجمعة زهراء منيرة لأهلها فيحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوءها ألوانهم كالثلج بياضا رياحهم تسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان ما يطرقون تعجبا حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون( صحيح)( ك هب)عن أبي موسى .
1873 إن الله تعالى يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/253)
(إن اللّه يبعث ريحاً من اليمن) وفي رواية من الشام ولا تنافي أنها ريح شامية يمانية أو لأن مبدأها من أحد الإقليمين ثم تصل للآخر وتنشر عنه وزعم أن اليمن بضم فسكون وأن المراد البركة يرده ذكر الشام في الرواية الأخرى (ألين من الحرير) في هذا الوصف إشارة إلى الرفق بالمؤمنين في قبض أرواحهم وفيه أن استعمال الريح في الشر غالبي لا كلي (فلا تدع) أي تترك (أحداً في قلبه مثقال حبة) في رواية ذرة (من إيمان) أي وزنها منه والمثقال معروف لكن ليس المراد به هنا حقيقته بل عبر به لأنه أقل ما يوزن به عادة غالباً (إلا قبضته) أي قبضت روحه بمعنى أنه يحصل قبضة مع هبوبها فلا ينافي أن القابض ملك الموت عليه السلام ولا يعارضه خبر لا تزال طائفة من أمتي إلخ لأن معناه حتى يقبضهم الريح الطيبة قرب القيامة وفيه أن الإيمان يزيد وينقص وأن المؤمنين يرفق بهم لكن هذا غالبي وإلا فكم من سعيد صعب عليه الموت وشقي سهل عليه.
1874 إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها ( صحيح ) ( د ك هق في المعرفة ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يبعث لهذه الأمة) أي يقيض لها (على رأس كل مائة سنة) من الهجرة أو غيرها على ما سبق تقريره والمراد الرأس تقريباً (من) أي رجلاً أو أكثر (يجدد لها دينها) أي يبين السنة من البدعة ويكثر العلم وينصر أهله ويكسر أهل البدعة ويذلهم قالوا: ولا يكون إلا عالماً بالعلوم الدينية الظاهرة والباطنة. قال ابن كثير: قد ادّعى كل قوم في إمامهم أنه المراد بهذا الحديث والظاهر أنه يعم جملة من العلماء من كل طائفة وكل صنف من مفسر ومحدث وفقيه ونحوي ولغوي وغيرهم ومر تعيين المبعوث على كل قرن00000
1875 إن الله تعالى يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها ( صحيح ) ( حم د ت ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/254)
(إن اللّه تعالى يبغض البليغ من الرجال) أي المظهر للتفصح تيهاً على الغير وتفاصحاً واستعلاء ووسيلة إلى الاقتدار على تصغير عظيم أو تعظيم حقير أو بقصد تعجيز غيره أو تزيين الباطل في صورة الحق أو عكسه أو إجلال الحكام له ووجاهته وقبول شفاعته فلا ينافي كون الجمال في اللسان ولا أن المروءة في البيان ولا أنه زينة من زينة الدنيا وبهاء من بهائها ولا يناقض هذا {خلق الإنسان علم البيان} لأن جعله من نعم الوهاب آية أن موضع البغض ما كان على جهة الإعجاب والتعاظم فمن فهم تناقض الخبر والآية فقد وهم وإلى ذلك المعنى المراد يشير قوله (الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة) جماعة البقر (بلسانها) أي الذي يتشدق بلسانه كما تتشدق البقرة ووجه الشبه إدارة لسانه حول أسنانه وفمه حال التكلم كما تفعل البقرة بلسانها حال الأكل وخص البقرة من بين البهائم لأن سائرها تأخذ النبات بأسنانها والبقرة لا تحتش إلا بلسانها ذكره جمع أخذاً من قول التوربشتي ضرب للمعنى مثلاً يشاهده الراؤون من حال البقرة ليكون أثبت في الضمائر وذلك أن كل دابة تأخذ النبات بأسنانها والبقرة بلسانها يضرب بها المثل لأنهم كانوا في مغزاهم كالبقرة التي لا تستطيع أن تميز في رعيها بين الرطب والشوك والحلو والمر بل تلف الكل بلسانها لفاً فكذا هؤلاء لا يميزون في مأكلهم بين الحلال والحرام {سماعون للكذب أكالون للسحت} وقال القاضي: شبه إدارة لسانه حول الأسنان والفم حال التكلم تفاصحاً بما يفعل البقر وما ذكر من أن الرواية يتخلل بخاء معجمة هو المشهور وفي بعض نسخ المصابيح يتجلل بالجيم قال القاضي فيكون تشبيهاً له في تكلمه بالهجر وفحش الكلام بالجلالة في تناول النجاسات، وبغض اللّه إرادته عقاب من أبغضه وإيقاع الهوان به قال الغزالي: مر بعض السلف بقاص يدعو بسجع فقال له: أعلى اللّه تتبالغ؟ ادع بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والإنطلاق. قال في الأذكار: فيكره التقعير في(1/255)
الكلام بالتشدق وتكلف السجع والفصاحة والتصنع بالمقامات التي يعتادها المتفاصحون وزخارف القول فكله من التكلف المذموم وكذا تحري دقائق الأعراب ووحشي اللغة حال مخاطبة العوام 000000 وقال بعضهم:
لسان فصيح معرب في كلامه * فيا ليته في موقف الحشر يسلم
وما ينفع الإعراب إن لم يكن تقى*وما ضرّ ذا تقوى لسان معجم00
1876 إن الله تعالى يبغض السائل الملحف(صحيح)(حل)عن أبي هريرة .
الشرح:
أي الملح الملازم أخذاً من اللحاف الذي يشتمل به الإنسان ويتغطى به للزومه ما يغطيه ومنه لاحفه أي لازمه قال الحرالي: هو لزوم ومدافعة في الشيء من حروف الحلق الذي هو انتهاء الخبر إلى الغاية كذلك اللحف هو انتهاء السؤال إلى الغاية انتهى وفي الفردوس قيل المراد هنا بالملحف من عنده غداء وهو يسأل العشاء وقد ذم اللّه تعالى السائل إلحافاً في ضمن ثنائه على ضده بقوله {لا يسألون الناس إلحافاً}.
1877 إن الله تعالى يبغض الفاحش المتفحش( صحيح )
( حم) عن أسامة بن زيد .
الشرح:
قال القرطبي: الفاحش المجبول على الفحش الذي يتكلم بما يكره سماعه مما يتعلق بالدين أو الذي يرسل لسانه بما لا ينبغي وهو الجفاء في الأقوال والأفعال والمفتحش المتعاطي لذلك المستعمل له وقيل الفاحش المتبلس بالفحش والمتفحش المتظاهر به لأنه تعالى طيب جميل فيبغض من لم يكن كذلك قال تعالى {{ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن} قال الفخر الرازي: وقد عاتب اللّه تعالى نوحاً عليه الصلاة والسلام عند دعائه على قومه بالهلاك. وقال {المؤمنون بعضهم أولياء بعض} ولم يقل أعداء بعض وقال موسى وهارون عليهما الصلاة السلام {فقولا له قولاً ليناً}.
1878 إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بالدنيا جاهل بالآخرة ( صحيح ) ( هق )عن أبي هريرة .
1879 إن الله تعالى يبغض كل عالم بالدنيا جاهل بالآخرة ( صحيح )
( ك في تاريخه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/256)
(إن اللّه تعالى يبغض كل عالم بالدنيا) أي بما يبعده عن اللّه من الإمعان في تحصيلها (جاهل بالآخرة) أي بما يقربه إليها وبدنيه منها لأن العلم شرف لازم لا يزول دائم لا يمل ومن قدر على الشريف الباقي أبد الآباد ورضي بالخسيس الفاني في أمد الآماد فجدير بأن يبغض لشقاوته وإدباره ولو لم يكن من شرف العلم إلا أنه لا يمتد إليه أيدي السراق بالأخذ ولا أيدي السلاطين بالعزل لكفى فكيف وهو بشرطه المتكفل بسعادة الدارين.
1880 إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه( حسن)(هب)عن عائشة .
الشرح:
00أي يحكمه كما جاء مصرحاً به في رواية العسكري فعلى الصانع الذي استعمله اللّه في الصور والآلات والعدد مثلاً أن يعمل بما علمه اللّه عمل إتقان وإحسان بقصد نفع خلق اللّه الذي استعمله في ذلك ولا يعمل على نية أنه إن لم يعمل ضاع ولا على مقدار الأجرة بل على حسب إتقان ما تقتضيه الصنعة كما ذكر أن صانعاً عمل عملاً تجاوز فيه ودفعه لصاحبه فلم ينم ليلته كراهة أن يظهر من عمله عملاً غير متقن فشرع في عمل بدله حتى أتقن ما تعطيه الصنعة ثم غدا به لصاحبه فأخذ الأول وأعطاه الثاني فشكره فقال: لم أعمل لأجلك بل قضاء لحق الصنعة كراهة أن يظهر من عملي عمل غير متقن فمتى قصر الصانع في العمل لنقص الأجرة فقد كفر ما علمه اللّه وربما سلب الإتقان 00000
1881 إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله( صحيح)( خ)عن عائشة .
الشرح:(1/257)
(إن اللّه تعالى يحب الرفق) بكسر فسكون لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل والدفع بالأخف (في الأمر كله) في أمر الدين وأمر الدنيا حتى في معاملة المرء نفسه ويتأكد ذلك في معاشرة من لا بد للإنسان من معاشرته كزوجته وخادمه وولده فالرفق محبوب مطلوب مرغوب وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف مثله من الشر وهذا قاله لما قالت اليهود لعائشة رضي اللّه تعالى عنها عندها السام عليك قالت بل عليكم السام واللعنة (تنبيه) عرف في شرح الرسالة العضدية الرفق بأنه حسن الانقياد إلى ما يؤدي إلى الجميل.
1882 إن الله تعالى يحب العبد: التقي الغني الخفي ( صحيح )
( حم م ) عن سعد بن أبي وقاص .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يحب العبد) المؤمن (التقي) بمثناة فوقية من يترك المعاصي امتثالاً للمأمور به واجتناباً للمنهي عنه وهو فعيل من الوقاية تاؤه مقلوبة عن واو وقيل هو المبالغ في تجنب الذنوب (الغني) غنى النفس كما جزم به في الرياض وهو الغني المحبوب وأشار البيضاوي وعياض والطيبي إلى أن المراد غنى المال والمال غير محذور لعينه بل لكونه يعوق عن اللّه فكم من غني لم يشغله غناه عن اللّه وكم من فقير شغله فقره عن اللّه فالتحقيق أنه لا يطلق القول بتفضيل الغني على الفقير وعكسه (الخفي) بخاء معجمة أي الخامل الذكر المعتزل عن الناس الذي يخفي عليهم مكانه ليتفرغ للتعبد قال ابن حجر وذكر للتعميم إشارة إلى ترك الرياء وروى بمهملة ومعناه الوصول للرحم اللطيف بهم وبغيرهم من الضعفاء قال الطيبي والصفات الثلاثة الجارية على العبد واردة على التفضيل والتمييز فالتقى مخرج للعاصي والغني للفقير والخفي على الروايتين لما يضادها فإذا قلنا إن المراد بالغنى غنى القلب اشتمل على الفقير الصابر والغني الشاكر منهم وفيه على الأول حجة لمن فضل الاعتزال وآثر الخمول على الاشتهار000000
1883 إن الله تعالى يحب العطاس و يكره التثاؤب( صحيح )
( خ د ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/258)
(إن اللّه تعالى يحب العطاس) أي سببه الذي لا ينشأ عن زكام لأنه المأمور فيه بالتحميد والتشميت ويحتمل التعميم كما في الفتح وهو يفتح المسام ويخفف الدماغ إذ به تندفع الأبخرة المحتبسة فيه ويخفف الغذاء وهو أمر مندوب إليه لأنه يعين صاحبه على العبادة ويسهل عليه الطاعة ومن ثم عده الشارع نعمة يحمد عليها كما سبق (ويكره التثاؤب) بالهمز وقيل بالواو وهو تنفس ينفتح منه الفم بلا قصد وذلك لأنه يكون عن امتلاء البدن وثقله وكثرة الغذاء وميله إلى الكسل فيثبط صاحبه عن الطاعة فيضحك منه الشيطان ولهذا سن الشرع كظمه ورده ما أمكن.
1884 إن الله يحب العطاس و يكره التثاؤب فإذا عطس أحدكم فحمد الله كان حقا على كل مسلم سمعه أن يقول له: يرحمك الله و أما التثاؤب فإنما هو من الشيطان فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع فإن أحدكم إذا قال: ها ضحك منه الشيطان( صحيح ) ( حم خ د ت ) عن أبي هريرة .
1885 إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه
(صحيح)( حم هق)عن ابن عمر( طب) عن ابن عباس وعن ابن مسعود .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يحب أن يؤتى رخصه) جمع رخصة وهي مقابل العزيمة (كما يجب أن تؤتى عزائمه) أي مطلوباته الواجبة فإن أمر اللّه تعالى في الرخصة والعزيمة واحد فليس الأمر بالوضوء أولى من التيمم في محله ولا الإتمام أولى من القصر في محله فيطلب فعل الرخص في مواضعها والعزائم كذلك فإن تعارضا في شيء واحد راعى الأفضل، قال القاضي: والعزيمة في الأصل عقد القلب على الشيء ثم استعمل لكل أمر محتوم وفي اصطلاح الفقهاء الحكم الثابت بالإمالة كوجوب الصلوات الخمس وإباحة الطيبات قال ابن تيمية ولهذا الحديث وما أشبهه كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يكره مشابهة أهل الكتاب فيما عليهم من الآصار والأغلال ويزجر أصحابه عن التبتل والترهب.
1886 إن الله تعالى يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته
( صحيح ) ( حم حب هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/259)
(إن اللّه يحب أن تؤتى رخصه) جمع رخصة وهي تسهيل الحكم على المكلف لعذر حصل وقيل غير ذلك لما فيه من دفع التكبر والترفع من استباحة ما أباحته الشريعة، ومن أنف ما أباحه الشرع وترفع عنه فسد دينه فأمر بفعل الرخصة ليدفع عن نفسه تكبرها، ويقتل بذلك كبرها ويقهر النفس الأمارة بالسوء على قبول ما جاء به الشرع ومفهوم محبته لإتيان الرخص أنه يكره تركه فأكد قبول رخصته تأكيداً يكاد يلحق بالوجوب بقوله (كما يكره أن تؤتى معصيته) وقال الغزالي رحمه اللّه: هذا قاله تطييباً لقلوب الضعفاء حتى لا ينتهي بهم الضعف إلى اليأس والقنوط فيتركوا الميسور من الخير عليهم لعجزهم عن منتهى الدرجات فما أرسل إلا رحمة للعالمين كلهم على اختلاف درجاتهم وأصنافهم اهـ. قال ابن حجر رحمه اللّه: وفيه دلالة على أن القصر للمسافر أفضل من الإتمام.
1887 إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده ( حسن )
( ت ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن اللّه يحب أن يرى) بالبناء للمجهول (أثر نعمته) أي إنعامه (على عبده) قيل معنى يرى مزيد الشكر للّه تعالى العمل الصالح والثناء والذكر له بما هو أهله والعطف والترحم والإنفاق من فضل ما عنده في القرب {وأحسن كما أحسن اللّه إليك} والخلق كلهم عيال اللّه وأحبهم إليه أنفعهم لعياله فيرى في أثر الجدة عليه زياً وانفاقاً وشكراً، هذا في نعمة اللّه، أما في النعمة الدينية فبأن يرى على العبد نحو استعماله للعلم فيما أمر به وتهذيب الأخلاق ولين الجانب والحلم على السفيه وتعليم الجاهل ونشر العلم في أهله ووضعه في محله بتواضع ولين جانب في أبهة واحتشام وفي ولاة الأمور بالرفق بالرعية وإقامة نواميس العدل فيهم ومعاملتهم بالإنصاف وترك الإعتساف إلى غير ذلك من سائر ما يجب عليهم، ويطرد ذلك في كل نعمة مع أن نعمه تعالى لا تحصى.
1888 إن الله تعالى يحب سمح البيع سمح الشراء سمح القضاء( صحيح )
( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/260)
(إن اللّه تعالى يحب) من عباده رجلاً (سمح البيع) أي سهله (سمح الشراء سمح القضاء) أي التقاضي كما سبق موضحاً ومقصود الحديث الحث على تجنب المضايقة في المعاملات واستعمال الرفق وتجنب العسر قال ابن العربي: إنما أحبه لشرف نفسه وحسن خلقه بما ظهر من قطع علاقة قلبه بالمال الذي هو معنى الدنيا وإفضاله على الخلق الذين هم عيال اللّه ونفعه لهم فلذلك استوجب محبة اللّه.
1889 إن الله يحب معالي الأخلاق و يكره سفسافها( صحيح )
( ك ) عن سهل بن سعد .
1890 إن الله تعالى يحب معالي الأمور و أشرافها و يكره سفسافها
( صحيح ) ( طب ) عن الحسين بن علي .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يحب معالي الأمور وأشرافها) وهي الأخلاق الشرعية والخصال الدينية لا الأمور الدنيوية فإن العلو فيها نزول (ويكره) في رواية البيهقي ويبغض (سفسافها) بفتح أوله أي حقيرها ورديئها فمن اتصف من عبيده بالأخلاق الزكية أحبه ومن تحلى بالأوصاف الرديئة كرهه وشرف النفس صونها عن الرذائل والدنايا والمطامع القاطعة لأعناق الرجال فيربأ بنفسه أن يلقيها في ذلك وليس المراد به التيه فإنه يتولد من أمرين خبيثين إعجاب بنفسه وازدراء بغيره والأول يتولد بين خلقين كريمتين إعزاز النفس وإكرامها وتعظيم مالكها فيتولد من ذلك شرف النفس وصيانتها وقد خلق سبحانه وتعالى لكل من القسمين أهلاً لما مر أن بني آدم تابعون للتربة التي خلقهم منها فالتربة الطيبة نفوسها علية كريمة مطبوعة على الجود والسعة واللين والرفق لا كزازة ولا يبوسة فيها فالتربة الخبيثة نفوسها التي خلقت منها مطبوعة على الشقوة والصعوبة والشح والحقد وما أشبهه 000000000
1891 إن الله تعالى يحب من العامل إذا عمل أن يحسن ( حسن )
( هب ) عن كليب .
الشرح:(1/261)
(إن اللّه يحب من العامل) أي من كل عامل (إذا عمل) عملاً في طاعة (أن يحسن) عمله بأن لا يبقى فيه مقالاً لقائل ولا مفرجاً لغائب. قال الراغب: العاقل من تحرى الصدق في صناعته وأقبل على عمله وطلب مرضاة ربه بقدر وسعه وأدى الأمانة بقدر جهده ولم يشتغل عن عبادة ربه كما قال تعالى {لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر اللّه} 0000
1892 إن الله يحدث من أمره ما يشاء و إن الله قد أحدث: أن لا تكلموا في الصلاة ( صحيح ) ( حم د ن هق ) عن ابن مسعود .
1893 إن الله يخرج أقواما من النار بعدما لا يبقى منهم فيها إلا الوجوه فيدخلهم الجنة ( صحيح ) ( عبد بن حميد ) عن أبي سعيد .
1894 إن الله تعالى يدني المؤمن فيضع عليه كنفه و ستره من الناس و يقرره بذنوبه فيقول: أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول: نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه و رأى في نفسه أنه قد هلك قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا و أنا أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته بيمينه ; و أما الكافر و المنافق فيقول الأشهاد: هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/262)
(إن اللّه تعالى يدني المؤمن) أي يقربه منه بالمعنى المقرر فيما قبل (فيضع عليك كنفه) أي ستره فيحفظه (ويستره) به (من الناس) أهل الموقف صيانة له من الخزي والتفضيح مستعار من كنف الطائر وهو جناحه يصون به نفسه ويستر به بيضه (ويقرره بذنوبه) أي يجعله مقراً بها بأن يظهرها له ويلجئه إلى الإقرار بها (فيقول) تعالى له (أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا) مرتين (فيقول) المؤمن (نعم) أعرفه وفي رواية أعرف (أي رب) أي يا رب أعرف ذلك وهكذا كلما ذكر له ذنباً أقر به (حق إذا قرره بذنوبه) أي جعله مقراً بها كلها بأن أظهر له ذنوبه وألجأه إلى الإقرار بها (ورأى في نفسه) أي علم اللّه في ذاته (أنه) أي المؤمن (قد هلك) باستحقاقه العذاب لاقراره بذنوب لا يجد لها مدفعاً ولا عنها جواباً منجعاً ويجوز كون الضمير في رأي للمؤمن والواو فيه للحال ذكره القاضي (قال) أي اللّه (فإني) أي فإذ قد أقررت وخفتني إني (قد سترتها) أي الذنوب (عليك في الدنيا) هذا إستئناف جواب عمن قال ماذا قال اللّه (وأنا أغفرها لك اليوم) قدم أنا ليفيد الاختصاص إذ الذنوب لا يغفرها غيره ولم يقل أنا سترتها عليك لأن الستر في الدنيا كان باكتساب من العبد أيضاً. قال الغزالي رحمه اللّه تعالى: وهذا إنما يرجى لعبد مؤمن ستر على الناس عيوبهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهون فهو جدير بأن يجازى بذلك (ثم يعطى) بالبناء للمجهول أي يعطي اللّه المؤمن إظهاراً لكرامته وإعلاماً بنجاته وإدخالاً لكمال السرور عليه وتحقيقاً لقوله تعالى {فأما من أوتي كتابه بيمينه} (كتاب حسناته بيمينه) أي بيده اليمنى (وأما الكافر) بالإفراد (والمنافق) بالإفراد وفي رواية للبخاري والمنافقون بالجمع (فيقول الأشهاد) جمع شهيد جمع شاهد أي الحاضرون يوم القيامة الأنبياء والملائكة والمؤمنون أو المراد أهل المحشر لأنه يشهد بعضهم على بعض (هؤلاء) إشارة إلى الكافرين والمنافقين (الذين(1/263)
كذبوا على ربهم، ألا لعنة اللّه على الظالمين) وفيه رد على المعتزلة المانعين مغفرة ذنوب غير الكفار وعلى الخوارج حيث كفروا بالمعاصي والمراد بالذنوب هنا الحقوق المتعلقة بالخلق بدليل ما روي إذا خلص المؤمنون من النار احتبسوا بقنطرة بين الجنة والنار يتقاضون مظالم كانت عليهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، وأل في المؤمن عهدية لا جنسية والمعهود من لم يتجاهر في الدنيا بالمعاصي بل استتر بستر اللّه وإلا فلا بد من دخول جماعة من عصاة المؤمنين النار.
1895 إن الله تعالى يرضى لكم ثلاثا و يكره لكم ثلاثا فيرضى لكم: أن تعبدوه و لا تشركوا به شيئا و أن تعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا و أن تناصحوا من ولاه الله أمركم و يكره لكم: قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/264)
(إن اللّه يرضى لكم ثلاثاً) من الخصال (ويكره لكم ثلاثاً) يعني يأمركم بثلاث وينهاكم عن ثلاث إذ الرضى بالشيء يستلزم الأمر والأمر بالشيء يستلزم الرضى به فيكون كناية وكذا الكلام في الكراهة، وأتى باللام في الموضعين ولم يقل يرضى عنكم ويكره منكم رمز إلى أن فائدة كل من الأمرين عائدة لعباده فالأولى ما أشار إليها بقوله (فيرضى لكم) الفاء فيه تفسيرية (أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً) في عبادته فهذه واحدة خلافاً لقول النووي ثنتان (و) الثانية (أن تعتصموا بحبل اللّه جميعاً) أي القرآن، يرشدك إلى ذلك خبر القرآن حبل اللّه المتين والحديث يفسر بعضه بعضاً فمن فسره بعهد اللّه أو اتباع كتابه كأنه غفل عن ذلك ولا عطر بعد عروس والاعتصام به التمسك بآياته والمحافظة على العمل بها (ولا تفرقوا) بحذف إحدى التاءين وهذا نفي عطف على تعتصموا أي لا تختلفوا في ذلك الاعتصام كما اختلف أهل الكتاب أو هو نهي عن أن يكون ما قبله من الخبر بمعنى الأمر يعني اعتصموا ولا تفرقوا وكذا اللام في قوله ولا تشركوا (و) الثالثة (أن تناصحوا من ولاه اللّه أمركم) أي من جعله والي أمركم وهم الإمام ونوابه والمراد بمناصحتهم ترك مخالفتهم والدعاء عليهم والدعاء لهم ومعاونتهم على الحق والتلطف في إعلامهم بما غفلوا عنه من الحق والخلق ولم يؤكد هنا بقوله ولا تخالفوا إشعاراً بأن مخالفتهم جائزة إذا أمروا بمعصية (ويكره لكم قيل وقال) مصدران أريد بهما المقاولة والخوض في أخبار الناس أو ماضيان كما سبق (وكثرة السؤال) عن الأخبار وقيل من الأموال وقد سبق ما فيه (وإضاعة المال) بصرفه في غير وجهه الشرعي وقد سبق من ذلك ما فيه بلاغ (فائدة) حكي أن الأصمعي لما أراد الرشيد مجالسته قال له: اعلم أنك أعلم منا ونحن أعقل منك فلا تعلمنا في ملأ ولا تذرنا في خلاء واتركنا حتى نبدأك بالسلام ثم إذا بلغت في الجواب حد الاستحقاق لا تزد إلا باستدعاء، وإذا وجدتنا خرجنا عن الحق(1/265)
فأرجعنا ما استطعت من غير تقريع على خطيئتنا ولا إضجار بطول التردد إلينا لئلا تهون في أعيننا فلا نعتني بقولك يا أبا محمد إنه لن تهلك أمة مع التناصح ولن يهلك ملك مع الاستشارة ولن يهلك قلب مع التسليم.
1896 إن الله تعالى يرفع بهذا الكتاب أقواما و يضع به آخرين ( صحيح )
( م ه ) عن عمر .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يرفع بهذا الكتاب) أي بالإيمان بالقرآن وتعظيم شأنه والعمل بمقتضاه مخلصاً (أقواماً) أي درجة أقواماً ويشرفهم ويكرمهم في الدنيا والآخرة (يضع) أي ويحقر ويخفض ويذل (به آخرين) وهم من لم يؤمن به أو آمن ولم يعمل به مخلصاً وآخرين بفتح الخاء اسم على أفعل والأنثى أخرى أي يخفض ويذل به قوماً آخرين وهم من أعرض عنه ولم يأتمر به أو قرأه أو عمل به مرائياً فيضعه أسفل السافلين لقوله تعالى {والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور} وعدل عن أن يضع به أقواماً آخرين إشارة عن تأخرهم عن منازل القرب ودرجات الأبرار.
1897 إن الله يزيد الكافر عذابا ببعض بكاء أهله عليه ( صحيح )
( ن ) عن عائشة .
1898 إن الله يطلع على عباده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين و يملي للكافرين و يدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه ( حسن )
( طب ) عن أبي ثعلبة .
1899 إن الله يعذب المصورين بما صوروا ( صحيح )
( الشيرازي خط ) عن ابن عباس .
1900 إن الله تعالى يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس في الدنيا
( صحيح ) ( حم م د ) عن هشام بن حكيم ( حم هب ) عن عياض بن غنم .
الشرح:
ظلماً بخلافه بحق كقود وحد وتعزيز والمراد أن لهم مزيد مزية على غيرهم من عصاة المؤمنين الذين يعذبهم بذنوبهم وقد يدرك العفو من شاء اللّه منهم فلا يعذب أصلاً، وذكر الدنيا مع أنه لا يكون إلا فيها تتميم أو للمقابلة.
1901 إن الله تعالى يغار و إن المؤمن يغار و غيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله عليه( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/266)
(إن اللّه تعالى يغار) على عبده المؤمن (وإن المؤمن يغار وغيرة اللّه) هي (أن يأتي المؤمن) أي يفعل (ما حرم اللّه عليه) ولذلك حرم الفواحش وشرع عليها أعظم العقوبات وأشنع القتلات وشدة غيرته على إمائه وعبيده فإن عطلت هذه العقوبات شرعاً أجراها سبحانه قدراً ومن غيرته تعالى غيرته على توحيده ودينه وكلامه أن يحظى به غير أهله فحال بينهم وبينه غيرة عليه {وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} وما ذكر من أن الرواية أن يأتي المؤمن ما حرم اللّه عليه هو ما للأكثر لكنه في مسلم بلفظ ما حرم اللّه عليه بالبناء للفاعل وزيادة عليه والضمير للمؤمن وفي رواية أبي ذر أن لا يأتي بزيادة لا قال الصغائي: والصواب حذفها وقال الطيبي: تقديره غيرة اللّه ثابتة لأجل أن لا يأتي. قال الكرماني: وبتقدير أن لا يستقيم المعنى بإثبات لا فذلك دليل على زيادتها وقد عهدت زيادتها كثيراً وفي الحديث تحذير شديد من اقتحام حمى المعاصي والآثام المؤدية للّهلاك والطرد عن دار السلام 00000
1902 إن الله تعالى يقبل الصدقة و يأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد( صحيح )(ت)عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه) كناية عن حسن قبولها لأن الشيء المرضي يتلقى باليمين عادة 000 (فيربيها لأحدكم) يعني يضعف أجرها أي يزيد في كميته عينها فيكون أثقل في الميزان.(1/267)
كما يربي أحدكم تمثيل لزيادة التفهيم (مهره) صغير الخيل وفي رواية فلوه بفتح الفاء وضم اللام وشدة الواو ويقال بكسر فسكون مخففاً وهو المهر وقيل كل عظيم من ذات حافر وفي رواية فصيله وذلك لأن دوام نظر اللّه إليها يكسوها نعت الكمال حتى ينتهي بالتضعيف إلى حال تقع المناسبة بينه وبين ما قدم نسبة ما بين المهر إلى الخيل وخصه بضرب المثل لأنه يزيد زيادة بينة ولأن الصدقة نتاج عمله ولأنه حينئذ يحتاج للتربية وصاحبه لا يزال يتعهده وإذا أحسن القيام به وأصلحه انتهى إلى حد الكمال وكذا عمل الآدمي سيما الصدفة التي يحاذيها الشيطان ويتشبث بها الهوى ويقتفيها الرياء فلا تكاد تخلص إلى اللّه إلا موسومة بنقائص لا يجبرها إلا نظر الرحمن فإذا تصدق العبد من كسب طيب مستعد للقبول فتح لها باب الرحمة فلا يزال نظر اللّه إليها يكسبها نعت الكمال ويوفيها حصة الثواب حتى تنتهي بالتضعيف إلى نصاب تقع المناسبة بينه وبين ما قدم من العمل وقوع المناسبة بين اللقمة كما أشار إليه بقوله (حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد) بضم الهمزة الجبل المعروف قال في الكشف: هذا مثل ضرب لكون أصغر صغير يصير بالتربية أكبر كبير اهـ. والقول بأنه يعظم ذاتها حقيقة ليثقل في الميزان غير سديد ألا ترى إلى خبر البطاقة التي فيها الشهادة حيث توضع في الميزان فتثقل على سائر الأعمال فلا حاجة في الرجحان إلى تعظيم الذوات وخص التربية بالصدقة وإن كان غيرها من العبادات يزيد أيضاً بقبوله رمزاً إلى أن الصدقة فرضاً كانت أو نفلاً أحوج إلى تربية اللّه وزيادة الثواب ومشقتها على النفوس بسبب الشح وحب المال 000000
1903 إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر ( حسن )
( حم ت ه حب ك هب ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/268)
أي تصل روحه حلقومه فيكون بمنزلة الشيء الذي يتغرغر به لأنه لم يعاين ملك الموت ولم ييأس من الحياة فتصح توبته بشروطها فإن وصل لذلك لم يعتد بها لقوله تعالى {وليست التوبة للذين يعملون السيئات} الآية، ولأن من شرط التوبة العزم على ترك الذنب المكتوب عنه وعدم المعاودة عليه وذلك إنما يتحقق مع تمكن التائب منه وبقاء الأوان الاختياري ذكره القاضي وكما أن من وصل لتلك الحالة لا تقبل توبته لا ينفذ نصرته وجزم الطيبي كالمظهر بصحة إيصائه ووصيته وتحليله ممنوع منهما كيف وقد عاين ملك الموت وليس من الحياة ومعاينته اليأس مثل الغرغرة ولذلك لم ينفع فرعون إيمانه حينئذ.
1904 إن الله تعالى يقول: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن له جزاء عندي إلا الجنة ( صحيح ) ( ت ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يقول إذا أخذت كريمتي عبدي) أي أعميت عينيه يعني جارحيته الكريمتين عليه وكل شيء يكرم عليك فهو كريمك وكريمتك والإضافة للتشريف فيفيد أن الكلام في المؤمن وفي رواية عبدي المؤمن (في الدنيا لم يكن له جزاء عندي) يوم القيامة (إلا الجنة) أي دخولها مع السابقين أو بغير عذاب لأن فقد العينين من أعظم البلايا ولذا سماها في خبر آخر حبيبتين لأن الأعمى كالميت يمشي على وجه الأرض وهذا مقيد بالصبر والاحتساب كما يأتي في خبر في هذا الكتاب وظاهر الأحاديث أنه يحشر بصيراً وأما {ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى} فهو في عمى البصيرة وما هنا في عمى البصر وأما خبر "من مات على شيء بعثه اللّه عليه" فالمراد من الأعمال والأحوال الصالحة والطالحة.
1905 إن الله تعالى يقول: أنا عند ظن عبدي بي إن خيرا فخير و إن شرا فشر( صحيح ) ( طس حل ) عن واثلة .
الشرح:(1/269)
(إن اللّه تعالى يقول أنا عند ظن عبدي بي) أي أعامله على حسب ظنه وأفعل به ما يتوقعه مني فليحسن رجاءه أو أنا قادر على أن أعمل به ما ظن أني أعامله به فالمراد الحث على تغليب الرجاء على الخوف والظن على بابه ذكره الفاضي قال: ويمكن تفسيره بالعلم والمعنى أنا عند يقينه بي وعلمه بأن مصيره إلي وحسابه علي وأن ما قضيت من خير وشر فلا مرد له لا معطي لما منعت ولا راد لما أعطيت أي إذا تمكن العبد في مقام التوحيد ورسخ في مقام الإيمان والوثوق به سبحانه وتعالى قرب منه ورفع دونه الحجاب بحيث إذا دعاه أجاب وإذا سأله استجاب إلى هنا كلامه، وجزم بعض المتأخرين بثاني احتماليه فقال: معناه عند يقينه بي فالاعتماد عليّ والوثوق بوعدي والرهبة من وعيدي والرغبة فيما عندي أعطيه إذا سألني وأستجيب له إذا دعاني كل ذلك على حسب ظنه وقوة يقينه والظن قد يرد بمعنى اليقين قال اللّه تعالى {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم} أي يوقنون (إن خيراً فخير وإن شراً فشر) أي إن ظنّ بي خيراً أفعل به خيراً وإن ظنّ بي شراً أفعل به شراً. قال ابن القيم: وأعظم الذنوب عند اللّه تعالى إساءة الظن به فإن من أساء الظن به ظن به خلاف كماله الأقدس وظن به ما يناقض أسماءه وصفاته ولهذا توعد عليه بما توعد به غيره فقال {عليهم دائرة السوء وغضب اللّه عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم} وقال {وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم} قال الكرماني: وفيه إشارة إلى ترجيح جانب الرجاء على الخوف أي لأن العاقل إذا سمعه لا يعدل إلى ظن إيقاع الوعيد وهو جانب الخوف بل إلى ظن وقوع الوعد وهو جانب الرجاء وهو كما قال المحققون مقيد بالمحتضر وفي غيره أقوال ثالثها الاعتدال 00000000
1906 إن الله تعالى يقول: أنا مع عبدي ما ذكرني و تحركت بي شفتاه
( صحيح ) ( حم ه ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/270)
(إن اللّه تعالى يقول أنا مع عبدي) بالرحمة والتوفيق والهداية (ما ذكرني) أي مدة ذكره لي في نفسه فما مصدرية ظرفية (و) ما (تحركت بي) أي بذكري (شفتاه) فهو مع من يذكره بقلبه ومع من يذكره بلسانه لكن معيته مع الذكر القلبي أتم وخص اللسان لإفهامه دخول الأعلى بالأولى لكن محبته وذكره لما استولى على قلبه وروحه صار معه وجليسه ولزوم الذكر عند أهل الطريق من الأركان الموصلة إلى اللّه تعالى وهو ثلاثة أقسام ذكر العوام باللسان وذكر الخواص بالقلب وذكر خواص الخواص بفنائهم عند مشاهدة مذكورهم حتى يكون الحق مشهوداً لهم في كل حال000000
1907 إن الله تعالى يقول: إن الصوم لي و أنا أجزي به إن للصائم فرحتين: إذا أفطر فرح و إذا لقي الله تعالى فجزاه فرح و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك( صحيح )
( حم م ن ) عن أبي هريرة وأبي سعيد معا .
الشرح:(1/271)
(أن اللّه يقول إن الصوم لي) أي لا يتعبد به أحد غيري أو هو سر بيني وبين عبدي (وأنا أجزي به) صاحبه بأن أضاعف له الجزاء من غير عدد ولا حساب (إن للصائم فرحتين إذا أفطر فرح) قال القاضي ثواب الصائم لا يقدر قدره ولا يقدر على إحصائه إلا اللّه فلذلك يتولى جزاءه بنفسه ولا يكله إلى ملائكته والموجب لاختصاص الصوم بهذا الفضل أمران: أحدهما: أن جميع العبادة مما يطلع عليه العباد والصوم سر بينه وبين اللّه يفعله خالصاً لوجهه ويعامله به طالما لرضاه الثاني: أن جميع الحسنات راجعة إلى صرف المال فيما فيه رضاه والصوم يتضمن كسر النفس وتعريض البدن للنقص والتحول مع ما فيه من الصبر على مضض الجوع وحرقة العطش فبينه وبينهما أمد بعيد لفراغه بغير قاطع أو لخلوصه للّه أو بتوفيق اللّه له أو صومه وعونه ويحتمل أن يريد بفطره يوم موته فإن المؤمن صام عن لذاته المحرمة طول عمره فدهره في ذلك يوم موته وفطره في آخره وذلك حين فرحه بما يرى مما أعد اللّه له من الكرامات (وإذا لقي اللّه تعالى فجزاه فرح والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وإرادته (لخلوف فم الصائم) بضم الخاء تغير ريحه لخلو المعدة عن الطعام قال النووي هذا الصواب الذي عليه الجمهور وكثير يرويه بفتحها قال الخطابي وهو خطأ (أطيب عند اللّه) يوم القيامة كما في خبر مسلم أو الدنيا كما يدل عليه خبر آخر ولا مانع من إرادتهما (من ريح المسك) عند الخلق. قال البيضاوي: تفضيل لما يستكره من الصائم على أطيب ما يستلذ من جنسه وهو المسك ليقاس عليه ما فوقه من آثار الصوم ونتائجه. وقال غيره: خصه لأنهم يؤثرونه على غيره وهو استعارة لجريان عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا فاستعير ذلك لتقريبه من اللّه تعالى وفي تعليق القاضي إن للأعمال ريحاً تفوح يوم القيامة فريح الصوم منها كالمسك. قال ابن حجر: اتفقوا على أن المراد من سلم صيامه عن الإثم وفي هذا الحديث وما قبله وما بعده رد على من كره أن يقال إن(1/272)
اللّه يقول وقال إنما يقال قال كأنه كره ذلك لكونه لفظاً مضارعاً.
1908 إن الله تعالى يقول: إن العز إزاري و الكبرياء ردائي فمن نازعني فيهما عذبته ( صحيح ) ( طس ) عن علي .
1909 إن الله تعالى يقول: إن عبدا أصححت له جسمه و وسعت عليه في معيشته تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم ( صحيح )
( ع حب ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن اللّه يقول إن عبداً) مكلفاً (أصححت له جسمه ووسعت عليه في معيشه) أي فيما يعيش فيه من القوت وغيره (تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إليّ) أي لا يزور بيتي وهو الكعبة (لمحروم) أي يقضي عليه بالحرمان من الخير أو من مزيد الثواب وعموم الغفران بحيث يصير كيوم ولدته أمه لدلالته على عدم حبه لربه وعادة الأنجاب زيارة معاهد الأحباب وأطلالهم وأماكنهم وخلالهم0000
1910 إن الله يقول: إن عبدي المؤمن عندي بمنزلة كل خير يحمدني و أنا أنزع نفسه من بين جنبيه( صحيح ) ( حم هب ) عن أبي هريرة .
1911 إن الله تعالى يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة فيقولون: لبيك ربنا و سعديك ! و الخير في يديك فيقول: هل رضيتم ؟ فيقولون: و ما لنا لا نرضى و قد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون: يا رب و أي شيء أفضل من ذلك ؟ فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/273)
(إن اللّه تعالى يقول لأهل الجنة) وهم فيها (يا أهل الجنة فيقولون لبيك) أي إجابة بعد إجابة لك يا (ربنا) من ألبّ بالمكان أقام أي نقيم لامتثال أمرك إقامة كثيرة (وسعديك) بمعنى الإسعاد وهو الإعانة أي نطلب منك إسعاداً بعد إسعاد (والخير في يديك) أي في قدرتك ولم يذكر الشر لأن الأدب عدم نسبته إليه صريحاً (فيقول) سبحانه وتعالى لهم (هل رضيتم) بما صرتم إليه من النعيم المقيم (فيقولون وما لنا) أي أيّ شيء لنا (لا نرضى) وهو حال من الضمير في الظرف، والاستفهام لتقدير رضاه (وقد أعطيتنا) وفي رواية وهل شيء أفضل مما أعطيتنا؟ أعطيتنا (ما لم تعط أحداً من خلقك) الذين لم تدخلهم الجنة (فيقول) تعالى (ألا) بالتخفيف (أعطيكم) بضم الهمزة وفي رواية أنا أعطيكم (أفضل من ذلك) الذي أنتم فيه من النعيم (فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك) قال يا رب في الموضعين ولم يقل ربنا مع كون الجمع مذكوراً قبله إشعار بأن ذلك قول كل واحد منهم لا أن طائفة تكلموا وطائفة سكتوا إذ الكلام من كل واحد على حصول الرضى (فيقول أجل) بضم أوله وكسر المهملة أي أنزل (عليكم رضواني) بكسر أوله وضمه أي رضاي ورضاه سبب كل سعادة وفيه أن النعيم الحاصل لأهل الجنة لا يزيد على رضى اللّه (فلا أسخط عليكم بعده أبداً) مفهومه أن اللّه تعالى لا يسخط على أهل الجنة لأنه متفضل عليهم بالإنعام كلها دنيوية وأخروية فظاهر الحديث أن الرضى أفضل من اللقاء وأجيب بأنه لم يقل أفضل من كل حال بل أفضل من الإعطاء واللقاء يستلزم الرضى فهو من إطلاق اللازم وإرادة الملزوم وفيه أن السعادة أي الروحانية أفضل من الجسمانية ونعم للمؤمنين عظيمة وهي سماع كلام رب العالمين وأعظم منه خطابهم إياه بتقريره نعمه عليهم وتعريفه إياهم فضله لديهم وإن رضى اللّه أفضل من نعيم الجنة.(1/274)
1912 إن الله تعالى يقول: لأهون أهل النار عذابا لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ قال: نعم قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا و أنت في صلب آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا الشرك ! ( صحيح )
( ق ) عن أنس .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يقول) يوم القيامة (لأهون) أي أسهل (أهل النار) وفي خبر سيجيء أنه أبو طالب (عذاباً لو أن لك ما في الأرض من شيء) أي لو ثبت لأن لو تقتضي الفعل الماضي وإذا وقعت أن المفتوحة بعد لو وجب حذف الفعل لأن ما في أن من معنى التحقق والثبات منزل منزلة الفعل المحذوف (كنت تفتدي به) من النار وهو بالفاء من الافتداء وهو خلاص نفسه مما وقع فيه بدفع ما يملكه وهذا إلماح لقوله {لو أن لهم ما في الأرض جميعاً ومثله معه لافتدوا به} قال: عبر بالماضي لتحقق الوقوع (نعم) أفعل ذلك قال اللّه تعالى (فقد سألتك ما هو أهون من هذا) أي أمرتك بما هو أهون عليك منه وإلا يكون الشيء واقعاً على خلاف إرادته وهو محال وبما تقرر من أن الإرادة بمعنى الأمر يسقط احتجاج المعتزلة به زاعمين أن المعنى أردت منك التوحيد فخالفت مرادي قال الطيبي: والإرادة هنا أخذ الميثاق في قوله سبحانه {وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم} بقرينة قوله (وأنت في صلب) أبيك (آدم) عليه السلام حين أخذت الميثاق (أن) أي بأن (لا تشرك بي شيئاً فأبيت) إذ أخرجتك إلى الدنيا (إلا الشرك) أي فامتنعت إلا أن تشرك بي من لا يستطيع لك ولا لنفسه نفعاً ولا ضراً إشارة إلى قوله تعالى {أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل} ويحمل الآباء هنا على نقض العهد وهذا استثناء مفرغ وحذف المستثنى منه مع أنه كلام موجب لأن في الإباء معنى الامتناع فيكون نفياً معنى أي ما اخترت إلا الشرك.
1913 إن الله يقول: يا ابن آدم اكفني أول النهار أربع ركعات أكفك بهن آخر يومك ( صحيح ) ( حم ) عن عقبة بن عامر .(1/275)
1914 إن الله تعالى يقول: يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى و أسد فقرك و إن لا تفعل ملأت يديك شغلا و لم أسد فقرك ( صحيح )
( حم ت ه ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن اللّه تعالى يقول يا ابن آدم تفرغ لعبادتي) أي تفرغ عن مهماتك لطاعتي ولا تشتغل باكتساب ما يزيد على قوتك وقوت ممونك فإنك إن اقتصرت على ما لا بد منه واشتغلت بعبادتي (أملأ صدرك) أي قلبك الذي في صدرك (غنى) وذلك هو الغني على الحقيقة لأن ما هنا فيمن يهتم بما زاد على كفاية نفسه وممونه على وجه الكفاية كما تقرر (وأسد) بسين مهملة (فقرك) يعني تفرغ عن مهماتك لعبادتي أقض مهماتك ومن قضى اللّه مهماته استغنى عن خلقه لأن الغني على الإطلاق وهو المعني بقوله أملأ صدرك غنى وبما تقرر من أن المأمور به التفرغ عن اكتساب ما يزيد على الكفاية علم أنه لا تدافع بينه وبين نحو خبر أعظم الناس هما الذي يهتم بأمر دنياه وآخرته (وإن لم تفعل) ذلك (ملأت يديك شغلاً) بضم الشين وبضم الغين وتسكن للتخفيف وشغلت به بالبناء للمفعول تلهيت به وخص اليدين لأن مزاولة الاكتساب بهما (ولم أسد فقرك) أي وإن لم تتفرغ لذلك واشتغلت بغيري لم أسد فقرك لأن الخلق فقراء على الإطلاق فتزيد فقراً على فقرك وهو المراد بقوله ملأت يديك إلخ ذكره الطيبي000
1915 إن الله تعالى يقول يوم القيامة: أين المتحابون لجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/276)
(إن اللّه تعالى يقول يوم القيامة أين المتحابون بجلالي) أي لعظمتي فالباء بمعنى اللام أو في وخص الجلال بالذكر لدلالته على الهيبة والسطوة أي المنزهون عن شوائب الهوى والنفس والشيطان في المحبة فلا يتحابون إلا لأجلي ولوجهي لا لشيء من أمور الدنيا (اليوم أظلهم في ظلي) أي ظل عرشي كما جاء مصرحاً به في خبر آخر وإضافة الظل إليه إضافة تشريف وملك والمراد أنه في ظله من الحر ووهج الموقف وقيل عبارة عن الراحة والنعيم يقال هو في عيش ظليل أي طيب وقوله (يوم لا ظل إلا ظلي) بدل من اليوم المتقدم أي لا يكون من له ظل مجازاً كما في الدنيا.
1916 إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال: يا رب كيف أعودك و أنت رب العالمين ؟ قال: أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده ؟ أما علمت أنك لوعدته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني فقال: يا رب و كيف أطعمك و أنت رب العالمين ؟ قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال: يا رب كيف أسقيك و أنت رب العالمين ؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/277)
(إن اللّه تعالى يقول يوم القيامة يا ابن آدم) خطاب معاتبة لا مناقشة ومعاقبة (مرضت فلم تعدني) أضاف المرض إليه والمراد العبد تشريفاً له وتقريباً (قال يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين) حال مقرر للإشكال الذي تضمنه معنى كيف أي أن العيادة إنما هي للمريض العاجز وذلك على المالك الحقيقي محال فكيف أعودك وأنت القادر القاهر القوي المتين (قال أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده) أي وجدت ثوابي وكرامتي في عيادته قال في المطامح: هذا خرج مخرج التنبيه على شرف المؤمن والتعريف بحظوته عند ربه وحث الخلق على المواصلة لذاته والتحبب فيه والإحسان لوجهه فأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عن ربه أن عيادة المؤمن لأخيه عيادة للّه تعالى من حيث إنها إنما فعلت لوجهه، فالمجاز والاستعارة في كلامهم باب واسع (يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يارب كيف أطعمك وأنت رب العالمين) أي كيف أطعمك والإطعام إنما يحتاج إليه الضعيف الذي يتقوت به فيقيم به صلبه ويصلح به عجزه وأنت مربي العالمين (قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي) قال في العيادة لوجدتني عنده وفي الإطعام وكذا السقي لوجدت ذلك عندي إرشاداً إلى أن الزيارة والعيادة أكثر ثواباً منهما وقال السبكي رضي اللّه عنه: سر ذلك أن المريض لا يروح إلى أحد بل يأتي الناس إليه فناسب قوله لوجدتني عنده بخلاف ذينك فإنهما قد يأتيان لغيرهما من الناس (يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين) أي كيف أسقيك وإنما يظمأ ويحتاج للشرب العاجز المسكين المحتاج لتعديل أركانه وطبيعته وأنه غني منزه متعال عن ذلك كله (قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه أما إنك لو سقيته لوجدت ذلك عندي) أي ثوابه وقال الكلاباذي: جعل اللّه أوصاف المؤمنين صفة فقال مرضت واستسقيتك واستطعمتك لأن الوصلة إذا استحكمت(1/278)
والمودّة إذا تأكدت صار فعل كل واحد من المتواصلين فعل الآخر وكلما فعله الحبيب فهو يسر حبيبه000000
1917 إن الله يمهل حتى إذا ذهب من الليل نصفه أو ثلثاه قال: لا يسألن عبادي غيري من يسألني استجب له من يسألني أعطه من يستغفرني أغفر له حتى يطلع الفجر( صحيح ) ( ه ) عن رفاعة الجهني .
1918 إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر نزل إلى سماء الدنيا فنادى: هل من مستغفر ؟ هل من تائب ؟ هل من سائل ؟ هل من داع ؟ حتى ينفجر الفجر( صحيح ) ( حم م ) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا .
الشرح:(1/279)
(إن اللّه تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر) بالرفع صفة ثلث وفي رواية الثلث الأول وأخرى النصف وجمع باختلاف الأحوال يعني يكون أوقات الليل في الزمان والآفاق تقدم الليل عند قوم وتأخره عند آخرين (نزل) وفي رواية للبخاري ينزل (إلى السماء الدنيا) أي القربى قيل المراد نزول رحمة ومزيد لطف وإجابة دعوة وقبول معذرة كما هو ديدن الملوك الكرماء والسادات الرحماء إذا نزلوا بقرب قوم مستضعفين ملهوفين لا نزول حركة وانتقال لاستحالته عليه تقدس فهو نزول معنوي ويمكن حمله على الحس ويكون راجعاً إلى أفعاله لا ذاته وقيل المراد بنزوله نزول رحمته وانتقاله من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام المقتضية للرحمة والإنعام (فنادى هل من مستغفر) فأغفر له (هل من تائب) فأتوب عليه (هل من سائل) فيعطى، وفيه توبيخ لهم على غفلتهم عن السؤال (هل من داع) فأستجيب له ولا يزال كذلك (حتى ينفجر الفجر) جمع بينهما للتأكيد إن كانتا بمعنى وإلا فلأن المطلوب دفع ما لا يلائم أو جلب الملائم وهو إما دنيوي أو ديني فأشير بالاستغفار إلى الأول وبالسؤال إلى الثاني وبالدعاء إلى الثالث وخص أخر الليل لأنه وقت التعرض لنفحات الرحمة وزمن عبادة المخلصين ولأنه وقت غفلة واستغراق نوم والتذاذ به ومفارقة اللذة والدعة صعب سيما لأهل الرفاهية فمن آثر القيام لمناجاته والتضرع إليه فيه دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه فلذلك خص ذلك الوقت بالتنزل الإلهي الرحمني وفيه أن الدعاء في الثلث الأخير مجاب وتخلفه في البعض لخلل في الداعي أو الدعاء.
1919 إن الله تعالى ينزل المعونة على قدر المؤنة و ينزل الصبر على قدر البلاء ( صحيح ) ( عد ابن لال ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/280)
(إن اللّه تعالى ينزل المعونة على قدر المؤونة) وشاهده ما في الكتب القديمة أخرج البيهقي أوحى اللّه إلى داود عليه الصلاة والسلام يا داود اصبر على المؤونة تأتيك المعونة (وينزل الصبر) أي حبس النفس على المكاره (على قدر البلاء) لأن صفة العبد الجزع والصبر لا يكون إلا باللّه فمن عظمت مصيبته أفيض عليه الصبر بقدرها وإلا لهلك هلعاً.
1920 إن الله ينشئ السحاب فينطق أحسن النطق و يضحك أحسن الضحك
( صحيح ) ( حم هق في الأسماء ) عن شيخ من بني غفار .
1921 إن الله ينهاكم أن تأتوا النساء في أدبارهن ( صحيح )
( طب ) عن خزيمة بن ثابت .
1922 إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم( صحيح )( حم ق 4) عن ابن عمر .
الشرح:
لأن الحلف بشيء يقتضي تعظيمه والعظمة حقيقة إنما هي للّه وحده ولا يعارضه خبر أفلح وأبيه إن صدق لأن تلك كلمة جرت على لسانهم للتأكيد لا للقسم فيكره الحلف بغير اللّه تنزيهاً عند الشافعية وعلى الأشهر عند المالكية وتحريماً عند الظاهرية وعلى الأشهر عند الحنابلة قال في المطامح: وتخصيص الآباء خرج على مقتضى العادة وإلا فحقيقة النهي عامة في كل معظم غير اللّه وظاهر إضافة النهي إلى اللّه تعالى أنه تلقاه عنه لا دخل للاجتهاد فيه.
1923 إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله و إلا فليصمت ( صحيح ) ( مالك حم ق د ت ) عن عمر .
1924 إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثا إن الله تعالى يوصيكم بآبائكم مرتين إن الله تعالى يوصيكم بالأقرب فالأقرب(صحيح)(خد ه طب ك)عن المقدام .
الشرح:(1/281)
(إن اللّه يوصيكم بأمهاتكم) أي من النسب قاله (ثلاثاً) أي كرّر اللّه الوصية بهم ثلاث مرات لمزيد التأكيد ثم قال في الرابعة (إن اللّه يوصيكم بآبائكم) من النسب وإن علو قاله (مرتين) إشارة إلى تأكده لما لهم من التربية والنصرة وأن ذلك التأكد دون تأكد حق الأمهات لتعبهنّ وخدمتهن ومقاساة المشاق في الحمل والوضع والرضاع والتربية ثم قال (إن اللّه يوصيكم بالأقرب فالأقرب) من النسب قال ذلك مرة واحدة إشارة إلى أن حقهنّ وإن كان متأكداً فهو دون تأكد حق الأبوين وكرر الفعل مع المؤكد حثاً على الاهتمام بالوصية ولم ينص في الأخيرة على عدد لفهمه مما قبله قال الشافعية فيقدم في البر الأمّ فالأب فالأولاد فالأجداد فالجدات فالإخوة والأخوات ويقدم من أدلى بأبوين على من أدلى بواحد ثم تقدم القرابة من ذوي الرحم وتقدم منهم المحارم على غير المحارم ثم سائر العصبات ثم المصاهرة ثم الولاء ثم الجوار وهذا الترتيب حيث لا يمكن إيصال البر دفعة واحدة كما مر وإنما قدم الولد الصغير في النفقة لأن مبنى التقديم فيها على الأحوجية مع الأقربية بدليل عدم دخول حجب النقصان فيه مع وجود الأبوين.
1925إن الماء طهورلا ينجسه شيء(صحيح)(حم 3 قط هق)عن أبي سعيد.
الشرح:(1/282)
(إن الماء طهور) أي طاهر في نفسه مطهر لغيره (لا ينجسه شيء) مما اتصل به من النجاسات قال الرافعي: أراد مثل الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة كانت واسعة كثيرة الماء وكان يطرح فيها من الأنجاس ما لا يغيرها فإن فرض تغير الكثير بنجس نجسه إجماعاً. وقال الولي العراقي رحمه اللّه تعالى: أل للاستغراق أو للعهد أي الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة ويعلم حكم غيره بالأولى أو لبيان الجنس أي أن هذا هو الأصل في الماء وطهور بفتح الطاء على المشهور لأن المراد به الماء وجاء في رواية ولا بإثبات الواو واستدل به المالكية على قولهم الماء لا ينجس إلا بالتغير وخصه الشافعية والحنابلة بخبر القلتين كما مر وأجمعوا على نجاسة المتغير.
1926إن الماء ليس عليه جنابة و لا ينجسه شيء(صحيح)(حم)عن ميمونة.
1927 إن الماء لا يجنب( صحيح ) ( د ت ه حب ك هق ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/283)
(إن الماء لا يجنب) بضم أوله أي لا ينتقل له حكم الجنابة وهو المنع من استعماله باغتسال الغير منه وحقيقته لا يصير بمثل هذا الفعل إلى حالة يجتنب فلا يستعمل وأما تفسير لا يجنب بلا ينجس فردّه ابن دقيق العبد بأنه تفسير للأعم بالأخص ويحتاج إلى دليل وأل في الماء للاستغراق خص منه المتغير بدليل وهو الإجماع أو للعهد أي الماء المعهود بالتطهر منه فإنه قال لميمونة لما اغتسلت في جفنة فجاء ليغتسل منها فقالت إني كنت جنباً وفيه حذف أي كنت جنباً حالة استعمال الماء ثم حذف منه أيضاً مقصود هذا الإخبار وهو أنه هل يمنع استعماله أم لا قال الولي العراقي: وقوله الماء لا يجنب نكرة في سياق النفي فيعم والقياس يخصصه بالجنابة أي لا تحصل له بسبب الجنابة منع من التطهير كما مر عن الخطابي ومع ذلك لا يختص الحكم بالجنابة بل بكل حدث وخبث كذلك لأن العبرة بعموم اللفظ قال: وقوله لا يجنب كالتصريح بالرد على من قال العلة في إفساد الماء باستعماله انتقال المنع إليه وفيه جواز العمل بالأصل وطرح الاحتمال فإنه ينبغي لمن علم حال شيء خفي على غيره بيانه له وإن عظم قيل وطهورية المستعمل وهو غير سديد إذ الاغتسال كما يحمل كونه فيها يحتمل كونه منها والدليل إذا تطرقه الاحتمال سقط به الاستدلال على أنه صرح في رواية البيهقي والدارقطني وغيرهما بأنه كان منها ونصه فضل من غسلها فضل فأراد أن يتوضأ به فقالت يا رسول اللّه إني اغتسلت منه فذكره وفيه صحة التطهير بفضل المرأة وإن حلت به وبه قال الأئمة الثلاثة وخالف أحمدوأن الشرط في الطهرالإسباغ فلا يقدر ماؤه إلا ندباً00
1928إن الماء لا ينجسه شيء(صحيح)(ه)عن جابر(حم ن) عن ابن عباس.
1929 إن المؤذن يغفر له مدى صوته و يصدقه كل رطب و يابس سمع صوته والشاهد عليه خمس و عشرون درجة( حسن)(حم)عن أبي هريرة .(1/284)
1930 إن المؤمن إذا وضع في قبره أتاه ملك فيقول له: ما كنت تعبد ؟ فإن الله هداه قال: كنت أعبد الله فيقول له: ما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: هو عبد الله و رسوله فما يسأل عن شيء غيرها فينطلق به إلى بيت كان في النار فيقال له: هذا بيتك كان في النار و لكن الله عصمك و رحمك فأبدلك به بيتا في الجنة فيقول: دعوني حتى أذهب فأبشر أهلي فيقال له: اسكن ; و إن الكافر إذا وضع في قبره أتاه ملك فينتهره فيقول له: ما كنت تعبد ؟ فيقول: لا أدري فيقال له: لا دريت و لا تليت فيقال: فما كنت تقول في هذا الرجل ؟ فيقول: كنت أقول ما تقول الناس فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق غير الثقلين( صحيح ) ( د ) عن أنس .
1931 إن المؤمن تخرج نفسه من بين جنبيه و هو يحمد الله تعالى
( صحيح ) ( هب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن المؤمن تخرج نفسه من بين جنبيه) أي تزهق روحه من جسده فيموت (وهو) أي والحال أنه (يحمد اللّه تعالى) إنما حمده حال قبض أعز شيء منه لموت شهواته حالتئذ إذ هو إنما يحب الحياة بالشهوة المركبة فيه فيتلذذ بها فإذا انقطعت الشهوة وخلصت الروح من آفات النفس حمد اللّه على خلاصه من السجن.
1932 إن المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجة القائم الصائم ( صحيح )
( د حب ) عن عائشة .
الشرح:
(إن المؤمن) وفي رواية إن العبد (ليدرك بحسن الخلق) أي ببسطة الوجه وبذل المعروف وكف الأذى (درجة القائم الصائم) في أشد الحر والمتهجد ليلاً وهو راقد على فراشه لأنه قد رفع عن قلبه الحجب فهو يشهد مشاهد القيامة بقلبه ويعد نفسه ضيقاً في بيته وروحه عارية في بدنه لكن لا يكون حسن الخلق محموداً في كل حال ولا الغضب مذموماً كذلك بل كل منهما محتاج إليه في حينه فمن رزق كمالاً يضع كل شيء في محله فطوبى له 000000
1933 إن المؤمن لا ينجس ( صحيح ) ( ق 4 ) عن أبي هريرة
( حم م د ن ه ) عن حذيفة ( ن ) عن ابن مسعود ( طب ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/285)
(إن المؤمن) في رواية المسلم (لا ينجس) زاد الحاكم حياً ولا ميتاً أما الحي فإجماعاً، قال الفاكهي حتى الجنين إذا ألقته أمه وعليه رطوبة فرجها وأما الميت فعلي الصحيح عند الشافعية والمالكية انتهى، وذكر المؤمن وصف طردي فالكافر كذلك خلافاً لنعمان والمراد بنجاسة المشركين في الآية نجاسة الاعتقاد أو تجنبهم كالنجس ومفهوم الخبر متروك لمانع.
(تنبيه) قال القاضي يمكن أن يحتج بالحديث على من قال الحدث نجاسة حكمية وإن من وجب عليه وضوء أو غسل فهو نجس حكماً.
1934 إن المؤمن يجاهد بسيفه و لسانه ( صحيح )
( حم طب ) عن كعب بن مالك .
الشرح:
(إن المؤمن يجاهد بسيفه) الكفار (ولسانه) الكفار وغيرهم من الملحدين والفرق الزائغة بإقامة الحجة ونصب البراهين وغير ذلك أو أراد بالجهاد باللسان هجو الكفر وأهله وهذا إلى ظاهر الأخبار أقرب، ومقصود الحديث أن المؤمن شأنه ذلك فلا ينبغي أن يقتصر على جهاد أعداء اللّه بالسنان بل يضم إليه الجهاد باللسان.
1935 إن المؤمنين يشدد عليهم لأنه لا تصيب المؤمن نكبة من شوكة فما فوقها و لا وجع إلا رفع الله له بها درجة و حط عنه خطيئة( صحيح )
( ابن سعد ك هب ) عن عائشة .
الشرح:
(إن المؤمنين يشدد) بضم أوله (عليهم) لفظ رواية الحاكم إن المؤمن يشدد عليه (لأنه لا يصيب المؤمن نكبة) بنون وكاف موحدة (من شوكة فما فوقها ولا وجع إلا رفع اللّه له بها درجة) في الجنة (وحط عنه) أي محى عنه بسببه (خطيئة) من خطاياه وسبق أنه لا مانع من كون الشيء الواحد رافعاً وحاطاً ومر أن النكبة ما يصيب الإنسان من المصائب والشوكة معروفة.
1936 إن المتبايعين بالخيار في بيعهما ما لم يتفرقا أو يكون البيع خيارا
( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر .
1937 إن المتحابين بالله في ظل العرش ( صحيح ) ( طب ) عن معاذ .
الشرح:(1/286)
(إن المتحابين في اللّه) يكونون (في ظل العرش) يوم القيامة زاد الحاكم في روايته يوم لا ظل إلا ظله ومعلوم أن الكلام في المؤمنين.
1938 إن المختلعات و المنتزعات هن المنافقات ( صحيح )
( طب ) عقبة بن عامر .
الشرح:
(إن) النساء (المختلعات) أي اللاتي يطلبن من أزواجهن الخلع ويبذلن لأجله المال بلا عذر (والمتنزعات) أي الجاذبات أنفسهن من أزواجهن بأن يردن قطع الوصلة بالفراق يقال نزع الشيء من يده جذبه ويحتمل أن المراد النساء اللاتي يأبين التزوج من قومهن ويؤثرن عليهن الأجانب. قال الزمخشري: من المجاز نساء نزائع تزوجن في غير عشائرهن وعنده نزيع ونزيعة نجيب ونجيبة من غير بلادة اهـ (هن المنافقات) أطلق عليهن اسم النفاق لمزيد الزجر والتهويل والتحذير من الوقوع في ذلك فيكره للمرأة الخلع إلا لعذر كالشقاق وكراهتها للزوج لقبح خلق أو خلق دنيوي أو ديني أو خوف تقصيرها في بعض حقه أو قصدها سفراً أو نحو ذلك.
1939 إن المرأة إذا أقبلت أقبلت في صورة شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن الذي معها مثل الذي معها ( صحيح )
( ت حب ) عن جابر .
1940 إن المرأة تقبل في صورة شيطان و تدبر في صورة شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة أعجبته فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه ( صحيح )
( حم م د ) عن جابر .
الشرح:(1/287)
(إن المرأة تقبل في صورة شيطان) أي في صفته شبه المرأة الجميلة بالشيطان في صفة الوسوسة والإضلال يعني أن رؤيتها تثير الشهوة وتقيم الهمة فنسبتها للشيطان لكون الشهوة من جسده وأسبابه والعقل من جند الملائكة والكل جند اللّه والعقل حزب اللّه {ألا إن حزب اللّه هم المفلحون} فالمراد أنها تشبه الشيطان في دعائه إلى الشر ووسوسته وتزيينه قال الطيبي: جعل صورة الشيطان ظرفاً لإقبالها مبالغة على سبيل التجريد لأن إقبالها داع للإنسان إلى استراق النظر إليها كالشيطان الداعي للشر (وتدبر في صورة شيطان) لأن الطرف رائد القلب فيتعلق بها عند الإدبار أيضاً بتأمل الخصر والردف وما هنالك خص إقبالها وإدبارها مع كون رؤيتها من جميع جهاتها داعية إلى الفساد لأن الإضلال فيهما أكثر وقدم الإقبال لكونه أشد فساداً لحصول المواجهة به (فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته) أي استحسنها لأن غاية رؤية المتعجب منه استحسانه (فليأت أهله) أي فليجامع حليلته (فإن ذلك) أي جماعها (يرد ما في نفسه) بمثناة تحتية أي يعكسه ويغلبه ويقهره وقال في النهاية: وروي بموحدة من البر وأرشدهم إلى أن أحدهم إذا تحركت شهوته واقع حليلته تسكيناً لها وجمعاً لقلبه ودفعاً لوسوسة اللعين وهذا من الطب النبوي وهذا قاله لما رأى امرأة فأعجبته فدخل على زينب رضي اللّه تعالى عنها فقضى حاجته منها وخرج فذكره قال ابن العربي: هذا حديث غريب المعنى لأن ما جرى للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان سراً لم يعلمه إلا اللّه تعالى فأذاعه عن نفسه تسلية للخلق وتعليماً وقد كان آدمياً وذا شهوة لكنه كان معصوماً عن الزلة وما جرى في خاطره حين رأى المرأة أمر لا يؤاخذ به شرعاً ولا ينقص منزلته وذلك الذي وجد نفسه من الإعجاب بالمرأة هي جبلة الآدمية ثم غلبها بالعصمة فانطفأت وقضى من الزوجة حق الإعجاب والشهوة الآدمية بالاعتصام والعفة قال ابن العربي: وفيه رد على الصوفية الذين يرون إماتة الهمة حتى تكون(1/288)
المرأة عند الرجل إذا نطح فيها كجدار يضرب فيه والرهبانية ليست في هذا الدين.
1941 إن المرأة تنكح لدينها و مالها و جمالها فعليك بذات الدين تربت يداك
( صحيح ) ( حم م ت ن ) عن جابر .
الشرح:
(إن المرأة تنكح لدينها) أي صلاحها ( ومالها وجمالها فعليك بذات الدين) ولا تلتفت لدينك في جنبه لأنه الأهم الواجب التقديم (تربت يداك) أي افتقرتا إن لم تفعل قال الزمخشري: من المجاز تربت يداك أي خابت وخسرت انتهى قالوا وهذه الكلمات التي جاءت عن العرب صورتها دعاء ولا يراد بها الدعاء بل الحث والتحريض00
1942 إن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقومها كسرتها و إن تدعها ففيها أود و بلغة( حسن ) ( حم ن ) أبي ذر .
1943 إن المرأة خلقت من ضلع لن تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت بها و بها عوج و إن ذهبت تقيمها كسرتها و كسرها طلاقها
( صحيح ) ( م ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/289)
(إن المرأة خلقت) بالبناء للمفعول أي خلقها اللّه (من ضلع) بكسر ففتح واحد الأضلاع استعير للعوج صورة أو معنى (لن تستقيم لك) أيها الرجل (على طريقة) واحدة (فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج) ليس منه بد (وإن ذهبت تقيمها) أي قصدت أن تسوي اعوجاجها وأخذت في الشروع في ذلك (كسرتها) قال في المصباح ذهب مذهب فلان قصد قصده وطريقته وذهب في الدين مذهباً رأى فيه رأياً قال الزمخشري: ومن المجاز ذهب فلان مذهباً حسناً وفلان يذهب إلى قول الحنفية أي يأخذ به ثم فسر كسرها بقوله (وكسرها) هو (طلاقها) إشعاراً باستحالة تقويمها أي إن كان لا بد من الكسر فكسرها طلاقها وهذا حث على الرفق بالنساء والصبر على عوجهنّ وتحمل ضعف عقولهن وأنه لا مطمع في استقامتهنّ وفيه رمز إلى التقويم برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر ولا يتركه على عوجه وإلى ذلك يشير قوله سبحانه وتعالى {قوا أنفسكم وأهليكم ناراً}فلا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص إلى تعاطي المعصية بمباشرتها أو بترك الواجب بل المراد تركها على عوجها في الأمور المباحة فقط وفيه ندب المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب وسياسة النساء بأخذ العفو عنهنّ والصبر عليهنّ وأن من رام تقويمهن فاته النفع بهنّ مع أنه لا غنى له عن امرأة يسكن إليها000
1944 إن المرأة خلقت من ضلع و إنك إن ترد إقامة الضلع تكسرها فدارها تعش بها ( صحيح ) ( حم حب ك ) عن سمرة .
الشرح:
(إن المرأة خلقت من ضلع) بفتح اللام وقد تسكن (وإنك إن ترد إقامة الضلع تكسرها) فإن ترد إقامة المرأة تكسرها وكسرها طلاقها (فدارها تعش بها) أي لاطفها ولاينها فإنك بذلك تبلغ ما تريده منها من الاستمتاع بها وحسن العشرة معها الذي هو أهم المعيشة وفيه إشعار بكراهة الطلاق بلا سبب شرعي والمداراة كما في المصباح وغيره الملاطفة والملاينة يقال داريته مداراة لاطفته ولاينته وعليك بالمداراة وهي الملاطفة.(1/290)
1945 إن المرأة لتأخذ على القوم - يعني تجير على المسلمين - ( حسن )
( ت ) عن أبي هريرة .
1946 إن المرد إلى الله إلى جنة أو نار خلود بلا موت و إقامة بلا ظعن
( صحيح ) ( طب ) عن معاذ .
1947 إن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانا أو في أمر لا بد منه( صحيح ) ( ت ن ) عن سمرة .
1948 إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع
( صحيح ) ( حم م ت ) عن ثوبان .
الشرح:
(إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم) في مرضه أي زاره فيه وتعهد حاله (لم يزل في مخرقة الجنة) أي بساتينها الزهية وروضاتها البهية، شبه ما يحوزه العائد من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر، قال شمر: المخرقة سكة بين صفين من نخل يخترف من أيهما شاء والخريف بفتح فكسر البستان من نخل (حتى يرجع) أي حتى يذهب إلى العيادة ثم يعود إلى محله، وفيه إيذان بأنه كل ما كان محل المريض أبعد كانت العيادة أكثر ثواباً لكن ما يوهمه من فضل طول المكث عند المريض غير مراد كما بينته أخبار الأمر بالتخفيف وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مسلم وغيره قيل يا رسول اللّه وما مخرقة الجنة قال جناها.
1949 إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله بحسن خلقه و كرم ضريبته ( صحيح ) ( حم طب ) عن ابن عمرو .
1950 إن المسلم ليؤجر في كل شيء ينفقه إلا في شيء يجعله في هذا التراب ( صحيح ) ( خ ) عن خباب .
1951 إن المصلي يناجي ربه فلينظر بم يناجيه و لا يجهر بعضكم على بعض بالقرآن ( صحيح ) ( طب ) عن أبي هريرة وعائشة .
1952 إن المعونة تأتي من الله للعبد على قدر المؤنة و إن الصبر يأتي من الله على قدر المصيبة ( صحيح )
( الحكيم البزار الحاكم في الكنى هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/291)
(إن المعونة تأتي من اللّه للعبد على قدر المؤونة) يريد أن العبد إذا أهمه القيام بمؤونة تلزمه مؤونته شرعاً فإن كانت تلك المؤن قليلة قلل له وإن كانت كثيرة وتحملها على قدر طاقته وقام بحقها وعاين من فنون الدنيا ما أمر به لأجلها أمده اللّه بمعونته ورزقه من حيث لا يحتسب بقدرها وعماد ذلك طلب المعونة من اللّه تعالى بصدق إخلاص فهو حينئذ مجاب فيما طلب من المعونة فمن كانت عليه مؤونة شيء فاستعان اللّه عليها جاءته المعونة على قدر المؤونة فلا يقع لمن اعتمد ذلك عجز عن مرام أبداً، وفي ذلك ندب إلى الاعتصام بحول اللّه وقوته وتوجيه الرغبات إليه بالسؤال والابتهال ونهي عن الإمساك والتقتير على العيال (وإن الصبر يأتي من اللّه) للعبد المصاب (على قدر المصيبة) فإن عظمت المصيبة أفرغ اللّه عليه صبراً كثيراً لئلا يهلك جزعاً وإن خفت خفف بقدرها. أوحى اللّه إلى داود عليه الصلاة والسلام يا داود اصبر على المؤونة تأتيك المعونة وإذا رأيت لي طالباً فكن له خادماً، والمعونة كما في الصحاح وغيره الإعانة وفي المصباح كغيره العون الظهر والاسم المعونة والمعانة أيضاً بالفتح، ووزن المعونة مفعلة بضم العين وبعضهم يجعل الميم أصلية وقيل هي فعولة وقال الزمخشري: تقول أي العرب إذا قلت المعونة كثرت المؤونة وفي الصحاح المؤونة تهمز ولا تهمز ومانت القوم احتملت مؤونتهم وفي المصباح المؤونة الثقل وفيها لغات والمراد أن من احتاج إلى مؤونة كثيرة لكثرة عياله يفاض عليه من المعونة ما يقوم بهم ومن قلت عياله اقتصر عليه بقدر حاجياتهم.
1953 إن المقسطين عند الله يوم القيامة على منابر من نور عن يمين الرحمن و كلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم و أهليهم و ما ولوا
( صحيح ) ( حم م ن ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/292)
(إن المقسطين) أي العادلين يقال قسط أي جار وهو أن يأخذ قسط غيره أي نصيبه وأقسط إذا عدل والهمزة للسلب (عند اللّه) عندية تعظيم وتكريم لا عندية مكان، تعالى اللّه عما يقول الظالمون (يوم القيامة) يوم ظهور الجزاء ومحل التجلي (على منابر) جمع منبر سمي منبراً لارتفاعه (من نور) من أجسام نورانية حقيقة أو هو كناية عن الدرجات العلية الرفيعة (عن يمين الرحمن) شبههم في دنوهم من اللّه وعلو منزلتهم بمن يجلس على الكراسي عن يمين الملك فإنه يكون أعظم الناس قدراً وأرفعهم منزلة ثم نزهه سبحانه عما يسبق إلى فهم من لم يقدر اللّه حق قدره من مقابلة اليمين باليسار وكشف عن حقيقة المراد بقوله (وكلتا يديه يمين) أي ليس فيما يضاف إلى اللّه تعالى من صفة اليدين شمال وتثنية اليدين للاستيعاب كقوله {ثم ارجع البصر كرتين} لبيك وسعديك والخير كله بيديك. وقال القاضي: إنما قال وكلتا يديه يمين دفعاً لتوهم من يتوهم أن له يميناً من جنس أيماننا التي يقابلها يسار وأن من سبق إلى التقرب إليه حتى فاز بالوصول إلى مرتبة من مراتب الزلفى من اللّه فاق غيره عن أن يفوز بمثله كالسابق إلى محل من مجلس السلطان بل جهاته وجوانبه التي يتقرب إليها العباد سواء (الذين يعدلون) صفة كاشفة للمقسطين أو صفة مادحة أو بدل منه أو استئناف كأنه قيل من هؤلاء الذين فازوا بالقدح المعلى قيل الذين يعدلون (في حكمهم) أي فيما قلدوا من خلافة أو إمارة أو قضاء (وأهلهم) أي وفي القيام بالواجب لأهلهم من الحقوق على أي تفسير فسر الأهل من أزواج وأولاد وأرقاء وأقارب وأصحاب أو المجموع قال البعض: والعدل عبارة عن التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط وذلك واجب الرعاية في كل شيء (وما ولوا) بالتخفيف بصيغة المعلوم من الولاية كنظر على وقف أو يتيم أو صدقة، وأصله وليوا فاعل وروي ولوا بشد اللام على بناء المجهول أي جعلوا والين عليه فقدم قوله في حكمهم ليشمل من بيده أزمة الشرع ثم أردفه(1/293)
بالأهل لتناول كل من في مؤونته أقارب أو عيال وختم بقوله وما ولوا ليستوعب كل من تولى شيئاً من الأمور فيشمل نفسه بأن لا يضيع وقته في غير ما أمر به 0000
1954 إن المكثرين هم المقلون يوم القيامة إلا من أعطاه الله تعالى خيرا فنفح فيه بيمينه و شماله و بين يديه و ورائه و عمل فيه خيرا ( صحيح )
( ق ) عن أبي ذر .
الشرح:
(إن المكثرين) مالاً (هم المقلون) ثواباً وفي رواية إن الأكثرين هم الأقلون (يوم القيامة) وحذف تمييز المكثرين والمقلين ليعم هذا المقدر وغيره مما يناسب المقام وهذا في حق من كان مكثراً ولم يتصدق كما دل عليه بقوله (إلا من أعطاه اللّه خيراً) أي مالاً حلالاً لقوله تعالى {إن ترك خيراً} (فنفح) بنون وفاء ومهملة أي أعطى كثيراً بلا تكلف (فيه يمينه وشماله وبين يديه ووراءه) يعني ضرب يديه بالعطاء لفقر الجهات الأربع ولم يذكر ما بقي من الجهات وهو فوق وتحت لندرة الإعطاء من قبلهما وإن كان ممكناً وفسر بعضهم الإنفاق من وراء بالوصية وليس قيداً فيه بل القصد الصحيح الإخفاء (وعمل فيه خيراً) أي حسنة بأن صرفه في وجوه البر وضروب القربات، وفي سياقه جناس تام في قوله أعطاه اللّه خيراً وفي قوله وعمل فيه خيراً فمعنى الخير الأول المال والثاني القربة فمن وفق لذلك هو الذي يرجى له الفلاح والنجاح وأما من أعطى مالاً ولم يلهم فيه ذلك فهو من الهالكين وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وقليل ما هم.
1955 إن الملائكة تنزل في العنان فتذكر الأمر قضي في السماء فتسترق الشياطين السمع فتسمعه فتوحيه إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم ( صحيح ) ( خ ) عن عائشة .
1956 إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب ( صحيح ) ( الطيالسي ) عن صفوان بن عسال .
الشرح:(1/294)
(إن الملائكة) يحتمل أن المراد الكل ويحتمل من في الأرض منهم (لتضع أجنحتها) جمع جناح بالفتح وهو للطائر بمنزلة اليد للإنسان 00(لطالب العلم) الشرعي للعمل به وتعليمه من لا يعلمه لوجه اللّه تعالى (رضى بما يطلب) وفي رواية بما يصنع ووضع أجنحتها عبارة عن حضورها مجلسه أو توقيره وتعظيمه. أو إعانته على بلوغ مقاصده أو قيامهم في كيد أعدائه وكفايته شرهم أو عن تواضعها ودعائها له يقال للرجل المتواضع خافض الجناح قال السيد السمهودي: والأقرب كونه بمعنى ما ينظم هذه المعاني كلها كما يرشد إليه الجمع بين ألفاظ الروايات وذلك لأنه سبحانه وتعالى ألزمها ذلك في آدم عليه السلام لما أخبرهم أنه جاعل في الأرض خليفة فسألته على جهة الاستعظام لخلقه أن خلقاً يكون منهم الفساد وسفك الدماء كيف يكون خليفة فقال {إني أعلم ما لا تعلمون} وقال لآدم عليه السلام {أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم} تصاغرت الملائكة فرأت فضل آدم فألزمها الخضوع والسجود لفضل العلم فسجدت فتأدبت فكلما ظهر علم في بشر خضعت له وتواضعت إعظاماً للعلم وأهله هذا في طلابه فكيف بأخباره.
(فائدة) روى النووي في بستانه بإسناده عن زكريا الساجي كنا نمشي في أزقة البصرة إلى بعض المحدثين فأسرعنا المشي ومعنا رجل ماجن فقال ارفعوا أرجلكم عن أجنحة الملائكة لا تكسروها - كالمستهزئ - فما زال عن موضعه حتى جفت رجلاه وسقط قال الحافظ عبد القادر الرهاوي: إسناد هذه الحكاية كالأخذ باليدين أو كرأي العين لأن رواتها أعلام وراويها إمام، ثم قال النووي بالإسناد إلى الحافظ محمد بن طاهر المقدسي عن أبي داود قال كان في أصحاب الحديث خليع سمع بحديث إن الملائكة تضع أجنحتها إلخ فجعل في نعله ورجله مسامير حديد وقال: أريد أطؤ أجنحة الملائكة فأصابته الأكلة في رجله قال: وذكر الإمام أبو عبد اللّه محمد بن إسماعيل بن محمد بن الفضل التيمي في شرح مسلم هذه الحكاية وقال فيها فشلت يداه ورجلاه وسائر أعضائه.(1/295)
1957 إن الملائكة لتلعن أحدكم إذا أشار إلى أخيه بحديدة و إن كان أخاه لأبيه و أمه ( صحيح ) ( حم حل ) أبي هريرة .
1958 إن الملائكة ليقومون يوم الجمعة على أبواب المسجد معهم الصحف يكتبون الناس الأول و الثاني و الثالث حتى إذا خرج الإمام طويت الصحف
( حسن ) ( حم ع طب الضياء ) عن أبي أمامة .
1959 إن الملائكة لا تحضر الجنب و لا المضمخ بالخلوق حتى يغتسلا
( حسن ) ( طب ) عن ابن عباس .
1960 إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر بخير و لا المضمخ بالزعفران و لا الجنب ( حسن ) ( حم د ) عن عمار بن ياسر .
الشرح:
(إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر) الإنسان (بخير) فعل معه فجحده (ولا المتمضخ) أي الإنسان المتلطخ (بالزعفران) لحرمة ذلك على الرجل لما فيه من الرعونة والتشبه بالنساء وقرن بالكافر لاتباعه هواه ومخالفته (ولا الجنب) الذي اعتاد ترك الغسل تهاوناً به حتى يمر عليه وقت صلاة ولم يغتسل لاستخفافه بالشرع ومن امتنع عن عبادة ربه وتقاعد عنها فهو ملحق بمن عبد غير اللّه تغليظ لأن الخلق إنما خلقوا لعبادته فليس المراد أي جنب كان لما ثبت أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان ينام جنباً ويطوف على نسائه بغسل واحد وزعم أن المراد بالجنب من زنا: بعيد من السياق وتقييد للإطلاق بلا دليل.قال القاضي: والجنب الذي أصابته الجنابة يستوي فيه المذكر والمؤنث والواحد والجمع لجريانه مجرى المصدر.
1961 إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه تماثيل أو صورة ( صحيح )
( حم ت حب ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/296)
(إن الملائكة) أي ملائكة الرحمة والبركة أو الطائفين على العباد للزيارة واستماع الذكر ونحوهم لا الكتبة فإنهم لا يفارقون المكلف طرفة عين وكذا ملائكة الموت لا تدخل بيتاً يعني مكاناً بيناً أو غيره فيه تماثيل جمع تمثال، وهي الصورة المصورة كما في الصحاح وغيره فالعطف للتفسير في قوله (أو صورة) أي صورة حيران تام الخلقة لحرمة التصوير ومشابهته بيت الأصنام وذلك لأن المصور يجعل نفسه شريكاً للّه في التصوير وهذا يفيد تحريم اتخاذ ذلك وتشديد النكير في شأنه وقد ورد في النهي أحاديث كثيرة.
1962 إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ( صحيح )
( طب الضياء ) عن أبي أمامة .
1963 إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب و لا صورة (صحيح)(ه)عن علي.
الشرح:
(إن الملائكة لا تدخل بيتاً) يعني محلاً (فيه كلب) لنجاسته فأشبه المبرز وهم منزهون عن محل الأقذار إذ هم أشرف خلق اللّه وهم المكرمون المتمكنون في أعلى مراتب الطهارة ويبنهما تضاد ما بين النور والظلمة ومن سوّى نفسه بالكلاب فحقيق أن تنفر منه الملائكة، وتعليلهم بذلك يعرفك أنه لا اتجاه لزعم البعض أنه خاص بكلب يحرم اقتناؤه بخلاف كلب نحو صيد أو زرع والكلب في الأصل اسم لكل سبع عقور ومنه خبر أما يخاف أن يأكله كلب اللّه فجاء الأسد فاقتلع هامته ثم غلب على هذا النوع النابح (ولا صورة) لأن الصورة فيها منازعة للّه تعالى وهو الخالق المصور وحده فعدم دخولهم مكاناً هما فيه لأجل عصيان أهله 00000000
1964 إن المنفق على الخيل في سبيل الله كالباسط يديه بالصدقة لا يقبضها
( حسن ) ( طب ) عن سهل بن الحنظلية .
1965 إن الموتى ليعذبون في قبورهم حتى إن البهائم لتسمع أصواتهم
( صحيح ) ( طب ) ابن مسعود .
الشرح:(1/297)
(إن الموتى ليعذبون) أي من يستحق العذاب منهم (في قبورهم) فيه شمول للكفار ولعصاة المؤمنين (حتى إن البهائم) جمع بهيمة والمراد بها هنا ما يشمل الطير (لتسمع أصواتهم) وخصوا بذلك دوننا لأن لهم قوة يثبتون بها عند سماعه بخلاف الإنس وصياح الميت بالقبر عقوبة معروفة وقد وقعت في الأمم السالفة وقد تظاهرت الدلائل من الكتاب والسنة على ثبوت عذاب القبر وأجمع عليه أهل السنة وصح أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سمعه بل سمعه آحاد من الناس قال الدماميني رجمه اللّه: وقد كثرت الأحاديث فيه حتى قال غير واحد إنها متواترة لا يصح عليها التواطؤ وإن لم يصح مثلها لم يصح شيء من أمر الدين وليس في آية {لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولى} ما يعارضه لأنه أخبر بحياة الشهداء قبل القيامة وليست مرادة بقوله {لا يذوقون فيها} الآية فكذا حياة القبور قبل الحشر وأشكل ما في القصة أنه إذا ثبتت حياتهم لزم ثبوت موتهم بعد هذه الحياة ليجتمع الناس كلهم في الموت وينافيه قوله {لا يذوقون فيها} الآية. وجوابه أن معنى قوله {لا يذوقون فيها الموت} أي ألم الموت فيكون الموت الذي يعقب الحياة الأخروية بعد الموت الأول لا يذاق ألمه.
1966إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا(صحيح)(حم م د)عن جابر.
الشرح:(1/298)
(إن الموت فزع) بفتح الزاي قال البيضاوي: مصدر وصف به للمبالغة أو تقديره ذو فزع أي خوف قال ويؤيد الثاني رواية إن للموت فزعاً أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس قال وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلل الأمل من أجلها ويضطرب ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة (فإذا رأيتم الجنازة فقوموا) ندباً لتهويل الموت قال القاضي: الباعث على القيام أحد أمرين إما ترجيب الميت وتعظيمه وإما تهويل الموت وتفظيعه والتنبيه على أنه بحال ينبغي أن يقلق ويضطرب من رأى ميتاً استشعاراً منه ورعباً ويشهد للثاني قوله فإذا رأيتم إلخ لأن ترتب الحكم على الوصف سيما إذا كان بالغاً يدل على أن الوصف علة للحكم انتهى وفي رواية إن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قام لجنازة فقالوا: يا رسول اللّه يهودي قال أليس نفساً قال النووي في شرح مسلم ومشهور ومذهبنا أن القيام غير مستحب قالوا هو أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يقوم ثم تركه وبه أي بمذهب الشافعي قال مالك وأحمد وقال أبو حنيفة يكره القعود حتى توضع وفي المحيط للحنفية الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب.
1967 إن الميت إذا دفن سمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه منصرفين(صحيح )
( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن الميت إذا دفن سمع حفق نعالهم) أي قعقعة نعالهم أي المشيعين له (إذا ولوا عنه منصرفين) في رواية مدبرين زاد أبو نعيم في روايته فإن كان مؤمناً كانت الصلاة عند رأسه والصيام عن يمينه والزكاة عند يساره وفعل الخيرات عند رجليه انتهى قال ابن القيم: والحديث نص في أن الميت يسمع ويدرك وقد تواترت الأخبار عنهم بذلك وإذا كان يسمع قرع النعال فهو يسمع التلقين فيكون مطلوباً واتصال العمل به في سائر الأعصار والأمصار من غير إنكار كاف في طلبه وعورض بقوله تعالى {وما أنت بمسمع من في القبور} وأجيب بأن السماع في حديثنا مخصوص بأول الوضع في القبر مقدمة للسؤال فيه0000000000(1/299)
1968 إن الميت تحضره الملائكة فإذا كان الرجل صالحا قال: اخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب اخرجي حميدة و أبشري بروح و ريحان و رب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا ؟ فيقول: فلان فيقال: مرحبا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب ادخلي حميدة و أبشري بروح و ريحان و رب غير غضبان فلا يزال يقال لها ذلك حتى ينتهي بها إلى السماء التي فيها الله تبارك و تعالى ; فإذا كان الرجل السوء قال اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث اخرجي ذميمة و أبشري بحميم و غساق و آخر من شكله أزواج فلا يزال يقال لها ذلك حتى تخرج ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال: من هذا ؟ فيقال: فلان فيقال: لا مرحبا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث ارجعي ذميمة فإنها لا تفتح لك أبواب السماء فترسل من السماء ثم تصير إلى القبر ; فيجلس الرجل الصالح في قبره غير فزع و لا مشعوف ثم يقال له: فيم كنت ؟ فيقول: كنت في الإسلام فيقال له: ما هذا الرجل ؟ فيقول: محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات من عند الله فصدقناه فيقال له: هل رأيت الله ؟ فيقول: ما ينبغي لأحد أن يرى الله فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال له: انظر إلى ما وقاك الله تعالى ثم يفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها و ما فيها فيقال له: هذا مقعدك و يقال له: على اليقين كنت و عليه مت و عليه تبعث إن شاء الله ; و يجلس الرجل السوء في قبره فزعا مشعوفا فيقال له: فيم كنت ؟ فيقول: لا أدري فيقال له: ما هذا الرجل ؟ فيقول: سمعت الناس يقولون قولا فقلته ! فيفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها و ما فيها فيقال له: انظر إلى ما صرف الله عنك ثم يفرج له فرجة إلى النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا فيقال: هذا مقعدك على الشك كنت و عليه مت و عليه تبعث إن شاء الله(صحيح)(ه)عن أبي(1/300)
هريرة.
1969 إن الميت ليعذب ببكاء الحي( صحيح ) ( ق ) عن عمر .
الشرح:
والمعنى هو البكاء المذموم بأن اقترن بنحو ندب أو نوح وكان متسبباً عن وصيته أو أراد بالميت المشرف على الموت والتعذيب أنه إذا احتضر والناس حوله يصرخون ويتفجعون يزيد كربه وتشتد عليه سكرات الموت فيصير معذباً به قال العراقي: والأولى أن يقال سماع صوت البكاء هو نفس العذاب كما أنا نعذب ببكاء الأطفال فالحديث على ظاهره بغير تخصيص وصوبه الكرماني وقال في باقي الوجوه تكلف وقيل أراد بالتعذيب توبيخ الملائكة له بما يوصفه أهله به أو تألمه بما يقع من أهله قال بعض الأعاظم وبما تقرر عرف خطأ من حمد عندما سمع {ولا تزر وازرة وزر أخرى} أو غلط رواة هذا الخبر وما هو على نحوه من صحاح الأخبار التي رواها الأعلام عن الأعلام إلى الفاروق وابنه وغيرهما00000
1970 إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه( صحيح)(حم ق 3) عن ابن عمر .
1971 إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها ( صحيح )
( ك هق ) عن أبي سعيد .
1972 إن النار أدنيت مني حتى نفخت حرها عن وجهي فرأيت فيها صاحب المحجن و الذي بحر البحيرة و صاحب حمير و صاحبة الهرة
( صحيح ) ( حم ) عن المغيرة .
1973 إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه( صحيح ) ( د ت ه ) عن أبي بكر .
الشرح:(1/301)
(إن الناس) المطيقين لإزالة الظلم مع سلامة العافية (إذا رأوا الظالم) أي علموا بظلمه (فلم يأخذوا على يديه) أي لم يمنعوه من الظلم بفعل أو قول. قال ابن جرير: وخص الأيدي لأن أكثر الظلم بها كقتل وجرح وغصب (أوشك) بفتح الهمزة والشين أي قارب أو أسرع (أن يعمهم اللّه بعقاب منه) إما في الدنيا أو الأخرى أو فيهما لتضييع فرض اللّه بغير عذر وزاد قوله منه زيادة في التهويل والزجر والتحذير وقد أفاد بالخبر أن من الذنوب ما يعجل اللّه عقوبته في الدنيا ومنه ما يمهله إلى الآخرة والسكوت على المنكر يتعجل عقوبته في الدنيا بنقص الأموال والأنفس والثمرات وركوب الذل من المظلمة للخلق وقد تبين بهذا أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية لا عين، إذ القصد إيجاد مصلحة أو دفع مفسدة لا تكليف فرد فرد فإذا أطبقوا على تركه استحقوا عموم العقاب لهم وقد يعرض ما يصيره فرض عين وأما قوله تعالى {عليكم أنفسكم} فمعناه إذا فعلتم ما كلفتم به لا يضركم تقصير غيركم وفيه تحذير عظيم لمن سكت عن النهي فكيف بمن داهن فكيف بمن رضى فكيف بمن أعان؟ نسأل اللّه السلامة. أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأمر بالمعروف أوحى اللّه إلى يوشع عليه السلام إني مهلك من قومك أربعين ألفاً من خيارهم وستين ألفاً من شرارهم فقال يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار قال إنهم لم يغضبوا لغضبي وكانوا يؤاكلونهم ويشاركونهم، واعلم أنه قد يقوم كثرة رؤية المنكر مقام الارتكاب فيسلب القلوب نورالتمييز والإنكار لأن المنكرات إذا كثر ورودها على القلب وتكرر في العين شهودها ذهبت عظمتها من القلوب شيئاً فشيئاً إلى أن يراها الإنسان فلا يخطر بباله أنها منكر ولا يمر بفكره أنها معاصي لتألف القلوب بها.
1974 إن الناس إذا رأوا المنكر و لا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه
( صحيح ) ( حم ) عن أبي بكر .(1/302)
1975 إن الناس قد صلوا و رقدوا و إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة ( صحيح ) ( ق ه ) عن أنس .
1976 إن الناس قد صلوا و ناموا و أنتم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة و لولا ضعف الضعيف و سقم السقيم لأمرت بهذه الصلاة أن تؤخر إلى شطر الليل ( صحيح ) ( ن ه ) عن أبي سعيد .
1977 إن الناس لم يعطوا شيئا خيرا من خلق حسن ( صحيح )
( طب ) عن أسامة بن شريك .
الشرح:
(إن الناس لم يعطوا) بالبناء للمفعول (شيئاً) من الخصال الحميدة (خيراً من خلق) بالضم (حسن) فإن حسن الخلق يرفع صاحبه إلى درجات الأخيار في هذه الدار ودار القرار. قال حجة الإسلام: لا سبيل إلى السعادة الأخروية إلا بالإيمان وحسن الخلق فليس للإنسان إلا ما سعى وليس لأحد في الآخرة إلا ما تزود من الدنيا وأفضل زادها بعد الإيمان حسن الخلق وبحسن الخلق ينال الإنسان خير الدنيا والآخرة. وقال بعض الحكماء: لحسن الخلق من نفسه في راحة والناس منه في سلامة ولسيء الخلق من نفسه في عناء والناس منه في بلاء. وقال بعضهم: عاشر أهلك بحسن الأخلاق فإن السوء فيهم قليل وإذا حسنت أخلاق المرء كثر مصادقوه وقل معادوه فتسهلت عليه الأمور الصعاب ولانت له القلوب الغضاب وقال الحكماء في سعة الأخلاق كنوز الأرزاق قال الماوردي وحسن الخلق أن يكون سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلام.
1978 إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا كل أمة تتبع نبيها يقولون: يا فلان اشفع يا فلان اشفع حتى تنتهي الشفاعة إلى محمد صلى الله عليه وسلم فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر .
1979 إن الناس يهاجرون إليكم و لا تهاجرون إليهم و الذي نفسي بيده لا يحب الأنصار رجل حتى يلقى الله إلا لقي الله و هو يحبه و لا يبغض الأنصار رجل حتى يلقى الله إلا لقي الله و هو يبغضه( حسن )
( حم طب ) عن الحارث بن زياد الأنصاري .(1/303)
1980 إن النذر لا يقدم شيئا و لا يؤخر و إنما يستخرج به من البخيل
( صحيح ) ( حم ك ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن النذر) قال الحرالي: وهو إبرام العدة بخير مستقبل فعله أو يرتقب له ما يلتزم به وهو أدنى الإنفاق سيما إذا كان على وجه الإشتراط (لا يقدم شيئاً ولا يؤخر) شيئاً من المقدور (وإنما يستخرج به من البخيل) بل مثاله في موافقة القدر الدعاء فإن الدعاء لا يرد القضاء لكن منه القدر لكن الدعاء منذور والنذر مندوب.
1981 إن النذر لا يقرب من ابن آدم شيئا لم يكن الله تعالى قدره له و لكن النذر يوافق القدر فيخرج ذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج
( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن النذر) بمعجمة وهو كما قال الراغب إيجاب ما ليس بواجب لحدوث أمر (لا يقرب) بالتشديد أي يدني (من ابن آدم) وفي رواية البخاري لا يقدم (شيئاً لم يكن اللّه تعالى قدره له) هذا إشارة إلى تعليل النهي عن النذر (ولكن النذر يوافق القدر) أي قد يصادف ما قدره اللّه في الأزل (فيخرج ذلك من) مال (البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج) قال البيضاوي: عادة الناس النذر على تحصيل نفع أو دفع ضر فنهى عنه لأنه فعل البخلاء إذ السخي إذا أراد التقرب بادر والبخيل لا تطاوعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا بعوض فيلتزمه في مقابلة ما سيحصل له فيعلقه على جلب نفع أو دفع ضر فلا يعطي إلا إذا لزمه النذر والنذر لا يغني من ذلك شيئاً فلا يسوق له قدراً لم يكن مقدوراً ولا يرد شيئاً من القدر.
1982 إن النذر نذران فما كان لله فكفارته الوفاء به و ما كان للشيطان فلا وفاء له و عليه كفارة يمين ( صحيح ) ( هق ) عن ابن عباس .
1983 إن النساء شقائق الرجال ( صحيح ) ( حم ) عن عائشة .(1/304)
1984 إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة ثم يتسور عليها الملك الذي يخلقها فيقول: يا رب أذكر أو أنثى ؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى ثم يقول: يا رب أسوي أو غير سوي ؟ فيجعله الله سويا أو غير سوي ثم يقول: يا رب ما رزقه ؟ ما أجله ؟ ما خلقه ؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا ( صحيح )
( م ) عن حذيفة بن أسيد .
1985 إن النفس المخلوقة لكائنة ( صحيح)( طب) عن عبادة بن الصامت .
1986 إن النهبة ليست بأحل من الميتة ( صحيح ) ( د ) عن رجل .
الشرح:
(إن النهبة) من القيامة ومثلها غيرها من كل حق للغير إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب (ليست بأحل من الميتة) أي ما يأخذه فوق حقه باختطافه من حق أخيه الضعيف عن مقاومته حرام كالميتة فليس بأحل منها أي أقل إثماً منها في الأكل بل هما سيان ولو وجد مضطر ميتة وطعام غيره قدم الميتة.
1987 إن النهبة لا تحل ( صحيح ) ( ه حب ك ) عن ثعلبة بن الحكم .
الشرح:
(إن النهبة) كفرقة اسم للمنهوب من الغنيمة أو غيرها لكن المراد هنا الغنيمة (لا تحل) لأن الناهب إنما يأخذ على قدر قوته لا على قدر استحقاقه فيؤدي إلى أن يأخذ بعضهم فوق حظه ويبخس بعضهم حظه وإنما لهم سهام معلومة للفرس سهمان وللراجل سهم فإذا انتهبوا الغتيمة بطلت الغنيمة وفاتت التسوية واستثنى من ذم النهبة انتهاب النثار في العرس لخبر فيه.
1988 إن الوسيلة درجة عند الله ليس فوقها درجة فسلوا الله أن يؤتينيها على الخلق يوم القيامة ( حسن ) ( ابن مردويه ) عن أبي سعيد .
1989 إن الولد مبخلة مجبنة ( صحيح ) ( ه ) عن يعلى بن مرة .
الشرح:(1/305)
(إن الولد مبخلة مجبنة) بفتح الميم فيهما مفعلة أي يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه حتى يبخلا بالمال لأجله ويتركا الجهاد بسببه. قال الماوردي: أخبر بهذا الحديث أن الحذر على الولد يكسب هذه الأوصاف ويحدث هذه الأخلاق وقد كره قوم طلب الولد كراهة لهذه الحالة التي لا يقدر عليها دفعها من نفسه للزومها طبعاً وحدوثها حتماً. قيل ليحيى بن زكريا عليهما الصلاة والسلام ما لك تكره الولد قال: ما لي وللولد إن عاش كدني وإن مات هدني.
1990 إن الولد مبخلة مجبنة مجهلة محزنة ( صحيح )
( ك ) عن الأسود بن خلف ( طب ) عن خولة بن حكيم .
الشرح:
(إن الولد مبخلة) بالمال عن إنفاقه في وجوه القرب (مجبنة) عن الهجرة والجهاد (مجهلة) لكونه يحمل على ترك الرحلة في طلب العلم والجد في تحصيله لاهتمامه بتحصيل المال له (محزنة) يحمل أبويه على كثرة الحزن لكونه إن مرض حزنا وإن طلب شيئاً لا قدرة لهما عليه حزنا فأكثر ما يفوت أبويه من الفلاح والصلاح بسببه فإن شب وعق فذلك الحزن الدائم والهم السرمدي اللازم.
1991 إن الهجرة لا تنقطع ما دام الجهاد( صحيح ) ( حم ) عن جنادة .
الشرح:
(إن الهجرة) أي النقلة من دار الكفر إلى دار الإسلام (لا تنقطع) أي لا ينتهي حكمها (ما دام الجهاد) باقياً كذا هو بخط المصنف ما دام والذي وقفت عليه بخط الحافظ ابن حجر في افصابة معزواً لأحمد ما كان ولعله الصواب فيكره الإقامة بدار الكفر إلا لمصلحة دينية.
1992 إن الهدى الصالح و السمت الصالح جزء من سبعين جزءا من النبوة
( حسن ) ( طب ) عن ابن عباس .
1993 إن الهدي الصالح و السمت الصالح و الاقتصاد جزء من خمسة و عشرين جزءا من النبوة ( حسن ) ( حم د ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/306)
(إن الهدى الصالح) بفتح الهاء وقد تكسر وسكون الدال الطريقة الصالحة قال الخطابي: وهدى الرجل حاله [وسيرته (والسمت الصالح) الطريق المنقاد (والاقتصاد) أي سلوك القصد في الأمور والدخول فيها برفق وعلى سبيل تمكن إدامته (جزء من خمسة وعشرين جزءاً) وفي رواية أكثر وفي أخرى أقل وسيجيء (من النبوة) أي هذه الخصال منحها اللّه أنبيائه فهي من شمائلهم وفضائلهم فاقتدوا بهم فيها لا أن النبوة تتجزأ ولا أن جامعها يكون نبياً إذ النبوة غير مكتسبة وتأنيث خمس على معنى الخصال.
1994 إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه و إذا رفعه فليرفعهما ( صحيح ) ( د ن ك ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه) أي تخضع وتذل كما يخضع ويذل الوجه (فإذا وضع أحدكم وجهه) يعني جبهته على الأرض في السجود (فليضع يديه) على الأرض في سجوده (فإذا رفعه
فليرفعهما) فوضع اليدين واجب في السجود وهو الأصح عند الشافعية وأراد باليدين بطون الراحتين والأصابع ويجب أيضاً وضع الركبتين وأطراف القدمين كما مر.
1995 إن اليوم يوم عاشوراء فمن أكل فلا يأكل شيئا بقية يومه و من لم يكن أكل أو شرب فليصم ( صحيح ) ( حب ) عن سلمة بن الأكوع .
1996 إن اليهود إذا سلم عليكم أحدهم فإنما يقول: السام عليكم فقولوا: و عليكم ( صحيح ) ( د ت ) عن ابن عمر .
1997 إن اليهود ليحسدونكم على السلام و التأمين ( صحيح )
( خط الضياء ) عن أنس .
1998 إن اليهود و النصارى لا يصبغون فخالفوهم ( صحيح )
( ق د ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/307)
(إن اليهود) جمع يهودي كروم ورومي أصله اليهوديين حذفت ياء النسبة (والنصارى) جمع نصراني بفتح النون قال الملوي: اليهودي أصله من آمن بموسى عليه الصلاة والسلام والتزم أحكام التوراة، والنصراني من آمن بعيسى عليه الصلاة والسلام والتزم أحكام الإنجيل ثم صار اليهودي من كفر بما أنزل بعد موسى عليه الصلاة والسلام والنصارى من كفر بما أنزل بعد عيسى عليه الصلاة والسلام (لا يصبغون) لحاهم وشعورهم وهو بضم الباء وفتحها لغتان (فخالفوهم) بأن تصبغوها ندباً وقيل وجوباً بنحو حناء أو غيره مما لا سواد فيه، ولا يعارضه النهي عن تغيير الشيب لأن الأمر بالتغيير لمن كان شيبه نقياً كأبي قحافة والد الصديق والنهي لمن شمط فقط وكان شعره بشعاً وعليه نزل اختلاف السلف وفيه ندب خضب الشيب للرجل والمرأة لكن بحمرة أو صفرة لا بسواد فيحرم إلا للجهاد.
1999 إن أمامكم حوضا كما بين جرباء و أذرح فيه أباريق كنجوم السماء من ورده فشرب منه لم يظمأ بعدها أبدا( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
2000 إن أمامكم حوضا ما بين ناحيتيه كما بين جرباء و أذرح ( صحيح )
( حم م ) عن ابن عمر .
2001 إن أمامكم عقبة كئودا لا يجوزها المثقلون( صحيح )
( ك هب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(إن أمامكم) في رواية ورائكم (عقبة) أي جبل (كؤود) بفتح الكاف أي شاقة المصعد (لا يجوزها المثقلون) من الذنوب المتضمخون بأدناس العيوب أي إلا بمشقة عظيمة وكرب شديد بل من طهر قلبه عن الأخلاق الذميمة وعمره بالخصال الحميدة وكلما غدا المطلب وشرف صعب مسلكه وطال منهجه وكثرت عقباته وشقت مقاساته وتلك العقبة هي الموت ثم البعث ثم الوقوف بين يدي اللّه ثم الحساب ثم الجنة أو النار00000
2002 إن أمركن مما يهمني بعدي و لن يصبر عليكن بعدي إلا الصابرون - قاله لأزواجه - ( حسن ) ( ت حب ) عن عائشة .
2003 إن أمر هذه الأمة لا يزال مقاربا حتى يتكلموا في الولدان و القدر
( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/308)
(إن أمر هذه الأمة لا يزال مقارباً) وفي رواية بدله مواتياً (حتى يتكلموا في الولدان والقدر) بالتحريك أي إسناد أفعال العباد إلى قدرهم وأما الولدان فيحتمل أن أراد بهم أولاد المشركين هل هم في النار مع آبائهم أو في الجنة ويحتمل أن المراد البحث عن كيفية حال ولدان الجنان ويحتمل أنه كناية عن اللواط ولم أر في ذلك شيئاً.
2004 إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض و إني لا أدري أي الدواب هي ؟(صحيح)(حم د ن ه)عن ثابت بن وديعة( ه)عن أبي سعيد .
2005 إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) ( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 1816 . ( ق ) عن أبي هريرة .
2006 إن أم ملدم تخرج خبث ابن آدم كما يخرج الكير خبث الحديد
( صحيح ) ( طب ) عن عبدربه بن سعيد بن قيس عن عمته .
2007 إن أمن الناس علي في ماله و صحبته أبو بكر و لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا و لكن أخوة الإسلام لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر( صحيح ) ( م ت ) عن أبي سعيد .
2008 إن أناسا من أمتي يأتون بعدي يود أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله و ماله ( حسن ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن أناساً من أمتي) أمة الإجابة (يأتون بعدي) أي بعد موتي (يود) أي يحب ويتمنى (أحدهم لو اشترى رؤيتي بأهله وماله) هذا من معجزاته إذ هو إخبار عن غيب وقع وقد وجد في كل عصر من يود ذلك ممن لا يحصى حتى قال بعض الأكابر: لو حجب عني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم طرفة عين ما عشت ذلك اليوم.
2009 إن أوثق عرى الإسلام: أن تحب في الله و تبغض في الله
( حسن ) ( حم ش هب ) عن البراء .
الشرح:
(إن أوثق) أي من أوثق (عرى الإسلام) أي أكثرها وثاقة أي قوة وثباتاً(1/309)
(أن تحب في اللّه وتبغض في اللّه) أي لأجله لا لعلة والوثيق كما في الصحاح الشيء المحكم وفي المصباح وثق الشيء وثاقة قوي وثبت فهو وثيق ثابت محكم والعرى جمع عروة وعروة القميص معروفة وعروة الكوز أذنه قال في المصباح: وقوله عرى الإسلام على التشبيه بالعروة التي يستمسك بها وقال الزمخشري تستعار العروة لما يوثق به ويعول عليه.
2010 إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا و صوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة( صحيح ) ( حم ق ن ) عن عائشة .
2011 إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام
( صحيح ) ( د ) عن أبي أمامة .
الشرح:
( إن أولى الناس باللّه) أي من أخصهم برحمته وغفرانه والقرب منه في جنانه من الولي القرب (من بدأهم بالسلام) أي أقربهم من اللّه بالطاعة من بدأ أخاه المسلم بالسلام عند ملاقاته لأنه السابق إلى ذكر اللّه والسلام تحية المسلمين وسنة المرسلين قال في الأذكار: وينبغي لكل أحد من المتلاقيين أن يحرص على أن يبتدىء بالسلام لهذا الحديث اهـ.
2012 إن أولى الناس بي المتقون من كانوا و حيث كانوا
( صحيح ) ( حم ) عن معاذ .
2013 إن أول الآيات خروجا طلوع الشمس من مغربها و خروج الدابة على الناس ضحى فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها قريبا
( صحيح ) ( حم م د ه ) ابن عمرو .
الشرح:(1/310)
(إن أول الآيات) أي علامات الساعة (خروجاً) أي ظهوراً تمييز (طلوع الشمس من مغربها) قال ابن كثير: أي أول الآيات التي ليست مألوفة وإن كان الدجال ونزول عيسى عليه السلام ويأجوج قبلها لأنها أمور مألوفة إذ هم مثلهم بشر(وخروج الدابة) هذا غير مألوف أيضاً فإنها تخرج (على الناس ضحى) بضم الضاد وفتحها على شكل غريب غير معهود وتخاطب الناس وتسمهم بالإيمان أو الكفر وذلك خارج من مجاري العادات (فأيتهما كانت قبل صاحبتيها فالأخرى على أثرها) بفتح الهمزة أي عقبها وقد بقي منها بقية (قريباً) صفة لمصدر محذوف تأكيداً لما قبله أي فالأخرى تحصل على أثرها حصولاً قريباً فطلوع الشمس أول الآيات السماوية والدابة أول الآيات الأرضية بالمعنى المذكور 000000
2014 إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت و لكنك قاتلت ليقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار و رجل تعلم العلم و علمه و قرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: تعلمت العلم و علمته و قرأت فيك القرآن قال: كذبت و لكنك تعلمت العلم ليقال عالم و قرأت القرآن ليقال: هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار و رجل وسع الله عليه و أعطاه من أصناف المال كله فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها ؟ قال: ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال: كذبت و لكنك فعلت ليقال: هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار( صحيح ) ( حم م ن ) عن أبي هريرة .(1/311)
2015 إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دري في السماء إضاءة لا يبولون و لا يتغوطون و لا يتفلون و لا يتمخطون أمشاطهم الذهب و رشحهم المسك و مجامرهم الألوة و أزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم ستون ذراعا في السماء( صحيح ) ( حم ق ه ) عن أبي هريرة .
2016 إن أول شيء خلقه الله القلم فأمره فكتب كل شيء يكون
( صحيح ) ( حل هق ) عن ابن عباس .
2017 إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب قال: ما أكتب ؟ قال: اكتب القدر ما كان و ما هو كائن إلى الأبد(صحيح)(ت) عن عبادة بن الصامت .
2018 إن أول ما خلق الله القلم فقال له: اكتب قال: يا رب و ما أكتب ؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة من مات على غير هذا فليس مني( صحيح ) ( د ) عن عبادة بن الصامت .
2019 إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك فقد أصاب سنتنا و من ذبح قبل ذلك فإنما هو لحم قدمه لأهله ليس من النسك في شيء( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن البراء .
2020 إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله الصلاة فإن صلحت فقد أفلح و أنجح و إن فسدت فقد خاب و خسر و إن انتقص من فريضة قال الرب: انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فيكمل بها ما انتقص من الفريضة ثم يكون سائر عمله على ذلك( صحيح ) ( ت ن ه ) عن أبي هريرة .
2021 إن أول ما يحكم بين العباد في الدماء( صحيح )
( ت ) عن ابن مسعود .
2022 إن أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له: ألم نصح لك جسمك و نرويك من الماء البارد؟(صحيح)(ت ك)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/312)
(إن أول) أي من أول (ما يسأل عنه العبد) قال الطيبي: ما مصدرية (يوم القيامة من النعيم أن يقال) أي أن سؤال العبد هو أن يقال (له) من قبل اللّه تعالى (ألم نصح لك جسمك) أي جسدك وصحته أعظم النعم بعد الإيمان (ونرويك من الماء البارد) الذي هو من ضرورة بقائك ولولاه لفنيت بل العالم بأسره ولهذا كان جديراً بالسؤال عنه والامتنان به وهذا هو المراد بقوله تعالى{ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} وقيل هو شبع البطون وبرد الشراب ولذة النوم وقيل الصحة والفراغ وقيل سلامة الحواس وقيل الغداء والعشاء وقيل تخفيف الشرائع وتيسير القرآن، وقيل ما سوى كنّ يأويه وكسرة تقويه وكسوة تغنيه يسأل عنها ويحاسب عليها وقيل وقيل.
2023 إن أول منسك يومكم هذا الصلاة( حسن ) ( طب ) عن البراء .
2024 إن أول من سيب السوائب و عبد الأصنام أبو خزاعة عمرو بن عامر و إني رأيته في النار يجر أمعاءه فيها (صحيح)(حم)عن ابن مسعود .
2025 إن أهل الجاهلية كانوا يقولون: إن الشمس و القمر لا ينخسفان إلا لموت عظيم من عظماء أهل الأرض و إن الشمس و القمر لا ينخسفان لموت أحد و لا لحياته و لكنهما خليقتان من خلقه يحدث الله في خلقه ما شاء فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي أو يحدث الله أمرا ( صحيح )
( ن ) عن النعمان بن بشير .
2026 إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف في الجنة كما تراءون الكواكب في السماء ( صحيح ) ( حم ق ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(1/313)
(إن أهل الجنة يتراءون) بفتح التحتية والفوقية فهمزة مفتوحة فتحتية مضمومة بوزن يتفاعلون (أهل الغرف) أي ينظرون أهل الغرف جمع غرفة وهو بيت صغير فوق الدار والمراد هنا القصور العالية في الجنة (كما يتراءون) بفتح التحتية والفوقية والهمزة بعدها تحتية وفي رواية للبخاري تتراءون بفوقيتين بغير تحتية بعد العمزة (الكواكب في السماء) يريد أنهم يضيئون لأهل الجنة إضاءة الكواكب لأهل الأرض. قال الزمخشري: والترائي تفاعل من الرؤية وهي على وجوه يقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضاً وتراءى لي الشيء ظهر لي حتى رأيته وتراءى القوم الهلال إذا رأوه بأجمعهم.
2027 إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم
( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد ( ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/314)
(إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تراءون) أنتم يا أهل الدنيا فيها (الكوكب الدري) بضم فكسر مشدداً نسبة إلى الدر لصفاء لونه وخلوص نوره (الغابر) بموحدة من الغبور أي الباقي في الأفق وهو من الأضداد ويقال للماضي وللباقي غابر والمراد الباقي بعد انتشار الفجر وحينئذ يرى أضوأ وفي الموطأ بالهمز بدل الموحدة من الغبور وهو السقوط والذهاب يعني الذاهب الذي قد تدلى للغروب ودنا منه وانحط إلى الجانب الغربي وفي الترمذي الغارب بتقديم الراء على الموحدة وفي التمثيل به دون بقية الكواكب المسامتة للرس وهي أعلى 0000(في) رواية لمسلم من (الأفق) متعلق بمحذوف أي قريبه أو هو بيان للمحل الذي يقر فيه الكوكب والأفق بضمتين أو بضم فسكون كعسر وعسر كما في الصحاح وغيره فمن اقتصر على الأول كالمصباح لم يصب الناحية من السماء أو الأرض والأول هو المراد هنا (من المشرق والمغرب) شبه رؤية الرائي في الجنة صاحب الغرفة برؤية الرائي الكوكب المضيء في جانب الشرق والغرب في الإضاءة مع البعد (لتفاضل ما بينهم) يعني يرى أهل الغرف كذلك لتزايد درجاتهم على من عداهم وإنما قال من المشرق أو المغرب ولم يقل في السماء أي في كبدها لأنه لو قيل في السماء كان القصد الأولى بيان الرفعة ويلزم منه البعد وفي ذكر المشرق والمغرب القصد الأول منه البعد ويلزم منه الرفعة وفيه سمت من معنى التقصير بخلاف الأول فإن فيه نوع اعتذار. ذكره الطيبي.
2028 إن أهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة و إن أهل النار ميسرون لعمل أهل النار ( صحيح ) ( د ) عن عمر .
2029 إن أهل الجنة يأكلون فيها و يشربون و لا يتفلون و لا يبولون و لا يتغوطون و لا يمتخطون و لكن طعامهم ذلك جشاء و رشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون أنتم النفس(صحيح)(حم م د)عن جابر.
الشرح:(1/315)
(إن أهل الجنة ياكلون فيها ويشربون) أي يتنعمون فيه بالأكل وغيره تنعماً لا آخر له على هيئة نعيم الدنيا لكن لا نسبة بينهما في اللذة والنفاسة (و) لكن (لا يتفلون) بكسر الفاء وضمها يبصقون (ولا يبولون ولا يتغوطون) كما لأهل الدنيا (ولا يتمخطون) أي لا يكون لهم مخاط (ولكن طعامهم ذلك) أي رجيع طعامهم الذي يطعمونه (جثاء) كغراب صوت مع ريح يخرج من الفم عند الشبع (ورشح كرشح المسك) وعرق يخرج من أبدانهم رائحته كرائحة المسك في الذكاء يعني أن العرق الذي يترشح منهم ريحه كالمسك وهو قائم مقام التغوط والبول من غيرهم لما كانت أغذية الجنة في غاية اللطافة والاعتدال لا عجم لها ولا ثقل لم تكن لها فضلة تستقذر بل تستطاب وتستلذ فعبر عنها بالمسك الذي هو أطيب طيب الدنيا00000 (يلهمون التسبيح والتحميد) أي يوفقون لهما والإلهام إلقاء شيء في النفوس يبعث على فعل أو ترك (كما تلهمون) بمثناة فوقية مضمومة بضبط المصنف أي تسبيحهم وتحميدهم يجري مع الأنفاس كما تلهمون أنتم (النفس) بفتح الفاء بضبط المصنف وفي نسخة التنفس بزيادة تاء قبل النون وهي من زوائد النساخ إذ لا وجود لها في خط المصنف يعني يعني لا يتعبون من التسبيح والتهليل كما لا تتعبون أنتم من التنفس ولا يشغلهم شيء عن ذلك كالملائكة أو أراد أنها تصير صفة لازمة لا ينفكون عنها كالتنفس اللازم للحيوان وسر ذلك أن قلوبهم قد تنورت بمعرفته وأبصارهم تنعمت برؤيته وغمرتهم سوابغ نعمته فامتلأت قلوبهم بمحبته وألسنتهم ملازمة لذكره رهينة لشكره ومن أحب شيئاً أكثر من ذكره.
2030 إن أهل الدرجات العلى يراهم من هو أسفل منهم كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء و إن أبا بكر و عمر منهم و أنعما ( صحيح )
( حم ت ه حب ) عن أبي سعيد ( طب ) عن جابر بن سمرة ( ابن عساكر ) عن ابن عمرو وعن أبي هريرة .
الشرح:(1/316)
(إن أهل الدرجات العلا ليراهم من هو أسفل منهم) منزلة (كما ترون الكوكب الطالع في أفق السماء) أي طرفها (وإن أبا بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (منهم وأنعما) أي زادا في الرتبة وتجاوزا تلك المنزلة فقوله وأنعما عطف على المقدر في منهم أي أنهما استقرا منهم وأنعما وقيل أراد بأنعما صارا إلى النعيم وسيلقاك لهذا تتمة على الأثر.
2031 إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة و إن أهل المنكر في الدنيا أهل المنكر في الآخرة ( صحيح )
( طب ) عن سلمان وعن قبيصة بن برقة وعن ابن عباس ( حل ) عن أبي هريرة ( خط ) عن علي وأبي الدرداء .
الشرح:
(إن أهل المعروف في الدنيا) أي ما لا ينكره الشرع (هم أهل المعروف في الآخرة) التي مبدؤها ما بعد الموت قال العسكري: المعروف عند العرب ما يعرفه كل ذي عقل ولا ينكره أهل الفضل ثم كثر فصار اصطناع الخير معروفاً يقال أنالني معروفه وقسم لي من معروفه قال حاتم * وأبذل معروفي له دون منكر * (وإن أهل المنكر في الدنيا) أي ما أنكره الشرع ونهى عنه هم (أهل المنكر في الآخرة) يقول إن ما يفعله العبد من خير وشر في هذه الدار له نتائج تظهر في دار البقاء لأنها محل الجزاء وجزاء كل إنسان بحسب عمله وكل معروف أو منكر يجازى عليه من جنسه وكل إنسان يحشر على ما كان عليه في الدنيا ولهذا ورد أن كل إنسان يحشر على ما مات عليه 00000
2032 إن أهل النار ليبكون حتى لو أجريت السفن في دموعهم جرت و إنهم ليبكون الدم( حسن ) ( ك ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/317)
(إن أهل النار) نار جهنم (ليبكون) أي بكاء الحزن (حتى لو أجريت) بالبناء للمجهول (السفن) جمع سفينة وهي معروفة (في دموعهم لجرت) لكثرتها ومصيرها كالبحر العجاج والجري إسراع حركة الشيء ودوامها (وإنهم ليبكون الدم) أي يبكون بدموع لونها لون الدم لكثرة حزنهم وطول عذابهم وهل هذا البكاء قبل دخولهم النار أو بعده ومن البين أن المراد بأهل النار بحيث أطلقوا الكفار الذين هم مخلدون لا من يدخلها من عصاة المؤمنين وبمثل هذا يقال في الخبر الآتي وما أشبهه.
2033 إن أهون أهل النار عذابا من له نعلان و شراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحدا أشد منه عذابا و إنه لأهونهم عذابا( صحيح ) ( م ) عن النعمان بن بشير .
2034 إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل يحذى له نعلان من نار يغلي منهما دماغه يوم القيامة( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
2035 إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل بالقمقم ( صحيح )
( حم خ ن ) عن النعمان بن بشير .
2036 إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا و لا أنفقتم من نفقة و لا قطعتم واديا إلا كانوا معكم فيه و هم بالمدينة حبسهم العذر( صحيح )
( حم خ د ه ) عن أنس ( م ه ) عن جابر .
2037 إن بالمدينة جنا قد أسلموا فإذا رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنما هو شيطان( صحيح)(حم م) عن أبي سعيد .
2038 إن بحسبكم القتل( صحيح ) ( د ) عن سعيد بن زيد .
2039 إن بعدي من أمتي قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حلاقمهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون إليه شر الخلق و الخليقة
( صحيح ) ( حم م ه ) عن أبي ذر ورافع بن عمرو الغفاري معا .
2040 إن بلالا يؤذن بليل فكلوا و اشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم(صحيح)
( مالك حم ق ت ن ) عن ابن عمر ( خ ن ) عن عائشة .(1/318)
2041 إن بلالا يؤذن بليل ليوقظ نائمكم و ليرجع قائمكم( صحيح )
( ن ) عن ابن مسعود .
2042 إن بني إسرائيل افترقت على إحدى و سبعين فرقة و إن أمتي ستفترق على اثنتين و سبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة و هي: الجماعة
( صحيح ) ( ه ) عن أنس .
2043 إن بني إسرائيل كان إذا أصاب أحدهم البول قرضه بالمقراض
( فإذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد بوله )( صحيح ) ما بين قوسين ضعيف عند الألباني( حم ك ) عن أبي موسى .
2044 إن بني إسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه و تركوا التوراة
( حسن ) ( طب ) عن أبي موسى .
2045 إن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا( صحيح)(طب الضياء)عن خباب .
الشرح:
(إن بني إسرائيل) أولاد يعقوب العبد المطيع ومعناه عبد اللّه فإسرا هو العبد أو الصفوة وإيل هو اللّه، عبري غير مشتق (لما هلكوا قصوا) أي لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص وعولوا عليها واكتفوا بها وفي رواية لما قصوا هلكوا أي لما اتكلوا على القول وتركوا العمل كان ذلك سبب إهلاكهم وكيفما كان ففيه تحذير شديد من علم بلا عمل.
2046 إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي و ينكح ابنتهم فإنما هي بضعة مني يريبني ما أرابها و يؤذيني ما آذاها
( صحيح ) ( حم ق د ت ه ) عن المسور بن مخرمة .
2047 إن بين يدي الساعة الهرج: القتل ما هو قتل الكفار و لكن قتل الأمة بعضها بعضا حتى أن الرجل يلقاه أخوه فيقتله ينتزع عقول أهل ذلك الزمان و يخلف لها هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء و ليسوا على شيء ( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي موسى .
2048 إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالا كذابا( صحيح )
( حم ) عن ابن عمر .(1/319)
2049 إن بين يدي الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا و يمسي كافرا و يمسي مؤمنا و يصبح كافرا القاعد فيها خير من القائم و القائم فيها خير من الماشي و الماشي فيها خير من الساعي فكسروا قسيكم و قطعوا أوتاركم و اضربوا سيوفكم بالحجارة فإن دخل على أحد منكم بيته فليكن كخير ابني آدم( صحيح ) ( حم د ه ك ) عن أبي موسى .
2050 إن بين يدي الساعة كذابين فاحذروهم( صحيح )
( حم م ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:
(إن بين يدي الساعة) أي أمامها مقدماً على وقوعها (كذابين) قيل هم نقلة الأخبار الموضوعة وأهل العقائد الزائغة وغيرهم ممن ينسب نفسه إلى العلم وهو كالرجال في الجدال وإبليس في التلبيس (فاحذروهم) أي خافوا شر فتنتهم به واستعدوا وتأهبوا لكشف عوارهم وهتك أستارهم وتزييف أقوالهم وتقبيح أفعالهم ليحذرهم الناس ويبور ما جاؤوا به من الالباس والبأس وقيل أراد المسرعين للإمامة الموعودة الخاتمة لدائرة الولاية المدعين للنبوة وقيل غير ذلك والحمل على الأعم أفيد وأتم.
2051 إن بين يدي الساعة لأياما ينزل فيها الجهل و يرفع فيها العلم و يكثر فيها الهرج و الهرج: القتل( صحيح)( حم ق)عن ابن مسعود وأبي موسى .
الشرح:(1/320)
(إن بين يدي الساعة) أي أمام قيامها (لأياماً) نكرها لمزيد التهويل وقرنه باللام لمزيد التأكيد (ينزل فيها الجهل) يعني به الموانع المانعة عن الاشتغال بالعلم (ويرفع فيها العلم) بموت العلماء فكلما مات عالم يرفع العلم بالنسبة إلى فقد حامله وينشأ عن ذلك الجهل بما كان ذلك العالم ينفرد به عن بقية العلماء (ويكثر فيها الهرج) بسكون الراء (والهرج) هو (القتل) وفي رواية والهرج بلسان الحبشة القتل وأصله لغة الفتنة والاختلاف والاختلاط كما في الصحاح قال ابن بطال: وجميع ما تضمنه هذا الحديث من الأشراط قد رأيناه عياناً فقد نقص العلم وظهر الجهل وعمت الفتن وكثر القتل قال ابن حجر: يظهر أن الذي شاهده كان منه الكثير مع وجود مقابله والمراد من الحديث استعمال ذلك حتى لا يبقى مما يقابله إلا النادر والواقع أن هذه الصفات وجدت مبادئها من عصر الصحابة ثم صارت تكثر في بعض الأماكن دون بعض وكلما مضت طبقة ظهر البعض الكثير في التي تليها وإليه يشير الحديث الآتي لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه وفيه حث على اقتباس العلوم الدينية قبل هجوم تلك الأيام الرديئة.(1/321)
2052 إن ثلاثة نفر في بني إسرائيل: أبرص و أقرع و أعمى بدا لله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: لون حسن و جلد حسن قد قذرني الناس فمسحه فذهب و أعطي لونا حسنا و جلدا حسنا فقال: أي المال أحب إليك ؟ قال: الإبل فأعطي ناقة عشراء فقال: يبارك لك فيها ; و أتى الأقرع فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: شعر حسن و يذهب هذا عني قد قذرني الناس فمسحه فذهب و أعطي شعرا حسنا قال: فأي المال أحب إليك ؟ قال: البقر فأعطاه بقرة حاملا و قال: يبارك لك فيها ; و أتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك ؟ قال: يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس فمسحه فرد الله إليه بصره قال: فأي المال أحب إليك ؟ قال: الغنم فأعطاه شاة والدا فأنتج هذان و ولد هذا فكان لهذا واد من إبل و لهذا واد من بقر و لهذا واد من غنم ; ثم إنه أتى الأبرص في صورته و هيئته فقال: رجل مسكين تقطعت به الحبال في سفره فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن و الجلد الحسن و المال بعيرا أتبلغ عليه في سفري فقال له: إن الحقوق كثيرة فقال له: كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله ؟ فقال: لقد ورثت لكابر عن كابر فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ; و أتى الأقرع في صورته و هيئته فقال له مثل ما قال لهذا و رد عليه مثل ما رد عليه هذا قال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ; و أتى الأعمى في صورته و هيئته فقال: رجل مسكين و ابن سبيل و تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري ؟ فقال: قد كنت أعمى فرد الله بصري و فقيرا فخذ ما شئت فوالله لا أحمدك اليوم لشيء أخذته لله فقال: أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك و سخط على صاحبيك( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .(1/322)
2053 إن جبريل أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك فأجبته فأخفيته منك و لم يكن يدخل عليك و قد وضعت ثيابك و ظننت أن قد رقدت فكرهت أن أوقظك و خشيت أن تستوحشي فقال: إن ربك يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
2054 إن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة و إنه عارضني العام مرتين و لا أراه إلا حضر أجلي و إنك أول أهل بيتي لحاقا بي فاتقي الله و اصبري فإنه نعم السلف أنا لك ( صحيح ) ( ق ه ) عن فاطمة .
2055 إن جبريل لما ركض زمزم بعقبه جعلت أم إسماعيل تجمع البطحاء رحم الله هاجر لو تركتها كانت عينا معينا( صحيح)(عم ن الضياء)عن أبي.
2056 إن حسن العهد من الإيمان( حسن ) ( ك ) عن عائشة .
الشرح:
(إن حسن العهد) أي الوفاء والخفارة ورعاية الحرمة (من الإيمان) أي من أخلاق أهل الإيمان ومن خصائلهم أو من شعب الإيمان ويكفي الموفي بالعهد مدحاً وشرفاً قول من علت كلمته والموفون بعهدهم إذا عاهدوا 000 والعهد لغة له معان منها حفظ الشيء ومراعاته حالاً بعد حال والمراد هنا عهد المعرفة المتقدمة.
2057 إن حقا على الله تعالى أن لا يرفع شيئا من أمر الدنيا إلا وضعه
( صحيح ) ( حم خ د ن ) عن أنس .
الشرح:
أي أن عدم الارتفاع حق على اللّه تعالى فعل متعلق بحقاً وأن لا يرتفع خبر إن وأن مصدرية فتكون معرفة والاسم نكرة ويمكن أن يقال على صفة حقاً أي حق ثابت على اللّه قاله الطيبي وهذا قاله صلى اللّه عليه وسلم لما سبقت ناقته العضباء كانت لا تسبق وهذا تزهيد في الدنيا وحث على التواضع وهوانها عند اللّه تعالى وتنبيه على ترك الفخر والمباهاة وأن كل ما هان على اللّه ففي محل الصنعة 000 قال ابن بطال: فيه هوان الدنيا على اللّه والتنبيه على ترك المباهاة والفخر وأن كل شيء هان على اللّه في محل الضعة فحق على كل ذي عقل أن يزهد فيها000000(1/323)
2058 إن حوضي أبعد من أيلة من عدن لهو أشد بياضا من الثلج و أحلى من العسل باللبن و لآنيته أكثر من عدد النجوم و إني لأصد الناس عنه كما يصد الرجل إبل الناس عن حوضه قالوا: أتعرفنا يومئذ ؟ قال: نعم لكم سيما ليست لأحد من الأمم تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
2059 إن حوضي لأبعد من أيلة إلى عدن و الذي نفسي بيده لآنيته أكثر من عدد نجوم السماء و لهو أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل و الذي نفسي بيده إني لأذود عنه كما يذود الرجل الإبل الغريبة عن حوضه قالوا: يا رسول الله أوتعرفنا ؟ قال: نعم تردون علي الحوض غرا محجلين من آثار الوضوء ليست لأحد غيركم ( صحيح ) ( م ه ) عن حذيفة .
2060 إن حوضي من عدن إلى عمان البلقاء ماؤه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل أكاويبه عدد النجوم من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين: الشعث رؤوسا الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المنعمات و لا تفتح لهم السدد الذين يعطون الحق الذي عليهم و لا يعطون الذي لهم( صحيح ) ( حم ت ه ك ) عن ثوبان .
الشرح:
(إن حوضي من عدن) بفتحتين بلد باليمن مشتق من عدن بالمكان أقام(1/324)
(إلى عمان) بفتح العين وشد الميم مدينة قديمة من أرض الشام (البلقاء) أي بالبلقاء بضم وتخفيف موضع عند البحرين وفي رواية بدل هذا من أيلة إلى عدن وفي أخرى ما بين أذرح وجرباء وفي رواية ما بين الكعبة وبيت المقدس (ماؤه أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل) لم يقل من السكر لأنهم لم يكونوا يعرفونه ولا كان ببلادهم مع ما تميز به العسل من المنافع التي لا تكاد تحصى (أكواب) جمع كوب بالضم الكوز المستدير الرأس الذي لا أذن له (عدد النجوم) أي نجوم السماء (من يشرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبداً) قال القرطبي: ظاهره أن الشرب منه بعد الحساب والنجاة من الأهوال إذ من وصل لمحل فيه النبي صلى اللّه عليه وسلم كيف يعاد للحساب أو يذوق نكال العذاب، فالقول به أوهى من السراب (أول الناس وروداً عليه فقراء المهاجرين الشعث رؤوساً) أي المغبرة رؤوسهم (الدنس ثياباً) أي الوسخة أثوابهم (الذين لا ينكحون) النساء (المتنعمات) بمثناة فنون فعين مهملة شديدة وفي رواية المنعمات بنون فعين مشددة وما ذكره من أن لفظ الحديث المتنعمات أو المنعمات هو ما في نسخ لا تحصى لكن رأيت في نسخة المصنف بخطه المتنعمات والظاهر أنه سبق قلم (ولا تفتح لهم السدد) جمع سدة وهي كالظلة على الباب لوقاية نحو مطر أو الباب نفسه أو الساحة أمامه أو الصفة أو السقيفة وأيا ما كان فالمراد لا يؤذن لهم في الدخول على الكبراء ولا يؤهلون لمجالسة نحو الأمراء (الذين يعطون الحق الذي عليهم ولا يعطون) بضم أوله بضبط المصنف (الذي لهم) أي الحق الذي لهم لضعفهم وإزراء الناس بهم واحتقارهم لهم 000(تنبيه) قال القرطبي: أخذاً من كلام حجة الإسلام ظن بعضهم أن التحديد أن في أحاديث الحوض اضطراب واختلاف وليس كذلك وإنما تحدث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بحديث الحوض مرات وذكر فيها تلك الألفاظ المختلفة مخاطباً لكل قوم بما يعرفه من مسافات مواضعها فقال لأهل الشام ما بين أذرح وجرباء لأهل اليمن من(1/325)
عدن إلى عمان وهكذا وتارة يقدر بالزمان فيقول مسيرة شهر والمعنى المراد أنه حوض كبير متسع الأرجاء والزوايا فكان ذلك يحسب من حضره ممن يعرف ذلك الجهات وليس الحوض على وجه هذه الأرض بل وجوده في الأرض المبدلة على مسافة هذه الأقطار وهي أرض بيضاء كالفضة لم يسفك فيها دم ولم يظلم على ظهرها أحد.
2061 إن حيضتك ليست في يدك( صحيح )
( م 3 ) عن عائشة ( م ن ) عن أبي هريرة .
2062 إن خيار عباد الله الموفون المطيبون( صحيح )
( طب حل ) عن أبي حميد الساعدي ( حم ) عن عائشة .
الشرح:
(إن خيار عباد اللّه) أي من خيارهم (الموفون) للّه بما عاهدوه (المطيبون) بالبناء للمفعول أي القوم الذين غمسوا أيديهم في الطيب وتحالفوا عليه وذلك أن بني هاشم وزهرة وتميم اجتمعوا في الجاهلية في دار ابن جدعان وغمسوا أيديهم في الطيب وتعاهدوا وتعاقدوا على إغاثة الملهوف ونصر المظلوم وحضر ذلك معهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وهو حين ذاك طفل فوفوا بما عاهدوا اللّه عليه فأثنى في هذا الخبر عليهم بإخباره بأنهم من خيار الخلق الموفين بالعهود والظاهر أنهم أدركوا البعثة وأسلموا ويحتمل أنه أراد بالمطيبين هنا من جرى على منهجهم من أمنه في الوفاء بالعهود.
2063 إن خياركم أحسنكم قضاء( صحيح )( حم خ ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن خياركم) أي من خياركم (أحسنكم قضاء) للدين أي الذين يدفعون أكثر مما عليهم ولم يمطلوا رب الدين ويوفوا به مع اليسار ومفهومه أن الذي يمطل ليس من الخيار وهو ظاهر لأن المطل للغني ظلم محرم بل هو كبيرة إن تكرر بل قال بعضهم وإن لم يتكرر وقوله قضاء تمييز وأحسنكم خبر خياركم واستشكاله بأن المبتدأ بلفظ الجمع والخبر بالإفراد مع أن التطابق بينهما واجب مجاب باحتمال كونه مفرداً بمعنى المختار وبأن أفعل التفضيل المضاف المقصود به الزيادة ويجوز فيه الإفراد والمطابقة لمن هو له والمراد الخيرية في المعاملات.(1/326)
2064 إن خير التابعين رجل يقال له: أويس و له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره و كان به بياض فمروه فليستغفر لكم(صحيح)( م)عن عمر .
2065 إن خير طيب الرجال ما ظهر ريحه و خفي لونه و خير طيب النساء ما ظهر لونه و خفي ريحه(صحيح)( ت ) عن عمران بن حصين .
2066 إن خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة و تسع عشرة و يوم إحدى و عشرين ( صحيح ) ( ت ) عن ابن عباس .
2067 إن داود النبي كان لا يأكل إلا من عمل يده ( صحيح )
( خ ) عن أبي هريرة .
2068 إن دماءكم و أموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع و دماء الجاهلية موضوعة و أول دم أضعه من دمائنا دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب و ربا الجاهلية موضوع و أول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمة الله و إن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح و لهن عليكم رزقهن و كسوتهن بالمعروف و إني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله و أنتم مسؤلون عني فما أنتم قائلون ؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت و أديت و نصحت فقال: اللهم اشهد( صحيح ) ( م د ن ) عن جابر .
2069 إن ربك ليعجب من عبده إذا قال: رب اغفر لي ذنوبي و هو يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري ( صحيح ) ( د ت ) عن علي .
الشرح:
0000 ووجه التعجب هنا أن المؤمن أعرض عن الأسباب مع قربها منه وقصر نظر عين بصيرته على سببها وجاهد النفس والشيطان في استدعائهما من طلب الغفران من الأوثان فالعجب من صبره مع ضعفه على محاربة الأعداء حتى لم يشرك بعبادة ربه أحداً.
2070 إن ربكم حيي كريم يستحي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صفرا
( حسن ) ( د ه ) عن سلمان .(1/327)
2071 إن ربي أرسل إلي: أن اقرأ القرآن على حرف فرددت إليه: أن هون على أمتي فأرسل إلي: أن اقرأه على حرفين فرددت إليه: أن هون على أمتي فأرسل إلي: أن اقرأه على سبعة أحرف و لك بكل ردة مسألة تسألنيها قلت: اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي و أخرت الثالثة ليوم يرغب إلي فيه الخلق حتى إبراهيم( صحيح ) ( حم م د ت ) عن أبي .
2072 إن رجالا من العرب يهدي أحدهم الهدية فأعوضه منها بقدر ما عندي ثم يتسخطه فيظل يتسخط فيه علي و ايم الله لا أقبل بعد مقامي هذا من رجل من العرب هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي
( حسن ) ( ت ) عن أبي هريرة .
2073 إن رجالا يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة
( صحيح ) ( خ ) عن خولة .
الشرح:
(إن رجالاً يتخوضون) بمعجمتين من الخوض المشي في الماء وتحريكه ثم استعمل في التصرف في الشيء أي يتصرفون (في مال اللّه) الذي جعله لمصالح المسلمين من نحو فيء وغنيمة (بغير) قسمة بل بالباطل بلا تأويل صحيح واللفظ وإن كان أعم من أن يكون بقسمة أو غيرها لكن تخصيصه بالقسمة هو ما دلت عليه أخبار أخر (فلهم النار) أي نار جهنم (يوم القيامة) خبر إن محذوف وأدخل الفاء لأن اسمها نكرة موصوفة بالفعل وفيه ردع للولاة أن يتصرفوا في بيت المال بغير حق قال الراغب: الخوض الشروع في الماء والحدور فيه ويستعار في الأمور وأكثر ما ورد فيما يذم شرعاً بنحو {ذرهم في خوضهم يلعبون} اهـ 00000
2074 إن رجلا حضره الموت فلما أيس من الحياة أوصى أهله إذا أنا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا جزلا ثم أوقدوا فيه نارا حتى إذا أكلت لحمي و خلصت إلى عظمي فامتحشت فخذوها فاطحنوها ثم انظروا يوما راحا فاذروها في اليم ففعلوا ما أمرهم فجمعه الله و قال له: لم فعلت ذلك ؟ قال: من خشيتك فغفر له( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن حذيفة وأبي مسعود .(1/328)
2075 إن رجلا قال: و الله لا يغفر الله لفلان قال الله: من ذا الذي يتألى علي أن لا أغفر لفلان ؟ ! فإني قد غفرت لفلان و أحبطت عملك( صحيح )
( م ) عن جندب البجلي .
2076 إن رجلا قتل تسعة و تسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدل على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعة و تسعين نفسا فهل له من توبة ؟ فقال: لا فقتله فكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض ؟ فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة ؟ قال: نعم و من يحول بينه و بين التوبة ؟ انطلق إلى أرض كذا و كذا فإن بها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم و لا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله تعالى و قالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال: قيسوا بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو لها فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته ملائكة الرحمة( صحيح )
( حم م ه ) عن أبي سعيد .
2077 إن رجلا كان قبلكم رغسه الله مالا فقال لبنيه لما حضر: أي أب كنت لكم ؟ قالوا: خير أب قال: إني لم أعمل خيرا قط فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم ذروني في يوم عاصف ففعلوا فجمعه الله فقال: ما حملك ؟ قال: مخافتك فتلقاه برحمته ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد .
2078 إن رجلا لم يعمل خيرا قط و كان يداين الناس فيقول لرسوله: خذ ما تيسر و اترك ما عسر و تجاوز لعل الله أن يتجاوز عنا فلما هلك قال الله: هل عملت خيرا قط ؟ قال: لا إلا أنه كان لي غلام و كنت أداين الناس فإذا بعثته يتقاضى قلت له: خذ ما تيسر و اترك ما عسر و تجاوز لعل الله أن يتجاوز عنا قال الله: قد تجاوزت عنك ( صحيح )
( ن حب ك ) عن أبي هريرة .(1/329)
2079 إن رجلا ممن كان قبلكم أتاه ملك الموت ليقبض نفسه فقال له: هل عملت من خير ؟ قال: ما أعلم قال له: انظر قال: ما أعلم شيئا غير أني كنت أبايع الناس و أحارفهم فأنظر المعسر و أتجاوز عن الموسر فأدخله الله الجنة( صحيح ) ( حم ق ه ) عن حذيفة وأبي مسعود .
2080 إن رجلا من أهل الجنة استأذن ربه في الزرع فقال له: ألست فيما شئت ؟ قال: بلى و لكن أحب أن أزرع ! فبذر فبادر الطرف نباته و استواؤه و استحصاده فكان أمثال الجبال فيقول الله: دونك يا ابن آدم ! فإنه لا يشبعك شيء ( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي هريرة .
2081 إن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار فقال: ائتني بالشهداء أشهدهم فقال: كفى بالله شهيدا قال: فأتني بالكفيل قال: كفى بالله و كيلا قال: صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر فقضى حاجته ثم التمس مركبا يركبها يقدم عليه للأجل الذي أجله فلم يجد مركبا فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار و صحيفة منه إلى صاحبه ثم زج موضعها ثم أتى بها إلى البحر فقال: اللهم إنك تعلم أني تسلفت فلانا ألف دينار فسألني كفيلا فقلت: كفى بالله و كيلا فرضي بك و سألني شهيدا فقلت: كفى بالله شهيدا فرضي بك و إني جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه الذي له فلم أجد و إني أستودعكها فرمى بها إلى البحر حتى ولجت فيه ثم انصرف و هو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا فلما نشرها وجد المال و الصحيفة ثم قدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار و قال: و الله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه قال: هل كنت بعثت إلي شيئا ؟ قال: أخبرك أني لم أجد مركبا قبل الذي جئت فيه قال: فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة فانصرف بالألف دينار راشدا ( صحيح )
( حم خ ) عن أبي هريرة .(1/330)
2082 إن رجلا ممن كان قبلكم خرجت به قرحة فلما آذته انتزع سهما من كنانته فنكأها فلم يرقأ الدم حتى مات فقال الله: عبدي بادرني بنفسه حرمت عليه الجنة ( صحيح ) ( حم ق ) عن جندب البجلي .
2083 إن رجلا يأتيكم من اليمن يقال له: أويس لا يدع باليمن غير أم له قد كان به بياض فدعا الله فأذهبه عنه إلا مثل موضع الدرهم فمن لقيه منكم فمروه فليستغفر لكم ( صحيح ) ( م ) عن عمر .
2084 إن روح القدس معك ما هاجيتهم ( صحيح ) ( ك ) عن البراء .
2085 إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها و تستوعب رزقها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب و لا يحملن أحدكم استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن الله تعالى لا ينال ما عنده إلا بطاعته ( صحيح ) ( حل ) عن أبي أمامة .
الشرح:(1/331)
(إن روح القدس) أي الروح المقدسة وهو جبريل عليه السلام سمي به لأنه يأتي بما فيه حياة القلب فإنه المتولي لإنزال الكتب الإلهية التي بها تحيا الأرواح الربانية والقلوب الجسمانية فهو كالمبدأ لحياة القلب كما أن الروح مبدأ لحياة الجسد وأضيف إلى القدس لأنه مجبول على الطهارة والنزاهة من العيوب وخص بذلك وإن كانت جميع الملائكة كذلك لأن روحانيته أتم وأكمل ذكره الإمام الرازي00000(نفث) بفاء ومثلثة تفل بغير ريق (في روعي) بضم الراء أي ألقى الوحي في خلدي وبالي أو في نفسي أو قلبي أو عقلي من غير أن أسمعه ولا أراه والنفث ما يلقيه اللّه إلى نبيه صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم إلهاماً كشفياً بمشاهدة عين اليقين، أما الروع بفتح فهو الفزع لا دخل له هنا (إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها) الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها فلا وجه للوله والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد (وتستوعب رزقها) كذلك فإنه سبحانه وتعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته لا يتقدم ولا يتأخر ولا يزيد ولا ينقص بحسب علمه القديم الأزلي ولهذا سئل حكيم عن الرزق فقال إن قسم فلا تعجل وإن لم يقسم فلا تتعب (فاتقوا اللّه) أي ثقوا بضمانه لكنه أمرنا تعبداً بطلبه من حله فلهذا قال (وأجملوا في الطلب) بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص ولا تهافت على الحرام والشبهات (ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق) أي حصوله (أن يطلبه بمعصية اللّه فإن اللّه تعالى لا ينال عنده) من الرزق وغيره (إلا بطاعته) قال الطيبي رحمه اللّه: والاستبطاء يعني الإبطاء والسير للمبالغة وفيه أن الرزق مقدر مقسوم لا بد من وصوله إلى العبد لكنه إذا سعى وطلب على وجه مشروع وصف بأنه حلال وإذا طلب بوجه غير مشروع فهو حرام فقوله ما عنده إشارة إلى أن الرزق كله من عند اللّه الحلال والحرام وقوله أن يطلبه بمعصية إشارة إلى ما عند اللّه إذا طلب بمعصية سمي حراماً وقوله إلا(1/332)
بطاعته إشارة إلى أن ما عند اللّه إذا طلب بطاعته مدح وسمي حلالاً وفيه دليل ظاهر لأهل السنة أنّ الحرام يسمى رزقاً والكل من عند اللّه تعالى خلافاً للمعتزلة روي أنه لما نزل قوله سبحانه وتعالى {وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} قالت الملائكة هلكت بنو آدم أغضبوا الرب حتى أقسم لهم على أرزاقهم قال الرافعي رحمه اللّه: واحتج به الشافعي رضي اللّه عنه على أن من الوحي ما يتلى قرآناً ومنه غيره كما هنا وله نظائر انتهى ثم إن النفث المذكور هو أحد أنواع الوحي فإنه ستة أنواع أحدها كان يأتيه كصلصلة الجرس وهو أشد، جاءه مرة وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقل على زيد حتى كاد يرض فخذه، الثاني يتمثل له الملك رجلاً فيكلمه الثالث النومية الرابع الإلقاء في القلب الخامس يأتيه جبريل عليه السلام في صورته الأصلية له ستمائة جناح تسد الأفق السادس يكلمه اللّه تعالى كما كلمه ليلة الإسراء وهو أسمى درجاته 0000000
2086 إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله و رسوله - قاله لحسان - ( صحيح ) ( م ) عن عائشة .
2087 إن زاهرا باديتنا و نحن حاضروه( صحيح ) ( البغوي ) عن أنس .
الشرح:(1/333)
(إن زاهراً) بن حرام بالفتح والراء كان بدوياً من أشجع الناس لا يأتي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم إلا أتاه بطرفة أو تحفة من البادية (باديتنا) أي ساكن باديتنا أو يهدي إلينا من صنوف نبات البادية وأنواع ثمارها فصار كأنه باديتنا أو إذا تذكرنا البادية سكن قلبنا بمشاهدته أو إذا احتجنا متاع البادية جاء به إلينا فأغنانا عن الرحيل أو هو من إطلاق اسم المحل على الحال أو تأوه للمبالغة وأصله باديتنا ويؤيده أنه جاء في رواية كذلك (ونحن حاضروه) أي نجهزه بما يحتاجه من الحاضرة أو أنه لا يقصد بالرجوع إلى الحاضرة إلا مخالطتنا وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم يحبه وكان ذميماً فأتاه النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره فقال أرسلني من هذا فعرفه فجعل لا يألو ما ألصق ظهره بصدره وجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول من يشتري هذا العبد فقال إذن يا رسول اللّه تجدني كاسداً قال لكنك عند اللّه لست كاسداً.
2088 إن ساقي القوم آخرهم شربا ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي قتادة .
الشرح:
(إن ساقي القوم) ماء أو لبناً وألحق بهما ما يفرق على جمع كلحم وفاكهة ومشموم (آخرهم شرباً) وتناولاً لما ذكر أي تأخيره الشرب إلى أن يستوعبهم بالسقي أبلغ في الأدب وأدخل في مكارم الأخلاق وحسن العشرة وجميل المصاحبة وهذا قاله لما عطشوا في سفر فدعا بماء قليل فجعل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصب وأبو قتادة يسقي حتى ما بقي غيرهما فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي قتادة اشرب فقال لا أشرب حتى تشرب فذكره.
2089 إن سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها( حسن ) ( حم خد ) عن أنس .
الشرح:(1/334)
(إن سبحان اللّه) أي قول سبحان اللّه بإخلاص وحضور ذهن وهكذا في الباقي (والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر تنفض) أي تسقط (الخطايا) عن قائلها (كما تنفض) تسقط (الشجرة ورقها) عند إقبال التناسل به تحقيقاً لمحو جميع الخطايا وسيجيء ما يعلم به أن المراد بهذا وما أشبهه الصغائر لا الكبائر والنفض كما في الصحاح وغيره تحريك الثوب ونحوه ليزول عنه الغبارونفض الورق من الشجر حركه ليسقط واستعمال النفض هنا مجاز00
2090 إن سليمان بن داود لما بنى بيت المقدس سأل الله عز و جل خلالا ثلاثة: سأل الله حكما يصادف حكمه فأوتيه و سأل الله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه و سأل الله حين فرغ من بناء المسجد أن لا يأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه أما اثنتان فقد أعطيهما و أرجوا أن يكون قد أعطي الثالثة( صحيح )
( حم ن ه حب ك ) عن ابن عمرو .
2091 إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له و هي:
( تبارك الذي بيده الملك . ( حسن ) ( حم 4 حب ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن سورة من القرآن) أي من سوره والسورة الطائفة من القرآن كما سبق (ثلاثون) في رواية ما هي إلا ثلاثون (آية شفعت لرجل) أي فيه وقد كان لازم على قراءتها فما زالت تسأل اللّه فيه وفي رواية بدل لرجل لصاحبها (حتى غفر له) حتى أخرجته من النار (وهي) سورة (تبارك) تعالى عن كل النقائص (الذي بيده) بقبضته قدرته (الملك) أي التصرف في كل الأمور وفي الإبهام أولاً ثم البيان بقوله وهي تبارك نوع تفخيم وتعظيم لشأنها إذ لو قيل إن سورة تبارك شفعت إلخ لم تكن بهذه المثابة والتنكير في رجل للإفراد أي شفعت لرجل من الرجال ولو ذهب إلى أن شفعت بمعنى تشفع كما في {ونادى أصحاب الجنة} لكان له اتجاه وهذا حث لكل أحد على مواظبة قراءتها لينال شفاعتها ثم إثبات الشفاعة للقرآن 0000000(1/335)
2092 إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون آية شفعت لرجل فأخرجته من النار و أدخلته الجنة( حسن ) ( ك ) عن أبي هريرة .
2093 إن سياحة أمتي الجهاد في سبيل الله ( صحيح )
( د ك هب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إن سياحة) بمثناة تحتية (أمتي) ليست هي مفارقة الوطن وهجر المألوفات وترك اللذة والجمعة والجماعات والذهاب في الأرض والانقطاع عن النساء وترك النكاح للتخلي للعبادة بل هي (الجهاد في سبيل اللّه) أي قتال الكفار بقصد إعلاء كلمة الجبار وهذا وقع جواباً لسائل شجاع باسل استأذن في السياحة في زمن تعين فيه الجهاد أما السياحة لغير من ذكر في غير ما زبر في الفلوات والانسلاخ عن رعونات النفس وتجرع فرقة الوطن والأهل والغربة لمن يصير على ذلك محتسباً قاطعاً من قبله العلائق الشاغلة من غير تضييع من يعوله ففضلها لا ينكر فتدبره.
2094 إن شر الرعاء الحطمة ( صحيح ) ( حم م ) عن عائذ بن عمرو .
الشرح:
(إن شر الرعاء) بالكسر والمد جمع راع والمراد هنا (الأمراء الحطمة) كلمزه الذي يظلم رعيته ولا يرحمهم من الحطم الكسر يقال راع حطمة إذا كان قليل الرحمة للماشية وهذا من أمثال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم استعار للوالي الرعي وأتبعه بما يلائم المستعار منه من صفة الحطم وقيل هو الأكول الحريص الذي يأكل ما يرى ويقضمه فإن من هذا دأبه يكون دين النفس ظالماً بالطبع شديد الطمع فيما في أيدي الناس.
2095 إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من تركه الناس اتقاء فحشه ( صحيح ) ( ق د ت ) عن عائشة .
الشرح:(1/336)
أي لأجل قبح فعله وقوله أو لأجل اتقاء فحشه أي مجاوزة الحد الشرعي قولاً أو فعلاً وهذا أصل في ندب المداراة إذا ترتب عليها دفع ضر أو جلب نفع بخلاف المداهنة فحرام مطلقاً إذ هي بذل الدين لصلاح الدنيا والمداراة بذل الدنيا لصلاح دين أو دنيا بنحو رفق بجاهل في تعليم وبفاسق في نهي عن منكر وتركه إغلاظ وتألف ونحوها مطلوبة محبوبة إن ترتب عليها نفع فإن لم يترتب عليها نفع بأن لم يتق شره بها كما هو معروف في بعض الأنام فلا تشرع فما كل حال يعذر ولا كل ذنب يغفر0000000
2096 إن شهداء أمتي إذن لقليل القتل في سبيل الله شهادة و المطعون شهادة و المرأة تموت بجمع شهادة و الغرق و الحرق و المجنوب شهادة
( صحيح ) ( ه ) عن جابر بن عتيك .
2097 إن صاحب الشمال ليرفع القلم ست ساعات عن العبد المسلم المخطئ فإن ندم و استغفر الله منها ألقاها و إلا كتبت واحدة ( حسن )
( طب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إن صاحب الشمال) وهو كاتب السيئات (ليرفع القلم) ست ساعات يحتمل أن المراد الفلكية ويحتمل غيرها (عن العبد المسلم المخطىء) فلا يكتب عليه الخطيئة قبل مضيها بل يمهله (فإن ندم) على فعله المعصية واستغفر اللّه منها أي طلب منه أن يغفرها وتاب توبة صحيحة (ألقاها) أي طرحها فلم يكتبها (وإلا) أي وإن لم يندم ويستغفر (كتبت) بالبناء للمفعول يعني كتبها كاتب الشمال (واحدة) أي خطيئة واحدة بخلاف الحسنة فإنها تكتب عشراً {ذلك تخفيف من ربكم ورحمة}000000
2098 إن صلاة الرجل في الجماعة تزيد على صلاته وحده بخمس و عشرين جزءا ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
2099 إن طعام الواحد يكفي الاثنين و إن طعام الاثنين يكفي الثلاثة و الأربعة و إن طعام الأربعة يكفي الخمسة و الستة( صحيح )( ه )عن عمر .
2100 إن طول صلاة الرجل و قصر خطبته مئنة من فقهه فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة وإن من البيان لسحرا(صحيح)(حم م)عن عمار بن ياسر.
الشرح:(1/337)
(إن طول صلاة الرجل وقصر خطبته) بضم الخاء طول صلاته بالنسبة إلى قصر خطبته فليس المراد طولها في نفسها بحيث يشق على المقتدين فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالتخفيف (مئنة) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة مفعلة بنيت من إن المكسورة المشددة فإنها لشدة مشابهتها الفعل لفظاً ومعنى أجريت مجراه في بناء الكلمة منها ومن أغرب ما قيل فيها إن الهمزة بدل من ظاء المظنة وميمها في ذلك كلمة زائدة وقيل أصلية (من فقهه) أي علامة يتحقق فيها فقهه وحقيقتها مكان لقول القائل إنه فقيه (فأطيلوا) أيها الأمة (الصلاة) أي صلاة الجمعة (وأقصروا الخطبة) ندباً لأن الصلاة أصل مقصود بالذات والخطبة فرع عليها وتوطئة ومقدمة لها ومن القضايا الفقهية إيثار الأصل على الفرع بالزيادة والفضل (وإن من البيان لسحراً) أي منه ما يصرف قلوب السامعين إلى قبول ما يستمعون وإن كان غير حق هذا ذم لتزيين الكلام وتعبيره بعبارة يتحير فيها السامعون كما يتحيرون بالسحر وكما يكتسب الإثم بالسحر يكتسب بعض البيان والمراد بطول صلاة الجمعة أنها أطول من خطبتها وإلا فهي قصيرة كخطبتها لخبر مسلم كانت صلاته قصداً وخطبته قصداً أي بين الطول الظاهروالتخفيف الماحق وقصد كل شيء تحسينه وقصر الخطبة مندوب00
2101 إن عاشوراء يوم من أيام الله فمن شاء صامه و من شاء تركه
( صحيح ) ( حم م ) عن ابن عمر .
2102 إن عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه ( صحيح )
( عبد بن حميد البزار طب ك ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/338)
(إن عامة عذاب القبر) يعني معظمه وأكثره (من البول) أي من التقصير في التحرز عنه لأن التطهير منه مقدمة للصلاة التي هي أفضل الأعمال البدنية وأول ما يخاطب به في الدنيا بعد الإيمان وأول ما يحاسب عليه يوم القيامة والقبر أول درجات الآخرة وهو مقدمة لها فناسب أن يعد في مقدمة الآخرة على مقدمة الصلاة التي هي أول ما يحاسب عليه في الآخرة (فتنزهوا) تحرزوا أن يصيبكم وتنظفوا (منه) ما استطعتم بحيث لا تنتهوا إلى الوسواس المذموم ومما شدد على الأمم السابقة أنه كان على أحدهم إذا أصاب البول بدنه أن بقرضه بمقراض والتنزه التباعد عن الشيء ومنه فلان يتنزه عن الأقذار أي يباعد نفسه منها 0000
2103 إن عبدا أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت فاغفره فقال ربه: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا فقال: ربي أذنبت آخر فاغفر لي قال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ غفرت لعبدي ثم أصاب ذنبا فقال: رب أذنبت آخر فاغفر لي قال: أعلم عبدي أن له ربا يغفر الذنب و يأخذ به ؟ قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
2104 إن عبد الله بن قيس أعطي مزمارا من مزامير آل داود( صحيح )
( حم خد م ن ) عن بريدة .
2105 إن عبد الله رجل صالح لو كان يكثر الصلاة من الليل( صحيح )
( ق ه ) عن حفصة .
2106 إن عثمان حيي ستير تستحي منه الملائكة(صحيح)(ع) عن عائشة .
2107 إن عثمان رجل حيي و إني خشيت إن أذنت له و أنا على تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته ( صحيح ) ( حم م ) عن عائشة .
2108 إن عدو الله إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت: أعوذ بالله منك ثلاث مرات ثم قلت: ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلاث مرات ثم أردت أن آخذه و الله لولا دعوة أخينا سليمان لأصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة ( صحيح ) ( م ن ) عن أبي الدرداء .(1/339)
2109إن عذاب هذه الأمة جعل في دنياها(صحيح)(ك)عن عبدالله بن يزيد.
2110 إن عظم الجزاء مع عظم البلاء و إن الله تعالى إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا و من سخط فله السخط ( حسن ) ( ت ه ) عن أنس .
الشرح:
(إن أعظم الجزاء) أي كثرته (مع عظم البلاء) بكسر المهملة وفتح الظاء فيهما ويجوز ضمها مع سكون الظاء فمن بلاؤه أعظم فجزاؤه أعظم (وإن اللّه تعالى إذا أحب قوماً ابتلاهم) أي اختبرهم بالمحن والرزايا وهو أعلم بحالهم قال لقمان لابنه يا بني الذهب والفضة يختبران بالنار والمؤمن يختبر بالبلاء (فمن رضي) قضاء بما ابتلى به (فله الرضى) من اللّه تعالى وجزيل الثواب (ومن سخط) أي كره قضاء ربه ولم يرضه (فله السخط) منه تعالى وأليم العذاب {ومن يعمل سوءاً يجز به} وقوله ومن رضي فله الرضى شرط وجزاءاً فهم منه أن رضى اللّه تعالى مسبوق برضى العبد ومحال أن يرضى العبد عن اللّه إلا بعد رضى اللّه عنه كما قال {رضي اللّه عنهم ورضوا عنه} ومحال أن يحصل رضى اللّه ولا يحصل رضى العبد في الآخرة فعن اللّه الرضى أزلاً وأبداً وفيه جنوح إلى كراهة اختيار الصحة على البلاء والعافية على السقم ولا ينافيه ما مر ويجيء من الأمر بسؤال العافية وأنها أفضل الدعاء لأنه إنما كرهه لأجل الجرائم واقتراف العظائم كيلا يلقوا ربهم غير مطهرين من دنس الذنوب فالأصلح لمن كثرت خطاياه السكوت والرضى ليخف والتطهير بقدر التمحيص والأجر بقدر الصبر ذكره ابن جرير.
2111 إن عفريتا من الجن تفلت علي البارحة ليقطع على الصلاة فأمكنني الله منه فذعته و أردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا و تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان ( رب اغفر لي و هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا ) . ( صحيح )
( حم ق ن ) عن أبي هريرة .
2112 إن علما لا ينتفع به ككنز لا ينفق منه في سبيل الله ( حسن )
( ابن عساكر ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/340)
(إن علماً) مما شأنه الانتفاع به (لا ينتفع به) بالبناء للمفعول أي لا ينتفع به الناس أو لا ينتفع به صاحبه (ككنز لا ينفق منه في سبيل اللّه) في كون كل منهما وبالاً على صاحبه لأن غير النافع حجة على صاحبه ولهذا استعاذ منه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في غير ما حديث 0000
2113 إن عم الرجل صنو أبيه( صحيح ) ( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
أي أصله وأصله شيء واحد والصنو بكسر فسكون واجد الصنوين وهو نخلتان في أصل واحد وقيل الصنو المثل فاستعمل لفظ الصنو دون المثل رعاية للأدب وكيفما كان استعمال الصنو في العم من قبيل المجاز 0000
2114 إن غلظ جلد الكافر اثنان و أربعون ذراعا بذراع الجبار و إن ضرسه مثل أحد و إن مجلسه من جهنم ما بين مكة و المدينة( صحيح )
( ت ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن غلظ جلد الكافر) أي ذرع ثخانته (اثنتين وأربعين ذراعاً بذراع الجبار) قيل هو اسم ملك من الملائكة قال الإمام الرازي وغيره ربما أضيف الشيء إلى اللّه تعالى والمراد إضافته إلى بعض خواص عباده لأن الملك ينسب إليه ما يفعله خواصه على معنى التشريف لهم والتنويه بقدرهم (وإن ضرسه مثل أحد) أي مثل مقدار جبل أحد (وإن مجلسه) موضع مقعده (من جهنم) أي فيها (ما بين مكة والمدينة) أي مقدار ما بينهما من المسافة وسبق أن هذا مما تجول فيه الأفهام وأنه يجب علينا التسليم واعتقاد ما قاله الشارع وإن لم تدركه عقولنا القاصرة وليست أحوال الدنيا كأحوال الآخرة.
2115 إن فاطمة بضعة مني و أنا أتخوف أن تفتن في دينها و إني لست أحرم حلالا و لا أحل حراما و لكن و الله لا تجتمع بنت رسول الله و بنت عدو الله تحت رجل واحد أبدا(صحيح)(حم ق د ه)عن المسور بن مخرمة .
2116 إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة بالغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن الشام( صحيح ) ( د ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/341)
(إن فسطاط المسلمين) بضم الفاء أصله الخيمة والمراد حصنهم من الفتن (يوم الملحمة) أي الوقعة العظيمة في الفتنة كما في الصحاح (بالغوطة) بالضم وهي كما في الصحاح موضع بالشام كثير الماء والشجر وهي غوطة دمشق ولهذا قال (إلى جانب مدينة يقال لها دمشق) بكسر ففتح وهي قصبة الشام كما في الصحاح سميت باسم دماشاق بن نمروذ بن كنعان (من خير مدائن الشام) أي هي من خيرها بل هي خيرها ولا يقدح فيه من لأن بعض الأفضل قد يكون أفضل بدليل خبر عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان أي النبي صلى اللّه عليه وسلم من أحسن الناس خلقاً مع كونه أحسنهم قال ابن عساكر دخلها عشرة آلاف عين رأت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
2117 إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام
(صحيح)(حم ق ت ن ه) عن أنس ( ن ) عن أبي موسى ( ن ) عن عائشة .
الشرح:
(إن فضل عائشة) بنت الصديق الصديقة (على النساء) أي على نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذين في زمنها ومن أطلق نساءه ورد عليه خديجة وهي أفضل من عائشة رضي اللّه عنها على الصواب لتصريح المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأنه لم يرزق خيراً من خديجة ولخبر ابن أبي شيبة فاطمة سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم وآسية وخديجة فإذا فضلت فاطمة فعائشة أولى ومن قول بنساء زمنها ورد عليه فاطمة وفي شأنها قال أبوها ما سمعت وقد قال جمع من السلف والخلف لا نعدل ببضعة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أحداً قال البعض وبه يعلم أن بقية أولاده كفاطمة رضي اللّه عنها (كفضل الثريد) بفتح المثلثة أن يثرد الخبز بمرق اللحم وقد يكون معه لحم (على سائر الطعام) من جنسه بلا ثريد لما في الثريد من نفعه وسهولة مساغه وتيسر تناوله وبلوغ الكفاية منه بسرعة واللذة والقوة وقلة المؤونة في المضغ فشبهت به لما أعطيت من حسن الخلق وعذوبة المنطق وجودة الذهن ورزانة الرأي ورصانة العقل والتحبب إلى البعل وغير ذلك.(1/342)
2118 إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريفا( صحيح ) ( م ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(إن فقراء المهاجرين) الذين هاجروا من أرض الكفر إلى غيرها فراراً بدينهم (يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة) أي إلى دخولها لعدم فضول الأموال التي يحاسبون على مخارجها ومصارفها (بأربعين خريفاً) أي سنة وهذا لا تعارض بينه وبين قوله في الخبر الآتي خمسمائة سنة لاختلاف مدة السبق باختلاف أحوال الفقراء والأغنياء فمنهم سابق بأربعين ومنهم بخمسمائة كما يتفاوت مكث عصاة الموحدين في النار باختلاف جرائمهم وهذا كما ترى أعم، واقعد من فرق البعض بأن الفقير الحريص يتقدم على الغني بأربعين سنة والزاهد بخمسمائة سنة أو أراد بالأربعين التكثير لا التحديد وأن خبر الخمسمائة متأخر ويكون الشارع زاد في زمن سبق الدخول ترغيباً في الصبر على الفقر، لكن ينبغي أن تعلم أن سبق الدخول لا يستلزم رفع المنزلة فقد يكون بعض المتأخرين أرفع درجة من السابقين يرشد إليه أن ممن يحاسب أفضل من السبعين ألفاً الداخلين بغير حساب فالمزية مزيتان مزية سبق ومزية رفعة وقد يجتمعان وينفردان ويحصل لواحد السبق والرفعة ويعدمها آخر ويحصل لآخر واحد فقط بحسب المقتضي.
2119 إن فلانا أهدى إلي ناقة فعوضته منها ست بكرات فظل ساخطا لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي
( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/343)
(إن فلاناً أهدى إليّ ناقة) فعل ماض من الهدية (فعوضته منها) أي عنها (ست بكرات) جمع بكرة بفتح فسكون والبكر من الإبل بمنزلة الفتى من الناس والبكرة بمنزلة الفتاة (فظل ساخطاً) أي غضباناً كارهاً لذلك التعويض طالباً الأكثر منه قال في الصحاح: سخط غضب وفي الصحاح عطاء سخوط أي مكروه (لقد هممت) أي أردت وعزمت قال في الصحاح هم بالشيء أراده (أن لا أقبل هدية) من أحد (إلا من قريشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) لأنهم لمكارم أخلاقهم وشرف نفوسهم وإشراق النور على قلوبهم دقت الدنيا في أعينهم فلا تطمح نفوسهم إلى ما ينظر إليه السفلة والرعاع من المكافاة على الهدية واستكثار العوض وقد كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أكرم الخلق ويعطي عطاء من لا يخاف الفقر ولا يستكثر مكافأة ذلك الإنسان بستين فضلاً عن ستة لكنه رأى غيره في ذلك الوقت أحوج وبالتضعيف لذلك حتى يرضى يفوت حق غيره.
2120 إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم و هو قائم يصلي يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه الله إياه( صحيح ) ( مالك حم م ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/344)
(إن في الجمعة) أي في يومها (لساعة) أبهمها كليلة القدر والاسم الأعظم حتى تتوافر الدواعي على مراقبة ساعات ذلك اليوم وفي خبر يجيء إن لربكم في أيام دهركم لنفحات فتعرضوا لها ويوم الجمعة من تلك الأيام فينبغي التعرض لها في جميع نهاره بحضور القلب ولزوم الذكر والدعاء والنزوع عن وسواس الدنيا فعساه يحظى بشيء من تلك النفحات والأصح أن هذه الساعة لم ترفع وأنها باقية وأنها في كل جمعة لا في جمعة واحدة من السنة خلافاً لبعض السلف وجاء تعيينها في أخبار ورجح النووي منها خبر مسلم أنها ما بين جلوس الإمام على المنبر إلى انقضاء الصلاة ورجح كثيرون منهم أحمد وحكاه الزملكاني عن نص الشافعي أنها في آخر ساعة في يوم الجمعة وأطيل في الاتنصار له ووراء ذلك أربعون قولاً أضربنا عن حكايتها لقول بعض المحققين ما عدا القولين موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الإسناد أو موقوفاً استند قائله إلى اجتهاد لا توقيف وحقيقة الساعة المذكورة جزء مخصوص من الزمن وتطلق على جزء من اثني عشر جزءاً من مجموع النهار أو على جزء ما غير مقدر منه أو على الوقت الحاضر وفي خبر مرفوع لأبي داود ما يصرح بالمراد وهو يوم الجمعة اثنتي عشرة ساعة إلخ (لا يوافقها) أي يصادفها (عبد مسلم) يعني انسان مؤمن عبد أو أمة حر أو قن قال الطيبي: وقوله لا يوافقها صفة لساعة أي لساعة من شأنها أن يترقب لها وتغتنم الفرصة لإدراكها لأنها من نفحات رب رؤوف رحيم وهي كالبرق الخاطف فمن وافقها أي تعرض لها واستغرق أوقاته مترقباً للمعانها فوافقها قضى وطره منها000000(1/345)
(وهو قائم) جملة اسمية حالية (يصلي) جملة فعلية حالية (فيسأل) حال ثالثة (اللّه تعالى) فيها (خيراً) من خيورالدنيا والآخرة وفي رواية للبخاري شيئاً أي مما يليق أن يدعو به المؤمن ويسأل فيه ربه تعالى وذكر قائم غالبي فالقاعد والمضطجع كذلك (إلا أعطاه إياه) تمامه عند البخاري وأشار النبي صلى اللّه عليه وسلم بيده يقللّها وفيه تغليب الصلاة على ما قبلها وهي الخطبة بناء على القول الأول وأما على الثاني فمعنى يصلي يدعو ومعنى قائم ملازم ومواظب كقوله تعالى {ما دمت عليه قائماً} واستشكل حصول الإجابة لكل داع مع اختلاف الزمن باختلاف البلاد والمصلي وساعة الإجابة معلقة بالوقت فكيف يتفق مع الإختلاف وأجيب باحتمال كونها متعلقة بفعل كل مصل.
2121 إن في الجنة بابا يقال له: الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال: أين الصائمون ؟ فيقومون فيدخلون منه فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد( صحيح ) ( حم ق ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(1/346)
(إن في الجنة باباً) لم يقل للجنة إشعاراً بأن في الباب المذكور من النعيم والراحة ما في الجنة فيكون أبلغ في التشويق إليه (يقال له الريان) بفتح الراء وشدة المثناة التحتية فعلان من الري وهو باب يسقى منه الصائم شراباً طهوراً قبل وصوله إلى وسط الجنة ليذهب عطشه وفيه مزيد مناسبة وكمال علاقة بالصوم واكتفى بالري عن الشبع لدلالته عليه أو لأنه أشق على الصائم من الجوع (يدخل منه) إلى الجنة (الصائمون يوم القيامة) يعني الذين يكثرون الصوم لتتكسر نفوسهم لما تحملوا مشقة الظمأ في صومهم خصوا بباب في الري والأمان من الظمأ قبل تمكنهم ومن ثم كان مختصاً بهم (لا يدخل منه أحد غيرهم) كرر نفي دخول غيرهم تأكيداً (يقال) أي يوم القيامة في الموقف والقائل الملائكة أومن أمره اللّه من خلقه(أين الصائمون) المكثرون للصيام (فيقومون) فيقال لهم ادخلوا الجنة (فيدخلون منه فإذا دخلوا) منه أي دخل آخرهم (أغلق) بالبناء للمفعول (فلم يدخل منه) بعد ذلك أحد أي لم يدخل منه غير من دخل ولا يناقضه أن المتشهد عقب الوضوء تفتح له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء لجواز أن يصرف اللّه مشيئة ذلك المتشهد عن دخول باب الريان إن لم يكن من مكثري الصوم ذكره البعض 000000
2122 إن في الجنة بحر الماء و بحر العسل و بحر اللبن و بحر الخمر ثم تشقق الأنهار بعد( صحيح ) ( حم ت ) عن معاوية بن حيدة .
الشرح:(1/347)
(إن في الجنة بحر الماء) غير آسن (وبحر العسل) أي المصفى (وبحر اللبن) أي الذي لم يتغير طعمه (وبحر الخمر) الذي هو لذة للشاربين (ثم تشقق الأنهار بعد) قال الطيبي رحمه اللّه تعالى: يريد بالبحر مثل دجلة والفرات ونحوهما وبالنهر مثل نهر معفل حيث تشقق منها جداول وخص هذه الأنهار بالذكر لكونها أفضل أشربة النوع الإنساني فالماء لريهم وطهورهم والعسل لشفائهم ونفعهم واللبن لقوتهم وغذائهم والخمر للذتهم وسرورهم وقدم الماء لأنه حياة النفوس وثنى بالعسل لأنه شفاء للناس وثلث باللبن لأنه الفطرة وختم بالخمر إشارة إلى أن من حرمه في الدنيا لا يحرمه في الآخرة.
2123 إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام و ألان الكلام وتابع الصيام و صلى بالليل والناس نيام (حسن)(حم حب هب)عن أبي مالك الأشعري(ت)عن علي .
الشرح:(1/348)
(إن في الجنة غرفاً يرى) بالبناء للمفعول أي يرى أهل الجنة (ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها) لكونها شفافة لا تحجب ما وراءها قالوا لمن هي يا رسول اللّه قال (أعدها اللّه تعالى) أي هيأها (لمن أطعم الطعام) في الدنيا للعيال والفقراء والأضياف والإخوان ونحوهم (وألان الكلام) أي تملق للناس واستعطفهم قال في الصحاح اللين ضد الخشونة وقد لان الشيء ليناً وألينه صيره ليناً وقد ألانه أيضاً على النقصان والتمام وتلين تملق انتهى 000 وفيه إيذان بأن لين الكلام من صفات الصالحين الذين خضعوا لبارئهم وعاملوا الخلق بالرفق في الفعل والقول ولذا جعلت جزاء من أطعم الطعام كما في قوله تعالى {والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا} فدل على أن الجواد شأنه توخي القصد في الإطعام والبذل ليكون من عباد الرحمن وإلا كان من إخوان الشيطان (وتابع الصيام) قال ابن العربي: عنى به الصيام المعروف كرمضان والأيام المشهود لها بالفضل على الوجه المشروع مع بقاء القوة دون استيفاء الزمان كله والاستيفاء القوة بأسرها وإنما يكسر الشهوة مع بقاء القوة 00 (وصلى بالليل) أي تهجد فيه (والناس نيام) وهذا ثناء على صلاة الليل وعظم فضلها عند اللّه تعالى وجعل الغرفة جزاء من صلى بالليل كما في قوله تعالى {والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً} فأومأ به إلى أن المتهجد ينبغي أن يتحرى في قيامه الإخلاص ويجتنب الرياء لأن البيتوتة للرب لم تشرع إلا لإخلاص العمل للّه ولم يذكر الصيام في التنزيل استغناء بقوله{بما صبروا}لأن الصيام صبر كله هذا ما قرره شارحون00
2124 إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فيها كثبان المسك فتهب ريح الشمال فتحثوا في وجوههم و ثيابهم فيزدادون حسنا و جمالا فيرجعون إلى أهليهم و قد ازدادوا حسنا و جمالا فيقول لهم أهلوهم: و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا فيقولون: و أنتم و الله لقد ازددتم بعدنا حسنا و جمالا
( صحيح ) ( حم م ) عن أنس .(1/349)
2125 إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر السريع في ظلها مائة عام ما يقطعها (صحيح)(حم خ م ت)عن أنس( ق ) عن سهل بن سعد ( حم ق ت ) عن أبي سعيد ( ق ت ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن في الجنة لشجرة) قيل هي شجرة طوبى ويحتاج لتوقيف والشجر من النبات ما قام على ساق أو ما سما بنفسه دق أو جل قاوم الشتاء أو عجز عنه ذكره في القاموس فشمل شجر البلح وغيره (يسير الراكب) الفرس(الجواد) بالتخفيف أي الفائق أو السابق الجيد وفي رواية المجود الذي يجود ركض الفرس (المضمر) بضاد معجمة مفتوحة وميم مشددة أي الذي قلل علفه تدريجاً ليشتد جريه قال الزركشي هو بنصب الجواد وفتح الميم الثانية من المضمر ونصب الراء نعت لمفعول الراكب وضبطه الأصيلي بضم المضمر والجواد صفة للراكب فيكون على هذا بكسر الميم الثانية وقد يكون على البدل (في ظلها) أي راحتها ونعيمها إذ الجنة لا شمس فيها ولا أذى (مائة عام) في رواية سبعين (ما يقطعها) زاد أحمد وهي شجرة الخلد والجملة حال من فاعل يسير يعني لا يقطع الراكب المواضع التي تسترها أغصان الشجرة وفي ذكر كبر الشجرة رمز إلى كبر الثمرة ومن ثم ورد أن نبقها كقلال هجر وذا أبين لفضل المؤمن وأجلب لمسرته فحين أبصر شجر الرمان مثلاً في الدنيا وحجم ثمرها وأن قدر الكبرى من الشجر لا يبلغ مساحتها عشرة أذرع وثمرها لا يفضل على أصغر بطيخة ثم أبصر شجرة في ذلك القدر وثمرة منها تشيع أهل دار كان أفرط لابتهاجه واغتباطه وأزيد لاستعجابه واستغرابه وأبين لكنه النعمة وأظهر للمزية من أن يفجأ ذلك الشجر والثمر على ما سلف له به عهد وتقدم له ألف فإبصاره لها على ذلك الحجم دليل على تمام الفضل وتناهي الأمر وأن ذلك التفاوت العظيم هو الذي يستوجب تعجبهم ويستدعي تحجبهم في كل أوان فسبحان الحكيم المنان000(1/350)
2126 إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله ما بين الدرجتين كما بين السماء و الأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة و أعلى الجنة و فوقه عرش الرحمن و منه تفجر أنهار الجنة
( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي هريرة .
2127 إن في الجنة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب أحد( صحيح ) ( طب ) عن سهل بن سعد .
الشرح:
(إن في الجنة ما لا عين رأت) في دار الدنيا (ولا أذن سمعت) فيها (ولا خطر على قلب أحد) {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين} أخفوا ذكره عن الأغيار والرسوم فأخفى ثوابهم عن المعارف والفهوم وقد أشهد اللّه عباده في هذه الدار آثاراً من آثارها وأنموذجاً منها من الروائح الطيبة واللذة والمناظر البهية والمناكح الشهية وفي خبر أبي نعيم يقول اللّه للجنة طيبي أهلك فتزداد طيباً فذلك البرد الذي يجده الناس في السحر من ذلك كما جعل سبحانه وتعالى نار الدنياوغمومها وأحزانها وآلامها مذكرة بنارالآخرة وأخبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم فلا بد أن يشهد عباده أنفاس جنته وما نذكرهم بها 000000
2128 إن في الحجم شفاء ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
الشرح:
أي من غالب الأمراض لغالب الناس في قطر مخصوص في زمن مخصوص هكذا فافهم كلام الرسول ولا عليك من ضعفاء العقول فإن هذا وأشباهه يخرج جواباً لسؤال معين يكون الحجم له من أنفع الأدوية ولا يلزم من ذلك الإطراد.
2129 إن في الصلاة شغلا ( صحيح ) ( ش حم ق د ه ) ابن مسعود .
الشرح:(1/351)
وفي رواية لشغلاً باللام قال القرطبي: اكتفى بذكر الموصوف عن الصفة فكأنه قال شغلاً كافياً أو مانعاً من الكلام وغيره وقال غيره: تنكيره يحتمل التنويع أي أن شغل الصلاة قراءة القرآن والتسبيح والدعاء لا الكلام أي شغلاً أي شغل لأنها مناجاة مع اللّه واستغراق في خدمته فلا تصلح للشغل فإن قيل فكيف حمل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمامة بنت أبي العاص في صلاته على عاتقه وكان إذا ركع وضعها وإذا رفع من السجود أعادها قلنا إسناد الحمل والوضع والرفع إليه مجاز فإنه لم يتعمد حملها لكنها على عادتها تتعلق به وتجلس على عاتقه وهو لا يدفعها فإذا كان علم الخميصة يشغله عن صلاته حتى استبدل بها فكيف لا تشغله هذه؟ 00 وقال الغزالي: بين بهذا الخبر أن الاستئناس بالناس من علامات الإفلاس فإذا رأيت نفسك معرضة عن الصلاة متطلعة إلى كلام الناس وملاقاتهم بلا حاجة فاعلم أنه فضول ساقه الفراغ إليك فإذا أعطيت الصلاة حقها وجدت حلاوة المناجاة واستأنست بها واشتغلت عن الخلق واستوحشت من صحبتهم والمصلون وافدون إلى باب الملك فمنهم من يقرع بأنامل فقره معتذراً من ذنوبه مؤملاً أن يفتح له باب الغفر ليطفىء نيران مخالفته وهم الظالمون ومنهم من يقرع بأنامل رجائه لقبول العمل وجزيل البر والثواب وهم المقتصدون ومنهم من يقرع بأنامل التعظيم متدللاً مغضياً عن ملاحظة الأسباب ليفتح له بالإذن ويرفع الحجاب فيوشك أن يفتح له.
2130 إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله تعالى فيها خيرا من أمر الدنيا و الآخرة إلا أعطاه إياه و ذلك كل ليلة ( صحيح )
( حم م ) عن جابر .
الشرح:(1/352)
(إن في الليل لساعة) يحتمل أن يراد بها الساعة النجومية وأن يراد جزؤ منها ونكرها حثاً على طلبها بإحياء الليالي (لا يوافقها) أي يصادفها (عبد) في رواية رجل (مسلم يسأل اللّه تعالى فيها خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة) أي ذلك المذكور يحصل كل ليلة فلا يختص ببعض الليالي بل كائن في جميعها قبيل تلك الساعة في الثلث الأخير الذي يقول فيه اللّه من يدعوني فأستجيب له وقيل وقت السحر وقيل مطلقة وجزم الغزالي بأنها مبهمة في جميع الليالي كليلة القدر في رمضان وحكمة إبهامها توفر الدواعي على مراقبتها والإجتهاد في الدعاء في جميع ساعات الليل كما قالوه في إبهام حكمة ليلة القدر
2131 إن في أمتي اثني عشر منافقا لا يدخلون الجنة و لا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة: سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم( صحيح ) ( م ) عن حذيفة .
2132 إن في أمتي خسفا و مسخا و قذفا( صحيح )
( طب ) عن سعيد بن أبي راشد .
الشرح:
(إن في أمتي) عام في أمة الإجابة والدعوة (خسفاً) لبعض المدن والقرى أي غوراً وذهاباً في الأرض بما فيها من أهلها (ومسخاً) أي تحول صور بعض الآدميين إلى صورة نحو كلب أو قرد (وقذفاً) أي رمياً لها بالحجارة من جهة السماء يعني يكون فيها ذلك في آخر الزمان وقد تمسك بهذا ونحوه من قال بوقوع الخسف والمسخ في هذه الأمة وجعله المانعون مجازاً عن مسخ القلوب وخسفها.
2133 إن في ثقيف كذابا و مبيرا(صحيح)(حم م) عن أسماء بنت أبي بكر .
الشرح:(1/353)
(إن في ثقيف) القبيلة المعروفة المشهورة (كذاباً) هو المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي قام بعد وقعة الحسين ودعا الناس إلى الطلب بثأره وغرضه من ذلك أن يصرف إلى نفسه وجوه الناس ويتوصل به إلى تحصيل الإمارة وكان طالباً للدنيا ذكره شارحون (ومبيراً) أي مهلكاً لجمع عظيم من سلف هذه الأمة من أبار غيره أهلكه أو المراد به الحجاج. قال المصنف: اتفقوا على أن المراد بالكذاب هنا المختار بن عبيد المدعي النبوة أن جبريل عليه السلام يأتيه قتله ابن الزبير، وبالمبير الحجاج. وقال ابن العربي: الحجاج ظالم معتدي ملعون على لسان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من طرق خارج عن الإسلام عندي باستخفافه بالصحابة كابن عمر وأنس كذا ذكره في المعارضة.
2134 إن في حوضي من الأباريق بعدد نجوم السماء( صحيح )
( ت ) عن أنس .
2135 إن في عجوة العالية شفاء و إنها ترياق من أول البكرة( صحيح )
( م ) عن عائشة .
2136 إن فيك لخصلتين يحبهما الله تعالى: الحلم و الأناة( صحيح )
( م ت ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن فيك) يا أشج واسمه المنذر بن عائذ (لخصلتين) تثنية خصلة (يحبها اللّه تعالى) ورسوله قال وما هما يا رسول اللّه قال (الحلم) أي العقل وتأخير مكافأة الظالم أو العفو عنه أو غير ذلك (والأناة) التثبت وعدم العجلة وسببه أن قدم عليه في وفد عبد القيس فابتدر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم القوم بثياب سفرهم وتخلف الأشج وهو أصغرهم حتى أناخ وجمع متاعه ولبس ثوبين أبيضين ومشى فقبل يده فذكره فقال يا رسول اللّه أنا أتخلق بهما أم اللّه جبلني عليهما قال بل اللّه جبلك فحمد اللّه وهذا لا يناقضه النهي عن مدح المرء في وجهه لأن ما كان من النبوة فهو وحي والوحي لا يجوز كتمه أو أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم علم من حال الأشج أن المدح لا يلحقه منه إعجاب فأخبره بأن ذلك مما يحبه اللّه ليزداد لزوماً ويشكر اللّه على ما منحه.(1/354)
2137 إن في مال الرجل فتنة وفى زوجته فتنة و ولده( صحيح )
( طب ) عن حذيفة .
الشرح:
(إن في مال الرجل) ذكر الرجل غالبي (فتنة) أي بلاء ومحنة وفي هنا سببية (وفي زوجته فتنة و) في (ولده) فتنة كما نطق به نص القرآن في غيرما مكان ومر توجيهه بما محصوله أنهم يوقعونه في الإثم والعدوان ويقربونه من سخط الرحمن.
2138 إن قدر حوضي كما بين أيلة و صنعاء من اليمن و إن فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء ( صحيح ) ( حم ق ) عن أنس .
الشرح:
(إن قدر حوضي) مفرد الحياض (كما بين أيلة) مدينة بطرف بحر القلزم من طرف الشام كانت عامرة وهي الآن خراب يمر بها حجاج مصر وغزة وغيرهم فيكون أمامهم (وصنعاء اليمن) احترز عن صنعاء الشام وروى كما بين صنعاء وأيلة (وإن فيه من الأباريق) أي ظروفاً كائنة من جنس الأباريق فمن بيانية (كعدد نجوم السماء) في رواية البخاري كنجوم السماء وهو مبالغة وإشارة إلى كثرة العدد عند جمع لكن صوب النووي أنه على ظاهره ولا مانع منه عقلاً ولا شرعاً.
2139 إن قريشا أهل أمانة لا يبغيهم العثرات أحد إلا كبه الله لمنخريه
( حسن ) ( ابن عساكر ) عن جابر ( خد طب ) عن رفاعة بن رافع .
الشرح:(1/355)
(إن قريشاً أهل أمانة) قال الرافعي: يجوز أنهم ائتمنوا على التقدم للإمامة وأن المراد أن توقيرهم واحترامهم ومحنتهم ومكانتهم من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمانة أئتمن عليها الناس أو المراد قوة أمانتهم وكمالها يرشد إليه خبر علي أمانة الأمير من قريش يعدل أمانة اثنين من غيرهم (لا يبغيهم) أي لا يطلب لهم (العثرات) جمع عثرة وهي الخصلة التي من شأنها العثور أي الخرور (أحد) من الناس (إلا كبه اللّه) أي قلبه (لمنخريه) أي صرعه أو ألقاه على وجهه يعني أذله وأهانه وخص المنخرين جرياً على قولهم رغم أنفه وأرغم اللّه أنفه أي ألقاه في الرغام واللام في المنخرين لام التخصيص فيفيد أن الكب لهما خاصة وهذا كناية عن خذلان عدوهم ونصرهم عليه كيف وقد طهر اللّه قلوبهم وقربهم وهم وإن تأخر إسلامهم فقد بلغ فيهم المبلغ العلي.
2140 إن قريشا حديثو عهد بجاهلية و مصيبة و إني أردت أن أحبوهم و أتألفهم أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا و ترجعون برسول الله إلى بيوتكم ؟ لو سلك الناس واديا أو شعبا لسلكت وادي الأنصار و شعبهم
( صحيح ) ( ت ) عن أنس .
2141 إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث شاء ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/356)
أي هو سبحانه قادر على تقليب القلوب باقتدار تام 0000 (من أصابع الرحمن) نسب تقلب القلوب إليه تعالى إشعاراً بأنه تولى بنفسه أمر قلوبهم ولم يكله لأحد من ملائكته وخص الرحمن تعالى بالذكر إيذاناً بأن ذلك لم يكن إلا لمحض رحمته وفضل نعمته كي لا يطلع أحد غيره على سرائرهم ولا يكتب عليهم ما في ضمائرهم ذكره القاضي واعتراضه بأنه جاء في رواية من أصابع اللّه فلا يتم ما ذكره في حيز الرد لأن عدم إشعار إحدى الروايتين بفائدة زائدة لا ينافي إشعار الأخرى (كقلب واحد يصرفه حيث) وفي رواية كيف (يشاء) أي يتصرف في جميع قلوبهم كتصرفه في قلب واحد لا يشغله قلب عن قلب أو معناه كتصرف واحد منكم في قلب واحد فهو إشارة إلى تمام قدرته على تصريفها ولا يشغله شأن عن شأن قال الطيبي: وليس المراد أن تصرفه في القلب الواحد أسهل عليه من التصرف في القلوب كلها فإن ذلك عنده تعالى سواء {إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} لكن ذلك راجع إلى العباد وإلى ما شاهدوه وعرفوه فيما بينهم كقوله سبحانه {وهو أهون عليه} أي أهون فيما يجب عندكم وينقاس على أصولكم وتقتضيه عقولكم وإلا فالإبتداء والإنشاء عنده سواء قال الإمام الرازي: وهذا عبارة عن كون القلب مقهوراً محدوداً مقصوراً محصوراً مغلوباً متناهياً وكلما كان كذلك امتنع أن يكون له إحاطة بما لا نهاية له فالإحاطة بجلاله متعذرة وفيه أن المؤمن ينبغي كونه بين الخوف والرجاء.
2142 إن كذبا علي ليس ككذب على أحد فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار( صحيح ) ( ق ) عن المغيرة ( ع ) عن سعيد بن زيد .
الشرح:(1/357)
(إن كذباً عليَّ) بفتح الكاف وكسر المعجمة (ليس ككذب) بكسر الذال (على أحد) غيري من الأمة فإن الكذب عليه أعظم أنواع الكذب لأدائه إلى هدم قواعد الدين وإفساد الشريعة وإبطال الأحكام (فمن كذب عليَّ متعمداً) أي غير مخطىء في الإخبار عنى بالشيء على خلاف الواقع (فليتبوأ) أي فليتخذ لنفسه (مقعده من النار) مسكنه أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التحذير أو التهكم أو الدعاء على فاعل ذلك أي بوأه اللّه ذلك واحتمال كونه أمراً حقيقة والمراد من كذب علي فليأمر نفسه بالتبوىء بعيد وهذا وعيد شديد يفيد أن الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر قال الذهبي: وتعمد الكذب عليه من أكبر الكبائر بل عده بعضهم من الكفر وتعمد الكذب على اللّه ورسوله في تحريم حلال أو عكسه كفر محض قال: ولاح من هذا الخبر أن رواية الموضوع لا تحل.
2143 إن كسر عظم المسلم ميتا ككسره حيا ( صحيح )
( عب ص د ه ) عن عائشة .
الشرح:
في الإثم وبه صرح في رواية وهذا قاله لحفار أخرج عظماً أو عضداً فذهب ليكسرها وخرج بقولهم في الإثم القصاص فلو كسر عظم ميت أو فقأ عينه فلا قود بل يؤدب لجرأته على المثلة.
2144 إن كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة( صحيح )
( حم طب ) عن أبي أيوب .
الشرح:
يعني تكفر ما بينها وبين الصلاة الأخرى من الذنوب كما يوضحه روايات أخر والمراد الصغائر وعلى هذا التقرير فالمراد بالصلاة المفروضة.
2145 إن لبيوتكم عمارا فحرجوا عليهن ثلاثا فإن بدا لكم بعد ذلك منهن شيء فاقتلوه( صحيح ) ( ت ) عن أبي سعيد .
2146 إن لصاحب الحق مقالا( صحيح )
( حم ) عن عائشة ( حل ) عن أبي حميد الساعدي .
الشرح:(1/358)
(إن لصاحب الحق) أي الدين (مقالاً) أي صولة الطلب وقوة الحجة قاله لأصحابه لما جاءه رجل تقاضاه فأغلظ له فهموا به فقال دعوه وذكره وأخذ منه الغزالي أن المظلوم من جهة القاضي له أن يتظلم إلى السلطان وينسبه إلى الظلم وكذا يقول المستفتي للمفتي قد ظلمني أبي أو أخي أو زوجي فكيف طريقي في الخلاص والأولى التعريض بأن يقول ما قولكم في رجل ظلمه أبوه أو أخوه قال: لكن التعين مباح لما ذكر.
2147 إن لكل أمة أمينا و إن أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح
( صحيح ) ( خ ) عن أنس .
الشرح:
(إن لكل أمة أميناً) أي ثقة رضياً تعول النفس عليه وتسكن القلوب إليه (وإن أمين هذه الأمة) الذي له الزيادة من الأمانة هو (أبو عبيدة) عامر بن عبد اللّه (بن الجراح) بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر، فهو يجتمع مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في فهر وخصه بأمانة هذه الأمة لأن عنده من الزيادة فيها ما ليس لغيره كما خص الحياء بعثمان رضي اللّه تعالى عنه والقضاء بعلي كرم اللّه وجهه قال أبو نعيم أبو عبيدة وهو الأمين الرشيد والعامل الزهيد الأمين للأمة كان للأجانب من المؤمنين وديداً وعلى الأقارب من المشركين شديداً فيه نزلت {لا تجد قوماً يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله} الآية.
2148 إن لكل أمة فتنة و إن فتنة أمتي المال ( صحيح )
( ت ك ) عن كعب بن عياض .
الشرح:
(إن لكل أمة فتنة) أي امتحاناً واختباراً. وقال القاضي: أراد بالفتنة الضلال والمعصية (وإن فتنة أمتي المال) أي الالتهاء به لأنه يشغل البال عن القيام بالطاعة وينسي الآخرة قال سبحانه وتعالى {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} وفيه أن المال فتنة وبه تمسك من فضل الفقر على الغنى قالوا: فلو لم يكن الغنى بالمال إلا أنه فتنة فقل من سلم من اصابتها له وتأثيرها في دينه لكفى.
2149 إن لكل دين خلقا و إن خلق الإسلام الحياء ( حسن )
( ه ) عن أنس وابن عباس .
الشرح:(1/359)
(إن لكل دين خلقاً) أي طبعاً وسجية (وإن خلق الإسلام الحياء) أي طبع هذا الدين وسجيته التي بها قوامه أو مروءة هذا الدين التي بها جماله الحياء فالحياء أصله من الحياة فإذا حيي القلب باللّه تعالى فكلما ازداد حياؤه باللّه ازداد منه حياة ألا ترى أن المستحي يعرق في وقت الحياء فعرقه من حرارة الحياة التي هاجت من الروح فمن هيجانه تفور الروح فيعرق منه الجسد ويعرق منه أعلاه لأن سلطان الحياة في الوجه والصدر وذلك من قوة الإسلام لأن الإسلام تسليم النفس والدين خضوعها وانقيادها فلذلك صار الحياء خلقاً للإسلام فيتواضع ويستحي، ذكره الحكيم، يعني الغالب على أهل كل دين سجية سوى الحياء والغالب على أهل ديننا الحياء لأنه متمم لمكارم الخلاق وإنما بعث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لإتمامها ولما كان الإسلام أشرف الأديان أعطاه اللّه أسنى الأخلاق وأشرفها وهو الحياء.
2150 إن لكل شيء حقيقة و ما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه و ما أخطأه لم يكن ليصيبه( صحيح )
( حم طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/360)
(إن لكل شيء حقيقة) أي كنهاً (وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم) علماً جازماً (أن) أي بأن (ما أصابه) من المقادير أي وصل إليه منها (لم يكن ليخطئه) لأن ما قدر عليه في الأزل لا بد أن يصيبه ولا يصيب غيره منه شيئاً (وما أخطأه) منها (لم يكن ليصيبه) وإن تعرض له لأنه بان أنه ليس مقدراً عليه ولا يصيبه إلا ما قدر عليه والمراد أن من تلبس بكمال الإيمان وولج نوره في قلبه حقيقة علم أنه قد فرغ مما أصابه أو أخطأه من خير وشر فما أصابه فإصابته له متحتمة لا يتصور أن يخطئه وما أخطأه فسلامته منه متحتمة لأنها سهام صائبة وجهت في الأزل فلا بد أن تقع مواقعها جف القلم بما هو كائن وفيه حث على تفويض كل أمر إلى اللّه تعالى مع شهود أنه الفاعل لما يشاء وأنه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه {ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها} 000000
2151 إن لكل شيء شرة و لكل شرة فترة فإن صاحبها سدد و قارب فارجوه و إن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه( صحيح )(ت)عن أبي هريرة .
الشرح:(1/361)
(إن لكل شيء) كذا هو في خط المصنف وفي رواية عمل وفي أخرى عابد (شرة) بكسر الشين والتشديد بضبط المصنف حدة وحرصاً ونشاطاً ورغبة قال القاضي: الشرة الحرص على الشيء والنشاط فيه وصاحبها فاعل فعل دل عليه ما بعده وقوله تعالى {وإن أحد من المشركين استجارك} (ولكل شرة فترة) أي وهناً وضعفاً وسكوناً يعني أن العابد يبالغ في العبادة أو لا وكل مبالغ تسكن حدته وتفتر مبالغته بعد حين. وقال القاضي: المعنى أن من اقتصد في الأمور سلك الطريق المستقيم واجتنب جانبي الإفراط الشرة والتفريط الفترة فارجوه ولا تلتفتوا إلى شهرته فيما بين الناس واعتقادهم فيه (فإن صاحبها سدد وقارب) أي إن سدد صاحب الشرة أي جعل عمله متوسطاً أي دنا من التوسط وسلك الطريق الأقوم وتجنب طريقي إفراط الشرة وتفريط الفترة (فارجوه) يعني ارجوا الصلاح والخير منه فإنه يمكنه الدوام على الوسط وأحب الأعمال إلى اللّه أدومها (وإن أشير إليه بالأصابع) أي اجتهد وبالغ في العمل ليصير مشهوراً بالعبادة والزهد وصار مشهوراً مشاراً إليه بالعبادة (فلا تعدوه) أي لا تعتدوا به ولا تحسبوه من الصالحين لكونه مرائياً ذكره القاضي. وقال الطيبي: معناه إن لكل شيء من الأعمال الظاهرة والأخلاق الباطنة طرفين إفراطاً وتفريطاً فالمحمود القصد بينهما فإن رأيت أحداً يسلك سبيل القصد فارجوه أن يكون يكون من الفائزين فلا تقطعوا له بأنه من الفائزين فإن اللّه هو الذي يتولى السرائر وإن رأيته يسلك طريق الإفراط والغلو حتى يشار إليه بالأصابع فلا تبتوا القول فيه بأنه من الخائبين فإن اللّه هو الذي يطلع على الضمائر.
2152 إن لكل عمل شرة و لكل شرة فترة فمن كان فترته إلى سنتي فقد اهتدى و من كانت إلى غير ذلك فقد هلك( صحيح )(هب)عن ابن عمرو .
الشرح:(1/362)
(إن لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي) أي طريقتي التي شرعتها (فقد اهتدى) أي سار سيرة مرضية حسنة (ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك) الهلاك الأبدي وشقي الشقاء السرمدي 000
2153 إن لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند استه ( صحيح )
( الطيالسي حم ) عن أبى سعيد .
الشرح:
(إن لكل غادر) أي لكل ناقض للعهد تارك للوفاء بما عاهد عليه قال بعضهم والمشهور بين المصنفين أن هذا الغدر إنما هو في الحروب من نقض عهد أو أمان والحمل على الأعم أتم (لواء) أي علم وهو دون الراية ينصب له (يوم القيامة يعرف به) بين أهل الموقف تشهيراً له بالغدر وتفضيحاً على رؤوس الأشهاد يوم القيامة ولما كان الغدر إنما يقع مكتوماً مستتراً أشهر صاحبه بكشف ستره ليتم فضيحته وتشيع عقوبته وأصل اللواء الشهرة فلما كان الغدر لا يقع إلا بسبب خفي عوقب بضد ما فعل وهي شهرته هذه الشهرة التي تتضمن الخزي على رؤوس الأشهاد ويكون ذلك اللواء (عند استه) استخفافاً بذكره واستهانة لأمره ومبالغة في غرابة شهرته وقبيح فعلته أو لأن علم العزة ينصب تلقاء الوجه فناسب أن يكون علم الذلة فيما هو كالمقابل له والاست كما في الصحاح وغيره العجز وقد يراد به حلقة الدبر وهمزته وصل ولامه محذوفة والأصل ستة بفتحتين وقد تزاد الهاء الحذوفة وتحذف التاء فيقال سه قال الزمخشري: وتقول باست فلان إذا استخففت به.
2154 إن لكل نبي أمينا و أميني أبو عبيدة بن الجراح ( صحيح )
( حم ) عن عمر .
الشرح:(1/363)
(إن لكل نبي أميناً) أي ثقة يعتمد عليه (وأميني أبو عبيدة) عامر بن عبد اللّه (ابن الجراح) أحد العشرة المبشرة قال في النوادر: الأمانة ترك الأشياء في مواضعها كما وضعت وإنزالها حيث أنزلت وللنفس أخلاق رديئة دنيئة عجولة في مهواها وتتشبث بمخالبها في دنياها فلما تخلص أبو عبيدة من حبائلها اطمأنت فطرته وماتت شهوته فأبصرقلبه الأشياءعلى هيئتها وصار ذلك أمانة لخلوص قلبه من الظلمات الحاجبة للنور عن إشراقه وفيه ندب توفير العالم وتعظيمه بمخاطبته بالكنية وإن كان هو دون المتكلم في الرتبة.
2155 إن لكل نبي حواريا و إن حواري الزبير( صحيح )
( خ ت ) عن جابر ( ت ك ) عن علي .
الشرح:
(إن لكل نبي حوارياً) وزيراً أو ناصراً أو خالصاً أو خليلاً أو خاصة من أصحابه وحواري الرجل صفوته وخالصته أي صاحب سره سمي به لخلوص نيته وصفاء سريرته من الحور بفتحتين شدة البياض وقال الحرالي: الحواري المستخلف نفسه في نصرة من تحق نصرته بما كان من إيثاره على نفسه بصفاء وإخلاص لا كدر فيه قال الزركشي قال الزجاج وهو منصرف (وإن حواري الزبير) إضافة إلى ياء المتكلم فحذف الياء وقد ضبطه جمع بفتح الياء وآخرون بكسرها وهو القياس لكنهم لما استثقلوا ثلاث يا آت حذفوا ياء المتكلم وأبدلوا من الكسرة فتحة والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي وفيه يجتمع مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وأمه صفية عمة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم قاله لما قال يوم الأحزاب من يأتيني يخبر القوم فقال الزبير أنا لما أحكم أسباب الإخلاص اصطفاه ونسبه للاختصاص.
2156 إن لكل نبي حوضا و إنهم يتباهون أيهم أكثر واردة و إني أرجوا أن أكون أكثرهم واردة( صحيح ) ( ت ) عن سمرة .
الشرح:(1/364)
(إن لكل نبي حوضاً) على قدر رتبته وأمته قال الطيبي: يجوز حمله على ظاهره فيدل على أن لكل نبي حوضاً وأن يحمل على المجاز ويراد به العلم والهدى ونحوه وقال الحكيم: الحياض يوم القيامة للرسل لكل على قدره وقدر من تبعه وهو شيء يلطف اللّه به عباده فإنهم تخلصوا من تحت أيدي قابض الأرواح قد أذاقهم مرارة الموت وطالت مدتهم اللحود ونشروا للّهول العظيم والغوث لأهل التوحيد من اللّه تعالى مترادف أغاثهم يوم ألست بربكم فأثبت أسماءهم بالولاية ونقلهم في الأصلاب حتى أواهم إلى آخر قالب ثم أنزله فرباه وهداه وهيأه وهيأ له وكلأه حتى خلتم له مما ابتلاه فلما أذاقه الموت المر وحبسه مع البلاء الطويل ثم أنشره فبعثه إلى موقف عظيم بين الجنة والنار فمن غوثه إياه أن جعل الرسول الذي أجابه فرطاً له قد هيأ له مشروباً يروى منه فلا يظمأ بعدها أبداً وسعد فلا يشقى أبداً فمن لم يذد عنه إذا دنا منه وسقى فقد استقر في جوفه ما حرمت النار عليه به ثم ينصب الصراط للجواز، إلى هنا كلامه (وأنهم) أي الأنبياء (يتباهون أيهم أكثر) أمة (واردة) على الحوض (وإني أرجو) أي أؤمّل (أن أكون أكثرهم واردة) 0000 فالمختص بنبينا صلى اللّه عليه وسلم الكوثر الذي يصب من مائه في حوضه فإنه لم ينقل نظيره لغيره.
2157 إن لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته فاستجيب له و إني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة( صحيح ) ( حم ق ) عن أنس .
الشرح:(1/365)
(إن لكل نبي دعوة) أي مرة من الدعاء متيقناً إجابتها (قد دعا بها في أمته) لهم أي عليهم أو صرفها في هذه الدار لأحد أمرين فمنهم من دعا عليهم كنوح وموسى عليهما السلام ومنهم من دعا لهم كإبراهيم وعيسى عليهما السلام ومنهم من صرفه لغيرهم كسليمان عليه السلام حين سأل الملك (فاستجيب له) وليس معناه أنهم إذا دعوا لم يستجب لهم إلا واحدة فقد إستجاب لكل نبي ما لا يحصى لكنهم في تلك الدعوات بين رجاء وخوف ردّ، فكل نبي تعجل دعوته والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم أخرها لوقت الإضطرار قال الطيبي: وإرادته الإجابة لا الدعوة (وإني اختبأت دعوتي) أي ادّخرتها (شفاعة لأمتي يوم القيامة) لأن صرفها لهم في جهة الشفاعة أهم وفي الآخرة أتم لا يقال اختبأ الشيء يقتضي حصوله وتلك الدعوة إنما تحصل له يوم القيامة فكيف تكون مدّخرة قلنا يجوز أن بخير اللّه النبي بين أن يدعو تلك الدعوة المستجابة في الدنيا وبين أن يدعو في الآخرة فاختارها فسمي ذلك الإختيار اختباء كذا قرروه 00000
2158 إن لكل نبي ولاة من النبيين و إن وليي أبي و خليل ربي
( صحيح ) ( ت ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/366)
(إن لكل نبي ولاة) جمع ولي أي لكل نبي أحياء وقرناؤهم أولى به من غيرهم (من النبيين وإن وليي أبي) يعني إبراهيم الخليل عليه السلام (وخليلي ربي) قال التوربشتي: وفي المصابيح وإن وليي ربي وهو غلط ولعل من حرفه دخل عليه الدخيل من قوله تعالى {إن وليي اللّه} والصواب ما ذكرنا واعترضه المظهر بأنه لو كان كذا كان قياس التركيب أن يكون وليي أبي خليلي ربي بغير واو العطف الموجبة للتغاير وبإضافة الخليل إلى ربي ليكون عطف بيان لأبي قال الطيبي: والرواية المعتبرة ما في الترمذي وغيره ولو ذهب إلى أن خليلي ربي عطف بيان بلا واو لزم حصول كون إبراهيم أبا النبي ووليه فأتى به بياناً وإذا جعل معطوفاً عليه يلزم شهرته به والعطف يكون لإثبات وصف آخر له على سبيل المدح ثم إنه لا يلزم من قوله لكل نبي ولاة أن يكون لكل منهم أولياء لأن النكرة المفردة إذا وقعت في محل الجمع أفادت الاستغراق.
2159 إن لك ما احتسبت( صحيح ) ( ه ) عن أبي .
2160 إن لك من الأجر على قدر نصبك و نفقتك(صحيح)( ك)عن عائشة .
الشرح:
(إن لك) بكسر الكاف خطاباً لعائشة رضي اللّه عنها لما كانت معتمرة (من الأجر) أي أجر نسكك (على قدر نصبك) بالتحريك أي تعبك ومشقتك (ونفقتك) لأن الجزاء على قدر المشقة، قال النووي: ظاهره أن أجر العبادة بقدر النصب والنفقة. قال ابن حجر: وهو كما قال لكن لا يطرد فرب عبادة أخف وأكثر ثواباً كقيام ليلة القدر بالنسبة لغيرها وأمثلته قد أكثر من تعدادها ابن عبد السلام وغيره.
2161 إن لكم بكل خطوة درجة ( صحيح ) ( م ) عن جابر .
2162إن للإسلام صوى ومنارا كمنارالطريق(صحيح)(ك)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/367)
(إن للإسلام ضوى) بفتح الضاد العجمة والتنوين كذا ذكره البعض لكن في النهاية الجزم بأنه بصاد مهملة أي أعلاماً منصوبة يستدل بها عليه واحدتها ضوة كقوة قال في الفردوس والنهاية: والصوى أعلام منصوبة من الحجارة في الفيافي والمفاوز يستدل بها على الطريق وفي المصباح: الضوة العلم من الحجارة المنصوبة في الطريق والجمع ضوى كمدية ومدى وقال الزمخشري: الضوى والأضوى حجارة مركومة جعلت أعلاماً قال ومن المجاز إن للإسلام صوى ومنار كمنار الطريق انتهى (ومناراً) أي شرائع يهتدى بها (كمنارة الطريق) أراد أن الإسلام طرائق وأعلاماً يهتدى بها وهي واضحة الظاهر وأما معرفة حقائقه وأسراره فإنما يدركها أولو الألباب والبصائر الذين أشرق نور اليقين على قلوبهم فصار كالمصباح فانجلا له حقيقة الحق ولاح وأما المكب على الشهوات المحجوبة باللذات فقلبه مظلم لا يبصر تلك الأسرار وإن كانت عند أولئك كالشمس في رابعة النهار ولهذا قال ربيع بن خيثم: إن على الحق نوراً وضوءاً كضوء النهار نعرفه وعلى الباطل ظلمة كظلمة الليل ننكرها.
2163 إن لله تعالى آنية من أهل الأرض و آنية ربكم قلوب عباده الصالحين و أحبها إليه ألينها و أرقها ( حسن ) ( طب ) عن أبي عنبة .
الشرح:(1/368)
(إن للّه تعالى آنية) جمع إناء وهو وعاء الشيء (من أهل الأرض) من الناس أو من الجنة والناس أو أعم (وآنية ربكم) في أرضه (قلوب عباده الصالحين) أي القائمين بما عليهم من حقوق الحق والخلق بمعنى أن نور معرفته تملأ قلوبهم حتى تفيض على الجوارح وأما حديث ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المؤمن فلا أصل له (وأحبها إليه) أي أكثرها حباً عنده (ألينها وأرقها) فإن القلب إذا لان ورق وانجلى صار كالمرآة الصقيلة فإذا أشرفت عليه أنوار الملكوت أضاء الصدر وامتلأ من شعاعها فأبصرت عين الفؤاد باطن أمر اللّه في خلقه فيؤديه ذلك إلى ملاحظة نور اللّه تعالى فإذا لاحظه فذلك قلب استكمل الزينة والبهاء بما رزق من الصفاء فصار محل نظر اللّه من بين خلقه فكلما نظر إلى قلبه زاده به فرحاً وله حباً وعزاً واكتنفه بالرحمة وأراحه من الزحمة وملأه من أنوار العلوم قال حجة الإسلام: وهذه الأنوار مبذولة بحكم الكرم الرحمني غير مضنون بها على أحد فلم تحتجب عن القلوب لبخل ومنع من جهة المنعم تعالى عن البخل والمنع بل لخبث وكدورة وشغل من جهة القلوب لما تقرر أن القلب هو الآنية والآنية ما دامت مملوءة بالماء لا يدخلها الهواء والقلوب مشغولة بغير اللّه لا تدخلها المعرفة بجلال اللّه.
2164 إن لله تعالى أقواما يختصهم بالنعم لمنافع العباد و يقرها فيهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم ( حسن )
( ابن أبي الدنيا في قضاء الحوائج طب حل ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/369)
(إن للّه تعالى أقواماً يختصهم بالنعم لمنافع العباد) أي لأجل منافعهم (ويقرها فيهم ما بذلوها) أي مدة دوام إعطائهم منها للمستحق (فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم) لمنعهم الإعطاء للمستحق {إن اللّه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} فالعاقل الحازم من يستديم النعمة ويداوم على الشكر والإفضال منها على عباده واكتساب ما يفوز به في الآخرة {وابتغ فيما آتاك اللّه الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن اللّه إليك}.
2165 إن لله تعالى أهلين من الناس: أهل القرآن هم أهل الله و خاصته
( صحيح ) ( حم ن ه ك ) عن أنس .
الشرح:
(إن للّه تعالى أهلين من الناس) قالوا ومن هم يا رسول اللّه قال (أهل القرآن) وأكد ذلك وزاده إيضاحاً وتقريراً في النفوس بقوله (هم أهل اللّه وخاصته) أي الذين يختصون بخدمته قال العسكري: هذا على المجاز والتوسع فإنه لما قربهم واختصهم كانوا كأهله ومنه قيل لأهل مكة أهل اللّه لما كانوا سكان بيته وما حوله كانوا كأهله.
2166 إن لله تعالى تسعة و تسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة( صحيح ) ( ق ت ه ) عن أبي هريرة ( ابن عساكر ) عن عمر .
الشرح:(1/370)
(إن للّه تسعة وتسعين اسماً) منها ما هو ثبوتي ومنها ما هو سلبي ومنها ما هو باعتبار فعل من أفعاله لكنها توقيفية على الأصح فلا يحل اختراع اسم أو وصف له إلا بقرآن أو خبر صحيح مصرح به لا بأصله الذي اشتق منه فحسب ولم يذكر لنحو مقابلة أو مشاكلة (مائة إلا) اسماً (واحداً) بدل من اسم إن أو تأكيد وأنصب بتقدير أعني وزاده حذراً من تصحيف تسعة وتسعين بسبعة وسبعين أو مبالغة في المنع عن الزيادة بالقياس (من أحصاها) حفظها أو أطاق القيام بحقها أو عرفها أو أحاط بمعانيها أو عمل بمقتضاها بأن وثق بالرزق إذ قال الرزاق مثلاً وهكذا وعدّها كلمة كلمة تبركاً وإخلاصاً والفضل للمتقدم وسيجيء ما يؤيده (دخل الجنة) مع السابقين الأولين أو بغير سبق عذاب وليس في الخبر ما يفيد الحصر في هذا العدد لأن قوله من أحصاها صفة تسعة وتسعين ويدل لعدم الحصر خبر أسألك بكل اسم سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك وخصها لأنها أشهرها أو أظهرها معنى أو لتضمنها معاني ما عداها أو لأن العدد زوج وفرد والفرد أفضل 0000
2167 إن لله تعالى تسعة و تسعين اسما مائة غير واحد لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة و هو وتر يحب الوتر( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/371)
000 ولما كانت معرفة أسمائه توقيفية لا تعلم إلا من طريق الوحي والسنة ولم يكن لنا التصرف فيها بما لم يهتد إليه مبلغ علمنا ومنتهى عقولنا وقد نهينا عن إطلاق ما لم يرد به توقيف وإن جوّزه العقل وحكم به القياس فالنقصان عنه كالزيادة غير مرضي وكان الاحتمال في رسم الخط واقعاً باشتباه تسعة وتسعين في زلة الكاتب وهفوة القلم بسبعة وتسعين أو تسعة وسبعين فينشأ الاختلاف في المسموع من المسطور أكده حسماً للمادة وإرشاداً للاحتياط بقوله (مائة) بالنصب على البدل (إلا) اسماً (واحداً) وفي رواية للبخاري إلا واحدة بالتأنيث ذهاباً إلى معنى التسمية أو الصفة أو الكلمة (لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة) فيه دلالة على أن معنى أحصاها في الخبر المار حفظها وبه صرح البخاري (وهو وتر) أي فرد (يحب الوتر) أي يفضل الوتر في كثير من الأعمال والطاعات كما ينبىء عنه جعل الصلاة خمساً والطهارة ثلاثاً والطواف سبعاً والصوم في السنة شهراً واحداً والحج في العمر مرة واحدة والزكاة في الحول مرة وعدد ركعات الصلاة في الحضر سبع عشرة وفي السفر إحدى عشر وقيل معناه يحب الوتر أي المخلص في عبادته الذي تفرد تعالى بها وقيل غير ذلك.
2168 إن لله تعالى عبادا يعرفون الناس بالتوسم( حسن )
( الحكيم البزار ) عن أنس .
الشرح:
(إن للّه عباداً يعرفون الناس) أي أحوالهم وضمائرهم (بالتوسم) أي التفرس غرقوا في بحر شهوده فجاد عليهم بكشف الغطاء عن قلوبهم فأبصروا بها بواطن الناس واطلعوا على ضمائرهم وأما من شغل بنفسه ودواهيها فليس من أهل هذا الباب بل فراسته خدعت نفسه له حتى تدسه في التراب وتمام الحديث ثم قرأ {إن في ذلك لآيات للمتوسمين}00000
2169 إن لله تعالى عتقاء في كل يوم و ليلة لكل عبد منهم دعوة مستجابة
( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة أو أبي سعيد ( سمويه ) عن جابر .
الشرح:(1/372)
(إن للّه تعالى عتقاء) من النار (في كل يوم وليلة) يعني من رمضان كما جاء في رواية أخرى (لكل عبد منهم) أي لكل إنسان من أولئك العتقاء (دعوة مستجابة) أي عند فطره أو عند بروز الأمر بعتقه وهذه منقبة عظيمة لرمضان وصوامه وللدعاء والداعي 0000
2170 إن لله تعالى عند كل فطر عتقاء من النار و ذلك في كل ليلة
( حسن ) ( ه ) عن جابر ( حم طب هب ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إن للّه تعالى عند كل فطر) أي وقت فطر كل يوم من رمضان وهو تمام الغروب (عتقاء) من صائمي رمضان (من النار) أي من دخول نار جهنم (وذلك) يعني العتق المفهوم من عتقاء (في كل ليلة) أي من رمضان كما جاءمصرحاً به في روايات أخروهذا أيضاً معلم بعظم فضل الشهروصومه.
2171 إن لله تعالى ما أخذ و له ما أعطى و كل شيء عنده بأجل مسمى
( صحيح ) ( حم ق د ن ه ) عن أسامة بن زيد .
الشرح:(1/373)
(إن للّه تعالى ما أخذ) من الأولاد وغيرهم لأن العالم كله ملكه فلم يأخذ ما هو للخلق بل ما هو له عندهم في معنى العارية (وله ما أعطى) أي ما أبقى لنا فإذا أخذ شيئاً فهو الذي كان أعطاه فإن أخذه وأخذ ماله فلا ينبغي الجزع لأن مستوى الأمانة يقبح عليه الجزع لاستعادتها وما فيها مصدرية أو موصولة وقدم الأخذ وإن تأخر في الواقع لأنه في بيان ما قبض ثم أكد هذا المعنى بقوله (وكل شيء) بالرفع على الابتداء وروي بالنصب عطفاً على اسم إن أي كل شيء من الأخذ والإعطاء أو من الأنفس أو مما هو أعم فنحن وكل ما بأيدينا ملكه وفي ملكه وسلطانه يتصرف كيف يشاء (عنده) أي في علمه (بأجل مسمى) أي معلوم مقدر فلا يتقدم شيء قبل أجله ولا يتأخر عنه فإذا انتهى أجله انقضى وجاء غيره وإنما قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم معرفاً إياباً بما الأمر عليه ليسلم الأمر إليه فيرزق درجة التسليم والتفويض مع بذل المجهود فيما يحبسه منا أن يرجع فيه إليه بحسب الحال في المخالفة بالتوبة والاستغفار وفي الموافقة بالشكر وطلب الإقامة على الموافقة ومن استحضر ذلك هانت عليه المصائب وتصبر على فقد الحبائب وهذا قاله لابنته حين أرسلت تدعوه إلى ابن لها في الموت فأرسل يقرئها السلام ويقول لها ذلك فعلمها به حقيقة التوحيد وهذه الحقيقة توجب السكوت تحت مجاري الأقدار. قال النووي رحمه اللّه: هذا الحديث من أعظم قواعد الإسلام المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلها والهموم والأسقام وغير ذلك من الأعراض.
2172 إن لله مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن و الإنس و البهائم و الهوام فبها يتعاطفون و بها يتراحمون و بها تعطف الوحوش على ولدها و أخر تسعا و تسعين رحمة يرحم بها عباده يوم القيامة( صحيح )
( م ه ) عن أبي هريرة .(1/374)
2173 إن لله ملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجاتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا فيسألهم ربهم و هو أعلم منهم: ما يقول عبادي ؟ فيقولون: يسبحونك و يكبرونك و يحمدونك و يمجدونك فيقول: هل رأوني ؟ فيقولون: لا و الله ما رأوك فيقول: كيف لو رأوني ؟ فيقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة و أشد لك تمجيدا و أكثر لك تسبيحا فيقول: فما يسألوني ؟ فيقولون: يسألونك الجنة فيقول: و هل رأوها ؟ فيقولون: لا و الله يا رب ما رأوها فيقول: فكيف لو أنهم رأوها ؟ فيقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا و أشد لها طلبا و أعظم فيها رغبة قال: فمم يتعوذون ؟ فيقولون: من النار فيقول الله: هل رأوها ؟ فيقولون: لا و الله يا رب ما رأوها فيقول: فكيف لو رأوها ؟ فيقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارا و أشد لها مخافة فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم فيقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة ! فيقول: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
2174 إن لله تعالى ملائكة سياحين في الأرض يبلغوني من أمتي السلام
( صحيح ) ( حم ن حب ك ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/375)
(إن للّه تعالى ملائكة) جمع ملك ونكره على معنى بعض صفته كذلك (سياحين) بسين مهملة من السياحة وهي السير يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها أصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط (في الأرض) في مصالح بني آدم وفي رواية بدله في الهواء (يبلغوني من) وفي رواية عن (أمتي) أمة الإجابة (السلام) ممن يسلم عليّ منهم وإن بعد قطره وتناءت داره أي فيردّ عليهم سماعه منهم كما بين في خبر آخر وهذا التعظيم للمصطفى صلى اللّه عليه وسلم وإجلالاً لمنزلته حيث سخر الملائكة الكرام لذلك. قال السبكي: قال ابن بشار تقدمت إلى قبر النبي صلى اللّه عليه وسلم فسلمت فسمعت من داخل الحجرة الشريفة وعليك السلام.
2175 إن لله تعالى ملائكة في الأرض تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير و الشر( صحيح ) ( ك هب ) عن أنس .
الشرح:
(إن للّه تعالى ملائكة في الأرض تنطق على ألسنة بني آدم) أي كأنها تركب ألسنتها على ألسنتهم كما في التابع والمتبوع من الجن (بما في المرء من الخير والشر) لأن مادة الطهارة إذا غلبت في شخص واستحكمت صار مظهراً للأفعال الجميلة التي هي عنوان السعادة فيستفيض ذلك على الألسنة وضده من استحكمت فيه مادة الخبث ومن ثم لم تزل سنة اللّه جارية في عبيده بإطلاق الألسنة بالثناء والمدح للطيبين الأخيار وبالثناء والذم للخبيثين الأشرار {ليميز اللّه الخبيث من الطيب} في هذه الدار وينكشف الغطاء بالكلية يوم القرار.
2176 إن لله تعالى ملكا أعطاه سمع العباد فليس من أحد يصلي علي إلا أبلغنيها و إني سألت ربي أن لا يصلي علي عبد صلاة إلا صلى عليه عشر أمثالها ( حسن ) ( طب ) عن عمار بن ياسر .
الشرح:
(إن للّه تعالى ملكاً أعطاه سمع العباد) أي قوة يقتدر بها على سماع ما ينطق به كل مخلوق من إنس وجن وغيرهما (فليس من أحد يصلي علي) صلاة (إلا) سمعها و (أبلغنيها وإني سألت ربي أن لا يصلي علي عبد) أي إنسان (صلاة) واحدة 00000(1/376)
2177 إن للتوبة بابا عرض ما بين مصراعيه ما بين المشرق و المغرب لا يغلق حتى تطلع الشمس من مغربها( حسن )(طب)عن صفوان بن عسال .
الشرح:
000 يعني أن أمر قبول التوبة هين والناس في سعة منه ما لم تطلع الشمس من مغربها فإن باباً سعته ما ذكر لا يتضايق عن الناس إلا أن يغلق 0000
2178 إن للصلاة أولا و آخرا و إن أول وقت صلاة الظهر حين تزول الشمس و آخر وقتها حين يدخل وقت العصر و إن أول وقت العصر حين يدخل وقتها و إن آخر وقتها حين تصفر الشمس و إن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس و إن آخر وقتها حين يغيب الشفق و إن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق و إن آخر وقتها حين ينتصف الليل و إن أول وقت الفجر حين يطلع الفجر و إن آخر وقتها حين تطلع الشمس
( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي هريرة .
2179 إن للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر( صحيح )
( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن للطاعم) أي متناول الطعام المفطر الذي لم يصم نفلاً (الشاكر) للّه سبحانه على ما أطعمه (من الأجر) أي الثواب في الآخرة (مثل ما) أي مثل الأجر الذي (للصائم الصابر) على الجوع والظمأ ابتغاء رضى اللّه تعالى ورغبة فيما عنده أو المراد الصابر على البلاء مع صومه، وقال الكرماني: التشبيه هنا في أصل الثواب لا الكمية والكيفية والتشبيه لا يستلزم المماثلة من كل وجه. وقال الطيبي: ربما توهم متوهم أن ثواب الشكر يقصر عن ثواب الصبر فأزيل توهمه ووجه الشبه اشتراكها في حبس النفس فالصابر يحبس نفسه على طاعة المنعم والشاكر يحبس نفسه على محبته وفيه حث على شكر اللّه على جميع نعمه إذ لا يختص بالأكل وتفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر لأن الأصل أن المشبه به أعلى درجة.
2180 إن للقبر ضغطة لو كان أحد ناجيا منها نجا سعد بن معاذ
( صحيح ) ( حم ) عن عائشة .
الشرح:(1/377)
(إن للقبر ضغطة) أي ضيقاً لا ينجو منه صالح ولا طالح لكن الكافر يدوم ضغطه والمؤمن لا، والمراد به التقاء جانبيه على الميت (لو كان أحد ناحياً منها نجا) منها (سعد بن معاذ) إذ ما من أحد إلا وقد ألم بخطيئة فإن كان صالحاً فهذه جزاؤه ثم تدركه الرحمة ولذلك ضغط سعد حتى اختلفت أضلاعه كما في رواية 00000
2181 إن للقرشي مثل قوة الرجلين من غير قريش( صحيح )
( حم حب ك ) عن جبير .
الشرح:
(إن للقرشي) أي الواحد من سلالة قريش (مثل قوة الرجلين من غير قريش) من طبقات العرب. قال الزهري: عنى بذلك نبل الرأي وشدة الحزم وعلو الهمة وشرف النفس والقرش الجمع يقال قرشه يقرشه جمعه من هنا وههنا وضم بعضه إلى بعض ومنه قريش لتجمعهم في الحرم، أو لأنهم كانوا يتقرشون البياعات فيشترون أو لأن النضر بن كنانة اجتمع في ثوبه يوماً فقالوا تقرّش أو لأنه جاء إلى قومه كأنه جميل قرش أي شديد، أو لأن قصياً كان يقال له القرش أو لأنهم كانوا يقيسون الحاج فيسدون خلتها أو لغير ذلك.
2182 إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة طولها ستون ميلا للمؤمن فيها أهلون يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضا
( صحيح ) ( م ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/378)
(إن للمؤمن في الجنة لخيمة) بفتح لام التوكيد أي بيتاً شريف المقدار عالي المنار وأصل الخيمة بيت تبنيه العرب من عيدان الشجر (من لؤلؤة) بهمزتين وبحذفهما وبإثبات الأولى لا الثانية وعكسه (واحدة) تأكيد (مجوفة) واللؤلؤ معروف (طولها ستون ميلاً) أي في السماء وفي رواية عرضها ثلاثون ميلاً ولا معارضة إذ عرضها في مساحة أرضها وطولها في العلو نعم ورد طولها ثلاثون ميلاً وحينئذ يمكن الجمع بأن ارتفاع تلك الخيمة باعتبار درجات صاحبها (للمؤمن فيها أهلون) أي زوجات من نساء الدنيا والحور (يطوف عليهن المؤمن) أي لجماعهن وما هنالك (فلا يرى بعضهن بعضاً) أي من سعة الخيمة وعظمها ثم إن ما ذكر من كون تلك الخيمة في النفاسة والصفاء كاللؤلؤ لا أنها منه حقيقة فهو من قبيل {قوارير من فضة} والقارورة لا تكون فضة بل المراد أن بياضها كالفضة إلى هنا كلامه وفيه ما فيه إذ لا مانع شرعاً ولا عقلاً من إجرائه على ظاهره والفاعل المختار لا يعجزه جعل الخيمة لؤلؤة مجوفة وزعمه أن الخيمة لا تكون إلا من كرباس بخلاف القصر واللؤلؤ تحكم ظاهر والفرق هلهل بالمرة.
2183 إن للموت فزعا فإذا رأيتم جنازة فقوموا(صحيح)(ن حب)عن جابر.
2184 إن لهذا الحجر لسانا و شفتين يشهد لمن استلمه يوم القيامة بحق
( صحيح ) ( حب ك ) عن ابن عباس .
2185 إن لهذه الإبل أوابد كأوابد الوحش فإذا غلبكم منها شيء فافعلوا به هكذا ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن رافع بن خديج .
2186 إن لهذه البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليها ثلاثا فإن ذهب و إلا فاقتلوه فإنه كافر( صحيح ) ( م ) عن أبي سعيد .
2187 إن له دسما - يعني اللبن - ( صحيح )
( ق 3 ) عن ابن عباس ( ه ) عن أنس .
2188 إن له مرضعا في الجنة - يعني ولده إبراهيم - ( صحيح )
( ق 3 ) عن البراء .
2189 إن لي خمسة أسماء أنا محمد و أنا أحمد و أنا الحاشر: الذي يحشر الناس على قدمي و أنا الماحي: الذي يمحو الله بي الكفر و أنا العاقب(1/379)
( صحيح ) ( مالك ق ت ن ) عن جبير بن مطعم .
الشرح:
(إن لي أسماء) وفي رواية للبخاري خمسة أسماء أي موجودة في الكتب السالفة أو مشهورة بين الأمم الماضية أو يعلمها أهل الكتابين أو مختص بها لم يتسم بها أحد قبلي أو معظمة أو أمهات الأسماء وما عداها راجع إليها لا أنه أراد الحصر كيف وله أسماء أخر بلغها بعضهم كما قال النووي في المجموع وتهذيب الأسماء واللغات ألفاً لكن أكثرها من قبيل الصفات قال ابن القيم: فبلوغها ذلك باعتبارها ومسماها واحد باعتبار الذات فهي مترادفة باعتبار متباينة باعتبار (أنا محمد) قدمه لأنه أشرفها ومن باب التفعيل للمبالغة ولم يسم به غيره قبله لكن لما قرب مولده سموا به نحو خمسة عشر رجاء كونه هو (وأنا أحمد) أي أحمد الحامدين فالأنبياء حمادون وهو أحمدهم أي أكثرهم حمداً قال المصنف: وتسميته به من خصائصه (وأنا الحاشر) أي ذو الحشر (الذي يحشر الناس على قدمي) بتخفيف الياء على الإفراد وبشدها على التثنية والمراد على أثر نبوتي أي زمنها أي ليس بعده نبي قال الطيبي: وهذا اسناده مجازي لأنه سبب في حشر الناس لأنهم لا يحشرون حتى يحشر إذ يحشر قبلهم كما في عدة أخبار وقال ابن حجر: يحمل أن المراد بالقدم الزمان أو وقت قيامي على قدمي بظهور علامات الحشر إشارة إلى أنه ليس بعده نبي ولا شريعة واستكمل التفسير بأنه يقتضي أنه محشور فكيف يصير به حاشراً وهو اسم فاعل وأجيب بأن استناد الفعل إلى الفاعل إضافة وهي نصح بأدنى ملابسة فلما كان لا أمة بعد أمته لكونه لا نبي بعده نسب إليه الحشر لوقوعه عقبه وقيل معنى القدم السبب أو المراد على مشاهدتي قائماً للّه (وأنا الماحي الذي يمحو اللّه بي الكفر) أي يزيل أهله من جزيرة العرب أو من أكثر البلاد وقد يراد المحو العام بمعنى ظهور الحجة والغلبة ليظهره على الدين كله (وأنا العاقب) زاد مسلم الذي ليس بعدي أحمد وللترمذي الذي ليس بعدي نبي لأنه جاء عقبهم وفيه جواز التسمية(1/380)
بأكثر من واحد قال ابن القيم: لكن تركه أولى لأن القصد بالاسم التعريف والتمييز والاسم كاف وليس كأسماء المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأن أسماءه كانت نعوتاً دالة على كمال المدح لم يكن إلا من باب تكثير الأسماء لجلالة المسمى لا للتعريف فحسب 00000
2190 إن ما بين مصراعين في الجنة لمسيرة أربعين سنة
( صحيح ) ( حم ع ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إن ما بين مصر أعين) تثنية مصراع وهو من الباب الشطر (في الجنة) أي في باب من أبواب الجنة (كمسيرة أربعين سنة) والمراد بهذا الباب الأعظم وما عداه كما بين مكة وهجر وعليه نزل الخبر الآني في مطلع حرف الباء فلا تدافع بين الخبرين كما سيجيء تحقيقه في حرف الميم عند خبر ما بين مصراعين إلى آخره.
2191 إن ما قد قدر في الرحم سيكون(حسن)( ن ) عن أبي سعيد الزرقي .
الشرح:
(إن ما قد قدر في الرحم سيكون) سواء عزل المجامع أم أنزل داخل الفرج فلا أثر للعزل ولا لعدمه وهذا قاله لمن سأله عن العزل والرحم موضع تكوين الولد وتخفف بسكون الحاء مع فتح الراء ومع كسرها أيضاً في لغة بني كلاب وفي لغة لهم تكسر الحاء اتباعاً لكسرة الراء كذا في المصباح.
2192 إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة قد خنقته ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل أخرى فانفكت الأخرى حتى يخرج إلى الأرض( حسن ) ( طب ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:(1/381)
(إن مثل الذي يعمل السيئات) جمع سيئة وهي ما يسيء صاحبه في الآخرة أو الدنيا (ثم يعمل الحسنات كمثل رجل) بزيادة مثل أو الكاف (كانت عليه درع) بدال مهملة قال ابن الأثير: زردية (ضيقة قد خنقته) أي عصرت حلقه وترقوته من ضيق تلك الدرع (ثم عمل حسنة فانفكت) أي تخلصت (حلقة) بسكون اللام (ثم عمل) حسنة (أخرى فانفكت الأخرى) وهكذا واحدة واحدة (حتى تخرج إلى الأرض) يعني عمل السيئات يضيق صدر العامل ورزقه ويحيره في أمره فلا يتيسر له في أموره ويبغضه عند الناس فإذا عمل الحسنات تزيل حسناته سيئاته فإذا زالت انشرح صدره وتوسع رزقه وسهل أمره وأحبه الخلق ومعنى قوله حتى تخرج إلى الأرض انحلت وانفكت حتى تسقط تلك الدروع ويخرج صاحبها من ضيقها فقوله تخرج إلى الأرض كناية عن سقوطها.
2193 إن مثل الذي يعود في عطيته كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم عاد في قيئه فأكله( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إن مثل الذي يعود في عطيته) أي يرجع فيما يهبه لغيره (كمثل) بزيادة الكاف أو مثل (الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم) أكله (عاد في قيئه فأكله) قال ابن دقيق العيد: وقع التشبيه في التشديد من وجهين تشبيه الراجع بالكلب والمرجوع فيه بالقيء وقال البيضاوي: المعنى أنه لا ينبغي للمؤمن أن يتصف بصفة ذميمة يشابه فيها أخس الحيوانات في أخس أحوالها قال ابن حجر: وهذا أبلغ في الزجر وأدل على التحريم بما لو قال مثلاً لا تعودوا في الهبة وظاهره تحريم العود في الهبة بعد القبض قال النووي: وموضعه في هبة الأجنبي فلو وهب لفرعه رجع وقال أبو حنيفة له الرجوع فيها للأجنبي لأن فعل الكلب يوصف بالقبح لا الحرمة.
2194 إن مسح الحجر الأسود و الركن اليماني يحطان الخطايا حطا
( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/382)
(إن مسح الحجر الأسود) أي استلامه بيده اليمنى ومثله موضعه (والركن اليماني يحطان الخطايا حطاً) أي يسقطانها أو ينقصانها وأكده بالمصدر إشارة إلى تحقق ذلك. قال في المصباح كغيره حططت من الدين أسقطت واستحطته من الثمن كذا فحطه وانحط السعر نقص. قال الزمخشري: من المجاز حط اللّه أوزارهم وحط اللّه وزرك وانحط السعر انتهى والمراد بالخطايا الصغائر كما هو قياس النظائر وفيه ندب استلام الحجر والركن اليماني لكن الحجر يستلمه بيمينه ثم يقبلها ثم يقبله والركن اليماني يستلمه 00ولا يقبله ويفعل هكذا في ابتداء كل طوفة والأولى آكد.
2195 إن مطعم ابن آدم قد ضرب مثلا للدنيا و إن قزحه و ملحه فانظر إلى ما يصير( حسن ) ( حب طب ) عن أبي .
الشرح
(إن مطعم) بفتح فسكون ففتح (ابن آدم) كنى به عن الطعام والشراب الذي يستحيل بولاً وغائطاً (ضرب مثلاً الدنيا) أي لدناءتها وقذارتها (وإن قزَّحه) بقاف وزاي مشددة أي وضع فيه القزح وهو النابل يعني وإن نوبله وكثر أبزاره وبالغ في تحسينه. قال الزمخشري: قزح قدرك توبلها وطعام مليح مزيح. وفي المصباح القزح كحمل الأبزار وقد يراد بقزحه هنا جعله ألواناً مليحة000 (وملَّحه) بفتح الحاء وشد اللام كذا رأيته بخط المصنف، لكن قال المنذري هو بتخفيف اللام أي ألقى فيه الملح بقدر الإصلاح (فانظر إلى ما يصير) يعني ما يخرج منه: كان قبل ذلك ألواناً من الأطعمة طيبة ناعمة وشراباً سائغاً فصارت عاقبته إلى ما ترى، فالدنيا خضرة حلوة والنفس تميل إليها والجاهل بعاقبتها يتنافس في رتبتها ظاناً أنها تبقى أوهويبقى00
2196 إن مع الدجال إذا خرج ماء و نارا فأما الذي يرى الناس أنها النار فماء بارد و أما الذي يرى الناس أنها ماء بارد فنار تحرق فمن أدرك منكم فليقع في الذي يرى أنها نار فإنه عذب بارد( صحيح ) ( خ ) عن حذيفة .(1/383)
2197 إن مكة حرمها الله و لم يحرمها الناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله و اليوم الآخر أن يسفك بها دما و لا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا: إن الله قد أذن لرسوله و لم يأذن لكم و إنما أذن لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس و ليبلغ الشاهد الغائب( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن أبي شريح .
2198 إن ملكا أتاني فقال: إن ربك يقول لك: أما ترضى أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا و لا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا ؟ قلت: بلى ( حسن ) ( ن ) عن أبي طلحة .
2199 إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم و حامل القرآن غير الغالي فيه و الجافي عنه و إكرام ذي السلطان المقسط(حسن)( د) عن أبي موسى .
الشرح:
(إن من إجلال اللّه) أي تبجيله وتعظيمه (إكرام ذي) أي صاحب (الشيبة المسلم) أي تعظيم الشيخ الكبير صاحب الشيبة البيضاء الذي عمره في الإيمان وتوقيره في المجالس والرفق به والشفقة عليه (وحامل القرآن) أي قارئه (غير الغالي فيه) أي غير المتجاوز الحد في العمل به وتتبع ما خفي منه واشتبه عليه من معانيه وفي حدود قراءته ومخارج حروفه (والجافي عنه) أي التارك له البعيد عن تلاوته والعمل بما فيه (وإكرام ذي السلطان) أي سلطان لأنه ذي قهر وغلبة من السلاطة وهي التمكن من القهر قال اللّه تعالى {ولو شاء اللّه لسلطهم عليكم} ومنه سمي السلطان وقيل ذي حجة لأنه يقام به الحجج (المقسط) بضم الميم العادل في حكمه بين رعيته قال ابن الأثير: وقيد بقوله غير الغالي إلخ لأن من أخلاقه التي أمر بها القصد في الأمور والغلو التشديد في الدين ومجاوزة الحد والتجافي البعد عنه.
2200 إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/384)
أي أكثركم حسن خلق وهو اختيار الفضائل وترك الرذائل وذلك لأن حسن الخلق يحمل على التنزه عن الذنوب والعيوب والتحلي بمكارم الأخلاق من الصدق في المقال والتلطف في الأحوال والأفعال وحسن المعاملة مع الرحمن والعشرة مع الإخوان وطلاقة الوجه وصلة الرحم والسخاء والشجاعة وغير ذلك من الكمالات00000
2201 إن من أحبكم إلي و أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا
و إن أبغضكم إلي وأبعدكم مني يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون
والمتفيهقون قالوا: يا رسول الله ما المتفيهقون ؟ قال: المتكبرون ( حسن )
( ت ) عن جابر .
2202 إن من أحسن الناس صوتا بالقرآن الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله( صحيح ) ( ه ) عن جابر .
2203 إن من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق
( صحيح ) ( حم د ) عن سعيد بن زيد .
الشرح:
(إن من أربى الربا) أي أكثره وبالاً وأشده تحريماً (الاستطالة في عرض المسلم) أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه لأن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال وأعظم خطراً أو الربا الزيادة والارتفاع والكثرة والاستطالة والتطاول احتقار الناس والترفع عليهم وعبر عنه بلفظ الربا لأن المعتدي يضع عرضه ثم يستزيد عليه ونبه بقوله (بغير حق) على حل استباحة العرض في مواضع مخصوصة كجرح الشاهد وذكر مساوىء الخاطب وقول الدائن في المماطل مطلني حقي ونحو ذلك مما هو مبين في الفروع قال البيضاوي: والاستطالة في عرض المسلم أن يتناول منه أكثر مما يستحقه على ما قال له أو أكثر مما رخص له فيه ولذلك مثل الربا وعده من عداده ثم فضله على أفراده لأنه أكثر مضرة وأشد فساداً فإن العرض شرعاً وعقلاً أعز على النفس من المال وأعظم منه خطراً ولذلك أوجب الشرع بالمجاهرة بهتك الأعراض ما لم يوجب بنهب الأموال. قال التوربشتي: وفي قوله بغير حق تنبيه على أن العرض ربما يجوز استباحته في بعض الأحوال كحديث ليَّ الواجد يحل عرضه.(1/385)
2204 إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله
( صحيح ) ( م ن ه ) عن عائشة .
2205 إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر و إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة ( صحيح ) ( حم خ ه ) عن عمرو بن تغلب .
2206 إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم و يظهر الجهل و يفشو الزنا و يشرب الخمر و يذهب الرجال و تبقى النساء حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد( صحيح ) ( حم ق ت ن ه ) عن أنس .
الشرح:(1/386)
(إن من أشراط الساعة) أي علاماتها جمع شرط بالتحريك وهو العلامة (أن يرفع العلم) ذلك بقبض حملته لا الانتزاع من قلوبهم (ويظهر الجهل) ومن لازمه ظهور الجهل ولا ينافي قوله أن يرفع ما في رواية للبخاري أيضاً أن يقل لأن القلة قد يراد بها العدم أو القلة في ابتداء الأشراط والعدم في أثنائها فهو باعتبار الزمانين وهو في محل نصب لأنه اسم إنّ (ويفشو الزنا) أي يظهر قال القرطبي: هذا من أعلام النبوة لأنه إخبار عن أمور ستقع وقد وقعت اهـ وإذا كان كذلك في زمن القرطبي فما بالك الآن (ويشرب الخمر) بالبناء للمفعول أي يكثر شربه (ويذهب الرجال وتبقى النساء) لفظ رواية البخاري وتكثر النساء وذلك أن الفتن تكثر فيكثر القتل في الرجال لأنهم أهل حرب دون النساء وقيل هو إشارة إلى كثرة الفتوح فيكثر السبي فيتخذ الرجل الواحد عدة موطوءات. قال ابن حجر: وفيه نظر لتصريحه بالقلة في حديث فقال من قلة الرجال وكثرة النساء والظاهر أنها علامة محضة لا بسبب آخر بل يقدر اللّه آخر الزمان أن يقل من يولد من الذكور ويكثر من يولد من الإناث وكون كثرة النساء من العلامات يناسب رفع العلم وظهور الجهل (حتى يكون لخمسين امرأة) وفي رواية لأربعين ولا تعارض لدخول الأربعين في الخمسين أو أن الأربعين عدد من يلذن به والخمسين عدد من يتبعنه وهو أعم من أن يلذن به000 (قيماً واحداً) لفظ رواية البخاري القيم الواحد ولامه للعهد إشعاراً بما هو المعهود من كون الرجال قوّامين على النساء والقيم ما يقوم بأمرهنّ فكنى به عن اتيانهنَّ له لطلب النكاح حلالا أو حراماً وخص هذه الأمور الخمسة بالذكر لإشعارها باختلاف الأمور التي يحصل بحفظها صلاح المعاش والمعاد وهي الدين لأن رفع العلم يخل به والعقل لأن شرب الخمر يخل به والنسب لأن الزنا يخل به والنفس والمال لأن كثرة الفتن تخل بهما. قال الكرماني: وإنما كان اختلاف هذه الأمورمؤذناً بخراب العالم لأن الخلق لا يتركون هملاً ولا(1/387)
نبي يعد نبينا فتعين ذلك والمراد بشرب الخمر كثرته والتجاهر به لا أصل شربه فإنه في كل زمن وقد حدَّ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وخلفاؤه فيه ما لا يخفى على أن العلامة مجموع الأمور المذكورة وفيه الإخباربما سيقع فوقع.
2207 إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر( صحيح )
( طب ) عن أبي أمية الجمحي .
الشرح:
قال الطبراني عن بعضهم: يقال إن المراد الأصاغر من أهل البدع وأخرج الطبراني عن ابن مسعود لا يزال الناس صالحين متماسكين ما أتاهم العلم من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ومن أكابرهم فإذا أناهم من أصاغرهم هلكوا، وقال بعض الحكماء: سودوا كباركم لتعزوا ولا تسودوا صغاركم فتذلوا وأخرج ابن أبي خيثمة من طريق مكحول عن أنس قيل يا رسول اللّه متى ينزعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال: إذا ظهر فيكم ما ظهر في نبي إسرائيل إذا ظهر الادهان في خياركم والفحش في شراركم والملك في صغاركم والفقه في رذالكم وفي مصنف قاسم بن أصبغ بسند قال ابن حجر صحيح عن عمر: فساد الناس إذا جاء العلم من قبل الصغير استعصى عليه الكبير. وصلاح الناس إذا جاء العلم من قبل الكبير تابعه عليه الصغير، وذكر أبو عبيدة أن المراد بالصغير في هذا صغير القدر لا السن.
2208 إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه و ولده من كسبه ( صحيح ) ( د ك ) عن عائشة .
2209 إن من أعظم الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر( صحيح )
( ت ) عن أبي سعيد .
2210 إن من أعظم الفرى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه أو يرى عينيه ما لم تريا و يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل( صحيح )
( خ ) عن واثلة .
الشرح:(1/388)
(إن من أفرى الفرى) بكسر الفاء مقصورة وممدودة أي من أعظم الكذبات (أن يدّعي الرجل) بتشديد الدال ينتسب (إلى غير أبيه) فيقال ابن فلان وهو ليس بابنه (أو يري عينه ما لم تر) بالإفراد في عينه ويرى بالضم أوله وكسر ثانيه من أرى أي ينسب الرؤية إلى عينه تارة يقول: رأيت في منامي كذا ولا يكون رآه لأنه جزء من الوحي فالمخبر عنه بما لم يقع كالمخبر عن اللّه بما لم يلقه إليه قال الطيبي: المراد بإراءته عينه وصفها بما ليس فيها ونسب الكذب إلى الكذبات المبالغة نحو ليل أليل (أو يقول) بفتح التحتية أوله وضم القاف وسكون الواو وروي بفتح المثناة والقاف وشد الواو مفتوحة (على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما لم يقل) وجمع الثلاثة في خبر لشدة المناسبة بينها وأنها من أفحش أنواع الافتراء فالكذب على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كذب في أصول الدين وهدم لقاعدة من قواعد المسلمين والكذب عليه كذب على اللّه وما ينطق عن الهوى والرؤيا جزء من أجزاء النبوة والمنام طرف من الوحي فإذا كذب فقد كذب في نوع الوحي ومن ادّعى لغير أبيه فقد استهزأ بنص القرآن ويكفي في ذلك لعن امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم.
2211 إن من أفرى الفرى أن يرى الرجل عينه في المنام ما لم تر
( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/389)
(إن من أعظم الفرى) بوزن الشرى أي أكذب الكذبات الشنيعة إذ الفرية الكذبة العظيمة وجمعه فرى كمرية ومرى مقصور وممدود (أن يرى) بضم التحتية أوله فكسر من الإراءة (الرجل عينيه) بالتثنية منصوب بالياء مفعول (في المنام ما لم تريا) أي يدَّعي أن عينيه رأتا في النوم شيئاً ما رأتاه فيقول رأيت في منامي كذا وهو يكذب لأن ما يراه النائم إنما يراه بإراءة الملك والكذب عليه كذب على اللّه وذكر العين وإن كانت رؤياه بنفسه لا بجارحة لأنه إنما يرى في النوم ما تخيله بالجارحة يقظة ويسمع بجارحة الأذن وغير ذلك من الجوارح لكونها هي الطرق المألوفة في اليقظة في إيصال المحسوس إلى النفس وإلا فالعين لا ترى في النوم بل النفس هي الباصرة السامعة.
2212 إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم و فيه قبض و فيه النفخة و فيه الصعقة فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة علي إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء( صحيح )
( حم د ن ه حب ك ) عن أوس بن أوس .
الشرح:(1/390)
(إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم) عليه الصلاة والسلام وخلقه فيه يوجب له شرفاً ومزية كما قاله القاضي (وفيه قبض) وذلك سبب للشرف أيضاً فإنه سبب لوصوله إلى الجناب الأقدس والخلاص عن النكبات (وفيه النفخة) أي النفخ في الصور وذلك شرف أيضاً لأنه من أسباب توصل أرباب الكمال إلى ما أعد لهم من النعيم المقيم والموت أحد الأسباب الموصلة للنعيم وهو وإن كان فناءاً ظاهراً فهو بالحقيقة ولادة ثانية ذكره الراغب (وفيه الصعقة) هي غير النفخة وقد ذكرها تعالى بفاء التعقيب في {ونفخ في الصور فصعق} (فأكثروا عليّ من الصلاة فيه) أي في يوم الجمعة وكذا ليلتها قال أبو طالب المكي: وأقل ذلك ثلاثمائة مرة كذا نقله عنه في الإتحاف (فإن صلاتكم معروضة عليّ) قال ابن الملقن: معنى معروضة عليَّ موصولة إليَّ توصل الهدايا، ثم إنهم قالوا: وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت بفتح فسكون ففتح على الأشهر أي بليت، وفي رواية أرممت أي صرت رميماً قال (إن اللّه حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء) لأنها تتشرف بوقع أقدامهم عليها وتفتخر بضمهم إليها فكيف تأكل منهم ولأنهم تناولوا ما تناولوا منها بحق وعدل وسخرها لهم لإقامة العدل عليها فلم يكن لها عليهم سلطان ومثلهم الشهداءقال في المطامح: وقد وجد حمزة صحيحاً لم يتغير حين حفر معاوية قبره وأصاب الفأس أصبعه فدميت وكذا عبد اللّه بن حرام وعمرو بن الجموح وطلحة وغيرهم00000
2213 إن من أكبر الكبائر الشرك بالله و عقوق الوالدين و اليمين الغموس و ما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة( حسن )( حم ت حب ك )عن عبدالله بن أنيس .
الشرح:(1/391)
(إن من أكبر الكبائر الشرك باللّه وعقوق الوالدين واليمين الغموس) أي الكاذبة الفاجرة سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار وفعول للمبالغة (وما حلف) ما نافية (حالف باللّه يمين صبر) هي التي يصبر أي يحبس عليها شرعاً ولا يوجد ذا إلا بعد التداعي (فأدخل فيها) أي في تلك اليمين (مثل جناح بعوضة) أي شيئاً حقيراً جداً من الكذب (إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة) قال الطيبي: ذكر ثلاثة أشياء وخص الأخير منها بالوعيد إيذاناً بأنه مثلها وداخلة في أكبر الكبائر حذراً من احتقارها وظنّ أنها غير كبيرة ومعنى الانتهاء في قوله إلى يوم القيامة أن أثر تلك النكتة التي هي من الرين تبقى إلى يوم القيامة ثم بعد ذلك يترتب عليه وبالها والعقاب عليها فكيف إذا كان ذلك كذباً محضاً.
2214 إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه: يلعن أبا الرجل فيلعن أباه و يلعن أمه فيلعن أمه ( صحيح ) ( د ) عن ابن عمرو .
2215إن من البيان سحرا وإن من الشعر حكما(صحيح)(حم د) ابن عباس.
الشرح:(1/392)
(إن من البيان سحراً) أي إن بعض البيان سحراً لأن صاحبه يوضح المشكل ويكشف بحسن بيانه عن حقيقته فيستميل القلوب كما يستمال بالسحر فلما كان في البيان من صنوف التركيب وغرائب التأليف ما يجذب السامع إلى حد يكاد يشغله عن غيره شبه بالسحر الحقيقي قال صعصعة: صدق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإن الرجل يكون عليه الحق وهو ألحن بحجته من صاحبه فيسحر القوم ببيانه فيذهب بالحق (وإن من الشعر حكماً) جمع حكمة أي قولاً صادقاً مطابقاً للحق موافقاً للواقع وذلك ما كان منه من قبيل المواعظ وذم الدنيا والتحذير من غرورها ونحو ذلك فبين المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن جنس البيان وإن كان محموداً ففيه ما يذم للمعنى السابق وجنس الشعر وإن كان مذموماً ففيه ما يحمد لاشتماله على الحكمة وعبر بمن إشارة إلى أن بعضه ليس كذلك وفيه رد على من كره مطلق الشعر وأصل الحكمة المنع وبها سمي اللجام لأنه يمنع الدابة.
2216 إن من البيان لسحرا( صحيح )( مالك حم خ د ت ) ابن عمر .
الشرح:
أي إن منه لنوعاً يحل من العقول والقلوب في التمويه محل السحر فإن الساحر بسحره يزين الباطل في عين المسحور حتى يراه حقاً فكذا المتكلم بمهارته في البيان وتفننه في البلاغة وترصيف النظم يسلب عقل السامع ويشغله عن التفكر فيه والتدبر له حتى يخيل إليه الباطل حقاً والحق باطلاً وهذا معنى قول ابن قتيبة: إن منه ما يقرب البعيد ويبعد القريب ويزين الباطل القبيح ويعظم الصغير فكأنه سحر وما ضارعه فهو مكروه كما أن السحر محرم وهذا قاله حين قدم وفد تميم وفيه الزبرقان وعمرو بن الأهيم فخطبا ببلاغة وفصاحة 000000
2217 إن من الحنطة خمرا و إن من الشعير خمرا و إن من التمر خمرا و إن من الزبيب خمرا و إن من العسل خمرا و أنا أنهى عن كل مسكر
( صحيح ) ( حم ت ه ك ) عن النعمان بن بشير .(1/393)
2218 إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها و إنها مثل المسلم فحدثوني ما هي ؟ ثم قال: هي النخلة( صحيح ) ( حم ق ت ) عن ابن عمر .
2219 إن من الشعر حكمة ( صحيح ) ( حم ق د ه ) عن أبي
( ت ) ابن مسعود ( طب ) عن عمرو بن عوف وأبي بكرة ( حل ) عن أبي هريرة ( خط ) عن عائشة وحسان بن ثابت ( ابن عساكر ) عن عمر .
2220 إن من العنب خمرا و إن من التمر خمرا و إن من العسل خمرا و إن من البر خمرا و إن من الشعير خمرا(صحيح)( د)عن النعمان بن بشير .
2221 إن من الغيرة ما يحب الله و منها ما يبغض الله و إن من الخيلاء ما يحب الله و منها ما يبغض الله فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة و أما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة في غير الريبة و أما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل في القتال واختياله عند الصدقة و أما الخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل في البغي و الفخر(حسن)(حم د ن حب) جابر بن عتيك .
2222 إن من الفطرة: المضمضة و الاستنشاق و السواك و قص الشوارب و تقليم الأظفار و نتف الإبط و الاستحداد و غسل البراجم و الانتضاح بالماء و الاختتان( حسن ) ( حم ش د ه ) عن عمار بن ياسر .
الشرح:(1/394)
(إن من الفطرة) أي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع فكأنها أمر جبلي فطروا عليه قال الزمخشري: بناء الفطرة يدل على النوع من الفطرة وفي اللام إشارة إلى أنها معهودة وأنها فطرة اللّه التي فطر الناس عليها نطق بها قوله تعالى {فطرة اللّه التي فطر الناس عليها} اهـ (المضمضة والاستنشاق) أي إيصال الماء إلى الفم والأنف في الطهارة (والسواك) بما يزيل القلح ويتأكد في مواضع مبينة في الفروع (وقص الشارب) يعني إزالته بقص أو نحو حلق حتى تبين طرف الشفة بياناً ظاهراً (وتقليم الأظافر) من يد أو رجل ولو زائدة قال الدمياطي: وتلقيت عن بعضهم أنه من قصها مخالفاً لم يصبه رمد وأنه جربه قال القشيري: ولا أصل له ولا يجوز اعتقاد ندبه لأنه حكم شرعي لا بد له من دليل لكن يسن تقديم اليد على الرجل ويكره الاقتصار على تقليم يد أو رجل (ونتف الإبط) أي إزالة ما به من شعر ينتفه إن قوي عليه وإلا أزاله بحلق أو غيره كنورة (والاستحداد) أي حلق العانة بالحديد أي الموسى يعني إزالة شعرها بحديد أو غيره على وزان ما مر وخص الحديد لأن الغالب إزالتها بالحلق به (وغسل البراجم) تنظيف المواضع المنقبضة والمنعطفة التي يجتمع فيها الوسخ وأصلها العقد التي بظهر الأصابع (والانتضاح بالماء) أي الاستنجاء به من النضح وهو الماء القليل كذا في شرح أبي داود للنووي وفي شرح مسلم له عن الجمهور وهو نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفي الوسواس. وقال المنذري: إزالة الماء بنشر وتنحنح (والاختتان) للذكر بقطع القلفة وللأنثى بقطع ما ينطلق عليه الاسم من فرجها قال الشافعي: هو واجب على الذكر والأنثى دون ما قبله ولا مانع من أن يراد بالفطرة القدر المشترك الجامع للوجوب والندب كما يأتي وقال مالك وأبو حنيفة سنة وأحمد واجب على الذكر سنة للأنثى.(1/395)
2223 إن من الناس ناسا مفاتيح للخير مغاليق للشر و إن من الناس ناسا مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه و ويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه ( حسن ) ( ه ) عن أنس .
الشرح:
(إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى) أي حسنى أو خيراً وهو من الطيب أي عيش طيب(لمن جعل اللّه مفاتيح الخير على يديه وويل)شدة حسرة ودمار وهلاك (لمن جعل اللّه مفاتيح الشر على يديه) قال الحكيم: فالخير مرضاة اللّه والشر سخطه فإذا رضى اللّه عن عبد فعلامة رضاه أن يجعله مفتاحاً للخير فإن رؤى ذكر الخير برؤيته وإن حضر حضر الخير معه وإن نطق نطق بخير وعليه من اللّه سمات ظاهرة لأنه يتقلب في الخير بعمل الخير وينطق بخير ويفكر في خير ويضمر خيراً فهو مفتاح الخير حسبما حضر وسبب الخير لكل من صحبه والآخر يتقلب في شر ويعمل شراً وينطق بشر ويفكر في شر ويضمر شراً فهو مفتاح الشر لذلك فصحبة الأول دواء والثاني داء.
2224 إن من أمتي قوما يعطون مثل أجور أولهم ينكرون المنكر(صحيح)
( حم ) عن رجل .
الشرح:
(إن من أمتي قوماً) أي جماعة لهم قوة في الدين (يعطون مثل أجور أوّلهم) أي يثيبهم اللّه مع تأخر زمنهم مثل إثابة الأولين من الصدر الأول الذين نصروا الإسلام وأسسوا قواعد الدين قيل من هم يا رسول اللّه؟ قال هم الذين (ينكرون المنكر) أي ما أنكره الشرع قالوا ويجب الأمر بالواجب والنهي عن الحرام ويندب الأمر بالمندوب والنهي عن المكروه بشرط العلم بوجه المعروف والمنكر وانتفاء المفسدة وفي اشتراط ظن التأثير خلف ولا يختص بالوالي إلا ما يفضي إلى القتال ولا بالمجتهد إلا ما يفتقر إليه ولا بمن لا يرتكب مثله وهو فرض كفاية فيسقط بقيام البعض.
2225 إن من تمام الصلاة إقامة الصف( صحيح ) ( حم ) عن جابر .
الشرح:(1/396)
(إن من تمام الصلاة) أي مكملاتها يقال تم الشيء يتم تكملت أجزاؤه 0000 (إقامة الصف) يعني تسويته وتعديله عند إرادة الدخول في الصلاة فهو سنة مؤكدة ينبغي المحافظة عليها 000000
2226 إن من شر الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين( صحيح )
( ت ) عن أبي هريرة .
2227 إن من ضئضئ هذا قوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يقتلون أهل الإسلام و يدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ( صحيح ) ( ق د ن ) عن أبي سعيد .
2228إن من عبادالله من لوأقسم على الله لأبره(صحيح)(حم ق د ن ه)أنس.
الشرح:
(إن من عباد اللّه من) أي إنسان (لو أقسم على اللّه لأبره) أي لجعله راضياً باراً صادقاً في يمينه لكرامته عليه ضمن على معنى العزم يعني أقسم عازماً على اللّه أن يفعل ما يريده والمقسم به محذوف وللقاضي هنا تكلف ينافر السياق.
2229 إن من قبل مغرب الشمس بابا مفتوحا عرضه سبعون سنة فلا يزال ذلك الباب مفتوحا حتى تطلع الشمس نحوه فإذا طلعت من نحوه لم ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا( حسن )
( ه ) عن صفوان بن عسال .
2230 إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت ( صحيح ) ( حم خ د ه ) عن ابن مسعود ( حم ) عن حذيفة .
الشرح:(1/397)
(إن مما أدرك الناس) أي الجاهلية ويجوز رفع الناس على عائد محذوف ونصبه على أن العائد ضمير الفاعل وأدرك بمعنى بلغ ذكره الطيبي وغيره لكن الرواية بالرفع فقد قال الحافظ ابن حجر الناس بالرفع في جميع الطرق (من كلام النبوة الأولى) أي مما اتفق عليه شرائع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لأنه جاء في أولاهما ثم تتابعت بقيته عليه ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم وقوله الأولى أي التي قبل نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم وعليهم أجمعين فالحياء لم يزل أمره ثابتاً واستعماله واجباً منذ زمان النبوة الأولى وما من نبي إلا وقد حث عليه وندب إليه وافهم بإضافة الكلام إلى النبوة أن هذا من نتائج الوحي وأن الحياء مأمور به في جميع الشرائع (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) فإنك مجزي به فهو أمر تهديد لتاركه نحو {اعملوا ما شئتم} أو أراد الخبر يعني عدم الحياء، يورث الاستهتار والانهماك في هتك الأستار أو المراد ما لا تستحي من اللّه في فعله فافعله وما لا فلا فهو أمر إباحة والأول أولى. قال الزمخشري: فيه إشعار بأن الذي يكف الإنسان ويردعه عن مواقعة السوء هو الحياء فإذا رفضه وخلع ربقته فهو كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة.
2231 إن مما يلحق المؤمن من عمله و حسناته بعد موته علما نشره و ولدا صالحا تركه و مصحفا ورثه أو مسجدا بناه أو بيتا لابن السبيل بناه أو نهرا أجراه أو صدقة أخرجها من ماله في صحته و حياته تلحقه من بعد موته
( حسن ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/398)
(إن مما يلحق المؤمن من عمله وحسناته بعد موته علماً نشره) بين الناس بنحو نقل وإفتاء وتأليف (وولداً صالحاً) أي مسلماً (تركه) أي خلفه بعده يدعو له (ومصحفاً ورَّثه) بالتشديد أي خلَّفه لوارثه ويظهر أن مثله كتب الحديث كالصحيحين (أو مسجداً بناه) للّه تعالى لا للرياء والسمعة ومثله الرباط والمدرسة ومصلى العيد ونحو ذلك كما يعلم بالأولى من قوله (أو بيتاً لابن السبيل بناه) للّه تعالى لا للرياء يعني خاناً تنزل فيه المارة من المسافرين بنحو جهاد أو حج (أو نهراً أجراه) أي حفره وأجرى فيه الماء لتحيى به الأرض وأهلها (أو صدقة أخرجها من ماله في صحته وحياته) وهو يؤمل البقاء ويخشى الفقر (تلحقه من بعد موته) أي هذه الأعمال يجري على المؤمن ثوابها من بعد موته فإذا مات انقطع عمله إلا منها وتحصل من الأخبار أن الذي تجري عليهم أجورهم بعد الموت أحد عشر نظمها المؤلف وبسطها السخاوي وغيره وتمسك بظاهر هذا الخبر وما أشبهه من زعم أن الميت لا ينتفع إلا بما نسب إليه في الحياة وأطالوا في رده حكى القرطبي أن ابن عبد السلام كان يفتي بأنه لا يصل للميت ثواب ما يقرأ عليه ويهدى له لقوله سبحانه وتعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} فلما مات رآه بعض أصحابه فقال له كنت تقول لا يصل للميت ثواب ما يقرأ عليه ويهدى له فكيف الأمر قال: كنت أقول ذلك في الدنيا والآن قد رجعنا عنه لما رأيت من كرم اللّه وأنه يصل إليه ذلك.
2232 إن موجبات المغفرة بذل السلام و حسن الكلام ( صحيح )
( طب ) عن هانئ بن يزيد .
الشرح:
(إن من موجبات المغفرة) أي من أسباب ستر الذنوب وعدم المؤاخذة بها (بذل السلام) أي إفشاؤه بين الناس على كل من لقيته عرفته أم لا سيما الفقراء والمساكين (وحسن الكلام) أي إلانة القول للإخوان واستعطافهم على منهج المداراة لا على طريق المداهنة والبهتان.(1/399)
2233 إن من ورائكم أياما ينزل فيها الجهل و يرفع فيها العلم و يكثر فيها الهرج: القتل ( صحيح ) ( ت ه ) عن أبي موسى .
2234 إن من ورائكم زمان صبر للمتمسك فيه أجر خمسين شهيدا منكم
( صحيح ) ( طب ) عن ابن مسعود .
2235 إن من يمن المرأة تيسير خطبتها و تيسير صداقها و تيسير رحمها
( حسن ) ( حم ك هق ) عن عائشة .
الشرح:
(إن من يمن المرأة) أي بركتها (تيسير خطبتها) بالكسر أي سهولة سؤال الخاطب أولياءها نكاحها واجابتهم بسهولة من غير توقف(وتيسير صداقتها) أي عدم التشديد في تكثيره ووجدانه بيدالخاطب من غيركد في تحصيله
(وتيسير رحمها)أي للولادة بأن تكون سريعة الحمل كثيرة النسل0000
2236 إن منكم رجالا لا أعطيهم شيئا أكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان(صحيح )(حم د ك هن)عن الفرات بن حيان(حم)عن بعض الصحابة .
2237 إن منهم من تأخذه النار إلى كعبيه و منهم من تأخذه إلى ركبتيه و منهم من تأخذه إلى حجزته و منهم من تأخذه إلى عنقه ( صحيح )
( حم م ) عن سمرة .
2238 إن موسى قال: يا رب أرنا آدم الذي أخرجنا و نفسه من الجنة فأراه الله آدم قال أنت أبونا آدم ؟ فقال له آدم: نعم قال أنت الذي نفخ الله فيك من روحه و علمك الأسماء كلها و أمر الملائكة فسجدوا لك ؟ قال: نعم قال: فما حملك على أن أخرجتنا و نفسك من الجنة ؟ فقال له آدم: و من أنت ؟ قال: أنا موسى قال: أنت نبي بني إسرائيل الذي كلمك الله من وراء حجاب لم يجعل بينك و بينه رسولا من خلقه ؟ قال: نعم قال: فما وجدت أن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال: نعم قال: فبم تلومني في شيء سبق من الله فيه القضاء قبلي ؟ فحج آدم موسى فحج آدم موسى( حسن )( د ) عن عمر .(1/400)
2239 إن موسى كان رجلا حييا ستيرا لا يرى من جلده شيء استحياء منه فآذاه من آذاه من بني إسرائيل فقالوا: ما استتر هذا التستر إلا من عيب بجلده إما برص و إما أدرة و إما آفة و إن الله عز و جل أراد أن يبرئه مما قالوا فخلا يوما وحده فوضع ثيابه على الحجر ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها و إن الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عصاه و طلب الحجر فجعل يقول: ثوبي حجر ثوبي حجر ! حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق الله و برأه مما يقولون و قام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه و طفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله إن بالحجر لندبا من أثر ضربه ثلاثا أو أربعا أو خمسا فذلك قوله تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا و كان عند الله وجيها . ( صحيح )
( حم خ ت ) عن أبي هريرة .
2240 إن ناسا من أمتي سيماهم التحليق يقرءون القرآن لا يجاوز حلوقهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية هم شر الخلق و الخليقة
( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة .
2241 إن نفرا من الجن أسلموا بالمدينة فإذا رأيتم أحدا منهم فحذروه ثلاث مرات ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثلاث ( صحيح )
( حم د ) أبي سعيد .
2242 إن هاتين الصلاتين - يعني العشاء و الصبح - من أثقل الصلاة على المنافقين و لو يعلمون فضل ما فيهما لأتوهما و لو حبوا عليكم بالصف المقدم فإنه مثل صف الملائكة و لو تعلمون فضيلته لابتدرتموه و صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده و صلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل و ما كان أكثر فهو أحب إلى الله تعالى(حسن) ( صحيح )
( حم د ن ه حب ك ) عن أبي .
2243 إن هذا اخترط سيفي و أنا نائم فاستيقظت و هو في يده صلتا فقال لي: من يمنعك مني ؟ قلت: الله ؟ فها هو ذا جالسا ! ( صحيح )
( حم ق ن ) عن جابر .(1/401)
2244 إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين( صحيح ) ( حم خ ) عن معاوية .
2245 إن هذا الدينار و الدرهم أهلكا من قبلكم و هما مهلكاكم
( صحيح ) ( طب هب ) عن ابن مسعود وعن أبي موسى .
الشرح:
(إن هذا الدينار والدرهم) أي مضروبي الذهب والفضة (أهلكا من كان قبلكم) من الأمم السالفة (وهما) لفظ رواية الطبراني وما أراهما (إلا مهلكاكم) أيتها الأمة لأن كل منهما زينة الحياة الدنيا كما أخبر اللّه سبحانه به وقضية ما يزين به التفاخر والتكبر والتهافت على جمعه من أي قبيل والتساقط على صرفه في اللذات والشهوات المهلكات قال الحرالي: المتعلق خوفهم ورجاؤهم بالدينار والدرهم مشركو هذه الأمة وما تعلق به خوفهم ورجاؤهم هو ربهم ومعبودهم الذي إليه تصرف جميع أعمالهم واسم كل امرئ مكتوب علي وجه ما اطمئنان به قلبه وقد رأى عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام الدنيا في صورة عجوز عليها من كل زينة فقال لها كم تزوجت قالت لا أحصيهم قال فكلهم مات عنك أو طلقك قالت بل قتلتهم كلهم فقال تباً لأزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بأزواجك الماضين كيف تهلكيهم واحداً بعد واحد ولا يكونوا منك على حذر؟ وقال أبو العلاء: رأيت عجوز في النوم مزينة والناس عليها عكوف يعجبون من حسنها فقلت من أنت قالت الدنيا قلت أعوذ باللّه من شرك قالت إن أحببت أن تعاديني فابغض الدرهم والدينار انتهى. لكن مما ينبغي أن يعلم أن الدينار والدرهم يتعلق بهما نظام الوجود فإذا لم يجعل اللّه لعبده تعلقاً قلبياً به بل زهده فيه وجعله كثير النوال ناسجاً به نظام الشريعة على أحسن منوال كان جديراً بالعز والإقبال وحسن الثناء عليه من كل ذي مقال كما يشير إليه خبر ورجل أتاه اللّه مالاً فهو ينفق منه فالمال من حيث كونه ما لا ليس بقبيح شرعاً ولا عقلاً وإنما يحسن أو يقبح بالإضاءة إلى مالكه.(1/402)
2246 إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق ( حسن ) ( حم ) عن أنس .
الشرح:
(إن هذا الدين متين) أي صلب شديد (فأوغلوا) أي سيروا (فيه برفق) من غير تكلف ولا تحملوا على أنفسكم ما لا تطيقونه فتعجزوا وتتركوا العمل والإيغال كما في النهاية السير الشديد والوغول الدخول في الشيء اهـ والظاهر أن المراد في الحديث السير لا يفيد الشدة إذ لا يلائم السياق وقال الغزالي: أراد بهذا الحديث أن لا يكلف نفسه في أعماله الدينية ما يخالف العادة بل يكون بتلطف وتدريج فلا ينتقل دفعة واحدة إلى الطرف الأقصى من التبدل فإن الطبع نفور ولا يمكن نقله عن أخلاقه الرديئة إلا شيئاً فشيئاً حتى تنفصم تلك الصفات المذمومة الراسخة فيه ومن لم يراع التدريج وتوغل دفعة واحدة ترقى إلى حالة تشق عليه فتنعكس أموره فيصير ما كان محبوباً عنده ممقوتاً وما كان مكروهاً عنده مشرباً هنيئاً لا ينفر عنه وهذا لا يعرف إلا بالتجربة والذوق وله نظير في العادات فإن الصبي يحمل على التعليم ابتداء قهراً فيشق عليه الصبر عن اللعب والصبر مع العلم حتى إذا انفتحت بصيرته وأنس بالعلم انقلب الأمر فصار يشق عليه الصبر عن العلم.
2247 إن هذا الشهر قد حضركم و فيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله و لا يحرم خيرها إلا محروم( حسن ) ( ه ) عن سعيد .
2248 إن هذا الطاعون رجز و بقية عذاب عذب به قوم فإذا وقع بأرض و أنتم بها فلا تخرجوا منها فرارا منه و إذا وقع بأرض و لستم بها فلا تدخلوها( صحيح ) ( حم م ) عن أسامة بن زيد وسعد وخزيمة بن ثابت .
2249 إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه
( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن عمر .
الشرح:(1/403)
(إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف) أي سبع لغات أو سبعة أوجه من المعاني المتفقة بألفاظ مختلفة أو غير ذلك على ما سلف تقريره وغلط أبو شامة من زعم أن المراد القراءات السبع وحكى الإجماع على خلافه (فاقرؤوا ما تيسر منه) من الأحرف المنزل بها بالنسبة لما يستحضره القارئ من القراءات فالذي في آية المزمل للكمية في الصلاة وغيرها بأية لغة من السبع أو بأي وجه من الوجوه أو بأي لفظ من الألفاظ أدى المعنى.
2250 إن هذا المال خضر حلو فمن أخذه بحقه بورك له فيه و من أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه و كان كالذي يأكل و لا يشبع و اليد العليا خير من اليد السفلى( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن حكيم بن حزام .
الشرح:(1/404)
(إن هذا المال) في الميل إليه وحرص النفوس عليه (خضر حلو) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين أي غض شهى يميل الطبع ولا يميل عنه كما لا تمل العين من النظر إلى الخضرة والفم من أكل الحلو وفي تشبيهه بالخضر إشارة إلى سرعة زواله إذ الأخضر أسرع الألوان تغيراً ولفظ رواية البخاري إن هذا المال خضرة حلوة قال الزركشي: نبه بتأنيث الخبر على تأنيث المبتدأ وتقديره إن صورة هذا المال أو التأنيث للمعنى لأنه اسم جامع لأشياء كثيرة وقال ابن حجر: أنث الخبر لأن المراد الدنيا (فمن أخذه) ممن يدفعه (لحقه) لفظ رواية البخاري بسخاوة نفس أي بطيبها من غير حرص (بورك له فيها) أي بارك اللّه له في المأخوذ (ومن أخذه بإشراف) بكسر الهمزة وشين معجمة أي بطمع (نفس) أو مكتسباً له بطلب نفسه وحرصها عليه قال الزركشي: فالهاء راجعة إلى لفظ المال وإشراف النفس تطلعها للأخذ والعلو والغلو فيه (لم يبارك له) أي لم يبارك للأخذ (فيه) أي فيما أخذه (وكان) أي للآخذ (كالذي) أي كالحيوان الذي به الجوع الكالب بحيث (يأكل ولا يشبع) ويسمى جوع الكلب كلما ازاداد أكلاً ازداد جوعاً فكلما نال منه شيئاً ازدادت رغبته واستقل ما عنده ونظر إلى ما فوقه وإلى من فوقه (واليد العليا) بضم العين مقصوراً المنفقة أو المتعففة (خير من اليد السفلى) السائلة أو الآخذة أو العليا يد من تعفف عن السؤال والسفلى يد السائل وعليه فعلوها معنوي ومقصود الحديث أن الأخذ بسخاء نفس يحصل البركة في الرزق فإن الزهد يحصل خير الدارين.
2251 إن هذا المال خضرة حلوة فمن أصابه بحقه بورك فيه ورب متخوض فيما شاءت نفسه من مال الله و رسوله ليس له يوم القيمة إلا النار
( صحيح ) ( حم ت ) عن خولة بنت قيس .
الشرح:(1/405)
(إن هذا المال) كبقلة أو كفاكهة أو كروضة أو كشجرة متصفة بأنها (خضرة) في النظر (حلوة) في المذاق وكل من الوصفين ممال إليه على انفراده فكيف إذا اجتمعا فالتأنيث واقع على التشبيه أو نظر لما يشتمل عليه المال من أنواع زهرات الدنيا أو المعنى أن فائدة المال أو صورته أو التاء للمبالغة كعلامة وخص الأخضر لأنه أحسن الألوان ولباس أهل الإيمان في الجنان (فمن أصابه) أي المال (بحق) أي بقدر حاجته من الحلال (بورك فيه) أي بارك اللّه له فيه (ورب متخوض) أي متسارع ومتصرف (فيما شاءت نفسه) أي فيما أحبته والتذت به (من مال اللّه ورسوله) قال الطيبي: كان الظاهر أن يقال ومن أصابه بغير حق ليس له إلا النار فعدل إلى ورب متخوض إيماء إلى قلة من يأخذه بحق والأكثر يتخوض فيه بغير حق ولذا قال في الأول خضرة حلوة أي مشتهاة وفي الثاني فيما شاءت نفسه (ليس له) جزاء (يوم القيامة إلا النار) أي دخولها وهو حكم مترتب على الوصف المناسب وهو الخوض في مال اللّه ورسوله فيكون مشعراً بالعلية قال الراغب: والخوض الشروع في الماء والمرور فيه ويستعار في الأمور وأكثر استعماله فيما يذم شرعاً {ذرهم في خوضهم يلعبون} وهذا حث على الاستغناء عن الناس وذم السؤال بلا ضرورة فيحرم على القادر كسب ويحل لغيره بشرط ألا يذل نفسه ولا يلح ولا يؤذي المسؤول وإلا حرم.
2252 إن هذا المسجد لا يبال فيه و إنما بني لذكر الله و الصلاة( حسن )
( ه ) عن أبي هريرة .
2253 إن هذا الوباء رجز أهلك الله به الأمم قبلكم و قد بقي منه في الأرض شيء يجيء أحيانا و يذهب أحيانا فإذا وقع بأرض فلا تخرجوا منها فرارا و إذا سمعتم به في أرض فلا تأتوها( صحيح)( حم ق ن ) عن أسامة بن زيد .
2254 إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي و أهلي بالحج و اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت و لا تصلي ( صحيح )
( حم م د ) عن جابر .(1/406)
2255 إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت( صحيح ) ( ق د ن ) عن عائشة .
2256 إن هذا بكى لما فقد من الذكر - يعني الجذع - ( صحيح )
( حم خ ) عن جابر .
2257 إن هذا ملك لم ينزل الأرض قط قبل هذه الليلة استأذن ربه أن يسلم علي و يبشرني بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة و أن الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة( صحيح ) ( ت ) عن حذيفة .
2258 إن هذا يوم جعله الله عيدا للمسلمين فمن جاء إلى الجمعة فليغتسل و إن كان طيب فليمس منه و عليكم بالسواك( صحيح )
( مالك الشافعي ) عن عبيد بن السباق مرسلا ( ه ) عنه عن ابن عباس .
2258 / 1 إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به ( حسن صحيح )
صحيح أبي داود ( 1761 ) ( حم د ك ) عن أم سلمة .
2259 إن هذا يوم كان يصومه أهل الجاهلية فمن أحب أن يصومه فليصمه و من أحب أن يتركه فليتركه - يعني يوم عاشوراء - ( صحيح )
( م ) عن ابن عمر .
2260 إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد و لا لحياته و لكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكر الله و دعائه و استغفاره ( صحيح ) ( ق ن ) عن أبي موسى .
2261 إن هذه الأمة أمة مرحومة عذابها بأيديها فإذا كان يوم القيامة دفع إلى كل رجل من المسلمين رجل من المشركين فيقال: هذا فداؤك من النار
( صحيح ) ( ه ) عن أنس .
2262 إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه تعوذوا بالله من عذاب النار تعوذوا بالله من عذاب القبر تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها و ما بطن تعوذوا بالله من فتنة الدجال( صحيح ) ( حم م ) عن زيد بن ثابت .(1/407)
2263 إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخبث و الخبائث( صحيح ) ( حم د ن ه حب ك ) عن زيد بن أرقم .
2264 إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس و إنها لا تحل لمحمد و لا لآل محمد( صحيح ) ( م د ن ) عن المطلب بن ربعية .
2265 إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح و التكبير و قراءة القرآن( صحيح ) ( حم م د ن ) عن معاوية بن الحكم .
2266 إن هذه الصلاة - يعني العصر - عرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ منكم اليوم عليها كان له أجره مرتين و لا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد( صحيح ) ( م ن ) عن أبي بصرة الغفاري .
2267 إن هذه القبور ممتلئة على أهلها ظلمة و إن الله ينورها لهم بصلاتي عليهم( صحيح ) ( حم ) عن أنس ( م ) عن أبي هريرة .
2268 إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من القذر و البول و الخلاء إنما هي لقراءة القرآن و ذكر الله و الصلاة( صحيح ) ( حم م ) عن أنس .
2269 إن هذه النار إنما هي عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم ( صحيح )
( ق ه ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إن هذه النار) المشار إليه النار التي يخشى انتشارها (إنما هي عدوّ لكم) يا بني آدم فإن قيل ما معنى قصرها على العداوة وكثير من المنافع مربوط بها فالجواب أن هذا بطريق الادعاء مبالغة في التحذير عن ابقائها (فإذا نمتم) أي أردتم النوم (فأطفؤها عنكم) المراد به إسكانها بحيث يؤمن اضرارها والجار والمجرور متعلق بمحذوف أي متجاوز عنكم.
2270إن هذه ضجعة لايحبها الله تعالى(صحيح)(حم ت ك)عن أبي هريرة.
2271 إن هذه ضجعة يبغضها الله تعالى - يعني الاضطجاع على البطن -
( صحيح ) ( حم د ه ) عن طخفة بن قيس الغفاري .
2272 إن هذه ليست بالحيضة و لكن هذا عرق فإذا أدبرت الحيضة فاغتسلي و صلي و إذا أقبلت فاتركي لها الصلاة(صحيح)(ن ك)عن عائشة.
2273 إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسوها - يعني المعصفر -( صحيح )
( حم م ن ) عن ابن عمرو .(1/408)
2274إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثهم - يعني الذهب والحرير -
( صحيح ) ( حم د ن ه ) عن على ( ه ) عن ابن عمر .
2275 إن وسادك إذن لعريض طويل إنما هو: سواد الليل و بياض النهار
( صحيح ) ( حم د ) عن عدي بن حاتم .
2276 إن يأجوج و مأجوج ليحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا فيعيده الله أشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم و أراد الله أن يبعثهم على الناس حضروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم: ارجعوا فستحفرونه غدا إن شاء الله و استثنوا فيعودون إليه و هو كهيئته حين تركوه فيحفرونه و يخرجون على الناس فينشفون الماء و يتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون سهامهم إلى السماء فترجع و عليها كهيئة الدم الذي اجفظ فيقولون: قهرنا أهل الأرض و علونا أهل السماء ! فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها و الذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن و تشكر شكرا من لحومهم و دمائهم ( صحيح ) ( حم د ك ) عن أبي هريرة .
2277 إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل و النهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات و الأرض ؟ فإنه لم يغض ما في يمينه و عرشه على الماء و بيده الأخرى القبض يرفع و يخفض( صحيح )
( حم ق ) عن أبي هريرة .
2278 إن يوم الاثنين و الخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين يقول: دعهما حتى يصطلحا( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
2279 إن يوم الجمعة سيد الأيام و أعظمها عند الله و هو أعظم عند الله من يوم الأضحى و يوم الفطر فيه خمس خلال: خلق الله فيه آدم و أهبط الله فيه آدم إلى الأرض و فيه توفى الله آدم و فيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئا إلا أعطاه إياه ما لم يسأل حراما و فيه تقوم الساعة و ما من ملك مقرب و لا سماء و لا أرض و لا رياح و لا جبال و لا بحر إلا و هو يشفق من يوم الجمعة أن تقوم فيه الساعة( حسن ) ( حم ه ) عن أبي لبابة بن عبدالمنذر .(1/409)
2280إنا آل محمدلا تحل لناالصدقة(صحيح)(حم حب)عن الحسن بن على.
الشرح:
(إنا آل محمد) مؤمني بني هاشم والمطلب. مال العكبري إلى أن آل منصوب بأعني أو أخص وليس بمرفوع على أنه خبر إن لأن ذلك معلوم لا يحتاج لذكره وخبر إن قوله (لا تحل لنا الصدقة) لأنها طهرة وغسول تعافها أهل الرتب العلية والاصطفاء وعرفها ليفيد أن المراد الزكاة أي لا تحل لنا الصدقة المعهودة وهي الفرض بخلاف النفل فتحل لهم دونه عند الشافعية والحنابلة وأكثر الحنفية وعمم مالك التحريم00000
2281 إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة وإن مولى القوم من أنفسهم(صحيح)
( حم د ن حب ك ) عن أبي رافع .
2282 إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب( صحيح )( ق د ن) عن ابن عمر .
الشرح:
(إنا) أي العرب وزعم أنه أراد نفسه ينافره السياق ويأباه قوله (أمة) جماعة عرب (أمية) أي باقون على ما ولدتنا عليه أمهاتنا من عدم القراءة والكتابة ثم بين ذلك بقوله (لا نكتب) أي لا يكتب فينا إلا الفرد النادر قال اللّه تعالى {هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم} (ولا نحسب) بضم السين أي لا نعرف حساب النجوم وتسييرها فالعمل بقول المنجمين ليس من هدينا بل إنما ربطت عبادتنا بأمر واضح وهو رؤية الهلال فإنا نراه مرّة لتسع وعشرين وأخرى لثلاثين وفي الإناطة بذلك دفع للحرج عن العرب في معاناة ما لا يعرفه منهم إلا القليل ثم استمر الحكم بعدهم وإن كثر من يعرف ذلك.
2283 إنا قد اتخذنا خاتما و نقشنا فيه نقشا فلا ينقش أحد على نقشه
( صحيح ) ( خ ن ه ) عن أنس .
2284 إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم فقد جاء الله بالسعة فكلوا و ادخروا و اتجروا ألا و إن هذه الأيام أيام أكل و شرب و ذكر الله ( صحيح ) ( د ) عن نبيشة .
2285 إنا لن نستعمل على عملنا من أراده ( صحيح )
( حم ق د ن ) عن أبي موسى .
الشرح:(1/410)
(إنا لن) وفي رواية البخاري لا وفي أخرى لمسلم إنا واللّه (نستعمل على عملنا) أي الإمارة والحكم بين الناس (من أراده) وفي رواية من يطلبه وذلك لأن إرادته إياه والحرص عليه مع العلم بكثرة آفاته وصعوبة التخلص منها آية أنه يطلبه لنفسه ولأغراضه ومن كان هكذا أوشك أن تغلب عليه نفسه فيهلك إذ الولاية تفيد قوة بعد ضعف وقدرة بعد عجز وقال من أريد بأمر أعين عليه ومن أراد أمراً وكل إليه ليرى عجزه، وهذه النون كما قال الزمخشري: يقال لها نون الواحد المطاع وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مطاعاً يكلم أهل طاعته على صفته وحاله التي كان عليها وليس التكبر من لوازم ذلك، ألا ترى إلى قول سليمان عليه السلام {علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء} وقد يتعلق بتحمل الإمام وتقحمه وإظهار سياسته وعزته مصالح فيعود تكلف ذلك واجباً.
2286 إنا معشر الأنبياء أمرنا أن نعجل إفطارنا و نؤخر سحورنا و نضع أيماننا على شمائلنا في الصلاة( صحيح )( الطيالسي طب) عن ابن عباس .
الشرح:
(إن معشر) وفي رواية معاشر (الأنبياء أمرنا) بالبناء للمفعول أي أمرنا اللّه (أن نعجل إفطارنا) إذا كنا صائمين بأن نوقعه بعد تحقق الغروب ولا نؤخره إلى اشتباك النجوم (ونؤخر سحورنا) بالضم أي نقربه من الفجر جداً ما لم يوقع التأخير في شك (ونضع أيماننا) أي أيدينا اليمنى (على شمائلنا) فويق السرة (في الصلاة) في رواية بدله في صلاتنا وذلك بأن يقبض بكفه اليمنى كوع اليسرى وبعض الساعد باسطاً أصابعها في عرض المفصل أو ناشراً لها صوب الساعد والأمر هنا للندب وهذا صريح في أن هذه الثلاثة ليست من خصوصياته.
2287 إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا و لا تنام قلوبنا ( صحيح )
( ابن سعد ) عن عطاء مرسلا .
الشرح:(1/411)
(إنا معشر الأنبياء) منصوب على الاختصاص أو المدح والمعشر كل جمع أمرهم واحد فالإنس معشر والجن معشر والأنبياء معشر وهو بمعنى قول جمع الطائفة الذين يشملهم وصف (تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا) بل هي دائمة اليقظة لا يعتريها غفلة ولا يتطرّق إليها شائبة نوم لمنعه من إشراق الأنوار الإلهية الموجبة لفيض المطالب السنية عليها ولذا كانت رؤياهم وحياً ولم تنتقض طهارتهم بالنوم ولا يشكل بنومه في قصة الوادي حتى طلعت الشمس لأن اللّه خرق عادته في نومه ليكون ذلك رخصة لأمّته 0000
2288إنامعشرالأنبياء يضاعف علينا البلاء(صحيح)(طب)عن اخت حذيفة.
الشرح:
أي يزاد وليس محصوراً في الواحد يقال ضعف الشيء يضعف إذا زاد وضعفته إذا زدته وفي البلاء من الفضائل والفوائد ما لا يخفى قال ابن النحاس: وقوله معشر يشبه المنادى وليس بمنادى وهو منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره كما لم يجز ظهوره مع المنادى 00000
2289 إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس و من أحب أن يذهب فليذهب( صحيح ) ( د ك ) عن عبدالله بن السائب .
2290 إنا نهينا أن ترى عوراتنا ( صحيح ) ( ك ) عن جابر بن صخر .
الشرح:
(إنا نهينا) نهي تحريم والناهي هو اللّه تعالى (أن ترى عوراتنا) ضمير الجمع يؤذن بأن المراد هو والأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو هو وأمته وعدّ ابن عبد السلام من خواصه أنه لم ترى عورته قط قال ولو رآها أحد طمست عيناه وعدّ بعض الأكابر من خصائص هذه الأمة وجوب ستر العورة 00000
2291 إنا و الله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله و لا أحدا حرص عليه
( صحيح ) ( م ) عن أبي موسى .
2292 إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين( صحيح )
( حم تخ ) عن خبيب بن يساف .
الشرح:(1/412)
(إنا لا نستعين) في القتال (بالمشركين على المشركين) أي عند عدم الحاجة إليه وهذا قاله لمشرك لحقه ليقاتل معه ففرح به المسلمون لجرأته ونجدته فقال له تؤمن؟ قال لا، فرده ثم ذكره، لأن محل المنع عند عدم دعاء الحاجة، وأما الجواب بأنه خرج باختياره لا بأمر المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ففيه أن التقرير قائم مقام الأمر والقول بأن النهي خاص بذلك الوقت أورده في شخص معين وجد له رغبة في الإسلام فردّه بذلك ليسلم أو أن الأمر فيه إلى الإمام اعترضه ابن حجر بأنه نكرة في سياق النفي فيحتاج مدّعي التخصيص إلى دليل.
2293 إنا لا نستعين بمشرك ( صحيح ) ( حم د ه ) عن عائشة .
الشرح:
(إنا لا نستعين) في رواية إنّا لن نستعين أي في أسباب الجهاد من نحو قتل واستيلاء ومن عمم فقال أو استخدام فقد أبعد (بمشرك) أي لا نطلب منه العون في شيء من ذلك وفي امتناع استعانة المسلمين بالكفار خلاف في الفروع شهير
2294 إنا لا نقبل شيئا من المشركين(صحيح)( حم ك)عن حكيم بن حزام .
الشرح:
(إنا لا نقبل) لا نجيب بالقبول (شيئاً) يهدى إلينا (من المشركين) يعني الكافرين فإن فلت قد صح من عدة طرق قبول الهدية الكافر كالمقوقس والأكيدر وذي يزن وغيرهم من الملوك قلت لك في دفع التدافع مسلكان: الأول أن مراده هنا أنه لا يقبل شيئاً منهم على جهة كونه هدية بل لكونه مال حربي فيأخذه على وجه الاستباحة الثاني أن يحمل القبول على ما إذا رجى إسلام المهدي وكان القبول يؤلفه أو كان فيه مصلحة للإسلام وخلافه وأما الجواب بأن حديث الرد ناسخ لحديث القبول فمهلهل لعدم العلم بالتاريخ.
2295 إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم( صحيح )
( د ) عن معاوية .(1/413)
2296 إنك تقدم على قوم أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم و ليلتهم فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم فترد على فقرائهم فإذا أطاعوا بها فخذ منهم و توق كرائم أموال الناس
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عباس .
2297 إنك دعوتنا خامس خمسة و هذا رجل قد تبعنا فإن شئت أذنت له و إن شئت رجع( صحيح ) ( ق ) عن ابن مسعود .
2298 إنك ستأتي قوما أهل كتاب فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم و ليلة فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك و كرائم أموالهم و اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها و بين الله حجاب( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن ابن عباس .
2299 إنك كالذي قال الأول: اللهم أبغني حبيبا هو أحب إلي من نفسي
( صحيح ) ( م ) عن سلمة بن الأكوع .
الشرح:
(إنك) يا سلمة بن الأكوع (الذي قال الأوّل اللّهم ابغني) بهمزة وصل أمر من البغاء أي اطلب وبهمزة قطع أمر من الإبغاء أي أعني على الطلب (حبيباً هو أحبّ إليّ من نفسي) قاله له وكان أعطاه ترساً ثم رآه مجرّداً عنه فسأله فقال لقيني عمي فرأيته أعزل فأعطيته إياها وقوله الأوّل بدل من الذي أي كالأوّل أي كالذي مضى فيمن مضى قائلاً اللّهم إلخ.
2300 إنك لن تخلف بعدي فتعمل عملا صالحا إلا ازددت به درجة و رفعة ثم لعلك أن تخلف حتى ينتفع بك أقوام و يضر بك آخرون اللهم أمض لأصحابي هجرتهم و لا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خولة
( صحيح ) ( حم ق د ت ) عن سعد .
2301 إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها و أكرمها على الله( حسن )
( حم ت ه ك ) عن معاوية بن حيدة .
الشرح:(1/414)
(إنكم تتمون سبعين أمة) أي يتم العدد بكم سبعين (أنتم خيرها وأكرمها على اللّه) ويظهر هذا الإكرام في أعمالهم وأخلاقهم وتوحيدهم ومنازلهم في الجنة ومقامهم في الموقف ووقوفهم على تلّ يشرفون عليهم إلى غير ذلك ومما فضلوا به الذكاء وقوّة الفهم ودقة النظر وحسن الاستنباط فإنهم أوتوا من ذلك ما لم ينله أحد ممن قبلهم، ألا ترى إلى أن بني إسرائيل عاينوا من الآيات الملجئة إلى العلم بوجود الصانع الحكيم وتصديق الكليم كانفجار البحر ونتق الجبل وغير ذلك ثم اتخذوا بعده العجل وقالوا: {لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة} وما تواتر من معجزات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أمور نظرية كالقرآن والتحدّي به والفضائل المجتمعة فيه الشاهدة بنبوّته دقيقة يدركها الأذكياء.
2302 إنكم تحشرون رجالا و ركبانا و تجرون على وجوهكم هاهنا - و أومأ بيده نحو الشام -( صحيح ) ( حم ت ك ) عن معاوية بن حيدة .
2303 إنكم تنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم و لولا أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة( صحيح ) ( ن ) عن ابن عمر .
2304 إنكم ستحرصون على الإمارة و إنها ستكون ندامة و حسرة يوم القيامة فنعم المرضعة و بئست الفاطمة ( صحيح)( خ ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/415)
(إنكم ستحرصون) بكسر الراء وفتحها (على الإمارة) الخلافة العظمى ونيابتها (وإنها ستكون ندامة) لمن لم يعمل فيها بما أمر به ويسلك سبيل المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وخلفائه الراشدين رضي اللّه عنهم (وحسرة يوم القيامة) وهذا أصل في تجنب الولايات سيما لضعيف أو غير أهل فإنه يندم إذا جوزي بالخزي يوم القيامة أما أهل عادل فأجره عظيم لكنه على خطر عظيم ومن ثم أباها الأكابر (فنعمت) الإمارة (المرضعة) أي في الدنيا فإنها تدلّ على المنافع واللذات العاجلة (وبئست) الإمارة (الفاطمة) عند انفصاله عنها بموت أو غيره فإنها تقطع عنه تلك اللذائذ والمنافع وتبقى عليه الحسرة والتبعة فالمخصوص بالمدح والذم محذوف وهو الإمارة ضرب المرضعة مثلاً للإمارة الموصلة صاحبها من المنافع العاجلة والفاطمة وهي التي انقطع لبنها مثلاً لمفارقتها عنها بانعزال أو موت والقصد ذم الحرص عليها وكراهة طلبها 000000 وفيه أن ما يناله الأمير من البأساء والضراء أشد مما يناله من النعماء فعلى العاقل أن لا يلم بلذة يتبعها حسرات. قال في المطامح: وكذا سائر الولايات الدينية وللفقهاء تفصيل في حكم الطلب مبين في الفروع.
2305 إنكم سترون بعدي أثرة و أمورا تنكرونها أدوا إليهم حقهم و سلوا الله حقكم ( صحيح ) ( خ ت ) عن ابن مسعود .
2306 إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس و صلاة قبل غروبها فافعلوا ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن جرير .
الشرح:(1/416)
(إنكم سترون ربكم) يوم القيامة (كما ترون هذا القمر) رؤية محققة لا تشكون فيها ولا تجهدون في تحصيلها فمعنى التشبيه أن ذلك محقق بلا مشقة ولا خفاء فهو تشبيه للرؤية برؤية القمر ليلة تمامه في الوضوح لا للمرئي بالمرئي (لا تضامون) بضم الفوقية وتخفيف الميم أي لا ينالكم ضيم أي ظلم في رؤيته فيراه بعضكم دون بعض وبالفتح والشدّ من الضم وأصله تتضامون فيضم بعضكم إلى بعض وتزدحمون حال النظر لخفائه أو لا تجتمعون لرؤيته في جهة ولا ينضم بعضكم لأجل ذلك كما يفعل في رؤية شيء خفي (في رؤيته) تعالى وهذا حديث مشهور تلقته الأمة بالقبول (فإن استطعتم أن لا تغلبوا) بالبناء للمجهول أي عن أن لا تتركوا الاستعداد بقطع أسباب الغفلة المنافية للاستطاعة كنوم وشغل (على) بمعنى عن (صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها) يعني الفجر والعصر كما في رواية مسلم (فافعلوا) ثم قرأ {فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} قال أبو عيسى حديث حسن صحيح عدى المغلوبية التي لازمها فعل الصلاة بقطع الأسباب النافية للاستطاعة كنوم ونحوه فكأنه قال صلوا في هذين الوقتين وذكرهما عقب الرؤية إشارة إلى أن رجاء الرؤية بالمحافظة عليهما وخصهما لشدة خوف فوتهما ومن حفظهما فبالحري أن يحفظ غيرهما أو لاجتماع الملائكة ورفع الأعمال فيها وقد ورد أن الرزق يقسم بعد صلاة الصبح وأن العمل يرفع آخر النهار فمن كان في طاعة بورك له في رزقه وعمله وأفاد الخبر أن رؤيته تعالى ممكنة أي للمؤمنين في الآخرة وزيادة شرف المصلين والصلاتين.
2307 إنكم ستفتحون مصر و هي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فاستوصوا بأهلها خيرا فإن لهم ذمة و رحما فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي ذر .
2308 إنكم ستلقون العدو غدا فليكن شعاركم ( حم لا ينصرون ) .
( صحيح ) ( حم ن ك ) عن البراء .
2309 إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني غدا علي الحوض(1/417)
( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن أسيد بن حضير ( حم ق ) عن أنس .
الشرح:
(إنكم) أيها الأنصار كما دلّ عليه خبر عبد اللّه بن محمد بن عقيل أن معاوية قدم المدينة فتلقاه أبو قتادة فقال إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم قال إنكم إلخ قال فيم أمركم قال أمرنا بالصبر قال اصبروا إذن (ستلقون) وفي رواية للبخاري سترون (بعدي) أي بعد موتي من الأمراء (أثرة) بضم أو كسر فسكون وبفتحات إيثاراً واختصاصاً بحظوظ دنيوية يأثرون بها غيركم يفضلون عليكم من ليس له فضل ويؤثرون أهواءهم على الحق ويصرفون الفيء لغير المستحق قال الراغب: والاستئثار التفرد بالشيء من دون غيره وزاد في رواية البخاري وأموراً تنكرونها قالوا فما تأمرنا يا رسول اللّه قال (فإذا رأيتم ذلك فاصبروا) أي إذا وقع ذلك فاصبروا كما أمرت بالصبر على ما سامتني الكفرة فصبرت فاصبروا أنتم على ما يسومكم الأمراء الجورة (حتى تلقوني غداً) أي يوم القيامة (على الحوض) أي عنده فتنصفون ممن ظلمكم وتجازون على صبركم والخطاب وإن كان للأنصار لكن لا يلزم من مخاطبتهم به أن يختص بهم فقد ورد ما يدلّ على التعميم وهذا لا تعارض بينه وبين الأحاديث الآمرة بالنهي عن المنكر لأن ما هنا فيما إذا لزم منه سفك دم أو إثارة فتنة وفيه الأمر بالصبر على الشدائد وتحمل المكاره قال ابن بزيزة: وخص الحوض لكونه مجمع الأمم بعد الخلاص من أهوال الموقف حيث لا يذكر حبيب حبيبه.
2310 إنكم شكوتم جدب دياركم و استئخار المطر عن إبان زمانه عنكم و قد أمركم الله عز و جل و وعدكم أن يستجيب لكم ( الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني و نحن الفقراء أنزل علينا الغيث و اجعل ما أنزلت لنا قوة و بلاغا إلى حين ) . ( حسن ) ( د ك ) عن عائشة .
2311 إنكم لن تدركوا هذا الأمر بالمغالبة ( حسن )
( ابن سعد حم هب ) عن ابن الأدرع .
الشرح:(1/418)
(إنكم لن تدركوا) أي تحصلوا (هذا الأمر بالمغالبة) المراد أمر الدين فإن الدين متين لا يغالبه أحد إلا غلبه فأوغلوا فيه برفق كما في الحديث السابق.
2312 إنكم لن تروا ربكم عز و جل حتى تموتوا ( صحيح )
( طب في السنة ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(إنكم) أيها المؤمنون (لن تروا ربكم) بأعينكم يقظة (عزّ وجل حتى تموتوا) فإذا متم رأيتموه في الآخرة رؤية منزّهة عن الكيفية أما في الدنيا يقظة فلغير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممنوعة ولبعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ممكنة في بعض الأحوال كما في تفسير القاضي 00000
2313 إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة(صحيح)(ن)عن أنس .
2314 إنكم مصبحوا عدوكم و الفطر أقوى لكم فأفطروا( صحيح )
( حم م ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إنكم مصبحون) بميم مضمومة أوله بضبط المصنف (عدوكم) أي توافونه صباحاً يقال صبحت فلاناً بالتشديد أتيته صباحاً وفي رواية قد دنيتم من عدوكم (والفطر أقوى لكم) على قتال العدو (فأفطروا) قاله حين دنا من مكة للفتح فأفطروا قال أبو سعيد فكانت عزيمة ثم نزلنا منزلاً آخر فقاله فمنا من أفطر ومنا من صام فكانت رخصة وأخذ من تعليله بدنو العدو واحتياجهم إلى القوة التي يلقونه بها أن الفطر هنا للجهاد لا للسفر فلو وافاهم العدو في الحضر واحتاجوا إلى التقوّي بالفطر جاز على ما قيل لأنه أولى من الفطر بمجرد السفر والقوة ثم تخص المسافر وهنا له وللمسلمين ولأن مشقة الجهاد أعظم من مشقة السفر.(1/419)
2315 إنما أجلكم فيما خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغارب الشمس و إنما مثلكم و مثل اليهود و النصارى كمثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط ؟ فعملت اليهود ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط ؟ فعملت النصارى ثم قال: من يعمل من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين قيراطين ؟ فأنتم هم فغضبت اليهود و النصارى و قالوا: ما لنا أكثر عملا و أقل عطاء ؟ قال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا ؟ قالوا: لا قال: فذلك فضلي أوتيه من أشاء ( صحيح )
( مالك حم خ ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/420)
(إنما أجلكم) في رواية للبخاري إنما بقاؤكم (فيما) أي إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما (خلا) قبلكم (من الأمم) السابقة (كما) أي مثل الزمن الذي (بين) آخر وقت (صلاة العصر) المنتهية (إلى مغارب) وفي رواية غورب (الشمس) ظاهره أن بقاء هذه الأمة وقع في زمن الأمم السابقة وليس مراداً بل معناه أن نسبة مدة عمر هذه الأمة إلى أعمار من تقدم من الأمم مثل ما بين العصر والغروب إلى بقية النهار فكأنه قال إلى بقاؤكم بالنسبة لما خلا إلخ فجعل في بمعنى إلى وحذف ما تعلقت به وهو النسبة كما حذف ما تعلقت به إلى (وإنما مثلكم) أيها الأمة فالمثل مضروب للأمة مع نبيهم والممثل به قوله (ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل) في السياق حذف تقديره مثلكم مع نبيكم ومثل أهل الكتابين مع أنبيائهم (استأجر أجراء) بالمد بخط المصنف جمع أجير فما في نسخ من جعله أجيراً بالإفراد تحريف (فقال من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط قيراط) أصله قراط بالتشديد وهو نصف دانق والمراد به هنا النصيب وكرره دلالة على أن الأجر لكل منهم قيراط لا أن المجموع في الطائفة قيراط وعادة العرب إذا أرادت تقسيم شيء على متعدد كررته تقول أقسم المال على بني فلان درهماً درهماً أي لكل واحد درهماً (فعملت اليهود) في رواية حتى إذا انتصف النهار عجزوا فأعطوا قيراطاً قيراطاً ثم قال (من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر) أي أول وقت دخولها أو أول الشروع فيها (على قيراط فعملت النصارى ثم قال من يعمل من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين قيراطين) بالتثنية (فأنتم) أيتها الأمة (هم) أي فلكم قيراطان لإيمانكم بموسى وعيسى مع إيمانكم بمحمد صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم لأن التصديق عمل قال المصنف المراد تشبيه من تقدم بأول النهار إلى الظهر والعصر في كثرة العمل الشاق والتكليف وتشبيه هذه الأمة بما بين العصر والليل في قلة ذلك وتخفيفه وليس المراد طول الزمن وقصره إذ مدة هذه الأمة أطول(1/421)
من مدة أهل الإنجيل قال إمام الحرمين: الأحكام لا تؤخذ من الأحاديث التي لضرب الأمثال (فغضبت اليهود والنصارى) أي الكفار منهم (وقالوا ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاء) يعني قال أهل الكتاب ربنا أعطيت لأمة محمد ثواباً كثيراً مع قلة أعمالهم وأعطيتنا قليلاً مع كثرة أعمالنا (قال) أي اللّه تعالى (هل ظلمتكم) أي نقصتكم (من حقكم) وفي رواية بدل حقكم أجركم أي الذي اشترطته لكم (شيئاً) وفي رواية من شيء وأطلق لفظ الحق لقصد المماثلة وإلا فالكل من فضله تعالى (قالوا لا) لم تنقصنا من أجرنا أو لم تظلمنا (قال فذلك) أي كل ما أعطيته من الثواب (فضلي أوتيه من أشاء) قال الطيبي: هذه المقاولة تخييل وتصوير لا حقيقة ويمكن حملها على وقوعها عند إخراج الذر ذكره القاضي قال الفخر الرازي كل نبي معجزاته أظهر فثواب أمته أقل إلا هذه الأمة فإن معجزات نبيها أظهر وثوابها أكثر.
2316 إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين( صحيح ) ( ت ) عن ثوبان .
الشرح:
(إنما أخاف على أمتي) أمة الإجابة (الأمة) أي شر الأمة (المضلين) المائلين عن الحق المميلين عنه والأمة جمع إمام وهو مقتدى القوم ورئيسهم ومن يدعوهم إلى قول أو فعل أو اعتقاد يحتمل أنه يريد أنه يخاف على عوام أمته جور جميع أئمة الضلال أئمة العلم والسلطان فالسلطان إذا ضل عن العدل وباين الحق تبعه كافة العوام خوفاً من سلطانه وطمعاً في جاهه والإمام في العلم قد يقع في شبهة ويعتريه زلة فيضل بهوى أو بدعة فيتبعه عوام المسلمين تقليداً ويتسامح بمتابعة هوى أو يتهافت على حطام الدنيا من أموال السلطان أو يرتكب معصية فيغتر به العوام وفائدة الحديث تحذير الإمام من الإمامة على ضلالة وتخويف الرعية من متابعته على الاغترار بإمامته.(1/422)
2317 إنما أخاف عليكم من بعدي ما يفتح عليكم من زهرة الدنيا و زينتها إنه لا يأتي الخير بالشر أن مما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا آكلة الخضر فإنها أكلت حتى إذا امتلأت خاصرتاها استقبلت الشمس فثلطت و بالت ثم رتعت و إن هذا المال خضرة حلوة و نعم صاحب المسلم هو لمن أعطاه المسكين و اليتيم و ابن السبيل فمن أخذه بحقه و وضعه في حقه فنعم المعونة هو و من أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل و لا يشبع و يكون عليه شهيدا يوم القيامة ( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن أبي سعيد .
2318 إنما أرى بني هاشم و بني المطلب شيئا واحدا إنهم لم يفارقونا في جاهلية و لا إسلام ( صحيح ) ( حم خ د ن ه ) عن جبير بن مطعم .
2319 إنما استراح من غفر له ( صحيح )
( حل ) عن عائشة ( ابن عساكر ) عن بلال .
الشرح:
أي سترت ذنوبه فلا يعاقب عليها فمن تحققت له المغفرة استراح وذلك لا يكون إلا بعد فصل القضاء والأمر بدخول الجنة فليس الموت مريحاً لأن ما بعده غيب عنا ومن ثم سئل بعض العارفين متى يجد العبد طعم الراحة فقال أول قدم يضعها في الجنة.
2320 إنما الأعمال كالوعاء إذا طاب أسفله طاب أعلاه و إذا فسد أسفله فسد أعلاه ( صحيح ) ( ه ) عن معاوية .
الشرح:(1/423)
(إنما الأعمال كالوعاء) بكسر الواو واحد الأوعية وأوعى الزاد والمتاع جعله في الوعاء كذا في الصحاح وغيره والمراد هنا أن العمل شبيه بالإناء المملوء (إذا طاب أسفله) أي حسن وعذب أسفل ما فيه من نحو مائع (طاب أعلاه) الذي هو مرئي (وإذا فسد أسفله فسد أعلاه) والقصد بالتشبيه أن الظاهر عنوان الباطن ومن طابت سريرته طابت علانيته فإذا اقترن العمل بالإخلاص القلبي الذي هو شرط القبول أشرق ضياء الأنوار على الجوارح الظاهرة وإذا اقترن برياء أو نحوه اكتسب ظلمة يدركها أهل البصائر وأرباب السرائر، إن للّه عباداً يعرفون الناس بالتوسم فاتقوا فراسة المؤمن. قال الغزالي: للأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها كالإخلاص والرياء والعجب وغيرها فمن لم يعرف هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادات الظاهرة فقلما سلم له عمل الظاهر فتفوته طاعات الظاهر والباطن فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكذب ذلك هو الخسران المبين.
2321 إنما الإمام جنة يقاتل به ( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إنما الإمام) الأعظم (جنة) بضم الميم أي وقاية وساتر وترس تحمى به بيضة الإسلام (يقاتل به) بزنة المجهول أي يدفع بسببه الظلامات ويلتجئ إليه الناس في الضرورات ويكون إمام الجيش في الحرب ليشد قلوبهم ويتعلمون منه الشجاعة والإقدام وقصر المراد على الأخير تقصير وزعم أن المعنى هو العاقد للّهدنة يربو عليه في القصور وليس في حيز الظهور والحمل على الأعم أتم.
2322 إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه و يتقى به فإن أمر بتقوى الله و عدل فإن له بذلك أجرا و إن أمر بغيره فإن عليه وزرا ( صحيح )
( ق ن ) عن أبي هريرة .
2323 إنما البيع عن تراض( صحيح ) ( ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/424)
(إنما البيع) أي الجائز الصحيح شرعاً الذي يترتب عليه أثره من انتقال الملك هو ما صدر (عن تراض) من المتعاقدين بخلاف ما لو صدر بنحو إكراه فلا أثر له بل المبيع باق على ملك البائع وإن صدرت صورة البيع وأفاد بإناطة الانعقاد بالرضى اشتراط الصيغة لوجود صورته الشرعية في الوجود لأن الرضى خفي لا يطلع عليه فاعتبر ما يدلّ عليه وهو الصيغة00
2324 إنما الدين النصح (صحيح)( أبو الشيخ في التوبيخ ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إنما الدين) أي الملة وهو دين الإسلام أي عماده وقوامه ومعظمه كالحج عرفة فالحصر مجازي بل ادعى جمع أنه حقيقي لما سيجيء في معنى النصح وأنه لم يبق من الدين شيئاً (النصح) هو لغة الإخلاص والتصفية وشرعاً إخلاص الرأي من الغش للنصوح وإيثار مصلحته ومن ثم كانت هذه الكلمة مع وجازة لفظها ليس في كلامهم أجمع منها ولهذا عبر بأداة الحصر والقصر فمن لا نصح عنده فليس عنده من الدين إلا الاسم وحقيق بالنصح أن يكون بهذه المثابة لأنه الوصف النفسي الذي لا يصدر عنها إلا وهي خالصة من النفاق عارية من الغش فدل بهذه الجملة على أن النصح يسمى ديناً وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول.
2325 إنما الربا في النسيئة ( صحيح ) ( حم م ن ه ) عن أسامة بن زيد .
الشرح:
أي البيع إلى أجل معلوم يعني بيع الربوي بالتأخير من غير تقابض هو الربا وإن كان بغير زيادة لأن المراد أن الربا إنما هو في النسيئة لا في التفاضل كما وهم ومن ثم قال بعض المحققين الحصر إضافي لا حقيقي من قبيل {إنما اللّه إله واحد} لأن صفاته لا تنحصر في ذلك وإنما قصد به الرد على منكري التوحيد فكذا هنا المقصود الرد على من أنكر ربا النسيئة وفهم الحبر ابن عباس منه الحصر الحقيقي فقصر الربا عليه وخالفه الجمهور فإن فرض أنه حقيقي فمفهومه منسوخ بأدلة أخرى وقد قام الإجماع على ترك العمل بظاهره.
2326 إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس و المرأة و الدار(1/425)
( صحيح ) ( خ د ه ) عن ابن عمر .
(إنما الشؤم) بضم المعجمة وسكون الهمزة وقد تسهل ضد اليمن إنما هو كائن (في ثلاثة) وفي رواية في أربع فزاد السيف (في الفرس) إذا لم يغز عليه أو كان شموساً أو جموحاً ومثله البغل والحمار كما شمله قوله في رواية الدابة (والمرأة) إذا كانت غير ولود أو سليطة (والدار) ذات الجار السوء أو الضيقة أو البعيدة عن المسجد وقد يكون الشؤم في غيرها أيضاً فالحصر فيها كما قال ابن العربي بالنسبة للسعادة لا للخلقة كذا حمله بعضهم وأجراه جمع منهم ابن قتيبة على ظاهره فقالوا النظير بهذه الثلاثة مستثنى من قوله لا طيرة وأنه مخصوص بها فكأنه قال لا طيرة إلا في هذه الثلاثة فمن تشاءم بشيء منها حلّ به ما كره وأيد بخبر الطيرة على من تطير قال المازري وقد أخذ مالك بهذا الحديث وحمله ولم يتأوله وانتصر له بحديث يحيى بن سعيد جاءت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالت دار سكناها والعدد كثير والمال وافر فذهب العدد وقل المال فقال دعوها ذميمة قال القرطبي ولا يظن بقائل هذا القول أن الذي رخص من الطيرة بهذه الثلاثة هو على نحو ما كانت الجاهلية تعتقده فيه وتفعل عندها وإنما معناها أنها أكثر مما يتشاءم به الناس لملازمتهم إياها فمن وقع في نفسه شيء من ذلك فله إبداله بغيره مما يسكن له خاطره مع اعتقاده أنه تعالى الفعال وليس لشيء منها أثر في الوجود وهذا يجري في كل متطير به وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنه لا بد للإنسان من ملازمتها فأكثر ما يقع التشاؤم بها قال وأما الحمل الأول فيأباه ظاهر الحديث ونسبته إلى أنه مراد الشارع من فاسد النظر وفي معنى الدار الدكان والحانوت والخان ونحوها بدليل رواية إن يكن الشؤم في شيء ففي الربع والخادم والفرس فيدخل في الربع ما ذكر والمرأة تتناول الزوجة والسرية والخادم كما في المفهم ويشكل الفرق بين الدار ومحل الوباء حيث وسع في الارتحال عنها ومنع من الخروج من محله وأجيب بأن(1/426)
الأشياء بالنسبة لهذه المعاني ثلاثة أحدها ما لم يقع التأثر به ولا اطردت عادة عامة ولا خاصة به كلقي غراب في بعض الأسفار أو صراخ بومة في دار فلا يلتفت إليه 0000000
2327 إنما الطاعة في المعروف( صحيح ) ( حم ق ) عن علي .
الشرح:
(إنما الطاعة) واجبة على الرعية للأمير (في المعروف) أي في الأمر الجائز شرعاً فلا يجب فيما لا يجوز بل لا يجوز وهذا قاله لما أمر على سرية رجلاً وأمرهم أن يطيعوه فأمرهم أن يقدوا ناراً ويدخلوها فأبوا فذكر ذلك للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقال لو دخلوها ما خرجوا منها ثم ذكره.
2328 إنما العلم بالتعلم و إنما الحلم بالتحلم و من يتحر الخير يعطه و من يتق الشر يوقه ( حسن ) ( الدارقطني في الأفراد خط ) عن أبي هريرة
( خط ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(إنما العلم) أي تحصيله (بالتعلم) بضم اللام على الصواب كما قاله الزركشي ويروى بالتعليم أي ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ عن الأنبياء وورثتهم على سبيل التعليم وتعلمه طلبه واكتسابه من أهله وأخذه عنهم حيث كانوا فلا علم إلا بتعلم من الشارع أو من ناب عنه منابه00 قال ابن مسعود تعلموا فإن أحدكم لا يدري متى يحتاج إليه وقال ابن سعد ما سبقنا ابن شهاب للعلم إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل وكنا تمنعنا الحداثة وقال الثوري من رق وجهه رق علمه وقال مجاهد لا يتعلم مستحي ولا متكبر وقيل لابن عباس بما نلت هذا العلم قال بلسان سؤول وقلب عقول (وإنما الحلم بالتحلم) أي ببعث النفس وتنشيطها إليه قال الراغب: الحلم إمساك النفس عن هيجان الغضب والتحكم إمساكها عن قضاء الوطر إذا هاج الغضب (ومن يتحر الخير يعطه) أي ومن يجتهد في تحصيل الخير يعطه اللّه تعالى إياه (ومن يتق) في رواية يتوق (الشر يوقه) زاد الطبراني والبيهقي في روايتيهما ثلاث من كن فيه لم يسكن الدرجات العلى ولا أقول لكم الجنة من تكهن أو استقسم أو ردّه من سفر تطير 00000
2329 إنما الماء من الماء ( صحيح )(1/427)
( م د ) عن أبي سعيد ( حم ن ه ) عن أبي أيوب .
الشرح:
أي يجب الغسل بالماء من خروج الماء الدافق وهو المني سواء خرج بشهوة أم دونها من ذكر أو أنثى عاقل أو مجنون بجماع أو دونه وما دل عليه الحصر من عدم وجوبه بجماع لا إنزال فيه الذي أخذ به جمع من الصحابة منهم سعد بن أبي وقاص وغيرهم كالأعمش وداود الظاهري، أجيب بأنه منسوخ بخبر الصحيحين إذا جلس بين شعبها الأربع ثم أجهدها فقد وجب الغسل زاد مسلم وإن لم ينزل لتأخر هذا عن الأول لما رواه أبو داود وغيره عن أبي بن كعب أنهم كانوا يقولون الماء من الماء رخصة رخصها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أول الإسلام ثم أمر بالغسل بعدها هكذا قرره صحبنا في الأصول ممثلين به نسخ السنة بالسنة وأما قول البعض نقلاً عن ابن عباس أنه أراد بالحديث نفي وجوب الغسل بالرؤية في النوم إن لم ينزل فيأباه ما ذكر في سبب الحديث الثابت في مسلم إنه قيل له الرجل يقوم عن امرأته ولم يمن ماذا يجب عليه فقال إنما إلخ نعم ذهب البعض إلى أنه لا حاجة لدعوى نسخه لأن خبر إذا التقى الختانان مقدم عليه لأن دلالته على وجوب الغسل بالمنطوق ودلالة الحصر عليه بالمفهوم والمنطوق مقدم على المفهوم بل في حجة المفهوم خلاف.
2330 إنما المجالس بالأمانة ( حسن )
( أبو الشيخ في التوبيخ ) عن عثمان وابن عباس .
الشرح:
أي أن المجالس الحسنة إنما هي المصحوبة بالأمانة أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار فلا يحلّ لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه كما أفصح به في الخبر الآتي.
2331 إنما المدينة كالكير تنفي خبثها و تنصع طيبها ( صحيح )
( حم ق ت ن ) عن جابر .
الشرح:(1/428)
(إنما المدينة) النبوية (كالكير) زق الحداد ينفخ فيه (تنفي) بفاء مخففة وروي بقاف مشددة من التنقية (خبثها) بفتحات وروي بخاء مضمومة ساكنة الباء خلاف الطيب والمراد هنا ما لا يليق بالمدينة (وتنصع) بنون وصاد مهملة من باب التفعيل أو الإفعال تخلص وتميز (طيبها) بفتح الطاء وتشديد الباء وفتح الموحدة وبكسر الطاء وسكون الياء وقال الزمخشري: تبضع من الإبضاع بباء موحدة وضاد معجمة من أبضعه إذا دفعه إليه بضاعة أي تعطي طيبها ساكنيها 00000 وهذا مختص بزمن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه لم يكن يصبر على الهجرة والمقام معه بها إلا من ثبت إيمانه ثم يكون في آخر الزمان عند خروج الدجال فترجف بأهلها فلا يبقى منافق ولا كافر إلا خرج إليه بدليل خبر مسلم لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها الحديث قيل لما خرج ابن عبد العزيز من المدينة بكى وقال: نخشى أن نكون ممن نفته المدينة وهذا قاله لأعرابي بايعه فوعك بالمدينة وقال يا محمد أقلني بيعتي فأبى فخرج فذكره والمراد الإقالة من الإسلام أو الهجرة ثم المذموم الخروج منها كراهة فيها أو رغبة عنها أما خروج جمع صحابيين فلمقاصد كنشر العلم والجهاد والمرابطة في الثغور ونحو ذلك 00000
2332 إنما الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة ( صحيح )
( حم ق ت ه ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إنما الناس كإبل مائة) وفي رواية كالإبل بزيادة أل (لا تكاد تجد فيها راحلة) أي مرحولة وهي النجيبة المختارة ويقال هي من الإبل المركوب المدرب الحسن الفعال القوي على الحمل والسفر يطلق على الذكر والأنثى والتاء فيه للمبالغة وخصها ابن قتيبة بالنوق ونوزع قال الزمخشري: يريد أن المرضى المنتخب في عزة وجوده كالنجيبة التي لا توجد في كثير من الإبل وقال القاضي: معناه لا تكاد تجد في مائة إبل راحلة تصلح للركوب وطيئة سهلة الانقياد فكذا تجد في مائة من الناس من يصلح للصحبة فيعاون صاحبه ويلين له جانبه 0000000(1/429)
2333 إنما النساء شقائق الرجال( صحيح )
( حم د ت ) عن عائشة ( البزار ) عن أنس .
2334 إنما النفقة و السكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة( صحيح )
( ن ) عن فاطمة بنت قيس .
2335 إنما الوتر بالليل( حسن ) ( طب ) عن الأغر بن يسار .
الشرح:
(إنما الوتر) بفتح الواو وكسرها (بالليل) أي إنما وقته المقدر له شرعاً في جوف الليل من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر فمن أوتر قبل ذلك أو بعده فلا وتر له نعم يسن قضاؤه.
2336 إنما الولاء لمن أعتق( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر .
الشرح:
(إنما الولاء) بالفتح والمد (لمن أعتق) أي لا لغيره كالحليف وفيه عموم يقتضي ثبوته في كل عتق تبرعاً أو واجباً عن كفارة أو غيرها قاله لعائشة لما أرادت شراء بربرة وأراد مواليها اشتراط ولائها لهم أي فلا تبالي سواء شرطته أم لا فإنه شرط وجوده كعدمه واستفيد منه أن كلمة إنما للحصر وهو إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه ولولاه ما لزم من إثبات الولاء للمعتق ونفيه عن غيره واستدل بمفهومه على أنه ولاء لمن أسلم على يديه رجل خالفه خلافاً للحنفية ولا لملتقط خلافاً لإسحاق وبمنطوقه على إثبات الولاء لمن أعتق سائبة ودخل فيمن أعتق عتق المسلم للمسلم وللكافر وبالعكس وهذا الحديث فيه فوائد تزيد على أربعمائة وذكر النووي أن ابن جرير وابن خزيمة صنفا فيه تصنيفين كبيرين أكثرا فيهما من الاستنباط.
2337إنما أمرت بالوضوءإذا قمت إلى الصلاة(صحيح)(3)عن ابن عباس.
2338 إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به و إذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر( صحيح ) ( م ن ) عن رافع بن خديج .
الشرح:(1/430)
(إنما أنا بشر) أي واحد منهم في البشرية ومساو لهم فيما ليس من الأمور الدينية وهذا إشارة إلى قوله تعالى {قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ} فقد ساوى البشر في البشرية وأمتاز عنهم بالخصوصية الإلهية التي هي تبليغ الأمور الدينية (إذا أمرتكم بشيء من دينكم) أي إذا أمرتكم بما ينفعكم في أمر دينكم (فخذوا به) أي افعلوه فهو حق وصواب دائماً (وإذا أمرتكم بشيء من رأيي) يعني من أمور الدنيا (فإنما أنا بشر) يعني أخطئ وأصيب فيما لا يتعلق بالدين لأن الإنسان محل السهو والنسيان ومراده بالرأي الرأي في أمور الدنيا على ما عليه جمع لكن بعض الكاملين قال: أراد به الظن لأن ما صدر عنه برأيه واجتهاده وأقر عليه حجة الإسلام مطلقاً
2339 إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين و هو جالس( صحيح ) ( حم ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/431)
(إنما أنا بشر) أي مخلوق يجري عليّ ما يجري على الناس من السهو (أنسى) بفتح الهمزة وتخفيف المهملة وقيل بضم الهمزة وشد المهملة والنسيان غفلة القلب عن الشيء (كما تنسون) قاله لما زاد أو نقص في الصلاة وقيل له أو زيد فيها؟ فذكره قال ابن القيم: كان سهوه في الصلاة من إتمام اللّه نعمته على عبيده وإكمال دينهم ليقتدوا به فيما شرعه عند السهو فعلم منه جواز السهو على الأنبياء في الأحكام لكن يعلمهم اللّه به بعد وقال في الديباج: استدل به الجمهور على جواز النسيان عليه في الأفعال البلاغية والعبادات ومنعه طائفة وتأولوا الحديث وعلى الأول قال الأكثر شرطه تنبهه فوراً متصلاً بالحادثة وجوز قوم تأخيره مدة حياته واختاره إمام الحرمين أما الأقوال البلاغية فيستحيل السهو فيها إجماعاً وأما الأمور العادية والدنيوية فالأصح جواز السهو في الأفعال لا الأقوال (فإذا نسي أحدكم) في صلاته (فليسجد) ندباً هبه بزيادة أو نقص أو بهما (سجدتين) وإن تكرر السهو مرات (وهو جالس) في صلاته وما قيل إن اقتصاره على سجود السهو يقتضي أن سهوه كان بزيادة إذ لو كان بنقص لتداركه منع بأن ليس كل نقص يجب تداركه بل ذاك في الواجب لا الأبعاض ثم إن آخر الخبر يدل على أن سجود السهو قبل السلام وأوله بعكسه والخلاف معروف.
2340 إنما أنا بشر تدمع العين و يخشع القلب و لا نقول ما يسخط الرب و الله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون( صحيح )( ابن سعد ) عن محمود بن لبيد .
الشرح:(1/432)
(إنما أنا بشر) قال الراغب: عبر عن الإنسان بالبشر اعتباراً بظهور جلده بخلاف الحيوانات التي عليها صوف أو شعر أو وبر واستوى في لفظه الواحد والجمع (تدمع العين) رأفة ورحمة وشفقة على الولد تنبعث على التأمّل فيما هو عليه لا جزع وقلة صبر (ويخشع القلب) لوفور الشفقة (ولا نقول) معشر المؤمنين (ما يسخط الرب) أي يغضبه (واللّه يا إبراهيم) ولده من مارية (إنا بك) أي بسبب موتك (لمحزونون) فيه الرخصة في البكاء بلا صوت والإخبار عما في القلب من الحزن وإن كان كتمه أولى، ودمع العين وحزن القلب لا ينافي الرضى بالقضاء وقد كان قلبه صلى اللّه عليه وسلم ممتلئاً بالرضى ولما ضاق صدر بعض العارفين عن جمع الأمرين عند موت ولده ضحك فقيل له فيه فقال إن اللّه قضى قضاء فأحببت الرضى بقضائه، فحال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أكمل من هذا فإنه أعطى المعبودية حقها واتسع قلبه للرضى فرضي عن اللّه تعالى بقضائه وحملته الرأفة على البكاء وهذا العارف ضاق قلبه عن اجتماعهما فشغلته عبودية الرضى عن عبودية الرحمة.
2341 إنما أنا بشر مثلكم و إن الظن يخطئ و يصيب و لكن ما قلت لكم: قال الله فلن أكذب على الله ( صحيح ) ( حم ه ) عن طلحة .
الشرح:
(إنما أنا بشر مثلكم) أي بالنسبة إلى الخبرة بما يحصل للأشجار والثمار ونحو ذلك لا بالنسبة إلى كل شيء (وإن الظنّ يخطئ ويصيب ولكن ما قلت لكم قال اللّه فلن أكذب على اللّه) أي لا يقع عني فيما أبلغه عن اللّه كذب ولا غلط عمداً ولا سهواً وهذا كالذي قبله يفيد أنه لم يكن التفاته إلى الأمور الدنيوية ولم يكن على ذكر منه إلا المهمات الأخروية.
2342 إنما أنا بشر و إنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها( صحيح )
( مالك حم ق 4 ) عن أم سلمة .
الشرح:(1/433)
(إنما أنا بشر) أي بالنسبة إلى عدم الاطلاع على بواطن الخصوم وبدأ به تنبيهاً على جواز أن لا يطابق حكمة الواقع لأنه لبشر لا يعلم الغيوب ولا يطلع على ما في النفوس ولو شاء اللّه لأطلعه على ما فيها ليحكم باليقين لكن لما أمرت أمته بالإقتداء به أجرى أحكامه على الظاهر، والبشر الخلق يتناول الواحد والجمع (وإنكم تختصمون إلي) فيما بينكم ثم تردّونه إلي ولا أعلم باطن الأمر (فلعل) وفي رواية بالواو (بعضكم) المصدر خبر لعل من قبيل رجل عدل أي كائن أو إن زائدة أو المضاف محذوف أي لعل وصف بعضكم (أن يكون) أبلغ كما في رواية البخاري أي أكثر بلاغة وإيضاحاً للحجة وفي رواية له أيضاً (ألحن) كأفعل من اللحن بفتح الحاء الفطانة أي أبلغ وأفصح وأعلم في تقرير مقصوده وأفطن ببيان دليله وأقدر على البرهنة على دفع دعوى خصمه بحيث يظن أن الحق معه فهو كاذب ويحتمل كونه من اللحن وهو الصرف عن الصواب أي يكون أعجز عن الإعراب (بحجته من بعض) آخر فيغلب خصمه (فأقضي) فأحكم له أي للبعض الأول على الأول وللثاني على الثاني وإن كان الواقع أن الحق لخصمه لكنه لم يفطن لحجته ولم يقدر على معارضته لكن إنما أقضي (على نحو) بالتنوين (ما أسمع) لبناء أحكام الشريعة على الظاهر وغلبة الظن ومن فيهما بمعنى لأجل أو بمعنى على أن أقضي على الظاهر من كلامه وتمسك بقوله أسمع من قال إن الحاكم لا يقضي بعلمه لإخباره بأنه لا يحكم إلا إذا سمع في مجلس حكمه وبه قال أحمد وكذا مالك في المشهور عنه وقال الشافعي يقضى به وقال أبو حنيفة في المال فقط (فمن قضيت له) بحسب الظاهر (بحق مسلم) ذكر المسلم ليكون أهول على المحكوم له لأن وعيد غيره معلوم عند كل أحد فذكره المسلم تنبيهاً على أنه في حقه أشد وإن كان الذمي والمعاهد كذلك (فإنما هي) أي القصة أو الحكومة أو الحالة (قطعة من النار) أي مآلها إلى النار أو هو تمثيل يفهم منه شدّة التعذيب على من يتعاطاه فهو من مجاز التشبيه شبه ما(1/434)
يقضى به ظاهراً بقطعة من نار نحو {إنما يأكلون في بطونهم ناراً} قال السبكي: وهذه قضية شرطية لا يستدعي وجودها بل معناه أن ذا جائز ولم يثبت أنه حكم بحكم فبان خلافه (فليأخذها أو ليتركها) تهديد لا تخيير على وازن {فمن شاء فليؤمن} ذكره النووي واعترض بأنه إن أريد به أن كلاً من الصنفين للتهديد فممنوع فإن قوله أو ليتركها للوجوب وهو خطاب للمقضى له ومعناه إن كان محقاً فليأخذ أو مبطلاً فليترك فالحكم لا ينقل الأصل عما كان عليه ولم يبين له ما هو الحق بالحق دفعاً لهتك أسرار الأشرار وليقتدي به في الحكم ببينة أو يمين وما تقرّر في معنى هذا الحديث هو ما نقحه بعض المتأخرين أخذاً من قول القاضي إنما صدر بقوله "إنما أنا بشر" تأسيساً لجواز أن لا يطابق حكمه الواقع لأنه لا يعلم الغيب ولا يطلع على ما في الضمائر وإنما يحكم بما سمعه من المترافعين فلعل أحدهما أقدر على تقرير حجته فيقرّرها على وجه يظن أن الحق معه فيحكم له وفي الواقع لخصمه لكن لم يفطن لحقه ولم يقدر على معارضته وتمهيداً لعذره فيما عسى أن يصدر عنه من أمثال ذلك ولو نادراً من قبيل الخطأ في الحكم إذ الحاكم مأمور بالحكم بالظاهر لا بما في نفس الأمر فلو أقام المبطل بينة زوراً فظن الحاكم عدالتها فقضى فهو محق في الحكم وإن كان المحكوم به غير ثابت انتهى 0000000
2343 إنما أنا بشر و إني اشترطت على ربي عز و جل: أي عبد من المسلمين شتمته أو سببته أن يكون ذلك له زكاة و أجرا ( صحيح )
( حم م ) عن جابر .
الشرح:(1/435)
(إنما أنا بشر) أي أنا مقصور على الموصوف بالبشرية بالنسبة إلى الظواهر (وإني اشترطت على ربي عز وجل) يعني سألته فأعطاني (أي عبد من المسلمين شتمته أو سببته) من باب الحصر المجازي لأنه حصر خاص أي باعتبار علم البواطن ويسمى عند علماء البيان قصر قلب لأنه أتى به رداً على من زعم أن الرسول يعلم الغيب فيطلع على البواطن فلا يخفى عليه شيء فأشار إلى أن الوضع البشري يقتضي أن لا يدرك من الأمور إلا ظواهرها فإنه خلق خلقاً لا يسلم من قضايا تحجبه عن حقائق الأشياء فإذا ترك على ما جبل عليه ولم يطرأ عليه تأييد بالوحي السماوي طرأ عليه ما يطرأ على سائر البشر (أن يكون ذلك له زكاة) نماء وزيادة في الخير (وأجراً) ثواباً عظيماً منه تعالى قال في الزاهر معنى اشترطت عليه جعلت بيني وبينه علامة ومنه قولهم نحن في أشراط الفتنة أي في علاماتها ثم إن هذا من كمال شفقته على الخلق واتساعه في معرفة الحق 00000
2344 إنما أنا خازن و إنما يعطي الله فمن أعطيته عطاء عن طيب نفس مني فيبارك له فيه و من أعطيته عطاء عن شره نفس و شدة مسألة فهو كالآكل يأكل و لا يشبع ( صحيح ) ( حم م ) عن معاوية .
2345 إنما أنا رحمة مهداة ( صحيح )
( ابن سعد الحكيم ) عن أبي صالح مرسلا ( ك ) عنه عن أبي هريرة .
الشرح:(1/436)
(إنما أنا رحمة) أي ذو رحمة أو مبالغ في الرحمة حتى كأني عينها لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته كذلك وإن كانت ذاته رحمة فصفاته التابعة لذاته كذلك (مهداة) بضم الميم أي ما أنا إلا ذو رحمة للعالمين أهداها اللّه إليهم فمن قبل هديته أفلح ونجا ومن أبى خاب وخسر وذلك لأنه الواسطة لكل فيض فمن خالف فعذابه من نفسه كعين انفجرت فانتفع قوم وأهمل قوم فهي رحمة لها ولا يشكل على الحصر وقوع الغضب منه كثيراً لأن الغضب لم يقصد من بعثه بل القصد بالذات الرحمة والغضب بالتبعية بل في حكم العدم فانحصر فيها مبالغة أو المعنى أنه رحمة على الكل لا غضب على الكل أو أنه رحمة في الجملة فلا ينافي الغضب في الجملة أنه رحمة في الجملة ويكفي في المطلب إثبات الرحمة.
2346 إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولايستدبرها ولا يستطب بيمينه(حسن)(حمدن ه حب)عن أبي هريرة.
الشرح:(1/437)
(إنما أنا لكم) اللام للأجل أي لأجلكم (بمنزلة الوالد) في الشفقة والحنو لا في الرتبة والعلو وفي تعليم ما لا بد منه فكما يعلم الأب ولده الأدب فأنا(أعلمكم) ما لكم وعليكم وأبو الإفادة أقوى من أبي الولادة وهو الذي أنقذنا اللّه به من ظلمة الجهل إلى نور الإيمان وقدم هذا أمام المقصود إعلاماً بأنه يجب عليه تعليمهم أمر دينهم كما يلزم الوالد إيناساً للمخاطبين كما يحتشموا عن السؤال عما يعرض لهم عما يستحى منه وبسطاً للعذر عن التصريح بقوله (فإذا أتى أحدكم الغائط) أي محل قضاء الحاجة (فلا يستقبل) يعني فرجه الخارج منه (القبلة) أي الكعبة (ولا يستدبرها) ببول ولا غائط وجوباً في الصحراء وندباً في غيرها (ولا يستطب) أي لا يستنجي بغسل أو مسح، وقول المشارق الاستطابة بالحجر فقط ردوه، سميت به لطيب الموضع أو لطيب نفس المستطيب بإزالة النجاسة ومعنى الطيب هنا الطهارة (بيمينه) فيكره ذلك تنزيهاً وقيل تحريماً وقد أفاد الحديث أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لجميع الأمة كالأب وكذا أزواجه أمهات المؤمنين لأن منه ومن أزواجه تعلم الذكور والأثاث معاني الدين كله ولم يتولد خير إلا منه ومنهن فبره وبرهنَّ أوجب من كل واجب وعقوقه وعقوقهن أهلك من كل مهلك وهذا نهي بلفظ الخبر وهو أبلغ في النهي لأن خبر الشارع لا يتصور خلافه وأمره وقد يخالف ذكره النووي ويستطبب بالياء على ما في عامة النسخ لكن قال الحافظ العراقي هو في أصلنا بدون ياء على لفظ النهى 00000
2347 إنما أنا مبلغ و الله يهدي و إنما أنا قاسم و الله يعطي( صحيح )
( طب ) عن معاوية .
الشرح:(1/438)
(إنما أنا مبلغ) عن اللّه ما يوحي به إليَّ (واللّه يهدي) أي يوصل إلى الرشاد وليس لي من الهداية شيء (وإنما أنا قاسم) أي أقسم بينكم ما أمرني اللّه بقسمته وألقى إلى كل واحد ما يليق به (واللّه يعطي) من يشاء فليست قسمتي كقسمة الملوك الذين يعطون من شاؤوا ويحرمون من شاؤوا فلا يكون في قلوبكم سخط وتنكر للتفاضل فإنه بأمر اللّه والمراد أنا أقسم ما أوحى إليَّ لا أفضل أحداً من أمتي على الآخر في إبلاغ الوحي وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع من طريق العطاء أو المراد أنا أقسم العلم بينكم واللّه يعطي الفهم الذي يهتدي به إلى خفيات العلوم في كلمات الكتاب والسنة والتفكر في معناها والتوفيق للعمل بمقتضاها لمن شاء ذكره القاضي 0000
2348 إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد(صحيح)( حم ق 4 ) عن عائشة .
الشرح:(1/439)
(إنما أهلك) في رواية هلك (الذين من قبلكم) من بني إسرائيل (أنهم كانوا) بفتح الهمزة فاعل أهلك (إذا سرق فيهم الشريف) أي الإنسان العالي المنزلة الرفيع الدرجة (تركوه) يعني لم يحدوه (وإذا سرق فيهم الضعيف) أي الوضيع الذي لا عشيرة له ولا منعة (أقاموا عليه الحد) أي قطعوه قال في المطامح: وهذا جار في عصرنا فلا قوّة إلا باللّه وهذه مداهنة في حدود اللّه وتبعيض فيما أمر بنفي التبعيض فيه قال ابن تيمية: قد حذرنا المصطفى صلى اللّه عليه وسلم عن مشابهة من قبلنا في أنهم كانوا يفرقون في الحدود بين الأشراف والضعفاء وأمر أن يسوى بين الناس في ذلك وإن كان كثير من ذوي الرأي والسياسة قد يظن أن إعفاء الرؤساء أجود في السياسة، واعلم أن الحصر قد أشكل على كثير لأن الأمم السالفة كان فيهم أشياء كثيرة تقتضي الهلاك غير المحاباة في الحدود وأجيب إما بمنع اقتضائه الحصر أو بأن المحصور هلاك خاص باعتبار خاص على حد {إنما أنت نذير} وهو نذير وبشير قال ابن عرفة: ويدخل تحت هذا الذم كل من أولى الأمر أو الخطبة غير أهلها وغير ذلك من المحاباة في أحكام الدين وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين وأيم اللّه لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها انتهى بنصه.
2349 إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق ( صحيح )
( ابن سعد خد ك هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/440)
(إنما بعثت) أي أرسلت (لأتمم) أي لأجل أن أكمل (صالح) وفي رواية بدله مكارم (الأخلاق) بعد ما كانت ناقصة وأجمعها بعد التفرقة قال الحكيم: أنبأنا به أن الرسل قد مضت ولم تتم هذه الأخلاق فبعث بإتمام ما بقي عليهم وقال بعضهم: أشار إلى أن الأنبياء عليهم السلام قبله بعثوا بمكارم الأخلاق وبقيت بقية فبعث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بما كان معهم وبتمامها وقال الحرالي: صالح الأخلاق هي صلاح الدنيا والدين والمعاد التي جمعها في قوله اللّهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي 0000000
2350إنما بعثتم ميسرين و لم تبعثوا معسرين(صحيح)(ت)عن أبي هريرة.
الشرح:
000 قال الحرالي: والتيسير تحمل لا يجهد النفس ولا يثقل الجسم والعسر بما يجتهد النفس ويضر الجسم ثم أكد التيسير بنفي ضدّه وهو التعسير فقال (ولم تبعثوا معسرين) إسناد البعث إليهم مجاز لأنه المبعوث بما ذكر، لكن لما نابوا عنه في التبليغ أطلق عليهم ذلك إذ هم مبعوثون من قبله أي مأمورون وكان ذا شأنه مع كل من بعثه لجهة يقول يسروا ولا تعسروا وهذا قاله لما بال ذو الخويصرة اليماني أو الأقرع بن جايس بالمسجد.
2351 إنما بعثني الله مبلغا و لم يبعثني متعنتا( حسن ) ( ت ) عن عائشة .
الشرح:(1/441)
(إنما بعثني اللّه مبلغاً) للأحكام عن اللّه معرفاً به داعياً إليه وإلى جنته مبيناً مواقع رضاه وآمراً بها ومواقع سخطه وناهياً عنها ومخبراً بأخبار الرسل مع أممهم وأمر المبدأ والمعاد وكيفية شقاوة النفوس وسعادتها وأسباب ذلك (ولم يبعثني متعنتاً) أي مشدداً قاله لعائشة لما أمر بتخيير نسائه فبدأ بها فاختارته وقالت لا تقل أني اخترتك فذكره وفي إفهامه إشعار بأن من دقائق صناعة التعليم أن يزجر المعلم المتعلم عن سوء الأخلاق باللطف والتعريض ما أمكن من غير تصريح وبطريق الرحمة من غير توبيخ فإن التصريح يهتك حجاب الهيبة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف وتهبيج الحرص على الإصرار ذكره الغزالي.
2352 إنما تفرقكم في الشعاب و الأودية من الشيطان ( صحيح )
( حم د ك ) عن أبي ثعلبة الخشني .
2353 إنما جزاء السلف الحمد و الوفاء ( صحيح )
( حم ن ه ) عن عبدالله بن أبي ربيعة .
الشرح:
(إنما جزاء السلف) أي القرض (الحمد والوفاء) أي حمد المقترض للمقرض والثناء عليه وأداء حقه له قال الغزالي: فيستحب للمدين عند قضاء الدين أن يحمد المقضي له بأن يقول بارك اللّه لك في أهلك ومالك انتهى وما اقتضاه وضع إنما من ثبوت الحكم المذكور ونفيه عما عداه من أن الزيادة على الدين زيادة غير جائزة غير مراد وإنما هو على سبيل الوجوب لأن شكر المنعم وأداء حقه واجبان والزيادة فضل ذكره الطيبي.
2354 إنما جعل الاستئذان من أجل البصر( صحيح )
( حم ق ت ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(1/442)
(إنما جعل الاستئذان) أي إنما شرع الاستئذان في دخول الغير (من أجل) وفي رواية من قبل (البصر) أي جهته أي إنما احتيج إليه لئلا يقع نظر من في الخارج على من هو داخل البيت ولولاه لم يشرع وهذا قاله لما اطلع الحكم ابن العاص أو غيره في بابه وكان بيد النبي صلى اللّه عليه وسلم مدراً يحك بها رأسه فقال لو أعلم أنك تنظر لطلقت به في عينك ثم ذكره قال في المنضد وإذا كان هذا في النظر إلى الرجال فإلى النساء آكد وأشد وفيه دليل على صحة التعليل القياسي فهو حجة الجمهور على نفاة القياس وفيه أن من اطلع في بيت غيره يجوز طعنه في عينه إذا لم يندفع إلا به ولا يختص ذلك ببيت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بدليل خبر: من اطلع على بيت قوم بغير إذنهم فقد حلّ لهم أن يفقأوا عينه ولا ضمان ولا دية عند الشافعي لأنه عقوبة على جناية سابقة.
2355 إنما جعل الإمام جنة فإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا و إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا لك الحمد فإذا وافق قول أهل الأرض قول أهل السماء غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
2356 إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا صلى قائما فصلوا قياما و إن صلى جالسا فصلوا جلوسا و لا تقوموا و هو جالس كما يفعل أهل فارس بعظمائها
( صحيح ) ( حم م ن ) عن جابر .
2357 إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا و إذا رفع فارفعوا و إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا و لك الحمد و إذا سجد فاسجدوا و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين ( صحيح )
( مالك حم خ د ) عن أنس ( حم ق د ه ) عن عائشة .
2358 إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا و إذا قرأ فأنصتوا و إذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد(صحيح)(ن) عن أبي هريرة .(1/443)
2359 إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا و إذا قرأ فأنصتوا و إذا قال ( غير المغضوب عليهم و لا الضالين فقولوا: آمين و إذا ركع فاركعوا و إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا و لك الحمد و إذا سجد فاسجدوا و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا ) . ( صحيح )
( ش ه هق ) عن أبي هريرة .
2360 إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه و إذا كبر فكبروا و إذا ركع فاركعوا و إذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا لك الحمد و إذا سجد فاسجدوا و إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين( صحيح )
( حم ق د ) عن أبي هريرة .
2361 إنما خيرني الله فقال: ( استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة و سأزيده على سبعين ) . ( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر .
2362 إنما ذلك جبريل ما رأيته في الصورة التي خلق فيها غير هاتين المرتين رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء و الأرض
( صحيح ) ( ت ) عن عائشة .
2363 إنما ذلك عرق فانظري فإذا أتى قرؤك فلا تصلي فإذا مر قرؤك فتطهري ثم صلي ما بين القرء إلى القرء( صحيح )
( د ن ) عن فاطمة بنت أبي حبيش .
2364 إنما سمي الخضر خضرا لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء(صحيح)(حم ق ت) عن أبي هريرة ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إنما سمي الخضر) وفي نسخة حذف هذه وهي ثابتة في خط المصنف نعم هي رواية، والخضر بفتح السكون أو فكسر أو بكسر فسكون، قال ابن حجر: ثبتت بهما الرواية بالرفع قائم مقام الفاعل ومفعوله الثاني قوله (خضراً لأنه جلس على فروة) بالفاء أرض يابسة (بيضاء) لا نبات فيها فإذا هي أي الفروة تهتز أي تتحرك تحته خضراً بالتنوين أي نباتاً أخضر ناعماً بعد ما كانت جرداء وروى خضراء كحمراء. قال النووي: واسمه بلياء أو إيلياء وكنيته أبو العباس والخضر لقبه وإطلاق الاسم على اللقب شائع وهو صاحب موسى عليه السلام الذي أخبرعنه بالقرآن العظيم بتلك الأعاجيب0(1/444)
2365 إنما سمي القلب من تقلبه إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة تعلقت في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن ( صحيح ) ( طب ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إنما سمي القلب) قلباً (من تقلبه) فإن القلب في الأصل مشترك بين كوكب معروف والخالص واللب ومنه قلب النخل ومصدر قلبت الشيء رددته على بدئه والإناء قلبته على وجهه وقلبت الرجل عن رأيه صرفته عنه والمراد العضو الرئيس المعلق بالجانب الأيسر المثلث الشكل المحدد الرأس سمي به لسرعة الخواطر وترددها عليه كما أشار إليه بقوله
(إنما مثل القلب مثل ريشة بالفلاة) أي ملقاة بأرض واسعة عديمة البناء
(تعلقت في أصل شجرة يقلبها الريح ظهراً لبطن).
وما سمي الإنسان إلا لنسيه * ولا القلب إلا أنه ينقلب
ومن ثم قيل: ينبغي للعاقل الحذر من تقلب قلبه فإنه ليس بين القلب والكلب إلا التفخيم قال الغزالي: القلب غرض للخواطر لا يقدر على منعها والتحفظ عنها بحال ولا هي تنقطع عنك بوقت ثم النفس متسارعة إلى اتباعه والامتناع عن ذلك في مجهود الطاعة أمر شديد ومحنة عظيمة وعلاجه عسير إذ هو غيب عنك فلا يكاد يشعر به حتى تدب فيه آفة وتحدث له حالة 000قال النظار وذوو الاعتبار: وفي الحديث رد على الصوفية في قولهم إن الطريق لا ينال بتعليم بل هو تطهير للنفس عن الصفات المذمومة أو تصفيتها ثم الاستعداد وانتظار الفتح ما ذاك إلا لأن القلب ترد عليه وساوس وخواطر تشوش القلب فيتقلب وإذا لم يتقدم رياضة النفس وتهذيبها بحقائق العلوم تشبث بالقلب خيالات فائدة تطمئن النفوس إليها مدة طويلة وربما انقضى العمر بغير نجاح.
2366 إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها و ينصبني ما أنصبها
( صحيح ) ( حم ت ك ) عن الزبير .
2367 إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك إلى الأرض فتمسح بهم وجهك و كفيك ( صحيح ) ( د ) عن عمار .(1/445)
2368 إنما مثل الجليس الصالح و جليس السوء كحامل المسك و نافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك و إما أن تبتاع منه و إما أن تجد منه ريحا طيبة و نافخ الكير إما أن يحرق ثيابك و إما أن تجد ريحا خبيثة( صحيح )
( ق ) عن أبي موسى .
الشرح:
(إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك) أي وإن لم يكن صاحبه (ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يجذيك) بجيم وذال معجمة أي يعطيك (وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحاً طيبة) أي أنك إن لم تظفر منه بحاجتك جميعاً لم تعدم واحدة منها إما الإعطاء وإما الشراء وإما الاقتباس للرائحة وكذا يقال في قوله (ونافخ الكير) بعكس ذلك وذلك أنه (إما أن يحرق ثيابك) بما تطاير من شرار الكير (وإما أن تجد) منه (ريحاً خبيثة) والمقصود منه النهي عن مجالسة من تؤذي مجالسته في دين أو دنيا والترغيب في مجالسة من تنفع مجالسته فيهما وفيه إيذان بطهارة المسك وحل بيعه وضرب المثل والعمل في الحكم بالأشياء والنظائر 00000
2369 إنما مثل الذي يصلي و رأسه معقوص مثل الذي يصلي و هو مكتوف( صحيح ) ( حم م طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(إنما مثل الذي) أي إنما مثل الإنسان الذي (يصلي ورأسه) أي والحال أن شعر رأسه (معقوص) أي مجموع شعره عليه (مثل الذي يصلي وهو مكتوف) أي مشدود اليدين إلى كتفيه في الكراهة لأن شعره إذا لم يكن منتشراً لا يسقط على الأرض فلا يصير في معنى الشاهد بجميع أجزائه كما أن يدي المكتوف لا يقعان على الأرض في السجود. قال أبو شامة: وهذا محمول على العقص بعد الضفر كما تفعل النساء.
2370 إنما مثل المؤمن حين يصيبه الوعك أو الحمى كمثل حديدة تدخل النارفيذهب خبثها و يبقى طيبها(صحيح)(طب ك)عن عبدالرحمن بن أزهر.
الشرح:(1/446)
(إنما مثل المؤمن حين يصيبه الوعك) بالتحريك مغث الحمى كما في الصحاح وغيره أي شدتها (أو الحمى) التي هي حرارة غريبة بين الجلد واللحم فكأنه يقول حين تصيبه الحمى شديدة أو كانت أو حقيقة فكما أن الشديدة مكفرة فالخفيفة مكفرة أيضاً كرماً منه تعالى وفضلاً (كمثل حديدة تدخل النار فتذهب خبثها) بمعجمة فموحدة مفنوحتين ما تبرزه النار من الوسخ والقذر (ويبقى طيبها) بكسر الطاء وسكون التحتية فكذا الوعك أو الحمى يذهب بالخطايا والذنوب وضرب المثل بذلك زيادة في التوضيح والتقرير لأنه أوقع في القلب ويريك المتخيل متحققاً والمعقول محسوساً ولذلك أكثر اللّه تعالى في كتبه للأمثال ولا يضرب المثل إلا لما فيه غرابة.
2371 إنما مثل المهجر إلى الصلاة كمثل الذي يهدي البدنة ثم الذي على أثره كالذي يهدي البقرة ثم الذي على أثره كالذي يهدي الكبش ثم الذي على أثره كالذي يهدي الدجاجة ثم الذي على أثره كالذي يهدي البيضة( صحيح )
( ن ) عن أبي هريرة .
2372 إنما مثل صاحب القرآن كمثل صاحب الإبل المعقلة إن عاهد عليها أمسكها و إن أطلقها ذهبت( صحيح ) ( مالك حم ق ن ه ) عن ابن عمر .
الشرح:(1/447)
(إنما مثل صاحب القرآن) أي مع القرآن والمراد بصاحبه من ألف تلاوته نظراً أو عن ظهر قلب فإن من داوم ذلك ذل له لسانه وسهلت عليه قراءته فإذا هجره ثقلت عليه القراءة وشقت عليه (كمثل صاحب الإبل المعقلة) أي مع الإبل المعقلة بضم الميم وفتح العين وشد القاف أي المشدودة بعقال أي حبل شبه درس القرآن ولزوم تلاوته بربط بعير يخاف شراده (إن عاهد عليها) أي احتفظ بها ولازمها (أمسكها) أي استمر إمساكه لها (وإن أطلقها ذهبت) أي انفلتت شبه القرآن بالإبل المقيدة بالعقل فما دام تعهده موجوداً فحفظه موجود كما أن الإبل ما دامت مشدودة بالعقال فهي محفوظة وخص الإبل لأنها أشد الحيوان الأهلي نفوراً والمراد بالحصر حصر مخصوص بالنسبة لأمر مخصوص وهو دوام حفظه بالدرس كحافظ البعير بالعقل أما بالنسبة لأمور أخرى فله أمثلة أخرى. ألا ترى قد ضرب له أمثالاً أخر كقوله مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة أفاده الحافظ العراقي دافعاً به ما عساه يقال إن قضيته دلالة إنما على الحصر أنه لا مثل له سوى ذلك وهو أوضح من قول ابن حجر المراد حصر مخصوص بالنسبة للحفظ والنسيان بالتلاوة والترك.
2373 إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده يوم يبعثه( صحيح ) ( مالك حم ن ه حب ) عن كعب بن مالك .
2374 إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب( صحيح )
( م ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/448)
(إنما هلك من كان قبلكم من الأمم) أي تسببوا في إهلاك أنفسهم بالكفر والإبتداع (باختلافهم في الكتاب) يعني أن الأمم السابقة اختلفوا في الكتب المنزلة فكفر بعضهم بكتاب بعض فهلكوا فلا تختلفوا أنتم في هذا الكتاب والمراد بالاختلاف ما أوقع في شك أو شبهة أو فتنة أو شحناء ونحو ذلك الاختلاف في وجوه المعاني واستنباط الأحكام والمناظرة لإظهار الحق فإنه مأمور به فضلاً عن كونه منهياً عنه. قال الحرالي: والاختلاف انتقال من الخلاف وهو تقابل بين اثنين فيما ينبغي انفراد الرأي فيه.
2375 إنما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم - يعني قصة من شعر - ( صحيح ) ( ق 3 ) عن معاوية .
2376 إنما هم قبضتان فقبضة في النار و قبضة في الجنة ( صحيح )
( حم طب ) عن معاذ .
الشرح:
(إنما هما قبضتان) تثنية قبضة والقبضة بمعنى المقبوض كالغرفة بمعنى المغروف وهو بالضم الاسم وبالفتح المرة والقبض الآخذ بجميع الكف 0000 (فقبضة في النار وقبضة في الجنة) أي أنه سبحانه وتعالى قبض قبضة وقال هذه إلى النار ولا أبالي وقبض قبضة وقال هذه إلى الجنة ولا أبالي فالعبرة إنما هو بسابق القضاء الإلهي الذي لا يقبل تغييراً ولا تبديلاً ولا يناقضه خبر إنما الأعمال بالخواتيم لأن ربطها بها إنما هو لكون السابقة غيب عنا والخاتمة ظاهرة لنا فنيطت الأعمال بها بالنسبة إلينا ومع ذلك فيتعين العمل لآية {فأما من أعطى واتقى} ولا يغتر بإيحاء النفس والشيطان أنه لا عبرة بالعمل بل بالسابقة أو الخاتمة فإنه تمويه وإضلال وغفلة عن وضع الأسباب للمسببات.
2377 إنما هي أربعة أشهر و عشر و قد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول ( صحيح ) ( مالك ق ت ن ه ) عن أم سلمة .
2378 إنما هي توبة نبي- يعني سجدة (ص).(صحيح)(د ك)عن أبي سعيد.
2379 إنما يبعث الناس على نياتهم ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/449)
(إنما يبعث الناس) من قبورهم (على نياتهم) فمن مات على شيء بعث عليه إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فيه أن الأمور بمقاصدها وهي قاعدة عظيمة مفرع عليها من الأحكام ما لا يخفى وفي رواية إنما يحشر الناس على نياتهم وفي رواية لابن ماجه أيضاً بدون إنما.
2380 إنما يخرج الدجال من غضبة يغضبها(صحيح)(حم م) عن حفصة .
الشرح:
(إنما يخرج الدجال) من دجل البعير طلاه بالقطران طلياً كثيفاً سمي به لستره الحق بباطله أو من دجل الشيء طلاه بالذهب موهه به لتمويهه على الناس أو من دجل في الأرض إذا ضرب فيها لكونه يطوفها كلها في أمد قليل أومن الدجل وهو الكذب وهو أعور كذاب(من غضبة)أي لأجل غضبة يتحلل بها سلاسله(يغضبها)أنه يغضب غضبة فيخرج بسبب غضبه والقصد الإشعار بشدة غضبه حيث أوقع خروجه على الغضبة وهي المرة من الغضب ويحتمل جعله مفعولاً مطلقاً على رأي من يجوز كونه ضميراً.
2381 إنما يرحم الله من عباده الرحماء( حسن ) ( طب ) عن جرير .
الشرح:
(إنما يرحم اللّه من) بيانية (عباده الرحماء) بالنصب على أن ما في إنما كافة وبالرفع على أنها موصولة والرحماء جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة وقضيته أن رحمته تعالى تختص بمن اتصف بالرحمة الكاملة بخلاف من فيه رحمة ما. لكن قضية خبر أبي داود الراحمون يرحمهم اللّه شموله ورجحه البعض وإنما بولغ في الأول لأن ذكر لفظ الجلالة فيه دال على العظمة فناسب فيه التعظيم والمبالغة00000
2382 إنما يزرع ثلاثة: رجل له أرض فهو يزرعها و رجل منح أرضا فهو يزرع ما منح و رجل استكرى أرضا بذهب أو فضة ( حسن )
( د ن ه ) عن رافع بن خديج .
2383 إنما يغسل من بول الأنثى و ينضح من بول الذكر( صحيح )
( حم د ه ك ) عن أم الفضل .
الشرح:(1/450)
(إنما يغسل من بول الأنثى وينضح) أي يرش بالماء حتى يعم موضع البول وإن لم يسل (من بول الذكر) أي الصبي الذي لم يتناول غير لبن للتغذي ولم يجاوز حولين ومثل الأنثى الخنثى وفارق الذكر بغلبة الإبتلاء بحمله دونهما أما إذا أكل غير لبن للتغذي أو جاوز حولين فيتعين الغسل وبهذا كله أخذ الشافعي وفيه نجاسة بول الطفل قال النووي: وما حكاه عياض عن الشافعي أنه طاهر فينضح باطل والإكتفاء بالنضح هو مذهب الشافعي كما تقرر وقال أبو حنيفة ومالك يغسل كغيره والحديث حجة عليهما.
2384 إنما يكفي أحدكم ما كان في الدنيا مثل زاد الراكب ( صحيح )
( طب هب ) عن خباب .
الشرح:
(إنما يكفي أحدكم ما كان في الدنيا) أي مدة كونه فيها (مثل زاد الراكب) هو ما يوصل لمقصده بقدر الحاجة من غير فضلة في مأكله ومشربه وما يقيه الحر والبرد وهذا إرشاد إلى الزهد في الدنيا والاقتصار فيها على قدر الحاجة فإن التوسع فيها وإن كان قد يعين على المقاصد الأخروية لكن النعم الدنيوية قد امتزج دواؤها بدائها ومرجوها بمخوفها ونفعها بضرها فمن وثق ببصيرته وكمال معرفته فله استكثار بقصد صرف الفاضل إلى ما يوصل إلى منازل الأبرار وإلا فالبعد البعد والفرار والفرار عن مظان الأخطار.
2385 إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائرجسدك من الماء فإذا أنت قد طهرت(صحيح)(حم 4)عن أم سلمة.
2386 إنما يكفيك من جمع المال خادم و مركب في سبيل الله ( حسن )
( ت ن ه ) عن أبي هاشم بن عتبة .
الشرح:
وما عدا ذلك فهو معدود عند أهل الحق من السرف وتركه عين الشرف وصرف النفس عن شهواتها حتى الحلال هو حقيقة تزكيتها وقتلها إضناؤها إنما هو إحياؤها وإطلاقها ترتع في شهواتها هو إرداؤها{قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها} والنفس مطية يقويها اضناؤها ويضعفها استمتاعها فعلى المؤمن رفع يده عما زاد على الكفاف وتخليته لذوي الحاجة ليتخذوه معاشاً.(1/451)
2387 إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة ( صحيح )
( حم ق د ن ه ) عن عمر .
الشرح:
(إنما يلبس الحرير في الدنيا) لفظ عربي يسمى به لخلوصه إذ يقال لكل أمر خالص محرر وقيل فارسي معرب (من) أي مكلف وكلمة من هذه تدل على العموم فتشمل الإناث لكنه مخصوص بالرجال بأدلة خارجية (لا خلاق) أي نصيب (له في الآخرة) يعني من لاحظ ولا نصيب له من لبس الحرير في الآخرة فعدم نصيبه كناية عن عدم دخوله الجنة {ولباسهم فيها حرير} وهذا إن استحل وإلا فهو تهويل وزجر. قال الكرماني: وربما يتوهم أن فيه دليلاً لحل لبسه للكافر وهو باطل إذ ليس في الحديث الإذن له في لبسه وهو مخاطب بالفروع فيحرم عليه كالمسلم قال الحرالي: والخلاق الحظ اللائق بالخلق والخلق وقال الراغب: الخلاق ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه وقال الزمخشري: الخلاق النصيب وهو كمال خلق الإنسان أي ما قدر له من خير كما قيل له قسم لأنه قسم ونصيب لأنه نصب أي أثبت اهـ.
2388 إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم و صلاتهم و إخلاصهم
( صحيح ) ( ن ) عن سعد .
الشرح:
(إنما ينصر اللّه هذه الأمة بضعيفها بدعوتهم) أي طلب ضعفائها من اللّه تعالى النصر والظفر لهذه العصابة الإسلامية (وصلاتهم وإخلاصهم) أي في جميع أعمالهم. قال في الكشاف: والنصر الإغاثة والإظهار على العدو ومنه نصر اللّه الأرض أغاثها.
2389 إنه اتبعنا رجل لم يكن معنا حين دعينا فإن أذنت له دخل ( صحيح )
( ت ) عن أبي مسعود .
2390 إنه أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور( صحيح ) ( ن ) عن عائشة .
2391 إنه خلق كل إنسان من بني آدم على ستين و ثلاثمائة مفصل فمن كبر الله و حمد الله و هلل الله و سبح الله و استغفر الله و عزل حجرا عن طريق الناس أو شوكة أو عظما عن طريق الناس و أمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين و الثلاثمائة السلامى فإنه يمسي يومئذ و قد زحزح نفسه عن النار ( صحيح ) ( م ) عن عائشة .(1/452)
2392 إنه ستكون فرقة و اختلاف فإذا كان كذلك فاكسر سيفك و اتخذ سيفا من خشب و اقعد في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية( حسن )
( حم ت ) عن أهبان بن صيفي .
2393 إنه ستكون هنات و هنات فمن أراد أن يفرق أمر هذه الأمة و هي جميع فاضربوه بالسيف كائنا من كان( صحيح )( حم م د ن ) عن عرفجة .
2394 إنه سيكون أمراء يؤخرون الصلاة عن مواقيتها ألا فصل الصلاة لوقتها ثم ائتهم فإن كانوا قد صلوا كنت قد أحرزت صلاتك و إلا صليت معهم فكانت تلك نافلة ( صحيح ) ( حم م ن ) عن أبي ذر .
2395 إنه سيكون عليكم أئمة تعرفون و تنكرون فمن أنكر فقد برئ و من كره فقد سلم و لكن من رضي و تابع ( صحيح ) ( حم ت ) عن أم سلمة .
2396إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور و الدعاء( صحيح )
( حم د ه حب ك ) عن عبدالله بن مغفل .
2397 إنه سيلي أموركم بعدي رجال يعرفونكم ما تنكرون و ينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله فلا تضلوا بربكم( صحيح )
( حم ك ) عن عبادة بن الصامت .
2398 إنه عرضت علي الجنة و النار فقربت مني الجنة حتى لقد تناولت منها قطفا قصرت يدي عنه و عرضت علي النار فجعلت أتأخر رهبة أن تغشاني و رأيت امرأة حميرية سوداء طويلة تعذب في هرة لها ربطتها فلم تطعمها و لم تسقها و لم تدعها تأكل من خشاش الأرض و رأيت فيها أبا ثمامة عمرو بن مالك يجر قصبه في النار و إنهم كانوا يقولون: إن الشمس و القمر لا ينكسفان إلا لموت عظيم و إنهما آيتان من آيات الله يريكموها فإذا انكسفا فصلوا حتى تنجلي( صحيح ) ( م ) عن جابر .
2399 إنه في ضحضاح من النار و لولا أنا لكان في الدرك الأسفل - يعني أبا طالب -( صحيح ) ( حم ق ) عن العباس بن عبدالمطلب .
2400 إنه قد حضر من أبيك ما ليس الله تعالى بتارك منه أحدا لموافاة يوم القيامة ( صحيح ) ( حم خ ) عن أنس .
2401 إنه قد لعن الموصولات( صحيح ) ( ق ) عن عائشة .(1/453)
2402 إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يخير
( صحيح ) ( حم ق ) عن عائشة .
2403 إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم و ينذرهم ما يعلمه شرا لهم و إن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها و سيصيب آخرها بلاء شديد و أمور تنكرونها و تجيء فتن فيرفق بعضها بعضا و تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه مهلكتي ثم تنكشف و تجيء الفتنة فيقول المؤمن: هذه هذه ; فمن أحب منكم أن يزحزح عن النار و يدخل الجنة فلتأته منيته و هو يؤمن بالله و اليوم الآخر و ليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه و من بايع إماما فأعطاه صفقة يده و ثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر( صحيح )
( حم م ن ه ) عن ابن عمرو .
2404 إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي
( صحيح ) ( م ) عن جابر .
2405 إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء
( صحيح ) ( حم ه ) عن المهاجر بن قنفذ .
2406 إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به و لكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني و إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين (صحيح)( ق د ن ه) عن ابن مسعود.
2407 إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
2408 إنه ليس بدواء و لكنه داء - يعني الخمر - ( صحيح )
( حم م ه ) عن طارق بن سويد .
2409 إنه ليس شيء بين السماء و الأرض إلا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن و الإنس( حسن ) ( حم الدارمي الضياء ) عن جابر .
2410 إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها لوقتها من الغد ( صحيح )
( 4 ) عن أبي قتادة .
2411 إنه ليس لنبي أن يدخل بيتا مزوقا ( حسن )
( د ) عن على ( حم ه حب ك ) عن سفينة .
2412 إنه ليس لنبي أن يومض( صحيح ) ( حم د ) عن أنس .(1/454)
2413 إنه ليس من الناس أحد أمن علي في نفسه و ماله من أبي بكر ابن أبي قحافة و لو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا و لكن خلة الإسلام أفضل سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر( صحيح ) ( حم خ ) عن ابن عباس .
2414 إنه ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول: اللهم إنك خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله و ماله إليه ( صحيح ) ( حم ن ك ) عن أبي ذر .
2415 إنه ليغان على قلبي و إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة( صحيح )
( حم م د ن ) عن الأغر المزني .
2416 إنه ليغضب علي أن لا أجد ما أعطيه من سأل منكم و له أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا( صحيح ) ( ن ) عن رجل من بني أسد .
2417 إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ( صحيح )
( ت ه حب ) عن أبي ذر .
2418 إنه من لم يسأل الله تعالى يغضب عليه(صحيح)(ت)عن أبي هريرة.
الشرح:
(إنه) أي الشأن (من لم يسأل اللّه تعالى) أي يطلب من فضله (يغضب عليه) لأنه إما قانط وإما متكبر وكل واحد من الأمرين موجب الغضب قال بعض المفسرين في قوله تعالى {إن الذين يستكبرون عن عبادتي} أي عن دعائي فهو سبحانه يحب أن يسأل وأن يلح عليه ومن لم يسأله يبغضه والمبغوض مغضوب عليه قال ابن القيم: هذا يدل على أن رضاه في مسألته وطاعته وإذا رضي الرب تعالى فكل خير في رضاه كما أن كل بلاء ومصيبة في غضبه والدعاء عبادة وقد قال تعالى {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} فهو تعالى يغضب على من لم يسأله كما أن الآدمي يغضب على من يسأله. اللّه يغضب إن تركت سؤاله *
وبنيّ آدم حين يسأل يغضب فشتان ما بين هذين وسحقاً لمن علق بالأثر وأبعد عن العين قال الحليمي: وإذا كان هكذا فما ينبغي لأحد أن يخلى يوماً وليلة من الدعاء لأن الزمن يوم وليلة وما وراءهما تكرار فإذا كان ترك الدعاء أصلاً يوجب الغضب فأدنى ما في تركه يوم وليلة أن يكون مكروهاً.(1/455)
2419 إنه لا بد للعرس من وليمة ( صحيح ) ( حم ن ) عن بريدة .
2420 إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه و يديه إلى المرفقين و يمسح رأسه و رجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله و يحمده و يمجده و يقرأ ما تيسر من القرآن مما علمه الله و أذن له فيه ثم يكبر فيركع فيضع يديه على ركبتيه و يرفع حتى تطمئن مفاصله و تسترخي ثم يقول: سمع الله لمن حمده فيستوي قائما حتى يأخذ كل عظم مأخذه و يقيم صلبه ثم يكبر فيسجد فيمكن جبهته من الأرض حتى تطمئن مفاصله و تسترخي ثم يكبر فيرفع رأسه فيستوي قاعدا على مقعدته فيقيم صلبه ثم يكبر فيسجد حتى يمكن وجهه و يسترخي لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك( صحيح ) ( د ن ه ك ) عن رفاعة بن رافع .
2421 إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع ( صحيح )
( ه ) عن أبي سعيد .
2422 إنه لا يحبك إلا مؤمن و لا يبغضك إلا منافق - قاله لعلي -
( صحيح ) ( ت ن ه ) عن علي .
2423 إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة و إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
2424 إنه لا يدخل الجنة ألا نفس مسلمة و أيام منى أيام أكل و شرب
( صحيح ) ( حم ن ه ) عن بشير بن سحيم .
2425 إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار ( صحيح )
( د ) عن ابن مسعود ( م ) عن كعب بن مالك .
2426إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين(صحيح)(دن ك)عن سعد.
2427 إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد .
2428 إنها حرم آمن إنها حرم آمن - يعني المدينة - ( صحيح )
( حم م ه ) عن سهل بن حنيف .(1/456)
2429 إنها ستكون عليكم بعدي أمراء يشغلهم أشياء عن الصلاة لوقتها حتى يذهب وقتها فصلوا الصلاة لوقتها قال رجل: إن أدركتها معهم أصلي معهم ؟ قال: نعم إن شئت(صحيح)( حم د الضياء) عن عبادة بن الصامت .
2430 إنها ستكون فتن ألا ثم تكون فتنة المضطجع فيها خير من الجالس و الجالس فيها خير من القائم و القائم فيها خير من الماشي و الماشي فيها خير من الساعي إليها ألا فإذا نزلت أو وقعت فمن كانت له إبل فليلحق بإبله و من كانت له غنم فليلحق بغنمه و من كانت له أرض فليلحق بأرضه و من لم يكن له شيء من ذلك فليعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر ثم لينج إن استطاع النجاء اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ( صحيح )
(حم م د)عن أبي بكرة .
2431 إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم و القائم خير من الماشي و الماشي خير من الساعي قيل: أفرأيت إن دخل علي بيتي قال: كن كابن آدم( صحيح ) ( د ) عن سعد .
2432 إنها ستكون فتنة و فرقة و اختلاف فإذا كان ذلك فائت بسيفك أحدا فاضربه حتى ينقطع ثم اجلس في بيتك حتى يأتيك يد خاطئة أو منية قاضية ( صحيح ) ( حم ه ) عن محمد بن مسلمة .
2433 إنها صلاة رغبة و رهبة سألت الله فيها ثلاث خصال فأعطاني اثنتين و منعني واحدة سألته أن لا يسحتكم بعذاب أصاب من كان قبلكم فأعطانيها و سألته أن لا يسلط على بيضتكم عدوا فيجتاحها فأعطانيها و سألته أن لا يلبسكم شيعا و يذيق بعضكم بأس بعض فمنعنيها( صحيح )
(ع طب الضياء ) عن خالد الخزاعي ( حم ت ن حب الضياء ) عن خباب .
2434 إنها طيبة تنفي الرجال كما تنفي النار خبث الحديد( صحيح )
( ق ن ) عن زيد بن ثابت .
2435 إنها لمباركة هي طعام طعم و شفاء سقم ( صحيح )
( الطيالسي ) عن أبي ذر .
2436 إنها ليست بدواء و لكنها داء - يعني الخمر - ( صحيح )
( ن ) عن وائل بن حجر .
2437إنها ليست بنجس إنها من الطوافين عليكم و الطوافات- يعني الهرة -(1/457)
( صحيح ) ( مالك حم 4 حب ك ) عن أبي قتادة ( د هق ) عن عائشة .
2438 إنها مباركة إنها طعام طعم - يعني زمزم - ( صحيح )
( حم م ) عن أبي ذر .
2439 إنها لا يرمى بها لموت أحد و لا لحياته و لكن ربنا تبارك و تعالى إذا قضى أمرا سبح حملة العرش: ماذا قال ربكم ؟ فيخبرونهم ماذا قال فيستخبر بعض أهل السموات بعضا حتى يبلغ الخبر هذه السماء الدنيا فيخطف الجن السمع فيقذفون إلى أوليائهم و يرمون فما جاءوا به على وجهه فهو حق و لكنهم يفرقون فيه فيزيدون ( صحيح )
( حم ت ) عن ابن عباس ( م ت ) عنه عن رجل من الأنصار .
2440 إنهما ليعذبان و ما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول و أما الآخر فكان يمشي بالنميمة ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن ابن عباس ( حم ) عن أبي أمامة .
2441 إنهما ليعذبان و ما يعذبان في كبير أما أحدهما فيعذب في البول و أما الآخر فيعذب في الغيبة ( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي بكرة .
2442 إنهم كانوا يسمون بأنبيائهم و الصالحين قبلهم( صحيح )
( حم م ت ) عن المغيرة .
2443 إنهم يبعثون على نياتهم( صحيح ) ( ت ه ) عن أم سلمة .
2444 إنهم يخيروني بين أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني و لست بباخل
( صحيح ) ( حم م ) عن عمر .
2445 إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا و لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا و إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم و صالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك( صحيح ) ( م ) عن جندب .
2446 إني أحدثكم الحديث فليحدث الحاضر منكم الغائب ( صحيح )
( طب ) عن عبادة بن الصامت .
الشرح:
(إني أحدثكم) لفظ رواية الطبراني محدثكم (الحديث فليحدث الحاضر) عندي (منكم الغائب) عني فإن بالتحديث يحصل التبليغ ويحفظ الحديث وفيه وجوب تبليغ العلم وهو الميثاق المأخوذ على العلماء.(1/458)
2447 إني أحرج عليكم حق الضعيفين: اليتيم و المرأة( حسن )
( ك هب ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إني أحرّج) لفظ رواية البيهقي أحرم (عليكم) أيها الأمة (حق الضعيفين) أي ألحق الحرج وهو الإثم بمن ضيعهما فأحذره من ذلك تحذيراً بليغاً وأزجره زجراً أكيداً ذكره النووي وقال غيره: أضيقه وأحرمه على من ظلمهما 00000 (اليتيم والمرأة) وجه تسميتهما بالضعيفين ظاهرة 000
2448 إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عضاهها أو يقتل صيدها المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه و لا يثبت أحد على لأوائها و جهدها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة و لا يريد أحد أهل المدينة بشر إلا أذابه الله في النار ذوب الرصاص أو ذوب الملح في الماء( صحيح ) ( حم م ) عن سعد .
2449 إني أرى ما لا ترون و أسمع ما لا تسمعون أطت السماء و حق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا و ملك واضع جبهته لله تعالى ساجدا و الله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا و لبكيتم كثيرا و ما تلذذتم بالنساء على الفرش و لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله ( حسن )
( حم ت ه ك ) عن أبي ذر .
2450 إني أراك تحب الغنم و البادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت للصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن و لا إنس و لا حجر و لا شيء إلا شهد له يوم القيامة ( صحيح )
( حم مالك خ ن ه ) عن أبي سعيد .
2451 إني أريت ليلة القدر ثم أنسيتها فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر و إني رأيت أني أسجد في ماء و طين من صبيحتها ( صحيح )
( مالك حم ق ن ه ) عن أبي سعيد .
2452 إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال و ترجعون إلى رحالكم برسول الله ؟ فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به إنكم سترون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله و رسوله فإني فرطكم على الحوض ( صحيح ) ( ق ) عن أنس .(1/459)
2453 إني أعطي قريشا لأتألفهم لأنهم حديثو عهد بجاهلية( صحيح )
( خ ) عن أنس .
2454 إني أعطي قوما أخاف ظلعهم و جزعهم و أكل قوما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير و الغنى منهم عمرو بن تغلب( صحيح )
( خ ) عن عمرو بن تغلب .
2455 إني أوعك كما يوعك رجلان منكم(صحيح)(حم م) عن ابن مسعود .
الشرح:
(إني أوعك) أي يأخذني الوعك بسكون العين أي شدة الحمى وسورتها أو ألمها والرعدة فيها (كما يوعك رجلان منكم) لمضاعفة الأجر وكذا سائر الأنبياء كما ذكره القضاعي وتمام الحديث قيل: يا رسول اللّه وذاك لأن لك أجرين قال: أجل.
2456 إني بين أيديكم فرط لكم و أنا شهيد عليكم و إن موعدكم الحوض و إني و الله لأنظر إلى حوضي الآن و إني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض و إني و الله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي و لكني أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها ( صحيح ) ( حم ق ) عن عقبة بن عامر .
2457 إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء و الأرض و عترتي أهل بيتي و إنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض
( صحيح ) ( حم طب ) عن زيد بن ثابت .
الشرح:(1/460)
(إني تارك فيكم) بعد وفاتي (خليفتين) زاد في رواية أحدهما أكبر من الآخر وفي رواية بدل خليفتين ثقلين سماهما به لعظم شأنهما (كتاب اللّه) القرآن (حبل) أي هو حبل (ممدود ما بين السماء والأرض) قيل أراد به عهده وقيل السبب الموصل إلى رضاه (وعترتي) بمثناة فوقية (أهل بيتي) تفصيل بعد إجمال بدلاً أو بياناً وهم أصحاب الكساء الذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً وقيل من حرمت عليه الزكاة ورجحه القرطبي يعني إن ائتمرتم بأوامر كتابه وانتهيتم بنواهيه واهتديتم بهدي عترتي واقتديتم بسيرتهم اهتديتم فلم تضلوا قال القرطبي: وهذه الوصية وهذا التأكيد العظيم يقتضي وجوب احترام أهله وإبرارهم وتوقيرهم ومحبتهم وجوب الفروض المؤكدة التي لا عذر لأحد في التخلف عنها هذا مع ما علم من خصوصيتهم بالنبي صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وبأنهم جزء منه فإنهم أصوله التي نشأ عنها وفروعه التي نشأوا عنه كما قال: "فاطمة بضعة مني" 00000 (وإنهما) أي والحال أنهما وفي رواية أن اللطيف أخبرني أنهما (لن يفترقا) أي الكتاب والعترة أي يستمرا متلازمين (حتى يردا على الحوض) أي الكوثر يوم القيامة زاد في رواية كهاتين وأشار بأصبعيه وفي هذا مع قوله أولاً إني تارك فيكم تلويح بل تصريح بأنهما كتوأمين خلفهما ووصى أمته بحسن معاملتهما وإيثار حقهما على أنفسهما واستمساك بهما في الدين أما الكتاب فلأنه معدن العلوم الدينية والأسرار والحكم الشرعية وكنوز الحقائق وخفايا الدقائق وأما العترة فلأن العنصر إذا طاب أعان على فهم الدين فطيب العنصر يؤدي إلى حسن الأخلاق ومحاسنها تؤدي إلى صفاء القلب ونزاهته وطهارته قال الحكيم: والمراد بعترته هنا العلماء العاملون إذ هم الذين لا يفارقون القرآن أما نحو جاهل وعالم مخلط فأجنبي من هذا المقام وإنما ينظر للأصل والعنصر عند التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل فإذا كان العلم النافع في غير عنصرهم لزمنا اتباعه كائناً ما كان(1/461)
0000
2458 إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض و عترتي أهل بيتي و لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما ( صحيح )
( ت ) عن زيد بن أرقم .
2459 إني حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا إن المسيح الدجال رجل قصير أفحج جعد أعور مطموس العين ليست بناتئة و لا حجراء فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور و أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا
( صحيح ) ( حم د ) عن عبادة بن الصامت .
2460 إني حرمت ما بين لابتي المدينة كما حرم إبراهيم مكة
( صحيح ) ( م ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إني حرمت ما بين لابتي المدينة) أي ما بين جبليها (كما حرم إبراهيم مكة) أي كما أظهر حرمة الحرم وظاهر هذا أن للمدينة حرماً وهو مذهب الأئمة الثلاثة ونفاه أبو حنيفة قال الشافعية: فصيد الحرم المدني ونباته كالحرم المكي في حرمة التعرض له فيأتي هنا جميع ما هناك للتشبيه في الحرمة ويصير مذبوحه ميتة وغير ذلك ما عدا الفدية عملاً بهذا الحديث.
2461 إني خرجت لأخبركم بليلة القدر و إنه تلاحى فلان و فلان فرفعت و عسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في السبع و التسع و الخمس( صحيح )
( حم خ ) عن عبادة بن الصامت .
2462 إني ذاكر لك أمرا و لا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك إن الله تعالى قال: ( يا أيها النبي قل لأزواجك إلى قوله ( عظيما ) . ( صحيح )
( ق ن ه ) عن عائشة .
2463 إني ذكرت و أنا في العصر شيئا من تبر كان عندنا فكرهت أن يبيت فأمرت بقسمه ( صحيح ) ( ن ) عن عقبة بن الحارث .
2464 إني راكب غدا إلى يهود فمن انطلق منكم معي فلا تبدءوهم بالسلام فإن سلموا عليكم فقولوا: و عليكم( صحيح )
( حم ه ) عن أبي عبدالرحمن الجهني ( حم ن الضياء ) عن أبي بصرة .(1/462)
2465 إني رأيت في المنام كأن جبريل عند رأسي و ميكائيل عند رجلي يقول أحدهما لصاحبه: اضرب له مثلا فقال: اسمع سمعت أذنك و اعقل عقل قلبك إنما مثلك و مثل أمتك كمثل ملك اتخذ دارا ثم بنى فيها بيتا ثم جعل فيها مائدة ثم بعث رسولا يدعو الناس إلى طعامه فمنهم من أجاب الرسول و منهم من تركه فالله هو الملك و الدار الإسلام و البيت الجنة و أنت يا محمد رسول من أجابك دخل الإسلام و من دخل الإسلام دخل الجنة و من دخل الجنة أكل ما فيها( صحيح ) ( خ ت ) عن جابر .
2466 إني صليت صلاة رغبة و رهبة و سألت الله لأمتي ثلاثا فأعطاني اثنتين و رد علي واحدة: سألته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها و سألته أن لا يهلكهم غرقا فأعطانيها و سألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردها علي( صحيح ) ( حم ه ) عن معاذ .
2467 إني على الحوض حتى أنظر من يرد علي منكم و سيؤخذ أناس دوني فأقول: يا رب مني و من أمتي ! فيقال: هل شعرت ما عملوا بعدك ؟ و الله ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم ( صحيح )
( ق ) عن أسماء بنت أبي بكر ( حم م ) عن عائشة .
2468 إني فرطكم على الحوض من مر بي شرب و من شرب لم يظمأ أبدا و ليردن علي أقوام أعرفهم و يعرفوني ثم يحال بيني و بينهم فأقول: إنهم مني فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: سحقا سحقا لمن بدل بعدي
( صحيح ) ( حم ق ) عن سهل بن سعد وأبي سعيد .
2469 إني فرطكم على الحوض و إن عرضه كما بين أيلة إلى الجحفة أني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي و لكن أخشى عليكم الدنيا أن تنافسوا فيها و تقتتلوا فتهلكوا كما هلك من كان قبلكم(صحيح)(م)عن عقبة بن عامر.
2470 إني قد اتخذت خاتما من فضة و نقشت عليه محمد رسول الله فلا ينقش أحد على نقشه( صحيح ) ( حم ق ) عن أنس .
2471 إني قد بدنت فإن ركعت فاركعوا و إذا رفعت فارفعوا و إذا سجدت فاسجدوا و لا ألفين رجلا سبقني إلى الركوع و لا إلى السجود( صحيح )
( ه ) عن أبي موسى .(1/463)
2472 إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر( صحيح )
( د ن حب ك ) عن المهاجر بن قنفذ .
2473 إني كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا و فلانا بالنار و إن النار لا يعذب بها إلا الله فإن أخذتموهما فاقتلوهما ( صحيح )(حم خ ت) عن أبي هريرة .
2474 إني كنت نهيتكم: أن تأكلوا لحوم الأضاحي إلا ثلاثا فكلوا و أطعموا و ادخروا ما بدا لكم و ذكرت لكم: أن لا تنبذوا في الظروف: الدباء و المزفت و النقير و الحنتم انتبذوا فيما رأيتم و اجتنبوا كل مسكر و نهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر و لا تقولوا هجرا( صحيح )
( ن ) عن بريدة .
2475 إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها لتذكركم زيارتها خيرا و كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا و أمسكوا ما شئتم و كنت نهيتكم عن الأشربة في الأوعية فاشربوا في أي وعاء شئتم و لا تشربوا مسكرا( صحيح ) ( حم م ت ن ) عن بريدة .
2476 إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث كيما تسعكم فقد جاء الله بالخير فكلوا و تصدقوا و ادخروا إن هذه الأيام أيام أكل و شرب و ذكر الله ( صحيح ) ( حم م ن ه ) عن نيشة .
2477 إني لأتوب إلى الله تعالى في اليوم سبعين مرة ( صحيح )
( ن حب ) عن أنس .
2478 إني لأدخل في الصلاة و أنا أريد أن أطيلها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه ببكائه ( صحيح )
( حم ق ه ) عن أنس .
الشرح:(1/464)
(إني لأدخل في الصلاة وأريد أن أطيلها) وفي رواية لمسلم أريد إطالتها (فأسمع بكاء الصبي) أي الطفل الشامل للصبية (فأتجوز في صلاتي) أي أخففها وأقتصر على أقل ممكن من إتمام الأركان والأبعاض والهيئات (شفقة) جملة حالية ورحمة (مما أعلم) ما مصدرية أو موصولة والعائذ محذوف وفي رواية للبخاري بدل مما لما باللام التعليلية (من) بيان لما (شدة وجد أمه) أي حزنها (ببكائه) في رواية من بكائه أي لأجل بكائه قال الزين العراقي: في هذه الرواية اختصار والمراد وأمه معه في الصلاة وولدها معها0000وفيه جواز صلاة النساء مع الرجال في المسجد وإدخال الصبيان وإن كان الأولى تنزيهه عنه والرفق بالمأموم والإتباع وإيثار
تخفيف الصلاة لأمر حدث وإن كان الأفضل في تلك الصلاة التطويل كالصبح.
2479 إني لأراكم من و رائي كما أراكم( صحيح ) ( خ ) عن أنس .
2480 إني لأرجو أن أفارقكم و لا يطلبني أحد منكم بمظلمة ظلمته
( صحيح ) ( ه ) عن أبي سعيد .
2481 إني لأرجو أن لا تعجز أمتي عند ربها أن يؤخرهم نصف يوم
( صحيح ) ( حم د ) عن سعد .
الشرح:
(إني لأرجو) أي أؤمل (أن لا تعجز أمتي) بفتح التاء وكسر الجيم أي أغنياؤها عن الصبر على الوقوف للحساب (عند ربها أن) بفتح الهمزة وسكون النون (يؤخرهم) في هذه الدنيا (نصف يوم) من أيام الآخرة قيل لسعد: كم نصف ذلك اليوم قال: خمسمائة عام أي أخذاً من آية {وإن يوماً عند ربك كألف سنة مما تعدون} وما تقرر من حمل الحديث على شأن يوم القيامة وتأويله بما ذكر هو ما مشى عليه بعض المحققين 0000000
2482 إني لأرجو أن لا يدخل النار أحد إن شاء الله ممن شهد بدرا و الحديبية ( صحيح ) ( حم ه ) عن حفصة .
2483 إني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة( صحيح )
( ت ) عن أبي هريرة .
2484 إني لأسمع بكاء الصبي فأتجوز في الصلاة( صحيح )
( ه ) عن عثمان ابن أبي العاص .(1/465)
2485 إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار و آخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه و ارفعوا عنه كبارها فيقال له: عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا و عملت يوم كذا و كذا كذا و كذا فيقول: نعم لا يستطيع أن ينكر و هو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه فيقال له: فإن لك مكان كل سيئة حسنة فيقول: يا رب عملت أشياء لا أراها هاهنا( صحيح ) ( حم م ت ) عن أبي ذر .
2486 إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل و أعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل و إن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار( صحيح ) ( ق ) عن أبي موسى .
2487 إني لأعرف حجرا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث( صحيح )
( حم م ت ) عن جابر بن سمرة .
الشرح:(1/466)
(إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي) أي بالنبوة قيل هو الحجر الأسود وقيل البارز بزقاق المرفق وعليه أهل مكة سلفاً وخلفاً وكان ذلك (قبل أن أبعث) أي أرسل وقيد به لأن الحجارة كلها كانت تسلم عليه بعد البعث كما روي عن عليِّ كرم اللّه وجهه، فإن قيل: ما حكمة إلقاء هذا الحديث بصورة التأكيد بإن والجملة الاسمية وليس المقام مقام إنكار؟ قلنا: قد يكون علم منهم الغفلة عن مثل هذا في ذلك الوقت فأراد التنبيه عليه بتنزيلهم منزلة الغافلين عنه كما في قوله سبحانه {ثم إنكم بعد ذلك لميتون} ولم ينكر أحد الموت لكن لما غلبت الغفلة عنه حسن أو بالنظر إلى غيرهم لأنه أمر مستغرب فهو في مظنة الإنكار فإن قيل: محصول الخبر إفادة العلم بعرفانه حجراً كان يسلم وهو وهم كانوا يعلمون سلام الحجر وغيره عليه فلم خصه قلنا: يحتمل أنه حجر ذو شأن عظيم ولهذا نكره تنكير تعظيم ومن ثم قيل هو الحجر الأسود كما تقرر وبهذا المعنى يلتئم مع خبر عائشة لما استقبلني جبريل بالرسالة جعلت لا أمر بحجر ولا مدر ولا شجر إلا سلم عليَّ قال ابن سيد البأس: وهذا التسليم يحتمل كونه حقيقة بأن أنطقه اللّه كما أنطق الجذع وكونه مضافاً إلى ملائكة عنده من قبيل {واسأل القرية} قال غيره: والصحيح الأول معجزة له كإحياء الموتى معجزة لعيسى عليه الصلاة والسلام اهـ والأول هو ما عليه قاطبة أهل الكشف ومعنى سماعه سلامه أنه فتح سمعه لإدراك سلامه 000وقال القرطبي: الصحيح من مذهب أئمتنا أن كلام الجماد راجع إلى أنه تعالى يخلق فيه أصواتاً مقطعة من غير مخارج يفهم منها ما يفهم من الأصوات الخارجة من مخارج الفم وذلك ممكن في نفسه والقدرة القديمة لا قصور فيها.
2488 إني لأعطي رجالا و أدع من هو أحب إلي منهم لا أعطيه شيئا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم( صحيح ) ( حم ن ) عن سعد .
الشرح:(1/467)
(إني لأعطي رجالاً) مفعوله الثاني محذوف أي الشيء (وأدع) أي والحال أني أترك (من هو أحب إليّ منهم) أي أولى بالإعطاء منه (لا أعطيه شيئاً) من الفيء ونحوه (مخافة) مفعول لقوله أعطي أي لأجل مخافة (أن يكبوا) بضم أوله وفتح الكاف (في النار) أي يقلبوا منكوسين فيها والكب الإلقاء على الوجه فقوله (على وجوههم) تأكيد يعني أعطي بعضاً لعلمي بضعف إيمانه حتى لو لم أعطه لأعرض عن الحق وسقط في النار على وجهه وأترك بعضاً في القسمة لعلمي بكمال إيمانه ورضاه بفعلي فمن المؤلفة الذين لم يصل نور الإيمان لقلوبهم وإنما كانوا عبيد الدرهم والدينار وكان يعطيهم الأقرع بن حابس وعيينة وابن مرداس وأبو سفيان ويزيد ابنه وفي شرح الأحكام لعبد الحق أن أخاه معاوية منهم حكاه المقدسي وغيره من علماء الآثار كذا قال وفيه حل الإعطاء لمن لم يتمكن الإسلام من قلبه وأن للإمام تمييز البعض لمصلحة وأنه يقدم الأهم فالأهم وفيه جواز الشفاعة إلى ولاة الأمور ومراجعة المشفوع إليه إذا لم يؤد إلى مفسدة والأمر بالتثبت وأن المشفوع إليه لا يعاب إذا رد الشفاعة إذا كانت خلاف المصلحة وأنه ينبغي أن يعتذر للشافع ويبين له عذره في ردها وأنه لا يقطع بالجنة لأحد على التعيين إلا من ثبت فيه نص كالعشرون وأن الإقرار باللسان لا ينفع إلا إذا اقترن به اعتقاد بالقلب.
2489 إني لأعلم آخر أهل النار خروجا منها و آخر أهل الجنة دخولا الجنة رجل يخرج من النار حبوا فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول: يا رب وجدتها ملأى ! فيقول الله له: أذهب فأدخل الجنة فإن لك مثل الدنيا و عشرة أمثالها فيقول: أتسخر بي و أنت الملك ؟( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن ابن مسعود .
2490 إني لأعلم إذا كنت عني راضية و إذا كنت علي غضبى أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا و رب محمد و إذا كنت علي غضبى قلت: لا و رب إبراهيم !( صحيح ) ( حم ق ) عن عائشة .(1/468)
2491 إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ذهب عنه ما يجد( صحيح )
( حم ق ت ) عن سليمان بن صرد ( حم د ت ) عن معاذ .
2492 إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا كانت نورا لصحيفته و إن جسده وروحه ليجدان لهاروحا عند الموت(صحيح)(ن ه حب)عن طلحة.
2493 إني لأقوم للصلاة و أنا أريد أن أطول فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه ( صحيح )
( حم خ د ن ه ) عن أبي قتادة .
2494 إني لأمزح و لا أقول إلا حقا ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمر ( خط ) عن أنس (حم ت)عن أبى هريرة.
الشرح:(1/469)
(إني لأمزح) أي بالقول وكذا بالفعل وتخصيصه بالأول ليس عليه معول (ولا أقول إلا حقاً) لعصمتي عن الزلل في القول والعمل وذلك كقوله لامرأة زوجك في عينه بياض وقوله في أخرى لا يدخل الجنة عجوز وقوله لأخرى لأحملنك على ولد الناقة وقيل لابن عيينة المزاح سبة فقال: بل سنة ولكن من يحسنه وإنما كان يمزح لأن الناس مأمورون بالتأسي به والاقتداء بهديه فلو ترك اللطافة والبشاشة ولزم العبوس والقطوب لأخذ الناس من أنفسهم بذلك على ما في مخالفة الغريزة من الشفقة والعناء فمزح ليمزحوا ولا يناقض ذلك خبر ما أنا من دد ولا الدد مني فإن الدد اللهو والباطل وهو كان إذا مزح لا يقول إلا حقاً فمن زعم تناقض الحديثين من الفرق الزائغة فقد افترى وقال الماوردي: العاقل يتوخى بمزاحه أحد حالين لا ثالث لهما أحدهما إيناس المصاحبين والتودد إلى المخالطين وهذا يكون بما أنس من جميل القول وبسط من مستحسن الفعل كما قال حكيم لابنه: يا بني اقتصد في مزاحك فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجري السفهاء والتقصير فيه نقص بالمؤانسين وتوحش بالمخالطين والثاني أن ينبغي من المزاح ما طرأ عليه وحدث به من هم وقد قيل لا بد للمصدور أن ينفث ومزاح النبي صلى اللّه عليه وسلم لا يخرج عن ذلك وأتى رجل علياً كرم اللّه وجهه فقال: احتلمت بأبي قال: أقيموه في الشمس واضربوا ظله الحد أما مزاح يفضي إلى خلاعة أو يفضي إلى سبة فهجنة ومذمة 000000
2495 إني لأنذركموه - يعني الدجال - و ما من نبي إلا قد أنذره قومه و لقد أنذره نوح قومه و لكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه: إنه أعور و إن الله ليس بأعور( صحيح ) ( ق د ت ) عن ابن عمر .
2496 إني لأنظر إلى شياطين الجن و الإنس قد فروا من عمر( صحيح )
( ت ) عن عائشة .
الشرح:
لمهابته كما سبق موضحاً وهذا قاله وقد رأى حبشية تزفن والناس حولها إذ طلع عمر فانفضوا عنها مهابة له وخوفاً منه 000000(1/470)
2497 إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة .
2498 إني لبعقر حوضي يوم القيامة أذود الناس لأهل اليمن و أضربهم بعصاي حتى يرفض عليهم فسئل عن عرضه ؟ فقال: من مقامي إلى عمان شرابه أشد بياضا من اللبن و أحلى من العسل يصب فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب و الآخر من ورق ( صحيح ) ( حم م ) عن ثوبان .
2499 إني لست مثلكم إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني (صحيح) (حم ق) عن أنس ( خ ) عن ابن عمر وأبي سعيد وأبي هريرة وعن عائشة .
2500 إني لكم فرط على الحوض فإياي لا يأتين أحدكم فيذب عني كما يذب البعير الضال فأقول: فيم هذا ؟ فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول: سحقا( صحيح ) ( م ) عن أم سلمة .
2501 إني لم أبعث لعانا( صحيح ) ( طب ) عن كريز بن أسامة .
الشرح:
أي مبالغاً في اللعن أي الإبعاد عن الرحمة والمراد نفي أصل الفعل على وزان {وما ربك بظلام} وهذا قاله لما قيل له ادع على المشركين يعني لو كنت أدعو عليهم لبعدوا عن رحمة اللّه ولصرت قاطعاً عن الخير إني لم أبعث لهذا.
2502 إني لم أبعث لعانا و إنما بعثت رحمة(صحيح)(خدم)عن أبي هريرة.
الشرح:
لمن أراد اللّه إخراجه من الكفر إلى الإيمان أو لأقرب الناس إلى اللّه وإلى رحمته لا لأبعدهم عنها فاللعن مناف لحالي فكيف ألعن قال المظهري: وفي هذا الحديث مباحث منها أن معنى قوله رحمة بهدايته للمسلم وتأخير العذاب عن نوع من الكفار وهم أهل الذمة وما عداهم أمر بقتلهم وغنم ما لهم وذا من أشد عذاب الدنيا، وهب أن امتناعه هذا من الدعاء عليهم من جهة العموم فما المانع من جهة الخصوص؟ ومنها أن طلب الدعاء عليهم لا ينحصر في اللعن فما موقع الجواب بقوله لم أبعث لعاناً ومنها أن لعن الكفار جائز وقد لعن اللّه الكافرين والظالمين وفي البخاري أنه دعا على قريش00(1/471)
2503 إني لم أؤمر أن أنقب على قلوب الناس و لا أشق بطونهم
( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(إني لم أؤمر أن أنقب) بشد القاف أفتش (عن قلوب الناس) لأعلم ما فيها (ولا أشق بطونهم) يعني لم أؤمر أن أستكشف ما في ضمائرهم بل أمرت بالأخذ بالظاهر واللّه يتولى السرائر قاله لما جيء له بمال فقسمه بين أربعة فاعترضه رجل فأراد خالد بن الوليد ضرب عنقه فنهاه وقال: لعله يصلي قال خالد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه؟ فذكره.
2504 إني نسيت أن آمرك أن تخمر القرنين فإنه ليس ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلي( صحيح ) ( د ) عن عثمان الحجبي .
2505 إني نهيت عن زبد المشركين(صحيح)( د ت) عن عياض بن حمار.
الشرح:
(إني نهيت عن زبد المشركين) بفتح الزاي وسكون الموحدة أي إعطاؤهم أي رفدهم واستشكل بقبول هدية المقوقس وغيره وجمع بأن الامتناع في حق من يريد بهديته التودد والموالاة والقبول لمصلحة كتأليف وتأنيس وأما الجمع بأن الامتناع فيما أهدي له خاصة والقبول فيما أهدي للمسلمين فتعقب بأن من جملة أدلة الجواز ما وقعت الهدية فيه له خاصة وقيل يحمل القبول على من هو من أهل الكتاب والرد على أهل الوثن ومن زعم نسخ المنع كالمؤلف بأحاديث القبول أو عكسه عورض بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال ولا التخصيص.
2506 إني نهيت عن قتل المصلين( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إني نهيت) صرفت وزجرت بما نصب لي من الأدلة وأنزل عليَّ من الآيات في أمر التوحيد (عن قتل المصلين) قال القاضي: أراد بالمصلين المؤمنين وإنما سمي المؤمن بالمصلي لأن الصلاة أشرف الأعمال وأظهر الأفعال الدالة على الإيمان قال الحرالي: والنهي الحكم الواقع من الفعل التزاماً إليه بمنزلة أثر الفعل المسمى بها لمنعه عما تهوي إليه النفس مما يتبصر فيه النهي.(1/472)
2507 إني و الله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني و أتيت الذي هو خير(صحيح)( ق د ه ) عن أبي موسى .
2508 إني و الله ما قمت مقامي لأمر ينفعكم لرغبة و لا لرهبة و لكن تميما الداري أتاني فأخبرني خبرا ( منعني القيلولة من الفرح و قرة العين فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم )ألا إن تميما الداري أخبرني: أن الريح ألجأتهم إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا في قوارب السفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة فإذا هم بشيء أهلب كثير الشعر قالوا له: ما أنت ؟ قالت: أنا الجساسة ; قالوا: أخبرينا قالت: ( ما أنا بمخبرتكم شيئا و لا سائلتكم شيئا ) و لكن هذا الدير قد رمقتموه فأتوه فإن فيه رجلا بالأشواق إلى أن تخبروه و يخبركم فأتوه فدخلوا عليه فإذا هم بشيخ موثق شديد الوثاق ( يظهر الحزن شديد التشكي ) فقال لهم: من أين ؟ قالوا: من الشأم قال: ما فعلت العرب ؟ قالوا: نحن قوم من العرب عم تسأل ؟ قال: ما فعل هذا الرجل الذي خرج فيكم ؟ قالوا: خيرا ناوى قوما فأظهره الله عليهم فأمرهم اليوم جميع: إلههم واحد و دينهم واحد قال: ما فعلت عين زغر ؟ قالوا: خيرا يسقون منها زرعهم و يستقون منها لسقيهم قال: ما فعل نخل ( بئر عمان ) و بيسان ؟ قالوا: يطعم ثمره كل عام قال: ما فعلت بحيرة طبرية ؟ قالوا: تدفق جنباتها من كثرة الماء ; ( فزفر ثلاث زفرات ) ثم قال: لو انفلت من وثاقي هذا لم أدع أرضا إلا وطئتها برجلي هاتين إلا طيبة ليس لي عليها سبيل ( إلى هذا انتهى فرحي ) هذه طيبة و الذي نفسي بيده ما فيها طريق ضيق و لا واسع و لا سهل و لا جبل إلا و عليه ملك شاهر سيفه إلى يوم القيامة ( صحيح )
ما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 2097 .
( حم ه ) عن فاطمة بنت قيس .
2509 إني و إن داعبتكم فلا أقول إلا حقا(صحيح)(حم ت)عن أبي هريرة .
الشرح:(1/473)
(إني وإن داعبتكم) أي لاطفتكم بالقول (فلا أقول إلا حقاً) قاله لما قالوا له: إنك تداعبنا يا رسول اللّه والمداعبة مطلوبة محبوبة لكن في مواطن مخصوصة فليس في كل آن يصلح المزاح ولا في كل وقت يحسن الجد قال:
أهازل حيث الهزل يحسن بالفتى * وإني إذا جد الرجال لذو جد
وقال الراغب: المزاح والمداعبة إذا كان على الاقتصاد محمود والإفراط فيه يذهب البهاء ويجري السفهاء وتركه يقبض المؤانس ويوحش المخالط لكن الاقتصاد منه صعب جداً لا يكاد يوقف عليه ولذلك يخرج عنه أكثر الحكماء حيث قيل المزاح مسلبة للبهاء مقطعة للإخاء فحل لا ينتج إلا الشر.
2510 إني لا أخيس بالعهد و لا أحبس البر ( صحيح )
( حم د ن حب ك ) عن أبي رافع .
الشرح:
(إني لا أخيس) بكسر الخاء المعجمة وسكون المثناة التحتية (بالعهد) أي لا أنقضه ولا أفسده قال الزمخشري: خاص بالعهد أفسده من خاس للطعام إذا فسد وخاس بوعده أخلفه (ولا أحبس) بحاء وسين مهملتين بينهما موحدة (البرد) أي لا أحبس الرسل الواردين علي، قال الزمخشري: جمع بريد وهو الرسول. قال الطيبي: والمراد بالعهد هنا العادة الجارية المتعارفة بين الناس أن الرسل لا يتعرض لهم بمكروه لأن في تردد الرسل مصلحة كلية فلو حبسوا أو تعرض لهم بمكروه كان سبباً لانقطاع السبل بين الفئتين المختلفتين وفيه من الفتنة والفساد ما لا يخفى على ذي لب.
2511 إني لا أدري ما قدر بقائي فيكم فاقتدوا باللذين من بعدي: أبي بكر و عمر و تمسكوا بهدي عمار و ما حدثكم ابن مسعود فصدقوه ( صحيح )
( حم ت ه حب ) عن حذيفة .
2512 إني لا أشهد على جور( صحيح ) ( ق ك ) عن النعمان بن بشير .
الشرح:
أي ميل عن الاعتدال فكلما خرج عن الاعتدال فهو جور حراماً أو مكروهاً وهذا قاله لمن خص بعض بنيه وجاء يستشهده وقال عياض: وفيه أنه يكره لأهل الفضل الشهادة فيما يكره وإن جاز.
2513 إني لا أصافح النساء ( صحيح ) ( ت ن ه ) عن أميمة بنت رقيقة .
الشرح:(1/474)
وفي رواية للطبراني لا أمس يد النساء وهذا قاله لأميمة بنت رقيقة لما أتته في نسوة تبايعه على أن لا نشرك باللّه شيئاً ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان من بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف قال لهن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فيما استطعتنّ وأطقتنّ فقلنا: اللّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا هلم نبايعك على ذلك فقال: إني لا أصافح النساء وإنما قولي لمائة امرأة كقولي أو مثل قولي لامرأة واحدة انتهى هذا سياق الحديث عند مخرجيه.
2514 إني لا أقبل هدية مشرك( صحيح ) ( طب ) عن كعب بن مالك .
الشرح:
أي ما يهديه قلّ أو كثر إلا لمصلحة كما تقرر وأما غير المصطفى صلى اللّه عليه وسلم من الولاة فلا يحل له قبولها لنفسه عند الجمهور فإن فعل كانت فيئاً.
2515 أنهى عن كل مسكرأسكرعن الصلاة (صحيح)(م) عن أبي موسى .
الشرح:(1/475)
(أنهاكم عن كل مسكر) أي عن كل شيء من شأنه الإسكار ( أسكر عن الصلاة) أي أزال كثرة العقل عن التمييز حتى صد عن أداء الصلاة كما أشير إليه بقوله تعالى {ويصدّكم عن ذكر اللّه وعن الصلاة فهل أنتم منتهون} سواء اتخذ ذلك من العنب أم من غيره. قال النووي: هذا صريح في أن كل مسكر حرام وإن كان من غير العنب. وقال القرطبي: هذا حجة على من يعلق التحريم على وجود الإسكار والشارب من غير اعتبار وصف المشروب وهم الحنفية واتفق أصحابنا على تسمية جميع الأنبذة خمراً لكن قال أكثرهم هو مجاز وحقيقة الخمر عصير العنب وقال جمع: حقيقة فيهما. وقال ابن السمعاني: قياس النبيذ على الخمر بعلة الإسكار والإطراب من جلي الأقيسة وأوضحها والمفاسد التي توجد في الخمر توجد في النبيذ ومن ذلك أن علة الإسكار في الخمر كون قليله يدعو إلى كثيره وذلك موجود في النبيذ فالنبيذ عند عدم الخمر يقوم مقامه لحصول الفرح والطرب بكل منهما وإن كان النبيذ أغلظ والخمر أرق وأصفى لكن الطبع يحتمل ذلك في النبيذ لحصول السكر كما يحتمل المرارة في الخمر لطلب السكر قال: وبالجملة فالنصوص المحرمة بتحريم كل مسكر وإن قل مغنية عن القياس.
2516 أنهاكم عن الزور( صحيح ) ( طب ) عن معاوية .
الشرح:
وفي رواية من قول الزور أي الكذب والبهتان لتماديه في القبح والسماجه في جميع الأديان أو شهادة الزور ويؤيده أنه جاء في رواية كذلك أو هو كقولهم هذا حلال وهذا حرام وقولهم في التلبية لبيك لا شريك لك إلا شريك تملكه وما ملك والمراد اجتنبوا الانحراف عن سنن الشريعة لأن الزور من الإزورار وهو الانحراف فيرجع إلى الأمر بالاستقامة فكأنه قال استقم كما أمرت.
2517أنهاكم عن صيام يومين: الفطروالأضحى(صحيح)(ع)عن أبي سعيد.
الشرح:
فصومهما حرام ولا ينعقد ومثلهما أيام التشريق لأنها أيام أكل وشرب وذكر اللّه تعالى.
2518 أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره( صحيح ) ( ن ) عن سعد .
الشرح:(1/476)
سواء كان من عصير العنب أو من غيره فالقطرة من المسكر حرام وإن انتفى تأثيرها فبين بهذا أن كل ما كانت فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله وإن لم يسكر متناوله بما تناوله لقلته كقطرة واحدة.
2519 أنهر الدم بما شئت و اذكر اسم الله عليه ( صحيح )
( ن ) عن عدي بن حاتم .
الشرح:
(أنهر) وفي رواية أمر وأخرى أمرر (الدم) أي أسله (بما شئت) أي أزهق نفس البهيمة بكل ما أسال الدم غير السن والظفر ذكره الزمخشري شبه خروج الدم من محل الذبح بجري الماء في النهر (واذكر اسم اللّه عليه) تمسك به من شرط التسمية عند الذبح وحمله الشافعية على الندب لخبر إن قوماً قالوا: يا رسول اللّه إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم اللّه عليه أم لا قال: سموا أنتم وكلوا.
2520 انهكوا الشوارب و أعفوا اللحى ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أنهكوا الشوارب) أي استقصوا قصها والإنهاك الاستقصاء (وأعفوا اللحى) أي اتركوها فلا تأخذوا منها شيئاً.
2521 اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ ( صحيح )
( حم م ) عن أنس ( حم ق ن ه ) عن جابر .
الشرح:
أي تحرك فرحاً وسروراً بنقلته من دار الفناء إلى دار البقاء لأن أرواح الشهداء مستقرها تحت العرش تأوي إلى قناديل هناك كما في خبر وإذا كان العبد ممن يفرح خالق العرش بلقائه فالعرش يدق في جنب خالقه أو اهتز استعظاماً لتلك الوقعة التي أصيب فيها أو اهتز حملته فرحاً به فأقيم العرش مقام حامليه وقوله عرش الرحمن نص صريح يبطل قول من ذهب إلى أن المراد بالعرش السرير الذي حمل عليه قال ابن القيم: كان سعد في الأنصار بمنزلة الصدّيق في المهاجرين لا تأخذه في اللّه لومة لائم وختم له بالشهادة وآثر رضا اللّه ورسوله على رضا قومه وحلفائه ووافق حكمه حكم اللّه من فوق سبع سماوات ونعاه جبريل عليه السلام يوم موته فحق له أن يهتز العرش له.
2522 اهج المشركين فإن روح القدس معك - قاله لحسان - ( صحيح )
( حم ق ن ) عن البراء .(1/477)
2523 اهج قريشا فإنه أشد عليهم من رشق النبل(صحيح)(ق) عن عائشة .
2524 أهريقوا علي من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن لعلي أعهد إلى الناس
( صحيح ) ( خ ) عن عائشة .
2525 أهل الجنة: جرد مرد كحل لا يفنى شبابهم و لا تبلى ثيابهم
( حسن ) ( ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أهل الجنة جرد مرد) أي لا شعر على أبدانهم ولا لحا لهم قيل إلا هارون أخا موسى عليه الصلاة والسلام فإن لحيه إلى سرته تخصيصاً له وتفضيلاً، في ترجمة الأسعد وسئل عن ذلك فقال:
وما في جنان الخلد ذو لحية يرى * سوى آدم فيما روينا في الأثر
وما جاء في هارون فالذهبي قد * رأى ذاك موضوعا فكن صيقل الفكر
حكاه الغزالي وفي رواية ذكرها في لسان الميزان إلا موسى فلحيته إلى سرته (كحل) أي على أجفانهم سواد خلقي (لا يفنى شبابهم ولا تبلى ثيابهم) قيل: أراد أن الثياب المعينة لا يلحقها البلى ويحتمل إرادة الجنس بل لا تزال عليهم الثياب الجدد كما أنها لا تنقطع أكلها من حينه بل كل مأكول يخلفه مأكول آخر وكل ثمرة قطعت خلفتها أخرى وهكذا لا يقال الأبدان مركبة من أجزاء متضادة الكيفية متعرضة للاستحالات المؤدية إلى الانفكاك والانحلال فكيف يعقل خلودها في الجنان لأنا نقول إنه تعالى يعيدها بحيث لا يعتريها الاستحالة بأن يجعل أجزاءها مثلاً متفاوتة في الكيف متساوية في القوة لا يقوى شيء منها على إحالة الآخر متعانقة متلازمة لا ينفك بعضها عن بعض على أن قياس ذلك العالم وأحواله على ما نجده ونشاهده نقص عقل وضعف بصيرة.
2526 أهل الجنة عشرون و مائة صف ثمانون منها من هذه الأمة و أربعون من سائر الأمم( صحيح ) ( حم ت ه حب ك ) عن بريدة
( طب ) عن ابن عباس وابن مسعود وأبي موسى .
الشرح:
لا يعارضه خبر ابن مسعود أنتم شطر أهل الجنة وفي رواية نصفهم لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم رجا أولاً أن يكونوا نصفاً فأعطاه اللّه رجاءه ثم زاده.(1/478)
2527 أهل الجنة من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس خيرا و هو يسمع و أهل النار من ملأ الله تعالى أذنيه من ثناء الناس شرا و هو يسمع( صحيح )
( ه ) عن ابن عباس .
الشرح:
في البحر يحتمل أن معناه من ملأ أذنيه من ثناء الناس خيراً عمله ومن ملأ من ثناء الناس شراً عمله فكأنه قال: أهل الجنة من لا يزال يعمل الخير حتى ينتشر عنه فيثنى عليه بذلك وفي الشر كذلك ومعنى قوله أهل الجنة أي الذين يدخلونها ولا يدخلون النار ومعنى أهل النار أي الذين استحقوها لسوء أعمالهم سموا بدخولها أهل النار لكنهم سيدخلون الجنة إذا صحبهم إيمان ويكون أهل النار بمعنى الذين استحقوها بعظائم وأفعال السوء ثم يخرجون بشفاعته ويجوز أن يرحم منهم من يشاء ولا يعذبه اهـ. فإن قلت: ما فائدة قوله وهو يسمع بعد قوله ملأ اللّه أذنيه؟ قلت: قد يقال فائدته الإيمان إلى أن ما اتصف به من الخير والشر بلغ من الاشتهار مبلغاً عظيماً بحيث صار لا يتوجه إلى محل ويجلس بمكان إلا ويسمع الناس يصفونه بذلك فلم تمتلئ أذنيه من سماعه ذلك بالواسطة والإبلاغ بل بالسماع المستفيض المتواتر واستعمال الثناء في الذكر الجميل أكثر من القبيح كما في المصباح وجعله ابن عبد السلام حقيقة في الخير مجازاً في الشر.
2528 أهل القرآن أهل الله و خاصته ( صحيح )
( أبو القاسم بن حيدر في مشيخته ) عن علي .
الشرح:(1/479)
أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء اللّه المختصون به اختصاص أهل الإنسان به سموا بذلك تعظيماً لهم كما يقال بيت اللّه. قال الحكيم: وإنما يكون هذا في قارئ انتفى عنه جور قلبه وذهب جناية نفسه فأمنه القرآن فارتفع في صدره وتكشف له عن زينته ومهابته فمثله كعروس مزين مد يده إليها دنس متلوث متلطخ بالقذر فهي تعافه وتتقذّره فإذا تطهر وتزين وتطيب فقد أدّى حقها وأقبلت إليه بوجهها فصار من أهلها فكذا القرآن فليس من أهله إلا من تطهر من الذنوب ظاهراً وباطناً وتزين بالطاعة كذلك فعندها يكون من أهل اللّه وحرام على من ليس بهذه الصفة أن يكون من الخواص وكيف ينال هذه الرتبة العظمى عبد أبق من مولاه واتخذ إلهه هواه؟ {سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق}.
2529 أهل النار كل جعظري جواظ مستكبر و أهل الجنة الضعفاء المغلوبون ( صحيح ) ( ابن قانع ك ) عن سراقة بن مالك .
الشرح:
(أهل النار كل جعظري) أي فظ غليظ متكبر أو جسم عظيم أكول (جواظ) أي جموع منوع أو ضخم مختال في مشيته أو صياح مهدر (مستكبر) أي متعاظم مرتفع تيهاً وعجباً {إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين}(وأهل الجنة الضعفاء) أي هم المتواضعون الخاضعون ضد
المتكبرين الأشرين فهم الضعفاء عن حمل التكبر وأدنى الناس بمال أو جاه أو قوة بدن وعن المعاصي (المغلبون) بشد اللام المفتوحة أي الذين كثيراً ما يغلبون والمغلب الذي يغلب كثيراً وهؤلاء هم أتباع الرسل في هذه الأخلاق وغيرها.
2530 أهل اليمن أرق قلوبا و ألين أفئدة و أسمع طاعة( حسن )
( طب ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:(1/480)
في رواية للطبراني بدله وأنجع طاعة يقال نجع له بحق إذا أقر به وبالغ فيه والرقة ضد الغلظة والجفوة واللين ضد القسوة فاستعيرت في أحوال القلب فإذا تباعد عن الحق وأعرض عن قبوله وأعرض عن الآيات والنذر يوصف بالغلظة فكان شغافه صفيقاً لا ينفذ فيه الحق وجرمه طباً لا يؤثر فيه الحق وإذا انعكس ذلك يوصف بالرقة واللين فكان حجابه رقيقاً لا يأباه نفوذ الحق وجوهره يتأثر عن النصح والفؤاد والقلب وإن كان واحداً على ما عليه الأكثر لكن الخبر ينبئ عن التمييز بينهما وهو أن الفؤاد سمي به لنفوذه والقلب سمي قلباً لكثرة تقلبه فكأنه أراد بالأفئدة ما يظهر منها للأبصار وبالقلوب ما يظهر منها للبصائر.
2531 أهون الربا كالذي ينكح أمه و إن أربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه( حسن ) ( أبو الشيخ في التوبيخ ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أهون الربا) بموحدة تحتية (كالذي ينكح) أي يطأ (أمه) في عظم الجرم وفظاعة الإثم (إن أربى الربا) أشده وأعظمه (استطالة المرء في عرض أخيه) في الإسلام أي احتقاره والترفع عليه والوقيعة فيه وذكره بما يؤذيه أو يكرهه.
2532 أهون أهل النار عذابا أبو طالب و هو منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/481)
(أهون أهل النار عذاباً أبو طالب) عم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم (وهو منتعل بنعلين من نار يغلي منهما دماغه) هذا وما قبله يؤذن بموته على الكفر وهو الحق ويزعم بعض الناس أنه أسلم قال الزمخشري: يا سبحان اللّه أكان أبو طالب أخمل أعمامه حتى يشتهر إسلام حمزة والعباس ويخفى إسلامه؟ انتهى 000 قال ابن حجر: ووقفت على جزء جمعه بعض أهل الرفض أكثر فيه من الأحاديث الواهية الدالة على إسلام أبي طالب ولا يثبت منها شيء وروى أبو داود والنسائي وابن خزيمة عن علي قال: لما مات أبو طالب قلت: يا رسول اللّه إن عمك الشيخ الضال قد مات قال: اذهب فواره قال: إنه مات مشركاً قال: اذهب فواره وفيه أن عذاب الكفار متفاوت وأن الكافر قد ينفعه عمله الصالح في الآخرة. قال ابن حجر: لكنه مخالف للقرآن، قال تعالى{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً} وأجيب باحتمال أن هذا من خصائص المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وبأن منع التخفيف إنما يتعلق بذنب الكفر لا غيره وبذلك يحصل التوفيق بين هذا الحديث وما أشبهه 0000
2533 أهون أهل النار عذابا يوم القيامة رجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/482)
(أهون أهل النار عذاباً) أي أيسرهم وأدونهم فيه (يوم القيامة رجل) لفظ رواية مسلم لرجل أي هو أبو طالب كما يجيء (يوضع في أخمص قدميه جمرتان) تثنية جمرة وهي القطعة من النار الملتهبة (يغلي منهما دماغه) وفي رواية للبخاري يغلي منهما أمّ دماغه قال الداودي: المراد أمّ رأسه وأطلق على الرأس أم الدماغ من تسمية الشيء مما يجاوره وفي رواية ابن إسحاق يغلي منه دماغه حتى يسيل على قدميه وحكمة انتعاله بهما أنه كان مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بجملته لكنه كان مثبتاً لقدميه على ملة عبد المطلب حتى قال عند الموت هو على ملة عبد المطلب فسلط العذاب على قدميه فقط لتثبيته إياهما على ملة آبائه الضالين قال الغزالي: انظر إلى من خفف عليه واعتبر به فكيف من شدد عليه؟ ومهما شككت في شدة عذاب النار فقرب أصبعك منها وقس ذلك به انتهى وتمسك به من ذهب إلى أن الحسنات تخفف عن الكافر وقال البيهقي: ولمن ذهب لمقابله أن يقول خبر أبي طالب خاص والتخفيف عنه بما صنع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم تطييباً لقلبه وثواباً له في نفسه لا لأبي طالب فإن حسناته أحبطت بموته كافراً.
2534 أوأملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟( صحيح )
( حم ق ه ) عن عائشة .
2535 أوإنكم تفعلون ذلك ؟ لا عليكم أن لا تفعلوا ذلك فإنها ليست نسمة كتب الله أن تخرج إلا هي خارجة ( صحيح ) ( ق ) عن أبي سعيد .
2536 أوتروا قبل الفجر ( صحيح )
( ن ك ) عن أبي سعيد ( ك هق ) عن ابن عمر .
2537 أوتروا قبل أن تصبحوا ( صحيح ) ( حم م ت ه ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(أوتروا) من الوتر بفتح أوله وبكسر والفتح لغة أهل الحجاز الفرد أي صلوا صلاة الوتر (قبل أن تصبحوا) أي تدخلوا في الصباح يعني في أية ساعة من الليل فيما بين صلاة العشاء والفجر ولا يختص بوقت من الليل فإذا طلع الفجر خرج وقته وفيه إيماء إلى أن تأخيره أفضل أي لمن وثق باليقظة.
2538 أوتروا يا أهل القرآن إن الله وتر يحب الوتر( صحيح )(1/483)
( د ) عن ابن مسعود .
2539 أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله و المعاداة في الله و الحب في الله و البغض في الله عز و جل( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:
(أوثق عرى الإيمان) أي أقواها أو أثبتها وأحكمها جمع عروة وهي في الأصل ما يعلق به نحو دلو أو كوز فاستعير لما يتمسك به من أمر الدين ويتعلق به من شعب الإيمان وقال الحرالي: العروة ما يشد به العباءة ونحوها يتداخل بعضها في بعض دخولاً لا ينفصم بعضه من بعض إلا بفصم طرفه فإذا انفصمت منه عروة انفصم جميعه وقال الزمخشري: هذا تمثيل للمعلوم بالنظر والاستدلال بالمشاهد المحسوس حتى يتصور السامع كأنه ينظر إليه بعينه فبحكم اعتقاده والتيقن به (الموالاة) أي التحابب والمعاونة (في اللّه) أي فيما يرضيه (والمعاداة في اللّه) أي فيما يبغضه ويكرهه (والحب في اللّه والبغض في اللّه عز وجل) قال مجاهد: عن ابن عمر فإنك لا تنال الولاية إلا بذلك ولا تجد طعم الإيمان حتى تكون كذلك اهـ. ومن البغض في اللّه بغض كثير ممن ينسب نفسه للعلم في زمننا لما أشرق عليهم من مظاهر النفاق وبغضهم لأهل الخير فيتعين على من سلم قلبه من المرض أن يبغضهم في اللّه لما هم عليه من التكبر والغلظة والأذى للناس قال الشافعي: عاشر الكرام تعش كريماً ولا تعاشر اللئام فتنسب إلى اللؤم ومن ثم قيل مخالطة الأشرار خطر ومبالغة في الغرر كراكب بحر إن سلم من التلف لم يسلم قلبه من الحذر.
2540 أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع
( حسن ) ( حم ت حب ك ) عن الزبير .
2541 أوصيك أن تستحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك(صحيح)( الحسن بن سفيان طب هب ) عن سعيد بن يزيد بن الأزور.
الشرح:(1/484)
قال ابن جرير: هذا أبلغ موعظة وأبين دلالة بأوجز إيجاز وأوضح بيان إذ لا أحد من الفسقة إلا وهو يستحي من عمل القبيح عن أعين أهل الصلاح وذوي الهيئات والفضل أن يراه وهو فاعله واللّه مطلع على جميع أفعال خلقه فالعبد إذا استحى من ربه استحياءه من رجل صالح من قومه تجنب جميع المعاصي الظاهرة والباطنة فيا لها من وصية ما أبلغها وموعظة ما أجمعها. (تنبيه) قال الراغب: حق الإنسان إذا همّ بقبيح أن يتصوّر أحداً من نفسه كأنه يراه فالإنسان يستحي ممن يكبر في نفسه ولذلك لا يستحي من الحيوان ولا من الأطفال ولا من الذين لا يميزون ويستحي من العالم أكثر مما يستحي من الجاهل ومن الجماعة أكثر ما يستحي من الواحد والذين يستحي منهم الإنسان ثلاثة: البشر ثم نفسه ثم اللّه تعالى ومن استحى من الناس ولم يستحي من نفسه فنفسه عنده أخس من غيره ومن استحى منها ولم يستح من اللّه فلعدم معرفته باللّه ففي ضمن الحديث حث على معرفة اللّه تعالى.
2542أوصيك أن لا تكون لعانا(صحيح)(حم تخ طب)عن جرموزبن أوس.
الشرح:
أي أن لا تلعن معصوماً فيحرم لعن المعصوم المعين فإن اللعنة تعود على اللاعن كما في خبر سبق وصيغة المبالغة هنا غير مرادة.
2543 أوصيك بتقوى الله تعالى فإنه رأس كل شيء و عليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام و عليك بذكر الله تعالى و تلاوة القرآن فإنه روحك في السماء و ذكرك في الأرض( حسن ) ( حم ) عن أبي سعيد .
الشرح:(1/485)
(أوصيك بتقوى اللّه تعالى فإنه رأس كل شيء) إذ التقوى وإن قلّ لفظها جامعة لحق الحق والخلق شاملة لخير الدارين إذ هي تجنب كل منهي وفعل كل مأمور كما مر غير مرة ومن اتقى اللّه حفظه من أعدائه ونجاه من الشدائد ورزقه من حيث لا يحتسب وأصلح عمله وغفر زلله وتكفل له بكفلين من رحمته وجعل له نوراً يمشي به بين يديه وقبله وأكرمه وأعزه ونجاه من النار إلى غير ذلك مما مرّ ويأتي ببراهينه (وعليك بالجهاد) أي الزمه (فإنه رهبانية الإسلام) أي أن الرهبان وإن تخلوا عن الدنيا وزهدوا فيها فلا تخلي ولا زهد أفضل من بذل النفس في سبيل اللّه فكما أن الرهبانية أفضل عمل أولئك فالجهاد أفضل عملنا والرهبانية ما يتكلفه النصارى من أنواع المجاهدات والتبتل (وعليك بذكر اللّه وتلاوة القرآن) أي الزمهما (فإنه) يعني لزومهما (روحك) بفتح الراء راحتك (في السماء وذكرك في الأرض) بإجراء اللّه ألسنة الخلائق بالثناء الحسن عليك أي عند توفر الشروط والآداب ومنها أن يجمع حواسه إلى قلبه ويحضر في لبه كل جارحة فيه وينطق بلسانه عن جميع ذوات أحوال جوارحه حتى تأخذ كل جارحة منه قسطها منها وبذلك تنحات عنه الذنوب كما يتحات الورق عن الشجر فلم يقرأ القرآن من لم يكن ذا حاله ولم يذكر من لم يكن كذلك ذكره الحرالي وغيره.
2544 أوصيك بتقوى الله تعالى في سر أمرك و علانيته و إذا أسأت فأحسن و لا تسألن أحدا شيئا و لا تقبض أمانة و لا تقض بين اثنين( حسن ) ( حم ) عن أبي ذر .
الشرح:(1/486)
(أوصيك بتقوى اللّه في سر أمرك وعلانيته) أي في باطنه وظاهره والقصد الوصية بإخلاص التقوى وتجنب الرياء فيها قال حجة الإسلام: وإذا أردنا تحديد التقوى على موضع علم السر نقول الحد الجامع تبرئة القلب عن شر لم يسبق عنك مثله بقوة العزم على تركه حتى يصير كذلك وقاية بينك وبين كل شر قال: وهنا أصل أصيل وهو أن العبادة شطران اكتساب وهو فعل الطاعات واجتناب وهو تجنب السيئات وهو التقوى وشطر الاجتناب أصلح وأفضل وأشرف للعبد من الاكتساب يصوموا نهارهم ويقوموا ليلهم واشتغل المنتبهون أولو البصائر والاجتناب إنما همتهم حفظ القلوب عن الميل لغيره تعالى والبطون عن الفضول والألسنة عن اللغو والأعين عن النظر إلى ما لا يعنيهم (وإذا أسأت فأحسن) {إن الحسنات يذهبن السيئات} (ولا تسألن أحداً) من الخلق (شيئاً) من الرزق ارتقاء إلى مقام التوكل فلا تعلق قلبك بأحد من الخلق بل بوعد اللّه وحسن كفايته وضمانه {وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها} وقد قال أهل الحق: ما سأل إنسان الناس إلا لجهله باللّه تعالى وضعف يقينه بل إيمانه وقلة صبره وما تعفف متعفف إلا لوفور علمه باللّه وتزايد معرفته به وكثرة حيائه منه (ولا تقبض أمانة) وديعة أو نحوها مصدر أمن بالكسر أمانة فهو أمين ثم استعمل في الأعيان مجازاً فقيل الوديعة أمانة ونحو ذلك والنهي للتحريم إن عجز عن حفظها وللكراهة إن قدر ولم يثق بأمان نفسه وإن وثق بأمانة نفسه فإن قدر ووثق ندب بل إن تعين وجب (ولا تقض بين اثنين) لخطر أمر القضاء وحسبك في خطره خير من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين والخطاب لأبي ذر وكان يضعف عن ذلك كما صرح به في الحديث.
2545 أوصيك بتقوى الله تعالى و التكبير على كل شرف ( حسن )
( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(1/487)
(أوصيك بتقوى اللّه) بأن تطيعه فلا تعصه وتشكره فلا تكفره والتقوى أس كل فلاح ونجاح في الدارين قال الغزالي: ليس في العالم خصلة للعبد أجمع للخير وأعظم للأجر وأجل في العبودية وأعظم في القدر وأدنى بالحال وأنجع للآمال من هذه الخصلة التي هي التقوى وإلا لما أوصى اللّه بها خواص خلقه فهي الغاية التي لا متجاوز عنها ولا مقتصر دونها. قد جمع اللّه فيها كل نصح ودلالة وإرشاد وتأديب وتعليم فهي الجامعة لخيري الدارين الكافية لجميع المهمات المبلغة إلى أعلى الدرجات (والتكبير على كل شرف) أي محل عال من أشرف فلان إلى كذا إذا تطاول له ورماه ببصره ومنه قيل للشريف شريف لارتفاعه على من دونه وهذا قاله لمن قال له أريد سفراً فأوصني فذكره فلما ولى الرجل قال: اللّهم ازوي له الأرض وهون عليه السفر قال ابن القيم: وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم وصحبه إذا علوا الثنايا كبروا وإذا هبطوا سبحوا فوضعت الصلاة على ذلك.
2546 أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى يحلف الرجل و لا يستحلف و يشهد الشاهد و لا يستشهد ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان عليكم بالجماعة و إياكم و الفرقة فإن الشيطان مع الواحد و هو مع الاثنين أبعد من أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلكم المؤمن(صحيح)( حم ت ك ) عن عمر .
الشرح:(1/488)
(أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم) أي أهل القرن الثاني قال ابن العربي: أوصيكم بأصحابي إلخ وليس هناك أحد غيرهم يكون الموصى به غيرهم وإنما المراد ولاة أمورهم فكانت هذه وصية على العموم (ثم) بعد ذلك (يفشوا الكذب) أي ينتشر بين الناس بغير نكير (حتى يحلف الرجل) تبرعاً (ولا يستحلف) أي لا يطلب منه الحلف لجرأته على اللّه (ويشهد الشاهد ولا يستشهد) أي لا يطلب منه الشهادة يجعل ذلك منصوبة لشيء يتوقعه من حطام الدنيا قال ابن العربي: وقد وجدنا وقوع ذلك في القرن الثاني لكنه قليل ثم زاد في الثالث ثم كثر في الرابع وقوله يحلف ولا يستحلف إشارة إلى قلة الثقة بمجرد الخبر لغلبة التهمة حتى يؤكد خبره باليمين وقوله يشهد ولا يستشهد أي يبديها من قبل نفسه زوراً (ألا لا يخلون رجل بامرأة) أي أجنبية (إلا كان الشيطان ثالثهما) بالوسوسة وتهييج الشهوة ورفع الحياء وتسويل المعصية حتى يجمع بينهما بالجماع أو فيما دونه من مقدماته التي توشك أن توقع فيه والنهي للتحريم واستثنى ابن جرير كالثوري ما منه بد كخلوته بأمة زوجته التي تخدمه حال غيبتها (وعليكم بالجماعة) أي أركان الدين والسواد الأعظم من أهل السنة أي الزموا هديهم فيجب اتباع ما هم عليه من العقائد والقواعد وأحكام الدين قال ابن جرير: وإن كان الإمام في غيرهم وعلم منه أن الأمة إذا أجمعت على شيء لم يجز خلافها (وإياكم والفرقة) أي احذروا الإنفصال عنها ومفارقتهم ما أمكن يقال فرقت بين الشيئين فصلت بينهما وفرقت بين الحق والباطل فصلت أيضاً (فإن الشيطان مع الواحد وهو من الإثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة) بضم الموحدتين أي من أراد أن يسكن وسطها وأخصبها وأحسنها وأوسعها مكاناً قال في الصحاح: بحبوحة الدار بضم الباءين وسطها قال الزمخشري: ومن المجاز تبحبح في الأمر توسع فيه من بحبوحة الدار وهي وسطها وتبحبحت العرب في لغاتها اتسعت فيها(فليلزم الجماعة) فإن من شذ انفرد بمذهبه عن مذاهب(1/489)
الأمة فقد خرج عن الحق لأن الحق لا يخرج عن جماعتها. قال الغزالي: ولا تناقض بين هذا وبين الأخبار الآمرة بالعزلة إذ لا تجتمع الأمة على ضلالة فخرق الإجماع والحكم بالعزلة نحو الزم بيتك وعليك بخاصة نفسك لأن قوله عليكم بالجماعة إلخ يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها أنه يعني به في الدين والحكم إذ لا تجتمع الأمة على ضلالة فخرق الإجماع والحكم بخلاف ما عليه جمهور الأمة والشذوذ عنهم ضلال وليس منه من يعتزل عنهم لصلاح دينه، الثاني عليكم بالجماعة بأن لا تنقطعوا عنهم في نحو الجمع والجماعات فإن فيها جمال الإسلام وقوة الدين وغيظ الكفار والملحدين، الثالث أن ذلك في زمن الفتنة للرجل الضعيف في أمر الدين (من سرته حسنته وساءته سيئته فذلكم المؤمن) أي الكامل لأنه لا أحد يفعل ذلك إلا لعلمه بأن له رباً على حسناته مثيباً وسيئاته مجازياً ومن كان كذلك فهو لتوحيد اللّه مخلصاً قال ابن جرير: وفيه تكذيب المعتزلة في إخراجهم أهل الكبائر من الإيمان فإنه سمى أهل الإساءة مؤمنين وإبطال لقول الخوارج هم كافرون وإن أقروا بالإسلام.
2547 أوصيكم بالأنصار فإنهم كرشي و عيبتي و قد قضوا الذي عليهم و بقي الذي لهم فاقبلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم( صحيح )
( خ ) عن أنس .
2548 أوصيكم بالجار( صحيح )
( الخرائطي في مكارم الأخلاق ) عن أبي أمامة .
الشرح:(1/490)
أي بالإحسان إليه وكف صنوف الأذى والضرر عنه وإكرامه بسائر الممكن من وجوه الإكرام لما له من الحق المؤكد الذي ما يزال جبريل عليه السلام يؤكد فيه حتى كاد يورثه قال بعض العارفين: احفظ حق الجوار والجار وقدم الأقرب داراً وتفقدهم بما أنعم اللّه به عليك فإنك مسؤول وادفع عنهم الضرر وأردف عليهم الإحسان وما سمي جاراً لك إلا لميلك بالإحسان له ودفع الضرر عنه وميله لك بذلك من جار إذا مال إذ الجور الميل فمن جعله من الميل إلى الباطل الذي هو الجور عرفاً فهو كمن يسمي اللديغ سليماً في القبض وإن كان الجار من أهل الجور أي الميل إلى الباطل بكفر أو فسق فلا يمنعك ذلك من رعاية حقه. قيل: نزل جراد بفناء شريف من العرب فخرج أهل الحي ليأكلوه فسمع أصواتهم فخرج من خبائه وقال: ما تبغون قالوا: جارك الجراد فقال: إذ سميتموه جاري لأقاتلنكم عنه فقاتلهم حتى دفع عنه لكونهم سموه جاراً.
2549 أوصيكم بتقوى الله و السمع و الطاعة و أن أمر عليكم عبد حبشي فإنه من يعش منكم بعدي فسيري اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي و سنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها و عضوا عليها بالنواجذ و إياكم و محدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة و كل بدعة ضلالة ( صحيح )
( حم د ت ه ك ) عن العرباض بن سارية .
2550 أوف بنذرك ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن ابن عمر .
2551 أوف بنذرك فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله تعالى و لا فيما لا يملك ابن آدم ( صحيح ) ( د ) عن ثابت بن الضحاك .
2552 أوفي شك أنت يا ابن الخطاب ؟ ! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن عمر .
2553 أوفوا بحلف الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة و لا تحدثوا حلفا في الإسلام ( حسن ) ( حم ت ) عن ابن عمرو .
الشرح:(1/491)
(أوفوا) من الوفاء قال القاضي: وهو القيام بمقتضى العهد وكذا الإيفاء (بحلف الجاهلية) أي العهود التي وقعت فيها مما لا يخالف الشرع قال الحرالي: والإيفاء الأخذ بالوفاء والوفاء إنجاز الموعود في أمر معهود (فإن الإسلام لم يزده) أي العهد المبرم فيها (إلا شدّة) أي شدة توثق فيلزمكم الوفاء به أما ما يخالف الشرع كالفتن والقتال فلا وفاء به (ولا تحدثوا حلفاً في الإسلام) أي لا تحدثوا فيه حلفاً مّا فالتنكير للجنس أو إن كنتم حلفتم أن يعين بعضكم بعضاً فإذا أسلمتم فأوفوا به فإن الإسلام يحرضكم على الوفاء به لكن لا تحدثوا مخالفة في الإسلام بأن يرث بعضكم بعضاً فإنه لا عبرة به ولا يناقضه أنه حالف بين المهاجرين والأنصار لأن المراد أنه آخى بينهم وبفرض أن المراد التحالف فطريق الجمع ما تقرّر.
2554 أوكلما نفرنا في سبيل الله تخلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس منح إحداهن الكثبة من اللبن ؟ ! و الله لا أقدر على أحدهم إلا نكلت به( صحيح )
( حم م د ) عن جابر بن سمرة ( م ) عن أبي سعيد .
2555أولكلكم ثوبان؟(صحيح)(ق ن ه)عن أبي هريرة(حم د حب)عن طلق.
2556 أولم و لو بشاة( صحيح )
( مالك حم ق 4 ) عن أنس ( خ ) عن عبدالرحمن بن عوف .
الشرح:
(أولم) أي اتخذ وليمة (ولو بشاة) مبالغة في القلة فلو تقلية لا امتناعية فلا حد لأقلها ولا لأكثرها ونقل القاضي الإجماع على أنه لا حد لقدره المجزئ والخطاب لعبد الرحمن بن عوف الذي تزوج والأمر للندب عند الجمهور وصرفه عن الوجوب خبر هل علي غيرها أي الزكاة قال: لا إلا أن تطوّع وخبر ليس في المال حق سوى الزكاة ولأنها لو وجبت لوجبت الشاة ولا قائل به00000
2557 أولياء الله تعالى: الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى ( حسن )
( الحكيم ) عن ابن عباس .
الشرح:(1/492)
(أولياء اللّه) أي الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة (الذين إذا رؤوا ذكر اللّه) برؤيتهم يعني أن عليهم من اللّه سيما ظاهرة تذكر بذكره فإن رؤوا ذكر الخير برؤيتهم وإن حضروا حضر الذكر معهم وإن نطقوا بالذكر فهم يتقلبون فيه كيفما حلِّوا فمن كان بين يدي ربه وآخرته فإنما يفتتح إذا لقيك بذكره ومن كان أسير نفسه ودنياه فإنما يفتتح إذا لقيك بدنيا فكل يحدثك عما يطلع قلبه فتنبه.
2558 أوما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل ؟ كانوا إذا أصابهم شيء من البول قرضوه بالمقاريض فنهاهم صاحبهم فعذب في قبره( صحيح )
( حم ن ) عن عبدالرحمن بن حسنة .
2559 أوما علمت ما شارطت عليه ربي ؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة و أجرا( صحيح )( م)عن عائشة .
2560 أول الآيات طلوع الشمس من مغربها(صحيح)(طب)عن أبي أمامة.
الشرح:
(أول الآيات) أي علامات الساعة (طلوع الشمس من مغربها) ولفظ رواية مسلم من المغرب والآيات إما أمارات دالة على قرب الساعة فأولها بعث نبينا صلى اللّه عليه وسلم أو أمارات متوالية دالة على وقوعها والكلام هنا فيها وجاء في خبر آخر أن أولها ظهور الدجال. قال الحليمي: وهو الظاهر فأولها الدجال فنزول عيسى عليه الصلاة والسلام فخروج يأجوج ومأجوج لأن الكفار في وقت عيسى عليه الصلاة والسلام يفتنون فمنهم من يقتل ومنهم من يسلم وتضع الحرب أوزارها فلو كانت الشمس طلعت قبل من مغربها لم ينفع اليهود إيمانهم أيام عيسى عليه الصلاة والسلام لأن طلوعها يزيل الخطاب ويرفع التكليف ولو لم ينفعهم لما صار الدين واحداً بإسلام من أسلم منهم قال البيهقي: وهو كلام صحيح لو لم يعارض هذا الحديث الصحيح الذي في مسلم إن أول الآيات طلوع الشمس من المغرب.
2561 أول الناس هلاكا: قريش و أول قريش هلاكا: أهل بيتي( صحيح )
( طب ) عن عمرو بن العاص .
الشرح:(1/493)
(أول الناس هلاكاً قريش) أي القبيلة بأسرها بنحو قتل أو فناء (وأول قريش هلاكاً أهل بيتي) فهلاكهم من أشراط الساعة وأمارتها الدالة على قرب قيامها.
2562 أول جيش من أمتي يركبون البحر قد أوجبوا و أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم( صحيح ) ( خ ) عن أم حرام بنت ملحان .
الشرح:
(أول جيش من أمتي يركبون البحر) للغزو (قد أوجبوا) أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة أو أوجبوا لأنفسهم المغفرة والرحمة بذلك والبحر معروف وحقيقته الماء الكثير المجتمع في فسحة سمي به لعمقه واتساعه ويطلق على الملح والعذب والمراد هنا الملح ومعنى ركوبه الاستعلاء على ظهره كما تركب الدابة وهو مجاز إذ الركوب إنما هو على السفن حقيقة فيه فحذف ذلك اتساعاً لدلالة الحال عليه (وأول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر) ملك الروم يعني القسطنطينية أو المراد مدينته التي كان بها يوم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك وهي حمص وكانت دار مملكته إذ ذاك
(مغفور لهم) لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص ويلزم من الجمود على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له 0000000
2563 أول خصمين يوم القيامة جاران( حسن )(طب)عن عقبة بن عامر .
الشرح:
لم يحسن أحدهما جوار صاحبه ولم يف له بحقه، ومقصود الحديث الحث على كف الأذى عن الجار وإن جار وأنه تعالى يهتم بشأنه وينتقم للجار المظلوم من الظالم ويفصل القضاء بينهما وإلا فمن شعائر الإيمان الكف عن أذى الجيران وعدم منازعتهم ومعارضتهم فيما يصدر منهم وعنهم من الأضرار وسوء العشرة والجوار ويجب أن تعلم أن ذلك ليس إلا بتسليط اللّه إياهم عليك لما تستوجبه أفعالك الذميمة وما يعفو اللّه أكثر فالحذر من المنازعة الحذر 0000(1/494)
2564 أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر و الثانية على لون أحسن من كوكب دري في السماء لكل رجل منهم زوجتان على كل زوجة سبعون حلة يبدومخ ساقها من ورائها(صحيح)(حم ت)عن أبي سعيد.
الشرح:
(أول زمرة) بضم الزاي طائفة أو جماعة والزمر الأفواج المتفرقة بعضها إثر بعض (تدخل الجنة على صورة القمر) أي على صورة مثل صورة القمر (ليلة البدر) ليلة تمامه وكماله في الحسن والإضاءة (والثانية) أي التي تدخل عقبهم تكون (على لون أحسن كوكب دري) بضم الدال وكسرها وراء وياء مشدّدتين أي مضيء متلألئ كالزهرة في صفائها وزهرتها منسوب إلى الدر أو فعيل من الدرء بالهمزة فإنه يدفع الظلام بضوئه (في السماء) قال المحقق أبو زرعة: ورد في هذا المعنى ما يقتضي ما هو أبلغ من صورة القمر فروى الترمذي مرفوعاً لو أن رجلاً من أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمست ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء النجوم وقد يقال إنهم يكونون على صورة القمر عند دخولهم الجنة ثم يزداد إشراق نورهم فيها بدليل قوله لو أن رجلاً إلخ أو يقال المذكور هنا إشراق وجوههم من غير حلي والمذكور ثم إشراق حليهم بدليل قوله فبدت أساوره فالزيادة للحلي لا للوجود (لكل رجل منهم زوجتان) في رواية اثنتان لتأكيد التكثير. قال الطيبي: ثناه للتكثير نحو {ارجع البصر كرتين} لا للتحديد لخبر أدنى أهل الجنة الذي له ثنتان وسبعون زوجة فاعترض بأن تأكيد المثنى باثنتين ورجع ضمير التثنية إليه يدل على أن القصد معنى الإثنينية فلا يبعد أن يكون لكل زوجتان موصوفتين أن (على كل زوجة) منهما (سبعون حلة) يعني حلل كثيرة جداً فالعدد للتكثير لا للتحديد كنظائره بحيث (يبدو مخ ساقها من ورائها) زاد الطبراني كما يرى الشراب الأحمر في الزجاجة البيضاء وهو كناية عن غاية لطافتهما ويكون له سبعون لسن بهذا الوصف ثم إن هذا اللفظ محتمل لكونهما من نساء الدنيا أو الحور ويؤيد الأول خبر أبي يعلى فيدخل الرجل منهم على(1/495)
اثنتين وسبعين زوجة مما ينشئ اللّه واثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ اللّه بعبادتهما وبعده فلا تعارض بين ذا وخبر أقل ساكني الجنة النساء لأنهن في الجنة باعتبار الحور وأقل ساكنيها نساء الدنيا فنساء الدنيا أقل أهل الجنة وأكثر أهل النار كما شهدت به الأخبار.
2565 أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر و الذين على أثرهم كأشد كوكب دري في السماء إضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم و لا تباغض و لا تحاسد لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ سوقها من وراء لحمها من الحسن يسبحون الله بكرة و عشيا لا يسقمون و لا يمتخطون و لا يبصقون آنيتهم الذهب و الفضة و أمشاطهم الذهب و وقود مجامرهم الألوة ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
2566 أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها و لا يمتخطون و لا يتغوطون آنيتهم فيها الذهب و أمشاطهم من الذهب و الفضة و مجامرهم الألوة و رشحهم المسك و لكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم و لا تباغض قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة و عشيا( صحيح )
( حم ق ت ) عن أبي هريرة .
2567 أول شيء يأكله أهل الجنة زيادة كبد الحوت( صحيح )
( الطيالسي ) عن أنس .
الشرح:(1/496)
(أول شيء) أي أول مأكول (يأكله أهل الجنة) في الجنة إذا دخلوها (زيادة كبد الحوت) وهي القطعة المنفردة عن الكبد المتعلقة به وهي أطيب الكبد وألذه وفي رواية من زائدة كبد الثور أي ثور الجنة وحكمة خصوصية أكلهم منهما أنهما أساس الدنيا لأنها مركبة على متن ثور والثور على ظهر حوت والحوت في الماء ولا يعلم ما تحت الماء إلا الذي خلقه فالأكل منهما إشارة إلى خراب الدنيا وبشارة بفساد أساسها وأمن العود إليها وخص الأكل بالزائدة لما بينه الأطباء أن العلة إذا وقعت في الكبد دون الزائدة رجى برؤه وإن وقعت في الزائدة هلك العليل لا محالة فأكلهم من الزائدة أدخل في البشرى أفاده ابن جماعة ثم هذه الأولية لا تدافع بينها وبين خبر إذا سكن أحدكم الجنة أتاكم ملك فيقول إن اللّه يأمركم أن تزوروه إلى أن قال ثم
توضع مائدة الخلد، الحديث ما ذاك إلا لأنه لا مانع من أن زيادة الكبد توضع قبل تلك المائدة وأن هذا جار على المألوف في الدنيا من أنه بمجرد الذبح يعجل بالكبد فتشوى فيأكلها الحاضرون حتى ينضج الطعام بعد.
2568 أول شيء يحشر الناس نار تحشرهم من المشرق إلى المغرب
( صحيح ) ( الطيالسي ) عن أنس .
الشرح:
أي تخرج من جهة المشرق فتسوقهم إلى جهة المغرب فذلك أول الحشر والحشر الجمع مع سوق وفي وراية أول أشراط الساعة نار تحشر الناس إلخ قال القاضي: لعله لم يرد به أول الأشراط مطلقاً بل الأشراط المتصلة بالساعة الدالة على أنها تقوم عما قريب أو أراد بالنار نار الحرب والفتن كفتنة الترك فإنها سارت من المشرق إلى المغرب.
2569 أول شيء يرفع من هذه الأمة الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعا
( صحيح ) ( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(1/497)
(أول شيء يرفع من هذه الأمة) المحمدية (الخشوع حتى لا ترى فيها خاشعاً) خشوع إيمان بل خشوع تماوت ونفاق فيصير الواحد منهم ساكن الجوارح تصنعاً ورياء ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات فهو يتخشع في الظاهر وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة وقال الراغب: قال رجل للحسن البصري: أمؤمن أنت قال: إن كنت تريد قول اللّه تعالى {آمنا باللّه وما أنزل إلينا} فنعم به نتناكح ونتوارث وإن أردت قوله {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} فلا أدري.
2570 أول ما تفتقدون من دينكم الأمانة(صحيح)(طب)عن شداد بن أوس .
الشرح:
وتمامه عند مخرجه الطبراني في روايته عن أنس ولا دين لمن لا أمانة له ولا أمانة لمن لا عهد له وحسن العهد من الإيمان انتهى وفي رواية أول شيء يفقد من أمتي الأمانة من دينهم قال ابن العربي: وصفة رفع الأمانة وفقدها أن ينام الإنسان فتقبض من قلبه والمعنى فيه أن المرء في النوم متوفي ثم مرجوع إليه روحه فإذا قبضت على صفة من الأمانة ردت إليه بدونها وتحقيقه أن الأعمال لا يزال يضعفها نسيانها حتى إذا تناهى الضعف ذهبت بالنوم عن النفس فإذا ردت عليه ردت دونها فلا يبقى لها أثر وما عنده من الإيمان وأصل الإعتقاد الضعيف في ظاهر القلب ثم ينام فلا ترجع إليه إلا بعد نزع باقي الأمانة بقوة فلا يبقى شيء.
2571 أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة يقول ربنا عز و جل لملائكته و هو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها ؟ فإن كانت تامة كتبت له تامة و إن كان انتقص منها شيئا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع ؟ فإن كان له تطوع قال: أتموا لعبدي فريضته ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم( صحيح ) ( حم د ن ك ) عن أبي هريرة .
2572 أول ما يحاسب به العبد الصلاة و أول ما يقضى بين الناس في الدماء( صحيح ) ( ن ) عن ابن مسعود .
الشرح:(1/498)
(أول ما يحاسب به العبد) أي الإنسان حراً كان أو عبداً ذكراً أو أنثى (الصلاة) لأنها أم العبادات وأول الواجبات بعد الإيمان (وأول ما يقضى بين الناس في الدماء) لأنها أكبر الكبائر بعد الشرك والبداءة بها تدل على أهميتها وعظم مفسدة القتل فإنه هدم البنية الإنسانية التي بنتها القدرة الإلهية فليس بعد الكفر ذنب أعظم من القتل وما في هذا الحديث موصولة وهو موصول حرفي ويتعلق الجار بمحذوف أي أول القضاء يوم القيامة القضاء في ذلك وقد استدل بهذا الخبر وما قبله على أن القضاء يختص بالناس ولا دخل للبهائم فيه وهو غلط لأن مفاده حصر الأوّلية في القضاء بين الناس وليس فيه نفي القضاء بين البهائم بعد القضاء بين الناس.
2573 أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله و إن فسدت فسد سائر عمله( صحيح )(طس الضياء) عن أنس .
الشرح:
(أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة) أي المفروضة وهي الخمس لأنها أول ما فرض عليه بعد الإيمان وهي علم الإيمان وراية الإسلام (فإن صلحت) بأن كان قد صلاها متوفرة الشروط والأركان وشملها القبول (صلح له سائر عمله) يعني سومح له في جميع أعماله ولم يضايق في شيء منها في جنب ما واظب من إدامة الصلاة التي هي علم الدين (وإن فسدت) أن لم تكن كذلك (فسد سائر عمله) أي ضويق فيه واستقصى فحكم بفساده وأخذ منه الأئمة أن حكمة مشروعية الرواتب قبل الفرائض وبعدها تكميلها بها إن عرض نقص قال الطيبي: الصلاح كون الشيء على حالة استقامته وكماله والفساد ضد ذلك وذلك لأن الصلاة بمنزلة القلب من الإنسان فإذا صلحت صلحت الأعمال كلها وإذا فسدت فسدت.
2574 أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أتمها كتبت له تامة و أن لم يكن أتمها قال الله لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع فتكملون بها فريضته ؟ ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك ( صحيح ) ( حم د ه ك ) عن تميم الداري .
الشرح:(1/499)
(أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته) لأن اللّه تعالى قد أذنه بتعظيم أمرها وأشار إليه بالاهتمام بشأنها فإنها مقدمة عنده على غيرها حيث كان أول شيء بدأ به عباده من الفرائض وكان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إذا أسلم رجل أول شيء يعلمه الصلاة لأنه إنما يضع الأمور على حسب وضع ربه ناظراً في ذلك إلى حكمته الإلهية فبعد تقرر هذه الأولية والأهمية عند العبد ناسب أن يكون أول السؤال عنها إذ لا عذر لها حينئذ (فإن كان أتمها كتبت له) أي أمر اللّه تعالى بكتابتها في صحف الملائكة أو المحاسبة أو غيرهما (تامة وإن لم يكن أتمها قال اللّه لملائكته: انظروا هل تجدون لعبدي من تطوع) بزيادة من للتأكيد (فتكملون بها فريضته ثم الزكاة كذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك) قال الحافظ العراقي: المراد من الإكمال إكمال ما انتقص من السنن والهيئات المشروعة وأنه يحصل له ثوابه في الفرض وإن لم يفعله أو ما انتقص من فروضها وشروطها أو ما ترك من الفرائض رأساً اهـ0000000
2575 أول ما يرفع من الناس الأمانة و آخر ما يبقى من دينهم الصلاة و رب مصل لا خلاق له عند الله تعالى ( حسن ) (الحكيم) عن زيد بن ثابت .
الشرح:(1/500)
(أول ما يرفع من الناس) في رواية من هذه الأمة (الأمانة) قال ابن العربي: وهي أي هنا معنى يحصل في القلب فيأمن به المرء من الردى في الآخرة والدنيا وأصله الإيمان (وآخر ما يبقى من دينهم الصلاة) كلما ضعف الإيمان بحب الدنيا ونقص نوره بالمعاصي والشهوات وذهبت هيبة سلطانه من القلوب اضمحلت الأمانة وإذا ضعفت الأمانة وخانت الرعية فيها فأخرت الصلاة عن أوقاتها وقصر في إكمالها أدى ذلك إلى ارتفاع أصلها (ورب مصل) آت بصورة الصلاة (لا خلاق له عند اللّه) أي لا نصيب له عنده من قبولها والإثابة عليها وفي رواية ورب مصل لا خير فيه أي لكونه غافلاً لاهي القلب وليس للمرء من صلاته إلا ما عقل كما في حديث آخر وقد قال تعالى: {وأقم الصلاة لذكري} فظاهر الأمر الوجوب والغفلة ضده فمن غفل في جميع صلاته لا يكون مقيماً للصلاة لذكره تعالى فلا خلاق له عنده فافهم وقد روى ابن المبارك في الزهد عن عمار بن ياسر يكتب للرجل من صلاته ما سها عنه.
2576 أول ما يرفع من الناس الخشوع(صحيح)(طب) عن شداد بن أوس .
الشرح:
أي خشوع الإيمان الذي هو روح العبادة وهو الخوف أو السكون أو معنى يقوم في النفس يظهر عنه سكون الأطراف يلائم مقصوده العبادة قالت عائشة: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه، وخرج بخشوع الإيمان خشوع النفاق والفرق بينهما أن الأول خشوع القلب للّه بالإجلال والوقار والمهابة والحياء والثاني يبدو على الجوارح تصنعاً وتكلفاً والقلب غير خاشع.
2577 أول ما يقضى بين الناس يوم القيامة في الدماء ( صحيح )
( حم ق ن ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/1)
(أول) بالرفع مبتدأ (ما يقضى) بضم أوله وفتح الضاد المعجمة مبنياً للمفعول في محل الصفة وما نكرة موصوفة والعائد الضمير في يقضى أي أول قضاء يقضى (بين الناس يوم القيامة في الدماء) وفي رواية بالدماء أي أول ما يحكم اللّه تعالى بين الناس يوم القيامة في متعلقات الدماء أو أول القضايا القضاء في الدماء أو أول ما يقضى فيه الأمر الكائن في الدماء وذلك لعظم مفسدة سفكها ولا يناقضه خبر أول ما يحاسب به العبد الصلاة لأن ذلك في حق الحق وذا في حق الخلق أي أن أول بمعنى من أول، أو أول ما يحاسب به من الفرائض البدنية الصلاة ثم أول ما يحكم فيه من
المظالم الدماء قال الحافظ العراقي: وظاهر الأخبار أن الذي يقع أولاً
المحاسبة على حق اللّه تعالى وفي حديث الصور الطويل أول ما يقضى بين الناس في الدماء ويأتي كل قتيل قد حمل رأسه فيقول: يا رب سل هذا لم قتلني.
2578 أول ما يهراق من دم الشهيد يغفر له ذنبه كله إلا الدين ( حسن )
( طب ك ) عن سهل بن حنيف .
الشرح:
(أول ما يهراق) أي يصب (من دم الشهيد) شهيد الدنيا والآخرة وهو من قائل لتكون كلمة اللّه هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ومات في المعركة بسبب القتال (يغفر) اللّه (له ذنبه كله إلا الدين) بفتح الدال وفي رواية للطبراني أيضاً أول قطرة تقطر من دم الشهيد يكفر بها ذنوبه والثانية يكسى من حلل الإيمان والثالثة يزوج من الحورالعين انتهى وفي هذا السياق دلالة على أن الكلام في دم القتل أو ما أدى إليه لا في دم جراحة لم يمت منها كما هو مبين وظاهر أن المراد بالدين دين الآدمي لا دين اللّه تعالى.
2579 أول مسجد وضع في الأرض المسجد الحرام ثم المسجد الأقصى و بينهما أربعون سنة ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فإن الفضل فيه
( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن أبي ذر .
2580 أول من غير دين إبراهيم عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/2)
(أول من غير) بشد المثناة تحت (دين إبراهيم) الخليل وفي رواية دين إسماعيل ولا تدافع إذ دين إسماعيل هو دين إبراهيم أي أول من بدل أحكام شريعته وحوّلها وجعلها على خلاف ما هي عليه ففي القاموس غيَّره جعله على خلاف ما كان عليه وحوّله وبدله (عمرو بن لحي) بضم اللام وفتح الحاء المهملة كذا في هذه الرواية وفي رواية أخرى عمرو بن عامر ولا تعارض كما أشار إليه الكرماني وغيره فعامر اسم ولحي لقب أو عكسه أو أحدهما اسم الأب والآخر الجد فنسب تارة لأبيه وتارة لجده (ابن قمعة) بالقاف (ابن خندف) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وآخره فاء وهو (أبو خزاعة) القبيلة المشهورة وهو أول من ولي البيت بعد جرهم وورد في رواية لابن إسحاق بيان ذلك التغيير فقال: فنصب الأوثان وسيب السوائب وبحر البحيرة ووصل الوصيلة وحمى الحامي قال: وسببه أنه كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال: أرحب أبا ثمامة فقال: لبيك من تهامة فقال: ادخل بلا ملامة فقال: ائت سيف جدة تجد آلهة معدة فخذها ولا تهب وادع إلى عبادتها تجب، فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وإدريس وهي ود وسواع ويغوث ويعوق ونسر فحملها إلى مكة ودعا إليها فانتشرت عنه عبادة الأصنام في العرب.
2581 أول من فتق لسانه بالعربية المبينة إسماعيل و هو ابن أربع عشرة سنة ( صحيح ) ( الشيرازي في الألقاب ) عن علي .
الشرح:(2/3)
(أول من فتق لسانه) ببناء فتق للمفعول وللفاعل أي اللّه (بالعربية) أي باللغة العربية وهي كما في المصباح كغيره ما نطق به العرب (المبينة) أي الموضحة الصريحة الخالصة (إسماعيل) ابن إبراهيم الخليل قال الزمخشري: ويسمى أبو الفصاحة قال في الروض الأنف: وهو نبي مرسل إلى جرهم والعماليق الذين كانوا بأرض الحجاز فآمن بعض وكفر بعض (وهو ابن أربع عشرة سنة) قال الديلمي: أصل الفتق الشق أي أنطق اللّه لسان إسماعيل حتى تكلم بها وكان أول من نطق بها كذلك وقال في المصباح: يقال العرب العاربة هم الذين تكلموا بلسان يعرب بن قحطان وهو اللسان القديم والعرب المستعربة هم الذين تكلموا بلسان إسماعيل بن إبراهيم وهي لغة الحجاز وما والاها انتهى. قال ابن حجر: وأفاد بهذا القيد أعني المبينة أوّليته في ذلك بحسب الزيادة والبيان لا الأولية المطلقة وإلا فأوّل من تكلم بالعربية جرهم وتعلمها هو من جرهم ثم ألهمه اللّه العربية الفصيحة المبينة فنطق بها ويشهد له ما حكي أن عربية إسماعيل كانت أفصح من عربية يعرب بن قحطان وبقايا حمير وجرهم ويحتمل كون الأولية مقيدة بإسماعيل بالنسبة إلى إخوته من ولد إبراهيم.
2582 أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية( حسن )( ع ) عن أبي ذر .
الشرح:
(أول من يبدل سنتي) أي طريقتي وسيرتي القويمة التي أنا عليها بما أصلته لكم من الأحكام الإعتقادية والعملية (رجل من بني أمية) بضم الهمزة زاد الروياني في مسنده وابن عساكر يقال يزيد اهـ0000000
2583 أول من يدعى يوم القيامة: آدم فتتراءى له ذريته فيقال: هذا أبوكم آدم فيقول: لبيك و سعديك فيقول: أخرج بعث جهنم من ذريتك: فيقول: يا رب كم أخرج ؟ فيقول: أخرج من كل مائة تسعة و تسعين قالوا: يا رسول الله إذا أخذ منا من كل مائة تسعة و تسعون فماذا يبقي منا ؟ قال: إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود(صحيح)(خ) عن أبي هريرة .(2/4)
2584 أول من يكسى من الخلائق إبراهيم(صحيح)( البزار ) عن عائشة .
الشرح:
(أول من يكسى) يوم القيامة (من الخلائق) على اختلاف أنواعها وطبقاتها وتباين أممها ولغاتها بعد ما يحشر الناس كلهم عراة أو الغالب أو بعد خروجهم من قبورهم بثيابهم التي ماتوا فيها ثم تتناثر عنهم عند ابتداء الحشر فيحشرون عراة ثم يكون أول من يكسى من ثياب الجنة (إبراهيم) الخليل عليه الصلاة والسلام لأنه جرد في ذات اللّه حين ألقي في النار أو لأنه لم يكن أخوف للّه منه فتعجل كسوته إيناساً له ليطمئن قلبه أو لأنه أول من استن السراويل مبالغة في الستر وحفظاً لفرجه فلما اتخذ هذا النوع الذي هو أستر للعورة من جميع الملابس جوزي بأنه أول من يكسى ثم يكسى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم حلة أعظم من كسوة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لينجبر التأخير بنفاسة الكسوة فيكون كأنه كسي معه فلا تعارض بينه وبين الخبر المار أنا أوّل من تنشق عنه الأرض فأكسى0
2585 أول نبي أرسل نوح( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن أنس .
2586أولاد المشركين خدم أهل الجنة(صحيح)(طس)عن سمرة وعن أنس.
الشرح:(2/5)
(أولاد المشركين) أي من مات من أولاد الكفار قبل البلوغ (خدم أهل الجنة) في الجنة فهم من أهلها فيما يرجع من أمور الآخرة لأن كل مولود يولد على الفطرة ويتبع أشرف الأبوين ديناً فيما يرجع إلى الدنيا وعليه نزل خبر إنهم من آبائهم وقيل هم من أهل النار وقيل بين الجنة والنار ولا منعمين ولا معذبين وقيل من علم اللّه أنه يؤمن لو عاش ففي الجنة وغيره في النار وقيل بالوقف لعدم صحة التوقيف قال النووي: والصحيح الذي عليه المحققون الأول ورجح البيضاوي الأخير حيث قال: الثواب والعقاب ليسا لأحد بالأعمال وإلا لزم أن لا يكون ذراري المسلمين والكفار من أهل الجنة والنار بل الموجب لهم هو اللطف الرباني والخذلان الإلهي المقدر لهم وهم في أصلاب آبائهم بل وهم وآباؤهم في العدم فالواجب فيهم التوقف وعدم الجزم بشيء فإن أعمالهم موكولة إلى علم اللّه فيما يعود إلى أمر الآخرة من الثواب والعقاب لأن السعادة والشقاوة ليستا معللتين عندنا بل اللّه تعالى خلق من شاء سعيداً ومن شاء شقياً وعمل الأعمال دليل على السعادة والشقاوة وأنت تعلم أن عدم الدليل وعدم العلم به لا يوجبان عدم المدلول والعلم بعدمه وكما أن البالغين منهم شقي وسعيد فأما الذين شقوا فهم مستعملون بأعمال أهل النار حتى يموتوا عليها فيدخلوا النار وأما الذين سعدوا فهم موفقون للطاعات وصالح الأعمال حتى يتوفوا عليها فيدخلوا الجنة فالأطفال منهم من سبق القضاء بأنه سعيد من أهل الجنة فهو لو عاش عمل عمل أهل الجنة ومنهم من جف القلم بأنه شقي من أهل النار فهو لو أمهل لاشتغل بالعصيان وانهمك في الطغيان.
2587 أولياء الله تعالى الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى( صحيح )
( الحكيم ) عن ابن عباس .(2/6)
2588 أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به ؟ إن بكل تسبيحة صدقة و بكل تكبيرة صدقة و بكل تحميدة صدقة و بكل تهليلة صدقة و أمر بالمعروف صدقة و نهى عن المنكر صدقة و في بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته و يكون له فيها أجر ؟ قال: أرأيتم لو وضعها في الحرام أليس كان يكون عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له أجر ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي ذر .
2589 ألا أحدثكم بأشقى الناس رجلين ؟ أحيمر ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه حتى يبل منها هذه ( صحيح )
( طب ك ) عن عمار بن ياسر .
الشرح:(2/7)
(ألا أحدثكم) في رواية أحمد والطبراني أحدثكما خطاباً لعمار وعليٌّ لما رآهما وقد اضطجعا في صور من النخل فناما فحركهما برجله وقال: ألا أحدثكما (بأشقى الناس؟ رجلين) عطف بيان وقال أبو البقاء: تمييز كما تقول هذا أشقى الناس رجلاً وجاز تثنيته وجمعه كما قالوا نعم الرجلين الزيدان ونعم رجالاً الزيدون وهم أفضل الناس رجالاً (أحيمر ثمود) تصغير أحمر وهو قدار بن سالف (الذي عقر الناقة) أي قتلها لأجل قول نبيهم صالح عليه السلام {ناقة اللّه وسقياها} أي احذروا أن تصيبوها بمكروه ولا تمنعوها عن شربها وكان أخبرهم أن لها شرب يوم ولهم شرب يوم وإنما قال أحيمر لأنه كان أحمر أشقر أزرق قصيراً ذميماً (والذي) أي وعبد الرحمن بن ملجم المرادي قبحه اللّه (يضربك يا علي) بن أبي طالب بالسيف (على هذه) يعني هامته (حتى يبل منها) بالدم (هذه) يعني لحيته فمرض علي كرم اللّه وجهه بعد موت المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فخرج فضالة بن عبيد الأنصاري له عائداً فقال: ما يقيمك بهذا المنزل لو هلكت به لم يسلك إلا أعراب جهينة فقال: لست ميتاً من مرضي هذا ثم ذكر الحديث رواه أحمد وعن أبي سنان الدولي أنه عاد علياً فقال: قد تخوفنا عليك قال: لكني بما ما تخوفت على نفسي سمعت الصادق المصدوق صلى اللّه عليه وسلم يقول: فذكر نحوه خرجه الطبراني وحسنه الهيثمي، واعلم أن هذا الحديث من معجزات المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لأنه إخبار عن غيب وقع، وذلك أنه لما كانت ليلة الجمعة سابع عشر رمضان سنة أربعين استيقظ عليٌّ كرم اللّه وجهه سحراً فقال لابنه الحسن: رأيت الليلة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وشكوت له ما لقيت من أمته من اللدد فقال لي: ادع اللّه عليهم فقلت: اللّهم أبدلني بهم خيراً وأبدلهم بي شراً لهم مني فدخل المؤذن على أثر ذلك فقال: الصلاة فخرج عليٌّ كرم اللّه وجهه من الباب ينادي الصلاة الصلاة فاعترضه ابن ملجم فضربه بالسيف فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل(2/8)
لدماغه فشد عليه الناس من كل جانب فأمسك وأوثق وأقام عليٌّ الجمعة والسبت وانتقل إلى رحمة اللّه ليلة الأحد فقطعت أطراف ابن ملجم ثم جعل في قوصرة وأحرق بالنار.
2590 ألا أحدثكم بأمر إن أخذتم به أدركتم من قبلكم و لم يدرككم من بعدكم و كنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله ؟ تسبحون و تحمدون و تكبرون خلف كل صلاة ثلاثا و ثلاثين ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
2591 ألا أحدثكم حديثا عن الدجال ما حدث به نبي قبلي قومه ؟ إنه أعور يجيء معه تمثال الجنة و النار فالتي يقول إنها الجنة هي النار و إني أنذركم به كما أنذر به نوح قومه( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/9)
(ألا) بتخفيف اللام وفتح الهمزة حرف افتتاح معناه التنبيه فيدل على تحقق ما بعده وتوكيده (أحدثكم حديثاً عن الدجال) أي عن صفاته من الدجل وهو الخلط لكثرة خلطه الباطل بالحق ذكره الزمخشري وسبق فيه مزيد (ما حدّث به نبي قومه) الجملة صفة لحديث. وما نافية أي لم يحدّث نبي قومه بمثله في الإيضاح ومزيد البيان فإنه ما من نبي إلا وقد أنذر قومه به سيما نوح عليه السلام لكن لم يوضحوا صفاته وأنا أوضحها غاية الإيضاح حتى كأنكم ترونه عياناً (إنه أعور) العين اليمنى كما في رواية وفي أخرى اليسرى وجمع بأن أحدهما ذاهبة والأخرى معيبة وأصل العور العيب فيصدق عليهما واقتصر عليه مع أن أدلة الحدوث في الدجال ظاهرة لكن العور أثر محسوس يدركه حتى الجاهل ومن لا يهتدي للأدلة القطعية (وأنه يجيء معه تمثال الجنة والنار) هذا بالنسبة للرائي فإما بالسحر فيخيل الدجال الشيء بصورة عكسه أو يجعل اللّه باطن الجنة ناراً وعكسه أو كنى عن النعمة والرحمة بالجنة وعن المحنة والنقمة بالنار (فالتي يقول إنها الجنة هي النار) أي سبب للعذاب بالنار يعني من دخل جنته استحق النار لأنه صدقه فأطلق اسم المسبب على السبب (وإني أنذركم) به (كما أنذر) به (نوح قومه) خصه به لأنه أول نبي أنذر قومه أي خوفهم ولأنه أول الرسل وأبو البشر الثاني وليس إنذاره خوفاً من فتنته على العارفين باللّه تعالى إذ لا يتخالجهم في اللّه الظنون إذ {ليس كمثله شيء} وإنما أعلم أن خروجه يكون في شدّة من الزمان وأن يستولي على مواشيهم فتتبعه أقوام بأبدانهم ويصدّقونه بألسنتهم وإن عرفوا كذبه 00000
2592 ألا أخبرك بأخير سورة في القرآن ( الحمد لله رب العالمين ).
( صحيح ) ( حم ) عن عبدالله بن جابر البياضي .
الشرح:(2/10)
(ألا أخبرك) أي أعلمك (بأخير) وفي رواية بدله بأعظم (سورة في القرآن) قال الطيبي: نكرها وأفردها ليدل على أنك إذا تقصيت سورة سورة لم تجد به أعظم منها (الحمد للّه رب العالمين) قال البيضاوي: خبر مبتدأ محذوف أي هي السورة التي مستهلها الحمد للّه قال النوربشتي: الحمد أعلى مقامات العبودية وقد جاء في البخاري أنها لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها قال ابن النين: معناه أن ثوابها أعظم من غيرها وقال القرطبي: اختصت الفاتحة بأنها مبدأ القرآن وحاوية لجميع علومه لاحتوائها على الثناء على اللّه تعالى والإقرار بعبادته والإخلاص له وسؤال الهداية منه والإشارة إلى الاعتراف بالعجز عن القيام بنعمه وإلى شأن المعاد وبيان عاقبة الجاحدين إلى غير ذلك مما يقتضي أنها أخير وقال عليٌّ كرم اللّه وجهه: لو شئت لأمليت من تفسيرها سبعين وقراً وقد أفرد في جموم فضائلها تآليف كثيرة 00000
2593 ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون: ( قل أعوذ برب الفلق و
( قل أعوذ برب الناس ) . ( صحيح ) ( طب ) عن عقبة بن عامر .
الشرح:
(ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به المتعوذون) أي ما اعتصم به المعتصمون قالوا: بلى أخبرنا قال: (قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس) زاد في رواية ولن يتعوذ الخلائق بمثلهما وسميتا بالمعوذتين لأنهما عوذتا صاحبهما أي عصمتاه من كل سوء.
2594 ألا أخبرك بأهل النار ؟ كل جعظري جواظ مستكبر جماع منوع ألا أخبرك بأهل الجنة ؟ كل مسكين لو أقسم على الله تعالى لأبره ( صحيح )
( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(2/11)
(ألا أخبركم بأهل النار) قالوا: أخبرنا قال: (كل) إنسان (جعظري) بجيم مفتوحة وظاء معجمة بينهما عين مهملة فظ غليظ أو الذي لا يمرض أو الذي يتمدح بما ليس فيه أو عنده (جواظ) بفتح الجيم وشد الواو وظاء معجمة ضخم مختال في مشيه أو الأكول أو الفاجر أو الفظ الغليظ أو السمين الثقيل من الشره والتنعم (مستكبر) ذاهب بنفسه تيهاً وترفعاً (جماع) بالتشديد أي كثير الجمع للمال (منوع) أي كثير المنع له والشح والتهافت على كنزه (ألا) قال القاضي: حرف تنبيه تذكر لتحقق ما بعدها مركبة من همزة الاستفهام التي هي بمعنى الإنكار ولا التي للنفي والإنكار إذا دخلت على النفي أفادت التحقيق ولذلك لا يقع بعدها إلا ما كان مصدراً بنحو ما يتلقى به القسم (أخبركم بأهل الجنة) قالوا: أخبرنا قال: (كل مسكين لو أقسم على اللّه لأبره) قال النووي: المراد بالحديث أن أغلب أهل الجنة والنار هذان الفريقان.
2595 ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة ؟ إصلاح ذات البين فإن فسادذات البين هي الحالقة(صحيح)(حم د ت)عن أبي الدرداء
الشرح:
(ألا أخبركم بأفضل) أي بدرجة هي أفضل (من درجة الصيام والصلاة والصدقة) أي المستمرات أو الكثيرات قالوا: أخبرنا به قال: (إصلاح ذات البين) أي إصلاح أحوال البين حتى تكون أحوالكم أحوال صحبة وألفة أو هو إصلاح الفساد والفتنة التي بين القوم (فإن فساد ذات البين هي الحالقة) أي الخصلة التي شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر أو المراد المزيلة لمن وقع فيها لما يترتب عليه من الفساد والضغائن وذلك لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناصر والألفة والاجتماع على الخير حتى أبيح فيه الكذب وكثرة ما يندفع من المضرة في الدنيا والدين بتشتت القلوب ووهن الأديان من العداوات وتسليط الأعداء وشماتة الحساد فلذلك صارت أفضل الصدقات.(2/12)
2596 ألا أخبركم بالتيس المستعار؟ هو المحل فلعن الله المحل و المحلل له ( حسن ) ( ه ك ) عن عقبة بن عامر .
2597 ألا أخبركم بأمر إذا فعلتموه أدركتم من قبلكم و فتم من بعدكم ؟ تحمدون الله في دبر كل صلاة و تسبحونه و تكبرونه ثلاث و ثلاثين و ثلاث و ثلاثين و أربعا و ثلاثين( صحيح ) ( ه ) عن أبي ذر .
2598 ألا أخبركم بأهل الجنة ؟ كل ضعيف متضعف لو أقسم على الله لأبره ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل عتل جواظ جعظري مستكبر( صحيح )
( حم ق ت ن ه ) عن حارثة بن وهب .
الشرح:
(ألا أخبركم بأهل الجنة) قالوا: بلى قال: (كل ضعيف) قال أبو البقاء: برفع كل لا غير أي هم كل ضعيف عن أذى الناس أو عن المعاصي ملتزم الخشوع والخضوع بقلبه وقالبه (متضعف) بفتح العين كما في التنقيح عن ابن الجوزي قال: وغلط من كسرها لأن المراد أن الناس يستضعفونه ويحتقرونه وفي علوم الحديث للحاكم أن ابن خزيمة سئل عن الضعيف قال: الذي يبرئ نفسه من الحول والقوة في اليوم عشرين مرة إلى خمسين (لو أقسم على اللّه لأبره) (ألا أخبركم بأهل النار) قالوا: بلى. قال: (كل عتل) بالضم والتشديد الجافي أو الجموع المنوع أو الأكول الشروب (جواظ) بفتح فتشديد كما تقرر (جعظري مستكبر) صاحب كبر والكبر تعظيم المرء نفسه واحتقاره غيره والأنفة من مساواته00000
2599 ألا أخبركم بخيار أمرائكم و شرارهم ؟ خيارهم الذين تحبونهم و يحبونكم و تدعون لهم و يدعون لكم و شرار أمرائكم الذين تبغضونهم و يبغضونكم و تلعنونهم و يلعنونكم ( صحيح ) ( ت ) عن عمر .
2600 ألا أخبركم بخير الشهداء ؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها
( صحيح ) ( مالك حم م د ن ) عن زيد بن خالد الجهني .
الشرح:(2/13)
(ألا أخبركم بخير الشهداء) جمع شهيد قالوا: أخبرنا قال: (الذي يأتي بشهادته) أي يشهد عند الحاكم (قبل أن يسألها) بالبناء للمجهول أي قبل أن يطلب منه المشهود له الأداء أو فسره مالك بمن عنده شهادة الإنسان لا يعلمها فيخبره أنه شاهد وحمله غيره على شهادة الحسبة فيما تقبل فيه فلا ينافي خبر شر الشهود من شهد قبل أن يستشهد لأنه في غير ذلك.
2601 ألا أخبركم بخير الناس منزلة ؟ رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل ; ألا أخبركم بالذي يتلوه ؟ رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعتزل شرور الناس ; ألا أخبركم بشر الناس ؟ رجل يسأل بالله و لا يعطي( صحيح ) ( حم ت ن حب ) عن ابن عباس .
2602 ألا أخبركم بخير دور الأنصار ؟ دار بني النجار ثم دار بني عبد الأشهل ثم دار بني الحارث ثم الخزرج ثم دار بني ساعدة و في كل دور الأنصار خير( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن أنس ( حم ق ن ) عن أبي أسيد الساعدي ( حم ق ) عن أبي حميد الساعدي ( حم م ) عن أبي هريرة .
2603 ألا أخبركم بخيركم من شركم ؟ خيركم من يرجى خيره و يؤمن شره و شركم من لا يرجى خيره و لا يؤمن شره ( صحيح )
( حم ت حب ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/14)
(ألا أخبركم بخيركم من شركم) قال الطيبي: من شركم حال أي أخبركم بخيركم مميزاً من شركم اهـ والمراد أخبركم بما يميز بين الفريقين قالوا: بلى قال: (خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره) أي من يؤمّل الناس الخير من جهته ويأمنون الشر من جهته (وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) أي وشركم من لا يؤمّل الناس حصول الخير لهم من جهته ولا يأمنون من شره. قال الطيبي: التقسيم العقلي يقتضي أربعة أقسام ذكر قسمين ترغيباً وترهيباً وترك الآخرين إذ لا ترغيب ولا ترهيب فيهما. قال الماوردي: يشير بهذا الحديث إلى أن عدل الإنسان مع أكفائه واجب وذلك يكون بثلاثة أشياء ترك الاستطالة ومجانبة الإذلال وكف الأذى لأن ترك الاستطالة آلف ومجانبة الإذلال أعطف وكف الأذى أنصف. وهذه أمور إن لم تخلص في الأكفاء أسرع فيهم تقاطع الأعداء ففسدوا وأفسدوا، إلى هنا كلامه.
2604 ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة ؟ النبي في الجنة و الشهيد في الجنة و الصديق في الجنة و المولود في الجنة و الرجل يزور أخاه في ناحية المصر في الله في الجنة ; ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة ؟ الودود الولود العئود التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضا حتى ترضى ( حسن ) ( الدارقطني في الأفراد طب ) عن كعب بن عجرة .
الشرح:(2/15)
(ألا أخبركم برجالكم من أهل الجنة) قالوا: أخبرنا قال: (النبي في الجنة) أي في أعلى درجاتها وأل فيه للجنس أو العهد أو الاستغراق (والشهيد) أي القتيل في معركة الكفار لإعلاء كلمة اللّه (في الجنة والصديق) بالتشديد صيغة مبالغة أي الكثير الصدق والتصديق للشارع (في الجنة والمولود) أي الطفل الذي يموت قبل البلوغ (في الجنة والرجل) ذكره وصف طردي والمراد الإنسان (يزور أخاه) في الإسلام (في ناحية المصر في اللّه) أي لا لأجل تأميل ولا مداهنة بل لوجه اللّه تعالى (في الجنة) ولكونه يحبه لا يحبه إلا للّه وأراد بقوله في ناحية المصر في مكان شاسع عنه والمصر كل كورة يقسم فيها الفيء والصدقات. (ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة) قالوا: بلى قال: (الودود) بفتح الواو أي المتحببة إلى زوجها (الولود) أي الكثيرة الولادة ويعرف في البكر بأقاربها (العوود) بفتح العين المهملة أي التي تعود على زوجها بالنفع (التي إذا ظلمت) بالبناء للمفعول يعني ظلمها زوجها بنحو تقصير في إنفاق أو جور في قسم ونحو ذلك (قالت) مستعطفة له (هذه يدي في يدك) أي ذاتي في قبضتك (لا أذوق غمضاً) بالضم أي لا أذوق نوماً يقال أغمضت العين إغماضاً وغمضتها تغمميضاً أطبقت أجفانها (حتى ترضى) عني فمن اتصفت بهذه الأوصاف منهنّ فهي خليقة بكونها من أهل الجنة وقلما نرى فيهن من هذه صفاتها فالمرأة الصالحة كالغراب الأعصم.
2605 ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم كرب أو بلاء من أمر الدنيا دعا به ففرج عنه ؟ دعاء ذي النون: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين( صحيح ) ( ابن أبي الدنيا في الفرج ك ) عن سعد .
الشرح:
(ألا أخبركم بشيء) يعني بدعاء بديع نافع للكرب والبلاء (إذا نزل برجل) يعني بإنسان وذكر الرجل وصف طردي وإنما ذكره لأن غالب البلايا والمحن إنما تقع للرجال قال:
كتبت القتل والقتال علينا * وعلى الغانيات جر الذيول(2/16)
(كرب) أي مشقة وجهد والكرب الغم الذي يأخذ بالنفس كما في الصحاح وغيره (أو بلاء) بالفتح والمد محنة (من أمر الدنيا دعا به) اللّه تعالى (فيفرج عنه) أي يكشف غمه قال الأزهري وغيره فرج اللّه الغم بالتشديد كشفه قالوا: بلى أخبرنا قال: (دعاء ذي النون) أي صاحب الحوت وهو يونس بن متى عليه السلام حين التقمه الحوت فنادى في الظلمات (لا إله إلا أنت) أي ما صنعت من شيء فلن أعبد غيرك (سبحانك) تنزيه عن كل النقائص ومنها العجز وإنما قاله لأن تقديره سبحانك مأجوراً أو شهوة للانتقام أو عجزاً عن تخليصي مما أنا فيه بل فعلته بحكم الإلهية وبقتضى الحكمة (إني كنت من الظالمين) يعني ظلمت نفسي كأنه قال إني كنت من الظالمين وأنا الآن من التائبين لضعف البشرية والقصور في أداء حق العبودية وهذا القدر كاف في السؤال. قال المتنبي:
وفي النفس حاجات وفيك فطانة * سكوتي كلام عندها وخطاب
وإنما كان هذا الدعاء منجياً من الكرب والبلاء لإقرار الإنسان فيه على نفسه بالظلم. قال الحسن: ما نجى يونس واللّه إلا لإقراره على نفسه بالظلم.
2606 ألا أخبركم بصلاة المنافق ؟ أن يؤخر العصر حتى إذا كانت الشمس كثرب البقرة صلاها ( صحيح ) ( قط ك ) عن رافع بن خديج .
الشرح:
(ألا أخبركم بصلاة المنافق) قالوا: أخبرنا قال: (أن يؤخر) العصر أي صلاته (حتى إذا كانت الشمس) صفراء (كثرب البقرة) بمثلثة مفتوحة فراء ساكنة فموحدة أي شحمها الرقيق الذي يغشى الكرش شبه به تفرق الشمس عند المغيب ومصيرها في موضع دون موضع (صلاها) أي يؤخرها إلى ذلك الوقت تهاوناً بها ويصليها فيه ليدفع عنه الاعتراض ومقصود الحديث أن ذلك من علامات النفاق وخصت لكونها الصلاة الوسطى عند الجمهور فمن تهاون بها تهاون بغيرها بالأولى000
2607 ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ الشرك الخفي:أن يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل(حسن )
( ه ) عن أبي سعيد .(2/17)
2608 ألا أخبركم بما يذهب وحر الصدر ؟ صوم ثلاثة أيام من كل شهر
( صحيح ) ( ن ) عن رجل من الصحابة .
2609 ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار غدا ؟ على كل هين لين قريب سهل ( صحيح ) ( ع ) عن جابر ( ت طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:
(ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار) أي دخول نار جهنم (غداً) أي يوم القيامة وأصل الغد اليوم الذي بعد يومك على أثره ثم توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب قالوا: أخبرنا قال: (على كل هين) مخففاً من الهون بفتح الهاء وهو السكينة والوقار (لين) مخفف لين بالتشديد على فعيل من اللين ضد الخشونة قيل: يطلق على الإنسان بالتخفيف وعلى غيره على الأصل قال ابن الأعرابي: يمدح بهما مخففين ويذم بهما مثقلين (قريب) أي إلى الناس (سهل) يقضي حوائجهم وينقاد للشارع في أمره ونهيه. قال الماوردي: بين بهذا الحديث أن حسن الخلق يدخل صاحبه الجنة ويحرمه على النار فإن حسن الخلق عبارة عن كون الإنسان سهل العريكة لين الجانب طلق الوجه قليل النفور طيب الكلمة كما سبق لكن لهذه الأوصاف حدود مقدرة في مواضع مستحقة فإن تجاوز بها الخير صارت ملقاً وإن عدل بها عن مواضعها صارت نفاقاً والملق ذل والنفاق لؤم.
2610 ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ لا حول و لا قوة إلا بالله
( صحيح ) ( حم ت ك ) عن قيس بن سعد بن عبادة .
الشرح:
(ألا أدلك) يا قيس بن سعد (على باب من أبواب الجنة) وفي رواية ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة قال: بلى قال: (لا حول ولا قوة إلا باللّه) فإنها لما تضمنت براءة النفس من حولها وقوتها إلى حول اللّه وقوته كانت موصولة إلى الجنة والباب ما يتوصل به إلى مقصود 000000
2611ألا أدلك على جهادلا شوكة فيه؟ حج البيت(صحيح)(طب)عن الشفاء
الشرح:(2/18)
(ألا أدلك) بكسر الكاف بضبط المصنف خطاباً لمؤنث وهي الشفاء لكن ما ذكرته في سبب الحديث لا يلائمه (على جهاد لا شوكة فيه) قال: بلى قال: (حج البيت) أي الكعبة يعني إتيانها للنسك فإنه جهاد للشياطين أو المراد أن ثواب الحج يعدل ثواب الغزو مع أن ذاك فيه مشقة وهذا لا مشقة فيه.
2612 ألا أدلك على سيد الاستغفار ؟ اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني و أنا عبدك و أنا على عهدك و وعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت و أبوء لك بنعمتك علي و أعترف بذنوبي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت لا يقولها أحد حين يمسي فيأتي عليه قدر قبل أن يصبح إلا وجبت له الجنة ولا يقولها حين يصبح فيأتي عليه قدر قبل أن يمسي إلا وجبت له الجنة ( صحيح ) ( ت ) عن شداد بن أوس .
2613 ألا أدلك على غراس هو خير من هذا ؟ تقول: سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر يغرس لك بكل كلمة منها شجرة في الجنة
( صحيح ) ( ه ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(ألا أدلك) يا أبا هريرة (على غراس هو خير) لك (من هذا) الغراس الذي تغرسه وكان قد رآه يغرس فسيلاً قال: بلى قال: (تقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر يغرس لك بكل كلمة منها) أي من هذه الكلمات الأربع (شجرة في الجنة) قد أفاد بهذا الحديث فضل هذه الكلمات وذكر الحميدي بعد التسبيح من قبيل الترقي فقد اتفقت الأخبار على أنه يملأ الميزان فهو أفضل من التسبيح وذلك لأن في التحميد إثبات سائر صفات الكمال والتسبيح تنزيه عن سمات النقص والإثبات أكمل من السلب وهذه الكلمات هي الباقيات الصالحات عند جمع جم.
2614 ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة ؟ تقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فيقول الله: أسلم عبدي واستسلم(صحيح)(ك)عن أبي هريرة.
الشرح:(2/19)
(ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة) قال الطيبي: قوله من تحت العرش صفة كلمة ويجوز كون من ابتدائية أي ناشئة من تحت العرش وبيانية أي كائنة من تحت العرش ومستقرة فيه ومن الثانية بيانية وإذا قيل بأن الجنة تحت العرش والعرش سقفها جاز كون من كنز الجنة بدلاً من تحت العرش قال: وليس ذا التركيب باستعارة لذكر المشبه وهو الحوقلة والمشبه به وهو الكنز بل من إدخال الشيء في جنس وجعله أحد أنواعه على التغليب فالكنز نوعان: المتعارف وهو المال الكثير المحفوظ، وغيره وهو هذه الكلمة الجامعة (تقول لا حول ولا قوة إلا باللّه) أي أجرها مدخر لقائلها كالكنز وثوابها معدٌّ له (فيقول اللّه أسلم عبدي واستسلم) أي فوّض أمر الكائنات إلى اللّه وانقاد بنفسه للّه مخلصاً فإن لا حول دل على نفي التدبير للكائنات وإثباته للّه والعرش منصة التدبير {ثم استوى على العرش يدبر الأمر} فقوله اللّه جزاء شرط محذوف أي إذا قال العبد هذه الكلمة يقول اللّه ذلك 000000
2615 ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار ؟ تقول: الحمد لله عدد ما خلق الحمد لله ملء ما خلق الحمد لله عدد ما في السموات و ما في الأرض الحمد لله عدد ما أحصى كتابه و الحمد لله على ما أحصى كتابه و الحمد لله عدد كل شيء و الحمد لله ملء كل شيء و تسبح الله مثلهن تعلمهن و علمهن عقبك من بعدك ( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة .
2616 ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم ؟ تسبحين الله ثلاثا و ثلاثين و تحمدين ثلاثا و ثلاثين و تكبرين أربعا و ثلاثين حين تأخذين مضجعك
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
2617 ألا أدلكم على ما يكفر الله به من الخطايا و يزيد في الحسنات ؟ إسباغ الوضوء على المكروهات و كثرة الخطا إلى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة ( صحيح ) ( ه ) عن أبي سعيد .(2/20)
2618 ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا و يرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره و كثرة الخطا إلى المساجد و انتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط ( صحيح )
( مالك حم م ت ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(ألا أدلكم على ما يمحو اللّه به الخطايا) من صحف الحفظة ونحوها كناية عن غفرانها (ويرفع به الدرجات) أي المنازل في الجنة أو المراد رفع درجته في الدنيا بالذكر الجميل وفي العقبى بالثواب الجزيل (إسباغ الوضوء) أي إتمامه وإكماله واستيعاب أعضاءه بالغسل (على المكاره) جمع مكرهة بمعنى الكره والمشقة يعني إتمامه بإيصال الماء إلى مواضع الفرض حال كراهة فعله لشدة برد أو علة يتأذى معها بمس الماء أي من غير لحوق ضرر بالعلة وكإعوازه وتحمل مشقة طلبه أو ابتياعه بثمن غال ونحو ذلك ذكره الزمخشري (وكثرة الخطا) جمع خطوة بالضم وهي موضع القدمين وإذا فتحت تكون للمرة (إلى المساجد) وكثرتها أعم من كونها ببعد الدار أو كثرة التكرار00 قال ابن سيد الناس: وفيه أن بعد الدار عن المسجد أفضل فقد صرح به في قوله لبني سلمة وقد أرادوا أن يتحولوا قريباً من المسجد: يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم (وانتظار الصلاة بعد الصلاة) سواء أدى الصلاة بجماعة أو منفرداً في مسجد أو في بيته وقيل: أراد به الإعتكاف (فذلكم الرباط) أي المرابطة يعني العمل المذكور هو المرابطة لمنعه لاتباع الشهوات فيكون جهاداً أكبر أو المراد أنه أفضل أنواع الرباط كما يقال جهاد النفس هو الجهاد أي أفضل أو المراد أنه الرباط الممكن المتيسر ذكر ذلك جمع، وأصله قول البيضاوي: المرابطة ملازمة العدو مأخوذة من الربط وهو الشد والمعنى هذه الأعمال هي المرابطة الحقيقية لأنها تسد طرق الشيطان إلى النفس وتقهر الهوى وتمنعها عن قول الوساوس واتباع الشهوات فيغلب بها جنود اللّه حزب الشيطان وذلك هو الجهاد الأكبر، إذ الحكمة في شرع الجهاد تكميل الناقصين ومنعهم(2/21)
عن الفساد والإغراء، 00(فذلكم الرباط فذلكم الرباط) كرره اهتماماً به وتعظيماً لشأنه وتخصيصها بالثلاث لأن الأعمال المذكورة في الحديث ثلاث وأتى باسم الإشارة إشارة إلى تعظيمه بالبعد وقيل: أراد ثوابه كثواب الرباط000
2619 ألا أدلكما على خير مما سألتماه ؟ إذا أخذتما مضاجعكما فكبرا الله أربعا و ثلاثين و احمدا الله ثلاثا و ثلاثين و سبحا ثلاثا و ثلاثين فإن ذلك خير لكما من خادم ( صحيح ) ( حم ق د ت ) عن علي .
2620 ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟ - يعني عثمان -
( صحيح ) ( حم م ) عن عائشة .
2621 ألا أعلمك كلمات إذا قلتهن غفر الله لك و إن كنت مغفورا لك ؟ قل: لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله الحكيم الكريم لا إله إلا الله سبحان الله رب السموات السبع و رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين ( و رواه ' خط ' بلفظ: إذا أنت قلتهن و عليك مثل عدد الذر خطايا غفر الله لك )
( صحيح ) وما بين قوسين ضعيف عند الألباني
انظر ضعيف الجامع رقم: 2170 . ( ت ) عن علي .
الشرح:
(ألا أعلمك) يا علي (كلمات إذا قلتهن غفر اللّه لك) أي الصغائر (وإن كنت مغفوراً لك) الكبائر قال: علمني. قال: (قل لا إله إلا اللّه العلي العظيم، لا إله إلا اللّه الحليم الكريم، لا إله إلا اللّه سبحان اللّه رب السماوات السبع ورب العرش العظيم والحمد للّه رب العالمين) قال الحكيم: هذه جامعة وحده أولاً ثم وصفه بالعلو والعظمة ونزهه بهما عن كل سوء منزه منه علا عن شبه المخلوقين وعظمه عن درك المنكرين أن تبلغه قرائهم ثم وحده ثانية ثم وصفه بالحلم والكرم، حلم فوسعهم حلماً وكرم فغمرهم بكرمه عاملوه بما يحبه فعاملهم بما يحبون ثم عفى عنهم وقال في تنزيله {وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون} ثم قال: {ولقد عفى عنكم} هذه معاملته ثم تنزه بالتسبيح وختمه بالتحميد.(2/22)
2622 ألا أعلمك كلمات تقولها إذا أويت إلى فراشك فإن مت من ليلتك مت على الفطرة و إن أصبحت أصبحت و قد أصبت خيرا ؟ تقول: اللهم أسلمت نفسي إليك و وجهت وجهي إليك و فوضت أمري رغبة و رهبة إليك و ألجأت ظهري إليك لا ملجأ و لا منجا منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت و بنبيك الذي أرسلت( صحيح ) ( ت ن ) عن البراء .
2623 ألا أعلمك كلمات تقولهن عند الكرب ؟ الله الله ربي لا أشرك به شيئا( حسن ) ( حم د ه ) عن أسماء بنت عميس .
الشرح:
(ألا أعلمك) بكسر الكاف خطاباً لمؤنث بخط المصنف (كلمات) عبر بصيغة جمع القلة إيذاناً بأنها قليلة اللفظ فيسهل حفظها ونكرها تنويهاً بعظيم خطرها ورفعة محلها فتنوينها للتعظيم (تقوليهن عند الكرب) بفتح فسكون ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه فيحزنه ويغمه (اللّه اللّه) برفعهما والتكرير للتأكيد (ربي لا أشرك به) أي بعبادته أي فيها (شيئاً) من الخلق برياء أو طلب أجر لمن يسره أن يطلع على عمله فالمراد الشرك الخفي أو المراد لا أشرك بسؤاله أحداً غيره {إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً} وينبغي الاعتناء بهذا الدعاء والإكثار منه عند الكرب.
2624 ألا أعلمك كلمات تقولينها ؟ سبحان الله عدد خلقه سبحان الله عدد خلقه سبحان الله عدد خلقه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله رضا نفسه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله زنة عرشه سبحان الله مداد كلماته سبحان الله مداد كلماته سبحان الله مداد كلماته ( صحيح ) ( ت ن حب ) عن جويرية .
2625 ألا أعلمك كلمات لو كان عليك مثل جبل صبير دينا أداه الله عنك ؟ قل: اللهم اكفني بحلالك عن حرامك و أغنني بفضلك عمن سواك( حسن )
( حم ت ك ) عن علي .
الشرح:(2/23)
(ألا أعلمك كلمات لو كان عليك مثل جبل صبير) بإسقاط الباء جبل طيء وأما بإثباتها فجبل باليمن والمراد هنا الأول ذكره ابن الأثير لكن وقفت على نسخة المصنف بخطه فرأيته كتبها صبير بالباء وضبطها بفتح الصاد (ديناً) قال الطيبي: يحتمل كون ديناً تمييزاً عن اسم كان لما فيه من الإيهام وعليك خبره مقدماً عليه وأن يكون ديناً خير كان وعليك حال من المستتر في الخبر والعامل معنى الفعل المقدر ومن جوّز إعمال كان في الحال فظاهر على مذهبه (أداه اللّه عنك) إلى مستحقه وأنقذك من مذلته قال: بلى قال: (قل اللّهم اكفني بحلالك عن حرامك وأغنني بفضلك عمن سواك) من الخلق وفيه وفيما قبله وبعده أنه ينبغي للعالم أن يذكر للمتعلم أنه يريد تعليمه وينبهه على ذلك قبل فعله ليكون أوقع في نفسه فيشتد تشوقه إليه وتقبل نفسه عليه فهو مقدمة استرعى بها نفسه لتفهيم ما يسمع ويقع منه بموقع.
2626 ألا أعلمكم شيئا تدركون به من سبقكم و تسبقون به من بعدكم و لا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ تسبحون و تكبرون و تحمدون في دبركل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة(صحيح)(حم م)عن أبي هريرة.
2627 ألا أنبئك بأهل الجنة ؟ الضعفاء المغلوبون ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمرو .
2628 ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ الإشراك بالله و عقوق الوالدين و قول الزور ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أبي بكرة .
2629 ألا أنبئكم بخير أعمالكم و أزكاها عند مليككم و أرفعها في درجاتكم و خير لكم من إنفاق الذهب و الورق و خير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم و يضربوا أعناقكم ؟ ذكر الله ( صحيح )
( ت ه ك ) عن أبي الدرداء .
الشرح:(2/24)
(ألا) قال القاضي: حرف تنبيه يؤكد بها الجملة المصدرة بها (أنبئكم بخير أعمالكم) أي أفضلها (وأزكاها عند مليككم) أي أنماها وأطهرها عند ربكم ومالككم (وأرفعها في درجاتكم) أي منازلكم في الجنة (وخير لكم من إنفاق الذهب) قال الطيبي: مجرور عطف على خير أعمالكم من حيث المعنى لأن المعنى ألا أنبئكم بما هو خير لكم من بذل أموالكم ونفوسكم (والورق) بكسر الراء الفضة (وخير لكم من أن تلقوا عدوكم) يعني الكفار (فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم) يعني تقتلوهم ويقتلونكم بسيف أو غيره (ذكر اللّه) لأن سائر العبادات من الإنفاق ومقاتلة العدو وسائل ووسائط يتقرب بها إلى اللّه تعالى والذكر هو المقصود الأسنى ورأس الذكر قول لا إله إلا اللّه وهي الكلمة العليا وهي القطب الذي يدور عليه رحى الإسلام والقاعدة التي بني عليها أركان الدين والشعبة التي هي أعلى شعب الإيمان بل هي الكل وليس غيره {قل إنما يوحى إليَّ أنما الهكم إله واحد} أي الوحي مقصور على استئثار اللّه بالوحدانية لأن القصد الأعظم من الوحي التوحيد {وما أمروا إلا ليعبدوا اللّه} ولأمر ما تجد العارفين يؤثرونها على جميع الأذكار 0000وقال ابن حجر: المراد بالذكر هنا الذكر الكامل وهو ما اجتمع فيه ذكر اللسان والقلب بالشكر واستحضار عظمة الرب وهذا لا يعدله شيء وأفضل الجهاد وغيره إنما هي بالنسبة إلى ذكر اللسان المجرد وهذا الحديث يقتضي أن الذكر أفضل من تلاوة القرآن وقضية الحديث المار وهو قوله أفضل عبادة أمتي تلاوة القرآن يقتضي عكسه فوقع التعارض بينهما وجمع الغزالي بأن القرآن أفضل لعموم الخلق والذكر أفضل للذاهب إلى اللّه في جميع أحواله في بدايته ونهايته فإن القرآن مشتمل على صنوف المعارف والأحوال والإرشاد إلى الطريق فما دام العبد مفتقراً إلى تهذيب الأخلاق وتحصيل المعارف فالقرآن أولى له فإن جاوز ذلك واستولى الذكر على قلبه فمداومة الذكر أولى به فإن القرآن يجاذب خاطره ويسرح(2/25)
به في رياض الجنة والذاهب إلى اللّه لا ينبغي أن يلتفت إلى الجنة بل يجعل همه هماً واحداً وذكره ذكراً واحداً ليدرك درجة الفناء والاستغراق ولذلك قال تعالى: {ولذكر اللّه أكبر}. (تنبيه) أخذ ابن الحاج من ذلك ترك طلب الدنيا أعظم عند اللّه من أخذها والتصدق بها وأيده بما في القوت عن الحسن أنه لا شيء أفضل من رفض الدنيا وبما في غيره عنه أنه سئل عن رجلين طلب أحدهما الدنيا بحلالها فأصابها فوصل بها رحمه وقدم فيها لنفسه وترك الآخر الدنيا فقال: أحبهما إليَّ الذي جانب الدنيا 000000
2630 ألا أنبئكم ما العضه ؟ هي النميمة القالة بين الناس ( صحيح )
( م ) عن ابن مسعود .
2631 ألا إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء إنما وليي الله و صالح المؤمنين
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمرو .
2632 ألا إن الفتنة هاهنا ؟ من حيث يطلع قرن الشيطان
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
2633 ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ألا إن القوة الرمي ؟
( صحيح ) ( حم م د ه ) عن عقبة بن عامر .
2634 ألا إن الله سيفتح لكم الأرض و ستكفون المؤنة ؟ فلا يعجزن أحدكم أن يلهو بأسهمه ( صحيح ) ( حم م ت ) عن عقبة بن عامر .
2635 ألا إني أبرأ إلى كل خل من خلته و لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا و إن صاحبكم خليل الله ( صحيح ) ( م ن ه ) عن ابن مسعود .
2636 ألا إن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية و أراني الليلة عند الكعبة في المنام فإذا رجل آدم كأحسن ما ترى من أدم الرجال تضرب لمته بين منكبيه رجل الشعر يقطر رأسه ماء واضعا يديه على منكبي رجلين و هو بينهما يطوف بالبيت ; فقلت: من هذا ؟ فقالوا: المسيح بن مريم ثم رأيت رجلا وراءه جعدا قططا أعور العين اليمنى كأشبه من رأيت بابن قطن واضعا يديه على منكبي رجل يطوف بالبيت فقلت: من هذا ؟ فقالوا: المسيح الدجال ( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمرو .(2/26)
2637 ألا إن ربي أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا كل مال نحلته عبدا حلال و إني خلقت عبادي حنفاء كلهم و إنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم و حرمت عليهم ما أحللت لهم و أمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا ; و إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم و عجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب و قال: إنما بعثتك لأبتليك و أبتلي بك و أنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما و يقظانا و إن الله أمرني أن أحرق قريشا فقلت يا رب إذن يثلغوا رأسي فيدعوه خبزة قال: استخرجهم كما استخرجوك و اغزهم نغزك و أنفق فسننفق عليك و ابعث جيشا نبعث خمسة مثله و قاتل بمن أطاعك من عصاك و أهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق موفق و رجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى و مسلم و عفيف متعفف ذو عيال ; و أهل النار خمسة: الضعيف الذي لا زبر له الذين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلا و لا مالا و الخائن الذي لا يخفى له طمع و إن دق إلا خانه و رجل لا يصبح و لا يمسي إلا و هو يخادعك عن أهلك و مالك ; و ذكر البخل و الكذب و الشنظير الفحاش ( صحيح )
( حم م ) عن عياض بن حمار .
2638 ألا إن قتل الخطأ شبه العمد بالسوط و العصا فيه مائة من الإبل مغلظة منها أربعون خلفة في بطونها أولادها(صحيح)(ن هق)عن ابن عمر.
2639 ألا إن كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا و لا يرفع بعضكم على بعض في القراءة ( صحيح ) ( حم د ك ) عن أبي سعيد .
2640 ألا إنما هي أربع: لا تشركوا بالله شيئا و لا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق و لا تزنوا و لا تسرقوا(صحيح)(حم ن ك)عن سلمة بن قيس .
2641 ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على ثنتين و سبعين ملة و إن هذه الملة ستفترق على ثلاث و سبعين ثنتان و سبعون في النار و واحدة في الجنة و هي الجماعة و إنه سيخرج من أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب لصاحبه لا يبقى منه عرق و لا مفصل إلا دخله(2/27)
( صحيح ) ( د ) عن معاوية .
2642 ألا إنه ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة بقدر غدرته ( صحيح )
( ه ) عن أبي سعيد .
2643 ألا إني أوتيت الكتاب و مثله معه ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه و ما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي و لا كل ذي ناب من السبع و لا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها و من نزل بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يغصبهم بمثل قراه ( صحيح )
( حم د ) عن المقدام بن معد يكرب .
2644 ألا إني فرط لكم على الحوض و إن بعد ما بين طرفيه مثل ما بين صنعاء و أيلة كأن الأباريق فيه النجوم(صحيح)(حم م) عن جابر بن سمرة .
2645 ألا تأمنوني و أنا أمين من في السماء ؟ يأتيني خبر السماء صباحا و مساء ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد .
2646 ألا تبايعوني على أن تعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا و أن تقيموا الصلوات الخمس و تؤتوا الزكاة و تسمعوا و تطيعوا و لا تسألوا الناس شيئا ؟( صحيح ) ( م ن ) عن عوف بن مالك .
2647 ألا تسمعون ؟ إن الله لا يعذب بدمع العين و لا بحزن القلب و لكن يعذب بهذا - و أشار إلى لسانه - أو يرحم و إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر .
2648 ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها ؟ يتمون الصلاة بالصفوف الأول و يتراصون في الصف(صحيح)( حم م د ن ه ) عن جابر بن سمرة .
2649 ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش و لعنهم يشتمون مذمما و يلعنون مذمما و أنا محمد( صحيح ) ( خ ن ) عن أبي هريرة .
2650 ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ؟( صحيح )
( د ) عن الشفاء .
2651 ألا خمرته و لو أن تعرض عليه عودا ؟ ( صحيح )
( حم ق د ) عن جابر ( م ) عنه عن أبي حميد الساعدي .
2652 ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه ( صحيح )
( حم د حب ك ) عن أبي سعيد .(2/28)
2653 ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغدو بغداء و تروح بعشاء ؟ إن أجرها لعظيم ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة .
2654 ألا شققت عن قلبه حتى تعلم من أجل ذلك قالها أم لا ؟ من لك بلا إلا الله يوم القيامة( صحيح ) ( حم ق د ه ) عن أسامة .
2655 ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه حقه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامة ( صحيح )
( د هق ) عن صفوان بن سليم عن عدة من ابناء الصحابة عن آبائهم .
2656 ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصبة من الغنم على رأس ميل أو ميلين فيتعذر عليه الكلأ فيرتفع ثم تجيء الجمعة فلا يجيء و لا يشهدها و تجيء الجمعة فلا يشهدها و تجيء الجمعة فلا يشهدها حتى يطبع على قلبه
( حسن ) ( ه ك ) عن أبي هريرة .
2657 ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني و هو متكئ على أريكته فيقول: بيننا و بينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالا استحللناه و ما وجدنا فيه حراما حرمناه و إن ما حرم رسول الله كما حرم الله ( صحيح )
( ت ) عن المقدام بن معد يكرب .
2658 ألا لا يلومن امرؤ إلا نفسه يبيت و في يده ريح غمر( صحيح )
( ه ) عن فاطمة الزهراء .
2659 أي إخواني لمثل هذا اليوم فأعدوا( حسن ) ( حم ه ) عن البراء .
الشرح:
أي لمثل نزول أحدكم قبره فليعدّ وكان صلى اللّه عليه وسلم واقفاً على شفير قبر وبكى حتى بلَّ الثرى وإذا كان هذا حال ذاك الجناب الأفخم فكيف حال أمثالنا؟ والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة وأنفاسه محدودة فمطايا الليل والنهار تسرع إليه ولا يتفكر إلى أن يحمل ويسار به أعظم من سير البريد ولا يدري إلى أي الدارين ينقل فإذا نزل به الموت قلق لخراب ذاته وذهاب لذاته لما سبق من جناياته وسلف من تفريطاته حيث لم يقدم لحياته وفيه ندب تذكير الغافل خصوصاً الإخوان ومثلهم الأقارب لأن الغفلة من طبع البشر وينبغي للمرء أن يتفقد نفسه ومن يحبه بالتذكير، وللّه در حسان رضي اللّه عنه حيث يقول:(2/29)
تخير خليلاً من فعالك إنما * قرين الفتى في القبر ما كان يفعل0000
2660 أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفات عظام سمان ؟ فثلاث آيات يقرأ بهن أحدكم في صلاته خير له من ثلاث خلفات عظام سمان( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة .
2661 أيسر أحدكم أن يبصق في وجهه ؟ إن أحدكم إذا استقبل القبلة فإنما يستقبل ربه عز و جل و الملك عن يمينه فلا يتفل عن يمينه و لا في قبلته و ليبصق عن يساره أو تحت قدمه فإن عجل به أمر فليتفل هكذا - يعني في ثوبه - ( حسن ) ( د ) عن أبي سعيد .
2662 أيعجز أحدكم أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله في الصلاة ؟ - يعني في السبحة - ( صحيح ) ( د ه ) عن أبي هريرة .
2663 أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فإنه من قرأ ( قل هو الله أحد الله الصمد في ليلة فقد قرأ ليلته ثلث القرآن ) . ( صحيح )
( حم ت ن ) عن أبي أيوب .
2664 أيعجز أحدكم أن يقرأ في كل ليلة ثلث القرآن ؟ إن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل ( قل هو الله أحد جزءا من أجزاء القرآن ) . ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي الدرداء .
2665 أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة ؟ يسبح الله مائة تسبيحة فيكتب الله له بها ألف حسنة و يحط عنه بها ألف خطيئة( صحيح )
( حم م ن ) عن سعد .
2666 أيمن امرئ و أشأمه ما بين لحييه(صحيح)(طب)عن عدي بن حاتم .
2667 إيه يا ابن الخطاب ! و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك( صحيح ) ( ق ) عن سعد .
2668إياك والتنعم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين(حسن)(حم هب)عن معاذ.
الشرح:(2/30)
لأن التنعم بالمباح وإن كان جائزاً لكنه يوجب الأنس به ثم إن هذا محمول على المبالغة في التنعم والمداومة على قصده فلا ينافيه ما ورد في المستدرك وغيره أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أهديت له حلة اشتريت بثلاثة وثلاثين بعيراً وناقة فلبسها مرة على أنه وإن داوم على ذلك فليس غيره مثله فإن المعصوم واقف على حدود المباح فلا يحمله ذلك على ما يخاف غائلته من نحو بطر وأشر ومداهنة وتجاوز إلى مكروه ونحو ذلك وأما غيره فعاجز عن ذلك فالتفريج على تنعمه بالمباح خطر عظيم لإبعاده عن الخوف 000000
2669 إياك و الحلوب ( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
أي احذر ذبح شاة ذات لبن فعولة بمعنى مفعولة يقال: ناقة حلوب أي هي مما يحلب قاله لأبي التيهان الأنصاري لما أضافه فأخذ الشفرة وذهب ليذبح له وفيه قصة طويلة مشهورة في الأطعمة كلاهما 00000
2670 إياك و السمر بعد هدأة الرجل فإنكم لا تدرون ما يأتي الله في خلقه
( حسن ) ( ك ) عن جابر .
الشرح:
(إياك والسمر بعد هدأة) بفتح وسكون (الرجل) بكسر الراء وسكون الجيم وفي رواية الليل بدل الرجل ذكره المصنف على حاشية نسخته (فإنكم لا تدرون ما يأتي اللّه تعالى في خلقه).
2671 إياك و كل أمر يعتذر منه ( حسن ) ( الضياء ) عن أنس .
الشرح:(2/31)
(إياك) منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره من قبيل قولهم إياك والأسد وأهلك والليل وتقديره هنا باعد واتق (وكل أمر يعتذر منه) أي احذر أن تتكلم بما تحتاج أن تعتذر عنه. قال ذا النون: ثلاثة من أعلام الكمال: وزن الكلام قبل التفوه به، ومجانبة ما يحوج إلى الاعتذار، وترك إجابة السفيه حلماً عنه، وأخرج أحمد في الزهد عن سعد بن عبادة أنه قال لابنه: إياك وما يعتذر منه من القول والعمل وافعل ما بدا لك وفي رواية فإنه لا يعتذر من خير وخرَّج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال لي عمر بن عبد العزيز: احفظ عني أربعاً: لا تصحب سلطاناً وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر، ولا تخلون بامرأة وإن أقرأتها القرآن، ولا تصلنَّ من قطع رحمه فإنه لك أقطع ولا تتكلمنَّ بكلام تعتذر منه غداً. وأخرج القالي في أماليه عن بعضهم: دع ما يسبق إلى القلوب إنكاره وإن كان عندك اعتذاره فلست بموسع عذراً كل من أسمعته نكراً، وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال وقد قال جمع: بهاتين الكلمتين جميع آداب الدنيا والدين وفيه جمع لما ذكره بعض سلفنا الصوفية أنه لا ينبغي دخول مواضع التهم ومن ملك نفسه خاف من مواضع التهم أكثر من خوفه من وجود الألم فإن دخولها يوجب سقم القلب كما يوجب الأغذية الفاسدة سقم البدن فإياك والدخول على الظلمة وقد رأى العارف أبو هاشم عالماً خارجاً من بيت القاضي فقال له: نعوذ باللّه من علم لا ينفع.
2672 إياكم و أبواب السلطان فإنه قد أصبح صعبا هبوطا ( صحيح )
( طب ) عن رجل من سليم .
الشرح:(2/32)
(إياكم وأبواب السلطان) أي اجتنبوها ولا تقربوا باباً منها (فإنه) يعني باب السلطان الذي هو واحد الأبواب (قد أصبح صعباً) أي شديداً (هبوطاً) أي منزلاً لدرجة من لازمه مذلاً له في الدنيا والآخرة ثم إن لفظ هبوطاً بالهاء وهو ما وقفت عليه في نسخ هذا الجامع والذي وقفت عليه في نسخ البيهقي والطبراني حبوطاً بحاء مهملة أي يحبط العمل والمنزلة عند اللّه تعالى. قال الديلمي: وروي خبوطاً بخاء معجمة والخبط أصله الضرب والخبوط البعير الذي يضرب بيده على الأرض اهـ وإنما كان كذلك لأن من لازمها لم يسلم من النفاق ولم يصب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينه أغلا منه وهذه فتنة عظيمة للعلماء وذريعة صعبة للشيطان عليهم سيما من له لهجة مقبولة وكلام عذب وتفاصح وتشدق إذ لا يزال الشيطان يلقي إليه أن في دخولك لهم ووعظهم ما يزجرهم عن الظلم ويقيم الشرع ثم إذا دخل لم يلبث أن يداهن ويطري وينافق فيهلك ويهلك.
2673 إياكم و التعريس على جواد الطريق و الصلاة عليها فإنها مأوى الحيات و السباع و قضاء الحاجة عليها فإنها الملاعن(حسن)(ه)عن جابر .
الشرح:
(إياكم والتعريس) أي النزول آخر الليل لنحو نوم (على جوادّ الطريق) بتشديد الدال جمع جادة أي معظم الطريق والمراد نفسها (والصلاة عليها) أي الطريق يعني فيها (فإنها مأوى الحيات والسباع وقضاء الحاجة عليها فإنها الملاعن) أي الأمور الحاملة على اللعن والشتم الجالبة لذلك والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم رؤوف بأمته رحيم بهم فأرشد إلى تجنب ما هو مظنة حصول التأذي.
2674 إياكم و التمادح فإنه الذبح ( صحيح ) ( ه ) عن معاوية .
الشرح:(2/33)
(إياكم والتمادح) وفي رواية والمدح (فإنه الذبح) لما فيه من الآفة في دين المادح والممدوح وسماه ذبحاً لأنه يميت القلب فيخرج من دينه وفيه ذبح للممدوح فإنه يغره بأحواله ويغريه بالعجب والكبر ويرى نفسه أهلاً للمدحة سيما إذا كان من أبناء الدنيا أصحاب النفوس وعبيد الهوى وفي رواية فإنه من الذبح وذلك لأن المذبوح هو الذي يفتر عن العمل والمدح يوجب الفتور أو لأن المدح يورث العجب والكبر وهو مهلك كالذبح فلذلك شبه به قال الغزالي رحمه اللّه: فمن صنع بك معروفاً فإن كان ممن يحب الشكر والثناء فلا تمدحه لأن قضاء حقه أن لا تقرّه على الظلم وطلبه للشكر ظلم، وإلا فأظهر شكره ليزداد رغبة في الخير وأما ما مدح به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقد أرشد إلى ما يجوز من ذلك بقوله لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى اهـ. ويستثنى منه أيضاً ما جاء عن المعصوم كالألفاظ التي وصف بها المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بعض أصحابه كقوله نعم العبد عبد اللّه.
2675 إياكم و الجلوس على الطرقات فإن أبيتم إلا المجالس فأعطوا الطريق حقها غض البصر و كف الأذى و رد السلام و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر( صحيح ) ( حم ق د ) عن أبي سعيد .
الشرح:(2/34)
(إياكم والجلوس) أي احذروا ندباً القعود (على) في رواية في (الطرقات) يعني الشوارع المسلوكة وفي رواية الصعدات بضمتين وهي كالطرقات وزناً ومعنى وذلك لأن الجالس بها قلما سلم من رؤية ما يكره أو سماع ما لا يحل والاطلاع على العورات ومعاينة المنكرات وغير ذلك مما قد يضعف القاعد عليها عن إزالته فقالوا: ما لنا من مجالسنا بدُّ نتحدث فيها فقال: (فإن) وفي رواية فإذا (أبيتم) من الإباء (إلا) بالتشديد (المجالس) بفتح الميم مصدر ميمي أي إن امتنعتم إلا عن الجلوس في الطريق كأن دعت حاجة فعبر عن الجلوس بالمجالس وفي رواية فإن أتيتم إلى المجالس بالمثناة وبإلى التي للغاية (فأعطوا) بهمزة قطع (الطريق حقها) أي وفوها حقوقها الموظفة على الجالس فيها قالوا: يا رسول اللّه وما حق الطريق قال: (غض) وفي رواية لأحمد غضوض قال أبو البقاء: جمع غض وجاز أن يجمع المصدر هنا لتعدد فاعليه ولاختلافه قال: ويجوز أن يكون واحداً كالقعود والجلوس (البصر) أي كفه عن النظر إلى المحرم (وكف الأذى) أي الامتناع مما يؤذي المارة من نحو إزراء وغيبة (ورد السلام) على المسلم من المارة إكراماً له (والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإن ظن أن ذلك لا يفيد أي ونحو ذلك كإغاثة ملهوف وتشميت عاطس وإفشاء سلام وغير ذلك من كل ما ندبه الشرع من المحسنات ونهى عنه من المقبحات وزاد أبو داود وإرشاد السبيل والطبراني وإغاثة الملهوف، والنهي للتنزيه لئلا يضعف الجالس عن أداء هذه الحقوق واحتج به من قال إن سد الذرائع أولوي لا لزومي لأنه أولاً نهى عن الجلوس حسماً للمادة فلما قالوا لا بد لنا منه فسح لهم فيه بشرط أن يعطوا الطريق حقها.
2676 إياكم و الخذف فإنها تكسر السن و تفقأ العين و لا تنكي العدو
( صحيح ) ( طب ) عن عبدالله بن مغفل .
الشرح:(2/35)
(إياكم والخذف) بخاء وذال معجمتين أن تأخذ حصاة أو نواة بين سبابتيك وترمي بها (فإنها) أي هذه الفعلة (تكسر السن وتفقأ العين ولا تنكي العدو) نكاية يعتد بها.
2677 إياكم و الدخول على النساء(صحيح)(حم ق ت)عن عقبة بن عامر .
الشرح:
(إياكم والدخول) بالنصب على التحذير وهو تنبيه المخاطب على محذور ليتحرز منه أي اتقوا الدخول (على النساء) ودخول النساء عليكم وتضمن منع الدخول منع الخلوة بأجنبية بالأولى والنهي ظاهر العلة والقصد به غير ذوات المحارم، ذكر الغزالي أن راهباً من بني إسرائيل أتاه أناس بجارية بها علة ليداويها فأبى قبولها فما زالوا به حتى قبلها يعالجها فأتاه الشيطان فوسوس له مقاربتها فوقع عليها فحملت فوسوس له الآن تفتضح فاقتلها وقل لأهلها ماتت فقتلها وألقى الشيطان في قلب أهلها أنه قتلها فأخذوه وحصروه فقال له الشيطان: اسجد لي تنج فسجد له، فانظر إلى حيله كيف اضطره إلى الكفر بطاعته له في قبوله للجارية وجعلها عنده.
2678 إياكم و الشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالبخل فبخلوا و أمرهم بالقطيعة فقطعوا و أمرهم بالفجور ففجروا ( صحيح )
( د ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:(2/36)
(إياكم والشح) الذي هو قلة الإفضال بالمال فهو في المال خاصة أو عام رديف البخل أو أشد وإذا صحبه حرص أو مع الواجب أو أكل مال الغير أو العمل بالمعاصي كما سبق (فإنما هلك من كان قبلكم) من الأمم (بالشح) كيف وهو من سوء الظن باللّه (أمرهم بالبخل فبخلوا) بكسر الخاء (وأمرهم بالقطيعة) للرحم (فقطعوها) ومن قطعها قطع اللّه عنه رحمته وإفضاله (وأمرهم بالفجور) أي الميل عن القصد والسداد والإنبعاث في المعاصي (ففجروا) أي أمرهم بالزنا فزنوا والحاصل أن الشح من جميع وجوهه يخالف الإيمان {أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا} ومن ثم ورد لا يجتمع الشح والإيمان في قلب أبداً قال الماوردي: وينشأ عن الشح من الأخلاق المذمومة وإن كانت ذريعة إلى كل مذموم أربعة أخلاق ناهيك بها ذماً: الحرص والشره وسوء الظن ومنع الحقوق فالحرص شدة الكدح والجهد في الطلب والشره استقلال الكفاية والاستكثار بغير حاجة وهذا فرق ما بين الحرص والشره وسوء الظن عدم الثقة بمن هو أهل لها والخاتمة منع الحقوق لأن نفس البخيل لا تسمح بفراق محبوبها ولا تنقاد إلى ترك مطلوبها ولا تذعن للحق ولا تجيب إلى إنصاف وإذا آل الشح إلى ما وصف من هذه الأخلاق المذمومة والشيم اللئيمة لم يبق معه خير موجود ولا صلاح مأمول.
2679 إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث و لا تجسسوا و لا تحسسوا و لا تنافسوا و لا تحاسدوا و لا تباغضوا و لا تدابروا و كونوا عباد الله إخوانا و لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك( صحيح )
( مالك حم ق د ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/37)
(إياكم والظن) أي احذروا اتباع الظن واحذروا سوء الظن بمن لا يساء الظن به من العدول والظن تهمة تقع في القلب بلا دليل قال الغزالي: وهو حرام كسوء القول لكن لست أعني به إلا عقد القلب وحكمه على غيره بالسوء أما الخواطر وحديث النفس فعفو بل الشك عفو أيضاً فالمنهي عنه أن تظن والظن عبارة عما تركن إليه النفس ويميل إليه القلب وسبب تحريمه أن أسرار القلوب لا يعلمها إلا علام الغيوب فليس لك أن تعتقد في غيرك سوءاً إلا إذا انكشف لك بعيان لا يحتمل التأويل فعند ذلك لا تعتقد إلا ما علمته وشاهدته فما لم تشاهده ولم تسمعه ثم وقع في قلبك فإنما الشيطان يلقيه إليك فينبغي أن تكذبه فإنه أفسق الفساق انتهى وقال العارف زروق: إنما ينشأ الظن الخبيث عن القلب الخبيث لا في جانب الحق ولا في جانب الخلق كما قيل:
إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه * وصدق ما يعتاده من توهم
وعادى محبيه بقول عدوه * وأصبح في ليل من الشك مظلم(2/38)
(فإن الظن) أقام المظهر مقام المضمر إذ القياس فإنه لزيادة تمكن المسند إليه في ذكر السامع حث على الاجتناب (أكذب الحديث) أي حديث النفس لأنه يكون بإلقاء الشيطان في نفس الإنسان واستشكل تسمية الظن حديثاً وأجيب بأن المراد عدم مطابقته الواقع قولاً أو غيره أو ما ينشأ عن الظن فوصف الظن به مجازاً. قال الغزالي: من مكائد الشيطان سوء الظن بالمسلمين {إن بعض الظن إثم} ومن حكم بشيء على غيره بالظن بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه أو ينظر إليه بعين الإحتقار ويرى نفسه خيراً منه وكل ذلك من المهلكات ولذلك منع الشرع من التعرض للتهم. (تنبيه) قال الراغب: الظن إصابة بضرب من الأمارة ولما كانت الأمارة مترددة بين يقين وشك فيقرب تارة من طرف اليقين وتارة من طرف الشك صار تفسير أهل اللغة مبهماً والظن متى كان عن أمارة قوية فإنه يمدح ومتى كان عن تخمين لم يعتمد وذم به {إن بعض الظن إثم} اهـ (ولا تجسسوا) بجيم أي لا تتعرفوا خبر الناس بلطف كالجاسوس وقال القاضي: التجسس بالجيم تعرف الخبر ومنه الجاسوس وقال الزمخشري: التجسس أن لا يترك عباد اللّه تحت ستره فيتوصل إلى الاطلاع عليهم والتجسس على أحوالهم وهتك الستر حتى ينكشف لك ما كان مستوراً عنك ويستثنى منه ما لو تعين طريقاً لإنقاذ محترم من هلاك أو نحوه كأن يخبر ثقة بأن فلاناً خلا برجل ليقتله أو امرأة ليزني بها فيشرع التجسس كما نقله النووي عن الأحكام السلطانية واستجاده (ولا تحسسوا) بحاء مهملة أي لا تطلبوا الشيء بالحاسة كاستراق السمع وإبصار الشيء خفية وقيل الأول التفحص عن عورات الناس وبواطن أمورهم بنفسه أو بغيره والثاني أن يتولاه بنفسه وقيل الأول يختص بالشر والثاني أعم (ولا تنافسوا) بفاء وسين من المنافسة وهي الرغبة في الشيء والانفراد به ومنه {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} وروي تناجشوا من النجش. قال القاضي: التناجش أن يزيد هذا على(2/39)
هذا وذاك على ذاك في البيع وقيل المراد بالحديث النهي عن إغراء بعضهم بعضاً على الشر والخصومة (ولا تحاسدوا) أي لا يتمنى أحد منكم زوال النعمة عن غيره وهو قريب من التنافس وفي رواية لا تقاطعوا ولا تدابروا قال في العارضة: المقاطعة ترك الحقوق الواجبة بين الناس تكون عامة وتكون خاصة (ولا تباغضوا) أي لا تتعاطوا أسباب البغض لأنه لا يكتسب ابتداء (ولا تدابروا) أي تتقاطعوا من الدبر فإن كلاً منهما يولي صاحبه دبره. قال في العارضة: التدابر أن يولي كل منهم صاحبه دبره محسوساً بالأبدان أو معقولاً بالعقائد والآراء والأقوال قال ابن القيم: والفرق بين المنافسة والحسد أن المنافسة المبادرة إلى الكمال الذي تشاهده في غيرك لتنافسه فيه لتلحقه أو تجاوزه فهو من شرف النفس وعلو الهمة وكبر القدر والحسد خلق نفس ذميمة وضعيفة ليس فيها حرص على الخير (وكونوا عباد اللّه) بحذف حرف النداء (إخواناً) أي اكتسبوا ما تصيرون به إخواناً مما ذكر وغيره فإذا تركتم ذلك كنتم إخواناً وإذا لم تتركوا صرتم أعداء (ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه) بكسر الخاء بأن يخطب امرأة فيجاب فيخطبها آخر وظاهره ولو كان الأول فاسقاً (حتى ينكح أو يترك) أي يترك الخاطب الخطبة فإذا تركها جاز لغيره خطبتها وإن لم يأذن له فظاهر ذكر الأخ اختصاص النهي بما إذا كان الخاطب مسلماً فإن كان كافراً لم تحرم لكن الجمهور على أن ذكر الأخ غالبي والنهي للتحريم لا للتنزيه اتفاقاً لكن له شروط مبينة في الفروع000000
2680 إياكم و الغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين
( صحيح ) ( حم ن ه ك ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/40)
(إياكم والغلو في الدين) أي التشديد فيه ومجاوزة الحد والبحث عن غوامض الأشياء والكشف عن عللها وغوامض متعبداتها (فإنما هلك من كان قبلكم) من الأمم (بالغلو في الدين) والسعيد من اتعظ بغيره وهذا قاله غداة العقبة وأمرهم بمثل حصى الخذف قال ابن تيمية: قوله إياكم والغلو في الدين عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال والغلو مجاوزة الحد بأن يزاد في مدح الشيء أو ذمّه على ما يستحق ونحو ذلك والنصارى أكثر غلواً في الاعتقاد والعمل من سائر الطوائف وإياهم نهى اللّه عن الغلو في القرآن بقوله تعالى: {لا تغلوا في دينكم} وسبب هذا الأمر العام رمي الجمار وهو داخل فيه مثل الرمي بالحجارة الكبار على أنه أبلغ من الصغار ثم علله بقوله بما يقتضي أن مجانبة هديهم مطلقاً أبعد عن الوقوع فيما به هلكوا وأن المشارك لهم في بعض هديهم يخاف عليه الهلاك.
2681 إياكم و الوصال إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي و يسقيني فاكلفوا من العمل ما تطيقون( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/41)
(إياكم والوصال) أي اجتنبوا تتابع الصوم بغير فطر فيحرم لأنه يورث الضعف والملل والعجز عن المواظبة على كثير من وظائف العبادات والقيام بحقها. قال في المطامح: أخبرني بعض الصوفية أنه واصل ستين يوماً قالوا: فإنك تواصل قال: (إنكم لستم في ذلك مثلي) أي على صفتي أو منزلتي من ربي (إني أبيت) في رواية أظل والبيتوتة والظلول يعبر بهما عن الزمن كله ويخبر بهما عن الدوام أي أنا عند ربي دائماً أبداً وهي عندية تشريف (يطعمني ربي ويسقيني) حقيقة بأن يطعمه من طعام الجنة وهو لا يفطر أو مجازاً عما يغذيه اللّه به من المعارف ويفيض على قلبه من لذة مناجاته وقرة عينه بقربه وغذاء القلوب ونعيم الأرواح أعظم أثراً من غذاء الأجسام والأشباح فللأنبياء جهة تجرد وجهة تعلق فالنظر للأول الذي يفاض عليهم به من المبدأ الأول مصونون عما يلحق غيرهم من البشر من ضعف وجوع وعطش وفتور وسهر وبالنظر للثاني الذي به يفيضون يلحقهم ذلك ظاهراً لموافقته للجنس لتؤخذ عنهم آداب الشريعة ولولا ذلك لم يمكنهم الأخذ عنهم فظواهرهم بشرية تلحقهم الآفات وبواطنهم ربانية مغتذية بلذة المناجاة فلا منافاة بين ما ذكر هنا وبين ربطه الحجر على بطنه من شدة الجوع لما تقرر أن أحوالهم الظاهرة يساوون فيها الجنس وأحوالهم الباطنة يفارقونهم فيها فظواهرهم للخلق كمرآة يبصرون فيها ما يجب عليهم وبواطنهم في حجب الغيب عند ربهم لا يعتريها عجز البشرية من جوع ولا غيره فهاك هذا الجمع عفواً صفواً فقلما تراه مجموعاً في كتاب وقل من تعرض له من الأنجاب (فاكلفوا) بسكون فضم احملوا (من العمل ما تطيقون) بين به وجه حكمة النهي وهو خوف الملل في العبادة والتقصير فيما هو أهم وأرجح من وظائف الدين من القوة في أمر اللّه والخضوع في فرائضه والإتيان بحقوقها الظاهرة والباطنة وشدة الجوع تنافيه وتحول بين المكلف وبينه ثم الجمهور على أن الوصال للنبي مباح 00000(2/42)
2682 إياكم و دعوة المظلوم و إن كانت من كافر فإنه ليس لها حجاب دون الله عز و جل ( حسن ) ( سمويه ) عن أنس .
الشرح:
(إياكم ودعوة المظلوم) أي احذروا جميع أنواع الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم (وإن كانت من كافر فإنه) أي الشأن وفي رواية للبخاري فإنها أي الدعوة (ليس لها حجاب دون اللّه عز وجل) يعني أنها مستجابة قطعاً وليس للّه حجاب يحجبه عن خلقه قال ابن الجوزي: الظلم يشتمل على معصيتين أخذ حق الغير بغير حق ومبارزة الرب بالمخالفة والمعصية فيه أشد من غيرها لأنه لا يقع غالباً إلا لضعيف لا يمكنه الإنتصار وإنما نشأ الظلم من ظلمة القلب لأنه لو استنار بنور الهدى لاعتبر فإذا سعى المتقون بنورهم الحاصل بسبب التقوى اكتنفت الظالم ظلمات الظلم حتى لا يغني عنه ظلمه شيئاً.
2683 إياكم و سوء ذات البين فإنها الحالقة (حسن)( ت ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إياكم وسوء ذات البين) أي التسبب في المخاصمة والمشاجرة بين اثنين أو قبيلتين بحيث يحصل بينهما فرقة أو فساد والبين من الأضداد الوصل والفراق (فإنها الحالقة) أي الماحية للثواب المؤدية إلى العقاب أو المهلكة من حلق بعضهم بعضاً أي قتل مأخوذ من حلق الشعر وقال الزمخشري: الحالقة قطيعة الرحم والتظالم لأنها تجتاح الناس وتهلكهم كما يحلق الشعر يقال: وقعت فيهم حالقة لم تدع شيئاً إلا أهلكته اهـ.
2684 إياكم و كثرة الحديث عني فمن قال علي فليقل حقا أو صدقا و من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار( حسن )( حم ك ) عن أبي قتادة .
الشرح:(2/43)
(إياكم وكثرة الحديث عني فمن قال علي فليقل حقاً أو صدقاً) إما شك من الراوي وإما لأن الحق غير مرادف للصدق فإن الحق يطلق على الأقوال والعقائد والأديان والمذاهب باعتبار اشتمالها على مطابقة الواقع ويقابله الباطل وأما الصدق فشاع في الأقوال فقط ويقابله الكذب (ومن تقوّل) بشد الواو (عليَّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ له نزلاً أي بيتاً فيها ومن ثم كان أكابر الصحب يتحرون عدم التحديث قال علي كرم اللّه وجهه: لأن أخر من السماء أحب إليّ من أن أحدث عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بما لم أسمعه.
2685 إياكم و كثرة الحلف في البيع فإنه ينفق ثم يمحق( صحيح )
( حم م ن ه ) عن أبي قتادة .
الشرح:
(إياكم) نصب على التحذير (وكثرة الحلف في البيع) أي توقوا إكثاره فهو للزجر والتحذير على حد إياك والأسد أي باعد نفسك عنه واحذره وتقييده بالكثرة يؤذن بأن المراد النهي عن إكثار الأيمان ولو صادقة لأن الكثرة مظنة الوقوع في المكذب كالواقع حول الحمى يوشك أن يقع فيه مع ما فيه من ذكر اللّه لا على جهة تعظيمه بل تعظيم السلعة فالحلف لها لا له أما الكاذبة فحرام وإن قلت (فإنه) تعليل لما قبله (ينفق) أي يروج البيع (ثم يمحق) بفتح حرف المضارعة أي يذهب بركته بوجه ما من تلف أو صرف فيما لا ينفع. قال الطيبي: ثم للتراخي في الزمن يعني وإن أنفق اليمين المبيع حالاً فإنه يذهب بالبركة مآلاً ويحتمل كونها للتراخي في الرتبة أي إن محقه لبركته أبلغ حينئذ من الإنفاق والمراد من محق البركة عدم النفع به دنيا أو ديناً حالاً أو مآلاً أو أعم.
2686 إياكم و محقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه ( صحيح )
( حم طب هب الضياء ) عن سهل بن سعد .
الشرح:(2/44)
(إياكم ومحقرات الذنوب) أي صغائرها لأن صغارها أسباب تؤدي إلى ارتكاب كبارها كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدّية إلى تحري كبارها قال الغزالي: صغائر المعاصي يجر بعضها إلى بعض حتى تفوت أهل السعادة بهدم أصل الإيمان عند الخاتمة اهـ. وإن اللّه يعذب من شاء على الصغير ويغفر لمن شاء الكبير ثم إنه ضرب لذلك مثلاً زيادة في التوضيح فقال: (فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود وجاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم وإن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه) يعني أن الصغائر إذا اجتمعت ولم تكفر أهلكت ولم يذكر الكبائر لندرة وقوعها من الصدر الأول وشدة تحرزهم عنها فأنذرهم مما قد لا يكترثون به وقال الغزالي: تصير الصغيرة كبيرة بأسباب منها الاستصغار والإصرار فإن الذنب كلما استعظمه العبد صغر عند اللّه وكلما استصغره عظم عند اللّه لأن استعظامه يصدر عن نفور القلب منه وكراهته له وذلك النفور يمنع من شدة تأثيره به واستصغاره يصدر عن الألفة به وذلك يوجب شدة الأثر في القلب المطلوب تنويره بالطاعة والمحذور تسويده بالخطيئة وقال الحكيم: إذا استخف بالمحقرات دخل التخلط في إيمانه وذهب الوقار وانتقص من كل شيء بمنزلة الشمس ينكسف طرف منها فبقدر ما انكسف ولو كرأس إبرة ينقص من شعاعها وإشراقها على أهل الدنيا وخلص النقصان إلى كل شيء في الأرض فكذا نور المعرفة ينقص بالذنب على قدره فيصير قلبه محجوباً عن اللّه فزوال الدنيا بكليتها أهون من ذلك فلا يزال ينقص ويتراكم نقصانه وهو أبله لا ينتبه لذلك حتى يستوجب الحرمان.
2687 إياكم و محقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه كرجل كان بأرض فلاة فحضر صنيع القوم فجعل الرجل يجيء بالعود و الرجل يجيء بالعود حتى جمعوا من ذلك سوادا و أججوا نارا فأنضجوا ما فيها( حسن ) ( حم طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/45)
(إياكم ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه كرجل كان بأرض فلاة) ذكر الأرض أو الفلاة مقحم (فحضر صنيع القوم فجعل الرجل يجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا من ذلك سواداً وأججوا ناراً فأنضجوا ما فيها) قال الغزالي: وتواتر الصغائر عظيم التأثير في سواد القلب وهو كتواتر قطرات الماء على الحجر فإنه يحدث فيه حفرة لا محالة مع لين الماء وصلابة الحجر قال العلائي: أخذ من كلام حجة الإسلام أن مقصود الحديث الحث على عدم التهاون بالصغائر ومحاسبة النفس عليها وعدم الغفلة عنها فإن في إهمالها هلاكه بل ربما تغلب الغفلة على الإنسان فيفرح بالصغيرة ويتحجج بها ويعد التمكن منها نعمة غافلاً عن كونها وإن صغرت سبب للشقاوة حتى أن من المذنبين من يتمدح بذنبه لشدة فرحه بمفارقته فيقول أما رأيتني كيف مزقت عرضه ويقول المناظر: أما رأيتني كيف فضحته وذكرت مساوئه حتى أخجلته وكيف استخففت به وحقرته ويقول التاجر: أما رأيت كيف روجت عليه الزائف وكيف خدعته وغبنته وذلك وأمثاله من المهلكات.
2688 إياكم و هاتين البقلتين المنتنتين أن تأكلوهن و تدخلوا مساجدنا فإن كنتم لا بد آكليهما فاقتلوهما بالنار قتلا ( صحيح ) ( طس ) عن أنس .
الشرح:(2/46)
(إياكم وهاتين البقلتين المنتنتين) الثوم والبصل (أن تأكلوهما وتدخلوا مساجدنا) فإن الملائكة تتأذى بريحهما (فإن كنتم لا بد آكليهما فاقتلوهما بالنار قتلاً) هذا مجاز من باب قوله يميتون الصلاة لكنه عكسه فإن إحياء الصلاة أداؤها لوقتها وإماتتها إخراجها عنه فحياة البقلتين عبارة عن قوة ريحهما عند طراوتهما وموتهما إزالة تلك الريح الكريهة بالنضج قال النوربشتي: وألحق بهما ما له ريح كريهة من كل مأكول وألحق به عياض من به بخر أو جرح له ريح وألحق بالمسجد نحو مدرسة ومصلى عيد من مجامع العبادات والعلم والذكر والولائم لا الأسواق ونحوها ذكره القاضي قال العراقي: وهل المراد بطبخهما استعمالهما في الطعام بحيث لا يبقى عينهما أو نضجهما مع بقائهما بحالهما؟ الأقرب الثاني.
2689 أيام التشريق أيام أكل و شرب و ذكر الله(صحيح)(حم م)عن نبيشة .
الشرح:(2/47)
(أيام التشريق) وهي الثلاثة بعد يوم العيد سميت به لأن لحم الأضاحي يشرق فيها بمنى أي يقدد ويبرز للشمس وقيل يوم العيد من أيام التشريق فتكون أربعة وعلى الأول لم يعد يوم النحر منها لأن له اسماً خاصاً وإلا فالمعنى المقدر يشمله وهو المذكور في قوله (أيام أكل وشرب) بضم الشين وفتحها هكذا ذكره بعض الشراح لكن حكى ابن السمعاني عن أبيه عن أبي الغنائم أنه إنما هو بالفتح فحسب واستشهد بقوله سبحانه وتعالى: {فشاربون شرب الهيم} وأقره التاج السبكي وقال أبو البقاء: الأفصح الأقيس فتح الشين وهو مصدر كالأكل وأما ضمها وكسرها ففيه لغتان في المصدر أيضاً والمحققون على أن الضم والكسر اسمان للمصدر لا مصدر (وذكر اللّه) أي أيام يأكل الناس فيها ويشربون ويذكرون فإضافة الأيام إلى الأكل والشرب والذكر إضافة تخصيص قال الأشرفي: وعقب الأكل والشرب يذكر اللّه لئلا يستغرق العبد في حظوظ نفسه وينسى في هذه الأيام حقوق اللّه وقال الطيبي: هذا من باب التتميم فإنه لما أضاف الأكل والشرب إلى الأيام أوهم أنها لا تصلح إلا للدعة والأكل والشرب لأن الناس في هذه الأيام ينبسطون فتدارك بقوله وذكر اللّه لئلا يستغرقوا أوقاتهم باللذات النفسانية فينسوا نصيبهم من الروحانية 00000وقال جمع: إنما قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ذلك لأن القوم زوار اللّه وهم في ضيافته في هذه الأيام وليس للمضيف أن يصوم دون إذن من أضافه كذا علله أمير المؤمنين علي كرم اللّه وجهه فيما رواه عن البيهقي بسند مقبول واقتفاه في ذلك أكابر الأئمة فقالوا: سر ذلك أنه تعالى دعى عباده إلى زيارة بيته فأجابوه وقد أهدى كل على قدر وسعه ومبلغ طاقته وذبحوا هديهم فقبله منهم واتخذ لهم منه ضيافة ونصب لهم مائدة جمعهم عليها وأطعمهم مما تقربوا به إليه والضيافة ثلاثة أيام فأوسع زواره طعاماً وشراباً ثلاثة أيام وسنة الملوك أنهم إذا أضافوا أطعموا من على الباب كما يطعمون من في الدار والكعبة(2/48)
هي الدار وسائر الأقطار باب الدار فعم اللّه الكل بضيافته فقال: {فكلوا منها وأطعموا} ومذهب الشافعي أن صوم التشريق حرام ولا ينعقد وحرمه أبو حنيفة وعقده وجوزه مالك وأحمد للمتمتع العادم للهدي.
2690 أيام منى أيام أكل و شرب ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
2691 إياي أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر فإن الله تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس و جعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(إياي أن تتخذوا) أي دعوني من اتخاذ (ظهور دوابكم منابر) يعني اتركوا جلوسكم عليها وهي واقفة كما تجلسون على المنابر فإن ذلك يؤذيها (فإن اللّه تعالى إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجاتكم) والنهي مخصوص باتخاذ ظهورها مقاعد لغير حاجة أما لحاجة لا على الدوام فجائزة بدليل أن المصطفى صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم خطب على ناقته وهي واقفة.
2692 إياي و الفرج - يعني في الصلاة - (صحيح)( طب)عن ابن عباس .
الشرح:
(إياي) فيه تحذير المتكلم نفسه وهو شاذ عند النحاة كذا قيل قال ابن حجر: ويظهر أن الشذوذ في لفظه وإلا فالمراد بالتحقيق تحذير المخاطب فكأنه حذر نفسه بالأولى ليكون أبلغ ونحو نهي المرء نفسه ومراده نهي من يخاطبه (والفرج) أي دعني من الفرج (يعني في الصلاة) والمراد اتركوا إهمالها واصرفوا همتكم إلى سدها وظاهر أن قوله يعني إلخ من كلام الراوي أو المصنف لا من الحديث فتسوية الفرج من مندوبات الصلاة المؤكدة.
2693 أيتكن أرادت المسجد فلا تقربن طيبا(صحيح)(ن)عن زينب الثقفية .
2694 أيكم خلف الخارج في أهله و ماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج( صحيح ) ( م د ) عن أبي سعيد .
الشرح:(2/49)
(أيكم خلف) بتخفيف اللام (الخارج) أي لنحو غزو (في أهله) أي حلائله وعياله (وماله بخير) أي بنوع من أنواعه كقضاء حاجة وحفظ مال (كان له) من الأجر (مثل أجر الخارج) لفظ رواية الصحيح مثل نصف أجر الخارج قال القرطبي: ولفظة مثل يشبه كونها مقحمة أي مزيدة من بعض الرواة قال ابن حجر: ولا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح ويظهر أنها أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير فإن الثواب إذا انقسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر قال ابن العربي: هذا من فضل اللّه تعالى حيث جعل خلافة الغازي في أهله كالغازي في الرتبة فإنه إذا خلفه بخير فكأنه لم يبرح من بيته لقيام أموره فيه وصلاح حاله فكأن هذا قد غزى والقائم على أهل الغازي وماله نائب عنه في عمل لا يمكن معه الغزو فليس مقتصراً على النية فقط بل عامل فيما يتعلق بالغزو فصار كأنه باشر معه الغزو فمن ثم كان له مثل أجره كاملاً مضاعفاً ولا يلزم تساوي ثوابيهما.
2695 أيكم كانت له أرض أو نخل فلا يبعها حتى يعرضها على شريكه
( صحيح ) ( ن ) عن جابر .
2696 أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله ؟ فإن ماله ما قدم و مال وارثه ما أخر( صحيح ) ( خ ن ) عن ابن مسعود .
2697 أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين زهراوين في غير إثم و لا قطع رحم فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين و ثلاث خير له من ثلاث و أربع خير له من أربع و من أعدادهن من الإبل( صحيح )
( حم م د ) عن عقبة بن عامر .
2698 أيما امرئ قال لأخيه: كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال و إلا رجعت إليه( صحيح ) ( م ت ) عن ابن عمر .
الشرح:(2/50)
(أيما امرئ) بجر امرئ إضافة أي إليه وبرفعه بدل من أي وما زائدة (قال لأخيه) أي في الإسلام (كافر فقد باء بها أحدهما) أي رجع بها أحدهما (فإن كان كما قال) أي كان في الباطن كافر (وإلا) أي وإن لم يكن كذلك (رجعت عليه) أي فيكفر قال النووي: ضبطنا قوله كافر بالرفع والتنوين على أنه خبر مبتدأ محذوف قال القرطبي: صواب تقييده كافر بالتنوين على أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي أنت كافر وهو كافر وجعله بعضهم بغير تنوين فجعله منادى مفرداً محذوف حرف النداء وهو خطأ لأن حرف النداء لا يحذف مع النكرات ولا مع المبهمات إلا فيما جرى مجرى أمثل نحو أطرق كراء والباقي بها راجع إلى التكفيرة الواحدة ويحتمل عوده إلى الكلمة.
2699 أيما امرئ مات و عنده مال امرئ بعينه اقتضى منه شيئا أو لم يقتض فهو أسوة الغرماء( صحيح ) \( ه ) عن أبي هريرة .
2700 أيما امرئ مسلم أعتق امرءا مسلما فهو فكاكه من النار يجزي بكل عظم منه عظما منه و أيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من النار يجزي بكل عظم منها عظما منها و أيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه من النار يجزي بكل عظمين منهما عظما منه(صحيح )
( طب ) عن عبدالرحمن بن عوف ( د ه طب ) عن مرة بن كعب
( ت ) عن أبي أمامة .
الشرح:(2/51)
(أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلماً فهو فكاكه من النار) أي نار جهنم (يجزى) بضم الياء وفتح الزاي غير مهموز أي ينوب (بكل عظم منه عظماً منه) حتى الفرج بالفرج كما في رواية (وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فهي فكاكها من النار تجزى بكل عظم منها عظماً منها حتى الفرج بالفرج وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين فهما فكاكه) بفتح الفاء وتكسر أي كانتا خلاصه (من النار يجزى بكل عظمتين منهما عظما منه) فأفاد أن عتق العبد يعدل عتق أمتين ولهذا كان أكثر عتق النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكوراً وهذا تنويه عظيم بفضل العتق لا يساويه فيه غيره إلا قليلاً. قال الخطابي رحمه اللّه: ويندب أن لا يكون القنّ المعتق ناقصاً عضواً بنحو عور أو شلل بل يكون سليماً لينال معتقه الموعود في عتق أعضائه كلها من النار بإعتاقه إياه من الرق في الدنيا قال: وقد يزيد نقص العضو في الثمن كالخصي يصلح لما لا يصلح له الفحل من نحو حفظ الحرم اهـ. وأشار به إلى أن النقص المجبور بالمنفعة مغتفر.
2701 أيما امرأة استعطرت ثم خرجت فمرت على قوم ليجدوا ريحها فهي زانية و كل عين زانية ( حسن ) ( حم ن ك ) عن أبي موسى .
الشرح:(2/52)
(أيما امرأة استعطرت) أي استعملت العطر أي الطيب يعني ما يظهر ريحه منه (ثم خرجت) من بيتها (فمرت على قوم) من الأجانب (ليجدوا ريحها) أي بقصد ذلك (فهي زانية) أي كالزانية في حصول الإثم وإن تفاوت لأن فاعل السبب كفاعل المسبب قال الطيبي: شبه خروجها من بيتها متطيبة مهيجة لشهوات الرجال التي هي بمنزلة رائد الزنا بالزنا مبالغة وتهديداً وتشديداً عليها (وكل عين زانية) أي كل عين نظرت إلى محرم من امرأة أو رجل فقد حصل لها حظها من الزنا إذ هو حظها منه وأخذ بعض المالكية من الحديث حرمة التلذذ بشم طيب أجنبية لأن اللّه إذا حرم شيئاً زجرت الشريعة عما يضارعه مضارعة قريبة وقد بالغ بعض السلف في ذلك حتى كان ابن عمر رضي اللّه عنه ينهى عن القعود بمحل امرأة قامت عنه حتى يبرد أما التطيب والتزين للزوج فمطلوب محبوب قال بعض الكبراء تزيين المرأة وتطيبها لزوجها من أقوى أسباب المحبة والألفة بينهما وعدم الكراهة والنفرة لأن العين رائد القلب فإذا استحسنت منظراً أوصلته إلى القلب فحصلت المحبة وإذا نظرت منظراً بشعاً أو ما لا يعجبها من زي أو لباس تلقيه إلى القلب فتحصل الكراهة والنفرة ولهذا كان من وصايا نساء العرب لبعضهن إياك أن تقع عين زوجك على شيء لا يستملحه أو يشم منك ما يستقبحه.
2702 أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ( صحيح )
( حم م د ن ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/53)
(أيما) قال الكرماني: زيد لفظ ما على أي لزيادة التعميم (امرأة أصابت بخوراً) بالفتح ما يتبخر به والمراد هنا ريحه (فلا تشهد) أي تحضر (معنا) أي الرجال (العشاء الأخيرة) لأن الليل آفاته كثيرة والظلمة ساترة خص العشاء لأنها وقت انتشار الظلمة وخلو الطريق عن المارة والفجار تتمكن حينئذ من قضاء الأوطار بخلاف الصبح عند إدبار الليل وإقبال النهار فتنعكس القضية ذكره الطيبي وقيد بالآخرة ليخرج المغرب قال ابن دقيق العيد: وفيه حرمة التطيب على مريدة الخروج إلى المسجد لما فيه من تحريك داعية شهوة الرجال قال: وألحق به حسن الملبس والحلي الظاهر.
2703 أيما امرأة تطيبت ثم خرجت إلى المسجد لم تقبل لها صلاة حتى تغتسل ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أيما امرأة تطيبت) أي استعملت الطيب الذي هو ذو الريح (ثم خرجت إلى المسجد) تصلي فيه (لم تقبل لها صلاة) ما دامت متطيبة (حتى تغتسل) يعني تزيل أثر ريح الطيب بغسل أو غيره أي لأنها لا تثاب على الصلاة ما دامت متطيبة لكنها صحيحة مغنية عن القضاء مسقطة للفرض فعبر عن نفي الثواب بنفي القبول إرعاباً وزجراً.
2704 أيما امرأة توفي عنها زوجها فتزوجت بعده فهي لآخر أزواجها
( صحيح ) ( طب ) عن أبي الدرداء .
الشرح:
(أيما امرأة توفي عنها زوجها) أي مات وهي في عصمته (فتزوجت بعده فهي) أي فتكون هي في الجنة زوجة (لآخر أزواجها) في الدنيا قالوا وهذا هو أحد الأسباب المانعة من نكاح زوجات النبي صلى اللّه عليه وسلم بعده لما أنه سبق أنَّهنَّ زوجاته في الجنة.
2705 أيما امرأة زادت في رأسها شعرا ليس منه فإنه زور تزيد فيه
( صحيح ) ( ن ) عن معاوية .
الشرح:
(أيما امرأة زادت في رأسها شعراً ليس منه فإنه زور تزيد فيه) فيه حجة لمذهب الليث أن الممتنع وصل الشعر بالشعر أما لو وصلت شعرها بغير شعر كخرقة وصوف فلا يشمله النهي وبه أخذ بعضهم وضعفه الجمهور مطلقاً.(2/54)
2706 أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة ( صحيح ) ( حم د ه ت حب ك ) عن ثوبان .
الشرح:
(أيما امرأة سألت زوجها الطلاق) في رواية طلاقها (من غير ما بأس) بزيادة ما للتأكيد والبأس الشدة أي في غير حالة شدة تدعوها وتلجئها إلى المفارقة كأن تخاف أن لا تقيم حدود اللّه فيما يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها له أو بأن يضارها لتنخلع منه (فحرام عليها) أي ممنوع عنها (رائحة الجنة) وأول ما يجد ريحها المحسنون المتقون لا أنها لا تجد ريحها أصلاً فهو لمزيد المبالغة في التهديد وكم له من نظير قال ابن العربي: هذا وعيد عظيم لا يقابل طلب المرأة الخروج من النكاح لو صح وقال ابن حجر: الأخبار الواردة في ترغيب المرأة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما إذا لم يكن سبب يقتضي ذلك كحديث ثوبان هذا.
2707 أيما امرأة مات لها ثلاثة من الولد كن لها حجابا من النار( صحيح )
( خ ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(أيما امرأة مات لها ثلاثة) وفي رواية ثلاث (من الولد) بفتحتين يشمل الذكر والأنثى وخص الثلاثة لأنها أول مراتب الكثرة (كن) في رواية كانوا أي الثلاث (لها) وأنث باعتبار النفس أو النسمة وهو بضم الكاف وشد النون والولد يشمل الذكر والأنثى والمفرد والجمع ويخرج السقط لكن فيه حديث مرّ (حجاباً من النار) أي نار جهنم وتمام الحديث عند البخاري نفسه قالت امرأة: واثنان قال: واثنان هذا لفظه وكأنه أوحى إليه به حالاً ولا يبعد أن ينزل عليه الوحي في أسرع من طرفة عين أو كان عنده علم به لكن أشفق عليهم أن يتكلموا فلما سئل لم يكن بد من الجواب وظاهره حصول الثواب الموعود وإن لم يقاربه صبر ويصرح به خبر الطبراني من مات له ولد ذكر أو أنثى سلم أو لم يسلم رضي أو لم يرض صبر أو لم يصبر لم يكن له ثواب دون الجنة اهـ قال الهيثمي: رجاله ثقات إلا عمرو بن خالد فضعيف.(2/55)
2708 أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز و جل عنها ستره ( صحيح ) ( حم طب ك هب ) عن أم سلمة .
الشرح:
(أيما امرأة نزعت ثيابها) أي قلعت ما يسترها منها (في غير بيتها) أي محل سكنها (خرق اللّه عز وجل عنها ستره) لأنها لما لم تحافظ على ما أمرت به من التستر عن الأجانب جوزيت بذلك والجزاء من جنس العمل والظاهر أن نزع الثياب عبارة عن تكشفها للأجنبي لينال منها الجماع أو مقدماته بخلاف ما لو نزعت ثيابها بين نساء مع المحافظة على ستر العورة إذ لا وجه لدخولها في هذا الوعيد.
2709 أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ( صحيح ) ( حم د ت ه ك ) عن عائشة .
الشرح:(2/56)
(أيما) قال الطيبي: أيما من المقحمات التي يستغنى بها إما عن تفصيل غير حامل أو تطويل غير ممل (امرأة نكحت) أي تزوجت في رواية أنكحت نفسها وهي أوضح (بغير إذن وليها) أي تزوجت بغير إذن متولي أمر تزويجها من قريب أو غيره (فنكاحها باطل) أي فعقدها باطل ولا مجال لإرادة الوطء هنا لأن الكلام في صحة النكاح وفساده (فنكاحها باطل فنكاحها باطل) كرّره لتاكيد إفادة فسخ النكاح من أصله وأنه لا ينعقد موقوفاً على إجازة الولي وأنه ركب على ثلاثة فيفسخ بعد العقد ويفسخ بعد الدخول ويفسخ بعد الطول والولادة وتخصيصه البطلان هنا بغير الإذن غالبي بدليل خبر لا نكاح إلا بولي لكن لما كان الغالب أنها لا تزوج نفسها إلا بإذنه خص به (فإن دخل بها) أي أولج حشفته في قبلها (فلها المهر بما استحل من فرجها) قال الرافعي: فيه أن وطء الشبهة يوجب المهر وإذا وجب ثبت النسب وانتفى الحد (فإن اشتجروا) أي تخاصم الأولياء وتنازعوا ومنه {فيما شجر بينهم} قال الرافعي: المراد مشاجرة الفضل لا الاختلاف فيما يباشر العقد (فالسلطان) يعني من له السلطان على تزويج الأيامى فيشمل القاضي (مولى من لا مولى له) أي من ليس له ولي خاص وفيه إثبات الولاية على النساء كلهن لما سبق أن أيما كلمة استيفاء واستيعاب فيشمل البكر والثيب والشريفة والوضيعة قال القاضي: وهذا يؤيد منع المرأة مباشرة العقد مطلقاً إذ لو صحت عبارتها للعقد لأطلق لها ذلك عند عضل الأولياء واختلافهم ولما فوض إلى السلطان قال أصحابنا: ومن البعيد تأويل الحنفية الحديث على الصغيرة والأمة والمكاتبة يعني حمله بعضهم أولاً على الصغيرة لصحة تزويج الكبيرة نفسها عندهم كجميع تصرفاتها فاعترض بأن الصغيرة غير امرأة في الحكم فحمله بعضهم إجراء على الأمة فاعترض بقوله فلها المهر فإن مهر الأمة لسيدها فحمله بعض متأخريهم على المكاتبة فإن المهر لها.(2/57)
2710 أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها فقد هتكت ستر ما بينها و بين الله عز و جل ( صحيح ) ( حم ه ك ) عن عائشة .
الشرح:
(أيما امرأة) قال في التنقيح: أي مبتدأ في معنى الشرط وما زائدة لتوكيد الشرط وقوله الآتي فقد إلخ جواب الشرط (وضعت ثيابها في غير بيت زوجها) كناية عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم (فقد هتكت ستر ما بينها وبين اللّه عز وجل) لأنه تعالى أنزل لباساً ليوارين به سوءاتهنّ وهو لباس التقوى وإذا لم تتقين اللّه وكشفن سوءاتهن هتكن الستر بينهن وبين اللّه تعالى وكما هتكت نفسها ولم تصن وجهها وخانت زوجها يهتك اللّه سترها والجزاء من جنس العمل والهتك خرق الستر عما وراءه والهتيكة الفضيحة.
2711 أيما إهاب دبغ فقد طهر ( صحيح ) ( حم ت ن ه ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/58)
(أيما إهاب) ككتاب جلد ميتة يقبل الدباغ قال الزمخشري: سمي الجلد به لأنه أهبة للحي وبناء للحماية على جسده كما قيل له المسك لإمساكه ما وراءه (دبغ) يعني اندبغ بنازع للعضول بحيث لا يعود له النتن والفساد لو نقع بماء (فقد طهر) بفتح الهاء وضمها أي ظاهره وباطنه دون ما عليه من شعر لكن قليله عفو وهذا حجة على أحمد في قوله إن جلد الميتة لا يطهر باندباغه ونص فيما ذهب إليه الشافعي وأبو حنيفة أنه يطهر بدبغه لدلالة هذا اللفظ على الاستغراق من جهة الشرط ومن جهة الإبهام والتنكير بما وخرج بما يقبل الدباغ غيره كجلد خنزير فلا يطهر بالدبغ اتفاقاً من الشافعية والحنفية وكذا الكلب عند الشافعية لا الحنفية قال الكمال: هذا الحديث كما تراه عام فإخراج الخنزير منه لمعارضة الكتاب فيه وهو قوله {أو لحم خنزير فإنه رجس} بناء على عود الضمير إلى المضاف إليه لأنه صالح لعوده وعند صلاح كل من المضافين لذلك يجوز كل من الأمرين وقد جوّز عود الضمير عود ضمير "ميثاقه" في قوله تعالى {وينقضون عهد اللّه من بعد ميثاقه} إلى كل من العهد ولفظ الجلالة وتعين عوده إلى المضاف إليه في قوله سبحانه {واشكروا نعمة اللّه إن كنتم إياه تعبدون} ضرورة صحة الكلام وإلى المضاف في نحو رأيت ابن زايد فكلمته لأن المحدث عنه بالرؤية رتب على الحديث الأول غير الحديث الثاني فتعين هو مراداً به وإلا اختل النظم وإذا جاز كل منهما لغة والموضع موضع احتياط وجب إعادته على ما فيه الاحتياط وهو مما قلنا فإن قيل يجب أن يخرج من الخبر أيضاً جلد الميتة بطريق النسخ بخبر أصحاب السنن الأربعة أنه كتب قبل موته بشهر أو شهرين لا تتعففوا من الميتة بإهاب ولا عصب قلنا الاضطراب في سنده ومتنه منع تقديمه على هذا الحديث الصحيح فإن الناسخ معارض فلا بد من مشاكلته في القوة ثم إن هذا الحديث مع حديث مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال: هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم(2/59)
به فقالوا: إنها ميتة فقال: إنما حرم أكلها إلى ما ذهبوا إليه من أن ذكر بعض أفراد العام لا يخصص.
2712 أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع فإن عليه مثل أوزار من اتبعه و لا ينقص من أوزارهم شيئا و أيما داع دعا إلى هدى فاتبع فإن له مثل أجور من اتبعه و لا ينقص من أجورهم شيئا ( صحيح ) ( ه ) عن أنس .
الشرح:
(أيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع) بالبناء للمجهول أي اتبعه على تلك الضلالة أناس (فإن عليه مثل أوزار من اتبعه) على ذلك (ولا ينقص من أوزارهم شيئاً) فإن من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (وأيما داع دعا إلى هدى فاتبع) بالبناء للمجهول أيضاً أي اتبعه قوم عليها (فإن له مثل أجور من اتبعه) منهم (ولا ينقص من أجورهم شيئاً) فإن من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة قيل وذا شمل عموم الدلالة على الخير قال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة}، {وتعاونوا على البر والتقوى} {ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير} وفيه حث على ندب الدعاء إلى الخير وتحذير من الدعاء إلى ضلالة أو بدعة سواء كان ابتدأ ذلك أو سبق به.
2713 أيما راع غش رعيته فهو في النار ( صحيح )
( ابن عساكر ) عن معقل بن يسار .
2714 أيما رجل آتاه الله علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار
( صحيح ) ( طب ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/60)
(أيما رجل آتاه اللّه علماً) تنكيره في حين الشرط يؤذن بالعموم لكل علم ولو غير شرعي لكن خصه جمع منهم الحليمي بالشرع ومقدماته (فكتمه) عن الناس عند الحاجة إليه (ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام من نار) شبه ما جعل من النار في فم الكاتم باللجام تشبيهاً بليغاً حيث خص النار وهو الذي أخرجه من باب الاستعارة وهذا وعيد شديد سيما إن كان الكتم لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب نفوسهم واستجلاب لمسارهم أو لجر منفعة أو حطام دنيا أو لتقيه مما لا دليل عليه ولا أمارة أو لبخل بالعلم ومن ثم قال عليّ كرم اللّه وجهه ما أخذ اللّه على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا.
2715 أيما رجل أعمر رجلا عمرى له و لعقبه فهي له و لمن يرثه من عقبه موروثة( صحيح ) ( ن ) عن ابن الزبير .
2716 أيما رجل أعمر عمرى لرجل له و لعقبه فإنها للذي أعطيها لا ترجع إلى الذي أعطاها( صحيح ) ( م 3 ) عن جابر .
2717 أيما رجل أفلس و وجد رجل سلعته عنده بعينها فهو أولى بها من غيره( صحيح ) ( ت ن ) عن أبي هريرة .
2718 أيما رجل أم قوما و هم له كارهون لم تجز صلاته أذنيه ( حسن )
( طب ) عن طلحة .
الشرح:(2/61)
(أيما رجل أمّ قوماً) أي والحال أنهم (له) أي ولإمامته (كارهون) لأمر يذم فيه شرعاً كوال ظالم ومن تغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يتحرز عن النجاسة أو يمحق هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر الفساق ونحوهم وشبه ذلك سواء نصبه الإمام أم لا (لم تجز صلاته أذنيه) أي لا يرفعهما اللّه رفع العمل الصالح بل أدنى رفع فيحرم عليه أن يؤمهم إن اتصف بشيء من هذه الأوصاف وكرهه الكل لذلك كما في الروضة ونص عليه الشافعي فإن كرهه أكثرهم كره لذلك وعلم من هذا التقرير أن الحرمة أو الكراهة إنما هي في حقه أما المقتدون الذي يكرهونه فلا تكره لهم الصلاة خلفه وظن بعض أعاظم الشافعية أن المسئلتين واحدة فوهم وخرج بقولنا أولاً لأمر يذم ما لو كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل اللوم عليهم.
2719 أيما رجل باع سلعة فأدرك سلعته بعينها عند رجل و قد أفلس و لم يكن قبض من ثمنها شيئا فهي له و إن كان قبض من ثمنها شيئا فهي أسوة الغرماء( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة .
2720 أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه و لم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به و إن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء( صحيح ) ( مالك د ) عن أبي بكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام مرسلا .
2720 / 1 أيما رجل تدين دينا و هو مجمع أن لا يوفيه إياه لقي الله سارقا
( حسن صحيح ) صحيح ابن ماجه ( 1954 ) ( ه ) عن صهيب .
الشرح:
(أيما رجل) ذكر رجل غالبي والمراد إنسان (تدين ديناً وهو مجمع) بضم الميم الأولى (على أن لا يوفيه إياه لقي اللّه سارقاً) أي يحشر في زمرة السارقين ويجازى بجزائهم قال في الفردوس: يقال أدان إذا أخذ منه الدين ويقال أدنت الرجل وداينته إذا بايعت منه بأجل وأدنت منه إذا اشتريت منه بأجل.
2721 أيما رجل خرج يفرق بين أمتي فاضربوا عنقه( صحيح )
( ن ) عن أسامة بن شريك .(2/62)
2722 أيما رجل ظلم شبرا من الأرض كلفه الله تعالى أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين ثم يطوقه يوم القيامة حتى يقضى بين الناس ( صحيح ) ( طب ) عن يعلى بن مرة .
الشرح:
(أيما رجل ظلم شبراً من الأرض) ذكر الشبر إشارة إلى استواء القليل والكثير في الوعيد (كلفه اللّه أن يحفره حتى يبلغ أخر سبع أرضين) بفتح الراء وتسكن (ثم يطوقه) بضم أوله على البناء للمجهول وفي رواية فإنه يطوقه (يوم القيامة) أي يكلف نقل الأرض الذي أخذها ظلماً إلى المحشر وتكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة أو معناه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين فتكون كل أرض حالتئذ كالطوق في عنقه الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الطوق وبالأول جزم القشيري وصححه البغوي ولا مانع أن نتنوع هذه الصفات لهذا الجاني أو تنقسم أصحاب هذه الجناية فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا بحسب قوة المفسدة وضعفها ذكره ابن حجر رحمه اللّه تعالى ويستمر كذلك (حتى يقضى بين الناس) ثم يصير إلى الجنة أو إلى النار بحسب إرادة العزيز الجبار وهذا وعيد شديد للغاصب قاطع بأن الغضب من أكبر الكبائر.
2723 أيما رجل عاهر بحرة أو أمة فالولد ولد زنا لا يرث و لا يورث
( صحيح ) ( ت ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(أيما رجل عاهر) العاهر الزاني وعهر إلى المرأة أتاها ليلاً للفجور بها غلب على الزنى مطلقاً (بحرة أو أمة) يعني زنى بها فحملت (فالولد ولد زنا لا يرث ولا يورث) لأن الشرع قطع الوصلة بينه وبين الزاني قريب له إلا من قبل أمه وماء الزنا لا حرمة له مطلقاً ولا يترتب عليه شيء من أحكام التحريم والتوارث ونحوهما عند الشافعية.(2/63)
2724 أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه و بصره مع أول قطرة فإذا غسل يديه إلى المرفقين و رجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب هو له و من كل خطيئة كهيئته يوم ولدته أمه فإذا قام إلى الصلاة رفعه الله عز و جل بها درجة و إن قعد قعد سالما(صحيح)(حم) عن أبي أمامة .
الشرح:
(أيما رجل قام إلى وضوئه) يحتمل كونه بفتح الواو أي الماء ليتوضأ منه ويحتمل بالضم أي إلى فعل الوضوء (يريد الصلاة) بذلك الوضوء (ثم غسل كفيه نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة) تقطر منهما قال القاضي: هو مجاز عن غفرانها لأنها ليست بأجسام فتخرج حقيقة وكذا يقال فيما بعده وقال الطيبي: هذا وما بعده تمثيل وتصوير لبراءته عن الذنوب كلها على سبيل المبالغة لكن هذا العام خص بالتغاير (فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة) تقطر منه (فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة كهيئة (يوم ولدته أمه) ويصير سالماً من الذنوب مثل وقت ولادته (فإذا قام إلى الصلاة) وصلاها (رفعه اللّه عز وجل بها درجة) أي منزلة عالية في الجنة (وإن قعد) أي عن الصلاة أي لم يصلها بذلك (قعد سالماً) من الخطايا قال الطيبي: فإن قلت ذكر لكل عضو ما يختص به من الذنوب وما يزيلها عن ذلك العضو والوجه مشتمل على الأنف والفم فلم خصت بالذكر دونهما قلت العين طليعة القلب ورائده وكذا الأذن فإذا ذكرا أغنيا عن سائرها قال: والبصر واليد والرجل كلها تأكيدات تفيد مبالغة في الإزالة واعلم أنه قد زاد في رواية للطبراني بعد غسل اليدين إلى المرفقين فإذا مسح برأسه تناثرت خطاياه من أصول الشعر والمراد بخطايا الرأس نحو الفكر في محرم وتحريك الرأس استهزاء بمسلم وتمكين المرأة أجنبياً من مسه مثلاً والخيلاء بشعره والعمامة وإرسال العذبة فخراً وكبراً ونحو ذلك 0000000(2/64)
2725 أيما رجل مس فرجه فليتوضأ و أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ
( صحيح ) ( حم قط ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(أيما رجل مس فرجه) أي ذكر نفسه ببطن كفه أو حلقة دبره فالمس عام مخصوص كما سيأتي بيانه (فليتوضأ) وجوباً حيث لا حائل لانتقاض طهره بمسه (وأيما امرأة مست فرجها) أي ملتقى المنفد من قبلها أو حلقة دبرها ببطن كفها (فلتتوضأ) وجوباً لبطلان طهرها به وإذا كان كذلك فمس فرج غيره أفحش وأبلغ في اللذة فهو أولى بالنقض وبهذا أخذ الشافعية والحنابلة وخالف الحنفية وسيأتي تقريره.
2726 أيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما فإن الله تعالى جاعل وقاء كل عظم من عظامه عظما من عظام محرره من النار و أيما امرأة أعتقت امرأة مسلمة فإن الله تعالى جاعل وقاء كل عظم من عظامها عظما من عظام محررتها من النار يوم القيامة(صحيح)(د حب)عن أبي نجيح السلمي.
الشرح:(2/65)
(أيما رجل مسلم) وفي رواية الاقتصار على رجل وفي أخرى على مسلم (أعتق رجلاً مسلماً) لوجه اللّه تعالى خالصاً (فإن اللّه تعالى جاعل وقاء كل عظم) بكسر الواو وتخفيف القاف، والوقاية ما يصون الشيء ويستره عما يؤذيه (من عظامه) أي العتيق (عظماً من عظام محرره) بضم الميم وفتح الراء المشددة أي من عظام القنّ الذي حرره (من النار) نار جهنم جزاءاً وفاقاً (وأيما امرأة مسلمة) أعتقت امرأة معلمة لوجه اللّه تعالى (فإن اللّه جاعل وقاء كل عظم من عظامها عظماً من عظام محررها) بفتح الراء المشددة (من النار يوم القيامة) فاستفدنا أن الأفضل للذكر عتق الذكر وللأنثى الأنثى وعتق الذكر أفضل من عتق الأنثى خلافاً لمن عكس محتجاً بأن عتقها يستدعي صيرورة ولدها حراً سواء تزوجها حر أو عبد بخلاف الذكر وعورض بأن عتق الأنثى غالباً يستلزم ضياعها وبأن في عتق الذكر من المعاني العامة ما ليس في الأنثى لصلاحيته للقضاء وغيره مما لا يصلح له الإناث وفي قوله إن اللّه جاعل وقاء كل عظم إلى آخره إيماء إلى أنه ينبغي أن لا يكون في الرقبة نقص ليحصل الاستيعاب وأنه ينبغي للفحل عتق فحل لينال المعنى المعهود في عتق جميع أعضائه وقول الخطابي هو نقص مجبور إذ الخصي ينتفع به فيما لا ينتفع بالفحل استنكره النووي وغيره والكلام في الأولوية.
2727 أيما رجل مسلم أكفر رجلا مسلما فإن كان كافرا و إلا كان هو الكافر( صحيح ) ( د ) عن ابن عمر .
2728 أيما رجل من أمتي سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما تغضبون و إنما بعثني الله رحمة للعالمين فأجعلها عليهم صلاة يوم القيامة ( صحيح ) ( حم ه ) عن سلمان .
2729 أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى و أيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى و أيما عبد حج ثم أعتق فعليه أن يحج حجة أخرى( صحيح ) ( خط الضياء ) عن ابن عباس .
الشرح:(2/66)
(أيما صبي) أو صبية (حج) حال صباه (ثم بلغ الحنث) بسن أو احتلام (فعليه أن يحج حجة أخرى) يعني يلزمه ذلك (وأيما أعرابي حج) قبل أن يسلم (ثم) أسلم و (هاجر) من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام (فعليه أن يحج حجة أخرى) أي يلزمه الحج بإسلامه في استطاعته وإن لم يهاجر (وأيما عبد) أي قن أو أمة (حج) حال رقه (ثم أعتق) أي أعتقه سيده (فعليه أن يحج حجة أخرى) أي يلزمه الحج بعد مصيره حراً قال الذهبي في المهذب: كأنه أراد بهجرته إسلامه كما تقرر وفيه أنه يشترط لوقوع الحج عن فرض الإسلام البلوغ والحرية فلا يجزئ حج الطفل والرقيق إن كملا بعده وعليه الشافعي نعم إن كملا قبل الوقوف أو طواف العمرة أو في أثنائه أجزأهما وأعاد السعي.
2730 أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما فله أن يأخذ بقدر قراه و لا حرج عليه ( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروماً) من الضيافة أي لم يطعمه القوم تلك الليلة (فله أن يأخذ) من مالهم (بقدر قراه) أي ضيافته أي بقدر ما يصرف في ثمن طعام يشبعه ليلته (ولا حرج عليه) في ذلك الأخذ قال الطيبي: وقوله فأصبح الضيف مظهر أقيم مقام المضمر إشعاراً بأن المسلم الذي ضاف قوماً يستحق لذاته أن يقرى فمن منع حقه فقد ظلمه فحق لغيره من المسلمين نصره وأخذ بظاهره أحمد فأوجب الضيافة وأن الضيف يستقل بأخذ ما يكفيه بغير رضى من نزل عليه أو على نحو بستانه أو زرعه وحمله الجمهور على أنه كان في أول الإسلام فإنها كانت واجبة حين إذ كانت المواساة واجبة فلما ارتفع وجوب المواساة ارتفع وجوب الضيافة أو على التأكيد كما في غسل الجمعة واجب فلما ارتفع وجود الاستقلال بالأخذ على المضطر لكنه يعزم بدله أو بعد على مال أهل الذمة المشروط عليهم ضيافة من نزل بهم لأدلة أخرى كخبر لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس 00000
2731 أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم( صحيح )
( م ) عن جرير .
الشرح:(2/67)
(أيما عبد أبق من مواليه) بفتح الباء إعراضاً عنهم وأي للشرط مبتدأ وما زائدة للتأكيد وأبق خبره لا صفة للعبد لأن المبتدأ يبقى بلا خبر وجواب الشرط قوله (فقد كفر) أي نعمة الموالي وسترها ولم يقم بحقها ويستمر هذا حاله (حتى يرجع إليهم) أو أراد بكفره أن عمله من عمل الكفار أو أنه يؤدي إلى الكفر فإن فرض استحلاله فذاك كافر حقيقة وذكره بلفظ العبدية هنا لا يناقضه خبر النهي عن تسميته عبداً بقوله لا يقل أحدكم عبدي لأن المقام هنا مقام تغليظ ذنب الإباق وثم مقام بيان الشفقة والإرفاق.
2732 أيما عبد أصاب شيئا مما نهى الله عنه ثم أقيم عليه حده كفر الله ذلك الذنب ( صحيح ) ( ك ) عن خزيمة بن ثابت .
الشرح:
(أيما عبد أصاب شيئاً مما نهى اللّه عنه ثم أقيم عليه حده) في الدنيا أي وهو غير الكفر أما هو إذا عوقب به في الدنيا فليس كفارة بل زيادة في النكال وابتداء عقوبة (كفر) اللّه (عنه) بإقامة الحد عليه (ذلك الذنب) فلا يؤاخذ به في الآخرة فإن اللّه أكرم وأعدل أن يثني عليه العقوبة (تنبيه) قال ابن العربي: هذا الحديث موضعه في حقوق اللّه أما حق الآدمي فلا يدخل تحت المغفرة فلو زنى بامرأة فأقيم عليه الحد كفر عنه لكن حق زوجها وأهلها باق فيما هتك من حرمتهم وجر من العار إليهم وكذا القاتل إذا اقتص منه فهو كفارة للقتل في حق اللّه وحق الولي لا المقتول فله مطالبته به في الآخرة اهـ.
2733 أيما عبد تزوج بغير إذن أهله فهو عاهر ( صحيح )
( حم د ت ك ) عن جابر .
2734 أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو زان(حسن)( ه ) عن ابن عمر .
الشرح:
(أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه) أي ساداته (فهو زان) وفي رواية للترمذي فهو عاهر وهذا نص صريح في بطلان نكاحه بغير إذن سيده وإن أجازه بعد وهو مذهب الشافعي إذ لم يقل في الخبر إلا أن يجيزه السيد.(2/68)
2735 أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد و أيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد( حسن )
( حم د ه ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(أيما عبد) يعني قنّ ولو أمة قال ابن حزم: لفظ العبد لغة يتناول الأمة لكن في الفتح فيه نظر ولعله أراد المملوك وقال القرطبي: العبد اسم للملوك الذكر بأصل وضعه والأمة اسم لمؤنثه بغير لفظه ومن ثم قال إسحاق: إن هذا الحكم لا يشمل الأنثى وخالفه الجمهور فلم يفرقوا في الحكم بين الذكر والأنثى إما لأن لفظ العبد يراد به الجنس كقوله تعالى {إلا آتي الرحمن عبدا} فإنه يتناول الذكر والأنثى قطعاً وإما بطريق الإلحاق لعدم الفارق وقد قال إمام الحرمين: إدراك كون الأمة في هذا الحكم كالعبد حاصل للسامع قبل التفطن لوجه الجمع والفرق (كوتب على مائة اوقية) مثلاً ورواية الحاكم كوتب على ألف أوقية (فأداها إلا عشرة أواق) في نسخ أواقيَّ بشد الياء وقد تخفف جمع أوقية بضم الهمزة وشد الياء معروفة (فهو عبد وأيما عبد كوتب على مائة دينار فأدَّاها إلا عشرة دنانير فهو عبد) المراد أنه أدَّى مال الكتابة إلا شيئاً قليلاً بدليل الخبر الآتي المكاتب عبد ما بقي عليه درهم فلا يعتق إلا بأداء جميع ما عدا القدر الذي يجب حطه عنه وهذا مذهب الجمهور ونقل عن علي كرم اللّه وجهه أنه يعتق عنه بقدر ما أدّى والمكاتب بالفتح من تقع له الكتابة وبالكسر من تقع منه وكاف الكتابة تكسر وتفتح كعين العتاقة قال الراغب: اشتقاقها من كتب بمعنى أوجب ومنه {كتب عليكم الصيام} أو جمع وضم ومنه كتب الخط وعلى الأول مأخذها من الالتزام وعلى الثاني من الخط لوجوده عند عقدها غالباً. قال الروياني: وهي إسلامية ونوزع بأنها كانت متعارفة في الجاهلية وأقرها الشارع وأحسن تعاريفها أنها تعليق عتق بصفة على معاوضة مخصوصة.
2736 أيما عبد مات في إباقه دخل النار و إن كان قتل في سبيل الله تعالى(2/69)
( حسن ) ( طس هب ) عن جابر .
الشرح:
(أيما عبد) أي قنّ (مات في إباقه) أي حال تغيبه عن سيده تعدياً (دخل النار) يعني استحق دخولها ليعذب بها على عدم وفائه بحق سيده (وإن كان قتل) حال أباقه (في سبيل اللّه) تعالى أي في جهاد الكفار ثم يخرج منها إن مات مسلماً ويدخل الجنة قطعاً.
2737 أيما قرية أتيتموها و أقمتم فيها فسهمكم فيها و أيما قرية عصت الله و رسوله فإن خمسها لله و لرسوله ثم هي لكم( صحيح )
( حم م د ) عن أبي هريرة .
2738 أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس ثم تفرقوا قبل أن يذكروا الله تعالى أويصلوا على نبيه كانت عليهم ترة من الله إن شاء عذبهم وإن شاء غفرلهم
( صحيح ) ( ك ) عن أبي هريرة .
الشرح:
(أيما قوم جلسوا فأطالوا الجلوس) وأكثروا اللغط (ثم تفرقوا قبل أن يذكروا اللّه) بأي صيغة كانت من صيغ الذكر (أو يصلوا على نبيه) محمد صلى اللّه عليه وسلم كذلك وفيه تلميح إلى قوله تعالى {ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا اللّه واستغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه تواباً رحيماً} (كانت عليهم ترة من اللّه) أي نقص وتبعة وحسرة وندامة لتفرقهم ولم يأتوا بما يكفر لفظهم من حمد اللّه والصلاة على نبيه محمد صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم وهاء ترة عوض عن واوه المتروكة كواو عدة وسعة (إن شاء) أي اللّه (عذبهم) لتركهم كفارة المجلس (وإن شاء غفر لهم) فضلاً وطولاً منه تعالى ورحمة لهم{إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء}.(2/70)
2739 أيما مسلم رمى بسهم في سبيل الله فبلغ مخطئا أو مصيبا فله من الأجر كرقبة أعتقها من ولد إسماعيل و أيما رجل شاب في سبيل الله فهو له نور و أيما رجل أعتق رجلا مسلما فكل عضو من المعتق بعضو من المعتق فداء له من النار و أيما رجل قام و هو يريد الصلاة فأفضى الوضوء إلى أماكنه سلم من كل ذنب و خطيئة هي له فإن قام إلى الصلاة رفعه الله تعالى بها درجة و إن رقد رقد سالما(صحيح)( طب ) عن عمرو بن عبسة .
الشرح:
(أيما مسلم رمى بسهم في سبيل اللّه) أي في الجهاد لإعلاء كلمة اللّه (فبلغ) إلى العدو (مخطئاً أو مصيباً فله من الأجر كرقبة) أي مثل أجر نسمة (أعتقها من ولد إسماعيل) بن إبراهيم الخليل عليه السلام (وأيما رجل شاب في سبيل اللّه) أي في الجهاد أو في الرباط يعني من هول ذلك ويحتمل أن المراد داوم على الجهاد حتى أسن (فهو له نور) أي فالشيب نور له فإن قلت: ورد في غير ما خبر أن الشيب نور لكل مؤمن فما الذي تميز به هذا المجاهد قلت: فالشيب في نفسه نور لكل مؤمن كما في حديث فالحاصل لهذا الرجل نور على نور (وأيما رجل أعتق رجلاً مسلماً فكل عضو من المعتق) بكسر التاء (بعضو من المعتق) بفتحها (فداء من النار) أي يجعله اللّه له فداء من نار جهنم والمرأة مثل الرجل (وأيما رجل قام) أي هب من نومه أو تحول من مقعده (وهو) أي والحال أنه (يريد الصلاة) يعني التهجد (فأفضى الوضوء إلى أماكنه سلم من كل ذنب وخطيئة هي له فإن قام إلى الصلاة رفعه اللّه بها درجة) أي منزلة عالية في الجنة (وإن رقد) بعد ذلك (رقد سالماً) من الذنوب والبلايا لحفظ اللّه له ورضاه عنه.
2740 أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة أو ثلاثة أو اثنان
( صحيح ) ( حم خ ن ) عن عمر .
الشرح:(2/71)
(أيما مسلم شهد له أربعة) من المسلمين وفي رواية أربعة نفر أي رجال (بخير) بعد موته من الصحابة أو من غيرهم فمن اتصف بالعدالة لا نحو فاسق ومبتدع (أدخله اللّه الجنة) أي مع السابقين والأولين أو من غير سبق عذاب وإلا فمن مات على الإسلام دخلها ولا بد شهد له أحد أم لا قال الراوي: فقلنا أو ثلاثة قال: (أو ثلاثة) فقلنا: أو اثنان قال: (أو اثنان) قال: ثم لم نسأله عن الواحد أي استبعاداً للاكتفاء في مثل هذا المقام العظيم بأقل من نصاب وترك الشق الثاني وهو الشهادة بالشر لفهمه حكمه بالقياس على الخير أو اختصاراً قال النووي: من مات فألهم اللّه الناس بالثناء عليه بخير كان دليلاً على كونه من أهل الجنة سواء اقتضته أفعاله أم لا فإن الأعمال داخلة تحت المشيئة وهذا الإلهام يستدل به على تعيينها وبه تظهر فائدة الثناء.
2741 أيما مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه فتصافحا و حمدا الله تعالى جميعا تفرقا و ليس بينهما خطيئة(صحيح)( حم الضياء ) عن البراء .
الشرح:
(أيما مسلمين التقيا) في نحو طريق (فأخذ أحدهما بيد صاحبه) أي أخذه يده اليمنى بيده اليمنى (وتصافحا) ولو من فوق ثوب والأكمل بدونه (وحمدا اللّه) أي اثنيا عليه وزاد قوله (جميعاً) للتأكيد (تفرقا وليس بينهما خطيئة) ظاهره يشمل الكبائر وقياس نظائره قصره على الصغائر.
2742 أيها الناس اتقوا الله و أجملوا في الطلب فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها و إن أبطأ عنها فاتقوا الله و أجملوا في الطلب خذوا ما حل و دعوا ما حرم( صحيح ) ( ه ) عن جابر .
الشرح:(2/72)
(أيها الناس اتقوا اللّه وأجملوا في الطلب) ترفقوا في السعي في طلب حظكم من الرزق (فإن نفساً لن تموت حتى تستوفي رزقها) {نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا} (وإن أبطأ عنها) فهو لا بد يأتيها فلا فائدة للانهماك والاستشراف والرزق لا ينال بالجد ولا بالاجتهاد وقد يكدح العاقل الذكي في طلبه فلا يجد مطلوبه والغر الغبي يتيسر له ذلك المطلوب فعند تلك الاعتبارات يلوح لك صدق قول الشافعي:
ومن الدليل على القضاء وكونه * بؤس اللبيب وطيب عيش الأحمق
قال الفخر الرازي: يظهر أن هذه المطالب إنما تحصل وتسهل بناء على قسمة قسام لا يمكن منازعته ومغالبته {نحن قسمنا بينهم معيشتهم}0000 (فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب) أي اطلبوا الرزق طلباً رفيقاً وبين كيفية الإجمال بقوله فيه (خذوا ما حل) لكم تناوله (ودعوا) أي اتركوا (ما حرم) عليكم أخذه ومدار ذلك على اليقين فإن المرء إذا علم أن له رزقاً قدر له لا بد له منه علم أن طلبه لما لم يقدر عناء لا يفيد إلا الحرص والطمع المذمومين فقنع برزقه، والعبد أسير القدرة سليب القبضة وأفعاله تبع لفعل اللّه به فإنها إنما تكون باللّه والعبد مصروف عن نظره إلى أفعاله معترف بعجزه مقر باضطراره، عالم بافتقاره، والدنيا حجاب الآخرة، ومن كشف عن بصر قلبه، رأى الآخرة بعين إيقانه، ومن نظر إلى الآخرة زهد في الدنيا، إذ الإنسان حريص والنفس داعية قيل لابن عبد العزيز لما ولي الخلافة زهدت في الدنيا فقال: إن لي نفساً تواقة تاقت إلى أعظم مناصب الدنيا فلما نالت تاقت إلى مناصب الآخرة.
2743 أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا و ليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه و طيبه ( حسن ) ( د ك ) عن ابن عباس .(2/73)
2744 أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و إن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال: ( يا أيها الرسل كلوا من الطيبات و اعملوا صالحا إني بما تعملون عليم وقال:( يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب ! و مطعمه حرام و مشربه حرام و ملبسه حرام و غذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ) . ( حسن ) ( حم م ت ) عن أبي هريرة .
2745 أيها الناس إنه قد كان لي فيكم إخوة و أصدقاء و إني أبرأ إلى الله أن يكون لي فيكم خليل و لو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا و إن ربي اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم و صالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك ( صحيح ) ( م ن ) عن جندب .
2746 أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له ألا و إني نهيت أن أقرأ القرآن راكعا أو ساجدا فأما الركوع فعظموا فيه الرب و أما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم ( صحيح ) ( حم م د ن ه ) عن ابن عباس .
2747 أيها الناس عليكم بالقصد عليكم بالقصد فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا ( صحيح ) ( ه ع حب ) عن جابر .
الشرح:(2/74)
(أيها الناس عليكم بالقصد) أي الزموا السداد والتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط (عليكم بالقصد) كرره للتأكيد قال الحكماء: الفضائل هيئات متوسطة بين فضيلتين كما أن الخير متوسط بين رذيلتين فما جاوز التوسط خرج عن حد الفضيلة وقال حكيم للإسكندر: أيها الملك عليك بالاعتدال في كل الأمور فإن الزيادة عيب والنقصان عجز (فإن اللّه تعالى لا يمل حتى تملوا) بفتح الميم فيهما والملال فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء فيورث الكلال في الفعل والاعراض عنه وهذا مستحيل في حقه فإسناد الملال إليه تقدس على طريق المشاكلة من قبيل {وجزاء سيئة سيئة مثلها} أو هو محمول على غايته وهو الاعراض.
2748 أيها الناس قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله و عترتي أهل بيتي ( صحيح ) ( ت ) عن جابر .
2749 أيها الناس ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أن سيكتب عليكم فعليكم بالصلاة في بيوتكم فإن خير صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة
( صحيح ) ( د ) عن زيد بن ثابت .
2750 أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو و اسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا و اعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف اللهم منزل الكتاب و مجري السحاب و هازم الأحزاب اهزمهم و انصرنا عليهم ( صحيح )
( ق د ) عن عبدالله بن أبي أوفى .
2751 الآخذ و المعطي سواء في الربا (صحيح)( قط ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:
أي آخذ الربا ومعطيه في الإثم سواء لا مزية لأحدهما على الآخر فيه فليس الإثم مختصاً بآخذه كما قد يتوهم وإن كان الآخذ محتاجاً كما مر لكن الذي يظهر أنه يكون عند احتياجه أقل إثماً فالتساوي في الإثم لا في مقداره.
2752 الآن حمي الوطيس ( صحيح )
( حم م ) عن العباس ( ك ) عن جابر ( طب ) عن شيبة .
الشرح:(2/75)
بفتح فكسر التنور أو شبهه أو الضراب في الحرب أو حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطأها عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق من قبيل الاستعارة لشدة المعركة والتحامها وقرنها بالحمو ترشيحاً للمجاز قاله يوم حنين وقد نظر إلى الجيش وهو على بغلته 00000
2753 الآن حين بردت عليه جلده ( حسن ) ( حم قط ك ) عن جابر .
الشرح:
يعني الرجل الذي مات وعليه ديناران فقضاهما رجل عنه بعد يوم قال الراغب: الآن كل زمان مقدر بين زمانين ماضي ومستقبل نحو الآن أفعل كذا وأصل البرد خلاف الحرارة فتارة تعتبر ذاته فيقال برد كذا أي اكتسب برداً، وبرد الماء كذا كسبه برداً ومنه البرادة لما يبرد الماء وبرد الإنسان مات لما يعرض له من عدم الحرارة بفقد الروح أو لما عرض له من السكوت وقولهم للنوم برد إما لما يعرض من البرد في ظاهر جلده أو لما يعرض له من السكون.
2754 الآن نغزوهم و لا يغزونا (صحيح)(حم خ)عن سليمان بن صرد .
الشرح:
بنونين وفي رواية بنون أي في هذه الساعة تبين لي من اللّه أنا أيها المسلمون نسير إلى كفار قريش ويكون لنا الظفر عليهم ولا يسيرون إلينا ولا يظفرون علينا أبداً قاله حين أجلي عنه الأحزاب وهذا من معجزاته فقد كان كذلك فإنه اعتمر في السنة المقبلة فصدته قريش ووقعت الهدنة بينهم إلى أن نقضوها فكان ذلك سبب فتح مكة 0000000
2755 الآيات خرزات منظومات في سلك فانقطع السلك فيتبع بعضها بعضا ( صحيح ) ( حم ك ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(الآيات خرزات) بالتحريك جمع خرزة كقصب وقصبة (منظومات في سلك فانقطع) أي فإذا انقطع (السلك فيتبع بعضها بعضاً) أي فيقع بعضها أثر بعض من غير فصل بزمن طويل 00000
2756 الآيتان من آخر سورة البقرة من قرأهما في ليلة كفتاه ( صحيح )
( حم ق ه ) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/76)
(الآيتان من آخر سورة البقرة) وهما قوله {آمن الرسول} إلى آخر السورة (من قرأهما) بكمالهما (في ليلة) وفي رواية بعد العشاء الأخيرة (كفتاه) في ليلته شر الشيطان أو الثقلين أو الآفات أو أغنتاه عن قيام الليل أو الكل.
2757 الأئمة من قريش أبرارها أمراء أبرارها و فجارها أمراء فجارها و إن أمرت عليكم قريش عبدا حبشيا مجدعا فاسمعوا له و أطيعوا ما لم يخير أحدكم بين إسلامه و ضرب عنقه فإن خير بين إسلامه و ضرب عنقه فليقدم عنقه ( صحيح ) ( ك هق ) عن علي .
الشرح:(2/77)
(الأئمة من قريش) لفظ الأئمة جمع تكسير معرف باللام ومحله العموم على الصحيح وبه احتج الشيخان يوم السقيفة فقبله الصحب وأجمعوا عليه ولا حجة لمن منع اشتراط القرشية في خبر السمع والطاعة ولو عبد لحمله على من أمره الإمام على نحو سرية أو ناحية جمعاً بين الأدلة قال السبكي: وفيه شاهد للشافعي بالإمامة بل بانحصار الإمامة لأن الأئمة من قريش يدل بحصر المبتدأ على الخبر عليه ولا يعني بالإمامة إمامة الخلافة فحسب بل هي وإمامة العلم والدين (أبرارها أمراء أبرارها وفجارها أمراء فجارها) قال ابن الأثير: هذا على جهة الإخبار عنهم لا على طريق الحكم فيهم أي إذا صلح الناس وبروا وليهم الأخيار وإذا فسدوا وفجروا وليهم الأشرار وهو كحديثه الآخر كما تكونوا يولى عليكم قال ابن حجر: وقع مصداق ذلك لأن العرب كانت تعظم قريشاً في الجاهلية بسكناها الحرم فلما بعث المصطفى صلى اللّه عليه وسلم ودعى إلى اللّه توقف غالب العرب عن اتباعه وقالوا: ننظر ما يصنع قومه فلما فتح مكة وأسلمت قريش تبعوهم ودخلوا في دين اللّه أفواجاً واستمرت الخلافة والإمارة فيهم وصارت الأبرار تبعاً للأبرار والفجار تبعاً للفجار (وإن أمرت عليكم قريش عبداً حبشياً مجدعاً) بجيم ودال مقطوع الأنف أو غيره (فاسمعوا له وأطيعوا ما لم يخير أحدكم بين إسلامه وضرب عنقه فإن خير بين إسلامه وضرب عنقه فليقدم عنقه) ليضرب بالسيف ولا يرتد عن الإسلام ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق بحال. (تنبيه) ذهب الجمهور إلى العمل بقضية هذا الحديث فشرطوا كون الإمام قرشياً وقيده طوائف ببعضهم فقالت طائفة وهم الشيعة: لا يجوز إلا من ولد عليٍّ. وقالت طائفة: يختص بولد العباس وهو قول أبو مسلم الخراساني وأتباعه. وقالت طائفة: لا يجوز إلا من ولد جعفر بن أبي طالب نقله ابن حزم. وقالت أخرى: من ولد عبد المطلب. وقال بعضهم: لا يجوز إلا من ولد أمية وبعضهم لا يجوز إلا من ولد عمر. قال ابن حزم: ولا حجة(2/78)
لأحد من هؤلاء الفرق وقال الخوارج وطائفة من المعتزلة: يجوز كون الإمام غير قرشي وإنما الإمام لمن قام بالكتاب والسنة ولو أعجمياً وبالغ ضرر ابن عمر فقال: تولية غير القرشي أولى لأنه أقل عشيرة فإذا عصى أمكن خلعه. قال ابن الطيب: ولم يعرج على هذا القول بعد ثبوت خبر الأئمة من قريش وانعقد الإجماع على اعتباره قبل وقوع الخلاف قال ابن حجر: عمل بقول ضرار من قبل أن يوجد من قام بالخلافة من الخوارج على بني أمية كقطري ودام فتنتهم أكثر من عشرين سنة حتى أييدوا فكذا من تسمى بأمير المؤمنين من غير الخوارج كابن الأشعث ثم تسمى بالخلافة من قام في قطر من الأقطار في وقت ما فتسمى بالخلافة وليس من قريش كبني عباد وغيرهم بالأندلس وكعبد المؤمن وذويه ببلاد المغرب كلها وهؤلاء ضاهوا الخوارج في هذا ولم يقولوا بأقوالهم ولا تمذهبوا بمذاهبهم بل كانوا من أهل السنة داعين إليها وقال عياض: اشتراط كون الإمام قرشياً مذهب كافة العلماء وقد عدوها في مسائل الإجماع ولا اعتداد بقول الخوارج وبعض المعتزلة قال ابن حجر: ويحتاج من نقل الإجماع إلى تأويل ما جاء عن عمر فقد أخرج أحمد عنه بسند رجاله ثقات أنه قال: إن أدركني أجلي وأبو عبيدة حيّ استخلفته فإن أدركني أجلي بعده استخلفت معاذ بن جبل ومعاذ أنصاري لا قرشي فيحتمل أن يقال لعل الإجماع انعقد بعد عمر أو رجع عمر.
2758 الأئمة من قريش و لهم عليكم حق و لكم مثل ذلك ما إن استرحموا رحموا و إن استحكموا عدلوا و إن عاهدوا وفوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل منه صرف و لا عدل
( صحيح ) ( حم ن الضياء ) عن أنس .
2759 الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا( صحيح )
( حم د ه ك هق ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/79)
(الأبعد فالأبعد) أي من داره بعيدة (من المسجد) الذي تقام فيه الجماعة (أعظم أجراً) ممن هو أقرب منه فكلما زاد البعد زاد الأجر لما في البعد من كثرة الخطى وفي كل خطوة عشر حسنات قال ابن رسلان: بشرط كونه متطهراً وفيه تأمل وهذا الحديث يوافقه خبر مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم نهاهم عن بيع بيوتهم لبعدها عن المسجد وقال: إن لكم بكل خطوة درجة ولا يعارض ذلك الخبر الآتي فضل الدار القريبة من المسجد إلخ لأن كل واقعة لها حكم يخصها فأصل القضية تفضيل الدار القريبة من المسجد على البعيدة فلما ثبت لها هذا الفضل رغب كل الناس في ذلك حتى أراد بنو سلمة بيع دورهم والإنتقال قرب المسجد فكره المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أن يعرى ظاهر المدينة فأعطاهم هذا الفضل في هذه الحالة ونزل فيه {ونكتب ما قدموا وآثارهم} 000
2760 الإبل عز لأهلها و الغنم بركة و الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة ( صحيح ) ( ه ) عن عروة البارقي .
الشرح:
(الإبل عز لأهلها) أي لملاكها (والغنم بركة) يشمل المعز والضأن (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) أي منوط بها ملازم لها كأنه عقد فيها لإعانتها على جهاد أعداء الدين وقمع شر الكافرن وعدم قيام غيرها مقامها في الإجلاب والفر والكر عليهم.
2761 الإثمد يجلو البصر و ينبت الشعر(صحيح)(تخ) عن معبد بن هوذة .
الشرح:
(الإثمد) بكسر الهمزة والميم حجر الكحل المعروف (يجلو البصر) أي يزيد نور العين بدفعه المواد الرديئة المنحدرة إليه من الرأس كما مر ويأتي (وينبت الشعر) بتحريك العين هنا أفصح للازدواج وأراد بالشعر هدب العين لأنه يقوي طبقاتها.
2762 الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك( صحيح )
( م 3 ) عن عمر ( حم ق ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/80)
(الإحسان) أي المذكور في نحو {للذين أحسنوا الحسنى} {إن اللّه يحب المحسنين} {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} فأل فيه للعهد الذهنيّ قيل وحقيقته سجية في النفس تحمل على مجازات المسيء بجوائز المحسن وقيل هو معرفة الربوبية والعبودية معاً وقيل انفاق المعنى على العيان والإحسان لمن أساء كائناً من كان وقيل هو إتقان العبادة بإيقاعها على وجهها مع رعاية حق الحق مراقبته واستحضار عظمته ابتداءً ودواماً وهو نحو أن أحدهما غالب عليه مشاهدة الحق كما قال (أن تعبد اللّه) من عبد أطاع والتعبد التنسك والعبودية الخضوع والذلة (كأنك تراه) بأن تتأدب في عبادته كأنك تنظر إليه فجمع مع الإيجاز بيان المراقبة في كل حال والإخلاص في سائر الأعمال والحث عليهما بحيث لو فرض أنه عاين ربه لم يترك شيئاً من ممكنه والثاني من لا ينتهي إلى هذه الحال لكن عليه أن الحق مطلع عليه ومشاهد له وقد بينه بقوله (فإن لم تكن تراه فإنه يراك) أي فإن لم ينته اليقين والحضور إلى هاتيك الرتبة فإلى أن تحقق من نفسك أنك بمرأى منه تقدس لا يخفى عليه خافية قائم على كل نفس بما كسبت مشاهد لكل أحد من خلقه في حركته وسكونه فكما أنه لا يقصر في الحال الأول لا يقصر في الحال الثاني لاستوائهما بالنسبة إلى إطلاع اللّه وقوله فإن لم إلخ تعليل لما قبله فإن العبد إذا أمر بمراقبة اللّه في عبادته واستحضار قربه منه حتى كأنه يراه شق عليه فيستعين عليه بإيمانه بأن اللّه مطلع عليه لا يخفاه منه شيء يسهل عليه الانتقال إلى ذلك المقام الأكمل الذي هو مقام الشهود الأكبر.
2763 الأخوات الأربع ميمونة و أم الفضل و سلمى و أسماء بنت عميس أختهن لأمهن مؤمنات ( صحيح ) ( ن ك ) عن ابن عباس .
2764 الأذان تسع عشرة كلمة و الإقامة سبع عشرة كلمة( صحيح )
( ن ) عن أبي محذورة .
الشرح:(2/81)
(الأذان) هو لغة الإعلام من الأذن بفتح الهمزة والذال وهو لاستماع الناس من الأذن التي هي آلة السمع كأنه يلقي الشيء فيها وشرعاً كلمات مخصوصة شرعت للإعلام بدخول وقت المكتوبة (تسع عشرة كلمة) بالترجيع وهو أن يأتي بالشهادتين مرتين سراً قبل قولهما جهراً (والإقامة إحدى عشرة كلمة) وفي الحديث حجة لما ذهب إليه الشافعي من أن التكبير في أول الأذان أربع إذ لا يكون ألفاظه تسعة عشر إلا بناء على ذلك وذهب مالك إلى أنه مرتين لروايته من وجوه أخر قال القرطبي: الأذان على قلة ألفاظه يشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية المتضمنة لوجوده تعالى وكماله ثم ثنى بالتوحيد ونفى الشريك ثم بإثبات الرسالة المحمدية ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم وهو إشارة إلى المعاد ثم أعاد ما أعاد تأكيداً وحكمة اختيار القول له دون الفعل لسهولة القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان 00000
2765 الأذنان من الرأس ( صحيح )
( حم د ت ه ) عن أبي أمامة ( ه ) عن أبي هريرة وعبدالله بن يزيد ( قط ) عن أنس وأبي موسى وابن عباس وابن عمر وعائشة .
الشرح:
لا من الوجه ولا مستقلتان يعني فلا حاجة إلى أخذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء بل يجزئ مسحهما ببلل ماء الرأس وإلا لكان بياناً للخلقة فقط والمصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يبعث لذلك ربه قال الأئمة الثلاثة واستظهروا بآية {وأخذ برأس أخيه يجره إليه} قالوا بإذنه وقال الشافعية هما عضوان مستقلان وإضاقتها هنا إلى الرأس إضافة تقريب لا تحقيق بدليل خبر البيهقي الصحيح أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أخذ لأذنيه ماء خلاف الذي أخذه لرأسه والآية فيها خلاف للمفسرين.
2766 الأرض أرض الله و العباد عباد الله من أحيا مواتا فهي له( حسن )
( طب ) عن فضالة بن عبيد .
الشرح:(2/82)
أي فهو ملكه والموات كسحاب وغراب الأرض التي لم يتيقن عمارتها في الإسلام وليست من حقوق عامر فتملك بالأحياء من غير لفظ لأنها إعطاء من المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بنص المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم في هذا الحديث لأنه تعالى أقطعه أرض الدنيا كأرض الجنة ليقطع منها من يشاء ما شاء ولذلك أفتى السبكي بكفر معارض أولاد تميم فيما أقطعه لهم المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بأرض الشام.
2767 الأرض كلها مسجد إلا المقبرة و الحمام ( صحيح )
( حم د ت ه حب ك ) عن أبي سعيد .
الشرح:
(الأرض كلها مسجد) أي محل للسجود (إلا الحمام والمقبرة) فإنهما غير محل للصلاة فيهما تنزيهاً وتصح ما لم تتبين نجاسة محل منها للصلاة كما لو نبشت المقبرة هذا ما عليه الشافعية وأخذ أحمد بظاهره فأبطل الصلاة فيهما مطلقاً ومنع بأن التأكيد بكل ينفي المجاز فدل على الصحة فيهما عند التحرز من النجاسة قال ابن حجر رحمه اللّه: وهذا الحديث يعارضه عموم الخبر المتفق عليه وجعلت الأرض طيبة وطهوراً ومسجداً قال الرافعي: واحتج بهذا بعض أصحابنا على أنه لو قال جعلت هذه الأرض مسجداً لا تصير وقفاً مسجداً بمجرد هذا اللفظ.
2768 الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف
(صحيح) ( خ )عن عائشة(حم م د)عن أبي هريرة(طب) عن ابن مسعود .
الشرح:(2/83)
(الأرواح) التي تقوم بها الأجساد (جنود مجندة) أي جموع متجمعة وأنواع مختلفة (فما تعارف) توافق في الصفات وتناسب في الأخلاق (منها ائتلف) أي ألف قلبه قلب الآخر وإن تباعدا كما يقال ألوف مؤلفة وقناطير مقنطرة (وما تناكر منها) أي لم يتوافق ولم يتناسب (اختلف) أي نافر قلبه قلب الآخر وإن تقاربا جسداً فالإئتلاف والاختلاف للقلوب والأرواح البشرية التي هي النفوس الناطقة مجبولة على ضرائب مختلفة وشواكل متباينة فكل ما تشاكل منها في عالم الأمر تعارف في عالم الخلق وكل ما كان في غير ذلك في عالم الأمر تناكر في عالم الخلق فالمراد بالتعارف ما بينهما من التناسب والتشابه وبالتناكر ما بينهما من التباين والتنافر وذلك لأنه سبحانه عرف ذاته للأرواح بنعوته فعرفها بعض بالقهر والجلال وبعض باللطف والجمال وبعض بصفات أخر ثم استنطقها بقوله {ألست بربكم} ثم أوردها في الأبدان فالتعارف والتنافر يقع بحسب ذلك والتعارف والتناكر بحسب الطباع التي جبل عليها من خير وشر وكل شكل يميل إلى شكله فالتعارف والتناكر من جهة المناسبة المحكمة بين الفريقين فيميل الطيب للطيب والخبيث للخبيث ويألفه ومنشأ ذلك أحكام التناسب ولهذا قال الشافعي: العلم جهل عند أهل الجهل كما أن الجهل جهل عند أهل العلم. 0000000
2769 الإزار إلى نصف الساق أو إلى الكعبين لا خير في أسفل من ذلك
( صحيح ) ( حم ) عن أنس .
الشرح:
قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي: قوله لا خير إلخ لأنه إما حرام إن نزل عن الكعبين أو شبهه إن حاذاهما ولا خير في كل من الأمرين اهـ. وذلك لما فيه من التشبه بالنساء بل إن قصد الخيلاء حرم مطلقاً وما ذكروه في الإزار حلاً وحرمة وكراهة فهو في القميص فقد خرَّج أبو داود عن ابن عمر ما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الإزار فهو في القميص.(2/84)
2770 الإسبال في الإزار و القميص و العمامة من جر منها شيئا خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة( صحيح ) ( د ن ه ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(الإسبال في الإزار) قال الطيبي: قوله في الإزار هو خبر مبتدأ أي الإسبال المذموم أو الذي فيه الكلام بالجواز وعدمه كائن في هذه الثلاثة الإسبال المذموم والمراد إرخاؤه إلى الأرض (والقميص والعمامة فمن جرَّ منها شيئاً) على الأرض (خيلاء لم ينظر اللّه إليه يوم القيامة) أي نظر رحمة ورضى إذا لم يتب فيندب للرجل الاقتصار على نصف الساق وله إرساله إلى الكعبين فحسب وللمرأة الزيادة بنحو شبر قال ابن حجر: وفي تصوير جر العمامة نظر إلا أن يراد ما جرت به العادة من العرب من إرخاء العذبات فمهما زاد على العادة في ذلك كان من الإسبال وقد خرَّج النسائي من حديث جعفر بن أمية عن أبيه كأني أنظر الساعة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة قد أرخى طرفيها بين كتفيه وقد يدخل في الزجر عن جر الثوب تطويل أكمام القميص ونحوه الذي يظهر أن إطالتها بحيث يخرج عن العادة كفعل بعض الحجازيين يدخل فيه وقال الزين العراقي: ما مس الأرض منها لا شك في تحريمه بل لو قيل بتحريم ما زاد على المعتاد لم يبعد.
2771 الاستئذان ثلاث فإن أذن لك و إلا فارجع ( صحيح )
( م ت ) عن أبي موسى وأبي سعيد .
الشرح:
(الاستئذان) للدخول وهو استدعاء الإذن أي طلبه (ثلاث) من المرات (فإن أذن لك فادخل وإلا) أي وإن لم يؤذن لك (فارجع) لأنه سبحانه وتعالى أمر بالاستئذان بقوله {فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم} قال ابن العربي رحمه اللّه تعالى ولا يتعين هذا اللفظ.
2772 الاستجمار تو و رمي الجمار تو و السعي بين الصفا و المروة تو و الطواف تو و إذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو( صحيح ) ( م ) عن جابر
الشرح:(2/85)
(الاستجمار تو) بفتح المثناة فوق وشد الواو أي وتر وهو ثلاثة والتو الفرد قال الزمخشري: ومنه قولهم سافر سفراً تواً إذا لم يخرج في طريقه على مكان والتو حبل مفتول طاقاً واحداً (ورمي الجمار) في الحج (تو) أي سبع حصيات (والسعي بين الصفا والمروة تو) أي سبع (والطواف تو) أي سبعة أشواط وقيل أراد بفردية السعي والطواف أن الواجب منهما مرة ولا يثنى ولا يكرر أو أراد بالاستجمار الاستنجاء (وإذا استجمر أحدكم فليستجمر بتو) ليس تكراراً بل المراد بالأول الفعل وبالثاني عدد الأحجار وفيه وجوب تعدد الحجر لضرورة تصحيح الإيتار بما يتقدمه من الشفع إذ لا قائل بتعيين الإيتار بحجر واحد أي مسحة واحدة قيل وفيه حل الاستنجاء بالحجر مع وجود الماء وهو هفوة إذ مفاد الخبر إنما هو الأمر بالإيتار وأما كونه مع وجود الماء أو فقده فمن أين.
2773 الاستنجاء بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع
( حسن ) ( طب ) عن خزيمة بن ثابت .
الشرح:(2/86)
(الاستنجاء) وهو كما في المشارق إزالة النجو: أي الأذى الباقي في فم المخرج وأكثر استعماله في الحجر (بثلاثة أحجار) أي محصور في ذلك فلا يصح بأقل منها وإن أنقى لورود النهي عن الأقل في حديث مسلم ولفظه نهانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار وأن نستنجي برجيع أو عظم والمراد ثلاث مسحات ولو بأطراف حجر لكن الأحجار أفضل من حجر فإن حصل الإنقاء بالثلاث فذاك وإلا زيد إلى الإنقاء فإن حصل بوتر فذاك وإلا سن الإيتار ويجب أن تكون الثلاثة (ليس فيهن رجيع) أي ليس فيهن عذرة لأنه نجس وفي معناه كل نجس فلو استنجى به ولو جافاً لم يجزه وتعين الماء لأن المحل صار نجساً بنجاسة أجنبية والرجيع وهو فعيل بمعنى مفعول ذكره الزمخشري في المجاز وقيل سمي به لرجوعه عن الطهارة بالاستحالة ولرجوعها إلى الظهور بعد كونها في البطن أو لرجوعها عن كونها طعاماً أو علفاً قال الرافعي: فيه إشارة إلى أن غير الأحجار من كل جامد طاهر قالع غير محترم كالأحجار وتعددها وأنها ثلاثة قيل وصحة العمل بالمفهوم حتى لا يجب التكرار في الاستنجاء بالماء وقد حمله شرذمة من السلف على ظاهره فمنعوا الاستنجاء بالماء والسنة تبطل قولهم وقول ابن المسيب لما سئل عن الاستنجاء بالماء ذاك وضوء النساء إنما ذكره لفهمه غلواً من السائل في منع الأحجار فقابله بالمبالغة في رد غلوه. (فائدة) الاستنجاء لغة إزالة النجو بفتح فسكون بغسل أو مسح كما في الصحاح كغيره لكن استعماله كما قال عياض في الغسل أكثر وفي النهاية هو إخراج النجو من البطن والنجو العذرة.
2774 الإسلام: إقام الصلاة و إيتاء الزكاة و حج البيت و صوم شهر رمضان و الاغتسال من الجنابة( صحيح ) ( حب ) عن عمر .
2775 الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و تقيم الصلاة و تؤتي الزكاة و تصوم رمضان و تحج البيت إن استطعت إليه سبيلا ( صحيح ) ( م 3 ) عن عمر .
الشرح:(2/87)
(الإسلام) قال الراغب: أصله الدخول في السلم وهو أن يسلم كل من ضرر صاحبه ثم صار اسماً للشريعة (أن تشهد أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً رسول اللّه وتقيم الصلاة) اسم جنس أراد به الصلوات الخمس قال القاضي: إقامتها تعديل أركانها وإدامتها والمحافظة عليها والصلاة فعلة من صلى إذا دعى (وتؤتي الزكاة) لمستحقيها (وتصوم رمضان) حيث لا عذر (وتحج البيت) اسم جنس غلب على الكعبة وصار سلماً لها كالنجم للثريا والسنة لعام القحط (إن استطعت إليه سبيلاً) أي طريقاً بأن تجد زاداً أو راحلة بشرطهما وقيد بها في الحج مع كونها قيداً فيما قبله اتباعاً للنظم القرآني وإشارة إلى أن فيه من المشقة ما ليس في غيره على أن فقدها في نحو صلاة وصوم لا يسقط فرضها بل وجوب أدائه بخلاف الحج ثم المراد الإسلام الكامل فتارك ما عدا الشهادتين ليس بمسلم كامل؟ لا كافر 00000000
2776 الإسلام أن تعبد الله و لا تشرك به شيئا و تقيم الصلاة و تؤدي الزكاة المفروضة و تصوم رمضان و تحج البيت( صحيح )
( حم ق ه ) عن أبي هريرة ( ن ) عن أبي هريرة وأبي ذر معا .
2777 الإسلام يجب ما كان قبله( صحيح )
( ابن سعد ) عن الزبير وجبير بن مطعم .
الشرح:
(الإسلام يجب) أي يقطع وفي رواية يهدم (ما كان قبله) من كفر وعصيان يترتب عليهما من حقوق اللّه أما حقوق عباده فلا تسقط إجماعاً ولو كان المسلم ذمياً والحق مالياً وظاهر الخبر أن مجرد الإسلام مكفر للسوابق، هبه أساء وأحسن بعد، وأما خبر من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر فوارد على منهج التحذير.
2778 الإسلام يعلو و لا يعلى ( حسن )
( الروياني قط هق الضياء ) عن عائذ بن عمرو .
الشرح:(2/88)
عليه قال البيهقي: قال قتادة: يعني إذا أسلم أحد أبوين فالولد مع المسلم فالعلو في نفس الإسلام بأن يثبت الإسلام إذا ثبت على وجه ولا يثبت على آخر كما في المولود بين مسلم وكافر فإنه يحكم بإسلامه وقال ابن حزم: معناه إذا أسلمت يهودية أو نصرانية تحت كافر يفرق بينهما ويحتمل العلو بحسب الحجة أو بحسب النصرة في العاقبة فإنهما للمسلمين وبذلك عرف أن الحديث ليس نصاً في توريث المسلم من الكافر كما قيل.
2779 الأسنان سواء الثنية و الضرس سواء( صحيح)( ه )عن ابن عباس .
2780 الأسنان سواء خمسا خمسا ( صحيح ) ( ن ) عن ابن عمرو .
2781 الأشرة شر ( حسن ) ( خد ع ) عن البراء .
الشرح:
(الأشرة) بشين معجمة البطر أو أشدّه (شر) في كل ملة قال في المصباح: أشر أشراً من باب تعب بطر وكفر النعمة فلا يشكرها.
2782 الأصابع سواء عشرعشر من الإبل(صحيح)(د ن ه)عن أبي موسى.
2783 الأصابع سواء كلهن فيهن عشر من الإبل ( صحيح )
( ن ه ) عن ابن عمرو .
2784 الأصابع سواء و الأسنان سواء الثنية و الضرس سواء هذه و هذه سواء - يعني الإبهام و الخنصر - ( صحيح ) ( د ) عن ابن عباس .
2785 الأكثرون هم الأسفلون يوم القيامة إلا من قال بالمال هكذا و هكذا و كسبه من طيب( حسن ) ( ه حب ) عن أبي ذر .
2786 الإمام ضامن فإن أحسن فله و لهم و إن أساء فعليه و لا عليهم
( صحيح ) ( ه ك ) عن سهل بن سعد .
الشرح:
(الإمام ضامن فإن أحسن) الطهور والصلاة (فله) الأجر (ولهم) أي المأمومين الأجر كذلك (وإن أساء) في صلاته أو طهوره بأن أخل ببعض الأركان أو الشروط (فعليه) الوزر والتبعة (ولا عليهم) وتمام الحديث كما في ابن ماجه: كان سهل بن سعد الساعدي يقدم فتيان قومه يصلون بهم فقيل له: تفعل ذلك ولك من القدم ما لك قال: إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم يقول: الإمام فذكره.
2787 الإمام ضامن و المؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة و اغفر للمؤذنين(2/89)
( صحيح) ( د ت حب هق ) عن أبي هريرة ( حم ) عن أبي أمامة .
الشرح:
(الإمام ضامن) أي متكفل بصحة صلاة المقتدين لارتباط صلاتهم بصلاته لأنه يتحمل الفاتحة عن المأموم إذا أدركه في الركوع (والمؤذن مؤتمن) أي أمين على صلاة الناس وصيامهم وإفطارهم وسحورهم وعلى حرم الناس لإشرافه على دورهم، فعليه المحافظة على أداء هذه الأمانة (اللّهم أرشد الأئمة) ليأتوا بالصلاة على أتم الأحوال (واغفر للمؤذنين) تقصيرهم في مراعاة الوقت بتقدم عليه أو تأخر عنه، واستدل بعضهم بهذا على تفضيل الأذان على الإمامة لأن الأمين أفضل من الضمين.
2788 الأمراء من قريش ما عملوا فيكم بثلاث: ما رحموا إذا استرحموا و أقسطوا إذا قسموا و عدلوا إذا حكموا( صحيح ) ( ك ) عن أنس .
الشرح:
(الأمراء من قريش ما عملوا فيكم) أي مدة دوام معاملتهم لكم (بثلاث) من الخصال وبينها بقوله (ما رحموا إذا استرحموا) بالبناء للمجهول: أي طلبت منهم الرحمة (وأقسطوا) أي تمسكوا بسيرة العدل (إذا قسموا) ما جعل إليهم من غنيمة أو خراج أو فيء (وعدلوا إذا حكموا) فلم يجوروا في حكم من الأحكام. ومفهوم الحديث أنهم إذا عدلوا عن هذه الأحكام جاز العدول بالإمارة عنهم، ولعل المراد أن هذا حض لهم على أن يتمسكوا بتلك الخصال، إذ لا يجوز الخروج على الإمام بمجرد الجور.
2789 الأمر أسرع من ذاك ( صحيح ) ( د ) عن ابن عمرو .
الشرح:
(الأمر) أي هجوم الموت (أسرع) وفي رواية أعجل (من ذاك) أي من البناء، وسببه كما رواه أبو عبد اللّه بن عمرو بن العاص قال: مر بي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأنا أطين حائطاً "أي حائط خص في الرواية الأخرى، وهو بيت يعمل من خشب وقصب" فذكره.
2790 الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون ( صحيح ) ( ع ) عن أنس .
الشرح:(2/90)
لأنهم كالشهداء بل أفضل، والشهداء أحياء عند ربهم. وفائدة التقييد بالعندية الإشارة إلى أن حياتهم ليست بظاهرة عندنا، وهي كحياة الملائكة، وكذا الأنبياء ولهذا كانت الأنبياء لا تورث، وقوله يصلون قيل المراد به التسبيح والذكر.
2791 الأنصار شعار و الناس دثار و لو أن الناس استقبلوا واديا أو شعبا و استقبلت الأنصار واديا لسلكت وادي الأنصار و لو لا الهجرة لكنت امرءا من الأنصار( صحيح ) ( ه ) عن سهل بن سعد .
2792 الأنصار كرشي و عيبتي و إن الناس سيكثرون و هم يقلون فاقبلوا من محسنهم و تجاوزوا عن مسيئهم ( صحيح )
( ن ) عن أسيد بن حضير ( ق ت ن ) عن أنس .
2793 الأنصار و مزينة و جهينة و غفار و أشجع و من كان من بني عبد الدار موالي دون الناس و الله و رسوله مولاهم( صحيح )
( حم م ت ) عن أبي أيوب .
2794الأيدي ثلاثة فيد الله العليا و يد المعطي التي تليها و يد السائل السفلى فأعط الفضل و لا تعجز عن نفسك(صحيح)(حم د ك) عن مالك بن نضلة .
الشرح:
(الأيدي ثلاثة فيد اللّه) هي (العليا) لأنه المعطي في الحقيقة (ويد المعطي) أي المناول (التي تليها) وفيه حث على التصدق (ويد السائل) أي الآخذ للصدقة (السفلى) وفيه زجر للسائل عن سؤاله الخلق وحث له على الرجوع إلى مولاه الحق (فأعط الفضل) أي الفاضل عن عيالك (ولا تعجز) بفتح التاء وكسر الجيم: بعد عطيتك (عن) نفقة (نفسك) ومن تلزمك نفقته بأن تتصدق بمالك كله ثم تقعد تسأل الناس.
2795 الإيمان: الصبر و السماحة ( صحيح )
( ع طب في مكارم الأخلاق ) عن جابر .
الشرح:(2/91)
قال البيهقي: يعني بالصبر الصبر عن محارم اللّه وبالسماحة أن يسمح بأداء ما افترض عليه اهـ ففسر الإيمان بهما لأن الأول يدل على الترك والثاني على الفعل وبما قاله البيهقي صرح الحسن البصري فقال: الصبر عن المعصية والسماحة على أداء الفرائض. (تنبيه) قال الغزالي: الصبر ملاك الإيمان لأن التقوى أفضل البر والتقوى بالصبر والصبر مقام من مقامات الدين ومنزل من منازل السالكين وجميع مقامات السالكين ينتظم من معارف وأحوال وأعمال فالمعارف هي الأصول وهي تورث الأحوال والأحوال تثمر الأعمال فالمعارف كالأشجار والأحوال كالأغصان والأعمال كالثمار وهذا مطرد في جميع منازل السالكين إلى اللّه واسم الإيمان تارة يختص بالمعارف وتارة يطلق على الكل وكذا الصبر لا يتم إلا بمعرفة سابقة وبحالة قائمة والصبر على التحقيق عبارة عنهما ولا يعرف هذا إلا بمعرفة كيفية الترتيب بين الملائكة والإنس والبهائم فإن الصبر خاصية الإنس ولا يتصور ذلك في البهائم لنقصانها ولا الملائكة لكمالها لأن البهائم سلطت عليها الشهوات فصارت مسخرة لها فلا باعث لها على حركة أو سكون إلا هي ولا قوة لها تصادم الشهوة حتى تسمى ثبات تلك القوة صبراً والملائكة جرّدوا للأشواق إلى الحضرة الربوبية والابتهاج بدرجة القرب منها ولم يسلط عليها شهوة صادة صارفة عنها حتى يحتاج إلى مصادمة ما يصرفها عن حضرة الجلال بجند آخر وأما الإنسان فقد تعارض فيه الأمران فاحتاج إلى ثبات جند في مقابلة جند آخر قام للقتال بينهما لتضاربهما وذلك هو حقيقة الصبر.
2796 الإيمان: أن تؤمن بالله و ملائكته و كتابه و بلقائه و برسله و تؤمن بالبعث الآخر ( صحيح ) ( حم ق ه ) عن أبي هريرة .
2797 الإيمان: أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر و تؤمن بالقدر خيره و شره( صحيح ) ( م 3 ) عن عمر .
الشرح:(2/92)
(الإيمان) هو (أن تؤمن) تصدق (باللّه) أي بأنه واحد في ذاته وصفاته وأفعاله (وملائكته) أي بأن للّه ملائكة مخلوقين من النور وهم عباد له تعالى سفراء بينه وبين رسله، لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون {لا يعصون اللّه ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون} ليسوا بذكور ولا إناث (وكتبه) بأنها كلام اللّه القديم القائم بذاته المنزه عن الحروف والأصوات التي أنزلها على بعض رسله لهداية الناس (ورسله) وبأن للّه رسلاً أرسلهم اللّه إلى الناس لإرشادهم إلى ما فيه مصلحة معاشهم ومعادهم وهم معصومون من الذنوب كبيرها وصغيرها (و) تؤمن (باليوم الآخر) وهو من الحشر إلى ما لا نهاية أو إلى فصل القضاء (وتؤمن بالقدر خيره وشره) حلوه ومره: أي بأن ما قدره اللّه في الأزل من خير أو شر لا بد من وقوعه.
2798 الإيمان: أن تؤمن بالله و ملائكته و كتبه و رسله و تؤمن بالجنة و النار و الميزان و تؤمن بالبعث بعد الموت و تؤمن بالقدر خيره و شره
( صحيح ) ( هب ) عن عمر .
الشرح:
(الإيمان أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله وتؤمن بالجنة والنار) أي بأنهما موجودتان الآن لأنهما باقيتان لا تفنيان: الجنة للطائعين والنار للفاسقين (والميزان) أي بأن وزن الأعمال حق (وتؤمن بالبعث بعد الموت) أي بإعادة الأجساد بعد فنائها للحساب (وتؤمن بالقدر خيره وشره) أي تؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
2799 الإيمان بضع و سبعون بابا فأدناها إماطة الأذى عن الطريق و أرفعها قول: لا إله إلا الله ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة .
2800 الإيمان بضع و سبعون شعبة فأفضلها قول: لا إله إلا الله و أدناها إماطة الأذى عن الطريق و الحياء شعبة من الإيمان ( صحيح )
( م د ن ه ) عن أبي هريرة .
الشرح:(2/93)
(الإيمان) أي ثمراته وفروعه فأطلق الإيمان وهو الإقرار والتصديق عليها مجازاً لكونها من حقوقه ولوازمه (بضع) بفتح الباء وكسرها من ثلاث إلى تسع على الأصح (وسبعون) بتقديم السين على الموحدة (شعبة) بضم أوله خصلة وأصلها الطائفة من الشيء والغصن من الشجر قال الكرماني: شبه الإيمان بشجرة ذات أغصان وشعب كما شبه في حديث بني الإسلام على خمس بخباء ذي أعمد وأطناب قال القاضي: أراد التكثير على حد {إن تستغفر لهم} واستعمال لفظ السبعة والسبعين للتكثير كثيراً والمراد الحصر فيقال إن شعب الإيمان وإن كانت متعددة لكن حاصلها يرجع إلى أصل واحد وهو تكميل النفس على وجه يصلح معاشه ويحسن معاده، وذلك أن يعتقد ويستقيم في العمل اهـ. قال الطيبي: والأظهر معنى التكثير ويكون ذكر البضع للترقي يعني شعب الإيمان أعداد مبهمة ولا نهاية لكثرتها إذ لو أريد التحديد لم يبهم (وأفضلها قول لا إله إلا اللّه) أي أفضل الشعب هذا الذكر فوضع القول موضع الذكر لا موضع الشهادة فإنها من أصله لا من شعبه والتصديق القلبي خارج منهما إجماعاً قال القاضي: ويمكن أن يراد أنه أفضلها من وجه وهو أنه يوجب عصمة الدم والمال لا أنه أفضل من كل وجه وإلا لزم كونه أفضل من الصلاة والصوم ويجوز أن يقصد الزيادة المطلقة لا على ما أضيف إليه أي المشهور من بينها بالفضل في الأديان قول لا إله إلا اللّه (وأدناها) مقداراً (إماطة الأذى) أي إزالة ما يؤذي كشوك وخبث وحجر (عن الطريق) الظاهر أن المراد المسلوك ويحتمل العموم وسيجيء في خبر تقييد الطريق بكونه للمسلمين (والحياء) بالمد (شعبة من الإيمان) أي الحياء الإيماني وهو المانع من فعل القبيح بسبب الإيمان لا النفساني المخلوق في الجبلة وأفرده بالذكر لأنه كالداعي إلى سائر الشعب فإن الحي يخاف فضيحة الدنيا وفظاعة الآخرة فيزجر عن الآثام وزعم أن الحياء قد يمنع الأمر بالمعروف فكيف يدعو إلى سائرها يمنع بأن هذا المانع ليس بحياء حقيقة(2/94)
بل عجز وإعياء وإطلاق الحياء عليه مجاز وإنما الحقيقي خلق يبعث على تجنب القبيح0000000
2801 الإيمان بضع و ستون شعبة و الحياء: شعبة من الإيمان( صحيح )
( خ ) عن أبي هريرة .
2802 الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن ( صحيح )
( تخ د ك ) عن أبي هريرة ( حم ) عن الزبير ومعاوية .
الشرح:
(الإيمان قيد الفتك) أي يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان عذراً كما يمنع القيد من التصرف بمنع الإيمان من الغدر (لا يفتك مؤمن) خبر بمعنى النهي لأنه متضمن للمكر والخديعة أو هو نهي وما روي من الفتك بكعب بن الأشرف وابن أبي حقيق وغيرهما فكان قبل النهي أو هي وقائع مخصوصة بأمر سماوي لما في المفتوكين من الغدر وسب الإسلام وأهله قال الزمخشري: الفرق بين الفتك والغيلة أن الفتك أن تهتبل غرته فتهلكه جهاراً والغيلة أن تكتمن له في محل فتقتله خفية اهـ. وظاهر أن المراد في الحديث هما معاً 00000
2803 الإيمان يمان ( صحيح ) ( ق ) عن أبي مسعود .
الشرح:
أي منسوب إلى أهل اليمن لاذعانهم إلى الإيمان من غير كبير كلفة ومن اتصف بشيء وقوي إيمانه ونسب إليه إشعاراً بكمال حاله فيه من غير أن يكون في ذلك نفي له عن غيره فلا تعارض بينه وبين خبر الإيمان في أهل الحجاز ثم المراد الموجودين حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمن وهو نسبة إلى اليمن وألفه عوض عن ياء النسبة فلا يجتمعان، واليمن ما على يمين الكعبة من بلاد الغور قال أبو عبيد: مكة من أرض تهامة وتهامة من اليمن ولذا سميت مكة وما يليها من أرض الحجاز تهامة فعليه مكة يمانية ومنها ظهر الإيمان وقيل قاله بتبوك ومكة والمدينة بينه وبين اليمن فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريدهما وقيل أراد الأنصار وهم يمانيون في الأصل وقد نصروا الإيمان فنسبه لهم.
2804 الإيمان يمان ألا إن القسوة و غلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة و مضر( صحيح )
( حم ق ) عن أبي مسعود .(2/95)
2805 الإيمان يمان و الفتنة هاهنا و هاهنا يطلع قرن الشيطان( حسن )
( خ ) عن أبي هريرة .
2806 الإيمان يمان و الكفر قبل المشرق و السكينة لأهل الغنم و الفخر و الرياء في الفدادين أهل الخيل و أهل الوبر يأتي المسيح إذا جاء دبر أحد صرفت الملائكة وجهه قبل الشام وهنالك يهلك(صحيح)(ت)عن أبي هريرة
2807 الأيمن فالأيمن ( صحيح ) ( مالك حم ق 4 ) عن أنس .
الشرح:
أي ابتدؤا بالأيمن أو قدموا الأيمن يعني من عند اليمين في نحو الشرب فهو منصوب وروى رفعه وخبره محذوف أي الأيمن أحق ورجحه العيني بقوله في بعض طرق الحديث الأيمنون فالأيمنون وكرر لفظ الأيمن للتأكيد إشارة إلى ندب البداءة بالأيمن ولو مفضولاً وحكى عليه الاتفاق بل قال ابن حزم: لا يجوز مناولة غير الأيمن إلا بإذنه قال ابن العربي: وكل ما يدور على جمع من كتاب أو نحوه فإنما يدور على اليمين قياساً على ما ذكر وتقديم من على اليمين ليس لمعنى فيه بل المعنى في جهة اليمين وهو فضلها على جهة اليسار فيؤخذ منه أن ذلك ليس ترجيحاً لمن عن اليمين بل لجهته ولا يعارض هذا ما مرّ في خبر الأمر بمناولة السواك الأكبر ولا ما يجيء في خبر من قوله في القسامة كبر كبر ولا قوله في حديث أبي يعلى: كان إذا سقي قال: ابدأوا بالكبير لحمله على الحالة التي يجلسون فيها متساويين بين يديه أو عن يساره أو خلفه فتخص هذه الصورة من عموم تقديم الأيمن أو يخص من عموم الأمر بالبداءة بالكبير ما لو قعد بعض عن يمين الرئيس وبعض عن يساره ففي هذه الصورة يقدم الصغير على الكبير والمفضول على الفاضل فالأيمن لم يمتز بمجرد القعود في الجهة اليمنى بل لخصوص كونها يمين الرئيس فالفضل إنما فاض عليه من الأفضل وأخذ من الحديث أن كل ما كان من أنواع التكريم يقدم فيه من على اليمين.
2808 الأيمنون الأيمنون الأيمنون ( صحيح ) ( ق ) عن أنس .(2/96)
2809 الأيم أحق بنفسها من وليها و البكر تستأذن في نفسها و إذنها صماتها ( صحيح ) ( مالك حم م 4 ) عن ابن عباس .
الشرح:
(الأيم) في الأصل من لا زوج له والمراد هنا عند الشافعي الثيب بأي طريق كان كما يفيده عطف البكر عليها إذ الشيء لا يعطف على نفسه وما خالفه فزائل عن الظاهر تابع لدليله (أحق بنفسها من وليها) في الرغبة والزهد في الزواج وفي اختيار الزوج لا في العقد فإن مباشرته لوليها لخبر لا نكاح إلا بولي ونبه بأحق على أن لوليها حقاً أيضاً لكن حقها آكد وآمن ثم قالوا: لو أراد تزويجها كفؤاً وامتنعت لم تجبر وفي عكسه تجبر (والبكر البالغ تستأذن في نفسها) أي يستأذنها وليها في تزويجه إياها أياً كان أو غيره (وأذنها صماتها) بالضم سكوتها قال الشافعية: مفهوم الحديث أن ولي البكر أحق بها من نفسها لأن الشيء إذا قيل بأخص أوصافه دلّ على أن ما عداه بخلافه فقوله أحق بنفسها جمع نصاً ودلالة والعمل بالدلالة واجب كوجوبه بالنص وإنما شرع للولي استئذانها تطييباً لنفسها لا وجوباً عند الشافعي بدليل جعله صماتها إذنها والصمات ليس بإذن وإنما جعل بمنزلة الإذن لأنها قد تستحي أن تفصح.
*********************
انتهى الجزء الثانى ويليه- إن شاء الله - الجزء الثالث مبتدئا بحرف الباء(2/97)
مصابيح التنوير
على صحيح الجامع
الصغير للألباني
(مختصر فيض القدير شرح الجامع الصغير للإمامِ عبد الرؤوف المناوي)
(أعده ورتبه أبو أحمد معتز أحمد عبد الفتاح)
ahmdmotaz@hotmail.com
الجزء الخامس (الأخير)
(حرف الميم:حرف الياء الأحاديث من 5499: 8202)
(ويليه تراجم مختصرة للسيوطى والمناوى والألبانى)
الرموز المستخدمة في الكتاب خ للبخاري م لمسلم ق لهما
د لأبي داود ت للترمذي ن للنسائي ه لابن ماجه 4 لهؤلاء الأربعة 3 لهم إلا ابن ماجه ك للحاكم حم لأحمد في مسنده عم لابنه في زوائده خد للبخاري في الأدب المفرد تخ للبخاري في التاريخ ع مسند أبي يعلى
حب صحيح لابن حبان ش مصنف ابن أبي شيبة حل لأبي نعيم في الحلية
ص لسعيد بن منصور في سننه قط للدار قطني عق للعقيلي في الضعفاء
فر للديلمي في مسند الفردوس عب لعبد الرزاق في الجامع خط للخطيب
طب للطبراني في الكبير طس الطبراني في الأوسط طص الطبراني في الصغير
هب للبيهقي في شعب الإيمان هق سنن البيهقي عد لابن عدي فى الكامل
حرف الميم
5499 ماء البحر طهور ( صحيح ) ( ك ) عن ابن عباس
5500 ماء الرجل أبيض و ماء المرأة أصفر فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرا بإذن الله و إذا علا مني المرأة مني الرجل أنثا بإذن الله
( صحيح ) ( م ن ) عن ثوبان
الشرح:(1/1)
(ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر) غالباً (فإذا اجتمعا) في الرحم (فعلا) في رواية فغلب (مني الرجل مني المرأة) أي قوي لنحو كثرة شهوة وصحة مزاج ذكره بعضهم قال ابن حجر: المراد بالعلو هنا السبق لأن كل من سبق فقد علا شأنه فهو علو معنوي كما ذكره القرطبي قال أعني ابن حجر: فالعلو على ظاهره بخلافه في حديث عائشة المتقدم فإنه مؤول بما مر (أذكراً بإذن اللّه) أي ولدته ذكراً بحكم الغلبة يقال أذكرت المرأة فهي مذكرة إذا ولدت ذكراً فإن صار ذلك عادتها قيل مذكار (وإذا علا مني المرأة مني الرجل) كذلك (أنثا) بفتح الهمزة (بإذن اللّه) أي انعقد الولد منهما أنثى 000
5501 ماء الرجل غليظ أبيض و ماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق أشبهه الولد ( صحيح ) ( حم م ه ك ) عن أنس
الشرح:
(ماء الرجل) أي منيه (غليظ أبيض) غالباً (وماء المرأة رقيق أصفر) غالباً (فأيهما سبق أشبهه الولد) بحكم السبق 00وقد أفاد هذا الخبر أن للمرأة منياً كما أن للرجل منياً والولد مخلوق منهما إذ لو لم يكن لها ماء وكان الولد من مائه المجرد لم يكن شبهها لأن الشبه يسبب ما بينهما من المشاركة 000
5502 ماء زمزم لما شرب له ( صحيح )
( ش حم ه هق ) عن جابر ( هب ) عن ابن عمرو
الشرح:(1/2)
(ماء زمزم) الذي هو سيد المياه وأشرفها وأجلها قدراً وأحبها إلى النفوس وهمزة جبرائيل وسقيا إسماعيل (لما شرب له) لأنه سقيا اللّه وغياثه لولد خليله فبقي غياثاً لمن بعده فمن شربه بإخلاص وجد ذلك الغوث وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها قال الحكيم: هذا جار للعباد على مقاصدهم وصدقهم في تلك المقاصد والنيات لأن الموحد إذا رابه أمر فشأنه الفزع إلى ربه فإذا فزع إليه استغاث به وجد غياثاً وإنما يناله العبد على قدر نيته قال سفيان الثوري: إنما كانت الرقى والدعاء بالنية لأن النية تبلغ بالعبد عناصر الأشياء والنيات على قدر طهارة القلوب وسعيها إلى ربها وعلى قدر العقل والمعرفة يقدر القلب على الطيران إلى اللّه فالشارب لزمزم على ذلك.
5503 ما آتاك الله من أموال السلطان من غير مسألة و لا إشراف فكله و تموله ( صحيح ) ( حم ) عن أبي الدرداء
الشرح:
(من غير مسألة ولا إشراف) أي تطلع وتطلب يقال أشرفت الشيء علوته وأشرفت عليه اطلعت عليه من فوق (فكله وتموله) {وفي أموالهم حق للسائل والمحروم} قال ابن الأثير: أراد ما جاءك منه وأنت غير مطلع إليه ولا طامع فيه فاقبله قال النووي: اختلف في عطية السلطان فحرَّمها قوم وأباحها آخرون والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما بيده حرمت وإلا حلت إن لم يكن في القابض مانع من استحقاق الأخذ.
5504 ما آتاك الله من هذا المال من غير مسألة و لا إشراف فخذه فتموله أو تصدق به و ما لا فلا تتبعه نفسك ( صحيح ) ( ن ) عن عمر
الشرح:(1/3)
(ما آتاك اللّه من هذا المال) أشار إلى جنس المال أو إلى مال الصدقة، قال الطيبي: والظاهر أنه أجرة عمل عمله في سعي الصدقة كما ينبئ عنه سياق حديث ابن الساعدي (من غير مسألة ولا إشراف) أي تطلع إليه وتعرض له ولا طمع فيه (فخذه) أي اقبله (فتموله) اتخذه مالاً يعني اقبله وأدخله في ملكك ومالك (أو تصدق به وما لا) أي وما لا يأتيك بلا طلب منك (فلا تتبعه) أي لا تجعل (نفسك) تابعة له أي لا توصل المشقة إلى نفسك في طلبه بل اتركه ولا تعلق أملك به وهذا قاله لعمر لما أعطاه عطاء فقال له: أعطه لمن هو أحوج مني فأمره أن لا يعترض على الحال فيريد خلاف ما يراد به ويختار على ما يختار له وإن كان ذلك في طلب الخير فالواجب على المتأدب بآداب اللّه أن يأتمر بأمر اللّه ولا يتخير على اللّه ورسوله ما لم يؤمر به قال ابن جرير: وعمم ما آتاه اللّه من المال من جميع وجوهه فشمل عطاء السلطان وغيره ما لم يتحقق كونه حراماً وفيه منقبة عظيمة لعمر وبيان زهده وأن للإمام إعطاء غير الأحوج وأن أخذ المال بلا سؤال خير من تركه وأن رد عطاء الصالحين ليس من آداب الدين.
5505 ما آمن بي من بات شبعان و جاره جائع إلى جنبه و هو يعلم به
( صحيح ) ( البزار طب ) عن أنس
الشرح:
المراد نفي الإيمان الكامل وذلك لأنه يدل على قسوة قلبه وكثرة شحه وسقوط مروءته وعظيم لؤمه وخبث طوبته قال:
وكلكم قد نال شبعاً لبطنه * وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه
قال الزمخشري: الشبع ما أشبعك من طعام.
5506 ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله و صلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا عن أنتن من جيفة ( صحيح )
( الطيالسي هب الضياء ) عن جابر
الشرح:
هذا على طريق استقذار مجلسهم العاري عن الذكر والصلاة عليه استقذاراً يبلغ إلى هذه الحالة وما بلغ هذا المبلغ في كراهة الرائحة وجب التفرق عنه والهرب منه.
5507 ما اجتمع قوم على ذكر فتفرقوا عنه إلا قيل لهم: قوموا مغفورا لكم(1/4)
( صحيح ) ( الحسن بن سفيان ) عن سهل ابن الحنظلية
الشرح:
(على ذكر اللّه) تعالى وهو يشمل كل ذكر ففيه رد على من زعم انصرافه هنا للحمد والثناء (فتفرقوا عنه إلا قيل لهم قوموا) حال كونكم (مغفوراً لكم) من أجل الذكر وفيه رد على مالك حيث كره الاجتماع لنحو قراءة أو ذكر وحمل الخبر على أن كلا منهم كان مع الاجتماع يقرأ لنفسه منفرداً وفيه استنباط معنى من النص يعود عليه بالإبطال إذ لا اجتماع حينئذ.
5508 ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر الله إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار و كان ذلك المجلس عليهم حسرة ( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر اللّه إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار) لأن ما يجري في ذلك المجلس من السقطات والهفوات إذا لم يجبر بذكر اللّه يكون كجيفة تعافها النفس وتخصيص الحمار بالذكر يشعر ببلادة أهل ذلك المجلس (وكان ذلك المجلس عليهم حسرة) يوم القيامة زاد البيهقي وإن دخلوا الجنة لما يرون من الثواب الفائت أي بترك الذكر والصلاة عليه فيؤديهم ذلك إلى الندامة وقول القسطلاني عقبه لو فرض أن يدخلوا الجنة فضلاً عن حرمانها بترك الصلاة عليه إن قدر ذلك غير جيد إذ قصارى تارك الصلاة عليه أنه ترك واجباً وارتكب حراماً فهو تحت المشيئة ثم معنى قوله وإن دخلوا الجنة أي وإن كان مآلهم إلى دخولها فالحسرة قبل الدخول فلا وجه للاستشعاب بأن الجنة لا حسرة فيها ولا تنغيص عيش.
5509 ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله و يتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة و غشيتهم الرحمة و حفتهم الملائكة و ذكرهم الله فيمن عنده ( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/5)
(قوم) هم الرجال فقط أو مع النساء على الخلاف والمراد هنا العموم فيحصل لهن الجزاء الآتي باجتماعهن على ما قيل لكن الأقرب خلافه ونكره ليفيد حصول الثواب لكل من اجتمع لذلك بغير وصف خاص فيهم كزهد أو علم (في بيت من بيوت اللّه تعالى) أي مسجد وألحق به نحو
مدرسة ورباط فالتقييد بالمسجد غالبي فلا يعمل بمفهومه (يتلون كتاب اللّه ويتدارسونه بينهم) أي يشتركون في قراءة بعضهم على بعض وكثرة درسه ويتعهدونه خوف النسيان وأصل الدراسة التعهد وتدارس تفاعل للمشاركة (إلا نزلت عليهم السكينة) فعيلة من السكون للمبالغة والمراد هنا الوقار أو الرحمة (وغشيتهم الرحمة) أي الطمأنينة {ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب} أي تسكن وترجع لجميع أقضية الحق أو المراد صفاء القلب بنوره وذهاب الظلمة النفسانية وحصول الذوق والشوق، وأقول الأحسن إرادة الكل معاً والحمل على الأعم أتم (وحفتهم الملائكة) أي أحاطت بهم ملائكة الرحمة والبركة إلى سماء الدنيا ورفرفت عليهم الملائكة بأجنحتهم يستمعون الذكر قيل: ويكونون بعدد القراء (وذكرهم اللّه) أثنى عليهم أو أثابهم (فيمن عنده) من الأنبياء وكرام الملائكة والعندية عندية شرف ومكانة لا عندية مكان لاستحالتها قال النووي:وفيه فضل الاجتماع على تلاوة القرآن حتى
بالمسجد.
5510 ما اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا و لم يذكروا الله و يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان مجلسهم ترة عليهم يوم القيامة (صحيح)
( حم حب ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا منه ولم يذكروا اللّه) عقب تفرقهم (و) لم (يصلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم إلا كان مجلسهم ترة عليهم يوم القيامة) أي حسرة وندامة لأنهم قد ضيعوا رأس مالهم وفرقوا ربحهم وفي هذا الخبر وما قبله أن ذكر اللّه والصلاة على نبيه سبب لطيب المجلس وأن لا يعود على أهله حسرة يوم القيامة.
5511 ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا و الآخرة إلا دنانيره التي سمى(1/6)
( صحيح ) ( د ك ) عن يعلى بن منية
5512 ما أحب أن أحدا تحول لي ذهبا يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث إلا دينار أرصده لدين ( صحيح ) ( خ ) عن أبي ذر
الشرح:
(ما أحب أن أحداً) بضم الهمزة الجبل المعروف (تحول) بمثناة فوقية مفتوحة كتفعل وفي رواية بتحتية مضمومة مبنياً للمفعول من باب التفعيل بمعنى صير قال ابن مالك: وهو استعمال صحيح خفي على أكثر النحاة (لي ذهباً يمكث عندي منه) أي من الذهب (دينار) بالرفع فاعل يمكث والجملة في محل نصب صفة لذهباً (فوق ثلاث من الليالي إلا ديناراً) نصب على الاستثناء من سابقه وفي رواية إلا دينار بالرفع على البدل من دينار السابق (أرصده) بضم الهمزة وكسر الصاد من أرصدته رقبته (لدين) قال الكرماني وغيره: وهذا محمول على الأولوية لأن جمع المال وإن كان مباحاً لكن الجامع مسؤول عنه وفي المحاسبة خطر فالترك أسلم وما ورد في الترغيب في تحصيله وإنفاقه في حقه حمل على من وثق من نفسه بأنه يجمعه من حلال صرف يأمن معه من خطر المحاسبة.
5513 ما أحب أن أحدا عندي ذهبا فيأتي علي ثلاثة و عندي منه شيء إلا شيء أرصده في قضاء دين ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
5514 ما أحب أن أسلم على الرجل و هو يصلي و لو سلم علي لرددت عليه ( صحيح ) ( الطحاوي ) عن جابر
قال الالبانى : هو عن جابر موقوف فكان ينبغى التنبيه بل عدم ذكر الحديث ولو كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يحب السلام على المصلى لبينه لاصحابه حينما كانوا يسلمون عليه فى مسجد قباء وغيره ويقرهم عليه
5515 ما أحب أني حكيت إنسانا و أن لي كذا و كذا ( صحيح )
( د ت ) عن عائشة
الشرح:(1/7)
(حكيت إنساناً) أي فعلت مثل فعله أو قلت مثل قوله منقصاً له يقال حكاه وحاكاه قال الطيبي: وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح (وأن لي كذا وكذا) أي لو أعطيت كذا وكذا من الدنيا أي شيئاً كثيراً منها بسبب ذلك فهي جملة حالية واردة على التعميم والمبالغة، قال النووي: من الغيبة المحرمة المحاكاة بأن يمشي متعارجاً أو مطاطياً رأسه أو غير ذلك من الهيئات.
5516 ما أحب عبد عبدا لله إلا أكرم ربه ( حسن ) ( حم ) عن أبي أمامة
الشرح:
عز وجل وفي رواية إلا أكرمه اللّه وزاد البيهقي في روايته لهذا الحديث بعد ما ذكروا أن من إكرام اللّه إكرام ذي الشيبة المسلم والإمام المقسط وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي ولا المستكثر.
5517 ما أحد أعظم عندي يدا من أبي بكر واساني بنفسه و ماله و أنكحني ابنته ( حسن ) ( طب ) عن ابن عباس
الشرح:
(ما أحد أعظم عندي يداً من أبي بكر) أي ما أحد أكثر عطاء وإنعاماً علينا منه قال الزمخشري: سميت النعمة يداً لأنها تعطى باليد (واساني بنفسه) أي جعل نفسه وقاية لي فقد سد المنفذ في الغار بقدمه خوفاً على النبي صلى اللّه عليه وسلم من لدغ الحيات فجعلت الحيات تلدغه في قدمه ودموعه تسيل على خده فلا يرفعها خوفاً عليه وفارق أهله لأجله والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق وأصلها الهمز فقلبت واواً تخفيفاً كذا في النهاية (وماله وأنكحني ابنته) عائشة فقد بذل المال والنفس والأهل والولد ولم يتفق ذلك لغيره قال ابن حجر: وجاء عن عائشة مقدار المال الذي أنفقه أبو بكر: فروى ابن حبان أنه أربعين ألف درهم وروى الزبير بن بكار أنه لما مات ما ترك ديناراً ولا درهماً.
5518 ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة ( صحيح )
( ه ) عن ابن مسعود
الشرح:
{يمحق اللّه الربا} أي ينقص مال المرابي ويذهب ببركته وإن كثر{ويربى الصدقات} يبارك فيها.(1/8)
5519 ما أحد يدخل الجنة يحب أن يرجع إلى الدنيا و أن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع فيقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة ( صحيح ) ( ق ت ) عن أنس
5520 ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبة من كان (حسن) (حم د ه) عمر
الشرح:
قال الدميري: فيه أن عصبة المعتق يرثون.
5521 ما اختلج عرق و لا عين إلا بذنب و ما يدفع الله عنه أكثر (صحيح)
( طس الضياء ) عن البراء
الشرح:
(ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب وما يدفع اللّه عنه) أي عن ذلك العرق أو عن تلك العين ويحتمل على بعد لذلك الإنسان المذنب على حد {حتى توارت بالحجاب} (أكثر) {وما أصابكم من مصيبة} كأنه تعالى يقول قاصصتك بشيء من ذنوبك لتنتبه من رقدتك وأعفوا عن الكثير الباقي فوعد العفو عن ذلك الجم الكثير {إن اللّه لا يخلف الميعاد} وقال الحرالي: فيه إشعار بأنه لا يصل إلى حالة الاضطرار إلى ما حرم اللّه عليه أحد إلا عن ذنب أصابه فلولا المغفرة لتممت عليه عقوبته لأن المؤمن لا يلحقه ضرورة لأن اللّه لا يعجزه شيء وعبد اللّه لا يعجزه ما لا يعجز ربه {وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين} فالبأس الذي يخرج إلى ضرورة إنما يقع لمن هو دون رتبة المتقدمين إلى هنا كلامه.
5522 ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما أخذ المخيط غمس في البحر من مائه ( صحيح ) ( طب ) عن المستورد
الشرح:
هذا من أحسن الأمثال فإن الدنيا منقطعة فانية ولو كانت مدتها أكثر مما هي والآخرة أبدية لا انقطاع لها ولا نسبة للمحصور إلى غير المحصور بل لو فرض أن السماوات والأرض مملوءات خردلاً وبعد كل ألف سنة طائر ينقل خردلة فني الخردل والآخرة لا تفنى فنسبة الدنيا والآخرة في التمثيل كنسبة خردلة واحدة إلى ذلك الخردل ولهذا لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر والأشجار أقلام تكتب كلام اللّه لنفدت الأبحر ولم تنفد الكلمات.(1/9)
5523 ما أخشى عليكم الفقر و لكني أخشى عليكم التكاثر و ما أخشى عليكم الخطأ و لكني أخشى عليكم التعمد ( صحيح ) ( ك هب ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما أخشى عليكم الفقر) الذي بخوفه تقاطع أهل الدنيا وتدابروا وحرصوا وادخروا (ولكن أخشى عليكم التكاثر) يعني ليس خوفي عليكم من الفقر ولكن خوفي من الغنى الذي هو مطلوبكم قال بعضهم: سبب خشيته علمه أن الدنيا ستفتح عليهم ويحصل لهم الغنى بالمال وذلك من أعلام نبوته لأنه إخبار عن غيب وقع وقال الطيبي: اعلم أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وإن كان في الشفقة على أصحابه كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخافه الوالد بل يخشى عليهم الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده وقال بعضهم: أشار بهذا إلى أن مضرة الفقر دون مضرة الغنى لأن ضرر الفقر دنيوي وضرر الغنى ديني غالباً والتعريف في الفقر إما للعهد وهو الفقر الذي كان الصحب عليه من الإعدام والقلة قبل الفتوحات وإما للجنس وهو الفقر الذي يعرفه كل أحد (وما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم التعمد) فيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى قالوا: قال ذلك لأصحابه وهو آية الشاكرين فما بالك بغيرهم من المساكين.
5524 ما أدري أتبع أنبيا كان أم لا ؟ و ما أدري ذا القرنين أنبيا كان أم لا ؟ و ما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا ؟ (صحيح)(ك هق) عن أبي هريرة
5525 ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به
( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/10)
(ما أذن اللّه) بكسر الذال مصدره أذن بفتح أوليه بمعنى استمع ولا يجوز حمله هنا على الإصغاء لأنه محال عليه تعالى ولأن سماعه تعالى لا يختلف فيجب تأويله على أنه مجاز عن تقريب القارئ وإجزال ثوابه أو قبول قراءته (لشيء ما أذن) بكسر المعجمة المخففة (لنبي حسن الصوت) يعني ما رضى اللّه من المسموعات شيئاً هو أرضى عنده ولا أحب إليه من قول نبي (يتغنى بالقرآن) أي يجهر ويحسن صوته بالقراءة بخضوع وخشوع وتحسين وترقيق قال الدماميني: قال ابن نباتة في مطلع الفوائد ومجمع الفرائد: وجدت في كتاب الزاهر يقال تغنى الرجل إذا تجهور صوته فقط قال: وهذا نقل غريب لم أجده في كتب اللغة اهـ وليس المراد تكثير الألحان كما يفعله أبناء الزمان ذو القلوب اللاهية والأفئدة الساهية يتزين به للناس ولا يطرد به الخناس بل يزيد في الوسوسة، وقول سفيان معناه يستغني بالقرآن عن الناس زيفوه، وبما تقرر عرف أن الاستماع كناية عن الرضى والقبول قال القاضي البيضاوي: وأراد بالقرآن ما يقرأ من الكتب المنزلة من كلامه.
5526 ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ( صحيح ) ( ت ه ) عن ابن عمرو
الشرح:
(ما أرى الأمر) يعني الموت (إلا أعجل من ذلك) أي من أن يبني الإنسان لنفسه بناء ويشيده فوق ما لا بد منه فقد اتخذ نوح بيتاً من قصب فقيل له: لو بنيت فقال: هذا كثير لمن يموت وقيل لسليمان: ما لك لا تبني قال: ما للعبد وللبناء فإذا أعتق فله واللّه قصور لا تبلى أبداً.
5527 ما استكبر من أكل معه خادمه و ركب الحمار بالأسواق و اعتقل الشاة فحلبها ( حسن ) ( خد هب ) عن أبي هريرة
5528 ما أسفرتم بالصبح فإنه أعظم للأجر ( صحيح )
( ن ) عن رجال من الأنصار
5529 ما أسفل الكعبين من الإزار ففي النار(صحيح)(خ ن)عن أبي هريرة
الشرح:(1/11)
(ما أسفل) بالنصب خبر كان المقدرة وما موصولة ويصح رفعه أي ما هو أسفل (من الكعبين) العظمين الناتئين عند مفصل الساق والقدم (من الإزار) أي محل الإزار (ففي النار) حيث أسبله تكبراً كما أفهمه خبر لا ينظر اللّه إلى من يجر ثوبه خيلاء فكنى بالثوب عن بدن لابسه ومعناه أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة له فهو من تسمية الشيء باسم ما جاوره أو حل فيه ومن بيانية ويحتمل أنها سببية والمراد الشخص نفسه أو المعنى ما أسفل من الكعبين من الذي سامت الإزار في النار أو تقديره لابس ما أسفل الكعبين إلخ أو معناه أن فعله ذلك في النار فذكر الفعل وأراد فاعله فعليه ما مصدرية ومن الإزار بيان لمحذوف يعني إسباله من الكعبين شيئاً من الإزار في النار أو فيه تقديم وتأخير وأصله ما أسفل من الإزار من الكعبين في النار، واعلم أن لفظ رواية البخاري في النار ولفظ رواية النسائي ففي النار بزيادة الفاء قال ابن حجر: فكأنها دخلت لتضمين ما معنى الشرط أي ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فهو في النار عقوبة له.
5530 ما أسكر كثيره فقليله حرام ( صحيح )
( حم د ت حب ) عن جابر ( حم ن ه ) عن ابن عمرو
الشرح:(1/12)
فيه شمول للمسكر من غير العنب وعليه الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة: ما أسكر كثيره من غير العنب يحل ما لا يسكر منه قال ابن عطية: وهو قول أبي بكر وعمر والصحابة على خلافه وقال ابن العربي: اختلف في الخمر هل حرمت لذاتها أم لعلة هي سكرها؟ ومعنى قولهم لذاتها أي لغير علة فمالت الحنفية ومن دان بدينها إلى أنها محرمة لعينها وقال جميع العلماء: محرمة لعلة سكرها وهو الصحيح فإنها علة نبه اللّه عليها في كتابه وصرح بذكرها في قرآنه فقال: {إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر} الآية، وقد جرى لسعد فيها ما جرى وفعل حمزة بعلي وبالمصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم ما فعل وقابل المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم بالمكروه فقال: هل أنتم إلا عبيد أبي أو آبائي.
5531 ما أسكر منه الفرق فملء الكف منه حرام (صحيح)(حم)عن عائشة
الشرح:
(الفرق) بفتح الراء مكيلة تسع ستة عشر رطلاً (فملء الكف منه حرام) أي شربه أي إذا كان فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه لقلته جداً، وفيه تحريم كل مسكر سواء اتخذ من عصير العنب أم من غيره قال المازري: أجمعوا على أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال وعلى أنه إذا اشتد وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره ثم لو تخلل بنفسه حل إجماعاً فوقع النظر في تبدل هذه الأحكام عند هذه المتجددات فأشعر ذلك بارتباط بعضها ببعض ودل على أن علة التحريم الإسكار فاقتضى أن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناول قليله وكثيره.
5532 ما أصاب الحجام فاعلفوه الناضح (صحيح)( حم)عن رافع بن خديج
الشرح:(1/13)
(ما أصاب الحجام) بالرفع أي ما اكتسبه بالحجامة (فاعلفوه) وفي رواية فاعلفه (الناضح) الجمل الذي يستقي به الماء وهذا أمر إرشاد للترفع عن دنىء الأكساب والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور فليس كسب الحجام بحرام وإلا لما فرق فيه من بين حر وعبد إذ يحرم على السيد إطعام قنه ما لا يحل.
5533 ما أصاب بحده فكله و ما أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكله
( صحيح ) ( ق ن ) عن عدي بن حاتم
5534 ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت الله تعالى فيها مائة مرة(صحيح )
( طب ) عن أبي موسى
الشرح:
(ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت اللّه) أي طلبت منه المغفرة (فيها مائة مرة) لاشتغاله بدعوة أمته ومحاربة عدوه وتألف المؤلفة مع معاشرة الأزواج والأكل والشرب والنوم بما يحجزه عن عظيم مقامه ويراه ذنباً بالنسبة لعلي أمره أو كان ذلك تعليماً لأمته.
(تنبيه) قال بعضهم: ليس للمظلوم دواء أنفع له من الاستغفار لأن غالب عقوبات غير الأنبياء وكل ورثتهم إنما هي من أثر غضب الحق وإن لم يشعر بسببه وليس لمن أغضب ربه دواء كالاستغفار فإذا أكثر منه إلى الحد الذي يطغى الغضب الإلهي العارض له ذهبت العقوبة لوقتها قال بعض الأكابر: وقد علمت هذا لكثير من أهل الحبوس وقلت اجعلوا وردكم الاستغفار ليلاً ونهاراً فأسرع خروجهم وعدم رؤية العبد لذنبه بنحو قوله حبست ظلماً تطيل حبسه ولا يخفى أن عقوبة أهل اللّه أشد من عقوبة غيرهم بل ربما كان غير أهل اللّه لا يعدون ما يقع به أهل اللّه ذنباً بالكلية، والقاعدة أن كل من عظمت مرتبته عظمت صغيرته 0000
5535 ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة و ما أطعمت ولدك فهو لك صدقة و ما أطعمت خادمك فهو لك صدقة و ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة
( صحيح ) ( حم طب ) عن المقدام بن معد يكرب
الشرح:(1/14)
إن نواها في الكل كما دل عليه تقييده في الخبر الصحيح بقوله وهو يحتسبها فيحمل المطلق على المقيد قال القرطبي: أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة سواء كانت واجبة أو مباحة وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لا يؤجر لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة لأنها معقولة المعنى وأطلق الصدقة على النفقة مجازاً والمراد بها الأجر والقرينة الصارفة عن الحقيقة الإجماع على جواز النفقة على الزوجة الهاشمية التي حرمت عليها الصدقة.
5536 ما أطيبك من بلد و أحبك إلي و لولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك - قاله لمكة - ( صحيح ) ( ت حب ك ) عن ابن عباس
5537ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر
( صحيح ) ( حم ت ه ك ) عن ابن عمرو
الشرح:(1/15)
(ما أظلت الخضراء) أي السماء، قال الزمخشري: وتسمى الجرباء والرقيع والبلقع (ولا أقلت الغبراء) أي حملت الأرض (من ذي لهجة) بفتح الهاء أفصح من سكونها ذكره الزمخشري (أصدق من أبي ذر) مفعول أقلت، يريد به التأكيد والمبالغة في صدقه يعني هو متناه في الصدق لا أنه أصدق من غيره مطلقاً إذ لا يصح أن يقال إنه أصدق من الصديق قال الطيبي: من في من ذي لهجة زائدة وذي لهجة معمول أقلت وقد تنازع فيه العاملان فأعمل الثاني وهو مذهب البصريين وهذا دليل ظاهر لهم اهـ. واسم أبي ذر جندب بن جنادة غفاري يجتمع مع المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في كنانة، قيل: قال: أنا رابع الإسلام، أسلم قديماً، قال علي: وعاء مليء علماً ثم أوكيء عليه، مات بالربذة سنة إحدى أو ثنتين وثلاثين وفيه جواز الكناية بإضافة الرجل لولده قال ابن أبي جمرة: وأما الكناية التي لا تجوز هي ما أحدث اليوم من التسمية بالدين فذلك لا يسوغ لأنه قد يكون كذباً والكاذب متعمداً عليه من الوعيد ما قد علم من قواعد الشرع وما جاء فيه بالنص وإن كان ما قيل حقاً فأقل ما يكون مكروهاً لمخالفة السنة في ذلك لخبر مسلم أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم تزوج جويرية فوجد اسمها برة فكرهه وقال: لا تزكوا أنفسكم ثم سماها جويرية.
5538 ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق و لا أوفى من أبي ذر شبه عيسى ابن مريم ( حسن ) ( ت حب ك ) عن أبي ذر
5539 ما أظن فلانا و فلانا يعرفان من ديننا شيئا (صحيح) (خ)عن عائشة
5540 ما أعطى الرجل امرأته فهو صدقة ( صحيح )
( حم ) عن عمرو بن أمية الضمري
الشرح:
أي إن قصد التقرب إلى اللّه تعالى كما تقرر فيما قبله.
5541 ما أعطي أهل بيت الرفق إلا نفعهم ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمر
الشرح:
(ما أعطي) بضم الهمزة مبني للمفعول ونائب الفاعل (أهل بيت الرفق إلا نفعهم) بقيته عند أبي نعيم ولا منعوه إلا ضرهم اهـ بحروفه.(1/16)
5542 ما أعطيكم و لا أمنعكم أنا قاسم أضع حيث أمرت ( صحيح )
( خ ) عن أبي هريرة
5543 ما اغبرت قدما عبد في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار ( صحيح )
( 4 ) عن مالك بن عبدالله الخثعمي ( الشيرازي في الألقاب ) عن عثمان
5544 ما أقفر من أدم بيت فيه خل ( حسن )
( طب حل ) عن أم هانئ ( الحكيم ) عن عائشة
الشرح:
(ما أقفر من أدم) بسكون القاف وفتح الفاء أي ما صار ذا قفار وهو الخبز بلا أدم ذكره الزمخشري (بيت فيه خل) ومنه أرض قفراء أي خالية من المارة أو لا ماء بها قال ابن الأثير: أي ما خلا من الإدام ولا عدم أهله الأدم والخل من الأدم العامة المنافع وهو كثير المنافع ديناً ودنيا فإنه بارد يقمع حرارة الشهوة ويطفئها، وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى اللّه عليه وسلم بعده الخل يقطع عنهن ذكر الرجال.
5545 ما أكفر رجل رجلا قط إلا باء بها أحدهما ( صحيح )
( حب ) عن أبي سعيد
الشرح:
(ما أكفر رجل رجلاً قط إلا باء بها) أي رجع بإثم تلك المقالة (أحدهما) إما القائل إن اعتقد بكفر مسلم باطلاً أو الآخر إن صدق القائل.
5546 ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده و إن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده ( صحيح ) ( حم خ ) عن المقدام
الشرح:(1/17)
(ما أكل أحد) زاد الإسماعيلي من بني آدم (طعاماً قط خيراً) بالنصب صفة لمصدر محذوف أي أكلاً خيراً كذا في المصابيح وفي رواية خير بالرفع أي هو خير (من أن يأكل من عمل يده) فيكون أكله من طعام ليس من كسب يده منفي التفضيل على أكله من كسب يده ويحتمل كونه صفة لطعاماً فيحتاج لتأويل أيضاً إذ الطعام في هذا التركيب مفضل على نفس أكل الإنسان من عمل يده بحسب الظاهر وليس مراداً فيقال في تأويله الحرف المصدري وصلته بمعنى مصدر من أراد المفعول أي من مأكوله من عمل يده وقوله يده بالإفراد وفي رواية بالتثنية ووجه الخير ما فيه من إيصال النفع إلى الكاسب وغيره والسلامة عن البطالة المؤدية إلى الفضول وكسر النفس به والتعفف عن ذل السؤال وفيه تحريض على الكسب الحلال وهو متضمن لفوائد كثيرة منها إيصال النفع لآخذ الأجرة إن كان العمل لغيره وإيصال النفع إلى الناس بتهيئة أسبابهم من نحو زرع وغرس وخياطة وغير ذلك ومنها أن يشتغل الكاسب به فيسلم عن البطالة واللهو ومنها كسر النفس به فيقل طغيانها ومرحها ومنها التعفف عن ذل السؤال والاحتياج إلى الغير وشرط المكتسب أن لا يعتقد الرزق من الكسب بل من الرزاق ذي القوة ثم أكد ذلك وحرض عليه وزاده تقريراً بقوله (وإن نبي اللّه داود كان يأكل من عمل يده) في الدروع من الحديد ويبيعه لقوته وخص داود لكون اقتصاره في أكله على عمل يده لم يكن لحاجة لأنه كان خليفة في الأرض بل أراد الأفضل وفيه أن الكسب لا ينافي التوكل وأن ذكر الشيء بدليله أوقع في النفس وجواز الإجارة إذ عمل اليد أعم من كونه لغيره أو نفسه.
5547 ما الدنيا في الآخرة إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم فأدخل إصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا ( صحيح ) ( ك ) عن المستورد
الشرح:(1/18)
(ما الدنيا في الآخرة) قال التفتازاني: أي في جنبها وبالإضافة إليها وهو حال عاملها بمعنى النفي وقد يقدر مضاف أي يسير الدنيا واعتبارها فهو العامل (إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم) أي البحر (فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا) فإذن لا يجدي وجوده لواجديه ولا يضر فقدانه لفاقديه وذلك أن المرء إذا نظر لحالاته وجدها ثلاثاً: الأولى قبل أن يوجد، الثانية حاله من موته إلى خلوده الدائم في الجنة أو النارـ الثالثة ما بين هاتين الحالتين، فإذا أمعن النظر في قدر مدة حياته ونسبة إلى تلك الحالتين علم أنه أقل من طرفة عين في قدر عمر الدنيا وفي الحديث نص على تفضيل الآخرة على الدنيا وما فيها مطلقاً ورد على من قال إن ما فيها من العبادة أفضل مما في الآخرة من النعيم لأنه حظ العبد بما لا نسبة في الدنيا إليه لانكشاف الغطاء هناك ومصير معرفة اللّه التي هي أصل كل علم عياناً، واعلم أن المثل إنما يضرب عن غائب بحاضر يشبه من بعض وجوهه أو معظمها وما لا مشابه له منع فيه من ضرب المثل ومثل الدنيا بالذي يعلق بالأصبع من البحر تقريباً للعوام في احتقار الدنيا وإلا فالدنيا كلها في جنب الجنة ودوامها أقل لأن البحر يفنى بالقطرات والجنة لا تتبيد ولا يفنى نعيمها بل يزيد للواحد من العبيد فكيف بجميع أهل التوحيد.
5548 ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة و لا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج يخاطر بنفسه و ماله فلم يرجع من ذلك بشيء
( صحيح ) ( خ د ت ) عن ابن عباس
5549 ما المسئول عنها - يعني الساعة - بأعلم من السائل و سأخبرك عن أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها فذلك من أشراطها و إذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها و إذا تطاول رعاء البهم في البنيان فذاك من أشراطها في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله: ( إن الله عنده علم الساعة الآية ) ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة ( م د ن ) عن عمر ( ن ) عن أبي هريرة وأبي ذر معا(1/19)
5550 ما أمرت بتشييد المساجد ( صحيح ) ( د ) عن ابن عباس
الشرح:
أي ما أمرت برفع بنائها ليجعل ذريعة إلى الزخرفة والتزيين الذي هو من فعل أهل الكتاب وفيه نوع توبيخ وتأنيب قال البغوي: التشييد رفع البناء وتطويله وإنما زخرفت اليهود والنصارى معابدها حين حرفوا كتبهم وبدلوها قال ابن بطال وغيره: فيه دلالة على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينه وقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك وسكت كثير من السلف عنه خوف الفتنة لكن رخص فيه أبو حنيفة إذا قصد فيه تعظيم المسجد إذا وقع الصرف فيه من غير بيت المال.
5551 ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ و لو فعلت لكانت سنة ( حسن )
( حم د ه ) عن عائشة
الشرح:(1/20)
(ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ) أي أستنجي بالماء وفي لفظ في بعض طرق الحديث إني لم أومر أن أتوضأ كلما بلت (ولو فعلت) ذلك (لكان سنة) أي طريقة واجبة لازمة لأمتي فيمتنع عليهم الترخص باستعمال الحجر ويلزم الحرج {وما جعل عليكم في الدين من حرج} وهذا قاله لما بال فقام عمر خلفه بكوز من ماء فقال: ما هذا قال: ماء تتوضأ به وما ذكر من حمل الوضوء فيه على المعنى اللغوي هو ما فهمه أبو داود وغيره فبوَّبوا عليه وهو مخالف للظاهر بلا ضرورة والظاهر كما قاله الولي العراقي حمله على الشرعي المعهود فأراد عمر أن يتوضأ عقب الحدث فتركه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم تخفيفاً وبياناً للجواز، لا يقال قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لو فعلت إلخ يقتضي كونه غير سنة لكونه لم يفعله مع أنه سنة بدليل قول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لبلال لما قال ما أحدثت قط إلى توضأت بهذا بلغت الحديث لأنا نقول المراد بالسنة هنا الشرع المتلقى عن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم مما ليس في القرآن أعم من كونه واجباً أو مندوباً فنحمله على الوضوء لأن الندب حاصل فمعناه لو واظبت على الوضوء عقب الحدث لزم الأمة اتباعي أو معناه لو فعلت ذلك لواظبت عليه وربما تعذرت المواظبة وفيه جواز القرب من قاضي الحاجة لنحو ذلك وخدمة الأكمل بإحضار ماء للطهر ونحوه وإن كان الخادم كاملاً وأنه لا يعد خللاً في منصبه بل شرفاً وأنه لا يجب الوضوء بنفس الحدث فوراً بل بإرادة القيام إلى نحو الصلاة ووجوب الاقتداء بأفعاله كأقواله وأن حكم الفعل في حقنا كهو في حقه إن واجباً فواجب وإن مندوباً فمندوب وإن مباحاً فمباح ووجوب اتباع فعله حتى يدل دليل الوجوب وأن له الاجتهاد فيما لم ينزل عليه وحي فإنه قال ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت كانت سنة أي مع كوني ما أمرت بذلك ولو فعلته صار شرعاً وأن الأمر للوجوب فإنه علل عدم استعمال الماء بكونه لم يؤمر به فدل على أنه لو أمر به لفعله وأصل حل(1/21)
طهارة الآنية وحل استعمالها والعمل بالعادة الغالبة لأن عمر نظر إلى أن عادة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم إدامة الطهارة فقام على رأسه بالماء قيل: وتعين الماء للطهارة وهو في حيز المنع قيل: وأنه لا بأس بالاستعانة في إحضار الماء للطهارة وهو زلل إذ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يطلب من عمر إحضار الماء بل رده.
5552 ما أمرتكم به فخذوه و ما نهيتكم عنه فانتهوا ( صحيح )
( ه ) عن أبي هريرة
5553 ما أمسك عليك فكل ( صحيح ) ( ت ) عن عدي بن حاتم
5554 ما أنا حملتكم و لكن الله حملكم و إني و الله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني و أتيت الذي هو خير
( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن أبي موسى
5555 ما أنا و الدنيا و ما أنا و الرقم ( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمر
5556 ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئا ( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أنس
5557 ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد علي الحوض ( صحيح )
( حم د ك ) عن زيد بن أرقم
5558 ما أنزل الله داء إلا أنزل له الدواء ( صحيح ) ( ه ) عن ابن مسعود
5559 ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/22)
00 (داء إلا أنزل له شفاء) أي ما أصاب أحداً بداء إلا قدر له دواء وقد مر معنى هذا الخبر غير مرة غير أنه ينبغي التنبيه لشيء وهو أنه اختلف في معنى الإنزال فقيل: إنزاله إعلامه عباده ومنع بأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أخبر بعموم الإنزال لكل داء ودوائه وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك كما يصرح به خبر علمه من علمه وجهله من جهله ومثل إنزالهما إنزال أسبابهما من كل مأكل ومشرب وقيل: إنزالهما خلقهما ووضعهما بالأرض كما يشير إليه خبر إن اللّه لم يضع داء إلا وضع له دواء وتعقب بأن لفظ الإنزال أخص من لفظ الخلق والوضع وإسقاط خصوصية الألفاظ بلا موجب غير لائق وقيل: إنزالهما بواسطة الملائكة الموكلين بتدبير النوع الإنساني فإنزال الداء والدواء مع الملائكة وقيل: عامة الأدواء والأدوية هي بواسطة إنزال الغيث الذي تتولد به الأغذية والأدوية وغيرهما وهذا من تمام لطف الرب بخلقه فلما ابتلى عباده بالأدواء أعانهم عليها بالأدوية وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة والحسنات الماحية000000
5560 ما أنزل الله في التوراة و لا في الإنجيل مثل أم القرآن و هي السبع المثاني و هي مقسومة بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل ( صحيح )
( ت ن ) عن أبي
5561 ما أنزل الله من السماء من بركة إلا أصبح فريق من الناس بها كافرين ينزل الله الغيث فيقولون: بكوكب كذا و كذا ( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة
5562 ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة ( و إن عظمت ) ( حسن ) ( طب ) عن أبي أمامة
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5025
الشرح:(1/23)
أخذ منه بعضهم أن الحمد أفضل من النعم وخطأه آخرون منهم ابن عيينة محتجين بأن فعل العبد لا يفضل فعل الرب وأجيب بأن المراد بالنعم الدنيوية كعافية ورزق والحمد من النعم الدينية وكلاهما نعمة من اللّه على عبده بهدايته لشكر نعمته بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده فإن هذه إن لم يقترن بها شكر كانت بلية 000
5563 ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة فقال: الحمد لله إلا كان الذي أعطي أفضل مما أخذ ( صحيح ) ( ه ) عن أنس
الشرح:
لأن قول الحمد للّه نعمة من اللّه والمحمود عليه نعمته أيضاً وبعض النعم أجلُّ من بعض فنعمة الشكر أجل من نعمة مال أو جاه أو ولد ولا يستلزم ذلك كون فعل العبد أفضل من فعل اللّه وإن دل على أن فعل العبد للشكر قد يكون أفضل من بعض مفعول اللّه وفعل العبد هو مفعول اللّه ولا ريب أن بعض مفعولاته أفضل من بعض كما بينه البيهقي وغيره كابن القيم فما نقل عن الإمام الورع ابن عيينة أنه عزى المتن إلى الحسن ثم قال هو خطأ لأن فعل العبد ليس بأفضل من فعل الرب كما أنه ذهل عن كونه حديثاً مرفوعاً فقد غفل عن معناه المقرر فتدبر.
5564 ما أنكر قلبك فدعه ( صحيح ) ( ابن عساكر ) عن عبدالرحمن بن معاوية بن خديج مرسلا
الشرح:(1/24)
أي اتركه قال حجة الإسلام: هذا في قلب طهر عن أوضار الدنيا أولاً ثم صقل بالرياضة البالغة ثانياً ثم نور بالذكر الصافي ثالثاً ثم غذي بالفكر الصائب رابعاً ثم رق بملازمة حدود الشرع خامساً حتى فاض عليه النور من مشكاة النبوة وصار كأنه مرآة مجاوّة فهذا وأمثاله هم الذين يرجعون إلى قلوبهم وهم الذين يميزون بين ظلمة الكفر وضياء الإيمان بخلاف من بضاعته في العلم مسألة إزالة النجاسة وماء الزعفران والفعل والفاعل والمبتدأ والخبر وأمثالهم هيهات هيهات هذا المطلب أنفس وأعز من أن يدرك بالمنى أو ينال بالهوينا فاشتغل أنت بشأنك ولا تضيع فيهم بقية زمانك {فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم}.
5565 ما أنهر الدم و ذكر اسم الله عليه فكلوه ليس السن و الظفر و سأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم و أما الظفر فمدى الحبشة ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن رافع بن خديج
5566 ما أوتيكم من شيء و لا أمنعكموه إن أنا إلا خازن أضع حيث أمرت
( صحيح ) ( حم د ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما أوتيكم من شيء وما أمنعكموه) من الفيء والغنيمة (إن) أي ما (أنا إلا خازن أضع) العطاء (حيث أمرت) أي حيث أمرني اللّه سبحانه فلا أعطى رجماً بالغيب كما يفعله الملوك وعظماء الدنيا.
5567 ما أوذي أحد ما أو ذيت ( حسن ) ( عد ابن عساكر ) عن جابر
الشرح:
فقد آذاه قومه أذى لا يحتمل ولا يطاق حتى رموه بالحجارة إلى أن أدموا رجليه فسال منهما الدم على نعليه ونسبوه إلى السحر والكهانة والجنون إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور وكفى بما وقع له في قصة الطائف 000
5568 ما أوذي أحد ما أوذيت في الله ( حسن ) ( حل ) عن أنس
الشرح:(1/25)
أي في مرضاته أو من جهته وبسببه حيث دعوت الناس إلى إفراده بالعبادة ونهيت عن إثباتهم الشريك وذلك من أعظم اللطف به وكمال العناية الربانية به ليتضاعف له الترقي في نهايات المقامات. قال ابن عطاء اللّه: إنما جرى الأذى على أصفيائه لئلا يكون لأحد منهم ركوناً إلى الخلق غيرة منه عليهم وليزعجهم عن كل شيء حتى لا يشغلهم عنه شيء وقال ابن حجر: هذا الحديث قد استشكل بما جاء من صفات ما أوذي به الصحابة من التعذيب الشديد وهو محمول لو ثبت على معنى حديث أنس المار لقد أوذيت في اللّه وما يؤذى أحد وقيل معناه أنه أوحى إليه ما أوذي به من قبله فتأذى بذلك زيادة على ما آذاه قومه به وروى ابن إسحاق عن ابن عباس واللّه إن كانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالساً من شدة الضر حتى يقولوا له اللات والعزى إلهك من دون اللّه فيقول أحد أحد وروى ابن ماجه وابن حبان عن ابن مسعود أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعمار وأمه وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمنعه اللّه بعمه وأما أبو بكر بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وأوثقوهم في الشمس اهـ، وأجيب بأن جميع ما أوذي به أصحابه كان يتأذى هو به لكونه بسببه واستشكل أيضاً بما أوذي به الأنبياء من القتل كما في قصة زكريا وولده يحيى، وأجيب بأن المراد هنا غير إزهاق الروح، وقال بعضهم: البلاء تابع لكثرة الأتباع وهو أكثر الأنبياء اتباعاً وغيره من الأنبياء وإن ابتلي بأنواع من البلاء لكن ما أوذي به أكثر لأنه كما أكمل له الدين أكمل له الابتلاء لإرساله إلى الكافة لكن لما كان مقامه في العلو يسمو على مقام غيره لم يظهر على ذاته كبير أمر، فمعنى قوله ما أوذي إلخ أن دعوته عامة فاجتمع عليه الاهتمام ببلاء جميع أمته فكمل له مقام الابتلاء كما كمل له الدين فبكل بلاء تفرق في الأمم اجتمع له(1/26)
وابتلي به، وقال الخواص: كان المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كلما سمع ما جرى لنبي من الأنبياء من الأذى والبلاء يتصف به ويجده في نفسه كلما وجده ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم غيرة على الدين.
5569 ما أهل مهل قط و لا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة ( حسن )
( طس ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما أهلَّ مهلٌّ قط) أي ما رفع ملب صوته بالتلبية في حج أو عمرة (ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة) أي بشرته الملائكة أو الكاتبان بها.
5570 ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه فيتنخع أمامه ؟ ! أيحب أن يستقبل فيتنخع في وجهه ؟ فإن تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره أو تحت قدمه فإن لم يجد فليقل هكذا - يعني في ثوبه - ( صحيح ) ( حم م ه ) عن أبي هريرة
5571 ما بال أقوام جاوز بهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية ؟ ألا إن خياركم أبناء المشركين ألا لا تقتلوا ذرية ألا لا تقتلوا ذرية كل نسمة تولد على الفطرة فما يزال عليها حتى يعرب عنها لسانها فأبواها يهودانها أو ينصرانها ( صحيح ) ( حم ن حب ك ) عن الأسود بن سريع
5572 ما بال أقوام قالوا كذا و كذا ؟ لكني أصلي و أنام و أصوم و أفطر و أتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني (صحيح) (حم ق ن)عن أنس
5573 ما بال أقوام يتنزهون عن الشيء أصنعه ؟ ! فوالله إني لأعلمهم بالله و أشدهم له خشية ( صحيح ) ( حم ق ) عن عائشة
5574 ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ؟ ! لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ( صحيح ) ( حم خ د ن ه ) عن أنس
5575 ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس ؟ ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه و يسلم عن يمينه و شماله ؟
( صحيح ) ( حم د ن ) عن جابر بن سمرة
5576 ما بال رجال يواصلون ؟ ! إنكم لستم مثلي أما و الله لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ( صحيح ) ( حم م ) عن أنس(1/27)
5577 ما بعث الله من نبي إلا أنذر أمته الدجال أنذره نوح و النبيون من بعده و إنه يخرج فيكم فما خفي عليكم من شأنه فليس يخفى عليكم أن ربكم ليس بأعور و إنه أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية ألا إن الله حرم عليكم دماءكم و أموالكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ألا هل بلغت: اللهم اشهد ثلاثا ويحكم ! انظروا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر
5578 ما بعث الله من نبي إلا قد أنذر أمته الدجال الأعور الكذاب ألا و إنه أعور و إن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن
( صحيح ) ( حم ق د ت ) عن أنس
5579 ما بعث الله من نبي و لا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف و تحضه عليه و بطانة تأمره بالشر و تحضه فالمعصوم من عصمه الله ( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أبي سعيد
5580 ما بعث الله من نبي و لا كان بعده من خليفة إلا كان له بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف و تنهاه عن المنكر و بطانة لا تألوه خبالا فمن وقي بطانة السوء فقد وقي ( صحيح ) ( ن ) عن أبي أيوب
5581 ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم و أنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ( صحيح ) ( خ ه ) عن أبي هريرة
5582 ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكي فليس بكنز ( حسن ) ( د ) عن أم سلمة
الشرح:
أي وما بلغ أن تؤدى زكاته فلم يزك فهو كنز فيدخل صاحبه في ذلك الوعيد العظيم {والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل اللّه فبشرهم بعذاب أليم}.
5583 ما بين السرة و الركبة عورة ( حسن ) ( ك ) عن عبدالله بن جعفر
الشرح:
فيشترط لصحة الصلاة ستره ولو في خلوة، وفيه أن حد عورة الرجل ولو قناً من السرة إلى الركبة وكذا الأمة والمبعضة أما عورة الحرة فما سوى الوجه والكفين لخبر أبي داود وغيره الآتي لا يقبل اللّه صلاة حائض أي من بلغت سن الحيض إلا بخمار، هذا مذهب الشافعي والجمهور وقال داود: العورة القبل والدبر فقط.(1/28)
5584 ما بين المشرق و المغرب قبلة (صحيح) (ت م ك)عن أبي هريرة
الشرح:
أي ما بين مشرق الشمس في الشتاء وهو مطلع قلب العقرب ومغرب الشمس في الصيف وهو مغرب السماك الرامح قبله ذكره القاضي، وقال المظهر: أراد قبلة المدينة فإنها واقعة بين المشرق والمغرب وهي إلى الطرف الغربي أميل فيجعلون المغرب عن يمينهم والمشرق عن يسارهم ولأهل اليمن من السعة في قبلتهم كما لأهل المدينة لكنهم يجعلون المشرق عن يمينهم والمغرب عن يسارهم وقيل أراد من اشتبه عليه القبلة فإلى أي جهة صلى أجزأ وقيل أراد التنقل على الدابة في السفر.
5585 ما بين النفختين أربعون ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل و ليس من الإنسان شيء إلا يبلى إلا عظم واحد و هو: عجب الذنب منه خلق و منه يركب يوم القيامة ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما بين النفختين) نفخة الصور ونفخة الصعق (أربعون) لم يبين راويه أهي أربعون يوماً أو شهراً أو سنة؟ وقال حين سئل: لا أعلمه، ووقع لولي اللّه النووي في مسلم أربعين سنة قال ابن حجر: وليس كذلك (ثم ينزل اللّه من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل) من الأرض (وليس من الإنسان) غير النبي والشهيد (شيء إلا يبلى) بفتح أوله أي يفنى بمعنى تعدم أجزاؤه بالكلية أو المراد يستحيل فتزول صورته المعهودة ويصير بصفة التراب ثم يعاد إذا ركب إلى ما عهد (إلا عظم واحد وهو عجب) بفتح فسكون ويقال عجم بالميم (الذنب) بالتحريك عظم لطيف كحبة خردل عند رأس العصعص مكان رأس الذنب من ذوات الأربع وزعم المزني أنه يبلى يرده قوله (ومنه يركب الخلق يوم القيامة) قال ابن عقيل: فيه سر لا يعلمه إلا هو إذ من يظهر الوجود من العدم لا يحتاج لشيء يبني عليه ويحتمل أنه جعل علامة للملائكة على إحياء كل إنسان بجوهره.
5586 ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة ( صحيح )
( حم ق ن ) عن عبدالله بن زيد المازني ( ت ) عن علي وأبي هريرة
الشرح:(1/29)
(ما بين بيتي) يعني قبري لأن قبره في بيته (ومنبري روضة) أي كروضة (من رياض الجنة) في تنزل الرحمة أو إيصال التعبد فيها إليها أو منقول منها كالحجر الأسود أو ينقل إليها كالجذع الذي حن إليه فهو تشبيه بليغ أو مجازاً أو حقيقة وأصل الروضة أرض ذات مياه وأشجار وأزهار وقيل بستان في غاية النضارة وما بين منبره وبيته الذي هو قبره الآن ثلاثة وخمسون ذراعاً وتمسك به من فضل المدينة على مكة لكون بلك البقعة من الجنة وفي الخبر لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وتعقب بأن الفضل لتلك البقعة خاصة وادعاء أن ما يقربها أفضل يلزمه أن الجحفة أفضل من مكة والملازم باطل وللحديث تتمة لم يذكرها المصنف وهي قوله ومنبري على حوضي كذا هو ثابت في رواية مسلم وغيره000000
5587 ما بين بيتي و منبري روضة من رياض الجنة و منبري على حوضي ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أبي هريرة
5588 ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال ( صحيح )
( حم م ) عن هشام بن عامر
الشرح:
(ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة) أي لا يوجد في هذه المدة المديدة (أمر أكبر) أي مخلوق أعظم شوكة (من الدجال) لأن تلبيسه عظيم وتمويهه وفتنته كقطع الليل البهيم تدع اللبيب حيراناً والصاحي الفطن سكراناً لكن ما يظهر من فتنته ليس له حقيقة بل تخييل منه وشعوذة كما يفعله السحرة والمتشعبذون.
5589 ما بين لابتي المدينة حرام ( صحيح ) ( ق ت ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما بين لابتي المدينة) النبوية (حرام) أي لا ينفر صيدها ولا يقطع شجرها أي الذي لا يستنبته الآدمي واللوبة واللابة الحرة وهي أرض ذات أحجار سود كأنها محرقة بنار وجمعها لاب ولوب والإبل إذا اجتمعت فكانت سوداء سميت لابة من اللوبان وهي شدة الحر كما أن الحرة من الحر، ذكره الزمخشري، وأراد بهما هنا حرتان يكتنفان عضاهها.(1/30)
5590 ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عاما و ليأتين عليه يوم و إنه لكظيظ ( صحيح ) ( حم ) عن معاوية بن حيدة
الشرح:
(ما بين مصراعين من مصاريع الجنة) أي شطر باب من أبوابها ففي المصباح المصراع من الباب الشطر (مسيرة أربعين عاماً وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ) أي امتلاء وزحام وفي النهاية الكظيظ الزحام ثم إن ما تقرر في هذا الخبر يعارضه خبر أبي هريرة المتفق عليه أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر وفي لفظ كما بين مكة وبصري وبين الخبر كما ترى بون عظيم إلا أن البعض حاول التوفيق بأن المذكور في هذا الخبر أوسع الأبواب وهو الباب الأعظم وما عداه هو المراد في خبر أبي هريرة وبأن الجنان درجات بعضها فوق بعض فأبوابها كذلك فباب الجنة العالية فوق باب الجنة التي تحتها وكلما علت الجنة اتسعت فعاليها أوسع مما دونه وسعة الباب بحسب وسع الجنة فاختلاف الأخبار لاختلاف الأبواب.
5591 ما بين منكبي الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع
( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما بين منكبي الكافر) بكسر الكاف تثنية منكب وهو مجتمع العضد والكتف (في النار) نار جهنم (مسيرة ثلاثة أيام) في رواية خمسة (للراكب المسرع) في السير، عظم خلقه فيها ليعظم عذابه ويضاعف ألمه فتمتلئ النار منهم وفي رواية لأحمد يعظم أهل النار في النار حتى أن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وللبيهقي مسيرة سبعين خريفاً ولابن المبارك ضرس الكافر يوم القيامة أعظم من أحد ولمسلم غلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام وللبزار كثافة جلده اثنان وأربعون ذراعاً بذراع الجبار قال البيهقي: أراد التهويل أي بلفظ الجبار ويحتمل إرادة جبار من الجبابرة.
5592 ما بين ناحيتي حوضي كما بين صنعاء و المدينة أو كما بين المدينة و عمان ترى فيه أباريق الذهب و الفضة كعدد نجوم السماء أو أكثر
( صحيح ) ( حم م ه ) عن أنس(1/31)
5593 ما تأمرني ؟ ! تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل ؟ ! ادفع يدك حتى يعضها ثم انتزعها ( صحيح )
( م ) عن عمران بن حصين
5594 ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه
( صحيح ) ( خد حب ك ) عن أنس
الشرح:
(ما تحاب اثنان) لفظ رواية الحاكم رجلان (في اللّه تعالى إلا كان أفضلهما) أي أعظمهما قدراً وأرفعهما منزلة عند اللّه تعالى (أشدهما حباً لصاحبه) أي في اللّه تعالى لا لغرض دنيوي وتأكد المحبة من الحقوق التي يوجبها عقد الصحبة والضابط فيه أن يعامله بما يحب أن يعامل به فمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه فأخوته نفاق وهو عليه في الدنيا والآخرة وبال، ذكره الغزالي.
5595 ما تحت الكعبين من الإزار ففي النار ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة ( حم طب ) عن سمرة ( حم ) عن عائشة ( طب ) عن ابن عباس
5596 ما ترفع إبل الحاج رجلا و لا تضع يدا إلا كتب الله تعالى له بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفعه بها درجة ( حسن ) ( هب ) عن ابن عمر
الشرح:
(ما ترفع إبل الحاج رجلاً ولا تضع يداً) حال سيرها بالناس إلى الحج (إلا كتب اللّه تعالى) أي أمر أو قدر (له بها حسنة ومحا عنه سيئة أو رفعه بها درجة) أي إن لم يكن عليه سيئة.
5597 ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ( صحيح )
( حم ق ت ن ه ) عن أسامة
الشرح:(1/32)
(ما تركت) في رواية ما أدع (بعدي فتنة أضر) وفي رواية لمسلم هي أضر (على الرجال من النساء) لأن المرأة لا تأمر زوجها إلا بشر ولا تحثه إلا على شر وأقل فسادها أن ترغبه في الدنيا ليتهالك فيها وأي فساد أضر من هذا مع ما هنالك من مظنة الميل بالعشق وغير ذلك من فتن وبلايا ومحن يضيق عنها نطاق الحصر، قال الحبر رضي اللّه عنه: لم يكفر من كفر ممن مضى إلا من قبل النساء وكفر من بقي من قبل النساء، وأرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها وردها الفضيل فقالت له امرأته: ترد عشرة آلاف وما عندنا قوت يومنا؟ فقال: مثلي ومثلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها فلما هرمت ذبحوها وكذا أنتم أردتم ذبحي على كبر سني موتوا جوعاً قبل أن تذبحوا فضيلاً، وكان سعيد بن المسيب يقول وقد أتت عليه ثمانون سنة منها خمسون يصلي فيها الصبح بوضوء العشاء وهو قائم على قدميه يصلي: ما شيء أخوف عندي عليَّ من النساء، وقيل: إن إبليس لما خلقت المرأة قال: أنت نصف جندي وأنت موضع سري وأنت سهمي الذي أرمي بك فلا أخطئ أبداً، وقال في الحديث بعدي لأن كونهن فتنة صار بعده أظهر وأشهر وأضر، قال في المطامح: فيه أنه يحدث بعده فتن كثيرة فهو من معجزاته لأنه إخبار عن غيب وقد وقع.5598 ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ إن عليا مني و أنا منه و هو ولي كل مؤمن بعدي ( صحيح )
( ت ك ) عن عمران بن حصين
5599 ما تستقل الشمس فيبقى شيء من خلق الله إلا سبح الله بحمده إلا ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم (حسن) (ابن السني حل)عمرو بن عبسة
الشرح:
(ما تستقل الشمس) أي ترتفع وتتعالى يقال أقل الشيء يقل واستقله يستقله إذا رفعه وحمله (فيبقى شيء من خلق اللّه إلا سبح اللّه بحمده) أي يقول سبحان اللّه وبحمده (إلا ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم) أي قليلي الفطنة منهم جمع غبي وأغبياء، والغبي القليل الفطنة.(1/33)
5600 ما تصدق أحد بصدقة من طيب و لا يقبل الله إلا الطيب إلا أخذها الرحمن بيمينه و إن كانت تمرة فتربو في كف الرحمن حتى تكون أعظم من الجبل كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله (صحيح) (ت ن ه)عن أبي هريرة
5601 ما تقولون ؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم و إن كان أمر دينكم فإلي
( صحيح ) ( حم ) عن أبي قتادة
5602 ما تقولون في الشهيد فيكم ؟ قالوا: القتل في سبيل الله قال: إن شهداء أمتي إذن لقليل من قتل في سبيل الله فهو شهيد و من مات في سبيل الله فهو شهيد و المبطون شهيد و المطعون شهيد و الغرق شهيد ( صحيح )
( ه ) عن أبي هريرة
5603 ما تواد اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما (صحيح)
( خد ) عن أنس
الشرح:
(ما تواد) بالتشديد (اثنان في اللّه فيفرق بينهما إلا بذنب يحدث أحدهما) فيكون التفريق عقوبة لذلك الذنب ولهذا قال موسى الكاظم: إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته فتب إلى اللّه من كل ذنب يستقيم لك وده وقال المزني: إذا وجدت من إخوانك جفاء فتب إلى اللّه فإنك أحدثت ذنباً وإذا وجدت منهم زيادة ود فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر اللّه تعالى.
5604 ما توطن رجل مسلم المساجد للصلاة و الذكر إلا تبشبش الله له من حين يخرج من بيته كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم ( حسن )
( ه ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما توطن) بمثناة فوقية أوله قال مغلطاي: وفي رواية ابن أبي شيبة ما يوطي بمثناة تحتية أوله وبآخره (رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش اللّه له) أي فرح به وأقبل عليه بمعنى أنه يتلقاه ببره وإكرامه وإنعامه (من حين يخرج من بيته) يعني من محله كمبيت أو خلوة أو نحوهما (كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم) قال الزمخشري: التتبشبش بالإنسان المسرة به والإقبال عليه وهو من معنى البشاشة 0000
5605 ما توفى الله نبيا قط إلا دفن حيث يقبض روحه ( صحيح )
( ابن سعد ) عن ابن أبي مليكة مرسلا(1/34)
5606 ما جعل الله منية عبد بأرض إلا جعل له فيها حاجة ( صحيح )
( طب الضياء ) عن أسامة بن زيد
5607 ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله تعالى فيه و لم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة فإن شاء عذبهم و إن شاء غفر لهم ( صحيح )
( ت ه ) عن أبي هريرة وأبي سعيد
الشرح:
(لم يذكروا اللّه فيه ولم يصلوا) فيه (على نبيهم إلا كان عليهم ترة) بمثناة فوقية وراء مهملة مفتوحتين أي تبعة كذا ضبطه بعضهم،وقال في الرياض: بكسر المثناة فوق وهي النقص وقيل التبعة (فإن شاء عذبهم) بذنوبهم (وإن شاء غفر لهم) فيتأكد ذكر اللّه والصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس وتحصل السنة في الذكر والصلاة بأي لفظ كان لكن الأكمل في الذكر سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وفي الصلاة على النبي صلى اللّه عليه وسلم ما في آخر التشهد.
5608 ما جلس قوم يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و نزلت عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده ( صحيح )
( حب ) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا
5609 ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا ناداهم مناد من السماء: قوموا مغفورا لكم ( صحيح ) ( حم الضياء ) عن أنس
الشرح:
أي إذا انتهى المجلس وقمتم قمتم والحال أنكم مغفوراً لكم أي الصغائر وليس المراد الأمر بترك الذكر والقيام.
5610 ما جلس قوم يذكرون الله تعالى فيقومون حتى يقال لهم: قوموا قد غفر الله لكم ذنوبكم و بدلت سيئاتكم حسنات ( صحيح )
( طب هب الضياء ) عن سهل بن حنظلة
5611 ما حاك في صدرك فدعه ( صحيح ) ( طب ) عن أبي أمامة
الشرح:
(ما حاك) أي ما تردد من حاك يحيك إذا تردد (في صدرك) يعني قلبك الذي في صدرك (فدعه) أي اتركه لأن نفس المؤمن يعني الكامل ترتاب من الإثم والكذب فتردده في شيء أمارة كونه حراماً قال جمع: وذا من جوامع الكلم.(1/35)
5612 ما حبست الشمس على بشر قط إلا على يوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس ( صحيح ) ( خط ) عن أبي هريرة
الشرح:
(يوشع) يقال بالشين وبالسين (ابن نون) مجرور بالإضافة منصرف على الأفصح وإن كان أعجمياً لسكون وسطه كنوح ولوط (ليالي سار إلى بيت المقدس) قيل: في هذا الحبس إنها رجعت على أبراجها وقيل: وقفت فلم ترد وقيل: هو بطوء حركتها قال بعض شراح مسلم: والشمس أحد الكواكب السيارة وحركتها مترتبة على حركة الفلك بها فحبسها المذكور على التفاسير المذكورة إنما هو لحبس الفلك لا لحبسها في نفسها، ثم إن هذا لا يعارضه خبر رد الشمس على علي لأن هذا في خبر صحيح وخبر علي قال ابن الجوزي: موضوع لاضطراب رواته 000 وابن تيمية له تآليف في الرد على الرافضة ذكر فيه الخبر بطرقه ورجاله وحكم بوضعه 000000
5613 ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام و التأمين
( صحيح ) ( حم ه ) عن عائشة
الشرح:
(السلام) الذي هو تحية أهل الجنة (والتأمين) قالوا لم تكن آمين قبلنا إلا لموسى وهارون ذكره الحكيم في نوادره (تنبيه) دل هذا الخبر على أن السلام من خصوصيات هذه الأمة لكن تقدم في خلق آدم أن اللّه جعله تحية لآدم ولذريته ذكره الحافظ ابن حجر.
5614 ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا و وصيته مكتوبة عنده ( صحيح ) ( مالك حم ق 4 ) عن ابن عمر
الشرح:(1/36)
(ما) أي ليس (حق امرء) رجل (مسلم) أي ليس الحزم والاحتياط لشخص أو ما المعروف في الأخلاق الحسنة إلا ما يأتي، والمسلم غالبي فلذمي كذلك (له شيء) أي من مال أو دين أو حق أو أمانة وعند البيهقي له مال بدل شيء حال كونه (يريد أن يوصى فيه يبيت) أي أن يبيت على حد {ومن آياته يريكم البرق} وما نافية بمعنى ليس وحق اسمها ويوصي فيه صفة لشيء والجملة صفة ثانية لامرئ ويبت ليلتين صفة ثالثة والمستثنى خبر ومفعول ببيت محذوف تقديره يبيت ذاكراً أو نحوه (ليلتين) يعني لا ينبغي أن يمضي عليه زمن وإن قل، قال الطيبي: فذكر الليلتين تسامح، الأصل يمضي عليه ليلة يعني سامحناه في هذا القدر فلا يتجاوزه للأكثر، وهل الليلة من لدن وجب الحق أو من إرادة الوصية؟ احتمالان (إلا ووصيته) الواو للحال (مكتوبة عنده) مشهود بها إذ الغالب في كتابتها الشهود ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دلالة فيه على اعتماد الخط وعلتها على الإرادة إشارة إلى أن الأمر للندب، نعم تجب على من عليه حق للّه أو لآدمي بلا شهود إذ قد يفجأه الموت وهو على غير وصية000
5615 ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ثلاث ليال إلا و وصيته عنده مكتوبة ( صحيح ) ( م ن ) عن ابن عمر
5616 ما خالط قلب امرئ مسلم رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار
( صحيح ) ( حم ) عن عائشة
الشرح:
(رهج) أي غبار قتال (في سبيل إلا حرم اللّه عليه النار) أي نار الخلود في جهنم وفي خبر آخر من دخل جوفه الرهج لم يدخل النار.
5617 ما خرج رجل من بيته يطلب علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة
( صحيح ) ( طس ) عن عائشة
الشرح:
أي يفتح عليه عملاً صالحاً يوصله إليها والمراد العلم الشرعي النافع.
5618 ما خلف الكعبين ففي النار ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمر
5619 ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما(حسن )( ت ك )عائشة
الشرح:(1/37)
(ما خير عمار) بن ياسر أحد السابقين الأولين (بين أمرين إلا اختار أرشدهما) وفي رواية أسدهما لأنه من القوم الذي يستمعون الحديث فيتبعون أحسنه والمراد أنه كان نقاداً في الدين يميز بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا عرض عليه مباح ومندوب اختار المندوب فهو حريص على ما هو الأقرب عند اللّه وأكثر ثواباً، ويؤخذ منه أن على الإنسان تحري أعدل المذاهب واختيار أثبتها على السبك وأقواها عند السبر وأبينها دليلاً وأمارة وأن لا يكون في مذهبه كما قيل: ولا تكن مثل عير قيد فانقادا، يريد المقلد، ذكره الزمخشري000
5620 ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال و الشرف لدينه ( صحيح ) ( حم ت ) عن كعب بن مالك
الشرح:
(ما) بمعنى ليس (ذئبان) اسمها (جائعان) صفة له وفي رواية عاديان والعادي الظالم المتجاوز للحد (أرسلا في غنم) الجملة في محل رفع صفة (بأفسد) خبر ما والباء زائدة أي أشد فساداً والضمير في (لها) للغنم واعتبر فيه الجنسية فلذا أنث وقوله (من حرص المرء) هو المفضل عليه لا اسم التفضيل (على المال) متعلق بحرص (الشرف) عطف على المال والمراد به الجاه والمنصب (لدينه) اللام فيه للبيان، نحوها في قوله {لمن أراد أن يتم الرضاعة} فكأنه قيل هنا بأفسد لأي شيء؟ قيل لدينه، ذكره الطيبي، فمقصود الحديث أن الحرص على المال والشرف أكثر إفساداً للدين من إفساد الذئبين للغنم لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به إلى ما يضره وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعاً..
5621 ما رأيت في الخير و الشر كاليوم قط إنه صورت لي الجنة و النار حتى رأيتهما وراء الحائط ( صحيح ) ( خ ) عن أنس
5622 ما رأيت مثل النار نام هاربها و لا مثل الجنة نام طالبها ( حسن )
( ت ) عن أبي هريرة ( طس ) عن أنس
الشرح:(1/38)
(ما رأيت مثل النار) قال الطيبي: مثل هنا كما في قولك مثلك لا يبخل (نام هاربها) حال إن لم يكن رأيت من أفعال القلوب وإلا فنام هاربها مفعول ثان له (ولا مثل الجنة نام طالبها) يعني النار شديدة والخائفون منها نائمون غافلون وليس هذا طريق الهارب بل طريقه أن يهرول من المعاصي إلى الطاعات، وفيه معنى التعجب أي ما أعجب حال النار الموصوفة بشدة الأهوال وحال الهارب منها مع نومه وشدة غفلته والاسترسال في سكرته، وما أعجب حال الجنة الموصوفة بهذه الصفات وحال طالبها الغافل عنها.
5623 ما رأيت منظرا قط إلا و القبر أفظع منه ( حسن )
( ت ه ك ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/39)
(ما رأيت منظراً) أي منظوراً (قط) بشد الطاء وتخفيفها ظرف للماضي المنفي ويقال فيه قط بضمتين وأما قط بمعنى حسب فبفتح فسكون (إلا والقبر أفظع) أي أقبح وأشنع (منه) بالنصب صفة لمنظر وقال الطيبي: الواو للحال والاستثناء مفرغ أي ما رأيت منظراً وهو ذو هول وفظاعة إلا والقبر أفظع منه وعبر بالمنظر عن الموضع مبالغة فإنه إذا نفى الشيء مع لازمه ينتفي الشيء بالطريق البرهاني وإنما كان فظيعاً لأنه بيت الدود والوحدة والغربة ولهذا كان يزيد الرقاشي إذا مر بقبر صرخ صراخ الثور، وعن ابن السماك أن الميت إذا عذب في قبره نادته الموتى أيها المتخلف بعد إخوانه وجيرانه أما كان لك فينا معتبر أما كان لك في تقدمنا إياك فكرة أما رأيت انقطاع أعمالنا وأنت في مهلة أما أما؟ وفي العاقبة لعبد الحق عن أبي الحجاج مرفوعاً يقول القبر للميت إذا وضع: ويحك ابن آدم ما غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة وبيت الدود؟ ثم فظاعته إنما هي بالنسبة للعصاة والمخلطين لا للسعداء كما يشير إليه خبر البيهقي وابن أبي الدنيا عن ابن عمر مرفوعاً القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة، وأخرج أحمد في الزهد وابن المبارك في كتاب القبور عن وهب كان عيسى عليه السلام واقفاً على قبر ومعه الحواريون، فذكروا القبر ووحشته وظلمته وضيقه فقال عيسى: كنتم في أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب اللّه أن يوسع وسع000
5624 ما رأيت من ناقصات عقل و لا دين أغلب لذي لب منكن أما نقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل و أما نقصان الدين فإن إحداكن تفطر رمضان و تقيم أياما لا تصلي ( صحيح ) ( د ) عن ابن عمر
5625 ما رأينا من فزع و إن وجدناه لبحرا ( صحيح ) ( د ) عن أنس
5626 ما رزق عبد خيرا له و لا أوسع من الصبر ( صحيح )
( ك ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/40)
لأنه إكليل للإيمان وأوفر المؤمنين حظاً من الصبر أوفرهم حظاً من القرب من الرب، والصبر رزق من اللّه لا يستبد العبد بكسبه وما يضاف إلى كسب العبد هو التصبر فإذا حمل على نفسه التصبر أمده اللّه بكمال الصبر وفي الخبر من يتصبر يصبره اللّه فإذا رزقه الصبر كان أوسع من كل نعمة واسعة لأنه يسهل بالصبر جميع الخيرات وترك المنكرات وتحمل المكروهات المقدرات والرزق المشار إليه رزق الدين والإيمان.
5627 ما زال بكم الذي رأيت من صنيعكم حتى خشيت أن يكتب عليكم و لو كتب عليكم ما قمتم به فصلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا الصلاة المكتوبة ( صحيح )( حم ق ن )عن زيد بن ثابت
5628 ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ( صحيح )
( حم ق د ت ) عن ابن عمر ( حم ق 4 ) عن عائشة
الشرح:
(ما زال جبريل يوصيني بالجار) قال العلائي: الظاهر أن المراد جار الدار لا جار الجوار لأن التوارث كان في صدر الإسلام بجوار العهد ثم نسخ (حتى) أنه لما أكثر على في المحافظة على رعاية حقه (ظننت أنه سيورثه) أي سيحكم بتوريث الجار من جاره بأن يأمرني عن اللّه به، قيل: بأن يجعل له مشاركة في المال بفرض سهم يعطاه مع الأقارب أو بأن ينزل منزلة من يرث بالبر والصلة، قال ابن حجر: والأول أولى لأن الثاني استمر، والخبر مشعر بأن التوريث لم يقع فمن التزم شرائع الإسلام تأكد عليه إكرام جاره لعظيم حقه، وفيه إشارة إلى ما بالغ به بعض الأئمة من إثبات الشفعة له، واسم الجوار يعم المسلم والعدل والقريب والبلدي والنافع وأضدادهم وله مراتب بعضها أعلا من بعض فأعلاها من جمع صفات الكمال ثم أكثرها وهلم جرا وعكسه من جمع ضدها كذلك فيعطى كلاً حقه بحسب حاله ويرجح عند تعارض الصفات، والميراث قسمان حسي ومعنوي فالحسي هو المراد هنا والمعنوي ميراث العلم وقد يلحظ هنا أيضاً فإن حق الجار على جاره تعليمه ما يحتاجه.(1/41)
5629 ما زالت أكلة خيبر تعاودني كل عام حتى كان هذا أوان قطع أبهري
( صحيح ) ( ابن السني أبو نعيم في الطب ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما زالت أكلة خيبر) أي اللقمة التي أكلها من الشاة التي سمتها اليهودية وقدمتها إليه في غزوة خيبر فأكل منها لقمة وقال إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة وأكل معه منها بشر فمات (تعادّني) أي تراجعني قال الزمخشري: المعادة معاودة الرجع لوقت معلوم (في كل عام) أي يراجعني الألم فأجده في جوفي كل عام بسبب أكلي من الطعام المسموم الذي قدم إليَّ بخيبر (حتى كان هذا أوان) بالضم قال الزمخشري: ويجوز بناؤه على الفتح (قطع أبهري) بفتح الهاء ولفظ رواية البخاري فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري وهو عرق في الصلب أو في الذراع أو بباطن القلب تتشعب منه سائر الشرايين إذا انقطع مات صاحبه يعني أنه نقض عليه سم الشاة المذكورة ليجمع إلى منصب النبوة مقام الشهادة ولا يفوته مكرمة ولهذا كان ابن مسعود وغيره يقول مات شهيداً من ذلك السم وكان في حال حياته يثور عليه أحياناً ويكمن أحياناً0000
5630 ما سأل رجل مسلم الله الجنة ثلاثا إلا قالت الجنة: اللهم أدخله الجنة و لا استجار رجل مسلم الله من النار ثلاثا إلا قالت النار: اللهم أجره مني
( صحيح ) ( حم ه حب ك ) عن أنس
5631 ما شأنكم تشيرون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس ؟ ! إذا سلم أحدكم فليلتفت إلى أصحابه و لا يومئ بيده ( صحيح ) ( م ن ) عن جابر بن سمرة
5632 ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذي ( صحيح ) ( ت ) عن أبي الدرداء
5633 ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ( حسن )
( حم ت ه ك ) عن أبي أمامة
الشرح:(1/42)
أي ما ضل قوم مهديون كائنين على حال من الأحوال إلا أوتوا الجدل يعني من ترك سبيل الهدى وركب سنن الضلالة والمراد لم يمش حاله إلا بالجدل أي الخصومة بالباطل وقال القاضي: المراد التعصب لترويج المذاهب الكاسدة والعقائد الزائفة لا المناظرة لإظهار الحق واستكشاف الحال واستعلام ما ليس معلوماً عنده أو تعليم غيره ما عنده لأنه فرض كفاية خارج عما نطق به الحديث اهـ. وقال الغزالي: الإشارة إلى الخلافيات التي أحدثت في هذه الأعصار وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات فإياك أن تحوم حولها واجتنبها اجتناب السم القاتل والداء العضال وهو الذي رد كل الفقهاء إلى طلب المنافسة والمباهاة ولا تسمع لقولهم الناس أعداء ما جهلوا فعلى الخبير سقطت فاقبل النصح ممن ضيع العمر في ذلك زماناً وزاد فيه على الأولين تصنيفاً وتحقيقاً وجدلاً وثباتاً ثم ألهمه اللّه رشده وأطلعه على غيبه فهجره اهـ.
5634 ما ظهر في قوم الربا و الزنا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله ( حسن ) ( حم ) عن ابن مسعود
5635 ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة سوى ثوبي مهنته ( صحيح ) ( د ) عن يوسف بن عبدالله بن سلام ( ه ) عن عائشة
الشرح:
(ليوم الجمعة) وفي رواية بدل ليوم الجمعة لجمعته (سوى ثوبي مهنته) أي ليس على أحدكم في اتخاذ ثوبين غير ثوبي مهنته أي بذلته وخدمته أي اللذين يكونان عليه في سائر الأيام 000 والمعنى ليس على أحد حرج في أن يتخذ ثوبين، وقوله مهنته يروى بكسر الميم وفتحها قال الزمخشري: والكسر عند الأثبات خطأ، قال ابن القيم: وفيه أنه يسن أن يلبس فيه أحسن ثيابه التي يقدر عليها، قال الطيبي: وإن ذلك ليس من شيمة المتقين لولا تعظيم الجمعة ورعاية شعار الدين، وقال ابن بطال: كان معهوداً عندهم أن يلبس المرء أحسن ثيابه للجمعة، وأخذ منه الشافعية أنه يسن للإمام يوم الجمعة تحسين الهيئة واللباس.(1/43)
5636 ما على الأرض أحد يقول لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله إلا كفرت عنه خطاياه و لو كانت مثل زبد البحر ( حسن )
( حم ت ) عن ابن عمرو
5637 ما على الأرض مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يعجل يقول: قد دعوت و دعوت فلم يستجب لي ( حسن ) ( ت ) عن عبادة بن الصامت
5638 ما على الأرض من نفس تموت و لها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم و لها الدنيا إلا القتيل في سبيل الله فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى لما يرى من ثواب الله له ( صحيح )( حم ن ) عن عبادة بن الصامت
5639 ما على الأرض نفس منفوسة - يعني اليوم - يأتي عليها مائة سنة
( صحيح ) ( ت ) عن جابر
5640 ما على الأرض يمين أحلف عليها فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيته
( صحيح ) ( ن ) عن أبي موسى
5641 ما علمته إذ كان جاهلا و لا أطعمته إذ كان ساغبا ( صحيح )
( حم د ن ه ك ) عن عباد بن شرحبيل
5642ما عليها لو انتفعت بإهابها إنماحرم الله أكلها(صحيح)(ن)عن ميمونة
5643 ما عليكم أن لا تعزلوا فإن الله قدر ما هو خالق إلى يوم القيامة
( صحيح ) ( ن ) عن أبي سعيد وأبي هريرة
الشرح:(1/44)
(ما عليكم أن لا تعزلوا) أي لا حرج عليكم أن تعزلوا فإنه جائز في الأمة مطلقاً وفي الحرة مع الكراهة، فلا مزيدة، وتعسف من زعم منع العزل مطلقاً حيث قال: ما جواب للسؤال عن العزل وعليكم أن تفعلوا جملة مستأنفة مؤكدة له وكأنه غفل عن قوله في الخبر المار اعزل إن شئت ثم علل عدم فائدة العزل بقوله (فإن اللّه قدر ما هو خالق إلى يوم القيامة) فإن النطفة معرضة للقدر فإذا أراد خلق شيء أوصل من الماء المعزول إلى الرحم ما يخلق منه الولد وإذا لم يرده لم ينفعه إرسال الماء قال الرافعي: وفيه أن الأمة تصير فراشاً بالوطء وإذا أتت بولد لم يلحق سيدها ما لم يعترف به وأن العزل لا أثر له وأن دعواه لا تمنع لحوق النسب فقد يسبق الماء وإن عزل.
5644 ما عمل آدمي عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله ( صحيح )
( حم ) عن معاذ
الشرح:
(ما عمل آدمي) وفي رواية ما عمل ابن آدم (عملاً أنجى له من عذاب اللّه من ذكر اللّه) كان حظ أهل الغفلة يوم القيامة من أعمارهم الأوقات والساعات حين عمروها بذكره وسائر ما عداه هدر، كيف ونهارهم شهوة ونهمة ونومهم استغراق وغفلة فيقدمون على ربهم فلا يجدون عنده ما ينجيهم إلا ذكر اللّه تعالى.
5645 ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة و صلاح ذات البين و خلق حسن ( صحيح ) ( تخ هب ) عن أبي هريرة
الشرح:
فعلى العاقل بذل الجهد في تحسين الخلق وبه يحصل للنفس العدالة والإحسان ويظفر بجماع المكارم.
5646 ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله تعالى بها كثرة و ما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله تعالى بها قلة (صحيح)
( هب ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/45)
(ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده اللّه تعالى بها كثرة) في ماله بأن يبارك له فيه ( وما فتح رجل باب مسألة) أي طلب من الناس (يريد بها كثرة) في معاشه (إلا زاده اللّه تعالى بها قلة) بأن يمحق البركة منه ويحوجه حقيقة يعني من وسع صدره عند سؤال الخلق عند حاجته وأنزل فقره وحاجته بهم ولم ينزلهما باللّه زاده اللّه فقراً في قلبه إلى غيره وهو الفقر الذي قال فيه المصطفى صلى اللّه عليه وآله وسلم كاد الفقر أن يكون كفراً أخرج ابن عساكر في تاريخه أن هشام بن عبد الملك دخل الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد اللّه بن عمر فقال له: سلني حاجتك قال: إني أستحي من اللّه أن أسأل في بيته غيره فلما خرج خرج في أثره فقال: الآن خرجت قال: ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها.
5647ما في الجنة شجرة إلا و ساقها من ذهب(صحيح)(ت)عن أبي هريرة
الشرح:
وجذعها من زمرد كما في خبر ابن المبارك عن الحبر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم فهم وحللهم وثمرتها أمثال الغلال والدلاء أشد بياضاً من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد وليس فيه عجم كذا في الخبر المذكور.
5648 ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي إلى العرش ما اجتنب الكبائر ( حسن ) ( ت ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما قال عبد لا إله إلا اللّه قط مخلصاً) من قلبه (إلا انفتحت له أبواب السماء) أي فتحت لقوله ذلك فلا تزال كلمة الشهادة صاعدة (حتى تفضي إلى العرش) أي تنتهي إليه (ما اجتنبت الكبائر) أي وذلك مدة تجنب قائلها الكبائر من الذنوب وهذا صريح في رد ما ذهب إليه جمع من أن الذنوب كلها كبائر وليس فيها صغائر.
5649 ما قبض الله تعالى نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه
( صحيح ) ( ت ) عن أبي بكر
الشرح:(1/46)
(ما قبض اللّه نبياً إلا في الموضع الذي يحب) اللّه والنبي صلى اللّه عليه وسلم (أن يدفن فيه) بصيغة المجهول إكراماً له حيث لم يفعل به إلا ما يحبه000 قال ابن حجر في هذا الحديث: رواه أيضاً ابن ماجه من حديث ابن عباس عن أبي بكر مرفوعاً بلفظ ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض وفيه حسين بن عبد اللّه الهاشمي ضعيف وله طريق أخرى مرسلة ذكرها البيهقي في الدلائل وروى الترمذي في الشمائل والنسائي في الكبرى أنه قيل لأبي بكر: فأين ندفن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: في المكان الذي قبض اللّه فيه روحه فإنه لم تقبض روحه إلا في مكان طيب، قال ابن حجر: وإسناده صحيح لكنه موقوف والذي قبله أصرح في المقصود وإذا حمل دفنه في بيته على الاختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك بل هو متجه لأن استمرار الدفن في البيوت ربما صيرها مقابر فتصير الصلاة فيها مكروهة.
5650 ما قدر الله لنفس أن يخلقها إلا هي كائنة(صحيح)(حم هب)عن جابر
الشرح:
( إلا هي كائنة) ولا بد، قاله لم سئل عن العزل أيضاً.
5651 ما قدر في الرحم سيكون (صحيح)(حم طب)عن أبي سعيد الزرقي
الشرح:
أي ما قدر اللّه أن يوجد في بطون الأمهات سيوجد لا يمنعه العزل.
5652 ما قطع من البهيمة و هي حية فهو ميتة ( صحيح ) ( حم د ت ك ) عن أبي واقد ( ه ك ) عن ابن عمر ( ك ) عن أبي سعيد ( طب ) عن تميم
الشرح:
(ما قطع من البهيمة) بنفسه أو بفعل فاعل (وهي حية فهو ميتة) فإن كان طاهراً فطاهر أو نجساً فنجس، فيد الآدمي طاهرة وألية الخروف نجسة، ما خرج عن ذلك إلا نحو شعر المأكول وصوفه وريشه ووبره ومسكه وفارته فإنه طاهر لعموم الاحتياج له.
5653 ما قل و كفى خير مما كثر و ألهى ( صحيح )
( ع الضياء ) عن أبي سعيد
الشرح:(1/47)
(ما قل وكفى) من الدنيا (خير مما كثر وألهى) هذا من طريق الاقتصاد المحمود الممدوح فينبغي للمرء أن يقلل أسباب الدنيا ما أمكن فإن قليلها يلهي عن كثير من الآخرة، فالكثير يلهي القلب عن الرب والآخرة بما يحدث له من الكبر والطغيان على الحق {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} قال بعضهم: خذ من الدنيا ما شئت وخذ من الهم أضعافه، وسمى الدنيا لهواً لأنها تلهي القلب عن كل خير وتلهو بكل شر. وهذا الحديث قد عده العسكري وغيره من الحكم والأمثال.
5654 ما كان الرفق في شيء إلا زانه و لا نزع من شيء إلا شانه
( صحيح ) ( عبد بن حميد الضياء ) عن أنس
الشرح:
لأن به تسهل الأمور وبه يتصل بعضها ببعض وبه يجتمع ما تشتت ويأتلف ما تنافر وتبدد ويرجع إلى المأوى ما شذ وهو مؤلف للجماعات جامع للطاعات، ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم إذا رأى من يخل بواجب أو يفعل محرماً أن يترفق في إرشاده ويتلطف به، روي عن أبي أمامة أن شاباً أتى المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقال له: إئذن لي في الزنا فصاح الناس به فقال: ادن مني فدن فقال: أتحبه لأمك؟ قال: لا قال: فالناس لا يحبونه لأمهاتهم، أتحبه لابنتك؟ قال: لا قال: فالناس لا يحبونه لبناتهم، حتى ذكر الزوجة والعمة والخالة ثم دعا له، فلم يكن بعد شيء أبغض إليه من الزنا00
5655 ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه و لا كان الحياء في شيء قط إلا زانه ( صحيح ) ( حم خد ت ه ) عن أنس
الشرح:(1/48)
(شانه) أي عابه، والشين العيب (ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه) قال الطيبي: فيه مبالغة أي لو قدر أن يكون الفحش أو الحياء في جماد لشانه أو زانه فكيف بالإنسان؟ وأشار بهذين إلى أن الأخلاق الرذلة مفتاح كل شر بل هي الشر كله والأخلاق الحسنة السنية مفتاح كل خير بل هي الخير كله، قال ابن جماعة: وقد بلي بعض أصحاب النفوس الخبيثة من فقهاء الزمان بالفحش والحسد والعجب والرياء وعدم الحياء اهـ . وأقول: ليت ابن جماعة عاش إلى الآن حتى رأى علماء هذا الزمان.
5656 ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به و لا حلف في الإسلام
( صحيح ) ( حم ) عن قيس بن عاصم
الشرح:
(ما كان من حلف) بكسر فسكون أي معاقدة ومعاهدة على تعاضد وتناصر وتساعد وإنفاق ونصرة مظلوم ونحو ذلك قال الطيبي: ومن زائدة لأن الكلام غير موجب (في الجاهلية) قبل الإسلام (فتمسكوا به) أي بأحكامه (ولا حلف في الإسلام) فإن الإسلام نسخ حكمه.
5657 ما كان من ميراث قسم في الجاهلية فهو على قسمة الجاهلية و ما كان من ميراث أدركه الإسلام فهو على قسمة الإسلام ( صحيح )
( ه ) عن ابن عمر
5658 ما كان منها في طريق الميتاء و القرية الجامعة فعرفها سنة فإن جاء طالبها فادفعها إليه و إن لم يأت فهي لك و ما كان في الخراب ففيها و في الركاز الخمس ( حسن ) ( د ن ) عن ابن عمرو
5659 ما كرهت أن يراه الناس منك فلا تفعله بنفسك إذا خلوت ( حسن )
( حب ت ) عن أسامة بن شريك
الشرح:
أي كنت في خلوة بحيث لا يراك إلا اللّه والحفظة، وهذا ضابط وميزان.
5660 ما كسب الرجل كسبا أطيب من عمل يده و ما أنفق الرجل على نفسه و أهله و ولده و خادمه فهو صدقة ( صحيح ) ( ه ) عن المقدام
5661 ( ما لأحد عندنا يد إلا و قد كافأناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله بها يوم القيامة ) و ما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر و لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا و إن صاحبكم خليل الله )(1/49)
(صحيح ) (ت عن أبي هريرة ) ما بين قوسين ضعيف عند الألباني
انظر ضعيف الجامع رقم: 5130
5662ما لصبيكم هذا يبكي ؟ هلا استرقيتم له من العين (حسن) (حم)عائشة
5663 ( ما لكم و المجالس الصعدات اجتنبوا مجالس الصعدات أما لا فأدوا حقها: غض البصر و رد السلام و إهداء السبيل و حسن الكلام )
(صحيح ) ( حم م ن ) عن أبي طلحة
5664 ما لي أرى عليك حلية أهل النار - يعني خاتم الحديد - ( صحيح )
( 3 ) عن بريدة
5665 ما لي أراكم رافعي أيديكم كأنها أذناب خيل شمس اسكنوا في الصلاة ( صحيح ) ( حم م د ن ) عن جابر بن سمرة
5666 ما لي أراكم عزين ( صحيح ) ( حم م د ن ) عن جابر بن سمرة
الشرح:
(عزين) بتخفيف الزاي مكسورة متحلقين حلقة حلقة جماعة جماعة جمع عزة وهي الجماعة المتفرقة والهاء عوض عن الياء أي ما لي أراكم أشتاتاً متفرقين. قال الطيبي: هذا إنكار منه على رؤية أصحابه متفرقين أشتاتاً، والمقصود الإنكار عليهم كائنين على تلك الحالة يعني لا ينبغي أن تتفرقوا ولا تكونوا مجتمعين بعد توصبتي إياكم بذلك، كيف وقد قال اللّه تعالى {واعتصموا بحبل اللّه جميعاً ولا تفرقوا} ولو قال ما لكم متفرقون لم يفد المبالغة ونظيره قوله تعالى حكاية عن سليمان {ما لي لا أرى الهدهد} أنكر على نفسه عدم رؤيته إنكاراً بليغاً على معنى أنه لا يراه وهو حاضر، وهذا قاله وقد خرج على أصحابه فرآهم حلقاً فذكره ثم قال: ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها يتمون الصف الأول فالأول ويتراصون في الصفوف وهذا لا ينافيه أن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم كان يجلس في المسجد وأصحابه محدقون كالمتحلقين لأنه إنما كره تحلقهم على ما لا فائدة فيه ولا منفعة بخلاف تحلقهم حوله فإنه لسماع العلم والتعلم منه.
5667 ما لي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شيء في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه و إنما التصفيق للنساء ( صحيح )
( حم ق د ن ) عن سهل بن سعد(1/50)
5668 ما لي و للدنيا ! ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح و تركها ( صحيح ) ( حم ت ه ك الضياء ) عن ابن مسعود
الشرح:
(ما لي وللدنيا) أي ليس لي ألفة ومحبة معها ولا أنها معي حتى أرغب فيها أو ألفة وصحبة لي مع الدنيا؟ وهذا قاله لما قيل له ألا نبسط لك فراشاً ليناً ونعمل لك ثوباً حسناً ؟ قال الطيبي: واللام في الدنيا مقحمة للتأكيد إن كانت الواو بمعنى مع وإن كانت للعطف فتقديره ما لي وللدنيا معي (ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) أي ليس حالي معها إلا كحال راكب مستظل قال الطيبي: وهذا تشبيه تمثيلي ووجه الشبه سرعة الرحيل وقلة المكث ومن ثم خص الراكب. ومقصوده أن الدنيا زينت للعيون والنفوس فأخذت بهما استحساناً ومحبة ولو باشر القلب معرفة حقيقتها ومعتبرها لأبغضها ولما آثرها على الآجل الدائم قال عيسى عليه الصلاة والسلام: يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن يبني على موج البحر داراً؟ قالوا: يا روح اللّه ومن يقدر؟ قال: إياكم والدنيا فلا تتخذوها قراراً وقال الحكيم: جعل اللّه الدنيا ممراً والآخرة مقراً والروح عارية والرزق بلغة والمعاش حجة والسعي خيراً ودعا من دار الآفات إلى دار السلام ومن السجن إلى البستان وذلك حال كل إنسان لكن للنفس أخلاق دنية ردية تعمى عن كونها دار ممر وتلهى عن تذكر كون الآخرة دار مقر ولا يبصر ذلك إلا من اطمأنت نفسه وماتت شهوته واستنار قلبه بنور اليقين فلذلك شهد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم هذه الحال في نفسه ولم يضفها لغيره وإن كان سكان الدنيا جميعاً كذلك لعماهم عما هنالك وهذا لما مر بقوم يعالجون خصاً قال: ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك.
5669 ما لي و للدنيا و ما للدنيا و ما لي ! و الذي نفسي بيده ما مثلي و مثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من النهار ثم راح و تركها ( صحيح ) ( حم ك ) عن ابن عباس(1/51)
5670 ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض ( صحيح ) ( ه ) عن أبي بكر
الشرح:
ولهذا سأل موسى ربه عند قبض روحه أن يدنيه من الأرض المقدسة لأنه لا يمكن نقله إليها بعد موته بخلاف غير الأنبياء فإنهم ينقلون من بيوتهم التي ماتوا فيها إلى مدافنهم ومقابرهم فالأفضل في حق من عدا الأنبياء الدفن في المقبرة قال ابن العربي: وهذا الحديث يرد قول الاسرائيلية أن يوسف نقل إلا أن يكون ذلك مستثنى إن صح.
5671 ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا قالوا: يا محمد مر أمتك بالحجامة ( صحيح ) ( ه ) عن أنس ( ت ) عن ابن مسعود
5672 ما مررت ليلة أسري بي بملأ من الملائكة إلا كلهم يقول لي: عليك يا محمد بالحجامة ( صحيح ) ( ت ه ) عن ابن عباس
5673 ما مسخ الله تعالى من شيء فكان له عقب و لا نسل ( صحيح )
( طب ) عن أم سلمة
الشرح:
فليس القردة والخنازير الموجودون الآن أعقاب من مسخ من بني آدم كما زعمه بعض الناس رجماً بالغيب كما مر.
5674 ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه و ثلث لشرابه و ثلث لنفسه ( صحيح )
( حم ت ه ك ) عن المقدام بن معد يكرب
5675 ما من آدمي إلا في رأسه حكمة بيد ملك فإذا تواضع قيل للملك ارفع حكمته و إذا تكبر قيل للملك: دع حكمته ( حسن )
( طب ) عن ابن عباس ( البزار ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/52)
(ما من آدمي) من زائدة كما سبق وهي هنا تفيد عموم النفي وتحسين دخول ما على النكرة (إلا في رأسه حكمة) وهي بالتحريك ما يجعل تحت حنك الدابة يمنعها المخالفة كاللجام والحنك متصل بالرأس (بيد ملك) موكل به (فإذا تواضع) للحق والخلق (قيل للملك) من قبل اللّه تعالى (ارفع حكمته) أي قدره ومنزلته يقال فلان عالي الحكمة، فرفعها كناية عن الاعذار (فإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته) كناية عن إذلاله فإن من صفة الذليل تنكيس رأسه فثمرة التكبر في الدنيا الذلة بين عباد اللّه وفي الآخرة نار الإيثار وهي عصارة أهل النار كما جاء في بعض الأخبار.
5676 ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع حتى يطوق عنقه ( صحيح ) ( ه ) عن ابن مسعود
5677 ما من أحد يدان دينا يعلم الله منه أنه يريد قضاءه إلا أداه الله عنه في الدنيا ( صحيح ) ( حم ن حب ) عن ميمونة
5678 ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ( حسن ) ( حم ت ) عن جابر
الشرح:
000 فكل داع يستجاب له لكن تتنوع الإجابة فتارة تقع بعين ما دعا به وتارة بعوضه بحسب ما تقتضيه مصلحته وحاله فأشار به إلى أن من رحمة اللّه بعبده أن يدعو بأمر دنيوي فلا يستجاب له بل بعوضه خيراً منه من صرف سوء عنه أو ادخار ذلك له في الآخرة أو مغفرة ذنبه وفيه تنبيه على شرف الدعاء وعظم فائدته أعطى العبد المسؤول أو منع، وكفى بالدعاء شرفاً أنه تعالى جعل قلبه بالرغبة إليه ولسانه بالثناء عليه وجوارحه بالمسؤول بين يديه فلو أعطى الملك كله كان ما أعطى من الدعاء أكثر فدل على أن الداعي مجاب لا محالة كما تقرر.
5679 ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام
( حسن ) ( د ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/53)
(ما من أحد يسلم عليَّ إلا رد اللّه علي) وفي رواية إلي قال القسطلاني: وهو ألطف وأنسب إذ بين التعديتين فرق لطيف فإن رد يتعدى كما قال الراغب بعلى في الإهانة وبإلى في الإكرام (روحي) يعني رد علي نطقي لأنه حي على الدوام وروحه لا تفارقه أبداً لما صح أن الأنبياء أحياء في قبورهم (حتى أرد) غاية لرد في معنى التعليل أي من أجل أن أرد (عليه السلام) هذا ظاهر في استمرار حياته لاستحالة أن يخلو الوجود كله من أحد يسلم عليه عادة ومن خص الرد بوقت الزيارة فعليه البيان فالمراد كما قال ابن الملقن وغيره بالروح النطق مجازاً وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة وهو في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدته مأخوذ عن النطق بسبب ذلك000000
5680 ما من أربعين من مؤمن يستغفرون لمؤمن إلا شفعهم الله فيه
( صحيح ) ( ه ) عن ابن عباس
5681 ما من الأنبياء من نبي إلا و قد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر و إنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/54)
(ما من الأنبياء من نبي) الأولى زائدة والثانية بيانية (إلا وقد أعطي من الآيات) أي المعجزات (ما) موصوفة بمعنى شيئاً أو موصولة (مثله) بمعنى صفته وهو مبتدأ وخبره (آمن عليه البشر) والجملة الاسمية صفة ما أو صلتها والجار والمجرور متعلق بآمن لتضمنه معنى الإطلاع أو بحال محذوف أي ليس نبي إلا أعطاه اللّه من المعجزات شيئاً من صفته أنه إذا شوهد اضطر المشاهد إلى الإيمان به فإذا مضى زمنه انقضت تلك المعجزة (وإنما كان الذي أوتيته) من المعجزات أي معظمه وإلا فمعجزاته لا تحصى (وحياً) قرآناً (أوحاه اللّه إلي) مستمراً على مر الدهور ينتفع به حالاً ومآلاً وغيره من الكتب ليست معجزته من جهة النظم والبلاغة فانقضت بانقضاء أوقاتها فحصره المعجزة في القرآن ليس لنفيها عن غيره بل لتميزه عنها بما ذكر وبكونه المعجزة الكبرى الباقية المستمرة المحفوظة عن التغيير والتبديل الذي تقهر المعاند وتفحمه فكأن المعجزات كلها محصورة فيه ونظيره {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم} أي إنما المؤمنون الكاملون في الإيمان {إنما أنت منذر} أي بالنسبة لمن لا يؤمن {إنما أنا بشر مثلكم} أي بالنسبة لعدم الإطلاع على بواطن الأمور {إنما الحياة الدنيا لعب ولهو} أي بالنسبة لمن آثرها (فأرجو) أي أؤمل (أن أكون أكثرهم تبعاً يوم القيامة) أراد اضطرار الناس إلى الإيمان به إلى يوم القيامة وذكر ذلك على وجه الترجي لعدم العلم بما في الأقدار السابقة.
5682 ما من القلوب قلب إلا و له سحابة كسحابة القمر بينما القمر يضيء إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت ( حسن ) ( طس ) عن علي
الشرح:
سببه كما في الفردوس أن عمر سأل علياً فقال الرجل يحدث الحديث إذ نسيه إذ ذكره فقال علي سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره000
5683 ما من الناس من مسلم يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ( صحيح )(1/55)
( خ ن ) عن أنس ( خ ) عن أبي هريرة وأبي سعيد
5684 ما من الناس من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم و أن لها الدنيا و ما فيها غير الشهداء و لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن يكون لي أهل الوبر و المدر (حسن) (حم ن)عن عبد الرحمن بن أبي عميرة
5685 ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة و الخلة و المسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته و حاجته و مسكنته ( صحيح )
( حم ت ) عن عمرو بن مرة
الشرح:
(ما من إمام أو وال) يلي من أمور الناس شيئاً وفي رواية ما من إمام ولا وال (يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة) بفتح المعجمة (والمسكنة) أي يمنعهم من الولوج عليه وعرض أحوالهم عليه ويترفع عن استماع كلامهم (إلا أغلق اللّه أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته) يعنى منعه عما يبتغيه وحجب عنه دعاءه من الصعود إليه جزاء وفاقاً، قال ابن حجر: فيه وعيد شديد لمن كان حاكماً بين الناس فاحتجب لغير عذر لما فيه من تأخير إيصال الحقوق أو تضييعها والفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو لم يحصل لاختل أمره، والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل لكن ربما يبلغ حد الاضطرار بحيث لو فقد لامتنع التعيش، والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بأنه الذي لا شيء له، ذكره القاضي.
5686 ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها و خشوعها و ركوعها إلا كانت كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة و ذلك الدهر كله ( صحيح ) ( م ) عن عثمان
الشرح:(1/56)
(ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة) أي يدخل وقتها وهو من أهل الوجوب قال القاضي: المكتوبة المفروضة من كتب كتاباً إذ فرض وهو مجاز من الكتبة فإن الحاكم إذا كتب شيئاً على أحد كان ذلك حكماً وإلزاماً (فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها) أي وسائر أركانها بأن أتى بكل من ذلك على أكمل هيئاته من فرض وسنة قال القاضي: إحسان الوضوء الإتيان بفرائضه وسننه وخشوع الصلاة الإخبات فيها بانكسار الجوارح وإخباتها أن تأتي بكل ركن على وجه أكثر تواضعاً وخضوعاً وتخصيص الركوع بالذكر تنبيه على إنافته على غيره وتحريض عليه فإنه من خصائص صلاة المسلمين (إلا كانت) تلك الصلاة (كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة) أي لم يعمل بها ولفظ رواية مسلم ما لم يؤت بكسر التاء من الإيتاء على بناء الفاعل والأكثر ما لم تؤت بالبناء للمفعول وكان الفاعل يعطى العمل أو يعطيه الداعي له والمحرض عليه أو الممكن منه، ذكره القاضي، والمراد بها تكون مكفرة لذنوبه الصغائر لا الكبائر فإنها لا تغفر بذلك وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا يغفر شيء (وذلك الدهر كله) قال القاضي: الإشارة إلى التكفير أي لو كان يأتي بالصغائر كل يوم ويؤدي الفرائض كما لا يكفر كل فرض ما قبله من الذنوب أو إلى ما قبلها أي المكتوبة تكفر ما قبلها ولو كانت ذنوب العمر كله والدهر منصوب على الظرف وكله تأكيد له فإن صدر منه مكفرات لجماعة وموافقة تأمين وصوم عاشوراء ونحو ذلك ولم يجد صغيرة يكفرها فالرجا أنه يخفف من الكبائر فإن لم تكن كبيرة رفع بها درجة.
5687 ما من امرئ مسلم يعود مسلما إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي و أي ساعات الليل كان حتى يصبح ( صحيح ) ( حب ) عن علي
5688 ما من امرئ مسلم ينقي لفرسه شعيرا ثم يعلقه عليه إلا كتب الله له بكل حبة حسنة ( صحيح ) ( حم هب ) عن تميم
الشرح:(1/57)
(ما من امرئ مسلم ينقي لفرسه شعيراً) أو نحوه مما يأكله الخيل
5689 ما من امرئ يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يصلي الصلاة إلا غفر له ما بينه و بين الصلاة الأخرى حتى يصليها ( صحيح ) ( ن حب ) عن عثمان
5690 ما من امرئ يخذل امرءا مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته و ما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه و ينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته ( حسن )
( حم د الضياء ) عن جابر وأبي طلحة بن سهل
الشرح:
(ما من امرئ يخذل) بذال معجمة مضمومة قال تعالى {وإن يخذلكم} (امرءاً مسلماً) أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ولا ينصره (في موضع ينتقص فيه من عرضه) بكسر العين (وينتهك فيه من حرمته) بأن يتكلم فيه بما لا يحل والحرمة هنا ما لا يحل انتهاكه قال الجوهري: انتهك عرضه بالغ في شتمه (إلا خذله اللّه في موطن يحب فيه نصرته) أي في موضع يكون فيه أحوج لنصرته وهو يوم القيامة فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم دنيوياً كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فلا يدفعه أو أخروياً كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك (وما من أحد ينصر مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره اللّه في موطن يحب فيه نصرته) وهو يوم القيامة 000
5691 ما من امرئ يكون له صلاة بالليل فيغلبه عليها النوم إلا كتب الله تعالى له أجر صلاته و كان نومه عليه صدقة ( صحيح )( د ن ) عن عائشة
الشرح:
مكافأة له على نيته، قالوا: وهذا فيمن تعود ذلك الورد ووقع له عليه النوم أحياناً.
5692 ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها و بين الله
( صحيح ) ( د ت ) عن عائشة
5693 ما من أمة إلا و بعضها في النار و بعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة ( صحيح ) ( خط ) عن ابن عمر
الشرح:(1/58)
قال المظهر: هذا مشكل إذ مفهومه أن لا يعذب أحد من أمته حتى أهل الكبائر وقد ورد أنهم يعذبون إلا أنه يؤول بأنه أراد بأمته هنا من اقتدى به كما ينبغي واختصاصهم من بين الأمم بعناية اللّه ورحمته وأن المصائب في الدنيا مكفرة لهم.
5694 ما من أمير إلا و له بطانتان من أهله بطانة تأمره بالمعروف و تنهاه عن المنكر و بطانة لا تألوه خبالا فمن وقي شرها فقد وقي و هو من التي تغلب عليه منهما ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة
5695 ما من أمير عشرة إلا و هو يؤتى به يوم القيامة مغلولا حتى يفكه العدل أو يوبقه الجور ( صحيح ) ( هق ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما من أمير عشرة ) أي فما فوقها كما تدل له الرواية المارة (إلا وهو يؤتى به يوم القيامة) للحساب (ويده مغلولة) أي والحال أن يده مشدودة إلى عنقه حتى يفكه العدل (أو يوتغه) أي يهلكه (الجور) عطف على يفك فيكون غاية قوله يؤتى به يوم القيامة إلخ أي لم يزل كذلك حتى يحله العدل أو يهلكه الظلم أي لا يفكه من الغل إلا الهلاك بمعنى أنه يرى بعد الفك ما الغل في جنبه السلامة كما قال تعالى {وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين} ذكره كله الطيبي ويوتغه بمثناة فوقية فمعجمة قال الزمخشري: وتغ وتغاً إذا هلك وأوتغه غيره.
5696 ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة و يده مغلولة إلى عنقه
( صحيح ) ( هق ) عن أبي هريرة
الشرح:
(ما من أمير عشرة) أي فصاعداً (إلا يؤتى به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه) زاد في رواية أحمد لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل قال ابن بطال: هذا وعيد شديد على دلالة الجور فمن ضيع من استرعاه أو خانه أو ظلمه فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة.
5697 ما من أمير يلي أمر المسلمين ثم لا يجهد لهم و ينصح إلا لم يدخل معهم الجنة ( صحيح ) ( م ) عن معقل بن يسار
5698 ما من أهل بيت يغدو عليهم فدان إلا ذلوا ( صحيح )
( طب ) عن أبي أمامة
الشرح:(1/59)
(فدان) بالتشديد آلة الحرث وثورين يحرث عليهما في قران جمعه فدادين وقد يخفف (إلا ذلوا) فقل ما خلوا عن مطالبة الولاة بخراج أو عشر فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرضها للذل فلا فرق بين كونه عاملاً بنفسه أو غيره وليس هذا ذماً للزراعة فإنها محمودة مثاب عليها لكثرة أكل العوافي منها إذ لا تلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب العقبى.
5699 ما من بعير إلا في ذروته شيطان فإذا ركبتموها فاذكروا نعمة الله تعالى عليكم كما أمركم الله ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله تعالى
( حسن ) ( حم ك ) عن أبي الأوس الخزاعي
الشرح:
(ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان فإذا ركبتموها) أي الإبل (فاذكروا نعمة اللّه تعالى عليكم كما أمركم اللّه) في القرآن (ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل اللّه عز وجل) فلا تنظروا إلى ظاهر هزالها وعجزها.
5700 ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم و ابنها ( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/60)
(ما من بني آدم مولود إلا يمسه) في رواية إلا ينخسه (الشيطان) أي يطعنه بأصبعه في جنبه. قال الطيبي: يحتمل أن تكون ما بمعنى ليس بطل عملها لتقديم الخبر على المبتدأ وإلا لغو لأن الاستثناء مفرغ والاستثناء حال من الضمير المستتر في الظرف (حين يولد فيستهل) أي يرفع المولود صوته (صارخاً) أي باكياً. الصراخ الصوت، والمراد هنا البكاء أي فسبب صراخه أول ما يولد (من) ألم (مس الشيطان) بأصبعه حالتئذ وهذا مطرد في كل مولود (غير مريم) بنت عمران الصديقة بنص القرآن (وابنها) روح اللّه عيسى فإنه ذهب ليطعن فطعن في الحجاب الذي في المشيمة وهذا الطعن ابتداء التسلط فحفظ منه مريم وابنها ببركة قول أمها {أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم} كذا ذكره بعضهم، واعترض بأن الاستعاذة كانت بعد وضعها والمس كان حال الولادة فقد يكون استعاذتها من الإغواء. قال ابن حجر: والحاصل أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته لكن من كان من المخلصين لم يضره ذلك ويستثنى منهم مريم وابنها فإنه ذهب يمس فخيل بينهما فهذا وجه الاختصاص 00000
5701 ما من ثلاثة في قرية و لا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية ( حسن )
( حم د ن حب ك ) عن أبي الدرداء
الشرح:
(إلا استحوذ عليهم الشيطان) أي استولى عليهم وجرهم إليه (فعليكم بالجماعة) أي الزموها (فإنما يأكل الذئب) الشاة (القاصية) أي المنفردة عن القطيع فإن الشيطان مسلط على مفارق الجماعة. قال الطيبي: هذا من الخطاب العام الذي لا يختص بسامع دون آخر تفخيماً للأمر، شبه من فارق الجماعة التي يد اللّه عليهم ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان بشاة منفردة عن القطيع بعيدة عن نظر الراعي ثم تسلط الذئب عليها وجعلها فريسة له.
5702 ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع حتى يرجع ( صحيح )(1/61)
( حم ه حب ك ) عن صفوان بن عسال
الشرح:
(ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم) أي الشرعي بقصد التقرب إلى اللّه تعالى (إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع حتى يرجع) قال حجة الإسلام: هذا إذا خرج إلى طلب العلم النافع في الدين دون الفضول الذي أكب الناس عليه وسموه علماً. والعلم النافع ما يزيد في خوفك من اللّه ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك وآفات عملك وزهدك في الدنيا فإن دعتك نفسك إلى الخروج في طلب العلم لغير ذلك فاعلم أن الشيطان قد دس في قلبك الداء الدفين وهو حب المال والجاه فإياك أن تغتر به فتكون ضحكة له فتهلك ثم يسخر بك.
5703 ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من: اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا و الآخرة ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
5704 ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي و قطيعة الرحم ( صحيح )
( حم خد د ت ه حب ك ) عن أبي بكرة
الشرح:
(أجدر) بسكون الجيم أحق والذي رأيته في أصول صحيحة من الأدب المفرد بدل أجدر أحرى (أن يعجل اللّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) لأن البغي من الكبر وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة والرحم القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أن هجر فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد أما قطيعتها بترك الإحسان فليس بكبير قال الحليمي: بين بهذا الخبر أن الدعاء بما فيه إثم غير جائز لأنه جرأة على اللّه ويدخل فيه ما لو دعا بشر على من لا يستحقه أو على نحو بهيمة وقال في الإتحاف: فيه تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين.(1/62)
5705 ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم و الخيانة و الكذب و إن أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم و يكثر عددهم إذا تواصلوا ( صحيح ) ( طب ) عن أبي بكرة
الشرح:
(والخيانة) في كيل أو وزن أو غيرهما (والكذب) الذي لغير مصلحة (وإن أعجل الطاعة ثواباً صلة الرحم) وحقيقة الصلة العطف والرحمة (حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا) لأن أصل الرحمات شجنة معلقة بالعرش فأنزل اللّه تعالى منها رحمة واحدة قسمها بين خلقه يترأفون بها ويتعاطفون بها فمن قطعها فقد انقطع من رأفة اللّه فلذلك تعجلت عقوبته في الدنيا ومن ثم قيل أعجل البر صلة الرحم وأسرع الشر عقاباً الكذب وقطيعة الرحم لأن الأمانة في الأقوال كالأفعال معلقة بالإيمان وقطيعة الرحم من الانقطاع من الرحمة المعلقة بالعرش.
5706 ما من راكب يخلو في مسيره بالله و ذكره إلا كان ردفه ملك و لا يخلو بشعر و نحوه إلا كان ردفه شيطان ( حسن )(طب)عن عقبة بن عامر
الشرح:
(ما من راكب يخلو في مسيره باللّه وذكره إلا ردفه ملك) أي ركب معه خلفه (ولا يخلو بشعر ونحوه) كحكايات مضحكة وبحث في علوم غير شرعية وغيبة ونميمة (إلا كان ردفه شيطان) لأن القلب الخالي عن ذكر اللّه محل استقرار الشيطان. وجاء في بعض الأخبار أن قرآن الشيطان الشعر ومؤذنه المزمار والكلام في الشعر المذموم.
5707 ما من رجل له مال لا يؤدي حق ماله إلا جعل له طوقا في عنقه و هو شجاع أقرع و هو يفر منه و هو يتبعه (صحيح) (حم ن)عن ابن مسعود
5708 ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه ( صحيح ) ( حم م د ) عن ابن عباس
الشرح:(1/63)
(أربعون) وفي رواية مائة (رجل لا يشركون باللّه شيئاً) أي لا يجعلون مع اللّه إلهاً آخر وفي رواية ما من ميت يصلي عليه أمة من الأمم المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون فيه (إلا شفعهم اللّه فيه) أي قبل شفاعتهم في حقه وفي خبر آخر ثلاثة صفوف ولا تعارض إما لأنها أخبار جرت على وفق سؤال السائلين أو لأن أقل الأعداد متأخر ومن عادة اللّه الزيادة في فضله الموعود وأما قول النووي مفهوم العدد غير حجة فرد بأن ذكر العدد حينئذ يصير عبثاً.
5709 ما من رجل مسلم يموت له ثلاثة من ولده لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم ( صحيح ) ( حم خ ن ) عن أنس
5710 ما من رجل يتطهر يوم الجمعة كما أمر ثم يخرج من بيته حتى يأتي الجمعة و ينصت حتى تقضى صلاته إلا كان كفارة لما قبله من الجمعة
( صحيح ) ( ن ) عن سلمان
5711 ما من رجل يتعاظم في نفسه و يختال في مشيته إلا لقي الله تعالى و هو عليه غضبان ( صحيح ) ( حم خد ك ) عن ابن عمر
الشرح:(1/64)
(ويختال في مشيته) بكسر الميم (إلا لقي اللّه تعالى) يوم القيامة (وهو عليه غضبان) لأنه لا يحب المستكبرين وقد أفاد هذا الوعيد أن التعاظم والمشي باختيال من الكبائر ولذلك عده الذهبي منها، قال: وأشر الكبر من تكبر على العباد بعلمه وتعاظم في نفسه بفضيلته قال: وهذا علمه وبال عليه إذ من طلب العلم للآخرة خشع قلبه واستكانت نفسه وكان على نفسه بالمرصاد فلم يغتر عن محاسبتها كل وقت ومن طلب العلم للفخر والرياسة ونظر للناس شزراً وتحامق عليهم وازدراهم فهذا من أكبر الكبر ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر ولا حول ولا قوة إلا باللّه. واعلم أن حقيقة الكبر لا توجد في إنسان إلا أن يعتقد لنفسه مزية فوق مزيته فالكبر يستدعي مستكبراً به ومتكبراً عليه وبه ينفصل عن العجب وله أسباب وبواعث فمن أسبابه الحسب ومن بواعثه العجب والحقد والحسد ودواؤه أن يعرف نفسه ويستحضر عظمة ربه وكبرياءه ويلحظ نفسه وحقارتها وينظر إلى ما يشتمل عليه باطنه وظاهره فإن القدر يجري على جميع أجزائه فالعذرة في جميع أمعائه والبول في مثانته والمخاط في أنفه والبصاق في فيه والوسخ في أذنيه والدم في عروقه والصديد تحت سرته ويتردد في اليوم مراراً للخلاء ثم إنه في أول خلقته خلق من الأقذار من النطفة ودم الحيض وجرى في مجرى البول مرتين فواعجبا له كيف يتكبر!!.
5712 ما من رجل يجرح في جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق ( صحيح ) ( حم الضياء ) عن عبادة
الشرح:(1/65)
(إلا كفر اللّه تعالى عنه) من ذنوبه (مثل ما تصدق) به {إن اللّه لا يضيع أجر المحسنين} فالمسلم يجازى على خطاياه في الدنيا بالآلام والأسقام والمصائب التي يقع فيها فتكون كفارة لها وقد أخرج ابن حبان عن عائشة أن رجلاً تلا هذه الآية {من يعمل سوء يجز به} فقال: إنا إن كنا لنجزى بكل ما علمناه هلكنا إذاً، فبلغ ذلك المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقال: نعم يجزى به في الدنيا من مصيبة في جسده مما يؤذيه.
5713 ما من رجل يحفظ علما فكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجما بلجام من نار ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
5713 / 1 ( ما من رجل يدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة ) ( حسن ) ( ه ) عن ابن عباس
وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في
صحيح ابن ماجه رقم: 2960 حسن
5714 ما من رجل يدعو بدعاء إلا استجيب له فإما أن يعجل له في الدنيا و إما أن يدخر له في الآخرة ( و إما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا) ما لم يدع بإثم أوقطيعة رحم أو يستعجل يقول:دعوت ربي فما استجاب لي)
( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5177
5715 ما من رجل يسلك طريقا يطلب فيه علما إلا سهل الله له طريق الجنة و من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه (صحيح)(د ك)عن أبي هريرة
5716 ما من رجل يصلي عليه مائة إلا غفر له ( صحيح )
( طب حل ) عن ابن عمر
الشرح:
(ما من رجل) ميت (يصلي عليه مائة إلا غفر له) قال التوربشتي: لا تناقض بينه وبين خبر الأربعين لأن أمثال هذا يكون أقل العددين فيه متأخراً لأنه تعالى إذا وعد المغفرة في شيء واحد مرتين وأحدهما أكثر لا ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك اهـ وقال ابن جرير: فينبغي لأهل الميت أن ينتظروا بالصلاة عليه ما لم يخف تغيره اجتماع مائة فإن لم يتيسر فأربعين فإن لم يبلغوها جعلوا ثلاثة صفوف.(1/66)
5717 ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح و من أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي ( صحيح ) ( د ك ) عن علي
الشرح:
(ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح) أي يدخل في الصباح (ومن أتاه مصبحاُ خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي) زاد الحاكم في روايته وكان له خريف في الجنة، وذكر السبعين ألف يحتمل أن المراد به التكثير جداً كما في نظائره، والاستغفار طلب المغفرة من اللّه تعالى له.
5718 ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يده إلى عنقه فكََّه بِرُّهُ أو أوثقهُ إثمُهُ أوَّلها ملامة و أوسطها ندامة و آخرها خزيٌ يوم القيامة ( حسن ) ( حم ) عن أبي أمامة
الشرح:
000 (أولها) أي الإمارة (ملامة وأوسطها ندامة) إشارة إلى أن من يتصدى للولاية فالغالب كونه غراً غير مجرب للأمور فينظر إلى ملاذها فيجهد في طلبها ثم إذا باشرها ولحقته تبعاتها واستشعر بوخامة عاقبتها ندم (وآخرها خزي يوم القيامة) لما يؤتى به من الأصفاد والأغلال ويوقف على متن الصراط في أسوأ حال00000
5719 ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل الله يوم القيامة في عنقه شجاعا أقرع و من اقتطع مال أخيه المسلم بيمين لقي الله و هو عليه غضبان ( صحيح ) ( ت ) عن ابن مسعود
5720 ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة ( حسن ) ( حل هب ) عن عائشة
الشرح:
(ما من ساعة تمر بابن آدم) من عمره (لم يذكر اللّه فيها إلا حسر عليها يوم القيامة) أي قبل دخول الجنة إذ هي لا حسرة فيها ولا ندامة.
5721 ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق ( صحيح )
( حم د ) عن أبي الدرداء
الشرح:(1/67)
(ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به) أي بحسن خلقه (درجة صاحب الصوم والصلاة) قال الطيبي: المراد به نوافلها قال ابن حجر: الصحيح أن الأعمال هي التي توزن ففيه رد على الطيبي حيث قال: إنما توزن صحفها لأن الأعمال أعراض فلا توصف بثقل ولا خفة والحق عند أهل السنة أن الأعمال تجسد أو تجعل في أجسام فتصير أعمال الطائعين في صورة حسنة وأعمال المسيئين في صورة قبيحة ثم توزن.
5722 ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته في مقامي هذا حتى الجنة و النار و لقد أوحي إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال يؤتى أحدكم فيقال له: ما علمك بهذا الرجل ؟ فأما المؤمن أو الموقن فيقول: هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات و الهدى فأجبنا و آمنا و اتبعنا هو محمد ثلاثا فيقال له: نم صالحا قد علمنا إن كنت لموقنا به و أما المنافق أو المرتاب فيقول: لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته ( صحيح )
( حم ق ) عن أسماء بنت أبي بكر
5723 ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة و حط عنه بها خطيئة ( صحيح ) ( م ) عن عائشة
5724 ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من سيئاته ( صحيح ) ( حم ك ) عن معاوية
الشرح:
(ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه) فصبر واحتسب كما في رواية (إلا كفر اللّه به عنه من سيئاته) ولهذا قال بعضهم: العبد ملازم للجنايات في كل أوان وجناياته في طاعته أكثر من جناياته في معاصيه لأن جناية المعصية من وجه وجناية الطاعة من وجوه واللّه يطهر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ليخفف عنه أثقاله يوم القيامة ولولا عفوه ومغفرته ورحمته لهلك في أول خطيئته.(1/68)
(تنبيه) زعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب جعل اللّه هذه المصيبة كفارة لذنبك لأن الشارع قد جعلها كفارة فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل وهو إساءة أدب على الشرع، ونوزع بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وسؤال الوسيلة له، وأجيب بأن الكلام فيما لم يرد فيه شيء أما الوارد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك.
5725 ما من شيء يصيب المؤمن من نصب و لا حزن و لا وصب حتى الهم يهمه إلا يكفر الله به عنه من سيئاته ( صحيح ) ( ت ) عن أبي سعيد
5726 ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق و إن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم و الصلاة ( صحيح )
( ت ) عن أبي الدرداء
5727 ما من صاحب إبل و لا بقر و لا غنم لا يؤدي زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت و أسمنه تنطحه بقرونها و تطؤه بأخفافها كلما نفذت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضى بين الناس ( صحيح )
( ن ه حب ) عن أبي ذر
5728 ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت قط و أقعد لها بقاع قرقر تستن عليه بقوائمها و أخفافها ; و ما من صاحب بقر لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت و أقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها و تطؤه بقوائمها ; و لا صاحب غنم لا يفعل فيها حقها إلا جاءت يوم القيامة أكثر ما كانت و أقعد لها بقاع قرقر تنطحه بقرونها و تطؤه بأظلافها ليس فيها جماء و لا منكسر قرنها ; و لا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرا فاه فإذا أتاه فر منه فيناديه ربه عز و جل: خذ كنزك الذي خبأته فأنا أغنى منك فإذا رأى أنه لا بد له منه سلك يده في فيه فيقضمها قضم الفحل ( صحيح )
( حم م ن ) عن جابر(1/69)
5729 ما من صاحب ذهب و لا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه و جبينه و ظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار ; و لا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها و من حقها حلبها يوم ورودها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلا واحدا تطؤه بأخفافها و تعضه بأفواهها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة و إما إلى النار ; و لا صاحب بقر و لا غنم لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء و لا جلحاء و لا عضباء تنطحه بقرونها و تطؤه بأظلافها كلما مر عليه أولاها رد عليه أخراها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار(صحيح)(حم م د ن)عن أبي هريرة
5730 ما من صلاة مفروضة إلا و بين يديها ركعتان ( صحيح )
( حب طب ) عن عبدالله بن الزبير
5731 ما من عام إلا و الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم ( صحيح )
( ت ) عن أنس
الشرح:
يعني به ذهاب العلماء وانقراض الصلحاء، وخرج ابن جميع عن ابن عباس: ما بكيت من دهر إلا بكيت عليه * رب يوم بكيت منه فلما * صرت في غيره بكيت عليه
5732 ما من عبد إلا و له صيت في السماء فإن كان صيته في السماء حسنا وضع في الأرض و إن كان صيته في السماء سيئا وضع في الأرض
( صحيح ) ( البزار ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/70)
(ما من عبد إلا وله صيت في السماء) أي ذكر وشهوة بحسن أو قبيح قال ابن حجر: الصيت بكسر فسكون أصله الصوت كالريح من الروح والمراد به الذكر الجميل وربما قيل لضده لكن مقيداً (فإن كان صيته في السماء حسناً وضع في الأرض) ليستغفر له أهلها ويعاملوه بأنواع المهابة وصنوف الجلالة وينظروا إليه بعين الود (وإن كان صيته في السماء سيئاً وضع في الأرض) كذلك وأصل ذلك ومنبعه محبة اللّه للعبد أو عدمها فمن أحبه اللّه أحبه أهل مملكته ومن أبغضه أبغضه أهل مملكته ويؤخذ من ذلك أن محبة القلوب للعباد علامة على محبة اللّه والعكس بالعكس.
5733 ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة و إن زنا و إن سرق و إن زنا و إن سرق و إن رغم أنف أبي ذر ( صحيح )
( حم ق ) عن أبي ذر
5734 ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عون
( صحيح ) ( حم ك ) عن عائشة
الشرح:
على أدائه وفي رواية لأحمد إلا كان معه من اللّه عون وحافظ وفي رواية من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من اللّه حارس. رواه كله أحمد، وفي رواية كان له من اللّه عون وسبب له رزقاً.
5735 ما من عبد مؤمن إلا و له ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتنا توابا نسيا إذا ذكر ذكر ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس
الشرح:(1/71)
(يعتاده الفينة بعد الفينة) أي الحين بعد الحين والساعة بعد الساعة يقال لقيته فينة والفينة وهو ما يتعاقب عليه التعريفان العلمي والكلامي ذكره الزمخشري قال: وله ذنب صفة والواو مؤكدة ومحل الصفة مرفوع محمول على محل الجار والمجرور لأنك لا تقول ما من أحد في الدار إلا كريم كما لا تقول إلا عبد اللّه ولكنك ترفعهما على المحل (أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبداً حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتناً) بالتشديد أي ممتحناً يمتحنه اللّه بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى والمفتن الممتحن الذي فتن كثيراً (تواباً نسياً إذا ذكر ذكر) أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب هكذا يقال فتنه يفتنه إذا امتحنه وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختيار للمكروه ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر ثم ذكره الطيبي.
5736 ما من عبد مسلم توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى لله في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة ( صحيح )
( م ) عن أم حبيبة
5737 ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك: و لك بمثل
( صحيح ) ( م د ) عن أبي الدرداء
الشرح:
(ما من عبد مسلم يدعو لأخيه في ظهر الغيب) أي في غيبة المدعو له (إلا قال الملك) في رواية المتوكل به (ولك بمثل) بكسر الميم وسكون المثلثة على الأشهر وروي بفتحهما وتنوينه عوض من المضاف إليه يعني بمثل ما دعوته وهذا بالحقيقة دعاء من الملك بمثل ما دعاه لأخيه وما قيل إن معناه ولك بمثل ما دعوته أي بثوابه فركيك.
5738 ما من عبد يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الطهور ثم يقوم فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله بذلك الذنب إلا غفر الله له ( صحيح )
( حم 4 حب ) عن أبي بكر
5739 ما من عبد يرفع يديه ( حتى يبدو إبطه ) يسأل الله مسألة إلا آتاه إياها ما لم يَعجَل يقول: قد سألت و سألت فلم أعط شيئا
( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5204(1/72)
5740 ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت و هو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ( صحيح ) ( ق ) عن معقل بن يسار
الشرح:
(ما من عبد يسترعيه اللّه رعية) أي يفوض إليه رعاية رعية وهي بمعنى المرعية بأن ينصبه إلى القيام بمصالحهم ويعطيه زمام أمورهم والراعي الحافظ المؤتمن على ما يليه من الرعاية وهي الحفظ (يموت) خبر ما (يوم يموت) الظرف مقدم على عامله (وهو غاش) أي خائن (لرعيته) المراد يوم يموت وقت إزهاق روحه وما قبله من حالة لا تقبل فيها التوبة لأن النائب من خيانته تقصيره لا يستحق هذا الوعيد (إلا حرم اللّه عليه الجنة) أي إن استحل أو المراد يمنعه من دخوله مع السابقين الأولين وأفاد التحذير من غش الرعية لمن قلد شيئاً من أمرهم فإذا لم ينصح فيما قلد أو أهمل فلم يقم بإقامة الحدود واستخلاص الحقوق وحماية البيضة ومجاهدة العدو وحفظ الشريعة ورد المبتدعة والخوارج فهو داخل في هذا الوعيد الشديد المفيد لكون ذلك من أكبر الكبائر المبعدة عن الجنة، وأفاد بقوله يوم يموت أن التوبة قبل حالة الموت مفيدة.
5741 ما من عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة و حط عنه بها خطيئة ( صحيح ) ( حم ت ن حب ) عن ثوبان
الشرح:(1/73)
(ما من عبد يسجد للّه سجدة) أي في الصلاة فخرج سجود التلاوة والشكر فإنه لا يؤمر بكثرته ولا يحث عليها لأنه إنما يشرع لعارض كما مر (إلا رفعه اللّه بها درجة وحط عنه بها خطيئة) زاد في حديث عبادة وأبي ذر وكتب اللّه له بها حسنة قال الزين العراقي: وإسناده صحيح وزيادة الثقة مقبولة، فإن قيل ما الفرق بين رفع الدرجة وكتب الحسنة فقد يكون رفع الدرجة بسبب كتابة الحسنة قلنا رفع الدرجة وإن كان بسبب اكتساب الحسنة فالسبب غير المسبب فهما شيئان وأيضاً رفع الدرجة قد لا يكون مرتباً على اكتسابه الحسنة فقد يمحى بكتابتها سيئة أخرى وهذا الحديث قد احتج به من فضل إطالة السجود على إطالة القيام ووجهه أيضاً بأن أول سورة نزلت وهي {اقرأ} ختمها بقوله {واسجد واقترب} وبأن السجود يقع من المخلوقات كلها علويها وسفليها وبأن الساجد أذل ما يكون لربه وأخضع له وذلك أشرف حالات العبد وبأن السجود سر العبودية فإنها هي الذل والخضوع وأذل ما يكون العبد وأخضع إذا كان ساجداً.
5742 ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة و حط عنه بها سيئة و رفع له بها درجة فاستكثروا من السجود ( صحيح )
( ه طب الضياء ) عن عبادة بن الصامت
5743 ما من عبد يصرع صرعة من مرض إلا بعثه الله منها طاهرا
( صحيح ) ( طب الضياء ) عن أبي أمامة
الشرح:(1/74)
لأن المرض تمحيص للذنوب والمؤمن متلوث بالشهوات متوسخ بالخطيئات فإذا أسقمه اللّه طهره وصفاه كالفضة تلقى في كيرها فبنفخه يزول خبثها وصفو دنسها فتصلح للضرب. وظاهره الشمول لجميع الذنوب لكن خصه الجمهور بالصغائر لاشتراطه اجتناب الكبائر في الخبر المار فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا القيد قال ابن حجر: ويحتمل أن معنى الأحاديث المؤذنة بالتعميم أن ذلك صالح لتكفير الذنوب فيكفر به ما شاء من الذنوب مما يكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته ثم المراد بتكفير الذنب ستره أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة.
5744 ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر ( حسن ) ( حم ه الضياء ) عن عامر بن ربيعة
الشرح:
التخيير بين الإعلام بما فيه الخيرة في المخير فيه تحذير من التفريط في تحصيله فهو قريب من معنى التهديد.
5745 ما من عبد يقول في صباح كل يوم و مساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض و لا في السماء و هو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء ( صحيح ) ( ت ه ك ) عن عثمان
5746 ما من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الآخرة و يبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم
( صحيح ) ( حم م د ن ه ) عن ابن عمرو
الشرح:(1/75)
(ما من غازية) أي ما من جماعة غازية (تغزو) بالإفراد والتأنيث للفظ غازية والمراد الجيش الذي يخرج للجهاد في سبيل اللّه (أو سرية) هي قطعة من الجيش سميت به لأنها تسري في خفية من سرى يسري إذا سار ليلاً أو لأنها تسرى أي تختار من الجيش وجمع بينهما لينبه على إثبات الحكم للقليل والكثير منهم فلا ملجئ لجعله شكاً من بعض الرواة (في سبيل اللّه فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم) السلامة والغنيمة (من الأجر ويبقى لهم الثلث) ينالونه في الآخرة بمحاربتهم أعداء اللّه (فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم) والغزاة إذا سلموا وغنموا أجرهم أقل ممن لم يسلم ولم يغنم قال النووي: هذا هو الصواب السالم عن المعارض ولا يعارضه خبر الشيخين إن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة لأنه لم يتعرض لكون الغنيمة تنقص الأجر أو لا ولا قال أجره كأجر من لم يغنم بل أطلق فحمل على هذا المقيد0000
5747 ما من قلب إلا و هو معلق بين إصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه و إن شاء أزاغه و الميزان بيد الرحمن يرفع أقواما و يخفض آخرين إلى يوم القيامة ( صحيح ) ( حم ه ك ) عن النواس
الشرح:
قال الفخر الرازي: هذا عبارة عن كونه مقهوراً محدوداً مقصوراً مغلوباً متناهياً وكلما كان كذلك امتنع أن يكون له إحاطة بما لا نهاية له
5748 ما من قوم يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة و غشيتهم الرحمة و نزلت عليهم السكينة و ذكرهم الله فيمن عنده ( صحيح )
( ت ه ) عن أبي هريرة وأبي سعيد
الشرح:(1/76)
(ما من قوم يذكرون اللّه) أي يجتمعون لذكره بنحو تسبيح وتحميد وتهليل وتلاوة وعلم شرعي (إلا حفت) أي أحاطت (بهم الملائكة) يعني دارت حولهم (وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة) أي الوقار والخشية والذكر سبب لذلك {ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب} وفي المشارق: السكينة شيء كالريح أو كالهواء أو خلق له وجه كوجه إنسان أو الرحمة أو الوقار (وذكرهم اللّه فيمن عنده) يعني في الملائكة المقربين 0000
5749 ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز و أكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم الله تعالى منه بعقاب ( صحيح )( حم د ه حب ) عن جرير
الشرح:
(ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي) أي وهم ممن لم يعمل بها بل عمل بها غيرهم (هم أعز) أي أمنع (وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم اللّه منه بعقاب) لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالباً فتركهم له رضاً بالمحرمات وعمومها وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
5750 ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار و كان ذلك المجلس عليهم حسرة يوم القيامة ( صحيح )
( د ك ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/77)
(إلا قاموا عن مثل جيفة حمار) أي مثلها في النتن والقذارة والبشاعة لما صدر منهم من رديء الكلام ومذمومه شرعاً إذ المجلس الخالي من ذكر اللّه إنما يعمر بما ذكر ونحوه {فماذا بعد الحق إلا الضلال} فحيث لم يختموه بما يكفر لغطه قاموا عن ذلك (وكان ذلك المجلس) أي ما وقع فيه (عليهم حسرة يوم القيامة) أي ندامة لازمة لهم من سوء آثار كلامهم فيه، ولم يبين في هذا الحديث الذي يسن أن يقال عقبه وقد بين ذلك بفعله روى أبو داود والحاكم عن عائشة وغيرها أنه كان بآخرة من عمره إذا أراد أن يقوم من مجلس قال سبحانك اللّهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال رجل: إنك لتقول قولاً ما كنت تقوله فيما مضى قال: ذلك كفارة لما يكون في المجلس0000
5751 ما من كل الماء يكون الولد و إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء
( صحيح ) ( م ) عن أبي سعيد
5752 ما من مؤمن إلا أنا أولى به في الدنيا و الآخرة اقرءوا إن شئتم:
( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) فأيما مؤمن مات و ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا و من ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه
( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة
5752 / 1ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة ) (حسن) ( ه )عن عمرو بن حزم وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في صحيح ابن ماجه رقم: 1301 حسن
الشرح:
(يعزي أخاه بمصيبة) أي يصبره عليها بما يأتي في خبر من عزى مصاباً (إلا كساه اللّه من حلل الكرامة يوم القيامة) فيه أن التعزية سنة مؤكدة وأنها لا تختص بالموت فإنه أطلق المصيبة وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب، والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده، وقال الشافعية: ويدخل وقتها بالموت ويمتد ثلاثة أيام تقريباً بعد الدفن ويكره بعدها إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائباً.(1/78)
5753 ما من مجروح يجرح في سبيل الله و الله أعلم بمن يجرح في سبيله إلا جاء يوم القيامة و جرحه كهيئته يوم جرح اللون لون الدم و الريح ريح المسك ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
5754 ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله تعالى خيرا من أمر الدنيا و الآخرة إلا أعطاه إياه ( صحيح ) ( حم د ه ) عن معاذ
الشرح:
(على ذكر) للّه تعالى من نحو قراءة وتكبير وتسبيح وتهليل وتحميد (طاهراً) عن الحدثين والخبث طهارة كاملة ولو بالتيمم بشرطه (فيتعار) بعين مهملة وراء مشددة يقال تعار إذا انتبه من نومه مع صوت أو بمعنى تمطى قال جمع: والأول أنسب لأن الاستعمال فيه أخذ من عوار الظليم وهو صوته والمعنى فيهب من نومه (من الليل) أي وقت كان والثلث الأخير أرجى لذلك فمن خصه بالنصف الثاني فقد حجر واسعاً (فيسأل اللّه خيراً من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه) قال الطيبي: عبر بقوله يتعار دون يهب أو يستيقظ ونحوهما لزيادة معنى أراد أن يخبر من هب من نومه ذاكراً للّه مع الهبوب فيسأل اللّه خيراً أنه يعطيه فأوجز فقال: فيتعار ليجمع بين المعنيين وإنما يوجد ذلك عند من تعود الذكر فاستأنس به وغلب عليه حتى صار الذكر حديث نفسه في نومه ويقظته وصرح عليه الصلاة والسلام باللفظ وعرض بالمعنى وذلك من جوامع الكلم التي أوتيها وظاهر قوله يبيت أي أن ذا خاص بنوم الليل واشترط في ذلك المبيت على طهر 0000
5755 ما من مسلم يتطهر فيتم الطهور الذي كتب الله عليه فيصلي هذه الصلوات الخمس إلا كانت كفارة لما بينهن ( صحيح ) ( م ) عن عثمان
5756 ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين يقبل عليهما بقلبه و وجهه إلا وجبت له الجنة ( صحيح )(م د)عن عقبة بن عامر
5757 ما من مسلم يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كانت له به صدقة ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أنس
الشرح:(1/79)
(ما من مسلم يزرع زرعاً) أي مزروعاً (أو يغرس غرساً) بالفتح يعني مغروساً شجراً أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس وخرج الكافر فلا يثاب في الآخرة على شيء مما سيجيء. ونقل عياض فيه الإجماع وأما خبر ما من رجل وخبر ما من عبد فمحمول على ما هنا والمراد بالمسلم الجنس فيشمل المرأة (فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) أي يجعل لزارعه وغارسه ثواب سواء تصدق بالمأكول أو لا. قال المظهر: والقصد أنه بأي سبب يؤكل مال الرجل يحصل له الثواب وقال الطيبي: الرواية برفع صدقة على أن كان تامة ونكر مسلماً وأوقعه في سياق النفي وزاد من الاستغراقية وخص الغرس بالشجر وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية الإيمائية على أن أي مسلم كان حراً أم عبداً مطيعاً أو عاصياً يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه. وفيه حث على اقتناء الضياع وفعله كثير من السلف خلافاً لمانعه ولا يعارضه الخبر الآتي لأنه محمول على الإكثار منها وميل القلب إليها حتى تفضي بصاحبها إلى الركون إلى الدنيا وأما اتخاذ الكفاية منها فغير قادح. وفيه أن المتسبب في الخير له أجر العامل به، هبه من أعمال البر أو من مصالح الدنيا وذلك يتناول من غرس لنفقته أو عياله وإن لم ينو ثوابه ولا يختص بمباشرة الغرس أو الزرع بل يشمل من استأجر لعمله.
5758 ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة و محيت عنه بها خطيئة ( صحيح ) ( م ) عن عائشة
الشرح:
(درجة) أي منزلة عالية في الجنة (ومحيت عنه بها خطيئة) اقتصر فيما قبله على التكفير وذكر معه هنا رفع الدرجة والتنويع باعتبار المصائب فبعضها يترتب عليه مجرد الحط وبعضها يترتب عليه الرفع والبعض للكل وذا صريح في حصول الأجر على المصائب وعليه الجمهور ولكن خالف شرذمة منهم أبو عبيدة بن الجراح ووافقه ابن عبد السلام على حصول الأجر على الصبر لا على نفس المصيبة كما مر.(1/80)
5759 ما من مسلم يشهد له ثلاثة إلا وجبت له الجنة قيل و اثنان ؟ قال: و اثنان ( صحيح ) ( ت ) عن عمر
5760 ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة و حط عنه بها خطيئة ( صحيح ) ( د ) عن ابن عمرو
الشرح:
وفي رواية لأبي داود أيضاً ما من مسلم يشيب شيبة إلا كان له نوراً يوم القيامة فيكره نتف الشيب لذلك ولأنه وقار لما رواه مالك إن أول من رأى الشيب إبراهيم فقال: يا رب ما هذا قال: وقار، قال: زدني وقاراً.
5761 ما من مسلم يصاب في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة: اكتبوا لعبدي في كل يوم و ليلة من الخير ما كان يعمل ما دام محبوسا في وثاقي
( صحيح ) ( ك ) عن ابن عمرو
الشرح:
(وثاقي) أي قيدي ولهذا قيل إن امرأة فتح الموصلي عثرت فانقلع ظفرها فعرجت فضحكت فقيل لها: ما تجدين الوجع قالت: لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة ألمه.
5762 ما من مسلم يصلي عليه أمة إلا شفعوا فيه ( حسن )
( حم طب ) عن ميمونة
5763 ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا حط الله له به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها ( صحيح ) ( ق ) عن ابن مسعود
الشرح:
(ما من مسلم يصيبه أذى شوكة) أي ألم جرح شوكة قال القاضي: والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات لقال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمعافى (فما فوقها إلا حط اللّه تعالى به سيئاته) أي أسقطها (كما تحط الشحرة ورقها) يعني أنه يحط عنه سيئاته بما يصيبه من ألم الشوكة فضلاً عما هو أكبر منها قال ابن العربي: وذكر الأذى عبارة عما يظهر على البدن من آثار الآلام الباطنة من نحو تغيير لون أو يصيبه من الأعراض الخارجة من نحو جرح. وفيه أن الكافر لا يكون له ذلك وبشرى عظيمة لأن كل مسلم لا يخلو عن كونه متأذياً.(1/81)
5764 ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: ( إنا لله و إنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي و اخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته و أخلف الله له خيرا منها ) ( صحيح )
( م ه ) عن أم سملة ( حم ) عن أم سلمة عن أبي سلمة
5765 ما من مسلم يظلم مظلمة فيقاتل فيقتل إلا قتل شهيدا ( صحيح )
( حم ) عن ابن عمرو
الشرح:
(ما من مسلم يظلم مظلمة فيقاتل) عليها من ظلمه (فيقتل) بسبب ذلك (إلا قتل شهيداً) فهو من شهداء الآخرة.
5766 ما من مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي ( صحيح )( ت ) عن ابن عباس
الشرح:
( ما من مسلم يعود مريضاً ) زاد في رواية مسلماً (لم يحضر أجله فيقول) في دعائه (سبع مرات أسأل اللّه العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي) من مرضه ذلك.
5767 ما من مسلم يعود مسلما غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن عاده عشية صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح و كان له خريف في الجنة ( صحيح ) ( ت ) عن علي
5768 ما من مسلم يغرس غرسا إلا كان ما أكل منه له صدقة و ما سرق منه صدقة و ما أكل السبع فهو له صدقة و ما أكلت الطيور فهو له صدقة و لا يرزؤه أحد كان له صدقة ( صحيح ) ( م ) عن جابر
5769 ما من مسلم يقرض مسلما قرضا مرتين إلا كان كصدقتها مرة
( صحيح ) ( ه ) عن ابن مسعود
5770 ما من مسلم يلبي إلا لبى ما عن يمينه و شماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من هاهنا و هاهنا (صحيح) (ت ه ك)سهل بن سعد
الشرح:(1/82)
(ما من مسلم) لفظ رواية الحاكم ما من ملب (يلبي إلا لبي ما) وفي بعض النسخ من بدل ما ووجهه أنه لما أضاف التلبية إلى الأعيان الآتية جعل كأنها من جملة ذوي العقول فعبر بمن ذهاباً بها من حيز الجمادات إلى جملة ذوي العقول ليكون أدل على المعنى الذي أراده ذكره التوربشتي (عن يمينه وشماله) أي الملبي (من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا) أي من منتهى الأرض من جانب الشرق إلى منتهى الأرض من جانب الغرب يعني يوافقه في التلبية كل رطب ويابس في جميع الأرض. قال ابن العربي: هذا حديث وإن لم يكن صحيح السند فإنه ممكن يشهد له الحديث الصحيح في المؤذن وفيه تفضيل لهذه الأمة لحرمة نبيها فإن اللّه أعطاه تسبيح الجماد والحيوان معها كما كانت تسبح مع داود عليه السلام وخص داود بالمنزلة العليا أنه كان يسمعها ويدعوها فتجيبه وتساعده.
5771 ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعوا فيه ( صحيح ) ( حم د ) عن ابن عباس
5772 ما من مسلم يموت له ثلاثة من الولد ما لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل ( حسن ) ( حم ) عن عتبة بن عبد
الشرح:(1/83)
(ما من مسلم يموت له) خرج الكافر، قال ابن حجر: فإن مات له أولاد ثم أسلم فظاهر الخبر لا يحصل له التلقي الآتي (ثلاثة) في رواية ثلاث وهو سابق لأن المميز محذوف وذكر هذا العدد لا يمنع حصول الثواب الآتي بأقل منها لأنا إن لم نقل بمفهوم العدد فظاهر وإن قلنا به فليس نصاً قاطعاً بل دلالته ضعيفة يقدم عليها غيرها عند معاوضتها وقد وقع في بعض طرق الحديث التصريح بالوارد عند الطبراني وغيره (من الولد) أي أولاد الصلب (لم يبلغوا الحنث) أي سن التكليف الذي يكتب فيه الإثم. وفسر الحنث في رواية بالذنب وهو مجاز من تسمية المحل بالحال، وقضية الخبر أن من بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما يأتي وبه صرح جمع فارقين بأن حب الصغير أشد والشفقة عليه أعظم وقال آخرون: البالغ أولى به لأنه إذا ثبت في الصغير مع أنه كلٌّ على أبويه فمن بلغ السعي أولى إذ التفجع عليه أشد وهو متجه لكن لا يلائمه قوله في رواية بفضل رحمته إياهم إذ الرحمة للصغير أكثر (إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية) زاد النسائي لا يأتي باباً من أبوابها إلا وجده عنده يسعى في فتحه (من أيها شاء دخل) ولموت الأولاد فوائد كونهن حجاباً عن النار كما في عدة أخبار ويثقلون الميزان ويشفعون في دخول الجنة ويسقون أصولهم يوم العطش الأكبر من شراب الجنة ويخففون الموت عن الوالدين لتذكر أفراطهم الماضين الذين كانوا لهم قرة أعين وغير ذلك00
5773 ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر ( حسن ) ( حم ت ) عن ابن عمرو
الشرح:
000فإذا قبض فيه عبد كان دليلاً لسعادته وحسن مآبه لأن يوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة فيميز اللّه بين أحبابه وأعدائه ويومهم الذي يدعوهم إلى زيارته في دار عدن وما قبض مؤمن في هذا اليوم الذي أفيض فيه من عظائم الرحمة ما لا يحصى إلا لكتبه له السعادة والسيادة فلذلك يقيه فتنة القبر.(1/84)
5774 ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده ( صحيح )(حم ن حب ك)عن أبي ذر
5775 ما من مسلمين التقيا بأسيافهما إلا كان القاتل و المقتول في النار
( صحيح ) ( ه ) عن أنس
5776 ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم ( صحيح ) ( ه ) عن أنس
5777 ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا
( حسن ) ( حم د ت ه الضياء ) عن البراء
الشرح:
(ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان) ذكرين أو أنثيين (إلا غفر لهما قبل أن يفترقا) فيسن ذلك مؤكداً وقد مر هذا غير مرة قال النووي: والمصافحة سنة مجمع عليها عند كل لقاء وما اعتيد بعد الصبح والعصر لا أصل له لكن لا بأس به ومن حرم نظره حرم مسه اهـ وأفهم اقتصاره على المصافحة أنه لا ينحني لصاحبه إذا لقيه ولا يلتزمه ولا يقبله كما يفعله الناس وقد ورد النهي عن ذلك صريحاً ففي حديث الترمذي عن أنس قال: قال رجل يا رسول اللّه الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له؟ قال: لا قال: أفيلتزمه ويقبله قال: لا قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم، قال الترمذي: حسن صحيح.
5778 ما من مسلمين يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه و يأخذ بيده لا يأخذ بيده إلا لله فلا يفترقان حتى يغفر لهما ( حسن ) ( حم ) عن البراء
5779 ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر لهما ( صحيح ) ( حم ن حب ) عن أبي ذر
5780 ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله بفضل رحمته إياهم الجنة يقال لهم: ادخلوا الجنة فيقولون: حتى يدخل أبوانا فيقال: ادخلوا الجنة أنتم و أبواكم ( صحيح ) ( حم ن ) عن أبي هريرة
5781 ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا حنثا إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم ( صحيح ) ( حم ن حب ) عن أبي ذر
الشرح:(1/85)
(ما من مسلمين يموت لها) في رواية بينهما (ثلاثة من الولد لم يبلغوا حنثاً) أي حداً كتب عليهم فيه الحنث وهو الإثم (إلا أدخلهما اللّه الجنة) أي ولم تمسهما النار إلا تحلة القسم كما في خبر آخر (بفضل رحمته إياهم) أي بفضل رحمة اللّه للأولاد ولا جائز أن يعود الضمير للأبوين في هذا التركيب وإن قيل به في غيره لما لا يخفى، وذكر العدد لا ينافي حصول ذلك بأقل منه فلا تناقض بين ذا وما في الصحيح من غير وجه قيل: يا رسول اللّه واثنان قال: واثنان وفي كثير من المسلمين من لم يقدم ولداً ولكنه سبحانه إذا فات عبداً فضل من جهة عوضه من أخرى خيراً له كما في خبر من لم يكن له فرط فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي.
5782 ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ( صحيح ) ( حم ق ) عن عائشة
الشرح:
(ما من مصيبة) أي نازلة وأصلها الرمي بالسهم ثم استعيرت لما ذكر (تصيب المسلم) في رواية يصاب بها المسلم (إلا كفر اللّه بها عنه) ذنوبه أي محي خطيئاته بمقابلتها (حتى الشوكة) قال القاضي: حتى إما ابتدائية الجملة بعدها خبرها أو عاطفة (يشاكها) فيه ضمير المسلم أقيم مقام فاعله وها ضمير الشوكة أي حتى الشوكة يشاك المسلم بتلك الشوكة أي يجرح بشوكة والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات قال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمصائب اهـ. وقد استشكل ابن بطال هذا بقوله في الخبر الآخر ما أدري الحدود كفارة لها أو لا. وأجيب بأن الثاني كان قبل علمه بأن الحدود كفارة لها ثم علم.
5783 ما من مكلوم يكلم في الله إلا جاء يوم القيامة و كلمه يدمى اللون لون الدم و الريح ريح المسك ( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة
5784 ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء
( صحيح ) ( ق د ) عن أبي هريرة(1/86)
5785 ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان فيستهل صارخا من نخسة الشيطان إلا ابن مريم و أمه ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة
5786 ما من ميت يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه ( صحيح ) ( حم م ن ) عن أنس وعائشة
5787 ما من ميت يصلي عليه أمة من الناس إلا شفعوا فيه ( حسن )
( ن ) عن ميمونة
الشرح:
(ما من ميت) قال الطيبي: ما نافية ومن زائدة لاستغراق الجنس وميت مطلق محمول على الميت في قوله ما من رجل مسلم (يصلي عليه أمة) أي جماعة (من الناس) المسلمين (إلا شفعوا فيه) بالبناء للمجهول أي قبلت شفاعتهم فيه.
5788 ما من ميت يموت فيقوم باكيهم فيقول: وا جبلاه ! وا سنداه ! أو نحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه: هكذا كنت ؟ ! ( حسن ) (ت)عن أبي موسى
5789 ما من نبي إلا و قد أنذر أمته الأعور الكذاب ألا إنه أعور و إن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر ( صحيح ) ( ت ) عن أنس
5790 ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون و أصحاب يأخذون بسنته و يتقيدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون و يفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن و من جاهدهم بلسانه فهو مؤمن و من جاهدهم بقلبه فهو مؤمن ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن مسعود
5791 ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا و الآخرة ( صحيح )
( ه ) عن عائشة
الشرح:(1/87)
(إلا خير) أي خيره اللّه تعالى (بين الدنيا والآخرة) أي بين الإقامة في الدنيا والرحلة إلى الآخرة ليكون وفادته على اللّه وفادة محب مخلص مبادر، ولتقاصر المؤمن عن يقين النبي صلى اللّه عليه وسلم تولى اللّه الخيرة في لقائه لأنه وليه: ألا ترى إلى خبر "ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن" ففي ضمن ذلك اختيار اللّه للمؤمن لقاءه لأنه وليه يختار له فيما لا يصل إليه إدراكه، ذكره كله الحرالي، ولأجل ما ذكر من التخيير لطم موسى ملك الموت لما جاءه لكونه لم يخير قبل ذلك.
5792 ما من نفس تموت لها عند الله خير يسرها أن ترجع إلى الدنيا و أن لها الدنيا و ما فيها إلا الشهيد فإنه يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل مرة أخرى لما يرى من فضل الشهادة ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أنس
5793 ما من نفس تموت و هي تشهد أن لا إله إلا الله و أني رسول الله يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا غفر الله له ( حسن ) ( حم ن ه ) عن معاذ
5794 ما من نفس منفوسة إلا و قد كتب الله مكانها من الجنة و النار و إلا و قد كتبت شقية أو سعيدة قيل: أفلا نتكل ؟ قال: لا اعملوا و لا تتكلوا فكل ميسر لما خلق له أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة و أما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن علي
5795 ما من نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة و هي يومئذ حية
( صحيح ) ( حم ق ت ) عن جابر
5796 ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا أو أمة من النار من يوم عرفة و إنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ماذا أراد هؤلاء ؟ (صحيح)
( م ن ه ) عن عائشة
5797 ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا و يقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا ( صحيح )
( ق ) عن أبي هريرة(1/88)
5798 ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه و بينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم و ينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم و ينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار و لو بشق تمرة و لو بكلمة طيبة ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن عدي بن حاتم
5799 ما منكم من أحد إلا له منزلان: منزل في الجنة و منزل في النار فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله: ( هم الوارثون )
( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
5800 ما منكم من أحد إلا و قد وكل به قرينه من الجن و قرينه من الملائكة قالوا: و إياك ؟ قال: و إياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير ( صحيح ) ( حم م ) عن ابن مسعود
5801 ما منكم من أحد إلا و معه شيطان قالوا: و أنت يا رسول الله ؟ قال: و أنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم ( صحيح ) ( م ) عن عائشة
5802 ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه و وجهه إلا وجبت له الجنة و غفر له ( صحيح )
( حم د حب ) عن عقبة بن عامر
5803 ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء ( صحيح )
( حم م د ن ) عن عمر(1/89)
5804 ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض و يمج و يستنشق فينتثر إلا جرت خطايا وجهه و فيه و خياشيمه ثم إذا غسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا جرت خطايا يديه من أطراف أنامله مع الماء ثم يمسح رأسه كما أمره الله إلا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا جرت خطايا رجليه من أطراف أنامله مع الماء فإن هو قام فصلى فحمد الله و أثنى عليه و مجده بالذي هو أهله و فرغ قلبه لله إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه ( صحيح )
( حم م ) عن عمرو بن عبسة
5805 ما منكن امرأة تقدم بين يديها ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابا من النار قالت امرأة: و اثنين ؟ قال و اثنين ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد
5806 ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك ؟ ألم تجد فيما أوحى الله إلي أن ( استجيبوا لله و للرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) ( صحيح )
( حم ت ك ) عن أبي هريرة
5807 مانع الزكاة يوم القيامة في النار ( حسن ) ( طص ) عن أنس
الشرح:
أي نار جهنم وهذا حث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف أهل الكفر الذين هم أهل النار.(1/90)
(تنبيه) منع الزكاة أكبر درجات البخل وأداؤها أقل درجات الجود والسخاء الذي هو البسط في الأيدي والأعضاء فلم يجد في المال حركة ولا موضعاً ينشط فيه بالمشي لأن الحركات والسكنات في الآخرة إنما هي معاني الديانات لا يجد العبد إلا ما قدم ولا يتصرف إلا فيما كان فيه والمال له علاقة بقلب مالكه فهو يملكه ويشده ويضمه إليه بتلك العلاقة والمال طائع له وتابع حيثما تصرف بالعلاقة التي تجذبه بها إلى ملكه فمن لا يؤدي الزكاة فقد أحب المال الحب الكلي ومال به المال إليه وباستغراق الحب فيه تعبده المال وصار ذليلاً لمحبوبه تعس عبد الدنيا وخاب وخسر في العقبى. واعلم أن التزكية من صفات الأرواح لأنها وصف من صفات المزكي سبحان هو تنزيه المتصف بها عن رذيلة البخل ووصفه بصفة الجود، لكن المقتصر على أداء الزكاة في أقل درجاتها وإنما التزكية فيمن بذل المال في وجوه البر. واعلم بأن الوجود كله متعبد للّه بالزكاة. انظر إلى الأرض التي هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها وهم من على ظهرها جميع بركاتها لا تبخل عليهم بشيء مما عندها وكذا النبات يعطي ما عنده وكذا الحيوان والسماء والأفلاك الكل متعاون بعضه لبعض لا يدخر شيئاً مما عنده في طاعة اللّه لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض قد لزم الفقر وشملته الحاجة فعطف بعضه على بعض وإعطاؤه ما عنده هو زكاته فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات فلذلك وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى.
5808 ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر ( صحيح )
( حم ه ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/91)
الصديق وتمامه فبكى أبو بكر وقال: هل أنا ومالي إلا لك يا رسول اللّه؟ وفي رواية عن ابن المسيب مرسلاً أن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه وهذا لا ينافيه خبر البخاري أنه لم يأخذ الراحلة إلى الهجرة إلا بالثمن لاحتمال أنه أبرأه منه، وأخرج ابن عساكر أن أبا بكر أسلم وله أربعون ألف دينار فأنفقها على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم.
5809 ما نقصت صدقة من مال و ما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا و ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله ( صحيح ) ( حم م ت ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/92)
(ما نقصت صدقة من مال) قال الطيبي: من هذه يحتمل أن تكون زائدة أي ما نقصت صدقة مالاً ويحتمل أن تكون صلة لنقصت والمفعول الأول محذوف أي ما نقصت شيئاً من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه} أو في الآخرة بإجزال الأجر وتضعيفه أو فيهما وذلك جابر لأصناف ذلك النقص بل وقع لبعض الكمل أنه تصدق من ماله فلم يجد فيه نقصاً قال الفاكهاني: أخبرني من أثق به أنه تصدق من عشرين درهماً بدرهم فوزنها فلم تنقص. قال: وأنا وقع لي ذلك. وقول الكلاباذي: قد يراد بالصدقة الفرض وبإخراجها لم تنقص ماله لكونها ديناً فيه بعد لا يخفى (وما زاد اللّه عبداً بعفو) أي بسبب عفوه (إلا عزاً) في الدنيا فإن من عرف بالعفو والصفح عظم في القلوب أو في الآخرة بأن يعظم ثوابه أو فيهما (وما تواضع أحد للّه) من المؤمنين رقاً وعبودية في ائتمار أمره والانتهاء عن نهية ومشاهدته لحقارة النفس ونفي التعجب عنها (إلا رفعه اللّه) في الدنيا بأن يثبت له في القلوب بتواضعه منزلة عند الناس ويجل مكانه، وكذا في الآخرة على سرير خلد لا يفنى ومنبر ملك لا يبلى ومن تواضع للّه في تحمل مؤن خلقه كفاه اللّه مؤنة ما يرفعه إلى هذه المقام ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل اللّه منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه، واعلم أن من جبلة الإنسان الشح بالمال ومتابعة السبعية من آثار الغضب والانتقام والاسترسال في الكبر الذي هو نتائج الشيطنة فأراد الشارع أن يقلعها من نسخها فحث أولاً على الصدقة ليتحلى بالسخاء والكرم وثانياً على العفو ليتعزز بعز الحلم والوقار وثالثاً على التواضع ليرفع درجاته في الدارين.(1/93)
5810 ما نهيتكم عنه فاجتنبوه و ما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم و اختلافهم على أنبيائهم ( صحيح )
( م ) عن أبي هريرة
5811 ما هذا يا صاحب الطعام ؟ ! أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟ من غش فليس مني ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
5812 ما يأمن الذي يرفع رأسه في صلاته قبل الإمام أن يحول الله صورته في صورة حمار ؟ ! ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
5813 ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة
( حسن ) ( ت ه حب ) عن أبي هريرة
5814 ما يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانا
( صحيح ) ( حم ك ) عن بريدة
الشرح:
لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة اللّه والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة لأن المال شقيق الروح فإذا بذله في سبيل اللّه فإنما يكون برغمهم جميعاً ولهذا كان ذلك أقوى دليلاً على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره.
5815 ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنة في نفسه و ولده و ماله حتى يلقى الله و ما عليه خطيئة ( صحيح ) ( ت ) عن أبي هريرة
5816 ما يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة و ليس في وجهه مزعة لحم ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة
5817 ما يسرني أن لي أحدا ذهبا يأتي علي ثالثة و عندي منه دينار إلا دينارا أرصده لدين علي ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
5818 ما يصيب المسلم من نصب و لا وصب و لا هم و لا حزن و لا أذى و لا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ( صحيح )
( حم ق ) عن أبي سعيد وأبي هريرة معا
5819 ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم و إنه من يستعف يعفه الله و من يستغن يغنه الله و من يتصبر يصبره الله و ما أعطي أحد عطاء خيرا و أوسع من الصبر ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي سعيد(1/94)
5820 ما يمنعك أن تسمعي ما أوصيك به ؟ أن تقولي إذا أصبحت و إذا أمسيت: يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ( حسن ) ( ن ك ) عن أنس
5821 ما ينبغي لنبي أن يقول: إني خير من يونس بن متى ( صحيح )
( حم د ) عن عبدالله بن جعفر
5822 ما ينقم ابن جميل إلا أنه كان فقيرا فأغناه الله و أما خالد فإنكم تظلمون خالدا و قد احتبس أدراعه و أعتده في سبيل الله و أما العباس فهي علي و مثلها معها يا عمر ! أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه ( صحيح )
( حم ق د ن ) عن أبي هريرة
5823 متعها فإنه لا بد من المتاع و لو نصف صاع من تمر ( حسن )
( هق ) عن جابر
5824 متعها و لو بصاع ( حسن ) ( خط ) عن جابر
5825 مثل ابن آدم و إلى جنبه تسعة و تسعون منية إن أخطأته المنايا وقع في الهرم حتى يموت ( صحيح ) ( ت الضياء ) عن عبدالله بن الشخير
الشرح:(1/95)
(مثل ابن آدم) بضم الميم وشد الثاء أي صور ابن آدم (إلى جنبه) في الكلام حذف تقديره مثل الذي إلى جنبه وفي رواية وإلى جنبه بالواو وهو حال (تسعة وتسعون منية) أي موتاً يعني أن أصل خلقه الإنسان شأنه أن لا تفارقه البلايا والمصائب كما قيل البرايا أهداف المنايا، كذا قرره بعضهم وقال القاضي: قوله مثل ابن آدم مبتدأ خبره الجملة التي بعده أو الظرف وتسعة وتسعون مرتفع به أي حال ابن آدم أن تسعة وتسعون منية متوجهة نحوه منتهية إلى جانبه قال: وقيل خبره محذوف وتقديره مثل الذي يكون إلى جنبه تسعة وتسعون منية ولعل الحذف من بعض الرواة اهـ. (إن أخطأته) تلك (المنايا) على الندرة جمع منية وهي الموت لأنها مقدرة بوقت مخصوص من المنى وهو التقدير لأن الموت مقدر والمراد هنا ما يؤدي إليه من أسبابه وسمى كل بلية من البلايا منية لأنها طلائعها ومقدماتها (وقع في الهرم حتى يموت) يعني أدركه الداء الذي لا دواء له بل يستمر إلى الموت وذكر العدد المخصص على منهج الفرض والتمثيل فليس المراد التحديد بل التكثير.
5826 مثل البخيل و المتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما فأما المنفق فلا ينفق شيئا إلا سبغت على جلده حتى تخفي بنانه و تعفو أثره و أما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت كل حلقة مكانها فهو يوسعها فلا تتسع ( صحيح ) ( حم ق ت ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/96)
(مثل البخيل والمتصدق) في رواية البخيل والمنفق (كمثل) بزيادة الكاف أو مثل (رجلين عليهما جبتان) بضم الجيم وشد الموحدة وروي بنون أي درعان ورجح بقوله (من حديد) وادعى بعضهم أنه تصحيف والجبة الحصن وبها سمي الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه والجبة بموحدة ثوب معروف (من ثديهما) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية مشددة جمع ثدي كفلس (إلى تراقيهما) جمع ترقوة العظمين المشرفين في أعلى الصدر (فأما المنفق فلا ينفق) شيئاً (إلا سبغت) بفتح المهملة وموحدة مخففة وغين معجمة امتدت وعظمت (على جلده حتى تخفى) بضم المثناة الفوقية ومعجمة ساكنة وفاء مكسورة وفي رواية بجيم ونون أي تستر (بنانه) بفتح الموحدة ونونين أصابعه أو أنامله وصحفها بعضهم ثيابه بمثلثة فمثناة تحت (وتعفوا أثره) محركاً بالنصب عطفاً على تخفي وكلاهما مسند لضمير الجبة أي تمحو أثر مشيه لسبوغها يعني أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب جميع بدنه والمراد أن الجواد إذا همَّ بالصدقة انشرح لها صدره وطابت بها نفسه فوسع في الإنفاق (وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئاً إلا لزقت) بكسر الزاي التصقت (كل حلقة) بسكون اللام (مكانها) قال الطيبي: قيد المشبه به بالحديد إعلاماً بأن القبض والشدة جبلي للإنسان وأوقع المتصدق موضع السخي لجعله في مقابلة البخيل إيذاناً بأن السخاء ما أمر به الشارع وندب إليه لا ما يتعاناه المسرفون (فهو يوسعها فلا تتسع) ضرب المثل برجل أراد لبس درع يستجن به فحالت يداه بينها وبين أن تمر على جميع بدنه فاجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن البخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت وضاق صدره وغلت يداه.
5827 مثل البيت الذي يذكر الله فيه و البيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي و الميت ( صحيح ) ( ق ) عن أبي موسى
الشرح:(1/97)
تشبيه البيت بالحي والميت من حيث وجود الذكر وعدمه شبه الذاكر بالحي الذي تزين ظاهره بنور الحياة وإشراقها فيه وبالتصرف التام فيما يريد وباطنه منور بالعلم والفهم فكذا الذاكر يزين ظاهره بنور العمل وباطنه بنور العلم والمعرفة فقلبه قار في حظيرة القدس وسره في مخدع الوصل وغير الذاكر ظاهره عاطل وباطنه باطل وقيل المضاف فيه مقدر أي مثل ساكن البيت واعترض بأن ساكن البيت حي فكيف يكون مثل الميت؟ وأجيب بأن الحي المشبه به من ينتفع بحياته بذكر اللّه وطاعته فلا يكون نفس المشبه كما شبه المؤمن بالحي والكافر بالميت مع كونهما حيين في آية {أو من كان ميتاً فأحييناه}. على أن تشبيه غير الذاكر من جهة أن ظاهره عاطل وباطنه باطل أنسب من تشبيه بيته به.
5828 مثل الجليس الصالح كمثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه ( صحيح ) ( د ك ) عن أنس
الشرح:
قال بعض العارفين: في ضمنه إرشاد إلى الأمر بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تستفيده أو عمل يكون فيه وأحسن خلق يكون فيه وأحسن خلق يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن ينال منه بقدر ما يوفقه اللّه بذلك وإذا كان الجليس له هذا التعري فاتخذ اللّه جليساً بالذكر والقرآن. وفي الخبر القدسي أنا جليس من ذكرني.
5829 مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كمثل صاحب المسك و كير الحداد لا يعدمك من صاحب المسك إما أن تشتريه أو تجد ريحه و كير الحداد يحرق بيتك أو ثوبك أو تجد منه ريحا خبيثة ( صحيح )
( خ ) عن أبي موسى
الشرح:(1/98)
(مثل الجليس) على وزن فعيل يقال جالسته فهو جليسي (الصالح و) مثل (الجليس السوء) الأول (كمثل صاحب) في رواية حامل (المسك) المعروف وفي رواية أخرى كحامل المسك وهو أعم من أي يكون صاحبه أو لا (و) الثاني كمثل بزيادة الكاف (كير الحداد) بكسر الكاف أصله البناء الذي عليه الرق سمي به الرق مجازاً للمجاورة (لا يعدمك) بفتح أوله وثالثه من العدم أي لا يعدمك إحدى خصلتين أي لا يعدوك(من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه) فاعل يعدم مستتر يدل عليه إما أي لا يعدو أحد الأمرين أو كلمة أما زائدة وتشتريه فاعله بتأويله بمصدر وإن لم يكن فيه حرف مصدري ذكره الكرماني وتعقبه البرماوي بأن الظاهر أن الفاعل موصوف تشتري أي إما شيء تشتريه أو تجد ريحه (وكير الحداد يحرق بيتك أو) ثوبك في رواية ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ولم يذكر البيت وهي أوضح (أو تجد منه ريحاً خبيثة) بين به النهي عن مجالسة من يتأذى به ديناً أو دنيا والترغيب فيمن ينتفع بمجالسته فيهما وجواز بيع المسك وطهارته.
5830 مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار عذب على باب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فما يبقي ذلك من الدنس (صحيح)(حم م)عن جابر
الشرح:(1/99)
(مثل الصلوات الخمس) المكتوبة (كمثل نهر) بزيادة الكاف أو مثل وهو بفتح الهاء وسكونها (جار عذب) أي طيب لا ملوحة فيه (على باب أحدكم) إشارة لسهولته وقرب تناوله (يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فما) استفهامية في محل نصب لقوله (يبقى) بضم أوله وكسر ثالثه وقدم عليه لأن الاستفهام له الصدر (ذلك من الدنس) بالتحريك أي الوسخ زاد البخاري فذلك مثل الصلاة وهو جواب الشرط المحذوف أي إذا علمتم ذلك وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المفعول كالمحسوس حيث شبه المذنب المحافظ على الخمس بحال مغتسل في نهر كل يوم خمساً بجامع أن كلاً منهما يزيل الأقذار وخص النهر بالتمثيل لمناسبته لتمكين حق الصلاة ووجوبها لأن النهر لغة ما أخذ لمجراه محلاً مكيناً وفيه فضل الصلاة لأول وقتها لأن الاغتسال في أول اليوم أبلغ في النظافة.
5831 مثل العالم الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه كمثل السراج يضيء للناس و يحرق نفسه ( صحيح ) ( طب الضياء ) عن جندب
الشرح:(1/100)
(السراج يضيء للناس) في الدنيا (ويحرق نفسه) بنار الآخرة فصلاح غيره في هلاكه هذا إن لم يدع إلى طلب الدنيا وإلا فهو كالنار المحرقة التي تأكل نفسها وغيرها فالعلماء ثلاثة إما منقذ نفسه وغيره وهو الراغب إلى اللّه عن الدنيا ظاهراً وباطناً وإما مهلك نفسه وغيره وهو الداعي إلى الدنيا وإما مهلك نفسه منقذ غيره وهو من دعا إلى الآخرة ورفض الدنيا ظاهراً ولم يعمل بعلمه باطناً وهذا وعيد لمن كان له ذكر أو ألقى السمع وهو شهيد، وكان علماء الصحب في غاية من الوجل والخوف ولذلك قالت عائشة رضي اللّه عنها لفتى اختلف إليها يسألها وتحدثه فجاءها ذات يوم فقالت: أي شيء عملت بعد بما سمعت قال: مه قالت: فما تستكثر من حجج اللّه علينا وعليك وقال عيسى عليه الصلاة والسلام للحواريين تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل وقال: يا علماء السوء بلا عمل جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم داء كشجرة الدفلي تعجب من رآها وتقتل من أكلها.
5832 مثل القائم على حدود الله و المدهن فيها كمثل قوم استهموا على سفينة في البحر فأصاب بعضهم أعلاها و أصاب بعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقال الذين في أعلاها: لا ندعكم تصعدون فتؤذونا فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا و لم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم و ما أرادوا هلكوا جميعا و إن أخذوا على أيديهم نجوا و نجوا جميعا ( صحيح ) ( حم خ ت ) عن النعمان بن بشير
5833 مثل القلب مثل الريشة تقلبها الرياح بفلاة(صحيح)(ه)عن أبي موسى
الشرح:(1/101)
(مثل القلب مثل الريشة) وفي رواية كريشة، قال الطيبي: المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة ريشة يعني أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرة إلى حق ومرة إلى باطل وتارة إلى خير وتارة إلى شر وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالباً إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط (تقلبها الرياح بفلاة) لفظ رواية أحمد بأرض فلاة أي بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيراً فيها منها في العمران وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهراً لبطن إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب كما يظهر من الرياح المختلفة. ولفظه بفلاة مقحمة فهو كقولك أخذت بيدي ونظرت بعيني تقريراً ودفعاً للتجوز، قال: وتقلبها صفة أخرى لريشة وقال المظهر: ظهراً بدل بعض من الضمير في تقلبها واللام في بعض بمعنى إلى ويجوز أن يكون ظهراً لبطن مفعولاً مطلقاً أي تقلبها تقليباً مختصاً وأن يكون حالاً أي تقلبها مختلفة أي وهي مختلفة ولهذا الاختلاف سمي القلب قلباً وقال الراغب: قلب الشيء صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلباً لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغيرها. وقال الغزالي: إنما كان كثير التقلب لأنه منزله الإلهام والوسوسة وهما أبداً يقرعانه ويلقنانه وهو معترك المسكرين الهوى وجنوده والعقل وجنوده فهو دائماً بين تناقضهما وتحاربهما والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلاً ونهاراً وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح أو تكون في ليل أو ظلمة أو اللسان الذي هو من وراء حجابين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء فهو إلى الانقلاب أقرب ولهذا خاف الخواص على قلوبهم وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها ومقصود الحديث أن يثبت العبد عند تقلب(1/102)
قلبه وينظر إلى همومه بنور العلم فما كان خيراً أمسك القلب عليه وما كان شراً أمسكه عنه.
5834 مثل الذي يتصدق ثم يرجع في صدقته كمثل الكلب يقيء ثم يعود في قيئه فيأكله ( صحيح ) ( م ن ه ) عن ابن عباس
5835 مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه ( صحيح ) ( طس ) عن أبي هريرة
الشرح:
في كون كل منهما يكون وبالاً على صاحبه يعذب عليه يوم القيامة فعلى العالم أي يفيض من العلم على مستحقه لوجه اللّه تعالى ولا يرى نفسه عليهم منة وإن لزمتهم بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى اللّه بزراعة العلوم فيها كمن يعير أرضاً ليزرع فيها لنفسه وينفعه ولولا المتعلم ما نال ذلك المعلم قال الطيبي: هذا على التشبيه نحو قولهم النحو في الكلام كالملح في الطعام في إصلاحه باستعماله والفساد بإهماله لا في القلة والكثرة فتشبيه المعلم بالكنز وارد في مجرد عموم النفع لا في أمر آخر، كيف لا والعلم يزيد بالإنفاق والكنز ينقص، والعلم باق والكنز فان.
فإن المال يفنى عن قريب * وإن العلم باق لا يزال
5836 مثل الذي يسترد ما وهب كمثل الكلب يقيء فيأكل قيئه فإذا استرد الواهب فليوقف فليعرف بما استرد ثم ليدفع إليه ما وهب ( حسن )
( د ) عن ابن عمرو
5837 مثل الذي يعلم الناس الخير و ينسى نفسه مثل الفتيلة تضيء للناس و تحرق نفسها ( صحيح ) ( طب ) عن أبي برزة وجندب
الشرح:(1/103)
( وينسى نفسه) يعني يهملها ولا يحملها على العمل بما عملت به (مثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها) وهذا مثل ضربه المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم لمن لم يعمل بعلمه وفيه وعيد شديد قال أبو الدرداء: وويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن علم ولم يعمل ألف مرة وقال التستري: الناس كلهم سكارة إلا العلماء والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه وقال الدنيا جهل وباطل إلا العلم والعلم حجة عليه إلا المعمول به والعمل هباء إلا بإخلاص والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به وقال الجنيد: متى أردت أن تشرف بالعلم وتكون من أهله وتنتصب له قبل إعطائه حقه احتجب عنك نوره وكان عليك لا لك وأخذ جمع من هذا الحديث وما علي منواله أن العاصي ليس له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن سيجيء في حديث التصريح بخلافه وعليه الأكثر.
5838 مثل الذي يعين قومه على غير الحق مثل بعير تردى و هو يجر بذنبه ( صحيح ) ( هق ) عن ابن مسعود
الشرح:
لفظ رواية أبي داود كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع منها بذنبه اهـ قال بعضهم: معنى الحديث أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص.
5839 مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب و طعمها طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب و لا ريح لها و مثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر و مثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر و لا ريح لها و مثل الجليس الصالح كمثل صاحب المسك إن لم يصبك منه شيء أصابك من ريحه و مثل جليس السوء كمثل صاحب الكير إن لم يصبك من سواده أصابك من دخانه ( صحيح ) ( ن ه ) عن أنس(1/104)
5840 مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة ريحها طيب و طعمها طيب و مثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها و طعمها حلو و مثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب و طعمها مر و مثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن أبي موسى
الشرح:
(مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة) بضم الهمزة والراء مشددة الجيم وقد تخفف وقد تزاد نوناً ساكنة قبل الجيم ولا يعرف في كلام العرب ذكره بعضهم، قال ابن حجر: وليس مراده النفي المطلق بل إنه لا يعرف في كلام فصحائهم (ريحها طيب وطعمها طيب) وجرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها، ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان، وخص الإيمان بالطعم وصفة الحلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم لللمؤمن من القرآن لإمكان حصول الإيمان بدون القراءة والطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه وخص الأرتجة بالمثل لأنه يداوي بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع وهي أفضل ثمار القرب (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة) بالمثناة (لا ريح لها) من حيث أنه مؤمن غير تال في الحال الذي لا يكون فيه تالياً وإن كان ممن حفظ القرآن ذكره ابن عربي (وطعمها حلو) وفي رواية طيب أي من حيث إنه مؤمن ذو إيمان (ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب) لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ وقت قراءته (وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة(1/105)
إنما هي للإيمان فشبهه بالريحانة لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب (ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة) وهي معروف تسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل (ليس لها ريح وطعمها مر) لأنه غير قارئ في الحال قال ابن عربي: وعلى هذا المجرى كل كلام طيب فيه رضاً اللّه صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن كلام اللّه لا يضاهيه شيء، أشار بضرب المثل إلى أمور منها أنه ضربه بما يخرجه الشجر للمشابهة بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بما يخرجه الشجر ومثل الكافر مما تنبته الأرض تنبيهاً على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله وانحطاط شأن المنافق وإحباط عمله ومنها أن الشجر المثمر لا يخلو عمن يغرسه ويسقيه وكذا المؤمن يقيض له من يعلمه ويهديه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة.
5841 مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيؤها الريح مرة و تعدلها مرة و مثل المنافق كمثل الأرزة لا تزال حتى يكون انجفافها مرة واحدة
( صحيح ) ( حم ق ) عن كعب بن مالك
5842 مثل المؤمن كمثل الزرع لا تزال الريح تفيؤه و لا يزال المؤمن يصيبه بلاء و مثل المنافق كمثل شجرة الأرز لا يهتز حتى يستحصد
( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي هريرة
5843 مثل المؤمن كمثل خامة الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها فإذا سكنت اعتدلت و كذلك المؤمن يكفأ بالبلاء و مثل الفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء ( صحيح ) ( ق ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/106)
(مثل) بفتح المثلثة بضبط المصنف (المؤمن كمثل) بفتح الثاء بضبطه (خامة الزرع) أي الطاقة الطرية اللينة أو الغضة وهي بخاء معجمة وتخفيف الميم أول ما ينبت على ساق، وتقل ابن التين عن القزاز أنها بمهملة وقاف وفسرها بالطاقة من الزرع وذكر ابن الأثير أنها خاقة بخاء معجمة وقاف، قال الحافظ: ما لان وضعف من الزرع الغض ولحوق الهاء على تأويل السنبلة (من حيث أتتها الريح كفتها) بتسهيل الهمزة والمعنى أمالتها وفي رواية كفأتها وفي رواية تفيئها الرياح أي تحركها وتميلها يمنة ويسرة وأصل التفيئة إلقاء الفيء على الشيء وهو الظل فالريح إذا أمالتها إلى جانب ألقت ظلها عليه ذكره القاصي (فإذا سكت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها اللّه تعالى إذا شاء) أي في الوقت الذي سبقت إرادته أن يقصمه فيه، والمعنى أن المؤمن كثير الآلام في بدنه وأهله وماله وذا مكفر لسيئاته رافع لدرجاته والكافر قليلها وإن حل به شيء لم يكفر بل يأتي بها تامة يوم القيامة.
5844 مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة و تخر مرة و مثل الكافر مثل الأرزة لا تزال مستقيمة حتى تخر و لا تشعر ( صحيح )
( حم الضياء ) عن جابر
الشرح:(1/107)
(الأرزة) بفتح الهمزة وفتح الراء المهملة ثم زاي على ما ذكره أبو عمرو، وقال أبو عبيدة: بكسر الراء بوزن فاعلة وهي النابتة في الأرض، وقيل بسكون الراء شجر معروف بالشام وهو شجر الصنوبر والصنوبر ثمرتها (لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر) قال في البحر: ظاهره أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذا وتارة كذا لأنه لا يطيق البلاء ولا يفارقه فمن ثم يميل يمنة ويسرة والمنافق على حالة واحدة من دوام الصحة في نفسه وأهله ويفعل اللّه ذلك بالمؤمن ليصرفه إليه في كل حال فكلما سكنت نفسه إلى شيء أمالها عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته فاختلاف الأحوال تميل بالمؤمن إلى اللّه والمنافق وإن اختلفت عليه الأحوال لا يرده ذلك إلى ربه لأنه أعماه وختم على قلبه فنفسه كالخشب المسندة لا تميل لشيء وقلبه كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الإيمان كالأرز لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت، ومقصود الحديث أن يحذر المؤمن دوام السلامة خشية الاستدراج فيشتغل بالشكر ويستبشر بالأمراض والرزايا.
5845 مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحيانا و تقوم أحيانا ( صحيح )
( ع الضياء ) عن أنس
الشرح:
أي هو كثير الآلام في بدنه وماله فيمرض ويصاب غالباً ويخلو من ذلك أحياناً ليكفر عنه سيئاته بخلاف الكافر فإن الغالب عليه الصحة كما مر ليجيء بسيئاته كاملة يوم القيامة.
5846 مثل المؤمن مثل النحلة إن أكلت أكلت طيبا و إن وضعت وضعت طيبا و إن وقعت على عود نخر لم تكسره و مثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرت و إن وزنت لم تنقص (حسن) (هب)عن ابن عمرو
الشرح:(1/108)
(مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما بينه العسكري (إن أكلت أكلت طيباً وإن وضعت وضعت طيباً وإن وقعت على عود نخر لم تكسره) لضعفها (ومثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرت وإن وزنت لم تنقص) وقد مر أنه إذا أطلق المؤمن غالباً أنه يعني به المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطناً وأخلاق الإسلام ظاهراً فشبه المؤمن بذبابة العسل لقلة مؤنتها وكثرة نفعها كما قيل إن قعدت على عش لم تكسره وإن وردت على ماء لم تكدره وقال علي: كونوا في الدنيا كالنحلة كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء. ومعنى إن أكلت إلخ: أي أنها لا تأكل بمرادها وما يلذ لها بل تأكل بأمر مسخرها في قوله {كلي من كل الثمرات} حلوها ومرها لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط فلذلك طاب وصفها لذة وحلاوة وشفاء فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيباً وهو الذي حلى بإذن ربه لا بهوى نفسه فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال وذكي الأخلاق وصالح الأعمال فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء وبقدر صفاء حله تنمو أعماله وتذكو.
5847 مثل المؤمن مثل النحلة لا تأكل إلا طيبا و لا تضع إلا طيبا
( صحيح ) ( طب حب ) عن أبي رزين
الشرح:
(مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما في الأمثال (لا تأكل إلا طيباً ولا تضع إلا طيباً) قال ابن الأثير: المشهور في الرواية بخاء معجمة وهو واحدة النخيل وروي بحاء مهملة يريد نحلة العسل ووجه الشبه حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار، وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى.
5848 مثل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها من شيء نفعك ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمر
الشرح:(1/109)
وفي رواية أنه ما أتاك منها نفعك قال ابن حجر: قد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة فإن موقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت وأن ما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح مستطاب وأنه لا يزال مستوراً بدينه وأنه ينتفع بكل ما صدر عنه حياً وميتاً، وفي صحيح ابن حبان عن ابن عمر رفعه من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها طيب وفرعها في السماء والمراد بكون فرعها في السماء رفع عمله.
5849 مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر و الحمى ( صحيح )
( حم م ) عن النعمان بن بشير
الشرح:
(مثل المؤمنين) الكاملين في الإيمان (في توادهم) بشد الدال مصدر تواد أي تحاب وفي رواية بدون في فيكون بدلاً من المؤمنين بدل اشتمال (وتراحمهم) أي تلاطفهم (وتعاطفهم) قال ابن أبي جمرة: الثلاثة وإن تفاوت معناها بينها فرق لطيف فالمراد بالتراحم أن يرحم بعضهم بعضاً لحلاوة الإيمان لا لشيء آخر وبالتواد التواصل الجالب للمحبة كالتهادي وبالتعاطف إعانة بعضهم بعضاً (مثل الجسد الواحد) بالنسبة لجميع أعضائه، وجه الشبه فيه التوافق في التعب والراحة (إذا اشتكى) أي مرض (منه عضو تداعى) من الدعوة (له سائر الجسد) أي باقيه اسم فاعل من سائر وهو مما يغلط فيه الخاصة فيستعملوه بمعنى الجميع، يعني دعاء بعضهم بعضاً إلى المشاركة في الألم ومنه تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت (بالسهر) بفتح الهاء ترك النوم لأن الألم يمنع النوم (والحمى) لأن فقد النوم يثيرها والحمى حرارة غريبة تشتعل في القلب فتنبث به في جميع البدن ثم لفظ الحديث خبر ومعناه أمر أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها، وفي هذا التشبيه تقريب للفهم وإظهار المعاني في الصور المرئية.(1/110)
5850 مثل المجاهد في سبيل الله و الله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد ( صحيح ) ( ن ) عن أبي هريرة
5851 مثل المجاهد في سبيل الله و الله أعلم بمن يجاهد في سبيله كمثل الصائم القائم الدائم الذي لا يفتر من صيام و لا صدقة حتى يرجع و توكل الله تعالى للمجاهد في سبيله إن توفاه أن يدخله الجنة أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة ( صحيح ) ( ق ت ن ) عن أبي هريرة
الشرح:
(واللّه أعلم بمن يجاهد في سبيله) أشار به إلى اعتبار الإخلاص وهي جملة معترضة بين ما قبلها وبعدها (كمثل الصائم القائم الدائم) شبه حال الصائم الدائم بحال المجاهد في نيل الثواب في كل حركة وسكون أو المراد به (الذي لا يفتر) ساعة (من صيام ولا صدقة) فأجره مستمر وكذا المجاهد لا تضيع له لحظة بلا ثواب (حتى يرجع، وتوكل اللّه تعالى للمجاهد في سبيله) أي تكفل كما في رواية (إن توفاه أن يدخله الجنة) أي عند موته كما ورد في الشهداء أو عند دخول السابقين ومن لا حساب عليهم (أو يرجعه سالماً مع أجر أو غنيمة) أو بمعنى الواو قال عياض: هذا تفخيم عظيم للجهاد لأن الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظبة على الصلاة وغيرها، وقال غيره: وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد يقتضي أن لا يعدل الجهاد شيء من الأعمال لكن عموم هذا الحديث خص بما دل عليه حديث ابن عباس ما العمل في أيام أفضل في هذه يعني أيام ذي الحجة، نعم استشكل هذا الحديث بحديث أحمد المار ألا أنبئكم بخير أعمالكم إلى أن قال ذكر اللّه فإن ظاهره أن مجرد الذكر أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي.(1/111)
5852 مثل المسلمين و اليهود و النصارى كمثل رجل استأجر قوما يعملون له عملا إلى الليل فعملوا إلى نصف النهار فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك الذي شرطت لنا و ما عملنا لك فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم و خذوا أجركم كاملا فأبوا و تركوه فاستأجر أجراء بعدهم فقال: اعملوا بقية يومكم و لكم الذي شرطت لهم من الأجر فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا و لك الأجر الذي جعلت لنا فيه فقال: أكملوا بقية عملكم فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا فاستأجر قوما أن يعملوا له بقية يومهم فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس و استكملوا أجر الفريقين كليهما فذلك مثلهم و مثل ما قبلوا من هذا النور(صحيح) (خ)عن أبي موسى
5853 مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين تعير إلى هذه مرة و إلى هذه مرة لا تدري أيهما تتبع ( صحيح ) ( حم م ن ) عن ابن عمر
الشرح:
(مثل المنافق كمثل الشاة العائرة) بعين مهملة المترددة المتحيرة قال التوربشتي: وأكثر استعماله في الناقة وهي التي تخرج من إبل إلى أخرى ليضربها الفحل ثم اتسع في المواشي (بين الغنمين) أي القطيعين من الغنم قال في المفصل: قد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين في الفرقتين قال: ومنه هذا الحديث وقال الأندلسي في شرحه: تثنية الجمع ليس بقياس وقد يعرض في بعض المعاني ما يحوج إلى تثنيته كما في الحديث كأنه لا يمكن التعبير بمجرد الجمع فتستحق عند ذلك تثنيته (تعير) في رواية أخرى تكر (إلى هذه مرة وإلى هذه مرة) أي تعطف على هذه وعلى هذه (لا تدري أيهما تتبع) لأنها غريبة ليست منهما، فكذا المنافق لا يستقر بالمسلمين ولا بالكافرين بل يقول لكل منهم أنا منكم قال الطيبي: شبه تردده بين المؤمنين والكافرين تبعاً لهواه وقصداً لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل فلا تستقر على حال ولذلك وصفوا في التنزيل {مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء}.(1/112)
5854 مثل أمتي مثل المطر لا يدرى أوله خير أم آخره ( صحيح )
(حم ت)عن أنس(حم)عن عمار(ع)عن علي(طب)عن ابن عمر وابن عمرو
الشرح:
(مثل أمتي مثل المطر لا يدرى) أي بالرأي والاستنباط (أوله خير أم آخره) قال البيضاوي: نفي تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية وأراد به التفاوت لاختصاص كل منهم بخاصية توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها والحكم بعدم نفعها، فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات وتلقوا دعوة الرسول بالإجابة والإيمان، والآخرين آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا الذين قبلهم بالإحسان وكما اجتهد الأولون في التأسيس والتمهيد اجتهد المتأخرون في التجريد والتلخيص وصرفوا عمرهم في التقدير والتأكيد فكل مغفور وسعيه مشكور وأجره موفور، إلى هنا كلام القاضي، وقد تمسك ابن عبد البر بهذا الحديث فيما رجحه من أن الأفضلية المذكورة في حديث خير الناس قرني إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد وأجاب عنه النووي بأن المراد ممن يشتبه عليه الحال في زمن عيسى ويرون ما في زمنه من البركة وانتظام شمل الإسلام فيشتبه الحال على من شاهد ذلك أي الزمانين خير وهذا الاشتباه مندفع بخير خير الناس قرني اهـ.
5855 مثل ما بعثني الله به من الهدى و العلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا فكان منها نقية قبلت الماء فأنبتت الكلأ و العشب الكثير و كانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس شربوا منها و سقوا و رعوا و أصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء و لا تنبت كلأ فذلكم مثل من فقه في دين الله و نفعه ما بعثني الله به فعلم و علم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا و لم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (صحيح) (ق)عن أبي موسى
5856 مثل مؤخرة الرحل يكون بين يدي أحدكم ثم لا يضره من مر بين يديه ( صحيح ) ( حم ه ) عن طلحة(1/113)
5857 مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فأحسنها و أكملها و أجملها و ترك فيها موضع لبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان و يعجبون منه و يقولون: لو تم موضع هذه اللبنة فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة
( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي ( حم ق ت ) عن جابر
( حم ق ) عن أبي هريرة ( حم م ) عن أبي سعيد
5858 مثلي كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حولها جعل الفراش و هذه الدواب التي يقعن في النار يقعن فيها و جعل يحجزهن و يغلبنه فيقتحمن فيها فذلك مثلي و مثلكم أنا آخذ بحجزكم عن النار: هلم عن النار هلم عن النار فتغلبوني فتقتحمون فيها ( صحيح ) (حم ق ت)عن أبي هريرة
5859 مثلي و مثلكم كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش و الجنادب يقعن فيها و هو يذبهن عنها و أنا آخذ بحجزكم عن النار و أنتم تفلتون من يدي
( صحيح ) ( حم ) عن جابر
الشرح:(1/114)
(مثلي ومثلكم كمثل رجل) أي صفتي وصفة ما بعثني اللّه به من إرشادكم لما ينجيكم العجيب الشأن كصفة رجل (أوقد) وفي رواية استوقد (ناراً فجعل) وفي رواية كلما أضاءت ما حولها جعل (الفراش) جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفاً به وتوقع نفسها في النار (والجنادب) جمع جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها وحكي كسر الجيم وفتح الدال نوع على خلقة الجراد يصر في الليل صراً شديداً (يقعن فيها ويذبهن عنها) أي يدفع عن النار والوقوع فيها (وأنا آخذ) روى اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال وفعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر (بحجزكم) جمع حجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار خصه لأن أخذ الوسط أقوى في المنع يعني أنا آخذكم حتى أبعدكم (عن النار) نار جهنم (وأنتم تفلتون) بشد اللام أي تخلصون (من يدي) وتطلبون الوقوع في النار بترك ما أمرت وفعل ما نهيت شبه تساقط الجهلة والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع فيها مع منعه لهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وعدم درايته بحر الدنيا ولو علم لم يدخلها بل ظن أن ضوء النار يريحه من ظلام الليل فكذا العاصي يظن أن المعاصي تريحه فيتعجل لذة ساعة بذلة الأبد، وفيه فرط شفقته على أمته وحفظهم عن العذاب لأن الأمم في حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء في أكناف الآباء وقال الغزالي: التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالاً والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبداً.(1/115)
5860 مثلي و مثل ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قوما فقال: يا قوم إني رأيت الجيش بعيني و إني أنا النذير العريان فالنجاء النجاء فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا و انطلقوا على مهلهم فنجوا و كذبته طائفة منهم فأصبحوا مكانهم فصبحهم الجيش فأهلكهم و اجتاحهم فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به و مثل من عصاني و كذب بما جئت به من الحق ( صحيح )
( ق ) عن أبي موسى
5861 مدمن الخمر كعابد وثن ( صحيح ) ( تخ هب ) عن أبي هريرة
5862 مر أختك فلتركب (ولتختمر و لتصم ثلاثة أيام) فإن الله عن تعذيب أختك نفسها لغني( صحيح ) (حم د ن ه)عن عقبة بن عامر (د ك)ابن عباس وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5256
5863 مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق فقال: و الله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة ( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/116)
(مر رجل بغصن شجرة) لم يقل بغصن يشعر أنه لم يكن مقطوعاً (على ظهر طريق) أي ظاهره وفوقه (فقال واللّه لأنحين) لم يقل لأقطعن إيذاناً بأن الشجرة كانت ملكاً للغير أو كانت مثمرة (هذا عن المسلمين) بإبعاده الطريق (لا يؤذيهم) أي لئلا يضرهم (فأدخل الجنة) ببناء أدخل للمفعول أي فبسبب فعله ذلك أدخل الجنة مكافأة له على صنيعه، قال الحكيم: لم يدخلها برفع الغصن بل بتلك الرحمة التي عم بها المسلمين كما يصرح به الحديث فشكر اللّه له عطفه ورأفته بهم فأدخله الجنة دار كرامته ومما يحقق ذلك ما روى أن عبداً لم يعمل خيراً قط ففرق فخرج هارباً ينادي في الأرض يا سماء اشفعي لي يا كذا يا كذا حتى وقع فأفاق فنودي قم فقد شفع لك من قبل فرقك من اللّه تعالى، وقال الأشرفي: يمكن كون ذلك الرجل دخل بنيته الصالحة وإن لم ينحه ويمكن كونه نحاه قال الطيبي: والفاء على الأول سببية والسبب مذكور وعلى الثاني فصيحة تدل على محذوف هو سبب لما بعد الفاء أي أقسم باللّه أن أبعد الغصن من الطريق ففعل، وقوله لا يؤذيهم جملة مستأنفة لبيان علة التنحية.
5864 مررت ليلة أسري بي بالملأ الأعلى و جبريل كالحلس البالي من خشية الله تعالى ( حسن ) ( طس ) عن جابر
الشرح:(1/117)
(مررت يوم أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس) بمهملتين أولاهما مكسورة كساء رقيق على ظهر البعير تحت قتبه (البالي من خشية اللّه تعالى) زاد الطبراني في بعض طرقه فعرفت فضل علمه باللّه عليَّ اهـ. شبهه به لرؤيته لاصقاً بما لطى به من هيبة اللّه تعالى وشدة فرقه منه وتلك الخشية التي تلبس بها هي التي ترقيه في مدارج التبجيل والتعظيم حتى دعي في التنزيل بالرسول الكريم، وعلى قدر خوف العبد من الرب يكون قربه. وفيه كما قال الزمخشري دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين وأنهم بين الخوف والرجاء. قال الحكيم الترمذي: وأوفر الخلق حظاً من معرفة اللّه أعلمهم به وأعظمهم عنده منزلة وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة والأنبياء إنما فضلوا على الخلق بالمعرفة لا بالأعمال، ولو تفاضلوا بالأعمال لكان المعمرون من الأنبياء وقومهم أفضل من نبينا صلى اللّه عليه وسلم وأمته.
5865 مررت ليلة أسري بي على موسى قائما يصلي في قبره ( صحيح )
( حم م ن ) عن أنس
الشرح:(1/118)
(مررت ليلة أسري بي على موسى) أي جاوزت موسى بن عمران حال كونه (قائماً يصلي في قبره) لفظ رواية مسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو يصلي في قبره أي يدعو اللّه ويثني عليه ويذكره، فالمراد الصلاة اللغوية وقيل المراد الشرعية وعليه القرطبي فقال: الحديث بظاهره يدل على أنه رآه رؤية حقيقية في اليقظة وأنه حي في قبره يصلي الصلاة التي يصليها في الحياة وذلك وذلك ممكن ولا مانع من ذلك لأنه إلى الآن في الدنيا وهي دار تعبد، فإن قيل كيف يصلون بعد الموت وليس تلك حالة تكليف؟ قلنا ذلك ليس بحكم التكليف بل بحكم الإكرام والتشريف لأنهم حبب إليهم في الدنيا الصلاة فلزموها ثم توفوا وهم على ذلك فتشرفوا بإبقاء ما كانوا يحيونه عليه فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية، ويدل عليه خبر يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه، ولا تدافع بين هذا وبين رؤيته إياه تلك الليلة في السماء لأن للأنبياء مراتع ومسارح يتصرفون فيما شاؤوا ثم يرجعون أو لأن أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به يتمكنون من التصرف والتقرب بحيث يرد السلام على المسلم وبهذا التعلق رآه يصلي في قبره ورآه في السماء فلا يلزم كون موسى عرج به من قبره ثم رد إليه بل ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره إلى يوم معاد الأرواح لأبدانها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء أي كما أن نبينا بالرفيق الأعلى وبدنه في ضريحه يرد السلام على من سلم عليه ومن كثف إدراكه وغلظ طبعه عن إدراك هذا فلينظر إلى السماء في علوها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان وإلى النار كيف تؤثر في الجسم البعيد مع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأتم وألطف، وإذا تأملت هذه الكلمات علمت أن لا حاجة إلى ما أبدى في هذا المقام من التكلفات والتأويلات البعيدة التي منها أن هذا كان رؤية منام أو(1/119)
تمثيل أو إخبار عن وحي لا رؤية عين
(خاتمة) 0000 قال الحافظ العراقي: وليس في قبور الأنبياء ما هو محقق إلا قبر نبينا صلى اللّه عليه وسلم وأما قبر موسى وإبراهيم فمظنون.
5866 مروا أبا بكر فليصل بالناس ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن عائشة (ق)عن أبي موسى ( خ ) عن ابن عمر ( ه ) عن ابن عباس وسالم بن عبيد
الشرح:
(مروا) بضمتين بوزن كلوا بغير همز تخفيفاً وفي رواية للبخاري مري بوزن كلي خطاباً لعائشة (أبا بكر) الصديق (فليصل) بسكون اللام الأولى وفي رواية فليصلي بكسرها وزيادة ياء مفتوحة آخره والفاء عاطفة أي فقولي له أو قولي فليصل، وقد خرج بهذا الأمر عن أن يكون من قاعدة الأمر بالأمر بالفعل فإن الأصح أنه ليس أمراً وفي رواية للبخاري يصلي بإثبات الياء وإسقاط اللام وفي رواية له أن يصلي (بالناس) الظهر والعصر والعشاء وفي رواية للناس أي المسلمين قاله لما ثقل في مرض موته فصلى أبو بكر أياماً ثم وجد خفة فخرج يهادى بين رجلين فذهب أبو بكر يتأخر فأومئ إليه أن مكانك وجلس على يساره فصلى قائماً والنبي صلى اللّه عليه وسلم قاعداً مقتدياً بأبي بكر، وللحديث فوائد لا تكاد تحصى منها أن الأفقه يقدم على الأقرأ في الإمامة لأنه كان ثمة من هو أقرأ من أبي بكر لا أعلم، كذا في فتح القدير (تنبيه) قال أصحابنا في الأصول: يجوز أن يجمع عن قياس كإمامة أبي بكر هنا فإن الصحب أجمعوا على خلافته وهي الإمامة العظمى ومستندهم القياس على الإمامة الصغرى وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى صلى اللّه عليه وسلم.
5867 مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين و إذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها ( صحيح ) ( د ) عن سبرة
5868 مروا أولادكم بالصلاة و هم أبناء سبع سنين و اضربوهم عليها و هم أبناء عشر سنين و فرقوا بينهم في المضاجع (وإذا زوج أحدكم عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة)(حسن)(حم د ك)ابن عمرو(1/120)
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5258
الشرح:
(مروا) وجوباً (أولادكم) وفي رواية أبناءكم قال الطيبي: مروا أصله أمروا حذفت همزته تخفيفاً فلما حذفت فاء الفعل لم يحتج إلى همزة الوصل لتحريك الميم (بالصلاة) المكتوبة (وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) يعني إذا بلغ أولادكم سبعاً فأمروهم بأداء الصلاة ليعتادوها ويأنسوا بها فإذا بلغوا عشراً فاضربوهم على تركها قال ابن عبد السلام: أمر للأولياء والصبي غير مخاطب إذ الأمر بالأمر بالشيء ليس أمراً بذلك الشيء (وفرقوا بينهم في المضاجع) أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشراً حذراً من غوائل الشهوة وإن كن أخواته قال الطيبي: جمع بين الأمر بالصلاة والتفرق بينهم في المضاجع في الطفولية تأديباً ومحافظة لأمر اللّه كله وتعليماً لهم والمعاشرة بين الخلق وأن لا يقفوا مواقف التهم فيجتنبوا المحارم 000
5868 / 1 ( مروا بالمعروف و انهوا عن المنكر قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم ) ( حسن ) ( ه ) عن عائشة وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في صحيح ابن ماجه رقم: 3235 حسن
الشرح:(1/121)
(بالمعروف) أي بكل ما عرف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل بين الناس (وانهوا عن المنكر) أي المعاصي والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام. وعرفهما إشارة إلى تقررهما وثبوتهما وفي رواية عرف الأول ونكر الثاني، ووجهه الإشارة إلى أن المعروف معهود مألوف والمنكر مجهول كمعدوم قال القاضي: الأمر بالمعروف يكون واجباً ومندوباً على حسب ما يؤمر به والنهي عن المنكر واجب كله لأن جميع ما أنكره الشرع حرام (قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم) زاد الطبراني وأبو نعيم في روايتهما عم ابن عمر يرفعه وقبل أن تستغفروا فلا يغفر لكم إن الأمر بالمعروف لا يقرب أجلاً وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم اللّه على لسان أنبيائهم ثم عمهم البلاء اهـ بنصه، وقال عمر: إن الزاهد من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزعت منه الطاعة ولو أمر ولده أو عبده لاستخف به فكيف يستجاب دعاؤه من خالقه؟ وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكبائر قال ابن العربي: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى وفرادى بشرط القدرة والأمن.
5869 مروه فليتكلم و ليستظل و ليقعد و ليتم صومه ( صحيح )
( حم خ د ) عن ابن عباس
5870 مرها فإن يك فيها خير فستفعل و لا تضرب ظعينتك كضرب أمتك
( صحيح ) ( د حب ) عن لقيط بن صبرة
5871 مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة ( صحيح )(حم)عن عمران
الشرح:(1/122)
(مسألة الغني) أي سؤاله للناس من أموالهم إظهاراً للفاقة واستكثاراً (شين) أي عيب وعار (في وجهه يوم القيامة) لأنه جحد نعمة اللّه الواجب شكرها بسؤاله مع ما فيها من الذل والمقت والهوان في الدنيا لأن من سألهم ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال يحبونه لنفوسهم ومن طلب محبوبك فلا شيء أبغض إليك منه.
5872 مستريح و مستراح منه العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا و أذاها إلى رحمة الله تعالى و العبد الفاجر تستريح منه العباد و البلاد و الشجر و الدواب ( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أبي قتادة
5873 مضت الهجرة لأهلها أبايعه على الإسلام و الجهاد ( صحيح )
( ق ) عن مجاشع بن مسعود
5874 مضمضوا من اللبن فإن له دسما ( صحيح )
( د ) عن ابن عباس وسهل بن سعد
الشرح:
(مضمضوا من اللبن) أي إذا شربتم لبناً فأديروا في فمكم ماء وحركوه ندباً (فإن له دسماً) قالوا: وذلك من لبن الإبل آكد لأنه أشد زهومة والدسم الودك من شحم ولحم قال الفاكهاني: أصل لفظ المضمضة مشعر بالتحريك والإدارة يقال مضمض النعاس في عينه.
5875 مطل الغني ظلم فإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع ( صحيح )
( ق ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/123)
(مطل الغني) أي تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال (ظلم) منه لرب الدين فهو حرام فالتركيب من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل وقيل من إضافة المصدر للمفعول يعني يجب وفاء الدين وإن كان مستحقه غنياً فالفقير أولى ولفظ المطل يؤذن بتقديم الطلب فتأخير الأداء مع عدم الطلب ليس بظلم. وقضية كونه ظلماً أنه كبيرة فيفسق به إن تكرر وكذا إن لم يتكرر على ما جرى عليه بعضهم لكن يشهد للأول قول التهذيب المطل المدافعة بالغريم (وإذا اتبع) بالبناء للمجهول أحيل (أحدكم على مليءٍ) كغني لفظاً ومعنى وقيل بالهمز بمعنى فعيل. وضمن اتبع معنى أحيل فعداه بعلى (فليتبع) بالتخفيف أجود أي فليحتل والأمر للندب أو للإباحة عند الجمهور لا للوجوب خلافاً للظاهرية وأكثر الحنابلة فإن بعض الأملياء عنده من اللدود والعسر ما يوجب كثرة الخصومة والمضارة فمن علم من حاله ذلك لا يطلب الشارع اتباعه بل عدمه لما فيه من تكثير الخصومة والظلم وأما من علم منه حسن القضاء فلا شك في ندب اتباعه للتخفيف عن المديون والتيسير ومن لا يعلم حاله فمباح. لكن لا يمكن إضافة هذا التفصيل إلى النص لأنه جمع بين معنيين متحاذيين بلفظ الأمر في إطلاق واحد فإن جعل للأقرب أضمر معه القيد. ذكره الكمال ابن الهمام. والحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة. زاد ابن الحاجب تبرأ بها الأولى، واعترض بأن النقل حقيقة إنما هو في الأجسام وبأن قوله تبرأ إلخ حشو لا يفيد إدخال شيء في الحد ولا إخراجه وبأنه حكم الحوالة وتابع لها وحكم الحقيقة لا يؤخذ في تعريفها وبأن أخذ لفظ الحق بدل لفظ الدين أولى إذ لا يصدق الدين على المنافع إلا بتكلف.
5876 مطل الغني ظلم و إذا أحلت على مليء فاتبعه ( صحيح )
( ه ) عن ابن عمر
5877 مع الغلام عقيقة فأهريقوا عنه دما و أميطوا عنه الأذى ( صحيح )
( خ د ه ) عن سلمان بن عامر(1/124)
5878 معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي إن هذا و أصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ( صحيح ) ( حم ق ) عن جابر
5879 معاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله و حرامه ( صحيح )
( حل ) عن أبي سعيد
الشرح:
(معاذ بن جبل) الأنصاري (أعلم الناس بحلال اللّه وحرامه) قالوا: وإذا كان أعلم فهو أقضى فما معنى خبر وأقضاكم عليّ؟ وأجيب بأن القضاء يرجع إلى التفطن لوجوه حجاج الخصوم وقد يكون غير الأعلم أعظم فراسة وقريحة وفطنة ودربة وأحذق باستبانة وجه الصواب، أسلم معاذ رضي اللّه عنه وعمره ثمانية عشر سنة وشهد بدراً وسائر المشاهد، مات بالأردن في طاعون عمواس وسنه نحو خمس وثلاثين سنة.
5880 معاذ بن جبل أمام العلماء يوم القيامة برتوة ( صحيح )
( حل طب ) عن محمد بن كعب مرسلا
الشرح:
(أمام العلماء) بفتح الهمزة أي قدامهم (يوم القيامة برتوة) بفتح الراء وسكون المثناة الفوقية أي برمية سهم وقيل بميل وقيل بمد البصر وقيل بخطوة وقيل بدرجة، وأخرج ابن سعد عن أنس مرفوعاً أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل. قال المؤلف: هذا وهو المقتضي لكونه يأتي أمام العلماء يوم القيامة وهم في أثره، وعلم منه أن العلماء الذين يأتي أمامهم هم العلماء بالحلال والحرام وحملة الشريعة.
5881 معترك المنايا ما بين الستين إلى السبعين ( حسن )
( الحكيم ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/125)
(معترك المنايا) جمع منية من منى اللّه عليك خيراً قدر أي منايا هذه الأمة التي هي آخر الأمم ومعتركها ملابسة شدائدها والمعترك موضع الاعتراك للحرب (ما بين الستين) من السنين (إلى السبعين) لفظ رواية الحكيم والسبعين بالواو لا بالياء وذلك لأن مقدمات الضعف ونقص القوى تبدو بعد الأربعين ويستحكم الضعف إلى الستين وتتراجع القوى وذلك مقدمات الموت إلى السبعين في غالب هذه الأمة التي هي أقصر الأمم أعماراً ولم يجاوز منهم ذلك إلا القليل فأخذوا من الدنيا رزقاً قليلاً ببدن ضعيف في أمد قصير رفقاً من اللّه بهم وخيرة لهم لئلا يأشروا ويبطروا كما وقع ذلك لمن عظم جسمه وطال عمره من الأمم الماضية ثم ضوعفت حسناتهم وأيدوا باليقين وأعطوا ليلة القدر وغيرها جبراً لما فاتهم، وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال، وقيل لعبد الملك بن مروان كم تعد فبكى وقال: أنا في معترك المنايا هذه ثلاث وستون، فمات فيها.
5882 معقبات لا يخيب قائلهن: ثلاث و ثلاثون تسبيحة و ثلاث و ثلاثون تحميدة و أربع و ثلاثون تكبيرة في دبر كل صلاة مكتوبة ( صحيح )
( حم م ت ن ) عن كعب بن عجرة
الشرح:(1/126)
(معقبات) أي كلمات يأتي بعضها عقب بعض، سميت معقبات لأنها تفعل أعقاب الصلوات، وقال القاضي: المعقبات الكلمات التي يعقب بعضها بعضاً مأخوذة من العقب ومنه قيل لملائكة الليل والنهار معقبات لأن بعضهم يعقب بعضاً، وقال ابن الأثير: سميت معقبات لأنها عادت مرة بعد أخرى أو لأنها تعاد عقب الصلاة، والعقب من كل شيء ما جاء عقب ما قبله وقيل تسبيحات يعقبهن الثواب (لا يخيب قائلهن) زاد في رواية أو فاعلهن على الشك. قال القاضي: قد يقال للقائل فاعلاً لأن القول فعل من الأفعال واعترض بأن الفعل لا يستعمل مكان القول إلا إذا صار القول مستمراً ثابتاً رسوخ الفعل، وقال ابن الأثير: والخيبة الحرمان والخسران (ثلاث) أي هن ثلاث (وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة في دبر) بضم الدال وتفتح (كل صلاة مكتوبة) قال الطيبي: وقوله معقبات يحتمل أن يكون صفة مبتدأ أقيمت مقام الموصوف أي كلمات معقبات ولا يخيب خبر ودبر كل صلاة ظرف يجوز أن يكون خبراً بعد خبر وأن يكون متعلقا بقائلهن لا يخيب، ويحتمل أن يكون لا يخيب قائلهن صفة معقبات ودبر صفة أخرى أو خبراً آخر أو متعلقاً بقائلهن وثلاث خبراً آخر ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاث وثلاثون والجملة بيان، وفيه ندب هذه الأذكار عقب الصلوات، وحكمته أن وقت الفرائض تفتح فيه الأبواب وترفع فيه الأعمال فالذكر حينئذ أرجى ثواباً وأعظم أجراً. وفيه جواز العد والإحصاء في الذكر والتسبيح ورد على من كرهه.
5883 معلم الخير يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر ( صحيح )
( طس ) عن جابر ( البزار ) عن عائشة
الشرح:(1/127)
(معلم الخير) يعني العلم الشرعي (يستغفر له كل شيء حتى الحيتان في البحر) في رواية في البحار. قال الغزالي: هذا في معلم قصد بتعليمه وجه اللّه دون التطاول والتفاخر بخلاف من نفسه مائلة إلى ذلك فقد انتهضت مطيعة للشيطان ليدليه بحبل غروره ويستدرجه بمكيدته إلى غمرة الهلاك وقصده أن يروج عليه الشر في معرض الخير حتى يلحقه {بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} أما من قصد بعلمه وجه اللّه سبحانه فإن علمه يتعدى نفعه حتى لدواب البحر بما منه الأمر بإحسان القتلة وغير ذلك فمن ثم كانت تستغفر له. ومن ثمرات العلم النافع خشية اللّه ومهابته.
5884 مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله تعالى: لا يعلم أحد ما يكون في غد إلا الله تعالى و لا يعلم أحد ما يكون في الأرحام إلا الله تعالى و لا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله تعالى و لا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله تعالى و لا يدري أحد متى يجيء المطر إلا الله تعالى ( صحيح )
( حم خ ) عن ابن عمر
الشرح:(1/128)
(مفاتيح) في رواية مفتاح (الغيب) أي خزائنه أو ما يتوصل إلى المغيبات على جهة الاستعارة بأن يجعل الغيب مخزناً مغلقاً وذكر ما هو من خواص المخزن وهو المفتاح والمفتاح يطلق على ما كان محسوساً مما يحل غلقاً كالقفل وعلى ما هو معنوياً وفي رواية مفاتح بغير ياء جمع مفتح كما قاله القاضي وهو الخزانة إلى خزائن الغيب (خمس) واقتصر عليها وإن كانت مفاتيح الغيب لا تتناهى {وما يعلم جنود ربك إلا هو} لأن العدد لا ينفي الزائد أو لكونها التي كان القوم يدعون علمها أو لأنها الأمهات إذ الأمور إما أن تتعلق بالآخرة وهو علم الساعة أو بالدنيا وذلك إما متعلق بالجماد المأخوذ من الغيب أو بالحيوان في مبدئه وهو ما في الأرحام أو معاشه وهو الكسب أو معاده وهو الموت (لا يعلمها إلا اللّه) قال الزجاج: فمن ادعى شيئاً منها كفر فهو تعالى المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها لا يتوصل إليها غيره فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها أو تأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته، وفيه دليل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها (لا يعلم أحد ما يكون في غد) من خير أو شر (إلا اللّه ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام) ذكر أم أنثى؟ واحد أم متعدد؟ ناقص أو تام؟ شقي أم سعيد (إلا اللّه) وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر يعرفونها بالعادة ومع ذلك نفى أن يعرف أحد حقيقتها أي إلا بإقداره كالملك الموكل بالتخليق ونفخه الروح ونحو ذلك (ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا اللّه) {إن اللّه عنده علم الساعة} لا يعلم ذلك نبي مرسل ولا ملك مقرب (ولا) في رواية وما (تدري نفس) برة أو فاجرة (بأي أرض تموت) أي أين تموت كما لا تدري في أي وقت تموت (إلا اللّه) فربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرح منها فيرمي بها مرامي القدر حتى تموت بأرض لم تخطر بباله وفي الكشاف عن المنصور أنه أهمه معرفة مدة عمره فرأى في منامه كأن خيالاً أخرج يده من البحر وأشار إليه(1/129)
بالأصابع الخمس فأوله العلماء بخمس سنين وخمسة أشهر وغير ذلك حتى قال أبو حنيفة تأويلها أن مفاتيح الغيب خمس ولا يعلمها إلا اللّه وأن ما طلبت معرفته لا سبيل إليه (ولا يدري أحد متى يجيء المطر) ليلاً أو نهاراً (إلا اللّه تعالى) نعم إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء اللّه من خلقه والمنجم الذي يخبر بشيء من ذلك يقوله بالقياس والنظر في المطالع والقرابات وما يدرك بالدليل لا يكون غيباً على أنه مجرد ظن وقال في موضعين نفس وفي ثالث أحد لأن النفس هي الكاسبة وهي المائية قال اللّه تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} وقال تعالى {اللّه يتوفى الأنفس} فلو قال بدلها لفظ أحد فيهما احتمل أن يفهم منه لا يعلم أحد ماذا تكسب نفسه أو بأي أرض تموت نفسه فتفوت المبالغة المقصودة وهي أن النفس لا تعرف حال نفسها حالاً ومآلاً وإذا لم تعرف نفسها فمعرفتها لغيرها أبعد والفرق بين العلم والدراية أن الدراية أخص لأنها علم باختيار أي لا تعلم وإن علمت جبلتها، وعدل عن لفظ القرآن وهو تدري إلى تعلم فبماذا تكسب غداً لزيادة المبالغة إذ نفي العام يستلزم نفي الخاص بدون عكس فكأنه قال لا تعلم أصلاً وإن احتالت. وفيه زجر عن اتباع المنجمين في تعاطيهم علم الغيب، هذا ما قرره علماء الظاهر في هذا الحديث00000
5885 مفتاح الصلاة الطهور و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم (صحيح)
( حم د ت ه ) عن علي
الشرح:(1/130)
(مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير) أي سبب كون الصلاة محرمة ما ليس منها التكبير وأصل التحرم المنع، وفيه أن الصلاة لا تنعقد إلا بلفظ اللّه أكبر وهو مذهب الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة: تنعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم قالوا: والتكبير من خصوصيات هذه الأمة وتمسك به الحنفية على أن التكبير ليس من الصلاة إذ الشيء لا يضاف إلى نفسه قلنا قد يضاف الجزء إلى الجملة كدهليز الدار (وتحليلها التسليم) أي أنها صارت بهما كذلك فهما مصدران يضافان إلى الفاعل. وقال في فتح القدير: الإسناد فيه مجازي لأن التحريم ليس نفس التكبير بل يثبت أو يجعل مجازاً لغوياً في استعمال لفظ التحريم فيما به أي ما يثبت به تحريم الصلاة التكبير ومثله في تحليلها التسليم والمستفاد من هذه وجوب المذكورات في الصلاة اهـ. وقال الخطابي: فيه أن التسليم ركن للصلاة كالتكبير وأن التحلل إنما يكون به دون الحدث والكلام لأنه عرف بأل وعينه كما عين الطهور وعرفه فانصرف إلى الطهارة المعروفة والتعريف بأل مع الإضافة يوجب التخصيص وفيه رد على الحنفية. وقال المظهر: سمي الدخول في الصلاة تحريماً لأنه يحرم الكلام وغيره والتحليل جعل الشيء المحرم حلالاً وسمي التسليم به لتحليله ما كان حراماً على المصلي، وقال الطيبي: شبه الشروع في الصلاة بالدخول في تحريم الملك المحمي عن الأغيار وجعل فتح باب الحرم بالتطهر عن الأدناس والأوضار وجعل الالتفات إلى الغير والشغل به تحليلاً تنبيهاً على التكمل بعد الكمال.
5886 مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة
( صحيح ) ( طب ك ) عن عمران
الشرح:(1/131)
وفي رواية أربعين وفي رواية أقل وفي أخرى أكثر قال البيهقي: القصد به تضعيف أجر الغزو على غيره وذلك يختلف باختلاف الناس في نياتهم وإخلاصهم ويختلف باختلاف الأوقات ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة بأربعين ومرة بستين وأخرى بما دونها وأخرى بما فوقها اهـ. وقال بعضهم: فمن وجب عليه الغزو وكان التخلي للعبادة المندوبة يفوته فالتخلي لها معصية بل هي حينئذ معصية لاستلزامها ترك الفرض وأما التعليل بأن الاشتغال بالعبادة لا يوجب الغفران ودخول الجنان فغير صواب0000
5887 ملأ الله بيوتهم و قبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن علي ( م ه ) عن ابن مسعود
5888 ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه ( صحيح )
( ه ) عن علي ( ك هق ) عن ابن مسعود
الشرح:
(ملئ) بضم الميم وفتح الهمزة بضبطه (عمار) بن ياسر (إيماناً إلى مشاشه) بضم الميم ومعجمتين أولاهما خفيفة يعني اختلط الإيمان بلحمه ودمه وعظمه وامتزج بسائر أجزائه امتزاجاً لا يقبل التفرقة فلا يضره الكفر حين أكرهه عليه كفار مكة بضروب العذاب وفيه نزل {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} قال في الفتح: وهذه الصفة لا تقع إلا ممن أجاره اللّه الشيطان الرجيم ومن ثم جاء عن ابن مسعود في الصحيح أن عماراً أجاره اللّه من الشيطان.
5889 ملعون من أتى امرأة في دبرها ( صحيح ) ( حم د ) عن أبي هريرة
الشرح:
أي جامعها فيه فهو من أعظم الكبائر إذا كان هذا في المرأة فكيف بالذكر00
5890 ملعون من سأل بوجه الله و ملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا ( حسن ) ( طب ) عن أبي موسى
الشرح:
قال الحافظ العراقي: لعنة فاعل ذلك لا يناقضها ما مر من استعاذة النبي صلى اللّه عليه وسلم بوجه اللّه لأن ما هنا في جانب طلب تحصيل الشيء إما في دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس به أو النهي إنما هو عن سؤال المخلوقين به وكنى عن سؤال اللّه به في الأمور الدنيوية.(1/132)
5891 ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه ملعون من ذبح لغير الله ملعون من غير تخوم الأرض ملعون من كمه أعمى عن طريق ملعون من وقع على بهيمة ملعون من عمل بعمل قوم لوط(صحيح)(حم)عن ابن عباس
الشرح:
(ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه) إنما استحق ساب أبويه اللعن لمقابلته نعمة الأبوين بالكفران وانتهائه إلى غاية العقوق والعصيان كيف وقد قرن اللّه برهما بعبادته - وإن كانا كافرين - وبتوحيده وشريعته (ملعون من ذبح لغير اللّه) قال القرطبي: إن كان المراد الكافر الذي ذبح للأصنام فلا خفاء بحاله وهي التي أهل بها والتي قال اللّه فيها {ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم اللّه عليه} وأما إن كان مسلماً فتناوله عموم هذا اللعن لا تحل ذبيحته لأنه لا يقصد به الإباحة الشرعية وقد مر أنها شرط في الذكاة ويتصور ذبح المسلم لغير اللّه فيما إذا ذبح مجرباً لآلة الذبح أو اللهو ولم يقصد الإباحة وما أشبهه، وقال بعضهم: ذهب داود وإسحاق وعكرمة إلى أن ما ذبحه غير المالك تعدياً كالسارق لا يوكل وهو قول شاذو الأئمة الأربعة علي حله لوقوع الذكاة بشروطها من المتعدي (ملعون من غيَّر تخوم الأرض) أي معالمها وحدودها قال الزمخشري: روي بضم أوله وفتحه وهي مؤنثة والتخوم جمع لا واحد له وقيل وواحدها تخم والمراد تغيير حدود الحرم التي حددها إبراهيم وهو عام في كل حد ليس لأحد أن يزوي من حد غيره شيئاً اهـ. وقيل أراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق قال القرطبي: والمغير لها إن أضافها إلى ملكه فغاصب وإلا فمتعد ظالم مفسد لملك الغير (ملعون من كمه أعمى عن طريق، ملعون من وقع على بهيمة) أي جامعها (ملعون من عمل بعمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من دون النساء وأخذ من اقتصاره على اللعنة وعدم ذكره القتل أن كلاً منهما لا يقتل وعليه الجمهور وذهب البعض إلى قتلهما تمسكاً بخبر اقتلوا الفاعل والمفعول به وخبر من وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وفي كل(1/133)
مقال.
5891 / 1 ( من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجته و هو لا يريد الرجعة فهو منافق ) ( صحيح ) (ه)عن عثمان وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في صحيح ابن ماجه رقم: 600 صحيح
5891 / 2( من أراد الحجامة فليتحر سبعة عشر و تسعة عشر و إحدى و عشرين لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله ) ( صحيح ) ( ه ) عن أنس وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في صحيح ابن ماجه رقم: 2808
5892 من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يصورون هذه الصور
( صحيح ) ( خ ) عن عائشة
5893 من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله و ماله ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
الشرح:
قال المظهر: الباء في بأهله باء التعدية كما في قوله بأبي أنت وأمي يعني يتمنى أحدهم أن يكون مفدياً بأهله لو اتفقت رؤيتهم إياه ووصولهم إليه، وقال الطيبي: لو هنا كما في قوله تعالى {ربما يودّ الذين كفروا لو كانوا مسلمين} لا بد لقوله يودّ من مفعول فلو مع ما بعده نزل منزلته كأنه قيل يود أحدهم ويحب ما لا يلزم قوله لو رآني بأهله أي يفديني بأهله وماله ليراني.
5894 من أشراط الساعة الفحش و التفحش و قطيعة الرحم و تخوين الأمين و ائتمان الخائن ( صحيح ) ( طس ) عن أنس
الشرح:
(من أشراط الساعة الفحش والتفحش) أي ظهورهما وغلبتهما في الناس
5895 من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد ( صحيح )
( ن ) عن أنس
الشرح:(1/134)
(من أشراط الساعة) أي علاماتها (أن يتباهى) أي يتفاخر مبتدأ ومن أشراط خبره قدم للاهتمام لا للاختصاص إذا أشراطها كثيرة (الناس) المسلمون (في المساجد) أي يتفاخرون بتشييدها ويراؤون بتزيينها كما فعل أهل الكتاب بعد تحريف دينهم وأنتم تصيرون إلى حالهم فإذا صرتم كذلك فقد جاء أشراطها وقد كان المسجد على عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم مبني باللبن وسقفه الجريد وعمده جذوع النخل فزاد فيه عمر فبناه على بناء النبي صلى اللّه عليه وسلم ثم غير فيه عثمان فزاد فيه وبنى جدره وعمده بحجارة وسقفه بالساج ذكره الطيبي، وذهب الجمهور إلى كراهية نقش المسجد وتزويقه، وشرذمة إلى عدم كراهته لأن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لم يذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر لها أمراً ذمها كارتفاع الأمانة وأموراً حمدها كزخرفة المساجد وأموراً لا تحمد ولا تذم كنزول عيسى فليس أشراط الساعة من الأمور المذمومة.
5896 من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين و أن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف ( و أن يبدد الصبي الشيخ )
( صحيح ) ( طب ) عن ابن مسعود
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5282
الشرح:
(ركعتين) تحيته (وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف)دون من لم يعرفه.
5897 من أفضل العمل إدخال السرور على المؤمن تقضي عنه دينا تقضي له حاجة تنفس له كربة ( صحيح ) ( هب ) عن ابن المنكدر مرسلا
الشرح:
(من أفضل العمل إدخال السرور) أي الفرح (على المؤمن) إذا كان ذلك من المطلوبات الشرعية كأن (تقضي عنه ديناً) لا يقدر على وفائه ويحتمل الإطلاق لأن تحمل ذلك عنه يسره غالباً (تقضي له حاجة) لا يستطيع إبلاغها أو يستطيعه (تنفس له كربة) من الكرب الدنيوية أو الأخروية فكل واحدة من هذه الخصال من أفضل الأعمال بلا إشكال بل ربما وقع في بعض الأحيان أن يكون ذلك من فروض الأعيان.(1/135)
5898 من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة ( صحيح )( طب ) عن ابن مسعود
الشرح:
(انتفاخ الأهلة) أي عظمها وهو بالجيم من انتفج جنبا البعير إذا ارتفعا وعظما خلقة وبخاء معجمة وهو ظاهر.
5899 من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال: لليلتين و أن تتخذ المساجد طرقا و أن يظهر موت الفجأة ( حسن ) ( طس ) عن أنس
الشرح:
(من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلاً) بفتح القاف والباء أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب (فيقال لليلتين) أي هو ابن ليلتين (وأن تتخذ المساجد طرقاً) للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب فلا يصلي فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة (وأن يظهر موت الفجأة) فيسقط الإنسان ميتاً وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى مصالحه.
5900 من أكبر الكبائر الشرك بالله و اليمين الغموس ( صحيح )
( طب ) عن عبدالله بن أنيس
الشرح:
(الشرك باللّه) بأن يتخذ معه إلهاً غيره وخصه لأنه الأغلب في بلاد العرب حالتئذ والمراد الكفر بإشراك أو بغيره لكن يقال إن الكفر بالإشراك أكبر من الكفر بغيره (واليمين الغموس) أي الكاذبة سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، وفي قرنها بالشرك إيذان بأنه لا شيء أفحش منها.
5901 من البر أن تصل صديق أبيك ( صحيح ) ( طس ) عن أنس
الشرح:
أي في حياته وبعد موته، وفي رواية مرت: إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ودَّ أبيه، والبر هو الإحسان وأبر البر أحسنه وأفضله وأبر البر من قبيل جل جلاله وجد جده وجعل الجد جاداً وإسناد الفعل إليه وجعل الجلال جليلاً وإسناد الفعل إليه فجعل البر بارّاً ويبنى منه أفعل التفضيل وكذا كل ما هو من هذا القبيل نحو أفضل الفضل وأفجر الفجور وكون ذلك من البر لأن الولد إذا وصل ودّ أبيه اقتضى ذلك الترحم عليه والثناء الجميل فتصل إلى روحه راحة بعد زوال المشاهدة المستوجبة للحياء وذلك أشد من كونه بارّاً في حياته.
5902 من التمر و البُسر خَمرٌ ( صحيح ) ( طب ) عن جابر
الشرح:(1/136)
00 أي إن الخمر التي جاء القرآن بتحريمها تصنع منهما لأن ذلك يختص بما صنع من العنب كما ذهب إليه الكوفيون وقد خطب عمر رضي اللّه عنه على المنبر بحضرة أكابر الصحب وبين أن المراد بالخمر في الآية ليس خاصاً بالمتخذ من العنب بل يتبادل المتخذ من غيرها وأن الخمر ما خامر العقل أي ستره من أي شيء كان.
5903 من الحنطة خمر و من التمر خمر و من الشعير خمر و من الزبيب خمر و من العسل خمر ( صحيح ) ( حم ) عن ابن عمر
الشرح:
تمامه عند مخرجه وأنا أنهاكم عن كل مسكر، ولأبي داود من وجه آخر عن الشعبي عن النعمان بلفظ إن من العنب خمراً وإن من العسل خمراً وإن من البر خمراً وإن من الشعير خمراً ولأحمد من حديث أنس بسند قال ابن حجر: صحيح "الخمر من العنب والعسل والحنطة والشعير والذرة، وفي رواية الخلعي ذكر الزبيب بدل الشعير قال البيهقي: ليس المراد الحصر فيما ذكر بل إن الخمر يتخذ من غير العنب، وجعل الطحاوي هذه الأحاديث متعارضة وأجيب بحمل حديث جابر وما أشبهه على الغالب أي أكثر ما يتخذ الخمر من العنب والبسر وحمل هذا الحديث على إرادة استيعاب ذكر ما عهد حينئذ أنه يتخذ منه الخمر، والحاصل أن المراد بيان أن الخمر يطلق على ما لا يتخذ من العنب لا خصوص المذكورات وإذا ثبت كون كل مسكر خمراً من الشارع كان حقيقة شرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية، فالمتخذ من هذه المذكورات يحرم شربه ويحد شاربه عند الشافعي ومالك وأحمد وهو حجة على أبي حنيفة في قوله: إنما يحرم عصير تمر أو عنب.
5904 من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله و ماله - يعني العصر -
( صحيح ) ( ن ) عن نوفل بن معاوية وابن عمر
5905 من الغيرة ما يحب الله و منها ما يكره الله فأما ما يحب فالغيرة في الريبة و أما ما يكره فالغيرة في غير ريبة ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة(1/137)
5906 من الفطرة المضمضة و الاستنشاق و السواك و قص الشارب و تقليم الأظفار و نتف الإبط و الاستحداد و غسل البراجم و الانتضاح و الاختتان ( حسن ) ( ه ) عن عمار بن ياسر
5907 من الفطرة حلق العانة و تقليم الأظفار و قص الشارب ( صحيح )
( خ ) عن ابن عمر
5908 من الكبائر شتم الرجل والديه: يسب أبا الرجل فيسب أباه و يسب أمه فيسب أمه ( صحيح ) ( ق ت ) عن ابن عمرو
5909 من الله تعالى لا من رسوله: لعن الله قاطع السدر ( صحيح )
( طب هق ) عن معاوية بن حيدة
الشرح:
أي سدر الحرم.
5910 من المذي الوضوء و من المني الغسل ( صحيح ) ( ت ) عن علي
الشرح:
(من المذي) بفتح فسكون أو كسر (الوضوء) أي واجب (ومن المني) بكسر النون وتشديد الياء (الغسل) أي واجب قال الشارح: فيه أنه أي المذي لا يوجب الغسل بل الوضوء وأنه نجس ولهذا أوجب النبي صلى اللّه عليه وسلم غسل الذكر اهـ. فأنت تعلم بأن ايحاب الوضوء منه لا يوجب نجاسته لأن الخارج الطاهر ناقض وإنما علمت نجاسته من دليل منفصل اهـ000
5910 / 1 ( من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر و ركعتين بعده و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و ركعتين قبل الفجر ) ( صحيح ) ( ت ن ه ) عن عائشة وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى
قال الألباني في صحيح ابن ماجه رقم: 935 صحيح
5911 من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه ( صحيح )
( ت ه ) عن أبي هريرة ( حم طب ) عن الحسين بن علي ( الحاكم في الكنى ) عن أبي بكر الشيرازي وعن أبي ذر (الحاكم في تاريخه) عن علي بن أبي طالب(طص)عن زيد ابن ثابت(ابن عساكر)عن الحارث بن هشام
الشرح:(1/138)
(من) قال الطيبي: تبعيضية ويجوز كونها بيانية (حسن إسلام المرء) آثره على الإيمان لأنه الأعمال الظاهرة والفعل والترك إنما يتعاقبان عليها وزاد حسن ايماءاً إلى أنه لا يتميز بصور الإيمان فعلاً وتركاً إلا إن اتصفت بالحسن بأن توفرت شروط مكملاتها فضلاً عن المصححات وجعل الترك ترك ما لا يعني من الحسن (ترك ما لا يعنيه) بفتح أوله من عناه الأمر إذا تعلقت عنايته به وكان من قصده وإرادته، وفي إفهامه أن من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا يعنيه والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه، والذي يعني المرء من الأمور ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته ويعف فرجه ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم وسلامته في معاده وهو الإسلام والإيمان والإحسان وبذلك يسلم من سائر الآفات وجميع الشرور والمخاصمات وذلك أن حسن إسلامه ورسوخ حقيقة تقواه ومجانبته هواه ومعاناة ما عداه ضياع للوقت النفيس الذي لا يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لأجله فمن عبد اللّه على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه فقد حسن إسلامه كما مر وأخذ النووي من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل الرجل فيما ضرب امرأته قال بعضهم: ومما لا يعني العبد تعلمه ما لا يهم من العلوم وتركه أهم منه كمن ترك تعلم العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولو كان صادقاً لبدأ باشتغاله بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وتراوس على الأقران وتطاول عليهم ونحوها من المهلكات قالوا وذا الحديث ربع الإسلام وقيل نصفه وقيل كله.
5912 من حين يخرج أحدكم من منزله إلى مسجده فرجل تكتب حسنة و الأخرى تمحو سيئة ( صحيح ) ( ك هب ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من حين يخرج أحدكم من منزله) ذاهباً (إلى مسجده) لنحو صلاة أو اعتكاف فيه (فرجل تكتب حسنة والأخرى تمحو سيئة) أي تذهبها.(1/139)
5913 من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا ( صحيح )
( م ) عن أبي سعيد
الشرح: قالوا: هو المهدي.
5914 من خير طيبكم المسك ( صحيح ) ( ن ) عن أبي سعيد
الشرح:
(من خير طيبكم) أيها الرجال (المسك) فإنه مما يخفى لونه ويظهر ريحه والظاهر أن من زائدة فإنه أطيب الطيب مطلقاً كما جاء في عدة أخبار.
5915 من خير معاش الناس لهم رجل ممسك عنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار عليه يبتغي القتل و الموت مظانه و رجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير ( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة
5915/1(من رابط ليلة في سبيل الله كانت له كألف ليلة صيامها و قيامها) ( حسن ) ( ه ) عن عثمان وهذا حديث مستدرك من الطبعة الأولى قال الألباني في صحيح النسائي رقم: 3170 حسن
5916 من شرار الناس من تدركهم الساعة و هم أحياء ( صحيح )
( خ ) عن ابن مسعود
الشرح:
ويوافقه خبر لا تقوم الساعة على أحد يقول لا اله إلا اللّه لأن هؤلاء هم الشرار ولا ينافيه خبر لا يزال طائفة الحديث فحمل الغاية فيه على وقت هبوب الريح الطيبة التي تقبض روح كل مؤمن فلا يبقى إلا الشرار فتفجؤهم الساعة.
5917 من شر الناس ذو الوجهين: الذي يأتي هؤلاء بوجه و هؤلاء بوجه
( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة
5918 من غسله الغسل و من حمله الوضوء - يعني الميت - ( صحيح )
( ت ) عن أبي هريرة
5919 من هاهنا جاءت الفتن -و أشار نحو المشرق - و الجفاء و غلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر عند أصول أذناب الإبل و البقر في ربيعة و مضر ( صحيح ) ( خ ) عن ابن مسعود
5920 منا الذي يصلي عيسى ابن مريم خلفه ( صحيح )
( أبو نعيم في كتاب المهدي ) عن أبي سعيد
الشرح:(1/140)
(منا) أهل البيت (الذي) أي الرجل الذي (يصلي عيسى ابن مريم) روح اللّه عند نزوله من السماء في آخر الزمان عند ظهور الدجال (خلفه) فإنه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيجد الإمام المهدي يريد الصلاة فيحسن به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلي خلفه، فأعظم به فضلاً وشرفاً لهذه الأمة، ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن عيسى هو الإمام بالمهدي وجزم به السعد التفتازاني وعلله بأفضليته لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولاً ليظهر أنه نزل تابعاً لنبينا حاكماً بشرعه ثم بعد ذلك يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل.
5921 من آتاه الله من هذا المال شيئا من غير أن يسأله فليقبله فإنما هو رزق ساقه الله إليه ( صحيح ) ( حم ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من آتاه اللّه من هذا المال) أي من جنسه (شيئاً) أي يظن حله (من غير أن يسأله) أي يطلبه من الناس (فليقبله) أي ندباً وإرشاداً لا وجوباً (فإنما هو رزق ساقه اللّه إليه) قال ابن جرير: فمن أعطى ممن تجوز عطيته سلطاناً أو غيره عدلاً أو فاسقاً فلا على الإنسان في قبوله ثم أخرج بسنده أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى ابن عمر ارفع إليَّ حوائجك، فقال: لست بسائلك ولا برادّ عليك ما رزقني اللّه منك فبعث بألف دينار فقبلها.
5922 من آذى العباس فقد آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه ( حسن )
( ابن عساكر ) عن ابن عباس
الشرح:
(العباس) بن عبد المطلب (فقد آذاني، إنما عم الرجل صنو أبيه) أي شقيقه
5923 من آذى المسلمين في طرقهم وجبت عليه لعنتهم ( حسن )
( طب ) عن حذيفة بن أسيد
الشرح:(1/141)
(من آذى المسلمين في طرقهم) بالتخلي فيها كما بينه في رواية أخرى (وجب عليه لعنتهم) وفي رواية أصابته لعنتهم، وقد استدل به على تحريم قضاء الحاجة في الطريق وعليه جرى الخطابي والبغوي في شرح السنة وتبعهم النووي في نكت التنبيه واختاره في المجموع من جهة الدليل لكن المذهب أنه مكروه، قال الحرالي: والأذى إيلام النفس وما يتبعها من الأحوال، والضر إيلام الجسم وما يتبعه من الحواس اهـ. وهو أحسن من تفسير الراغب الأذى بالضر حيث قال: الأذى ما يصل إلى الحيوان من ضرر في نفسه أو جسمه أو فتيانه دنيوياً أو أخروياً.
5924 من آذى عليا فقد آذاني ( صحيح )( حم تخ ك ) عن عمرو بن شاس
الشرح:
(من آذى علياً) بن أبي طالب (فقد آذاني) قال ذلك ثلاثاً وقد كانت الصحابة يعرفون له ذلك، أخرج الدارقطني عن عمر أنه سمع رجلاً يقع في عليّ فقال: ويحك أتعرف علياً هذا ابن عمه ـ وأشار إلى قبر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ـ واللّه ما آذيت إلا هذا في قبره. وروى الإمام أحمد في زوائد المسند بلفظ إنك إن انتقصته فقد آذيت هذا في قبره.
5925 من آمن بالله و رسوله و أقام الصلاة و آتى الزكاة و صام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها ( صحيح ) ( حم خ ) عن أبي هريرة
5926 من آوى ضالة فهو ضال ما لم يعرفها ( صحيح )
( حم م ) عن زيد بن خالد
الشرح:(1/142)
(من آوى) بالمد والقصر فكل منهما يلزم ويتعدى لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر وبه جاء التنزيل {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة}، {وآويناهما} والمراد ضم إليه (ضالة) قال الزمخشري: صفة في الأصل للبهيمة فغلبت قال: والمعنى أن من يضمها إلى نفسه متملكاً لها ولا ينشدها (فهو ضال) عن طريق الصواب أو آثم أو ضامن إن هلكت عنده، عبر به عن الضمان للمشاكلة وذلك لأنه إذا التقطها فلم يعرّفها فقد أضر بصاحبها وصار سبباً في تضليله عنها فكان ضالاً عن الحق (ما لم يعرفها) قال النووي: فيه لزوم تعريف اللقطة، هبه قصر تملكها أو حفظها وهو الصحيح عند الشافعية ويحتمل أن المراد ضالة الإبل ونحوها مما لا يلتقط للتملك بل للحفظ فيجب تعريفها أبداً.
5927 من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه ( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن ابن عمر ( ق 4 ) عن ابن عباس ( حم م ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من ابتاع) أي اشترى (طعاماً) هو ما يؤكل (فلا يبعه حتى يستوفيه) أي يقبضه كما جاء مصرحاً به في رواية لئلا يكون متصرفاً في ملك غيره بلا إذنه فإن الزيادة على المسمى في الكيل والوازن للبائع وقيد الطعام اتفاقي لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضاً عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز.
5928 من ابتاع محفلة أو مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أن يمسكها أمسكها و إن شاء أن يردها ردها و صاعا من تمر لا سمراء ( صحيح )
( ن ه ) عن أبي هريرة
5929 من ابتاع نخلا بعد أن تؤبر فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع و إن ابتاع عبدا و له مال فماله للذي باعه إلا أن يشترط المبتاع ( صحيح )
( حم خ ه ) عن ابن عمر ( ه ) عن عبادة بن الصامت
5930 من ابتغى العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو تقبل أفئدة الناس إليه فإلى النار ( حسن ) ( ك هب ) عن كعب بن مالك
الشرح:(1/143)
(من ابتغى العلم) أي طلب تعلمه (ليباهي به العلماء) أي يفاخرهم ويطاولهم به (أو يماري به السفهاء) أي يجادلهم ويخاصمهم والمماراة المجادلة والمحاجة من المرية وهي الشك فإن كان واحد من المتخاصمين يشك فيما يقوله الآخر (أو تقبل) بطلبه (أفئدة الناس) أي قلوبهم (إليه فإلى النار) أي فالمبتغى ذلك مآله إلى النار وفي رواية فأدخله اللّه النار قال القاضي: ثم المختص بهذا الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بد من دخوله الجنة كما عرف بالنصوص الصحيحة فتأويل الحديث أن يكون تهديداً أو زجراً عن طلب الدنيا بعمل الآخرة وعد الذهبي تعلم العلم لشيء مما ذكر من الكبائر.
5931 من ابتلي بشيء من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار
( صحيح ) ( ت ) عن عائشة
5932 من ابتلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار
( صحيح ) ( حم ق ن ) عن عائشة
الشرح:
(من ابتلى) البلاء الامتحان يعني من امتحن (من هذه) الإشارة إلى أمثال المذكورات في السبب الآتي في الفاقة أو جنس البنات مطلقاً (البنات بشيء) من أحوالهن أو من أنفسهن لينظر هل يحسن أو يسيء، وعدّ نفس وجودهن بلاء لما ينشأ عنهن من العار تارة والشر تارة والفتن بين الأصهار أخرى (فأحسن إليهن) بالقيام بهن على الوجه الزائد عن الواجب من نحو إنفاق وتجهيز وغير ذلك بما يليق بأمثالهن على الكمال المطلوب (كنّ له ستراً) أي حجاباً وأراد بالستر الجنس الشامل للقليل والكثير وإلا لقال أستاراً (من النار) جزاءاً وفاقاً فمن سترهن بالإحسان جوزي بالستر من النيران، وأفاد تأكيد حق البنات لضعفهن غالباً بخلاف الذكور لما لهم من القوة وجودة الرأي وإمكان التصرف غالباً. (تنبيه) قال الزين العراقي: لم يقيد هذه الرواية بالاحتساب وقيده في أخرى به والظاهر حمل المطلق على المقيد.
5933 من أبلي بلاء فذكره فقد شكره و إن كتمه فقد كفره ( صحيح )
( د الضياء ) عن جابر
الشرح:(1/144)
(من أبلى) بضم الهمزة وكسر اللام (بلاء) أي أنعم عليه بنعمة والبلاء يستعمل في الخير والشر لأن أصله الاختبار والامتحان كما تقرر (فذكره فقد شكره) يعني أن من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره وذا لا ينافي رؤية النعمة منه تعالى لأن للمعطي طريقاً في وصولها وقد أثنى اللّه على عباده بأعمالهم وهو خالقها ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء ولا يحتقره (وإن كتمه فقد كفره) أي ستر نعمة العطاء وغطاها
{لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.
5934 من أتى أخاه المسلم عائدا مشى في خرافة الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فإن كان غدوة صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي و إن كان مساء صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح ( صحيح )
( ه ك ) عن علي
5935 من أتى الجمعة فليغتسل ( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن ابن عمر
5936 من أتى المسجد لشيء فهو حظه ( صحيح ) ( د ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أتى المسجد) أي قصده (لشيء) أي لفعل شيء فيه (فهو حظه) أي نصيبه من إتيانه لا يحصل له غيره فمن أتاه لصلاة حصل له أجرها أو لزيارة بيت اللّه حصلا له ومن أتاه لهما مع تعلم علم أو إرشاد جاهل حصل له ما أتاه لأجله أو أتاه لنحو تفرج أو إنشاد ضالة فهو حظه وهو من قوله عليه السلام وإنما لكل امرء ما نوى.
5937 من أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له ( صحيح )
( طب ) عن الحكم بن عمير
الشرح:
(من أتى إليكم معروفاً فكافئوه) لأن في ذلك التواصل والتحابب والذي أتاك المعروف محتاج كأنت فقابله بمثل فعله وأحسن قال سبحانه {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها} قيل هو في الهدية وقيل السلام (فإن لم تجدوا) ما تكافئوه به (فادعوا) اللّه (له) أن يكافئه عنكم وفي خبر إذا قال الرجل لأخيه جزاك اللّه خيراً فقد أبلغ في الثناء.
5938 من أتى بهيمة فاقتلوه و اقتلوها معه ( صحيح ) ( د ) عن ابن عباس(1/145)
5939 من أتى عرافا أو كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ( صحيح ) ( حم ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
(عرافاً أو كاهناً) وهو من يخبر عما يحدث أو عن شيء غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة (فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل اللّه على محمد) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريداً وأفاد بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقداً صدقه فلو فعله استهزاء معتقداً كذبه فلا يلحقه الوعيد، ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر قال الراغب: العرافة مختصة بالأمور الماضية والكهانة بالحادثة وكان ذلك في العرب كثيراً وآخر من روى عنه الأخبار العجيبة سطيح وسواد بن قارب.
5940 من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة
( صحيح ) ( حم م ) عن بعض أمهات المؤمنين
الشرح:(1/146)
(عرّافاً) بالتشديد وهو من يخبر بالأمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يردّه جمعه بينهما في الخبر الآتي قال النووي: والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار والعراف يتعاطى معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ومن الكهنة من يزعم أن جنياً يلقي إليه الأخبار ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه وأمارات يستدلّ بها عليه وقال ابن حجر: الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الأمور المغيبة وكانوا في الجاهلية كثيراً فمعظمهم كان يعتمد على من تابعه من الجن وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدلّ على مواقعها من كلام من يسأله وهذا الأخير يسمى العراف بمهملتين اهـ (فسأله عن شيء) أي من المغيبات ونحوها (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) خص العدد بالأربعين على عادة العرب في ذكر الأربعين والسبعين ونحوهما للتكثير أو لأنها المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير، ذكره القرطبي، وخص الليلة لأن من عاداتهم ابتداء الحساب بالليالي. وخص الصلاة لكونها عماد الدين فصومه كذلك، كذا قيل، ثم اعلم أن ذا وما أشبهه كمن شرب الخمر يلزمه الصلاة وإن لم تقبل. إذ معنى عدم القبول عدم الثواب لاستحقاق العقاب فالصلاة مع القبول لفاعلها الثواب بلا عقاب ومع نفيه لا ثواب ولا عقاب، هذا ما عليه النووي لكن اعترض بأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين فكيف يسقط ثواب صلاة صحيحة بمعصية لاحقة؟ فالوجه أن يقال المراد من عدم القبول عدم تضعيف الأجر لكنه إذا فعلها بشروطها برئت ذمته من المطالبة بها ويفوته قبول الرضا عنه وإكرامه ويتضح باعتبار ملوك الأرض {وللّه المثل الأعلى} وذلك أن المهدي إما مردود عليه أو مقبول منه والمقبول إما مقرب مكرم وإما ليس كذلك فالأول البعيد المطرود والثاني المقبول التام الكامل والثالث لا يصدق عليه أنه(1/147)
كالأول فإنه لم يرد هديته بل التفت إليه وقبل منه لكن لما يثب صار كأنه غير مقبول منه فصدق عليه أنه لم يقبل منه.
5941 من أتى فراشه و هو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى و كان نومه صدقة عليه من ربه ( حسن )
( ن ه حب ك ) عن أبي الدرداء
الشرح:
(من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهراً عليه (حتى يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه).
5942 من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا أو أتى امرأة في دبرها فقد برئ مما أنزل على محمد ( صحيح ) ( حم 4 ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/148)
(أتى امرأة حائضاً) أي جامعها حال حيضها (أو أتى امرأة في دبرها) قال الطيبي: أتى: لفظ مشترك بين المجامعة وإتيان الكاهن (فقد بريء مما أنزل على محمد) صلى اللّه عليه وسلم، قال الطيبي: تغليظ شديد ووعيد هائل كيف لم يكتف بكفره بل ضم إليه بما أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم وصرح بالعلم تجديداً والمراد بالمنزل الكتاب والسنة أي من ارتكب هذه المذكورات فقد بريء من دين محمد صلى اللّه عليه وسلم بما أنزل عليه وفي تخصيص المرأة المنكوحة في دبرها دلالة على أن إتيان الأجنبية سيما الذكران أشد نكيراً وفي تقديم الكاهن عليهما ترقٍّ من الأهون إلى الأغلظ اهـ. وقال المظهر: المراد أن من فعل هذه المذكورات واستحلها فقد كفر ومن لم يستحلها فهو كافر النعمة على ما مر غير مرة وليس المراد حقيقة الكفر وإلا لما أمر في وطء الحائض بالكفارة كما بينه الترمذي وغيره، واعلم أن إتيان الكاهن شديد التحريم حتى في الملل السابقة قال في السفر الثاني من التوراة: لا تتبعوا العرافين والقافة ولا تنطلقوا إليهم ولا تسألوهم عن شيء لئلا تتنجسوا بهم وفي الثالث من تبعهم وضل بهم أنزل به غضبي الشديد وأهله من شيعه اهـ. وإتيان الحائض مضر شرعاً وطباً، قال الحرالي: هو مؤذ للجسم والنفس لاختلاط النطفة بركس الدم الفاسد العافن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض لولدها أنواع من الآفات0000
5943 من أتى هذا البيت فلم يرفث و لم يفسق رجع كما ولدته أمه
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
5944 من أتاكم و أمركم جميع على رجل واحد يريد أن يشق عصاكم و يفرق جماعتكم فاقتلوه ( صحيح ) ( م ) عن عرفجة
5945 من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر ( صحيح )
( حم ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/149)
أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا؟ فيقول خدعني فلان وغرّني كذا ورجوت كذا وخفت كذا فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة ولا قوة إلا باللّه، قال ابن بطال: إنما كانت الستون حدّاً لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو سن الإنابة وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفاً منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجة الواضحة.
5946 من اتخذ كلبا إلا كلب زرع أو كلب صيد ينقص من أجره كل يوم قيراط ( صحيح ) ( حم م د ) عن أبي هريرة ( م ) عن ابن عمر
5947 من أتم الوضوء كما أمره الله فالصلوات المكتوبات كفارات لما بينهن ( صحيح ) ( م ن ه ) عن عثمان
5948 من أتي عند ماله فقوتل فقاتل فقتل فهو شهيد ( صحيح )
( ه ) عن ابن عمر
5949 من أثكل ثلاثة من صلبه في سبيل الله فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة ( صحيح ) ( طب ) عن عقبة بن عامر
الشرح:
(من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه) بضم أوله المهملة (في سبيل اللّه فاحتسبهم على اللّه وجبت له الجنة) تفضلاً منه بإنجاز وعده ولا يجب على اللّه شيء، قال في الفردوس: أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة.
5950 من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة و من أثنيتم عليه شرا وجبت له النار أنتم شهداء الله في الأرض ( صحيح ) ( حم ق ن ) عن أنس
الشرح:(1/150)
(وجبت له الجنة) قال بعض شراح المصابيح: المراد بالوجوب هنا وفيما مر ويأتي الثبوت لا الوجوب الاصطلاحي (ومن أثنتيم عليه شراً) بنصب خير وشر بإسقاط الجار، وذكر الثناء مقابلاً للشر للمشاكلة (وجبت له النار) أي إن طابق الثناء الواقع لأن مستحق أحد الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول يخالف الواقع أو مطلقاً لأن إلهام الناس الثناء آية أنه غفر له، وأورد لفظ الوجوب زيادة في التقريع والتهديد وإلا فقد يغفر للعاصي المؤمن قال القرطبي: هذا الحديث يعارضه حديث البخاري لا تسبوا الأموات إلخ، والثناء بالشر سب فقيل: خاص بالمنافقين الذين شهد فيهم الصحب بما ظهر منهم وقيل: هو عام فيمن يظهر الشر ويعلن به فيكون من قبيل لا غيبة لفاسق وقيل: النهي بعد الدفن لا قبله (أنتم شهداء اللّه في الأرض) قاله ثلاثاً للتأكيد، وفي إضافة الشهداء إلى اللّه غاية التشريف وإشعار بأنهم عنده بمنزلة علية لأنه عدلهم حيث قبل شهادتهم {وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس} والوسط العدل، قال بعض الشراح: والمراد شهادة الصحابة وغيرهم ممن كان بصفتهم لا شهادة الفسقة لأنهم قد يثنون على من هو مثلهم ولا شهادة من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدوّ لا تقبل وقيل: معنى الخبر إن الثناء بالخير ممن أثنى عليه أهل الفضل وطابق الواقع فهو من أهل الجنة وإن لم يطابق الواقع فلا، وكذا عكسه، قال النووي: والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الناس الثناء عليه بخير فهو من أهل الجنة، هب أفعاله تقتضيه أم لا، ووقوع الثناء بالشر كان قبل النهي عن سب الأموات والنهي خاص بغير نحو منافق ومتجاهر بفسق أو بدعة كما مر.
5951 من أجل سلطان الله أجله الله يوم القيامة (حسن) (طب)عن أبي بكرة
الشرح:(1/151)
(من أجل سلطان اللّه يوم القيامة) أراد بسلطان اللّه الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما تقتضيه نواميس الألوهية، وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه اللّه، وقد ورد هذا صريحاً في خبر رواه الطيالسي.
5952 من أحاط حائطا على أرض فهي له ( صحيح )
( حم د الضياء ) عن سمرة
الشرح:
أي من أحيا مواتاً وحاط عليه حائطاً من جميع جوانبه ملكه فليس لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوّط جداراً على موات ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا الخبر على من قصد نحو حوش لا دار.
5953 من أحب الأنصار أحبه الله و من أبغض الأنصار أبغضه الله
( صحيح ) ( حم تخ ) عن معاوية ( ه حب ) عن البراء
الشرح:
(من أحب الأنصار) لما لهم من المآثر الحميدة في نصرة الدين وقيام نواميس الشريعة وقتالهم بالسنان واللسان على إعلان الإيمان (أحبه اللّه) أي أنعم عليه وزاد في تقريبه والإحسان إليه (ومن أبغض الأنصار أبغضه اللّه) أي عذبه قالوا: ومن علامة محبتهم محبة ذريتهم وأن ينظر إليهم نظره إلى آبائهم بالأمس كما لو كان معهم.
5954 من أحب الحسن و الحسين فقد أحبني و من بغضهما فقد أبغضني
( حسن ) ( حم ه ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
قالوا: ومن علامة حبهم حب ذريتهم بحيث ينظر إليهم الآن نظرة بالأمس إلى أصولهم لو كان معهم ويعلم أن نطفهم طاهرة وذريتهم مباركة ومن كانت حالته منهم غير قويمة فإنما تبغض أفعاله لا ذاته.
5955 من أحب أن تسره صحيفته فليكثر فيها من الاستغفار ( حسن )
( هب الضياء ) عن الزبير
الشرح:(1/152)
(من أحب أن تسره صحيفته) أي صحيفة أعماله إذا رآها يوم القيامة (فليكثر فيها من الاستغفار) فإنها تأتي يوم القيامة تتلألأ نوراً كما في خبر آخر، قال في الحلبيات: الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو بهما فالأول فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول الخير والثاني نافع جداً والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان الذنوب حتى توجد التوبة فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التوبة منه، قال: وما ذكر من أن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند الناس أن لفظ أستغفر اللّه معناه التوبة فمن اعتقده فهو يريد التوبة لا محالة وذكر بعضهم أن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لآية {استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} والمشهور عدم الاشتراط انتهى.
5956 من أحب أن يبسط له في رزقه و أن ينسأ له في أثره فليصل رحمه
( صحيح ) ( ق د ن ) عن أنس ( حم خ ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أحب) وفي رواية للبخاري من سره (أن يبسط) بالبناء للمفعول وفي رواية من سره أن يعظم اللّه (له في رزقه) أي يوسعه عليه ويكثر له فيه بالبركة والنمو والزيادة (وأن ينسأ) بضم فسكون ثم همزة أي يؤخر ومنه النسيئة (له في أثره) محركاً أي في بقية عمرة سمي أثراً لأنه يتبع العمر (فليصل) أي فليحسن بنحو مال وخدمة وزيادة (رحمه) أي قرابته وصلته تختلف باختلاف حال الواصل فتارة تكون بالإحسان وتارة بسلام وزيارة ونحو ذلك ولا يعارض هذا {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة} الآية لأن المراد بالبسط والتأخير هنا البسط في الكيف لا في الكم أو أن الخبر صدر في معرض الحث على الصلة بطريق المبالغة أو أنه يكتب في بطن أمه إن وصل رحمه فرزقه وأجله كذا وإن لم يصل فكذا.
5957 من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار (صحيح)
( حم د ت ) عن معاوية
الشرح:(1/153)
(من أحب أن يتمثل له الرجال) وفي رواية العباد وفي أخرى عباد اللّه (قياماً) أي ينتصب والمثول الانتصاب يعني يقومون قياماً بأن يلزمهم بالقيام صفوفاً على طريق الكبر والتجوه أو بأن يقام على رأسه وهو جالس قال الطيبي: قياماً يجوز كونه مفعولاً مطلقاً لما في التمثيل من معنى القيام وأن يكون تمييز الاشتراك التمثيل بين المعنيين (فليتبوأ مقعده من النار) قال الزمخشري: أمر بمعنى الخبر كأنه قال من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار وحق له ذلك اهـ. وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه واعتقاد الكمال وذلك عجب وتكبر وجهل وغرور ولا يناقضه خير قوموا إلى سيدكم لأن سعداً لم يحب ذلك والوعيد إنما هو لمن أحبه قال النووي: ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له ولا تعرض فيه للقيام بنهي ولا بغيره والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه وإن أحبه أثم قاموا أو لا فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم اهـ.
5958 من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله ( حسن )
( هب ) عن أبي هريرة
الشرح:
فإن من أحب شيئاً سوى اللّه ولم تكن محبته له للّه ولا لكونه معيناً له على طاعة اللّه أظلم قلبه وعلاه الصدأ والرين فحال بينه وبين ذوق الإيمان وعذب به في الدنيا قبل اللقاء 00000
5959 من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فوالله لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به ما دمت في مقامي هذا و الذي نفسي بيده لقد عرضت على الجنة و النار آنفا في عرض هذا الحائط و أنا أصلي فلم أر كاليوم في الخير و الشر ( صحيح ) ( حم ق ) عن أنس
5960 من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده
( صحيح ) ( ع حب ) عن ابن عمر
الشرح:(1/154)
أي من بعد موته أو من بعد سفره ولا مفهوم له وإنما ذكر بياناً للتأبيد ولأنه المظنة فإن ذلك له صلة، وسبق أن الأعمال تعرض على الوالدين بعد موتهما فإن وجدا خيراً سرهما ذلك أو ضده أحزنهما.
5961 من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة أم عبد
( صحيح ) ( حم ه ك ) عن أبي بكر وعمر
5962 من أحب أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبد الله ( صحيح ) ( ت ك ) عن جابر
5963 من أحب عليا فقد أحبني و من أبغض عليا فقد أبغضني ( صحيح )
( ك ) عن سلمان
الشرح:
لما أوتيه من كرم الشيم وعلو الهمم قال السهروردي: اقتضى هذا الخبر وما أشبهه من الأخبار الكثيرة في الحث على حب أهل البيت والتحذير من بغضهم تحريم بغضهم ووجوب حبهم وفي توثيق عرى الإيمان عن الحرالي أن خواص العلماء يجدون لأجل اختصاصهم بهذا الإيمان حلاوة ومحبة خاصة لنبيهم وتقديماً له في قلوبهم حتى يجد إيثاره على أنفسهم وأهليهم.
5964 من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه و من كره لقاء الله كره الله لقاءه
( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن عائشة وعبادة
الشرح:(1/155)
(من أحب لقاء اللّه) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان اللّه وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب اللّه لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء اللّه) حين يرى ماله من العذاب حالتئذ (كره اللّه لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها فتتمنى لقاءه، والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء اللّه حين أحب اللّه لقاءهم لأن المحبة صفة اللّه ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع، وقال الزمخشري: لقاء اللّه هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند اللّه فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوماً وليس الغرض بلقاء اللّه الموت لأن كلاً يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم00000000
5965 من أحب لله و أبغض لله و أعطى لله و منع لله فقد استكمل الإيمان
( صحيح ) ( د الضياء ) عن أمامة
الشرح:
(من أحب للّه) أي لأجله ولوجهه مخلصاً لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض للّه) لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه (وأعطى للّه) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه (ومنع للّه) أي لأمر للّه كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع اللّه لهما منها واقتصار المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا جملة وهي قوله ونكح للّه، هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله، ذكره المظهر، قال الطيبي: وهو بحسب اللغة، أمّا عند علماء البيان ففيه مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرّد من نفسه شخصاً يطلب منه الإيمان، وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى الإيمان والإحسان، إذ من جملة حب اللّه حب رسوله ومتابعته.(1/156)
لو كان حبك صادقاً لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع
ومن جملة البغض للّه النفس الأمّارة وأعداء الدين، وقال بعضهم: وجه جعله ذلك استكمالاً للإيمان أن مدار الدين على أربعة قواعد: قاعدتان باطنتان، وقاعدتان ظاهرتان، فالباطنتان الحب والبغض، والظاهرتان الفعل والترك، فمن استقامت نيته في حبه وبغضه وفعله وتركه للّه فقد استكمل مراتب الإيمان0000
5966 من أحبني فليحب أسامة ( صحيح ) ( م ) عن فاطمة بنت قيس
5967 من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله و تصديقا بوعده كان شبعه و ريه و روثه و بوله حسنات في ميزانه يوم القيامة ( صحيح )
( حم خ ن ) عن أبي هريرة
5968 من احتجم لسبع عشرة من الشهر و تسع عشرة و إحدى و عشرين كان له شفاء من كل داء ( حسن ) ( د ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
أي من كل داء سببه غلبة الدم وهذا الخبر وما اكتنفه وما أشبهه موافق لما أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من الشهر أنفع من أوله وآخره، قال ابن القيم: ومحل اختيار هذه الأوقات لها ما إذا كانت للاحتياط والتحرز عن الأذى وحفظ الصحة، أما في مداواة الأمراض فحيث احتيج إليها وجب فعلها أيّ وقت كان.
5969 من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة قالت امرأة: و اثنان ؟ قال و اثنان ( صحيح ) ( ن حب ) عن أنس
5970 من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد(صحيح)(ق د ه) عائشة
الشرح:(1/157)
(من أحدث) أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه قال ابن الكمال: الإحداث إيجاد شيء مسبوق بزمان وفي رواية من عمل وهو أعم فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها (في أمرنا) شأننا أي دين الإسلام، عبر عنه بالأمر تنبيهاً على أن هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شيء من أقوالنا ولا من أفعالنا وقال القاضي: الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل مجاز في الفعل والشأن والطريق وأطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه أو شأنه الذي تتعلق به شراشره وقال الطيبي: وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أن أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهوراً محسوساً بحيث لا يخفي على كل ذي بصر وبصيرة (هذا) إشارة لجلالته ومزيد رفعته وتعظيمه من قبيل {ذلك الكتاب} وإن اختلفا في أداء الإشارة إذ تلك أدل على ذلك من هذا (ما ليس منه) أي رأياً ليس له في الكتاب أو السنة عاضد ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط (فهو ردّ) أي مردود على فاعله لبطلانه من إطلاق المصدر على اسم المفعول، وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة {اليوم أكملت لكم دينكم} فمن رام زيادة حاول ما ليس بمرضي لأنه من قصور فهمه أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس بردّ بل مقبول كبناء نحو ربط ومدارس وتصنيف علم وغيرها، وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده، قال النووي: ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك، وقال الطوفي: هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع لأن الدليل يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه والحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم، كأن يقال في الوضوء بماء نجس هذا ليس من أمر الشرع وكلما كان كذلك فهو ردّ بهذا العمل ردّ فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث وإنما النزاع في الأولى(1/158)
ومفهومه أن من عمل عملاً عليه أمر الشرع فصحيح فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع، فلو وجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لا يستقل الحديث بجميع أدلة الشرع لكن الثاني لم يوجد فحديثنا نصف أدلة الشرع وفيه أن النهي يقتضي الفساد لأن النهي ليس من الدين وأن حكم الحاكم لا يغير ما في الباطن وأن الصلح الفاسد منقوض والمأخوذ عليه مستحق الرد.
5971 من أحرم بالحج و العمرة أجزأه طواف واحد و سعي واحد منهما و لم يحل حتى يقضي حجه و يحل منهما جميعا (صحيح) (ت ه)عن ابن عمر
5972 من أحسن الرمي ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم ( صحيح )
( القراب في الرمي ) عن يحيى بن سعيد مرسلا
الشرح:
(من أحسن الرمي بالسهام) أي القسي (ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) الجليلة العظيمة التي أنعم اللّه عليه بها.
5973 من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية و من أساء في الإسلام أخذ بالأول و الآخر ( صحيح ) ( حم ق ه ) عن ابن مسعود
الشرح:
(من أحسن في الإسلام) بالإخلاص فيه أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته عليه إلى الموت (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) أي في زمن الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولا يعارضه {ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره} لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب (ومن أساء في الإسلام) بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهراً وهو النفاق (أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية الإساءة فإذا ارتد ومات مرتداً كان كمن لم يسلم فيعاقب على كل ما تقدم.(1/159)
5974 من أحيا أرضا ميتة فله فيها أجر و ما أكلت العافية منها فهو له صدقة ( صحيح ) ( حم ن حب الضياء ) عن جابر
الشرح:
(من أحيا أرضاً ميتة) بالتشديد. قال العراقي: لا التخفيف لأنه إذا خفف حذف منه تاء التأنيث والميتة والموات أرض لم تعمر قط ولا هي حريم لمعمور. قال القاضي: الأرض الميتة الخراب التي لا عمارة بها وإحياؤها عمارتها شبهت عمارة الأرض بحياة الأبدان وتعطلها وخلوها عن العمارة بفقد الحياة وزوالها عنها (فله فيها أجر) قال القاضي: ترتب الملك على مجرد الإحياء وإثباته لمن أحيا على العموم دليل على أن مجرد الإحياء كاف في التمكن ولا يشترط فيه إذن السلطان، وقال أبو حنيفة: لا بد منه (وما أكلت العافية) أي كل طالب رزق آدمياً أو غيره (منها فهو له صدقة) استدل به ابن حبان على أن الذمي لا يملك الموات لأن الأجر ليس إلا للمسلم وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر يتصدق ويجازى به في الدنيا قال ابن حجر: والأول أقرب للصواب وهو قضية الخبر إذا إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي.
5975 من أحيا أرضا ميتة فهي له ( صحيح ) ( ت ) عن جابر
5976 من أحيا أرضا ميتة فهي له و ليس لعرق ظالم حق ( صحيح )
( حم د ت الضياء ) عن سعيد بن زيد
الشرح:(1/160)
(من أحيا أرضاً ميتة) أي لا مالك لها يقال أحيا الأرض يحييها إحياءاً إذا أنشأ فيها أثراً، وهذا يدل على أنه اختص بها تشبيهاً للعمارة في الأرض الموات بإحياء حيوان ميت والأرض الميتة والموات التي لا عمارة فيها ولا أثر عمارة فهي على أصل الخلقة وإحياؤها إلحاقها بالعامر المملوك (فهي له) أي يملكها بمجرد الإحياء وإن لم يأذن الإمام عند الشافعي حملاً للخبر على التصرف بالفتيا لأنه أغلب تصرفات النبي صلى اللّه عليه وسلم وحمله أبو حنيفة على التصرف بالإمامة العظمى فشرط إذن الإمام وخالفه صاحباه (وليس لعرق) بكسر العين وسكون الراء (ظالم حق) بإضافة عرق إلى ظالم فهو صفة لمحذوف تقديره لعرق رجل ظالم والعرق أحد عروق الشجر أي ليس لعرق من عروق ما غرس بغير حق بأن غرس في ملك الغير بغير إذن معتبر حق وروي مقطوعاً عن الإضافة بجعل الظلم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع كأن العرق بغرسه صار ظالماً حتى كأن الفعل له. قال ابن حجر: وغلط الخطابي من رواه بالإضافة وقال ابن شعبان في الزاهر: العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فالظاهران البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون.
5977 من أخاف أهل المدينة أخافه الله ( صحيح ) ( حب ) عن جابر
الشرح:(1/161)
(من أخاف أهل المدينة) النبوية (أخافه اللّه) زاد في رواية يوم القيامة، وزاد أحمد في روايته وعليه لعنة اللّه وغضبه إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل اهـ بنصه، وفيه تحذير من إيذاء أهل المدينة أو بغضهم. قال المجدّ اللغوي: يتعين محبة أهل المدينة وسكانها وقطانها وجيرانها وتعظيمهم سيما العلماء والشرفاء وخدمة الحجرة النبوية وغيرهم من الخدمة كل على حسب حاله وقرابته وقربه من المصطفي صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه قد ثبت لهم حق الجوار، وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم، وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وزاد على ذلك بسند حسن ولفظه من أخاف أهل المدينة أخافه اللّه يوم القيامة ولعنه اللّه وغضب عليه ولم يقبل منه صرفاً ولا عدلاً.
5978 من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي (صحيح) (حم) جابر
الشرح:
هذا لم يرد نظيره لبقعة سواها وهو مما تمسك به من فضلها على مكة ومما فضلت به أيضاً أنه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون وإذا قدم الدجال المدينة ردّته الملائكة ورجفت ثلاث رجفات فيخرج إليه منها المنافقون.
5979 من أخذ السبع فهو خير ( حسن ) ( ك هب ) عن عائشة
الشرح:
(من أخذ السبع) أي السور السبع الأول من القرآن كما في رواية أحمد وغيره (فهو خير له) أي من حفظها واتخذ قراءتها ورداً فذلك خير كثير يعني بذلك كثرة الثواب عند اللّه تعالى.
5980 من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه و من أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ( صحيح ) ( حم خ ه ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/162)
(من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره كما يشير إليه عدم تقييده بظلماً لكنه (يريد أداءها) الجملة حال من الضمير المستكن في أخذ (أدى اللّه عنه) جملة خبرية أي يسر اللّه له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه ويصح كونها إنشائية معنى بأن يخرج مخرج الدعاء له ثم إن قصد بها الإخبار عن المبتدأ مع كونها إنشائية معنى يحتاج لتأويله بنحو يستحق وإلا لم يحتج فتكون الجملة معنى وإنما استحق مريد الأداء هذا الدعاء لجعله نية إسقاط الواجب مقارنة لأخذه وذا دليل على خوفه وظاهره أن من نوى الوفاء ومات قبله لعسر أو فجأة لا يأخذ رب العالمين من حسناته في الآخرة بل يرضى اللّه رب الدين وخالف ابن عبد السلام (ومن أخذها) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها بصدقة أو غيرها (أتلفه اللّه) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة. وعبر بأتلفه لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب وهذا وعيد شديد يشمل من أخذه ديناً وتصدق به ولا يجد وفاء فترد صدقته لأن الصدقة تطوع وقضاء الدين واجب، واستدل البخاري على ردّ صدقة المديان بنهي النبي صلى اللّه عليه وسلم عن إضاعة المال قال الزين زكريا: ولا يقال الصدقة ليست إضاعة لأنا نقول إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها ثواب فبطل كونها صدقة وبقيت إضاعة.
5981 من أخذ دينا و هو يريد أن يؤديه أعانه الله (صحيح) (ن)عن ميمونة
5982 من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة ( صحيح ) ( حل هق ) عن أبي الدرداء
الشرح:(1/163)
قاله لمعلم أهدى له قوس فقال: هذه غير مال فأرمى به في سبيل اللّه، وأخذ بظاهره أبو حنيفة فحرم أخذ الأجرة عليه وخالفه الباقون قائلين الخبر بفرض صحته منسوخ أو مؤوّل بأنه كان يحتسب التعليم. نعم الأولى كما قاله الغزالي الإقتداء بصاحب الشرع فلا يطلب على إفاضة العلم أجراً ولا يقصد جزاءاً ولا شكوراً بل يعلم للّه.
5983 من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به يوم القيامة إلى سبع أرضين ( صحيح ) ( خ ) عن ابن عمر
الشرح:
(من أخذ من الأرض شيئاً بغير حقه خسف به) أي هوى به إلى أسفلها، أي بالأخذ غصباً لتلك الأرض المغصوبة والباء للتعدية والجملة إخبار ويحتمل كونها إنشاء معنى على ما تقرر (يوم القيامة) بأن يجعل كالطوق في عنقه على وزن {سيطوقون ما بخلوا به} ويعظم عنقه ليسع أو يطوق إثم ذلك ويلزمه لزوم الطوق أو يكلف الظالم جعله طوقاً ولا يستطيع فيعذب بذلك فهو تكليف تعجيز للإيذاء لا تكليف ابتداء للجزاء ومثله غير عزيز كتكليف المصور نفخ الروح فيما صوره فمن اعترضه بأن القيامة ليست بزمن تكليف لم يتأمل أو أن هذه الصفات تتنوع لصاحب هذه الجناية بحسب قوة هذه المفسدة وضعفها فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا (إلى سبع أرضين) بفتح الراء وتسكن وأخطأ من زعم أن المراد سبعة أقاليم إذ لا اتجاه لتحمل شبر لم يأخذه ظلماً بخلاف طباق الأرض فإنها تابعة ملكاً وغصباً وفيه حجة للشافعي أن العقار يغصب وردّ على أبي حنيفة ومن ثم وافق الشافعي أحمد وتغليظ عقوبة الغصب وأنه كبيرة وغير ذلك.
5984 من أخذ من الأرض شيئا ظلما جاء يوم القيامة يحمل ترابها إلى المحشر ( صحيح ) ( حم طب ) عن يعلى بن مرة
الشرح:(1/164)
(من أخذ من الأرض شيئاً) قلّ أو كثر (ظلماً) هو وضع الشيء في غير محله. نصبه على أنه مفعول له أو تمييز أو حال (جاء يوم القيامة يحمل ترابها) أي الحصة المغصوبة (إلى المحشر) أي يكلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما في الخبر وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار وكذا فيما يأتي وفيه تحريم الظلم وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضاً ملك سفلها إلى منتهى الأرض وله منع غيره من حفر سرداب أو بئر تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض ملك باطنها وغير ذلك.
5985 من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة و من كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة ( حسن ) ( طس ) عن أبي الدرداء
الشرح:
(من أخرج من طريق المسلمين شيئاً يؤذيهم) كشوك وحجر وقذر (كتب اللّه له به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة) تفضلاً منه وكرماً.
5986 من ادان دينا ينوي قضاءه أداه الله عنه (يوم القيامة) ( صحيح )
( طب ) عن ميمونة
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5370
الشرح:
الشرح:
(من ادّان ديناً ينوي) أي وهو ينوي كما جاء مصرحاً به في رواية صحيحة (قضاءه أداه اللّه عنه يوم القيامة) بأن يرضي خصماءه، وقال الغزالي: الشأن في صحة النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال.
5987 من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله المتتابعة إلى يوم القيامة ( صحيح ) ( د ) عن أنس
الشرح:(1/165)
(من ادعى إلى غير أبيه) أي من رغب عن أبيه والتحق بغيره تركاً للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفاً من الإقرار بنسبه أو تقرباً لغيره بالانتماء أو غير ذلك من الأغراض، وعدّاه بإلى لتضمنه معنى الانتساب وكذا فيما قبله (أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة اللّه) أي طرده عن درجة الأبرار ومقام الأخيار لا من رحمة الغفار (المتتابعة) أي المتمادية (إلى يوم القيامة) لمعارضته لحكمة اللّه في الانتساب والداعي إلى غير أبيه كأنه يقول خلقني اللّه من ماء فلان وإنما خلقه من غيره فقد كذب على اللّه فاستوجب الإبعاد، والمنتمي لغير المعتق قد كفر النعمة واستن العقوق وضيع الحقوق وهذا الوعيد الشديد يفيد أن كلاً منها كبيرة.
5988 من ادعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنة و إن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام ( صحيح ) ( ه ) عن ابن عمرو
5989 من ادعى إلى غير أبيه و هو يعلم فالجنة عليه حرام ( صحيح )
( حم ق د ه ) عن سعد وأبي بكرة
الشرح:
(من ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) قال الأكمل: عدى ادعى بإلى لتضمنه معنى انتسب (وهو) أي والحال أنه (يعلم) أنه غير أبيه وليس المراد بالعلم هنا حكم الذهن الحازم ولا الصفة التي توجب تمييزاً لا يحتمل النقيض لعدم قصورها هنا إلا بطريق الكشف بل الظن الغالب (فالجنة عليه حرام) أي ممنوعة قبل العقوبة إن شاء عاقبه أو مع السابقين الأولين أو إن استحل لأن تحريم الحلال الذي لم تتطرقه تأويلات المجتهدين كفر وهو سيستلزم تحريم الجنة أو حرمت عليه جنة معينة كجنة عدن والفردوس أو ورد على التغليظ والتخويف أو أن هذا جزاؤه وقد يعفى عنه أو كان ذلك شرع من مضى أن أهل الكبائر يكفرون بها أو غير ذلك.
5990 من ادعى ما ليس له فليس منا و ليتبوأ مقعده من النار ( صحيح )
( ه ) عن أبي ذر
الشرح:(1/166)
(من ادعى ما ليس له) من الحقوق (فليس منا) أي من العاملين بطريقتنا المتبعين لمنهاجنا (وليتبوّأ مقعده من النار) قال القاضي: لا يحمل مثل هذا الوعيد في حق المؤمن على التأبيد.
5991 من أدرك ركعة من الجمعة فليصل إليها أخرى ( صحيح )
( ه ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
(فليصل) بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام (إليها أخرى) زاد أبو نعيم في روايته ومن أدركهم في التشهد صلى أربعاً اهـ.
5992 من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح و من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر (صحيح) (حم ق 4) عن أبي هريرة ( حم م ن ه ) عن عائشة وابن عباس
5993 من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة ( صحيح )
( حم م ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أدرك ركعة) أي ركوع ركعة وفي رواية سجدة بدل ركعة والمراد منها الركعة، قال ابن الكمال: والإدراك إحاطة الشيء بكماله (من الصلاة) المكتوبة (فقد أدرك الصلاة) يعني من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت وباقيها خارجه فقد أدرك الصلاة، أي أداءاً، خلافاً لأبي حنيفة حيث حكم بالبطلان في الصبح والعصر لدخول وقت النهي، وقد روى الشيخان أيضاً من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أي أداءاً، أما لو أدرك دونها فإنها تكون قضاء، والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعاً لها بخلاف ما دونها، هذا هو الصحيح عند الشافعية، وقيل: تكون قضاء مطلقاً، وقيل: ما وقع بعدها قضاء وما قبله أداء.
5994 من أدرك ركعة من صلاة الجمعة أو غيرها فقد تمت صلاته
( صحيح ) ( ن ه ) عن ابن عمر
5995 من أدرك عرفة قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج ( صحيح )
( طب ) عن ابن عباس
الشرح:(1/167)
(من أدرك عرفة) أي الوقوف بها (قبل طلوع الفجر) ليلة النحر (فقد أدرك الحج) أي معظمه، لأن الوقوف معظم أعماله وأشرفها فإدراكه كإدراكه، ولأن الوقوف بها ضيق الوقت يفوت بفوته الحج في تلك السنة بخلاف بقية الأركان، ووقت الوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر، وخصوا الليلة بالذكر لأنها الواقعة في محل النظر والاشتباه.
5996 من أدرك ماله بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحق به من غيره
( صحيح ) ( ق د ) عن أبي هريرة
5997 من أدرك معنا هذه الصلاة: صلاة الغداة و قد أتى عرفات قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد قضى تفثه و تم حجه ( صحيح )
( حم د ن ك ) عن عروة بن مضرس
5998 من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة ( صحيح )
( ق 4 ) عن أبي هريرة
5999 من أدرك من صلاة الجمعة ركعة فقد أدرك الصلاة ( صحيح )
( ن ك ) عن أبي هريرة
6000 من أدرك من صلاة ركعة فقد أدركها (صحيح) (ن)عن أبي هريرة
6001 من أدرك منكم عيسى ابن مريم فليقرئه مني السلام ( حسن )
( ك ) عن أنس
6002 من أذن ثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة و كتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة و بإقامته ثلاثون حسنة ( صحيح ) ( ه ك ) عن ابن عمر
الشرح:
(من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة) قال الجلال البلقيني: حكمته أن العمر الأقصى مائة وعشرون سنة والاثنتي عشر عشرها ومن سنة اللّه أن العشر يقوم مقام الكل {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها} فكأنه تصدق بالدعاء إلى اللّه كل عمره ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره فكيف دونه؟ وأما خبر سبع سنين فإنها عشر العمر الغالب اهـ (وكتب له بتأذينه كل يوم ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة) فترفع بها درجاته في الجنان.
6003 من أراد الحج فليتعجل ( حسن ) ( حم د ك هق ) عن ابن عباس
الشرح:(1/168)
(من أراد الحج) أي قدر على أدائه، لأن الإرادة مبدأ الفعل والفعل مسبوق بالقدرة فأطلق أحد سببي الفعل الآخر والعلاقة الملابسة لأن معنى قوله (فليتعجل) فليغتنم الفرصة إذا وجد الاستطاعة من القوة والزاد والراحلة والمراد قبل عروض مانع، وهذا أمر ندبي لأن تأخير الحج عن وقت وجوبه سائغ كما علم من دليل آخر، قال في الكاشف: والتفعيل بمعنى الاستفعال غير عزيز، ومنه التعجل بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار.
6004 من أراد الحج فليتعجل فإنه قد يمرض المريض و تضل الضالة و تعرض الحاجة ( حسن ) ( حم ه ) عن الفضل
الشرح:
(من أراد الحج فليتعجل) بضبط ما قبله (فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) هذا من قبيل المجاز بإعتبار الأول إذ المريض لا يمرض بل الصحيح فسمى المشارف للمرض والضلال مريضاً وضالة كما سمى المشارف للموت ميتاً ومنه {ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً} أي صائراً إلى الفجور والكفر، ذكره الزمخشري، والقصد الحث على الاهتمام بتعجيل الحج قبل العوارض اهـ. وفيه أن الحج ليس فورياً بل على التراخي وبه أخذ الشافعي وقال أبو حنيفة بل هو على الفور وقد مر جوابه.
6005 من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء (صحيح) (حم الضياء)عن جابر
الشرح:
ندباً مؤكداً ولو بجرعة من ماء فإن البركة في اتباع السنة لا في عين المأكول كما سبق.
6006 من أراد أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده ( حسن )
( الدارقطني في الأفراد ) عن أنس ( حل ) عن أبي هريرة وسمرة
الشرح:(1/169)
(من أراد) وفي رواية أبي نعيم من سره (أن يعلم ماله عند اللّه فلينظر ما للّه عنده) زاد الحاكم في روايته فإن اللّه ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه فمنزلة اللّه عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه وعلمه به وإجلاله وتعظيمه والحياء والخوف منه وإقامة الحرمة لأمره ونهيه والوقوف عند أحكامه بقلب سليم ونفس مطمئنة والتسليم له بدناً وروحاً وقلباً ومراقبة تدبيره في أموره ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومننه وترك مشيئته لمشيئته وحسن الظن به والناس في ذلك درجات وحظوظهم بقدر حظوظهم من هذه الأشياء فأوفرهم حظاً منها أعظمهم درجة عنده وعكسه بعكسه اهـ. 0000 وقال بعض العارفين: إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك متى رزقك الطاعة والغنى به عنها فاعلم أنه أسبغ نعمة عليك ظاهرة وباطنة وخير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك.
6007 من أراد أهل المدينة بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء
( صحيح ) ( حم م ه ) عن أبي هريرة ( م ) عن سعد
الشرح:(1/170)
(من أراد أهل المدينة) هم من كان بها في زمنه أو بعده وهو على سنته (بسوء) قال ابن الكمال: متعلق بأراد لا بإعتبار معناه الأصلي لأنه متعد بنفسه لا بالباء بل بإعتبار تضمنه معنى المس فإن عدى بالباء فالمعنى من مس أهل المدينة بسوء مريداً أي عامداً عالماً مختاراً لا ساهياً ولا مجبوراً (أذابه اللّه) أي أهلكه بالكلية إهلاكاً مستأصلاً بحيث لم يبق من حقيقته شيء لا دفعة بل بالتدريج لكونه أشد إيلاماً وأقوى تعذيباً وأقطع عقوبة فهو استعارة تمثيلية في ضمن التشبيه التمثيلي ولا يخفى لطف موقعه في الأذهان وغرابة موضعه عن أرباب البيان، وما في قوله (كما يذوب) مصدرية أي ذوباً كذوب (الملح) ولقد أعجب وابدع حيث حتم بقوله (في الماء) فشبه أهل المدينة به إيماءاً إلى أنهم كالماء في الصفاء قال القاضي عياض: وهذا حكمه في الآخرة بدليل رواية مسلم أذابه اللّه في النار أو يكون ذلك لمن أرادهم بسوء في الدنيا فلا يمهله اللّه ولا يمكن له سلطاناً بل يذهبه عن قرب كما انقضى شأن من حاربهم أيام بني أمية كعقبة بن مسلم فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله على أثر ذلك00
6008 من ارتبط فرسا في سبيل الله ثم عالج علفه بيده كان له بكل حبة حسنة ( صحيح ) ( ه حب ) عن تميم الداري
6009 من ارتد عن دينه فاقتلوه ( صحيح ) ( طب ) عن عصمة بن مالك
الشرح:
(من ارتدّ عن دينه فاقتلوه) من الردّ وهو كف بكره لما شأنه الإقبال برفق. ذكره الحرالي. والمراد من رجع عن دين الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر يستتاب وجوباً ثم يقتل إذا كان رجلاً إجماعاً، وكذا إن كان أمرأة عند الأئمة الثلاثة، وقال أبو حنيفة: لا تقتل لأن معها عاصمها وهو الأنوثة، وقد نهى المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم عن قتل النساء وسيجيء لذلك مزيد تقرير.(1/171)
6010 من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس و من أسخط الناس برضا الله كفاه الله مؤنة الناس ( صحيح ) ( ت حل ) عن عائشة
الشرح:
(من أرضى الناس بسخط اللّه وكله اللّه إلى الناس) أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً وكله إليه (ومن أسخط الناس لرضى اللّه كفاه اللّه مؤونة الناس) لأنه جعل نفسه من حزب اللّه ولا يخيب من التجأ إليه {ألا إن حزب اللّه هم المفحلون}، أوحى اللّه إلى داود عليه السلام ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السماوات والأرض إلا جعلت له مخرجاً وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه وأسخطت الأرض من تحت قدميه.
6011 من أريد ماله بغير حق فقاتل فقتل فهو شهيد ( صحيح )
( 3 ) عن ابن عمرو
الشرح:
(من أريد ماله) أي أريد أخذ ماله (بغير حق فقاتل) في الدفع عنه (فقتل فهو شهيد) في حكم الآخرة لا الدنيا بمعنى أنه له أجر شهيد، قال النووي: فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق وإن قل إن لم يندفع إلا به وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه، وقال بعض المالكية: لا يجوز في الحقير.
6012 من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل و لا حرام
( صحيح ) ( د ) عن ابن مسعود
الشرح:
(خيلاء) بضم الخاء والمد: كبراً وإعجاباً (فليس من اللّه في حل ولا حرام) بكسر الحاء من حل وقيل معناه لا يؤمن بحلال اللّه وحرامه قال النووي: معناه برئ من اللّه وفارق دينه.
6013 من استجمر فليستجمر ثلاثا ( صحيح ) ( طب ) عن ابن عمر
الشرح:(1/172)
يحتمل كونه من الاستجمار وهو التبخر بالعود والطيب استفعال من الجمر الذي هو النار والمجمرة ما يوضع فيه الفحم للتبخر. ويحتمل كونه من الاستجمار الذي هو مسح المخرج بالجمار وهي الحجارة الصغار لأنه يطيب الريح كما يطيب البخور فيجب في الاستجمار بالحجر وما في معناه ثلاث مسحات مع رعاية الإنقاء عند الشافعي وأحمد ولم يشترط المالكية عدداً وكذا الحنفية حيث وجب الاستنجاء عندهم بأن زاد الخارج على قدر الدرهم والحديث حجة عليهم، قال الخطابي: لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن فائدة فلما اشترط العدد لفظاً وعلم الإنقاء فيه معنى دلا على إيجاب الأمرين كالعدة بالإقراء فإن العدد شرط وإن تحققت براءة الرحم بقرء واحد000
6014 من استسن خيرا فاستن به كان له أجره كاملا و من أجور من استن به و لا ينتقص من أجورهم شيئا و من استن سنة سيئة فاستن به فعليه وزره كاملا و من أوزار الذين استنوا به و لا ينتقص من أوزارهم شيئا (صحيح)
( ه ) عن أبي هريرة
6015 من استطاع أن يموت بالمدينة فليمت بها فإني أشفع لمن يموت بها
( صحيح ) ( حم ت ه حب ) عن ابن عمر
الشرح:(1/173)
(من استطاع) أي قدر (أن يموت بالمدينة) أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت (فليمت بها) أي فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقاً للمسبب على سببه كما في {ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون} (فإني أشفع لمن يموت بها) أي أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة، وأخذ منه حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها وقال ابن الحاج: حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا قال السمهودي: وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفي بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك، ويظهر أن من مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصاً.
6016 من استطاع منكم أن لا يحول بينه و بين قبلته أحد فليفعل (صحيح)
( د ) عن أبي سعيد
الشرح:
(أحد) ذكر أو أنثى نائم أو مستيقظ آدمي أو دابة أو غير ذلك (فليفعل) ندباً.
6017 من استطاع منكم أن يستتر من النار و لو بشق تمرة فليفعل
( صحيح ) ( م ) عن عدي بن حاتم
6018 من استطاع منكم أن يكون له خبء من عمل صالح فليفعل
( صحيح ) ( الضياء ) عن الزبير
الشرح:
(من استطاع) أي قدر إذ هي والقدرة والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل الأصول كما سبق (أن يكون له خبء) أي شيء مخبوء أي مدخر (من عمل صالح فليفعل) أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصاراً، قال ابن الكمال: والاستطاعة عرض يخلقه اللّه في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية.
6019 من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه ( صحيح ) (حم م ه)عن جابر
الشرح:(1/174)
(أخاه) أي في الدين، قال في الفردوس: يعني بالرقية (فلينفعه) أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي الى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطاً وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها، وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة} قال الحرالي: والنفع حصول موافق الجسم الظاهر وما يتصل به في مقابلة الضر ولذلك يخاطب به الكفار كثيراً لوقوع معنييهما في الظاهر الذي هو مقصدهم {يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا} وقال الكرماني: المنفعة اللذة أو ما يكون وسيلة إلى اللذة.
6020 من استعاذ بالله فأعيذوه و من سألكم بوجه الله فأعطوه ( حسن )
( حم د ) عن ابن عباس
الشرح:
(من استعاذ باللّه فأعيذوه) أي من سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم باللّه كقوله باللّه عليك أن تدفع عني شر فلان وإيذاءه واحفظني من فلان فأجيبوه واحفظوه لتعظيم اسم اللّه ذكره المظهر، وقال الطيبي: قد جعل متعلق استعاذ محذوفاً وباللّه حالاً أي من استعاذ بكم متوسلاً باللّه مستعطفاً به ويمكن أن يكون باللّه صلة استعاذ، والمعنى من استعاذ باللّه فلا تتعرضوا له بل أعيذوه وادفعوا عنه الأذى فوضع أعيذوه موضعه مبالغة ولهذا لما تزوج المصطفى صلى اللّه تعالى عليه وعلى آله وسلم الجونية وهمَّ ليقبلها فقالت: أعوذ باللّه منك فقال: قد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك (ومن سألكم بوجه اللّه) شيئاً من أمر الدنيا والآخرة (فأعطوه) وقد ورد الحث على إعطائه بأعظم من هذا فروى الطبراني ملعون من سئل بوجه اللّه وقد سبق تقييده 00(1/175)
6021 من استعاذكم بالله فأعيذوه و من سألكم بالله فأعطوه و من دعاكم فأجيبوه و من صنع إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ( صحيح ) ( حم د ن حب ك ) عن ابن عمر
الشرح:
(من استعاذكم) أي من سأل منكم الإعاذة مستعيناً (باللّه) عند ضرورة أو حاجة حلت به أو ظلم ناله أو تجاوز عن جناية (فأعيذوه) أي أعينوه أو أجيبوه فإن إغاثة الملهوف فرض وفي رواية بدل أعيذوه أعينوه أي على ما تجوز الإعانة فيه {وتعاونوا على البر والتقوى} (ومن سألكم باللّه) أي بحقه عليكم وأياديه لديكم أو سألكم باللّه أي في اللّه أي سألكم شيئاً غير ممنوع شرعاً دنيوياً أو أخروياً (فأعطوه) ما يستعين به على الطاعة إجلالاً لمن سأل به فلا يعطى من هو على معصية أو فضول كما صرح به بعض الفحول (ومن دعاكم فأجيبوه) وجوباً إن كان لوليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في الفروع وندباً في غيرها ويحتمل من دعاكم لمعونة في بر أو دفع ضر (ومن صنع إليكم معروفاً) هو اسم جامع للخير (فكافئوه) على إحسانه بمثله أو خير منه (فإن لم تجدوا ما تكافئوه) في رواية بإثبات النون وفي رواية المصابيح بحذفها قال الطيبي: سقطت من غير جازم ولا ناصب إما تخفيفاً أو سهواً من النساخ (فادعوا له) وكرروا له الدعاء (حتى تروا) أي تعلموا (أنكم قد كافأتموه) يعني من أحسن إليكم أيّ إحسان فكافئوه بمثله فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المثلية، ووجه المبالغة أنه رأى من نفسه تقصيراً في المجازاة فأحالها إلى اللّه ونعم المجازي هو000
6022 من استعف أعفه الله و من استغنى أغناه الله و من سأل الناس و له عدل خمس أواق فقد سأل إلحافا ( صحيح ) ( حم ) عن رجل من مزينة
الشرح:(1/176)
(من استعف) بفاء واحدة مشدّدة وفي رواية استعفف بفاءين أي طلب العفة وهي الكف عن الحرام وعن السؤال (أعفه اللّه) أي جعله عفيفاً من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي (ومن) ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى منها و(استغنى) أي أظهر الغنى عن الخلق (أغناه اللّه) أي ملأ اللّه قلبه غنى لأن من تحمل الخصاصة وكتم الفقر فصبر علماً بأن اللّه القادر على كشفها كان ذلك تعرضاً لإزالتها عنه كالمعترّ الذي يتعرض ولا يسأل وقد أمر اللّه بإعطاء المعترّ فاللّه أولى أن يعطي من يتعرض لفضله (ومن سأل الناس) أن يعطوه من أموالهم مدعياً للفقر (وله عدل خمس أواق) من الفضة جمع أوقية (فقد سأل إلحافاً) أي إلحاحاً وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه فهو نصب على الحال أي ملحفاً يعني سؤال إلحاف أو عامله محذوف وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل إلحاله أي أعطاني من فضل ما عنده.
6023 من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول
( صحيح ) ( د ك ) عن بريدة
الشرح:
(من استعملناه) أي جعلناه عاملاً أو طلبنا منه العمل، والضمير راجع إلى من وقوله (على عمل) متعلق باستعملنا (فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) أي أخذ للشيء بغير حله فيكون حراماً بل كبيرة، قال في المطامح: وقد يطلق الغلول على ما يسرق من المغنم وهو الغالب العرفي000
6024 من استعملناه منكم على عمل فكتمنا مخيطا فما فوقه كان ذلك غلولا يأتي به يوم القيامة ( صحيح ) ( م د ) عن عدي بن عميرة
الشرح:(1/177)
(منكم ) خطاب للمسلمين وخرج به الكافر فاستعماله على شيء من أموال بيت المال ممنوع (على عمل فكتمنا) بفتح الميم أخفى عنا (مخيطاً) بكسر الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم بدل اشتمال أي كتم مخيطاً (فما فوقه) عطفاً على مخيطاً أي شيئاً يكون فوق الأبرة في الصغر (كان) الضمير عائد الى مصدر كتمنا (ذلك غلولاً) أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة (يأتي به) أي بما غل (يوم القيامة) تفضيحاً وتعذيباً له وهذا مسوق لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال: يا رسول اللّه أقبل مني عملك قال: وما لك قال: سمعتك تقول كذا وكذا قال: وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجىء بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اهـ. كذا في مسلم.
6025 من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله و كثيره فما أوتي منه أخذ و ما نهي عنه انتهى ( صحيح ) ( م د ) عن عدي بن عميرة
6026 من استغفر للمؤمنين و للمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن و مؤمنة حسنة ( حسن ) ( طب ) عن عبادة
الشرح:
(من استغفر) اللّه (للمؤمنين والمؤمنات) بأي صفة كانت، وورد في ذلك صيغ بألفاظ متقاربة (كتب اللّه له) أي أمر اللّه الحفظة أن تكتب له في صحيفته (بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) قال علي كرم اللّه وجهه: العجب ممن يهلك ومعه النجاة، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار وقال بعضهم: العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الاستغفار.
6027 من استغنى أغناه الله و من استعف أعفه الله و من استكفى كفاه الله و من سأل و له قيمة أوقية فقد ألحف (صحيح ) (حم ن الضياء)عن أبي سعيد
الشرح:(1/178)
(من استغنى) باللّه عمن سواه (أغناه اللّه) أي أعطاه ما يستغني به عن الناس ويخلق في قلبه الغنى فإن الغنى غنى النفس (ومن استعف) أي امتنع عن السؤال (أعفه اللّه) بتشديد الفاء أي جازاه اللّه على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته (ومن استكفى) باللّه (كفاه اللّه) ما أهمه ورزقه القناعة، قال ابن الجوزي: لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم كان صاحبه معاملاً للّه في الباطن فيقع له الربح على قدر صدقه في ذلك وقال الطيبي: معنى قوله من استغنى أعفه اللّه يعف عن السؤال وإن لم يظهر الاستعفاف عن الناس لكنه إن أعطى شيئاً لم يتركه يملأ اللّه قلبه غنى بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن داوم على ذلك وأظهر الاستعفاف وتصبر ولو أعطى لم يقبل فهو أرفع درجة، والصبر جامع لمكارم الأخلاق وقال ابن التين: معنى قوله أعفه إما يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما أن يرزقه القناعة، وقال الحرالي: من ظن أن حاجته يسدها المال فليس براً إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسددها ربه ببره الخفي وجوده الوفي (ومن سأل) الناس (وله قيمة أوقية) من الوقاية لأن المال مخزون مصون أو لأنه يقي الشخص من الضرورة والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل قال الجوهري وغيره: أربعون درهماً كذا كان، قال البرماوي وغيره: وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء فعشرة دراهم وخمسة أسباع درهم اه،. وأقول: كذا كان والآن اثني عشر درهماً (فقد ألحف) أي سأل الناس إلحافاً تبرماً بما قسم له.
(تنبيه) مقصود الحديث الإشارة إلى أن في طلب الرزق من باب المخلوق ذلاً وعناءاً وفي طلبه من الخالق بلوغ المنى والغنى. قال بعض العارفين: من استغنى باللّه افتقر الناس إليه. قف بباب الواحد * تفتح لك الأبواب *
واخضع لسبب واحد *تخضع لك الرقاب000(1/179)
6028 من استمع إلى حديث قوم و هم له كارهون صب في أذنيه الآنك و من أرى عينيه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة ( صحيح )
( طب ) عن ابن عباس
الشرح:
(من استمع) أي أصغى (إلى حديث قوم وهم له) أي لمن استمع (كارهون) أي لا يريدون استماعه، قال الزمخشري: الجملة حال من القوم أو من ضمير استمع، يعني حال كونهم يكرهونه لأجل استماعه أو يكرهون استماعه إذا علموا ذلك أو صفة قوم والواو لتأكيد لصوقها بالموصوف نظير {سبعة وثامنهم كلبهم} قال: والقوم الرجال خاصة وهذه صفة غالبة جمع قائم كصاحب وصحب اهـ (صب) بضم المهملة وشد الموحدة (في أذنيه) بالتثنية وفي رواية للبخاري بالإفراد (الآنك) بفتح الهمزة الممدودة وضم النون: الرصاص أو الخالص منه أو الأسود أو الأبيض أو القصدير. قال الزمخشري: وهي أعجمية وقال الجوهري: أفعل بضم العين من أبنية الجمع ولم يجىء عليه الواحد إلا آنك والجملة إخبار أو دعاء عليه، وفيه وعيد شديد وموضعه فيمن يستمع لمفسدة كنميمة أما مستمع حديث قوم يقصد منعهم من الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته بل قد يندب بل يجب بحسب المواطن، والرسائل حكم المقاصد (ومن أرى عينه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة) زاد الإسماعيلي يعذب بها وليس بفاعل وفي رواية بين شعيرتين وذلك ليطول عذابه لأن عقد ما بين الشعير مستحيل، قال الطبري: إنما شدد الوعيد على الكذب على المنام مع أن الكذب يقظة أشد مفسدة لأن كذب المنام كذب على اللّه 0000
6029 من استودع وديعة فلا ضمان عليه (حسن) (ه هق)عن ابن عمرو
الشرح:
(من استودع وديعة) فتلفت (فلا ضمان عليه) حيث لم يفرط لأنه محسن و{ما على المحسنين من سبيل}.
6030 من استيقظ من الليل و أيقظ امرأته فصليا ركعتين جميعا كتبا ليلتئذ من الذاكرين الله كثيرا و الذاكرات(صحيح)(د ك)عن أبي سعيد وأبي هريرة(1/180)
6031 من أسلف في شيء فليسلف في كيل معلوم و وزن معلوم إلى أجل معلوم ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن ابن عباس
الشرح:
(من أسلف) أي عقد السلم وهو بيع موصوف في الذمة وفي رواية أسلم والمعنى متحد، وجعل بعضهم الهمزة للتسلب لأنه أزال سلامة الدراهم بالتسليم إلى من قد يكون مفلساً (في شيء فليسلف في كيل) مصدر كال أريد به ما يكال به (معلوم) إن كان السلف فيه مكيلاً (ووزن معلوم إلى أجل معلوم) إن كان موزوناً قالوا أو بعين أو، ولا يسوغ بقاؤها على ظاهرها لاستلزامه جواز السلم في شيء واحد كيلاً ووزناً وهو ممتنع لعزة الوجود، واقتصر على الكيل والوزن لورود السبب على الخبر الآتي فإن كان المسلم فيه غير مكيل ولا موزون شرط العد أو الذرع فيما يليق به، وقد قام الإجماع على وجوب وصف المسلم فيه يما يميزه، ولم ينص عليه في الخبر لعلم المخاطبين به، وقد وقع بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك خلف في صحة السلم وسببه هل ذلك المنازع فيه مما تضبطه الصفة أم لا.
6032 من أسلم على شيء فهو له ( صحيح ) ( عد هق ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أسلم على شيء فهو له) استدل به على أن من أسلم أحرز نفسه وماله.
6033 من أسلم على يدي رجل فله ولاؤه ( حسن )
( طب عد قط هق ) عن أبي أمامة
الشرح:
(من أسلم على يديه رجل) وفي رواية الرجل، قال ابن حجر: وبالتنكير أولى (فله ولاؤه) أي هو أحق بأن يرثه من غيره، وفي رواية للبخاري في تاريخه هو أولى الناس بحياته ومماته قال البخاري: ولا يصح لمعارضته حديث إنما الولاء لمن أعتق وعلى التنزل فيتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم أو يؤول الولاء بالموالاة بالنصر والمعاونة لا بالإرث ويبقى الحديث متفق على صحته على عمومه؟ ذهب الجمهور إلى الثاني، وقال أبو حنيفة: يستمر إن عقل عنه وإن لم يعقل فله التحول لغيره ويستحق الثاني وهلم جرا.(1/181)
6034 من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه و إن كان أخاه لأبيه و أمه ( صحيح ) ( م ت ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أشار إلى أخيه) أي في الإسلام والذي في حكمه (بحديدة) يعني بسلاح كسكين وخنجر وسيف ورمح ونحو ذلك من كل آلة للجرح (فإن الملائكة تلعنه) أي تدعو عليه بالطرد والبعد عن الجنة أول الأمر وعن الرحمة الكاملة السابقة زاد في رواية حتى يدعه أي لأنه ترويع للمسلم وتخويفه وهو حرام (وإن كان أخاه) أي المشير أخاً للمشار إليه ويصح عكسه (لأبيه وأمه) يعني وإن كان هازلاً ولم يقصد ضربه كأن كان شقيقه، لأن الشقيق لا يقصد قتل شقيقه غالباً فهو تعميم للنهي ومبالغة في التحذير منه مع كل أحد وإن لم يتهم، قيد بمطلق الأخوة ثم قيد بأخوة الأب والأم إيذاناً بأن اللعب المحض المعرى عن شوب قصد إذا كان حكمه كذا فما بالك بغيره؟ وإذا كان هذا يستحق اللعن بالإشارة فما الظن بالإصابة؟.
6035 من اشترى شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام فإن ردها رد معها صاعا من طعام لا سمراء ( صحيح ) ( حم م د ت ) عن أبي هريرة
6036 من اشترى شاة مصراة فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها و إن شاء ردها و صاعا من تمر لا سمراء ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
6037 من اشترى شاة مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها و إن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر (صحيح)(حم م ت)عن أبي هريرة
6038 من أصاب بفمه من ذي حاجة غير متخذ خبئة فلا شيء عليه و من خرج بشيء منه فعليه غرامة مثليه و العقوبة و من سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع و من سرق دون ذلك فعليه غرامة مثليه و العقوبة ( حسن ) ( 3 ) عن ابن عمر
6039 من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته ( صحيح )
( حم الضياء ) عن خزيمة بن ثابت
الشرح:(1/182)
(من أصاب ذنباً) أي كبيرة توجب حداً غير الكفر بقرينة أن المخاطب المسلمون، فلو قتل المرتد لم يكن القتل كفارة، وقيل الحديث عام مخصوص بآية {إن اللّه لا يغفر أن يشرك به} (فأقيم عليه حد ذلك الذنب) أي العقاب فهو (كفارته) ولفظ رواية أحمد كفارة له زاد البخاري في التوحيد وطهوره وهذا بالنسبة لذات الذنب أما بالنسبة لترك التوبة منه فلا يكفرها الحد لأنها معصية أخرى كما يعلم من دليل آخر وعليه حمل إطلاق أن إقامته ليست كفارة بل لا بد معها من التوبة وقوله سبحانه في المحاربين {لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم} لا يناقض ذلك لأنه ذكر عقوبتهم في الدارين ولا يلزم اجتماعهما ولو زنى فحد فالحد كفارة لحق اللّه لا لأهل المرأة وزوجها بل حقهم باق، كما في العارضة لما هتك من حرمتهم وجر إليهم من العار.
6040 من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة فقال: الله ربي لا شريك له كشف ذلك عنه ( حسن ) ( طب ) عن أسماء بنت عميس
الشرح:
(من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة) أو أزل أو لأواء هكذا هو عند أحمد والطبراني فكأنه سقط من قلم المصنف أو من النساخ (فقال اللّه ربي لا شريك له كشف ذلك عنه) قال في الفردوس: الأزل الضيق والشدة واللأواء الفقر وهذا إذا قال الكلمة بصدق عالماً معناها عاملاً بمقتضاها فإنه إذا أخلص وتيقن أن اللّه ربه لا شريك له وأنه الذي يكشف كربه ووجه قصده إليه لا يخيبه والقلوب التي تشوبها المعاصي قلوب معذبة قد أخدت غموم النفس بأنفاسها فالملوك يخافون من العذر والأمراء من العزل والأغنياء من الفقر والأصحاء من السقم وهذه أمور مظلمة تورد على القلب سحائب متراكمات مظلمة فإذا فر إلى ربه وسلم أمره إليه وألقى نفسه بين يديه من غير شركة أحد من الخلق كشف عنه ذلك فأما من قال ذلك بقلب غافل لاه فهيهات.(1/183)
6041 من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته و من أنزلها بالله أوشك الله له بالغنى إما بموت آجل أو غنى عاجل (حسن)(حم د ك)عن ابن مسعود
الشرح:
(من أصابته فاقة) أي شدة حاجة (فأنزلها بالناس) أي عرضها عليهم وسألهم سدَّ خلته (لم تسد فاقته) لتركه القادر على حوائج جميع الخلق الذي لا يغلق بابه وقصد من يعجز عن جلب نفع نفسه ودفع ضرها (ومن أنزلها باللّه أوشك) بفتح الهمزة والشين (اللّه له بالغنى) أي أسرع غناه وعجله قال التوربشتي: والغناء بفتح الغين الكفاية من قولهم لا يغني غناء بالمد والهمزة ومن رواه بكسر الغين بالمد والكسر الكفاف مقصور على معنى اليسار فقد حرف المعنى لأنه قال يأتيه الكفاف عما هو فيه (إما بموت آجل أو غنى عاجل) كذا في نسخ هذا الكتاب تبعاً لما في جامع الأصول وأكثر نسخ المصابيح والذي في سنن أبي داود والترمذي بموت عاجل أو غنى آجل وهو كما قال الطيبي أصح.
6042 من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها (حسن) (خد ت ه)عن عبدالله بن محصن
الشرح:
(من أصبح منكم آمنا في سربه) بكسر السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحاً بدنه (عنده قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك، يعني من جمع اللّه له بين عافية بدنه وأمن قلبه حيث توجه وكفاف عيشه بقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع اللّه له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها بأن يصرفها في طاعة المنعم لا في معصية ولا يفتر عن ذكره ( فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها، ومن ثم قال نفطويه:
إذا ما كساك الدهر ثوب مصحة * ولم يخل من قوت يحلى ويعذب
فلا تغبطن المترفين فإنه * على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب000(1/184)
وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى.
6043 من اضطجع مضجعا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة و من قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة(حسن)(د)عن أبي هريرة
الشرح:
(من اضطجع مضجعاً لم يذكر اللّه عليه كان عليه ترة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المهملة كما في شرح المصابيح أي نقص من تره يتره، وقيل حسرة لأنها من لوازم النقصان، قال الطيبي: روي كانت بالتأنيث ورفع ترة فينبغي أن يؤول مرجع الضمير من كانت مؤنثاً أي الاضطجاعة والقعدة، وترة مبتدأ والجار والمجرور خبره والجملة خبر كان، وأما على رواية التذكير ونصب ترة فظاهر (يوم القيامة) فإن النوم على غير ذكر اللّه تعطيل للحياة وربما قبضت روحه في ليلته فكان من المبعدين والعبد يبعث على ما مات عليه وأما من نام على ذكر وطهارة فإنه يعرج بروحه إلى العرش ويكون مصلياً إلى أن يستيقيظ فإن مات على تلك الحالة مات وهو من المقربين فيبعث على ما مات ذكره حجة الإسلام (ومن قعد مقعداً لم يذكر اللّه فيه كان عليه ترة يوم القيامة).
6044 من أطاعني فقد أطاع الله و من عصاني فقد عصى الله و من يطع الأمير فقد أطاعني و من يعص الأمير فقد عصاني ( صحيح )
( حم ق ن ه ) عن أبي هريرة
6045 من أطعمه الله طعاما فليقل: اللهم بارك لنا فيه و أطعمنا خيرا منه و من سقاه الله لبنا فليقل: اللهم بارك لنا فيه و زدنا منه فإنه ليس شيء يجزي من الطعام و الشراب غير اللبن ( حسن ) ( حم د ) عن ابن عباس
6046 من اطلع في بيت قوم بغير إذن ففقئوا عينه فلا دية له و لا قصاص
( صحيح ) ( حم ن ) عن أبي هريرة
6047 من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه
( صحيح ) ( حم م ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/185)
(من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم) أي نظر في بيت إلى ما يقصد أهل البيت ستره من نحو شق باب أو كوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل) لم يقل وجب إشارة إلى أنه خرج مخرج التعزير لا الحد ذكره القرطبي (لهم أن يفقأوا عينه) أي يرموه بشيء فيفقؤا عينه إن لم يندفع إلا بذلك وتهدر عين الناظر فلا دية ولا قصاص عند الشافعي والجمهور، وقال الحنفية: يضمنها لأن النظر فوق الدخول والدخول لا يوجبه، وأوجب المالكية القصاص وقالوا: لا يجوز قصد العين ولا غيرها لأن المعصية لا تدفع بالمعصية، وأجاب الجمهور بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو تجرد عن ذلك السبب يسماها ولهذا قال القرطبي: الإنصاف خلاف ما قاله أصحابنا وقد اتفقوا على جواز دفع الصائل ولو أتى على النفس ولو بغير السبب المذكور وهذا منه مع ثبوت النص فيه وليس مع النص قياس، وهل يلحق الاستماع بالنظر؟ وجهان أصحهما لا لأن النظر أشد، ويشمل قوله اطلع كل مطلع كيف كان ومن أي جهة كانت من باب أو غيره إلى العورة أو غيرها ذكره القرطبي0000
6048 من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فقد هدرت ( صحيح )
( د ) عن أبي هريرة
6048 / 1من أعان ظالما ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله و ذمة رسوله ( حسن ) ( ك ) عن ابن عباس الصحيحة ( 1020 )
الشرح:
(من أعان ظالماً) لفظ رواية الحاكم باطلاً بدل ظالماً (ليدحض) أي ليبطل من دحضت حجته بطلت (بباطله) أي بسبب ما ارتكبه من الباطل (حقاً فقد برئت منه ذمّة اللّه وذمة رسوله) أي عهده وأمانته، لأن لكل أحد عهداً بالحفظ والكلاءة فإذا فعل ما حرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمّة اللّه.
6049 من أعان على خصومة بظلم لم يزل في سخط الله حتى ينزع
( صحيح ) ( ه ك ) عن ابن عمر
6050 من أعتق رقبة مؤمنة كانت فداءه من النار ( صحيح )
( حم د ن ) عن عمرو بن عبسة(1/186)
6051 من أعتق رقبة مسلمة أعتق الله له بكل عضو منها عضوا منه من النار حتى فرجه بفرجه ( صحيح ) ( ق ت ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أعتق رقبة) قال الحرالي: هي ما ناله الرق من بني آدم فالمراد الرقبة المسترقة التي يراد فكها بالعتق (مسلمة) في رواية سليمة وفي وواية مؤمنة وخصها لا لإخراج الكافر بل تنويهاً بزيادة فضل عتق المؤمن هكذا قاله البعض، لكن أخذ بعضهم بالمفهوم فقال: لا ينكر أن في عتق الكافر فضلاً لكن لا يترتب عليه ذلك (أعتق اللّه) أي أنجى اللّه. وذكر بلفظ الإعتاق للمشاكلة (بكل عضو منها عضواً منه من النار) نار جهنم (حتى فرجه بفرجه) خص الفرج بالذكر لكونه محل أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل كقولهم مات الناس حتى الكرام قال الزين العراقي: حرف الغاية في قوله حتى يحتمل أن تكون الغاية هنا للأعلى والأدنى فإن الغاية تستعمل في كل منهما فيحتمل أن يراد هنا الأدنى لشرف أعضاء العبادة عليه كالجبهة واليدين ونحو ذلك ويحتمل أن يراد الأعلى فإن حفظه أشد على النفس، وأخذ من الخبر ندب إعتاق كامل الأعضاء تحقيقاً للمقابلة ولهذا قيل يندب أن يعتق الذكر ذكراً والأنثى أنثى000
6052 من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم العبد عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم و عتق عليه العبد و إلا فقد عتق منه ما عتق ( صحيح ) ( حم ق 4 ) عن ابن عمر
6053 من أعتق شقصا من مملوك فعليه خلاصه في ماله فإن لم يكن له مال قوم المملوك قيمة عدل ثم استسعى غير مشقوق عليه ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن أبي هريرة
6054 من أعتق عبدا و له مال فمال العبد له إلا أن يشترط السيد ماله فيكون له ( صحيح ) ( د ه ) عن ابن عمر
6055 من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير و من حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير ( صحيح )(حم ت)عن أبي الدرداء
الشرح:(1/187)
(من أعطي حظه من الرفق) أي نصيبه منه (فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير) كله إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان ولهذا قال نسطور لما بعث صاحبيه ليدعوان الملك إلى دين عيسى وأمرهما بالرفق فخالفا وأغلظا عليه فحبسهما وآذاهما فقال لهما نسطور: مثلكما كالمرأة التي لم تلد قط فولدت بعد ما كبرت فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا يطيق فقتلته.
6056 من أعطى شيئا فوجد فليجز به و من لم يجد فليثن به فإن أثنى به فقد شكره و إن كتمه فقد كفره و من تحلى بما لم يعط فإنه كلابس ثوبي زور
( حسن ) ( خد د ت حب ) عن جابر
الشرح:
(من أعطي شيئاً فوجد) أي من أعطي حقاً فليكن عارفاً بحقه فإن وجد مالاً (فليجز به) مكافأة على الصنيعة (ومن لم يجد) مالاً (فليثن به) عليه ولا يجوز له كتمان نعمته (فإن أثنى) عليه (به فقد شكره) على ما أعطاه (وإن كتمه فقد كفره) أي كفر نعمته، وفيه معنى قوله الحمد رأس الشكر ما شكر اللّه عبد لم يحمده والفاء في وجد عاطفة على الشرط وفي فليجر به جوابية، وفائدة التعبير بحرف الترتيب الإشارة إلى أن من أعطي لا يؤخر الجزاء عن الإعطاء أيما وجد اليسار (ومن تحلى بما لم يعط) أي ومن تزين بشعار الزهاد وليس منهم (فإنه كلابس ثوبي زور) أي فهو كمن لبيس قميصاً وصل كمه بكمين آخرين موهماً أنه لابس قميصين فهو كالكاذب القائل ما لم يكن وقيل شبه بالثوبين أن المتحلي كذب كذبين فوصف نفسه بصفة ليست فيه ووصف غيره بأنه خصه بصلة. قال الطيبي: واتبع المجازي والمثنى بالمتحلي لأنهما أظهرا ما وجب عليهما لئلا يكفر المنعم وهذا إنما يظهر ما يلبس به على الناس ليسخر منهم.
6057من أعمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها(صحيح)(حم خ)عن عائشة
6058 من أعمر رجلا عمرى فهي له و لعقبه يرثها من يرثه من عقبه
( صحيح ) ( م د ن ه ) عن جابر(1/188)
6059 من أعمر شيئا فهو لمعمره محياه و مماته و لا ترقبوا فمن أرقب شيئا فهو سبيل الميراث ( صحيح ) ( د ن ) عن زيد بن ثابت
6060 من أعمر شيئا فهو له حياته و بعد موته (صحيح)(ن حب)عن جابر
6061 من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار ( صحيح )
( حم خ ت ن ) عن أبي عبس
الشرح:
(من اغبرت قدماه) أي أصابهما غبار أو صارتا ذا غبار والمراد المشي (في سبيل اللّه) أي في طريق يطلب فيها رضا اللّه فشمل طريق الجهاد وطلب العلم وحضور الجماعة والحج وغير ذلك لأنه اسم جنس مضاعف يفيد العموم إلا أن المتبادر في سبيل اللّه الجهاد (حرمه اللّه) كله (على النار) أبلغ من قوله أدخله الجنة وإذا كان ذا في غبار قدميه فكيف بمن بذل نفسه فقاتل وقتل في سبيل اللّه؟ فيه تنبيه على فضيلة المشي على الأقدام للطاعات وأنه من الأعمال الرابحة التي يستوجب العبد بها معالي الدرجات والفردوس الأعلى.
6062 من اغتسل يوم الجمعة ثم أتى الجمعة فصلى ما قدر له ثم أنصت حتى يفرغ الإمام من خطبته ثم يصلي معه غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى و فضل ثلاثة أيام ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
6063 من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة و من راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة و من راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن و من راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة و من راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر (صحيح) (ق 3) أبي هريرة
6064 من اغتسل يوم الجمعة فأحسن الغسل و تطهر فأحسن الطهور و لبس من أحسن ثيابه و مس ما كتب الله له من طيب أو دهن أهله ثم أتى المسجد فلم يلغ و لم يفرق بين اثنين غفر الله له ما بينه و بين الجمعة الأخرى ( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي ذر
6065 من اغتسل يوم الجمعة كان في طهارة إلى الجمعة الأخرى
( حسن ) ( ك ) عن أبي قتادة
الشرح:(1/189)
(من اغتسل يوم الجمعة) أي لها في وقت غسلها وهو من الفجر إلى الزوال (كان في طهارة) من الساعة التي صلى فيها الجمعة أو من وقت الغسل (إلى) مثلها من (الجمعة الأخرى) والمراد الطهارة المعنوية، وهذا تنبيه على عظيم فضل الغسل لها.
6066 من اغتسل يوم الجمعة و استاك و مس من طيب إن كان عنده و لبس من أحسن ثيابه ثم خرج حتى يأتي المسجد و لم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع ثم أنصت إذا خرج الإمام فلم يتكلم حتى يفرغ من صلاته كانت كفارة لما بينها و بين الجمعة الأخرى ( صحيح )
( حم ه ك ) عن أبي سعيد وأبي هريرة
6067 من اغتسل يوم الجمعة و مس من طيب امرأته إن كان لها و لبس من صالح ثيابه ثم لم يتخط رقاب الناس و لم يلغ عند الموعظة كانت كفارة لما بينها و من لغا و تخطى رقاب الناس كانت له ظهرا ( صحيح )
( د ) عن ابن عمرو
6068 من أفتى بغير علم كان إثمه على من أفتاه و من أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه ( حسن ) ( د ك ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من أفتى بغير علم) في رواية أفتى بالبناء للمجهول وعليها اقتصر جمع منهم الكمال ابن أبي شريف، ولفظ رواية الحاكم من أفتى الناس بغير علم (كان إثمه على من أفتاه) وقال الأشرفي: يجوز أن يكون أفتى الناس بمعنى استفتى أي كان إثمه على من استفتاه فإنه جعل في معرض الإفتاء بغير علم ويجوز أن يكون الأول مجهولاً أي فإثم أصابه على من أفتاه أي الإثم على المفتي دون المستفتى اهـ. وخرج بقوله بغير علم ما لو اجتهد من هو أهل للاجتهاد فأخطأ فلا إثم عليه بل له أجر الاجتهاد (ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) قال الطيبي: إذا عدى أشار بعلى كان بمعنى المشورة أي استشاره وسأله كيف أفعل هذا الأمر.
6069 من أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه ( حسن )
( ه ك ) عن أبي هريرة
6070 من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه و لا كفارة ( حسن )
( ك هق ) عن أبي هريرة(1/190)
الشرح:
وبه أخذ الشافعي، وقال مالك وأحمد: من أكل أو جامع ناسياً لزمه قضاء وكفارة وأنه عبادة تفسد بأكل وجماع عمداً فوجب أن يفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد الأول بالفرق لأن المنهي في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه، وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه كخلق وقتل صيد والثاني ما فيه فرق كتطيب ولبس فألحق الجماع بالأول لأنه إتلاف والثاني لأنه مخطىء في الفعل وبينهما فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا هذا الخبر وخبر من أكل أو شرب ناسياً وهو صائم فليس عليه بأس وخبر رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل لو كان النسيان عذراً كان في النية ردّ بأن الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا تصح التسوية ولا بالشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والإمتثال بخلاف المنهي عنه فإنه للاتباع والكف والنسيان فيه غالب فإن قيل لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداوياً لورود النص بالأكل والشرب رد بأنه ألحق بها الغير قياساً وإجماعاً فإن قيل السهو كالجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقاً لعموم النص ردّ بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندور كثرة السهو.
6071 من أقال مسلما أقال الله تعالى عثرته(صحيح)(د ه ك)عن أبي هريرة
الشرح:(1/191)
(من أقال مسلماً) أي وافقه على نقض البيع أو البيعة وأجابه إليه (أقال اللّه عثرته) أي رفعه من سقوطه يقال أقاله يقيله إقالة وتقاؤلاً إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا ندم أحدهما أو كلاهما وتكون الإقالة في البيعة والعهد، كذا في النهاية، قال ابن عبد السلام في الشجرة إقالة النادم من الإحسان المأمور به في القرآن لما له من الغرض فيما ندم عليه سيما في بيع العقار وتمليك الجوار.
6072 من أقام البينة على أسير فله سلبه ( صحيح ) ( هق ) عن أبي قتادة
الشرح:
(من أقام البينة على أسير) أي على قتله إياه (فله سلبه) بالتحريك وهو ما على بدنه من الثياب قال الراغب: الأسر الشد بالقيد من قولهم أسرت القتب فسمى الأسير به ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وإن لم يشد ذلك ويتجوز به فيقال أنا أسير نعمتك.
6073 من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة ( صحيح )
( طب هق ) عن جرير
الشرح:
(من أقام مع المشركين) في ديارهم بعد إسلامه (فقد برئت منه الذمة) وهذا كان في صدر الإسلام حين كانت الهجرة إليه عليه الصلاة والسلام واجبة لنصرته ثم نسخ.
6074 من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد
( صحيح ) ( حم د ه ) عن ابن عباس
الشرح:(1/192)
(من اقتبس) أي تعلم من قبست من العلم واقتبست من الشيء إذا تعلمته والقبس شعبة من النار واقتباسها الأخذ منها (علماً من النجوم) أي من علم تأثيرها لا تسييرها فلا يناقض ما سبق من خبر تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر وقد مر التنبيه على طريق الجمع (اقتبس شعبة) أي قطعة (من السحر) المعلوم تحريمه ثم استأنف جملة أخرى بقوله (زاد ما زاد) يعنى كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر أو زاد اقتباس شعب السحر ما زاده اقتباس علم النجوم، ومن زعم أن المراد زاد النبي على ما رواه ابن عباس عنه في حق علم النجوم فقد تكلف، ونكر علماً للتقليل ومن ثم خص الاقتباس لأن فيه معنى العلة ومن النجوم صفة علماً وفيه مبالغة، ذكره الطيبي، وذلك لأنه يحكم على الغيب الذي استأثره اللّه بعلمه فعلم تأثير النجوم باطل محرم وكذا العمل بمقتضاه كالتقرب إليها بتقريب القرابين لها كفر، كذا قاله ابن رجب000
6075 من اقتطع أرضا ظالما لقي الله و هو عليه غضبان ( صحيح )
( حم م ) عن وائل
الشرح:(1/193)
(من اقتطع) أي أخذ أرضاً باستيلاء عليها بغير حق قليلاً كان أو كثيراً وتقييده بالشبر في رواية خرج مخرج التقليل سواء كانت لمالك معين أو غيره كبيت المال كما في بعض شروح مسلم وسواء اقتطعها للتملك أو ليزرعها ويردّها وفي رواية لمسلم من اقتطع حق امرئ وهو يشمل غير المالك كجلد ميتة وسرجين وحد قذف ونصيب زوجة في القسم وغير ذلك حال كونه ظالماً (لقي اللّه وهو عليه غضبان) في رواية وهو عنه معرض والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور وقد عرف بتعريف لفظي فقيل هو تغير يحصل عند غليان دم القلب لإرادة الانتقام وهذا بإطلاقه محال على اللّه تقدس وكذا ما شاكله كفرح وخداع واستهزاء لكن لها غايات كإرادة الانتقام من المغضوب عليهم في الغضب فإطلاقها عليه سبحانه بذلك الاعتبار، وأفاد إثبات الغصب في العقار فهو رد على أبي حنيفة في نفيه وخص الغضب بهذا العاصي مع أنه سبحانه غضبان على غيره من العصاة لأن الظالم لم يرض بنعمة اللّه وغضب عليه حق طمع في قسمة غيره فجوزي بالمثل.
6076 من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار و حرم عليه الجنة و إن كان قضيبا من أراك(صحيح)(حم م ن ه)عن أبي أمامة الحارثي
6077 من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضاريا نقص من عمله كل يوم قيراطان ( صحيح ) ( حم ق ت ن ) عن ابن عمر
الشرح:(1/194)
(من اقتنى) بالقاف (كلباً) أمسكه عنده للادخار (إلا كلب ماشية أو كلباً ضارياً) أي معلماً للصيد معتاد له ومنه قول عمران لللحم ضراوة كضراوة الخمر أي من اعتاده لا يصبر عنه كما لا يصبر عن الخمر معتادها وروي ضاري بلغة من يحذف الألف من المنقوص حالة النصب وأو للتنويع لا للترديد (نقص من عمله) اي من أجر عمله ففيه إيماء إلى تحريم الإقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر إلا بسببه (كل يوم) من الأيام الذي اقتناه فيها (قيراطان) أي قدراً معلوماً عند اللّه إما بأن يدخل عليه من السيئات ما ينقص أجره في يومه وإما بذهاب أجره في إطعامه لأن في كل كبد حراء أجر أو بغير ذلك ولا ينافيه خبر البخاري قيراط لأن من زاد حفظ ما لم يحفظه غيره أو أخبر أولاً بنقص قيراط ثم زيد النقص أو ذلك منزل على حالتين كالقلة والكثرة أو خفة الضرر وشدته أو قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار أو قيراط فيما مضى من عمله وقيراط من مستقبله أو قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل أو مختلف باختلاف الأنواع والبقاع فقيراطان بالحرمين وقيراط بغيرهما أو الزمنين بأن خفف الشارع أولاً ثم لما بلغه أنهم يأكلون معها غلظ أو لغير ذلك، ولو تعددت الكلاب فهل تتعدد القراريط كما في صلاة الجنازة أولاً كما في غسلات الولوغ؟ احتمالان وسبب النقص منع الملائكة من ولوج محله أو ضرر المارة أو الجار أو هو عقوبة للمقتني أو لتنجس الأواني أو لترويع الناس وتنجيسهم أو لغيرها قال بعض المتأخرين: والظاهر أن هذا القيراط دون القيراط في خبر من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط، لأن هذا من قبيل المطلوب تركه وذلك من المطلوب فعله وعادة الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها كرماً منه، وأفاد حل اقتناء كلب لنحو ماشية وصيد وقيس به نحو حرس وزرع ودرب ودار بجامع الحاجة.(1/195)
6078 من اقتنى كلبا ليس بكلب صيد و لا ماشية و لا أرض فإنه ينقص من أجره قيراطان كل يوم ( صحيح ) ( م ت ن ) عن أبي هريرة
6079 من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا و لا ضرعا نقص من عمله كل يوم قيراط ( صحيح ) ( حم ق ن ه ) عن سفيان بن أبي زهير
6080 من أقرض ورقا مرتين كان كعدل صدقة مرة ( صحيح )
( هق ) عن ابن مسعود
الشرح:
(من أقرض ورقاً) بفتح فكسر فضة (مرتين كان عدل صدقة مرة) وفي رواية لابن حبان في صحيحه من أقرض مسلماً درهماً مرتين كان له كأجر صدقة مرة وهذا الحديث تقدم ما يعارضه في حرف الدال ومر الجمع بحمل هذا على أن الصدقة أفضل من حيث الانتهاء والقرض أفضل من حيث الابتداء لما فيه من صون وجه من لم يعتد السؤال.
6081 من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل ( صحيح )
( حم ت ه ك ) عن المغيرة
الشرح:
لفعله ما يسن التنزه عنه من الاكتواء لخطره والاسترقاء بما لا يعرف من كتاب اللّه لاحتمال كونه شركاً أو هذا فيمن فعل معتمداً عليها لا على اللّه فصار بذلك بريئاً من التوكل فإن فقد ذلك لم يكن بريئاً منه وقد سبق أن الكي لا يترك مطلقاً ولا يستعمل مطلقاً بل عند تعينه طريقاً للشقاء وعدم قيام غيره مقامه مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن اللّه تعالى والتوكل عليه، وقال ابن قتيبة: الكي نوعان كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه من اكتوى لم يتوكل لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع. والثاني كي الجرح إذا فسد والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي فيه فإن كان لأمر محتمل فخلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق.
6082 من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر فإنما هو رزق رزقه الله (صحيح)
( ت ) عن أبي هريرة
6083 من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه مثلها من جهنم و من اكتسى برجل مسلم ثوبا فإن الله يكسوه مثله من جهنم و من قام برجل مسلم مقام سمعة و رياء فإن الله يقوم به مقام سمعة و رياء يوم القيامة ( صحيح )(1/196)
( حم د ك ) عن المستورد بن شداد
6084 من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا و ليعتزل مسجدنا و ليقعد في بيته
( صحيح ) ( ق ) عن جابر
الشرح:
(من أكل ثوماً) بضم الثاء المثلثة (أو بصلاً) أي نيئاً من جوع أو غيره كما في لفظ رواية البخاري (فليعتزلنا أو ليعتزل) شك من الراوي (مسجدنا) أيها المسلمون أي الأماكن المعدّة للصلاة، فالمراد بالمسجد الجنس كما يدل عليه رواية أحمد مساجدنا فالإضافة للملابسة أو تقديره مسجد أهل ملتنا، وأما ما قيل الإضافة تفيد أن النهي خاص بمسجد المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أو المسجد الذي فرضه للصلاة فيه يوم خيبر فقد تعقبوه بأن علة النهي تأذي الملائكة وذا شامل للمصلي منفرداً وقضيته ترك الصلاة إلى التنصل من الرائحة وذلك قد يفضي بخروج الوقت وهو محرم فلزم إما جواز تأخير الصلاة إلى خروج الوقت أو حرمة أكل ذلك لأن ما أفضى لمحرم يحرم وكل منهما منتف والجواب أن أداء الصلاة في الوقت فرض والفرض لا يترك عند اجتماعه بمحرم وبأن المراد بالملائكة الملائكة الذين مع المصلي فإنه لا بد أن يكون معه من ملائكة ينوي بهم عند التسليم عن يمينه وشماله فلا يلزم من كون الجماعة متروكة بتأذي جمع من المؤمنين مع ملائكتهم كون الصلاة متروكة بتأذي ملائكة المصلي وحده، وألحق بهذين كل ما آذى ريحه كالكراث وأخذ منه أن كل من به ما يؤذي الناس كجذام وبرص وبخر وجراحة نضاحة وذات ريح تؤذي ونحو سماك وزبال وقصاب يمنع من المسجد، وقال ابن عبد البر: ومنه يؤخذ أن من آذى الناس بلسانه يمنع من المسجد إلا أن ما ذكر من منع الأجذم وما معه نازع فيه ابن المنير بأن أكل الثوم أدخل في نفسه المانع اختياراً بخلاف أولئك وأشار ابن دقيق العيد إلى أن هذا كله توسع غير مرضي (وليقعد) بواو العطف وفي رواية أو ليقعد (في بيته) بالشك وهو أخص من الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره، وقيل إنه تأكيد لما قبله على وجه المبالغة.(1/197)
(تنبيه) قال في الفتح: حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه.
6085 من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها حين يصبح لم يضره ذلك اليوم سم حتى يمسي ( صحيح ) ( م ) عن سعد
6086 من أكل طعاما ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و من لبس ثوبا فقال: الحمد لله الذي كساني هذا و رزقنيه من غير حول مني و لا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ( حسن ) ( حم 4 ك ) عن معاذ بن أنس
6087 من أكل لحما فليتوضأ ( حسن ) ( حم طب ) عن سهل ابن الحنظلية
الشرح:
أي لحم إبل كما يرشد إليه بعض الروايات أو لحماً مسته النار كما جاء في الأخبار من الأمر بالوضوء مما مسته وكيفما كان فالخبر منسوخ أو محمول على الندب.
6088 من أكل مع قوم تمرا فلا يقرن إلا أن يأذنوا له ( صحيح )
( طب ) عن ابن عمر
الشرح:
(من أكل مع قوم تمراً) لفظ رواية ابن حبان من تمر وهم شركاء فيه (فلا يقرن) تمرة بتمرة ليأكلهما معاً (إلا أن يأذنوا له) فلا نهي قال النووي: اختلف في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة والصواب التفصيل فإن كان الطعام مشتركاً لم يجز القران إلا بإذن صريح أو ما يقوم مقامه من قرينة قوية تغلب ظن الرضى وإن كان له وحده فالأدب تركه ككلما يقتضي الشره إلا أن يكون مستعجلاً يريد به الإسراع لشغل آخر قال: وقول الخطابي المنع كان في زمن قلة العيش وأما الآن فلا حاجة للاستئذان مردود إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت كيف وهو غير ثابت اهـ. قال ابن حجر: ولعل النووي أشار إلى ما أخرجه ابن شاهين والبزار في تفسيره عن بريد رفعه كنت نهيتكم عن القران في التمر وإن اللّه وسع عليكم فأقرنوا، فإن في إسناده ضعفاً، وقد حكى الحازمي الإجماع على جواز القران أي للمالك أو للمأذون قال ابن حجر: وفي معنى التمر الرطب والزبيب والعنب ونحوها لوضوح العلة الجامعة.(1/198)
6089 من أكل من هذه البقلة: الثوم و البصل و الكراث فلا يقربنا في مساجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ( صحيح )
( م ت ن ) عن جابر
6090 من أكل من هذه الشجرة الخبيثة شيئا فلا يقربنا في المسجد: يا أيها الناس إنه ليس لي تحريم ما أحل الله و لكنها شجرة أكره ريحها ( صحيح )
( حم م ) عن أبي سعيد
6091 من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنس ( صحيح ) ( ق ) عن جابر
6092 من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربن مصلانا حتى يذهب ريحها ( صحيح ) ( حم د حب ) عن المغيرة بن شعبة
6093 من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد ( صحيح )
( د ه حب ) عن ابن عمر
6094 من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن مسجدنا و لا يؤذينا بريح الثوم
( صحيح ) ( م ه ) عن أبي هريرة
6095 من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا و لا يصلين معنا ( صحيح )
( ق ) عن أنس
6096 من أكل من هذه الشجرة - يعني الثوم - فلا يقربن مسجدنا
( صحيح ) ( ق ) عن ابن عمر
6097 من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس و من التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس ( صحيح ) ( ت ) عن عائشة
6098 من أماط أذى عن طريق المسلمين كتب له حسنة و من تقبلت منه حسنة دخل الجنة ( حسن ) ( خد ) عن معقل بن يسار
الشرح:
(من أماط الأذى) من نحو شوك وحجر (من طريق المسلمين) المسلوك (كتب له) به (حسنة ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب على ما مر نظيره.
6099 من أمركم من الولاة بمعصية فلا تطيعوه ( حسن )
( حم ه ك ) عن أبي سعيد
الشرح:
(من أمركم من الولاة) أي ولاة الأمور (بمعصية فلا تطيعوه) أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق {واللّه أحق أن ترضوه}.
6100 من أمسك كلبا فإنه ينقص من عمله كل يوم قيراط إلا كلب حرث أو كلب ماشية ( صحيح ) ( خ ) عن أبي هريرة(1/199)
6101 من أم الناس فأصاب الوقت و أتم الصلاة فله و لهم و من انتقص من ذلك شيئا فعليه و لا عليهم ( صحيح ) ( حم د ه ك ) عن عقبة بن عامر
الشرح:
(فأصاب الوقت) أي وقعت الصلاة بهم في الوقت (وأتم الصلاة) بأن أوقعها بشروطها وأركانها (فله ولهم) أي فله ثوابها ولهم ثوابها (ومن انتقص من ذلك شيئاً) بأن كان في صلاته خلل ككونه جنباً أو محدثاً أو ذا نجاسة خفيفة أو أخل ببعض الأركان الحقيقية (فعليه ولا عليهم) أي فعليه الوزر ولهم الثواب لا عليهم الإثم إذ لا تقصير منهم وهو المجازف.
6102 من أم قوما و هم له كارهون فإن صلاته لا تجاوز ترقوته (حسن) ( طب ) عن جنادة
الشرح:
(من أمّ قوماً) أي صلى بهم إماماً (وهم له كارهون) لمعنى مذموم فيه شرعاً فإن كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل الملام عليهم (فإن صلاته لا تجاوز ترقوته) أي لا ترفع إلى اللّه رفع العمل الصالح بل أدنى شيء من الرفع كما سلف تقريره.
6103 من أمن رجلا على دمه فقتله فأنا بريء من القاتل و إن كان المقتول كافرا ( صحيح ) ( تخ ن ) عن عمرو بن الحمق
6104 من انتسب إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين ( صحيح ) ( ه ) عن ابن عباس
6105 من انتهب فليس منا ( صحيح )
( حم الضياء ) عن أنس ( حم د الضياء ) عن جابر
الشرح:
(من انتهب) أي أخذ ما لا يجوز له أخذه قهراً جهراً (فليس منا) أي على طريقتنا وليس من العاملين بعملنا المطيعين لأمرنا فأخذ المرء مال المعصوم بغير إذنه ولا علم رضاه حرام شديد التحريم بل يكفر مستحله ولو قضيباً من أراك، ومن هذا كره مالك - وطائفة - النهب في نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها وإما أن يحمل على أنه علق التملك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته خلاف.
6106 من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
( صحيح ) ( حم م ) عن أبي اليسر(1/200)
الشرح:
(من أنظر معسراً) أي أمهل مديوناً فقيراً من المنظرة قال الحرالي: وهي التأخير المرتقب نجازه (أو وضع عنه) أي حط عنه من دينه وفي رواية أبي نعيم أو وهب له أو وضع عنه (أظله اللّه في ظله) أي وقاه اللّه من حر يوم القيامة على سبيل الكناية أو أظله في ظل عرشه حقيقة أو أدخله الجنة (يوم لا ظل إلا ظله) أي ظل اللّه والمراد به ظل الجنة وإضافته للّه إضافة ملك وجزم جمع بالأول فقالوا: المراد الكرامة والحماية من مكاره الموقف وإنما استحق المنظر ذلك لأنه آثر المديون على نفسه وأراحه فأراحه اللّه والجزاء من جنس العمل.
6107 من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ( صحيح ) ( حم ت ) عن أبي هريرة
6108 من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثلاه صدقة ( صحيح ) ( حم ه ك ) عن بريدة
الشرح:
قال السبكي: وزع أجره على الأيام يكثر بكثرتها ويقل بقلتها وسره ما يقاسيه المنظر من ألم الصبر مع تشوق القلب لماله فلذلك كان ينال كل يوم عوضاً جديداً. وقد تعلق بهذا من ذهب إلى أن إنظاره أفضل من إبرائه فإن أجره وإن كان أوفر لكنه ينتهي بنهايته.
6109 من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من أبواب الجنة: يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة و من كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد و من كان من أهل الصيام دعي من باب الريان و من كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ; قال أبو بكر: هل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال: نعم و أرجو أن تكون منهم ( صحيح )
( حم ق ت ن ) عن أبي هريرة
6110 من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت له سبعمائة ضعف ( صحيح )
( حم ت ن ك ) عن خزيم بن فاتك
الشرح:
(من أنفق نفقة في سبيل اللّه) أي في جهاد أو غيره من وجوه القرب (كتبت له سبعمائة ضعف) أخذ منه بعضهم أن هذا نهاية التضعيف وردّ بآية {واللّه يضاعف لمن يشاء}.(1/201)
6111 من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله (حسن) (ت)عن أبي بكرة
6112 من أهان قريشا أهانه الله ( صحيح ) ( حم ك ) عن عثمان
الشرح:
(من أهان قريشاً) القبيلة المعروفة (أهانه اللّه) أي من أحل بأحد من قريش هواناً جازاه اللّه بمثله وقابل هوانه بهوانه ولكن هوان اللّه أشد وأعظم، وجاء في رواية عند الطبراني عن أنس تقييده بقبل موته قال الحرالي: والإهانة الإطراح إذلالاً واحتقاراً.
6113 من بات على ظهر بيت ليس عليه حجاب فقد برئت منه الذمة
( صحيح ) ( خد د ) عن علي بن شيبان
الشرح:
(من بات) أي نام وعبر بالبيتوتة لكون النوم غالباً إنما هو ليلاً (على ظهر بيت) يعني مكان (ليس عليه حجار) أي حائط مانع من السقوط والحجرة المنع وفي رواية حجاب أي ستر تشبيه بالحجر الذي هو العقل المانع من الوقوع في الهلكة وفي رواية حجاب بالباء وهو الذي يحجب الإنسان من الوقوع وفي أخرى حجاز وهو ما حجز به من نحو حائط يعني من نام على سطح لا سترة له تمنعه من السقوط (فقد) تصدى للهلاك (برئت منه الذمة) أي أزال عصمة نفسه وصار كالمهدر الذي لا ذمة له فربما انقلب من نومه فسقط فمات هدراً من غير تأهب ولا استعداد للموت قال الزمخشري: وذلك لأن لكل أحد ذمة من اللّه بالكلاءة فإذا ألقى بيده إلى الهلكة فقد خذلته ذمة اللّه وتبرأت منه.
6114 من بات و في يده ريح غمر فأصابه وضح فلا يلومن إلا نفسه
( حسن ) ( طس ) عن أبي سعيد
الشرح:
(من بات) وفي رواية من نام (وفي يده ريح غمر) محركاً (فأصابه وضح) بفتح الواو والضاد المعجمة جميعاً بعدهما حاء مهملة (فلا يلومنّ إلا نفسه) لتمكينه الشيطان من نفسه بإتيانه ما يتجسس له به، والوضح عبارة عن سوء مزاج يحصل بسببه فساد بلغم يضعف القوة.
6115 من بات و في يده غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه
( صحيح ) ( خد ت ك ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/202)
( من بات) وفي رواية من نام (وفي يده غمر) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء: ريح لحم أو دسمه أو وسخه، زاد أبو داود ولم يغسله (فأصابه شيء) أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه) لتعرضه لما يؤذيه من الهوام بغير فائدة وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام لريح الطعام فتؤذيه.
6116 من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا ( حسن )
( د ك ) عن أبي هريرة
6117 من باع ثمرا فأصابته جائحة فلا يأخذ من مال أخيه شيئا علام يأكل أحدكم مال أخيه المسلم ؟ ! ( حسن ) ( ه حب ك ) عن جابر
6118 من باع جلد أضحيته فلا أضحية له (حسن) (ك هق)عن أبي هريرة
الشرح:
أي لا يحصل له الثواب الموعود للمضحي على أضحيته قال ابن الكمال: والأضحية اسم لما يذبح في أيام النحر تقرّباً إلى اللّه.
6119 من باع دارا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها ( حسن )
( ه الضياء ) عن حذيفة
الشرح:
لأنها ثمن الدنيا المذمومة وقد خلق اللّه الأرض وجعلها مسكناً لعباده وخلق الثقلين ليعبدوه وجعل ما على الأرض زينة لهم {لنبلوهم أيهم أحسن عملاً} فصارت فتنة لهم {إلا من رحم ربك} فعصمه وصارت سبباً للمعاصي فنزعت البركة منها فإذا بيعت وجعل ثمنها متجراً لم يبارك له في ثمنها ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهاداً. وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها فالبركة مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه. قال الطيبي: وبيع الأراضي وصرف ثمنها إلى أرض أو دار قال الحرالي: والبيع رغبة المالك عما في يده إلى ما في يد غيره.
6120 من باع منكم دارا أو عقارا فليعلم أنه مال قمن أن لا يبارك له فيه إلا أن يجعله في مثله ( حسن ) ( حم ه ) عن سعيد بن حريث
6121 من بدأ بالسلام فهو أولى بالله و رسوله (صحيح)(حم)عن أبي أمامة
الشرح:(1/203)
(من بدأ بالسلام) على من لقيه أو دخل عليه (فهو أولى باللّه ورسوله) لأن السلام شرع لهذه الأمة ليأمن بعضهم بعضاً ويسلم بعضهم من بعض في الدم والمال والعرض ومن ثم قال الصدّيق: السلام أمان للعباد فيما بينهم فأولاهم باللّه أوفرهم حظاً من أن يأمنه الناس ويسلموا منه.
6122 من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه(حسن)(طس حل)عن ابن عمر
الشرح:
لما تقرر أنه مأمن من للعباد فيما بينهم فمن أهمله وبدأ بالكلام فقد ترك الحق والحرمة فحقيق أن لا يجاب وجدير بأن يهان ولا يهاب قال في التجنيس وغيره: هذا في الفضاء فيسلم أولاً ثم يتكلم وأما في البيوت فيستأذن فإذا دخل سلم لقوله سبحانه وتعالى {لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها} فأمر بالاستئذان قبل السلام.
6123 من بدا جفا ( صحيح ) ( حم ) عن البراء
الشرح:
(من بدأ) بدال مهملة قال الزمخشري: بدوت أبدو إذا أثبت البدو وفيه قيل لأهل البادية بادية (جفا) أي من سكنها صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه وانفراده وغلظ طبعه لبعده عن لطف الطباع ومكارم الأخلاق فيفوته الأدب ويتبلد ذهنه ويقف عن فهم دقيق المعاني ولطيف البيان فكره.
6124 من بدا جفا و من اتبع الصيد غفل و من أتى أبواب السلطان افتتن
( صحيح ) ( طب ) عن ابن عباس
الشرح:(1/204)
(من بدا جفا) أي من قطن بالبادية صار فيه جفاء الأعراب (ومن اتبع الصيد غفل) بفتحات أي من شغل الصيد قلبه وألهاه صارت فيه غفلة قال الزمخشري: وليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش يعم الجن فمن تعرّض لها خلبلته وغفلته اهـ (ومن أتى أبواب السلطان افتتن) زاد في رواية أحمد وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا ازداد من اللّه بعداً اهـ. وذلك لأن الداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تنعمهم فيزدري نعمة اللّه عليه أو يهمل الإنكار عليهم مع وجوبه فيفسق فتضيق صدورهم بإظهار ظلهم وبقبيح فعلهم وإما أن يطمع في دنياهم وذلك هو السحت. قال عمار بن ياسر لعليٍّ: يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ماذا بني؟ قال علي: أربع دعائم الجفاء والعمى والغفلة والشك فمن جفا احتقر الحق وجهر بالباطل ومقت العلماء ومن عمي نسي الذكر ومن غفل حاد عن الرشد وغرّته الأماني فأخذته الحسرة والندامة وبدا له من اللّه ما لم يحتسب. وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تعقبه وما ازداد عبد من السلطان قرباً إلا ازداد من اللّه بعداً.
6125 من بدل دينه فاقتلوه ( صحيح ) ( حم خ 4 ) عن ابن عباس
الشرح:
(من بدل دينه) أي انتقل من الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر وأصر (فاقتلوه) أي بعد الاستتابة وجوباً كما جاء في بعض طرق الحديث عن عليّ، وهذا عام خص منه من بدل دينه في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر لأنه يجري على إحكام الظاهر ومن بدل دينه في الظاهر مكرهاً وعمومه يشمل الرجل وهو إجماع والمرأة وعليه الأئمة الثلاثة ويهودي تنصر وعكسه وعليه الشافعي ومالك في رواية وقال أبو حنيفة: لا تقتل المرأة ولأن من شرطية لا تعم المؤنث للنهي عن قتل النساء كما لا تقتل في الكفر الأصلي لا تقتل في الطارىء ولا في المنتقل لأن الكفر ملة واحدة.(1/205)
(تنبيه) هذا الحديث مثل به أصحابنا في الأصول إلى ما ذهبوا إليه من أن مذهب الصحابي لا يخصص العام فإن الحديث من رواية ابن عباس مع قوله إن المرتدة لا تقتل.
6126 من بلغ بسهم في سبيل الله فهو له درجة في الجنة ( صحيح )
( د ن حب ك ) عن أبي نجيح
6127 من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة (صحيح) ( ه )عن علي
الشرح:
(من بنى) بنفسه أو بنى له بأمره (للّه مسجداً) أي محلاً للصلاة يعني وقفه لذلك فخرج الباني بالأجرة كما يرشد إليه السياق، ونكره ليشيع فيشمل الكبير والصغير وبه صرحت رواية الترمذي وإطلاق البناء غالبي فلو ملك بقعة لا بناء بها أو كان يملكه بناء فوقفه مسجداً صح نظراً للمعنى (بنى اللّه له) إسناد البناء إليه سبحانه مجاز وأبرز الفاعل تعظيماً وافتخاراً ولئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده لباني المسجد (بيتاً في الجنة) متعلق ببنى وفيه أن فاعل ذلك يدخل الجنة إذ القصد ببنيانه له إسكانه إياه.
6128 من بنى لله مسجدا و لو كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة ( صحيح ) ( ه ) عن جابر
6129 من بنى لله مسجدا و لو كمفحص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة ( صحيح ) ( حم ) عن ابن عباس
الشرح:(1/206)
(من بنى للّه مسجداً ولو كمفحص) وفي رواية مثل مفحص (قطاة) حمله الأكثر على المبالغة لأن مفحصها بقدر ما تحفره (لبيضها) وترقد عليه وقدره لا يكفي للصلاة فيه وزعم أن المراد بالمسجد محل السجود فحسب يأباه لفظ بنى لإشعاره بوجود بناء حقيقي أو ما في معناه قال ابن حجر: لكن لا تمنع إرادة الآخر مجازاً إذ بناء كل شيء بحسبه وقد شاهدنا كثيراً من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا يكون أكثر من قدر محل السجود وقال الزركشي: لو هنا للتقليل وقد عده من معانيها ابن هشام الخضراوي وجعل منها اتقوا النار ولو بشق تمرة والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لو، لا منها (بنى اللّه له بيتاً في الجنة) إن كان قد بنى المسجد من حلال كما جاء مصرحاً به في رواية البيهقي عن أبي هريرة ولفظه من بنى للّه بيتاً يعبد اللّه فيه من مال حلال بنى اللّه له بيتاً في الجنة من درٍّ وياقوتٍ اهـ. وهذا من أعظم أنواع الإعظام والإكرام لإيذائه بأنه مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبنى وأنه عند اللّه بمكان جليل يبنى له بدار القرار بجوار الغفار. (تنبيه) قال الزركشي: خص القطاة بالذكر دون غيرها لأن العرب تضرب به المثل في الصدق ففيه رمز إلى المحافظة على الإخلاص في بنائه والصدق في إنشائه.
6130 من بنى مسجدا لله يذكر الله فيه بنى الله له مثله في الجنة ( صحيح )
( حم ن ) عن عمرو بن عبسة ( ه ) عن عمر
6131 من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة
( صحيح ) ( حم ق ت ه ) عن عثمان
الشرح:(1/207)
(من بنى مسجداً) التنكير للشيوع فيشمل الصغير والكبير وزاد الترمذي في روايته لسمويه من بنى للّه بيتاً وفي رواية لابن ماجه من بنى اللّه مسجداً يذكر فيه اسم اللّه (يبتغي به وجه اللّه) أي يطلب به رضاه وهو بمعنى حديث الطبراني لا يريد به رياء ولا سمعة وأياً مّا كان فالمراد الإخلاص وقد شدد الأئمة في تحريمه حتى قال ابن الجوزي: من كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص وقول بعض الشراح ومعنى يبتغي به وجه اللّه يطلب به ذات اللّه فإن بناه بقصد الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يقدح في إخلاص الباني وابتغاء وجه اللّه أمر زائد هو أعلى وأجل من ذلك فلا يلائم سياق قوله (بنى اللّه له مثله في الجنة) ولو كان المراد ذلك لقيل في الجواب أعطاه اللّه مطلوبه أو تفضل عليه بالنظر إليه الذي وقع البناء لأجله وبقصده. فان قلت: ما الحكمة في اقتصاره في الحديث المار على الإضافة للّه واقتصاره هنا على لفظ الابتغاء؟ قلت: قد سمعت أن المراد النص على شرطية الإخلاص وبإضافته إلى اللّه تعالى في الخبر الأول علم ذلك ولما لم يذكر لفظ الجلالة في الثاني احتاج إلى إلحاق القيد. وقوله مثله أي بنى مثل المسجد في الشرف ولا يلزم كون جهة الشرف متحدة فإن شرف المساجد في الدنيا بالتعبد فيها وشرف ذلك البناء في جهة الحسن الحسنى أو المراد بيان وصف ذلك البيت ويكون له عشر بيوت في الجنة أو لفظ المثل يراد به الإفراد فلا يمتنع كون الجزاء أبنية متعددة هي عشر مثله فلا وجه للاستشغاب بأن الحسنة بعشرة أمثالها على أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة بحسب الكيفية فكم من بيت خير من عشر بل مائة بل ألف؟ أما سمعت خبر موضع شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها؟ وهنا أجوبة غير مرضية.
6132 من تاب إلى الله قبل أن يغرغر قبل الله منه ( صحيح )
( ك ) عن رجل
الشرح:(1/208)
(من تاب إلى اللّه قبل أن يغرغر) أي يأخذ في حالة النزع (قبل اللّه منه) توبته ومن قبل توبته لم يعذبه أبداً قال الكلاباذي: ومعلوم أن هذا وقت لا يتلافى فيه ما فات فتوبته الندم بالقلب والاستغفار باللسان أما حال الغرغرة فلا تقبل توبته ولا ينفذ تصرفه لقوله تعالى {فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا} لأن الاعتبار إنما هو بالإيمان بالغيب.
6133 من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه ( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من تاب) أي رجع عن ذنبه بشرطه (قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب اللّه عليه) أي قبل توبته ورضيها فرجع متعطفاً عليه برحمته وذلك لأن العبد إذا جاء في الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه قابله اللّه بالعفو والتجاوز وفيه تطبيب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث عليها وردع عن اليأس والقنوط وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم وقوله تاب اللّه عليه كناية عن قبول توبته لأن قبوله مستلزم لتعطف اللّه وترحمه عليه وقوله قبل أن تطلع حد لقبول التوبة ولها حد آخر وهو وقوعها قبل الغرغرة كما في الحديث الآتي ولصحتها شروط مبينة في الأصول والفروع.
6134 من تبع جنازة حتى يصلي عليها كان له من الأجر قيراط و من مشى مع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان و القيراط مثل أحد
( صحيح ) ( حم ن ) عن البراء ( حم م ه ) عن ثوبان
6135 من تبع جنازة حتى يصلي عليها و يفرغ منها فله قيراطان و من تبعها حتى يصلي عليها فله قيراط و الذي نفس محمد بيده لهو أثقل في ميزانه من أحد ( صحيح ) ( حم ه ) عن أبي
6136 من تبع جنازة حتى يفرغ منها فله قيراطان فإن رجع قبل أن يفرغ منها فله قيراط ( صحيح ) ( ن ) عن عبدالله بن مغفل
6137 من تبع جنازة فصلى عليها ثم انصرف فله قيراط من الأجر و من تبعها فصلى عليها ثم قعد حتى فرغ منها و من دفنها فله قيراطان من الأجر كل واحد منهما أعظم من أحد ( حسن ) ( ن ) عن أبي هريرة(1/209)
6138 من تبع جنازة مسلم أيمانا و احتسابا و كان معها حتى يصلي عليها و يفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين كل قيراط مثل أحد و من صلى عليها ثم رجع قبل أن تدفن فإنه يرجع بقيراط من الأجر ( صحيح )
( خ ن ) عن أبي هريرة
6139 من تحلم كاذبا كلف يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين و لن يعقد بينهما ( صحيح ) ( ت ه ) عن ابن عباس
الشرح:
(من تحلم) بالتشديد أي تكلف الحلم بأن زعم أنه حلم حلماً أي رأى رؤيا في حال كونه (كاذباً) في دعواه أنه رأى ذلك في منامه (كلف) بضم الكاف وشد اللام المكسورة (يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين) بكسر العين تثنية شعيرة (ولن) يقدر أن (يعقد بينهما) لأن اتصال أحدهما بالأخرى غير ممكن عادة فهو يعذب حتى يفعل ذلك ولا يمكنه فعله فكأنه يقول يكلف ما لا يستطيعه فيعذب عليه فهو كناية عن تعذيبه على الدوام ولا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق لأنه ليس في دار التكليف ووجه اختصاص الشعير بذلك دون غيره لما في المنام من الشعور وبما دل عليه فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق وإنما شدد الوعيد على ذلك مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ يكون شهادة في قتل أو حدّ لأن الكذب في النوم كذب على اللّه تعالى لأن الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزائها فهو منه تعالى والكذب على الخالق أقبح منه على المخلوق.
6140 من ترك الجمعة ثلاث مرات متواليات: من غير ضرورة طبع الله على قلبه ( صحيح ) ( حم ك ) عن أبي قتادة ( حم ن ه ك ) عن جابر
6141 من ترك الحيات مخافة طلبهن فليس منا ما سالمناهن منذ حاربناهن
( صحيح ) ( حم د ) عن ابن عباس ( د ) عن أبي هريرة
6142 من ترك الرمي بعد ما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها ( صحيح )
( طب ) عن عقبة بن عامر
الشرح:(1/210)
(من ترك الرمي) بالسهام (بعد ما علمه رغبة عنه فإنها) أي الخصلة التي هي معرفة الرمي ثم أهملها (نعمة كفرها) فإنه ينكي العدو ونعم العون في الحرب، وهذا خرج مخرج الزجر والتغليظ فتعلم الرمي مندوب وتركه بعد معرفته مكروه. نعم شرط ندبه عدم الإكباب عليه بحيث تضيع بعض الواجبات بسببه وإلا فلا يطلب بل يكره بل قد يحرم إذ لا يجوز ترك فرض لسنة ومحله أيضاً ما لم يعارضه ما هو أهم منه ومن ثم لما سئل عنه بعض العلماء قال: هو حسن لكنها أيامك فانظر بما تقطعها
6143 من ترك ثلاث جمع تهاونا بها طبع الله على قلبه ( صحيح )
( 4 حم ك ) عن أبي الجعد
الشرح:
(تهاوناً بها) أي إهانة، وعدل إلى التفاعل للدلالة على أن الجمعة شأنها أنها أعلى رتبة وأرفع مكانة من أن يتصور فيه الاستهانة بوجه فلا يقدر أحد على إهانته إلا تكلفاً وزوراً قال أبو البقاء: وتهاوناً منصوب على أنه مفعول له ويجوز أن يكون منصوباً في موضع الحال أي متهاوناً (طبع اللّه على قلبه) أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة أو صير قلبه قلب منافق. والطبع بالسكون الختم وبالتحريك الدنس وأصله من الوسخ يغشى السيف ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الآثام والقبائح.
6144 من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين ( صحيح )
( طب ) عن أسامة بن زيد
الشرح:
(من المنافقين) أراد النفاق العملي قال في فتح القدير: صرح أصحابنا بأن الجمعة فرض آكد من الظهر وبإكفار جاحدها. (فائدة) قال الغزالي: اختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم يكن يشهد جمعة ولا جماعة فقال: في النار، فلم يزل يتردد إليه شهراً يسأله عن ذلك فيقول : في النار.
6145 من ترك اللباس تواضعا لله و هو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رءوس الخلائق حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها ( حسن )
( ت ك ) عن معاذ بن أنس
الشرح:(1/211)
(من ترك اللباس) أي لبس الثياب الحسنة وفي رواية ترك ثوب جمال (تواضعاً للّه تعالى) أي لا ليقال إنه متواضع أو زاهد ونحوه والناقد بصير (وهو يقدر عليه دعاه اللّه يوم القيامة على رؤوس الخلائق) أي يشهره بين الناس ويباهي به ويقال هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة الحميدة (حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) ومن ثم كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يلبس الصوف ويعتقل الشاة وفي رواية لأحمد من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعاً للّه تعالى والباقي سواء قال أبو البقاء: أن يلبس مفعول ترك أي ترك لبس صالح الثياب وهو يقدر جملة في موضع الحال وتواضعاً يجوز كونه مفعولاً له أي للتواضع وكونه مصدراً في محل الحال أي متواضعاً اهـ ثم هذا إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل وأن التواضع الفعلي مطلوب كالقولي وهذا من أعظم أنواع التواضع لأنه مقصور على نفس الفاعل فمقاساته أشق بخلاف التواضع المتعدي فإنه خفض الجناح وحسن التخلق ومزاولته أخف على النفس من هذا لرجوعه لحسن الخلق لكن بزيادة نوع كسر نفس ولين جانب ولما أرادوا أن يغيروا زي عمر عند إقباله على بيت المقدس زجرهم وقال: إنا قوم أعزنا اللّه بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره.
(تنبيه) عرّف بعضهم التواضع بأنه الخضوع لغة وعرفاً بأنه حط النفس الى ما دون قدرها واعطاؤها من التوقير أقل من استحقاقها.
6146 من ترك صلاة العصر حبط عمله ( صحيح )( حم خ ن ) عن بريدة
الشرح:(1/212)
(من ترك صلاة العصر) أي متعمداً كما في الرواية الآتية (حبط) وفي رواية البخاري فقد حبط بكسر الموحدة (عمله) أي بطل كمال ثواب عمله يومه ذلك. وأخذ بظاهره المعتزلة فأحبطوا الطاعة بالمعصية وخص العصر لأنها مظنة التأخير بالتعب من شغل النهار أو لأن فوتها أقبح من فوت غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها على القول المنصوص قال ابن تيمية: وهي التي عرضت على من قبلنا فضيعوها فالمحافظ عليها له الأجر مرتين وهي التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل وهي خاتمة فرائض النهار وبفوتها يصير عمل نهاره أبتر غير كامل الثواب فتعبيره بالحبوط وهو البطلان ليس للتقريع والتهويل فحسب كما ظن وسلف في شرح خبر الذي تفوته صلاة العصر ما له تعلق بذلك قال الحرالي: والإحباط من الحبط وهو فساد في الشيء الصالح يفسده عن وهم صلاحه اهـ.
6147 من ترك مالا فلورثته و من ترك كلا فإلى الله و رسوله و أنا وارث من لا وارث له أعقل عنه و أرثه و الخال وارث من لا وارث له يعقل عنه و يرثه ( حسن ) ( حم ه ) عن أبي كريمة
6148 من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان فليتق الله في النصف الباقي
( حسن ) ( طس ) عن أنس
الشرح:
(من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان) وفي رواية نصف دينه (فليتق اللّه في النصف الباقي) جعل التقوى نصفين نصفاً تزوجاً ونصفاً غيره، قال أبو حاتم: المقيم لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفي بالتزوج أحدهما قال الطيبي: وقوله فقد استكمل جواب، والشرط فليتق اللّه عطف عليه أو الجواب الثاني والأول عطف على الشرط فعليه السبب مركب والمسبب مفرد فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين فمن حصله فعليه بالنصف الباقي وهذا أبلغ لإيذائه بأنه معلوم مقدر وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقدراً وعلى الأول السبب مفرد والمسبب مركب.(1/213)
(فائدة) قال الغزالي عن بعضهم: غلبت عليّ شهوتي في بدىء إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى اللّه فرآني شخص في المنام فقال: تحب أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك قلت: نعم قال: مد رقبتك فمددتها فجرد سيفاً من نور وضرب به عنقي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلكك فاشتد فرأيت شخصاً يخاطبني فيما بين صدري وجنبي يقول: ويحك كم تسأل اللّه رفع ما لا يحب رفعه تزوج فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي.
6149 من تشبه بقوم فهو منهم (صحيح) (د)عن ابن عمر (طس)عن حذيفة
الشرح:(1/214)
(من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن (فهو منهم) وقيل المعنى من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم، ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء كذا ذكره ابن رسلان، وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال: لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظنّ به من لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظنّ السوء فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه، وقال بعضهم: قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث اللّه المصطفى صلى اللّه عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسباً وتشاكلاً بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلاً يجد من نفسه نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلاً يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهراً بين المهدبين المرضيين وبين(1/215)
المغضوب عليهم والضالين الى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه. وقال ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم فكما في قوله تعالى {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وهو نظير قول ابن عمرو من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة معهم فقد حمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك، وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفراً أو معصية أو شعاراً لها كان حكمه كذلك.
6150 من تصبح كل يوم بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم و لا سحر ( صحيح ) ( حم ق د ) عن سعد
الشرح:(1/216)
(من تصبح كل يوم) أي أكل في الصباح تفعل من صبحت القوم أي سقيتهم الصبوح والأصل في الصبوح شرب الغداة، وقد يستعمل في الأكل أيضاً لأن شرب اللبن عند العرب بمنزلة الأكل (بسبع تمرات) بفتح الميم جمع تمرة (عجوة) بنصبه صفة أو عطف بيان لتمرات وهي ضرب من أجود التمر(لم يضره في ذلك اليوم) ظرف معمول ليضره أو صفة لقوله (سم) بتثليث السين (ولا سحر) وليس ذلك عاماً في العجوة بل خاصاً بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها أي المدينة لم يضره ذلك اليوم سم، قال القرطبي: فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة واختصاص بعض الثمار في بعض الأماكن ببعض الخواص في بعض الأشياء غير بعيد وهذا من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني وتكلفه بعضهم من ترجيعه إلى القياس وزعمه أن السموم إنما تقتل لإفراط بردها فإذا دام على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة واستعانت بها الحرارة الغريزية فقابل ذلك برد السم فبرأ صاحبه اهـ. فمما لا ينبغي أن يلتفت إليه، أما أولاً فلأن هذا وإن يقع في السم لا ينجع في السحر وأما ثانياً فلأن ذلك يدفع كما قال القرطبي خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقاً بل خصوصية التمر فإن من الأدوية الحارة ما هو أبلغ في ذلك منه كما هو معروف عند أهله فالصواب القول باختصاص ذلك بعجوة المدينة وجهاتها لأن الخطاب لهم فهو من العام الذي أريد به الخصوص وقد يكون الشيء دواء نافعاً لأهله في محله وفي بعضها سم قاتل، ثم هل ذلك خاص بزمن المصطفى صلى اللّه عليه وسلم أو عام؟ قولان رجح بعضهم الأول، قال بعض المحققين: والذي يدفع الاحتمال التجربة المتكررة فإن وجد ذلك كذلك الآن علم أنها خاصة دائمة وإلا فخاصة مخصوصة ومما تقرر علم أنه لا اتجاه لزعم بعضهم أن ذلك لخاصية في هواء المدينة أو لكون التمر حافظاً لصحة أهلها لكونه غذاء وهو بمنزلة الحنطة لغيرهم قال القرطبي:(1/217)
وتخصيصه بسبع لخاصية لهذا العدد علمها الشارع وقد جاء ذلك في مواضع كثيرة لقول المصطفى صلى اللّه عليه وسلم في مرضه صبوا عليَّ من سبع قرب وقوله غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعاً وقد جاء هذا العدد في غير الطلب كقوله تعالى {سبع بقرات سمان}، {وسبع عجاف} وسبع كسني يوسف {وسبع سنبلات} وكذا سبعون وسبعمائة فمن جاء من هذا العدد مجيء التداوي فذلك لخاصة لا يعلمها إلا اللّه ومن أطلعه عليها وما جاء في غيره فالعرب تضع هذا العدد للتكثير لا لإرادة عدد بعينه ولا حصر اهـ. وقال بعضهم: خص السبع لأن لهذا العدد خاصية ليست لغيره فالسماوات والأرض والأيام والطواف والسعي ورمي الجمار وتكبير العيد في الأولى سبع وأسنان الإنسان والنجوم سبع والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه إذ العدد شفع ووتر والوتر أول وثاني والشفع كذلك فهذه أربع مراتب أول وثان ووتر أول وثان ولا تجمع هذه المراتب في أقل من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة الشفع والوتر والأوائل والثواني والمراد بالوتر الأول الثلاثة وبالثاني الخمسة وبالشفع الأول الاثنين والثاني الأربعة وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة سيما في البحارين وقال بقراط: كل شيء في هذا العالم يقدر على سبعة أجزاء وشرط الانتفاع بهذا وما أشبهه حسن الاعتقاد وتلقيه بالقبول.
6151 من تصدق بشيء من جسده أعطي بقدر ما تصدق ( صحيح )
( طب ) عن عبادة
الشرح:
يعني من جنى عليه إنسان كأن قطع منه عضواً أو أزال منفعته فعفا عنه لوجه اللّه أثابه اللّه تعالى عليه بقدر الجناية ويحتمل أن المراد بالتصدق بذلك أن يباشر بعض الطاعة ببعض بدنه كأن يزيل الأذى عن الطريق بيده فيثاب بقدر ذلك، أخرج ابن سعد عن الربيع بن خيثم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.(1/218)
6152 من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب و لا يقبل الله إلا الطيب فإن الله يتقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل ( صحيح ) ( حم ق ) عن أبي هريرة
6153 من تطبب و لم يعلم منه طب فهو ضامن ( حسن )
( د ن ه ك ) عن ابن عمرو
الشرح:
(من تطبب ولم يعلم منه طب) أي من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة، ولفظ التفعل يدل على تكلف الشيء والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله (فهو ضامن) لمن طبه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل ومن سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخذه عن أهله فطب وبذل الجهد الصناعي فلا ضمان عليه قال الخطابي: لا أعلم خلافاً أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض ضمن أي بالدية لا القود إذ لا يستبد به بدون إذن المريض والضمان على العاقلة، وشمل الخبر من طب بوصفه أو قوله وهو ما يخص باسم الطبائعي وبمروده وهو الكحال وبمراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه وشرطه وهو الحجام وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء وبقربته وهو الحاقن فاسم الطبيب يشمل الكل وتخصيصه ببعض الأنواع عرف حادث.
6154 من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه كان له كأجر عمرة
( صحيح ) ( ه ) عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف
6155 من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطواته إحداهما تحط خطيئة و الأخرى ترفع درجة
( صحيح ) ( م ) عن أبي هريرة
6156 من تعار من الليل فقال حين يستيقظ: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك و له الحمد يحيي و يميت بيده الخير و هو على كل شيء قدير سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر و لا حول و لا قوة إلا بالله ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا استجيب له فإن قام فتوضأ ثم صلى قبلت صلاته ( صحيح ) ( حم خ د ت ه ) عن عبادة بن الصامت(1/219)
6157 من تعظم في نفسه و اختال في مشيته لقي الله و هو عليه غضبان
( صحيح ) ( حم خد ) عن ابن عمر
الشرح:
(من تعظم في نفسه) أي تكبر وتجوه (واختال في مشيته) أي تكبر وتبختر وأعجب في نفسه فيها (لقي اللّه وهو عليه غضبان) أي يفعل به ما يفعله الغضبان بالمغضوب عليه لمنازعته له في إزاره وردائه تعالى فإن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه وفيه أن ذلك كبيرة.
6158 من تعلم العلم ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه أدخله الله جهنم ( صحيح ) ( ه ) عن أبي هريرة
6159 من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عوضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة(صحيح)(حم د ه ك)عن أبي هريرة
6160 من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه و من أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ( صحيح ) ( د حب ) عن حذيفة
6161 من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ( صحيح )
( ه ) عن أبي هريرة
6162 من تواضع لله رفعه الله ( صحيح ) ( حل ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/220)
(من تواضع للّه) أي لأجل عظمة اللّه تواضعاً حقيقياً وهو كما قال ابن عطاء اللّه: ما كان ناشئاً عن شهود عظمة الحق وتجلى صمته فالتواضع للناس مع اعتقاد عظمة في النفس واقتدار ليس بتواضع حقيقي بل هو بالتكبر أشبه (رفعه اللّه) لأن من أذل نفسه للّه فقد بذل نفسه للّه فيجازيه اللّه بأحسن ما عمل، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن سودة أوحى اللّه إلى موسى: أتدري لما اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي قال: لا يارب قال: لأنه لم يتواضع لي أحد قط تواضعك، وزاد في رواية ومن تكبر على اللّه وضعه اللّه حيث يجعله في أسفل السافلين وجاء في رواية تفسير الرفعة هنا بأنه يصيره في نفسه صغيراً وفي أعين الناس كبيراً وقيل التواضع للّه أن يضع نفسه حيث وضعها اللّه من المعجز وذل العبودية تحت أوامره سبحانه بالامتثال وزواجره بالانزجار وأحكامه بالتسليم للأقدار ليكون عبداً في كل حال فيرفعه بين الخلائق وإن تعدى طوره وتجاوز حده وتكبر وضعه بين الخلائق وقال الطيبي: في التواضع مصلحة الدارين فلو استعمله الناس في الدنيا زالت من بينهم الشحناء واستراحوا من نصب المباهاة والمفاخرة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو نعيم في الحلية وقال: انتعش رفعك اللّه فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم ومن تكبر خفضه اللّه وقال آخر خفضك اللّه فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير حتى يكون أهون من كلب اهـ00000
6163 من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلاها و حضرها لا ينقص ذلك من أجرهم شيئا ( صحيح )
( حم د ن ك ) عن أبي هريرة
6164 من توضأ فأحسنَ الوضوء (ثم رفع بصره إلى السماء) فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمد عبده و رسوله فتحت له أبواب الجنة يدخل من أيِّها شاء ( صحيح ) ( ن ه ك ) عن عمر(1/221)
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5537
6165 من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه ( حسن ) ( حم د ك ) عن زيد بن خالد الجهني
6166 من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين يقبل عليهما بقلبه و وجهه وجبت له الجنة ( صحيح ) ( ن ) عن عقبة بن عامر
6167 من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أن محمدا عبده و رسوله اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء ( صحيح )
( ت ) عن عمر
6168 من توضأ فأحسن الوضوء فقال: (ثلاث مرات) أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله فتِحت له أبواب الجنة من أيها شاء دخل ( صحيح ) ( حم ه ) عن أنس
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5538
6169 من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره ( صحيح ) ( حم م ) عن عثمان
6170 من توضأ فقال بعد فراغه من وضوئه: سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك كتب في رق ثم جعل في طابع فلم يكسر إلى يوم القيامة ( صحيح ) ( ن ك ) عن أبي سعيد
6171 من توضأ فليستنثر و من استجمر فليوتر ( صحيح )
( حم ق ن ه ) عن أبي هريرة ( م ) عن أبي سعيد
6172 من توضأ كما أمر و صلى كما أمر غفر له ما قدم من عمل
( حسن ) ( حم ن ه حب ) عن أبي أيوب وعقبة بن عامر
الشرح:(1/222)
(من توضأ كما أمر) بالبناء للمفعول أي كما أمره اللّه من استيعاب الشروط والفروض (وصلى كما أمر) كذلك (غفر له ما تقدم من عمل) أي من عمل السيئات والمراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار ما اجتنبت الكبائر والمراد الصلاة المفروضة بدليل الخبر المذكور، وفيه دليل على فضل الوضوء وأنه مكفر للذنب وعلى شرف الصلاة عقبه وأن السعادة الواحدة قد يرجى منها غفران ما تقدّم من الذنوب وأن الثواب من كرم اللّه إذ العبد لا يستحق بصلاة مغفرة ذنوب كثيرة ولو كان ذلك على حكم محض الجزاء وتقدير الثواب بالفعل لكانت العبادة الواحدة تكفر السيئة الواحدة فلما كفرت ذنوباً كثيرة عرف أن المغفرة من الكريم بفضله العميم وليست على حكم المقابلة ولا على قضية المعاوضة.
6173 من توضأ للصلاة فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى الصلاة المكتوبة فصلاها مع الناس غفر الله له ذنوبه ( صحيح ) ( حم م ن ) عن عثمان
6174 من توضأ مثل هذا الوضوء ثم أتى المسجد فركع ركعتين ثم جلس غفر له ما تقدم من ذنبه و لا تغتروا ( صحيح ) ( خ ه ) عن عثمان
6175 من توضأ مثل وضوئي هذا ثم قام فصلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه بشيء غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح ) ( ن ) عن عثمان
6176 من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه ( صحيح ) ( حم ق د ن ) عن عثمان
6177 من توضأ هكذا ثم خرج إلى المسجد لا ينهزه إلا الصلاة غفر له ما خلا من ذنبه ( صحيح ) ( م ) عن عثمان
6178 من توضأ هكذا غفر له ما تقدم من ذنبه و كانت صلاته و مشيه إلى المسجد نافلة ( صحيح ) ( م ) عن عثمان
6179 من توضأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا و استمع و أنصت غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى و زيادة ثلاثة أيام و من مس الحصى فقد لغا ( صحيح ) ( حم م د ت ه ) عن أبي هريرة
6180 من توضأ يوم الجمعة فبها و نعمت و من اغتسل فالغسل أفضل
( حسن ) ( حم 3 ابن خزيمة ) عن سمرة
الشرح:(1/223)
(من توضأ يوم الجمعة فيها) قال الزمخشري: الباء متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخصلة أو الفعلة ينال الفضل والخصلة هي الوضوء (ونعمت) أي ونعمت الخصلة هي، فحذف المخصوص بالمدح وقيل أي فبالرخصة أخذ ونعمت السنة التي ترك، وفيه انحراف عن مراعاة حق اللفظ فإن الضمير الثاني يرجع إلى غير ما يرجع إليه الضمير الأول ويحتمل أن يقال فعليه بتلك الفعلة اهـ وقال غيره: هو كلام يطلق للتجويز والتحسين أي فأهلا بتلك الخصلة أو الفعلة المحصلة للواجب ونعمت الخصلة هي أو فبالسنة أخذ أي بما جوزته من الاقتصار على الوضوء ونعمت الخصلة أو الفعلة لأن الوضوء تطهير لجميع البدن إذ البدن باعتبار ما يخرج منه من الحدث غير متجزئ فكان الواجب غسل جميعه غير أن الحدث الخفيف لما كثر وقوعه كان في إيجابه حرج فاكتفى الشارع بغسل الأعضاء التي هي الأطراف تسهيلاً على العباد وجعله طهارة لكل بدن كالصلوات فإنها خمس بثواب خمسين فلما كان تطهيراً للجميع كان تكفيراً لخطايا الجميع وقوله فيها ونعمت يفيد أن الوضوء قربة مقصودة فلا يصح بدون نية فهو رد على الحنفية (ومن اغتسل) يومها (فالغسل أفضل) من الاقتصار على الوضوء لأنه أكمل وأشمل وفيه ندب الغسل لمريد الجمعة وهو سنة مؤكدة يكره تركها كما مر مراراً.
6181 من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه ( صحيح )
( حم الضياء ) عن جابر
الشرح:(1/224)
(من تولى غير مواليه) أي اتخذ غيرهم ولياً يرثه ويعقل عنه وزاد في رواية تقييده بغير إذنهم قال جمع: ولا مفهوم له بل ذكر تأكيداً للتحريم قال ابن حجر: ويحتمل أن يكون قوله من تولى شاملاً للمعنى الأعم من الموالاة وإن منها مطلق النصرة والإعانة والإرث ويكون قوله بغير إذن مواليه يتعلق مفهومه بالأولين بما عدا الإرث، وقال ابن العربي: التولي لغير الموالي يكون بوجوه منها أن يكون حليفاً لقوم فيخلع حلفهم ليعقده مع غيرهم (فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه) أي أهمل حدود اللّه وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فاستعير للإسلام أي ما يشد به نفسه من عرى الإسلام وأحكامه وذلك لأن من رغب عن موالاة من أنعم عليه بالحرية كافر بالنعمة ظالم بوضع الولاء في غير محله ومن كفر نعمة العباد فهو بكفران نعم اللّه أجدر.
6182 من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا و لا عدلا ( صحيح )
( م د ) عن أبي هريرة
6183 من ثابر على اثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة: أربع ركعات قبل الظهر و ركعتين بعدها و ركعتين بعد المغرب و ركعتين بعد العشاء و ركعتين قبل الفجر ( صحيح ) ( ت ن ه ) عن عائشة
6184 من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو في منزلة المجاهد في سبيل الله و من جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره ( صحيح ) ( ه ك ) عن أبي هريرة
6185 من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئا و يقيم الصلاة و يؤتي الزكاة و يصوم رمضان و يتقي الكبائر فإن له الجنة قالوا: ما الكبائر ؟ قال: الإشراك بالله و قتل النفس المسلمة و فرار يوم الزحف ( صحيح )
( حم ن حب ك ) عن أبي أيوب
6186 من جامع المشرك و سكن معه فإنه مثله ( حسن ) ( د ) عن سمرة
الشرح:(1/225)
(من جامع المشرك) باللّه والمراد الكافر ونص على الشرك لأنه الأغلب حينئذ (وسكن معه) أي في ديار الكفر (فإنه مثله) أي من بعض الوجوه لأن الإقبال على عدو اللّه وموالاته توجب إعراضه عن اللّه ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفران قال الزمخشري: وهذا أمر معقول فإن مولاة الولي وموالاة عدوه متنافيان قال:
تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك ليس النول عنك بعازب
وفيه إبرام وإلزام بالتصلب في مجانبة أعداء اللّه ومباعدتهم والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم {لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين} والمؤمن أولى بموالاة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسماً لمادة الفساد {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتتقلبوا خاسرين} ولم يمنع من صلة أرحام من لهم من الكافرين ولا من مخالطتهم في أمر الدنيا بغير سكنى فيما يجري مجرى المعاملة من نحو بيع وشراء وأخذ وعطاء ليوالوا في الدين أهل الدين ولا يضرهم أن يبارزوا من لا يجاريهم من الكافرين ذكره الحرالي، وفي الزهد لأحمد عن ابن دينار أوحى اللّه إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تدخلوا مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي وقوله من جاء مع المشرك ظن بعضهم أن معناه أتى معه مناصراً وظهيراً فجاء فعل ماض ومع المشرك جار ومجرور وقال بعضهم: معناه نكح الشخص المشرك يعني إذا أسلم فتأخرت عنه زوجته المشركة حتى بانت منه فحذر من وطئه إياها ويؤيده ما روي عن سمرة بن جندب مرفوعاً لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو منهم وأفاد الخبر وجوب الهجرة أي على من عجز عن إظهار دينه وأمكنته بغير ضرر. (تنبيه) قال ابن تيمية: المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة والمشاركة في الهدى الظاهر(1/226)
توجب مناسبة وائتلافاً وإن بعد المكان والزمان وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلاً سبب لوقوع ما مر واكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة ولما كان مظنة الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به وأدير التحريم عليه فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات فيصير مساكن الكفار مثله وأيضاً المشاركة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة وهذا مما يشهد به الحس فإن الرجلين إذا كانا من بلد واجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم بموجب الطبع وإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والمولاة فكيف المشابهة في الأمور الدينية؟ فالموالاة للمشركين تنافي الإيمان {ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
6187 من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة فإن الله لا ينظر إليه يوم القيامة ( صحيح ) ( م ) عن ابن عمر
6188 من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ( صحيح )
( حم ق 4 ) عن ابن عمر
الشرح:(1/227)
(من جر ثوبه) وفي رواية لمسلم ثيابه وفي رواية ذكرها الذهبي في الكبائر شيئاً بدل ثوبه فبين به أن الازار والسراويل والجبة ونحوها من كل ملبوس فيه الوعيد قال الزين العراقي: بل ورد عند أبي داود دخول العمامة فيه قال: وهل المراد جر طرفها على الأرض أو المبالغة في تطويلها وتعظيمها؟ الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير معهود والإسبال في كل شيء بحسبه (خيلاء) بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة (لم ينظر اللّه إليه) وفي رواية لمسلم فإن اللّه لا ينظر إليه نظر رحمة، عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين العراقي 000 (يوم القيامة) خصه لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما يتجدد من الحوادث، وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر: يا رسول اللّه إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له: إنك لست ممن يفعله خيلاء، قال ابن عبد البر: ومفهوم الحديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم بكل حال وقال النووي: لا يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره.
6189 من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله سائر همومه و من تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديتها هلك ( حسن )
( ه ) عن ابن مسعود
6190 من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين ( صحيح )
( حم د ه ك ) عن أبي هريرة
الشرح:(1/228)
(من جعل قاضياً بين الناس) بأن تولى القضاء بينهم (فقد ذبح) أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح (بغير سكين) بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد في التوقي لخطره وقال القاضي: قوله بغير سكين يريد به كخنق وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته، شبهت به التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة ويحتمل أن المراد أن التولية إهلاك لكن لا بآلته المحسوس فينبغي أن لا يستشرف له ولا يحرص عليه.
6191 من جلب على الخيل يوم الرهان فليس منا ( حسن )
( طب ) عن ابن عباس
الشرح:
(من جلب على الخيل يوم الرهان) ككتاب ما يجعل لمن غلب يقال تراهن القوم أخرج كل واحد منهم رهناً ليفوز بالجميع إذا غلب (فليس منا) الجلب في السباق أن يتبع الرجل فرسه إنساناً فيزجره ويصيح حثاً على السبق، والمراد ليس على طريقتنا.
6192 من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم ربنا و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك و أتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك ( صحيح ) (ت حب ك) أبي هريرة
6193 من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا و من خلف غازيا في سبيل الله في أهله بخير فقد غزا ( صحيح ) ( حم ق 3 ) عن زيد بن خالد
6194 من جهز غازيا في سبيل الله كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الغازي شيئا ( صحيح ) ( ه ) عن زيد بن خالد
6195 من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر و أربع بعدها حرم على النار ( صحيح ) ( 4 ك ) عن أم حبيبة
الشرح:
(النار) أي نار جهنم وفي رواية حرمه اللّه على النار، وفيه أن رواتب الظهر أربع قبلها وأربع بعدها لكن المؤكد ركعتان قبلها وركعتان بعدها.(1/229)
6196 من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره و من مات و عليه دين فليس بالدينار و الدرهم و لكن بالحسنات و السيئات و من خاصم في باطل و هو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع و من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال و ليس بخارج ( صحيح ) ( د طب ك هق ) عن ابن عمر
6197 من حج لله فلم يرفث و لم يفسق رجع كيوم ولدته أمه
( صحيح ) ( حم خ ن ه ) عن أبي هريرة
الشرح:
(من حج) زاد الطبراني والدارقطني أو اعتمر (للّه) أي لابتغاء وجه اللّه طلباً لرضاه والمراد الإخلاص بأن لا يكون قصده نحو تجارة أو زيارة ويحتمل بتكلف الحمل على الظاهر من أن المراد ابتغاء النظر إلى وجه اللّه في الآخرة ورجاء الجنة والتخلص من النار (فلم يرفث) أي يفحش من القول أو يخاطب امرأة بما يتعلق بجماع وفاؤه مثلثة في الماضي والمضارع قال ابن حجر: والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل (ولم يفسق) أي لم يخرج عن حد الاستقامة بفعل معصية أو جدال أو مراء أو ملاحاة نحو رقيق أو أجير، والفاء في فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه (رجع) أي صار (كيوم) بجره على الإعراب وبفتحه على البناء وإضافته لقوله (ولدته أمه) في خلوه عن الذنوب وهو يشمل الكبائر والتبعات وإليه ذهب القرطبي وعياض، لكن قال الطبري: وهو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها وقال الترمذي: هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق اللّه لا العباد ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها لا نفسها فلو أخرها بعده تحدد إثم آخر، ولم يذكر الجدال مع النهي عنه في الآية لأنه أريد به الخصومة مع الرفقاء اكتفاء بذكر البعض أو خروجاً عن حدود الشريعة في الفسق أو لاختلاف في الموقف لم يحتج لذكره هنا.
6198 من حج هذا البيت (أو اعتمر) فليكن آخرَ عهدهِ الطوافُ بالبيت
( صحيح ) ( حم 3 الضياء ) عن الحارث الثقفي(1/230)
وما بين قوسين ضعيف عند الألباني انظر ضعيف الجامع رقم: 5555
الشرح:
طواف الوداع فهو واجب وإن نفر من مني جير بالدم، ولا يلزم حائضاً طهرت خارج مكة ولو مكث بعده أعاده.
6199 من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين ( صحيح ) ( حم م ه ) عن سمرة
الشرح:
(من حدث) وفي رواية ابن ماجه من روى (عني بحديث) لفظ روايات ابن ماجه حديثاً وفي رواية له من روى عني حديثاً (وهو) أي والحال أنه (يرى) بضم ففتح يظن وبفتحتين ذكره بعضهم وقال النووي: يرى ضبطنا بضمن الياء والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع قال: وهذا هو المشهور في اللفظين وقال عياض: الرواية عندنا الكاذبين على الجمع قال الطيبي: وقوله أحد الكاذبين من باب القلم أحد اللسانين والخال أحد الأبوين يعلم أنه كذب بكسر الكاف مصدر وبفتح فكسر أي ذو كذب على حذف مضاف أو المصدر بمعنى الفاعل (فهو أحد الكاذبين) بصيغة الجمع باعتبار كثرة النقلة وبالتثنية باعتبار المفتري والناقل عنه والأول كما في الديباج أشهر فليس لراوي حديث أن يقول قال الرسول إلا إن علم صحته ويقول في الضعيف روى أو بلغنا فإن روى ما علم أو ظن وضعه ولم يبين حاله أيدرج في جملة الكذابين لإعانته المفتري على نشر فريته فيشاركه في الإثم كمن أعان ظالماً ولهذا كان بعض التابعين يهاب الرفع ويوقف قائلاً الكذب على الصحابي أهون.
6200 من حفر بئرا فله أربعون ذراعا عطنا لماشيته ( حسن )
( ه ) عن عبدالله بن مغفل
6201 من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال
( صحيح ) ( حم م د ن ) عن أبي الدرداء
الشرح:(1/231)